فضيلة الشيخ فوزى حممد أبوزيد
هذا من فضل ربى
عالمات على الطريق من السرية املضيئة لفضيلة الشيخ فوزى حممد أبوزيد
املولد و التعليم البداية البحث عن العارف معرفة اإلمام أبى العزائم رضى اهلل عنه البحث عن املعرفة العثور على الرجل احلي
البداية الصحيحة للسري إىل الَّله فى صحبة الشيخ استالم الرايـة إكمال املسرية والفتح الوهبى فى الدعـوة من بعض عالمات تأييد الَّله تعاىل وتوفيقه:
التأييد بالرؤيا الصاحلة -بإجابة مكنون الصدور -فى اإلستشارة والتوجيه -بإسـتجابة الدعاء وبلوغ الرجاء -باستجابة األفراد وتبديل السري والسـلوك.
الدعوة واهلدف
وأما بنعمة ربك فحدث بسم اهلل الرحمن الرحيم ،وبه نستعين أيها األخوة الكرام! أحباب النبى عليه أفضل الصالة وأتم السالم ،فامتثاالً ألمر اهلل فى كتابه الكريم فى قوله : 11( الضحى)
ونزوالً على رغبة الكثيرين من اإلخوان والمحبين والمسلمين؛ أكتب شيئاً من سيرتى السلوكية على وإنعامه وإكرامه، على ومنته ،فكل هذا من فضل اهلل َّ فى طريق القوم تحدثاً بفضل اهلل تعالى َّ ولذا أسميت هذا الباب " هذا من فضل ربى". وأنا فى هذا يا إخوانى الكرام؛ إنما اتَّبع نهج الصالحين ألن أكثرهم خطوا سيرة حياتهم بأيديهم لمن بعدهم ،فكشفوا عما عايشوه عياناً بياناً ،ولم يتركوا غيرهم يحكي عنهم نقالً وال سماعاً ،فأبانوا للقاصدين عن دقائق سيرهم ومجاهداتهم وأنوار أفعالهم وأحوالهم التى بلغهم اهلل تعالى بسرها المنازل؛ فال تكون سيرتهم من بعدهم نهباً لتآليف المنتفعين! وال مرتعاً ألدعياء المتصوفين! وال مبالغات تجردوا عن رؤية ذواتهم ومدح أفعالهم ،ألنهم لم يشهدوا إال بالحق المحبين!! وهم فى هذا كله قد َّ القاطع تنفيذاً ألمر اهلل المانع فى الكتاب الجامع فى قوله تعالى فى (283البقرة):
فكانوا فى سردهم لمجاهداتهم وأحوالهم ومشاهداتهم ومنازالتهم ومكافحاتهم مسترشدين فى كل لمحة ونفس وأقل بقول الحق تبارك وتعالى: 3-2( الصف)
ومهما عجبت من قولهم أو صعب عليك فهمه أو تقبُّله فاعلم أنهم جعلوا قول المصطفى نصب أعينهم ولم يحيدوا عنه قيد أنملة: { إِنَّ أَ ْف َرى ْالف َِرى َمنْ َق َّولَنِي َما لَ ْم أَقُ ْلَ ،و َمنْ أَ َرى َع ْي َن ْي ِه فِي ْال َم َن ِام َما لَ ْم َت َر َيا 1 } فلوال أنه حق صراح ما قالوه ولوال الحاجة لكشفه ما حكوه ،وما خفى كان أعظم! ،فإن عجبت من شيىء ذكروه فال تعجل بنقدهم وال انتقاصهم! ولكن عد باللوم على نفسك وال تقدح فى حقهم، فإنهم لم يصدر عنهم قول إال عن نور حق بيِّ ٍن شهدوه؛ ال مجال فيه للنفس وال للوهم أو التوهم وال الخيال. 1الشَّافعي (هق) في المعرفة عن واثلة ،جامع المسانيد والمراسيل.
وممن نهجوا هذا ا لنهج فكتبوا سيرهم بأنفسهم للذكر ال للحصر :اإلمام المحاسبى فى كتابه: "النصائح الدينية" ،واإلمام الغزالى فى كتابه" :المنقذ من الضالل" ،و إبن الجوزى فى كتابه: "لفتة الكبد إلى نصيحة الولد" ،واإلمام ابن حجر العسقالنى فى كتابه" :رفع اإلصر عن قضاة مصر" ،و محمد بن طولون الدمشقى فى كتابه" :الفلك المشحون فى أحوال محمد بن طولون" ،واإلمام الشعرانى فى كتابه الشهير ":لطائف المنن واألخالق فى التحدث بنعمة هللا على اإلطالق" ،وغيرهم وغيرهم أجمعين .. فأنا على نهجهم أكتب هذه الشذرات المختصرة ليكون فيها بفضل اهلل بعض العون والعبرة أحب أن أشهد اهلل لمن يرغبون سلوك طريق القوم ويريدون أمثلة حديثة أمامهم!.وقبل أن أبدأ فإننى ُّ أقل من أن أكون نموذجاً أو قدوةً للسالكين! أو تعالى وأشهدكم أنه سبحانه يعلم منى أنِّى أرى نفسى َّ أن أقف بجوار من ذكرت من السابقين المفلحين! ولكنه إلحاح اإلخوة المحبين! وإصرار األحباب الكرام أجمعين! أسأله سبحانه وتعالى أن يغفر لى ماال يعلمون ،وأن يجعلنى أحسن مما يظنون فهكذا علمنا الحبيب األعظم أن نكون ،كما أنِّى أسأله أن يقيمنى دائماً وأبداً على خير حال يحبُّه اهلل ورسوله والمؤمنون. مع وعد بالعود إن شاء اهلل إلكمال هذه السيرة فى كتاب منفصل كما يرغب إخوانى ،وكما تقضى أمانة العلم والشهادة على ما ربَّانا عليه ساداتنا ومشايخنا ،واهلل المستعان وبه بلوغ اإلخالص والتوفيق فى كل شان. إبدأ بسم اهلل الرحمن الرحيم ،فاقول:
املولد والتعليم
ولدت ببلدة الجميزة مركز السنطة بمحافظة الغربية بجمهورية مصر العربية ،يوم اإلثنين الثامن عشر من شهر أكتوبر 1948م ،الموافق للخامس عشر من شهر ذى الحجة 1367هـ. وتلقيت تعليمى اإلبتدائى ببلدتى الجميزة ،ثم بمركز السنطة حتى حصلت على الثانوية العامة، ثم التحقت بكلية دار العلوم بالقاهرة سنة 1966م ،ومنها حصلت على ليسانس دار العلوم سنة 1970م. ثم عملت بالتربية والتعليم بصعيد مصر أوالً ،ثم َّ تنقلت وترقَّيت حتى وصلت إلى منصب مدير َّ عام بمديرية طنطا التعليمية ،ثم تقاعدت سنة 2009م ،وما زلت أقيم حتى اآلن ببلدتى بالجميزة ،وقد من اهلل تعالى على بفضله واستعملنى فى مجال الدعوة إليه سبحانه بالحكمة والموعظة الحسنة منذ ما َّ يزيد عن األربعين عاماً والحمدهلل على فضل اهلل وتوفيقه وبركة رسوله .
البداية
وأنا فى السنة الثانية من كلية دار العلوم بجامعة القاهرة وذلك فى عام1967م ،حبِّبت إلى
العبادة ،وخاصة الصيام وتالوة القرآن والصالة على النبى ، وأكرمن اهلل بالمحافظة على الفرائض فى أوقاتها فى جماعة. واستأنست فى تلك الفترة ببعض الكتب الدينية محاوال جهدى أن أقرأها ألعمل بها ،وكانت البداية هى كتاب )تنبيه الغافلين( ألبى الليث السمرقندى ،ثم كتاب )بداية الهداية( لإلمام الغزالى وهو مطبوع على هامش كتابه )منهاج العابدين( والذى وضع فيه .منهاجا كامال للفرد من وقت يقظته من نومه حتى نومه ثانية بعد صالة العشاء . وقد أكرمنى اهلل بتنفيذ ما فى هذا الكتاب ،باإلضافة الى صيام يومى االثنين والخميس من كل أسبوع واأليام الفاضلة كأيام العشر من ذى الحجة ويوم عاشوراء وغيرها ،وكذا حبِّبت إلى الصالة على النبى ،فكنت أواظب على قراءة كتاب )دالئل الخيرات( لإلمام الجزولى وكتاب ) أنوار الحق فى الصالة على سيد الخلق( للشيخ عبدالمقصود سالم . وكنت أجد لذة عظيمة فى الصالة علي النبى فى طريقى بصيغ كان يلهمنى اهلل بها ،حتى أفر ممن أعرفهم فى الطريق لكى ال يشغلونى عن تلك اللذة العظيمة ،كما جعلت لى حزبا من كنت ُّ الصلوات والتسليمات عليه أقرأه فى منتصف الليل قبل النوم ،فكنت أقرأه فى سكون الليل ووحشته وأحس بأنس عظيم يجعلنى أستحضر أنه سيحضرنى ويمكننى من رؤيته،وأنام على هذه الكيفية وأنا ُّ ِّ منتظر ومترقب لمجئ حضرته ،فأكرمنى اهلل برؤيته مرات عديدة. وقرأت وقتها كالماً منسوباً لإلمام الغزالى ومقتضاه :أن العبد إذا واظب على الصالة على سيدنا ويوجهه في رسول اهلل حتى يأنس به ويراه ،ثم تعلو همته بكثرة الصالة عليه فإنه يصير شيخه ِّ منامه أو في يقظته إن كان من األقوياء وأن مثل هذا ال يحتاج إلى شيخ آخر ،وصادف هذا الكالم هوى في نفسي وعزمت على السير في هذا المنهج إلى منتهاه.
البحث عن العارف
وفي ذلك الوقت كان الصالحون ومحبوهم يتجمعون حول العارفين المنتقلين ،وخاصة في موالدهم وكنت أتردَّد على تلك الموالد بحثاً عن الصالحين للتعرف عليهم وزيارتهم ،وأيضاً كنت أتردَّد على األضرحة المباركة بدعوة من أصحابها ،فكنت أرى نفسي في ضريح أحد العارفين ربما ال أعرفه من قبل فأذهب إلى زيارته. 2
وفي مرة إلتقيت برجل من الصالحين هو الشيخ حسن شعبان ،وأثناء تجاذبنا الحديث سألني: هل لك شيخ؟ ،فقلت :نعم ،شيخي رسول اهلل ، فقال :هذا ال ينفع عندنا (أي عند أهل الطريق) من ال شيخ له فالشيطان شيخه!! ...فكانت هذه الكلمات بمثابة الشرارة التى حركت ما كمن في نفسي حب اإلتصال بالعارفين تحقيقاً لقوله تعالى ( 119التوبة) : من ِّ 2الشيخ حسن شعبان :وهو من قرية تاج العجم مركز السنطة غربية ،وقد فرغ نفسه لتحفيظ القرآن ،ورفـض العمـل بالشـهادة األزهريـة رغـم حصـوله عليهــا عمـالً بالحـديث الشـريف الــذي روي عـن ســيدنا عثمــان عــن رسـول اهلل قــال :يخيــركم مـن تعلــم القــرآن وعلمــه ..رواه البخارى ،وقد توفي في الخامس من فبراير عام 1975م.
وهكذا انتقلت بفضل اهلل تعالى إلى المرحلة التالية فأصبحت كلما سمعت عن عارف أو صالح 3 ذهبت إليه وعرضت نفسي عليه ،فمنهم الشيخ "أحمد حجاب" الذي قال لي" :هو أنا شلت نفسي َّلما ها شيل غيري"!! فخرجت من عنده حزيناً!! وولي ولي مرشد وهو من يقيمه اهلل لداللة الخلق عليهُّ ، ولم أكن أعلم وقتها أن األولياء قسمان ُّ لنفسه وهو الذي يقيمه اهلل لعبادته وطاعته. ولما كانت الكلية بحي المنيرة بالقاهرة في ذلك الوقت بالقرب من السيدة ،فكنت أتردد 4 على السيدة زينب كثيراً وأسأل عن الصالحين ،فذهبت إلى الشيخ عبدالمقصود سالم ،وعرضت عليه صحبته ،فقال لي :هل تزوجت؟ ،فقلت :ال ،فقال :عندما تنهي دراستك وتتزوج إئتني !! فتعجبت ألني أحس فيه بأن هذا األمر عائق عن السير إلى اهلل ،فقلت على الفور :وهل سيدنا كنت في حال ال ُّ تزوج؟ فأجابنى :لسنا كسيدنا عيسى. عيسى َّ وبعد بحث جهيد مع الصادقي ن من رجال اهلل تارة ،ومع البطالين في طريق القوم ،والذين هم في نظرنا قطاع طريق للخلق ،ولذا ال نجد داعياً لذكرهم ..ثم ذهبت في المولد الرجبى لسيدي أحمد 5 عمار بعد ما سمعته عنه ،وعندما صافحته وجلست أمامه، البدوي بطنطا لزيارة الشيخ إبراهيم حسين ّ علي وطلب مني أن أكرر زيارته ،ففعلت وتوثقت عرى المحبة بيننا ومكثت معه أخذ يتأملني ثم أثني َّ سنتين كانت فيهما التربية الروحية األولى لي. وكان الشيخ إبراهيم حسين رجالً صاحب حال ،وهو قطب للمقام العيسوي ،فكان يضع يده إلى ،وقد ورثني اهلل ببركته أحواالً باطنية حتى على ظهري ويربِّت بها ُّ فأحس بحرارة الحال تنتقل َّ كنت ال أطيق أن أحرك لساني إلستماعى بوضوح إلى الذكر الذي ينشغل به جناني لدرجة أني كنت أحس بأجساد من حولي رغم شدة الزحام ولصوقها عندما أركب المواصالت في طريقي إلى الكلية ،ال ُّ علي تأثيراً سلبيَّاً لوال أن تداركتني عناية بي لما أنا مشغول به؛ وكان هذا حال طيب ،ولكنه كان سيؤثر َّ قوى هذا الحال عزمي على التفرغ للعبادة ،ونويت فعالً ترك الدراسة والبحث عن مكان اهلل ،فقد َّ منقطع أتفرغ فيه لعبادة اهلل لما أجده من لذة في العبادة ،لوال أن تداركتني عناية اهلل بمعرفة اإلمام أبي العزائم . 3الشيخ أحمد حجاب :وهو رجل صالح حصل على العالمية من األزهر الشريف ،وتفرغ للعبادة في خلوة بمسجد سيدي أحمد البدوي، على نهج شيخه الشيخ محمد شريف وهو من كبار أقطاب الطريقة اإلدريسية ،وظل على عبادته ولم يتزوج النساء حتى لقى ربه عن عمر يناهز المائة وخمسة أعوام ،وله ضريح يزار بمسجد سيدي أحمد البدوي وله كتاب مطبوع هو "العظة واإلعتبار آراء في حياة سيدي أحمـد البدوي الدنيوية والبرزخية" ،وتوفي في 13يوليو سنة 1978م الموافق 9من شعبان سنة 1398هـ. 4الشيخ عبد المقصود سالم :بدأ كعسكرى شرطة حتى صار ضابطاً ،وكان يكثر من الصالة على رسول اهلل ،وله في ذلـك كتـاب "أنـوار أسس جماعة تالوة القرآن الكريم في السيدة زينب وتفرغ لجمع الخلق على الحق في الصلوات على سيد الخلق" ولما فتح اهلل عليه َّ اهلل ،وله من الكتب أيضاً في ملكوت اهلل مع أسـماء اهلل والحضـرة فـي رحـاب سـيدنا رسـول اهلل وقـد تـوفي ليلـة الجمعـة 26شـعبان سـنة 1397هـ الموافق 11من أغسطس سنة 1977م. 5الشيخ إبراهيم حسن عمار :هو رجل أمي ال يقرأ وال يكتب ،نزح من محافظة أسيوط واستقر بطنطا ،واشتغل بالتجارة ،وتعرف على الشيخ صديق ،وكان من المجاذيب مدفون اآلن بقرية ميت يزيد مركز السنطة غربية ،ولما تعرف عليـه انتقـل إليـه حالـه ،فتـرك تجارتـه وزوجتـه وولـده وأقام في جبل بقرية األمبوطين مركز السنطة غربية لمدة سبع سنين ،منقطعاً عن الخلق ،كان فيها يجد أحياناً مـن حـرارة الـذكر مـا يدفعـه إلـى إلقاء نفسه في الترعة وسط الماء في ا لبرد القارص ليلطف من حرارة داخله ،ولما استقرت به األحوال ،انتقل إلى عزبة شعير وأقام بها يهدي الناس إلى اهلل حتى توفي بها عن خمسة وتسعين عاماً ،وأقيم له مسجد وضريح بها وكانت وفاته في سبتمبر سنة 1978م.
معرفة اإلمام أبى العزائم
وفي غضون ذلك كنت ال ُّ أكف عن قراءة كتب الصالحين وآثارهم ...وبينما أنا في جلسة مع 6 نفر من محبي الصالحين ،ذكروا لي نبذة عن طيبة عن اإلمام أبي العزائم وعن خليفته القائم في ذلك الوقت ،وهو ابنه السيد أحمد ماضي أبو العزائم ،وبعد انصرافي نمت في تلك الليلة فرأيت السيد أحمد ماضي أبو العزائم جالساً على كرسيه الخاص به ،ولم أكن رأيته من قبل. وعندها استخرت اهلل في زيارته ،فرأيت سيدنا رسول اهلل وقد أخذ بيدي وطاف بي العوالم العلوية ثم هبط بي على األرض ،وأدخلني على اإلمام أبى العزائم وقال لي :تعرف من هذا؟، فسكت تأدباً معه فقال صلوات اهلل وسالمه عليه :هذا شيخك ،فعلمت أن هذا إذن منه باالنتقال ،فتوجهت إلى السيد أحمد وكان عنده نفر من اإلخوان فانصرفوا سريعاً ،وبقيت أنا وهو فبايعته ولزمت طريق أبيه .
البحث عن املعرفة
ولما كان الشيء الذي يؤرقني ويدفعني إلى البحث عن الصالحين هو كيفية معرفة اهلل المعرفة الشهودية ،وذلك ال يتأتى إال بانكشاف أنوار البصيرة النورانية ،فكان أول سؤال أطرحه على كل عارف ألتقي به هو :كيف تنفتح البصيرة؟ وكان كل واحد منهم يجيبني على حسب منهجه ومشربه. ولما دخلت رياض المدرسة العزمية وجدت فيها طريقة التربية تختلف من فرد إلى فرد ،فقد ربَّى اإلمام أفراداً على نهج الدعوة الصوفية الحقة ،وأذن لهم في اإلرشاد ،فكانوا يجوبون البالد ويلتف حولهم الصادقون ويحيط بهم المطلوبون ،ولكل واحد منهم نهج خاص به؛ وفي ذلك يقول اإلمام : ي الوسعة تقتضي التفاوت ،فوسعة المرشد تقتضي تفاوت مشارب ومشاهد السالكين ،فكان أن أقبلت على بعض هؤالء الهداة أطلب الحصول على بغيتي ،وهي فتح باب البصيرة. 7 وكان أول من َّ تلقيت منهم الشيخ طاهر محمد مخاريطة فتعلقت به ألن اهلل وهبه لسان بيان اإلمام أبي العزائم ،ومن شدة تعلقي به وقد كنت مواظباً على حضور دروسه في أى مكان ،أنى كنت أحفظ الدرس من أوله إلى آخره وأعيده على إخواني بعد رجوعي بقاله وحاله ،وكأنه شريط مسجل.
على إذ حثّني على اإلقبال على دراستي حتى اإلنتهاء منها ثم بعد ذلك يكون وكان له الفضل َّ اإلقبال بالكلية على طريق اهلل ،ولما كاشفته برغبتي ومنيتي ،دلَّنى على األوراد العزمية من األحزاب والفتوحات الخمسين في الصالة على سيدنا رسول اهلل واللطائف البرزخية وغيرها حتى أنه لما وجد نهمي في ذلك وأن كل ما وظَّفه لي ال يشبع رغبتي ،قال لي :كل األوراد مفتوحة لك ومعك اإلذن فيها. ولما كان من شروط السلوك الصحيح الذي يعقبه الفتح عند الصوفية أن المريد ال يفعل ورداً إال 6راجع كتابنا " اإلمام أبو العزائم المجدد الصوفى " دار اإليمان والحياة :ط1430 :2هـ2009 ،م 7الشيخ طاهر حممد خماريطة :وكان أبوه الشيخ حممد خماريطة من دمياط وكان من أهل بورسعيد ،وهو رجل من الصادقني يف صحبة اإلمام أيب العزائم وقد ربَّاه أبوه هو وبنيه اآلخرين على هذا احلب الصادق مما جعله يرتك عمله يف التجارة ويتفرغ للدعوة إىل اهلل ،وله لسان بيان جيذب القلوب إىل اهلل ، مع الصدق يف احلال والنورانية والشفافية ،وتدهورت صحته قبلل وفاتله ل لر سـنه ،فلـم يعـد يسـتطيع القيـام بأعبـاء الـدعوة ،وأقـام سـنواته األخيرة فى اإلسماعيلية وتوفى إلى رحمة اهلل تعالى ودفن بها منذ سنوات قليلة.
بإذن من شيخه؛ حيث أن اإلذن يفتح له باب اإلمداد ويجعل روح الشيخ تالحظه فتحفظه من العقبات تكل ،غير أن هذا لم الخفية والوساوس النفسانية ،فقد فرحت بهذا اإلذن وأقبلت على األوراد َّ بهمة ال ُّ يشف غليل نفسي ،وكان قول اإلمام أبي العزائم: أبداً إلى هذا الجناب حنيني ...ال صبر لي حتى تراه عيوني
8 ُّ يرن في أذني دائماً مما حدا بي أن أكشف هذا األمر للشيخ محمد شحاته هنداوي ،فقال لي: الذي يفتح البصيرة هو ذكر اهلل ،ولكنه لم يبين لي كيفية هذا الذكر وال طريقته ،فعرضت األمر على 9 رجل آخر من الدعاة وهو الشيخ قطب زيد ،فأجابني إجابة فهمت منها أنه يريد صرفي عن هذا األمر، كل همي هو اإلقبال على مجالس اإلخوان وتبادل الزيارات وقراءة الصلوات في الجماعة. وأن يكون ُّ
هذا ولم يكن يعجبني بعض مفاهيم راجت وسط جموع اإلخوان في ذلك الوقت ...حيث أنهم يروجون فيما بينهم أن هذه األذواق العالية ...واألحوال الراقية ...والمشاهد السامية ...إنما كانوا ِّ هى أذواق وأحوال ومشاهد قاصرة على اإلمام أبي العزائم فقط!! ،أما الباقون ..فيكفيهم أن يحبُّوه ويقبلوا على األوراد والمجالس! وال يكلفون أنفسهم هذا األمر! ..ويؤيدون دعواهم أن هذه األشياء تنال بفضل اهلل فقط! وليس للمجاهدات فيها شأن. وكنت أرد عليهم بما سمعته منهم من أحوال اإلمام أبي العزائم وغيره من الصالحين ومجاهداتهم الفادحة في ذات اهلل ،وفي أن اصطفاء اهلل لم يتوقف وفضله سبحانه وتعالى واسع وغير محصور ورحمته واسعة تسع كل من اهتدى وأناب ،وقد قال تعالى فى ( 75الحج):
فكلمة يصطفي بصيغة المضارع تدل على دوام هذا األمر أى األصطفاء إلى يوم القيامة.
العثور على الرجل احلي
وظللت على هذا الحال فترة من الزمن وأنا مشغول بالرجل الحي الذي يأخذ بيدي إلى اهلل وإن كنت تيقنت أنه من بين أفراد آل العزائم للرؤيا التى ذكرتها قبل لكم. وانتهيت من دراستي فى الجامعة وحصلت على درجة الليسانس من كلية دار العلوم – جامعة القاهرة سنة 1970م ،ثم صدر قرار تعييني بوزارة التربية والتعليم بمحافظة قنا ،وذهبت إلى قنا واستلمت العمل بأرمنت مدرساً إعدادياً للغة العربية ،فتعرفت على ثلة قليلة مباركة تعرف اإلمام أبى العزائم معرفة يقينية ،ولما سألتهم عن سبب معرفتهم باإلمام أبي العزائم قالوا :الشيخ محمد على سالمه. 8الشيخ محمد شحاته هنداوي :من بلدة ا لخادمية محافظة كفر الشيخ ،تعرف على اإلمام أبي العزائم في صباه وقد كان طالب علم بالمعهد األزهرى ،فترك دراسته ومشى خلف اإلمام أبي العزائم حتى فتح اهلل عليه وصار من كبار الدعاة إلى اهلل وإن كانت تعتريه حدة أحياناً ،وقد توفي بكفر الشيخ في رمضان سنة 1413هـ 1993م عن عمر يناهز التسعين عاماً ،رحمه اهلل رحمة واسعة. القن مركز سيدي سامل حمافظة كفر الشيخ ،وقد دعلا لله اإلملام أبلو العلزائم الا دعلا بله سليدنا رسلول اهلل 9الشيخ قطب زيد :هو رجل من بلدة ّ لسليدنا عبللداهلل بللن عبللا يف قوللله :لالل للم فق له يف الللدين وعلملله الت ويللل ف للان يتجلللى عللى قلبلله اقللائ صللادقة يف معللان اآليللات القر نيللة واألااديث النبوية وظل جماهداً يف اهلل طوال اياته اىت لقى ربه ودفن ببلدته سنة 1983م.
وال أنس تلك الليلة المشهودة حيث دعوني ألحضر معهم احتفاالً بميالد سيدنا رسول اهلل في منزل الشيخ عبداللطيف محمد على التاجر بأرمنت ،وبعد تناول العشاء تجاذبنا أطراف الحديث فأذهلني ما رأيته منهم من األحوال العالية واألخالق والكماالت السامية مع أنهم كانوا قوماً غير معروفين في هذا الشأن سواء بين إخوانهم من آل العزائم الظاهرين أو بين ذويهم والمحيطين بهم ألنهم شعارهم قول أبي العزائم : اخفوا علومكم صوناً لها عمن ...مالوا إلى الحظ من زور وبهتان 10
فمنهم الشيخ أبو العدب الذي قال لي :عرفتم أبا العزائم بالقول وعرفناه بالعين ،وأما الذي 11 على في معرفة شيخي وإمامي فهو الشيخ أحمد حسن غرباوي ،وهو الباب كان له الفضل األكبر َّ الحى فعندما أصابتني الدهشة من جمال هذه األحوال التي كنت أبحث الذي دخلت منه على الرجل ّ سر تجملهم بها ،ألمح إلى فضيلة الشيخ محمد على سالمه ،وكان قد انتقل في عنها ،وسألتهم عن ِّ ذلك الوقت إلى بلدة ههيا محافظة الشرقية ،ولم أكن قد حظيت بمقابلته رغم ذهابي إليها مراراً لشدة تكتمه وخفاءه. وبعد انتهاء السهرة ذهبت إلى غرفتي فنمت مأخوذاً بهذه األحوال ،وفى نومى رأيت الشيخ إلى أحسست بأني اغيب عن كياني في المنام وهو ينظر َّ إلى ويطيل النظر ،وكلما نظر ّ إلى ،وأخذ ينظر ّ وأرتفع إلى الملكوت وأشاهد أشياءاً ال أذكرها اآلن ،فتعجبت مما رأيت وشاهدت وهممت أن أسأل سر ذلك ،فسمعت صوتاً يجيبني عما جاس في خاطري قبل أن أتكلم به ويقول: عن ِّ
" لكل أمة نبي وهذا الرجل نبي هذه األمة " فاستيقظت وقد علمت أنه الرجل الحي الذي يحيي به اهلل القلوب والذي يقول فيه اإلمام أبو العزائم:
نفس مع { هللا حي قائم وال يصل إليه واصل إال بحي قائم } ،ويقول فيه أيضاً{ : ٌ خير من حياة الفردوس } الحي حياةٌ للقلب ونفس في حياة القلب ٌ ٌ ويقول أيضاً وأرضاه للمشغولين بالعبادة والظانين أنها تغني في مقام الوصول عن معرفة العبد الموصول:
{ إنما حرموا الوصول بتضييع األصول } وأول أصل من هذه األصول أن يجمعك اهلل على عبد موصول لقوله تعالى:
(43النحل)
10الشيخ أبو العدب :رجل أخذته الجذبة اإللهية عندما ُووجه باألنوار الحقية في صحبة الشيخ محمد على سالمه ،وإن كان مع شدة جذبه شديد التمسك باألوامر الشرعية ،وقد توفي ودفن اآلن ببلدته حاجر الرزيقات قبلي مركز أرمنت في 11مارس 1986م وكان يتميز بالكشف الصريح والمعرفة بما يدور في الخواطر وإن كان يستر ذلك بظهوره في حالة الجذب. 11 كمل ورثة أنبياء اهلل تعرفه بقاع السماء وتجهله بقاع األرض ،يدعو إلى اهلل الشيخ أحمد حسن غرباوي :وهو رجل من خاصة أولياء اهلل ومن ّ بس ّـره وبحالــه ،وهــو اآلن قــائم ببلدتــه الرزيقــات قبلــي مركــز أرمنــت يجمــع حولــه الصــادقين ،ويوجــه بإشــاراته المقـربين ،ويرفــع بأحوالــه العاليـة السالكين.
ويقول لهم أيضاً: ألف عام بغير باب التهامى ...هى نَـ َفس بشرى ألهل السماح ويعرفهم فضل الجلوس مع العارف الحي فيقول:
خير من عمل العباد والزهاد لسنين طوال }. س مع العارف ٌ { َن َف ٌ وشاءت إرادة اهلل أن أعثر بعد ذلك على ال حديث الذي يوضح ما رأيته في المنام وهو قوله : 2
{ الشيخ في قومه كالنبي في أمته }
1
فعلمت أنه شيخ هؤالء القوم الذين كنت معهم ومن على شاكلتهم ،وهو الباب الذي تفاض على وجعلنى معهم وأسأله سبحانه وتعالى منه علوم النبوة وأحوالها لهم ،وعلمت أيضاً أن اهلل تفضل ّ على هذا الفضل ويجعلنى منهم لقول اإلمام أبي العزائم :. أن يزيد َّ
{ من كان معنا فقه المعنى ومن كان منا نال المنى } اللهم أنلنا المنى ومتع عيوننا بمشاهدة أنوار نبينا وأسرارنا بشهود محبوبنا ونفخة قدسنا بمعاينة سر الخصوصية وفرد الحضرة الذاتية الكماالت الربانية واألنوار الذاتية ،وصلى اهلل على سيدنا محمد ّ وراث تلك الحضرات النورانية ،آمين يا رب العالمين. وكاشف كل الكماالت ألهل النفوس الذكية وآله ّ
البداية الصحيحة للسري إىل اهلل
على أن أكرمنى بصحبة أخي الشيخ أحمد حسن غرباوي الذي أخذ وكان من فضل اهلل ّ بيدي إلى الطريقة الصحيحة لتهذيب النفس وصقلها وتكميلها باآلداب العال ية الواجب اتباعها عند الدخول على الشيخ أو مصاحبته ،وفي ذلك يقول اإلمام أبو العزائم:
{ على السالك في طريقنا أن يصطفي له أخا ً صادقاً سبقه في صحبة الشيخ يتأدب بأقواله ،ويتهذب بأفعاله ،ويأنس بأحواله ،حتى ُيدخله على حضرة المرشد ويكشف له عن جماالت وكماالت المرشد ،ألن المرشد في ذاته عبد وال يتحدث عن نفسه } وكنت وأنا في غمرة تلك األحوال أتطور سريعاً في األحوال الروحانية وأشعر بشوق شديد إلى لقاء الشيخ ،إلى أن حانت الفرصة ونزلنا لقضاء إجازة العيد ،فذهبت تواً للقاء الشيخ ثاني أيام عيد الفطر. وكان هذا أول لقاء بيني وبين الشيخ ،واستهله بعد سؤاله عن اإلخوان بأن حكى لي قصة الرجل الذي عزم على زيارة الشيخ أبي الحسن الشاذلي ،وأثناء سيره إليه وجد عابداً يسكن في كوخ فعرج عليه ليتعرف عليه وعرف منه أنه يصوم النهار أبداً ويقوم الليل صغير بالقرب من ساحل البحرّ ، 12رواه الديلمي يف مسند الفردو وأبو نعيم يف احللية والسيوطي يف اجلامع ال بري من اديث أيب رافع ،كما أخرجه ابن ابان فى الضعفاء من حديث ابن عمر.
أبداً!! فلما سأله العابد عن وجهته؟ عرفه أنه متجه لزيارة الشاذلي فطلب منه أن يسأله الهاء له ،فسار الرجل في طريقه حتى وصل إلى اإلسكندرية ،ونزل على القطب أبي الحسن فوجد من خيرات اهلل الحسية والمعنوية ،ماال يحيط به الوصف. ّ
وبعد قضاء مدة الضيافة ،استأذن الشيخ في السفر فسأله الشيخ :ألم يكلفك أحد بشيء؟، حب الدنيا من فحكى له ما دار بينه وبين العابد ،فرفع يديه وقال ألصحابه :إني داع ف ّأمنوا :اللهم إنزع َّ قلبه؛ فتعجب الرجل! من دعوته.
ثم سافر الرجل راجعاً حتى وصل إلى كوخ العابد ،فسأله عن رحلته ،فأخبره بها وكتم عنه حياءاً منه ما دعا به الشيخ له ،لما يراه من عبادته ،ولكن العابد ألّح عليه في معرفة الدعوة التى دعا بها الشيخ له ،فذكرها له ،فقال :الحمد هلل! لقد تعرفت اإلجابة وأحسست بها في نفسي منذ ذلك الوقت، فقال الرجل مندهشاً :وما الدنيا التى عندك؟ ،فقال :أنا أصوم النهار ،فإذا دنا المغرب ذهبت إلى البحر أتحصل عليها ألصطاد شيئاً أفطر عليه ،فكان اهلل يخرج لي كل يوم سمكة واحدة ،كأنها بعينها التى ّ كل يوم ،ومهما اجتهدت في الحصول على غيرها ال أستطيع!! ،.فكنت كل يوم وأنا ذاهب إلى البحر أتمنى بقلبي أن يرزقنى اهلل بسمكة أكبر أو بأخرى معها؛ فلما دعا لي الشيخ لم أعد أجد ذلك الخاطر في نفسي. فزادت دهشة الرجل من أحوال الصالحين وعزم على زيارة الشيخ أبا الحسن في السنة التالية، وعندما ذهب إليه فوجئ بأن األكل غير ما اعتاده فهو صنف واحد في كل يوم في الفطور والغداء والعشاء ،وتعجب من ذلك وظن في نفسه أن الشيخ ال يريد إكرامه ،مع أنه كان يأكل معه ،وأدرك الشيخ ببصيرته النورانية ما يختلج بصدره فقال" :نحن قوم نجود بالموجود ،وال نتكلف المفقود". فكانت هذه الحكمة هي المفتاح الذي فتح قفل قلبه ووضعه على أول طريق الفالح ،الذي نهايته لقاء الكريم الفتاح. وقد أثمر هذا اللقاء مع الشيخ عندي عدة أشياء منها :أني فهمت أنى أنا على شاكلة هذا العابد لشغلى في ذلك الوقت با لعبادة...؛ ألن المريد الصادق يأخذ كل حديث للشيخ في الخلوة أو في الجلوة على أنه هو المقصود به! ،وال شأن له في ذلك بغيره.، ومنها أنى علمت أن المريد ال يصح له وضع قدم في طريق اهلل حتى يخلع الدنيا بالكلية من قلبه ،ومنها أنى أدركت أن دعوة الشيخ وقد كررها أمامي ثالثاً هي لي والحمد هلل شعرت باإلجابة من وقتها ،فصارت الدنيا ال تساوي عندي قليالً وال كثيراً بجانب رضا اهلل . أما الدنيا التى كانت عندي ،فهى أني كنت أعبد اهلل ألنال آماالً وقصوداً في نفسي وهى وإن كانت قصوداً راقية ألنها تتعلق بالدار اآلخرة والوصول إلى اهلل ، إال أنها ال تليق بآداب أهل الحضرة الذين يعبدون اهلل ال لنوال عطاء وال خوفاً من جزاء ،وإنما ألنه سبحانه أهالً لهذه العبادة وهذه طريقة العارفين ،حيث يرمزون إلى السالكين بما يصحح أحوالهم في سياق حديثهم حتى ولو كان حديثاً عادياً ،وفي ذلك يقول أبو العزائم :
عنّ ــي اس ــمعوا مـ ــا تعقل ــون م ــن الكـ ــالم والعلـ ـ ـ ـ ـ ــم ب ـ ـ ـ ـ ـ ــاهلل العلـ ـ ـ ـ ـ ــي غ ـ ـ ـ ـ ـ ــوامض خ ــذ مـ ــا ص ــفا لـ ــك م ــن إشـ ــارة عـ ــارف
ف ـ ــالعلم بـ ـ ــالرحمن مـ ـ ــن صـ ـ ــافي المـ ـ ــدام ال يُـ ْفقهـ ـ ـ ــن إال لصـ ـ ـ ـ ٍ ـب فـ ـ ـ ــي اصـ ـ ـ ــطالم فالعـ ـ ـ ــارفون كالمهـ ـ ـ ــم يشـ ـ ـ ــفي الس ـ ـ ـ ــقام
وهكذا بدأت السلوك الحقيقي إلى اهلل على القدم الثابت المحمدي في حظوة هذا الولي، وما دار بيننا سأذكر نذراً يسيرا منها فى هذه السيرة تنشيطاً لهمم األحباب ورفعاً لعزائم الطالب وإن كان أغلب ذلك ال يليق أن نذكره لقوله : 3
{ المجالس باألمانات }
1
وقانون أهل الحضرة في مجالسهم :نحن قوم نجلس مع اهلل ،فإذا قمنا من المجلس فكأنما لم نجلس كتماناً للسر ،وهذا ألن هذه العلوم واألسرار تحتاج إلى أذواق خاصة فالطريق إليها الحكمة القائلة" :ذُق تعرف" ،.واإلشارة إليها في قول اإلمام الغزالي: فكان ما كان مما لست أذكره ...فظن خيراً وال تسأل عن الخبر وهي المعنية بقول اإلمام أبي العزائم :.
احفظـ ـ ـ ـ ــن سـ ـ ـ ـ ــري فسـ ـ ـ ـ ــري ال يبـ ـ ـ ـ ــاح علمن ـ ـ ـ ـ ـ ــا ف ـ ـ ـ ـ ـ ــوق العق ـ ـ ـ ـ ـ ــول مكان ـ ـ ـ ـ ـ ــة خص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــنا بالفض ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــل في ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــه ربن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا َّ
م ـ ـ ــن ي ـ ـ ــبح بالس ـ ـ ــر بع ـ ـ ــد العل ـ ـ ــم ط ـ ـ ــاح الص ـ ـراح كيـ ــف ال وهـ ــو الضـ ــيا الغيـ ــب ّ ذاك س ـ ـ ـ ـ ـ ــر غ ـ ـ ـ ـ ـ ــامض كي ـ ـ ـ ـ ـ ــف يب ـ ـ ـ ـ ـ ــاح
فى صحبة الشيخ وبدأت صحبتى مع الشيخ ، وأذكر باختصار شديد أنه عندما أمرنى باإلرشاد وكنت أتوجه بأمره إلى الجهات المختلفة للقيام بوعظ أهلها وإرشادهم ،كان يتولى بعد عودتى وفى درسه تصحيح بعض المفاهيم التى ذكرتها ،ويعيد توضيحها بما يالئم العصر مع اليسر فقد كنت أنقل عن السابقين آرائهم واستشهد بها فى دروسى ،وربما الأفطن أنها التالئم العصر أو أنها تشدد على الناس. فكان يقول لى منبِّها وهو فى الدرس العام :بعض الناس يقولون كذا ،و الصواب الذى يجب أن نقوله للناس هو كذا ،ويذكر األسباب ،ومثال ذلك موضوع الموت ،فقد كنت أركز فى حديثى عنه عن شدته ورهبته كدأب السابقين ،حتى سمعته يقول ... :يذكر الناس الموت وشدته ورهبته وال يفرقون فى ذلك بين المؤمنين وغير المؤمنين ،وما قالوه حق وواقع ولكن بالنسبة للكافرين والمشركين والجاحدين ،أما بالنسبة للمؤمنين فاألمر يتغير ،فهو بالنسبة لهم فرح بلقاء اهلل وسرور بتكريم اهلل، وجعل يذكر من ضروب التكريم وألوان النعيم التى يتلقاها المؤمن عند موته حتى جعل الحاضرين يحبُّون 14 الموت ويتمنونه 13رواه أبو داود عن جابر 14أكرمنى اهلل تعالى بعد تللك الواقعة بسنوات لما قدَّر لى حمل أمانة الدعوة بعد رحيل الشيخ؛ أن نخرج للناس عدة كتب فى هذا الشأن وعلى ذلك المنوال من دعوة التبشير وهما :بشائر المؤمن عند الموت ،والثانى :بشريات المؤمن فى اآلخرة ،واآلخـر هـو :بشـائر الفضـل اإللهى.
وأذكر أنه مما أثار دهشة الكثير من األخوان أننا كنا ذات مرة فى زيارة فى بلدة الرزيقات قبلى بأرمنت بمحافظة قنا ،وقد ذهب . لزيارة مريض وذهبت مع اإلخوان للمسجد الصالة ،وبعد الصالة طلبوا أن ألقى درس ا ،فتحدثت معهم شارحا حكمة لإلمام أبى العزائم ( :الورثة أربعة، ورثة أقوال :وهم حملة الشريعة الممنوحين ،وورثة أعمال؛ وهم العباد الورعون ،وورثة أحوال؛ وهم أهل المواجيد الصادقة المحدثين ،والرابع الوارث الفرد الجامع ) ماتيسر ،وهممت بشرح الرابعة ،وإذا بأخ وشرحت لإلخوان الحاضرين الثالثة األولى بحسب َّ يدخل علينا ويقول الشيخ يدعوكم ،فقمنا وذهبنا وجلسنا حيث كان الشيخ وبدأ درسه قائال :الورثة أربعة وسردهم ثم بدأ بشرح الرابع وهو الوارث الفرد الجامع أى من حيث أنتهيت أنا .وأرضاه. واستمرت بنا السنوات ،وتوالت األحداث ،ووقع فيها ماشاء اهلل له أن يحدث ،وظهر فيها من األنوار واألسرار واإلفاضات والتأييدات مما اليسعه الذكر أو ال تطيقه العبارة والتحمله اإلشارة. وفى أثناء تلك السنين أسس الشيخ جمعية الدعوة إلى اهلل بمصر الجديدة لتكون واجهة رسمية للدعوة الصادقة ،وقد أنضم إليها أبناؤه وتالمذته وكنت واحدا منهم واستمرت المسيرة. وقد كلفنى بما شاء فى هذا السبيل من األمور والمهام ومن شئون الدعوة ،وكنت أصحبه فى غالب رحالته الدعوية ،وكان الشيخ يحيل إلى الكثير من شئون اإلخوان واستشاراتهم ،وكان إذا ما استشاره أحد فى شيىء وسأله :هل سألت أخانا فوزى فى هذا؟ فإن قال نعم ،قال له أعمل ما أشار عليك به !! وربما سأل الشيخ بعضهم :بماذا أشار عليك فوزى؟ فيقول له :كذا ،فيقول :نعم هو الصواب ،وأخبرنى البعض ممن كان يالزم الشيخ أثناء إقامته ببورسعيد أنه سمعه فى غير موقف يقول لمن يسأله :إذهب لفوزى ففوزى أنا وأنا فوزى.
استالم الراية
ومرت السنون وكان لى مع الشيخ من الشئون ما ال يسعه المجال ،وما قد ال يسطر بحال مما ليس له وعاء إال صدور الرجال...... حتى جاء أمر اهلل وكان العام 1411هـ1991 ،م ،وذهب الشيخ للحج هذا العام وكان على موعد للقاء اهلل تعالى ،وقد صحبته بعد أن أمرنى بالحج حيث كنت الأنوى الحج هذا العام وقال لى: ومن الذى يثبت اإلخوان عند إنتقالى ،فكان ماأراد . ولما جاء األوان الموعود ... مر على جميع اإلخوان يسلم عليهم فرداً فرداً وكانوا وفى آخر ليلة قبل انتقال الشيخ وقد َّ يعجبون لذلك ،جاءنا حيث نقيم بفندق أم القرى الحادية عشرة مساءاً ،فأحببنا أن يخلد إلى النوم لينال أحب أن أجلس معكم لحظات ،وبدأ يسرد ماحدث فى محاضراته قسطاً من الراحة ،ولكنه قالُّ : توجه إلى التى ألقاها اليوم للحجيج ،ويوضح أن هناك أخطاء كثيرة يقعون فيها للجهل بالمناسك ،ثم َّ وقال :عندما تنزل مصر إن شاء اهلل اجمع هذه األخطاء تحت عنوان "أخطاء شائعة فى الحج " وأضفها
إلى كتاب حكمة الحج وأحكامه فى طبعة جديدة.
15 16
وفى اليوم التالى كان ما قدر اهلل ،وانتقل الشيخ إلى رحاب اهلل ،ودفناه بمقبرة المعال بمكة المكرمة. وهنا عجيبة من ترتيبات القدر أحببت أن أقصها عليكم ،فقد عرفنا الحقاً أن مقبرة المعال تقع فى عطفة أو حارة الجميزة بمكة المكرمة ووجدنا يافطة كبيرة بذلك على مدخل المقبرة للقادم من ناحية الحرم واليافطة مازالت موجودة بجوار المدخل ،والعجيبة هنا أن اسم حارة "الجميزة" إسم غير مشهور ال بالسعودية وال بمصر ،وهو نفس اسم بلدتى التى ولدت فيها وأعيش بها فى الوقت الراهن وهى بلدة "الجميزة" مركز السنطة بمحافظة الغربية بمصر.
إكمال املسرية والفتح الوهبى فى الدعوة
وبعد العودة من الحج استكملنا مسيرة الدعوة المباركة كما بدأها ،.وأسسنا الجمعية العامة للدعوة إلى اهلل وهى جمعية مركزية ،وأصبح لها ما يزيدعن العشرين فرعاَ بجميع المحافظات. وأكرمنا اهلل بإخوان صدق أعانونا فى شئون الدعوة ،واكملنا المسيرة على نهج الشيخ بعقد لقائين جامعين فى السنة ،اللقاء األول إحتفاالً بالمولد النبوى ،والثانى إحتفاالً بذكرى اإلسراء والمعراج، وأضفنا إليه لقاءاً ثالثاً وهو لقاء اإلحتفاء بذكرى الشيخ محمد على سالمة . وكنت أسافر بانتظام إسبوعياً تقريباً من بلدتى إلى بلدة أخرى للقاء إخواننا بأهل هذه البلدة يوم الجمعة أو ليلة الجمعة ويومها ،كما واظبت أيضاً على اللقاءات السنوية بالصعيد فى أسوان واألقصر وإسنا وسوهاج ،وكذا بالمنيا ومغاغة وأيضاً اإلسكندرية وبورسعيد وبنها والمنصورة وكفر الشيخ وغيرها، وكل ذلك على نفقتى الخاصة بفضل اهلل ،ومع استمرارى فى العمل بالتربية والتعليم وترقيتى فى عملى واجتهادى ألكون صورة صادقة جامعة فى هذا الزمان بإذن اهلل. وكان لهذه اللقاءات المطولة بالصعيد واألسبوعية بالبالد األثر األكبر فى ترسيخ الدعوة وطرح أساليب التربية الصادقة على المريدين ...وتفريخ الرجال الصادقين ،وقد أظهر اهلل تعالى لنا فيها من التأييد وافاض علينا من بحور اإللهام مما تعجز عن تسطيره األقالم ،وجمع علينا بفضله من خيرة األتباع رب العالمين مما جدد روح الدعوة وأشاع فيها روح المحبة والصدق واألخوة. الصادقين المقبلين على ِّ ثم ألهمنى اهلل تعالى لما ظهرت لى حاجة الدعوة للقاءات المتتالية المنتظمة المنهجية إضافة إلى ما كان يجرى بالفعل ،أن نعقد لقاءاً شهرياً جامعا ،فكان لقاء المعادى بالقاهرة يومى الخميس والجمعة 17 األولى من الشهر ،يبدأ اللقاء من بعد صالة العشاء يوم الخميس ،ثم صباح الجمعة فالخطبة ويستمر إلى صالة ال عصر ،وقد أكرم اهلل الدعوة بهذه اللقاءات المنتظمة والتى استمرت من يومها فى منتصف 15وقد أعانىن اهلل فقمت واحلمدهلل بعد رجوعنا جبمع هذه األخطاء مع شرح مبسط وواىف للمناسك وطبعناه ىف كتاب أمسيناه "زادالحاج والمعتمر" وقد طبع طبعتان ،و طبع مؤخراً طبعة صغيرةالحجم للحمل بالجيب أثناء أداء المناسك اسميناها :مختصر زاد الحاج والمعتمر. 16لمراجعة سيرة الشيخ محمد على سالمه راجع كتابنا " العارف باهلل تعالى الشيخ محمد على سالمه سيرة وسريرة " 17كانت اللقاءات الشهرية بالمعادى فى ا لخميس والجمعة الثانية من كل شهر ميالدى بانتظام حتى شهر أبريل ،2010ثم أصبحت الجمعة األولى من كل شهر أفرنجى مع الخميس السابق لها إلى اآلن بضل اهلل تعالى وما زلنا عليه.
التسعينات حتى اليوم فى أن تكون منبرا راسخاً فى التربية الصوفية المنهجية المنتظمة ،وترسيخ الدعوة الصادقة إلى جهاد النفس وغيرها من الكثير مما فتح اهلل تعالى به علينا ،فكانت هذه اللقاءات الشهرية على مدار السنوات بمثابة معاهد علمية صوفية شرعية راسخة ،بل واصبحت لقاءاتنا الشهرية اليوم منبراً عالميا يتابعه آالف المسلمين على الهواء على الشبكة الدولية للمعلومات. وانتشرت الدعوة وأكرمنى اهلل ببركة حبيبه فأفاض على من الحكمة وفصل الخطاب مما دعا الكثيرين إلستضافتى بكثير من البرامج المسجلة أو على الهواء باإلذاعة والتليفزيون والقنوات 18 أصر دائما على الفضائية ،وقد عرض علينا ومازال الكثير من ذلك ومن البرامج ولكنى كنت ومازلت ُّ للم الشمل ،ومحاربة البدع والخرافات ،وعدم التجريج أو بلبلة أال أقبل إال دعوات البرامج التى تدعو ِّ الرأى العام باألقوال المهجورة ،وعدم شن الحروب الدعائية والبعد عن اإلثارة وعدم افتعال أو إشعال الخالف ،وتجنب ما يحدث الفتن ويشيع روح التباغض أو الفرقة والتشدد فى المجتمع. كما أكرمنى اهلل بالتأكيد على الدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة إلحياء روح اإلسالم الحقيقية وإعطاء الشكليات وزنها الحقيقى بال مبالغة وال تسيب ،وبأن تكون دعوتنا وسطية ال تفريط فيها فى شرع اهلل والإفراط وال مغاالة ،وفى المقابل فقد جعلنى اهلل تعالى أنا محب الصوفية الحقة والمتصوفين الصادقين حرباً على كل أدعياء التصوف ومحبى الدروشة والشعوذة والكسل واإلختالط والخزعبالت ومرتزقى أو أرزاقية التصوف ،لنعود بالتصوف إلى رحاب الدين الحق وإلى طريق الصدق واإلخالص واإلقبال على اهلل بالعمل والجد ونفع المجتمع أفراداً وجماعات. من اهلل علينا بأخوان صدق فى جميع البالد يسجلون دروسنا منذ أيام الشيخ وفى حياته وقد َّ وبعد ذلك ،حتى جمعوا لنا من ذلك حتى اآلن ما يزيد عن األربعة أالف شريط من التسجيالت والعشرات من شرائط الفيديو ثم التسجيالت الرقمية واإلسطوانات المدمجة فانضم من ذلك المئات سجل بحقبة السبعينات والثمانينات وأوائل التسعينات. إلى ماسبق ،ومازال الكثير لم يجمع بعد مما ِّ وقام من بينهم جماعة من أهل اإلخالص والصدق أفرغوا ما يقرب من األربعمائة وخمسين شريطاً وكتبت وخرجت أحاديثها وآياتها وأكرمنا اهلل حتى اآلن بطباعة ثالثة وستين كتاباً فى جميع شئون الدين والحياة والتصوف والطريق إلى اهلل والحقيقة المحمدية وأكثرها من هذه الشرائط المفرغة؛ نسأل اهلل تعالى أن يعيننا على إخراج ماتبقى للنور لنفع المسلمين والمسلمات إنشاء اهلل رب العالمين. وقد أعان اهلل إخواننا أهل الصدق فأنشأوا لنا موقعاً على شبكة اإلنترنت منذ ما يقرب من العشر سنوات ،وكان موقعا بسيطا بقدر تطور الشبكة وقتها ،ثم أكرمنا اهلل منذ أقل من سنة وبجهود المخلصين طورنا الموقع ليصبح مرجعا عالمياً علميا تسجيلياً لجميع رحالتنا ولقاءاتنا وكتبنا ،والقائمون عليه فى أن َّ الطريق لتفريغ هذا التراث الضخم بالكامل من التسجيالت مع تبويبها تاريخياً باللقاءات وأماكنها، وفهرستها موضوعيا أيضاً ليسهل الوصل إلى موادها بأي طريق ،ونهاية فالموقع يعرض جميع محاضراتنا صوتا ،وصوتاً وصورة ،وكتابة ،ويمكن للمتصفح السماع فقط أو المشاهدة والسماع أو القراءة على الشبكة مباشرة ،أو التنزيل كتابة أو صوتا أو صوتا وصورة بامتدادات الشبكة المختلفة ،وطبعا يتوقف 18من القناة األولى والسادسة والثامنة والفضائية المصرية بالتلفزيون المصرى وغيرها من الفضائيات ،وإذاعة القاهرة الكبرى والقرآن الكريم، وشمال الصعيد ووسط الدلتا وإذاعة القناة وغيرها.
توفر الصورة مع الصوت على التسجيالت المتاحة لدينا وجودتها بعد هذه السنوات ،ويزاد على هذا بتخريج اآلية والحديث وغيره إلتمام العمل. كما يحتوى الموقع على كم هائل من اإلستشارات واألسئلة والفتاوى التى تجمعت عبر هذه السنين ،وإضيف مؤخرا واجهة للموق ع كمرآة باللغة اإلنجليزية وجارى رفع المواد التى تمت ترجمتها واألمل فى اهلل كبير أن يعين القائمين على هذا المشروع وأن يجمع عليهم المزيد من أهل الصدق واإلخالص والمتخصصين ليكون هذا الموقع شامال وبكل اللغات خاصة وأنه تمت ترجمة بعض الكتب ونشرها بأندونسيا فعالً باللغة األندونسية واهلل المستعان وبه التوفيق.
من عالمات تأييد اهلل وتوفيقه سبحانه
إخوانى! أكرمنى اهلل تعالى فى أطوار الدعوة إليه سبحانه بالقال والمقال والسياحات وغيرها مما على؛ بتوفيقه وتأييده وإمداده وعونه ،ولوال فضل اهلل ونظرات رسوله ما استطعت النطق أو َّ من به َّ إلى ،فاألمر كما قال اهلل فى كتابه الكريم (21النور): الكتابة ألى حرف أو كلم مما ينسب ًّ
وكذلك بالنسبة إلمدادات ونظرات رسول اهلل فأتمثل فى ذلك بقول إمامنا أبى العزائم : كل وأنا
الذى
الظلوم
أنا
أنا
فيه
فضل
الجهول
أنا
محمد الذى
منه
لوال
بدا
عنايته
وإليه
كان
هلكت
وصوليا بحاليا
على من التوفيق والتأييد لنسبة هذا الفضل على أن أذكر بعض ما َّ من به اهلل َّ ولذا كان لزاما َّ إلى اهلل أوالً ،وتحفيزاً وترغيباً للصادقين فى المعاملة مع اهلل ثانياً ،وتحقيقاً لرغبة الكثير من اإلخوان فى معرفة ذلك ثالثاً ،ويعلم اهلل أنه قد إجتمع لنا المئات من تلك اإلكرامات مما كتبه إخواننا فيما وقع لهم أو رأوه ،وأرسلوها لنا لتكون سجال حيَّا لما شهدوه وعاصروه من ذلك ،ولكنا سنكتفى هنا بذكر منوعة مابين رؤيا صالحة أو مشورة ناصحة ،أو مقولة موفقة على غير معرفة مسبقة ،أو بعض نماذج َّ إجابة خواطر خفية بإجابات بينة جلية. وحتى ال تختلط المفاهيم لدى بعض قرائنا الكرام ،فإنى وإضافة إلى ما اوردت فى مقدمة هذا الكتاب عن الكرامة ومفهومها لدى الصالحين ،فإنى أزيد األمر جالءاً بأن أقول أن اهلل تعالى يسوق الكرامات فى الكثير من المواقف بمثابة إشارات تثبيت أو وسائل تأييد يظهرها اهلل تعالى على أيدى العارفين بال طلب منهم لذواتها ألنهم يفرون من سوى موالهم وال يطلبون شهرة فى دنياهم وال عطية فى أخراهم ،إنما كدهم وسعيهم فى توصيل الرسالة التى كلِّفهم بها موالهم من داللة الخلق عليه واألخذ بإيديهم إليه ،وعليه فقد يظهر اهلل تلك التأييدات أو الكرامات فيهم أو عليهم ،أو فى أتباعهم أو معارضيهم ،لتأييد الصالحين أو تثبيتاً لألحباب أو للمؤانسة أو فصل الخطاب. ومن جملة تلك الكرامات: الرؤيا الصالحة التى يراها المؤمن أو ترى له ،والرؤيا الصالحة هى التى قال فيها لسيدنا عُبادةَ
قول اللَّ ِه تعالى ي لهم البشرى في الحياةِ الدنيا وفي اآلخرةِ ِ فقال : ب ِن َ الصامت ،عندما سأله عن ُ َ ُ َ
ِي الرؤ َيا { سأل َتني عنْ شيء ما سألني عن ُه أح ٌد قبلَ َك ْأو أح ٌد منْ أُمتي ،قا َل :ه َ ٍ 1 9 ُ الصالحة يرا َها المسل ُم ْأو ُت َرى لَ ُه }
وهى التى قال فيها أيضاً فى موقف شديد الخصوصية فى تاريخ األمة المحمدية صادراً عن بصيرته النوارنية واستلهاماً لما تحتاجه األمة بعد رحيله من استمرار فيض البشريات الربانية ألفرادها – بعد إنقطاع الوحى المباشر -وذلك عندما صلى الناس وراء سيدنا أبى بكر فى مرض إنتقاله وقلوبهم وجلة خوفا على نبيهم؛ إذ روى اب ِن َعبَّ ٍ اس عن تلك اللحظات العصيبة التى سبقت العاصفة الهائلة التى ألقت بظاللها الكثيفة عليهم فقال:
بي َ ك َ اس ف أبي َب ْك ٍر فقال :ياأ ُّي َها ال َّن ُ وف َخ ْل َ صفُ ٌ اس ُ ار َة َوال َّن ُ الس َت َ ف ِّ ش َ { أنَّ ال َّن َّ 20 إ َّن ُه لَ ْم َي ْب َق ِم ْن َم َب ِّ الصال َِح ُة َي َراهَا ال ُم ْسلِ ُم ْأو ُت َرى َل ُه } ش َرا ِ الر ْؤ َيا َّ ت ال ُّن ُب َّو ِة إ َّال ُّ إذ كان فى رؤيته ألمته يصلون خلف من سيخلفه فيهم يستشعر حاجتهم بعده الستمرار مثل هذه المبشرات التى كان يواليها بهم وهو بين ظهرانيهم فتشد من أزرهم وتدلهم على حسن سيرهم أو تأييد السماء لهم. بل وكانت تظهر على الكثيرين فيؤيدها أو يعبرها (يفسرها) لهم ،ولذا فكثيراً ما كان يسأل أصحابه بعد صالة الصبح: 1
{ أَ ّي ُك ْم َرأَى اللّ ْي َل َة ُر ْؤيا؟ }
2
وكان عبد الرحمن بن أبى بكرة يقول:
2
{ كان رسول هللا يعجبه الرؤيا الحسنة ويسأل عنها ..أيكم رأى رؤيا؟ } .2
التأييد بالرؤيا الصاحلة وحتى اليتطرق الشك إلى بعض القلوب أن مثل هذه المبشرات من الرؤيا الصالحة كانت مقصورة على زمن مضى أو أناس بعينهم ،نقول أنه من الثابت ألهل العلم ومما ال يقبل الشك ،أن مثل هذه األمور المباركات قد استمرت من بعده فى األمة وعلى نفس المنوال الشريف من البشرى والتأييد أو فصل القول والتشريف ،ونحن ال نبيح سراً أذا أمطنا اللثام عن أنه قد وقع لنا الكثير من ذلك بفضل اهلل وبركة رسوله فى طريقنا إلى اهلل وسلوكنا لنهج الصالحين؛ سواء ما رأيناه بأنفسنا من رؤي التوجيه أو التأييد من اهلل ورسوله ومن ذلك ما ذكرت طرفاً منه مما حد ث لى فى طريق سلوكى إلى اهلل بالصفحات القليلة السابقة. 19اسم الكتاب :سنن الدارمي عن عبادة بن الصامت 20سنن أبي داوود عن ابن عباس 21المستدرك على الصحيحين ،عن سيدنا سفينة مولى أم سلمة 22مسند اإلمام أحمد عن عبد الرحمن بن أبى بكرة .
ومنه ما أيد اهلل تعالى به أخواننا السالكين للطريق على أيدينا فرأى أكثرهم من ذلك الشيىء الكثير والجم الوفير ،وأذكر من ذلك ... قصة وقعت لنا فى زيارة سابقة إلى سوهاج بتاريخ 2010/6/3والتى استمرت عدة أيام ففى الليلة األولى قام الشيخ أكرم سعد الدين على ،واعظ مركز جرجا بتقديمى إللقاء الدرس بعد أن صلينا العشاء بالمسجد وكانت السهرة فى حفل كبير أقيم بمنزل د .أحمد حسين بسفالق ،كعادة إخواننا أكابر القوم بالصعيد عند استضافة العلماء ،فأثناء تقديم فضيلته لى قال على لسانه أنه قبل الحفل جاء أحد الحاضرين الذين صلوا معنا ممن ال يعرفنا وطلب من الشيخ أكرم على أن يصافحنى ،فسأله الشيخ أكرم :هل أعجبك شيء من علم الشيخ فوزى فى كتبه؟ قال :ليس ذلك! ،فقال له :هل أعجبك شيء سمعته فى دروسه المسجلة على الشرائط أو اإلسطوانات؟ قال :ليس األمر كذلك ،فقال له الشيخ أكرم متعجباً :فما السبب الذي دفعك لطلب هذه المصافحة؟ فقال :رأيت باألمس رؤيا كأني ذاهب إلى صالة الجمعة في مسجد سيدي أبو عمرة (بجرجا) وإذا بصفين من الرتب العالية مصطفين خارج المسجد ،فلما سألت عن السبب؟ قيل :نحن جئنا الستقبال خطيب الجم عة ففوجئ بخطيب الجمعة (المعتاد) وقد تغير ،وإذا هو فضيلة موالنا الشيخ فوزي محمد أبوزيد ، فلما سمعت أن الشيخ هو بنفسه هنا حضرت للسالم عليه ومصافحته. ثم أضاف الشيخ أكرم أيضاً وفى نفس التقديم: وكذلك حدثنى األخ الصادق األستاذ /أحمد عبدالرحيم ،أنه أيضاً رأى فى المنام البارحة أنه ومعه صعِ َد بهما إلى السماء ،فوجدا قوماً كراماً بيض الوجوه يذكرون اهلل تعالى، أخوه األستاذ/أحمد ربيع وقد ُ فلما دعوهما قاال :إنما جئنا نسأل عن الفرد الوارث! ،فأخذوهما إلى حجرة طيبة بالسماوات بها رسول اهلل وقيل لهما أن معه الفرد الوارث الذى جاءوا لمعرفته. ولما دخال الحجرة إذا بالجالس بداخلها مع رسول اهلل هو فضيلة موالنا الشيخ فوزي محمد أبوزيد ،وقد قال الشيخ أكرم ذلك فى تقديمنا للدرس وسمعه جميع الحاضرين؛ فكان تأييدا من اهلل لتعريف الناس بنا إذ كانت هذه هى زيارتنا الثالثة لسوهاج وقد اجتمع علينا فيها جمع غفير يطلبون اهلل تعالى ويسألون عن السبيل الموصلة إليه. ورواية ثانية أذكرها لرؤيا حدثت ألخينا الشيخ عبداللطيف محمود من ترعة ناصر ،وكنت فى سياحة دعوية إلخواننا بمحافظة قنا وكانت ليلة فى عزبة الحامى تابع البصيلية – مركز ادفو -وكنت ألقى درساً فى شمائل حضرة النبي ،وكان فتحا إلهامياً عليَّاً فى شمائله وأنواره تعجب له الحاضرون. وفى صبيحة اليوم التالى حدثنا أخونا الشيخ عبد اللطيف محمود وقص حكايته على الحاضرين، فقال أنه رأى ليلة البارحة وبعد اإلنصراف من درس الشمائل الذى عجب فيه للمعانى العالية التى ألهمنا اهلل بذكرها! فقال أنه لما نام رأى نفسه داخالً على الروضة النبوية الشريفة ،وكان حضرة النبي يتكلم مع فرد آخر بالداخل وباب الروضة مقفول ،فقال :قلت فى نفسى أنتظر حتى ينصرف الرجل ألحظى باإلنفراد بحضرة النبي ،وحدث ذلك ،فلما جلست فى حضرته وانفردت به قلت لرسول اهلل :يا سيدي قال فيك الشيخ فوزى كذا وكذا من الشمائل ويقصد التى ذكرتها فى الدرس ليلة البارحة ،فرد
قائالً :حقاً حقاً يا عبد اللطيف! ،قال :فأخذت أقبل ساقيه الشريفتين بأدب وخجل ،فنادنى باسمى وقال :كفاياك يا عبداللطيف حيث كنت أتبرك بالساقين وأمسح وجهي. محب للصالحين جمعه اهلل تعالى وأختم برؤيا ثالثة ألخى المهندس نبيل إبراهيم وهو رجل صادق ٌّ علينا منذ سنوات قليلة بعد أن اجتهد السنين الطوال فى مصر وخارجها فى البحث عن العبد القائم، على أنه كان يقرأ القرآن فى رمضان وقد أكرم بالكثير من الرؤيات لسيدنا رسول اهلل ومنها ما َّ قصه َّ قبل الماضى وذلك بعد أن تعرف بنا بمدة قصيرة ،وهو يحكى بنفسه ويقول .. :فى رؤية خالصة أثناء تالوة القرآن الكريم فى رمضان وفى لحظة وأنا أقرأ المصحف ،رأيت على دفتى المصحف اليمنى حضرة النبى وعلى الدفة اليسرى حضرتكم جالساً أمام رسول اهلل ،ثم قام بإخراج اآليات من داخل المصحف وآيات من فمه الشريف ثم يتفل بها فى فمك وأن ا أرى اآليات تدخل فى داخلك وأنت جالس أمام حضرته . وهذه الرؤيات التى وقعتا لمريدينا أو من يسلكون الطريق على أيدينا ال ُّ تعد وال تحصى ،ولكنا هنا نكتفى بذكر ما سبق للتدليل على أن باب الرؤيا الصادقة التى يؤيد اهلل بها أحبابه والمقبلين عليه مفتوحاً دائماً وإلى ما شاء اهلل.
التأييد بإجابة مكنون الصدور
وهذا أيضا له سنده من السنة المشرفة فقد قال : 3
ِـيق هللا } { اح َذ ُروا ف َِرا َ ور هللا َو َي ْنطِ قُ ِب َت ْوف ِ س َة الـمؤم ِ ِن فـإِ َّن ُه َي ْن ُظ ُر ِب ُن ِ
2
على من إلهامه وتوفيقه أنى فى معظم األحاديث التى أتوجه بها إلى فكذلك مما َّ من اهلل به َّ الحاضرين يلهمنى اهلل باإلجابة عن األسئلة واإلستفسارات التى تجول بخواطرهم بإجابات تشفى صدورهم ووقع لنا مع إخواننا ممن يعرفوننا الشيىء الكثير،بل وأكثر من ذلك وقع لنا مع من ال يعرفوننا أو أتوا ليتعرفوا بنا. وأذكر منهم أخاً من أشراف السعودية جاء مع والده للعالج وأحب فى آخر يوم فى زيارته أن يتعرف بنا ألن عالج والده استغرق المدة كلها والبد أن يسافر غداً ،وكان قد قرأ كتبنا من قبل وقد وقع سر اهلل لقاءه ،فاتصل بالدار التى فسيُـيَ ِّ فى قلبه أنه ربما وجد من يبحث عنه ،فقال فى نفسه لو كان هو َ تشرف على كتبنا بالتليفون الموجود بالكتب وتكلم مع أحد مسؤلي الكتب ،فحدثنى هذا األخ وأخبرنى عنه وعن رغبته؛ فطلبت منه أن يصحبه لزيارتنا بالجميزة فى سيارته وكان اليوم اإلثنين وهو يوم الدرس اإلسبوعى ببلدتنا. وكان هذا الزائر قد استأجر سيارة بالقاهرة وذهب ليقابل أخانا الذى سيصحبه فى سيارته الخاصة أصر على القيادة بنفسه فى القاهرة ،وعندما لم يعرف ضل الطريق أكثر من ساعة ونصف ألنه َّ ولكنه َّ كيف يسير وقد ضاع الطريق منه وتأخر الوقت ،نصحه األخ أن ينزل من أول مخرج بالكوبرى الذى هو ( 23ابن جرير) عن ثوبـان ،الفتح الكبير.
فوقه اآلن وينتظر هنالك ويعطى الموبايل ألى مصرى ليصف المكان الذى هو فيه ليذهب إليه أخونا! واإلثنان على ثقة أنهما على طرفين بعيدين بالقاهرة فهذا بالدقى والثانى بالهايكستب!. فوافق على مضض ألنه يصر أن يستدل على الطريق بنفسه ولم يوافق إال ألن الوقت تأخر! فلما نزل من الكوبرى ووصف أحدهم المكان ألخينا ..فإذا به أمامه على الجانب اآلخر من الطريق بشارع البحر األعظم بالجيزة! والسيارتان أمام بعضهما فتعجب زائرنا أشد العجب ،وقال لألخ الذى صحبه إلينا فى سيارته هذه ثانى كرامة لى مع الشيخ اليوم ألنى مسافر غداً وأتفقت أن آتيى معك ولكن ظهرت تيسرت فى وقت قصير فتعجبت َّ أشد لى أمور عديدة تعيقنى مؤكداً عن السفر للشيخ؛ ولكنها كلها َّ العجب وعددتها كرامة للشيخ ،وهذه هى الثانية فيبدو أننى فى الطريق الصحيح! ولكنى سأنتظر لقائي بالشيخ! ولما جاءنا وكان الدرس قد بدأ فبعد أن انتهى الدرس ورحبنا به سألته :هل لك من أسئلة؟ فقال ياسيدى كنت قد أتيتكم وعندى ثالثة أسئلة متنوعة تحيِّرنى أحببت أن أسئلكم عنها ،ولكنكم أجبتموها بنفس الترتيب الذى فى نفسى بإجابات شافية لم تخطر ببالى! فقلت له إن هذا من توفيق اهلل وبركة رسوله . فيه:
وقصة أخرى يرويها أخونا الحاج مصطفى عبد الموجود من ديرب نجم شرقية ،فيقول بارك اهلل
حدثت لى مع الشيخ كرامات عديدة فمن هذا الصنف مرتين وكان لهما أبلغ األثر فى تثبيت عقيدتى بالصالحين؛ فبعد أن تعرفت على الشيخ للمرة األولى وأعطانى بعض إخوانى كتبا عن اإلمام أبى العزائم وعن الصالحين قرأت فيها عما اعتبرته مصطلحات لم أفهمها كالقطب والوتد والنجيب وألفاظ كهذه ،وفى يوم أخبرنى أخى األستاذ جمال عبد الحميد المدرس أن الشيخ فى زيارة للقاهرة فذهبت معه وسألته فى الطريق عن معانى هذه األلفاظ فلم يجب ،فوصلنا على العشاء ثم بدأ الشيخ الدرس وكان الدرس بالكامل فى اإلجابة عن كل األلفاظ التى حيرتنى واحداً بعد اآلخر! فعقدت الدهشة ألسنتنا أنا وأخى جمال الذى لم يفارقنى لحظة واحدة منذ سألته عنها!! فكانت أول ماثبَّتنى فى الطريق مع الشيخ. ويحكى أيضا عن مرة أخرى ويقول: أحب الشيخ حبَّاً عظيماً ولكنى أريد كرامة أخرى لما حدث لى ذلك قلت فى نفسى أنا ُّ َّثت بذلك كله أخانا الحاج سعيد وانشغلت بهذا األمر! وبعد ذلك وفى زيارة إلخواننا بقنا بالصعيد حد ُ الغنام من الزقازيق وذلك قبل صالة قبل المغرب ،فقال لى ال تتعجل األمور! فسألته :فما الفرق بين موالنا الشيخ محمد على سالمه الذى انتقل إلى رحمة اهلل تعالى ولم أقابله؛ وبين شيخنا الشيخ فوزى؟ فلم يجبنى إجابة شافية!. فصلَّينا المغرب والعشاء معاً وهو بجانبى لم يفارقنى لحظة ،ثم بدأ الدرس وكان هذا بإجازة يناير سنة 2002م ،وبعد حوالى منتصف الدرس وهو درس مسجل يمكن ألى أحد الرجوع إليه! قال الشيخ فجأة :ويسألون عن الكرامة؟ ثم أفاض فى بيان الكرامة وأن الكرامة الحقيقية فى تغيير األخالق وليست
اليفر من اهلل! وهنا مادت بى األرض من فى األشياء الظاهرة! ثم قال وعموماً من يريد فسأقول له حتى َّ هول المفاجأة وانعقد لسانى وأنا أنتظر ماذا سيقول الشيخ! فقال :ويسألون عن الشيخ السابق والشيخ الالحق! وأنا أكاد ال أسمع من هول المفاجأ ة وأخذ يشرح ويستشهد بالكتاب والسنة حتى انتهى الدرس. ثم يكمل الحاج مصطفى عبد الموجود ويقول :ثم قابلت الحاج سعيد الغنام بعد الدرس الذى كان مذهوالً هو اآلخر من هول المفاجأة ،وقال لى :ال تسألنى عن شيىء بعد اليوم! فكانت تلك الحادثة نقطة فارقة لى فى طريق اهلل!. وأنا أقول لكم إخوانى الكرام أشهدنا اهلل وإياكم أنوار نبينا عليه أفضل الصلوات وأتم التسليمات :أن هذا كله من أوله إلى آخره إنما هو من توفيق اهلل وإلهامات ونظرات حبيبه المصطفى وبركاته علينا أجمعين وليس لنا فيه ال كثير وال قليل والفضل هلل العلى الجليل. البالد.
ويلحق بهذا الشأن أيضاً توفيق اهلل وتأييده فى المواضيع التى نتناولها فى خطب الجمعة فى
ذلك أننِى أتكلم فى أغلب خطب الجمعة عن تفسير آية من كتاب اهلل من اآليات التى يقرأ ملحة تتعلق القارىء قبل الخطبة ،وفى أغلب األحيان يدير اهلل تعالى محور الخطبة فتتركز حول مشكلة َّ بأهل البلد أو بشأن عاجل لدى أحدهم ،فيأتى الناس بعد الصالة ويعجبون كيف عرفت بأمر مشكلتهم؟ أو يسألنى صاحب الشأن من أخبرنى بأمره حتى تناولت موضوعه على المنبر؟ على وعليكم! فأقول لهم جميعاً :إنما ذلك إلهام اهلل وفضله َّ
وال أريد ذكر أمثلة فى ذلك ألنها أكثر من أن تحصى أو تعد ألننى منذ السبعينات نَ ُدر أن أحضر خطبة الجمعة إال خطيباً!! فقد تكرر هذا األمر عشرات بل مئات المرات والحمد هلل على فضل اهلل. ونفس األمر أيضاً عندما أدعى لمحاضرة بجامعة أو نادى أو لقاء للشباب أو النساء ...فغالباً ما يدور موضوع المحاضرة الرئيسى حول األمر األكثر شغالً للحاضرين! وكثيرا ما يسألوننى كيف عرفت ذلك؟ فأقول إنه فضل اهلل وإلهامه وبركة حبيبه الذى ِّ بشرنا فى حديثه الشريف أن فى أمته من يفعلون ذلك بقوله عاليه الصالة والسالم: 4
س ِم ِِ ِِ } . { إنَّ ِ َّ ِ اس بِال َّت َو ُّ َلِل َت َعا َلى عِ َبادَ اً َي ْع ِرفُونَ ال َّن َ 2
تأييد اهلل تعاىل فى اإلستشارة أو التوجيه من اهلل به على أننى ال أشير على أحد من إخوانى بأمر إال وأجد عناية اهلل تلحقه وأيضاً مما َّ وتحيط به حتى يتم األمر على مراد اهلل ويكون موافقاً لمرادنا بفضله تعالى وبركة إلهام حبيبه ،ومن رب العالمين ال يكاد تليفونى األرضي يقص الكثيرون من إخواننا الكثير والكثير فإنى والحمد هلل ِّ ذلك ُّ والمحمول يتوقف عن الرنين ليالً وال نهاراً ،وكذا البريد اإلليكترونى والعادى! وسبحان من يقوينى على 24الْحكيم والْبزار ،عن ٍ رضي اللَّهُ عنهُ ،جامع المسانيد والمراسيل أنس َ
الرد على كل تلك اإلستشارات والتساؤالت الدينية والشرعية والسلوكية والفتاوى بالعشرات يومياً من مصر وخارجها مهما كانت ظروفى! وهلل الفضل أوالً وأخيراً ،ومه الحول والعون وبه التوفيق ،وإننا فى هذا الباب ما أجبنا إخواننا وال أشرنا على سائلينا وونصحناهم إال لقوله فى األحاديث الحاكمة لهذا األمر خوف من إثم كتمان العلم فزاد: بعد أن َّ 5
ار أَ َح ُد ُك ْم َأ َخا ُه َف ْل ُيشِ رْ َع َل ْي ِه } ،2وقوله : { إِ َذا اسْ َت َش َ 6 َّللا َيرْ ُز ُق َّ صحْ ُه } ار أَ َحدَ ُك ْم َأ ُخوهُ َف ْل َي ْن َ ض َوإِ َذا اسْ َت َش َ ضهُ ْم ِم ْن َبعْ ٍ َّللاُ َبعْ َ { دَ عُو عِ َبادَ َّ ِ وفى منهج اإلستشارة يقول :
7
{ المستشار مؤتمن ،فإذا استشير فليشر بما هو صانع لنفسه}. فالنبى فتح باب اإلستخارة أوالً ،ولكن الكثيرون يستشيرون:
2
2
2 8
اس َت َ ار } ش َ ارَ ،و َال َن ِد َم َم ِن ْ اس َت َخ َ اب َم ِن ْ { َما َخ َ
ومن نماذج توفيق اهلل لنا فى تلك اإلستشارات وتأييده ما يحكيه أخونا الحاج عاطف سيد محمود من مغاغة بالمنيا فيقول .. :كانت والدتى تعانى من حصوة ،فأجرينا لها بالقاهرة عملية جراحية لتفتيت الحصوة باستخدام المنظار ،ولكن العملية لم تنجح فرجعنا مغاغة ،وبعد أيام كان موالنا الشيخ فوزى فى زيارة لنا فسألنى عن صحة الوالدة؟ فأخبرته أن العملية لم تنجح وأن حالتها أسوأ ،فأمرنى أن أذهب الليلة إلى جراح آخر أعرفه بالقاهرة! فقلت :بعد أن تنتهى زيارتكم لنا سوف أذهب! فقال الشيخ :ال! البد أن تذهب الليلة فوراً وال تتأخر للصباح!!.. وعليها سافرنا فى الليل للقاهرة وقابلنا الجراح ،فأجرى الكشف وقال البد من التجهيز للعملية فوراً وأجراها عند الفجر! وفى الصباح أخبرنا أن المنظار سبب ثقباً منذ العملية السابقة من أيام مما لتسمم الجسم ولم يمكن تدارك األمر ،والحمد هلل سبب رشح البول داخل الجسم ولو انتظرنا للغد َّ شفيت والدتى ببركة إشارة الشيخ وأرضاه. ويحكى أخ لنا وكانت إبنته تزوجت مبكرا وطلقت بعدها بإسبوعين لظروف خارجة عنهم ،أنه تقدم لها رجل يعمل ببلد بعيدة عن بلدهم وال يعرفونه ،فقال لزوجته سنذهب اللقاء القادم للقاهرة ومعى إبنتى ونستشير الشيخ. ويكمل :وكنت سألت عن الرجل ببلده فقالوا أنه من عائلة طيبة ،ولكنهم ال يعرفونه ألنه يعمل بعيداً منذ سنوات ،وفى اليوم السابق للسفر للقاء الشيخ بالقاهرة أخبرتنى إبنتى أنها رأت الشيخ سالمه فى الرؤيا وقد َّ بشرها بأن هذا الرجل المتقدم لزواجها رجل صالح وعلى بركة اهلل ،فسافرنا مستبشرين. وعندما وصلنا وقابلت إبنتى زوجة الشيخ ،أخبرت زوجته أنه َّتقدم لها عريس ،فقالت لها زوجة الشيخ :نعم أعرف ذلك واسمه فالن ،فتعجبت إبنتى وسألتها كيف عرفت؟ فقالت إن الشيخ أخبرها َ 25ع ْن َجابِ ٍر ،سنن ابن ماجه ِ ِ َ 26الْخرائطي في مكارم األَ ْخالَق عن حكيم عن أبيه ،.جامع المسانيد والمراسيل ( 27طس) عن علي .كنز العمال ( 28طس) عن أ ٍ ضي اللَّهُ عنهُ ،جامع المسانيد والمراسيل َنس ر َ
قبل العمرة أن رجالً اسمه كذا سيتقدم لخطبة إبنة أخينا فالن أى أنت! ،فزاد استبشارنا باألمر ،وعندها ونحن نتحدث جاء الشيخ فحكت له إبنتى أنه تقدم لخطبتها رجل؛ وسألت فضيلته عن رأيه فى هذا األمر؟ ،فقال لها على الفور :وماذا تريدين بعد أن بشرك موالنا الشيخ سالمه! فارتجفت أنا وإبنتى من المفاجأة! ألن أحدا لم يعرف أمر تلك الرؤيا غيرنا! بل ولم نقصها على أى أحد! ،وعندما عدنا إلى بلدنا بعد اللقاء وأتممنا الزواج بحمد اهلل وعاشت إبنتى فى سعادة بفضل اهلل تعالى وبركة الشيخ . على وعلى إخوانى ،فالشكر والحمد والمنة له سبحانه أن وهذا كله ليس إال من فضل اهلل ومنته َّ جعل الخير على لساننا والتوفيق حليف مشورتنا ورأينا ببركة ونظرات نبينا لنا ،حيث لم يغلق باب الفضل أو يقصره على أحد أو زمان أو مكان ،بل فتحه ألمته إلى ما شاء اهلل بقوله: 9
{ إنَّ فِي أُ َّمتِي ُم َح َّدثِينَ – وفى رواية و ُم َكلَّمِين -وإنَّ ُع َم َر ِم ْن ُه ْم }
2
ونحن فى هذا كله نسأل اهلل تعالى فى كله لحظة أن يوفقنا للصواب والرشد ،بل ونتمنى لو أننا أعفينا من ذلك التكليف فالمسئولية جسيمة والخطر عظيم ونصب أعيينا تحذير الحبيب لكل من أقامه اهلل تعالى مالذاً إلخوانه ،فقد قال:
ارهُ أَ ُخوهُ َفأَ َ اس َت َ ار َعلَ ْي ِه { َمنْ َقا َل َع َل َّي َما لَ ْم أَقُ ْل َف ْل َي َت َب َّو ْأ َم ْق َعدَ ُه مِنَ ال َّن ش َ ش َ ارَ ،و َم ِن ْ ِ 3 0 ِب َغ ْي ِر ُر ْ ت َفإِ َّن َما إِ ْث ُم ُه َعلَى َم ْن أَ ْف َتاهُ } ش ِد ِه َف َقدْ َخا َن ُهَ ،و َم ْن أ ُ ْفت َِى ِبفُ ْت َيا َغ ْي ِر َث ْب ٍ
التأييد بإجابة الدعاء وحتقيق الرجاء وأنا يا إخوانى الكرام ... ومع أننى عبد فقير ال أملك لنفسى وال لغيرى ضراً وال نفعاً .. إال أنه من عناية اهلل بى ورحمته أنه يستجيب لنا الدعاء ويحقق لنا الرجاء تحسيناً لظن إخوانى المؤمنين بى ؛ تأييداً لشريعة اهلل ونبوة حبيبه ومصطفاه ...ألن تأييد اهلل تعالى ألحبابه واستجابته لدعائهم لهو أكبر دليل حى ومستمر وقائم بين أيدى الناس على صدق هذا الدين وعلى علو قدر سيد المرسلين عليه أفضل الصالة وأتم التسليم. ومن هذا ما يحكيه أخونا المهندس محمد جمال الدين أبوبكر من بورسعيد وكان قد أصيب بمشكلة كبيرة فى القلب وحضر للقاهرة إلجراء جراحة عاجلة ودخل أحد كبرى مستشفيات القلب المعروفة حيث يمكن إجراء مثل تلك الجراجة لخطورتها البالغة ،وبعد أن تم عمل اإلشاعات الالزمة والتجهيز للعملية وحجز غرفة العمليات لعملها بالصباح لتقدم الحالة ...وأترك أخانا يحكى لكم فيقول: 29إحياء علوم الدين ،وطرح التثريب وغيرها 30 ضي اللَّهُ عنهُ ،جامع المسانيد والمراسيل (ك هق) عن أَبي ُه َريْـ َرَة ر َ
كلمت فضيلة موالنا متأخراً ليالً ألخبره أن العملية فى الصباح ليدعو لى ،وكان الشيخ قد زارنى من قبل فى المستشفى وبشرنى بالشفاء مع السير فى طريق العملية آلخره! ،وإذا به يقول لى فى التليفون إنك لن تعمل العملية! فتعجبت إذ العملية صباحا ال مفر! فكرر ذلك لزوجتى أيضاً!...... فقلنا اهلل أعلم بمقصوده! ولكننا فرحنا ببشراه! ...ولكن لم يدر بخاطرنا أن كلمته لنا كانت دعوة مستجابة!.. وفى الصباح كان البد من عمل آشعة قبل الدخول للعملية مباشرة ،وللعجب فعندما فحص الطبيب اآلشعة وهم يجهزوننى للعملية ،صاح مندهشاً ًً :هذا عجيب! كيف حدث هذا!! اآلشعة اليوم غير التى كانت باألمس وحالتك اآلن ال تستدعى العملية!! وهذه من العجائب النادرة! وألغيت العملية!! وخرجت م ن المستشفى ،ونصحنى الطبيب بالراحة وتناول أدوية أخرى ففعلت؛ وأنا اآلن فى خير حال بحمد هلل وبركة دعوة الرجل المستجابة! . ويحكى أخ آخر أن زوجته أصيبت بمرض خبيث فى الصدر وتم استئصال جزء منه بالجراحة، ولكن المرض عاودها وأخذوا فترة طويلة فى العالج الكميائى والحالة تسوء ،ثم جاء الحج وحججت يمن عامها وطلب منى أخى أن أدعو لزوجته بالشفاء وأنا عند الكعبة؛ ففعلت وتضرعت إلى اهلل أن َّ عليها بالشفاء العاجل ،ولما عدنا كلمنى أخى فى التليفون فطلبت منه أن يستبشر بفضل اهلل وبالشفاء إنشاء اهلل ،فحادثنى ثانية بعد أيام وقال لى أ نه رأى موالنا الشيخ محمد على سالمه فى الرؤيا وقد سأله عن زوجته وعالجها فأخبره وقال له :موالنا الشيخ فوزى بشرنا بالشفاء فقد دعا لها فى الحج عند الكعبة! ،فقال له :أبشر يابنى واطمئن!. ويسترسل أخونا ويقول :بعدها بفترة قصيرة ذهبنا للمراجعة حيث أن اآلثار الجانبية للعالج أثرت على صحة زوجتى للغاية ،وللعجب العجاب جاءت التحاليل واآلشعة سلبية تماما فلم نصدق ال نحن وال األطباء!! فكررناها وذهبنا من مكان آلخر للتأكد!! ...وكانت النتيجة المذهلة فيها كلها ..أن المرض العضال قد اختفى على التمام والكمال بفضل اهلل تعالى واستجابته لدعوة الشيخ .
التأييد باستجابة األفراد لنا وتبديل السري والسلوك من اهلل تعالى علينا بأن جعلنا فى كالمنا القبول واإلستجابة لدى من يقبلون علينا وكم من مرة َّ ممن ال يعرفوننا فإذا بالقلوب تتفتح بفضل اهلل تعالى وبركة رسوله لنور الهدى وإذا بالحجارة تلين لذكر اهلل وكم من عشرات استجابوا لكلمات قليلة سمعوها منا وافقت بفضل اهلل وبركة رسوله قابالً فى نفوسهم فتغيرت حياتهم وصدقوا فى إتباعهم ففتح اهلل تعالى عليهم بالخير والرشاد. ومن ذلك ما يحكى أخونا الحاج أمين عسكر من الزقازيق عن قصته معى فيقول :دعانى زميل لى بالعمل وكنا ضباطاً بالجيش أنذاك ،ألحضر زيارة للشيخ ببورسعيد ولم أكن قد حضرت مثل هذه القاءات من قبل ،فحضرت معهم وصليت المغرب والعشاء ألول مرة فى حياتى بالمسجد.
ثم حضرت الدرس مع الشيخ فى الصباح وكان الدرس تحويالً كامالً لحياتى فقد تغيرت بعده إلى شخص آخر تماماً حيث حكى الشيخ فى الدرس قصة حياتى كاملة بمخالفاتها وكأنه يقرأ ما بداخلى ككتاب مفتوح إال أنه لم يسمنى ،وخرجنا من الدرس وأنا مذهول أو مغيَّب ،وفى الطريق لصالة الجمعة عاتبت صديقى بشدة حيث ظننت أنه حدث الشيخ عنى ولكننى تأكدت أنه لم يفعل!! ..وعندها صب فى قلبى حباً جارفاً للشيخ فى لحظات حتى صار عندى أغلى من نفسى أحسست أن اهلل تعالى َّ ومن الدنيا وما فيها وأنا ال أعرف شيئاً بعد! .ثم كانت خطبة الجمعة عن سلوك طريق اهلل فكانت تتمة لدرس الصباح ،وبعد الزيارة ذهبت لحضور المجلس األسبوعى بالجميزة بلد الشيخ ،وتمنيت أن أجلس معه وحدنا! فحدث وجلسنا وحدنا بين المغرب والعشاء! وكانت جلسة عالج كاملة لى من األمراض الذهنية والنفسية والسلوكية وسبحان من ألقى فى قلبى اإلستجابة لكل ما نصحنى به من العمل الصالح، على بعد تلك الجلسة مباشرة وبعد المحافظة على الصلوات والسير بصدق وكان أول بركات الرجل َّ على باإلقالع عن التدخين فوراً بعد أن كنت مدخنا لمدة أربعة وعشرين عاماً. فى الطريق أن َّ من اهلل َّ وسرت مع الشيخ فى طريق اهلل وكم من شأن وقع لى بعد أو مع أهلى فكنت ال أذهب إلى على إال وجعل اهلل فيها الخير الشيخ إال وأجابنى عما جئت له قبل أن أسأل ،ومامن مشورة أشار بها َّ العميم ولو بعد حين فالحمدهلل على فضله ومنته علينا بالصالحين -.إنتهى. وكم من حاالت مشابهات كثيرة ،بل إن من الغريب أن الكثيرين والكثيرين ممن يستجيبون لنا فيحسن سلوكهم ويرقى إلى اهلل إتباعهم لم يلتقوا بنا ظاهراً ،فقد استجابوا لنا من كتبنا التى قرأوها أو محاضراتنا التى سمعوها فى شريط أو حضروها على شبكة النت ،ثم راسلونا بعده بانتظام أو عند الحاجة. وأذكر من هؤالء أخا سودانياً ولد وعاش مع أسرته خارج السودان بدولة عربية ،وتربَّى تربية سلفية متشددة منذ بداية تعليمه حتى حصل على ليسانس فى الش ريعة ،وقد نشأ على رفض الصوفية ،ثم سافر تخرجه وعمل هناك ،وتصادف أن اشترى هذا األخ كتباً لنا فى التصوف من مكتبة إلى بريطانيا بعد ُّ بلندن ،فقرأ تلك الكتب؛ فعاد واشترى باقى كتبنا فى الدراسات الصوفية الحديثة من تلك المكتبة بلندن ،وإذا به يراسلنا ويخبرنا أنه قد تغيَّر فكره وسلوكه ومشربه بعد تلك السنين الطوال ،وأصبح اآلن شخصاً آخر بعد أن قرأ كتبنا فى التصوف !!! وهو اآلن يتابعنا على النت ويسلك سبيلنا وإن كنا لم نلتق به. وكثيرون وكثيرون شبابا ورجاالً ونساءاً سالكين وسالكات يتابعوننا بانتظام بالخطابات البريدية المكتوبة أو على البريد اإلليكترونى الخاص بنا أو بريد الموقع أو بالتليفون؛ ويسير الكثيرون منهم معنا خطوة خطوة من حال إلى حال ومن مرحلة إلى أخرى ..وقد ألقى اهلل فى قلوب الكثيرين منهم القبول وفى نفوسهم اإلستجابة وصدق المتابعة! وبلغ بعضهم مقامات عالية من القرب من اهلل ورسوله ولم رب العالمين. يلتقوا بنا ظاهراً ...فكل هذا من فضل اهلل علينا وتأييده لنا والحمدهلل ِّ
وإذا استرسلنا فى ذكر نماذج التأييد واألمثلة من فضل اهلل علينا فهى أكثر من أن تحصى أو تعد فنكتفى بما سبق ،ونحن ما ذكرنا هذه اإلكرمات من اهلل فخراً وال زهواً إو إعجاباً بالنفس؛ وإنما ليقيننا أنه ما أكرم اهلل أحداً من أتباع رسله؛ فإنما هو إكرام للرسول الذى يتبعه هذا الولى ..فكل فكل هذه اإلكرامات من فضل اهلل تأييد لحبيبه كرامة لولى فإنما هى معجزة للنبى الذى يتبعه الولىُّ ، ومستمر إلى يوم القيامة، ومصطفاه ،وهى بمثابة إعالن أن تأييد اهلل لهذا الدين وهذا النبى دائم ُ واألمر كما يقول إمامنا أبو العزائم رضى اهلل تعالى عنه وأرضاه: ٍ محمد كل الذى أنا فيه فضل ُّ
منه بدا وإليه كان وصوليا
الولى وال يلتفت إليها وال يهتم بها بعد وقوعها و ال يتحدث بشأنها؛ والكرامة فى ذاتها ال يطلبها ُّ ٍ لدعاء دعاه العبد فى حالة إضطرار وفاقة إلى اهلل بعد استعانته ألنها فى حقيقتها إجابة من اهلل باألسباب وعجز األسباب عن تحقيق المراد ،فليجأ إلى مسبِّب األسباب ويدعوه – وهو ال يدعو إال بخير -لتأييد الدين وتثبيت اليقين أو كشف كرب المكروبين وتلبية المحتاجين وهى من باب قوله تعالى:
(62النمل)
ومن سر كنزه للمتَّقين فى (3-2الطالق):.
وإذا ذكرت ما ذكرت للمريدين فإنما على سبيل إعالء عزائمهم وتقوية هممهم ،وتشويقهم لبلوغ سر قصصه لألنبياء والمرسلين فى كتابه على حبيبه حيث قال له : هذا المقام ،كما بيَّن اهلل َّ
120(هود).
واهلل من وراء القصد وهو يهدى السبيل.
الدعوة واهلدف
وأنا أعمل اآلن رئيسا للجمعية العامة للدعوة إلى اهلل بجمهورية مصر العربية ،والمشهرة برقم 224ومقرها الرئيسى 114شارع 105حدائق المعادى بالقاهرة ،ولها فروع فى جميع أنحاء الجمهورية. المثل كما أتجول فى جميع الجمهورية والدول العربية وغيرها ،لنشر الدعوة اإلسالمية وإحياء ُ واألخالق اإليمانية بالحكمة والموعظة الحسنة ،باإلضافة إلى الكتابات الهادفة إلى إعادة مجد اإلسالم ،والتسجيالت الصوتية و الوسائط المتعددة للمحاضرات والدروس واللقاءات على الشرائط و األقراص المدمجة ،وأيضا من خالل موقع اإلنترنتWWW.Fawzyabuzeid.com: أما الدعوة؛ فأدعو بحمد اهلل تعالى إلى نبذ التعصب والخالفات بين المسلمين والعمل على جمع الصف اإلسالمى وإحياء روح اإلخوة اإلسالمية ،والتخلص من األحقاد واألحساد واألثرة واألنانية
وغيرها من أمراض النفس ،كما أحرص على تربية أحبابى على التربية الروحية الصافية بعد تهذيب نفوسهم وتصفية قلوبهم وأعمل جاهداً على تنقية التصوف مما شابه من مظاهر بعيدة عن روح الدين ،وإحياء التصوف السلوكى المبنى على القرآن وعمل الرسول واألصحاب ،وهدفى من وراء ذلك هو إعادة المجد اإلسالمى ببعث الروح اإليمانية ،ونشر األخالق اإلسالمية وترسيخ المبادئ القرآنية. أسأل اهلل تعالى أن ينفع بهذه السيرة كل من قرأها ،وأن تكون له عونا على تلمس سبيل الحق، فما أصبت فيها من خير فمن اهلل ،وما كان من غير ذلك فمن سوء طبعى ،أسأله سبحانه أن يغفر لى ويتولنى وأحبابى والمسلمين أجمعين ،وصلى اهلل على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.