قراءة في الاقتصاد العالمي البروفيسور كينيث رغوف

Page 1

‫ א א د א ‬ ‫ﳎﻤﻮﻋﺔ ﻣﻘﺎﻻﺕ ﳐﺘﺎﺭﺓ ﻟﻠﱪﻭﻓﻴﺴﻮﺭ ﻛﻴﻨﻴﺚ ﺭﻭﻏﻮﻑ‬ ‫ﺃﺳﺘﺎﺫ ﻋﻠﻮﻡ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩ ﻭﺍﻟﺘﺨﻄﻴﻂ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﰲ ﺟﺎﻣﻌﺔ‬ ‫ً‬ ‫ﻫﺎﺭﻓﺎﺭﺩ ﻭﻛﺎﻥ ﺳﺎﺑﻘﺎ ﻳﺸﻐﻞ ﻣﻨﺼﺐ ﻛﺒﲑ ﺧﱪﺍء‬ ‫ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩ ﻟﺪﻯ ﺻﻨﺪﻭﻕ ﺍﻟﻨﻘﺪ ﺍﻟﺪﻭﱄ‪.‬‬

‫א دאد ‪ :‬ق א מ א د د ‬ ‫‪1‬‬


‫"ل ق א وאق א ؟‬ ‫مع تباطؤ النمو االقتصادي بشكل كبير في العديد من البلدان ذات الدخول المتوسطة‬ ‫وھبوط أسعار األصول بشكل حاد في كل القطاعات‪ ،‬فھل توشك ''أزمة الصدى''‬ ‫الحتمية في األسواق الناشئة أن تندلع بالفعل؟ بعد أعوام من مكاسب الناتج الثابتة ــ‬ ‫والقوية أحيانا ــ منذ األزمة المالية في عام ‪ ،٢٠٠٨‬بدأ التأثير المجمع المترتب على‬ ‫تباطؤ النمو الطويل األجل في الصين والنھاية المحتملة للسياسات النقدية المفرطة‬ ‫في التساھل في البلدان المتقدمة يكشف عن قدر كبير من الھشاشة‪.‬‬ ‫إن تسبب ھذه الصدمات المعتدلة نسبيا ً في إحداث مثل ھذه الصدمة العميقة في‬ ‫األسواق الناشئة يجعل المرء يتساءل عن حجم المشاكل التي قد يحدثھا تحول أكثر‬ ‫دراماتيكية‪ .‬فھل تملك األسواق الناشئة القدرة على الرد‪ ،‬وما السياسات التي قد‬ ‫تجلبھا جولة جديدة من اإلقراض من ِق َبل صندوق النقد الدولي؟ وھل تعلم صندوق‬ ‫النقد الدولي أخيراً من أزمة منطقة اليورو أن أعباء الديون العامة والخاصة تشكل‬ ‫عوائق كبيرة تحول دون النمو‪ ،‬وأنه ينبغي له أن يزيد من التشديد على أھمية شطب‬ ‫الديون وإعادة ھيكلتھا؟‬ ‫كانت السوق وحشية بشكل خاص في التعامل مع البلدان التي تحتاج إلى تمويل‬ ‫عجز كبير في الحساب الجاري‪ ،‬مثل البرازيل والھند وجنوب إفريقيا وإندونيسيا‪.‬‬ ‫ومن حسن الحظ أن مزيجا ً من أسعار الصرف المرنة والخدمات الدولية القوية‬ ‫واألنظمة النقدية المحسنة والتحول بعيداً عن الديون بالعمالت األجنبية من شأنه أن‬ ‫يوفر قدراً من الحماية‪.‬‬ ‫ومع ذلك فإن سنوات من الشلل السياسي وتأجيل اإلصالحات البنيوية أدت إلى خلق‬ ‫نقاط ضعف‪ .‬ال شك أن بعض البلدان مثل األرجنتين وفنزويال كانت مفرطة في‬ ‫اعتمادھا على أسعار السلع األساسية المواتية والظروف المالية الدولية الميسرة‬ ‫لتوليد النمو‪ .‬لكن األوقات الطيبة حجبت نقاط الضعف في العديد من البلدان األخرى‬ ‫أيضا‪.‬‬ ‫ويشكل تباطؤ النمو مصدراً للقلق أعظم كثيراً من تقلبات أسعار األصول األخيرة‪،‬‬ ‫حتى ولو استولت ھذه التقلبات على المزيد من العناوين الرئيسة‪ .‬فال تزال أسواق‬ ‫األسھم والسندات في البلدان النامية تعاني نقص السيولة نسبيا ً حتى بعد االزدھار‬ ‫الطويل‪ .‬وبالتالي فإن حتى أكثر التحوالت تواضعا ً في المحافظ االستثمارية تظل‬ ‫‪2‬‬


‫قادرة على إحداث تقلبات كبيرة في األسعار‪ ،‬بل ربما يتفاقم األمر سوءاً عندما‬ ‫يذھب التجار بعيداً في عطالت آب )أغسطس(‬ ‫حتى وقت قريب‪ ،‬كان المستثمرون الدوليون يعتقدون أن توسيع محافظھم‬ ‫االستثمارية في األسواق الناشئة أمر بدھي‪ .‬وكان العالم النامي ينمو بشكل جيد في‬ ‫حين كانت البلدان المتقدمة راكدة تقريبا‪ .‬وبدأت الشركات تنتبه إلى وجود طبقة‬ ‫متوسطة متنامية وقادرة ليس فقط على دعم النمو االقتصادي‪ ،‬بل أيضا ً االستقرار‬ ‫السياسي‪ .‬وحتى البلدان التي احتلت المراتب األقرب إلى القاع في مؤشرات الفساد‬ ‫العالمية ــ على سبيل المثال روسيا ونيجيريا ــ كانتا تتباھيان بارتفاع عدد السكان‬ ‫من المنتمين إلى الطبقة المتوسطة وارتفاع الطلب على السلع االستھالكية‪.‬‬ ‫إن اتخاذ خطوة نحو تطبيع الفوارق في أسعار الفائدة ــ التي أدى التيسير الكمي إلى‬ ‫خفضھا بشكل مبالغ فيه ــ ليس باألمر الذي قد يكون مدعاة للذعر‪ .‬وال ينذر تراجع‬ ‫أسعار السندات بعد بتكرار أزمة الديون في أمريكا الالتينية في ثمانينيات القرن‬ ‫العشرين أو األزمة المالية اآلسيوية في أواخر التسعينيات‪ .‬والواقع أن بعض‬ ‫األسواق الناشئة ــ على سبيل المثال كولومبيا ــ كانت تصدر ديونا ً عامة بفوارق‬ ‫متدنية إلى حد غير مسبوق في أسعار الفائدة مع سندات الخزانة األمريكية‪ .‬وال بد‬ ‫أن وزراء مالية ھذه البلدان أدركوا‪ ،‬برغم ابتھاجھم إزاء انخفاض تكاليف االقتراض‬ ‫إلى مستويات قياسية في بلدانھم‪ ،‬أن ھذا قد ال يدوم طويال‪.‬‬ ‫إذا تحول التباطؤ في األسواق الناشئة إلى شيء أكثر سوءا‪ ،‬اآلن أو في غضون‬ ‫بضع سنوات‪ ،‬فھل يكون العالم مستعدا؟ ھنا أيضا ً سنجد سببا ً جديا ً للقلق‪.‬‬ ‫إن النظام المصرفي العالمي ال يزال ضعيفا ً بشكل عام‪ ،‬خاصة في أوروبا‪ .‬وھناك‬ ‫قدر كبير من عدم اليقين يحيط بالكيفية التي قد يتعامل بھا صندوق النقد الدولي مع‬ ‫أزمة في سوق ناشئة بعد تجربتھا في أوروبا‪ ،‬حيث اضطر إلى الموازنة بين‬ ‫السياسات الرامية إلى تشجيع التغير البنيوي المطلوب بشدة في منطقة اليورو وتلك‬ ‫الرامية إلى الحفاظ على النمو االقتصادي في األمد القريب‪ .‬وھذا موضوع مؤجل‬ ‫ليوم آخر‪ ،‬لكن التجربة األوروبية أثارت تساؤالت صعبة حول ما إذا كان صندوق‬ ‫النقد الدولي يتعامل وفقا ً لمعايير مزدوجة مع البلدان األوروبية )حتى تلك مثل‬ ‫اليونان التي ھي في الحقيقة من األسواق الناشئة‪).‬‬ ‫وإننا لنأمل بطبيعة الحال أال تتطور األمور إلى ھذا الحد‪ .‬ويبدو من غير المرجح أن‬ ‫يتخلى المستثمرون الدوليون عن األسواق الناشئة حاليا‪ ،‬خاصة أن آفاقھا في األمد‬ ‫البعيد ال تزال تبدو أفضل كثيراً من آفاق االقتصادات المتقدمة‪.‬‬ ‫‪3‬‬


‫وال بد أن يكون التباطؤ في األسواق الناشئة بمنزلة طلقة تحذير بأن شيئا ً أشد سوءاً‬ ‫قد يحدث‪ .‬وال نملك اآلن إال األمل في أن يكون العالم أفضل استعداداً مما ھو عليه‬ ‫اآلن في حال وصول ذلك اليوم‪.‬‬

‫א ‪ $‬א ‪ #‬و و وא د א ‬ ‫منذ فجر العصر الصناعي‪ ،‬كان ھناك خوف متكرر من أن يؤدي التغير التكنولوجي‬ ‫إلى البطالة الجماعية‪ .‬ولقد توقع الكالسيكيون الجدد أال يحدث ھذا‪ ،‬ألن الناس سوف‬ ‫يجدون وظائف أخرى‪ ،‬ولو بعد فترة طويلة من التعديالت المؤلمة‪ .‬ولقد أثبتت ھذه‬ ‫التوقعات صحتھا إلى حد كبير‪.‬‬ ‫إن مائتي عام من اإلبداع المبھر منذ فجر العصر الصناعي كان نتاجه ارتفاع‬ ‫مستويات معيشة الناس العاديين في أنحاء كثيرة من العالم‪ ،‬ولم يصاحب ذلك ميل‬ ‫حاد إلى ارتفاع مستويات البطالة‪ .‬صحيح أن األمر لم يخل من العديد من المشاكل‪،‬‬ ‫وأھمھا نوبات من التفاوت الشديد بين الناس وحروب مروعة‪ ،‬ولكن في اإلجمال‪،‬‬ ‫وفي قسم كبير من العالم‪ ،‬أصبحت أعمار الناس أطول‪ ،‬وأصبحوا يعملون لساعات‬ ‫أقل‪ ،‬وباتت حياتھم أكثر صحة في عموم األمر‪.‬‬ ‫ولكن ال شك أن التغير التكنولوجي في الوقت الحاضر أصبح في تسارع متزايد‪،‬‬ ‫وھو ما قد يؤدي إلى اختالالت أشد عمقا‪ .‬في المقال الشھير المنشور عام ‪،١٩٨٣‬‬ ‫أبدى رجل االقتصاد العظيم فاسيلي ليونتيف قلقه من أن تكون وتيرة التغير‬ ‫التكنولوجي الحديث سريعة إلى الحد الذي قد يصبح معه العديد من العمال العاجزين‬ ‫عن التكيف مھجورين‪ ،‬مثل الخيول بعد ظھور السيارات‪ .‬ولكن ھل انتھت الحال‬ ‫بالماليين من العمال إلى مصانع الغراء كما حدث مع الخيول؟‬ ‫مع ارتفاع األجور اآلسيوية‪ ،‬بدأ مديرو المصانع بالفعل في البحث عن الفرص‬ ‫لالستعاضة عن الموظفين بالروبوتات‪ ،‬وحتى في الصين‪ .‬ومع ظھور الھواتف‬ ‫الذكية الرخيصة التي غذت طفرة في الوصول إلى شبكة اإلنترنت‪ ،‬فإن المشتريات‬ ‫على الشبكة من شأنھا أن تزيل عدداً كبيراً من وظائف البيع بالتجزئة‪ .‬وتشير‬ ‫الحسابات غير الرسمية إلى أن التغير التكنولوجي قد يؤدي بسھولة إلى خسارة ما‬ ‫بين خمسة إلى عشرة ماليين عامل لوظائفھم سنويا ً على مستوى العالم‪.‬‬

‫‪4‬‬


‫ھناك مثل غريب ولكنه مفيد من عالم شطرنج المحترفين‪ .‬ففي سبعينيات وثمانينيات‬ ‫القرن الماضي‪ ،‬أعرب كثيرون عن مخاوفھم من تحول العبي الشطرنج إلى ذكرى‬ ‫من الماضي إذا أصبح بوسع أجھزة الكمبيوتر أن تلعب الشطرنج بشكل أفضل من‬ ‫الالعبين من البشر‪ .‬وأخيراً في عام ‪ ،١٩٩٧‬تمكن برنامج ''ديب بلو'' من إنتاج‬ ‫شركة آي بي إم من ھزيمة بطل العالم في الشطرنج جاري كاسباروف في مباراة‬ ‫قصيرة‪ .‬وسرعان ما بدأ رعاة بطوالت الشطرنج المحتملين في االمتناع عن دفع‬ ‫الماليين من الدوالرات الستضافة مباريات البطوالت بين البشر‪ .‬وتساءلوا‪'' :‬أليس‬ ‫الكمبيوتر ھو بطل العالم''؟‬ ‫واليوم ال يزال العبو القمة القليلون قادرين على الحياة في ترف‪ ،‬ولكن بدرجة أقل‬ ‫مما كانت عليه أيام ذروة نجوميتھم‪ .‬من ناحية أخرى‪ ،‬وباألرقام الحقيقية )بعد‬ ‫التعديل وفقا ً للتضخم(‪ ،‬فإن ما يكسبه الالعبون من الدرجة الثانية من البطوالت‬ ‫والمعارض أصبح أقل كثيراً مما كانوا يكسبونه في سبعينيات القرن الماضي‪.‬‬ ‫ولكن أمراً غريبا ً حدث‪ :‬فاليوم أصبح عدد الناس الذين يتكسبون كالعبي شطرنج‬ ‫محترفين أكبر كثيراً من أي وقت مضى‪ .‬فبفضل إتاحة برامج الكمبيوتر والقدرة‬ ‫على خوض المباريات على شبكة اإلنترنت‪ ،‬حدث ما يشبه الطفرة المصغرة في‬ ‫االھتمام بالشطرنج بين الالعبين الشباب في العديد من بلدان العالم‪.‬‬ ‫وينظر العديد من اآلباء إلى الشطرنج باعتباره بديالً جذابا ً أللعاب الفيديو التي ال‬ ‫تحتاج إلى أي مجھود عقلي‪ .‬بل إن قِلة من البلدان‪ ،‬مثل أرمينيا ومولدوفا‪ ،‬أصدرت‬ ‫تشريعات تقضي بتعليم الشطرنج في المدارس‪ .‬ونتيجة لھذا فإن اآلالف من الالعبين‬ ‫اليوم يكسبون دخوالً طيبة إلى حد مذھل بتعليم الشطرنج لألطفال‪.‬‬ ‫على سبيل المثال‪ ،‬يكسب معلمو الشطرنج البارعون في العديد من المدن األمريكية‬ ‫ما يصل إلى ‪ ١٥٠ - ١٠٠‬دوالرا في الساعة‪ .‬أي أن العب الشطرنج الذي كان‬ ‫عاطالً عن العمل باألمس أصبح اليوم قادراً على تحقيق دخل من ستة أرقام إذا كان‬ ‫على استعداد للعمل لعدد كاف من الساعات‪ .‬والواقع أن ھذا مجرد مثال إلسھام‬ ‫التكنولوجيا فعليا ً في تعادل الدخول‪ .‬فالعبو الشطرنج من الدرجة الثانية الذين‬ ‫يتمتعون بملكة التعليم يكسبون غالبا ً ما يعادل ما يكسبه العبو البطوالت ــ أو أكثر‪.‬‬ ‫إن التغير التكنولوجي ليس كله جوانب إيجابية‪ ،‬والتحوالت قد تكون مؤلمة‪ .‬فقد‬ ‫يكون أحد عمال صناعة السيارات العاطلين عن العمل في ديترويت قادراً تماما ً‬ ‫على إعادة تدريب نفسه للعمل في وظيفة فنية بمستشفى‪ ،‬ولكنه بعد أعوام من‬ ‫االعتزاز بعمله قد يكون كارھا ً بشدة لقبول مثل ھذا التحول‪.‬‬ ‫‪5‬‬


โ ซู ุฃู ุง ุฃุนุฑู ุฃุญุฏ ุฃุณุงุชุฐุฉ ุนุงู ู ุงู ุดุทุฑู ุฌโ ช ุ โ ฌู ุงู ู ุจู ุนุดุฑู ู ุนุงู ุง ู ู ุนุชุฒ ุจู ุฌุงุญู ู ู ู ุณุจโ ฌ โ ซุงู ู ุงู ู ู ุงู ุจุทู ุงู ุชโ ช .โ ฌุงู ุดู ุฃู ุงู ุชุบู ุฑ ุงู ุชู ู ู ู ู ุฌู ฺพุฐู ุงู ู ุฑุฉ ู ุฏ ู ู ู ู ู ุฎุชู ู ุงโ ชุ โ ฌโ ฌ โ ซู ู ู ุจุบู ู ู ู ุฑุก ุฃู ู ู ู ู ุญุฑู ุตุง ู ู ู ุงุณุชู ุฑุงุก ุชุฌุงุฑุจ ุงู ู ุฑู ู ู ุงู ู ุงุถู ู ู ู ุชุทุจู ู ฺพุงโ ฌ โ ซุนู ู ุงู ู ุฑู ู ู ุงู ู ู ุจู ู ู โ ช.โ ฌโ ฌ โ ซุจุทุจู ุนุฉ ุงู ุญุงู โ ช ุ โ ฌู ู ุงู ู ุฑุฌุญ ุฃู ู ุดฺพุฏ ุจุนุถ ุงู ุฒู ุงุฏุฉ ู ู ู ุนุฏุงู ุช ุงู ุจุทุงู ุฉ ู ุชู ุฌุฉ ู ู ุชุบู ุฑโ ฌ โ ซุงู ุชู ู ู ู ู ุฌู ุงุฃู ู ุซุฑ ุณุฑุนุฉโ ช ุ โ ฌู ุจุฎุงุตุฉ ู ู ุฃู ุงู ู ู ุซู ุฃู ุฑู ุจุงโ ช ุ โ ฌุญู ุซ ุชุญู ู ู ู ุฑุฉ ู ู โ ฌ โ ซุฃุณุจุงุจ ุงู ุฌู ู ุฏ ุฏู ู ุงู ุชู ู ู ุงู ุณู ุณโ ช .โ ฌู ู ู ู ู ู ุงู ู ู ุช ุงู ุญุงุถุฑ ู ู ุจุบู ู ู ุง ุฃู ู ุนุฒู โ ฌ โ ซุงุฑุชู ุงุน ู ุณุชู ู ุงุช ุงู ุจุทุงู ุฉ ุนู ู ู ุฏู ุงุฃู ุนู ุงู ุงู ุนุฏู ุฏุฉ ุงู ู ุงุถู ุฉ ุฅู ู ุงุฃู ุฒู ุฉ ุงู ู ุงู ู ุฉ ู ู โ ฌ โ ซุงุฃู ุณุงุณโ ช ุ โ ฌู ุงู ุจุฏ ู ู ู ฺพุงู ุฉ ุงู ู ุทุงู ุฃู ุชุชุฑุงุฌุน ุงู ุจุทุงู ุฉ ู ุญู ู ุณุชู ู ุงุชฺพุง ุงู ุชุงุฑู ุฎู ุฉโ ช.โ ฌโ ฌ โ ซู ุงู ุจุดุฑ ู ู ุณู ุง ุฎู ู ุงู โ ฌ

โ ซื โ ช #โ ฌู ู ู ุฏื ื ู ื โ ฌ โ ซุญุชู ู ู ู ู ุง ฺพุฐุงโ ช ุ โ ฌู ุนุจุช ุงู ู ุณู ุฑุฉ ุงู ุนู ู ุฏุฉ ู ู ุชู ู ู ู ู ุฌู ุง ู ุงู ุนู ู ู ุฉ ุฏู ุฑุง ฺพุงุฆุงู ู ุตุงู ุญโ ฌ โ ซุงู ุนู ุงู ุฉ ุฐุงุช ุงู ู ฺพุงุฑุฉ ุงู ุนุงู ู ุฉโ ช ุ โ ฌู ุณุงุนุฏุช ู ู ุชุบุฐู ุฉ ู ุณุชู ู ุงุช ุบู ุฑ ู ุณุจู ู ุฉ ู ู ุงู ุชู ุงู ุชโ ฌ โ ซู ู ุงู ุฏุฎู ู ู ุงู ุซุฑู ุงุช ู ู ู ุฎุชู ู ุฃู ุญุงุก ุงู ุนุงู ู โ ชู .โ ฌุชุฑู ฺพู ุชู ุชฺพู ุจู ุง ุงู ุญุงู ุฅู ู ุญุฑุจโ ฌ โ ซุทุจู ู ุฉ ู ุชุฌุฏุฏุฉโ ช ุ โ ฌู ุน ุตุนู ุฏ ุงู ุญู ู ู ุงุช ุงู ุดุนุจู ู ุฉ ุฅู ู ุงู ุณู ุทุฉโ ช ุ โ ฌู ุชู ุณู ุนฺพุง ู ุญุฏู ุฏ ุฅุนุงุฏุฉโ ฌ โ ซุชู ุฒู ุน ุงู ุฏุฎู ู โ ช ุ โ ฌู ุชุฃู ู ุฏฺพุง ุนู ู ู ุฏุฑ ุฃุนุธู ู ู ุณู ุทุฑุฉ ุงู ุฏู ู ุฉ ุนู ู ุงู ุญู ุงุฉ ุงุงู ู ุชุตุงุฏู ุฉุ โ ฌ โ ซุงู ุดู ุฃู ุงู ุชู ุงู ุช ู ู ุงู ุฏุฎู ู ู ุดู ู ุงู ุชฺพุฏู ุฏ ุงุฃู ุนุธู ู ุงู ุณุชู ุฑุงุฑ ุงุงู ุฌุชู ุงุนู ู ู โ ฌ โ ซู ุฎุชู ู ุฃู ุญุงุก ุงู ุนุงู ู โ ช ุ โ ฌุณู ุงุก ู ุงู ุฐู ู ู ู ุงู ู ุงู ู ุงุช ุงู ู ุชุญุฏุฉโ ช ุ โ ฌุฃู ุงู ุจู ุฏุงู ุงู ู ุงู ุนุฉ ุนู ู โ ฌ โ ซุงู ู ุญู ุท ุงู ุฎุงุฑุฌู ุฃู ู ุฑู ุจุงโ ช ุ โ ฌุฃู ุงู ุตู ู โ ช .โ ฌู ู ู ู ู ุจุฏู ุฃู ู ู ู ุงู ุณฺพู ุนู ู ู ุง ุฃู ู ู ุณู ุฃู โ ฌ โ ซู ู ู ุงู ุณู ู โ ช ุ โ ฌุฅุฐุง ู ุณู ู ุญ ู ฺพุง ุจุงู ู ุฏุฑ ุงู ู ุงู ู ู ู ุงู ุญุฑู ุฉโ ช ุ โ ฌู ุฏ ุชู ุนุจ ู ู ุงู ู ฺพุงู ุฉ ุฏู ุฑุง ู ุนุฒุฒุงโ ฌ โ ซู ุงู ุณุชู ุฑุงุฑโ ช .โ ฌุงุฃู ู ุฑ ุจุจุณุงุทุฉ ุฃู ู ู ู ู ุง ู ุงู ุช ู ู ุงู ุฃุฉ ุงู ุนู ุงู ู ู ุฐู ู ุงู ู ฺพุงุฑุฉ ุงู ุนุงู ู ุฉ ุฃู ุจุฑโ ชุ โ ฌโ ฌ โ ซู ุงู ุงู ุญุงู ุฒ ุฅู ู ุงู ุจุญุซ ุนู ุณุจู ู ุงู ู ุชุตุงุฏ ู ู ุงุณุชุฎุฏุงู ู ู ุงฺพุจฺพู ุฃุนุธู โ ช.โ ฌโ ฌ โ ซุฅู ุนุงู ู ุงู ุดุทุฑู ุฌโ ช ุ โ ฌุงู ุฐู ุชุฑุจุทู ู ุจู ุฃู ู ุฉ ู ุซู ู ุฉโ ช ุ โ ฌู ู ุถุญ ุจุฌุงู ุก ุตุงุฑุฎ ุงู ู ู ู ู ุฉ ุงู ุชู ู ุฏโ ฌ โ ซุชุฌุนู ุงุฅู ุจุฏุงุน ู ู ุงู ุนู ู ุฏ ุงู ู ู ุจู ุฉ ู ุคุซุฑ ุนู ู ุงุฃู ุฌู ุฑ ุงู ู ุณุจู ุฉ ุจุดู ู ู ุฎุชู ู ุชู ุงู โ ฌ โ ซุงุงู ุฎุชุงู ู ุนู ุง ู ุงู ุช ุงู ุญุงู ุนู ู ู ุนู ู ู ุฏู ุงู ุนู ู ุฏ ุงู ุซุงู ุซุฉ ุงู ู ุงุถู ุฉโ ช.โ ฌโ ฌ โ ซู ู ุฃู ุงุฎุฑ ุงู ู ุฑู ุงู ู โ ช ูกูจโ ฌู ุฃู ุงุฆู ุงู ู ุฑู ุงู ู โ ช ุ ูกูฉโ ฌุฌุงุจ ุนู ุงุตู ุงู ุนุงู ู "ุฅู ุณุงู ุขู ู "โ ฌ โ ซู ุจุฏุน ุฅู ู ุญุฏ ุงู ุนุจู ุฑู ุฉ ู ู ุนุจ ุงู ุดุทุฑู ุฌโ ช .โ ฌู ู ู ุฏ ู ุงุฒ ฺพุฐุง ุงุฅู ู ุณุงู ุงุขู ู ู ุงู ุฐู ุฃุทู ู ุนู ู ู โ ฌ โ ซุงุณู "ุงู ุชุฑู ู " ู ู ู ุจุงุฑู ุงุช ุถุฏ ุฃุดุฎุงุต ู ุซู ู ุงุจู ู ู ู ู ุจู ู ุงู ู ู ู ุฑุงู ู ู ู ู โ ช ุ โ ฌู ู ุญู ู โ ฌ โ ซโ ช6โ ฌโ ฌ


‫تحدى العديد من العقول العظيمة في اختراق أسراره‪ .‬كان إخفاء العب من البشر‬ ‫في حجيرة متنقلة وسط متاھة من العُدد المبھرة المظھر خادعا إلى حد كبير‪ ،‬حتى‬ ‫أن األمر استغرق عقودا من الزمان قبل أن يتوصل الناس إلى تخمين الكيفية التي‬ ‫عمل بھا "التركي" حقا‪.‬‬ ‫واليوم انقلبت الحيلة رأسا على عقب‪ :‬حيث تتظاھر اآلالت التي تلعب الشطرنج‬ ‫بأنھا العبين من البشر‪ .‬والواقع أن برامج الشطرنج على أجھزة الحاسب اآللي‬ ‫الشخصية تمكنت على مدى العقد الماضي من التفوق على أفضل الالعبين البشريين‬ ‫إلى حد كبير‪ ،‬وتحول الغش إلى آفة متنامية‪ .‬وأخيرا أصدر االتحاد الفرنسي‬ ‫للشطرنج قرارا بإيقاف ثالثة من أفضل العبيه بتھمة التآمر للحصول على المساعدة‬ ‫من كمبيوتر‪) .‬من المثير لالھتمام أن أحد السبل الرئيسة لكشف الغش تتلخص في‬ ‫استخدام أحد برامج الكمبيوتر الستكشاف ما إذا كانت نقالت الالعب تماثل‬ ‫الخيارات المفضلة لدى أفضل برامج الشطرنج على الكمبيوتر‪(.‬‬ ‫بطبيعة الحال‪ ،‬ھناك العديد من األمثلة األخرى ألنشطة كان من المعتقد ذات يوم‬ ‫أنھا من غير الممكن أن تخرج عن مجال البشر من ذوي الحدس البديھي‪ ،‬ولكن‬ ‫الكمبيوتر أصبح يھيمن عليھا اآلن‪ .‬فاليوم ھناك العديد من المدارس والمعلمين الذين‬ ‫يستخدمون برامج الكمبيوتر لفحص المقاالت بحثا عن احتماالت االنتحال والسرقة‬ ‫األدبية‪ ،‬وھي الجريمة القديمة التي أصبح ارتكابھا بالغ السھولة بفضل اإلنترنت‪ .‬بل‬ ‫إن تصنيف المقاالت باالستعانة بالكمبيوتر أصبح علما قويا‪ ،‬حيث أظھرت بعض‬ ‫الدراسات أن تقييم الكمبيوتر أكثر عدال وانسجاما وإفادة من تقييم المعلم المتوسط‪،‬‬ ‫وإن لم يكن بالضرورة أفضل من تقييم المعلم المتميز‪.‬‬ ‫وتكتسب أنظمة الكمبيوتر الخبيرة المزيد من ال ِث َقل أيضا في عالم الطب‪ ،‬والقانون‪،‬‬ ‫والتمويل‪ ،‬بل وحتى الترفيه‪ .‬وفي ضوء ھذه التطورات‪ ،‬فھناك من األسباب الوجيھة‬ ‫ما يدعونا إلى اعتقاد جازم بأن اإلبداع التكنولوجي سيقودنا في نھاية المطاف إلى‬ ‫تحويل العديد من المھارات التي تبدو اآلن ثمينة وفريدة من نوعھا إلى سلع تباع‬ ‫وتشترى‪.‬‬ ‫ذات يوم‪ ،‬قمت وأحد زمالئي من جامعة ھارفارد‪ ،‬كينيث فرووت‪ ،‬بدراسة تحركات‬ ‫األسعار النسبية لعدد من السلع على مدة فترة تمتد لـ ‪ ٧٠٠‬عام‪ .‬وما أثار دھشتنا أننا‬ ‫وجدنا أن األسعار النسبية للحبوب والمعادن والكثير من السلع األساسية كانت تميل‬ ‫إلى العودة على اتجاه مركزي وسطي على مدى فترات طويلة إلى حد كبير‪ .‬ولقد‬ ‫انتھينا إلى أنه على الرغم من تأثر القيم النسبية باكتشافات عشوائية وظواھر جوية‬ ‫‪7‬‬


‫وتكنولوجيات جديدة لفترات معينة من الزمن‪ ،‬فإن التفاوت الناتج في األسعار من‬ ‫شأنه أن يخلق الحوافز التي تشجع المبدعين على تركيز المزيد من االنتباه على‬ ‫السلع التي ترتفع أسعارھا بشكل كبير‪.‬‬ ‫ال شك أن البشر ليسوا سلعا‪ ،‬لكن المبدأ نفسه قابل للتطبيق عليھم‪ .‬فمع ارتفاع‬ ‫تكاليف اليد العاملة الماھرة على نحو متزايد نسبة إلى اليد العاملة غير الماھرة‪ ،‬ينشأ‬ ‫لدى الشركات حافز أعظم للبحث عن سبل "للغش والتحايل" من خالل استخدام‬ ‫بدائل للمدخالت المرتفعة التكاليف‪ .‬وقد يستغرق ھذا التحول عقودا من الزمان‪ ،‬لكنه‬ ‫قد يأتي أيضا بسرعة أكبر مما نتخيل‪ ،‬بينما يعمل الذكاء االصطناعي على تغذية‬ ‫الموجة التالية من اإلبداع واالبتكار‪.‬‬ ‫وربما يحاول العمال المھرة توحيد قواھم لحمل الحكومات على تمرير القوانين‬ ‫والتنظيمات التي تحد من قدرة الشركات على جعل وظائفھم ذكرى من الماضي‪.‬‬ ‫ولكن إذا ظل النظام التجاري العالمي مفتوحا أمام المنافسة‪ ،‬فإن قدرة العمال المھرة‬ ‫على إحباط التكنولوجيات الموفرة لأليدي العاملة إلى ما ال نھاية لن تكون أفضل أو‬ ‫أنجح كثيرا من المحاوالت التي بذلھا العمال غير المھرة في الماضي‪.‬‬ ‫وقد يعمل الجيل التالي من التقدم التكنولوجي أيضا على تعزيز قدر أعظم من‬ ‫المساواة في الدخول من خالل تسوية وتمھيد أرض الملعب في مجال التعليم‪ .‬إن‬ ‫الموارد التعليمية ‪ -‬وخاصة الموارد التعليمية للتعليم الجامعي ‪ -‬محدودة للغاية في‬ ‫البلدان األكثر فقرا في وقتنا الحالي‪ ،‬مقارنة بالبلدان الغنية‪ ،‬وحتى وقتنا ھذا أسھمت‬ ‫أجھزة الكمبيوتر وشبكة اإلنترنت في تفاقم الفارق‪.‬‬ ‫ولكن ھذه الحال ليست دائمة بالضرورة‪ .‬ال شك أن التعليم العالي تعرض للنمط‬ ‫نفسه من الموجات التكنولوجية الكاسحة التي ضربت صناعة السيارات وصناعة‬ ‫اإلعالم‪ ،‬بين صناعات أخرى‪ .‬وإذا امتدت عملية تحويل التعليم إلى سلعة إلى مناھج‬ ‫الكليات ذات المستوى األدنى على األقل‪ ،‬فإن التأثير على التفاوت في الدخول قد‬ ‫يكون عميقا‪.‬‬ ‫يبدو أن العديد من المعلقين يتصورون أن الفجوة المتزايدة بين األغنياء والفقراء‬ ‫نتاج حتمي النتشار العولمة والتكنولوجيا‪ .‬وھم يرون أن الحكومات ستضطر إلى‬ ‫التدخل جذريا في األسواق بھدف استعادة التوازن االجتماعي‪.‬‬ ‫وأنا في واقع األمر ال أتفق معھم‪ .‬صحيح أننا نحتاج إلى أنظمة ضريبية تصاعدية‬ ‫حقيقية‪ ،‬كما نحتاج إلى احترام حقوق العاملين‪ ،‬ووضع سياسات سخية للمساعدة من‬ ‫‪8‬‬


‫جانب البلدان الغنية‪ .‬ولكن الماضي ليس بالضرورة مقدمة ألحداث الحقة‪ :‬ففي ظل‬ ‫المرونة الملحوظة التي تتمتع بھا قوى السوق‪ ،‬سيكون من الحماقة‪ ،‬إن لم يكن من‬ ‫الخطورة بمكان‪ ،‬أن نتوقع زيادة في التفاوت في الدخول النسبية في العقود المقبلة‬ ‫من خالل استقرائنا لالتجاھات األخيرة‪.‬‬

‫*دود د) א ( ' & ن؟‬ ‫انخرط المستثمرون العالميون في نوبة من الغضب الشديد إزاء القرار الذي اتخذته‬ ‫دبي بالسماح لرائدة شركاتھا الخاصة‪ ،‬شركة دبي العالمية‪ ،‬بالسعي إلى التوقف لمدة‬ ‫ستة أشھر )مما يعني ضمنا ً على األقل التخلف جزئيا ً عن سداد الديون( عن سداد‬ ‫أقساط ديونھا التي بلغت ‪ ٢٦‬مليار دوالر أمريكي‪ .‬ولكن ماذا توقع المستثمرون‬ ‫بالضبط حين اشتروا سندات في شركات تحمل أسما ًء مثل ''عالم بال‬ ‫حدود‪ ،'' LimitlessWorld‬وھي إحدى الشركات العقارية المفلسة التابعة لدبي‬ ‫العالمية؟ يبدو أننا نتحدث ھنا عن عقلية الفقاعة‪.‬‬ ‫أظن أن الفكرة وراء ذلك كانت أن حكومة اإلمارة ستقف وراء كل قرض‪ ،‬مھما‬ ‫بلغت درجة المجازفة المرتبطة به‪ .‬وإن لم تتمكن حكومة دبي التي تفتقر إلى النفط‬ ‫من توفير المال الكافي‪ ،‬فإن شقيقتھا أبو ظبي الغنية بالنفط ستسارع على نحو ما إلى‬ ‫تقديم المال الالزم‪.‬‬ ‫قد يتصور المرء أنه توقع سخيف ومناف للعقل‪ .‬ولكنه ربما ال يكون أبعد احتماالً‬ ‫من عديد من عمليات اإلنقاذ الھائلة األخرى التي شھدناھا في مختلف أنحاء العالم‬ ‫في أعقاب األزمة المالية األخيرة‪ .‬إن ما أزعج المستثمرين حقا ً ھو أنھم أدركوا‬ ‫بطبيعة الحال أن ضمانات الديون التي ال يمكن تبريرھا البد‪ ،‬أن ُتسحب ذات يوم‪.‬‬ ‫وفي النھاية فإن عالمنا الذي أفرط في اإلنفاق باالستدانة البد وأن يجد طريقة لخفض‬ ‫أعباء الديون‪ ،‬ولن يكون ھذا جميالً في مجمله‪.‬‬ ‫وھناك أولئك الذين يجدون متعة بالغة فيما يعتبرونه عقابا ً طبيعيا ً لطموحات دبي‪.‬‬ ‫وأنا ال أشاطرھم ھذا الرأي‪ .‬صحيح أن دبي بجزرھا االصطناعية‪ ،‬وفنادقھا التي‬ ‫تشبه مدينة البندقية‪ ،‬ومالعب التنس على أسطح المساكن‪ ،‬تشكل قصراً من رمال‬ ‫في عالم الواقع‪ .‬ولكن دبي أظھرت أيضا ً لبقية بلدان الشرق األوسط ما تستطيع‬ ‫روح المبادرة التجارية تحقيقه من إنجاز‪.‬‬

‫‪9‬‬


‫فقد أصبح مطارھا مركزاً عالميا ً بالغ األھمية إلى الحد الذي اضطر الجھات‬ ‫التنظيمية في ألمانيا أخيرا إلى إرغام طيران اإلمارات على رفع أسعار السفر إلى‬ ‫فرانكفورت‪ ،‬خشية أن تفقد شركة لوفتھانزا الوطنية قسما ً أكبر مما ينبغي من‬ ‫أعمالھا‪ .‬فضالً عن ذلك فقد تحولت دبي‪ ،‬بما تتمتع به من أسواق رأس المال‬ ‫وأسواق السلع المفتوحة نسبياً‪ ،‬إلى مركز تجاري ليس فقط بالنسبة لمنطقة الشرق‬ ‫األوسط بالكامل‪ ،‬بل وأيضا ً بالنسبة ألجزاء من إفريقيا وآسيا‪ .‬وفي عشية األزمة‬ ‫المالية‪ ،‬كانت بلدان خليجية أخرى قد بدأت في التطلع إلى دبي بحثا ً عن األفكار‬ ‫بشأن الكيفية التي قد تتمكن بھا من تنويع اقتصادھا واالستمرار في االزدھار بعد أن‬ ‫تجف آبار النفط‪.‬‬ ‫صحيح أن دبي دولة التمويل خاضع لرقابة محكمة وسرية‪ .‬والواقع أن االفتقار إلى‬ ‫المعلومات التفصيلة بشأن التمويل في اإلمارات كان السبب األساسي الذي جعل‬ ‫عجز دبي العالمية عن سداد ديونھا يشكل مثل ھذه الصدمة الشديدة‪.‬‬ ‫ولكن ال شك أن حكام دبي كانوا متسامحين مع حرية التعبير على أكثر من نحو‪.‬‬ ‫فقبل عام تقريبا ً حضرت أمسية من العروض في جامعة دبي شارك فيھا فنانون‬ ‫محليون‪ .‬ولقد عرض أحد الفنانين‪ ،‬وھو مصور إماراتي‪ ،‬تسلسالً زمنيا ً بصريا ً‬ ‫لتشييد إحدى محطات قطار األنفاق الجديد في دبي‪ .‬لقد عايش ذلك الفنان التحول‬ ‫المذھل الذي طرأ على دولته على مدى ‪ ١٣‬عاما الماضية‪ ،‬والذي كان مدفوعا ً‬ ‫بطفرة من البناء والتشييد من ذلك النوع الذي قد نربطه بأسرع المدن نمواً في‬ ‫الصين‪ ،‬وليس في الشرق األوسط‪.‬‬ ‫وبدالً من الثناء ببساطة على مشاريع البناء الجديدة التي تتولى الحكومة إقامتھا‪ ،‬أكد‬ ‫الفنان على المدى الذي بلغه ذلك التغيير من تنافر في نظر المواطنين المتقدمين في‬ ‫السن‪ .‬فكيف للمرء أن يتفاعل مع األشكال الجامدة المنبثقة من رمال الصحراء‬ ‫القاحلة رغم ما تتمتع به من قدر عظيم من المھابة؟ وق َّدم فنان آخر رؤيته لكيفية‬ ‫استخدام اإلضاءة الخارجية لتحويل المآذن‪ ،‬ومساعدتھا في البروز من بين البنايات‬ ‫الضبابية الحديثة التي أصبحت من بين المعالم المميزة لھذه المدينة المعاصرة في‬ ‫الشرق األوسط‪ .‬وكانت رؤاه رائعة‪ ،‬وراديكالية على نحو واضح‪ .‬وال يملك المرء‬ ‫إال أن ينبھر إزاء إمكانية التعبير عن مثل ھذه األفكار علنا ً‪.‬‬ ‫إن كل من ھم على دراية بدبي يدركون أن ھذه مجرد أمثلة بسيطة لقدر أعرض‬ ‫اتساعا ً من اإلبداع الذي احتضنته الدولة والذي سمح للبالد باجتذاب أھل النخبة من‬ ‫المھنيين األجانب في عالم التمويل والصناعات‪ .‬وھذا أشبه بما جرى في الواليات‬ ‫‪10‬‬


‫المتحدة‪ ،‬حيث لعب أھل النخبة من األجانب دوراً رئيسا ً في تنمية وتطوير صناعات‬ ‫الخدمات المختلفة في دبي‪.‬‬ ‫ال شك أن بلدانا ً أخرى في منطقة الخليج لديھا من اإلنجازات المذھلة ما يستحق‬ ‫الفخر‪ .‬فقد اكتسبت شركة النفط الوطنية في السعودية خبرات محلية في حفر اآلبار‬ ‫والتنقيب عن النفط جعلتھا محل إعجاب في الغرب‪ .‬كما أحرزت قطر نجاحا ً في‬ ‫عالم اإلعالم في قناة ''الجزيرة''‪ ،‬في حين ساعدت أبو ظبي في رعاية تطورات‬ ‫ملحوظة في عالم الذكاء االصطناعي من خالل دعمھا لشطرنج الكمبيوتر‪ .‬ولكن‬ ‫دبي‪ ،‬التي ال تمتلك إال أقل القليل من الذھب األسود نجحت في تحقيق الكثير‬ ‫باالستعانة بموارد أقل كثيراً مما تتمتع به أي دولة أخرى في المنطقة‪.‬‬ ‫ولكن من المؤسف أن دبي أثبتت في النھاية أنھا خاضعة لقوانين الجاذبية المالية‪.‬‬ ‫ولم تكن ھذه المرة مختلفة‪ .‬فقد أدت عمليات المضاربة واالقتراض الضخمة إلى‬ ‫أعباء ديون مفرطة‪ ،‬ثم في النھاية العجز عن السداد‪.‬‬ ‫ولكن أھذه نھاية طريق النمو الھائل الذي حققته دبي؟ أشك في ھذا‪ .‬فقد عجزت‬ ‫البلدان في مختلف أنحاء العالم وفي مختلف عصور التاريخ عن سداد ديونھا ثم‬ ‫واصلت الحياة من بعد ذلك‪ ،‬بل وعادت إلى سابق رخائھا وازدھارھا‪ .‬ربما ال تكون‬ ‫ھناك وسيلة لاللتفاف حول احتياج دبي إلى إعادة الھيكلة وتقليم تجاوزاتھا قبل أن‬ ‫تتمكن من استئناف مسار نمو أكثر قدرة على االستدامة‪ ،‬رغم أن تحقيق ھذه الغاية‬ ‫سيستغرق بعض الوقت‪.‬‬ ‫ولكن ھل تنتقل العدوى إلى البلدان الضعيفة المعرضة للخطر في أوروبا وغيرھا‬ ‫من مناطق العالم؟ ليس اآلن‪ .‬فرغم أن حالة دبي ليست مختلفة‪ ،‬إال أنھا تشكل حالة‬ ‫خاصة‪ ،‬لذا فإن التأثير على ثقة المستثمر سيظل محصوراً في الوقت الحالي‪ ،‬ولكن‬ ‫المستثمرين يتعلمون اآلن عبر الطريق الصعب أن إمكانيات وموارد أي دولة في‬ ‫العالم ليست بال حدود‬

‫א * ط א ‪ ,‬د א ز ن א * מ‬ ‫يبدو أن معركة إبدال بن برنانكي رئيس مجلس االحتياطي الفيدرالي األمريكي قد‬ ‫بدأت‪ .‬وقد يتوقع المرء أن يتم تحديد رئاسة بنك االحتياطي الفيدرالي ــ ثاني أقوى‬ ‫منصب رسمي في الواليات المتحدة كما يقال‪ ،‬وثاني أقوى منصب مالي على‬ ‫مستوى العالم بكل تأكيد ــ بواسطة كوكبة خاصة من محافظي البنوك المركزية‪.‬‬ ‫‪11‬‬


‫ولكن حقيقة األمر ھي أن االختيار يقوم إلى حد كبير على تقدير رئيس الواليات‬ ‫المتحدة‪ .‬لذا‪ ،‬فاسمحوا لي باستعراض اثنين من المرشحين الرئيسيين للمنصب‪،‬‬ ‫وزير الخزانة األمريكية األسبق لورانس سامرز‪ ،‬ونائبة رئيس بنك االحتياطي‬ ‫الفيدرالي الحالية جانيت يلين‪.‬‬ ‫الواقع أن سامرز ويلين من ألمع الخبراء الذين يتمتعون بخبرة واسعة في مجال‬ ‫الخدمة العامة‪ .‬وفي حين تبدو الصحافة السائدة عازمة على استكشاف المرشحين‬ ‫وكأنھا مبارزة بين شخصيتين متناقضتين‪ ،‬فالحقيقة ھي أن كالً من المرشحين مؤھل‬ ‫بشكل جيد للغاية‪ .‬وعالوة على ذلك فإن المعروف عن كل منھما أنھما يعتقدان أن‬ ‫بنك االحتياطي الفيدرالي ال ينبغي له أن يركز بشكل مفرط على استقرار األسعار‬ ‫نسبة إلى البطالة‪ .‬وبطبيعة الحال كان مثل ھذا االنحياز الحمائمي ليصبح عائقا؛‬ ‫غير أنه اليوم يشكل ميزة‪.‬‬ ‫أثبتت البنوك المركزية في مختلف أنحاء العالم أھمية الكفاءة الفنية في السياسة‬ ‫النقدية بشكل متكرر‪ .‬ووفقا ً لبحث نشر في عام ‪ ٢٠٠٣‬بواسطة الخبيرين‬ ‫االقتصاديين كريستينا رومر وديفيد رومر‪ ،‬فإن جودة السياسة النقدية تعتمد بشكل‬ ‫حاسم على ما إذا كان محافظو البنوك المركزية يتمتعون بفھم واضح ودقيق لعملية‬ ‫صنع السياسات والتضخم‪ .‬والواقع أن عشرينيات وثالثينيات وسبعينيات القرن‬ ‫العشرين كانت عامرة بأمثلة من محافظي البنوك المركزية الذين لم يفھموا‬ ‫األساسيات‪ ،‬والذين دفعت اقتصادات بلدانھم ثمن عدم فھمھم‪.‬‬ ‫عادة‪ ،‬ينظر المرء إلى رأس البنك المركزي بوصفه حصنا ً ضد الضغوط السياسية‬ ‫الرامية إلى خفض أسعار الفائدة وزيادة نسبة التضخم‪ .‬والواقع أن البحث الذي‬ ‫أجريته في عام ‪ ١٩٨٥‬عن التضخم واستقالل البنوك المركزية‪ ،‬أظھر أنه في‬ ‫األوقات العادية يميل المرء عموما ً إلى الرغبة في وجود محافظ للبنك المركزي‬ ‫يركز على استقرار األسعار نسبة إلى البطالة بشكل أكبر‪ ،‬مقارنة بما قد يوليه‬ ‫المواطن المطلع العادي من اھتمام الستقرار األسعار‪ .‬والواقع أن تنصيب رئيس‬ ‫''محافظ'' للبنك المركزي يساعد على اإلبقاء على توقعات التضخم تحت السيطرة‪،‬‬ ‫وبالتالي اإلبقاء على أسعار الفائدة الطويلة األجل منخفضة وتخفيف الضغوط‬ ‫الصعودية المفروضة على األجور واألسعار‪.‬‬ ‫على مدى السنوات الـ ‪ ٢٥‬الماضية‪ ،‬كان شعار ''استھداف التضخم'' )الذي قدمته‬ ‫ألول مرة في بحث لي نشر في عام ‪ ،(١٨٩٥‬يخدم كآلية الحتواء توقعات التضخم‬

‫‪12‬‬


‫من خالل طمأنة الجمھور فيما يتصل بنيات البنك المركزي‪ .‬ولكن التركيز المفرط‬ ‫على أھداف التضخم قد يكون ھ ّداما في أعقاب أسوأ أزمتين ماليتين في ‪ ٧٥‬عاما‪.‬‬ ‫وبدالً من القلق بشأن التضخم‪ ،‬ينبغي للبنوك المركزية أن تركز على تحفيز‬ ‫االقتصاد‪ .‬فالمشكلة الحقيقية ھي أن البنوك المركزية قامت بعمل جيد في إقناع عامة‬ ‫الناس بأن التضخم ھو الشر األعظم‪ ،‬حتى بات من الصعب عليھا أن تقنع أي‬ ‫شخص بأنھا اآلن جادة بشأن تحفيز االقتصاد‪ .‬ومن ھنا فإن تعيين أحد ''الحمائم'' لن‬ ‫يكون بالفكرة السيئة على اإلطالق‪.‬‬ ‫وقد اكتسبت يلين بالفعل سمعة طيبة بوصفھا إحدى الحمائم داخل بنك االحتياطي‬ ‫الفيدرالي األمريكي‪ ،‬حيث أظھرت خطبھا باستمرار انزعاجا ً شديداً إزاء ارتفاع‬ ‫معدالت البطالة اليوم‪ .‬وبرغم أن عديدا من المنتمين إلى جناح اليسار ينظرون إلى‬ ‫سامرز باعتباره رجالً محافظا ً إلى حد مثير للريبة‪ ،‬فإن ھذه ليست الحال عندما‬ ‫يتعلق األمر بالتضخم‪ .‬والواقع أن بحثه في عام ‪ ١٩٩١‬حول السياسة النقدية يستشھد‬ ‫به على نطاق واسع بوصفه من بين أوائل األبحاث التي ساقت الحجج لمصلحة‬ ‫تجنب أھداف التضخم المنخفضة للغاية‪ ،‬جزئيا ً من أجل إعطاء البنك المركزي‬ ‫مجال أكبر لخفض أسعار الفائدة إلى مستويات أدنى‪ .‬وفي ذلك الوقت كان من‬ ‫الواضح أن سامرز ينظر إلى نفسه باعتباره من حمائم السياسة النقدية‪'' :‬كنت ألدعم‬ ‫تعيين أي مسؤول عن السياسة النقدية يحمل في نفسه قدراً أكبر مما أحمله من نفور‬ ‫من زيادة التضخم‪''.‬‬ ‫إذا كانت األوقات الطبيعية تستدعي وجود محافظ للبنك المركزي يساعد على إرساء‬ ‫توقعات التضخم‪ ،‬فإن لحظتنا ھذه ھي الوقت النادر الذي يتطلب وجود محافظ للبنك‬ ‫المركزي أكثر بعداً عن التقليدية وعازم على مكافحة توقعات التضخم‪ .‬إن نسخة‬ ‫البنك المركزي من خلوة الكرادلة في الفاتيكان سوف تواجه صعوبة شديدة في اتخاذ‬ ‫القرار حول إرسال اإلشارة إلى يلين أو إلى سامرز ــ أو ربما لشخص آخر ''نائب‬ ‫آخر من نواب رئيس بنك االحتياطي الفيدرالي السابقين‪ ،‬وھو دونالد كون‪ ،‬الذي‬ ‫يبدو اآلن مناسبا'' يبدي توجھات مماثلة‬

‫‪13‬‬


‫‪,0‬و א ذ"‪.‬‬ ‫من حيث المبدأ‪ُ ،‬ي َعد االحتفاظ بالذھب‬ ‫شكالً من أشكال التأمين ضد الحرب‪،‬‬ ‫والكوارث المالية‪ ،‬وانھيار قيمة‬ ‫العملة‪ .‬ومنذ بداية األزمة المالية‬ ‫العالمية‪ ،‬كان سعر الذھب يصور‬ ‫غالبا ً كمقياس للشعور بانعدام األمن االقتصادي‪ .‬ھل يشكل انھيار أسعار الذھب إذن‬ ‫ــ من الذروة التي بلغتھا بنحو ‪ ١٩٠٠‬دوالر لألوقية في آب )أغسطس( ‪ ٢٠١١‬إلى‬ ‫أقل من ‪ ١٢٥٠‬دوالرا في بداية تموز )يوليو( ‪ ٢٠١٣‬ــ تصويتا ً على الثقة‬ ‫باالقتصاد العالمي؟‬ ‫تعرضُ كل السمات الكالسيكية لفقاعة انتفخت ثم انفجرت‬ ‫إن القول إن سوق الذھب ِ‬ ‫ُي َعد في واقع األمر إفراطا ً في التبسيط‪ .‬ال شك أن االرتفاع الھائل الذي سجلته أسعار‬ ‫الذھب إلى أن بلغت ذروتھا‪ ،‬بعد أن كانت نحو ‪ ٣٥٠‬دوالرا لألوقية في تموز‬ ‫)يوليو( ‪ ،٢٠٠٣‬جعل لعاب المستثمرين يسيل‪ .‬وسيرتفع السعر اليوم ألن الجميع‬ ‫أصبحوا مقتنعين بأنه سيرتفع غداً إلى مستويات أعلى‪.‬‬ ‫وقد بدأ األطباء وأطباء األسنان في بيع األسھم وشراء عمالت ذھبية‪ .‬وارتفع الطلب‬ ‫على المشغوالت الذھبية في الھند والصين إلى عنان السماء‪ .‬وبدأت البنوك‬ ‫المركزية في األسواق الناشئة في تنويع احتياطياتھا والتحول من الدوالرات إلى‬ ‫الذھب‪.‬‬ ‫والواقع أن الحجة المؤيدة لشراء الذھب تتألف من عناصر عدة قوية‪ .‬فقبل عشرة‬ ‫أعوام كان الذھب يباع بأسعار أقل كثيراً من متوسطه المعدل وفقا ً للتضخم في األمد‬ ‫البعيد‪ ،‬وكان دمج ثالثة مليارات من مواطني األسواق الناشئة في االقتصاد العالمي‬ ‫سببا ً في دفعة عمالقة للطلب في األمد البعيد‪.‬‬ ‫ويظل ھذا الجانب من القصة قائما‪ .‬فقد أضافت األزمة المالية العالمية إلى جاذبية‬ ‫الذھب‪ ،‬بسبب الخوف في مستھل األمر من أزمة كساد أعظم ثانية‪ .‬ثم في وقت‬ ‫الحق‪ ،‬أبدى بعض المستثمرين تخوفھم من أن تطلق الحكومة العنان للتضخم من‬ ‫أجل تخفيف عبء الديون العامة الھائلة ومعالجة مشكلة البطالة الملحة‪.‬‬

‫‪14‬‬


‫ومع خفض البنوك المركزية ألسعار الفائدة الرسمية إلى الصفر‪ ،‬لم يكترث أحد أن‬ ‫الذھب ال يدر أي فائدة‪ .‬لذا فمن قبيل الھراء أن نقول إن االرتفاع في سعر الذھب‬ ‫كان مجرد فقاعة‪ .‬لكن من الصحيح أيضا ً أنه مع ارتفاع السعر‪ ،‬سعى عدد متزايد‬ ‫من المستثمرين السذج إلى شرائه‪.‬‬ ‫في اآلونة األخيرة‪ ،‬انقلبت األساسيات في االتجاه المعاكس بعض الشيء بطبيعة‬ ‫الحال‪ ،‬كما انقلب أيضا ً جنون المضاربة بدرجة أكبر‪ .‬ويستمر االقتصاد الصيني في‬ ‫الضعف والتباطؤ؛ كما انخفض معدل النمو في الھند بشكل حاد عن المستوى الذي‬ ‫كان عليه قبل بضع سنوات‪ .‬لكن في المقابل‪ ،‬وعلى الرغم من التخفيضات التلقائية‬ ‫غير الحكيمة‪ ،‬يبدو أن االقتصاد األمريكي بدأ يتماثل للشفاء تدريجيا‪ .‬فقد ارتفعت‬ ‫أسعار الفائدة العالمية ‪ ١٠٠‬نقطة أساس منذ بدأ بنك االحتياطي الفيدرالي األمريكي‬ ‫يقترح ــ قبل األوان في اعتقادي ــ أنه سيبدأ في تقليص سياسة التيسير الكمي‪.‬‬ ‫ومع تأكيد بنك االحتياطي الفيدرالي األمريكي على انحيازه القوي ضد التضخم‪،‬‬ ‫فمن األصعب أن نزعم أن المستثمرين يحتاجون إلى الذھب كوسيلة للتحوط ضد‬ ‫ارتفاع معدالت التضخم‪ .‬وكما بدأ األطباء وأطباء األسنان الذين كانوا يشترون‬ ‫العمالت الذھبية قبل عامين في التخلص منھا اآلن‪ ،‬فليس من الواضح بعد عند أي‬ ‫نقطة سيتوقف االتجاه الھابط لألسعار‪ .‬يستھدف البعض حاجز األلف دوالر المقنع‬ ‫نفسيا‪.‬‬ ‫الواقع أن الحجة لمصلحة أو ضد الذھب لم تتغير إلى ھذا الحد منذ عام ‪،٢٠١٠‬‬ ‫عندما كتبت آخر مرة عنھا‪ .‬ففي تشرين األول )أكتوبر( من ذلك العام‪ ،‬كان سعر‬ ‫الذھب ــ األصل المضاربي المكتمل القائم على اليقين ــ كان في طريقه إلى‬ ‫االرتفاع‪ ،‬عندما بلغ ‪ ١٣٠٠‬دوالر للتو‪ .‬لكن الحجة الحقيقية لتبرير االحتفاظ به‪،‬‬ ‫آنذاك كما ھي الحال اآلن‪ ،‬لم تكن قط مرتبطة بالمضاربة‪ .‬بل إن الذھب بدالً من‬ ‫ذلك وسيلة تحوط‪ .‬فإذا كنت مستثمراً ذا قيمة صافية مرتفعة‪ ،‬أو صندوق ثروة‬ ‫سيادية‪ ،‬فمن المنطقي تماما ً أن تحتفظ بنسبة صغيرة من أصولك في ھيئة ذھب‬ ‫كوسيلة تحوط ضد أحداث متطرفة‪.‬‬ ‫وقد يكون االحتفاظ بالذھب منطقيا ً أيضا ً بالنسبة للطبقة المتوسطة واألسر الفقيرة في‬ ‫البلدان التي تقيد إلى حد كبير القدرة على الوصول إلى استثمارات مالية أخرى ــ‬ ‫مثل الصين والھند‪ .‬وبالنسبة ألغلب اآلخرين فإن الذھب مجرد مقامرة أخرى‪ .‬وكما‬ ‫ھي الحال مع كل المقامرات فھي ليست بالضرورة رابحة‪.‬‬

‫‪15‬‬


โ ซู ู ุง ู ู ุชุญุฏุฏ ุงู ุญู ู ู ุงุช ุณุนุฑ ุงู ุฐฺพุจ ุจุญุฒู โ ช ุ โ ฌู ู ุง ู ุนู ุช ู ุจู ุงู ุญุฑุจ ุงู ุนุงู ู ู ุฉ ุงุฃู ู ู ู โ ชุ โ ฌโ ฌ โ ซู ุฅู ุณู ู ุงู ุฐฺพุจ ุณุชู ู ู ุฎุทุฑุฉ ู ู ุชู ู ุจุง ู ุญุชู ุงโ ช .โ ฌู ู ุฏุฑุงุณุฉ ู ุดุฑุช ู ู ู ุงู ู ู ุงู ุซุงู ู โ ฌ โ ซ)ู ู ุงู ุฑ(โ ช ุ โ ฌู ุธุฑ ุงู ุฎุจู ุฑุงู ุงุงู ู ุชุตุงุฏู ุงู ู ู ู ุฏ ุฅุฑุจ ู ู ุงู ุจู ฺพุงุฑู ู ู ู ู ู ุงุฐุฌ ุนุฏุฉโ ฌ โ ซู ุญุชู ู ุฉ ู ู ุณุนุฑ ุงุฃู ุณุงุณู ู ู ุฐฺพุจโ ช ุ โ ฌู ู ุฌุฏุง ุฃู ุงู ุฐฺพุจ ู ู ุฃู ุถู ุงุฃู ุญู ุงู ุงู ู ุฑุชุจุท ุจุฃู โ ฌ โ ซู ู ฺพุง ุฅุงู ู ู ุจุนู ุฏโ ช .โ ฌู ุจุฏุงู ู ู ู ุฐู ู ู ุฅู ุณุนุฑ ุงู ุฐฺพุจ ู ู ุฌุฑู ุจุนู ุฏุงู ู ู ู ุซู ุฑ ู ู ุงุฃู ุญู ุงู โ ฌ โ ซุฅู ุง ุฅู ู ุฃุนู ู ุจู ุซู ุฑ ุฃู ุฃุฏู ู ุจู ุซู ุฑ ู ู ู ู ู ุชู ุงุฃู ุณุงุณู ุฉ ุงู ุทู ู ู ุฉ ุงุฃู ุฌู ู ู ุชุฑุงุช ู ู ุชุฏุฉโ ช.โ ฌโ ฌ โ ซ)ู ุงู ู ุฎุชู ู ฺพุฐุง ุงู ุณู ู ู ุจุทุจู ุนุฉ ุงู ุญุงู ุนู ุณู ู ู ุงู ุนุฏู ุฏ ู ู ุงุฃู ุตู ู ุงู ู ุงู ู ุฉโ ฌ โ ซุงุฃู ุฎุฑู โ ช ุ โ ฌู ุซู ุฃุณุนุงุฑ ุงู ุตุฑู ุฃู ุฃุณุนุงุฑ ุงุฃู ุณฺพู โ ช ุ โ ฌู ู ู ุฃู ุชู ู ุจุงุช ุณุนุฑ ุงู ุฐฺพุจ ู ุฏ ุชู ู ู โ ฌ โ ซุฃู ุซุฑ ุชุทุฑู ุงโ ช).โ ฌโ ฌ

โ ซื โ ช12โ ฌื ุฒื ู &"ู ู ื ู โ ฌ โ ซุงู ุชุฒุงู ุงู ู ุตุงุฑู ุงู ู ุฑู ุฒู ุฉ ุงู ู ุจุฑู ุนู ู ู ุณุชู ู ุงู ุนุงู ู ู ุณุชู ุฑุฉ ู ู ุงุฅู ุนุฑุงุจ ุนู โ ฌ โ ซู ู ู ฺพุง ุฅุฒุงุก ุงู ุชุฃุซู ุฑุงุช ุงู ุชุถุฎู ู ุฉ ุบู ุฑ ุงู ู ุจุงุดุฑุฉ ุงู ู ุงุฌู ุฉ ุนู ุงู ุฌฺพู ุฏ ุงู ุชู ุชุจุฐู ฺพุงโ ฌ โ ซู ู ู ุงู ุญุฉ ุงู ุฑู ู ุฏโ ช ุ โ ฌู ฺพุฐุง ุฎุทุฃ ู ุงุถุญโ ช .โ ฌู ุนู ู ุฎู ู ู ุฉ ุงู ู ุฎุงุทุฑ ุงู ุณู ุงุณู ุฉ ู ุงุงู ุฌุชู ุงุนู ุฉโ ฌ โ ซู ุงุงู ู ุชุตุงุฏู ุฉ ุงู ู ุชุฑุชุจุฉ ุนู ู ุงุณุชู ุฑุงุฑ ุงู ู ู ู ุงู ุจุทู ุก ุจุนุฏ ุฃุฒู ุฉ ู ุงู ู ุฉ ุงู ุชุชู ุฑุฑ ุฃู ุซุฑ ู ู โ ฌ โ ซู ุฑุฉ ู ุงุญุฏุฉ ู ู ู ู ู ุฑู ู ู ุงู ุฒู ุงู โ ช ุ โ ฌุงู ู ุดู ู ู ุฏุฑุง ู ุนุชุฏุงู ู ู ุงู ุชุถุฎู ุงู ู ุณุชุฏุงู ุฃู ุฑุงู โ ฌ โ ซู ุฏุนู ุฅู ู ุงู ู ู ู โ ช .โ ฌุจู ุฅู ุงุฃู ู ุฑ ุนู ู ุงู ุนู ุณ ู ู ุฐู ู โ ช ุ โ ฌู ุงู ุจุฏ ู ู ุชุจู ู ฺพุฐุง ุงู ุดู ู ู ู โ ฌ โ ซุงู ุชุถุฎู ู ู ุฃุบู ุจ ุงู ู ู ุงุทู โ ช.โ ฌโ ฌ โ ซู ู ุนู ุงู ุญุฌุฉ ู ู ุตู ุญุฉ ุงู ุชุถุฎู ุงู ู ุนุชุฏู ''ู ู ู ู ู ุจู ุณุจุฉ โ ช ูคโ ฌุฅู ู โ ช ูฆโ ฌู ู ุงู ู ุงุฆุฉ ุณู ู ู ุง''โ ฌ โ ซู ู ุณุช ู ู ู ุนุฉ ุชู ุงู ุง ู ุฃู ู ฺพุง ู ุฑุฏุช ุนู ุฏ ุจุฏุงู ุฉ ุงุฃู ุฒู ุฉโ ช ุ โ ฌุญู ู ู ุง ุฃุซุฑุช ุงู ู ุถู ุฉ ุฃู ู ู ู ุฑุฉโ ช.โ ฌโ ฌ โ ซู ุขู ุฐุงู โ ช ุ โ ฌู ุนู ู ุฎู ู ู ุฉ ุชุฑุฏุฏ ุงู ุญู ู ู ุฉ ู ู ู ุฑุถ ุดุทุจ ุงู ุฏู ู ู โ ช ุ โ ฌู ุถุงู ู ุนู ุฃุณุนุงุฑโ ฌ โ ซุงู ู ุณุงู ู ุงู ุญู ู ู ู ุฉ ุงู ู ุจุงู ุบ ู ู ุชู ุฏู ุฑฺพุง ุฅู ู ุญุฏ ู ุจู ุฑ ู ุงุฃู ุฌู ุฑ ุงู ุญู ู ู ู ุฉ ุงู ู ู ุฑุทุฉ ู ู โ ฌ โ ซุจุนุถ ุงู ู ุทุงุนุงุชโ ช ุ โ ฌู ุงู ุงู ุชุถุฎู ุงู ู ุนุชุฏู ู ู ุตุจุญ ู ู ู ุฏุงู ู ู ุบุงู ุฉโ ช.โ ฌโ ฌ โ ซู ุจุทุจู ุนุฉ ุงู ุญุงู โ ช ุ โ ฌู ุงู ุงุฅู ุฌู ุงุน ู ู ุฐู ู ุงู ู ู ุช ุนู ู ุฃู ุงู ุชุนุงู ู ุงู ู ู ู ุฃุตุจุญ ู ุงุจโ ฌ โ ซู ู ุณู ู ุฃู ุฃุฏู ู โ ช ุ โ ฌู ู ุงู ู ู ุงู ุญู ุงู ุฉ ุฃู ู ุชู ุชุจู ู ฺพุฑุทู ุฉ ุงู ุชุถุฎู โ ช .โ ฌู ู ู ู ู ู ู ุช ุฃุฑู โ ฌ โ ซุฎุงู ู ุง ู ู ุฐู ู โ ช ุ โ ฌุงุณุชู ุงุฏุงู ุฅู ู ุงู ุจุญุซ ุงู ุฐู ู ุงู ุนู ู ู ู ุชุงุจู ุฃู ุง ู ู ุงุฑู ู ุฑุงู ู ฺพุงุฑุชโ ช'' ุ โ ฌฺพุฐู โ ฌ โ ซุงู ู ุฑุฉ ู ุฎุชู ู ุฉ''โ ช .โ ฌู ุจุฏุฑุงุณุฉ ุงุฃู ุฒู ุงุช ุงู ู ุงู ู ุฉ ุงู ุนู ู ู ุฉ ุงู ุณุงุจู ุฉโ ช ุ โ ฌู ุงู ู ุฏู ู ุง ู ู ุฃุณุจุงุจ ุงู ู ู ู โ ฌ โ ซู ู ุฃู ู ู ู ู ุงู ุญุฏุงุฑ ุชุดุบู ู ุงู ุนู ุงู ุฉ ุนู ู ู ุง ู ุฅู ู ุญุฏ ุงู ู ุงุฑุซุฉ ู ุฃู ู ู ู ู ุงู ุชุนุงู ู ุจุทู ุฆุง ู โ ฌ โ ซุฅู ู ุญุฏ ุบู ุฑ ุนุงุฏู โ ช .โ ฌู ู ุงู ุงู ุชู ู ู ู ุงู ุณู ู ู ู ู ู ุฎุงุทุฑ ู ู ุงุฃู ู ุฏ ุงู ู ุชู ุณุท ู ู ุณุงุนุฏ ู ู โ ฌ โ ซโ ช16โ ฌโ ฌ


‫تبرير استنتاجي في كانون األول )ديسمبر( ‪ ٢٠٠٨‬والذي كان ببساطة أن ''األمر‬ ‫سيتطلب استخدام كل أداة متاحة إلصالح األزمة المالية الحالية التي ال تتكرر سوى‬ ‫مرة واحدة كل قرن‪''.‬‬ ‫وبعد مرور خمس سنوات‪ ،‬بلغت الديون العامة والخاصة والخارجية مستويات‬ ‫قياسية في العديد من الدول‪ .‬وال تزال الحاجة قائمة إلى تعديالت نسبية ھائلة لألجور‬ ‫بين الدول الواقعة على أطراف أوروبا ودول القلب‪ .‬ولكن يبدو أن البنوك المركزية‬ ‫الكبرى على مستوى العالم لم تلحظ ذلك‪.‬‬ ‫والمشكلة ھي أن الركود الحالي ليس عاديا‪ ،‬والكثير من الناس لم يبدأوا االحتفال‬ ‫بعد‪ ،‬ناھيك عن اإلفراط في االحتفال‪ .‬صحيح أن األمر ال يخلو من المخاوف الفنية‬ ‫المشروعة من أن يؤدي التيسير الكمي إلى تشويه أسعار األصول‪ ،‬ولكن انفجار‬ ‫الفقاعات ال ُي َعد ببساطة الخطر الرئيس اآلن‪ .‬فاآلن تسنح أفضل فرصة للواليات‬ ‫المتحدة لتحقيق التعافي الحقيقي المستدام من األزمة المالية‪ .‬ولن يقل األمر عن‬ ‫كارثة إذا انحرف التعافي عن مساره بسبب التشبث المفرط بشعارات أيديولوجية‬ ‫مناھضة للتضخم‪ ،‬بقدر ما كانت بعض البنوك المركزية مفرطة في التشبث بمعيار‬ ‫الذھب أثناء عشرينيات وثالثينيات القرن العشرين‪.‬‬ ‫وتواجه اليابان معضلة مختلفة‪ .‬فقد أرسل ھاروھيكو كورودا محافظ بنك اليابان‬ ‫الجديد إشارة واضحة إلى األسواق بأن بنك اليابان يستھدف تضخما ً سنويا ً بنسبة ‪٢‬‬ ‫في المائة‪ ،‬بعد سنوات من نمو األسعار بنسبة اقتربت من الصفر‪.‬‬ ‫ولكن مع ارتفاع أسعار الفائدة األطول أجالً اآلن بشكل زاحف طفيف‪ ،‬فإن بنك‬ ‫اليابان يبدو وكأنه توقف بشكل مؤقت‪ .‬ماذا توقع كورودا وزمالؤه؟ فإذا كان لبنك‬ ‫اليابان أن ينجح في رفع توقعات التضخم‪ ،‬فإن أسعار الفائدة الطويلة األجل كانت‬ ‫لتعكس بالضرورة عالوة تضخم أعلى بالقدر نفسه‪ .‬وما دامت أسعار الفائدة االسمية‬ ‫ترتفع بسبب توقعات التضخم‪ ،‬فإن الزيادة تشكل جزءاً من الحل‪ ،‬وليس جزءاً من‬ ‫المشكلة‪.‬‬ ‫بطبيعة الحال‪ ،‬ربما كان بنك اليابان محقا ً إذا ساوره القلق إن ارتفعت أسعار الفائدة‬ ‫بسبب نمو عالوة المخاطر‪ ،‬وليس بسبب ارتفاع توقعات التضخم‪ .‬ذلك أن عالوة‬ ‫المخاطر قد ترتفع على سبيل المثال إذا أصبح المستثمرون غير متأكدين حول ما إذا‬ ‫كان كورودا قد يلتزم بتعھداته‪ .‬والحل‪ ،‬كما ھي الحال دوما ً في عالم السياسة النقدية‪،‬‬ ‫يتلخص في انتھاج استراتيجية تواصل واضحة ومتسقة وخالية من الغموض‪.‬‬

‫‪17‬‬


โ ซุฃู ุง ุงู ุจู ู ุงู ู ุฑู ุฒู ุงุฃู ู ุฑู ุจู ู ฺพู ู ู ู ู ุทู ุฉ ู ุฎุชู ู ุฉ ุชู ุงู ุงโ ช .โ ฌู ุฃู ู ุงู ุจู ู ุงู ู ุฑู ุฒู โ ฌ โ ซุงุฃู ู ุฑู ุจู ู ุงู ู ุณุชุฎุฏู ุจุงู ู ุนู ู ู ุงุฒู ุชู ุงู ุนู ู ู ู ุฉ ู ู ู ุณุงุนุฏุฉ ู ู ุฎู ุถ ุชู ุงู ู ู โ ฌ โ ซุงุงู ู ุชุฑุงุถ ู ู ุงู ุฏู ู ุงู ู ุงู ุนุฉ ุนู ู ุฃุทุฑุงู ู ู ุทู ุฉ ุงู ู ู ุฑู โ ช ุ โ ฌู ุฅู ู ู ุงู ุญุฐุฑุงู ู ู ุงู ุชุนุงู ู โ ฌ โ ซู ุน ุงู ุชู ุณู ุฑ ุงู ู ู ุฏู โ ช .โ ฌู ู ู ู ู ุนุฏู ุงู ุชุถุฎู ุงุฃู ุนู ู ู ู ุดุฃู ู ุฃู ู ุณุงุนุฏ ู ู ุงู ุชุนุฌู ู โ ฌ โ ซุจุงู ุชุนุฏู ุงู ุช ุงู ู ุทู ู ุจุฉ ุจุดุฏุฉ ู ู ุงู ุจู ู ู ุงู ุชุฌุงุฑู ุฉ ู ู ุฃู ุฑู ุจุงโ ช ุ โ ฌุญู ุซ ุชุธู ู ู ู ุฉ ุนุฏุฏ ู ุจู ุฑโ ฌ โ ซู ู ุงู ู ุฑู ุถ ุนู ู ุงู ุฏู ุงุชุฑ ุนู ุฏ ู ุณุชู ู ุงุช ุฃุนู ู ู ุซู ุฑุงู ู ู ู ู ู ุชฺพุง ุงู ุณู ู ู ุฉโ ช .โ ฌู ุงู ุชุถุฎู โ ฌ โ ซุงุฃู ุนู ู ู ู ุดุฃู ู ุฃู ุถุง ู ุฃู ู ู ู ุฑ ุฎู ู ู ุฉ ู ู ุงู ู ู ู ู ุฃู ุชุฑุชู ุน ุงุฃู ุฌู ุฑ ู ู ุฃู ู ุงู ู ุงโ ฌ โ ซุจู ู ุฌุจฺพุง ู ู ุฏู ู ุฃู ุชฺพุจุท ุจุงู ุถุฑู ุฑุฉ ู ู ุงู ุฏู ู ุงู ุทุฑู ู ุฉโ ช.โ ฌุจู ุณุน ู ู ุงู ุจู ู ู ุงู ู ุฑู ุฒู ุฉโ ฌ โ ซุงู ู ุจุฑู ุนู ู ู ุณุชู ู ุงู ุนุงู ู ุฃู ุชุณู ู ุญุฌุฌุง ู ู ุนู ู ู ุฉ ู ุชู ุฎู ุงู ุญุฐุฑโ ช .โ ฌู ุงู ู ุงู ุน ุฃู โ ฌ โ ซู ุญุงู ุธู ุงู ุจู ู ู ุงู ู ุฑู ุฒู ุฉ ู ุญู ู ู ู ู ุฅุตุฑุงุฑฺพู ุนู ู ุงุฅู ุตุงู ุญุงุช ุงู ุจู ู ู ู ุฉโ ฌ โ ซู ุถุฑู ุฑุฉ ู ุถุน ุฎุทุท ุฐุงุช ู ุตุฏุงู ู ุฉ ู ุถุจุท ุงู ู ู ุงุฒู ุงุช ู ู ุงุฃู ู ุฏ ุงู ุจุนู ุฏโ ช .โ ฌู ู ู ู ู ู โ ฌ โ ซุงู ู ุคุณู ุฃู ู ุง ู ู ู ู ุชุฑุจ ุญุชู ู ู ุงู ู ู ุทุฉ ุงู ุชู ู ุฏ ุชุซู ุฑ ุฑุนุจ ุตู ุงุน ุงู ุณู ุงุณุงุช ุจุดุฃู โ ฌ โ ซู ุฎุงุทุฑ ุงู ุชุถุฎู โ ช .โ ฌู ู ู ุจุบู ู ฺพู ุฃู ู ุชุฑู ู ุง ุงู ุญู ู ู ุณุชู ุฑุงู ู ุจุนุถ ุงู ู ู ุช ุงู ุฃู ู ุณุงุฑุนู ุงโ ฌ โ ซุฅู ู ู ุถู โ ฌ

โ ซื * ู ู ื โ ช #โ ฌุฒ ื โ ช3,โ ฌู ุฏ &ู ู ) โ ฌ โ ซุงู ุชู ุฌุฏ ุฑุตุงุตุฉ ู ู ู ุฒู ุฉ ุณุญุฑู ุฉ ู ุทู ู ฺพุง ุนู ู ู ุดุงู ู ู ู ุทู ุฉ ุงู ู ู ุฑู โ ช .โ ฌู ู ู ู ุงู ุญุฌุฉโ ฌ โ ซุงู ุทุงุฆุดุฉ ุงู ู ุดู ุดุฉ ุฅู ู ุญุฏ ู ุฐฺพู ู ู ุงู ู ู ุช ุงู ุญุงุถุฑ ุจุฃู ู ุฑุท ุงู ุชู ุดู ู ู ุชู ุฃู ุฑู ุจุงโ ฌ โ ซู ู ุณุช ู ุซู ุฑุฉ ู ู ุฏฺพุดุฉโ ช .โ ฌู ู ุฏ ุงุณุชู ุฒู ุช ุงู ุณู ุงุณุฉ ุงู ู ุนู ู ู ู ุงู ุฐู ู ู ุฌฺพู ุง ุถุฑุจุงุชฺพู ุฅู ู ุฃู โ ฌ โ ซฺพุฏู ู ุชุงุญโ ช ุ โ ฌู ู ุญู ู ุชุนุชู ุฏ ุงู ุฌู ุงฺพู ุฑ ''ุงู ู ู ุงฺพุถุฉ ู ู ุชู ุดู '' ู ู ุง ู ุจุฏู โ ช ุ โ ฌุฃู ฺพู ุงู ุญู ู ุงู ู โ ฌ โ ซุฏู ุฑู ุฉ ุณฺพู ุฉ ู ู ุดุงู ู ุจู ู ู ู ุฉ ุตุนุจุฉโ ช.โ ฌโ ฌ โ ซู ู ุฏ ุญุงู ู ุช ู ู ุชุฑุฉ ุทู ู ู ุฉ ุฃู ุฃุจุฑฺพู ุฃู ุงู ู ุตุงุนุจ ุงู ุชู ุชู ุงุฌฺพฺพุง ู ู ุทู ุฉ ุงู ู ู ุฑู ู ุงุจุนุฉโ ฌ โ ซู ู ุญู ู ู ุฉ ู ู ุงุฏฺพุง ุฃู ุงู ุชู ุงู ู ุงู ู ุงู ู ู ุงู ู ู ุฏู ู ู ุฃู ุฑู ุจุง ุฌุงุก ุณุงุจู ุง ู ู ุงู ุชุญุงุฏ ุงู ุณู ุงุณู โ ฌ โ ซู ุงู ู ุงู ู ู ุงู ู ุตุฑู ู ุงู ู ุนู ู ุจุฒู ู ุทู ู ู ู ู ุบุงู ุฉโ ช .โ ฌู ฺพุฐู ู ู ุชู ู ู ู ุงู ู ุดุงู ู ุงู ู ุนุชุงุฏุฉโ ฌ โ ซุจุงู ู ุณุจุฉ ู ุฌู ู ู ุงู ู ุงุฑุฏ ู ู ู ุฒโ ช ุ โ ฌู ุงฺพู ู ุนู ู ู ู ฺพุง ู ุดู ู ุฉ ุณุนู ุฅู ู ู ุนุงู ุฌุชฺพุงโ ช.โ ฌโ ฌ โ ซู ู ุงู ู ู ุงู ุงุฃู ู ู ู ู ุงุฃู ฺพู ู ุฉโ ช ุ โ ฌู ู ุจุบู ุฃู ู ุงุณุชุฑุงุชู ุฌู ุฉ ู ุงู ุนู ุฉ ุชุชุนุงู ู ู ุน ุฃุฒู ุฉ ู ู ุทู ุฉโ ฌ โ ซุงู ู ู ุฑู ุฃู ุชุดุชู ู ุนู ู ุนู ู ู ุงุช ุดุทุจ ู ุจู ุฑุฉ ''ุฅุนู ุงุก'' ู ุฏู ู ู ุงู ุจู ุฏุงู ุงู ู ุงู ุนุฉ ุนู ู โ ฌ โ ซุฃุทุฑุงู ุงู ู ู ุทู ุฉโ ช .โ ฌุฐู ู ุฃู ุงู ุฏู ู ู ุงู ู ุตุฑู ู ุฉ ู ุงู ุญู ู ู ู ุฉ ุงู ฺพุงุฆู ุฉ ุงู ู ุณุชุญู ุฉ ุนู ู ฺพุฐู โ ฌ

โ ซโ ช18โ ฌโ ฌ


‫البلدان ــــ والتي أصبح التمييز بينھا في مختلف أنحاء أوروبا غير واضح ــــ تجعل‬ ‫من النمو السريع المستدام حلما ً بعيد المنال‪.‬‬ ‫وھذه ليست المرة األولى التي أشدد فيھا على الحاجة إلى عمليات شطب بالجملة‬ ‫للديون‪ .‬فقبل عامين‪ ،‬وفي تعليق بعنوان ''سادة اليورو األغبياء''‪ ،‬كتبت أن ''أوروبا‬ ‫تمر بأزمة دستورية‪ .‬فال يبدو أن أحداً يملك سلطة فرض حل معقول ألزمة الديون‬ ‫التي تواجه الدول الواقعة على أطرافھا‪ .‬وبدالً من إعادة ھيكلة أعباء الديون غير‬ ‫المستدامة المستحقة على البرتغال‪ ،‬وإيرلندا‪ ،‬واليونان‪ ،‬يدفع الساسة وصناع‬ ‫السياسات باتجاه حزم إنقاذ متزايدة الضخامة في ظل ظروف التقشف المتزايدة البعد‬ ‫عن الواقع‪''.‬‬ ‫وتتلخص الطريقة األكثر لطفا ً ورقة لتحقيق بعض الخفض المتواضع ألعباء الديون‬ ‫العامة والخاصة في االلتزام بفترة من التضخم المستدام ولكن باعتدال‪ ،‬كما أوصيت‬ ‫في كانون األول )ديسمبر( ‪ ٢٠٠٨‬في تعليق بعنوان ''التضخم ھو أھون الشرور‬ ‫اآلن''‪ .‬إن التضخم المعتدل المستدام من شأنه أن يساعد على خفض القيمة الحقيقية‬ ‫للعقارات بسرعة أكبر‪ ،‬ومن المحتمل أن ييسر بالنسبة لألجور األلمانية أن ترتفع‬ ‫بسرعة أكبر من نظيراتھا في الدول الطرفية‪ .‬وكان ذلك ليصبح فكرة عظيمة قبل‬ ‫أربعة أعوام ونصف العام‪ .‬وال يزال فكرة جيدة حتى يومنا ھذا‪.‬‬ ‫ولكن ماذا ينبغي أن يحدث أيضا ً إلى جانب ھذا؟ تشمل الخطوات األخرى إعادة‬ ‫الھيكلة االقتصادية على المستوى الوطني والتكامل السياسي على مستوى منطقة‬ ‫اليورو‪ .‬وفي تعليق آخر بعنوان ''يورو بال مركز ال يستطيع أن يصمد''‪ ،‬خلصت‬ ‫إلى أنه ''في غياب المزيد من التكامل السياسي واالقتصادي العميق ــــ الذي قد ال‬ ‫ينتھي إلى ضم كل أعضاء منطقة اليورو الحاليين ــ فإن اليورو قد ال يصمد حتى‬ ‫إلى نھاية ھذا العقد‪''.‬‬ ‫وھنا قد تكون كل العيون على ألمانيا‪ ،‬ولكن اليوم فإن فرنسا ھي التي ستلعب حقا ً‬ ‫الدور المركزي في تقرير مصير اليورو‪ .‬فألمانيا ال تستطيع أن تحمل اليورو على‬ ‫كتفيھا بمفردھا إلى ما ال نھاية‪ .‬ويتعين على فرنسا أن تعمل كركيزة ثانية للنمو‬ ‫واالستقرار‪.‬‬ ‫إن بعض التدابير الكينزية المؤقتة في جانب الطلب قد تساعد على دعم النمو‬ ‫الداخلي في األمد القريب‪ ،‬ولكنھا لن تحل مشاكل فرنسا المرتبطة بالقدرة التنافسية‬ ‫في األمد البعيد‪ .‬ومن ناحية أخرى‪ ،‬يتعين على كل من فرنسا وألمانيا أن تتصالح مع‬ ‫نھج يفضي إلى اتحاد سياسي أكبر كثيراً في غضون عقدين من الزمان‪ .‬وإن لم‬ ‫‪19‬‬


‫يحدث ھذا فسوف يفتقر االتحاد المصرفي والتحويالت المالية القادمة إلى الشرعية‬ ‫السياسية الالزمة‪.‬‬ ‫وكما الحظ زميلي جيفري فرانكل‪ ،‬فإن النخب في ألمانيا ظلت ألكثر من عشرين‬ ‫عاما على إصرارھا على أن منطقة اليورو لن تصبح اتحاد تحويالت‪ .‬ولكن في‬ ‫النھاية‪ ،‬تبين أن المواطنين األلمان العاديين كانوا محقين‪ ،‬وأن النخب كانت على‬ ‫خطأ‪ .‬والواقع أنه إذا كان لمنطقة اليورو أن تظل على قيد الحياة‪ ،‬فيتعين على دول‬ ‫الشمال أن تستمر في مساعدة الدول الطرفية بمنحھا قروض جديدة إلى أن تستعاد‬ ‫القدرة على الوصول إلى األسواق الخاصة‪.‬‬ ‫إن عمليات شطب الديون والضمانات ستؤدي حتما إلى تضخيم ديون الحكومة‬ ‫األلمانية‪ ،‬مع اضطرار السلطات ھناك إلى إنقاذ البنوك األلمانية ''بل وربما بنوك‬ ‫بعض الدول المجاورة''‪ .‬ولكن كلما سارعنا إلى الكشف بشفافية عن الحقيقية‬ ‫األساسية واالعتراف بھا‪ ،‬كانت التكاليف األطول أجالً أقل‪.‬‬ ‫وفي اعتقادي أن استخدام ميزانية ألمانيا لمساعدة جيرانھا بشكل مباشر من المرجح‬ ‫أن تكون فرص نجاحه أكبر من تأثير ''النضح البطيء لألسفل'' المفترض للتوسع‬ ‫المالي بقيادة ألمانيا‪ .‬ولكن من المؤسف أن ھذا االقتراح ضاع في المناقشة الدائرة‬ ‫بشأن أوروبا في وقت متأخر‪ :‬فھما بلغت الحركة المناھضة للتقشف من صخب‬ ‫وعدوانية‪ ،‬فسيظل العالج الكينزي البسيط لمشاكل ديون العملة الموحدة والنمو غائبا‬

‫א *ول ( ' א ‪2‬ل א ‪4 #‬‬ ‫كي نتعرف على فھم المواطن األمريكي العادي للعالقة بين الواليات المتحدة‬ ‫والمكسيك‪ ،‬فما علينا إال أن نشاھد المسلسل التلفزيوني ''التحول إلى األسوأ''‪ .‬تدور‬ ‫أحداث المسلسل في ألبوكيركي في والية نيو مكسيكو‪ ،‬على مسافة بضع مئات من‬ ‫األميال من الحدود‪ ،‬ويروي قصة صعود وسقوط والتر وايت‪ ،‬مدرس الكيمياء في‬ ‫المدرسة الثانوية الذي يتحول إلى واحد من كبار تجار الميتافيتامين‪.‬‬ ‫يصور المسلسل أغلبية الشخصيات على الجانب األمريكي من الحدود بقدر كبير من‬ ‫التعاطف والعمق‪ .‬فيتابع خطوة بخطوة انزالق بطل القصة إلى عالم المخدرات‬ ‫‪20‬‬


‫السفلي بقدر من الدقة يجعل كل قرار فردي يتخذه على طول الطريق يكاد يكون‬ ‫معقوال‪.‬‬ ‫لكن من المؤسف أن الجانب اآلخر من الحدود ينال معاملة أكثر سطحية‪ .‬ففي أحد‬ ‫المشاھد‪ ،‬يقوم اثنان من القتلة المأجورين المكسيكيين بذبح عشرة من مواطنيھم‬ ‫األبرياء بال رحمة أو شفقة ألنھم ربما يشھدون على عبورھم الحدود‪ .‬وفي حلقة‬ ‫أخرى‪ ،‬نرى أفراداً من الشرطة الفيدرالية المكسيكية يعتدون على أحد أباطرة‬ ‫المخدرات في ضيعته‪ ،‬مع اإليحاء بأنھم ينفذون أمراً أصدره لھم تاجر منافس‪.‬‬ ‫إن ''التحول إلى األسوأ'' عمل تلفزيوني رائع‪ ،‬ولكن من المؤسف أن العديد من‬ ‫األمريكيين ال يرون سوى ھذا الجانب من األمور‪ .‬فالمكسيك تعاني مشاكل أمنية‬ ‫عميقة في بعض المناطق‪ ،‬ولكنھا أيضا ً دولة ربما تكون على وشك الدخول في‬ ‫تحول سياسي واقتصادي كبير‪ .‬والواقع أن معدالت نمو الناتج المحلي اإلجمالي في‬ ‫المكسيك كانت لبضعة أعوام اآلن أقرب إلى أعلى المستويات في منظمة التعاون‬ ‫االقتصادي والتنمية‪ ،‬بل إنھا تفوقت على البرازيل أخيرا‪.‬‬ ‫وبدالً من مواصلة االقتتال )كما حدث في الواليات المتحدة( في أعقاب االنتخابات‬ ‫الرئاسية الساخنة‪ ،‬فإن األحزاب السياسية الكبرى في المكسيك تبدو على استعداد‬ ‫للتعاون بشأن عدد من اإلصالحات البنيوية المھمة الكفيلة بتنشيط النمو االقتصادي‬ ‫لعقود قادمة‪ .‬وتتضمن األجندة توسيع القاعدة الضريبية من أجل الحد من االعتماد‬ ‫على النفط‪ ،‬ومبادرة لزيادة المنافسة في مجال اإلعالم واالتصاالت‪ ،‬فضالً عن‬ ‫التغيير الدستوري الذي يھدف إلى السماح لشركة النفط المملوكة للدولة‪ ،‬بيمكس‪،‬‬ ‫بالدخول في مشاريع مشتركة مع شركات أجنبية‪.‬‬ ‫وھناك أيضا ً الخطر المتمثل في احتمال وقوع المستثمرين األجانب‪ ،‬الذين بدأوا‬ ‫يعجبون بالمكسيك‪ ،‬في حبھا أكثر مما ينبغي‪ .‬ذلك أن تدفق رأس المال بكميات‬ ‫ضخمة إلى المكسيك قد يؤدي إلى ارتفاع كبير في سعر صرف البيزو‪ ،‬وھو ما‬ ‫يعني بدوره زيادة في تكاليف العمل التي تتسم بجاذبية شديدة اآلن‪ .‬أو ربما تنزلق‬ ‫الواليات المتحدة إلى الركود )برغم أن النمو المتواضع أصبح بكل تأكيد السيناريو‬ ‫المركزي في الوقت الحاضر(‪.‬‬ ‫ثم ھناك مسألة األمن‪ ،‬التي تفرض ضريبة ضخمة على الشركات في العديد من‬ ‫أنحاء المكسيك‪ .‬على سبيل المثال‪ ،‬كان من بين إنجازات إدارة الرئيس السابق‬ ‫فيليبي كالديرون المھمة إكمال طريق سريع طوله ‪ ١٤٠‬ميالً ويربط بين وسط مدينة‬ ‫دورانجو وميناء مازاتالن على المحيط الھادئ‪ .‬والواقع أن ھذا الطريق الذي يعبر‬ ‫‪21‬‬


‫منطقة وعرة للغاية‪ ،‬والذي تطلب حفر أنفاق ومد جسور تبلغ مائتين في مجموعھا‪،‬‬ ‫َيعِد بخفض وقت العبور بنحو ثالث إلى أربع ساعات‪ .‬وباستثناء الطقس‪ ،‬فإن ذلك‬ ‫الطريق السريع يبدو كأنه في سويسرا‪.‬‬ ‫بيد أن الطريق الجديد أثار المخاوف‪ ،‬وخاصة في الواليات المتحدة‪ ،‬من احتمال‬ ‫استخدامه كطريق لتھريب المخدرات واألسلحة‪ ،‬لذا فإن المؤسسة العسكرية تشعر‬ ‫بااللتزام بإقامة نقاط تفتيش على طول الطريق‪ .‬ومن المؤسف أن بعض األحداث‬ ‫الفردية المبكرة تشير إلى أن ھذه التدابير األمنية قد تؤدي في نھاية المطاف إلى‬ ‫إبطاء حركة المرور بنفس القدر من الوقت الذي تم فيه تصميم الطريق لتوفيره!‬ ‫إن العديد من المشاكل التي تتسم بھا العالقات األمريكية المكسيكية المعقدة سوف‬ ‫تتحسن إذا تمكنت المكسيك من تعزيز النمو االقتصادي السريع‪ .‬وقد يتراجع صافي‬ ‫الھجرة إلى الواليات المتحدة‪ ،‬الذي بدأ يقل بالفعل‪ ،‬بشكل كبير‪ .‬ومن المؤكد أن‬ ‫الواليات المتحدة قد تستفيد بقدر استفادة المكسيك إذا بدأت األحوال في جنوب‬ ‫الحدود في التحول إلى األفضل‬

‫( ‪ 3‬א وמ ' ) ‪ 4‬א * ط א ‪ ,‬د א ‬ ‫يبدو أن منتقدي بنك االحتياطي الفيدرالي األمريكي وجدوا ضالتھم في الكشف‬ ‫المحرج عن تقييمه المخاطر المالية في عشية األزمة المالية‪ .‬فبموجب القانون‪،‬‬ ‫يتعين على بنك االحتياطي الفيدرالي أن ينشر محاضر اجتماعات اللجنة الفيدرالية‬ ‫للسوق المفتوحة بعد مرور خمس سنوات‬ ‫عليھا ‪.‬‬ ‫ورغم أن األزمة الكاملة لم تتفجر إال بعد‬ ‫انھيار ليمان براذرز في أيلول )سبتمبر(‬ ‫‪ ،٢٠٠٨‬فقد كان من الواضح بحلول صيف‬ ‫‪ ٢٠٠٧‬أن شي ًئا ما بالغ الخطورة يجري في‬ ‫أسواق االئتمان‪ ،‬التي بدأت تتصرف بأساليب‬ ‫بالغة الغرابة‪ .‬ورغم ھذا فقد فشل عديد من‬ ‫مسؤولي االحتياطي الفيدرالي بوضوح في‬ ‫إدراك أھمية األحداث التي كانت تتكشف أمامھم‪ .‬حتى أن أحد محافظي البنك رأى‬ ‫‪22‬‬


‫أن االحتياطي الفيدرالي ال بد أن ينظر إلى ما يجري باعتباره أمرً ا طيبًا أن تبدأ‬ ‫األسواق في القلق بشأن قروض الرھن العقاري الثانوي‪ .‬وزعم آخر أن إجھاد‬ ‫السوق في موسم الصيف ھو في األرجح مجرد انخفاض بسيط زائل‪.‬‬ ‫وينتھز عديد من المنتقدين الفرصة فيعتبرون مثل ھذه التصريحات دليالً على أن‬ ‫بنك االحتياطي الفيدرالي ال يتمتع بالكفاءة الالزمة‪ ،‬وعلى ضرورة الحد من‬ ‫استقالله‪ ،‬أو ما ھو أسوأ من ذلك‪ .‬بيد أن كل ھذا محض ھراء‪ .‬صحيح أن األمور‬ ‫كان من الواجب أن تتم بشكل أفضل؛ لكن اعتبار محافظي بنك االحتياطي الفيدرالي‬ ‫المسؤولين الوحيدين عن عدم االنتباه إلى الكارثة المقبلة أمر بالغ السخف‪.‬‬ ‫إن بنك االحتياطي الفيدرالي لم يكن وحده؛ ففي آب )أغسطس( ‪ ،٢٠٠٧‬كان قِلة من‬ ‫المتعاملين في السوق‪ ،‬وحتى أولئك الذين يتمتعون بإمكانية الوصول إلى تالل من‬ ‫المعلومات ومجموعة واسعة من اآلراء الخبيرة‪ ،‬لديھم أي فكرة حقيقية عما يجري‬ ‫من حولھم‪ .‬فمن المؤكد أن الكونجرس األمريكي كان غير مدرك لما يجري تمامًا؛‬ ‫حيث كان أعضاؤه مشغولين بممارسة الضغوط لصالح وكاالت الرھن العقاري‬ ‫السكني التي تدعمھا الحكومة مثل فاني ماي وفريدي ماك‪ ،‬األمر الذي أدى إلى تفاقم‬ ‫المخاطر‪.‬‬ ‫وأي ً‬ ‫ضا‪ ،‬لم يستشرف صندوق النقد الدولي المستقبل؛ ففي نيسان )أبريل( ‪،٢٠٠٧‬‬ ‫أصدر صندوق النقد الدولي تقريره الشھير عن آفاق االقتصاد العالمي الذي أطلق‬ ‫عليه مسمى ''عيد الحب''‪ ،‬حيث أعلن أن كل المشاكل في الواليات المتحدة وغيرھا‬ ‫من االقتصادات المتقدمة‪ ،‬والتي كانت تثير قلقه لم تكن أكثر من مبالغات‪.‬‬ ‫نعلم اآلن أن نماذج االقتصاد الكلي القياسية ال تضع ھشاشة األسواق المالية في‬ ‫الحسبان بالقدر الكافي‪ ،‬وأن إصالح النماذج مع الحفاظ في الوقت نفسه على القدرة‬ ‫على تتبع منشأھا مھمة بالغة الصوبة‪ .‬وبصراحة‪ ،‬لو كانت النماذج تضع في‬ ‫الحسبان على األقل احتمال وجود نقائص وعيوب تشوب أسواق االئتمان‪ ،‬فربما‬ ‫كان بنك االحتياطي الفيدرالي ليولي قدرً ا أكبر من االھتمام لمؤشرات أسواق‬ ‫االئتمان كانعكاس لظروف األسواق المالية إجماالً‪ ،‬كما فعلت البنوك المركزية في‬ ‫بلدان األسواق الناشئة‪.‬‬ ‫أخيرً ا وليس آخرً ا‪ ،‬فحتى لو أدرك بنك االحتياطي الفيدرالي المخاطر‪ ،‬فإنه ما كان‬ ‫ليصبح من السھل عليه أن يتجنب األزمة منفر ًدا‪ .‬ذلك أن فاعلية سياسة أسعار‬ ‫الفائدة محدودة‪ ،‬وعديد من المشاكل األشد عم ًقا كانت على الجانب التنظيمي‪.‬‬

‫‪23‬‬


‫ولم تكن معايرة االستجابة بالمھمة السھلة‪ .‬فبحلول أواخر عام ‪ ،٢٠٠٧‬على سبيل‬ ‫المثال‪ ،‬كان بنك االحتياطي الفيدرالي ووزارة الخزانة األمريكية على األرجح قد‬ ‫اطلعا بالفعل على تقرير واحد على األقل يسوق الحجج على أن التدخل القوي في‬ ‫دعم قروض الرھن العقاري الثانوي ھو وحده القادر على منع حدوث الكارثة‪ .‬فقد‬ ‫كان الھدف المنشود إنقاذ النظام المالي من االضطرار إلى التعامل مع التفكيك اآلمن‬ ‫للصروح التعاقدية الشديدة التعقيد ـــ وھو ما لم يسمح باحتمال االنھيار الشامل ـــ‬ ‫التي شيدتھا‪.‬‬ ‫وكانت عملية إنقاذ كھذه لتتكلف ما يقدر بنحو ‪ ٥٠٠‬مليار دوالر‪ ،‬وكانت الشركات‬ ‫المالية الكبرى لتصبح من بين المستفيدين الرئيسين‪ .‬لكن ھل كانت ھناك أي فرصة‬ ‫حقيقية لمرور مثل ھذا اإلجراء عبر الكونجرس قبل تسيل الدماء في الشوارع؟‬ ‫الواقع أن ھذا المنطق على وجه التحديد ھو الذي قادني إلى إعطاء توقعات مظلمة‬ ‫للغاية في خطاب حظي بتغطية واسعة في سنغافورة في التاسع عشر من آب‬ ‫)أغسطس( ‪ ،٢٠٠٨‬قبل انھيار ليمان براذرز بشھر‪ .‬وآنذاك زعمت أن األمور لن‬ ‫تتحسن قبل أن تسوء كثيرً ا‪ ،‬وأن انھيار واحدة من أكبر الشركات المالية على‬ ‫مستوى العالم كان وشي ًكا‪ .‬وكنت أستند في حجتي إلى رأيي بأن االقتصاد العالمي‬ ‫كان في طريقه إلى فترة من الركود الكبير‪ ،‬ولقد استفدت من عملي الكمي‪ ،‬مع‬ ‫كارمن راينھارت‪ ،‬حول تاريخ األزمات المالية‪.‬‬ ‫لم أكن أحاول الظھور بمظھر مثير في سنغافورة‪ ،‬بل كنت أتصور أن كل ما ذكرته‬ ‫كان واضحً ا بالكامل‪ .‬ورغم ھذان فإن تكھناتي احتلت العناوين الرئيسة في عديد من‬ ‫الصحف الكبرى في مختلف أنحاء العالم‪ ،‬ومن الواضح أن ھذا كان راج ًعا إلى‬ ‫كونھا غير محل إجماع على اإلطالق‪ ،‬رغم تصاعد المخاوف آنذاك‪.‬‬ ‫لكن ُترى ھل كانت المخاوف تتصاعد في بنك االحتياطي الفيدرالي أي ً‬ ‫ضا في صيف‬ ‫‪٢٠٠٨‬؟ علينا أن ننتظر إلى العام المقبل لكي نتمكن من اإلجابة عن ھذا السؤال‪.‬‬ ‫لكن عندما نفعل‪ ،‬فال ينبغي لنا أن إدراك أمر ما بعد حدوثه ليس كمثل توقعه‬

‫«א ‪ 5‬و « و*ش ‪ #‬و ‪7‬‬ ‫بينما يراقب العالم الواليات المتحدة وھي تتصارع مع مستقبلھا المالي‪ ،‬فإن مالمح‬ ‫المعركة تعكس انقسامات اجتماعية وفلسفية أكبر‪ ،‬ومن المرجح أن تتجلى ھذه‬ ‫‪24‬‬


‫االنقسامات في ھيئات وأشكال متعددة في مختلف أنحاء العالم في العقود المقبلة‪.‬‬ ‫ولقد دارت مناقشات مطولة حول كيفية خفض اإلنفاق الحكومي‪ ،‬ولكن االھتمام‬ ‫المكرس لكيفية جعل اإلنفاق الحكومي أكثر فعالية كان ضئيال للغاية‪ .‬ورغم ھذا‪،‬‬ ‫فإن لم نتبع نھجا أكثر إبداعا في توفير الخدمات الحكومية‪ ،‬فإن تكاليفھا سوف‬ ‫تستمر في االرتفاع بال ھوادة بمرور الوقت‪.‬‬ ‫وتواجه أي صناعة تحتاج إلى خدمات مكثفة نفس التحديات‪ .‬في ستينيات القرن‬ ‫العشرين‪ ،‬كتب االقتصاديان ويليام بومول وويليام بوين عن "مرض التكلفة" الذي‬ ‫ابتليت به ھذه الصناعات‪ .‬والمثال الشھير الذي استخدماه كان عن رباعية موتسارت‬ ‫الوترية‪ ،‬التي يتطلب عزفھا في العصر الحديث نفس عدد الموسيقيين واآلالت‬ ‫الموسيقية الذي كانت تتطلبه في القرن الـ ‪ .١٩‬وعلى نحو مماثل‪ ،‬فإن تقييم ورقة‬ ‫بحثية يستغرق من المعلم نفس الوقت تقريبا الذي كان يتطلبه قبل مائة عام‪.‬‬ ‫والسباكون البارعون يكلفون ثروة صغيرة‪ ،‬ألن التكنولوجيا في ھذا المجال أيضا‬ ‫تطورت ببطء شديد‪.‬‬ ‫ولكن لماذا يترجم نمو اإلنتاجية البطيء إلى تكاليف مرتفعة؟ المشكلة ھي أن‬ ‫صناعات الخدمات ال بد أن تتنافس فيما بينھا في نھاية المطاف على العمال في نفس‬ ‫المجال العمالي الوطني الذي تتنافس فيه قطاعات تتسم بنمو اإلنتاجية السريع‪ ،‬مثل‬ ‫التمويل‪ ،‬والتصنيع‪ ،‬وتكنولوجيا المعلومات‪ .‬ورغم أن المجاالت العمالية قد تكون‬ ‫مجزأة إلى حد ما‪ ،‬فھناك القدر الكافي من التداخل‪ ،‬إلرغام الصناعات التي تحتاج‬ ‫إلى خدمات مكثفة على دفع أجور أعلى‪ ،‬على األقل في األمد البعيد‪.‬‬ ‫وتمثل الحكومة بطبيعة الحال قطاعا من الطراز األول للخدمات المكثفة‪ .‬وتضم‬ ‫الوظائف الحكومية المعلمين‪ ،‬ورجال الشرطة‪ ،‬وجامعي القمامة‪ ،‬واألفراد‬ ‫العسكريين‪.‬‬ ‫وتبدو المدارس الحديثة أقرب شبھا بتلك التي كانت قائمة قبل خمسين عاما‪ ،‬خالفا‬ ‫للمصانع الحديثة‪ .‬وفي حين كان اإلبداع العسكري مذھال‪ ،‬فإنه ال يزال كثيف العمالة‬ ‫للغاية‪ .‬وإذا كان الناس يريدون نفس المستوى من الخدمات الحكومية نسبة إلى أشياء‬ ‫أخرى يستھلكونھا‪ ،‬فإن اإلنفاق الحكومي سوف يستولي على حصة متزايدة‬ ‫الضخامة من الناتج المحلي بمرور الوقت‪.‬‬ ‫والواقع أن اإلنفاق الحكومي لم يرتفع كنسبة من الدخل فحسب‪ ،‬بل وكذلك ارتفع‬ ‫اإلنفاق في العديد من قطاعات الخدمات‪ .‬واليوم يمثل قطاع الخدمات‪ ،‬بما في ذلك‬ ‫الحكومة‪ ،‬أكثر من ‪ ٧٠‬في المائة من الدخل الوطني في أغلب االقتصادات المتقدمة‪.‬‬ ‫‪25‬‬


‫أما الزراعة التي كانت طيلة القرن الـ ‪ ١٩‬تمثل أكثر من نصف الدخل الوطني‪ ،‬فقد‬ ‫تقلصت إلى نسبة مئوية قليلة‪ .‬كما تقلص بشكل كبير توظيف العمالة في التصنيع‪،‬‬ ‫الذي ربما كان يمثل ثلث الوظائف أو أكثر قبل الحرب العالمية الثانية‪ .‬ففي الواليات‬ ‫المتحدة على سبيل المثال‪ ،‬يوظف قطاع التصنيع أقل من ‪ ١٠‬في المائة من العاملين‪.‬‬ ‫وبالتالي فحتى في حين يطالب المحافظون االقتصاديون بخفض اإلنفاق‪ ،‬فھناك قوى‬ ‫عاتية تدفع في االتجاه المعاكس‪.‬‬ ‫وال يسعنا إال أن نعترف بأن المشكلة أشد سوءا في القطاع الحكومي‪ ،‬حيث نمو‬ ‫اإلنتاجية أبطأ كثيرا حتى من نموھا في صناعات الخدمات األخرى‪ .‬وفي حين قد‬ ‫يعكس ھذا مزيجا معينا من الخدمات التي يُط َلب من الحكومة توفيرھا‪ ،‬فإن ھذا ال‬ ‫ينبئنا بالقصة بالكامل‪.‬‬ ‫ال شك أن جزءا من المشكلة يتلخص في أن الحكومات تستخدم العمالة ليس فقط‬ ‫لتقديم الخدمات‪ ،‬ولكن أيضا إلجراء عمليات تحويل ضمنية‪ .‬فضال عن ذلك فإن‬ ‫الھيئات الحكومية تعمل في العديد من المجاالت‪ ،‬حيث تواجه منافسة ضئيلة‪،‬‬ ‫وبالتالي ال تتعرض إال لقدر بسيط من الضغوط التي قد تحملھا على اإلبداع‬ ‫واالبتكار‪.‬‬ ‫ولكن لماذا ال نجلب قدرا أعظم من مشاركة القطاع الخاص‪ ،‬أو على األقل المنافسة‪،‬‬ ‫إلى الحكومة؟ ويشكل التعليم‪ ،‬حيث لم نستشعر قوة التكنولوجيات الھ ّدامة الحديثة إال‬ ‫بالكاد‪ ،‬مكانا جيدا للبدء‪ .‬فقد أصبحت برامج الكمبيوتر المتطورة بارعة إلى حد كبير‬ ‫في تقييم مقاالت التعليم المتوسط‪ ،‬وإن لم تكن ترقى إلى معايير أرقى المعلمين‪.‬‬ ‫و ُت َعد البنية األساسية مجاال آخر واضحا لتوسيع مشاركة القطاع الخاص‪ .‬على سبيل‬ ‫المثال‪ ،‬كان من المعتقد على نطاق واسع ذات يوم أن السائقين على الطرق التي‬ ‫تديرھا شركات خاصة ينتظرون ألوقات طويلة لدفع الرسوم‪ .‬ولكن وسائل النقل‬ ‫الحديثة وأنظمة الدفع اآللية جعلت من ھذه المشكلة قضية محلولة‪.‬‬ ‫ولكن يتعين على المرء أال يفترض أن التحول نحو توسيع مشاركة القطاع الخاص‬ ‫في تقديم الخدمات ھو دواء لكل داء‪ .‬فسوف تظل الحاجة قائمة إلى القيود التنظيمية‪،‬‬ ‫خاصة حيثما اشتمل األمر على احتكار أو شبه احتكار‪ .‬وسوف تظل الحاجة قائمة‬ ‫إلى اتخاذ القرار بشأن كيفية الموازنة بين الكفاءة والعدالة في تقديم الخدمات‪ .‬ومن‬ ‫الواضح أن التعليم يشكل منطقة‪ ،‬حيث ُي َعد توفير ملعب ممھد للجميع على قدم‬ ‫المساواة مصلحة وطنية قوية‪.‬‬

‫‪26‬‬


‫وكما وصف الرئيس األمريكي المحافظ رونالد ريجان في ثمانينيات القرن العشرين‬ ‫نھجه في التعامل مع السياسة المالية بعبارة "تجويع الوحش"‪ :‬فإن خفض الضرائب‬ ‫سوف يرغم الناس في نھاية المطاف على تقبل قدر أقل من اإلنفاق الحكومي‪ .‬وعلى‬ ‫أكثر من نحو‪ ،‬كان نھجه ناجحا بدرجة عظيمة‪ .‬ولكن اإلنفاق الحكومي استمر في‬ ‫النمو‪ ،‬ألن الناخبين ما زالوا يريدون الحصول على الخدمات التي تقدمھا الحكومة‪.‬‬ ‫واليوم بات من الواضح أن كبح جماح الحكومة يعني أيضا إيجاد السبل لتشكيل‬ ‫الحوافز الالزمة لتمكين اإلبداع في الحكومة من مالحقة وتيرة اإلبداع في قطاعات‬ ‫الخدمات األخرى‪.‬‬ ‫وفي غياب المزيد من األفكار حول كيفية الوصول إلى اإلبداع في تقديم الخدمات‬ ‫الحكومية‪ ،‬فإن المعارك كتلك التي نشھدھا في الواليات المتحدة اليوم سوف يحمى‬ ‫وطيسھا‪ ،‬مع مطالبة الناخبين على نحو متزايد بدفع ضرائب أعلى في مقابل خدمات‬ ‫أقل‪ .‬وبوسع الساسة‪ ،‬كعادتھم دوما‪ ،‬أن يعدوا بتحسين أدائھم‪ ،‬ولكنھم لن ينجحوا أبدا‬ ‫ما لم نجد سبال جديدة لتعزيز كفاءة الخدمات الحكومية واإلنتاجية‬

‫&" &ز ()دאع &מ &ز ؟‬ ‫مع امتداد عام من النمو البطيء إلى العام الذي يليه‪ ،‬ينشأ جدار متزايد االرتفاع‬ ‫حول ما يمكننا توقعه على مدى العقود القادمة‪ .‬فھل كانت األزمة المالية العالمية‬ ‫نكسة قاسية ولكنھا عابرة حلت بالنمو في الدول المتقدمة‪ ،‬أم أنھا كشفت عن ضعف‬ ‫أعمق وأطول أمدا؟‬ ‫في اآلونة األخيرة‪ ،‬تبنى عدد قليل من الكتاب‪ ،‬بما في ذلك متعھد اإلنترنت بيتر تايل‬ ‫والناشط السياسي وبطل العالم السابق في الشطرنج جاري كسباروف‪ ،‬تفسيراً‬ ‫راديكاليا ً بعض الشيء للتباطؤ‪ .‬ففي كتاب سيصدر قريبا ً من تأليفھما‪ ،‬يزعمان أن‬ ‫انھيار النمو في الدول المتقدمة لم يكن نتيجة لألزمة المالية فحسب؛ بل إن الضعف‬ ‫الذي تعانيه ھذه البلدان يعكس في جذره ركوداً زمنيا ً في التكنولوجيا واإلبداع‪.‬‬ ‫وعلى ھذا فمن غير المرجح أن تشھد ھذه البلدان أي ارتداد مضطرد إلى نمو‬ ‫اإلنتاجية من دون حدوث تغيرات جذرية في سياسة اإلبداع‪.‬‬ ‫ويذھب الخبير االقتصادي روبرت جوردون بھذه الفكرة إلى مسافة أبعد‪ .‬فھو يزعم‬ ‫أن فترة التقدم التكنولوجي السريع التي أعقبت الثورة الصناعية‪ ،‬ربما تبين أنھا‬ ‫‪27‬‬


‫كانت بمثابة استثناء دام مائتين وخمسين عاما لقاعدة الركود في التاريخ البشري‪ ،‬بل‬ ‫إنه يقترح أن أھمية اإلبداعات التكنولوجية اليوم تتضاءل كثيراً مقارنة بما تحقق في‬ ‫الماضي من تقدم ھائل‪ ،‬مثل اكتشاف الكھرباء‪ ،‬وتوصيل المياه الجارية إلى‬ ‫المنازل‪ ،‬واختراع محرك االحتراق الداخلي‪ ،‬وغير ذلك من االختراقات التي تجاوز‬ ‫عمرھا اآلن قرنا ً من الزمان‪.‬‬ ‫مؤخرا‪ ،‬قمت بمناقشة فرضية الركود التكنولوجي مع تايل وكسباروف في جامعة‬ ‫أكسفورد‪ ،‬وانضم إلينا رائد التشفير مارك شاتلوورث‪ .‬ولقد تساءل كسباروف بحدة‬ ‫عما قد تضيفه إلى قدراتنا أجھزة مثل آي فون ‪ ،٥‬وزعم أن أغلب العلم الذي تقوم‬ ‫عليه الحوسبة الحديثة استقر في سبعينيات القرن العشرين‪ ،‬وزعم تايل أن الجھود‬ ‫المبذولة لمكافحة الركود من خالل السياسة النقدية غير المحكمة والحوافز المالية‬ ‫الشديدة العنف تعالج في واقع األمر المرض الخطأ‪ ،‬وبالتالي فإن ھذه الجھود قد‬ ‫تكون ضارة للغاية‪.‬‬ ‫وھي أفكار مثيرة لالھتمام حقا‪ ،‬ولكن األدلة ال تزال تشير بشكل ساحق‪ ،‬فيما يبدو‬ ‫إلى أن اإلعاقة التي يعانيھا االقتصاد العالمي تعكس في األساس آثار األزمة المالية‬ ‫العميقة‪ ،‬وليس أزمة إبداع زمنية مطولة‪.‬‬ ‫إن السبب الرئيس وراء الركود األخير ھو بكل تأكيد طفرة االئتمان العالمية وما‬ ‫أعقبھا من انھيار‪ .‬والواقع أن التشابه العميق بين الوعكة الحالية وما يحدث دوما ً في‬ ‫أعقاب األزمات المالية الشاملة العميقة في مختلف أنحاء العالم ليس نوعيا ً فحسب‪.‬‬ ‫فبصمات األزمة تكون واضحة جلية في مؤشرات تتراوح بين البطالة إلى أسعار‬ ‫المساكن إلى تراكم الديون‪ .‬وليس من قبيل المصادفة أن يبدو العصر الحالي شديد‬ ‫الشبه بما أعقب عشرات األزمات المالية العميقة في الماضي‪.‬‬ ‫وعندما نعزو التباطؤ الحالي إلى األزمة المالية‪ ،‬فإن ھذا ال يعني ضمنا ً غياب‬ ‫التأثيرات الزمنية الطويلة األجل‪ ،‬التي يضرب بعضھا بجذوره في األزمة ذاتھا‪.‬‬ ‫وتكاد تكون الشركات الصغيرة والبادئة ھي األكثر تضرراً بانكماش االئتمان على‬ ‫نحو شبه ثابت‪ .‬وألن العديد من أفضل األفكار واإلبداعات تأتي من الشركات‬ ‫الصغيرة‪ ،‬وليس الشركات الراسخة‪ ،‬فإن االنكماش االئتماني المستمر سوف يفرض‬ ‫تكاليف حتمية طويلة األمد فيما يتصل بالنمو‪ .‬وفي الوقت نفسه‪ ،‬تتدھور مجموعة‬ ‫المھارات التي يتمتع بھا العاملون العاطلون وشبه العاطلين‪ .‬وتمتد الخسائر إلى‬ ‫العديد من خريجي الجامعات الحديثين أيضا؛ ألنھم أقل قدرة على العثور على‬

‫‪28‬‬


‫الوظائف التي تعمل على تعزيز مھاراتھم على أفضل نحو فتضيف‪ ،‬بالتالي إلى‬ ‫إنتاجيتھم ومكاسبھم في األجل الطويل‪.‬‬ ‫وبالجمع بين ھذه العوامل فسوف يكون من السھل علينا أن نتخيل اتجاھا ً لنمو الناتج‬ ‫المحلي اإلجمالي أدنى بنحو نقطة مئوية واحدة من المعدل الطبيعي لعقد آخر من‬ ‫الزمان‪ ،‬بل ربما لفترة أطول‪ .‬وإذا كانت فرضيات كاسباروف‪-‬تايل‪-‬جوردون‬ ‫صحيحة‪ ،‬فإن ھذا يعني أن التوقعات تصبح أكثر قتامة‪ -‬وتصبح الحاجة إلى‬ ‫اإلصالح أكثر إلحاحا‪ .‬وفي كل األحوال‪ ،‬فإن أغلب خطط الخروج من األزمة‬ ‫المالية تفترض أن التقدم التكنولوجي من شأنه أن يوفر أساسا ً قويا ً لنمو اإلنتاجية‬ ‫الذي يفترض أن يستند إليه التعافي المستدام في نھاية المطاف‪ .‬وتصبح الخيارات‬ ‫أكثر إيالما ً إذا توقفت الكعكة عن النمو بالسرعة الكافية‪.‬‬ ‫ھل السبب الرئيس وراء التباطؤ الحالي إذن ھو أزمة إبداع أم أزمة مالية؟ لعل‬ ‫األمر راجع إلى مزيج من االثنين‪ ،‬ولكن من المؤكد أن الصدمة االقتصادية على‬ ‫مدى األعوام القليلة الماضية تعكس في المقام األول انھياراً ماليا‪ ،‬حتى لو كان‬ ‫الطريق إلى األمام يستلزم حتما ً التعامل في نفس الوقت مع عقبات أخرى تعوق‬ ‫النمو في األمد البعيد‬

‫( ‪ ) 5‬ق א ‪ :‬א ‬ ‫كثيرا ما يتساءل الناس عما إذا كان المنظمون والمشرعون أصلحوا عيوب النظام‬ ‫المالي التي دفعت العالم إلى شفا كساد أعظم ثان‪ .‬والجواب باختصار ھو ال‪.‬‬ ‫صحيح أن فرص حدوث تكرار مباشر النھيار ‪ ٢٠٠٨‬المالي الحاد تضاءلت بشكل‬ ‫كبير ألن أغلب المستثمرين والمنظمين والمستھلكين بل حتى الساسة سيتذكرون‬ ‫تجربتھم المالية المروعة لفترة طويلة من الزمن‪ .‬ونتيجة لذلك‪ ،‬فقد يستغرق األمر‬ ‫بعض الوقت حتى يعود اإلھمال إلى بلوغ أقصى مدى له مرة أخرى‪.‬‬ ‫ولكن بخالف ذلك‪ ،‬لم يطرأ تغيير جذري يذكر‪ .‬ذلك أن معظم التشريعات واللوائح‬ ‫التي صدرت في أعقاب األزمة خدمت غالبا ً في ترقيع الوضع الراھن والمحافظة‬

‫‪29‬‬


‫عليه كما ھو‪ .‬وال يملك الساسة والمنظمون الشجاعة السياسية وال القناعة الفكرية‬ ‫الالزمة للعودة إلى نظام أكثر وضوحا وأكثر مباشرة‪.‬‬ ‫في خطابه األخير الذي ألقاه أمام المؤتمر السنوي لصفوة البنوك المركزية في‬ ‫جاكسون ھول بوالية وايومنج‪َ ،‬ق َّدم آندي ھالدين من بنك إنجلترا مناشدة قوية‬ ‫بالعودة إلى البساطة في تنظيم العمل المصرفي‪ .‬وكان ھالدين محقا ً عندما اشتكى من‬ ‫أن التنظيم المصرفي نشأ عن عدد ضئيل من المبادئ التوجيھية البالغة التحديد‪،‬‬ ‫وعلى ھذا فمن غير المنطقي أن نجھد أذھاننا في محاولة فھم إحصائيات خوارزمية‬ ‫بالغة التعقيد لقياس المخاطر وكفاية رأس المال‪.‬‬ ‫وبالتوازي مع ھذا ينمو التعقيد التشريعي باطراد‪ .‬ففي الواليات المتحدة‪ ،‬كان قانون‬ ‫جالس ‪ -‬ستيجال لعام ‪ ١٩٣٣‬يتكون من ‪ ٣٧‬صفحة فقط‪ ،‬ولقد ساعد على خلق‬ ‫االستقرار المالي طيلة القسم األعظم من سبعة عقود من الزمان‪ .‬أما قانون دود ‪-‬‬ ‫فرانك إلصالح وال ستريت وحماية المستھلك الصادر مؤخرا فيتكون من ‪٨٤٨‬‬ ‫صفحة‪ ،‬ويلزم الھيئات التنظيمية فضالً عن ذلك بإنتاج عدة مئات من الوثائق‬ ‫اإلضافية التي تتناول القواعد األكثر تفصيال‪ .‬وقد تبلغ صفحات التشريع والوثائق‬ ‫مجتمعة ھذا ‪ ٣٠‬ألف صفحة‪.‬‬ ‫وكما يشير ھالدين‪ ،‬فإن حتى ''قاعدة فولكر'' المحتفى بھا كان المقصود منھا بناء‬ ‫جدار أكثر متانة بين التجارة المصرفية العادية والتجارة المصرفية األكثر مجازفة‬ ‫في الممتلكات‪ ،‬تعرضت لقدر عظيم من التخفيف مع مرورھا عبر العملية‬ ‫التشريعية‪ .‬لقد خضعت فكرة رئيس بنك االحتياطي الفيدرالي السابق البسيطة لعملية‬ ‫انتقاء وتمييع عبر مئات الصفحات من المصطلحات القانونية‪.‬‬ ‫ولكن المشكلة على األقل بسيطة‪ :‬فكلما أصبحت األمور المالية أكثر تعقيدا‪ ،‬كلما‬ ‫حاولت الھيئات التنظيمية مالحقة األحداث بتبني قواعد متزايدة التعقيد‪ .‬إنه سباق‬ ‫تسلح لن تحظى الھيئات الحكومية التي تعاني نقص التمويل بأي فرصة للفوز به‪.‬‬ ‫وحتى في تسعينيات القرن الماضي‪ ،‬كانت الھيئات التنظيمية لتشتكي في المناسبات‬ ‫الخاصة من صعوبة إيجاد موظفين لديھم القدرة على فھم سوق المشتقات المالية‬ ‫السريعة التطور‪ .‬فالباحثون المساعدون من ذوي الخبرة التي ال تتجاوز عاما ً واحداً‬ ‫في العمل في مجال المشتقات المالية تزايد عليھم شركات القطاع الخاص بمرتبات‬ ‫تبلغ خمسة أضعاف ما يمكن أن تدفعه الحكومة لھم‪.‬‬

‫‪30‬‬


‫وفي الوقت نفسه تقريبا‪ ،‬في منتصف التسعينيات‪ ،‬بدأ األكاديميون في نشر أبحاثھم‬ ‫العلمية التي تشير إلى أن إعمال شكل من أشكال التنظيم الذاتي ھو الوسيلة الوحيدة‬ ‫الفعالة لتنظيم البنوك الحديثة‪ .‬فلندع البنوك تصمم أنظمة خاصة بھا إلدارة‬ ‫المخاطر‪ ،‬ثم نراجعھا بالقدر المحدود المتاح لنا‪ ،‬ثم نعاقبھا بعد ذلك بشدة إن نتج‬ ‫عنھا خسارة تتجاوز الحدود المتفق عليھا‪.‬‬ ‫ولقد زعم العديد من االقتصاديين أن ھذه النماذج الذكية كانت معيبة‪ ،‬ألن التھديد‬ ‫بالعقوبة ال يمثل وسيلة ردع ذات مصداقية‪ ،‬وخاصة في حالة االنھيار الشامل الذي‬ ‫يؤثر في جزء كبير من النظام المالي‪ .‬ولكن األبحاث ُنشِ رت واألفكار ُ‬ ‫ط ِّب َقت على‬ ‫أية حال‪ .‬وال جدوى من تعديد العواقب‪.‬‬ ‫وبطبيعة الحال‪ ،‬ليس من السھل تشريع اإلصالح المالي في ظل ركود االقتصاد‬ ‫العالمي‪ ،‬خشية أن يتسبب ھذا في تعويق االئتمان وتحويل التعافي البطيء إلى حالة‬ ‫من الركود الشامل‪ .‬ومن المؤكد أن األكاديميين يتحملون أيضا ً المسؤولية عن ھذا‬ ‫الجمود‪ ،‬فالعديد منھم ال يزال يدافع عن نماذج أنيقة ولكنھا معيبة للغاية ألسواق‬ ‫مثالية تعمل على خلق وھم السالمة لنظام ھو في الحقيقة عُرضة للخطر الشديد‪.‬‬ ‫إن الفكرة العصرية المتمثلة في السماح للبنوك بإصدار ''رأس المال المشروط''‬ ‫)الديون التي تتحول إلى أسھم عند وقوع األزمات الشاملة للنظام بالكامل( لم تعد‬ ‫تتمتع بقدر من المصداقية يفوق القدر الذي تتمتع به فكرة االلتزام بمعاقبة البنوك‬ ‫بشدة في حالة حدوث أزمة‪ .‬والواقع أن االستعانة بنظام أبسط وأكثر شفافية من شأنه‬ ‫أن يؤدي في نھاية المطاف إلى المزيد من اإلقراض وقدر أعظم من االستقرار‪ .‬فقد‬ ‫حان الوقت للرجوع إلى العقل والحكمة في تنظيم األسواق المالية‬

‫( ' ' & א ‪ ,‬د א ‪ 2,1‬؟‬ ‫ُترى إلى متى قد تستمر أسعار الفائدة المنخفضة إلى مستويات غير مسبوقة على‬ ‫العمالت الرئيسية؟ كانت أسعار الفائدة لعشر سنوات في الواليات المتحدة والمملكة‬ ‫المتحدة وألمانيا تدور حول مستوى الـ ‪ ١٫٥‬في المائة الذي لم يكن متصوراً من قبل‪.‬‬ ‫وفي اليابان انحدر سعر الفائدة لعشر سنوات إلى ما دون ‪ ٠٫٨‬في المائة‪ .‬ويبدو أن‬ ‫المستثمرين العالميين على استعداد لقبول أسعار الفائدة ھذه المتدنية إلى حد غير‬ ‫عادي‪ ،‬ولو أنھم ال يبدون أي استعداد للتعويض عن التضخم المتوقع‪ .‬والواقع أن‬ ‫‪31‬‬


‫أسعار الفائدة على سندات الخزانة‬ ‫األمريكية المعدلة وفقا ً للتضخم‬ ‫أصبحت اآلن سلبية لمدة تصل‬ ‫إلى ‪ ١٥‬عاما‪.‬‬ ‫ولكن ھل ھذا الوضع االستثنائي‬ ‫مستقر؟ في المدى القريب جدا‪،‬‬ ‫بكل تأكيد؛ بل إن أسعار الفائدة قد‬ ‫تنخفض إلى مستويات أدنى‪.‬‬ ‫ولكن على المدى األبعد فإن ھذا الوضع غير مستقر بكل تأكيد‪.‬‬ ‫ھناك ثالثة عوامل تكمن وراء العائد المنخفض اليوم‪ .‬فأوالً وقبل كل شيء‪ ،‬ھناك‬ ‫''تخمة االدخار العالمية''‪ ،‬وھي الفكرة التي اكتسبت شعبيتھا بسبب خطاب ألقاه‬ ‫رئيس مصرف االحتياطي الفيدرالي الحالي بن برنانكي في عام ‪ .٢٠٠٥‬وألسباب‬ ‫عديدة‪ ،‬أصبحت ال َغ َلبة للمدخرين في عديد من مناطق العالم ‪.‬‬ ‫وھناك دوافع مماثلة تملي ھذا التراكم الشديد لالحتياطيات في أسواق ناشئة أخرى‪.‬‬ ‫وأخيرا‪ ،‬تسعى الدول المصدرة للنفط مثل السعودية واإلمارات إلى وضع بعض‬ ‫الثروة جانبا ً أثناء سنوات الرخاء‪.‬‬ ‫وثانيا‪ ،‬في جھودھا لمكافحة األزمة المالية‪ ،‬كانت كل المصارف المركزية الرئيسة‬ ‫حريصة على خفض أسعار الفائدة القصيرة األمد إلى قُرب الصفر‪ ،‬وال يوجد‬ ‫مخرج واضح في األفق‪ .‬إن أي جھد في األوقات العادية من ِق َبل أي مصرف‬ ‫مركزي لخفض أسعار الفائدة القصيرة األمد إلى مستويات متدنية للغاية ولفترة‬ ‫أطول مما ينبغي يسفر عن نتائج عكسية‪ .‬ولم يحدث ھذا حتى اآلن‪ ،‬ألن المصارف‬ ‫المركزية كانت حريصة على تكرار شعار معدل التضخم المنخفض في األجل‬ ‫ُسحب قبل أن تتجمع القوى‬ ‫الطويل‪ .‬وكان ذلك كافيا ً إلقناع األسواق بأن أي حافز سي َ‬ ‫التضخمية بقدر كبير‪.‬‬ ‫ولكن ھناك عامل ثالث أصبح واضحا ً في اآلونة األخيرة‪ .‬فالمستثمرون يشعرون‬ ‫بالقلق على نحو متزايد إزاء احتماالت االنھيار المالي العالمي‪ ،‬الذي قد ينشأ في‬ ‫أوروبا على األرجح‪ ،‬في ظل التأثيرات المترتبة على الھاوية المالية في الواليات‬ ‫المتحدة‪ ،‬وعدم االستقرار السياسي في الشرق األوسط‪ ،‬والتباطؤ في الصين‪.‬‬

‫‪32‬‬


โ ซู ู ุงู ุงุฌุชู ุงุน ฺพุฐู ุงู ุนู ุงู ู ุงู ุซุงู ุซุฉ ุงู ุณุจุจ ู ุฑุงุก ุฎู ู ''ุงู ุนุงุตู ุฉ ุงู ู ุงู ู ุฉ'' ุฃู ุณุนุงุฑโ ฌ โ ซุงู ู ุงุฆุฏุฉ ุงู ู ู ุฎู ุถุฉ ู ู ุบุงู ุฉโ ช .โ ฌู ู ู ู ุฅู ู ุฃู ู ุฏู ู ุฏ ุชุณุชู ุฑ ฺพุฐู ุงู ุนุงุตู ุฉุ โ ฌ โ ซู ุฑู ุจุงโ ช ุ โ ฌุณุชู ู ู ุฃู ู ุงู ู ุง ู ู ุงู ู ุถุน ู ู ุณู โ ช .โ ฌู ู ู ู ุงุญู ุฉ ุฃุฎุฑู โ ช ุ โ ฌู ุฅู ุชู ู ู ู ู ุฌู ุงุชโ ฌ โ ซุงุณุชุฎุฑุงุฌ ุงู ุทุงู ุฉ ุงู ุฌุฏู ุฏุฉโ ช ุ โ ฌุฌู ุจุง ู ุฅู ู ุฌู ุจ ู ุน ู ุณุงุฑ ุฃู ุซุฑ ู ุนู ู ุฉ ู ู ู ู ู ุงู ุนุงู ู ู โ ช ุ โ ฌุชุคุซุฑโ ฌ โ ซุจุดู ู ู ุงุถุญ ู ู ุฃุณุนุงุฑ ุงู ุณู ุน ุงุฃู ุณุงุณู ุฉโ ช ุ โ ฌู ุชู ุชุทุน ู ุณู ุง ู ู ุจู ุฑุงู ู ู ู ู ุงุฆุถ ู ุตุฏุฑู โ ฌ โ ซุงู ุณู ุน ุงุฃู ุณุงุณู ุฉ ู ู ุงุฃู ุฑุฌู ุชู ู ู ุงู ุณุนู ุฏู ุฉโ ช.โ ฌโ ฌ โ ซู ุซุงู ู ุงโ ช ุ โ ฌุณู ู ุชุดู ุนุฏู ุฏ ู ู ุงู ู ุตุงุฑู ุงู ู ุฑู ุฒู ุฉ )ู ุฅู ู ู ู ู ู ู ู ฺพุง ุจุงู ุถุฑู ุฑุฉ( ู ู โ ฌ โ ซู ฺพุงู ุฉ ุงู ู ุทุงู ุงู ู ู ู ู ุฉ ุงู ุชู ู ุฏ ุชู ู ู ฺพุง ู ู ุชู ู ู ุฏ ุชู ู ุนุงุช ุชุถุฎู ุฃุนู ู โ ช .โ ฌู ุณู ู ุชุถุทุฑโ ฌ โ ซุฅู ู ุงู ุชุณุงู ุญ ู ุน ู ุณุชู ู ุงุช ุฃุนู ู ู ู ุงู ุชุถุฎู ู ู ุณู ู ุฉ ุฅู ุฑุบุงู ุงู ู ุณุชุซู ุฑู ู ุนู ู โ ฌ โ ซุงุงู ุณุชุซู ุงุฑ ู ู ุฃุตู ู ุญู ู ู ู ุฉโ ช ุ โ ฌู ู ุฃุฌู ุงู ุชุนุฌู ู ุจุนู ู ู ุฉ ุชู ู ู ุต ุงู ุฏู ู ู โ ช ุ โ ฌู ู ุขู ู ุฉ ู ุชู ุณู ุฑโ ฌ โ ซุงู ุชุณู ู ุฉ ุงู ฺพุงุจุทุฉ ู ุฃู ุฌู ุฑ ุงู ุญู ู ู ู ุฉ ู ุฃุณุนุงุฑ ุงู ู ุณุงู ู โ ช.โ ฌโ ฌ โ ซู ู ู ุจู ู ุงู ฺพุฑุงุก ุฃู ู ุฒุนู ุฃู ุงู ู ุตุงุฑู ุงู ู ุฑู ุฒู ุฉ ุนุงุฌุฒุฉ ู ุบู ุฑ ู ุงุฏุฑุฉ ุชู ุงู ุง ู ุนู ู โ ฌ โ ซุฑู ุน ุชู ู ุนุงุช ุงู ุชุถุฎู ู ฺพู ุง ุญุงู ู ุชโ ช.โ ฌโ ฌ โ ซู ุซุงู ุซุงโ ช ุ โ ฌุณุชุชุจุฏุฏ ุงู ุณุญุจ ุงู ุชู ุชุฎู ู ุนู ู ุณู ุงุก ุฃู ุฑู ุจุงโ ช ุ โ ฌู ู ู ุฃู ู ู ุฃุนุชุฑู ุจุฃู ฺพุฐุง ู ู โ ฌ โ ซุบู ุฑ ุงู ู ุฑุฌุญ ุฃู ู ุญุฏุซ ู ู ุฃู ู ู ุช ู ุฑู ุจโ ช .โ ฌุจู ุฅู ุงุฃู ู ู ุฑ ู ู ุงู ู ุฑุฌุญ ุฃู ุชุชู ุงู ู โ ฌ โ ซุณู ุกุงู ู ุจู ุฃู ุชุชุญุณู โ ช ุ โ ฌู ู ู ุณ ู ู ุงู ุตุนุจ ุนู ู ุงุฅู ุทุงู ู ุฃู ู ุชุฎู ู ุฅุนุงุฏุฉ ฺพู ู ู ุฉ ุนู ู ู ุฉโ ฌ โ ซู ู ู ุทู ุฉ ุงู ู ู ุฑู โ ช .โ ฌู ู ุน ฺพุฐุง ู ุฅู ุญู ุฃุฒู ุฉ ุงู ู ู ุฑู โ ช ุ โ ฌุฃู ุง ู ู ุงู ุงุงู ุชุฌุงู ุงู ุฐู ุณุชุณู ู ู ุงุฃู ุฒู ุฉโ ชุ โ ฌโ ฌ โ ซุณู ุนู ู ุนู ู ุฅู ฺพุงุก ุญุงู ุฉ ุนุฏู ุงู ู ู ู ู ุงู ุดุฏู ุฏุฉ ุงู ุชู ุชุฎู ู ุนู ู ุงู ุชู ู ุนุงุช ุงู ู ู ู โ ช.โ ฌโ ฌ โ ซู ุฏ ุชุณุชู ุฑ ุฃุณุนุงุฑ ุงู ู ุงุฆุฏุฉ ุงู ู ู ุฎู ุถุฉ ู ู ุบุงู ุฉ ุจุนุถ ุงู ู ู ุชโ ช .โ ฌู ู ู ุงู ู ุคู ุฏ ุฃู ุฃุณุนุงุฑ ุงู ู ุงุฆุฏุฉโ ฌ โ ซู ู ุงู ู ุงุจุงู ุธู ุช ู ุณุชู ุฑุฉ ุนู ุฏ ู ุณุชู ู ุงุช ู ุชุฏู ู ุฉ ู ู ุบุงู ุฉ ู ู ุชุฑุฉ ุทู ู ู ุฉโ ช ุ โ ฌู ู ู ุจุนุถโ ฌ โ ซุงุฃู ู ู ุงุช ู ุงุตู ุช ฺพุจู ุทฺพุง ุญุชู ุนู ุฏู ุง ุจุฏุง ุงุฃู ู ุฑ ู ู ุฃู ู ู ู ุบู ุฑ ุงู ู ู ู ู ุฅุงู ุฃู ุชุฑุชู ุนโ ช.โ ฌโ ฌ โ ซู ู ู ู ุฏู ู ุงู ู ู ู ุฉ ุฃุณุนุงุฑ ุงู ู ุงุฆุฏุฉ ุงู ู ู ุฎู ุถุฉ ุงู ู ู ู ู ู ุณุช ู ุณุชู ุฑุฉ ุชู ุงู ุงโ ช .โ ฌุจู ุฅู ุงุณุชู ุฑุงุฑฺพุงโ ฌ โ ซฺพุฐุง ู ุฏ ู ู ุญู ุจุณุฑุนุฉ ู ู ุญู ุธุฉโ ฌ

โ ซื โ ช ; 3โ ฌู ู ื ื ุฏ ู ู โ ฌ โ ซุฅู ุนุฏู ุฏุง ู ู โ ช -โ ฌุฅู ู ู ู ู ู ู ู โ ช -โ ฌู ุดุงู ู ุงุงู ู ุชุตุงุฏ ุงู ู ู ู ุงุฃู ู ุซุฑ ุฅู ุญุงุญุง ู ุนู ู ู ุณุชู ู โ ฌ โ ซุงู ุนุงู ู ุชุชุนู ู ุจุงุฃู ุนุจุงุก ุงู ฺพุงุฆู ุฉ ุงู ุชู ุชู ุฑุถฺพุง ู ุงู ุฉ ุฃุดู ุงู ุงู ุฏู ู ู โ ช .โ ฌู ู ู ุฃู ุฑู ุจุง ู ฺพุฏุฏโ ฌ โ ซโ ช33โ ฌโ ฌ


‫مزيج سام من الديون العامة والمصرفية والخارجية في الدول الواقعة على أطراف‬ ‫القارة بإرباك منطقة اليورو‪ .‬وعلى الضفة األخرى من األطلسي‪ ،‬أسفرت األزمة‬ ‫بين الديمقراطيين‪ ،‬وحزب الشاي‪ ،‬والجمھوريين المنتمين إلى المدرسة القديمة عن‬ ‫إنتاج قدر غير عادي من عدم اليقين حول الكيفية التي قد تتمكن بھا الواليات‬ ‫المتحدة في األمد البعيد من إغالق العجز الحكومي الذي بلغ ‪ ٨‬في المائة من الناتج‬ ‫المحلي اإلجمالي‪ .‬ومن ناحية أخرى بلغ عجز الموازنة في اليابان ‪ ١٠‬في المائة من‬ ‫الناتج المحلي اإلجمالي‪ ،‬حتى مع تحول أفواج متزايدة من المتقاعدين الجدد من‬ ‫شراء السندات اليابانية إلى بيعھا‪.‬‬ ‫ولكن بعيداً عن اللوم والتقريع‪ ،‬ماذا ينبغي للحكومات أن تفعل؟ من بين المقترحات‬ ‫المتطرفة ذلك العالج التبسيطي الذي ابتكره جون ماينارد كينز‪ ،‬الذي يفترض أن‬ ‫العجز الحكومي ال يشكل أھمية عندما يكون االقتصاد في ركود عميق؛ بل كلما كان‬ ‫العجز أكبر كان ذلك أفضل‪ .‬وعلى طرف النقيض اآلخر ھناك أنصار سقف الديون‬ ‫الذين يريدون من الحكومات أن تبدأ بضبط موازناتھا غدا )إن لم يكن أمس(‪ .‬وكل‬ ‫من الحلين سطحي إلى حد خطير‪.‬‬ ‫إن أنصار سقف الديون يحاولون بشكل صارخ التھوين من تكاليف التكيف الھائلة‬ ‫المترتبة على ''التوقف المفاجئ'' المفروض ذاتيا ً عن تمويل الديون‪ .‬وھذه التكاليف‬ ‫ھي على وجه التحديد السبب الذي يجعل الدول المفلسة مثل اليونان تواجه‬ ‫اضطرابات اجتماعية واقتصادية ھائلة عندما تفقد األسواق المالية الثقة وينضب‬ ‫معين تدفقات رأس المال فجأة‪.‬‬ ‫بطبيعة الحال‪ ،‬ھناك منطق ظاھري جذاب في أن نقول إن الحكومات يتعين عليھا‬ ‫أن تضبط موازناتھا مثل بقيتنا؛ ولكن من المؤسف أن األمر ليس بھذه البساطة‪.‬‬ ‫فالحكومات عادة تلتزم بعدد ال يحصى من أوجه اإلنفاق الجارية المرتبطة بالخدمات‬ ‫األساسية مثل الدفاع الوطني‪ ،‬ومشاريع البنية األساسية‪ ،‬والتعليم‪ ،‬والرعاية‬ ‫الصحية‪ ،‬ناھيك عن معاشات التقاعد‪ .‬وال تستطيع أي حكومة أن تتخلى ببساطة عن‬ ‫ھذه المسؤوليات بين عشية وضحاھا‪.‬‬ ‫بطبيعة الحال‪ ،‬ھناك ارتباط مزدوج االتجاه بين الديون والنمو‪ ،‬ولكن حاالت الركود‬ ‫العادية ال تدوم أكثر من عام واحد‪ ،‬ومن غير الممكن أن تفسر الضيق والشدة لفترة‬ ‫تمتد عقدين من الزمان‪ .‬وھذا العائق المفروض على النمو يأتي في األرجح من‬ ‫اضطرار الحكومات في نھاية المطاف إلى زيادة الضرائب‪ ،‬فضالً عن انخفاض‬

‫‪34‬‬


‫اإلنفاق على االستثمار‪ .‬وھذا يعني أن اإلنفاق الحكومي يوفر دفعة قوية في األمد‬ ‫القريب‪ ،‬ولكن ھناك مفاضلة على المدى البعيد مع االنحدار في األمد البعيد‪.‬‬ ‫ومن الحكمة أن نالحظ أن ما يقرب من نصف حاالت ارتفاع مستويات الديون منذ‬ ‫عام ‪ ١٨٠٠‬كانت مرتبطة بأسعار فائدة حقيقية منخفضة أو طبيعية )معدلة تبعا ً‬ ‫للتضخم(‪ .‬ويدلل على ھذا تباطؤ النمو وانخفاض أسعار الفائدة في اليابان على مدى‬ ‫العقدين الماضيين‪ .‬فضالً عن ذلك فإن تحمل أعباء ديون ضخمة يفرض أيضا ً خطر‬ ‫ارتفاع أسعار الفائدة العالمية في المستقبل‪ ،‬حتى من دون االنھيار على الطريقة‬ ‫اليونانية‪ .‬وھذه ھي الحال بشكل خاص اليوم‪ ،‬فبعد برامج ''التيسير الكمي'' الھائلة‬ ‫من ِق َبل البنوك المركزية الرئيسية‪ ،‬أصبحت ھياكل الديون لدى عديد من الحكومات‬ ‫ذات فترات استحقاق قصيرة إلى حد غير عادي‪ .‬لذا فقد أصبحت عُرضة لخطر‬ ‫تحول أي ارتفاع حاد في أسعار الفائدة بسرعة نسبيا ً إلى تكاليف اقتراض أعلى‪.‬‬ ‫ومع اقتراب عديد من االقتصادات المتقدمة اليوم من مستوى الـ ‪ ٩٠‬في المائة من‬ ‫الناتج المحلي اإلجمالي الذي تتسم به عموما ً فترات الديون المرتفعة‪ ،‬فإن توسيع‬ ‫العجز الضخم بالفعل ي َُعد اقتراحا ً محفوفا ً بالمخاطر‪ ،‬وليس االستراتيجية الخالية من‬ ‫المخاطر التي يدافع عنھا التبسيطيون من أنصار جون ماينارد كينز‬

‫( د א < * א و‬ ‫إن االقتصاد الكلي الحديث كثيراً ما يبدو وكأنه يتعامل مع النمو االقتصادي السريع‬ ‫والمستقر باعتباره روح السياسة ومنتھى غاياتھا‪ .‬ويتردد صدى ھذه الرسالة في‬ ‫المناقشات السياسية‪ ،‬وغرف اجتماعات مجالس إدارة البنوك المركزية‪ ،‬والعناوين‬ ‫الرئيسة على الصفحات األولى‪ .‬ولكن ھل من المعقول حقا ً أن نجعل من النمو‬ ‫الھدف االجتماعي الرئيس إلى األبد‪ ،‬كما تفترض كتب االقتصاد ضمنا؟‬ ‫ال شك أن العديد من منتقدي اإلحصاءات االقتصادية القياسية ساقوا العديد من‬ ‫الحجج لصالح االستعانة بقياسات أوسع نطاقا ً للرفاھة الوطنية‪ ،‬مثل متوسط العمر‬ ‫المتوقع عند الوالدة‪ ،‬ومعرفة القراءة والكتابة‪ ،‬وما إلى ذلك‪ .‬وتشتمل مثل ھذه‬ ‫التقييمات على تقرير األمم المتحدة للتنمية البشرية‪ ،‬وأخيرا لجنة قياس األداء‬ ‫االقتصادي والتقدم االجتماعي التي ترعاھا فرنسا بقيادة خبراء االقتصاد جوزيف‬ ‫ستجيليتز‪ ،‬وأماريتا سِ ن‪ ،‬وجان بول فيتوسي‪.‬‬ ‫‪35‬‬


‫بيد أن األمر قد ينطوي على مشكلة أعمق من ضيق األفق اإلحصائي‪ :‬فشل نظرية‬ ‫النمو الحديثة في التأكيد بالقدر الكافي على أن البشر في حقيقة األمر مخلوقات‬ ‫اجتماعية‪ .‬فھم يقيمون رفاھتھم استناداً إلى ما يرونه من حولھم‪ ،‬وليس استناداً إلى‬ ‫معيار قياس مطلق‪.‬‬ ‫من المالحظات الشھيرة التي أبداھا رجل االقتصاد ريتشارد استيرلين أن الدراسات‬ ‫ظھر قدراً ضئيالً إلى حد مدھش من التطور في العقود التي‬ ‫االستقصائية ''للسعادة'' ُت ِ‬ ‫تلت الحرب العالمية الثانية‪ ،‬على الرغم من ميل الدخول إلى النمو بشكل واضح‪.‬‬ ‫وغني عن القول إن النتيجة التي خلص إليھا استيرلين تبدو أقل معقولية بالنسبة‬ ‫للدول الفقيرة للغاية‪ ،‬حيث تسمح الدخول السريعة االرتفاع للمجتمعات عادة بإدخال‬ ‫تحسينات كبيرة على حياتھم‪ ،‬ومن المفترض أن يرتبط ھذا بقوة بأي قياس معقول‬ ‫للرفاھة اإلجمالية‪.‬‬

‫ولكن في االقتصادات المتقدمة‪ ،‬يكاد يكون من المؤكد أن السلوك المعياري يشكل‬ ‫عامالً بالغ األھمية في تحديد الكيفية التي يقيم بھا الناس رفاھتھم‪ .‬وإذا كان األمر‬ ‫كذلك‪ ،‬فإن نمو الدخل المعمم قد يؤدي إلى رفع مثل ھذه التقييمات بوتيرة أبطأ كثيراً‬ ‫مما قد يتوقع المرء بالنظر إلى الكيفية التي قد يؤثر بھا ارتفاع دخل أحد األفراد‬ ‫نسبة إلى اآلخرين على رفاھته‪ .‬وعلى نحو مماثل فإن معايرة السلوك قد تعني‬ ‫ضمنا ً حسابات مختلفة للمقايضات بين النمو وغيره من التحديات االقتصادية‪ ،‬مثل‬ ‫التدھور البيئي‪ ،‬مقارنة بما تشير إليه نماذج النمو التقليدية‪.‬‬ ‫‪36‬‬


‫والواقع أن الھوس بتعظيم نمو متوسط الدخل في األمد البعيد إلى األبد ينطوي على‬ ‫قدر من السخف يتمثل في إھمال مخاطر واعتبارات أخرى‪ .‬ولنتأمل ھنا تجربة‬ ‫فكرية بسيطة‪ .‬تخيل أن نصيب الفرد في الدخل الوطني )أو مقياس آخر أوسع‬ ‫للرفاھة( من المفترض أن يرتفع بنسبة ‪ ١‬في المائة سنويا ً على مدى القرنين‬ ‫المقبلين‪) .‬ھذا ھو االتجاه التقريبي لمعدل نمو نصيب الفرد في الدول المتقدمة في‬ ‫األعوام األخيرة(‪ .‬فمع نمو الدخل السنوي بنسبة ‪ ١‬في المائة‪ ،‬فإن الجيل الذي سيولد‬ ‫بعد ‪ ٧٠‬عاما ً من اآلن سيتمتع بضعف متوسط الدخل الحالي تقريبا‪ .‬وعلى مدى‬ ‫قرنين من الزمان سينم متوسط الدخل إلى ثمانية أمثاله‪.‬‬ ‫واآلن فلنفترض أننا نعيش في ظل اقتصاد أسرع نموا‪ ،‬حيث يرتفع نصيب الفرد في‬ ‫الدخل بنسبة ‪ ٢‬في المائة سنويا‪ .‬في ھذه الحالة فإن نصيب الفرد في الدخل‬ ‫سيتضاعف بعد ‪ ٣٥‬عاما ً فقط‪ ،‬ثم يرتفع إلى ثمانية أمثال مستواه الحالي في غضون‬ ‫قرن واحد من الزمان‪.‬‬ ‫بطبيعة الحال‪ ،‬تنظر البلدان في العالم الحقيقي إلى النمو في األمد البعيد باعتباره‬ ‫جزءاً ال يتجزأ من أمنھا الوطني ومركزھا العالمي‪ .‬والواقع أن البلدان المثقلة‬ ‫بالديون‪ ،‬وھي المجموعة التي تضم اليوم أغلب االقتصادات المتقدمة‪ ،‬تحتاج إلى‬ ‫النمو لمساعدتھا على الخروج من ورطتھا‪ ،‬ولكن ما دمنا نتحدث عن افتراض بعيد‬ ‫األمد‪ ،‬فإن حجة التركيز على النمو ليست شاملة كما يريد لنا العديد من صناع‬ ‫القرار السياسي والمنظرين االقتصاديين أن نتصور‪.‬‬ ‫في فترة تتسم بقدر عظيم من عدم اليقين االقتصادي‪ ،‬قد يبدو من غير الالئق أن‬ ‫نشكك في حتمية النمو‪ .‬ولكن مرة أخرى‪ ،‬ربما كانت األزمة ھي على وجه التحديد‬ ‫المناسبة األكثر مالئمة إلعادة النظر في األھداف البعيدة األمد للسياسة االقتصادية‬ ‫العالمية‬

‫"ل א & א *د = د ' א )‪ 3‬؟‬ ‫كثيراً ما أُسأل عما إذا كانت األزمة المالية العالمية األخيرة تمثل بداية نھاية‬ ‫الرأسمالية الحديثة‪ .‬والحق أنه لسؤال طريف‪ ،‬فمن الواضح أنه يفترض وجود بديل‬ ‫صالح جاھز للعمل‪ .‬وحقيقة األمر ھي أن البدائل الجادة الوحيدة للنموذج األنجلو‬

‫‪37‬‬


‫أمريكي المھيمن اليوم‪ ،‬في الوقت الراھن على األقل‪ ،‬تتلخص في أشكال أخرى من‬ ‫الرأسمالية‪.‬‬ ‫والواقع أن الرأسمالية األوروبية القارية‪ ،‬التي تجمع بين المنافع الصحية‬ ‫واالجتماعية السخية وساعات العمل المعقولة والعطالت الطويلة والتقاعد المبكر‬ ‫وتوزيع الدخول العادل نسبيا‪ ،‬قد تبدو وكأنھا تملك كل ما من شأنه أن يزكيھا ــــ‬ ‫باستثناء االستدامة‪ .‬بيد أن رأسمالية الصين الداروينية‪ ،‬بما تشتمل عليه من منافسة‬ ‫شرسة بين شركات التصدير وشبكة األمان االجتماعي الضعيفة والتدخالت‬ ‫الحكومية الواسعة النطاق‪ ،‬يُنادَى بھا اآلن على نطاق واسع بوصفھا الوريث الحتمي‬ ‫للرأسمالية الغربية‪ ،‬ولو لم يكن ذلك راجعا ً إال إلى حجم الصين الھائل ومعدالت‬ ‫نموھا الھائلة المتماسكة‪ .‬إال أن النظام االقتصادي الصيني يتطور بشكل متواصل‪.‬‬ ‫والواقع أنه من غير الواضح على اإلطالق إلى أي مدى قد تستمر الھياكل السياسية‬ ‫واالقتصادية والمالية في الصين في تطوير نفسھا‪ ،‬وما إذا كانت الصين ستتحول في‬ ‫النھاية إلى النموذج الجديد للرأسمالية‪ .‬وفي كل األحوال فإن الصين ال تزال مُث َقلة‬ ‫بنقاط الضعف االجتماعية واالقتصادية والمالية التي تبتلي عادة الدول المنخفضة‬ ‫الدخل السريعة النمو‬

‫‪.‬‬ ‫ولعل النقطة الحقيقية الفاصلة ھنا ھي أن جميع األشكال الحالية من الرأسمالية‪ ،‬كما‬ ‫يثبت القسم األعظم من التاريخ‪ ،‬أشكال انتقالية في نھاية المطاف‪ .‬فقد سلكت‬ ‫الرأسمالية الحديثة اليوم مساراً غير عادي منذ بداية الثورة الصناعية قبل قرنين من‬ ‫الزمان‪ ،‬حيث نجحت في انتشال الماليين من الناس العاديين من براثن الفقر المدقع‪.‬‬ ‫فأوال‪ ،‬فشلت حتى االقتصادات الرأسمالية الرائدة في تثمين المنافع العامة مثل الھواء‬ ‫النظيف والمياه بشكل فعّال‪ .‬وكان فشل الجھود الرامية إلى إبرام اتفاقية عالمية‬ ‫جديدة لتغير المناخ من األعراض الدالة على ھذا الشلل‪.‬‬ ‫وثانيا‪ ،‬إلى جانب الثروات العظيمة‪ ،‬أنتجت الرأسمالية مستويات غير عادية من‬ ‫التفاوت وعدم المساواة‪ .‬والواقع أن ھذه الفجوة المتنامية ُت َعد إلى حد ما نتاجا ً ثانويا ً‬ ‫بسيطا ً لإلبداع وروح المغامرة التجارية‪ .‬فالناس ال يتذمرون من نجاح ستيف جوبر؛‬ ‫‪38‬‬


‫ألن إسھاماته واضحة‪ .‬ولكن ھذه ليست الحال دوما‪ :‬فالثروات العظيمة تمكن‬ ‫الجماعات واألفراد من شراء السلطة السياسية والنفوذ‪ ،‬وھو ما يساعد بالتالي في‬ ‫توليد المزيد من الثروات‪.‬‬ ‫وتتلخص المشكلة الثالثة في توفير وتوزيع خدمات الرعاية الطبية‪ ،‬وھي السوق‬ ‫التي فشلت في تلبية العديد من المتطلبات األساسية الالزمة لجعل آلية األسعار قادرة‬ ‫على إنتاج الكفاءة االقتصادية‪.‬‬ ‫وتتفاقم ھذه المشكلة سوءا‪ :‬فمن المؤكد أن تكاليف الرعاية الصحية كنسبة من الدخل‬ ‫سترتفع مع اكتساب المجتمعات المزيد من الثراء وتقدم سكانھا في السن‪ ،‬حتى أنھا‬ ‫قد تتجاوز ‪ ٣٠‬في المائة من الناتج المحلي اإلجمالي في غضون بضعة عقود من‬ ‫الزمان‪ .‬ففي سوق الرعاية الصحية‪ ،‬وربما أكثر من أي سوق أخرى‪ ،‬تكافح العديد‬ ‫من الدول تلك المعضلة األخالقية المتمثلة في اإلبقاء على الحوافز الالزمة لتحسين‬ ‫كفاءة اإلنتاج‪.‬‬ ‫والمشكلة الرابعة أن األنظمة الرأسمالية اليوم تقلل إلى حد كبير من قيمة رفاھية‬ ‫األجيال التي لم تولد بعد‪ .‬صحيح أن ھذه المشكلة لم تمثل أھمية ُتذ َكر على مدى‬ ‫القسم األعظم من عصرنا الحديث منذ انطالق الثورة الصناعية‪ ،‬ألن النعمة‬ ‫المستمرة المتمثلة في التقدم التكنولوجي كانت كافية للتغلب على السياسات القصيرة‬ ‫النظر‪ ،‬حيث كان كل جيل يجد نفسه في حال أفضل إلى حد كبير مقارنة بالجيل‬ ‫السابق‪.‬‬ ‫وتمثل األزمات المالية مشكلة خامسة بكل تأكيد‪ ،‬بل ولعلھا المشكلة التي استفزت‬ ‫القدر األعظم من البحث عن الذات أخيرا‪ .‬ففي عالم التمويل‪ ،‬لم ينجح اإلبداع‬ ‫التكنولوجي المتواصل في الحد من المخاطر بشكل واضح‪ ،‬بل وربما كان سببا ً في‬ ‫تضخيمھا‪.‬‬ ‫ُترى ھل تصبح الرأسمالية ضحية لنجاحھا في إنتاج الثروات الضخمة؟ في الوقت‬ ‫الراھن‪ ،‬وعلى الرغم من تحول موضوع زوال الرأسمالية إلى قضية مألوفة في‬ ‫المنتديات‪ ،‬فإن االحتمال يبدو بعيداً للغاية‪ .‬ولكن في ظل التحديات المتنامية المتمثلة‬ ‫في التلوث‪ ،‬وانعدام االستقرار المالي‪ ،‬والمشاكل الصحية‪ ،‬والتفاوت بين الناس‪ ،‬فإن‬ ‫مستقبل الرأسمالية بعد بضعة عقود من الزمان قد ال يبدو آمنا ً إلى الحد الذي قد يبدو‬ ‫عليه اآلن‬

‫‪39‬‬


‫(‪ 21‬ع א و و ‪ ) 1‬א ذ) ‬ ‫على الرغم من إدراكي لصعوبة تفسير أو فھم أسعار الصرف عادة‪ ،‬فإنني أجد أن‬ ‫متانة قيمة اليورو النسبية اليوم أمر غامض بعض الشيء‪ .‬فھل يتصور أباطرة‬ ‫أسواق العملة حقا أن ''الحزمة الشاملة'' األخيرة التي أقرتھا حكومات منطقة اليورو‬ ‫إلنقاذ اليورو ستصمد ألكثر من بضعة أشھر؟‬ ‫إن الخطة الجديدة تعتمد على خليط مريب من حيل الھندسة المالية المثيرة للشكوك‬ ‫والوعود المبھمة بتمويل آسيوي متواضع‪ .‬حتى إن الجزء األفضل من الخطة‪ ،‬أو‬ ‫االقتراح الذي لم يتم االتفاق عليه بعد بالفعل بتقليم أصل الدين السيادي اليوناني لدى‬ ‫القطاع الخاص بنسبة ‪ ٥٠‬في المائة‪ ،‬ال يكفي لحل مشكالت الدين والنمو العميقة‬ ‫التي يعانيھا ذلك البلد‪.‬‬ ‫كيف إذن يتم تداول اليورو على ارتفاع بنسبة ‪ ٤٠‬في المائة في مقابل الدوالر‬ ‫األمريكي‪ ،‬حتى مع استمرار المستثمرين في النظر إلى ديون حكومات جنوب‬ ‫أوروبا بقدر عظيم من التشكك؟ أستطيع أن أفكر في سبب واحد جيد للغاية لتبرير‬ ‫ضرورة ھبوط قيمة اليورو‪ ،‬وستة أسباب غير مقنعة لبقائه مستقرا أو ارتفاع قيمته‪.‬‬ ‫ولنبدأ بالسبب وراء ضرورة ھبوط قيمة اليورو‪.‬‬ ‫ولكن في ضوء ھذه الحقائق‪ ،‬ما الحجج الداعمة للقيمة الحالية لليورو‪ ،‬أو ارتفاع‬ ‫قيمته في المستقبل؟‬ ‫أوال‪ :‬قد يوھم المستثمرون أنفسھم بأن بلدان شمال أوروبا‪ ،‬وفقا ألسوأ سيناريو‬ ‫ممكن‪ ،‬ستدفع البلدان األضعف عمليا إلى الخروج من منطقة اليورو‪ ،‬فينشأ نتيجة‬ ‫لذلك يورو خارق‪ .‬ولكن في حين قد يحمل ھذا السيناريو مسحة من الحقيقة فمن‬ ‫المؤكد أن أي تفكك لمنطقة اليورو سيكون مؤلما للغاية‪ ،‬مع انحدار اليورو إلى‬ ‫مستويات متدنية قبل أن يتعافى في ھيئته الجديدة‪.‬‬ ‫وثانيا‪ :‬ربما يتذكر المستثمرون أنه حتى مع أن الدوالر كان في بؤرة الذعر المالي‬ ‫في عام ‪ ،٢٠٠٨‬فإن العواقب انتشرت على نطاق واسع حتى أن قيمة الدوالر‬ ‫ارتفعت على نحو ال يخلو من المفارقة‪ .‬ورغم أنه قد يكون من الصعب أن نوصل‬ ‫بين النقاط فمن المحتمل تماما أن يؤدي اندالع أزمة يورو كبرى إلى تأثير كرة الثلج‬ ‫في الواليات المتحدة وأماكن أخرى من العالم‪ .‬وربما تتم آلية االنتقال عبر البنوك‬ ‫األمريكية‪ ،‬التي ال يزال العديد منھا عُرضة للخطر‪ ،‬نظرا للرسملة غير الكافية‬ ‫‪40‬‬


‫والمحافظ الضخمة لقروض الرھن العقاري المسجلة بأعلى كثيرا من قيمتھا‬ ‫السوقية‪.‬‬ ‫وثالثا‪ :‬قد تكون البنوك المركزية األجنبية وصناديق الثروة السيادية حريصة على‬ ‫االستمرار في شراء اليورو بھدف التحوط ضد المخاطر المحيطة باقتصاد الواليات‬ ‫المتحدة وباقتصاد بلدانھا‪ .‬والواقع أن المستثمرون الحكوميين ليسوا مدفوعين‬ ‫بالضرورة بحسابات تعظيم العائد التي تحفز مستثمري القطاع الخاص‪.‬‬ ‫ورابعا‪ :‬قد يتصور المستثمرون أن المخاطر في الواليات المتحدة ال تقل ضخامة‬ ‫عن نظيراتھا في أوروبا‪ .‬والواقع أن النظام السياسي في الواليات المتحدة يبدو‬ ‫معوقا فيما يتعلق بالتوصل إلى خطة لتثبيت استقرار العجز في الموازنة في األمد‬ ‫المتوسط‪ .‬وفي حين من المرجح أن تنتھي ''اللجنة الخارقة'' التابعة للكونجرس‬ ‫األمريكي‪ ،‬والمكلفة بصياغة حزمة لضبط األوضاع المالية‪ ،‬إلى اقتراح‪ ،‬فإنه ليس‬ ‫من الواضح على اإلطالق ما إذا كان الجمھوريون أو الديمقراطيون راغبين في‬ ‫قبول حل وسط في عام االنتخابات‪.‬‬ ‫وخامسا‪ :‬ال تبدو القيمة الحالية لليورو بعيدة كثيرا عن المستوى الالئق من حيث‬ ‫القوة الشرائية‪ .‬فسعر الصرف عند معدل ‪ ١٫٤‬دوالر في مقابل اليورو ُي َعد رخيصا‬ ‫بالنسبة لقطاع التصدير األلماني القوي‪ ،‬والذي ربما يتمكن من العمل بشكل طيب‬ ‫حتى في حالة ارتفاع قيمة اليورو إلى مستويات أعلى كثيرا‪ .‬ولكن بالنسبة للبلدان‬ ‫الطرفية الجنوبية في منطقة اليورو فإن التعامل مع سعر اليورو اليوم أمر بالغ‬ ‫الصعوبة‬

‫"ل ‪ ;3‬دوق א ‪3‬د א دو ط ق &و و) ؟‬ ‫مع استمرار أزمة منطقة اليورو في التفاقم‪ ،‬فقد يقر صندوق النقد الدولي بالحاجة‬ ‫إلى إعادة تقييم نھجه في التعامل مع األزمة‪ .‬وتشكل الدعوة التي أطلقتھا كريستين‬ ‫الجارد المديرة اإلدارية الجديدة لصندوق النقد الدولي أخيرا إلعادة التمويل القسري‬ ‫للنظام المصرفي المفلس في أوروبا بداية جيدة‪ .‬والواقع أن ردة الفعل الغاضبة من‬ ‫جانب المسؤولين األوروبيين ‪ -‬الذين أصروا على أن البنوك على خير ما يرام وأنھا‬ ‫ال تحتاج إال إلى دعم السيولة ‪ -‬ال بد وأن تخدم كسبب لتعزيز إصرار الصندوق‬ ‫على التحلي بموقف معقول في التعامل مع أوروبا‪.‬‬ ‫‪41‬‬


‫حتى وقتنا ھذا‪ ،‬كان الصندوق حريصا على دعم كل مبادرة أوروبية جديدة إلنقاذ‬ ‫البلدان المثقلة بالديون الواقعة على الحافة الخارجية لمنطقة اليورو‪ ،‬فالتزم بتقديم‬ ‫أكثر من مائة مليار دوالر لليونان والبرتغال وإيرلندا حتى اآلن‪ .‬ولكن من المؤسف‬ ‫أن صندوق النقد الدولي ال يجازف اآلن بأموال بلدانه األعضاء فحسب‪ ،‬بل وقد‬ ‫يجازف في النھاية بمصداقيته المؤسسية‪.‬‬ ‫قبل عام واحد فقط‪ ،‬وأثناء االجتماع السنوي لصندوق النقد الدولي في واشنطن‪ ،‬كان‬ ‫كبار المسؤولين يخبرون كل من يرغب في االستماع بأن حالة الذعر من الديون‬ ‫السيادية األوروبية ليست أكثر من زوبعة في فنجان‪ .‬وبتقديم عروض توضيحية‬ ‫بارعة باالستعانة ببرنامج باور بوينت وتحمل عناوين مثل ''التخلف عن السداد في‬ ‫االقتصادات المتقدمة اليوم‪ :‬غير ضروري‪ ،‬وغير مرغوب‪ ،‬وغير مرجح''‪ ،‬حاول‬ ‫الصندوق إقناع المستثمرين بأن ديون منطقة اليورو كانت صلبة كالصخر‪.‬‬ ‫حتى أن صندوق النقد الدولي زعم فيما يتصل باليونان أن ديناميكية الدين لم تكن‬ ‫تشكل مصدرا للقلق البالغ‪ ،‬وذلك بفضل النمو المتوقع واإلصالحات‪ .‬ناھيك عن‬ ‫الخلل الواضح في منطق الصندوق‪ ،‬أو على وجه التحديد أن البلدان مثل اليونان‬ ‫والبرتغال تواجه مخاطر خاصة بالسياسات والتنفيذ أشبه بتلك التي تواجھھا األسواق‬ ‫الناشئة وليس االقتصادات المتقدمة حقا مثل ألمانيا والواليات المتحدة‪.‬‬ ‫ربما كان بوسع المرء أن يخمن مع تدھور الموقف أن صندوق النقد الدولي سيرھن‬ ‫معتقداته بتحركات السوق‪ ،‬وسيتبنى نبرة أكثر حذرا‪ .‬ولكن ما حدث بدال من ذلك‬ ‫ھو أن أحد كبار المسؤولين أعلن في االجتماع التحضيري لصندوق النقد الدولي في‬ ‫نيسان )إبريل( ‪ ٢٠١١‬أن الصندوق يعتبر اآلن إسبانيا المتعثرة دولة تنتمي إلى قلب‬ ‫منطقة اليورو مثل ألمانيا‪ ،‬وليست دولة واقعة على محيط المنطقة الخارجي مثل‬ ‫اليونان أو البرتغال أو إيرلندا‪.‬‬ ‫من الواضح أن ذلك اإلعالن كان من المفترض أن يدعو المستثمرين إلى الخروج‬ ‫باستنتاج مفاده بأنھم ألغراض عملية ال بد أن يفكروا في الديون اإلسبانية واأللمانية‬ ‫باعتبارھا متطابقة ‪ -‬وبھذا نعود إلى الغطرسة القديمة التي اتسمت بھا منطقة‬ ‫اليورو‪ .‬حتى أن رد فعلي الساخر كان‪'' :‬يا للھول! اآلن ال بد أن صندوق النقد‬ ‫الدولي يتصور أن بعض بلدان منطقة اليورو األساسية أصبحت عُرضة لخطر‬ ‫العجز عن سداد ديونھا''‪ .‬بفضل خدمتي ككبير لخبراء االقتصاد لدى صندوق النقد‬ ‫الدولي أثناء الفترة ‪ ،٢٠٠٣-٢٠٠١‬فأنا على دراية باضطرار الصندوق إلى السير‬ ‫على حبل مشدود بين بناء ثقة المستثمرين وزعزعة شعور صناع القرار السياسي‬ ‫‪42‬‬


‫بالرضا عن الذات‪ .‬ولكن التحلي بالحذر في خضم األزمة أمر يختلف عن قذف‬ ‫الناس بالھراء‪.‬‬ ‫كان رجل االقتصاد الراحل جورج ستيجلر من مدرسة شيكاغو ليصف الدور الذي‬ ‫يلعبه صندوق النقد الدولي في أوروبا باعتباره مرآة عاكسة ''لألسر التنظيمي''‬ ‫الحاد‪ .‬أو نستطيع أن نقول بتعبير أكثر بساطة إن أوروبا والواليات المتحدة تتحكمان‬ ‫في قدر أعظم مما ينبغي لھما من القوة في صندوق النقد الدولي‪ ،‬وأن تفكيرھما ميال‬ ‫إلى فرض الھيمنة‪ .‬إن أكثر ما قد يحتاج إليه زعماء أوروبا من صندوق النقد الدولي‬ ‫يتلخص في القروض الميسرة والدعم الخطابي القوي‪ .‬ولكن ما تحتاج إليه أوروبا‬ ‫حقا ً ھو ذلك النوع من التقييم األمين والحب الصارم الذي عمل صندوق النقد الدولي‬ ‫تقليديا ً على تقديمه لعمالء آخرين أقل نفوذا على الصعيد السياسي‪.‬‬ ‫إن البقعة العمياء التي تميز صندوق النقد الدولي في التعامل مع أوروبا حتى وقتنا‬ ‫ھذا ال ترجع إال جزئيا إلى قوة التصويت التي تتمتع بھا أوروبا‪ .‬فھي نابعة أيضا‬ ‫من عقلية ''نحن'' و''ھم'' التي تتخلل على نحو مماثل البحوث التي تجريھا‬ ‫المؤسسات االستثمارية الكبرى في وال ستريت‪ .‬إن المحللين الذين عملوا طيلة‬ ‫حياتھم مع االقتصادات المتقدمة فقط تعلموا وضع رھاناتھم على األمور التي تسير‬ ‫على ما يرام؛ وذلك ألن األمور طيلة العقدين اللذين سبقا األزمة كانت تسير على ما‬ ‫يرام غالبا ‪ -‬أو على خير ما يرام في واقع األمر‪.‬‬ ‫ولھذا السبب يصر العديد من الناس على االستمرار في افتراض مفاده أن التعافي‬ ‫السريع الطبيعي أصبح قاب قوسين أو أدنى‪ .‬ولكن كان من الواجب أن تذكر األزمة‬ ‫المالية الجميع بأن التمييز بين االقتصادات المتقدمة واألسواق الناشئة ال يستند إلى‬ ‫خط أحمر ساطع‪.‬‬ ‫في خطاب ألقاه أخيرا في جاكسون ھول بوالية وايومنج‪ ،‬اشتكى بن برنانكي رئيس‬ ‫مجلس االحتياطي الفيدرالي األمريكي بقوة من أن الشلل السياسي ربما يشكل اآلن‬ ‫العائق الرئيسي أمام التعافي‪ .‬ولكن المحللين المعتادين على دراسة األسواق الناشئة‬ ‫يدركون أن مثل ھذا الشلل يصبح من الصعب للغاية تفاديه في أعقاب أي أزمة‬ ‫مالية‪.‬‬ ‫وبدال من تصديق تأكيدات صناع القرار السياسي بخنوع‪ ،‬تعلم الباحثون في األسواق‬ ‫الناشئة عدم الثقة في الوعود الرسمية‪ .‬ففي كثير من األحيان‪ ،‬ترتكب كل األخطاء‬ ‫التي يمكن ارتكابھا‪.‬‬

‫‪43‬‬


‫ويتعين على صندوق النقد الدولي أن يستعين بقدر أعظم من ھذا النوع من التشكك‬ ‫في تقييمه لديناميكيات الدين في منطقة اليورو‪ ،‬بدال من السعي على نحو ال ينقطع‬ ‫إلى تقديم افتراضات مفتعلة من شأنھا أن تجعل الدين يبدو قابالً لالستدامة‪ .‬وكل من‬ ‫ينظر عن كثب إلى الخيارات المعقدة المتاحة أمام أوروبا فيما يتصل بإخراج نفسھا‬ ‫من مأزق الديون فسوف يدرك ال محالة أن القيود السياسية ستشكل عقبة كبيرة أيا‬ ‫كان المسار الذي تسلكه أوروبا‪.‬‬ ‫وحتى خارج أوروبا‪ ،‬كان صندوق النقد الدولي كثيرا ما يمنح قدرا أعظم مما ينبغي‬ ‫من المصداقية للحكومات القائمة‪ ،‬بدال من التركيز على المصالح األبعد أمداً للبالد‬ ‫وشعوبھا‪ .‬والواقع أن صندوق النقد الدولي ال يسدي شعوب أوروبا صنيعا ً عندما‬ ‫يتقاعس عن الضغط بقوة من أجل التوصل إلى حل أكثر واقعية‪ ،‬بما في ذلك شطب‬ ‫ديون البلدان الواقعة على حافة منطقة اليورو وإعادة تخصيص ضمانات البلدان‬ ‫األساسية إلى أماكن أخرى‪.‬‬ ‫واآلن بعد أن اعترف الصندوق صراحة بثغرات رأس المال التي تعيب مواقف‬ ‫العديد من البنوك األوروبية‪ ،‬فيتعين عليه أن يبدأ بالضغط بقوة من أجل التوصل إلى‬ ‫حل شامل وجدير بالثقة ألزمة الديون في منطقة اليورو‪ ،‬وھو الحل الذي ال بد أن‬ ‫يشتمل إما على االنفصال الجزئي عن منطقة اليورو أو اإلصالح الدستوري‬ ‫الجوھري‪ .‬إن مستقبل أوروبا‪ ،‬ناھيك عن مستقبل صندوق النقد الدولي‪ ،‬يعتمد على‬ ‫ھذا‬

‫) ‪ #‬وא ‪ 7‬א * ‬ ‫في المؤتمر الصحافي العام الذي عقده مجلس االتحادي الفيدرالي األمريكي أخيرا‪،‬‬ ‫وألول مرة على اإلطالق‪ ،‬قدم رئيس المجلس ِبن برنانكي دفاعا حماسيا عن سياسة‬ ‫المجلس التي كانت عُرضة للكثير من االنتقادات والمتمثلة في شراء كميات ھائلة‬ ‫من سندات الحكومة األمريكية‪ ،‬والمعروفة أيضا بالتيسير الكمي‪ .‬ولكن ھل كانت‬ ‫المبررات التي ساقھا مقنعة؟‬ ‫الواقع أن أغلب خبراء االقتصاد رأوا أن أداء برنانكي كان بارعا‪ .‬ولكن استمرار‬ ‫الدوالر في االنحدار واستمرار أسعار الذھب في االرتفاع يشير إلى قدر كبير من‬ ‫التشكك من جانب األسواق‪ .‬ومن بين أشد األمور صعوبة في عالم األعمال‬ ‫‪44‬‬


‫المصرفية أن المستثمرين يستمعون غالبا إلى رسالة مختلفة تمام االختالف عن تلك‬ ‫التي يعتزم البنك المركزي إرسالھا‪.‬‬ ‫كان بنك االحتياطي الفيدرالي مرغما بطبيعة الحال على اللجوء إلى التيسير الكمي؛‬ ‫وذلك ألن أداته الطبيعية لضبط التضخم والنمو‪ ،‬والمتمثلة في سعر الفائدة ليوم‬ ‫واحد‪ ،‬بلغت مستوى الصفر بالفعل‪ .‬وعلى الرغم من ذلك‪ ،‬فإن االقتصاد األمريكي‬ ‫ال يزال بطيئا‪ ،‬ويأتي ذلك مصحوبا بمستويات بطالة مرتفعة وغير مستجيبة‬ ‫لمحاوالت خفضھا‪ .‬لقد أُلقي باللوم على التيسير الكمي عن كل شيء بداية من‬ ‫فقاعات أسعار األصول إلى أعمال الشغب بسبب ارتفاع أسعار الغذاء‪ ،‬بل وربما‬ ‫حتى اللوم عن األمراض الجلدية‪ .‬ولقد شن الجميع‪ ،‬من وزراء المالية األجانب إلى‬ ‫رسامي الكاريكاتير )راجع مقطع الفيديو المنشور تحت عنوان ''تفسير التيسير‬ ‫الكمي''( إلى سارة بالين‪ ،‬ھجوما حادا على ھذه السياسة‪.‬‬ ‫ويصر المنتقدون على أن التيسير الكمي ھو بداية نھاية النظام المالي العالمي‪ ،‬إن لم‬ ‫يكن نھاية الحضارة ذاتھا‪ .‬وأبرز شكاواھم تدور حول ضآلة المعروف عن الكيفية‬ ‫التي يعمل بھا التيسير الكمي‪ ،‬والمجازفات التي يخوضھا بنك االحتياطي الفيدرالي‬ ‫بال ضرورة وعلى نحو قد يؤثر سلبا على النظام المالي العالمي لمجرد تحقيق فوائد‬ ‫متواضعة للغاية بالنسبة القتصاد الواليات المتحدة‪.‬‬ ‫وسواء كان المنتقدون مصيبين أو على خطأ‪ ،‬فھناك أمر واحد واضح‪ :‬مع تخلف‬ ‫بنك االحتياطي الفيدرالي عن غيره من البنوك المركزية العالمية في دورة إحكام‬ ‫السياسة النقدية‪ ،‬ومع تفكير وكاالت التصنيف والتقييم في خفض درجة االئتمان‬ ‫بالنسبة ألمريكا‪ ،‬انخفضت القوة الشرائية للدوالر األمريكي إلى أدنى مستوياتھا على‬ ‫اإلطالق في مقابل عمالت الشركاء التجاريين ألمريكا‪.‬‬ ‫كان دفاع برنانكي قويا وحاسما‪ .‬فقد أكد أن سياسة التيسير الكمي ليست أداة غير‬ ‫تقليدية كما يزعم منتقدوھا‪ .‬فإذا نظر المرء إلى الكيفية التي أثرت بھا ھذه السياسة‬ ‫على الظروف المالية‪ ،‬بما في ذلك أسعار الفائدة الطويلة األجل‪ ،‬والتقلب‪ ،‬وأسعار‬ ‫األصول‪ ،‬فسيتبين له أن التيسير الكمي يشبه إلى حد كبير سياسة أسعار الفائدة‬ ‫التقليدية‪ ،‬والتي نتصور أننا نفھمھا‪ .‬وعلى ھذا‪ ،‬فإن المخاوف بشأن التأثيرات‬ ‫السلبية المفترضة لھذه السياسة مبالغ فيھا بشكل واضح‪ ،‬وليس ھناك ما نستطيع أن‬ ‫نعتبره تحديا خاصا فيما يتصل بعكس المسار في نھاية المطاف أيضا‪ .‬ولقد رد‬ ‫برنانكي على الشكاوى حول أسعار السلع األساسية والتضخم في األسواق الناشئة‬

‫‪45‬‬


‫قائال‪ :‬إن ھذه الظواھر ترتبط بشكل أكبر بالسياسات النقدية المتراخية وأسعار‬ ‫الصرف الجامدة إلى حد اإلفراط في البلدان الناشئة السريعة النمو‪.‬‬ ‫تأتي تعليقات رئيس بنك االحتياطي الفيدرالي ھذه في لحظة حرجة وحساسة‪ .‬فعلى‬ ‫مدى العام المقبل أو نحو ذلك‪ ،‬من المرجح أن يدخل بنك االحتياطي الفيدرالي إلى‬ ‫دورة تشديد السياسة النقدية‪ ،‬وذلك برفع أسعار الفائدة على أسس ثابتة ومستدامة‪.‬‬ ‫وھو ال يرغب في استعجال األمر ألن اقتصاد الواليات المتحدة ال يزال ضعيفا‪،‬‬ ‫حيث لم يتجاوز النمو في الربع األول ‪ ١٫٨‬في المائة‪ .‬لكنه ال يستطيع أن ينتظر‬ ‫لفترة أطول مما ينبغي؛ خشية أن تنجرف توقعات التضخم على مستويات مرتفعة‬ ‫إلى حد خطير‪ ،‬فيضطر بنك االحتياطي الفيدرالي إلى التحرك بقوة ‪ -‬وعلى حساب‬ ‫آالم اقتصادية كبيرة ‪ -‬من أجل تخليص النظام من التضخم‪.‬‬ ‫وفي إطار محاوالته للتخلص من التيسير الكمي‪ ،‬يتعين على برنانكي أن يتجنب لغما‬ ‫أرضيا آخر‪ ،‬الذي يتمثل على وجه التحديد في انھيار غير مرغوب في أسعار‬ ‫األصول‪ .‬والواقع أن العديد من تجار ''وال ستريت'' المخضرمين مقتنعون بأن‬ ‫سياسة التيسير الكمي ھي ذات السياسة النقدية التي انتھجھا جرينسبان‪ ،‬لكن‬ ‫بتعزيزھا ببعض المنشطات‪ .‬وكانت سياسة جرينسبان نابعة من اعتقاد راسخ من‬ ‫ِق َبل رئيس بنك االحتياطي الفيدرالي السابق بأن البنك ال ينبغي له أن يحاول مقاومة‬ ‫االرتفاع الحاد لسوق األوراق المالية‪ ،‬إال إلى الدرجة التي قد تعمل بھا ھذه السوق‬ ‫على تقويض استقرار أسعار السلع العادية في األمد البعيد‪ .‬ولكن إذا انھارت سوق‬ ‫األوراق المالية بسرعة أكبر مما ينبغي‪ ،‬فيتعين على بنك االحتياطي الفيدرالي أن‬ ‫يقلق من الركود وأن يرد بقوة من أجل تخفيف السقوط‪.‬‬ ‫ُترى ھل كان التجار على حق؟ وھل نستطيع أن نعتبر سياسة التيسير الكمي مجرد‬ ‫تكملة لسياسة جرينسبان؟ ال شك أن أسعار الفائدة المتدنية للغاية اليوم تشجع‬ ‫المستثمرين على ضخ األموال في أصول خطرة‪ .‬وقد يزعم بنك االحتياطي‬ ‫الفيدرالي أن مھمة القائمين على التنظيم تتلخص في التأكد من أن فقاعات األصول‬ ‫ال تحث على اإلفراط في االقتراض‪ ،‬ثم اندالع أزمة ديون في نھاية المطاف‪ ،‬ولو‬ ‫أن السياسة النقدية ال بد أن تدخل في ھذا المزيج بطبيعة الحال‪.‬‬ ‫ونظرا للتعافي البطيء فلعل برنانكي كان ليذھب إلى ما ھو أبعد من ھذا فيزعم أن‬ ‫بنك االحتياطي الفيدرالي كان صاحب الرأي الصائب‪ .‬وقد تكون السلطات النقدية‬ ‫في بلدان أخرى متقدمة اقتصاديا‪ ،‬مثل البنك المركزي األوروبي‪ ،‬مفرطة في‬ ‫االستجابة لتقلب معدالت التضخم في األمد القريب‪ .‬ولكن ربما تبنى برنانكي نھجا‬ ‫‪46‬‬


‫حذرا‪ ،‬من منطلق رغبته في عدم إحداث مشكالت لنظرائه األجانب‪ ،‬لمجرد الدفاع‬ ‫عن سياسة بنك االحتياطي الفيدرالي بوصفھا االختيار السليم بالنسبة ألمريكا‪.‬‬ ‫في الدفاع عن سياسية بنك االحتياطي الفيدرالي‪ ،‬كان لزاما على برنانكي أن يتوخى‬ ‫الحذر وأال يذكر أي شيء قد يؤدي إلى انزعاج المستثمرين بشكل مفرط‪ .‬وھناك‬ ‫من األسباب ما يكفي بالفعل إلصابتھم بالتوتر‪ :‬ففي نھاية المطاف ال بد أن يعقب‬ ‫تيسير الشروط المالية فترة مؤلمة إلى حد غير عادي من تشديد السياسات‪ .‬ولكن ھل‬ ‫يكون االقتصاد مستعدا عندما يأتي الوقت المناسب؟ إن شرح التحول الحتمي نحو‬ ‫تشديد السياسات وإحكامھا قد يمثل تحديا أعظم كثيرا من تفسير اللجوء إلى التيسير‬ ‫الكمي االستثنائي في المقام األول‪.‬‬ ‫يتعين على بنك االحتياطي الفيدرالي أن يتذكر دوما أنه مھما بلغ تحليله من عقالنية‬ ‫وھدوء فإنه يتعامل مع أسواق بعيدة كل البعد عن الھدوء والتعقل‪ .‬وبسبب استثمار‬ ‫قدر عظيم من العواطف في سياسة التيسير الكمي‪ ،‬فإن التأثيرات النفسية المترتبة‬ ‫على العودة إلى الحالة الطبيعية ستكون بالغة الخطورة وغير متوقعة‬

‫"ل و د ج ‪ ,‬ل א ؟‬ ‫ُترى ھل يتعين على مزيد من البلدان أن تعمل على إنشاء مجالس استشارية مالية‬ ‫مستقلة لبث قدر أعظم من الموضوعية في المناقشات الدائرة حول الموازنات‬ ‫الوطنية؟ الواقع أن المحتال السجين بيرني مادوف لخص أخيرا مشاعر العديد من‬ ‫الناس إزاء السياسة المالية‪ ،‬معلنا أن ''الحكومة بالكامل تدير مخططا احتياليا‬ ‫لتوظيف األموال‪''.‬‬ ‫ربما كان بوسعنا أن نعتبر ھذا الكالم مجرد أمنيات رجل سيموت في السجن بعد‬ ‫انھيار مخططه المالي االحتيالي الذي حطم كل األرقام القياسية )‪ ٥٠‬مليار دوالر(‬ ‫في عام ‪ .٢٠٠٨‬وأنا شخصيا‪ ،‬ال أظن المكانة التي اكتسبھا مادوف في كتب األرقام‬ ‫القياسية سيظل باسمه لفترة طويلة‪ .‬مع ذلك‪ ،‬وفي ظل التركيبة الفتاكة التي تواجھھا‬ ‫مجموعة من أضخم الحكومات على مستوى العالم‪ ،‬والتي تتألف من الديون التقليدية‬ ‫الھائلة‪ ،‬واستحقاقات معاشات التقاعد غير المسبوقة في حجمھا‪ ،‬وتباطؤ النمو‪ ،‬فإن‬ ‫المرء ال يملك إال أن يتساءل عن كينونة الخطة المالية‪.‬‬

‫‪47‬‬


‫في بحث جديد حمل عنوان ''عشرة أعوام من الديون''‪ ،‬نثبت أنا وكارمن راينھارت‬ ‫أن الديون الحكومية العامة في الواليات المتحدة‪ ،‬بما في ذلك الديون الفيدرالية‬ ‫والمحلية على مستوى الواليات‪ ،‬تجاوزت اآلن المستوى القياسي الذي بلغته في‬ ‫نھاية الحرب العالمية الثانية )‪ ١٢٠‬في المائة من الناتج المحلي اإلجمالي‪).‬‬ ‫أما اليابان فھي بطبيعة الحال في وضع أسوأ كثيرا‪ ،‬حيث تجاوز مجموع ديون‬ ‫الحكومة ‪ ٢٠٠‬في المائة من الناتج المحلي اإلجمالي‪ .‬ورغم أن االحتياطيات من‬ ‫النقد األجنبي تعوض جزئيا عن ھذه النسبة الھائلة‪ ،‬فإن اليابان تواجه اآلن تكاليف‬ ‫جھود اإلغاثة الھائلة بعد الكارثة التي ضربتھا ‪ -‬ھذا إلى جانب الميول الديموغرافية‬ ‫)السكانية( الباعثة على االكتئاب في البالد‪ .‬والعديد من البلدان الغنية األخرى بلغت‬ ‫مستويات الديون لديھا ارتفاعات غير مسبوقة منذ ‪ ١٥٠‬عاما‪ ،‬على الرغم من‬ ‫السالم النسبي في قسم كبير من العالم‪.‬‬ ‫خرج سھل للخروج من ھذه المآزق‪ .‬فاآلن تعمل أسعار الفائدة العالمية‬ ‫وال يوجد َم َ‬ ‫المنخفضة على تقييد تكاليف خدمة الديون‪ ،‬ولكن مستويات الديون لن تنخفض إال‬ ‫بالتدريج البطيء وعلى مدى فترات طويلة‪ ،‬في حين قد ترتفع أسعار الفائدة الحقيقية‬ ‫)المعدلة حسب التضخم( بسرعة أكبر كثيرا‪ ،‬حتى بالنسبة للبلدان الغنية‪ .‬والواقع أن‬ ‫أزمات الديون ھذه تبدو وكأنھا خرجت إلى الوجود على حين غرة وبال أي مقدمات‪،‬‬ ‫فضربت البلدان التي ال تحتمل مسارات ديونھا ببساطة أي مجال للخطأ أو المحن‬ ‫غير المدبرة‪.‬‬ ‫إن األثر الوحيد األكثر فورية ومباشرة لتبني سياسة مالية مستقلة يتلخص في كبح‬ ‫جماح اإلنفاق من خالل خلق توقعات حكومية مصاحبة شديدة التفاؤل فيما يتصل‬ ‫بالنمو والعائدات‪ .‬ومن حيث المبدأ‪ ،‬يستطيع أي مجلس استشاري مستقل ومحترم أن‬ ‫يرغم الحكومات أيضا على االعتراف بالتكاليف المستترة المرتبة على الضمانات‬ ‫الحكومية والديون غير الداخلة في الموازنات العمومية‪.‬‬ ‫لقد حان اآلن وقت النظر في تبني توجھات جديدة‪ .‬ال شك أن أي تغيير بسيط منفرد‬ ‫غير كاف في حد ذاته على إزالة االنحراف الھائل في اتجاه اإلنفاق باالستدانة في‬ ‫أغلب األنظمة السياسية الحديثة‪ .‬ولن ينجح أي تغيير بسيط منفرد في الحيلولة دون‬ ‫خطر تفاقم الديون في المستقبل وأزمات التضخم‪ .‬والواقع أن العديد من البلدان‬ ‫تحتاج إلى إصالحات جذرية لجعل أنظمتھا الضريبية أكثر كفاءة وجعل برامج‬ ‫االستحقاقات ‪ -‬بما في ذلك خطط المعاشات التقاعدية ‪ -‬أكثر واقعية‪.‬‬

‫‪48‬‬


‫كان ظھور المجالس االستشارية المالية أخيرا بمثابة بداية مؤسسة واعدة‪ .‬والواقع‬ ‫أن عددا من البلدان‪ ،‬ومنھا الدنمرك وھولندا والواليات المتحدة وبلجيكا‪ ،‬لديھا‬ ‫ھيئات مراقبة مالية راسخة‪ ،‬مثل مكتب الميزانية التابع للكونجرس األمريكي‪ .‬ولكن‬ ‫في حين أثبتت ھذه المؤسسات األقدم أنھا مفيدة للغاية‪ ،‬فإنھا مقيدة إلى حد كبير‪.‬‬ ‫فمكتب الميزانية التابع للكونجرس األمريكي على سبيل المثال يتمتع بحرية إصدار‬ ‫التوقعات المالية الطويلة األمد استنادا إلى أفضل تقديراته للنمو‪ ،‬لكنه مضطر إلى‬ ‫حد كبير إلى تقبل ''إصالحات سريعة'' غير واقعية على المستوى السياسي في‬ ‫المستقبل‪ ،‬وبقيمة اسمية‪ ،‬تعمل إلى حد ما على تحييد الفعالية المحتملة ألي انتقاد‬ ‫لسياسات العجز‪.‬‬ ‫ولتعزيز المصداقية‪ ،‬تتحرك مجموعة من الحكومات بحذر نحو إنشاء مجالس مالية‬ ‫تتمتع بقدر أعظم من االستقالل‪ ،‬وباعتبار البنوك المركزية نموذجا لھا في كثير من‬ ‫األحيان‪ .‬وتتضمن الطليعة الجديدة مجالس من ھذا النوع في السويد والمملكة‬ ‫المتحدة وسلوفينيا وكندا‪.‬‬ ‫ويتمتع المجلس المالي في السويد بتفويض واسع بشكل خاص‪ ،‬األمر الذي يمنحه‬ ‫الصالحية ليس فقط إلصدار التوقعات‪ ،‬بل وأيضا للنظر بشكل أكثر عمقا في‬ ‫الدوافع التي تحرك السياسات الحكومية والعواقب التي قد تترتب عليھا‪ .‬ومن حيث‬ ‫المبدأ‪ ،‬يستطيع أي مجلس مالي مستقل أن يقدم مساعدات ال تقدر بثمن أثناء األزمة‬ ‫المالية‪ .‬ففي الواليات المتحدة‪ ،‬كان بوسع ھيئة من ھذا النوع أن تزن التكاليف‬ ‫والفوائد المترتبة على خطط اإلنقاذ‪ ،‬بل وربما المساعدة في إنھاء شلل الكونجرس‬ ‫وتشجيعه على منح دافعي الضرائب المزيد من الجانب اإليجابي من المخاطر‪.‬‬ ‫من قبيل المبالغة أن نتوقع أن تكتسب ھذه المؤسسات المالية الجديدة أھمية البنوك‬ ‫المركزية أو سطوتھا‪ ،‬على األقل في أي وقت قريب‪ .‬فھناك إجماع أكبر على‬ ‫السياسة النقدية مقارنة باإلجماع على السياسة المالية‪ .‬والواقع أن السياسة المالية‬ ‫أكثر تعقيدا ومتعددة األبعاد‪ .‬ورغم ذلك فإن المبدأ العام يشكل فيما يبدو خطوة مھمة‬ ‫في اتجاه التعقل المالي‪.‬‬ ‫ال شك أن المجالس المالية في حد ذاتھا ال تكفي‪ ،‬مھما كان تصميمھا جيدا‪ .‬وسيظل‬ ‫من المغري للغاية لكل جيل أن يقول ''سيكون أحفادي أكثر مني ثراء‪ ،‬ربما بمرتين‬ ‫أو ثالث مرات‪ ،‬فمن يبالي إذن أن يضطروا في المستقبل إلى تحمل بعض أعباء‬ ‫الديون؟''‪ .‬فضال عن ذلك فإن الدورة السياسية تعمل على خلق انحراف قوي في‬ ‫اتجاه العجز‪ ،‬مع سعي الزعماء إلى تجميل الشعور بالصحة االقتصادية واالزدھار‬ ‫‪49‬‬


‫من خالل زيادة النفقات المرئية على حساب الديون المستترة وخفض مستويات‬ ‫االستثمار في األمد البعيد‪.‬‬ ‫ومن األھمية بمكان‪ ،‬من أجل مقاومة ھذه الضغوط القوية‪ ،‬إخضاع عمل المجالس‬ ‫المالية للمراجعة بشكل دوري بواسطة ھيئات دولية مثل صندوق النقد الدولي‪،‬‬ ‫لحماية استقاللھا وتعزيز المساءلة في الوقت نفسه‪.‬‬ ‫ال شك أن صحة نظرية بيرني مادوف لم تثبت بعد‪ ،‬ولن يكون مخططه االحتيالي‬ ‫ھو األعظم على اإلطالق‪ .‬ولكن المزيد من الشفافية والتقييم المستقل المنھجي‬ ‫للسياسات الحكومية من شأنه أن يعمل كخطوة مفيدة للغاية نحو حل معضلة العجز‬ ‫الضخم األبدية‪ .‬إنھا بال أدنى شك واحدة من األفكار المبدعة والواعدة‪ ،‬خاصة وقد‬ ‫خرجت من بيئة سياسية قاحلة‬

‫א ‪ ,‬و?‪ ..‬א ل א ذ‪# A‬ن א ‪5#‬ن ) وא )‪ 7‬‬

‫بينما تتكشف األحداث الدرامية المثيرة في شمال إفريقيا وتتجلى تدريجيا‪ ،‬يتصور‬ ‫العديد من المراقبين خارج العالم العربي على نحو ال يخلو من الرضا عن الذات‬ ‫والغرور‪ ،‬أن األمر برمته يدور حول الفساد والقمع السياسي‪ .‬ولكن مستويات‬ ‫البطالة المرتفعة‪ ،‬والتفاوت الصارخ بين الناس‪ ،‬وأسعار السلع األساسية التي‬ ‫ارتفعت إلى عنان السماء‪ ،‬كل ذلك كان أيضا من بين العوامل البالغة األھمية؛ لذا‪،‬‬ ‫ال ينبغي للمراقبين أن يتساءلوا فحسب إلى أي مدى قد تنتشر أحداث مماثلة في‬ ‫مختلف أنحاء المنطقة؛ بل يتعين عليھم أن يسألوا أنفسھم أي نوع من التغيير قد‬ ‫يكون قادما في الديار )الغرب( في مواجھة ضغوط اقتصادية مماثلة إن لم تكن على‬ ‫القدر نفسه من التطرف والحدة‪.‬‬

‫‪50‬‬


‫ففي داخل كل بلد‪ ،‬ربما أصبح التفاوت في الدخول والثروات والفرص أعظم من أي‬ ‫وقت مضى‪ .‬وفي مختلف أنحاء أوروبا وآسيا واألمريكيتين‪ ،‬تعج الشركات بكميات‬ ‫ھائلة من النقد التي تكدست بفضل جھودھم الدؤوبة في دعم الكفاءة والتي تستمر في‬ ‫تحقيق أرباح ھائلة‪ .‬ورغم ذلك‪ ،‬فإن حصة العمال في الكعكة في تضاؤل مستمر؛‬ ‫وذلك بسبب ارتفاع معدالت البطالة‪ ،‬وتقصير ساعات العمل‪ ،‬واألجور الراكدة‪.‬‬ ‫ومن عجيب المفارقات ھنا أن مقاييس التفاوت في الدخول والثروات بين البلدان‬ ‫أصبحت في انخفاض في واقع األمر؛ وذلك بفضل النمو القوي المستمر الذي تشھده‬ ‫األسواق الناشئة‪ .‬ولكن أغلب الناس مھتمون بشكل أعظم كثيرا بمدى جودة حياتھم‬ ‫نسبة إلى جيرانھم‪ ،‬وليس نسبة إلى المواطنين في بالد بعيدة‪.‬‬ ‫إن أحوال أغلب األغنياء على ما يرام‪ .‬فقد عادت أسواق البورصة العالمية إلى‬ ‫العمل‪ .‬والعديد من البلدان تشھد نموا قويا في أسعار المساكن‪ ،‬أو العقارات‬ ‫التجارية‪ ،‬أو كليھما‪ .‬وتعمل أسعار السلع األساسية المتنامية على خلق عائدات‬ ‫ضخمة ألصحاب المناجم والحقول‪ ،‬حتى في ظل ارتفاع أسعار السلع األساسية الذي‬ ‫أدى إلى اندالع أعمال شغب من أفراد يطالبون بالغذاء‪ ،‬إن لم يكن بالثورة الكلية‪،‬‬ ‫في العالم النامي‪ .‬وتستمر شبكة اإلنترنت والقطاع المالي في تفريخ العديد من‬ ‫أصحاب الماليين‪ ،‬بل وحتى المليارات بوتيرة مذھلة‪.‬‬ ‫ورغم ذلك‪ ،‬فإن معدالت البطالة المرتفعة والتي طال أمدھا تبتلي العديد من العمال‬ ‫األقل مھارة‪ .‬على سبيل المثال‪ ،‬في إسبانيا المتعثرة ماليا‪ ،‬تجاوزت معدالت البطالة‬ ‫اآلن ‪ ٢٠‬في المائة‪ .‬وما يزيد الطين بلة أن الحكومة ترغم في الوقت نفسه على‬ ‫استيعاب تدابير تقشفية جديدة للتعامل مع أعباء الديون الخطيرة التي تثقل كاھل‬ ‫البالد‪.‬‬ ‫ونظرا إلى مستويات الدين العام التي بلغت مستويات قياسية في العديد من البلدان‪،‬‬ ‫فإن القليل من الحكومات تتمتع بمجال كبير فيما يتصل بمعالجة التفاوت من خالل‬ ‫المزيد من إعادة توزيع الدخل‪ .‬وتتمتع بلدان مثل البرازيل بالفعل بمستويات عالية‬ ‫من التحويالت المالية من األغنياء إلى الفقراء إلى الحد الذي قد يجعل المزيد من‬ ‫التحركات سببا في تقويض االستقرار المالي ومصداقية جھود مكافحة التضخم‪.‬‬ ‫إن بلدان مثل الصين وروسيا‪ ،‬والتي تشھد معدالت مماثلة من التفاوت تتمتع بمجال‬ ‫أوسع لزيادة جھود إعادة التوزيع‪ ،‬لكن القادة في كل من البلدين كانوا محجمين عن‬ ‫القيام بتحركات جريئة خشية زعزعة استقرار النمو‪ .‬وينبغي أللمانيا أن تخشى‪،‬‬

‫‪51‬‬


‫ليس فقط بشأن مواطنيھا المعرضين للخطر‪ ،‬بل وأيضا حول كيفية إيجاد الموارد‬ ‫الالزمة إلنقاذ البلدان المجاورة لھا في جنوب أوروبا‪.‬‬ ‫إن أسباب التفاوت المتنامي داخل البلدان مفھومة بشكل جيد‪ ،‬وال مجال ھنا‬ ‫لالستفاضة في ذِكر ھذه األسباب‪ .‬ونحن نعيش في عصر‪ ،‬حيث تعمل العولمة على‬ ‫توسيع سوق األفراد الذين يتمتعون بمواھب فائقة‪ ،‬لكنھا تزاحم دخول الموظفين‬ ‫العاديين‪ .‬وبالتالي فإن المنافسة بين البلدان على اجتذاب األفراد المھرة والصناعات‬ ‫المربحة‪ ،‬تعمل على تقييد قدرة الحكومات على الحفاظ على معدالت الضريبة‬ ‫المرتفعة المفروضة على األثرياء‪ .‬وما يزيد قدر العرقلة الذي يعيق الحراك‬ ‫االجتماعي ما يفعله األثرياء من إمطار أبنائھم بمزايا التعليم الخاص والمساعدة بعد‬ ‫الدراسة‪ ،‬في حين يعجز الفقراء في العديد من بلدان العالم حتى عن إبقاء أبنائھم في‬ ‫المدرسة‪.‬‬ ‫في كتاباته في القرن التاسع عشر الحظ كارل ماركس اتجاھات عدم المساواة‬ ‫والتفاوت في أيامه واستنتج أن الرأسمالية غير قادرة على دعم نفسھا سياسيا إلى ما‬ ‫ال نھاية‪ .‬وھذا يعني أن العمال في نھاية المطاف سيثورون ويطيحون بالنظام‪.‬‬ ‫ولكن خارج كوبا‪ ،‬وكوريا الشمالية‪ ،‬وبعض الجامعات اليسارية في مختلف أنحاء‬ ‫العالم‪ ،‬لم يعد أحد يأخذ كارل ماركس على محمل الجد‪ .‬فخالفا لتوقعاته‪ ،‬أفرزت‬ ‫الرأسمالية مستويات معيشة أعلى ألكثر من قرن من الزمان‪ ،‬في حين فشلت‬ ‫محاوالت لتطبيق أنظمة راديكالية مختلفة إلى حد كبير في تحقيق الغاية نفسھا‪.‬‬ ‫رغم ذلك‪ ،‬وبعد أن بلغت مستويات التفاوت المستويات نفسھا التي كانت عليھا قبل‬ ‫‪ ١٠٠‬عام‪ ،‬فإن الوضع الراھن ال بد وأن يكون بالغ الخطورة‪ .‬إن عدم االستقرار‬ ‫من الممكن أن يعبر عن نفسه في أي مكان‪ .‬فقبل ما يزيد على أربعة عقود فقط‬ ‫اجتاحت أعمال الشعب في المناطق الحضرية والمظاھرات الحاشدة بلدان العالم‬ ‫المتقدم‪ ،‬األمر الذي أدى في نھاية المطاف إلى تحفيز إصالحات اجتماعية وسياسية‬ ‫بعيدة المدى‪.‬‬ ‫صحيح أن المشكالت التي تعاني منھا مصر وتونس اليوم أعمق من مثيالتھا في‬ ‫العديد من البلدان األخرى‪ .‬فقد تسبب الفساد والفشل في تبني اإلصالح السياسي‬ ‫الحقيقي في إفراز قصور حاد‪ ،‬ورغم ذلك فمن الخطأ إلى حد كبير أن نفترض أن‬ ‫التفاوت الھائل من الممكن أن يظل مستقرا ما دام ناشئا في بيئة من اإلبداع والنمو‪.‬‬

‫‪52‬‬


‫ولكن إال َم قد ينتھي التغيير على وجه التحديد‪ ،‬وما ھو الشكل الذي قد يتخذه الميثاق‬ ‫االجتماعي في نھاية المطاف؟ من الصعب أن نتكھن بھذا‪ ،‬ورغم ذلك فإن العملية‬ ‫في أغلب البلدان ستكون سلمية وديمقراطية‪.‬‬ ‫واألمر الواضح اآلن ھو أن التفاوت بين الناس ال يشكل قضية طويلة األجل فحسب‪.‬‬ ‫بل إن المخاوف بشأن التأثير المحتمل للتفاوت في الدخول بدأت بالفعل في تقييد‬ ‫السياسات المالية والنقدية في البلدان المتقدمة والبلدان النامية على حد سواء‪ ،‬بينما‬ ‫تحاول تخليص نفسھا من السياسات المفرطة في االعتماد على التحفيز والتي تم‬ ‫تبنيھا أثناء األزمة المالية‪.‬‬ ‫واألھم من ذلك أن اختالف قدرة البلدان على اإلبحار عبر ھذه التوترات االجتماعية‬ ‫المتصاعدة والمتولدة عن التفاوت الھائل من شأنه على األرجح أن يؤدي إلى الفصل‬ ‫بين الفائزين والخاسرين في الجولة التالية من العولمة‪ .‬إن التفاوت يشكل العامل‬ ‫األكبر الذي ال يمكن التنبؤ بعواقبه في العقد المقبل من النمو العالمي‪ ،‬وليس في‬ ‫شمال إفريقيا فحسب‬

‫ ‪ 5‬א מ ن א ‪#‬ن &ن < ‬ ‫إلى أين تسير العمالت العالمية في عام ‪٢٠١١‬؟ بعد ثالثة أعوام من التقلبات الھائلة‬ ‫في أسعار صرف العمالت نتيجة لألزمة العالمي‪ ،‬فمن المفيد أن نجري جردا لقيم‬ ‫العمالت ونظام سعر الصرف ككل‪ .‬وفي اعتقادي أننا سنشھد مزيجا من حروب‬ ‫العمالت‪ ،‬وانھيار العمالت‪ ،‬وفوضى العمالت في عامنا الجديد ھذا ‪ -‬ولكن ھذا لن‬ ‫يعني نھاية التعافي االقتصادي‪ ،‬ناھيك عن نھاية العالم‪.‬‬ ‫يتعين علينا أن نبدأ باإلقرار بأن نظام تعويم أسعار الصرف الحديث في اإلجمال‬ ‫نجح في تبرئة نفسه على نحو الفت للنظر‪ .‬صحيح أن التكھن بالمنطق الكامن وراء‬ ‫التقلبات الكبيرة التي شھدتھا أسعار الصرف كان يشكل تحديا كبيرا في اآلونة‬ ‫األخيرة‪ ،‬خاصة في ضوء عوامل المجازفة المعقدة وأفضليات السياسات الذاتية‪.‬‬ ‫على سبيل المثال‪ ،‬ارتفعت قيمة الدوالر بشكل كبير في مستھل األمر‪ ،‬رغم أن‬ ‫الواليات المتحدة كانت في قلب األزمة المالية‪.‬‬

‫‪53‬‬


‫ولكن حتى لو كانت أسعار الصرف تعمل بأساليب غامضة‪ ،‬فإن تأثيرھا المخ ّفف ال‬ ‫يمكن إنكاره‪ .‬فقد ساعد انخفاض قيمة اليورو بشكل حاد بعد األزمة في دعم‬ ‫الصادرات األلمانية‪ ،‬وبالتالي إبقاء منطقة اليورو بعيدة عن الديون والمصاعب‪.‬‬ ‫كما انھارت أسعار عمالت األسواق الناشئة أيضا‪ ،‬حتى في البلدان ذات الديون‬ ‫القليلة نسبيا والتي تحتفظ باحتياطيات ضخمة من العمالت األجنبية‪ .‬ومنذ ذلك‬ ‫الحين‪ ،‬استعادت أغلب عمالت األسواق الناشئة قوتھا بشكل حاد‪ .‬وحين ننظر إلى‬ ‫األمر اآلن فسيتبين لنا أن تقلبات أسعار الصرف ھذه كانت تعكس االنھيار األولي‬ ‫واالنتعاش الالحق في التجارة العالمية‪ ،‬األمر الذي ساعد في التخفيف من حِدة‬ ‫الركود‪.‬‬ ‫وعلى النقيض من ذلك‪ ،‬لم تكن األزمة العالمية بمثابة اإلعالن عن التوسع في نظام‬ ‫أسعار الصرف الثابتة‪ .‬ذلك أن البلدان الواقعة على محيط منطقة اليورو‪ ،‬بما في‬ ‫ذلك اليونان والبرتغال وإيرلندا وإسبانيا‪ ،‬وجدت نفسھا معلقة على سارية العملة‬ ‫الموحدة‪ ،‬وعاجزة عن اكتساب القدرة التنافسية من خالل خفض أسعار صرف‬ ‫عمالتھا‪.‬‬ ‫ذات يوم قال روبرت مونديل من جامعة كولومبيا‪ ،‬وھو األب الفكري لعملة اليورو‪:‬‬ ‫''إن العدد المثالي للعمالت في العالم ال بد وأن يكون فرديا‪ ،‬ويفضل أن يكون أقل‬ ‫من ثالث‪ .‬ولكن من الصعب أن نرى السبب وراء ذلك الرأي اآلن‪''.‬‬ ‫ربما عندما تحكمنا حكومة عالمية واحدة فقد يكون من المنطقي أن نتعامل بعملة‬ ‫الموازنة المترتبة على العمالت‬ ‫عالمية واحدة‪ .‬ولكن حتى لو نحينا جانبا الفوائد‬ ‫ِ‬ ‫المرنة‪ ،‬فإن فكرة وجود بنك مركزي واحد يتمتع بسلطة كلية شاملة ليست جذابة‬ ‫بصورة خاصة‪ .‬ولنتذكر ھنا النقد الالذع والھستريا التي صاحبت السياسة التي‬ ‫تبناھا بنك االحتياطي الفيدرالي في الواليات المتحدة والتي أطلق عليھا ''التيسير‬ ‫الكمي''‪ .‬ولنتخيل معا الذعر الذي كان لينشأ في عالم حيث كان السبيل الوحيد أمام‬ ‫المستثمرين للفرار من الدوالر إما الذھب أو السلع القابلة للتخزين أو األعمال الفنية‪.‬‬ ‫ولكن النجاح المستمر لنظام تعويم أسعار الصرف ال يعني أن الرحلة عبر عام‬ ‫‪ ٢٠١١‬ستكون سلسة‪ .‬فعلى سبيل المثال كبداية‪ ،‬نستطيع أن نتوقع بقدر كبير من‬ ‫اليقين استمرار حروب العملة المزعومة‪ ،‬حيث تسعى بلدان العالم جاھدة لمنع أسعار‬ ‫صرف عمالتھا من االرتفاع بسرعة أكبر مما ينبغي‪ ،‬وعلى نحو يؤدي إلى خنق‬ ‫الصادرات‪ .‬وربما ''تخسر'' الحكومات اآلسيوية معركتھا في ھذه الحرب تدريجيا‬

‫‪54‬‬


‫خالل عام ‪ ،٢٠١١‬فتسمح بارتفاع قيمة عمالتھا في مواجھة الضغوط التضخمية‬ ‫والتھديد باالنتقام على الصعيد التجاري‪.‬‬ ‫أما عن انھيار العمالت‪ ،‬فإن المرشح األكثر بروزا ھو اليورو‪ .‬ففي عالم مثالي‪،‬‬ ‫كانت أوروبا لتتعامل مع أعباء الديون المفرطة من خالل إعادة ھيكلة وجدولة‬ ‫الديون اليونانية واإليرلندية والبرتغالية‪ ،‬فضال عن الديون البلدية والمصرفية في‬ ‫إسبانيا‪ .‬وفي الوقت عينه فإن ھذه البلدان كانت لتستعيد قدرتھا التنافسية في مجال‬ ‫التصدير من خالل خفض األجور على نطاق واسع‪.‬‬ ‫ولكن يبدو أن صناع القرار السياسي األوروبيين في الوقت الحالي يفضلون‬ ‫االستمرار في تضخيم حجم القروض المؤقتة القصيرة األمد المقدمة للبلدان الواقعة‬ ‫على محيط االتحاد األوروبي‪ ،‬وال يرغبون في االعتراف بأن األسواق الخاصة‬ ‫ستطالب في نھاية المطاف لحل أكثر دواما‪ .‬وال يوجد عامل مجازفة أخطر على‬ ‫العملة من رفض صناع القرار السياسي لمواجھة الحقائق المالية؛ وإلى أن يواجه‬ ‫المسؤولون األوروبيون ھذه الحقائق فإن اليورو سيظل عُرضة للخطر‪ .‬ويبدو‬ ‫الدوالر من ناحية أخرى وكأنه رھان أكثر أمانا في عام ‪ .٢٠١١‬ذلك أن قوته‬ ‫الشرائية تشق طريقھا بصعوبة وبمستوى منخفض نسبيا على الصعيد العالمي ‪-‬‬ ‫والواقع أنھا اقتربت من أدنى مستوياتھا على اإلطالق‪ ،‬طبقا لمؤشر سعر صرف‬ ‫الدوالر التابع لبنك االحتياطي الفيدرالي‪ .‬وھذا يعني أن إعادة الموازنة الطبيعية‬ ‫لتعادل القوة الشرائية ال بد وأن تعطي الدوالر زخما تصاعديا طفيفا‪.‬‬ ‫بطبيعة الحال‪ ،‬يعتقد البعض أن مشتريات بنك االحتياطي الفيدرالي الضخمة من‬ ‫ديون الواليات المتحدة تشكل خطرا أعظم من أزمة الديون السيادية األوروبية‪.‬‬ ‫ربما‪ ،‬ولكن أغلب طالب السياسة النقدية ينظرون إلى التيسير الكمي باعتباره سياسة‬ ‫قياسية النتشال أي اقتصاد من ''فخ السيولة'' المصاحب لسعر الفائدة الذي بلغ‬ ‫مستوى الصفر‪ ،‬وبالتالي الحيلولة دون حدوث االنكماش المستدام الذي قد يؤدي إلى‬ ‫تفاقم أعباء الديون‪.‬‬ ‫أما عن الرنمينبي الصيني‪ ،‬فھو ال يزال مدعوما بنظام سعر صرف سياسي إلى حد‬ ‫كبير‪ .‬وفي نھاية المطاف‪ ،‬فإن النمو السريع الذي سجلته الصين ال بد وأن ينعكس‬ ‫في ارتفاع ملموس في قيمة عملتھا‪ ،‬أو ارتفاع مستوى األسعار المحلية‪ ،‬أو في‬ ‫االثنين‪ .‬ولكن من المرجح في عام ‪ ٢٠١١‬أن تتم أغلب عمليات التوازن من خالل‬ ‫التضخم‪.‬‬

‫‪55‬‬


‫وأخيرا‪ ،‬أستطيع أن أجزم بأن فوضى العملة تشكل الرھان األكثر أمانا على‬ ‫اإلطالق‪ ،‬حيث تحدث تقلبات حادة وغير متوقعة في أسعار الصرف المعومة في‬ ‫مختلف أنحاء العام‪ .‬أثناء منتصف العقد األول من القرن الـ ‪ ،٢١‬انفتحت نافذة‬ ‫صغيرة لألمل حين زعم البعض أن العمالت أصبحت أكثر استقرارا كنتيجة طبيعية‬ ‫''لالعتدال األعظم'' في أنشطة االقتصاد الكلي‪ .‬ولكن ال أحد يزعم ھذا اآلن‪ .‬والواقع‬ ‫أن نظام تعويم أسعار الصرف يعمل بنجاح إلى حد مدھش‪ ،‬لكن يبدو أن تقلب‬ ‫العمالت وعدم القدرة على توقع التحركات سيظالن على األرجح من بين الحقائق‬ ‫الدائمة في عام ‪ ٢٠١١‬وما بعده‬

‫א و ? א ‪ .. * 2‬‬ ‫‪ 5 ; #‬א د؟‬ ‫مع مواصلة الواليات المتحدة والقوى االقتصادية األوروبية لنضالھا الحالي‪ ،‬نشأ‬ ‫قدر متزايد من االنزعاج خشية أن تكون في مواجھة "عقد ضائع" على غرار ما‬ ‫حدث في اليابان‪ .‬والمؤسف في األمر أن القسم األعظم من المناقشات كان يتمركز‬ ‫حول ما تستطيع الحكومات أن تفعله لتحفيز الطلب من خالل العجز في الموازنات‬ ‫واالستعانة بالسياسة النقدية‪ .‬صحيح أن مثل ھذه القضايا قد تشكل أھمية رئيسة في‬ ‫األمد القريب‪ ،‬لكن كما يدرك أي خبير اقتصادي فإن النمو االقتصادي البعيد األمد ال‬ ‫يتحدد إال استنادا إلى تحسن اإلنتاجية‪.‬‬ ‫ال شك أن األزمة المالية الھائلة التي واجھت اليابان عام ‪ ١٩٩٢‬كانت بمثابة ضربة‬ ‫قاصمة‪ ،‬فھي الضربة التي لم تتمكن اليابان من التعافي منھا بالكامل حتى اآلن‪.‬‬ ‫والحق أن أوجه الشبه مع الواليات المتحدة وأوروبا اليوم تدعو إلى القلق‪ .‬فكل من‬ ‫الكيانين يبدو مستعدا لولوج فترة طويلة من النمو االئتماني البطيء‪ ،‬بسبب القيود‬ ‫التنظيمية المالية الضرورية األكثر صرامة‪ ،‬فضال عن حقيقة مفادھا أن اقتصاديھما‬ ‫ما زاال يعانيان إلى حد كبير الروافع المالية )فرط االستدانة(‪ .‬وال توجد طرق‬ ‫مختصرة بسيطة إلتمام عملية التعافي‪.‬‬ ‫لكن من األھمية بمكان‪ ،‬رغم ذلك‪ ،‬أن ندرك حين نتصدى لتقييم التجربة اليابانية‬ ‫وتبعاتھا أن سقوط اليابان لم يكن راجعا إلى أزمتھا المالية فحسب‪ .‬ذلك أن اليابان‬ ‫‪56‬‬


‫كانت تعاني أيضا عددا من الصدمات الحادة المرتبطة باإلنتاجية‪ ،‬التي ترتبط كثيرا‬ ‫بمشاكلھا البعيدة األمد‪ .‬فحتى لو لم تشھد اليابان نشوء فقاعتين في سوق العقارات‬ ‫وسوق األوراق المالية‪ ،‬فإن الصعود البالغ السرعة لجارتھا العمالقة الصين كان‬ ‫ليشكل تحديا ضخما‪.‬‬ ‫ففي مطلع تسعينيات القرن الـ ‪ ،٢٠‬كانت ھيمنة اليابان على أسواق التصدير في‬ ‫مختلف أنحاء العالم قد بدأت بالتأثر سلبا بعض الشيء بفعل صعود جاراتھا األصغر‬ ‫حجما في آسيا‪ ،‬بما في ذلك ماليزيا‪ ،‬وكوريا‪ ،‬وتايالند‪ ،‬وسنغافورة‪ .‬لكن الصين تمثل‬ ‫تحديا مختلفا تمام االختالف‪ ،‬وھو التحدي الذي سيستغرق التعديل الالزم لمواجھته‬ ‫وقتا أطول‪.‬‬ ‫فضال عن ذلك‪ ،‬فحتى لو لم تشھد اليابان أزمة مالية فإنھا كانت لتبتلى بعوامل‬ ‫ديموجرافية سلبية‪ ،‬حيث تعاني الشيخوخة السكانية إلى جانب تقلص عدد سكانھا‪.‬‬ ‫وأخيرا وليس آخرا‪ ،‬يتعين علينا أن ندرك أن سنوات النمو المفرط التي عاشتھا‬ ‫اليابان كانت مبنية على معدالت استثمارية غير عادية‪ ،‬لكن ألن اإلنتاجية ال بد أن‬ ‫تستند في النھاية إلى اإلبداع‪ ،‬وليس إلى أعداد متزايدة الضخامة من البنايات‬ ‫والمعدات‪ ،‬فقد كان من المحتم أن تبدأ عائدات االستثمار في االنحدار عند نقطة ما‪.‬‬ ‫لكن من حيث المبدأ فإن االقتصاد الياباني في ظل نظام مالي أكثر صحة كان ليتمتع‬ ‫بقدر أعظم من المرونة في التصدي للتحديات المرتبطة باإلنتاجية‪ .‬ولكن معدالت‬ ‫النمو اليابانية التي كانت تناطح السماء ذات يوم كانت لتسجل ھبوطا حادا على نحو‬ ‫أو آخر‪ ،‬وكما ھي الحال عادة‪ ،‬فإن األزمة المالية تعمل على تضخيم األسباب‬ ‫األخرى الكامنة وراء االنھيار االقتصادي‪ ،‬وليس إشعالھا بشكل مباشر‪.‬‬ ‫وتشكل أزمة الكساد األعظم التي شھدتھا الواليات المتحدة في ثالثينيات القرن الـ‬ ‫‪ ٢٠‬مثاال آخر‪ .‬فمرة أخرى‪ ،‬أغدِق قدر عظيم من االھتمام على تقلبات السياستين‬ ‫المالية والنقدية صعودا وھبوطا‪ ،‬لكن لعل سياسات اقتصاد الصفقة الجديدة لعبت‬ ‫أيضا دورا مھما في عرقلة نمو اإلنتاجية ولو بشكل مؤقت‪ ،‬من خالل توسيع دور‬ ‫الدولة على نحو فوضوي وال يمكن التنبؤ به في كثير من األحيان‪.‬‬ ‫ويبدو أن الواليات المتحدة تتحرك اليوم نحو حالة أكثر رقة وأكثر شبھا باألسلوب‬ ‫األوروبي‪ ،‬مع زيادة الضرائب وربما فرض المزيد من القيود التنظيمية‪ .‬وقد يزعم‬ ‫أنصار اإلدارة األمريكية عن حق أنھا تتعھد اآلن عملية الصيانة التي طال إھمالھا‬ ‫لقضايا مثل التفاوت في الدخول‪ .‬لكن إذا شھدت الواليات المتحدة نموا بطيئا على‬ ‫مدى العقد المقبل‪ ،‬فھل يجوز لنا أن نحمّلھا المسؤولية عن األزمة المالية؟‬ ‫‪57‬‬


‫على نحو مماثل‪ ،‬كانت آخر أزمات الھوية الوجودية التي واجھتھا أوروبا سببا مرة‬ ‫أخرى في خلق قدر عظيم من عدم اليقين فيما يتصل بالسياسات وعدم القدرة على‬ ‫التنبؤ‪ .‬ففي أوروبا أيضا‪ ،‬إذا نشأت تأثيرات معاكسة للنمو على مدى العقد المقبل‪،‬‬ ‫فلن يكون بوسعنا أن نعتبر ھذه التأثيرات المعاكسة سببا لألزمة المالية‪.‬‬ ‫وفي األمد القريب‪ ،‬من األھمية بمكان أن تعمل السياسة النقدية في كل من الواليات‬ ‫المتحدة وأوروبا بكل يقظة على محاربة االنكماش على غرار ما حدث في اليابان‪،‬‬ ‫وھو ما من شأنه أن يؤدي إلى تفاقم مشكالت الديون من خالل خفض الدخول نسبة‬ ‫إلى الديون‪ .‬والواقع أنه سيكون من األفضل كثيرا‪ ،‬كما كنت أزعم منذ بداية األزمة‪،‬‬ ‫أن نعيش عامين أو ثالثة أعوام من التضخم المرتفع باعتدال‪ ،‬وبالتالي انكماش‬ ‫الديون‪ ،‬خاصة إذا ظلت األجھزة السياسية والقانونية والتنظيمية مشلولة بعض‬ ‫الشيء فيما يتصل بمحاوالت إنجاز ما يلزم من خفض القيمة الدفترية لألصول‪.‬‬ ‫وفي ظل الضعف الذي أصاب أسواق االئتمان‪ ،‬فإن األمر قد يتطلب المزيد من‬ ‫التيسير الكمي‪ .‬أما السياسة المالية‪ ،‬فقد بلغت ذروة نشاطھا بالفعل‪ ،‬وھي تحتاج إلى‬ ‫اإلحكام التدريجي على مدى سنوات عِ دة؛ خشية أن تتدھور مستويات الديون‬ ‫الحكومية المزعجة بسرعة أكبر‪ .‬وفي ظني أن ھؤالء الذين يعتقدون ـ إلى حد اليقين‬ ‫شبه الديني في كثير من األحيان ـ أننا في احتياج إلى المزيد من الحوافز الكينزية‪،‬‬ ‫وأننا ال بد أن نتجاھل الديون الحكومية‪ ،‬يعيشون حالة من الھلع‪.‬‬ ‫ولكن أخيرا وليس آخرا‪ ،‬من األھمية بمكان أن نحاول الحفاظ على ديناميكية‬ ‫االقتصاد في الواليات المتحدة وأوروبا باتخاذ تدابير تعزيز اإلنتاجية ـ على سبيل‬ ‫المثال‪ ،‬من خالل توخي اليقظة والحذر فيما يتصل بتطبيق سياسة مكافحة االحتكار‪،‬‬ ‫ومن خالل ترشيد وتبسيط األنظمة الضريبية‪.‬‬ ‫وفي كل األحوال‪ ،‬سنجد صعوبة ھائلة في محاولة استقراء الميول اإلنتاجية‪ ،‬بسبب‬ ‫اعتمادھا على تفاعالت شديدة التعقيد بين قوى اجتماعية واقتصادية وسياسية‪.‬‬ ‫ويحضرني ھنا أن اثنين من خبراء االقتصاد الحائزين على جائزة نوبل‪ ،‬روبرت‬ ‫سولو وبول كروجمان كانا يتساءالن ذات يوم عما إذا كان انتشار الحاسب األولي‬ ‫والتكنولوجيا من شأنه أن يؤدي إلى نمو صافي األرباح‪) .‬يشكل ھذا الموضوع‬ ‫أساسا لعنوان أحد كتب كروجمان الكالسيكية المنشور في عام ‪" :١٩٩٠‬عصر‬ ‫التوقعات المضمحلة‪").‬‬ ‫وفي النھاية‪ ،‬يتعين على المشرعين أن يتذكروا أن نجاح الواليات المتحدة وأوروبا‬ ‫في تجنب االنزالق إلى عقد ضائع أو فشلھما في ذلك يتوقف على قدرتھما على‬ ‫‪58‬‬


โ ซุงุฅู ุจู ุงุก ุนู ู ุงู ุญู ู ู ุฉ ุงุฅู ู ุชุงุฌู ุฉ ู ุงู ู ุชุตุงุฏโ ช ุ โ ฌู ู ู ุณ ู ุฌุฑุฏ ู ุฏุฑุชฺพู ุง ุจุจุณุงุทุฉ ุนู ู ุงุชุฎุงุฐโ ฌ โ ซุงู ุชุฏุงุจู ุฑ ุงู ู ุตู ุฑุฉ ุงุฃู ู ุฏ ู ุชุนุฒู ุฒ ุงู ุทู ุจโ ฌ

โ ซื โ ช#โ ฌู ู & ู โ ช ) 2โ ฌู ื *ุฏ โ ช#โ ฌู โ ช 3โ ฌุณโ ฌ โ ซุนู ุฏู ุง ุชุถุฑุจ ุงุฃู ุฒู ุฉ ุงู ู ุงู ู ุฉ ุงู ุนุงู ู ู ุฉ ุงู ู ุงู ู ุฉ ุงู ู ุทุงู ุถุฑุจุชฺพุง ุงู ุชุงู ู ุฉโ ช ุ โ ฌู ุงู ู ู ุจุบู ุฃู ุญ ู ุฏโ ฌ โ ซุฃู ู ู ู ู ุฅู ุตู ุฏู ู ุงู ู ู ุฏ ุงู ุฏู ู ู ู ู ู ุญุฑู ุณุงู ู ุง ู ู ู ู ุนฺพุงโ ช .โ ฌู ู ุฏ ุงู ุชุฑุญ ุตู ุฏู ู ุงู ู ู ุฏโ ฌ โ ซุงู ุฏู ู ู ุฃุฎู ุฑุง ู ุฑุถ ุถุฑู ุจุฉ ุนุงู ู ู ุฉ ุฌุฏู ุฏุฉ ุนู ู ุงู ู ุคุณุณุงุช ุงู ู ุงู ู ุฉ ุชุชู ุงุณุจ ู ุนโ ฌ โ ซุฃุญุฌุงู ฺพุงโ ช ุ โ ฌู ุถุงู ู ุนู ู ุฑุถ ุถุฑู ุจุฉ ุนู ู ุฃุฑุจุงุญ ุงู ุจู ู ู ู ุงู ู ู ุงู ุขุชโ ช.โ ฌโ ฌ โ ซุจู ุฏ ุฃู ุงู ุชุฑุงุญ ุงู ุตู ุฏู ู ุงุณุชู ุจู ุจุงุงู ุฒุฏุฑุงุก ู ุงู ุณุฎุฑู ุฉ ุงู ู ุชู ู ุนู ู ู ู ุตู ุงุนุฉ ุงู ุชู ู ู ู โ ช.โ ฌโ ฌ โ ซู ุงุฃู ู ุซุฑ ู ู ุฐู ู ุฅุซุงุฑุฉ ู ุงู ฺพุชู ุงู ุฐู ู ุงู ุฎู ู ุท ุงู ู ุชุจุงู ู ู ู ุงู ู ุฑุงุฌุนุงุช ู ู ู ู ุจู ุฑุคุณุงุกโ ฌ โ ซู ู ุฒุฑุงุก ู ุงู ู ุฉ ู ุฌู ู ุนุฉ ุงู ุนุดุฑู ู โ ช .โ ฌู ุงู ู ุงู ุน ุฃู ุญู ู ู ุงุช ุงู ุจู ุฏุงู ุงู ุชู ู ุงู ุช ู ุฑู ุฒโ ฌ โ ซุงู ุทุงู ู ู ุฃู ุฒู ุฉ ุงู ู ุงู ู ุฉ ุงุฃู ุฎู ุฑุฉโ ช ุ โ ฌู ุฎุงุตุฉ ุงู ู ุงู ู ุงุช ุงู ู ุชุญุฏุฉ ู ุงู ู ู ู ู ุฉ ุงู ู ุชุญุฏุฉโ ชุ โ ฌโ ฌ โ ซู ุชุญู ุณุฉ ุจุดู ุฏุฉ ู ุฎุงุตุฉ ุจุดุฃู ู ุฑุถ ุงู ุถุฑู ุจุฉ ุนู ู ุงู ุญุฌู โ ช ุ โ ฌู ุฐู ู ุฃู ู ฺพุง ู ุงู ุช ุฑุงุบุจุฉโ ฌ โ ซู ู ู ุฑุถ ุถุฑู ุจุฉ ู ฺพุฐู ุนู ู ุฃู ุฉ ุญุงู โ ช .โ ฌุฃู ุง ุงู ุจู ุฏุงู ุงู ุชู ู ู ุชุดฺพุฏ ุงุงู ู ฺพู ุงุฑุงุชโ ฌ โ ซุงู ู ุตุฑู ู ุฉ ุงุฃู ุฎู ุฑุฉโ ช ุ โ ฌู ุซู ู ู ุฏุง ู ุฃุณุชุฑุงู ู ุง ู ุงู ุตู ู ู ุงู ุจุฑุงุฒู ู ู ุงู ฺพู ุฏโ ช ุ โ ฌู ฺพู ุบู ุฑโ ฌ โ ซู ุชุญู ุณุฉโ ช .โ ฌู ู ุง ุงู ุฐู ู ุฏู ุนฺพุง ุฅู ู ุชุบู ู ุฑ ุงุฃู ู ุธู ุฉ ุงู ุชู ุฃุซุจุชุช ู ุฑู ู ุชฺพุง ู ู ุฏุฑุชฺพุง ุนู ู โ ฌ โ ซุงู ู ู ุงู ู ุฉุ ู ู ุงู ุณฺพู ู ู ุบุงู ุฉ ุฃู ู ู ุชู ุฏ ุชู ุงุตู ู ุฎุทุฉ ุตู ุฏู ู ุงู ู ู ุฏ ุงู ุฏู ู ู โ ช .โ ฌู ู ู ู โ ฌ โ ซุชุดุฎู ุต ุตู ุฏู ู ุงู ู ู ุฏ ุงู ุฏู ู ู ุงู ู ุงู ู ู ู ู ุดู ู ุฉ ุฃุตุงุจ ู ู ุงู ู ุซู ุฑโ ช .โ ฌู ุงุฃู ู ุธู ุฉ ุงู ู ุงู ู ุฉโ ฌ โ ซู ู ุชู ุฎุฉ ุจุถู ุงู ุงุช ุฏุงู ุนู ุงู ุถุฑุงุฆุจ ุงู ุถู ู ู ุฉโ ช ุ โ ฌู ฺพู ู ุง ู ุณู ุญ ู ู ุจู ู ู ู ุฎุงุตุฉ ุงู ุถุฎู ุฉโ ฌ โ ซุจู ู ฺพุง ุจุงู ุชุฑุงุถ ุงุฃู ู ู ุงู ุจุฃุณุนุงุฑ ู ุงุฆุฏุฉ ุงู ุชุนู ุณ ุจุงู ู ุงู ู ุงู ู ุฎุงุทุฑ ุงู ุชู ุชุฎู ุถฺพุง ู ู โ ฌ โ ซุณุนู ฺพุง ุฅู ู ุชุญู ู ู ุฃุฑุจุงุญ ุถุฎู ุฉโ ช .โ ฌู ู ุง ุฏุงู ุช ฺพุฐู ุงู ู ุฎุงุทุฑ ุชู ุฑุฑ ู ู ุงู ู ฺพุงู ุฉ ุฅู ู โ ฌ โ ซุฏุงู ุนู ุงู ุถุฑุงุฆุจโ ช ุ โ ฌู ุฅู ู ุฑุถ ุงู ุถุฑุงุฆุจ ุนู ู ุงู ุดุฑู ุงุช ุงู ู ุงู ู ุฉ ุจู ุง ู ุชู ุงุณุจ ู ุน ุญุฌู โ ฌ โ ซู ุฑู ุถฺพุง ู ุดู ู ู ุณู ู ุฉ ุจุณู ุทุฉ ู ุถู ุงู ุงู ุนุฏุงู ุฉโ ช.โ ฌโ ฌ โ ซู ู ู ู ุงู ุดุฑู ุงุช ุงู ู ุงู ู ุฉ ุชุชุณุงุกู ''ุฃู ุฉ ู ุฌุงุฒู ุงุชุ ''โ ช .โ ฌุฅู ู ุชู ุณุท ุชู ุงู ู ู ุงุฅู ู ู ุงุฐ ู ู ู ู ู โ ฌ โ ซุฃู ุซุฑ ู ู ุจุถุน ู ู ุงุท ู ุฆู ู ุฉ ู ู ุงู ู ุงุชุฌ ุงู ู ุญู ู ุงุฅู ุฌู ุงู ู โ ช .โ ฌู ู ุงู ุช ุงุฃู ุฒู ุฉ ู ู ุฐู ู ุงู ู ู ุนโ ฌ โ ซู ุฑู ู ู ุงู ุฒู ุงู โ ช.โ ฌโ ฌ โ ซู ู ุงุฃู ุญุฏุงุซ ุงู ุชู ุงู ุชุชู ุฑุฑ ุฅุงู ู ู ู ุตู ู โ ฌ โ ซู ู ุดู ุฑ ุตู ุฏู ู ุงู ู ู ุฏ ุงู ุฏู ู ู โ ช ุ โ ฌู ฺพู ู ุญู ู ู ฺพุฐุงโ ช ุ โ ฌุฅู ู ุฃู ฺพุฐู ุงุงู ุฏุนุงุกุงุช ู ุญุถโ ฌ โ ซฺพุฑุงุกโ ช .โ ฌู ุฃุซู ุงุก ุงุฃู ุฒู ุฉโ ช ุ โ ฌู ุงู ุฏุงู ุนู ุงู ุถุฑุงุฆุจ ู ุณุคู ู ู ู ุนู ุง ู ู ุฑุจ ู ู ุฑุจุน ุงู ุฏุฎู โ ฌ โ ซโ ช59โ ฌโ ฌ


‫الوطني‪ .‬وقد ال تنتھي األزمة المقبلة إلى النتيجة ''الطيبة'' الحالية نفسھا‪ ،‬والخسائر‬ ‫التي ربما يتحملھا عامة الناس قد تكون مھولة‪ .‬وحتى مع ''نجاح'' عمليات اإلنقاذ‪،‬‬ ‫فإن عديدا من البلدان عانت خسائر ھائلة في الناتج بسبب الركود والنمو الھزيل‪.‬‬ ‫ولكن في حين يتعين على الجھات التنظيمية أن تعالج القوائم المالية المتضخمة‬ ‫للبنوك‪ ،‬والتي كانت في قبل األزمة‪ ،‬فإن صندوق النقد الدولي كان مصيبا ً في عدم‬ ‫تركيزه بشكل مفرط على التصدي لمشكلة البنوك والمؤسسات المالية ''األضخم من‬ ‫أن يُس َمح لھا باإلفالس''‪ .‬ويبدو أن عدداً كبيراً من المفكرين والخبراء يعتقدون أن‬ ‫تفكيك البنوك الضخمة من شأنه أن يمنح الحكومات قدراً أعظم من القدرة على‬ ‫مقاومة الرغبة في المسارعة إلى اإلنقاذ‪ ،‬وبھذا يتسنى لنا عالج مشكلة ''الخطر‬ ‫األخالقي‪''.‬‬ ‫بيد أن ذلك المنطق مشكوك في صحته‪ ،‬وذلك نظراً للعدد الھائل من األزمات‬ ‫المماثلة التي ضربت مختلف األنظمة على مر القرون‪ .‬والواقع أن أي أزمة شاملة‬ ‫تضرب في الوقت نفسه عدداً ضخما ً من البنوك متوسطة الحجم من شأنھا أن‬ ‫تفرض القدر نفسه من الضغوط على الحكومات فتدفعھا إلى إنقاذ النظام‪ ،‬تماما ً كما‬ ‫تدفعھا إلى ذلك األزمة التي قد تضرب واحداً أو اثنين من البنوك الضخمة‪.‬‬ ‫وفي اإلجمال‪ ،‬ھناك عدد أكبر مما ينبغي من األفكار المعقدة التي قد تبدو جيدة على‬ ‫الورق ولكنھا قد تثبت أنھا معيبة إلى ح ٍد كبير في أوقات األزمات الكبرى‪ .‬وأي حل‬ ‫قوي لھذه المعضلة ال بد أن يكون بسيطا ً إلى ح ٍد معقول حيث يتسنى فھمه وتنفيذه‪.‬‬ ‫ومن الواضح أن اقتراح صندوق النقد الدولي يجتاز ھذه االختبارات‪.‬‬ ‫وفي المقابل سنجد أن بعض المتخصصين في تدبير الموارد المالية يفضلون إرغام‬ ‫البنوك على االعتماد بشكل أكبر على الديون ''المشروطة'' التي يمكن تحويلھا قسراً‬ ‫إلى أوراق مالية )وقد تكون ھذه األوراق المالية بال قيمة ُتذ َكر( في حالة حدوث‬ ‫انھيار شامل للنظام‪ .‬ولكن كيف يمكن تنفيذ مثل ھذا الشكل من أشكال ''اإلفالس‬ ‫عالم يعج باألنظمة القانونية والسياسية والمصرفية المختلفة؟ إن‬ ‫المجھز سلفا ً'' في‬ ‫ٍ‬ ‫التاريخ المالي عامر بشبكات األمان غير المختبرة والتي فشلت في التصدي‬ ‫لألزمات‪ .‬وعلى ھذا فمن األفضل أن نعمل على كبح جماح نمو النظام‪.‬‬ ‫غير أن صندوق النقد الدولي يقف على أرض أقل ثباتا ً حين يتصور أن فرض نظام‬ ‫نحو ما في تسوية أرض‬ ‫ضريبي عالمي يناسب كل ''المقاسات'' قد ينجح على‬ ‫ٍ‬ ‫الملعب على المستوى الدولي‪ .‬فذلك لن يحدث ببساطة‪ .‬والبلدان التي تطبق اآلن‬ ‫أنظمة متماسكة لتنظيم القطاع المالي لديھا‪ ،‬تفرض على شركاتھا المالية بالفعل‬ ‫‪60‬‬


‫ضريبة تفوق مثيالتھا في الواليات المتحدة أو المملكة المتحدة على سبيل المثال‪،‬‬ ‫حيث التنظيم المالي أكثر تساھالً‪ .‬إن الواليات المتحدة والمملكة المتحدة ال ترغبان‬ ‫في إضعاف الميزات التنافسية بفرض ضرائب على البنوك‪ ،‬مع امتناع بلدان أخرى‬ ‫عن فرض ضرائب مماثلة‪ .‬ولكن األنظمة المعمول بھا في ھذين البلدين في حاجة‬ ‫ماسة وملحة أكثر من غيرھما من بلدان العالم لفرض توازنات وضوابط أشد قوة‪.‬‬ ‫ولكن دعونا ال نغالي في الدفاع عن البلدان التي تشكل ''معقل'' مقاومة اقتراح‬ ‫صندوق النقد الدولي‪ .‬إذ يتعين على ھذه البلدان أن تدرك أن تطبيق الواليات المتحدة‬ ‫والمملكة المتحدة حتى ألكثر اإلصالحات تواضعا ً يعني أن قدراً كبيراً من رؤوس‬ ‫األموال سوف يتدفق إلى أماكن أخرى‪ ،‬األمر الذي قد يربك الجھات التنظيمية التي‬ ‫يبدو أنھا كانت تعمل على خير ما يرام حتى اآلن‪.‬‬ ‫ولكن ماذا عن الضريبة الثانية التي اقترح صندوق النقد الدولي فرضھا على أرباح‬ ‫البنوك ومكافآتھا؟ الحق أن ھذه الضريبة تتمتع بقدر كبير من الجاذبية على المستوى‬ ‫السياسي‪ ،‬ولكنھا في نھاية المطاف بال مغزى ـ ربما باستثناء عام األزمة حين تكون‬ ‫برامج دعم البنوك شفافة إلى حد كبير‪ .‬وال شك أنه من األفضل أن نعمل على‬ ‫تحسين تنظيم السوق المالية بشكل مباشر وأن نترك لألنظمة الضريبية الوطنية‬ ‫التعامل مع دخل البنوك كما تتعامل مع دخل أي صناعة أخرى‪.‬‬ ‫قد تكون أولى محاوالت صندوق النقد الدولي لوصف العالج معيبة على نحو أو‬ ‫آخر‪ ،‬ولكن تشخيصه للعلل التي يعانيھا القطاع المالي والمخاطر األخالقية المفرطة‬ ‫التي يخوضھا كان مصيبا ً بشكل واضح‪ .‬وال نملك اآلن إال أن نأمل أن يقرر زعماء‬ ‫مجموعة الـ ‪ ٢٠‬حين يلتقون في وقت الحق من ھذا العام أن يتعاملوا مع المشكلة‬ ‫بجدية بدالً من طرح المناقشة تلو المناقشة لعقد أو عقدين من الزمان إلى أن تحل‬ ‫علينا األزمة التالية‬

‫‪61‬‬


‫א ) ن و&ز א * ‪ #‬א )ط ‬

‫ال أحد من الزعماء األمريكيين‪ ،‬أو األوروبيين‪ ،‬أو حتى الصينيين‪ ،‬يتمنى لبالده‬ ‫مستقبالً اقتصاديا ً أشبه بالوضع الذي تعيشه اليابان اليوم ففي محاولة للترويج لحزم‬ ‫التحفيز وخطط إنقاذ البنوك‪ ،‬قال زعماء الغرب لشعوبھم‪'' :‬يتعين علينا أن نفعل ھذا‬ ‫وإال فسوف تنتھي بنا الحال إلى الغرق في مستنقع الركود واالنكماش لعقد كامل من‬ ‫الزمان‪ ،‬كما حدث في اليابان‪''.‬‬ ‫ويحب زعماء الصين أن يشيروا إلى اليابان باعتبارھا السبب الرئيس وراء عدم‬ ‫سماحھم بأي ارتفاع ملموس في قيمة عملة الصين المبالغ في تقويمھا بأقل من‬ ‫قيمتھا الحقيقية‪'' .‬لقد أرغم زعماء الغرب اليابان على السماح لقيمة عملتھا باالرتفاع‬ ‫أثناء النصف الثاني من ثمانينيات القرن الـ ‪ ،٢٠‬فانظروا اآلن إلى الكارثة التي‬ ‫ألمت باليابان‪''.‬‬ ‫أجل‪ ،‬ال أحد يريد لنفسه المصير الذي انتھت إليه اليابان‪ ،‬التي تحولت من واحدة من‬ ‫أسرع القوى االقتصادية نمواً على مستوى العالم ألكثر من ثالثة عقود من الزمان‬ ‫إلى اقتصاد متباطئ إلى حد الزحف طيلة السنوات الـ ‪ .١٨‬وال أحد يريد أن يعيش‬ ‫مع صدمة االنكماش )ھبوط األسعار( التي عاشتھا اليابان مراراً وتكراراً‪ .‬وال أحد‬ ‫يريد أن يبحر عبر ديناميكيات الدين الحكومي المحفوفة بالمخاطر التي تواجھھا‬ ‫اليابان‪ ،‬التي تجاوزت مستويات الدين لديھا ‪ ١٠٠‬في المائة من الناتج المحلي‬ ‫اإلجمالي )حتى لو أدرجنا الحيازات الھائلة لدى الحكومة اليابانية من احتياطيات‬ ‫‪62‬‬


‫النقد األجنبي(‪ .‬وال أحد يريد أن يتحول من صاحب رقم عالمي غير مسبوق إلى‬ ‫ضحية للكساد االقتصادي‪.‬‬ ‫ولكن من يزور طوكيو اليوم فسيرى االزدھار في كل مكان‪ ،‬على الرغم من كل‬ ‫ذلك فالمحال التجارية والبنايات التجارية تعج بالحركة والنشاط والمطاعم مكتظة‬ ‫بالناس الذين يرتدون مالبس أفخر كثيراً من تلك التي يلبسھا عادة أھل نيويورك أو‬ ‫باريس‪ .‬بل حتى بعد ما يقرب من عقدين من ''الركود'' فإن نصيب الفرد في الدخل‬ ‫في اليابان أكثر من ‪ ٤٠‬ألف دوالر )بأسعار الصرف السائدة في السوق(‪ .‬وما زالت‬ ‫اليابان صاحبة ثالث أضخم اقتصاد على مستوى العالم بعد الواليات المتحدة‬ ‫والصين‪ .‬ولقد ظل معدل البطالة لديھا منخفضا ً طيلة القسم األعظم من ''العقد‬ ‫المفقود''‪ ،‬ورغم االرتفاع الكبير الذي سجله المعدل في اآلونة األخيرة فإنه ما زال‬ ‫‪ ٥‬في المائة فقط‪.‬‬ ‫ما الذي يجري إذاً؟ أوالً‪ ،‬ستبدو األمور أشد جھامة حين تذھب إلى مدن مثل‬ ‫ھوكايدو التي تبعد عن طوكيو مسيرة ساعتين‪ ،‬إذ إن ھذه المناطق األفقر نسبيا ً‬ ‫تعتمد إلى حد كبير على مشاريع األشغال العامة في توفير فرص العمل‪ .‬ومع ازدياد‬ ‫المركز المالي للحكومة ضعفا ً على نحو مطرد فقد أصبحت فرص العمل أكثر ُندرة‪.‬‬ ‫صحيح أنك ستجد ھناك الطرق الجميلة المعبدة في كل مكان‪ ،‬ولكنھا طرق لن‬ ‫تقودك إلى أي مكان‪ .‬ولقد تراجع كبار السن إلى القرى‪ ،‬حيث يزرع عديد منھم‬ ‫طعامھم‪ ،‬بعد أن ھجرھم أبناؤھم إلى المدن منذ مدة طويلة‪.‬‬ ‫وحتى في طوكيو‪ ،‬سيتبين لنا أن جو الحياة الطبيعية ليس أكثر من مظھر مضلل‬ ‫فقبل عقدين من الزمان‪ ،‬كان من المعتاد أن يتوقع العمال اليابانيون مكافآت نھاية‬ ‫عام ضخمة‪ ،‬التي قد تتجاوز ثلث رواتبھم السنوية‪ .‬واآلن تقلصت ھذه المكافآت إلى‬ ‫ال شيء‪ .‬صحيح أن القوة الشرائية للدخل المتبقي للعمال ما زالت صامدة بفضل‬ ‫األسعار الھابطة‪ ،‬ولكنھا أصبحت أقل بما يزيد على ‪ ١٠‬في المائة‪ .‬واليوم أصبح‬ ‫انعدام األمان الوظيفي أعظم من أي وقت مضى‪ ،‬بعد أن اضطرت الشركات إلى‬ ‫عرض وظائف مؤقتة على نحو متزايد في محل ''العمل مدى الحياة''‪ ،‬الذي كان‬ ‫مضمونا ً ذات يوم‪.‬‬ ‫ورغم أن الوضع في اليابان لم يبلغ مرحلة األزمة )حتى اآلن(‪ ،‬فإن الموقف المالي‬ ‫الياباني أصبح مثيراً للقلق على نحو يتزايد يوما ً بعد يوم‪ .‬حتى اآلن كانت الحكومة‬ ‫قادرة على تمويل ديونھا الھائلة محلياً‪ ،‬وذلك على الرغم من سداد أسعار فائدة‬ ‫ضئيلة حتى على القروض األطول أجالً‪ .‬ومن الجدير بالمالحظة أن المدخرين‬ ‫‪63‬‬


‫اليابانيين يستوعبون نحو ‪ ٩٥‬في المائة من الدين الحكومي‪ .‬ولعلھم قرروا بعد أن‬ ‫احترقوا بنار انھيار أسعار األوراق المالية والعقارات في أعقاب انھيار فقاعة‬ ‫الثمانينيات أن يدخروا أموالھم في السندات التي يعتبرونھا آمنة‪ ،‬خاصة أن األسعار‬ ‫الھابطة على نحو متدرج طفيف من شأنھا أن تجعل العائدات أكبر من نظيراتھا في‬ ‫بيئة تضخمية طبيعية‪.‬ولكن من المؤسف رغم صمود اليابان حتى اآلن أنھا ما زالت‬ ‫تواجه تحديات عميقة فأوالً وقبل كل شيء‪ ،‬ھناك مسألة المدد المتزايد االنخفاض‬ ‫من العمالة نتيجة لمعدالت المواليد المنخفضة إلى حد غير عادي والمقاومة العنيدة‬ ‫لھجرة األجانب إلى اليابان‪ .‬كما يتعين على البالد أيضا ً أن تجد السبل الالزمة‬ ‫لتعزيز إنتاجية عمالھا‪.‬‬ ‫الواقع أن انعدام الكفاءة في الزراعة وتجارة التجزئة والحكومة بلغ مستويات‬ ‫أسطورية فحتى في شركات التصدير اليابانية المتفوقة على مستوى العالم تسبب‬ ‫العزوف عن مواجھة المصالح الراسخة لشبكة الكبار في إضفاء قدر عظيم من‬ ‫الصعوبة على محاوالت تقليم خطوط اإلنتاج األقل ربحيةـ والعمال الذين يتولون‬ ‫تشغيلھا‪.‬‬ ‫وفي ظل الشيخوخة السكانية وتقلص عدد السكان سيتقاعد مزيد من الناس‬ ‫ويشرعون في بيع ھذه السندات الحكومية التي يقبلون على شرائھا اآلن‪ .‬وعند نقطة‬ ‫معينة ستجد اليابان نفسھا في مواجھة تراجيديا إغريقية حين تبدأ السوق في تفادي‬ ‫أسعار فائدة أعلى كثيراً‪.‬‬ ‫وستضطر الحكومة إلى التفكير في زيادة العائدات بشكل حاد‪ .‬وأفضل تخمين في‬ ‫ھذا السياق ھو أن اليابان سترفع ضريبة القيمة المضافة‪ ،‬التي ال تتجاوز ‪ ٥‬في‬ ‫المائة اآلن‪ ،‬وھو أدنى كثيراً من المستويات األوروبية‪ .‬ولكن ھل من المعقول أن‬ ‫تقرر الحكومة اليابانية زيادة الضرائب في مواجھة مثل ھذه الظروف التي تتسم‬ ‫بالنمو المنخفض؟‬ ‫كان المستثمرون الذين راھنوا ضد اليابان في الماضي بعيدين كل البعد عن‬ ‫الصواب‪ ،‬فقد استھانوا إلى حد كبير بالمرونة الھائلة التي يتمتع بھا الشعب الياباني‬ ‫وقدرته على التكيف‪ .‬ولكن الطريق المالية أمام اليابان تبدو محفوفة بالمخاطر على‬ ‫نحو متزايد في ظل اإلجماع السياسي الذي أصابه اإلنھاك الشديد في السنوات‬ ‫األخيرة‪.‬‬ ‫ولكن ھل كان الزعماء األجانب مصيبين في تخويف شعوبھم بحكايات من اليابان؟‬ ‫ال شك أن ھؤالء الزعماء مفرطون في المبالغة؛ وال بد أن الصينيين محظوظون‬ ‫‪64‬‬


‫بصورة خاصة‪ .‬ولكن ال ينبغي للمدافعين عن العجز في الوقت نفسه أن يشيروا إلى‬ ‫اليابان باعتبارھا سببا ً للتحلي بالھدوء إزاء حزم التحفيز الضخمة‪ .‬إن قدرة اليابان‬ ‫على مواصلة ھذه المسيرة المجھدة في مواجھة الشدائد تستحق اإلعجاب‪ ،‬ولكن‬ ‫المجازفات والمخاطر المحيطة باألزمة المقبلة ھي بكل تأكيد أعظم كثيراً مما‬ ‫تعترف به سوق السندات‬

‫א د א ‪ )#‬وא و א ‬ ‫ُترى ماذا قد يكون الدافع الكبير المقبل للنمو العالمي في حين يتعثر االقتصاد‬ ‫العالمي وھو يخرج من العقد الماضي ويدخل عقداً جديداً في عام ‪٢٠١٠‬؟ ھناك من‬ ‫يراھن على أن ھذا العقد سيشھد انطالقة بالغة السرعة في مجال الذكاء الصناعي‪،‬‬ ‫فضالً عن التأثير االقتصادي الذي يتفق مع صعود الھند والصين‪.‬‬ ‫ال يسعني إال أن أعترف بأن منظوري لھذه المسألة ملون بشدة باألحداث التي‬ ‫يشھدھا عالم الشطرنج‪ ،‬وھي اللعبة التي مارستھا ذات يوم على مستوى احترافي‬ ‫وما زلت أتابعھا من بعيد‪ .‬ولكن شطرنج الكمبيوتر رغم وضعه الخاص يقدم لنا‬ ‫نافذة تتيح لنا النظر إلى تطور السليكون ومقياسا ً لمدى قدرة الناس على التكيف مع‬ ‫ھذا التطور‪.‬‬ ‫إن قليالً من التاريخ قد يساعدنا ھنا‪ .‬في عامي ‪ ١٩٩٦‬و‪ ،١٩٩٧‬لعب بطل العالم في‬ ‫الشطرنج جاري كاسباروف مباريتين ضد كمبيوتر من صنع شركة أي بي إم يحمل‬ ‫اسم ''ديب بلو'' )األزرق الداكن(‪ .‬في ذلك الوقت كان كاسباروف يھيمن على عالم‬ ‫الشطرنج‪ ،‬على النحو نفسه الذي ھيمن به تايجر وودز على لعبة الجولف ـ حتى‬ ‫ص َعق ديب بلو بطل العالم بھزيمته في‬ ‫وقت قريب على األقل‪ .‬وفي مباراة ‪َ ١٩٩٦‬‬ ‫المباراة األولى‪ .‬ولكن كاسباروف سرعان ما َع َّدل استراتيجية في اللعب‪ ،‬حيث‬ ‫استغل نقاط ضعف الكمبيوتر في التخطيط االستراتيجي بعيد المدى‪ ،‬حيث بدا حكمه‬ ‫وحدسه أقوى من قدرة الكمبيوتر على أداء الحسابات الميكانيكية‪.‬‬ ‫ولكن من المؤسف أن كاسباروف الذي يتسم بالثقة المفرطة في الذات لم يأخذ ديب‬ ‫بلو على محمل الجد في المباراة الفاصلة في عام ‪ .١٩٩٧‬فقد صدم ديب بلو البطل‪،‬‬ ‫وفاز بالمباراة بثالث نقاط ونصف النقطة في مقابل نقطتين ونصف النقطة‪ .‬ووصف‬

‫‪65‬‬


‫عديد من المعلقين النصر الذي أحرزه ديب بلو بالحدث األكثر أھمية في القرن الـ‬ ‫‪.٢١‬‬ ‫ربما كان كاسباروف ليتمكن من الفوز باللقاء الفاصل لو كان قد استمر في اللعب‬ ‫‪ ٢٤‬مباراة )وھو الطول المعياري لمباريات بطولة العالم في ذلك الوقت(‪ .‬ولكن‬ ‫على مدى األعوام القليلة التالية‪ ،‬ورغم تعلم البشر من الكمبيوتر‪ ،‬فقد تحسن أداء‬ ‫الكمبيوتر بوتيرة أسرع كثيراً‪.‬‬ ‫فباستخدام معالِجات متزايدة القوة‪ ،‬تمكنت برامج الشطرنج اإللكترونية من تنمية‬ ‫القدرة على الحساب لخطوات بعيدة للغاية‪ ،‬حتى أصبح التمييز بين الحسابات‬ ‫التكتيكية قصيرة األمد والتخطيط االستراتيجي طويل األمد غير واضح‪ .‬وفي الوقت‬ ‫نفسه بدأت برامج الكمبيوتر في استغالل قواعد بيانات ھائلة الضخامة لمباريات‬ ‫جرت بين السادة الكبار )أعلى لقب في الشطرنج(‪ ،‬واستخدام نتائج المباريات بين‬ ‫البشر الستقراء النقالت التي قد تحظى بأعلى فرص النجاح‪ .‬وسرعان ما بات من‬ ‫الواضح أن حتى أفضل العبي الشطرنج من البشر ستكون فرصتھم ضئيلة في‬ ‫التوصل إلى نتيجة أفضل من التعادل من حين إلى آخر‪.‬‬ ‫اليوم‪ ،‬أصبحت برامج الشطرنج جيدة إلى الحد الذي يجعل سادة الشطرنج يناضلون‬ ‫في بعض األحيان لمجرد فھم المنطق وراء بعض النقالت التي ينفذھا الكمبيوتر‪.‬‬ ‫وفي مجالت الشطرنج‪ ،‬كثيراً ما نرى تعليقات من كبار الالعبين مثل‪'' :‬صديقي‬ ‫اآللي يقول إنني كان من الواجب أن أحرك ملكي بدالً من وزيري‪ ،‬ولكنني ما زلت‬ ‫أعتقد أنني نفذت النقلة ''البشرية'' األفضل‪''.‬‬ ‫ويزداد الطين بلة‪ .‬ذلك أن عديدا من برامج الكمبيوتر المتاحة تجاريا ً يمكن ضبطھا‬ ‫لمحاكاة أساليب السادة الكبار إلى ح ٍد يكاد يكون خارقا ً‪ .‬والواقع أن برامج الكمبيوتر‬ ‫اآلن أصبحت قريبة للغاية من اجتياز االختبار المطلق الذي وضعه عالم الرياضيات‬ ‫البريطاني الراحل أالن تورنج لقياس الذكاء الصناعي‪ :‬ھل يستطيع إنسان يتحدث‬ ‫مع آلة أن يدرك من دون معرفة سابقة أن ما يحدثه ليس بشراً؟‬ ‫من المؤكد أنني ال أستطيع‪ .‬من عجيب المفارقات ھنا‪ ،‬ومع تزايد حاالت الغش‬ ‫بمساعدة الكمبيوتر في بطوالت الشطرنج )وبلوغ االتھامات أعلى المستويات(‪،‬‬ ‫أصبحت وسائل االستكشاف الرئيسة تتطلب استخدام كمبيوتر آخر مستقال‪ .‬ذلك أن‬ ‫اآللة وحدھا قادرة على التعرف على ما قد يقوم به كمبيوتر آخر في موقف معين‪.‬‬ ‫وربما لو كان تورنج ما زال حيا ً اليوم لكان قد عرَّ ف الذكاء الصناعي بعجز‬ ‫الكمبيوتر عن تحديد ما إذا كان العقل اآلخر الذي يتعامل معه بشريا ً أو آليا ً!‬ ‫‪66‬‬


‫ھل يعني كل ھذا أن العبي الشطرنج من البشر أصبحوا بال عمل؟ من المشجع أن‬ ‫اإلجابة عن ھذا التساؤل ھي ''ليس بعد''‪ .‬والواقع أن الشطرنج في بعض النواحي ما‬ ‫زال يتمتع بالشعبية والنجاح اليوم كما كان حاله في أي وقت طيلة العقود القليلة‬ ‫الماضية‪ .‬إن الشطرنج يتأقلم على نحو طيب للغاية مع اللعب على شبكة اإلنترنت‪،‬‬ ‫ويستطيع المشجعون أن يتابعوا بطوالت عالية المستوى أثناء إقامتھا فعلياً‪،‬‬ ‫وبمصاحبة تعليق في كثير من األحيان‪ .‬لقد ساعدت التكنولوجيا في عولمة الشطرنج‬ ‫على نحو شامل‪ ،‬حيث نال الالعب الھندي فيشي أناند اآلن لقب بطل العالم‪ ،‬وھو‬ ‫أول آسيوي ينال ھذه المرتبة‪ ،‬كما وصل الالعب النرويجي الشاب الوسيم ماجنوس‬ ‫كارلسون إلى مرتبة نجوم موسيقى الروك من الشھرة والنجومية‪ .‬وفي الوقت‬ ‫الحالي نستطيع أن نقول إن اإلنسان واآللة تعلما كيف يتعايشان معا ً‪.‬‬ ‫ال شك أن ھذه صورة مصغرة من التغيرات األضخم حجما ً والتي نستطيع أن‬ ‫نتوقعھا‪ .‬فاألنظمة اآللية الرھيبة للرد على المكالمات الھاتفية‪ ،‬والتي نعانيھا جميعا ً‬ ‫اآلن قد تتحسن في واقع األمر‪ .‬ولتتخيل أنك ذات يوم قد تفضل عامل الھاتف اآللي‬ ‫على عامل الھاتف البشري‪.‬‬ ‫في غضون ‪ ٥٠‬عاماً‪ ،‬قد تقوم أجھزة الكمبيوتر بكل شيء بداية من قيادة سيارات‬ ‫األجرة إلى إجراء الجراحات الروتينية‪ .‬وفي وقت أقرب من ذلك سيكون بوسع‬ ‫الذكاء الصناعي أن يحول وجه التعليم العالي‪ ،‬حيث من المتوقع أن يصبح التعليم‬ ‫الجامعي العالمي المستوى في متناول الناس على نطاق عريض حتى في البلدان‬ ‫النامية الفقيرة‪ .‬قد تكون ھناك بطبيعة الحال استخدامات عادية ولكن حاسمة للذكاء‬ ‫الصناعي في كل مكان‪ ،‬بداية من التحكم في األجھزة اإللكترونية واإلضاءة في‬ ‫منازلنا إلى تشغيل ''الشبكات الذكية'' للماء والكھرباء‪ ،‬والمساعدة في مراقبة ھذه‬ ‫األنظمة وغيرھا من األنظمة بھدف تقليص الكم المھدر من الطاقة‪.‬‬ ‫باختصار‪ ،‬أنا ال أتفق في الرأي مع عديد من الناس الذين يزعمون أننا سننتظر لمدة‬ ‫طويلة بعد اإلنترنت وأجھزة الكمبيوتر الشخصية قبل أن نرى تحوالً إبداعيا ً جديداً‪.‬‬ ‫إن الذكاء االصطناعي سيشكل الدفعة الالزمة لتعزيز التطور خالل ھذا العقد‪ .‬لذا‬ ‫فعلى الرغم من البداية الصعبة بسبب األزمة المالية )التي ستستمر في العمل على‬ ‫إبطاء النمو العالمي في ھذا العام والعام الذي يليه(‪ ،‬فليس ھناك من األسباب ما‬ ‫يدعونا إلى االعتقاد بأن العقد الجديد سيكون فاشالً على الصعيد االقتصادي‪.‬‬

‫‪67‬‬


‫وإذا لم نشھد جولة أخرى من األزمات المالية العميقة فلن تظل األمور بھذا السوء ـ‬ ‫شريطة أال يقف الساسة في طريق النموذج الجديد للتجارة‪ ،‬والتكنولوجيا‪ ،‬والذكاء‬ ‫الصناعي‬

‫א ‪ #‬ش א <מ‬ ‫إن وجھة النظر الشعبية السائدة بين المتكھنين بأحوال االقتصاد والمضاربين في‬ ‫السوق ھي كالتالي‪» :‬كلما كان الركود أعمق كان التعافي أسرع«‪ .‬وھُم على حق ـ‬ ‫إلى درجة ما‪ :‬ففي أعقاب أي ركود طبيعي‪ ،‬يسجل االقتصاد غالبا ً نمواً أسرع كثيراً‬ ‫من المعتاد على مدى السنة التالية‪ .‬ولكن من المؤسف أن الركود األعظم في‬ ‫‪ ٢٠٠٩/٢٠٠٨‬أبعد ما يكون عن الركود العالمي الطبيعي‪.‬‬ ‫كانت األزمة المالية بمثابة الشاحن التوربيني للركود األعظم‪ ،‬فجعلته أشد تدميراً‬ ‫وأطول أمداً في التأثيرات المتخلفة عنه‪ .‬وكما أشرت أنا وكارمن راينھارت في‬ ‫كتابنا الجديد الذي صدر تحت عنوان »ھذه المرة مختلفة‪ :‬ثمانية قرون من الحماقات‬ ‫المالية«‪ ،‬فإن الركود األعظم من األفضل أن يحمل وصف »االنكماش األعظم«‪،‬‬ ‫وذلك نظراً لالنكماش الھائل المتزامن الذي شھده العالم في االئتمان‪ ،‬والتجارة‪،‬‬ ‫والنمو‪.‬‬ ‫ولكن مما يدعو إلى التفاؤل‪ ،‬وعلى الرغم من االنتعاش المكبل في العالم المتقدم‪ ،‬أن‬ ‫األسواق الناشئة في آسيا‪ ،‬وأمريكا الالتينية‪ ،‬والشرق األوسط تتمتع بقدر كبير من‬ ‫قدرات النمو الكامنة‪ .‬وال بد أن تكون غالبية ھذه األسواق قادرة على تحقيق النمو‬ ‫القوي‪ ،‬على الرغم من التحديات التي تفرضھا البيئة العالمية الصعبة‪.‬‬ ‫ومع ذلك فإن إرث االنكماش الھائل في االئتمان من غير المرجح أن يزول في أي‬ ‫وقت قريب‪ .‬صحيح أن البنوك‪ ،‬وخاصة الكبير منھا‪ ،‬ستتمكن من جمع المال بالقدر‬ ‫الكافي من السھولة‪ ،‬وذلك بفضل الضمانات الحكومية الصريحة والضمنية الشاملة‪.‬‬ ‫ولكن بالنسبة لكل شخص آخر‪ ،‬وخاصة الشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم‪ ،‬فإن‬ ‫البيئة االئتمانية ما زالت تشكل صعوبة بالغة‪ .‬وحتى الشركات في الصناعات‬ ‫الراسخة مثل صناعة الطاقة فإنھا تواجه مصاعب جمة في زيادة رأس المال‪.‬‬ ‫داع‪ ،‬وإن االئتمان سيكون متاحا ً للجميع قريبا ً‬ ‫يقول المتفائلون إن القلق بال‬ ‫ٍ‬ ‫وبالسھولة التي أتيح بھا للبنوك نفسھا‪ .‬فقد نضب معين االئتمان أيضا ً أثناء الركود‬ ‫‪68‬‬


‫العالمي في عام ‪ ،١٩٩١‬ورغم ذلك بدأت األموال في التدفق بحيوية في غضون ‪١٨‬‬ ‫شھراً‪.‬‬ ‫ولكن ھذا القياس يتجاھل حقيقة واضحة مفادھا أن الموازنات العامة كانت أشد‬ ‫ضعفا ً في ھذه المرة‪ .‬واآلن يجري دعم أسعار اإلسكان مؤقتا ً عن طريق عدد وافر‬ ‫من إعانات الدعم‪ ،‬بينما يلوح في األفق شبح انھيار أسعار العقارات التجارية‪ .‬فضالً‬ ‫عن ذلك فإن العديد من نقاط الضعف التي تعانيھا البنوك ُت َغطى اآلن باالستعانة‬ ‫بالضمانات الحكومية‪.‬‬ ‫بل إن حكومات مجموعة العشرين تواجه اآلن توقعات كئيبة فيما يتصل بمحاوالت‬ ‫كبح جماح الوحش الذي خلقت‪ .‬ولقد بات من الواضح اآلن أن دافع الضرائب‬ ‫سيكون متاحا ً دوما ً لضمان حصول حملة السندات على أموالھم‪ .‬وفي غياب‬ ‫الضوابط‪ ،‬فإن الشركات المالية الكبيرة ستكون قادرة على استغالل أسواق السندات‬ ‫لعقود مقبلة من الزمان وبأسعار أعلى قليالً مما تدفعه الحكومة‪ ،‬وذلك بصرف‬ ‫النظر عن المجازفة المتأصلة في حيازاتھا من األصول‪ .‬ولن تكلف الجھات‬ ‫المقرضة للبنوك نفسھا عناء القلق بشأن نوع المقامرات واالستثمارات التي تقوم بھا‬ ‫المؤسسات المالية‪ ،‬أو بشأن مدى فعالية الضوابط التنظيمية‪.‬‬ ‫والخبر السار ھنا ھو أن أغلب الحكومات تدرك الحاجة إلى فرض قدر كبير من‬ ‫التنظيمات الجديدة على الشركات المالية‪ .‬ولكن ھنا تكمن الصعوبة‪ :‬ذلك أن‬ ‫التنظيمات المالية تتسم بالتعقيد الشديد‪ ،‬وما يزيد الطين بلة ضرورة وجود درجة من‬ ‫التماسك الدولي‪ .‬وإنھا لكارثة أن تندفع البلدان فرادى إلى تطبيق أنظمة جديدة‬ ‫خاصة بھا‪.‬‬ ‫من ناحية أخرى‪ ،‬فإذا أخذت األجھزة التنظيمية وقتا ً أطول مما ينبغي للقيام باألمر‬ ‫»على الوجه األكمل«‪ ،‬فسوف تحيط ظالل ضخمة من الشكوك بالنظام المالي‪.‬‬ ‫والبنوك تدرك أنھا تواجه متطلبات رأسمال أعلى‪ ،‬األمر الذي البد وأن يرغمھا‬ ‫على تقليص حجم اإلقراض نسبة إلى مواردھا‪ .‬ولكن إلى أي مدى قد ترتفع‬ ‫متطلبات رأس المال؟ ھناك الكثير من النقاش حول تفكيك البنوك التي ُت َعد أكبر من‬ ‫أن يُس َمح لھا باإلفالس‪ .‬ولكن ما الذي سيحدث بالفعل؟‬ ‫نظراً لھذه البيئة‪ ،‬فليس من المستغرب أن يستمر االئتمان في االنكماش في الواليات‬ ‫المتحدة‪ ،‬وأوروبا‪ ،‬وأماكن أخرى من العالم‪ .‬وإذا كانت البنوك ال تعرف القواعد‬ ‫التي ستحكم اللعبة‪ ،‬فالبد أن تتوخى الحذر الشديد بشأن اإلفراط في توسيع موازناتھا‬ ‫العامة‪.‬‬ ‫‪69‬‬


‫لذا فقد أصبحت الجھات التنظيمية الحكومية ـ وجميعنا في نھاية المطاف ـ بين‬ ‫َح َجري الرحى‪ .‬فالتنظيم المتعجل قد يؤدي إلى الندم في المستقبل‪ .‬واإلفراط في‬ ‫فرض الضوابط التنظيمية قد يؤدي إلى إعاقة النمو العالمي لعقود من الزمان‪ .‬أما‬ ‫إذا كانت التنظيمات متساھلة أكثر مما ينبغي‪ ،‬فإن األزمة المالية العالمية الوحشية‬ ‫المقبلة قد تأتي في غضون عقد واحد من الزمان‪ .‬وحتى لو استغرقت الجھات‬ ‫التنظيمية زمنا ً كافيا ً في محاولة القيام باألمر على الوجه األكمل‪ ،‬كما يتصور‬ ‫كثيرون منا أن ھذا واجبھم‪ ،‬فقد يضطر العالم إلى الحياة في ظل توسع ائتماني‬ ‫ضعيف بسبب إمساك البنوك عن اإلقراض‪ ،‬في انتظار قرار واضح فيما يتصل‬ ‫بمستقبلھا‪.‬‬ ‫وإليكم فكرة مؤلمة أخرى كثيراً ما يؤكد عليھا المؤرخ نيال فيرجسون من جامعة‬ ‫ھارفارد‪ :‬إن عديدا من الزعماء والمشرعين الذين يصدرون األحكام على القواعد‬ ‫الجديدة المنظمة لعمل البنوك ھم الزعماء والمشرعون أنفسھم الذين أشرفوا على‬ ‫التنظيم أثناء الفترة التي سبقت اندالع األزمة المالية‪.‬‬ ‫كثيراً ما يسألني الناس عن السبب الذي يجعل خبراء االقتصاد يوقعون بأنفسھم في‬ ‫مثل ھذه المآزق مراراً وتكراراً على مدى تاريخ االقتصاد‪ .‬ومن المؤسف‪ ،‬كما‬ ‫برھنت أنا وراينھارت من خالل توثيق المئات من األزمات المالية‪ ،‬التي غطت ‪٦٦‬‬ ‫بلداً وثمانية قرون من الزمان‪ ،‬فإن اإلجابة في غاية البساطة‪ :‬الغطرسة والجھل‪ .‬إن‬ ‫المستثمرين وصناع القرار السياسي كثيراً ما يتسمون جميعا ً بالجھل التام بالتجارب‬ ‫التاريخية التي ال تعد وال تحصى مع األزمات المالية‪ .‬والقلة القليلة من األفراد الذين‬ ‫على دراية بسيطة بما حدث في أوقات سابقة وأماكن أخرى من العالم‪ ،‬كثيراً ما‬ ‫يقولون‪» :‬ال تقلقوا‪ ،‬إن ھذه المرة مختلفة‪».‬‬ ‫لعل االنكماش األعظم في ‪ ٢٠٠٩/٢٠٠٨‬سيكون مختلفا ً عن غيره من األزمات‬ ‫المالية الحادة السابقة‪ ،‬وربما نشھد انتعاشا ً حاداً مستداما ً في مختلف أنحاء العالم‪.‬‬ ‫ولكن النصيحة التي يتعين علينا أن نوجھھا إلى صناع القرار السياسي في مجموعة‬ ‫العشرين ھي أال يراھنوا على ذلك‪ ،‬وأن يتحلوا بالصبر‪ ،‬خاصة في البلدان التي‬ ‫كانت مركزاً لألزمة‬

‫‪70‬‬


‫א א د د و א وאق א ‬ ‫ساد األسواق العالمية نوع من التفاؤل المفرط بعد ظھور "براعم خضراء جديدة"‬ ‫على أغصان االقتصاد العالمي الجافة‪ .‬واآلن يرى عدد متزايد من المستثمرين‬ ‫انتعاشة قوية مقبلة‪ ،‬في الصين أوالً‪ ،‬ثم في الواليات المتحدة‪ ،‬ثم في أوروبا وبقية‬ ‫العالم‪ .‬ويبدو أن حتى مستويات النمو المروعة التي تم تسجيلھا أثناء الربعين‬ ‫الماضيين لم تثبط ھذا التفكير المتفائل‪ .‬ويقول بعض المحللين‪" :‬كلما كانت السقطة‬ ‫أعنف كان االرتداد أقوى‪".‬‬ ‫ربما يكون ھؤالء المتفائلون على حق‪ .‬ولكن ما مدى التوسع المعقول الذي قد‬ ‫يتوقعه المرء حين ينتھي أسوأ ما في األمر أخيراً؟ ھل يكون "المعيار الجديد" ھو‬ ‫"المعيار القديم" نفسه الذي كان سائداً أثناء سنوات االزدھار من ‪ ٢٠٠٢‬إلى‬ ‫‪٢٠٠٧‬؟‬ ‫الحقيقة أنني أجد صعوبة في تصور الكيفية التي قد تتمكن بھا الواليات المتحدة‬ ‫والصين‪ ،‬المحركان الرئيسيان للنمو العالمي طيلة عقدين من الزمان‪ ،‬من تجنب‬ ‫االستقرار على متوسط نمو أدنى كثيراً مما كانت عليه الحال قبل األزمة‪.‬‬ ‫ولنبدأ بالواليات المتحدة‪ ،‬مركز األزمة المالية‪ ،‬وصاحبة أھم اقتصاد على مستوى‬ ‫العالم رغم ذلك‪ ،‬في أفضل التقديرات‪ ،‬سوف يخرج القطاع المالي في الواليات‬ ‫المتحدة من األزمة وقد أصبح أقل حجما ً وأكثر خضوعا ً للتنظيم‪ .‬ولكن بعض خبراء‬ ‫االقتصاد ال يرون في ھذا مدعاة للقلق‪ .‬فقد سجلت الواليات المتحدة نمواً سريعا ً‬ ‫أثناء خمسينيات وستينيات القرن العشرين في ظل نظام مصرفي كان خاضعا ً‬ ‫لتنظيمات مشددة‪ .‬فلماذا ال يتكرر ذلك؟‬ ‫بالتأكيد‪ ،‬ولكن القطاع المالي في وقت مبكر من مرحلة ما بعد الحرب لم يكن‬ ‫مطالبا ً بدعم مثل ھذا االقتصاد المتنوع المتطور اليوم‪ .‬وإذا ما أرجعت السلطات‬ ‫عقارب الساعة إلى الوراء عدة عقود من الزمان فيما يتصل بالتنظيم المصرفي‪،‬‬ ‫فھل يكون بوسعنا أن نتيقن من عدم إرجاعھا لعقارب ساعة الدخل إلى الوراء‬ ‫أيضاً؟‬ ‫ال شك أن استھالك الواليات المتحدة‪ ،‬والذي يشكل المحرك األضخم للنمو العالمي‪،‬‬ ‫يتجه نحو مستويات أدنى‪ ،‬على خلفية انحدار أسعار المساكن‪ ،‬وارتفاع معدالت‬ ‫البطالة‪ ،‬وانحدار ثروة معاشات التقاعد‪ .‬أثناء فترة الرواج‪ ،‬ارتفعت مستويات‬ ‫‪71‬‬


‫االستھالك في الواليات المتحدة حتى تجاوزت ‪ ٧٠‬في المائة من الناتج المحلي‬ ‫اإلجمالي‪ .‬وفي أعقاب األزمة فقد تھبط ھذه المستويات إلى ‪ ٦٠‬في المائة‪.‬‬ ‫وماذا عن التحول السياسي الكبير الذي شھدته الواليات المتحدة؟ بعد أن سئم‬ ‫الناخبون من النمو المطرد‪ ،‬فإنھم يتطلعون اآلن إلى بذل المزيد من االنتباه إلى‬ ‫معالجة المخاوف البيئية‪ ،‬وقضايا الرعاية الصحية‪ ،‬والتفاوت في الدخول‪ .‬بيد أن‬ ‫تحقيق ھذه األھداف السامية سيترتب عليه تكاليف باھظة‪ ،‬إضافة إلى العجز الھائل‬ ‫في الميزانية نتيجة للجھود التي تبذلھا الحكومة األمريكية لمواجھة األزمة المالية‪.‬‬ ‫ومن المؤكد أن زيادة الضرائب وفرض المزيد من التنظيمات لن يصبا في مصلحة‬ ‫النمو‪.‬‬ ‫صحيح أن المجال متاح إلدارة الحكومة على نحو أكثر كفاءة‪ ،‬وخاصة في مجاالت‬ ‫التعليم والرعاية الصحية‪ .‬ولكن ھل تكون ھذه المدخرات كافية لمعادلة األعباء‬ ‫المترتبة على توسع الحجم اإلجمالي للحكومة؟ أرجو ذلك‪ ،‬وال شك أن إدارة أوباما‬ ‫كانت بمثابة نسمة من الھواء العليل بعد العجز المذھل الذي اتسمت به سنوات بوش‬ ‫ تشيني‪ .‬ولكن الحكومات في مختلف أنحاء العالم تتصور دوما ً أن توسعاتھا يمكن‬‫تمويلھا من مكاسب الكفاءة‪ ،‬وغالبا ً ما يتبين لھا في النھاية أنه حلم وھمي‪.‬‬ ‫من المنتظر أيضا ً أن يتباطأ النمو الصيني في األمد البعيد‪ .‬فحتى قبل اندالع األزمة‬ ‫المالية كان من الواضح أن الصين لن تتمكن من االستمرار إلى ما ال نھاية على‬ ‫مسار النمو الذي بلغ ‪ ١٠‬في المائة أو تجاوزھا‪ .‬فقد بدأت المشكالت المتعلقة بالبيئة‬ ‫وموارد المياه في التفاقم‪ ،‬وبات من الواضح أنه مع استمرار الصين في النمو‬ ‫بمعدالت أسرع من أي بلد آخر تقريباً‪ ،‬فإن السعة االستيرادية لبقية بلدان العالم لن‬ ‫تتمكن من مجاراة آلة التصدير الصينية‪ .‬كانت الصين قد أصبحت أضخم مما ينبغي‬ ‫لھا‪.‬‬ ‫ومع األزمة المالية‪ ،‬أصبح التعديل الضروري لالقتصاد الصيني نحو المزيد من‬ ‫االستھالك المحلي أكثر إلحاحا ً‪ .‬صحيح أن الحكومة الصينية نجحت رغم انھيار‬ ‫الصادرات في دعم النمو من خالل التوسع الھائل في اإلنفاق وتوفير االئتمان‪ ،‬ولكن‬ ‫رغم أن ھذه االستراتيجية ضرورية‪ ،‬إال أنھا تھدد باإلخالل بالتوازن الدقيق بين‬ ‫توسع القطاعين الخاص والعام‪ ،‬والذي شكل األساس للتوسع الصيني حتى اآلن‪ .‬إن‬ ‫تنامي الدور الذي تلعبه الحكومة‪ ،‬وتقلص الدور الذي يلعبه القطاع الخاص‪ ،‬ينذران‬ ‫على نحو يكاد يكون مؤكداً بتباطؤ النمو الصيني في وقت الحق من ھذا العقد‪.‬‬

‫‪72‬‬


‫تواجه أوروبا أيضا ً عديدا من التحديات‪ ،‬وليس فقط ألنھا أصبحت اآلن صاحبة أسوأ‬ ‫ھبوط اقتصادي بين المناطق الرئيسية على مستوى العالم‪ ،‬بعد أن حذرت حكومة‬ ‫ألمانيا من انحدار ھائل في الناتج المحلي اإلجمالي‪ ،‬والذي قد يبلغ ‪ ٦‬في المائة في‬ ‫عام ‪ .٢٠٠٩‬ويكاد يكون من المؤكد أن تتسبب األزمة المالية المستمرة في إبطاء‬ ‫عملية التكامل بالنسبة للبلدان الطامحة إلى االلتحاق بعضوية االتحاد األوروبي في‬ ‫وسط وشرق أوروبا‪ ،‬والتي تشكل شعوبھا ذات التعداد الضئيل أقوى مصادر النمو‬ ‫نشاطا ً في أوروبا اليوم‪.‬‬ ‫لن تعاني مناطق العالم كافة بالضرورة تباطؤ التوسع االقتصادي أثناء العقد المقبل‪.‬‬ ‫فإذا ما افترضنا استمرار اإلصالحات في بلدان مثل البرازيل والھند وجنوب إفريقيا‬ ‫وروسيا‪ ،‬فقد يكون بوسع األسواق الناشئة أن تسد جزءاً من الفجوة في النمو التي‬ ‫خلفتھا البلدان األضخم اقتصاداً‪ .‬ولكن في كل األحوال‪ ،‬وبعد أعوام من التعديل‬ ‫المتواصل لتقديراته بشأن النمو العالمي‪ ،‬فالبد وأن يعيد صندوق النقد الدولي تنقيح‬ ‫ھذه التقديرات من جديد‪.‬‬ ‫وحتى بعد انتھاء األزمة فيكاد يكون من المؤكد أن يظل النمو العالمي لبعض الوقت‬ ‫أدنى مما كان عليه أثناء سنوات الرواج قبل اندالع األزمة‪ .‬وقد يكون ھذا التغير في‬ ‫مصلحة البيئة‪ ،‬والمساواة في الدخول‪ ،‬واالستقرار‪ .‬وقد تكون الحكومات محقة في‬ ‫انزعاجھا بشأن نوعية النمو وليس سرعته فحسب‪ .‬ولكن حين يتعلق األمر بتقديرات‬ ‫الضرائب واألرباح فيتعين على المستثمرين والساسة أن يعيدوا توطين أنفسھم على‬ ‫"المعيار الجديد" للنمو ـ أو متوسط نمو أدنى‬

‫ ‪ ) 5‬א ز؟‬ ‫حتى اآلن ال يستطيع أحد أن يجزم بتوقيت محتمل النتھاء األزمة المالية العالمية‬ ‫الحالية‪ ،‬ولكن ثمة أمرا واحدا مؤكدا‪ :‬أال وھو أن العجز في ميزانيات الحكومات‬ ‫يتجه نحو مستويات لم يسبق لھا مثيل على اإلطالق‪ .‬وبات من الضروري اآلن‬ ‫إقناع المستثمرين في األعوام المقبلة بتحمل تالل من الديون الجديدة‪.‬‬ ‫ورغم أن الحكومات قد تحاول فرض ھذه الديون على المدخرين المحليين )على‬ ‫سبيل المثال‪ ،‬باستغالل نفوذھا المتزايد لدى البنوك إلرغامھا على االحتفاظ بكمية‬ ‫غير متناسبة من األوراق الحكومية(‪ ،‬إال أنھا ستجد نفسھا في النھاية ملزمة بتحمل‬ ‫‪73‬‬


‫أسعار فائدة أعلى كثيراً أيضا ً‪ .‬وفي غضون بضع سنوات فقد تصل أسعار الفائدة‬ ‫على أذون خزانة الواليات المتحدة طويلة األجل إلى ‪ ٣‬و‪ ٤‬في المائة بسھولة‪ ،‬مع‬ ‫ارتفاع أسعار الفائدة على بقية السندات الحكومية بالقدر نفسه‪ ،‬أو أكثر‪.‬‬ ‫سترتفع أسعار الفائدة لتعويض المستثمرين عن قبول حصة ضخمة من السندات‬ ‫الحكومية ضمن حافظات استثمارھم وعن الخطر المتزايد المتمثل في استسالم‬ ‫الحكومات إلغراءات تضخيم ديونھا‪ ،‬بل وحتى االمتناع عن السداد‪.‬‬ ‫في بحث أجرته كارمن راينارت باالشتراك معي عن تاريخ األزمات المالية‪ ،‬وجدنا‬ ‫أن الدين العام يتضاعف‪ ،‬حتى بعد التعديل تبعا ً لنسبة التضخم‪ ،‬في غضون السنوات‬ ‫الثالث التي تعقب أي أزمة‪ .‬واآلن أصبح عدد كبير من الدول‪ ،‬الضخمة والصغيرة‬ ‫على السواء‪ ،‬في الطريق إلى تحقيق ھذا التوقع‪.‬‬ ‫أشارت حكومة الصين بوضوح إلى أنھا ستلجأ إلى أية وسيلة ممكنة لدعم النمو في‬ ‫مواجھة انحدار الصادرات‪ .‬ومن المعروف أن الصين تحتفظ باحتياطيات من النقد‬ ‫األجنبي تبلغ تريليوني دوالر لدعم قدرتھا على الوفاء بوعدھا ھذا‪ .‬وتدعو ميزانية‬ ‫الرئيس باراك أوباما الجديدة في الواليات المتحدة إلى عجز ھائل في الميزانية يبلغ‬ ‫‪ ١٫٧٥‬تريليون دوالر‪ ،‬أي أضعاف الرقم السابق‪ .‬وحتى تلك البلدان التي لم تنغمس‬ ‫بقوة في العربدة المالية فقد بدأت الفوائض التي جمعتھا في االنھيار‪ ،‬واتجه العجز‬ ‫لديھا نحو االرتفاع إلى مستويات غير مسبوقة‪ ،‬وباألخص في ظل انحدار العائدات‬ ‫الضريبية‪.‬‬ ‫الواقع أن قِلة من الحكومات قدمت توقعات واقعية لميزانياتھا‪ ،‬ولو من بعيد‪،‬‬ ‫واستندت في ذلك على نحو متوقع إلى سيناريوھات اقتصادية وردية‪ .‬ولكن من‬ ‫المؤسف أن االقتصاد العالمي عام ‪ ٢٠٠٩‬سيمر بظروف عصيبة‪ .‬ويبدو أن الدخل‬ ‫في الواليات المتحدة ومنطقة اليورو قد انحدر بمعدل يبلغ ‪ ٦‬في المائة تقريبا ً أثناء‬ ‫الربع األخير من عام ‪٢٠٠٨‬؛ كما ھبط الناتج المحلي اإلجمالي في اليابان ربما‬ ‫بضعف ذلك المعدل‪.‬‬ ‫أما ادعاء الصين أن ناتجھا المحلي اإلجمالي سجل نمواً بلغ معدله ‪ ٦‬في المائة أثناء‬ ‫نھاية العام الماضي فھو محل شك‪ .‬فقد انھارت الصادرات في مختلف أنحاء آسيا‪،‬‬ ‫بما في ذلك كوريا واليابان وسنغافورة‪ .‬ونستطيع أن نقول إن الھند‪ ،‬والبرازيل إلى‬ ‫درجة أقل‪ ،‬تمكنتا من الصمود على نحو أفضل قليالً‪ .‬ولكن قِـلة من األسواق الناشئة‬ ‫بلغت المرحلة التي تستطيع معھا الصمود في وجه االنھيار المتواصل في البلدان‬ ‫المتقدمة اقتصادياً‪ ،‬ناھيك عن العمل كمحركات بديلة للنمو العالمي‪.‬‬ ‫‪74‬‬


‫وفي ظل أزمة االئتمان‪ ،‬التي ما زالت تجعل من الصعب بالنسبة للعديد من‬ ‫المؤسسات التجارية الصغيرة والمتوسطة الحجم أن تحصل على المستوى األدنى‬ ‫من التمويل الالزم للحفاظ على أصولھا واالستمرار في إدارة أعمالھا التجارية‪ ،‬فقد‬ ‫أصبح الناتج المحلي اإلجمالي على مستوى العالم في ‪ ٢٠٠٩‬على حافة الھاوية‪.‬‬ ‫وھناك إمكانية حقيقية أن يسجل النمو العالمي أول انكماش له منذ الحرب العالمية‬ ‫الثانية‪.‬‬ ‫وتحت أي من الظروف فمن المؤكد أن مجموعة ضخمة من البلدان ستشھد انحداراً‬ ‫في ناتجھا يراوح بين ‪ ٤‬و‪ ٥‬في المائة عام ‪ ،٢٠٠٩‬في حين ستشھد بعض البلدان‬ ‫انحداراً قد يصل إلى ‪ ١٠‬في المائة أو أكثر‪ ،‬مع انخفاض في المستوى الحقيقي‬ ‫للركود بنسبة ‪ ١٠‬في المائة أو أكثر‪ .‬واألسوأ من ذلك أن المؤسسات المالية إن لم‬ ‫تسترد نشاطھا السابق فقد يظل النمو محبطا ً ألعوام مقبلة‪ ،‬وخاصة في البلدان التي‬ ‫شھدت منشأ األزمة مثل الواليات المتحدة‪ ،‬بريطانيا‪ ،‬أيرلندا‪ ،‬وإسبانيا‪ .‬وقد يكون‬ ‫النمو بعيد األمد في الواليات المتحدة في حالة بالغة السوء‪ ،‬بينما توجه إدارة باراك‬ ‫أوباما البالد نحو مستويات من الرعاية االجتماعية وإعادة توزيع الدخول أقرب إلى‬ ‫المستويات األوروبية‪.‬‬ ‫إن البلدان التي تتمتع بمعدالت نمو أقرب إلى النمط األوروبي قد تتمكن من التعامل‬ ‫مع التزامات دين تعادل ‪ ٦٠‬في المائة من الناتج المحلي اإلجمالي حين تكون أسعار‬ ‫الفائدة منخفضة‪ .‬ولكن مع ارتفاع مستويات الدين في العديد من البلدان إلى ‪ ٨٠‬في‬ ‫المائة أو ‪ ٩٠‬في المائة من الناتج المحلي اإلجمالي‪ ،‬وفي ظل التأكيد على أن‬ ‫انخفاض أسعار الفائدة اليوم يشكل ظاھرة مؤقتة‪ ،‬فإن المتاعب مقبلة ال محالة‪.‬‬ ‫والعديد من البلدان التي تحمل نفسھا كميات ھائلة من الديون في محاولة إلنقاذ‬ ‫بنوكھا لم تنجح إال في تحريك توقعات النمو متوسطة األمد قليالً‪ ،‬األمر الذي يثير‬ ‫تساؤالت حقيقية بشأن القدرة على سداد الديون أو االستمرار في االستدانة‪.‬‬ ‫فإيطاليا‪ ،‬على سبيل المثال‪ ،‬حيث تجاوزت نسبة الدين إلى الدخل ‪ ١٠٠‬في المائة‪،‬‬ ‫كانت قادرة على تدبير أمورھا حتى اآلن بفضل انخفاض األسعار العالمية‪ .‬ولكن‬ ‫مع تراكم الديون وارتفاع أسعار الفائدة العالمية فسوف يصبح المستثمرون أكثر‬ ‫توتراً بشأن الخطر المتمثل في إعادة جدولة الديون‪ .‬أما بلدان أخرى‪ ،‬مثل أيرلندا‬ ‫وبريطانيا والواليات المتحدة‪ ،‬فقد بدأت بموقف مالي أكثر قوة‪ ،‬إال أنھا قد ال تكون‬ ‫أفضل حاالً حين ينقشع غبار األزمة‪.‬‬

‫‪75‬‬


โ ซู ุชุดู ู ุฃุณุนุงุฑ ุงู ุตุฑู ุนุงู ุงู ู ู ุฌฺพู ุงู ู ุขุฎุฑโ ช .โ ฌู ู ุง ุฒุงู ุช ุงู ุจู ู ู ุงู ู ุฑู ุฒู ุฉ ุงุขู ุณู ู ู ุฉโ ฌ โ ซุชุชุดุจุซ ุจุนุตุจู ุฉ ุจุงู ุฏู ุงู ุฑโ ช .โ ฌู ู ู ู ุญู ู ุชุตุจุญ ุฏู ู ู ุงู ู ุงู ู ุงุช ุงู ู ุชุญุฏุฉ ู ุนู ู ุชฺพุง ู ู โ ฌ โ ซุงู ุทุฑุงุฒ ุงู ุนุชู ู โ ช ุ โ ฌู ู ุฏ ู ุณุฌู ุงู ู ู ุฑู ุงุฑุชู ุงุนุง ู ู ู ู ู ุงุจู ุงู ุฏู ุงู ุฑ ุจุนุฏ ุนุงู ู ู ุฅู ู ุซุงู ุซุฉโ ฌ โ ซุฃุนู ุงู โ ช ุ โ ฌฺพุฐุง ุฅุฐุง ู ุง ุธู ุงู ู ู ุฑู ู ู ุฌู ุฏุง ุนู ู ุงู ุณุงุญุฉโ ช.โ ฌโ ฌ โ ซุงู ุดู ุฃู ุจุนุถ ุงู ุญู ู ู ุงุชโ ช ุ โ ฌู ุน ุชุฑุงู ู ุงู ุฏู ู ู ู ุงุณุชู ุฑุงุฑ ุงู ุฑู ู ุฏโ ช ุ โ ฌุณุชุญุงู ู ุชุฎู ู ู โ ฌ โ ซุงู ุนุจุก ุงู ู ู ู ู ุนู ู ู ุงฺพู ฺพุง ุจุงู ู ุฌู ุก ุฅู ู ุงู ู ู ุน ุงู ู ุงู ู โ ช ุ โ ฌุฃู ู ุฑุถ ู ุนุฏุงู ุช ุชุถุฎู โ ฌ โ ซุฃุนู ู โ ช ุ โ ฌุฃู ุงุงู ู ุชู ุงุน ุนู ุณุฏุงุฏ ุงู ุฏู ู ู ุฌุฒุฆู ุงู โ ช ุ โ ฌุฃู ุชุฑู ู ุจุฉ ู ู ุงุงู ุญุชู ุงุงู ุช ุงู ุซุงู ุซุฉโ ช.โ ฌโ ฌ โ ซู ุงู ู ุคุณู ู ู ู ู ฺพุฐุง ุฃู ู ุนุจุฉ ุงู ู ฺพุงู ุฉ ู ู ุฑู ู ุฏ ุงุฃู ุนุธู ุงู ุญุงู ู ู ู ุชู ู ู ุฌู ู ู ุฉ ุจุฃู โ ฌ โ ซุญุงู ู ู ุงุฃู ุญู ุงู โ ฌ

โ ซ ื ุฏ ุฏ ุนโ ฌ โ ซุฅู ุตุฑุงุนุง ู ุถุฎู ุง ู ู ุนุชู ู ุงุขู ู ุฏุงุฎู ู ุฌู ู ุนุฉ ุงู ุนุดุฑู ู ุจุดุฃู ู ุณุชู ุจู ุงู ู ุธุงู ุงู ู ุงู ู โ ฌ โ ซุงู ุนุงู ู ู โ ช .โ ฌู ุงู ุดู ุฃู ู ุชุงุฆุฌ ฺพุฐุง ุงู ุตุฑุงุน ุณุชุคุซุฑ ู ู ุงู ุนุงู ู ู ู ู ู ุณ ู ู ุท ุงู ุนุงู ู ุงู ุจุงุทู ู โ ฌ โ ซุงู ุณุฑู ู ู ุชู ู ู ู ุงู ุฏู ู ู ู ู ุนู ู ุฏ ู ู ุจู ุฉ ู ู ุงู ุฒู ุงู โ ช.โ ฌโ ฌ โ ซุฅู ุงู ู ุงู ู ุนู ู ุนู ู ุชุดู ู ู ุงู ุณู ุทุฉ ู ุงู ู ู ู ุฐ ู ุตู ุงุบุฉ ุงุฃู ู ู ุงุฑโ ช .โ ฌู ู ุฏ ู ุฒุนู ุงู ุณุงุฎุฑู ู โ ฌ โ ซุฃู ุงุฃู ุณุณ ุงู ุชู ู ู ู ู ุนู ู ฺพุง ุงู ู ุธุงู ุงู ู ุงู ู ุงู ุนุงู ู ู ู ู ุชุชุบู ุฑ ุจุฃู ุญุงู ู ู ุงุฃู ุญู ุงู โ ชุ โ ฌโ ฌ โ ซู ู ู ู ฺพู ู ุฎุทุฆู ู โ ช .โ ฌุฅุฐ ุฅู ู ุง ู ู ุฌู ู ุน ุงุงู ุญุชู ุงุงู ุช ุณู ุดฺพุฏ ุชุบู ู ุฑุงุช ุถุฎู ุฉ ู ู ุบุถู ู โ ฌ โ ซุงุฃู ุนู ุงู ุงู ู ู ู ู ุฉ ุงู ู ู ุจู ุฉโ ช ุ โ ฌู ุฑุจู ุง ู ู ฺพู ุฆุฉ ู ุคุณุณุฉ ุฃู ู ุนุงฺพุฏุฉ ุนุงู ู ู ุฉ ู ู ุชู ุธู ู ุงู ู ุงู ู โ ฌ โ ซุงู ุฏู ู ู โ ช .โ ฌุงู ุญู ู ู ุฉ ุฃู ู ู ู ุงู ู ุณุชุญู ู ุชู ุฑู ุจุง ู ุฃู ู ู ุฌุญ ุงู ุนุงู ู ู ู ุญู ุงู ู ุฑุทุฉ ุงู ุญุงู ู ุฉ ุฏู ู โ ฌ โ ซุงุงู ุณุชุนุงู ุฉ ุจุจู ุตู ุฉ ู ุง ุชุดู ุฑ ุฅู ู ู ู ู ู ุงู ู ุธุงู ุงู ุฌุฏู ุฏโ ช.โ ฌโ ฌ โ ซุฅู ุงู ู ุงู ู ุงุช ุงู ู ุชุญุฏุฉ ู ุจุฑู ุทุงู ู ุง ุชุฑู ุฏุงู ุจุทุจู ุนุฉ ุงู ุญุงู ู ุธุงู ุง ู ู ุคุฏู ู ู ุงู ู ฺพุงู ุฉ ุฅู ู โ ฌ โ ซุชู ุณู ุน ู ุทุงู ฺพู ู ู ุชฺพู ุงโ ช .โ ฌู ู ู ุฏ ุฃุนู ู ู ุฒู ุฑ ุฎุฒุงู ุฉ ุงู ู ุงู ู ุงุช ุงู ู ุชุญุฏุฉ ุชู ู ู ุซู ุบุงู ุซู ุฑโ ฌ โ ซุฃุฎู ุฑุง ุงู ุฎุทู ุท ุงู ุนุฑู ุถุฉ ู ู ุธุงู ู ุงู ู ุฃู ุซุฑ ู ู ุงู ู ุฅู ู ุงู ู ุญุงู ุธุฉโ ช .โ ฌู ุญุชู ู ู ู ู ุชู ุฏู ู โ ฌ โ ซุงู ุนุฑุจุฏุฉ ุงู ู ุงู ู ุฉ ุงู ุชู ุงู ุบู ุณุช ู ู ฺพุง ุงู ู ุงู ู ุงุช ุงู ู ุชุญุฏุฉ ู ู ุงู ู ุงุถู ู ุงู ุจุฏ ุฃู ู ุนุชุฑู ู ุง ุจุฃู โ ฌ โ ซุงู ุชุฑุงุญ ุบุงู ุซู ุฑ ู ุดุชู ู ุนู ู ุจุนุถ ุงุฃู ู ู ุงุฑ ุงู ุทู ุจุฉโ ช.โ ฌโ ฌ โ ซู ู ุงู ู ู ุงู ุงุฃู ู ู โ ช ุ โ ฌู ุฏ ู ุชู ุน ู ู ุฏ ุงู ุฌฺพุงุช ุงู ุชู ุธู ู ู ุฉ ุฅู ู ุฅุฌุจุงุฑ ุงู ู ู ู ู ู ู ุนู ู ุงุงู ุญุชู ุงุธ ุจู ุฏุฑโ ฌ โ ซุฃุนุธู ู ู ุงู ู ู ุฏ ู ุชุบุทู ุฉ ุฑฺพุงู ุงุชฺพู ุงู ุฎุงุตุฉโ ช ุ โ ฌุจุฏุงู ู ู ู ุงุงู ุนุชู ุงุฏ ู ุซู ุฑุงู ุนู ู ุฏุงู ุนู โ ฌ โ ซุงู ุถุฑุงุฆุจ ุจุงุนุชุจุงุฑฺพู ุญุงุฌุฒุงู ู ู ุงุฆู ุง ู โ ช .โ ฌู ู ุง ู ุณุนู ุบุงู ุซู ุฑ ุฅู ู ุฌุนู ุชู ู ู ู ุงู ุตู ู ุงุชโ ฌ โ ซโ ช76โ ฌโ ฌ


‫المالية أكثر تبسيطا ً وسھولة‪ ،‬حتى يتمكن المستثمرون ومجالس اإلدارة والجھات‬ ‫التنظيمية من تقييم المجازفة التي يواجھونھا على نحو أفضل‪.‬‬ ‫ولكن في حين أن بقية بلدان العالم متعاطفة مع أفكار غايثنر‪ ،‬إال أن بلدانا ً أخرى تود‬ ‫لو ترى المزيد من اإلصالح الجوھري‪ .‬فقد بدأت روسيا ومعھا الصين في التشكيك‬ ‫في الدوالر باعتباره العمود الذي يقوم عليه النظام الدولي‪ .‬ففي خطاب رصين ألقاه‬ ‫رئيس البنك المركزي الصيني تشو شياو تشوان تحدث عن المزايا المترتبة على‬ ‫وجود عملة عالمية خارقة‪ ،‬والتي ربما يستطيع صندوق النقد الدولي أن يصدرھا‪.‬‬ ‫وھؤالء ھم النقاد األكثر ھدوءاً‪ .‬أما الرئيس الحالي لمجلس وزراء االتحاد‬ ‫األوروبي‪ ،‬وھو رئيس الوزراء التشيكي ميروسالف توبوالنيك‪ ،‬فقد عبر بصراحة‬ ‫عن الغضب الذي يعتمل في نفوس العديد من الزعماء األوروبيين حين وصف‬ ‫األسلوب األمريكي المسرف في التعامل مع السياسة المالية بأنه "الطريق إلى‬ ‫الجحيم"‪ .‬وربما كان بوسعه أن يقول الشيء نفسه عن وجھات النظر األوروبية فيما‬ ‫يتصل بالقيادات المالية في الواليات المتحدة‪.‬‬ ‫إن ما نراھن به في إطار المناقشة الدائرة بشأن اإلصالح المالي الدولي ضخم‬ ‫للغاية‪ .‬والحقيقة أن الدور الذي يلعبه الدوالر في مركز النظام المالي العالمي يمنح‬ ‫الواليات المتحدة القدرة على جمع مبالغ ضخمة من رأس المال دون تكدير‬ ‫اقتصادھا بال ضرورة‪ .‬وجميعنا نتذكر كيف قرر رئيس الواليات المتحدة السابق‬ ‫جورج دبليو بوش تخفيض الضرائب في الوقت نفسه الذي بدأ فيه غزوه للعراق‪.‬‬ ‫ولكن رغم ما أحاط من شبھات بتصرفات بوش في كل من السياقين‪ ،‬فقد ھبطت‬ ‫أسعار الفائدة على الدين العام للواليات المتحدة في ذلك الوقت‪.‬‬ ‫واألھم من ذلك أن الدور الذي تضطلع به الواليات المتحدة في مركز النظام المالي‬ ‫العالمي يمنح المحاكم والجھات التنظيمية والساسة في الواليات المتحدة قدراً ھائالً‬ ‫من السلطة والنفوذ على االستثمار العالمي في مختلف أنحاء العالم‪ .‬ولھذا السبب‬ ‫كان الخلل الوظيفي في النظام المالي الذي تتبناه الواليات المتحدة سببا ً في تغذية‬ ‫حالة الركود العميق التي يعيشھا العالم اآلن‪.‬‬ ‫من ناحية أخرى‪ ،‬ما البدائل المطروحة لرؤية غايثنر؟ وھل يوجد نموذج آخر للنظام‬ ‫المالي العالمي؟‬ ‫إن التناول الذي طرحته الصين من شأنه أن يفرض قدراً ھائالً من الضرائب‬ ‫المستترة على المدخرين‪ ،‬الذين يحصلون على فوائد ضئيلة للغاية على ودائعھم‪.‬‬ ‫‪77‬‬


‫ولقد سمح ھذا الوضع للبنوك الخاضعة لسيطرة الدولة بتقديم قروض بأسعار فائدة‬ ‫مدعمة للشركات والقطاعات المفضلة‪.‬‬ ‫وفي الھند يُس َتخدَم القمع المالي كوسيلة لتعبئة المدخرات األسيرة للمساعدة على‬ ‫تمويل الديون الحكومية الھائلة بأسعار فائدة أقل كثيراً من األسعار السائدة في أي‬ ‫سوق حرة‪.‬‬ ‫وفي روسيا سنجد أن القسم األعظم من المشكالت الحالية التي تواجھھا البالد نابع‬ ‫من نظامھا المصرفي المختل‪ .‬ذلك أن العديد من المقترضين الذين أصبحوا عاجزين‬ ‫عن الحصول على التمويل بشروط معقولة في الداخل‪ ،‬اضطروا إلى اقتراض‬ ‫العمالت الصعبة من الخارج‪ ،‬األمر الذي أدى إلى خلق أعباء مالية ھائلة حين انھار‬ ‫الروبل‪.‬‬ ‫وتريد أوروبا أن تحافظ على نموذجھا المصرفي الشامل‪ ،‬حيث تقوم البنوك بنطاق‬ ‫عريض من الوظائف يراوح ما بين استقبال الودائع إلى تقديم القروض التجارية‬ ‫الصغيرة إلى مزاولة أنشطة االستثمار المصرفي على مستوى عال‪ .‬المقترحات‬ ‫التي طرحتھا الواليات المتحدة من ناحية أخرى من شأنھا أن تجعل األعمال‬ ‫المصرفية الشاملة أشد صعوبة‪ .‬ويرجع ذلك جزئيا ً إلى أن ھذه المقترحات تھدف‬ ‫إلى إقامة سياج حول المؤسسات المالية التي تفرض "خطراً شامالً" على النظام‬ ‫المالي‪ .‬ومثل ھذه التغييرات من شأنھا أن تفرض ضغوطا ً على البنوك الشاملة‬ ‫لحملھا على ھجر األنشطة المصرفية االستثمارية األعظم خطراً سعيا ً إلى العمل‬ ‫على نحو أكثر حرية‪.‬‬ ‫ال شك أن المؤسسات الھائلة الحجم في الواليات المتحدة مثل سيتي جروب‪ ،‬وبنك‬ ‫أوف أمريكا‪ ،‬وجيه بي مورجان ستتأثر أيضا ً‪ .‬ولكن النماذج المصرفية الشاملة أقل‬ ‫مركزية بالنسبة للنظام المالي األمريكي مقارنة بالوضع في أوروبا وأجزاء من آسيا‬ ‫وأمريكا الالتينية‪.‬‬ ‫وبعيداً عن العواقب الضمنية المترتبة على األنظمة الوطنية المختلفة‪ ،‬فإن ھيئة‬ ‫العمل المصرفي في المستقبل ستشكل عامالً على قدر عظيم من األھمية بالنسبة‬ ‫للنظام المالي األوسع نطاقاً‪ ،‬بما في ذلك رؤوس األموال‪ ،‬واألسھم الخاصة‪،‬‬ ‫وصناديق الوقاء‪ .‬ويھدف اقتراح غايثنر إلى كبح جماح كل ھذه األشكال بدرجة ما‪.‬‬ ‫وقد تكون المخاوف المرتبطة باألزمة مفھومة‪ ،‬ولكن دون ھذه األساليب اإلبداعية‬ ‫الجديدة في التعامل مع التمويل فربما ما كان بوسعنا أن نرى صرحا ً مثل وادي‬ ‫السيلكون يظھر إلى الوجود‪ .‬ولكن أين يقع التوازن بين المجازفة واإلبداع؟‬ ‫‪78‬‬


‫رغم أن قسما ً كبيراً من مناقشات مجموعة العشرين معني بقضايا‪ ،‬مثل الحوافز‬ ‫المالية العالمية‪ ،‬إال أن الرھان األعظم يشتمل على اختيار فلسفة جديدة للنظام المالي‬ ‫الدولي وأجھزته التنظيمية‪ .‬وإذا عجز زعماؤنا عن البحث عن تناول جديد لألمر‪،‬‬ ‫فإن الفرصة قائمة لتحول العولمة المالية سريعا ً نحو اتجاه معاكس‪ ،‬األمر الذي البد‬ ‫أن يزيد من صعوبة الخروج من المستنقع الحالي‪.‬‬

‫‪79‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.