اﺻﺪارات اﻻﻋﻼم اﻟﺠﺪﻳﺪ ..
ﺟﺴﺪ ﺍﳌﺮﺃﺓ ﺍﻟﻐﻮﺍﻳﺔ ﻭﳏﻨﺔ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ
اﻟﻤﺮأة اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺑﻴﻦ ﺗﺄﻟﻪ اﻟﺬﻛﺮ و اﻹﻟﻪ اﻟﺒﺸﺮ
ﻣﻦ ﺃﻗﻮﺍﳍﻢ ..ﻛﻴﻒ ﻳﺘﺨﻴﻠﻮﻥ ﺍﳌﺮﺃﺓ..؟ ﺍﻋﺪﺍﺩ :ﺭﻧﺪﻩ ﺯﻳﺪﺍﻥ ﺍﺻﺪﺍﺭﺍﺕ ﺍﻻﻋﻼﻡ ﺍﳉﺪﻳﺪ :ﺍﻻﺻﺪﺍﺭ ١٦ 1
الفھرس جسد المرأة الغواية ومحنة اإلنسان المرأة بين البدائ ّية والعصر ّية! المرأة العربية بين تأله الذكر و اإلله البشر قمع اإلسالم السياسي للمرأة والجنس كنذير ومظھر لفاشيته شرف الحرية فقر المرأة ,ھدم المجتمع القانون الجنائي المغربي يكرس التمييز ضد المرأة. األورومتوسطي وحقوق النساء العالمية ,متى ؟ مطلقة نادمة :خذوا شھاداتي وأعيدوني لبيت الزوجية اإلعتقادات الذكورية عن المرأة حديث في مفھوم الشرف عند العرب ممارسة العنف والقتل ضد المرأة في العراق حملة أردنية لمواجھة القوانين المتعسفة ضد للمرأة الجنس ،الرقص ،عقل المرأه الرقص خمرة المرأة ونشوتھا !! حول الحجاب الراقص! المرأة الفلسطينية بين سندان االحتالل ومطرقة فحول العائلة سافرات محجبات منقبات مغتصبات األزھر يحسم الجدل“ :الحجاب” عادة وليس فريضة إسالمية التحرش الجنسي ليس قضية جنسية بل ھو مسألة سلطة و نفوذ
2
ﺟﺴﺪ ﺍﳌﺮﺃﺓ ﺍﻟﻐﻮﺍﻳﺔ ﻭﳏﻨﺔ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ رجاء نعمة مقدمة :العولمة وعرش الجسد طاغ لجسد المرأة في اإلعالم واإلعالن .حضور يتزامن نظام العولمة مع حضور ِ يشتد يوما ً بعد يوم ،إن لجھة الكم أم النوع حيث يزداد ھذا الجسد ،في المرئي والمقروء ،عريا ً وأوضاعه غواية أو محاولة لھا على األقل .وتساھم تكنولوجيا التصوير وتأثيراته في لعبة الفتنة والترويج حتى ليكاد اإلھتمام بالجسد ،في اإلعالن "الفذ" لأللفية الثالثة ،يغدو عديل االھتمام بالفكر واألدب والفنون الذي استحوذ على الصحافة في العقود السابقة .مما يدعونا لتأمل ھذا الموضوع الذي لوال أھميته في الالوعي الجماعي والفردي البعيد منه والجديد ،وقابلية استثماره في "اقتصاد السوق" لما تمكن من أن يتصدر المكانة التي "استحقھا". في ھذه اللعبة يتقاسام المروّ ج والمنفذ والفاتنة األدوار .المروّ ج/المفكر يشھر الحيثيات التي تصب غالبيتھا في خانة "الثورة على النظام األبوي" ،وضرورة "فضح المسكوت عنه" .كالم يستھلك عناوين لنظريات قيِّـمة وجديرة بالتأمل والجدل ،برزت في القرن العشرين مع نھوض الفكر التحليلي والمدارس الحديثة لعلم النفس وعلم االجتماع .استھالك ال يدل على استيعاب ھذه النظريات وال حتى على إلمام بسيط بھا؛ بل يجعل عناوينھا شعارات/مشاجب يحمّلھا ما يريد تحميله وما يالئم "الثقافة الجديدة" التي انخرط في إرسائھا ،عن دراية أو غفلة. ال بد أنه قد أسقط في يد ھؤالء ،عندما وجدوا من يزايد عليھم في "التصدي للنظام األبوي" بالتظاھر عريا ً .حين خرجت في الغرب متظاھرات "ثوريات" عاريات الصدور ،حذت حذوھن شابات في بعض البلدان العربية .من ناحية أخرى وتجاوزاً للعري ،بدأت أخريات يسجلن أسماءھن لتأدية واجب نبيل ،يقوم به "الجسد" لمن 3
انخرط في "خدمة العلم" أو "الثورة" .تطوعا! لجھة العري والملبس ،وفي نظرة استرجاعية لصورة الجسد في التاريخ يمكننا رصد ثالث محطات رئيسية :العري البدائي ورمزه في األديان عري حواء وآدم؛ والملبس على أنماطه؛ والعري اإلعالني اإلعالمي المرتبط بالبورنو والمال؛ والعري االحتجاجي لتحقيق مكاسب "ديموقراطية" وھي كما سابقتھا في التسلسل ظاھرة ما بعد حداثية .ھذه المظاھر التي تزداد تطرفاً ،مدعومة من بعض وسائل اإلعالم العالمي والمحلي ،تثير عدداً كبيراً من األسئلة وتدعونا من جديد ،انطالقا ً من حاضر الجسد ،إلى قراءة تاريخه. "أصل" الحكاية :أنا "عاري" إذن أنا موجود؟ إضافة إلى دوره اإلنساني العظيم في استمرارية الكائن البشري على األرض ،كان الجسد ،جسد المرأة بصورة خاصة ،وما يزال موضوع الرغبات والھوامات والمخاوف والتحريم والتحليل والشتائم والتعيير .وأيضا ً موضوع الفنون واآلداب، والفلسفات؛ وموضوعا ً محوريا ً في التصورات والحكايات والميثولوجيا ،في األديان السماوية كما في النظريات الحديثة لعلم النفس وعلم االجتماع. ليس العنوان "أنا "عاري إذن أنا موجود" بلعبة كالمية بل ھي أشبه "بمعطاة" تتصل بجوھر المعتقدات السماوية ،التي ال يفوتنا شأنھا الكبير في تثبيت التصورات التي سبقتھا كما في تشكيل وعي اإلنسان و"ال وعيه" بالنسبة للجسد ورغباته .على تباين تلك المعتقدات ،ھناك إجماع منھا على أن الخليقة على األرض بدأت مع آدم وحواء؛ وإجماع على أن ھبوط جدينا من جنة السماء إلى األرض قد ارتبط بعري الجسد. وعلى األصح ارتبط "بإدراك ھذا العري" .إذ لعل العري ،حسب المعتقد الديني، كان موجوداً على غفلة من صاحبيه إنما بصورة "نورانية" غير مرئية حتى من صاحبيھا. قبل الوعي بالعري كانت ھناك منظومة سماوية يعيش فيھا "المخلوقين" عيشة مالئكية ،غافلين عن تصوّ ر أجسادھم وإدراك عريھم؛ وكان Zقد حذر آدم ونھاه عن األكل من "شجرة المعرفة"؛ فظل بعيداً عنھا إلى أن وسوس له ابليس "بالتجربة" فدخلھا آكال و"زوجته" من الثمرة المحرّ مة .لكنھما بعد األكل انفتحت أعينھما وعلما أنھما عريانان)التوراة( .ولما ناداھما الرب ھربا واختبآ وراء شجرة، خجالً .وبدآ يلملمان أوراقھا لتغطية عورتھما .وإذ سألھما الرب عن السبب قاال إنه الخجل من العري" .من أعلمك أنك عريان؟" سأل الرب آدم .ھل أكلت من شجرة المعرفة؟ 4
اكتشاف آدم عريه يشكل بداية الخلق كما بداية النص الديني .إذ ال توجد نصوص دينية سماوية )بل ميثولوجية( تصور حياة اإلنسان والكائنات قبل اكتشاف العري .اكتشاف العري كان االنتھاك األول للمنظومة السماوية وانسجامھا. والطريق إلى اإلدراك األول أيضا ً .وكأن اكتشاف آدم عريه كان اكتشافا ً للذات التي لبسھا العري .ورمزاً لھا .ھذا االكتشاف الذي أفقده وحواء نعيم "اإلغفال". وعلى الرغم من طلبھما الغفران ،كتب على آدم وحواء الھبوط إلى األرض .وتتمة طبيعية للوعي بعري الجسد والھبوط كان بدء التناسل وكانت الحياة على األرض وكان الثنائي آدم/حواء مؤسسھا .ھكذا في المعتقد الديني ترتبط كينونة الدنيا وكينونة االنسان بوعي آدم عري جسده .بل ويبدو ھذا الوعي سببا ً مباشراً للكينونة الجديدة والوجود البشري على األرض. الحكاية الدينية كثيفة األبعاد والدالالت ،وتفتح على عدد من التساؤالت يدور أھمھا حول مغزى العالقة الشرطية بين شجرة المعرفة والرغبة؟ باألحرى بين "المعرفة" والجنس .ما مغزى أن تجمع المعتقدات السماوية على أن "الوعي بالعري" ھو سبب "المعصية" والھبوط من الجنة ال العري في حد ذاته؟ وتجمع على أن منبع الخطيئة الوعي بالرغبة ال الرغبة في حد ذاتھا؟ الجواب المباشر ماثل في األذھان ،فالوعي يميّز اإلنسان العارف عن الحيوان الغافل .على أن ھناك تفسيرات أخرى ال تندرج في خانة التلقائي .والوعي يرتبط أيضا "بالتصور" و"التخيّل"؛ أي بالقدرة على الغواية .القدرات "السحرية" للجسد ھو ما شغل البشرية واألديان وما زال يشغلھا حتى اآلن .إذا كان الحيوان ال يعي جسده بل يمارس رغباته مع شريكه بالغريزة ،فاإلنسان ،بوعيه الرغبة وتصوراته وافتتانه بأداء جسده وجسد شريكه ،يتمكن ،ال من تحقيق الرغبة وحسب ،بل ومن العبث بھا أيضاً؛ جاعالً الجسد موضوع غواية ووسيلة عبث وإيقاع .إيقاع بالذات وباآلخر ،بواسطة ما يُسمى في علم النفس "بھوامات" الرغبة التي ُتضاف إلى الدافع الغريزي والتي ال مراء في صفتھا البشرية ،مقارنة بالعجز المفترض للحيوان عن االستيھام .ولعل "ملكة" التصور والتخيل ھي ينبوع محنة اإلنسان التي أفقدته "البراءة األصلية".
5
في البدء كان التمرد تجمع األديان السماوية على أن "إدراك العري" لم يتم تلقائيا ً في عالقة تقتصر "أخالقيا ً" على الثنائي آدم وحواء؛ بل قد ت ّم بواسطة طرف ثالث ھو إبليس أو بديله )األفعى في التوراة( .فھو الذي وسوس لھما باألكل من "شجرة المعرفة" .وجزا ًء له طرد ابليس من االجنة "مذموما ً" محقراً ،مما جعله يشق عصا الطالعة على الخالق ويھدد باالنتقام. يدعونا طرد إبليس من الجنة للتساؤل ع َّم إذا كان "التمرد" ،تمرد إبليس على مشيئة الخالق ،ھو "البدء" الذي نتج عنه ھبوط آدم وحواء على األرض ،أم أن "الوعي بالعري" كان البداية؟ تسلسل الحكاية كما وردت في اآليات واإلصحاح تشير إلى أن "التمرد" كان سابقا ً على اإلغواء ،بل وكان السبب المباشر له .فبعد حياة الرغد في المنظومة السماوية ،ولسبب "يعجز عقل االنسان عن إدراكه" ،طلب Zمن المالئكة السجود آلدم .جميعھا امتثلت وسجدت بال تساؤل فيما عدا إبليس الذي اعترض ِينَ .قا َل ِيس َل ْم َي ُكن م َِّن السَّا ِجد َ وتساءلُ " :ث َّم قُ ْل َنا ل ِْل َمآل ِئ َك ِة اسْ ُج ُدو ْا آل َد َم َف َس َج ُدو ْا إِالَّ إِ ْبل َ ين". ك أَالَّ َتسْ ُج َد إِ ْذ أَ َمرْ ُت َ َما َم َن َع َ ار َو َخ َل ْق َت ُه مِن طِ ٍ ك َقا َل أَ َناْ َخ ْي ٌر ِّم ْن ُه َخ َل ْق َتنِي مِن َّن ٍ
االنشقاق األول
يشكل رفض إبليس السجود منعطفا ً جوھريا ً في تاريخ المنظومة "األولى" كما في طبيعة "المخلوقين" الذين كانوا يعيشون فيھا في انسجام مالئكي؛ ومنعطفا ً في طبيعة األدوار التي سيضطلعون بھا حتى "يوم الدين" .كان ھذا المنعطف ھو االنشقاق األول الذي أنتج التمايز: تمايز المنظومة السماوية عن األرضية؛ وتمايز االنسان عن المالئكة وعن ابليس؛ وتمايز ھذا عن أولئك. يوسوس بالشر للمخلوق الذي فضله إبليس ،لم يكتفِ بالرفض بل ھدد وتوعد بأن َ ِيھ ْم َومِنْ َخ ْلف ِِھ ْم الرب عليه" :ألَ ْق ُع َدنَّ َل ُھ ْم صِ َرا َط َ ْن أَ ْيد ِ ك ْالمُسْ َت ِقي َمُ .ث َّم آل ِت َي َّنھُم مِّن َبي ِ َو َعنْ أَ ْي َمان ِِھ ْم َو َعن َش َمآ ِئل ِِھ ْم" ...؛ أما آدم الذي طلب الغفران ،مبرراً فعلته بجھله أبعادھا ،فكان عقابه الھبوط إنما معززاً مكرّما ً ليغدو خليفة الخالق على األرض... فيما قال الرب إلبليس " ْ ك ِم ْن ُھ ْم ألَمْألنَّ َج َھ َّن َم اخرُجْ ِم ْن َھا َم ْذؤُ ومًا م َّْدحُورً ا لَّ َمن َت ِب َع َ 6
ِين"؛ وفي سلسلة التمايز والتغيرات ،سيحدث تحول في طبيعة المخلوق: مِن ُك ْم أَجْ َمع َ عم" عن عري جسده إلى "مشاھد" له؛ سيتحول آدم على صعيد "المحسوس" ،من " ٍ وعلى صعيد اإلدراك المجرد وبعد األكل من شجرة المعرفة سيصبح آدم قادراً على التمييز بين الخير والشر .كما لو أن إدراكه العري كان الدرب الكتسابه ملكة "اإلدراك" نفسھا التي تؤھله ألعلى مراحل التجريد: "قال الرب االله ھوذا اإلنسان قد صار كواحد منا عارفا ً الخير والشر")اإلصحاح الثالث(. وكما يأتي "اإلدراك" في قمة التغيرات على الصعيد "الجزئي/الميكرو"اإلنساني تأتي ازدواجية سماوي/دنيوي في قمتھا على الصعيد "الكلي/اليونفرسيل" .فھذا "اإلنشقاق" ،في التصور الديني ،ھو ضرورة أساسية للنشوء االجتماعي .وبنتيجته "صار" آدم ھو "اإلنسان" الذي سيبدأ الحياة االجتماعية على األرض ،إنما وفي الوقت عينه رفيقا ً/عدواً مالزما ً لمن تسبب في ھبوطه على األرض :إبليس. "مالزمة" أصلية :كانا معا ً منذ البدء في المنظومة السماوية ،ثم اشتعل الصراع بينھما حين أمر Zإبليس بالسجود آلدم فرفض .إذاك وانتقاماً ،توعد بأنه لن يدع المخلوق "المدلل" يھنأ في الدنيا بل سيمضي وجوده فيھا إلزاحته عن "السراط المستقيم" .وبحكم التالزم ،نرى أن كال الطرفين طرد من الجنة ليكمال في الدنيا "رفقة" مقدرة عليھما أساسھا الصراع. ال نغفل ما لھذه "التالزم" من مغزى بالنسبة لمحنة اإلنسان .فالرب المسؤول عن جميع مظاھر الكون يبدو )لعقل اإلنسان القاصر على األقل( كما لو أنه قد "تخلّى" جزئيا ً عن مسؤوليته عن اإلنسان حين أتاح إلبليس مشاركته السلطة في النسق الدنيوي ،موقعا ً مخلوقه المفضل وخليفته على األرض في المحنة .محنة "االمتحان" الالنھائي المستدام ديمومة حياة االنسان على األرض .ولكأنما مثل ھذا "االمتحان" شرط "للحياة" .وفي ھذا الصدد تتأكد جوھر الصلة بين الرؤية والمنظومة االجتماعية األبوية للحياة وبين الحياة الغريزية خارج تلك الرؤية/المنظومة. الغواية بين الدين وعلم النفس محنة الرغبة والغواية ،شغلت وما تزال تشغل الفكر اإلنساني .إضافة إلى األديان، نرى أن الفلسفات جميعھا تناولت ھذه المسألة الجوھرية .على أن أكثرھا أھمية في تشكيل الوعي اإلنساني وال وعيه ،وفي تفسيرھما ،إثنتان :رؤية األديان السماوية من ناحية؛ ورؤية مدارس علم النفس واالجتماع من ناحية أخرى .تتفق األديان 7
السماوية وعلم النفس على أن الجسد وغوايته يتصالن بمحنة اإلنسان .فھذا يأتي إلى الدنيا حامالً رغبته المقدرة عليه ،إنما غير موقن من قدرته على استيعابھا واستالم مسؤولياتھا :المسؤولية الصغرى ،تمثل في استيعاب البعد النفسي والوجداني لتحقيق الرغبة؛ والمسؤولية الكبرى ،تمثل في قبول البعد االجتماعي لتحقيق الرغبة ،مثل الوعي بالتناسل واالعتراف به وتنظيمه .ما يشكل جوھر النظام األبوي. إضافة إلى المسؤولية العليا )بالنسبة للمعتقد السماوي( :أي التصدي لغواية إبليس في األرض كشرط لمقابلة الخالق ح ّرا من الذنوب والمعاصي؛ المسؤولية الدينية ھذه يقابلھا في علم النفس الحفاظ على توازن الشخصية التي تبطن دوافع متناقضة قابلة ،وغير قابلة في الوقت عينه ،للمصالحة أو االنشقاق .على تباينھما الظاھري، ال تختلف الرؤيتان جوھريا ً بالنسبة لمسألة الرغبة وتحقيقھا؛ بل تختلفان في بلورتھا وتعيين أطرافھا ،إضافة إلى توصيفھا وتسمية رموزھا .ھنا وھناك صفة "ثالثية" لألطراف المعنية بھا ،Z) :آدم وإبليس( ،في المقولة الدينية؛ يقابلھا في نظرية التحليل النفسي األركان النفسية الثالثة" :األنا األعلى"،أي ركن األخالقيات والمبادئ؛ و"األنا" أي الركن التي تتوحد فيه كامل الشخصية؛ و"الھو" أي الركن البدائي ومكمن الدوافع الغريزية والرغبات).أنظر فرويد( وفي كال الرؤيتين إتفاق على طبيعة "النفق" الذي تحقيق فيه الرغبة :فكما استجاب االنسان إلغراء إبليس مخالفا ً أمر ،Zنرى "األنا" تتنازع بين "األنا األعلى" الممثلة لألخالقيات والنظم، وبين "الھو" أي الركن البدائي الغرائزي )فرويد(. النظريات الحديثة ال ُترجع مسألة الغواية إلى طرف خارجي)إبليس( بل إلى اإلنسان ذاته وإلى تعددية ميوله .حيث يغدو ھو نفسه آدم وإبليس ومستبطن التسامي اإللھي. ھو نفسه حامل الرغبة ،محققھا ،منظمھا والرقيب عليھا .وفي ھذا التالزم تتجلى محنة اإلنسان .في ھذا السياق نذكر مفاھيم شائعة برزت مع فجر الفلسفات مثل الصراع بين الخير والشر؛ بين العقل والرغبة؛ وأخرى حديثة )ثالثية األركان لدى "الكان" الذي حدد )البدائي ،المتخيّل والرمزي( .كلھا تجمع على أن اإلنسان ھو الموضوع األساسي ومنه وإليه تنبع الميول والرغبات وقدرات التسامي؛ كما منه وإليه تؤول النتائج. ال يختلف التوصيف الحديث مع الرؤية الدينية نفسھا لطبيعة اإلنسان .إذ أن ابن آدم ما كان سينجذب إلى غواية إبليس وإلى "شجرة المعرفة" لوال قابليته-أي قابلية النوع اإلنساني -لذلك .حيث منھا وإليھا ينسل إبليس ليزيّن للنفس تصورات و"أفعاال" يمتثل فيھا الميول و"الھوامات" التي بلورھا علم النفس التحليلي. 8
ودور إبليس نفسه يعزز ھذا االفتراض .فھو دور حصري لجھة استھدافه اإلنسان دون غيره من المخلوقات أو الظواھر الطبيعية .فال يقال مثال إن إبليس يغوي الحيوان ليقترن بشريكه أو يفترس من كان أضعف منه .كما ال يقال إن الزالزل "رجس من عمل الشيطان".
حصرية الفضاء
ھناك حصرية أخرى في دور ابليس تؤكد على "قابلية" اإلنسان للغواية وھي حصرية "الفضاء" الذي ينشط فيه إبليس؛ إنه "الركن" البدائي المتھور ،غير العاقل الذي يتيح إلبليس ممارسة دوره؛ فال يقال مثالً إن الشيطان وسوس لعقل اإلنسان ليبتكر األبجدية أو ليكتشف قارة مجھولة ،بل يقال إن Zيھدي اإلنسان لالبتكار واالكتشاف؛ ما الفضاء اإلبليسي إذن سوى دخيلة اإلنسان المؤھلة الستقبال الوساوس ،القابلة للنزوات غير "المحمودة" .ھي ذاتھا الطبيعة المستجيبة للغرائز والميول البدائية التي حددت ركنھا مدرسة التحليل النفسي .وعبارات مثل "النفس األمارة بالسوء" و"سوّ لت له نفسه" خير دليل على أن الشيطان يقيم في النفس .وما "السراط المستقيم" سوى األساس القديم لفكرة "سواء الشخصية" في النظريات الحديثة التي ھي ھدف العالج النفسي عبر تحقيق المصالحة بين أركان النفس. كما وتتفق النظريات الحديثة مع األديان في النظر إلى الرغبات والموطن البدائي لإلنسان .فالسراط المستقيم ال يطالب االنسان بإنكار الرغبة بل يطالبه بإخضاع تحقيقھا لشروط معينة تأمينا ً لسالمة العواقب التي قد تنتج عن التھور في ھذا التحقيق .أي أنه يطالبه بتنظيمھا بما يتفق مع مشيئة Zواألخالقيات؛ توصيف يماثل ما بلوره التحليل النفسي حول سلوك "الشخصية السوية" وشرطھا األساسي أن تتمكن من "إدارة" المنظومة المعقدة للنفس وإدارة ميولھا ونزعاتھا بما من شأنه تحقيق الرغبة دون إلحاق األذى بطرفيھا .فاإلنسان السوي ھو القادر على تحقيق الرغبة في سياق "التوازن" .توازن يجنبه حدة الصراع بين الميول الغرائزية وبين االمتثال لضرورات العالم الخارجي وقوانينه. وتتفق الرؤيتان بالنسبة لقدرة اإلنسان على التحكم بھذه الميول :بواسطة التسامي والنضج في نظرية علم النفس؛ وبواسطة االمتثال لما حلل Zوحرم أو نھى عنه في المعتقد الديني .تتصدى األديان السماوية "للعبث" برغبات الجسد وترسم قواعد 9
لجمھا واحتواء نتائجھا عبر إرساء أعراف من أھمھا الزواج كنظام فردي/اجتماعي ،يقنن الرغبة وسلوك الجسد من ناحية ،ويشرّ ع لنتائجه على األطراف في العالم الخارجي من ناحية أخرى .فيطالب الشريكين بالوعي بالمسؤولية تجاه بعضھما البعض وتجاه التناسل وتجاه الجماعة التي ينتميان إليھا. مؤكداً على ضرورة التناسل "المعروف" والمعترف به مقابل "المجھول" والمن َكر؛ في ھذا الصدد يعمل العالج النفسي على تطوير الوعي والنضج بغية تحقيق المصالحة؛ مصالحة الميول وتنظيم عالقتھا الداخلية من ناحية ومصالحة الشخص مع واقعه ومجتمعه من ناحية أخرى. كال الرؤيتين تتعامالن من الشخصية ضمن منظومة متفق عليھا ومتفق في الوقت عينه على إمكانية "الخروج عليھا"؛ إنما ھو خروج مشروط بحماية الذات واألخرين .في علم النفس قد يقبل الشخص "خروجه" المشروط بعدم األذى؛ وفي المعتقد الديني يطلب الغفران أو التوبة او السعي لإلصالح. الرغبة/الغواية وخصوصية المرأة وھي خصوصية شغلت وتشغل علماء النفس وعلماء االجتماع والحركات النسوية، كما لھا حيز كبير في المعتقد الديني وورؤيته .في التوراة تتحمل "حواء" ِوزر المبادرة للمعصية إذ سبقت آدم إلى اشتھاء الثمرة المحرّمة وتذوقھا ،ومن ثم أعطته إياھا فأكل .وإذ سألھا الرب أجابت إن األفعى ھي التي زيّنت لھا ذلك .أما في اآليات القرآنية التي ذكرت الحكاية )وھي كثيرة ،البقرة ،األعراف ،الكھف إلخ (...فيتساوى الطرفان أمام Zبالنسبة للمعصية التي أنزلتھما من الجنة .إنما لتختلف مسؤولياتھما في سياقات أخرى :في الثقافة االجتماعية وفي المتخيّل الفردي والجماعي كما في الممارسات عبر العصور. نظريات كثيرة تناولت ھذه الخصوصية ،ال سيما بعد قيام حركات التحرر ،فوضعت في غالبيتھا النظام األبوي موضع الجدل والمساءلة حتى ال يمر يوم ال نقرأ فيه مقولة أو رأيا ونشاھد صوراً تؤكد على ھذه الخصوصية .حتى ليكاد فضاء "الميديا" يغدو لجھة المظھر أنثويا ً بامتياز .الجزء الثاني من ھذا البحث الذي سيأتي الحقاً، سيتناول المسار الثقافي غواية الجسد ورؤية كل من الجنسين ومعايشته لھا.
10
ﺟﺴﺪ اﻟﻤﺮأة اﻟﻐﻮاﻳﺔ وﻣﺤﻨﺔ اﻹﻧﺴﺎن -اﻟﺠﺰء اﻟﺜﺎﻧﻲ تناول الجزء األول من ھذا البحث ،مسألة عري الجسد والغواية من منظوري الدين والتحليل النفسي؛ ملخصا بدء الخليقة ِبـ"أنا عاري إذن أنا موجودة" حيث تجمع النصوص الدينية السماوية على أن سبب الھبوط من الجنة ال العري في حد ذاته بل الوعي به ،الذي يُجسد رمزيا الوعي في تحقيق الرغبة .ومغزى ذلك يعزز مسؤولية آدم تجاه الجنس وتجاه القدرة على الغواية التي ال مراء في صفتھا البشرية ،مقارنة بعجز الحيوان عن االستيھام .اكتشاف العري كان االنتھاك الثاني للمنظومة السماوية وقد سبقه االنتھاك األول الماثل في تمرد "ابليس" على الخالق وتھديده بإخراج الجنس المدلل عن السراط المستقيم. وترى الباحثة وكاتبة سلسلة الصدد ھذا المقاالت في على "جدلية" ،أن الرؤية الدينية ال تختلف عن رؤية التحليل النفسي جوھريا ً بالنسبة للرغبة وتحقيقھا؛ ھنا وھناك صفة "ثالثية" لألطراف المعنية بھا ،Z):آدم وإبليس(في المقوالت الدينية ،وھناك "األنا األعلى" و"األنا" و"الھو" أي الركن البدائي للرغبات. عقـاب الجـسد من "خصوصيات" األنوثة وعالقتھا بالذكورة ،ارتباطھا في المتخيّل كما في الواقع، ال بالرومانسية وحسب ،إنما وأيضا بالعدوانية .في ھذه الخصوصيات التي يشتبك فيھا البيولوجي بالنفس-اجتماعي ،تبدو األنثى واألنوثة موضوع عدوانية تتلقى العنف وتستثيره في الوقت عينه .العنف الفردي واالجتماعي على حد سواء .الجسد موضوع فتنة وموضوع عدوانية في العالقة الثنائية كما في اإلرث االجتماعي .ھذا اإلرث الذي يحتل في العالقة الثنائية حيزا طاغيا يقتحم متخيل الجنس والتناسل وجسد المعنية به . 11
في السعي لفھم المظاھر العصابية أو الثقافية ،لطالما اعتمد التحليل النفسي واالنتربولوجي على المتطرفة منھا لفھم ما يقل عنھا تطرفا ً .فالدخول من باب األعراض المرضية لفھم مشاكل "األسوياء" نھج معروف في العلوم اإلنسانية الحديثة .وكذلك األمر بالنسبة لقراءة الزمن الغابر ألھميته في إلقاء الضوء على الحاضر .على اعتبار أن جذور األمراض موجودة لدى األسوياء وما تطرفھا سوى تعبير عن مأزم ،عصاب )أو عن حالة سايكوباتيك( يتعامل معه المرضى بصورة متطرفة و"األسوياء" بقبول أو رفض نسبي .ولنا في مظاھر البارانويا خير دليل على ذلك. من ھذا المنطلق تكتسب بعض التقاليد القديمة "األركاييك") ،ما انقرض منھا أو لم ينقرض( ،ال سيما التي تتسم منھا بالعنف ،أھمية بالغة في فھم النوازع التي تكمن خلفھا وفھم مغزى بعض التقاليد والممارسات الراھنة التي قد تؤدي أغراضا مماثلة، حتى وإن قلّت عنھا عنفا. ستشكل بعض الممارسات "االستثنائية" مدخالً لقراءة الثقافة الكلية التي أنتجتھا .من ّ الممثلة ما كانت تخضع له اإلناث في بعض الثقافات)وما تزال(، ھذه الممارسات مثل الختان الكلي)الخفاض(أو الجزئي ،وحزام العفة في أوروبا وجرائم الشرف على أنواعھا وغيرھا من الممارسات التي تجعلنا نتساءل عن جذور ھذا العنف ومكامنه في النفس البشرية من ناحية ،وفي السياق الثقافي االجتماعي من ناحية أخرى .وطبعا ال نغفل في ھذا السياق ممارسة تتجاوز تلك عنفاً ،انقرضت على أن داللتھا ما زالت ماثلة ،أال وھي وأد البنات في العصر الجاھلي .من الخارج الثقافي يبدو الختان عقابا ً لإلناث .فھل ھو كذلك في الداخل الثقافي؟ ال ريب في أن وضع الختان في اإلطار "الطقسي" يخفف لحد كبير في "الداخل" من صفته العقابية .فمن شأنه بالنسبة لبعض المحللين أن يمنح عالمة "التمايز" والتدليل على االنتماء للجماعة .لكن الصفة الطقسية ال تنجح في نزع طبيعة "العقاب" عن تلك الممارسة .وتكفي المقارنة مع طقوس آخرى تؤدي غرض التمايز )ختان الصبيان على سبيل المثال ،أو الوشم الدال على االنتماء القبلي( لندرك المغزى المزدوج لختان البنات .فھو تدخل عنيف ،ظاھره طقسي ومضمونه " عقابي ردعي". الختان موجه في المقام األول ضد األنوثة ال ضد األمومة وإن كانت المنجبات سيعانين من آثاره طيلة حياتھن .فغايته األولى -المفترضة -تحجيم رغبة األنثى حتى وإن كان الثمن تشويه شكلھا األصلي أو تدميره سلخا ً في حال الختان الكلي. 12
تدمير يعمل الطقس على جعله مقبوالً من البيئة االجتماعية ،بل ومرغوبا ً به منھا ، العتباره يحقق أھدافا "سامية" مثل "العفة" الالزمة لصيانة شرف األنثى وقوام النسل الالزم لتماسك المجموعة .من شأن ھذا "القبول" أن يجعل الطقس "مطھراً" purgatoireللمعا َقبات والمذنبين بحقھن في آن معا .ويجعل الجزء المقطوع "أضحية" لصون الشأن األسمى" الذي تھجس به القبيلة ال سيما إناثھا". أضحية مرغوبة من صاحباتھا لدواعي "التطھير" :في مؤتمر أقامته في الثمانينات "جمعية تضامن المرأة العربية في القاھرة" ،صرحت ناشطة سودانية أن بعض الفتيات ،ممن رفض ذووھن اليساريون ختانھن ،طالبن به حين كبرن واعتبرن ذويھن مقصرين لحرمانھن من تقليد "تتمتع" به مثيالتھن .كما ذكرت أن "عريسا" رفض إكمال زواجه حين اكتشف أن "العروس" التي نشأت في انكلترا لم تكن مختونة .ھكذا تستبطن األنثى الرغبة في الختان؛ وعلى صورة رمي العذارى في النھر إرضاء لإلله ،حيث تتحضر ھؤالء للموت كأنما لعرس ،تتحضر دفعة الصغيرات ،في بعض مناطق إفريقيا ،للختان في احتفاالت جماعية ،ليستقبلن أنوثتھن "طاھرات" .ما كان ھذا التدخل العنيف ليتحول طقسا ً لوال تضافر عنصرين أساسيين: اتفاق األطراف عليه بمن فيھم النساء؛ واتصاله بشعور عدائي إزاء "جنس" األنثى، استبطنته كافة األطراف المعنية به ومن ضمن ھؤالء المختونة ذاتھا. ال ريب في أن مخاوف كبرى ھي ما تدفع الجماعة إلى التضحية بشخص أو بجزء منه حفاظا ً فعليا ً -أو وھميا ً -على كيانھا .قد يكون الشخص ،ذاته المضحى به "ھو" "أو ھي" مصدر المخاوف كما في حال جرائم الشرف والختان" .ھي" الطرف " المھ ّدد لمكانة الجماعة بين الناس" .ھي" التي صارت في المتخيّل الجماعي والفردي مصدرا في المطلق للتوجس من "العار" .توجس بطانته كراھية معلنة أو مضمرة ،تتصل بإمكانية أن ُتحدث "ھي" ما لم يحدث بعد .و"وأد" الرضيعات في الجاھلية يؤكد على حجم المخاوف وارتباطھا بكراھية لألنثى ُترجمت "برجم" الرضيعة" عقابا ً على ذنب افتراضي قد ترتكبه في المستقبل .فيأتي العقاب فعل كراھية خالصة لألنثى كجنس في حد ذاته ال لفتاة معينة "عصت" . وما انقراض الوأد في الجاھلية وعدم تحوّ له إلى طقس إال لكونه ضد استمرارية النوع البشري .مما يؤكد على أن الطقس "الفائض" عن الضرورة األساسية للحياة أو المھدد لھا ال يلبث أن يزول.
13
على أن زواله ال يلغي "الكراھية" .من تجليات تلك جرائم الشرف :ما كانت لتحدث بھذه الكثافة في حقبات وبلدان معينة إال ّ لتالزمھا مع عدائية تأصلت على المستوى النفسي االجتماعي على صعيدي الوعي والالوعي .عدائية حضّرت طويال األطراف المعنية بھا ،حتى إذا ما "وقعت الواقعة" كانت العناصر الالزمة لغسل آثار "الجريمة" جاھزة في المتخيّل للتنفيذ. في ستينات القرن الماضي رصدت باحثة قانونية في لبنان جريمتي شرف أسبوعيا ً معلن عنھما؛ ويقدر حجم الجرائم المغفلة ،حيث تدفن الضحية في القرية بال تبليغ وال إزعاج -بما قد يساوي ذلك .لھذا التحضر مكانته أيضا ً في القانون وفي المحاكم )في الغرب حتى زمن قريب( وفي بلدان الشرق حتى اليوم" .مكانة" تترجم بمنح القاتل "األسباب التخفيفية" .ھكذا يلعب القانون المدني الحديث دور "الطقس" القديم في التطھر والتطھير من الذنب المرت َكب أو من اإلحساس به. عنف الطبـيعـة وعدوانية الغموض من ضروب التبسيط جعل "النظام األبوي" المسبب الحصري لكافة الممارسات السلبية التي تقع على الشعوب واألفراد ال سيما النساء .أرى في ذلك استسھاالً يعفي الباحثين من مسؤوليات البحث أو االعتراف بالعجز عن بلوغ التفسيرات المنطقية لبعض المظاھر النفس-اجتماعية ،ال سيما "األركاييك" منھا .فكما يح ّفـز الطموح على بلوغ اليقين ،يتطلب التواضع العلمي القبول باستحالته .فاليقين ممكن في الحقول القابلة للتجارب واإلثبات مثل الكيمياء أو الميكانيكا .أما في الحقول اإلنسانية فقد يستعصي عصيان اإلنسان على القوننة المطلقة ،نظراً ألنه كائن على درجة عالية من التعقيد والقابلية للتطور .وعليه ينبغي إخراج البحث في مغزى الممارسات العنيفة من "حصرية" الثقافة البطريركية ،والتفكير بدوافع أخرى تتضافر مع تلك، إنما قد تفوقھا َقدما ً وغموضا ً .وإالّ كيف نفسر أن القارة اإلفريقية ،األكثر طبيعية لجھة الجنس كممارسة ،ھي في الوقت عينه األكثر تمسكا ً بالختان حتى العصر الحاضر ،على الرغم من الجھود المتفانية التي تبذلھا المنظمات الدولية ؟! النظام البطريركي لم يأت من فراغ بل ،ومثل سائر األنظمة ،قد يلغي موروثا ً أو يؤكد على موروث سابق عليه وجده أرضية مالئمة يبني عليھا ركائزه. من المتفق عليه أن المخاوف ،ال سيما التي تقترن منھا بالغموض قد شكلت المنطلق الرئيسي لالنسان البدائي لبناء تصوراته عن العالم وعالقته به ،ولتطوير وسائل الدفاع عن النفس وحماية المجموعة؛ مادية كانت تلك الوسائل أم غيبية. وكلما ازدادت مصادر الخوف غموضا ً وجبروتا ً تطرف اإلنسان في تصوراته 14
بشأنھا وتنوعت سبل "مواجھتھا" لھا .فالمواجھة بينه وبين الحيوان ،مھما بلغت من شراسة ،تتسم بالوضوح .وضوح يحفزه على تطوير القوة الجسدية وقوة "السالح" والتكاتف مع األقران .أما المخاوف األخرى فلھا شأن أكثر تعقيداً؛ ال سيما وأن الجنس البشري قد عانى من غموض مظاھر الطبيعة وجبروتھا ماليين السنين، وكان في كثير من األحيان ضحيتھا قبل أن يھتدي إلى تفسيرات "مريحة" ويبني وسائل الحماية الممكنة .تاركا ما يفلت من زمام سيطرته إلى حيّز الغيبيات واالبتھاالت واألضحيات والتعاويذ .أضحيات كثيرة بشرية وغير بشرية كانت ُتقدم إرضاء لھذه الطبيعة وسعيا ً لتھدئة جبروتھا .الطبيعة ليست دائما رومانسية .إن كان من شأن رومانسيتھا أن تنعكس على نفس االنسان فتمنحه السكينة ،إال أن جبروتھا يثير في نفسه المخاوف ويحفز لديه نوازع العدوانية .وليس من ضروب المبالغة القول إن "غموض" الطبيعة والمخاوف المرتبطة بھا ھو الينبوع األكبر لعدوانية الجنس البشري ،والمؤجج الرئيسي للمكتسبة منھا أو غير المكتسبة. المخاوف بصورة عامة،الواضح منھا والغامض ،ودوافع الحفاظ على األنا والجماعة ،والميل إلى معاداة "اآلخر" أو إلغائه ،وبمعزل عن مسببات مباشرة أو بيّنة ،تتصل جميعھا بعدوانية كبيرة اتصاالً تفاعليا ً يصعب تحديد بدايته ،صعوبة تحديد مصدري البيضة والدجاجة .العدوانية الطبيعية أو شبه الطبيعية ،ھي الوجه اآلخر لرغبة اإلنسان في المصالحة والتواصل والتآنس الفردي والتكتل االجتماعي. وما فنون النظام البطريركي في استخدام العدوانية ضد غواية الجسد ،سوى تسخير "الھبة" التي منحتھا الطبيعة أو استفزتھا لدى اإلنسان عبر العصور؛ تسخيرھا لصالح أھداف يراھا ضرورية لتماسكه وديمومته. تدعونا أھمية المخاوف في التشكيل النفسي للبشر وتطوير"شخصبة االنسان"، للتساؤل حول مكانھا ودورھا في عالقة الجنسين :ھل إلى جانب الحب والرغبة في التكامل والتآنس ھناك بين نوعي الجنس البشري مخاوف أسست لعدوانية بين الذكر واألنثى و ُترجمت في ممارسات عنيفة يقوم بھا اإلنسان بحق شبيھه أو بحق نصفه اآلخر؟ إن كان االفتراض ھذا صحيحا ً فمن أين تنبع وتتغذى ھذه العدوانية؟ عدوانية الجنس :تحالف البيولوجي والثقافي على أرض األنثى ال يمكن ألي بحث انتربولوجي أن يتجاھل الواقع األھم الذي أثر في التاريخ البشري والماثل في االختالف البيولوجي بين الجنسين .لھذا االختالف مظاھر عديدة لعبت دوراً شديد األھمية في التاريخ النفسي االجتماعي لإلنسان وفي إثارة قلقه ومخاوفه قبل تمكنه من استيعاب تلك المظاھر ،وفھمھا أو "التحكم" بھا. 15
في سياق االختالف يبدو لكأنما الطبيعة تآمرت على األنثى فخصتھا بصفات فيزيولوجية لم تلبث أن ارتبطت "بالخطيئة" وجعلت وظيفة التناسل من كبرى مصادر القلق :فاألنثى ،تعجز عن إخفاء العالقة الجنسية كما الذكر ،فھي تحبل وتحمل الجنين وتلده مباشرة من جسدھا فيما الذكر ،يلقح دون أن يكابد آثار التلقيح. وال نغفل المظھر الثاني لالختالف الجنسي المرتبط باألول وھو الدورة الشھرية للوظيفة التناسلية لدى المرأة .ال بد أن ھذه ،قبل استيعابھا وبلورة التفسيرات العلمية بشأنھا ،كانت أيضا مصدر قلق ال سيما لجھة ارتباط الدم بالعنف واعتبار النزيف من مسببات الموت وانقطاع الدورة من المؤشرات على "الخطيئة". أما االختالف الثالث فھو عذرية الفتاة .إذ تبقى العذرية من أكثر مظاھر االختالف غرابة .لعلھا وحدھا أنثى ابن آدم ،دون سائر الحيوانات الراقية تحمل عبء ھذه الخصوصية ،التي ستغدو في النظام األبوي ،مسؤولية جسيمة تھجس بھا القبيلة بأسرھا ويقع ثقلھا األكبر على الفتاة نفسھا؛ قد تكافأ عليھا أو تعاقب .ستغدو العذرية "ھاجسا ً" يؤرق العذراوات ،حتى اللواتي لم يسبق لھنّ اختبار الجنس .العنف ھو بطانة العذرية .فتمسك الفتيات بالعذرية يوازي رھابھن من العنف الذي يرافق فقدانھا .إن كان عنف الفقدان محتمل في إطار الزواج ،فقد يغدو كارثيا ً خارجه. شأنه شأن الحمل :نعمة عظيمة وتبجيل لألم داخل التقاليد ،وجحيم للمرأة خارجھا. أال يمھد مثل ھذا النفصام إلى اضطراب مفرط في عالقة األنثى بجسدھا، وبشريكھا؟ واضطراب في تعامل الشريك مع ھذا الجسد؟ العذرية ،على سبيل المثال وبالنظر الرتباطھا بالتمزق ھي مصدر عدواني لألنثى كما للذكر .التربية الذكورية "تعالج" ھذا العدوان بعدوانية أخرى :الفحولة .فينشأ الذكور في ھاجسي الفحولة واإلخفاق عن بلوغھا .ھكذا يأتي الطرفان إلى لقائھما األول محمالن بإرث رھيب واحتماالت تفوقه رھبة؛ يرتعش العريس بعدوانية الفحولة أو برھبة اإلخفاق ،وعروسه من تمزق مؤلم لحاجزھا الطبيعي ،يقترن بتمزق رمزي للحصن المنيع الذي شادته الثقافة الموروثه .الحصن الذي لطالما منحھا الحماية والقيمة االجتماعية" .أغلى ما تملك" .لو تأملنا في طقوس األعراس لرأينا في احتدامھا والمبالغة في جلبتھا ،عبر الزغاريد ولعلتھا التي تحمل من تعبير الفرح قدر ما تحمل من أصداء الحزن والشجن ...إضافة إلى ضجيج الدفوف والصنوج والزمامير ،الكتشفنا دورھا المضمر :كلھا تساھم في تأطير العنف مواز يخفف على الشابين المسكينين من ھول اللقاء. وتمويھه في عنف ٍ 16
في ھذا الصدد يمكن تلمس جذور العالقة بين العذرية واالغتصاب .أو باألحرى بين رھاب الذكور من العذرية وردة الفعل االنتقامية منھا .ال ريب في أن ھناك دوافع متعددة لالغتصاب غير ابتغاء اللذة أو عدم السيطرة على الحرمان من تحقيقھا. دوافع ذات صلة باإلرث الفردي لجھة التربية الجنسية والعالقة مع األم تدفع بالذكر الشاذ إلى اقتناص ما ال يحق له .وھو في ذلك ال يبتغي المتعة الجميلة وال التواصل بل تحقيق لذة انتقامية من األنثى .ال سيما األنثى العذراء .عذرية فعلية أو متخيلة، صبة كما في متخيل المجتمع .إذا اكتسبت شأنا عظيما في متخيّل المغتصِ ب والمغت َ ما كان العريس الفحل رجالً طبيعيا ً ومقبوالً من فتاته ومن محيطه االجتماعي، فالمغتصب ذكر شاذ عنيف ومرفوض من كافة األطراف ال سيما ممن يقع عليھا فعل االغتصاب .ففيما يحقق الفعل الجنسي في الزواج مجداً ذكوريا ً ماثالً في نزع عذرية فتاة ھي حالله ،وذلك بالرضى الثنائي والجماعي ،يعتدي المغتصب على جسد ال حق له فيه اعتداء ھو حالة متطرفة آثمة ومدمرة للفعل الجنسي ومن يعنى به .من ھنا نفھم مقولة فرويد حول اإليروس والتاناتوس في الجنس أي رغبة الحياة والتواصل في الجنس اإليروسي ،ودوافع القطيعة والھالك في الجنس الذي يتالزم و دوافع األذية .اغتصاب األنثى ھو طلب لذة "تاناتوسية" تتصل بدوافع الموت والتدمير .تدمير الذات واآلخر في آن معا ً تدميراً تصب رسالته األخيرة في خانة المجتمع .إنه اغتصاب فردي ضد أنثى لكنه أيضا فعل انتقامي ضد المجتمع الذي يبجل األنوثة ال سيما الماثلة في العذرية .ذاك الحصن المنيع في المجتمع األبوي والممتنع على الفحل ال سيما من لم "يتأھل" للزواج. في تحليله عصاب األنثى ،جعل فرويد عقدة "الخصاء" و"حسد القضيب" مركزية. مركزية تعتم على احتماالت إقامة محاور أخرى ذات شأن في سيكولوجية المرأة. ومقولته أن الفتاة الصغيرة تظن في المتخيّـل أنھا كانت تملك قضيبا ً فقدته .يلفتنا ھنا غياب البعد السوسيو -انتروبولوجي عن جذور العصاب األنثوي .ختان الفتيات مثال ،يضع عالمة استفھام كبرى على ھذه الفرضية؛ إذ يشير إلى أن األنثى في المتخيّل االجتماعي ،تملك آداة رغبة وقوة معادلة للقضيب ،ينبغي اجتزاؤھا. في ھذا الصدد ،يبدو تحالف البيولوجي مع الثقافي ،كما "جسر مفقود" في نظرية فرويد .جسر ،من شأن إقامته تفسير المخاوف الناجمة عن القدرات البيولوجية للمرأة .لو أعار فرويد االھمام الالزم لختان البنات لظھر له الوجه اآلخر للحقيقة التي "أقصاھا" و"خصاھا" :أال وھي الرغبة الدفينة للجماعة في خصي الفتاة خوفا من قدرات رغبتھا كأنثى من ناحية وخوفا ً من قدراتھا كإنسان /إمرأة من ناحية أخرى .فالختان "عالمة" إخضاع تدمغ الجسد إنما للتتجاوز حدوده البيولوجية إلى 17
مستوى رمزي شديد البالغة .ولھذا بال شك عالقة بالقدرة األكبر للمرأة أال وھي اإلنجاب .تحالف البيولوجي مع الثقافي البطريركي ،تم على أرضية األنثى وعلى خصائص أنوثتھا .خصائص كانت جاھزة ليبنى عليھا ھذا النظام ركائز ثقافته مثل تعظيم العذرية أو االستمرار في ممارسة الختان. األمومة الصارخة واألبـوة الصامـتة في العالقة بين الشريكين ،كال الوظيفتين" ،األمومة" و"األبوة" تتسم في واقع األمر المدرك من الطرفين .على أن بالتأجيل .وحده تحقيق الرغبة حين يحدث يكون الفعل َ األمور لن تلبث أن تنقلب رأسا على عقب حين تظھر بوادر الحمل على المرأة وتليھا الوالدة .ھنا أيضا ،وقبل الحقبة "الواعية" التي تم فيھا إدراك مسؤولية الجنس واستيعاب الذكر أبوته ،لعبت الطبيعة البيولوجية في التاريخ النفسي االجتماعي دورا مركزيا؛ فثمرة تحقيق الرغبة التي ال تظھر مباشرة كانت وألمد طويل تبدو "أو تعتبر" وكأن المرأة ھي المسؤولة الوحيدة عنھا. من المتعارف عليه أن الذكر المنجب ،في حقبات مديدة من التاريخ االجتماعي ،كان أبا ً بيولوجيا ً عابراً في حياة األمھات واألطفال وأن تأجيل الوعي بالحمل أنتج تأجيالً آخر ھو الوعي بدور الذكر ابوته واالعتراف بھا .ويذھب بعض علماء النفس أبعد من ذلك إذ يرجعون "إغفال" المن ِجب أبوته إلى طبيعته الذكورية/االجتماعية في آن معاً؛ حيث يرون أن األبوة لدى الرجل "مكتسبة" وأن الذكر ليس أبا بالغريزة مثل األم بل ھو أب باالكتساب؛ الرجل "يصير" أباً ،فيما "تكون" المرأة أما بالطبيعة الغريزة .أمومة تتجلى بالمولود الذي يخرج بالمخاض واأللم من رحمھا ويحتاج لحليبھا وحضنھا ليعيش .لكأن األمومة طبيعة أولى واألبوة طبيعة ثانية و"ثانوية". ويعزز مفسرو التوراة ھذا االفتراض إذ يرون أن كلمة حواء مشتقة من الحياة ،ألن األنثى ھي أصل الحياة .وقد ساھمت الطبيعة في "إقصاء" الرجل عن "األبوة" وتعزيز تأجيلھا أو إنكارھا .ويتحدث بعض المحلّلين عن "وظيفة األب" ،كبعد اجتماعي الحق على البعد الغريزي).أنظر ملدورف /وظيفة األب( .ولعل النظام األبوي ارتبط بإدراك األبوة التي تأجل الوعي بھا واالعتراف وأُنكرت لزمن طويل .ھل يمكننا االعتقاد بأن لمحورية األمومة أثاراً عدوانيا ً على الذكور و األباء يحفزھم في الالوعي على معاقبتھا؟ عقاب األمومة واضح وموثق في سفر التكوين؛ "تلدين باأللم" ،كانت أولى العبارات التي أطلقھا الرب ما أن علم بخطيئة حواء .لعنة "ضريبة مضافة" على ثمن الخطيئة األساسي الذي سيدفعه الطرفان والذي ھو الخروج من خلود الجنة إلى 18
األرض حيث الموت ھو المصير .ھذا العقاب "األنثوي" الذي تجذر في المتخيل الجماعي كثيف المعاني؛ فھو ال يحمل ثمن الخطيئة وحسب بل ويحمل ايضا ثمن األمومة لجھة إقصائھا الرجل من الدائرة األھم في تاريخ النوع. في حقبة الغموض وغياب التفسيرات العقالنية لعملية اإلنجاب ،وغفلة المنجب عن صلته بمن أنجب اكتسبت األمومة أھمية بقدر ما اكتسبت من رھبة .ال ريب في أن "القدرة" على االنجاب كانت تبدو أشبه بقدرة "ثانية" على الخلق .ألوھية تجلس المرأة/األم على عرشھا ،تجلت بتكريس عدد من اآللھات ال سيما آلھة "الخصوبة". على عظمته ،بل وبالنظر لعظمته ،يلعب اإلنجاب في عالقة الشريكين دوراً مھدداً لألب :اإلقصاء من دائرة اھتمام المرأة ،إقصاء حاداً في المراحل األولى من الوالدة ونسبيا ً في المراحل التالية عليھا .ناھيك عن أنه يجعل المرأة أكثر اكتفاء وثقة بدورھا كجنس "مستقل" عن الرجل ،قادر على التجدد ،الخلق وتأمين استمرارية النوع. تشكل األمومة مصدر أمان مطلق للطفل لكنھا وبالنظر للحاجة المفرطة لألم فقد تشكل ھذه ينبوع قلق من فقدانھا .االرتھان لألم من كبرى مصادر القلق لدى الطفل عموما ً والطفل الذكر بشكل خاص .فھو يستبطن فضل دورھا الوجودي عليه استبطانا ً يبھره وال يسعه التعويض عنه إن فقده ،كما ال يسعه القيام به .فيما األنثى، في تصورھا الطفولي لوظيفتھا اإلنجابية تجد التعويض عن الفقدان عبر تحولھا ھي إلى أم قادرة على العطاء والخلق والتجدد .وكثيراً ما يؤدي حرمان الذكور من أمان األمھات إلى جعلھم ،في الكبر ،طغاة يميلون لالنتقام الذي كانوا يشتھون القيام به في مرحلة "القطيعة" مع األم أو مراحل الحرمان من حنانھا ال سيما عندما تتخذ شخصيتھا صفات ذكرية طاغية. األمومة )اإلنجاب وومرحلة ما بعد الوالدة( وظيفتان مركزيتان لم يعرھما مؤسس مدرسة التحليل النفسي االھتمام الالزم في تشكيل العصاب ومسار معايشته وتصوراته لدى كال الجنسين ال سيما األنثى .على بالغة نظريته ال سيما بالنسبة لمأسسة "الالوعي" وتفسير األحالم ،انشغل فرويد وتالمذته بما يسمى بـ"حسد القضيب" عن مسألة جوھرية تتصل بقدرة األنثى جنسيا على "الخلق الثاني" وانعكاسات ھذه القدرة عليھا وعلى شريكھا في آن معا .حسد القضيب )إذا ما كان صحيحا ً وكليا ً حسب التوصيف الفرويدي( ھو مظھر نفس–اجتماعي طارئ وقابل للتغير؛ على أن اإلنجاب يكمن في القدرات الطبيعة التي يستحيل تغييرھا وينتج عن ھذه استحالته إقصاء األب وحسده من االنجاب كقدرة على "الخلق" .وغالبا ً ما 19
تستثير األمومة نوازع "االرتداد الطفولي" لدى األب وتثير حنقه من انصراف الزوجة األم عنه لغرض أكثر إلحاحا وسموا ھو ذاك الكائن الجديد .وبل وغالبا ً ما تثير غيرته من ھذا الرضيع الذي يلتھم ثديھا ويستحوز على مشاعرھا .سيغدو ھذا بين ليلة وضحاھا ھو المحور الذي استبدل به .من ضروب المبالغة إليضاح فكرة "اإلقصاء" أن بعض المعالجين النفسيين ،في وصفھم العالقة بين الجنسين ،يشبھون األنثى بملكة النحل التي ما أن تنال "مبتغاھا" تتخلى عن الذكر الذي لقحھا . األمومة لدى فرويد تبدو "تابعة" كموضوع لألبوة والبنوة ال وظيفة شائكة ومحورية تستدعي الدراسة والتحليل .ما شغل فرويد بالنسبة للطفل ھو عالقة ھذا األخير بھا -ال سيما الذكر -وأثر ھذه العالقة عليه خاصة بالنسبة لمراحل "األوديب" .على أن تبحر فرويد في العالقة الثالثية )األب االبن األم( لم يمنح األمومة الحيز الضروري لھا. األمومة موضوع محوري كما " اإلرث األمومي" بأسره .ھذا اإلرث الجميل الرھيب والعظيم الموغل في الذاكرة والتصورات الفردية والجماعية ،والمفتوح على المستقبل حيث سيعايش تصوراته األبناء من الجنسين؛ يستبطنه كل بطريقته وتستبطنه البنات بالتماثل اإليجابي إن كن محظوظات .يستعدن إنتاجه فيزيولوجيا ونفسيا ،استعادة تساھم في حال نجاحھا في تطوير شخصية الشابة وحل المشكالت النفسية التي ورثتھا من العالقة األسرية ال سيما العالقة من أنجبتھا وتولت رعايتھا أي األم Jun 24 2013by
اﻟﻤﺮأة ﺑﻴﻦ اﻟﺒﺪاﺋﻴّﺔ واﻟﻌﺼﺮﻳّﺔ! آمال عوّ اد رضوان لمحة وجيزة عن ْ العصور أسوقُھا، عبر دو ِر المرأ ِة َ ِ وليس من دخل إلى ما آ َل إليه حالُھا ھذه األيّام، َ ك َم ٍ الجنسين! بين منطلق التحي ِّز إلى فكر ِة التمييز َ ِ ِ ِ ت البدائ ّي ِة )األموميّة( ،للمرأة كانت السُّلطة في المجتمعا ِ العلياوالسّطوة ،في صياغ ِة الشرائع المتعلقة بأنماطِ ِ 20
األدوار على اختالفاتھا! وتشكيل تفاصيل الحياة، ِ ِ ت المرأة ھي الفاعل األساسيّ والمباشر ت األحوا ُل واألفعالُ ،فبع َد أن كان ِ لكن ،تب ّدل ِ نائب الفاعل ،أو المفعول به على األغلب ،فقد في جميع أدوارھا وقراراتھا ،صارت َ ت الموازين واآليات ،وباتت ھي المغلوبة على أمرھا ،دون تم ّكنھا من المجابھة انقلب ِ والمواجھة ،أو حتى االعتراض ورفع رأسھا! ووقف في وج ِه المناصب العليا، ت السّلطة لي ِد ال ّرج ُِل ،فتقلّ َد سرعان ما انتقل ِ َ َ ْح ِ العنصر النسويّ بش ّد ٍة وقسو ٍة وسطو ٍة ناقم ٍة غير محدودة ،بعدما ساھ َم في كب ِ ُ القوانين ض ّدھا ،ويُن ّفذھا ويُطبّقھا وصار يُش ّر ُع جماحِھا ،ومنع نھوضھا ثانية، َ َ ْ بكائن دونيٍّ ،تستوج ُب ُه الحياة المفروضة وأضحت حوّ ا ُء أشب َه بمفھوم ثقاف ٍة ذكور ّيةٍ، ٍ تلبية مھمّا ٍ دون اعتراض ،فھي ناقصة العقل والفِكر ،محصورة مھمّا ُتھا ت مح ّدد ٍة َ ب األطفال! األساسيّة في المطبخ والمنزل ،وخدمة الزوج وإنجا ِ العصور اإلغريقيّة مسلوبة اإلراد ِة والحقوق والمكانةِ ،ومُنع عنھا ت المرأة في عاش ِ ِ ٌ ْ كانت ال ّتعلّم ،لكن بالمقابل، حقوق كثيرة تتمت ُع بھا الجواري ،مِن ممارس ِة الفنّ والغنا ِء والفلسف ِة والنقاش في مجالس الرِّ جال! انشغال الرّجال بالحروب والقتال ،فقد أعط َيت المرأة أمّا في إسبارطة ،وبسبب ِ ً أرفع ،مِن حيث التجارة والبيع والوراثة واالمتالك والتوريث! مكانة َ ً والعمل، ت والحقل ت المرأة سلطة قوي ًّة في البي ِ أمّا الوضع عن َد الفراعنة ،فقد احتلّ ِ ِ ولمكانتِھا ال ّرفيعة ،كان ْتتق َّدم األجمل منھنّ كضح ّي ٍة للنيل ،مِن أجل ني ِْل رضا اآللھة! غامض طافح بالبھجة ،لذا ،ال ب ّد من بشعور ك ٍ الجما ُل يغم ُر َ ٍ الجمال و ُتعاقبُ الجميلة! أن يُعاقبُ َ حقير ومُھان ،وكانت المرأة في فكان يُنظ ُر للمرأة كحيوان معتو ٍه أمّا في الصّين َ ٍ حين يموت! حرق مع زوجھا َ الھند تـُدفن أو تـ ُ َ فلتشكر المرأة Zأنھا ليست في ذاك الزمان وال ذاك المكان! َبع َد ھذه اللّمح ِة عن التباع ِد ال ّزمكانيّ ،ماذا ح ّل بالمرأة في أيّامِنا األخير ِة القريبةِ؟ ت وقدرا ٍ ك كفاءا ٍ ت كالرّجل واعتبارھا إنسا ًنا يمل ُ مع ظھور ما يُسمّى بحقوق المرأة، ِ أو أدنى أو أكثر ،فقد حظ َي ْ دون صو ِت ِه! ت بما لم يكن لھا ببال ،ولم تع ُْد ذاك الظ ّل َ 21
ففي الغرب وقب َل عقو ٍد معدوداتٍ ،أخذ الرَّ ج ُل على عات ِق ِه فكرة التكفير عن بني ِّ بحق المرأةِ ،وتغيير التو ّج ِه والفِكر والظروفِ االجتماع ّي ِة القائمة والسائدة، جنسِ ِه حو َل ْ دو ِرھا ومكانتِھا ،فأتا َح لھا أن تخر َج مِن صمتِھا األبكم الجامد ،إلى حيّز ت والظھور ،بع َدما قا َد حركة تثقيفيّة ُتم ّك ُنھا مِن النھوض ،وسعى إلى إزال ِة الصّو ِ الحواجز الماثلة أما َم تق ّدمِھا ،وقد آمن بضرورة إسھامِھا ْ بدو ٍر فعّال ،لتحقيق حضورھا واستقالل ّيتِھا االقتصاديّة واستقرارھا المعنويّ والماديّ ! ِ لكنo حق على األغلب ،فكان ال ب ّد لل ّ ّابق وال ّ رق ھو الال ّ ُ الغرب ھو الس ُ ش َ شرق أن وبما أنّ َ ْ والقدر؟ ب تطال ُه ي ُد العدوى ،لكن ھل طالته الجدوى وبنفس األسلو ِ ضع ي َدهُ ،ويُؤ ّ ش َر بإصب ِع ِه على مكامِن قضايا المرأة من ھل استطاع ال ّرج ُل ح ًّقا أن َي َ َ بين خطوطِ نجاحاتِھا وإخفاقاتِھا؟ أجل َحلِّھا؟ أم أنّ تبا ُي ًنا جل ًّيا في العمل والبيت ،برز َ ِ ت وحقيقة اإلخفاقات ھذه؟ ھل ھي المرأة أم َمن المسؤو ُل الحقيقيّ عن مدى النجاحا ِ الرّجل؟ أم كالھما معا؟ ھل المجتمع يحتا ُج إلى تثقي ٍ كسر الجدران الزجاجيّة ف مغاير يناص ُر المرأة ،كي َي َ ٍ ت عالقةٍ ،وفرضيّا ٍ لفروضا ٍ ت تتناقضُ وطبيعة حياة المرأة بشكل عام ال الخاص، وميولِھا ْ ودو ِرھا في األسرة؟ ت ملحوظٍ الحديث َيدو ُر عن تفاو ٍ بين المجتمعات! لكن ومع ھذا ،فلو تابعنا وكبير َ ٍ َ ب في العالم كلِّهِ ،وفي مجاال ٍ ت عديد ٍة للمرأة ،لوجدنا نجاحاتھا ما األبحاث وال ِّن َس َ ْ ْ ث أخفقت في زالت تتص ّد ُر مجا َل التعليم بنسب ٍة فائق ٍة مثال ،بينما مجال البحو ِ ِ ت وغيرھا ،فكانت ال ِّن َسبُ ضئيلة قيا ًسا بالرَّ جل ،رغم حصولِھا والسّياس ِة والقيادا ِ على شھادا ٍ ت ُتؤ ّھلُھا للعمل ِفيه! لماذا؟ وما ھي األسباب التي أ ّد ْ ت إلى ھذا التباين بين النظريّ والتطبيقيّ ؟ المسائل ،فيختلف األم ُر بالنسبة للعزباء ھل بنا ُء األسْ َرة ھو الواز ُع الرئيسيّ في ھذه ِ والزوجة واألرملة واأل ّم والمطلقةِ؟ ھل علينا أن نطر َح األسئلة الموضوعيّة والحقيقيّة على المرأة نفسھا ،ألنھا تعكس واق َعھا وطبيعتھا وطموحاتھا ،ومن وجھة نظرھا ھي ،وليس كما َيرسم وي ّ ُخطط ويُح ِّدد لھا الرّجل؟ 22
وتؤطر األجوبة بمصداق ّي ٍة )إن أعطِ ْ يت لھا الفرصة أو ھل المرأة يمك ُنھا أن تح ّد َد َ باعتبارھا ھي األقد ُر على تحدي ِد مساراتھا؟ أخذتھا بمجھودِھا(، ِ ّ ت الخطر َة في ا ّتخا ِذ قراراتِھا ھل المرأة تستطي ُع فعال أن تتخطى المنعطفا ِ واختياراتِھا؟ ّجل على الغالبِ ،بما يخد ُم ُه أم أنَّ التخطيط َ والتعيين ما زاال يخضعان ألھوا ِء الر ِ أوّ ال ،ومن ث ّم بما َيخدم المرأة الحقا؟
============================================
اﻟﻤﺮأة اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺑﻴﻦ ﺗﺄﻟﻪ اﻟﺬﻛﺮ و اﻹﻟﻪ اﻟﺒﺸﺮ حنان بن عريبية رغم ملكة الفھم للعقالنيين العرب ووعيھم أن وضعية المرأة العربية تعيق التقدم نحو مسار الحداثة و التمدن ،و رغم محاولة السعي الدائم إلخراجھا من متاھة الفقه الذكوري، تبقى النزعة الدونية للمرأة متجذرة في الالشعور العربي تقطع مع كل تيار فكري ينصفھا جاعال منھا موضوعا للبحث و محررا إياھا من جدلية دينية و مجتمعية تصب كلھا في منظومة الجسد. من أھم العوائق االبستيمولوجية وجود نساء يتفاخرن بعبوديتھن و إذاللھن ،مرحبات بكل األذواق الفقھية التي تمارس عليھن و التقليل من شأنھن .وھو ما يدعو لتساؤالت عديدة :لم ترسخت نظرية االحتقار للمرأة في الضمير الجمعي على المستويين الديني و المجتمعي رغم وجود عناصر من شأنھا أن تطلق المرأة العربية من قمعھا و تحررھا من عقدة االنصياع التام ألھواء جالدھا ،بدءا بحديث الرسول “النساء شقائق الرجال” وصوال لدحض فكرة النقصان التي كانت جلية في سورة النمل في وصف رجاحة عقل ملكة سبأ رغم كفرھا ،إضافة للحادثة الشھيرة في 23
رجوع الرسول ألم سلمة في أمور المسلمين رغـم دقة و أھمية الموضوع آنذاك المتعلق بصلح الحديبية .ھل ھو الخوف من المرأة أم الخوف عليھا كما يروج الدعاة ؟ و ھل أن صمت المرأة العربية و المسلمة بصفة عامة ھو قصور في التبليغ عن أالمھا و فكرھا كانسان كامل أم الخوف من المجتمع الذي يعتبر صرخة المرأة خروجا عن الشرائع الدينية بإطالق صفارات األحاديث المنسوبة لرسول اعتبرھا حسب ادعاءاتھم عنصرا غير مرحب به في أنشطة تجمع بينھا و بين الرجل باعتبارھا محتقرة و دون الذكر .فھي مصدر البالء و الفتنة و الشرور بموروث عقائدي توراتي بحت يعتبرھا الخطيئة األولى و نجسة كما جاء في سفر الراويين اإلصحاح الثاني عشر ،٧-١ليدعمه أبو ھريرة بتصنيفھا مع الكلب و الحمار اللذين يقطعان صالة الرجل و معظم الفتاوى التي فيھا حط و تحقير شديد لھا .و لو أن الفقھاء في تبنيھم لرواية قطع الصالة اقتصروا على حيثيتھا األولى مھملين معطى ھاما مغيبا يتمثل في رد السيدة عائشة الذي فيه الكثير من السخط و الغضب على ھذا التصنيف. و رغم ثبوت أن النص القرآني لم يحمل وزر نجاسة المرأة باعتبار جوھرھا نجسا بل اعتبر حيضھا عملية طبيعية فيه أذى يجب فقط التطھر منه حسب اآلية ٢٢٢من سورة البقرة و ھو شيء يتعلق فقط باحترام فيزيولوجية المرأة ال تحقيرا لھا. إن التمعن في كل التناقضات التشريعية خاصة تلك المنسوبة للرسول يقودنا إلى مالحظة عدم تطابقھا مع النص القرآني الزاخر بالرموز و اإلشارات و التأويالت، باعتبار القران المصدر األصلي للتشريع اإلسالمي .نجد في قراءة بدائية أو األحرى قراءة الفقھاء األخذ بحرفية بعض اآليات القرآنية التي فيھا الكثير من اعتبار المرأة دون الرجل كالقوامة أو الميراث أو الضرب ،مما يكون لدى المرأة شعورا بقمعھا ككائن بشري كامل من قبل خالقھا. إن جوھرية النص و البحث في أسباب النزول تجعلنا على دراية تامة بالتفريق بين عقدة التأله البشري لدى الذكر و وبين إله البشر ،مما يعطي شرعية لفكرة التدرج في النص القرآني و اعتباره نقطة انطالق .و ما يدعم ھذه الفكرة منظومة أسباب النزول ،فالمتغيرات المجتمعية ال تجمع بين وضع المرأة في الجاھلية و بين امرأة القرن الواحد و العشرين ،خاصة بالمقارنة بالمرأة في المجتمعات الغربية التي تحررت من الضغط الديني في كتابھا المقدس المشبع بالكثير من التحقير لشأنھا. بالرجوع للقران الذي فيه جوھر اإلنصاف و تساوي المرأة و الرجل بخطاب Z للمؤمنين و المؤمنات القانتين و القانتات و الحافظين و الحافظات ،خطاب تكليف ال 24
يفرق بين الذكر و األنثى باعتباره إلھا عادال رحيما و منصفا بالنقيض من الذكر اإلله الذي أنتج لنا فقھا ذكوريا مستند في معظمه إلى موروث توراتي كما أشرت سابقا. إن تمازج الجانب الديني بالمجتمعي في معاملة المرأة العربية فيه الكثير من الفضح لھشاشة الرجل الشرقي خاصة عندما تعامل المرأة كأداة تغلق عليھا جميع منافذ الخروج من إطار سلطة الرجل .و ھذه الھشاشة و الھزال الفكري يبدوان جليان في تموقع السلطة األبوية التي مع األسف لم تتحرر منھا الشعوب المسلمة ،خاصة في تجذر ھذه الفكرة عند المرأة نفسھا التي تسعى دوما للسير في فكرة المغلوبة على أمرھا و تطبيقھا في تمييز االبن على البنت لتتوارثھا الفتاة من أمھا و تكبر بذھنية المستعبدة ال الحرة ،مما يزيد تشعب الھيمنة و السيطرة الذكورية عليھا و الحط من شأنھا ،مما يفسر استشراء جرائم الشرف و العنف المادي و المعنوي المسلط على المرأة ،أين تتحول فيه الضحية متھمة عليھا تحمل قھر الرجل و عدم المساس بحرمة المجتمع الذكوري ذي المنطق الفحولي الذي ال يغلب .ھذه المنظومة التي ترفض المرأة المتزنة و الحرة التي تجد في الرجل المھذب و الرقيق و المحترم لكينونتھا كإنسانة كاملة مالذا نقيضا لنظرية المستعبدة ،والتي تجعل من صراخ الرجل و قمعه وافتخاره بعدم تكافؤ ميزان القوى العضلية إعجابا بفحلھا خاصة و أن الفقه الذكوري يتھم الرجل الذي يرحب بفكرة المساواة بنعته بالديوث .وھو فضح أخر لعجزه .فالرجل الشرقي يخاف المتمردة و الحرة التي تفضح ضعفه ،و ھذا محصلة ذھنية الذكر الفحل ال ذھنية الرجل اإلنسان. المرأة ككائن يشارك في عملية اإلبداع والخلق ھي مشروع مؤجل لبناء حقيقة تمس فحولة الرجل و تھز عرش السراب الذي يتربع عليه و يتوھمه .لذا نجده دائم السعي لغلق منافذ الحقيقة التي يستبطنھا الالشعور عنده والتي تتفرع إلى الخوف من المرأة عن طريق تأصيل فكرة الدونية .فالالشعور المرضي ھو من يجعل قطعة قماش تدل على العفة و الطھارة ،و لو أن عمليات التحرش و االغتصاب التي تقع على رضيعات و قصر بمن في ذلك محجبات و منقبات فيھا الكثير من االرتجاج لھذه المنظومة. إن المرأة العربية ھي من يجب أن تبادر إلى معالجة الالشعور المرضي لفكرة الدونية لدى الرجل و المجتمع و جعله يطفو على السطح بما أنه أصل المرض كما جاء في التحليل النفسي الفرويدي و تحررھا ھي أيضا من فكرة النقصان لتخرج بكل ثقة صارخة ثائرة ،ال خانعة خاضعة لفكرة الملكة التي يھديھا ملكھا سجنا ترى أنه قلعة العز و المجد. 25
و بالرغم من انتشار التحرش و االغتصاب وھي مسائل تصنف أيضا في اطار التابو نرى كيفية تأصل الفكرة الدونية و ضربھا لكل التجارب الفردية للمرأة التي تجمع بين الحسي و األخالقي ابتداء بالبيت وصوال لمرحلة التمدرس و الخروج للمجتمع و التكتم على األفعال التي تنخر مؤسسات المجتمع بتجذر الدونية عند من يفترض أن يجعل منھا امرأة تواجه مجتمعا ذكوريا متربصا بھا لنطالب في ما بعد بتربية سوية و امرأة مجتمع حقيقية و متزنة .نحن أمام مسألة حساسة في غاية األھمية وھي ذھنية المرأة الشارع بقطعھا فقط للشارع فالمرأة تشكل خطرا و فتنة وجب حمايتھا بمنطق الرجل الشرقي بتشويه كل معالم الجمال الحسي و الروحي لديھا لتتغذى بلعنة أنھا امرأة أنثى ========================================
ﻗﻤﻊ اﻹﺳﻼم اﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﻟﻠﻤﺮأة واﻟﺠﻨﺲ ﻛﻨﺬﻳﺮ وﻣﻈﻬﺮ ﻟﻔـﺎﺷﻴﺘﻪ طالل الربيعي يعكس تصريح ألحد كبار رجال الدين في إيران ،حجة اإلسالم حسين دھنافي )(١ مدى سطوة العقلية األبوية الرجعية والتعسفية في معالجة أمور المرأة وحقوقھا اإلنسانية ،بما فيھا حقوقھا الجنسية .ينبغي التنويه ھنا أن إعالن ھونك كونك في (٢)١٩٩٩يعتبر الحقوق الجنسية حقا أساسيا من حقوق اإلنسان ،ولذلك فإن تقييد وقمع الحريات الجنسية بأي حجة كانت يشكل قمعا ھو اآلخر لحقوق اإلنسان .وبھذا الصدد ينبغي مقدما إزالة الفھم الخاطئ ،ولربما المتعمد أيضا ،الذي يساوي بين احترام الحريات الجنسية من جھة والتحلل الجنسي أو الفوضى الجنسية من جھة أخرى ،الفوضى التي يدعي البعض أنھا سمات مميزة للحياة الجنسية في الغرب. وھذا ادعاء مضلل بالمرة وبعيد عن الحقيقة بعد السماء عن األرض .انھم لغرض في نفوسھم يساوون بين احترام المرأة ومراعاة الحقوق الجنسية من جھة والتحلل الجنسي من جھة أخرى. 26
يھدف غالة الرجعية ،وبضمنھم أطراف اإلسالم السياسي ،في منطقتنا إلى السيطرة على عقول وأجساد النساء .ولذلك فإن زعم البعض عندنا في العراق ،وبضمنھم جھات محسوبة على اليسار ،بإمكانية بناء دولة مدنية ديموقرطية عصرية تحترم حقوق االنسان ،وبضمنھا بالطبع حقوق المرأة بكل أشكالھا ،بالعمل مع قوى اإلسالم السياسي ،ھو وھم قاتل ،كما يدلل على استحالة ذلك بوضوح مزاعم ودعاوى حجة اإلسالم حسين دھنافي. فقد ندد رجل الدين اإليراني البارز حسين دھنافي بالنساء اللواتي ليشبعن حاجات رجالھن جنسيا ،وكان تنديده ھذا قد جرى في معرض حديثه حول “واجب المرأة في ظل اإلسالم” في مؤتمر عقد لمناقشة قضايا األسرة ،وفقا لوكالة أنباء فارس ،إحدى وسائل اإلعالم التي يديرھا الحرس الثوري. يزعم دھنافي أن “إحدى المصائب في مجتمعنا ھي أن بعض النساء ال يمنحن السطوة أو السلطة ألزواجھن وھذا ھو أكثر وضوحا في ثالث مجموعات منھن”. “المجموعة األولى تضم النساء اللواتي ھن أكبر سنا من أزواجھن ويعاملن أزواجھن معاملة األم مما يضر بسطوة الرجل على المرأة .المجموعة الثانية ھن اللواتي لديھن تعليم أفضل من تعليم أزواجھن ،واللواتي بسبب استقاللھن المالي لديھن بعض المواقف التي تضر بسلطة الرجل”. إن دھنافي ال يعتقد بمساواة المرأة بالرجل .ولذلك يعتبر تسلط الرجل على المرأة أمرا بديھيا ،ويبني عليه أفكاره التي تناقض صراحة حتى سيرة محمد ،نبي اإلسالم وزواجه من خديجة بنت خويلد األكبر منه سنا والمستقلة اقتصاديا ٮبسبب عملھا في التجارة ،والتي عاملته كزوجة وكأم في آن واحد )).٣ في إشارته إلى مجموعة ثالثة من النساء ،يقول رجل الدين دھنافي أن “احدى واجبات النساء فيما يتعلق برجالھن ھي رعاية احتياجاتھم الغريزية )الدافع الجنسي( ،ال كسر كبريائھم ،ويجب عليھن أن يكن أكثر حساسية تجاه حاجات رجالھن الجنسية“. كما يزعم دھنافي بانه ال ينبغي للفتيان والفتيات أن يجتمعوا معا في أماكن منعزلة، ويجب أن ال ينظر الفتى أو الفتاة احدھما إلى اآلخر بشھوة والفرح في عيونھم. وعلى الفتيات االمتناع عن ممارسة الغزل عندما يتحدثن إلى الفتيان.
27
إن رجل الدين دھنافي مستشار ثقافي في تلفزيون نظام إيران اإلسالمي ،و يقوم دھنافي بعقد مؤتمرات بخصوص العالقات بين الرجال والنساء ،وغالبا ما يتحدث عن الجنس في المجتمع االسالمي. يقول دھنافي “ينبغي على المرأة ممارسة الجنس مع زوجھا في أي مكان وفي أي وقت” ،فعليھا ممارسة الجنس“ ،حتى في منزل والدتھا ،فالمرأة عادة ما ترفض وتقول أن ذلك أمر غير الئق بحجة أن أمھا يمكنھا اكتشاف ذلك“ ،ولكن مع ذلك، ينبغي لھا أن تفعل ذلك .وحتى إذا اكتشفت األمر والدتھا ،فإن ذلك لن يكون أمرا سيئا ألنھا ال تفعل أي شيء غير قانوني” .بالنسبة لدھنافي ،فإن مشاعر المرأة وامتالكھا للرغبة في ممارسة الجنس من عدمه غير مھمة بالمرة -ممارسة الرجل الجنس مع زوجته بالضد من رغبتھا في العديد من الدول الغربية ھي بمثابة جريمة اغتصاب وتستدعي عقابا صارما .يطلب دھنافي من المرأة أن تسلك سلوك الروبوت وتوفر جسدھا للرجل في كل مكان وزمان الشباع شھواته ،والال فانه، يمكن القول ،ال يمكن استبعاد تزوجه عليھا او ممارسته الدعارة تحت ستار زواج المتعة .المھمة االزلية لالسالم )السياسي( ھي إشباع حاجات الرجل الجنسية وتوفير المتعة له دوما وأبدا سواء مع نساء األرض أو مع حوريات السماء .أن مفھوم دھنافي ھذا ال يختلف قيد شعرة عن نظرة األفالم اإلباحية pornographyإلى المرأة. “النساء يرتكبن الخطيئة” يؤكد دھنافي ،إذا ما حاولن “إرضاء أنفسھن بعد وصول أزواجھن الذروة ” orgasm = ejaculation.إن ما يقوله دھنافي غير مفھوم بالمرة ،فأين ھي الخطيئة ھنا؟ كما أن زعمه ھذا يناقض كل قواعد الطب الجنسي التي تركز على حق المرأة الكامل ،حالھا حال الرجل ،في إشباع حاجاتھا الجنسية في عالقات حميمية )) .٤ كما يؤكد دھنافي أن تفكير الرجل في امرأة أخرى خالل ممارسته الجنس مع زوجته أثناء الحمل يؤدي إلى أن الطفل المولود سوف يكون مثلي الجنس .وھذا زعم مخالف تماما للحقائق العلمية بخصوص المثلية الجنسية ) (٥ويؤدي لربما إلى زرع الشعور بالذنب غير المبرر تماما لدى والد الطفل المثلي الجنس ،ولربما يؤدي أيضا إلى لوم وتقريع الزوجة له التھامھا إياه بدون حق بتخيله ممارسة الجنس مع امرأة أخرى. تعرضت النساء اإليرانيات ،منذ الثورة اإلسالمية عام ،١٩٧٩إلى أقسى العقوبات وسلبت منھن أغلب حقوقھن .وعلى الرغم من وعد المرشد األعلى آية Zروح Z 28
الخميني ،مؤسس الجمھورية اإلسالمية ،أنه كان سيسمح للنساء حرية االختيار في المالبس وممارسة األنشطة ونمط الحياة ،إال أن واحدا من أول أوامره كان ھو إجبار كل النساء على ارتداء الحجاب اإلسالمي ،تغطية الشعر والجسم ،وحظر المكياج ،كما أنه ال يمكن أن تشاھد المرأة مع أي شخص آخر غير زوجھا أو قريبھا ،وتتعرض أي امرأة مخالفة إلى عقوبات كالجلد والسجن. في ظل النظام اإلسالمي ،ال تمتلك النساء حقوقا مساوية للرجل في الميراث والزواج ،وتحتاج المرأة حتى إلى إذن من زوجھا للسفر خارج البالد .مع ذلك، فالنساء الذين يلتزمن تماما بقواعد رجال الدين لسن في مأمن كامل من قسوتھم أيضا .فقد تم رجم حتى الموت الكثير من النساء بتھمة زنا وھمية ،في بعض األحيان وھن ال يتجاوزن عمر ال ١٥سنة. يقبع اليوم في سجون إيران بال حول وال قوة المئات من الناشطات السياسيات والحقوقيات واآلالف من الفتيات االيرانيات الشجاعات بسبب مناھضتھن للقمع ومطالبتھن بالحرية .وقد تم اغتصاب العديد من النساء والفتيات قبل تنفيذ العقوبات بحقھن ،الن رجال الدين يعتقدون أن العذراء تذھب الى الجنة ،وبالتالي فإن النظام يريد أن يحرم النساء المعاقبات من ھذه “المكافأة” .يسبب فظ غشاء البكارة ھذا للمرأة مشاكل نفسية وصحية ،ويعرضھا أيضا إلى صعوبات اجتماعية جمة عند محاولتھا الزواج بعد خروجھا من السجن. ومع ذلك ،ال تزال ماليين النساء في إيران مستمرات في مواجھة النظام االسالمي عن طريق عدم التمسك بحكم الحجاب ،من خالل ارتداء ماكياج ومالبس على الموضة ،ومن خالل ممارستھن للوظيفة أو امتالك مشاريعھن الخاصة ،إضافة إلى المشاركة في األلعاب الرياضية ،وتشكيل الفرق الموسيقية واحياء الحفالت سرا. —————— لفد اكمل فريدرك غارسيا لوركا كتابة مسرحيته -بيت برنارادا البا- La casa de Bernarda Alba قبل شھرين من مقتله اثناء الحرب أألھلية أألسبانية في عام .١٩٣٦تنبأ لوركا في ھذه المسرحية بان القمع الجنسي )ممثال في قمع أألم برناردا الجنسي والعاطفي لبناتھا واھتمامھا بالمظاھر المزيفة واصول النفاق أألجتماعي( سوف يؤدي ال محالة الى انتصار الفاشية .وقد تحققت نبؤته ھذه بانتصار الفاشية في اسبانيا ووصولھا للسلطة في اكتوبر من نفس العام. 29
–———————— درس المحلل النفسي الماركسي فيلھلم رايخ ) (٦،٧أألسباب التي ھيأت لنشوء ارض خصبة لصعود الفاشية في اوربا في النصف أألول من القرن الماضي. وتوصل الى تحديد ھذه أألسباب كالتالي :العائلة أألستبدادية المعادية للجنس ،والتي وصفھا بكونھا -خلية مركزية رجعية،-اضافة الى تعليم قمعي صارم ،ومشاعر وطنية تقدس الزعيم الكاريزمي ،ودينية تلقينية. بخصوص القمع الجنسي ،يؤكد رايخ بان كبح التطور الطبيعي للجنس لدى الطفل يؤدي الى جعله جبانا ،خجوال وطيعا ،ويخشى السلطة ومتكيفا معھا ،ولذلك يحوز بالطبع على رضاھا .ولكن ھذا يقتل فيه روح التمرد ،فالتمرد يسبب له القلق والرعب .كما ان كبح التفكير والفضول الجنسي يؤدي الى كبح القدرة على التفكير وحب أألستطالع بشكل عام ،وباختصار ،فإن محصلة القمع الجنسي ھي إنتاج فرد متكيف مع النظام أألستبدادي ،بالرغم من كل البؤس والشقاء الذي يسببه او سيسببه له النظام .ربما يفسر ھذا ،لحد ما ،تكيف قطاعات واسعة من شعبنا في العراق مع تعسف السلطة واستبدادھا. في البداية ،يؤكد رايخ ،يتكيف الطفل مع بنية الدولة االستبدادية المصغرة ،أي األسرة ،وھذا يجعله قادرا على التبعية في وقت الحق للنظام االستبدادي العام .أن تشكيل )الشخصية( السلطوية أو أألستبدادية يحدث من خالل ارتباط الكبت الجنسي مع القلق الجنسي. المصادر 1-http://www.clarionproject.org/analysis/iranian-clericwomen-must-cater-mens-sexual-needs 2- http://www.worldsexology.org/content/sexual-rights-0 3- http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=365129 4-Bancroft, J. Human Sexuality and its Problems, Churchill Livingstone, 2008 5-hƩp://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=310938 6-http://www.whale.to/b/reich_b.html 7- Richard, C. R. To have´-or-not to have sex in critical theory, 30
ﺷﺮﻑ ﺍﳊﺮﻳﺔ فؤاده العراقيه اقترنت كلمة الحرية بقول ) أعوذ با~ ( يردده الغالبية لمجرد سماعھم لھذه الكلمة حيث ارتبطت بعقولھم مع الرذيلة وخصوصا مع جسد المرأة ل ُترعبھم وتلحق بھم سلبيات ال حصر لھا . أنا حر أو أنا ح ّرة جملة منبوذة لدينا اجتماعيا ً تعني التم ّرد على خصوصيات تقاليدنا ومفاھيمنا التي تنبذ كل جديد وكل من تمرّد عليھا حيث أصبح اإلنسان لدينا ودون أن يدري ملكية خاصة لمفاھيم ھذه المجتمعات وعليه أن يكون عبداً لھا وكما أراد له التقليد أي كما كان أجداده بدون إضافة أو نقصان ،وأخص ھنا بالذات نظرة اإلنسان العربي لحرية المرأة بعد أن ش ّكلت له حريتھا ھاجسا ً مرعبا ً ودفينا ً استقر بال وعيه دون أن يشعر بأسباب خوفه من حريتھا . كلمة يرددھا الكثيرين بأن فالنة امرأة وعليھا ستقع العيون وبھا ومعھا ستكون الخطيئة ،حريتھا وخروجھا سيمثل لھم خطراً وتمثل لھا خطورة كونھا امرأة ،ولكن الحقيقة بأن الخطورة نبعت من الرجل وعلى مر العصور وھي كامنة في عقله الالواعي الذي أفسده المجتمع وجعله يعاني من الكبت ليتربص للمرأة في جميع تحركاتھا التي ستأتي بخطورة عليه . تبدأ رحلتنا مع القيود الجسدية والفكرية منذ والدتنا وحتى مماتنا ،طعم الحرية انعدم ذوقه لدينا وال نستطيع أن نتذوقه ما لم نعرف طعم الحقيقة وھذه تكون صعبة المنال وبعيدة في مجتمعاتنا التي قمعت حرية التفكير لدينا . أعوذ با~ من حرية أفعال المرأة ومن حرية كلماتھا ومن حرية تفكيرھا ومن الكثير من تصرفاتھا باستثناء تلك التي خصصوھا لھا من أمور بيتيه ،فغلب عليھا النظرة 31
الجنسية الشائعة فانعدم حقھا في الكثير من الحقوق التي تمتع بھا الرجل وصارت غالبية النساء بال دور لھنّ سوى أنھن أصبحن جسداً للعمل بأطيار البيت كالعناية باألطفال إلى المطبخ ومتطلبات الزوج من خدمته إلى إمتاعه ،فسيتعوذون من شيطان الحرية التي ستقودھا إلى حرية التفكير لديھا ومن ثم تصيريھا الحال إلى أن ُتحرير نفسھا من تلك العبودية التي استمرت لقرون فيتحججون ويستعيذون من تلك المرأة المتحررة بفكرة أو بحجة أنھا تطمح إلى حرية جسدھا كتعريته وإباحيته . ولھذا وصفوھا منذ القدم بأنھا من حبائل الشيطان والغواية واستمرت ھذه الفكرة لقرون ،فالكثيرون ممن اقتنعوا دون دراية منھم بأن المرأة التي تحررت من بعض القيود التي كبّلھا بھا المجتمع ستكون غالبا ً بال أخالق ) ،واألخالق ھنا ارتبطت رادع بالجسد فقط ( ،ألنھا بنظرھم ستكون بحالة من عدم الخوف من أي عقاب أو ٍ ليردعھا من فعل الخطيئة فيما لو أرادت لھا وكأنھا ال تستطيع من ردع نفسھا بالرغم من أنھا قادرة أكثر من الرجل في ضبط نفسھا ،ولكنھم تشبثوا بفكرة التخويف ومن لم يتوقع العقاب والحساب فال رادع له ليمنعه من الرذيلة ليعدموا بذلك ضمير اإلنسان وقناعته ويبقى الخوف فقط يعشش في عقله مما ينتج منه إنسان مقموع ومقھور اجتماعيا. الخوف والرھبة ھذه من يوم الحساب تدفع صاحبھا إلى عدم القناعة بأفعاله ولكنه مُجبر عليھا وفي نفس الوقت لو توفرت له الفرصة أو انعدم حسابه فسيطلق عنان نفسه لفعل ما ترغبه من سيئات ،فھل ما يفعله من امتناع لفعل السوء سيكون كما لو امتنع عنھا من لم يخاف من أي حساب ؟ قمع المرأة وقھرھا يجسد تفكير وتمسك الرجل والقمع الواقع عليه بمرور السنين فالمرأة حتى وان كانت تحافظ على ذلك الجسد المقدس لھم فھم يستعيذون منھا لو أتت قوية وسيصفونھا بعديمة األخالق لو عاشت حياتھا وامتلكت نوع من الحرية وإن كانت بسيطة ،فلو ارتفع صوتھا قليال فقد أصبحت بال أخالق ألنه عورة ،أو لو تحركت بعفوية دون أية قيود ستكون بال أخالق ألن حركاتھا معدودة ،والحقيقة الخافية التي ال يريدون لھا التصديق ھي أنھم يرتعبون من حريتھا التي ستقودھا إلى حرية تفكيرھا وستعينھا لكسر قيود عبوديتھا ولكسر عقدة نقص الرجل وغروره على امتداد التاريخ . وكذلك فكرتھم التي زرعوھا عنوة وھي أنھا غير قادرة على الدفاع عن نفسھا باعتبارھا الجنس الذي صيّرهُ المجتمع ضعيفا ً ال يستطيع الدفاع عن نفسه باإلضافة إلى أنھا ّ تمثل الخطيئة من وجھة نظرھم وسببا ً مباشراً لتسليط غرائزھم عليھا، فسُلطت األضواء عليھا في حالة أنھا تحررت من بعض قيود المجتمع من نظرات 32
إلى عالمات االستفھام ،فتشبثوا بقمعھا بالرغم من أن الخطأ يتوّ لد ويكبر بھم ومنھم . فالكثيرون الذين يرفضون مطالبة المرأة بالتحرر يلصقون تحررھا بحرية جسدھا وإباحيته بسبب نظرتھم على أنھا مجرد جسد ال عالقة لھا بالعقل وھذا ما ش ّكل لھم ھاجسا ً مرعباً ،فيستبعدون رغبتھا بحرية عقلھا وفكرھا وحتى ھذه الحرية محكومة بضوابط وحدود وضِ ْ عت لھا منذ يوم والدتھا ،فال يحق لھا شأنھا في ھذا شأن الرجل في أن تسأل عن ثوابت سارت عليھا مجتمعاتنا ،ولھذا نرى بانعدام التطور والتغيير لفكر الرجل وال زال تفكيره مقتصراً على مفاھيم ما قبل قرون . البعض اآلخر يتصور بأن الحرية تعني الصراخ بوجه العادات والتقاليد وضربھا عرض الحائط دون مراعاة لتلك العادات ودون مباالة لردة الفعل العكسية لھذا التمرد الطائش . فعندما تطالب المرأة بحقوقھا اإلنسانية يستنكر البعض الساذج منھم وھم الغالبية، يستنكر طلبھا معتبرين فعلھا عدا ًء للرجل وغير ًة منه ،وفي نفس الوقت تكون غالبية النساء رافضات لحريتھنّ بسبب الخوف والتعود على العبودية واالعتماد المباشر على الرجل بعد أن غرس المجتمع في تفكيرھا بأنھا الجنس الناعم والضعيف . ماذا يعني لنا أن ُتمنع المرأة من الخروج أمام الرجل كما يخرج ھو أمامھا ؟ يعني أنھا س ُتحرك غريزته أوال ومن ثم تتحرك غريزتھا بفعل تأثيره عليھا فيما لو ھي اختلت برجل ،لكن الحجب سار على المرأة فقط دون الرجل ،والمنع والكبت مورس ضدھا وعليھا دونه رغم أن الضعف يكمن فيه والخطورة ناتجة منه ،من خالل تغطية جسدھا العورة ألجل أن ال تتحمل خطيئة الرجل ،في الوقت الذي يسير الرجل كاشفا عن مفاتنه أمامھا وعليھا أن تتجرد من عاطفتھا ومن طبيعتھا نحوه . ) ال يعني ھذا بأن علينا أن نطلق العنان لرغباتنا وأن تبيح المرأة رغباتھا دون أي قيود وكذلك الرجل( وضعت مجتمعاتنا ذلك الغطاء ألجل رغبة ھؤالء الرجال ولزيادة شبقھم الجنسي لھا ال أكثر ،بمعنى أن جسدھا سيكون محجوب عن أعينھم ليزدادوا لھفة بمكنون ذلك الجسد الكامن في ما وراء الحجاب ،وستكون به مجرد جسد مغلّف يتلھف له الرجل ويصير أمامه كاللغز ،وھي ستطمأن لنظرة الناس لھا فنظرتھم ضرورية لتجنبھا مشاكلھم وخوفا من لسانھم عليھا وھكذا تستمر دوامة فارغة من محتواھا . مقاييس الشرف مطلقة وثابتة وال يجوز أن تكون نسبية ،ولكن ما يحصل بمجتمعاتنا اليوم ھو اختالف تلك المقاييس حسب الجنس ومكانة المسيء لھذه المقاييس من حيث وضعه اجتماعيا واقتصاديا وسياسيا ،فالمقاييس أصبحت اليوم نسبية ودرجاتھا 33
متفاوتة ُتقاس حسب وضع المسيء دون الغوص بجذورھا وأسبابھا فھي مفاھيم قديمة تمسكنا بھا ال تستند على الحجج وال الدراسات ،لكنھا مجرد موروث وأفكار خاطئة علينا التمعن فيھا ؟ فالعالقة وثيقة ما بين الشرف والحرية واإلنسانية . إبداعنا بوعينا وقوتنا بأملنا ..بھم نھزم التخلف وننتصر لإلنسانية
ﻓﻘﺮ اﻟﻤﺮأة… ﻫﺪم اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ عالء جوزيف أوسي تجاوزت نسبة الفقر بين السوريين أكثر من نصف عدد السكان في البالد ،حسب تقرير أعده المركز السوري لبحوث السياسات .وقال فيه إن ٦٫٧ماليين سوري دخلوا دائرة الفقر عام ٢٠١٢،منھم ٣٫٦ ماليين دخلوا دائرة الفقر المدقع، والذي ترافق مع ارتفاع معدالت البطالة إلى حدود غير مسبوقة ،وتراجع القدرة الشرائية للعملة السورية .وھو ما فاقم من معاناة الشارع السوري الذي كان يعاني أساسا ً في ظل السياسات النيوليبرالية السابقة ،والتي كان لھا الدور األبرز في تأجيج االحتجاجات الشعبية نتيجة لتردي األوضاع المعيشية. لقد أدى تفاقم معدالت الفقر إلى بروز العديد من الظواھر والمشكالت االجتماعية التي انعكست على فئات المجتمع بدرجات متفاوتة .ولكن النساء ھن من أكثر الفئات االجتماعية تضرراً من مشكلة الفقر ،وذلك ألن المرأة محور الحياة األسرية ،كما أن األسرة محور الحياة االجتماعية .وبالتالي فأي قضية تمسھا أو تؤثر على عطائھا وأدوارھا االجتماعية ستؤثر بالتالي على حياتھا الزوجية واألسرية وتنشئة أبنائھا، وسيتكلف المجتمع كثيراً في اإلنفاق على تبعات تلك اآلثار في وقت ھو أحوج ما
34
يكون أن ينفقھا على تأمين رغيف الخبز للسواد األعظم من السوريين والسعي إلى وضع مقومات تنمية البالد وتطويرھا وتقدمھا. ترافقت زيادة رقعة الفقر مع انتشار العنف ضد المرأة واألطفال ،وكان له شديد األثر على صحة المرأة .فقد أوضحت الدراسات أنّ المرأة الفقيرة غالبا ً ما تلجأ إلى التطبيب الشعبي ،بسبب ارتفاع تكلفة العالج الخاص .فكيف الحال إذا كانت نسبة كبيرة من السوريات يفترشن قارعة الطريق مع أطفالھن ھربا ً من العنف ،بجيوب خاوية ،ال يوجد فيھا ما يسد الرمق .وبدأت تظھر مؤشرات متعددة على ضعف أطفال األسر الفقيرة ،وخاصة بين صفوف النازحين والالجئين .وذلك من حيث معدالت وفيات الرضع واألطفال وسوء التغذية وتزايد عدد األطفال المعوقين إضافة إلى أنّ الفقر وانعكاساته على سوء التغذية والوقاية والعالج يلعب دوراً بارزاً في وفيات اإلناث ،وخاصة أن نسبة كبيرة من السوريين-ات كانوا يعانون نقص البروتين الحيواني والفيتامين في غذائھم ،فكيف الحال بعد عامين ونيف من األزمة التي تشھدھا البالد؟ إلى جانب تأثير آخر لفقر المرأة يتمثل في زيادة اليد العاملة من األطفال ،وھي ظاھرة انتشرت بكثرة مؤخراً في سورية ،فللفقر آثار سلبية متعددة على المرأة وعلى أطفالھا ،وبالتالي على تقدم مجتمعھا وتنمية وبالدھا. إن ازدياد نسب الفقر كان له أثر على أمية المرأة؛ التي كانت تعاني في األساس انتشار الجھل ،ألن نسبة كبيرة منھن ال يتاح لھا التعليم أصالً أو مواصلة التعليم على األقل .وھي اليوم بحاجة إلى الدعم والعمل على النھوض بھا وتمكينھا اقتصاديا ً واجتماعياً ،فھي تشكل نصف المجتمع ،وبھا يبنى النصف اآلخر ،لكي ال يضطرھا الفقر إلى بيع جسدھا من أجل لقمة العيش ،أو التسول في الطرقات بانتظار بضع ليرات يقدمھا لھا المارة
اﻟﻘـﺎﻧﻮن اﻟﺠﻨﺎﺋﻲ اﻟﻤﻐﺮﺑﻲ ﻳﻜﺮس اﻟﺘﻤﻴﻴﺰ ﺿﺪ اﻟﻤﺮأة. سعيد الكحل يُعد المغرب من الدول اإلسالمية القليلة التي رفعت تحفظاتھا عن االتفاقيات األممية المتعلقة بالقضاء على كل أشكال التمييز ضد المرأة .وما ينبغي 35
التنبيه إليه في ھذا المقام ،ھو أن التمييز ضد المرأة ال يستدعي بالضرورة المقارنة بوضع الرجل .بل إن التمييز حاصل حتى بين النساء على مستوى التشريعات التي ال تتعامل بنفس المنطق وبنفس المعيار مع النساء في وضعية معينة .والمغرب يكرس في تشريعاته ھذا التمييز بين النساء.في كثير من فصول القانون الجنائي المتعلقة بجرائم االختطاف واالغتصاب التي تكون النساء ضحيتھا . فالمفروض في كل قانون جنائي أن يساوي بين الجريمة وبين العقوبة المنصوص عليھا دون تمييز بين الضحايا .فكما ينص الدستور على المساواة بين المواطنين أمام القانون ،فكذلك ينبغي أن يكونوا أمام القانون الجنائي .لكن ھذا غير متحقق في قانون العقوبات الجاري به العمل .ومرد ھذا التمييز إلى الخلفية الذكورية التي تحكمت في صياغة القانون فجعلت عقوبة االغتصاب تختلف باختالف سن الضحية ووضعھا االجتماعي . وھذه نماذج من التمييز فيما بين ضحايا االغتصاب من النساء :ينص الفصل ٤٨٦ على التالي )االغتصاب ھو مواقعة رجل المرأة بدون رضاھا ،ويعاقب عليه بالسجن من خمس إلى عشر سنوات .غير أنه إذا كانت سن المجني عليھا تقل عن ثمان عشرة سنة ..فإن الجاني يعاقب بالسجن من عشر إلى عشرين سنة ( . ھذا الفصل يميز في ضحايا االغتصاب ،بين البالغات والقاصرات .ومن ثم فالمشرع المغربي ال يتعامل مع جريمة االغتصاب كجريمة نكراء لھا نفس اآلثار المادية والنفسية واالجتماعية على الضحية أيا كان سنھا )بالغة أم قاصر ( . ومعنى ھذا أن جريمة االغتصاب التي تكون ضحيتھا فتاة/سيدة راشدة لھا عقوبة أقل من التي تقع على القاصر .ومنطوق ھذا الفصل يميز تمييزا “عنصريا” بين الضحية البالغة والضحية القاصر ،علما أن األضرار الجسدية والنفسية واالجتماعية ھي نفسھا في كل الحاالت. بل إن األضرار االجتماعية واألسرية التي يحدثھا اغتصاب سيدة متزوجة أخطر بكثير على الضحية نفسھا وعلى أسرتھا وأبنائھا ومحيطھا العائلي .وتخفيض المشرع لعقوبة اغتصاب من تجاوزن سن ١٨سنة إلى مستوى النصف ،ھو من جھة خرق لمبدأ المساواة الذي ينص عليه الدستور ،ومن أخرى ،ھو تشجيع على اغتصاب السيدات طالما العقوبة مخففة .ولعل تواتر األخبار عن اعتقال رجال األمن لمجرمين مختصين في اغتصاب النساء دليل على ھذا التشجيع .
36
ونفس التمييز ينص عليه الفصل ) ٤٨٨إذا نتج عن الجريمة افتضاض المجني عليھا فإن العقوبة تكون على التفصيل اآلتي : ــ السجن من خمس إلى عشر سنوات )،ودون افتضاض يعاقب بالسجن من ٢إلى ٥سنوات ( ــ السجن من عشر إلى عشرين سنة ) مع ھتك العرض أو دونه باستعمال العنف يعاقب بالسجن من ٥إلى ١٠سنوات ( كما يميز القانون الجنائي بين االغتصاب الذي تكون ضحيته الفتاة البكر فينتج عنه افتضاض واالغتصاب الذي تكون ضحيته سيدة مطلقة أو متزوجة .فالفصل ٤٩٤ ينص على التالي ) يعاقب بالسجن من سنة إلى خمس سنوات وغرامة من مائتين إلى ألف درھم من استعمل التدليس أو العنف أو التھديد الختطاف امرأة متزوجة أو التغرير بھا ( .فتكون بمقتضى ھذا الفصل ،عقوبة اختطاف واغتصاب المرأة المتزوجة أخف بكثير وأقل بنسبة ال ُخمس عن جريمة مماثلة في حق فتاة غير متزوجة . فضال عن ھذا التمييز بين النساء البالغات والقاصرات ،نجد القانون الجنائي يكرس النظرة االجتماعية المحافظة للمرأة التي تختزل قيمتھا في بكارتھا .ذلك أن التنصيص على عقوبة “مشددة” في حالة االغتصاب الناتج عنه افتضاض البكارة يوحي بأن المشرع منشغل ببكارة الفتاة أكثر من انشغاله بكرامتھا وإنسانيتھا. فالقانون الجنائي المغربي ال يجعل حُرمة الجسد ،بغض النظر عن سن الضحية وجنسه ووضعه االجتماعي ،ھي مناط تشريع العقوبات في حق الجناة .وھذا تبخيس للمرأة وإھدار لكرامتھا .إذ لم تعد المرأة قيمة في ذاتھا وجسدھا وكرامتھا تستوجب الحماية والصون ،عبر وضع تشريعات رادعة ،بل غدت التشريعات مطبّعة مع كل أشكال االغتصاب ومشجعة عليه )الفصل ٤٧٥الذي يكافئ المغتصب بالزواج من الضحية ( .األمر الذي يضع المغرب في تناقض مع التزاماته الدولية التي نصت عليھا اتفاقية سيداو بخصوص القضاء على كل أشكال التمييز ضد المرأة . ومن أبرز ما نصت عليه االتفاقية : أ ( اتخاذ جميع التدابير ،بما في ذلك التشريع ،لتعديل أو إلغاء القوانين واألنظمة واألعراف والممارسات القائمة التي تشكل تمييزا ضد المرأة . ب ( إلغاء جميع أحكام قوانين العقوبات الوطنية التي تشكل تمييزا ضد المرأة . إن مسئولية الحكومة في تغيير القانون الجنائي ھي مسئولية دستورية قبل أن تكون 37
سياسية وأخالقية .والتنصل منھا سيزيد من اتساع ظاھرة االغتصاب وارتفاع أعداد الضحايا ) ٢٦ألف حالة اغتصاب لألطفال سنويا ( ،مع ما تتسبب فيه ھذه الجريمة البشعة من مآسي نفسية واجتماعية يدفع المجتمع واألسر تكلفتھا
اﻷوروﻣﺘﻮﺳﻄﻲ وﺣﻘﻮق اﻟﻨﺴﺎء اﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ … ﻣﺘﻰ ؟ د.حنان أحمد الخريسات ال شك أنه بعد اعتراف الحكومات بالمساواة بعد االنتھاء من التوصيات الوزارية ٢٠٠٦ -٩وضرورة أخذ االجراءات لمخاطبتھا ومن خالل عمليات رصد لتنفيذ التوصيات من جانب الحركات النسوية في العالم العربي واألوروبي كحق الجنسية، ومشاركة المرأة ،والتشريعات المدنية ،والعنف ضد المرأة ،طرأت تغييرات كثيرة منذ مراكش ٢٠٠٩في مظھر مھم ممثال؛ بالربيع العربي المطالب بالعدالة االجتماعية ،واألزمة االقتصادية في أوروبا وتوقف عملية السالم للمطالبة بدولة فلسطين المستقلة. في ظل ھذه الظروف يبقى االلتزام الحكومي نحو تحقيق المساواة بين المرأة والرجل في صلب القضايا السياسية وتحقيق الديموقراطية.
38
المساواة أوال وتعزيز الديموقراطية- التحديات واالستراتيجيات التي يجب تطويرھا لتحقيق المساواة– العنف ضد المرأة كقضية أساسية في األورومتوسطي– عالمية حقوق اإلنسان والمرأة وتأثير الثقافة– الديموقراطية إلى أين ؟ الحرية لمن ؟ ومن يختار ؟االطار اإللزامي من أجل تعزيز حقوق المرأة في الدساتير والقوانين.محاور عدة تناولتھا جلسات المؤتمر األورومتوسطي المنعقد في ٨-٧يونيو ٢٠١٣في األردن ،خاصة وأن اإلطار السياسي فتح المجال من أجل تعزيز أنظمة ديموقراطية ،وفي ظل استمرار مظاھر التزمت المختلفة التي ما زالت تؤثر على حق المرأة في العيش كمواطنة كاملة الحقوق وحياة خالية من العنف. إن حقوق المرأة ھي حقوق إنسان ،والمواثيق الدولية ھي وسيلة أساسية لمخاطبة التمييز في التشريعات والذي يبقى قائما بحجة التقاليد االجتماعية والثقافية ،لذا وفي ظل المطالبة بحلول لقضايا النساء البد من تفعيل دور القوى الديموقراطية واليسارية ودعم المرأة في قضية المساواة والتصريح بذلك وبقوة ،رغم أن ھذه القوى ما زالت تخجل من التعبير عن قناعاتھا ،وأصبحت تختار مصطلحات مبھمة أو المطالبة بدولة مدنية مع االحترام لمفھومنا للدولة المدنية ،ولذلك فإن الخطاب التقدمي العلماني ما زال ضعيفا وھذه وجھة نظر التيار النسائي المطالب بعلمانية الدولة في ھذا المؤتمر. إن الحفاظ على المكتسبات التي حصلت عليھا المرأة من األولويات التي يجب التمسك بھا ،والمحافظة عليھا وعدم التفريط باتفاقية سيداو في ظل محاولة االنقضاض عليھا ،كما أن قضية المرأة ليست بالنص القانوني ،وإنما بدور فاعل للمؤسسات المدنية ،وللقيادات النسائية وتقدمھا بنفسھا ،خاصة وأن اإلصالح السياسي ما زال يستثني المرأة من النقاش ولم يترجم ذلك الى العمل المناسب. وعلى ضوء المحاور التي نوقشت في المؤتمر األورومتوسطي كان مما اتفق عليه 39
على الجھات المعنية بدعم المرأة :السعي إلدراج بنود سيداو في الدساتير رغم االعتقاد الكبير لدى البعض بأنھا تھاجم االديان – مع االحترام الجليل لجميع االديان وان تركز على أن المناھج التعليمية تكرس التمييز ضد المرأة لذا تحتاج الى تعديل وإعادة نظر في المادة التعليمية التي تقدم صورة مختصرة عن واقع المرأة ،كما تحتاج المرأة الى توفير الرقابة القضائية على الدساتير ودمقرطتھا اذ تحافظ على حقوق النساء كجزء ال يتجزأ من حقوق اإلنسان. أن مسألة المساواة بين المرأة والرجل تبقى صعبة المنال والمطالب لتحقيقھا تواجه المقاومة أحيانا والسلبية أحيانا أخرى وبالتالي يتم تجاھلھا أو عدم إعطائھا أھمية وذلك لالعتقاد بأن ھنالك أمور كثيرة أو ألن الثقافة أو المجتمع ال يسمح بذلك
ﻣﻄﻠﻘﺔ ﻧﺎدﻣﺔ :ﺧﺬوا ﺷﻬﺎداﺗﻲ وأﻋﻴﺪوﻧﻲ ﻟﺒﻴﺖ اﻟﺰوﺟﻴﺔ كما أن ھناك أصواتا ً تترافع عن المطلقات ،وتدافع عنھن بكل الحجج ،وتظھرھن في عالم من المثالية ،وتصورھن الحلقة األضعف في المعادلة الزوجية ،فإن ھناك أصوات نسائية تعترف أمام المأل وتتحدث بكل تجرد ،تحمل المرأة مسؤولية قرار الطالق ،وأنھا وحدھا التي تختار مقعدھا في عالم المطلقات وتقلد نفسھا ھذا اللقب. فصول منسية د .منار تسرد لنا قصتھا الواقعية ،التي تعكس الدور الذي يمكن أن تلعبه المرأة في إرساء قواعد الحياة الزوجية ،وحماية أركانھا من التصدع واالنھيار ،وتضع أمام شابات اليوم تجربة حية منتزعة من حياة المجتمع الواقعية ،عاشت تفاصيلھا بنفسھا وترويھا كما ھي باأللوان الطبيعية، 40
إذ تقول: نشأت في أسرة محافظة ميسورة الحال ،وأھلي ذوو حسب ونسب وعندما تقدم رجل لخطبتي وتم االتفاق وتحدد موعد الزواج كان من بين طلباتي التي لم يتردد في الموافقة عليھا أن أكمل دراستي إلى أن يشاء ،Zوكنت وقتھا طالبة في المرحلة الثانوية ،وال أخفي أنه من عائلة كريمة ومعروفة ،ويتمتع بكل األخالق الفاضلة والقيم النبيلة التي تتمناھا كل زوجة في زوجھا ،فغمرني بحبه وحنانه ،ولم أشعر يوما ً أنني افتقدت شيئا ً بعد أن غادرت منزل أسرتي ،ولم أحس يوما ً بعد الزواج أنني محرومة مما يجب أال أحرم منه. وساعدني زوجي في دراستي بالتخفيف من أعباء المنزل ،خاصة أيام الدراسة، فكان يقضي الكثير من جھده ووقته إليصالي إلى المدرسة أو إحضاري منھا، وكذلك فعل في المرحلة الجامعية ،ووفر لي كل وسائل الراحة ،وجعلني أتفرغ للدراسة ،حتى وقت األطفال ،ووقت الزوج كانوا ينتزعونه من بين براثن الكتب، والمجلدات والمراجع العلمية . غلطة الشاطر تواصل ))منار(( حديثھا بألم شديد وھي تعود إلى الماضي ،السترجاع ھذه الفصول المرة ،وتقول :لألسف كان اھتمامي بالتحصيل العلمي على حساب زوجي ،وأبنائي برغم أن زوجي ساعدني في إكمال الجامعة والحصول على الماجستير والدكتوراه باعتبار أن ذلك حق طبيعي ،لكنني ولألسف الشديد.. وھنا تخنقھا العبرة وكأنھا تذكر عزيزاً لديھا رحل إلى الدار اآلخرة ،قد أخطأت خطأ العمر ،وغلطت غلطة الشاطر كما يقولون ،ولم أحسبھا ))صح(( بل أغراني وصفي العلمي أن أحس بشيء من األنفة والكبرياء أمام زوجي وھذا كان يجعل عبء األطفال يقع على عاتقه ،باإلضافة إلى األعباء األخرى التي يقوم بھا كرب أسرة ،لكنه كان طيبا ً وصبوراً يقوم بامتصاص كل ذلك حفاظا ً على تثبيت أركان عش الزوجية الذي بدأ يتھاوى دون أن أشعر بذلك ،أو ألقي له باالً .
41
بصراحة صبر زوجي كثيراً أمام الضغوط التي كان يواجھھا في سبيل أن يمخر مركبنا في عباب الحياة الزوجية دون التعرض للرياح الھوجاء واألمواج العاتية، وربما كان في أسلوبي تعاليا ً عليه ،لم أكن أتعمده ،وال يتوقعه ھو ،حصولي على درجة الدكتوراه جعلني أحس بأني ذات وضع خاص ،وصرت أتعامل مع طبقة من المثقفات والمثقفين واألكاديميين ،وربما يكون ھذا قد أخذني بعيداً عن زوجي الذي لم يكن يحمل أكثر من الشھادة الجامعية حيث شغلته أعماله الخاصة عن مواصلة التعليم العالي ،األطفال ھم بدورھم كانوا ضحايا ھذه الشھادات المشئومة ،التي أفقدتني حياة االستقرار وجعلتني أقضي حياتي نادمة على كل دقيقة قضيتھا فيھا، أفتقد األبناء حناني وھم بطبيعة الحال يفتقدون األب معظم األوقات ـ حسب طبيعة عمله ـ فعاشوا محرومين من حنان األبوين رغم وجود أبويھم معھم ،ورغم الحياة المعيشية الميسورة التي أتيحت لھم. ضحايا اإلھمال كان أبوھم يناقشني كثيراً بما آل إليه وضعنا كأسرة لھا مكانتھا وأصلھا ويلفت نظري بالحالة النفسية لألطفال ،ويحملني مسؤولية التصدع الذي باتت مالمحه تظھر على شكل أسرتنا الصغيرة ،وبدأت المشاكل تدب في حياتنا الزوجية ،فھو يتھمني بالتقصير والغفلة واالنشغال بمسائل العلوم والبحوث والمشاركة في المؤتمرات والندوات وورش العمل والتضحية باألطفال وراحة الزوج . وكان دفاعي عن نفسي ال يعدو أن يكون صياحا ً في وجه زوجي بلھجة ال تخلو من التعالي والكبرياء والشعور بالمكانة الخاصة ،وفي ذات الوقت كنت احتج لديه أن يراعي مشاغلي ووضعي ومسؤولياتي خارج المنزل ،وكان يرصد كل حاالت الخالفات والجدل ويسجل تاريخھا والحجج التي كنت أسوقھا وذات مرة حدث بيننا خالف عميق تعالت على أثره الصيحات وارتفعت األصوات ،وأظن ذلك كان بمثابة القشة التي قصمت ظھر البعير ،فقام بنقل تفاصيل ملف الخالفات منذ بدايتھا إلى أھلي ،وأخبرھم كيف أنني تعاليت عليه ،وأھملت بيتي وأطفالي وكيف أنه صبر على ذلك حفاظا ً على كيان األسرة ،واحتراما ً ألھلي وتقديراً لھم ،وكذلك إنقاذاً لمستقبل األطفال الصغار الذين تأثروا بشكل مباشر بما يجري في بيتنا. ولم أكن أتوقع أن ذلك اإلنسان الطيب القلب الحنون العطوف يتخذ تلك القرارات الصعبة والحاسمة ،حيث ظننت أنه سيكون رھن إشارتي على الدوام ،وأن حبنا لبعضنا ووجود أطفال بيننا سيشفع لي معه مھما بدرت مني من أخطاء .لكنه كان أقوى مما تصورت .ويبدو أن الغضب قد بلغ به مبلغه ،وأن الصبر قد نفذ عنده، 42
وأن الحلم بدأ يتضاءل ،فبعد أن وضع أھلي في صورة األمر الواقع ،وجعلھم يطلعون على ملفي بالتفاصيل الدقيقة التي ال أستطيع إنكار أي جزء منھا .طلقني وتزوج من فتاة أخرى ،فعدت إلى منزل أبي أجر أذيال الخيبة وأتجرع الحسرة والندامة واأللم ،ھذا البيت الذي رباني صغيرة وعشت فيه معززة مكرمة ،وخرجت منه إلى منزل الزوجية بكل شرف ووسط فرحة األھل واألحباب في ابتھاج عائلي. عدت إليه حزينة ووجدته واجماً ،حزينا ً ليس بسبب عودتي إليه بل لفداحة خطأي وعودتي إليه بعد عدة سنوات ،وفي معيتي صغاري الذين ال يدركون لماذا جئت ومتى سأعود ،وما المستقبل الذي ينتظرھم ،خرجت من بيت أبي إلى فضاء الحياة الزوجية وسط ھالة من كرنفاالت الفرح ،ووسط زغاريد الفرح وأھازيج البھجة والمسرة ،لكنني عدت حزينة باكية تركت من ورائي بيتا ً منھاراً كنت أنا السبب في خرابه ،وأمامي أطفال حائرون ،فأنا المسئولة عن مصيرھم وعن ما يحدث لھم، وبالتأكيد سيتأثر ھؤالء الصغار الذين ال ذنب لھم سوى أنھم أبنائي سيتأثرون بإفرازات ھذا االنفصال على المستوى النفسي والتربوي ،وحتى التنشئة لن تكون حياتھم كما كانت في بيت يضم األب واألم وتتوفر فيه كل وسائل الحياة الكريمة، ومن الذي حرمھم من ذلك؟! وﻫﻨﺎ ﺗﺬرف دﻣﻮع اﻟﻨﺪم وﺗﺠﻴﺐ ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺴﻬﺎ :ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ أﻧﺎ ،وأﻧﺎ اﻵن أﻧﺎدي ))ﺧﺬوا ﺷﻬﺎداﺗﻲ وأﻋﻴﺪوﻧﻲ ﻟﺒﻴﺖ اﻟﺰوﺟﻴﺔ((
اﻹﻋﺘﻘـﺎدات اﻟﺬﻛﻮرﻳﺔ ﻋﻦ اﻟﻤﺮأة…. اﻟﻨﺎﺻﺮ ﻟﻌﻤﺎري منذ سقوط عصر االمومة وظھور ملكية االرض ،ليصعد الرجل الى مركز السلطة تحت ستار الدفاع عن الملكية تارة وغزوات النھب تارة اخرى ،اصبح من الشائع بث االفكار المھينة للمرأة وتعظيم 43
الذكر من اجل ابعادھا عن السلطة وحرمانھا من المشاركة مع الرجل .لھذا السبب نجد االفكار التي تنتھك حقوق المرأة موجودة منذ القدم لدى غالبية الثقافات، وأزدادت ترسخا ً وأتساعا ً مع نشوء االديان.. الطبيب االغريقي غالينوس(Aelius Galenus´-or-Claudius Galenos, AD ، )129 – c. 200استنتج ان النساء ھم رجال الزالوا في مرحلة التكوين .لقد شبه عقل المرأة ،بعيون الخلد االعمى الذي يعيش تحت االرض :أنه يملك أعين ولكنھا التعمل لكونھا غير تامة التكوين .يقول: ”الجھاز التناسلي للمرأة اليكمل نموه إنه يبقى موديل غير تام بالمقارنة بما سيكون عليه لو اصبح الموديل تاما ً” .استنتاجه قام على المالحظات االناطومية والتي اشارت الى ان المرأة ،من حيث المبدأ ،كالرجل ولكنھا غير تامة النمو ،لكون جھازھا التناسلي مقلوب. سافر غالينوس الى مختلف الجامعات لجمع المعلومات والتعمق في الطب .القسم االعظم من وقت دراسته قضاه في روما حيث كان من المُحرم الجدل في جسم االنسان ومكوناته ،على اساس أن كل ماھو عصي على الفھم يستحسن القول انه من أمر .Zمن أجل أن يتمكن من االلتفاف على فتوى التحريم ورؤية بنية االعضاء الداخلية للجسم واالطالع على الفروقات بين الرجل والمرأة اضطر لدراسة اناطوميا الحيوان ،ومن بينھم كان يفضل قرود Macaca sylvanusوالتي تنتمي الى عائلة المكاكا .عمله في مدرسة للمصارعين قدمت له الكثير من المعلومات ولكن فقط عن اناطوميا الرجال .كان يسمي االصابات في اجساد المصارعين بـ “النافذة على أعماق الجسم” لكونھا تمكنه من دراسة االنسجة والعظام. في القرن ٤٠٠ميالدي نجد ان موقف االب الكنسي والفيلسوف اوغسطينو ( Augustinus,القديس اوغسطينو( ،من المرأة شديد الوضوح ،عندما يقول: ”مالفرق بين أن تكون زوجة او تكون أم ،في النتيجة تبقى ھي أمرأة التي توقظ الخطيئة والتي علينا الحذر منھا في كل امرأة”. وعلى العموم كان يشير الى ان كال من المرأة والرجل يملكان من العقل بنفس المقدار بسبب ان العقل يوجد في الروح ،وھو واحد لكال الطرفين .غير انه ،وعلى مدى خبرته ،توصل الى ان المرأة خطر كامن المتالكھا حقل مغناطيس جنسي .لھذا السبب يحتاج االمر الى الرجل ،الذي خلقه Zعلى صورته ،لترويض المرأة وقيادتھا. 44
في القرن ١٢٠٠كان يعيش الالھوتي الفقيه والفيلسوف توماس من اغوينو Thomas of Aquino.في العصور الوسطى كانت الكنيسة تحرم التشريح والبحث االناطومي ،كما ذكرت سابقا .لذلك كان ذكور رجال الدين الحكماء يحاولون استنتاج تكوين المرأة ” بالمنطق العقلي” والذي يعتبر منھج شائع في االوساط الدينية. توماس توصل الى ان المرأة ھي تعبير عن ان ھناك شئ ما يجرى بشكل خاطئ اثناء عملية الخلق الجنيني .يقول: “المرأة خطأ عشوائي إذ ان النطفة تسعى نحو انتاج ذكر على صورة .Zوإذا كان الناتج أمرأة البد أن ذلك بسبب ان النطفة ضعيفة أو ان المادة القادمة من األم غير مناسبة ،أو بسبب ان تأثير عوامل خارجية مثال الرياح القادمة من الجنوب والتي تجعل الطقس رطب”. الكاھن والالھوتي االلماني مارتين لوثر Martin Luther, ،من القرن الخامس عشر ،قام بثورة في الكنيسة تعرف باالصالح البروتستانتي ،وكان من بين مطالبه السماح بزواج الكھنة والقسس .وھو نفسه قام بالزواج من راھبة .وقد كتب عن النساء قائال: ”أن من واجب النساء ان يقرن في البيوت .شكل اجسامھم يدلل على ذلك ،إذ لديھم عجز عريض ومؤخرة كبيرة للجلوس عليھا .على العكس نجد ان للرجال اكتاف عريضة ومؤخرة ضيقة ولذلك يحوز على الثقافة”. الطبيب الفرنسي امبريوس بيريه Ambroise Parê,من القرن الخامس عشر، ي ًقص علينا أحسن القصص فيذكر حادثة المرأة راعية الماعز التي قفزت من فوق احدى السواقي فنبت لھا عضو ذكري .وزمالئه االطباء استمعوا للقصة بكل جدية. والكثير من زمالئه االطباء شھدوا وأكدوا ان المرأة راعية الماعز التي التجأت الى بيريه للعالج صارت االن تعيش كرجل ” .علماء” ذلك الوقت كانوا يؤكدون ان المرأة تتحول الى رجل إذا مارست االعمال التي يفترض انھا مقتصرة على الرجل. الفيلسوف جان جاكويس روسو Jean-Jacques Rousseauمن القرن السابع عشر كان يقول بقناعة عميقة أن تعليم المرأة يجب ان يبغي تحقيق رغبات الرجل وأرضاءه .يقول:
45
”تعليم المرأة يجب على الدوام ان يكون ھدفه الرجل .من أجل ارضاءه ومن أجل مساعدته وخدمته ومن أجل الحصول على حبه ومن اجل تربية االطفال وتعليمھم، ومن اجل أعطائه النصح ،ومن أجل دفعه ليكون قادر على تثمينھا ،ومن أجل دعمه والتخفيف عنه ولجعل حياته افضل”. عام ١٨٢٨إكتشف احد االطباء االنكليز ان المرأة يمكن ان تموت من الشعور بالعار ،بسبب ليلة الدخلة .يقول ويليام اكتون(William Acton): ”الغالبية من النساء الينشغلون بأي شكل من أشكال المشاعر الجنسية ،وھذا لحسن حظھم” .القواعد االخالقية كانت صارمة ووظيفة المرأة ان تلد االطفال وتكون زوجة وام بنكران ذات ،بدون ان تحتاج الى االنشغال عن ھذه الوظيفة بأي نوع من أنواع التفكير .كان اليجوز ممارسة الجنس للمتعة وكان واجب المرأة حمل النسب، ولذلك كان البد من حمايتھا من التفكير والقلق او من حقھا في جسدھا. ويقال ان الملكة فيكتوريا نصحت احدى السيدات التي كانت تشتكي من زيارات زوجھا الليلية المثيرة للتقيئ ،قائلة: ”أغلقي عينيك وفكري بأنكلترا”. ولكن كانت ھناك حدود لقدرة االفكار الوطنية على رفع تحمل المرأة .عندما ولدت الملكة فيكتوريا طفليھا االخيرين حصلت على مخدر االثير الذي جرى إكتشافه حديثا وبذلك انتھكت القاعدة التي كانت تقول أن على المرأة أن تنجب بااللم ،تماما مثل الحيوان. تشارلز داروين ايضا لم يكن استثناء .في كتابه ” اصل االنواع” أستنتج أن النساء ، من الناحية البيلوجية ،أقل من الرجال .صفات النساء ،حسب داروين ”:ھي ذاتھا المميزة للعروق االدنى ،ولھذا السبب تدل على مرحلة سابقة وأدنى من التطور”. عالم االجتماع غوستاف لي بون Gustave Le Bonطور فكرة داروين وأدعى أنه ” يوجد عدد كبير من النساء أدمغتھن ،من ناحية الحجم ،أقرب لحجم دماغ الغوريلال منه لدماغ الرجل .ھذا التخلف من الوضوح بحيث ان الاحد يستطيع نكرانه ،وفقط مقدار ھذا التخلف قابل للنقاش .النساء يمثلون الشكل االدنى من تطور البشرية وھن أقرب للمتوحشين منھن لرجل ناضج ومتحضر”. وقد رأى غوستاف لي بون أن صغر حجم دماغ المرأة يفسر ” سلوكھا الھستيري والمثير لالنزعاج”. 46
الفيلسوف االلماني فريدريك نيتشه Friedrich Nietzsche, ،من القرن الثامن عشر ،قال ان النساء اللواتي يرفضن دورھن في خدمة الرجل يتوجب ترويضھن. في كتابه ” ھكذا تكلم زرادشت )” (Så-;-lunda talade Zarathustraقال ”:إذا ذھبت الى المرأة فالتنسى السوط” .ويقول ،نحتاج الى السوط الن ” الرجل الحقيقي يريد شيئين :المخاطرة واللعب .ولھذا السبب بالذات يريد الحصول على اخطر االلعاب :المرأة”. ولكنه في نفس الوقت أعترف ان النساء يملكن جوانب جيدة .كما انه كان مشھوراً بعالقته الطيبة بوالدته. وتحت تأثير فريدريك نيتشه توجه النازيون االلمان الى محاربة المرأة التي ترفض ان تقبل بدورھا في البيت .في الحملة االنتخابية عام ١٩٣٢كان من بين وعود ھتلر ان يمنع ٨٠٠الف عاملة من العمل .يقول ”:النساء ،مثل االشتراكيين واليھود ،يجب مصادرة حقھم في كسب النقود” .كما ان النساء فقدوا حقھن في العمل كقضاة أو في الھيئة القضائية الن ھتلر كان يعتقد ان النساء ناقصات عقل والتملكن القدرة على ” التفكير المنطقي او الحيادي لكون عواطفھن تسيرھن”. وزير الدعاية النازية جوزيف غوبلز كان يتفق معه في ذلك ،يقول ”:واجب المرأة ان تكون جميلة وأن تلد االطفال .الدجاجة تزين نفسھا للديك وتجلس على بيضه”. مؤسس علم النفس سيمون فرويد ،حسب فرويد نفسه ،كان اليفھم في النساء .يقول”: السؤال الكبير ،والذي على مدى ٣٠عام من البحث لم انجح في االجابة عليه ھو: ماذا تريد النساء؟“. كان فرويد يعتقد ان العديد من مشاكل النساء سببھا الغيرة من العضو الذكري – النساء تريد ان تكون ذكرا .االيجابي في ھذا العصاب ان ذلك يدفع المرأة لزيارة الطبيب النفساني .والجلسات تساعد المرأة على التخلص من الرغبة بالقيام باالعمال الذكية وھذا شئ جيد .فكما قال فرويد: ”النساء اليمكن ان تضيف شيئا ً”. غير ان ابنته لم تنجح في التخلص من السعي لعمل ذكي لتصبح رائدة من رواد الطب النفسي لالطفال.
47
من المثير ان غالبية ھذه المواقف نجد لھا مثيال ليس فقط في تراثنا الديني ،النظري والتطبيقي القديم ،وإنما حتى في برامج التيارات الفكرية والتطبيق السياسي الحديث. ومن النصوص التي سنوردھا ،وبغض النظر عن مدى صحة الروايات وسندھا ،إذ أن مجرد وجودھا ھو وثيقة تاريخية صحيحة ،يثبت وجود الفكرة لدى البعض، بغض النظر عن شخصية ھذا البعض ..كما ان نفس النصوص تشكل المنبع الفكري التي تستند عليه التيارات االسالمية في تسويق وصايتھا و تشددھا اليوم في التطبيق العملي ويطلق عليھا البعض ” السنة المھجورة…” الطبراني في “المعجم الكبير” ) ، (٢٨٤/١٠وفي “المعجم األوسط” )) (٤٣٨٢ وآخرين( عن ابن عباس قال :قال رسول Zصلى Zعليه وسلم" :علقوا السوط حيث يراه أھل البيت ،فإنه لھم أدب" عن ابن عمر ،قال :قال رسول Zصلى Zعليه وسلم " :ال ترفع العصا عن أھلك وأخفھم في Zعزوجل " )العيال البن ابي الدنيا ،٣٢١ ،المعجم االوسط للطبراني، ،١٨٦٩المعجم الصغير ،١١٤ ،االفراد للدار القطني ٣٩٢/٣ ،واخرين( عن أبي الزبير عن جابر قال رسول Zصلى Zعليه وسلم ” :ليتخذ أحدكم سوطا في بيته يعلقه يؤدب به المرأة والخادم والصبي إذا أذنبوا أو يروع به إذا لم يذنبوا ” ) .الكامل(٨/١٨٧ ، أورده الديلمي )األب( في “الفردوس بمأثور الخطاب” ) (٤١٣٢بلفظ ” :علق سوطك حيث يراه أھلك وال تضربھم به واضربھم بنعلك ضربا غير مبرح وال شائن لوجه” . وقال قائل مجھول ) أعتقد أنه ابن عمر ( ما للنساء و للكتابة و العمالة و الخطابة ھذا لنا و لھن منا أن يبتن على جنابة! وروى عبد Zبن مسعود ،قال :قال رسول Zصلى Zعليه وسلم» :ال تسكنوا نساءكم الغرف وال تعلموھن الكتاب« .حذرھم رسول Z؛ ألن فى إسكانھن الغرف تطلعا إلى الرجال« الجامع )(٢٩/٤ وقال االمام الشافعي في كتابه ” الموطأ” :“ :وال تجمع امرأة بنساء ألن الجمعة امامة جماعة كاملة ،وليست المرأة ممن لھا أن تكون امام جماعة كاملة“ ”.األم -١ ” ١٧١أى ال تصح ألمرأة أن تقيم صالة جمعة حتى لو كانت للنساء فقط ألنه ليست للمرأة ان تكون اماما ألى جماعة. 48
قال الحنابلة )يباح حضورھا صالة الجمعة بشرط ان تكون غير حسناء .أما اذا كانت حسناء فانه يكره لھا الحضور( الشافعية تقول ) :انه مكروه حضورھا ان كانت مشتھاة – أى يشتھيھا الرجال – حتى لو كانت فى ثياب رثة .اما اذا لم تكن مشتھاة ولكن تزينت وتطيبت وتعطرت فيكون مكروھا أيضا حضورھا صالة الجمعة. وفى كل اآلحوال يشترط الشافعية لحضور المرأة صالة الجمعة شرطين :اذن ولى األمر ،وأال يخشى من ذھابھا افتتان أحد بھا .واال يحرم عليھا الذھاب الى صالة الجمعة(. وھذا على نمط رؤية اوغسطينو للمرأة على انھا مذنبة مسبقا بجاذبيتھا االجنسية )عن احمد صبحي منصور( على خلفية رؤية المرأة في بعدھا الجنسي وحده ،ليس غريبا ان ” شيخ االسالم ابن تيمية” إجابته على سؤال »ھل تختتن المرأة؟« يقول» :نعم تختتن وختانھا أن تقطع أعلى الجلدة التى oقال رسول Zللخافضة وھى الخاتنة أشمى وال تنھكى فإنه أبھى للوجه وأحظى لھا عند الزوج) .oشيخ االسالم يستشھد بحديث مرفوع، باطل( o والمقصود من ختان المرأة تعديل شھوتھا ،فإنھا إذا كانت قلفاء كانت مغتلمة شديدة الشھوة ،ولھذا يقال فى المشاتمة يا ابن القلفاء فإن القلفاء تتطلع إلى الرجال أكثر، ولھذا يوجد من الفواحش فى نساء التتر ونساء األفرنج ما ال يوجد فى نساء المسلمين« .مجموع الفتاوى )(١١٤/٢١ ذلك يعني ان شيخ االسالم يتھم نساء المسسلمين بشرفھم لمجرد عدم اختتانھم .وإذا كان الفساد في الغرب لعدم وجود الختان ،فھناك مجتمعات اسالمية بكاملھا اليوجد فيھا ختان ،مثل سوريا واالردن ،مما يعني انھا إما ممتلئة بالفساد كما في الغرب او ان تفسير ابن تيمية عالك مصدئ. الغريب ان ذلك يناقض احاديث اخرى تلعن النامصة والواشمة )حتى نھاية الخمسينات كانت غالبية نساء الشرق االسالمي موشومات( وتبرير ذلك انھا تغير من خلق .Zوإذا كان وجود أعلى الجلدة ھو محرك الفساد ،وان ازالتھا بطلب من ،Zاال يعني ذلك ان ختان النساء مجرد محاولة الحقة لتصليح تصنيع فاسد ،مع ان القرآن يقول انه أحسن الخالقين؟ 49
وكيف ينسجم ذلك مع تفسيرھم ان البكارة ھي ختم حسن البضاعة؟ عند ذكر حديث ان أن مرور المرأة والحمار والكلب يبطالن صالة الرجل قالت عائشة: “شبھتمونا بالحمر والكالب” في القرآن الكريم تقول االية الكريمة: ) َو َال ُت ْؤ ُتوا ال ُّس َف َھا َء أَم َْوا َل ُك ُم الَّتِي َج َع َل َّ َ ُ Zل ُك ْم ِق َيامًا( وفي كتب التفسير نجد ان السفھاء ھم النساء ،فى تفسير البيضاوى يقول: )وإنما سماھم سفھاء استخفافا ً بعقولھم واستھجانا ً لجعلھم قواما ً على أنفسھم( وفى معالم التنزيل للبغوى) :وقال الضحاك :النساء من أسفه السفھاء( وفي اآلية } ١٤ :زين للناس حب الشھوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذھب والفضة والخيل المسومة واألنعام والحرث ذلك متاع الحياة الدنيا وZ عنده حسن المآب{ تفسير القرطبى فى معرض تفسيره لآلية الرابعة عشرة من سورة »آل عمران« يقول» :قوله تعالى} :م َِن ال ِّن َسا ِء{ بدأ بھن لكثرة تشوف النفوس إليھن؛ ألنھن حبائل الشيطان…. ھذا إذا تغاضينا عن ان االية تتوجه الى الناس ،على انھم الذكور وحدھم ولو كانت االية للذكور واالناث على السواء لكانت “الشھوات من النساء والبنين والرجال”. وفي فتوى لمفتي السعودية محمد بن إبراھيم آل الشيخ يقول ،بالترابط مع االية السابقة ،ان المرأة ) من جميع النواحي حتى مصالح نفسھا التصرفھا ،لھذا جعل الشرع والية نكاحھا الى وليھا لما فيھا من نقص ،وھي خلقت منتفعا بھا مستعملة”. ) الفتوى ،٣٨٨١يشترط في االمامة الذكورية( وفى الحديث )لن يفلح قوم ولوا أمرھم امرأة() (٢و Zيقول) :الرجال قوامون على النساء( ) (٣إألية. وماھى النساء ؟! فإنھن لسن أكثر من فراش و إصالح شئون المنزل وتربية الصغار (١٨٤/١٢) . إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فأبت فلم تأته فبات غضبان عليھا لعنتھا المالئكةحتى تصبح * صحيح وأخرجه البخاري ومسلم. 50
فى الحديث الذى رواه ابن عمر رضى Zعنھما أن رسول Zصلى Zعليهوسلم قال :حق الزوج على زوجته أال تمنعه نفسھا ولو كانت على أى سنام الجمل لو كنت آمرا أحدا أن يسجد ألحد ألمرت المرأة أن تسجد لزوجھا ،وال تؤديالمرأة حق Zعز وجل عليھا كله حتى تؤدي حق زوجھا عليھا كله حتى لو سألھا نفسھا ،وھي على ظھر قتب ألعطته إياھا .وھذا إسناد صحيح على شرط مسلم. إذا دعا الرجل امرأته فلتجب ،وإن كانت على ظھر قتبعن أبي ھريرة عن النبي صلى Zعليه وسلم قال لو كنت آمرا أحدا أن يسجدألحد ألمرت المرأة أن تسجد لزوجھا * حسن صحيح حق الزوج على زوجته أال تمنعه نفسھا ولو كان على ظھر قتبأخرجه ابن ماجة في النكاح ٤وأحمد ٣٨١ ،٤ وال مانع من القوة:عن الجابر بن عتبة أن رجال أبرك امرأته فدسرھا* دسرة فألقاھا على وجھھا فشدت بنيتھا ،فرجع ذلك إلى علي بن أبي طالب فقال: ”مطيّة يركبھا كيف شاء ! ” ،ولم يجعل لذلك عليه شيئا. كتاب أدب النساء – الموسوم بكتاب الغاية والنھاية – تأليف عبد الملك بن حبيب حدثني الغازي بن قيس أن الزبير بن العوام دخل منزله فأمر امرأته أسماء بنت أبي بكر وامرأة له أخرى أن تكنسا ما تحت فراشه ثم خرج عنھما فرجع فوجده بحاله. قالت أسماء :فأخذ بقرون رؤوسنا وضربنا بالسوط ضربا وجيعا فكانت صاحبتي تحسن اإلتقاء وكنت ال أحسن فأثر في أثرا قبيحا .فخرجت أشتكي إلى عائشة فأرسلت إلى أبي بكر فقالت :ما صنع ھذا بأختي ؟ فقال لي أبو بكر :يا بنيتي! إنه رجل صالح وھو أبو ذريتك .ولعل Zأن يزوج ِك ِه في الجنة ؟ فاصبري وارجعي إلى بيتك ! )أي ان المصيبة قد تلحقھا حتى الجنة( وفي ھذا الشأن اتذكر أرملة أردنية جاءت تطلب الطالق من زوجھا المتوفي ،فأستغرب القاضي ،فقالت له أخشى أن أموت فيكون زوجي في الجنة أيضا. – َ 7376-ح َّد َث َنا م َُحمَّد بْن ْال ُح َسيْن َ ،قا َل :ثنا أَحْ َمد بْن ُم َفضَّل َ ،قا َل :ثنا أَسْ َباط ، ان َبيْنه صار َك َ ُون َع َلى ال ِّن َساء { َفإِنَّ َرج ًُال مِنْ ْاألَ ْن َ َعنْ ال ُّس ِّديّ :أَمَّا } :الرِّ َجال َق َّوام َ 51
صلَّى َّ َ Zع َل ْي ِه َو َسلَّ َم ، ك لِل َّن ِبيِّ َ َو َبيْن ِام َْرأَته َك َالم َف َل َط َم َھا َفا ْن َط َل َق أَھْ ل َھا َف َذ َكرُوا َذ ِل َ ان ُّ ْس الزھْ ِريّ َيقُول َ :لي َ ُون َع َلى ال ِّن َساء { ْ .. .اآل َية َ .و َك َ َفأ َ ْخ َب َر ُھ ْم } :الرِّ َجال َق َّوام َ ِصاص فِي َما ُدون ال َّن ْفسَ – ٧٣٧٧ .ح َّد َث َنا ْال َح َسن بْن َيحْ َيى ، َبيْن الرَّ جُل َوامْ َرأَته ق َ َقا َل :أَ ْخ َب َر َنا َعبْد الرَّ َّزاق َ ،قا َل :أَ ْخ َب َر َنا َمعْ َمر َ ،سمِعْ ت ُّ الزھْ ِريّ َ ،ي ُقول َ :ل ْو أَنَّ ان َع َل ْي ِه ْال َع ْقل ،إِ َّال أَنْ ك َق َود َو َك َ َرج ًُال َش َّج ِام َْرأَته ،أَ ْو َج َر َح َھاَ ،ل ْم َي ُكنْ َع َل ْي ِه فِي َذ ِل َ َيعْ ُد َو َع َل ْي َھا َف َي ْق ُتل َھا َ ،ف ُي ْق َتل ِب َھا. يعني ليس فقط ضرب و لكن ضرب مبرح في الواقع االعتقادات الغريبة عن المرأة في العالم االسالمي التنضب وتستمر على مدى عصور حتى اليوم ،كما نرى في مطر من الفتاوي عن الحوار المتمدن
ﺣﺪﻳﺚ ﰲ ﻣﻔﻬﻮﻡ ﺍﻟﺸﺮﻑ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻌﺮﺏ سيدة بن علي ت ّتفق أغلب ثقافات الكون على انّ ال ّ شرف منظومة متكاملة من القيم االنسانية كالتفوق والقدرة على القيادة والمروءة والشجاعة والتحلي بالكرامة والنزاھة والصدق في القول واالمانة ..فھو مجموعة من القيم التي تتظافر فيما بينھا وتتوفر في شخص او مجموعة من االشخاص فيحق القول وقتھا ان ھذا االنسان شريف فھل ان ھذا التعريف لمفھوم الشرف ھو نفسه مفھوم االنسان العربي لھذه القيمة العليا 52
؟الاا كل ھذه القيم التي ذكرتھا ال تمثل مفھوم الشرف عند العربي وال توفيه حقه فشرف العربي رھينة ووديعة بين فخذي امراته او لنقل نعجته فقد ذكر الجاحظ ان بعض الرجال في زمنه يخجل من قول كلمة زوجتي حين يتحدث عن امراته فيعوضھا بكلمة النعجة اشارة الى زوجته فشرف الرجل العربي يح ّدده السلوك الجنسي المراته او اخته او امه ومعنى ھذا ان شرفه خارج عن ارادته بل ھو مسؤولية النساء الالتي تربطه بھن صلة وسلوكھن الجنسي ھو المحدد لشرفه وربما ھذا ما يفسر اقبال الكثير من الرجال العرب على الزنا ومعاشرة النساء خارج اطار الزواج وخوض التجارب الجنسية المتعددة وسط سكوت المحيطين به بل مباركة ذلك احيانا بوصفه شھادة له على فحولته ودليل على انه في مأمن من عقدة الخصاء لديه في الوقت الذي ترتفع فيه اصوات التجريم للمراة بمجرد ھمس واقاويل تطال سلوكھا الجنسي فھذه المراة ال تتحمل مسؤولية شرفھا فقط بل عليھا ان تتحمل ايضا مسؤولية شرف الرجل ..oظاھرة ثقافية محيرة حقا وتستوجب الكثير من البحث لفھم جذورھا وخلفياتھا ونتائجھا؟ في العصور االولى من تاريخ البشرية حظيت المراة بمكانة عالية فقد كانت مصدر حب ورھبة وخوف في نفس الوقت كيف ال وھي التي من جسدھا تنبثق الحياة ومن صدرھا يتغذى االنسان عند والدته كي يعيش ودورتھا الشھرية تنتظم مع دورة القمر لذلك كانت تحظى بنوع من التقديس والتأليه وھذا ما يفسر وجود االلھة المؤنثة في االساطير القديمة ” وقد كانت ” عشتار ” تجسيداً لھذه الثقافة حسب رأي فراس السواح في كتابه ” لغز عشتار” لكن ھذه المكانة التي حظيت بھا المراة لم تدم واھتزت مع توصل االنسان البدائي الى اكتشاف الصلة بين الممارسة الجنسية واالنجاب وان الحياة ال تھبھا المراة بمفردھا بل تحمل البذرة من الرجل وان ال حياة دونه ومن ھنا كان االنقالب التاريخي على المراة ومكانتھا المقدسة ف وانتقلت العبادة من اآللھة األم إلى اإلله السـيد وقد كان ھذا االنقالب التاريخي على األنثى مقدمة ضرورية لتثبيت االقطاع ونشوء العبودية فالفئات الذكورية خاضت حروبا ضارية لتثبيت مراكزھا واالستحواذ على امتيازات المجتمع وارتبط جنس األنثى باالثم من خالل أسطورة آدم وحوّ اء فكانت األنثى ھي سبب حرمان آدم من الج ّنة ونزوله الى عالم االسفل عالم األرض وبالتالي فھي سبب ك ّل عذاباته وآالمه ال ّناتجة عن ھذا ال ّنزول ولذلك اعتبرت المرأة ھي اآلثمة األبدية والحاملة لوزر شقاء االنسان والذكر ھو ظل Zفي االرض ومصدر الخير والسّموّ فح ّقت له السّيادة بموجب ذلك كما ّ حق لجم األنثى وكبح جماحھا وحبسھا تجنبا للشرور الّتي يمكن أن 53
تصدر عنھا اذا ما اطلق سراحھا وبھذه السلطة ّ الذكورية وھذه ال ّنظرة اآلثمة للمرأة ضمن الرجل الى جانب االمتيازات العديدة التي تمكنحھا له سلطته ضمن لنفسه ممارسة ال ّ شروالتنصل من تحمّل مسؤوليّته طالما ھو منسوب باألساس الى الكائن المد ّنس أي المرأة سبب ك ّل ال ّ شرور وأساسھا من ھنا نفھم الخلفية ال ّتاريخية لسيطرة ّ الذكر الذي دعمه الضعف البيولوجي للمراة بسبب الحمل والوالدة والرضاعة في كتابه “الحجاب والشخصية المزدوجة للمرأة”يرى المفكر المصري جمال الب ّنا الطبيعي الى ّ أنّ الضطھاد المرأة ع ّدة اسباب أھمّھا ميول ال ّنفس البشريّة ّ الظلم واالستقواء اذا ما توفرت لھا الفرصة لذلك وبما ن المراة اضعف من الرجل من الناحية الفيزيولوجية فان اضطھادھا وممارسة الظلم واالستبداد عليھا غير مستغرب من النظم الذكورية ونماذج الظلم واالستبداد المسلط على المراة عبر العصور والتي ذكرھا ال ّتاريخ من الصّعب جدا احصاءھا وع ّدھا وھذا االضطھاد لم يتفرّ د به مجتمع دون آخر أو عقيدة دون غيرھا يذكر د محمد شحرور في كتابه ” فقه المرأة ” أن الفُرس من أوائل الحضارات التي اضطھدت المراة وفرضت عليھا وضع لثام على وجھھا كي ال تدنس انفاسھا ال ّنار المق ّدسة ثم تطوّ ر االمر عندھم الى فرض حجاب كامل يخف شر ھذا المخلوق المد ّنس أي المرأة وذكر أيضا أن اليھودية التي نشأت برعاية كورش الفارسي وداريوس وعزرا ھي أول دين شرعن الى احتقار المراة واضطھادھا ثم امتد ذلك فيما بعد الى المسيحية في عھد قسطنطين وخلفاءه الذكور الذين نجحوا في تحويل االنثى التي كانت رمزا لل ّتنوير الرّوحي إلى شيطان مريد وجب طرده من معبده واعتقال ارادته الّتي ال تجلب لالنسان الى الشقاء وال ّ شر فمحاكم التفتيش الكاثوليكية كانت تحكم باعدام كل النساء العالمات والكاھنات والغجريات والمتصوفات ومحبات الطبيعة وجامعات األعشاب الطبية وحتى القابالت كلھن بتھمة الھرطقة وممارسة السحر ھذا ما ذكره دان براون في روايته الشھيرة ” شيفرة دافنشي “ فالكنيسة على مدار ثالثة قرون قامت بحرق خمسة ماليين امراة بتھمة ممارسة السحر والشعوذة ويذكر براون في روايته ان الجنس الذي كان يعتبر رمزا للتواصل مع الرّب من خالل اال ّتحاد الجسدي تحوّ ل في ظلّسلطة الكنيسة الى عمل شيطاني مقرف. ھذه ال ّنواميس وجدت في الجزيرة العربية مرتعا خصيبا حين امت ّدت اليھا فالصّحراء القاحلة وكثبان الرّمال العالية التي جعلت الجزيرة ومجتمعھا في انفصال 54
عن بقية العالم وما يحدث من تطورات ثقافية جعل من اھل الصّحراء الشعوب األكثر ثباتا وتعصّبا في نظرتھم الى المرأة الّتي استغلّھا بعض الفقھاء وعلى مقاسھا فصّلوا ما يحلو لھم من الفتاوي الّتي ال يمكن أن يقبلھا عقل أو منطق والّتي أسّست لثقافة مجتمعية قوامھا ال ّنظرة ال ّدونية للمرأة واضطھادھا الّذي كان مق ّدمة لجميع نواع االضطھاد واخضاع االنسان لخدمة السلطة من خالل ترسيخ ذھنيّة ال ّتحريم التي ا ّتخذت كسالح تشھره السّلط السّياسية الحكام قبضتھا على األعناق والعقول باجھاض كل محاوالت ال ّتنوير وال ّتغيير. ومن الطبيعي أن تحتاج ھذه السلطات الى اطار ايديولوجي يشرعن سياستھا ويبرر مظالمھا فكان الظلم تجاه المراة تاسيسا وترسيخا لجميع انواع المظالم في حق االنسان واتخذ منھا شمّاعة عليھا تعلّق أغلب األخطاء والخطايا فكان ال ّ شرف بمفھومه المعروف والمتداول لدى العرب ھو أوّ ل قيد يطبق على عنق الكائن األضعف أي المرأة فقد أفرغ ھذا المفھوم من محتوياته ومعانيه الحقيقية وشحن بمعاني اخرى تدور كلھا حول جسد المراة وسلوكھا الجنسي oلم يعد الشرف يعني النزاھة والصدق في القول والدفاع عن الوطن والخلق واالبداع بل اصبح جسد المراة مسؤوال عن ھذا العبء الثقيل المختزل في كلمة شرف ،فھو مسؤوليتك يا امراة وال عالقة لي انا ّ الذكر به واذا خنت المسؤولية التي انيطت بعھدتك فسيراق من عنقك الدم أمّا أنا الّذي حباني الرب بالقوة الجسدية فان كل أخطائي مغفورة ما دمت في ح ّل من عبء ال ّ شرف الذي تحملينه في جسدك الملعون ..oالمغضوب عليه ھكذا افرغ مفھوم الشرف من معانيه فبات الرجل مالك االرض والعقارات والمال والسلطة صاحب شرف رفيع بقطع النظر عن الوسيلة او الطريقة التي امتلك بھا ما امتلكه فھو شريف ما دام شرفه وديعة محفوظة لدى اناثه وتمكن من فرض ثقافته ھذه على البيئة المحيطة به لتصبح من البديھيات والمسلّمات فالفاسق شريف ما دام في مأمن من خيانة زوجته له مع رجل آخر والمنافق شريف ما دامت ابنته محافظة على عذريتھا والمراة الحقودة الحسودة صاحبة الكيد والبغض شريفة طالما ھي محافظة على النواميس الشكلية والظاھرية التي يفرضھا مجتمعھا والكسولة الجاھلة الخانعة شريفة ما دام خنوعھا وخضوعھا يرضي سيدھا وھكذاسارت االمور بشكل يسھل ويبرر لقمع السلطات العليا لالنسان انطالقا من المرأة.
55
ﻣﻤﺎرﺳﺔ اﻟﻌﻨﻒ واﻟﻘﺘﻞ ﺿﺪ اﻟﻤﺮأة ﻓﻲ اﻟﻌﺮاق مصطفى محمد غريب يشھد العراق تصاعداً غير مسبوق في العنف وقتل النساء ،وتتناول وسائل اإلعالم والتصريحات الرسمية العثور باستمرار على جثث نسا ٍء تحت طائلة القتل بمختلف الوسائل ،ويندرج العراق في قائمة الدول التي تعتبر مرتفعة في خرق حقوق اإلنسان وحقوق المرأة وعدم المساواة ،ويعتبر القتل في أكثر األحيان وكأنه عالج لمرضى العقول المتخلفة التي ترى في المرأة مجرد آلة صماء بكماء ليس لھا أي شعور أو أحاسيس كانسان ال يختلف عن الرجل إال بالجنس ووظائفه ،وتشھد ساحات البالد يوميا ً حوادث قتل النساء تحت حجج ال يمكن أن يقبلھا العقل المتمدن ،وقد تكون ھذه الحجج عبارة عن مخرج من العقاب القانوني حيث االدعاء بأنھا جرائم الشرف وكأن الشرف مرتبط فقط )وليعذرني القراء ( ” بمكان بول المرأة ” بينما النظرة الحضارية واإلنسانية ترى في الشجاعة واألمانة والصدق وعدم الكذب وقول الحق واإلخالص والتفاني والتضحية والوفاء واإلقدام في عمل الخير والدفاع عن حقوق الناس المشروعة..الخ معنى للشرف الحقيقي المبني على القيم األخالقية والوطنية، و وبھذا يسد القانون أذنه وال يكلف من القائمين والمسؤولين أنفسھم بالبحث عن مسببات أخرى ،مسببات في مجتمع يغطي عليه الرجل بقوانينه وتقاليده واستخدامه الدين في تنفيذ ما يرغب به وليس ضمن خريطة حقوق المرأة وواجبات الرجل في المجتمع ،ففي مجتمع يُخضع الرجل المرأة لكل رغباته االجتماعية والسياسية والثقافية والجنسية ألنه رجل فقط ال غير يحلل لنفسه ما يشاء ويحرمھا حتى لو كانت حقوق طبيعية للمرأة ،ليس بالذكاء الخارق أو الثقافة العالية أو العمل أو اإلخالص والوفاء أو التحصيل العلمي بل ألنه ذكر وله الحق المطلق فيما يفعله من موبقات وخطايا وال يحاسب عليھا ،لكن المرأة لمجرد أن تكشف وجھھا أو يديھا أو شعرھا تعاقب بالقتل كزانية أو عاھرة أو ممارسة العنف الجسدي والنفسي بحجة 56
العقاب الدنيوي وعقاب اآلخرة ،ھذا ھو القانون الساري في أكثرية المجتمعات العربية واإلسالمية التي تدعي أنھا تتمثل بالشريعة اإلسالمية. لكن الذي يحقق في جرائمھا يجد أنھا ال ُتطبق إال الخلل العقلي الظالمي الذي ليس له ارتباط ليس باإلسالم فحسب بل بجميع األديان األخرى ،أن النسب اآلخذة باالرتفاع لقتل النساء فاقت الكثير من التوقعات وسجلت أرقاما ً مخيفة خارقة بذلك إعالن الجمعية العامة لالم المتحدة حول حقوق المرأة وبالضد من العنف ولوائح حقوق اإلنسان كما سجل العنف واالغتصاب للمرأة أرقاما ً أعلى من السابق ،وھو مؤشر ودليل على استمرار النظرة الدونية لھا ولحقوقھا المشروعة. ومقابل ھذا العنف بأنواعه المنزلي وخارج المنزل فان الحماية القانونية المطلوبة من قبل أجھزة الدولة األمنية أو من قبل المسؤولين فيھا تكاد أن تكون اقل بكثير من المستوى المطلوب ،ال بل على العكس فقد توسعت عمليات القتل بحجج كثيرة في مقدمتھا ما يسمى ويعرف بغسل العار لمجرد الشبھة والظن في كثير من األحيان، والعقاب القانوني لھذا النوع عبارة عن التغاضي وغلق السمع أو أحكاما ً بالسجن تكاد أن تكون شبه براءة للقاتل ال بل عبارة عن مكافأة له على ما قام به من جريمة نكراء. أما القتل الذي تتبناه قوى اإلرھاب والمليشيات المسلحة السرية بحجة الزنا فحدث فال حرج ،فھناك حاالت ال تحصى شھدتھا المحافظات والعاصمة بغداد لقتل النساء وبخاصة في الفترات األخيرة ،بدون البحث وإيجاد حلول لھذه الحاالت غير اإلنسانية المنافية ألبسط حقوق اإلنسان ،وفي الكثير من ھذه الحاالت مثلما أشرنا مبنية على الظن والشكوك لطالما فندتھا التحقيقات القضائية والقانونية النزيھة والفحوصات والمختبرات الطبية فيعلن عن براءة القتيلة التي ظلمت وفقدت حياتھا بسبب عقلية التخلف دون أي ذنب ارتكبته ،آو قضايا عادية ال ترتبط بمفھوم الزنا أو الدعارة ،الجرائم التي ترتكب بالضد من المرأة ليست مقتصرة على القتل فحسب بل تتعداه على الحقوق الطبيعية والمشروعة لھا ،فھي معرضة لالستغالل واإلھمال من قبل أناس غير أسوياء ال دينيا ً وال أخالقيا ً وال فكرياً ،ففي الجانب المنزلي نرى العنف ظاھرة تكاد ان تكون شاملة تقريبا ً وتشكل نسبة واسعة وعالية في األسر العراقية ،فضالً عن وجود حاالت االتجار المخالف للقوانين والمضاد للقيم اإلنسانية ،وھن معرضات لالبتزاز واالستغالل الجنسي . ولھذا أن االنتھاكات التي تتعرض لھا المرأة العراقية ليست فقط في المنزل أو محيط العائلة بل تتعداھا إلى الشارع من خالل التحرش الجنسي وإھانتھا بطرق 57
سوقية مبتذلة ،وھي تخشى في الكثير من األحيان من تعرضھا للعنف والتحرش العنفي واللغة السوقية الالاخالقية التي تخدش حيائھا وشرفھا وتجعلھا ذليلة خائفة ال تستطيع الدفاع عن نفسھا أمام أوغاد التحرش لجنسي ،كما أن االنتھاكات تالحق حقوقھا في العمل أو الوظيفة وكأنھا تعامل ليس كانسان له مشاعره اإلنسانية التي ال تختلف عن مشاعر الرجل بل مجرد ” امرأة ناقصة عقل ودين ” وان لم يُعلن على اللسان لكن العيون تشيع ھذا القول والعقول العفنة تتبناه وتكرره على المسامع في كل مكان متى تسنى لھا الوقت والظرف الزماني ،وھنا ال ينفصل االضطھاد الرجولي في الخاص المحدد زمنيا ً في بيت األھل أو الزوجية والعام في العمل والوظيفة والشارع. ان ممارسة العنف بكل أشكاله ضد المرأة يعتبر ھمجية متخلفة مرفوضة في جميع األعراف والقوانين ولھذا بالنسبة لھيئة األمم المتحدة فقد ع ّرفته في اإلعالن العالمي لمناھضة العنف ضد المرأة بأنه ” أي فعل عنيف تدفع إليه عصبية الجنس ،ويترتب عليه أو يرجح أن يترتب عليه أذى ،أو معاناة للمرأة ،سواء من الناحية الجسدية ،أو الجنسية ،أو النفسية ،بما في ذلك التھديد بأفعال من ھذا القبيل ،أو القسر ،أو الحرمان التعسفي من الحرية ،سواء حدث ذلك في الحياة العامة أو الخاصة ” وقد نشر النص الكامل والنھائي لوثيقة األمم المتحدة لوقف العنف ضد المرأة مما القى تأييداً منقطع النظير من قبل الذين يقفون بالضد من العنف ويطالبون بالحقوق الكاملة للمرأة ،وبھذا كشفت الجمعية العامة عن موقفھا الرافض واعتبرته خرقا ً ً إضافة أن اإلعالن العالمي لمناھضة كل أشكال العنف ضد مرفوضا ً لحقوق المرأة، المرأة الصادر عام ١٩٩٣أشار”ھذا العنف قد يرتكبه مھاجمون من كال الجنسين أو أعضاء في األسرة أو العائلة أو حتى الدولة ذاتھا ” وترتبط جميع اإلعالنات والقرارات الدولية والقطرية بالكثير من ما جاء في اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان لكل الدول وشعوب المعمورة وال يفرق اإلعالن بسبب اللون أو الجنس وينطلق من احترام الحقوق والحريات في االنتماء والعقيدة والدين ويدرج في التربية والتعليم. فقد نصت المادة ) ( ١على ” يولد جميع الناس أحراراً متساوين في الكرامة والحقوق ،وقد وھبوا عقالً وضميراً وعليھم أن يعامل بعضھم بعضا ً بروح اإلخاء “. وأكملت المادة رقم ) ( ٢النظرة اإلنسانية والقانونية للحقوق وقد جاء فيھا ” لكل إنسان حق التمتع بكافة الحقوق والحريات الواردة في ھذا اإلعالن ،دون أي تمييز، كالتمييز بسبب العنصر أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الرأي السياسي أو 58
أي رأي آخر ،أو األصل الوطني أو االجتماعي أو الثروة أو الميالد أو أي وضع آخر ،دون أية تفرقة بين الرجال والنساء ” ولم تكتف الجمعية العمة لألمم المتحدة بإعالن أو قرار واحد فھي على امتداد سنين طويلة ومنذ تأسيسھا اعتمدت على رفض كل األشكال وبأي صورة كانت التمييز ضد المرأة ورفضت الممارسات غير المشروعة واعتبرت حقوق المرأة خط احمر إلنسانية أي نظام السياسي أو مؤسسة أو جمعية دينية أو سياسية وحتى األفراد من الذكور. ان الممارسات غير اإلنسانية في العراق ضد المرأة يجب أن تتوقف بإصدار قوانين صارمة ضد أي تجاوز أو اعتداء عليھا وعلى حقوقھا المشروعة ،كما يجب إيجاد حلول واقعية لحوالي ثالثة ماليين ما بين امرأة أرملة وفتاة بدون معيل واألكثرية منھن يعشن بمستوى الفقر أو دونه مما جعل البعض من بائعي الضمير استغالل البعض منھن لمآرب غير أخالقية وال إنسانية ،أما جريمة القتل بحجة الشرف ” الرفيع !!” فھي من الجرائم التي تكاد أن تكون تقليداً وفي البعض من األحيان تباھيا ً أمام المجتمع بالتخلص من العار كما يسميه دعاة القتل والجريمة وال يفكر ھؤالء بأن العار ھو موقفھم وممارستھم ومنح أنفسھم أحقيقة في العقاب الذي يعتبر في العرف القانوني واإلنساني جريمة يجب أن يعاقب من يمارسھا.. المرأة أساس المجتمع ومكونه النصفي وبھا تستكمل الحياة دورتھا ،وھي أداة رئيسية للبناء والتقدم والعمران وبدونھا ال يمكن أن تبني الدول حضارة إنسانية أو تحقق نوعا ً من العدالة االجتماعية ،ومن ھذا المنطلق يجب أن تقوم الدولة بحمايتھن ودفع األذى عنھن وتوفير كل اإلمكانيات لرفع وعيھن ومستواھن األكاديمي والتعليمي والثقافي ومنحھن الحقوق ووفق قوانين تصدرھا السلطة التشريعية ،البد أن يفھم متخلفي العقول الرجعية والظالمية أن ھناك نساء سجل التاريخ لھن أروع اإلنجازات العلمية والثقافية واالجتماعية والمواقف البطولية والتضحيات الجسام من اجل شعوبھن وأوطانھن
59
ﺣﻤﻠﺔ أردﻧﻴﺔ ﻟﻤﻮاﺟﻬﺔ اﻟﻘﻮاﻧﻴﻦ اﻟﻤﺘﻌﺴﻔﺔ ﺿﺪ ﻟﻠﻤﺮأة خديجة بندوق
حملة أردنية ضد التعسف القانوني لقضايا المرأة بعنوان ‘‘حقك أولوية’’ وذلك بھدف خلق وعي بأھمية المؤسسات التشريعية في تصحيح القوانين المرتبطة بالمرأة ،خصوصا في القضايا الخاصة بجريمة الشرف واالغتصاب والتجنيس أوالزواج من أجانب. تھدف حملة “حقك أولوية “إلى تشجيع المرأة في األردن على إقتحام أبواب المؤسسات التشريعية من أجل إيصال صوتھا إلى المشرع وتحقيق التغيير .وتقول شھد بني عودة المتحدثة باسم الحملة في حوار مع / DWعربية ،إن “الفكرة بدأت بسبب مجموعة أحداث وسلوكيات تعكس”الظلم االجتماعي” الذي تعاني منه المرأة األردنية .وكان الحدث األبرز الذي أثار اھتمام أصحاب الفكرة ودفعھم للتحرّك ھو خبر تزويج ١٩ مغتصبة بمغتصبيھن في العام الماضي .وتھدف الحملة الى تثقيف المرأة وتعريفھا بحقوقھا ،ما قد يساھم في رفع أعمال “االضطھاد” عنھا ورفض العادات والمفاھيم التقليدية الخاطئة المخالفة لحقوق المرأة. “حقك أولوية” وشبكات التواصل وتؤمن حملة “حقك أولوية” حسب شھد بني عودة ،تعريف المرأة و محيطھا األسري بالحقوق المكفولة لھا إنسانيا ً ودستوريا ً من منطلق التغيير والتق ّدم ومن أجل مجتمع أكثر حضارة وعدالة وإنسانية. وتضيف شھد بني عودة أن الحملة تعتمد بشكل كبير على شبكات التواصل االجتماعي “السوشيال ميديا” ،حيث ھناك تواصل مع العديد من المحامين اللذين أبدوا تعاونا ً كبيراً من خالل كتابة المقاالت المساھمة في تسليط الضوء على القضايا 60
المختلفة التي تعاني منھا المرأة األردنية ،باإلضافة إلى القوانين المؤثرة سلبيا على المرأة وحقوقھا. “نفكر في إنشاء المقھى الحقوقي“ كما قامت الحملة بإجراء استبيان سلط الضوء على رأي مستخدمي اإلنترنت من األردنيين في قضية “حق المرأة األردنية في منح جنسيتھا ألبنائھا”. وفي ما يخص النشاطات المستقبلية تؤكد بني عودة أن الحملة تفكر في إنشاء “مقھى حقوقي” يھدف الى خلق أجواء مالئمة لمناقشة القوانين التي تتعامل مع المرأة ومحيطھا وإظھار مدى قدرة تلك القوانين على معالجة القضايا بالنسبة للمرأة باإلضافة إلى تعريف المجتمع بتلك القضايا وبالمعاناة الحقيقية للمرأة. وتصرح المتحدثة باسم الحملة وتقول“ :حققنا قبوال ملفتا في أوساط الشبكة العنكبوتية وحظينا بتغطية مميزة من قبل الكثير من المواقع الحقوقية والمؤسسات اإلعالمية ،ونأمل باستمرارية ھذا النجاح” ،وتضيف أن القوانين المؤثرة سلبيا في حياة المرأة تحول بينھا وبين تحقيق العدالة الكاملة ” فعلى سبيل المثال تناولت الحملة في قضيتھا الجديدة قضايا الشرف ،وقالت إنه من األھمية بمكان أن تدرك المرأة أن إسقاط الحق الشخصي عن المغتصب يضمن للمجرم اإلفالت من العقاب ،وأن الحملة تسعى إلى تصحيح القوانين من خالل مجلس النواب. “يجب التنسيق بين المعنيين بقضايا المرأة والبرلمان“ من جھة أخرى تؤكد النائبة خلود خطاطبة الناطقة باسم كتلة وطن البرلمانية في تصريح لـ /DWعربية ،أن مثل ھذه الحمالت أمر إيجابي يؤدي إلى التغيير حتى وإن لم يصل ھذا التغيير إلى مستوى ما يطمح إليه القائمون .وتطالب النائبة بضرورة التنسيق بين الجھات المعنية بقضايا المرأة وحقوقھا وبين مجلس النواب ومحاولة القيام بالتغيير إلى األفضل ،خدمة للمرأة األردنية. الشعار الرسمي لحملة“ :حقك أولوية”
61
وتقول النائبة خطاطبة إن النساء من بين أعضاء مجلس النواب األردني يھتمن بالقوانين “المجحفة بحق المرأة” والتي تحتاج إلى تغيير أو تعديل ،وتؤكد أنھا ستدعم كل ما يحسن من وضع المرأة .وتضيف أن أغلب القوانين المتعلقة بالمرأة يجب التعامل معھا بانتباه ،فعلى سبيل المثال ھناك القانون المتعلق بإسقاط العقوبة عن المغتصب إذا تزوج الضحية .إن ذلك “يقتل الضحية مرتين” مطالبة بإلغاء ذلك القانون حتى يعاقب المغتصب وال يسمح له بالزواج من الضحية المغتصبة ،خاصة وأن الفتاة في أغلب القضايا تكون تحت سن الرشد القانوني. جرائم بھدف “اغتصاب الميراث“ وفي موضوع المطالبة بتجنيس أبناء األردنيات المتزوجات من أجانب تقول خطاطبة ” :إن ھذه المسألة لھا أبعاد سياسية ديموغرافية معقدة ويجب أن تناقش تحت قبة البرلمان للخروج بآلية تضمن حقوق المرأة المتزوجة من غير األردني”. وفيما يتعلق بتخفيف العقوبة عن مرتكب جريمة الشرف تقول خطاطبة ” :إن ھذا القانون يجب أن يلغى ايضا “فغالبية الفتيات اللواتي يقتلن بدواعي الشرف ھن عذراوات” وھذا الموضوع خطير .وھناك بعض الجرائم التي ترتكب من خلفية “اغتصاب الميراث” .ويعني ذلك أن األخ يقتل أخته التي ترفض التنازل عن ميراثھا ،حيث يدعي أنه قتلھا بداعي الشرف .و”أحيانا يقتل األب ابنته واألخ أخته والزوج زوجته بعد مكالمة ھاتفية كيدية دون التأكيد” وتضيف قائلة“ .ال يحق ألي إنسان أن يطبق القانون بنفسه ،وال يجوز بداعي الشرف أن نأخذ حقنا بيدنا .ھذا مرفوض تماما” .كما تؤكد النائبة. “قوانين عادلة في مجتمع خال من التمييز“ وترى عروب صبح الداعمة لحملة “حقك اولوية ” في حوار مع DWعربية“ ،إن الحملة مھمة كون المواطن بشكل عام ال يعرف الكثير عن حقوقه وعن الدستور وكيف أنه من الممكن التأثير بالمعرفة على الحياة اليومية وعلى المرأة التي يعتبرھا البعض “الحلقة األضعف بالمجتمع”.إن المرأة في أشد الحاجة لمعرفة حقوقھا وما يترتب عن ذلك” .ولذلك تؤكد المتحدثة على أھمية المجتمع المدني ومنظماته في الدفع بتحقيق العدالة االجتماعية والضغط على المؤسسة التشريعية والتنفيذية لمواجھة التمييز ضد المرأة
62
“اﻟﺠﻨﺲ ،اﻟﺮﻗﺺ ،ﻋﻘـﻞ اﻟﻤﺮأﻩ” حنين المعموري كلمات ترعب مجتمعي ،الكل يقفز محتجا” على ھذه الكلمات oھم يمارسون الرذيله فقط في السر ويلعنوھا بالعلن. فيخافون من الجنس بأعتباره رذيله اليمكن ان نتطرق لھاo أما الرقص فيعتبرونه مقتصرا” على أولئك الذين اليملكون أخالقا”oعلما” أن أعلى المستويات في المجتمع الغربي ھم الذين يعلموا ويدرسوا ھذه الھوايهo أما عقل المرأه فيأتي كاآلتي: ھي في الدين قد أثبُتت أنھا ناقصة عقل )وھم يقصدون بھا غير ماكان يقصد به النبي من الطبيعه العاطفيه للمرأه( ،تريد أنت أن تخلف كالم Zورسوله !!! ھي ال تصلح ألي فكر أو نقاش !! الثالث كلمات أعاله التمثل عدم الحشمه المتعلقه باالخالق،،وأنما تمثل عدم الحشمه المتعلقه بعقليات خاليه من صفاء النيه. كل شخص يفسر المفاھيم على مايحتاجه لمصالحه oوكونوا واثقين ان اغلب اولئك الذين يحتجون على بعض المفاھيم ھم بالحقيقه من السباقين لممارسة مايسموه الرذيله ،وما الشك بذلك أناس تملكھم الجھل قبل النور . Zن الجنس ھو طاقة ،كباقي أنواع الطاقة ،تستدعي التفريغ والشحن ،طاقة تحفيز إيجابية ،ھندسة اجتماعية قائمة بذاتھا ،حيث ھناك الجنس الشرعي فأي عالقة خارج رابطة الزواج ھي فساد ،والجنس المحرم كل ممارسة جنسية ال تحكمھا قوانين شرعية ووضعية ) من الناحية الدينية( 63
والجنس اإليجابي ـ اللذة ،الجنس السلبي ـ السادية والمازوشية )سيكولوجية (، الجنس كتأسيس للمجتمع واالستمرارية ،الجنس كتنمية لالستھالك )تكاثر االفراد استھالك اكثر ( ،فقط اردت ان اشير ان مناقشة اشكالية الجنس معقدة جدا تستدعي انفتاح على مقاربات علمية متعددة. سوف اذكر لموقف مررت به فــ قبل فتره كنت في الحافله oوبيدي كتاب نوال السعداوي )الوجه العاري للمرأه العربيه( وأنا مستمره بالقراءه وصلت لموضوع اسمه الحب والجنس عند العرب oكانت ھناك امراه تجلس بجانبي oالتتخيلوا كيف كانت نظرتھا oتنظر لي وكأنني أسوء رذيله وجدت على االرضoأكيد بداخلھا تقول ماذا تحمل ھذه الوقحه وكيف تتجرأ أن تقرأ مثل ھذه المواضيع!! فمباشرة بعد نظراتھا لي أصبحت أحاول أن أخبيء بعض من صفحات الكتاب ووضعت أصبعي على العنوان كي اليراه احد الى ان انتھى الموضوع وذھب قلقھم الذي كان يحيطني،وكان تصرفي تالفيا” للنقاش بمثل ھذه المكان الغير مناسب و لو كنت بمكان اخر الستعديت للنقاش معھا،فكيف تشرحين لھا ان ھناك لعلم الجنس اھميه ليست متقصره ع الرذيله فقط. وكما قالت نوال السعداوي: أن ھؤالء الذين يقللون من اھمية علم الجنس اليدركون األسس االوليه لعلم السياسه، وان ھؤالء الذين يقللون من أھمية البحوث العلميه الخاصه بالنساء وعالقتھن بالرجال ويعتبرونھا قضايا ثانويه محدوده اليدركون المشاكل الحقيقه في المجتمع واليتعمقون في أفكارھم العمق الكافي الذي يمكننھم من الربط بين قضية النساء وقضية المجتمع كله. وغني عن القول أن تخلف النساء في أي مجتمع يقود إلى تخلف المجتمع كله وإن تخلف المجتمع يقود إلى تخلف النساء ،واليمكن بحال من األحوال فصل قضية تحرير النساء عن تحرير المجتمع كله. أما بخصوص الرقص فـ ھو اليختلف تماما عن الجنس في تفريغ الطاقات العصبيه وحاالت الشد التي ترافق االنسان،فعند الرقص تحدث عملية االسترخاء ،قد يستعملھا بعض االحيان علماء النفس كدواء لبعض الحاالت الكئيبه ،ھو يفرغ ذلك السموم القابع بداخلك ھو فن قائم بحد ذاته ودواء النعرف عنه الكثير… أن الرقص ھو اللغه الصامته التي تتكلم بدون صوت لتعبر عن عواطفه وسعادته او 64
حتى حزنه تعبيرا” جسديا بحركات رياضيه فنيه ،وعلى الرغم من نظرة المجتمع الشرقي السلبية لفنون الرقص الناتجة عن صورة نمطية سلبية للراقصة والمرتبطة باإلغراء المتركز في الجانب الجسدي بمعزل عن الجانب الروحاني. أن الفيلسوف االنجليزي ھفلوك يختصر الحديث عن فن الرقص كفن راق بقوله” : إذا كنا ال مبالين في نظرتنا إلى فن الرقص فإننا ال شك فاشلون ليس في تفھم الظاھرة السامية للحياة المادية فحسب بل في تفھم الرمز السامي للحياة الروحية أيضا”. واذا أردنا أن نتحدث عن عقل المرأه فال يكفي صفحات لنتحدث عما يتعلق بنظرة المجتمع لھا،،لذلك ساختصار بشرح مفھوم ناقصة عقل ذلك ألن عاطفتھن أزيد ، فنحن نجد األب عندما يقسو على الولد ليحمله على منھج تربوي فإن األم تھرع لتمنعه بحكم طبيعتھا .واالنسان يحتاج إلى الحنان والعاطفة من األم ،وإلى العقل من األب .وأكبر دليل على عاطفة األم تحملھا لمتاعب الحمل والوالدة والسھر على رعاية طفلھا ،وال يمكن لرجل أن يتحمل ما تتحمله األم ،ونحن جميعا ً نشھد بذلك
اﻟﺮﻗﺺ ﺧﻤﺮة اﻟﻤﺮأة وﻧﺸﻮﺗﻬﺎ !! ) (٢ ليندا كبرييل – أخواتي ..بعد إذن الجميع . الصرامة تتكلم .تحوّ لت األنظار إلى أم الشھيد .ھذا أول تواصل لي مع إحدى ً رواية أو سمعا ً عن منجزات الصحوة ،ال العنعناتيين والعنعناتيات ..وإنما ّ بث حي مباشر. تط ّرقتن إلى مواضيع شتى ھي منمشاكل مجتمعنا الراھنة كالرياضة . األفراح .
65
النقاب .وعلينا تقديم النصيحة الصادقة ليستقيم أمرنا. اھت ّزت الرؤوس مؤمنة على كالمھا . أما الرياضة ..فلستنّ غافالت أيتھا المحترمات عما تسببه الحركة من إثارةْ يحملن الميداليات ،وليس وتھييج الغرائز .غايتنا أخواتي الجسم السليم ال بطالت من أھدافنا أن نغلب أحداً في البطوالت العالمية ،فالغلبة ~ وحده ،والجھاد في سبيله فحسب .نحن نشجع المرأة على ممارسة الرياضة في بيتھا ،ال في النوادي التي تخلق المفاسد ،وال في المدارس حيث يمكن ألي عين س ّراقة تصوير فتياتنا من بعيد. المرأة في خرقھا الحرام تشجع الرجل على الفاحشة .سؤال سيداتي :أال يمكن للرياضيّة أن تجري في ) الماراطون ( إال بالبكيني ؟ والرجال ماشية حالوة معھم وھم يبحلقون بالمؤخرات المكتنزة والصدور المھتزة .حسبنا Zونعم الوكيل ،ھذا فساد يتضافر مع قوى الشياطين إللھاء الناس عن واجبھم الديني .انحالل مخيف. {زلز ْل يا قدير أقدام تلك القردات الماراثونيات اللواتي ال يميّزن بين الحالل . واالنحالل} ْ ْ استوفت نفسھا قوة أمسكت عن الكالم وھي تنقل نظراتھا بين وجوھنا الصامتة حتى من اھتمامنا فعادت لتك ّر علينا بحملة انقضاض أخرى ،ما رأيكِ أنت ؟ وكانت مليكة األقرب لھا عندما باغتتھا بالسؤال فأجابت في لجلجة: نعم ~ يا أستاذة ..ولكنھم في الغرب رغم انحاللھم المزعوم ..ناجحونمنتصرون ،ونحن رغم محافظتنا ..وأخالقنا المزعومة ،متبجّ حون منكسرون . كانت لدينا سبّاحة مھيّأة بامتياز الحتالل مراتب رفيعة في البطوالت العالمية فلم تظفر إال باتھامات شرسة في عرضھا حتى اضطروھا لالعتزال. رم ْتھا أم بالل بنظرة مسربلة بالتھ ّكم ثم ر ّدت عليھا بلھجة ممطوطة منطوية على سخرية: أي نجاح ھذا يفيد اإلنسانية مع استھتار الغرب بالقيم األخالقية ؟ثم بلھجة جدية :ھاتي ،اشرحي لي :كيف تفسرين ارتداء نساء التنس قطعة واحدة كاشفة تماما ً عن الصدر والرجلين بعكس الرجل الذي يرتدي تي شيرت وشورت محتش َمين ؟ 66
فقالت مليكة: اإلنسان يعجز نفسيا ً عن تقبّل صورة مختلفة لما استق ّر في عرفه ،فيلجأ للرفض. نعم ،نحن ال نعرف ھذه الصورة ونرفضھا .إنھا الھجمة الغربية إلفساد النساءتحت مسمى رياضة وحرية المرأة ،ھذا مسيره إلى اإلباحية والفجور. ْ تنزلت والدليل استطابتكم أفراح اليوم وھي حرام شرعا ً ،ومن عمل الشياطين التي عليكن ومألت عقولكن بالخياالت ،فتشعرْ ن بالبھجة الزائفة بما يتخللھا من عربدة وفحشاء ور ّقاصات ماجنات أموالھن حرام جاءت من لصوص ومرتشين. قالت ابتھال: إن كان كذلك فالمبالغ التي يتقاضاھا الدعاة من التلفزيون والكاسيتات أيضا ً حرامألنه عمل مأجور ،والمفترض أن تكون دعوتھم تطوّ عية إرشادية لوجه ، Z الرقص عمل تعيش منه الراقصة أما.. الفنون حرام ،والرقص خالعة ،ليس شيمة بل شتيمة لخلقنا وسجايانا.فقالت ابتھال وكأنھا أرادت توجيه غمزة إلى إقبال التي يملك زوجھا شركة لتنظيم رحالت الحج: وماذا تقولين يا أستاذة في الميزات المغرية الخاصة التي تق َّدم للحجاج في الفنادقالفاخرة ،كمقابلة المشاھير من الدعاة والفنانين التائبين ،أو حجز أماكن للصالة في الصفوف األولى من الحرم مقابل تسعيرة معينة كأنھم في سينما ،أال يحمل ھذا شبھة التكسّب واإلتجار بالدين ويدل على تفوّ ق الغني على الفقير ؟ ھذا منطق جاف ،ديننا نجح في التوفيق بين تكاليف الحياة وأوامر السماء فيوحدة منسجمة ال تنفصل ،والسعي إلى الرزق وتعمير الدنيا أمر إلھي ،ھم ال يسرقون وال يكذبون بل يقومون بخدمة المؤمنين ،والكل يصوم ويز ّكي ويح ّج وباب المغفرة ي ّتسع للجميع حتى لكنّ أنتن اللواتي يفترض أن تكنّ ضمير المجتمع وضابط تحضّرنا ورقينا . 67
أصبح الحديث محصوراً بين الصقور أم بالل ،ابتھال ،راوية. لكن صوتا ً من الحاضرات خرج يؤذن بأن معارضة ما في طريقھا للظھور .خرق ّ ُ المغطي للفم كما تخرق الرصاصة دريئة الرمي وقال: حجاب المنديل الصوت َ أين نتلمس بالضبط تحضّرنا ورقيّنا ؟ھنا ،كانت إقبال األسرع في الجواب: ليس كخصوصيتنا الثقافية ما يضمن لإلنسان العدل والشرف والكرامة .البعد عنثوابتنا الدينية أبْعدنا عن روح الحضارة الزاھية التي عاشھا أجدادنا فسادوا العالم وفضّلوا عليه بعلمھم. احت ّج الصوت الرصاصة: لكننا اآلن في ذيل العالم ،أين ذھبت منجزاتنا ؟ ھل يرضيكِ أن نعيش علىمنجزات الغرب ثم نعترض على غزوھم الثقافي لنا ؟ ْ شعشعت أنواره في تاريخنا وامت ّد إلى لماذا ال تبالون بحقوقكم ؟ مجدنا الذيأرضنا األندلسيّة ،الفضل لنا في علوم أوروبا ،ومنجزاتھا العلمية التي توصّلت لھا بضاعتنا األصلية و ُتر ّد إلينا اآلن. ْ سقطت إسبانيا} ! { ُ الخرق في المنديل األسود قائالً: تح ّدى داخلكِ ينطق باالشمئزاز من األجنبي ،ومع ذلك ذھب ابنكِ ليدرس في أميركاالمنحلّة الكافرة ِ .ل َم ھذه االزدواجية في سلوككِ ومظھرك الغربي ونصوصنا المقدسة تنھينا عن التشبّه بالضالين ؟ {أيوه ..ل َم ااا ؟؟؟} تري ْ ّثت إقبال لتعمّق وقع كالمھا على الحضور ،ثم قالت بھدوء يوحي بغض ٍ كامن ب ٍ مثلكِ سيدة محافظة على مظھر الحشمة في نقابھا نأمل منھا أن تكون أكثر رشداًفي تقدير كالمھا. أجاب الصوت المن َّقب: 68
إنه إرادة أبي وأخي ،شخصيا ً أفضّل الحجاب العادي وكفى ..وبدون ماكياجالعينين والشفايف المعيب ومظاھر الزينة المخجلة التي ترافقه وتفسد المعنى الذي ُ شرِّ ع ألجله ،فأصبح فاضحا ً لجمال المرأة وفتنتھا ال ساتراً لھا! تد ّخلت أم بالل بلطف قائلة: ت نفسك أيتھا المؤمنة عن الغاية أوافقكِ على مالحظتك الرشيدة ولكن ..ھل سأل ِمن فرض والدك النقاب عليك ؟ أال تتف ّكرين ؟ لماذا لم يفرض عليّ وأنا في الحج ؟ ھاتوا برھانكم!{ھاتوا} !! ثم أزاحت المنديل عن وجھھا وتابعت: كان يمكن أن أفكر لو لم يختلف أھل العلم في اإلفتاء بأمره .حتى صانع القبقابأفتى في الحجاب والنقاب!! أجابت أم بالل وھي تضغط على نھاية بعض الكلمات كأنھا جرس منبه لش ّد االنتباه :أختي الكريمة ..النقاااب ھو األساس ،وتحرص عليه كرائم النساء اقتياداً ن نبتقول سيدتنا عائشة ) ر( عن صفوان بن المعطل ) :كان قد رآني قبل الحجاب فلما سمعت صوته خمرت وجھي ( ،كذلك ابن تيمية ال يجيز كشف وجوه النساء .ولكن ن ..بعيداً عن األقوال القدسية وتفسير الفقھاء ،ھناك سبب يدعو للنقاب ،ھل يخفى عليكن ن ن ن ؟؟ ثم أشارت بسبابتھا إلينا واحدة واحدة وھي تقول بصوت يستعر حماسة :كان يجب أن تتوصّلن بأنفسكن ن ن ..للغاية الحقيقية من النقاب. بمعان موحية تخترق وراحت السيدة في صمت التر ّقب تنقل نظراتھا المسربلة ٍ عيوننا المتسائلة ثم قالت في صوت مسرحي خ ّف ْ ت ش ّدته: منْ منكنّ تشك أنه بدءاً من النھدين فصعوداً حتى الرأس يشابه مكانا ً آخر فيالجسم ؟ 69
تطلّعت الوجوه المقطبة ببعضھا حيرة. {حاشاك ..وھل ..ھناك ..إال ذاك ؟؟} ! استرعى انتباھي منظر المنقبة الرصاصة وأكتافھا تھتز بتأثير ضحكة محبوسة. قطعت أم بالل الصمت وقالت بلھجة قاطعة مانعة: النھدان وما فوقھماااا يماثل الفخذين وما بينھما!!ُ سمعت :النھدان وما يعلوھما يماثل الفخذين وما مرّت لحظات كأني لم أستوعب ما بينھما ؟؟!!! ْ ّ تشق طريقھا على األلسنة باستحياء ،ثم أصبحت ھمھمة تعبّر عن بدأت غمغمة لت دمدمة واحتجاجا ً لبثت أن تب ّد ْ ْ بعض ارتياب وقد غلب الخجل نفوس النساء ..ما تفجّر وتشظى في داخلي ،فاعتر ْتني رجفة وأنا أرى إحدى السيدات تخاطب زميلتھا وھي تشير دون صوت إلى وجھھا وبطنھا ثم تجمع سباب َتيھا وتجحظ عينيھا متسائلة ،فتجيب األخرى بإيماءة تأكيد صامتة من رأسھا. لعن Zھذا الزمن الذي جاءنا بھذا االبتذال والوقاحة وإذ بھا تھمس لصديقتھا َ : األخالقية ،ثم صاحت وعيناھا ترميان الغضب: كيف نفھم ھذا الكالم الغريب يا حاجة ؟قالت أم بالل: لنتمعنْ في تركيب القسم األعلى من جسم المرأة .لن نندھش من أن الوجه ومايحيط به من شعر وأذ َنين وفم وعنق يذ ّكرنا بتطابق اللفظ والمعنى في القسم األسفل منه ،بل إن ..الكاشفة فيكن ن ن ..عن القسمة األبرز واألھم م م المميّزة للوجه ْ كشفت عن عورتھا ذاتھا!!! وھي األنف ..كأنما تحجّرت العيون .جمدت القسمات .انسطلت الوجوه .تس ّمرت األطراف. عندما تجنح التفاھة وتطيح في الھلوسات بھذه الصورة المؤذية تتخ ّ شب األلسنة ُ وتنزوي الحكمة ،ولعل إدراكي في لحظا ٍ استعدت نفسي ،ش ّدني إلى ت تخ ّدر ،ولما الزمن الحاضر صوت سھير وھي المدافعة عن الكثير من توجّھات أم بالل تقول 70
بشجاعة: اسمحي لي يا أستاذة ..ھذه مبالغة لتفسير النقاب .لماذا ال يشرّع للرجل ؟يكتو بنار الفتاوى والتفسيرات: أجابت أم بالل من موقع منْ لم ِ قال تعالى ) :وال يبدين زينتھن إال لبعولتھن ( oو )يا أيھا النبي ق ْل ألزواجكوبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليھن من جالبيبھن (.oو ) وإذا سألتموھن متاعا ً فاسألوھن من وراء حجاب ( ورسولنا الكريم ) ص ( قال ) :المرأة عورة فإذا خرجت استشرفھا الشيطان ( .ولم يق ْل ذلك في الرجل. نفھم مما أكده أھل العلم أن ستر المرأة بالنقاب واااجب ب ،اقتياداً ن ن بسيدتنا عائشة التي خمرت وجھھا بما يدل على أن الوجه عورة .أين علمكِ يا سيدة سھير؟ فر ّدت راوية: لكن ال يوجد آية صريحة في النقاب كما لم يبيّن Zحكما ً على الممتنعة عنه. Zسبحانه وتعالى أعطانا العقل لنفكر ونتلمس المعاني التي أرادھا وھا أنذا أفعل.ت عقلك المف ّكر إلى طريق يقطع جسور {نعم ..ولكنك يا ست أم بالل وجّھ ِ التواصل اإلنساني. ال يمكن للفعل األخالقي اإلنساني إال أن يكون نابعا ً من ذات حرة غير مرھونة لخصوصي ٍة خانقة لقيمة وجود اإلنسان} . ْ حضرت صديقتنا ” فاديا ” – ج ّدة وبينما أم الشھيد تراقب ردود الفعل المتضاربة ، عروستنا اليوم – وكدنا ننسى أمرھا ! جاءت تر ّحب بالحضور وتدعونا إلى الصالون لتھنئة العروسين ،وخصّت السيدة أم بالل بتحية تقدير وصحبتھا إلى صالة االستقبال. قالت تغريد: يبدو أننا نعيش في زمان عجيب ،فكلما ّشذ اإلنسان عن المألوف وغالى في أفكار تطفح بالقبح ،كلما زاد اإلقبال عليه. وقالت إلھام: ال جدوى من مناقشة منْ ال تجمعك به لغة مشتركة ..إنه موسم الحصاد للبعضوالكساد للبعض اآلخر وزمن فساد للجميع. 71
وقالت سھير بصدق: ْ غرقت حتى أنعتبرھا مثالية دينية متطھّرة من االستھتار شابھا دروشة أو سذاجةالتعصب فأذھلتنا ؟ دخلنا الصالة الذھبية للتھنئة ونحن نتأمل األبھة واإلبھار. انضم ْ ّت إلينا فاديا وكانت تبدو سعيدة و َدعتنا إلى بيتھا بعد انتھاء مراسم التھنئة لمتابعة االحتفال. كانت الشمس حادة تنعكس على ما تغصّ به الصالة من مرصعات فيغمر بريق المعدن المشھد ،ليختفي البشر من دائرة النظر تحت ھذا الوھج الشديد ،وليد ّل على افتقاد المصمّم الحس الجمالي واإلنساني رغم اإلمكانيات المادية الواضحة. أعشى األصف ُر الم ّتقد عيني ..فغاب الحضور وغابت عني العروس ولم ْ يعد يظھر منھا إال السالسل والطوق حول رقبتھا والقيود في معصمھا وقد أغرق ْتھا في بحر الذھب واأللماس!! مجتمع بأسره ..نساؤه قبل رجاله ال يست ِنمْن إال إلى بريق قيود الذھب في أياديھن. فھل من الغرابة أن تطالب المرأة شاريھا ) بوثاق ( من معدن نفيس مقابل وثاق الزواج ؟ فتؤمّن لھا األسواق إغراءات شتى من أغالل مجوھرة ُت َج ّر بھا المرأة إلى حظيرتھا راضية. ْ يتقافزن طمعا ً بذھب األوليمبيك ؟؟ فعال َم التعب وصناعة بطالت إيـــــــه سيدي نابليون! وسوسة الذھب بيمين أمه وھي تھ ّزه ،فھل إن كان الطفل العربي ال يأنس إال إلى َ يسارھا المحمّل باألغالل قادر على ھ ّز العالم ؟؟ ّ غربك محالة بالجواھر تلبّس عشراً من نساء وإن كانت يد واحدة إلمرأة عربية َ المرّيخيّ ،فكيف ستطفو سفينة العرب المث َقلة بكل ھذه المراسي الذھبية لتنطلق إلى الفضاء ؟؟ ولما فطن أحد مسؤولي القاعة إلى إسدال الستائر اللمّاعة لراحة عيون الحاضرين ، ع ّم الصالة جو أصفر بارد كئيب! 72
ُ الشعاع!!! الشمس فعلمت أن الذھب معدن مظلم بذاته ،ال يتألأل إال إذا استأدى َ َ َ البريق!!! الذھب وأن اإلنسان معدن مضيء بذاته ،ال يخبو إال إذا استأدى َ ليس باألصفر الر ّنان يحيا اإلنسان. مر ْ ّت عيوننا خالل التھنئة على العريس الكھل وضحكته إلى شحمتيْ أذنيه. وجه أحمر ،يحمل صلعة لماعة تتناثر عليھا شعيرات رمادية وقد كرّم قانون الكروش بطنه بسخاء حاتمي .أما العروس ،فرائعة الق ّد والجمال. بدا العريس إلى جانب ) لعبته ( كجمل ٍة موسيقي ٍة شاطحة في النشاز واإلغراب في ثنايا لحن فائق العبقرية يحلّق بسامعه في نشوة الجمال الساطع!!! ْ زعت علب الحلوى الفاخرة ھدية العرس ،وانطلقت زغاريد خجلى تكشف عن وُ مكنون النفوس لالحتفاء بالحياة رغما ً عمّنْ سھّلوا لقبضة التزمت من اإلطباق على عنق الفرح. وأطباق اإليطالي والفرنسي ؟ وجاء جواب ھازئ من تغريد :لو تذ ّكر العريس الخيمة ..لو ~ كل ما يخطر في بالكنّ يصبح تحتھا حالالً. ْ دعت أكثر من عشرين صديقة لالحتفال ،والكل يم ّني تو ّجھنا إلى منزل فاديا التي النفس باألطايب التي اشتھرت بصناعتھا بمعلمية مشھود لھا فيھا. ھل رأيتم فص َليْ الشتاء والصيف يأتيان معا ً ؟ ھنا تنوّ ع المناخ األنثوي في شوارعنا وبيوتنا سيتيح رؤية ھذه األعجوبة. الفاصل بين الموسمين عتبة البيت! فقبل اجتيازھا يخيّم الشتاء ،حيث تغيب شمس الحريم تحت طبقات األلبسة في الطرقات ،وما أن تخطو عتبة الدار وتلقي صاحبة المانطو يمين الخلع عليه ،حتى تشعر أن الخط البياني قفز عموديا ً في سرعة خاطفة ليشمل طول الحريم ،فتجد نفسك وكأنك دخلت صيفا ً خفيفا ً جداً وبال مقدمات! كاسيات ..ولكنھنّ عاريات.
73
ْ انشغلت سيدات باختيار الموسيقى المر ِّقصة ،في منذ لحظة دخول منزل فاديا ، حين كانت األخريات يتھيأن بعقد األحزمة المشنشلة على األوراك. الرقص في التجمعات النسائية كالعالمة الفارقة في الجسد ،تتميّز به. ْ اھمت ھامات الفن واإلبداع في خلق لوحة راقصة قاد ْتھا إقبال. س نعم نعم ..إقبال ال غيرھا ..العارفة جيداً كيف تتن ّقل من حارة الدين إلى حارة الدنيا ْ ْ انزوت المقدرات الفذة األخرى صاغرة أمام مشھد وقفت في الحلبة بمھارة .إذا زاخر بالتألّق. حوار باألجساد رائع. بدأت إقبال الرقص بمفردھا وحولھا البطانة .ھي تؤ ّدي وصْ لة ترتفع فيھا سرعة أدائھا لتصل بالتدريج إلى ذروتھا ،فيھت ّز جسدھا على إيقاع الطبلة السريع ،بينما البطانة تؤدي الزمة متكررة ،فإن أعطتھنّ اإلشارة ائتلف المشھدان في لوحة فنية واحدة ،تتعمّد الراقصة إظھار براعتھا في ھ ّز كل جزء من جسدھا بموجات متواترة ،فيصطفق جسدھا في نشوة غير مرئيّة ،وتغيب عن واقعھا كمنْ وقع عالم ال رجاء يُعقد عليه ،وقف تحت سطوة رغبة باطنية دافقة في االنفصال عن ٍ لھا بالمرصاد حتى في خلق األحالم!! أما المشاھِدات فقد شار ْكن في صنع إطار ھذه اللوحة الفاتنة بالتھليل والتصفيق. الرقص خمرة المرأة ونشوتھا!! ساعة رقص وھ ّز بألف ليل ٍة ذھبي ٍة رشيدية!!! حتى الطفلة الصغيرة التي لم تكفّ عن البكاء منذ وصولنا وكادت أمھا تفقد أعصابھا ،غمر ْتھا الدھشة وھي ترقب مشھداً مفعما ً بالحرارة والسخونة ،تتن ّشف له مكامن الدموع وتغلي األشواق بين الضلوع!!! وما أن تو ّقفت الموسيقى وتحلّقنا حول الطاولة العامرة بالمشھيات ،حتى عادت الصغيرة ّ تنق وتنوح ،وأيقظت بزعيقھا المزعج طفلين نائمين فبدأ صياح بمختلف الطبقات الصوتية الرفيعة الحادة ،شاركت فيه األمھات اللواتي لم ْ يجدن حالً ينفع ْ وأظھرت إحداھن قدرتھا على حمل طفلھا بيمينھا مع أوالدھن إال الحمل والھ ّز ، وصحن الحلويات بيسارھا وآخر على رأسھا وأخذت تھ ّز خصرھا الرشيق ،مما استدعى ثناء الحاضرات. 74
ھمست ابتھال وھي تلتھم البقالوة: تبا ً للنفاق ّ ..تريْن في ھذا الھشّ والبشّ ما ملثمة عارية ،محجبة متزينة ،أال َ يتاقض تقواھن ؟ وقالت تغريد وھي توزع علينا حالوة الجبن: أراه قلبا ً يسأل التوبة والغفران لكنه يتس ّتر على افتنان بمقارعة الصبوات ..مغاالةفي الواقعية دون تفريط بالمثالية الدينية ..التزام بمبادئ العقيدة إال أنه ال يخلو من الشك فيھا! وقالت إلھام: نحن بحاجة للرقص ،ليس ألنه ضد التزمت بل باعتباره عامالً للتواصل والتكاملاإلنساني .والفصل الجنسي الحاد في مجتمعنا كفيل بأن يضمن للرقص الشرقي ازدھاره ،ألنه المنفس الوحيد الذي يتيح للمرأة الحرية والسرور ومجاالً ال رقيب عليه إال نفسھا .ما رأيكِ ؟ ُ قلت لھا: ْ تناولت رأيي أنه ليس وقت إبداء الرأي ،فالطاولة بدأت تخلو من األطايب ،ھلإحداكنّ المبرومة بالفستق ؟ ال ..أنا ذاھبة لمغازلة القطايف بالقشطة أشھى ما على الطاولة قبل أن تتناولھا يد الجرد بالتعسّف! بدأ الجمع ينفرط عندما احم ّر ْ ت عين الشمس م ّنا. ُ كنت في الطريق أتلفت حولي بحثا ً عن تكسي وأنا مستسلمة لشريط أحداث الساعات القليلة الماضية ،بينما كانت األعمدة السوداء المتحركة لنساء بال وجه تطالعني ْ تراجعت المناديل بكثافة ،وشعرت أني كلما أسرعت الخطى إلى األمام كلما السوداء إلى الوراء بنفس السرعة. اقتحمت أم بالل ذاكرتي بقوة وأنا في السيارة. تلك السيدة المتخصصة باألصل في الفنون الجميلة ،أيمكن اعتبار قولھا الصادم كما ْ تدروشت فشارف عقلھا تطرّف السذاجة ؟ قالت سھير شطحة مثالية الفم .الرحم .الحريم .الحرام َ .و ْيالً للغ ٍة غير محايدة ،وشعب يلعب بھا لعبا ً! 75
ْ أطبق شف َتيْك على نھاية كل كلمة لتس ّد نافذة النور ويوصد مغالق الباب مع النقاب. أيكون قول أم بالل شطحة فكر نفعي يُيمّم راداراته نحو المثالية كما الواقعية ، والخير كما الشر ،والمعرفة كما الجھل ،ثم يستخدم رخص الدين لتكون معمودية للحرام ،فتنفرج الشفتيْن مع ) الحالل ( وينفرج النھار ويتم ّدد ولو مع النقاب ؟ أم قد تكون شطحة خيال فنان أساء استخدام ريشته للتعبير عن رؤيته فأضحكنا ؟ ُترى.. ھل أرادت أم بالل أن تقول لنا إن اإلنسان كلمة ،والعنق ھنا طريق للكلمة . واإلنسان حياة ،والعنق ھناك طريق لصرخة الحياة األولى. وكما الرحم مركز إخصاب الحياة كذلك العقل مركز إخصاب الكلمة من التقاء السمع والرؤية ،وكالھما :العقل والرحم الزارعان في قرار مكين ،حيث يترعرع النبت في ظالم حصن حصين قبل أن ُتل َفظ الكلمة من ھنا إلى النور واإلنسان من ھناك للنشور ؟؟ أيا َ كان.. الفكرة أخالقية مھما أوتِي لھا من قوة الح ّجة ،فإنھا تصاب بالضمور ثم العطالة بمجرّد تفريغھا من المحتوى اإلنساني. إيــــه سيدي نابليون! األنثى العربية ال تعرف إال ھ ّزتيْن مس ّجل َتيْن ماركة عالمية باسمھا: ھ ّز السرير لطفلھا ،وھ ّز الخصر لزوجھا! ولكنْ ن ن ن.. لآلالم ذاكرة ،تستتِر تحت الحجاب ،ويالً له ..ليقين الرجل لو اھت ّز ْ ت!!!
76
ﺣﻮل اﻟﺤﺠﺎب اﻟﺮاﻗﺺ! ماجد جمال الدين كتبت األخت العزيزة ليندا كبرييل مقالھا الرائع ) الرقص خمرة المرأة ونشوتھا ( حيث بأسلوبھا األدبي البديع فضحت فيه مدى النفاق اإلجتماعي والزيف اإلنساني الذي تخلقه قضية الحجاب ،وفي نفوس النساء خاصة بتعارضه مع حاجاتھن الروحية والجسدية وتقييده البغيض لمشاعرھن التي تحاول اإلنطالق الحر كما في عملية الرقص الذي ھو أيضا حاجة غريزية عرفھا اإلنسان قبل بدء التاريخ . ألكبت النفسي ألذي يفرضه اإللتزام بالجاب والعباءة وتحديد أنواع معينة من الملبس يجعل الرجال والنساء عندنا أقرب إلى الھمجية حتى حين ممارستھم للرقص في أألفراح العائلية مثال ،فھم يتحركون عادة بأشكال حادة ومبتذلة بعيدة عن الرشاقة الفنية ..بينما في المجتمعات أألكثر تحضرا منذ الطفولة يتعلمون ثقافة الرقص . مقال أألخت ليندا أستثارني لتذكر ما كتبت أنا سابقا حول بعض جوانب الموضوع .. في عام ٢٠٠٧في منتدى وشبكة البرلمان العراقي ) ،وھو منتدى حواري تركت الكتابة فيه منذ أمد طويل ألن ذھنية غالبية أعضاءه ال تختلف كثيرا عن ذھنية أعضاء البرلمان الحقيقي ( ،طرح أحد الزمالء قضية الحجاب للنقاش الحر ،ومن ھنالك أنقل مداخالتي : ))عن ألحجاب وألتبرج مرة أخرى ،وإضافة لكل ألنقاشات وما كتب عن ألمسألة وليس ھنا فقط ! أريد أن أسأل ھل يمنع ألحجاب ألمرأة عمليا أن تتبرج ،أي تبرز محاسن أنوثتھا في ألشارع وأمام كل ألناس ؟ وأنا ال أتكلم عن ألمذيعات في قنوات ألجزيرة وألفضائيات أإليرانية ..بل عن كل إمرأة. كما أعتقد فإن حتى ألنقاب و ألعباءة ،بغض ألنظر عن طريقة إختيارھما ،لم يستطعا يوما أن يثنيا ألمرأة من محاولة إظھار مفاتنھا مثال من خالل طريقة ألمشي ألمالئمة لتركيبھا ألجسدي. 77
وسؤال آخر :ھل ألرجل ال يتبرج ؟ oما ھو مفھوم ألتبرج ؟ لالسف أألديان أإلبراھيمية خلقت مجتمعات ذكورية بحيث ال يستطيع ألمرء حتى أن يفكر بطريقة متوازنة ..بحيث يقول أحدھم ھذا الغباء مثال :ألمرأة أإلنسان للشارع وألمرأة أألنثى للبيت ! ؟ وال أعرف ما ألذي يمنعه ،عدا إزدواجيته ،من تعميم ھذه ألمقولة عن ألرجال أيضا ..وعند ذاك سيفھم خطلھا. ألتبرج وإظھار مفاتن ألجسد وجمالياته غريزة إنسانية أولية سواء عند أإلناث أو ألذكور ،كما ھي أيضا من ألغرائز أألولية عند كل ألحيوان ..وعدا عن ھذا فھي بألنسبة لإلنسان حاجة نفسية و إجتماعية!! إذا كان ألناس ال يختلفون حول ألجملة أألولى ،فألثانية تثير عادة ألكثير من الشكوك ولذا أود تفسيرھا ھنا بشكل واضح ،،فألقضية في ألتبرج ال تخص أإلناث ـ ألبنات وألنساء عامة وحدھم فقط بل ألذكور أيضا أطفاال وأوالدا ،رجاال وكھوال وشيبا.. ألحاجة ألنفسية.. ألرجل أو ألمرأة منذ أقدم أألزمان وعند كل ألشعوب كانوا دائما يتبرجون ،بإضفاء ألتلوينات وألعالمات ألفارقة والمفرقعة ) وأحيانا بشكل مثير للدھشة وأإلستغراب ألعميق عن أبعادھا ألجمالية ( على وجوھھم وأجسامھم بمختلف أألعضاء ،أو بألمالبس أوغيرھا من ألطرق أإليحائية ألتي تبرز مفاتن ألتكوين ألجسدي وتخفي ما ال يراد إظھاره ..وألقضية خاصة ما تتنامى في فترة ألمراھقة ـ ھنا كتعبير عن ظھور ألحاجة ألجنسية عادة ومحاولة أإلثارة وألتأثر ،ولكن ليس ھذا ھو كل ألسبب والسبب الرئيس والدائم ھو محاولة إثبات النفس ووعي الذات بوحدانيتھا وتفردھا ، إي إظھار خصوصية ألشخص وألتعبير عن حالته أمام أآلخرين ليلقى منھم اإلھتمام بألشكل ألذي يناسبه ..ولنالحظ أيضا أن ألبھرجة في ألتبرج ) ولنسميه ألتبرج ألزائد عن ألحد وحتى ألمثير للضحك بالجماليته وخروجه بشكل حاد عن المألوف ( يكون عادة كرد فعل ألفرد على ألشعور بعدم إھتمام أآلخرين به ..أو كبته في إظھار نفسه وتبرجه كحالة طبيعية ) ..من يحضر حفالت ألزواج عندنا حين تكون ألنساء لوحدھن وألرجال لوحدھم سيفھم ماذا أعني (. بعد سن البلوغ بفترة وبعد شعور أإلنسان ،من ألجنسين ،بأنه كون نفسه كذات مستقلة ،فإن ألتبرج عادة ما يتحول إلى نوع من ألطقوسية ألجمالية ـ أألناقة ألمتفردة .ھذا ألتبرج ألھادىء وألذي يستمر عادة طيلة حياة أإلنسان ،اليبدل أسبابه 78
وطبيعته ..وربما بألعكس يتحول إلى شيء ملتصق بألفرد وال يستطيع ألتخلص منه بسھولة فھو مالزم الزم له في طريقة ألتعبير عن نفسه وحاجاته ذاتھا والتي لم تتبدل ..طريقة ألتبرج ذاتھا تكون عنده معيارا لشخصيته أمام نفسه وألمرآة ألتي يستعملھا .ألمرآة ھنا بألمعنى ألحرفي وألمعنوي ألبالغي. الحاجة أإلجتماعية.. ألمذاھب ألشمولية لخلق وعي جمعي ) قطيعي ( تحاول بشتى ألطرق توحيد كل ألناس ـ أفكارھم وما يأكلون وما يلبسون وكيف يتصرفون ،بفرض تصورات إنموذجية معممة من منظورھا ألضيق ألذي ال يستوعب ألخصوصية ألفردانية لإلنسان ..تالميذ ألمدارس يجب أن يلبسوا ھذا ألزي ألموحد وطلبة ألجامعة ھكذا وعليھم أن يتصرفوا بھذا ألنمط ،والعاملون أو ألموظفات عليھم أن يلبسوا ھكذا ويتحدثوا ھكذا وال شأن للمرأة بألسياسة كما ال شأن للرجل بألطبيخ وتبديل حفاظات طفله ألخ.. ألتبرج بحد ذاته يخرق ھذه ألقواعد ،ألنه تعبير عن ألفردانية .وھو كما عند ألمرأة أو ألرجل يساھم في تشكيل نوع جديد من ألعالئق ألمجتمعية بحيث تبدأ ألنظر لآلخرين ليس على أنھم عامة ،وكتلة منصھرة موحدة بل تبدا بإحترام ذوات كل أألفراد أآلخرين ..كل شخص ھو آخر مختلف ..وليس أآلخرين كحالة ھالمية ما. ربما أعود الحقا لتصوير ألفكرة بشكل أمثلة حياتية لجعلھا أكثر وضوحا وإقناعا .. بأن ھذه ألمسألة على بساطتھا ألظاھرية ھي حاجة أساسية أآلن للتطور أإلجتماعي. ھنا مقتطف صغير من رسالة شخصية كتب ُتھا من ألمھجر ألذي استمر قرابة ثالثين عاما ُ ،إلى شقيقتي ألتي تركتھا طفلة ولم أراھا أوأحادثھا طيلة فترة الغربة ،مع ألعلم أن ألرسالة طويلة جدا وبعثتھا حينھا 79
كردود بعدة أجزاء قبل أن أستطيع ألعودة للوطن بداية عام ،٢٠٠٤وألھميتھا ألفكرية وألبعيدة عن ألخصوصية كما أعتقد ،فقد كنت نشرتھا في إحد ألمنتديات على أإلنترنت نھاية ألعام ..:٢٠٠٦ ت لي ما معناه أن ترك ألحجاب يفترض أوال ((أختي ألحبيبة في رسالة سابقة كتب ِ وجود عالم من ألناس ألمالئكة .ألمسألة ھنا عندكِ موضوعة بالعكس كما لو مشى عمر أإلنسان على يديه وأستعمل قدميه .ألحجاب اليقي أبداً ال البنت وال ألمرأة بأي ٍ كان ،اليقيھا ال من عواطفھا و حاجاتھا ألجنسية ذاتھا وال من إمكانية ألتعدي عليھا مجتمع من ألشباب وألرجال من ألسفلة ،إذا كانت تريد ألمحافظة على نفسھا في ٍ متخلف متوحش فلتتعلم ألكاراتيه أو تخفي في ثيابھا مسدس صغير .بألطبع ھنالك وسيلة أھم ھو ألحصول بعملھا ألطيب على إحترام أآلخرين فيكونوا كلھم عنھا مدافعون وأخو ًة لھا سواء كانت محجبة أم ال .تحجب ألبنات وألنساء وفصلھم منذ الطفولة عن أألوالد وألمجتمع ألرجالي ھو ألذي يخلق ألكبت والمشاعر ألھمجية وأألخالق ألتي ھي أوطأ حتى من ما عند ألقردة ،بينما ترك الحجاب ولبس ألمالبس ٌ ذوق وفن يربي ألمشاعر وإحساس ألرقة والجمال بما يرفع الناس الجميلة التي فيھا إلى مرتبة ألمالئكة. ت العفاف إذا أختي الحبيبة أنوار الھدى نفس ھذا الشيء ينطبق على ما تسمينه أن ِ ت ترين به معنى أن تبقى ألفتاة باكِراً حتى زواجھا ) على ألطريقة أإلسالمية كن ِ طبعا ً ( .وتعتقدين طبعا ً أنً ألمجتمع أألوربي وأألميريكي وغيرھا ھي مجتمعات فاسدة إلنھا تحلل العالقة الجنسية قبل ألزواج .اوالً معنى ألعفاف والعفة بأللغة ألعربية ھو أن يعف ألمرء عن ما ليس له وليس له به حق مثالً ال يسرق ،وال يسيء إلمرأة سافرة أو غير سافرة لم تعجبه مشيتھا أو ھي ھيجت شھوته الحيوانية وال يكتم نفسه ويعِف عن التعدي على حريات أآلخرين .وھنا أقول لكِ :في ألمجتمع ألبشري ألراقي ألمتحضر فعالً جمال المرأة ألعارية ال يھيج ألشھوة ألجنسية بشكلھا ألحيواني ،بل سواء عند ألرجال وألنساء يثير أكثر ألمشاعر أإلنسانبة سمواً ـ ألشعور ألجمالي ومشاعر أأللفة وألمحبة وأألحترام. أما عن مسألة ألبكارة فأقول لكِ أن ھنالك شعوبا ً عديدة سواء في ألھند والصين واليابان أو في أألميريكتين ليس فقط تسمح بألعالقة ألجنسية قبل ألزواج بل ھي تربي أطفالھا وتعلمھم منذ ألصغر ممارسة ألجنس كما يعلمونھم أخالق وآداب ألجلوس حول مائدة الطعام إلن ھذا يخلق في نفوسھم إحترام الذات وألجنس أآلخر ويمنع عنھم الھمجية ألحيوانية وأألمراض ألنفسية ألتي يخلقھا ألكبت ألجنسي كعدم 80
الثقة والشعور الدائم بألنقص سواء عند الفتيان او الفتيات .من ألجھة ألثانية أؤكد لكِ ومن تجربتي ألخاصة ضمنا ،أن الممارسة الجنسية قبل الزواج وأقصد بألضبط مع أفراد آخرين وليس فقط الزوج أو الزوجة ألمنتظرة يقوي ويعمق مشاعر الحب ألزوجي وأإلحترام بين ألزوجين وال يقلل ابداً عدد ألزيجات ،في أالخير كلھم سيلتقون شركاء حياتھم وسيتزوجون وحياتھم الزوجية أسعد بكثير مما لو كانوا عرفوا فقط بعضھم البعض .والخيانة ألزوجية وألرغبة ألمكبوتة فيھا وألتي تھين كرامة أإلنسان أمام نفسه ،تقل أيضا عاد ًة .ألمشكلة في ألنفاق ألذي يتعمده رجال ألدين بألخلط بين ألحرية ألجنسية من جھة وألبغاء وألدعارة من ألجھة أألخرى وإعتبارھما شيئين متماثلين ،بينما ألعكس ھو ألصحيح فھما شيئان متناقضان ومتضادان تماما ً .فبينما ألحرية ألجنسية تربي ألمشاعر ألروحية وأخالق ألسلوك ألمتكافى بين ألبشر وشعورھم بالمسؤولية عن عالئقھم فيما بينھم ونتائجھا ،فإن ألبغاء وألدعارة إذالل للطرفين وإستعباد للمرأة بوجه خاص وجعل جسدھا ومشاعرھا سلعة تباع وتشترى وال يھم من كان ألنخاس. وأقول لك أن أغلب ألزواج في أعراف وتقاليد مجتمعاتنا أإلسالمية ووفق شريعتھا ما ھو إال نوع من ألبغاء وألدعارة وخاصة أن بعضا من والة أمر ألفتيات أي آبائھن بألحقيقة ال يختلفون نفسيا عن ألنخاسين في سوق ألعبيد تجرھم لذلك ألتقاليد ألبالية وأغلب رجال ألدين ألذين ال يرون ضيراً بل ربما يمجدون أن تقتل فتاة بريئة إغتصبت ،أن تقتل بإسم ما يدعونه بألشرف ألعائلي بينما يھيجون غضبا ً أن تذھب ألفتاة بإرادتھا لشخص أحبته وإن أنجبت منه فال يعترفون حتى بشرعية وجود ھذا ألطفل ويبررون قتل ألفتاة وألطفل ألبريء. وفي أحسن أألحوال عندنا فإن أآلباء وأألمھات ھم ألذين يأخذون على عاتقھم مسؤولية إختيار شريك ألحياة ألبنائھم وبناتھم وھذا بألطبع أسھل لھم بكثير من أن يربوا في بناتھم وأوالدھم روح ألحرية ويعلمونھم كيفية التعارف ومعرفة أآلخرين بفضائلھم وسيئاتھم وكيفية أإلختيار ألصحيح ومسؤولياته ،وبألنتيجة فأألزواج ألجدد من ألشباب اليشعرون بمسؤولية ذاتية عن أخطائھم ھم وال بألطبع عن أإلختيار الذي لم يقوموا به بل جاء كالقدر ألمحتوم ليحكم عقودا من حياتھم وبنفس أسلوب ألتسلط يطبقونه على أبنائھم وبناتھم. الفساد في العقول والقلوب ال يخلقھا أإلنفتاح الجنسي وما يسمى ألثورة ألجنسية بألنسبة للمجتمعات ألمغلقة كألمجتمعات أإلسالمية بل بألعكس يخلقھا ألكبت ألجنسي وأألوھام ألتي يغرسھا رجال الدين .نسبة أللواط والسحاقيات في ألسعودية وإيران 81
ھي أكبر نسبة في العالم كله وبعدھا طبعا باقي ألبلدان العربية ألتي ُتشيد بإسالمھا ، وھم يتحدثون على أن أوربا فاسدة إلنھا ) بعض ألدول ( جعلت من حق أألفراد توقيع عقد زواج كعيش مشترك بين رجلين أو إمرأتين من ألشواذ بيولوجيا )ونسبتھم في كل ألمجتمعات أإلنسانية تقارب ٢ـ ( % ٣يريدون ھذا إلنفسھم وھذا حقھم فھم أحرار وال يريدون ان يختبأوا في ألمرحاض ،بينما ألكبت ألجنسي وعدم أإلنفتاح بين ألجنسين ھو ألذي يزيد ھذه ألنسبة أيضا في مجتمعاتنا ألمتخلفة. ُ تعرضت ھنا بصراح ٍة كاملة وعمداً إلصعب أألشياء أختي ألحبيبة أنوار ألھدى أنـا أكون كاذبا ً ألتي قد تجرح مشاعركِ في قضايا ألدين ألذي أرتضيه لنفسي حتى ال َ أمامكِ وامام نفسي .ھذا ألحديث ألصريح قد ال يستسيغه أحد في مجتمع ألقھر ألفكري ألذي عشتم وتعيشون فيه وربما فقط بعد بضع سنوات يبدا ألناس بتفھم تناقشين بھا أفكاري ھذه .كل ھذا وتقبل ما قلته .فأرجو منكِ ان ال تكتبي لي رسالة َ يمكن ان ينتظر ،بعد رجوعي سيكون لنا ألوقت ألكافي للحديث والفھم ألمتبادل)) .
ﺍﳌﺮﺃﺓ ﺍﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻴﺔ ﺑﲔ ﺳﻨﺪﺍﻥ ﺍﻻﺣﺘﻼﻝ ﻭﻣﻄﺮﻗﺔ ﻓﺤﻮﻝ ﺍﻟﻌﺎﺋﻠﺔ نور العبد :Z أصبح القتل على خلفية الدفاع عن الشرف أحد مظاھر العنف اليومي في المجتمع الفلسطيني والذي بات يطال الكثير من األسر الفلسطينية ،نظراً ألن الجاني عادة ما يكون شخصا ً ذا سلطة قوية في العائلة ،فمن ناحية لديه ثقة وقربة من الضحية ومن ناحية أخرى اعتباره أن شرف العائلة يدخل ضمن وظائفه العائلية. وإذا رفعت الضحية صوتھا وطالبت بالنجدة؛ ينتھي المطاف بھا إلى مصير محتوم وھو قتلھا خوفا ً من أن يكون مصيرھا الضياع واالنحراف .ولذا ،إما االستمرار بعملية االستسالم للشذوذ أو القتل. 82
بات الحل الثاني األسھل في نظر فحول المجتمع الفلسطيني ،في دفن الضحية حيث تدفن الحكاية والتفاصيل. ففي مجتمع عربي كالمجتمع الفلسطيني يتجه التركيز على قيمتي الشرف واالحتشام بشكل أكبر من التركيز على مواجھة العدو وإيقاف االستيطان. أما عن السبب الحقيقي للقتل فھو ضعف الوعي الديني لدى الجزء األكبر من الناس حول كيفية معالجة الشريعة اإلسالمية لقضايا المجتمع خاصة فيما يتعلق بھذه األمور وھو محاولة المجرمين اإلفالت من العقاب. فالعادات والتقاليد علمت المجتمع وأبناءه أن شرف المرأة ھو الحفاظ على غشاء البكارة بينما شرف الرجل ال يتعلق بسلوكه أمام الناس أو داخل األسرة بل يتعلق بسلوك زوجته وبناته وخواته و حالة غشاء البكارة لديھن. حاولت النساء الفلسطينيات مراراً وتكراراً مطالبة الرئيس محمود عباس بإصدار مرسوم رئاسي يجرم قتل النساء على خلفية ما يسمى بشرف العائلة وتشديد قانون العقوبات وتعديل بعض مواده التي يستفيد منھا القتله بالحصول على أحكام مخففة، ولكن ال حياة لمن ينادي .حتى اليوم تسفك الدماء بحجة الشرف ومن تثبت عليه التھمة يبرأ ألنه أراد الحفاظ على شرفه وشرف العائلة .أو يجلس في السجن مدة قصيرة جداً. موضوع أدى إلى انتفاض الكثيرات من ناشطات المؤسسات النسوية بإطالق حملة على شبكات التواصل االجتماعي أطلق عليھا اسم ” في فلسطين القتل مسموح”. ونقلت صحيفة القدس العربي عن الصحفية بثينة حمدان منسقة مجموعة صبايا حائرات للقدس العربي” لقد أطلقنا قبل شھور حملة “معا الستصدار قرار رئاسي يجرم قتل النساء في فلسطين” نطالب فيھا بتعديل القوانين التي تحمي القاتل على خلفية ما يسمى “شرف العائلة” وأرسلنا عشرات الرسائل لمكتب الرئيس دون أي تجاوب ،إلى أن رد مستشار الرئيس القانوني بمقال شكك فيه بمطالب الحملة وحمّل المرأة مسؤولية ھذه األفكار والتقاليد ،لذا توجھنا لعدد من المؤسسات النسوية والحقوقية والتي أعربت عن تضامنھا مع مطالبنا التي ھي مطالبھم ونتج عن ذلك إطالق ھذه الحملة التي تضم صوت الشباب والشابات والحقوقيين والمختصين بقضايا المرأة والذين لم يتوقفوا يوما ً عن المطالبة بتعديل القوانين خاصة التي تحمي قتلة النساء“ 83
حصلت فلسطين على عضوية جزئية في األمم المتحدة بعد نضال طويل كانت المرأة الفلسطينية جزءاً ال يتجزأ منه ،لكن ھل ستحصل المرأة على حقھا في العيش بعد جريمة بشعة ال يد لھا فيھا؟ ھل يجدر بأمة بأكملھا تعيش تحديات كبيرة في وجودھا ومستقبلھا وأمنھا أن تحول اھتمامھا إلى بكارة المرأة؟ لماذا ال تعطى المرأة حقھا في تقييم ما ھو المھم واألھم؟؟ ھل يعتبر غشاء البكارة أقوى من أي نضال؟ استيقظوا يا فحول فلسطين ووجھوا تفكيركم وتركيزكم إلى نضال أكبر! أوفوا بالوعد الكبير أمام Zوأمام األمة العربية .تمعنوا في اآلية الكريمة وفي كالم :Z َو َّ ِين ْال َفا ِح َش َة مِنْ ِن َسا ِئ ُك ْم َفاسْ َت ْش ِھ ُدوا َع َلي ِْھنَّ أَرْ َب َع ًة ِم ْن ُك ْم ۖ َفإِنْ َش ِھ ُدوا الالتِي َيأْت َ ت أَ ْو َيجْ َع َل َّ َ ُZلھُنَّ َس ِب ً ت َح َّت ٰى َي َت َو َّفاھُنَّ ْال َم ْو ُ يال ﴿.﴾١٥ َفأ َ ْمسِ ُكوھُنَّ فِي ْال ُبيُو ِ ٤شھود! ٤شھود.o
فكروا يا فحول األمة وتمعنوا
84
ﺳﺎﻓﺮات ﻣﺤﺠﺒﺎت ﻣﻨﻘﺒﺎت ﻣﻐﺘﺼﺒﺎت سيماء المزوغي “آه يا تونس كيفاش تقوملك قومة وأنت مع ّ ششة فيك بومة” أيھا الغول “المتغوّ ل” ال تخاف من حمل السالح وإراقة الدماء وتخاف من شعر امرأة؟ أترعبك إلى ھذه الدرجة أنوثة المرأة ومشيتھا ورائحة عطرھا وضحكتھا؟ أحقا ترتعد إن نظرت إليك وتتصبب عرقا من فعل رفع الضمة عن الكسرة؟ ألھذه الدرجة تش ّكل اتفاقية سيداو خطرا على رصيدك البدني والبنكي واألخالقي؟ إن كان كذلك فأنصحك بغض البصر ومزيد من التعفف والتزھد. الطفوا ذات الحولين ،ذات الثالثة ،ذات األربعة وال تنسوا ما ملكت أيمانكم وشمالكم ،انكحوھن من قُبل ومن دبُر صباحا مساء وقبل الصباح وبعد المساء ويوم األحدَ ،وإِنْ لم يكفكم ذلك فاستعينوا بالحبوب الزرقاء وال تنسوا ما أنعم به عليكم الشيخ “جوجل” في معرفة أبواب النكاح ،بابا بابا وفصال فصال ..وإن لم يكفكم ذلك فعنفوھن واغتصبوھن آمنين مطمئنين عسى أن يشملكم عفو الرئيس بعد ذلك.. ھيا اقرعوا الطبول وانفخوا المزامير وافرشوا لسيادته البساط األحمر واقذفوه بالورود والياسمين وافسحوا له الطريق وحذار أن تتركوا امرأة حرة تعترض موكبه الفخم وال تنسوا أن تنظموا له ما تيسر من المديح وحتى الغزل ألنه وديع ،طيّب، حنون لكن غير محظوظ.. 85
سيد الحقوقيين األول واألخير ،أما علمت أنك غير محظوظ مع شعبك؟ أقيل لك أن الصدفة تآمرت عليك وخانت مشوارك النضالي بالضربة القاضية؟ فعندما كنت تلقي محاضراتك عن حقوق البطيخ كانت أصوات المالئكة تخنق حتى تغتصب وكانت الحرائر من صغيرتھنّ حتى كبيرتھنّ يتذوقن فنون المھانة والوحشية فواحدة تسحل على مرأى ومسمع من الفحول المف ّحلة ،وواحدة ُتسرق و ُتغتصب تحت الحماية المقدسة ،وثالثة تي ّتم دون ذنب ورابعة تع ّنف ألنھا دافعت عن راية وطنھا.. يا !Zإن لم يُجبرك معتوه قبيح بالزواج بقاصر وإن لم يدعك إلى ختانھا ،مع أنھا أنثى تختلف فزيولوجيا عن الذكر ،وإن لم يزيّنوا لك ل ّفھا بالراية السوداء وإن لم يحرموا المساواة بينھا وبين أخيھا الرجل وإن لم يشرعوا لھا جھاد المناكحة، فسيبررون لك اغتصابھا دون شك. بعدما قسّمت نساء بالدك إلى سافرات ومحجبات ومنقبات أقترح أن تضيف المغتصبات إلى القائمة حتى تصبح سافرات محجبات منقبات مغتصبات في انتظار الثائرات المزلزالت عرشك الناصبات مشانق الجھل والعنف والتفرقة.. أغرب جرائم حقوق القطط البشعة ارتكبت عندما تولى أسد حقوقي مغوار عرش الغابة ،وأية غابة؟ لو بعث ابن المقفع بيننا لما استطاع كتابة حرف واحد على لسان كليلته خرست دمنته من ھول الھموم ونتن الضمائر الحقوقية..وأنا ال أملك الحقيقة كي أسدي لك نصائح تجلب لك الحظ مع شعبك لكني أملك بنتا صغيرة تعيش في وطن صغير أخشى عليھما أكثر من أي شيء آخر.. آسفة ،كنت أريد أن أكتب عن الجمال والعلم والحب والقيم النبيلة ،وجدتني أكتب رغما عن أنفي عن مجانين في وطن الثورة. أنسيت سيدي األسد وعدك عندما طلبت مھلة من شعبك؟ فل ُترمى المھلة عرض الحائط ،حماية القطط واألرانب ال تحتاج إلى مال وبرنامج اقتصادي إنما إلى ترسيخ ھيبة الغابة من خالل األمن ،كيف لك أن تنام وبناتك تغتصب يا حامي الحمى؟ أو جفت أقالمكم أمام اتفاقية سيداو وامتألت حبرا أمام أمور ال تعنينا وال يمكن أن تعنينا..؟ أنسيت؟ أم أخلفت بالوعد؟ ال قطعا ،ال فاألسد ال يخلف وعده
86
اﻷزﻫﺮ ﻳﺤﺴﻢ اﻟﺠﺪل“ :اﻟﺤﺠﺎب” ﻋﺎدة وﻟﻴﺲ ﻓﺮﻳﻀﺔ إﺳﻼﻣﻴﺔ
منح األزھر شھادة الدكتوراه للشيخ مصطفى محمد راشد في الشريعة والقانون، بتقدير ممتاز ،عن أطروحته التي تناول فيھا ما تشيع تسميته بـ “الحجاب” )غطاء الرأس االسالمي( من الناحية الفقھية ،مؤكدا أنه ليس فريضة اسالمية. وأشار الشيخ في رسالته إلى أن “تفسير اآليات بمعزل عن ظروفھا التاريخية وأسباب نزولھا” أدى إلى االلتباس وشيوع مفھوم خاطئ حول “حجاب” المرأة في اإلسالم “المقصود به غطاء الرأس الذي لم يُذكره لفظه في القرآن الكريم على اإلطالق”. واعتبر الشيخ راشد أن بعض المفسرين رفضوا إعمال العقل واقتبسوا النصوص الدينية في غير موقعھا ،وأن كل واحد من ھؤالء فسرھا إما على ھواه بعيدا من مغزاھا الحقيقي ،وإما لنقص في “القدرات التحليلية لديھم ناتج عن آفة نفسية”، والسبب في ذلك يعود إلى تعطيل االجتھاد رغم أن المجتھد ينال حسنة من Zحتى وإن أخطأ. ويرى أصحاب ھذا الرأي أن السبب في ذلك يكمن في قاعدة “النقل قبل العقل” المعتمدة في البحث االسالمي. 87
آيات خصت بنساء الرسول وأخرى اقتصرت على ستر النحور وينطلق معارضو فرضية “الحجاب” في اإلسالم من تفسير غير صحيح من وجھة نظرھم لآلية ) (٥٣من سورة “األحزاب” ،التي جاء فيھا }وإذا سألتموھن متا ًعا فاسألوھن من وراء حجاب ذلكم أطھر لقلوبكم وقلوبھن وما كان لكم أن تؤذوا رسول Zوال أن تنكحوا أزواجه من بعده أبدا إن ذلكم كان عند Zعظيما{ ،إذ يرى ھؤالء أنھا تخص أمھات المؤمنين فقط ،وضرورة وضع حاجز بينھن وبين صحابة الرسول. وجاء أيضا في اآلية ) (٥٩من السورة ذاتھا} :يا أيھا النبي قل ألزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يُدنين عليھنّ من جالبيبھن ذلك أدنى أن يعرفن فال يؤذين وكان Z غفورا رحيما{ ،والتي نزلت بحسب قولھم لتحض الحرائر على وضع ما يستر وجوھھن كي ال يكن عرضة لرجال يسترقون النظر إليھن كما يفعلون مع الجواري. كما يؤكد من يتبنى ھذا الفكر أن اآلية رقم ) (٣١من سورة النور} :وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارھن ويحفظن فروجھن وال يبدين زينتھن إال ما ظھر منھا وليضربن بخمرھن على جيوبھن وال يبدين زينتھن إال لبعولھن أو آبائھن أو آباء بعولتھن أو أبنائھن أو أبناء بعولتھن أو إخوانھن أو بني إخوانھن أو بني أخواتھن أو نسائھن أو ما ملكت أيمانھن أو التابعين غير أولي االربة من الرجال أو الطفل الذين لم يظھروا على عورات النساء وال يضربن بأرجلھن ليعلم ما يخفين من زينتھن وتوبوا إلى Zجميعا أيھا المؤمنون لعلكم تفلحون{ ،نزلت لإلشارة بستر النحر ،أي أعلى الصدر والعنق ،بسبب انتشار حالة سادت عند نساء العرب ال يسمح بھا اإلسالم. ويرى مھتمون أن األزھر قطع الشك باليقين ،وأنھى النقاش الدائر حول الحجاب وما إذا كان “عادة أم عبادة” ليصرح وبشكل قاطع أن الدين االسالمي لم يفرضه
88
التحرش الجنسي ليس قضية جنسية بل ھو مسألة سلطة و نفوذ إقبال الغربي بدأت مسالة التحرش الجنسي تحتل موقعا إعالميا متميزا في جميع أنحاء العالم ،و قد أثار االغتصاب الجماعي لفتاة ھندية زوبعة سياسية زعزعت المؤسسات الدولة كما تحول اغتصاب مريم التونسية إلى قضية رأي عام ھزت وجدان كل التونسيين و جندت وراءھا كل الجمعيات النسائية وكل الفئات التقدمية. بيد أن ھذه الظاھرة ليس حديثة فھي قديمة قدم البشرية و ھي حولت حياة مئات الماليين من النساء والفتيات إلى كابوس دائم ،ودمرت مستقبل ماليين من األطفال فتيان وفتيات تعرضوا العتداءات جنسية الزمت آثارھا السلبية كل فترات حياتھم. والتحرش الجنسي ھو سلوك عدواني فيه انتھاك للحصانة النفسية و الجسدية وھو يتجسد في إيحاءات جنسية غير مرغوب فيھا ،لفظية أو جسدية ،أو بحركات ذات طابع جنسي سواء أكان ھذا السلوك بشكل صريح أو ضمني .وله أشكال متعددة ووسائل متنوعة تختلف حسب المكان و الزمان و الفاعلين االجتماعيين وتتعدد أشكاله من المالحقة واللمس والنظرة الفاحصة واستخدام اإلشارات والتلفظ بكلمات بذيئة والتصفير إلى الھرسلة الھاتفية أو عبر الرسائل الخo ورغم مجھودات وسائل اإلعالم و المشھد اليوم في إبراز قضيا التحرش الجنسي والمخاطر التي تترتب عنھا ،النفسية والصحية بالنسبة للمتحرش بھم ،واألخالقية والتربوية بالنسبة للمتحرشين فان اغلب التحاليل تكتفي بعرض فضائح و جرائم التحرش الجنسي بشكل فرجوي ال تكشف عن بنى الھيمنة التي تقف ورائھا و عن ھيكلة موازين القوى المتسببة فيھا. فالتحرش الجنسي ليس قضية جنسية بقدر ما ھو قضية سلطة و نفوذ!! فھو انعكاس للتفاوت الطبقي أو الجنسي بين المرأة و الرجل و للعالقات غير المتكافئة بين العامل و رب العمل بين الموظف و المسئول بين التلميذ و المعلم بين الطفل و الكھل إنّ البشر أثناء اإلنتاج االجتماعي لمعيشتھم يقيمون فيما بينھم عالقات معيّنة ضرورية مستقلّة عن إرادتھم .وتطابق عالقات اإلنتاج التفاضلية 89
السائدة وفي ھذا الصدد تظھر لغة األرقام أن العامالت المنزليات ھن من أكثر الفئات التي تتعرض للتحرشات الجنسية في جميع أنحاء العالم فالعاملة المنزلية تمثل في المخيال الجمعي نموذج المرأة الفريسة وخادمة الشھوة الجماعية ،وھي تعيد إنتاج الصورة القروسطية لملك اليمين واآلمة المستباحة شرعا دون زواج. كما كشفت تقارير وزارة الدفاع األمريكية أن أكثر من ٣٠٠حالة تحرش جنسي ضد نساء سجلت في ثالث أكاديميات عسكرية أمريكية عام ٢٠٠٤م ،وجاء في التقرير أن النساء يمثلن بين ١٥و %١٧من تلميذات الضباط في أسلحة البر والبحر والجو وأن “عددا كبيرا” من حاالت التحرش الجنسي لم يعلن عنھا. و بينت الجمعية األمريكية للنساء الجامعيات وھي منظمة تدافع عن حقوق المرأة مقرھا واشنطن عبر دراسة قامت بھا في األوساط الطالبية ان ٦١في المائة من الذكور و ٦٢في المائة اإلناث كانوا ضحية شكل من أشكال التحرش الجنسي ،وھو ما تعرفه الدراسة بأنه سلوك جنسي غير مرّحب به. وفي ضل عالقات شغل سلطوية و غير متكافئة تتعرض العامالت و الموظفات إلى المساومة الجنسية عندما يصبح عرض العمل أو شروط العمل أو الترقية أو إعادة التوظيف أو استمرارية الوظيفة رھينا ً بقبول الشخص لإليحاءات الجنسية غير المرغوبة أو بمدى احتماله لھا. وتوصلت نتائج الدراسة التي أنجزتھا المنظمة التونسية لمناھضة العنف ضد المرأة والتي شملت عينة تتكون من ٥٠٠٠امرأة يمثلن مختلف فئات المجتمع محجبات وسافرات إلى أن ٦٧بالمائة من النساء التونسيات تعرضن للعنف الجسدي والمعنوي والجنسي خالل عامي ٢٠١١و ٢٠١٢وتؤكد الدراسة أن استفحال البطالة والفقر والشعور بالحرمان إضافة إلى انسداد اآلفاق أججت حالة من الضغط النفسي على األفراد وحولتھم إلى شخصيات عدوانية تستبطن استعدادا لممارسة العنف المجاني. فالعامل يعيش عملية استنزاف للجسد لصالح رب العمل وعملية استنزاف للوجدان نتيجة لإلحساس باالستغالل دون القدرة على الرد و العاطل عن العمل يفتقر إلى ھوية اجتماعية مع شعور ساحق بالعجز و احتقار الذات والكل يتحولون إلى قنابل موقوتة جراء البؤس الجنسي و الحرمان العاطفي و يلتجئون إلى التحرش الجنسي لتفريغ جزئ من ھذه المعاناة 90
فالتحرش سلوك عنصري غير شرعي يمارسه األقوياء ضد الضعفاء ،والذكور ضد اإلناث ،والرؤساء ضد المرؤوسين،والكبار ضد األطفال أو القاصرات ،والبشر ضد الحيوانات في بعض الحاالت و على المستوى السياسي استعمل التحرش الجنسي كاستراتيجينا للردع و القمع المعمم و ذلك لتأديب الناشط السياسي و لتمرير رسالة ترھيب الرعية حتى يمنع كل فرد نفسه وذويه من كل نشاط سياسي لكي خوفا من التعرض لھذه الجريمة البشعة التي تقع داخل أقسام الشرطة و في السجون و لدينا عدة شھادات من المناضالت اإلسالميات و التقدميات وعرفت بلدان الربيع العربي عمليات تحرش جنسي ممنھج إلرھاب الناشطات السياسيات و النساء السافرات و ذلك في إطار سياسات اإلقصاء و فرض تحجيب النساء و إرجاعھن إلى خدورھن وھي تقنية بشعة البتزاز المرأة واستغاللھا وتعريضھا لمزيد من اإليذاء النفسي والجسدي. أما على المستوى النفسي فيكشف التحرش الجنسي عن شخصية ھشة و صبيانية ال تعترف برغبة اآلخر تحتاج إلى تشييئ المرأة لتأكيد الذات أمام النفس و أمام اآلخرين عاجزة عن إقامة عالقات صحية و ندية مع المرأة. و غالبا ما يكون المنحرف أسير رغبة السيطرة و متعة التحكم في الطرف اآلخر ومحاولة تطويعه و إخضاع إرادته فالمتحرش الجنسي يمكن أن يكون إنسانا خجوال و منطويا على نفسه وينتھز الزحام و الذوبان ضمن الحشد إلثبات ھيمنته و فحولته على الجنس األضعف وھو يستمتع بنظرات االستغراب و القرف من طرف ضحيته. فالتحرش الجنسي ليس عالمة حب أو رغبة أو عدم مقاومة إغراء المرأة بدليل أن التحرش يستھدف ايضا األطفال األبرياء و الرجال بل ھو احتقار و ازدراء لرغبة اآلخر و لرأيه و محاولة لتوظيفه إلشباع دوافع مرضية.
91
تسعى مجموعة االعالم الجديد ..الى اصدار كتب وكتيبات وملفات الكترونية للقراءة مجالنا ..ليس بھدف الربح ..وانما لنشر الوعي والمعرفة ..وتعريف القاريء على افضل ما يبدعه العقل العربي في مختلف الميادين
92