1
اﻋﺪاد ﻓﺮﻳﻖ اﻻﻋﻼم اﻟﺠﺪﻳﺪ
ذא א ود מ
نائل نخلة)*( يقول يوري إيفانوف في كتابه» :الصھيونية حذار!« :إن دائرة األفكار التي يسمم بھا الصھاينة عقول أطفالھم والتي يرجى منھا أن تستقر في أفھامھم تبدأ عادة بالتوراة .ويؤكد أندريه شوراكي في كتابه» :دولة إسرائيل« أن جميع اليھود يعمدون إلى الرجوع في كل مناسبة إلى الماضي الذي تضمنته التوراة وروح األنبياء ،وإلى الدور التاريخي والروحي للشعب اليھودي؛ أي إنھم يرجعون إلى قلب التراث الضخم الروحي والفكري واألخالقي والقانوني للتاريخ العبري. أما فيكتور مالكا فيرى في كتابه »مناحيم بيغن :التوراة والبندقية« أن اليھود استقوا من توراتھم تعليمات في أعمال العنف واستخدام القوة .فقد جمعت قوانين الحرب في العھد القديم في سفر التثنية ،وھي تحدد لھم أسلوب االستيالء على المدن ،وأسلوب التعامل مع أھلھا ،وھذه القوانين يعدھا القادة اإلسرائيليون مصدراً للوحي وشريعة مقدسة الستئناف البعث اليھودي في فلسطين ،على
2
أساس أن كل جريمة تصبح شرعية وقانونية مـن أجـل تحقيق وعــد الــرب. ولعلنا نستشف من ھذا الكالم المصدر الذي ينھل منه الصھاينة أفكارھم وأسلوب حياتھم وھو التوراة؛ ولكن الوسيلة التي تتم من خاللھا عملية نقل ھذه األفكار والتي تنتج االحتالل والتمييز والتفرقة والعنصرية والتعصب ھي مناھج التعليم في المدارس والجامعات اإلسرائيلية؛ وھو ما أجملته الدكتورة اإلسرائيلية تسيبورا شاروني في مقدمة حديثھا عن التوجه القومي في برامج التدريس في المدرسة العبرية ـ ضمن يوم دراسي في الكلية األتوثوذكسية بمدينة حيفا في عام ١٩٨٨م ـ بالجمل اآلتية» :إن جميع الجنود ممن يؤدون الخدمة العسكرية في المناطق المحتلة ...أولئك الشباب الذين يسكنون أور يھودا ...حيث عمليات إحراق العمال العرب ...إن ذلك كله نتاج مدرستنا ...نتاج البرامج التعليمية... نتاج التربية الرسمية وغير الرسمية ...ولكن للتربية الرسمية نصيب األسد في ذلك .إذ لم ترد كلمة واحدة في البرنامج التعليمي لليھود حول التطلع للسالم بين إسرائيل وجاراتھا ...فمثالً من منا يذكر كتابا ً واحداً في الجغرافيا فيه اسم جبل باللغة العربية؟ ال وجود لھذا على اإلطالق؛ فالطالب يتعلمون ذلك ،وكأنه خلق ھكذا ...األسماء العربية ال وجود لھا على اإلطالق ...أنا ال أتكلم عن قرى عربية تم محوھا ..ال يذكرونھا قطعا ً ...ھل ھذه تربية؟ ...وماذا يعني كل ھذا؟ ...ال يوجد في الصفوف إطالقا ً خارطات تشمل الخط األخضر ...أرض إسرائيل الكاملة في جميع الخارطات بما فيھا القدس والجوالن والضفة الغربية وقطاع غزة بوصفھا جزءاً من دولة إسرائيل«. الصھيونية والدين اليھودي عالقة وثيقة: ليس تأثير الدين اليھودي والمتدينين طارئا ً على دولة إسرائيل؛ فمنذ انطالقة الحركة الصھيونية وھذا التأثير مالزم لھا؛ إذ يشير ناجي علوش في كتابه: »األساطير والوقائع الصھيونية واألمة العربية« أن اليھود في أوروبا الغربية عندما نشأت الحركة الصھيونية كانوا يمرون بنوع من االنعتاق؛ ولكن االنعتاق أخافھم؛ ألنه يقود إلى االندماج. ولكن يھود أوروبا الشرقية كانوا متدينين وأكثر تمسكا ً بالتوراة وطقوسھا .ولم يجد رواد الصھيونية السياسية إشكاالً في ذلك ،ووجدوا الحل بدمج الصھيونية السياسية ،بالصھيونية الدينية. وھذا ما قاد الصھيونية السياسية إلى تبني األفكار والرموز الدينية المألوفة لدى
3
الجماھير وتحويلھا إلى رموز وأفكار قومية في صياغة شبه دينية للبرنامج الصھيوني ليكون محل قبول من كافة التنوعات االجتماعية والعرقية والحضارية والثقافية ليھود أوروبا .وطبيعي أن يقود ھذا إلى عالقة وثيقة بين الصھيونية والدين اليھودي. ويضيف العلوش أنه على الرغم من أن الصھيونية بدأت من رجال يبدون علمانيين إال أن رواد الحركة الصھيونية اندفعوا إلى الدعوة للتمسك بالدين وإحياء علومه ولغته ومحاربة الزواج المختلط. التربية العبرية تحفظ اليھودية! يقول الباحث الفلسطيني فارس عودة :لعل الدارس لطبيعة المجتمع اإلسرائيلي يالحظ تلك المالءمة والتوافق القوي بين أھداف التربية اليھودية من جھة وأھداف الحركة الصھيونية وحاجات المجتمع اإلسرائيلي من جھة أخرى ،فلقد كانت التربية اليھودية بخلفيتھا الدينية والتوراتية التلمودية العنصرية، وبفلسفتھا المستمدة من تعاليم الصھيونية العدوانية ،ھي الوسيلة األولى واألھم التي استخدمت لتحقيق أھداف الصھاينة في إنشاء دولة إسرائيل وبقائھا. لقد جعلت الصھيونية التربية أحد األسس والركائز التي تعتمد عليھا لبناء جيل يھودي ووطن صھيوني. وھو ما أشار إليه مؤسس الحركة الصھيونية ثيودور ھرتزل في يومياته حين خصص التربية باعتبارھا أسلوبا ً لتحقيق ھدفه ،فأشار إلى بعض المواد التي يركز عليھا في مقدمة منھاجه واعتبرھا ضرورية لذلك وھي األناشيد الوطنية والدين والمسرحيات البطولية. أما القيادي اليھودي إلياھو كوھين فرأى في المؤتمر الصھيوني الثالث والعشرين )١٩٥١م( أن مصير إسرائيل يرتبط بإيجاد جھاز حقيقي لتنفيذ التعليم والتربية حسب المبادئ الصھيونية. بينما أكد دافيد بن غوريون أول رئيس وزراء إلسرائيل في المؤتمر الصھيوني الرابع والعشرين والمنعقد عام ١٩٥٦م أنه لن يكون للحركة الصھيونية مستقبل بدون تربية وثقافة عبرية لكل يھودي بوصفه واجبا ً ذاتيا ً. واعتبر أن معرفة التوراة كفيلة بتزويد الفرد اليھودي بجذوره وأصله وعظمته ومستقبله ،ويضمن ارتباطه بشعبه في مملكة إسرائيل .ثم يسأل بن غوريون :ما
4
الذي سيحفظ اليھودية؟! ويجيب» :إنھا التربية العبرية«. ويحدد وزير المعارف والثقافة اإلسرائيلي السابق زبولون ھامر أھمية التربية في المجتمع اإلسرائيلي بقوله» :إن صمودنا أمام التحدي الكبير الذي يواجھنا يتمثل في مقدرتنا على تربية قومية مرتبطة بالتعاليم الروحية اليھودية ،تربية يتقبلھا الطفل راغبا ً وليس مكرھاً؛ ولھذا فإن على جھاز التعليم الرسمي والشعبي أن يتحمل التبعية الكبيرة للصمود أمام التحديات التي تواجه إسرائيل.
الھجرة واالستيطان ...التوسع واالحتالل ...التميز والتعصب: ويميز الدكتور وائل القاضي أستاذ التربية في جامعة النجاح الوطنية ـ والذي أجرى بحثا ً حول التربية في إسرائيل ـ بين األھداف المعلنة للتربية في إسرائيل وغير المعلنة؛ حيث يشير إلى أن األھداف المعلنة للتعليم الحكومي في إسرائيل والتي حددتھا المادة الثانية من قانون التربية والتعليم اإلسرائيلي لعام ١٩٥٣م ھي إرساء األسس في التعليم االبتدائي على قيم الثقافة اليھودية ومنجزات العلم، وحب الوطن ،واإلخالص والوالء للدولة واإلعداد الطالئعي ،والسعي لتشييد مجتمع قائم على الحرية والمساواة والتساھل والتعاون المتبادل ،وحب الغير من البشري. الجنس وقد أعرب اليھود عن قلقھم من أنھم لم يشددوا على القيم القومية بما فيه
5
الكفاية ،فشرعوا بإدخال موضوع الوعي اليھودي الذي صادقت عليه الكنيست في عام ١٩٧٧م وجاء فيه» :في التعليم االبتدائي والثانوي والعالي ستھتم الدولة بتعميق الوعي اليھودي بين صفوف الشبيبة اإلسرائيلية وتجذيره في تاريخ الشعب اليھودي وتراثه التاريخي وتقوية انتمائه الخلقي لليھودية من خالل إدراك المصير الواحد والمشترك والواقع التاريخي الذي يوحد يھود العالم واألقطار«. األجيال مختلف عبر وھكذا نجد أن الدراسة الدينية تحتل مكانا ً بارزاً في مناھج التعليم عموما ً .وكثير من الموضوعات التي تعالج تحت أسماء مختلفة كـ »الوطن والتاريخ والجغرافية واللغة العبرية« تدرس من الزاوية الدينية ،وتؤكد ھذه المناھج على تنمية والحس اليھودي لدى األطفال بقصد زيادة التركيز على صلة الطالب الوعي ّ اليھودي بتراثه القديم من خالل دراسته الدينية .ويتم التركيز في ھذه المناھج على زرع األفكار الدينية في عقول الناشئة لتسويغ وجود رابطة دينية بينھم ويروجون أن وبين أرض فلسطين؛ م ّما يعطيھم الحق في بناء دولة لھم فيھا، ِّ إقامة دولة يھودية في فلسطين ھو تحقيق لما جاء في التوراة؛ فالرب قد اختار الشعب اليھودي واختار األرض .وما دام ھذا االختيار إلھيا ً فإنه يعطي امتيازاً لألرض وللشعب الموعود بھا أيضا ً .وبذلك تكون )أرض إسرائيل( مخصصة لبني إسرائيل وحدھم دون غيرھم. كما يتم التركيز أيضا ً على أن الحياة اليھودية في فلسطين لم تنقطع منذ أيام الرومان إلى العصور الحديثة ،وأن دولة الكيان ھذه أنشئت في بالد قطنھا المحتلون والغزاة العرب طوال ١٣٠٠سنة ،وأن عودة المھجرين اليھود من كافة أنحاء العالم وتوطينھم في فلسطين تحت ستار العودة إلى أرض الوطن التاريخي ليس باعتبارھم غرباء عن ھذه األرض بل باعتبارھم سكانھا األصليين الذين ظلوا بعيدين عنھا طوال العھود السابقة. ووفقا ً لما أورده الدكتور القاضي فإن األھداف الرسمية للتربية والتعليم في إسرائيل تتمثل بما يلي: أوالً :تكوين مجتمع عضوي موحد. ثأنبا ً :بناء دولة عصرية تملك أسباب القوة المادية والروحية. ثالثا ً :الحفاظ على التراث اليھودي ونشره وتعميقه. رابعا ً :دعم مركزية إسرائيل بين يھود العالم وااللتزام نحوھا باعتبارھا دولة
6
اليھود. وقد حددت السلطات التعليمية في إسرائيل ھذه األھداف إلرساء األسس التربوية اآلتية: - ١تعميق الوعي اليھودي الصھيوني. - ٢التربية على قيم القومية اليھودية الصھيونية - ٣االھتمام بدور اللغة العبرية من أجل الحفاظ على التراث اليھودي وبعثه وتعميقه بين الشباب اإلسرائيلي؛ ولھذا فقد أصبح دورھا يفوق كافة أدوار التدريس؛ إذ تحتل مكانا ً بارزاً في مناھج المدارس اإلسرائيلية. - ٤ترسيخ جذور الشباب اإلسرائيلي في ماضي الشعب اليھودي ،وتراثھم التاريخي؛ وذلك لخلق أجيال إسرائيلية تؤمن بالمعتقدات الصھيونية التي اعتنقھا جيل المؤسسين )الرواد( ،للتأكيد على )الريادة( وتصوير الرواد األوائل مؤسسي الدولة نماذج لالقتداء بھم. - ٥التعلق باألرض :ويرتبط ھذا الھدف مع ضرورة تكوين مجتمع موحد فيه الشتات اليھودي ويلتصق به. - ٦فلسفة »دين العمل« ويرتبط مع الھدف السابق بوصفه أحد أركان الثقافة اليھودية والھدف من التعلق باألرض .وفلسفة دين العمل بھا ھو تحقيق االستيطان اليھودي في النھاية على أرض إسرائيل. أما األھداف غير المعلنة للتربية الصھيونية فيحددھا الدكتور وائل القاضي باآلتي: * اإليمان المطلق بحق شعب إسرائيل في »أرض إسرائيل« وملكيتھم لھا واالستيطان فيھا من خالل التكرار والتأكيد بالحديث عن الحق التاريخي في »أرض إسرائيل التاريخية«. * تحقيق التضامن اليھودي داخل إسرائيل وخارجھا لضمان استمرار الھجرة اليھودية والدعم المادي إلسرائيل خاصة من يھود المھجر. * تكوين االستعداد لدى األجيال اإلسرائيلية اليھودية للتوسع واالحتالل والعنف، وكراھية العرب؛ وذلك بحجة إنقاذ األرض. * تأكيد الشعور بالقلق والتوتر لتحقيق استمرارية اإلحساس باالضطھاد عند
7
األجيال اليھودية المتعاقبة ،لضمان عدم اندماج وانصھار ھذه األجيال في أي مجتمع آخر غير »إسرائيل«. * إظھار التفوق العبري الحضاري عبر العصور لتكوين اإلحساس بالتمايز والتفوق ،والشعور باالستعالء عند األجيال اإلسرائيلية الجديدة ،وعودة الشعب المختار إلى »األرض الموعودة«. * تشويه وتقزيم الصورة العربية في نظر الطالب اإلسرائيلي مقابل التأكيد على صورة »السوبرمان« اإلسرائيلي الذي ال يقھر. * تربية وتنشئة أجيال صھيونية متعصبة جداً لصھيونيتھا ودولتھا بكل ممارساتھا مؤمنة بذلك إيمانا ً مطلقا ً. وتشرب روحھا .ويؤكد رئيس مركز على كل تلميذ حف ُظ مقاطع من التلمود ُّ الدراسات المعاصرة في مدينة أم الفحم الدكتور إبراھيم أبو جابر على أن الديانة اليھودية تعتبر مصدراً ھاما ً من مصادر الفلسفة التربوية عند اليھود؛ فلقد اعتمدت التربية اعتماداً كبيراً على الدين في سبيل تشكيل أجيال متشبعة بتعاليم التوراة والتلمود ،من أجل ترسيخ مفاھيم معينة في نفوس الناشئة اليھودية. وتھدف التربية الدينية إلى تربية الطفل جسديا ً واجتماعيا ً وانفعاليا ً وعقليا ً عن طريق قصص من التوراة وأسفارھا. وفي ھذا يقول حاييم وايزمن أول رئيس لدولة إسرائيل» :عندما بلغت ما ال غنى عنه ألي طفل يھودي ،وخالل السنوات التي قضيتھا في مدارس الدين تلك ،كان علي لبي ھو سِ ْفر علي أن أدرس أشياء من أصول الديانة اليھودية ،والذي ملك َّ َّ األنبياء« وما يمكن مالحظته وفقا ً ألبي جابر ھو االھتمام الكبير بتدريس المواد الدينية في جميع مراحل التعليم ألبناء اليھود أينما وجدوا؛ حيث تأتي مادتا التوراة والتلمود في مقدمة الدراسات ،وتعتبر المادتان أساسا ً وإطاراً للغايات التربوية؛ حيث يقول مائير بار إيالن أحد مفكري التربية اليھودية» :إن روح التلمود ومعرفة عامة شرائعه وآدابه يجب أن يكون جزءاً من دراسة كل يھودي متعلم ،حتى وإن لم يكن سيجعل من حقل الدراسة ھذا مجاالً للعمل ،واألمر شبيه بتعليم الفيزياء والرياضيات؛ فمع أنه ليس كل تلميذ يتخصص فيھما ،وال يستخدم جميع ما يتعلمه فيھما في حياته العملية ،إال أنھما ضروريتان له؛ كذلك بالنسبة للتلمود يجب أن يحفظ كل تلميذ مقاطع معينة منه وأن يتشرب روحھا.
8
ونورد ھنا بعض التعاليم واألحكام التي يحتويھا التلمود؛ حيث صيغت بمھارة فائقة: »اليھودي ال يخطئ إذا اعتدى على عرض األجنبية ،فإن عقود الزواج عند األجانب فاسدة؛ ألن المرأة غير اليھودية بھيمة وال تعاقد مع البھائم .يجوز حول اليمين وجھة أخرى. لليھودي أن ُيقسِ م زوراً وال جناح عليه إذا َّ إن أخطأ أجنبي في عملية حسابية مع يھودي فعلى اليھودي أن يقول له) :ال ً أمانة ،ولكن حذراً؛ إذ من الجائز أن يكون األجنبي قد فعل ذلك عمداً أعرف( ال المتحان اليھودي وتجربته .من يقتل مسلما ً أو مسيحيا ً أو أجنبيا ً أو وثنياً ،يكافأ بالخلود في الفردوس وبالجلوس ھناك في السراي الرابعة«. يقرر التلمود أن اليھودي يعتبر عند qأفضل من المالئكة؛ ألن اليھود جزء من qمثلما االبن جزء من أبيه. وال نستطيع قراءة كل ما جاء في كتب التدريس ،ونكتفي بذكر اآلتي وھو وجود كتاب لتعليم القراءة تحت عنوان» :مكريؤت إسرائيل« للصفوف الدنيا من الصف الثالث وحتى الثامن . وقد قام الدكتور دانئيل بارتنا ـ محاضر علم النفس في قسم التربية بجامعة تل تطرق فيھا إلى ھذا الكتاب قائالً بأنه بواسطة الكتب التعليمية تمت أبيب ـ بدراسة َّ عملية غسيل دماغ للطالب ليكرھوا العرب مما ينطوي على أبعاد مزعجة؛ إذ تصور العرب بمالمح سلبية :إنھم وحوش وغير إنسانيين؛ فال يمكننا تجاھل النتائج التي يستنتجھا طفل لدى قراءته الخالصة واألحكام التي يخرج بھا عن كلھم. العرب وفي كتاب آخر لتعليم اللغة أصدرته دار النشر »ھكيبوتس ھمؤحد« في السبعينيات وما زال يدرس حتى يومنا .جاء في ص » :٢٧٧جلب اليھود روح التقدم واالزدھار إلى الشرق األوسط؛ بينما زاول العرب أعمال النھب والسطو والقتل«. وقد استطاعوا بث ھذه القيم في نفوس طالبھم وتحقيق ھذه األھداف عن طريق مناھج التعلم الموجھة بدقة ،فإذا اطلعنا على حجم دراسة مواد الدين اليھودي واللغة العبرية في مناھج الصفوف االبتدائية الدنيا ) ٢ـ (٤كمثال على ذلك نجد أن نسبة عدد ساعات دراسة ھذه المواد تبلغ %٣٥في التعليم المدني بينما تبلغ %٥١في التعليم الديني في الصفوف االبتدائية المشار إليھا. وكما أنھم ركزوا جھودھم لتحقيق ھذه األھداف عن طريق )الكم( فإنھم اعتنوا
9
أيضا ً بنوع المادة المطروحة في المناھج ،فمنذ نعومة أظفار الطفل اليھودي تركز التربية التي يتلقاھا على أھداف محددة واضحة ،ويذكر مؤلفا كتاب )فلسفة وأھداف تربية الطفل اليھودي في فلسطين( أن أھداف التربية في مرحلة رياض األطفال تندرج تحت منظومة عامة من األھداف تتلخص في »الھدف الرئيس وھو تكوين مجتمع موحد ويرتبط أفراده بثقافة ومشاعر مشتركة ،ويتخاطبون باللغة العبرية ،ويذكر المؤلف أن إسرائيل عنيت بتعليم األطفال اللغة العبرية والديانة اليھودية باعتبارھما األساس لقيام الدولة اليھودية على أرض فلسطين. وثمة أھداف أخرى للعملية التربوية منھا :بناء دولة عصرية تملك أسباب القوة المادية والروحية ،والمحافظة على التراث اليھودي ونشره وتعميقه بين الناشئة اليھود .ولذلك أقامت إسرائيل الجامعة العبرية في القدس ،وسعت إلى اتباع أحدث االتجاھات الغربية في التعليم .وبالنسبة للمصادر التي تستمد إسرائيل منھا ھذه األھداف فإنھا تشمل: الديانة اليھودية ،الحضارة الغربية كحضارة عقالنية علمية ،الحركة الصھيونية كخالصة للتفاعل بين المصدرين األول »الدين اليھودي« ،والمصدر الثاني »الحضارة الغربية« ،والناتجة عن قيم معينة تتلخص بالريادة والعمل. وعن الغايات المنشودة من وراء رياض األطفال فإنھا ـ وفقا ً للمؤلف ـ تدور حول تھيئة األطفال للتعامل الرشيد مع عالمھم المادي واالجتماعي ،وتثقيفھم بالثقافة العبرية ،وإعدادھم لتحمل المسؤولية في المستقبل«).(١ وفي الحقيقة فإن األھداف التي تبلورت عبر التطور التاريخي للمؤسسة التعليمية )اإلسرائيلية( »قد عبرت عنھا المناھج بشكل واضح ،وبخاصة كتب الديانات والتراث والتاريخ واللغة واألدب ،حيث تتمحور حول المنطلقات التالية: ھناك شعب يھودي كان في الماضي البعيد يعيش في وطنه »أرض إسرائيل«الوطن. لھذا األجنبي االحتالل بفعل تشتت ثم موحداً، خالل سنوات »الدياسبورا /الشتات« كان الشعب اليھودي يحلم بالعودة إلىوطنه ،وعكست تعبيراته الدينية وموروثاته الثقافية االجتماعية ھذا الحلم. مع بدء التفكير في العودة إلى الوطن ،كان »الجوييم« األغيار ال يزالونيقيمون في ھذه البالد ،يسيطرون عليھا أو يحتلونھا. ونظراً إلى أن الوطن »القديم ـ الجديد« مأھول باألغيار ،فثمة ضرورة للقيامبعدة اقتحامات في وقت واحد ،أبرزھا :اقتحام األرض ـ اقتحام العمل واإلنتاج ـ اقتحام الحراسة ...إلخ.
10
إن الروابــط الدينيــة والتاريخيـــة بين اليھـــود و »أرض إسرائيل« ھيروابط أزلية /أبدية؛ األمر الذي يجعل العرب في البالد وكأنھم غير موجودين. ويظھر من خالل الدراسة التي قام بھا البروفســور أدير كوھين ـ رئيس قسم التربية بجامعة حيفا ـ والتي تضمنت تحليالً علميا ً ألھم ما ورد في ) (٤٢من كتب األطفال العديد من تلك المعالم والمنطلقات؛ إذ يكثر في ھذه الكتب الحديث عن مملكة داود وسليمان ،وعن حروب الرومان واليھود ،وعن الغزو األجنبي للبالد ،وفي كل ھذه األمور وسواھا تتناول الكتب أحداثا ً مثيرة تركز على ما يسمى )بطوالت يھودية( ودفاعھم المستميت عن الوطن«).(٢ )نحن( فقط ،وسوانا صفر: وقد شھد غريبون ـ بل يھود أيضا ً ـ بالنتائج البغيضة لھذه السياسة التعليمية التي أثمرت العنصرية واإلرھاب في أوساط اليھود ،ففي عام ١٩٤٦م زارت فلسطين لجنة تحقيق إنجليزية أمريكية حول أساليب التربية الصھيونية، وخلُصت من التحريات التي أجرتھا بأن المدارس اليھودية ،وھي تحت إشراف الطائفة اليھودية وتدار بأموالھا ،قد أصبحت مشبعة بروح قومية ملتھبة ،وغدت وسائل فعالة بالغة األثر لبث روح القومية العبرية العدوانية. وجه المجلس األمريكي لليھودية في مؤتمره السنوي الخامس وفي عام ١٩٥٩م َّ عشر المؤسسات التعليمية اليھودية لتجرد مناھجھا من الطابع الصھيوني والقومية اليھودية المتطرفة التي تنادي بھا الصھيونية. وخالل مناقشات الكنيست في عام ١٩٧٥م وصف النائب مائير فلنر التربية الصھيونية في إسرائيل بقوله» :إن التربية الصھيونية في إسرائيل تسعى إلى ترسيخ مشاعر التعالي القومي والعنصرية ،ومعاداة العرب ،والروح العسكرية وإنكار حقوق اآلخرين ...إن كل سياسة الحكومة اإلسرائيلية غير إنسانية بما في ذلك سياستھا تجاه تربية أوالدنا«. ولعل المحامية اإلسرائيلية فيليتسيا النغر عبرت بصدق عن خالصة واقع التربية الصھيونية وھي تخاطب الشباب اليھودي الذي يھدم بيوت العرب في األراضي المحتلة إذ قالت» :لقد علموك منذ كنت صغيراً فن الحرب ،وزرعوا فيك مشاعر التعصب القومي ،والحقد على العرب ،وأرادوا لك أن تحقد بكل ما أوتيت من قوة على العرب الذين أعدوك لمحاربتھم ،لكي ال ترتجف يداك عندما تضغط على الزناد ،وعندما دخلت المدرسة االبتدائية كان ھناك من قرر بعد اثنتي عشرة سنة
11
أنك ستكون جندياً؛ لذلك ستتركز تربيتك منذ اآلن على تعلم الحرب ،وبدأ ذلك بتنمية مشاعر التفوق القومي فيك مع رصيد لك في ماضيك من إھانة لقيم اآلخر. الشعب »نحن فقط ...وسوانا صفر« ھذا ما استنتجته بحق من مادة التدريس« ،وھذا الشيء في مجال السياسة معناه» :لنا كل البالد ومن سوانا ال وجود لھم .ما أتفه العرب :ـ ھكذا بدوا في عينيك بالقياس إلى كل ھذا المجد .وعندما بلغت سن الرشد علموك عن الطبيعة السيئة للعربي الذي ال يفھم إال لغة القوة والقسوة، والمستعد دائما ً أن يقضي عليك بال رحمة ،فرددت وراءھم عبارة حكمائنا: »الذي ينوي قتلك سارع إلى قتله«؛ ألنه ال يوجد لك خيار طبعاً؛ لھذا فإن السالم سـيأتي فقط بعد أن ننتصر علـى العــرب في الحـرب؛ ألنھـم ال يفھمون إال لغة القوة«. إقبال شعبي: لم يكن االھتمام بالقيم التوراتية والتلمودية في التعليم الصھيوني اتجاھا ً رسميا ً وحسب ،بل إنه أيضا ً يعبر عن رغبة شعبية متنامية في االتجاه إلى إلحاق الناشئة بالتعليم الديني التوراتي إيمانا ً منھم بالنص التوراتي الذي يقول» :من ٌ حقيقة تشير إليه كان له ولد فليعلمه التوراة« .وھذا االتجاه المتنامي اإلحصائيات واألرقام الرسمية ـ خاصة في الفترة الزمنية األخيرة ،حيث تشير معطيات نشرتھا وزارة التعليم اإلسرائيلية بمناسبة بدء اليھود العام الدراسي الماضي أن عدد التالميذ اليھود الملتحقين بمؤسسات ومدارس التعليم الديني في إسرائيل ازداد بأكثر من %١٣٠خالل العقد الماضي. وبحسب المعطيات الرسمية التي نشرتھا صحيفة »يديعوت أحرونوت« فقد ارتفع عدد التالميذ في أطر التعليم الديني من ٤٨ألف عام ١٩٩٠م إلى ١١١ ألفا ً ٢٠٠٠م. عام ويتضح أيضا ً أن عدد الطالب في مدارس تعليم الشريعة اليھودية )التوراة( ازداد في نفس الفترة بحوالي %٨٨؛ حيث ارتفع عدد الطالب الدارسين فيھا من ١٧ ألف طالب قبل عشر سنوات إلى ٣٢ألفا ً في السنة الحالية. وأشار مسؤولون في وزارة التعليم اإلسرائيلية إلى أن اتجاھات الزيادة القائمة في عدد الطالب في أطر ومؤسسات التعليم الديني ستستمر في السنة الدراسية المقبلة ،ويعزو المسؤولون أسباب ازدياد اإلقبال على ھذه المؤسسات والمدارس إلى حمالت الدعاية ،وتخفيضات الرسوم التي تقوم بھا شبكات التعليم الخاصة التابعة ألحزاب المتدينين المتزمتين ،وال سيما الشبكة التي يديرھا حزب
12
»شاس« الديني ـ الشرقي. ووفقا ً للمعطيات الرسمية ذاتھا فقد سجل في مقابل ھذا االرتفاع الكبير في عدد طالب مؤسسات التعليم الدينية انخفاض في نسبة طالب وتالميذ جھاز التعليم الحكومي في إسرائيل من %٧٣عام ١٩٩٠م إلى %٦٧في العام قبل الماضي. ھكذا يربى اليھود أبناءھم ،وھكذا يقبل اليھود على تعلم دينھم ،فما موقفنا نحن من التعليم الديني في بالدنا ؟ حـقائـق عـن إسـرائيـل: يتكون المجتمع اليھودي في إسرائيل اآلن من يھود متدينيين وغير متدينين. وبين مختلف الفئات ھناك األرثوذكس المتطرفون ،وھم يغالون في التدين ويناوئون الصھيونية ،وھناك من يعتبرون أنفسھم علمانيين .ومھما يكن من أمر فليس ھناك خطوط واضحة بين ھذه الفئات وبصورة عامة يمكن القول إن %٢٠من السكان اليھود ملتزمون بالفرائض والشعائر الدينية ،وعلى ھذا األساس ھم أرثوذكس .وھناك حوالي%٦٠ يلتزمون بقسم من الفرائض والشعائر ،حسب ميولھم وتقاليدھم السابقة في حين يعتبر %٢٠غير متدينين إطالقا. وھناك مقاييس أخرى يمكن استخدامھا لتحديد مدى التزام جمھور معين بأسلوب حياة متدين ،منھا التحاق األطفال بالتيار التعليمي المتدين ) ،(%٣٠أو تصويت الناخبين لصالح األحزاب المتدينة ) ١٠ـ (%١٥المتدينون ينقسمون من حيث االلتزام الديني والعالقة مع الدولة لشرائح وأنواع: - ١المتدينون المتزمتون )األرثوذكس أو الحريديم( :وھم الذين يحملون أفكاراً معارضة لمبدأ تأسيس الدولة ،ويشكلون غالبية التيار المتدين ،ويسكنون أماكن خاصة بھم ،ولھم أنماط حياة أيضا ً خاصة ،منھم من يتعاملون مع الدولة ومؤسساتھا ويشارك ھذا التيار في االنتخابات انطالقا ً من مبدأ المصلحة أمثال )شاس ،ديغل ھتوراة ،حباد( . وقسم آخر يرفض ذلك جملة وتفصي ً ال ،بل يتھم دعاة الصھيونية بالزندقة والكفر ،وال يحمل بعضھم الھوية اإلسرائيلية ،أمثال جماعة ناطوري كارتا. - ٢المتدينون الوطنيون :وھم جزء من المتدينين اقتنعوا بطروحات الحركة الصھيونية ومبادئھا ،فخلطوا التدين والوطنية ،فھم يشاركون منذ قيام الدولة في
13
الحكم ،ويخدم أبناؤھم في الجيش جنبا ً إلى جنب مع اآلخرين غير المتدينين، وھؤالء ينتمون لحركة )المفدال(. - ٣المتدينون اإلصالحيون :وھؤالء وجودھم قليل في إسرائيل لكون مقرھم الواليات المتحدة األمريكية .وھم أشبه بالتيار التحريري لدى النصارى )البروتستانت( ،وعلى صراع مرير مع المتدينين المتزمتين بحكم تحررھم في المسائل التعبدية ،وتجاوزھم لكثير من المعتقدات لدى اليھود األرثوذكس. انتھى