نبذة عن فضيلة الشيخ فوزى محمد أبوزيد

Page 1

‫فضيلة الشيخ فوزى حممد أبوزيد‬


‫هذا من فضل ربى‬

‫عالمات على الطريق من السرية املضيئة‬ ‫لفضيلة الشيخ فوزى حممد أبوزيد‬

‫‪ ‬املولد و التعليم ‪ ‬البداية ‪‬‬ ‫‪‬البحث عن العارف ‪ ‬معرفة اإلمام أبى العزائم رضى اهلل عنه‬ ‫‪ ‬البحث عن املعرفة ‪‬‬ ‫‪‬العثور على الرجل احلي ‪‬‬

‫‪ ‬البداية الصحيحة للسري إىل الَّله ‪‬‬ ‫‪‬فى صحبة الشيخ ‪  ‬استالم الرايـة ‪ ‬إكمال املسرية‬ ‫والفتح الوهبى فى الدعـوة ‪ ‬من بعض عالمات تأييد الَّله تعاىل‬ ‫وتوفيقه‪:‬‬

‫التأييد بالرؤيا الصاحلة ‪ -‬بإجابة مكنون الصدور ‪-‬فى اإلستشارة‬ ‫والتوجيه ‪ -‬بإسـتجابة الدعاء وبلوغ الرجاء ‪ -‬باستجابة األفراد وتبديل السري‬ ‫والسـلوك‪.‬‬

‫‪ ‬الدعوة واهلدف ‪‬‬


‫وأما بنعمة ربك فحدث‬ ‫بسم اهلل الرحمن الرحيم‪ ،‬وبه نستعين‬ ‫أيها األخوة الكرام! أحباب النبى عليه أفضل الصالة وأتم السالم‪ ،‬فامتثاالً ألمر اهلل فى كتابه‬ ‫الكريم فى قوله ‪:‬‬ ‫‪11(     ‬الضحى)‬

‫ونزوالً على رغبة الكثيرين من اإلخوان والمحبين والمسلمين؛ أكتب شيئاً من سيرتى السلوكية‬ ‫على وإنعامه وإكرامه‪،‬‬ ‫على ومنته‪ ،‬فكل هذا من فضل اهلل ‪َّ ‬‬ ‫فى طريق القوم تحدثاً بفضل اهلل تعالى َّ‬ ‫ولذا أسميت هذا الباب " هذا من فضل ربى"‪.‬‬ ‫وأنا فى هذا يا إخوانى الكرام؛ إنما اتَّبع نهج الصالحين ألن أكثرهم خطوا سيرة حياتهم بأيديهم‬ ‫لمن بعدهم‪ ،‬فكشفوا عما عايشوه عياناً بياناً‪ ،‬ولم يتركوا غيرهم يحكي عنهم نقالً وال سماعاً‪ ،‬فأبانوا‬ ‫للقاصدين عن دقائق سيرهم ومجاهداتهم وأنوار أفعالهم وأحوالهم التى بلغهم اهلل تعالى بسرها المنازل؛‬ ‫فال تكون سيرتهم من بعدهم نهباً لتآليف المنتفعين! وال مرتعاً ألدعياء المتصوفين! وال مبالغات‬ ‫تجردوا عن رؤية ذواتهم ومدح أفعالهم‪ ،‬ألنهم لم يشهدوا إال بالحق‬ ‫المحبين!! وهم فى هذا كله قد َّ‬ ‫القاطع تنفيذاً ألمر اهلل المانع فى الكتاب الجامع فى قوله تعالى فى (‪283‬البقرة)‪:‬‬ ‫‪           ‬‬

‫فكانوا فى سردهم لمجاهداتهم وأحوالهم ومشاهداتهم ومنازالتهم ومكافحاتهم مسترشدين فى‬ ‫كل لمحة ونفس وأقل بقول الحق تبارك وتعالى‪:‬‬ ‫‪                ‬‬ ‫‪ 3-2(  ‬الصف)‬

‫ومهما عجبت من قولهم أو صعب عليك فهمه أو تقبُّله فاعلم أنهم جعلوا قول المصطفى‬ ‫‪ ‬نصب أعينهم ولم يحيدوا عنه قيد أنملة‪:‬‬ ‫{ إِنَّ أَ ْف َرى ْالف َِرى َمنْ َق َّولَنِي َما لَ ْم أَقُ ْل‪َ ،‬و َمنْ أَ َرى َع ْي َن ْي ِه فِي ْال َم َن ِام َما لَ ْم َت َر َيا‬ ‫‪1‬‬ ‫}‬ ‫فلوال أنه حق صراح ما قالوه ولوال الحاجة لكشفه ما حكوه‪ ،‬وما خفى كان أعظم!‪ ،‬فإن عجبت‬ ‫من شيىء ذكروه فال تعجل بنقدهم وال انتقاصهم! ولكن عد باللوم على نفسك وال تقدح فى حقهم‪،‬‬ ‫فإنهم لم يصدر عنهم قول إال عن نور حق بيِّ ٍن شهدوه؛ ال مجال فيه للنفس وال للوهم أو التوهم وال‬ ‫الخيال‪.‬‬ ‫‪ 1‬الشَّافعي (هق) في المعرفة عن واثلة ‪ ،‬جامع المسانيد والمراسيل‪.‬‬


‫وممن نهجوا هذا ا لنهج فكتبوا سيرهم بأنفسهم للذكر ال للحصر‪ :‬اإلمام المحاسبى فى كتابه‪:‬‬ ‫"النصائح الدينية"‪ ،‬واإلمام الغزالى فى كتابه‪" :‬المنقذ من الضالل"‪ ،‬و إبن الجوزى فى كتابه‪:‬‬ ‫"لفتة الكبد إلى نصيحة الولد"‪ ،‬واإلمام ابن حجر العسقالنى فى كتابه‪" :‬رفع اإلصر عن قضاة‬ ‫مصر"‪ ،‬و محمد بن طولون الدمشقى فى كتابه‪" :‬الفلك المشحون فى أحوال محمد بن‬ ‫طولون"‪ ،‬واإلمام الشعرانى فى كتابه الشهير ‪ ":‬لطائف المنن واألخالق فى التحدث بنعمة هللا‬ ‫على اإلطالق"‪ ،‬وغيرهم وغيرهم ‪ ‬أجمعين ‪..‬‬ ‫فأنا على نهجهم ‪ ‬أكتب هذه الشذرات المختصرة ليكون فيها بفضل اهلل بعض العون والعبرة‬ ‫أحب أن أشهد اهلل‬ ‫لمن يرغبون سلوك طريق القوم ويريدون أمثلة حديثة أمامهم!‪.‬وقبل أن أبدأ فإننى ُّ‬ ‫أقل من أن أكون نموذجاً أو قدوةً للسالكين! أو‬ ‫تعالى وأشهدكم أنه سبحانه يعلم منى أنِّى أرى نفسى َّ‬ ‫أن أقف بجوار من ذكرت من السابقين المفلحين! ولكنه إلحاح اإلخوة المحبين! وإصرار األحباب‬ ‫الكرام أجمعين! أسأله سبحانه وتعالى أن يغفر لى ماال يعلمون‪ ،‬وأن يجعلنى أحسن مما يظنون فهكذا‬ ‫علمنا الحبيب األعظم أن نكون‪ ،‬كما أنِّى أسأله ‪ ‬أن يقيمنى دائماً وأبداً على خير حال يحبُّه اهلل‬ ‫ورسوله والمؤمنون‪.‬‬ ‫مع وعد بالعود إن شاء اهلل إلكمال هذه السيرة فى كتاب منفصل كما يرغب إخوانى‪ ،‬وكما‬ ‫تقضى أمانة العلم والشهادة على ما ربَّانا عليه ساداتنا ومشايخنا‪ ،‬واهلل المستعان وبه بلوغ اإلخالص‬ ‫والتوفيق فى كل شان‪.‬‬ ‫إبدأ بسم اهلل الرحمن الرحيم‪ ،‬فاقول‪:‬‬

‫املولد والتعليم‬

‫ولدت ببلدة الجميزة مركز السنطة بمحافظة الغربية بجمهورية مصر العربية‪ ،‬يوم اإلثنين الثامن‬ ‫عشر من شهر أكتوبر ‪1948‬م‪ ،‬الموافق للخامس عشر من شهر ذى الحجة ‪1367‬هـ‪.‬‬ ‫وتلقيت تعليمى اإلبتدائى ببلدتى الجميزة‪ ،‬ثم بمركز السنطة حتى حصلت على الثانوية العامة‪،‬‬ ‫ثم التحقت بكلية دار العلوم بالقاهرة سنة ‪1966‬م‪ ،‬ومنها حصلت على ليسانس دار العلوم‬ ‫سنة‪ 1970‬م‪.‬‬ ‫ثم عملت بالتربية والتعليم بصعيد مصر أوالً‪ ،‬ثم َّ‬ ‫تنقلت وترقَّيت حتى وصلت إلى منصب مدير‬ ‫َّ‬ ‫عام بمديرية طنطا التعليمية‪ ،‬ثم تقاعدت سنة ‪ 2009‬م‪ ،‬وما زلت أقيم حتى اآلن ببلدتى بالجميزة‪ ،‬وقد‬ ‫من اهلل تعالى على بفضله واستعملنى فى مجال الدعوة إليه سبحانه بالحكمة والموعظة الحسنة منذ ما‬ ‫َّ‬ ‫يزيد عن األربعين عاماً والحمدهلل على فضل اهلل وتوفيقه وبركة رسوله ‪.‬‬

‫البداية‬

‫وأنا فى السنة الثانية من كلية دار العلوم بجامعة القاهرة وذلك فى عام‪1967‬م‪ ،‬حبِّبت إلى‬


‫العبادة‪ ،‬وخاصة الصيام وتالوة القرآن والصالة على النبى‪ ، ‬وأكرمن اهلل بالمحافظة على الفرائض فى‬ ‫أوقاتها فى جماعة‪.‬‬ ‫واستأنست فى تلك الفترة ببعض الكتب الدينية محاوال جهدى أن أقرأها ألعمل بها‪ ،‬وكانت‬ ‫البداية هى كتاب )تنبيه الغافلين( ألبى الليث السمرقندى ‪ ،‬ثم كتاب )بداية الهداية( لإلمام الغزالى وهو‬ ‫مطبوع على هامش كتابه )منهاج العابدين( والذى وضع فيه ‪.‬منهاجا كامال للفرد من وقت يقظته من‬ ‫نومه حتى نومه ثانية بعد صالة العشاء ‪.‬‬ ‫وقد أكرمنى اهلل ‪ ‬بتنفيذ ما فى هذا الكتاب‪ ،‬باإلضافة الى صيام يومى االثنين والخميس من‬ ‫كل أسبوع واأليام الفاضلة كأيام العشر من ذى الحجة ويوم عاشوراء وغيرها‪ ،‬وكذا حبِّبت إلى الصالة‬ ‫على النبى ‪ ،‬فكنت أواظب على قراءة كتاب )دالئل الخيرات( لإلمام الجزولى وكتاب ) أنوار الحق فى‬ ‫الصالة على سيد الخلق( للشيخ عبدالمقصود سالم ‪.‬‬ ‫وكنت أجد لذة عظيمة فى الصالة علي النبى ‪ ‬فى طريقى بصيغ كان يلهمنى اهلل ‪ ‬بها‪ ،‬حتى‬ ‫أفر ممن أعرفهم فى الطريق لكى ال يشغلونى عن تلك اللذة العظيمة‪ ،‬كما جعلت لى حزبا من‬ ‫كنت ُّ‬ ‫الصلوات والتسليمات عليه ‪ ‬أقرأه فى منتصف الليل قبل النوم‪ ،‬فكنت أقرأه فى سكون الليل ووحشته‬ ‫وأحس بأنس عظيم يجعلنى أستحضر أنه ‪ ‬سيحضرنى ويمكننى من رؤيته‪،‬وأنام على هذه الكيفية وأنا‬ ‫ُّ‬ ‫ِّ‬ ‫منتظر ومترقب لمجئ حضرته‪ ،‬فأكرمنى اهلل ‪ ‬برؤيته ‪ ‬مرات عديدة‪.‬‬ ‫وقرأت وقتها كالماً منسوباً لإلمام الغزالى ومقتضاه‪ :‬أن العبد إذا واظب على الصالة على سيدنا‬ ‫ويوجهه في‬ ‫رسول اهلل ‪ ‬حتى يأنس به ويراه‪ ،‬ثم تعلو همته بكثرة الصالة عليه فإنه ‪ ‬يصير شيخه ِّ‬ ‫منامه أو في يقظته إن كان من األقوياء وأن مثل هذا ال يحتاج إلى شيخ آخر‪ ،‬وصادف هذا الكالم هوى‬ ‫في نفسي وعزمت على السير في هذا المنهج إلى منتهاه‪.‬‬

‫البحث عن العارف‬

‫وفي ذلك الوقت كان الصالحون ومحبوهم يتجمعون حول العارفين المنتقلين‪ ،‬وخاصة في‬ ‫موالدهم وكنت أتردَّد على تلك الموالد بحثاً عن الصالحين للتعرف عليهم وزيارتهم‪ ،‬وأيضاً كنت أتردَّد‬ ‫على األضرحة المباركة بدعوة من أصحابها‪ ،‬فكنت أرى نفسي في ضريح أحد العارفين ربما ال أعرفه من‬ ‫قبل فأذهب إلى زيارته‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫وفي مرة إلتقيت برجل من الصالحين هو الشيخ حسن شعبان ‪ ،‬وأثناء تجاذبنا الحديث سألني‪:‬‬ ‫هل لك شيخ؟‪ ،‬فقلت‪ :‬نعم‪ ،‬شيخي رسول اهلل ‪ ، ‬فقال‪ :‬هذا ال ينفع عندنا (أي عند أهل الطريق) من‬ ‫ال شيخ له فالشيطان شيخه!! ‪ ...‬فكانت هذه الكلمات بمثابة الشرارة التى حركت ما كمن في نفسي‬ ‫حب اإلتصال بالعارفين تحقيقاً لقوله تعالى (‪ 119‬التوبة) ‪:‬‬ ‫من ِّ‬ ‫‪ 2‬الشيخ حسن شعبان ‪ :‬وهو من قرية تاج العجم مركز السنطة غربية‪ ،‬وقد فرغ نفسه لتحفيظ القرآن‪ ،‬ورفـض العمـل بالشـهادة األزهريـة رغـم‬ ‫حصـوله عليهــا عمـالً بالحـديث الشـريف الــذي روي عـن ســيدنا عثمــان عــن رسـول اهلل ‪ ‬قــال‪ :‬يخيــركم مـن تعلــم القــرآن وعلمــه ‪ ..‬رواه‬ ‫البخارى‪ ،‬وقد توفي في الخامس من فبراير عام ‪1975‬م‪.‬‬


‫‪         ‬‬

‫وهكذا انتقلت بفضل اهلل تعالى إلى المرحلة التالية فأصبحت كلما سمعت عن عارف أو صالح‬ ‫‪3‬‬ ‫ذهبت إليه وعرضت نفسي عليه‪ ،‬فمنهم الشيخ "أحمد حجاب" ‪ ‬الذي قال لي‪" :‬هو أنا شلت‬ ‫نفسي َّلما ها شيل غيري"!! فخرجت من عنده حزيناً!!‬ ‫وولي‬ ‫ولي مرشد وهو من يقيمه اهلل لداللة الخلق عليه‪ُّ ،‬‬ ‫ولم أكن أعلم وقتها أن األولياء قسمان ُّ‬ ‫لنفسه وهو الذي يقيمه اهلل لعبادته وطاعته‪.‬‬ ‫ولما كانت الكلية بحي المنيرة بالقاهرة في ذلك الوقت بالقرب من السيدة ‪ ،‬فكنت أتردد‬ ‫‪4‬‬ ‫على السيدة زينب كثيراً وأسأل عن الصالحين‪ ،‬فذهبت إلى الشيخ عبدالمقصود سالم ‪ ،‬وعرضت عليه‬ ‫صحبته‪ ،‬فقال لي‪ :‬هل تزوجت؟ ‪ ،‬فقلت‪ :‬ال‪ ،‬فقال‪ :‬عندما تنهي دراستك وتتزوج إئتني !! فتعجبت ألني‬ ‫أحس فيه بأن هذا األمر عائق عن السير إلى اهلل‪ ،‬فقلت على الفور‪ :‬وهل سيدنا‬ ‫كنت في حال ال ُّ‬ ‫تزوج؟ فأجابنى‪ :‬لسنا كسيدنا عيسى‪.‬‬ ‫عيسى َّ‬ ‫وبعد بحث جهيد مع الصادقي ن من رجال اهلل تارة‪ ،‬ومع البطالين في طريق القوم‪ ،‬والذين هم في‬ ‫نظرنا قطاع طريق للخلق‪ ،‬ولذا ال نجد داعياً لذكرهم ‪ ..‬ثم ذهبت في المولد الرجبى لسيدي أحمد‬ ‫‪5‬‬ ‫عمار بعد ما سمعته عنه‪ ،‬وعندما صافحته وجلست أمامه‪،‬‬ ‫البدوي بطنطا لزيارة الشيخ إبراهيم حسين ّ‬ ‫علي وطلب مني أن أكرر زيارته‪ ،‬ففعلت وتوثقت عرى المحبة بيننا ومكثت معه‬ ‫أخذ يتأملني ثم أثني َّ‬ ‫سنتين كانت فيهما التربية الروحية األولى لي‪.‬‬ ‫وكان الشيخ إبراهيم حسين ‪ ‬رجالً صاحب حال‪ ،‬وهو قطب للمقام العيسوي‪ ،‬فكان يضع يده‬ ‫إلى‪ ،‬وقد ورثني اهلل ‪ ‬ببركته أحواالً باطنية حتى‬ ‫على ظهري ويربِّت بها‬ ‫ُّ‬ ‫فأحس بحرارة الحال تنتقل َّ‬ ‫كنت ال أطيق أن أحرك لساني إلستماعى بوضوح إلى الذكر الذي ينشغل به جناني لدرجة أني كنت‬ ‫أحس بأجساد من حولي رغم شدة الزحام ولصوقها‬ ‫عندما أركب المواصالت في طريقي إلى الكلية‪ ،‬ال ُّ‬ ‫علي تأثيراً سلبيَّاً لوال أن تداركتني عناية‬ ‫بي لما أنا مشغول به؛ وكان هذا حال طيب‪ ،‬ولكنه كان سيؤثر َّ‬ ‫قوى هذا الحال عزمي على التفرغ للعبادة‪ ،‬ونويت فعالً ترك الدراسة والبحث عن مكان‬ ‫اهلل ‪ ،‬فقد َّ‬ ‫منقطع أتفرغ فيه لعبادة اهلل ‪ ‬لما أجده من لذة في العبادة‪ ،‬لوال أن تداركتني عناية اهلل بمعرفة اإلمام‬ ‫أبي العزائم ‪.‬‬ ‫‪ 3‬الشيخ أحمد حجاب ‪ :‬وهو رجل صالح حصل على العالمية من األزهر الشريف‪ ،‬وتفرغ للعبادة في خلوة بمسجد سيدي أحمد البدوي‪،‬‬ ‫على نهج شيخه الشيخ محمد شريف وهو من كبار أقطاب الطريقة اإلدريسية‪ ،‬وظل على عبادته ولم يتزوج النساء حتى لقى ربه ‪ ‬عن عمر‬ ‫يناهز المائة وخمسة أعوام‪ ،‬وله ضريح يزار بمسجد سيدي أحمد البدوي وله كتاب مطبوع هو "العظة واإلعتبار آراء في حياة سيدي أحمـد‬ ‫البدوي الدنيوية والبرزخية"‪ ،‬وتوفي في ‪ 13‬يوليو سنة ‪ 1978‬م الموافق ‪ 9‬من شعبان سنة ‪1398‬هـ‪.‬‬ ‫‪ 4‬الشيخ عبد المقصود سالم‪ :‬بدأ كعسكرى شرطة حتى صار ضابطاً‪ ،‬وكان يكثر من الصالة على رسول اهلل ‪ ،‬وله في ذلـك كتـاب "أنـوار‬ ‫أسس جماعة تالوة القرآن الكريم في السيدة زينب وتفرغ لجمع الخلق على‬ ‫الحق في الصلوات على سيد الخلق" ولما فتح اهلل ‪ ‬عليه َّ‬ ‫اهلل‪ ،‬وله من الكتب أيضاً في ملكوت اهلل مع أسـماء اهلل والحضـرة فـي رحـاب سـيدنا رسـول اهلل ‪ ‬وقـد تـوفي ليلـة الجمعـة ‪ 26‬شـعبان سـنة‬ ‫‪1397‬هـ الموافق ‪ 11‬من أغسطس سنة ‪1977‬م‪.‬‬ ‫‪ 5‬الشيخ إبراهيم حسن عمار‪ :‬هو رجل أمي ال يقرأ وال يكتب‪ ،‬نزح من محافظة أسيوط واستقر بطنطا‪ ،‬واشتغل بالتجارة‪ ،‬وتعرف على الشيخ‬ ‫صديق‪ ،‬وكان من المجاذيب مدفون اآلن بقرية ميت يزيد مركز السنطة غربية‪ ،‬ولما تعرف عليـه انتقـل إليـه حالـه‪ ،‬فتـرك تجارتـه وزوجتـه وولـده‬ ‫وأقام في جبل بقرية األمبوطين مركز السنطة غربية لمدة سبع سنين‪ ،‬منقطعاً عن الخلق‪ ،‬كان فيها يجد أحياناً مـن حـرارة الـذكر مـا يدفعـه إلـى‬ ‫إلقاء نفسه في الترعة وسط الماء في ا لبرد القارص ليلطف من حرارة داخله‪ ،‬ولما استقرت به األحوال‪ ،‬انتقل إلى عزبة شعير وأقام بها يهدي‬ ‫الناس إلى اهلل ‪ ‬حتى توفي بها عن خمسة وتسعين عاماً‪ ،‬وأقيم له مسجد وضريح بها وكانت وفاته في سبتمبر سنة ‪1978‬م‪.‬‬


‫معرفة اإلمام أبى العزائم ‪‬‬

‫وفي غضون ذلك كنت ال ُّ‬ ‫أكف عن قراءة كتب الصالحين وآثارهم‪ ...‬وبينما أنا في جلسة مع‬ ‫‪6‬‬ ‫نفر من محبي الصالحين‪ ،‬ذكروا لي نبذة عن طيبة عن اإلمام أبي العزائم وعن خليفته القائم في ذلك‬ ‫الوقت‪ ،‬وهو ابنه السيد أحمد ماضي أبو العزائم‪ ،‬وبعد انصرافي نمت في تلك الليلة فرأيت السيد‬ ‫أحمد ماضي أبو العزائم جالساً على كرسيه الخاص به‪ ،‬ولم أكن رأيته من قبل‪.‬‬ ‫وعندها استخرت اهلل ‪ ‬في زيارته‪ ،‬فرأيت سيدنا رسول اهلل ‪ ‬وقد أخذ بيدي وطاف بي‬ ‫العوالم العلوية ثم هبط بي على األرض‪ ،‬وأدخلني على اإلمام أبى العزائم وقال لي‪ :‬تعرف من هذا؟‪،‬‬ ‫فسكت تأدباً معه ‪ ‬فقال صلوات اهلل وسالمه عليه‪ :‬هذا شيخك‪ ،‬فعلمت أن هذا إذن منه ‪‬‬ ‫باالنتقال‪ ،‬فتوجهت إلى السيد أحمد وكان عنده نفر من اإلخوان فانصرفوا سريعاً‪ ،‬وبقيت أنا وهو فبايعته‬ ‫ولزمت طريق أبيه ‪.‬‬

‫البحث عن املعرفة‬

‫ولما كان الشيء الذي يؤرقني ويدفعني إلى البحث عن الصالحين هو كيفية معرفة اهلل ‪ ‬المعرفة‬ ‫الشهودية‪ ،‬وذلك ال يتأتى إال بانكشاف أنوار البصيرة النورانية‪ ،‬فكان أول سؤال أطرحه على كل عارف‬ ‫ألتقي به هو‪ :‬كيف تنفتح البصيرة؟ وكان كل واحد منهم يجيبني على حسب منهجه ومشربه‪.‬‬ ‫ولما دخلت رياض المدرسة العزمية وجدت فيها طريقة التربية تختلف من فرد إلى فرد‪ ،‬فقد ربَّى‬ ‫اإلمام أفراداً على نهج الدعوة الصوفية الحقة‪ ،‬وأذن لهم في اإلرشاد‪ ،‬فكانوا يجوبون البالد ويلتف‬ ‫حولهم الصادقون ويحيط بهم المطلوبون‪ ،‬ولكل واحد منهم نهج خاص به؛ وفي ذلك يقول اإلمام ‪: ‬‬ ‫ي الوسعة تقتضي التفاوت ‪ ،‬فوسعة المرشد تقتضي تفاوت مشارب ومشاهد السالكين‪ ،‬فكان أن‬ ‫أقبلت على بعض هؤالء الهداة أطلب الحصول على بغيتي‪ ،‬وهي فتح باب البصيرة‪.‬‬ ‫‪7‬‬ ‫وكان أول من َّ‬ ‫تلقيت منهم الشيخ طاهر محمد مخاريطة فتعلقت به ألن اهلل وهبه لسان بيان‬ ‫اإلمام أبي العزائم‪ ،‬ومن شدة تعلقي به وقد كنت مواظباً على حضور دروسه في أى مكان‪ ،‬أنى كنت‬ ‫أحفظ الدرس من أوله إلى آخره وأعيده على إخواني بعد رجوعي بقاله وحاله‪ ،‬وكأنه شريط مسجل‪.‬‬

‫على إذ حثّني على اإلقبال على دراستي حتى اإلنتهاء منها ثم بعد ذلك يكون‬ ‫وكان له الفضل َّ‬ ‫اإلقبال بالكلية على طريق اهلل‪ ،‬ولما كاشفته برغبتي ومنيتي‪ ،‬دلَّنى على األوراد العزمية من األحزاب‬ ‫والفتوحات الخمسين في الصالة على سيدنا رسول اهلل ‪ ‬واللطائف البرزخية وغيرها حتى أنه لما وجد‬ ‫نهمي في ذلك وأن كل ما وظَّفه لي ال يشبع رغبتي‪ ،‬قال لي‪ :‬كل األوراد مفتوحة لك ومعك اإلذن فيها‪.‬‬ ‫ولما كان من شروط السلوك الصحيح الذي يعقبه الفتح عند الصوفية أن المريد ال يفعل ورداً إال‬ ‫‪ 6‬راجع كتابنا " اإلمام أبو العزائم المجدد الصوفى " دار اإليمان والحياة‪ :‬ط‪1430 :2‬هـ‪2009 ،‬م‬ ‫‪ 7‬الشيخ طاهر حممد خماريطة‪ :‬وكان أبوه الشيخ حممد خماريطة من دمياط وكان من أهل بورسعيد‪ ،‬وهو رجل من الصادقني يف صحبة اإلمام أيب العزائم‬ ‫وقد ربَّاه أبوه هو وبنيه اآلخرين على هذا احلب الصادق مما جعله يرتك عمله يف التجارة ويتفرغ للدعوة إىل اهلل ‪ ،‬وله لسان بيان جيذب القلوب إىل‬ ‫اهلل ‪ ، ‬مع الصدق يف احلال والنورانية والشفافية‪ ،‬وتدهورت صحته قبلل وفاتله ل لر سـنه‪ ،‬فلـم يعـد يسـتطيع القيـام بأعبـاء الـدعوة‪ ،‬وأقـام سـنواته‬ ‫األخيرة فى اإلسماعيلية وتوفى إلى رحمة اهلل تعالى ودفن بها منذ سنوات قليلة‪.‬‬


‫بإذن من شيخه؛ حيث أن اإلذن يفتح له باب اإلمداد ويجعل روح الشيخ تالحظه فتحفظه من العقبات‬ ‫تكل‪ ،‬غير أن هذا لم‬ ‫الخفية والوساوس النفسانية‪ ،‬فقد فرحت بهذا اإلذن وأقبلت على األوراد َّ‬ ‫بهمة ال ُّ‬ ‫يشف غليل نفسي‪ ،‬وكان قول اإلمام أبي العزائم‪:‬‬ ‫أبداً إلى هذا الجناب حنيني ‪ ...‬ال صبر لي حتى تراه عيوني‬

‫‪8‬‬ ‫ُّ‬ ‫يرن في أذني دائماً مما حدا بي أن أكشف هذا األمر للشيخ محمد شحاته هنداوي ‪ ،‬فقال لي‪:‬‬ ‫الذي يفتح البصيرة هو ذكر اهلل ‪ ،‬ولكنه لم يبين لي كيفية هذا الذكر وال طريقته‪ ،‬فعرضت األمر على‬ ‫‪9‬‬ ‫رجل آخر من الدعاة وهو الشيخ قطب زيد ‪ ،‬فأجابني إجابة فهمت منها أنه يريد صرفي عن هذا األمر‪،‬‬ ‫كل همي هو اإلقبال على مجالس اإلخوان وتبادل الزيارات وقراءة الصلوات في الجماعة‪.‬‬ ‫وأن يكون ُّ‬

‫هذا ولم يكن يعجبني بعض مفاهيم راجت وسط جموع اإلخوان في ذلك الوقت ‪ ...‬حيث أنهم‬ ‫يروجون فيما بينهم أن هذه األذواق العالية ‪ ...‬واألحوال الراقية ‪ ...‬والمشاهد السامية ‪ ...‬إنما‬ ‫كانوا ِّ‬ ‫هى أذواق وأحوال ومشاهد قاصرة على اإلمام أبي العزائم ‪ ‬فقط!!‪ ،‬أما الباقون ‪ ..‬فيكفيهم أن يحبُّوه‬ ‫ويقبلوا على األوراد والمجالس! وال يكلفون أنفسهم هذا األمر! ‪ ..‬ويؤيدون دعواهم أن هذه األشياء‬ ‫تنال بفضل اهلل فقط! وليس للمجاهدات فيها شأن‪.‬‬ ‫وكنت أرد عليهم بما سمعته منهم من أحوال اإلمام أبي العزائم وغيره من الصالحين ومجاهداتهم‬ ‫الفادحة في ذات اهلل ‪ ،‬وفي أن اصطفاء اهلل ‪ ‬لم يتوقف وفضله سبحانه وتعالى واسع وغير‬ ‫محصور ورحمته ‪ ‬واسعة تسع كل من اهتدى وأناب‪ ،‬وقد قال تعالى فى (‪ 75‬الحج)‪:‬‬ ‫‪         ‬‬

‫فكلمة يصطفي بصيغة المضارع تدل على دوام هذا األمر أى األصطفاء إلى يوم القيامة‪.‬‬

‫العثور على الرجل احلي‬

‫وظللت على هذا الحال فترة من الزمن وأنا مشغول بالرجل الحي الذي يأخذ بيدي إلى اهلل وإن‬ ‫كنت تيقنت أنه من بين أفراد آل العزائم للرؤيا التى ذكرتها قبل لكم‪.‬‬ ‫وانتهيت من دراستي فى الجامعة وحصلت على درجة الليسانس من كلية دار العلوم – جامعة‬ ‫القاهرة سنة ‪1970‬م‪ ،‬ثم صدر قرار تعييني بوزارة التربية والتعليم بمحافظة قنا‪ ،‬وذهبت إلى قنا‬ ‫واستلمت العمل بأرمنت مدرساً إعدادياً للغة العربية‪ ،‬فتعرفت على ثلة قليلة مباركة تعرف اإلمام أبى‬ ‫العزائم معرفة يقينية‪ ،‬ولما سألتهم عن سبب معرفتهم باإلمام أبي العزائم قالوا‪ :‬الشيخ محمد على‬ ‫سالمه‪.‬‬ ‫‪ 8‬الشيخ محمد شحاته هنداوي‪ :‬من بلدة ا لخادمية محافظة كفر الشيخ‪ ،‬تعرف على اإلمام أبي العزائم في صباه وقد كان طالب علم بالمعهد‬ ‫األزهرى‪ ،‬فترك دراسته ومشى خلف اإلمام أبي العزائم حتى فتح اهلل عليه وصار من كبار الدعاة إلى اهلل ‪ ‬وإن كانت تعتريه حدة أحياناً‪ ،‬وقد‬ ‫توفي بكفر الشيخ في رمضان سنة ‪1413‬هـ ‪1993‬م عن عمر يناهز التسعين عاماً‪ ،‬رحمه اهلل رحمة واسعة‪.‬‬ ‫القن مركز سيدي سامل حمافظة كفر الشيخ‪ ،‬وقد دعلا لله اإلملام أبلو العلزائم الا دعلا بله سليدنا رسلول اهلل ‪‬‬ ‫‪ 9‬الشيخ قطب زيد‪ :‬هو رجل من بلدة ّ‬ ‫لسليدنا عبللداهلل بللن عبللا ‪ ‬يف قوللله‪ :‬لالل للم فق له يف الللدين وعلملله الت ويللل ف للان يتجلللى عللى قلبلله اقللائ صللادقة يف معللان اآليللات القر نيللة‬ ‫واألااديث النبوية وظل جماهداً يف اهلل طوال اياته اىت لقى ربه ودفن ببلدته سنة ‪1983‬م‪.‬‬


‫وال أنس تلك الليلة المشهودة حيث دعوني ألحضر معهم احتفاالً بميالد سيدنا رسول اهلل ‪‬‬ ‫في منزل الشيخ عبداللطيف محمد على التاجر بأرمنت‪ ،‬وبعد تناول العشاء تجاذبنا أطراف الحديث‬ ‫فأذهلني ما رأيته منهم من األحوال العالية واألخالق والكماالت السامية مع أنهم كانوا قوماً غير معروفين‬ ‫في هذا الشأن سواء بين إخوانهم من آل العزائم الظاهرين أو بين ذويهم والمحيطين بهم ألنهم شعارهم‬ ‫قول أبي العزائم ‪:‬‬ ‫اخفوا علومكم صوناً لها عمن ‪ ...‬مالوا إلى الحظ من زور وبهتان‬ ‫‪10‬‬

‫فمنهم الشيخ أبو العدب الذي قال لي‪ :‬عرفتم أبا العزائم بالقول وعرفناه بالعين‪ ،‬وأما الذي‬ ‫‪11‬‬ ‫على في معرفة شيخي وإمامي فهو الشيخ أحمد حسن غرباوي ‪ ،‬وهو الباب‬ ‫كان له الفضل األكبر َّ‬ ‫الحى فعندما أصابتني الدهشة من جمال هذه األحوال التي كنت أبحث‬ ‫الذي دخلت منه على الرجل ّ‬ ‫سر تجملهم بها‪ ،‬ألمح إلى فضيلة الشيخ محمد على سالمه‪ ،‬وكان قد انتقل في‬ ‫عنها‪ ،‬وسألتهم عن ِّ‬ ‫ذلك الوقت إلى بلدة ههيا محافظة الشرقية‪ ،‬ولم أكن قد حظيت بمقابلته رغم ذهابي إليها مراراً لشدة‬ ‫تكتمه وخفاءه‪.‬‬ ‫وبعد انتهاء السهرة ذهبت إلى غرفتي فنمت مأخوذاً بهذه األحوال‪ ،‬وفى نومى رأيت الشيخ ‪‬‬ ‫إلى أحسست بأني اغيب عن كياني‬ ‫في المنام وهو ينظر َّ‬ ‫إلى ويطيل النظر‪ ،‬وكلما نظر ّ‬ ‫إلى‪ ،‬وأخذ ينظر ّ‬ ‫وأرتفع إلى الملكوت وأشاهد أشياءاً ال أذكرها اآلن‪ ،‬فتعجبت مما رأيت وشاهدت وهممت أن أسأل‬ ‫سر ذلك‪ ،‬فسمعت صوتاً يجيبني عما جاس في خاطري قبل أن أتكلم به ويقول‪:‬‬ ‫عن ِّ‬

‫" لكل أمة نبي وهذا الرجل نبي هذه األمة "‬ ‫فاستيقظت وقد علمت أنه الرجل الحي الذي يحيي به اهلل القلوب والذي يقول فيه اإلمام أبو‬ ‫العزائم‪:‬‬

‫نفس مع‬ ‫{ هللا حي قائم وال يصل إليه واصل إال بحي قائم }‪ ،‬ويقول فيه أيضاً‪{ :‬‬ ‫ٌ‬ ‫خير من حياة الفردوس }‬ ‫الحي حياةٌ للقلب‬ ‫ونفس في حياة القلب ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫ويقول أيضاً ‪ ‬وأرضاه للمشغولين بالعبادة والظانين أنها تغني في مقام الوصول عن معرفة العبد‬ ‫الموصول‪:‬‬

‫{ إنما حرموا الوصول بتضييع األصول }‬ ‫وأول أصل من هذه األصول أن يجمعك اهلل على عبد موصول لقوله تعالى‪:‬‬

‫‪        ‬‬

‫(‪43‬النحل)‬

‫‪ 10‬الشيخ أبو العدب‪ :‬رجل أخذته الجذبة اإللهية عندما ُووجه باألنوار الحقية في صحبة الشيخ محمد على سالمه‪ ،‬وإن كان مع شدة جذبه‬ ‫شديد التمسك باألوامر الشرعية‪ ،‬وقد توفي ودفن اآلن ببلدته حاجر الرزيقات قبلي مركز أرمنت في ‪ 11‬مارس ‪1986‬م وكان يتميز بالكشف‬ ‫الصريح والمعرفة بما يدور في الخواطر وإن كان يستر ذلك بظهوره في حالة الجذب‪.‬‬ ‫‪11‬‬ ‫كمل ورثة أنبياء اهلل تعرفه بقاع السماء وتجهله بقاع األرض‪ ،‬يدعو إلى اهلل‬ ‫الشيخ أحمد حسن غرباوي‪ :‬وهو رجل من خاصة أولياء اهلل ومن ّ‬ ‫بس ّـره وبحالــه‪ ،‬وهــو اآلن قــائم ببلدتــه الرزيقــات قبلــي مركــز أرمنــت يجمــع حولــه الصــادقين‪ ،‬ويوجــه بإشــاراته المقـربين‪ ،‬ويرفــع بأحوالــه العاليـة‬ ‫السالكين‪.‬‬


‫ويقول لهم أيضاً‪:‬‬ ‫ألف عام بغير باب التهامى ‪ ...‬هى نَـ َفس بشرى ألهل السماح‬ ‫ويعرفهم فضل الجلوس مع العارف الحي فيقول‪:‬‬

‫خير من عمل العباد والزهاد لسنين طوال }‪.‬‬ ‫س مع العارف ٌ‬ ‫{ َن َف ٌ‬ ‫وشاءت إرادة اهلل أن أعثر بعد ذلك على ال حديث الذي يوضح ما رأيته في المنام وهو قوله ‪: ‬‬ ‫‪2‬‬

‫{ الشيخ في قومه كالنبي في أمته }‬

‫‪1‬‬

‫فعلمت أنه ‪ ‬شيخ هؤالء القوم الذين كنت معهم ومن على شاكلتهم‪ ،‬وهو الباب الذي تفاض‬ ‫على وجعلنى معهم وأسأله سبحانه وتعالى‬ ‫منه علوم النبوة وأحوالها لهم‪ ،‬وعلمت أيضاً أن اهلل ‪ ‬تفضل ّ‬ ‫على هذا الفضل ويجعلنى منهم لقول اإلمام أبي العزائم ‪:.‬‬ ‫أن يزيد َّ‬

‫{ من كان معنا فقه المعنى ومن كان منا نال المنى }‬ ‫اللهم أنلنا المنى ومتع عيوننا بمشاهدة أنوار نبينا وأسرارنا بشهود محبوبنا ونفخة قدسنا بمعاينة‬ ‫سر الخصوصية وفرد الحضرة الذاتية‬ ‫الكماالت الربانية واألنوار الذاتية‪ ،‬وصلى اهلل على سيدنا محمد ّ‬ ‫وراث تلك الحضرات النورانية‪ ،‬آمين يا رب العالمين‪.‬‬ ‫وكاشف كل الكماالت ألهل النفوس الذكية وآله ّ‬

‫البداية الصحيحة للسري إىل اهلل‬

‫على أن أكرمنى بصحبة أخي الشيخ أحمد حسن غرباوي الذي أخذ‬ ‫وكان من فضل اهلل ‪ّ ‬‬ ‫بيدي إلى الطريقة الصحيحة لتهذيب النفس وصقلها وتكميلها باآلداب العال ية الواجب اتباعها عند‬ ‫الدخول على الشيخ أو مصاحبته‪ ،‬وفي ذلك يقول اإلمام أبو العزائم‪:‬‬

‫{ على السالك في طريقنا أن يصطفي له أخا ً صادقاً سبقه في صحبة الشيخ يتأدب‬ ‫بأقواله‪ ،‬ويتهذب بأفعاله‪ ،‬ويأنس بأحواله‪ ،‬حتى ُيدخله على حضرة المرشد ويكشف‬ ‫له عن جماالت وكماالت المرشد‪ ،‬ألن المرشد في ذاته عبد وال يتحدث عن نفسه }‬ ‫وكنت وأنا في غمرة تلك األحوال أتطور سريعاً في األحوال الروحانية وأشعر بشوق شديد إلى‬ ‫لقاء الشيخ ‪ ،‬إلى أن حانت الفرصة ونزلنا لقضاء إجازة العيد‪ ،‬فذهبت تواً للقاء الشيخ ثاني أيام عيد‬ ‫الفطر‪.‬‬ ‫وكان هذا أول لقاء بيني وبين الشيخ‪ ،‬واستهله ‪ ‬بعد سؤاله عن اإلخوان بأن حكى لي قصة‬ ‫الرجل الذي عزم على زيارة الشيخ أبي الحسن الشاذلي ‪ ،‬وأثناء سيره إليه وجد عابداً يسكن في كوخ‬ ‫فعرج عليه ليتعرف عليه وعرف منه أنه يصوم النهار أبداً ويقوم الليل‬ ‫صغير بالقرب من ساحل البحر‪ّ ،‬‬ ‫‪ 12‬رواه الديلمي يف مسند الفردو وأبو نعيم يف احللية والسيوطي يف اجلامع ال بري من اديث أيب رافع ‪ ،‬كما أخرجه ابن ابان فى الضعفاء من‬ ‫حديث ابن عمر‪.‬‬


‫أبداً!!‬ ‫فلما سأله العابد عن وجهته؟ عرفه أنه متجه لزيارة الشاذلي فطلب منه أن يسأله الهاء له‪ ،‬فسار‬ ‫الرجل في طريقه حتى وصل إلى اإلسكندرية‪ ،‬ونزل على القطب أبي الحسن فوجد من خيرات اهلل‬ ‫الحسية والمعنوية‪ ،‬ماال يحيط به الوصف‪.‬‬ ‫ّ‬

‫وبعد قضاء مدة الضيافة‪ ،‬استأذن الشيخ في السفر فسأله الشيخ‪ :‬ألم يكلفك أحد بشيء؟‪،‬‬ ‫حب الدنيا من‬ ‫فحكى له ما دار بينه وبين العابد‪ ،‬فرفع يديه وقال ألصحابه‪ :‬إني داع ف ّأمنوا‪ :‬اللهم إنزع َّ‬ ‫قلبه؛ فتعجب الرجل! من دعوته‪.‬‬

‫ثم سافر الرجل راجعاً حتى وصل إلى كوخ العابد‪ ،‬فسأله عن رحلته‪ ،‬فأخبره بها وكتم عنه حياءاً‬ ‫منه ما دعا به الشيخ له‪ ،‬لما يراه من عبادته‪ ،‬ولكن العابد ألّح عليه في معرفة الدعوة التى دعا بها‬ ‫الشيخ له‪ ،‬فذكرها له‪ ،‬فقال‪ :‬الحمد هلل! لقد تعرفت اإلجابة وأحسست بها في نفسي منذ ذلك الوقت‪،‬‬ ‫فقال الرجل مندهشاً‪ :‬وما الدنيا التى عندك؟ ‪ ،‬فقال‪ :‬أنا أصوم النهار‪ ،‬فإذا دنا المغرب ذهبت إلى البحر‬ ‫أتحصل عليها‬ ‫ألصطاد شيئاً أفطر عليه‪ ،‬فكان اهلل ‪ ‬يخرج لي كل يوم سمكة واحدة‪ ،‬كأنها بعينها التى‬ ‫ّ‬ ‫كل يوم‪ ،‬ومهما اجتهدت في الحصول على غيرها ال أستطيع!!‪ ،.‬فكنت كل يوم وأنا ذاهب إلى البحر‬ ‫أتمنى بقلبي أن يرزقنى اهلل بسمكة أكبر أو بأخرى معها؛ فلما دعا لي الشيخ لم أعد أجد ذلك الخاطر‬ ‫في نفسي‪.‬‬ ‫فزادت دهشة الرجل من أحوال الصالحين وعزم على زيارة الشيخ أبا الحسن في السنة التالية‪،‬‬ ‫وعندما ذهب إليه فوجئ بأن األكل غير ما اعتاده فهو صنف واحد في كل يوم في الفطور والغداء‬ ‫والعشاء‪ ،‬وتعجب من ذلك وظن في نفسه أن الشيخ ال يريد إكرامه‪ ،‬مع أنه كان يأكل معه‪ ،‬وأدرك‬ ‫الشيخ ببصيرته النورانية ما يختلج بصدره فقال‪" :‬نحن قوم نجود بالموجود‪ ،‬وال نتكلف المفقود"‪.‬‬ ‫فكانت هذه الحكمة هي المفتاح الذي فتح قفل قلبه ووضعه على أول طريق الفالح‪ ،‬الذي‬ ‫نهايته لقاء الكريم الفتاح‪.‬‬ ‫وقد أثمر هذا اللقاء مع الشيخ ‪ ‬عندي عدة أشياء منها‪ :‬أني فهمت أنى أنا على شاكلة هذا‬ ‫العابد لشغلى في ذلك الوقت با لعبادة‪...‬؛ ألن المريد الصادق يأخذ كل حديث للشيخ في الخلوة أو‬ ‫في الجلوة على أنه هو المقصود به!‪ ،‬وال شأن له في ذلك بغيره‪.،‬‬ ‫ومنها أنى علمت أن المريد ال يصح له وضع قدم في طريق اهلل ‪ ‬حتى يخلع الدنيا بالكلية من‬ ‫قلبه‪ ،‬ومنها أنى أدركت أن دعوة الشيخ وقد كررها أمامي ثالثاً هي لي والحمد هلل شعرت باإلجابة من‬ ‫وقتها‪ ،‬فصارت الدنيا ال تساوي عندي قليالً وال كثيراً بجانب رضا اهلل ‪.‬‬ ‫أما الدنيا التى كانت عندي‪ ،‬فهى أني كنت أعبد اهلل ‪ ‬ألنال آماالً وقصوداً في نفسي وهى وإن‬ ‫كانت قصوداً راقية ألنها تتعلق بالدار اآلخرة والوصول إلى اهلل ‪ ، ‬إال أنها ال تليق بآداب أهل الحضرة‬ ‫الذين يعبدون اهلل ‪ ‬ال لنوال عطاء وال خوفاً من جزاء‪ ،‬وإنما ألنه سبحانه أهالً لهذه العبادة وهذه‬ ‫طريقة العارفين‪ ،‬حيث يرمزون إلى السالكين بما يصحح أحوالهم في سياق حديثهم حتى ولو كان حديثاً‬ ‫عادياً‪ ،‬وفي ذلك يقول أبو العزائم ‪:‬‬


‫عنّ ــي اس ــمعوا مـ ــا تعقل ــون م ــن الكـ ــالم‬ ‫والعلـ ـ ـ ـ ـ ــم ب ـ ـ ـ ـ ـ ــاهلل العلـ ـ ـ ـ ـ ــي غ ـ ـ ـ ـ ـ ــوامض‬ ‫خ ــذ مـ ــا ص ــفا لـ ــك م ــن إشـ ــارة عـ ــارف‬

‫ف ـ ــالعلم بـ ـ ــالرحمن مـ ـ ــن صـ ـ ــافي المـ ـ ــدام‬ ‫ال يُـ ْفقهـ ـ ـ ــن إال لصـ ـ ـ ـ ٍ‬ ‫ـب فـ ـ ـ ــي اصـ ـ ـ ــطالم‬ ‫فالعـ ـ ـ ــارفون كالمهـ ـ ـ ــم يشـ ـ ـ ــفي الس ـ ـ ـ ــقام‬

‫وهكذا بدأت السلوك الحقيقي إلى اهلل ‪ ‬على القدم الثابت المحمدي في حظوة هذا الولي‪،‬‬ ‫وما دار بيننا سأذكر نذراً يسيرا منها فى هذه السيرة تنشيطاً لهمم األحباب ورفعاً لعزائم الطالب وإن‬ ‫كان أغلب ذلك ال يليق أن نذكره لقوله ‪:‬‬ ‫‪3‬‬

‫{ المجالس باألمانات }‬

‫‪1‬‬

‫وقانون أهل الحضرة في مجالسهم‪ :‬نحن قوم نجلس مع اهلل‪ ،‬فإذا قمنا من المجلس فكأنما لم‬ ‫نجلس كتماناً للسر‪ ،‬وهذا ألن هذه العلوم واألسرار تحتاج إلى أذواق خاصة فالطريق إليها الحكمة‬ ‫القائلة‪" :‬ذُق تعرف"‪ ،.‬واإلشارة إليها في قول اإلمام الغزالي‪:‬‬ ‫فكان ما كان مما لست أذكره ‪ ...‬فظن خيراً وال تسأل عن الخبر‬ ‫وهي المعنية بقول اإلمام أبي العزائم ‪:.‬‬

‫احفظـ ـ ـ ـ ــن سـ ـ ـ ـ ــري فسـ ـ ـ ـ ــري ال يبـ ـ ـ ـ ــاح‬ ‫علمن ـ ـ ـ ـ ـ ــا ف ـ ـ ـ ـ ـ ــوق العق ـ ـ ـ ـ ـ ــول مكان ـ ـ ـ ـ ـ ــة‬ ‫خص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــنا بالفض ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــل في ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــه ربن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا‬ ‫َّ‬

‫م ـ ـ ــن ي ـ ـ ــبح بالس ـ ـ ــر بع ـ ـ ــد العل ـ ـ ــم ط ـ ـ ــاح‬ ‫الص ـ ـراح‬ ‫كيـ ــف ال وهـ ــو الضـ ــيا الغيـ ــب ّ‬ ‫ذاك س ـ ـ ـ ـ ـ ــر غ ـ ـ ـ ـ ـ ــامض كي ـ ـ ـ ـ ـ ــف يب ـ ـ ـ ـ ـ ــاح‬

‫فى صحبة الشيخ ‪‬‬ ‫وبدأت صحبتى مع الشيخ ‪ ، ‬وأذكر باختصار شديد أنه عندما أمرنى باإلرشاد وكنت أتوجه‬ ‫بأمره إلى الجهات المختلفة للقيام بوعظ أهلها وإرشادهم‪ ،‬كان يتولى بعد عودتى وفى درسه تصحيح‬ ‫بعض المفاهيم التى ذكرتها‪ ،‬ويعيد توضيحها بما يالئم العصر مع اليسر فقد كنت أنقل عن السابقين‬ ‫آرائهم واستشهد بها فى دروسى‪ ،‬وربما الأفطن أنها التالئم العصر أو أنها تشدد على الناس‪.‬‬ ‫فكان يقول لى منبِّها وهو فى الدرس العام‪ :‬بعض الناس يقولون كذا‪ ،‬و الصواب الذى يجب أن‬ ‫نقوله للناس هو كذا‪ ،‬ويذكر األسباب‪ ،‬ومثال ذلك موضوع الموت‪ ،‬فقد كنت أركز فى حديثى عنه عن‬ ‫شدته ورهبته كدأب السابقين‪ ،‬حتى سمعته ‪ ‬يقول‪ ... :‬يذكر الناس الموت وشدته ورهبته وال يفرقون‬ ‫فى ذلك بين المؤمنين وغير المؤمنين‪ ،‬وما قالوه حق وواقع ولكن بالنسبة للكافرين والمشركين‬ ‫والجاحدين‪ ،‬أما بالنسبة للمؤمنين فاألمر يتغير‪ ،‬فهو بالنسبة لهم فرح بلقاء اهلل وسرور بتكريم اهلل‪،‬‬ ‫وجعل يذكر من ضروب التكريم وألوان النعيم التى يتلقاها المؤمن عند موته حتى جعل الحاضرين يحبُّون‬ ‫‪14‬‬ ‫الموت ويتمنونه‬ ‫‪ 13‬رواه أبو داود عن جابر‬ ‫‪ 14‬أكرمنى اهلل تعالى بعد تللك الواقعة بسنوات لما قدَّر لى حمل أمانة الدعوة بعد رحيل الشيخ؛ أن نخرج للناس عدة كتب فى هذا الشأن‬ ‫وعلى ذلك المنوال من دعوة التبشير وهما ‪ :‬بشائر المؤمن عند الموت‪ ،‬والثانى‪ :‬بشريات المؤمن فى اآلخرة‪ ،‬واآلخـر هـو ‪ :‬بشـائر الفضـل‬ ‫اإللهى‪.‬‬


‫وأذكر أنه مما أثار دهشة الكثير من األخوان أننا كنا ذات مرة فى زيارة فى بلدة الرزيقات قبلى‬ ‫بأرمنت بمحافظة قنا‪ ،‬وقد ذهب ‪. ‬لزيارة مريض وذهبت مع اإلخوان للمسجد الصالة ‪ ،‬وبعد الصالة‬ ‫طلبوا أن ألقى درس ا ‪ ،‬فتحدثت معهم شارحا حكمة لإلمام أبى العزائم‪ ( :‬الورثة أربعة‪،‬‬ ‫ورثة أقوال‪ :‬وهم حملة الشريعة الممنوحين‪ ،‬وورثة‬ ‫أعمال؛ وهم العباد الورعون‪ ،‬وورثة أحوال؛ وهم أهل‬ ‫المواجيد الصادقة المحدثين‪ ،‬والرابع الوارث الفرد الجامع )‬ ‫ماتيسر‪ ،‬وهممت بشرح الرابعة‪ ،‬وإذا بأخ‬ ‫وشرحت لإلخوان الحاضرين الثالثة األولى بحسب‬ ‫َّ‬ ‫يدخل علينا ويقول الشيخ يدعوكم‪ ،‬فقمنا وذهبنا وجلسنا حيث كان الشيخ وبدأ درسه قائال‪ :‬الورثة أربعة‬ ‫وسردهم ثم بدأ بشرح الرابع وهو الوارث الفرد الجامع أى من حيث أنتهيت أنا ‪.‬وأرضاه‪.‬‬ ‫واستمرت بنا السنوات‪ ،‬وتوالت األحداث‪ ،‬ووقع فيها ماشاء اهلل له أن يحدث‪ ،‬وظهر فيها من‬ ‫األنوار واألسرار واإلفاضات والتأييدات مما اليسعه الذكر أو ال تطيقه العبارة والتحمله اإلشارة‪.‬‬ ‫وفى أثناء تلك السنين أسس الشيخ ‪ ‬جمعية الدعوة إلى اهلل بمصر الجديدة لتكون واجهة‬ ‫رسمية للدعوة الصادقة‪ ،‬وقد أنضم إليها أبناؤه وتالمذته وكنت واحدا منهم واستمرت المسيرة‪.‬‬ ‫وقد كلفنى ‪ ‬بما شاء فى هذا السبيل من األمور والمهام ومن شئون الدعوة‪ ،‬وكنت أصحبه ‪‬‬ ‫فى غالب رحالته الدعوية‪ ،‬وكان الشيخ ‪ ‬يحيل إلى الكثير من شئون اإلخوان واستشاراتهم‪ ،‬وكان ‪‬‬ ‫إذا ما استشاره أحد فى شيىء وسأله‪ :‬هل سألت أخانا فوزى فى هذا؟ فإن قال نعم ‪ ،‬قال له أعمل ما‬ ‫أشار عليك به !! وربما سأل الشيخ بعضهم‪ :‬بماذا أشار عليك فوزى؟ فيقول له‪ :‬كذا‪ ،‬فيقول‪ :‬نعم هو‬ ‫الصواب‪ ،‬وأخبرنى البعض ممن كان يالزم الشيخ أثناء إقامته ببورسعيد أنه سمعه فى غير موقف يقول‬ ‫لمن يسأله‪ :‬إذهب لفوزى ففوزى أنا وأنا فوزى‪.‬‬

‫استالم الراية‬

‫ومرت السنون وكان لى مع الشيخ من الشئون ما ال يسعه المجال‪ ،‬وما قد ال يسطر بحال مما‬ ‫ليس له وعاء إال صدور الرجال‪......‬‬ ‫حتى جاء أمر اهلل وكان العام ‪1411‬هـ‪1991 ،‬م ‪ ،‬وذهب الشيخ للحج هذا العام وكان على‬ ‫موعد للقاء اهلل تعالى‪ ،‬وقد صحبته بعد أن أمرنى بالحج حيث كنت الأنوى الحج هذا العام وقال لى‪:‬‬ ‫ومن الذى يثبت اإلخوان عند إنتقالى‪ ،‬فكان ماأراد ‪.‬‬ ‫ولما جاء األوان الموعود ‪...‬‬ ‫مر ‪ ‬على جميع اإلخوان يسلم عليهم فرداً فرداً وكانوا‬ ‫وفى آخر ليلة قبل انتقال الشيخ وقد َّ‬ ‫يعجبون لذلك‪ ،‬جاءنا حيث نقيم بفندق أم القرى الحادية عشرة مساءاً‪ ،‬فأحببنا أن يخلد إلى النوم لينال‬ ‫أحب أن أجلس معكم لحظات‪ ،‬وبدأ ‪ ‬يسرد ماحدث فى محاضراته‬ ‫قسطاً من الراحة‪ ،‬ولكنه قال‪ُّ :‬‬ ‫توجه إلى‬ ‫التى ألقاها اليوم للحجيج‪ ،‬ويوضح أن هناك أخطاء كثيرة يقعون فيها للجهل بالمناسك‪ ،‬ثم َّ‬ ‫وقال‪ :‬عندما تنزل مصر إن شاء اهلل اجمع هذه األخطاء تحت عنوان "أخطاء شائعة فى الحج " وأضفها‬


‫إلى كتاب حكمة الحج وأحكامه فى طبعة جديدة‪.‬‬

‫‪15‬‬ ‫‪16‬‬

‫وفى اليوم التالى كان ما قدر اهلل‪ ،‬وانتقل الشيخ ‪ ‬إلى رحاب اهلل ‪ ،‬ودفناه بمقبرة المعال بمكة‬ ‫المكرمة‪.‬‬ ‫وهنا عجيبة من ترتيبات القدر أحببت أن أقصها عليكم ‪ ،‬فقد عرفنا الحقاً أن مقبرة المعال تقع‬ ‫فى عطفة أو حارة الجميزة بمكة المكرمة ووجدنا يافطة كبيرة بذلك على مدخل المقبرة للقادم من ناحية‬ ‫الحرم واليافطة مازالت موجودة بجوار المدخل‪ ،‬والعجيبة هنا أن اسم حارة "الجميزة" إسم غير مشهور‬ ‫ال بالسعودية وال بمصر‪ ،‬وهو نفس اسم بلدتى التى ولدت فيها وأعيش بها فى الوقت الراهن وهى بلدة‬ ‫"الجميزة" مركز السنطة بمحافظة الغربية بمصر‪.‬‬

‫إكمال املسرية والفتح الوهبى فى الدعوة‬

‫وبعد العودة من الحج استكملنا مسيرة الدعوة المباركة كما بدأها ‪ ،.‬وأسسنا الجمعية العامة‬ ‫للدعوة إلى اهلل وهى جمعية مركزية‪ ،‬وأصبح لها ما يزيدعن العشرين فرعاَ بجميع المحافظات‪.‬‬ ‫وأكرمنا اهلل بإخوان صدق أعانونا فى شئون الدعوة‪ ،‬واكملنا المسيرة على نهج الشيخ بعقد‬ ‫لقائين جامعين فى السنة‪ ،‬اللقاء األول إحتفاالً بالمولد النبوى‪ ،‬والثانى إحتفاالً بذكرى اإلسراء والمعراج‪،‬‬ ‫وأضفنا إليه لقاءاً ثالثاً وهو لقاء اإلحتفاء بذكرى الشيخ محمد على سالمة ‪.‬‬ ‫وكنت أسافر بانتظام إسبوعياً تقريباً من بلدتى إلى بلدة أخرى للقاء إخواننا بأهل هذه البلدة يوم‬ ‫الجمعة أو ليلة الجمعة ويومها‪ ،‬كما واظبت أيضاً على اللقاءات السنوية بالصعيد فى أسوان واألقصر‬ ‫وإسنا وسوهاج‪ ،‬وكذا بالمنيا ومغاغة وأيضاً اإلسكندرية وبورسعيد وبنها والمنصورة وكفر الشيخ وغيرها‪،‬‬ ‫وكل ذلك على نفقتى الخاصة بفضل اهلل‪ ،‬ومع استمرارى فى العمل بالتربية والتعليم وترقيتى فى عملى‬ ‫واجتهادى ألكون صورة صادقة جامعة فى هذا الزمان بإذن اهلل‪.‬‬ ‫وكان لهذه اللقاءات المطولة بالصعيد واألسبوعية بالبالد األثر األكبر فى ترسيخ الدعوة وطرح‬ ‫أساليب التربية الصادقة على المريدين ‪ ...‬وتفريخ الرجال الصادقين‪ ،‬وقد أظهر اهلل تعالى لنا فيها من‬ ‫التأييد وافاض علينا من بحور اإللهام مما تعجز عن تسطيره األقالم‪ ،‬وجمع علينا بفضله من خيرة األتباع‬ ‫رب العالمين مما جدد روح الدعوة وأشاع فيها روح المحبة والصدق واألخوة‪.‬‬ ‫الصادقين المقبلين على ِّ‬ ‫ثم ألهمنى اهلل تعالى لما ظهرت لى حاجة الدعوة للقاءات المتتالية المنتظمة المنهجية إضافة إلى‬ ‫ما كان يجرى بالفعل‪ ،‬أن نعقد لقاءاً شهرياً جامعا‪ ،‬فكان لقاء المعادى بالقاهرة يومى الخميس والجمعة‬ ‫‪17‬‬ ‫األولى من الشهر‪ ،‬يبدأ اللقاء من بعد صالة العشاء يوم الخميس‪ ،‬ثم صباح الجمعة فالخطبة ويستمر‬ ‫إلى صالة ال عصر‪ ،‬وقد أكرم اهلل الدعوة بهذه اللقاءات المنتظمة والتى استمرت من يومها فى منتصف‬ ‫‪ 15‬وقد أعانىن اهلل فقمت واحلمدهلل بعد رجوعنا جبمع هذه األخطاء مع شرح مبسط وواىف للمناسك وطبعناه ىف كتاب أمسيناه "زادالحاج والمعتمر"‬ ‫وقد طبع طبعتان‪ ،‬و طبع مؤخراً طبعة صغيرةالحجم للحمل بالجيب أثناء أداء المناسك اسميناها ‪ :‬مختصر زاد الحاج والمعتمر‪.‬‬ ‫‪ 16‬لمراجعة سيرة الشيخ محمد على سالمه راجع كتابنا " العارف باهلل تعالى الشيخ محمد على سالمه سيرة وسريرة "‬ ‫‪ 17‬كانت اللقاءات الشهرية بالمعادى فى ا لخميس والجمعة الثانية من كل شهر ميالدى بانتظام حتى شهر أبريل ‪ ،2010‬ثم أصبحت الجمعة‬ ‫األولى من كل شهر أفرنجى مع الخميس السابق لها إلى اآلن بضل اهلل تعالى وما زلنا عليه‪.‬‬


‫التسعينات حتى اليوم فى أن تكون منبرا راسخاً فى التربية الصوفية المنهجية المنتظمة‪ ،‬وترسيخ الدعوة‬ ‫الصادقة إلى جهاد النفس وغيرها من الكثير مما فتح اهلل تعالى به علينا‪ ،‬فكانت هذه اللقاءات الشهرية‬ ‫على مدار السنوات بمثابة معاهد علمية صوفية شرعية راسخة‪ ،‬بل واصبحت لقاءاتنا الشهرية اليوم منبراً‬ ‫عالميا يتابعه آالف المسلمين على الهواء على الشبكة الدولية للمعلومات‪.‬‬ ‫وانتشرت الدعوة وأكرمنى اهلل ببركة حبيبه ‪ ‬فأفاض على من الحكمة وفصل الخطاب مما دعا‬ ‫الكثيرين إلستضافتى بكثير من البرامج المسجلة أو على الهواء باإلذاعة والتليفزيون والقنوات‬ ‫‪18‬‬ ‫أصر دائما على‬ ‫الفضائية ‪ ،‬وقد عرض علينا ومازال الكثير من ذلك ومن البرامج ولكنى كنت ومازلت ُّ‬ ‫للم الشمل‪ ،‬ومحاربة البدع والخرافات‪ ،‬وعدم التجريج أو بلبلة‬ ‫أال أقبل إال دعوات البرامج التى تدعو ِّ‬ ‫الرأى العام باألقوال المهجورة‪ ،‬وعدم شن الحروب الدعائية والبعد عن اإلثارة وعدم افتعال أو إشعال‬ ‫الخالف‪ ،‬وتجنب ما يحدث الفتن ويشيع روح التباغض أو الفرقة والتشدد فى المجتمع‪.‬‬ ‫كما أكرمنى اهلل بالتأكيد على الدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة إلحياء روح اإلسالم الحقيقية‬ ‫وإعطاء الشكليات وزنها الحقيقى بال مبالغة وال تسيب‪ ،‬وبأن تكون دعوتنا وسطية ال تفريط فيها فى‬ ‫شرع اهلل والإفراط وال مغاالة‪ ،‬وفى المقابل فقد جعلنى اهلل تعالى أنا محب الصوفية الحقة والمتصوفين‬ ‫الصادقين حرباً على كل أدعياء التصوف ومحبى الدروشة والشعوذة والكسل واإلختالط والخزعبالت‬ ‫ومرتزقى أو أرزاقية التصوف‪ ،‬لنعود بالتصوف إلى رحاب الدين الحق وإلى طريق الصدق واإلخالص‬ ‫واإلقبال على اهلل بالعمل والجد ونفع المجتمع أفراداً وجماعات‪.‬‬ ‫من اهلل علينا بأخوان صدق فى جميع البالد يسجلون دروسنا منذ أيام الشيخ وفى حياته‬ ‫وقد َّ‬ ‫وبعد ذلك‪ ،‬حتى جمعوا لنا من ذلك حتى اآلن ما يزيد عن األربعة أالف شريط من التسجيالت‬ ‫والعشرات من شرائط الفيديو ثم التسجيالت الرقمية واإلسطوانات المدمجة فانضم من ذلك المئات‬ ‫سجل بحقبة السبعينات والثمانينات وأوائل التسعينات‪.‬‬ ‫إلى ماسبق‪ ،‬ومازال الكثير لم يجمع بعد مما ِّ‬ ‫وقام من بينهم جماعة من أهل اإلخالص والصدق أفرغوا ما يقرب من األربعمائة وخمسين شريطاً‬ ‫وكتبت وخرجت أحاديثها وآياتها وأكرمنا اهلل حتى اآلن بطباعة ثالثة وستين كتاباً فى جميع شئون الدين‬ ‫والحياة والتصوف والطريق إلى اهلل والحقيقة المحمدية وأكثرها من هذه الشرائط المفرغة؛ نسأل اهلل‬ ‫تعالى أن يعيننا على إخراج ماتبقى للنور لنفع المسلمين والمسلمات إنشاء اهلل رب العالمين‪.‬‬ ‫وقد أعان اهلل إخواننا أهل الصدق فأنشأوا لنا موقعاً على شبكة اإلنترنت منذ ما يقرب من العشر‬ ‫سنوات‪ ،‬وكان موقعا بسيطا بقدر تطور الشبكة وقتها‪ ،‬ثم أكرمنا اهلل منذ أقل من سنة وبجهود المخلصين‬ ‫طورنا الموقع ليصبح مرجعا عالمياً علميا تسجيلياً لجميع رحالتنا ولقاءاتنا وكتبنا‪ ،‬والقائمون عليه فى‬ ‫أن َّ‬ ‫الطريق لتفريغ هذا التراث الضخم بالكامل من التسجيالت مع تبويبها تاريخياً باللقاءات وأماكنها‪،‬‬ ‫وفهرستها موضوعيا أيضاً ليسهل الوصل إلى موادها بأي طريق‪ ،‬ونهاية فالموقع يعرض جميع محاضراتنا‬ ‫صوتا‪ ،‬وصوتاً وصورة‪ ،‬وكتابة‪ ،‬ويمكن للمتصفح السماع فقط أو المشاهدة والسماع أو القراءة على‬ ‫الشبكة مباشرة‪ ،‬أو التنزيل كتابة أو صوتا أو صوتا وصورة بامتدادات الشبكة المختلفة‪ ،‬وطبعا يتوقف‬ ‫‪ 18‬من القناة األولى والسادسة والثامنة والفضائية المصرية بالتلفزيون المصرى وغيرها من الفضائيات‪ ،‬وإذاعة القاهرة الكبرى والقرآن الكريم‪،‬‬ ‫وشمال الصعيد ووسط الدلتا وإذاعة القناة وغيرها‪.‬‬


‫توفر الصورة مع الصوت على التسجيالت المتاحة لدينا وجودتها بعد هذه السنوات‪ ،‬ويزاد على هذا‬ ‫بتخريج اآلية والحديث وغيره إلتمام العمل‪.‬‬ ‫كما يحتوى الموقع على كم هائل من اإلستشارات واألسئلة والفتاوى التى تجمعت عبر هذه‬ ‫السنين‪ ،‬وإضيف مؤخرا واجهة للموق ع كمرآة باللغة اإلنجليزية وجارى رفع المواد التى تمت ترجمتها‬ ‫واألمل فى اهلل كبير أن يعين القائمين على هذا المشروع وأن يجمع عليهم المزيد من أهل الصدق‬ ‫واإلخالص والمتخصصين ليكون هذا الموقع شامال وبكل اللغات خاصة وأنه تمت ترجمة بعض الكتب‬ ‫ونشرها بأندونسيا فعالً باللغة األندونسية واهلل المستعان وبه التوفيق‪.‬‬

‫من عالمات تأييد اهلل وتوفيقه سبحانه‬

‫إخوانى! أكرمنى اهلل تعالى فى أطوار الدعوة إليه سبحانه بالقال والمقال والسياحات وغيرها مما‬ ‫على؛ بتوفيقه وتأييده وإمداده وعونه‪ ،‬ولوال فضل اهلل ‪ ‬ونظرات رسوله ‪ ‬ما استطعت النطق أو‬ ‫َّ‬ ‫من به َّ‬ ‫إلى‪ ،‬فاألمر كما قال اهلل ‪ ‬فى كتابه الكريم (‪21‬النور)‪:‬‬ ‫الكتابة ألى حرف أو كلم مما ينسب ًّ‬ ‫‪            ‬‬

‫وكذلك بالنسبة إلمدادات ونظرات رسول اهلل ‪ ‬فأتمثل فى ذلك بقول إمامنا أبى العزائم ‪: ‬‬ ‫كل‬ ‫وأنا‬

‫الذى‬

‫الظلوم‬

‫أنا‬

‫أنا‬

‫فيه‬

‫فضل‬

‫الجهول‬

‫أنا‬

‫محمد‬ ‫الذى‬

‫منه‬

‫لوال‬

‫بدا‬

‫عنايته‬

‫وإليه‬

‫كان‬

‫هلكت‬

‫وصوليا‬ ‫بحاليا‬

‫على من التوفيق والتأييد لنسبة هذا الفضل‬ ‫على أن أذكر بعض ما َّ‬ ‫من به اهلل ‪َّ ‬‬ ‫ولذا كان لزاما َّ‬ ‫إلى اهلل أوالً‪ ،‬وتحفيزاً وترغيباً للصادقين فى المعاملة مع اهلل ‪ ‬ثانياً‪ ،‬وتحقيقاً لرغبة الكثير من اإلخوان‬ ‫فى معرفة ذلك ثالثاً‪ ،‬ويعلم اهلل أنه قد إجتمع لنا المئات من تلك اإلكرامات مما كتبه إخواننا فيما وقع‬ ‫لهم أو رأوه‪ ،‬وأرسلوها لنا لتكون سجال حيَّا لما شهدوه وعاصروه من ذلك‪ ،‬ولكنا سنكتفى هنا بذكر‬ ‫منوعة مابين رؤيا صالحة أو مشورة ناصحة‪ ،‬أو مقولة موفقة على غير معرفة مسبقة‪ ،‬أو‬ ‫بعض نماذج َّ‬ ‫إجابة خواطر خفية بإجابات بينة جلية‪.‬‬ ‫وحتى ال تختلط المفاهيم لدى بعض قرائنا الكرام‪ ،‬فإنى وإضافة إلى ما اوردت فى مقدمة هذا‬ ‫الكتاب عن الكرامة ومفهومها لدى الصالحين‪ ،‬فإنى أزيد األمر جالءاً بأن أقول أن اهلل تعالى يسوق‬ ‫الكرامات فى الكثير من المواقف بمثابة إشارات تثبيت أو وسائل تأييد يظهرها اهلل تعالى على أيدى‬ ‫العارفين بال طلب منهم لذواتها ألنهم يفرون من سوى موالهم وال يطلبون شهرة فى دنياهم وال عطية فى‬ ‫أخراهم‪ ،‬إنما كدهم وسعيهم فى توصيل الرسالة التى كلِّفهم بها موالهم من داللة الخلق عليه واألخذ‬ ‫بإيديهم إليه‪ ،‬وعليه فقد يظهر اهلل تلك التأييدات أو الكرامات فيهم أو عليهم‪ ،‬أو فى أتباعهم أو‬ ‫معارضيهم‪ ،‬لتأييد الصالحين أو تثبيتاً لألحباب أو للمؤانسة أو فصل الخطاب‪.‬‬ ‫ومن جملة تلك الكرامات‪:‬‬ ‫الرؤيا الصالحة التى يراها المؤمن أو ترى له‪ ،‬والرؤيا الصالحة هى التى قال فيها ‪ ‬لسيدنا عُبادةَ‬


‫قول اللَّ ِه تعالى ي لهم البشرى في الحياةِ الدنيا وفي اآلخرةِ‬ ‫ِ‬ ‫فقال ‪:‬‬ ‫ب ِن‬ ‫َ‬ ‫الصامت ‪ ،‬عندما سأله عن ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ‬

‫ِي الرؤ َيا‬ ‫{ سأل َتني عنْ‬ ‫شيء ما سألني عن ُه أح ٌد قبلَ َك ْأو أح ٌد منْ أُمتي‪ ،‬قا َل‪ :‬ه َ‬ ‫ٍ‬ ‫‪1 9‬‬ ‫ُ‬ ‫الصالحة يرا َها المسل ُم ْأو ُت َرى لَ ُه }‬

‫وهى التى قال فيها أيضاً ‪ ‬فى موقف شديد الخصوصية فى تاريخ األمة المحمدية صادراً عن‬ ‫بصيرته النوارنية واستلهاماً لما تحتاجه األمة بعد رحيله ‪ ‬من استمرار فيض البشريات الربانية ألفرادها‬ ‫– بعد إنقطاع الوحى المباشر‪ -‬وذلك عندما صلى الناس وراء سيدنا أبى بكر ‪ ‬فى مرض إنتقاله ‪‬‬ ‫وقلوبهم وجلة خوفا على نبيهم؛ إذ روى اب ِن َعبَّ ٍ‬ ‫اس عن تلك اللحظات العصيبة التى سبقت العاصفة‬ ‫الهائلة التى ألقت بظاللها الكثيفة عليهم فقال‪:‬‬

‫بي ‪َ ‬ك َ‬ ‫اس‬ ‫ف أبي َب ْك ٍر فقال‪ :‬ياأ ُّي َها ال َّن ُ‬ ‫وف َخ ْل َ‬ ‫صفُ ٌ‬ ‫اس ُ‬ ‫ار َة َوال َّن ُ‬ ‫الس َت َ‬ ‫ف ِّ‬ ‫ش َ‬ ‫{ أنَّ ال َّن َّ‬ ‫‪20‬‬ ‫إ َّن ُه لَ ْم َي ْب َق ِم ْن َم َب ِّ‬ ‫الصال َِح ُة َي َراهَا ال ُم ْسلِ ُم ْأو ُت َرى َل ُه }‬ ‫ش َرا ِ‬ ‫الر ْؤ َيا َّ‬ ‫ت ال ُّن ُب َّو ِة إ َّال ُّ‬ ‫إذ كان ‪ ‬فى رؤيته ألمته يصلون خلف من سيخلفه فيهم يستشعر حاجتهم بعده الستمرار مثل‬ ‫هذه المبشرات التى كان يواليها بهم وهو بين ظهرانيهم فتشد من أزرهم وتدلهم على حسن سيرهم أو‬ ‫تأييد السماء لهم‪.‬‬ ‫بل وكانت تظهر على الكثيرين فيؤيدها ‪ ‬أو يعبرها (يفسرها) لهم‪ ،‬ولذا فكثيراً ما كان يسأل‬ ‫أصحابه بعد صالة الصبح‪:‬‬ ‫‪1‬‬

‫{ أَ ّي ُك ْم َرأَى اللّ ْي َل َة ُر ْؤيا؟ }‬

‫‪2‬‬

‫وكان عبد الرحمن بن أبى بكرة يقول‪:‬‬

‫‪2‬‬

‫{ كان رسول هللا ‪ ‬يعجبه الرؤيا الحسنة ويسأل عنها ‪ ..‬أيكم رأى رؤيا؟ } ‪.2‬‬

‫التأييد بالرؤيا الصاحلة‬ ‫وحتى اليتطرق الشك إلى بعض القلوب أن مثل هذه المبشرات من الرؤيا الصالحة كانت‬ ‫مقصورة على زمن مضى أو أناس بعينهم‪ ،‬نقول أنه من الثابت ألهل العلم ومما ال يقبل الشك‪ ،‬أن مثل‬ ‫هذه األمور المباركات قد استمرت من بعده ‪ ‬فى األمة وعلى نفس المنوال الشريف من البشرى‬ ‫والتأييد أو فصل القول والتشريف‪ ،‬ونحن ال نبيح سراً أذا أمطنا اللثام عن أنه قد وقع لنا الكثير من ذلك‬ ‫بفضل اهلل وبركة رسوله ‪ ‬فى طريقنا إلى اهلل وسلوكنا لنهج الصالحين؛ سواء ما رأيناه بأنفسنا من رؤي‬ ‫التوجيه أو التأييد من اهلل ورسوله ومن ذلك ما ذكرت طرفاً منه مما حد ث لى فى طريق سلوكى إلى اهلل‬ ‫بالصفحات القليلة السابقة‪.‬‬ ‫‪ 19‬اسم الكتاب‪ :‬سنن الدارمي عن عبادة بن الصامت‬ ‫‪ 20‬سنن أبي داوود عن ابن عباس‬ ‫‪ 21‬المستدرك على الصحيحين‪ ،‬عن سيدنا سفينة مولى أم سلمة ‪‬‬ ‫‪ 22‬مسند اإلمام أحمد عن عبد الرحمن بن أبى بكرة ‪.‬‬


‫ومنه ما أيد اهلل تعالى به أخواننا السالكين للطريق على أيدينا فرأى أكثرهم من ذلك الشيىء‬ ‫الكثير والجم الوفير‪ ،‬وأذكر من ذلك ‪...‬‬ ‫قصة وقعت لنا فى زيارة سابقة إلى سوهاج بتاريخ ‪ 2010/6/3‬والتى استمرت عدة أيام ففى‬ ‫الليلة األولى قام الشيخ أكرم سعد الدين على‪ ،‬واعظ مركز جرجا بتقديمى إللقاء الدرس بعد أن صلينا‬ ‫العشاء بالمسجد وكانت السهرة فى حفل كبير أقيم بمنزل د‪ .‬أحمد حسين بسفالق‪ ،‬كعادة إخواننا‬ ‫أكابر القوم بالصعيد عند استضافة العلماء‪ ،‬فأثناء تقديم فضيلته لى قال على لسانه أنه قبل الحفل جاء‬ ‫أحد الحاضرين الذين صلوا معنا ممن ال يعرفنا وطلب من الشيخ أكرم على أن يصافحنى‪ ،‬فسأله الشيخ‬ ‫أكرم‪ :‬هل أعجبك شيء من علم الشيخ فوزى فى كتبه؟ قال‪ :‬ليس ذلك!‪ ،‬فقال له‪ :‬هل أعجبك شيء‬ ‫سمعته فى دروسه المسجلة على الشرائط أو اإلسطوانات؟ قال‪ :‬ليس األمر كذلك‪ ،‬فقال له الشيخ أكرم‬ ‫متعجباً‪ :‬فما السبب الذي دفعك لطلب هذه المصافحة؟‬ ‫فقال‪ :‬رأيت باألمس رؤيا كأني ذاهب إلى صالة الجمعة في مسجد سيدي أبو عمرة (بجرجا)‬ ‫وإذا بصفين من الرتب العالية مصطفين خارج المسجد‪ ،‬فلما سألت عن السبب؟ قيل‪ :‬نحن جئنا‬ ‫الستقبال خطيب الجم عة ففوجئ بخطيب الجمعة (المعتاد) وقد تغير‪ ،‬وإذا هو فضيلة موالنا الشيخ‬ ‫فوزي محمد أبوزيد ‪ ، ‬فلما سمعت أن الشيخ هو بنفسه هنا حضرت للسالم عليه ومصافحته‪.‬‬ ‫ثم أضاف الشيخ أكرم أيضاً وفى نفس التقديم‪:‬‬ ‫وكذلك حدثنى األخ الصادق األستاذ‪ /‬أحمد عبدالرحيم‪ ،‬أنه أيضاً رأى فى المنام البارحة أنه ومعه‬ ‫صعِ َد بهما إلى السماء‪ ،‬فوجدا قوماً كراماً بيض الوجوه يذكرون اهلل تعالى‪،‬‬ ‫أخوه األستاذ‪/‬أحمد ربيع وقد ُ‬ ‫فلما دعوهما قاال‪ :‬إنما جئنا نسأل عن الفرد الوارث!‪ ،‬فأخذوهما إلى حجرة طيبة بالسماوات بها رسول‬ ‫اهلل ‪ ‬وقيل لهما أن معه الفرد الوارث الذى جاءوا لمعرفته‪.‬‬ ‫ولما دخال الحجرة إذا بالجالس بداخلها مع رسول اهلل ‪ ‬هو فضيلة موالنا الشيخ فوزي محمد‬ ‫أبوزيد‪ ،‬وقد قال الشيخ أكرم ذلك فى تقديمنا للدرس وسمعه جميع الحاضرين؛ فكان تأييدا من اهلل‬ ‫لتعريف الناس بنا إذ كانت هذه هى زيارتنا الثالثة لسوهاج وقد اجتمع علينا فيها جمع غفير يطلبون اهلل‬ ‫تعالى ويسألون عن السبيل الموصلة إليه‪.‬‬ ‫ورواية ثانية أذكرها لرؤيا حدثت ألخينا الشيخ عبداللطيف محمود من ترعة ناصر‪ ،‬وكنت فى‬ ‫سياحة دعوية إلخواننا بمحافظة قنا وكانت ليلة فى عزبة الحامى تابع البصيلية – مركز ادفو‪ -‬وكنت‬ ‫ألقى درساً فى شمائل حضرة النبي ‪ ،‬وكان فتحا إلهامياً عليَّاً فى شمائله وأنواره تعجب له الحاضرون‪.‬‬ ‫وفى صبيحة اليوم التالى حدثنا أخونا الشيخ عبد اللطيف محمود وقص حكايته على الحاضرين‪،‬‬ ‫فقال أنه رأى ليلة البارحة وبعد اإلنصراف من درس الشمائل الذى عجب فيه للمعانى العالية التى ألهمنا‬ ‫اهلل بذكرها! فقال أنه لما نام رأى نفسه داخالً على الروضة النبوية الشريفة‪ ،‬وكان حضرة النبي ‪ ‬يتكلم‬ ‫مع فرد آخر بالداخل وباب الروضة مقفول‪ ،‬فقال‪ :‬قلت فى نفسى أنتظر حتى ينصرف الرجل ألحظى‬ ‫باإلنفراد بحضرة النبي‪ ،‬وحدث ذلك‪ ،‬فلما جلست فى حضرته ‪ ‬وانفردت به قلت لرسول اهلل ‪ :‬يا‬ ‫سيدي قال فيك الشيخ فوزى كذا وكذا من الشمائل ويقصد التى ذكرتها فى الدرس ليلة البارحة‪ ،‬فرد ‪‬‬


‫قائالً‪ :‬حقاً حقاً يا عبد اللطيف!‪ ،‬قال‪ :‬فأخذت أقبل ساقيه الشريفتين بأدب وخجل‪ ،‬فنادنى ‪ ‬باسمى‬ ‫وقال‪ :‬كفاياك يا عبداللطيف حيث كنت أتبرك بالساقين وأمسح وجهي‪.‬‬ ‫محب للصالحين جمعه اهلل تعالى‬ ‫وأختم برؤيا ثالثة ألخى المهندس نبيل إبراهيم وهو رجل صادق ٌّ‬ ‫علينا منذ سنوات قليلة بعد أن اجتهد السنين الطوال فى مصر وخارجها فى البحث عن العبد القائم‪،‬‬ ‫على أنه كان يقرأ القرآن فى رمضان‬ ‫وقد أكرم بالكثير من الرؤيات لسيدنا رسول اهلل ‪ ‬ومنها ما َّ‬ ‫قصه َّ‬ ‫قبل الماضى وذلك بعد أن تعرف بنا بمدة قصيرة‪ ،‬وهو يحكى بنفسه ويقول‪ .. :‬فى رؤية خالصة أثناء‬ ‫تالوة القرآن الكريم فى رمضان وفى لحظة وأنا أقرأ المصحف‪ ،‬رأيت على دفتى المصحف اليمنى‬ ‫حضرة النبى ‪ ‬وعلى الدفة اليسرى حضرتكم جالساً أمام رسول اهلل‪ ،‬ثم قام ‪ ‬بإخراج اآليات من‬ ‫داخل المصحف وآيات من فمه الشريف ثم يتفل بها فى فمك وأن ا أرى اآليات تدخل فى داخلك‬ ‫وأنت جالس أمام حضرته ‪.‬‬ ‫وهذه الرؤيات التى وقعتا لمريدينا أو من يسلكون الطريق على أيدينا ال ُّ‬ ‫تعد وال تحصى‪ ،‬ولكنا‬ ‫هنا نكتفى بذكر ما سبق للتدليل على أن باب الرؤيا الصادقة التى يؤيد اهلل بها أحبابه والمقبلين عليه‬ ‫مفتوحاً دائماً وإلى ما شاء اهلل‪.‬‬

‫التأييد بإجابة مكنون الصدور‬

‫وهذا أيضا له سنده من السنة المشرفة فقد قال ‪:‬‬ ‫‪3‬‬

‫ِـيق هللا }‬ ‫{ اح َذ ُروا ف َِرا َ‬ ‫ور هللا َو َي ْنطِ قُ ِب َت ْوف ِ‬ ‫س َة الـمؤم ِ‬ ‫ِن فـإِ َّن ُه َي ْن ُظ ُر ِب ُن ِ‬

‫‪2‬‬

‫على من إلهامه وتوفيقه أنى فى معظم األحاديث التى أتوجه بها إلى‬ ‫فكذلك مما َّ‬ ‫من اهلل به َّ‬ ‫الحاضرين يلهمنى اهلل ‪ ‬باإلجابة عن األسئلة واإلستفسارات التى تجول بخواطرهم بإجابات تشفى‬ ‫صدورهم ووقع لنا مع إخواننا ممن يعرفوننا الشيىء الكثير‪،‬بل وأكثر من ذلك وقع لنا مع من ال يعرفوننا‬ ‫أو أتوا ليتعرفوا بنا‪.‬‬ ‫وأذكر منهم أخاً من أشراف السعودية جاء مع والده للعالج وأحب فى آخر يوم فى زيارته أن‬ ‫يتعرف بنا ألن عالج والده استغرق المدة كلها والبد أن يسافر غداً‪ ،‬وكان قد قرأ كتبنا من قبل وقد وقع‬ ‫سر اهلل لقاءه‪ ،‬فاتصل بالدار التى‬ ‫فسيُـيَ ِّ‬ ‫فى قلبه أنه ربما وجد من يبحث عنه‪ ،‬فقال فى نفسه لو كان هو َ‬ ‫تشرف على كتبنا بالتليفون الموجود بالكتب وتكلم مع أحد مسؤلي الكتب‪ ،‬فحدثنى هذا األخ وأخبرنى‬ ‫عنه وعن رغبته؛ فطلبت منه أن يصحبه لزيارتنا بالجميزة فى سيارته وكان اليوم اإلثنين وهو يوم الدرس‬ ‫اإلسبوعى ببلدتنا‪.‬‬ ‫وكان هذا الزائر قد استأجر سيارة بالقاهرة وذهب ليقابل أخانا الذى سيصحبه فى سيارته الخاصة‬ ‫أصر على القيادة بنفسه فى القاهرة‪ ،‬وعندما لم يعرف‬ ‫ضل الطريق أكثر من ساعة ونصف ألنه َّ‬ ‫ولكنه َّ‬ ‫كيف يسير وقد ضاع الطريق منه وتأخر الوقت‪ ،‬نصحه األخ أن ينزل من أول مخرج بالكوبرى الذى هو‬ ‫‪( 23‬ابن جرير) عن ثوبـان‪ ،‬الفتح الكبير‪.‬‬


‫فوقه اآلن وينتظر هنالك ويعطى الموبايل ألى مصرى ليصف المكان الذى هو فيه ليذهب إليه أخونا!‬ ‫واإلثنان على ثقة أنهما على طرفين بعيدين بالقاهرة فهذا بالدقى والثانى بالهايكستب!‪.‬‬ ‫فوافق على مضض ألنه يصر أن يستدل على الطريق بنفسه ولم يوافق إال ألن الوقت تأخر! فلما‬ ‫نزل من الكوبرى ووصف أحدهم المكان ألخينا ‪ ..‬فإذا به أمامه على الجانب اآلخر من الطريق بشارع‬ ‫البحر األعظم بالجيزة! والسيارتان أمام بعضهما فتعجب زائرنا أشد العجب‪ ،‬وقال لألخ الذى صحبه‬ ‫إلينا فى سيارته هذه ثانى كرامة لى مع الشيخ اليوم ألنى مسافر غداً وأتفقت أن آتيى معك ولكن ظهرت‬ ‫تيسرت فى وقت قصير فتعجبت َّ‬ ‫أشد‬ ‫لى أمور عديدة تعيقنى مؤكداً عن السفر للشيخ؛ ولكنها كلها َّ‬ ‫العجب وعددتها كرامة للشيخ‪ ،‬وهذه هى الثانية فيبدو أننى فى الطريق الصحيح! ولكنى سأنتظر لقائي‬ ‫بالشيخ!‬ ‫ولما جاءنا وكان الدرس قد بدأ فبعد أن انتهى الدرس ورحبنا به سألته‪ :‬هل لك من أسئلة؟ فقال‬ ‫ياسيدى كنت قد أتيتكم وعندى ثالثة أسئلة متنوعة تحيِّرنى أحببت أن أسئلكم عنها‪ ،‬ولكنكم أجبتموها‬ ‫بنفس الترتيب الذى فى نفسى بإجابات شافية لم تخطر ببالى! فقلت له إن هذا من توفيق اهلل وبركة‬ ‫رسوله ‪.‬‬ ‫فيه‪:‬‬

‫وقصة أخرى يرويها أخونا الحاج مصطفى عبد الموجود من ديرب نجم شرقية‪ ،‬فيقول بارك اهلل‬

‫حدثت لى مع الشيخ كرامات عديدة فمن هذا الصنف مرتين وكان لهما أبلغ األثر فى تثبيت‬ ‫عقيدتى بالصالحين؛ فبعد أن تعرفت على الشيخ للمرة األولى وأعطانى بعض إخوانى كتبا عن اإلمام أبى‬ ‫العزائم وعن الصالحين قرأت فيها عما اعتبرته مصطلحات لم أفهمها كالقطب والوتد والنجيب وألفاظ‬ ‫كهذه‪ ،‬وفى يوم أخبرنى أخى األستاذ جمال عبد الحميد المدرس أن الشيخ فى زيارة للقاهرة فذهبت‬ ‫معه وسألته فى الطريق عن معانى هذه األلفاظ فلم يجب‪ ،‬فوصلنا على العشاء ثم بدأ الشيخ الدرس‬ ‫وكان الدرس بالكامل فى اإلجابة عن كل األلفاظ التى حيرتنى واحداً بعد اآلخر! فعقدت الدهشة ألسنتنا‬ ‫أنا وأخى جمال الذى لم يفارقنى لحظة واحدة منذ سألته عنها!! فكانت أول ماثبَّتنى فى الطريق مع‬ ‫الشيخ‪.‬‬ ‫ويحكى أيضا عن مرة أخرى ويقول‪:‬‬ ‫أحب الشيخ حبَّاً عظيماً ولكنى أريد كرامة أخرى‬ ‫لما حدث لى ذلك قلت فى نفسى أنا ُّ‬ ‫َّثت بذلك كله أخانا الحاج سعيد‬ ‫وانشغلت بهذا األمر! وبعد ذلك وفى زيارة إلخواننا بقنا بالصعيد حد ُ‬ ‫الغنام من الزقازيق وذلك قبل صالة قبل المغرب‪ ،‬فقال لى ال تتعجل األمور! فسألته‪ :‬فما الفرق بين‬ ‫موالنا الشيخ محمد على سالمه الذى انتقل إلى رحمة اهلل تعالى ولم أقابله؛ وبين شيخنا الشيخ فوزى؟‬ ‫فلم يجبنى إجابة شافية!‪.‬‬ ‫فصلَّينا المغرب والعشاء معاً وهو بجانبى لم يفارقنى لحظة‪ ،‬ثم بدأ الدرس وكان هذا بإجازة يناير‬ ‫سنة ‪ 2002‬م‪ ،‬وبعد حوالى منتصف الدرس وهو درس مسجل يمكن ألى أحد الرجوع إليه! قال الشيخ‬ ‫فجأة‪ :‬ويسألون عن الكرامة؟ ثم أفاض فى بيان الكرامة وأن الكرامة الحقيقية فى تغيير األخالق وليست‬


‫اليفر من اهلل! وهنا مادت بى األرض من‬ ‫فى األشياء الظاهرة! ثم قال وعموماً من يريد فسأقول له حتى َّ‬ ‫هول المفاجأة وانعقد لسانى وأنا أنتظر ماذا سيقول الشيخ! فقال‪ :‬ويسألون عن الشيخ السابق والشيخ‬ ‫الالحق! وأنا أكاد ال أسمع من هول المفاجأ ة وأخذ يشرح ويستشهد بالكتاب والسنة حتى انتهى‬ ‫الدرس‪.‬‬ ‫ثم يكمل الحاج مصطفى عبد الموجود ويقول‪ :‬ثم قابلت الحاج سعيد الغنام بعد الدرس الذى‬ ‫كان مذهوالً هو اآلخر من هول المفاجأة‪ ،‬وقال لى‪ :‬ال تسألنى عن شيىء بعد اليوم! فكانت تلك‬ ‫الحادثة نقطة فارقة لى فى طريق اهلل!‪.‬‬ ‫وأنا أقول لكم إخوانى الكرام أشهدنا اهلل وإياكم أنوار نبينا عليه أفضل الصلوات وأتم‬ ‫التسليمات‪ :‬أن هذا كله من أوله إلى آخره إنما هو من توفيق اهلل وإلهامات ونظرات حبيبه المصطفى ‪‬‬ ‫وبركاته علينا أجمعين وليس لنا فيه ال كثير وال قليل والفضل هلل العلى الجليل‪.‬‬ ‫البالد‪.‬‬

‫ويلحق بهذا الشأن أيضاً توفيق اهلل وتأييده فى المواضيع التى نتناولها فى خطب الجمعة فى‬

‫ذلك أننِى أتكلم فى أغلب خطب الجمعة عن تفسير آية من كتاب اهلل من اآليات التى يقرأ‬ ‫ملحة تتعلق‬ ‫القارىء قبل الخطبة‪ ،‬وفى أغلب األحيان يدير اهلل تعالى محور الخطبة فتتركز حول مشكلة َّ‬ ‫بأهل البلد أو بشأن عاجل لدى أحدهم‪ ،‬فيأتى الناس بعد الصالة ويعجبون كيف عرفت بأمر مشكلتهم؟‬ ‫أو يسألنى صاحب الشأن من أخبرنى بأمره حتى تناولت موضوعه على المنبر؟‬ ‫على وعليكم!‬ ‫فأقول لهم جميعاً‪ :‬إنما ذلك إلهام اهلل وفضله َّ‬

‫وال أريد ذكر أمثلة فى ذلك ألنها أكثر من أن تحصى أو تعد ألننى منذ السبعينات نَ ُدر أن أحضر‬ ‫خطبة الجمعة إال خطيباً!! فقد تكرر هذا األمر عشرات بل مئات المرات والحمد هلل على فضل اهلل‪.‬‬ ‫ونفس األمر أيضاً عندما أدعى لمحاضرة بجامعة أو نادى أو لقاء للشباب أو النساء ‪ ...‬فغالباً ما‬ ‫يدور موضوع المحاضرة الرئيسى حول األمر األكثر شغالً للحاضرين! وكثيرا ما يسألوننى كيف عرفت‬ ‫ذلك؟ فأقول إنه فضل اهلل وإلهامه وبركة حبيبه ‪ ‬الذى ِّ‬ ‫بشرنا فى حديثه الشريف أن فى أمته من يفعلون‬ ‫ذلك بقوله عاليه الصالة والسالم‪:‬‬ ‫‪4‬‬

‫س ِم ِ​ِ ِ​ِ } ‪.‬‬ ‫{ إنَّ ِ َّ ِ‬ ‫اس بِال َّت َو ُّ‬ ‫َلِل َت َعا َلى عِ َبادَ اً َي ْع ِرفُونَ ال َّن َ‬ ‫‪2‬‬

‫تأييد اهلل تعاىل فى اإلستشارة أو التوجيه‬ ‫من اهلل به على ‪ ‬أننى ال أشير على أحد من إخوانى بأمر إال وأجد عناية اهلل تلحقه‬ ‫وأيضاً مما َّ‬ ‫وتحيط به حتى يتم األمر على مراد اهلل ويكون موافقاً لمرادنا بفضله تعالى وبركة إلهام حبيبه ‪ ،‬ومن‬ ‫رب العالمين ال يكاد تليفونى األرضي‬ ‫يقص الكثيرون من إخواننا الكثير والكثير فإنى والحمد هلل ِّ‬ ‫ذلك ُّ‬ ‫والمحمول يتوقف عن الرنين ليالً وال نهاراً‪ ،‬وكذا البريد اإلليكترونى والعادى! وسبحان من يقوينى على‬ ‫‪ 24‬الْحكيم والْبزار‪ ،‬عن ٍ‬ ‫رضي اللَّهُ عنهُ‪ ،‬جامع المسانيد والمراسيل‬ ‫أنس َ‬


‫الرد على كل تلك اإلستشارات والتساؤالت الدينية والشرعية والسلوكية والفتاوى بالعشرات يومياً من‬ ‫مصر وخارجها مهما كانت ظروفى! وهلل الفضل أوالً وأخيراً‪ ،‬ومه الحول والعون وبه التوفيق‪ ،‬وإننا فى هذا‬ ‫الباب ما أجبنا إخواننا وال أشرنا على سائلينا وونصحناهم إال لقوله ‪ ‬فى األحاديث الحاكمة لهذا األمر‬ ‫خوف من إثم كتمان العلم فزاد‪:‬‬ ‫بعد أن َّ‬ ‫‪5‬‬

‫ار أَ َح ُد ُك ْم َأ َخا ُه َف ْل ُيشِ رْ َع َل ْي ِه } ‪ ،2‬وقوله ‪:‬‬ ‫{ إِ َذا اسْ َت َش َ‬ ‫‪6‬‬ ‫َّللا َيرْ ُز ُق َّ‬ ‫صحْ ُه }‬ ‫ار أَ َحدَ ُك ْم َأ ُخوهُ َف ْل َي ْن َ‬ ‫ض َوإِ َذا اسْ َت َش َ‬ ‫ضهُ ْم ِم ْن َبعْ ٍ‬ ‫َّللاُ َبعْ َ‬ ‫{ دَ عُو عِ َبادَ َّ ِ‬ ‫وفى منهج اإلستشارة يقول ‪:‬‬

‫‪7‬‬

‫{ المستشار مؤتمن‪ ،‬فإذا استشير فليشر بما هو صانع لنفسه‪}.‬‬ ‫فالنبى ‪ ‬فتح باب اإلستخارة أوالً‪ ،‬ولكن الكثيرون يستشيرون‪:‬‬

‫‪2‬‬

‫‪2‬‬

‫‪2 8‬‬

‫اس َت َ‬ ‫ار }‬ ‫ش َ‬ ‫ار‪َ ،‬و َال َن ِد َم َم ِن ْ‬ ‫اس َت َخ َ‬ ‫اب َم ِن ْ‬ ‫{ َما َخ َ‬

‫ومن نماذج توفيق اهلل لنا فى تلك اإلستشارات وتأييده ما يحكيه أخونا الحاج عاطف سيد‬ ‫محمود من مغاغة بالمنيا فيقول‪ .. :‬كانت والدتى تعانى من حصوة‪ ،‬فأجرينا لها بالقاهرة عملية جراحية‬ ‫لتفتيت الحصوة باستخدام المنظار‪ ،‬ولكن العملية لم تنجح فرجعنا مغاغة‪ ،‬وبعد أيام كان موالنا الشيخ‬ ‫فوزى فى زيارة لنا فسألنى عن صحة الوالدة؟ فأخبرته أن العملية لم تنجح وأن حالتها أسوأ‪ ،‬فأمرنى أن‬ ‫أذهب الليلة إلى جراح آخر أعرفه بالقاهرة! فقلت‪ :‬بعد أن تنتهى زيارتكم لنا سوف أذهب! فقال‬ ‫الشيخ‪ :‬ال! البد أن تذهب الليلة فوراً وال تتأخر للصباح!!‪..‬‬ ‫وعليها سافرنا فى الليل للقاهرة وقابلنا الجراح‪ ،‬فأجرى الكشف وقال البد من التجهيز للعملية‬ ‫فوراً وأجراها عند الفجر! وفى الصباح أخبرنا أن المنظار سبب ثقباً منذ العملية السابقة من أيام مما‬ ‫لتسمم الجسم ولم يمكن تدارك األمر‪ ،‬والحمد هلل‬ ‫سبب رشح البول داخل الجسم ولو انتظرنا للغد َّ‬ ‫شفيت والدتى ببركة إشارة الشيخ ‪ ‬وأرضاه‪.‬‬ ‫ويحكى أخ لنا وكانت إبنته تزوجت مبكرا وطلقت بعدها بإسبوعين لظروف خارجة عنهم‪ ،‬أنه‬ ‫تقدم لها رجل يعمل ببلد بعيدة عن بلدهم وال يعرفونه‪ ،‬فقال لزوجته سنذهب اللقاء القادم للقاهرة ومعى‬ ‫إبنتى ونستشير الشيخ‪.‬‬ ‫ويكمل‪ :‬وكنت سألت عن الرجل ببلده فقالوا أنه من عائلة طيبة‪ ،‬ولكنهم ال يعرفونه ألنه يعمل‬ ‫بعيداً منذ سنوات‪ ،‬وفى اليوم السابق للسفر للقاء الشيخ بالقاهرة أخبرتنى إبنتى أنها رأت الشيخ سالمه‬ ‫فى الرؤيا وقد َّ‬ ‫بشرها بأن هذا الرجل المتقدم لزواجها رجل صالح وعلى بركة اهلل‪ ،‬فسافرنا مستبشرين‪.‬‬ ‫وعندما وصلنا وقابلت إبنتى زوجة الشيخ‪ ،‬أخبرت زوجته أنه َّتقدم لها عريس‪ ،‬فقالت لها زوجة‬ ‫الشيخ‪ :‬نعم أعرف ذلك واسمه فالن‪ ،‬فتعجبت إبنتى وسألتها كيف عرفت؟ فقالت إن الشيخ أخبرها‬ ‫‪َ 25‬ع ْن َجابِ ٍر ‪ ،‬سنن ابن ماجه‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫‪ 26‬الْخرائطي في مكارم األَ ْخالَق عن حكيم عن أبيه‪ ،.‬جامع المسانيد والمراسيل‬ ‫‪( 27‬طس) عن علي‪ .‬كنز العمال‬ ‫‪( 28‬طس) عن أ ٍ‬ ‫ضي اللَّهُ عنهُ‪ ،‬جامع المسانيد والمراسيل‬ ‫َنس ر َ‬


‫قبل العمرة أن رجالً اسمه كذا سيتقدم لخطبة إبنة أخينا فالن أى أنت!‪ ،‬فزاد استبشارنا باألمر‪ ،‬وعندها‬ ‫ونحن نتحدث جاء الشيخ فحكت له إبنتى أنه تقدم لخطبتها رجل؛ وسألت فضيلته عن رأيه فى هذا‬ ‫األمر؟‪ ،‬فقال ‪ ‬لها على الفور‪ :‬وماذا تريدين بعد أن بشرك موالنا الشيخ سالمه! فارتجفت أنا وإبنتى‬ ‫من المفاجأة! ألن أحدا لم يعرف أمر تلك الرؤيا غيرنا! بل ولم نقصها على أى أحد!‪ ،‬وعندما عدنا إلى‬ ‫بلدنا بعد اللقاء وأتممنا الزواج بحمد اهلل وعاشت إبنتى فى سعادة بفضل اهلل تعالى وبركة الشيخ ‪.‬‬ ‫على وعلى إخوانى‪ ،‬فالشكر والحمد والمنة له سبحانه أن‬ ‫وهذا كله ليس إال من فضل اهلل ومنته َّ‬ ‫جعل الخير على لساننا والتوفيق حليف مشورتنا ورأينا ببركة ونظرات نبينا لنا‪ ،‬حيث لم يغلق ‪ ‬باب‬ ‫الفضل أو يقصره على أحد أو زمان أو مكان‪ ،‬بل فتحه ألمته إلى ما شاء اهلل بقوله‪:‬‬ ‫‪9‬‬

‫{ إنَّ فِي أُ َّمتِي ُم َح َّدثِينَ – وفى رواية و ُم َكلَّمِين‪ -‬وإنَّ ُع َم َر ِم ْن ُه ْم }‬

‫‪2‬‬

‫ونحن فى هذا كله نسأل اهلل تعالى فى كله لحظة أن يوفقنا للصواب والرشد‪ ،‬بل ونتمنى لو أننا‬ ‫أعفينا من ذلك التكليف فالمسئولية جسيمة والخطر عظيم ونصب أعيينا تحذير الحبيب ‪ ‬لكل من‬ ‫أقامه اهلل تعالى مالذاً إلخوانه‪ ،‬فقد قال‪:‬‬

‫ارهُ أَ ُخوهُ َفأَ َ‬ ‫اس َت َ‬ ‫ار َعلَ ْي ِه‬ ‫{ َمنْ َقا َل َع َل َّي َما لَ ْم أَقُ ْل َف ْل َي َت َب َّو ْأ َم ْق َعدَ ُه مِنَ ال َّن‬ ‫ش َ‬ ‫ش َ‬ ‫ار‪َ ،‬و َم ِن ْ‬ ‫ِ‬ ‫‪3 0‬‬ ‫ِب َغ ْي ِر ُر ْ‬ ‫ت َفإِ َّن َما إِ ْث ُم ُه َعلَى َم ْن أَ ْف َتاهُ }‬ ‫ش ِد ِه َف َقدْ َخا َن ُه‪َ ،‬و َم ْن أ ُ ْفت َِى ِبفُ ْت َيا َغ ْي ِر َث ْب ٍ‬

‫التأييد بإجابة الدعاء وحتقيق الرجاء‬ ‫وأنا يا إخوانى الكرام ‪...‬‬ ‫ومع أننى عبد فقير ال أملك لنفسى وال لغيرى ضراً وال نفعاً ‪..‬‬ ‫إال أنه من عناية اهلل ‪ ‬بى ورحمته أنه يستجيب لنا الدعاء ويحقق لنا الرجاء تحسيناً لظن‬ ‫إخوانى المؤمنين بى ؛ تأييداً لشريعة اهلل ونبوة حبيبه ومصطفاه ‪ ...‬ألن تأييد اهلل تعالى ألحبابه واستجابته‬ ‫لدعائهم لهو أكبر دليل حى ومستمر وقائم بين أيدى الناس على صدق هذا الدين وعلى علو قدر سيد‬ ‫المرسلين عليه أفضل الصالة وأتم التسليم‪.‬‬ ‫ومن هذا ما يحكيه أخونا المهندس محمد جمال الدين أبوبكر من بورسعيد وكان قد أصيب‬ ‫بمشكلة كبيرة فى القلب وحضر للقاهرة إلجراء جراحة عاجلة ودخل أحد كبرى مستشفيات القلب‬ ‫المعروفة حيث يمكن إجراء مثل تلك الجراجة لخطورتها البالغة‪ ،‬وبعد أن تم عمل اإلشاعات الالزمة‬ ‫والتجهيز للعملية وحجز غرفة العمليات لعملها بالصباح لتقدم الحالة ‪ ...‬وأترك أخانا يحكى لكم‬ ‫فيقول‪:‬‬ ‫‪ 29‬إحياء علوم الدين‪ ،‬وطرح التثريب وغيرها‬ ‫‪30‬‬ ‫ضي اللَّهُ عنهُ‪ ،‬جامع المسانيد والمراسيل‬ ‫(ك هق) عن أَبي ُه َريْـ َرَة ر َ‬


‫كلمت فضيلة موالنا متأخراً ليالً ألخبره أن العملية فى الصباح ليدعو لى‪ ،‬وكان الشيخ قد زارنى‬ ‫من قبل فى المستشفى وبشرنى بالشفاء مع السير فى طريق العملية آلخره!‪ ،‬وإذا به يقول لى فى‬ ‫التليفون إنك لن تعمل العملية! فتعجبت إذ العملية صباحا ال مفر! فكرر ذلك لزوجتى أيضاً!‪......‬‬ ‫فقلنا اهلل أعلم بمقصوده! ولكننا فرحنا ببشراه! ‪...‬ولكن لم يدر بخاطرنا أن كلمته لنا كانت دعوة‬ ‫مستجابة!‪..‬‬ ‫وفى الصباح كان البد من عمل آشعة قبل الدخول للعملية مباشرة‪ ،‬وللعجب فعندما فحص‬ ‫الطبيب اآلشعة وهم يجهزوننى للعملية‪ ،‬صاح مندهشاً ً​ً‪ :‬هذا عجيب! كيف حدث هذا!! اآلشعة اليوم‬ ‫غير التى كانت باألمس وحالتك اآلن ال تستدعى العملية!! وهذه من العجائب النادرة! وألغيت العملية!!‬ ‫وخرجت م ن المستشفى‪ ،‬ونصحنى الطبيب بالراحة وتناول أدوية أخرى ففعلت؛ وأنا اآلن فى خير حال‬ ‫بحمد هلل وبركة دعوة الرجل المستجابة! ‪.‬‬ ‫ويحكى أخ آخر أن زوجته أصيبت بمرض خبيث فى الصدر وتم استئصال جزء منه بالجراحة‪،‬‬ ‫ولكن المرض عاودها وأخذوا فترة طويلة فى العالج الكميائى والحالة تسوء‪ ،‬ثم جاء الحج وحججت‬ ‫يمن‬ ‫عامها وطلب منى أخى أن أدعو لزوجته بالشفاء وأنا عند الكعبة؛ ففعلت وتضرعت إلى اهلل أن َّ‬ ‫عليها بالشفاء العاجل‪ ،‬ولما عدنا كلمنى أخى فى التليفون فطلبت منه أن يستبشر بفضل اهلل وبالشفاء‬ ‫إنشاء اهلل‪ ،‬فحادثنى ثانية بعد أيام وقال لى أ نه رأى موالنا الشيخ محمد على سالمه فى الرؤيا وقد سأله‬ ‫عن زوجته وعالجها فأخبره وقال له ‪ :‬موالنا الشيخ فوزى بشرنا بالشفاء فقد دعا لها فى الحج عند‬ ‫الكعبة!‪ ،‬فقال له‪ :‬أبشر يابنى واطمئن!‪.‬‬ ‫ويسترسل أخونا ويقول‪ :‬بعدها بفترة قصيرة ذهبنا للمراجعة حيث أن اآلثار الجانبية للعالج أثرت‬ ‫على صحة زوجتى للغاية‪ ،‬وللعجب العجاب جاءت التحاليل واآلشعة سلبية تماما فلم نصدق ال نحن‬ ‫وال األطباء!! فكررناها وذهبنا من مكان آلخر للتأكد!!‪ ...‬وكانت النتيجة المذهلة فيها كلها ‪ ..‬أن‬ ‫المرض العضال قد اختفى على التمام والكمال بفضل اهلل تعالى واستجابته لدعوة الشيخ ‪.‬‬

‫التأييد باستجابة األفراد لنا وتبديل السري والسلوك‬ ‫من اهلل تعالى علينا بأن جعلنا فى كالمنا القبول واإلستجابة لدى من يقبلون علينا‬ ‫وكم من مرة َّ‬ ‫ممن ال يعرفوننا فإذا بالقلوب تتفتح بفضل اهلل تعالى وبركة رسوله لنور الهدى وإذا بالحجارة تلين لذكر‬ ‫اهلل وكم من عشرات استجابوا لكلمات قليلة سمعوها منا وافقت بفضل اهلل وبركة رسوله قابالً فى‬ ‫نفوسهم فتغيرت حياتهم وصدقوا فى إتباعهم ففتح اهلل تعالى عليهم بالخير والرشاد‪.‬‬ ‫ومن ذلك ما يحكى أخونا الحاج أمين عسكر من الزقازيق عن قصته معى فيقول‪ :‬دعانى زميل لى‬ ‫بالعمل وكنا ضباطاً بالجيش أنذاك‪ ،‬ألحضر زيارة للشيخ ببورسعيد ولم أكن قد حضرت مثل هذه‬ ‫القاءات من قبل‪ ،‬فحضرت معهم وصليت المغرب والعشاء ألول مرة فى حياتى بالمسجد‪.‬‬


‫ثم حضرت الدرس مع الشيخ فى الصباح وكان الدرس تحويالً كامالً لحياتى فقد تغيرت بعده إلى‬ ‫شخص آخر تماماً حيث حكى الشيخ فى الدرس قصة حياتى كاملة بمخالفاتها وكأنه يقرأ ما بداخلى‬ ‫ككتاب مفتوح إال أنه لم يسمنى‪ ،‬وخرجنا من الدرس وأنا مذهول أو مغيَّب‪ ،‬وفى الطريق لصالة الجمعة‬ ‫عاتبت صديقى بشدة حيث ظننت أنه حدث الشيخ عنى ولكننى تأكدت أنه لم يفعل!! ‪ ..‬وعندها‬ ‫صب فى قلبى حباً جارفاً للشيخ فى لحظات حتى صار عندى أغلى من نفسى‬ ‫أحسست أن اهلل تعالى َّ‬ ‫ومن الدنيا وما فيها وأنا ال أعرف شيئاً بعد!‪ .‬ثم كانت خطبة الجمعة عن سلوك طريق اهلل فكانت تتمة‬ ‫لدرس الصباح‪ ،‬وبعد الزيارة ذهبت لحضور المجلس األسبوعى بالجميزة بلد الشيخ‪ ،‬وتمنيت أن أجلس‬ ‫معه وحدنا! فحدث وجلسنا وحدنا بين المغرب والعشاء! وكانت جلسة عالج كاملة لى من األمراض‬ ‫الذهنية والنفسية والسلوكية وسبحان من ألقى فى قلبى اإلستجابة لكل ما نصحنى به من العمل الصالح‪،‬‬ ‫على بعد تلك الجلسة مباشرة وبعد المحافظة على الصلوات والسير بصدق‬ ‫وكان أول بركات الرجل ‪َّ ‬‬ ‫على باإلقالع عن التدخين فوراً بعد أن كنت مدخنا لمدة أربعة وعشرين عاماً‪.‬‬ ‫فى الطريق أن َّ‬ ‫من اهلل َّ‬ ‫وسرت مع الشيخ ‪ ‬فى طريق اهلل وكم من شأن وقع لى بعد أو مع أهلى فكنت ال أذهب إلى‬ ‫على إال وجعل اهلل فيها الخير‬ ‫الشيخ إال وأجابنى عما جئت له قبل أن أسأل‪ ،‬ومامن مشورة أشار بها َّ‬ ‫العميم ولو بعد حين فالحمدهلل على فضله ومنته علينا بالصالحين‪ -.‬إنتهى‪.‬‬ ‫وكم من حاالت مشابهات كثيرة‪ ،‬بل إن من الغريب أن الكثيرين والكثيرين ممن يستجيبون لنا‬ ‫فيحسن سلوكهم ويرقى إلى اهلل إتباعهم لم يلتقوا بنا ظاهراً‪ ،‬فقد استجابوا لنا من كتبنا التى قرأوها أو‬ ‫محاضراتنا التى سمعوها فى شريط أو حضروها على شبكة النت‪ ،‬ثم راسلونا بعده بانتظام أو عند‬ ‫الحاجة‪.‬‬ ‫وأذكر من هؤالء أخا سودانياً ولد وعاش مع أسرته خارج السودان بدولة عربية‪ ،‬وتربَّى تربية سلفية‬ ‫متشددة منذ بداية تعليمه حتى حصل على ليسانس فى الش ريعة‪ ،‬وقد نشأ على رفض الصوفية‪ ،‬ثم سافر‬ ‫تخرجه وعمل هناك‪ ،‬وتصادف أن اشترى هذا األخ كتباً لنا فى التصوف من مكتبة‬ ‫إلى بريطانيا بعد ُّ‬ ‫بلندن‪ ،‬فقرأ تلك الكتب؛ فعاد واشترى باقى كتبنا فى الدراسات الصوفية الحديثة من تلك المكتبة‬ ‫بلندن‪ ،‬وإذا به يراسلنا ويخبرنا أنه قد تغيَّر فكره وسلوكه ومشربه بعد تلك السنين الطوال‪ ،‬وأصبح اآلن‬ ‫شخصاً آخر بعد أن قرأ كتبنا فى التصوف !!! وهو اآلن يتابعنا على النت ويسلك سبيلنا وإن كنا لم‬ ‫نلتق به‪.‬‬ ‫وكثيرون وكثيرون شبابا ورجاالً ونساءاً سالكين وسالكات يتابعوننا بانتظام بالخطابات البريدية‬ ‫المكتوبة أو على البريد اإلليكترونى الخاص بنا أو بريد الموقع أو بالتليفون؛ ويسير الكثيرون منهم معنا‬ ‫خطوة خطوة من حال إلى حال ومن مرحلة إلى أخرى ‪ ..‬وقد ألقى اهلل فى قلوب الكثيرين منهم القبول‬ ‫وفى نفوسهم اإلستجابة وصدق المتابعة! وبلغ بعضهم مقامات عالية من القرب من اهلل ورسوله ولم‬ ‫رب العالمين‪.‬‬ ‫يلتقوا بنا ظاهراً ‪ ...‬فكل هذا من فضل اهلل علينا وتأييده لنا والحمدهلل ِّ‬


‫وإذا استرسلنا فى ذكر نماذج التأييد واألمثلة من فضل اهلل علينا فهى أكثر من أن تحصى أو تعد‬ ‫فنكتفى بما سبق‪ ،‬ونحن ما ذكرنا هذه اإلكرمات من اهلل ‪ ‬فخراً وال زهواً إو إعجاباً بالنفس؛ وإنما‬ ‫ليقيننا أنه ما أكرم اهلل ‪ ‬أحداً من أتباع رسله؛ فإنما هو إكرام للرسول الذى يتبعه هذا الولى‪ ..‬فكل‬ ‫فكل هذه اإلكرامات من فضل اهلل تأييد لحبيبه‬ ‫كرامة لولى فإنما هى معجزة للنبى الذى يتبعه الولى‪ُّ ،‬‬ ‫ومستمر إلى يوم القيامة‪،‬‬ ‫ومصطفاه‪ ،‬وهى بمثابة إعالن أن تأييد اهلل ‪ ‬لهذا الدين وهذا النبى دائم‬ ‫ُ‬ ‫واألمر كما يقول إمامنا أبو العزائم رضى اهلل تعالى عنه وأرضاه‪:‬‬ ‫ٍ‬ ‫محمد‬ ‫كل الذى أنا فيه فضل‬ ‫ُّ‬

‫منه بدا وإليه كان وصوليا‬

‫الولى وال يلتفت إليها وال يهتم بها بعد وقوعها و ال يتحدث بشأنها؛‬ ‫والكرامة فى ذاتها ال يطلبها ُّ‬ ‫ٍ‬ ‫لدعاء دعاه العبد فى حالة إضطرار وفاقة إلى اهلل ‪ ‬بعد استعانته‬ ‫ألنها فى حقيقتها إجابة من اهلل‬ ‫باألسباب وعجز األسباب عن تحقيق المراد‪ ،‬فليجأ إلى مسبِّب األسباب ‪ ‬ويدعوه – وهو ال يدعو‬ ‫إال بخير‪ -‬لتأييد الدين وتثبيت اليقين أو كشف كرب المكروبين وتلبية المحتاجين وهى من باب قوله‬ ‫تعالى‪:‬‬ ‫‪        ‬‬

‫(‪62‬النمل)‬

‫ومن سر كنزه للمتَّقين فى (‪3-2‬الطالق)‪:.‬‬ ‫‪            ‬‬

‫وإذا ذكرت ما ذكرت للمريدين فإنما على سبيل إعالء عزائمهم وتقوية هممهم‪ ،‬وتشويقهم لبلوغ‬ ‫سر قصصه لألنبياء والمرسلين فى كتابه على حبيبه حيث قال له ‪:‬‬ ‫هذا المقام‪ ،‬كما بيَّن اهلل ‪َّ ‬‬ ‫‪               ‬‬ ‫‪  ‬‬

‫‪120(‬هود)‪.‬‬

‫واهلل من وراء القصد وهو يهدى السبيل‪.‬‬

‫الدعوة واهلدف‬

‫وأنا أعمل اآلن رئيسا للجمعية العامة للدعوة إلى اهلل بجمهورية مصر العربية‪ ،‬والمشهرة برقم‬ ‫‪ 224‬ومقرها الرئيسى ‪ 114‬شارع ‪ 105‬حدائق المعادى بالقاهرة‪ ،‬ولها فروع فى جميع أنحاء‬ ‫الجمهورية‪.‬‬ ‫المثل‬ ‫كما أتجول فى جميع الجمهورية والدول العربية وغيرها‪ ،‬لنشر الدعوة اإلسالمية وإحياء ُ‬ ‫واألخالق اإليمانية بالحكمة والموعظة الحسنة‪ ،‬باإلضافة إلى الكتابات الهادفة إلى إعادة مجد اإلسالم‬ ‫‪ ،‬والتسجيالت الصوتية و الوسائط المتعددة للمحاضرات والدروس واللقاءات على الشرائط و األقراص‬ ‫المدمجة‪ ،‬وأيضا من خالل موقع اإلنترنت‪WWW.Fawzyabuzeid.com:‬‬ ‫أما الدعوة؛ فأدعو بحمد اهلل تعالى إلى نبذ التعصب والخالفات بين المسلمين والعمل على‬ ‫جمع الصف اإلسالمى وإحياء روح اإلخوة اإلسالمية‪ ،‬والتخلص من األحقاد واألحساد واألثرة واألنانية‬


‫وغيرها من أمراض النفس‪ ،‬كما أحرص على تربية أحبابى على التربية الروحية الصافية بعد تهذيب‬ ‫نفوسهم وتصفية قلوبهم‬ ‫وأعمل جاهداً على تنقية التصوف مما شابه من مظاهر بعيدة عن روح الدين‪ ،‬وإحياء التصوف‬ ‫السلوكى المبنى على القرآن وعمل الرسول واألصحاب‪ ،‬وهدفى من وراء ذلك هو إعادة المجد‬ ‫اإلسالمى ببعث الروح اإليمانية‪ ،‬ونشر األخالق اإلسالمية وترسيخ المبادئ القرآنية‪.‬‬ ‫أسأل اهلل تعالى أن ينفع بهذه السيرة كل من قرأها‪ ،‬وأن تكون له عونا على تلمس سبيل الحق‪،‬‬ ‫فما أصبت فيها من خير فمن اهلل‪ ،‬وما كان من غير ذلك فمن سوء طبعى‪ ،‬أسأله سبحانه أن يغفر لى‬ ‫ويتولنى وأحبابى والمسلمين أجمعين‪ ،‬وصلى اهلل على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم‪.‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.