إه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــداء إىل ذاكرة النقد الشعري باملغرب حممد بلعباس القباج حممد بن تاويت عبد اهلل كنون أمحد زياد ... ... ... وإىل من حرا حروهم يف االحنياز إىل القصيدة
كتاب اإلنرتنت املغاربة إصدارات جملة إحتادPage 1
الفهرست مقدمة.................................................................... - سؤال الذات في القصيدة المغربية الحديثة............................... - إدريس الملياني واحتفالية القول......................................... - جمال الموساوي وتعددية الواحد........................................ - حسن نجمي ومديح العزلة ............................................ - صالح الوديع وضرورة الكتابة........................................ - عبد الكريم الطبال والمعراج بأجنحة الشعر............................ - محمد بوجبيري وشعرية األخطاء..................................... - نجيب خداري والحاسة السابعة....................................... - خاتمة .............................................................. - ملحق :نصوص مختارة............................................
كتاب اإلنرتنت املغاربة إصدارات جملة إحتادPage 1
استهالل
" من الشائع القول إن الشعر الحر لٌس سوى حٌلة طباعٌة .وأرى أن هناك خطأ فً هذا القول .فإضافة إلى اإلٌقاع الشعري ،فالشكل الطباعً للسطر الشعري ٌبشر القارئ بأن اإلثارة الشعرٌة هً ما ٌنتظره ،ولٌس المعلومات واستعمال العقل" . " إن نظام القافٌة فً الشعر الحدٌث ٌعتبر جزءا من البناء الموسٌقً العام للقصٌدة، وأن أهم صفة تمٌز هذا البناء هً المرونة التً استمدها من خضوعه لحركة المشاعر واألفكار ،ومن بعد ،عن النزعة الهندسٌة الحادة التً تمٌز القوالب الموسٌقٌة التقلٌدٌة" .
كتاب اإلنرتنت املغاربة إصدارات جملة إحتادPage 1
مقدمة كان الشعر وال ٌزال أحد األشكال التعبٌرٌة التً أمكنها ،بصور متفاوتة ،أن تختزل الذات والعالم فً كلمات ،تستعٌد الماضً وتالمس الٌومً وتشارف اآلتً والمستقبل .وبقدر ما ٌمنحه الشعر من أفق للتفكٌر والتعبٌر بقدر ما ٌحرص هذا الشاعر أو ذاك ،على نقل لحظات مكابداته ومعاناته ،من جهة ،ورسم أشكال تفاعالته وانفعاالته بالذات واآلخر ،من جهة ثانٌة .وما الشعر سوى معبر لهذا الطموح الفنً واإلنسانً. وألن الشعر ،من حٌث هو تجدٌد للحٌاة وتطوٌر للفكر وانتصار للجمال؛ فإن تلقٌه اتخذ أشكاال متعددة تبعا لنوعٌة القارئ /المتلقً .ومن ثمة ،توالت األسئلة النظرٌة واكتسبت مشروعٌتها ،من قبٌل :ما الفارق بٌن الكالم الشعري والكالم العادي؟ ما الذي ٌضمن للقصٌدة بعدٌها الواقعً والجمالً ؟ كٌف تجاوز القصٌدة لحظة الكتابة إلى لحظة أكثر انفتاحا ؟ ماذا عن الشعراء ومرجعٌاتهم المعتمدة داخل القصٌدة ،كإبداع ؟ وهل ٌمكن الحدٌث عن أجٌال شعرٌة ووفق أي معٌار ؟ كٌف تسنى للشاعر المغربً أن ٌعبر ،بواسطة اللغة وعناصر أخرى مصاحبة ،عن محٌطه ومجتمعه وما حولهما ،وأن ٌصور ما بالدواخل من هواجس وهموم ورغبات ،فردٌة كانت أم جماعٌة؟ ما نوع األسئلة التً راهن علٌها الشاعر الحدٌث ،كؤفق إبداعً مفتوح على التجارب العالمٌة والكونٌة ؟ ثم ماذا عن اإلٌقاع وألوانه الجدٌدة ؟... أسئلة وأخرى ،تمثل مدخال من بٌن مداخل كبرى ،تروم محاورة القصٌدة المغربٌة الحدٌثة والمعاصرة ،بغٌة استجالء خصائصها الفنٌة والجمالٌة الثاوٌة فٌها ،على مستوى الشكل والمضمون معا .ولعلها ،فً الغالب ،أسئلة ٌعنى بها القارئ والناقد والشاعر ،على حد سواء. ٌضم هذا الكتاب بٌن دفتٌه عددا من القراءات النقدٌة ،التً كتبت على فترات زمنٌة متفاوتة ،ألقً بعضها خالل ندوات ولقاءات أدبٌة مختلفة ،ثم نشرت الحقا ،هنا وهناك ،فً
كتاب اإلنرتنت املغاربة إصدارات جملة إحتادPage 1
منابر إعالمٌة مغربٌة وعربٌة .قراءات وإن بدت متفرقة زمنٌا؛ فإن ما ٌوحد بٌنها ،هو استحضار سإال اإلبداعٌة فً القصٌدة المغربٌة الحدٌثة ،بما هو سإال ٌبحث فً بنٌة اللغة وفً أنواع اإلٌقاع وفً أشكال التعبٌر ،أسلوبا وتركٌبا وبالغة ،وبما هو سإال أٌضاٌ ،نشغل برصد مظاهر وتجلٌات الذات ،باعتبارها مصدرا من مصادر اإللهام ٌتوسل بها الشاعر فً بسط رإٌته للعالم واألشٌاء من حوله ،اتصاال وانفصاال. إنها ،بعبارة أخرى ،قراءات تنحاز إلى القصٌدة وتنصت لنبضها ما استطاعت، وتقدم تبعا لذلك ،تؤوٌالت وتوصٌفات تبررها وسائط التحلٌل وعناصر المقاربة .وفً اعتقادنا أن الشعرٌة الجدٌدة الٌوم ،فً حاجة ماسة إلى نقد ٌعرف بها وٌقترب من عوالمها المغاٌرة .نقد ٌمد جسور التواصل بٌن الشاعر وقارئه ،وٌقلص الهوة بٌن المنجز الحدٌث والذائقة الشعرٌة ،بعٌدا عن األحكام الجاهزة واالدعاءات المسبقة. ولعلنا بهذه القراءات ،التً تنحو منحى تحلٌلٌا باألساس وتدعو القارئ لالستمتاع بجمالٌة المقروء ،نكون قد ساهمنا ،من قرٌب أو بعٌد ،فً خلق صداقة جدٌدة بٌن الشعر والنقد ،من جهة وعالقة حمٌمة بٌن النص والقارئ ،من جهة ثانٌة .وال شك فً أن ما صدر من قراءات حدٌثة مماثلةٌ ،نم عن دٌنامٌة نقدٌة مطلوبة ،نذكر منها ،على سبٌل التمثٌل ال الحصر ،أعمال النقاد رشٌد برهون (فً ضٌافة القصٌدة) وعبد السالم المساوي (إٌقاعات ملونة قراءات فً الشعر المغربً المعاصر) وعلً آٌت أوشان (الذاكرة والصورة قراءات نقدٌة فً الشعر المغربً المعاصر) ومحمد بونجمة (مرجان األعماق تؤمالت فً نصوص مغربٌة معاصرة) وعمر العسري (الفرشاة والتنٌن مصاحبات نقدٌة فً الشعر المغربً المعاصر) والمحجوب الشونً (تمارٌن اإلعجاب) وغٌرها ،دون أن نغفل ما سبقها من قراءات رائدة فً ذات المجال ،كما فً (ظواهر نصٌة) للناقد نجٌب العوفً. لقد خصصنا حٌزا مهما لقراءة النصوص الشعرٌة المغربٌة الحدٌثة ،سواء ما أدرج منها مرحلٌا ،فً هذا العمل ،أو ما اطلعنا علٌه وتابعناه؛ غٌر أننا لم نتمكن من الكتابة عنه. وخالل قراءتنا لعدد كبٌر من هذه النصوص ،عثرنا فٌها على كثٌر من الجدة والجودة ،من
كتاب اإلنرتنت املغاربة إصدارات جملة إحتادPage 2
حٌث االشتغال باللغة من جهة ،ومن حٌث االشتغال بالذات وما اتصل بها ،قربا وبعدا فً آن ،من جهة ثانٌة .ومن ثمة ،كان انشغالنا بالموضوعات ،على غرار ما قمنا به سابقا فً نقد القصة ،باعتبارها عنصرا محورٌا ٌضع النص الشعري فً سٌاقه األدبً والتارٌخً، مثلما كان انشغالنا بالمكونات الفنٌة والجمالٌة ،بوصفها مدخال ال غنى عنه لالقتراب من العمل اإلبداعً فً خصوصٌته وإدهاشه. وتبعا لذلك ،اعتبرنا القصٌدة ،بشكل من األشكال ،عصا الشاعر .سنده وعماده. عصاه التً ٌحاورها كل حٌن ،محاورة الحكٌمٌ .شق بها بحور األسرار وٌقوم بها اعوجاج العالم وٌهش بها على أوزاره وأفكاره ،وله فٌها مآرب أخرى .وحٌن تتحول القصٌدة إلى عصا ،حكٌمة أو سحرٌة ،تنتقل بالشاعر من عالم الواقع ،بخٌره وشره ،إلى عالم الخٌال، فً اتساعه وضٌقه .فمتى ٌبتدئ الشاعر؟ ومتى ٌنتهً؟ كٌف تجلو العصا صمته؟ وكٌف تغدو سالحه؟ ذلك ما ٌحاول الكتاب ،فً مرحلة أخرى ،تتبعه واختباره.. أما المنهج الذي آثرناه ،فقد اتسم بالمرونة حتى ٌكون تتبع هذا الكتاب سهل الهضم والقراءة ،ومن ثمة لم ننتصر لمنهج علمً على حساب آخر؛ وإنما أخذنا من تعددٌة المناهج ما رأٌناه مسعفا ومناسبا لخدمة المتن المقترح تصورا وبناء وداللة .كما أفدنا ،تبعا لطبٌعة الموضوع والمتن المقترح ،من بعض الدراسات واألبحاث التً عنٌت بالنص الشعري وانحازت إلٌه ،دون أن نغفل ما للذائقة الشخصٌة من دور فً توجٌه القراءة والتحلٌل. وهكذا حاول الكتاب أن ٌقرأ – مرحلٌا – نصوصا مغربٌة ،من هنا وهناك ،على سبٌل النمذجة لٌس إال؛ رتبت بحسب األحرف األبجدٌة ألسماء الشعراء ،منها تجارب كل من إدرٌس الملٌانً وجمال الموساوي وحسن نجمً وصالح الودٌع وعبد الكرٌم الطبال ومحمد بوجبٌري ونجٌب خداري إضافة إلى تجارب أخرى قرأت فً سٌاق دراسة عامة منها تجربة محمد بنطلحة وحسن األمرانً ،ومحمد علً الرباوي ومصطفى الشلٌح ووفاء العمرانً ووداد بنموسى وأمٌنة المرٌنً وعبد السالم المساوي وصالح بوسرٌف وعبد الرحٌم الخصار وٌاسٌن عدنان ومحمد بودوٌك وآٌت وارهام ،،وغٌرهم .تجارب جسدت،
كتاب اإلنرتنت املغاربة إصدارات جملة إحتادPage 3
بصورة أو بؤخرى ،ما عرفه وٌعرفه المشهد الشعري المغربً من حركٌة تمتد فً الزمان والمكان وتعكس تماسك بنٌته وانفتاح داللته. وألن النقد محاورة ومصاحبة لإلبداع؛ فإن استحضار شرطً المتعة والفائدة ٌظالن أمرا مطلوبا ٌحقق للذات الكاتبة ،فً تعاملها مع المقروء وصاحبه ،فرصة للتواصل والحوار والمكاشفة .وبهذا المعنى ،تصبح الكتابة النقدٌة فعال ثقافٌا بامتٌاز ،ال ٌقل أهمٌة عن الكتابة اإلبداعٌة ،فهً اختٌار نابع من قناعة تجعلها جزءا من الٌومً ولحظة ال غنى عنها لمواصلة الطرٌق الالنهائً ،نحو البحث والتؤمل وطلب المتعة وجلب الفائدة .هنا ٌلتقً اإلبداعً بالنقدي ،فٌصٌران وجه ين لعملة أدبٌة واحدة. نؤمل أن ٌلبً هذا العمل بعض طموحاته باإلنصات للنص الشعري كنص مشتهى، وما ٌحبل به من أسرار وحكم ورإى متباٌنة .كما نؤمل أن ٌجد القارئ الكرٌم فً ما قدمناه من اقتراح منهجً وتحلٌلً ،فائدة ومتعة فً آن .وله أن ٌتجاوز عنا ضٌق ذات الزمن فً اإلمساك بباقً التجارب الشعرٌة المغربٌة األخرى ،وهً كثٌرة ومتنوعة ،ع ّل المستقبل ٌسعفنا قلٌال فً استكمال الطموح باالقتراب منها أكثر ،فً بعدٌها اإلنسانً واإلبداعً .كما له أٌضا أن ٌتؤمل وجهة نظرنا وٌقابلها ،إن شاء ،بالتعدٌل أو االقتراح أو االختالف ،على أن االختالف فً الرأي أو المنهج ال ٌفسد للود قصٌدة... أحمد زنٌبر سال ،مارس 2012
كتاب اإلنرتنت املغاربة إصدارات جملة إحتادPage 4
سؤال الذات يف القصيدة املغربية احلديثة شهدت القصٌدة المعاصرة تحوالت هامة ،مست جوانب الشكل كما اخترقت مجاالت المضمون .تحوالت قادت القصٌدة نحو عوالم جدٌدة راهنت على الحاضر والمستقبل ،فً آن ،دون أن تفرط فً مكتسبات الشعرٌة العربٌة القدٌمة .فالشاعر المعاصر ،ظل منشغبل بسؤال اإلبداع باحثا فً ما ٌجدد الحٌاة وٌفك ألغازها؛ بل ماضٌا قدما فً سبٌل تحرٌر اإلنسان من كل جمود أو ركود. ولعل أبرز مظهر من مظاهر الفن ،الذي ٌضمن للقصٌدة توهجها وانتشارها بٌن ٌدي القارئ /القراء ،قدرة الذات الشاعرة على تحوٌل مظاهر الحٌاة وقضاٌا الوجود إلى لغة إٌحائٌة ورمزٌة ،تتوسل باألخٌلة والصور والمجازات ،واستنادها إلى المعانً الممتدة والمفتوحة على االحتماالت الممكنة والبلممكنة أٌضا. فالذات الشاعرة ،وهً تواصل نشاطها الطبعً مع أو ضد الواقع ،من جهة وأناها من جهة ثانٌة ،تقدم تجربتها من زواٌا نظر مختلفة قابلة للقراءة والتأوٌل ،سواء تعلق األمر بهذه التجربة بوصفها حالة وجودٌة ،أم باعتبارها مشروعا جمالٌا .ولنا فً كثٌر من المنجزات الشعرٌة ،التً خطها ٌراع الشعراء المغاربة ،على اختبلف مشاربهم وتباٌن مذاهبهم الفنٌة ،ما ٌدعم هذا المسعى اإلبداعً ،حٌث تحضر الذات تارة كسؤال شعري وجمالً ،وتارة أخرى كمكون أساس ومصدر ،من بٌن مصادر أخرى ،ال غنى عنه فً بناء النص الشعري ،وضبط إٌقاعه ومضمونه. وبقدر ما تحمل هذه الذات من نظرات وأحاسٌس وأخٌلة ومواجهات مختلفة إزاء العالم والحٌاة ،بقدر ما ٌطفو ذلك على سطح القصٌدة ،إن تلمٌحا أو تصرٌحا .فالذات
كتاب اإلنرتنت املغاربة إصدارات جملة إحتادPage 1
حاضرة بقوة الشعر بحكم ارتباطها بالشاعر ،من ناحٌة ،وبحكم تأثٌرها المباشر وغٌر المباشر ،فً بناء الفكرة وتمرٌر الرسالة ،من ناحٌة ثانٌة. فكٌف تبدى سؤال الذات فً القصٌدة المغربٌة المعاصرة؟ وكٌف تسنى للشاعر أن ٌعبر ،بواسطة اللغة والمجاز وعناصر أخرى مصاحبة ،عن محٌطه ومجتمعه وما حولهما، وأن ٌصور ما بالدواخل من هواجس وهموم ورغبات ،فردٌة كانت أم جماعٌة؟ وماذا عن اختٌاراته ومرجعٌاته وتوظٌفاته ،إن على مستوى الشكل أو المضمون؟ ثم هل ٌمكن الحدٌث عن خصوصٌة شعرٌة تمٌز هذا الشاعر عن ذاك؟... أسئلة وأخرى تحاول هذه المقاربة أن تحٌط ببعض جوانبها المختلفة. -1الذات بين الوجود والعدم تسعفنا كثٌر من العناوٌن التً اختارها الشعراء المغاربة لمجامٌعهم الشعرٌة ،فً استخبلص الدالالت الكبرى لعمق التجربة لدٌهم ومدى صلتها بالذات اإلنسانٌة ،إذ تحضر هذه األخٌرة كصوت فاعل ،حقٌقً ورمزي ،فً ذات اآلن .صوت ٌؤثث فضاء المعنى وٌمرر الخطاب ،بغٌر قلٌل من الجرأة واإلصرار والبوح والمواجهة .كما ٌحرص على إبراز ما للحواس ،نطقا ورؤٌة ولمسا وغٌرها ،من دور رئٌس فً رد االعتبار للذات وتأكٌد هوٌتها. نذكر من هذه العناوٌن المختارة" :بملء الصوت" إلدرٌس الملٌانً" ،كً أدرك أنحائً" لسعٌد ٌاسفٌ" ،د ال تسمعنً" لنجٌب خداري" ،لٌتنً أعمى" لمحمد بنطلحة، "أحفر بئرا فً سمائً" لمحمد الصالحً" ،هذا جناه الشعر علً" لعبد السبلم الموساوي، "ولً فٌها عناكب أخرى" لطه عدنان" ،لً جذر فً الهواء" لوداد بنموسى" ،لن أوبخ أخطائً" لمحمد بوجبٌري ،مدٌن للصدفة" لجمال الموساوي" ،أنظر وأكتفً بالنظر" لعبد الرحٌم الخصار ...وغٌرها من العناوٌن المغرٌة والمفضٌة إلى ذات النتٌجة ،ناهٌك عما ٌتخلل النصوص الحاضنة لها من أفق مشترك ٌموضع الذات بٌن الوجود والعدم.
كتاب اإلنرتنت املغاربة إصدارات جملة إحتادPage 2
وفً هذا السٌاق ،المنشغل بقضاٌا الكٌنونة ،حٌث تتماهى الذات بالظل ،ال نعدم أن نجد الشاعر دائم البحث والسؤال عما ٌبرر وجوده فً زمن بارد وكثٌر التقلبٌ .قول محمد بنطلحة: على الورق، ُ هزمت ُ وانهزمت ذهب وفً الحقٌقة ،لم أكن أنا من َ إلى آخر األرض لم أكن أنا صاحب الجبروت وإنما ظلً1. ومع اتساع دائرة الظبلل تتسع الحٌرة والسؤال ،وتصبح الذات فً حٌرة من أمرها تنتصر حٌنا وتنهزم حٌنا آخر؛ وٌظل جو االرتباك مسٌطرا والبحث عن مخرج أمرا مبررا لمواجهة الوجودٌ .قول عبد الكرٌم الطبال مسائبل شبح الهواء وهو ٌقتاد الذات اإلنسانٌة حٌث ٌشاء: ٌا أٌها الهواء ماذا تقول أنت فٌك ٌا شبحا تشرب من أحداقنا تأكل من أعضائنا تمشً بنا ونحن ال نشاء2. -1محمد بنطلحة .قلٌال أكثر .ص .10دار الثقافة .البٌضاء2007 .
كتاب اإلنرتنت املغاربة إصدارات جملة إحتادPage 3
ومن ثمة ،ال غرابة أن نصادف ،من حٌن آلخر ،تغٌرا فً نبرة الشاعر تتقوى بقوة الذات نفسها ،حٌن تعلن هذه األخٌرة ،عن رفضها لكل قٌد حقٌقً أو محتملٌ ،عٌق تحركها وانطبلقها .نبرة قد تجد فً القطٌعة مع الماضً البلٌد ،الذي ال ٌتجدد وال ٌقبل التجدٌد ،أعز ما ٌطلب ،أو تجد فً طرح السؤال مبلذا للبحث وطرٌقا للكشف المبكر عن الحقٌقة الهاربة. ٌقول مصطفى الشلٌح: واسألوه :أمن الدهشة تنساب األمالٌد دواوٌن من الشعر أملتها أراجٌح الرٌاح أم هو الشاعر ٌجتاب غٌابا ،والمقالٌد مزٌج من رواء والتٌاح؟ اسألوه3.. ومع االنشداد إلى الماضً أو االنفصال عنه ،تبقى الرغبة فً الحٌاة ،مواجهة ومجابهة ،من أهم ما ٌبرر ذلك القلق الوجودي .فترى الذات تسارع إلى المبادرة واثقة الخطى راضٌة مطمئنة إلى ما تشتهً ،حبا وحرٌةٌ .قول نجٌب خداري: كم أشتهً أن أطلق صوتً عالٌا أبعد من جبال الخوف. كم أشتهً أن أذرف حبً
-2عبد الكرٌم الطبال .أٌها البراق ,ص .26سلٌكً إخوان -طنجة2008 . -3مصطفى الشلٌح .عابر المراٌا .ص .11مطبعة المعارف الجدٌدة .الرباط1998 .
كتاب اإلنرتنت املغاربة إصدارات جملة إحتادPage 4
حتى آخر خفقه. كم أشتهً أن أغرز هذا الجسد فً صحراء ببل ضفاف4. هكذا ،كلما ضاقت األرض بالذات الشاعرة وطوقتها ٌد الحصار ومزقتها رتابة األٌام واللٌالً ،توسلت باللغة والخٌال لتبعث دما جدٌدا فً الحٌاة والمشاعر وتذلل العقبات ولو عبر صور واستعارات تمتزج فٌها الذات بالرغبة فً الرقص والبوح والبهاء .صور وأحاسٌس دفٌنة تفضحها نوعٌة األسالٌب المتوسل بها عند الكتابة ،مثلما نجد فً مقطع لوداد بنموسى ،حٌث أسلوب التمنً حاضر بكل داللته ورمزٌته ،إذ تقول: لو أن شٌئا منً ٌسرج نفسه فً اتجاه اصطخابك لو أن المدٌنة تصعد من ضجرها لتعانق زهو بهائك لو أن دمً هذا البلزودي العابث ٌرقص مأخوذا برعشة مسانك... كنت استأصلت الءاتً وهمهماتً وتوزعت نجوما حٌرى -4نجٌب خداريٌ .د ال تسمعنً .ص .21-20دار الثقافة الرباط2005 .
كتاب اإلنرتنت املغاربة إصدارات جملة إحتادPage 5
على سمائك5... وبهذا المعنى أو ذاك ،تظل الذات مشدودة إلى الحٌاة تنشد العمق اإلنسانً ،متأملة فً الكون مسافرة فً المكان وفً الزمان ،لتحتفً بالظل تارة وبالذاكرة تارة أخرى ،بحثا عن سعادة مرتقبة وكشفا لما بالداخل من أسرار ٌعٌد لهذه الذات تناغمها الكونً وٌعوضها مرارة الضٌاع والفقدانٌ .قول حسن نجمً فً مقطع ٌحفل غنائٌة وحوارٌة بٌن الذات وظلها عبلوة على ما به أٌضا من إٌقاعٌة جسدها التكرار فً األصوات وتبادل فً الضمائر(أنا ،هو ،هً ،نحن): هو ذا ظلً. هو ذا أنا فً ظلً. ٌغنً لً - فأردد غنائً. قد صرت ظله - مذ صار ظلً معا نسقط إن غدرت مدٌة بظلً. معا ننهض إن مرت رصاصة طائشة بٌن حقدها وظلً. وإذا جددت عمري مع من أحب – تصابى ظلً معً. وإذا ما شخت ٌوما مع أعدائً – سٌشٌخ ظلً معً6. وهكذا امتد صوت الشاعر المغربً المعاصر صداحا مفعما باألمل منتصرا للحب والحٌاة والجمال ،فً غٌر ما موضع من إبداعاته وتحلٌقاته الشعرٌة ،نحو ما نجد فً بعض
-5وداد بنموسى .لً جذر فً الهواء .منشورات وزارة الثقافة واالتصال 2001 .ص.29 -6حسن نجمً .على انفراد .منشورات عكاظ 2006 .ص.55-54
كتاب اإلنرتنت املغاربة إصدارات جملة إحتادPage 6
نصوص حسن األمرانً ،وهو ٌتوسل بالطبٌعة وما تمنحه من إمكانٌات البوح والتعبٌر عن الدواخل وتطهٌر النفس من كل خوف أو عجز مباغثٌنٌ ،قول: تعانقنً قطرة الطل عند الصباح تصلً صبلتً الرٌاح تبادلنً الغٌمة الحً وهً تسافر مثقلة باألمانً ترى اكتشفوك؟ ترى عرفوا أنك البدء واالنتهاء؟ وٌعجزنً الكتم ،أعلن فً كبرٌاء "أنا سٌد العاشقٌن"7. -2الذات بين األنا واآلخر الشك أن استفادة الشاعر من الذاكرة ،بما هً تجسٌد للماضً البعٌد والقرٌب أٌضا، كانت حاضرة بكل ثقلها فً نصوص الشعراء المغاربة .فاإلحساس بالوجود وباألنا ظل موازٌا لئلحساس باآلخر ،تفاعبل وانفعاال .فالشاعر مصر عبر وسٌط اللغة على مواجهة الٌومً وفك قٌود العبث واالنتظار ،راسما لنفسه جغرافٌة جدٌدة تخترق الحدود والبٌاض. فهذا إدرٌس الملٌانً ٌرسم لنفسه جغرافٌة جدٌدة تخترق الحدود والبٌاض وتعلن عن استقبللٌة ضاربة فً الزمان والمكانٌ ،قول: سأمضً إلى أطهر منكم خبلٌاي أطردكم من حواسً مسامً عروقً -7حسن األمرانً .الزمان الجدٌد ,دار األمان الرباط .1988 .ص51
كتاب اإلنرتنت املغاربة إصدارات جملة إحتادPage 7
دمائً ومن كل منطقة فً تراب حٌاتً وأغسل منكم ٌدي ولسانً وأضرب كفا بكف وأعلن :حرٌتً لً من اآلن حتى هنا أنا لً رفٌقً أنا وطرٌقً أنا وأنا سالك ومرٌد وشٌخ جلٌل8. وهذا محمد بوجبٌري ،فً ذات السٌاقٌ ،وجه رسالة ذاتٌة للمتلقً ،من خبلل توظٌفه لتقنٌة التكرار بما تمنحه من تأكٌد ولفت انتباه .تكرار ٌوحً بأهمٌة الخطاب الموجه لآلخر وللذات الشاعرة معا ،حٌث ترسم حدود ومعالم الكٌنونة وما تسمح به من عبلقات وصبلت مع العالم وأشٌائهٌ .قول مكرا لفعل األمر "تعلم":. تعلم أن تكون بعٌدا جدا كً ال تئن األشواك. تعلم أن تكون قبلة وإن بمحو الشفاه. تعلم -8إدرٌس الملٌانً .بملء الصوت .مطبعة النجاح الجدٌدة البٌضاء 2005ص.49
كتاب اإلنرتنت املغاربة إصدارات جملة إحتادPage 8
أن تكون الصاعد منك وأنت آلبار والدالء. تعلم أن تنصت حٌن اآلخرون اكتظاظ. تعلم أن تكون9. وبٌن هذا القول أو ذاك ،اجتهد الشاعر فً رسم معالم بعض شخوصه ورصد مواقفه وآرائه إزاء الناس والحٌاة والموت ،فكان حدٌثه عن األصدقاء واألصفٌاء حدٌثا ذا شجون، ٌستحضر خبلله اللحظة الهاربة وٌرسخ جملة من القٌم النبٌلة أو كل ما كان من تشابه بٌن األنا واآلخر فً التصور والقناعة؛ بل وفً الوهم أٌضا .كذلك ،كانت إشاراته عمٌقة إلى األحباء ،األحٌاء منهم واألمواتٌ ،ستعٌد ذكراهم وٌسترجع أفضٌتهم وعوالمهم احتفاء بالمحبة وانتصارا للوفاء ،وذلك من خبلل معجم شعري ٌحتفً باألثر اإلنسانً ،عمقا وصدقا فً اتجاه نصٌن إبداعٌٌن متوازٌٌن ،هما نص الذات الشاعرة ونص الذاكرة. ومن ثمة ٌكرم "األب" شعرٌا وتستدعى صورته بتداعٌاتها المختلفة ،وتكرم "األم" أٌضا وتستحضر صورتها بكامل أناقتها .فعن هذه الصور ،صورة األم مثبل وشخصٌتها الساكنة فً الذات والوجدان ،ال نعدم أمثلة كثٌرة منها ما نعثر علٌه فً قصٌدة لجمال الموساوي حٌن ٌجسد فً مقطع منها ذلك الحوار الدافئ بٌن الذات وبٌن األم تناغمت خٌوطه ومفاصله تبعا إلٌقاع األنا الشاعرة ،من حٌث الرفض والقبولٌ ،قول: ال ،لٌس تماما ٌا أمً، أن سقف األحبلم ال ٌدرك -9محمد بوجبٌري ,لن أوبخ أخطائً .منشورات اتحاد كتاب المغرب 2006 ,ص166
كتاب اإلنرتنت املغاربة إصدارات جملة إحتادPage 9
لكننً مخطئ أدعً أن الحٌاة صغٌرة إلى حد البشاعة وأن العالم شدٌد البؤس ومصاب بدوار، بٌنما األمر ،فً النهاٌة، أنكٌ ،ا أمً ،تظنٌن أننً سًء الطبع وأن أحبلمً مسٌجة وأنك تظنٌن ،أٌضا ،أن بٌدي حٌلة شفتً: وأن الكون بٌن َ كن10. وفً مقطع شعري آخر ،تحضر صورة المرأة من جدٌد بكل عنفوانها وكامل أنوثتها ،ولو بعد حٌن ،أي حٌن الموت ٌضرب باألعناق وٌترك األحبة ٌبكون لوعة الفراق. عندها تصبح الكتابة لحظة تارٌخٌة من زمن الذات .لحظة تخص عبلقة الحضور بالغٌاب. تقول وفاء العمرانً فً رثاء حماتها وقد رسمتها صورة بهٌة نقٌة تتحدى الصمت وتقاوم النسٌان: هً منً ما لم تسٌجه تربة أو سماء هً أناقة الروح فً أنتاي وبٌننا ما لم ٌصادره جور بٌننا نسغ األعالً ،شبه منذور ومٌثاقنا األنثوي السري وطرٌق من الجذر إلى ما بعد -10جمال الموساوي .مدٌن للصدفة .مطبعة آنفو برانت فاس 2007 .ص74 إصدارات جملة إحتاد Page كتاب اإلنرتنت املغاربة 10
سماوات اللحود تسربل عبقها بأرض عمري كأنها لم ترحل عنهم إال ففًّي 11... ومثلما تستحضر الذات الشاعرة صورة اآلخر ،ذكرا وأنثى ،فً صورها اإلنسانٌة والرمزٌة ،تستحضر أٌضا قلقها الوجودي إزاء التبدالت المثٌرة التً ٌشهدها العالم من حولها ،موطنا وسلوكا وقٌما وأخبلقا ،تنعكس على حٌاتها حزنا وألما واغتراباٌ .قول محمد علً الرباوي عن مدٌنة البٌضاء: ساخت قدماي ،وخلفً األحباب أسنتهم زرق زرقة أنٌاب الدٌجور، تبحث فً حبات الرملة عنً. كٌف أفر منً؟ كٌف تفر البٌضاء من اإلسمنت لتسأل عنً؟ كٌف ٌكون فرار والصحراء احتلت كل جهاتً احتلت كل دروبً؟! 12 -3الذات بين الخصوصية واإلبداع لم تكن الذات الشاعرة ،وهً تستحضر اآلخر اإلنسانً ،بمعزل عن رغبتها فً استقدام اآلخر الشعري لتدخل معه فً حوار إبداعً آخر ٌتماشى والتجربة الراهنة .وهً خبلل ذلك ،تستند إلى حس الشاعر النقدي وثقافته الشعرٌة بما فً ذلك صلته بالموروث العربً القدٌم ،وهو ما ٌسمح فً نهاٌة المطاف ،بالحدٌث عن ببلغة القصٌدة وجمالٌتها ،من
-11وفاء العمرانً .حٌن ال بٌت ,البوكٌلً للطباعة والنشر والتوزٌع القنٌطرة 2007 .ص83 -12محمد علً الرباوي .قمر أسرٌر.دار النشر الجسور وجدة 2002ص.36 إصدارات جملة إحتاد Page كتاب اإلنرتنت املغاربة 11
خبلل تضمٌنات واقتباسات وإحاالت وغٌرها من مواصفات التناص ،تضٌف إلى المعنى الجدٌد معنى آخر ٌساٌر أو ٌغاٌر رؤٌا الشاعر ورؤٌته الفنٌة. فهذا محمد بودوٌك ٌحٌل ،فً مقطع من قصٌدة ،إلى شخصٌة عربٌة مؤلت الدنٌا وشغلت الناس ،هً شخصٌة أبً الطٌب المتنبً ،إحالة بها جهد فنً ٌخدم مقصدٌة الشاعر وٌمضً بها فً اتجاه أفق انتظار ٌسمح بتناص مع المعنى السابق ،تولٌدا وتحوٌراٌ .قول: ولك مائدة السماء وسمن الخوابً وما بً سوى حمى المتنبً تقرأ عقابٌل العربان: ٌا أمة ضحكت من جهلها األمم أٌتها النائمة فً بهرة الضوء قومً... رشٌنا بالنجوم أو سٌمٌنا بالقار ..إنا جرب والعبً الحجلة جاء دورك ما جداء دورنا نحن؟13 وهذا عبد السبلم الموساوي ٌستحضر ،بدوره ،شخصٌة أبً العبلء المعري بكل معالمها اإلنسانٌة والشعرٌةٌ ،قلب معانٌه األثٌرة وخرجاته الفلسفٌة المثٌرة وٌحولها لغة ومعنى إلى جو إبداع أكثر انفتاحا ومساءلةٌ ،نتصر للراهن الشعري وللحظة الحاضرة. ٌقول: -13محمد بودوٌك .قرابٌن .منشورات اتحاد كتاب المغرب 2007ص22-21 إصدارات جملة إحتاد Page كتاب اإلنرتنت املغاربة 12
وكم ٌكفً لننسى أن الحب فً المتاحف صبلة وأن التارٌخ الذي اشترٌنا كان أضغاث أفكار فً كف الصائغ المغمور فحرري األخضر واجلدي صدري بأغنٌة فارسٌة كً امشً فً شوارع دمشق حافٌا فً جنازة أبدٌة هل تكتبٌن اآلن على شاهدتً: هذا جناه علٌه الشعر وما جنى على أحد أو تشربٌن قهوة الغفران فً باحة من كلمات؟14 وبٌن هذا وذاكٌ ،ستحضر ٌاسٌن عدنان شخصٌة أجنبٌة ،من األدب األمرٌكً بكل ما تحمله من إٌحاء وإشاراتٌ .قول: األهم هو أن تسحب ثرثرتك من تبلبٌب خفتها إلى فرن الصمت كً تحس الخٌاالت أكثر حرارة فً رأسك ولتفهم بالضبط -14عبد السالم المساوي .هذا جناه الشعر علً .مطبعة آنفو برانت فاس 2008ص55-54 إصدارات جملة إحتاد Page كتاب اإلنرتنت املغاربة 13
لماذا انتحر همنجواي.
15
والمبلحظ أن خصوصٌة الذات الشاعرة تتقوى كلما غاصت عمٌقا فً جذور الذاكرة والتارٌخ ،أفقٌا أو عمودٌا ،مستلهمة من أفضٌتها الواقعٌة والرمزٌة ،فً آن ،ما ٌؤسس لنص إبداعً جدٌد قابل لتعدد القراءة بما هً حوار وتأوٌل وتفاعل وانفعالٌ .قول ٌحٌى عمارة فً مقطع دال ٌتحسر فٌه على موت الشعراء وهم حزانى بنفس المرارة التً أحسها ،فً سٌاق آخر ذلك الشاعر الجاهلً طرفة بن العبد ،ذات قصٌدة: ما تمناه الشاعر ،اآلن، فً عمر النخٌل ،قد ورد فلتزأر أسود المراد إلى األبد موت الشعراء ،وهم حزانى أشد مضاضة من وقع السٌف المهند16 . وبٌن هذا االستعمال أو ذاك ،تبقى صلة الذات باألنا وباآلخر أمرا مبررا لطبٌعة التعاٌش القائم بٌنها ،لذلك تظل كل الوسائط ممكنة ومسموحا بها لضبط إٌقاع األنا والحرص على ضمان التواصل اإلنسانً واإلبداعً ،فً ذات اآلن .ولنا فً تجارب أمٌنة المرٌنً وأحمد بلحاج أٌة وارهام وصبلح بوسرٌف وأحمد العمراوي ،،وغٌرهم من الشعراء حٌن ٌستقطرون تخٌٌبلت بعض األعبلم الصوفٌة كالحبلج وابن عربً وابن القاضً وابن الفارض ،ومن سار على دربهم ،وٌقدمونها عبر لغة معتقة خاطفة لؤلذهان قبل األبصار ،إذ تتوحد الذوات وٌحل بعضها فً بعض ،وإن عبر ضمائر متعددة بٌن متكلم ومخاطب وغائب .ولعل العودة إلى بعض دواوٌنهم ،قراءة ومتابعة ،تؤكد البعد الفنً والداللً الذي نقصده.
ٌ -15اسٌن عدنان .رصٌف القٌامة .دار التوحٌدي للنشر والتوزٌع .ط 2010/3ص27 ٌ -16حٌى عمارة .فاكهة الغرباء .منتدى رحاب للثقافة والتضامن والتنمٌة 1999ص48 إصدارات جملة إحتاد Page كتاب اإلنرتنت املغاربة 14
ولنجتزئ ،على سبٌل المثال ال الحصر ،مقطعا من قصٌدة ألحمد أٌة وارهام ،حٌث ٌقول: ألجمه النداء قف منشرحا هناك فً األمداء لوال ذاتً لم ٌكن وجودك أنت االسم وأنا المسمى ذاتك لً وذاتً لك17 . أو مقطعا داال لصبلح بوسرٌف ،تتوحد الذات فٌها باآلخر؛ وتحل فٌها من حٌث تدري أو التدريٌ .قول: وحٌن تأخذٌن بطرف من جسدي أو تمدٌن كل أوصالك نحوي تعترٌنً رعشة ال تفتأ تضاعف انفراطً أمحً فٌك وأبدو لو أن ال وجود لً -17أحمد بلحاج آٌة وارهام .حانة الروح .المطبعة والوراقة الوطنٌة مراكش 2007 .ص30 إصدارات جملة إحتاد Page كتاب اإلنرتنت املغاربة 15
إال بك.
18
وعلى سبٌل الختم ،نجتزئ مقطعا آخر ،فً ذات السٌاق ،ألمٌنة المرٌنً ،إذ تقول: أسر إلٌك بكل عٌونً: "أرٌدك" فٌورق فً ربٌعك كً ٌنحنً فً اشتهاء المثول مرٌدك19 . وبهذا المعنى أو ذاك ،تتبدى الذات الشاعرة ،كسؤال ،حرٌصة على انكتابها وانوجادها فً مسعى لتحقٌق خصوصٌتها الجمالٌة ،لغة وتركٌبا وإٌقاعا وداللة؟ -4خالصة تركيبية لقد حرص الشاعر المعاصر ،وهو ٌقدم مادته اإلبداعٌة ،على أن ٌكون وفٌا لذاته الفردٌة والجماعٌة معا ،فً التعبٌر عن الموضوعات التً تقض مضجعه ،وفً التعبٌر عما ٌطال المجتمع وأفراده ،بما توافر لدٌه من أدوات فنٌة وببلغٌة .فبقدر ما تحمل الذات من نظرات وأحاسٌس وأخٌلة ومواجهات مختلفة إزاء العالم والحٌاة ،بقدر ما ٌطفو ذلك على سطح القصٌدة ،إن تلمٌحا أو تصرٌحا .فالذات حاضرة بقوة الشعر بحكم ارتباطها بالشاعر، من ناحٌة ،وبحكم تأثٌرها المباشر وغٌر المباشر ،فً بناء الفكرة وتمرٌر الرسالة ،من ناحٌة ثانٌة. هكذا ،ونحن نتابع بعض نصوص المتن الشعري المعاصر ،فً تنوعه واختبلفه، بنٌة وداللة ،نعثر على موضوعات دسمة ذات صبلت وثٌقة بمختلف التحوالت التً تشهدها
-18صالح بوسرٌف .شهوات العاشق .منشورات ما بعد الحداثة 2006 .ص73-72 -19أمٌنة المرٌنً .مكاشفات .منشورات حلقة الفكر المغربً فاس 2008 .ص55 إصدارات جملة إحتاد Page كتاب اإلنرتنت املغاربة 16
الذات اإلنسانٌة ،فً ارتباطها باألنا والوجود ،من جهة ،كما نعثر على إحاالت وفٌرة ترصد صور التعاٌش والتقاطع بٌنها وبٌن اآلخر ،من جهة ثانٌة.
إصدارات جملة إحتاد Page كتاب اإلنرتنت املغاربة 17
مجال املوساوي وتعددية الواحد
قراءة يف ديوان (مدين للصدفة) بعد تجربته األولى ،التً منحت المشهد الثقافً بالمغرب ،دٌوانا شعرٌا جمٌال وأصٌال حمل عنوانا رامزا هو" :كتاب الظل"ٌ ،واصل الشاعر جمال الموساوي مسٌرته اإلبداعٌة وٌهدٌنا ،مجموعة شعرٌة ثانٌة ،سماها "مدٌن للصدفة" .1وفً ذلك تأكٌد منه أن القول الشعري مجال كتابة قابلة للتجدٌد والتحٌٌن باستمرار ،كلما توافرت لها شروط اإلبداع ولم تنفصل عن تجربة الموت والحٌاة. تضم المجموعة ،المذكورة ،ثمانٌة وعشرٌن نصا ،تفاوتت عناوٌنها بٌن اللفظة الواحدة والجملة وشبه الجملة ،وتنوعت موضوعاتها ومضامٌنها بحسب سٌاقها ومقامها الشعري .وهً مجموعة ترسم لنفسها أفقا مغاٌرا؛ لكنها جاءت مخلصة لجذورها الشعرٌة ترسخ بعدها التخٌٌلً الذي تبنته فً البداٌة ،دون أن تفرط فً عناصر اإلمتاع والمؤانسة. فماذا عن هذه المجموعة ؟ وما القضاٌا التً تطرق بابها ؟ وبالتالً ،ما الجدٌد الذي تضٌفه فنٌا إلى رصٌد الشاعر ؟.. -1مدين للصدفة .جمال الموساوي .مطبعة آنفو-برايت2007 .
كتاب اإلنرتنت املغاربة إصدارات جملة إحتادPage 1
ال شك أن أول ما ٌطالعنا ،فً هذا العمل ،هو العنوان الذي اختاره الشاعر جمال الموساوي عتبة لنصوصه "مدٌن للصدفة" .فعن أٌة صدفة أو مصادفة باألحرى ٌتحدث ؟ وما أسباب تلك المدٌنٌة ؟ وكٌف تولدت أرقامها وبٌاناتها ؟ٌ .وحً العنوان أعاله ،إذن، باعتراف واضح وصرٌح من الشاعر بقٌمة كل العالمات واإلشارات ،التً تحٌل إلى هاته الصدفة ،فً عالقتها بالذات تارة ،وبالعالم وأشٌائه ،تارة أخرى .إنه اعتراف ٌضمن للشاعر ،بشكل من األشكال ،تحررا نوعٌا وتطهرا فعلٌا من ثقل الدٌن المعلن .اعتراف باللحظة التً تكتشف فٌها الذات ظلها ،بقوة األشٌاء. فهل استطاع الشاعر ،فً هذا المنجز ،رد هذا الدٌن وتبرئة الذمة بأقساطه الشعرٌة؟؟ ذلك ما ترصده بعض مقاطع ومواقف المجموعة. تثٌر نصوص "مدٌن للصدفة" ،كما فً المجموعة السابقة ،موضوعات متعددة ذات صالت وشٌجة بمختلف التحوالت التً تشهدها الذات اإلنسانٌة ،فً ارتباطها بالعالم وباآلخر من حولها .ومن ثمة ،كان السؤال :من أنا؟ من أكون؟ أحد األسئلة الجوهرٌة ،التً شكلت اإلٌقاع الخفً والجلً ،فً آن ،لتجربة الشاعر الجدٌدةٌ .قول جمال الموساوي: كن كما أشتهً غامضا كغد ذي قرنٌن. واضحا كما ال أحب أن أكون. ال تكن أغنٌة لطلل وال وترا فً عود قدٌم.
2
وبٌن حرفً الكاف والنون (كن) مراوحة بٌن الوجود والعدم ،بٌن الرتابة والرغبة فً التجدد .وما البحث عن الشبٌه ،الذي ال نجده أو نخاف أن نجده ،سوى هروب من أسر المعتاد وانفالت رمزي ،عبر اللغة وانزٌاح المعنى ،فً اتجاه عوالم معتمة تغرف من حٌاة لن تكتمل ٌوما. -2مدين للصدفة ص 20
كتاب اإلنرتنت املغاربة إصدارات جملة إحتادPage 2
وفً الوقت الذي تحضر فٌه أنا الذات الشاعرة ،تحضر معها الحواس ،بأنواعها الحسٌة والحركٌة ،فتضغط بكامل قوتها ،سلبا وإٌجابا ،كً تفرز لحظة من لحظات الغواٌة وتطلق العنان قوال باللسان والوجدان ،حٌنها تمأل العٌن دفء كلمات تبحث عن شبٌهها فً المرآةٌ .قول الشاعر: لم ٌركِ أحد غٌر أن دفتر الوقت كان ٌصغً لوشوشة الفجر كان كلما أٌقظته نسمة فر إلى داخله.
3
هنا ،وفً هذا السٌاق ،سٌاق البوح والبحث عن المعنى ،لم ٌكن للذات الشاعرة مفر للتعبٌر عن هواجسها ،حصارا وحوارا ،والكشف عن مٌوالتها ،اختٌارا واضطرارا ،كً تمرر قلقها الوجودي وترسم لنفسها مسارات بال حدود ،حٌث ٌلتقً الواقعً بالمتخٌل، وٌتداخل الموت والخلود .فالقلق والٌأس والعزلة والضٌاع وما سوى ذلك ،محطات شعرٌة توقف عندها الشاعر ،ملٌا احتجاجا ضد البٌاض وضد القٌود وضد اآلخرٌن ،طغاة وغزاة، مما ٌشً بحزن إنسانً عمٌق ٌتأرجح بٌن الحلم والٌقظة وبٌن االستقرار واالرتحال فً اتجاه الضوء ونور الصباحٌ .قول جمال الموساوي: فً صباح المدٌنة المتعب -3مدين للصدفة ص 55-54
كتاب اإلنرتنت املغاربة إصدارات جملة إحتادPage 3
الحكمة لٌست ضالتً. والموسٌقى التً ال أحب طرٌق أخرى ،بال أي عالمة ،نحو جحٌمً ...أراكم ورائً أٌها اآلخرون تعدون المنافً ،وتشنقون الفكرة فً رأسً أراكم تسرقون فً الغفلة رؤى من منبذي. أراكم تنسجون سٌرة اللٌل من قمٌص العزلة الذي ٌجلل متوقد الدهشة فً عٌنًّي ... فً العٌنٌٌن اللتٌن تعٌدان فً العتمة تشكٌل العالم.
4
ومع ذكر اللٌل ،بظالمه وأوهامه ،تزداد وساوس الذات وتكثر مخاوفها؛ غٌر أن اإلصرار والرغبة فً التصدي والمقاومة ،تجعلها مستعدة ،فً أٌة لحظة ،لحشد المزٌد من الطٌن وما ٌكفً من المطر .وما الطبٌعة ،جامدة ومتحركة ،إال واحدة من العوامل المساعدة للشاعر فً ترتٌب األوراق والظفر بالغنٌمةٌ .قول: لذلك أحشد من الطٌن ما ٌكفً، ومن مطر، وأهمس للرٌح أن تمنحنً مهلة كً أرتب حربً على بوابة الخلود -4مدين للصدفة ص 13
كتاب اإلنرتنت املغاربة إصدارات جملة إحتادPage 4
وأبحث عن نصٌبً من الغنٌمة.
5
بهذا المعنى ،إذن ،وبهذا الوجد اللغوي المتناسل المشتعل بٌن ظل وظالم وبٌن كتابة ومحو ،تنشد النصوص الموساوٌة ذلك العمق اإلنسانً ،متأملة فً الذات من بعٌد ولكن عن كثب .إنها نصوص مسافرة فً الزمان وفً المكان ،تحتفً بالذاكرة وباإلنسان .ولعل صورة األم كانت األبهى فً هذا المقامٌ .قول الشاعر: ال ،لٌس تماما ٌا أمً، تظنٌن أننً سًء الطبع إلى هذا الحد وأننً مولع بالهتاف للفراغ وأننً ال أعرف الطرٌق التً ٌنبغً أن تكون طرٌقً، وأننً أسرف للطاعة للظالل وأننً بال شبٌه فً البرٌة.
6
فثمة حوار دافئ بٌن الشاعر وأمه ،بها تمرٌر محبة وتبرٌر موقف ،والمسافة بٌنهما رفٌعة إلى حد التالشً .ولعل عنصر التكرار الذي وظفه الشاعر فً هذه القصٌدة( ،ال، لٌس تماما ٌا أمً) وكذا طابعً الوصف والسرد اللذٌن انتهجهما أكسبا القصٌدة مصداقٌة خاصة ،وأضفى علٌها طابعا من الرقة والوداعة .فالمقاطع تناسلت وتوالدت تبعا إلٌقاع الذات بٌن رفضها وقبولها ،وبٌن إحساسها باالختناق ورغبتها فً االنعتاقٌ .قول: كٌف أصدق أننً قاس إلى هذا الحد وأننً سًء الطبع ،تماما ،كما تظنٌن وأننً مسرف فً العصٌان
-5مدين للصدفة ص 12-11 -6مدين للصدفة ص 70
كتاب اإلنرتنت املغاربة إصدارات جملة إحتادPage 5
وفً الطاعة لظالل غامضة، وأننً ال أقوى على رؤٌة السقف الذي وضعته ألحالمً، التً لم تكن سوى أحالمك.
7
ولم ٌفت الشاعر ،فً هذه المجموعة ،وهو ٌحاور الذات وظاللها المتعددة الواحدة، أن ٌستند إلى مرجعٌات كثٌرة منها التارٌخٌة والبٌئٌة والدٌنٌة وكذا الفنٌةٌ ،ؤثث بها مجال البحث والسؤال وٌجمل بها فضاء الصور والخٌال .فالطبٌعة حاضرة عبر ألفاظ األرض والهواء والتراب والبحر واألشجار واألزهار والفراشات والشمس والضوء والمساء ،،مما هو مبثوث فً ثناٌا النصوص .والقرآن حاضر أٌضا ،من خالل إحالة اقتضاها السٌاق، ممثلة فً قوله: الحسنات ٌذهبن السٌئات فً مٌزان اإلله. الخطأ .فً مٌزان البشرٌ ،جب ما قبله من الحسنات.
8
أما التارٌخ ،فمرتبط بتدبٌر اللحظة الراهنة وتحرٌر الذاكرة ،حٌث ٌستحضر الشاعر رموزا شعرٌة (محمود دروٌش ،عبد السالم الموساوي )..استعذبت الحرف وداعبت اللفظ، فهٌأ لها ما ٌشبه المحاورة والتضمٌن تارة ،واالستدعاء والرثاء ،تارة أخرىٌ .قول عن صدٌقه الراحل الشاعر المعتصم العلوي: كٌف تشرق الشمس؟ القلب على العتبات
-7مدين للصدفة ص 73 -8مدين للصدفة ص 50
كتاب اإلنرتنت املغاربة إصدارات جملة إحتادPage 6
األبواب لم أجدها على مرمى حجر ،كما ٌقال، األشباح فقط تهدهد الكون وتشعل بالحنٌن؛ هذا الوجه لك. وجهً فً المرآة أم وجهك؟
9
إن استعمال الشاعر ألسلوب االستفهام ،فً هذا المقطع ،وألسالٌب األمر والتمنً والطلب ،فً غٌر ما موقعٌ ،نضاف إلى باقً العناصر الفنٌة األخرى ،التً ارتضاها حلٌة لنصوصه ،كالتكرار والتجنٌس والحوار وحسن التخلص ،قصد االرتقاء بشكل القصٌدة إلى جانب االعتناء بالمضمون .عالوة على ذلك ،تجد الشاعر ٌعتمد ،فً ما ٌعتمد من تقنٌات أسلوبٌة وبالغٌة ،على السرد المنساب ،حٌنا ،وعلى المقاطع الشذرٌة القصٌرة ،حٌنا آخر، كأنها توقٌعات سرٌعة تتوسل بالمجاز واالستعارة ،كما فً قوله: بأوهام غامضة تدعى األحالم ٌشتعل السرٌر فً لٌل الكالم.
10
ومن ثمة ،حٌن ٌتوحد اللفظ والمعنى ٌتولد انسجام ظاهر ٌغذي اللحظة الشعرٌة، وٌجعلها أكثر انفتاحا على التأوٌل واالحتمالٌ .قول: الظالل أشجار مٌتة
-9مدين للصدفة ص 41 -10مدين للصدفة ص 63
كتاب اإلنرتنت املغاربة إصدارات جملة إحتادPage 7
أشباح تتبع الشمس إلى بٌت الغروب.
11
لتبقى الظالل ،أخٌرا ،ظالل الذات الشاعرة ،فً تجلٌاتها المختلفة ،موزعة عبر نصوص المجموعة متأرجحة بٌن الطفولة والرشد وبٌن الحركة والسكون .ظالل تروم المحو والعبور إلى ظالل أخرى أبعد مما نتصور ،حٌث التنوع والتعدد؛ لكنها تظل ظالال بطعم واحد مشدود إلى الالمرئً والالنهائً. هكذا ،تكون نصوص جمال الموساوي ،فً دٌوان "مدٌن للصدفة" دفقات شعرٌة تنساب كماء زالل تنثر أسئلة الذات واألشٌاء برقة الكلمات .أسئلة وجودٌة وتأمالت فلسفٌة ومعان صوفٌة تتحرر من كل قٌد خارجً إال من قٌد الزمان والمكان ،لتصبح الصدفة/ المصادفة ،بذلك ،منطلقا ومنتهى ،سببا ونتٌجة ،فً ذات اآلن.
-11مدين للصدفة ص 76
كتاب اإلنرتنت املغاربة إصدارات جملة إحتادPage 8
حسن جنمي ومديح العزلة
قراءة يف ديوان (على انفراد) تعد تجربة الشاعر حسن نجمً من التجارب الرائدة والعمٌقة ،التً تإثث فضاء المشهد الشعري المعاصر بالمغرب ،اعتبارا من أول إصدار شعري له تحت عنوان "لك اإلمارة أٌتها الخزامى" الصادر سنة ،1982مرورا بتجارب موالٌة منها" :سقط سهوا" ،1990و"الرٌاح البنٌة" ،1993و"حٌاة صغٌرة" ،1995وصوال إلى جدٌده من قبٌل ":المستحمات" 2002و"على انفراد" .2006وهً أعمال إبداعٌة فرٌدة الفتة لالنتباه ،تنم عن عمق فكري ووعً جمالً ،بما للكتابة من قدرة على التعبٌر وابتكار المعانً ومن قدرة على تشكٌل الصور وتجدٌد معالم الحٌاة ،عبر اللغة والكلمات. ولعل المتؤمل فً أعماله الشعرٌة ،واجد ال محالة أثر الذات الشاعرة فً استقبال العالم واإلنصات لألنا فً عالقتها باآلخر ،تفاعال وانفعاال ،وفً عالقتها باألشٌاء من حولها ،اتصاال وانفصاالٌ .قول الشاعر ،فً هذا السٌاق: لٌس لً شكك
كتاب اإلنرتنت املغاربة إصدارات جملة إحتادPage 1
وأقول :إنً مثلك أشك فً أشٌاء نفسً فً الخطوة
وفً الهواء 1 وألن القصٌدة عالم مفتوح على الممكن والمحتمل والمجهول أٌضا ،حٌث ترسم معالمها ومالمحها وفق ما ترتضٌه من انزٌاحات خاصة ،ال تتوافق بالضرورة وانزٌاحات الذات الشاعرة؛ فإن االنقٌاد والخضوع إلٌها ٌصبح أمرا واردا ٌجعل الشاعر مسكونا بها وبهمها ،منكتبا من خاللها ومرددا سإاله القلق" :إلى أٌن ستؤخذنً القصٌدة القادمة؟"
،2
لٌصٌر الشاعر والقصٌدة ،فً نهاٌة المطاف ،ظلٌن لجسد إبداعً واحد. وتبعا لذلك ،ال غرابة أن نجد الشاعر حسن نجمً فً دٌوانه ما قبل األخٌر الموسوم بـ"على انفراد" ٌرصد بعض المالمح التً تإكد الصلة بٌن الذات الشاعرة وظلها ،من جهة وبٌن الذات الشاعرة ومحٌطها ،من جهة ثانٌة .فلماذا هذه العزلة؟ وما حاجة الذات إلى االختالء؟ هل هً حكمة األنبٌاء؟.. تبدو الذات الشاعرة ،على امتداد أكثر من ستٌن قصٌدة توزعت على أربع محطات هً :امتثاالت /مراٌا /تارٌخ اللٌل /دفتر الشذرات ،مزهوة باآلخر منتصرة لقٌم النبل والوفاء ،ال تملك غٌر التؤمل فً السٌر واستحضار الذاكرة ،كمعبر للبرور واالمتثال .سٌر تجسدت فً استدعاء رموز وشخصٌات وازنة ،حٌة كانت أم مٌتة ،مغربٌة أم غٌر مغربٌة، من قبٌل ٌونج وبورخٌس ودروٌش وشكري وأدونٌس وسعدي ٌوسف وآخرون ممن سُكنوا بسإال الشعر وسإال الذات ،ال لشًء سوى لتجسٌد محبة هإالء ورغبة فً اإلنصات إلى تارٌخهم ومعاٌنة بعض تفاصٌل حٌاتهم ،ومن ثمة الوقوف عند آثارهم األدبٌة والفنٌة بما
-1حياة صغيرة ص 58 -2المستحمات ص 131
كتاب اإلنرتنت املغاربة إصدارات جملة إحتادPage 2
هً حٌاة متجددة باستمرار تجاوز الموت وتقاوم النسٌانٌ .قول الشاعر فً قصٌدة (بورخٌس) أول قصٌدة من الدٌوان: لست أقل عمى منك ومثلك أعرف كٌف أسدد خطوي ومع أن عٌنً لٌستا مٌتتٌن تماما مع أن فٌض الضوء وافر -ال أحب أن أرى ما ٌرى. أعمى مثلك -ولست نادما على شًء تركته فً الضوء فقط مثلك حرمت من السواد" . 3 ومثلما ٌحضر بورخٌس بكل ثقله الرمزي واإلنسانً ،وفً أوضاع مختلفة وأسٌقة متباٌنة تنم عن امتثال روحً لهذه الشخصٌة ،تحضر أسماء أخرى ٌبادلها الشاعر نفس المودة والصداقةٌ .قول فً موضع آخر: " ..وفً لحظة العبور إلى مقاعد االنتظار تذكرتك :مساء الخٌر رٌتسوس كنت قرأتك .وتقرٌبا ،كنت بال شعر فغمرنً ضوإك" . 4 ولعل هذا االنجذاب إلى هذه الشخصٌة أو تلك والتماهً معها دونما تطابق تام ،لٌعد حافزا من بٌن حوافز أخرى ،نحو اكتشاف سر الذات الشاعرة وهً تروم مدٌح العزلة واالنفراد وتفضل تمجٌد العمى والسواد .فالقصٌدة وهً ترفع صمتها عالٌا ،قادرة على الفعل والتواصل ،والذات وهً تتكئ على نفسها ،قادرة على اختراق الحدود واختزال الزمن فً كلمات تتشكل عبرها القصٌدة مثل لوحة فنٌة تحضر فٌها األلوان وتلتحم .إنها العزلة فً بعدها اإلٌجابً ،حٌث السكٌنة والطمؤنٌنةٌ .قول الشاعر: "متكئا على العشب فً دعة ،فكرت فً قصٌدتً قلت سؤجعل الشاعر رساما فً ورشة الصباغاتٌ .خلط المواد.
-3على انفراد ص 13 -4على انفراد ص 21
كتاب اإلنرتنت املغاربة إصدارات جملة إحتادPage 3
وٌركب العناصر اللونٌة األولى. 5 ".. ولم ٌكن االحتفاء بالسٌر اإلنسانٌة ،فً هذا الدٌوان ،بعٌدا عن االحتفاء بالمكان، كفضاء لالحتواء واالحتماء ،داخله تعبر حاالت ومشاهد وتفاصٌل حٌاة ،تعكس بصورة من الصور ،قلق اإلنسان فً مساره الٌومً ودرجة وعٌه بسإال كٌنونته ووجوده .هكذا تحضر سال والرباط وسطات وتحضر المقاهً واألنهار ومحطات القطار ،تحضر تونس وتحضر أمكنة أخرى ،هنا وهناك ،تختزل لحظات شعرٌة وإنسانٌة منفلتة من ضجٌج العالم ،تمكن الذات من اإلنصات إلى ذاتها واإلنصات إلى اآلخر على انفرادٌ .قول حسن نجمً فً نص (بائعة الخبز): "..ثم تزوجت رجال منحدرا من الصحراء (لعله أحبها هو أكثر) فؤصبح أبا لشقٌقً ...وأبا لً .وقد ترمل حٌن فاض الكبد بالماء وماتت .ومنذ ماتت -كؤن لم تكن هناك امرأة تبٌع الخبز فً "بن حمد" .وقد كبرت ..وصار باإلمكان أن أرد بعض دٌن .ولكنها ماتت -تٌتمت -فً طرٌق العودة إلى ذكرى غٌابها -قصٌدتً. 6 ". ولما كان المكان مشدودا إلى فضاء الزمان ضرورة ،فقد خص الشاعر حسن نجمً كبٌر العناٌة لفضاء اللٌل ،كمكون زمنً ،فً عالقته بالذات الشاعرة ،حٌث ألمح ،فً مواضع مختلفة ،إلى تداعٌاته وإٌحاءاته الكثٌرة ،انسجاما مع أفكاره السابقة عن العزلة والسواد والعمى ،محاوال بذلك رصد سٌرة اللٌل الحافلة باألسرار والمفاجآتٌ .قول: "هل تذكرٌن نهاراتنا كم كانت تعبرنا غٌر عابئة؟ وكم كنا جدٌرٌن بلٌالٌنا واللٌل- ذلك اللٌل الصغٌر الودود الحبٌب- كم كنا نهربه تحت الجلد
-5على انفراد ص 19 -6على انفراد ص 44
كتاب اإلنرتنت املغاربة إصدارات جملة إحتادPage 4
هل كان ٌستحق كل تلك الظلمة؟" 7 وألن الشعر عند حسن نجمً مساحة للتعبٌر الحر عن الذات واألهواء وفسحة للتؤمل فً الكون واإلنسان عبر المتابعة والنقد والمحاورة؛ فإن دٌوانه "على انفراد" ٌؤخذنا إلى عوالمه الخاصة والمشتركة ،من خالل استحضار الذاكرة واستدعاء جملة من المرجعٌات المعرفٌة والفكرٌة المختلفة ،كالفلسفة والتشكٌل والموسٌقى وغٌرهاٌ .نتقل بنا من لغة العٌن إلى لغة الجسد .تلك اللغة التً تكشف عن تجربة وعً إنسانً وجمالً ٌراهنان على تجدٌد الرإى واألسالٌب باستمرار .فمع كل قصٌدة جدٌدة ٌسافر بنا الشاعر من موضوع إلى موضوع ،من عالم المرئً المباشر إلى عالم التصوٌر والشكٌل ،من عالم الواقعً إلى عوالم المتخٌل .ومن ثمة ،تكتسً الصور الشعرٌة المبثوثة فً الدٌوان حركٌة خاصة ،من خالل ما توافر من استعارة ومجاز وتشبٌه وغٌره تعمٌقا للداللة وتوسٌعا لدائرة القراءة والتؤوٌل. ٌقول الشاعر: "الغصون تالعب صوت الرٌح وورق الشجر مراٌا تضًء الوجوه ٌمر الغٌم فٌغٌر الظ َّلل- والنفس َ وأنا هنا فً الشرفة أنتظر حبٌبتً" . 8 لقد تعددت موضوعات الدٌوان ،بحسب انفعاالت الشاعر بٌن الذاتً والموضوعً، حزنا وفرحا .كما تنوعت طرق التعبٌر تبعا لمقصدٌته ،ومنها ذلك المنحى السردي الذي طبع بعض النصوص حٌث عناصر السرد حاضرة بقوة ،تعكسها صور الحكً وتوالً الجمل وتعاقب األحداث والمشاهد ،دون إغفال دور الشخصٌات والمكان والزمان فً تشكٌل -7على انفراد ص 98-97 -8على انفراد ص 84
كتاب اإلنرتنت املغاربة إصدارات جملة إحتادPage 5
وتشكل النص .وهو ما ٌعكس ثقافة الشاعر ومرجعٌاته المختلفة ،وٌمكن اإلحالة إلى بعض النصوص ،على سبٌل المثال ال الحصر ،منها نص (صورته فً المرآة..فً حانة الظهٌرة) ،9ونص (اإلحساس بالموت) 10ومنها (باختصار شدٌد عنها) ، 11وما شابه ذلك مما ٌالمس قصٌدة النثر ،فً بعدها التعبٌري والجمالً. كما كانت الشذرات ،المثبتة بالمحطة الرابعة واألخٌرة من الدٌوان ،كاختٌار فنً مخالف لما سبق ،عبارة عن مواقف وحكم خاطفة وسرٌعة ،تقول المختصر المفٌد ،مثلما نجد فً قوله: "التوابٌت تمر علٌنا كل ٌوم صرنا ندفِن األرض التً شاخت" 12أو فً قوله: "الٌوم -فكك الطفل اللعبة كان ٌرٌد أن ٌعرف كٌف تم تركٌبها" . 13 ولعل فً ذلك حرص شدٌد على إبداعٌة اللغة عبر تطوٌع المعجم وتروٌض األسالٌب بما ٌتناسب وانفعاالت الذات وبما ٌتماشى ولحظة الكتابة ،كإبداع وممارسةٌ .قول فً آخر نص: "صوت فً الغرفة أسمع أذنً صوت قصٌدتً األخٌرة ...
أصبحت أتهٌب من كلماتً" 14
-9على انفراد ص 70 -10على انفراد ص 75 -11على انفراد ص 45 -12على انفراد ص 112 -13على انفراد ص 118 -14على انفراد ص 126
كتاب اإلنرتنت املغاربة إصدارات جملة إحتادPage 6
ٌتضح مما سبق ،أن الشاعر حسن نجمً ،فً دٌوانه "على انفراد" ٌكشف ،من جدٌد ،عن غنى منجزه الشعري ومدى إبداعٌته ،التً تستمد حضورها من التارٌخ والطفولة والذاكرة ومن تفاصٌل الٌومً والمعاش .إنها تجربة هادئة تتؤمل فٌه الذات الشاعرة ذاتها، وتحاور ماضٌها وحاضرها ،على انفراد ،تقودها أسئلة مركزٌة منها سإال الشعر وسإال الهوٌة .فهل ما زلنا نحتاج إلى مزٌد من العزلة واالنفراد ،كً نرمم بعض جراحاتنا الكثٌرة ونمأل بٌاضاتنا الغزٌرة؟ ذاك سإال..
كتاب اإلنرتنت املغاربة إصدارات جملة إحتادPage 7
صالح الوديع وماء الشعر واحلياة
قراءة يف جتربته الشعرية ٌا قلب من تهوى ؼدا واللٌل قائم ٌا قلب حاذر أن تطوقك الجماجم ٌا صاحبً سترى ٌقٌنك نازفا فوق الجباه سترى جبٌنك متربا حتما تراه واصل معً
ال زال بالقلب شًء ٌستحق االنتباه 1 هكذا صدح الشاعر صالح الودٌع ذات قصٌدة منتصرا للكلمة الحرة ،منجذبا لإلٌقاع والصور العمٌقة .كان مخلصا لمبادئه الوطنٌة ٌؽرؾ من بحر المعٌش الٌومً وٌنحت من
-1ما زال بالقلب شيء يستحق االنتباه .مطبعة النجاح الجديدة .البيضاء .1988 .ص25
كتاب اإلنرتنت املغاربة إصدارات جملة إحتادPage 1
صخر التحدي والمقاومة وجها آخر لألمل والمستقبل .أنصت لنبض الشارع وورث عن أبٌه التشبث بالقٌم النبٌلة والنضال من أجل الطبقة الكادحة من المجتمع. فً دٌوانٌه األول جراح الصدر العاري 1985والثانً ال زال بالقلب شًء ٌستحق االنتباه 1988لم ٌتنازل الشاعر صالح الودٌع ،وهو اآلتً من ساللة الشعراء ،قٌد أنملة عن قول الحقٌقة والجهر بالحق .حمل هم الوطن وهم اإلنسان معا ،وتجرع مرارة البحث عن بدٌل ممكن لمؽرب أجمل؛ ؼٌر أن واقع المرحلة األلٌم كان أكبر من أحالمه وآماله ،فقد تصٌده جالدوه وأوفوه نصٌبه من التعذٌب والتنكٌل مرؼمٌن إٌاه ،ومن سار على دربه من الوطنٌٌن األوفٌاء ،على الصمت والخنوع .كانت قصائده األولى تلتقط اإلشارات الهارب َة والعابر َة ،على حد سواء ،فٌما الذات الشاعرة مثقلة بالحزن والمرارة ،ترصد الجرح الساكن فً األعماق وتعلن أن ثمن االنتماء للمدى باهض جداٌ .قول: لكم أنقب عنك بٌن مقابر الموتىٌ ،ا من تدافع عن روحنا منا ولكم أطالع عبثا تالحقك البوارج فً انتشارك والمدافع باهض ثمن انتمائك للمدى
ٌا سٌدي جٌل بشارع 2 وحٌن تتداعى األسئلة الوجودٌة حول الذات والهوٌة والحٌاة وتقض مضجع الشاعر، تمتزج األحالم عنده ،بالٌأس تارة وباآلالم تارة أخر ،عبر لؽة كثٌفة شفافة ،لكنها حارقة وصاعقة تناسب اللحظة الراهنة ،بما هً حضور وتجربة .لؽة مضٌئة وملٌئة باالستعارات الكبرى تمجد األلم وترقص الفقدانٌ .قول: ماذا نقول لشعبنا؟ -2ما زال بالقلب شيء يستحق االنتباه .ص68
كتاب اإلنرتنت املغاربة إصدارات جملة إحتادPage 2
ماذا نقول لمن تشفهم المظالم؟ أنقول إن العسؾ لعنة ابن آدم؟ أنقول إن القهر مهنة كل حاكم؟ أنقول إن لنا خٌارا أن نكون لبعضنا فً بؤسنا، أو نكون صدى لظالم؟ ال بد من حلم جمٌل ٌا أخً ال بد من حلم جمٌل ال بد من حلم ٌعبئنا، ولو خسئ الدلٌل
ال بد من حلم جمٌل3 فمنذ ما ٌجاوز العشرٌن سنة والشاعر ٌمسك بجمر الكتابة وٌنحت من صخر العبارة وجعا إنسانٌا تناثرت أشالؤه ألفاظا وكلمات تنصت لنبض الشارع وتدافع عن القٌم النبٌلة وتؤمن بالنضال من أجل الطبقة الكادحة من المجتمع .ورؼم االنتكاسات المتوالٌة واإلحباطات المتكررة ،ظل محبا للحٌاة وعاشقا للوطن فً سائر دواوٌنه الشعرٌة حٌث تجلت أشكال وصور تمسكه بالشعر أداة لقول الحقٌقة والجهر بالحق .ومن ثمة ؼدت الكتابة الشعرٌة ضرورة ملحة ،للتفكٌر والتعبٌر والتطهٌر .كتابة حٌة متوهجة تختزل لحظات القلق والتوتر النفسً وتكشؾ فداحة ما ٌجريٌ .قول فً آخر قصٌدة من دٌوانه األول: ِّ َّ والممزق الممزق كفى أٌها األمل كفى! لن أكون لك امتدادا أو أَ ََتون ال ،بل أكون حتى ولو كان احتراقً فً لهٌبك حصتً... -3ما زال بالقلب شيء يستحق االنتباه .ص92
كتاب اإلنرتنت املغاربة إصدارات جملة إحتادPage 3
حتى ولو كان الجنون.
4
وحٌن تتداعى األسئلة الوجودٌة حول الذات والهوٌة والحٌاة وتقض مضجع الشاعر، تمتزج األحالم عنده ،باألمل تارة وبالمتاعب والمصاعب تارة أخر ،عبر لؽة كثٌفة شفافة، لكنها حارقة وصاعقة تناسب اللحظة الراهنة ،بما هً حضور وتجربة .لؽة مضٌئة وملٌئة باالستعارات الكبرى تمجد األلم وتراقص الفقدان وتنشد األحالمٌ .قول: ماذا نقول لشعبنا؟ ماذا نقول لمن تشفهم المظالم؟ أنقول إن العسؾ لعنة ابن آدم؟ أنقول إن القهر مهنة كل حاكم؟ أنقول إن لنا خٌارا أن نكون لبعضنا فً بؤسنا، أو نكون صدى لظالم؟ ال بد من حلم جمٌل ٌا أخً ال بد من حلم جمٌل
5
لقد كان لسٌاق المرحلة التارٌخٌة التً عرفها مؽرب السبعٌنٌات والثمانٌنٌات ،تأثٌر بالػ ودامػ فً إخصاب المشهد الثقافً عبر ُكتابه وشعرائه .والشاعر صالح الودٌع لم ٌشذ عن هذه القاعدة ،فتجربة السجن واالعتقال لدٌه بأوجهها وتداعٌاتها المختلفة ،كانت حاضرة بقوة فً شعره ،من خالل معجم طافح بالخٌبة والهزٌمة والفجٌعة (الحزن ،النار ،القهر، الرماد ،الجرح ،الفراغ ،السقوط ،االؼتٌال ،الٌتم ،الؽربة ،الظمأ ،الحرٌق .)،،وهو معجم جٌل بكامل رأى فً النضال والمقاومة السبٌل الوحٌد السترداد الكرامة والحرٌة اإلنسانٌة.
-4جراح الصدر العالي .مطبعة النجاح الجديدة .البيضاء .الطبعة الثانية. 2002 .ص106 -5جراح الصدر العالي .ص92
كتاب اإلنرتنت املغاربة إصدارات جملة إحتادPage 4
لقد راهن صالح الودٌع فً أشعاره على التؽٌٌر والتجدٌد من خالل االحتجاج واللوم والعتابٌ .قول: ال تسألونً هل أضعت رُواء روحً خلؾ أعمدة العذاب ال تسألونً ،فالقلب آلة كبرٌاء ال تسألونً عن صحتً ب عن صحة األحبا ِ عن ُن ُدب السراب فلهذه األشٌا ِء وقت
ولهذه األشٌا ِء مسطرة ٌلطفها العتاب 6 وعلى هذا المنوال تمضً قصائد الودٌع معاتبة حٌنا ومصرة على الفضح وتعرٌة الواقع ،حٌنا آخر ،رؼبة فً تجاوزه وتقوٌم اعوجاجاته ،فحب الوطن من حب الحٌاةٌ .قول عن تلك التً سقطت عارٌة من شرفة فً القاهرة وماتت: سمٌرة ودعت بلدا وودعها وقصت من ضفٌرتها وباعت بعض عفتها مقابل لٌلة للنفط والبٌ ِد لم ٌبق فً بلد العروبة سٌد إال ووشحها على الردفٌن والجٌ ِد ذهبت... ولم تشفع لرقتها
بطاقات التعاوٌذ7... -6جراح الصدر العالي .ص48
كتاب اإلنرتنت املغاربة إصدارات جملة إحتادPage 5
وللتارٌخ والذكرى واصل الودٌع ،عبر الشعر ،تسجٌل كل ما جرى داخل المعتقل، تلمٌحا وتصرٌحا ،مقدما رؤٌته للعالم وللعالقة بٌن األنا واآلخر ،وتكفً قصٌدته الطوٌلة تازممرت شاهدا ،حٌث ٌستحضر الذاكرة وٌستدعً األحداث والوقائع المخجلةٌ .قول فً مقطع منها: أمشً الهوٌنى ٌا لٌ َل تازممرت الرهٌب هً ذي إذن َ فز ٌع ٌؽطً فً المعابر هكذا دهلٌز خوؾٌ هكذا سرداب موت قد ترسّب فً تجاوٌؾ الجبال َ هً ذي إذن أخدو ُد موتى لم تجؾَّ دماؤهم والقً ُء مندلق على أفواههم
والمؽربُ المنسً مقبرة كبٌرة 8 وألن الشعر ورطة ولعنة جمٌلة ،تظل الروح بحاجة دوما إلى مثٌلها فً الكتابة، ترى من خاللها صورتها الشعرٌة من زواٌا نظر متعددة .فالطبٌعة بنوعٌها الحً والجامد والحواس الخمس فً ارتباطها بالجسد ،واستحضار الزمان والمكان واستدعاء األشخاص الحقٌقٌٌن والرمزٌٌن ،فً آن ،عناصر وؼٌرها كانت حاضرة بالقوة وبالفعل ،من أجل تأثٌث ً ضاربة فً التخٌٌل واإلبداع ،تراهن على المقاومة أفضٌة القصٌدة ومنحها انزٌاحات جدٌد ًة والحضور واالستمرارٌ ،قول فً قصٌدة: ٌا صاحبً -7جراح الصدر العالي .ص106 -8قصيدة تازممرت .مطبعة النجاح الجديدة .البيضاء .2002 .ص 17-16
كتاب اإلنرتنت املغاربة إصدارات جملة إحتادPage 6
سترى ٌقٌنك نازفا فوق الجباه سترى جبٌنك متربا حتما تراه واصل معً ال زال بالقلب شًء ٌستحق االنتباه 9 وها هو الٌوم ٌطالعنا بدٌوان جدٌد "لئال تنثرها الرٌح" إصرارا منه على الماء ،ماء الشعر ماء الحٌاة .دٌوان شعري مختلؾ عما نظمه فً السابقٌ ،حبل بكثٌر من المواقؾ الجدٌدة والتأمالت البعٌدة .فعبر خمس عشرة قصٌدة ،تفاوتت عناوٌنها بٌن الكلمة المفردة والمركبة ،وتباٌنت موضوعاتها بٌن الطول والقصر ،وتماٌزت رسائلها بناء وداللةٌ ،قدم الشاعر صالح الودٌع تجربته الراهنة فً عالقته باستعادة الزمان ،من جهة وباستحضار المكان ،من جهة أخرى .وبٌن هذا االختٌار أو ذاك ،تنبري الذات الشاعرة ،بتداعٌاتها المختلفة ،لتعزؾ لحن التمرد والمقاومة دفعا للصمت والنسٌانٌ .قول فً قصٌدته المطولة (قطار): أال ٌتوقؾ القطارْ حتى ال أتوقؾ عن الكتابة ... أن أستمر فً الكتابة حتى ال ٌتوقؾ القطار ... أن أستمر فً الكتابة حتى أستمر -9ما زال بالقلب شيء يستحق االنتباه .ص25
كتاب اإلنرتنت املغاربة إصدارات جملة إحتادPage 7
فً الحٌاة 10 وألن الشعر حٌاةٌ ،راوح الودٌع فً موضوعاته بٌن الٌأس والتفاؤل ،وبٌن الشك والٌقٌن ،وبٌن البوح والصمت ،دون أن ٌتوانى لحظة ،كما السابق ،فً االحتفاء باإلنسان واألشٌاء والوطن .تراه ٌنتقً عباراته وجملَه الشعرٌة بعناٌة بالؽة ،تستند تارة ،إلى ما فً التخٌٌل واالستعارات القرٌبة منها والبعٌدة ،من قدرة على التأثٌر فً المتلقً عبر عملٌتً الفهم واإلفهام ،بتعبٌر الجرجانً .كما تستند ،تارة ،إلى تقنٌات تعبٌرٌة مثل التكرار والترادؾ والتوازي ،ومختلؾ األسالٌب اإلنشائٌة من أمر ونهً وتعجب واستفهام وتمنً ونداء ،دونما الحدٌث عن تالعب بالضمائر بٌن متكلم ومخاطب وؼائب ،تارة أخرٌ .قول صالح فً بعض شذراته من قصٌدة "أنت": أنت ٌا من تعٌد العصفور الفزعْ لعشه المبعثر تذكر أنك عصفور فً كؾ اإلله. أنت ٌا من ٌعصرك الحزن حتى البكاء ال تنس دموع الفرح حٌن ٌبدو لك الكون ..فجأة طوع ٌدٌك. أنت ٌا من ستدرك اإلٌمان أترك فً قلبك معبرا للسؤال. أنت ٌا من ستكتب الرسائل ضع بٌن اللهفة والحنٌن بعضا من أشعاري!11 ...
-10لئال تنثرها الريح .دار الثقافة للنشر والتوزيع .البيضاء .2010 .ص 71 -11لئال تنثرها الريح .ص
كتاب اإلنرتنت املغاربة إصدارات جملة إحتادPage 8
"لئال تنثرها الرٌح" إذن ،مساحة شعرٌة باذخة ومستودع للفكر والتأمل واإلبداع. نصوص تجسد وعٌا واضحا بتناقضات الذات والمجتمع ،تزاوج بٌن المحاورة والوصؾ والسخرٌة ،كما تحرص على ضبط اإلٌقاع بما ٌتناسب والدفقة الشعورٌةٌ ،قول فً نص مكثؾ قصٌدة وضع قصدا على ظهر الؽالؾ: ُ انسربت إذا ما على خد ربً دموعا سخٌه ُ اقتفٌت إذا ما وراء الشرود حروؾ الوصٌه فال تحسبوا الدمع اإللهً ماء وملحا هو الوجد درب الفؤا ِد
إلى األبدٌه 12 وكما تحضر الذات والطبٌعة والطفولة ،فً الدٌوان ،تحضر المرأة أٌضا ،فً صور الفتة متعددة ،كفضاء للتعبٌر والبوح والمناجاةٌ .قول فً قصٌدة "عهد": أقول لها ٌا حبٌبة ُ حٌن أؼازلها، أنا على راحتٌك َفراش خجول إذا ما تؽطى بموجة شعرك -12لئال تنثرها الريح .ص 183
كتاب اإلنرتنت املغاربة إصدارات جملة إحتادPage 9
أرخى جناحا ونام فهل تسمعٌن إلى شفة القلب حٌن ٌقول؟ أال فاعشقٌنً ،تماما كأرجوحة ...تحاور بٌن الصعود
وبٌن النزول 13 وإذا كانت معظم القصائد تنتصر للمستقبل واألمل أكثر مما تسكن فً الماضً والشجن ،فالشاعر ٌلمح ،مع ذلك ،إلى ضرورة العناٌة بالذكرٌات ،بما هً جزء من التارٌخ وبما هً لحظة ٌوزمنٌ .قول: أنت ٌا من ُتضجع الموتى أترك بالقبر
شبرا ..للذكرٌات 14 أخٌرا ،تبقى تجربة الشاعر صالح الودٌع ،تجربة جدٌرة بالقراءة واالهتمام بالنظر لما طرحته من قضاٌا ساخنة مٌزت فترة عصٌبة من تارٌخ المؽرب وبما رسمته من تفاصٌل عن الحرمان والمعاناة ،التً عاشها اإلنسان داخل السجون والمعتقالت .ؼٌر أن درب النضال والبناء ال ٌزال طوٌال،،، وتلك ضرورة أخرى.
-13لئال تنثرها الريح .ص 199 -198 -14لئال تنثرها الريح .ص 24 إصدارات جملة إحتاد Page كتاب اإلنرتنت املغاربة 10
عبد الكريم الطبال واملعراج بأجنحة الشعر
قراءة يف ديوان (أيها الرباق) تعود تجربة الشاعر عبد الكرٌم الطبال إلى سنوات خلت من الحفر والتنقٌب فً أسرار القصٌدة ،ومن البحث الدائم فً ما ٌجعل منها لحظة إبداعٌة تنضح بالسحر والجمال. فمنذ دٌوانه البكر "الطرٌق إلى اإلنسان" مرورا بدواوٌنه من قبٌل" :البستان" ،آخر المساء"، "ألواح مائٌة"" ،موال أندلسً" "مرآة تبكً" ووصوال إلى جدٌده الشعري تحت عنوان: "أٌها البراق" ، 1ظل الشاعر وفٌا لمساره اإلبداعًٌ ،داعب الحروف والكلمات وٌرسم منها صورا ومعان خالدات. فماذا عن هذا الدٌوان؟ وما هً موضوعاته؟ وكٌف رسم الشاعر ،من خالله ،رإاه الفكرٌة وأفضٌته التخٌلٌة؟.. ٌتؤلف الدٌوان من ست عشرة قصٌدة ،تباٌنت عناوٌنها بتباٌن الحجم والموضوع ،من جهة ،وتفاوت إٌقاعها بتفاوت الدفقة الشعورٌة ،من جهة ثانٌة .وقد جاءت هذه العناوٌن بالترتٌب اآلتً( :نوافذٌ ،ا أٌها الراعً ،أٌها الهواء ،مالئكة ،عواء ،أحد ٌضحك ،أمام البحر ،البٌت المسحور ،خوف ،صالة إلٌك ،أٌها البراق ،عزلة ،قال طائر اللٌل ،دمعة
-1عبد الكرٌم الطبال .أٌها البراق .دار النشر سلٌكً إخوان .طنجة2007 .
كتاب اإلنرتنت املغاربة إصدارات جملة إحتادPage 1
النهر ،قال األعمى ،ذلك المكان) .وهً عناوٌن متنوعة تعطً صورة أولٌة عن مجمل القضاٌا والموضوعات ،التً ارتآها الشاعر وارتضاها فضاء متخٌالٌ ،روم بصورة أو بؤخرى ،إلى محاورة الذات والعالم .ومن ثمة ،إمكانٌة قراءة النصوص وتؤوٌلها بحسب ما ٌقتضٌه السٌاق الكالمً. "أٌها البراق" عنوان اختاره الشاعر لٌكون الناطق الرسمً باسم الدٌوان وأٌضا لٌختزل مضمون باقً النصوص داخله .إنه العتبة األولى ونص مصغر للنص األكبر، بالتؤكٌد ،على رأي جٌرار جنٌت .وألنه عنوان متضمن داخل العملٌ ،دعونا للتساإل عن مسوغات هذا االختٌار؟ لعل الدخول فً عوالم النصوص ٌقربنا من بعضها. ٌتركب العنوان من جمله تتضمن أسلوب نداء حذفت أداته (ٌا) ،التً تحٌل إلى بعد المسافة بٌن المنادي والمنادى علٌه .وهو نداء خرج عن معناه الحقٌقً ،بما هو طلب اإلقبال واإلتٌان أو التنبٌه إلى معنى آخر ٌفهم من سٌاق الكالم ،وهو هنا الطلب واإلغراء حٌث ٌلفت المتكلم (الشاعر) انتباه المنادى (البراق) إلى حاله وقصدهٌ .قول: ٌا أٌها الحلم العمٌق أٌها البراق اعرج بنا منك إلٌك.
2
فالحالة ظاهرة والمقصد بٌن ،وما على البراق /الحلم سوى االستجابة الرمزٌة لتحقٌق مبتغى الشاعر وهو السفر االفتراضً تلمسا للحقٌقة وكشف األسرار. لقد تنوعت نصوص عبد الكرٌم الطبال ،فً هذه المجموعة ،بٌن ما هو فردي خاص وما هو جماعً عام .تراه ٌتعقب األنا الشاعرة فً تحوالتها الكثٌرة ،بٌن السخط والرضا وبٌن االستكانة والمواجهة .كما ٌتتبع مسار اآلخر فً عالقاته باألنا تارة ،وبالعالم واألشٌاء من حوله ،تارة أخرى .وتبعا لذلك لم ٌكن غرٌبا أن ٌتوسل الشاعر بضمٌر المتكلم (أنا) -2أٌها البراق ص 74
كتاب اإلنرتنت املغاربة إصدارات جملة إحتادPage 2
منفصال كان أم متصال ،للتعبٌر عن أوجاعه وآالمه وآماله وأحالمهٌ .قول الشاعر على لسان طائر اللٌل: أنا هكذا سفر إلى األكوان من بٌتً إلى بٌتً فال تضفر وال توقظ ٌا حاطب اللٌل.
3
وٌقول فً سٌاق آخرٌ ،عبق برٌح الغربة والحاجة إلى اآلخر ،من خالل مناجاة عمٌقة للبحر: سٌدي البحر هات ٌدٌك وحدنا غرباء فً الطرٌق الطوٌل نكلم أعضاءنا وحدها.
4
وإذا كانت القصٌدة تولد من رحم الغربة والمعاناة ،ومن كل اضطراب تحسه الذات، خفٌا كان أم جلٌا؛ فإنها ال تتوانى ،كـ"أنا شاعرة" ،فً ركوب صهوة الحرف حتى تدرك مبتغاها المرئً والالمرئً أٌضا؛ بل وتصور عالقتها بالواقع والٌومً والهامسً ،تناضل ضد الصمت واإلهمال والنسٌان ،وتشرع بالتالً نوافذ لإلغاثة حٌث السكٌنة واألمان .ففً أول نص بعنوان "نوافذ" نلحظ نفسا حماسٌا واضحا ونبرة جلٌة فٌها كثٌر من القوة والعزم،
-3أٌها البراق ص 89 -4أٌها البراق ص 62
كتاب اإلنرتنت املغاربة إصدارات جملة إحتادPage 3
وذلك من خالل تكرار لفعلٌن على التوالً هما( :سؤطل /سؤظل) حتى نهاٌة القصٌدةٌ .قول عبد الكرٌم الطبال: سؤطل وإن كان هذا المساء طوٌال وتلك المصابٌح مطفؤة والضباب كثٌف وال شجر ظاهر أو خفً وال عابر فً الطرٌق سؤظل ألن المراٌا عصاي وزوادتً فً الطرٌق.
5
وألن الشاعر مهووس باألسئلة العمٌقة ،تطفح النصوص بؤدوات االستفهام المختلفة (من ،متى ،كٌف ،ماذا )..وبدالالتها المتنوعة ،فً سعً حثٌث من الشاعر إلٌجاد أجوبة شافٌة وكافٌة تحد من توتر الذات وقلقها الوجودي .ولعل نصا مسعفا مثل "أحد ٌضحك" ٌوضح بجالء ما تحمله تلك الصور والمعانً البعٌدة من عمق الرإٌة والرإٌاٌ .قول الشاعر: غذروف ٌتؤوه والطفل ٌفكر كٌف سٌبكً؟ صفصاف ٌتقصف -5أٌها البراق ص 6-5
كتاب اإلنرتنت املغاربة إصدارات جملة إحتادPage 4
والعصفور ٌفكر كٌف سٌرحل؟ لكن من ٌضحك أهً الرٌح المهووسة برفات الموتى أم هو الماء القابع تحت األحجار؟
6
"أٌها البراق" سفر شعري نحو اآلتً والمستقبل ،ورغبة جامحة لمعانقة المجهول واإلبحار فً ملكوت الروح ،وما من زاد لدى الشاعر غٌر اللغة والخٌال والرسم بالصور. لذلك ترى الشاعر ٌحتفل باللغة أٌما احتفالٌ ،نتقً ألفاظه وعباراته وٌشذب جمله وتعابٌره. لغة راقٌة صافٌة ،تمتح من معٌن التراث حٌنا ومن سلطة الواقع حٌنا ومن الذاكرة والمخٌلة ،أحٌانا أخر .أولٌست اللغة روح القصٌدة ،كما ٌقال؟ وألن اللغة ال تستقٌم إال بوجود المعنى ،والمعنى ال ٌثبت إال بما ٌحمله من موضوعات وصور؛ فإن الشاعر توسل بالطبٌعة وبالحواس ،فً تداعٌاتهما المختلفة ،من خالل معجم رحب حٌث السماء والبحر واللٌل والعٌن والسمع والرٌح والماء والحجر والطٌر والحٌوان ..وما إلٌها ،كً ٌرسم لوحات فنٌة تعٌد للقصٌدة برٌقها. وإذ تحضر الطبٌعة ،بشكل الفت فً الدٌوان ،فباعتبارها وسٌلة ال غاٌة .فما رسمه الشاعر من معان كالخوف والحلم والموت واأللم والغموض والسفر وغٌرها ،كان بلغة الطبٌعة .ولٌس غرٌبا أن ٌصرح الشاعر نفسه ذات حوار بؤن الطبٌعة هً اللغة وهً القصٌدةٌ .قول فً نص (دمعة النهر): -6أٌها البراق ص 42-41
كتاب اإلنرتنت املغاربة إصدارات جملة إحتادPage 5
سحابة المساء تحط رحلها آخرة الطرٌق لٌل وما مضى كان دما على األشجار وكان غرقا فً البحر.
7
وفً سٌاق آخر ،تحضر األفكار كما تحضر الرموز واألبعاد الفلسفٌة ،تدعونا للتؤمل وإمعان النظر فً خلفٌاتها ومرجعٌاتهاٌ .قول فً آخر مقطع من نص (قال األعمى): قال لً: األعمى من ال ٌشهد فً القٌثار صالة العشب من ال ٌبصر فً البحر مكتبة الطٌر من ال ٌنظر فً الرٌح أجنحة الحلم.
8
وبالحلم ٌهتدي الشاعر .وبالحلم ٌرتقً .وما استحضار "البراق" فً هذا الدٌوان إال رمز لسفر افتراضً بحثا عن عمق األشٌاء وسر الوجود وجوهر الحقٌقة. وإلى جانب كل هذا ،لم ٌغفل الشاعر حرصه الشدٌد على نغمٌة نصوصه ،بما وفر وهٌؤ لها من إمكانٌات إٌقاعٌة كثٌرة ،جسدت ،بشكل وبآخر ،ذلك التوازن المطلوب بٌن
-7أٌها البراق ص 93 -8أٌها البراق ص 106
كتاب اإلنرتنت املغاربة إصدارات جملة إحتادPage 6
الفكر والوجدان والموسٌقى .توظٌفات إٌقاعٌة ،مختلفة ومتنوعة ،انسجمت وإٌقاع الحٌاة المعاصرة ،وانصهرت وحركٌة الذات الشاعرة ،فً تفاعلها وانفعالها بالعالم الجدٌد. إن دٌوان الشاعر عبد الكرٌم الطبال "أٌها البراق" ٌستحق أكثر من قراءة ،لما توافر فٌه من جهد فكري ومن جهد إبداعً واضحٌن ،حقق للنص شاعرٌته وجمالٌته. فٌا لٌت البراق ٌسعف الشاعر ثانٌة ،كً ٌكتب قصٌدته التً لم تنكتب بعد.. وتلك أمنٌة.
كتاب اإلنرتنت املغاربة إصدارات جملة إحتادPage 7
حممد بوجبريي وأخطاء بسعة الشعر
قراءة يف ديوان (لن أوبخ أخطائي) لعل أبرز مظهر من مظاهر الفن ،الذي ٌضمن للقصٌدة توهجها وانتشارها بٌن ٌدي القارئ /القراءٌ ،تجلى فً قدرة الشاعر على تحوٌل مظاهر الحٌاة وقضاٌا الوجود إلى لغة إٌحابٌة ورمزٌة ،تتوسل باألخٌلة والصور والمجازات ،وتلجؤ إلى المعانً الممتدة والمفتوحة على االحتماالت الممكنة والالممكنة أٌضا. فً هذا األفق اإلبداعً ،الذي ٌمنح للشاعر حق االحتفاء بوجوده وكٌنونته ،فنٌا وإنسانٌاٌ ،طالعنا محمد بوجبٌري بدٌوان شعري جدٌد اختار له عنوانا مابزا والفتا هو" :لن أوبخ أخطابً" 1بعد دٌوانه األول الموسوم بـ "عارٌا ..أحضنك أٌها الطٌن" الصادر عام ،1989حٌث المسافة الزمنٌة التً تفصل بٌن العملٌن قد جاوزت الخمس عشرة سنة .إنها مسافة عمرٌة جد محترمة ،حظٌت دونما شك ،بالتؤمل والبحث والتنقٌب فً مسالك الشعر
-1لن أوبخ أخطابً .محمد بوجبٌري .منشورات اتحاد كتاب المغرب2006 .
كتاب اإلنرتنت املغاربة إصدارات جملة إحتادPage 1
ومجاهله ،وتم اإلنصات خاللها إلى الذات ،مساءلة ومحاسبة .كما عرفت طرٌقها إلى جس نبض العالم ،فً انقباضه وانشراحه. ٌضم الدٌوان المذكور" ،لن أوبخ أخطابً" ،خمسا وعشرٌن قصٌدة ،تباٌنت موضوعاتها وطرابق توزٌعها على صفحات البٌاض ،تبعا لتباٌن تجربة الشاعر ومقصدٌاته الفنٌة .كما تنوعت عناوٌن نصوصها .فمن المفردة الواحدة ،نحو( :عتبة /أوان /تعلم /وشاح/ عزلتان /خٌبات /أرواح /مراٌا ،)..إلى المفردتٌن( :وادي الحروف /منافً الرتابة /لعنة المجًء /صخب األمنٌات /غلة العدم ،)..إلى الجملة ،االسمٌة منها والفعلٌة ،مثلما نجد فً: (حجاب هذا الصمت /سنروض الكارثة /سرٌعا ..أغٌب النهار /لن أوبخ أخطابً .)..وهو تنوٌع وتوسٌع للداللة التً تختزلها القصٌدة ،كمادة جمالٌة ٌتمظهر فٌها ،بصورة أو بؤخرى، ذلك الوعً الشعري لدى صاحبها. وهكذا نكون أمام دٌوان حافل بالقضاٌا المنفتحة على عوالم مختلفة ،تشمل الذات والوجود واإلنسان ،وترصد مجاالت موضوعاتٌة متنوعة .فماذا عن هذا المنجز الشعري الجدٌد؟ وما هً رسالته الفنٌة واإلنسانٌة؟ وبؤي المعاٌٌر الجمالٌة توسل الشاعر لٌصل إلى فهم وذابقة المتلقً؟ - 1في داللة العهوان: ٌمثل العنوان ،كما هو معلوم فً المجال النقدي ،إحدى العتبات النصٌة التً تفضً إلى العالم الداخلً للعمل الفنً .وللشعراء مذاهب ومشارب متعددة فً اختٌار عناوٌنهم ،فإما أن تكون موجهة للقارئ وإما مضللة له ،بحسب القصد والغاٌة من ذلك .غٌر أنه حرصا على التواصل تجد الشاعر منهم ٌنتقً بعناٌة كبرى عنوانا ما ،من بٌن عناوٌن عدةٌ ،راه جدٌرا بتمثٌل محتوى منجزه اإلبداعً ،سواء من خارج العناوٌن المتضمنة فً العمل أو من داخلها ،كما نجد عند محمد بوجبٌري مثال .فـ "لن أوبخ أخطابً" هو عنوان النص الثالث ضمن المجموعة ،وهو من فاز بالقدح المعلى فً تمثٌلٌة الدٌوان.
كتاب اإلنرتنت املغاربة إصدارات جملة إحتادPage 2
ٌتؤلف العنوان المنتقى من جملة تتركب من حرف وفعل واسم ،وهً المكونات الثالث التً تمٌز الكلمة فً النحو العربً ،وتحٌل بشكل ما إلى ما بٌنها من عالقات االتصال أو االنفصال حٌن تصفٌف التراكٌب والجمل وتؤلٌف المعانً والصور. "لن أوبخ أخطابً" جملة صارخة صادرة عن ذات إنسانٌة ،وإن اعترفت ضمنٌا باقتراف األخطاء أو الوقوع فً فخاخها ،لسبب من األسباب ذات فعل ،متعمد أو غٌر متعمد ربما ،فمن باب اإلصرار على ممارسة الحق فً الحٌاة والخطؤ .ألٌس آدم أول الخطابٌن؟ "لن أوبخ أخطابً" قناعة ذات ال تخجل من االعتراف .إنها ذات تكابر وال تهادن. تنظر إلى الخطؤ كحق إنسانً مشروع ،وقٌمة رمزٌة بها ٌعرف الصواب وبها ٌقوم الخلل، خلل الذات والعالم معا .لذلك ،تمردا على الصمت وعلى الموت ،تصدر أنا الشاعر قرارها الحاسم بصرف العقوبة تماما ،تؤنٌبا أو توبٌخا ،من قاومس الغبطة ومحوها من دابرة الرعشة األولى .وقد تم ذلك باستعمال أداة النفً (لن) التً ال تجحد إال المستقبل وحده، حسب وظٌفتها النحوٌة .ومن ثمة تسمح هذه الذات لنفسها ،وقد صارت ،فً ذات الوقت، خصما وحكما ،بمزاولة الحٌاة وفق إرادتها الخاصة ،حٌث التغنً باللٌل واألفضٌة واألصدقاء وهلم فٌضا ،دونما شعور بالنقص أو إحساس بالذنبٌ .قول الشاعر: لن أواظب إال على خللً، لن أوبخ أخطابً. وكل دمعة خانت آن لها أن تعود لمآقٌها. لن أمحو فً الدرب الضال خرابط التٌه، والوجه الواحد ال ٌوطن المرآة. لن أواظب
كتاب اإلنرتنت املغاربة إصدارات جملة إحتادPage 3
إال على غبطتً.
2
هكذاٌ ،عكس العنوان ،وفق ما سبق ،نظرة مختلفة إلى الحٌاة الواقعٌة واالفتراضٌة، فً ذات اآلن ،ودعوة صرٌحة إلى تمجٌد الذات الشاعرة /الفاعلة ،فً اختٌاراتها وجرأتها على النقد والتؤمل واالقتراح والمبادرة والسخرٌة والمحاسبة .لكن هل كل الذوات قادرة على تفعٌل هذا الخطاب؟ أم ثمة ما ٌحبط العزٌمة وٌثبط اإلرادة .ذاك سإال؟؟ - 2في القيمة المهيمهة: تشغل الذات الشاعرة حٌزا مهما ،فً هذا الدٌوان ،وتحضر بحسب السٌاق والمقام، ضمن تجلٌات مختلفة ،تتخذ من بعض اإلشارات الدالة ومن جملة تلوٌحات نفسٌة واجتماعٌة ،معبرا فنٌا لها .كما تستقً شعرٌتها مما تفرزه مسارات تفاعالتها مع ذاتها من جهة ،ومع اآلخر من جهة ثانٌة ،ومع العالم من جهة ثالثة. وقصد استجالء مواطن الضعف والقوة فً كٌفٌة تدبٌر الذات لشإونها ونوعٌة تبرٌر سلوكها ،حٌال األشٌاء واألخطاء من حولهاٌ ،عرض الشاعر لموقفٌن مختلفٌن ،لكنهما متالزمان كوجهً العملة الواحدةٌ ،شكالن أفقا مشتركا واحدا لهذه الذات. أ -الوجه األولٌ :قتفً الشاعر ،فً هذا المنحى ،أثر الذات اإلنسانٌة وعوالمها ،من خالل رصد عالقاتها بالعالم وأشٌابه ،طموحا وآماال ورغبات وأحالما .فالذات غارقة فً بحر لجً من المتاعب والمصاعب ،تشكو األلم والغربة وتعانً مرارة الفقد والوحدة .فال الذكرى مسعفة وال الحضور مكتمل وال الصواب راجح ،إثرها تفقد الذات توازنها وترحل ظالل المساء وتغتال الصباحات وتشهر العزلة سٌفها وتهرب المعانً من عقالهاٌ ...قول الشاعر فً قصٌدة (حجاب هذا الصب): كشف المحب عن عثرة التحاب. كشفت أنثى الغصات -2لن أوبخ أخطابً ص 22
كتاب اإلنرتنت املغاربة إصدارات جملة إحتادPage 4
عن حمى الغٌاب. لم ٌجدا فً وحشة العالم غابة وال ظال.
3
وٌقول فً نفس المعنى ،من قصٌدة (منافً الرتابة): وحٌدا.. ووبٌدا ٌرتطم الصواب. كان قبلة سعت أن تكون مشاعة وحٌن تجلت..... واحدا واحدا خانتهم الشفاه.
4
هكذا ٌتعقب الشاعر محمد بوجبٌري ،فً هذه األمثلة وغٌرها ،من خالل لغة تمتح من حقول الغربة والحٌرة والضٌاع والفراغ ،أنٌن الذات اإلنسانٌة ،فردا كانت أم جماعة، وٌترصد حنٌنها إلى مرافا آمنة تزٌل عنها مذلة الوهن والضعف والهوان .لكن ،هٌهات ما دامت الخٌبات لها بالمرصاد ،أٌنما حلت أو ارتحلت .إنه التشظً واالنشطار ،بمعناهما الواسع ،حٌن ٌإثثان رداءة العالم وٌجمالن عطالته وٌسدان بٌاضاته ،كما الحلم المزٌف واألمنٌات الهاربة واألسبلة العالقةٌ .قول الشاعر فً قصٌدة (خٌبات): لن أجن إال بً، وعلتً، أنا حمٌتها الوحٌدة كان الجبل كما الهواء والباقً شطآنا وكتبانا لنا.
-3لن أوبخ أخطابً ص 57 -4لن أوبخ أخطابً ص 103
كتاب اإلنرتنت املغاربة إصدارات جملة إحتادPage 5
من هرب فً التعاقب والهجرات مساحة العٌن وشساعة الذي كان؟ من هرب النبع والمصب والبحٌرة؟ وكٌف هذا الذي كان سنبلة غدا ورما؟
5
ومن ثمة ،ال سبٌل إلى السرور وال مؤمن عند العبور ،فهذه الذات محكوم علٌها بالتؤرجح بٌن الرفض والقبول ،والتذبذب بٌن األمل فً الوصول والالوصول .غٌر أنه أمام هذا االرتباك الوجودي تواصل الذات بحثها الدإوب عن مخرج ٌعٌد إلٌها التوازن وٌضمن لها االنتشار واالستمرار .لتكشف الذات عن وجهها اآلخر ،وتعلن تمردها واختالفها؛ بل وعصٌانها المدنً والرمزي ،فً نفس اآلن .إنها تمضً باتجاه الضفة األخرى ،حٌث األخطاء بسعة الشعر.. ب -الوجه الثاهي :إذا كان الشاعر قد رسم ،فً المقام السابق ،الوجه السالب للذات اإلنسانٌة؛ فإنه سرعان ما ولى قبلته شطر الوجه اآلخر ،حٌث االحتفاء بقدرة هذه الذات على الصبر والجلد ،من زاوٌة ،وعشقها للحٌاة وإٌمانها بالمستقبل رغم األنواء واألخطاء ،من زاوٌة ثانٌة ،إذ "ال مفر من الذي ال تتوقع .وأنى تقٌم .تسبقك الخطى 6 "..حد تعبٌر الشاعر من قصٌدة (ال أعدكم). ففً هذا المقام االحتفالً تظهر الذات قوٌة ،فً صلتها بالمكان والزمان ،وفً انتشابها بالذاكرة والوجدان .فال النوابب وال الزوابع قادرة على تٌبٌسها أو تبخٌس حقها فً الحٌاة والوجود .إنها تنتشً ،فعال ،بسلطتها الفرٌدة النابعة من صفاء روحها وبالغة إقناعهاٌ .قول الشاعر: ال تحفلً بانشطاري. أنا الشتات السعٌد
-5لن أوبخ أخطابً ص 147 -6لن أوبخ أخطابً ص 153
كتاب اإلنرتنت املغاربة إصدارات جملة إحتادPage 6
وأنا القرٌب البعٌد ال تعببً.. سؤعقم الربات من ربو انتظار ال تكثرتً..
7
وكلما توالت أسبلة الهوٌة والمصٌر ،داخل المتن الشعري ،كلما ارتقت الذات نحو مجد تلٌد تصنعه بؤٌدي العزٌمة واإلرادة ،تارة ،وبعنف المواجهة كرد فعل وازن ومسإول، تارة أخرى .وتلك دعوة رمزٌة واضحة إلى نبذ سلوك السلبٌة والخنوع والخضوع المجانً. لذلك دفعا للخلل ودرءا للعطب ،ثمة من األخطاء ما ٌستحق االنتباه؟ ٌقول محمد بوجبٌري فً قصٌدة (سنروض الكارثة): سٌدتً... لماذا هذا المساء ال نحتفل بإخفاقاتنا المباركة؟ لماذا ال نلوذ بسقف عار من إفك السماء؟ سٌدتً رفقا... سنربت على عطف الهاوٌة. قلٌال ونروض الكارثة.
8
بهذا المعنى إذنٌ ،عٌد الشاعر اكتشاف العالم وٌعقد ،تبعا لقناعته الشعرٌة ،لقاء مغاٌرا مع الحٌاة والطبٌعة واإلنسان ،تروض فٌها الكوارث وترمم بالشفاه آخر القبالت .وما دامت الرغبة فً الحٌاة رهٌنة بتقوٌة الذات وتسلٌحها ضد الجبن واالستكانة والمهادنة؛ فإنه ال مناص من ركوبها األخطار ومزاولتها األخطاء ،ثم منازلتها الواقع الملموس بدءا بدفن
-7لن أوبخ أخطابً ص 157 -8لن أوبخ أخطابً ص 67
كتاب اإلنرتنت املغاربة إصدارات جملة إحتادPage 7
الماضً ،كبضاعة لألنٌن ،واالعتقاد فً االختالف دونما إخالل بعنصر الثقة فً النفس أو إلغاء لدور الحواس أو تخل عن دعم اللغةٌ .قول الشاعر: مإجلة مواعدنا. انهضً! فً تخوم وادي الحروف تجدٌننً. قومً!! تلقٌننً أروض حلمً. أصوغ جملة وأمضً خرافة أو جبة وشساعة.
9
وحٌن تحضر اللغة ٌحضر إثرها الشعر بكل كابناته االفتراضٌة .تستضًء الذات بالرإى واألحالم نافذة إلى األعماق ،بحثا عن نقاء خالص ٌطهرها من خبْث وخبث العالم. ومع كل سفر لغوي شعري ،من الذات إلى الذات ،تستعار خاللها أجنحة الحروف والكلمات ،تورق معها أغصان المعانً وقد روتها بحٌرات الشاعرٌ .قول بوجبٌري فً مقطع شعري منساب على إٌقاعً السرد والوصف الدالٌن: ٌفرغ الشاعر وادي أحالمه فً أوقٌانوس اللغةٌ .حتمً بالحروف وٌجر من وادي األعماق ساقٌة ٌقودها لحافاته وٌغنً شالل كما تورق فً أعالٌها شجرة الكون.
10
- 3في التلوين الفهي:
-9لن أوبخ أخطابً ص 100 -10لن أوبخ أخطابً ص 7
كتاب اإلنرتنت املغاربة إصدارات جملة إحتادPage 8
لم ٌفت الشاعر محمد بوجبٌري ،وهو ٌحصً انتصارات الذات وٌهٌب بحضورها الالفت ،مواجهة ومجابهة ،أن ٌشرك القارئ فً بعض إشاراته وتلمٌحاته الكثٌرة ،وذلك عبر أسالٌب إنشابٌة متنوعة منها األمر واالستفهام والتعجبٌ .قول مثال فً قصٌدة (تعلم): تعلم أن تكون الصاعد منك وأنت اآلبار والدالء. تعلم أن تنصت حٌن اآلخرون اكتظاظ. تعلم أن تكون.
11
أو عبر أسلوب الحوار ونظام التكرار وتنوٌع الضمابر ،أو من خالل ترك البٌاضات ونقط الحذف ،وما شاكلٌ .قول الشاعر: ماذا كان سٌقع لو أعلنا هذا الحب الصارخ-كتمانا-على العالم؟ ماذا كان سٌحدث لو طلقنا ،من غبنه الدفٌن ،كل هذا العرٌن؟ وماذا أٌضا لو مزقنا فً السرٌرة األكفان؟ -11لن أوبخ أخطابً ص 166
كتاب اإلنرتنت املغاربة إصدارات جملة إحتادPage 9
إطالقا ...لن ٌطرأ شًء إنما سٌنتهً التراضً التماشً كً ٌستعٌد الجنون محبا أخطؤ التحاب.
12
وفوق هذا وذاك ،ال ٌمكن إغفال بؤي حال من األحوال ،ما للجوانب البالغٌة، كاالستعارات والمجازات والتشبٌهات ،من دور حاسم فً توصٌل المعنى وترسٌخه ،توسٌعا أو تكثٌفا ،وما لمظاهر البدٌع ،من محسنات لفظٌة ومعنوٌة ،فً تجمٌل التركٌب وتزٌنه. وهً تلوٌنات فنٌة كثٌرة وحاضرة فً الدٌوان بقوة ،تنم عن إدراك ووعً شعرٌٌن خالصٌن ،كما فً المقطع التالً حٌث "كاف التشبٌه" بداللتها الواسعة تظفر بنصٌب األسد. ٌقول بوجبٌري فً قصٌدة (صخب األمنٌات): وجوه كإسفلت العدم، كالسطوح، وكالجدران تحاصرك. كاألقدار فً الساحات العامة، كضجر االنتظار أو كساعات المعتاد المعطلة. وجوه.. كخراب المجًء تحاصرك. ٌحاصرك إنسها الضال. األقدام وحدها أفسدت الطرٌق.
13
-12لن أوبخ أخطابً ص 82-81 -13لن أوبخ أخطابً ص 128 إصدارات جملة إحتاد Page كتاب اإلنرتنت املغاربة 10
كما أن عملٌة تولٌد وتجدٌد عناصر التنغٌم وجمالٌات اإلٌقاع ،المعتمدة والمتعمدة، أضفت على المتن الشعري ،بكٌفٌة أو بؤخرى ،متعة القراءة وانسجام الخطاب. بهكذا تعبٌر وتصوٌرٌ ،كون الشاعر محمد بوجبٌري قد مزج فً دٌوانه "لن أوبخ أخطابً" بٌن الرسالة الشعرٌة كمضمون وبٌن األداء الفنً كشكل .ولعل بسطه الخطاب فً حلة لغوٌة قشٌبة هو ما ٌؤخذ بتالبٌب القارئ نحو التؤوٌل مباشرة ،بعد استكمال الدهشة الجمالٌة. لٌبقى الدٌوان ،أخٌرا ،إضافة نوعٌة للمشهد الثقافً المغربً ،ومكسبا لعشاق الشعر وقرابه ،بما فٌه من جرأة شعرٌة فً الطرح وجودة فنٌة فً الصوغ واألداء.
إصدارات جملة إحتاد Page كتاب اإلنرتنت املغاربة 11
جنيب خداري والبحث عن حاسة سابعة!
قراءة يف ديوان ( يدٌ ال تسمعين) ازدانت المكتبة المغربٌة ،فً اآلونة األخٌرة ،بصـدور مجموعة شعرٌة ،فً طبعة أنٌقة عن دار الثقافة بالدار البٌضاء ،موسومة بعنـوانٌ" :ـد ال تسمعنـً" 1للشاعـر المغربً نجٌب خـداري. وهً مجموعة تضم نصوصا شعرٌة ،كتبت ما بٌن سنتً
2004و ٌ ، 2003بلغ
عددها إحدى وخمسٌن قصٌدة ،تراوحت بٌن الطول والقصر بحسب مقصدٌة الذات الشاعرة ،فً تمرٌر تجربتها اإلنسانٌة ،لحظة الكتابة. ولعل أول ما ٌلفت االنتباه ،فً هذه الباكورة الشعرٌة ،تنوع أسئلتها وموضوعاتها، من جهة ،وتعدد مستوٌاتها التعبٌرٌة ،من جهة ثانٌة .فالذات الشاعرة حاضرة بكل ثقلها ،كما الواقع ،عبر تجلٌاته المختلفة ،حاضر كذلك .ومن ثمة ،نعثر على إحاالت وفٌرة ،ظاهرة
ٌ -1د ال تسمعنً .نجٌب خداري .دار الثقافة .الدار البٌضاء2005 .
كتاب اإلنرتنت املغاربة إصدارات جملة إحتادPage 1
وخفٌة ،تكشف عن بعض صور التعاٌش وأشكال التقاطع بٌن هذه الذات وبٌن مدارات الحٌاة ،تجاذبا وانجذابا. إنها نصوص تتؤمل وجه الذات ،فً صمتها وبوحها ،حٌنا ،كما تقاضً ،عبر وسٌط اللغة شكل الراهن ،فً تعدده وتبدالته ،حٌنا آخر .وبٌن هذا التؤمل وذاك التقاضً ،تإثث التجربة الشعرٌة فضاءها الوجودي من خالل البحث فً القصٌدة عن "الجوهري" من حٌث إن القصٌدة تمثل ،بصورة أو بؤخرى ،وعٌا بالذات ووعٌا بالحٌاة ،فً تعالقهما الحمٌمً، انفعاال وتفاعال. فماذا عن هذه المجموعة الشعرٌة؟ وكٌف تقدم تجربتها كعمل إبداعً؟... إن أول ما ٌطالعنا ،فً هذا العمل ،شكل الدٌوان وإخراجه ،على المستوى الفنً ،وال غرابة فً ذلك ،ما دامت لوحة الغالف قد تكفل بتصمٌمها الفنان التشكٌلً عبد هللا الحرٌري ،الذي عود متلقٌه العزف على إٌقاع اللون فً تشاكالته وانسٌابه ،والحرص على تضمٌن لوحته بهاء الحرف العربً فً زخرفٌته وانزٌاحه. لنجد أنفسنا بعد ذلك ،أمام داللة العنوان الذي اختاره نجٌب خداري لمنجزه الشعري. ولما كان العنوان ،بهذا المعنى ،أول عتبة للدخول إلى عالم/عوالم المتن اإلبداعً ،فإنه غالبا ما ٌقدم صورة ،ولو تقرٌبٌة ،عن مضمون هذا العمل؛ بل إنه ،بتعبٌر الدكتور محمد مفتاحٌ" ،مدنا بزاد ثمٌن لتفكٌك النص ودراسته" .فإذا رجعنا إلى الكلمات التً تشكل تركٌبة العنوان المقترح " ٌـد ال تسمعـنً" ،نجدها تتؤلف من "اسم" و"حرف" و"فعل" ،وهو الثالثً الذي تعرّف به الكلمة فً اللغة العربٌة. كما أن هذا العنوان ٌقودنا رأسا إلى فضاء الحواس ،إذ ثمة حاسة اللمس متضمنة فً كلمة "ٌـد" وحاسة السمع تحٌل مباشرة إلى "األذن" .وبٌن هذه الحاسة وتلك ،حواس أخر تعمل ،فً الخفاء وفً العلن ،على استكمال الصورة اإلطار التً تنبثق عن لحظة التفاعل واالنفعال بٌنها وبٌن الذات الشاعرة.
كتاب اإلنرتنت املغاربة إصدارات جملة إحتادPage 2
لكن أٌة عالقة هنا بٌن الٌد والسمع؟ وما داللتها الرمزٌة؟ كٌف تنشغل أو تشتغل الحواس األخرى؟ وبالتالً ،ما هً جغرافٌة الذات من كل هذا؟.. قد تكون الٌد ،هنا ،رمزا لكائن بشري ٌمتلك حاسة معطوبة ال تستجٌب لدعوته ونداءاته ،أو قد تكون إشارة إلى حالة العقوق والعصٌان ،الذي تمارسه هذه الحواس تجاه صاحبها ،أو قد تكون تلمٌحا إلى ما وراء هذا وذاك. ومع ذلك ،تظل صورة الٌد التً ال تسمع صاحبها استعارة عمٌقة تحتاج إلى فك أسرارها .وهً دعوة مباشرة من الشاعر إلى قارئه المفترض لٌقبل على نصوص هذا الدٌوان بكل حواسه وجوارحه ،قصد استجالء رسالتها الشعرٌة وبالتالً استخبار أبعادها التخٌٌلٌة واإلٌحائٌة. فما الموضوعات المثبتة فً هذه النصوص؟ وإلى أي حد نجحت فً فك حالة الحصار ،التً عاٌشها الشاعر نجٌب خداري ،ردحا من الذات؟.. ٌعزو الشاعر ،فً شهادته األخٌرة الموسومة بـ"حصار المحبة" ،سبب امتناعه أو تؤخره فً نشر أعماله ضمن دٌوان مستقل حتى هذا الوقت ،إلى عاملٌن اثنٌن تمثال فً "الخوف" من الشعر من جهة ،وفً "الحب" الذي ٌكنه لهذا الشعر ذاته ،من جهة ثانٌة. ٌقول نجٌب خداري ،فً هذا النص" :ومن مزٌج الحب والخوف ،تخلقت لدي حال من تهٌب النشر .حال لم تكسبها السنون إال استقرارا ،لتصبح مقاما .هو مقام الهٌبة .لكن أحبة كثرا، قرٌبٌن وبعٌدٌن ،لم ٌستسٌغوا أبدا أن صوتا رافقهم ،منذ أواسط السبعٌنٌات ،لم ٌصدر مجموعة بعد .األحبة قاوموا صمتً .بالمحبة قاوموه .والمحبة صارت حصارا. 2 ". وكؤن الشاعر ،بهذا النص /الخاتمة ٌنتقل بنا من خطاب "المقدمات" ،كشكل أدبً خاص وباعتبار دوره فً توجٌه القراءة وضمان تداولٌة المقروء ،إلى نوع جدٌد قد نسمٌه مرحلٌا ،بـ"خطاب الخواتم" .وهً خطة ذكٌة من صاحبها إذ لم ٌشؤ افتتاح الدٌوان بهذه
ٌ -2د ال تسمعنً ص 125
كتاب اإلنرتنت املغاربة إصدارات جملة إحتادPage 3
اإلضاءة ،حتى ٌترك المجال فسٌحا أمام القارئ فً مباشرة النصوص دونما تشوٌش أو تخطٌط مبٌت... فلوال حصار المحبة إذن ،ما كان الشاعر نجٌب خداري لٌخرج نفسه من شرنقتً الخوف والحب ،وما كان لٌمتع قارئه/قراءه ببعض نصوصه المقترحة ،وإن كانت ال تشمل سوى ما كتبه خالل السنتٌن األخٌرتٌن. وهكذاٌ ،قدم الشاعر نصوصه المختارة تحت عنوانٌن بارزٌن ،األولٌ" :دي على ٌد ال تسمعنً" وٌضم ثمانٌة عشر نصا .والثانً" :الظل ،أشد اشتعاال "..وٌحتضن ثالثة وثالثٌن نصا .والمالحظ أن الشاعر تقصد اختٌار عناوٌن النصوص .فمن حٌث المبنى، تراوح العنوان بٌن الكلمة المفردة والجملة وشبه الجملة ،كما فً النماذج التالٌة :رعشة/ مشهد /حكمة /أكاد أسمٌها /أول الحلم /خلف نافذة الوقت /مملكة الشمس /موسٌقى ..وما إلٌها .أما من حٌث المعنى ،فتحٌل أغلب هذه العناوٌن إلى مجاالت وأفضٌة متنوعة كالطبٌعة والموسٌقى والتارٌخ والوجدان..وغٌرها من المجاالت واإلحاالت. كما تستوقفنا حالة تتمثل فً حجم القصائد المنجزة .فإذا كانت بعض النصوص اتسمت بالطول نسبٌا مثل قصائد" :النزالء"" /دمً ،دمها"" /خٌمة اللوز"" /بٌن ٌدٌك" وغٌرها ،فإن باقً النصوص أو أغلبها تمٌز بالقصر ،حٌث ال ٌتعدى النص الشعري الصفحة الواحدة أو الصفحتٌن .بل إن من هذه القصائد ما صدر فً شكل توقٌعات سرٌعة أو لمحات خاطفة ٌصوبها الشاعر فً اتجاه مرسوم محدد ،كما فً نص (هوٌة) مثال: من عنف الكلمات أتٌنا... من عذاب اللحظة
من ورد الكلمات3 .
ٌ -3د ال تسمعنً ص 35
كتاب اإلنرتنت املغاربة إصدارات جملة إحتادPage 4
أو مثلما نجد فً نص (النهر) مع مالحظة الطرٌقة التً ٌوزع بها الشاعر أبٌاته/أشطره الشعرٌةٌ ،قول: من ٌتجدد فً النهر؟ من ٌمسك موجة
هاربة؟ 4 هكذا ٌمضً نجٌب خداري فً "اقتراف" الشعر عبر مناطق متعددة ،متجاورة ومتنافرة ،فً ذات اآلن ،متوسال بلغة مجازٌة واستعارٌة فً "اختراق" ضفاف القصٌدة. فماذا عن هذا االقتراف؟ وكٌف تجلى ذاك االختراق؟.. تسافر بنا نصوص المجموعة فً رحلة وجودٌة تبحث فً معنى اإلنسان ،من خالل رصد عالقته بالذات والوجدان ،من ناحٌة ،وفً عالقته بالكون واآلخر ،من ناحٌة ثانٌة. رحلة تتغٌا باألساس تصوٌر أدق التفاصٌل التً تمر بها الذات اإلنسانٌة أمام حاالت ومشاهد الحٌاة المتنوعة بتنوع اإلحساس وتغٌر الزمان والمكانٌ .قول الشاعر: أنصت لهذا اللٌل.. من بعٌد تندلق األصوات: سعال، نباح، مواء، نقٌق، أنٌن، صرٌر ،سرٌر ٌتؤوه لذةٌ ،تؤود مثل أغصان دالٌة، ٌ -4د ال تسمعنً ص 116
كتاب اإلنرتنت املغاربة إصدارات جملة إحتادPage 5
بكاء ساقٌة، ورٌح مجنونة تصفع كائنات النوم وتعوي مثل زمن مسعور تعوي مثل زمن ٌإزه رعب تعوي وتعوي....
5
وأثناء هذا السفر /التجربة ،تلقً الذات أسئلتها تباعا ،فً زمن "تحت الصفر" بارد وأبٌض ،كقوله: من أٌن ٌؤتً هدٌر اللٌل؟ شحذت نفسً وأرهفت الدمع ،أسؤل: هو من صبوة الموج أم من حفٌف الصخر أم من همهمة الصفصاف أم من نباح كلب وراء روح هائمه؟
6
أو قوله ،ضمن سٌاق آخر ،فً محاولة لرسم معالم الكٌنونة : من أكون سوى رعشة رٌح فً سنبلة؟ من أكون سوى رقصة قلب فً نافذة؟ من أكون سوى خفقة ماء فً جوف صخرة؟
7
أمام هذا الفضاء المتعِب والمت َعبٌ ،تسلل الخوف إلى هذه الذات آخذا بتالبٌبها تاركا إٌاها وحٌدة فً "برد الغابة" تصرخ من وجع اللحظةٌ .قول خداري: ٌ -5د ال تسمعنً ص 104 ٌ -6د ال تسمعنً ص 91 ٌ -7د ال تسمعنً ص 101
كتاب اإلنرتنت املغاربة إصدارات جملة إحتادPage 6
فً كل حقل عند كل رٌح أصرخ، مسكونا بوجع اللحظة: أٌتها السنابل...لدٌنً.
8
ومع تورط الكائن البشري ،فً أسئلته المتناسلة ،المربكة والمحٌرة على الدوام، ٌستمر إحساس الذات ،فً ثناٌا المجموعة ،بالوحدة والتمزق واالغتراب كلما انتصب التباعد بٌن هذه الذات ،من جهة ،وكلما انقطع التواصل بٌنها وبٌن اآلخر /الظل ،من جهة ثانٌةٌ .قول الشاعر فً تؤكٌد هذا المعنى: الذي تركض حٌن ٌركض ال تلتقٌان الذي إن مددت إلٌه ٌدا ذابت فً برزخ الوهم الذي هو أنت ال ٌشبهك.
9
ٌ -8د ال تسمعنً ص 74 ٌ -9د ال تسمعنً ص 43-42
كتاب اإلنرتنت املغاربة إصدارات جملة إحتادPage 7
ثمة إذن ،وصلة /وصالت شعرٌة ٌلفها الحزن والكآبة من كل الجهات ،حتى وإن رامت تجربة العشق فً بعدها الرمزي أو "الصوفً" ،إذ ٌتالحم الجرح واأللم وٌتساكن الحزن والصمت ،وبالتالً ٌمتزج خطاب المعشوقة بخطاب الذاتٌ .قول نجٌب خداري: تؤوي إلً كلماتك فؤسكنها بحر صمتً آوي إلى حزنك كً أضًء الروح.
10
انطالقا مما سبقت إثارته ،فً هذه القراءة ،تتضح لنا الصورة الختامٌة ببعدٌها المعنوي والجمالً ،التً ٌقدمها الشاعر نجٌب خداري عن اإلنسان فً ارتعاشه وانكساراته وفً مواوٌله وآهاته ،وقد تمثلت لغة وتعبٌرا ،بالتصرٌح تارة وبالتلمٌح تارة أخرىٌ .قول الشاعر فً نهاٌة نص (حالة): ... ... ... ... ولهذا الجسد الموتور أن ٌطلق آهة أخٌرة.
11
لعلها آهة الشعر ،فً معناها الرمزي ،ونارها المشتدة حٌن تبغً مساءلة الـذات واألشٌاء ،بالفكر وباإلحساس وبالوجدان جمٌعا. أخٌرا ،أال ٌكون "الشعر" فً نهاٌة المطاف ،حاسة سابعة تإطر كل باقً الحواس؟ ذاك سـإال...
ٌ -10د ال تسمعنً ص 27 ٌ -11د ال تسمعنً ص 96
كتاب اإلنرتنت املغاربة إصدارات جملة إحتادPage 8
خامتة كان سعٌنا فً هذا العمل النقدي ،ونحن نقارب عددا من التجارب الشعرٌة الحدٌثة بالمغرب ،الكشف عن مدى قٌمتها اإلبداعٌة ،من جهة ،واإلبانة عما أظهره شعراؤها من قدرة التعبٌر من جهة ثانٌة .ولعل األسئلة التً وضعناها فً مقدمة الكتاب ،انسجاما مع توجهنا النقدي المقترح الذي رمناه كأفق استراتٌجً للكتابة ،كان لها دور كبٌر فً توجٌه مسار القراءة وصفا وتحلٌال ثم تأوٌال. فخالل تتبعنا لمسار هذه التجارب الشعرٌة المختلفة ،الحظنا التنوع الحاصل فً مقاربة الشعراء المغاربة للموضوعات وفً تعاملهم مع القصٌدة ،كشكل وبناء حٌث تنوعت تبعا لذلك ،سائر المستوٌات اللغوٌة والتركٌبٌة والتصوٌرٌة والموسٌقٌة ،داخل كل تجربة على حدة موضوعات جاوزت حدود الذات الشاعرة إلى عوالم أخرى واقعٌة ومتخلٌة إنسانٌة وكونٌة ،مما أبان عن غنى وثراء فً المرجعٌة وانفتاح على الثقافات العربٌة منها واألجنبٌة. لقد حضرت "الذات" فً هذه التجارب المختارة ،بشكل الفت كموضوع أثٌر لدى أغلب الشعراء؛ غٌر أن هذا الحضور اتخذ أشكاال مختلفة تفاوتت قٌمتها الواقعٌة و الرمزٌة فً آن ،بتفاوت وجهات النظر ،وكذلك بتفاوت طرائق االشتغال لغة وتعبٌرا وصورة وإٌقاعا. ولما كانت الذات باعتبارها مصدرا من مصادر اإلبداع الشعري ،فقد كان رصد عالقاتها باآلخر الشعري تارة ،وتصوٌر حاالت تفاعلها وانفعالها بالواقع والمحٌط من حولها تارة أخرى ،أمرا مبررا ٌبٌن عن وعً الشعراء المغاربة بما للشعر من أهمٌة بالغة فً ربط جسور التواصل فً ما بٌنهم كمبدعٌن وبٌن القارئ المفترض. ومن ثمة ،ال غرابة أن نعثر ،فً ثناٌا المتن الشعري المدروس – وكذا فً غٌره مما قرأناه فً ذات السٌاق – على إشراقات وتحلٌقات شعرٌة تمس جوانب المضمون ،حٌث
كتاب اإلنرتنت املغاربة إصدارات جملة إحتادPage 1
العودة إلى التراث واستحضار الذاكرة والتارٌخ وتنوٌع المرجعٌات مثال ،أو تمس جوانب الشكل حٌث تطوٌع البناء وتنوٌع اإلٌقاع بٌن تفعٌلة ونثٌرة واالنتصار للراهن والمستقبل بما ٌتناسب والمفهوم الجدٌد للشعر الحدٌث. إن النماذج الشعرٌة التً عرضناها للدرس والقراءة والتحلٌل ،تقدم صورة عما وصلت إلٌه القصٌدة المغربٌة الحدٌثة على مستوى الظهور والحضور من جهة وعلى مستوى األداء والنوع من جهة ثانٌة فما وجدناه من تماسك فً اللغة وانسجام فً الموضوع ورحابة فً اإلٌقاع وغٌرها من عناصر كشفنا عنها فً حٌنه لخٌر دلٌل على ما ٌعرفه مشهدنا الشعري من حركٌة ودٌنامٌة. أخٌراٌ ،بقى هذا العمل دعوة مفتوحة لالحتفاء بالقصٌدة الحدٌثة بالمغرب ،واالنحٌاز إلٌها فً بعدٌها الفنً والجمالً ،من خالل قراءة تنتصر لإلبداع والحرٌة والتجدٌد كما تروم إشراك اآلخر فً متعة التلقً قراءة تستجٌب لنداء الكتابة النقدٌة بما هً فعل ثقافً ال ٌقل أهمٌة عن الكتابة اإلبداعٌة ،وبما هً اختٌار نابع من قناعة فردٌة تجعلها جزءا من الٌومً ولحظة ال غنى عنها لمواصلة البحث والتأمل وطاب المتعة وجلب الفائدة. وبٌن هذه الدعوة أو تلك ،تظل هذه القراءة قراءة ال ترٌد تصٌد الهفوات وال تعقب العثرات وهً تالمس القصٌدة الحدٌثة. فذاك منزع آخر.
كتاب اإلنرتنت املغاربة إصدارات جملة إحتادPage 2
مـلـخـق نصوص خمتارة إدريس امللًاىٌ (مبلء الصىت) تيوح واطئج – "يا له من سكون مريع" !يا له من سكون يا له يا محمد زفزاؾ يا... هو ذا يزهر الزيزفون في بيوت الجميع جميع البيوت ولكنه ال يضوع وال يثمر ؼير هذا النيون .............. في خيام المدن ............... نم قريرا إذن ................ أيهذا الحبيب
كتاب اإلنرتنت املغاربة إصدارات جملة إحتادPage 1
القريب البعيد المنال وال تكترث بانكسار النصال وال بالمديح المسيل الدموع !
مجال املىساوٍ (مديً للصدفة) شجرث امقنة –يصعب أن تجيء مع الفجوة .أن تسبح في بالؼة الريح. يصعب أيها القلب... أن تسرح الفراشات في هدوء اللؽة. سأنسى أنك مدين للصدفة بي وأشفع هكذا دونما جدارة ،لهذا السفر المربك : *** كل نداء أفق وكل طريق مديح أنيق لشرفة في البهاء الوديع. *** يصعب ،أيها القلب،
كتاب اإلنرتنت املغاربة إصدارات جملة إحتادPage 2
أن تصعد الشهقة إلى آخرها كم بهي صعود الؽيمة في يددّي .سأنشرها بساطا للروح. لحزنها .لحيرة القلق الفج .لطفل يقتاد يرقات الصحو إليّي .لعاشقة لي سرها. هكذا أيها القلب ،أليق بالشفق.
حسً جننٌ (على اىفزاد) خبريخ امنيل –كان الليل يتعتم في بهاء جسدك. ولضوئك الداخلي اندفاع السيل الذد تتجه نحوه الكلمات. كنت اسعى ألكتب سيرة الليل قربك. وكنت أحب أحاول السكن المتوازن بين ليلين. ورؼم بالؼة الشتات التي كانت تصرفني بعيدا- كان لونك الظل وألم نظرتك ينعشان الكتابة. هل تذكرين نهاراتنا كم كانت تعبرنا ؼيرعابئة؟ وكم كنا جديرين بليالينا ! والليل- ذلك الليل الصؽير الودود الحبيب- كم كنا نهربه تحت الجلد !
كتاب اإلنرتنت املغاربة إصدارات جملة إحتادPage 3
هل كان يستحق كل تلك الظلمة؟ آه ه ه ه ه ه ه ه ه- أيها المالك األسود الذد أبعدته الخيبة، كم اختزنت من ضوء ! كم ألقيت علي من ظالل لردائك ! على شفتي بسمتك. وأتدفأ بذكراك- مكسوا بها في عراء الحياة. وها أنا معتم وأضيء.
صالح الىديع (لئال تيثزٍا الزيح) روبد -أرسلت في البالد أصابعي التي أنبتتها أرسلت ألؾ سندباد بخيلها ورحلها ليرجعوا ويرجعوا حقيقتي أوصيتم بأصلها وفصلها بحثت :ال فضاء أو شموس أو نجوم بعدها أو قبلها وحينما وجدتها ...ارتعدت أو أكاد
كتاب اإلنرتنت املغاربة إصدارات جملة إحتادPage 4
فهل ترى هي الرعب الذد أحبه أم أنها حقيقتي أنا ...رماد
عبد اللزيه الطبال (أيَا الرباق) قبل األعوى –قال لي : خطأ صويك أن تنسى ع َ فتمشي في األرض خياال *** قال لي : خطأ أن تنسى نجميك فال تنظر إال نفسك *** قال لي : خطأ أن تنسى الترتيل إذا جاء الفجر
كتاب اإلنرتنت املغاربة إصدارات جملة إحتادPage 5
فتنساك آالفاق القصوى *** قال لي : خطأ أن تنسى بيتا قزحيا خلؾ سياج الوقت وسور الطين *** قال لي : خطأ أن تنسى امرأة في شكل الموسيقى ال تشبه ما تدريه واقفة قربك *** قال لي : األعمى من ال يشهد في القيثار صالة العشب من ال يبصر في البحر مكتبة الطير
كتاب اإلنرتنت املغاربة إصدارات جملة إحتادPage 6
من ال ينظر في الريح أجنحة الحلم
حمند بىجبريٍ (لً أوبخ أخطائٌ) خعنّه –تعلم كيؾ تنسى حين ال يسعؾ المزاج. تعلم أن تكون آفة أو شراسة في حجم الجراح. *** تعلم أن تكون مسافة مابين الوردة والندى. *** تعلم أن تكون بعيدا جدا كي ال تئن األشواك. ***
كتاب اإلنرتنت املغاربة إصدارات جملة إحتادPage 7
تعلم أن تكون قبلة وإن بمحو الشفاه. *** تعلم أن تكون الصاعد منك وأنت اآلبار والدالء. *** تعلم أن تنصت حين اآلخرون اكتظاظ. *** تعلم أن تكون
جنًب خدارٍ (يد ال تسنعين) تيبض –ما كنته خانني ما جمعته فرقني
كتاب اإلنرتنت املغاربة إصدارات جملة إحتادPage 8
بحثت عني في بياض الليالي فوجدتني شتات رمل أشالء موج تصفع الشاطئ المضيء وتصفعني. أبيض من حلمي وجدتني أبيض من ؼناء الشجر في قلب عاصفه ... ... ... ... لكن ما كنته خانني وما جمعته فرقني.
كتاب اإلنرتنت املغاربة إصدارات جملة إحتادPage 9
حمند بيطلخة (قلًال أكثز) تحتر أقل – كم ذهبت إلى آخر األرض أنا، الزائل واألزلي كم وفيت للحمائم وكم ؼدرت بالصقور *** في أحد األسفار سرط القدر لعابه .وعرض عليّي في مقابل الجزء األول من مذكراتي ثمنا باهظا: أن أجعل من جسدد ساحة حرب وأن يرى ويسكت *** على الورق، هزمت وانهزمت وفي الحقيقة ،لم أكن أنا من ذهب إصدارات جملة إحتاد Page كتاب اإلنرتنت املغاربة 10
إلى آخر األرض لم أكن أنا صاحب الجبروت وإنما ،ظلي.
أمًية املزيين (امللابدات) أوييبح– ...جميل إذا ما أطلت وقوفي – كسيرا – ببابك.... وأجمل إما حظيت حبيبي ببرد جوابك... وأجمل منه ارتشافي كؤوس الرضى من بياض شرابك... وأجمل أجمل ما في األماني انتشائي على رفرؾ في سناء قبابك.... وأروع من كل ذاك إذا ما أمطت لعيني – حبيبي – إصدارات جملة إحتاد Page كتاب اإلنرتنت املغاربة 11
ستور حجابك......
أمحد بلخاج آية وارٍاو (حاىة الزوح) يد اميقطج –خذ بعينك ليال حوائطه عنب الحدس ريحانة الصمت لثؽة نبع صبي وخذ طائر الهمس من ؼصن هذا السكون. *** فضة كالكوابيس من تحتها الكلمات توهوه سالفها مثقل بالعناكب أد دم ستؤوله بعد ثلج الهجوع؟ وأد فم ستقبله إصدارات جملة إحتاد Page كتاب اإلنرتنت املغاربة 12
حين يشتعل الحلم كبريت مقت وتمضػ لحمك ريح الظنون؟ *** نقطة ال تخون فوق باء النشوء لها في سديم الصدوع يد مثل أبهة من عبير.. يد باسمها تتروحن أشياؤك الؽاسقات تعود أشجارها البسمات، استقم في مباهجها زبر الليل منها فتون.
مصطفى الشلًح (عابز املزايا) وعيى ...امفراغ –أوقؾ البحر على باب الفراغ وحد األشكال ما طال وما حال وما أضحى عبث أوقد الحلم إصدارات جملة إحتاد Page كتاب اإلنرتنت املغاربة 13
وسماه شموعا حين أرسى حمله في لؽة الماء عناوين حدث ...واستفسر العين عن الطفل الذد كان هناك والذد ظل هنا وعن المعنى وقد ألبسه البحر عناوين فراغ !
وداد بينىسى (لٌ جذر يف اهلىاء) لل امودارك اورأث –في أد المدامع خبأت ثورتك أهي الصلوات أرقتك من جديد ظللته ؼمامة من نار علقت في أوصالها خيوط المستحيل.. *** في أد الجبال أنشأت لوعتك وكل المدارك امرأة على نهديها ينام صبح قتيل إصدارات جملة إحتاد Page كتاب اإلنرتنت املغاربة 14
وتصحو أقمار ممشاك... *** في أد األسفار أيقظت وحشتك هل هي الخيبات ترصع األقاصي أم أن طريقا ما تقود لؽير منفاك كثيرا ما تزيػ عنها رؤاك... *** في أد السواقي رفت أجنحتك رفت.. رفت.. وال ريح تورق في األمداء وال موت يأتي في األصداء... مأخوذا بالنيازك والدوالي مأخوذا بما استعصى على القلب من خيارات أهذد الفسحة الظليلة من تعبك أم ا الخواء..؟
وفاء العنزاىٌ (حني ال بًت) إصدارات جملة إحتاد Page كتاب اإلنرتنت املغاربة 15
رجل في امسخيى -ينضو سترة الثامنة والنصؾ المؽبرة وفي كامل أناقته الخريفية يخرج ،صباحا، ليسحب الزمن الناضج إلى رئتيه ... على حافة الممشى تنتظره ،في كامل مشمشها، امرأة هيأت له األربعين...
عبد السالو املساوٍ (ٍذا جياه الشعز علٌّ) حة -قال :اكتب فعصاني القلم ومال القلب إلى مخبئه الرطيب قال :اكتب فتراءت في األفق نجيمات ووجدتني أحث الخطى في اتجاه العاصفة إصدارات جملة إحتاد Page كتاب اإلنرتنت املغاربة 16
قال :اكتب قلت :وما الحب؟ قال :البحث عن الشبيه في ؼابة متحركة قلت :وما الؽابة؟ قال :ليست األشجار ما أعني فتهت بين الصفصاؾ والكروم وأنا أحصي األؼصان واألوراق والفاكهة
عبد الزحًه اخلصار (ىرياٌ صديقة) قصيدث وثل فخبث فقدح حتيتهب في امحرة ... ماذا تفعل حين تلهج امرأة باسمك في الليل على مقربة من زوجها؟ ماذا تفعل بدموع تسقط في يديك من عيون كانت تضيء طريقك إليها؟ ماذا تفعل بندم فاته القطار؟ تتشبثين بي بجناح طائر منهك إصدارات جملة إحتاد Page كتاب اإلنرتنت املغاربة 17
بعد ماذا؟ رجاء اطفئي المصابيح التي ال زالت تضيء بداخلك أنزلي الستائر وأحكمي إؼالق النافذة لقد أفرؼنا المنفضة من أعقاب الحب.
ياسني عدىاٌ (رصًف القًامة) تحيرث امعويبى –هناك قرب بحيرة العميان حيث كنا نلتقي نبتت زهرة سوداء. *** لنكن صرحاء فالحب الذد كنا نحكي عنه في فندق البستان ليس هو ما نفعله اليوم بأجسادنا المنهكة بعد أن ينام األطفال. لنقل إنها جثة الضوء تلك التي قطعناها إلى مذنبات صؽيرة إصدارات جملة إحتاد Page كتاب اإلنرتنت املغاربة 18
وبدأنا ندفنها كيفما اتفق بين شقوق الهواء. *** واآلن ال تقولي لي إن بنات آوى قد استيقظن ،بعد طول رقاد ،في خالياك فاللهاث لم يكن قط دليلك نحو ما ال يدرك ...ثم إني نسيت *** ()... ... دعي الشرفة تطفح على منامتك اآلثمة دعي أصابعها تزحؾ بين أليافك دعيها تدؼدغ قطن أحالمك، لكن إياك والرعشة .فالنهر جؾ وال أحد سيأتي من جهة الماء. *** ضعي قالدة عمرك األخيرة على الطاولة وفكرد إصدارات جملة إحتاد Page كتاب اإلنرتنت املغاربة 19
بركض السعادة األعمى في المنحدرات. أنت لم تتؽيرد كثيرا .وأنا ،ما زلت أهفو لكن جثة ما بيننا تتعفن وحيدة عزالء في الخالء البعيد هناك ،قرب بحيرة العميان.
إصدارات جملة إحتاد Page كتاب اإلنرتنت املغاربة 20
املصادر واملراجع /1األعمال الشعرية أحمد العمراوي .باب الفتوح .دار األمان الرباط2006 . أحمد بلبداوي .تفاعٌل كانت تسهر تحت الخنصر .منشورات الموجة2011 . أحمد بلحاج آٌة وارهام .حانة الروح .المطبعة والوراقة الوطنٌة مراكش2007 . أحمد زنٌبر .أطٌاف مائٌة .دار أبً رقراق للطباعة والنشر2007 . إدرٌس الملٌانً .بملء الصوت .مطبعة النجاح الجدٌدة البٌضاء 2005 إدرٌس علوش .فارس الشهداء .دار الحرف2007 . أمٌنة المرٌنً .مكاشفات .منشورات حلقة الفكر المغربً فاس2008 . جمال الموساوي .مدٌن للصدفة .مطبعة آنفو براٌت فاس2007 . حسن األمرانً .الزمان الجدٌد .دار األمان الرباط.1988 . حسن نجمً .على انفراد .منشورات عكاظ2006 . صالح الودٌع .قصٌدة تازممارت .مطبعة النجاح الجدٌدة .البٌضاء.2002 . صالح الودٌع .ما زال بالقلب شًء ٌستحق االنتباه .مطبعة النجاح الجدٌدة. البٌضاء.1988 . صالح بوسرٌف .شهوات العاشق .منشورات ما بعد الحداثة2006 . عائشة البصري .لٌلة سرٌعة العطب .دار النهضة العربٌة2007 . عبد الجواد الخنٌفً .الخٌط األخٌر .منشورات وزارة الثقافة2007 . عبد الحق مٌفرانً .صمت الحواس .منشورات اتحاد كتاب المغرب2008 . عبد الدٌن حمروش .فقط .منشورات اتحاد كتاب المغرب2001 .
كتاب اإلنرتنت املغاربة إصدارات جملة إحتادPage 1
عبد الرحٌم الخصار .نٌران صدٌقة .دار النهضة العربٌة .بٌروت2009 . عبد السالم المساوي .هذا جناه الشعر علً .مطبعة آنفو براٌت فاس 2008 عبد الكرٌم الطبال .أٌها البراق .سلٌكً إخوان -طنجة2008 . عزٌز أزغاي .الذٌن ال تحبهم .منشورات فرائد2010 . عمر العسري .حٌن ٌتخطاك الضوء .دار التوحٌدي2009 . فاتحة مرشٌد .ما لم ٌقل بٌننا .المركز الثقافً العربً2010 . فاطمة الزهراء بنٌس .بٌن ذراعً قمر .دار مالمح للنشر .القاهرة 2008 محمد الصالحً .أتعثر بالذهب .منشورات عٌنً بناًٌ2004 . محمد بنطلحة .قلٌال أكثر .دار الثقافة .البٌضاء2007 . محمد بوجبٌري .لن أوبخ أخطائً .منشورات اتحاد كتاب المغرب2006 , محمد بودوٌك .قرابٌن .منشورات اتحاد كتاب المغرب 2007 محمد عزٌزي الحصٌنً .أثر الرخام على الصباح .منشورات بٌت الشعر فً المغرب2010 . محمد علً الرباوي .قمر أسرٌر .دار النشر الجسور وجدة 2002 مزوار اإلدرٌسً .مرثٌة الكتف البلٌل .منشورات وزارة الثقافة2006 . مصطفى الشلٌح .عابر المراٌا .مطبعة المعارف الجدٌدة .الرباط1998 . نبٌل منصر .مدٌنة نائمة .دار النهضة2009 . نجٌب خداريٌ .د ال تسمعنً .دار الثقافة الرباط2005 . وداد بنموسى .لً جذر فً الهواء .منشورات وزارة الثقافة واالتصال2001 . وفاء العمرانً .حٌن ال بٌت .البوكٌلً للطباعة والنشر والتوزٌع .القنٌطرة 2007 ٌ اسٌن عدنان .رصٌف القٌامة .دار التوحٌدي للنشر والتوزٌع2010 .
كتاب اإلنرتنت املغاربة إصدارات جملة إحتادPage 2
ٌ حٌى عمارة .فاكهة الغرباء .منتدى رحاب للثقافة والتضامن والتنمٌة 1999 /2الكتب النقدية ابراهٌم الحجري .آفاق التجرٌب وتحوالت المعنى فً القصٌدة المغربٌة الحدٌثة. قراءات فً نماذج من الشعر المغربً .منشورات وزارة الثقافة2006 . أحمد الطرٌسً أعراب .الرؤي ة والفن فً الشعر العربً الحدٌث بالمغرب. المؤسسة الحدٌثة-الدار العالمٌة. إدرٌس بلملٌح .القراءة التفاعلٌة دراسات لنصوص شعرٌة حدٌثة .دار توبقال للنشر2000. إلٌاس خوري .دراسات فً نقد الشعر .دار ابن رشد 1979. حاتم الصكر .فً غٌبوبة الذكرى دراسات فً قصٌدة الحداثة .دار الصدى. 2009 حسن مخافً .القصٌدة الرؤٌا دراسة فً التنظٌر الشعري .منشورات اتحاد كتاب المغرب2003 . خالد بلقاسم .الكتابة وإعادة الكتابة فً الشعر المغربً المعاصر .منشورات وزارة الثقافة2007 . رشٌد برهون .فً ضٌافة القصٌدة .دار الحرف2007 . رشٌد ٌحٌاوي .الشعري والنثري .منشورات اتحاد كتاب المغرب2001 . صالح بوسرٌف .الكتابً والشفاهً فً الشعر العربً المعاصر .دار الحرف. 2007 صالح بوسرٌف .مضاٌق الكتابة مقدمات لما بعد القصٌدة .دار الثقافة2002 . عبد الدٌن حمروش .تجلً العٌن قراءة فً شعر حسن نجمً .نداكوم2007 . عبد الرحمن محمد القعود .اإلبهام فً شعر الحداثة .عالم المعرفة 2002 .
كتاب اإلنرتنت املغاربة إصدارات جملة إحتادPage 3
عبد الرحٌم كنوان .بالغة اإلٌقاع فً الشعر المغربً الحدٌث .منشورات الرابطة المغربٌة لألدب المعاصر وأكادٌمٌة الوزارة التربٌة الوطنٌة بالجدٌدة2002 . عبد السالم الموساوي .إٌقاعات ملونة قراءات فً الشعر المغربً المعاصر. منشورات ما بعد الحداثة2006 . عبد العزٌز بومسهولً .الكائن الشعري قراءة فً تجربة الشاعر حسن نجمً. نداكوم2004. علً آٌت أوشان .الذاكرة والصورة .دار أبً رقراق للطباعة والنشر2005 . مجموعة من الشعراء .مستقبل الشعر مستقبل الحلم .منشورات المركز المتوسطً للدراسات واألبحاث2007 . مجموعة من النقاد .فً الشعر المغربً المعاصر .دار توبقال للنشر2003 . محمد العمري .تحلٌل الخطاب الشعري البنٌة الصوتٌة للشعر .دار العلمٌة للكتاب1990 . محمد الولً .الصورة الشعرٌة فً الخطاب البالغً والنقدي .المركز الثقافً العربً1990 . محمد بنٌس .الشعر العربً الحدٌث ،بنٌاته وإبداالتها .دار توبقال1991 . محمد بونجمة .مرجان األعماق تأمالت فً نصوص مغربٌة معاصرة .مطبعة أنفو-براٌت .فاس 2008 محمد مفتاح .تحلٌل الخطاب الشعري .استراتٌجٌة التناص .دار التنوٌر 1985 نجٌب العوفً .مساءلة الحداثة .سلسلة شراع1996 . هاشم ٌاغً .الشعر الحدٌث بٌن النظرٌة والتطبٌق .المؤسسة العربٌة للدراسات والنشر1981 .
كتاب اإلنرتنت املغاربة إصدارات جملة إحتادPage 4
La révolution du langage poétique. Julia Kristeva. Seuil 1974
Le degré zéro de l’écriture. Roland barthes. Points. 1972
Littérature et signification. Tzvetan todorof. Larousse. 1967
Poétique de la prose. Tzvetan todorof. Points. 1980
Structure du langage poétique. Jean cohen. Flammarion .1978
كتاب اإلنرتنت املغاربة Page 5إصدارات جملة إحتاد
صدر للكاتب " -1 أطياف مائية" ( ،شعر) دار أبي رقراق للطباعة والنشر .الرباط2007 . " -2 المعارضة الشعرية عتبات التناص في القصيدة المغربية
" (أطروحة
جامعية) .دار أبي رقراق للطباعة والنشر 2008 . " -3 قبعة الساحر قراءات في القصة القصيرة بالمغرب " (نقد) .دار التوحيدي. الرباط 2009 " -4 جمالية المكان في قصص إدريس الخوري " (دراسة) دار التوحيدي – دار التنوخي للطباعة والنشر بالرباط 2009 " -5 مديح الصدى دراسات في أدب الغرب اإلسالمي" (نقد) .دار التنوخي للطباعة والنشر بالرباط2011 .
كتاب اإلنرتنت املغاربة إصدارات جملة إحتادPage 1