كتاب جسد المرأة الغواية ومحنة الإنسان اصدار الاعلام الجديد

Page 1

‫اﺻﺪارات اﻻﻋﻼم اﻟﺠﺪﻳﺪ ‪..‬‬

‫ﺟﺴﺪ ﺍﳌﺮﺃﺓ ﺍﻟﻐﻮﺍﻳﺔ ﻭﳏﻨﺔ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ‬

‫اﻟﻤﺮأة اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺑﻴﻦ ﺗﺄﻟﻪ اﻟﺬﻛﺮ و اﻹﻟﻪ اﻟﺒﺸﺮ‬

‫ﻣﻦ ﺃﻗﻮﺍﳍﻢ ‪ ..‬ﻛﻴﻒ ﻳﺘﺨﻴﻠﻮﻥ ﺍﳌﺮﺃﺓ‪..‬؟‬ ‫ﺍﻋﺪﺍﺩ ‪ :‬ﺭﻧﺪﻩ ﺯﻳﺪﺍﻥ‬ ‫ﺍﺻﺪﺍﺭﺍﺕ ﺍﻻﻋﻼﻡ ﺍﳉﺪﻳﺪ ‪ :‬ﺍﻻﺻﺪﺍﺭ ‪١٦‬‬ ‫‪1‬‬


‫الفھرس‬ ‫جسد المرأة الغواية ومحنة اإلنسان‬ ‫المرأة بين البدائ ّية والعصر ّية!‬ ‫المرأة العربية بين تأله الذكر و اإلله البشر‬ ‫قمع اإلسالم السياسي للمرأة والجنس كنذير ومظھر لفاشيته‬ ‫شرف الحرية‬ ‫فقر المرأة‪ ,‬ھدم المجتمع‬ ‫القانون الجنائي المغربي يكرس التمييز ضد المرأة‪.‬‬ ‫األورومتوسطي وحقوق النساء العالمية ‪ ,‬متى ؟‬ ‫مطلقة نادمة‪ :‬خذوا شھاداتي وأعيدوني لبيت الزوجية‬ ‫اإلعتقادات الذكورية عن المرأة‬ ‫حديث في مفھوم الشرف عند العرب‬ ‫ممارسة العنف والقتل ضد المرأة في العراق‬ ‫حملة أردنية لمواجھة القوانين المتعسفة ضد للمرأة‬ ‫الجنس‪ ،‬الرقص‪ ،‬عقل المرأه‬ ‫الرقص خمرة المرأة ونشوتھا !!‬ ‫حول الحجاب الراقص!‬ ‫المرأة الفلسطينية بين سندان االحتالل ومطرقة فحول العائلة‬ ‫سافرات محجبات منقبات مغتصبات‬ ‫األزھر يحسم الجدل‪“ :‬الحجاب” عادة وليس فريضة إسالمية‬ ‫التحرش الجنسي ليس قضية جنسية بل ھو مسألة سلطة و نفوذ‬

‫‪2‬‬


‫ﺟﺴﺪ ﺍﳌﺮﺃﺓ ﺍﻟﻐﻮﺍﻳﺔ ﻭﳏﻨﺔ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ‬ ‫رجاء نعمة‬ ‫مقدمة‪ :‬العولمة وعرش الجسد‬ ‫طاغ لجسد المرأة في اإلعالم واإلعالن‪ .‬حضور‬ ‫يتزامن نظام العولمة مع حضور‬ ‫ِ‬ ‫يشتد يوما ً بعد يوم‪ ،‬إن لجھة الكم أم النوع حيث يزداد ھذا الجسد‪ ،‬في المرئي‬ ‫والمقروء‪ ،‬عريا ً وأوضاعه غواية أو محاولة لھا على األقل‪ .‬وتساھم تكنولوجيا‬ ‫التصوير وتأثيراته في لعبة الفتنة والترويج حتى ليكاد اإلھتمام بالجسد‪ ،‬في اإلعالن‬ ‫"الفذ" لأللفية الثالثة‪ ،‬يغدو عديل االھتمام بالفكر واألدب والفنون الذي استحوذ على‬ ‫الصحافة في العقود السابقة‪ .‬مما‬ ‫يدعونا لتأمل ھذا الموضوع الذي‬ ‫لوال أھميته في الالوعي‬ ‫الجماعي والفردي البعيد منه‬ ‫والجديد‪ ،‬وقابلية استثماره في‬ ‫"اقتصاد السوق" لما تمكن من‬ ‫أن يتصدر المكانة التي‬ ‫"استحقھا"‪.‬‬ ‫في ھذه اللعبة يتقاسام المروّ ج‬ ‫والمنفذ والفاتنة األدوار‪ .‬المروّ ج‪/‬المفكر يشھر الحيثيات التي تصب غالبيتھا في‬ ‫خانة "الثورة على النظام األبوي"‪ ،‬وضرورة "فضح المسكوت عنه"‪ .‬كالم يستھلك‬ ‫عناوين لنظريات قيِّـمة وجديرة بالتأمل والجدل‪ ،‬برزت في القرن العشرين مع‬ ‫نھوض الفكر التحليلي والمدارس الحديثة لعلم النفس وعلم االجتماع‪ .‬استھالك ال‬ ‫يدل على استيعاب ھذه النظريات وال حتى على إلمام بسيط بھا؛ بل يجعل عناوينھا‬ ‫شعارات‪/‬مشاجب يحمّلھا ما يريد تحميله وما يالئم "الثقافة الجديدة" التي انخرط في‬ ‫إرسائھا‪ ،‬عن دراية أو غفلة‪.‬‬ ‫ال بد أنه قد أسقط في يد ھؤالء‪ ،‬عندما وجدوا من يزايد عليھم في "التصدي للنظام‬ ‫األبوي" بالتظاھر عريا ً‪ .‬حين خرجت في الغرب متظاھرات "ثوريات" عاريات‬ ‫الصدور‪ ،‬حذت حذوھن شابات في بعض البلدان العربية‪ .‬من ناحية أخرى وتجاوزاً‬ ‫للعري‪ ،‬بدأت أخريات يسجلن أسماءھن لتأدية واجب نبيل‪ ،‬يقوم به "الجسد" لمن‬ ‫‪3‬‬


‫انخرط في "خدمة العلم" أو "الثورة"‪ .‬تطوعا! لجھة العري والملبس‪ ،‬وفي نظرة‬ ‫استرجاعية لصورة الجسد في التاريخ يمكننا رصد ثالث محطات رئيسية‪ :‬العري‬ ‫البدائي ورمزه في األديان عري حواء وآدم؛ والملبس على أنماطه؛ والعري‬ ‫اإلعالني اإلعالمي المرتبط بالبورنو والمال؛ والعري االحتجاجي لتحقيق مكاسب‬ ‫"ديموقراطية" وھي كما سابقتھا في التسلسل ظاھرة ما بعد حداثية‪ .‬ھذه المظاھر‬ ‫التي تزداد تطرفاً‪ ،‬مدعومة من بعض وسائل اإلعالم العالمي والمحلي‪ ،‬تثير عدداً‬ ‫كبيراً من األسئلة وتدعونا من جديد‪ ،‬انطالقا ً من حاضر الجسد‪ ،‬إلى قراءة تاريخه‪.‬‬ ‫"أصل" الحكاية‪ :‬أنا "عاري" إذن أنا موجود؟‬ ‫إضافة إلى دوره اإلنساني العظيم في استمرارية الكائن البشري على األرض‪ ،‬كان‬ ‫الجسد‪ ،‬جسد المرأة بصورة خاصة‪ ،‬وما يزال موضوع الرغبات والھوامات‬ ‫والمخاوف والتحريم والتحليل والشتائم والتعيير‪ .‬وأيضا ً موضوع الفنون واآلداب‪،‬‬ ‫والفلسفات؛ وموضوعا ً محوريا ً في التصورات والحكايات والميثولوجيا‪ ،‬في األديان‬ ‫السماوية كما في النظريات الحديثة لعلم النفس وعلم االجتماع‪.‬‬ ‫ليس العنوان "أنا "عاري إذن أنا موجود" بلعبة كالمية بل ھي أشبه "بمعطاة" تتصل‬ ‫بجوھر المعتقدات السماوية‪ ،‬التي ال يفوتنا شأنھا الكبير في تثبيت التصورات التي‬ ‫سبقتھا كما في تشكيل وعي اإلنسان و"ال وعيه" بالنسبة للجسد ورغباته‪ .‬على تباين‬ ‫تلك المعتقدات‪ ،‬ھناك إجماع منھا على أن الخليقة على األرض بدأت مع آدم وحواء؛‬ ‫وإجماع على أن ھبوط جدينا من جنة السماء إلى األرض قد ارتبط بعري الجسد‪.‬‬ ‫وعلى األصح ارتبط "بإدراك ھذا العري"‪ .‬إذ لعل العري‪ ،‬حسب المعتقد الديني‪،‬‬ ‫كان موجوداً على غفلة من صاحبيه إنما بصورة "نورانية" غير مرئية حتى من‬ ‫صاحبيھا‪.‬‬ ‫قبل الوعي بالعري كانت ھناك منظومة سماوية يعيش فيھا "المخلوقين" عيشة‬ ‫مالئكية‪ ،‬غافلين عن تصوّ ر أجسادھم وإدراك عريھم؛ وكان ‪ Z‬قد حذر آدم ونھاه‬ ‫عن األكل من "شجرة المعرفة"؛ فظل بعيداً عنھا إلى أن وسوس له ابليس‬ ‫"بالتجربة" فدخلھا آكال و"زوجته" من الثمرة المحرّ مة‪ .‬لكنھما بعد األكل انفتحت‬ ‫أعينھما وعلما أنھما عريانان)التوراة(‪ .‬ولما ناداھما الرب ھربا واختبآ وراء شجرة‪،‬‬ ‫خجالً‪ .‬وبدآ يلملمان أوراقھا لتغطية عورتھما‪ .‬وإذ سألھما الرب عن السبب قاال إنه‬ ‫الخجل من العري‪" .‬من أعلمك أنك عريان؟" سأل الرب آدم‪ .‬ھل أكلت من شجرة‬ ‫المعرفة؟‬ ‫‪4‬‬


‫اكتشاف آدم عريه يشكل بداية الخلق كما بداية النص الديني‪ .‬إذ ال توجد نصوص‬ ‫دينية سماوية )بل ميثولوجية( تصور حياة اإلنسان والكائنات قبل اكتشاف‬ ‫العري‪ .‬اكتشاف العري كان االنتھاك األول للمنظومة السماوية وانسجامھا‪.‬‬ ‫والطريق إلى اإلدراك األول أيضا ً‪ .‬وكأن اكتشاف آدم عريه كان اكتشافا ً للذات التي‬ ‫لبسھا العري‪ .‬ورمزاً لھا‪ .‬ھذا االكتشاف الذي أفقده وحواء نعيم "اإلغفال"‪.‬‬ ‫وعلى الرغم من طلبھما الغفران‪ ،‬كتب على آدم وحواء الھبوط إلى األرض‪ .‬وتتمة‬ ‫طبيعية للوعي بعري الجسد والھبوط كان بدء التناسل وكانت الحياة على األرض‬ ‫وكان الثنائي آدم‪/‬حواء مؤسسھا‪ .‬ھكذا في المعتقد الديني ترتبط كينونة الدنيا وكينونة‬ ‫االنسان بوعي آدم عري جسده‪ .‬بل ويبدو ھذا الوعي سببا ً مباشراً للكينونة الجديدة‬ ‫والوجود البشري على األرض‪.‬‬ ‫الحكاية الدينية كثيفة األبعاد والدالالت‪ ،‬وتفتح على عدد من التساؤالت يدور أھمھا‬ ‫حول مغزى العالقة الشرطية بين شجرة المعرفة والرغبة؟ باألحرى بين "المعرفة"‬ ‫والجنس‪ .‬ما مغزى أن تجمع المعتقدات السماوية على أن "الوعي بالعري" ھو سبب‬ ‫"المعصية" والھبوط من الجنة ال العري في حد ذاته؟ وتجمع على أن منبع الخطيئة‬ ‫الوعي بالرغبة ال الرغبة في حد ذاتھا؟‬ ‫الجواب المباشر ماثل في األذھان‪ ،‬فالوعي يميّز اإلنسان العارف عن الحيوان‬ ‫الغافل‪ .‬على أن ھناك تفسيرات أخرى ال تندرج في خانة التلقائي‪ .‬والوعي يرتبط‬ ‫أيضا "بالتصور" و"التخيّل"؛ أي بالقدرة على الغواية‪ .‬القدرات "السحرية" للجسد‬ ‫ھو ما شغل البشرية واألديان وما زال يشغلھا حتى اآلن‪ .‬إذا كان الحيوان ال يعي‬ ‫جسده بل يمارس رغباته مع شريكه بالغريزة‪ ،‬فاإلنسان‪ ،‬بوعيه الرغبة وتصوراته‬ ‫وافتتانه بأداء جسده وجسد شريكه‪ ،‬يتمكن‪ ،‬ال من تحقيق الرغبة وحسب‪ ،‬بل ومن‬ ‫العبث بھا أيضاً؛ جاعالً الجسد موضوع غواية ووسيلة عبث وإيقاع‪ .‬إيقاع بالذات‬ ‫وباآلخر‪ ،‬بواسطة ما يُسمى في علم النفس "بھوامات" الرغبة التي ُتضاف إلى‬ ‫الدافع الغريزي والتي ال مراء في صفتھا البشرية‪ ،‬مقارنة بالعجز المفترض للحيوان‬ ‫عن االستيھام‪ .‬ولعل "ملكة" التصور والتخيل ھي ينبوع محنة اإلنسان التي أفقدته‬ ‫"البراءة األصلية"‪.‬‬

‫‪5‬‬


‫في البدء كان التمرد‬ ‫تجمع األديان السماوية على أن "إدراك العري" لم يتم تلقائيا ً في عالقة تقتصر‬ ‫"أخالقيا ً" على الثنائي آدم وحواء؛ بل قد ت ّم بواسطة طرف ثالث ھو إبليس أو بديله‬ ‫)األفعى في التوراة(‪ .‬فھو الذي وسوس لھما باألكل من "شجرة المعرفة"‪ .‬وجزا ًء له‬ ‫طرد ابليس من االجنة "مذموما ً" محقراً‪ ،‬مما جعله يشق عصا الطالعة على الخالق‬ ‫ويھدد باالنتقام‪.‬‬ ‫يدعونا طرد إبليس من الجنة للتساؤل ع َّم إذا كان "التمرد"‪ ،‬تمرد إبليس على مشيئة‬ ‫الخالق‪ ،‬ھو "البدء" الذي نتج عنه ھبوط آدم وحواء على األرض‪ ،‬أم أن "الوعي‬ ‫بالعري" كان البداية؟ تسلسل الحكاية كما وردت في اآليات واإلصحاح تشير إلى أن‬ ‫"التمرد" كان سابقا ً على اإلغواء‪ ،‬بل وكان السبب المباشر له‪ .‬فبعد حياة الرغد في‬ ‫المنظومة السماوية‪ ،‬ولسبب "يعجز عقل االنسان عن إدراكه"‪ ،‬طلب ‪ Z‬من المالئكة‬ ‫السجود آلدم‪ .‬جميعھا امتثلت وسجدت بال تساؤل فيما عدا إبليس الذي اعترض‬ ‫ِين‪َ .‬قا َل‬ ‫ِيس َل ْم َي ُكن م َِّن السَّا ِجد َ‬ ‫وتساءل‪ُ " :‬ث َّم قُ ْل َنا ل ِْل َمآل ِئ َك ِة اسْ ُج ُدو ْا آل َد َم َف َس َج ُدو ْا إِالَّ إِ ْبل َ‬ ‫ين"‪.‬‬ ‫ك أَالَّ َتسْ ُج َد إِ ْذ أَ َمرْ ُت َ‬ ‫َما َم َن َع َ‬ ‫ار َو َخ َل ْق َت ُه مِن طِ ٍ‬ ‫ك َقا َل أَ َناْ َخ ْي ٌر ِّم ْن ُه َخ َل ْق َتنِي مِن َّن ٍ‬

‫االنشقاق األول‬

‫يشكل رفض إبليس السجود منعطفا ً جوھريا ً في تاريخ المنظومة "األولى" كما في‬ ‫طبيعة "المخلوقين" الذين كانوا يعيشون فيھا في انسجام مالئكي؛ ومنعطفا ً في‬ ‫طبيعة األدوار التي سيضطلعون بھا حتى "يوم الدين"‪ .‬كان ھذا المنعطف ھو‬ ‫االنشقاق األول الذي أنتج التمايز‪:‬‬ ‫تمايز المنظومة السماوية عن األرضية؛ وتمايز االنسان عن المالئكة وعن‬ ‫ابليس؛ وتمايز ھذا عن أولئك‪.‬‬ ‫يوسوس بالشر للمخلوق الذي فضله‬ ‫إبليس‪ ،‬لم يكتفِ بالرفض بل ھدد وتوعد بأن‬ ‫َ‬ ‫ِيھ ْم َومِنْ َخ ْلف ِ​ِھ ْم‬ ‫الرب عليه‪" :‬ألَ ْق ُع َدنَّ َل ُھ ْم صِ َرا َط َ‬ ‫ْن أَ ْيد ِ‬ ‫ك ْالمُسْ َت ِقي َم‪ُ .‬ث َّم آل ِت َي َّنھُم مِّن َبي ِ‬ ‫َو َعنْ أَ ْي َمان ِ​ِھ ْم َو َعن َش َمآ ِئل ِ​ِھ ْم‪" ...‬؛ أما آدم الذي طلب الغفران‪ ،‬مبرراً فعلته بجھله‬ ‫أبعادھا‪ ،‬فكان عقابه الھبوط إنما معززاً مكرّما ً ليغدو خليفة الخالق على األرض‪...‬‬ ‫فيما قال الرب إلبليس " ْ‬ ‫ك ِم ْن ُھ ْم ألَمْألنَّ َج َھ َّن َم‬ ‫اخرُجْ ِم ْن َھا َم ْذؤُ ومًا م َّْدحُورً ا لَّ َمن َت ِب َع َ‬ ‫‪6‬‬


‫ِين"؛ وفي سلسلة التمايز والتغيرات‪ ،‬سيحدث تحول في طبيعة المخلوق‪:‬‬ ‫مِن ُك ْم أَجْ َمع َ‬ ‫عم" عن عري جسده إلى "مشاھد" له؛‬ ‫سيتحول آدم على صعيد "المحسوس"‪ ،‬من " ٍ‬ ‫وعلى صعيد اإلدراك المجرد وبعد األكل من شجرة المعرفة سيصبح آدم قادراً على‬ ‫التمييز بين الخير والشر‪ .‬كما لو أن إدراكه العري كان الدرب الكتسابه ملكة‬ ‫"اإلدراك" نفسھا التي تؤھله ألعلى مراحل التجريد‪:‬‬ ‫"قال الرب االله ھوذا اإلنسان قد صار كواحد منا عارفا ً الخير والشر")اإلصحاح‬ ‫الثالث(‪.‬‬ ‫وكما يأتي "اإلدراك" في قمة التغيرات على الصعيد "الجزئي‪/‬الميكرو"اإلنساني‬ ‫تأتي ازدواجية سماوي‪/‬دنيوي في قمتھا على الصعيد "الكلي‪/‬اليونفرسيل"‪ .‬فھذا‬ ‫"اإلنشقاق"‪ ،‬في التصور الديني‪ ،‬ھو ضرورة أساسية للنشوء االجتماعي‪ .‬وبنتيجته‬ ‫"صار" آدم ھو "اإلنسان" الذي سيبدأ الحياة االجتماعية على األرض‪ ،‬إنما وفي‬ ‫الوقت عينه رفيقا ً‪/‬عدواً مالزما ً لمن تسبب في ھبوطه على األرض‪ :‬إبليس‪.‬‬ ‫"مالزمة" أصلية‪ :‬كانا معا ً منذ البدء في المنظومة السماوية ‪ ،‬ثم اشتعل الصراع‬ ‫بينھما حين أمر ‪ Z‬إبليس بالسجود آلدم فرفض‪ .‬إذاك وانتقاماً‪ ،‬توعد بأنه لن يدع‬ ‫المخلوق "المدلل" يھنأ في الدنيا بل سيمضي وجوده فيھا إلزاحته عن "السراط‬ ‫المستقيم"‪ .‬وبحكم التالزم‪ ،‬نرى أن كال الطرفين طرد من الجنة ليكمال في الدنيا‬ ‫"رفقة" مقدرة عليھما أساسھا الصراع‪.‬‬ ‫ال نغفل ما لھذه "التالزم" من مغزى بالنسبة لمحنة اإلنسان‪ .‬فالرب المسؤول عن‬ ‫جميع مظاھر الكون يبدو )لعقل اإلنسان القاصر على األقل( كما لو أنه قد "تخلّى"‬ ‫جزئيا ً عن مسؤوليته عن اإلنسان حين أتاح إلبليس مشاركته السلطة في النسق‬ ‫الدنيوي‪ ،‬موقعا ً مخلوقه المفضل وخليفته على األرض في المحنة‪ .‬محنة "االمتحان"‬ ‫الالنھائي المستدام ديمومة حياة االنسان على األرض‪ .‬ولكأنما مثل ھذا "االمتحان"‬ ‫شرط "للحياة"‪ .‬وفي ھذا الصدد تتأكد جوھر الصلة بين الرؤية والمنظومة‬ ‫االجتماعية األبوية للحياة وبين الحياة الغريزية خارج تلك الرؤية‪/‬المنظومة‪.‬‬ ‫الغواية بين الدين وعلم النفس‬ ‫محنة الرغبة والغواية‪ ،‬شغلت وما تزال تشغل الفكر اإلنساني‪ .‬إضافة إلى األديان‪،‬‬ ‫نرى أن الفلسفات جميعھا تناولت ھذه المسألة الجوھرية‪ .‬على أن أكثرھا أھمية في‬ ‫تشكيل الوعي اإلنساني وال وعيه‪ ،‬وفي تفسيرھما‪ ،‬إثنتان‪ :‬رؤية األديان السماوية‬ ‫من ناحية؛ ورؤية مدارس علم النفس واالجتماع من ناحية أخرى‪ .‬تتفق األديان‬ ‫‪7‬‬


‫السماوية وعلم النفس على أن الجسد وغوايته يتصالن بمحنة اإلنسان‪ .‬فھذا يأتي إلى‬ ‫الدنيا حامالً رغبته المقدرة عليه‪ ،‬إنما غير موقن من قدرته على استيعابھا واستالم‬ ‫مسؤولياتھا‪ :‬المسؤولية الصغرى‪ ،‬تمثل في استيعاب البعد النفسي والوجداني لتحقيق‬ ‫الرغبة؛ والمسؤولية الكبرى‪ ،‬تمثل في قبول البعد االجتماعي لتحقيق الرغبة‪ ،‬مثل‬ ‫الوعي بالتناسل واالعتراف به وتنظيمه‪ .‬ما يشكل جوھر النظام األبوي‪.‬‬ ‫إضافة إلى المسؤولية العليا )بالنسبة للمعتقد السماوي(‪ :‬أي التصدي لغواية إبليس‬ ‫في األرض كشرط لمقابلة الخالق ح ّرا من الذنوب والمعاصي؛ المسؤولية الدينية‬ ‫ھذه يقابلھا في علم النفس الحفاظ على توازن الشخصية التي تبطن دوافع متناقضة‬ ‫قابلة‪ ،‬وغير قابلة في الوقت عينه‪ ،‬للمصالحة أو االنشقاق‪ .‬على تباينھما الظاھري‪،‬‬ ‫ال تختلف الرؤيتان جوھريا ً بالنسبة لمسألة الرغبة وتحقيقھا؛ بل تختلفان في بلورتھا‬ ‫وتعيين أطرافھا‪ ،‬إضافة إلى توصيفھا وتسمية رموزھا‪ .‬ھنا وھناك صفة "ثالثية"‬ ‫لألطراف المعنية بھا‪ ،Z) :‬آدم وإبليس(‪ ،‬في المقولة الدينية؛ يقابلھا في نظرية‬ ‫التحليل النفسي األركان النفسية الثالثة‪" :‬األنا األعلى"‪،‬أي ركن األخالقيات‬ ‫والمبادئ؛ و"األنا" أي الركن التي تتوحد فيه كامل الشخصية؛ و"الھو" أي الركن‬ ‫البدائي ومكمن الدوافع الغريزية والرغبات‪).‬أنظر فرويد( وفي كال الرؤيتين إتفاق‬ ‫على طبيعة "النفق" الذي تحقيق فيه الرغبة‪ :‬فكما استجاب االنسان إلغراء إبليس‬ ‫مخالفا ً أمر ‪ ،Z‬نرى "األنا" تتنازع بين "األنا األعلى" الممثلة لألخالقيات والنظم‪،‬‬ ‫وبين "الھو" أي الركن البدائي الغرائزي )فرويد(‪.‬‬ ‫النظريات الحديثة ال ُترجع مسألة الغواية إلى طرف خارجي)إبليس( بل إلى اإلنسان‬ ‫ذاته وإلى تعددية ميوله‪ .‬حيث يغدو ھو نفسه آدم وإبليس ومستبطن التسامي اإللھي‪.‬‬ ‫ھو نفسه حامل الرغبة‪ ،‬محققھا‪ ،‬منظمھا والرقيب عليھا‪ .‬وفي ھذا التالزم تتجلى‬ ‫محنة اإلنسان‪ .‬في ھذا السياق نذكر مفاھيم شائعة برزت مع فجر الفلسفات مثل‬ ‫الصراع بين الخير والشر؛ بين العقل والرغبة؛ وأخرى حديثة )ثالثية األركان لدى‬ ‫"الكان" الذي حدد )البدائي‪ ،‬المتخيّل والرمزي(‪ .‬كلھا تجمع على أن اإلنسان ھو‬ ‫الموضوع األساسي ومنه وإليه تنبع الميول والرغبات وقدرات التسامي؛ كما منه‬ ‫وإليه تؤول النتائج‪.‬‬ ‫ال يختلف التوصيف الحديث مع الرؤية الدينية نفسھا لطبيعة اإلنسان‪ .‬إذ أن ابن آدم‬ ‫ما كان سينجذب إلى غواية إبليس وإلى "شجرة المعرفة" لوال قابليته‪-‬أي قابلية‬ ‫النوع اإلنساني‪ -‬لذلك‪ .‬حيث منھا وإليھا ينسل إبليس ليزيّن للنفس تصورات‬ ‫و"أفعاال" يمتثل فيھا الميول و"الھوامات" التي بلورھا علم النفس التحليلي‪.‬‬ ‫‪8‬‬


‫ودور إبليس نفسه يعزز ھذا االفتراض‪ .‬فھو دور حصري لجھة استھدافه اإلنسان‬ ‫دون غيره من المخلوقات أو الظواھر الطبيعية‪ .‬فال يقال مثال إن إبليس يغوي‬ ‫الحيوان ليقترن بشريكه أو يفترس من كان أضعف منه‪ .‬كما ال يقال إن الزالزل‬ ‫"رجس من عمل الشيطان"‪.‬‬

‫حصرية الفضاء‬

‫ھناك حصرية أخرى في دور ابليس تؤكد على "قابلية" اإلنسان للغواية وھي‬ ‫حصرية "الفضاء" الذي ينشط فيه إبليس؛ إنه "الركن" البدائي المتھور‪ ،‬غير العاقل‬ ‫الذي يتيح إلبليس ممارسة دوره؛ فال يقال مثالً إن الشيطان وسوس لعقل اإلنسان‬ ‫ليبتكر األبجدية أو ليكتشف قارة مجھولة‪ ،‬بل يقال إن ‪ Z‬يھدي اإلنسان لالبتكار‬ ‫واالكتشاف؛ ما الفضاء اإلبليسي إذن سوى دخيلة اإلنسان المؤھلة الستقبال‬ ‫الوساوس‪ ،‬القابلة للنزوات غير "المحمودة"‪ .‬ھي ذاتھا الطبيعة المستجيبة للغرائز‬ ‫والميول البدائية التي حددت ركنھا مدرسة التحليل النفسي‪ .‬وعبارات مثل "النفس‬ ‫األمارة بالسوء" و"سوّ لت له نفسه" خير دليل على أن الشيطان يقيم في النفس‪ .‬وما‬ ‫"السراط المستقيم" سوى األساس القديم لفكرة "سواء الشخصية" في النظريات‬ ‫الحديثة التي ھي ھدف العالج النفسي عبر تحقيق المصالحة بين أركان النفس‪.‬‬ ‫كما وتتفق النظريات الحديثة مع األديان في النظر إلى الرغبات والموطن البدائي‬ ‫لإلنسان‪ .‬فالسراط المستقيم ال يطالب االنسان بإنكار الرغبة بل يطالبه بإخضاع‬ ‫تحقيقھا لشروط معينة تأمينا ً لسالمة العواقب التي قد تنتج عن التھور في ھذا‬ ‫التحقيق‪ .‬أي أنه يطالبه بتنظيمھا بما يتفق مع مشيئة ‪ Z‬واألخالقيات؛ توصيف يماثل‬ ‫ما بلوره التحليل النفسي حول سلوك "الشخصية السوية" وشرطھا األساسي أن‬ ‫تتمكن من "إدارة" المنظومة المعقدة للنفس وإدارة ميولھا ونزعاتھا بما من شأنه‬ ‫تحقيق الرغبة دون إلحاق األذى بطرفيھا‪ .‬فاإلنسان السوي ھو القادر على تحقيق‬ ‫الرغبة في سياق "التوازن"‪ .‬توازن يجنبه حدة الصراع بين الميول الغرائزية وبين‬ ‫االمتثال لضرورات العالم الخارجي وقوانينه‪.‬‬ ‫وتتفق الرؤيتان بالنسبة لقدرة اإلنسان على التحكم بھذه الميول‪ :‬بواسطة التسامي‬ ‫والنضج في نظرية علم النفس؛ وبواسطة االمتثال لما حلل ‪ Z‬وحرم أو نھى عنه‬ ‫في المعتقد الديني‪ .‬تتصدى األديان السماوية "للعبث" برغبات الجسد وترسم قواعد‬ ‫‪9‬‬


‫لجمھا واحتواء نتائجھا عبر إرساء أعراف من أھمھا الزواج كنظام‬ ‫فردي‪/‬اجتماعي‪ ،‬يقنن الرغبة وسلوك الجسد من ناحية‪ ،‬ويشرّ ع لنتائجه على‬ ‫األطراف في العالم الخارجي من ناحية أخرى‪ .‬فيطالب الشريكين بالوعي‬ ‫بالمسؤولية تجاه بعضھما البعض وتجاه التناسل وتجاه الجماعة التي ينتميان إليھا‪.‬‬ ‫مؤكداً على ضرورة التناسل "المعروف" والمعترف به مقابل "المجھول" والمن َكر؛‬ ‫في ھذا الصدد يعمل العالج النفسي على تطوير الوعي والنضج بغية تحقيق‬ ‫المصالحة؛ مصالحة الميول وتنظيم عالقتھا الداخلية من ناحية ومصالحة الشخص‬ ‫مع واقعه ومجتمعه من ناحية أخرى‪.‬‬ ‫كال الرؤيتين تتعامالن من الشخصية ضمن منظومة متفق عليھا ومتفق في الوقت‬ ‫عينه على إمكانية "الخروج عليھا"؛ إنما ھو خروج مشروط بحماية الذات‬ ‫واألخرين‪ .‬في علم النفس قد يقبل الشخص "خروجه" المشروط بعدم األذى؛ وفي‬ ‫المعتقد الديني يطلب الغفران أو التوبة او السعي لإلصالح‪.‬‬ ‫الرغبة‪/‬الغواية وخصوصية المرأة‬ ‫وھي خصوصية شغلت وتشغل علماء النفس وعلماء االجتماع والحركات النسوية‪،‬‬ ‫كما لھا حيز كبير في المعتقد الديني وورؤيته‪ .‬في التوراة تتحمل "حواء" ِوزر‬ ‫المبادرة للمعصية إذ سبقت آدم إلى اشتھاء الثمرة المحرّمة وتذوقھا‪ ،‬ومن ثم أعطته‬ ‫إياھا فأكل‪ .‬وإذ سألھا الرب أجابت إن األفعى ھي التي زيّنت لھا ذلك‪ .‬أما في اآليات‬ ‫القرآنية التي ذكرت الحكاية )وھي كثيرة‪ ،‬البقرة‪ ،‬األعراف‪ ،‬الكھف إلخ‪ (...‬فيتساوى‬ ‫الطرفان أمام ‪ Z‬بالنسبة للمعصية التي أنزلتھما من الجنة‪ .‬إنما لتختلف مسؤولياتھما‬ ‫في سياقات أخرى‪ :‬في الثقافة االجتماعية وفي المتخيّل الفردي والجماعي كما في‬ ‫الممارسات عبر العصور‪.‬‬ ‫نظريات كثيرة تناولت ھذه الخصوصية‪ ،‬ال سيما بعد قيام حركات التحرر‪ ،‬فوضعت‬ ‫في غالبيتھا النظام األبوي موضع الجدل والمساءلة حتى ال يمر يوم ال نقرأ فيه‬ ‫مقولة أو رأيا ونشاھد صوراً تؤكد على ھذه الخصوصية‪ .‬حتى ليكاد فضاء "الميديا"‬ ‫يغدو لجھة المظھر أنثويا ً بامتياز‪ .‬الجزء الثاني من ھذا البحث الذي سيأتي الحقاً‪،‬‬ ‫سيتناول المسار الثقافي غواية الجسد ورؤية كل من الجنسين ومعايشته لھا‪.‬‬

‫‪10‬‬


‫ﺟﺴﺪ اﻟﻤﺮأة اﻟﻐﻮاﻳﺔ وﻣﺤﻨﺔ اﻹﻧﺴﺎن ‪ -‬اﻟﺠﺰء اﻟﺜﺎﻧﻲ‬ ‫تناول الجزء األول من ھذا البحث‪ ،‬مسألة عري الجسد والغواية من منظوري‬ ‫الدين والتحليل النفسي؛ ملخصا بدء الخليقة ِبـ"أنا عاري إذن أنا موجودة" حيث‬ ‫تجمع النصوص الدينية السماوية على أن سبب الھبوط من الجنة ال العري في حد‬ ‫ذاته بل الوعي به‪ ،‬الذي يُجسد رمزيا الوعي في تحقيق الرغبة‪ .‬ومغزى ذلك يعزز‬ ‫مسؤولية آدم تجاه الجنس وتجاه القدرة على الغواية التي ال مراء في صفتھا‬ ‫البشرية‪ ،‬مقارنة بعجز الحيوان عن االستيھام‪ .‬اكتشاف العري كان االنتھاك الثاني‬ ‫للمنظومة السماوية وقد سبقه االنتھاك األول الماثل في تمرد "ابليس" على الخالق‬ ‫وتھديده بإخراج الجنس المدلل‬ ‫عن السراط المستقيم‪.‬‬ ‫وترى الباحثة وكاتبة سلسلة‬ ‫الصدد‬ ‫ھذا‬ ‫المقاالت في‬ ‫على "جدلية"‪ ،‬أن الرؤية الدينية‬ ‫ال تختلف عن رؤية التحليل‬ ‫النفسي جوھريا ً بالنسبة للرغبة‬ ‫وتحقيقھا؛ ھنا وھناك صفة‬ ‫"ثالثية" لألطراف المعنية‬ ‫بھا‪ ،Z):‬آدم وإبليس(في المقوالت الدينية‪ ،‬وھناك "األنا األعلى" و"األنا" و"الھو"‬ ‫أي الركن البدائي للرغبات‪.‬‬ ‫عقـاب الجـسد‬ ‫من "خصوصيات" األنوثة وعالقتھا بالذكورة‪ ،‬ارتباطھا في المتخيّل كما في الواقع‪،‬‬ ‫ال بالرومانسية وحسب‪ ،‬إنما وأيضا بالعدوانية‪ .‬في ھذه الخصوصيات التي يشتبك‬ ‫فيھا البيولوجي بالنفس‪-‬اجتماعي‪ ،‬تبدو األنثى واألنوثة موضوع عدوانية تتلقى‬ ‫العنف وتستثيره في الوقت عينه‪ .‬العنف الفردي واالجتماعي على حد سواء‪ .‬الجسد‬ ‫موضوع فتنة وموضوع عدوانية في العالقة الثنائية كما في اإلرث االجتماعي‪ .‬ھذا‬ ‫اإلرث الذي يحتل في العالقة الثنائية حيزا طاغيا يقتحم متخيل الجنس والتناسل‬ ‫وجسد المعنية به ‪.‬‬ ‫‪11‬‬


‫في السعي لفھم المظاھر العصابية أو الثقافية‪ ،‬لطالما اعتمد التحليل النفسي‬ ‫واالنتربولوجي على المتطرفة منھا لفھم ما يقل عنھا تطرفا ً‪ .‬فالدخول من باب‬ ‫األعراض المرضية لفھم مشاكل "األسوياء" نھج معروف في العلوم اإلنسانية‬ ‫الحديثة‪ .‬وكذلك األمر بالنسبة لقراءة الزمن الغابر ألھميته في إلقاء الضوء على‬ ‫الحاضر‪ .‬على اعتبار أن جذور األمراض موجودة لدى األسوياء وما تطرفھا سوى‬ ‫تعبير عن مأزم‪ ،‬عصاب )أو عن حالة سايكوباتيك( يتعامل معه المرضى بصورة‬ ‫متطرفة و"األسوياء" بقبول أو رفض نسبي‪ .‬ولنا في مظاھر البارانويا خير دليل‬ ‫على ذلك‪.‬‬ ‫من ھذا المنطلق تكتسب بعض التقاليد القديمة "األركاييك"‪) ،‬ما انقرض منھا أو لم‬ ‫ينقرض(‪ ،‬ال سيما التي تتسم منھا بالعنف‪ ،‬أھمية بالغة في فھم النوازع التي تكمن‬ ‫خلفھا وفھم مغزى بعض التقاليد والممارسات الراھنة التي قد تؤدي أغراضا مماثلة‪،‬‬ ‫حتى وإن قلّت عنھا عنفا‪.‬‬ ‫ستشكل بعض الممارسات "االستثنائية" مدخالً لقراءة الثقافة الكلية التي أنتجتھا‪ .‬من‬ ‫ّ‬ ‫الممثلة ما كانت تخضع له اإلناث في بعض الثقافات)وما تزال(‪،‬‬ ‫ھذه الممارسات‬ ‫مثل الختان الكلي)الخفاض(أو الجزئي‪ ،‬وحزام العفة في أوروبا وجرائم الشرف‬ ‫على أنواعھا وغيرھا من الممارسات التي تجعلنا نتساءل عن جذور ھذا العنف‬ ‫ومكامنه في النفس البشرية من ناحية‪ ،‬وفي السياق الثقافي االجتماعي من ناحية‬ ‫أخرى‪ .‬وطبعا ال نغفل في ھذا السياق ممارسة تتجاوز تلك عنفاً‪ ،‬انقرضت على أن‬ ‫داللتھا ما زالت ماثلة‪ ،‬أال وھي وأد البنات في العصر الجاھلي‪ .‬من الخارج الثقافي‬ ‫يبدو الختان عقابا ً لإلناث‪ .‬فھل ھو كذلك في الداخل الثقافي؟‬ ‫ال ريب في أن وضع الختان في اإلطار "الطقسي" يخفف لحد كبير في "الداخل" من‬ ‫صفته العقابية‪ .‬فمن شأنه بالنسبة لبعض المحللين أن يمنح عالمة "التمايز" والتدليل‬ ‫على االنتماء للجماعة‪ .‬لكن الصفة الطقسية ال تنجح في نزع طبيعة "العقاب" عن‬ ‫تلك الممارسة‪ .‬وتكفي المقارنة مع طقوس آخرى تؤدي غرض التمايز )ختان‬ ‫الصبيان على سبيل المثال‪ ،‬أو الوشم الدال على االنتماء القبلي( لندرك المغزى‬ ‫المزدوج لختان البنات‪ .‬فھو تدخل عنيف‪ ،‬ظاھره طقسي ومضمونه " عقابي‬ ‫ردعي"‪.‬‬ ‫الختان موجه في المقام األول ضد األنوثة ال ضد األمومة وإن كانت المنجبات‬ ‫سيعانين من آثاره طيلة حياتھن‪ .‬فغايته األولى ‪ -‬المفترضة ‪-‬تحجيم رغبة األنثى‬ ‫حتى وإن كان الثمن تشويه شكلھا األصلي أو تدميره سلخا ً في حال الختان الكلي‪.‬‬ ‫‪12‬‬


‫تدمير يعمل الطقس على جعله مقبوالً من البيئة االجتماعية‪ ،‬بل ومرغوبا ً به منھا ‪،‬‬ ‫العتباره يحقق أھدافا "سامية" مثل "العفة" الالزمة لصيانة شرف األنثى وقوام‬ ‫النسل الالزم لتماسك المجموعة‪ .‬من شأن ھذا "القبول" أن يجعل الطقس‬ ‫"مطھراً" ‪ purgatoire‬للمعا َقبات والمذنبين بحقھن في آن معا‪ .‬ويجعل الجزء‬ ‫المقطوع "أضحية" لصون الشأن األسمى" الذي تھجس به القبيلة ال سيما إناثھا‪".‬‬ ‫أضحية مرغوبة من صاحباتھا لدواعي "التطھير"‪ :‬في مؤتمر أقامته في الثمانينات‬ ‫"جمعية تضامن المرأة العربية في القاھرة"‪ ،‬صرحت ناشطة سودانية أن بعض‬ ‫الفتيات‪ ،‬ممن رفض ذووھن اليساريون ختانھن‪ ،‬طالبن به حين كبرن واعتبرن‬ ‫ذويھن مقصرين لحرمانھن من تقليد "تتمتع" به مثيالتھن‪ .‬كما ذكرت أن "عريسا"‬ ‫رفض إكمال زواجه حين اكتشف أن "العروس" التي نشأت في انكلترا لم تكن‬ ‫مختونة‪ .‬ھكذا تستبطن األنثى الرغبة في الختان؛ وعلى صورة رمي العذارى في‬ ‫النھر إرضاء لإلله‪ ،‬حيث تتحضر ھؤالء للموت كأنما لعرس‪ ،‬تتحضر دفعة‬ ‫الصغيرات‪ ،‬في بعض مناطق إفريقيا‪ ،‬للختان في احتفاالت جماعية‪ ،‬ليستقبلن‬ ‫أنوثتھن "طاھرات"‪ .‬ما كان ھذا التدخل العنيف ليتحول طقسا ً لوال تضافر عنصرين‬ ‫أساسيين‪:‬‬ ‫اتفاق األطراف عليه بمن فيھم النساء؛ واتصاله بشعور عدائي إزاء "جنس" األنثى‪،‬‬ ‫استبطنته كافة األطراف المعنية به ومن ضمن ھؤالء المختونة ذاتھا‪.‬‬ ‫ال ريب في أن مخاوف كبرى ھي ما تدفع الجماعة إلى التضحية بشخص أو بجزء‬ ‫منه حفاظا ً فعليا ً ‪ -‬أو وھميا ً ‪ -‬على كيانھا‪ .‬قد يكون الشخص‪ ،‬ذاته المضحى به‬ ‫"ھو" "أو ھي" مصدر المخاوف كما في حال جرائم الشرف والختان‪" .‬ھي"‬ ‫الطرف " المھ ّدد لمكانة الجماعة بين الناس‪" .‬ھي" التي صارت في المتخيّل‬ ‫الجماعي والفردي مصدرا في المطلق للتوجس من "العار"‪ .‬توجس بطانته كراھية‬ ‫معلنة أو مضمرة‪ ،‬تتصل بإمكانية أن ُتحدث "ھي" ما لم يحدث بعد‪ .‬و"وأد"‬ ‫الرضيعات في الجاھلية يؤكد على حجم المخاوف وارتباطھا بكراھية لألنثى‬ ‫ُترجمت "برجم" الرضيعة" عقابا ً على ذنب افتراضي قد ترتكبه في المستقبل‪ .‬فيأتي‬ ‫العقاب فعل كراھية خالصة لألنثى كجنس في حد ذاته ال لفتاة معينة "عصت" ‪.‬‬ ‫وما انقراض الوأد في الجاھلية وعدم تحوّ له إلى طقس إال لكونه ضد استمرارية‬ ‫النوع البشري‪ .‬مما يؤكد على أن الطقس "الفائض" عن الضرورة األساسية للحياة‬ ‫أو المھدد لھا ال يلبث أن يزول‪.‬‬

‫‪13‬‬


‫على أن زواله ال يلغي "الكراھية"‪ .‬من تجليات تلك جرائم الشرف‪ :‬ما كانت لتحدث‬ ‫بھذه الكثافة في حقبات وبلدان معينة إال ّ لتالزمھا مع عدائية تأصلت على المستوى‬ ‫النفسي االجتماعي على صعيدي الوعي والالوعي‪ .‬عدائية حضّرت طويال‬ ‫األطراف المعنية بھا‪ ،‬حتى إذا ما "وقعت الواقعة" كانت العناصر الالزمة لغسل‬ ‫آثار "الجريمة" جاھزة في المتخيّل للتنفيذ‪.‬‬ ‫في ستينات القرن الماضي رصدت باحثة قانونية في لبنان جريمتي شرف أسبوعيا ً‬ ‫معلن عنھما؛ ويقدر حجم الجرائم المغفلة‪ ،‬حيث تدفن الضحية في القرية بال تبليغ‬ ‫وال إزعاج ‪ -‬بما قد يساوي ذلك‪ .‬لھذا التحضر مكانته أيضا ً في القانون وفي‬ ‫المحاكم )في الغرب حتى زمن قريب( وفي بلدان الشرق حتى اليوم‪" .‬مكانة" تترجم‬ ‫بمنح القاتل "األسباب التخفيفية"‪ .‬ھكذا يلعب القانون المدني الحديث دور "الطقس"‬ ‫القديم في التطھر والتطھير من الذنب المرت َكب أو من اإلحساس به‪.‬‬ ‫عنف الطبـيعـة وعدوانية الغموض‬ ‫من ضروب التبسيط جعل "النظام األبوي" المسبب الحصري لكافة الممارسات‬ ‫السلبية التي تقع على الشعوب واألفراد ال سيما النساء‪ .‬أرى في ذلك استسھاالً يعفي‬ ‫الباحثين من مسؤوليات البحث أو االعتراف بالعجز عن بلوغ التفسيرات المنطقية‬ ‫لبعض المظاھر النفس‪-‬اجتماعية‪ ،‬ال سيما "األركاييك" منھا‪ .‬فكما يح ّفـز الطموح‬ ‫على بلوغ اليقين‪ ،‬يتطلب التواضع العلمي القبول باستحالته‪ .‬فاليقين ممكن في‬ ‫الحقول القابلة للتجارب واإلثبات مثل الكيمياء أو الميكانيكا‪ .‬أما في الحقول اإلنسانية‬ ‫فقد يستعصي عصيان اإلنسان على القوننة المطلقة‪ ،‬نظراً ألنه كائن على درجة‬ ‫عالية من التعقيد والقابلية للتطور‪ .‬وعليه ينبغي إخراج البحث في مغزى الممارسات‬ ‫العنيفة من "حصرية" الثقافة البطريركية‪ ،‬والتفكير بدوافع أخرى تتضافر مع تلك‪،‬‬ ‫إنما قد تفوقھا َقدما ً وغموضا ً‪ .‬وإالّ كيف نفسر أن القارة اإلفريقية‪ ،‬األكثر طبيعية‬ ‫لجھة الجنس كممارسة‪ ،‬ھي في الوقت عينه األكثر تمسكا ً بالختان حتى العصر‬ ‫الحاضر‪ ،‬على الرغم من الجھود المتفانية التي تبذلھا المنظمات الدولية ؟! النظام‬ ‫البطريركي لم يأت من فراغ بل‪ ،‬ومثل سائر األنظمة‪ ،‬قد يلغي موروثا ً أو يؤكد على‬ ‫موروث سابق عليه وجده أرضية مالئمة يبني عليھا ركائزه‪.‬‬ ‫من المتفق عليه أن المخاوف‪ ،‬ال سيما التي تقترن منھا بالغموض قد شكلت‬ ‫المنطلق الرئيسي لالنسان البدائي لبناء تصوراته عن العالم وعالقته به‪ ،‬ولتطوير‬ ‫وسائل الدفاع عن النفس وحماية المجموعة؛ مادية كانت تلك الوسائل أم غيبية‪.‬‬ ‫وكلما ازدادت مصادر الخوف غموضا ً وجبروتا ً تطرف اإلنسان في تصوراته‬ ‫‪14‬‬


‫بشأنھا وتنوعت سبل "مواجھتھا" لھا‪ .‬فالمواجھة بينه وبين الحيوان‪ ،‬مھما بلغت من‬ ‫شراسة‪ ،‬تتسم بالوضوح‪ .‬وضوح يحفزه على تطوير القوة الجسدية وقوة "السالح"‬ ‫والتكاتف مع األقران‪ .‬أما المخاوف األخرى فلھا شأن أكثر تعقيداً؛ ال سيما وأن‬ ‫الجنس البشري قد عانى من غموض مظاھر الطبيعة وجبروتھا ماليين السنين‪،‬‬ ‫وكان في كثير من األحيان ضحيتھا قبل أن يھتدي إلى تفسيرات "مريحة" ويبني‬ ‫وسائل الحماية الممكنة‪ .‬تاركا ما يفلت من زمام سيطرته إلى حيّز الغيبيات‬ ‫واالبتھاالت واألضحيات والتعاويذ‪ .‬أضحيات كثيرة بشرية وغير بشرية كانت ُتقدم‬ ‫إرضاء لھذه الطبيعة وسعيا ً لتھدئة جبروتھا‪ .‬الطبيعة ليست دائما رومانسية‪ .‬إن كان‬ ‫من شأن رومانسيتھا أن تنعكس على نفس االنسان فتمنحه السكينة‪ ،‬إال أن جبروتھا‬ ‫يثير في نفسه المخاوف ويحفز لديه نوازع العدوانية‪ .‬وليس من ضروب المبالغة‬ ‫القول إن "غموض" الطبيعة والمخاوف المرتبطة بھا ھو الينبوع األكبر لعدوانية‬ ‫الجنس البشري‪ ،‬والمؤجج الرئيسي للمكتسبة منھا أو غير المكتسبة‪.‬‬ ‫المخاوف بصورة عامة‪،‬الواضح منھا والغامض‪ ،‬ودوافع الحفاظ على األنا‬ ‫والجماعة‪ ،‬والميل إلى معاداة "اآلخر" أو إلغائه‪ ،‬وبمعزل عن مسببات مباشرة أو‬ ‫بيّنة‪ ،‬تتصل جميعھا بعدوانية كبيرة اتصاالً تفاعليا ً يصعب تحديد بدايته‪ ،‬صعوبة‬ ‫تحديد مصدري البيضة والدجاجة‪ .‬العدوانية الطبيعية أو شبه الطبيعية‪ ،‬ھي الوجه‬ ‫اآلخر لرغبة اإلنسان في المصالحة والتواصل والتآنس الفردي والتكتل االجتماعي‪.‬‬ ‫وما فنون النظام البطريركي في استخدام العدوانية ضد غواية الجسد‪ ،‬سوى تسخير‬ ‫"الھبة" التي منحتھا الطبيعة أو استفزتھا لدى اإلنسان عبر العصور؛ تسخيرھا‬ ‫لصالح أھداف يراھا ضرورية لتماسكه وديمومته‪.‬‬ ‫تدعونا أھمية المخاوف في التشكيل النفسي للبشر وتطوير"شخصبة االنسان"‪،‬‬ ‫للتساؤل حول مكانھا ودورھا في عالقة الجنسين‪ :‬ھل إلى جانب الحب والرغبة في‬ ‫التكامل والتآنس ھناك بين نوعي الجنس البشري مخاوف أسست لعدوانية بين الذكر‬ ‫واألنثى و ُترجمت في ممارسات عنيفة يقوم بھا اإلنسان بحق شبيھه أو بحق نصفه‬ ‫اآلخر؟ إن كان االفتراض ھذا صحيحا ً فمن أين تنبع وتتغذى ھذه العدوانية؟‬ ‫عدوانية الجنس‪ :‬تحالف البيولوجي والثقافي على أرض األنثى‬ ‫ال يمكن ألي بحث انتربولوجي أن يتجاھل الواقع األھم الذي أثر في التاريخ البشري‬ ‫والماثل في االختالف البيولوجي بين الجنسين‪ .‬لھذا االختالف مظاھر عديدة لعبت‬ ‫دوراً شديد األھمية في التاريخ النفسي االجتماعي لإلنسان وفي إثارة قلقه ومخاوفه‬ ‫قبل تمكنه من استيعاب تلك المظاھر‪ ،‬وفھمھا أو "التحكم" بھا‪.‬‬ ‫‪15‬‬


‫في سياق االختالف يبدو لكأنما الطبيعة تآمرت على األنثى فخصتھا بصفات‬ ‫فيزيولوجية لم تلبث أن ارتبطت "بالخطيئة" وجعلت وظيفة التناسل من كبرى‬ ‫مصادر القلق‪ :‬فاألنثى‪ ،‬تعجز عن إخفاء العالقة الجنسية كما الذكر‪ ،‬فھي تحبل‬ ‫وتحمل الجنين وتلده مباشرة من جسدھا فيما الذكر‪ ،‬يلقح دون أن يكابد آثار‬ ‫التلقيح‪.‬‬ ‫وال نغفل المظھر الثاني لالختالف الجنسي المرتبط باألول وھو الدورة الشھرية‬ ‫للوظيفة التناسلية لدى المرأة‪ .‬ال بد أن ھذه‪ ،‬قبل استيعابھا وبلورة التفسيرات العلمية‬ ‫بشأنھا‪ ،‬كانت أيضا مصدر قلق ال سيما لجھة ارتباط الدم بالعنف واعتبار النزيف‬ ‫من مسببات الموت وانقطاع الدورة من المؤشرات على "الخطيئة"‪.‬‬ ‫أما االختالف الثالث فھو عذرية الفتاة‪ .‬إذ تبقى العذرية من أكثر مظاھر االختالف‬ ‫غرابة‪ .‬لعلھا وحدھا أنثى ابن آدم‪ ،‬دون سائر الحيوانات الراقية تحمل عبء ھذه‬ ‫الخصوصية‪ ،‬التي ستغدو في النظام األبوي‪ ،‬مسؤولية جسيمة تھجس بھا القبيلة‬ ‫بأسرھا ويقع ثقلھا األكبر على الفتاة نفسھا؛ قد تكافأ عليھا أو تعاقب‪ .‬ستغدو العذرية‬ ‫"ھاجسا ً" يؤرق العذراوات‪ ،‬حتى اللواتي لم يسبق لھنّ اختبار الجنس‪ .‬العنف ھو‬ ‫بطانة العذرية‪ .‬فتمسك الفتيات بالعذرية يوازي رھابھن من العنف الذي يرافق‬ ‫فقدانھا‪ .‬إن كان عنف الفقدان محتمل في إطار الزواج‪ ،‬فقد يغدو كارثيا ً خارجه‪.‬‬ ‫شأنه شأن الحمل‪ :‬نعمة عظيمة وتبجيل لألم داخل التقاليد‪ ،‬وجحيم للمرأة خارجھا‪.‬‬ ‫أال يمھد مثل ھذا النفصام إلى اضطراب مفرط في عالقة األنثى بجسدھا‪،‬‬ ‫وبشريكھا؟ واضطراب في تعامل الشريك مع ھذا الجسد؟‬ ‫العذرية‪ ،‬على سبيل المثال وبالنظر الرتباطھا بالتمزق ھي مصدر عدواني لألنثى‬ ‫كما للذكر‪ .‬التربية الذكورية "تعالج" ھذا العدوان بعدوانية أخرى‪ :‬الفحولة‪ .‬فينشأ‬ ‫الذكور في ھاجسي الفحولة واإلخفاق عن بلوغھا‪ .‬ھكذا يأتي الطرفان إلى لقائھما‬ ‫األول محمالن بإرث رھيب واحتماالت تفوقه رھبة؛ يرتعش العريس بعدوانية‬ ‫الفحولة أو برھبة اإلخفاق‪ ،‬وعروسه من تمزق مؤلم لحاجزھا الطبيعي‪ ،‬يقترن‬ ‫بتمزق رمزي للحصن المنيع الذي شادته الثقافة الموروثه‪ .‬الحصن الذي لطالما‬ ‫منحھا الحماية والقيمة االجتماعية‪" .‬أغلى ما تملك"‪ .‬لو تأملنا في طقوس األعراس‬ ‫لرأينا في احتدامھا والمبالغة في جلبتھا‪ ،‬عبر الزغاريد ولعلتھا التي تحمل من تعبير‬ ‫الفرح قدر ما تحمل من أصداء الحزن والشجن‪ ...‬إضافة إلى ضجيج الدفوف‬ ‫والصنوج والزمامير‪ ،‬الكتشفنا دورھا المضمر‪ :‬كلھا تساھم في تأطير العنف‬ ‫مواز يخفف على الشابين المسكينين من ھول اللقاء‪.‬‬ ‫وتمويھه في عنف‬ ‫ٍ‬ ‫‪16‬‬


‫في ھذا الصدد يمكن تلمس جذور العالقة بين العذرية واالغتصاب‪ .‬أو باألحرى بين‬ ‫رھاب الذكور من العذرية وردة الفعل االنتقامية منھا‪ .‬ال ريب في أن ھناك دوافع‬ ‫متعددة لالغتصاب غير ابتغاء اللذة أو عدم السيطرة على الحرمان من تحقيقھا‪.‬‬ ‫دوافع ذات صلة باإلرث الفردي لجھة التربية الجنسية والعالقة مع األم تدفع بالذكر‬ ‫الشاذ إلى اقتناص ما ال يحق له‪ .‬وھو في ذلك ال يبتغي المتعة الجميلة وال التواصل‬ ‫بل تحقيق لذة انتقامية من األنثى‪ .‬ال سيما األنثى العذراء‪ .‬عذرية فعلية أو متخيلة‪،‬‬ ‫صبة كما في متخيل المجتمع‪ .‬إذا‬ ‫اكتسبت شأنا عظيما في متخيّل المغتصِ ب والمغت َ‬ ‫ما كان العريس الفحل رجالً طبيعيا ً ومقبوالً من فتاته ومن محيطه االجتماعي‪،‬‬ ‫فالمغتصب ذكر شاذ عنيف ومرفوض من كافة األطراف ال سيما ممن يقع عليھا‬ ‫فعل االغتصاب‪ .‬ففيما يحقق الفعل الجنسي في الزواج مجداً ذكوريا ً ماثالً في نزع‬ ‫عذرية فتاة ھي حالله‪ ،‬وذلك بالرضى الثنائي والجماعي‪ ،‬يعتدي المغتصب على‬ ‫جسد ال حق له فيه اعتداء ھو حالة متطرفة آثمة ومدمرة للفعل الجنسي ومن يعنى‬ ‫به‪ .‬من ھنا نفھم مقولة فرويد حول اإليروس والتاناتوس في الجنس أي رغبة الحياة‬ ‫والتواصل في الجنس اإليروسي‪ ،‬ودوافع القطيعة والھالك في الجنس الذي يتالزم و‬ ‫دوافع األذية‪ .‬اغتصاب األنثى ھو طلب لذة "تاناتوسية" تتصل بدوافع الموت‬ ‫والتدمير‪ .‬تدمير الذات واآلخر في آن معا ً تدميراً تصب رسالته األخيرة في خانة‬ ‫المجتمع‪ .‬إنه اغتصاب فردي ضد أنثى لكنه أيضا فعل انتقامي ضد المجتمع الذي‬ ‫يبجل األنوثة ال سيما الماثلة في العذرية‪ .‬ذاك الحصن المنيع في المجتمع األبوي‬ ‫والممتنع على الفحل ال سيما من لم "يتأھل" للزواج‪.‬‬ ‫في تحليله عصاب األنثى‪ ،‬جعل فرويد عقدة "الخصاء" و"حسد القضيب" مركزية‪.‬‬ ‫مركزية تعتم على احتماالت إقامة محاور أخرى ذات شأن في سيكولوجية المرأة‪.‬‬ ‫ومقولته أن الفتاة الصغيرة تظن في المتخيّـل أنھا كانت تملك قضيبا ً فقدته‪ .‬يلفتنا ھنا‬ ‫غياب البعد السوسيو ‪-‬انتروبولوجي عن جذور العصاب األنثوي‪ .‬ختان الفتيات‬ ‫مثال‪ ،‬يضع عالمة استفھام كبرى على ھذه الفرضية؛ إذ يشير إلى أن األنثى في‬ ‫المتخيّل االجتماعي‪ ،‬تملك آداة رغبة وقوة معادلة للقضيب‪ ،‬ينبغي اجتزاؤھا‪.‬‬ ‫في ھذا الصدد‪ ،‬يبدو تحالف البيولوجي مع الثقافي‪ ،‬كما "جسر مفقود" في نظرية‬ ‫فرويد‪ .‬جسر‪ ،‬من شأن إقامته تفسير المخاوف الناجمة عن القدرات البيولوجية‬ ‫للمرأة‪ .‬لو أعار فرويد االھمام الالزم لختان البنات لظھر له الوجه اآلخر للحقيقة‬ ‫التي "أقصاھا" و"خصاھا"‪ :‬أال وھي الرغبة الدفينة للجماعة في خصي الفتاة خوفا‬ ‫من قدرات رغبتھا كأنثى من ناحية وخوفا ً من قدراتھا كإنسان‪ /‬إمرأة من ناحية‬ ‫أخرى‪ .‬فالختان "عالمة" إخضاع تدمغ الجسد إنما للتتجاوز حدوده البيولوجية إلى‬ ‫‪17‬‬


‫مستوى رمزي شديد البالغة‪ .‬ولھذا بال شك عالقة بالقدرة األكبر للمرأة أال وھي‬ ‫اإلنجاب‪ .‬تحالف البيولوجي مع الثقافي البطريركي‪ ،‬تم على أرضية األنثى وعلى‬ ‫خصائص أنوثتھا‪ .‬خصائص كانت جاھزة ليبنى عليھا ھذا النظام ركائز ثقافته مثل‬ ‫تعظيم العذرية أو االستمرار في ممارسة الختان‪.‬‬ ‫األمومة الصارخة واألبـوة الصامـتة‬ ‫في العالقة بين الشريكين‪ ،‬كال الوظيفتين‪" ،‬األمومة" و"األبوة" تتسم في واقع األمر‬ ‫المدرك من الطرفين‪ .‬على أن‬ ‫بالتأجيل‪ .‬وحده تحقيق الرغبة حين يحدث يكون الفعل‬ ‫َ‬ ‫األمور لن تلبث أن تنقلب رأسا على عقب حين تظھر بوادر الحمل على المرأة‬ ‫وتليھا الوالدة‪ .‬ھنا أيضا‪ ،‬وقبل الحقبة "الواعية" التي تم فيھا إدراك مسؤولية الجنس‬ ‫واستيعاب الذكر أبوته‪ ،‬لعبت الطبيعة البيولوجية في التاريخ النفسي االجتماعي دورا‬ ‫مركزيا؛ فثمرة تحقيق الرغبة التي ال تظھر مباشرة كانت وألمد طويل تبدو "أو‬ ‫تعتبر" وكأن المرأة ھي المسؤولة الوحيدة عنھا‪.‬‬ ‫من المتعارف عليه أن الذكر المنجب‪ ،‬في حقبات مديدة من التاريخ االجتماعي‪ ،‬كان‬ ‫أبا ً بيولوجيا ً عابراً في حياة األمھات واألطفال وأن تأجيل الوعي بالحمل أنتج تأجيالً‬ ‫آخر ھو الوعي بدور الذكر ابوته واالعتراف بھا‪ .‬ويذھب بعض علماء النفس أبعد‬ ‫من ذلك إذ يرجعون "إغفال" المن ِجب أبوته إلى طبيعته الذكورية‪/‬االجتماعية في آن‬ ‫معاً؛ حيث يرون أن األبوة لدى الرجل "مكتسبة" وأن الذكر ليس أبا بالغريزة مثل‬ ‫األم بل ھو أب باالكتساب؛ الرجل "يصير" أباً‪ ،‬فيما "تكون" المرأة أما بالطبيعة‬ ‫الغريزة‪ .‬أمومة تتجلى بالمولود الذي يخرج بالمخاض واأللم من رحمھا ويحتاج‬ ‫لحليبھا وحضنھا ليعيش‪ .‬لكأن األمومة طبيعة أولى واألبوة طبيعة ثانية و"ثانوية"‪.‬‬ ‫ويعزز مفسرو التوراة ھذا االفتراض إذ يرون أن كلمة حواء مشتقة من الحياة‪ ،‬ألن‬ ‫األنثى ھي أصل الحياة‪ .‬وقد ساھمت الطبيعة في "إقصاء" الرجل عن "األبوة"‬ ‫وتعزيز تأجيلھا أو إنكارھا‪ .‬ويتحدث بعض المحلّلين عن "وظيفة األب"‪ ،‬كبعد‬ ‫اجتماعي الحق على البعد الغريزي‪).‬أنظر ملدورف‪ /‬وظيفة األب(‪ .‬ولعل النظام‬ ‫األبوي ارتبط بإدراك األبوة التي تأجل الوعي بھا واالعتراف وأُنكرت لزمن‬ ‫طويل‪ .‬ھل يمكننا االعتقاد بأن لمحورية األمومة أثاراً عدوانيا ً على الذكور و األباء‬ ‫يحفزھم في الالوعي على معاقبتھا؟‬ ‫عقاب األمومة واضح وموثق في سفر التكوين؛ "تلدين باأللم"‪ ،‬كانت أولى العبارات‬ ‫التي أطلقھا الرب ما أن علم بخطيئة حواء‪ .‬لعنة "ضريبة مضافة" على ثمن‬ ‫الخطيئة األساسي الذي سيدفعه الطرفان والذي ھو الخروج من خلود الجنة إلى‬ ‫‪18‬‬


‫األرض حيث الموت ھو المصير‪ .‬ھذا العقاب "األنثوي" الذي تجذر في المتخيل‬ ‫الجماعي كثيف المعاني؛ فھو ال يحمل ثمن الخطيئة وحسب بل ويحمل ايضا ثمن‬ ‫األمومة لجھة إقصائھا الرجل من الدائرة األھم في تاريخ النوع‪.‬‬ ‫في حقبة الغموض وغياب التفسيرات العقالنية لعملية اإلنجاب‪ ،‬وغفلة المنجب عن‬ ‫صلته بمن أنجب اكتسبت األمومة أھمية بقدر ما اكتسبت من رھبة‪ .‬ال ريب في أن‬ ‫"القدرة" على االنجاب كانت تبدو أشبه بقدرة "ثانية" على الخلق‪ .‬ألوھية تجلس‬ ‫المرأة‪/‬األم على عرشھا‪ ،‬تجلت بتكريس عدد من اآللھات ال سيما آلھة "الخصوبة"‪.‬‬ ‫على عظمته‪ ،‬بل وبالنظر لعظمته‪ ،‬يلعب اإلنجاب في عالقة الشريكين دوراً مھدداً‬ ‫لألب‪ :‬اإلقصاء من دائرة اھتمام المرأة‪ ،‬إقصاء حاداً في المراحل األولى من‬ ‫الوالدة ونسبيا ً في المراحل التالية عليھا‪ .‬ناھيك عن أنه يجعل المرأة أكثر اكتفاء‬ ‫وثقة بدورھا كجنس "مستقل" عن الرجل‪ ،‬قادر على التجدد‪ ،‬الخلق وتأمين‬ ‫استمرارية النوع‪.‬‬ ‫تشكل األمومة مصدر أمان مطلق للطفل لكنھا وبالنظر للحاجة المفرطة لألم فقد‬ ‫تشكل ھذه ينبوع قلق من فقدانھا‪ .‬االرتھان لألم من كبرى مصادر القلق لدى الطفل‬ ‫عموما ً والطفل الذكر بشكل خاص‪ .‬فھو يستبطن فضل دورھا الوجودي عليه‬ ‫استبطانا ً يبھره وال يسعه التعويض عنه إن فقده‪ ،‬كما ال يسعه القيام به‪ .‬فيما األنثى‪،‬‬ ‫في تصورھا الطفولي لوظيفتھا اإلنجابية تجد التعويض عن الفقدان عبر تحولھا ھي‬ ‫إلى أم قادرة على العطاء والخلق والتجدد‪ .‬وكثيراً ما يؤدي حرمان الذكور من أمان‬ ‫األمھات إلى جعلھم‪ ،‬في الكبر‪ ،‬طغاة يميلون لالنتقام الذي كانوا يشتھون القيام به في‬ ‫مرحلة "القطيعة" مع األم أو مراحل الحرمان من حنانھا ال سيما عندما تتخذ‬ ‫شخصيتھا صفات ذكرية طاغية‪.‬‬ ‫األمومة )اإلنجاب وومرحلة ما بعد الوالدة( وظيفتان مركزيتان لم يعرھما مؤسس‬ ‫مدرسة التحليل النفسي االھتمام الالزم في تشكيل العصاب ومسار معايشته‬ ‫وتصوراته لدى كال الجنسين ال سيما األنثى‪ .‬على بالغة نظريته ال سيما بالنسبة‬ ‫لمأسسة "الالوعي" وتفسير األحالم‪ ،‬انشغل فرويد وتالمذته بما يسمى بـ"حسد‬ ‫القضيب" عن مسألة جوھرية تتصل بقدرة األنثى جنسيا على "الخلق الثاني"‬ ‫وانعكاسات ھذه القدرة عليھا وعلى شريكھا في آن معا‪ .‬حسد القضيب )إذا ما كان‬ ‫صحيحا ً وكليا ً حسب التوصيف الفرويدي( ھو مظھر نفس–اجتماعي طارئ وقابل‬ ‫للتغير؛ على أن اإلنجاب يكمن في القدرات الطبيعة التي يستحيل تغييرھا وينتج عن‬ ‫ھذه استحالته إقصاء األب وحسده من االنجاب كقدرة على "الخلق"‪ .‬وغالبا ً ما‬ ‫‪19‬‬


‫تستثير األمومة نوازع "االرتداد الطفولي" لدى األب وتثير حنقه من انصراف‬ ‫الزوجة األم عنه لغرض أكثر إلحاحا وسموا ھو ذاك الكائن الجديد‪ .‬وبل وغالبا ً ما‬ ‫تثير غيرته من ھذا الرضيع الذي يلتھم ثديھا ويستحوز على مشاعرھا‪ .‬سيغدو ھذا‬ ‫بين ليلة وضحاھا ھو المحور الذي استبدل به‪ .‬من ضروب المبالغة إليضاح فكرة‬ ‫"اإلقصاء" أن بعض المعالجين النفسيين‪ ،‬في وصفھم العالقة بين الجنسين‪ ،‬يشبھون‬ ‫األنثى بملكة النحل التي ما أن تنال "مبتغاھا" تتخلى عن الذكر الذي لقحھا ‪.‬‬ ‫األمومة لدى فرويد تبدو "تابعة" كموضوع لألبوة والبنوة ال وظيفة شائكة‬ ‫ومحورية تستدعي الدراسة والتحليل‪ .‬ما شغل فرويد بالنسبة للطفل ھو عالقة ھذا‬ ‫األخير بھا ‪ -‬ال سيما الذكر ‪ -‬وأثر ھذه العالقة عليه خاصة بالنسبة لمراحل‬ ‫"األوديب"‪ .‬على أن تبحر فرويد في العالقة الثالثية )األب االبن األم( لم يمنح‬ ‫األمومة الحيز الضروري لھا‪.‬‬ ‫األمومة موضوع محوري كما " اإلرث األمومي" بأسره‪ .‬ھذا اإلرث الجميل‬ ‫الرھيب والعظيم الموغل في الذاكرة والتصورات الفردية والجماعية‪ ،‬والمفتوح على‬ ‫المستقبل حيث سيعايش تصوراته األبناء من الجنسين؛ يستبطنه كل بطريقته‬ ‫وتستبطنه البنات بالتماثل اإليجابي إن كن محظوظات‪ .‬يستعدن إنتاجه فيزيولوجيا‬ ‫ونفسيا‪ ،‬استعادة تساھم في حال نجاحھا في تطوير شخصية الشابة وحل المشكالت‬ ‫النفسية التي ورثتھا من العالقة األسرية ال سيما العالقة من أنجبتھا وتولت رعايتھا‬ ‫أي األم‬ ‫‪Jun 24 2013by‬‬

‫اﻟﻤﺮأة ﺑﻴﻦ اﻟﺒﺪاﺋﻴّﺔ واﻟﻌﺼﺮﻳّﺔ!‬ ‫آمال عوّ اد رضوان‬ ‫لمحة وجيزة عن ْ‬ ‫العصور أسوقُھا‪،‬‬ ‫عبر‬ ‫دو ِر المرأ ِة‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫وليس من‬ ‫دخل إلى ما آ َل إليه حالُھا ھذه األيّام‪،‬‬ ‫َ‬ ‫ك َم ٍ‬ ‫الجنسين!‬ ‫بين‬ ‫منطلق التحي ِّز إلى فكر ِة‬ ‫التمييز َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ت البدائ ّي ِة )األموميّة(‪ ،‬للمرأة كانت السُّلطة‬ ‫في المجتمعا ِ‬ ‫العلياوالسّطوة‪ ،‬في صياغ ِة‬ ‫الشرائع المتعلقة بأنماطِ‬ ‫ِ‬ ‫‪20‬‬


‫األدوار على اختالفاتھا!‬ ‫وتشكيل تفاصيل‬ ‫الحياة‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ت المرأة ھي الفاعل األساسيّ والمباشر‬ ‫ت األحوا ُل واألفعالُ‪ ،‬فبع َد أن كان ِ‬ ‫لكن‪ ،‬تب ّدل ِ‬ ‫نائب الفاعل‪ ،‬أو المفعول به على األغلب‪ ،‬فقد‬ ‫في جميع أدوارھا وقراراتھا‪ ،‬صارت‬ ‫َ‬ ‫ت الموازين واآليات‪ ،‬وباتت ھي المغلوبة على أمرھا‪ ،‬دون تم ّكنھا من المجابھة‬ ‫انقلب ِ‬ ‫والمواجھة‪ ،‬أو حتى االعتراض ورفع رأسھا!‬ ‫ووقف في وج ِه‬ ‫المناصب العليا‪،‬‬ ‫ت السّلطة لي ِد ال ّرج ُِل‪ ،‬فتقلّ َد‬ ‫سرعان ما انتقل ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْح‬ ‫ِ‬ ‫العنصر النسويّ بش ّد ٍة وقسو ٍة وسطو ٍة ناقم ٍة غير محدودة‪ ،‬بعدما ساھ َم في كب ِ‬ ‫ُ‬ ‫القوانين ض ّدھا‪ ،‬ويُن ّفذھا ويُطبّقھا‬ ‫وصار يُش ّر ُع‬ ‫جماحِھا‪ ،‬ومنع نھوضھا ثانية‪،‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫بكائن دونيٍّ ‪ ،‬تستوج ُب ُه الحياة المفروضة‬ ‫وأضحت حوّ ا ُء أشب َه‬ ‫بمفھوم ثقاف ٍة ذكور ّيةٍ‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫تلبية مھمّا ٍ‬ ‫دون اعتراض‪ ،‬فھي ناقصة العقل والفِكر‪ ،‬محصورة مھمّا ُتھا‬ ‫ت مح ّدد ٍة‬ ‫َ‬ ‫ب األطفال!‬ ‫األساسيّة في المطبخ والمنزل‪ ،‬وخدمة الزوج وإنجا ِ‬ ‫العصور اإلغريقيّة مسلوبة اإلراد ِة والحقوق والمكانةِ‪ ،‬ومُنع عنھا‬ ‫ت المرأة في‬ ‫عاش ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٌ‬ ‫ْ‬ ‫كانت‬ ‫ال ّتعلّم‪ ،‬لكن بالمقابل‪،‬‬ ‫حقوق كثيرة تتمت ُع بھا الجواري‪ ،‬مِن ممارس ِة الفنّ‬ ‫والغنا ِء والفلسف ِة والنقاش في مجالس الرِّ جال!‬ ‫انشغال الرّجال بالحروب والقتال‪ ،‬فقد أعط َيت المرأة‬ ‫أمّا في إسبارطة‪ ،‬وبسبب‬ ‫ِ‬ ‫ً‬ ‫أرفع‪ ،‬مِن حيث التجارة والبيع والوراثة واالمتالك والتوريث!‬ ‫مكانة‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫والعمل‪،‬‬ ‫ت والحقل‬ ‫ت المرأة‬ ‫سلطة قوي ًّة في البي ِ‬ ‫أمّا الوضع عن َد الفراعنة‪ ،‬فقد احتلّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ولمكانتِھا ال ّرفيعة‪ ،‬كان ْتتق َّدم األجمل منھنّ كضح ّي ٍة للنيل‪ ،‬مِن أجل ني ِْل رضا اآللھة!‬ ‫غامض طافح بالبھجة‪ ،‬لذا‪ ،‬ال ب ّد من‬ ‫بشعور‬ ‫ك‬ ‫ٍ‬ ‫الجما ُل يغم ُر َ‬ ‫ٍ‬ ‫الجمال و ُتعاقبُ الجميلة!‬ ‫أن يُعاقبُ َ‬ ‫حقير ومُھان‪ ،‬وكانت المرأة في‬ ‫فكان يُنظ ُر للمرأة كحيوان معتو ٍه‬ ‫أمّا في الصّين‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬ ‫حين يموت!‬ ‫حرق مع زوجھا َ‬ ‫الھند تـُدفن أو تـ ُ َ‬ ‫فلتشكر المرأة ‪ Z‬أنھا ليست في ذاك الزمان وال ذاك المكان!‬ ‫َبع َد ھذه اللّمح ِة عن التباع ِد ال ّزمكانيّ ‪ ،‬ماذا ح ّل بالمرأة في أيّامِنا األخير ِة القريبةِ؟‬ ‫ت وقدرا ٍ‬ ‫ك كفاءا ٍ‬ ‫ت كالرّجل‬ ‫واعتبارھا إنسا ًنا يمل ُ‬ ‫مع ظھور ما يُسمّى بحقوق المرأة‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫أو أدنى أو أكثر‪ ،‬فقد حظ َي ْ‬ ‫دون صو ِت ِه!‬ ‫ت بما لم يكن لھا ببال‪ ،‬ولم تع ُْد ذاك الظ ّل َ‬ ‫‪21‬‬


‫ففي الغرب وقب َل عقو ٍد معدوداتٍ‪ ،‬أخذ الرَّ ج ُل على عات ِق ِه فكرة التكفير عن بني‬ ‫ِّ‬ ‫بحق المرأةِ‪ ،‬وتغيير التو ّج ِه والفِكر والظروفِ االجتماع ّي ِة القائمة والسائدة‪،‬‬ ‫جنسِ ِه‬ ‫حو َل ْ‬ ‫دو ِرھا ومكانتِھا‪ ،‬فأتا َح لھا أن تخر َج مِن صمتِھا األبكم الجامد‪ ،‬إلى حيّز‬ ‫ت والظھور‪ ،‬بع َدما قا َد حركة تثقيفيّة ُتم ّك ُنھا مِن النھوض‪ ،‬وسعى إلى إزال ِة‬ ‫الصّو ِ‬ ‫الحواجز الماثلة أما َم تق ّدمِھا‪ ،‬وقد آمن بضرورة إسھامِھا ْ‬ ‫بدو ٍر فعّال‪ ،‬لتحقيق‬ ‫حضورھا واستقالل ّيتِھا االقتصاديّة واستقرارھا المعنويّ والماديّ !‬ ‫ِ‬ ‫لكن‪o‬‬ ‫حق على األغلب‪ ،‬فكان ال ب ّد لل ّ‬ ‫ّابق وال ّ‬ ‫رق ھو الال ّ ُ‬ ‫الغرب ھو الس ُ‬ ‫ش َ‬ ‫شرق أن‬ ‫وبما أنّ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫والقدر؟‬ ‫ب‬ ‫تطال ُه ي ُد العدوى‪ ،‬لكن ھل طالته الجدوى وبنفس األسلو ِ‬ ‫ضع ي َدهُ‪ ،‬ويُؤ ّ‬ ‫ش َر بإصب ِع ِه على مكامِن قضايا المرأة من‬ ‫ھل‬ ‫استطاع ال ّرج ُل ح ًّقا أن َي َ‬ ‫َ‬ ‫بين خطوطِ نجاحاتِھا وإخفاقاتِھا؟‬ ‫أجل َحلِّھا؟ أم أنّ تبا ُي ًنا جل ًّيا في العمل والبيت‪ ،‬برز َ‬ ‫ِ‬ ‫ت وحقيقة اإلخفاقات ھذه؟ ھل ھي المرأة أم‬ ‫َمن المسؤو ُل الحقيقيّ عن مدى النجاحا ِ‬ ‫الرّجل؟ أم كالھما معا؟‬ ‫ھل المجتمع يحتا ُج إلى تثقي ٍ‬ ‫كسر الجدران الزجاجيّة‬ ‫ف‬ ‫مغاير يناص ُر المرأة‪ ،‬كي َي َ‬ ‫ٍ‬ ‫ت عالقةٍ‪ ،‬وفرضيّا ٍ‬ ‫لفروضا ٍ‬ ‫ت تتناقضُ وطبيعة حياة المرأة بشكل عام ال الخاص‪،‬‬ ‫وميولِھا ْ‬ ‫ودو ِرھا في األسرة؟‬ ‫ت ملحوظٍ‬ ‫الحديث َيدو ُر عن تفاو ٍ‬ ‫بين المجتمعات! لكن ومع ھذا‪ ،‬فلو تابعنا‬ ‫وكبير َ‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬ ‫ب في العالم كلِّهِ‪ ،‬وفي مجاال ٍ‬ ‫ت عديد ٍة للمرأة‪ ،‬لوجدنا نجاحاتھا ما‬ ‫األبحاث وال ِّن َس َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ث‬ ‫أخفقت في‬ ‫زالت تتص ّد ُر مجا َل التعليم بنسب ٍة فائق ٍة مثال‪ ،‬بينما‬ ‫مجال البحو ِ‬ ‫ِ‬ ‫ت وغيرھا‪ ،‬فكانت ال ِّن َسبُ ضئيلة قيا ًسا بالرَّ جل‪ ،‬رغم حصولِھا‬ ‫والسّياس ِة والقيادا ِ‬ ‫على شھادا ٍ‬ ‫ت ُتؤ ّھلُھا للعمل ِفيه!‬ ‫لماذا؟ وما ھي األسباب التي أ ّد ْ‬ ‫ت إلى ھذا التباين بين النظريّ والتطبيقيّ ؟‬ ‫المسائل‪ ،‬فيختلف األم ُر بالنسبة للعزباء‬ ‫ھل بنا ُء األسْ َرة ھو الواز ُع الرئيسيّ في ھذه‬ ‫ِ‬ ‫والزوجة واألرملة واأل ّم والمطلقةِ؟‬ ‫ھل علينا أن نطر َح األسئلة الموضوعيّة والحقيقيّة على المرأة نفسھا‪ ،‬ألنھا تعكس‬ ‫واق َعھا وطبيعتھا وطموحاتھا‪ ،‬ومن وجھة نظرھا ھي‪ ،‬وليس كما َيرسم وي ّ‬ ‫ُخطط‬ ‫ويُح ِّدد لھا الرّجل؟‬ ‫‪22‬‬


‫وتؤطر األجوبة بمصداق ّي ٍة )إن أعطِ ْ‬ ‫يت لھا الفرصة أو‬ ‫ھل المرأة يمك ُنھا أن تح ّد َد‬ ‫َ‬ ‫باعتبارھا ھي األقد ُر على تحدي ِد مساراتھا؟‬ ‫أخذتھا بمجھودِھا(‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫ت الخطر َة في ا ّتخا ِذ قراراتِھا‬ ‫ھل المرأة تستطي ُع فعال أن‬ ‫تتخطى المنعطفا ِ‬ ‫واختياراتِھا؟‬ ‫ّجل على الغالبِ‪ ،‬بما يخد ُم ُه‬ ‫أم أنَّ التخطيط‬ ‫َ‬ ‫والتعيين ما زاال يخضعان ألھوا ِء الر ِ‬ ‫أوّ ال‪ ،‬ومن ث ّم بما َيخدم المرأة الحقا؟‬

‫============================================‬

‫اﻟﻤﺮأة اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺑﻴﻦ ﺗﺄﻟﻪ‬ ‫اﻟﺬﻛﺮ و اﻹﻟﻪ اﻟﺒﺸﺮ‬ ‫حنان بن عريبية‬ ‫رغم ملكة الفھم للعقالنيين العرب‬ ‫ووعيھم أن وضعية المرأة‬ ‫العربية تعيق التقدم نحو مسار‬ ‫الحداثة و التمدن‪ ،‬و رغم محاولة السعي الدائم إلخراجھا من متاھة الفقه الذكوري‪،‬‬ ‫تبقى النزعة الدونية للمرأة متجذرة في الالشعور العربي تقطع مع كل تيار فكري‬ ‫ينصفھا جاعال منھا موضوعا للبحث و محررا إياھا من جدلية دينية و مجتمعية‬ ‫تصب كلھا في منظومة الجسد‪.‬‬ ‫من أھم العوائق االبستيمولوجية وجود نساء يتفاخرن بعبوديتھن و إذاللھن‪ ،‬مرحبات‬ ‫بكل األذواق الفقھية التي تمارس عليھن و التقليل من شأنھن‪ .‬وھو ما يدعو‬ ‫لتساؤالت عديدة ‪ :‬لم ترسخت نظرية االحتقار للمرأة في الضمير الجمعي على‬ ‫المستويين الديني و المجتمعي رغم وجود عناصر من شأنھا أن تطلق المرأة العربية‬ ‫من قمعھا و تحررھا من عقدة االنصياع التام ألھواء جالدھا‪ ،‬بدءا بحديث الرسول‬ ‫“النساء شقائق الرجال” وصوال لدحض فكرة النقصان التي كانت جلية في سورة‬ ‫النمل في وصف رجاحة عقل ملكة سبأ رغم كفرھا‪ ،‬إضافة للحادثة الشھيرة في‬ ‫‪23‬‬


‫رجوع الرسول ألم سلمة في أمور المسلمين رغـم دقة و أھمية الموضوع آنذاك‬ ‫المتعلق بصلح الحديبية‪ .‬ھل ھو الخوف من المرأة أم الخوف عليھا كما يروج الدعاة‬ ‫؟ و ھل أن صمت المرأة العربية و المسلمة بصفة عامة ھو قصور في التبليغ عن‬ ‫أالمھا و فكرھا كانسان كامل أم الخوف من المجتمع الذي يعتبر صرخة المرأة‬ ‫خروجا عن الشرائع الدينية بإطالق صفارات األحاديث المنسوبة لرسول اعتبرھا‬ ‫حسب ادعاءاتھم عنصرا غير مرحب به في أنشطة تجمع بينھا و بين الرجل‬ ‫باعتبارھا محتقرة و دون الذكر‪ .‬فھي مصدر البالء و الفتنة و الشرور بموروث‬ ‫عقائدي توراتي بحت يعتبرھا الخطيئة األولى و نجسة كما جاء في سفر الراويين‬ ‫اإلصحاح الثاني عشر ‪ ،٧-١‬ليدعمه أبو ھريرة بتصنيفھا مع الكلب و الحمار اللذين‬ ‫يقطعان صالة الرجل و معظم الفتاوى التي فيھا حط و تحقير شديد لھا‪ .‬و لو أن‬ ‫الفقھاء في تبنيھم لرواية قطع الصالة اقتصروا على حيثيتھا األولى مھملين معطى‬ ‫ھاما مغيبا يتمثل في رد السيدة عائشة الذي فيه الكثير من السخط و الغضب على‬ ‫ھذا التصنيف‪.‬‬ ‫و رغم ثبوت أن النص القرآني لم يحمل وزر نجاسة المرأة باعتبار جوھرھا نجسا‬ ‫بل اعتبر حيضھا عملية طبيعية فيه أذى يجب فقط التطھر منه حسب اآلية ‪ ٢٢٢‬من‬ ‫سورة البقرة و ھو شيء يتعلق فقط باحترام فيزيولوجية المرأة ال تحقيرا لھا‪.‬‬ ‫إن التمعن في كل التناقضات التشريعية خاصة تلك المنسوبة للرسول يقودنا إلى‬ ‫مالحظة عدم تطابقھا مع النص القرآني الزاخر بالرموز و اإلشارات و التأويالت‪،‬‬ ‫باعتبار القران المصدر األصلي للتشريع اإلسالمي‪ .‬نجد في قراءة بدائية أو األحرى‬ ‫قراءة الفقھاء األخذ بحرفية بعض اآليات القرآنية التي فيھا الكثير من اعتبار المرأة‬ ‫دون الرجل كالقوامة أو الميراث أو الضرب‪ ،‬مما يكون لدى المرأة شعورا بقمعھا‬ ‫ككائن بشري كامل من قبل خالقھا‪.‬‬ ‫إن جوھرية النص و البحث في أسباب النزول تجعلنا على دراية تامة بالتفريق بين‬ ‫عقدة التأله البشري لدى الذكر و وبين إله البشر‪ ،‬مما يعطي شرعية لفكرة التدرج‬ ‫في النص القرآني و اعتباره نقطة انطالق‪ .‬و ما يدعم ھذه الفكرة منظومة أسباب‬ ‫النزول‪ ،‬فالمتغيرات المجتمعية ال تجمع بين وضع المرأة في الجاھلية و بين امرأة‬ ‫القرن الواحد و العشرين‪ ،‬خاصة بالمقارنة بالمرأة في المجتمعات الغربية التي‬ ‫تحررت من الضغط الديني في كتابھا المقدس المشبع بالكثير من التحقير لشأنھا‪.‬‬ ‫بالرجوع للقران الذي فيه جوھر اإلنصاف و تساوي المرأة و الرجل بخطاب ‪Z‬‬ ‫للمؤمنين و المؤمنات القانتين و القانتات و الحافظين و الحافظات‪ ،‬خطاب تكليف ال‬ ‫‪24‬‬


‫يفرق بين الذكر و األنثى باعتباره إلھا عادال رحيما و منصفا بالنقيض من الذكر‬ ‫اإلله الذي أنتج لنا فقھا ذكوريا مستند في معظمه إلى موروث توراتي كما أشرت‬ ‫سابقا‪.‬‬ ‫إن تمازج الجانب الديني بالمجتمعي في معاملة المرأة العربية فيه الكثير من الفضح‬ ‫لھشاشة الرجل الشرقي خاصة عندما تعامل المرأة كأداة تغلق عليھا جميع منافذ‬ ‫الخروج من إطار سلطة الرجل‪ .‬و ھذه الھشاشة و الھزال الفكري يبدوان جليان في‬ ‫تموقع السلطة األبوية التي مع األسف لم تتحرر منھا الشعوب المسلمة‪ ،‬خاصة في‬ ‫تجذر ھذه الفكرة عند المرأة نفسھا التي تسعى دوما للسير في فكرة المغلوبة على‬ ‫أمرھا و تطبيقھا في تمييز االبن على البنت لتتوارثھا الفتاة من أمھا و تكبر بذھنية‬ ‫المستعبدة ال الحرة‪ ،‬مما يزيد تشعب الھيمنة و السيطرة الذكورية عليھا و الحط من‬ ‫شأنھا‪ ،‬مما يفسر استشراء جرائم الشرف و العنف المادي و المعنوي المسلط على‬ ‫المرأة‪ ،‬أين تتحول فيه الضحية متھمة عليھا تحمل قھر الرجل و عدم المساس‬ ‫بحرمة المجتمع الذكوري ذي المنطق الفحولي الذي ال يغلب‪ .‬ھذه المنظومة التي‬ ‫ترفض المرأة المتزنة و الحرة التي تجد في الرجل المھذب و الرقيق و المحترم‬ ‫لكينونتھا كإنسانة كاملة مالذا نقيضا لنظرية المستعبدة‪ ،‬والتي تجعل من صراخ‬ ‫الرجل و قمعه وافتخاره بعدم تكافؤ ميزان القوى العضلية إعجابا بفحلھا خاصة و‬ ‫أن الفقه الذكوري يتھم الرجل الذي يرحب بفكرة المساواة بنعته بالديوث‪ .‬وھو فضح‬ ‫أخر لعجزه‪ .‬فالرجل الشرقي يخاف المتمردة و الحرة التي تفضح ضعفه‪ ،‬و ھذا‬ ‫محصلة ذھنية الذكر الفحل ال ذھنية الرجل اإلنسان‪.‬‬ ‫المرأة ككائن يشارك في عملية اإلبداع والخلق ھي مشروع مؤجل لبناء حقيقة تمس‬ ‫فحولة الرجل و تھز عرش السراب الذي يتربع عليه و يتوھمه‪ .‬لذا نجده دائم السعي‬ ‫لغلق منافذ الحقيقة التي يستبطنھا الالشعور عنده والتي تتفرع إلى الخوف من المرأة‬ ‫عن طريق تأصيل فكرة الدونية‪ .‬فالالشعور المرضي ھو من يجعل قطعة قماش تدل‬ ‫على العفة و الطھارة ‪ ،‬و لو أن عمليات التحرش و االغتصاب التي تقع على‬ ‫رضيعات و قصر بمن في ذلك محجبات و منقبات فيھا الكثير من االرتجاج لھذه‬ ‫المنظومة‪.‬‬ ‫إن المرأة العربية ھي من يجب أن تبادر إلى معالجة الالشعور المرضي لفكرة‬ ‫الدونية لدى الرجل و المجتمع و جعله يطفو على السطح بما أنه أصل المرض كما‬ ‫جاء في التحليل النفسي الفرويدي و تحررھا ھي أيضا من فكرة النقصان لتخرج‬ ‫بكل ثقة صارخة ثائرة‪ ،‬ال خانعة خاضعة لفكرة الملكة التي يھديھا ملكھا سجنا ترى‬ ‫أنه قلعة العز و المجد‪.‬‬ ‫‪25‬‬


‫و بالرغم من انتشار التحرش و االغتصاب وھي مسائل تصنف أيضا في اطار‬ ‫التابو نرى كيفية تأصل الفكرة الدونية و ضربھا لكل التجارب الفردية للمرأة التي‬ ‫تجمع بين الحسي و األخالقي ابتداء بالبيت وصوال لمرحلة التمدرس و الخروج‬ ‫للمجتمع و التكتم على األفعال التي تنخر مؤسسات المجتمع بتجذر الدونية عند من‬ ‫يفترض أن يجعل منھا امرأة تواجه مجتمعا ذكوريا متربصا بھا لنطالب في ما بعد‬ ‫بتربية سوية و امرأة مجتمع حقيقية و متزنة‪ .‬نحن أمام مسألة حساسة في غاية‬ ‫األھمية وھي ذھنية المرأة الشارع بقطعھا فقط للشارع فالمرأة تشكل خطرا و فتنة‬ ‫وجب حمايتھا بمنطق الرجل الشرقي بتشويه كل معالم الجمال الحسي و الروحي‬ ‫لديھا لتتغذى بلعنة أنھا امرأة أنثى‬ ‫========================================‬

‫ﻗﻤﻊ اﻹﺳﻼم اﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﻟﻠﻤﺮأة‬ ‫واﻟﺠﻨﺲ ﻛﻨﺬﻳﺮ وﻣﻈﻬﺮ‬ ‫ﻟﻔـﺎﺷﻴﺘﻪ‬ ‫طالل الربيعي‬ ‫يعكس تصريح ألحد كبار رجال الدين في إيران‪ ،‬حجة اإلسالم حسين دھنافي )‪(١‬‬ ‫مدى سطوة العقلية األبوية الرجعية والتعسفية في معالجة أمور المرأة وحقوقھا‬ ‫اإلنسانية‪ ،‬بما فيھا حقوقھا الجنسية‪ .‬ينبغي التنويه ھنا أن إعالن ھونك كونك في‬ ‫‪ (٢)١٩٩٩‬يعتبر الحقوق الجنسية حقا أساسيا من حقوق اإلنسان‪ ،‬ولذلك فإن تقييد‬ ‫وقمع الحريات الجنسية بأي حجة كانت يشكل قمعا ھو اآلخر لحقوق اإلنسان‪ .‬وبھذا‬ ‫الصدد ينبغي مقدما إزالة الفھم الخاطئ‪ ،‬ولربما المتعمد أيضا‪ ،‬الذي يساوي بين‬ ‫احترام الحريات الجنسية من جھة والتحلل الجنسي أو الفوضى الجنسية من جھة‬ ‫أخرى‪ ،‬الفوضى التي يدعي البعض أنھا سمات مميزة للحياة الجنسية في الغرب‪.‬‬ ‫وھذا ادعاء مضلل بالمرة وبعيد عن الحقيقة بعد السماء عن األرض‪ .‬انھم لغرض‬ ‫في نفوسھم يساوون بين احترام المرأة ومراعاة الحقوق الجنسية من جھة والتحلل‬ ‫الجنسي من جھة أخرى‪.‬‬ ‫‪26‬‬


‫يھدف غالة الرجعية‪ ،‬وبضمنھم أطراف اإلسالم السياسي‪ ،‬في منطقتنا إلى السيطرة‬ ‫على عقول وأجساد النساء‪ .‬ولذلك فإن زعم البعض عندنا في العراق‪ ،‬وبضمنھم‬ ‫جھات محسوبة على اليسار‪ ،‬بإمكانية بناء دولة مدنية ديموقرطية عصرية تحترم‬ ‫حقوق االنسان‪ ،‬وبضمنھا بالطبع حقوق المرأة بكل أشكالھا‪ ،‬بالعمل مع قوى اإلسالم‬ ‫السياسي‪ ،‬ھو وھم قاتل‪ ،‬كما يدلل على استحالة ذلك بوضوح مزاعم ودعاوى حجة‬ ‫اإلسالم حسين دھنافي‪.‬‬ ‫فقد ندد رجل الدين اإليراني البارز حسين دھنافي بالنساء اللواتي ليشبعن حاجات‬ ‫رجالھن جنسيا‪ ،‬وكان تنديده ھذا قد جرى في معرض حديثه حول “واجب المرأة في‬ ‫ظل اإلسالم” في مؤتمر عقد لمناقشة قضايا األسرة‪ ،‬وفقا لوكالة أنباء فارس‪ ،‬إحدى‬ ‫وسائل اإلعالم التي يديرھا الحرس الثوري‪.‬‬ ‫يزعم دھنافي أن “إحدى المصائب في مجتمعنا ھي أن بعض النساء ال يمنحن‬ ‫السطوة أو السلطة ألزواجھن وھذا ھو أكثر وضوحا في ثالث مجموعات منھن‪”.‬‬ ‫“المجموعة األولى تضم النساء اللواتي ھن أكبر سنا من أزواجھن ويعاملن‬ ‫أزواجھن معاملة األم مما يضر بسطوة الرجل على المرأة‪ .‬المجموعة الثانية ھن‬ ‫اللواتي لديھن تعليم أفضل من تعليم أزواجھن‪ ،‬واللواتي بسبب استقاللھن المالي‬ ‫لديھن بعض المواقف التي تضر بسلطة الرجل‪”.‬‬ ‫إن دھنافي ال يعتقد بمساواة المرأة بالرجل‪ .‬ولذلك يعتبر تسلط الرجل على المرأة‬ ‫أمرا بديھيا‪ ،‬ويبني عليه أفكاره التي تناقض صراحة حتى سيرة محمد‪ ،‬نبي اإلسالم‬ ‫وزواجه من خديجة بنت خويلد األكبر منه سنا والمستقلة اقتصاديا ٮبسبب عملھا في‬ ‫التجارة‪ ،‬والتي عاملته كزوجة وكأم في آن واحد )‪).٣‬‬ ‫في إشارته إلى مجموعة ثالثة من النساء‪ ،‬يقول رجل الدين دھنافي أن “احدى‬ ‫واجبات النساء فيما يتعلق برجالھن ھي رعاية احتياجاتھم الغريزية )الدافع‬ ‫الجنسي(‪ ،‬ال كسر كبريائھم‪ ،‬ويجب عليھن أن يكن أكثر حساسية تجاه حاجات‬ ‫رجالھن الجنسية‪“.‬‬ ‫كما يزعم دھنافي بانه ال ينبغي للفتيان والفتيات أن يجتمعوا معا في أماكن منعزلة‪،‬‬ ‫ويجب أن ال ينظر الفتى أو الفتاة احدھما إلى اآلخر بشھوة والفرح في عيونھم‪.‬‬ ‫وعلى الفتيات االمتناع عن ممارسة الغزل عندما يتحدثن إلى الفتيان‪.‬‬

‫‪27‬‬


‫إن رجل الدين دھنافي مستشار ثقافي في تلفزيون نظام إيران اإلسالمي‪ ،‬و يقوم‬ ‫دھنافي بعقد مؤتمرات بخصوص العالقات بين الرجال والنساء‪ ،‬وغالبا ما يتحدث‬ ‫عن الجنس في المجتمع االسالمي‪.‬‬ ‫يقول دھنافي “ينبغي على المرأة ممارسة الجنس مع زوجھا في أي مكان وفي أي‬ ‫وقت”‪ ،‬فعليھا ممارسة الجنس‪“ ،‬حتى في منزل والدتھا‪ ،‬فالمرأة عادة ما ترفض‬ ‫وتقول أن ذلك أمر غير الئق بحجة أن أمھا يمكنھا اكتشاف ذلك‪“ ،‬ولكن مع ذلك‪،‬‬ ‫ينبغي لھا أن تفعل ذلك‪ .‬وحتى إذا اكتشفت األمر والدتھا‪ ،‬فإن ذلك لن يكون أمرا‬ ‫سيئا ألنھا ال تفعل أي شيء غير قانوني”‪ .‬بالنسبة لدھنافي‪ ،‬فإن مشاعر المرأة‬ ‫وامتالكھا للرغبة في ممارسة الجنس من عدمه غير مھمة بالمرة‪ -‬ممارسة الرجل‬ ‫الجنس مع زوجته بالضد من رغبتھا في العديد من الدول الغربية ھي بمثابة جريمة‬ ‫اغتصاب وتستدعي عقابا صارما‪ .‬يطلب دھنافي من المرأة أن تسلك سلوك‬ ‫الروبوت وتوفر جسدھا للرجل في كل مكان وزمان الشباع شھواته‪ ،‬والال فانه‪،‬‬ ‫يمكن القول‪ ،‬ال يمكن استبعاد تزوجه عليھا او ممارسته الدعارة تحت ستار زواج‬ ‫المتعة‪ .‬المھمة االزلية لالسالم )السياسي( ھي إشباع حاجات الرجل الجنسية وتوفير‬ ‫المتعة له دوما وأبدا سواء مع نساء األرض أو مع حوريات السماء‪ .‬أن مفھوم‬ ‫دھنافي ھذا ال يختلف قيد شعرة عن نظرة األفالم اإلباحية ‪ pornography‬إلى‬ ‫المرأة‪.‬‬ ‫“النساء يرتكبن الخطيئة” يؤكد دھنافي‪ ،‬إذا ما حاولن “إرضاء أنفسھن بعد وصول‬ ‫أزواجھن الذروة ‪” orgasm = ejaculation.‬إن ما يقوله دھنافي غير مفھوم‬ ‫بالمرة‪ ،‬فأين ھي الخطيئة ھنا؟ كما أن زعمه ھذا يناقض كل قواعد الطب الجنسي‬ ‫التي تركز على حق المرأة الكامل‪ ،‬حالھا حال الرجل‪ ،‬في إشباع حاجاتھا الجنسية‬ ‫في عالقات حميمية )‪) .٤‬‬ ‫كما يؤكد دھنافي أن تفكير الرجل في امرأة أخرى خالل ممارسته الجنس مع‬ ‫زوجته أثناء الحمل يؤدي إلى أن الطفل المولود سوف يكون مثلي الجنس‪ .‬وھذا‬ ‫زعم مخالف تماما للحقائق العلمية بخصوص المثلية الجنسية )‪ (٥‬ويؤدي لربما إلى‬ ‫زرع الشعور بالذنب غير المبرر تماما لدى والد الطفل المثلي الجنس‪ ،‬ولربما يؤدي‬ ‫أيضا إلى لوم وتقريع الزوجة له التھامھا إياه بدون حق بتخيله ممارسة الجنس مع‬ ‫امرأة أخرى‪.‬‬ ‫تعرضت النساء اإليرانيات‪ ،‬منذ الثورة اإلسالمية عام ‪ ،١٩٧٩‬إلى أقسى العقوبات‬ ‫وسلبت منھن أغلب حقوقھن‪ .‬وعلى الرغم من وعد المرشد األعلى آية ‪ Z‬روح ‪Z‬‬ ‫‪28‬‬


‫الخميني‪ ،‬مؤسس الجمھورية اإلسالمية‪ ،‬أنه كان سيسمح للنساء حرية االختيار في‬ ‫المالبس وممارسة األنشطة ونمط الحياة‪ ،‬إال أن واحدا من أول أوامره كان ھو‬ ‫إجبار كل النساء على ارتداء الحجاب اإلسالمي‪ ،‬تغطية الشعر والجسم‪ ،‬وحظر‬ ‫المكياج‪ ،‬كما أنه ال يمكن أن تشاھد المرأة مع أي شخص آخر غير زوجھا أو‬ ‫قريبھا‪ ،‬وتتعرض أي امرأة مخالفة إلى عقوبات كالجلد والسجن‪.‬‬ ‫في ظل النظام اإلسالمي‪ ،‬ال تمتلك النساء حقوقا مساوية للرجل في الميراث‬ ‫والزواج‪ ،‬وتحتاج المرأة حتى إلى إذن من زوجھا للسفر خارج البالد‪ .‬مع ذلك‪،‬‬ ‫فالنساء الذين يلتزمن تماما بقواعد رجال الدين لسن في مأمن كامل من قسوتھم‬ ‫أيضا‪ .‬فقد تم رجم حتى الموت الكثير من النساء بتھمة زنا وھمية‪ ،‬في بعض‬ ‫األحيان وھن ال يتجاوزن عمر ال‪ ١٥‬سنة‪.‬‬ ‫يقبع اليوم في سجون إيران بال حول وال قوة المئات من الناشطات السياسيات‬ ‫والحقوقيات واآلالف من الفتيات االيرانيات الشجاعات بسبب مناھضتھن للقمع‬ ‫ومطالبتھن بالحرية‪ .‬وقد تم اغتصاب العديد من النساء والفتيات قبل تنفيذ العقوبات‬ ‫بحقھن‪ ،‬الن رجال الدين يعتقدون أن العذراء تذھب الى الجنة‪ ،‬وبالتالي فإن النظام‬ ‫يريد أن يحرم النساء المعاقبات من ھذه “المكافأة”‪ .‬يسبب فظ غشاء البكارة ھذا‬ ‫للمرأة مشاكل نفسية وصحية‪ ،‬ويعرضھا أيضا إلى صعوبات اجتماعية جمة عند‬ ‫محاولتھا الزواج بعد خروجھا من السجن‪.‬‬ ‫ومع ذلك‪ ،‬ال تزال ماليين النساء في إيران مستمرات في مواجھة النظام االسالمي‬ ‫عن طريق عدم التمسك بحكم الحجاب‪ ،‬من خالل ارتداء ماكياج ومالبس على‬ ‫الموضة‪ ،‬ومن خالل ممارستھن للوظيفة أو امتالك مشاريعھن الخاصة‪ ،‬إضافة إلى‬ ‫المشاركة في األلعاب الرياضية‪ ،‬وتشكيل الفرق الموسيقية واحياء الحفالت سرا‪.‬‬ ‫——————‬ ‫لفد اكمل فريدرك غارسيا لوركا كتابة مسرحيته ‪-‬بيت برنارادا البا‪-‬‬ ‫‪La casa de Bernarda Alba‬‬ ‫قبل شھرين من مقتله اثناء الحرب أألھلية أألسبانية في عام ‪ .١٩٣٦‬تنبأ لوركا في‬ ‫ھذه المسرحية بان القمع الجنسي )ممثال في قمع أألم برناردا الجنسي والعاطفي‬ ‫لبناتھا واھتمامھا بالمظاھر المزيفة واصول النفاق أألجتماعي( سوف يؤدي ال‬ ‫محالة الى انتصار الفاشية‪ .‬وقد تحققت نبؤته ھذه بانتصار الفاشية في اسبانيا‬ ‫ووصولھا للسلطة في اكتوبر من نفس العام‪.‬‬ ‫‪29‬‬


‫–————————‬ ‫درس المحلل النفسي الماركسي فيلھلم رايخ )‪ (٦،٧‬أألسباب التي ھيأت لنشوء‬ ‫ارض خصبة لصعود الفاشية في اوربا في النصف أألول من القرن الماضي‪.‬‬ ‫وتوصل الى تحديد ھذه أألسباب كالتالي‪ :‬العائلة أألستبدادية المعادية للجنس‪ ،‬والتي‬ ‫وصفھا بكونھا ‪-‬خلية مركزية رجعية‪،-‬اضافة الى تعليم قمعي صارم‪ ،‬ومشاعر‬ ‫وطنية تقدس الزعيم الكاريزمي‪ ،‬ودينية تلقينية‪.‬‬ ‫بخصوص القمع الجنسي‪ ،‬يؤكد رايخ بان كبح التطور الطبيعي للجنس لدى الطفل‬ ‫يؤدي الى جعله جبانا‪ ،‬خجوال وطيعا‪ ،‬ويخشى السلطة ومتكيفا معھا‪ ،‬ولذلك يحوز‬ ‫بالطبع على رضاھا‪ .‬ولكن ھذا يقتل فيه روح التمرد‪ ،‬فالتمرد يسبب له القلق‬ ‫والرعب‪ .‬كما ان كبح التفكير والفضول الجنسي يؤدي الى كبح القدرة على التفكير‬ ‫وحب أألستطالع بشكل عام‪ ،‬وباختصار‪ ،‬فإن محصلة القمع الجنسي ھي إنتاج فرد‬ ‫متكيف مع النظام أألستبدادي‪ ،‬بالرغم من كل البؤس والشقاء الذي يسببه او سيسببه‬ ‫له النظام‪ .‬ربما يفسر ھذا‪ ،‬لحد ما‪ ،‬تكيف قطاعات واسعة من شعبنا في العراق مع‬ ‫تعسف السلطة واستبدادھا‪.‬‬ ‫في البداية‪ ،‬يؤكد رايخ‪ ،‬يتكيف الطفل مع بنية الدولة االستبدادية المصغرة‪ ،‬أي‬ ‫األسرة‪ ،‬وھذا يجعله قادرا على التبعية في وقت الحق للنظام االستبدادي العام‪ .‬أن‬ ‫تشكيل )الشخصية( السلطوية أو أألستبدادية يحدث من خالل ارتباط الكبت الجنسي‬ ‫مع القلق الجنسي‪.‬‬ ‫المصادر‬ ‫‪1-http://www.clarionproject.org/analysis/iranian-cleric‬‬‫‪women-must-cater-mens-sexual-needs‬‬ ‫‪2- http://www.worldsexology.org/content/sexual-rights-0‬‬ ‫‪3- http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=365129‬‬ ‫‪4-Bancroft, J. Human Sexuality and its Problems, Churchill‬‬ ‫‪Livingstone, 2008‬‬ ‫‪5-hƩp://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=310938‬‬ ‫‪6-http://www.whale.to/b/reich_b.html‬‬ ‫‪7- Richard, C. R. To have´-or-not to have sex in critical theory,‬‬ ‫‪30‬‬


‫ﺷﺮﻑ‬ ‫ﺍﳊﺮﻳﺔ‬ ‫فؤاده العراقيه‬ ‫اقترنت كلمة الحرية بقول ) أعوذ با~ ( يردده الغالبية لمجرد سماعھم لھذه الكلمة‬ ‫حيث ارتبطت بعقولھم مع الرذيلة وخصوصا مع جسد المرأة ل ُترعبھم وتلحق بھم‬ ‫سلبيات ال حصر لھا ‪.‬‬ ‫أنا حر أو أنا ح ّرة جملة منبوذة لدينا اجتماعيا ً تعني التم ّرد على خصوصيات تقاليدنا‬ ‫ومفاھيمنا التي تنبذ كل جديد وكل من تمرّد عليھا حيث أصبح اإلنسان لدينا ودون‬ ‫أن يدري ملكية خاصة لمفاھيم ھذه المجتمعات وعليه أن يكون عبداً لھا وكما أراد‬ ‫له التقليد أي كما كان أجداده بدون إضافة أو نقصان‪ ،‬وأخص ھنا بالذات نظرة‬ ‫اإلنسان العربي لحرية المرأة بعد أن ش ّكلت له حريتھا ھاجسا ً مرعبا ً ودفينا ً استقر‬ ‫بال وعيه دون أن يشعر بأسباب خوفه من حريتھا ‪.‬‬ ‫كلمة يرددھا الكثيرين بأن فالنة امرأة وعليھا ستقع العيون وبھا ومعھا ستكون‬ ‫الخطيئة‪ ،‬حريتھا وخروجھا سيمثل لھم خطراً وتمثل لھا خطورة كونھا امرأة‪ ،‬ولكن‬ ‫الحقيقة بأن الخطورة نبعت من الرجل وعلى مر العصور وھي كامنة في عقله‬ ‫الالواعي الذي أفسده المجتمع وجعله يعاني من الكبت ليتربص للمرأة في جميع‬ ‫تحركاتھا التي ستأتي بخطورة عليه ‪.‬‬ ‫تبدأ رحلتنا مع القيود الجسدية والفكرية منذ والدتنا وحتى مماتنا ‪ ،‬طعم الحرية انعدم‬ ‫ذوقه لدينا وال نستطيع أن نتذوقه ما لم نعرف طعم الحقيقة وھذه تكون صعبة المنال‬ ‫وبعيدة في مجتمعاتنا التي قمعت حرية التفكير لدينا ‪.‬‬ ‫أعوذ با~ من حرية أفعال المرأة ومن حرية كلماتھا ومن حرية تفكيرھا ومن الكثير‬ ‫من تصرفاتھا باستثناء تلك التي خصصوھا لھا من أمور بيتيه‪ ،‬فغلب عليھا النظرة‬ ‫‪31‬‬


‫الجنسية الشائعة فانعدم حقھا في الكثير من الحقوق التي تمتع بھا الرجل وصارت‬ ‫غالبية النساء بال دور لھنّ سوى أنھن أصبحن جسداً للعمل بأطيار البيت كالعناية‬ ‫باألطفال إلى المطبخ ومتطلبات الزوج من خدمته إلى إمتاعه‪ ،‬فسيتعوذون من‬ ‫شيطان الحرية التي ستقودھا إلى حرية التفكير لديھا ومن ثم تصيريھا الحال إلى أن‬ ‫ُتحرير نفسھا من تلك العبودية التي استمرت لقرون فيتحججون ويستعيذون من تلك‬ ‫المرأة المتحررة بفكرة أو بحجة أنھا تطمح إلى حرية جسدھا كتعريته وإباحيته ‪.‬‬ ‫ولھذا وصفوھا منذ القدم بأنھا من حبائل الشيطان والغواية واستمرت ھذه الفكرة‬ ‫لقرون‪ ،‬فالكثيرون ممن اقتنعوا دون دراية منھم بأن المرأة التي تحررت من بعض‬ ‫القيود التي كبّلھا بھا المجتمع ستكون غالبا ً بال أخالق‪ ) ،‬واألخالق ھنا ارتبطت‬ ‫رادع‬ ‫بالجسد فقط (‪ ،‬ألنھا بنظرھم ستكون بحالة من عدم الخوف من أي عقاب أو‬ ‫ٍ‬ ‫ليردعھا من فعل الخطيئة فيما لو أرادت لھا وكأنھا ال تستطيع من ردع نفسھا‬ ‫بالرغم من أنھا قادرة أكثر من الرجل في ضبط نفسھا ‪ ،‬ولكنھم تشبثوا بفكرة‬ ‫التخويف ومن لم يتوقع العقاب والحساب فال رادع له ليمنعه من الرذيلة ليعدموا‬ ‫بذلك ضمير اإلنسان وقناعته ويبقى الخوف فقط يعشش في عقله مما ينتج منه إنسان‬ ‫مقموع ومقھور اجتماعيا‪.‬‬ ‫الخوف والرھبة ھذه من يوم الحساب تدفع صاحبھا إلى عدم القناعة بأفعاله ولكنه‬ ‫مُجبر عليھا وفي نفس الوقت لو توفرت له الفرصة أو انعدم حسابه فسيطلق عنان‬ ‫نفسه لفعل ما ترغبه من سيئات ‪ ،‬فھل ما يفعله من امتناع لفعل السوء سيكون كما لو‬ ‫امتنع عنھا من لم يخاف من أي حساب ؟‬ ‫قمع المرأة وقھرھا يجسد تفكير وتمسك الرجل والقمع الواقع عليه بمرور السنين‬ ‫فالمرأة حتى وان كانت تحافظ على ذلك الجسد المقدس لھم فھم يستعيذون منھا لو‬ ‫أتت قوية وسيصفونھا بعديمة األخالق لو عاشت حياتھا وامتلكت نوع من الحرية‬ ‫وإن كانت بسيطة‪ ،‬فلو ارتفع صوتھا قليال فقد أصبحت بال أخالق ألنه عورة‪ ،‬أو لو‬ ‫تحركت بعفوية دون أية قيود ستكون بال أخالق ألن حركاتھا معدودة‪ ،‬والحقيقة‬ ‫الخافية التي ال يريدون لھا التصديق ھي أنھم يرتعبون من حريتھا التي ستقودھا إلى‬ ‫حرية تفكيرھا وستعينھا لكسر قيود عبوديتھا ولكسر عقدة نقص الرجل وغروره‬ ‫على امتداد التاريخ ‪.‬‬ ‫وكذلك فكرتھم التي زرعوھا عنوة وھي أنھا غير قادرة على الدفاع عن نفسھا‬ ‫باعتبارھا الجنس الذي صيّرهُ المجتمع ضعيفا ً ال يستطيع الدفاع عن نفسه باإلضافة‬ ‫إلى أنھا ّ‬ ‫تمثل الخطيئة من وجھة نظرھم وسببا ً مباشراً لتسليط غرائزھم عليھا‪،‬‬ ‫فسُلطت األضواء عليھا في حالة أنھا تحررت من بعض قيود المجتمع من نظرات‬ ‫‪32‬‬


‫إلى عالمات االستفھام‪ ،‬فتشبثوا بقمعھا بالرغم من أن الخطأ يتوّ لد ويكبر بھم ومنھم‬ ‫‪.‬‬ ‫فالكثيرون الذين يرفضون مطالبة المرأة بالتحرر يلصقون تحررھا بحرية جسدھا‬ ‫وإباحيته بسبب نظرتھم على أنھا مجرد جسد ال عالقة لھا بالعقل وھذا ما ش ّكل لھم‬ ‫ھاجسا ً مرعباً‪ ،‬فيستبعدون رغبتھا بحرية عقلھا وفكرھا وحتى ھذه الحرية محكومة‬ ‫بضوابط وحدود وضِ ْ‬ ‫عت لھا منذ يوم والدتھا‪ ،‬فال يحق لھا شأنھا في ھذا شأن‬ ‫الرجل في أن تسأل عن ثوابت سارت عليھا مجتمعاتنا‪ ،‬ولھذا نرى بانعدام التطور‬ ‫والتغيير لفكر الرجل وال زال تفكيره مقتصراً على مفاھيم ما قبل قرون ‪.‬‬ ‫البعض اآلخر يتصور بأن الحرية تعني الصراخ بوجه العادات والتقاليد وضربھا‬ ‫عرض الحائط دون مراعاة لتلك العادات ودون مباالة لردة الفعل العكسية لھذا‬ ‫التمرد الطائش ‪.‬‬ ‫فعندما تطالب المرأة بحقوقھا اإلنسانية يستنكر البعض الساذج منھم وھم الغالبية‪،‬‬ ‫يستنكر طلبھا معتبرين فعلھا عدا ًء للرجل وغير ًة منه‪ ،‬وفي نفس الوقت تكون غالبية‬ ‫النساء رافضات لحريتھنّ بسبب الخوف والتعود على العبودية واالعتماد المباشر‬ ‫على الرجل بعد أن غرس المجتمع في تفكيرھا بأنھا الجنس الناعم والضعيف ‪.‬‬ ‫ماذا يعني لنا أن ُتمنع المرأة من الخروج أمام الرجل كما يخرج ھو أمامھا ؟ يعني‬ ‫أنھا س ُتحرك غريزته أوال ومن ثم تتحرك غريزتھا بفعل تأثيره عليھا فيما لو ھي‬ ‫اختلت برجل‪ ،‬لكن الحجب سار على المرأة فقط دون الرجل‪ ،‬والمنع والكبت مورس‬ ‫ضدھا وعليھا دونه رغم أن الضعف يكمن فيه والخطورة ناتجة منه‪ ،‬من خالل‬ ‫تغطية جسدھا العورة ألجل أن ال تتحمل خطيئة الرجل‪ ،‬في الوقت الذي يسير‬ ‫الرجل كاشفا عن مفاتنه أمامھا وعليھا أن تتجرد من عاطفتھا ومن طبيعتھا نحوه ‪.‬‬ ‫) ال يعني ھذا بأن علينا أن نطلق العنان لرغباتنا وأن تبيح المرأة رغباتھا دون أي‬ ‫قيود وكذلك الرجل(‬ ‫وضعت مجتمعاتنا ذلك الغطاء ألجل رغبة ھؤالء الرجال ولزيادة شبقھم الجنسي لھا‬ ‫ال أكثر ‪ ،‬بمعنى أن جسدھا سيكون محجوب عن أعينھم ليزدادوا لھفة بمكنون ذلك‬ ‫الجسد الكامن في ما وراء الحجاب‪ ،‬وستكون به مجرد جسد مغلّف يتلھف له الرجل‬ ‫ويصير أمامه كاللغز‪ ،‬وھي ستطمأن لنظرة الناس لھا فنظرتھم ضرورية لتجنبھا‬ ‫مشاكلھم وخوفا من لسانھم عليھا وھكذا تستمر دوامة فارغة من محتواھا ‪.‬‬ ‫مقاييس الشرف مطلقة وثابتة وال يجوز أن تكون نسبية‪ ،‬ولكن ما يحصل بمجتمعاتنا‬ ‫اليوم ھو اختالف تلك المقاييس حسب الجنس ومكانة المسيء لھذه المقاييس من‬ ‫حيث وضعه اجتماعيا واقتصاديا وسياسيا‪ ،‬فالمقاييس أصبحت اليوم نسبية ودرجاتھا‬ ‫‪33‬‬


‫متفاوتة ُتقاس حسب وضع المسيء دون الغوص بجذورھا وأسبابھا فھي مفاھيم‬ ‫قديمة تمسكنا بھا ال تستند على الحجج وال الدراسات‪ ،‬لكنھا مجرد موروث وأفكار‬ ‫خاطئة علينا التمعن فيھا ؟ فالعالقة وثيقة ما بين الشرف والحرية واإلنسانية ‪.‬‬ ‫إبداعنا بوعينا وقوتنا بأملنا ‪ ..‬بھم نھزم التخلف وننتصر لإلنسانية‬

‫ﻓﻘﺮ اﻟﻤﺮأة… ﻫﺪم اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ‬ ‫عالء جوزيف أوسي‬ ‫تجاوزت نسبة الفقر بين‬ ‫السوريين أكثر من نصف عدد‬ ‫السكان في البالد‪ ،‬حسب تقرير‬ ‫أعده المركز السوري لبحوث‬ ‫السياسات‪ .‬وقال فيه إن‬ ‫‪٦٫٧‬ماليين سوري دخلوا دائرة‬ ‫الفقر عام ‪ ٢٠١٢،‬منھم ‪٣٫٦‬‬ ‫ماليين دخلوا دائرة الفقر المدقع‪،‬‬ ‫والذي ترافق مع ارتفاع معدالت البطالة إلى حدود غير مسبوقة‪ ،‬وتراجع القدرة‬ ‫الشرائية للعملة السورية‪ .‬وھو ما فاقم من معاناة الشارع السوري الذي كان يعاني‬ ‫أساسا ً في ظل السياسات النيوليبرالية السابقة‪ ،‬والتي كان لھا الدور األبرز في تأجيج‬ ‫االحتجاجات الشعبية نتيجة لتردي األوضاع المعيشية‪.‬‬ ‫لقد أدى تفاقم معدالت الفقر إلى بروز العديد من الظواھر والمشكالت االجتماعية‬ ‫التي انعكست على فئات المجتمع بدرجات متفاوتة‪ .‬ولكن النساء ھن من أكثر الفئات‬ ‫االجتماعية تضرراً من مشكلة الفقر‪ ،‬وذلك ألن المرأة محور الحياة األسرية‪ ،‬كما أن‬ ‫األسرة محور الحياة االجتماعية‪ .‬وبالتالي فأي قضية تمسھا أو تؤثر على عطائھا‬ ‫وأدوارھا االجتماعية ستؤثر بالتالي على حياتھا الزوجية واألسرية وتنشئة أبنائھا‪،‬‬ ‫وسيتكلف المجتمع كثيراً في اإلنفاق على تبعات تلك اآلثار في وقت ھو أحوج ما‬

‫‪34‬‬


‫يكون أن ينفقھا على تأمين رغيف الخبز للسواد األعظم من السوريين والسعي إلى‬ ‫وضع مقومات تنمية البالد وتطويرھا وتقدمھا‪.‬‬ ‫ترافقت زيادة رقعة الفقر مع انتشار العنف ضد المرأة واألطفال‪ ،‬وكان له شديد‬ ‫األثر على صحة المرأة‪ .‬فقد أوضحت الدراسات أنّ المرأة الفقيرة غالبا ً ما تلجأ إلى‬ ‫التطبيب الشعبي‪ ،‬بسبب ارتفاع تكلفة العالج الخاص‪ .‬فكيف الحال إذا كانت نسبة‬ ‫كبيرة من السوريات يفترشن قارعة الطريق مع أطفالھن ھربا ً من العنف‪ ،‬بجيوب‬ ‫خاوية‪ ،‬ال يوجد فيھا ما يسد الرمق‪ .‬وبدأت تظھر مؤشرات متعددة على ضعف‬ ‫أطفال األسر الفقيرة‪ ،‬وخاصة بين صفوف النازحين والالجئين‪ .‬وذلك من حيث‬ ‫معدالت وفيات الرضع واألطفال وسوء التغذية وتزايد عدد األطفال المعوقين‬ ‫إضافة إلى أنّ الفقر وانعكاساته على سوء التغذية والوقاية والعالج يلعب دوراً بارزاً‬ ‫في وفيات اإلناث‪ ،‬وخاصة أن نسبة كبيرة من السوريين‪-‬ات كانوا يعانون نقص‬ ‫البروتين الحيواني والفيتامين في غذائھم‪ ،‬فكيف الحال بعد عامين ونيف من األزمة‬ ‫التي تشھدھا البالد؟ إلى جانب تأثير آخر لفقر المرأة يتمثل في زيادة اليد العاملة من‬ ‫األطفال‪ ،‬وھي ظاھرة انتشرت بكثرة مؤخراً في سورية‪ ،‬فللفقر آثار سلبية متعددة‬ ‫على المرأة وعلى أطفالھا‪ ،‬وبالتالي على تقدم مجتمعھا وتنمية وبالدھا‪.‬‬ ‫إن ازدياد نسب الفقر كان له أثر على أمية المرأة؛ التي كانت تعاني في األساس‬ ‫انتشار الجھل‪ ،‬ألن نسبة كبيرة منھن ال يتاح لھا التعليم أصالً أو مواصلة التعليم‬ ‫على األقل‪ .‬وھي اليوم بحاجة إلى الدعم والعمل على النھوض بھا وتمكينھا‬ ‫اقتصاديا ً واجتماعياً‪ ،‬فھي تشكل نصف المجتمع‪ ،‬وبھا يبنى النصف اآلخر‪ ،‬لكي ال‬ ‫يضطرھا الفقر إلى بيع جسدھا من أجل لقمة العيش‪ ،‬أو التسول في الطرقات‬ ‫بانتظار بضع ليرات يقدمھا لھا المارة‬

‫اﻟﻘـﺎﻧﻮن اﻟﺠﻨﺎﺋﻲ اﻟﻤﻐﺮﺑﻲ ﻳﻜﺮس اﻟﺘﻤﻴﻴﺰ ﺿﺪ اﻟﻤﺮأة‪.‬‬ ‫سعيد الكحل‬ ‫يُعد المغرب من الدول اإلسالمية القليلة التي رفعت‬ ‫تحفظاتھا عن االتفاقيات األممية المتعلقة بالقضاء‬ ‫على كل أشكال التمييز ضد المرأة ‪ .‬وما ينبغي‬ ‫‪35‬‬


‫التنبيه إليه في ھذا المقام‪ ،‬ھو أن التمييز ضد المرأة ال يستدعي بالضرورة المقارنة‬ ‫بوضع الرجل ‪ .‬بل إن التمييز حاصل حتى بين النساء على مستوى التشريعات التي‬ ‫ال تتعامل بنفس المنطق وبنفس المعيار مع النساء في وضعية معينة ‪ .‬والمغرب‬ ‫يكرس في تشريعاته ھذا التمييز بين النساء‪.‬في كثير من فصول القانون الجنائي‬ ‫المتعلقة بجرائم االختطاف واالغتصاب التي تكون النساء ضحيتھا ‪.‬‬ ‫فالمفروض في كل قانون جنائي أن يساوي بين الجريمة وبين العقوبة المنصوص‬ ‫عليھا دون تمييز بين الضحايا ‪ .‬فكما ينص الدستور على المساواة بين المواطنين‬ ‫أمام القانون ‪ ،‬فكذلك ينبغي أن يكونوا أمام القانون الجنائي ‪ .‬لكن ھذا غير متحقق‬ ‫في قانون العقوبات الجاري به العمل ‪ .‬ومرد ھذا التمييز إلى الخلفية الذكورية التي‬ ‫تحكمت في صياغة القانون فجعلت عقوبة االغتصاب تختلف باختالف سن الضحية‬ ‫ووضعھا االجتماعي ‪.‬‬ ‫وھذه نماذج من التمييز فيما بين ضحايا االغتصاب من النساء ‪ :‬ينص الفصل ‪٤٨٦‬‬ ‫على التالي )االغتصاب ھو مواقعة رجل المرأة بدون رضاھا ‪ ،‬ويعاقب عليه‬ ‫بالسجن من خمس إلى عشر سنوات ‪.‬غير أنه إذا كانت سن المجني عليھا تقل عن‬ ‫ثمان عشرة سنة ‪ ..‬فإن الجاني يعاقب بالسجن من عشر إلى عشرين سنة ( ‪.‬‬ ‫ھذا الفصل يميز في ضحايا االغتصاب‪ ،‬بين البالغات والقاصرات‪ .‬ومن ثم فالمشرع‬ ‫المغربي ال يتعامل مع جريمة االغتصاب كجريمة نكراء لھا نفس اآلثار المادية‬ ‫والنفسية واالجتماعية على الضحية أيا كان سنھا )بالغة أم قاصر ( ‪.‬‬ ‫ومعنى ھذا أن جريمة االغتصاب التي تكون ضحيتھا فتاة‪/‬سيدة راشدة لھا عقوبة‬ ‫أقل من التي تقع على القاصر ‪ .‬ومنطوق ھذا الفصل يميز تمييزا “عنصريا” بين‬ ‫الضحية البالغة والضحية القاصر‪ ،‬علما أن األضرار الجسدية والنفسية واالجتماعية‬ ‫ھي نفسھا في كل الحاالت‪.‬‬ ‫بل إن األضرار االجتماعية واألسرية التي يحدثھا اغتصاب سيدة متزوجة أخطر‬ ‫بكثير على الضحية نفسھا وعلى أسرتھا وأبنائھا ومحيطھا العائلي‪ .‬وتخفيض‬ ‫المشرع لعقوبة اغتصاب من تجاوزن سن ‪ ١٨‬سنة إلى مستوى النصف‪ ،‬ھو من‬ ‫جھة خرق لمبدأ المساواة الذي ينص عليه الدستور‪ ،‬ومن أخرى‪ ،‬ھو تشجيع على‬ ‫اغتصاب السيدات طالما العقوبة مخففة‪ .‬ولعل تواتر األخبار عن اعتقال رجال‬ ‫األمن لمجرمين مختصين في اغتصاب النساء دليل على ھذا التشجيع ‪.‬‬

‫‪36‬‬


‫ونفس التمييز ينص عليه الفصل ‪ ) ٤٨٨‬إذا نتج عن الجريمة افتضاض المجني‬ ‫عليھا فإن العقوبة تكون على التفصيل اآلتي ‪:‬‬ ‫ــ السجن من خمس إلى عشر سنوات‪ )،‬ودون افتضاض يعاقب بالسجن من ‪ ٢‬إلى‬ ‫‪ ٥‬سنوات (‬ ‫ــ السجن من عشر إلى عشرين سنة ) مع ھتك العرض أو دونه باستعمال العنف‬ ‫يعاقب بالسجن من ‪ ٥‬إلى ‪ ١٠‬سنوات (‬ ‫كما يميز القانون الجنائي بين االغتصاب الذي تكون ضحيته الفتاة البكر فينتج عنه‬ ‫افتضاض واالغتصاب الذي تكون ضحيته سيدة مطلقة أو متزوجة ‪ .‬فالفصل ‪٤٩٤‬‬ ‫ينص على التالي ) يعاقب بالسجن من سنة إلى خمس سنوات وغرامة من مائتين‬ ‫إلى ألف درھم من استعمل التدليس أو العنف أو التھديد الختطاف امرأة متزوجة أو‬ ‫التغرير بھا ( ‪ .‬فتكون بمقتضى ھذا الفصل‪ ،‬عقوبة اختطاف واغتصاب المرأة‬ ‫المتزوجة أخف بكثير وأقل بنسبة ال ُخمس عن جريمة مماثلة في حق فتاة غير‬ ‫متزوجة ‪.‬‬ ‫فضال عن ھذا التمييز بين النساء البالغات والقاصرات‪ ،‬نجد القانون الجنائي يكرس‬ ‫النظرة االجتماعية المحافظة للمرأة التي تختزل قيمتھا في بكارتھا‪ .‬ذلك أن‬ ‫التنصيص على عقوبة “مشددة” في حالة االغتصاب الناتج عنه افتضاض البكارة‬ ‫يوحي بأن المشرع منشغل ببكارة الفتاة أكثر من انشغاله بكرامتھا وإنسانيتھا‪.‬‬ ‫فالقانون الجنائي المغربي ال يجعل حُرمة الجسد‪ ،‬بغض النظر عن سن الضحية‬ ‫وجنسه ووضعه االجتماعي‪ ،‬ھي مناط تشريع العقوبات في حق الجناة‪ .‬وھذا تبخيس‬ ‫للمرأة وإھدار لكرامتھا ‪ .‬إذ لم تعد المرأة قيمة في ذاتھا وجسدھا وكرامتھا تستوجب‬ ‫الحماية والصون‪ ،‬عبر وضع تشريعات رادعة‪ ،‬بل غدت التشريعات مطبّعة مع كل‬ ‫أشكال االغتصاب ومشجعة عليه )الفصل ‪ ٤٧٥‬الذي يكافئ المغتصب بالزواج من‬ ‫الضحية (‪ .‬األمر الذي يضع المغرب في تناقض مع التزاماته الدولية التي نصت‬ ‫عليھا اتفاقية سيداو بخصوص القضاء على كل أشكال التمييز ضد المرأة ‪.‬‬ ‫ومن أبرز ما نصت عليه االتفاقية ‪:‬‬ ‫أ ( اتخاذ جميع التدابير ‪ ،‬بما في ذلك التشريع ‪ ،‬لتعديل أو إلغاء القوانين واألنظمة‬ ‫واألعراف والممارسات القائمة التي تشكل تمييزا ضد المرأة ‪.‬‬ ‫ب ( إلغاء جميع أحكام قوانين العقوبات الوطنية التي تشكل تمييزا ضد المرأة ‪.‬‬ ‫إن مسئولية الحكومة في تغيير القانون الجنائي ھي مسئولية دستورية قبل أن تكون‬ ‫‪37‬‬


‫سياسية وأخالقية‪ .‬والتنصل منھا سيزيد من اتساع ظاھرة االغتصاب وارتفاع أعداد‬ ‫الضحايا )‪ ٢٦‬ألف حالة اغتصاب لألطفال سنويا (‪ ،‬مع ما تتسبب فيه ھذه الجريمة‬ ‫البشعة من مآسي نفسية واجتماعية يدفع المجتمع واألسر تكلفتھا‬

‫اﻷوروﻣﺘﻮﺳﻄﻲ وﺣﻘﻮق اﻟﻨﺴﺎء اﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ … ﻣﺘﻰ ؟‬ ‫د‪.‬حنان أحمد الخريسات‬ ‫ال شك أنه بعد اعتراف الحكومات بالمساواة بعد االنتھاء من التوصيات الوزارية‬ ‫‪ ٢٠٠٦ -٩‬وضرورة أخذ االجراءات لمخاطبتھا ومن خالل عمليات رصد لتنفيذ‬ ‫التوصيات من جانب الحركات النسوية في العالم العربي واألوروبي كحق الجنسية‪،‬‬ ‫ومشاركة المرأة‪ ،‬والتشريعات المدنية‪ ،‬والعنف ضد المرأة‪ ،‬طرأت تغييرات كثيرة‬ ‫منذ مراكش ‪ ٢٠٠٩‬في مظھر مھم ممثال؛ بالربيع العربي المطالب بالعدالة‬ ‫االجتماعية‪ ،‬واألزمة االقتصادية في أوروبا وتوقف عملية السالم للمطالبة بدولة‬ ‫فلسطين المستقلة‪.‬‬ ‫في ظل ھذه الظروف يبقى االلتزام الحكومي نحو تحقيق المساواة بين المرأة‬ ‫والرجل في صلب القضايا السياسية وتحقيق الديموقراطية‪.‬‬

‫‪38‬‬


‫المساواة أوال وتعزيز الديموقراطية‪-‬‬ ‫التحديات واالستراتيجيات التي يجب تطويرھا لتحقيق المساواة–‬ ‫العنف ضد المرأة كقضية أساسية في األورومتوسطي–‬ ‫عالمية حقوق اإلنسان والمرأة وتأثير الثقافة–‬ ‫الديموقراطية إلى أين ؟‬ ‫الحرية لمن ؟ ومن يختار ؟‬‫االطار اإللزامي من أجل تعزيز حقوق المرأة في الدساتير والقوانين‪.‬‬‫محاور عدة تناولتھا جلسات المؤتمر األورومتوسطي‬ ‫المنعقد في ‪ ٨-٧‬يونيو ‪ ٢٠١٣‬في األردن‪ ،‬خاصة وأن‬ ‫اإلطار السياسي فتح المجال من أجل تعزيز أنظمة‬ ‫ديموقراطية‪ ،‬وفي ظل استمرار مظاھر التزمت‬ ‫المختلفة التي ما زالت تؤثر على حق المرأة في العيش‬ ‫كمواطنة كاملة الحقوق وحياة خالية من العنف‪.‬‬ ‫إن حقوق المرأة ھي حقوق إنسان‪ ،‬والمواثيق الدولية‬ ‫ھي وسيلة أساسية لمخاطبة التمييز في التشريعات‬ ‫والذي يبقى قائما بحجة التقاليد االجتماعية والثقافية‪ ،‬لذا‬ ‫وفي ظل المطالبة بحلول لقضايا النساء البد من تفعيل‬ ‫دور القوى الديموقراطية واليسارية ودعم المرأة في‬ ‫قضية المساواة والتصريح بذلك وبقوة‪ ،‬رغم أن ھذه القوى ما زالت تخجل من‬ ‫التعبير عن قناعاتھا‪ ،‬وأصبحت تختار مصطلحات مبھمة أو المطالبة بدولة مدنية مع‬ ‫االحترام لمفھومنا للدولة المدنية‪ ،‬ولذلك فإن الخطاب التقدمي العلماني ما زال‬ ‫ضعيفا وھذه وجھة نظر التيار النسائي المطالب بعلمانية الدولة في ھذا المؤتمر‪.‬‬ ‫إن الحفاظ على المكتسبات التي حصلت عليھا المرأة من األولويات التي يجب‬ ‫التمسك بھا ‪،‬والمحافظة عليھا وعدم التفريط باتفاقية سيداو في ظل محاولة‬ ‫االنقضاض عليھا‪ ،‬كما أن قضية المرأة ليست بالنص القانوني‪ ،‬وإنما بدور فاعل‬ ‫للمؤسسات المدنية‪ ،‬وللقيادات النسائية وتقدمھا بنفسھا‪ ،‬خاصة وأن اإلصالح‬ ‫السياسي ما زال يستثني المرأة من النقاش ولم يترجم ذلك الى العمل المناسب‪.‬‬ ‫وعلى ضوء المحاور التي نوقشت في المؤتمر األورومتوسطي كان مما اتفق عليه‬ ‫‪39‬‬


‫على الجھات المعنية بدعم المرأة ‪ :‬السعي إلدراج بنود سيداو في الدساتير رغم‬ ‫االعتقاد الكبير لدى البعض بأنھا تھاجم االديان – مع االحترام الجليل لجميع االديان‬ ‫وان تركز على أن المناھج التعليمية تكرس التمييز ضد المرأة لذا تحتاج الى تعديل‬ ‫وإعادة نظر في المادة التعليمية التي تقدم صورة مختصرة عن واقع المرأة‪ ،‬كما‬ ‫تحتاج المرأة الى توفير الرقابة القضائية على الدساتير ودمقرطتھا اذ تحافظ على‬ ‫حقوق النساء كجزء ال يتجزأ من حقوق اإلنسان‪.‬‬ ‫أن مسألة المساواة بين المرأة والرجل تبقى صعبة المنال والمطالب لتحقيقھا تواجه‬ ‫المقاومة أحيانا والسلبية أحيانا أخرى وبالتالي يتم تجاھلھا أو عدم إعطائھا أھمية‬ ‫وذلك لالعتقاد بأن ھنالك أمور كثيرة أو ألن الثقافة أو المجتمع ال يسمح بذلك‬

‫ﻣﻄﻠﻘﺔ ﻧﺎدﻣﺔ‪ :‬ﺧﺬوا ﺷﻬﺎداﺗﻲ وأﻋﻴﺪوﻧﻲ ﻟﺒﻴﺖ اﻟﺰوﺟﻴﺔ‬ ‫كما أن ھناك أصواتا ً تترافع عن المطلقات‪ ،‬وتدافع عنھن بكل الحجج‪ ،‬وتظھرھن في‬ ‫عالم من المثالية‪ ،‬وتصورھن الحلقة األضعف في المعادلة الزوجية‪ ،‬فإن ھناك‬ ‫أصوات نسائية تعترف أمام المأل وتتحدث بكل تجرد‪ ،‬تحمل المرأة مسؤولية قرار‬ ‫الطالق‪ ،‬وأنھا وحدھا التي تختار مقعدھا في عالم المطلقات وتقلد نفسھا ھذا اللقب‪.‬‬ ‫فصول منسية‬ ‫د‪ .‬منار تسرد لنا قصتھا الواقعية‪ ،‬التي تعكس الدور الذي يمكن أن تلعبه المرأة في‬ ‫إرساء قواعد الحياة الزوجية‪ ،‬وحماية أركانھا من التصدع واالنھيار‪ ،‬وتضع أمام‬ ‫شابات اليوم تجربة حية منتزعة من حياة المجتمع الواقعية‪ ،‬عاشت تفاصيلھا بنفسھا‬ ‫وترويھا كما ھي باأللوان الطبيعية‪،‬‬ ‫‪40‬‬


‫إذ تقول‪:‬‬ ‫نشأت في أسرة محافظة ميسورة الحال‪ ،‬وأھلي ذوو حسب ونسب وعندما تقدم رجل‬ ‫لخطبتي وتم االتفاق وتحدد موعد الزواج كان من بين طلباتي التي لم يتردد في‬ ‫الموافقة عليھا أن أكمل دراستي إلى أن‬ ‫يشاء ‪ ،Z‬وكنت وقتھا طالبة في المرحلة‬ ‫الثانوية‪ ،‬وال أخفي أنه من عائلة كريمة‬ ‫ومعروفة‪ ،‬ويتمتع بكل األخالق الفاضلة‬ ‫والقيم النبيلة التي تتمناھا كل زوجة في‬ ‫زوجھا‪ ،‬فغمرني بحبه وحنانه‪ ،‬ولم أشعر‬ ‫يوما ً أنني افتقدت شيئا ً بعد أن غادرت‬ ‫منزل أسرتي‪ ،‬ولم أحس يوما ً بعد الزواج‬ ‫أنني محرومة مما يجب أال أحرم منه‪.‬‬ ‫وساعدني زوجي في دراستي بالتخفيف من أعباء المنزل‪ ،‬خاصة أيام الدراسة‪،‬‬ ‫فكان يقضي الكثير من جھده ووقته إليصالي إلى المدرسة أو إحضاري منھا‪،‬‬ ‫وكذلك فعل في المرحلة الجامعية‪ ،‬ووفر لي كل وسائل الراحة‪ ،‬وجعلني أتفرغ‬ ‫للدراسة‪ ،‬حتى وقت األطفال‪ ،‬ووقت الزوج كانوا ينتزعونه من بين براثن الكتب‪،‬‬ ‫والمجلدات والمراجع العلمية ‪.‬‬ ‫غلطة الشاطر‬ ‫تواصل ))منار(( حديثھا بألم شديد وھي تعود إلى الماضي‪ ،‬السترجاع ھذه الفصول‬ ‫المرة‪ ،‬وتقول‪ :‬لألسف كان اھتمامي بالتحصيل العلمي على حساب زوجي‪ ،‬وأبنائي‬ ‫برغم أن زوجي ساعدني في إكمال الجامعة والحصول على الماجستير والدكتوراه‬ ‫باعتبار أن ذلك حق طبيعي‪ ،‬لكنني ولألسف الشديد‪..‬‬ ‫وھنا تخنقھا العبرة وكأنھا تذكر عزيزاً لديھا رحل إلى الدار اآلخرة‪ ،‬قد أخطأت‬ ‫خطأ العمر‪ ،‬وغلطت غلطة الشاطر كما يقولون‪ ،‬ولم أحسبھا ))صح(( بل أغراني‬ ‫وصفي العلمي أن أحس بشيء من األنفة والكبرياء أمام زوجي وھذا كان يجعل‬ ‫عبء األطفال يقع على عاتقه‪ ،‬باإلضافة إلى األعباء األخرى التي يقوم بھا كرب‬ ‫أسرة‪ ،‬لكنه كان طيبا ً وصبوراً يقوم بامتصاص كل ذلك حفاظا ً على تثبيت أركان‬ ‫عش الزوجية الذي بدأ يتھاوى دون أن أشعر بذلك‪ ،‬أو ألقي له باالً ‪.‬‬

‫‪41‬‬


‫بصراحة صبر زوجي كثيراً أمام الضغوط التي كان يواجھھا في سبيل أن يمخر‬ ‫مركبنا في عباب الحياة الزوجية دون التعرض للرياح الھوجاء واألمواج العاتية‪،‬‬ ‫وربما كان في أسلوبي تعاليا ً عليه‪ ،‬لم أكن أتعمده‪ ،‬وال يتوقعه ھو‪ ،‬حصولي على‬ ‫درجة الدكتوراه جعلني أحس بأني ذات وضع خاص‪ ،‬وصرت أتعامل مع طبقة من‬ ‫المثقفات والمثقفين واألكاديميين‪ ،‬وربما يكون ھذا قد أخذني بعيداً عن زوجي الذي‬ ‫لم يكن يحمل أكثر من الشھادة الجامعية حيث شغلته أعماله الخاصة عن مواصلة‬ ‫التعليم العالي‪ ،‬األطفال ھم بدورھم كانوا ضحايا ھذه الشھادات المشئومة‪ ،‬التي‬ ‫أفقدتني حياة االستقرار وجعلتني أقضي حياتي نادمة على كل دقيقة قضيتھا فيھا‪،‬‬ ‫أفتقد األبناء حناني وھم بطبيعة الحال يفتقدون األب معظم األوقات ـ حسب طبيعة‬ ‫عمله ـ فعاشوا محرومين من حنان األبوين رغم وجود أبويھم معھم‪ ،‬ورغم الحياة‬ ‫المعيشية الميسورة التي أتيحت لھم‪.‬‬ ‫ضحايا اإلھمال‬ ‫كان أبوھم يناقشني كثيراً بما آل إليه وضعنا كأسرة لھا مكانتھا وأصلھا ويلفت‬ ‫نظري بالحالة النفسية لألطفال‪ ،‬ويحملني مسؤولية التصدع الذي باتت مالمحه‬ ‫تظھر على شكل أسرتنا الصغيرة‪ ،‬وبدأت المشاكل تدب في حياتنا الزوجية‪ ،‬فھو‬ ‫يتھمني بالتقصير والغفلة واالنشغال بمسائل العلوم والبحوث والمشاركة في‬ ‫المؤتمرات والندوات وورش العمل والتضحية باألطفال وراحة الزوج ‪.‬‬ ‫وكان دفاعي عن نفسي ال يعدو أن يكون صياحا ً في وجه زوجي بلھجة ال تخلو من‬ ‫التعالي والكبرياء والشعور بالمكانة الخاصة‪ ،‬وفي ذات الوقت كنت احتج لديه أن‬ ‫يراعي مشاغلي ووضعي ومسؤولياتي خارج المنزل‪ ،‬وكان يرصد كل حاالت‬ ‫الخالفات والجدل ويسجل تاريخھا والحجج التي كنت أسوقھا وذات مرة حدث بيننا‬ ‫خالف عميق تعالت على أثره الصيحات وارتفعت األصوات‪ ،‬وأظن ذلك كان بمثابة‬ ‫القشة التي قصمت ظھر البعير‪ ،‬فقام بنقل تفاصيل ملف الخالفات منذ بدايتھا إلى‬ ‫أھلي‪ ،‬وأخبرھم كيف أنني تعاليت عليه‪ ،‬وأھملت بيتي وأطفالي وكيف أنه صبر‬ ‫على ذلك حفاظا ً على كيان األسرة‪ ،‬واحتراما ً ألھلي وتقديراً لھم‪ ،‬وكذلك إنقاذاً‬ ‫لمستقبل األطفال الصغار الذين تأثروا بشكل مباشر بما يجري في بيتنا‪.‬‬ ‫ولم أكن أتوقع أن ذلك اإلنسان الطيب القلب الحنون العطوف يتخذ تلك القرارات‬ ‫الصعبة والحاسمة‪ ،‬حيث ظننت أنه سيكون رھن إشارتي على الدوام‪ ،‬وأن حبنا‬ ‫لبعضنا ووجود أطفال بيننا سيشفع لي معه مھما بدرت مني من أخطاء‪ .‬لكنه كان‬ ‫أقوى مما تصورت‪ .‬ويبدو أن الغضب قد بلغ به مبلغه‪ ،‬وأن الصبر قد نفذ عنده‪،‬‬ ‫‪42‬‬


‫وأن الحلم بدأ يتضاءل‪ ،‬فبعد أن وضع أھلي في صورة األمر الواقع‪ ،‬وجعلھم‬ ‫يطلعون على ملفي بالتفاصيل الدقيقة التي ال أستطيع إنكار أي جزء منھا‪ .‬طلقني‬ ‫وتزوج من فتاة أخرى‪ ،‬فعدت إلى منزل أبي أجر أذيال الخيبة وأتجرع الحسرة‬ ‫والندامة واأللم‪ ،‬ھذا البيت الذي رباني صغيرة وعشت فيه معززة مكرمة‪ ،‬وخرجت‬ ‫منه إلى منزل الزوجية بكل شرف ووسط فرحة األھل واألحباب في ابتھاج عائلي‪.‬‬ ‫عدت إليه حزينة ووجدته واجماً‪ ،‬حزينا ً ليس بسبب عودتي إليه بل لفداحة خطأي‬ ‫وعودتي إليه بعد عدة سنوات‪ ،‬وفي معيتي صغاري الذين ال يدركون لماذا جئت‬ ‫ومتى سأعود‪ ،‬وما المستقبل الذي ينتظرھم‪ ،‬خرجت من بيت أبي إلى فضاء الحياة‬ ‫الزوجية وسط ھالة من كرنفاالت الفرح‪ ،‬ووسط زغاريد الفرح وأھازيج البھجة‬ ‫والمسرة‪ ،‬لكنني عدت حزينة باكية تركت من ورائي بيتا ً منھاراً كنت أنا السبب في‬ ‫خرابه‪ ،‬وأمامي أطفال حائرون‪ ،‬فأنا المسئولة عن مصيرھم وعن ما يحدث لھم‪،‬‬ ‫وبالتأكيد سيتأثر ھؤالء الصغار الذين ال ذنب لھم سوى أنھم أبنائي سيتأثرون‬ ‫بإفرازات ھذا االنفصال على المستوى النفسي والتربوي‪ ،‬وحتى التنشئة لن تكون‬ ‫حياتھم كما كانت في بيت يضم األب واألم وتتوفر فيه كل وسائل الحياة الكريمة‪،‬‬ ‫ومن الذي حرمھم من ذلك؟!‬ ‫وﻫﻨﺎ ﺗﺬرف دﻣﻮع اﻟﻨﺪم وﺗﺠﻴﺐ ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺴﻬﺎ‪ :‬ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ أﻧﺎ‪ ،‬وأﻧﺎ اﻵن أﻧﺎدي ))ﺧﺬوا‬ ‫ﺷﻬﺎداﺗﻲ وأﻋﻴﺪوﻧﻲ ﻟﺒﻴﺖ اﻟﺰوﺟﻴﺔ((‬

‫اﻹﻋﺘﻘـﺎدات اﻟﺬﻛﻮرﻳﺔ ﻋﻦ اﻟﻤﺮأة‪….‬‬ ‫اﻟﻨﺎﺻﺮ ﻟﻌﻤﺎري‬ ‫منذ سقوط عصر االمومة وظھور ملكية‬ ‫االرض ‪ ،‬ليصعد الرجل الى مركز السلطة‬ ‫تحت ستار الدفاع عن الملكية تارة‬ ‫وغزوات النھب تارة اخرى‪ ،‬اصبح من‬ ‫الشائع بث االفكار المھينة للمرأة وتعظيم‬ ‫‪43‬‬


‫الذكر من اجل ابعادھا عن السلطة وحرمانھا من المشاركة مع الرجل‪ .‬لھذا السبب‬ ‫نجد االفكار التي تنتھك حقوق المرأة موجودة منذ القدم لدى غالبية الثقافات‪،‬‬ ‫وأزدادت ترسخا ً وأتساعا ً مع نشوء االديان‪..‬‬ ‫الطبيب االغريقي غالينوس‪(Aelius Galenus´-or-Claudius Galenos, AD ،‬‬ ‫)‪129 – c. 200‬استنتج ان النساء ھم رجال الزالوا في مرحلة التكوين‪ .‬لقد شبه‬ ‫عقل المرأة‪ ،‬بعيون الخلد االعمى الذي يعيش تحت االرض‪ :‬أنه يملك أعين ولكنھا‬ ‫التعمل لكونھا غير تامة التكوين‪ .‬يقول‪:‬‬ ‫”الجھاز التناسلي للمرأة اليكمل نموه إنه يبقى موديل غير تام بالمقارنة بما سيكون‬ ‫عليه لو اصبح الموديل تاما ً”‪ .‬استنتاجه قام على المالحظات االناطومية والتي‬ ‫اشارت الى ان المرأة‪ ،‬من حيث المبدأ‪ ،‬كالرجل ولكنھا غير تامة النمو‪ ،‬لكون‬ ‫جھازھا التناسلي مقلوب‪.‬‬ ‫سافر غالينوس الى مختلف الجامعات لجمع المعلومات والتعمق في الطب‪ .‬القسم‬ ‫االعظم من وقت دراسته قضاه في روما حيث كان من المُحرم الجدل في جسم‬ ‫االنسان ومكوناته‪ ،‬على اساس أن كل ماھو عصي على الفھم يستحسن القول انه من‬ ‫أمر ‪ .Z‬من أجل أن يتمكن من االلتفاف على فتوى التحريم ورؤية بنية االعضاء‬ ‫الداخلية للجسم واالطالع على الفروقات بين الرجل والمرأة اضطر لدراسة اناطوميا‬ ‫الحيوان‪ ،‬ومن بينھم كان يفضل قرود ‪ Macaca sylvanus‬والتي تنتمي الى عائلة‬ ‫المكاكا ‪ .‬عمله في مدرسة للمصارعين قدمت له الكثير من المعلومات ولكن فقط‬ ‫عن اناطوميا الرجال‪ .‬كان يسمي االصابات في اجساد المصارعين بـ “النافذة على‬ ‫أعماق الجسم” لكونھا تمكنه من دراسة االنسجة والعظام‪.‬‬ ‫في القرن ‪ ٤٠٠‬ميالدي نجد ان موقف االب الكنسي والفيلسوف اوغسطينو‬ ‫( ‪Augustinus,‬القديس اوغسطينو(‪ ،‬من المرأة شديد الوضوح‪ ،‬عندما يقول‪:‬‬ ‫”مالفرق بين أن تكون زوجة او تكون أم‪ ،‬في النتيجة تبقى ھي أمرأة التي توقظ‬ ‫الخطيئة والتي علينا الحذر منھا في كل امرأة‪”.‬‬ ‫وعلى العموم كان يشير الى ان كال من المرأة والرجل يملكان من العقل بنفس‬ ‫المقدار بسبب ان العقل يوجد في الروح‪ ،‬وھو واحد لكال الطرفين‪ .‬غير انه‪ ،‬وعلى‬ ‫مدى خبرته‪ ،‬توصل الى ان المرأة خطر كامن المتالكھا حقل مغناطيس جنسي‪ .‬لھذا‬ ‫السبب يحتاج االمر الى الرجل‪ ،‬الذي خلقه ‪ Z‬على صورته‪ ،‬لترويض المرأة‬ ‫وقيادتھا‪.‬‬ ‫‪44‬‬


‫في القرن ‪ ١٢٠٠‬كان يعيش الالھوتي الفقيه والفيلسوف توماس من اغوينو‬ ‫‪Thomas of Aquino.‬في العصور الوسطى كانت الكنيسة تحرم التشريح‬ ‫والبحث االناطومي‪ ،‬كما ذكرت سابقا‪ .‬لذلك كان ذكور رجال الدين الحكماء‬ ‫يحاولون استنتاج تكوين المرأة ” بالمنطق العقلي” والذي يعتبر منھج شائع في‬ ‫االوساط الدينية‪.‬‬ ‫توماس توصل الى ان المرأة ھي تعبير عن ان ھناك شئ ما يجرى بشكل خاطئ‬ ‫اثناء عملية الخلق الجنيني‪ .‬يقول‪:‬‬ ‫“المرأة خطأ عشوائي إذ ان النطفة تسعى نحو انتاج ذكر على صورة ‪ .Z‬وإذا كان‬ ‫الناتج أمرأة البد أن ذلك بسبب ان النطفة ضعيفة أو ان المادة القادمة من األم غير‬ ‫مناسبة‪ ،‬أو بسبب ان تأثير عوامل خارجية مثال الرياح القادمة من الجنوب والتي‬ ‫تجعل الطقس رطب”‪.‬‬ ‫الكاھن والالھوتي االلماني مارتين لوثر‪ Martin Luther, ،‬من القرن الخامس‬ ‫عشر‪ ،‬قام بثورة في الكنيسة تعرف باالصالح البروتستانتي‪ ،‬وكان من بين مطالبه‬ ‫السماح بزواج الكھنة والقسس‪ .‬وھو نفسه قام بالزواج من راھبة‪ .‬وقد كتب عن‬ ‫النساء قائال‪:‬‬ ‫”أن من واجب النساء ان يقرن في البيوت‪ .‬شكل اجسامھم يدلل على ذلك‪ ،‬إذ لديھم‬ ‫عجز عريض ومؤخرة كبيرة للجلوس عليھا‪ .‬على العكس نجد ان للرجال اكتاف‬ ‫عريضة ومؤخرة ضيقة ولذلك يحوز على الثقافة‪”.‬‬ ‫الطبيب الفرنسي امبريوس بيريه ‪ Ambroise Parê,‬من القرن الخامس عشر‪،‬‬ ‫ي ًقص علينا أحسن القصص فيذكر حادثة المرأة راعية الماعز التي قفزت من فوق‬ ‫احدى السواقي فنبت لھا عضو ذكري‪ .‬وزمالئه االطباء استمعوا للقصة بكل جدية‪.‬‬ ‫والكثير من زمالئه االطباء شھدوا وأكدوا ان المرأة راعية الماعز التي التجأت الى‬ ‫بيريه للعالج صارت االن تعيش كرجل‪ ” .‬علماء” ذلك الوقت كانوا يؤكدون ان‬ ‫المرأة تتحول الى رجل إذا مارست االعمال التي يفترض انھا مقتصرة على الرجل‪.‬‬ ‫الفيلسوف جان جاكويس روسو ‪ Jean-Jacques Rousseau‬من القرن السابع‬ ‫عشر كان يقول بقناعة عميقة أن تعليم المرأة يجب ان يبغي تحقيق رغبات الرجل‬ ‫وأرضاءه‪ .‬يقول‪:‬‬

‫‪45‬‬


‫”تعليم المرأة يجب على الدوام ان يكون ھدفه الرجل‪ .‬من أجل ارضاءه ومن أجل‬ ‫مساعدته وخدمته ومن أجل الحصول على حبه ومن اجل تربية االطفال وتعليمھم‪،‬‬ ‫ومن اجل أعطائه النصح‪ ،‬ومن أجل دفعه ليكون قادر على تثمينھا‪ ،‬ومن أجل دعمه‬ ‫والتخفيف عنه ولجعل حياته افضل‪”.‬‬ ‫عام ‪ ١٨٢٨‬إكتشف احد االطباء االنكليز ان المرأة يمكن ان تموت من الشعور‬ ‫بالعار‪ ،‬بسبب ليلة الدخلة‪ .‬يقول ويليام اكتون‪(William Acton):‬‬ ‫”الغالبية من النساء الينشغلون بأي شكل من أشكال المشاعر الجنسية‪ ،‬وھذا لحسن‬ ‫حظھم”‪ .‬القواعد االخالقية كانت صارمة ووظيفة المرأة ان تلد االطفال وتكون‬ ‫زوجة وام بنكران ذات‪ ،‬بدون ان تحتاج الى االنشغال عن ھذه الوظيفة بأي نوع من‬ ‫أنواع التفكير‪ .‬كان اليجوز ممارسة الجنس للمتعة وكان واجب المرأة حمل النسب‪،‬‬ ‫ولذلك كان البد من حمايتھا من التفكير والقلق او من حقھا في جسدھا‪.‬‬ ‫ويقال ان الملكة فيكتوريا نصحت احدى السيدات التي كانت تشتكي من زيارات‬ ‫زوجھا الليلية المثيرة للتقيئ ‪ ،‬قائلة‪:‬‬ ‫”أغلقي عينيك وفكري بأنكلترا‪”.‬‬ ‫ولكن كانت ھناك حدود لقدرة االفكار الوطنية على رفع تحمل المرأة‪ .‬عندما ولدت‬ ‫الملكة فيكتوريا طفليھا االخيرين حصلت على مخدر االثير الذي جرى إكتشافه‬ ‫حديثا وبذلك انتھكت القاعدة التي كانت تقول أن على المرأة أن تنجب بااللم‪ ،‬تماما‬ ‫مثل الحيوان‪.‬‬ ‫تشارلز داروين ايضا لم يكن استثناء‪ .‬في كتابه ” اصل االنواع” أستنتج أن النساء ‪،‬‬ ‫من الناحية البيلوجية‪ ،‬أقل من الرجال‪ .‬صفات النساء‪ ،‬حسب داروين‪ ”:‬ھي ذاتھا‬ ‫المميزة للعروق االدنى‪ ،‬ولھذا السبب تدل على مرحلة سابقة وأدنى من التطور‪”.‬‬ ‫عالم االجتماع غوستاف لي بون ‪ Gustave Le Bon‬طور فكرة داروين وأدعى أنه‬ ‫” يوجد عدد كبير من النساء أدمغتھن‪ ،‬من ناحية الحجم‪ ،‬أقرب لحجم دماغ الغوريلال‬ ‫منه لدماغ الرجل‪ .‬ھذا التخلف من الوضوح بحيث ان الاحد يستطيع نكرانه‪ ،‬وفقط‬ ‫مقدار ھذا التخلف قابل للنقاش‪ .‬النساء يمثلون الشكل االدنى من تطور البشرية وھن‬ ‫أقرب للمتوحشين منھن لرجل ناضج ومتحضر”‪.‬‬ ‫وقد رأى غوستاف لي بون أن صغر حجم دماغ المرأة يفسر ” سلوكھا الھستيري‬ ‫والمثير لالنزعاج‪”.‬‬ ‫‪46‬‬


‫الفيلسوف االلماني فريدريك نيتشه‪ Friedrich Nietzsche, ،‬من القرن الثامن‬ ‫عشر‪ ،‬قال ان النساء اللواتي يرفضن دورھن في خدمة الرجل يتوجب ترويضھن‪.‬‬ ‫في كتابه ” ھكذا تكلم زرادشت )‪” (Så-;-lunda talade Zarathustra‬قال‪ ”:‬إذا‬ ‫ذھبت الى المرأة فالتنسى السوط”‪ .‬ويقول‪ ،‬نحتاج الى السوط الن ” الرجل الحقيقي‬ ‫يريد شيئين‪ :‬المخاطرة واللعب‪ .‬ولھذا السبب بالذات يريد الحصول على اخطر‬ ‫االلعاب‪ :‬المرأة‪”.‬‬ ‫ولكنه في نفس الوقت أعترف ان النساء يملكن جوانب جيدة‪ .‬كما انه كان مشھوراً‬ ‫بعالقته الطيبة بوالدته‪.‬‬ ‫وتحت تأثير فريدريك نيتشه توجه النازيون االلمان الى محاربة المرأة التي ترفض‬ ‫ان تقبل بدورھا في البيت‪ .‬في الحملة االنتخابية عام ‪ ١٩٣٢‬كان من بين وعود ھتلر‬ ‫ان يمنع ‪ ٨٠٠‬الف عاملة من العمل‪ .‬يقول‪ ”:‬النساء‪ ،‬مثل االشتراكيين واليھود‪ ،‬يجب‬ ‫مصادرة حقھم في كسب النقود”‪ .‬كما ان النساء فقدوا حقھن في العمل كقضاة أو في‬ ‫الھيئة القضائية الن ھتلر كان يعتقد ان النساء ناقصات عقل والتملكن القدرة على ”‬ ‫التفكير المنطقي او الحيادي لكون عواطفھن تسيرھن‪”.‬‬ ‫وزير الدعاية النازية جوزيف غوبلز كان يتفق معه في ذلك‪ ،‬يقول ”‪:‬واجب المرأة‬ ‫ان تكون جميلة وأن تلد االطفال‪ .‬الدجاجة تزين نفسھا للديك وتجلس على بيضه‪”.‬‬ ‫مؤسس علم النفس سيمون فرويد‪ ،‬حسب فرويد نفسه‪ ،‬كان اليفھم في النساء‪ .‬يقول‪”:‬‬ ‫السؤال الكبير‪ ،‬والذي على مدى ‪ ٣٠‬عام من البحث لم انجح في االجابة عليه ھو‪:‬‬ ‫ماذا تريد النساء؟‪“.‬‬ ‫كان فرويد يعتقد ان العديد من مشاكل النساء سببھا الغيرة من العضو الذكري –‬ ‫النساء تريد ان تكون ذكرا‪ .‬االيجابي في ھذا العصاب ان ذلك يدفع المرأة لزيارة‬ ‫الطبيب النفساني‪ .‬والجلسات تساعد المرأة على التخلص من الرغبة بالقيام باالعمال‬ ‫الذكية وھذا شئ جيد‪ .‬فكما قال فرويد‪:‬‬ ‫”النساء اليمكن ان تضيف شيئا ً‪”.‬‬ ‫غير ان ابنته لم تنجح في التخلص من السعي لعمل ذكي لتصبح رائدة من رواد‬ ‫الطب النفسي لالطفال‪.‬‬

‫‪47‬‬


‫من المثير ان غالبية ھذه المواقف نجد لھا مثيال ليس فقط في تراثنا الديني ‪ ،‬النظري‬ ‫والتطبيقي القديم‪ ،‬وإنما حتى في برامج التيارات الفكرية والتطبيق السياسي الحديث‪.‬‬ ‫ومن النصوص التي سنوردھا‪ ،‬وبغض النظر عن مدى صحة الروايات وسندھا‪ ،‬إذ‬ ‫أن مجرد وجودھا ھو وثيقة تاريخية صحيحة‪ ،‬يثبت وجود الفكرة لدى البعض‪،‬‬ ‫بغض النظر عن شخصية ھذا البعض ‪ ..‬كما ان نفس النصوص تشكل المنبع‬ ‫الفكري التي تستند عليه التيارات االسالمية في تسويق وصايتھا و تشددھا اليوم في‬ ‫التطبيق العملي ويطلق عليھا البعض ” السنة المھجورة…”‬ ‫الطبراني في “المعجم الكبير” )‪ ، (٢٨٤/١٠‬وفي “المعجم األوسط” )‪) (٤٣٨٢‬‬ ‫وآخرين( عن ابن عباس قال‪ :‬قال رسول ‪ Z‬صلى ‪ Z‬عليه وسلم‪" :‬علقوا السوط‬ ‫حيث يراه أھل البيت‪ ،‬فإنه لھم أدب"‬ ‫عن ابن عمر‪ ،‬قال‪ :‬قال رسول ‪ Z‬صلى ‪ Z‬عليه وسلم‪ " :‬ال ترفع العصا عن أھلك‬ ‫وأخفھم في ‪ Z‬عزوجل " )العيال البن ابي الدنيا‪ ،٣٢١ ،‬المعجم االوسط للطبراني‪،‬‬ ‫‪ ،١٨٦٩‬المعجم الصغير‪ ،١١٤ ،‬االفراد للدار القطني‪ ٣٩٢/٣ ،‬واخرين(‬ ‫عن أبي الزبير عن جابر قال رسول ‪ Z‬صلى ‪ Z‬عليه وسلم ‪ ” :‬ليتخذ أحدكم سوطا‬ ‫في بيته يعلقه يؤدب به المرأة والخادم والصبي إذا أذنبوا أو يروع به إذا لم يذنبوا ”‬ ‫‪ ) .‬الكامل‪(٨/١٨٧ ،‬‬ ‫أورده الديلمي )األب( في “الفردوس بمأثور الخطاب” )‪ (٤١٣٢‬بلفظ ‪ ” :‬علق‬ ‫سوطك حيث يراه أھلك وال تضربھم به واضربھم بنعلك ضربا غير مبرح وال‬ ‫شائن لوجه‪” .‬‬ ‫وقال قائل مجھول ) أعتقد أنه ابن عمر ( ما للنساء و للكتابة و العمالة و الخطابة‬ ‫ھذا لنا و لھن منا أن يبتن على جنابة!‬ ‫وروى عبد ‪ Z‬بن مسعود‪ ،‬قال‪ :‬قال رسول ‪ Z‬صلى ‪ Z‬عليه وسلم‪» :‬ال تسكنوا‬ ‫نساءكم الغرف وال تعلموھن الكتاب«‪ .‬حذرھم رسول ‪Z‬؛ ألن فى إسكانھن الغرف‬ ‫تطلعا إلى الرجال« الجامع )‪(٢٩/٤‬‬ ‫وقال االمام الشافعي في كتابه ” الموطأ” ‪ :“ :‬وال تجمع امرأة بنساء ألن الجمعة‬ ‫امامة جماعة كاملة‪ ،‬وليست المرأة ممن لھا أن تكون امام جماعة كاملة‪“ ”.‬األم ‪-١‬‬ ‫‪ ” ١٧١‬أى ال تصح ألمرأة أن تقيم صالة جمعة حتى لو كانت للنساء فقط ألنه ليست‬ ‫للمرأة ان تكون اماما ألى جماعة‪.‬‬ ‫‪48‬‬


‫قال الحنابلة )يباح حضورھا صالة الجمعة بشرط ان تكون غير حسناء‪ .‬أما اذا‬ ‫كانت حسناء فانه يكره لھا الحضور(‬ ‫الشافعية تقول‪ ) :‬انه مكروه حضورھا ان كانت مشتھاة – أى يشتھيھا الرجال –‬ ‫حتى لو كانت فى ثياب رثة‪ .‬اما اذا لم تكن مشتھاة ولكن تزينت وتطيبت وتعطرت‬ ‫فيكون مكروھا أيضا حضورھا صالة الجمعة‪.‬‬ ‫وفى كل اآلحوال يشترط الشافعية لحضور المرأة صالة الجمعة شرطين‪ :‬اذن ولى‬ ‫األمر‪ ،‬وأال يخشى من ذھابھا افتتان أحد بھا‪ .‬واال يحرم عليھا الذھاب الى صالة‬ ‫الجمعة(‪.‬‬ ‫وھذا على نمط رؤية اوغسطينو للمرأة على انھا مذنبة مسبقا بجاذبيتھا االجنسية‬ ‫)عن احمد صبحي منصور(‬ ‫على خلفية رؤية المرأة في بعدھا الجنسي وحده‪ ،‬ليس غريبا ان ” شيخ االسالم ابن‬ ‫تيمية” إجابته على سؤال »ھل تختتن المرأة؟« يقول‪» :‬نعم تختتن وختانھا أن تقطع‬ ‫أعلى الجلدة التى‪ o‬قال رسول ‪ Z‬للخافضة وھى الخاتنة أشمى وال تنھكى فإنه‬ ‫أبھى للوجه وأحظى لھا عند الزوج‪) .o‬شيخ االسالم يستشھد بحديث مرفوع‪،‬‬ ‫باطل( ‪o‬‬ ‫والمقصود من ختان المرأة تعديل شھوتھا‪ ،‬فإنھا إذا كانت قلفاء كانت مغتلمة شديدة‬ ‫الشھوة‪ ،‬ولھذا يقال فى المشاتمة يا ابن القلفاء فإن القلفاء تتطلع إلى الرجال أكثر‪،‬‬ ‫ولھذا يوجد من الفواحش فى نساء التتر ونساء األفرنج ما ال يوجد فى نساء‬ ‫المسلمين«‪ .‬مجموع الفتاوى )‪(١١٤/٢١‬‬ ‫ذلك يعني ان شيخ االسالم يتھم نساء المسسلمين بشرفھم لمجرد عدم اختتانھم‪ .‬وإذا‬ ‫كان الفساد في الغرب لعدم وجود الختان‪ ،‬فھناك مجتمعات اسالمية بكاملھا اليوجد‬ ‫فيھا ختان‪ ،‬مثل سوريا واالردن‪ ،‬مما يعني انھا إما ممتلئة بالفساد كما في الغرب او‬ ‫ان تفسير ابن تيمية عالك مصدئ‪.‬‬ ‫الغريب ان ذلك يناقض احاديث اخرى تلعن النامصة والواشمة )حتى نھاية‬ ‫الخمسينات كانت غالبية نساء الشرق االسالمي موشومات( وتبرير ذلك انھا تغير‬ ‫من خلق ‪ .Z‬وإذا كان وجود أعلى الجلدة ھو محرك الفساد‪ ،‬وان ازالتھا بطلب من‬ ‫‪ ،Z‬اال يعني ذلك ان ختان النساء مجرد محاولة الحقة لتصليح تصنيع فاسد‪ ،‬مع ان‬ ‫القرآن يقول انه أحسن الخالقين؟‬ ‫‪49‬‬


‫وكيف ينسجم ذلك مع تفسيرھم ان البكارة ھي ختم حسن البضاعة؟‬ ‫عند ذكر حديث ان أن مرور المرأة والحمار والكلب يبطالن صالة الرجل قالت‬ ‫عائشة‪:‬‬ ‫“شبھتمونا بالحمر والكالب”‬ ‫في القرآن الكريم تقول االية الكريمة‪:‬‬ ‫) َو َال ُت ْؤ ُتوا ال ُّس َف َھا َء أَم َْوا َل ُك ُم الَّتِي َج َع َل َّ‬ ‫‪َ ُ Z‬ل ُك ْم ِق َيامًا(‬ ‫وفي كتب التفسير نجد ان السفھاء ھم النساء‪ ،‬فى تفسير البيضاوى يقول‪:‬‬ ‫)وإنما سماھم سفھاء استخفافا ً بعقولھم واستھجانا ً لجعلھم قواما ً على أنفسھم(‬ ‫وفى معالم التنزيل للبغوى‪) :‬وقال الضحاك‪ :‬النساء من أسفه السفھاء(‬ ‫وفي اآلية ‪} ١٤ :‬زين للناس حب الشھوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة‬ ‫من الذھب والفضة والخيل المسومة واألنعام والحرث ذلك متاع الحياة الدنيا و‪Z‬‬ ‫عنده حسن المآب{‬ ‫تفسير القرطبى فى معرض تفسيره لآلية الرابعة عشرة من سورة »آل عمران«‬ ‫يقول‪» :‬قوله تعالى‪} :‬م َِن ال ِّن َسا ِء{ بدأ بھن لكثرة تشوف النفوس إليھن؛ ألنھن حبائل‬ ‫الشيطان‪….‬‬ ‫ھذا إذا تغاضينا عن ان االية تتوجه الى الناس‪ ،‬على انھم الذكور وحدھم ولو كانت‬ ‫االية للذكور واالناث على السواء لكانت “الشھوات من النساء والبنين والرجال‪”.‬‬ ‫وفي فتوى لمفتي السعودية محمد بن إبراھيم آل الشيخ يقول‪ ،‬بالترابط مع االية‬ ‫السابقة‪ ،‬ان المرأة ) من جميع النواحي حتى مصالح نفسھا التصرفھا‪ ،‬لھذا جعل‬ ‫الشرع والية نكاحھا الى وليھا لما فيھا من نقص‪ ،‬وھي خلقت منتفعا بھا مستعملة”‪.‬‬ ‫) الفتوى ‪ ،٣٨٨١‬يشترط في االمامة الذكورية(‬ ‫وفى الحديث )لن يفلح قوم ولوا أمرھم امرأة()‪ (٢‬و‪ Z‬يقول‪) :‬الرجال قوامون على‬ ‫النساء( )‪ (٣‬إألية‪.‬‬ ‫وماھى النساء ؟! فإنھن لسن أكثر من فراش و إصالح شئون المنزل وتربية‬ ‫الصغار ‪(١٨٤/١٢) .‬‬ ‫ إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فأبت فلم تأته فبات غضبان عليھا لعنتھا المالئكة‬‫حتى تصبح * صحيح وأخرجه البخاري ومسلم‪.‬‬ ‫‪50‬‬


‫ فى الحديث الذى رواه ابن عمر رضى ‪ Z‬عنھما أن رسول ‪ Z‬صلى ‪ Z‬عليه‬‫وسلم قال ‪:‬حق الزوج على زوجته أال تمنعه نفسھا ولو كانت على أى سنام الجمل‬ ‫ لو كنت آمرا أحدا أن يسجد ألحد ألمرت المرأة أن تسجد لزوجھا‪ ،‬وال تؤدي‬‫المرأة حق ‪ Z‬عز وجل عليھا كله حتى تؤدي حق زوجھا عليھا كله حتى لو سألھا‬ ‫نفسھا‪ ،‬وھي على ظھر قتب ألعطته إياھا ‪ .‬وھذا إسناد صحيح على شرط مسلم‪.‬‬ ‫ إذا دعا الرجل امرأته فلتجب ‪ ،‬وإن كانت على ظھر قتب‬‫عن أبي ھريرة عن النبي صلى ‪ Z‬عليه وسلم قال لو كنت آمرا أحدا أن يسجد‬‫ألحد ألمرت المرأة أن تسجد لزوجھا * حسن صحيح‬ ‫ حق الزوج على زوجته أال تمنعه نفسھا ولو كان على ظھر قتب‬‫أخرجه ابن ماجة في النكاح ‪ ٤‬وأحمد ‪٣٨١ ،٤‬‬ ‫ وال مانع من القوة‪:‬‬‫عن الجابر بن عتبة أن رجال أبرك امرأته فدسرھا* دسرة فألقاھا على وجھھا فشدت‬ ‫بنيتھا ‪ ،‬فرجع ذلك إلى علي بن أبي طالب فقال‪:‬‬ ‫”مطيّة يركبھا كيف شاء ! ” ‪ ،‬ولم يجعل لذلك عليه شيئا‪.‬‬ ‫كتاب أدب النساء – الموسوم بكتاب الغاية والنھاية – تأليف عبد الملك بن حبيب‬ ‫حدثني الغازي بن قيس أن الزبير بن العوام دخل منزله فأمر امرأته أسماء بنت أبي‬ ‫بكر وامرأة له أخرى أن تكنسا ما تحت فراشه ثم خرج عنھما فرجع فوجده بحاله‪.‬‬ ‫قالت أسماء ‪ :‬فأخذ بقرون رؤوسنا وضربنا بالسوط ضربا وجيعا فكانت صاحبتي‬ ‫تحسن اإلتقاء وكنت ال أحسن فأثر في أثرا قبيحا‪ .‬فخرجت أشتكي إلى عائشة‬ ‫فأرسلت إلى أبي بكر فقالت ‪ :‬ما صنع ھذا بأختي ؟ فقال لي أبو بكر ‪ :‬يا بنيتي! إنه‬ ‫رجل صالح وھو أبو ذريتك‪ .‬ولعل ‪ Z‬أن يزوج ِك ِه في الجنة ؟ فاصبري وارجعي‬ ‫إلى بيتك ! )أي ان المصيبة قد تلحقھا حتى الجنة( وفي ھذا الشأن اتذكر أرملة‬ ‫أردنية جاءت تطلب الطالق من زوجھا المتوفي‪ ،‬فأستغرب القاضي‪ ،‬فقالت له‬ ‫أخشى أن أموت فيكون زوجي في الجنة أيضا‪.‬‬ ‫– ‪َ 7376-‬ح َّد َث َنا م َُحمَّد بْن ْال ُح َسيْن ‪َ ،‬قا َل ‪ :‬ثنا أَحْ َمد بْن ُم َفضَّل ‪َ ،‬قا َل ‪ :‬ثنا أَسْ َباط ‪،‬‬ ‫ان َبيْنه‬ ‫صار َك َ‬ ‫ُون َع َلى ال ِّن َساء { َفإِنَّ َرج ًُال مِنْ ْاألَ ْن َ‬ ‫َعنْ ال ُّس ِّديّ ‪ :‬أَمَّا ‪ } :‬الرِّ َجال َق َّوام َ‬ ‫‪51‬‬


‫صلَّى َّ‬ ‫‪َ Z‬ع َل ْي ِه َو َسلَّ َم ‪،‬‬ ‫ك لِل َّن ِبيِّ َ‬ ‫َو َبيْن ِام َْرأَته َك َالم َف َل َط َم َھا َفا ْن َط َل َق أَھْ ل َھا َف َذ َكرُوا َذ ِل َ‬ ‫ان ُّ‬ ‫ْس‬ ‫الزھْ ِريّ َيقُول ‪َ :‬لي َ‬ ‫ُون َع َلى ال ِّن َساء { ‪ْ .. .‬اآل َية ‪َ .‬و َك َ‬ ‫َفأ َ ْخ َب َر ُھ ْم ‪ } :‬الرِّ َجال َق َّوام َ‬ ‫ِصاص فِي َما ُدون ال َّن ْفس‪َ – ٧٣٧٧ .‬ح َّد َث َنا ْال َح َسن بْن َيحْ َيى ‪،‬‬ ‫َبيْن الرَّ جُل َوامْ َرأَته ق َ‬ ‫َقا َل ‪ :‬أَ ْخ َب َر َنا َعبْد الرَّ َّزاق ‪َ ،‬قا َل ‪ :‬أَ ْخ َب َر َنا َمعْ َمر ‪َ ،‬سمِعْ ت ُّ‬ ‫الزھْ ِريّ ‪َ ،‬ي ُقول ‪َ :‬ل ْو أَنَّ‬ ‫ان َع َل ْي ِه ْال َع ْقل ‪ ،‬إِ َّال أَنْ‬ ‫ك َق َود َو َك َ‬ ‫َرج ًُال َش َّج ِام َْرأَته ‪،‬أَ ْو َج َر َح َھا‪َ ،‬ل ْم َي ُكنْ َع َل ْي ِه فِي َذ ِل َ‬ ‫َيعْ ُد َو َع َل ْي َھا َف َي ْق ُتل َھا ‪َ ،‬ف ُي ْق َتل ِب َھا‪.‬‬ ‫يعني ليس فقط ضرب و لكن ضرب مبرح‬ ‫في الواقع االعتقادات الغريبة عن المرأة في العالم االسالمي التنضب وتستمر على‬ ‫مدى عصور حتى اليوم‪ ،‬كما نرى في مطر من الفتاوي‬ ‫عن الحوار المتمدن‬

‫ﺣﺪﻳﺚ ﰲ ﻣﻔﻬﻮﻡ ﺍﻟﺸﺮﻑ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻌﺮﺏ‬ ‫سيدة بن علي‬ ‫ت ّتفق أغلب ثقافات الكون على انّ ال ّ‬ ‫شرف منظومة متكاملة‬ ‫من القيم االنسانية كالتفوق والقدرة على القيادة والمروءة‬ ‫والشجاعة والتحلي بالكرامة والنزاھة والصدق في القول‬ ‫واالمانة ‪..‬فھو مجموعة من القيم التي تتظافر فيما بينھا‬ ‫وتتوفر في شخص او مجموعة من االشخاص فيحق القول‬ ‫وقتھا ان ھذا االنسان شريف فھل ان ھذا التعريف لمفھوم‬ ‫الشرف ھو نفسه مفھوم االنسان العربي لھذه القيمة العليا‬ ‫‪52‬‬


‫؟الاا‬ ‫كل ھذه القيم التي ذكرتھا ال تمثل مفھوم الشرف عند العربي وال توفيه حقه فشرف‬ ‫العربي رھينة ووديعة بين فخذي امراته او لنقل نعجته فقد ذكر الجاحظ ان بعض‬ ‫الرجال في زمنه يخجل من قول كلمة زوجتي حين يتحدث عن امراته فيعوضھا‬ ‫بكلمة النعجة اشارة الى زوجته فشرف الرجل العربي يح ّدده السلوك الجنسي‬ ‫المراته او اخته او امه ومعنى ھذا ان شرفه خارج عن ارادته بل ھو مسؤولية‬ ‫النساء الالتي تربطه بھن صلة وسلوكھن الجنسي ھو المحدد لشرفه وربما ھذا ما‬ ‫يفسر اقبال الكثير من الرجال العرب على الزنا ومعاشرة النساء خارج اطار الزواج‬ ‫وخوض التجارب الجنسية المتعددة وسط سكوت المحيطين به بل مباركة ذلك احيانا‬ ‫بوصفه شھادة له على فحولته ودليل على انه في مأمن من عقدة الخصاء لديه في‬ ‫الوقت الذي ترتفع فيه اصوات التجريم للمراة بمجرد ھمس واقاويل تطال سلوكھا‬ ‫الجنسي فھذه المراة ال تتحمل مسؤولية شرفھا فقط بل عليھا ان تتحمل ايضا‬ ‫مسؤولية شرف الرجل ‪..o‬ظاھرة ثقافية محيرة حقا وتستوجب الكثير من البحث‬ ‫لفھم جذورھا وخلفياتھا ونتائجھا؟‬ ‫في العصور االولى من تاريخ البشرية حظيت المراة بمكانة عالية فقد كانت مصدر‬ ‫حب ورھبة وخوف في نفس الوقت كيف ال وھي التي من جسدھا تنبثق الحياة ومن‬ ‫صدرھا يتغذى االنسان عند والدته كي يعيش ودورتھا الشھرية تنتظم مع دورة‬ ‫القمر لذلك كانت تحظى بنوع من التقديس والتأليه وھذا ما يفسر وجود االلھة‬ ‫المؤنثة في االساطير القديمة ” وقد كانت ” عشتار ” تجسيداً لھذه الثقافة حسب رأي‬ ‫فراس السواح في كتابه ” لغز عشتار” لكن ھذه المكانة التي حظيت بھا المراة لم تدم‬ ‫واھتزت مع توصل االنسان البدائي الى اكتشاف الصلة بين الممارسة الجنسية‬ ‫واالنجاب وان الحياة ال تھبھا المراة بمفردھا بل تحمل البذرة من الرجل وان ال حياة‬ ‫دونه ومن ھنا كان االنقالب التاريخي على المراة ومكانتھا المقدسة ف وانتقلت‬ ‫العبادة من اآللھة األم إلى اإلله السـيد وقد كان ھذا االنقالب التاريخي على األنثى‬ ‫مقدمة ضرورية لتثبيت االقطاع ونشوء العبودية فالفئات الذكورية خاضت حروبا‬ ‫ضارية لتثبيت مراكزھا واالستحواذ على امتيازات المجتمع وارتبط جنس األنثى‬ ‫باالثم من خالل أسطورة آدم وحوّ اء فكانت األنثى ھي سبب حرمان آدم من الج ّنة‬ ‫ونزوله الى عالم االسفل عالم األرض وبالتالي فھي سبب ك ّل عذاباته وآالمه ال ّناتجة‬ ‫عن ھذا ال ّنزول ولذلك اعتبرت المرأة ھي اآلثمة األبدية والحاملة لوزر شقاء‬ ‫االنسان والذكر ھو ظل ‪ Z‬في االرض ومصدر الخير والسّموّ فح ّقت له السّيادة‬ ‫بموجب ذلك كما ّ‬ ‫حق لجم األنثى وكبح جماحھا وحبسھا تجنبا للشرور الّتي يمكن أن‬ ‫‪53‬‬


‫تصدر عنھا اذا ما اطلق سراحھا وبھذه السلطة ّ‬ ‫الذكورية وھذه ال ّنظرة اآلثمة للمرأة‬ ‫ضمن الرجل الى جانب االمتيازات العديدة التي تمكنحھا له سلطته ضمن لنفسه‬ ‫ممارسة ال ّ‬ ‫شروالتنصل من تحمّل مسؤوليّته طالما ھو منسوب باألساس الى الكائن‬ ‫المد ّنس أي المرأة سبب ك ّل ال ّ‬ ‫شرور وأساسھا‬ ‫من ھنا نفھم الخلفية ال ّتاريخية لسيطرة ّ‬ ‫الذكر الذي دعمه الضعف البيولوجي للمراة‬ ‫بسبب الحمل والوالدة والرضاعة‬ ‫في كتابه “الحجاب والشخصية المزدوجة للمرأة”يرى المفكر المصري جمال الب ّنا‬ ‫الطبيعي الى ّ‬ ‫أنّ الضطھاد المرأة ع ّدة اسباب أھمّھا ميول ال ّنفس البشريّة ّ‬ ‫الظلم‬ ‫واالستقواء اذا ما توفرت لھا الفرصة لذلك وبما ن المراة اضعف من الرجل من‬ ‫الناحية الفيزيولوجية فان اضطھادھا وممارسة الظلم واالستبداد عليھا غير مستغرب‬ ‫من النظم الذكورية ونماذج الظلم واالستبداد المسلط على المراة عبر العصور والتي‬ ‫ذكرھا ال ّتاريخ من الصّعب جدا احصاءھا وع ّدھا وھذا االضطھاد لم يتفرّ د به مجتمع‬ ‫دون آخر أو عقيدة دون غيرھا‬ ‫يذكر د محمد شحرور في كتابه ” فقه المرأة ” أن الفُرس من أوائل الحضارات التي‬ ‫اضطھدت المراة وفرضت عليھا وضع لثام على وجھھا كي ال تدنس انفاسھا ال ّنار‬ ‫المق ّدسة ثم تطوّ ر االمر عندھم الى فرض حجاب كامل يخف شر ھذا المخلوق‬ ‫المد ّنس أي المرأة وذكر أيضا أن اليھودية التي نشأت برعاية كورش الفارسي‬ ‫وداريوس وعزرا ھي أول دين شرعن الى احتقار المراة واضطھادھا ثم امتد ذلك‬ ‫فيما بعد الى المسيحية في عھد قسطنطين وخلفاءه الذكور الذين نجحوا في تحويل‬ ‫االنثى التي كانت رمزا لل ّتنوير الرّوحي إلى شيطان مريد وجب طرده من معبده‬ ‫واعتقال ارادته الّتي ال تجلب لالنسان الى الشقاء وال ّ‬ ‫شر فمحاكم التفتيش الكاثوليكية‬ ‫كانت تحكم باعدام كل النساء العالمات والكاھنات والغجريات والمتصوفات ومحبات‬ ‫الطبيعة وجامعات األعشاب الطبية وحتى القابالت كلھن بتھمة الھرطقة وممارسة‬ ‫السحر ھذا ما ذكره دان براون في روايته الشھيرة ” شيفرة دافنشي “‬ ‫فالكنيسة على مدار ثالثة قرون قامت بحرق خمسة ماليين امراة بتھمة ممارسة‬ ‫السحر والشعوذة ويذكر براون في روايته ان الجنس الذي كان يعتبر رمزا للتواصل‬ ‫مع الرّب من خالل اال ّتحاد الجسدي تحوّ ل في ظلّسلطة الكنيسة الى عمل شيطاني‬ ‫مقرف‪.‬‬ ‫ھذه ال ّنواميس وجدت في الجزيرة العربية مرتعا خصيبا حين امت ّدت اليھا‬ ‫فالصّحراء القاحلة وكثبان الرّمال العالية التي جعلت الجزيرة ومجتمعھا في انفصال‬ ‫‪54‬‬


‫عن بقية العالم وما يحدث من تطورات ثقافية جعل من اھل الصّحراء الشعوب‬ ‫األكثر ثباتا وتعصّبا في نظرتھم الى المرأة الّتي استغلّھا بعض الفقھاء وعلى مقاسھا‬ ‫فصّلوا ما يحلو لھم من الفتاوي الّتي ال يمكن أن يقبلھا عقل أو منطق والّتي أسّست‬ ‫لثقافة مجتمعية قوامھا ال ّنظرة ال ّدونية للمرأة واضطھادھا الّذي كان مق ّدمة لجميع‬ ‫نواع االضطھاد واخضاع االنسان لخدمة السلطة من خالل ترسيخ ذھنيّة ال ّتحريم‬ ‫التي ا ّتخذت كسالح تشھره السّلط السّياسية الحكام قبضتھا على األعناق والعقول‬ ‫باجھاض كل محاوالت ال ّتنوير وال ّتغيير‪.‬‬ ‫ومن الطبيعي أن تحتاج ھذه السلطات الى اطار ايديولوجي يشرعن سياستھا ويبرر‬ ‫مظالمھا فكان الظلم تجاه المراة تاسيسا وترسيخا لجميع انواع المظالم في حق‬ ‫االنسان واتخذ منھا شمّاعة عليھا تعلّق أغلب األخطاء والخطايا فكان ال ّ‬ ‫شرف‬ ‫بمفھومه المعروف والمتداول لدى العرب ھو أوّ ل قيد يطبق على عنق الكائن‬ ‫األضعف أي المرأة فقد أفرغ ھذا المفھوم من محتوياته ومعانيه الحقيقية وشحن‬ ‫بمعاني اخرى تدور كلھا حول جسد المراة وسلوكھا الجنسي ‪o‬لم يعد الشرف يعني‬ ‫النزاھة والصدق في القول والدفاع عن الوطن والخلق واالبداع بل اصبح جسد‬ ‫المراة مسؤوال عن ھذا العبء الثقيل المختزل في كلمة شرف ‪،‬فھو مسؤوليتك يا‬ ‫امراة وال عالقة لي انا ّ‬ ‫الذكر به واذا خنت المسؤولية التي انيطت بعھدتك فسيراق‬ ‫من عنقك الدم أمّا أنا الّذي حباني الرب بالقوة الجسدية فان كل أخطائي مغفورة ما‬ ‫دمت في ح ّل من عبء ال ّ‬ ‫شرف الذي تحملينه في جسدك الملعون ‪..o‬المغضوب‬ ‫عليه‬ ‫ھكذا افرغ مفھوم الشرف من معانيه فبات الرجل مالك االرض والعقارات والمال‬ ‫والسلطة صاحب شرف رفيع بقطع النظر عن الوسيلة او الطريقة التي امتلك بھا ما‬ ‫امتلكه فھو شريف ما دام شرفه وديعة محفوظة لدى اناثه وتمكن من فرض ثقافته‬ ‫ھذه على البيئة المحيطة به لتصبح من البديھيات والمسلّمات فالفاسق شريف ما دام‬ ‫في مأمن من خيانة زوجته له مع رجل آخر والمنافق شريف ما دامت ابنته محافظة‬ ‫على عذريتھا والمراة الحقودة الحسودة صاحبة الكيد والبغض شريفة طالما ھي‬ ‫محافظة على النواميس الشكلية والظاھرية التي يفرضھا مجتمعھا والكسولة الجاھلة‬ ‫الخانعة شريفة ما دام خنوعھا وخضوعھا يرضي سيدھا وھكذاسارت االمور بشكل‬ ‫يسھل ويبرر لقمع السلطات العليا لالنسان انطالقا من المرأة‪.‬‬

‫‪55‬‬


‫ﻣﻤﺎرﺳﺔ اﻟﻌﻨﻒ واﻟﻘﺘﻞ ﺿﺪ اﻟﻤﺮأة ﻓﻲ اﻟﻌﺮاق‬ ‫مصطفى محمد غريب‬ ‫يشھد العراق تصاعداً غير مسبوق في العنف وقتل النساء‪ ،‬وتتناول وسائل اإلعالم‬ ‫والتصريحات الرسمية العثور باستمرار على جثث نسا ٍء تحت طائلة القتل بمختلف‬ ‫الوسائل‪ ،‬ويندرج العراق في قائمة الدول التي تعتبر مرتفعة في خرق حقوق‬ ‫اإلنسان وحقوق المرأة وعدم المساواة‪ ،‬ويعتبر القتل في أكثر األحيان وكأنه عالج‬ ‫لمرضى العقول المتخلفة التي ترى في المرأة مجرد آلة صماء بكماء ليس لھا أي‬ ‫شعور أو أحاسيس كانسان ال يختلف عن الرجل إال بالجنس ووظائفه ‪ ،‬وتشھد‬ ‫ساحات البالد يوميا ً حوادث قتل النساء تحت‬ ‫حجج ال يمكن أن يقبلھا العقل المتمدن‪ ،‬وقد‬ ‫تكون ھذه الحجج عبارة عن مخرج من‬ ‫العقاب القانوني حيث االدعاء بأنھا جرائم‬ ‫الشرف وكأن الشرف مرتبط فقط )وليعذرني‬ ‫القراء ( ” بمكان بول المرأة ” بينما النظرة‬ ‫الحضارية واإلنسانية ترى في الشجاعة‬ ‫واألمانة والصدق وعدم الكذب وقول الحق‬ ‫واإلخالص والتفاني والتضحية والوفاء واإلقدام في عمل الخير والدفاع عن حقوق‬ ‫الناس المشروعة‪..‬الخ معنى للشرف الحقيقي المبني على القيم األخالقية والوطنية‪،‬‬ ‫و وبھذا يسد القانون أذنه وال يكلف من القائمين والمسؤولين أنفسھم بالبحث عن‬ ‫مسببات أخرى‪ ،‬مسببات في مجتمع يغطي عليه الرجل بقوانينه وتقاليده واستخدامه‬ ‫الدين في تنفيذ ما يرغب به وليس ضمن خريطة حقوق المرأة وواجبات الرجل في‬ ‫المجتمع ‪ ،‬ففي مجتمع يُخضع الرجل المرأة لكل رغباته االجتماعية والسياسية‬ ‫والثقافية والجنسية ألنه رجل فقط ال غير يحلل لنفسه ما يشاء ويحرمھا حتى لو‬ ‫كانت حقوق طبيعية للمرأة‪ ،‬ليس بالذكاء الخارق أو الثقافة العالية أو العمل أو‬ ‫اإلخالص والوفاء أو التحصيل العلمي بل ألنه ذكر وله الحق المطلق فيما يفعله من‬ ‫موبقات وخطايا وال يحاسب عليھا‪ ،‬لكن المرأة لمجرد أن تكشف وجھھا أو يديھا أو‬ ‫شعرھا تعاقب بالقتل كزانية أو عاھرة أو ممارسة العنف الجسدي والنفسي بحجة‬ ‫‪56‬‬


‫العقاب الدنيوي وعقاب اآلخرة‪ ،‬ھذا ھو القانون الساري في أكثرية المجتمعات‬ ‫العربية واإلسالمية التي تدعي أنھا تتمثل بالشريعة اإلسالمية‪.‬‬ ‫لكن الذي يحقق في جرائمھا يجد أنھا ال ُتطبق إال الخلل العقلي الظالمي الذي ليس‬ ‫له ارتباط ليس باإلسالم فحسب بل بجميع األديان األخرى‪ ،‬أن النسب اآلخذة‬ ‫باالرتفاع لقتل النساء فاقت الكثير من التوقعات وسجلت أرقاما ً مخيفة خارقة بذلك‬ ‫إعالن الجمعية العامة لالم المتحدة حول حقوق المرأة وبالضد من العنف ولوائح‬ ‫حقوق اإلنسان كما سجل العنف واالغتصاب للمرأة أرقاما ً أعلى من السابق‪ ،‬وھو‬ ‫مؤشر ودليل على استمرار النظرة الدونية لھا ولحقوقھا المشروعة‪.‬‬ ‫ومقابل ھذا العنف بأنواعه المنزلي وخارج المنزل فان الحماية القانونية المطلوبة‬ ‫من قبل أجھزة الدولة األمنية أو من قبل المسؤولين فيھا تكاد أن تكون اقل بكثير من‬ ‫المستوى المطلوب‪ ،‬ال بل على العكس فقد توسعت عمليات القتل بحجج كثيرة في‬ ‫مقدمتھا ما يسمى ويعرف بغسل العار لمجرد الشبھة والظن في كثير من األحيان‪،‬‬ ‫والعقاب القانوني لھذا النوع عبارة عن التغاضي وغلق السمع أو أحكاما ً بالسجن‬ ‫تكاد أن تكون شبه براءة للقاتل ال بل عبارة عن مكافأة له على ما قام به من جريمة‬ ‫نكراء‪.‬‬ ‫أما القتل الذي تتبناه قوى اإلرھاب والمليشيات المسلحة السرية بحجة الزنا فحدث‬ ‫فال حرج‪ ،‬فھناك حاالت ال تحصى شھدتھا المحافظات والعاصمة بغداد لقتل النساء‬ ‫وبخاصة في الفترات األخيرة‪ ،‬بدون البحث وإيجاد حلول لھذه الحاالت غير‬ ‫اإلنسانية المنافية ألبسط حقوق اإلنسان‪ ،‬وفي الكثير من ھذه الحاالت مثلما أشرنا‬ ‫مبنية على الظن والشكوك لطالما فندتھا التحقيقات القضائية والقانونية النزيھة‬ ‫والفحوصات والمختبرات الطبية فيعلن عن براءة القتيلة التي ظلمت وفقدت حياتھا‬ ‫بسبب عقلية التخلف دون أي ذنب ارتكبته ‪ ،‬آو قضايا عادية ال ترتبط بمفھوم الزنا‬ ‫أو الدعارة‪ ،‬الجرائم التي ترتكب بالضد من المرأة ليست مقتصرة على القتل فحسب‬ ‫بل تتعداه على الحقوق الطبيعية والمشروعة لھا‪ ،‬فھي معرضة لالستغالل واإلھمال‬ ‫من قبل أناس غير أسوياء ال دينيا ً وال أخالقيا ً وال فكرياً‪ ،‬ففي الجانب المنزلي نرى‬ ‫العنف ظاھرة تكاد ان تكون شاملة تقريبا ً وتشكل نسبة واسعة وعالية في األسر‬ ‫العراقية‪ ،‬فضالً عن وجود حاالت االتجار المخالف للقوانين والمضاد للقيم‬ ‫اإلنسانية‪ ،‬وھن معرضات لالبتزاز واالستغالل الجنسي ‪.‬‬ ‫ولھذا أن االنتھاكات التي تتعرض لھا المرأة العراقية ليست فقط في المنزل أو‬ ‫محيط العائلة بل تتعداھا إلى الشارع من خالل التحرش الجنسي وإھانتھا بطرق‬ ‫‪57‬‬


‫سوقية مبتذلة‪ ،‬وھي تخشى في الكثير من األحيان من تعرضھا للعنف والتحرش‬ ‫العنفي واللغة السوقية الالاخالقية التي تخدش حيائھا وشرفھا وتجعلھا ذليلة خائفة ال‬ ‫تستطيع الدفاع عن نفسھا أمام أوغاد التحرش لجنسي‪ ،‬كما أن االنتھاكات تالحق‬ ‫حقوقھا في العمل أو الوظيفة وكأنھا تعامل ليس كانسان له مشاعره اإلنسانية التي ال‬ ‫تختلف عن مشاعر الرجل بل مجرد ” امرأة ناقصة عقل ودين ” وان لم يُعلن على‬ ‫اللسان لكن العيون تشيع ھذا القول والعقول العفنة تتبناه وتكرره على المسامع في‬ ‫كل مكان متى تسنى لھا الوقت والظرف الزماني‪ ،‬وھنا ال ينفصل االضطھاد‬ ‫الرجولي في الخاص المحدد زمنيا ً في بيت األھل أو الزوجية والعام في العمل‬ ‫والوظيفة والشارع‪.‬‬ ‫ان ممارسة العنف بكل أشكاله ضد المرأة يعتبر ھمجية متخلفة مرفوضة في جميع‬ ‫األعراف والقوانين ولھذا بالنسبة لھيئة األمم المتحدة فقد ع ّرفته في اإلعالن العالمي‬ ‫لمناھضة العنف ضد المرأة بأنه ” أي فعل عنيف تدفع إليه عصبية الجنس‪ ،‬ويترتب‬ ‫عليه أو يرجح أن يترتب عليه أذى‪ ،‬أو معاناة للمرأة‪ ،‬سواء من الناحية الجسدية‪ ،‬أو‬ ‫الجنسية‪ ،‬أو النفسية‪ ،‬بما في ذلك التھديد بأفعال من ھذا القبيل‪ ،‬أو القسر‪ ،‬أو‬ ‫الحرمان التعسفي من الحرية‪ ،‬سواء حدث ذلك في الحياة العامة أو الخاصة ”‬ ‫وقد نشر النص الكامل والنھائي لوثيقة األمم المتحدة لوقف العنف ضد المرأة مما‬ ‫القى تأييداً منقطع النظير من قبل الذين يقفون بالضد من العنف ويطالبون بالحقوق‬ ‫الكاملة للمرأة‪ ،‬وبھذا كشفت الجمعية العامة عن موقفھا الرافض واعتبرته خرقا ً‬ ‫ً‬ ‫إضافة أن اإلعالن العالمي لمناھضة كل أشكال العنف ضد‬ ‫مرفوضا ً لحقوق المرأة‪،‬‬ ‫المرأة الصادر عام ‪ ١٩٩٣‬أشار”ھذا العنف قد يرتكبه مھاجمون من كال الجنسين أو‬ ‫أعضاء في األسرة أو العائلة أو حتى الدولة ذاتھا ” وترتبط جميع اإلعالنات‬ ‫والقرارات الدولية والقطرية بالكثير من ما جاء في اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان‬ ‫لكل الدول وشعوب المعمورة وال يفرق اإلعالن بسبب اللون أو الجنس وينطلق من‬ ‫احترام الحقوق والحريات في االنتماء والعقيدة والدين ويدرج في التربية والتعليم‪.‬‬ ‫فقد نصت المادة ) ‪ ( ١‬على ” يولد جميع الناس أحراراً متساوين في الكرامة‬ ‫والحقوق‪ ،‬وقد وھبوا عقالً وضميراً وعليھم أن يعامل بعضھم بعضا ً بروح اإلخاء “‪.‬‬ ‫وأكملت المادة رقم ) ‪ ( ٢‬النظرة اإلنسانية والقانونية للحقوق وقد جاء فيھا ” لكل‬ ‫إنسان حق التمتع بكافة الحقوق والحريات الواردة في ھذا اإلعالن‪ ،‬دون أي تمييز‪،‬‬ ‫كالتمييز بسبب العنصر أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الرأي السياسي أو‬ ‫‪58‬‬


‫أي رأي آخر‪ ،‬أو األصل الوطني أو االجتماعي أو الثروة أو الميالد أو أي وضع‬ ‫آخر‪ ،‬دون أية تفرقة بين الرجال والنساء ”‬ ‫ولم تكتف الجمعية العمة لألمم المتحدة بإعالن أو قرار واحد فھي على امتداد سنين‬ ‫طويلة ومنذ تأسيسھا اعتمدت على رفض كل األشكال وبأي صورة كانت التمييز‬ ‫ضد المرأة ورفضت الممارسات غير المشروعة واعتبرت حقوق المرأة خط احمر‬ ‫إلنسانية أي نظام السياسي أو مؤسسة أو جمعية دينية أو سياسية وحتى األفراد من‬ ‫الذكور‪.‬‬ ‫ان الممارسات غير اإلنسانية في العراق ضد المرأة يجب أن تتوقف بإصدار قوانين‬ ‫صارمة ضد أي تجاوز أو اعتداء عليھا وعلى حقوقھا المشروعة‪ ،‬كما يجب إيجاد‬ ‫حلول واقعية لحوالي ثالثة ماليين ما بين امرأة أرملة وفتاة بدون معيل واألكثرية‬ ‫منھن يعشن بمستوى الفقر أو دونه مما جعل البعض من بائعي الضمير استغالل‬ ‫البعض منھن لمآرب غير أخالقية وال إنسانية‪ ،‬أما جريمة القتل بحجة الشرف ”‬ ‫الرفيع !!”‬ ‫فھي من الجرائم التي تكاد أن تكون تقليداً وفي البعض من األحيان تباھيا ً أمام‬ ‫المجتمع بالتخلص من العار كما يسميه دعاة القتل والجريمة وال يفكر ھؤالء بأن‬ ‫العار ھو موقفھم وممارستھم ومنح أنفسھم أحقيقة في العقاب الذي يعتبر في العرف‬ ‫القانوني واإلنساني جريمة يجب أن يعاقب من يمارسھا‪..‬‬ ‫المرأة أساس المجتمع ومكونه النصفي وبھا تستكمل الحياة دورتھا‪ ،‬وھي أداة‬ ‫رئيسية للبناء والتقدم والعمران وبدونھا ال يمكن أن تبني الدول حضارة إنسانية أو‬ ‫تحقق نوعا ً من العدالة االجتماعية‪ ،‬ومن ھذا المنطلق يجب أن تقوم الدولة بحمايتھن‬ ‫ودفع األذى عنھن وتوفير كل اإلمكانيات لرفع وعيھن ومستواھن األكاديمي‬ ‫والتعليمي والثقافي ومنحھن الحقوق ووفق قوانين تصدرھا السلطة التشريعية‪ ،‬البد‬ ‫أن يفھم متخلفي العقول الرجعية والظالمية أن ھناك نساء سجل التاريخ لھن أروع‬ ‫اإلنجازات العلمية والثقافية واالجتماعية والمواقف البطولية والتضحيات الجسام من‬ ‫اجل شعوبھن وأوطانھن‬

‫‪59‬‬


‫ﺣﻤﻠﺔ أردﻧﻴﺔ ﻟﻤﻮاﺟﻬﺔ اﻟﻘﻮاﻧﻴﻦ اﻟﻤﺘﻌﺴﻔﺔ ﺿﺪ ﻟﻠﻤﺮأة‬ ‫خديجة بندوق‬

‫حملة أردنية ضد التعسف القانوني لقضايا المرأة بعنوان ‘‘حقك أولوية’’ وذلك‬ ‫بھدف خلق وعي بأھمية المؤسسات التشريعية في تصحيح القوانين المرتبطة‬ ‫بالمرأة‪ ،‬خصوصا في القضايا الخاصة بجريمة الشرف واالغتصاب والتجنيس‬ ‫أوالزواج من أجانب‪.‬‬ ‫تھدف حملة “حقك أولوية “إلى تشجيع المرأة في األردن على إقتحام أبواب‬ ‫المؤسسات التشريعية من أجل إيصال صوتھا إلى المشرع وتحقيق التغيير‪ .‬وتقول‬ ‫شھد بني عودة المتحدثة باسم الحملة‬ ‫في حوار مع ‪/ DW‬عربية‪ ،‬إن “الفكرة‬ ‫بدأت بسبب مجموعة أحداث وسلوكيات‬ ‫تعكس”الظلم االجتماعي” الذي تعاني‬ ‫منه المرأة األردنية‪ .‬وكان الحدث‬ ‫األبرز الذي أثار اھتمام أصحاب الفكرة‬ ‫ودفعھم للتحرّك ھو خبر تزويج ‪١٩‬‬ ‫مغتصبة بمغتصبيھن في العام الماضي‪ .‬وتھدف الحملة الى تثقيف المرأة وتعريفھا‬ ‫بحقوقھا‪ ،‬ما قد يساھم في رفع أعمال “االضطھاد” عنھا ورفض العادات والمفاھيم‬ ‫التقليدية الخاطئة المخالفة لحقوق المرأة‪.‬‬ ‫“حقك أولوية” وشبكات التواصل‬ ‫وتؤمن حملة “حقك أولوية” حسب شھد بني عودة‪ ،‬تعريف المرأة و محيطھا‬ ‫األسري بالحقوق المكفولة لھا إنسانيا ً ودستوريا ً من منطلق التغيير والتق ّدم ومن أجل‬ ‫مجتمع أكثر حضارة وعدالة وإنسانية‪.‬‬ ‫وتضيف شھد بني عودة أن الحملة تعتمد بشكل كبير على شبكات التواصل‬ ‫االجتماعي “السوشيال ميديا”‪ ،‬حيث ھناك تواصل مع العديد من المحامين اللذين‬ ‫أبدوا تعاونا ً كبيراً من خالل كتابة المقاالت المساھمة في تسليط الضوء على القضايا‬ ‫‪60‬‬


‫المختلفة التي تعاني منھا المرأة األردنية‪ ،‬باإلضافة إلى القوانين المؤثرة سلبيا على‬ ‫المرأة وحقوقھا‪.‬‬ ‫“نفكر في إنشاء المقھى الحقوقي“‬ ‫كما قامت الحملة بإجراء استبيان سلط الضوء على رأي مستخدمي اإلنترنت من‬ ‫األردنيين في قضية “حق المرأة األردنية في منح جنسيتھا ألبنائھا”‪.‬‬ ‫وفي ما يخص النشاطات المستقبلية تؤكد بني عودة أن الحملة تفكر في إنشاء “مقھى‬ ‫حقوقي” يھدف الى خلق أجواء مالئمة لمناقشة القوانين التي تتعامل مع المرأة‬ ‫ومحيطھا وإظھار مدى قدرة تلك القوانين على معالجة القضايا بالنسبة للمرأة‬ ‫باإلضافة إلى تعريف المجتمع بتلك القضايا وبالمعاناة الحقيقية للمرأة‪.‬‬ ‫وتصرح المتحدثة باسم الحملة وتقول‪“ :‬حققنا قبوال ملفتا في أوساط الشبكة‬ ‫العنكبوتية وحظينا بتغطية مميزة من قبل الكثير من المواقع الحقوقية والمؤسسات‬ ‫اإلعالمية‪ ،‬ونأمل باستمرارية ھذا‬ ‫النجاح”‪ ،‬وتضيف أن القوانين المؤثرة‬ ‫سلبيا في حياة المرأة تحول بينھا وبين‬ ‫تحقيق العدالة الكاملة ” فعلى سبيل‬ ‫المثال تناولت الحملة في قضيتھا الجديدة‬ ‫قضايا الشرف‪ ،‬وقالت إنه من األھمية‬ ‫بمكان أن تدرك المرأة أن إسقاط الحق‬ ‫الشخصي عن المغتصب يضمن للمجرم اإلفالت من العقاب‪ ،‬وأن الحملة تسعى إلى‬ ‫تصحيح القوانين من خالل مجلس النواب‪.‬‬ ‫“يجب التنسيق بين المعنيين بقضايا المرأة والبرلمان“‬ ‫من جھة أخرى تؤكد النائبة خلود خطاطبة الناطقة باسم كتلة وطن البرلمانية في‬ ‫تصريح لـ ‪ /DW‬عربية‪ ،‬أن مثل ھذه الحمالت أمر إيجابي يؤدي إلى التغيير حتى‬ ‫وإن لم يصل ھذا التغيير إلى مستوى ما يطمح إليه القائمون‪ .‬وتطالب النائبة‬ ‫بضرورة التنسيق بين الجھات المعنية بقضايا المرأة وحقوقھا وبين مجلس النواب‬ ‫ومحاولة القيام بالتغيير إلى األفضل‪ ،‬خدمة للمرأة األردنية‪.‬‬ ‫الشعار الرسمي لحملة‪“ :‬حقك أولوية”‬

‫‪61‬‬


‫وتقول النائبة خطاطبة إن النساء من بين أعضاء مجلس النواب األردني يھتمن‬ ‫بالقوانين “المجحفة بحق المرأة” والتي تحتاج إلى تغيير أو تعديل‪ ،‬وتؤكد أنھا ستدعم‬ ‫كل ما يحسن من وضع المرأة‪ .‬وتضيف أن أغلب القوانين المتعلقة بالمرأة يجب‬ ‫التعامل معھا بانتباه‪ ،‬فعلى سبيل المثال ھناك القانون المتعلق بإسقاط العقوبة عن‬ ‫المغتصب إذا تزوج الضحية‪ .‬إن ذلك “يقتل الضحية مرتين” مطالبة بإلغاء ذلك‬ ‫القانون حتى يعاقب المغتصب وال يسمح له بالزواج من الضحية المغتصبة‪ ،‬خاصة‬ ‫وأن الفتاة في أغلب القضايا تكون تحت سن الرشد القانوني‪.‬‬ ‫جرائم بھدف “اغتصاب الميراث“‬ ‫وفي موضوع المطالبة بتجنيس أبناء األردنيات المتزوجات من أجانب تقول‬ ‫خطاطبة‪ ” :‬إن ھذه المسألة لھا أبعاد سياسية ديموغرافية معقدة ويجب أن تناقش‬ ‫تحت قبة البرلمان للخروج بآلية تضمن حقوق المرأة المتزوجة من غير األردني‪”.‬‬ ‫وفيما يتعلق بتخفيف العقوبة عن مرتكب جريمة الشرف تقول خطاطبة‪ ” :‬إن ھذا‬ ‫القانون يجب أن يلغى ايضا “فغالبية الفتيات اللواتي يقتلن بدواعي الشرف ھن‬ ‫عذراوات” وھذا الموضوع خطير‪ .‬وھناك بعض الجرائم التي ترتكب من خلفية‬ ‫“اغتصاب الميراث”‪ .‬ويعني ذلك أن األخ يقتل أخته التي ترفض التنازل عن‬ ‫ميراثھا‪ ،‬حيث يدعي أنه قتلھا بداعي الشرف‪ .‬و”أحيانا يقتل األب ابنته واألخ أخته‬ ‫والزوج زوجته بعد مكالمة ھاتفية كيدية دون التأكيد” وتضيف قائلة‪“ .‬ال يحق ألي‬ ‫إنسان أن يطبق القانون بنفسه‪ ،‬وال يجوز بداعي الشرف أن نأخذ حقنا بيدنا‪ .‬ھذا‬ ‫مرفوض تماما”‪ .‬كما تؤكد النائبة‪.‬‬ ‫“قوانين عادلة في مجتمع خال من التمييز“‬ ‫وترى عروب صبح الداعمة لحملة “حقك اولوية ” في حوار مع ‪DW‬عربية‪“ ،‬إن‬ ‫الحملة مھمة كون المواطن بشكل عام ال يعرف الكثير عن حقوقه وعن الدستور‬ ‫وكيف أنه من الممكن التأثير بالمعرفة على الحياة اليومية وعلى المرأة التي يعتبرھا‬ ‫البعض “الحلقة األضعف بالمجتمع”‪.‬إن المرأة في أشد الحاجة لمعرفة حقوقھا وما‬ ‫يترتب عن ذلك”‪ .‬ولذلك تؤكد المتحدثة على أھمية المجتمع المدني ومنظماته في‬ ‫الدفع بتحقيق العدالة االجتماعية والضغط على المؤسسة التشريعية والتنفيذية‬ ‫لمواجھة التمييز ضد المرأة‬

‫‪62‬‬


‫“اﻟﺠﻨﺲ‪ ،‬اﻟﺮﻗﺺ‪ ،‬ﻋﻘـﻞ اﻟﻤﺮأﻩ”‬ ‫حنين المعموري‬ ‫كلمات ترعب مجتمعي‪ ،‬الكل يقفز محتجا” على ھذه الكلمات ‪o‬ھم يمارسون‬ ‫الرذيله فقط في السر ويلعنوھا بالعلن‪.‬‬ ‫فيخافون من الجنس بأعتباره رذيله اليمكن ان‬ ‫نتطرق لھا‪o‬‬ ‫أما الرقص فيعتبرونه مقتصرا” على أولئك‬ ‫الذين اليملكون أخالقا”‪o‬علما” أن أعلى‬ ‫المستويات في المجتمع الغربي ھم الذين يعلموا‬ ‫ويدرسوا ھذه الھوايه‪o‬‬ ‫أما عقل المرأه فيأتي كاآلتي‪:‬‬ ‫ھي في الدين قد أثبُتت أنھا ناقصة عقل )وھم‬ ‫يقصدون بھا غير ماكان يقصد به النبي من‬ ‫الطبيعه العاطفيه للمرأه( ‪،‬تريد أنت أن تخلف كالم ‪ Z‬ورسوله !!!‬ ‫ھي ال تصلح ألي فكر أو نقاش !!‬ ‫الثالث كلمات أعاله التمثل عدم الحشمه المتعلقه باالخالق‪،،‬وأنما تمثل عدم الحشمه‬ ‫المتعلقه بعقليات خاليه من صفاء النيه‪.‬‬ ‫كل شخص يفسر المفاھيم على مايحتاجه لمصالحه ‪o‬وكونوا واثقين ان اغلب‬ ‫اولئك الذين يحتجون على بعض المفاھيم ھم بالحقيقه من السباقين لممارسة مايسموه‬ ‫الرذيله‪ ،‬وما الشك بذلك أناس تملكھم الجھل قبل النور ‪.‬‬ ‫‪Z‬ن الجنس ھو طاقة ‪،‬كباقي أنواع الطاقة ‪ ،‬تستدعي التفريغ والشحن ‪ ،‬طاقة تحفيز‬ ‫إيجابية ‪ ،‬ھندسة اجتماعية قائمة بذاتھا ‪ ،‬حيث ھناك الجنس الشرعي فأي عالقة‬ ‫خارج رابطة الزواج ھي فساد‪ ،‬والجنس المحرم كل ممارسة جنسية ال تحكمھا‬ ‫قوانين شرعية ووضعية ) من الناحية الدينية(‬ ‫‪63‬‬


‫والجنس اإليجابي ـ اللذة ‪،‬الجنس السلبي ـ السادية والمازوشية )سيكولوجية (‪،‬‬ ‫الجنس كتأسيس للمجتمع واالستمرارية‪ ،‬الجنس كتنمية لالستھالك )تكاثر االفراد‬ ‫استھالك اكثر ( ‪ ،‬فقط اردت ان اشير ان مناقشة اشكالية الجنس معقدة جدا تستدعي‬ ‫انفتاح على مقاربات علمية متعددة‪.‬‬ ‫سوف اذكر لموقف مررت به فــ قبل فتره كنت في الحافله ‪o‬وبيدي كتاب نوال‬ ‫السعداوي )الوجه العاري للمرأه العربيه( وأنا مستمره بالقراءه وصلت لموضوع‬ ‫اسمه الحب والجنس عند العرب ‪o‬كانت ھناك امراه تجلس بجانبي‪ o‬التتخيلوا‬ ‫كيف كانت نظرتھا ‪o‬تنظر لي وكأنني أسوء رذيله وجدت على االرض‪o‬أكيد‬ ‫بداخلھا تقول ماذا تحمل ھذه الوقحه وكيف تتجرأ أن تقرأ مثل ھذه المواضيع!!‬ ‫فمباشرة بعد نظراتھا لي أصبحت أحاول أن أخبيء بعض من صفحات الكتاب‬ ‫ووضعت أصبعي على العنوان كي اليراه احد الى ان انتھى الموضوع وذھب قلقھم‬ ‫الذي كان يحيطني‪،‬وكان تصرفي تالفيا” للنقاش بمثل ھذه المكان الغير مناسب و لو‬ ‫كنت بمكان اخر الستعديت للنقاش معھا‪،‬فكيف تشرحين لھا ان ھناك لعلم الجنس‬ ‫اھميه ليست متقصره ع الرذيله فقط‪.‬‬ ‫وكما قالت نوال السعداوي‪:‬‬ ‫أن ھؤالء الذين يقللون من اھمية علم الجنس اليدركون األسس االوليه لعلم السياسه‪،‬‬ ‫وان ھؤالء الذين يقللون من أھمية البحوث العلميه الخاصه بالنساء وعالقتھن‬ ‫بالرجال ويعتبرونھا قضايا ثانويه محدوده اليدركون المشاكل الحقيقه في المجتمع‬ ‫واليتعمقون في أفكارھم العمق الكافي الذي يمكننھم من الربط بين قضية النساء‬ ‫وقضية المجتمع كله‪.‬‬ ‫وغني عن القول أن تخلف النساء في أي مجتمع يقود إلى تخلف المجتمع كله وإن‬ ‫تخلف المجتمع يقود إلى تخلف النساء‪ ،‬واليمكن بحال من األحوال فصل قضية‬ ‫تحرير النساء عن تحرير المجتمع كله‪.‬‬ ‫أما بخصوص الرقص فـ ھو اليختلف تماما عن الجنس في تفريغ الطاقات العصبيه‬ ‫وحاالت الشد التي ترافق االنسان‪،‬فعند الرقص تحدث عملية االسترخاء ‪ ،‬قد‬ ‫يستعملھا بعض االحيان علماء النفس كدواء لبعض الحاالت الكئيبه ‪،‬ھو يفرغ ذلك‬ ‫السموم القابع بداخلك ھو فن قائم بحد ذاته ودواء النعرف عنه الكثير…‬ ‫أن الرقص ھو اللغه الصامته التي تتكلم بدون صوت لتعبر عن عواطفه وسعادته او‬ ‫‪64‬‬


‫حتى حزنه تعبيرا” جسديا بحركات رياضيه فنيه ‪،‬وعلى الرغم من نظرة المجتمع‬ ‫الشرقي السلبية لفنون الرقص الناتجة عن صورة نمطية سلبية للراقصة والمرتبطة‬ ‫باإلغراء المتركز في الجانب الجسدي بمعزل عن الجانب الروحاني‪.‬‬ ‫أن الفيلسوف االنجليزي ھفلوك يختصر الحديث عن فن الرقص كفن راق بقوله‪” :‬‬ ‫إذا كنا ال مبالين في نظرتنا إلى فن الرقص فإننا ال شك فاشلون ليس في تفھم‬ ‫الظاھرة السامية للحياة المادية فحسب بل في تفھم الرمز السامي للحياة الروحية‬ ‫أيضا‪”.‬‬ ‫واذا أردنا أن نتحدث عن عقل المرأه فال يكفي صفحات لنتحدث عما يتعلق بنظرة‬ ‫المجتمع لھا‪،،‬لذلك ساختصار بشرح مفھوم ناقصة عقل ذلك ألن عاطفتھن أزيد ‪،‬‬ ‫فنحن نجد األب عندما يقسو على الولد ليحمله على منھج تربوي فإن األم تھرع‬ ‫لتمنعه بحكم طبيعتھا ‪ .‬واالنسان يحتاج إلى الحنان والعاطفة من األم ‪ ،‬وإلى العقل‬ ‫من األب‪ .‬وأكبر دليل على عاطفة األم تحملھا لمتاعب الحمل والوالدة والسھر على‬ ‫رعاية طفلھا ‪ ،‬وال يمكن لرجل أن يتحمل ما تتحمله األم ‪ ،‬ونحن جميعا ً نشھد بذلك‬

‫اﻟﺮﻗﺺ ﺧﻤﺮة اﻟﻤﺮأة وﻧﺸﻮﺗﻬﺎ !! ) ‪(٢‬‬ ‫ليندا كبرييل‬ ‫– أخواتي ‪ ..‬بعد إذن الجميع ‪.‬‬ ‫الصرامة تتكلم ‪ .‬تحوّ لت األنظار إلى أم‬ ‫الشھيد ‪ .‬ھذا أول تواصل لي مع إحدى‬ ‫ً‬ ‫رواية أو سمعا ً عن‬ ‫منجزات الصحوة ‪ ،‬ال‬ ‫العنعناتيين والعنعناتيات ‪ ..‬وإنما ّ‬ ‫بث حي‬ ‫مباشر‪.‬‬ ‫ تط ّرقتن إلى مواضيع شتى ھي من‬‫مشاكل مجتمعنا الراھنة كالرياضة ‪.‬‬ ‫األفراح ‪.‬‬

‫‪65‬‬


‫النقاب ‪ .‬وعلينا تقديم النصيحة الصادقة ليستقيم أمرنا‪.‬‬ ‫اھت ّزت الرؤوس مؤمنة على كالمھا ‪.‬‬ ‫ أما الرياضة ‪ ..‬فلستنّ غافالت أيتھا المحترمات عما تسببه الحركة من إثارة‬‫ْ‬ ‫يحملن الميداليات ‪ ،‬وليس‬ ‫وتھييج الغرائز ‪ .‬غايتنا أخواتي الجسم السليم ال بطالت‬ ‫من أھدافنا أن نغلب أحداً في البطوالت العالمية ‪ ،‬فالغلبة ~ وحده ‪ ،‬والجھاد في‬ ‫سبيله فحسب ‪ .‬نحن نشجع المرأة على ممارسة الرياضة في بيتھا ‪ ،‬ال في النوادي‬ ‫التي تخلق المفاسد ‪ ،‬وال في المدارس حيث يمكن ألي عين س ّراقة تصوير فتياتنا من‬ ‫بعيد‪.‬‬ ‫المرأة في خرقھا الحرام تشجع الرجل على الفاحشة ‪ .‬سؤال سيداتي ‪ :‬أال يمكن‬ ‫للرياضيّة أن تجري في ) الماراطون ( إال بالبكيني ؟ والرجال ماشية حالوة معھم‬ ‫وھم يبحلقون بالمؤخرات المكتنزة والصدور المھتزة ‪ .‬حسبنا ‪ Z‬ونعم الوكيل ‪ ،‬ھذا‬ ‫فساد يتضافر مع قوى الشياطين إللھاء الناس عن واجبھم الديني ‪ .‬انحالل مخيف‪.‬‬ ‫{زلز ْل يا قدير أقدام تلك القردات الماراثونيات اللواتي ال يميّزن بين الحالل‬ ‫‪.‬‬ ‫واالنحالل}‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫استوفت نفسھا قوة‬ ‫أمسكت عن الكالم وھي تنقل نظراتھا بين وجوھنا الصامتة حتى‬ ‫من اھتمامنا فعادت لتك ّر علينا بحملة انقضاض أخرى ‪ ،‬ما رأيكِ أنت ؟‬ ‫وكانت مليكة األقرب لھا عندما باغتتھا بالسؤال فأجابت في لجلجة‪:‬‬ ‫ نعم ~ يا أستاذة ‪ ..‬ولكنھم في الغرب رغم انحاللھم المزعوم ‪ ..‬ناجحون‬‫منتصرون ‪ ،‬ونحن رغم محافظتنا ‪ ..‬وأخالقنا المزعومة ‪ ،‬متبجّ حون منكسرون ‪.‬‬ ‫كانت لدينا سبّاحة مھيّأة بامتياز الحتالل مراتب رفيعة في البطوالت العالمية فلم‬ ‫تظفر إال باتھامات شرسة في عرضھا حتى اضطروھا لالعتزال‪.‬‬ ‫رم ْتھا أم بالل بنظرة مسربلة بالتھ ّكم ثم ر ّدت عليھا بلھجة ممطوطة منطوية على‬ ‫سخرية‪:‬‬ ‫ أي نجاح ھذا يفيد اإلنسانية مع استھتار الغرب بالقيم األخالقية ؟‬‫ثم بلھجة جدية ‪ :‬ھاتي ‪ ،‬اشرحي لي ‪ :‬كيف تفسرين ارتداء نساء التنس قطعة واحدة‬ ‫كاشفة تماما ً عن الصدر والرجلين بعكس الرجل الذي يرتدي تي شيرت وشورت‬ ‫محتش َمين ؟‬ ‫‪66‬‬


‫فقالت مليكة‪:‬‬ ‫ اإلنسان يعجز نفسيا ً عن تقبّل صورة مختلفة لما استق ّر في عرفه ‪ ،‬فيلجأ للرفض‪.‬‬‫ نعم ‪ ،‬نحن ال نعرف ھذه الصورة ونرفضھا ‪ .‬إنھا الھجمة الغربية إلفساد النساء‬‫تحت مسمى رياضة وحرية المرأة ‪ ،‬ھذا مسيره إلى اإلباحية والفجور‪.‬‬ ‫ْ‬ ‫تنزلت‬ ‫والدليل استطابتكم أفراح اليوم وھي حرام شرعا ً ‪ ،‬ومن عمل الشياطين التي‬ ‫عليكن ومألت عقولكن بالخياالت ‪ ،‬فتشعرْ ن بالبھجة الزائفة بما يتخللھا من عربدة‬ ‫وفحشاء ور ّقاصات ماجنات أموالھن حرام جاءت من لصوص ومرتشين‪.‬‬ ‫قالت ابتھال‪:‬‬ ‫ إن كان كذلك فالمبالغ التي يتقاضاھا الدعاة من التلفزيون والكاسيتات أيضا ً حرام‬‫ألنه عمل مأجور ‪ ،‬والمفترض أن تكون دعوتھم تطوّ عية إرشادية لوجه ‪، Z‬‬ ‫الرقص عمل تعيش منه الراقصة أما‪..‬‬ ‫ الفنون حرام ‪ ،‬والرقص خالعة ‪ ،‬ليس شيمة بل شتيمة لخلقنا وسجايانا‪.‬‬‫فقالت ابتھال وكأنھا أرادت توجيه غمزة إلى إقبال التي يملك زوجھا شركة لتنظيم‬ ‫رحالت الحج‪:‬‬ ‫ وماذا تقولين يا أستاذة في الميزات المغرية الخاصة التي تق َّدم للحجاج في الفنادق‬‫الفاخرة ‪ ،‬كمقابلة المشاھير من الدعاة والفنانين التائبين ‪ ،‬أو حجز أماكن للصالة في‬ ‫الصفوف األولى من الحرم مقابل تسعيرة معينة كأنھم في سينما ‪ ،‬أال يحمل ھذا‬ ‫شبھة التكسّب واإلتجار بالدين ويدل على تفوّ ق الغني على الفقير ؟‬ ‫ ھذا منطق جاف ‪ ،‬ديننا نجح في التوفيق بين تكاليف الحياة وأوامر السماء في‬‫وحدة منسجمة ال تنفصل ‪ ،‬والسعي إلى الرزق وتعمير الدنيا أمر إلھي ‪ ،‬ھم ال‬ ‫يسرقون وال يكذبون بل يقومون بخدمة المؤمنين ‪ ،‬والكل يصوم ويز ّكي ويح ّج‬ ‫وباب المغفرة ي ّتسع للجميع حتى لكنّ أنتن اللواتي يفترض أن تكنّ ضمير المجتمع‬ ‫وضابط تحضّرنا ورقينا ‪.‬‬ ‫‪67‬‬


‫أصبح الحديث محصوراً بين الصقور أم بالل ‪ ،‬ابتھال ‪ ،‬راوية‪.‬‬ ‫لكن صوتا ً من الحاضرات خرج يؤذن بأن معارضة ما في طريقھا للظھور ‪ .‬خرق‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫المغطي للفم كما تخرق الرصاصة دريئة الرمي وقال‪:‬‬ ‫حجاب المنديل‬ ‫الصوت‬ ‫َ‬ ‫أين نتلمس بالضبط تحضّرنا ورقيّنا ؟‬‫ھنا ‪ ،‬كانت إقبال األسرع في الجواب‪:‬‬ ‫ليس كخصوصيتنا الثقافية ما يضمن لإلنسان العدل والشرف والكرامة ‪ .‬البعد عن‬‫ثوابتنا الدينية أبْعدنا عن روح الحضارة الزاھية التي عاشھا أجدادنا فسادوا العالم‬ ‫وفضّلوا عليه بعلمھم‪.‬‬ ‫احت ّج الصوت الرصاصة‪:‬‬ ‫لكننا اآلن في ذيل العالم ‪ ،‬أين ذھبت منجزاتنا ؟ ھل يرضيكِ أن نعيش على‬‫منجزات الغرب ثم نعترض على غزوھم الثقافي لنا ؟‬ ‫ْ‬ ‫شعشعت أنواره في تاريخنا وامت ّد إلى‬ ‫لماذا ال تبالون بحقوقكم ؟ مجدنا الذي‬‫أرضنا األندلسيّة ‪ ،‬الفضل لنا في علوم أوروبا ‪ ،‬ومنجزاتھا العلمية التي توصّلت لھا‬ ‫بضاعتنا األصلية و ُتر ّد إلينا اآلن‪.‬‬ ‫ْ‬ ‫سقطت إسبانيا} !‬ ‫{‬ ‫ُ‬ ‫الخرق في المنديل األسود قائالً‪:‬‬ ‫تح ّدى‬ ‫داخلكِ ينطق باالشمئزاز من األجنبي ‪ ،‬ومع ذلك ذھب ابنكِ ليدرس في أميركا‬‫المنحلّة الكافرة ‪ِ .‬ل َم ھذه االزدواجية في سلوككِ ومظھرك الغربي ونصوصنا‬ ‫المقدسة تنھينا عن التشبّه بالضالين ؟‬ ‫{أيوه ‪ ..‬ل َم ااا ؟؟؟}‬ ‫تري ْ‬ ‫ّثت إقبال لتعمّق وقع كالمھا على الحضور ‪ ،‬ثم قالت بھدوء يوحي بغض ٍ‬ ‫كامن‬ ‫ب‬ ‫ٍ‬ ‫مثلكِ سيدة محافظة على مظھر الحشمة في نقابھا نأمل منھا أن تكون أكثر رشداً‬‫في تقدير كالمھا‪.‬‬ ‫أجاب الصوت المن َّقب‪:‬‬ ‫‪68‬‬


‫إنه إرادة أبي وأخي ‪ ،‬شخصيا ً أفضّل الحجاب العادي وكفى ‪ ..‬وبدون ماكياج‬‫العينين والشفايف المعيب ومظاھر الزينة المخجلة التي ترافقه وتفسد المعنى الذي‬ ‫ُ‬ ‫شرِّ ع ألجله ‪ ،‬فأصبح فاضحا ً لجمال المرأة وفتنتھا ال ساتراً لھا!‬ ‫تد ّخلت أم بالل بلطف قائلة‪:‬‬ ‫ت نفسك أيتھا المؤمنة عن الغاية‬ ‫أوافقكِ على مالحظتك الرشيدة ولكن ‪ ..‬ھل سأل ِ‬‫من فرض والدك النقاب عليك ؟ أال تتف ّكرين ؟‬ ‫لماذا لم يفرض عليّ وأنا في الحج ؟ ھاتوا برھانكم!‬‫{ھاتوا} !!‬ ‫ثم أزاحت المنديل عن وجھھا وتابعت‪:‬‬ ‫كان يمكن أن أفكر لو لم يختلف أھل العلم في اإلفتاء بأمره ‪ .‬حتى صانع القبقاب‬‫أفتى في الحجاب والنقاب!!‬ ‫أجابت أم بالل وھي تضغط على نھاية بعض الكلمات كأنھا جرس منبه لش ّد االنتباه‬ ‫‪:‬أختي الكريمة ‪ ..‬النقاااب ھو األساس ‪ ،‬وتحرص عليه كرائم النساء اقتياداً ن ن‬‫بتقول سيدتنا عائشة ) ر( عن صفوان بن المعطل ‪ ) :‬كان قد رآني قبل الحجاب فلما‬ ‫سمعت صوته خمرت وجھي ( ‪ ،‬كذلك ابن تيمية ال يجيز كشف وجوه النساء ‪ .‬ولكن‬ ‫ن ‪ ..‬بعيداً عن األقوال القدسية وتفسير الفقھاء ‪ ،‬ھناك سبب يدعو للنقاب ‪ ،‬ھل يخفى‬ ‫عليكن ن ن ن ؟؟‬ ‫ثم أشارت بسبابتھا إلينا واحدة واحدة وھي تقول بصوت يستعر حماسة ‪ :‬كان يجب‬ ‫أن تتوصّلن بأنفسكن ن ن ‪ ..‬للغاية الحقيقية من النقاب‪.‬‬ ‫بمعان موحية تخترق‬ ‫وراحت السيدة في صمت التر ّقب تنقل نظراتھا المسربلة‬ ‫ٍ‬ ‫عيوننا المتسائلة ثم قالت في صوت مسرحي خ ّف ْ‬ ‫ت ش ّدته‪:‬‬ ‫منْ منكنّ تشك أنه بدءاً من النھدين فصعوداً حتى الرأس يشابه مكانا ً آخر في‬‫الجسم ؟‬ ‫‪69‬‬


‫تطلّعت الوجوه المقطبة ببعضھا حيرة‪.‬‬ ‫{حاشاك ‪ ..‬وھل ‪ ..‬ھناك ‪ ..‬إال ذاك ؟؟} !‬ ‫استرعى انتباھي منظر المنقبة الرصاصة وأكتافھا تھتز بتأثير ضحكة محبوسة‪.‬‬ ‫قطعت أم بالل الصمت وقالت بلھجة قاطعة مانعة‪:‬‬ ‫النھدان وما فوقھماااا يماثل الفخذين وما بينھما!!‬‫ُ‬ ‫سمعت ‪ :‬النھدان وما يعلوھما يماثل الفخذين وما‬ ‫مرّت لحظات كأني لم أستوعب ما‬ ‫بينھما ؟؟!!!‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫تشق طريقھا على األلسنة باستحياء ‪ ،‬ثم أصبحت ھمھمة تعبّر عن‬ ‫بدأت غمغمة‬ ‫لت دمدمة واحتجاجا ً‬ ‫لبثت أن تب ّد ْ‬ ‫ْ‬ ‫بعض ارتياب وقد غلب الخجل نفوس النساء ‪ ..‬ما‬ ‫تفجّر وتشظى في داخلي ‪ ،‬فاعتر ْتني رجفة وأنا أرى إحدى السيدات تخاطب زميلتھا‬ ‫وھي تشير دون صوت إلى وجھھا وبطنھا ثم تجمع سباب َتيھا وتجحظ عينيھا متسائلة‬ ‫‪ ،‬فتجيب األخرى بإيماءة تأكيد صامتة من رأسھا‪.‬‬ ‫لعن ‪ Z‬ھذا الزمن الذي جاءنا بھذا االبتذال والوقاحة‬ ‫وإذ بھا تھمس لصديقتھا ‪َ :‬‬ ‫األخالقية ‪ ،‬ثم صاحت وعيناھا ترميان الغضب‪:‬‬ ‫كيف نفھم ھذا الكالم الغريب يا حاجة ؟‬‫قالت أم بالل‪:‬‬ ‫لنتمعنْ في تركيب القسم األعلى من جسم المرأة ‪ .‬لن نندھش من أن الوجه وما‬‫يحيط به من شعر وأذ َنين وفم وعنق يذ ّكرنا بتطابق اللفظ والمعنى في القسم األسفل‬ ‫منه ‪ ،‬بل إن ‪ ..‬الكاشفة فيكن ن ن ‪ ..‬عن القسمة األبرز واألھم م م المميّزة للوجه‬ ‫ْ‬ ‫كشفت عن عورتھا ذاتھا!!!‬ ‫وھي األنف ‪ ..‬كأنما‬ ‫تحجّرت العيون ‪ .‬جمدت القسمات ‪ .‬انسطلت الوجوه ‪ .‬تس ّمرت األطراف‪.‬‬ ‫عندما تجنح التفاھة وتطيح في الھلوسات بھذه الصورة المؤذية تتخ ّ‬ ‫شب األلسنة‬ ‫ُ‬ ‫وتنزوي الحكمة ‪ ،‬ولعل إدراكي في لحظا ٍ‬ ‫استعدت نفسي ‪ ،‬ش ّدني إلى‬ ‫ت تخ ّدر ‪ ،‬ولما‬ ‫الزمن الحاضر صوت سھير وھي المدافعة عن الكثير من توجّھات أم بالل تقول‬ ‫‪70‬‬


‫بشجاعة‪:‬‬ ‫اسمحي لي يا أستاذة ‪ ..‬ھذه مبالغة لتفسير النقاب ‪ .‬لماذا ال يشرّع للرجل ؟‬‫يكتو بنار الفتاوى والتفسيرات‪:‬‬ ‫أجابت أم بالل من موقع منْ لم ِ‬ ‫قال تعالى ‪ ) :‬وال يبدين زينتھن إال لبعولتھن ‪ ( o‬و )يا أيھا النبي ق ْل ألزواجك‬‫وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليھن من جالبيبھن ‪ (.o‬و ) وإذا سألتموھن متاعا ً‬ ‫فاسألوھن من وراء حجاب ( ورسولنا الكريم ) ص ( قال ‪ ) :‬المرأة عورة فإذا‬ ‫خرجت استشرفھا الشيطان ( ‪ .‬ولم يق ْل ذلك في الرجل‪.‬‬ ‫نفھم مما أكده أھل العلم أن ستر المرأة بالنقاب واااجب ب ‪ ،‬اقتياداً ن ن بسيدتنا‬ ‫عائشة التي خمرت وجھھا بما يدل على أن الوجه عورة ‪ .‬أين علمكِ يا سيدة سھير؟‬ ‫فر ّدت راوية‪:‬‬ ‫لكن ال يوجد آية صريحة في النقاب كما لم يبيّن ‪ Z‬حكما ً على الممتنعة عنه‪.‬‬‫‪ Z‬سبحانه وتعالى أعطانا العقل لنفكر ونتلمس المعاني التي أرادھا وھا أنذا أفعل‪.‬‬‫ت عقلك المف ّكر إلى طريق يقطع جسور‬ ‫{نعم ‪ ..‬ولكنك يا ست أم بالل وجّھ ِ‬ ‫التواصل اإلنساني‪.‬‬ ‫ال يمكن للفعل األخالقي اإلنساني إال أن يكون نابعا ً من ذات حرة غير مرھونة‬ ‫لخصوصي ٍة خانقة لقيمة وجود اإلنسان} ‪.‬‬ ‫ْ‬ ‫حضرت صديقتنا ” فاديا ” – ج ّدة‬ ‫وبينما أم الشھيد تراقب ردود الفعل المتضاربة ‪،‬‬ ‫عروستنا اليوم – وكدنا ننسى أمرھا ! جاءت تر ّحب بالحضور وتدعونا إلى‬ ‫الصالون لتھنئة العروسين ‪ ،‬وخصّت السيدة أم بالل بتحية تقدير وصحبتھا إلى‬ ‫صالة االستقبال‪.‬‬ ‫قالت تغريد‪:‬‬ ‫يبدو أننا نعيش في زمان عجيب ‪ ،‬فكلما ّ‬‫شذ اإلنسان عن المألوف وغالى في أفكار‬ ‫تطفح بالقبح ‪ ،‬كلما زاد اإلقبال عليه‪.‬‬ ‫وقالت إلھام‪:‬‬ ‫ال جدوى من مناقشة منْ ال تجمعك به لغة مشتركة ‪ ..‬إنه موسم الحصاد للبعض‬‫والكساد للبعض اآلخر وزمن فساد للجميع‪.‬‬ ‫‪71‬‬


‫وقالت سھير بصدق‪:‬‬ ‫ْ‬ ‫غرقت حتى‬ ‫أنعتبرھا مثالية دينية متطھّرة من االستھتار شابھا دروشة أو سذاجة‬‫التعصب فأذھلتنا ؟‬ ‫دخلنا الصالة الذھبية للتھنئة ونحن نتأمل األبھة واإلبھار‪.‬‬ ‫انضم ْ‬ ‫ّت إلينا فاديا وكانت تبدو سعيدة و َدعتنا إلى بيتھا بعد انتھاء مراسم التھنئة‬ ‫لمتابعة االحتفال‪.‬‬ ‫كانت الشمس حادة تنعكس على ما تغصّ به الصالة من مرصعات فيغمر بريق‬ ‫المعدن المشھد ‪ ،‬ليختفي البشر من دائرة النظر تحت ھذا الوھج الشديد ‪ ،‬وليد ّل على‬ ‫افتقاد المصمّم الحس الجمالي واإلنساني رغم اإلمكانيات المادية الواضحة‪.‬‬ ‫أعشى األصف ُر الم ّتقد عيني ‪ ..‬فغاب الحضور وغابت عني العروس ولم ْ‬ ‫يعد يظھر‬ ‫منھا إال السالسل والطوق حول رقبتھا والقيود في معصمھا وقد أغرق ْتھا في بحر‬ ‫الذھب واأللماس!!‬ ‫مجتمع بأسره ‪ ..‬نساؤه قبل رجاله ال يست ِنمْن إال إلى بريق قيود الذھب في أياديھن‪.‬‬ ‫فھل من الغرابة أن تطالب المرأة شاريھا ) بوثاق ( من معدن نفيس مقابل وثاق‬ ‫الزواج ؟ فتؤمّن لھا األسواق إغراءات شتى من أغالل مجوھرة ُت َج ّر بھا المرأة إلى‬ ‫حظيرتھا راضية‪.‬‬ ‫ْ‬ ‫يتقافزن طمعا ً بذھب األوليمبيك ؟؟‬ ‫فعال َم التعب وصناعة بطالت‬ ‫إيـــــــه سيدي نابليون!‬ ‫وسوسة الذھب بيمين أمه وھي تھ ّزه ‪ ،‬فھل‬ ‫إن كان الطفل العربي ال يأنس إال إلى َ‬ ‫يسارھا المحمّل باألغالل قادر على ھ ّز العالم ؟؟‬ ‫ّ‬ ‫غربك‬ ‫محالة بالجواھر تلبّس عشراً من نساء‬ ‫وإن كانت يد واحدة إلمرأة عربية‬ ‫َ‬ ‫المرّيخيّ ‪ ،‬فكيف ستطفو سفينة العرب المث َقلة بكل ھذه المراسي الذھبية لتنطلق إلى‬ ‫الفضاء ؟؟‬ ‫ولما فطن أحد مسؤولي القاعة إلى إسدال الستائر اللمّاعة لراحة عيون الحاضرين ‪،‬‬ ‫ع ّم الصالة جو أصفر بارد كئيب!‬ ‫‪72‬‬


‫ُ‬ ‫الشعاع!!!‬ ‫الشمس‬ ‫فعلمت أن الذھب معدن مظلم بذاته ‪ ،‬ال يتألأل إال إذا استأدى‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫البريق!!!‬ ‫الذھب‬ ‫وأن اإلنسان معدن مضيء بذاته ‪ ،‬ال يخبو إال إذا استأدى‬ ‫َ‬ ‫ليس باألصفر الر ّنان يحيا اإلنسان‪.‬‬ ‫مر ْ‬ ‫ّت عيوننا خالل التھنئة على العريس الكھل وضحكته إلى شحمتيْ أذنيه‪.‬‬ ‫وجه أحمر ‪ ،‬يحمل صلعة لماعة تتناثر عليھا شعيرات رمادية وقد كرّم قانون‬ ‫الكروش بطنه بسخاء حاتمي ‪ .‬أما العروس ‪ ،‬فرائعة الق ّد والجمال‪.‬‬ ‫بدا العريس إلى جانب ) لعبته ( كجمل ٍة موسيقي ٍة شاطحة في النشاز واإلغراب في‬ ‫ثنايا لحن فائق العبقرية يحلّق بسامعه في نشوة الجمال الساطع!!!‬ ‫ْ‬ ‫زعت علب الحلوى الفاخرة ھدية العرس ‪ ،‬وانطلقت زغاريد خجلى تكشف عن‬ ‫وُ‬ ‫مكنون النفوس لالحتفاء بالحياة رغما ً عمّنْ سھّلوا لقبضة التزمت من اإلطباق على‬ ‫عنق الفرح‪.‬‬ ‫وأطباق اإليطالي والفرنسي ؟‬ ‫وجاء جواب ھازئ من تغريد ‪ :‬لو تذ ّكر العريس الخيمة ‪ ..‬لو ~ كل ما يخطر في‬ ‫بالكنّ يصبح تحتھا حالالً‪.‬‬ ‫ْ‬ ‫دعت أكثر من عشرين صديقة لالحتفال ‪ ،‬والكل يم ّني‬ ‫تو ّجھنا إلى منزل فاديا التي‬ ‫النفس باألطايب التي اشتھرت بصناعتھا بمعلمية مشھود لھا فيھا‪.‬‬ ‫ھل رأيتم فص َليْ الشتاء والصيف يأتيان معا ً ؟ ھنا تنوّ ع المناخ األنثوي في شوارعنا‬ ‫وبيوتنا سيتيح رؤية ھذه األعجوبة‪.‬‬ ‫الفاصل بين الموسمين عتبة البيت!‬ ‫فقبل اجتيازھا يخيّم الشتاء ‪ ،‬حيث تغيب شمس الحريم تحت طبقات األلبسة في‬ ‫الطرقات ‪ ،‬وما أن تخطو عتبة الدار وتلقي صاحبة المانطو يمين الخلع عليه ‪ ،‬حتى‬ ‫تشعر أن الخط البياني قفز عموديا ً في سرعة خاطفة ليشمل طول الحريم ‪ ،‬فتجد‬ ‫نفسك وكأنك دخلت صيفا ً خفيفا ً جداً وبال مقدمات!‬ ‫كاسيات ‪ ..‬ولكنھنّ عاريات‪.‬‬

‫‪73‬‬


‫ْ‬ ‫انشغلت سيدات باختيار الموسيقى المر ِّقصة ‪ ،‬في‬ ‫منذ لحظة دخول منزل فاديا ‪،‬‬ ‫حين كانت األخريات يتھيأن بعقد األحزمة المشنشلة على األوراك‪.‬‬ ‫الرقص في التجمعات النسائية كالعالمة الفارقة في الجسد ‪ ،‬تتميّز به‪.‬‬ ‫ْ‬ ‫اھمت ھامات الفن واإلبداع في خلق لوحة راقصة قاد ْتھا إقبال‪.‬‬ ‫س‬ ‫نعم نعم ‪ ..‬إقبال ال غيرھا ‪ ..‬العارفة جيداً كيف تتن ّقل من حارة الدين إلى حارة الدنيا‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫انزوت المقدرات الفذة األخرى صاغرة أمام مشھد‬ ‫وقفت في الحلبة‬ ‫بمھارة ‪ .‬إذا‬ ‫زاخر بالتألّق‪.‬‬ ‫حوار باألجساد رائع‪.‬‬ ‫بدأت إقبال الرقص بمفردھا وحولھا البطانة ‪ .‬ھي تؤ ّدي وصْ لة ترتفع فيھا سرعة‬ ‫أدائھا لتصل بالتدريج إلى ذروتھا ‪ ،‬فيھت ّز جسدھا على إيقاع الطبلة السريع ‪ ،‬بينما‬ ‫البطانة تؤدي الزمة متكررة ‪ ،‬فإن أعطتھنّ اإلشارة ائتلف المشھدان في لوحة فنية‬ ‫واحدة ‪ ،‬تتعمّد الراقصة إظھار براعتھا في ھ ّز كل جزء من جسدھا بموجات‬ ‫متواترة ‪ ،‬فيصطفق جسدھا في نشوة غير مرئيّة ‪ ،‬وتغيب عن واقعھا كمنْ وقع‬ ‫عالم ال رجاء يُعقد عليه ‪ ،‬وقف‬ ‫تحت سطوة رغبة باطنية دافقة في االنفصال عن‬ ‫ٍ‬ ‫لھا بالمرصاد حتى في خلق األحالم!!‬ ‫أما المشاھِدات فقد شار ْكن في صنع إطار ھذه اللوحة الفاتنة بالتھليل والتصفيق‪.‬‬ ‫الرقص خمرة المرأة ونشوتھا!!‬ ‫ساعة رقص وھ ّز بألف ليل ٍة ذھبي ٍة رشيدية!!!‬ ‫حتى الطفلة الصغيرة التي لم تكفّ عن البكاء منذ وصولنا وكادت أمھا تفقد أعصابھا‬ ‫‪ ،‬غمر ْتھا الدھشة وھي ترقب مشھداً مفعما ً بالحرارة والسخونة ‪ ،‬تتن ّشف له مكامن‬ ‫الدموع وتغلي األشواق بين الضلوع!!!‬ ‫وما أن تو ّقفت الموسيقى وتحلّقنا حول الطاولة العامرة بالمشھيات ‪ ،‬حتى عادت‬ ‫الصغيرة ّ‬ ‫تنق وتنوح ‪ ،‬وأيقظت بزعيقھا المزعج طفلين نائمين فبدأ صياح بمختلف‬ ‫الطبقات الصوتية الرفيعة الحادة ‪ ،‬شاركت فيه األمھات اللواتي لم ْ‬ ‫يجدن حالً ينفع‬ ‫ْ‬ ‫وأظھرت إحداھن قدرتھا على حمل طفلھا بيمينھا‬ ‫مع أوالدھن إال الحمل والھ ّز ‪،‬‬ ‫وصحن الحلويات بيسارھا وآخر على رأسھا وأخذت تھ ّز خصرھا الرشيق ‪ ،‬مما‬ ‫استدعى ثناء الحاضرات‪.‬‬ ‫‪74‬‬


‫ھمست ابتھال وھي تلتھم البقالوة‪:‬‬ ‫تبا ً للنفاق ‪ّ ..‬‬‫تريْن في ھذا الھشّ والبشّ ما‬ ‫ملثمة عارية ‪ ،‬محجبة متزينة ‪ ،‬أال َ‬ ‫يتاقض تقواھن ؟‬ ‫وقالت تغريد وھي توزع علينا حالوة الجبن‪:‬‬ ‫أراه قلبا ً يسأل التوبة والغفران لكنه يتس ّتر على افتنان بمقارعة الصبوات ‪ ..‬مغاالة‬‫في الواقعية دون تفريط بالمثالية الدينية ‪ ..‬التزام بمبادئ العقيدة إال أنه ال يخلو من‬ ‫الشك فيھا!‬ ‫وقالت إلھام‪:‬‬ ‫نحن بحاجة للرقص ‪ ،‬ليس ألنه ضد التزمت بل باعتباره عامالً للتواصل والتكامل‬‫اإلنساني ‪ .‬والفصل الجنسي الحاد في مجتمعنا كفيل بأن يضمن للرقص الشرقي‬ ‫ازدھاره ‪ ،‬ألنه المنفس الوحيد الذي يتيح للمرأة الحرية والسرور ومجاالً ال رقيب‬ ‫عليه إال نفسھا ‪ .‬ما رأيكِ ؟‬ ‫ُ‬ ‫قلت لھا‪:‬‬ ‫ْ‬ ‫تناولت‬ ‫رأيي أنه ليس وقت إبداء الرأي ‪ ،‬فالطاولة بدأت تخلو من األطايب ‪ ،‬ھل‬‫إحداكنّ المبرومة بالفستق ؟ ال ‪ ..‬أنا ذاھبة لمغازلة القطايف بالقشطة أشھى ما على‬ ‫الطاولة قبل أن تتناولھا يد الجرد بالتعسّف!‬ ‫بدأ الجمع ينفرط عندما احم ّر ْ‬ ‫ت عين الشمس م ّنا‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫كنت في الطريق أتلفت حولي بحثا ً عن تكسي وأنا مستسلمة لشريط أحداث الساعات‬ ‫القليلة الماضية ‪ ،‬بينما كانت األعمدة السوداء المتحركة لنساء بال وجه تطالعني‬ ‫ْ‬ ‫تراجعت المناديل‬ ‫بكثافة ‪ ،‬وشعرت أني كلما أسرعت الخطى إلى األمام كلما‬ ‫السوداء إلى الوراء بنفس السرعة‪.‬‬ ‫اقتحمت أم بالل ذاكرتي بقوة وأنا في السيارة‪.‬‬ ‫تلك السيدة المتخصصة باألصل في الفنون الجميلة ‪ ،‬أيمكن اعتبار قولھا الصادم كما‬ ‫ْ‬ ‫تدروشت فشارف عقلھا تطرّف السذاجة ؟‬ ‫قالت سھير شطحة مثالية‬ ‫الفم ‪ .‬الرحم ‪ .‬الحريم ‪ .‬الحرام ‪َ .‬و ْيالً للغ ٍة غير محايدة ‪ ،‬وشعب يلعب بھا لعبا ً!‬ ‫‪75‬‬


‫ْ‬ ‫أطبق شف َتيْك على نھاية كل كلمة لتس ّد نافذة النور ويوصد مغالق الباب مع النقاب‪.‬‬ ‫أيكون قول أم بالل شطحة فكر نفعي يُيمّم راداراته نحو المثالية كما الواقعية ‪،‬‬ ‫والخير كما الشر ‪ ،‬والمعرفة كما الجھل ‪ ،‬ثم يستخدم رخص الدين لتكون معمودية‬ ‫للحرام ‪ ،‬فتنفرج الشفتيْن مع ) الحالل ( وينفرج النھار ويتم ّدد ولو مع النقاب ؟‬ ‫أم قد تكون شطحة خيال فنان أساء استخدام ريشته للتعبير عن رؤيته فأضحكنا ؟‬ ‫ُترى‪..‬‬ ‫ھل أرادت أم بالل أن تقول لنا إن اإلنسان كلمة ‪ ،‬والعنق ھنا طريق للكلمة ‪.‬‬ ‫واإلنسان حياة ‪ ،‬والعنق ھناك طريق لصرخة الحياة األولى‪.‬‬ ‫وكما الرحم مركز إخصاب الحياة كذلك العقل مركز إخصاب الكلمة من التقاء‬ ‫السمع والرؤية ‪ ،‬وكالھما ‪ :‬العقل والرحم الزارعان في قرار مكين ‪ ،‬حيث يترعرع‬ ‫النبت في ظالم حصن حصين قبل أن ُتل َفظ الكلمة من ھنا إلى النور واإلنسان من‬ ‫ھناك للنشور ؟؟‬ ‫أيا َ كان‪..‬‬ ‫الفكرة أخالقية مھما أوتِي لھا من قوة الح ّجة ‪ ،‬فإنھا تصاب بالضمور ثم العطالة‬ ‫بمجرّد تفريغھا من المحتوى اإلنساني‪.‬‬ ‫إيــــه سيدي نابليون!‬ ‫األنثى العربية ال تعرف إال ھ ّزتيْن مس ّجل َتيْن ماركة عالمية باسمھا‪:‬‬ ‫ھ ّز السرير لطفلھا ‪ ،‬وھ ّز الخصر لزوجھا!‬ ‫ولكنْ ن ن ن‪..‬‬ ‫لآلالم ذاكرة ‪ ،‬تستتِر تحت الحجاب ‪ ،‬ويالً له ‪ ..‬ليقين الرجل لو اھت ّز ْ‬ ‫ت!!!‬

‫‪76‬‬


‫ﺣﻮل اﻟﺤﺠﺎب اﻟﺮاﻗﺺ!‬ ‫ماجد جمال الدين‬ ‫كتبت األخت العزيزة ليندا كبرييل مقالھا‬ ‫الرائع ) الرقص خمرة المرأة ونشوتھا (‬ ‫حيث بأسلوبھا األدبي البديع فضحت فيه مدى‬ ‫النفاق اإلجتماعي والزيف اإلنساني الذي‬ ‫تخلقه قضية الحجاب ‪ ،‬وفي نفوس النساء‬ ‫خاصة بتعارضه مع حاجاتھن الروحية والجسدية وتقييده البغيض لمشاعرھن التي‬ ‫تحاول اإلنطالق الحر كما في عملية الرقص الذي ھو أيضا حاجة غريزية عرفھا‬ ‫اإلنسان قبل بدء التاريخ ‪.‬‬ ‫ألكبت النفسي ألذي يفرضه اإللتزام بالجاب والعباءة وتحديد أنواع معينة من الملبس‬ ‫يجعل الرجال والنساء عندنا أقرب إلى الھمجية حتى حين ممارستھم للرقص في‬ ‫أألفراح العائلية مثال ‪ ،‬فھم يتحركون عادة بأشكال حادة ومبتذلة بعيدة عن الرشاقة‬ ‫الفنية ‪ ..‬بينما في المجتمعات أألكثر تحضرا منذ الطفولة يتعلمون ثقافة الرقص ‪.‬‬ ‫مقال أألخت ليندا أستثارني لتذكر ما كتبت أنا سابقا حول بعض جوانب الموضوع‬ ‫‪..‬‬ ‫في عام ‪ ٢٠٠٧‬في منتدى وشبكة البرلمان العراقي ‪ ) ،‬وھو منتدى حواري تركت‬ ‫الكتابة فيه منذ أمد طويل ألن ذھنية غالبية أعضاءه ال تختلف كثيرا عن ذھنية‬ ‫أعضاء البرلمان الحقيقي (‪ ،‬طرح أحد الزمالء قضية الحجاب للنقاش الحر ‪ ،‬ومن‬ ‫ھنالك أنقل مداخالتي ‪:‬‬ ‫))عن ألحجاب وألتبرج مرة أخرى ‪ ،‬وإضافة لكل ألنقاشات وما كتب عن ألمسألة‬ ‫وليس ھنا فقط !‬ ‫أريد أن أسأل ھل يمنع ألحجاب ألمرأة عمليا أن تتبرج ‪ ،‬أي تبرز محاسن أنوثتھا في‬ ‫ألشارع وأمام كل ألناس ؟ وأنا ال أتكلم عن ألمذيعات في قنوات ألجزيرة‬ ‫وألفضائيات أإليرانية ‪ ..‬بل عن كل إمرأة‪.‬‬ ‫كما أعتقد فإن حتى ألنقاب و ألعباءة ‪ ،‬بغض ألنظر عن طريقة إختيارھما ‪ ،‬لم‬ ‫يستطعا يوما أن يثنيا ألمرأة من محاولة إظھار مفاتنھا مثال من خالل طريقة ألمشي‬ ‫ألمالئمة لتركيبھا ألجسدي‪.‬‬ ‫‪77‬‬


‫وسؤال آخر ‪ :‬ھل ألرجل ال يتبرج ؟ ‪ o‬ما ھو مفھوم ألتبرج ؟‬ ‫لالسف أألديان أإلبراھيمية خلقت مجتمعات ذكورية بحيث ال يستطيع ألمرء حتى أن‬ ‫يفكر بطريقة متوازنة ‪ ..‬بحيث يقول أحدھم ھذا الغباء مثال ‪ :‬ألمرأة أإلنسان للشارع‬ ‫وألمرأة أألنثى للبيت ! ؟ وال أعرف ما ألذي يمنعه ‪،‬عدا إزدواجيته ‪ ،‬من تعميم ھذه‬ ‫ألمقولة عن ألرجال أيضا ‪ ..‬وعند ذاك سيفھم خطلھا‪.‬‬ ‫ألتبرج وإظھار مفاتن ألجسد وجمالياته غريزة إنسانية أولية سواء عند أإلناث أو‬ ‫ألذكور ‪ ،‬كما ھي أيضا من ألغرائز أألولية عند كل ألحيوان ‪ ..‬وعدا عن ھذا فھي‬ ‫بألنسبة لإلنسان حاجة نفسية و إجتماعية!!‬ ‫إذا كان ألناس ال يختلفون حول ألجملة أألولى ‪ ،‬فألثانية تثير عادة ألكثير من الشكوك‬ ‫ولذا أود تفسيرھا ھنا بشكل واضح ‪ ،،‬فألقضية في ألتبرج ال تخص أإلناث ـ ألبنات‬ ‫وألنساء عامة وحدھم فقط بل ألذكور أيضا أطفاال وأوالدا ‪ ،‬رجاال وكھوال وشيبا‪..‬‬ ‫ألحاجة ألنفسية‪..‬‬ ‫ألرجل أو ألمرأة منذ أقدم أألزمان وعند كل ألشعوب كانوا دائما يتبرجون ‪ ،‬بإضفاء‬ ‫ألتلوينات وألعالمات ألفارقة والمفرقعة ) وأحيانا بشكل مثير للدھشة وأإلستغراب‬ ‫ألعميق عن أبعادھا ألجمالية ( على وجوھھم وأجسامھم بمختلف أألعضاء ‪ ،‬أو‬ ‫بألمالبس أوغيرھا من ألطرق أإليحائية ألتي تبرز مفاتن ألتكوين ألجسدي وتخفي ما‬ ‫ال يراد إظھاره ‪ ..‬وألقضية خاصة ما تتنامى في فترة ألمراھقة ـ ھنا كتعبير عن‬ ‫ظھور ألحاجة ألجنسية عادة ومحاولة أإلثارة وألتأثر ‪ ،‬ولكن ليس ھذا ھو كل ألسبب‬ ‫والسبب الرئيس والدائم ھو محاولة إثبات النفس ووعي الذات بوحدانيتھا وتفردھا ‪،‬‬ ‫إي إظھار خصوصية ألشخص وألتعبير عن حالته أمام أآلخرين ليلقى منھم اإلھتمام‬ ‫بألشكل ألذي يناسبه ‪ ..‬ولنالحظ أيضا أن ألبھرجة في ألتبرج ) ولنسميه ألتبرج‬ ‫ألزائد عن ألحد وحتى ألمثير للضحك بالجماليته وخروجه بشكل حاد عن المألوف (‬ ‫يكون عادة كرد فعل ألفرد على ألشعور بعدم إھتمام أآلخرين به ‪ ..‬أو كبته في‬ ‫إظھار نفسه وتبرجه كحالة طبيعية ‪ ) ..‬من يحضر حفالت ألزواج عندنا حين تكون‬ ‫ألنساء لوحدھن وألرجال لوحدھم سيفھم ماذا أعني (‪.‬‬ ‫بعد سن البلوغ بفترة وبعد شعور أإلنسان ‪ ،‬من ألجنسين ‪ ،‬بأنه كون نفسه كذات‬ ‫مستقلة ‪ ،‬فإن ألتبرج عادة ما يتحول إلى نوع من ألطقوسية ألجمالية ـ أألناقة‬ ‫ألمتفردة ‪ .‬ھذا ألتبرج ألھادىء وألذي يستمر عادة طيلة حياة أإلنسان ‪ ،‬اليبدل أسبابه‬ ‫‪78‬‬


‫وطبيعته ‪ ..‬وربما بألعكس يتحول إلى شيء ملتصق بألفرد وال يستطيع ألتخلص منه‬ ‫بسھولة فھو مالزم الزم له في طريقة ألتعبير عن نفسه وحاجاته ذاتھا والتي لم‬ ‫تتبدل ‪ ..‬طريقة ألتبرج ذاتھا تكون عنده معيارا لشخصيته أمام نفسه وألمرآة ألتي‬ ‫يستعملھا ‪.‬ألمرآة ھنا بألمعنى ألحرفي وألمعنوي ألبالغي‪.‬‬ ‫الحاجة أإلجتماعية‪..‬‬ ‫ألمذاھب ألشمولية لخلق وعي جمعي ) قطيعي ( تحاول بشتى ألطرق توحيد كل‬ ‫ألناس ـ أفكارھم وما يأكلون وما يلبسون وكيف يتصرفون ‪ ،‬بفرض تصورات‬ ‫إنموذجية معممة من منظورھا ألضيق ألذي ال يستوعب ألخصوصية ألفردانية‬ ‫لإلنسان ‪ ..‬تالميذ ألمدارس يجب أن يلبسوا ھذا ألزي ألموحد وطلبة ألجامعة ھكذا‬ ‫وعليھم أن يتصرفوا بھذا ألنمط ‪ ،‬والعاملون أو ألموظفات عليھم أن يلبسوا ھكذا‬ ‫ويتحدثوا ھكذا وال شأن للمرأة بألسياسة كما ال شأن للرجل بألطبيخ وتبديل حفاظات‬ ‫طفله ألخ‪..‬‬ ‫ألتبرج بحد ذاته يخرق ھذه ألقواعد ‪ ،‬ألنه تعبير عن ألفردانية ‪ .‬وھو كما عند ألمرأة‬ ‫أو ألرجل يساھم في تشكيل نوع جديد من ألعالئق ألمجتمعية بحيث تبدأ ألنظر‬ ‫لآلخرين ليس على أنھم عامة ‪ ،‬وكتلة منصھرة موحدة بل تبدا بإحترام ذوات كل‬ ‫أألفراد أآلخرين ‪ ..‬كل شخص ھو آخر مختلف ‪ ..‬وليس أآلخرين كحالة ھالمية ما‪.‬‬ ‫ربما أعود الحقا لتصوير ألفكرة بشكل أمثلة حياتية لجعلھا أكثر وضوحا وإقناعا ‪..‬‬ ‫بأن ھذه ألمسألة على بساطتھا ألظاھرية ھي حاجة أساسية أآلن للتطور أإلجتماعي‪.‬‬ ‫ھنا مقتطف صغير‬ ‫من رسالة شخصية‬ ‫كتب ُتھا من ألمھجر‬ ‫ألذي استمر قرابة‬ ‫ثالثين عاما ُ ‪ ،‬إلى‬ ‫شقيقتي ألتي تركتھا‬ ‫طفلة ولم أراھا‬ ‫أوأحادثھا طيلة فترة‬ ‫الغربة ‪ ،‬مع ألعلم‬ ‫أن ألرسالة طويلة‬ ‫جدا وبعثتھا حينھا‬ ‫‪79‬‬


‫كردود بعدة أجزاء قبل أن أستطيع ألعودة للوطن بداية عام ‪ ،٢٠٠٤‬وألھميتھا‬ ‫ألفكرية وألبعيدة عن ألخصوصية كما أعتقد ‪ ،‬فقد كنت نشرتھا في إحد ألمنتديات‬ ‫على أإلنترنت نھاية ألعام ‪..:٢٠٠٦‬‬ ‫ت لي ما معناه أن ترك ألحجاب يفترض أوال‬ ‫((أختي ألحبيبة في رسالة سابقة كتب ِ‬ ‫وجود عالم من ألناس ألمالئكة ‪ .‬ألمسألة ھنا عندكِ موضوعة بالعكس كما لو مشى‬ ‫عمر‬ ‫أإلنسان على يديه وأستعمل قدميه ‪ .‬ألحجاب اليقي أبداً ال البنت وال ألمرأة بأي‬ ‫ٍ‬ ‫كان ‪ ،‬اليقيھا ال من عواطفھا و حاجاتھا ألجنسية ذاتھا وال من إمكانية ألتعدي عليھا‬ ‫مجتمع‬ ‫من ألشباب وألرجال من ألسفلة ‪ ،‬إذا كانت تريد ألمحافظة على نفسھا في‬ ‫ٍ‬ ‫متخلف متوحش فلتتعلم ألكاراتيه أو تخفي في ثيابھا مسدس صغير ‪ .‬بألطبع ھنالك‬ ‫وسيلة أھم ھو ألحصول بعملھا ألطيب على إحترام أآلخرين فيكونوا كلھم عنھا‬ ‫مدافعون وأخو ًة لھا سواء كانت محجبة أم ال ‪ .‬تحجب ألبنات وألنساء وفصلھم منذ‬ ‫الطفولة عن أألوالد وألمجتمع ألرجالي ھو ألذي يخلق ألكبت والمشاعر ألھمجية‬ ‫وأألخالق ألتي ھي أوطأ حتى من ما عند ألقردة ‪ ،‬بينما ترك الحجاب ولبس ألمالبس‬ ‫ٌ‬ ‫ذوق وفن يربي ألمشاعر وإحساس ألرقة والجمال بما يرفع الناس‬ ‫الجميلة التي فيھا‬ ‫إلى مرتبة ألمالئكة‪.‬‬ ‫ت العفاف إذا‬ ‫أختي الحبيبة أنوار الھدى نفس ھذا الشيء ينطبق على ما تسمينه أن ِ‬ ‫ت ترين به معنى أن تبقى ألفتاة باكِراً حتى زواجھا ) على ألطريقة أإلسالمية‬ ‫كن ِ‬ ‫طبعا ً ( ‪ .‬وتعتقدين طبعا ً أنً ألمجتمع أألوربي وأألميريكي وغيرھا ھي مجتمعات‬ ‫فاسدة إلنھا تحلل العالقة الجنسية قبل ألزواج ‪ .‬اوالً معنى ألعفاف والعفة بأللغة‬ ‫ألعربية ھو أن يعف ألمرء عن ما ليس له وليس له به حق مثالً ال يسرق ‪ ،‬وال‬ ‫يسيء إلمرأة سافرة أو غير سافرة لم تعجبه مشيتھا أو ھي ھيجت شھوته الحيوانية‬ ‫وال يكتم نفسه ويعِف عن التعدي على حريات أآلخرين ‪ .‬وھنا أقول لكِ ‪ :‬في‬ ‫ألمجتمع ألبشري ألراقي ألمتحضر فعالً جمال المرأة ألعارية ال يھيج ألشھوة ألجنسية‬ ‫بشكلھا ألحيواني ‪ ،‬بل سواء عند ألرجال وألنساء يثير أكثر ألمشاعر أإلنسانبة سمواً‬ ‫ـ ألشعور ألجمالي ومشاعر أأللفة وألمحبة وأألحترام‪.‬‬ ‫أما عن مسألة ألبكارة فأقول لكِ أن ھنالك شعوبا ً عديدة سواء في ألھند والصين‬ ‫واليابان أو في أألميريكتين ليس فقط تسمح بألعالقة ألجنسية قبل ألزواج بل ھي‬ ‫تربي أطفالھا وتعلمھم منذ ألصغر ممارسة ألجنس كما يعلمونھم أخالق وآداب‬ ‫ألجلوس حول مائدة الطعام إلن ھذا يخلق في نفوسھم إحترام الذات وألجنس أآلخر‬ ‫ويمنع عنھم الھمجية ألحيوانية وأألمراض ألنفسية ألتي يخلقھا ألكبت ألجنسي كعدم‬ ‫‪80‬‬


‫الثقة والشعور الدائم بألنقص سواء عند الفتيان او الفتيات ‪ .‬من ألجھة ألثانية أؤكد لكِ‬ ‫ومن تجربتي ألخاصة ضمنا ‪ ،‬أن الممارسة الجنسية قبل الزواج وأقصد بألضبط مع‬ ‫أفراد آخرين وليس فقط الزوج أو الزوجة ألمنتظرة يقوي ويعمق مشاعر الحب‬ ‫ألزوجي وأإلحترام بين ألزوجين وال يقلل ابداً عدد ألزيجات ‪ ،‬في أالخير كلھم‬ ‫سيلتقون شركاء حياتھم وسيتزوجون وحياتھم الزوجية أسعد بكثير مما لو كانوا‬ ‫عرفوا فقط بعضھم البعض ‪ .‬والخيانة ألزوجية وألرغبة ألمكبوتة فيھا وألتي تھين‬ ‫كرامة أإلنسان أمام نفسه ‪ ،‬تقل أيضا عاد ًة ‪ .‬ألمشكلة في ألنفاق ألذي يتعمده رجال‬ ‫ألدين بألخلط بين ألحرية ألجنسية من جھة وألبغاء وألدعارة من ألجھة أألخرى‬ ‫وإعتبارھما شيئين متماثلين ‪ ،‬بينما ألعكس ھو ألصحيح فھما شيئان متناقضان‬ ‫ومتضادان تماما ً ‪ .‬فبينما ألحرية ألجنسية تربي ألمشاعر ألروحية وأخالق ألسلوك‬ ‫ألمتكافى بين ألبشر وشعورھم بالمسؤولية عن عالئقھم فيما بينھم ونتائجھا ‪ ،‬فإن‬ ‫ألبغاء وألدعارة إذالل للطرفين وإستعباد للمرأة بوجه خاص وجعل جسدھا‬ ‫ومشاعرھا سلعة تباع وتشترى وال يھم من كان ألنخاس‪.‬‬ ‫وأقول لك أن أغلب ألزواج في أعراف وتقاليد مجتمعاتنا أإلسالمية ووفق شريعتھا‬ ‫ما ھو إال نوع من ألبغاء وألدعارة وخاصة أن بعضا من والة أمر ألفتيات أي آبائھن‬ ‫بألحقيقة ال يختلفون نفسيا عن ألنخاسين في سوق ألعبيد تجرھم لذلك ألتقاليد ألبالية‬ ‫وأغلب رجال ألدين ألذين ال يرون ضيراً بل ربما يمجدون أن تقتل فتاة بريئة‬ ‫إغتصبت ‪ ،‬أن تقتل بإسم ما يدعونه بألشرف ألعائلي بينما يھيجون غضبا ً أن تذھب‬ ‫ألفتاة بإرادتھا لشخص أحبته وإن أنجبت منه فال يعترفون حتى بشرعية وجود ھذا‬ ‫ألطفل ويبررون قتل ألفتاة وألطفل ألبريء‪.‬‬ ‫وفي أحسن أألحوال عندنا فإن أآلباء وأألمھات ھم ألذين يأخذون على عاتقھم‬ ‫مسؤولية إختيار شريك ألحياة ألبنائھم وبناتھم وھذا بألطبع أسھل لھم بكثير من أن‬ ‫يربوا في بناتھم وأوالدھم روح ألحرية ويعلمونھم كيفية التعارف ومعرفة أآلخرين‬ ‫بفضائلھم وسيئاتھم وكيفية أإلختيار ألصحيح ومسؤولياته ‪ ،‬وبألنتيجة فأألزواج ألجدد‬ ‫من ألشباب اليشعرون بمسؤولية ذاتية عن أخطائھم ھم وال بألطبع عن أإلختيار‬ ‫الذي لم يقوموا به بل جاء كالقدر ألمحتوم ليحكم عقودا من حياتھم وبنفس أسلوب‬ ‫ألتسلط يطبقونه على أبنائھم وبناتھم‪.‬‬ ‫الفساد في العقول والقلوب ال يخلقھا أإلنفتاح الجنسي وما يسمى ألثورة ألجنسية‬ ‫بألنسبة للمجتمعات ألمغلقة كألمجتمعات أإلسالمية بل بألعكس يخلقھا ألكبت ألجنسي‬ ‫وأألوھام ألتي يغرسھا رجال الدين ‪ .‬نسبة أللواط والسحاقيات في ألسعودية وإيران‬ ‫‪81‬‬


‫ھي أكبر نسبة في العالم كله وبعدھا طبعا باقي ألبلدان العربية ألتي ُتشيد بإسالمھا ‪،‬‬ ‫وھم يتحدثون على أن أوربا فاسدة إلنھا ) بعض ألدول ( جعلت من حق أألفراد‬ ‫توقيع عقد زواج كعيش مشترك بين رجلين أو إمرأتين من ألشواذ بيولوجيا‬ ‫)ونسبتھم في كل ألمجتمعات أإلنسانية تقارب ‪٢‬ـ‪ ( % ٣‬يريدون ھذا إلنفسھم وھذا‬ ‫حقھم فھم أحرار وال يريدون ان يختبأوا في ألمرحاض‪ ،‬بينما ألكبت ألجنسي وعدم‬ ‫أإلنفتاح بين ألجنسين ھو ألذي يزيد ھذه ألنسبة أيضا في مجتمعاتنا ألمتخلفة‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫تعرضت ھنا بصراح ٍة كاملة وعمداً إلصعب أألشياء‬ ‫أختي ألحبيبة أنوار ألھدى أنـا‬ ‫أكون كاذبا ً‬ ‫ألتي قد تجرح مشاعركِ في قضايا ألدين ألذي أرتضيه لنفسي حتى ال‬ ‫َ‬ ‫أمامكِ وامام نفسي ‪ .‬ھذا ألحديث ألصريح قد ال يستسيغه أحد في مجتمع ألقھر‬ ‫ألفكري ألذي عشتم وتعيشون فيه وربما فقط بعد بضع سنوات يبدا ألناس بتفھم‬ ‫تناقشين بھا أفكاري ھذه ‪ .‬كل ھذا‬ ‫وتقبل ما قلته ‪ .‬فأرجو منكِ ان ال تكتبي لي رسالة‬ ‫َ‬ ‫يمكن ان ينتظر ‪ ،‬بعد رجوعي سيكون لنا ألوقت ألكافي للحديث والفھم ألمتبادل)) ‪.‬‬

‫ﺍﳌﺮﺃﺓ ﺍﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻴﺔ ﺑﲔ ﺳﻨﺪﺍﻥ ﺍﻻﺣﺘﻼﻝ‬ ‫ﻭﻣﻄﺮﻗﺔ ﻓﺤﻮﻝ ﺍﻟﻌﺎﺋﻠﺔ‬ ‫نور العبد ‪:Z‬‬ ‫أصبح القتل على خلفية الدفاع عن الشرف أحد مظاھر العنف اليومي في المجتمع‬ ‫الفلسطيني والذي بات يطال الكثير من األسر‬ ‫الفلسطينية‪ ،‬نظراً ألن الجاني عادة ما يكون‬ ‫شخصا ً ذا سلطة قوية في العائلة‪ ،‬فمن ناحية‬ ‫لديه ثقة وقربة من الضحية ومن ناحية أخرى‬ ‫اعتباره أن شرف العائلة يدخل ضمن وظائفه‬ ‫العائلية‪.‬‬ ‫وإذا رفعت الضحية صوتھا وطالبت بالنجدة؛‬ ‫ينتھي المطاف بھا إلى مصير محتوم وھو‬ ‫قتلھا خوفا ً من أن يكون مصيرھا الضياع واالنحراف‪ .‬ولذا‪ ،‬إما االستمرار بعملية‬ ‫االستسالم للشذوذ أو القتل‪.‬‬ ‫‪82‬‬


‫بات الحل الثاني األسھل في نظر فحول المجتمع الفلسطيني‪ ،‬في دفن الضحية حيث‬ ‫تدفن الحكاية والتفاصيل‪.‬‬ ‫ففي مجتمع عربي كالمجتمع الفلسطيني يتجه التركيز على قيمتي الشرف واالحتشام‬ ‫بشكل أكبر من التركيز على مواجھة العدو وإيقاف االستيطان‪.‬‬ ‫أما عن السبب الحقيقي للقتل فھو ضعف الوعي الديني لدى الجزء األكبر من الناس‬ ‫حول كيفية معالجة الشريعة اإلسالمية لقضايا المجتمع خاصة فيما يتعلق بھذه‬ ‫األمور وھو محاولة المجرمين اإلفالت من العقاب‪.‬‬ ‫فالعادات والتقاليد علمت المجتمع وأبناءه أن شرف المرأة ھو الحفاظ على غشاء‬ ‫البكارة بينما شرف الرجل ال يتعلق بسلوكه أمام الناس أو داخل األسرة بل يتعلق‬ ‫بسلوك زوجته وبناته وخواته و حالة غشاء البكارة لديھن‪.‬‬ ‫حاولت النساء الفلسطينيات مراراً وتكراراً مطالبة الرئيس محمود عباس بإصدار‬ ‫مرسوم رئاسي يجرم قتل النساء على خلفية ما يسمى بشرف العائلة وتشديد قانون‬ ‫العقوبات وتعديل بعض مواده التي يستفيد منھا القتله بالحصول على أحكام مخففة‪،‬‬ ‫ولكن ال حياة لمن ينادي‪ .‬حتى اليوم تسفك الدماء بحجة الشرف ومن تثبت عليه‬ ‫التھمة يبرأ ألنه أراد الحفاظ على شرفه وشرف العائلة‪ .‬أو يجلس في السجن مدة‬ ‫قصيرة جداً‪.‬‬ ‫موضوع أدى إلى انتفاض الكثيرات من ناشطات المؤسسات النسوية بإطالق حملة‬ ‫على شبكات التواصل االجتماعي أطلق عليھا اسم ” في فلسطين القتل مسموح”‪.‬‬ ‫ونقلت صحيفة القدس العربي عن الصحفية بثينة حمدان منسقة مجموعة صبايا‬ ‫حائرات للقدس العربي” لقد أطلقنا قبل شھور حملة “معا الستصدار قرار رئاسي‬ ‫يجرم قتل النساء في فلسطين” نطالب فيھا بتعديل القوانين التي تحمي القاتل على‬ ‫خلفية ما يسمى “شرف العائلة” وأرسلنا عشرات الرسائل لمكتب الرئيس دون أي‬ ‫تجاوب‪ ،‬إلى أن رد مستشار الرئيس القانوني بمقال شكك فيه بمطالب الحملة وحمّل‬ ‫المرأة مسؤولية ھذه األفكار والتقاليد‪ ،‬لذا توجھنا لعدد من المؤسسات النسوية‬ ‫والحقوقية والتي أعربت عن تضامنھا مع مطالبنا التي ھي مطالبھم ونتج عن ذلك‬ ‫إطالق ھذه الحملة التي تضم صوت الشباب والشابات والحقوقيين والمختصين‬ ‫بقضايا المرأة والذين لم يتوقفوا يوما ً عن المطالبة بتعديل القوانين خاصة التي تحمي‬ ‫قتلة النساء“‬ ‫‪83‬‬


‫حصلت فلسطين على عضوية جزئية في األمم المتحدة بعد نضال طويل كانت‬ ‫المرأة الفلسطينية جزءاً ال يتجزأ منه‪ ،‬لكن ھل ستحصل المرأة على حقھا في العيش‬ ‫بعد جريمة بشعة ال يد لھا فيھا؟‬ ‫ھل يجدر بأمة بأكملھا تعيش تحديات كبيرة في وجودھا ومستقبلھا وأمنھا أن تحول‬ ‫اھتمامھا إلى بكارة المرأة؟ لماذا ال تعطى المرأة حقھا في تقييم ما ھو المھم‬ ‫واألھم؟؟‬ ‫ھل يعتبر غشاء البكارة أقوى من أي نضال؟‬ ‫استيقظوا يا فحول فلسطين ووجھوا تفكيركم وتركيزكم إلى نضال أكبر! أوفوا‬ ‫بالوعد الكبير أمام ‪ Z‬وأمام األمة العربية‪ .‬تمعنوا في اآلية الكريمة وفي كالم ‪:Z‬‬ ‫َو َّ‬ ‫ِين ْال َفا ِح َش َة مِنْ ِن َسا ِئ ُك ْم َفاسْ َت ْش ِھ ُدوا َع َلي ِْھنَّ أَرْ َب َع ًة ِم ْن ُك ْم ۖ َفإِنْ َش ِھ ُدوا‬ ‫الالتِي َيأْت َ‬ ‫ت أَ ْو َيجْ َع َل َّ‬ ‫‪َ ُZ‬لھُنَّ َس ِب ً‬ ‫ت َح َّت ٰى َي َت َو َّفاھُنَّ ْال َم ْو ُ‬ ‫يال ﴿‪.﴾١٥‬‬ ‫َفأ َ ْمسِ ُكوھُنَّ فِي ْال ُبيُو ِ‬ ‫‪ ٤‬شھود! ‪ ٤‬شھود‪.o‬‬

‫فكروا يا فحول األمة وتمعنوا‬

‫‪84‬‬


‫ﺳﺎﻓﺮات ﻣﺤﺠﺒﺎت ﻣﻨﻘﺒﺎت ﻣﻐﺘﺼﺒﺎت‬ ‫سيماء المزوغي‬ ‫“آه يا تونس كيفاش تقوملك قومة وأنت مع ّ‬ ‫ششة فيك بومة”‬ ‫أيھا الغول “المتغوّ ل” ال تخاف من حمل‬ ‫السالح وإراقة الدماء وتخاف من شعر‬ ‫امرأة؟ أترعبك إلى ھذه الدرجة أنوثة‬ ‫المرأة ومشيتھا ورائحة عطرھا‬ ‫وضحكتھا؟ أحقا ترتعد إن نظرت إليك‬ ‫وتتصبب عرقا من فعل رفع الضمة عن‬ ‫الكسرة؟ ألھذه الدرجة تش ّكل اتفاقية‬ ‫سيداو خطرا على رصيدك البدني‬ ‫والبنكي واألخالقي؟ إن كان كذلك فأنصحك بغض البصر ومزيد من التعفف‬ ‫والتزھد‪.‬‬ ‫الطفوا ذات الحولين‪ ،‬ذات الثالثة‪ ،‬ذات األربعة وال تنسوا ما ملكت أيمانكم‬ ‫وشمالكم‪ ،‬انكحوھن من قُبل ومن دبُر صباحا مساء وقبل الصباح وبعد المساء ويوم‬ ‫األحد‪َ ،‬وإِنْ لم يكفكم ذلك فاستعينوا بالحبوب الزرقاء وال تنسوا ما أنعم به عليكم‬ ‫الشيخ “جوجل” في معرفة أبواب النكاح‪ ،‬بابا بابا وفصال فصال‪ ..‬وإن لم يكفكم ذلك‬ ‫فعنفوھن واغتصبوھن آمنين مطمئنين عسى أن يشملكم عفو الرئيس بعد ذلك‪..‬‬ ‫ھيا اقرعوا الطبول وانفخوا المزامير وافرشوا لسيادته البساط األحمر واقذفوه‬ ‫بالورود والياسمين وافسحوا له الطريق وحذار أن تتركوا امرأة حرة تعترض موكبه‬ ‫الفخم وال تنسوا أن تنظموا له ما تيسر من المديح وحتى الغزل ألنه وديع‪ ،‬طيّب‪،‬‬ ‫حنون لكن غير محظوظ‪..‬‬ ‫‪85‬‬


‫سيد الحقوقيين األول واألخير‪ ،‬أما علمت أنك غير محظوظ مع شعبك؟ أقيل لك أن‬ ‫الصدفة تآمرت عليك وخانت مشوارك النضالي بالضربة القاضية؟ فعندما كنت تلقي‬ ‫محاضراتك عن حقوق البطيخ كانت أصوات المالئكة تخنق حتى تغتصب وكانت‬ ‫الحرائر من صغيرتھنّ حتى كبيرتھنّ يتذوقن فنون المھانة والوحشية فواحدة تسحل‬ ‫على مرأى ومسمع من الفحول المف ّحلة‪ ،‬وواحدة ُتسرق و ُتغتصب تحت الحماية‬ ‫المقدسة‪ ،‬وثالثة تي ّتم دون ذنب ورابعة تع ّنف ألنھا دافعت عن راية وطنھا‪..‬‬ ‫يا ‪ !Z‬إن لم يُجبرك معتوه قبيح بالزواج بقاصر وإن لم يدعك إلى ختانھا‪ ،‬مع أنھا‬ ‫أنثى تختلف فزيولوجيا عن الذكر‪ ،‬وإن لم يزيّنوا لك ل ّفھا بالراية السوداء وإن لم‬ ‫يحرموا المساواة بينھا وبين أخيھا الرجل وإن لم يشرعوا لھا جھاد المناكحة‪،‬‬ ‫فسيبررون لك اغتصابھا دون شك‪.‬‬ ‫بعدما قسّمت نساء بالدك إلى سافرات ومحجبات ومنقبات أقترح أن تضيف‬ ‫المغتصبات إلى القائمة حتى تصبح سافرات محجبات منقبات مغتصبات في انتظار‬ ‫الثائرات المزلزالت عرشك الناصبات مشانق الجھل والعنف والتفرقة‪..‬‬ ‫أغرب جرائم حقوق القطط البشعة ارتكبت عندما تولى أسد حقوقي مغوار عرش‬ ‫الغابة‪ ،‬وأية غابة؟ لو بعث ابن المقفع بيننا لما استطاع كتابة حرف واحد على لسان‬ ‫كليلته خرست دمنته من ھول الھموم ونتن الضمائر الحقوقية‪..‬وأنا ال أملك الحقيقة‬ ‫كي أسدي لك نصائح تجلب لك الحظ مع شعبك لكني أملك بنتا صغيرة تعيش في‬ ‫وطن صغير أخشى عليھما أكثر من أي شيء آخر‪..‬‬ ‫آسفة‪ ،‬كنت أريد أن أكتب عن الجمال والعلم والحب والقيم النبيلة‪ ،‬وجدتني أكتب‬ ‫رغما عن أنفي عن مجانين في وطن الثورة‪.‬‬ ‫أنسيت سيدي األسد وعدك عندما طلبت مھلة من شعبك؟ فل ُترمى المھلة عرض‬ ‫الحائط‪ ،‬حماية القطط واألرانب ال تحتاج إلى مال وبرنامج اقتصادي إنما إلى‬ ‫ترسيخ ھيبة الغابة من خالل األمن‪ ،‬كيف لك أن تنام وبناتك تغتصب يا حامي‬ ‫الحمى؟ أو جفت أقالمكم أمام اتفاقية سيداو وامتألت حبرا أمام أمور ال تعنينا وال‬ ‫يمكن أن تعنينا‪..‬؟‬ ‫أنسيت؟ أم أخلفت بالوعد؟ ال قطعا‪ ،‬ال فاألسد ال يخلف وعده‬

‫‪86‬‬


‫اﻷزﻫﺮ ﻳﺤﺴﻢ اﻟﺠﺪل‪“ :‬اﻟﺤﺠﺎب” ﻋﺎدة وﻟﻴﺲ ﻓﺮﻳﻀﺔ إﺳﻼﻣﻴﺔ‬

‫منح األزھر شھادة الدكتوراه للشيخ مصطفى محمد راشد في الشريعة والقانون‪،‬‬ ‫بتقدير ممتاز‪ ،‬عن أطروحته التي تناول فيھا ما تشيع تسميته بـ “الحجاب” )غطاء‬ ‫الرأس االسالمي( من الناحية الفقھية‪ ،‬مؤكدا أنه ليس فريضة اسالمية‪.‬‬ ‫وأشار الشيخ في رسالته إلى أن “تفسير اآليات بمعزل عن ظروفھا التاريخية‬ ‫وأسباب نزولھا” أدى إلى االلتباس وشيوع مفھوم خاطئ حول “حجاب” المرأة في‬ ‫اإلسالم “المقصود به غطاء الرأس الذي لم يُذكره لفظه في القرآن الكريم على‬ ‫اإلطالق‪”.‬‬ ‫واعتبر الشيخ راشد أن بعض المفسرين رفضوا إعمال العقل واقتبسوا النصوص‬ ‫الدينية في غير موقعھا‪ ،‬وأن كل واحد من ھؤالء فسرھا إما على ھواه بعيدا من‬ ‫مغزاھا الحقيقي‪ ،‬وإما لنقص في “القدرات التحليلية لديھم ناتج عن آفة نفسية”‪،‬‬ ‫والسبب في ذلك يعود إلى تعطيل االجتھاد رغم أن المجتھد ينال حسنة من ‪ Z‬حتى‬ ‫وإن أخطأ‪.‬‬ ‫ويرى أصحاب ھذا الرأي أن السبب في ذلك يكمن في قاعدة “النقل قبل العقل”‬ ‫المعتمدة في البحث االسالمي‪.‬‬ ‫‪87‬‬


‫آيات خصت بنساء الرسول وأخرى اقتصرت على ستر النحور‬ ‫وينطلق معارضو فرضية “الحجاب” في اإلسالم من تفسير غير صحيح من وجھة‬ ‫نظرھم لآلية )‪ (٥٣‬من سورة “األحزاب”‪ ،‬التي جاء فيھا }وإذا سألتموھن متا ًعا‬ ‫فاسألوھن من وراء حجاب ذلكم أطھر لقلوبكم وقلوبھن وما كان لكم أن تؤذوا‬ ‫رسول ‪ Z‬وال أن تنكحوا أزواجه من بعده أبدا إن ذلكم كان عند ‪ Z‬عظيما{‪ ،‬إذ‬ ‫يرى ھؤالء أنھا تخص أمھات المؤمنين فقط‪ ،‬وضرورة وضع حاجز بينھن وبين‬ ‫صحابة الرسول‪.‬‬ ‫وجاء أيضا في اآلية )‪ (٥٩‬من السورة ذاتھا‪} :‬يا أيھا النبي قل ألزواجك وبناتك‬ ‫ونساء المؤمنين يُدنين عليھنّ من جالبيبھن ذلك أدنى أن يعرفن فال يؤذين وكان ‪Z‬‬ ‫غفورا رحيما{‪ ،‬والتي نزلت بحسب قولھم لتحض الحرائر على وضع ما يستر‬ ‫وجوھھن كي ال يكن عرضة لرجال يسترقون النظر إليھن كما يفعلون مع الجواري‪.‬‬ ‫كما يؤكد من يتبنى ھذا الفكر أن اآلية رقم )‪ (٣١‬من سورة النور‪} :‬وقل للمؤمنات‬ ‫يغضضن من أبصارھن ويحفظن فروجھن وال يبدين زينتھن إال ما ظھر منھا‬ ‫وليضربن بخمرھن على جيوبھن وال يبدين زينتھن إال لبعولھن أو آبائھن أو آباء‬ ‫بعولتھن أو أبنائھن أو أبناء بعولتھن أو إخوانھن أو بني إخوانھن أو بني أخواتھن أو‬ ‫نسائھن أو ما ملكت أيمانھن أو التابعين غير أولي االربة من الرجال أو الطفل الذين‬ ‫لم يظھروا على عورات النساء وال يضربن بأرجلھن ليعلم ما يخفين من زينتھن‬ ‫وتوبوا إلى ‪ Z‬جميعا أيھا المؤمنون لعلكم تفلحون{‪ ،‬نزلت لإلشارة بستر النحر‪ ،‬أي‬ ‫أعلى الصدر والعنق‪ ،‬بسبب انتشار حالة سادت عند نساء العرب ال يسمح بھا‬ ‫اإلسالم‪.‬‬ ‫ويرى مھتمون أن األزھر قطع الشك باليقين‪ ،‬وأنھى النقاش الدائر حول الحجاب‬ ‫وما إذا كان “عادة أم عبادة” ليصرح وبشكل قاطع أن الدين االسالمي لم يفرضه‬

‫‪88‬‬


‫التحرش الجنسي ليس‬ ‫قضية جنسية بل ھو‬ ‫مسألة سلطة و نفوذ‬ ‫إقبال الغربي‬ ‫بدأت مسالة التحرش الجنسي‬ ‫تحتل موقعا إعالميا متميزا في‬ ‫جميع أنحاء العالم‪ ،‬و قد أثار االغتصاب الجماعي لفتاة ھندية زوبعة سياسية‬ ‫زعزعت المؤسسات الدولة كما تحول اغتصاب مريم التونسية إلى قضية رأي عام‬ ‫ھزت وجدان كل التونسيين و جندت وراءھا كل الجمعيات النسائية وكل الفئات‬ ‫التقدمية‪.‬‬ ‫بيد أن ھذه الظاھرة ليس حديثة فھي قديمة قدم البشرية و ھي حولت حياة مئات‬ ‫الماليين من النساء والفتيات إلى كابوس دائم‪ ،‬ودمرت مستقبل ماليين من األطفال‬ ‫فتيان وفتيات تعرضوا العتداءات جنسية الزمت آثارھا السلبية كل فترات حياتھم‪.‬‬ ‫والتحرش الجنسي ھو سلوك عدواني فيه انتھاك للحصانة النفسية و الجسدية وھو‬ ‫يتجسد في إيحاءات جنسية غير مرغوب فيھا ‪ ،‬لفظية أو جسدية ‪ ،‬أو بحركات ذات‬ ‫طابع جنسي سواء أكان ھذا السلوك بشكل صريح أو ضمني‪ .‬وله أشكال متعددة‬ ‫ووسائل متنوعة تختلف حسب المكان و الزمان و الفاعلين االجتماعيين وتتعدد‬ ‫أشكاله من المالحقة واللمس والنظرة الفاحصة واستخدام اإلشارات والتلفظ بكلمات‬ ‫بذيئة والتصفير إلى الھرسلة الھاتفية أو عبر الرسائل الخ‪o‬‬ ‫ورغم مجھودات وسائل اإلعالم و المشھد اليوم في إبراز قضيا التحرش الجنسي‬ ‫والمخاطر التي تترتب عنھا ‪ ،‬النفسية والصحية بالنسبة للمتحرش بھم ‪ ،‬واألخالقية‬ ‫والتربوية بالنسبة للمتحرشين فان اغلب التحاليل تكتفي بعرض فضائح و جرائم‬ ‫التحرش الجنسي بشكل فرجوي ال تكشف عن بنى الھيمنة التي تقف ورائھا و عن‬ ‫ھيكلة موازين القوى المتسببة فيھا‪.‬‬ ‫فالتحرش الجنسي ليس قضية جنسية بقدر ما ھو قضية سلطة و نفوذ!!‬ ‫فھو انعكاس للتفاوت الطبقي أو الجنسي بين المرأة و الرجل و للعالقات غير‬ ‫المتكافئة بين العامل و رب العمل بين الموظف و المسئول بين التلميذ و المعلم بين‬ ‫الطفل و الكھل إنّ البشر أثناء اإلنتاج االجتماعي لمعيشتھم يقيمون فيما بينھم‬ ‫عالقات معيّنة ضرورية مستقلّة عن إرادتھم‪ .‬وتطابق عالقات اإلنتاج التفاضلية‬ ‫‪89‬‬


‫السائدة‬ ‫وفي ھذا الصدد تظھر لغة األرقام أن العامالت المنزليات ھن من أكثر الفئات التي‬ ‫تتعرض للتحرشات الجنسية في جميع أنحاء العالم فالعاملة المنزلية تمثل في المخيال‬ ‫الجمعي نموذج المرأة الفريسة وخادمة الشھوة الجماعية‪ ،‬وھي تعيد إنتاج الصورة‬ ‫القروسطية لملك اليمين واآلمة المستباحة شرعا دون زواج‪.‬‬ ‫كما كشفت تقارير وزارة الدفاع األمريكية أن أكثر من ‪ ٣٠٠‬حالة تحرش جنسي‬ ‫ضد نساء سجلت في ثالث أكاديميات عسكرية أمريكية عام ‪٢٠٠٤‬م ‪ ،‬وجاء في‬ ‫التقرير أن النساء يمثلن بين ‪ ١٥‬و‪ %١٧‬من تلميذات الضباط في أسلحة البر والبحر‬ ‫والجو وأن “عددا كبيرا” من حاالت التحرش الجنسي لم يعلن عنھا‪.‬‬ ‫و بينت الجمعية األمريكية للنساء الجامعيات وھي منظمة تدافع عن حقوق المرأة‬ ‫مقرھا واشنطن عبر دراسة قامت بھا في األوساط الطالبية ان‪ ٦١‬في المائة من‬ ‫الذكور و‪ ٦٢‬في المائة اإلناث كانوا ضحية شكل من أشكال التحرش الجنسي‪ ،‬وھو‬ ‫ما تعرفه الدراسة بأنه سلوك جنسي غير مرّحب به‪.‬‬ ‫وفي ضل عالقات شغل سلطوية و غير متكافئة تتعرض العامالت و الموظفات إلى‬ ‫المساومة الجنسية عندما يصبح عرض العمل أو شروط العمل أو الترقية أو إعادة‬ ‫التوظيف أو استمرارية الوظيفة رھينا ً بقبول الشخص لإليحاءات الجنسية غير‬ ‫المرغوبة أو بمدى احتماله لھا‪.‬‬ ‫وتوصلت نتائج الدراسة التي أنجزتھا المنظمة التونسية لمناھضة العنف ضد المرأة‬ ‫والتي شملت عينة تتكون من ‪ ٥٠٠٠‬امرأة يمثلن مختلف فئات المجتمع محجبات‬ ‫وسافرات إلى أن ‪ ٦٧‬بالمائة من النساء التونسيات تعرضن للعنف الجسدي‬ ‫والمعنوي والجنسي خالل عامي ‪ ٢٠١١‬و‪ ٢٠١٢‬وتؤكد الدراسة أن استفحال‬ ‫البطالة والفقر والشعور بالحرمان إضافة إلى انسداد اآلفاق أججت حالة من الضغط‬ ‫النفسي على األفراد وحولتھم إلى شخصيات عدوانية تستبطن استعدادا لممارسة‬ ‫العنف المجاني‪.‬‬ ‫فالعامل يعيش عملية استنزاف للجسد لصالح رب العمل وعملية استنزاف للوجدان‬ ‫نتيجة لإلحساس باالستغالل دون القدرة على الرد و العاطل عن العمل يفتقر إلى‬ ‫ھوية اجتماعية مع شعور ساحق بالعجز و احتقار الذات والكل يتحولون إلى قنابل‬ ‫موقوتة جراء البؤس الجنسي و الحرمان العاطفي و يلتجئون إلى التحرش الجنسي‬ ‫لتفريغ جزئ من ھذه المعاناة‬ ‫‪90‬‬


‫فالتحرش سلوك عنصري غير شرعي يمارسه األقوياء ضد الضعفاء‪ ،‬والذكور ضد‬ ‫اإلناث‪ ،‬والرؤساء ضد المرؤوسين‪،‬والكبار ضد األطفال أو القاصرات‪ ،‬والبشر ضد‬ ‫الحيوانات في بعض الحاالت‬ ‫و على المستوى السياسي استعمل التحرش الجنسي كاستراتيجينا للردع و القمع‬ ‫المعمم و ذلك لتأديب الناشط السياسي و لتمرير رسالة ترھيب الرعية حتى يمنع كل‬ ‫فرد نفسه وذويه من كل نشاط سياسي لكي خوفا من التعرض لھذه الجريمة البشعة‬ ‫التي تقع داخل أقسام الشرطة و في السجون و لدينا عدة شھادات من المناضالت‬ ‫اإلسالميات و التقدميات‬ ‫وعرفت بلدان الربيع العربي عمليات تحرش جنسي ممنھج إلرھاب الناشطات‬ ‫السياسيات و النساء السافرات و ذلك في إطار سياسات اإلقصاء و فرض تحجيب‬ ‫النساء و إرجاعھن إلى خدورھن وھي تقنية بشعة البتزاز المرأة واستغاللھا‬ ‫وتعريضھا لمزيد من اإليذاء النفسي والجسدي‪.‬‬ ‫أما على المستوى النفسي فيكشف التحرش الجنسي عن شخصية ھشة و صبيانية ال‬ ‫تعترف برغبة اآلخر تحتاج إلى تشييئ المرأة لتأكيد الذات أمام النفس و أمام‬ ‫اآلخرين عاجزة عن إقامة عالقات صحية و ندية مع المرأة‪.‬‬ ‫و غالبا ما يكون المنحرف أسير رغبة السيطرة و متعة التحكم في الطرف اآلخر‬ ‫ومحاولة تطويعه و إخضاع إرادته‬ ‫فالمتحرش الجنسي يمكن أن يكون إنسانا خجوال و منطويا على نفسه وينتھز الزحام‬ ‫و الذوبان ضمن الحشد إلثبات ھيمنته و فحولته على الجنس األضعف وھو يستمتع‬ ‫بنظرات االستغراب و القرف من طرف ضحيته‪.‬‬ ‫فالتحرش الجنسي ليس عالمة حب أو رغبة أو عدم مقاومة إغراء المرأة بدليل أن‬ ‫التحرش يستھدف ايضا األطفال األبرياء و الرجال بل ھو احتقار و ازدراء لرغبة‬ ‫اآلخر و لرأيه و محاولة لتوظيفه إلشباع دوافع مرضية‪.‬‬

‫‪91‬‬


‫تسعى مجموعة االعالم الجديد ‪ ..‬الى اصدار كتب وكتيبات وملفات‬ ‫الكترونية للقراءة مجالنا ‪ ..‬ليس بھدف الربح ‪ ..‬وانما لنشر الوعي‬ ‫والمعرفة ‪ ..‬وتعريف القاريء على افضل ما يبدعه العقل العربي في‬ ‫مختلف الميادين‬

‫‪92‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.