مجلة الملحدين العرب: العدد الثامن والثلاثون/ شهر يناير / 2016

Page 1

‫مجلة شهرية بجهود فردية تصدر في الثاني عشر من كل شهر‬

‫محادثة بني فتاة‬ ‫مثلية ورجل غيري‬ ‫‪Amira‬‬

‫العدد الثامن والثالثون من مجلة امللحدين العرب لشهر كانون الثاين ‪ /‬يناير ‪2016‬‬

‫عتبي عليك صديقي امللحد‬ ‫سالم الدليمي‬ ‫حول ظاهرة املظلومية اإلسالمية‬ ‫هادي بن رمضان‬ ‫مجلة امللحدين العرب هدفها نشر أفكار‬ ‫نحو وعي فردي‬ ‫ماري غزال‬

‫امللحدين والالدينيني العرب على اختالف‬ ‫توجهاتهم السياسية والعرقية وبحري ٍة كاملة‪.‬‬ ‫اجمللة رقمي ٌة مبني ٌة بجهودٍ فردي ٍة‪ ،‬وال تنتمي ألي‬ ‫توج ٍه سياسي‪.‬‬ ‫املواضيع املطروحة باجمللة تعتبر مسؤولية‬ ‫أصحابها من الناحية األدبية وناحية حقوق‬ ‫النشر وحفظ امللكية الفكرية‪.‬‬


‫فريق التحرير‬

‫املشارك في هذا العدد‬

‫رئيس التحرير‪:‬‬ ‫‪........... Gaia Athiest‬‬

‫أعضاء هيئة التحرير و بناء اجمللة‬ ‫‪John Silver‬‬ ‫الغراب احلكيم‬ ‫‪Mouhmed Larbi‬‬ ‫‪Alia`a Damascéne‬‬ ‫غيث جابري‬ ‫‪Ali Alnajafi‬‬ ‫أسامة البني (الوراق)‬ ‫‪Abdu Alafrani‬‬ ‫‪Zaher Zaher‬‬ ‫ليث رواندي‬ ‫‪Zorba Zad‬‬ ‫‪Abdulkarim Ahmad Azizi‬‬ ‫‪Tiky Mikky‬‬ ‫‪RoRo Evil-Girl‬‬ ‫‪Raghed Rustom‬‬ ‫‪Antoine Tannous‬‬

‫كلمة حترير اجمللة‬ ‫نرى الكثيرين يتحدثون ويتفننون في كشف خيوط‬ ‫املؤامرة الكونية على اإلسالم واملسلمني وديارهم‪،‬‬ ‫ولكن ال أحد يتحدث عن املؤامرة الداخلية التي متارس‬ ‫علينا منذ ‪ 1400‬سنة وحتى اليوم‪ ،‬ليراجع كلٌ منا‬ ‫طفولته منذ والدته وحتى اليوم‪ ،‬وكيف حاصروه‬ ‫بالدين وتاريخه املزيّف وبطوالته الدونكيشوتية‬ ‫وتعليماته وطقوسه وترهيبه وترغيبه‪ ،‬كيف أقنعوه‬ ‫برقيب عتيد يجلسان على أكتافه ويراقبانه ً‬ ‫ليل نهارًا‪،‬‬ ‫وحتى أفكاره في نفسه لن تسلم من اهلل وحاشيته‪،‬‬ ‫ويحاسب عليها!‬ ‫كيف مت غسيل دماغه منذ الصغر وجتنيده في قضية‬ ‫ال ناقة له فيها وال جمل‪ ،‬بل هو مجرد بيدق يحركونه‬ ‫كيفما شاؤوا‪ ،‬إن أرادوا أن يحارب ألجلهم يحارب‪،‬‬ ‫وإن أرادوا أن ميوت ميوت‪ ،‬وإن أرادوا أن يعيش يعيش‪.‬‬ ‫شوهوا نظرته لنفسه وللعالم‪ ،‬كيف جعلوا‬ ‫كيف‬ ‫ّ‬ ‫شخصا يخشى التفكير والتساؤل والتمرد‪ ،‬كيف‬ ‫منه‬ ‫ً‬ ‫زرعوا فيه احلقد والكراهية على بقية سكان الكرة‬ ‫األرضية‪ ،‬حتى أتباع دينه نفسه من الطوائف األخرى‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫متوحشا يفرح‬ ‫قاتل بدم بارد‪،‬‬ ‫كيف جعلوا منه‬ ‫بقطع الرؤوس وتشويه األطراف وسلب احلياة‪.‬‬ ‫كيف جعلوا منه عدوًّا للعلم والعلماء واحلقائق‪ ،‬عدوًا‬ ‫هادما لها‪ ،‬يجر العالم للخلف والتخلف‪،‬‬ ‫للحضارات‬ ‫ً‬ ‫يص ّدر أمراضه وإرهابه بانتظام‪.‬‬ ‫ألق نظرة على واقع بالدنا اليوم‪ ،‬ومتعن باملؤامرة جي ًدا‪،‬‬ ‫مؤامرة التجهيل والتخريب والتدمير الذاتي‪ ،‬وابدأ‬ ‫بنفسك واخرج ومترد على هذا القطيع‪ ،‬نادِ بالعلمانية‬ ‫وفصل الدين عن مؤسسات الدولة ومناهج التعليم‬ ‫والتشريع وكل شيء‪ ،‬توقفوا عن حشر الدين في أنوفنا‬ ‫أينما ولّينا وجوهنا‪ ،‬وتعلموا أن حتتفظوا به ألنفسكم‪.‬‬ ‫تعلّموا االستقاللية واحلرية الفكرية‪ ،‬تسلحوا بالعلم‬ ‫واملعرفة‪ ،‬واستعيدوا عقولكم من بني أياديهم‪ ،‬فلن‬ ‫يصعد أحد على ظهوركم ما لم تكونوا راكعني‪.‬‬ ‫‪Gaia Athiest‬‬

‫‪Noor Adnan‬‬

‫‪2‬‬


‫الفهرس‬ ‫كلمة رئيس التحرير‬

‫‪2‬‬

‫الفهرس‬

‫‪3‬‬

‫حول ظاهرة املظلومية اإلسالمية‬ ‫هادي بن رمضان‬

‫‪4‬‬

‫خواطر‬ ‫‪jesus zen‬‬

‫‪16‬‬

‫محادثة فتاة مثلية ورجل غيري‬ ‫‪Amira‬‬

‫‪20‬‬

‫قصيدة‪ :‬حيرة إنسان‬ ‫لؤي نادال‬

‫‪26‬‬

‫نحو وعي فردي‬ ‫ماري غزال‬

‫‪29‬‬

‫رواية فاتنة‬ ‫سام مار‬

‫‪33‬‬

‫عتبي عليك صديقي امللحد جـ ‪1‬‬ ‫سالم الدليمي‬

‫‪42‬‬

‫رسالة إلى اهلل ‪7‬‬ ‫‪Med Yousfi‬‬

‫‪49‬‬

‫تفوق اجملتمعات العلمانية على‬ ‫اجملتمعات الدينية (فيل زوكرمن)‬ ‫ترجمة‪ :‬أسامة البني (الوراق)‬

‫‪52‬‬

‫‪3‬‬


‫حول‬ ‫ظاهرة‬ ‫املظلومية‬ ‫اإلسالمية‬ ‫هادي بن رمضان‬ ‫العقائديّة العميقة‪ .‬من استحضار الحروب الصليب ّية‬ ‫والحرب عىل الفرس مرو ًرا بالقضيّتني الفلسطينيّة‬ ‫والبوسن ّية واملسألة الطائف ّية بالعراق إىل اصطناع‬ ‫االضطهاد بقض ّيتي بورما وأفريقيا الوسطى‪ ،‬يُفصح‬ ‫ٍ‬ ‫اإلسالمي الحديث عن شكلٍ‬ ‫جديد‬ ‫نسق الخطاب‬ ‫ّ‬ ‫من الربوبغندا الدعائ ّية ذات التأثري الشعبي الساحق‬ ‫والقدرة الهائلة عىل الحشد العقائدي‪ .‬إن فهم دوافع‬ ‫ِ‬ ‫الديني مبعز ٍل عن‬ ‫وح َيل الطرائق ّية الحديثة للخطاب‬ ‫ّ‬ ‫اإليديولوجيا النازيّة و ُمنظّريها وفالسفتها وطرائقية‬ ‫النظريّة العرق ّية مع ُمنظّريها «تشمربلني» و«غوبينو»‬ ‫تبي الصلة الوثيقة بني مختلف الحركات‬ ‫مينع ع ّنا ّ‬ ‫الفاشية يف تص ّورها للعامل‪.‬‬

‫اإلسالمي ليرضب مج ّد ًدا قلب‬ ‫وقد عاد اإلرهاب‬ ‫ّ‬ ‫أوروبا وعاصمتها املعنويّة مدينة باريس موق ًعا مئات‬ ‫اإلسالمي الشائع‬ ‫القتىل والجرحى‪ ،‬عاد الخطاب‬ ‫ّ‬ ‫ليتّخذ موقفًا عدائ ًّيا م ّمن أظهروا ق ْد ًرا من التعاطف‬ ‫التوسعي‬ ‫مع الفرنس ّيني‪ُ ،‬مح ِّدث ًا عن املايض االحتال ّيل ّ‬ ‫للدولة الفرنس ّية ُمذكّ ًرا بضحاياها‪ .‬هذا األسلوب‬ ‫القائم عىل استحضار املايض السحيق لتربير ما متارسه‬ ‫الجامعات اإلسالم ّية املسلّحة اليوم ضد العامل‪ ،‬ليس‬ ‫وليد اللحظة أو املصادفة‪ ،‬ليس نتا ًجا لل ّروح الوطن ّية‬ ‫التوسع اإلمربيا ّيل‪ .‬إ ّن هذا‬ ‫أوالقوم ّية وال ُمو َّجها ضد ّ‬ ‫لكل‬ ‫األسلوب السائد اليوم الذي أصبح غري مفارق ّ‬ ‫الديني بخطابه األصو ّيل‪ ،‬له دوافعه‬ ‫متظهرات العقل‬ ‫ّ‬

‫‪4‬‬


‫حول ظاهرة‬ ‫املظلومية اإلسالمية‬

‫هادي بن رمضان‬

‫املاركيس الف ّذ «جورج لوكاش» يف‬ ‫يعرض املفكّر املجري‬ ‫ّ‬ ‫كتابه «تحطيم العقل» ُمتتب ًعا العقالن ّية الطور اإلمربيا ّيل‪،‬‬ ‫كيف احتاجت النظريّة العرق ّية القدمية مع «غوبينو» أ ْن‬ ‫شكل حديثًا قامئًا عىل حج ٍج بيولوجيّ ٍة زائفة‪ .‬تسعى‬ ‫تتّخذ ً‬ ‫العرقي منذ انهيار‬ ‫النظريّة العرق ّية القامئة عىل التف ّوق‬ ‫ّ‬ ‫اإلقطاع ّية (العرق الجرما ّين مع اإليديولوجيا النازيّة) أل ْن‬ ‫شكل علم ًّيا‪.‬‬ ‫تتّخذ ً‬ ‫يكتب لوكاش ‪:‬‬ ‫«حتى تصبح العرق ّية اإليديولوجيا املهيمنة للرجع ّية‬ ‫علم‬ ‫عليها أن تخلع غالفها‬ ‫اإلقطاعي وأ ْن تتّخذ هيئة ٍ‬ ‫ّ‬ ‫تغي ديكور وحسب بل هي‬ ‫حديث‪ .‬ليست القض ّية هنا ّ‬ ‫الطبقي للنظريّة العرق ّية الجديدة‪ .‬إنها‬ ‫تح ّو ٌل يف الطابق‬ ‫ّ‬ ‫ُمك ّرس ٌة يف شكلها الحديث للدفاع عن االمتيازات الطبقيّة‬ ‫مبساعدة حج ٍج بيولوج ّي ٍة زائفة‪ .‬مل تعد املسألة فقط‬ ‫غالب يف فكر‬ ‫مصري النبالة التقليديّة التي مازال لها مكا ٌن ٌ‬ ‫غوبينو بل امتيازات العروق األوروب ّية إزاء الشعوب املل ّونة‪ ،‬امتيازات الشعوب الجرمان ّية إزاء الشعوب األوروب ّية‬ ‫أيضا مزاعم سيطرة الطبقة الرأسامل ّية داخل كل أ ّمة‪ ،‬إذًا مولد نبال ٍة جديدة وليس بعد اآلن إبقاء‬ ‫األخرى‪ .‬واملسألة ً‬ ‫الجوهري يته ّيأ ببطء‪ .‬نصف قرن تقري ًبا ينرصم قبل أن تجد النظريّة‬ ‫األرستقراط ّية اإلقطاع ّية التقليديّة‪ .‬هذا التب ّدل‬ ‫ّ‬ ‫العرق ّية الجديدة يف ه‪.‬س تشمربلني منظ ًرا الم ًعا كام القدمية مع غوبينو‪ .‬بني هاتني املرحلتني يف العرق ّية تلعب‬ ‫الداروينيّة االجتامعيّة دور الوساطة الحاسم‪ ...‬نرى مع الداروينيّة ظهور تص ّور ٍ‬ ‫علمي للسوسيولوجيا‪ .‬املجتمع‬ ‫واحد ٍّ‬ ‫يحل محلّها‬ ‫يظهر قطع ًة من الكون قوانينه متجانسة متا ًما‪ .‬املقوالت االقتصاديّة والطبقات تختفي من السوسيولوجيا‪ّ .‬‬ ‫رصاع العروق من أجل الحياة‪ .‬مقوالت االضطهاد‪ /‬الالمساواة‪/‬االستثامر تتّخذ شكل ظاهر ٍ‬ ‫ات طبيع ّية‪ ،‬قوانني طبيع ّية‬ ‫ال ميكن تالفيها أو دحضها وإبطالها‪ .‬بفضل هذه الطريقة العلم ّية املزعومة تحذف الداروين ّية االجتامع ّية التاريخ‪.‬‬ ‫االجتامعي نفسه‪ .‬تلك رضور ٌة‬ ‫االقتصادي بل‬ ‫إن السوسيولوجيا الداروين ّية تبعد عن املعرفة االجتامعية ليس فقط‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫جوهري‬ ‫أي تح ّو ٍل‬ ‫ّ‬ ‫تؤسس السوسيولوجيا عىل البيولوجيا واألنرتوبولوجيا‪ ،‬فهي ال تستطيع أن تقبل ّ‬ ‫طرائقيّة‪ .‬بقدر ما ّ‬ ‫أي تق ّدم‪ .‬إ ّن تح ّوالت اإلنسان يف الحقبة التاريخية ليست ذات أصلٍ بيولوجي بل اجتامعي‪ .‬إن طرح‬ ‫وباألحرى ّ‬ ‫كل تط ّور‪ .‬ذلك ٌ‬ ‫مسلك ها ٌم يف اتجاه التص ّور الفايش للتاريخ»‪.‬‬ ‫املعضلة بحدو ٍد بيولوج ّية يقتيض جوهريًّا نفي ّ‬ ‫‪5‬‬


‫حول ظاهرة‬ ‫املظلومية اإلسالمية‬

‫هادي بن رمضان‬

‫إن العرقية الحديثة إذًا بحجج بيولوج ّية زائفة تسعى ألن تق ّدم الرصاع بني األعراق كقانونٍ طبيعي لتتملّص بذلك من‬ ‫أي شبهة‪ .‬بهذه الطريقة تق ّدم النظرية العرقية اإلبادات الجامعية ضد اليهود والغجر والسود كرضور ٍة طبيعية حتمية‪.‬‬ ‫إن األيديولوجيا النازية الساعية لبسط سيطرة العرق اآلري تجد يف الداروينية االجتامعية الغطاء العلمي الزائف‬ ‫األنسب ملامرساتها العنرصية‪.‬‬ ‫كم لعب ُمنظِّرو العرقية دور التمهيد األيديولوجي للتيارات العرقية اإلمربيالية بتقديم الرصاع العرقي كقانونٍ طبيعي‪،‬‬ ‫مادي‪/‬عقال ّين يكون الجرس‬ ‫يحتاج قادة الخطاب األصويل اإلسالمي ملا يشبه الداروينية االجتامعية‪ ،‬يحتاجون‬ ‫ٍ‬ ‫لسبب ّ‬ ‫النصية امليتافيزيقية (القرآن‪/‬الحديث) واملامرسة الواقعية‪ .‬إن اإلرهاب الديني ليس يف حاج ٍة‬ ‫بني اإلرهاب يف صيغته ّ‬ ‫بالنص الديني‪،‬‬ ‫نسق‬ ‫لتقديم أي حج ٍج مادية‪/‬عقالنية ملامرساته الالعقالنية فهو يعمل وفق ٍ‬ ‫ميتافيزيقي محض يلتزم ّ‬ ‫ٍّ‬ ‫إمنا يحتاج قادة الخطاب اإلسالمي لهذين العنرصين الستاملة العوام م ّمن ميكن أن يحملوا شيئًا من الخوف والكراهية‬ ‫ضد اإلرهاب الديني لضعف تكوينهم العقائدي‪.‬‬ ‫يعلن ‪-‬أبو بكر ناجي‪ -‬يف كتابه «إدارة التو ّحش» وهو ذروة التص ّور‬ ‫اإلسالمي األصويل لنموذج قيام الخالفة الحديثة‪:‬‬ ‫كل هذه املراحل تربي ًرا عقل ًّيا ورشع ًّيا‬ ‫«إقامة خطّة إعالم ّية تستهدف يف ّ‬ ‫خاص ٍة لفئة الشعوب‪ ...‬وإنّ ا الشعوب هي الرقم الصعب الذي‬ ‫للعمليّات ّ‬ ‫سيكون ظهرنا ومد َدنا يف املستقبل‪»..‬‬ ‫والتربير الرشعي الذي ينشده صاحب الكتاب هو الدليل الرشعي النيص‪،‬‬ ‫والس ّنة‪.‬‬ ‫أي الربهان الرشعي عىل توافق التو ّحش مع ما جاء بالقرآن ُ‬ ‫فالقرآن والس ّنة كالهام يح ّرضان عىل الكراهية والعداء للكفّار واملرت ّدين‬ ‫وكذلك القتل والتم ّدد والهيمنة‪ .‬إن هذا الربهان الرشعي إذا ما قُ ِّدم‬ ‫لوحده للشعوب الضطربت وشعرت بال َريبة والعجب‪ .‬فالشعوب العربية‬ ‫كام يعلن الكاتب قد متكّنت منها األنظمة العربية وزرعت فيها تص ّو ًرا‬ ‫مبتذل لإلسالم ليس له أي أصلٍ رشعي‪ .‬يعلن الكاتب‪:‬‬ ‫ً‬ ‫ساذ ًجا‬ ‫«أنّنا عندما نقول أن الشعوب هي الرقم الصعب ليس معناه أنّنا نعول عليها يف الجملة بسبب ما أحدث الطواغيت‬ ‫يف بنيتها وأنه ال صالح للعا ّمة إال بعد الفتح ومن ال يستجيب من العوام و ُمتوقّع أن يكونوا هم الكرثة فدور السياسة‬ ‫اإلعالمية الحصول عىل تعاطفهم أو تحييدهم عىل األقل»‬ ‫‪6‬‬


‫حول ظاهرة‬ ‫املظلومية اإلسالمية‬

‫هادي بن رمضان‬

‫فاملنظر يعرتف إذًا بأ ّن فئة الشعب لن يجد اإلرهاب‬ ‫اإلسالمي فيها الحاضنة املالمئة النسياقها خلف ٍ‬ ‫منط حيايتّ‬ ‫ّ‬ ‫الديني‪ ،‬ولهذا‬ ‫الرشعي‬ ‫يل» ما أبعده عن النمط‬ ‫«جاه ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫يل»‬ ‫نراه يضيف إىل الدليل‬ ‫الرشعي ما ّ‬ ‫سمه «التربير العق ّ‬ ‫ّ‬ ‫هذا املصطلح هو بالضبط ما ستقوم عليه الدعاية‬ ‫الدين ّية األصول ّية منذ الحرب الطائف ّية بالعراق حتى‬ ‫هجامت باريس األخرية‪.‬‬ ‫اإلسالمي الحديث يقع يف معضل ٍة عويصة‪،‬‬ ‫إ ّن الخطاب‬ ‫ّ‬ ‫اإلسالمي الذي فرضت عليه األنظمة أن يكون‬ ‫فالعامل‬ ‫ّ‬ ‫غري مل ٍّم بالتفاصيل الرشعيّة للقتل والسبي والوالء والرباء والتي يراها تعاليم الأخالقيّة بامل ّرة‪ ،‬من املؤكّد إذًا أن يرفض‬ ‫أعامل التو ّحش‪ ،‬أن يرفض القتل والتهجري ضد األمن ّيني والعسكريّني‪ ،‬ضد املسيحيني‪ ،‬الشيعة‪ ،‬املتص ّوفة وغريهم‪...‬‬ ‫إ ّن الخطاب اإلسالمي الدعايئ هنا يف حاج ٍة لطريق ٍة جديد ٍة تتجاوز الربهان الرشعي الذي مل يُحط به العا ّمة‪ ،‬فهو إذًا‬ ‫يل يف الربوبغندا‬ ‫‪/‬تاريخي يقيم عليه عقيدة التو ّحش‪ .‬والفرق بني الدليل‬ ‫مادي‬ ‫يل ّ‬ ‫الرشعي والعق ّ‬ ‫يف حاج ٍة إىل تربي ٍر عق ٍّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الرشعي عىل ٍ‬ ‫اإلسالم ّية ٌ‬ ‫أسس عقائديّ ٍة متينة تلقي بجذورها يف كتب القرآن والحديث‬ ‫جوهري‪ ،‬يقوم الدليل‬ ‫فرق‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫مادي‪/‬‬ ‫والسرية‪ .‬والعقل الديني ملز ٌم التزا ًما صار ًما بات ّباعها دون أن يخوض فيها ً‬ ‫يل هو تربي ٌر ّ‬ ‫عقل‪ .‬وأ ّما الدليل العق ّ‬ ‫خاصة وهو أقوى تأث ًريا عىل العوام من أي برهانٍ‬ ‫رشعي‪.‬‬ ‫تاريخي للتو ّحش وهو يستهدف عا ّمة الشعب وفئة الشباب ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الديني‪ ،‬فاإلسالم قد قال قولً رصي ًحا‬ ‫لتبي الطرائق ّية الجديدة للخطاب‬ ‫ولنا مثال الهجوم عىل صحيفة «شاريل إيبدو» ّ‬ ‫ّ‬ ‫نبي اإلسالم والساخر منه واألدلة الرشع ّية يف ذلك كثرية‪ .‬لكن يالحظ قادة‬ ‫بإجامع فقهاء األ ّمة برشع ّية قتل شاتم ّ‬ ‫الديني منذ‬ ‫الديني‪ .‬وحي ٌد يف أعامل القتل واإلبادة ذات السبب‬ ‫اإلسالمي أن اإلسالم وحي ٌد يف ساحة اإلرهاب‬ ‫الخطاب‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫هجامت الحادي عرش من سبتمرب‪ .‬يالحظ هؤالء أ ّن اإلسالم قد أصبح مح ّط األنظار‪ .‬هذه الالعقالنيّة املتط ّرفة القامئة‬ ‫بكل أنحاء العامل ض ّد اليهود و«الصليب ّيني» والشيعة واألنظمة العرب ّية والغربية أصبحت عاري ًة‬ ‫عىل فتح جبهات قتا ٍل ّ‬ ‫الديني يف حاج ٍة ليصبغ العقالن ّيته بحجج عقالن ّي ٍة ماديّ ٍة‬ ‫يسهل اإلجهاز عليها لطابعها الالعقال ّين الفاضح‪ .‬فالخطاب‬ ‫ّ‬ ‫وتاريخ ّية تجعله أكرث قبولً ‪ ،‬أكرث قدر ًة عىل التملّص من شبهة احتكار اإلرهاب وأكرث ق ّو ًة يف تربير التو ّحش بحجج‬ ‫الرشعي الّذي يُلزم االنصياع األعمى لإلرادة اإلله ّية‪.‬‬ ‫امليتافيزيقي‬ ‫نقيضا للربهان‬ ‫عقالن ّية لها وقْعها بني األ ّمة‪ً ،‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫امليتافيزيقي لإلرهاب‬ ‫تجد الدعاية الدينيّة بداي ًة مع حرب العراق والحرب الطائفيّة األدوات املناسبة لصبغ الطابع‬ ‫ّ‬ ‫بحجج عقالن ّية‪:‬‬ ‫‪7‬‬


‫حول ظاهرة‬ ‫املظلومية اإلسالمية‬

‫هادي بن رمضان‬

‫وهذه الطرائق ّية الجديدة تقوم عىل عنرصين‪:‬‬ ‫كل عملٍ للجامعات اإلسالم ّية املسلّحة‪ ،‬للتملّص‬ ‫ التذكري بأعامل القتل واإلبادة ملختلف األمم والحضارات تزام ًنا مع ّ‬‫اإلسالمي ألعامل القتل والتطهري اليوميّة ‪.‬‬ ‫من شبهة احتكار اإلرهاب‬ ‫ّ‬ ‫االستعامري للقا ّرة األوروب ّية وضحاياه‪ ،‬لتربير أعامل‬ ‫ التذكري بالحروب الصليب ّية‪ ،‬بالحرب ضد الفرس‪ ،‬بالتاريخ‬‫ّ‬ ‫االنتقامي والواقع أنّها ٌ‬ ‫ديني محض‪.‬‬ ‫التو ّحش تربي ًرا عقل ًّيا وإلباسها ثوب العمل النضايل‬ ‫أعامل ذات طابعٍ ٍ‬ ‫ّ‬ ‫تبدأ الطرائقيّة الدعائيّة الحديثة يف العمل منذ الحرب الطائفيّة بالعراق‪ ،‬إن األيديولوجيا السلفيّة والتي تحمل حق ًدا‬ ‫هائل ض ّد الطائفة الشيع ّية قد شكّلت جامعتها املسلّحة األوىل بالعراق‪ ،‬جامعة «التوحيد والجهاد»‪.‬‬ ‫ً‬ ‫يطلق قائد التنظيم «أبو مصعب الزرقاوي» آلته الحرب ّية الطائف ّية ليوقع آالف القتىل والجرحى بتفجريات مرقدي‬ ‫الرشعي الذي يقيم عليه رشع ّية‬ ‫العقائدي الفاضح يحتاج مبارش ًة لتجاوز الربهان‬ ‫اإلمامني العسكريّني‪ .‬هذا الهجوم‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الرشعي (كالرشك والوثن ّية والطعن يف عرض الصحابة وأ ّم‬ ‫العسكري للشيعة‪ ،‬يتجاوز التنظيم الربهان‬ ‫االستهداف‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫االنتقامي‪ ..‬يتجاوز ذلك مبارش ًة إىل تص ّنع االضطهاد‬ ‫الشيعي‬ ‫املؤمنني إلخ) مع اندالع الحرب الطائفيّة الكربى والر ّد‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الشيعي‪ .‬ميعن التنظيم مبارش ًة عرب آلته اإلعالم ّية يف‬ ‫يل لحشد املقاتلني من شتّى أنحاء العامل ضد العامل‬ ‫كتربي ٍر عق ّ‬ ‫ّ‬ ‫ٍ‬ ‫شائعات مض ّخمة عن اغتصاب املقاتلني الشيعة لنساء أهل الس ّنة والجامعة (يختار التنظيم‬ ‫اصطناع املظلوم ّية بنرش‬ ‫الشاعري املناسب ‪-‬حرائر املسلمني‪ ،)-‬يطلق التنظيم آلته الحرب ّية صوب املسيح ّيني «الصليب ّيني» واإليزيديّني‬ ‫املصطلح‬ ‫ّ‬ ‫كل‬ ‫«املرشكني»‪ ...‬يزعم تع ّرض أهل الس ّنة والجامعة للتآمر واالضطهاد من قبل هاتني الجامعتني‪ .‬بينام يستهدف ّ‬ ‫الجامعي ألهل الس ّنة‬ ‫كحرب ض ّد االضطهاد‬ ‫ألسباب عقائديّة‪ ،‬تق ّدم آلته اإلعالميّة الحرب‬ ‫األهداف العسكريّة واملدنيّة‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ّ‬ ‫والجامعة‪ .‬ينجح التنظيم نجا ًحا ساحقًا يف السنوات الالحقة عرب اآللة اإلعالم ّية السلف ّية الخارج ّية الّتي ألزمها االنتامء‬ ‫العقائدي عىل التقاطع مع الدعاية الّتي يق ّدمها التنظيم‪ .‬خالل ٍ‬ ‫عقد واحد‪ ،‬أصبح االعتقاد السائد بني عوام املسلمني‬ ‫ّ‬ ‫الشيعي‪ ،‬متكّنت الربوبغندا الدين ّية بشكلٍ مثري من‬ ‫بشتّى أنحاء العامل بأ ّن الحرب الطائف ّية بالعراق سببها االضطهاد‬ ‫ّ‬ ‫الحقيقي واأل ّول للحرب وهو تفجري املعلمني الشيعة‪ .‬اليوم أصبحت هذه الصورة الذهن ّية الخيال ّية‬ ‫طمس السبب‬ ‫ّ‬ ‫السلفي هي الشائعة‪.‬‬ ‫التي فرضها اإلعالم‬ ‫ّ‬ ‫العقائدي من املغرب مرو ًرا بتونس وليبيا‬ ‫تستخدم اآللة اإلعالم ّية السلفية نفس األسلوب الحقًا بسوريا‪ ،‬يقع الحشد‬ ‫ّ‬ ‫ومرص إىل الرشق األوسط وفق نتائج نجاح الدعاية السلفية التي أعقبت الحرب الطائف ّية العراق ّية‪ .‬أصبحت الكراهية‬ ‫الشيعي شائع ًة بني عوام املسلمني والشباب العرب بشتّى أنحاء العامل‪ ،‬وفق نسق من الحجج الدين ّية‬ ‫ضد العامل‬ ‫ّ‬ ‫الطائفي‪ .‬يف‬ ‫يل» قوامه اصطناع االضطهاد واملظلوميّة يقع حشد آالف املقاتلني ملامرسة القتل‬ ‫املصحوبة بتربي ٍر «عق ّ‬ ‫ّ‬ ‫السلفي بالتحريض عىل القتل‬ ‫تونس‪ ،‬حيث تجد األيديولوجيا السلف ّية ص ًدى واس ًعا ال نظري له‪ ،‬يقوم قادة الخطاب‬ ‫ّ‬ ‫‪8‬‬


‫حول ظاهرة‬ ‫املظلومية اإلسالمية‬

‫هادي بن رمضان‬

‫وفق براه ٍني رشعيّة تصحبها تربيراتٌ «عقليّة»‪ .‬الجامعات السلفيّة التونسيّة يف حاج ٍة الستاملة العوام لتحييدهم‬ ‫املؤسستني األمن ّية والعسكريّة‪ .‬تلجأ مبارش ًة إىل تص ّنع االضطهاد‪ ،‬هذا التص ّنع املض ّخم لالضطهاد‬ ‫يف املواجهة ض ّد ّ‬ ‫قبول بني عوام التونس ّيني هي بحاجة الرتداء ثوب ر ّد‬ ‫هدفه أن يكون تربي ًرا ألعامل العنف الالحقة‪ ،‬والّتي ليك تجد ً‬ ‫يومي (تكرا ًرا للسيناريو‬ ‫الفعل‬ ‫االنتقامي‪ .‬تزعم الجامعات السلف ّية التونس ّية تع ُّرض املنقّبات للصفع واإليقاف بشكلٍ ّ‬ ‫ّ‬ ‫اليهودي االحتال ّيل»‪ .‬تس ّوق مجموع ًة من الحجج‬ ‫«الصليبي‬ ‫اقي)‪ ،‬يصف قادتها الدولة التونس ّية بالعاملة للعامل‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫العر ّ‬ ‫يومي لتص ّور الجامعات السلفيّة يف حالة اضطها ٍد شامل‪ .‬تُضط ّر اآللة اإلعالميّة للتكثيف من عنرص‬ ‫والشائعات بشكلٍ ّ‬ ‫الهش‪ ...‬تزعم الربوبغندا السلف ّية الرباءة من أعامل العنف‬ ‫الديني ّ‬ ‫التونيس بِوازعه‬ ‫يل» لطبيعة املجتمع‬ ‫التربير «العق ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫املؤسستني األمن ّية والعسكريّة كس ًبا للوقت يف إنهاك الدولة واستاملة العوام‪ .‬هذا التملّص من أعامل العنف ذات‬ ‫ض ّد ّ‬ ‫امليتافيزيقي‪ .‬لهذا‬ ‫الرشعي‬ ‫التونيس الذي مل يتق ّبل بع ُد الدليل‬ ‫الديني مر ّده هشاشة الشخص ّية الدين ّية للفرد‬ ‫الطابع‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬

‫تلجأ الجامعات السلفيّة للكذب والتدليس عل ًنا والتحريض والتسليح يف الخفاء إىل حني التمكّن‪...‬‬ ‫يف سوريا تُو َّجه آلة الحرب السلف ّية لتشمل األقلّيات الدين ّية‪ ،‬وأ ّولها املسيح ّيني والدروز‪ .‬يعلن «شيخ االسالم ابن‬ ‫تيم ّية» وهو أحد أركان األيديولوجيا السلف ّية يف خطابه ض ّد الدروز‪:‬‬ ‫مم ال يختلف فيه املسلمون‪ ،‬بل من ّ‬ ‫شك يف كفرهم فهو كاف ٌر مثلهم ال هم مبنزلة أهل الكتاب وال‬ ‫«كُفر هؤالء ّ‬ ‫املرشكني‪ ،‬بل هم الكفرة الضالون‪ ،‬فال يباح أكل طعامهم‪ ،‬وتسبى نساؤهم وتؤخذ أموالهم فإنّهم زنادق ٌة مرت ّدون ال‬ ‫ت ُقبل توبتهم‪ ،‬بل يُقتلون أينام ثقفوا ويلعنون كام وصفوا‪ ،‬وال يجوز استخدامهم للحراسة والبوابة والحفاظ‪ ،‬ويجب‬ ‫لئل يُ ِضلّوا غريهم‪ ،‬ويُح َّرم النوم معهم يف بيوتهم ورفقتهم وامليش معهم وتشييع جنائزهم إذا‬ ‫قتل علامئهم وصلحائهم ّ‬ ‫بأي يش ٍء يراه املقيم ال املُقام‬ ‫ُعلم موتها‪ ،‬ويُح ّرم عىل والة أمور املسلمني إضاعة ما أمر الله من إقامة الحدود عليهم ّ‬ ‫عليه‪ ،‬والله املستعان وعليه التكالن»‪.‬‬ ‫‪9‬‬


‫حول ظاهرة‬ ‫املظلومية اإلسالمية‬

‫هادي بن رمضان‬

‫السلفي من الدروز يعرضه «ابن تيم ّية»‪ ،‬وللتسويق الدعا ّيئ تطلق اآللة اإلعالم ّية السلف ّية مج ّد ًدا‬ ‫العقائدي‬ ‫فاملوقف‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫يل»‪ ،‬يقع تصوير الدروز كموالني للنظام‬ ‫مجموع ًة من الحجج «العقلية» لصبغ اإلرهاب‬ ‫الديني امليتافيزيقي بغطا ٍء «عق ّ‬ ‫ّ‬ ‫السوري ومشاركني يف أعامل االضطهاد ض ّد الطائفة الس ّنية‪ .‬بهذه النقطة تحسم اآللة اإلعالميّة املسألة الدرزيّة لتضع‬ ‫ّ‬ ‫الحجر األساس يف أعامل القتل واإلبادة العقائديّة والّتي ستُ َّربر مبارشة بالنقطة السابقة‪.‬‬ ‫الجمعي لعوام‬ ‫وقد بلغت األيديولوجيا السلف ّية ذروتها بشكلٍ غري مسبوق لتُحكم قبضتها وسيطرتها عىل العقل‬ ‫ّ‬ ‫املسلمني بشتّى أنحاء العامل‪ ،‬تفتح حربًا جديدة بوسط أوروبا‪ ،‬باستهداف الصحافة مع «شاريل إيبدو» واملدن ّيني مع‬ ‫الرشعي كان جاه ًزا‬ ‫يل»‪ .‬والتربير‬ ‫أيضا التربير‬ ‫أعامل «باريس»‪ .‬إن هجامت «شاريل إيبدو» أعقبها ً‬ ‫الرشعي و«العق ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫يل» والذي ق ّدمته اآللة اإلعالميّة الدينيّة للعوام فكان‬ ‫بجواز قتل ّ‬ ‫كل من ّ‬ ‫نبي اإلسالم بسوء‪ .‬وأ ّما التربير «العق ّ‬ ‫مس ّ‬ ‫قوامه أ ّن الصحيفة قد أعلنت الحرب عىل اإلسالم برسومها الساخرة‪ .‬هذا التربير الساذج والّذي يفرتض بجواز الر ّد عىل‬ ‫يتمسكون مبواقف قروسط ّي ٍة تتص ّور العامل يف حالة من‬ ‫الكلمة والصورة بالقتل يجد صداه وسط عوام املسلمني من ّ‬ ‫الحرب الدين ّية الدامئة‪.‬‬ ‫السيايس لتكديس أحداث وصور‬ ‫مع هجامت «باريس» الّتي أوقعت مئات القتىل من املدن ّيني‪ ،‬يسارع أنصار اإلسالم‬ ‫ّ‬ ‫يل» ألعامل القتل والعنف ذات‬ ‫الحقبة اإلمربياليّة‪ .‬هذا االستحضار للاميض يُراد به أن يلعب دور التربير «العق ّ‬ ‫الديني‪ .‬يستنكر اإلسالميون حمالت التعاطف مع فرنسا وضحاياها‪ ..‬يغرقون املجال الدعا ّيئ بتفاصيل الحقبة‬ ‫الطابع‬ ‫ّ‬ ‫الديني وإحياء الروح القومية والوطن ّية للعوام لحشدها لصالح اآللة‬ ‫االحتالل ّية‪ .‬إنّها طرائق ّي ٌة جديد ٌة لتربير اإلرهاب‬ ‫ّ‬ ‫الدين ّية‪.‬‬ ‫اإلسالمي‬ ‫يهدف اإلسالم ّيون باستحضار حروب ونزاعات املايض لجعل الحرب والكراهية املتبادلة بني العاملني‬ ‫ّ‬ ‫كل أعامل القتل مس ّوغ ًة بدافع حالة‬ ‫يل» الحالة الطبيعيّة‪ .‬وفور أن ت ُطرح الحرب كحالة دامئة مستم ّرة تصبح ّ‬ ‫و«الجاه ّ‬ ‫اإلسالمي الحديث‪ .‬إ ّن عرضه لبشاعات الحقبة التاريخ ّية املاضية ليس بهدف‬ ‫الحرب‪ .‬ذلك ما يهدف إليه الخطاب‬ ‫ّ‬ ‫األخالقي أو النضا ّيل‪ ،‬إنّ ا بهدف التأسيس لفكرة أ ّن األصل يف العالقة بني األمم هي الحرب والقتل‪ ،‬ليتمكّن‬ ‫االحتجاج‬ ‫ّ‬ ‫يل» األنسب ملا سيامرسه‬ ‫بذلك من توفري التربير «العق ّ‬ ‫املسلّحون اإلسالم ّيون‪.‬‬ ‫حروب عديد ٍة فرض‬ ‫السيايس يف جبهات‬ ‫إ ّن تو ُّرط اإلسالم‬ ‫ٍ‬ ‫ّ‬ ‫عىل آلته اإلعالم ّية أن تكثّف من حجم الكذب والتدليس‬ ‫حجم هائلٍ مزيّف من املظلوم ّية‬ ‫والتضليل الصطناع ٍ‬ ‫يكون التربير املالئم للحجم الهائل من اإلرهاب‪ .‬وسرنى‬ ‫اإلسالمي للكذب والتزوير يف سبيل‬ ‫كيف يلجأ الخطاب‬ ‫ّ‬ ‫تص ُّنع املظلوميّة لتربير أعامل العنف العقائديّة بأنها ر ّدة‬ ‫‪10‬‬


‫حول ظاهرة‬ ‫املظلومية اإلسالمية‬

‫هادي بن رمضان‬

‫فعل إنتقام ّية ض ّد االضطهاد مبا هي ٌ‬ ‫طبيعي‪.‬‬ ‫سلوك‬ ‫ّ‬ ‫يسارع املرشفون عىل الربوبغندا الدين ّية إىل تلقّف‬ ‫القض ّية البورم ّية‪ ،‬مسألة الرصاع بني الروهينغا‬ ‫املسلمني والسلطات البورم ّية ذات األغلب ّية البوذيّة‪.‬‬ ‫تندلع أعامل ٍ‬ ‫عنف شعبيّة دامية ض ّد الروهينغا‪،‬‬ ‫تسارع اآللة الدعائ ّية الدين ّية إىل التضخيم املز ّور‪،‬‬ ‫عقائدي‬ ‫تص ّور أعامل اإلبادة عىل أنّها ذات طابعٍ‬ ‫ّ‬ ‫مر ُّده الكراهية البوذيّة‪ .‬تتح ّول القض ّية البورم ّية إذًا‬ ‫إىل أدا ٍة جديد ًة يف ف ّن اصطناع املظلوم ّية‪ .‬بالتكرار‬ ‫والتدليس والتزوير شاعت بني عوام املسلمني خراف ٌة‬ ‫أن سبب الخالف بني البورم ّيني والروهينغا ذو‬ ‫هجوم إرها ٍّيب مسلّح‬ ‫كل‬ ‫ديني‪ .‬وهكذا‪ ،‬ومع ّ‬ ‫ٍ‬ ‫أصلٍ ّ‬ ‫السيايس‬ ‫للجامعات اإلسالم ّية‪ ،‬يش ّن أنصار اإلسالم‬ ‫ّ‬ ‫وعوام املسلمني هجو ًما صوب املتعاطفني مع ضحايا‬ ‫اإلرهاب ليسألوهم عن تضامنهم يوم أُبيد املسلمون‬ ‫البورم ّيون!!!‬ ‫هذه الطرائق ّية الحديثة‪ ،‬تهدف إىل تصوير العامل‬ ‫بر ّمته معاديًا لإلسالم بشتّى أشكال املعاداة‪ ،‬ليكون‬ ‫من السهل عىل اآللة الدين ّية التسويغ للهجامت اإلرهاب ّية‪ .‬فإذا كان املسلمون يُقْتلون ملج ّرد إسالمهم فلامذا ال يقتل‬ ‫العقائدي‪.‬‬ ‫املسلمون الكفّار ملجرد الكفر! هذا ما ترمي إليه الربوبغندا الدينيّة‪ ،‬بتص ّنع املظلوميّة لتربير العمل املسلّح‬ ‫ّ‬ ‫إ ّن الخالف بني البورم ّيني وجامعة الروهينغا يعود إىل زمنٍ بعيد‪ ،‬يرى البورم ّيون بأ ّن الروهنيغا هؤالء مهاجرون‬ ‫خطاب مو ّجه ضد‬ ‫قومي بحت‪ .‬يعلن أحد الكهنة البوذيّني يف‬ ‫ٍ‬ ‫غري جديرين باالنتامء لأل ّمة البورم ّية‪ .‬فسبب الخالف ّ‬ ‫الروهينغا شعار ٍ‬ ‫الديني لجامعة الروهينغا بكلمة واحدة‪ .‬قبل اندالع‬ ‫ات مفرط ِة القوم ّية دون أن يتع ّرض لالنتامء‬ ‫ّ‬ ‫أعامل العنف الدامية تو ّرط بعض شباب الروهينغا يف اغتصاب فتاتني بوذيّتني وقتلهام ما أطلق العنان لألعامل‬ ‫ٍ‬ ‫قومي‬ ‫االنتقاميّة‪ .‬إ ّن قناة الجزيرة نفسها والتي يفرتض انحيازها لجامعة الروهنيغا‪ ،‬قد عرضت أصل الخالف‬ ‫كخالف ّ‬ ‫تسبقه حادثة االغتصاب‪.‬‬ ‫تستغل ذلك لصالح أطروحة املظلوم ّية‪ .‬ولهذا ال يعنيها‬ ‫ّ‬ ‫إ ّن اآللة الدعائ ّية الدين ّية ال يعنيها أصل الخالف وإنّ ا يعنيها أن‬ ‫الديني لجامعة الروهينغا‬ ‫البحث يف أصل وفصل الخالف بني الروهينغا والبورم ّيني وما يه ّمها هو استعامل االنتامء‬ ‫ّ‬ ‫لتصوير الحرب كعدوانٍ‬ ‫امليتافيزيقي الحقًا‪.‬‬ ‫عاملي عىل اإلسالم واملسلمني لتستخدم هذه األكذوبة يف تربير اإلرهاب‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫‪11‬‬


‫حول ظاهرة‬ ‫املظلومية اإلسالمية‬

‫هادي بن رمضان‬

‫إرهاب‬ ‫امليتافيزيقي هو اإلرهاب الّذي ينطلق مبارش ًة من الرتسانة العقائديّة القرآن ّية والروائ ّية‪ ،‬فهو إذًا‬ ‫واإلرهاب‬ ‫ٌ‬ ‫ّ‬ ‫أسباب عقل ّية وماديّة للقتل‪ .‬لكن كام رأينا مع كتاب «إدارة التو ّحش»‬ ‫اإللهي وال يعنيه أن توجد‬ ‫الرشعي‬ ‫بالنص‬ ‫يلتزم ّ‬ ‫ٌ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫كل األفراد‬ ‫فاآللة اإلعالميّة الدينيّة تدرك أ ّن هذا الشكل من اإلرهاب يلقى نجا ًحا فقط يف بؤر اإلرهاب الحاضنة حيث ُّ‬ ‫امليتافيزيقي الّذي ينشده «أبو بكر ناجي» مو ّج ٌه ضد الخطاب‬ ‫يل» لإلرهاب‬ ‫بتكوين‬ ‫رشعي صلب‪ .‬إ ّن التربير «العق ّ‬ ‫ّ‬ ‫ٍّ‬ ‫الرشعي‪ ،‬ولتجاوز الهجوم الّذي يش ّنه الليربال ّيون‬ ‫النص‬ ‫العلام ّين والليربا ّيل الّذي يته ّجم مبارشة عىل أصل اإلرهاب وهو ّ‬ ‫ّ‬ ‫حرب دامئة تق ّدم اآللة الدعائ ّية حجج االضطهاد‬ ‫والعلامن ّيون عىل النصوص القروسط ّية الّتي تضع العامل يف حالة ٍ‬ ‫شكل عقل ًّيا‪/‬ماديًّا يلقى قبولً بني العا ّمة وهو أش ّد ق ّوة أمام انتقادات املخالفني‪.‬‬ ‫واملظلوم ّية ليتخذ اإلرهاب ً‬ ‫لقد أصبح من عادة الجامعات اإلسالم ّية أن تشكّل من حبة رملٍ قلع ًة وهم ّي ًة من االضطهاد‪ ..‬فهي تتلقّف بهذه‬ ‫رشع استهداف مئات اآلالف من املدن ّيني واملخالفني‬ ‫الطرائف ّية حادثة تع ُّرض أحد الس ّنة للصفع لتبني عليها ما ي ّ‬ ‫شكل «عقل ًّيا» دفاع ًّيا انتقام ًّيا‪.‬‬ ‫امليتافيزيقي ً‬ ‫بالهجامت االنتحاريّة‪ .‬وهذه االنتقائ ّية املامرسة هدفها أن يتّخذ اإلرهاب‬ ‫ّ‬ ‫إ ّن خرافة االضطهاد الّتي أقامت عليها الربوبغندا الدين ّية الحديثة متع ّددة األوجه واألحداث نفسها‪ ،‬ها هي متارس يف‬ ‫الديني‬ ‫مبتذل يغلب عليه الكذب والتدليس‪ .‬وكام دعم الخطاب‬ ‫ً‬ ‫اإلسالمي أسلوبًا انتقائيًّا‬ ‫الر ّد عىل منتقدي اإلرهاب‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫التربيري نفسه باملسألة البورم ّية فها هو يطرح مسألة جديدة‪ :‬إنّها «الحرب الصليب ّية عىل مسلمي أفريقيا الوسطى!!»‬ ‫ّ‬ ‫الجمعي لعوام املسلمني فقد‬ ‫لقد تولّت «قناة الجزيرة» زمام املبادرة يف الرتويج للدعاية املظلوم ّية وإنهاك العقل‬ ‫ّ‬ ‫سارعت لتص ّور أحداث «أفريقيا الوسطى» كحرب كراهي ٍة تقودها الجامعات املسيح ّية املسلّحة‪ .‬وبالفعل فقد شكّل‬ ‫ٍ‬ ‫جامعات مسيح ّية مارست أعامل قتلٍ واسع ًة ضد مسلمي البلد‪ .‬لكن هل تصلح القض ّية األفريق ّية لخطاب‬ ‫األفريق ّيون‬ ‫واإلسالمي كان قد تفطّن للت ّو إىل أمر وجود ٍ‬ ‫بلد يطلق عليه «أفريقيا الوسطى»‬ ‫كل ‪ ..‬فاإلعالم العر ّيب‬ ‫املظلوميّة‪ّ .‬‬ ‫ّ‬ ‫وكان قد وصل متأ ّخ ًرا إىل مرسح األحداث ليجد الجامعات املسيح ّية وقد أوغلت يف دماء األقل ّية املسلمة‪ .‬وأ ّما الواقع‬ ‫املوضوعي فكان أ ّن جامعات «السيليكا» املسلّحة وهي جامعاتٌ إسالم ّية قد قادت انقالبًا عسكريًّا دمويًّا واستهدفت‬ ‫ّ‬ ‫بالقتل واملالحقة مسيح ّيي البلد وهم األغلب ّية العظمى مبا يقارب التسعني باملائة من السكّان‪ .‬وقد عرثت السلطات‬ ‫علني‪ .‬لو أ ّن قب ًيلة صغري ًة من‬ ‫عىل مقابر جامع ّية لضحايا «السيليكا» ناهيك عن أعامل اإلبادة الّتي أديرت بشكلٍ ّ‬ ‫عام املقبلة‪.‬‬ ‫املسلمني الس ّنة قد تع ّرضت للقتل واإلبادة ألقامت الدعاية الدينيّة من ذلك ح ّج ًة لتربر إرهاب األلف ٍ‬ ‫الرشعي الالزم‬ ‫إنّها بذلك تهدف للتخلّص من ميتافيزيقيا اإلرهاب ذات التأثري الضعيف عىل العوام املفتقدين للتكوين‬ ‫ّ‬ ‫الديني‬ ‫امليتافيزيقي لإلرهاب لتص ّد حجج العلامن ّيني ممن يأخذون عىل اإلرهاب‬ ‫وهي يف حاج ٍة للتخلّص من الطابع‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫طابعه الالعقال ّين‪.‬‬ ‫التونيس الستاملة العوام وتحييدهم بشكلٍ مذهل‪ ،‬فالتونسيّون من‬ ‫لقد سعت الدعاية السلفيّة داخل املجتمع‬ ‫ّ‬ ‫الرشعي يصعب استاملتهم مبارش ًة بحج ٍج رشع ّي ٍة‬ ‫علم بالدليل‬ ‫مل يعتادوا بعد عىل الحياة املتديّنة ومل يحيطوا ً‬ ‫ّ‬ ‫السلفي ذلك منذ البداية واستغلّوا الحالة التونس ّية املعرف ّية املنحطّة من أجل‬ ‫ميتافيزيق ّية‪ .‬لقد أدرك قادة الخطاب‬ ‫ّ‬ ‫‪12‬‬


‫حول ظاهرة‬ ‫املظلومية اإلسالمية‬

‫هادي بن رمضان‬

‫انتشا ٍر رسيع واسع‪ ،‬فرفعوا شعارات املظلوم ّية الّتي نشأت بسوريا والعراق‪ ،‬ونجحوا بالفعل يف فرت ٍة زمن ّي ٍة قصرية‬ ‫الطائفي تص ّو ًرا‬ ‫التونيس للرصاع‬ ‫التونيس وتضليله بالتكرار والكذب واللعن والبكاء فأصبح التص ّور‬ ‫من تشويه الوعي‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫العقائدي باستحضار االضطهاد الّذي‬ ‫خراف ًّيا أقامته خرافة املظلوم ّية‪ .‬وقد مارست اآللة اإلعالم ّية املزيد من الشحن‬ ‫ّ‬ ‫املؤسستني األمنيّة والعسكريّة‪ .‬فقد كان‬ ‫فرضه «بن عيل» واالستعامر‬ ‫رشع بذلك أعامل العنف الالحقة ض ّد ّ‬ ‫الفرنيس لت ّ‬ ‫ّ‬ ‫يف البداية وألجل تفادي الصدام مع الدولة إىل حني حشد األنصار والعتاد‪ ،‬كان يف البداية أن زعمت الدعاية السلف ّية‬ ‫السلفي عارضني األدلّة القاطعة عىل اعتناقه‬ ‫التونيس أرض دعو ٍة ال جهاد‪ .‬وأ ّما من ته ّجموا عىل الت ّيار‬ ‫أ ّن املجتمع‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ٍ‬ ‫ملعتقدات تغلب عليها الكراهية والالعقالن ّية املطلقة‪ ،‬ر ّدت اآللة اإلعالم ّية عىل ذلك بعبار ٍة شهرية أال وهي «اسمعوا‬ ‫منا وال تسمعوا ع ّنا»‪ ..‬فام أن وجد هؤالء أنفسهم وقد حشدوا عرشات اآلالف من األنصار وأعدا ًدا هائل ًة من السالح‬ ‫شكل عدائيًّا‪ .‬وهو العبور من الكذب والتدليس والتضليل واستاملة العوام‬ ‫والجامعات املد ّربة‪ ،‬تح ّول الخطاب ليتّخذ ً‬ ‫يل» يف يشء وال حياة املدن ّيني يف يشء‪.‬‬ ‫وتحييدهم إىل الخطاب‬ ‫ّ‬ ‫العقائدي املبارش الّذي ال يعنيه التربير «العق ّ‬ ‫إ ّن هذا الشكل من الدعاية كانت له النتائج املرعبة املد ّمرة‪ ،‬لقد انتقل من طرائق ّي ٍة مبتدع ٍة من قبل ُمنظّري اإلرهاب‬ ‫الجمعي لعوام العرب واملسلمني‪ .‬ومل تعد هذه الطرائق ّية حك ًرا عىل‬ ‫اإلسالمي والوعي‬ ‫إىل ركنٍ من أركان العقل‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ٍ‬ ‫السيايس وحتى العوام من‬ ‫كل أنصار اإلسالم‬ ‫لسنوات لتتح ّول إىل أدا ٍة شائع ٍة بني ّ‬ ‫الجامعات املسلّحة بل فرضت نفسها‬ ‫ّ‬ ‫ٍ‬ ‫اإلسالمي الحقبة‬ ‫أهداف أجنب ّية ّإل واستحرض العقل‬ ‫املسلمني‪ .‬فام أن تنفّذ الجامعات اإلرهاب ّية هجو ًما مسلّ ًحا ض ّد‬ ‫ّ‬ ‫والعقائدي إىل ٍ‬ ‫سلوك‬ ‫الجامعي‬ ‫اإلمربيالية ليته ّجم عىل املتعاطفني‪ ،‬وفظائع مختلف األمم والحضارات ليح ّول القتل‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫اعتيادي‪ .‬إنّها الطرائق ّية الجديدة التي أرادت أن تنفي عن نفسها شبهة احتكار اإلرهاب بأن تزعم وتربهن‬ ‫طبيعي‬ ‫ٍ‬ ‫ّ‬ ‫محل للشبهة‪.‬‬ ‫لئل يكون اإلسالم ًّ‬ ‫البرشي ّ‬ ‫العقائدي هو الحالة الطبيع ّية للجنس‬ ‫عىل أ ّن القتل‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫أي ٍ‬ ‫وقت مىض انتشا ًرا واس ًعا‪ ،‬لقد ح ّولت الهجامت اإلرهاب ّية داخل األرايض‬ ‫لقد أصبح لهذه الطرائق ّية أكرث من ّ‬ ‫التونس ّية األعامل اإلرهاب ّية إىل ٍ‬ ‫روتيني بعد أن كان أم ًرا غري ًبا عىل التونس ّيني‪ ،‬وفور أن يتح ّول اإلرهاب إىل‬ ‫حدث‬ ‫ٍّ‬ ‫ٍ‬ ‫مامرسات روتين ّية فلن يكون للعوام مج ّد ًدا اإلرادة وال الرغبة يف الحزن والخوف بالدرجة الّتي صحبت األعامل‬ ‫األوىل‪ .‬ويوم اختطفت الجامعات اإلرهابية اإلسالمية أحد رعاة الغنم لتعدمه ذب ًحا بتهمة التعامل مع «الطواغيت»‬ ‫ٍ‬ ‫ساعات قليلة أن أُعلن عن‬ ‫أي أث ٍر أو ص ًدى واس ًعا يف ساعاته األوىل‪ ..‬وقد كان بعد‬ ‫(العسكريني) مل يكن لهذا الخرب ّ‬ ‫كل أشكال التعاطف لرمزيّتها املعنويّة‪ ،‬ألنّها بل ٌد‬ ‫تستحق ّ‬ ‫هجامت «باريس» التي راح ضح ّيتها املئات‪ ...‬باريس التي‬ ‫ّ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫حينئذ تطلق اآللة الدعائ ّية الدين ّية طرائق ّية اصطناع املظلوم ّية‪...‬‬ ‫لهجامت بهذا الشكل‪.‬‬ ‫أمن‪ ،‬مل يعتد العامل تع ّرضه‬ ‫بكل دالالتها‬ ‫فهذه اآللة الدعائ ّية تتعامل مع فرنسا كجمهوريّ ٍة علامن ّي ٍة شاذّة وجاهل ّية‪ ،‬ويح ّز يف نفسها أن ترى فرنسا ّ‬ ‫أي شكلٍ من أشكال التعاطف‪ .‬ولهذا فقد ذهبت تستعرض الحقبة االحتالل ّية لت ّربر أعامل القتل‪،‬‬ ‫املعنويّة أن تجد ّ‬ ‫يل» الذي يطالب به صاحب كتاب «إدارة التو ّحش»‪ .‬إ ّن‬ ‫لتتّهم املتعاطفني بالعاملة والخيانة‪ .‬هو ذلك التربير «العق ّ‬ ‫‪13‬‬


‫حول ظاهرة‬ ‫املظلومية اإلسالمية‬

‫هادي بن رمضان‬

‫ألسباب‬ ‫مذهل تصحبه قدر ٌة أقوى عىل اإلقناع‪ .‬فهو يش ّن هجو ًما مسلّ ًحا‬ ‫ً‬ ‫اإلسالمي الحديث ميارس تح ّولً‬ ‫الخطاب‬ ‫ٍ‬ ‫ّ‬ ‫الديني ومن ث ّم يتّخذ تربي ًرا «عقل ًّيا» مو ّج ًها صوب العوام واملجال الدعا ّيئ‪.‬‬ ‫عقائديّة وميتافيزيق ّية بحتة لها أصلها‬ ‫ّ‬ ‫التربيري ليس باألمر الصعب‪ ،‬وال يصعب أن يُكتشف الطابع‬ ‫اإلسالمي لهذا النسق‬ ‫إ ّن اكتشاف احتكار الخطاب‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫امليتافيزيقي لإلرهاب املتسرت خلف الكذب والتضليل‪ .‬لقد اشرتك اإلسالم ّيون بل وحتى البعض من اليساريّني يف‬ ‫ّ‬ ‫انتقامي محض‬ ‫الرتويج لخراف ٍة مفادها أ ّن األعامل اإلرهاب ّية الّتي يش ّنها تنظيم «الدولة اإلسالم ّية» بالعراق سببها‬ ‫ٌّ‬ ‫امليتافيزيقي‪ .‬لقد ر ّوج هؤالء ألكذوبة اآللة الدعائ ّية السلف ّية والّتي جوهرها أ ّن أعامل‬ ‫الرشعي‬ ‫ال شأن له بالربهان‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫االغتيال واإلبادة الواسعة ليست إلّ ر ًّدا للفعل عىل االغتياالت واإلبادات الّتي مارستها الجامعات الشيع ّية املسلّحة‪.‬‬ ‫تفس الطرائقيّة املظلوميّة‬ ‫لو كان بالفعل أ ّن اإلرهاب الس ّني كان ً‬ ‫عمل انتقاميًّا ً‬ ‫يفس هؤالء وكيف ّ‬ ‫محضا فكيف ّ‬ ‫رصا لجامعة‬ ‫أعامل اإلبادة التي طالت جامعات املسيح ّيني واإليزيديّني!!! إ ّن ً‬ ‫عمل انتقام ًّيا ما ال ب ّد أن يكون مو ّج ًها ح ً‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫مامرسات‬ ‫جامعات اشرتكت يف‬ ‫مح ّددة أو‬ ‫اإلسالمي وقد متكّن‬ ‫واحدة‪ .‬أ ّما اإلرهاب‬ ‫ّ‬ ‫من أرض العراق فقد ش ّن حربًا شعواء عىل‬ ‫املسيح ّيني واإليزيديّني بالقتل والتهجري والسبي‬ ‫وليس لهؤالء ما يربطهم مبا ي ّدعيه أنصار‬ ‫وسع التنظيم من عمله‬ ‫النظريّة املظلوميّة‪ .‬بل ّ‬ ‫الديني‬ ‫ليستهدف األكراد ل ُيفصح عن الطابع‬ ‫ّ‬ ‫سبب‬ ‫للعنف املام َرس والّذي ال يعنيه أن يوجد ُ‬ ‫‪/‬مادي من عدمه ّإل ما كان مو ّجها ألجل‬ ‫يل ّ‬ ‫عق ّ‬ ‫الدعاية‪.‬‬ ‫لقد تو ّرطت القا ّرة األوروبيّة يف القرن العرشين‬ ‫يف حربني عامل ّيتني راح ضح ّيتها عرشات املاليني‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫درجات‬ ‫وكان أن بلغت الكراهية العنرصيّة‬ ‫قصوى مع قيام النازيّة والحرب العامل ّية الثان ّية‪.‬‬ ‫وأما الرصاعات األوروب ّية التي سبقت الحربني‬ ‫فلها املايض الطويل الفظيع‪ .‬لقد نجحت‬ ‫الشعوب األوروب ّية يف تجاوز أحقاد املايض‪،‬‬ ‫وهي ال تستحرض أب ًدا رصاعات الزمن البعيد‬ ‫لت ّربر بها عنف وكراهية الحارض‪ .‬إ ّن هذه‬ ‫اإلسالمي‪،‬‬ ‫الظاهرة أصبحت حك ًرا عىل املجتمع‬ ‫ّ‬ ‫يتمسك بتص ّنع املظلوميّة بالكذب‬ ‫فهو من ّ‬ ‫‪14‬‬


‫حول ظاهرة‬ ‫املظلومية اإلسالمية‬

‫هادي بن رمضان‬

‫متمسكًا بهذه‬ ‫والتضليل تارةً‪ ،‬وبالحديث عن الحقبة االستعامريّة تار ًة أخرى‪ .‬والعجيب أن نجد العامل‬ ‫اإلسالمي ّ‬ ‫ّ‬ ‫الطرائقية يف تربير الكراهية العمياء واألعامل اإلرهاب ّية وهو من مل تصل أعداد ضحاياه يف تلك الحقبة لنصف أعداد‬ ‫الديني يف الطرح‬ ‫عامل م ّرب ًرا للكراهية والعنف‬ ‫ضحايا األوروب ّيني بني بعضهم البعض‪ .‬فكيف تكون الحقبة املاضية ً‬ ‫ّ‬ ‫اإلسالمي وال نجد لها أث ًرا بني الغرب ّيني! إ ّن السبب يف ذلك هو الرواج الذي يلقاه اإلسالم األصو ّيل منذ إطالق اململكة‬ ‫ّ‬ ‫يل أو‬ ‫السعوديّة ودول الخليج آللة التبشري الّتي أوقعت املسلمني يف شتّى أنحاء العامل يف رشاك اإلسالم‬ ‫القروسطي الحنب ّ‬ ‫ّ‬ ‫القروسطي الذي يلقى روا ًجا واس ًعا بشكلٍ كبري بني املسلمني اليوم؛‬ ‫ما يوصف اليوم بالوها ّيب‪ .‬لقد احتاج هذا اإلسالم‬ ‫ّ‬ ‫انتقامي باستحضار الحقبة‬ ‫الديني بطابع عقالين‬ ‫احتاج لهذه الطرائق ّية التربيريّة الّتي تهدف إىل صبغ أعامل القتل‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫اإلمربيال ّية ومحاولة الربهنة عىل أ ّن العنف هو الحالة األصل ّية بطرح فظاعات مختلف اإلثن ّيات الدين ّية والعرقية ‪.‬‬ ‫يل‬ ‫لقد لعب املرشفون عىل اآللة الدعائ ّية السلف ّية ذلك الدور الّذي لعبه أنصار النظريّة العرق ّية‪ ،‬وألجل إقامة تربي ٍر عق ّ‬ ‫العرقي الحالة السائدة‬ ‫ألعامل القتل واإلبادة الالعقالنيّة كان العرقيّون يف حاج ٍة للداروينيّة االجتامعيّة ليكون الرصاع‬ ‫ّ‬ ‫العرقي‪ ،‬وأ ّما الطرائق ّية اإلسالم ّية الحديثة فها هي قد وجدت ضالّتها‬ ‫أي شبه ٍة عن القتل‬ ‫الطبيع ّية‪ ،‬ما يقود إىل انتفاء ّ‬ ‫ّ‬ ‫الديني الّذي يتص ّور العامل يف حالة حرب دين ّية دامئة تحكمها املفاصلة‬ ‫يف النظريّة املظلوم ّية لتم ّهد األرض أمام العنف‬ ‫ّ‬ ‫القطب ّية‪.‬‬ ‫السيايس فهو ينطلق‬ ‫إ ّن الحركات التح ّررية الوطنيّة كانت أقىص مطامحها التح ّرر من الهيمنة الخارجية‪ ،‬وأ ّما اإلسالم‬ ‫ّ‬ ‫التوسعية ذات األصل‬ ‫من الحقبة االحتالل ّية واألطروحة املظلوم ّية ليتّخذ ً‬ ‫شكل نضال ًّيا‪ ،‬ليفصح الحقًا عن مطامعه ّ‬ ‫الديني املبيح لدماء «الكفار» واملخالفني‪ .‬لقد أصبح من عادة الطرائق ّية اإلسالم ّية الخطاب ّية الحديثة أن تبني من‬ ‫ّ‬ ‫كل امل ّربرات لخوض حرب إبادةٍ‬ ‫ٍ‬ ‫حادث ٍة صغرية معزولة ّ‬ ‫شاملة‪ .‬ومن حروب القرن السابع حج ًجا لخوض حروب‬ ‫القرن الواحد والعرشين‪ .‬وقد أصبح من عادتها تص ّنع‬ ‫بكل األساليب املبتذلة‪ ،‬بالكذب والتزوير‬ ‫االضطهاد ّ‬ ‫والخداع‪ ،‬إنّها بذلك تتخ ّبط وقد أدركت هشاشة‬ ‫«الالعقل»‪ ،‬والالعقالنيّة يصفها «لوكاش» عىل أنّها‪:‬‬ ‫الشّ كل الذي يتّخذه فك ٌر للته ّرب أمام إجاب ٍة جدل ّية‬ ‫وكل الالّعقالن ّية بأشكالها «الحسنة»‬ ‫عىل مسأل ٍة جدل ّية‪ّ ،‬‬ ‫و«ال ّرديئة» م ّهدت الطريق للفاش ّية‪.‬‬ ‫امليتافيزيقي للكون‪.‬‬ ‫الديني‬ ‫ذلك ما يقوم عليه التص ّور‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬

‫‪15‬‬


‫خواطر ‪..‬‬

‫‪jesus zen‬‬

‫أفكا ٌر متناثر ٌة يف عقلٍ حائر‬ ‫الشك والتساؤل هام الطريق لإلبداع‪ ...‬وملعرفة اإلجابات‪ ،‬يف مجتمعنا العريب أو الرشق أوسطي (س ِّمه ماشئت) ظاهر ٌة‬ ‫التعصب للون أو عرق أو حزب أو مكان أو مهنة‬ ‫التعصب الديني فقط بل عن ّ‬ ‫التعصب‪ ،‬ولست هنا أتكلّم عن ّ‬ ‫تدعى ّ‬ ‫أو لفر ٍع من الجامعة‪.‬‬ ‫مثل الطالب العلمي ينظر باحتقا ٍر للطالب األديب‪ ،‬وابن املدرسة املتفوقة ينظر باحتقا ٍر البن املدرسة الصغرية‪،‬‬ ‫ترى ً‬ ‫وسائق التكيس ينظر باحتقا ٍر لسائق الرسفيس‪ ،‬وابن القرية الكبرية ينظر باحتقا ٍر البن القرية األصغر‪ ،‬وعضو الحزب‬ ‫الفالين ينظر باحتقا ٍر لألحزاب األخرى‪ ،‬ومعروف ٌة ظاهرة الكره األعمى بني أبناء األديان والطوائف‪.‬‬ ‫فاجأين مر ًة وأنا مواط ٌن من سوريا أحد الفلسطينني السوريني عندما حلّل يل لون ًيا أنواع الشعب الفلسطيني‬ ‫فمثل هناك أصحاب البرشة الداكنة‬ ‫يقسمون حسب اللون‪ً ،‬‬ ‫يقسمون لعشائر واألنىك من ذلك َّ‬ ‫فاألخوة الفلسطينني َّ‬ ‫‪16‬‬


‫خواطر ‪..‬‬

‫‪jesus zen‬‬

‫ٍ‬ ‫كعبيد ولحد اآلن هذه النظرة‬ ‫أكرث من البقية يتم النظر إليهم نظر ًة دونية حيث تم جلبهم من أفريقيا ليك يعملوا‬ ‫مرتسخة باألذهان ويف املناسبات االجتامعية كالزواج أو التقارب‪.‬‬ ‫يل وبينام كان الشباب الشقر يقفون‬ ‫ملهى لي ٍ‬ ‫حادث ٌة أخرى أذكرها ولكن هذه يف أوروبا؛ يف إحدى الليايل أمام باب ً‬ ‫أفريقي جنتل وانتهى املوقف بأن ذهبت أجمل‬ ‫شاب‬ ‫وينتظرون دورهم للدخول فجأ ًة أتت سيار ٌة فارهة ونزل منها ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫البنات يف امللهى مع ذلك الشاب وبقي الشقر ينظرون إليه بحسد‪.‬‬

‫طب ًعا الحادثتني غري مرتابطتني كث ًريا ولكنهام خطرتا عىل عقيل فجأ ًة يف سياق الحديث‬ ‫يحس بالتف ّوق أو بتم ّيزه‬ ‫املهم؛ هل ّ‬ ‫التعصب هو ظاهرة برشي ٌة واإلنسان بشكلٍ عام يحتاج إىل التقسيم والتفرقة ليك ّ‬ ‫الشخيص؟؟ من املالحظ عرب التاريخ البرشي أن اإلنسان بدأ بتكوين الجامعات يف البداية للحفاظ عىل الحياة ولتحسني‬ ‫الوارد الطعامي للجامعة‪ ،‬وهو مالح ٌظ حتى يف نظر أفالطون ومدينته الفاضلة فالتقسيم يطرح نفسه بشد ٍة يف الفرق‬ ‫مثل‪.‬‬ ‫بني طبقة الفالسفة وطبقة العبيد ً‬ ‫ترسخ عقدة التفوق يف النفس البرشية عرب التاريخ ‪ ،‬هل من‬ ‫وال أظن أين بحاجة لالستمرار بطرح األسئلة للداللة عىل ّ‬ ‫املمكن أن يكون كل الناس سواسية بدون نظر ٍة دونية ٍ‬ ‫ألحد مهام كان لونه أو‬ ‫عرقه أو دينه أو مستواه املعييش أو التعليمي؟ أال يتناقض هذا التخ ّيل مع حب الذات ونظرة الشخص لنفسه واألنا‬ ‫العليا لديه‪..‬‬ ‫‪17‬‬


‫خواطر ‪..‬‬

‫‪jesus zen‬‬

‫أليس أغلب محركات االنتساب ليش ٍء أو لفكرة أو حتى اإلبداع هو محاول ٌة من اإلنسان إلثبات مت ّيزه وإرضاء غروره؟‬ ‫ٍ‬ ‫بشخص مل ينجح يف الصف السادس اإلبتدايئ؟‬ ‫هل يستوي أينشتاين‬ ‫أتت الشيوعية ومن قبلها األديان ليك تعيد تقسيم الناس املقسمني سلفًا ولكن مل تستطع أي نظري ٍة ديني ٍة كانت أو‬ ‫قومية أو فكرية أن تجمع الناس كلهم بل بالعكس كانت تك ِّون جامعة جديد ٍة تنظر بفوقي ٍة للجامعات األخرى‪.‬‬ ‫أيضا مقس ٌم لطبقات وليس كام نراه من وجهة نظرنا‪ .‬فدامئًا‬ ‫لست عاملًا بيولوج ًيا ولكني أظن أن مجتمع الحيوانات ً‬ ‫مثل‪.‬‬ ‫هناك الذكر املسيطر والذكر املنافس والذكر املستضعف ً‬ ‫هل من املستحيل أن نحلم مبجتمعٍ لكل البرش حيث الجميع بسوي ٍة علمي ٍة ومادي ٍة جيدة ال وجود فيه لجاهلٍ أو‬ ‫فقري‪ .‬حيث الكرامة البرشية حقيق ًة وليست شعا ًرا وحيث الناس ال تشعر بالضعف والدونية أمام بعضهم البعض‬ ‫وبالفوقية واالزدراء!‬ ‫أيضا عد ًوا مشرتكًا يحرك غريزة‬ ‫حلم ولكني برصاحة ال أستطيع أن أتخيل هكذا مجتمع مثايل إال إذا تخ ّيلت ً‬ ‫رمبا يكون ً‬ ‫قليل ولكني الحظت أن‬ ‫بقاء الجنس البرشي لتطغى عىل غرائز التفوق والغرور‪ .‬رمبا تكون نظريتي محدودة التفكري ً‬ ‫ال يشء يجمع البرش مع بعضهم أكرث من الغرائز وأه ّمها غريزة البقاء أو االستمرارية‪.‬‬ ‫جنسا فضائ ًيا يه ّدد النوع البرشي كله عندها سيضطر الجميع لالتحاد ضده ليس ح ًبا ببعضهم بل خوفًا‬ ‫فتخيل ً‬ ‫مثل ً‬ ‫مهم وحياته لها قيمتها‪.‬‬ ‫عىل حياتهم ويصبح كل إنسانٍ ً‬

‫‪18‬‬


‫خواطر ‪..‬‬

‫‪jesus zen‬‬

‫شخص ًيا أرى هذا املثال أقرب للواقع من حلم أن يصبح الناس جمي ًعا متعلمني و ميسوري الحال فعقدة التملك‬ ‫وامللكية الفردية مرتسخ ٌة بقوة وهي برأيي من قىض عىل النظرية الشيوعية من الداخل ومن داخل نفوس أكرث‬ ‫الشيوعيني‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫تساؤالت قد تكون تافهة االتساؤل أمام مآيس البرشية اآلن وخاصة‬ ‫رمبا مل أقدم يف هذه الكتابة جوابًا ولكني طرحت‬ ‫يف بالد الحروب والخالفة والديكتاتوريات والجوع أي يف بالدي‬ ‫ولكن ماذا لدينا غريالتساؤل؟‬

‫‪https://secularegypt.com‬‬

‫نحن حركة فكرية مرصية مستقلة‪ ,‬نهتم بشكل أساىس بنرش وتعزيز قيم العلامنية ىف مرص‪,‬‬ ‫ملواجهة األصولية و الخطاب الواحد ىف املجتمع املرصى ‪ ,‬وذلك بشتى طرق وأساليب التوعية‬ ‫من تدشني منتديات نقاشية‪ ,‬حمالت توعية ‪ ,‬إقامة مؤمترات وورش عمل ‪ ,‬إصدار نرشات‬ ‫إلكرتونية و أوراق عمل لتعزيز قيم العلامنية ىف املجتمع املرصى ‪.‬‬ ‫‪19‬‬


‫‪Amira‬‬

‫محادثة فتاة‬ ‫مثلية ورجل غريي‬ ‫‪20‬‬


‫محادثة فتاة‬ ‫مثلية ورجل غريي‬

‫‪Amira‬‬

‫طلب إلجراء ٍ‬ ‫مثقف‬ ‫شخص ٌ‬ ‫نقاش من أحد مستخدمي الفيس بوك منذ فرت ٍة طويلة‪ .‬قال يل املُرسل حينها أنه ٌ‬ ‫وصلني ٌ‬ ‫غاي ٌة يف الذكاء ولن أندم أب ًدا عىل نقايش معه‪ ،‬فوافقت‪.‬‬ ‫بعضا من‬ ‫بدأ الرجل يسألني ملَ أحب بنات جنيس من النساء وكيف يل ذلك وعن موقفي من الدين ً‬ ‫أول‪ ،‬ثم أضاف ً‬ ‫آيات القرآن واألحاديث مبا فيهم حديث‬ ‫«لَ َع َن الل ُه املُتَشَ ب ِه َني ِم َن ال ّرجا ِل بال ّن َسا ِء‪َ ،‬واملُتشب ِ‬ ‫ِهات ِمن ال ّن َسا ِء بال ّر َج ْال»‪.‬‬ ‫مل أجد يف أسئلته مايوحي بكونه كام قام بوصف ذاته‪ ،‬كونه يفتقد الصرب وال ترابط بني أسئلته‪ .‬حتى أنه مل ينكر‬ ‫انفعاله حينها‪ ،‬كام قال «أنا أسف لكنك يف طريقك إىل الهاوية»‪ .‬رغم سطحية ما رأيت يف أسلوبه إال أين قررت الخوض‬ ‫يف هذا النقاش لعيل أكون مخطئ ًة يف حكمي هذا‪.‬‬ ‫أين الرضر يف حبي للنساء؟ أليس الحب واملحبة من الخري؟ أنا أحب ولست أقتل‪ ،‬أي نعم رمبا قتلت طموح أحدهم‬ ‫بامتالك أنثى تخدمه بعد أن يشرتيها مبهرها لكني ومع ذلك مل أتسبب يف أية رض ٍر ألحد! أما عن الدين فهل أنت أكرم‬ ‫من ربك الذي أوجدين أنا وقلبي هكذا؟‬ ‫وبت جز ًءا منه‪ ،‬ثم أليس من املمكن أن تكون‬ ‫أما عن قولك بأين أخالف الطبيعة فأنا ً‬ ‫فعل ال أخالف ما أوجدين ُّ‬ ‫الطبيعة هي من أرادت مني أن أخالفها؟ الطبيعة ليست عىل ٍ‬ ‫خالف مع املختلفني ولهذا أوجدتهم‪.‬‬ ‫مندهش بعض اليشء فكيف لكم أن تكونوا عىل قيد الحياة‬ ‫ٌ‬ ‫زاد انفعال الرجل عىل مايبدو فبعد دقائق قال يل‪« :‬أنا‬ ‫وأنتم وبا ٌء ومنحلّون جنس ًيا ال ترتكون حتى من هي من ذات جنسكم‪ ،‬هي حاجتكم للجنس فقط التي تجعل منكم‬ ‫مثل ّيني ورغبتكم الجامحة تجعلكم تقيمون العالقات مع أبناء جنسكم»‪.‬‬ ‫مخطئ هذا الرجل!‬ ‫كم هو‬ ‫ٌ‬ ‫أرسلت إليه الرد‪« :‬الرجل إذا أحب امرأ ًة فإنه يحب نهديها‪ ،‬شعرها‪ ،‬مؤ ّخرتها‪ ،‬جسدها‪ ،‬أما املرأة تقول أنها أحبت‬ ‫ٌ‬ ‫انحالل‬ ‫ثقافته‪ ،‬شهامته‪ ،‬ذكاءه‪ ،‬هذا يدل عىل أن الرجل يحب جسديًا بينام املرأة تحب عاطف ًيا أما قولك بأن املثلية‬ ‫جنيس فهذا يستلزم أن تفهم بعض األمور ألن اإلنسان دامئًا عد ُّو ما يجهل‪.‬‬ ‫ٌ‬

‫‪21‬‬


‫محادثة فتاة‬ ‫مثلية ورجل غريي‬

‫‪Amira‬‬

‫أوالً‪:‬‬ ‫أنا فتا ٌة وأحب فتاة‪ ،‬لدي نفس األعضاء التي متتلكها هي‪ ،‬إذًا لو كان حبي لحبيبتي‪ /‬زوجتي جنس ًيا ملَ‬ ‫أحببت جس ًدا‬ ‫ُ‬ ‫كجسدي! حب فضول وحب استكشاف لجسد الجنس اآلخر الذي هو الرجل كان يجب أن يدفعني إىل الرجل وليس‬ ‫للنساء‪.‬‬ ‫بالتايل تهمة االنحالل الجنيس للمثليني تهم ٌة باطلة وليست يف محلّها ألننا نرتفّع عن ذاتية الجسد ونحب ما هو أعمق‪،‬‬ ‫نحب ذات الشخص أو ما قد تس ّميه أنت روح الشخص»‪.‬‬ ‫ضحك الرجل ضحك ًة طويل ًة ثم قال‪« :‬حتى وإن كان هذا صحي ًحا فاملرأة ال يُرضيها جنس ًيا ويُشبعها غري الرجل»‪.‬‬ ‫مل أفاجأ بأن هذا الشخص ليس لديه خرب ٌة جنسي ٌة كافية فهذا حال أغلب الشباب يف جميع طبقات مجتمعاتنا‪.‬‬ ‫هذا ما أُطلق عليه وهم األعضاء الذكورية‪ ،‬وه ٌم يقتل الرجل ويجعله ال يعرف عن الجنس غري اإليالج وحجم العضو‬ ‫جهل منه‪.‬‬ ‫الذكري‪ ،‬ظ ًنا منه أن هذا ما يُثري ويُشبع رغبة النساء الجنسية وما هو إال ٌ‬ ‫الرجل يتباهى بعضوه الذكري وهو يجهل أنه ليس املصدر الوحيد وال الرئييس يف املتعة الجنسية!‪.‬‬ ‫هذه امل ّرة وصلني ر ّده برسعة‪:‬‬ ‫«يعني تقصدين أنه ليس له دو ٌر وال أهمية؟ هذا هراء‪ .‬فلو كان العضو الذكري ليس مصد ًرا للمتعة أين هو مصدر‬ ‫متعة املرأة؟»‪.‬‬ ‫طلبت منه أن ال يغضب فالعضو الذكري له أهمية التلقيح ليحصل الحمل! فبدونه ال ميكن للمني أن يصل إىل الرحم‬ ‫ُ‬ ‫بشكلٍ طبيعي ولكن ليس له األهمية الحرصية يف عملية املتعة الجنسية كام كنت تقول‪.‬‬ ‫ثم إن فكّرنا منطق ًيا فعدد املثل ّيات يف العامل كب ٌري ج ًدا‪ ،‬هل يعتقد هذا الشخص أننا جمي ًعا ال ننعم باملتعة الجنسية؟‬ ‫هذا خطأٌ كبري فمصدر اإلثارة يف جسد املرأة هو عض ٌو صغ ٌري يف أول عضوها التناسيل الذي يُعرف طب ًيا باسم البظر‪،‬‬ ‫أيضا تعرف جي ًدا طرق إمتاع املرأة كونها‬ ‫من هذا العضو ال ميكن ألنثى أخرى أن تعجز عن إمتاع رشيكتها بل هي ً‬ ‫ذاتها متتلك العضو ذاته‪.‬‬ ‫لألسف حتى يف الثقافة الجنسية يوجد ما يسمى بالعلوم الكاذبة‪.‬‬ ‫محسوم‬ ‫أفالم جنسية ال ص ّحة لها يف الواقع الطبي أو أن وجودها غري‬ ‫ٍ‬ ‫أمو ٌر كثري ٌة يؤمن بها البعض كانت بداياتها خدع ٍ‬ ‫كام هو الحال مع (الجي سبوت)‪.‬‬ ‫‪22‬‬


‫محادثة فتاة‬ ‫مثلية ورجل غريي‬

‫‪Amira‬‬

‫تفس يل ملَ يوجد عد ٌد كب ٌري ج ًدا من األشخاص ال ينتشون إال مبامرسة العادة الرسية؟‬ ‫«هل ميكن لك يا محمد أن ّ‬ ‫تفس يل قدرتهم عىل االنتشاء عرب اليد؟ هل تحب أن أجيبك ألنه اإلحساس؟ عندما تشعر بتامثلٍ فإنك تنتيش‪.‬‬ ‫كيف ّ‬ ‫قلت لك حقائق علمية عن مركز اإلثارة يف جسد املرأة ها أنا أتيت لك بدليلٍ قاطع‪.‬‬ ‫هل تسمع بعمليات الختان؟ تتم هذه العملية عىل الشكل التايل‪ :‬قطع عضو البظر خاص ًة يف البالد الحارة كأفريقيا‬ ‫ومرص‪ ،‬ومؤخ ًرا مبرص منعوا هذه العمليات ألنها تقتل حياة املرأة الجنسية وتصبح بارد ًة جنس ًيا بغياب هذا‬ ‫مم يدل عىل أن حياة املرأة الجنسية مرتبط ٌة بص ّحة هذا العضو وال شأن لها بطول وال حجم وال‬ ‫العضو(البظر)‪ ،‬وهذا ّ‬ ‫حتى وجود العضو الذكري‪.‬‬ ‫أيضا بقراءة كتاب نوال السعداوي «املرأة والجنس» وانظر قسم أفالطون الذي يُخربك عن الحب‬ ‫وأنا أنصحك ً‬ ‫األفالطوين‪.‬‬ ‫حب روحاين‪ ،‬يتخطّى‬ ‫هذا الحب هو الحب املثيل الذي تح ّدث عنه أفالطون حب أبناء الجنس الواحد لبعضهم‪ ،‬وهو ٌ‬ ‫ذاتية الجسد‪ .‬يجب أن تقرأ يا رجل كيف أنكم أنتم الغرييّون ترسقون ألقاب العشق املثيل‪ ،‬فالحب األفالطوين لعامل‬ ‫عيب كبري‪».‬‬ ‫املثليّني وأنتم تنسبونه لكم‪ ...‬هذا ٌ‬ ‫« إذًا ِ‬ ‫أنت تريدين كوكب قوم لوط»‬ ‫أخذت أحلم بخيايل بهذا الكوكب‪.‬‬ ‫ت ًبا! ال أنا ال أريد كوك ًبا مثل ًيا أخرس فيه أصدقايئ‬ ‫وإخويت‪ ،‬أنا فقط أريد أن من يولد مثليًا أن‬ ‫يعيش طبيعته كام أعيشها أنا اليوم‪ .‬وأن يعشق‬ ‫املثيل وميسك يد حبيبه‪ /‬زوجه تحت ضوء‬ ‫الشمس‪.‬‬ ‫لكن صورة العامل الحايل وهمجية الردود التي‬ ‫أعرفها جي ًدا جعلتني أريد توجيه كلم ٍة للجميع‪:‬‬ ‫فليتفضل‬ ‫من منكم قاد ٌر عىل العيش بال حب‬ ‫ّ‬ ‫وليقل يل ال تحبي امرأة!‪.‬‬ ‫‪23‬‬


‫محادثة فتاة‬ ‫مثلية ورجل غريي‬

‫‪Amira‬‬

‫أرسلت له‪« :‬أنا ال أعرتض عىل وجود الغرييّني وال أمانع بوجودهم يف عاملي ثم إن كنت تعارض وجودي بحجة الدين‪،‬‬ ‫فالدين ُوجد ليخدم اإلنسان والبرشية وليس لجعل اإلنسان خاد ًما للدين‪.‬‬ ‫ليوناردو دافينيش‪..‬‬ ‫أوسكار وايلد‪..‬‬ ‫آالن تورينغ‪..‬‬ ‫جميعهم كانوا مثليي الجنس وغريهم الكثري‪ ،‬لن تذكر منهم إذا تح ّدثت عنهم سوى عظمة ما ق ّدموه لنا‪ ،‬فاإلنسان‬ ‫بالدرجة األوىل من صفاته اإلنسانيه‪ ،‬قل يل هل تعرف عدد املثل ّيني يف هذا الكوكب؟ هل تريد حرقنا جمي ًعا أم رمينا‬ ‫من شاهق؟‬ ‫األفضل أن تفقه الواقع وتتعامل معه‪ ،‬أن تعي أن املثيل كان حيوانًا أم إنسانًا فهو موجو ٌد وللعلم قد يكون أحد‬ ‫أطفالك يو ًما ما‪.‬‬ ‫املجتمعات الرشقية تتعامل مع الوضع عىل أنه غري موجو ٍد وليس هناك مشكل ٌة إذا مل يكن مرئ ًيا‪ ،‬أي مجتمعٍ منافق‬ ‫هو هذا»‪.‬‬ ‫كان ر ّده‪:‬‬ ‫مهتم مبثليّتكم لكن الله سيحرقكم يف النار»‬ ‫«مل أعد ً‬

‫‪24‬‬


‫«من أين رشعت جهنم عىل جبيننا؟‬ ‫رب واحد‪ ،‬وما دون ذلك‬ ‫الذنب الوحيد الذي ال يغفره الله هو الرشك بالله أي أن تقول أن الكون فيه ربّان وليس ٌ‬ ‫ذنوب ممكن أن يعدلها ميزان الحسنات‪ ،‬لكن لألسف التقاليد أقوى من الدين يف نبذ املثلية فكان تجرميها نتيجة‬ ‫كله ٌ‬ ‫التقاليد أقوى من تجرميها من الناحية الدينية وأنا أعلم أن بعض امللحدين قد يكونوا من متب ّني أفكارك‪ ،‬يف النهاية‬ ‫الحب أفضل من الحرب‪.‬‬ ‫وأفضل من الرش‬ ‫لكلٍ أن يعيش كام هو‪».‬‬ ‫انتهت املحادثة‪.‬‬

‫‪25‬‬


‫قصيدة‪ :‬حرية إنسان‬ ‫لؤي نادال‬

‫انني ارى اليقني‬ ‫يف عيون املؤمنني‬ ‫أتراه يقني عل ٍم‬ ‫أم يقني الجاهلني‬ ‫أم غبا ٌء ال يضاهى‬ ‫كغباء األولني‬ ‫ت شعري لست أدري‬ ‫لي‬ ‫أي الدينني أدين‬ ‫إسال ٌم ومحبة‬ ‫دين البرش أجمعني‬ ‫أم حرو ٌب ومشقة‬ ‫دين قتل الكافرين‬ ‫دين إرهاب وسبي‬ ‫دين مقت اآلخرين‬ ‫ت شعري لست أدري‬ ‫لي‬ ‫أي الدينني أدين‬

‫بني الدينني فروق‬ ‫كفروق األبيضني‬ ‫كم بني حل ٍو منعش‬ ‫استيس لآلكلني‬ ‫وبني مالحٍ منفر‬ ‫الذ ٌع للذائقني‬ ‫ت شعري لست أدري‬ ‫لي‬ ‫أي الدينني أدين‬ ‫‪-‬‬‫أي رب ابعثت ح ًقا‬ ‫من لدنك مرسلني؟‬ ‫هل أرسلت ريب ح ًقا‬ ‫مبعوث ًا للعاملني‬ ‫حام ًل و ًدا وحبًا‬ ‫صادق الوعد أمني‬ ‫شعري لست أدري أي‬ ‫ليت‬ ‫الدينني أدين‬

‫‪26‬‬


‫قصيدة‪ :‬حرية إنسان‬ ‫هل يا ريب أمرت فعال‬ ‫كم تعاىل ذكر اسمك‬ ‫بتذبيح املرشكني؟‬ ‫عىل شفاه الهالكني‬ ‫هل أمرت الناس حقًا‬ ‫ليت شعري لست أدري‬ ‫برتجيم العاشقني؟‬ ‫أي الدينني أدين‬ ‫باإلثخان بال هوادة‬ ‫أي طري ٍق سوف أذهب‬ ‫باتخاذ القتل دين‬ ‫دري أين خري املسلكني‬ ‫ليت شعري لست أ‬ ‫أين أجد جنتك؟‬ ‫أي الدينني أدين‬ ‫غري جنان القاتلني‬ ‫ال أظن األمر أمرك‬ ‫جنة العدل يا ريب‬ ‫هذا شأن املرهبني‬ ‫ك جنة للمظلومني‬ ‫ال أظن الوعد وعد‬ ‫ليت شعري لست أدري‬ ‫وانت خري الواعدين‬ ‫أي الدينني أدين‬ ‫بتنعيم ورفاهة‬ ‫لألناس املجرمني‬ ‫وعذاب ومهانة‬ ‫وتحريق املساملني‬ ‫ليت شعري لست أدري‬ ‫أي الدينني أدين‬ ‫كم قتل ريب باسمك‬ ‫وتم ذبح املاليني‬ ‫كم تعذب تحت اسمك‬ ‫وترشد مساكني‬ ‫‪27‬‬

‫لؤي نادال‬

‫يبقى يف ذهني سؤال‬ ‫ح ّي عقيل لسنني‬ ‫هل اإلنسان صنع كفك‬ ‫يا خري خري الصانعني‬ ‫أم أنت نتاج فكره‬ ‫نتاج عقل السابقني‬ ‫دعك من هذا وقل يل‬ ‫أي الدينني أدين؟!‬


http://www.thelandofsands.blogspot.com

28


‫نحو وعي فردي‬

‫ماري غزال‬ ‫عم يدعم قناعاته‬ ‫الذي يبحث يف العلوم ّ‬ ‫ومعتقداته‪ ،‬ويهلع من األفكار املخالفة ألفكاره‪،‬‬ ‫جهل من ذاك الذي ال يفقه حرفًا‬ ‫يصري بذلك أعمق ً‬ ‫أو كلمة‪ .‬نحن عاد ًة ما نخاف من األفكار الجديدة يف‬ ‫الوقت الذي ينبغي فيه أن نهاب األفكار القدمية‪ ،‬والتي‬ ‫عادة ما تكون موروثة‪ .‬نحن ال منلك ِسوى أفكا ًرا بالية‬ ‫قد تم تلقينها لنا منذ الصغر‪ .‬نحن يف األصل لسنا ِسوى‬ ‫ُر ٍ‬ ‫كامات من القيم واألفكار ومعتقدات هذا املجتمع أو‬ ‫‪29‬‬


‫نحو وعي فردي‬

‫ماري غزال‬

‫لسبب سوى رفضنا األفكار‬ ‫املحيط الذي ولدنا فيه‪ ...‬نحن لسنا ذواتنا ومل نجد بعد أو نخلق هذه الذّات املفقودة‪ .‬ال‬ ‫ٍ‬ ‫املخالفة وكذلك النظر لها بكل حيا ٍد وموضوعية‪ .‬مل نستطع بعد التج ّرد من هذه الذّوات املزيفة‪ ..‬إن الخطوة األوىل‬ ‫التي ينبغي القيام بها من أجل خلق ذواتنا ٍهي التجرد بشكلٍ كامل من كل ما تم تلقيننا إياه‪ .‬وإعادة النظر والشك‬ ‫فيه‪ .‬ثم بعد ذلك يأيت االنفتاح عىل األفكار والثقافات املختلفة كخطو ٍة ثانية‪ .‬لكن رشط أن نكون قد تج ّردنا من‬ ‫رواسب األفكار السائدة واملسبقة‪.‬‬ ‫أن ننظر بعيوننا ال بعيون املجتمع‪ .‬وأن نوقف انصهار الذات يف املجتمع بشكلٍ تام‪ .‬وأن ننعزل كل ًيا وال نتخد أي‬ ‫مرجعي ٍة كيفام كانت وهنا تكمن العودة إىل الذّات‪ .‬لكن السؤال املطروح‪ :‬ما الذي يجعلنا نخاف األفكار الجديدة؟ ما‬ ‫ٍ‬ ‫موقف حيادي منها؟ يجيب كريشناموريت يف كتابه الحياة‪‹‹ :‬الوعي الذّايت أم ٌر‬ ‫الذي مينعنا من تق ّبلها وتحليلها ٍوأخد‬ ‫يفضلون طريقة ً سهل ًة وهمية ترانا نختلق املرجعية التي تشكّل حياتنا وتن ّمطها‪ ،‬هذه املرجعية‬ ‫شاق‪ .‬ومبا أن أكرثنا ّ‬ ‫قد تكون مرجعية جامعة‪ ،‬كال ّدولة أو قد تكون مرجعية شخص كاألستاذ‪ ،‬املخلص‪ ،‬املعلم‪ ،‬املرجعية من أي نو ٍع‬ ‫تعمي‪ .‬تنسل عدم االكرثاث‪ ،‬وباعتبار أن أكرتنا يجدون إن االكرتاث يعني األمل‪ .‬ترانا نسلّم زمام أمرنا للمرجعية‪.‬‬ ‫السلطة‬ ‫والسلطة تصري دو ًما مركزية وبالتايل مفسدة متا ًما‪ ،‬إنها تفسد القابض عىل زمام ُ‬ ‫السلطة‪ُ ،‬‬ ‫املرجعية تولّد ُ‬ ‫وحسب ولكنها أيضا تفسد من يتبعه‪ .‬مرجعية املعرفة والخربة املُضللة‪ ،‬سوا ًء كان يتوالها األستاذ‪ ،‬أو ممثله أو‬ ‫الكاهن‪ ،‬إن حياتك أنت هذا النزاع الذي يبدو بال نهاية‪ ،‬هي املهمة وليس النمط أو القائد‪ُ .‬سلطة األستاذ والكاهن‬ ‫تبعدك عن القضية املركزية وهي النزاع داخل نفسك‪ ››..‬الظاهر أن النزاع مع الذات الذي يولّد األمل هو ما يجعلنا‬ ‫ٍ‬ ‫ببغاوات تجرت الكالم‪ ..‬دون اقتناع‪..‬‬ ‫نتمسك دامئا باملعطيات واملسلّامت واألجوبة الجاهزة‪ .‬وبالتايل ال نعد بذلك سوى‬ ‫ّ‬ ‫لذا ينبغي أن نشك ففي الشك ومن خالله ستجد أناك الحقيقي غري أناك الذي أنت عليه اآلن‪ ،‬والذي ما هو إال‬ ‫آل ٌة تتلقى وترفض األشياء وفق برمجتها من طرف املحيط الذي تعيش فيه‪ .‬ما مل تكن هناك الجرأة عىل مواجهة ما‬ ‫يخالفنا من أفكار‪ .‬ما مل يكن هناك تحر ٌر كامل لن تلد ولن تصنع ذاتك‪ ..‬كل الكتب يجب أن تُقرأ بع ٍني واحدة دون‬ ‫طفل‬ ‫مقدسا‪ ..‬يف األخري ستغدو ً‬ ‫جهل‬ ‫أي نزوع أو انحياز‪ ..‬أما قراءة ما يتوافق دامئًا ويدعم أفكارنا‪ ،‬فال يُعد سوى ً‬ ‫ً‬ ‫صغ ًريا حني ستتحرر من كل ما لقنوك إياه منذ الصغر من أفكا ٍر مل يكن لك فيها أي خيار‪ .‬ورؤية ليس مصدرها أنت‬ ‫طفل صغ ًريا ستفتقد إىل املعرفة كلام اكتسبتها‪ ،‬هذا أفضل لك من أولئك الذين‬ ‫بل هم وما ورثوه‪ .‬حينها ستصبح ً‬ ‫يدعون املعرفة وهم مل يلمسوها بعد‪.‬‬

‫‪30‬‬


‫نحو وعي فردي‬

‫ماري غزال‬

‫يو ًما ما سرتكض خلف الحقيقة متد لك بيدها‪ ،‬لِتنزع عنك معطف الوهم الذي أثقلك سني ًنا عديدة‪ ،‬للحقيقة مالمح‬ ‫امرأ ٍة فاتن ٍة لكنها قاسي ٌة ومروع ٌة! لها كربياء تقتل وتُحيي به عشاقها‪ ،‬الذين اعتادوا العيش يف قساوة حضنها‪ .‬حني‬ ‫تنزع عنك ذلك املعطف‪ ،‬سترصخ من شدة الربد واألمل ولن يسمع رصختك سواك‪ .‬تصعق بها أذنيك‪ ،‬وكيانك وتكرس‬ ‫داخلك محولة إياه فُتات ًا‪ ،‬حينها ستولد من جديد وتدرك زيف والدتك األوىل‪ .‬ووهم وجودك القبيل‪ .‬هذا االنعتاق من‬ ‫الوهم سيم ّدك فوق بح ٍر ترقص أمواجه من تحتك‪ ،‬ويداعب نسيم الحرية عقلك‪ ،‬وميضض جراحك من وجع الحقيقة‪.‬‬ ‫ستحمل مصباح املعرفة وتشق طريقك الالنهايئ املظلم‪ ،‬تلمح من بعيد نو ًرا كلام اقرتبت منه ازداد بع ًدا‪ ،‬أما عن‬ ‫القطيع فستشعر بالوحدة وسطهم أكرث مام ستشعر بها وأنت يف خلوة مع نفسك‪ ..‬سيبدو كالمك غريبًا بالنسبة لهم‬ ‫فينعتونك باملجنون‪ .‬وما ال يعلمونه أن لجنونك هذا إل ٌه حاميه‪ ..‬ال تخف من هجومهم اسبح ضد التيار هذا أفضل‬ ‫لك من أن تعيش فر ًدا وسط القطيع‪ ..‬ستعمل كمنقذ من الظّالل‪ ،‬توقظ العقول من سباتها العميق فيستجيب لك‬ ‫البعض‪ ،‬والبعض ستجدهم ولدوا أموات ًا‪ ،‬ال أمل فيهم‪ .‬هم موىت عىل قيد الحياة‪ ،‬ال تبالغ يف إعطاء الدواء للجثث قد‬ ‫وجدوا راحتهم وخالصهم يف النوم األبدي‪ ،‬ال يستيقظون إال كأشبا ٍح تحاول طعنك بأوهامها‪ ،‬لكن ال تخف من الخوف‬ ‫فأنت سيد ُه‪ ،‬فال يشء يرعب كالحقيقة التي غرستها بداخلك‪ ،‬سيهاجمونك مرتعدين يهلعون خوفًا منك‪ ..‬هذا الطريق‬ ‫الذي تكون قد سلكته‪ ،‬البد وأن تسري فيه والخطأ جن ًبا إىل جنب‪ ،‬فالخطأ معرب نحو املعرفة‪ ،‬رشط أن يكون الخطأ‬ ‫خطأك‪ .‬يقول دوستويفسيك يف روايته الجرمية والعقاب‪:‬‬ ‫‹‹إن الخطأ هو امليزة التي ميتاز بها اإلنسان عىل سائر الكائنات الحية‪ ،‬من يخطيء يصل إىل الحقيقة‪ ،‬أنا إنسان ألنني‬ ‫أخطيء‪ .‬ما وصل امرؤ إىل حقيقة واحدة إال بعد أن أخطأ أربع عرشة مرة وهذا يف ذاته ليس فيه ما يُعيب‪ .‬ولكن‬ ‫الناس ال يعرفون حتى أن يخطئوا بأنفسهم‪ .‬لك أن تقول آراء جنونية ولكن لتكن هذه اآلراء آراءك أنت‪ ،‬فأغمرك‬ ‫بالقبل‪ .‬ألن يخطيء املرء بطريقته الشخصية فذلك يكاد يكون خ ًريا من تريد حقيقة لقنة إياها غريه‪ .‬أنت يف الحالة‬ ‫األوىل إنسان‪ ،‬أما يف الحالة الثانية فأنت ببغاء ال أكرث‪››.‬‬ ‫الهوامش‪:‬‬ ‫كتاب الحياة لجدو كريشناموريت‬ ‫الجرمية والعقاب لدوستويفسيك‬

‫‪31‬‬


Official website: http://arabatheistbroadcasting.com/aamagazine Facebook page: https://www.facebook.com/A.A.MagazineOfficial issuu: https://issuu.com/928738 blog: http://aamagazine.blogspot.com

Official website: http://arabatheistbroadcasting.com/aamagazine Facebook page: https://www.facebook.com/A.A.MagazineOfficial :issuu

32


‫رواية فاتنة‬ ‫سام مار‬

‫مختلف‬ ‫بأسـلوب‬ ‫روايـة فاتنـة تحكي قصة‬ ‫ٍ‬ ‫شـخصيات مميزةٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫حوارات تلقي‬ ‫عـن المعتـاد فـي الروايات‪ .‬تبدأ الرواية بمشـاهد‬ ‫ٍ‬ ‫الضـوء علـى تعامـل الشـخصيات مـع مواضيـع يوميـة‪ .‬إلى أن‬ ‫روائيـا‪.‬‬ ‫طابعـا‬ ‫فريـد مـن األحـداث يتخـذ‬ ‫خليـط‬ ‫تتحـول إلـى‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫عالـم آخر‪ ،‬بل على عالمك نفسـه مـن منظو ٍر‬ ‫سـتتعرف علـى‬ ‫ٍ‬ ‫آخـر‪ .‬اختـر مـن تكـون وأيـن‪ ،‬وغ ّيـر التاريـخ فـي المسـتقبل‬ ‫حـي الرمـاد الموحلـة مـع سـالم‬ ‫القريـب‪ ،‬تشـ َّرد فـي أزقـة‬ ‫ّ‬ ‫الصغيـر‪ ،‬أو خـض حر ًبـا ضـروس إلـى جانـب الزيـر المهلهـل‬ ‫وتفنـن فـي االنتقـام مـن الذيـن يرتكبـون خطـأ مواجهتـك‪،‬‬ ‫تحـدى الخنزيـر األكبـر وليـد ومسـاعده الدنـيء يوسـف‪ ،‬تع ّرف‬ ‫حـب مـع مالك المـوت اسـمها دليله‪،‬‬ ‫إلـى امـرأةٍ تعيـش قصـة‬ ‫ٍّ‬ ‫ً‬ ‫فتـاة بارعـة الجمـال وأثره في مختلـف المجتمعات مع‬ ‫أو كـن‬ ‫فاتنـة‪ ،‬واكتشـف كيـف يغ ّيـر الحـب الطاغيـة!‬

‫‪33‬‬


‫رواية فاتنة‬ ‫سام مار‬

‫امللك منرود‪ :‬سنفتح لك مقهى‪ ،‬سيكون واجه ًة فقط‪ ،‬غرفه الخلفية ستكون صاالت قامر يدفع كل مشرتك فيها نسب ًة‬ ‫مسؤول عن ذلك‪ .‬بإمكاننا طب ًعا فعل‬ ‫ً‬ ‫لنا‪ ،‬وكل من ال يلتزم بالقواعد عليه مواجهة قبضة املهلهل الحديدية‪ .‬ستكون‬ ‫نجم صاعد إيل‪ .‬طب ًعا ستحصل عىل نسب ٍة من‬ ‫ذلك بدونك لكن كام أسلفت‪ ،‬أنت صاحب اسم ويهمني أن أضم كل ٍ‬ ‫األرباح‪.‬‬ ‫عرض ال أستطيع رفضه بالفعل‪.‬‬ ‫املهلهل‪ :‬هذا ٌ‬ ‫شاب حكيم أيها املهلهل‪ .‬الصاحب عمر سيطلعك عىل بعض القواعد يف الخارج ثم توقع العقد‪.‬‬ ‫امللك منرود‪ :‬أنت ً‬ ‫املهلهل‪ :‬عقد؟‬ ‫امللك منرود‪ :‬سيطلعك الصاحب عمر عىل كل يشء‪.‬‬ ‫يخرج املهلهل ويذهب إىل غرف ٍة يجلس فيها الصاحب عمر عىل مكتب‪.‬‬ ‫الصاحب عمر‪ :‬أنت محظو ٌظ ج ًدا‪ .‬مل أرى امللك منرود يتعامل مع أحد بهذه الثقة بهذه الرسعة‪.‬‬ ‫خصوصا أن سنك صغري‪.‬‬ ‫ً‬ ‫املهلهل‪ :‬لقد بلغت منذ أعوام طويلة‪.‬‬ ‫يخرج الصاحب عمر خنج ًرا ويغرسه يف مكتبه بقوة‪.‬‬ ‫الصاحب عمر‪ :‬ارضب نفسك يف صدرك‪ ،‬وأقسم بالوالء للملك منرود وحده‪ .‬هذا رمز أنك مستع ٌد أن تطعن نفسك‬ ‫قبل أن تطعن امللك منرود‪.‬‬ ‫املهلهل بدون ترد ٍد يجرح نفسه بالصدر جر ًحا عميقًا‪.‬‬ ‫أهل بك يف أحضان الجامعة!‬ ‫الصاحب عمر بإعجاب‪ً :‬‬ ‫ومرت األيام‪...‬‬ ‫املهلهل‪ ،‬رغم الغضب العارم املختزن يف صدره نتيجة الحياة القاسية التي عاشها‪ ،‬ليس لديه مشكل ٌة مع السلطة‪ .‬هو‬ ‫اعتاد عىل اتباع مايكل‪ ،‬وتعلّم منه أن يستفيد من الفرص‪ .‬عرض امللك منرود كان فرص ًة مل يضيعها املهلهل‪.‬‬ ‫يبدو أن النامريد منظ ّمون أكرث مام كان يتخيل‪ .‬خالل أسبو ٍع باع ما كان ميلك وبدأ العمل يف املقهى‪ .‬قل ٌة من الشباب‬ ‫عمل خط ًريا يف السابعة عرشة يعجز عنه الكثري من الرجال‪ .‬املهلهل اآلن من النامريد‪ ،‬هذا وحده‬ ‫لديهم ال َملَكَة ل ُيديروا ً‬ ‫كفيل بإقناع الزبائن بااللتزام بالقواعد ودفع الخسائر‪.‬‬ ‫كان ً‬ ‫رجل ال يريد أن‬ ‫بعد بضعة أسابيع قضاها املهلهل يراقب فقط‪ ،‬استدعاه صبي الطلبيات إىل إحدى الصاالت‪ :‬هناك ٌ‬ ‫يدفع‪.‬‬ ‫يف لحظ ٍة كان املهلهل هناك‪ :‬هل من مشكلة؟‬ ‫إذا برجلٍ يبدو عليه االضطراب يف زاوية الصالة والرجال اآلخرون يحارصونه‪.‬‬ ‫رجل آخر‪ :‬هذا ال يريد أن يدفع‪ ،‬يف نهاية اللعبة قام بأخذ املال الذي وضعه بعد خسارته وا ّدعى أنه كان يقصد أن‬ ‫يراهن مبئة دوالر وليس ألف‪ .‬هل يرانا مجموع ًة من األغبياء؟ أين هيبة النامريد؟‬ ‫‪34‬‬


‫رواية فاتنة‬ ‫سام مار‬

‫املهلهل ينظر إىل الرجل‪ :‬هل الكالم صحيح؟‬ ‫مسدسا ويشهره عىل املهلهل‪ :‬هل أنت مستعد لتدفع حياتك من أجل ما ٍل ليس لك؟‬ ‫الرجل يخرج‬ ‫ً‬ ‫معظم البرش يرتاجعون يف مواجهة املوت‪...‬لكن املهلهل عاش وهو يتوقع املوت أو األذى معظم حياته‪ .‬يقرتب من‬ ‫الرجل دون ظهور أي خوف أو اضطراب‪ ،‬الرجل مضطرب ج ًدا‪.‬‬ ‫الرجل حامل املسدس‪ :‬سأطلق النار إذا اقرتبت أكرث أقسم بالله!‬ ‫قبل أن يكمل جملته يعاجله املهلهل برضب ٍة ٍ‬ ‫أرضا‪ .‬يدوس املهلهل‬ ‫بكأس زجاجي من عىل الطاولة عىل أنفه تطرحه ً‬ ‫برجله عىل يد الرجل املمسكة باملسدس عدة مرات وت ُسمع طرطقة عظام أصابعه‪ .‬ينهضه املهلهل‪ :‬عندما تشهر‬ ‫رحيم مثيل ويُبقي عىل‬ ‫مسدسا يف املرة القادمة عليك أن تكون مستع ًدا الستعامله‪ ،‬ال تتوقع أن يكون الشخص القادم ً‬ ‫ً‬ ‫مسدسا‪ .‬لكنني أعرف أنك جبان ومل تشكل تهدي ًدا حقيق ًيا‪ ،‬خوفك واضطرابك ميكن ش ّمه‬ ‫حياتك بعد أن تشهر عليه‬ ‫ً‬ ‫من بعد ميل‪ .‬اآلن‪ ،‬هل ستدفع؟‬ ‫الرجل وهو ينزف من أنفه وينئ من أمل يده‪ :‬يا سيدي لدي أوالد واحتاج هذا املال‪...‬‬ ‫يقبض املهلهل عىل رقبة الرجل حتى يكاد يختنق‪ :‬كان يجب أن تفكر بذلك قبل أن تأيت هنا‪ .‬هل تريد املزيد من‬ ‫اإليضاح؟‬ ‫ٍ‬ ‫بصوت مختنق‪ :‬سأدفع فقط اتركني‪...‬‬ ‫الرجل‬ ‫املهلهل‪ :‬عليك دفع ضعف املبلغ‪ ،‬النصف اآلخر سيذهب لنا بدل أرضار وخدمات‪.‬‬ ‫اعف عني‪.‬‬ ‫الرجل‪ :‬حس ًنا أرجوك ُ‬ ‫املهلهل يدعو أحد العاملني لديه‪ :‬من اآلن فصاع ًدا الجميع يتم تفتيشه قبل دخول الصالة‪.‬‬ ‫العامل‪ :‬أمرك سيدي‪.‬‬ ‫املهلهل يشري بإكامل اللعب‪ :‬استمتعوا بوقتكم يا سادة‪.‬‬ ‫مل تحدث أية مشاكلٍ ألشه ٍر طويلة بعد ذلك‪ .‬أخبار نجاح املهلهل وحسن إدارته وصلت امللك منرود‪.‬‬ ‫ينس الرجال الستة الذين كانوا بصحبة معاذ قلب األسد عندما قُتل مايكل‪ .‬النامريد يحتفظون مبا يشبه‬ ‫املهلهل مل َ‬ ‫السجل عن جميع العصابات املنافسة لتقييم خطرها ومدى جدية منافستها أو جدوى تقليم مخالبها أو سحقها كل ًيا‪.‬‬ ‫كعض ٍو فخري برتبة سبع مع اختالف املهامت‪ ،‬يستطيع املهلهل أن يطّلع عىل تلك املعلومات‪ .‬هؤالء الستة كانوا أول‬ ‫أفراد عصابة قلب األسد قبل أن تكرب‪ .‬وكانوا يس ّمونهم باملجلس لذلك كان من السهل معرفة هوياتهم‪ .‬من املؤكد أن‬ ‫ثالثة أفراد منهم قُتلوا‪ .‬أحدهم قتله معاذ بنفسه بتهمة الخيانة‪ ،‬واإلثنان اآلخران قتال يف الحرب مع عصابة الشامل‪.‬‬ ‫الثالثة الباقون ‪ -‬سيئوا الحظ ‪ -‬إثنان منهم ما زاال يف حي الرماد واآلخر شق طريقه واآلن ميلك محل مجوهرات يف‬ ‫حي غني بالعاصمة‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫توسع عمليات القامر ُع ْص َبة تعمل معه عىل «إحالل األمن والقانون» يف صاالت‬ ‫أصبح لدى املهلهل اآلن بسبب ّ‬ ‫القامر املمتلئة فلقد اشرتى األرض املجاورة وضاعف حجم املقهى‪ .‬السبع سامل‪ ،‬أحد أسامئه بني النامريد‪ ،‬يبدأ بقيادة‬ ‫ٍ‬ ‫بطعنات‬ ‫عمليات السطو‪ .‬يقود أول عملية إىل محل مجوهرات من اختياره‪ ،‬يف تلك العملية يقيض صاحب املحل نحبه‬ ‫‪35‬‬


‫رواية فاتنة‬ ‫سام مار‬

‫متفرقة يف جسده ال تصيب أي مناطق قاتلة لكن لكرثتها ينزف حتى املوت قبل وصول اإلسعاف‪.‬‬ ‫الرجل اآلخر من عصابة قلب األسد يلقى حتفه بسبب دخول قضيب حديدي رفيع يف عينه أثناء تناوله لقهوة‬ ‫الصباح!‬ ‫اما الرجل األخري‪ ،‬وهو الذي أمسك بسامل بينام كان يحاول الهرب مام أجرب مايكل عىل العودة إلنقاذه‪ ،‬فقد قىض نحبه‬ ‫ٍ‬ ‫سقوط يف ٍ‬ ‫حوض من ماء النار ظهر بالصدفة يف غرفة نومه‪.‬‬ ‫يف «حادث»‬ ‫دب عىل بطن املهلهل‪.‬‬ ‫يف نفس الوقت ظهرت ثالث نُ ٍ‬ ‫يف الثامنة عرشة‪ ،‬أصبح لدى السبع سامل سيارته الخاصة‪ ،‬وشقته‪ ،‬وأصبح اسم الزير املهلهل‪ ،‬أو السبع سامل ينرش‬ ‫الرعب ألميال‪ .‬مع ذلك‪ ،‬يف الليل‪ ،‬عندما كان يضع رأسه عىل الوسادة‪ ،‬أحيانا كان ما يزال يشعر بالخوف‪ ،‬وكأ ّن سامل‬ ‫الصغري يعود إىل الحياة يف تلك اللحظات‪.‬‬ ‫بتهم صغرية ولكنه كان يخرج بسبب نقص األدلة أو توزيع «الحلوان» عىل الجهاز‬ ‫قُبض عىل املهلهل أكرث من مرة ٍ‬ ‫األمني والقضايئ‪ .‬قضايا القتل كانت ت ُق ّيد ضد مجهول فال يوجد عدد ٍ‬ ‫كاف من األغبياء ليشهدوا ضد النامريد‪.‬‬ ‫املهلهل وبزمنٍ قيايس أصبح «صاح ًبا» يعيش قرب امللك منرود‪ ،‬مام كفل له تدري ًبا عىل مختلف أنواع األسلحة‪ ،‬زيارات‬ ‫مجانية لبيوت الدعارة التي تديرها الشبكة‪ ،‬سلطة عىل «السباع» وميزات أُخرى كثرية‪.‬‬ ‫ارتاد سامل بيوت الدعارة بانتظام‪ .‬متنى لو كان مايكل ما زال ح ًيا ليعلمه عن الحب‪ .‬لقد وعده مايكل أن يفعل ذلك‬ ‫عندما يكرب‪ ،‬لكن مايكل مات‪ .‬لقد مارس الجنس كام يأكل الفقري أي يشء يسد رمقه‪ .‬أحيانا كان يذهب أكرث من مرة‬ ‫يف اليوم الواحد‪ .‬‬ ‫امللك منرود يعيش يف حي الرماد ليبقى قري ًبا من مركز عملياته لكنه يعيش يف ما يشبه القلعة‪ .‬من الخارج تبدو‬ ‫كمجمع سكني كبري بجدرانٍ متسخة ورخيصة كبقية مباين حي الرماد‪ .‬أما من الداخل فحالة البناء ممتازة‪ ،‬ويوجد فيه‬ ‫مكاتب وصاالت وغرف نوم فاخرة وتكنولوجيا حديثة‪.‬‬ ‫رمبا كان سامل يسء الحظ يف ظروفه‪ ،‬لكنه كان محظوظًا يف اإلفالت من املوت‪ .‬كان يندفع إلحقاق مصلحة الجامعة‬ ‫حساب لحياته لذلك كانت شجاعته محط إعجاب النمرود واألصحاب اآلخرين‪.‬‬ ‫دون‬ ‫ٍ‬ ‫تعلم سامل الكثري عن السياسة والسلطة يف األيام التي قضاها مع النمرود‪ .‬مثال تفاجأ أنه كان هناك ما يشبه االتفاق‬ ‫غرب املكتوب بني املسؤولني الرفيعني يف الحكومة والعصابات عىل عدم التعرض لبعضهم البعض عىل أن تبقى‬ ‫العصابات خارج السياسة‪.‬‬ ‫يف نهاية التاسعة عرشة من عمر سامل حاول أحد األصحاب تسميم امللك منرود ولكنه نجا بأعجوبة‪ .‬هذه أول مرة‬ ‫يخون فيها أحد األصحاب امللك منرود‪ .‬سامل اقتص منه بطريق ٍة راقت ج ًدا للملك منرود وشفت غليله‪ .‬بعد ذلك تربع‬ ‫سامل بتذوق طعام امللك منرود قبله‪ .‬يف العرشين من عمر املهلهل أوجد النمرود مرك ًزا جدي ًدا اسمه «ذراع امللك‬ ‫وعي املهلهل به ليصبح رشيكًا معه ومع الصاحب أول ُعمر‪ .‬ازدادت سلطة النامريد وأصبح لديهم ما يشبه‬ ‫األمين» ّ‬ ‫الجيش املسلح‪ .‬اقرتح املهلهل جزا ًء لكل من يحارب النامريد أن تقطع يده وتقلع عينه قبل قتله‪ ،‬االقرتاح أعجب امللك‬ ‫‪36‬‬


‫رواية فاتنة‬ ‫معمول به‪ .‬الكثري من الشباب الفقراء يف حي الرماد انضموا إىل التنظيم‪.‬‬ ‫ً‬ ‫منرود وصار‬

‫سام مار‬

‫أصبح املهلهل يرتبع عىل بعد خطو ٍة واحدة من قمة الهرم اإلجرامي يف حي الرماد وبالتايل يف العاصمة كلها‪ .‬كلام مر‬ ‫الوقت أصبح سامل يف داخله أضعف واملهلهل أقوى!‬ ‫وهكذا كلام زاد املال والسلطة كلام نقص اهتامم املهلهل بقيمة حياة اآلخرين‪ .‬لكنه مل يعرف يف ذلك الوقت أن‬ ‫متاعبه مل تنت ِه‪...‬مل تنت ِه عىل اإلطالق‪.‬‬ ‫تقرر فاتنة الرد عىل رسالة جميل وقصيدته برسالة‪ :‬مل أكن أعرف أنك شاعر‪ ،‬تو ّدعني بقصيدة؟‬ ‫جميل يتصل‪ :‬أنا ال أو ّدعك‪ ،‬بل أريد إقناعك بالبقاء‪ .‬الغرب ليس جن ًة كام تظنني‪.‬‬ ‫فاتنة‪ :‬لو كنت أريد الجنة لتزوجتك‪.‬‬ ‫جميل‪ :‬إن ِ‬ ‫كنت ترين الزواج يب جنة فامذا تنتظرين؟‬ ‫فاتنة‪ :‬رمبا ألن الجنة يجب أن تأيت بعد الحياة‪.‬‬ ‫جميل‪ :‬ستتزوجينني بعد أن منوت؟‬ ‫فاتنة‪ :‬ال‪ ،‬بعد أن نعيش‪ ،‬جميل أنا مل أبلغ ال‪ ٢٢‬بعد‪.‬‬ ‫جميل‪ :‬ما الذي تريدينه من السفر؟ الغربة مليئة باملصاعب‪.‬‬ ‫فاتنة‪ :‬أنت نفسك درست يف الخارج‪.‬‬ ‫جميل‪ :‬لذلك أقول لك إنها ليست جنة‪.‬‬ ‫فاتنة‪ :‬دعني أعرف عذاب الحياة ألعرف ما هي الجنة‪ .‬لو ُولدنا يف الجنة ملا حلمنا بها!‬ ‫جميل‪ :‬عنيدة‪.‬‬ ‫فاتنة‪ :‬جميل‪ ،‬ال تقل شيئًا ألهلك عندما أعيد لك الخاتم‪ .‬قل لهم أنك مللت مني وتركتني‪.‬‬ ‫جميل‪ :‬لكنني لن أتركك! هل سترتكينني ِ‬ ‫أنت؟‬ ‫فاتنة‪ :‬أنا مسافرة وال أعرف ما سيحدث‪ .‬لن أقاطعك لكن ليس من العدل ربطك يب وأنا ال أعرف ما سأفعل‪.‬‬ ‫جميل‪ :‬قابليني غ ًدا أريد رؤيتك‪.‬‬ ‫فاتنة‪ :‬ملاذا؟‬ ‫جميل‪ :‬ألسرتجع الخاتم امل تقويل أنك تريدين إعادته؟‬ ‫فاتنة‪ :‬حس ًنا‪..‬‬ ‫طابق كامل‪.‬‬ ‫يتقابل جميل وفاتنة يف مقهى العاصمة‪ ،‬لكن جميل قام بحجز ٍ‬ ‫فاتنة‪ :‬ملاذا فعلت ذلك؟ أنت تعرف متا ًما ردة فعيل عىل هذه الحركات‪.‬‬ ‫‪37‬‬


‫رواية فاتنة‬ ‫سام مار‬

‫جميل‪ :‬تعرفني أنني لست هنا السرتجاع الخاتم‪.‬‬ ‫فاتنة‪ :‬أعرف‪.‬‬ ‫جميل‪ :‬وتعرفني ماذا أريد‪.‬‬ ‫فاتنة‪ :‬أعرف‪.‬‬ ‫جميل‪ :‬السؤال هو‪...‬هل تعرفني أنني أعرف ما تحاولني فعله؟‬ ‫فاتنة تناوله الخاتم‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫فشلت‪.‬‬ ‫جميل‪ :‬توقفي عن التمثيل‪ ،‬لقد‬ ‫ميسك يدها ويلبسها الخاتم‪.‬‬ ‫فاتنة‪ :‬جميل أرجوك‪.‬‬ ‫يقبلها عىل فمها ‪...‬تضعف فاتنة وتقبله‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫فهمت؟‬ ‫جميل‪ :‬أنت يل‪ ،‬هل‬ ‫فاتنة‪ :‬فهمت‪...‬‬ ‫يقبلها مرة ثانية بقوة‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ذهبت إىل املريخ ستبقني يل!‬ ‫جميل‪ :‬لو‬ ‫فاتنة‪ :‬وماذا عن املسافة؟‬ ‫جميل‪ :‬يف الحب املسافة الوحيدة املهمة هي املسافة بني القلوب يا فاتنة‪ ،‬كم من اثنني يعيشان يف ٍ‬ ‫بيت واحد‬ ‫وقلوبهم أبعد عن بعضهام من طريف املجرة‪.‬‬ ‫فاتنة‪ :‬كيف أعرف أنك تح ّبني؟‬ ‫جميل‪ :‬كل ما فعلته وتسألني هذا السؤال؟‬ ‫فاتنة‪ :‬جميل مل ِ‬ ‫وقت طويل عىل عالقتنا‪.‬‬ ‫ميض ٌ‬ ‫جميل‪ :‬ستعودين لكالم الفرق بني الحب والهوس‪ ،‬عىل حساباتك ال يوجد حب‪ .‬أعطني مثالً عىل الحب!‬ ‫فاتنة‪ :‬قيس بن امللوح وليىل العامرية حب وهوس‪.‬‬ ‫جميل‪ :‬تعنني أن الحب ال يخلو من الهوس؟‬ ‫صمم األمان من اذى الهوس‪.‬‬ ‫فاتنة‪ :‬رمبا‪...‬لكن الحب هو َ‬ ‫جميل‪ :‬كيف تعرفني أن قيس كان يحب ليىل؟‬ ‫فاتنة‪ :‬العامل األهم هو الزمن‪.‬‬ ‫جميل‪ :‬وضحي يل‪.‬‬ ‫فاتنة‪ :‬رغم فراقهام‪...‬يقول قيس‪:‬‬ ‫وشب بنو ابنها‪...‬ونريان ليىل يف فؤادي كام هيا‬ ‫وشب بنو ليىل َّ‬ ‫َّ‬ ‫الحظ أن املوضوع ليس متلكًا أنان ًيا فحسب فهي لها أبناء من غريه‪.‬‬ ‫‪38‬‬


‫رواية فاتنة‬ ‫سام مار‬

‫أيضا‪:‬‬ ‫جميل‪ :‬ويقول ً‬ ‫فام طلع الفجر الذي يهتدى به‪...‬وال الصبح إال هيجا ذكرها ليا‬ ‫وال رست ميال من دمشق وال بدى‪...‬سهيل ألهل الشام إال بدى ليا‬ ‫فاملسافة‪ ،‬وحتى يف ذلك الوقت بدون اتصاالت مل تؤثر يف الحب وذلك يثبت نقطتي‪ .‬عىل كلٍ أكميل‪.‬‬ ‫فاتنة‪ :‬ال‪ ،‬هذا يكفي‪ ،‬فليخضع هذا الحب الختبار أعتى اعداء الحب‪ ،‬الزمن واملسافة‪.‬‬ ‫مبتسم‪ :‬أول اعرت ٍ‬ ‫اف رصيح بحبك يل‪.‬‬ ‫جميل‬ ‫ً‬ ‫يحمر وجه فاتنة‪.‬‬ ‫جميل يض ّمها وينظر يف عينيها‪ :‬قوليها!‬ ‫فاتنة‪ :‬لقد قلتها لك مرات كثرية‪.‬‬ ‫جميل‪ :‬ال‪ ،‬ليس بلغة العيون‪ ،‬أريد أن أسمعها منك‪.‬‬ ‫فاتنة‪ :‬أحبك‪...‬‬ ‫أيضا أحبك‪.‬‬ ‫جميل‪ :‬وأنا ً‬ ‫تبتسم فاتنة‪.‬‬ ‫جميل‪ :‬كتبت لك قصيدة وداع ليلة االمس أريد أن اقرأها لك وج ًها لوجه‪.‬‬ ‫فاتنة‪ :‬أال يكفي أمل الفراق؟ ملاذا ت ُّسعر نرياين وتزيد جرحي وتوق ُظ أحزاين؟‬ ‫ِ‬ ‫اعرتفت يل بحبك بوضو ٍح اليوم فقط؟‬ ‫جميل‪ :‬قويل يل أولً ‪ ،‬ملاذا‬ ‫ٍ‬ ‫بصوت أعىل من الكلامت‪ .‬احرتامك لرغبتي فوق رغبتك فيه‬ ‫فاتنة‪ :‬ألنك تقبلت سفري‪ ،‬كام يقال الترصفات تتحدث‬ ‫من التضحية ما يجعلني أرى حبك‪...‬ذلك الترصف فيه حب أكرث من إهدايئ ذهب العامل‪.‬‬ ‫جميل‪ :‬أحبك كث ًريا‪.‬‬ ‫ايضا‪...‬‬ ‫فاتنة‪ :‬وأنا ً‬ ‫جميل‪ :‬اسمعي ماذا كتبت‪...‬‬ ‫يه ُم جميل بإلقاء قصيدته‪.‬‬ ‫تقاطعه فاتنة‪ :‬ال‪...‬أرسلها يل ألقرأها وحدي يف الطائرة ال أريد أن تراين باكية قبل الفراق‬ ‫يستجيب جميل‪ ،‬يف ذلك املساء تبقي فاتنة عىل الخاتم يف يدها وتكتب يف دفرتها الرسي‪:‬‬ ‫دالل‬ ‫مل أكن اعرف أن الحب يجعل بعض أنواع الخضوع ً‬ ‫األم تنادي‪ :‬فاتنة‪ِ ،‬‬ ‫لديك زائر‪ ،‬ترددت قبل أن أسمح له بالدخول‪.‬‬ ‫أبو صابر‪ :‬أنا هنا لوداعك يا بنتي‪.‬‬ ‫فاتنة‪ :‬كم أنت طيبة يا أمي‪ ،‬سيد أبو صابر لقد تأخرت كث ًريا ج ًدا وفاتك القطار‪.‬‬ ‫‪39‬‬


‫رواية فاتنة‬ ‫سام مار‬

‫أبو صابر‪ :‬هكذا يا بنتي؟‬ ‫فاتنة‪ :‬أجل هكذا‪ ،‬األشخاص من نوعك ال أمل لهم‪ .‬أنت بشع من الداخل‪ ،‬مشوه وال يوجد يشء مبكن أن يج ّملك‪ ،‬اآلن‬ ‫اغرب عن وجهي‪.‬‬ ‫أبو صابر يغضب ويهم بالشتم‪ ،‬لكنه يتذكر جميل‪ :‬الله يرىض ِ‬ ‫عليك‪.‬‬ ‫فاتنة‪ :‬ال أريد رضا اإلله الذي تتبعه أنت‪.‬‬ ‫يغادر أبو صابر‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫قسوت عليه وقد جاء ليو ّدعك‪.‬‬ ‫األم‪:‬‬ ‫فاتنة‪ :‬مل ِ‬ ‫يأت ليو ّدعني بل للتظاهر بدعمي اآلن ليك ال يرى نفسه مهزو ًما‪ .‬مل أكن ألعطيه ذلك الشعور بعد كل ما‬ ‫فعله‪.‬‬ ‫يف املطار بعد وداع الجميع‪ ،‬وبعد أن تصعد فاتنة إىل الطائرة تصلها رسال ٌة من جميل‪ ،‬إنها القصيدة‪:‬‬ ‫رضا‪...‬يو ّدع آخر ٍ‬ ‫أنفاس ويُحصيها‬ ‫و ّدعتها كام لو كنت محت ً‬ ‫وعيناي شاخصتان بلحظيها‪...‬خوف أن ال تكتحال بع ُد بعينيها‬ ‫من فارق الروح يوما لن يلومني‪...‬فاملوت هان عيل بعد غيبتها‬ ‫استحلف العم َر أن سوف يجمعني‪...‬بها أو أن ينقصني ويعطيها‬ ‫ق ّبلتُها فتهاوت ُدنياي من قواعدها‪...‬هل من قبل ٍة أخرى يو ًما ستبنيها‬ ‫تركت بني أيديها‬ ‫استود ُع قلبي طيفًا يرافقها‪...‬اتعل ُم ماذا ُ‬ ‫كأسا يدوخني‪...‬ودوخني خم ٌر من كأيس اسقيها‬ ‫ُ‬ ‫أثقلت يف حبها ً‬ ‫قد تيمت قلبي يف عشقها سه ًرا‪...‬كام س ّهرت عبلة عنرتة يراضيها‬ ‫قيس بليىل لياليها‬ ‫أفرطت يف حبها عشقًا يلوعني‪...‬كام ل ّوعت ٌ‬ ‫كل العشيقات ُسمني أسام ًء‪...‬لو بان لحظك للعشاق يُنسيها‬ ‫و ّدعتها ودمع العني مل يو ّدعني‪...‬بل أمطرت قلبي دمعاتٌ أُداريها‬ ‫هل يعرف القد ُر ما جرم ُه معنا‪...‬هل ُ‬ ‫تعرف الدنيا ما اقرتفت أياديها‬ ‫ُ‬ ‫فيرتك املر ُء يف الدنيا حبيبته‪...‬التي قىض عمره حاملًا فيها‬ ‫اليوم منتظ ًرا‪...‬من األقدار يو ًما أن يُالقيها‬ ‫فيقيض اليو َم بعد ِ‬ ‫تبيك فاتنة…وتبيك‬ ‫‪40‬‬


‫رواية فاتنة‬ ‫سام مار‬

‫بينام تبدأ الطائرة باالستعداد لإلقالع‪...‬مير رشيط حياة فاتنة أمام عينيها‪...‬طفولتها‪ ،‬أخواتها‪ ،‬أمها‪ ،‬كفاحها‪ ،‬وآخر جمل ٍة‬ ‫قالتها لها أمها يف املطار» اذهبي وانجحي واجعليني فخور ًة بك أكرث»‪.‬‬ ‫ثم جميل‪...‬وقصيدته‪...‬مل تتوقع فاتنة أن يكون جميل رقيقًا هكذا من الداخل‪ .‬تقفز يف رأسها فكرة ترك الطائرة‬ ‫والركض إىل املطار كام يف األفالم الرومانسية‪ .‬ثم تتالىش الفكرة‪ ،‬شعور فاتنة غريب‪ ،‬هي ترتك كل يشء تعرفه وراءها‪،‬‬ ‫إىل أرض جديدة وعامل جديد‪ .‬ألول مرة ستكون وحيدة‪ ،‬فخالها أسعد يسكن يف والية غري التي ستذهب إليها فاتنة‪.‬‬ ‫لسبب ما‬ ‫قبل أن ت ُطفئ فاتنة هاتفها‪ ،‬تصلها رسالة من أبو صابر «أرجو أن تسقط بك الطائرة أيتها االبنة العاقة»‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫تبتسم فاتنة‪ ،‬رمبا شجعتها الرسالة عىل قرارها بالسفر‪ .‬ترسل رسالة «أحبك» إىل جميل‪ .‬ورسالة «أحبكم» إىل أمها‬ ‫وأخواتها ثم تُطفئ هاتفها‪ .‬تندفع الطائرة عىل املُدرج‪...‬‬ ‫يف نفس تلك اللحظات‪ ،‬يف الدولة املجاورة التي متزقها الحروب‪ ،‬يدخل املهلهل للقاء أمري جيش تحرير العراق والشام‬ ‫من الكرد واملجوس ‪-‬جتعشكم‪ .‬يتفاجأ املهلهل واألمري م ًعا عندما يتقابالن‪...‬فهذه ليست أول مرة يتقابالن فيها‪.‬‬ ‫بتبــع يف العدد القادم‪...‬‬

‫‪Facebook: https://www.facebook.com/theblackducks‬‬ ‫‪YouTube: http://www.youtube.com/channel/UCZPNmgRuJExL6k3QBDsX-VA‬‬ ‫‪/twitter: https://twitter.com/eskandarany‬‬

‫‪41‬‬


‫عتبي عليك صديقي‬ ‫امللحد جـ ‪1‬‬ ‫سامل الدليمي‬

‫الحبيب وزاد يف هجراين ‪ ...‬وجنى عيل وقال أنت الجاين‬ ‫ص ّد‬ ‫ُ‬ ‫كــل قـضـيــ ٍة إثـنـان‬ ‫يل يف محبّتكم شهو ٌد أربـ ٌع ‪ ...‬وشـهــود ّ‬ ‫ُ‬ ‫ونحـول جسمي وانعـقـا ُد لساين‬ ‫خفقان قلبي واضطراب جوانحي ‪...‬‬ ‫فرض من الصالة‪ ،‬انتهى صديقي إىل أنه فقد إميانه‬ ‫يل‬ ‫طيب حنو ٌن ومؤ ّد ٌب وكان ال يفوته ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫صديق ملح ٌد دمث األخالق ٌ‬ ‫التحل مبثلها‪.‬‬ ‫واحتفظ بأخالقه الرفيعة التي مت ّنيت ّ‬ ‫صديقي هذا ي ّدعي أن اإلسالم من بعد حادثة (اإلفك) التي طالت أم املؤمنني عائشة (رض)صارت نصوصه (املق ّدسة‬ ‫عندي) تش ّجع عىل الزنا نها ًرا جها ًرا!؟‬ ‫‪42‬‬


‫عتبي عليك صديقي‬ ‫امللحد جـ ‪1‬‬

‫سالم الدليمي‬

‫سمع مني صديقي تلك األبيات فأعجبته وقال سأع ّرج عليها بعد أن تسمع مني أبيات الفخر تلك‪:‬‬ ‫توسـط عندنـا ‪ ...‬لنا الصدر دون العالـمني أو القرب‬ ‫أنـاس ال ّ‬ ‫ونحن ٌ‬ ‫تـهون علينا يف املعايل نفوسنـا ‪ ...‬ومن يخطب الحسناء مل يغله املهر‬ ‫مباذا تتفاخرون!؟ ال أدري! هكذا أنتم املسلمون العرب‪ ،‬أو عىل األقل هكذا غرس شيوخكم املُع ّممني برؤوسكم‪ ،‬بأ ّن‬ ‫فضلكم عىل البرشية جمعاء وسلفكم الذي تأيت كلمة (الصالح) مرادف ٌة له دو ًما‪ ،‬هم خرية ما أنجبت البرشية وما‬ ‫الناس اليوم ّإل مارقني باطلني يف غالب حياتهم اليومية‪ ،‬حتى جاءت الشبكة العنكبوتية وافتضح املستور‪.‬‬ ‫•قلت‪ :‬يا صديقي ليتها مل تأيت‪ ،‬فكم اعترصنا األمل ونحن نقرأ التاريخ املُخزي لهذا السلف املُفرتض أن يكون صال ًحا‬ ‫فعل‪...‬كان ذلك بفضلكم رغم أين أختلف معكم كث ًريا يف إلحادكم لك ّنكم كنتم أكرث ثقاف ًة ديني ًة وأكرث جرأ ًة م ّنا‬ ‫ً‬ ‫فكشفتم لنا زيف حقائقنا (الثابتة) وأزلتم ألوانًا زاهي ًة زيّن بها فقهاؤنا وجو ًها كثري ًة شديدة القبح يف تاريخنا‬ ‫وقسمونا مذاهب وملل وعاشوا عىل فرقتنا متن ّعمني‪.‬‬ ‫اإلسالمي‪...‬هؤالء الشيوخ ك ّرهونا ببعضنا ّ‬ ‫ٍ‬ ‫خطوط حمر‪،‬‬ ‫سأكتب لكم سلسل ًة من حوارايت مع هذا الصديق امللحد أتناول بها ما فضحه يل من املستور‪ ،‬وبال‬ ‫فالباحث ال يعرف حدو ًدا متنعه عن معرفة الحقائق‪ ،‬وليقل ما يقوله عني اخويت الق ّراء‪...‬وسأبدأ اليوم موضو ًعا تناوله‬ ‫الكثريون لكنهم وقفوا عند الخطوط الحمر خائفني أوالله أعلم ملاذا فهو مس ّبب األسباب‪.‬‬ ‫•قال صديقي‪ :‬لنعد ألبيات العشق التي ذكرتها ولنأخذ موضو ًعا دار حوله لغ ٌط كث ٌري ثم طُمست معامله برباء ٍة‬ ‫إلهيـــة‪ ،‬سامل يا صديقي هل تحرتم عقلك حني يدلّك عىل استنتا ٍج منطقي؟‬ ‫•بالطبع نعم‪ .‬رشيطة أن يستند االستدالل إىل ثوابت‪.‬‬ ‫•هل نتفّق أن يكون القرآن مرج ًعا لثوابتك؟‬ ‫•نعم بالتأكيد إنه كذلك‪.‬‬ ‫•طيب أعطني أذنيك وعقلك م ًعا‪.‬‬ ‫•هههههه أذناي وعقيل معك ولك إن شئت قطعتهام لك وبقيت أجدع‪ ،‬أنت تستاهل يا صديقي الطيّب‪.‬‬ ‫•قال‪ :‬سأبدأ معك من قضية الشهود باإلسالم فهي كالبيتني الشعريني الاليئ أسمعتني إيّاهام يتطلّب فيهام أكرث من‬ ‫شاهدي إثبات‪.‬‬ ‫•بادرته القول‪ :‬نحن نحتاج لشاهدين إلثبات دعوانا مهام كان شكلها وموضوعها‪ ،‬فنحن املسلمون ورثنا ديننا عن‬ ‫أسالفنا فوجدنا قضية الشهود موث ّق ًة ٍ‬ ‫بنص قرآين‪ ،‬فاآلية ‪ 282‬من سورة البقرة {واستشهدوا شهيدين من رجالكم فإن‬ ‫تضل إحداهام فتذكّر إحداهام األخرى} هذا ما عرفناه‬ ‫فرجل وامرأتان م ّمن ترضون من الشّ هداء أن ّ‬ ‫مل يكونا رجلني ٌ‬ ‫‪43‬‬


‫عتبي عليك صديقي‬ ‫امللحد جـ ‪1‬‬

‫سالم الدليمي‬

‫من القانون اإلسالمي والذي ال يزال ساريًا يف محاكم دولنا اإلسالمية حتى تلك الساعة‪ ،‬فلو جئتني م ّدع ًيا غري ذلك عىل‬ ‫اإلسالم لحاججتك بتلك اآلية لتعرف أننا املسلمني ال نفرتي كذبًا عىل أحد وال نحكم إلّ بالح ّجة والب ّينة‪.‬‬ ‫•ارتسمت عىل مح ّيا صديقي عالمات الظفر وكأنني أوقعت نفيس يف مأزقٍ كبري‪ ،‬ابتسم يل ليطأمنني وقال‪ :‬هل أنت‬ ‫واثق من كالمك؟؟‬ ‫ٌ‬ ‫قائل‪:‬‬ ‫•قلت والثقة متألين‪ :‬نعم ولن أتراجع عن قويل وعن النص القرآين‪ ،‬فتابع هو ً‬ ‫•كم هم شهود الحادثة التي تس ّمونها بحادثة اإلفك التي تح ّدثت عن زنا عائشة بنت أيب بكر مع صفوان بن املعطّل؟‬ ‫ال أخفيكم ارتابني ّ‬ ‫الشك يف دقّة معلومايت فقلت ال أعرف بالضبط لكنني أعرف أن الصحايب الجليل عبد الله بن أيب‬ ‫بن سلول الخزرجي الذي كان سي ًدا من أعيان قومه هو أول من أثار القضية‪...‬فأضاف صديقي يقول‪:‬‬ ‫•ال تتعب نفسك سأخربك بالباقي فهم أربعة شهو ٍد أي أكرث مام تطلبون إلثبات الجرم‪ ،‬إضاف ًة البن سلول كان هناك‬ ‫ورجل ثالث هو مسطح بن أثاثة هذا الصحايب الذي شهد بد ًرا‪ ،‬ورابعتهم كانت حمنة‬ ‫حسان بن ثابت ٌ‬ ‫شاعر النبي ّ‬ ‫بنت جحش‪.‬‬ ‫يل‪ :‬طيب يا صديقي عىل العموم شك ًرا لإليضاح لكن هل ذكر مؤ ّرخونا املسلمون أسامئهم؟؟‬ ‫•قلت واالرتباك با ٍد ع ّ‬ ‫قال‪:‬‬ ‫•نعم لكن دعك اآلن من هذا وقل يل يا سامل ماذا كان عذر عائشة الذي ق ّدمته لتأ ّخرها عن قافلة الجيش املح ّمدي؟‬ ‫•فرحت أنني أعرف اإلجابة فقلت‪ :‬قرأتها منذ أيام‪ ،‬يف صحيح البخاري – املغازي – حديث اإلفك عىل لسان أم‬ ‫املؤمنني عائشة قولها (رض) ‪« :‬كان رسول الله صىل الله عليه وسلم إذا أراد سف ًرا أقرع بني نسائه فأيّته ّن خرج سهمها‬ ‫فلم كانت غزوة بني املصطلق خرج سهمي عليه ّن فارتحلت معه فخرجت مع رسول الله‏‏صىل الله‬ ‫خرج بها معه‪ّ ،‬‬ ‫عليه وسلم‏‏بعد ما أنزل الحجاب فكنت أحمل يف‏‏هودجي‏‏وأنزل فيه فرسنا حتى إذا فرغ رسول الله‏‏صىل الله‬ ‫عليه وسلم‏‏من غزوته تلك وقفل دنونا من‏‏املدينة‏‏قافلني آذن ليلة بالرحيل فقمت حني آذنوا بالرحيل فمشيت‬ ‫حتى جاوزت الجيش فلام قضيت شأين أقبلت إىل رحيل فلمست صدري فإذا عق ٌد يل من‏‏جزع‏‏ظفار‏‏قد انقطع‬ ‫فرجعت فالتمست عقدي فحبسني ابتغاؤه‪ ،‬قالت وأقبل‏‏الرهط‏‏الذين كانوا يرحلوين فاحتملوا‏‏هودجي‏‏فرحلوه‬ ‫عىل بعريي الذي كنت أركب عليه وهم يحسبون أين فيه وكان النساء إذ ذاك خفافًا مل‏‏يهبلن‏‏ومل يغشهن اللحم إمنا‬ ‫يأكلن‏‏العلقة‏‏من الطعام فلم يستنكر القوم خفّة الهودج‏حني رفعوه وحملوه وكنت جاري ًة حديثة الس ّن فبعثوا‬ ‫الجمل فساروا ووجدت عقدي بعدما استم ّر الجيش فجئت منازلهم وليس بها منهم دا ٍع وال مجيب‏‏فتي ّممت‏‏منزيل‬ ‫‏‏الذي كنت به وظننت أنهم سيفقدوين فريجعون إ ّيل فبينا أنا جالس ٌة يف منزيل غلبتني عيني فنمت وكان‏‏صفوان بن‬ ‫املعطّل السلمي ثم الذكواين‏‏من وراء الجيش فأصبح عند منزيل»‪.‬‬ ‫ضحك صديقي وكأنه يخبئ يل مفاجأ ًة وقال‪:‬‬ ‫•يا سالم‪..‬نبيّكم يستخدم األزالم لتقع القرعة عىل إحدى نسائه التسعة أمل يعد قرآنه األزالم حرا ًما يف اآلية ‪ 90‬من‬ ‫عجيب أمر إميانكم األعمى يا سامل‪ ،‬أنا كنت منصتًا لروايتك املنقولة ع ّمن تسمونها أم املؤمنني وقد‬ ‫سورة املائدة !؟‬ ‫ٌ‬ ‫‪44‬‬


‫عتبي عليك صديقي‬ ‫امللحد جـ ‪1‬‬

‫سالم الدليمي‬

‫أشارت إىل وصف عقدها بوصفه «من جزع ظفار!» نعم إنه من املدينة اليمنية ظفار‪ ،‬والجزع إذا كنت ال تعرف يا‬ ‫سامل هو عق ٌد من ح ّب ٍ‬ ‫ات سوداء فيها عروق بيضاء‪.‬‬ ‫إذًا يا سامل كان عقد عائشة الذي انقطع يف الصحراء من ” جزع ” وهو أسود فيه ٌ‬ ‫عروق بيضاء‪ ،‬يعني أكرثيته لونه‬ ‫أسود! هل تعقل كيف ميكن لهذه الفتاة أن تعود لتبحث عن حبّات ٍ‬ ‫عقد أسود‪ ،‬انترثت عىل رمال الصحراء يف ليل ٍة‬ ‫حالكة الظالم!؟‬ ‫ال تحرج نفسك يا سامل للبحث عن تفسري لكن هل تعقل أن جيشً ا كب ًريا عائ ًدا من غزوة بني املصطلق يختفي هكذا‬ ‫أي أثر‪..‬ومل تسمع وال حتّى من ٍ‬ ‫أي ٍ‬ ‫صوت‬ ‫بعيد ّ‬ ‫بلمح البرص حسب زعمها لدرجة أنها ملّا عادت مل تعرث للجيش عىل ّ‬ ‫لتح ّرك أو ٍ‬ ‫صوت لبعري أو لدابّ ٍة أو للرجال املُنادين بالتح ّرك؟؟‬ ‫هل كانوا يستقلّون الفرياري والجاكوار يا سامل ليختفوا مبثل تلك الرسعة؟؟ إنهم عىل جامل وحمري وخيول و فيهم‬ ‫ثقيل يحمل غنامئًا‬ ‫ثقيل وبطيئًا‪ ،‬فالجيش ٌ‬ ‫أناس راجلة‪ ،‬املنطق والعقل يقول أن عودتهم من غزوة سيكون سريهم فيها ً‬ ‫ومتا ًعا وأسالبًا وسبايا بني املصطلق (ومن بينه ّن املسكينة بنت سيد قومها جويرية التي أخذها نب ّيك لنفسه) هؤالء‬ ‫ليل بتثاقل‪ ،‬مشّ يها عىل غريي يا سامل هههههه ‪.‬‬ ‫حتم سيسريون ً‬ ‫ً‬ ‫•بقيت صامتًا منصتًا حائ ًرا أمام حججه التي بدت معقول ًة ج ًدا بينام تابع هو يقول‪:‬‬ ‫مصيبتكم أنكم ال تسمعون سوى أصواتكم وال تستخدمون عقولكم يف فحص األخبار‪ ،‬هل قرأت كتاب التفكري الواضح‬ ‫للكاتب اإلنجليزي روتشليس؟؟ اقرأه وستتعلّم منه الكثري يف طريقة التفكري السليم وكيفية استخالص الحقائق من‬ ‫األخبار ‪.‬‬ ‫•قلت‪ :‬دعك مني ومن حكاية العقد األسود و ُعد يب إىل سؤالك األول عن أهمية عدد الشهود‪.‬‬ ‫•قال‪ :‬حس ًنا صديقي ال تستعجل‪ ،‬ذكرتُ لك أن شهود موضوع عائشة والصحايب ابن املعطّل كانوا أربعة ‪ -‬ثالثة رجال‬ ‫وامرأة‪ ،‬فلامذا مل يعتمدهم نبيّك ويقيم حد الجلد عىل الزناة !!؟‬ ‫هل ألن الصحايب‏عبد الله بن أيب ابن سلول كان ذا سطو ٍة وسي ًدا يف قومه؟ ملاذا سكت ومل يقل شيئًا ضد رجل اتهم‬ ‫ٍ‬ ‫وانتهاك لحقوق الغري‪،‬‬ ‫إثم‬ ‫مم اقرتفت يداه هو من ٍ‬ ‫زوجته بالزىن!؟ ال تنحرج‪ ،‬فليس لإلنسان أن يستشعر اإلحراج إالّ ّ‬ ‫ميم صامتة قبل اسمك‪ ،‬فيجدر بنا أن نس ّميك (مسامل)‪ ،‬ال تخجل من محاباة نب ّيك فأنا‬ ‫وأنا أعرفك يا سامل تخفي ً‬ ‫سأخربك السبب‪.‬‬ ‫بعضا حتى أن‬ ‫لقد كان البن سلول مكان ًة بني قومه‪ ،‬لدرجة أن الصحابة قد انقسموا فريقني بسببه وكادوا أن يقتلوا ً‬ ‫موض ًحا الفضيحة التي بدأت تنترش ومل يجرؤ أن يذكر اسمه‬ ‫نب ّيك مل يذكر اسم ابن سلول حني خطب يف املسلمني ّ‬ ‫رصاحة‪ ،‬حني قام يف املسجد وكادت أن تقوم معركة بني أنصار بن أيب سلول من الخزرج ومناوئيهم من األوس‪.‬‬ ‫الحظ النعومة يف كالم نب ّيك‪« :‬من يعذرين من رجلٍ بلغني أذاه يف أهيل» وبعد حدوث املشاجرة سكت وتناىس حدود‬ ‫الله يف قرآنه‪{ ،‬تلك حدود اللّه فال تعتدوها ومن يتع ّد حدود اللّه فأولـئك هم الظّاملون } سورة البقرة اآلية ‪229‬‬ ‫وتلك حدود اللّه ومن يتع ّد حدود اللّه فقد ظلم نفسه}سورة الطالق اآلية األوىل‬ ‫‪45‬‬


‫عتبي عليك صديقي‬ ‫امللحد جـ ‪1‬‬

‫سالم الدليمي‬

‫هل خاف نب ّيك سطوة ونفوذ ابن أيب سلول فلم يقم عليه الحد!! وإذا كان الخوف ليس من شيم األنبياء‪ ،‬فكيف به‬ ‫وهو سيد األنبياء وسيد كل الخلق كام تزعمون !؟‬ ‫لدي املرسلون} سورة النمل اآلية ‪10‬؟؟‬ ‫أمل يقل القرآن‪ّ :‬‬ ‫}إن ال يخاف ّ‬ ‫نب ّيك هذا جلد الثالثة اآلخرين ألنهم أضعف من ابن أيب سلول‪:‬‬ ‫‪ -1‬حسان بن ثابت شاعره الخاص الذي كان يهجو أعداءه‪.‬‬ ‫أيضا‪.‬‬ ‫‪ -2‬حمنة بنت جحش؛ بنت حام محمد جحش! وابنة عمته ً‬ ‫‪ -3‬مسطح بن أثاثة؛ الصحايب الذي شهد بد ًرا‪.‬‬ ‫أمل يقل القرآن يف سورة النساء اآلية ‪{ 58‬وإذا حكمتم بني ال ّناس أن تحكموا بالعدل}؟‬ ‫فنبيّك إمنا ترك إقامة الحد عىل ابن أيب سلول استئالفًا لقومه واحرتا ًما البنه‪ ،‬وإطفا ًء لثائرة الفتنة املتوقّعة من ذلك‪،‬‬ ‫وقد ظهرت مبادئها من سعد بن عبادة ومن قومه؛ كام جاء يف صحيح مسلم الذي تعتمدون أخباره يا سامل وكأنه‬ ‫قرآنكم الثاين‪.‬‬ ‫هناك ترقي ٌع آخر يرويه الطحاوي يف كتابه حيث يذكر‪« :‬قال علامؤن‏ا‪.‬‏ وإمنا مل يُحد عبدالله بن أيب سلول ألن الله تعاىل‬ ‫نقصا من عذابه يف اآلخرة وتخفيفًا عنه»‪.‬‬ ‫قد أع ّد له يف اآلخرة عذابًا عظيامً؛ فلو ح ّد يف الدنيا لكان ذلك ً‬ ‫وكأ ّن علامء شيخكم الطحاوي قد أخربهم الله مبا أع ّده البن سلول‪ .‬أال ترى كم هي واهي ٌة حجج الرتقيع هذه!؟ طيب‬ ‫يا سامل ملاذا إذًا يعاقب القاتل بالقتل باإلسالم إذا كانت العقوبة ستنقص من عقاب الخالق يوم الحساب؟؟‏ ‪.‬‬ ‫سأعطيك حادثة زنا أخرى يف نساء نب ّيك وأترك لك املقارنة بني ال ُحكمني‪.‬‬ ‫أولً ال تقل أنك ال تعرف تهمة زىن رسيّة نب ّيك ماريّا القبطية مع مأبور القبطي‪.‬‬ ‫رسى بها بال زواج‪ ،‬وهي أم ولده إبراهيم أهداها له املقوقس ــ‬ ‫مارية بنت شمعون القبطية هي أم ًة عند النبي يت ّ‬ ‫صاحب اإلسكندرية والنائب العام للدولة البيزنطية يف مرص‪ ،‬أرسلها مع حاطب بن أيب بلتعة رسول النبي إىل املقوقس‬ ‫وكهل خص ًّيا يقال له (مأبور) وألف مثقال‬ ‫يطلب منه الدخول يف اإلسالم‪ ،‬وكان أهدى معها أختها سريين بنت شمعون ً‬ ‫حسان بن ثابت‬ ‫ذهب وعرشين ثوبًا وبغلته املسامة «دلدل»‪ .‬فاختار النبي ماريّا لنفسه‪ ،‬ووهب أختها سريين لشاعره ّ‬ ‫األنصاري وكانت ماريّا بيضاء جميلة الطلعة‪ ،‬قالت عنها عائشة‪ :‬ما غرت عىل امرأ ٍة إال دون ما غرت عىل ماريّا‪ ،‬وذلك‬ ‫أنها كانت جميلة جعدة (أي شعرها أسود طويل مج ّعد) ‪-‬أو دعجة (شديدة سواد العني مع اتساعها)‪.‬‬

‫‪46‬‬


‫عتبي عليك صديقي‬ ‫امللحد جـ ‪1‬‬

‫سالم الدليمي‬

‫و كان مع هدية املقوقس رسالة اسرتضاء إىل النبي ‪« :‬إىل محمد بن عبد الله‪ ،‬من املقوقس عظيم القبط‪ ،‬سال ٌم عليك‪:‬‬ ‫أما بعد فقد قرأت كتابك‪ ،‬وفهمت ما ذكرت فيه‪ ،‬وما تدعو إليه‪ ،‬وقد علمت أن نب ًيا بقي‪ ،‬وكنت أظ ّن أنه سيخرج‬ ‫بالشام‪ ،‬وقد أكرمت رسولك‪ ،‬وبعثت إليك بجاريتني لهام مكا ٌن يف القبط عظيم‪ ،‬وبكسو ٍة‪ ،‬وأهديت إليك بغل ًة لرتكبها‬ ‫والسالم عليك»‪.‬‬ ‫ومأبو ٌر هذا كام يذكر مؤ ّرخكم اإلمام مسلم يف الحديث ‪« :‬حدثني‏‏زهري بن حرب‏‏حدثنا‏‏عفان‏‏حدثنا‏‏حامد بن‬ ‫سلمة‏أخربنا‏‏ثابت‏عن‏‏أنس‏‏أن رجال كان يتهم بأم ولد رسول الله‏‏صىل الله عليه وسلم‏فقال رسول الله‏‏صىل الله‬ ‫عليه وسلم‏لعيل‏» اذهب فارضب عنقه» فأتاه‏‏عيل‏‏فإذا هو يف‏ريكّ‏‏يت ّربد فيها فقال له‏‏عيل‏‏أخرج فناوله يده فأخرجه‬ ‫‏ملجبوب‏ما له‬ ‫فكف‏عيل‏‏عنه ثم أىت النبي‏صىل الله عليه وسلم‏‏فقال يا رسول الله إنه‏‬ ‫فإذا هو‬ ‫‏مجبوب‏‏ليس له ذكر ّ‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫ذكر» فلام ظهرت براءة مأبور أمسك عنه النبي‪...‬كام ورد يف زاد املعاد ج‪ 5 :‬ص‪ 16 :‬البن الق ّيم الجوزية‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫شاهد واحد؟‬ ‫كهل ال قبل له عىل فعل الجنس وبال أي دليلٍ وال‬ ‫سؤايل هنا يا سامل‪ :‬ملاذا أمر النبي بقتل مأبور وهو ٌ‬ ‫أرجع بك يا سامل إىل أمر عائشة‪ ،‬فربغم الشهود األربعة مل يأمر نبيّك بقتل ابن أيب سلول‪ ،‬بترشيعٍ جديد يشرتط أن‬ ‫يكون الشهود األربعة كلهم رجالً ‪ ،‬فلو زىن أح ٌد ما بامرأة أمام ألف امرأة أخرى دون وجود أربعة رجال فسينجو‬ ‫بفعلته ألنه اشرتط حتى عىل الشهود الرجال األربعة أن يشهدوا أنهم رأوه‪ ،‬يلج عضوه الذكري كام يولج امليل يف‬ ‫املكحلة‪.‬‬ ‫بالله عليك يا سامل أليس هذا إلعجاز أي أربعة شهو ٍد عن شهادتهم !؟‪ ،‬هل تص ّدق أن أح ًدا سيدخل بني فخذيهام لريى‬ ‫إيالج املرود باملكحلة!؟ ولنفرض أن أحد األربعة متكّن من ذلك فكيف للثالثة اآلخرين أن يروا ذلك؟ هذا األمر يحتاج‬ ‫لفلم إباحي بإخرا ٍج متقن ليتمكن األربعة م ًعا من مشاهدة تلك التفاصيل‪.‬‬ ‫أتعرف متى ب ّرأها نب ّيك ٍ‬ ‫بنص قرآين؟ لقد ب ّرأها بعد أن انتظر حيضتها التالية شه ًرا ليتأكّد أنها مل تحبل من ابن املعطّل‪.‬‬ ‫يا له من مغفّلٍ يظن نفسه داهية‪.‬‬ ‫رصين عىل اتّهامنا نحن بعيوبكم‪ ،‬أال تخجلون من ات ّباعكم‬ ‫أمل أخربك أن نصوص اإلسالم تش ّجع عىل الزنا!؟ أال زلتم م ّ‬ ‫لهكذا نصوص باتت مفضوح ًة ومخزي ًة خادش ًة للحياء!؟‬

‫‪47‬‬


‫عتبي عليك صديقي‬ ‫امللحد جـ ‪1‬‬

‫سالم الدليمي‬

‫مسرتسل يف حديثه ورشد فكري إىل ستينات القرن املايض فتذكرت حكاية والدي املرحوم وهو يروي‬ ‫ً‬ ‫•كان صديقي‬ ‫لنا حكاية شيخ الجامع الذي كان يرتاده يف محلّة الهيتاويني يف مدينته وكيف أنه كان عاملًا بأمور الدين‪ ،‬أمىض أغلب‬ ‫وتفصيل كصديقي هذا‪.‬‬ ‫ً‬ ‫حياته يف قراءة الكتب الدينية حتى أنه فاجأهم يو ًما ما برتك الجامع والدين جمل ًة‬ ‫فس األمر ببساطته وقلّة معرفته أ ّن الشيخ الجليل قد ج ّن من كرثة القراءة‪ ،‬لكنني اليوم تأكّدت أن حقيقة‬ ‫والدي ّ‬ ‫وقفت أمامها فاغر الفاه‪ ،‬متا ًما كاملثل العراقي الدارج‬ ‫أمر الشيخ كحقيقة دراية صديقي امللحد بكل تلك الخبايا التي‬ ‫ُ‬ ‫بلهجتنا املحل ّية «مثل األطرش بالزفّة» ‪.‬‬ ‫بت أخجل من قراءته‪.‬‬ ‫وفهم‬ ‫مدروسا لهذا الرتاث الذي ُّ‬ ‫أمتنى ألصدقايئ حظًّا أوفر من حظّي ومعرف ًة ً‬ ‫ً‬ ‫عاتب عليه فللعمى الفكري نعم ٌة ال يشعر بها صاحبها‪ ،‬اآلن‬ ‫أما صديقي امللحد الذي نقلت لكم حواره معي فأنا ٌ‬ ‫يل حواره معي‪ ،‬لك ّنني أم ّني نفيس بالقول‪«:‬ناقل الكفر ليس بكافر» فلم أنقل عنه ّإل‬ ‫رصتُ أشعر ٍ‬ ‫بذنب جلبه ع ّ‬ ‫األجلء مد ّونو تاريخنا اإلسالمي وسرية نب ّينا املصطفى (ص) ‪.‬‬ ‫روايات مشايخنا وعلامئنا ّ‬

‫‪48‬‬


‫رسالة إىل الله ‪7‬‬ ‫‪Med Yousfi‬‬

‫قالوا يل أين ُخلقت لحكمة‪ ،‬وأنك يف السامء ترعاين‪.‬‬ ‫قالوا أنك حلي ٌم رحي ٌم تر ّد للمظلومني حقّهم وت ُعاقب الجاين‪.‬‬ ‫قالوا أنك خالق الخبز واملاء والحلوى والعنب الداين‪.‬‬ ‫قالوا أنك تق ّرر لكل مولو ٍد رزقه وطول عمره الفاين‪.‬‬ ‫فأين خبزي ومايئ وألعايب‪ ،‬وأينك مني ومام أعاين؟‬ ‫أين أمي أين أيب‪ ،‬أين املعجزات‪ ،‬أين مالئكتك لرتعاين؟‬ ‫قالوا أنك أطعمت مريم يف الرس‪ ،‬أفهي إنسا ٌن ولست أنا بإنسان؟‬ ‫سمعت أن مالئكتك قاتلت يف بدر‪ ،‬فأين هي لتدفع عني من عاداين؟‬ ‫أأنت عاج ٌز أم متواطئ‪ ،‬أم أنك ال تعلم‪ ،‬أم لعلّك ال تبايل؟‬

‫‪49‬‬


‫رسالة إىل الله ‪7‬‬ ‫‪Med Yousfi‬‬

‫لكنهم قالوا أنك تعلم‪ ،‬وأنك مهت ٌم ‪ ...‬بالعابدين لك يف ظلمة الليايل ‪...‬‬ ‫قالوا أنك تسعد مبديح املادحني وخشوع الساجدين يف خضو ٍع وإذال ِل‪...‬‬ ‫قالوا أنك تغضب من قول املارقني وحب العاشقني وخصلة شع ٍر ورسوال‪.‬‬ ‫فأين غضبك يل‪ ،‬وأين رحمتك يب‪ ،‬وأينك من بطني الخايل؟‬ ‫أهي عقوب ٌة عىل ذنب‪ ،‬أم اختبا ٌر وابتال ٌء لطفلٍ حديث األسنان؟‬ ‫أتريد يل ّ‬ ‫الذل ألمت ّنى املوت‪ ،‬فألجأ إليك منك لعاملك الثاين؟‬ ‫درس يل؟ ماذا تعلّمني من سبي أمي وأختي وسك ٍني يذبح إخواين؟‬ ‫أهو ٌ‬ ‫أأنت رحام ٌن أم قاه ٌر؟ أم حلي ٌم أنت أم ماكر؟ أم تراك كذب ٌة من تأليف إنسان؟!‬ ‫عدم ال أمل فيه وال أماين‪...‬‬ ‫فإن مل تكن كذبة‪ ،‬فأعدين من حيث جئت يب‪ ،‬من ٍ‬ ‫خالص من عا ٍمل‬ ‫فلم تسترشين قبل خلقي‪ ،‬ومل تسألني إن كنت أريد سجنك أوأقبل بك س ّجاين‪.‬العدم أرحم منك والفناء ٌ‬ ‫صار الرصاخ فيه أغنيتي وألحاين‪.‬‬ ‫محب لعاملك األول حتى أطمع يف الثاين‪.‬‬ ‫فال أنا بر ٍ‬ ‫اغب يف ج ّنتك وحورك وال أنا ٌ‬

‫‪50‬‬


/https://www.facebook.com/groups/arbangroup

51


‫تفوق املجتمعات العلامنية‬ ‫عىل املجتمعات الدينية‬

‫أسامة البني‬

‫يك ّرر املتدينون املحافظون مقول ًة‬ ‫مفادها أن املجتمع سينهار بال إميانٍ‬ ‫ونصل‬ ‫ّ‬ ‫بإله‪ ،‬وبأننا إن مل نعبد الله‬ ‫له ونضعه يف محور حياتنا الثقافية‬ ‫فحياتنا ستنحدر إىل الحضيض‪.‬‬

‫لو ذوى الدين فهل سيذوي معه املجتمع؟‬ ‫حتم ال‪.‬‬ ‫ً‬ ‫كتب المقال فيل زوكرمن(‪ )1‬وتم نشره على موقع‬ ‫‪www.psychologytoday.com‬‬ ‫بتاريخ ‪ 13‬تشرين أول‪/‬أوكتوبر ‪.2014‬‬ ‫ترجم المقال أسامة البني‪.‬‬ ‫‪52‬‬

‫ويرى إدموند بريك‪Edmund Burke 2‬‬ ‫يف كتابه «تأمالتٌ يف الثورة الفرنسية»‬ ‫‪Reflections on the French Rev‬‬‫‪ olution‬أن الدين هو األساس الذي‬ ‫‪ - 1‬فيل زوكرمن ‪ Phil Zuckerman‬هو أستاذ يف كلية‬ ‫س ‪ Pitzer College‬األمريكية متخصص يف الدراسات‬ ‫ِپتْ َ ْ‬ ‫االجتامعية والعلامنية‪.‬‬ ‫‪ - 2‬مفكر سيايس إيرلندي‪ ،‬يعترب من رواد الفكر‬ ‫املحافظ الحديث‪ .‬من أشهر أعامله «تأ ّمالت حول‬ ‫الثورة الفرنسية» ‪ 1790‬م يف التحذير من تبعات الثورة‬ ‫الفرنسية التي حدثت يف عهده‪ ،‬مع ًربا عن امتعاضه من‬ ‫ولع الثوريني املثري للفتنة واالضطراب‪ ،‬والذين اعتربهم‬ ‫متعصبني إيديولوجني تدفعهم املثالية النظرية لتحطيم‬ ‫كل ما سبق‪ ،‬إال أنه كان من املؤيدين للثورة األمريكية‪.‬‬ ‫نقل عن‬ ‫عاش ما بني ‪ 1729-1797‬م‪[ .‬مالحظة املرتجم ً‬ ‫الويكيپيديا]‬


‫تفوق املجتمعات العلامنية‬ ‫عىل املجتمعات الدينية‬

‫أسامة البني‬

‫يقوم عليه النظام املدين االجتامعي‪ .‬أما ڤولتري‪ ،Voltaire 3‬فيلسوف‬ ‫عرص التنوير املعروف‪ ،‬فقد قال بأن املجتمع سيتعطل بال إميانٍ‬ ‫أخالقي اجتامعي‪،‬‬ ‫نظام‬ ‫بإله‪ ،‬ذلك أنه حتى يحافظ املجتمع عىل ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫سام‬ ‫يتعني عىل الشعب أن «يرسخوا يف عقولهم فكرة وجود كائنٍ ٍ‬ ‫وخالق‪ ».‬كذلك هي الحال مع ألكيس دو توكوڤيل‪Alexis de 4‬‬ ‫‪ Tocqueville‬والذي قال باستحالة االستغناء عن اإلميان الديني إذا‬ ‫أردنا صالح املجتمع‪ ،‬وأن انعدام الدين يشكّل خط ًرا يه ّدد صحة‬ ‫املجتمع‪ ،‬وقال أن عىل املجتمع اعتبار كل من ال يؤمن بالدين عد ًوا‬ ‫طبيعيًا لالنسجام املجتمعي‪.‬‬ ‫ومؤخ ًرا قال نُ ْوت غينغريتش‪ Newt Gingrich 5‬أن الدولة التي‬ ‫«تطرد الله من الحياة العامة» ستواجه العديد من املشاكل‬ ‫أطفال يف مدرسةٍ‬ ‫ٌ‬ ‫االجتامعية‪ ،‬وأن الدولة العلامنية «ستكون برصاح ٍة كابوس»‪ .‬وبُعيد املجزرة النكراء التي راح ضحيتها‬ ‫تقع يف بلدة نيوتن يف والية كنتيكت األمريكية‪ ،6‬أعلن نوت غينغريتش عىل املأل أن هذا العنف كان نتيج ًة واضح ًة‬ ‫وحتمي ًة للعلامنية يف مجتمعنا‪ .‬وأيده مايك َه َكبِي‪ Mike Huckabee 7‬يف مقولته تلك‪.‬‬ ‫ونتيج ًة لهذه الفرضية القدمية‪ ،‬يكون الدين هو الغراء الذي‬ ‫يحافظ عىل متاسك املجتمع‪ .‬وهذا يقود بدوره العتبار العلامنية‬ ‫الخطر الذي يهدد صالح املجتمع‪ ،‬إذ لو ابتعد الناس عن الله‬ ‫ونبذوا التدين‪ ،‬سرتتفع نسبة الجرمية‪ ،‬وسيزيد الفساد‪ ،‬ويعم‬ ‫االنحراف‪ ،‬وسيقل االحتشام واألدب‪ ،‬وستطغى مظاهر البؤس‬ ‫والتسيب‪.‬‬ ‫‪ - 3‬فرانسوا ماري أرويه (‪ )François-Marie Arouet‬املعروف باسم ڤولتري (بالفرنسية‪ )Voltaire :‬من مواليد (‪ 21‬نوفمرب ‪ )1694‬ووفيات (‪ 30‬مايو ‪ ،)1778‬ڤولتري هو اسمه‬ ‫املستعار‪ .‬كاتب فرنيس عاش يف عرص التنوير‪ ،‬وهو أيضً ا كاتب وفيلسوف ذاع صيته بسبب سخريته الفلسفية الظريفة ودفاعه عن الحريات املدنية خاصة حرية العقيدة‪.‬‬ ‫نقل عن الويكيپيديا]‬ ‫[مالحظة املرتجم ً‬ ‫‪ - 4‬ألكيس دو توكڤيل (‪ 1859 - 1805‬م) هو مؤرخ ومنظر سيايس فرنيس‪ .‬اهتم بالسياسة يف بعدها التاريخي‪ .‬أشهر آثاره‪« :‬يف الدميقراطية األمريكية» (‪ 1840 - 1835‬م)‪،‬‬ ‫نقل عن الويكيپيديا]‬ ‫و«النظام القديم والثورة» (‪ 1856‬م)‪[ .‬مالحظة املرتجم ً‬ ‫‪ - 5‬نوت غينغريتش (‪ 17‬يونيو ‪ )- 1943‬هو سيايس ومؤلف ومعلم تاريخ أمرييك شغل منصب رئيس مجلس النواب ‪ 58‬ملجلس النواب األمرييك ‪ .1995-1999‬ترشح غينغريتش‬ ‫نقل عن الويكيپيديا]‬ ‫لالنتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري لالنتخابات الرئاسية ‪[ .2012‬مالحظة املرتجم ً‬ ‫‪ - 6‬حادثة إطالق نار مدرسة ساندي هوك االبتدائية ‪ ،Sandy Hook Elementary School shooting‬هي حادثة إطالق نار حصلت يف يوم ‪ 14‬ديسمرب ‪ ،2012‬تسببت يف‬ ‫نقل عن الويكيپيديا]‬ ‫مقتل ‪ 27‬ضحية‪ ،‬منهم ‪ 20‬طفال وذلك يف إطالق نار قتل جامعي يف قرية ساندي هوك التابعة ملدينة نيوتاون بوالية كونيتيكت األمريكية‪[ .‬مالحظة املرتجم ً‬ ‫‪ - 7‬مايكل هكبي (باإلنجليزية‪( )Michael Huckabee :‬ولد ‪ )1955‬سيايس أمرييك وقسيس مسيحي معمداين وحاكم سابق لوالية أركنسا وأحد املرشحني لخوض االنتخابات‬ ‫نقل عن الويكيپيديا]‬ ‫الرئاسة األمريكية لعام ‪ 2008‬عن الحزب الجمهوري‪[ .‬مالحظة املرتجم ً‬

‫‪53‬‬


‫تفوق املجتمعات العلامنية‬ ‫عىل املجتمعات الدينية‬

‫أسامة البني‬

‫إنها لفرضية مثرية لالهتامم‪ ،‬ت ُطرح كث ًريا‪ ،‬لكنها خاطئة‪.‬‬ ‫مثل إىل التقرير الخاص الذي صدر عن منظمة التعاون االقتصادي والتنمية‪Organization for Economic 8‬‬ ‫فلننظر ً‬ ‫حال من حيث نوعية‬ ‫‪ ،Co-operation and Development‬ويذكر التقرير الواليات األمريكية العرش األسوأ واألفضل ً‬ ‫كم كب ًريا من املؤرشات املجتمعية التي تقيس الصحة املجتمعية‪ .‬واستنا ًدا‬ ‫الحياة‪ .‬يأخذ هذا التحليل املتعدد املتغريات‪ً 9‬‬ ‫إىل التقرير‪ ،‬فإن الواليات األمريكية األقل حظًا من حيث نوعية الحياة أغلبها من الواليات التي يطغى عىل طابع سكانها‬ ‫حال فطابعها تقل فيه محبة الله والتدين‬ ‫محبة الله والتدين (مثل واليتي ميسيسيپّي وأالباما)‪ ،‬أما الواليات األفضل ً‬ ‫(كواليتي ڤرمونت ونيو هامپرش)‪.‬‬ ‫أي الواليات هي األكرث أو األقل تدي ًنا‪ ،‬أدعوك لقراءة الدراسة املسحية للمشهد الديني‬ ‫ولو أثار املوضوع اهتاممك ملعرفة ّ‬ ‫التي قام بها معهد پيو لألبحاث‪ ،10‬والنتائج كلها موجودة هناك‪ ،‬وبعد ذلك أدعوك ملقارنة حال الصحة املجتمعية‬ ‫واضح وقوي‪ :‬فحال الواليات األكرث علامني ًة مييل بوضو ٍح ألن يكون‬ ‫للواليات املختلفة‪ .‬واالرتباط اإلحصايئ بني املتغريين‬ ‫ٌ‬ ‫قياسا عىل مؤرش ٍ‬ ‫ات عديد ٍة تشمل معدالت جرائم القتل والجرائم العنيفة‪ ،‬ومعدالت‬ ‫أفضل من تلك املتدينة وذلك ً‬ ‫مستوى الفقر‪ ،‬ومعدالت السمنة وشيوع السكري‪ ،‬ومعدالت إساءة معاملة األطفال‪ ،‬ومستويات التحصيل العلمي‪،‬‬ ‫ومستويات الدخل‪ ،‬ومعدالت البطالة‪ ،‬ومعدالت شيوع األمراض التي تنتقل بالجنس والحمل بني املراهقني وغريها‪.‬‬ ‫وبالنظر إىل كل املؤرشات املجتمعية تقري ًبا نرى أداء الواليات األكرث علامني ًة واألقل إميانًا بالله وحضو ًرا يف الكنائس أفضل‬ ‫من تلك الواليات األكرث تدي ًنا واألكرث إميانًا بالله واألكرث حضو ًرا يف الكنائس‪.‬‬ ‫أيضا خارج الواليات‬ ‫واألكرث من ذلك‪ ،‬أن هذا االرتباط اإلحصايئ ينطبق ً‬ ‫املتحدة عىل املستوى الدويل‪.‬‬ ‫رب» ‪Society‬‬ ‫كنت قد ناقشت هذا املوضوع يف كتايب «مجتم ٌع بال ٍ‬ ‫فصلته يف كتايب الجديد «املعيشة العلامنية»‬ ‫‪ ،Without God‬ومن ث ّم ّ‬ ‫‪ ،Living the Secular Life‬فقلت أن الشعوب الدميوقراطية اليوم‬ ‫واألكرث علامنية‪ ،‬كالدول االسكندناڤية واليابان وأسرتاليا وهولندا هي‬ ‫األفضل أدا ًءا تحت كل مؤرشات الصحة املجتمعية تقريبًا‪ ،‬إذا ما قورنت‬ ‫بأغلب املجتمعات املتدينة عىل وجه األرض اليوم‪ ،‬مثل كولومبيا‪ ،‬جامايكا‪،‬‬ ‫السلڤادور‪ ،‬اليمن‪ ،‬مالوي‪ ،‬پاكستان‪ ،‬الفلپني‪ ،‬وغريها‪.‬‬ ‫‪ - 8‬تم تلخيص هذا التقرير عىل موقع ‪http://247wallst.com‬‬ ‫‪ - 9‬التحليل متعدد املتغريات‪ ،‬أو عديد املتغريات ‪ multivariate analysis‬هو أسلوب تحليلٍ إحصايئ يراقب ويحلل تأثري أكرث من متغريٍ يف الوقت ذاته‪[ .‬مالحظة املرتجم]‬ ‫‪ - 10‬تم نرش تلخيص لهذه الدراسة يف العدد السابع والثالثني من مجلة امللحدين العرب‪[ .‬مالحظة املرتجم]‬

‫‪54‬‬


‫تفوق املجتمعات العلامنية‬ ‫عىل املجتمعات الدينية‬

‫أسامة البني‬

‫لقد الحظ األستاذ ستيڤن لو ‪ Stephen Law‬من جامعة لندن أنه «لو كان تدين مستوى التدين هو املسؤول عن األسقام‬ ‫االجتامعية‪ ،‬فسنتوقع أن نجد أن أقل الدول تدي ًنا هي أسوأها حالً ‪ ،‬لكن الواقع يقول عكس ذلك‪».‬‬ ‫ولننظر إىل أمثلة محددة‪.‬‬ ‫تستعمل مؤسسة «أنقذوا األطفال» ‪Save the‬‬ ‫رشا اسمه «مؤرش‬ ‫‪ Children Foundation‬مؤ ً‬ ‫األمومة» ‪ Mother’s Index‬هدفه تصنيف‬ ‫دول العامل إىل األفضل واألسوأ ملامرسة األمومة‪.‬‬ ‫حال لذلك‬ ‫والغالبية العظمى من الدول األفضل ً‬ ‫تقع يف مصاف الدول العلامنية‪ ،‬أما أسوأها‬ ‫حال ففي الدول األكرث تدي ًنا‪ .‬كام وتنرش «رؤيا‬ ‫ً‬ ‫البرشية» ‪ ،Vision of Humanity‬وهي مؤسس ٌة‬ ‫رشا سنويًا اسمه «مؤرش السالم العاملي» ‪ .Global Peace Index‬واستنا ًدا إىل تصنيفاتهم‪ ،‬فإن أكرث الدول‬ ‫غري ربحية‪ ،‬مؤ ً‬ ‫سلمي ًة هي تلك العلامنية‪ ،‬وأقلها سلمية هي الدينية‪ .‬كذلك‪ ،‬واستنا ًدا إىل الدراسة العاملية لجرائم القتل التي أجرتها‬ ‫األمم املتحدة عام (‪ ،United Nations 2011 Global Study on Homicide )2011‬نجد أن أعىل عرش دو ٍل من ناحية‬ ‫نسبة جرائم القتل املتعمد هي ٌ‬ ‫دول بالغة التدين‪ ،‬بينام نجد أن الواقعة الدول يف قاع التصنيف (األقل من ناحية نسب‬ ‫القتل العمد) هي يف أغلبها ٌ‬ ‫دول علامني ٌة ج ًدا‪.‬‬ ‫بل دعونا ننظر أين يتفىش وباء اإليبوال‪ :‬ليس يف السويد املغرقة يف العلامنية‪ ،‬أو إستونيا املغرقة يف العلامنية‪ ،‬وإمنا يف‬ ‫دو ٍل أفريقية تسودها عبادة الله‪ ،‬كنائسها يعمرها املصلّون‪ ،‬والصالة فيها عىل أشدها‪.‬‬ ‫فهل تسقط املجتمعات إذن حاملا تتحول إىل العلامنية؟ من الواضح أن الجواب بالنفي‪ .‬لذلك‪ ،‬فال بد من دفن الفرضية‬ ‫سليم صحي ٍح‪ ،‬شأنها شأن العديد من املغالطات الفاسدة التي اندثرت‪.‬‬ ‫السائدة التي تقول برضورة الدين لقيام مجتمعٍ ٍ‬

‫‪55‬‬


‫مجلة شهرية بجهود فردية تصدر في الثاني عشر من كل شهر‬

‫مجلّة امللحدين العرب مجل ٌة رقمي ٌة مبني ٌة‬ ‫ج ٍه سياسي؛‬ ‫ي تو ّ‬ ‫بجهودٍ فردي ٍة؛ وال تتبنّى أ ّ‬ ‫هدفها نشر أفكار امللحدين على اختالف‬ ‫جهاتهم وانتماءاتهم بحرّي ٍة كامل ٍة‪.‬‬ ‫تو ّ‬ ‫املعلومات والرسومات واملواضيع املطروحة‬ ‫تُعتبر مسؤولية أصحابها من الناحية األدبية‬ ‫وناحية حقوق النشر وحفظ امللكية الفكرية‪.‬‬ ‫الناشرون‬ ‫امللحدين‬ ‫والالديني‬ ‫ّ‬ ‫بالنشر ‪.‬‬

‫هم من أعضاء مجموعة مجلة‬ ‫العرب‪ ،‬أو من الك ّتاب امللحدين‬ ‫ممّن مت ّ التواصل معهم ألخذ اإلذن‬

‫العامة‪،‬‬ ‫مناف لألخالق‬ ‫ُينع نشر كل ماهو‬ ‫ٍ‬ ‫ّ‬ ‫وكذلك التحريض أو التصريحات العنصرية‪.‬‬ ‫لهيئة التحرير احلق ّ في نشر ما تراه مناس ًبا‬ ‫من املواضيع املوجودة في مجموعة اجمللة على‬ ‫موضوع ضمنها يُعتبر‬ ‫ي‬ ‫الفيس بوك ‪ ،‬فنشر أ ّ‬ ‫ٍ‬ ‫تفويضا ً للمجلّة بنشره‪.‬‬

‫موقع املدونة اخلاصة بنا لألرشفة على اإلنترنت‪:‬‬ ‫‪www.aamagazine.blogspot.com‬‬ ‫البريد اإللكتروني‬ ‫‪el7ad.organisation@gmail.com‬‬ ‫‪magazine@arabatheistbroadcasting.org‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.