128 حق العدد 202 مل يو 0 يون
www.agri-mag.com
الفهرس 4
الذرة إختيار الصنف المناسب
6
احتياجات الجزر من الماء
8
إستخدام المبيدات األخطاء العشرة الشائعة الواجب تجنبها البَرَد التبروري ظاهرة تتفاقم تدهور التربة في المناطق الجافة بضعة أفكار لمواجهة األمر
agriculturemaghreb@gmail.com
www.agri-mag.com
10 14
الئحة اإلشهارات MAMDA Agrimatco CMGP CROPLIFE
مجموعة حسن الدرهم
أعالف
الذرة :إختيار الصنف المناسب حتتل الذرة اليوم الرتبة األولى عامليا على صعيد إنتاج احلبوب ،بحجم يتجاوز املليار طن ،بل ستعرف تطورا متزايدا لسنوات أخرى مقبلة .و الواقع أن الذرة تعتبر موردا غذائيا أساسيا يوجه ¾ منه للتغذية احليوانية. و لعل السر وراء هذه املكانة العاملية للذرة يتلخص يف كلمة واحدة :املردودية .فقد إستفادت هذه الزراعة من تطور جيني مذهل منذ أكثر من 50سنة. و إذا كانت عملية البذار تعد املرحلة األساسية، فإن إختيار الصنف ،يف احلقيقة ،يلعب بدوره دورا حاسما يف إجناح زراعة الذرة ،من أجل ذلك يجب مراعاة العديد من العوامل عند التفكير يف إختيار الصنف أو األصناف املناسبة. و يأتي يف مقدمة هذه العوامل ،عامل التبكير الذي يجب أن يكون موافقا للظروف املناخية للمنطقة ،من مثل مجموع درجات احلرارة بني البذار و احلصاد ،و ذلك أن: إختيار صنف هجني مبكر جدا يعني احلرمانمن مردودية محتملة أعلى ،و زيادة مشاكل التخزين بالنسبة للذرة العلفية (نسبة مرتفعة جدا من املادة اجلافة). إختيار صنف هجني متأخر جدا يعني املخاطرةو تأخير موعد كل من احلصاد و الزراعة املوالية: و مفاقمة خسارة العصائر بالنسبة للذرة العلفية ( نسبة املادة اجلافة جد منخفضة). كما أن مسألة جفاف احلبوب تعد عامال مهما لكونه يسمح :بحصاد املنتوج عند أقل مستوياته من الرطوبة. و ضمن مجموعة األصناف املبكرة التي يتم حتديدها ،فإن املعيار األساسي إلختيار الصنف األنسب يبقى هو اإلنتاجية ،إذ يتم تسجيل فرق بنسبة تتجاوز 15%بني مردودية الصنف اجليد و الصنف األقل جودة خالل نفس التجربة .أما مصادر املعلومات حول نتائج التجارب فهي كثيرة ،و يجب تنويعها :جتارب رسمية ،جتارب املوزعني ،جتارب منتجي البذور.... كما أن هناك معايير أخرى لتأمني املردودية يجب مراعاتها عند إتخاذ قرار اإلختيار: حيوية اإلنطالق :تساعد على إنغراس وتثبيت جيد و تطور سريع للنبتة الفتية يف جميع 4
Agriculture du Maghreb N° 128 - Juin 2020
الظروف .و هو معيار بالغ األهمية يف التربة الباردة. املتانة و القوة :معيار مهم بالنسبة لألراضياجلافة و املناطق املعرضة لإلجهاد املائي (العطش) .بعض األصناف املتوسطة القدرات يف الظروف املالئمة تكون أكثر كفاءة يف الظروف الزراعية احملدودة. اإلنتظام :إن إختيار أصناف مناسبة من الذرةمعروفة و منتظمة ،يسمح بضمان مردود مالي من جهة ،و توزيع مخاطر اإلنتاج من جهة أخرى. و لعله من املفيد دائما إختبار بعض األصناف اجلديدة و ذلك بنسب معقولة. سواء تعلق األمر برقاد املزروعات بفعل األمطارو الرياح ،أو بسبب األمراض ،فإن ملتانة الساق أهمية كبرى بالنسبة للمردودية يف نهاية الدورة الزراعية من خالل امتالء احلبوب ،و بالنسبة لظروف احلصاد. الظهور املبكر لألمراض يؤثر سلبا على مؤهالتالصنف .و على الرغم من كون ظهور أعراض األمراض و تطورها يرتبط غالبا بالظروف املناخية ،فإن هناك تفاوتات بني األصناف من حيث القدرة على حتمل تلك األمراض. بالنسبة للحبوب و نوعيتها ،فإن الصناعات
التحويلية (السميد و صناعة النشويات) تتطلب أصنافا محددة من أجل استخداماتها .أما بالنسبة للذرة الرطبة ( قبل النضج التام) ،فإن احلالة الصحية للسنبلة متثل احملدد األساسي. و بخصوص الذرة العلفية ،فإنه يلزم دمج معيارين اثنني: القيمة الغذائية حسب نوع اجلرعة العلفية.و يتم التعبير عنها مبؤشرات الوحدة العلفية و قابلية األلياف للهضم و احملتوى من النشا القابل للتحلل .إن إختيار صنف يتوفر على قيمة غذائية جيدة هو نقطة اإلنطالق للحصول على علف غني و مالئم إلنتاج احلليب أو اللحوم. موعد احلصاد قد يبدو أمرا ثانويا ،لكن بالنسبةلصنف مهجن ذو قدرة جيدة على احملافظة على إخضرار مجموعه الورقي ،فإنه يسمح مبرونة كبيرة يف حتديد املوعد املناسب للحصاد دون التأثير سلبا على املردودية و اجلودة. و ختاما ،فإنه من احلكمة عدم اإلقتصار على صنف واحد ،بل من األفضل توزيع املخاطر على عدد من األصناف املهجنة التي مت إختبارها بعني املكان و أصناف أخرى جديدة و جيدة جتمع بني مختلف املتطلبات حسب املعايير اخلاصة للفالح.
www.agri-mag.com
إمكانية حتسني تثمينه ضمن احلصة الغذائية و أن كمية الكتلة احليوية املضافة إلى التربية من تطور جيني ألصناف ذلك و أفضل، بشكل احليوانات حاجيات تلبية دائما أكثر قوة: بقايا الزراعة تعادل 10طن يف الهكتار ،وتزداد يرجع هذا التطور الذي تعرفه مردودية زراعة من أجل حتسني الوضع التنافسي ملزارع تربية أهميتها أكثر كلما مت دفنها يف التربة بأسرع ما الذرة أساسا إلى عملية إنتقاء و إختيار حيوية املواشي. ميكن. و متواصلة تستكشف مختلف سبل التقدم .و كمثال على ذلك ،اجلهود التي بذلت على صعيد ملاذا إدماج الذرة تأثير بيئي إيجابي: مقاومة درجات احلرارة املنخفضة يف بداية ضمن دورة التناوب الزراعي؟ الزراعة .و هكذا إستطاعت زراعة الذرة و تشتهر الذرة بكونها زراعة سابقة جيدة لزراعات تعتبر زراعة الذرة من الزراعات األقل حاجة بسرعة ،إختراق املناطق الكبرى لتربية املاشية أخرى على نفس احلقل. للتدخالت الكيماوية .فقد جنحت عمليات ترى ماهي مبررات ذلك؟ و ما هي القيم املضافة و إحتالل املرتبة األولى كعلف لها. اإلنتقاء و اإلختيار ألصناف الذرة يف التحكم و كما تتميز أصناف الذرة حاليا بقدرتها العالية املنتظرة من مشاركتها يف التناوب الزراعي؟ السيطرة على األمراض الورقية بشكل فعال و على تثمني املاء و مقاومة اإلجهاد املائي ،و من دون إستعمال للمبيدات الكيماوية. حتقيق مردوديات مرتفعة حتى يف الظروف تأثير زراعي أساسي: احلارة ،بل و مواجهة درجات حرارة حادة جدا يلعب التناوب الزراعي و تنويع الزراعات دورا أحيانا ،باملناطق القارية أو باجلنوب .و هكذا مهما و ضروريا من أجل التحكم يف صعوبات جدوى إقتصادية مؤكدة: يظل املجموع الورقي أخضرا ألطول فترة ،و اإلنتاج املرتبطة بالزراعة األحادية أو بدورات تشتهر زراعة الذرة بشكل كبير مبردودها املادي تتواصل عملية البناء الضوئي على طول الدورة التناوب القصيرة ،خاصة بالنسبة لزراعة احلبوب ،حيث يؤدي تناوب هذه الزراعات بوثيرة اجليد ،و مبساراتها التقنية البسيطة .فكلما الزراعية ،مبا فيها مرحلة إمتالء احلبوب .و هنا ال بد من اإلشارة إلى دور موزعي البذور سريعة على نفس احلقل ،إلى إنتشار األمراض كان الصنف املهجن املختار و مؤهالته مالئمني بدورهم يف عمليات فرز األصناف على أساس الفطرية ،و إنتظام وجود األفات و تفاقم مشاكل للظروف البيئية ،و مت إختيار موعد الزرع و قدرتها على مقاومة األمراض .و بإختصار ميكن األعشاب الضارة ،خاصة منها نبات الزوان و إعتماد اخلدمة النباتية بشكل متناغم ،فإن القول أن األصناف املزروعة اليوم هي أكثر قوة الثعلبية (.)vulpin هامش املردود املادي للزراعة يكون جيدا. و يف مثل هذه األحوال ،فإن إلدماج زراعة ربيعية و صالبة من األصناف القدمية. لقد سمحت اجلهود املبذولة على مستوى ضمن التناوب الزراعي ،أهمية كبرى. اإلنتقاء و اإلختيار ،إلى التوصل إلى أعداد أصناف مالئمة حلاجات املواشي: لم تتوقف قط عمليات اإلنتقاء و اإلختيار من أجل تقدمي أصناف مالئمة حلاجة احليوانات. فقد ظل اإلشتغال دائما منصبا على تقييم القيمة الغذائية للذرة العلفية ،حتى أصبح باإلمكان التكهن مبدى قابلية الذرة للهضم و محتواها من الطاقة .و من املهم اإلشارة إلى أن التقييم الدقيق للقيمة الغذائية للمحصول يتيح
www.agri-mag.com
إضافة مهمة من املادة العضوية للتربة:
وفيرة من األصناف حتى أصبحت الذرة اليوم، يف كثير من مناطق العالم ،الزراعة الوحيدة التي
إن إلشراك الذرة يف التناوب الزراعي تأثير إيجابي مهم على املادة العضوية للتربة ،و ذلك أن مقارنة،مثال ،مبردوديات زراعة احلبوب و نسبة الكتلة احليوية التي تتبقى يف احلقل تعادل نسبة احملصول من احلبوب .فمثال حني تكون الزراعات الزيتية التي تعرف ركودا تاما. مردودية الهكتار هي 100قنطار فبإمكاننا القول *املصدر :موقعterre-net تسجل إرتفاعا متواصال على صعيد املردودية،
Agriculture du Maghreb N° 128 - Juin 2020
5
احتياجات اجلزر من املاء السقي
سقي اجلزر أمر ضروري جدا بالنسبة ملعظم احلاالت ،و ذلك من أجل حتقيق أفضل النتائج. و تختلف احلاجة الكلية لزراعة اجلزر من املياه حسب منط الزراعة (الكثافة /هكتار) و فترة اإلنتاج .أما يف ما يخص وثيرة السقي و كمية املياه الالزمة ،فهي متفاوتة بحسب نوع التربة و مستوى التساقطات و مرحلة الزراعة. و فوائد السقي متعددة ،منها: ارتفاع معدل اإلنبات خاصة يف الفتراتاحلارة أو اجلافة، فترة إنبات أقصر مع جتانس أفضل للنباتات، احلد من مشكلة تكون قشرة صلبة علىسطح التربة، -حتسن املردودية و اجلودة (الطول و القطر)،
حتسن اجلذور خاصة على مستوى النعومة.غير أن اإلفراط يف السقي قد تترتب عليه عواقب وخيمة بالنسبة للمنتوج منها :تشقق اجلذور و ظهور األمراض ،خاصة البقعة املجوفة و لفحة األوراق. يف ما يخص اختيار األرض املناسبة ،يجب احلرص على التوفر على مورد ملياه جيدة للسقي ،ذاك أن زراعة ا َ جلزَر تتميز بحساسيتها الكبيرة للملوحة التي بإمكانها التأثير سلبا على كل من اإلنبات و املردودية و اجلودة. قبل البذار يجب أن تكون التربة رطبة ،ثم بعد ذلك يجب تقليص كمية مياه السقي تفاديا لألمراض و لتعفن البذور .و أثناء فترة اخلروج من طور الراحة ،ميكن القيام بعملية أو عمليتي سقي خفيفتني لضمان جتانسها و سرعتها .و
بعد اخلروج من هذا الطور ،يجب أن تكون التربة دائما يف حالة السعة احلقلية (الرطوبة القصوى التي تستوعبها التربة) .و ينتج عن كل خصاص مائي نقص يف املردودية ،كما أن حالة التناوب بني الرطوبة و اإلجهاد املائي (العطش) ،تتسبب يف تشقق اجلذور.أما املاء املفرط الناجت عن سقي غير مالئم أو بسبب البنية السيئة للتربة ،فيؤدي إلى تلوين سيء و إلى تفرع اجلذور. كما أن اخلصاص يف املاء مضر بالزراعة خاصة يف مرحلتني من مراحل اإلنتاج : أثناء اخلروج من طور الراحة :كل خصاصمائي يقلص نسبة اإلنبات و يطيل فترة اخلروج من طور الراحة و السكون .كما يؤدي إلى عدم التجانس بني النباتات و الذي يستمر حتى مرحلة جني احملصول ،و يعرقل تعمق اجلذور يف التربة. أثناء التطور اخلضري ،قد يؤدي اإلجهاداملائي إلى توقف منو األوراق و اجلذور ،و هو أمر ميكن تداركه و إصالحه يف حالة الزراعة ذات الدورة الطويلة (اجلزر الكبير) ،أو إذا حصل قبل األسابيع الثالثة السابقة على جني احملصول. و تتراوح حاجيات اجلزر من املياه مابني 350 إلى 400مم من الزرع إلى جني احملصول أي يف حدود 3إلى 5أشهر وذلك من 25 الى 30سقية يف الفترة الزراعية العادية .يف منطقة برشيد ،تصل حاجيات اجلزر من املياه إلى 2000مم أي 20.000متر مكعب وذلك راجع إلى فترة احملصول زائد فترة التخزين
6
Agriculture du Maghreb N° 128 - Juin 2020
www.agri-mag.com
السقي بالتنقيط
مراحل االحتياجات املائية للجزر
باإلضافة إلى االستعمال الغير املعقلن للمياه من طرف بعض الفالحني .كما يستهلك كلغ تتميز االحتياجات املائية للجزر بـ 4مراحل: واحد من اجلزر 6لترات من املاء لغسله من املرحلة األولى :فترة اإلنبات و هي مرحلة حرجة حتتاج ريات عالية التردد وذات كمية التراب الثقيل. منخفضة من املياه. حساب حاجيات املياه لزراعة اجلزر املرحلة الثنية :فترة إطالة اجلذر :احلد من كمية املياه بامللليمتر التي يستخدمها احملصول الري إلجبار اجلذر على النمو لفترة أطول. حتتاج ريات ذات تردد منخفض و حجم يوم ًيا. = Kcعامل احملصول (يختلف حسب مرحلة متوسط من املياه. املرحلة الثالثة 40/35 :يوما بعد البذر ،درنة منو احملصول): اجلذر :حتتاج ملياه كثيرة لضمان جذور أكبر فترة اإلنبات0.3 :حجما. فترة 4أوراق0.5 : من 4أوراق إلى مرحلة اجلذر 10مم من حتتاج ريات متوسطة التردد ،وحجم كبير.قطر اجلذر0.7 : املرحلة الرابعة :فترة أوراق تغطي التربة. من مرحلة اجلذر 10مم من قطر اجلذر احلد األقصى ملتطلبات املياه للجزر .املرحلةحتى احلصاد1.0 : احلاسمة لضمان اإلنتاج وجودة اجلذور. حتتاج ريات متوسطة التردد ،و وحجم كبير.
www.agri-mag.com
هو النظام األكثر اقتصادا يف مياه السقي و يقلص كثيرا من األمراض التي تصيب املجموع الورقي .لكنه يتطلب خبرة عالية من أجل التحكم يف كمية املياه الالزمة للزراعة ،و ضمان رطوبة مستمرة للتربة .كما أنه غير كاف بالنسبة ملرحلة اإلنبات مما يستدعي سقيا تكميليا له بالرش و يشكل السقي بالتنقيط فائدة كبيرة مقارنة مع السقي بالغمر أو بالرش ،و يجب أن يكون مضمونا طيلة مدة الدورة .غير أنه ،بعد اخلروج من طور الراحة ،و من أجل إستطالة اجلذور، فإنه ينصح بتقليص مدة السقي اليومية تدريجيا من ساعة كاملة إلى 45دقيقة ثم إلى 30ثم إلى 15دقيقة .و عند بلوغ اجلذور إلى الطول املستهدف ( 25-20سم) ،يجب زيادة مدة السقي تدريجيا .لكن يف جميع األحوال ال يجب أبدا التوقف نهائيا عن السقي أو إستئناف السقي بشكل مفاجئ ،ألن هذا السلوك الشائع قد يؤدي إلى عيوب يف تكون اجلذور (نعومة أقل).
Agriculture du Maghreb N° 128 - Juin 2020
7
تقنيات زراعية
إستخدام املبيدات
األخطاء العشرة الشائعة الواجب جتنبها
1
ال زال أغلب الفالحين بالمغرب ينظر إلى الوقاية النباتية كإنفاقو مصاريف ظرفية ،في حين أنها في حقيقة األمر إستثمار يجب النظر إليه كذلك .و الواقع أنه و كأي إستثمار آخر ،فإن التكلفة ليست إال معيارا واحدا من بين معايير أخرى ،بحيث ال يمكن تفضيل تقنية ما للمكافحة عن أخرى أو مبيد معين عن غيره ،بناء عليه وحده. وحده التحليل العقالني و الموضوعي للعالقة التناسبية بين التكاليف و األرباح (تشمل دراسة مفصلة للمزايا و المساوئ إضافة إلى اإلمكانيات في مواجهة المخاطر) ،يستطيع أن يساعد على إتخاذ قرار الشراء المناسب .هذا مع وضع مصاريف العملية أو المبيد في خانة مساوئ العملية برمتها.
2
بطريقة ال شعورية ،يتعامل بعض الفالحين ،و أغلبهم منالفالحين الصغار ،مع عملية رش المبيدات بإعتبارها ال ضرر منها إطالقا ،بحيث ال يتخذون تقريبا أي إحتياطات من أجل سالمتهم الصحية أثناء العملية .فقد بينت أبحاث حديثة من جهات خاصة ،أن أكثر من % 40من فالحينا ال يرتدون المالبس الالزمة كاملة أثناء قيامهم بهذا العمل ،مما يعرضهم فعليا لمخاطر محتملة عدة.
3
بعض الفالحين ال يهتمون كثيرا بقراءة التعليمات المكتوبةعلى المبيد أو المنشورات المرافقة له و التي تتضمن معلومات بالغة األهمية ،حول كيفية اإلستعمال ،و المحتوى من المادة الفعالة، و الجرعة المطلوبة و مختلف التحذيرات و طرق التخزين ،إضافة إلى آلية عمل المبيد و األجل الذي يجب مراعاته قبل جني المحصول، و فترة اإلستعمال ،و مدى تأثير المبيد على الزراعة التالية و العدد المطلوب من العمليات؛ و هي معلومات جد مهمة ألجل وضع خطة لمكافحة فعالة تتفادى ظهور مقاومة للمبيد لدى األعشاب المستهدفة.
4
قليل جدا من الفالحين من يقوم بضبط أدوات تطبيق المبيداتقبل العملية ،في حين أنه عامل مهم في إنجاحها ،لكونه على أساسه يتم تحديد سرعة اإلنجاز و مستوى الضغط المناسب .و حينها يمكن إضافة الجرعة الموصى بها على أساس الهكتار الواحد ،و
8
Agriculture du Maghreb N° 128 - Juin 2020
www.agri-mag.com
بالتالي ضمان نجاح عملية المكافحة.
5
أغلب الفالحين ال ينشغل كثيرا بأهمية و دور أداة الخلط التيتحرك المبيد بإستمرار داخل وعاء آلة الرش ،ذلك أن تشكيالت و صيغ المواد الكيماوية عديدة و مختلفة ،و بعضها أسرع ذوبانا في الماء من غيرها و أسهل إنتشارا ،لذلك فإن نجاح عملية المكافحة مرهون بشكل كبير باألداء الجيد للخالط.
6
بعض الفالحين يعتقدون خطأ أن اإلكثار من الماء في الخليط مفيدفي عملية الرش ،و الواقع أن الماء ليس إال ناقال محايدا لقطرات المبيد إلى الهدف المحدد و تغطيته بالشكل الالزم ،على أساس 20 قطيرة على األقل في السنتمتر المربع الواحد من السطح المستهدف .و لإلشارة يمكن في هذه الحالة اإلستعانة «بالورق الحساس» للتأكد من هذا األمر و من جودة عملية الرش بصفة عامة ،من خالل نشرمجموعة من تلك األوراق عشوائيا في الحقل الذي تتم معالجته.
7
أغلب الفالحين يعلم و يعترف بأن فوهات آلة الرش يجب أنتكون مالئمة لكل نوع من عمليات المكافحة (مبيد عشبي أم حشري أم فطري) ،غير أنه لألسف قليل جدا منهم من يقوم بتغييرها من أجل كل إستعمال مختلف أو حتى مجرد تنظيفها.
8
يجب أن يكون إرتفاع الدعامة الحاملة لفوهات الرش ثابتا ومستقرا حتى يكون الرش منتظما و متوازنا ،غير أن هذه العملية ال يمكن أن تكون ناجحة إال إذا كانت التربة ناعمة و معدة بشكل جيد، مع اإلشارة إلى ضرورة حرص العامل أو سائق الجرار على أن تظل الدعامة على نفس مستوى اإلرتفاع.
9
بعض الفالحين ال يحترمون آجال ما قبل الجني الموصىبها خاصة في حالة العدوى المتأخرة ،و نفس األمر يمكن قوله بخصوص آجال ما بعد عملية المكافحة الكيماوية التي يجب مراعاتها قبل العودة إلى الحقل الذي تمت معالجته ،و ذلك تجنبا لمخاطر التسمم، الشيء الذي ال يكترث له بعض الفالحين.
10
في حالة التسمم ،ال زال الناس يعتقدون خطأ أن شربالحليب يفي بالغرض لمواجهته ،في حين أن تناول الحليب قد يسرع ،بالعكس ،عملية إمتصاص األمعاء لبعض السموم .و هنا تجدر اإلشارة إلى ضرورة اإلنتباه إلى الترياق المضاد للسم المسجل على العلبة التي تحتوي المبيد.
www.agri-mag.com
Agriculture du Maghreb N° 128 - Juin 2020
9
تقنيات زراعية
البَرَد (التبروري) ظاهرة تتفاقم تشكل تساقطات ال َب َرد (التبروري) املسماة بالصيفية ،و التي تتوالى نوباتها من شهر أبريل إلى شتنبر ،كارثة متكررة حل َّدة هذه على املستوى الوطني ،حيث قارب متوسط وتيرتها سنويا ،حسب املناطق ،الرقم 1على السلم الدولي ِ التساقطات ،خاصة يف املنطقة املمتدة بني سايس و األطلس املتوسط (احلاجب ،أزرو ،إميوزار ،أوملاس ،صفرو ،لعناصر، ميدلت .).....،وتتميز هذه املناطق التي تعاني من هذه الظاهرة بكونها هي نفسها التي تتجمع فيها الظروف املناخية املالئمة لزراعة أشجار الفواكه األكثر حساسية و باألخص منها العنب و البساتني التي تعاني من آفتني واسعتي اإلنتشار هما الصقيع (جريحة) و اللفحة النارية .هذا التراكم يف املخاطر التي تصيب هذا النوع من الزراعات يبرز بشكل واضح مدى هشاشة هذه القطاعات يف مواجهة املخاطر املناخية. و هذا املقال ال يدعي أبدا تقدمي األجوبة الصحيحة جلميع األسئلة املطروحة يف هذا الشأن ،لكنه يقترح محاولة للتعرف على هذه الكارثة و إستنباط بعض املعلومات املفيدة. عرفت جهة فاس مكناس مساء يوم السبت 06يونيو 2020عاصفة برد (تبروري) شديدة همت جل أقاليم اجلهة .وقد تسبب عنف هذه الظاهرة يف بعض األماكن يف اضرار للمحاصيل الزراعية وبعض البنية التحتية الفالحية. وتبني التقديرات االجمالية األولية ان
10
Agriculture du Maghreb N° 128 - Juin 2020
املساحة املتضررة قد قد تفوق19000 هكتار موزعة على عدة جماعات قروية باجلهة خاصة باقاليم :مكناس ،صفرو ،إفران ،احلاجب ،فاس ،موالي يعقوب ،تازة ،بوملان .األضرار املرتبطة بهذه العاصفة همت األشجار املثمرة (الورديات والزيتون) وزراعة اخلضراوات
وزراعة احلبوب .وقد سجلت أضرار متفاوتة حسب نوع الزراعة واملنطقة، والتي تراوحت من %20إلى .%80 وجتدر اإلشارة الى ان هذه األضرار كانت منعدمة إلى ضعيفة بالنسبة للضيعات التي تتوفر على الشباك الواقي أو تتواجد يف مجال تدخل مولدات مكافحة البرد.
www.agri-mag.com
وللذكر تتوفر جهة فاس مكناس على 6260هكتار محمية بالشباك الواقي واملدعمة من طرف صندوق التنمية الفالحية بغالف مالي يصل 310مليون درهم ،و 68مولد مكافحة البرد باجلهة تسهر على تسييرها الفيدرالية الوطنية ملستعملي مولدات مكافحة البرد. مع العلم ان جل الزراعات املتضررة بالبرد مساء يوم السبت تدخل يف برنامج التامني املتعدد املخاطر املناخية للمحاصيل الزراعة الذي وضعته الوزارة لدعم الفالحني وتسهر علي تنفيذه التعاضدية الفالحية املغربية للتأمني (مامدا) .ويف هذا االطار، الفالحون الذين سبق وأن اكتتبوا بهذا التأمني لدى التعاضدية ،مدعوون للقيام بالتصريحات الفردية عن الضرر وايداعه لدى املديريات االقليمية للفالحة يف آجال ال تتجاوز 05أيام كما تنص عليه املسطرة. التبروري تاريخيا و حاليا تعتبر أضرار التبروري قدمية قِ َدم األرض ذاتها .فقد شكلت الظاهرة طامةكبرى وقف االنسان دوما أمامها عاجزا أو محاوال محاربتها بوسائل غير ذات جدوى. و قد ُذكرت الظاهرة يف الكتب السماوية القدمية بإعتبارها العقاب السابع الذي أنزله اهلل على مصر الفرعونية ،مما جعلها حتضى بتتبع كبير من طرف كبار حكماء مختلف العصور وعلماءها ،حيث يأتي املخترع اإليطالي أليساندرو فولطا (مخترع البطارية الكهربائية 1799م) على رأسهم. ولم تتوقف األبحاث و الدراسات حول الوقاية من هذه الظاهرة غير القابلة للتوقع ،و محاولة احلد من آثارها املدمرة؛ فتطور األمر من املَدافع املضادة للتبروري يف السنوات األولى للقرن العشرين إلى الصواريخ ،ثم إلى رش السحب بيٌود الفِ َّضة لتقليص أحجام حبات التبروري و بالتالي للحد من األضرار التي تسببها للمحاصيل ،غير www.agri-mag.com
أن أي من هذه الوسائل لم تقدم احلل الناجع للمشكلة . و اليوم ،ونظرا إلرتفاع وثيرة ِ وح ّدة الظروف اجلوية السيئة التي يٌ َر ّجح أنها نتيجة للتغيرات املناخية ،فإن الفالحني لم يعودوا ينظرون إلى التبروري كعارض مناخي مؤسف معزول و غير منتظم، إمنا بإعتباره حالة ثابتة يف الفصول الثالثة :الربيع ،الصيف و اخلريف؛ بل أنه يف كثير من املناطق (أزرو مثال)
يتساقط التبروري أكثر من مرة واحدة يف املوسم الواحد مما يلحق خسائر كبيرة بالزراعات غير احملمية و بالتالي مبداخيل الفالحني. كيف تتكون حبة التبروري؟ تكون قطرات املاء داخل السحب حتت تأثير قوتني متعاكستني: حتركات الهواء التي تدفعها إلى األعلىحيث الطبقات الباردة؛ وزنها الذاتي الذي يسحبها إلى األسفليف إجتاه األرض الدافئة. وحتى تستطيع النزول إلى األرض يجب أن يرتفع وزنها بطريقة ما ،وحتى تتحول إلى حبات تبروري يجب أن تكون السحابة كثيفة جدا وأن تكون قمتها عالية جدا بحيث تصل إلى مستويات جد مرتفعة
حيث يسود جو بارد جدا ،كما يجب أن يكون اإلضطراب داخل السحابة يف مستواه األقصى بشكل يستطيع رفع قطرات املاء املتصادمة يف ما بينها إلى تلك املناطق الباردة من اجلو .و لعل السحب الوحيدة التي جتتمع فيها كل هذه اخلصائص هي السحب الركامية، التي تقدر نسبتها 10%من مجموع السحب يف ظروف العواصف الرعدية والتي يحتمل أن تتساقط كتبروري. وهكذا فإن حبات التبروري تتكون إذا يف مثل هذه العواصف يف سحب على إرتفاع 12كم و ذات سمك يناهز 10كم وعند درجة حرارة جد باردة حيث تتجمد قطرات املاء .و حني بداية نزول احلبات الصغيرة األولى يعترضها تيار هوائي صاعد فيرفعها إلى املنطقة األعلى الباردة للسحابة حيث تضاف إليها طبقة أخرى من اجلليد ،وتظل ٌعرضة لنفس العملية عدة مرات حتى تصل إلى وزن يدفعها إلى السقوط إلى األرض .هذه احلركية هي ما يفسر احلجم الذي تكون عليه حبات التبروري ،و الذي وصل، على سبيل املثال ،إلى الرقم القياسي املسجل يف الواليات املنتحدة األمريكية بـ 44.5سم كمحيط حلبة تبروري (حجم بطيخة) و وزن 750 غ ،بل جتاوز ذلك من حيث الوزن إلى 2كغ سنة 1829بإسبانيا .كما مت مالحظة وجود أشياء غريبة داخل حبات التبروري (ضفادع ،سلحفاة) .أما بالنسبة للمغرب ،فقد مت تسجيل أوزان تراوحت بني 350غ و 450غ مبنطقة أزرو. طبوغرافيا ومساحات مناطق التبروري هكذا يالحظ أن ت َك ُّون التبروري يعتبر عملية جد معقدة تتم يف األجزاء األكثر علوا يف السحب فوق الطبقة الوسطى للغالف اجلوي (التروبوبوز) التي تشكل Agriculture du Maghreb N° 128 - Juin 2020
11
تقنيات زراعية
األرصاد اجلوية ،مع العلم أن املعلومات التي تقدمها يف هذا الشأن تقتصر فقط على وصف احلالة من خالل املالحظات املباشرة لتقنييها مبحطات الرصد التي تفتقر أصال لألدوات الالزمة لقياس مدى حدة التساقطات .و بالنسبة للخسائر التي تخلفها هذه الظاهرة ،فاملالحظ أن تبروري فترة الربيع /الصيف هو الذي يشكل خطرا على الفالحة ،خاصة يف شهري أبريل و شتنبر ،فترة منو و تطور الزراعات .و إلى جانب هذه املقاربة الظاهراتية ،ظهرت منذ بضع سنوات، أجهزة وأدوات لتقييم حدة تساقطات التبروري عن طريق قياس الكتلة و الطاقة احلركية و العدد يف املتر املربع ،و الوقوف على مدى فعالية وسائل الوقاية على األرض و تأثير ذلك على احملاصيل.
الظرفية للمحصول و الهشاشة البنيوية. فالهشاشة الظرفية تتفاوت حسب تاريخ التساقطات ،وحالة احملصول حينها، الظروف املناخية لتلك السنة ،األمراض قبل و بعد التبروري ...الخ .وعموما تزداد الهشاشة كلما إقترب موعد جني احملصول ،كما تختلف من سنة إلى أخرى و من بستان إلى آخر .و ال تؤخد يف احلساب يف عقد التأمني عند بداية املوسم أثناء توقيع العقد .كما أن هطول التبروري مرتني يف سنتني متتاليتني بنفس احلدة و على نفس البستان ال تنتج عنهما نفس نسبة اخلسائر. أما الهشاشة البنيوية فهي ترتبط بطبيعة النوع و بخصائصه الفيسيولوجية .وهي معروفة مسبقا ومحددة ك ّما ونوعا و قابلة للتأمني ضد التبروري ،و تختلف حدتها من نوع إلى آخر؛ فهي منخفضة يف احلبوب مثال ،ومرتفعة يف العنب، لكنها جد مرتفعة بالنسبة للفواكه ذات النوى و ذات البذور. األمر الثاني الذي يجب مراعاته ،يتعلق بالوجهة النهائية للمنتوج ،ذلك أن املوجهة لإلستهالك الطازج احملاصيل ّ تكون أكثر هشاشة (تفاح ،إجاص) بالنظر للجودة التي يشترطها املستهلك، املوجه إلى الصناعات يف حني أن املنتوج ّ التحويلية (عنب ،حبوب) يكون أقل هشاشة لكون عملية التحويل تستر بعض العيوب التي يتسبب فيها التبروري. كما يجب اإلشارة إلى أنه ،و بصفة عامة ،كلما طالت مدة بقاء الغلة على النباتات و األشجار ،كلما كانت ٌعرضة ملخاطر التبروري.
الهشاشة و األضرار يعتبر حتليل مدى الهشاشة و الرهانات املالية ،املرحلة الثانية يف عملية تقييم املخاطر .وبظهر بشكل واضح أنه إذا كانت جميع الزراعات بصفة عامة حساسة للتبروري ،فإن بساتني األشجار التبروري خطر غير املثمرة هي التي تعاني من اخلسائر معروف بشكل كاف عند كل نزول للتبروري يرتفع صوت الثقيلة. الفالحني املتضررين إحتجاجا على وهنا ال بد من التفريق بني الهشاشة
هل باإلمكان حتقيق حماية فعالة من مخاطر التبروري ؟ لقد شكل التبروري دائما العدو األول للفالحني ،و ظلت الزراعات األكثر تضررا بهذه الظاهرة ،خاصة مزارع الفواكه و العنب ،تعمل بشكل دائم يف محاولة لتحقيق نوع من احلماية من موجات التبروري املدمرة ،و ذلك باإلعتماد على أساليب عدة ذات فعالية
احلدود بني الطبقة السفلى و العليا. يف العواصف الرعدية الصيفية تكون منطقة تساقط التبروري على شكل شريط يتراوح عرضه بني 100م و 3كم كحد أقصى ،وطوله بني بضع كيلومترات و 100كم يف أصعب احلاالت .ويقابل هذا الشريط املنطقة املركزية للعاصفة، حيث يكون سمك السحابة الركامية هو األكبر و ِح َّدة إضطراباتها هي األقوى. أما املناطق التي يتساقط فيها التبروري بوثيرة كبيرة فهي التي تعرف تَبايٌنا كبيرا بني البرودة العالية يف الطبقات العليا لغالفها اجلوي و السخونة املرتفعة ألراضيها .و تعتبر األحواض اجلبلية الداخلية األكثر عرضة لهذه الظاهرة. و يف الغالب يتم الربط خطأ بني التبروري و العواصف الصيفية ،يف حني أن الفترة التي حتدث فيها هذه الظاهرة أكثر هي فصل الربيع حيث يكون الهواء ال زال باردا يف الطبقة املنخفضة للغالف اجلوي ،بينما تبدأ درجة حرارة األرض يف اإلرتفاع بشكل واضح.
12
Agriculture du Maghreb N° 128 - Juin 2020
www.agri-mag.com
غير أكيدة .و كما سبق القول فقد مت جتريب طريقة املدافع ثم الصواريخ، وفيما بعد مت اللجوء إلى طريقة نثر يود الفضة على السحب بحيث تعمل جزيئات هذه املادة على تكون حبات برد أصغر حجما و أكثر عرضة للذوبان قبل وصولها إلى األرض .إال أنه من الصعب اليوم اإلقرار بفعالية هذه الوسائل .لهذا يبدو أن هناك فقط طريقتني و حيدتني أكيدتني يف هذا املجال هما : التأمني ،و إستعمال الشباك املضادة للب َرد احلديثة العهد ،و التي تعرف توسعا مضطردا يف البساتني ومزارع العنب .وإذا كان التأمني يضمن تعويضا ماليا للمحصول ،فإنه ال ميكن أن يضمن تعويضا َعيْ ِن ّيا للمنتوج التالف. ففي الفالحة ،كما يف حالة الوفاة يف حادثة ،ميكن القول بإستحالة إصالح آثار املخاطر املناخية إذ أن أي ضياع للمحصول يكون نهائيا؛ غير ذلك من املمتلكات (سيارات ،منازل )...التي باإلمكان إصالحها و إعادتها إلى حالتها األصلية بشكل تام. ولن تستطيع املبالغ املؤاداة للمزارع، تعويضا عن ضياع احملصول ،أن تضمن القيمة املضافة املرتبطة باملنتوج .ذلك أنه بالنسبة للضيعات الكبيرة التي أنشأت وحدات معاجلة و تعبئة و تسويق حملاصيلها و بكلفة عالية ،جتد نفسها يف خضم سلسلة مترابطة من املشاكل كنقص النشاط و إضطرارها لتسريح جزء من اليد العاملة وإنخفاض نصيبها من السوق ،و ذلك نتيجة اإلنهيار املباشر الذي يصيب اإلنتاج بسبب الصقيع الربيعي (اجريحة) أو تساقط التبروري أو أي آفة طبيعية أخرى. لقد عرفت الشباك املضادة للتبروري أول ظهور لها باملغرب منذ ستينات القرن املاضي .فبعد دخول ألياف البوليوليفني إلى السوق الوطني ،أعتبرت احلل املناسب و املنتظر ،إذ سرعان ما ٌش ِرع يف إستعمالها يف صناعة أٌولى الشباك و إستخدامها يف حماية املزروعات من هذه الظاهرة .وقد أثبتت أولى التجارب www.agri-mag.com
على البساتني ،حقيقة أن هذه الوسيلة هي احلل الوحيد الفعال «هنا و اآلن و غدا» لهذا اخلطر املتربص بالزراعة، خاصة إذا وضعنا يف اإلعتبار حجم اخلسائر و العواقب التي تليه و تستمر ملدة طويلة على األشجار التي لن تتمكن من العودة إلى حالتها اإلنتاجية الطبيعية إال بعد بضعة مواسم .إن للتساقطات القوية للتبروري آثارا تدميرية قد تدوم طويال .وقد أظهرت التجارب أن الشباك املضادة له تتفوق كثيرا ،بل أصبحت حتل محل األساليب التقليدية التي كان أقصى ما تستطيعه هو ضمان البقاء للمزارع من دون اإلهتمام بربحه و مردودية مجهوداته. وبالفعل ،ففي مواجهة إرتفاع حاالت الهشاشة و عدم كفاية احلماية املالية التقليدية ،بدأ أصحاب مزارع األشجار املثمرة يلجأون إلى الشباك املضادة للتبروري،حتى أصبحت بعض املناطق تشبه سلسلة من بيوت عنكبوت ضخمة. غير أنه مع ظهور هذا املظلة اجلديدة، حتولت املخاطر املناخية إلى إكراهات و ضغوطات إقتصادية .فأصبحت مختلف التجهيزات الضرورية التي راكمها املزارعون سواء للوقاية من اجريحة او التبروري أو كعتاد للسقي املوضعي،
إستثمارا مكلفا مردوديته غير يقينية. ومن جهة أخرى ،فإن للحماية بالشباك بعض اآلثار اجلانبية .فمن املعروف أن إستخدام هذه الشباك يؤثر على الوسط البيئي للبستان بصفة عامة ،وعلى املناخ املوضعي بصفة خاصة كإنخفاض مستوى اإلضاءة و غلبة حالة اإلشعاع املنتشر. وهي عوامل ذات تأثير على بعض أنواع و أصناف املغروسات البكرية ،و خاصة على مستوى نشاط التمثيل الضوئي حيث ينعكس ذلك على عملية تركز السكريات يف الثمار أو على تَل َ ٌّونها. و يبقى أهم أثر إيجابي للشباك هو احلد من مخاطر اجريحة فصل الربيع، و إنخفاض نسبة النتح (التبخر) بسبب إنخفاض كثافة اإلشعاع حتت الشباك و ضعف قوة الرياح. وأخيرا فان حلالة احلصار التي تخلقها الشباك تأثير أيضا على سلوك مختلف احلشرات التي تعيش بالبستان سواء منها مجموعات اآلفات كالفراشات مثال ،أو احلشرات املٌل ِّقحة .فقد أظهرت املالحظات األولية على الفراشات أن أعدادها تتناقص حتت الشباك كما تتناقص و ثيرة مكافحتها كيماويا؛ مما يعزز أهمية الوقاية املتكاملة يف مثل هذا الوسط.
Agriculture du Maghreb N° 128 - Juin 2020
13
بيئة
تدهور التربة في المناطق الجافة
بضعة أفكار لمواجهة األمر ياسين جمالي ،طبيب بيطري و فالح
ترتبط مردودية زراعة احلبوب باملغرب ،بشكل وثيق ،مبستوى التساقطات املطرية ،التي تعتبر العامل األساسي يف عملية اإلنتاج .غير أن هناك ظاهرة أقل بروزا تتطور بصمت و تفاقم من آثار اجلفاف الذي تتسبب فيه العديد من العوامل ذات عالقة باملمارسات الزراعية. نمودج للجمع بين أشجار اللوز و زراعة الحبوب بمنطقة أزيالل باألطلس المتوسط
فأوال ،إختفت تقريبا عملية تبوير األرض (إراحة األرض) بسبب اإلستغالل الكثيف لألراضي و التوسع الزراعي الذي أصبح ضروريا ملواجهة الطلب املتزايد بسبب التزايد الدميغرايف ،و الذي أصبح ممكنا بسبب مكننة عمليات احلرث و احلصاد .هذا يف حني أن تبوير األرض يعمل على إراحة التربة و تك ٌون مخزون من الذبال و احملافظة على التنوع امليكروبي للتربة ،هذا إلى جانب أنه يقطع دورة النمو لدى مسببات األمراض و باألخص منها األمراض الفطرية التي تصيب زراعة احلبوب. و من جهة ثانية ،لم تعرف زراعة القطاني ما عرفته زراعة احلبوب من مكننة على مستوى احلصاد ،بحيث ال تتعدى كلفة حصاد الهكتار الواحد آليا يف زراعة احلبوب يف املناطق البورية 300درهم ،يف حني ترتفع إلى ما بني 1500دهـ و 2500دهـ جلني محاصيل العدس أو اجللبانة العلفية أو احللبة ،يدويا؛ بل تفقد القطاني قدرتها على منافسة احلبوب و تتقلص مساحتها خاصة يف املناطق األكثر جفافا .و الواقع أن أهمية القطاني يف عملية التناوب الزراعي معروفة جيدا من خالل قدرتها على 14
Agriculture du Maghreb N° 128 - Juin 2020
للتناوب الزراعي بني احلبوب و القطاني ثم فترة راحة ،إلى شبه سيطرة لزراعة أحادية للحبوب تضعف التربة و تفقرها من املواد العضوية. مشهورة جدا لدى املختصني ،األبحاث التي قام بها كل من «ليديا و كلود بور ُكينيون» حول اإلختفاء التدريجي للكائنات احلية بالتربة، و الذي يرجع إلى اخلدمة املفرطة للتربة و إستعمال األسمدة الكيماوية و املبيدات .هذا يف فرنسا ،فما هو احلال عندنا إذن بعد عقود من الزراعة األحادية للحبوب و الرعي اجلائر، و من غير أي إضافة ملواد عضوية للتربة؟ النتيجة ستكون مشابهة بطبيعة احلال :تقلص يف حجم البكتيريا ،تربة فقيرة و غير متوازنة. و لعل هذا الوضع يفسر تطور و غزو األعشاب الضارة للحقول و باألخص منها نبات اخلردل نتيجة تراجع حجم بكتيريا التربة إضافة إلى كونه منافس شرس لألعشاب الضارة األخرى. إال أنه ال ميكن حتميل املسؤولية لإلفراط يف خدمة األرض و الزراعة األحادية فقط ،إذ أن الرعي اجلائر بدوره أفقر األرض و أفقدها كتلتها احليوية دون أن تستطيع مخلفات املاشية يف املراعي من تكوين مخزون من املواد العضوية .و لعل األراضي الوحيدة التي جنت من هذه احلالة هي األراضي التي تنتشر فيها أشجار السدر.
تثبيت األزوت و كسر دورة النمو عند مسببات األمراض إضافة إلى احملافظة على التنوع امليكروبي للتربة. أما من جهة ثالثة ،فأما و قد توسعت زراعة احلبوب على حساب املراعي اجلماعية ،فقد طرحت مشكلة تغذية املواشي بجدية ،خاصة مع تزايد أعدادها موازاة مع النمو الدميغرايف؛ و أصبح القش مادة غذائية إسترتتيجية يف تربية املواشي إلى حد أنه بعد عملية احلصاد و جمع احملاصيل يتم كراء األراضي لرعي املاشية بشكل جائر بحيث تصبح احلقول يف فصل اخلريف خالية من أي مادة عضوية .كما أن مخلفات األغنام يف احلقول تفقد قيمتها بسبب طول فترة احلرارة التي متر عليها ،و كيف السبيل ملواجهة هذه بالتالي يصعب عليها تعويص التربة يف كل ما اإلكراهات؟ فقدته سواء فيما يخص األزوت و الفوسفور و -تبوير األرض (فترة راحة) لم يعد حال بالنظر البوتاسيوم أو تكوين الذبال. إلى الضغط العقاري و اإلقتصادي الذي يثقل االستغالليات البورية. من التناوب (كل 3سنوات) إلى إعادة اإلعتبار للقطاني يتطلب مكننة عمليةالزراعة األحادية و الرعي اجلائر احلصاد ،سواء من خالل تكييف اآلت حصاد بإختصار ،ميكن القول أنه خالل اخلمسة أو احلبوب أو إستعمال أمشاط مجرورة أو غيرها. الستة عقود املاضية ،مت اإلنتقال من نظام -احملافظة على احلصائد نظرا لفوائدها www.agri-mag.com
املهمة على التربة ال ميكن أن يتم إال من خالل احلد من رعي املاشية بها ما أمكن .و لعل البديل الوحيد املتوفر حاليا هو اللجوء إلى الزراعة املسقية لألعالف ،و التي تبقى رغم ذلك قاصرة عن تلبية احلاجيات الغذائية لقطيع املاشية احللوب و اخليل و العجول املعدة للتسمني؛ بل تخلق مشكلة أخرى من خالل إستنزاف املياه اجلوفية .و ملجرد اإلشارة فقط، ميكن احلد من إستهالك القش من احلقول عن طريق تقليص أعداد قطيع األغنام و املاعز، رغم أن ذلك عمليا يعد شبه مستحيل ألسباب إجتماعية سياسية. الزرع املباشر يحد من الضرر الذي تسببهبكتيريا الترية أثناء عمليات احلرث و خدمة األرض ،كما يحد من متعدن املواد العضوية .و يعد واحدا من املمارسات الزراعية الصحيحة األساسية الهادفة للمحافظة على التربة.
مزايا اجلمع بني زراعة األشجار و زراعة احلبوب
الطريقة األخرى لتنويع و تخفيف أثار الزراعة األحادية هي اجلمع بني األشجار أو الشجيرات املثمرة و احلبوب أو القطاني .تتميز هذه األشجار بتوفرها على مجموع جذري يعد ملجأ للفطريات اجلذرية و غيرها من الكائنات احلية الدقيقة. و من خالل الظالل التي توفرها و تصديها للرياح تعمل على تقليص مستوى التبخر و تساعد على إستفادة الزراعة من مياه األمطار بشكل أمثل. هذا إضافة إلى أن تساقط أوراق الشجر الدائم أو املوسمي يضيف إلى التربة املزيد من املواد العضوية التي تغذي الكائنات احلية الدقيقة و تغني التربة ،كما دلت على ذلك األبحاث حول شجرة الطلح مبنطقة الساحل .يجب أن تتميز هذه األشجار و الشجيرات مبقاومتها الكبيرة الجمع بين أشجار الزيتون و زراعة الحبوب بجهة أزيالل
www.agri-mag.com
للجفاف لتستطيع العيش يف مثل هذه الظروف، بل و إلنتاج الثمار و لو بشكل هامشي .املسافة الفاصلة بني األشجار يجب أن تتحدد حسب ظروف الزراعة يف املناطق الشبه جافة (و التي تقترب إلى أن تكون جافة متاما) و نظام اإلستغالل املوسع ،و أن تسمح بعمليات الزرع و احلصاد آليا .و كمثال على األشجار املثمرة املقاومة للجفاف ميكن ذكر الزيتون و اللوز، بكثافة أقل أو مساوية لـ 100شجرة يف الهكتار، و اخلروب بحوالي 50شجرة /هـ .و من أمثلة الشجيرات املعروفة مبقاومتها العالية للجفاف ميكن ذكر اللساس »األليسيوم» و هو شجيرة مثمرة و رحيقية (منتجة للرحيق) ،و الصبار و هو بدوره مثمر و رحيقي و أحيانا يتم إتخاذه علفا ،و شجيرات القطف (االتربلكس) و هي نبات علفي أساسا .و تعتبر شجرة اإلبزار ،من األشجار املقاومة جدا للجفاف و تتميز بطول فترة إزهارها ،و هي محببة جدا لدى النحل، كما يتم بيع ثمارها .هذا إضافة إلى أن مختلف أصناف الطلح و شجرة أر ٌكان بل حتى شجرة «الهليلج» تستطيع التعايش مع بعض الظروف املناخية للتربة. جتدر اإلشارة هنا إلى أنه يف مثل هذه الظروف بالنسبة للمناطق البورية الضعيفة ،ال ميكن توقع حتسن كبير يف إنتاج احلبوب ( يف حدود 5قناطير يف الهكتار) أو مساهمة كبيرة يف املداخيل ،غير أنه و يف مثل هذا املستوى من اخلصاص و الهشاشة ،فإن بضع لترات من زيت الزيتون أو بعض الكيلوغرامات من الفاكهة ،أو من العسل ،إضافة ال يستهان بها بالنسبة لعشرات األآلف من األسر ،و دعما مهما إلكتفاءهم الذاتي الغذائي. إن إحداث نظام زراعي غابوي يتطلب الكثير من الوق ت و اإلصرار و اإلستمرارية ،ذاك أن األمر يتطلب القيام بعمليات سقي تكميلية طيلة فصلي ( )2صيف أو 3فصول األولى بعد الغرس .و هنا ميكن إستعمال صهاريج مجرورة موازاة مع أوعية بالستيكية بها ثقوب بهدف توزيع مياه السقي و حتسني تسربها داخل التربة فيما يشبه السقي بالتنقيط .كما ميكن خدمة التربة بشكل يساعد على خلق خزانات لتجميع مياه األمطار إذا كانت التضاريس تسمح بذلك .و أخيرا يجب رعاية األغراس و حمايتها من املاشية.
كل هذا يتطلب الكثير من اجلهد و حدا أدنى من اإلستثمارات املالية .كما يجب القيام بتجارب حقيقية لتحديد كلفة إحداث نظام زراعي غابوي على كل من املستوى املالي و عدد أيام العمل الالزمة ،يف أفق احلصول على دعم اجلهات املعنية.
شجرة السدر
عادة ال يتم اإلشارة إلى السدر إال كشجرة مساوءها أكثر من مزاياها بل غالبا ما ينصح بإقتالعها أو القضاء عليها باملبيدات ،بحيث ينسب إليها مثال إعاقتها حلركة اآلليات و األدوات الفالحية و تأثيرها على جودة القش يف احلصائد .لكن احلقيقة ،أنه يف حقول احلبوب ،فإن أفضل السنابل هي تلك التي تنمو يف موقع شجيرة سدر ،و لعل ذلك يرجع إلى وجود الفطريات اجلذرية يف املجموع اجلذري لهذه الشجيرة ،و إلى تساقط أوراقها يف فصل اخلريف ،مما يؤدي إلى إغناء التربة باملادة العضوية .و إضافة إلى هذه امليزة الزراعية للسدر يجب اإلشارة إلى ميزتها االقتصادية أيضا و ذلك من خالل بيع ثمارها التي يتم جنيها أواخر الصيف ،هذا إلى جانب اجلودة املشهورة لعسل السدر .و يف األخير ال ميكن نسيان أهمية أغصان السدر الشائكة التي يتم بيعها إلستعمالها كسياج ،مما ميثل اإلستغالل األمثل لهذه الشجيرات ،التي يتم قطعها بني شهري أكتوبر و نونبر بحيث ال تعيق عملية احلرث و الزرع ،ثم تدخل يف فترة راحة لتستأنف منوها بعد ذلك بني شهري مارس و أبريل؛ و أثناء احلصاد ،حوالي شهر ماي، تكون التفريعات اجلانبية للشجرة أقصر من أن تطالها آلة احلصاد. و هكذا يظهر أن ما يعتبر مساوئ تنسب إلى نبات السدر قد إستحالت إلى ال شيء يف واقع األمر؛ مع اإلشارة يف األخير إلى أن فترة اإلزهار و عودة النمو يف فصل الصيف تعد مصدرا مهما لتغذية النحل واملاعز.
الجمع بين شجيرات القطف(األتريبلكس) و زراعة الحبوب بنواحي سطات
Agriculture du Maghreb N° 128 - Juin 2020
15
www.agri-mag.com
Agriculture du Maghreb N° 128 - Juin 2020
16