هكذا يربي اليهود أبناءههم تحليل شامل (12) صفحة

Page 1

‫‪1‬‬

‫اﻋﺪاد ﻓﺮﻳﻖ اﻻﻋﻼم اﻟﺠﺪﻳﺪ‬

‫ ذא א ود מ ‬

‫نائل نخلة)*(‬ ‫يقول يوري إيفانوف في كتابه‪» :‬الصھيونية حذار!«‪ :‬إن دائرة األفكار التي‬ ‫يسمم بھا الصھاينة عقول أطفالھم والتي يرجى منھا أن تستقر في أفھامھم تبدأ‬ ‫عادة بالتوراة‪ .‬ويؤكد أندريه شوراكي في كتابه‪» :‬دولة إسرائيل« أن جميع‬ ‫اليھود يعمدون إلى الرجوع في كل مناسبة إلى الماضي الذي تضمنته التوراة‬ ‫وروح األنبياء‪ ،‬وإلى الدور التاريخي والروحي للشعب اليھودي؛ أي إنھم‬ ‫يرجعون إلى قلب التراث الضخم الروحي والفكري واألخالقي والقانوني للتاريخ‬ ‫العبري‪.‬‬ ‫أما فيكتور مالكا فيرى في كتابه »مناحيم بيغن‪ :‬التوراة والبندقية« أن اليھود‬ ‫استقوا من توراتھم تعليمات في أعمال العنف واستخدام القوة‪ .‬فقد جمعت قوانين‬ ‫الحرب في العھد القديم في سفر التثنية‪ ،‬وھي تحدد لھم أسلوب االستيالء على‬ ‫المدن‪ ،‬وأسلوب التعامل مع أھلھا‪ ،‬وھذه القوانين يعدھا القادة اإلسرائيليون‬ ‫مصدراً للوحي وشريعة مقدسة الستئناف البعث اليھودي في فلسطين‪ ،‬على‬


‫‪2‬‬

‫أساس أن كل جريمة تصبح شرعية وقانونية مـن أجـل تحقيق وعــد الــرب‪.‬‬ ‫ولعلنا نستشف من ھذا الكالم المصدر الذي ينھل منه الصھاينة أفكارھم وأسلوب‬ ‫حياتھم وھو التوراة؛ ولكن الوسيلة التي تتم من خاللھا عملية نقل ھذه األفكار‬ ‫والتي تنتج االحتالل والتمييز والتفرقة والعنصرية والتعصب ھي مناھج التعليم‬ ‫في المدارس والجامعات اإلسرائيلية؛ وھو ما أجملته الدكتورة اإلسرائيلية‬ ‫تسيبورا شاروني في مقدمة حديثھا عن التوجه القومي في برامج التدريس في‬ ‫المدرسة العبرية ـ ضمن يوم دراسي في الكلية األتوثوذكسية بمدينة حيفا في‬ ‫عام ‪١٩٨٨‬م ـ بالجمل اآلتية‪» :‬إن جميع الجنود ممن يؤدون الخدمة العسكرية‬ ‫في المناطق المحتلة‪ ...‬أولئك الشباب الذين يسكنون أور يھودا‪ ...‬حيث عمليات‬ ‫إحراق العمال العرب‪ ...‬إن ذلك كله نتاج مدرستنا‪ ...‬نتاج البرامج التعليمية‪...‬‬ ‫نتاج التربية الرسمية وغير الرسمية‪ ...‬ولكن للتربية الرسمية نصيب األسد في‬ ‫ذلك‪ .‬إذ لم ترد كلمة واحدة في البرنامج التعليمي لليھود حول التطلع للسالم بين‬ ‫إسرائيل وجاراتھا‪ ...‬فمثالً من منا يذكر كتابا ً واحداً في الجغرافيا فيه اسم جبل‬ ‫باللغة العربية؟ ال وجود لھذا على اإلطالق؛ فالطالب يتعلمون ذلك‪ ،‬وكأنه خلق‬ ‫ھكذا‪ ...‬األسماء العربية ال وجود لھا على اإلطالق ‪ ...‬أنا ال أتكلم عن قرى‬ ‫عربية تم محوھا ‪ ..‬ال يذكرونھا قطعا ً ‪ ...‬ھل ھذه تربية؟‪ ...‬وماذا يعني كل‬ ‫ھذا؟‪ ...‬ال يوجد في الصفوف إطالقا ً خارطات تشمل الخط األخضر‪ ...‬أرض‬ ‫إسرائيل الكاملة في جميع الخارطات بما فيھا القدس والجوالن والضفة الغربية‬ ‫وقطاع غزة بوصفھا جزءاً من دولة إسرائيل«‪.‬‬ ‫الصھيونية والدين اليھودي عالقة وثيقة‪:‬‬ ‫ليس تأثير الدين اليھودي والمتدينين طارئا ً على دولة إسرائيل؛ فمنذ انطالقة‬ ‫الحركة الصھيونية وھذا التأثير مالزم لھا؛ إذ يشير ناجي علوش في كتابه‪:‬‬ ‫»األساطير والوقائع الصھيونية واألمة العربية« أن اليھود في أوروبا الغربية‬ ‫عندما نشأت الحركة الصھيونية كانوا يمرون بنوع من االنعتاق؛ ولكن االنعتاق‬ ‫أخافھم؛ ألنه يقود إلى االندماج‪.‬‬ ‫ولكن يھود أوروبا الشرقية كانوا متدينين وأكثر تمسكا ً بالتوراة وطقوسھا‪ .‬ولم‬ ‫يجد رواد الصھيونية السياسية إشكاالً في ذلك‪ ،‬ووجدوا الحل بدمج الصھيونية‬ ‫السياسية‪ ،‬بالصھيونية الدينية‪.‬‬ ‫وھذا ما قاد الصھيونية السياسية إلى تبني األفكار والرموز الدينية المألوفة لدى‬


‫‪3‬‬

‫الجماھير وتحويلھا إلى رموز وأفكار قومية في صياغة شبه دينية للبرنامج‬ ‫الصھيوني ليكون محل قبول من كافة التنوعات االجتماعية والعرقية والحضارية‬ ‫والثقافية ليھود أوروبا‪ .‬وطبيعي أن يقود ھذا إلى عالقة وثيقة بين الصھيونية‬ ‫والدين اليھودي‪.‬‬ ‫ويضيف العلوش أنه على الرغم من أن الصھيونية بدأت من رجال يبدون‬ ‫علمانيين إال أن رواد الحركة الصھيونية اندفعوا إلى الدعوة للتمسك بالدين‬ ‫وإحياء علومه ولغته ومحاربة الزواج المختلط‪.‬‬ ‫التربية العبرية تحفظ اليھودية!‬ ‫يقول الباحث الفلسطيني فارس عودة‪ :‬لعل الدارس لطبيعة المجتمع اإلسرائيلي‬ ‫يالحظ تلك المالءمة والتوافق القوي بين أھداف التربية اليھودية من جھة‬ ‫وأھداف الحركة الصھيونية وحاجات المجتمع اإلسرائيلي من جھة أخرى‪ ،‬فلقد‬ ‫كانت التربية اليھودية بخلفيتھا الدينية والتوراتية التلمودية العنصرية‪،‬‬ ‫وبفلسفتھا المستمدة من تعاليم الصھيونية العدوانية‪ ،‬ھي الوسيلة األولى واألھم‬ ‫التي استخدمت لتحقيق أھداف الصھاينة في إنشاء دولة إسرائيل وبقائھا‪.‬‬ ‫لقد جعلت الصھيونية التربية أحد األسس والركائز التي تعتمد عليھا لبناء جيل‬ ‫يھودي ووطن صھيوني‪.‬‬ ‫وھو ما أشار إليه مؤسس الحركة الصھيونية ثيودور ھرتزل في يومياته حين‬ ‫خصص التربية باعتبارھا أسلوبا ً لتحقيق ھدفه‪ ،‬فأشار إلى بعض المواد التي‬ ‫يركز عليھا في مقدمة منھاجه واعتبرھا ضرورية لذلك وھي األناشيد الوطنية‬ ‫والدين والمسرحيات البطولية‪.‬‬ ‫أما القيادي اليھودي إلياھو كوھين فرأى في المؤتمر الصھيوني الثالث‬ ‫والعشرين )‪١٩٥١‬م( أن مصير إسرائيل يرتبط بإيجاد جھاز حقيقي لتنفيذ التعليم‬ ‫والتربية حسب المبادئ الصھيونية‪.‬‬ ‫بينما أكد دافيد بن غوريون أول رئيس وزراء إلسرائيل في المؤتمر الصھيوني‬ ‫الرابع والعشرين والمنعقد عام ‪١٩٥٦‬م أنه لن يكون للحركة الصھيونية مستقبل‬ ‫بدون تربية وثقافة عبرية لكل يھودي بوصفه واجبا ً ذاتيا ً‪.‬‬ ‫واعتبر أن معرفة التوراة كفيلة بتزويد الفرد اليھودي بجذوره وأصله وعظمته‬ ‫ومستقبله‪ ،‬ويضمن ارتباطه بشعبه في مملكة إسرائيل‪ .‬ثم يسأل بن غوريون‪ :‬ما‬


‫‪4‬‬

‫الذي سيحفظ اليھودية؟! ويجيب‪» :‬إنھا التربية العبرية«‪.‬‬ ‫ويحدد وزير المعارف والثقافة اإلسرائيلي السابق زبولون ھامر أھمية التربية‬ ‫في المجتمع اإلسرائيلي بقوله‪» :‬إن صمودنا أمام التحدي الكبير الذي يواجھنا‬ ‫يتمثل في مقدرتنا على تربية قومية مرتبطة بالتعاليم الروحية اليھودية‪ ،‬تربية‬ ‫يتقبلھا الطفل راغبا ً وليس مكرھاً؛ ولھذا فإن على جھاز التعليم الرسمي‬ ‫والشعبي أن يتحمل التبعية الكبيرة للصمود أمام التحديات التي تواجه إسرائيل‪.‬‬

‫الھجرة واالستيطان‪ ...‬التوسع واالحتالل‪ ...‬التميز والتعصب‪:‬‬ ‫ويميز الدكتور وائل القاضي أستاذ التربية في جامعة النجاح الوطنية ـ والذي‬ ‫أجرى بحثا ً حول التربية في إسرائيل ـ بين األھداف المعلنة للتربية في إسرائيل‬ ‫وغير المعلنة؛ حيث يشير إلى أن األھداف المعلنة للتعليم الحكومي في إسرائيل‬ ‫والتي حددتھا المادة الثانية من قانون التربية والتعليم اإلسرائيلي لعام ‪١٩٥٣‬م‬ ‫ھي إرساء األسس في التعليم االبتدائي على قيم الثقافة اليھودية ومنجزات العلم‪،‬‬ ‫وحب الوطن‪ ،‬واإلخالص والوالء للدولة واإلعداد الطالئعي‪ ،‬والسعي لتشييد‬ ‫مجتمع قائم على الحرية والمساواة والتساھل والتعاون المتبادل‪ ،‬وحب الغير من‬ ‫البشري‪.‬‬ ‫الجنس‬ ‫وقد أعرب اليھود عن قلقھم من أنھم لم يشددوا على القيم القومية بما فيه‬


‫‪5‬‬

‫الكفاية‪ ،‬فشرعوا بإدخال موضوع الوعي اليھودي الذي صادقت عليه الكنيست‬ ‫في عام ‪١٩٧٧‬م وجاء فيه‪» :‬في التعليم االبتدائي والثانوي والعالي ستھتم‬ ‫الدولة بتعميق الوعي اليھودي بين صفوف الشبيبة اإلسرائيلية وتجذيره في‬ ‫تاريخ الشعب اليھودي وتراثه التاريخي وتقوية انتمائه الخلقي لليھودية من‬ ‫خالل إدراك المصير الواحد والمشترك والواقع التاريخي الذي يوحد يھود العالم‬ ‫واألقطار«‪.‬‬ ‫األجيال‬ ‫مختلف‬ ‫عبر‬ ‫وھكذا نجد أن الدراسة الدينية تحتل مكانا ً بارزاً في مناھج التعليم عموما ً‪ .‬وكثير‬ ‫من الموضوعات التي تعالج تحت أسماء مختلفة كـ »الوطن والتاريخ والجغرافية‬ ‫واللغة العبرية« تدرس من الزاوية الدينية‪ ،‬وتؤكد ھذه المناھج على تنمية‬ ‫والحس اليھودي لدى األطفال بقصد زيادة التركيز على صلة الطالب‬ ‫الوعي‬ ‫ّ‬ ‫اليھودي بتراثه القديم من خالل دراسته الدينية‪ .‬ويتم التركيز في ھذه المناھج‬ ‫على زرع األفكار الدينية في عقول الناشئة لتسويغ وجود رابطة دينية بينھم‬ ‫ويروجون أن‬ ‫وبين أرض فلسطين؛ م ّما يعطيھم الحق في بناء دولة لھم فيھا‪،‬‬ ‫ِّ‬ ‫إقامة دولة يھودية في فلسطين ھو تحقيق لما جاء في التوراة؛ فالرب قد اختار‬ ‫الشعب اليھودي واختار األرض‪ .‬وما دام ھذا االختيار إلھيا ً فإنه يعطي امتيازاً‬ ‫لألرض وللشعب الموعود بھا أيضا ً‪ .‬وبذلك تكون )أرض إسرائيل( مخصصة‬ ‫لبني إسرائيل وحدھم دون غيرھم‪.‬‬ ‫كما يتم التركيز أيضا ً على أن الحياة اليھودية في فلسطين لم تنقطع منذ أيام‬ ‫الرومان إلى العصور الحديثة‪ ،‬وأن دولة الكيان ھذه أنشئت في بالد قطنھا‬ ‫المحتلون والغزاة العرب طوال ‪ ١٣٠٠‬سنة‪ ،‬وأن عودة المھجرين اليھود من‬ ‫كافة أنحاء العالم وتوطينھم في فلسطين تحت ستار العودة إلى أرض الوطن‬ ‫التاريخي ليس باعتبارھم غرباء عن ھذه األرض بل باعتبارھم سكانھا األصليين‬ ‫الذين ظلوا بعيدين عنھا طوال العھود السابقة‪.‬‬ ‫ووفقا ً لما أورده الدكتور القاضي فإن األھداف الرسمية للتربية والتعليم في‬ ‫إسرائيل تتمثل بما يلي‪:‬‬ ‫أوالً‪ :‬تكوين مجتمع عضوي موحد‪.‬‬ ‫ثأنبا ً‪ :‬بناء دولة عصرية تملك أسباب القوة المادية والروحية‪.‬‬ ‫ثالثا ً‪ :‬الحفاظ على التراث اليھودي ونشره وتعميقه‪.‬‬ ‫رابعا ً‪ :‬دعم مركزية إسرائيل بين يھود العالم وااللتزام نحوھا باعتبارھا دولة‬


‫‪6‬‬

‫اليھود‪.‬‬ ‫وقد حددت السلطات التعليمية في إسرائيل ھذه األھداف إلرساء األسس التربوية‬ ‫اآلتية‪:‬‬ ‫‪ - ١‬تعميق الوعي اليھودي الصھيوني‪.‬‬ ‫‪ - ٢‬التربية على قيم القومية اليھودية الصھيونية‬ ‫‪ - ٣‬االھتمام بدور اللغة العبرية من أجل الحفاظ على التراث اليھودي وبعثه‬ ‫وتعميقه بين الشباب اإلسرائيلي؛ ولھذا فقد أصبح دورھا يفوق كافة أدوار‬ ‫التدريس؛ إذ تحتل مكانا ً بارزاً في مناھج المدارس اإلسرائيلية‪.‬‬ ‫‪ - ٤‬ترسيخ جذور الشباب اإلسرائيلي في ماضي الشعب اليھودي‪ ،‬وتراثھم‬ ‫التاريخي؛ وذلك لخلق أجيال إسرائيلية تؤمن بالمعتقدات الصھيونية التي اعتنقھا‬ ‫جيل المؤسسين )الرواد(‪ ،‬للتأكيد على )الريادة( وتصوير الرواد األوائل مؤسسي‬ ‫الدولة نماذج لالقتداء بھم‪.‬‬ ‫‪ - ٥‬التعلق باألرض‪ :‬ويرتبط ھذا الھدف مع ضرورة تكوين مجتمع موحد فيه‬ ‫الشتات اليھودي ويلتصق به‪.‬‬ ‫‪ - ٦‬فلسفة »دين العمل« ويرتبط مع الھدف السابق بوصفه أحد أركان الثقافة‬ ‫اليھودية والھدف من التعلق باألرض‪ .‬وفلسفة دين العمل بھا ھو تحقيق‬ ‫االستيطان اليھودي في النھاية على أرض إسرائيل‪.‬‬ ‫أما األھداف غير المعلنة للتربية الصھيونية فيحددھا الدكتور وائل القاضي‬ ‫باآلتي‪:‬‬ ‫* اإليمان المطلق بحق شعب إسرائيل في »أرض إسرائيل« وملكيتھم لھا‬ ‫واالستيطان فيھا من خالل التكرار والتأكيد بالحديث عن الحق التاريخي في‬ ‫»أرض إسرائيل التاريخية«‪.‬‬ ‫* تحقيق التضامن اليھودي داخل إسرائيل وخارجھا لضمان استمرار الھجرة‬ ‫اليھودية والدعم المادي إلسرائيل خاصة من يھود المھجر‪.‬‬ ‫* تكوين االستعداد لدى األجيال اإلسرائيلية اليھودية للتوسع واالحتالل والعنف‪،‬‬ ‫وكراھية العرب؛ وذلك بحجة إنقاذ األرض‪.‬‬ ‫* تأكيد الشعور بالقلق والتوتر لتحقيق استمرارية اإلحساس باالضطھاد عند‬


‫‪7‬‬

‫األجيال اليھودية المتعاقبة‪ ،‬لضمان عدم اندماج وانصھار ھذه األجيال في أي‬ ‫مجتمع آخر غير »إسرائيل«‪.‬‬ ‫* إظھار التفوق العبري الحضاري عبر العصور لتكوين اإلحساس بالتمايز‬ ‫والتفوق‪ ،‬والشعور باالستعالء عند األجيال اإلسرائيلية الجديدة‪ ،‬وعودة الشعب‬ ‫المختار إلى »األرض الموعودة«‪.‬‬ ‫* تشويه وتقزيم الصورة العربية في نظر الطالب اإلسرائيلي مقابل التأكيد على‬ ‫صورة »السوبرمان« اإلسرائيلي الذي ال يقھر‪.‬‬ ‫* تربية وتنشئة أجيال صھيونية متعصبة جداً لصھيونيتھا ودولتھا بكل‬ ‫ممارساتھا مؤمنة بذلك إيمانا ً مطلقا ً‪.‬‬ ‫وتشرب روحھا‪ .‬ويؤكد رئيس مركز‬ ‫على كل تلميذ حف ُظ مقاطع من التلمود‬ ‫ُّ‬ ‫الدراسات المعاصرة في مدينة أم الفحم الدكتور إبراھيم أبو جابر على أن الديانة‬ ‫اليھودية تعتبر مصدراً ھاما ً من مصادر الفلسفة التربوية عند اليھود؛ فلقد‬ ‫اعتمدت التربية اعتماداً كبيراً على الدين في سبيل تشكيل أجيال متشبعة بتعاليم‬ ‫التوراة والتلمود‪ ،‬من أجل ترسيخ مفاھيم معينة في نفوس الناشئة اليھودية‪.‬‬ ‫وتھدف التربية الدينية إلى تربية الطفل جسديا ً واجتماعيا ً وانفعاليا ً وعقليا ً عن‬ ‫طريق قصص من التوراة وأسفارھا‪.‬‬ ‫وفي ھذا يقول حاييم وايزمن أول رئيس لدولة إسرائيل‪» :‬عندما بلغت ما ال غنى‬ ‫عنه ألي طفل يھودي‪ ،‬وخالل السنوات التي قضيتھا في مدارس الدين تلك‪ ،‬كان‬ ‫علي لبي ھو سِ ْفر‬ ‫علي أن أدرس أشياء من أصول الديانة اليھودية‪ ،‬والذي ملك‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫األنبياء« وما يمكن مالحظته وفقا ً ألبي جابر ھو االھتمام الكبير بتدريس المواد‬ ‫الدينية في جميع مراحل التعليم ألبناء اليھود أينما وجدوا؛ حيث تأتي مادتا‬ ‫التوراة والتلمود في مقدمة الدراسات‪ ،‬وتعتبر المادتان أساسا ً وإطاراً للغايات‬ ‫التربوية؛ حيث يقول مائير بار إيالن أحد مفكري التربية اليھودية‪» :‬إن روح‬ ‫التلمود ومعرفة عامة شرائعه وآدابه يجب أن يكون جزءاً من دراسة كل يھودي‬ ‫متعلم‪ ،‬حتى وإن لم يكن سيجعل من حقل الدراسة ھذا مجاالً للعمل‪ ،‬واألمر شبيه‬ ‫بتعليم الفيزياء والرياضيات؛ فمع أنه ليس كل تلميذ يتخصص فيھما‪ ،‬وال يستخدم‬ ‫جميع ما يتعلمه فيھما في حياته العملية‪ ،‬إال أنھما ضروريتان له؛ كذلك بالنسبة‬ ‫للتلمود يجب أن يحفظ كل تلميذ مقاطع معينة منه وأن يتشرب روحھا‪.‬‬


‫‪8‬‬

‫ونورد ھنا بعض التعاليم واألحكام التي يحتويھا التلمود؛ حيث صيغت بمھارة‬ ‫فائقة‪:‬‬ ‫»اليھودي ال يخطئ إذا اعتدى على عرض األجنبية‪ ،‬فإن عقود الزواج عند‬ ‫األجانب فاسدة؛ ألن المرأة غير اليھودية بھيمة وال تعاقد مع البھائم‪ .‬يجوز‬ ‫حول اليمين وجھة أخرى‪.‬‬ ‫لليھودي أن ُيقسِ م زوراً وال جناح عليه إذا َّ‬ ‫إن أخطأ أجنبي في عملية حسابية مع يھودي فعلى اليھودي أن يقول له‪) :‬ال‬ ‫ً‬ ‫أمانة‪ ،‬ولكن حذراً؛ إذ من الجائز أن يكون األجنبي قد فعل ذلك عمداً‬ ‫أعرف( ال‬ ‫المتحان اليھودي وتجربته‪ .‬من يقتل مسلما ً أو مسيحيا ً أو أجنبيا ً أو وثنياً‪ ،‬يكافأ‬ ‫بالخلود في الفردوس وبالجلوس ھناك في السراي الرابعة«‪.‬‬ ‫يقرر التلمود أن اليھودي يعتبر عند ‪ q‬أفضل من المالئكة؛ ألن اليھود جزء من‬ ‫‪ q‬مثلما االبن جزء من أبيه‪.‬‬ ‫وال نستطيع قراءة كل ما جاء في كتب التدريس‪ ،‬ونكتفي بذكر اآلتي وھو وجود‬ ‫كتاب لتعليم القراءة تحت عنوان‪» :‬مكريؤت إسرائيل« للصفوف الدنيا من‬ ‫الصف الثالث وحتى الثامن ‪.‬‬ ‫وقد قام الدكتور دانئيل بارتنا ـ محاضر علم النفس في قسم التربية بجامعة تل‬ ‫تطرق فيھا إلى ھذا الكتاب قائالً بأنه بواسطة الكتب التعليمية تمت‬ ‫أبيب ـ بدراسة َّ‬ ‫عملية غسيل دماغ للطالب ليكرھوا العرب مما ينطوي على أبعاد مزعجة؛ إذ‬ ‫تصور العرب بمالمح سلبية‪ :‬إنھم وحوش وغير إنسانيين؛ فال يمكننا تجاھل‬ ‫النتائج التي يستنتجھا طفل لدى قراءته الخالصة واألحكام التي يخرج بھا عن‬ ‫كلھم‪.‬‬ ‫العرب‬ ‫وفي كتاب آخر لتعليم اللغة أصدرته دار النشر »ھكيبوتس ھمؤحد« في‬ ‫السبعينيات وما زال يدرس حتى يومنا‪ .‬جاء في ص ‪» :٢٧٧‬جلب اليھود روح‬ ‫التقدم واالزدھار إلى الشرق األوسط؛ بينما زاول العرب أعمال النھب والسطو‬ ‫والقتل«‪.‬‬ ‫وقد استطاعوا بث ھذه القيم في نفوس طالبھم وتحقيق ھذه األھداف عن طريق‬ ‫مناھج التعلم الموجھة بدقة‪ ،‬فإذا اطلعنا على حجم دراسة مواد الدين اليھودي‬ ‫واللغة العبرية في مناھج الصفوف االبتدائية الدنيا ) ‪ ٢‬ـ ‪ (٤‬كمثال على ذلك نجد‬ ‫أن نسبة عدد ساعات دراسة ھذه المواد تبلغ ‪ %٣٥‬في التعليم المدني بينما تبلغ‬ ‫‪ %٥١‬في التعليم الديني في الصفوف االبتدائية المشار إليھا‪.‬‬ ‫وكما أنھم ركزوا جھودھم لتحقيق ھذه األھداف عن طريق )الكم( فإنھم اعتنوا‬


‫‪9‬‬

‫أيضا ً بنوع المادة المطروحة في المناھج‪ ،‬فمنذ نعومة أظفار الطفل اليھودي‬ ‫تركز التربية التي يتلقاھا على أھداف محددة واضحة‪ ،‬ويذكر مؤلفا كتاب )فلسفة‬ ‫وأھداف تربية الطفل اليھودي في فلسطين( أن أھداف التربية في مرحلة رياض‬ ‫األطفال تندرج تحت منظومة عامة من األھداف تتلخص في »الھدف الرئيس‬ ‫وھو تكوين مجتمع موحد ويرتبط أفراده بثقافة ومشاعر مشتركة‪ ،‬ويتخاطبون‬ ‫باللغة العبرية‪ ،‬ويذكر المؤلف أن إسرائيل عنيت بتعليم األطفال اللغة العبرية‬ ‫والديانة اليھودية باعتبارھما األساس لقيام الدولة اليھودية على أرض فلسطين‪.‬‬ ‫وثمة أھداف أخرى للعملية التربوية منھا‪ :‬بناء دولة عصرية تملك أسباب القوة‬ ‫المادية والروحية‪ ،‬والمحافظة على التراث اليھودي ونشره وتعميقه بين الناشئة‬ ‫اليھود‪ .‬ولذلك أقامت إسرائيل الجامعة العبرية في القدس‪ ،‬وسعت إلى اتباع‬ ‫أحدث االتجاھات الغربية في التعليم‪ .‬وبالنسبة للمصادر التي تستمد إسرائيل منھا‬ ‫ھذه األھداف فإنھا تشمل‪:‬‬ ‫الديانة اليھودية‪ ،‬الحضارة الغربية كحضارة عقالنية علمية‪ ،‬الحركة الصھيونية‬ ‫كخالصة للتفاعل بين المصدرين األول »الدين اليھودي«‪ ،‬والمصدر الثاني‬ ‫»الحضارة الغربية«‪ ،‬والناتجة عن قيم معينة تتلخص بالريادة والعمل‪.‬‬ ‫وعن الغايات المنشودة من وراء رياض األطفال فإنھا ـ وفقا ً للمؤلف ـ تدور‬ ‫حول تھيئة األطفال للتعامل الرشيد مع عالمھم المادي واالجتماعي‪ ،‬وتثقيفھم‬ ‫بالثقافة العبرية‪ ،‬وإعدادھم لتحمل المسؤولية في المستقبل«)‪.(١‬‬ ‫وفي الحقيقة فإن األھداف التي تبلورت عبر التطور التاريخي للمؤسسة التعليمية‬ ‫)اإلسرائيلية( »قد عبرت عنھا المناھج بشكل واضح‪ ،‬وبخاصة كتب الديانات‬ ‫والتراث والتاريخ واللغة واألدب‪ ،‬حيث تتمحور حول المنطلقات التالية‪:‬‬ ‫ ھناك شعب يھودي كان في الماضي البعيد يعيش في وطنه »أرض إسرائيل«‬‫الوطن‪.‬‬ ‫لھذا‬ ‫األجنبي‬ ‫االحتالل‬ ‫بفعل‬ ‫تشتت‬ ‫ثم‬ ‫موحداً‪،‬‬ ‫ خالل سنوات »الدياسبورا‪ /‬الشتات« كان الشعب اليھودي يحلم بالعودة إلى‬‫وطنه‪ ،‬وعكست تعبيراته الدينية وموروثاته الثقافية االجتماعية ھذا الحلم‪.‬‬ ‫ مع بدء التفكير في العودة إلى الوطن‪ ،‬كان »الجوييم« األغيار ال يزالون‬‫يقيمون في ھذه البالد‪ ،‬يسيطرون عليھا أو يحتلونھا‪.‬‬ ‫ ونظراً إلى أن الوطن »القديم ـ الجديد« مأھول باألغيار‪ ،‬فثمة ضرورة للقيام‬‫بعدة اقتحامات في وقت واحد‪ ،‬أبرزھا‪ :‬اقتحام األرض ـ اقتحام العمل واإلنتاج ـ‬ ‫اقتحام الحراسة‪ ...‬إلخ‪.‬‬


‫‪10‬‬

‫ إن الروابــط الدينيــة والتاريخيـــة بين اليھـــود و »أرض إسرائيل« ھي‬‫روابط أزلية‪ /‬أبدية؛ األمر الذي يجعل العرب في البالد وكأنھم غير موجودين‪.‬‬ ‫ويظھر من خالل الدراسة التي قام بھا البروفســور أدير كوھين ـ رئيس قسم‬ ‫التربية بجامعة حيفا ـ والتي تضمنت تحليالً علميا ً ألھم ما ورد في )‪ (٤٢‬من‬ ‫كتب األطفال العديد من تلك المعالم والمنطلقات؛ إذ يكثر في ھذه الكتب الحديث‬ ‫عن مملكة داود وسليمان‪ ،‬وعن حروب الرومان واليھود‪ ،‬وعن الغزو األجنبي‬ ‫للبالد‪ ،‬وفي كل ھذه األمور وسواھا تتناول الكتب أحداثا ً مثيرة تركز على ما‬ ‫يسمى )بطوالت يھودية( ودفاعھم المستميت عن الوطن«)‪.(٢‬‬ ‫)نحن( فقط‪ ،‬وسوانا صفر‪:‬‬ ‫وقد شھد غريبون ـ بل يھود أيضا ً ـ بالنتائج البغيضة لھذه السياسة التعليمية‬ ‫التي أثمرت العنصرية واإلرھاب في أوساط اليھود‪ ،‬ففي عام ‪١٩٤٦‬م زارت‬ ‫فلسطين لجنة تحقيق إنجليزية أمريكية حول أساليب التربية الصھيونية‪،‬‬ ‫وخلُصت من التحريات التي أجرتھا بأن المدارس اليھودية‪ ،‬وھي تحت إشراف‬ ‫الطائفة اليھودية وتدار بأموالھا‪ ،‬قد أصبحت مشبعة بروح قومية ملتھبة‪ ،‬وغدت‬ ‫وسائل فعالة بالغة األثر لبث روح القومية العبرية العدوانية‪.‬‬ ‫وجه المجلس األمريكي لليھودية في مؤتمره السنوي الخامس‬ ‫وفي عام ‪١٩٥٩‬م َّ‬ ‫عشر المؤسسات التعليمية اليھودية لتجرد مناھجھا من الطابع الصھيوني‬ ‫والقومية اليھودية المتطرفة التي تنادي بھا الصھيونية‪.‬‬ ‫وخالل مناقشات الكنيست في عام ‪١٩٧٥‬م وصف النائب مائير فلنر التربية‬ ‫الصھيونية في إسرائيل بقوله‪» :‬إن التربية الصھيونية في إسرائيل تسعى إلى‬ ‫ترسيخ مشاعر التعالي القومي والعنصرية‪ ،‬ومعاداة العرب‪ ،‬والروح العسكرية‬ ‫وإنكار حقوق اآلخرين‪ ...‬إن كل سياسة الحكومة اإلسرائيلية غير إنسانية بما في‬ ‫ذلك سياستھا تجاه تربية أوالدنا«‪.‬‬ ‫ولعل المحامية اإلسرائيلية فيليتسيا النغر عبرت بصدق عن خالصة واقع التربية‬ ‫الصھيونية وھي تخاطب الشباب اليھودي الذي يھدم بيوت العرب في األراضي‬ ‫المحتلة إذ قالت‪» :‬لقد علموك منذ كنت صغيراً فن الحرب‪ ،‬وزرعوا فيك مشاعر‬ ‫التعصب القومي‪ ،‬والحقد على العرب‪ ،‬وأرادوا لك أن تحقد بكل ما أوتيت من قوة‬ ‫على العرب الذين أعدوك لمحاربتھم‪ ،‬لكي ال ترتجف يداك عندما تضغط على‬ ‫الزناد‪ ،‬وعندما دخلت المدرسة االبتدائية كان ھناك من قرر بعد اثنتي عشرة سنة‬


‫‪11‬‬

‫أنك ستكون جندياً؛ لذلك ستتركز تربيتك منذ اآلن على تعلم الحرب‪ ،‬وبدأ ذلك‬ ‫بتنمية مشاعر التفوق القومي فيك مع رصيد لك في ماضيك من إھانة لقيم‬ ‫اآلخر‪.‬‬ ‫الشعب‬ ‫»نحن فقط‪ ...‬وسوانا صفر« ھذا ما استنتجته بحق من مادة التدريس«‪ ،‬وھذا‬ ‫الشيء في مجال السياسة معناه‪» :‬لنا كل البالد ومن سوانا ال وجود لھم‪ .‬ما أتفه‬ ‫العرب‪ :‬ـ ھكذا بدوا في عينيك بالقياس إلى كل ھذا المجد‪ .‬وعندما بلغت سن‬ ‫الرشد علموك عن الطبيعة السيئة للعربي الذي ال يفھم إال لغة القوة والقسوة‪،‬‬ ‫والمستعد دائما ً أن يقضي عليك بال رحمة‪ ،‬فرددت وراءھم عبارة حكمائنا‪:‬‬ ‫»الذي ينوي قتلك سارع إلى قتله«؛ ألنه ال يوجد لك خيار طبعاً؛ لھذا فإن السالم‬ ‫سـيأتي فقط بعد أن ننتصر علـى العــرب في الحـرب؛ ألنھـم ال يفھمون إال لغة‬ ‫القوة«‪.‬‬ ‫إقبال شعبي‪:‬‬ ‫لم يكن االھتمام بالقيم التوراتية والتلمودية في التعليم الصھيوني اتجاھا ً رسميا ً‬ ‫وحسب‪ ،‬بل إنه أيضا ً يعبر عن رغبة شعبية متنامية في االتجاه إلى إلحاق‬ ‫الناشئة بالتعليم الديني التوراتي إيمانا ً منھم بالنص التوراتي الذي يقول‪» :‬من‬ ‫ٌ‬ ‫حقيقة تشير إليه‬ ‫كان له ولد فليعلمه التوراة«‪ .‬وھذا االتجاه المتنامي‬ ‫اإلحصائيات واألرقام الرسمية ـ خاصة في الفترة الزمنية األخيرة‪ ،‬حيث تشير‬ ‫معطيات نشرتھا وزارة التعليم اإلسرائيلية بمناسبة بدء اليھود العام الدراسي‬ ‫الماضي أن عدد التالميذ اليھود الملتحقين بمؤسسات ومدارس التعليم الديني في‬ ‫إسرائيل ازداد بأكثر من ‪ %١٣٠‬خالل العقد الماضي‪.‬‬ ‫وبحسب المعطيات الرسمية التي نشرتھا صحيفة »يديعوت أحرونوت« فقد‬ ‫ارتفع عدد التالميذ في أطر التعليم الديني من ‪ ٤٨‬ألف عام ‪١٩٩٠‬م إلى ‪١١١‬‬ ‫ألفا ً‬ ‫‪٢٠٠٠‬م‪.‬‬ ‫عام‬ ‫ويتضح أيضا ً أن عدد الطالب في مدارس تعليم الشريعة اليھودية )التوراة( ازداد‬ ‫في نفس الفترة بحوالي ‪%٨٨‬؛ حيث ارتفع عدد الطالب الدارسين فيھا من ‪١٧‬‬ ‫ألف طالب قبل عشر سنوات إلى ‪ ٣٢‬ألفا ً في السنة الحالية‪.‬‬ ‫وأشار مسؤولون في وزارة التعليم اإلسرائيلية إلى أن اتجاھات الزيادة القائمة‬ ‫في عدد الطالب في أطر ومؤسسات التعليم الديني ستستمر في السنة الدراسية‬ ‫المقبلة‪ ،‬ويعزو المسؤولون أسباب ازدياد اإلقبال على ھذه المؤسسات والمدارس‬ ‫إلى حمالت الدعاية‪ ،‬وتخفيضات الرسوم التي تقوم بھا شبكات التعليم الخاصة‬ ‫التابعة ألحزاب المتدينين المتزمتين‪ ،‬وال سيما الشبكة التي يديرھا حزب‬


‫‪12‬‬

‫»شاس« الديني ـ الشرقي‪.‬‬ ‫ووفقا ً للمعطيات الرسمية ذاتھا فقد سجل في مقابل ھذا االرتفاع الكبير في عدد‬ ‫طالب مؤسسات التعليم الدينية انخفاض في نسبة طالب وتالميذ جھاز التعليم‬ ‫الحكومي في إسرائيل من ‪ %٧٣‬عام ‪١٩٩٠‬م إلى ‪ %٦٧‬في العام قبل الماضي‪.‬‬ ‫ھكذا يربى اليھود أبناءھم‪ ،‬وھكذا يقبل اليھود على تعلم دينھم‪ ،‬فما موقفنا نحن‬ ‫من التعليم الديني في بالدنا ؟‬ ‫حـقائـق عـن إسـرائيـل‪:‬‬ ‫يتكون المجتمع اليھودي في إسرائيل اآلن من يھود متدينيين وغير متدينين‪.‬‬ ‫وبين مختلف الفئات ھناك األرثوذكس المتطرفون‪ ،‬وھم يغالون في التدين‬ ‫ويناوئون الصھيونية‪ ،‬وھناك من يعتبرون أنفسھم علمانيين‪ .‬ومھما يكن من أمر‬ ‫فليس ھناك خطوط واضحة بين ھذه الفئات‬ ‫وبصورة عامة يمكن القول إن‪ %٢٠‬من السكان اليھود ملتزمون بالفرائض‬ ‫والشعائر الدينية‪ ،‬وعلى ھذا األساس ھم أرثوذكس‪ .‬وھناك حوالي‪%٦٠‬‬ ‫يلتزمون بقسم من الفرائض والشعائر‪ ،‬حسب ميولھم وتقاليدھم السابقة في حين‬ ‫يعتبر ‪ %٢٠‬غير متدينين إطالقا‪.‬‬ ‫وھناك مقاييس أخرى يمكن استخدامھا لتحديد مدى التزام جمھور معين بأسلوب‬ ‫حياة متدين‪ ،‬منھا التحاق األطفال بالتيار التعليمي المتدين )‪ ،(%٣٠‬أو تصويت‬ ‫الناخبين لصالح األحزاب المتدينة )‪ ١٠‬ـ ‪ (%١٥‬المتدينون ينقسمون من حيث‬ ‫االلتزام الديني والعالقة مع الدولة لشرائح وأنواع‪:‬‬ ‫‪ - ١‬المتدينون المتزمتون )األرثوذكس أو الحريديم(‪ :‬وھم الذين يحملون أفكاراً‬ ‫معارضة لمبدأ تأسيس الدولة‪ ،‬ويشكلون غالبية التيار المتدين‪ ،‬ويسكنون أماكن‬ ‫خاصة بھم‪ ،‬ولھم أنماط حياة أيضا ً خاصة‪ ،‬منھم من يتعاملون مع الدولة‬ ‫ومؤسساتھا ويشارك ھذا التيار في االنتخابات انطالقا ً من مبدأ المصلحة أمثال‬ ‫)شاس‪ ،‬ديغل ھتوراة‪ ،‬حباد( ‪.‬‬ ‫وقسم آخر يرفض ذلك جملة وتفصي ً‬ ‫ال‪ ،‬بل يتھم دعاة الصھيونية بالزندقة‬ ‫والكفر‪ ،‬وال يحمل بعضھم الھوية اإلسرائيلية‪ ،‬أمثال جماعة ناطوري كارتا‪.‬‬ ‫‪ - ٢‬المتدينون الوطنيون‪ :‬وھم جزء من المتدينين اقتنعوا بطروحات الحركة‬ ‫الصھيونية ومبادئھا‪ ،‬فخلطوا التدين والوطنية‪ ،‬فھم يشاركون منذ قيام الدولة في‬


‫‪13‬‬

‫الحكم‪ ،‬ويخدم أبناؤھم في الجيش جنبا ً إلى جنب مع اآلخرين غير المتدينين‪،‬‬ ‫وھؤالء ينتمون لحركة )المفدال(‪.‬‬ ‫‪ - ٣‬المتدينون اإلصالحيون‪ :‬وھؤالء وجودھم قليل في إسرائيل لكون مقرھم‬ ‫الواليات المتحدة األمريكية‪ .‬وھم أشبه بالتيار التحريري لدى النصارى‬ ‫)البروتستانت(‪ ،‬وعلى صراع مرير مع المتدينين المتزمتين بحكم تحررھم في‬ ‫المسائل التعبدية‪ ،‬وتجاوزھم لكثير من المعتقدات لدى اليھود األرثوذكس‪.‬‬ ‫انتھى‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.