مجلة الملحدين العرب: العدد الثالث والثلاثون/ شهر أغسطس / 2015

Page 1

‫مجلة شهرية بجهود فردية تصدر في الثاني عشر من كل شهر‬

‫الدين يحتضر‬

‫آنثوني كليفُ رْد چ ِري ِلنْچ‬

‫العدد الثالث و الثالثني من مجلة امللحدين العرب من شهر أغسطس لسنة ‪2015‬‬

‫من تكون انت‬ ‫‪Ali Alnahafi‬‬ ‫الدين يحتضر‬ ‫آنتوني كليفُ رْد چ ِري ِلنْچ‬ ‫كيف و ملاذا أصبحت كافرة‬ ‫أيان حرسي‬

‫مجلة امللحدين العرب هي مجلة هدفها نشر‬ ‫أفكار امللحدين العرب على إختالف توجهاتهم‬ ‫السياسية و العرقية بحرية كاملة‬ ‫اجمللة عبارة عن مجلة رقمية مبنية بجهود فردية‬ ‫وال تنتمي الي توجه سياسي ‪..‬‬ ‫املعلومات و املواضيع املوضوعة في اجمللة تعتبر‬ ‫مسؤلية أصحابها من الناحية األدبية و ناحية‬ ‫حقوق النشر و حفظ امللكية الفكرية‬


‫فريق التحرير‬

‫املشارك في هذا العدد‬

‫رئيس التحرير‪:‬‬ ‫‪........... Gaia Athiest‬‬

‫أعضاء هيئة التحرير و بناء اجمللة‬ ‫‪John Silver‬‬ ‫الغراب احلكيم‬ ‫‪Larbi Mohamed‬‬ ‫‪McKie Theman‬‬ ‫‪Alia`a Damascéne‬‬ ‫‪Ali Alnajafi‬‬ ‫غيث جابري‬ ‫‪Almolhed Alarabi‬‬ ‫أسامة الوراق‬ ‫‪Rustom Raghed‬‬ ‫ماري غزال‬

‫كلمة حترير اجمللة‬ ‫ُسلطة الدين تتقلّص كلما ازدادت معرفتنا عن الكون‪ ،‬فقد‬ ‫كانت األديان قدميًا هي املصدر الوحيد لإلجابات على األسئلة‬ ‫الكبيرة‪ :‬من نحن؟ من أين جئنا؟ ماذا نفعل هنا؟ وإلى أين نذهب‬ ‫بعد املوت؟‬ ‫صحيح أن الفلسفة لعبت دورًا في حتليل هذه األسئلة‪ ،‬لكن‬ ‫ٌ‬ ‫ت أكثر‬ ‫كل‬ ‫يأتينا‬ ‫والتجريبي‪،‬‬ ‫البحت‬ ‫بشقيه‬ ‫العلم‬ ‫يوم بإجابا ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫روعة‪ ،‬تفوق خيال الفالسفة وبطبيعة احلال تضع الدين ورجاله‬ ‫في خان ٍة ال يُحسدون عليها‪.‬‬ ‫ويعلمهم أنه ال‬ ‫درسا في التواضع‪،‬‬ ‫العلم يعطي الدين ورجاله ً‬ ‫ّ‬ ‫ت مطلق ٍة وال حقائق مطلقة‪ ،‬وأن من ي ّدعي أنه ميتلك‬ ‫يوجد إجابا ٍ‬ ‫يشوش على مسيرة‬ ‫اإلجابات املطلقة هو ال يخدم أح ًدا‪ ،‬بل‬ ‫ّ‬ ‫احلضارة‪ ،‬والب ّد من إيقافه عند ح ّده‪.‬‬ ‫ليكفّ وا أيديهم وألسنتهم عن البشر‪ ،‬وليكفّ وا عن بيع األوهام‬ ‫لهم‪ ،‬غير صحيح أن العامة حتتاج الدين كي ال تسرق وال تقتل‪،‬‬ ‫فالعامة حني تكون مثقفة‪ ،‬سينتج لديك إبداع فردي‪ ،‬كل واح ٍد‬ ‫منهم‪ ،‬سيعرف أنه حر وليفكّر ويخترع‪ ،‬ويعرف حقوقه وحقوق‬ ‫غيره‪ ،‬ليتوقّفوا عن جتهيل العامة املمنهج واملقصود‪ ،‬حتى يبقى‬ ‫الفقير فقيرًا وفوق هذا يدعو لهم بطيلة العمر وسعة العيش!‬ ‫نحن ال نحتاج إلى وعّاظ سالطني آخرين‪ ،‬يرسلون أبناءنا إلى‬ ‫يتنعمون هم بني بنات األصفر! نحن بحاجة لثورة‬ ‫املوت‪ ،‬بينما‬ ‫ّ‬ ‫ثقافية شاملة‪ ،‬يفهم مفرداتها رجل الشارع البسيط كما‬ ‫حاليا ملن‬ ‫بأمس احلاجة‬ ‫يفهمها املفكّر والفيلسوف‪ ،‬نحن‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫يخاطب العامة‪ ،‬فهذه احلشود اجلامحة والتي ما زالت تثور ألجل‬ ‫رغيف اخلبز‪ ،‬يزداد الظلم عليها باالستمرار بتجهيلها‪ ،‬لن نفقد‬ ‫األمل منها‪ ،‬فأوروبا لم يحدث فيها التنوير إال حني وصلت أصوات‬ ‫النخبة من مفكرين وفالسفة للعامة ولرجل الشارع البسيط‪.‬‬ ‫ومبا أن التجربة اإلنسانية واحدة وإن اختلفت إحداثياتها‪ ،‬لن‬ ‫نفقد األمل وسنستمر في التنوير‪ ،‬حتى يكون كل ما نقوم به‬ ‫وتتطور به‪ ،‬وتكون‬ ‫من جهود أرشيفً ا لألجيال القادمة‪ ،‬تنهل منه‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫كما نتمنى لها أن تكون‪.‬‬ ‫رئيس التحرير‬

‫‪Gaia Athiest‬‬

‫‪Abdu Safrani‬‬ ‫‪Zaher Zaher‬‬ ‫ليث رواندي‬ ‫‪Abdulkarim Ahmad Azizi‬‬ ‫‪2‬‬


‫الفهرس‬ ‫كلمة رئيس التحرير‬

‫‪2‬‬

‫الفهرس‬

‫‪3‬‬

‫تزايد أعداد امللحدين في السعودية‬ ‫‪Caryle Murphy‬‬

‫‪4‬‬

‫ترجمة ‪ :‬أسامة الوراق‬

‫تبكي عيونك‬ ‫الكافر بأمر الالت‬

‫‪10‬‬

‫من تكون انت‬ ‫‪Ali Alnahafi‬‬

‫‪14‬‬

‫الدين يحتضر‬ ‫آنثوني كليفُ رْد چ ِري ِلنْچ‬

‫‪35‬‬

‫ترجمة‪ :‬أسامة الوراق‬

‫الفضائيون في االجنيل‬

‫‪40‬‬

‫رسالة الي اهلل‬ ‫أبو لهب‪Med Yousefi-‬‬

‫‪46‬‬

‫رواية فاتنة‬ ‫سام مار‬

‫‪49‬‬

‫كيف و ملاذا أصبحت كافرة‬ ‫أيان حرسي‬

‫‪62‬‬

‫ترجمة‪Mckie Theman :‬‬

‫ترجمة‪ :‬أسامة الوراق‬

‫وداعا إلهي‬ ‫‪Khaled Bensekaim‬‬

‫‪69‬‬

‫‪3‬‬


‫تزايد أعداد امللحدين يف‬ ‫السعودية رغم الحظر‬ ‫الحكومي‬ ‫ٌ‬ ‫مقال لكاريل مرييف ‪Caryle‬‬ ‫‪ Murphy‬ت ّم نرشه يف موقع مجلة‬ ‫نقل عن مجلة‬ ‫‪ Salon‬عىل اإلنرتنت ً‬ ‫رصف‪.‬‬ ‫‪ Globalpost‬ببعض الت ّ‬

‫‪Caryle Murphy‬‬ ‫ترجمة أسامة الوراق‬

‫جدة‪ ،‬اململكة العربية السعودية‬ ‫يف مهد اإلسالم ومسقط رأسه تستمد الدولة اليوم رشعيتها من الدين‪ ،‬وكذلك رشعية الخطباء‬ ‫الوعاظ املع ّينني من الدولة‪ ،‬مبقتىض هذه الرشعية ت ُختط الدولة لنفسها مسلكًا دين ًيا رصفًا يف وضع‬ ‫قواعد التعامالت االجتامعية يف البلد‪ ،‬وعىل الرغم من ذلك مثّة أعدا ٌد متزايد ٌة من السعوديني‬ ‫رسا‪ .‬الدالئل عىل ذلك قولي ٌة غري رسمي ٍة‪ ،‬لكنها تتك ّرر وبكرث ٍة وباستمرارٍ‪.‬‬ ‫الذين يلحدون ً‬ ‫سعودي عمره ‪ 31‬عا ًما يعمل مستشا ًرا يف التسويق‪ ،‬وله نشا ٌط يف شؤون‬ ‫يقول (فهد الفهد) ‪ ،‬وهو‬ ‫ٌّ‬ ‫أعوام ما‬ ‫حقوق اإلنسان‪ :‬أعرف عىل األقل ستة ملحدين أكدوا يل إلحادهم‪ .‬قبل ستة أو سبعة ٍ‬ ‫ملحد ٍ‬ ‫كنت ألسمع ولو حتى عن ٍ‬ ‫س ذلك يل‪.‬‬ ‫واحد‪ .‬فلم يكن أعز األصدقاء عىل استعدا ٍد أن يُ ِ َّ‬ ‫سعودي يف الرياض الن ّزعة ذاتها‪ ،‬إذ قال‪ :‬إ َّن فكرة ترك الدين واإللحاد تنترش‬ ‫صحفي‬ ‫وقد الحظ‬ ‫ٌّ‬ ‫ٌّ‬ ‫بفعل مناقضة اإلسالميني ألنفسهم بقولهم شيئًا وفعلهم شيئًا يخالفه ‪.‬‬

‫‪4‬‬


‫تزايد أعداد امللحدين يف السعودية رغم‬ ‫الحظر الحكومي‬ ‫أسامة الوراق‬

‫فعل إرهاب ًيا بالنظر إىل الكيفية التي مل يعد‬ ‫ميكن إدراك سبب تشديد تجريم الدولة الحديث عن اإللحاد‪ ،‬واعتباره ً‬ ‫مثل برنامجان حواريان عىل األقل عىل شاشات قنوات‬ ‫معها الحديث عن اإللحاد مؤخ ًرا أم ًرا من املحرمات‪ ،‬فهنالك ً‬ ‫اختص‬ ‫الخليج ناقشت املوضوع مؤخ ًرا‪ .‬ويف السابع من مارس‪ /‬آذار لهذا العام أصدرت وزارة الداخلية السعودية قانونًا ّ‬ ‫يك ُس ّمي بـ نظام جرائم اإلرهاب ومتويله ‪.‬‬ ‫باإلرهاب‪ ،‬ورافقه مرسو ٌم مل ٌّ‬ ‫بأي صور ٍة كانت‪ ،‬أو التشكيك يف ثوابت‬ ‫جاء يف املادة األوىل من القانون يف أحكام اإلرهاب‪ :‬الدعوة للفكر اإللحادي ّ‬ ‫الدين اإلسالمي التي قامت عليها هذه البالد‪.‬‬ ‫وما ال شك فيه أن أعداد الناس الذين يعرتفون ألصدقائهم أنهم ملحدون أو يجهرون بإلحادهم عىل اإلنرتنت (عادة‬ ‫بأسامء وهمية) ليست كبري ًة لدرجة تصبح فيه حرك ًة اجتامعي ًة تهدد الدولة‪ ،‬ففي عام ‪ 2012‬أجرت مؤسسة ‪WIN-‬‬ ‫‪ Gallup International‬استفتا ًء ضم حوايل خمسمئة سعودي‪ ،‬وكان من نتائج االستفتاء أ َّن خمسة يف املئة من العينة‬ ‫اعتربوا أنفسهم «ملحدين عن قناعة»‪ ،‬وهي نسب ٌة تقل بكثري عن املعدل العاملي الذي يصل إىل‪.13‬‬ ‫إن تزايد االستعداد عند الناس لإلفصاح عن إلحادهم يف الرس ّ‬ ‫يدل عىل خيبة أمل يف الدين عىل املستوى الشعبي‪ ،‬كام‬ ‫ّ‬ ‫يدل عىل ما أسامه أحد السعوديني بـ«االنطباع املتزايد» أن السلطات تيسء استخدام الدين بغية التحكّم يف الناس‪،‬‬ ‫تتمثّل خيبة األمل هذه عىل أرض الواقع يف ع ّدة صورٍ‪ ،‬بد ًءا من تجاهل أوامر شيوخ الدين‪ ،‬إىل تحدي الشيوخ بل‪،‬‬ ‫والسخرية منهم عىل وسائل التواصل االجتامعي‪.‬‬ ‫محام من ج ّدة‪« :‬مع زيادة خيبة أمل الناس يف الحكومة‪ ،‬صاروا يعتربون الدولة‪ ،‬ومن ينارصها‬ ‫يقول «باسم عامل» وهو ٍ‬ ‫كرشكاء يف التآمر عىل مصلحة الشعب‪ ،‬فالناس يغضبون عندما يرون علامء الدين يسرتضون الحكومة‪ ،‬وهم من يفرتض‬ ‫فيهم التقوى واالستقامة»‪.‬‬ ‫ويقول الناشط الحقوقي فهد الفهد‪« :‬أعتقد أن الناس قد سئموا من تحكّم الدين يف حياتهم‪ ،‬وكيف أن الدولة ال تسمح‬ ‫واحد ٍ‬ ‫إال باتباع تفسريٍ ٍ‬ ‫وحيد للدين»‪.‬‬ ‫فضل عن إغراء الجهاد والتشدد‪ ،‬أ ّدى‬ ‫كناظم للمجتمع‪ً ،‬‬ ‫لقد أدى ظهور امللحدين مصحوبًا بحذ ٍر وانعدام الثقة بالدين‬ ‫ٍ‬ ‫كل ذلك إىل تص ّد ٍع يف امتثال الناس واالنسجام اللذين ميزا املشهد الديني السعودي يف املايض القريب‪ ،‬إذ صار يتحول‬ ‫ٍ‬ ‫ديني أكرث تنو ًعا واستقطابًا‪.‬‬ ‫اآلن إىل‬ ‫مشهد ٍ‬ ‫‪5‬‬


‫أعداد امللحدين يف السعودية رغم‬ ‫تزايد‬ ‫العنوان‬ ‫الحكومي‬ ‫الحظر‬ ‫األسايس‬

‫أسامة الوراق‬

‫قائل‪( :‬ما زالت املساجد عامر ًة بروادها‪ ،‬لكن املجتمع صار‬ ‫سابق يف اإلعالم السعودي الرسمي الوضع ً‬ ‫يصف‬ ‫ٌ‬ ‫موظف ٌ‬ ‫يفقد قيمه‪ .‬فأصبح األمر كتمرينٍ آ ٍّيل يشبه شعوركم باإللزام الرتياد الكنيسة يوم األحد‪ ،‬فلم نعد نفهم ديننا‪ ،‬ليس ألننا‬ ‫ال نريد ذلك‪ ،‬لكن ألن نظرتنا وفهمنا للدين قد ل ّوثتها العائلة الحاكمة واملؤسسية الدينية الرسمية‪ ،‬والتي صارت تقيس‬ ‫الدين مبقياس إرادة الحاكم‪ ،‬وما يرضيه)‪.‬‬ ‫إن غياب الثقة بالدين وعلامئه يزداد بروزًا اليوم بفضل وسائل التواصل االجتامعي عىل شكل تغريدات ومدونات‬ ‫وصفحات عىل الفيس بوك‪ .‬وإليكم ثالث تغريدات من سعوديني توضح األمر‪:‬‬ ‫«األمري عبد العزيز بن فهد ظل يغ ّرد عن الله بال توق ٍّف‪ .‬أنا أريث لعدم رضاه عن الشعب الحايل‪ .‬مل نعد نعيش يف مثانينات‬ ‫القرن املايض‪ .‬أم ٌر مث ٌري للشفقة»‪.‬‬ ‫«علينا التخلص من وهمنا أن نسختنا عن اإلسالم هي الوحيدة الصحيحة»‪.‬‬ ‫بحق العنف األرسي؟ فها هي لجنة اإلفتاء قد حظرت لعبة ‪ Resident Evil‬العنيفة»‪.‬‬ ‫«أال يستطيع العلامء إصدار فتوى ّ‬ ‫ٍ‬ ‫حركات جهادي ٍة ومتطرف ٍة‪ ،‬وهي‬ ‫باملقابل‪ ،‬توجد نزع ٌة مضاد ٌة نرى من خاللها فئ ًة من الشباب السعودي ينضمون إىل‬ ‫نزع ٌة تعززت مع تأزّم الوضع السوري‪.‬‬ ‫يقول (سعود الرسحان) مدير األبحاث يف مركز امللك فيصل للبحوث والدراسات اإلسالمية يف الرياض‪:‬‬ ‫عندما انطلق حراك الربيع العريب صار الشباب يطرحون أسئل ًة تتعلق باإلسالم والدميقراطية‪ ،‬لكن أسئلتهم اليوم بعد‬ ‫أحداث سورية صارت تقترص عىل اإلسالم والجهاد‪.‬‬ ‫يل غري رسمي ٍة‪ ،‬فمع أنه تم إخضاع‬ ‫ليس ذلك وحسب‪ ،‬فإغراء التشدد املسلح صار يجتذب ناشطني لجامعات أمنٍ أه ٍّ‬ ‫الرشطة الدينية السعودية مؤخ ًرا لضواب َط أكرث رصام ٍة‪ ،‬فلقد صارت هذه العصابات املك ّونة من املتطوعني املتدينني‬ ‫ٍ‬ ‫حفالت وأحداثاً اجتامعي ًة تعتربها محظورةً؛ ألنها تعتمد عىل املوسيقا والرقص واالختالط‪ .‬ففي حادث ٍة‬ ‫الشباب تهاجم‬ ‫سنوي ترعاه الحكومة‪،‬‬ ‫دهم استهدفت الجنادرية‪ ،‬وهو مهرجا ٌن ثقا ٌيف‬ ‫مشهور ٍة عام ‪ 2012‬قام أولئك املتطوعون بعملية ٍ‬ ‫ٌ‬ ‫وقع من خالله تصاد ٌم مع قوات األمن‪.‬‬ ‫رشعي يرى إنكار الله جرمي ًة تعاقب باإلعدام‪.‬‬ ‫نظام قضا ٍيئ‬ ‫إن الجهر باإللحاد قد يوقع عقابًا شدي ًدا عىل صاحبه يف ظل ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫إضاف ًة إىل ذلك‪ ،‬فعلامء الدين املحافظون لهم نفو ٌذ كبري بني السعوديني‪ ،‬واستعاملهم للفظة (ملحد) يش ّوه سمعة من‬ ‫يشكك بتفسرياتهم املتشددة للنصوص الدينية أو بالوهابية‪ ،‬التيار السائد يف السعودية‪.‬‬

‫‪6‬‬


‫أعداد امللحدين يف السعودية رغم‬ ‫تزايد‬ ‫العنوان‬ ‫الحكومي‬ ‫الحظر‬ ‫األسايس‬

‫أسامة الوراق‬

‫يف عام ‪ 2012‬كتب املغ ّرد «حمزة كاشغري» ابن الـ‬ ‫ٍ‬ ‫تغريدات احتوت بعض األفكار غري التقليدية عن‬ ‫‪ 25‬سنة‬ ‫النبي محمد‪ ،‬لكن مل تكن توحي أنه ال يؤمن بالله‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬اتهِم‬ ‫باإللحاد‪ ،‬وإلرضاء املؤسسة الدينية ُح ِك َم عليه بالسجن مدة عرشين شه ًرا‪.‬‬

‫ملحق (بقلم املرتجم)‪.‬‬ ‫منذ كتابة هذا املقال يف حزيران‪ /‬يونيو ‪ 2014‬حدثت بعض التطورات يف قضايا بعض من ت ّم ذكرهم‪ .‬فيام ييل بعض‬ ‫تحديثات هذه القضايا والتفاصيل اإلضافية عن حيثياتها‪.‬‬ ‫حمزة كاشغري‪:‬‬ ‫ٍ‬ ‫تغريدات له ض ّج ًة أ ّدت بامللك السعودي عبد الله إىل أن‬ ‫سابق يف جريدة البالد‪ ،‬س ّببت ثالث‬ ‫سعودي‬ ‫شاع ٌر‬ ‫وكاتب ٌ‬ ‫ٌّ‬ ‫ٌ‬ ‫يأمر باعتقاله لتجاوزه الخطوط الحمراء‪ .‬حاول اللجوء إىل نيوزيلندا‪ ،‬لكنه أُ ْرجِع إىل السعودية من ماليزيا قبل بلوغه‬ ‫قائل‪:‬‬ ‫نيوزيلندا‪ .‬يف التغريدات التي قالها كاشغري مبناسبة املولد النبوي و ّجه الكالم للنبي محمد ً‬ ‫• يف يوم مولدك لن أنحني لك‪ ،‬لن أُقبل يديك‪ ،‬سأصافحك مصافحة الن ّد للن ّد‪ ،‬وابتسم لك كام تبتسم يل وأتحدث‬ ‫كصديق فحسب‪ ،‬ليس أكرث‪.‬‬ ‫معك‬ ‫ٍ‬ ‫• يف يوم مولدك أجدك يف وجهي أينام اتجهت‪ ،‬سأقول إنني أحببت أشيا ًءا فيك‪ ،‬وكرهت أشيا ًءا أخرى‪ ،‬ومل أفهم الكثري‬ ‫من األشياء األخرى!‬ ‫ملهم يل‪ ،‬ومل أحب هاالت القداسة‪ ،‬لن أصيل عليك‪.‬‬ ‫• يف يوم مولدك سأقول إنني‬ ‫ُ‬ ‫أحببت الثائر فيك‪ ،‬لطاملا كان ً‬ ‫بعد سجن كاشغري مدة ‪ 20‬شه ًرا‪ ،‬تم اإلفراج عنه يف ترشين األول‪ /‬أكتوبر ‪.2013‬‬ ‫‪7‬‬


‫أعداد امللحدين يف السعودية رغم‬ ‫تزايد‬ ‫العنوان‬ ‫الحكومي‬ ‫الحظر‬ ‫األسايس‬

‫أسامة الوراق‬

‫هنالك كذلك قضية املدون «رائف بدوي»‪ ،‬املتّهم‬ ‫باإللحاد‪ ،‬يف بداية عقده الثالث من العمر ملناداته بحرية‬ ‫مناقشة اإلسالم خارج إطار الوهابية‪ ،‬من خالل موقعه عىل اإلنرتنت‬ ‫«شبكة الليرباليني السعوديني الحرة»‪ .‬ويف متوز‪ /‬يوليو ‪ 2013‬ت ّم الحكم‬ ‫عليه عرش سنوات يف السجن إضافة إىل ‪ 1000‬جلدة‪ ،‬ومحاميه «وليد أبو الخري»‪،‬‬ ‫الناشط يف حقوق اإلنسان فقد ُسجِن هو اآلخر‪ .‬وقد نقلت هيئة اإلذاعة الربيطانية‬ ‫عن أبو الخري قوله إن رائف بدوي أكد للمحكمة أنه مسل ٌم‪ ،‬لكنه يعتقد أن «للجميع حق‬ ‫االختيار يف أن يؤمن أو ال يؤمن»‪.‬‬ ‫أحد العاملني يف حقل التعليم العايل يف الرياض يحتك كث ًريا بالشباب‪ ،‬وهو عىل اطالع مبزاجهم العام‪.‬‬ ‫يؤكّد أنّه «يحاول تحذير الشباب من أنهم يعيشون إسال ًما بنته لهم حكومتهم‪ ،‬وليس اإلسالم الذي أىت من الله»‪ .‬وهو‬ ‫يعتقد أ َّن بعض الشباب يزداد «تجاهلهم للدين ويتجهون نحو اإللحاد‪ ،‬يف حني يفهم شباب آخرون حقيقة ما يحدث»‪.‬‬ ‫ملحق (بقلم املرتجم)‪.‬‬ ‫رائف بدوي‪:‬‬ ‫إضاف ًة إىل إنشائه ملوقع الليرباليني السعوديني‪ ،‬فلقد طالب بدوي بإلغاء هيئة األمر باملعروف والنهي عن املنكر السعودية‪،‬‬ ‫تهم‬ ‫وطالب مبحاكمة رئيسها «إبراهيم الغيث» يف محكمة العدل الدولية‪ ،‬اعتقل بدوي عام ‪ ،2012‬ووجهت إليه عدة ٍ‬ ‫من ضمنها‪ :‬اإلساءة إىل الدين اإلسالمي والردة‪..‬‬ ‫ٍ‬ ‫سنوات‪ ،‬وتلقي ‪ 1000‬جلدة بعد أن أسقطت تهمة الردة التي تعاقب باإلعدام‪ .‬ثم ت ّم تعديل‬ ‫حكم عليه بالسجن عرش‬ ‫ٍ‬ ‫تكرميات‬ ‫الحكم يف أيار‪ /‬مايو ‪ 2014‬ليصري عرش سنوات‪ ،‬و‪ 1000‬جلدة إضاف ًة إىل غرام ٍة مالي ٍة‪ ،‬حاز بدوي عىل ع ّدة‬ ‫ٍ‬ ‫منظامت حقوقي ٍة عاملي ٍة‪ ،‬وت ّم منح زوجته وأطفاله اللجوء يف كندا‪.‬‬ ‫وجوائ َز من‬

‫‪8‬‬


‫أعداد امللحدين يف السعودية رغم‬ ‫تزايد‬ ‫العنوان‬ ‫الحكومي‬ ‫الحظر‬ ‫األسايس‬

‫أسامة الوراق‬

‫وليد أبو الخري‬ ‫حقوقي ورئيس مرصد حقوق اإلنسان يف‬ ‫محام وناش ٌط‬ ‫ٍ‬ ‫ٌ‬ ‫السعودية‪ ،‬عمل محام ًيا للدفاع يف قضية رائف بدوي‪ ،‬وهو أول‬ ‫ناشط سعودي يتم اعتقاله مبقتىض نظام جرائم اإلرهاب ومتويله‪..‬‬ ‫يف عام ‪ُ 2014‬ح ِكم عليه بالسجن ‪ 15‬عا ًما‪ ،‬عرش سنوات منها نافذةٌ‪،‬‬ ‫وخمس مع وقف التنفيذ‪ ،‬ومنعه من السفر ‪ 15‬عا ًما بعد انقضاء مدة السجن‬ ‫ٌ‬ ‫وغرام ٌة مالي ٌة‪ ،‬ثم تم تشديد الحكم إىل خمس عرشة سن ًة نافذ ًة عام ‪ 2015‬بعد رفض‬ ‫أبو الخري الرتاجع واالعتذار‪ ،‬وقد متت إدانة أبو الخري بالتهمـ التالية ‪:‬‬ ‫الخروج عن طاعة ويل األمر ‪ -‬تشويه سمعة اململكة ‪ -‬ازدراء السلطات القضائية وإهانتها ‪ -‬اإلساءة‬‫للنظام العام والدولة ‪ -‬محاولة نزع الرشعية‪.‬‬ ‫ٌ‬ ‫مقال لـ ‪ :‬كاريل مرييف ‪Caryle Murphy -‬‬ ‫رصف‪.‬‬ ‫ت ّم نرشه يف موقع مجلة ‪ Salon‬عىل اإلنرتنت ً‬ ‫نقل عن مجلة ‪ Globalpost‬ببعض الت ّ‬

‫خريطة تبني توزيع امللحدين عىل العامل‬

‫‪9‬‬


‫الكافر بأمر الالت‬

‫تبيك عيونك‬ ‫‪10‬‬


‫عيونك‬ ‫تبيك‬ ‫العنوان‬ ‫األسايس‬

‫الكافر بأمر الالت‬

‫تــــبيك عيونكـــــــــ َ‬ ‫قلبك املتح ّرقُ‬ ‫النــــاس ديدا ٌن وحولك سع ُيهـــــــا‬ ‫والنجـــم فوقك هامئًا متخفيـــــــــًا‬ ‫بـك الدنيــــا َ‬ ‫تعبت َ‬ ‫أتتك مبوجهــــا‬ ‫ْ‬ ‫عينـاكـــَ تذرف إذ تـــر َاك مع ّذبًـــــا‬ ‫َ‬ ‫دنيــاك صــــــار نتان ًة‬ ‫ــب يف‬ ‫والط ْي ُ‬

‫وطــــــ ٌن وإبـــ ٌن يف املشيب تع ّوقوا‬ ‫بعـض يـــــطري وبعضهــــــا يتـسل ُّق‬ ‫ٌ‬ ‫يــقلـق‬ ‫فكـــأنه من مـوج عيـنـــــك‬ ‫ُ‬ ‫بحــــــ ٌر كبحــر جبيــــنك املتعــ ّرقُ‬ ‫َ‬ ‫شمسك من عيونكــَ تـــرشقُ‬ ‫فكــــأ ّن‬ ‫يعبـق‬ ‫ونتـــــانة األمـوات عطـــــــ ٌر ُ‬

‫َ‬ ‫َ‬ ‫سكوتـــــــك جلب ٌة‬ ‫دبيـبك يف‬ ‫أوقف‬ ‫ْ‬ ‫ٍ‬ ‫ٌ‬ ‫وتـــــــــارك‬ ‫مــاض كدنيــا ال تدوم‬ ‫َ‬ ‫لنفسـك تــــــألي ٌه يُق َّد ُس ِخ ّســــــ ًة‬ ‫َ‬ ‫أنت اللص ســارقُ جيب ُه‬ ‫فيكفيــــك َ‬ ‫أصنـام َ‬ ‫أرضك بالذنـــــوب نقوشهــا‬ ‫ضـــاقتك َ‬ ‫َ‬ ‫أرضك ال رجا ٌء بأهلهـــــــا‬

‫َ‬ ‫َ‬ ‫أحمـــق‬ ‫ثيــــابك‬ ‫عقـل يف‬ ‫برأســـك ٌ‬ ‫ُ‬ ‫ٍ‬ ‫تفاهـــــات َ‬ ‫ُخنـق‬ ‫بقايـــــــا‬ ‫بـقربك ت ُ‬ ‫فقلبكَـ تعلـــو الــذات فيه وتـــــربقُ‬ ‫َ‬ ‫قومـــك من دمائك يرسقــــوا‬ ‫أرشاف‬ ‫فتُ ِب اإلله لـــذنب غريك تـــــــصدقُ‬ ‫فقلبكـَ يشكـــــو حني َ‬ ‫َـــق‬ ‫نفسك تُغل ُ‬

‫أصنـــام مكة ما أتت بـسيوفهـــــــا‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ضمريك نبضــه‬ ‫قلبـــك من‬ ‫رحمـــن‬ ‫َ‬ ‫بجهلك جهلهم وبغاءهـــم‬ ‫فــاقذف‬ ‫وابيك زمــانًا ســـــاد فيه لقيـــــط ُه‬ ‫واهــزأ فام ترجو الشعـــــوب كرامة‬ ‫وانظر ملن َ‬ ‫ملـك العبــــــاد بجهلـــ ِه‬

‫دينك فوق َ‬ ‫وسيـــوف َ‬ ‫ُ‬ ‫تـــطرق‬ ‫رأسك‬ ‫وبـدائل الشيــطانِ َ‬ ‫فيك تخندقــــوا‬ ‫ُ‬ ‫فالقـوم مـاحكموا لــــيك يرتفّقـــــوا‬ ‫يتعملـــق‬ ‫وبــــــال ٌد عــــ ّز ذلّـــــهـا‬ ‫ُ‬ ‫ينفــــــــق‬ ‫ـــــذل‬ ‫ًّ‬ ‫لكنهـــا تــرجو ُم‬ ‫ُ‬ ‫عقـالء قـومك من خـراه تذ ّوقـــــوا‬

‫َ‬ ‫لبعضك حيث عــــاش ببعض ِه‬ ‫واذكر‬ ‫َ‬ ‫بعينيك ال حكيـ ُم بأرضـهـــا‬ ‫هــانت‬ ‫لت بالدك بالرجـــــــــال وأنهـــا‬ ‫ب ُخ ْ‬ ‫أشبــــا ُه َ‬ ‫شعبك ينعمـــو َن بـجهلهم‬ ‫َ‬ ‫تـأمل‬ ‫صالتك بالفــــــــراغ ً‬ ‫فــــاقتل‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫خيــــالك من ُهراء عقـولــها‬ ‫وانزف‬

‫عشت وقاتليك تص ّدقـــوا‬ ‫واليـــــوم َ‬ ‫ٌ‬ ‫وغاصب يتســــــــ ّو ُق‬ ‫بـــاح‬ ‫رشف يُ ُ‬ ‫ٌ‬ ‫إن أنجبت فس ُيقتلـــو َن ويُشنقـــــوا‬ ‫وإمــــا ُم ك َ‬ ‫ُ‬ ‫يـــغرق‬ ‫ُفرك بالخيـــــانة‬ ‫تــــنهق‬ ‫ســــرتى أعاظمها حميــــ ًرا‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫سـتكون َ‬ ‫تــلعق‬ ‫خيـــالك‬ ‫وحدك من‬ ‫ُ‬ ‫‪11‬‬


‫عيونك‬ ‫تبيك‬ ‫العنوان‬ ‫األسايس‬

‫الكافر بأمر الالت‬

‫تنشق حزنهــــا‬ ‫ً‬ ‫لقت َ‬ ‫طفـــل ُخ َ‬ ‫وأنت ُ‬ ‫أنت قــائد بُدعـــــــة‬ ‫فــارفع لواءك َ‬ ‫ذنب َ‬ ‫بكـرك يف الحيـــــاة مامته‬ ‫مـــا ُ‬ ‫نسيتك َ‬ ‫َ‬ ‫كنت حبيبهــــا‬ ‫أمـــك حيث َ‬ ‫ِ‬ ‫ستعيش َ‬ ‫كامللــوك بعرشهـــــا‬ ‫موتك‬ ‫ُ‬

‫تخنــــــق‬ ‫كبت وريح أرضك‬ ‫ُ‬ ‫حتــى ُ‬ ‫َ‬ ‫وغبـــا ُء َ‬ ‫صعــق‬ ‫شعبك من‬ ‫ُ‬ ‫جحيمك يُ‬ ‫عليك ومن َ‬ ‫حنقت َ‬ ‫ــــق‬ ‫ْ‬ ‫بنيــك ستُح َن ُ‬ ‫هواك فليس َ‬ ‫فاقتــل َ‬ ‫عشــــق‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫مثلك يُ‬ ‫وسيحملونك كالعبيد ويف َ‬ ‫َ‬ ‫جبينك يبصقوا‬

‫(سمري رشيف لطيف)‬

‫‪12‬‬


‫إعالن صفحة كاملة‬

‫‪13‬‬


‫‪Ali Alnajafi‬‬

‫بأي‬ ‫حينام تستخدم الضمري (أنا)‪ ،‬ال تشعر ِّ‬ ‫ٍ‬ ‫غموض يف داللته‪ ،‬فأنت هو أنت‪ .‬بل إنه‬ ‫ضم ٌري ابتدا ٌيئ ج ًدا‪ ،‬نتعلم معناه ونكون‬ ‫معتادين عليه منذ أن نبدأ بتعلم الكالم‪.‬‬

‫من تكون‬ ‫أنت؟‬

‫ها قد قرأت عنوان املقالة هذه «من تكون‬ ‫أنت؟» وبدأت بالتفكري يف إجابة عن هذا‬ ‫السؤال‪« :‬من أكون أنا؟»‪.‬‬ ‫رمبا تفكر حال ًيا يف ما تعنيه الكلمة الثانية‬ ‫من السؤال‪« :‬أكون»‪ ،‬وستشعر أن «أنا»‬ ‫واضحة‪ ،‬ال حاجة لنا بالدخول يف تفسري‬ ‫معنى لهذه الكلمة‪ .‬ولكن حينام تتوقف‬ ‫ً‬ ‫قليل وتفكر حيال الكلمة الثالثة يف السؤال‬ ‫ً‬ ‫– ماذا عن الـ «أنا»‪ ،‬يبدأ تفكريك يأخذ‬ ‫مسا ًرا غري ًبا بعض اليشء‪.‬‬ ‫من تكون أنت؟ هل أنت جسدك؟ هل‬ ‫أنت عقلك؟ هل أنت معلوماتك؟ هل أنت‬ ‫جزيئ ٌة من الـ ‪DNA‬؟ ما الذي يحددك‬ ‫«أنت»؟ لنبدأ مبا يُعرف مبشكلة عدم‬ ‫الكينونة للفيلسوف اإلنكليزي جون لوك‪.‬‬

‫‪14‬‬


‫العنوانأنت؟‬ ‫من تكون‬

‫األسايس‬

‫‪Ali Alnajafi‬‬

‫رش مخربون‬ ‫نسا ٌء رشير ٌ‬ ‫ات وب ٌ‬

‫أول أطرح عليك بعض السيناريوهات ‪..‬‬ ‫دعني ً‬

‫السيناريو األول‬ ‫لتكن لدينا امرأتان‪ ،‬واحد ٌة ت ُدعى (صربيّة) تسكن بغداد واألخرى تُدعى (فخريّة) تسكن طوكيو‪ .‬كل من صربية وفخرية‬ ‫ذات معاش قليل ج ًدا يكاد ّأل يكفيهم األكل ودفع الفواتري‪.‬‬ ‫كل من صربية وفخرية الحمل‪ ،‬ولكن تساءلتا ع ّمن سيدفع تكاليف تربية أطفالهن‪.‬‬ ‫وبغض النظر عن بعولتهن‪ ،‬قررت ٌ‬ ‫ّ‬ ‫دعم ماديًا كب ًريا‬ ‫كل من صربية وفخرية املشكلة‪ٌ ،‬‬ ‫وبعد م ّدة من التفكري حلّت ٌ‬ ‫فكل من حكومتي اليابان والعراق توفر ً‬ ‫للمعاقني‪ ،‬فالفكر ُة كانت أن تحمل صربية وفخرية بأطفال معاقني‪ ،‬وأن يتعمدوا إعاقة أطفالهن املستقبليني‪.‬‬ ‫الفرق بني صربية وفخرية كان يف الطريقة التي إستخدمتاها ليك تحمال بأطفا ٍل معاقني‪ .‬فبالنسبة لصربية‪ ،‬قامت بأخذ‬ ‫حبوب ممنوعة عىل الحوامل‪ ،‬مام أدى إىل إعاقة طفلها (صربي)‪ ،‬وبهذا حصلت عىل دعم الرعاية االجتامعية وحصلت‬ ‫أيضا عىل وظيفة حكوميّة ذات مرت ٍّب عال‪ .‬أما بالنسبة لفخريّة‪ ،‬فقد كانت تعمل يف مخت ٍرب للهندسة الوراثيّة وأطفال‬ ‫ً‬ ‫األنابيب‪ ،‬فجاءت ببويضاتها املخصبة وبدأت بفحص جيناتها حتى وجدت أحدها ذو جني يسبب إعاقة‪ ،‬فاختارت‬ ‫البويضة املخصبة ليك تحمل بها وتنجب (فخري)‪.‬‬ ‫رمبا نتفق عىل أن كال من صربية وفخرية نساء رشيرات‪ ،‬ورمبا نتفق عىل أن من حق صربي أن يعاتب أمه صربية‪ ،‬ولكننا‬ ‫لن نتفق عىل حق فخري يف معاتبة أمه فخرية‪.‬‬ ‫فعىل فرض أ ّن جميع الحيوات (جمع حياة) تستحق العيش‪ ،‬فلن تكون لفخري فرص ٌة ألن يحيا لو مل تكن أمه تبحث‬ ‫عن إبنٍ معاق‪.‬‬

‫‪15‬‬


‫العنوانأنت؟‬ ‫من تكون‬

‫األسايس‬

‫‪Ali Alnajafi‬‬

‫السيناريو أعاله ال يناقش مشكل ًة أخالق ّي ًة أو معضل ًة دين ّية‪ .‬ولكنه يعطيك تصو ًرا بسيطا عن إجابة السؤال الذي بدأنا‬ ‫فيه هذا املقال‪( :‬من تكون أنت) ‪!!..‬‬ ‫ففخري مل يكن ليوجد‪ ،‬مل يكن ليكون‪ ،‬لو مل تفكر أمه بإنجاب إبنٍ معاق‪ .‬قم بعكس السؤال عىل نفسك‪.‬‬ ‫فكر بكل االحتامالت التي كانت ستؤدي إىل إنجاب والديك اب ٌن آخر بدلً منك‪ .‬ماذا لو مل يفكر أباك أو مل ترغب أمك‬ ‫باالنجاب يف ذلك الوقت؟ ماذا لو مل يتم تخصيب تلك البويضة التي أردتك موجو ًدا تحيا عىل األرض؟ ماذا لو تزوج أباك‬ ‫من ٍأم أخرى؟ جميع هذه االحتامالت كانت ستؤدي إىل طفلٍ آخر رمبا يكون شبيه لك يف بعض الصفات‪ ،‬رمبا يشبهك‬ ‫حتى يف ترصفاتك‪ ،‬ولكنه ليس أنت‪ .‬فمن تكون انت؟‬ ‫مستحيل‪ ،‬خذ السيناريو التايل‪:‬‬ ‫ً‬ ‫إن كان السيناريو أعاله مستبع ًدا وتراه‬ ‫السيناريو الثاين‬ ‫نعلم جمي ًعا مخاطر استخدام الوقود العضوي املستخرج من األرض عىل البيئة وما يؤديه من احتباس حراري‪ ،‬إنّها‬ ‫بالفعل مشكل ٌة رهيب ٌة تعرض اإلنسان‪ ،‬بل الحياة بأكملها‪ ،‬بل األرض بأكملها لتغري ٍ‬ ‫ات جذريّ ٍة قد تكون غ ُري قاب ٍة للحل‪.‬‬ ‫سيغي النشاط‬ ‫حس ًنا‪ ،‬فكر بهذا‪ :‬يقوم جيلنا بإستخدام النفط‪ ،‬مام يؤدي إىل التلوث وتزايد االحتباس الحراري‪ ،‬وهذا ّ‬ ‫ٍ‬ ‫مناطق من الكرة األرض ّية‬ ‫وظائف جديدة‪ ،‬ولرمبا سيكون هناك‬ ‫اإلنساين‪ ،‬وسيتم إلغاء بعض الوظائف‪ ،‬ولرمبا يتم إحداث‬ ‫ٌ‬ ‫يتغي النشاط اإلنساين بالكامل‪ ،‬فيقيض اإلنسان أعامله‬ ‫غري صالح ٍة للسكن‪ ،‬فينتقل ساكنيها إىل مناطق أخرى‪ ،‬وقد ّ‬ ‫ليل ويرمتي عىل الرسير ليك ينام نها ًرا‪.‬‬ ‫وأشغاله ً‬ ‫رش مختلفني ع ّمن كانوا سيلتقون بهم فيام لو مل يحصل‬ ‫رش بب ٍ‬ ‫نتيج ًة لكل هذه التغيريات يف النشاط اإلنساين‪ ،‬سيلتقي ب ٌ‬ ‫االحتباس الحراري‪ .‬فلواله لن تتغري الوظائف وال النشاط اإلنساين‪ ،‬وسيلتقي مجموعة البرش «أ» مبجموعة البرش «ب»‬ ‫ليتزوجوا وينجبوا مجموعة األطفال «س»‪ .‬ولكن إذا حصل االحتباس الحراري سيلتقي مجموعة البرش «أ» مبجموعة‬ ‫البرش «ج» ليتزوجوا وينجبوا األطفال «ص»‪ .‬والسؤال الذي يطرح نفسه هنا‪« :‬هل يحق ملجموعة األطفال ص أن‬ ‫قليل‪ ...‬لو مل نقم‬ ‫يعاتبونا ألننا سببنا االحتباس الحراري؟»‪ .‬قد تكون إجابتك بـ «نعم» عىل هذا السؤال ولكن فكر ً‬ ‫ٌ‬ ‫أطفال مختلفون متا ًما «مجموعة األطفال س»‪ ،‬ولكن االحتباس الحراري سبب لنا‬ ‫بالتسبب باالحتباس الحراري‪ ،‬ل ُولد‬ ‫والدة مجموعة األطفال «ص»‪.‬‬ ‫‪16‬‬


‫العنوانأنت؟‬ ‫من تكون‬

‫األسايس‬

‫‪Ali Alnajafi‬‬

‫أكرر مالحظتي هنا‪:‬‬ ‫ألبي كيف تبدأ كينونة اإلنسان بالوجود‪ .‬والحظ كيف ميكن أن يؤدي تغ ٌري‬ ‫السيناريو أعاله ليس معضلة أخالقية‪ ،‬بل هو ّ‬ ‫لتغي ٍ‬ ‫عاملي مثل االحتباس الحراري إىل والدة كينونات مختلفة متا ًما‪ ،‬وبإمكانك أن تتخيل كيف ميكن ّ ٍ‬ ‫بسيط يف حياة‬ ‫ٌ‬ ‫والدك أو والدتك أن يؤدي إىل والدة كينون ٍة مختلف ٍة متا ًما عن كينونتك‪ .‬فمن تكون أنت؟‬ ‫نظريّة الجسد‬ ‫من تكون أنت؟ ‪...‬‬ ‫سنبدأ باإلجابة التي ت ُريض أغلب الناس‪ ،‬وهي نظريّة الجسد‬ ‫املادي بحد ذاته‪ .‬التي تقرتح أ ّن جسدك هو ما يك ّون‬ ‫ربا يكون منطق ًيا‪ ،‬فبداية‬ ‫كينونتك وهويتك املستقلة‪ ،‬وهذا ّ‬ ‫كينونتك التي ناقشناها أعاله كانت يف لحظة تخصيب النطفة‬ ‫للبويضة‪ ،‬وتخصيب النطفة للبويضة هي عملي ٌة فيزيائي ٌة‬ ‫بحتة‪ ،‬بدأ بعدها جسدك بالنمو‪ ،‬وخالياك بالتكاثر‪ ،‬وأنسجتك‬ ‫بالتخصص‪ ،‬حتى وصلت إىل ٍ‬ ‫شخص – ميكن أن نفرتضه بال ًغا‬ ‫ّ‬ ‫– يجلس أمام شاش ٍة ليقرأ هذا املقال‪.‬‬ ‫إن توقف جسدك عن العمل فستموت‪ .‬إن مررت بتجرب ٍة‬ ‫مع ّين ٍة سيقول عنك أصدقاؤك وعائلتك أ ّن فالنًا ليس ذات‬ ‫شخص‬ ‫فالنٍ السابق‪ ،‬وهم ال يقصدون بهذه الجملة أنّك‬ ‫ٌ‬ ‫مختلف حرف ًيا‪ ،‬لقد تغريت نعم‪،‬‬ ‫ٌ‬ ‫ولكن جسدك – جسد فالن – ال يزال هو جسدك وأنت ال‬ ‫تزال أنت‪.‬‬

‫‪17‬‬


‫العنوانأنت؟‬ ‫من تكون‬

‫األسايس‬

‫‪Ali Alnajafi‬‬

‫لحم وعظام‪ ،‬ولكن جسد السنجاب يكون سنجابًا‪ ،‬وجسد النملة‬ ‫عاد ًة ما يحاول اإلنسان أن يعترب نفسه أكرث من مجرد ٍ‬ ‫يكون منل ًة‪ ،‬وجسد اإلنسان يكون إنسانًا‪ .‬وهذه هي نظريّة الجسد‪ ،‬دعونا اآلن نختربها‪:‬‬ ‫ماذا يحدث لو قطعت إصب ًعا لك؟ لقد غريت جسدك‪ ،‬بشكلٍ صغريٍ إىل ٍ‬ ‫حد ما‪ ،‬ولكن أنت ال تزال أنت‪.‬‬ ‫أيضا‬ ‫حس ًنا ماذا لو قمت بزراعة كلية؟ ها قد غريت جز ًءا أكرب من جسدك ولكنك أنت ال تزال أنت‪ .‬وإن زرعت قل ًبا ً‬ ‫فأنت ال تزال أنت – وبطريق ٍة جميل ٍة ج ًدا ستدخل حبيبتك إىل قلبك الجديد مر ًة أخرى‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫بحادث ما أوكنت تعاين من ٍ‬ ‫مرض مزمنٍ ما‪ ،‬وقمت بإجراء جراح ٍة لتغري لك كبدك وقلبك وكليتك ورئتيك‬ ‫ماذا لو أصبت‬ ‫وبعض من أنسجة وجهك حتى احتجت قبل وأثناء وبعد العملية إىل نقل قد ٍر كبريٍ من الدم‪.‬‬ ‫وبعد أن نجوت من العملية الجراحية لحسن حظك!– التي ال أستطيع أن أتخيل كلفتها يف الحقيقة– هل ستقرتح‬ ‫أي من هذه األعضاء لتستمر يف‬ ‫شخص جديد؟ ّ‬ ‫كل‪ ،‬أنت ال تزال أنت‪ ،‬مل تكن بحاج ٍة إىل ٍ‬ ‫عائلتك بأنك قد مت وهذا ٌ‬ ‫كينونتك ذاتها‪.‬‬ ‫رمبا هو الحمض النووي منقوص األوكسجني – أو ما يعرف‬ ‫إختصا ًرا باملادة الوراثية (‪ – )DNA‬هو من يُحدد هويتك‬ ‫أي من هذه األعضاء ألنه ال‬ ‫وكينونتك‪ .‬ومل تكن بحاج ٍة إىل ٍ‬ ‫تزال الكثري من الخاليا لديك تحتفظ بنفس املادة الوراثية‬ ‫وهي تحافظ عىل هويتك املتميزة‪ .‬ولكن لدينا هنا ٍ‬ ‫تحد‬ ‫لهذ املقرتح‪ :‬وهو أن التوائم املتامثلة تتشارك مباد ٍة وراثي ٍة‬ ‫منفصل ذو هوي ٍة‬ ‫ٌ‬ ‫كل من الشقيقني هو كيا ٌن‬ ‫متامثلة‪ ،‬إال أ ّن ً‬ ‫منفصلة‪.‬‬ ‫حتى األن نظريّة الجسد ال ت ُبيل بال ًء حس ًنا‪ ،‬فقد قمنا بتغيري‬ ‫أمو ٍر ع ّدة يف جسدك‪ ،‬وال تزال أنت هو أنت‪.‬‬

‫‪18‬‬


‫العنوانأنت؟‬ ‫من تكون‬

‫األسايس‬

‫‪Ali Alnajafi‬‬

‫أعلم بالضبط ما تفكر به‪ ،‬الدماغ‪ ...‬حس ًنا‪ ،‬لنتناول نظريّة الدماغ‪.‬‬

‫نظر ّية الدماغ‬ ‫لنفرتض أولً أن مع ّمر القذايف مل يتم قتله‪ ،‬بل تم اختطافه‪ .‬ولنتخيل أن هناك عاملًا يقوم بتجارب مجنون ٍة وغري قانونية‪،‬‬ ‫قام باختطافك أنت واختطاف مع ّمر القذايف ليجري عليكام تجاربه‪ ،‬فوضعكام يف غرف ٍة وأغلق الباب عليكام‪.‬‬

‫يوم أو يومني من االحتجاز‪ ،‬ومبساعدة ممرض ٍة عجوز – قد تكون أمه – قام بأجراء التجربة‪:‬‬ ‫وبعد ٍ‬ ‫وهي نقل دماغك إىل جسد مع ّمر القذايف ودماغ مع ّمر القذايف إىل جسدك‪.‬‬ ‫بعدها تلتئم جروحكام وتصحون أنت ومعمر‪ .‬تصحو أنت وترى نفسك بجسد مختلف متا ًما – ويف مالبس غريبة متا ًما‬ ‫أيضا – وتجد أن جسدك يقبع أمامك ويترصف كام يترصف مع ّمر القذايف‪.‬‬ ‫ً‬ ‫تنظر إىل املرآة وتجد نفسك مع ّمر القذايف بذاته‪....‬‬

‫‪19‬‬


‫العنوانأنت؟‬ ‫من تكون‬

‫األسايس‬

‫‪Ali Alnajafi‬‬

‫هل أنت ال تزال أنت؟ منطق ًيا نعم‪.‬‬ ‫أنت ال تزال أنت ولكن بجسد مع ّمر القذايف‪.‬‬ ‫فام زلت تحمل نفس الذكريات ونفس الشخص ّية‪ ،‬الفارق‬ ‫الوحيد هو شكلك الذي أصبح يقرتب إىل حد مخيف من‬ ‫شكل واحد من أكرث الحكام العرب إثارة للجدل‪.‬‬ ‫فلتذهب األن إىل عائلتك وترشح لهم املوقف‬ ‫حظًا سعي ًدا‪.‬‬

‫إذًا‪ ،‬وبخالف الكثري من األعضاء‪ ،‬والتي ميكن‬ ‫لجسدك أن يستبدلها متا ًما وتبقى أنت هو أنت‪،‬‬ ‫دماغك ال ميكن ازالته أو استبداله‪ .‬إذًا دماغك‬ ‫بشكلٍ أو بآخر هو ما يحدد هويتك!‬ ‫رمبا ‪ ..‬فلنتابع ‪..‬‬

‫‪20‬‬


‫العنوانأنت؟‬ ‫من تكون‬

‫األسايس‬

‫‪Ali Alnajafi‬‬

‫نظريّة البيانات‬ ‫حاسوب متطو ٍر ج ًدا ج ًدا‪،‬‬ ‫فلنتخيل التايل‪ :‬ماذا لو مل يقم ذلك العامل املجنون بالعملية الجراحية‪ .‬ماذا لو كان لديه جهاز‬ ‫ٍ‬ ‫إىل الدرجة التي متكّنه من أخذ نس ٍخ احتياطي ٍة من املعلومات املوجودة داخل دماغيكام‪ ،‬ومن ثم يقوم مبسح كلٍ منهام‪،‬‬ ‫ثم يقوم بتنصيب معلومات دماغ مع ّمر القذايف إىل دماغك ومعلوماتك إىل دماغ مع ّمر القذايف‪.‬‬ ‫كل منكام – أنت ومعمر – ويجد نفسه يف جسد اآلخر ويستخدم دماغ اآلخر‪ .‬فدماغ مع ّمر القذايف اآلن يحتوي‬ ‫سيصحو ً‬ ‫عىل أفكارك وذكرياتك ومخاوفك وآمالك وأحالمك وعواطفك ومشاعرك وشخصيتك‪.‬‬ ‫اكضا إىل عائلتك كام فعلت أنت بجسدك ودماغك يف السيناريو السابق‪.‬‬ ‫واآلن جسد ودماغ مع ّمر القذايف سيهرع ر ً‬ ‫آجل‬ ‫وعاجل أم ً‬ ‫ً‬ ‫ومر ًة أخرى بعد م ّد ٍة طويل ٍة من الرشح والتفسري‪ ،‬ستقنع عائلتك أنك أنت فالن ولست مع ّمر القذايف‪.‬‬ ‫سيتق ّبلك أصدقاؤك وعائلتك‪ ،‬وسيقتنعون بأنك ما زلت ح ًيا ولكنك تحيا يف جسد مع ّمر القذايف‪.‬‬ ‫تقرتح نظريّة الذاكرة للفيلسوف جون لوك بأن ما يحدد هويتك وما يجعلك أنت هو أنت هي ذاكرتك للتجارب التي‬ ‫مرت بك‪ .‬وبحسب تعريف لوك فإن النسخة الجديدة من مع ّمر القذايف – يف السيناريو األخري – هي أنت‪ ،‬عىل الرغم‬ ‫من أنها ال تحتوي ال عىل جسدك وال عىل دماغك؛ بل رمبا عىل نشاط دماغي مختلف‪.‬‬ ‫مام يقرتح نظريّة جديدة لتحديد هويتك – بعد سقوط نظريّة الجسد وسقوط نظريّة الدماغ – ولنسمي هذه النظريّة‬ ‫الجديدة بـ «نظريّة البيانات»‪.‬‬ ‫كام رأينا أعاله فاننا نقوم بعمل مجموعة من االفرتاضات ثم نقوم بفحصها بواسطة سيناريو تخييل‪.‬‬ ‫أيضا بسيناريو جديد‪ .‬السيناريو التايل تم وضعه من قبل الفيلسوف برينارد ويليامز‬ ‫واآلن فلنقم بفحص نظريّة البيانات ً‬

‫‪21‬‬


‫العنوانأنت؟‬ ‫من تكون‬

‫األسايس‬

‫‪Ali Alnajafi‬‬

‫اختبار التعذيب‬ ‫االختبار األول‬

‫لنفرتض أ ّن العالِم املجنون الذي اختطفك أنت ومعمر القذايف‪ ،‬قام بتحويل بيانات دماغك إىل دماغ مع ّمر وبيانات‬ ‫دماغ مع ّمر إىل دماغك كام حصل بالضبط يف السيناريو األخري‪ .‬ولكن بعد أن صحيتم وقبل أن تذهب إىل عائلتك‪،‬‬ ‫وجدت نفسك مقي ًدا ووجدت العامل املجنون فوق رأسك يقول‪« :‬سأعذب أحدكام اآلن بشكلٍ ٍ‬ ‫قاس ج ًدا‪ ،‬أيكام تقرتح أن‬ ‫أعذبه؟»‪ .‬فام تكون إجابتك يا ترى؟‬ ‫شخص ًيا‪ ،‬سأشري إىل جسدي السابق قائال «عذبه هو!»‪ .‬لو كنت تعتقد نظريّة البيانات صحيحة‪ ،‬فقد أبليت حس ًنا يف‬ ‫اإلجابة‪ .‬فبيانات دماغي موجود ٌة اآلن يف جسد مع ّمر القذايف‪ ،‬فأنا األن داخل جسد مع ّمر القذايف‪ ،‬ولن أبايل مبا سيحصل‬ ‫اليسء تعذيب أي ٍ‬ ‫كنت ال أتفق مع الكثري من السياسات‬ ‫شخص عىل اإلطالق‪ ،‬حتى وإن ُ‬ ‫بجسدي القديم‪ .‬بالطبع‪ ،‬من ّ‬ ‫التي انتهجها مع ّمر القذايف‪ ،‬ولكن حينام يصبح األمر أنا أم هو‪ ،‬فسأختاره هو بكل تأكيد‪.‬‬

‫االختبار الثاين‬

‫أي يش ٍء لدماغيكام إىل اآلن‪ .‬فيأيت اليك‪ ،‬وأنت بجسدك الطبيعي‬ ‫حينام قام العالِم املجنون باختطافكام‪ ،‬مل يقم بفعل ّ‬ ‫مفرتضا أ ّن إجاباتك ستكون نفس اجابايت‪:‬‬ ‫وبدماغك الطبيعي‪ ،‬ويسألك مجموع ًة من األسئلة‪ ،‬وهنا سأجيب عليها أنا‬ ‫ً‬ ‫العالِم املجنون‪ :‬حس ًنا‪ ،‬سأقوم بتعذيب أحدكام بال رحمة‪ ،‬فمن تعتقد أنني سأختار للعذاب؟‬ ‫أنت‪ :‬هو! [وتشري إىل مع ّمر القذايف]‪.‬‬ ‫العالِم املجنون‪ :‬حس ًنا‪ ،‬ولكن هناك أم ٌر ما‪ ،‬قبل أن أعذّب أحدكام‪ ،‬سأقوم بحذف جميع بيانات دماغيكام‪ ،‬فأميا شخص‬ ‫سأقوم بتعذيبه لن يتذكر َمن كان سابقًا‪ .‬هل يغري هذا من رأيك؟‬ ‫أنت‪ :‬ال‪ ..‬عذبه هو‪.‬‬

‫‪22‬‬


‫العنوانأنت؟‬ ‫من تكون‬

‫األسايس‬

‫‪Ali Alnajafi‬‬

‫العالِم املجنون‪ :‬هنالك أم ٌر آخر‪ ،‬قبل أن يحصل التعذيب‪ ،‬لن أقوم بحذف بيانات دماغيكام فحسب‪ ،‬بل سأبني دائرة‬ ‫أيونية بني دماغيكام بحيث تقنعك أنك أنت مع ّمر القذايف وأنه هو أنت‪ ،‬وسوف تنتقل إليك جميع ذكرياته وعواطفه‬ ‫وكل يش ٍء كان قد شعر به أو علمه أو تعلّمه‪ ،‬كام سيحصل هو عىل ذكرياتك وعواطفك وكل يشء شعرت به وعلمته‬ ‫وتعلّمته‪ ،‬وأُقن ُعك بأنك أنت مع ّمر القذايف وأنه هو أنت‪ ،‬هل سيغري هذا من رأيك؟‬ ‫أي هلوس ٍة سرتاودين بعد الدائرة األيونية‪ ،‬وبغض النظر عن ما سأعترب نفيس بعدها‪،‬‬ ‫أنت‪ :‬أمممم‪ ،‬كال‪ ..‬بغض النظر عن ّ‬ ‫أيضا‪ ..‬هيّا‪ ،‬قم بتعذيبه هو!‪.‬‬ ‫فأنا ال أود أن أخوض تجرب ًة مرير ًة من األمل والعذاب‪ .‬فاملجانني يشعرون باألمل ً‬ ‫إذًا‪ ،‬يف املوقف األول‪ ،‬ستختار جسدك يتعذب‪ ،‬أما يف املوقف الثاين‪ ،‬فستختار جسد مع ّمر القذايف ليتعذب‪ .‬رغم أنك يف‬ ‫كال الحالتني كان الهدف من إجابتك هو عدم تعرضك إىل التعذيب‪ .‬يف املوقف األول‪ ،‬شعرت بأنك داخل جسد مع ّمر‬ ‫مهلوسا بعد «الدائرة األيونية» التي‬ ‫القذايف بكل أفكارك ومشاعرك وذكرياتك‪ ،‬أما يف املوقف الثاين شعرت بأنك ستكون‬ ‫ً‬ ‫سيقوم بها العامل املجنون‪.‬‬ ‫اختيار جسدك ليتم تعذيبه يف املوقف األول هي حجة لنظريّة البيانات – فأنت تعتقد بانك أنت بيانات دماغك أينام‬ ‫ذهبت هي ذهبت أنت‪ .‬اختيارك لجسد مع ّمر القذايف ليتم تعذيبه يف املوقف الثاين هي حجة لنظريّة الدماغ – ألنك‬ ‫تعتقد بأنه مهام فعل لبيانات دماغك فام زلت أنت هو أنت بدماغك نفسه‪.‬‬ ‫بعض الناس قد يتخذ جسده كينون ًة وهوي ًة لنفسه‪ ،‬فيسمح لجسد مع ّمر القذايف أن يتعذب حتى وإن قال لك العامل‬ ‫املجنون أنه سيح ّول دماغك كله إىل جسده‪ ،‬ويحول دماغه كله إىل جسدك‪.‬‬ ‫هؤالء من يختارون تعذيب ٍ‬ ‫جسد ما حتى وإن علموا أنه سيحتوي عىل دماغهم يدعمون نظريّة الجسد‪.‬‬ ‫اآلن‪ ،‬وقبل انتقالنا إىل ٍ‬ ‫مزيد من التجارب والسيناريوهات‪ ،‬دعني أذكرك بالتايل‪:‬‬ ‫إن كنت تعتقد بنظريّة البيانات‪ ،‬فتخ ّيل كم من الحوادث غريت بيانات دماغك!‬ ‫تخيل كم من التجارب التي عايشتها غريت بيانات دماغك‪ ،‬وبحسب نظريّة البيانات فهذه التجارب هي من تك ّونك أنت‬ ‫– أي أنت هي التجارب التي متر بها سوا ًء أكانت جيد ًة أو س ّيئة‪.‬‬

‫‪23‬‬


‫العنوانأنت؟‬ ‫من تكون‬

‫األسايس‬

‫‪Ali Alnajafi‬‬

‫فكر يف االنتقال الال سليك‬ ‫يف العام ‪ 2700‬ميالدي‪ ،‬سيخرتع اإلنسان كثري من التقنيات التي يحلم بها عام ‪ .2015‬إحدى هذه التقنيات هي جها ٌز‬ ‫ميكِّنه ِمن «االنتقال الال سليك» – وهو جها ٌز يساعد اإلنسان عىل االنتقال من النقطة «أ» إىل النقطة «ب» برسعة الضوء‪.‬‬ ‫أ ّما عن طريقة عمله فهي كالتايل‪:‬‬ ‫تدخل غرف ًة ت ُسمى «غرفة املغادرين»‪ ،‬وهي غرف ٌة صغري ٌة مك ّعبة الشكل‪.‬‬ ‫مثل‬ ‫ثم تختار املكان الذي تود االنتقال إليه‪ ،‬فلنفرض ً‬ ‫أنك يف ال ّرقة وقد ضاق بك الحال من وضع دولة الخالفة‬ ‫اإلسالمية‪ ،‬فقررت االنتقال إىل مدينة أوسلو الرنويجية‪.‬‬ ‫حينام تكون جاه ًزا لالنطالق تضغط عىل ز ٍر ما‪ .‬فتقوم‬ ‫الغرفة بعد ذلك بفحص دقائق وجزيئات وذ ّرات‬ ‫جسمك واحدة بعد األخرى‪ ،‬ثم تقوم برفع البيانات‬ ‫الكاملة عن ذ ّرات جسمك كموقعها والذ ّرات األخرى‬ ‫املرتبطة بها عرب وسيلة اتصا ٍل ما – فلنقل أنها اإلنرتنت‪.‬‬ ‫وكلام فحصت جزيئة معينة دمرتها‪ ،‬فجزيئات جسمك‬ ‫يتم تدمريها واحد ًة بعد األخرى بعد أن يقوم املاسح‬ ‫بأخذ معلوماتها‪.‬‬ ‫مجسم بياين‬

‫‪24‬‬


‫العنوانأنت؟‬ ‫من تكون‬

‫األسايس‬

‫‪Ali Alnajafi‬‬

‫وبعد انتهاء العملية‪ ،‬تخلو غرفة املغادرة من أيّة جزيئ ٍة‬ ‫تابع ٍة لك‪ ،‬وتصل معلومات جسدك كامل ًة إىل غرفة‬ ‫الوافدين يف أوسلو‪ .‬والتي تحتوي عىل جميع الذ ّرات‬ ‫املطلوبة إلعادة تركيب جسدك من جديد‪ .‬وحينام تنتهي‬ ‫اآللة من عملها ميكنك مغادرة الغرفة عىل قدميك وكأن‬ ‫قليل اآلن‪ ،‬بسبب‬ ‫شيئًا مل يكن‪ ،‬سوى أنك مبزا ٍج متعكِّر ً‬ ‫شعورك بالجوع ألنك فوتَّ وجبة الغداء يف ال ّرقة ‪ .‬لقد‬ ‫استغرقت العملية كلها خمس دقائق فقط (بني ضغطك‬ ‫كامل‪ ،‬وإعادة‬ ‫للزر وبدء الجهاز بتحليل وتدمري جسدك ً‬ ‫بنائه يف أوسلو)‪ .‬بينام مل تشعر أنت مبرور الوقت‪،‬‬ ‫فالعمل ّية كانت لحظ ّي ًة بالنسبة لك‪.‬‬ ‫مجسم بياين‬

‫يف العام ‪ ،2700‬ستصبح عملية «االنتقال الال سليك» وسيلة شائعة ج ًدا للنقل‪ ،‬فقد تعلّم الجميع كيفية إستخدامها‪،‬‬ ‫كام أنها رسيع ٌة ج ًدا ورخيصة‪ ،‬أضف إىل ذلك انها عملية آمن ٌة ج ًدا عىل عكس الطائرات املع ّرضة للسقوط بني الحني‬ ‫واآلخر‪.‬‬ ‫هل أعجبتك فكرة االنتقال الال سليك؟ أو ّد أن أذكرك بأنها خيال محض‪ ،‬ولكن لنتابع م ًعا‪..‬‬

‫‪25‬‬


‫العنوانأنت؟‬ ‫من تكون‬

‫األسايس‬

‫‪Ali Alnajafi‬‬

‫بعد وصولك إىل أوسلو طلبت اللجوء من الحكومة‬ ‫لسبب أو آلخر‪ ،‬لكنك‬ ‫الرنويجية‪ ،‬إال أنك مل تحصل عليه‬ ‫ٍ‬ ‫حصلت عىل عملٍ كمربم ٍج لفقاعات التصوير الكمومي يف‬ ‫معهد أوسلو للفيزياء (أرجو ّأل تسألني ما هذا بالضبط!)‪،‬‬ ‫يوم صبا ًحا لتقوم بتغيري مالبسك وتتناول‬ ‫فتصحو ّ‬ ‫كل ٍ‬ ‫الفطور ومن ثم تغادر إىل محطّة ال ّرقة لالنتقال الال سليك‬ ‫يوم صبا ًحا تدخل إحدى غرف املغادرة‬ ‫الدويل‪ .‬يف كل ٍ‬ ‫وتنتقل خالل خمس دقائق إىل أوسلو‪.‬‬ ‫يوم من األيام‪ ،‬دخلت غرفة املغادرين‪ ،‬وبدأ‬ ‫ولكن يف ٍ‬ ‫الجهاز بالعمل‪ ،‬وعىل الرغم من أنّه كان يبدو وكأنه يعمل‬ ‫إلّ أنك مل تنتقل إطالقًا‪ ،‬بل ما زلت يف ال ّرقة‪.‬‬ ‫عم إذا كان الجهاز يعمل‪ ،‬فقامت أم دجانة بفحص الجهاز‬ ‫فخرجت من الغرفة وسألت املوظفة «أم ُدجانة التونسية» ّ‬ ‫ووجدته يعمل متا ًما‪ ،‬ولكن كانت هناك مشكلة‪ ،‬فبينام كان جهاز املسح والرفع يعمل‪ ،‬مل يكن يعمل جهاز تدمري الخاليا‬ ‫بسبب خطأ تقني بسيط‪.‬‬ ‫قائل‪:‬‬ ‫وضحت لك أم ُدجانة أين الخلل‪ ،‬ولك ّنك كنت عىل عجلة من أمرك‪ ،‬فلم تفهم ماذا حصل بالضبط‪ ،‬فأرشت بيدك ً‬ ‫ّ‬ ‫ٍ‬ ‫بالسيف رحم ًة‬ ‫فهل نقل ِتني إىل غرفة مغادر ٍة أخرى بحق‬ ‫«لقد تأخرت عن العمل أكرث من ‪ 20‬دقيقة‪ّ ،‬‬ ‫محمد الذي بُعث ّ‬ ‫للعاملني!»‪ .‬حاولت أم ُدجانة أن ترشح لك مجد ًدا أن الجهاز كان يعمل حسب املطلوب منه‪ ،‬ثم قامت بتشغيل كامريا‬ ‫موجودة يف غرفة الوافدين يف أوسلو‪ ،‬لرتيك نفسك وأنت تغادر الغرفة مرس ًعا إىل عملك‪.‬‬ ‫واقرتحت عليك أن يتم إدخالك إىل غرف ٍة اسمها «غرفة البقايا»‪ ،‬ليتم تدمري جسدك الباقي يف الرقة‪ .‬فرفضت أنت األمر‬ ‫وضحته أم ُدجانة‪ ،‬وبعد أن‬ ‫ً‬ ‫جمل ًة‬ ‫وتفصيل‪ ،‬وطلبت رؤية مديرها‪ ،‬فأتاك «أبو معا ٍذ الفلسطيني» موض ًحا لك الخلل كام ّ‬ ‫قائل‪« :‬كال‪ ،‬هذا ليس أنا‪ ،‬إنه شخص يقلدين‪ ،‬إنها نسخ ٌة شبيه ٌة يل‪ ،‬أنا هنا‪ ،‬لست ذاك الشخص‪،‬‬ ‫استوعبت األمر كنت فز ًعا ً‬ ‫محاول الخروج من محطّة ال ّرقة الدولية لالنتقال الال‬ ‫ً‬ ‫اكضا‬ ‫أنا هنا الزلت ح ًّيا‪ ،‬ال أريد أن تقتلوين!»‪ .‬بعدها هرعت ر ً‬ ‫رغم عنك‪ ،‬وهم ينعتوك بالـ «مرتد»!‪.‬‬ ‫سليك‪ ،‬ولكن لألسف قبضت عليك هيئة الحسبة‪ ،‬وبدأوا بج ِّرك إىل غرفة البقايا ّ‬ ‫‪26‬‬


‫العنوانأنت؟‬ ‫من تكون‬

‫األسايس‬

‫‪Ali Alnajafi‬‬

‫بعد مرورك بهذه التجربة العصيبة‪ ،‬أود أن أسألك سؤالً ‪ :‬هل تعتقد أن االنتقال الال سليك – إن حصل بهذه الطريقة –‬ ‫هو صورة من صور النقل أم صورة من صور املوت؟‬ ‫مل يكن هذا السؤال ليبدو منطقيًا قبل بضعة أسطر من هنا‪ ،‬فكام ذكرت لك فوائد االنتقال الال سليك بأنّه آم ٌن ج ًدا عىل‬ ‫كل م ّرة‪ ،‬وكأنه طائر ٌة‬ ‫العكس من الطائرات املعرضة للسقوط بني الحني واآلخر‪ ،‬فجهاز االنتقال الال سليك هنا يقتلك ّ‬ ‫تسقط يف املحيط الهادي وتنفجر يف كل مرة ت ُقلع بها‪ ،‬ولكن الفرق الوحيد أ ّن جهاز االنتقال الال سليك يصنع نسخ ًة منك‬ ‫ال تصنعها الطائرة‪.‬‬ ‫كل رحلة انتقال ال سليك‪ ،‬ال يزال صديقهم موجو ًدا‪ ،‬بنفس شكله‬ ‫بالنسبة ألصدقائك وعائلتك‪ ،‬أنت الزلت بخري‪ ،‬فبعد ّ‬ ‫الخارجي‪ ،‬وبنفس مشاعره وأفكاره وعواطفه إلخ‪ ، ..‬كذا الحال بعد أن تعود زوجتك من رحلة عرب االنتقال الال سليك‬ ‫وعم شاهدته وما حصل أثناء عملها وتناقش معك خططها لألسبوع القادم‪ .‬ولكن لو فكرت يف األمر‬ ‫فتحدثك عن يومها ّ‬ ‫فإن زوجتك قد قتلت يف أول رحلة انتقال ال سليك وهذه التي تحدثها والتي تق ّبلها وتنام معها عىل الرسير‪ ،‬ما هي ّإل‬ ‫نسخ ًة تم صنعها آل ّيا قبل بضع دقائق من اآلن‪.‬‬ ‫مر ًة أخرى‪ ،‬يعتمد األمر عىل ما تعتقد به‪ ،‬فإن كنت تعتقد بنظريّة البيانات فيجب أن يكون ذلك الشخص يف أوسلو هو‬ ‫نفس الشخص الذي يصحو يف الرقة‪ ،‬وبهذا يصبح االنتقال الال سليك أم ًرا ميكن النجاة منه‪ .‬ولكننا شاهدنا ما حصل لك‬ ‫أخر مرة كنت فيها يف محطة ال ّرقة الدولية لالنتقال الال سليك!‬ ‫ٍ‬ ‫لشخص أن يقبل بقتل نفسه ملجرد أن بياناته ستنجو وتحيا كنسخ ٍة كامل ٍة عنه يف مكان آخر؟ باإلضافة إىل‬ ‫هل ميكن‬ ‫هذا‪ ،‬إن قام جهاز االنتقال الال سليك بنقل بياناتك إىل أوسلو ونجوت‪ ،‬ماذا لو حصل خطأ ونُقلت بياناتك إىل خمسني‬ ‫مدين ٍة مختلفة‪ ،‬جميع النسخ منذ تلك اللحظة عاشت تجارب مختلفة يف مدنٍ غريبة متا ًما‪ ،‬فإذا تعرضت أنت للقتل‪،‬‬ ‫فهل هذه النسخ جمي ًعا هي أنت؟‬ ‫قليل عن بيانات دماغك التي وصلت‬ ‫أمل تتعرض هذه النسخ إىل تجارب مختلف ًة جعلت بيانات دماغها تكون مختلفة ً‬ ‫بنجاح إىل أوسلو؟ رمبا نجت نسخ ٌة ما من بني الخمسني نسخة‪ ،‬وتعرضت إىل حيا ٍة مختلف ٍة متا ًما عن حياتك‪ ،‬هل ال تزال‬ ‫قليل فإنك أنت تم قتلك يف ال ّرقة يف غرفة املغادرين‪ ،‬وهذه التي‬ ‫هي أنت؟ حتى وإن مل يحصل ذلك‪ ،‬إن فكرت باألمر ً‬ ‫وصلت إىل أوسلو هي نسخ ٌة ستم ّر يف تجارب مختلفة‪ ،‬وستحمل بيانات دما ٍغ مختلفة‪.‬‬ ‫صاعق ج ًدا لنظريّة البيانات‪.‬‬ ‫ّإن أرى يف تجربة االنتقال الال سليك تح ٍّد‬ ‫ٍ‬ ‫وعىل نفس املنوال‪ ،‬لو أخذنا الذات «‪ »ego‬عىل محمل االعتبار‪ .‬واعتربنا أنك أنت هو الذات‪ .‬فإن حصلت يل أنا (عيل‬ ‫النجفي) عملية النقل باالنتقال الال سليك‪ ،‬فسأرفضها قط ًعا‪ .‬ألن نجاة ٍ‬ ‫شخص ما يف مدينة أوسلو يُدعى عيل النجفي‪ ،‬ال‬ ‫أي يش ٍء بالنسبة يل!‬ ‫يعني ّ‬ ‫‪27‬‬


‫العنوانأنت؟‬ ‫من تكون‬

‫األسايس‬

‫‪Ali Alnajafi‬‬

‫صحيح أن هذه النسخة التي نجت رمبا تعود إىل محل سكنها لتُميض بعض الوقت مع نفس األصدقاء‪ ،‬وتستمر باإلرشاف‬ ‫ٌ‬ ‫عىل موقع قناة امللحدين بالعريب‪ ،‬وتكتب بني الحني واآلخر يف مجلة امللحدين العرب وتعيش الحياة وتخطط لها كام‬ ‫أي يش ٍء بالنسبة يل!‬ ‫أخطط أنا‪ ،‬ولكن هذا كله ال يعني ّ‬ ‫أنا سأموت‪ .‬ال أهتم بنجاة عيل النجفي‪ ،‬أهتم بنجاة ذايت‪ .‬وحقيقة أنه ال أحد سيفتقدين بعد مويت بسبب نجاة شخص‬ ‫يدعى عيل النجفي يف ذلك املكان هو أمر محزن يل‪.‬‬ ‫كل هذا يبدو كأخبار جيدة ج ًدا وعودة موفقة بالنسبة لنظريّة الجسد ونظريّة الدماغ‪ .‬ولكن ال تستعجلوا األمر‪ ،‬فلنلقي‬ ‫نظر ًة عىل أم ٍر جدير بالذكر هنا‪..‬‬ ‫تجربة فصل الدماغ‬ ‫من الحقائق املدهشة حيال الدماغ اإلنساين هي أن النصف األمين والنصف األيرس من الدماغ ينشطان بشكلٍ منفصل‪،‬‬ ‫كل يقلق حيال أم ٍر مختلف‪ .‬ولكن لو قمنا بإزالة نصف دماغ شخص ما‪ ،‬فلن ينجو ذلك الشخص‬ ‫كل يعيش عامله الخاص‪ٌ ،‬‬ ‫ٌ‬ ‫فحسب‪ ،‬بل سيتعلم نصفه املتبقي كيف يقوم مبهام رشيكه السابق‪ ،‬وميكن لإلنسان بعد ذلك أن يعيش حيا ًة طبيعي ًة‬ ‫بشكلٍ كامل‪ .‬نعم‪ ،‬ميكن لك أن تخرس نصف دماغك وتحيا بشكلٍ طبيعي‪.‬‬ ‫مرض مزم ٌن يف دماغه‪ ،‬فقررت أن تتربع له بنصف‬ ‫فلنفرض إذًا أ ّن لديك أ ًخا توأ ًما اسمه عمر‪ ،‬ولكن عمر هذا كان لديه ٌ‬ ‫دماغك‪ ،‬فدخلتام العملية سوي ًة وأزال األطباء دماغه بأكمله واستبدلوه بنصف دماغك‪ .‬وحني استيقاظك بعد العملية‬ ‫بشكل طبيعي‪ ،‬ستشعر بأنّك ال تزال أنت‪ .‬أ ّما أخاك التوأم – والذي يحمل نفس مادتك الوراثية ألنكام توأم حقيقي –‬ ‫أيضا بشكلٍ طبيعي‪ ،‬ولكنه يحمل شخصيتك وأفكارك وذكرياتك‪.‬‬ ‫فيستيقظ ً‬

‫‪28‬‬


‫العنوانأنت؟‬ ‫من تكون‬

‫األسايس‬

‫‪Ali Alnajafi‬‬

‫حينام تدرك ذلك‪ ،‬ستذعر للحظة‪ ،‬فأخوك التوأم يعرف اآلن أفكارك ومشاعرك الرسيّة‪ ،‬جمي ًعا بال استثناء‪ .‬كل تخيالتك‬ ‫بأي منها‬ ‫ورغباتك الجنسية‪ ،‬جميع األفعال الال أخالقية التي قمت بها‪ ،‬حينها ستشعر برغبة أن تطلب منه أن ال يفصح ٍّ‬ ‫ألي أحد‪ .‬ولكن أخاك اآلن يحمل أفكارك وشخصيتك وذكرياتك أنت‪ ،‬إنه أنت بذاتك‪ ،‬فقد صار يحمل نفس الرغبات‬ ‫ِّ‬ ‫والخياالت الجنسية ويظ ُّن أنه قد فعل نفس األفعال الال أخالقية‪.‬‬ ‫بدل‬ ‫لسبب آخر‪ ،‬مبجموعة من األسئلة هذه املرة‪« :‬ملاذا مل أصحو داخل جسد عمر ً‬ ‫ومع ذلك‪ ،‬سيصيبك الذعر اآلن‬ ‫ٍ‬ ‫حاسوب يحتوي عىل شاشتني ولوحتي مفاتيح‬ ‫من جسدي؟ كال الدماغني يعودان يل باألصل‪ ،‬فلام ال أفكر وأرى كجهاز‬ ‫ٍ‬ ‫وأي جز ٍء مني يف جسد عمر اآلن؟ وملاذا فقدت الشعور به وكأنه جزء مني؟»‪ .‬أسئلتك منطقي ٌة ج ًدا‪،‬‬ ‫وذاكريت تخزين؟ ُّ‬ ‫هل تقبع أنت اآلن يف جسدك؟ أم يف جسد عمر؟ من تكون أنت؟‬ ‫واآلن‪ ،‬نظريّة الدماغ مل تعد صالحة‪ ،‬والتجربة السابقة كانت ٍ‬ ‫تحد كبري لها‪ ،‬فإن كان الناس يكونون حيثام تكون أدمغتهم‪،‬‬ ‫فام الذي يحصل حينام يكون دماغ واحد يف مكانني منفصلتني؟ ونظريّة البيانات – التي مل تنفعنا يف تجربة االنتقال الال‬ ‫أيضا‪.‬‬ ‫سليك – مل تنفع هنا ً‬ ‫ولكن نظريّة الجسد‪ ،‬تعود بق ّو ٍة قائلة‪« :‬بالطبع صحوت يف جسدك! فجسدك هو ما يجعلك أنت‪ .‬دماغك مجرد أدا ٍة‬ ‫يستخدمها جسدك للتفكري‪ .‬عمر ليس أنت‪ ،‬عمر هو عمر‪ .‬وما هو اآلن إال عم ًرا يحمل أفكارك وذكرياتك وشخصيتك!»‪.‬‬ ‫حس ًنا‪ ،‬بالفعل‪ ،‬أول نظريّة قمنا برميها بعي ًدا يف املقال عادت هنا بقوة‪ .‬ولكن ال يزال لدينا أمران يجب أخذهام بعني‬ ‫االعتبار‪ ،‬فال تستعجل الحكم‪.‬‬ ‫تعلّمنا يف تجربة االنتقال الال سليك أننا إن قمنا بنقل بيانات دماغك إىل ٍ‬ ‫جسد آخر أو دما ٍغ آخر‪ ،‬حتى وإن كان هذا‬ ‫غريب‪ ،‬ولكن يشبهك متا ًما‬ ‫شخص‬ ‫مامثل متا ًما لجسدك‪ّ ،‬‬ ‫الجسد ً‬ ‫فكل ما عملناه هو أننا خلقنا نسخة أخرى عنك‪ ،‬هي ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫ويحمل نفس بيانات دماغك‪ ،‬وكأ ّن هناك يش ٌء ممي ٌز يف نفسك التي م ّرت بالتجربة املريرة يف ال ّرقة‪ .‬يش ٌء جعلك أنت‬ ‫تكون أنت‪.‬‬ ‫بحسب نظريّة الجسد‪ ،‬فإن اإلختالف بينك يف ال ّرقة وبينك يف أوسلو هو أنّك يف ال ّرقة كنت مصنو ًعا من ذ ّر ٍ‬ ‫ات مختلف ٍة‬ ‫ٍ‬ ‫بجسد يشبه جسدك ولكنه مختلف بالتأكيد‪.‬‬ ‫عن تلك التي ُصنعت منها نسختك يف أوسلو‪ .‬فنسختك يف أوسلو كانت‬ ‫فهل هذه اإلجابة التي نبحث عنها؟‬

‫‪29‬‬


‫العنوانأنت؟‬ ‫من تكون‬

‫األسايس‬

‫‪Ali Alnajafi‬‬

‫تجربة استبدال الخاليا‬ ‫شخصا آخر؟ كال‪ ،‬بالطبع ستظل أنت‬ ‫تخ ّيل أنني استبدلت خلي ًة واحد ًة من يدك‪ ،‬هل ستصبح أنت الذي تقرأ هذا املقال ً‬ ‫أنت‪ .‬ماذا لو استبدلت ‪ 1%‬من خالياك؟ أو ‪ 10%‬أو ‪ ،40%‬ماذا عن ‪80%‬؟ تذكّر أ ّن نسخة أوسلو التي إعتربناها مج ّرد‬ ‫ٍ‬ ‫«شخص‬ ‫نسخ ٍة عنك وليست أنت‪ ،‬كانت مكون ٌة من ‪ 100%‬من الخاليا الجديدة‪ .‬فمتى يحصل االنتقال من «أنت» إىل‬ ‫آخر»؟ كم من الخاليا يجب أن نب ّدل حتى متوت أنت ويصبح لدينا نسخ ًة جديدة؟‬ ‫شخص ما يشاهد‬ ‫عىل فرض أ ّن جميع الخاليا التي نقوم بإبدالها هي مطابق ٌة مئة باملئة لخالياك األصلية‪ ،‬وإذا كان لدينا ٌ‬ ‫بأي تغيريٍ يحصل لك‪ ،‬فيبدو من غري املنطقي أنك ستموت يف نقط ٍة مع ّين ٍة‬ ‫ما يحصل‪ ،‬فلن يُالحظ هو ولن تشعر أنت ِّ‬ ‫من هذه التجربة‪ ،‬حتى وإن استبدلنا مئ ًة باملئة من خالياك‪ ،‬ولكن إن كانت خالياك جميعها عبار ًة عن نُسخ‪ ،‬فكيف‬ ‫ستختلف عن نسخة أوسلو؟‬

‫تجربة نرث الجسد‬

‫تخيل أنّك دخلت يف غرفة لنرث الذ ّرات‪ ،‬تقوم بنرث ذ ّراتك لتتح ّول إىل غا ٍز يطفو‪ ،‬وبعد بضع دقائق‪ ،‬تقوم هذه الغرفة‬ ‫بإعادة ترتيب ذ ّراتك إىل ٍ‬ ‫جسد من جديد‪ ،‬لتخرج من الغرفة وكأ ّن شيئًا مل يكن‪.‬‬

‫‪30‬‬


‫العنوانأنت؟‬ ‫من تكون‬

‫األسايس‬

‫‪Ali Alnajafi‬‬

‫مت بعد نرثك وما هذه إال نسخ ًة شبيه ًة لك؟ قد تجادل بأ ّن هذا‬ ‫هل الجسد الذي خرج من الغرفة هو أنت؟ أم أنّك َّ‬ ‫أنت وليس نسخ ًة شبيهة‪ .‬ولكن هذا ال يبدو منطق ًيا‪ ،‬فام الفرق بينك والنسخة التي تم صنعها يف أوسلو؟ الفرق الوحيد‬ ‫يف الذ ّرات التي صنعت نسختك يف أوسلو هي غري ذ ّرات‪ .‬ولكن‪ ،‬حتى يف أدق تفاصيلها تتشابه الذ ّرات فيام بينها بدرج ٍة‬ ‫متامثل ٍة مئة باملئة‪ ،‬فجميع ذ ّرات الهيدروجني يف الكون تتشارك يف كونها تحتوي عىل إلكرتون واحد ونفس العدد الذ ّري‬ ‫أي صف ٍة يف الذ ّرة سيحولها إىل ذ ّر ٍة مختلف ٍة أو نظريٍ من النظائر الكيميائية‪ .‬باملحصلة‪ ،‬إن‬ ‫تغي َّ‬ ‫وغريها من الصفات‪ .‬وإ ّن ُّ‬ ‫أيضا‪.‬‬ ‫قررنا أن ما نتج يف غرفة الوافدين يف أوسلو ليس أنت‪ ،‬فام نتج عن تجربة نرث الجسد مل يكن أنت ً‬ ‫أيضا‪ .‬ولكن رمبا بدأت تتضح األمور شيئًا فشيئا‪ .‬دعوين أشاركم‬ ‫يبدو أن نظريّة الجسد مل تعد صالحة‪ ،‬وتواجه التحديات ً‬ ‫إستنتاجي من جميع تلك التجارب والسيناريوهات املفرتضة سابقًا‪.‬‬ ‫الفرق الذي جعلك «أنت» هو أنت يف ال ّرقة والذي جعل نسختك يف أوسلو نسخة عنك‪ ،‬ليس ألن الذ ّرات هي نفسها‬ ‫التي تك ّون جسدك‪ ،‬وليس دماغك‪ ،‬وليست بيانات دماغك‪ ،‬بل أستطيع أن أرى اآلن بشكل واضح أن الفرق هو‬ ‫قتيل – مل نعتربك ميتًا بعدها – رمبا ألنها‬ ‫االستمرارية ‪ .Continuity‬فتجربة استبدال الخاليا واحد ًة بعد أخرى مل ترديك ً‬ ‫قامت بتغيري خالياك واحد ًة بعد األخرى‪.‬‬ ‫بينام إن اعتربنا تجربة نرث الجسد قد أدت إىل قتلك وما أنت اآلن سوى نسخ ٌة عن األصل‪ ،‬فهذا ألنها قامت بنرث خالياك‬ ‫جمي ًعا يف آنٍ واحد‪ ،‬مام أدى إىل كرس استمراريتك‪.‬‬ ‫مام يفرس لنا سبب اعتبار جهاز النقل عرب االنتقال الال سليك جها ٌز قاتل‪ ،‬فنسختك يف أوسلو ليس لديها أيّة استمرارية‬ ‫مع حياتك السابقة‪.‬‬ ‫فهل وجدنا اآلن التفسري املنطقي بعد كل هذه السيناريوهات والتجارب املفجعة؟ بعد أن نقل العالِم املجنون دماغك‬ ‫شخص أخر‪ ،‬ونقل بيانات دماغك إىل دماغ ٍ‬ ‫إىل دماغ ٍ‬ ‫شخص آخر – وليس أي شخص أخر‪ ،‬بل هو مع ّمر القذايف بذاته –‬ ‫وقام جنود الخالفة‪ ،‬أو ما يعرف بهيئة الحسبة بقتلك وهم ينعتوك باملرتد!‪ ،‬وتربعت بنصف دماغك إىل شقيقك الذي‬ ‫أساسا؟‬ ‫مل تكن متأك ًدا إن كان هو أنت أم أنت هو‪ ،‬ومن أنت ً‬ ‫كل من نظريّة الجسد ونظريّة الدماغ ونظريّة البيانات‪ ،‬هل ما يحدد هويتك وذاتك‬ ‫بعد جميع التحديات التي واجهها ٌ‬ ‫هي االستمرارية؟‬ ‫إن سألتك‪ :‬من تكون أنت؟ هل ستجيبني «أنا استمرار ملجموع ٍة من الخاليا الحيّة التي بدأت بالوجود لحظة تخصيب‬ ‫الخل ّية»؟‬ ‫‪31‬‬


‫العنوانأنت؟‬ ‫من تكون‬

‫األسايس‬

‫‪Ali Alnajafi‬‬

‫نظريّة االستمرارية‬ ‫لدي ذكرياتٌ قليل ٌة عن جدي أكاد أن أنساها كل ًيا‪ ،‬دعني أذكر لك واحد ًة منها‪ :‬يف إحدى املرات‪ ،‬بينام كنت أنا وجدي‬ ‫قائل‪« :‬هذا أنا!»‪.‬‬ ‫أعوام ً‬ ‫نتصفح ألبو ًما قدميًا ج ًدا للصور‪ ،‬أشار إىل صور ٍة قدمي ٍة لطفلٍ عمره تقري ًبا ستة ٍ‬ ‫ما قاله صحيح‪ ،‬ولكن فكر يف األمر مليًا‪ ،‬هل يُعقل أ ّن هذا الذي يجلس بجانبي بوجهه امليلء بالتجاعيد‪ ،‬وجسده الهزيل‬ ‫وبعضا من أثار الحرب التي خاضها العراق ضد‬ ‫الزاخر بالخاليا التي أشبعها الكرياتني‪ ،‬فصارت صلب ًة أكرث مام ينبغي‪ً ،‬‬ ‫قلب تشتكيه أملًا حينام يجهد نفسه‪ٍ ،‬‬ ‫متورم من كرثة رشب الكحول‪ ،‬وغريها‪ ..‬هل يُعقل أنّه نفس‬ ‫إرسائيل‪ ،‬وعضلة ٍ‬ ‫وكبد ٍ‬ ‫الولد يف الصورة؟ وأ َّن جميع خالياه قد تبدلت منذ أن ُولد إىل اللحظة هذه؟ ناهيك عن الشخصية‪ ،‬فالفردين – جدي‬ ‫الذي يجلس جنبي وجدي الطفل الذي يف الصورة – مختلفني متا ًما يف طريقة التفكري والذكريات واملشاعر وطرق التعبري‬ ‫سيفضلن مصاحبة أحدهام لألخر حتى‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫واملشاعر‪ ،‬ال أعتقد أنهام‬ ‫ولكن كام قلنا قبل بضعة سطور من هنا‪ ،‬رمبا يتعلق األمر باالستمرارية‪ ،‬فام يشرتك به جدي يف الصورة عن جدي ذو‬ ‫الـ ‪ 88‬عا ًما وال يشرتك به مع أي شخص يف األرض‪ ،‬هو ‪ 82‬عا ًما متصل ًة مستمر ًة بكل أشهرها وأيامها وساعاتها ولحظاتها‪،‬‬ ‫ربا تتغري تدريج ًيا‪ ،‬ولكنها ال تنتهي ولو للحظ ٍة واحد ٍة من‬ ‫كحلق ٍة متصل ٍة من الذكريات وامل ّيزات الشخصية والجسديّة‪ّ ،‬‬ ‫الزمن‪.‬‬ ‫األمر أشبه بسيار ٍة كان ميلكها ج ّدي منذ السبعينات ويعتز‬ ‫بها‪ ،‬حتى مات‪ .‬مل يجرؤ أح ٌد عىل تشغيلها وما زالت يف‬ ‫كراج بيته – معطّل ٌة عىل األغلب‪ .‬خالل أربعني سن ٍة من عمر‬ ‫السيارة كان جدي يحافظ عليها ويعتني بها أكرث من عنايته‬ ‫فيغي طالئها‪،‬‬ ‫بجديت‪ ،‬فبني فرتة وأخرى‪ ،‬كان يغري شيئًا ما فيها‪ّ ،‬‬ ‫ويغري مقاعدها‪ ،‬ويغري آالتها‪ ،‬حتى أنها – قبل أن يرحل‬ ‫أي‬ ‫جدي بفرتة قليلة – مل تعد كالسابق بتات ًا‪ ،‬مل يعد فيها ُّ‬ ‫قطعة قامت الرشكة املنتجة بإنتاجها يف مطلع السبعينات‪.‬‬ ‫جميع القطع تغريت‪ ،‬وعىل الرغم من ذلك فنعتربها – نحن‬ ‫أقارب الراحل – نفس الس ّيارة‪ ،‬فال نود بيعها أو استخدامها‪.‬‬ ‫‪32‬‬


‫العنوانأنت؟‬ ‫من تكون‬

‫األسايس‬

‫‪Ali Alnajafi‬‬

‫طريق ٌة أخرى أجدها أفضل للتفكري‪ ،‬تخيل غرف ٌة يستخدمها الناس‪ ،‬تحتوي عىل بضعة أمو ٍر مع ّينة‪ ،‬بعضها قدي ٌم وبعضها‬ ‫زائل‪ ،‬بعضها تعل ُم بوجوده وبعضها اآلخر ال‪ ،‬ولكن هذه الغرفة‪ ،‬مبا أنها مستخدمة‪ ،‬فستبقى متغرية‪ ،‬ولن تبقى أب ًدا عىل‬ ‫نفس حالها بعد أسبوع مثال‪ .‬من وجهة النظر هذه‪ ،‬ميكننا القول بأنك لست بيانات دماغك وال مساحة القرص الصلب‬ ‫التي تحتوي هذه البيانات (دماغك)‪ ،‬وال حتى األجهزة الرضورية لجعل هذه البيانات قابلة للتجدد والتغيري (جسدك)‪،‬‬ ‫بل أنت قاعدة البيانات‪.‬‬ ‫إذًا أنت لست شيئًا ماديًا‪ ،‬بل تقرتب لكونك أم ًرا معنويًا‪ ،‬أو مفهو ًما‪ .‬أنت مفهو ٌم كقاعدة بيانات‪ ،‬قاعدة بيانات تتغري‬ ‫وتتجدد وتنمو بشكلٍ تدريجي‪ .‬ولك ّن هذا ال ينطبق عليك فحسب‪ ،‬بل ينطبق عىل جميع البرش‪ ،‬فالجميع قواعد بيانات‪،‬‬ ‫أيضا عىل الكائنات الحية فحسب‪ ،‬بل حتى جميع األشياء‪.‬‬ ‫وال ينطبق ً‬ ‫قريب ج ًدا من هذا االستنتاج‪ ،‬حني يذكر بأنه إن‬ ‫يتفق معي هنا الفيلسوف دايفد هيوم‪ ،‬عندما وصل إىل إستنتا ٍج‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫صفات معين ًة متيّزه عن باقي األشياء‪ ،‬وإن أردنا أن نعلم ما إذا كان هذا اليشء‬ ‫قلنا بوجود يش ٍء ما‪ ،‬فنحن نعني أن له‬ ‫مستم ًرا يف الوجود‪ ،‬فيجب أن نتابع صفاته فيام إذا كانت مستمرة‪ ،‬فاألشيا ُء ليست موجودة‪ ،‬بل صفاتها هي املوجود ٌة‬ ‫‪ ،‬وكذلك اإلنسان‪.‬‬ ‫مثل تفاح ًة دون صفات‪ ،‬إنها تفاح ٌة بال شكل‪ ،‬بال لونٍ أو أي صف ٍة تنسبها لباقي التفاح‪ ،‬هل عادت‬ ‫حاول أن تتخيل ً‬ ‫ٍ‬ ‫بيانات ملجموع ٍة من الصفات‪.‬‬ ‫التفاحة موجودة؟ فالتفاحة إذًا ما هي إال قاعدة‬ ‫عاد ًة ما يذكر املؤمنون كلمة «الروح»‪ ،‬وال أعلم ما يتحدثون عنه بالضبط! فكلمة الروح تبدو يل وكأنها تعب ٌري أديب عن‬ ‫ٍ‬ ‫كائنات ثديّة من فصيلة القردة اإلفريقية‬ ‫جز ٍء من الدماغ‪ ،‬أو محاول ٌة إلعطاء اإلنسان دفع ًة معنوي ٌة تجعله أكرث من مجرد‬ ‫العليا‪ ،‬أو رمبا تكون «الروح» محاول ًة إنساني ًة لتبني فكرة الخلود‪ .‬ال أعلم بالضبط ماذا تعني كلمة «الروح» بالنسبة لهم‪،‬‬ ‫أيضا ال يعلمون فيذكر لنا النص القرأين‪« :‬قل الروح من أمر ريب وما أوتيتم من العلم ّإل قليال» (اإلرساء‪ .)85:‬ولكن‬ ‫وهم ً‬ ‫إن كان املقصود بكلمة «الروح» هو ما يربط جدي ذو الثامنية ومثانني عا ًما بذلك الطفل يف الصورة ذو الستة أعوام‪.‬‬

‫‪33‬‬


‫العنوانأنت؟‬ ‫من تكون‬

‫األسايس‬

‫‪Ali Alnajafi‬‬

‫معنوي شبهته أنا بقاعد ٍة للبيانات‪.‬‬ ‫فأتفق معهم بوجود الروح‪ ،‬ولكنها ليست سوى أم ٍر‬ ‫ٍّ‬ ‫ملخصا بسيطًا ج ًدا عىل أحد األصدقاء‪ ،‬فقال يل‪:‬‬ ‫قبل كتابتي للمقال‪ ،‬عرضت‬ ‫ً‬ ‫«الفكرة جميلة‪ ،‬ولكن ما الفائدة من طرح موضو ٍع كهذا؟»‪.‬‬ ‫وأقتبس هنا قول الفيلسوف اإلنكليزي ديريك بارفيت قوله‪:‬‬ ‫سبب‬ ‫(جز ٌء ال يستهان به من معاناة اإلنسان ينتج عن نظر ٍة خاطئ ٍة للذات)‪ .‬أعتقد بصحة هذا القول كث ًريا‪ ،‬وأعتقد أنه ٌ‬ ‫ٍ‬ ‫كاف ج ًدا للتفكري يف هذا املوضوع‪.‬‬

‫ ‬

‫ ‬

‫مصادر لالستزادة‬

‫‪Hofstadter, Douglas R. Gödel, Escher, Bach: An Eternal Golden Braid, Basic Books, 1979‬‬ ‫‪Patrick Bailey: Concerning theories of personal identity, University of South Florida, 2004‬‬

‫‪34‬‬


‫الدين يحترض‬

‫آنتوين كلي ُف ْرد چ ِريلِ ْنچ‬ ‫ترجمة‪ :‬أسامة الوراق‬

‫مقال من مجموعة مقاالت للفيلسوف الربيطاين آنتوين‬ ‫كلي ُف ْرد چرِيلِ ْنچ نرشت كـ كتاب يحمل اسم‬

‫‪Against All Gods: Six Polemics on Religion and an Essay on Kindness‬‬

‫العنوان األصيل للمقال‪:‬‬ ‫‪The Death Throes of Religion‬‬

‫‪35‬‬


‫العنوان‬ ‫األسايس‬ ‫يحترض‬ ‫الدين‬

‫أسامة الوراق‬

‫ينزع الكثري من املحللني من كافة األطياف نحو القول بأن الدين يشهد اليوم انتعاشً ا من حيث االلتزام الديني ومن‬ ‫حيث تأثري الدين عىل حياة الناس‪ ،‬ونرى ذلك بد ًءا من‬ ‫كتابات إريك كوفمن ‪ Eric Kaufmann‬يف مجلـــــة‪ ،Prospect :‬إىل جون چريه ‪John Gray‬‬ ‫يف مجلــــــــــــة‪ ،New Statesman :‬و أيضا يف دميُن لِ ْنكَر ‪Damon Linker‬‬ ‫مؤلف كتاب‪The Theocons: Secular America Under Siege Doubleday 2006 :‬‬ ‫يعتمد كوفمن عىل ُحجة ضعيفة مفادها أن تحوالت الرتكيبة السكانية يف أوروپا سيحولها إىل قا ّرة متدينة‪ ،‬ففي حني‬ ‫يرجو جون چريه حدوث ذلك‪ ،‬نرى أن دميون لنكر مقتن ٌع بأن مؤامر ًة قام بها املحافظون املتدينون يف أمريكا قد‬ ‫ديني‪ -‬إذ صارت أمريكا معقل السياسة املبنية عىل الدين‪ ،‬ومعقل العلم املبني عىل‬ ‫َح َّولت البلد إىل ثيوقراطية‬ ‫ٍ‬ ‫حكم ٍ‬‫الدين (الخلقية يف علم األحياء ‪ ،)creationism‬ومعقل الطب املبني عىل الدين (معارضة اإلجهاض)‪ ،‬ومعقل السياسة‬ ‫الخارجية املبنية عىل الدين (الجهاد باسم قيم أمريكا املتدينة) وكذلك الهجوم عىل الحريات املدنية املبنية عىل الدين‪.‬‬ ‫ثم أضف إىل كل ذلك حالة ظهور اإلسالم السيايس (اإلسالموية)‪ .‬وبكل ذلك يتم إثبات ا ّدعاء ظهور الدين‪.‬‬ ‫لكنني أرى أن هذه القرائن ذاتها تشري يف الواقع إىل استنتاج معاكس‪ ،‬وأقول أن ما نشهده ليس انتعاشً ا للدين‪ ،‬بل‬ ‫سوابق تاريخي ٍة ملا يحدث اليوم‪ ،‬والثاين يأيت من‬ ‫هو احتضاره‪ ،‬وهنالك اعتباران يدعامن هذا االدعاء؛ أولهام أن هنالك‬ ‫َ‬ ‫تحليل طبيعة املامرسات السياسية الدينية املعارصة‪.‬‬ ‫لو عال صوت مجموعة ما من الناس‪ ،‬فهم عادة ير ّدون عىل استفزاز أثارهم‪ .‬فلو نظرنا إىل الحقبة الڤكتورية‪ ،‬نرى أنها‬ ‫ترتسم يف األذهان عادة بصورة ادعاء الِ َّعفة وال َو َرع وحركات ظهرت يف حينها كحركة مساعدة الذات‪ ،‬وحركة الزهد‬ ‫واالمتناع عن الرشب ومهامت إصالحية بعثتها الجامعات إىل األحياء الفقرية‪ .‬لكن مظاهر الحشمة املحافظة التي‬ ‫اتسمت بها تلك الحقبة مل تتولد إال لتفيش الفقر والثاملة وترك الدين واسترشاء البذاءة‪ ،‬فلقد امتألت بعض شوراع‬ ‫لندن يف تلك الفرتة بعاهر ٍ‬ ‫ليل يف تلك الشوارع‪ .‬بنفس هذا املعنى‪ ،‬نرى انتعاش‬ ‫ات قارصات‪ ،‬وكان من الخطر السري ً‬ ‫رص فيها حتى لو ت َّم الفوز‬ ‫الدين اليوم كرد فعلٍ عىل سوا ِد نقيضه‪ ،‬فهو ر ُد فعلٍ عىل هزمي ٍة يف ٍ‬ ‫حرب ال ميكن إحرا َز ن ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫معارك متفرق ٍة‪.‬‬ ‫ببضع‬

‫‪36‬‬


‫العنوان‬ ‫األسايس‬ ‫يحترض‬ ‫الدين‬

‫أسامة الوراق‬

‫وإليكم تلخيص ما يحدث اليوم‪ :‬يف النصف قرن املنرصم َوجد قس ٌم كب ٌري من املسلمني أنفسهم يف مواجهة تحدي‬ ‫العوملة الذي سهل نرش الثقافة والحضارة الغربية‪ ،‬وخاصة األمريكية‪ ،‬والتي أتت بنو ٍع من التعايل واالزدراء لثقافة‬ ‫املسلمني‪ .‬ثم الحقًا‪ ،‬استمد بعض هؤالء املسلمني ال ُجرأة مام بدا لهم من انتصار ٍ‬ ‫ات حققها جنود الدين عىل قوة‬ ‫عظمى عندما انترص مجاهدو أفغانستان عىل روسيا السوڤيتية‪ ،‬وهذه التوليفة ه ّيأت يف نفوسهم الشجاعة إلظهار‬ ‫معارضتهم للمد الحضاري الغريب ال بالكلمة وحسب بل‬ ‫وبالسالح كذلك‪.‬‬ ‫عندما يدفع هذا املناخ املُحتد الناشطني من مجموع ٍة‬ ‫ديني ٍة ما إىل محاولة فرض إرادتهم عىل املستوى الشعبي‬ ‫ومطالبتهم باالحرتام والدعم املايل (عن طريق املدارس‬ ‫ٍ‬ ‫مجموعات ديني ٍة أخرى ستحذو‬ ‫مثل)‪ ،‬فإن‬ ‫الدينية ً‬ ‫حذو األوىل بغية ّأل يتخلفوا عن الركب‪ .‬ففي بريطانيا‬ ‫مثل نرى أن النشاط اإلسالمي قد شكل منوذ ًجا قلدته‬ ‫ً‬ ‫مجموعاتٌ أخرى؛ فقلده السيخ عندما احتجوا عىل مرسحية أساءتهم‪ ،‬وقلده املسيحيون اإلنجيليون عندما احتجوا‬ ‫عىل أوپرا أساءتهم‪ ،‬وكذلك نرى كل تلك الجامعات تسعى للحصول عىل الدعم املايل من خالل مبادرات دينية وأخرى‬ ‫بني‪-‬دينية‪ .‬يُصغي لهم الساسة من باب التهدئة‪ ،‬وتتناقل وسائط اإلعالم أخبارهم‪ ،‬وهذا يزيد من حجم حضور تلك‬ ‫املجموعات‪ .‬يؤدي هذا إىل خلق انطباع بوجود منارصين للدين يف كل مكان‪ ،‬والتضخيم الزائد ألهميتهم يعزز من‬ ‫ثقتهم بأنفسهم‪ ،‬فيحصدون بعض اإلنجازات من جراء ذلك‪ ،‬ومن أمثلته نجاح وانتشار املدارس الدينية‪.‬‬ ‫لكن الواقع عىل األرض يف بريطانيا مختلف‪ ،‬إذ ال يزيد عدد من يرتادون دور العبادة من كنائس ومساجد ومعابد‬ ‫يهودي ٍة أسبوع ًيا بانتظام عىل العرشة يف املئة‪ ،‬وهذا الرقم يف ٍ‬ ‫تناقص إال بني أفراد املجموعات املهاجرة‪.‬‬

‫‪37‬‬


‫العنوان‬ ‫األسايس‬ ‫يحترض‬ ‫الدين‬

‫أسامة الوراق‬

‫من الصعب إذًا القول بأن الدين يشهد ظهو ًرا‪ .‬نسلّم بحقيقة أن نصف الربيطانيني ي ّدعون بغموض امتالك إميانٍ ما‪،‬‬ ‫لكن هذا اإلميان دائر ٌة واسع ٌة تشمل فيها إحيا ًء ملعتقدات صينية قدمية “كالفنچ شْ وِي” ‪ Feng Shui‬وقوى البلورات‬ ‫مثل‪ ،‬واإلميان بروح عيد ميالد املسيح وعيد الفصح‪ ،‬لكنهم عىل أرض الواقع يعيشون كعلامنيني‪ ،‬وسريتاعون‬ ‫السحرية ً‬ ‫مثل‪ ،‬والتي تأمر املرء بالتربع بكل ممتلكاته للفقراء دون‬ ‫لو طُلب إليهم العيش متبعني تعاليم املسيحية الحرفية ً‬ ‫تفكريٍ بالغد‪ ،‬وما إىل ذلك من تعاليم غري عملي ٍة‪ ،‬وحتى رجال الدين املسيحي أنفسهم ال يتبعون هذه األوامر‪.‬‬ ‫ويف أرجاء الدول الغربية نرى تكرا ًرا لهذه الصورة إال يف الواليات املتحدة‪ ،‬لكن حتى هناك‪ ،‬فالدين يتآكل‪.‬‬ ‫ميكن استخالص عرب ٍة من سابق ٍة تاريخي ٍة خالل حركة اإلصالح املضاد األوروپية‪ ،‬فعىل م ِّر قرنٍ من الزمن من بعد أن‬ ‫حرب ديني ٍة‬ ‫علق “مارتن لوثر” ‪ Martin Luther‬أطروحاته عىل باب كنيسة “ ِڤ ِتنبريچ” ‪ Wittenberg‬غرقت أوروپا يف ٍ‬ ‫رضوس‪ ،‬والسبب هو أن الكنيسة كانت تفقد من هيمنتها عىل حياة الناس ومل تكن مستعد ًة لحدوث ذلك دون قتا ٍل‪.‬‬ ‫ومات املاليني يف خضم ذلك‪ ،‬وفازت الكاثوليكية ببعض املعارك رغم خسارتها الحرب‪.‬‬ ‫وما نشهده اليوم ما هو إال تكرار لذلك‪ ،‬تقاوم فيه اإلسالموية زحف ومتدد منط حيا ٍة يهددها وتشاركها فيه دياناتٌ‬ ‫عام‪ ،‬وإن كان هذا التحالف مؤقتًا لتعارضه مع مبدأ حرصية حقيقة الدين‪.‬‬ ‫أخرى بغية الدفاع عن الدين بشكلٍ ٍ‬ ‫وكَام حدث يف السابق ستكون هذه التغريات العظيمة مؤملة ومطولة‪ ،‬لكن النتيجة واضحة ال يعرتيها شك‪.‬‬ ‫سينجو الدين طب ًعا وسيستمر كمامرسات شعائر تقوم بها أقلياتٌ ‪ ،‬لكن يف حلبة الحياة العامة وعىل املستوى العاملي‬ ‫يبدو أن الدين يخوض معركته األخرية وهي كالعادة معرك ٌة دامي ٌة‪.‬‬

‫‪38‬‬


39


‫‪McKie Theman‬‬ ‫ترجمة‬

‫الفضائ ّيون يف اإلنجيل‬ ‫زكريا ‪ :‬اإلصحاح الخامس و اللفافة الطائرة‬

‫النص كفاي ًة‪ ،‬سيعرتف بأي يش ٍء تريده »‬ ‫« إذا قمت بتعذيب ّ‬ ‫تشاك ميسلر‬ ‫املفضل لر ّواد نظريّة الفضائيون‬ ‫اإلنجيل يف العادة‪ ،‬هو املصدر‬ ‫ّ‬ ‫القدامى‪ ،‬لكن حني ال يتالءم اإلنجيل مع آرائهم فإن الطاولة تنقلب‬ ‫عليهم ويحاولون حينها تشويه سمعة اإلنجيل‪ ،‬وهذا عاد ًة يتم بوضع‬ ‫بدل من الله‪ ،‬وحرش كائنات فضائ ّية يف سياق النص‬ ‫الكائنات الفضائ ّية ً‬ ‫وخري مثا ٍل عىل هذا هو ماكن ٌة املن وافتتاح ّية سفر حزقيال وغريها‪.‬‬ ‫‪40‬‬


‫العنوان‬ ‫األسايسيف اإلنجيل‬ ‫الفضائ ّيون‬

‫‪McKie Theman‬‬

‫املفضل لر ّواد نظريّة الفضائ ّيني القدامى‪ ،‬لكن حني ال يتالئم اإلنجيل مع آرائهم فإن‬ ‫اإلنجيل يف العادة‪ ،‬هو املصدر ّ‬ ‫بدل من الله‪،‬‬ ‫الطاولة تنقلب عليهم ويحاولون حينها تشويه سمعة اإلنجيل‪ ،‬وهذا عاد ًة يتم بوضع الكائنات الفضائ ّية ً‬ ‫ٍ‬ ‫كائنات فضائ ّي ٍة يف سياق النص؛ وخري مثا ٍل عىل هذا هو ماكن ٌة املن وافتتاح ّية سفر حزقيال وغريها‪.‬‬ ‫وحرش‬ ‫أضف إىل مجموعة االتصال بالفضائ ّيني هذه‪ ،‬ما يوجد يف اإلصحاح الخامس من سفر زكريا‪ ،‬حيث يرى(الدرج الطائر)‬ ‫يف رؤيته‪ ..‬والكلمة الرئيسيّة هنا هي (رؤيا) كام نرى‪ ،‬ومع هذا الدرج أو املخطوطة الطائرة نرى هناك امرأ ًة حامل ًة مع‬ ‫طاعونًا أو نو ًعا آخ ًرا من العقاب‪:‬‬ ‫‪َ 7‬وإِذَا ِب َو ْزنَ ِة َر َص ٍ‬ ‫اص ُر ِف َع ْت‪َ .‬وكَانَ ِت ا ْم َرأَ ٌة َجالِ َس ٌة ِف َو َس ِط ا ِإلي َف ِة‪.‬‬ ‫‪ 8‬فَق َ​َال‪ِ :‬‬ ‫الش»‪ .‬فَطَ َر َح َها إىل َو َس ِط ا ِإلي َف ِة‪َ ،‬وطَ َر َح ثِق َْل ال َّر َص ِ‬ ‫اص َع َل فَ ِم َها‪.‬‬ ‫«هذ ِه ِه َي َّ ُّ‬ ‫دليل ٍ‬ ‫كاف عىل الفضائ ّيني؛ بعض الناس يقوم بالكثري من‬ ‫بالنسبة للكثري من الناس‪ ،‬الدرج الطائر ووزنة الرصاص‪ ،‬هو ٌ‬ ‫للتوصل إىل النتيجة التي تثبت وجود الفضائيّني يف اإلنجيل ويضيف إليها وجود نا ٍر نوويّ ٍة‪ ..‬فام‬ ‫التحاليل املتقافزة‬ ‫ّ‬ ‫الجدوى من وجود فضائ ّيني من دون ليزر؟‪.‬‬ ‫لكن ولسوء حظّهم‪ ،‬فإن تحويل هذا الدرج الطائر إىل يش ٍء فضا ٍّيئ ليس منطق ًّيا لع ّدة أسباب‪ ،‬وقبل البدء رمبا عليك أن‬ ‫تقرأ سفر زكريّا بنفسك‪ ،‬ليك تكون عندك فكر ٌة عن املوضوع؛ فهي مثري ٌة لالهتامم حقّا‪.‬‬ ‫ملخص باملوضوع‪:‬‬ ‫و هنا‬ ‫ٌ‬ ‫اإلصحاحات التي تسبق اإلصحاح الخامس تتحدث بوضو ٍح عن الرؤيا السامويّة لعامل األرواح‪ ،‬ففي اإلصحاح األول‪،‬‬ ‫يتكلم زكريّا عن رؤيا بخصوص أحصن ٍة حمرا ٍء وقرونٍ تحلّق يف الهواء؛ واملفاجأة أنه مل ي ّدعي أي ٍ‬ ‫أحد أن هذه القرون‬ ‫هي فضائ ّيني‪ ..‬أو سيفعلون قريبا‪.‬‬ ‫‪َ 1:8‬رأَيْ ُت ِف اللَّ ْيلِ َوإِذَا ِب َر ُجل َراكِ ٍب َع َل فَ َر ٍس أَ ْح َم َر‪َ ،‬و ُه َو َوا ِق ٌف بَ ْ َي ِ‬‫اآلس ال َِّذي ِف الظ ِِّّل‪َ ،‬و َخلْ َف ُه َخ ْي ٌل ُح ْم ٌر َوشُ ْق ٌر‬ ‫َوشُ ْه ٌب‪.‬‬ ‫‪ :1:18‬فَ َرفَ ْع ُت َع ْي َن َّي َونَظَ ْرتُ َوإِذَا ِبأَ ْربَ َع ِة قُ ُرونٍ ‪.‬‬‫اإلصحاح الثاين يستمر بالحديث عن الرؤيا بإظهار رجلٍ ومعه رشيط ق ّي ٍ‬ ‫اس‪:‬‬ ‫‪ - 2:1‬فَ َرفَ ْع ُت َع ْي َن َّي َونَظَ ْرتُ َوإِذَا َر ُج ٌل َو ِب َي ِد ِه َح ْب ُل ِق َي ٍ‬ ‫اس‪.‬‬

‫‪41‬‬


‫العنوان‬ ‫األسايسيف اإلنجيل‬ ‫الفضائ ّيون‬

‫‪McKie Theman‬‬

‫اإلصحاح الثالث يُظهر انتقال الرؤيا إىل عرش الرب والكائن األعظم والشيطان ومالك الرب‪:‬‬ ‫‪َ 3:1‬وأَ َر ِان يَ ُهوشَ َع الْكَا ِه َن الْ َع ِظي َم ق َِائًا قُ َّدا َم َمال َِك ال َّر ِّب‪َ ،‬والشَّ ْيطَا ُن قَائِ ٌم َع ْن َيِي ِن ِه لِ ُيقَا ِو َم ُه‪.‬حيث تم االعتقاد أن مالك‬‫سابق للمسيح‪ ،‬وبعض التعليقات تذهب للقول أن يهوشع (أحد مرادفات اسم يسوع)‪ ،‬ليس‬ ‫تجس ٍد ٍ‬ ‫الرب ليس سوى ّ‬ ‫سوى تهيّ ٌؤ لدور يسوع املستقبيل ككاهنٍ أعىل‪ ،‬ويبدو أن هذا تم تأكيده يف اإلصحاح السادس حيث يتم تتويج الكاهن‬ ‫ٍ‬ ‫واجبات كهنوت ّي ٍة وهكذا‪.‬‬ ‫بأي‬ ‫يصح أن يقوم ّ‬ ‫األعىل يهوشع‪ ،‬وهذا يش ٌء ليس وار ًدا يف الثقافة اإلرسائيلية‪ ،‬حيث أن امللك ال ّ‬ ‫نقاش عن أغصان‬ ‫وفقط قبل اإلصحاح الخامس حيث بدأت اال ّدعاءات الفضائ ّية‪ ،‬يأيت اإلصحاح الرابع الذي يظهر به ٌ‬ ‫الزيتون واملصابيح التي تظهر أمام عرش الرب‪:‬‬ ‫ذهب وكوزها عىل رأسها‪ ،‬وسبعة رس ٍج عليها وسبع أنابيب‬ ‫‪ 4:2‬وقال يل ماذا ترى‪ ،‬فقلت‪ :‬قد نظرت وإذا مبنار ٍة كلّها ٌ‬‫للرسج التي عىل رأسها‪.‬‬ ‫‪ 4:3‬وعندها زيتونتان إحداهام عن ميني الكوز واألخرى عن يساره‪.‬‬‫هذا ‪ -‬عىل األقل بالنسبة يل‪ -‬تذك ٌري بسفر الرؤيا حيث‬ ‫تظهر سبع مصابيح هناك‪ ..‬يوجد اختالفاتٌ لكن التصوير‬ ‫متشاب ٌه ببعض األشكال‪.‬‬ ‫إىل هنا يجب أن ننبّه مج ّد ًدا إىل أن كل يش ٍء لحد اآلن‪،‬‬ ‫هو مج ّرد رؤيا تحصل يف عامل األرواح‪ ،‬كل يش ٍء رآه زكريّا‬ ‫هو فقط جز ٌء من رؤياه ومن عامل األرواح؛ كام أنها متثل‬ ‫شيئًا حصل حرف ًّيا ولديه شأ ٌن يف إظهار خطّة الرب لشعبه‬ ‫(اليهود)‪.‬‬ ‫يف هذا التعليق الخاص بدايفدغوزيك ‪David‬‬ ‫‪(Guzik‬أسقف كنيسة كالفاري يف سانتا باربرا ‪ -‬كاليفورنيا)‬ ‫يل أن مضمون هذه الرؤيا هو عن عودة اليهود من النفي‬ ‫املنشور ً‬ ‫أيضا يف موقع إنجيل الحرف األزرق‪ ،‬يظهر من الج ّ‬ ‫أمل ملستقبلهم؛ إضاف ًة إىل تنبؤ لظهور املسيح‪.‬‬ ‫البابيل وإعطائهم ً‬

‫‪42‬‬


‫العنوان‬ ‫األسايسيف اإلنجيل‬ ‫الفضائ ّيون‬

‫‪McKie Theman‬‬

‫مع وضع هذا يف البال‪ ،‬لننتقل اآلن إىل اإلصحاح الخامس من سفر زكريّا‪:‬‬ ‫‪ 1‬فَ ُعدْتُ َو َرفَ ْع ُت َع ْي َن َّي َونَظَ ْرتُ َوإِذَا ِب َد ْر ٍج طَائِرٍ‪.‬‬‫ش أَ ْذ ُرعٍ»‪.‬‬ ‫شو َن ِذ َرا ًعا‪َ ،‬و َع ْر ُض ُه َع َ ُ‬ ‫‪ 2‬فَق َ​َال ِل‪َ « :‬ماذَا ت َ َرى؟» فَ ُقل ُْت‪« :‬إِ ِّن أَ َرى َد ْر ًجا طَائِ ًرا‪ ،‬طُولُ ُه ِع ْ ُ‬‫‪ 3‬فَق َ​َال ِل‪ِ :‬‬‫«هذ ِه ِه َي اللَّ ْع َن ُة الْ َخا ِر َج ُة َع َل َو ْج ِه ك ُِّل األَ ْر ِض‪ .‬ألَ َّن ك َُّل َسارِق يُ َبا ُد ِم ْن ُه َنا ِب َح َس ِب َها‪َ ،‬وك َُّل َحالِ ٍف يُ َبا ُد ِم ْن‬ ‫ُه َن َاك ِب َح َس ِب َها‪.‬‬ ‫‪ 4‬إِ ِّن أُ ْخ ِر ُج َها‪ ،‬يَق ُ‬‫ِيت ِف َو َس ِط بَ ْي ِت ِه َوتُ ْف ِني ِه َم َع‬ ‫السارِقِ َوبَ ْي َت الْ َحالِ ِف ب ِْاس ِمي زُو ًرا‪َ ،‬وتَب ُ‬ ‫ُول َر ُّب الْ ُج ُنو ِد‪ ،‬فَتَ ْد ُخ ُل بَ ْي َت َّ‬ ‫َخشَ ِب ِه َو ِح َجا َرتِ ِه»‪.‬‬ ‫‪ 5‬ث ُ َّم َخ َر َج الْ َمال َُك ال َِّذي كَلَّ َم ِني َوق َ​َال ِل‪« :‬ا ْرفَ ْع َعيْ َنيْ َك َوانْظُ ْر َما هذَا الْ َخار ُِج»‪.‬‬‫«هذ ِه ِه َي ا ِإلي َف ُة الْ َخا ِر َج ُة»‪َ .‬وق َ​َال‪ِ :‬‬ ‫‪ 6‬فَ ُقل ُْت‪َ « :‬ما ُه َو؟» فَق َ​َال‪ِ :‬‬‫«هذ ِه َع ْي ُن ُه ْم ِف ك ُِّل األَ ْر ِض»‪.‬‬ ‫‪َ 7‬وإِذَا ِب َو ْزنَ ِة َر َص ٍ‬‫اص ُر ِف َع ْت‪َ .‬وكَانَ ِت ا ْم َرأَ ٌة َجالِ َس ٌة ِف َو َس ِط ا ِإلي َف ِة‪.‬‬ ‫‪ 8‬فَق َ​َال‪ِ :‬‬‫الش»‪ .‬فَطَ َر َح َها إىل َو َس ِط ا ِإلي َف ِة‪َ ،‬وطَ َر َح ثِق َْل ال َّر َص ِ‬ ‫اص َع َل فَ ِم َها‪.‬‬ ‫«هذ ِه ِه َي َّ ُّ‬ ‫يح ِف أَ ْج ِن َح ِته َِم‪َ ،‬ولَ ُه َم أَ ْج ِن َح ٌة كَأَ ْج ِن َح ِة اللَّ ْقل َِق‪ ،‬فَ َرفَ َعتَا ا ِإلي َف َة بَ ْ َي‬ ‫‪َ 9‬و َرفَ ْع ُت َع ْي َن َّي َونَظَ ْرتُ َوإِذَا بِا ْم َرأَت ْ َِي َخ َر َجتَا َوال ِّر ُ‬‫الس َم ِء‪.‬‬ ‫األَ ْر ِض َو َّ‬ ‫‪ 10‬فَ ُقل ُْت لِلْ َمال َِك ال َِّذي كَلَّ َم ِني‪« :‬إىل أَيْ َن ُه َم ذَا ِه َبتَانِ بِا ِإلي َف ِة؟»‪.‬‬‫‪ 11‬فَق َ​َال ِل‪« :‬لِتَ ْب ِن َيا لَ َها بَ ْيتًا ِف أَ ْر ِض ِش ْن َعا َر‪َ .‬وإِذَا ت َ َه َّيأَ ت َ ِق ُّر ُه َن َاك َع َل قَا ِع َدتِ َها»‪.‬‬‫املتضمن ظهور الدرج الطائر (اليوفو حسب ا ّدعاء مؤيّدي نظريّة الفضائ ّيني) الذي يقال أنه لعن ٌة‪ ،‬ثم اإليفة (السلّة) التي‬ ‫تحتوي عىل املرأة (الرش)‪ ،‬واالمرأتني املج ّنحتني اللتني أخذتا اإليفة إىل أرض شنعار (بابل)‪ ..‬يقول غوزيك يف تعليقه‪ :‬حني‬ ‫رجع اليهود من بابل واجهتهم مشكل ٌة مع الرثوة الدنيويّة املمثلة باملرأة يف السلّة‪ ،‬هذه املرأة هي مر ٌ‬ ‫رئييس للنظام‬ ‫ادف‬ ‫ٌّ‬ ‫مفتوح للرتجمة‪ ،‬وال مند بالكالم‬ ‫رس البابيل املذكور يف سفر رؤيا يوحنا الالهويت‪ ،‬معنى (النظام البابيل)‬ ‫ٌ‬ ‫البابيل؛ ورمبا لل ّ‬ ‫كث ًريا لنقول بأن الرتكيز عىل الرثوة الدنيويّة واالزدهار هو أحد إشارات الرس البابيل يف رؤيا يوح ّنا الالهويت؛ وإصحاحات‬ ‫‪17-18‬هي أفضل مكانٍ للبحث‪ ،‬فمن الواضح بأن التجارة والرثوة املاديّة هو ٌ‬ ‫مركزي للمرأة التي تظهر يف رؤيا‬ ‫هدف‬ ‫ٌّ‬ ‫يوح ّنا‪ ،‬إضاف ًة إىل أن كل من كريس وايت ‪ Chris White‬وبيرت غودغيم‪ Peter Goodgame‬لديهام أبحاثٌ مثري ٌة‬ ‫رس بابل والنظام البابيل‪.‬‬ ‫لالهتامم‪ ،‬وموثق ًة ومقبول ًة عن ّ‬ ‫عىل أي حال‪ ،‬تعليقات غوزيك تجعل ماه ّية الدرج الطائر واضحة‪ ،‬أال وهو عبار ٌة عن در ٍج لقوانني الرب‪ ،‬وكذلك تبني أن‬ ‫اللّعنة التي تصاحبه هي عقوب ٌة ملخالفة أجزا ٍء مح ّدد ٍة من القانون‪ ،‬وأخ ًريا يرشح غوزيك بأن السلّة ا ِ‬ ‫ُستخدمت كحاويّ ٍة‬ ‫إلزالة النظام البابيل \ روح بابل املشؤومة عن أورشليم وإرجاعها إىل حيث تنتمي يف بابل‪ ،‬صورة السلّة مستخدم ٌة هنا‬ ‫مبقاييس مح ّددة‪.‬‬ ‫خصوصا وأنها مح ّدد ٌة‬ ‫ألن الجمهور األصيل سيفهمها أكرث‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫‪43‬‬


‫العنوان‬ ‫األسايسيف اإلنجيل‬ ‫الفضائ ّيون‬

‫‪McKie Theman‬‬

‫رصا رمزيّ ًة يف حاشيته‪ ،‬لكن من األمن افرتاض أن الكالم هنا عن إزالة تلك الروح الرشيرة من‬ ‫هذا الرشح يتضمن عنا ً‬ ‫أورشليم حر ٌّيف متاما‪.‬‬ ‫درج وسلّة هنا هام كلمتان عربيّتان يف األصل‪ ،‬بنظر ٍة إىل الفهرس األبجدي يظهر بأن املخطوطة‬ ‫للتعزيز‪ ،‬فإن كلمتي ٌ‬ ‫الطائرة\اليوفو تعني ((ماجياله‪ ))Megillah‬يف العربيّة‪ ،‬وحني تستخدم املاجياله يف اإلنجيل فإنها دامئًا تعني مخطوط ًة‬ ‫الحس يف باقي اإلنجيل‪.‬‬ ‫أو كتاب ٌة ما‪ ،‬استخدامها مبعنى ال يعني أنها مخطوط ٌة ال يشكل أدىن قد ٍر من ّ‬ ‫رش‬ ‫مبقاييس مح ّدد ٍة‪ ..‬إرسائيل عادت من بابل‬ ‫نفس الحال بالنسبة إىل اإليفة‪ ،‬فاإليفة تعني سلّ ٌة‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫مبقاييس مح ّدد ٍة من ال ّ‬ ‫البابيل التي أمر الرب بإزالتها‪.‬‬ ‫سبب الستخدامها‪ ،‬لهذا يقول الدكتور‬ ‫مل يتم استخدام ٌّ‬ ‫أي من الكلمتني أعاله للداللة عىل أي مركب ٍة طائرة‪ ،‬وليس هناك ٌ‬ ‫ومختص بالرد عىل نظريّات الفضائ ّيني ‪ -‬راجع العدد العرشون من مجلة‬ ‫مايكل هايزر‪( Michael Heiser‬باحثٌ إنجييل‬ ‫ٌّ‬ ‫ٍ‬ ‫كلامت‬ ‫امللحدين العرب \ مقالة الكذب والتدليس يف حرضة الفضائيّني)‪ :‬بأن اللغة العربيّة ليست بحاج ٍة إىل استخدام‬ ‫مثل السلّة أو املخطوطة لوصف مركب ٍة فضائية‪ ،‬بالتايل فإن السلّة مع الختم الرصايص يف زكريا ‪ 5‬ليست يوفو‪ ..‬إنها مجرد‬ ‫سلّة (األمر ال يتطلب تع ّمقًا)‪ ،‬فكلمة اإليفة هي كلم ٌة عربيّ ٌة شائع ٌة للسلّة كام تعرف‪ ،‬الكاتب يعرف ج ّي ًدا كيف تبدو‬ ‫اعي‪ ،‬ومن الصعب أن مي ّر يو ٌم عليه من دون أن يرى سلّ ًة‪ ،‬كام أن السلة مل تطر يف الهواء‬ ‫السلّة فهو جز ٌء من مجتمعٍ زر ّ‬ ‫قبل أن تحملها املرأتني املج ّنحتني (الحظ بأنه مل يطلق عليهام لقب مالئكة كام أنهام من كانتا تطريان وليست السلّة‬ ‫اليوفو)‪ ،‬فقامت املرأتني بحملها يف السامء‪ ،‬حيث يصف لنا زكريا إزالة الرش (وهو اسم املرأة التي يف السلة)‪ ،‬من األرايض‬ ‫املقدسة واملنف ّيون العائدون‪ ،‬ال يوجد هناك أي يش ٍء مرتب ٌط مع السفن الطائرة؛‬ ‫الحقًا يف ذلك املنشور يرشح لنا الدكتور هايزر‪ ،‬كيف كانت اآلس رائيل ّيات القدمية ستصف سفين ًة فضائي ًة لو رأت واحدة‪.‬‬ ‫لزيّادة طني النظريّة الفضائ ّية بلّة‪ ،‬فإن الحديث عن أن السلّة أو املخطوطة هي مركب ٌة فضائ ّي ٌة ال يعني يشء‪ ،‬حني تراجع‬ ‫قليل عن املوجودة يف‬ ‫اإلصحاح السادس من زكريا‪ ،‬الذي يتكلم عن باقي الرؤيا املتضمنة للخيول واملقاربة واملختلفة ً‬ ‫رؤيا يوحنا الالهويت؛ وتتويج يهوشع ككاهنٍ أعىل والتنبؤ باملسيح‪ ،‬يشكّل فرص ًة قليل ًة ج ًّدا بأن تكون املخطوطة والسلّة‬ ‫سف ٌن فضائ ّية‪.‬‬ ‫أي أث ٍر للفضائ ّيني يف اإلصحاح الخامس من سفر زكريّا‪ ،‬وبالتايل فهذه نظريّ ٌة‬ ‫ومع هذه املعلومات‪ ،‬من الصعب أن نجد ّ‬ ‫أخرى عن وجود الفضائ ّيني يف اإلنجيل تذهب أدراج الريّاح‪.‬‬ ‫هذا املقال نُرش يف موقع ‪ancientaliensdebunked.com‬‬ ‫بتاريخ ‪ 6‬فرباير ‪ 2014‬لكاتبه ‪Frank Johnson‬‬

‫‪44‬‬


45


‫رسالۃ إىل الله‬ ‫‪5‬‬

‫أبو لهب‪Med Yousefi-‬‬

‫صاحب الجاللة‪،‬‬ ‫وأنا أقرأ رسالتكم‪ ،‬وأحاول فهم معانيها‪ ،‬واإلبحار بني‬ ‫حروفها‪ ،‬استوقفتني الكثري من التساؤالت التي مل أجد لها‬ ‫جوابًا منطق ًيا عند كهنتكم ومن ي ّدعون متثيلكم عىل األرض‪.‬‬

‫‪46‬‬


‫العنوان‬ ‫األسايسالله ‪ ..‬الخامسة ‪5‬‬ ‫رسالة إىل‬

‫‪Med Yousefi‬‬

‫فهل أجبتم‬ ‫جواب من جنابكم‪ّ ،‬‬ ‫حل سوى سؤالكم أنتم مبارشة‪ ،‬وقد أرسلت لكم أربع رسائلٍ ومل يصلني أي‬ ‫فلم أجد ًّ‬ ‫ٍ‬ ‫ِيب َد ْع َو َة ال َّدا ِعي إِذَا َد َعانِ ‪.‬‬ ‫ِيب أُج ُ‬ ‫ووفّيتم بوعدكم‪ :‬إِنِّ قَر ٌ‬ ‫حيين يف رسالتكم‪ ،‬أنها قلبت املفاهيم‪ ،‬فالله الذي يُفرتض أنه رمز الخري املطلق‪ُ ،‬ص ّور عىل أنه ملك ج ّبار‬ ‫من أكرث ما ّ‬ ‫رش املطلق الذي هو الشيطان قد تم تصويره عىل أنه ذلك الثائر عىل‬ ‫يجب أن يسجد له اآلخرون ويطيعونه‪ ،‬بينام رمز ال ّ‬ ‫املَلك‪ ،‬الذي يرفض العبودية والسجود لغريه‪ ،‬وذلك الشجاع الذي مل ي َخف من النار والعذاب األزيل وصمد عىل موقفه‬ ‫ومل ينافق أحدا‪.‬‬ ‫عدل مطلقا‪ ،‬فمن العدالة أن يتم إحراق إنسانٍ إىل األبد (ما ال نهاية) ملجرد أنه مل يصدق فكرة أو مل يصدق‬ ‫والظلم صار ً‬ ‫أحد أدعياء النب ّوة ومل يؤمن مبا ي ّدعيه!‪ ،‬ومن العدالة أن ينزل غضب الرب عىل قري ٍة كامل ٍة ألن البعض منها مارس اللواط‪،‬‬ ‫شعب كاملٍ بكباره وصغاره ملجرد أن‬ ‫رش وحيوانات!‪ ،‬ومن العدالة أن يتم إغراق ٍ‬ ‫فتٌدمر وتُسحق بكل من عليها من ب ٍ‬ ‫شخصا ادعى النب ّوة!‪ ،‬ومن العدالة إن أراد الله أن يدمر قرية أمر مرتفيها ففسقوا فيها‪ ،‬فحق‬ ‫البعض منهم مل يص ّدق ً‬ ‫عليهم العذاب!؛ رغم أن الله هو الذي أراد تدمريها قبل أن يفسق فيها مرتفوها‪ ،‬وهو الذي أمرهم مبا أمرهم به ليك‬ ‫يدمر القرية يف النهاية‪ ،‬وبالتايل فالعذاب مل يَ ُح ّق عليهم ألن نية التدمري كانت ُمبيته عند الله‪.‬‬ ‫وهناك من األمثلة الكثري‪ :‬فاملوت يف املعركة الذي يُفرتض أنه هزمي ُة وخسار ٌة لكل يشء‪ُ ،‬ص ّو َر عىل أنه انتصا ٌر وشهاد ٌة‬ ‫وصار من أسمى ما يتمناه املؤمن! رغم أن املقاتل يخرس حياته‪ ،‬وقدرته عىل القتال‪ ،‬والجيش يفقد جنوده‪ ،‬وهو خسار ٌة‬ ‫ألهل القتيل‪ ،‬لكنه انتصار!‬ ‫دليل عىل أننا منلكه‪ ،‬صارت مج ّرد مم ّر ال يجب عىل املؤمن أن يتعلق به‪،‬‬ ‫والحياة التي هي اليشء الوحيد الذي لدينا ً‬ ‫ويستحسن الزهد فيه‪ ،‬وصار املوت هو الحياة الحقيق ّية األبديّة التي يسعى كل مؤمنٍ للوصول إليها‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫شهوات ممقوتة‪ ،‬ونجاس ًة وأشيا ًء كريه ًة يجب عىل املؤمن التعايل عنها؛‬ ‫ناهيك عن خريات الدنيا ومتعها التي صارت‬ ‫عيب وحرا ٌم وفاحش ٌة وله ٌو ومضيع ٌة للوقت الذي يجب أن يُستثمر يف‬ ‫فالحب جرمي ٌة قد يرجم صاحبها‪ ،‬والرقص والغناء ٌ‬ ‫قوي‪ ،‬كبري‪ ،‬قادر‪ ،‬ماكر‪ ،‬خالق‪ ،‬رزّاق‪ ،‬محيي‪ ،‬مميت‪ ،‬وتذكريكم بكل ما تعلمونه‬ ‫إعالن الطاعة لجاللتكم وتذكريكم بأنكم‪ّ :‬‬ ‫مسبقا‪ .‬بينام صار االغتصاب والسبي ومضاجعة األطفال سن ًنا حميد ًة مارسها خري البرش الذي ال ينطق عن الهوى‪ ،‬وليس‬ ‫أساسا‪.‬‬ ‫له أهوا ٌء ً‬ ‫و كام قال الزنديق عبد الله القصيمي الذي ارتد عن دينكم وكفر به واتبع الشيطان‪ :‬حني منارس الحب‪ ،‬يكون ثالثنا‬ ‫الشيطان‪ ،‬وحني منارس الحرب يكون ثالثنا الله‪.‬‬ ‫فام الرس وراء هذه التناقضات؟‬

‫‪47‬‬


48


‫رواية ‪ ..‬فاتنة‬ ‫سام مار‬

‫نكمل معكم أحداث الرواية الشيقة و الممتعة‬ ‫و التي تحمل إسم ‪..‬‬ ‫‪...................................................‬‬

‫فاتنة‬

‫تلك الفتاة بارعة الجامل الثائرة‬ ‫عىل مجتمعها؛ بني الحب والرغبة‬ ‫بالتغيري‪ .‬كيف يؤذيك أقرب الناس‬ ‫حب‬ ‫إليك‪ ،‬كيف تعيش دليلة قصة ٍّ‬ ‫مع مالك املوت سامل؛ املترشد من‬ ‫أزقة حي الرماد املوحلة والتي كانت‬ ‫أحداث حياته كفيل ًة بتحويله للزير‬ ‫املهلهل املنتقم من الحياة‪ .‬وكيف‬ ‫يغري الحب الطاغية‪.‬‬

‫‪49‬‬


‫العنوان‬ ‫األسايس‬ ‫فاتنة‬ ‫رواية ‪..‬‬

‫سام مار‬

‫تتفاجىء فاتنة عندما تدخل البيت بأختها ُس ّمية مع أطفالها‬ ‫فاتنة ‪ :‬كيف حالك يا ُس ّمية ؟‬ ‫ُس ّمية ‪ :‬زوجي العاهر تزوج من الثالثة‪...‬‬ ‫ابق هنا‬ ‫فاتنة‪ُ :‬س ّمية أنا آسفة لكن ال تعودي له هذه املرة ِ‬ ‫ُس ّمية‪ :‬ال أنا فقط أتيت للزيارة ألشكو ألمي‪ .‬هذه أسهل من املرة السابقة بكثري فمن يهن يسهل الهوان عليه ما لجر ٍح‬ ‫ٍ‬ ‫مبيت إيال ُم‬ ‫فاتنة‪ :‬املتنبي مل يقل البيت تشجي ًعا عىل الذل‬ ‫أحل له لكن تبقى صعبة عيل‬ ‫ُس ّمية ‪ :‬هو مقتد ٌر ماديًا والرشع ّ‬ ‫ذكوري بحت‪ .‬هل من املعقول أ ّن الذي وضعه إل ٌه خالق؟ كيف ال يفهم أثره عىل نفسية‬ ‫فاتنة‪ :‬أي رشع! هذا ترشي ٌع‬ ‫ٌّ‬ ‫املرأة؟ من تقبل بذلك؟‬ ‫األم‪ :‬انظر من يتكلم! اسكتي ال تخريب بيت أختك يكفي أنك ضائع ٌة وتستغلني مريض للتسيب‬ ‫ِ‬ ‫أرجوك تجاوزي هذه الحواجز‬ ‫فاتنة‪ :‬أنا ال أستغل مرضك يا أمي‪ ،‬ال تقويل هكذا أنت تعرفني كم أحبك فال تجرحيني‪،‬‬ ‫الوهمية‬ ‫يل أن أرى‬ ‫األم‪ :‬بل تفعلني وفوق ذلك تريدين خراب بيت أختك‪ ،‬روحي الله يقصف عمرك! تطنني أنه من السهل ع ّ‬ ‫ابنتي تعود إىل البيت يف الصباح !‬ ‫ُس ّمية ‪ :‬أين كانت فاتنة؟ ظننت أنها مع صديقتها‬ ‫االم ‪ :‬خليها مستورة‪ ،‬أنا ال أعرف أين كانت‬ ‫ُس ّمية ‪ :‬يا عيب العيب !‬ ‫فاتنة ‪ُ :‬س ّمية أنا فقط أدافع عنك !‬ ‫ُس ّمية ‪ :‬أنت فتا ٌة طائش ٌة ال تفهمني شيئًا سهل عليك التنظري‬ ‫فاتنة وهي مل تعد تستطيع متالك نفسها‪ :‬وظل ُم ذوي القرىب أش ُد مضاض ًة‪...‬عىل املرء من وقع الحسام ِ‬ ‫املهند‬ ‫تكتب فاتنة يف دفرتها الرسي يف تلك الليلة‪ :‬منفى العشاق الحقيقي موجو ٌد يف تقاليد املجتمع‪...‬لقد تعبت‪،‬‬ ‫واالستسالم يبدو مغريًا‪ .‬يا كل العامل ملاذا أتيت ‪ .‬يريدون مني أن أكره نفيس‪ ،‬أكره جسدي‪ ،‬أكره أنوثتي‪ .‬لكن ال! أنا‬ ‫ذاهب ٌة إىل حيث ألقت رحلها!‬ ‫قليل وتق ّوس ظهرها ثم تنظر يف املرآة‬ ‫تقف فاتنة‪ ،‬تلبس فستانًا وتج ّهز نفسها‪ ،‬ثم تقف أمام املرآة‪ ،‬تثني جسدها ً‬ ‫نظر ًة فيها إغراء وتأخذ صور ًة لنفسها‪ .‬تنظر إىل الصورة لتتأكد أنه ليس من ٍ‬ ‫شخص سرياها دون أن ينقلب عامله‪ .‬ثم‬ ‫تنرشها عىل ملفها الشخيص وقد كتبت عىل الصورة «ماذا لو كان الله امرأة» !‬

‫‪50‬‬


‫العنوان‬ ‫األسايس‬ ‫فاتنة‬ ‫رواية ‪..‬‬

‫سام مار‬

‫تنترش الصورة مع التعليق عىل النت كالنار يف الهشيم‪ ،‬ليس فقط بني معارف فاتنة بل يف كل الوطن العريب‪.‬‬ ‫الفصل التاسع والثالثون‬ ‫فاتنة تجد رسال ًة من الدكتور رامي‪« :‬فاتنة ما زلت أحبك‪»...‬‬ ‫أهل بك كصديق يف أي وقت»‬ ‫تبعث له رسالة‪ً »:‬‬ ‫تذهب إىل الجامعة‬ ‫الطالب ينظرون إليها ويتهامسون‪ ،‬رابطة الطالب املؤمن قدمت شكوى إىل العميد مطالب ًة بفصل فاتنة من الجامعة‪،‬‬ ‫العميد يستدعي فاتنة إىل مكتبه‬ ‫ِ‬ ‫أرجوك ال تغضبي مني‪ ،‬أنا عب ٌد مأمور‪ ،‬وال حول يل وال قوة‪ .‬أرجوك ال تأخذي الكالم أنه مني‪.‬‬ ‫أول‬ ‫العميد‪ :‬آنسة فاتنة‪ً ،‬‬ ‫أنا ال عالقة يل لكن ‪...‬‬ ‫فاتنة‪ :‬سيدي تكلم ما املشكلة‬ ‫أول أنك لن تغضبي عيل‪ .‬أنا من عائل ٍة صغري ٍة وال حول يل وال قوة إذا وقع عيل سخط السيد‬ ‫العميد‪ :‬أعطني وع ًدا ً‬ ‫رفيق‪ ،‬د‪ .‬سناء مل تعد إىل الجامعة خوفًا فكيف أنا و‪...‬‬ ‫فاتنة‪ :‬سيدي أرجوك ! تكلم فقط‬ ‫ٍ‬ ‫موقف يسء‪ .‬هناك إشاع ٌة أ ّن رابطة الطالب املؤمن تخطط‬ ‫العميد‪ :‬الصورة التي وضعتها عىل النت وضعتنا يف‬ ‫ِ‬ ‫أرجوك ضعي اعتذا ًرا حتى نجد عذ ًرا‪ .‬انا لن افصلك لكن موقفي يسء االن‬ ‫ملظاهر ٍة تطالب بفصلك‪.‬‬ ‫فاتنة‪ :‬انا آسفة لوضعك يف هذا املوقف‪ .‬لكنني لن أعتذر عن وجودي‬ ‫العميد‪ :‬آنسة فاتنة ماذا أفعل إذًا ؟‬ ‫فاتنة‪ :‬ما الذي سيحدث لك لو خرجوا يف مظاهرة؟‬ ‫العميد‪ :‬معقول ان يخرجوا يف مظاهرة دون أن نرد؟‬ ‫فاتنة‪ :‬ماذا لو قلت أن الطلبة أحرار فيام يفعلون والكلية تختص فقط بسلوك الطلبة عىل الحرم الجامعي؟‬ ‫العميد‪ :‬عىل األغلب سأفصل من عميل‬ ‫فاتنة‪ :‬إنه العام ‪ .2021‬أمل يحن الوقت لنتحدى هذا الطاغوت الذي اسمه املجتمع املحافظ ؟‬ ‫ٍ‬ ‫موقف محرج‬ ‫العميد‪ :‬آنسة فاتنة أنت تضعيني يف‬ ‫رجل عندما قل الرجال !‬ ‫فاتنة‪ :‬افعلها فقط! كن ً‬

‫‪51‬‬


‫العنوان‬ ‫األسايس‬ ‫فاتنة‬ ‫رواية ‪..‬‬

‫سام مار‬

‫العميد‪ :‬لكن‪...‬‬ ‫فاتنة‪ :‬قل يل‪ ،‬أنت ما رأيك؟ املرة املاضية أرادوا فصيل بتهمة التفكري‪ ،‬وهذه املرة بتهمة األنوثة‬ ‫العميد‪ :‬لو مل تضعي ذلك التعليق عن الله لكان الوضع أسهل‬ ‫فاتنة‪ :‬أنا تساءلت فقط ماذا لو كان الله امرأة؟ كيف كانت ستختلف تعاليمه وكتبه ؟‬ ‫العميد‪ :‬أعرف ذلك لكن النتائج‪...‬‬ ‫فصل واح ٌد للتخرج بعدها سرتتاح مني‪.‬‬ ‫فاتنة‪ :‬بقي لدي ٌ‬ ‫ِ‬ ‫واعتذرت؟ فقط إلرضائهم‬ ‫العميد‪ :‬هل أستطيع أن أقول أنك وعدتني بعدم التكرار‬ ‫فاتنة‪ :‬مل أعتذر‪ ،‬وأما عدم التكرار فأنا لن أؤجج الوضع أكرث‬ ‫العميد‪ :‬حس ًنا‪ ،‬سأترصف بحسب ذلك‪ .‬شك ًرا لك‬ ‫علني‪ ،‬ولكن املفاجأة‬ ‫العميد يصدر بيانًا أن الطالبة لن تكرر ما فعلت‪ ،‬رابطة الطالب املؤمن تحتج وتطالب باعتذا ٍر ٍّ‬ ‫تحدث‪ ،‬مئات الفتيات بدأن بنرش صورهن مع نفس التعليق «ماذا لو كان الله امرأة»‬ ‫فيتفرق انتباه الرابطة التي تصدر بيانًا تدعو فيه أهايل الفتيات إىل «وضع ٍ‬ ‫حد للعهر والفسوق»‬ ‫راندي‪ :‬فاتنة‪ ،‬لقد ِ‬ ‫بدأت ثور ًة عىل املجتمع!‬ ‫فاتنة‪ :‬بل عىل السامء ‪...‬‬ ‫الفصل األربعون‬ ‫الشيخ عدنان‪ :‬تم رفض طلب اإلفراج عن أيب صابر لكننا سنقدم طل ًبا آخر‬ ‫يوسف‪ :‬سيدي الشيخ نق ّدر جهودك‪ ،‬هل تعرف أن ابنته فاتنة هي صاحبة الصورة الفاجرة الشهرية والعياذ بالله؟‬ ‫والله إنتا نستحي بها لكن والدها يف السجن ال يستطيع وضع ح ٍّد لها‬ ‫الشيخ عدنان‪ :‬سأفعل كل ما بوسعي لإلفراج عنه‪ ،‬والله لو كانت ابنتي مثلها لفعلت نفس اليشء‪ .‬أبو صابر قصد أن‬ ‫قتل دون ٍ‬ ‫قصد وبسقوط الحق من األهل قد يخرج قريبًا‪.‬‬ ‫يفعل الخري لكنه أخطأ الهدف وأصاب زميلتها‪ .‬هذا ٌ‬ ‫يوسف‪ :‬متى سنسمع عن نتيجة الطلب الجديد؟‬ ‫الشيخ عدنان‪ :‬خالل أسابيع‬ ‫يوسف‪ :‬عىل بركة الله‬ ‫فاتنة تقيض معظم أوقاتها يف العمل عىل مرشوع التخرج و تحاول الحصول عىل بعث ٍة إلكامل دراستها يف الخارج‪ .‬يف‬

‫‪52‬‬


‫العنوان‬ ‫األسايس‬ ‫فاتنة‬ ‫رواية ‪..‬‬

‫سام مار‬

‫بعض األمسيات تخرج مع جميل‪ .‬يف هذه السهرة يفتح جميل موضوع املستقبل‪:‬‬ ‫جميل‪ :‬فاتنة‪ ،‬ماذا سيحدث بعد انتهاء هذا الفصل‬ ‫فاتنة‪ :‬أحاول الحصول عىل بعثة‪ ،‬أوروبا اآلن متنع الهجرة كام تعلم وصعبت البعثات للطلبة األجانب‪ ،‬لكن أمريكا‬ ‫وأسرتاليا وكندا تسمحان ببعض ذلك‪ ،‬سرنى‬ ‫جميل‪ :‬وماذا عني؟‬ ‫فاتنة‪ :‬ماذا عنك؟‬ ‫جميل‪ :‬ستنسينني؟‬ ‫فاتنة‪ :‬أنا ال أنىس‬ ‫جميل‪ :‬ملاذا ال تدرسني هنا؟‬ ‫فاتنة‪ :‬ال‪ ،‬جميل‪ ،‬لكن أردت أن أشكرك عىل مرشوع الرصف الصحي يف حي الرماد‪ .‬عرفت أنه أنت عندما أعلنوا عنه‪.‬‬ ‫سمعت عنه وسينقذ حياة آالف األطفال‬ ‫جميل‪ :‬فعلت ذلك فقط من أجلك‪ ،‬ما زلت أظن أنهم ضحايا خيارات أهلهم السيئة‬ ‫فاتنة‪ :‬لو كان املنطق هكذا لكانت كل املآيس تربر بأنها خياراتٌ محكوم ٌة بالظروف‬ ‫جميل‪ :‬أنا حزين لسفرك القريب ال أريد النقاش‬ ‫فاتنة‪ :‬مل أجد بعث ًة مناسب ًة بعد‪ ،‬فقد يأخذين األمر وقتًا حتى بعد التخرج‬ ‫جميل‪ :‬أستطيع املساعدة‬ ‫كفيل بتحقيق أحالمي !‬ ‫ولست ً‬ ‫فاتنة‪ :‬ال‪ .‬أنت ماليك الحارس‬ ‫َ‬ ‫جميل‪ :‬أريد أن أكون معك‪...‬تزوجيني‪ ،‬أو حتى سأرحل معك‬ ‫فاتنة‪ :‬جميل أنت سيد الرجال وأمتنى أن تكون معي إىل األبد‪ ،‬لكن كام قلت لك منذ أول ليل ٍة‪ ،‬ال أريد أن اتساءل‬ ‫كيف كانت ستكون حيايت لو شققتها بنفيس‪ .‬دعني أحاول عىل األقل‬ ‫جميل‪ :‬أال ترين أن ذلك املنطق للمعاندة فقط؟ ألن تتساءيل كيف كان مصريك لو ِ‬ ‫بقيت معي؟ أمل تقويل يل أن الرجل‬ ‫ميلك املرأة بجعلها تشعر أنها عظيمة؟ كيف امتلكك؟‬ ‫أصل فمن املستحيل أن متتلكني ‪):‬‬ ‫فاتنة مبتسمة‪ :‬رمبا أرى نفيس عظيم ًة ً‬ ‫جميل‪ :‬أجاب ٌة فلسفية !‬ ‫فاتنة‪ :‬ما هو هدفك يف الحياة؟‬

‫‪53‬‬


‫العنوان‬ ‫األسايس‬ ‫فاتنة‬ ‫رواية ‪..‬‬

‫سام مار‬

‫جميل‪ :‬الحصول عليك‬ ‫فاتنة‪ :‬دعك من هذا الهوس‪ ،‬لو مل توجد فاتنة ماذا سيكون هدف جميل رفيق؟‬ ‫جميل‪ :‬إيجاد فاتنة‬ ‫فاتنة‪ :‬مهووس! أين طموحك املغري الذي مييزك عن غالبية الرجال!‬ ‫جميل‪ :‬ماذا تريدين أن يكون طموحي؟ لدي كل يشء ‪...‬كل يشء إال ِ‬ ‫أنت‬ ‫فاتنة‪ :‬إطمح بأكرث‬ ‫جميل‪ :‬تريدينني أن أغزو العامل؟‬ ‫رجل بقدراتك يستطيع أكرث‬ ‫فاتنة‪ :‬بل أكرث من ذلك‪ٌ ،‬‬ ‫جميل ميسك بيد فاتنة ويركع عىل األرض‬ ‫فاتنة‪ :‬جميل توقف نحن يف مكانٍ عام!‬ ‫جميل‪ :‬منذ متى تخافني الناس يا صاحبة صورة «اآللهة املنثنية» ! أحبك وال أريد غريك‬ ‫فاتنة‪ :‬إهدأ! تعال نذهب‬ ‫يرتكان املكان‪ .‬يف السيارة؛‬ ‫فاتنة‪ :‬لن أقطع عالقتي بك عند خروجي‪ ،‬لكن إهدأ‬ ‫جميل‪ :‬اعطيني قبل ًة ألهدأ‬ ‫فاتنة‪ :‬القبلة ستشعلك ولن تهدأ‪.‬‬ ‫جميل‪ :‬أريد شفتيك أريدك أحبك أعشقك‬ ‫فاتنة‪ :‬قبل ٌة واحد ٌة فقط‪ ،‬اتفقنا؟‬ ‫جميل ‪ :‬أجل‬ ‫يتبادالن القبل لنصف ساعة فجميل يرفض التوقف عن تقبيل ثغر فاتنة املغري‬ ‫فاتنة‪ :‬توقف اآلن‬ ‫جميل‪ :‬أفعل أي يش ٍء‪ ،‬قويل فقط ماذا أفعل‬ ‫فاتنة‪ :‬ال أريدك هكذا ‪ ،‬أين إرادتك؟‬ ‫جميل‪ :‬أنا هكذا معك فقط‪ .‬أحبك بجنون‬ ‫فاتنة‪ :‬سرنى ذلك‬

‫‪54‬‬


‫العنوان‬ ‫األسايس‬ ‫فاتنة‬ ‫رواية ‪..‬‬

‫سام مار‬

‫جميل‪ :‬ماذا تقصدين؟‬ ‫فعل تحبّني بجنون فسأكون لك يف النهاية‬ ‫فاتنة‪ :‬إذا كنت ً‬ ‫جميل‪ :‬أحبك أقسم لك‬ ‫فاتنة‪ :‬ال ليس بالكالم ‪ .‬إطلب من الخادمة إعاديت إىل بيتي اآلن‬ ‫وكل مايل تحت أمرك‬ ‫جميل‪ :‬حس ًنا‪ ،‬لكن قويل يل ماذا منعت عنك حتى تقويل أن حبي كال ٌم فقط ؟ أنا ّ‬ ‫فاتنة ‪ :‬مل أقل أن حبك كالم‪ ،‬قلت سرنى‪ ،‬جميل املال بالنسبة لك ال يشء فال تستعمله كدليل حب‪ .‬هناك يش ٌء واح ٌد‬ ‫غا ٍل بالنسبة لك‪ ،‬وهو الذي يثبت أو ينفي‬ ‫جميل‪ :‬ما هو هذا اليشء؟‬ ‫فاتنة‪ :‬الزمن‬ ‫الفصل الحادي واألربعون‬ ‫أبو صابر أمام لجنة اإلفراج النهائية‬ ‫رئيس اللجنة‪ :‬ما هي ضامنتنا يا شيخ عدنان إذا أخذنا بتوصياتك لإلفراج أن أبا صابر لن يعاود محاولة قتل ابنته؟‬ ‫الشيخ عدنان‪ :‬يا سيدي لقد تاب أبو صابر توب ًة نصوح يف السجن‪ ،‬وإدارة السجون تشهد بأخالقه الكرمية‪ .‬يف النهاية‬ ‫ما فعله أبو صابر كان «فورة دم» عىل عرضه ودينه ولكنه أخطأ‪.‬‬ ‫رئيس اللجنة‪ :‬أشعر أنك عىل وشك أن تقول أنه أخطأ فله أج ٌر واحد ولو أصاب وقتل ابنته لكان له أجران! انا غري‬ ‫مقتنعٍ وال أوافق عىل اإلفراج ‪.‬‬ ‫أبو صابر هل لديك ٌ‬ ‫أقوال أخرى؟‬ ‫أبو صابر‪ :‬يا سيدي أنا أخطأت وأعتذر‪ ،‬وناد ٌم عىل فعلتي‪ .‬أريد أن أخرج أز ّوج إبني صابر وأفرح به‪ .‬ابنتي لها‬ ‫الحرية يف أن تفعل ما تشاء ‪.‬‬ ‫رئيس اللجنة‪ :‬كالمك يتناقض مع كالم السيد عدنان‪.‬‬ ‫الشيخ عدنان‪ :‬سيدي أين التناقض؟ ألنني قلت أن أبا صابر تاب إىل الله؟ هل أصبح الدين تهمة ؟‬ ‫رئيس اللجنة‪ :‬ال مل أقصد ذلك فقط كنت أريد التحري‪ .‬القرار األسبوع القادم‪.‬‬ ‫يف نفس الوقت‪ ،‬فاتنة تقدم مرشوع التخرج أمام الطالب‬ ‫الدكتور‪ :‬ممتاز يا فاتنة شك ًرا لك‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫منخفض بينام مت ّر فاتنة بجانبها‪ :‬ال ب ّد أنها‬ ‫بصوت‬ ‫إحدى الطالبات من رابطة الطالب املؤمن لزميالتها ‪-‬واسمها أسامء‪-‬‬

‫‪55‬‬


‫العنوان‬ ‫األسايس‬ ‫فاتنة‬ ‫رواية ‪..‬‬

‫سام مار‬

‫تزوره يف املكتب ويغلقون الباب حتى نالت هذا اإلطراء عىل مرشو ٍع تافه‬ ‫ٍ‬ ‫تعليقات كهذه‪ ،‬تتوقف ثم ترمق الفتاة بنظر ٍة حادة‬ ‫فاتنة رغم أنها معتاد ٌة عىل سامع‬ ‫الدكتور‪ :‬فاتنة هل هناك يش؟‬ ‫فاتنة‪ :‬ال‪ ،‬شك ًرا دكتور‪.‬‬ ‫بعد نهاية الحصة فاتنة تذهب إىل أسامء وزميالتها‬ ‫فاتنة‪ :‬أسامء‪ ،‬ألريد ألن أتكلم معك عىل انفراد‬ ‫أسامء‪ :‬ال‪ ،‬تكلمي أمامهم ليس لدينا أرسا ٌر مثلك يا ذات الجرار الخرض‬ ‫فاتنة‪ :‬حس ًنا‪ ،‬تريدين إهان ًة علني ًة إذًا؟‬ ‫أسامء‪ :‬إهانة من عاهر ٍة مثلك؟‬ ‫فاتنة‪ :‬ما هو تعريف العاهرة؟‬ ‫أسامء‪ :‬التي ال رشف لها‬ ‫فاتنة‪ :‬ما هو الرشف؟‬ ‫أسامء‪ :‬العفة والطهارة‬ ‫فاتنة‪ :‬وما هي العفة والطهارة؟‬ ‫أسامء‪ :‬أشياء لن تفهمها فتا ٌة مثلك ههه‬ ‫ٍ‬ ‫بتشف واضح‪ ،‬لك ّن العديد من الطلبة اآلخرين بدأوا بالتجمع واالستامع للحديث‬ ‫صديقات أسامء يضحكن‬ ‫فاتنة‪ :‬العفة والطهارة بالنسبة ِ‬ ‫لك مرتبط ٌة بأعضاء األنوثة أليس كذلك؟ ألن تستعميل أعضاءك يو ًما ما؟‬ ‫أسامء‪ :‬بىل‪ ،‬لكن بالحالل‪ ،‬مع رجلٍ يدخل من الباب ال من الشباك‪ ،‬ويطلب يدي من أيب حسب العادات‬ ‫فاتنة‪ :‬أتعرفني من العاهرة؟‬ ‫أسامء ‪:‬أجل‪ ،‬أنت خري مثال هههه‬ ‫فاتنة‪ :‬بل العاهرة هي من تجعل غريها يقرر لها مع من تشارك الفراش! ويسمى من يقرر لها بالقواد‪.‬‬ ‫إىل اللقاء يا أسامء‬ ‫ترتك فاتنة املكان ومتيض بينام تقف أسامء صامت ًة يف مكانها‬

‫‪56‬‬


‫العنوان‬ ‫األسايس‬ ‫فاتنة‬ ‫رواية ‪..‬‬

‫سام مار‬

‫الفصل الثاين واألربعون‬ ‫ٍ‬ ‫للبت يف‬ ‫رئيس لجنة اإلفراج عن املحكومني ‪ :‬أبو صابر‪ ،‬قمنا بإعطاء‬ ‫توصيات باالفراج املرشوط‪ ،‬وستمثل أمام القايض ّ‬ ‫املوضوع‪.‬‬ ‫الشيخ عدنان‪ :‬جزاك الله خ ًريا‬ ‫أبو صابر‪ :‬الحمد لله ظهر الحق وزهق الباطل إ ّن الباطل كان زهوقا‬ ‫رئيس اللجنة‪ :‬جلستك األسبوع القادم‪ ،‬حظًا موفقًا‬ ‫يوسف‪ :‬واثقون بعدل املحكمة‪.‬‬ ‫يف تلك األثناء تستعد فاتنة للتخرج‬ ‫جميل‪ :‬لنخرج الليلة يا فاتنة‬ ‫يل االعتناء بها‬ ‫فاتنة‪ :‬إىل أين يا كابنت؟ ال أستطيع أن أتأخر‪ ،‬صحة أمي ليست بأحسن حاالتها وع ّ‬ ‫جميل‪ :‬ماذا ستفعل أمك عندما تسافرين؟‬ ‫فاتنة‪ :‬قد أضطر لتأجيل سفري‪ .‬سرنى‬ ‫جميل والسعادة بادي ٌة يف صوته‪ :‬الليلة سأريك شيئًا مل تسمعي به يف حياتك‬ ‫فاتنة‪ :‬حس ًنا‪ ،‬أراك هذا املساء‬ ‫يف املساء يقود جميل السيارة باتجاه الجبال‬ ‫فاتنة‪ :‬إىل أين؟‬ ‫جميل‪ :‬لدينا مزرع ٌة قريب ٌة يف هذا الجبل‬ ‫فاتنة‪ :‬ملاذا نذهب إىل مزرعة؟ لدي فقط ساعتان ال أريد أن أرشب‬ ‫جميل‪ :‬اهدأي وتحيل ببعض الصرب‬ ‫مم أنا حلوة ‪):‬‬ ‫فاتنة‪ :‬ال يلزمني أن أتحىل أكرث ّ‬ ‫جميل‪ :‬صحيح ‪):‬‬ ‫يصالن إىل املزرعة املعزولة ويشعل جميل األضواء‬ ‫فاتنة‪ :‬هيا يا صاحب املفاجآت ماذا لديك‬ ‫يخرج جميل ما يبدو أنه مسدس‬ ‫مسدسا؟‬ ‫فاتنة‪ :‬جميل حقًا أحرضتني هنا لرتيني‬ ‫ً‬ ‫جميل يوجه املسدس إىل فاتنة ‪ :‬اخلعي مالبسك‬

‫‪57‬‬


‫العنوان‬ ‫األسايس‬ ‫فاتنة‬ ‫رواية ‪..‬‬

‫سام مار‬

‫مسدسا ألخلع مالبيس لك يا كابنت‬ ‫فاتنة تبتسم‪ :‬ال تحتاج‬ ‫ً‬ ‫جميل يبتسم‪ :‬اللعنة يا فاتنة أردت إخافتك مبزح ٍة ثقيلة‬ ‫فاتنة‪ :‬سأسامحك عىل املزحة السمجة إذا كان هناك يش ٌء يستحق إحضاري إىل هنا‪.‬‬ ‫مسدسا عاديًا‬ ‫جميل‪ :‬هذا ليس‬ ‫ً‬ ‫فاتنة‪ :‬ماذا تقصد ؟‬ ‫أسهم يف رشكة سالح‪ ،‬هذا املسدس اخرتا ٌع جديد‬ ‫جميل‪ :‬والدي ميلك ً‬ ‫فاتنة‪ :‬هل هو مسدس ليزر إذًا؟‬ ‫جميل‪ :‬ال‪ ،‬انظري‬ ‫يصوب جميل املسدس إىل صخر ٍة ويضغط الزناد‪ .‬ال يحدث يشء‬ ‫فاتنة ‪ :‬ما هذا ؟‬ ‫جميل‪ :‬نو ٌع جدي ٌد من املوجات ‪ ،‬تنتقل يف الفراغ مثل الضوء وبرسعته‪.‬‬ ‫فاتنة‪ :‬حس ًنا‪ ،‬لكن مل يحدث يش ٌء للصخرة‬ ‫زجاجي صغريٍ‪ ،‬ويضغط الزناد‪ .‬يتكون حج ٌر صغ ٌري إىل جانب املكعب من ال يشء‬ ‫مكعب‬ ‫جميل صوب املسدس باتجاه‬ ‫ٍ‬ ‫ٍّ‬ ‫فاتنة‪ :‬جميل! ماذا هذا ؟‬ ‫جميل‪ :‬هذا املسدس أدا ٌة لنسخ خصائص املادة و حالة الجزيئات الذرية ‪ .‬املوجات الجديدة قادر ٌة عىل حمل كمي ٍة‬ ‫هائل ٍة من املعلومات‪ ،‬كام أنها ال تتفرق وتبقى مركزةً؛ لذلك ميكننا إطالقها إىل أي مكانٍ واستقبالها عندما تعود‪ .‬عندما‬ ‫تعود يقوم املكعب برتجمة املعلومات وترتيب الذرات بطريق ٍة مطابق ٍة وبالتايل نحن ننقل املادة برسعة الضوء‪ .‬أو‬ ‫ٍ‬ ‫كميات صغري ٍة فقط‪ .‬انظري‬ ‫منوذج أو ٌّيل قاد ٌر عىل نقل‬ ‫باألحرى نسخ ًة منها‪ .‬هذا‬ ‫ٌ‬ ‫يص ّوب املسدس إىل القمر‪ ،‬ينتظر أقل من ثالث ثوانٍ ثم يص ّوبه غىل املكعب‪ ،‬تنشأ بعض الرتبة‬ ‫إليك القمر بني ِ‬ ‫جميل‪ِ :‬‬ ‫يديك‬ ‫فاتنة‪ :‬جميل! مدهش!‬ ‫جميل‪ :‬تخييل كيف سنستطيع دراسة الكواكب والنجوم بدق ٍة هائل ٍة من اآلن فصاع ًدا‪ ،‬ورمبا مع بعض التطوير يف‬ ‫ٍ‬ ‫مكعبات عىل الكواكب البعيدة‪ ،‬قد نستطيع السفر برسعة الضوء باستنساخ أنفسنا‪ .‬طبعا الفكرة‬ ‫املستقبل وبزراعة‬ ‫تبدو رضبًا من الخيال‪ ،‬لكنها ممكن ٌة فهي ضمن قوانني الكون‪.‬‬ ‫فاتنة‪ :‬من ط ّور هذه التقنية ؟‬ ‫خاص يف الواليات املتحدة تحت ٍ‬ ‫عقد مع الجيش‪.‬‬ ‫جميل ‪ٌ :‬‬ ‫علمي ٌ‬ ‫فريق ٌّ‬

‫‪58‬‬


‫العنوان‬ ‫األسايس‬ ‫فاتنة‬ ‫رواية ‪..‬‬

‫سام مار‬

‫رسا عسكريًا‪ ،‬وإن كان يبدو كوسيل ٍة أكرث منه سال ًحا‪.‬‬ ‫فاتنة‪ :‬وكيف حصلت عليه؟ حتى لو كان والدك ميلك ً‬ ‫أسهم يبقى ًّ‬ ‫جميل‪ :‬القصد من تطويره مل يكن نقل املادة‪ ،‬لكن وجدنا هذا التطبيق بعد دراسة خصائص املوجات الجديدة‬ ‫فاتنة‪ :‬وجدتم؟‬ ‫جميل‪ :‬أجل‪ ،‬هذا مجال عميل‬ ‫فاتنة‪ :‬جميل ماذا درست؟‬ ‫جميل‪ :‬أحمل دكتوراة يف فيزياء الكم‬ ‫فاتنة‪ :‬لكن ملاذا قلت يل أنك درست علم النفس؟‬ ‫ايضا‪ .‬لدي درجتي بكالوريوس ودرجة ماجستري ودكتوراة‪ .‬وأنت مهتم ٌة بعلم النفس فأردت تركيز‬ ‫جميل‪ :‬هذا صحيح ً‬ ‫الحديث عىل اهتاممك‬ ‫فاتنة‪ :‬وعمرك تسع ٌة وعرشون عا ًما كام قلت يل؟‬ ‫جميل‪ :‬أجل‪ ،‬مل أكذب عليك يف يشء‬ ‫فاتنة‪ :‬لكنك أخفيت عني الكثري‪ .‬ال أعرف كيف أتعامل مع ذلك‪.‬‬ ‫جميل‪ :‬فعلت كل ما بوسعي ألربحك‪.‬‬ ‫فاتنة‪ :‬جميل‪ ،‬انت لن تربحني بأن تغري نفسك ملا تظن أنني أريدك أن تكون‪ .‬بل بأن تكون نفسك‪ .‬لو أردتُ أن أرتبط‬ ‫بشخص فأريد أن أعرف من هو‪ .‬وهكذا أقبل أو أرفض‪ ،‬ألنني أعرف أن محاولة تغيري ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫شخص من أجل عالقة دامئًا تبوء‬ ‫بالفشل‬ ‫متناقض مع أفعالك ‪ .‬ماذا عن موضوع حي الرماد؟ أليس محاول ًة لتغيريي؟‬ ‫جميل‪ :‬فاتنة برصاحة‪ ،‬كالمك‬ ‫ٌ‬ ‫فاتنة‪ :‬ال يا جميل‪...‬بل محاول ٌة الستنهاض جميل الحقيقي‪ ،‬الذي يشعر مع الناس‪ ،‬لكن ظروفه ألهته عن معاناتهم‪ .‬مل‬ ‫يجربك يشء عىل مساعدة حي الرماد‪ .‬أنت تقول انك فعلتها من أجيل لكنني مقتنع ٌة أنك تقول ذلك لتظهر اهتاممك‬ ‫أكرث فقط‪ .‬ال بد أنك فعلتها ولو جزئيًا من أجل األطفال‪.‬‬ ‫تضم جميل ‪ :‬أنا متاكد ٌة أنك تخفي إنسانًا رائعا وراء قناع الحزم‬ ‫جميل‪ :‬أنت تجربينني أن أكون أفضل‪...‬‬ ‫يل أن أعود إىل البيت‪ ،‬شك ًرا عىل هذه الليلة‪ ،‬وشك ًرا عىل القمر ‪):‬‬ ‫فاتنة‪ :‬ال‪ ،‬أنا فقط أستنهض األفضل بك‪ .‬جميل‪ ،‬ع ّ‬ ‫تكتب فاتنة يف دفرتها الرسي يف تلك الليلة‪:‬‬ ‫بحب يسبق الفراق‪.‬‬ ‫ميألين األمل‪ ،‬ورمبا أشعر بالحب‪ ،‬لكن لن أرصح ٍ‬

‫‪59‬‬


‫العنوان‬ ‫األسايس‬ ‫فاتنة‬ ‫رواية ‪..‬‬

‫سام مار‬

‫الفصل الثالث واألربعون‬ ‫الشيخ عدنان‪ :‬توصيات اللجنة يا سيدي القايض باالفراج الفوري‬ ‫تحب‬ ‫القايض‪ :‬أرى أ ّن نِصاب اإلفراج اكتمل‪ ،‬لكن أهل املغدورة وضعوا رشطًا لإلفراج‪ .‬هم بنظرهم أ ّن ابنتهم كانت ّ‬ ‫ابنة القاتل كث ًريا‪ ،‬حتى أنها وضعت حياتها مث ًنا‪ .‬لذلك يريدون التأكد من سالمة االبنة فال تضيع حياة ابنتهم هبا ًء‪.‬‬ ‫سأصدر األمر باإلفراج برشط أن تفهم أن أيّة محاول ٍة إليذاء ابنتك ستعني السجن املؤبد مع منع اإلفراج‪ .‬أي انك‬ ‫ستموت يف السجن‪ .‬ويف حال آذيتها قد تصل العقوبة إىل اإلعدام‪.‬‬ ‫أبو صابر‪ :‬كان خطأً لن أكرره‪ ،‬وأشكر املحكمة إلعطاء رجلٍ كهل ال يشكل خط ًرا عىل ٍ‬ ‫أحد هذه الفرصة‬ ‫القايض‪ :‬يفرج عن الجاين لكن بإبقاء الحكم املؤبد مع وقف التنفيذ قيد إخالله برشوط اإلفراج‬ ‫يوسف‪ :‬يحيا العدل ! يحيا للعدل!‬ ‫يخرج أبو صابر والحقد يأكل كيانه عىل فاتنة‬ ‫فاتنة تستعد للتخرج وتقوم بالتقديم عىل بعث وجامعات‪ .‬لكنها يف نفس الوقت مرتددةً‪ ،‬فهي ال تعرف ما سيحدث‬ ‫مع أمها‪ .‬األم تشعر برتددها‬ ‫األم‪ :‬فاتنة‪...‬اسمعيني يا ابنتي‪ .‬أنا سأكون بخري‪ .‬مع وسائل االتصاالت الحديثة سنبقى عىل اتصال‪ .‬أخواتك حويل‪ .‬أنا‬ ‫آسفة عىل تثبيط عزميتك يف املايض‪.‬‬ ‫يرن الهاتف‪ ،‬ترد االم‪ :‬ماذا تريد يا يوسف؟‬ ‫يوسف‪ :‬لدي أخبا ٌر مفرحة‪ ،‬لقد خرج أبو صابر‪ ،‬وليس ذلك فقط بل إنه مستع ٌد أن يغفر لفاتنة كل جرامئها بحقه‬ ‫رشيطة أن تعلن توبتها وترتدي الحجاب وتعود إىل بيت الطاعة‬ ‫االم‪ :‬أنتم مجانني! أقسم أنكم مجانني أنت وأخوك !‬ ‫يوسف‪ :‬هل هكذا تردين عىل تسامحنا معك ومع ابنتك ؟‬ ‫األم‪ :‬ال أريد أن أسمع ال منك وال منه! اخرجوا من حياتنا !‬ ‫تغلق الخط‬ ‫فاتنة‪ :‬ماذا يريد؟‬ ‫األم‪ :‬والدك خرج من السجن وال يبدو أنه تغري عىل اإلطالق‬

‫‪60‬‬


‫العنوان‬ ‫األسايس‬ ‫فاتنة‬ ‫رواية ‪..‬‬

‫سام مار‬

‫فاتنة‪ :‬الناس ال تتغري من الداخل‬ ‫األم‪ :‬عليك بالخروج من البلد بأرسع ٍ‬ ‫وقت يا فاتنة‬ ‫فاتنة‪ :‬املوضوع ليس بيدي‪ .‬ملاذا والدي هكذا‪...‬أنا مل أرد أبدا إيذاءه ألنه والدي !‬ ‫أصل‬ ‫األم‪ :‬كيف خرج من السجن ً‬ ‫مهم‪ ،‬ال أظن أنه سيحاول ‪...‬‬ ‫فاتنة‪ :‬ليس ً‬ ‫يرن هاتف فاتنة ‪ ..‬ترد ‪ ..‬آلو‪...‬‬ ‫أبو صابر ‪ :‬فاتنة أنا أسامحك‪ ،‬فأنت لست عاهر ًة بل مريض ًة نفس ًيا بجنون العظمة والشبق الجنيس‪ .‬تحتاجني للعالج‬ ‫يا ابنتي‪.‬‬ ‫فاتنة تغلق الخط‬ ‫األم‪ :‬إنهم يخططون شيئًا‬ ‫فاتنة‪ :‬بعد كل ما حدث؟‬ ‫يل أن أقول ذلك لكن أمتنى موته‬ ‫األم‪ :‬بنظرهم كل ما حدث هو خطأك أنت‪ .‬الوضع ال يحتمل‪ ،‬من الصعب ع ّ‬ ‫فاتنة‪ :‬ال يا أمي ال أريد أن أؤذيه‪ .‬ال أجد له عذ ًرا لكن ضغط املجتمع عليه له دوره‪.‬‬ ‫يف اليوم التايل يف حي الرماد‬ ‫يوسف‪ :‬هل أنت متأك ٌد أ ّن ما تفعله هو الحل الوحيد؟‬ ‫يل فرصة العمر ودمرت سمعتي‪.‬‬ ‫أبو صابر‪ :‬لقد مت ّرغ أنفي يف الرتاب‪ ،‬ودخلت السجن بهذا العمر بسببها‪ .‬أضاعت ع ّ‬ ‫يوسف‪ :‬ال خالف أنها تستحق الذبح‪ ،‬لكن أخىش أن تتورط مر ًة أخرى‬ ‫إبق بعي ًدا حتى ال تتورط‪ .‬العار عاري وأنا الذي سيغسله‬ ‫أبو صابر‪ :‬أنت َ‬ ‫أبو صابر يتحدث مع الرجل صاحب الندب الكثرية عىل وجهه‬ ‫أبو صابر‪ :‬املسألة مسألة رشف‪ ،‬سأعطيك تفاصيل تحركاتها وأنت تجد الفرصة املناسبة‪ .‬أريد أن يبدو املوضوع‬ ‫ٍ‬ ‫عريض‪ ،‬مثل رسقة أو محاولة اغتصاب اضطرت الفاعل إىل قتلها‪ .‬ال تأخذك فيها رحمة‪.‬‬ ‫كحادث‬ ‫ٍّ‬ ‫املُهلهل‪ :‬ال عليك‪ ،‬ستعرف ملاذا يلقبونني بالزير الُمهلهل ‪.‬‬ ‫أبو صابر يش ّد عىل أسنانه ويبدو الحقد عىل وجهه بجالء‪ :‬ستحصل عىل باقي املبلغ بعد التنفيذ‪.‬‬ ‫قريب من الجامعة لكنه منز ٍو‪..‬وال تنتبه أ ّن هناك من يتبعها‪..‬‬ ‫أيام‪ ،‬فاتنة تسري يف شار ٍع ٍ‬ ‫بعد ٍ‬ ‫يتبع يف العدد القادم ‪...‬‬ ‫‪61‬‬


‫أيان حريس‬ ‫ترجمة‪ :‬أسامة الوراق‬

‫ال ّنص التايل هو ُمساهمة من أيان حريس من كتاب‬ ‫‪The Portable Atheist: Essential Readings for the‬‬ ‫‪Nonbeliever‬‬ ‫وهو عبارة عن مجموع ٍة من املقاالت واملقتطفات املختارة التي‬ ‫وقدم لها كريستوفر هتشنز‪ ،‬هد ُفها تقديم نَبذ ٌة عن‬ ‫جمعها ّ‬ ‫اب ومفكرين ملحدين‪.‬‬ ‫ِفكر كُ ّت ٍ‬

‫أصبحت كافرة؟‬ ‫ُ‬ ‫كيف وملاذا‬ ‫‪62‬‬


‫العنوان‬ ‫أصبحت كافرة؟‬ ‫ُ‬ ‫وملاذا‬ ‫كيف‬ ‫األسايس‬

‫أسامة الوراق‬

‫مقدمة كريستوفر هتشنز‪:‬‬ ‫يف كتاب مذكراتها املسمى «كافرة» ‪ ،Infidel‬ترس ُد آيان‬ ‫يل بهدوء كيف أَنّها كانت الوليد َة الوحيدة الناجية‬ ‫حريس ع ّ‬ ‫كل األطفال الذين ُولدوا يف نفس جناح الوالدة يوم‬ ‫من بني ّ‬ ‫ُولدت هي يف الصومال‪ ،‬ومن املر ّجح أَنّها ُمح ّق ٌة فيام تقول‪،‬‬ ‫ليس من الصعب أ ّن نتصور أسباب ذلك يف بيئ ٍة يس ُود‬ ‫إ ْذ َ‬ ‫فيها ِختّان اإلناث وقَسوة اإلجراءات الرسم ّية والهمجية‬ ‫الدين ّية والعرق ّية‪ ،‬وما أن َهربَت من إسالم ّيي وطنها ولجأت‬ ‫إىل هولندا‪ ،‬البلد الذي طاملا كان مالذًا للمنشقّني الدينيني‪،‬‬ ‫حتى شَ هدت فاجعة ذبح زميلها تيو فان خوخ ‪Theo van‬‬ ‫‪ Gogh‬يف أحد شوارع العاصمة امسرتدام بعد أن سخر يف‬ ‫إنتاجه الفني من هيمنة املجتمع املسلم عىل النساء فيه‪،‬‬ ‫وقد أُ ْعلمت أيان رصاح ًة أ ّن الفاشية الدينية تستهدفها هي‬ ‫أيضا لتكون ضحيتها التالية‪،‬‬ ‫ً‬

‫لقطة من فيلم‬ ‫(الخضوع ) لفان خوخ وحريس عيل‬

‫قابل لإلصالح‪ ،‬إال أنّها ما لبِثت أن أدركت أ ّن املشكلة تكم ُن يف الدين‬ ‫ومع أ ّن أيان اعتقدت يف بادئ األمر أ ّن اإلسالم دي ٌن ٌ‬ ‫استقالل شجا ًعا عن سطوة الدين‪ ،‬وهي تعيش اليوم يف املنفى ُمخفي ًة‬ ‫ً‬ ‫نفسه‪ ،‬فأعتقت نفسها بعد إدراك ذلك بإعالنها‬ ‫خصيصا لهذا الكتاب عىل‬ ‫هويتها‪ ،‬كالكثريين غريها ممن يُعادون ال ِفكر الجهادي‪ ،‬وقد تفضلت بكتابة القطعة التالية‬ ‫ً‬ ‫شكل مقال ٍة توث ّق فيها وداعها لكل اآللهة‪.‬‬ ‫أتت عيل لحظ ٌة مل أعد أحتمل فيها التظاهر باإلميان‪ ،‬اعرتفت لنفيس معها بأنني لست مؤمنة‪ ،‬لقد كان َهجري لله عملي ًة‬ ‫حاولت جاهد ًة مقاومتها ما استطعت‪ ،‬فسع َي ُت طوال حيايت أن أكون ابن ًة با ّر ًة بعشرييت‪ ،‬وهذا يعني‬ ‫طويل ًة ومؤملة‪ ،‬وقد‬ ‫ُ‬ ‫لمت وجهها لله‪ ،‬وهو ما يعني عمل ًيا طاعتي ل ُحكم أخي وأيب ومن بعدهم‬ ‫قبل كل يشء أن أكون مسلمة ملتزمة ْأس ْ‬ ‫زوجي‪.‬‬

‫‪63‬‬


‫العنوان‬ ‫أصبحت كافرة؟‬ ‫ُ‬ ‫وملاذا‬ ‫كيف‬ ‫األسايس‬

‫أسامة الوراق‬

‫يف طفولتي شعرتُ بنفور الطفل من الظُلم‪ ،‬مل أستطع أن أفهم كيف لله الرحيم القدير أن يحتمل وقويف خلف أخي يف‬ ‫كل هذا يجعل من شهاديت يف‬ ‫كل ما خطر يف بال أخي من أهواء‪ ،‬وفوق ّ‬ ‫الصالة؟‪ ،‬ال بل أن يأ ُمرين به ويُلزمني بتنفيذ ّ‬ ‫وانطبعت شخصيتي ُمنذ ِ‬ ‫الصغر‬ ‫املحاكم أقل شأنًا من شهادة أخي‪ ،‬لقد تغلغل يف نفيس انصيا ٌع وشعو ٌر بالعار لكوين أُنثى‬ ‫ْ‬ ‫ست أ ّن تساؤاليت كانت مبثاب ِة خيان ٍة لهم‪.‬‬ ‫وأحس ُ‬ ‫بهذا الطابع‪ ،‬فأط ُ‬ ‫ْعت والدي‪ ،‬وعشرييت وشُ يوخ ال ّدين‪َ ،‬‬ ‫كنت‬ ‫وبُبلوغي س ّن املراهقة إزداد مت ُردي‪ ،‬لك ّنه مل يكن موج ًها ِضد اإلسالم بعد‪ ،‬فمن أكون أنا ألعرتض عىل الله؟ لك ّني ُ‬ ‫الش ُف هو أسمى قيمنا‪ ،‬وهو ٌ‬ ‫رشف تركّز حول التحك ّم‬ ‫أشعر أ ّن عائلتي وعشرييت يف الصومال ت َ َح ّدان من ُحريتي‪ ،‬إذ كان ّ‬ ‫ب ُعذرية الفتيات من بيعٍ وتناقلٍ بني األيدي‪ ،‬لكن قراءيت للكتب الغربية‪ ،‬حتى الروايات العاطفية الرخصية منها‪ ،‬أعطتني‬ ‫تصو ًرا لكونٍ بديلٍ ُمبه ٍر تكون للفتيات فيه حري ُة االختيار‪.‬‬ ‫وحاولت املواظب َة عىل‬ ‫فارتديت نِقابًا أسود غطّاين من رأيس حتى أ َخمص قدماي‪،‬‬ ‫حاولت التك ّيف‪،‬‬ ‫ومع ذلك‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫كل ذلك خويف من ال ّنار‪،‬‬ ‫كبي من أوامر ونواهي القرآن والحديث‪ ،‬وكان يحدوين يف ِّ‬ ‫الخمس واتباع ك ٍّم ٍ‬ ‫الصلوات‬ ‫ْ‬ ‫املتقش‪ ،‬واللحم املحروق‪،‬‬ ‫إذ يَ ْسد القرآن تفاصيل حيّة عن عذاب جه ّنم‪ ،‬من اآلالم واملاء املغيل‪ ،‬والجلد‬ ‫ِّ‬ ‫واألمعاء الذائبة‪ ،‬ستُحرقك نا ٌر أبدي ٌة يتف ّحم فيها جسدك وتغيل سوائِله وتحصل عىل ٍ‬ ‫سمعت‬ ‫جلد جديد‪ ،‬وكُلّام‬ ‫ُ‬ ‫ٍ‬ ‫بعنف مع‬ ‫بدأتُ أفقد إمياين أيّام الجامعة‪ ،‬حيثُ كانت األفكار والحقائق التي تعلّمتُها مثري ٌة وقوية‪ ،‬لك ّنها تضاربت‬ ‫فرأيت‬ ‫حاولت جاهد ًة تجا ُهل هذا اإلختالف املعرِيف يف بداية إدرايك لوجوده يف نفيس‪،‬‬ ‫نظريت للعالَم التي نشأتُ عليها‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫وقطعت عه ًدا عىل نفيس‬ ‫كنت أرى القرآن ُمقن ًعا‪،‬‬ ‫أ ّن أفكار سپينوزا وفرويد وداروين وميل غاي ٌة يف اإلقناع‪ ،‬لك ّني ً‬ ‫ُ‬ ‫أيضا ُ‬ ‫حصلت عىل ٍ‬ ‫مزيد من التفاصيل املرعبة‪ ،‬كان األم ُر ُمرع ًبا بحق‪.‬‬ ‫شي ًخا خطي ًبا‬ ‫ُ‬ ‫حاولت االنصياع إلرادة الله و ْج ّدتَني أش ُعر برغبة‪،‬‬ ‫وصحبة الرجال هي ما أنقذين يف النهاية‪ ،‬فمهام‬ ‫ولرمبا كانت‬ ‫ُ‬ ‫الكتب ُ‬ ‫ُ‬ ‫رغبة جنسيّة ُمل ّحة حقيقية‪ ،‬رغبة مل تستطع صور نار جه ّنم أن تكبَح جِامحها‪ ،‬لقد أشعرتني رغبتي تلك ِ‬ ‫بالخزي والعار‪،‬‬ ‫أدركت ّأن ال أستطيع ق ُبول تكبييل إىل فراش رجل ال أشعر نحوه بيشء‪.‬‬ ‫وملّا أعلمني أيب بنيته تزويجي لرجلٍ غريب‬ ‫ُ‬ ‫فهربت‪ ،‬إىل أن انتهى يب املقام يف هولندا‪ ،‬ومبساعد ِة العديد من أهل الخري يف ذلك البلد تك ّونت لدي ثق ٌة بأ ّن متسقبيل‬ ‫ُ‬ ‫أتبي أس َباب الفقر وال ُعنف يف املجتمعات املُسلمة‪،‬‬ ‫يقبع خارج إطار عشرييت‪ ،‬وق ّررت دراس َة ال ُعلوم السياسية‪ ،‬حتى ّ‬ ‫تقص أسباب‬ ‫مجتمعات الله‪ ،‬كنت ال أزال ُمسلمة يف تلك األيّام‪ ،‬ومل تكن ن ِّيتي انتقا ُد إرادة الله‪ ،‬وإمنّا اقترص َه َديف عىل ّ‬ ‫ُمصاب املسلمني‪.‬‬ ‫‪64‬‬


‫العنوان‬ ‫أصبحت كافرة؟‬ ‫ُ‬ ‫وملاذا‬ ‫كيف‬ ‫األسايس‬

‫أسامة الوراق‬

‫أ ْن ِ‬ ‫َلت أُخرب نفيس أ ّن الله يُحب‬ ‫أح ّل هذه التناقُضات يو ًما ما‪ ،‬يف تلك األثناء‪ ،‬مل أستطع َ‬ ‫وقف نفيس عن القراءة‪ ،‬وظَل ُ‬ ‫املعرفة‪ ،‬لك ّني كُنت أعي أ ّن هذه ُحج ٌة واهية‪.‬‬ ‫اكتشفت ُمتع َة االبتعاد عن حياة ال َعشرية‪ ،‬وق ْد َسحرين ذلك بقد ِر ما َس َحرتني أفكار الفالسفة‬ ‫مع عييش يف الغرب‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫االحتكاك بالصوماليني‪ ،‬ث ُم بع َد‬ ‫وتجنبت يف البداية‬ ‫الزي اإلسالمي بالجينز‪،‬‬ ‫وصويل إىل هولندا‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫التنويريني‪ ،‬وبُعي َد ُ‬ ‫استبدلت ّ‬ ‫ذلك مل أعد ّ‬ ‫للت س َواء السبيل‪ ،‬ومضت‬ ‫أحتك باملسلمني ً‬ ‫أيضا‪ ،‬فلقد كانوا يَ ِعظُونني ويُخ ّوفوين من اآلخرة‪ ،‬من ّأن قد َض ُ‬ ‫كأس ٍ‬ ‫نبيذ يف حيايت‪ ،‬وكان قد صار يل صديق‪ ،‬لكن مل تأتني صاعق ٌة من نا ِر جه ّنم لتَحرقني‪،‬‬ ‫سنواتٌ‬ ‫ُ‬ ‫احتسيت بع َدها أ ّول َ‬ ‫سلوب ُمفاوضة الله عىل الذنوب‪ ،‬وكان منطق ذلك أن اعتربت‬ ‫ومل ت َغرق حيايت يف بح ٍر من الفوىض‪ ،‬ولتهدئة بايل‬ ‫ُ‬ ‫اتبعت أُ َ‬ ‫ما أفعله ذنوبًا بسيطة لن يبُايل الله بها كث ًريا‪.‬‬ ‫ثم أُسقط برجى التجارة العاملية باسم الله ورسوله‪ ،‬وشعرتُ بنفيس‬ ‫مضطّرة الختيار أحد طريف النزاع‪ ،‬وقد أعطَى أسامة بن الدن تربي ًرا للهجوم‬ ‫كان أكرث اتساقًا مع محتوى القرآن والس ّنة من األصوات املُمثّلة رسم ًيا‬ ‫للمسلمني والتي تعالَت مصحوبة بأصوات مفكرين غربيني محاولني نفي‬ ‫فعلت بصفتي مسلمة؟ هل‬ ‫أي صلة بني سفك الدماء ذاك واإلسالم‪ ،‬فامذا ُ‬ ‫فعل ما أراده الله؟ فإ ْن‬ ‫دعمت فعل بن الدن التع ّبدي؟ هل شعرت بأنه ً‬ ‫مل أفعل‪ ،‬فهل كنت ُمسلمة؟‬ ‫أمسكت كتاب املانيفستو اإللحادي ‪ Atheist Manifesto‬لكاتبه هرمان‬ ‫ورشعت‬ ‫فيليپس ‪ ،Herman Philipse‬الذي صار الحقًا صديقًا رائ ًعا‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫بقراءة الكتاب‪ ،‬فانبهرت بوضوحه وبجرأة مؤلّفه‪،‬‬ ‫لكنني يف الواقع مل أحتج ألن أقرأه‪ ،‬فبمجرد نظري لهذا الكتاب ورغبتي يف قراءته تعنيان أ ّن الشّ ك قد دخل يف نفيس‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫أصحبت ُملحدة‪ُ ،‬مرتدة‪ ،‬كافرة‪ ،‬نظرتُ يف املرآة‬ ‫ّفت الله ورايئ ُمن ُذ سنوات‪،‬‬ ‫صفحات‬ ‫وقبل إكاميل أربع‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫أدركت ّأن َخل ُ‬ ‫ُ‬ ‫وقلت عال ًيا باللغة الصومالية‪« :‬ال أؤمن بالله»‪.‬‬

‫‪65‬‬


‫العنوان‬ ‫أصبحت كافرة؟‬ ‫ُ‬ ‫وملاذا‬ ‫كيف‬ ‫األسايس‬

‫أسامة الوراق‬

‫وشعرتُ مع قويل ذلك بارتيا ٍح مل يَصحبه أمل وإمنّا شعو ٌر بوضوح الرؤية‪ ،‬لقد انتهت تلك العملية املطولة التي كنت أرى‬ ‫من خاللها نقائص يف إمياين وأحاول جاهد ًة أن أسري دون أن أدوس عىل أطرافه املهرتئة التي كانت تتمزق بالتدريج‪ ،‬لقد‬ ‫ٍ‬ ‫خياالت‬ ‫محض‬ ‫اختفت صورة ال ّنار التي رافقتني دو ًما‪ ،‬وبدا أفقي أكرث اتسا ًعا ور َحابة‪ ،‬فصار الله والشيطان واملالئكة ُ‬ ‫ٍ‬ ‫أسي بثق ٍة عىل‬ ‫برشي ٍة‬ ‫وآليات اختُلقت لفرض إرادة القوي عىل الضعيف‪ ،‬فمن اآلن وصاع ًدا صار مبقدوري ّ‬ ‫املض قُد ًما‪ُ ،‬‬ ‫األرض التي أطأ‪ ،‬وأو ّجه نفيس باالعتامد عىل العقل وعىل احرتامي لذايت‪ ،‬وج ّدت بوصلتي األخالق ّية ِ‬ ‫داخل نفيس‪ ،‬وليس‬ ‫كتاب مق ّدس‪.‬‬ ‫عىل صفحات ٍ‬ ‫ناسا ماتوا من زمنٍ بعيد‪ ،‬أردتُ ال ّنظر‬ ‫يف األشهر التي ت ْ‬ ‫َلت ذلك ِصتُ أرتاد املتاحف‪ ،‬أردتُ أن أرى آثا ًرا ومومياءات وأُ ً‬ ‫ظام نخرة‪ ،‬شاهدتُ ِعظا ًما يرجع‬ ‫إىل واقع ال ِعظام بعد املوت ألستوعب فكرة أنني بع َد ماميت سأتحول إىل كوم ٍة من ِع ٍ‬ ‫كل هذا الوقت وأ ّن هذا‬ ‫بعضها إىل ما قبل خمسمئة مليون عام و َخطَر يف بايل كيف أ ّن الله مل يحي هذه العظام بعد ّ‬ ‫يُقلل احتاملية ِعقابه يل عىل حيايت املليئة باالستمتاع‪.‬‬ ‫رب‪ ،‬مام يعني أ ْن أق َبل أ ّن َمصدر املعنى يف حيايت هو من حيايت‬ ‫ووجدتني مكلّف ًة مبهم ٍة نفسي ٍة َه َدفها ق ُبول الحياة دون ّ‬ ‫معنى أعمق لألخالق‪ ،‬ففي اإلسالم يكون اإلنسان عب ًدا لله‪ ،‬يسلّم نَفسه لله‪ ،‬مام يعني أن يَخلو‬ ‫ذاتها‪ ،‬ورصتُ أبحث عن ً‬ ‫من أي إراد ٍة شخصية‪ ،‬فاملسلم ليس فر ًدا ُح ًرا‪ ،‬فهو ي ُح ِسن الترصف فقط لخوفه من ال ّنار‪ ،‬وهو أم ٌر ال يزيد عىل كونه‬ ‫نو ًعا من االبتزاز‪ ،‬فأخالق املسلم ال تنبع من ذاته‪.‬‬ ‫الش‪ ،‬وأ ّن علينا اإلتكّال عىل أنفسنا يف التفكري‪،‬‬ ‫وأخربتُ نفيس أنّنا نَحن كأفراد نُرشد أنفسنا بأنفسنا إىل الخري ونجتنب ّ‬ ‫أص ُدق غريي ما مل أكن صادق ًة مع نفيس‪ ،‬أردّتُ االنصياع مع‬ ‫فنحن مسؤولون عن أخالقنا‪ ،‬واستنتجت ّأن لن أستطيع أن ْ‬ ‫أهداف الدين التي تسعى لتحسني الفرد وتجعله ِمعطا ًء‪ ،‬لكنني مل أ ِر ْد قم َع إراديت وإرغامها عىل اتباع قواعد معقّدة‬ ‫مفصلة قاسية‪ ،‬لقد كَذْبت كث ًريا يف حيايت‪ ،‬لكني ق ّررت التوقف اآلن‪ ،‬كفى كذبًا‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫بعد أن أنهيت كتاب َة مذكرايت التي نرشتها ككتاب اسميته «كافرة» ‪( Infidel‬املنشور يف الواليات املتحدة عام ‪،)2007‬‬ ‫قمت بجول ٍة ترويجية للكتاب يف الواليات املتحدة‪ ،‬ووجدتُ أ ّن العديد ممن أج َرى معي مقابالت من واليات الداخل‬ ‫ُ‬ ‫يل البحث عن دينٍ أكرث سامح ًة‬ ‫األمرييك كانوا يسألون ّ‬ ‫عم لو ّأن فكّرتُ باتباع رسالة يسوع املسيح؟ وكانت فكرتهم أ ّن ع ّ‬ ‫بأن ال‬ ‫بدل من االتجاه نحو الالدين‪ ،‬أأتبع دي ًنا فيه حي ٌة تتحدث وفيه جن ٌة يف السامء؟ غال ًبا ما أر ّد عليهم ّ‬ ‫من اإلسالم ً‬

‫‪66‬‬


‫العنوان‬ ‫أصبحت كافرة؟‬ ‫ُ‬ ‫وملاذا‬ ‫كيف‬ ‫األسايس‬

‫أسامة الوراق‬

‫صحيح أن النسخة املسيحية عن جه ّنم أكرث ِسلمية من نظريتها اإلسالمية‬ ‫القش‪،‬‬ ‫أحتمل تلك الج ّنة ألين أعاين من حمى ّ‬ ‫ٌ‬ ‫التي نشأت عليها‪ ،‬لكن الفكر املسيحي الخرايف ال يروقني أكرث مام تروقني قصص ج ّديت عن املالئكة والجن‪.‬‬ ‫إ ّن اإللحاد هو املوقف الوحيد الذي ال يرتك يف ِذهني مجالً لتخالف معريف‪ ،‬فاإللحاد ليس دي ًنا‪ ،‬إ ّن املوتَ محتوم‪،‬‬ ‫عب ال ّنار‪ ،‬علينا أن نعيش حياتنا بكل اندفاع عىل هذه األرض بكل ما فيها من ِسح ٍر و َجام ٍل‬ ‫يستبدل أوها َم الج ّنة و ُر َ‬ ‫وأمل‪ ،‬فإن ّ‬ ‫تعثنا ووقعنا نقوم ومنيش من جديد نحن نشعر بالحزن تارة وبالثقة بأنفسنا تارة‪ ،‬وتار ًة بانعدام تلك الثقة‪،‬‬ ‫نشعر بالوحدة والرسور والحب‪ ،‬ال يشء وراء هذه الحياة‪ ،‬وال أحتاج شيئًا وراءها‪.‬‬

‫غالف كتاب هتشنز الذي نرش فيه املقال‬

‫‪67‬‬


68


‫‪Khaled Bensekaim‬‬

‫ودا ًعا إلهي ‪..‬‬ ‫قصة خيالية ساخرة‪.‬‬ ‫‪69‬‬


‫العنوان‬ ‫األسايس‬ ‫ودا ًعا إلهي‬

‫‪Khaled Bensekaim‬‬

‫تفاهم حدث بيني وبني إلهي‪ :‬من هو ربك؟ قلت له ال أملك واح ًدا‪ ،‬رد عيل بنربة شفق ٍة‬ ‫قال يل بعد أن سمع عن سوء‬ ‫ٍ‬ ‫قائالً‪ :‬مسكني‪ ،‬سأعطيك إلهي لتعبده‪ ،‬تساءلت أي نو ٍع من الكرم هذا؟! قلت له إلهي مل ميت وإمنا هو يقيض عطلته‬ ‫السنوية يف كونٍ آخر وهاتفه مغلق‪ ،‬أي نو ٍع من اآللهة هذا الذي يغلق هاتفه؟ تساءل صديقي ثم أعاد اقرتاحه‬ ‫مر ًة أخرى‪ :‬إلهي اآلن يف مكتبه اتصل به وع ّرفه عن نفسك لعلّه يقبلك عب ًدا عنده‪ ...‬قلت له أنني مل أذق يو ًما طعم‬ ‫ًأيضا‪ .‬سأح ّرره من‬ ‫الحرية‪ ...‬أليس لديك إل ٌه مينحني الحرية الكاملة؟ ومالذي ستمنحه أنت؟ تساءل ‪ -‬سأمنحه حرية ً‬ ‫مراقبتي واالهتامم بسخافايت طوال الوقت‪ ...‬هههه أنت تريد إذن أن تح ّرر شهواتك! سآخذك إىل متجر اآللهة وهناك‬ ‫ستجد إل ًها يناسبك‪ .‬فكرة رائعة أن تختار الهك!! قلت يف نفيس‪.‬‬

‫‪70‬‬


‫العنوان‬ ‫األسايس‬ ‫ودا ًعا إلهي‬

‫‪Khaled Bensekaim‬‬

‫كم مثن هذا اإلله الذي ميلك خرطو ًما؟ هذا اإلله بدينارين ج ّربه وإن مل يحقق لك ما تريد أعده يل‪ ،‬لكنني متأك ٌد من‬ ‫أنه سيعجبك‪ .‬نظرت إىل األسفل فوجدت أن تاريخ صالحيته سينتهي بعد أيام‪ ،‬أخذته إىل البيت‪ ،‬ق ّدمت له الصلوات‬ ‫التي وج ّدتها يف الدليل املرفق‪ ،‬طلبت منه أن مينحني فكر ًة فقط‪ ،‬فاستجاب لدعايئ‪ ،‬فكرة أن أرميه بعي ًدا وأتع ّود عىل‬ ‫ٍ‬ ‫حادث‬ ‫تحسنت مع الوقت خاص ًة وأن إلهي السابق تويف يف‬ ‫العيش بدون آلهة‪ ،‬كان األمر صعبًا يف البداية لكن األمور ّ‬ ‫خطريٍ بسيارته الفخمة‪ ،‬كم متنيت ذلك!!‬ ‫ٍ‬ ‫شائعات تقول أن إلهي السابق مل ميت يف ذلك الحادث املر ّوع عند اصطدام سيارته الفاخرة بعربة اإلله‬ ‫سمعت‬ ‫براهام‪ ،‬وهو ال يزال يقيض فرتة نقاهته يف مستشفى عسكري يف كونٍ آخر يديره اإلله أبولو‪ ،‬كم كانت خيبتي كبرية‪،‬‬ ‫فأنا اكره إلهي‪ ،‬ال أطيق سامع اسمه ولست خائفًا منه عىل أية حال‪ ،‬لكن ضمريي كالعادة يعذّبني كلام تعلق األمر‬ ‫بااللتزامات األخالقية السخيفة‪ ،‬يجب أن أدعو إللهي بالشفاء فهو من خلقني وهو من يرزقني بالرغم من أنه لو‬ ‫مل يقيض أيب ليل ًة حمراء يف أحد األيام الصيفية من عام ‪ 1988‬مع السيدة أمي ملا كنت موجو ًدا بل لو أن أمي كانت‬ ‫كتبت هذا الهراء‪ ،‬كام أنني أستلم رزقي من مديري كل شه ٍر بعد أن أقوم ٍ‬ ‫بجهد جبار‬ ‫تعرف حبوب منع الحمل ملا ُ‬ ‫وأستدين الكثري من املال ثم أرجعه آخر الشهر‪ ،‬بالرغم من كل هذا إال أنهم يقولون أن إلهي هو من خلقني ورزقني‪،‬‬ ‫مع ذلك سأدعو له بالشفاء حتى يرجع ملراقبتي وأنا يف املرحاض‪ ،‬وأنا يف الحامم‪ ،‬وأنا أغازل حبيبتي‪ ،‬وأنا ألعب‬ ‫بقضيبي بعد أن أغازل حبيبتي‪ ،‬الله هوايته املراقبة أو “التقرعيج”‪ ،‬من املؤكد أنه يحفظ كلمة املرور التي أستعملها‬ ‫خفيف يدور يف رأيس‪“ :‬من يشفيه وهو اإلله؟”‬ ‫ٌ‬ ‫لدخول هذا املوقع‪ ،‬ال أحب هذا اإلله‪ ،‬اللهم اشفه‪ ،‬قلتها وصوتٌ‬ ‫تفلت عىل يساري واستعذت من الشيطان‪ ،‬هكذا أخربوين أن أفعل كلام خطر ببايل ٌ‬ ‫سؤال عن الله‪ ،‬ال يه ّمني إن كان‬ ‫موجو ًدا أم ال‪ ،‬املهم أن ال يعلّقني من أعضايئ الحساسة يف ذلك اليوم الجامهريي الكبري‪...‬بعد نهاية الكون!!‬ ‫***‬ ‫مل يُرسل الله نب ًيا جدي ًدا يخربنا عن وضعه الصحي املتأزّم‪ ،‬لذلك فهو بالتأكيد مل يخرج من املستشفى بعد‪.‬آخر مر ٍة‬ ‫تذكّرنا فيها هذا اإلله كانت قبل ‪ 1400‬سنة عندما أرسل أحد األشخاص املشبوهني ليقول لنا أن هذا الشخص غري‬ ‫بخصيتي كام يقول صديقي‪ ،‬فذلك‬ ‫أحس أن األمر كله شبهة‪،‬ال عيل‪ ...‬يجب أن أص ّدق ذلك‪ ،‬حتى ال أغامر‬ ‫مشبوه‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫ٍ‬ ‫سنوات عندما ممم نسيت‪ ،‬لكنني‬ ‫مؤملٌ ج ًدا‪ ،‬بالرغم من أن آخر مرة تعرضت فيها للرضب عىل الخصيتني كانت قبل‬ ‫أيضا مالذي يجب فعله تجاهه‪ ،‬الجري والتب ّول عىل أقرب حائط ٍأو شجرة‬ ‫أتذكّر ذلك الشعور املريع بالتفصيل‪ ،‬وأتذكّر ً‬ ‫أووه بعدها أرتاح ج ًدا وأعود للعب الكرة‪...‬آه‪...‬تذكرت السبب‪ ،‬إنها الكرة اللعينة‪ ،‬لكن الله ال يلعب الكرة‪ ،‬بل يعلّقك‬ ‫من خصيتيك حتى تعرتف‪ ،‬لكن مباذا ستعرتف؟! ال يهم‪ ،‬يبدو أن الله يستمتع بذلك!‬ ‫ش ّغلت التلفاز‪ ،‬وإذا بشي ٍخ يشبه بابا نويل يقول‪ :‬الله يحبكم!‪...‬حقًا!! الله يحبني؟! مل أشعر بذلك أب ًدا‪ ،‬دامئًا ما أشعر‬ ‫أن هدفه من خلقنا ليس سوى الفراغ الرهيب الذي عاىن منه قبل خلق الكون‪ ،‬ملاذا مل يتزوج؟ هاقد بدأ الشيطان‬ ‫‪71‬‬


‫العنوان‬ ‫األسايس‬ ‫ودا ًعا إلهي‬

‫‪Khaled Bensekaim‬‬

‫يطرح أسئلته الوجودية عىل لساين‪ ،‬ملاذا يحبنا الله؟ أليس هو من أبادنا جمي ًعا ثم أعاد خلقنا من جديد؟! قصة‬ ‫أيضا‪ ،‬لكن من يتج ّرأ عىل قول ذلك؟ الله يحبنا هذا يعني أننا يجب أن نبادله‬ ‫السفينة العمالقة تلك مشبوه ٌة ً‬ ‫ضخم سيشوي فيه كل من ال يطيعه‪ ،‬يقصد كل من ال‬ ‫الحب‪...‬وإال!! أكمل الشيخ كالمه‪ :‬الله يحبكم لكنه صنع فرنًا ً‬ ‫يبادله الحب‪ ،‬يا إلهي! متى متوت‪ ...‬وأرتاح؟ آآخخخ‪.‬‬ ‫****‬ ‫مل ت ُبل علينا السامء منذ شهو ٍر بسبب مرض اإلله ومكوثه الطويل يف املستشفى‪ ،‬فوضعه الصحي ال يسمح له بالذهاب‬ ‫إىل مخربه ومزج قليلٍ من الهيدروجني واألكسجني ورميها علينا‪ ،‬كام نفعل مع الشحاتني والشياتني‪ ،‬أخربين صديقي أن‬ ‫يوم الجمعة القادم ستُقام فيه صالة االستسقاء‪ ،‬سارعت إىل االنرتنت وبحثت عن جدول األحوال الجوية لهذا الشهر‪...‬‬ ‫“أوالد الداعرة” فعلوها كعادتهم!! ستُمطر يوم الجمعة‪ ،‬قلت لصديقي‪ :‬سوا ًء صلّيتم أم ال‪ ،‬يبدو أن أحدهم يتجسس‬ ‫عىل خطط الله‪...‬من؟ الحكومة! تساءلت أو استعار الشيطان عقيل كعادته‪ ،‬ما عالقة الحكومة بالله؟ همس يل أحد‬ ‫الشياطني الصغار وقال‪“ :‬الله صناع ٌة حكومية” تفووه‪...‬تفلت عليه ثالث ًا حتى يبتعد عن رأيس‪ ،‬لكن البصقة جاءت‬ ‫عىل وجه صديقي‪ ،‬سقطت إحدى أسناين بعد ما استعمل صديقي “السابق” حق الرد‪ ،‬عىل كلٍ ‪ ،‬الشيطان هو من‬ ‫نزغ بيننا‪ ،‬لكن ملاذا وسوسات الشياطني دامئًا منطقي ٌة ومعقول ٌة عكس كلامت اآللهة والحكومة؟! بدأت أص ّدق كالم‬ ‫الشياطني‪ ،‬خاص ًة وأن األمطار نزلت يف املوعد املحدد‪ ،‬شك ًرا للوزارة! اللهم ِ‬ ‫اشف رئيسنا وأطل يف عمره‪ ،‬تذكرت‪ ،‬الله‬ ‫أيضاً مريض‪ ،‬ممم هل الله هو ‪.........‬؟!!‬ ‫***‬ ‫صل الجميع لله يستسقونه‪ ،‬مل أشاركهم هذه املهزلة ألين أعلم‬ ‫أمطا ٌر طوفاني ٌة أتت عىل األخرض واألصفر بعدما ّ‬ ‫مسبقاً ما سيحدث‪ ،‬لكن عكس ما توقعت‪ ،‬األمطار مل تتوقف لحظ ًة واحدة منذ ثالثة أيام‪ ،‬فهمت أن الله يحترض‬ ‫عظيم‪ ،‬لكنه مل يكن كذلك أب ًدا! مل‬ ‫ويريد إنهاء الكون وتنظيف األرض من فضائحه الكثرية‪ ،‬الله يريد أن ميوت‬ ‫ً‬ ‫تنجح فكرته ومل ترس األمور كام كان يتوقع‪ ،‬فأغلب البرش مل يعريوه أي اهتامم‪ ،‬وهو كذلك مل يكن يدرك أن قدراته‬ ‫محدودة‪ ،‬وأن املرض واملوت ميكن أن يصيب حتى اآللهة‪ ،‬سينهي الكون إذن‪ ،‬ويصبح كل يشء “ال يشء” عىل األقل‬ ‫يف كوننا هذا‪ ،‬ملاذا ال ميوت ويرتكنا نعيش بدونه؟! طبعا لو فعل فإننا سنسامحه‪ ،‬عىل ماذا؟ عىل غروره وجنونه‬ ‫واستعباده لنا آلالف السنني‪ ،‬سنسامحه بالرغم من مجازره وكوارثه وعقوباته غري املربرة‪ ،‬سنسامحك أيها اإلله األحمق‬ ‫ولن نحاسبك اذا تركتنا وشأننا‪ ”،‬مت وحدك‪..‬مت وح‪...‬دك” رصخت بأعىل صويت‪ ...‬واااع‪...‬ادفعي أكرث‪ ،‬أكرث‪ ...‬سمعت‬ ‫أصوات ًا غريبة‪ ،‬أين أنا‪ ،‬مربوك إنه ولد‪ ،‬هل ُولدت من جديد؟! مالذي يحدث؟؟ أكاد أجن!‪...‬استيقظ يا بني “املسجد‬ ‫للصالة وليس للنوم‪...‬إنها الساعة الرابعة قبل العرص” قال اإلمام ذلك ودخل ليؤذن‪...‬بينام خرجت أنا من املسجد دون‬ ‫أصل حتى صالة الوداع”‪...‬‬ ‫أن ّ‬ ‫يتبعـ ‪...‬‬ ‫‪72‬‬


‫مجلة شهرية بجهود فردية تصدر كل شهر‬

‫مجلّة امللحدين العرب مجل ٌة رقمي ٌة مبني ٌة‬ ‫ج ٍه سياسي؛‬ ‫ي تو ّ‬ ‫بجهودٍ فردي ٍة؛ وال تتبنّى أ ّ‬ ‫هدفها نشر أفكار امللحدين على اختالف‬ ‫جهاتهم وانتماءاتهم بحرّي ٍة كامل ٍة‪.‬‬ ‫تو ّ‬ ‫املعلومات والرسومات واملواضيع املطروحة‬ ‫تُعتبر مسؤولية أصحابها من الناحية األدبية‬ ‫وناحية حقوق النشر وحفظ امللكية الفكرية‪.‬‬ ‫الناشرون‬ ‫امللحدين‬ ‫والالديني‬ ‫ّ‬ ‫بالنشر ‪.‬‬

‫هم من أعضاء مجموعة مجلة‬ ‫العرب‪ ،‬أو من الك ّتاب امللحدين‬ ‫ممّن مت ّ التواصل معهم ألخذ اإلذن‬

‫العامة‪،‬‬ ‫مناف لألخالق‬ ‫ُينع نشر كل ماهو‬ ‫ٍ‬ ‫ّ‬ ‫وكذلك التحريض أو التصريحات العنصرية‪.‬‬ ‫لهيئة التحرير احلق ّ في نشر ما تراه مناس ًبا‬ ‫من املواضيع املوجودة في مجموعة اجمللة على‬ ‫موضوع ضمنها يُعتبر‬ ‫ي‬ ‫الفيس بوك ‪ ،‬فنشر أ ّ‬ ‫ٍ‬ ‫تفويضا ً للمجلّة بنشره‪.‬‬

‫موقع املدونة اخلاصة بنا لألرشفة على اإلنترنت‪:‬‬ ‫‪www.aamagazine.blogspot.com‬‬ ‫البريد اإللكتروني‬ ‫‪el7ad.organisation@gmail.com‬‬ ‫‪magazine@arabatheistbroadcasting.org‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.