العدد 118

Page 1

‫السنة الثالثة ‪ -‬العدد ( ‪( - ) 118‬‬

‫‪ 19 - 13‬أغسطس ‪)2013‬‬ ‫‪WWW.miadeen.com‬‬

‫السنة الثالثة ‪ -‬العدد ( ‪ 19 - 13 ( - ) 118‬أغسطس ‪)2013‬‬

‫الثمن ‪ :‬دينار‬

‫اغتيال قوصاد ‪ :‬يا مذيعي ليبيا تسلحوا !!‬

‫بنغازي أوال ‪ ...‬إذا األمن يا حكومة !‬


‫‪02‬‬

‫السنة الثالثة ‪ -‬العدد ( ‪ 19 - 13 ( - ) 118‬أغسطس ‪)2013‬‬

‫بنغازي أوال ‪ ...‬إذا األمن يا حكومة !‬

‫ميادين صحيفة ليبية‬ ‫تصدر عن شركة ميادين للنشر وإإلعالن والتدريب‬

‫عنوان الصحيفة ‪ :‬بنغازي ‪ /‬ميدان السلفيوم‬ ‫خلف عمارة شركة ليبيا للتأمين ‪ -‬فندق‬ ‫مرحبا سابقا ‪ -‬الدور األول‬ ‫‪miadeenmiadeen@yahoo.com‬‬ ‫‪miadeenmiadeen@gmail.com‬‬

‫االفتتاحية تكتبها‬ ‫‪ :‬فاطمة غندور‬

‫ومرعب تنفتح عليه صباحات ومس���اءات مدينة الثورة ‪،‬أي فقد نوعي عن سابق‬ ‫أي مش���هد دموي قاس���ي ُ‬ ‫اصرار وترصد ( واالنكى أن املؤمتر يُصرح بعلمه بقائمة اغتياالت سيشهدها شهر الرمحة !)‪ ،‬مشه ٌد صاد ٌم‬ ‫جيم���د الدموع يف حمجرها خُ‬ ‫وي���رس االفواه وتغص احللق بعربة العجز والضي���ق والكدر ‪...‬ملاذا بنغازي ؟‬ ‫وأُعيد ملاذا بنغازي من تدفع الثمن ؟ أرواحا ودماء لن نبحث يف املُس���ببات والدوافع ألنها ُحجة الفارغ ومن‬ ‫لي���س على عجل حلل االزمة والنكبة وايقاف محام ال���دم ‪ ،‬فالقاتل على عجل يف جرائمه ال يرتكنا حتى‬ ‫نتنفس ماخنقنا به إذ يعاجلنا ‪..‬يستبيح ال ُكل ‪ ...‬كل مشاء روح ُه على شفا لغم أو رصاص ُحفرتهم ‪ :‬املدني‬ ‫‪ ،‬العس���كري ‪ ،‬االخواني ‪،‬املعتدل ‪،‬من حيمي املدينة ‪ ،‬من يصدح بكلمته وموقفه علنا للناس (وأخر شهدائنا‬ ‫ه���و الفلس���طيين الثاني )‪...‬ل���ك اهلل يا بنغازي‪ ..‬مي���ر الزمن واملواجع واالنكس���ارات تطالك ب�ل�ا توقف وأنت‬ ‫الباذخ���ة العط���اء موقفا ونضاال تارخيا ورموزا ‪..‬عرفتها منذ أكثر من عقدين من الزمن وهالين ما كنت‬ ‫أُشاهده من حرمان وعقاب وأذى معنوي ومادي ُمتقصد و قلة حظ ! بل ينتابين خجل شديد وموجع وأنا‬ ‫اسرتس���ل فيما حتظى به مدينيت من مزايا واحللول للمش���اكل حتى وصل ب���ي االمر اىل جدولة مناحي‬ ‫االقصاء والتهميش والفوارق التحتية والفوقية ! إذ ختربني صديقة صحفية أن ال فيزا وال بطاقة سحب‬ ‫ذاتي لفرع مصرف ( ‪ )....‬فيما تنتش���ر س���ياراته يف مدينيت أينما حللت أزقة فرعية وش���وارع رئيس���ة ‪،‬ولن‬ ‫أضي���ف قطاعات االهمال والتهميش االخرى الصح���ة والعالج ( كارثة االيدز)‪،‬املواصالت والنقل ( املطار‬ ‫القبيح ) واالتصاالت والتقنية ( ال واي ماكس وال دي أس إل ) وحدث صدقا وال حرج ‪...‬‬ ‫•وقد أمسعت لو ناديت حيا ولكن‪....‬‬

‫رئيس التحرير‬ ‫أمحد الفيتو ري‬ ‫املدير العام‬ ‫فاطمةغندور‬ ‫مدير إداري وعالقات عامة‬ ‫خليل العرييب‬ ‫‪0619082250‬‬ ‫‪0925856779‬‬ ‫مراسلو ميادين‬ ‫احلسني املسوري ‪ /‬درنة‬ ‫خدجية االنصاري ‪ /‬اوباري‬ ‫عائشة صوكو ‪ /‬سبها‬ ‫سلوى العالقي ‪ /‬الزواية‬

‫إخراج وتنفيذ‬

‫حسني محزة بن عطية‬ ‫طباعة‬ ‫دار النور للطباعة‬

‫اجلنب ‪ ،‬خُ‬ ‫يف ظل حكومة عاجزة حد ُ‬ ‫وميبة لألمال وبعيدة كل البعد عن االس���تيعاب السياس���ي ملا حيصل‬ ‫ً‬ ‫يف ش���رق الب�ل�اد ‪ ،‬من ُتقر فخ���را (وكأنها عمياء) انها حتفظ الدماء أمام مش���هد يص���رخ بغرق مدينة يف‬ ‫الدماء كل ساعة وكل ليلة ‪.‬‬ ‫وك���ذا مؤمتر وقع ص���ك عبودية لتجاذب���ات التيارات السياس���ية والدينية واملليش���يات التابع���ة هلا ُمنفذا‬ ‫وطائعا ما بدأ ُه جبرمية العزل وتوس���طه بقرار رقم ‪ 7‬لتطهري مدينة ال حول وال قوة هلا ‪،‬وختمه بتجميد‬ ‫عمل احزابه الغري فاعلة اصال إال يف التناحر واالقتس���ام ونهش الوطن كل حسب مصلحته ‪.‬وإنه واحلال‬ ‫كذلك وحنن يف هذا الوضع املُؤسي واملؤسف ال قبيل لنا بالرد على دُعاة الفدرالية ! واملُتغريات والظروف‬ ‫كلها توافق مناشداتهم ومطالبهم ‪ ،‬ولعل ما خُيطط له وما وراء كل ما حيصل دعوة ضمنية ‪ :‬أن اتركوا‬ ‫بنغازي لنصيبها ‪ ،‬وإن جاءت ُمغلفة بلفافة الدم املستباح ‪.‬‬ ‫وأن���ه واحل���ال كذل���ك اىل أن يعي رئيس املؤمتر خط���ورة ما جرى وجيري ومكمن اخلط���ر وهو من قدم‬ ‫َ‬ ‫وس���كان ‪ ،‬لب���ث الطمأنينة واالس���قرار يف مواجهة‬ ‫ونف���ذ خطة ط���واريء لتأمني العاصم���ة‬ ‫مرافق حيوية ُ‬ ‫اخلروق���ات األمنية ! لكنه الغائب عن االولويات وعما جيري يف ش���رق الب�ل�اد ‪ ،‬لذلك وأنه واحلال كذلك‬ ‫ومن مدينيت طرابلس أناش���د أهلنا يف املدينة املنكوبة ويدي على قليب من فقد ووجع يُس���تجد اللحظة أن‬ ‫قوم���وا وتكاثف���وا وعاودوا مثيل عملكم املثال والنموذج حني كانت اعيننا ُمعلقة تنش���د حلم احلرية الذي‬ ‫انفتحت���م عليه بش���جاعة قراركم آوان الثورة يف أربعة ايام ‪ ،‬ش���اهدنا فيها بأم أعيننا وش���هد العامل معنا ‪،‬‬ ‫بنغازي ش���رطة املواطن الساهر على مداخلها وخمارجها ‪ ،‬شاهدنا ميدانا شارك الشباب والنساء يف تأمينه‬ ‫يف أحل���ك اللحظات و الطاغي���ة وتابعيه رأي العني ‪،‬صار املواطن هو اجليش هو الش���رطة ‪ ،‬وال تعولوا على‬ ‫حكوم���ة وبرملان ينطبق عليه���م املثل القائل ‪ :‬الضرب يف امليت حرام ‪ ،‬وانت���م األحياء وبنغازي احلياة بعزها‬ ‫وأنفتها وهكذا ستظل يف أعيننا‪.‬‬


‫السنة الثالثة ‪ -‬العدد ( ‪ 19 - 13 ( - ) 118‬أغسطس ‪)2013‬‬

‫تهنئة من سعادة السفرية األمريكية‬

‫‪03‬‬

‫(إخوان ليبيا) تتربأ من‬ ‫(اجلماعة األم واملرشد‬ ‫وقطر)‬

‫•شبكة األخبار الليبية‬ ‫ش���هد التنظي���م ال���دوىل لإلخ���وان‪ ،‬أم���س‪ ،‬حالة انقس���ام‪،‬‬ ‫بإعالن «إخوان ليبي���ا»‪ ،‬التربؤ من التنظيم األم فى مصر‪.‬‬ ‫وق���ال القي���ادى اإلخوانى عب���داهلل الش���لمانى‪ ،‬فى مؤمتر‬ ‫صحف���ى‪ ،‬أم���س‪« ،‬إن إخ���وان ليبي���ا مجاعة مس���تقلة وال‬ ‫تنتمى إىل أى مجاعة خارجية‪ ،‬س���وى أنها تتفق معها فى‬ ‫املنهج»‪ ،‬نافيا أى عالقة هلم مبرشد اإلخوان حممد بديع‪.‬‬ ‫وأضاف أيضاً‪« :‬ليس لنا عالقة بدولة قطر‪ ،‬وهى اتهامات‬ ‫ملفقة من أجل تش���ويه اجلماعة فى ليبيا»‪ ،‬مطالبا الذين‬ ‫«يشوهون اجلماعة» بأن يقدموا دليال واحدا حول عالقتها‬ ‫مبرشد اإلخوان فى مصر أو بدولة قطر‪.‬‬ ‫افتتاحي���ة العي���د ‪" -‬ع���روس البح���ر‬ ‫األبيض املتوسط‪ ،‬وعريسها"‬ ‫م���ع اقرتابنا م���ن نهاية ش���هر رمضان‬ ‫املب���ارك واالحتف���ال بعي���د الفط���ر‬ ‫الس���عيد‪ ،‬أك���ون قد أمضي���ت يف ليبيا‬ ‫ّ‬ ‫أقل من سبعة أس���ابيع بقليل‪ .‬وخالل‬ ‫تل���ك الف�ت�رة القص�ي�رة‪ ،‬س���نحت ل���ي‬ ‫الفرص���ة لالجتم���اع م���ع ليبي�ي�ن من‬ ‫مجيع أحناء البالد ومن مجيع أطياف‬ ‫احلكوم���ة‪ :‬الق���ادة السياس���يني وق���ادة‬ ‫اجملتمع األهل���ي والفنان�ي�ن والطلبة‪،‬‬ ‫وبعض أفراد ُ‬ ‫األسر واألشخاص‪ ،‬وقد‬ ‫أع���رب مجيعهم عن رغبة مش�ت�ركة‬ ‫يف أن ي���روا بالده���م تتق���دّم وتنمو يف‬ ‫بيئ���ة آمن���ة ومزده���رة وح��� ّرة حترتم‬ ‫مواطنيه���ا وختض���ع لس���يادة القانون‪.‬‬ ‫ويش�ت�ركون مجيعه���م يف الرغبة يف‬ ‫العمل واحمل ّب���ة بكرامة‪ ،‬وهي تطّلعات‬ ‫مش�ت�ركة بني مجي���ع البش���ر‪ .‬وهذه‬ ‫هي املث���ل العليا وال ِق َيم اليت ناضل من‬ ‫وضحى‬ ‫أجلها الش���عب اللييب مبش ّقة‬ ‫ّ‬ ‫ب���األرواح يف س���بيلها‪ّ .‬‬ ‫إن حتوي���ل تلك‬ ‫التطلع���ات إىل حقيقة واقعة‪ ،‬يتطلب‬ ‫مهمة‬ ‫العم���ل الش���اق والص�ب�ر‪ ،‬وه���ي ّ‬ ‫ال تنته���ي أب���دًا بالنس���بة للحكوم���ات‬ ‫والش���عوب على ح ّد سواء‪ ،‬وكما نعلم‬ ‫جي���دًا يف ب�ل�ادي‪ ،‬الوالي���ات املتح���دة‬ ‫األمريكي���ة‪ ،‬وال�ت�ي ال ت���زال تس���عى‬ ‫جاه���دة لرتق���ى إىل مس���توى ُمثلن���ا‬ ‫العليا الثوري���ة اليت تصبوا إىل "احلياة‬ ‫واحلرية والسعي لتحقيق السعادة"‪.‬‬ ‫واآلن هن���اك م���ن يس���عى الخت�ل�اس‬ ‫املكاس���ب ال�ت�ي ناض���ل الش���عب اللييب‬ ‫م���ن أجلها مبش��� ّقة‪ ،‬من خ�ل�ال محلة‬ ‫اغتي���االت خسيس���ة وأعم���ال عن���ف‬ ‫وترهي���ب‪َّ ،‬‬ ‫تنف���ذ خ�ل�ال ه���ذا الش���هر‬ ‫املخصص للتجديد الروحي‪.‬‬ ‫الفضيل‬ ‫ّ‬ ‫وأمت ّن���ى م���ن ّ‬ ‫كل قل�ب�ي أن يرف���ض‬ ‫الش���عب اللي�ب�ي ه���ذه اجله���ود ال�ت�ي‬ ‫ته���دف لرتهيبه���م وتثبي���ط هممهم‪،‬‬ ‫وأن يواصل���وا ب���دال م���ن ذلك س���عيهم‬ ‫لتحقي���ق آماهل���م وأحالمه���م بليبي���ا‬ ‫ح��� ّرة‪ .‬وتتنبأ رؤييت بقيام ليبيا نابضة‬ ‫ومنتج���ة‪ ،‬وفخ���ورة برتاثها‬ ‫باحلي���اة‪ُ ،‬‬

‫الثق���ايف مث���ل فخره���ا بكونه���ا رائ���دة‬ ‫أعمال وخ ّ‬ ‫القة‪.‬‬ ‫يف ّ‬ ‫كل م���رة أق���ود فيه���ا س���يارتي‬ ‫عل���ى طري���ق الكورني���ش ع�ب�ر مرف���أ‬ ‫طرابل���س‪ ،‬وأن���ا يف طريق���ي لعق���د‬ ‫اجتماعات���ي‪ ،‬أتص��� ّور مس���تقبل ليبيا‪،‬‬ ‫حي���ث ترتب���ط طرابل���س ببنغ���ازي‬ ‫ع���ن طريق البح���ر‪ ،‬والس���ياحة‪ ،‬ومن‬ ‫خالل اجله���ود االقتصادي���ة واالبتكار‬ ‫التكنولوج���ي‪ .‬وأرى مين���اء ق���د َّ‬ ‫مت‬ ‫تنظي���ف مياهه الضحلة من األوس���اخ‬ ‫وأُعي���د تهيئت���ه الس���تقبال الع ّب���ارات‬ ‫والرح�ل�ات املكوكي���ة اليت تق���وم بها‬ ‫الس���فن الس���ياحية ال�ت�ي تنق���ل آالف‬ ‫الس���ياح القادم�ي�ن لزي���ارة ه���ذا البلد‬ ‫اجلميل‪ ،‬املمكن الوصول إليه بسهولة‬ ‫من أوروبا ومن أماكن أخرى‪ ،‬والذي‬ ‫يتمتع بهذا الطقس الرائع ويضم ما ال‬ ‫ّ‬ ‫يقل عن مخسة مواقع للرتاث العاملي‪.‬‬ ‫وأرى الس��� ّياح وهم ينزلون من السفن‬ ‫يف طرابلس‪" ،‬ع���روس البحر األبيض‬ ‫املتوس���ط"‪ ،‬لقضاء عدّة أيّام يتجولون‬ ‫خالهلا يف "البلدة القدمية" الس���احرة‬ ‫اليت أعيد ترميمها‪ ،‬ويتناولون أطباق‬ ‫األمساك اللذيذة يف املطاعم املنتش���رة‬ ‫عل���ى الواجه���ة البحري���ة‪ ،‬ويقيم���ون‬ ‫يف فن���ادق م���ن فئ���ة اخلمس���ة جن���وم‬ ‫املنتصب���ة عل���ى خلفية من اهلندس���ة‬ ‫املعماري���ة الصديق���ة للبيئ���ة‪ .‬وبع���د‬ ‫زيارة لب���دة الكربى وصربات���ه وواحة‬ ‫غدام���س الرائعة‪ ،‬حيث يتع ّرفون على‬ ‫س�ل�الة األمازيغ القدمي���ة والفخورة‪،‬‬ ‫يتوجه ه���ؤالء الس���ياح البيئيون جنوبًا‬ ‫إىل رم���ال الصحراء ملش���اهدة الثقافة‬ ‫الفري���دة للط���وارق النب�ل�اء‪ .‬وهن���ا‬ ‫س���يتمتعون‪ ،‬كم���ا فعل���ت أن���ا عندما‬ ‫س���افرت إىل تون���س يف ع���ام ‪،1989‬‬ ‫بالصم���ت املطب���ق للصح���راء وب ُقرب‬ ‫جنومها املهيب الذي ال يقاوم‪ .‬وعندما‬ ‫يع���ودون إىل طرابل���س‪ ،‬يركب���ون‬ ‫س���فينة رح�ل�ات مكوكي���ة لزي���ارة‬ ‫تضم ش���حات‪،‬‬ ‫عريس���ها‪ ،‬بنغازي‪ ،‬اليت ّ‬ ‫املوق���ع الثالث املصنف ك�ت�راث عاملي‪.‬‬ ‫وسوف جيدون يف بنغازي مستشفيات‬

‫حديث���ة م���ن الفئة العاملي���ة اليت توفر‬ ‫خدمات إىل س���كان منطقة الس���احل‪/‬‬ ‫املغ���رب العرب���ي الك�ب�رى‪ ،‬ومرك��� ًزا‬ ‫لتوزي���ع البرتوكيماوي���ات ُتش���رف‬ ‫عليه الش���ركة الوطنية للنفط‪ ،‬ويف‬ ‫ش���راكة مع ش���ركات نف���ط دولية‪،‬‬ ‫آم���ل أن تك���ون ش���ركات أمريكي���ة‪،‬‬ ‫م���ن أج���ل تطوي���ر منتج���ات طليعية‬ ‫مستدامة بيئ ًيا‪ .‬ويمُ كنين أن استمر يف‬ ‫الوصف إىل ما ال نهاية‪ .‬فاإلمكانات يف‬ ‫احلقيقة ال حصر هلا‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫نع���م‪ ،‬ه���ذا لي���س س���وى ُحلم���ي‪ ،‬لكنه‬ ‫لي���س ضربً���ا م���ن اخلي���ال‪ ،‬إذ ميك���ن‬ ‫حتقيقه‪ ،‬ولكنه سيس���تغرق ردحا من‬ ‫الزمن‪ .‬وه���ا هي حكوم�ت�ي تعمل اآلن‬ ‫مع غريها م���ن دول جمموعة الثماني‬ ‫لدعم وتدريب ق���وة لألغراض العامة‬ ‫يف ليبي���ا من أجل تعزي���ز األمن الالزم‬ ‫خلل���ق فس���حة آمن���ة للتنمي���ة‪ .‬ويف‬ ‫الوقت نفسه‪ ،‬ينبغي على ّ‬ ‫كل مواطن‬ ‫لييب أن ينهض لتو ّلي مس���ؤولية بناء‬ ‫ب�ل�اده ومس���تقبلها‪ .‬فأمامك���م مجي���ع‬ ‫التحديات واالحتماالت مثل ّ‬ ‫أي دولة‬ ‫ناش���ئة‪ .‬واألمر م�ت�روك لكم لتس���عوا‬ ‫توح���د صفوفك���م‪،‬‬ ‫إىل األم���ور ال�ت�ي ّ‬ ‫ومت�ل�أ الفراغات اليت يس���تطيع ملئها‬ ‫س���وى اجملتمع املدني‪ ،‬بينم���ا تقومون‬ ‫حبياك���ة نس���يجكم الوط�ن�ي الرائ���ع‬ ‫ال���ذي سيش���كل الدس���تور وس���يادة‬ ‫القانون خيوط سداته وخيوط حلمته‪،‬‬ ‫والذي يش���كل األمن الوط�ن�ي أطرافه‬ ‫املعق���ودة‪ ،‬وتعك���س خيوط���ه املل ّون���ة‬ ‫الرم���ال والبحر‪ ،‬والزيت���ون والنخيل‪،‬‬ ‫واإلثني���ات الغن ّية واملتنوع���ة والثروة‬ ‫اهليدروكربوني���ة هل���ذا البل���د ال���ذي‬ ‫حت ّبون‪ّ .‬‬ ‫إن أصدقاءك���م وحلفاءكم‬ ‫موجودون هن���ا لدعم م���ا تبذلونه من‬ ‫جهود‪ ،‬ولكن يتع�ّي�نّ عليكم أن حتيكوا‬ ‫النسيج األساسي‪ .‬وسنعمل سويّة على‬ ‫تغيري القصة من قصة العنف والشلل‬ ‫إىل قصة للتجديد واألمل‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫وكل عام وأنتم خبري‪.‬‬

‫نعم يا عزالدين‪ ..‬هي‬ ‫بداية اجملازر القادمة‪..‬‬ ‫ومحام دم مستمر‬

‫ليبي���ا املس���تقبل ‪ -‬بنغ���ازي ‪ -‬خدجي���ة العمام���ي‪ :‬عزالدي���ن‬ ‫عبدالرحي���م القوص���اد‪ ..‬فلس���طيين االص���ل ول���د يف مدين���ة‬ ‫بنغ���ازي يف منطقة آخربيش خت���رج من كلية العلوم جامعة‬ ‫بنغ���ازي وعم���ل كطبيب خمت�ب�ر‪ ،‬حفظ كت���اب اهلل وكان‬ ‫أما ًم وخطيباً يف مس���جد النخلة يف منطقة آخريبيش مسقط‬ ‫رأس���ه وأخ�ي�راً ام���ا ًم و خطيب���اً يف مس���جد س���وده ب���ن زمع���ه ‪.‬‬ ‫والتحق بالعمل االعالمي أثناء ثورة ‪ 17‬فرباير فكان مراس ُ‬ ‫ال‬ ‫لصحيف���ة املركز االعالمي لثورة فرباي���ر علي االنرتنت من‬ ‫ث���م عمل كمراس���ل لع���دة قن���وات تليفزيوني���ه وعمل مذيع‬ ‫لألخبار يف قناة ليبيا احلره‪ ،‬وعمل ايضاً يف املس���موعة‪ ..‬عرف‬ ‫عنه اخللق والدين ش���هد له القاصي والداني‪ ،‬خبالقة وحسن‬ ‫مالفظه وطيب صفات���ه وكان صديق احملن العديده ورفيق‬ ‫الوطن بنضاله ضد النظام السابق وعزي ًزاً علي قلب بنغازي‪..‬‬ ‫حي���ث رثه���ا‪ ..‬فكتب عل���ي جدار صفحت���ه علي الفي���س بوك‪..‬‬ ‫((أذا س���كت اهل بنغازي علي مصيبة اليوم‪ ..‬فليعتربوها بداية‬ ‫اجمل���ازر القادم���ة‪ .‬مح���ام دم مس���تمر))‪ ...‬تقبل���ك اهلل يا زميل‬ ‫احملنه واملهنه‪...‬‬


‫‪04‬‬

‫السنة الثالثة ‪ -‬العدد ( ‪ 19 - 13 ( - ) 118‬أغسطس ‪)2013‬‬

‫الشأن اللييب‬ ‫نوري الراعي‬

‫•‪CNN‬‬

‫مالحظات على تقرير احملطة االمريكية حول مقتل‬ ‫السفري االمريكي يف بنغازي‪.‬‬

‫‪ 1‬ان التقري���ر موجه للمش���اهد االمريكي ومل‬‫يدخل يف تفاصيل الشأن اللييب الداخلي‪.‬‬ ‫‪ 2‬تواج���د الس���فري يف بنغ���ازي كان به���دف‬‫املس���اعدة على مجع األس���لحة وافتت���اح مركز‬ ‫ثقايف ‪.‬‬ ‫‪ 3‬علم ودراية االجه���زة املخابراتية االمريكية‬‫ع���ن مراك���ز لتدري���ب املتطرف�ي�ن م���ن تنظي���م‬ ‫القاعدة يف بنغازي مبساعدة انصار الشريعة‪.‬‬ ‫‪ 4‬هناك امت���دادات تنظيمية للعملية ُ‬‫‪،‬وخطط‬ ‫هلا بعناية وش���ارك يف تنفيده���ا ما يقرب من ‪50‬‬ ‫شخص مبساعدة انصار الشريعة‪.‬‬ ‫‪ 5‬هن���اك ضعف يف احلراس���ة عل���ى القنصلية‬‫الس���باب لوجس���تية ومل يك���ن ممكنا القي���ام بأي‬ ‫فعل ألنق���اد املوقف ‪ ،‬فأي تدخ���ل امريكي النقاد‬ ‫املوقف يستلزم على االقل ‪ 24‬ساعة‪.‬‬ ‫‪ 6‬أعلن تنظيم انصار الش���ريعة مسؤوليتة عن‬‫العملية يف الساعات االوىل ثم أنكر دلك‪.‬‬ ‫‪ 7‬اس���تمر اهلج���وم مل���دة ‪ 8‬س���اعات واس���تطاع‬‫احل���راس املصاحب�ي�ن للس���فري م���ن انق���اد ‪30‬‬ ‫ش���خص م���ن كادر الس���فارة االمريكي���ة ‪،‬ومت‬ ‫انقاذ الس���فري ولكن بع���د ف���وات االوان فقد مات‬ ‫اختناقا بفعل احلريق املُتعمد‪.‬‬ ‫‪ 8‬حصيلة اهلجوم ‪ 4‬قتلى على رأسهم السفري‬‫االمريكي‪.‬‬ ‫‪ 9‬م���ن االمس���اء اليت تداوهل���ا التقري���ر والدي‬‫يش���تبه يف ضلوعه���م يف احلادث عل���ي احلريزي‬ ‫وهو تونسي اجلنسية ‪،‬وأمحد بوختالة اللييب‪.‬‬ ‫‪ 10‬وضع بنغ���ازي ُمتدني من الناحية االمنية‬‫‪،‬وليس للحكومة قوة او هيبة على املليشيات ‪.‬‬ ‫‪ 11‬هناك امتدادات وتنسيق بني جناح القاعدة‬‫يف املغرب العربي واجلماعات الليبية املسلحة‪.‬‬ ‫‪ 12‬ح���اول التقري���ر ان يكش���ف م���ن زواي���ا‬‫خمتلف���ة ان كان هن���اك اخف���اء أو حج���ب‬ ‫يف املعلوم���ات م���ن قب���ل ادارة الرئي���س أوبام���ا‬ ‫والس���فرية كلنت���ون أله���داف سياس���ية ‪ ،‬اذ من‬ ‫املتوقع ان تكون كلنتون مرش���حة للرئاسة عن‬ ‫احل���زب الدميقراط���ي بع���د انتهاء م���دة الرئيس‬ ‫أوباما‪ ،‬ولكن مل يتبث التقرير يف الوقت احلاضر‬ ‫ان هناك حجباً للمعلومات‪.‬‬ ‫‪ 13‬م���ن املالحظ غياب االس���تخبارات االمنية‬‫الليبي���ة ع���ن املش���هد ومل يذك���ر التقري���ر أي���ة‬ ‫معلوم���ات عن أي نش���اط أو حت���ى حتقيقات مع‬ ‫املشتبه فيهم يف الضلوع يف العملية‪.‬‬ ‫•مادا بقى للشرعية من معنى؟‬ ‫عندم���ا ُتقف���ل االب���واب والنوافد ويس���ود الظالم‬ ‫وخت���رج االي���ادي املجُ رم���ة لتغتال رم���وز الثورة‬ ‫وضباط اجليش والشرطة وتقتل االبرياء وتروع‬ ‫االهال���ي وتدم���ر املمتل���كات وتنتهك معس���كرات‬ ‫اجلي���ش وتنه���ب وتعب���ث املليش���يات يف االرض‬ ‫فسادا ‪ ،‬وعندما تعجز الشرعية عن اجياد حلول‬ ‫بل انها خت���رج علينا خبطب ومؤمترات صحفية‬

‫ش���بيهة بنعي���ق الغرب���ان‪ ،‬عندم���ا يتحدثون عن‬ ‫كل ش���يئ ولكن يطمسون احلقيقة وال ميلكون‬ ‫الشجاعة يف مواجهة االزمة ويتحدثون بشفافية‬ ‫ع���ن احملن���ة وحل���ول تس���تجيب ملطالب الش���ارع‬ ‫بوق���ف الدع���م ع���ن املليش���يات وحله���ا وتفكيكها‬ ‫ومجع الس�ل�اح‪ ،‬عندما يعجزون عن املُضي قدما‬ ‫يف املصاحلة الوطنية وتفعيل العدالة االنتقالية‪،‬‬ ‫وعندم���ا يس���ك ُبون األم���وال على كل ش���يء عدا‬ ‫حلول خترجن���ا من عتمة الظالم والظالميني ‪،‬‬ ‫أقول ماذا بقي لشرعيتهم من معنى؟‬ ‫•العودة اىل الشرعية الدستورية‬ ‫انن���ا يف ازم���ة حقيقي���ة تتمث���ل يف عج���ز املؤمتر‬ ‫الوطين واحلكومة على ان يكونا مؤسسة سيادية‬ ‫فاعل���ة حتق���ق االمن واالم���ان ‪ ،‬وترع���ى مصاحل‬

‫الصحاب االجندات اخلاصة ‪ .‬يتذرعون حبدوث‬ ‫فراغ سياس���ي وأمين ان س���قط املؤمت���ر‪ ،‬أقول أن‬ ‫هناك حلوال ‪ ،‬فالوقت قارب على االنتهاء والساعة‬ ‫تدق ُمعلنة انتهاء صالحياتهم‪ .‬يُلوحون بانفالت‬ ‫امين ولكن ال خيفى على احد ان االنفالت االمين‬ ‫أصبح مشهد يومي واملليشيات تقودنا بعد تنازلي‬ ‫اىل صوملة ليبيا‪.‬‬ ‫لك���ن م���ا احل���ل ؟ احل���ل ميك���ن أن يص���وت عليه‬ ‫يف جلس���ة واح���دة ‪ .‬تعدي���ل االعالن الدس���توري‬ ‫‪ ،‬واع���ادة تواص���ل دول���ة االس���تقالل االوىل م���ع‬ ‫الثاني���ة‪ .‬نعم حيتاج املؤمتر اىل تعديل دس���توري‬ ‫يف اإلعالن الدستوري والعودة لدستور ليبيا ومن‬ ‫اخ���ر التعديالت اليت حدثت قب���ل حدوث انقالب‬ ‫القدايف املش���ؤوم‪ ،‬اي حتى ‪ 30‬اغسطس ‪، 1969‬‬

‫كل الليبي�ي�ن ولي���س مص���احل الق���وة العددي���ة‬ ‫املسيطرة على املؤمتر واليت ادت بنا اىل انتكاسات‬ ‫الواحدة تلو االخرى ‪ .‬يتحجج البعض بالشرعية‬ ‫وحق املؤمتر يف ممارسة السيادة واختاد القرارات‬ ‫واص���دار القوانني ‪ ،‬اق���ول ان املؤمتر اصبح رهينة‬

‫وض���رورة التواصل مع دس���تور األباء ومؤسس���ي‬ ‫الدولة الليبية‪،‬فهم االس���اس لدولة االس���تقالل‬ ‫وحكم الدس���تور وسيادة القانون ودولة املؤسسات‬ ‫والتحديث وقيام الدولة املعاصرة‪.‬‬ ‫ق���د يتس���ائل البع���ض بض���روة ان تك���ون هن���اك‬

‫تعدي�ل�ات او اضاف���ة او ح���ذف ‪ ،‬اقول كل ش���يء‬ ‫قابل للتعدي���ل واحلذف واالضافة مثل التأكيد‬ ‫عل���ى حق���وق االنس���ان والتعددية وش���كل نظام‬ ‫احلك���م‪ ،‬ملك���ي او مجه���وري‪ ،‬والعالق���ة ب�ي�ن‬ ‫الس���لطات ‪،‬فالدس���اتري ليس���ت جام���دة وميك���ن‬ ‫ط���رح املُس���تجدات والبدائ���ل يف اس���تفاء ش���عيب‬ ‫يقرر الش���عب فيه بالقبول او الرفض او التعديل‬ ‫باعتباره مصدر السلطات‪.‬‬ ‫املحُ صل���ة ‪ :‬إن البدي���ل موجودة وم���ا على املؤمتر‬ ‫اال تغري املس���ار والتواصل مع ارث االجداد‪ .‬فهناك‬ ‫دس���اتري يف الدول املتحضرة عمرها الزمين يزيد‬ ‫على مئات الس���نني وهم يؤك���دون على العملية‬ ‫الرتاكمية واالرث احلضاري والثقايف ملا توصل‬ ‫الي���ة من أسس���وا الدولة كما يق���رون بالتعديل‬ ‫واحل���ذف واالضافة وما يتمش���ى م���ع متطلبات‬ ‫العصر ومسرية االنسان‪.‬‬ ‫الثورة التصحيحية بايدينا ‪ ،‬ومكانها امليادين ‪.‬‬ ‫خرج���ت اجلم���وع الغاضب���ة يف بداي���ة الثورة يف‬ ‫ميادين بنغ���ازي وطرابلس والزاوية وطربق ويف‬ ‫غريه���ا م���ن امليادين جتلج���ل "اعتص���ام اعتصام‬ ‫حت���ى يس���قط النظ���ام" ‪ ،‬وحن���ن من���ر مبحاولة‬ ‫مس���تميثة م���ن اجلماع���ات املس���لحة وادرعه���ا‬ ‫احلزبية لالنقضاض على الثورة وصوملة ليبيا‬ ‫بوع���ي او بدون وعي ‪ ،‬اق���ول ان املؤمتر واحلكومة‬ ‫واملليش���يات ينام���ون على س���رير واح���د ومل يبق‬ ‫لن���ا اال امليادين ال�ت�ي خرجت من رمحه���ا الثورة ‪،‬‬ ‫فاالم���ر بأيدينا لتصحيح مس���ار الثورة وان طال‬ ‫النضال‪ .‬اخلروج يف مظاهرات مس���تمرة ودائمة‬ ‫وحتالف كل الق���وى الوطنية هو احلل ان اردنا‬ ‫تصحيح املس���ار‪ .‬ليكن شعارنا هده املرة هو العودة‬ ‫للش���رعية الدس���تورية مل���ا قبل انقالب س���بتمرب‬ ‫‪ 1969‬مع التعديالت والضغط يف اجتاه استفتاء‬ ‫عام ‪ ،‬انها يف رأي اقصر الطرق‪.‬‬ ‫•عندما تعصب عيناك‬ ‫عندما تعصب عين���اك وتقتاد مكتويف االيدي وال‬ ‫ترى أي شيء من حولك يقولون لك ان ما تلمسه‬ ‫هو النج���اة ‪ ،‬عندم���ا خيطفون االم���ل من حولك‬ ‫ويتحدثون عن حل���ول وهمية غامضة تأتي من‬ ‫الس���ماء ‪ ،‬عندما حياص���رون كل امل ويتمتمون‬ ‫برتاتيل ويدعون بأن بايديهم احلل وما عليك اال‬ ‫القب���ول مبا قدر لك يف عامل الوهم والغيب وكل‬ ‫م���ا هو مقدر من الس���ماء ‪ ،‬اقول م���ا عليك اال ان‬ ‫تفت���ح عيني���ك وتقول ان احل���ل بيدي���ي ولكنها‬ ‫مكبلة بفعل ش���ياطني الغي���ب ومن من ال رمحة‬ ‫يف قلوبهم ‪ ،‬وعليهم ا ّللعنة من االرض والسماء‪.‬‬ ‫•هل هناك مؤامرة جديدة ام لعبة يعاد حبكها؟‬ ‫املشهد اللييب مر برياح عاصفة تغريت فيه بعض‬ ‫مالمح املش���هد السياس���ي واتضحت ُمس���تجدات‬ ‫وضعت العبني جدد على مسرح السياسة‪ .‬املشهد‬ ‫السياس���ي متثل من جهة يف مؤمت���ر اختد قرارا‬ ‫بعزل رئيس���ه من خ�ل�ال قانون العزل السياس���ي‬ ‫وظه���ور جن���م جديد مل يك���ن له حض���ور أو ثقل‬ ‫ش���عيب يؤث���ر يف جم���رى االح���داث الليبي���ة من‬ ‫قب���ل ‪ ،‬قابل ذلك ضغط الش���ارع اللييب يف بنغازي‬


‫السنة الثالثة ‪ -‬العدد ( ‪ 19 - 13 ( - ) 118‬أغسطس ‪)2013‬‬

‫‪05‬‬

‫بنغازي حمطة اليائس األخرية‬ ‫عزالدين عبدالكريم‬

‫وطرابل���س وغريه���ا م���ن امل���دن مبطالب من‬ ‫خالل املظاهرات بضروة فك وحل املليش���يات‬ ‫الش���رعية وغ�ي�ر الش���رعية ومج���ع الس�ل�اح‬ ‫واع���ادة بن���اء اجلي���ش والش���رطة واملؤسس���ات‬ ‫االمني���ة ‪ .‬ص���وت العق���ل يقول بأن���ه كان من‬ ‫الضروري على املؤمتر ان يمُ ثل صوت ناخبية‬ ‫وينح���از ملطال���ب الش���ارع ولكن م���ا حدث بعد‬ ‫اخت���اد املؤمتر مجلة م���ن الق���رارات املتناقضة‬ ‫‪ ،‬كان تك���رار مل���ا حدث بع���د مظاهرة بنغازي‬ ‫املليوني���ة ‪ ،‬أذ يف الي���وم الثان���ي للمظاه���رة‬ ‫املليونية خرج رئيس���ه الس���ابق الس���يد حممد‬ ‫املقري���ف ليعلن ش���رعنة املليش���يات وتبعيتها‬ ‫للدولة‪ ،‬الالعب اجلديد السيد بوسهمني بعد‬ ‫مظاهرات طرابل���س املُطالبة حبل املليش���يات‬ ‫اختد قرارا مناقضا ملطالب الشعب أيضا‪ ،‬فبعد‬ ‫ان أعط���ي صالحي���ات م���ن اعض���اء املؤمتر مل‬ ‫خيوهلا له االعالن الدس���توري وهي س���لطات‬ ‫رئي���س الدول���ة ومبوجبه���ا متكن���ه م���ن اختاد‬ ‫ق���رارات فردية والتلزمه بالرجوع اىل اجمللس‬ ‫القراره���ا ‪ ،‬ومبوجبه���ا كلف املليش���يات اليت‬ ‫حاصرت املؤمتر والوزارات واملؤسسات حبماية‬ ‫طرابل���س واملؤمتر وما سمُ ي بالش���رعية‪ ،‬هده‬ ‫املليش���يات حاصرت املؤمتر من قبل ومعروفة‬ ‫بانتماءاته���ا احلزبي���ة االس�ل�امية والقبلي���ة‪،‬‬ ‫يعين حاميها حراميها‪ .‬دخلت هده املليش���يات‬ ‫طرابلس العاصمة يف اس���تعراض قوة وعربت‬ ‫عن نفس���ها خبطوات اس���تباقية باننا حنن هنا‬ ‫وم���ن مل يعجب���ه فنح���ن حمم�ي�ن بالق���رارات‬ ‫الرمسي���ة‪ .‬املؤس���ف ان م���ا ح���دث ه���و تصعيد‬ ‫للمشهد السياس���ي ومؤذن حبرب اهلية‪ .‬توتر‬ ‫املشهد السياسي ال يبشر باالمن واالمان بل قد‬ ‫يفرض تدخل دولي قد يولد مش���اهد سياسية‬ ‫جديدة‪ .‬فليبيا ال زالت حتت البند الس���ابع وما‬ ‫يعج���ز عنه البس���طاء ق���د يفرض���ه العمالقة‪.‬‬ ‫احملصل���ة هي انن���ا يف طريق خمتن���ق قادنا له‬ ‫م���ن اعطيناه���م ثقتن���ا ووكلناه���م امورنا يف‬ ‫ان تك���ون لن���ا دولة مدنية‪ .‬الس���ؤال هو‪ :‬هل ما‬ ‫نش���هده االن هو رقصة الديك املذبوح من قبل‬ ‫االخ���وان واجلماع���ات السياس���ية االس�ل�امية‬ ‫وام���راء املليش���يات لتمكني مجاع���ات االفغنة‬ ‫الليبية ؟ االيام القادمة س���تكون س���اخنة ‪ .‬اننا‬ ‫حنمل املس���ؤولية وكل ما حيدث من اختناق‬ ‫يف طرابل���س وليبي���ا اىل ام�ي�ر املؤمتر الوطين‬ ‫واعض���ا ِءه وم���ن وراءه م���ن أصح���اب املصاحل‬ ‫واالجندات السياسية‪.‬‬ ‫•عندما ُيغتال املواطن‬ ‫عندم���ا يُغتال املواطن يف الدول���ة املدنية اينما‬

‫كان ويف اي زم���ان ُتقي���م الدول���ة الدني���ا وال‬ ‫ُتقعده���ا حبث���ا ع���ن ُ‬ ‫اجلن���اة واملُش���تبه فيه���م‬ ‫‪،‬حتق���ق معه���م ومع من ق���د يكون هل���م صلة‬ ‫باحل���ادث أو مصلحة فيه ‪ ،‬تق���وم بالبحث عن‬ ‫س�ل�اح اجلرمية ونوعه واالدوات املُس���تخدمة‬ ‫‪ ،‬جتن���د الدول���ة باختص���ار كل امكانياته���ا‬ ‫املادي���ة والبش���رية حت���ى تقب���ض ع���ن اجلناة‬ ‫ويت���م وضعه���م خل���ف القضب���ان ويقدموا اىل‬ ‫حماكمة عادلة‪.‬‬ ‫ام���ا م���ا حي���دث يف ب�ل�ادي فه���و ش���يء اّخ���ر‪،‬‬ ‫فاملواط���ن يُغت���ال يف وضح النهار وامام ش���هود‬ ‫ق���د يكونوا باملئات وال تتحرك الدولة س���اكنا‬ ‫وتقيد اجلرمية ببس���اطة ضد جمهول ويعلن‬ ‫رئي���س وزرائها ان م���ا وقع هو قي���د التحقيق‬ ‫او بفع���ل القض���اء والقدر ثم نس���مع ترتيالت‬ ‫ومتتم���ات وأس���ف عل���ى املكروف���ات وبيان���ات‬ ‫باهت���ة ومتضي احلياة حت���ى حتد ث جرمية‬ ‫اخرى ويتكرر املشهد واملواطن يتحسر ويتامل‬ ‫ويقول يف اي دولة حنن نعيش‪.‬‬ ‫اجلرائ���م اليت حتدث عندنا بعد الثورة أغلبها‬ ‫هلا طابع سياس���ي حيمل ب�ي�ن ثناياه التطرف‬ ‫ووضع من يقوم باجلرمية من نفسه اخلصم‬ ‫واحلكم ‪ .‬أغتيل ضباط اجليش الش���رفاء ليس‬ ‫ضد أش���خاصم ب���ل ضد اجليش كمؤسس���ة‬ ‫عس���كرية وأغتيل ش���هداء الكلمة عبد السالم‬ ‫املسماري واالذاعي عز الدين قوصاد لتخرس‬ ‫اصواته���م‪ ،‬فاجملرم���ون ض���د حري���ة الكلم���ة‬ ‫وجرمي���ة الضحاي���ا انه���م اس���تخدموا س�ل�اح‬ ‫الكلمة ‪ .‬يقال لنا عن حرص الدولة على عدم‬ ‫إس���الة الدماء فما الفرق فالدماء تس���يل على‬ ‫أية حال ‪ ،‬تس���يل يف املساجد واالماكن العامة‬ ‫وال أح���د يكث���رت ‪ ،‬يق���ال لن���ا ان العملي���ة قيد‬ ‫التحقيق ويف احلقيقة ان الدولة مل تقم حتى‬ ‫بالتحقي���ق م���ع من يُش���تبه فيهم م���ن اجلناة‬ ‫‪ ،‬ف���كل اجلن���اة جمهول���ون يف ملف���ات الدولة‪.‬‬ ‫اقوهلا إن الدولة عاجزة ومش���لولة ومرتعش���ة‬ ‫وخائفة كما ان الس���يد زيدان ووزير داخليته‬ ‫ليس هلما دراية باالمن وامان املواطن‪ .‬املش���هد‬ ‫السياسي سيزداد تعقيدا ان مل حتل املليشيات‬ ‫وجيم���ع الس�ل�اح وتتكاث���ف اجله���ود وحت���ل‬ ‫احلكوم���ة ويع�ي�ن الرج���ل املناس���ب يف امل���كان‬ ‫املناس���ب ‪ ،‬ام���ا كلم�ت�ي اىل مؤمترن���ا الوطين‬ ‫فه���ي ان صالحياتك���م ش���ارفت عل���ى االنتهاء‪،‬‬ ‫وحكمتم عل���ى انفسكمبانفس���كم يف صفحات‬ ‫التاري���خ بأنكم مؤمتر فاش���ل يتناطح اعضائه‬ ‫على كل شيء سوى حقوق املواطن ‪.‬‬

‫بش���كل أكثر عمقاً للقول الس���ائد عن ش���ئ مما تتميز ب���ه مدينة بنغازي من كونه���ا ( رباية الذائح‬ ‫) فإن�ن�ي أراه���ا واقعياً ( حاضنة اليائ���س ) ‪ ،‬فإىل جانب أهلها القدماء والقادم�ي�ن من املناطق اجملاورة‬ ‫باعتبارها نقطة استقطاب للحياة املدنية ذات احلراك احلضاري ‪ ،‬فإنها متيزت باحتضانها لليائسني‬ ‫لس���بب أو آخر ‪ ...‬وهذا التميز مل تصنعه حجارة بنغازي بل أهلها احلاضنني لكل غريب ‪ ،‬واليأس هنا‬ ‫‪ ،‬لي���س وليد تنك���ر أو ظلم يف كل األحوال ‪ ،‬فأحياناً يكون نتيجة لفظ جمتمع للمعين بس���بب فعل‬ ‫أو موقف شاذ ‪...‬‬ ‫دارت ه���ذه اخلواطر يف وق���ت تزامنت فيه األحداث الدامية يف املدين���ة ‪ ،‬مع حبث معريف عابر أجريه‬ ‫حول صناعة الس���ينما عرب الس���نوات و املرتبط بليبيا ‪ ،‬ولش���د ما فاجئين ملصق لفيلم أمريكي أنتج‬ ‫ع���ام ‪ 1955‬حتت عن���وان ( ‪ ) Bengazi ... last stop for the lost‬وهو ما ميكن ترمجته س���ريعاً‬ ‫ب���ـ ( بنغ���ازي احملطة األخرية للضائ���ع ) والضائع هنا تتوافق مع مفردة ( الذائح ) الش���عبية ‪ ،‬إال أنين‬ ‫مبراجعة عابرة وجدت أن ( ‪ ) lost‬يف اللغة اإلجنليزية تعين أيضاً ( اليائس ) ‪ ،‬وهي األقرب لوصف‬ ‫حال���ة ( الذوح���ان ) واليت حتدث‬ ‫غالب���اً عندم���ا تنقط���ع س���بل‬ ‫اخل�ل�اص باإلنس���ان وتتالش���ى‬ ‫احلل���ول أمام���ه يف إمكاني���ة أن‬ ‫جي���د الس�ل�ام والطمأنين���ة يف‬ ‫م���كان فس���رعان م���ا ي���ذوب يف‬ ‫املدين���ة بنغازي ‪ ،‬ويتش���كل عنده‬ ‫أه���ل ج���دد ‪ ،‬لتحتوي���ه أحض���ان‬ ‫دافئ���ة ‪ ،‬دون ض���رورة معرف���ة‬ ‫خلفي���ات ذل���ك اإلنس���ان ‪ ،‬وهن���ا‬ ‫يستمد أهل بنغازي تقليداً عربياً‬ ‫أصي ً‬ ‫ال س���طرته الكتب يف اقرتان‬ ‫العيب بسؤال انس���ان عن ماضيه‬ ‫وقصت���ه قبل ثالثة أي���ام ‪ ،‬إال أن‬ ‫بنغ���ازي عل���ى م���ا يب���دو ‪ ،‬جعلت‬ ‫املدة مفتوحة مبا جيعل النسيان‬ ‫يسيطر على رغبة السؤال يف أي‬ ‫مدة الحقة ‪...‬‬ ‫ه���ذه اخلواط���ر ليس���ت ولي���دة‬ ‫معايش���ة للمدين���ة ‪ ،‬فل���م أب���ت‬ ‫فيه���ا إال ليلت�ي�ن منفصلتني من‬ ‫حي���ث الزم���ن بس���نوات طويل���ه ‪،‬‬ ‫إال أن واق���ع املدين���ة يبعث بهكذا‬ ‫خواط���ر ‪ ،‬خاص���ة وأن���ه تربطين‬ ‫عالقات ووشائج بالكثريين ممن‬ ‫حتتضنهم بنغازي واملدن الباقيه‬ ‫الواقع���ة جغرافي���اً ش���رق ليبيا ‪...‬‬ ‫ه���ذا الش���عور ترمجت���ه ذات مرة‬ ‫مبغازل���ة بصري���ة عندما طرت قبل س���نوات لتصوير املدين���ة ووجدت يف الزاوية اليس���رى من أعلى‬ ‫املدين���ة لوحة جتس���د اجلم���ال والعراقة والتحضر ‪ ،‬ومتني���ت لو أبقى معلقاً هناك ‪ ،‬ألترك لنفس���ي‬ ‫فرصة رسم الصور السحرية املنبعثة من هذه املدينة احلبيبة ‪...‬‬ ‫ه���ذه األي���ام ومنذ ش���هور ‪ ،‬اصبحت بنغ���ازي تعاني ‪ ،‬ومعاناتها س���ببه كرمها وتس���اهلها ‪ ،‬ويف بعض‬ ‫الصف���ات اإلجيابية ضرر إن زادت عن احلد ‪ ،‬ولعل اس���تهداف الش���خصيات املس���املة من قبل فئات ال‬ ‫ميكن إال أن تكون جمرمة ‪ ،‬أصبح يش���كل ناقوس���اً ألهل بنغازي ملراجعة جرعة احلب اليت يتربعون‬ ‫به���ا طوع���اً ملن خيت���ار أن حتتضنه املدين���ة ‪ ،‬وهذا ليس حتريض���اً على الرتاجع ع���ن الكرم واألخالق‬ ‫والقيم ‪ ،‬ولكنه دعوة ألن يبقى التوجس قائماً اىل أن تثبت السنون األهلية ‪......‬‬ ‫يف تص���رف ه���ؤالء على ما أرى عودة بزوغ ش���جرة اليأس ‪ ،‬لكن���ه ليس ذات اليأس ال���ذي جاء بهم ‪....‬‬ ‫فنفض���وا احل���ب العفوي احملاط�ي�ن به ‪ ،‬ليتطلع���وا اىل امتالك جربوت ينكلون به م���ن أكرمهم ‪ ،‬وال‬ ‫غرابة يف هكذا تصرف ‪ ،‬فالشعر العربي جسد النتائج يف حكم ليس آخرها ‪ ،‬وإن أنت أكرمت اللئيم‬ ‫متردا ‪....‬‬ ‫ات���أمل مل���ا حيدث يف ه���ذه املدينة ‪ ،‬وه���ذا األمل ال أريده أن يفس���ر كنوع من النبل اجملان���ي ‪ ،‬بل ميكن‬ ‫آمن‬ ‫اعتب���اره خوف مصلحي عل���ى املدينة ‪ ،‬العتبار توقع حدوث اليأس عن���دي ‪ ،‬فأريد ضمان‬ ‫ٍ‬ ‫ملجئ ٍ‬ ‫يتميز باحلب والكرم حيتضنين وأهلي فيها أو يف أي مدينة شرق ليبيا ‪ ،‬إن بقى يف العمر بقية ‪..‬‬ ‫سالم عليك بنغازي ‪ ...‬وحفظك وأهلك اهلل وهو خري حافظ ‪...‬‬


‫‪06‬‬

‫السنة الثالثة ‪ -‬العدد ( ‪ 19 - 13 ( - ) 118‬أغسطس ‪)2013‬‬

‫كالوديا غازيين الباحثة يف الشؤون الليبية ‪:‬‬

‫تعلمت من جتربيت أننا جيب أن نتعارف ونتحاور لنعيش سوية يف‬ ‫تسامح وسالم‬ ‫تفاجأت بوجودها يف طرابلس عقب الثورة مباش���رة ‪،‬وس���ألتها عما تفعل ؟ وكنت قد التقيت بها وتعارفنا كباحثتني‬ ‫من���ذ س���نوات (‪ )2009‬يف مكتبة مركز اجلهاد اللييب ه���ي باحثة ايطالية يف التاريخ اللييب كما ش���اهدتها يف بعض‬ ‫م���ن املناش���ط الثقافية وقتها ‪ ،‬واذكر انها تطوعت ملس���اعدة من يبحث���ون عن ترمجة لبعض م���ن الوثائق االيطالية‬ ‫‪،‬واحلصول على املعلومات غري املتوفرة يف املكتبات الليبية ‪ ،‬كالوديا غازيين تتحدث العربية بطالقة ( وكذا مفرداتنا‬ ‫احمللية ) بدت لي محُ بة لليبيا وقد عقدت عالقات مع املؤسس���ات البحثية ‪،‬وصداقات مع أهلها يف أكثر من مكان ‪....‬‬ ‫بعد الثورة استعانت بها منظمات حبثية لدول خاضت مرحلة انتقالية ‪ ،‬اطالعها ومقاربتها للمشهد اللييب يف عمومه‬ ‫تارخيا وجمتمعا أهلها لكي تكون خُمتصة يف الشأن اللييب‪ ،‬أبدت ترحيبا للحوار معها عرب ميادين مبجرد أن سلمتين‬ ‫تقريره���ا الثالث عن العدالة االنتقالية وحتفظت حول معلومات ختص لقاءها جبماعات دينية مبدينة درنة وآجلت‬ ‫ذلك حلني صدور التقرير النهائي ‪.‬‬ ‫•نبدأ بتعريف منك لقراءنا بشخصك‬ ‫‪ .....‬من أنت ؟‬

‫كالوديا غازيين ولدت يف سنغافورة ‪1977‬‬ ‫‪ ،‬وك�برت يف اندونيسيا حتى الست سنوات‬ ‫من عمري ‪ ،‬ثم انتقلنا كعائلة اىل اسرتاليا‬ ‫ألرب���ع س��ن��وات ووص��ل��ت إي��ط��ال��ي��ا وع��م��ري‬ ‫عشر س��ن��وات ‪ ،‬جنسييت ايطالية وت��ع��ودت‬ ‫احلياة خارج بلدي ‪ ،‬درست يف البداية باللغة‬ ‫االجنليزية وكانت يف سنوات االوىل لغيت‬ ‫االيطالية ضعيفة فدرست أنا وأخواتي لغتنا‬ ‫يف ايطاليا !‪،‬يف ال��س��ادس��ة عشر م��ن عمري‬ ‫حصلت على منحة اليت غريت منحى حياتي‬ ‫بل وطريقة تفكريي هي منحة تصدر من‬ ‫جم��م��وع��ة م����دارس امس��ه��ا (ك��ل��ي��ة ال��ع��امل‬ ‫املتحد ) لديها ‪ 13‬فرع على مستوى العامل‬ ‫م��ن ه��ون��ج ك��ون��ج اىل ك��ن��دا‪ ،‬أن���ا درس��ت‬ ‫يف مش��ال ايطاليا اعطتين ف��رص��ة للعيش‬ ‫وال��دراس��ة مل��دة سنتني م��ع ط�لاب م��ن كل‬ ‫احناء العامل بلغوا ‪ 200‬من جيلي ‪ ،‬من حوالي‬ ‫‪ 30‬دول���ة عشنا ك��أخ��وان يف نفس املكان‬ ‫درسنا وسافرنا سوية ‪ ،‬وهذه املدارس حتمل‬ ‫هدفا يدعو اىل التعايش مع االخر والسالم‬ ‫بطريقة العيش امل��ش�ترك ومعرفة بعضنا‬ ‫البعض ‪،‬تعايش يف املكان الطالب االسرائيلي‬ ‫والعرب ( من فلسطني حتديدا) يف البداية‬ ‫يتكلمون مع بعضهم البعض ولكن فيما بعد‬ ‫تصبح ظ��روف العيش املساملة واملشرتكة‬ ‫طريقا لقبول بعضهم ‪،‬بالتعارف ميكننا أن‬ ‫نقدم للخطوة االوىل لتفهم الشخص االخر‬ ‫‪،‬كانت جتربة مهمة بالنسبة لي اصبحت‬ ‫أفكر فيما أنا أعيش وسطه ‪،‬جيب أن نتعارف‬ ‫ونتحاور لنعيش سوية يف تسامح وس�لام‬ ‫‪،‬ويف هذه الكلية درست تاريخ وختصصت يف‬ ‫التاريخ االسالمي (البحر املتوسط واملنطقة‬ ‫الشرقية ) ال��ط��ري��ف يف االم���ر وأن���ا أدرس‬ ‫التاريخ يف السنة الثانية سجلت لدراسة‬ ‫ال��ل��غ��ة ال��ص��ي��ن��ي��ة ‪ ،‬ق��ل��ت يف ن��ف��س��ي نشأتي‬ ‫عرفتين باللغات ‪:‬االجنليزية ‪ ،‬االيطالية‪،‬‬ ‫االندونسية ‪ ،‬قلت مستقبل العامل سيكون يف‬ ‫الصينية سجلت يف الفصل الدراسي وخالل‬ ‫الدرس االول قررت تركها مل تعجبين اللغة‬ ‫الصينية ال ايقاعها وال صوتها ‪،‬فاجتهت اىل‬

‫تعلم اللغة العربية احنزت إليها فقد كربت‬ ‫يف اندونسيا البلد املسلم ويف ذاكرتي اللغة‬ ‫ال�تي مسعتها وص���وت ال��ص�لاة ‪ ،‬وم��ف��ردات‬ ‫التعامل اليومي التحية والسالم ‪....‬فسافرت‬ ‫اىل سوريا ودرس��ت يف معهد لتعليم اللغة‬ ‫العربية لألجانب ‪ ،‬ويف سوريا كانت احلياة‬ ‫مجيلة ومتوازنة بالنسبة لي فوجود عائالت‬ ‫مسيحية عشنا معهم كسكن طالبي داخل‬ ‫البيوت القدمية ‪ ،‬سوريا كانت املكان االول‬ ‫يف انفتاحي على العرب كبشر ومكان ثم‬ ‫درست يف مصر يف فرتات الصيف كتقوية‬ ‫ل��ل��غ�تي ال��ع��رب��ي��ة ‪،‬راف������ق دراس���ت��ي عملي‬ ‫كصحفية يف اندونسيا مع وكالة انباء‬ ‫رويرتز‪،‬وخالل دراسيت يف ايطاليا عملت‬ ‫كصحفية ايضا يف اسشوتيد برس فرع‬ ‫روم��ا ‪،‬ث��م عملت رسالة املاجستري عن‬ ‫تاريخ الشرق االوس��ط ‪ ،‬والرسالة ق‬ ‫دمتها يف امريكا يف جامعة برينستني‬ ‫ملوضوع كانت له عالقة بليبيا ( هجرة‬ ‫امح��د الشريف السنوسي بعد ‪)1917‬‬ ‫وك��ت��ب��ت ع��ن س�يرت��ه يف امل��ن��ف��ى (خ���ارج‬ ‫ليبيا) وملاذا غادر ليبيا اىل ‪ :‬تركيا‬ ‫‪،‬ف��ل��س��ط�ين ‪،‬ال��س��ع��ودي��ة ‪،‬‬ ‫وامح�������د م����ن وج��ه��ة‬ ‫ن��ظ��ري وأك���ث���ر ما‬ ‫ل��ف��ت ان��ت��ب��اه��ي أن��ه‬ ‫م����ن ال��س��ي��اس�ين‬ ‫ال���ذي���ن وج���دوا‬ ‫يف م��ن��ط��ق��ة‬ ‫ال����������ش����������رق‬ ‫االوس��������ط‬ ‫وم������������ن‬ ‫ال��ذي��ن‬ ‫ثاروا‬ ‫ضد‬

‫االستعمار ‪،‬وي��ع��رض كشخصية أو ميثل‬ ‫املقاومة ضد االستعمار وبثقافته االسالمية‬ ‫متنى رؤية بالده مستقبال يف اللحاق بركب‬ ‫ال��ع��امل االس�لام��ي م��ا ب��ع��د احل���رب العاملية‬ ‫االوىل‪.‬وان ت��ك��ون ض��م��ن دول ه���ذا ال��ع��امل‬ ‫‪،‬عموما كان لديه طرح جديد لوضع الدول‬ ‫االس�لام��ي��ة ب��ع��د احل���رب وك���ان شخصية‬ ‫مستنرية يطرح تصوره اخل��اص بعد تغري‬ ‫العامل بفعل احلرب‪.‬‬ ‫عن حبثك ‪ ،‬ماذا عن اول‬ ‫•هذا‬

‫زيارة لك لليبيا؟‬

‫ميادين – طرابلس ‪:‬‬ ‫فاطمة غندور‬

‫ع��ن��دي ستة أش��ه��ر إج���ازة قبل التفكري يف‬ ‫أطروحة الدكتوارة ‪ ،‬فكرت يف الكتابة عن‬ ‫التاريخ العثماني ‪ ،‬أعجبتين ليبيا وبالضغط‬ ‫ايضا من استاذي فلم يكن يوجد كثري من‬ ‫الباحثني امللمني بالشأن التارخيي اللييب ويف‬ ‫نفس الوقت يأتون لليبيا ‪ ،‬وجئت حبثا عن‬ ‫املصادر ‪،‬ألق��رر موضوع الدكتوارة وجدت‬ ‫س��ج�لات احمل���اك���م ال��ش��رع��ي��ة واحمل��اك��م‬ ‫ف�ترة االستعمار االيطالي وكتبت رسالة‬ ‫ع���ن ال��ت��اري��خ االج��ت��م��اع��ي ل��ط��راب��ل��س من‬ ‫خ�لال السجالت كتبت عن دور احملاكم‬ ‫كله اس��ت��ن��دت فيه على امل��ص��ادر املتوفرة‬ ‫لدي ‪ ،‬اتيحت لي فرصة التدريس جبامعة‬ ‫اكسفورد ‪ ،‬وان��ا طالبة دك��ت��وراة و َد َرس� ْ‬ ‫��ت‬ ‫ال��ط�لاب يف اجلامعة‪ ،‬وكنت باحثة ايضا‬ ‫باجلامعة االروب��ي��ة يف ايطاليا ‪ ،‬رغ��م ذلك‬ ‫شغلتين ليبيا كباحثة ‪.‬‬

‫ بعد حصولي‬‫على املاجستري‬ ‫ج���ئ���ت ل��ل��ي��ب��ي��ا‬ ‫ألول م������رة‬ ‫ك��ان��ت ل��دي‬ ‫ف���رص���ة بعد‬ ‫أن ك��ت��ب��ت عن •أين كنت عندما قامت الثورة يف ليبيا ؟‬ ‫ليبيا يف تارخييا عندما ص��ارت ال��ث��ورة يف ‪ 17‬فرباير كنت‬ ‫‪،‬ف��ج��ئ��ت ووج���دت يف ايطاليا اعد مشروع مع املعهد االمريكي‬ ‫ب��ع��ض امل��ع��ل��وم��ات للدراسات املغاربية ‪ ،‬وهم طلبوا مين املساعدة‬ ‫املفيدة ‪،‬يف ذلك ملعرفيت بالبلد والناس ‪ 2010،‬و‪ 2011‬وقف‬ ‫ال���������وق���������ت املشروع ألني أصبحت حامال وجئت اىل ليبيا‬ ‫كانت بعد الثورة مع زوجي ‪،‬جاءتين الفرصة بعد‬ ‫الثورة للعمل كباحثة مع منظمة شؤون‬ ‫االزم���ات ال��دول��ي��ة ‪،‬وق���د ب��دأن��ا عملنا خالل‬ ‫الثورة أصدرنا تقريرا واحدا ‪ ،‬ثم مع نهاية‬ ‫‪ 2011‬قدمنا تقريرنا الثاني عن االوضاع‪،‬‬ ‫ويف سبتمرب ‪ 2012‬كان تقريرنا الثالث ‪،‬‬ ‫ثم ابريل ‪ 2013‬كان الرابع ‪.‬‬ ‫•كيف كانت رحلة تقاريركم االوىل أعين‬

‫مصادر جتميعكم للمعلومات وخاصة‬ ‫تقريركم االول خالل احلرب ؟‬

‫تقريرنا االول كان خالل احلرب وقد تتبعنا‬ ‫ال��ظ��روف ال�تي جت��ري على أرض ال��واق��ع ‪،‬‬ ‫ح��رب بني طرفني أي��ن يكمن احل��ل ؟ كان‬ ‫يف شهر يونيو وال��ق��ذايف م��ازال حيا ‪،‬كانت‬ ‫وج��ه��ة نظرنا وس���ؤال تقريرنا ‪ :‬كيفية‬ ‫اخل��روج من هذه احلرب ؟ وكنا ضد‬ ‫ه��ذه احل��رب ك��رأي ووج��ه��ات نظر ‪،‬‬ ‫عملنا تقليل النزاعات وط��رح أفكار‬ ‫حللها ‪،‬كان سؤال التقرير االول على‬


‫السنة الثالثة ‪ -‬العدد ( ‪ 19 - 13 ( - ) 118‬أغسطس ‪)2013‬‬

‫‪07‬‬

‫ما السبوع وارج��ع ألكتب ‪ ...‬عموما هناك‬ ‫حرية متارس ويشعر بها الليبيون ولكن هذه‬ ‫احلرية ولدت مشاكل جديدة أوهلا املشكلة‬ ‫االمنية ويوميا الليبيون يسمعون خروقات‬ ‫جديدة وأحيانا غري متوقعة ‪،‬أفكر يف كتابة‬ ‫كتاب عن ليبيا أقدمها ك��دراس��ة علمية‬ ‫ليست مشاهدات سياحية بأني شاهدت أو‬ ‫قابلت ‪ ،‬أق��ص��د يف ليبيا ه��ن��اك الكثري مما‬ ‫على الفيس ب��وك والصفحات اإلعالمية يُبحث فيه ‪.‬‬ ‫ال�ت�ي أت��اب��ع��ه��ا وح��ت��ى ال��ي��وت��ي��وب امل��ص��ور هم •علمت ان تقريركم القادم والذي يقارب‬ ‫ليسوا مصدر معلومة موثوقة ‪ ،‬ال نعتربها على االنتهاء والنشر عن االوضاع يف درنة‬ ‫موثوقة وصادقة متاما نعتربها شاهد حالة‬ ‫‪ ،‬أو معلومات مساعدة كمرجعية وأحيانا ‪،‬هل باإلمكان التطرق لبعض من ما مت‬ ‫كمفتاح ألول خ��ط��وات البحث يف املسألة رصده ومجعه ؟‬ ‫‪،‬م��ث�لا ع��ن��دم��ا ج���رت اش��ت��ب��اك��ات يف اح��ي��اء ذه��ب��ت اىل درن���ة وك��ان��ت ه��ن��اك بعض من‬ ‫بطرابلس ‪ :‬صالح الدين ‪ ،‬وأبوسليم شاهدت ال��ل��ق��اءات م��ع املتطرفني ه��ن��اك وق��د جرى‬ ‫التسجيالت املختلفة على اليوتيوب وتشكلت ترتيبها بتحوطات أمنية فقد أبدو ختوفاتهم‬ ‫املعلومة لدي‪،‬ثم ذهبت بعد أيام ألن منظميت من التحدث وااللتقاء معي ‪،‬الصعوبة مع‬ ‫متنع باحثيها واملتعاونني معها من الوقوف هذا النوع من الناس وسأضيف أيضا من هم‬ ‫على احلالة أثناء وقوعها فلسنا صحفيني طرف يف النظام السابق هناك ختوفات قد‬ ‫لنفعل ذل��ك ‪،‬ذهبت اىل بنغازي عند مقتل تعيق عملي معهم اذ يصل االمر اىل حماوالت‬

‫لو احلرب ستستمر فهذا يعين هالك البلد ومزيد من الضحايا ‪ ،‬كتبنا‬ ‫حتليالتنا وبعضا من الرتجيحات اليت خالفتها فيما بعد ظروف احلرب‬ ‫ومفاجآتها‬ ‫احمل��ك ‪ ،‬فالثوار كانوا يف الربيقة والنظام قارب املسألة االمنية ؟‬

‫حيكم قبضته على طرابلس ما العمل ؟ هل‬ ‫ستنقسم البلد ؟ اىل أين تسري هذه احلرب ؟‬ ‫•تقاريركم ومعلوماتكم أثناءها هل‬

‫قاربت اطالعا وأسئلة نظام القذايف‬ ‫وأضالع القائمني على احلرب من جهته؟‬

‫الليبيون يف الفرتة االخرية (خالل السنتني)‬ ‫وانا عرفتهم قبل الثورة الحظت أن لديهم‬ ‫رغبة شديدة يف التحدث بشفافية وصراحة‬ ‫حتى ول��و ك��ان املوضوع واالم��ر به خطورة‬ ‫‪ ،‬ي���ري���دون ط���رح وج��ه��ات ن��ظ��ره��م يف ه��ذا‬ ‫املناخ الشائك ‪ ،‬الناس يقدمون معلوماتهم‬ ‫وي��داف��ع��ون عما حيملون م��ن أراء مل أجد‬ ‫ص��ع��وب��ة يف ال��ت��ع��اط��ي معهم أث��ن��اء مجعي‬ ‫للمعلومات اليت تساعدني يف حتليل القضية‬ ‫اليت ندرسها يف املنظمة ‪ ،‬رمبا الصعوبة فقط‬ ‫عند املسؤلني الذين يتحججون دائما بأنهم‬ ‫مشغولون ‪.‬‬ ‫•هذا مع اجلمهور‪ ...‬الناس شهود احلالة‬

‫يف ذلك الوقت أكثر موضوع كنا نقاربه‬ ‫األجانب واملؤسسات االجنبية ‪:‬االمم املتحدة‬ ‫‪،‬واالحت��اد االروب��ي ‪ ،‬ونسأهلم ‪ :‬ما موقفهم ؟‬ ‫وماذا هم فاعلون ؟ وهم من يطالعون املشهد‬ ‫عن كثب ‪ ،‬هل سيدخل الناتو على االرض‬ ‫؟ وووو‪ ...‬طبعا كنا يف ذل��ك الوقت نضع‬ ‫ترجيحاتنا ‪،‬فكتبنا ‪ :‬ل��و احل���رب ستستمر‬ ‫فهذا يعين هالك البلد ومزيد من الضحايا‬ ‫كتبنا حتليالتنا وبعضا من الرتجيحات اليت ‪ ..‬ماذا عن استيفاء املعلومات من‬ ‫خالفتها فيما بعد ظروف احلرب ومفاجأتها احلكومة ؟‬ ‫‪ ،‬دعونا مثال اىل حوار بني الثوار والنظام وأن مسؤلو احل��ك��وم��ة ي��ق��دم��ون أي��ض��ا وجهات‬ ‫حيدث اتفاق ‪،‬اقرتحنا أن حيصل تنازل من ن��ظ��ره��م م��ن زاوي��ت��ه��م ويف ظ�ني ه��ي غري‬ ‫القذايف وتشكل حكومة توافقية مشرتكة حقيقية الحظت أنهم بعيدون عن الشارع‬ ‫بني الثوار وبعض من رج��ال النظام ‪ ،‬كنا ب��ل أحيانا ال يُلمون مب��ا حيصل ‪،‬مثال هم‬ ‫نعتقد وق��د انتشر ال��س�لاح ستكون طويلة ُي����رددون أن ال��ق��ض��اء اللييب أح��وال��ه جيدة‬ ‫‪،‬ذل���ك التقرير خ��رج عندما توقفت جبهة وم��ق��ب��ول��ة ‪،‬ل��ذل��ك ه��ن��اك ف���رق ب�ين ال��ل��ق��اء‬ ‫الربيقة ( احداث الوادي االمحر) ‪.‬‬ ‫ل��ل��م��س��ؤل يف م��ؤمت��رات��ه��م الصحفية أم��ام‬ ‫•تقاريركم التالية كانت عقب الثورة‬ ‫التلفزيون والوسائل االخ��رى‪ ،‬حنن نفضل‬ ‫وقضايا الفرتة االنتقالية هذا اجلانب ما عمل ل��ق��اءات خ��اص��ة حتى نسحب املخفي‬ ‫واحلقيقة من أفواههم ‪ ،‬وال�تي ال يرغبون‬ ‫ابرز خطوطه التحليلية لديكم؟‬ ‫منذ شهر اغسطس عقب حترير طرابلس يف قوهلا للناس وحيصل أحيانا اتفاق حتدث‬ ‫ب��دأ حبثنا ح��ول مرحلة م��ا بعد التحرير معنا بصراحة ولن نكتب أمسك أو املصدر‬ ‫وكيف سيكون الوضع يف طرابلس مع كل ال��رئ��ي��س للمعلومة ول��ك��ن ذل���ك سيفيدنا‬ ‫التشكيالت املسلحة اليت تشكلت واليت دخلتها يف ط��رح احل��ل��ول وال��ت��وق��ع��ات ‪،‬احلقيقة يف‬ ‫قلنا ه��ذه املشكلة ق��د ي��ب��دو حلها كطرح ال���ظ���روف ال��ل��ي��ب��ي��ة م���ن ال��ص��ع��ب تقدميها‬ ‫مبنتهى الوضوح حتى املعلومات اليت ُ‬ ‫أخ ُذها‬ ‫سهال ببناء اجليش والشرطة واحل��وار بني‬ ‫اجملموعات املسلحة املختلفة ‪ ،‬كتبنا عن من السفارات االجنبية وممثلي املنظمات‬ ‫ال��ن��زاع��ات الداخلية ال�تي حصلت يف م��دن ‪ :‬االجنبية نتفق م��ب��دأً ه��ل س�يرد االس���م أم‬ ‫الكفرة ‪ ،‬بين وليد ‪ ،‬الزاوية ‪،‬وغريها وعرجنا ال ؟ال���ف���ارق ال حت��ف��ظ��ات يف امل��ع��ل��وم��ة عند‬ ‫على األس��ب��اب التارخيية ال�تي أذك��ت تلك الناس لكن عند مسؤلي احلكومة يقدمون‬ ‫النزاعات بني األهالي يف تلك املناطق املتوترة حم��اذي��ره��م ويطلبون أن ال ت��رد امساؤهم‬ ‫‪،‬األسباب القبلية والسياسية لتلك النزاعات ‪ ،‬وحن���ن حن���اول احل��ص��ول ع��ل��ى احلقيقة‬ ‫‪ ،‬تقريرنا التالي ع��ن مشاكل ال�تي تعوق لنقدم بالتالي حتليالت وحلول منطلقة من‬ ‫حتقيق العدالة يف ليبيا ورجعنا إىل قضية مرتكزات جتانب الصواب وحقيقة ما جيري‬ ‫الفساد السابق يف القضاء اللييب وأسباب •هل ما يرد يف صفحات التواصل وشبكة‬ ‫تأخر تفعيله ونعتربه من أهم املشاكل اليت االنرتنت عموما ما ميثل مصدرا موثوقا‬ ‫ب��دت يف غياب سيادة ثقافة القانون‬ ‫بديال ملعلوماتكم ؟‬ ‫عن العقاب باالنتقام ‪.‬تقاريرنا تنحو حنو‬ ‫أشاهد وأطالع ما ينزل الفيديوهات اليوتيوب‬ ‫اجلانب العلمي نبدأ بتحديد املشكلة ونعود‬ ‫ولكن ليست ك��ل املعلومات املكتوبة مثال‬ ‫اىل ال��ت��اري��خ السابق ن��ق��رأه ون��رى حضوره‬ ‫االن ‪ ،‬وأيضا جزء كبري من مصادرنا الناس‬ ‫القريبني من املسألة ‪ ،‬ونسرتشد باخلرباء‬ ‫احمللني يف القضية اليت نبحث فيها ‪،‬وكذلك‬ ‫أص��ح��اب ال��ق��رار يف احل��ك��وم��ة ‪،‬وامل��ع��ارض��ة‬ ‫أحيانا نتكلم مع املعارضة إن وجدت ‪.‬‬ ‫•ما الصعوبات اليت تواجهك أثناء حبثك‬

‫يف أهم املوضوعات االنتقالية يف احلالة‬ ‫الليبية وخاصة التقرير االخري الذي‬

‫فاطمة غندور وكالوديا غازيين‬ ‫‪ 40‬شخص بعد أسبوع وحتدثت مع عناصر تتبعهم وقتلهم هم خيافون من ينتبه إليهم‬ ‫من درع ليبيا (‪ )1‬هناك من املكان ولكن ليس وقد أكون مثار شك هلم ‪،‬أنا أيضا ال أذهب‬ ‫يف الشارع وأص��رح بأني ساقابل متطرفني‬ ‫أثناء احلادثة ‪.‬‬ ‫او بقايا نظام سابق ‪ ،‬هناك ترتيبات وهناك‬ ‫•هذا الرصد والتقييم للحالة الليبية‬ ‫تنظيم يعتمد السرية حفاظا على الثقة اليت‬ ‫اليت انشغلت بها مع املنظمة ما نتائجه ؟ احصل عليها أثناء مقابليت هلم ‪....‬طبعا ليس‬ ‫وهل بإمكانك اعطاء وصف علمي أو كما بإمكاني مدك مبعلومات قبل ان تكون لدى‬ ‫املنظمة وت��ت��اح للجمهور ع�بر امل��وق��ع ال��ذي‬ ‫تقولني قراءة ومراجعة وطرح حلول ؟‬ ‫مجُ مل الفرتة الزمنية اليت بقيتها يف ليبيا سينشر عربه ‪ ،‬كما اننا ال نسمح بنشر كل‬ ‫رمبا ما يقارب السنتني ألني أجيء بصورة املادة اليت تصدر يف شكل تقارير فقط بإمكان‬ ‫متقطعة يعين أحيانا مثانية أشهر ثم أسافر أي احد االطالع عليها عرب املوقع وللصحافة‬ ‫وأع���ود ألبقى شهرين أو ث�لاث وه��ك��ذا ‪،‬قد احلق يف نشر امللخص والذي عادة ما نضعه‬ ‫أع��م��ل رص���دا ومج��ع��ا للمعلومات يف موقع يف املقدمة ‪.‬‬

‫الليبيون يف الفرتة االخرية (وخالل الس��نتني) وأنا عرفتهم قبل الثورة‬ ‫الحظ��ت أن لديه��م رغبة ش��ديدة يف التحدث بش��فافية ووضوح ولو‬ ‫كان املوضوع به خطورة‪.‬‬

‫‪.‬‬


‫‪08‬‬

‫السنة الثالثة ‪ -‬العدد ( ‪ 19 - 13 ( - ) 118‬أغسطس ‪)2013‬‬

‫ميدان السؤال‬

‫آخر مرة أكتب يف السياسة‬

‫( عن اغتيال قوصاد ‪ :‬يا مذيعي ليبيا تسلحوا ) !!‬ ‫عبدالوهاب قرينقو‬ ‫هو عنوان للتمين من فرط األس���ى والغضب والقهر ‪ ..‬وليس بقرار‬ ‫وال أرى أن ما أكتبه سياس���ة بقدر ما هو ردات فعل ذاتية من أجل‬ ‫البقاء ليس بقائ���ي بقدر ما هو بقاء البالد ‪ ..‬والبقاء هنا يعين جمد‬ ‫وس���يادة بالدي ليبيا اليت طال انتظار شعبها الطيب لدولته اآلمنة‬ ‫الراقية املُنتظرة ‪ ..‬دولة املؤسس���ات واحلري���ات اليت ال جتيء مهما‬ ‫انتحبنا ‪ /‬غضبنا ‪ ..‬وندبنا حظنا العاثر ! ‪.‬‬ ‫(‪)1‬‬ ‫بع���د استش���هاد املذيع الش���اب احملرتم احملاي���د " عزالدي���ن قوصاد "‬ ‫ه���ل وجب تس���ليح االعالميني واألئمة وخطباء املس���اجد املعتدلني‬ ‫والنش���طاء احلقوقيني والسياس���يني ؟!! ‪ ..‬قوص���اد مت اغتياله ظهر‬ ‫بدم ب���ارد بالقرب من املص���رف املركزي للتربع‬ ‫اجلمع���ة املاضية ٍ‬ ‫بال���دم ببنغ���ازي الرافض���ة األبدي���ة ل���كل طغيان ولك���ن اجلرحية‬ ‫األبدي���ة أيض���اً يف كل العه���ود !! ‪ ..‬نع���م ‪ُ ..‬قتل الص�ب�ي البهي وهو‬ ‫مرتدياً مالبس العيد كأي ش���اب لييب أو أي انسان يف ربوع العامل‬ ‫يري���د أن يف���رح بالعي���د م���ع املس���لمني !! ‪ ..‬أرى يف غي���اب حكوم���ة‬ ‫وش���رطة وأم���ن حلماية ه���ذه الفئات املس���املة ‪ -‬عل���ى االعالميني‬ ‫والنش���طاء الس���لميني أن يتجولوا بأس���لحتهم كما يفعل قاتليهم‬ ‫أو الباحث�ي�ن ع���ن قتلهم ‪ ..‬ال يصح أن منف���ذي االغتياالت جيولون‬ ‫بالسالح أرجاء املدن واملواطنني عزل من السالح ! ‪ ..‬فهل من واجب‬ ‫وزارة االع�ل�ام واحلال هذا خماطبة وزارة الداخلية لتس���ليم كل‬ ‫اعالمي أو ناش���ط حقوقي أو سياس���ي مسدس���داً وبندقية حلماية‬ ‫أنفس���هم أسو ًة باملس���لحني من حوهلم ؟!! سيقول البعض سنتحول‬ ‫حينها إىل غابة !! ‪ ..‬ألس���نا يف غابة ؟!! هل خرجنا منها ؟ ‪ ..‬أم الزلنا‬ ‫غاب���ة كبرية أمسها ليبيا وقد حتولت‬ ‫منذ ( التحرير ) نتس���كع يف ٍ‬ ‫غابة حيكمها اجملهول�ي�ن ؟!! ‪ ..‬أو هل‬ ‫من س���جن معمر الكب�ي�ر إىل ٍ‬ ‫نقرتح أن يضرب كل االعالميني والنشطاء احلقوقيني عن العمل‬ ‫ويرتكوا البالد خرساء بدون أي صوت ؟! ‪..‬غفر اهلل للمذيع الشاب‬ ‫املتألق بقناة احلرة ‪ -‬بنغازي ‪ ..‬وأس���كنه اهلل فس���يح اجلنات وحسبه‬ ‫وانتقم ل ُه من قاتليه ‪ ..‬ولكن ملاذا بنغازي ؟!! ‪.‬‬ ‫من الشهداء‬ ‫َ‬ ‫(‪)2‬‬ ‫يق���ول الكاتب اللييب الراحل الصادق النيهوم يف مقالته الش���هرية "‬ ‫سنة ‪1966‬م ‪:‬‬ ‫( بنغ���ازى قلعتن���ا العج���وز س���وف يصل���ح املهندس���ون وجهه���ا ‪....‬‬ ‫وس���وفتختفى جتاعيده���ا احملزن���ة وتص���ل اليه���ا الش���مس وتكف‬ ‫اخلفافيش ع���ن اعتبارها مق�ب�رة مهجورة وينتهى أم���ر الوحل ‪....‬‬ ‫ذلك الش���ىء الذى ظ���ل اطفالنا خيوضون في���ه اىل ركبهم كلما‬ ‫س���قطت قطرتان من املط���ر بالصدفة ) ‪ . .‬ولكن م���اذا عن قطرات‬ ‫ال���دم اليت ُتراق يف بنغ���ازي اليوم أيها النيه���وم الراحل ؟! ‪ ..‬ويرجع‬ ‫الص���دى ‪ :‬مل���اذا بنغ���ازي حتدي���داً ؟ أه���ي عقوب���ة كم���ا ق���ال أخانا‬ ‫الفيت���وري رئي���س حترير ميادين ؟!! ‪ ..‬لألس���ف هذا م���ا يبدو عليه‬ ‫األم���ر !! مثة م���ن يعاقب بنغازي أو ينتقم منها ألنها أش���علت ثورة‬ ‫‪ 17‬فرباير ‪ ..‬وأقوهلا بدون تردد مع احرتامي لكل ش���جعان املدن‬ ‫املنضمة للثورة الحقاً فأنه لو مل يشعلها شباب بنغازي الزلنا حتت‬ ‫ن�ي�ر احلكم الس���ابق ‪ ..‬ال أح���د ينكر أنه عهد أمن جب���دارة !! ‪ ..‬ولكن‬ ‫لي���س آمان ‪ ..‬رمب���ا آمان احلضرية احليوانية ‪ :‬اليت تأكل وتش���رب‬ ‫وتتكاث���ر ‪ ..‬ال يق�ت�رب منه���ا الذئب ولك���ن الراعي املس���تبد الوحش‬ ‫اجلالد كابت على انفاسها ! ‪.‬‬ ‫(‪)3‬‬ ‫إن كان هذا حال بنغازي ‪ ،‬فهل حال ما تبقى من البالد أفضل ؟! ‪..‬‬ ‫ال أعتق���د ‪ :‬يف تغطية قن���اة ليبيا لكل االحرار ع���ن اغتيال " قوصاد‬ ‫" ذك���ر ش���يخ معت���دل زميل الش���هيد منذ عش���ر س���نوات يف هيئة‬ ‫االوق���اف أن " قوص���اد " ع�ل�او ًة عل���ى كونه مذيع���اً يف قن���اة ليبيا‬ ‫احل���رة فهو خطي���ب جامع معتدل وقد مت تهدي���ده من قبل وحملوا‬ ‫جه���ة أخرى‬ ‫ل���ه ب���أن عقيدت���ه باطل���ة !! يقص���دون اعتدال���ه !! من‬ ‫ٍ‬ ‫ذكر الس���يد صاحل اجملدوب رئيس جمل���س ادارة قناة احلرة اليت‬ ‫يعمل بها الش���هيد أنه دخ���ل مكتبه واخربه بأن مس���لحني مفتولي‬ ‫العضالت أوقفوه وقالوا له ‪ :‬انت أجنيب – " يف اش���ارة ألصول والده‬ ‫الفلس���طينية !! " – وأضافوا ‪ :‬ما عالقتك تتكلم عن تس���ليم السالح‬

‫؟!! ‪ ..‬م���ا يع�ن�ي وجود اكث���ر م���ن افرتاضية ضمن مع���رض قراءة‬ ‫أس���باب اغتياله ما يعين تعدد املهددين لسالمة وأمن البالد وحرية‬ ‫الرأي بها س���وا ًء كان رأي سياسي أو اعالمي أو ديين والحقاً حتى‬ ‫ابداعي ثقايف ‪. .‬‬ ‫أم���ا يف مناطق غ���رب طرابلس فتنتش���ر عصابات الس���طو املس���لح‬ ‫تس���رق س���يارات املواطنني بالقوة وكذا عرب���ات اجليش الوطين ‪،‬‬ ‫مث ً‬ ‫ال مل تثبت التحقيقات اليت مل حتدث !! أس���باب حماولة اغتيال‬ ‫رئي���س األركان املكلف الس���يد " س���امل اقني���دي " ‪ -‬يف طريقه إىل‬ ‫بل���دة املعم���ورة على خت���وم العاصم���ة طرابلس ‪ -‬ال���ذي أُصيب يف‬ ‫قدم���ه ال ُيمنى وجنى من املوت بأعجوب���ة ‪ ..‬فهل احملاولة لالغتيال‬ ‫السياسي أم للسطو املسلح !! ‪..‬‬ ‫ويف آخ���ر أي���ام رمض���ان وردن���ي اتص���ال م���ن صديق يس���كن بلدة‬ ‫الس���اعدية من ضواحي مدينة العزيزي���ة ‪ 40‬كم غرب طرابلس‬ ‫يفيد بوف���اة العقيد " عبدالوهاب ال�ل�ايف " الضابط باجليش اللييب‬ ‫الوط�ن�ي احلر أثر تعرض س���يارته " العس���كرية " لاليقاف بتهديد‬ ‫السالح لغرض سرقة السيارة بالقوة بواسطة أحد عصابات السطو‬ ‫املس���لح املنتش���رة باملنطقة وعلى طول الطري���ق الرابط طرابلس‬ ‫بزوارة ‪ ..‬ومبعرفيت بالش���هيد البطل وش���جاعته وحسه بأمن ليبيا‬ ‫وألنه يرى أنه من امللزمني وطنياً حبماية الوطن واملواطن فأنه مل‬ ‫يسلمهم سيارته ومل يرضخ لتهديدهم وإصابتهم له برصاصة يف‬ ‫سل مسدسه من جعبته وقاومهم فأردى أحدهم قتي ً‬ ‫قدمه بل َّ‬ ‫ال ثم‬ ‫واصل الرفض واملقاومة اىل أن قتلوه ‪ ..‬وحس���ب معلومات مؤكدة‬ ‫من الصديق املُشرتك املتصل بي هاتفياً فأن أفراد العصابة املسلحة‬ ‫من ش���دة فزعهم ملقتله الذوا بالفرار ونس���وا أن يس���رقوا السيارة !!‬

‫ُ‬ ‫تعرفت علي���ه يف ديار الغربة كان يع���اجل أيضاً ليكون له‬ ‫‪ ..‬ال�ل�ايف‬ ‫أبن���اء وبنات ولكن اجملرمني أزهق���وا روحه وقطعوا عليه الطريق !!‬ ‫‪ ..‬الاليف كقوصاد أيضاً شخصية وطنية غاية يف النبل والسماحة‬ ‫والشهامة ‪ ..‬ولكن يد الغدر ال تعرف إال الدم والغنائم احملرمة ‪ ..‬ما‬ ‫ي���دل أن غرب الب�ل�اد ليس أفضل حا ً‬ ‫ال من ش���رقها ول ُه نصيبه من‬ ‫الفوض���ى واالنفالت األمنيني ‪ ،‬غري أن ما حيدث يف بنغازي جرائم‬ ‫اغتيال سياس���ي ممنهج منظم ويفتح باب التساؤالت ليس عن من‬ ‫وراء ذلك وحسب ‪ ،‬بل ما األهداف والغايات ! ‪.‬‬ ‫(‪)4‬‬ ‫كلما أُ َ‬ ‫غتيل ناشط أو اعالمي ‪ ،‬كلما تقلصت‪ /‬احنسرت مساحة‬ ‫حرية الرأي ‪..‬‬ ‫جن َد العذ َر لكل املنسحبني فاخلوف غريزة انسانية‬ ‫الميكننا إال أن ِ‬ ‫‪ ..‬وأرى أن التوعي���ة ع�ب�ر الكتاب���ة لوحدها ال تكفي رغ���م أنها على‬ ‫مهل قد جتدي ‪ ..‬ولكن ما يجُ دي حقاً هو اعادة الثقة أو ً‬ ‫ال للشرطة‬ ‫ٍ‬ ‫واألم���ن واجليش ثم اعادتهم اىل ثكناتهم ورفع معنوياتهم لتأدية‬ ‫واجبه���م الوطين عل���ى اكمل وجه وإعادة اهليب���ة للدولة واحرتام‬ ‫حرية املواطن ‪.‬‬ ‫(‪)5‬‬ ‫ مليش���يات تبيع النفط للخارج مباشر ًة بدون رقيب ‪ ..‬رغم تفنيد‬‫الس���يد زيدان لذلك ‪ -.‬مليش���يات تقفل مكاتب اخلطوط القطرية‬ ‫بطرابلس ‪ ..‬والداخلية تدين وتستنكر فقط‬ ‫ تواصل مسلس���ل اغتياالت افراد اجليش واألمن والشرطة واآلن‬‫االعالميني ‪.‬‬ ‫ عصابات سطو مسلح تسرق سيارات اجليش والشرطة والكهرباء‬‫ومعداتها ‪.‬‬ ‫ عصابات ختصصت يف تهريب السجناء العتاة ‪.‬‬‫ خاليا نائمة من أتباع النظام السابق تتوعد بقتال الشعب والعودة‬‫بالبالد للظالم‪.‬‬ ‫‪ . . . .‬وعشرات األخبار السيئة كهذه كل يوم تقريباً !! ‪..‬‬ ‫وم���ن حقنا أن حنك���م بوصلة اس���تقراء الغد وتفتيح ع�ي�ن العقل ‪:‬‬ ‫كم س���تمهلنا قوى العامل العظمى كأمريكا وبريطانيا وفرنسا‬ ‫والص�ي�ن وأملاني���ا وروس���يا واس�ت�راليا وايطالي���ا وهولنده واس���بانيا‬ ‫وكن���دا لتعلن أننا دولة فاش���لة ؟!! ‪ ..‬ثم نفس القوى ‪ /‬الدول كم‬ ‫س���تمهلنا من وقت ونفشل فتجتاح البالد براً وحبرا ‪ ..‬أما جواً فهي‬ ‫تعرف الطريق جيداً ؟!‪.‬‬ ‫الس���لطة )‪-‬‬ ‫طماعي‬ ‫عدا‬ ‫(‬‫ال�ب�ريء‬ ‫اللييب‬ ‫كم س���ينتظر الش���عب‬ ‫ُ‬ ‫لريى الدولة ؟! ‪.‬‬ ‫(‪)6‬‬ ‫ُ‬ ‫ويظل األمل رغم أشواك األشرار ‪:‬‬ ‫" حب���ك يابالدي " أغنية مجيلة جديدة بصوت احللم اللييب البديع‬ ‫" ع���ادل عبداجملي���د " هي أغنية للمؤلف الكبري ف���رج املذبل ‪ ..‬أغنية‬ ‫تبث األمل يف النفوس رغم األسى ‪..‬‬ ‫أس���تمع اليها االن‬ ‫ال تنف���ك قن���اة ليبيا لكل االح���رار تبث األغنية ‪..‬‬ ‫ُ‬ ‫واختم مقاليت ‪:‬‬ ‫كنا ُ‬ ‫زم���ان عه���د الطغ���اة الصرحيني ُ‬ ‫خناف الس���جن رغ���م أننا يف‬ ‫سجن كبري ! ‪..‬‬ ‫ولك���ن الي���وم خنش���ى القت���ل بالغ���در ‪ ..‬حيف���ظ اهلل الب�ل�اد والعباد‬ ‫‪..‬حس���بنا اهلل ونعم الوكي���ل يف كل من اراد الليبيني بس���وء ‪ ..‬ورد‬ ‫كيده���م اىل حنره���م وهزمهم كما هزم ترس���انة احلكم الظامل‬ ‫الس���ابق ‪ ..‬خس���ف اهلل األرض بكل الظاملني أي كان���وا وألي اجتاه‬ ‫سياسي انتموا ‪ ..‬وليعلموا أن اهلل ميهل وال يهمل ‪ ..‬وستنتصر ليبيا‬ ‫قريباً جداً وسيذوي اجملرمني اىل سديم النسيان ‪ . . ..‬واختم فأقول‬ ‫‪:‬‬ ‫أيه���ا الش���عب اللييب الطي���ب ‪ ..‬فلنحذر من الري���ح العاصف تعقب‬ ‫الريح الطيبة ‪.‬‬ ‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫يف " طرابلس " ‪ 10‬أغسطس ‪ 2013‬م ‪.‬‬


‫أغسطس‪)2012‬‬ ‫يونيو‪ /‬يوليو‬ ‫الثانية‬ ‫السنةالسنة‬ ‫‪)2013‬‬ ‫‪ 26( -( )59‬ـ‪19 --213‬‬‫العدد‪118‬‬ ‫العدد (‬ ‫الثالثة ‪-‬‬

‫ملحق‬

‫ميادين الثقافة‬ ‫رئيس التحرير‪ :‬خلود الفالح‬

‫‪13‬‬ ‫‪09‬‬


‫‪10‬‬

‫السنة الثالثة ‪ -‬العدد ( ‪ 19 - 13 ( - ) 118‬أغسطس ‪)2013‬‬

‫هل تستطيع الكتابة االبداعية خلق أصوات مناهضة للظلم يف أي مكان من العامل؟‬ ‫يقول الروائي الفلس���طيين أنور حامد‪ ،‬تس���تطيع الكتابة أن تقول‪،‬‬ ‫وه���ذا أثبت���ه رد فع���ل ُقرائ���ي و ُنقادي املجُ ري�ي�ن الذين ع�ب�روا عن‬ ‫ذهوهلم من العامل الذي طالعهم بني صفحات رواياتي اليت قرأوها‬ ‫بلغته���م‪ .‬يف هذا االس���تطالع حتدث ال ُكت���اب عن الكتاب���ة كقيمة‬ ‫إبداعية قادرة عن التعبري والوقوف يف وجه القبح‪.‬‬ ‫•إمكانية مساهمة االبداع يف حتديد احلياة‬ ‫تع���د الكتاب���ة اإلبداعية من وجه���ة نظر الناقدة‬ ‫االردني���ة رزان إبراهيم حادثة ثقافية والروائي‬ ‫أو املبدع عموماً قادر على توصيل رس���الة فكرية‬ ‫تأثريي���ة مرتبط���ة بس���ياق اجتماع���ي وثق���ايف‬ ‫وتارخيي معني‪ .‬وخطابه بالضرورة نتاج تفاعل‬ ‫مرجعياته الفكرية مع حركة احلياة وأسئلتها‬ ‫املختلف���ة‪ .‬هن���اك إذن عالق���ة تفاعلي���ة ترب���ط‬ ‫املؤل���ف جبمه���وره‪ .‬مبدئي���اً وبناء عل���ى ما تقدم‬ ‫أق���ول‪ :‬نعم قد يكون املبدع صوتاً مناهضاً للعنف‬ ‫والظلم‪ .‬لك���ن هذا يقتضي ش���روطاً وإحداثيات‬ ‫خاص���ة‪ ,‬أمجله���ا يف أكثر من س���ؤال م���ن مثل‪:‬‬ ‫عمن ينوب املبدع وم���ن ميثل؟ وما الذي يقوله؟‬ ‫وكيف يقوله؟‬ ‫وتضيف إبراهيم يف خط���اب املبدع جلمهوره ال‬ ‫بد م���ن التنبيه عل���ى أهمية أن ين���وب املبدع عن‬ ‫جمتمعه‪ ,‬فيضع على عاتقه مهمة متثيل الناس‬ ‫الذين يعي���ش بينهم‪ ,‬فيحفز كل ما من ش���أنه‬ ‫حتري���ك مب���ادئ إنس���انية مشولي���ة‪ ,‬بعيدة عن‬ ‫كل عنصرية أو فئوية متعصبة تتنفس العنف‬ ‫وتقتات عليه‪ .‬ويكون يف ذات الوقت نصرياً ملبادئ‬ ‫الع���دل واحل���ق‪ ,‬مناهض���اً للظل���م فاضح���اً لبؤر‬

‫سامل العوكلي‬ ‫الفس���اد‪ ,‬حيرك���ه يف ذلك إميان مطل���ق بالذي‬ ‫يكتبه ورغبة ملحة يف االنتماء حلق اإلنس���انية‬ ‫والبش���ر عموم���اً‪ .‬مم���ا يس���تدعي كس���راً لصور‬ ‫منطي���ة تض���ع البش���ر يف قوال���ب حت���ول بينهم‬ ‫وبني التواصل اإلنس���اني‪ .‬واملطلوب منه أن يكون‬ ‫حاض���راً يف كل األوق���ات ليغدو س���نداً يس���تمد‬ ‫اجلمهور منه قوتهم يف وق���ت تتخلى فيه عنهم‬ ‫دوائر السلطة‪.‬‬ ‫وتعت�ب�ر إبراهي���م احلديث عن اإلب���داع يقتضي‬ ‫بالض���رورة تأكي���داً على أس���لوب ف�ن�ي مجالي‬ ‫بلي���غ يق���دم الش���هادة تل���و األخرى ع���ن فظائع‬ ‫وانته���اكات ترتكب حبق اإلنس���انية‪ ,‬مبا يكون‬ ‫ل���ه تداعياته املس���تثرية للعاطفة وه���و ما يبلغه‬ ‫كل فن���ان مب���دع ق���ادر على حتمي���ل خطابه أو‬ ‫فنه عموماً ش���حنات شاعرية من ش���أنها تفعيل‬ ‫املشاعر اجلماهريية فيكون أشبه مبناضل يشكل‬

‫ضمري البش���رية‪ ,‬يُعمل أدواته وينش���طها حلشد‬ ‫ال���رأي الع���ام باجتاه ما ينف���ع البش���رية‪ .‬ولدينا‬ ‫عل���ى أرض الواق���ع م���ن الرواي���ات الف���ذة ومن‬ ‫األعم���ال الفنية اجلميلة ما جيس���د حساس���ية‬ ‫جديدة مبكان���ة املظلومني يف الع���امل‪ ,‬وما ميثل‬ ‫معاناتهم ويشهد عليها ويدعم ذاكرة مشولية‬ ‫تقول لنا إن الظل���م ظلم بغض النظر عن املكان‬ ‫والزمان‪.‬‬ ‫وإذ ينج���ح املبدع يف خلق عامل ف�ن�ي مبتكر‪ ,‬فإنه‬ ‫حيم���ل يف طياته حتفيزاً على العصيان والتمرد‬ ‫على كل أش���كال التخلف‪ ,‬علماً أننا ال نستطيع‬ ‫أن نغيب س���ؤا ً‬ ‫ال حول إمكانية أن يس���اهم العمل‬ ‫األدب���ي يف حتدي���د احلي���اة‪ ,‬وهن���ا تظه���ر حرية‬ ‫املتأم���ل‪ ,‬والس���ؤال يبق���ى قائم���اً إن كانت حتى‬ ‫نهاي���ات تراجيدي���ة تنته���ي بها بع���ض األعمال‬ ‫األدبي���ة حتمل جرعة من التحفيز اإلجيابي‪ ,‬أم‬ ‫أنها تنبئ عن س���يادة العتمة يف عامل مرتد يقتل‬ ‫أخيار اجملتمع وميعن يف تعذيبهم رغم ما قدموا‬ ‫من تضحيات؟‬ ‫وتبقى الكتاب���ة يف العامل العربي عن عامل يدمر‬ ‫على أكثر من مس���توى حسب إبراهيم تتطلب‬ ‫ق���درات كب�ي�رة حتثن���ا عل���ى إع���ادة النظ���ر يف‬ ‫ذواتن���ا م���رات وم���رات‪ ,‬خصوص���اً إذا نظرنا إىل‬ ‫فس���حة التأمل اليت ميكن لرواية –على س���بيل‬ ‫املث���ال‪ -‬أن متنحه���ا لنا باعتبارها مرجع���اً تأملياً‬ ‫واسعاً بإمكانه أن يلعب دوراً كبرياً يف صراعاتنا‬ ‫الثقافي���ة والسياس���ية وهو ما يتيحه لنا ش���كلها‬ ‫الف�ن�ي الق���ادر عل���ى فتح ب���اب املعرف���ة النقدية‬ ‫مع ض���رورة التأكيد على أن إخال ً‬ ‫ال بوس���ائط‬ ‫فنية يس���تخدمها املبدع ال حيبط القيمة الفنية‬ ‫إلبداعه وحس���ب وإمنا حيبط الرسالة والغاية؛‬ ‫فالقيم���ة الفكري���ة تصب���ح هب���اء منث���وراً إن مل‬ ‫حيسن املبدع استخدام خصائصه الفنية بصورة‬ ‫ذكي���ة ختاط���ب حساس���ية اجلمه���ور وذائقته‬ ‫وتطلق وعيه النقدي يف س���ياق جيعله جزءاً من‬ ‫فعل نضالي ابتدأه املبدع ذاته‪.‬‬ ‫•حصار اإلبداع يف قيمة نضالية‬ ‫ت���رى الكاتبة التونس���ية فاطمة ب���ن حممود أن‬ ‫البحث يف العالقة املمكنة بني الكتابة اإلبداعية‬ ‫وبني خمتلف اشكال العنف والظلم يبدو كأننا‬ ‫نريد ان نتحدث ع���ن وظيفة لإلبداع فنقول انه‬ ‫يواجه خمتلف أش���كال العنف املنتشرة يف العامل‬ ‫يعم‬ ‫وبالتال���ي ه���و يف حالة نضالية م���ن اجل ان ّ‬ ‫الس�ل�ام الع���امل‪ .‬وتضي���ف ب���ن حمم���ود‪ :‬أعتقد‬ ‫انن���ا بهذا الش���كل نقّلل م���ن قيمة اإلب���داع ألننا‬ ‫حنص���ره يف وظيف���ة نضالية حم���ددة وبالتالي‬ ‫خنتزل رسالته يف حتقيق جناح ما وهنا يتحول‬ ‫مفه���وم االب���داع من رؤي���ة مجالي���ة قيمية إىل‬ ‫موق���ف ايديولوجي وخيار سياس���ي‪ .‬يف حني اني‬ ‫اعتق���د ان اإلبداع يف العموم يهدف إىل االنتصار‬ ‫للجمال والبحث عنه يف الطبيعة واإلنسان حتى‬ ‫يصبح للوجود معنى استتيقي واالنتصار للقيم‬ ‫االنس���انية املطلقة‪ .‬بهذا املعنى ميكن له مواجهة‬ ‫العن���ف املنتش���ر يف الع���امل‪ .‬أي ان اإلب���داع يواجه‬ ‫العن���ف مباش���رة ألن���ه سيس���قط يف التقريرية‬ ‫واملباش���رتية وتلك هي مهمة السياس���ي أو رجل‬ ‫الدين وإمنا يواجه العنف عندما ينتصر للجمال‬

‫رزان إبراهيم‬ ‫داخ���ل االنس���ان وخارجه وهذا م���ا جيعل اإلبداع‬ ‫يه���دف إىل القيمة ال النجاعة وهذا من أس���باب‬ ‫ضروريته بالنس���بة لإلنس���ان واس���تمراريته يف‬ ‫احلياة‪.‬‬ ‫•العنف الناعم يف مواجهة النقد‬ ‫الشاعر اللييب سامل العوكلي يعترب الفن عموما‬ ‫نشاط مجالي ومفهوم اجلمال أنه رسالة سالم‬ ‫يف األس���اس‪ ،‬هذا م���ا يطرحه جل املش���تغلني يف‬ ‫هذا احلقل‪ ،‬وعندما تتسرب األيدلوجيا كنسق‬ ‫فك���ري أو نهج ترتاجع ه���ذه القيمة األساس���ية‬ ‫للفن‪ ،‬يغدو املبدع املرتبط بأيديوجليا خادما هلا‬ ‫هو ونصه‪ ،‬فينس���لخ عن نذره اجلمالي ليربر ما‬ ‫ترتكبه املشاريع الفكرية أو السياسية الكربى من‬ ‫عنف وإقصاء‪ ،‬ويضيف العوكلي‪ :‬تورط الكثري‬ ‫من املبدعني الكبار يف مثل هذا االمتثال الغنائي‬ ‫ألح�ل�ام األيديولوجيا وس���كتوا ع���ن جرائمها أو‬ ‫ً‬ ‫متثي�ل�ا إجرائي���ا ألحالمهم‬ ‫برروه���ا باعتبارها‬ ‫كمبدعني‪ ،‬أمثلة كثرية على مثل هذا التناغم‬ ‫بني العن���ف واإلبداع‪ ،‬ويبدو أن الش���عر كأقرب‬ ‫الفن���ون للغنائية كان األكثر اندماجا؛ محاس‬ ‫مايكوفس���كي لس���تالني أو عزراباوند ملوس���ليين‬ ‫وبعض ش���عراء الرومانس���ية األملان هلتلر‪ ،‬كما‬ ‫اتسم معظم الشعر العربي القديم بهذا التماهي‬ ‫بني أحالم الساس���ة ونزعة الشعراء وحتول إىل‬ ‫أح���د احملرض���ات الفاعلة يف احل���روب‪ ،‬والدعوة‬ ‫للثأر‪ ،‬واس���تلهام سياقات ش���عرية عديدة تتغنى‬ ‫بالس���يف وبالدم���اء وباألبطال الفاتك�ي�ن‪ .‬يقول‬ ‫مارس���يل أمييه ‪" :‬نقط���ة ضعف الكت���اب‪ ،‬جلهم‬ ‫تقريبا‪ ،‬أنه���م يقدمون أفضل ما عندهم وأكثر‬ ‫ما كتب���وه تفرداً وذلك للحص���ول على وظيفة‬ ‫ماس���حي أحذية يف السياس���ة"‪ .‬ورغم هذا الرأي‬ ‫القاسي إال أن مثة غزير من الكتابة اليت ختلص‬ ‫لنذر الف���ن األصيل كأغنية للجمال والس�ل�ام‬ ‫والتس���امح‪ ،‬إبداع بس���بب طبيعته اهلامسة عادة‬ ‫ال يك���ون مس���موعا‪ ،‬أو غ�ي�ر خم���دوم بدعاي���ة‬ ‫األيديوجلي���ا احلاكمة اليت كثريا ما تس���يطر‬

‫على وسائل النشر واإلعالم‪ .‬مثة متحف عظيم‬ ‫لفنون تدين احل���روب والعنف والعنصرية‪ ،‬من‬ ‫موسيقى وتشكيل وشعر وحنت وسرد‪ ،‬تشكل يف‬ ‫جمملها ضمري الفن ونذره ‪.‬‬ ‫وي���رى العوكل���ي أن مث���ة عن���ف آخ���ر ميارس‬ ‫داخ���ل احلقل اإلبداعي نفس���ه س���واء عن طريق‬ ‫النق���د أو اإلقص���اء املتب���ادل أو ص���راع املذاه���ب‬ ‫واحل���ركات الفني���ة بش���كل ذه���ب البعض إىل‬ ‫تس���ميته باحلروب‪ ،‬وممارسو هذا العنف الناعم‬ ‫عادة ما يتس���رب عنفه���م أو إقصائهم إىل اجملال‬ ‫االجتماعي‪.‬‬ ‫الفن ال���ذي ال ينتصر لقيمة اإلنس���انية املهددة‬ ‫ب���كل ض���روب التل���وث والعن���ف والقهر س���يظل‬ ‫حيم���ل إمث���ه التارخي���ي يف ذاكرة ح�ب�ره حتى‬ ‫وإن كان فنا عظيم الصنعة أو التأثري‪ ،‬خيتفي‬ ‫الطغ���اة ويبتلعهم النس���يان ويبق���ى الفنانون أو‬ ‫الش���عراء الذين متاهوا معهم ع���راة أمام التاريخ‬ ‫عموما وتاريخ الفن خاصة ‪.‬‬

‫فاطمة بن حممود‬


‫السنة الثالثة ‪ -‬العدد ( ‪ 19 - 13 ( - ) 118‬أغسطس ‪)2013‬‬

‫‪11‬‬

‫الباحث اللييب علي حممد رحومة‪:‬‬

‫نعيش يف بيئة ثرية باملوروث الديين‪ ،‬الصويف والفكري‬ ‫صفية فرج الرببار ‪ /‬جناة حممد اعواج‬ ‫التقين���ا الكاتب والش���اعر والباحث اللييب‪ ،‬الدكت���ور علي حممد‬ ‫رحوم���ة‪ ،‬وتبادلن���ا مع���ه حديثا ش���ائقا ح���ول كتابات���ه ومؤلفاته‬ ‫املتع���ددة‪ ..‬تركز حوارنا مع���ه حول عدد من األس���ئلة واإلجابات‬ ‫املهمة يف جتربة الكاتب‪:‬‬ ‫ من هو علي حممد رحومة؟‬‫ ً‬‫بداية‪ ،‬أش���كركم على إتاحة هذه الفرصة‪ ،‬وهذه االس���تضافة‬ ‫الطيب���ة‪ .‬وأمتن���ى لك���م التوفي���ق دائم���ا يف جهودك���م الثقافي���ة‪.‬‬ ‫وخبصوص هذا الس���ؤال األول‪ ،‬فإن���ه بالرغم من صعوبة اإلجابة‬ ‫ع���ن مثل هذا النوع من األس���ئلة‪ ،‬وه���ي من قبيل الس���هل املمتنع!‬ ‫وخباص���ة عل���ى مس���توى الوج���ود اإلنس���اني والفك���ري واالنتماء‬ ‫املعنوي‪ ،‬إال أنه ميكنين القول باختصار؛ أنا إنسان وجدت يف بلدي‬ ‫احلبيبة ليبيا‪ ،‬مهميت األوىل حبها املطلق‪ ،‬وأن أسعى ألكون أحد‬ ‫الذي���ن يس���همون يف رفع امسه���ا عاليا‪ .‬أقرأ وأكتب ش���عرا ونثرا‪،‬‬ ‫واهتماماتي الكتابية متعددة‪.‬‬ ‫ كيف بدأت حياتك ككاتب؟‬‫ بداي�ت�ي مبكرة‪ .‬لي حماوالت تعود لفرتة الس���بعينيات‪ .‬ونش���رت‬‫على مس���توى الش���باب املدرس���ي ع���ددا م���ن النصوص الش���عرية‬ ‫واملق���االت األدبي���ة‪ ،‬آن���ذاك‪ .‬ويف التس���عينيات نش���رت يف الصحف‬ ‫واجمل�ل�ات احمللي���ة والعربي���ة كث�ي�را م���ن القصائ���د الش���عرية‪،‬‬ ‫واملقاالت األدبي���ة‪ ،‬واملتابعات الصحفية‪ ،‬وكان لي نش���اط ثقايف‬ ‫يف تلك الفرتة‪.‬‬ ‫ ما هي أهم مؤلفاتك واهتمامات يف النشر؟‬‫ نش���رت يف اجملال�ي�ن األدبي‪/‬الثق���ايف والعلمي‪/‬التكنولوج���ي‪ .‬يف‬‫سنة ‪ ،2000‬صدر لي كتاب "شواهد النظر يف اإلسالم ومفاهيم‬ ‫العص���ر"‪ ،‬جمموعة مقاالت ودراس���ات إس�ل�امية‪ ،‬من منش���ورات‬ ‫مجعية الدعوة اإلس�ل�امية؛ وصدرت لي أيضا جمموعة شعرية‪،‬‬ ‫بعن���وان‪" :‬طائر اجملرة القادمة"‪ ،‬من منش���ورات الش���ركة العامة‬ ‫لل���ورق والطباع���ة‪ .‬ويف س���نة ‪ ،2005‬صدر لي كت���اب "اإلنرتنت‬ ‫واملنظوم���ة التكنو‪-‬اجتماعي���ة"‪ .‬منش���ورات مرك���ز دراس���ات‬ ‫الوح���دة العربي���ة بب�ي�روت؛ ويف س���نة ‪ ،2005-2006‬صدرت لي‬ ‫ثالث���ة كتب‪ ،‬من منش���ورات أكادميي���ة الدراس���ات العليا‪ ،‬وهي‪:‬‬ ‫"التحليل والتصميم والنمذجة احلديثة لنظم املعلومات"؛ و"نقل‬ ‫وتوط�ي�ن املعرفة التكنولوجية يف التنمي���ة الصناعية‪"..‬؛ و"فصول‬ ‫يف تكنولوجي���ا املعلوم���ات وقضاي���ا اجملتم���ع التكنولوج���ي"‪ .‬ويف‬ ‫س���نة ‪ ،2007‬صدر لي من منش���ورات اجلامع���ة املغاربية كتاب‪:‬‬ ‫"جمتم���ع املعرفة وبلدان املغرب العربي‪ ."..‬ويف ش���هر يناير س���نة‬ ‫‪ ،2008‬صدر لي كتاب "علم االجتماع اآللي‪ ،"..‬ضمن منشورات‬ ‫سلس���لة عامل املعرفة الكويتي���ة‪ ،‬العدد ‪ ."347‬ويف الس���نة املاضية‬ ‫‪ ،2012‬صدر لي كتاب من جزأين‪ ،‬حول التاريخ الثقايف اللييب‬ ‫يف اجلبل الغربي‪ ،‬بعنوان‪" :‬زاوية أبي ماضي‪ :‬األزهر الصغري جببل‬ ‫ككلة‪ ."..‬من منشورات دار الفسيفساء‪ ،‬بطرابلس‪ .‬كما ّ‬ ‫لدي اآلن‬ ‫بعض املخطوطات يف طريقها إىل النشر‪ ،‬منها جمموعات شعرية‪.‬‬ ‫ كي��ف وفقت ب�ين طبيعة ختصصك واهتمامات��ك يف الكتابة وهل جتد‬‫صعوبة يف ذلك؟‬ ‫ دائم���ا تكون هن���اك نقطة وصل ما بني ختص���ص الكاتب مهنيا‪،‬‬‫واهتمامات���ه الكتابي���ة‪ .‬أقص���د من حيث وعيه مب���ا خيتص ويهتم‬ ‫وانش���غاله املع���ريف بصورة عام���ة‪ .‬واحلقيقة‪ ،‬م���ن خالل جتربيت‬ ‫اخلاص���ة يف اجملالني العلم���ي (مهنيا وانش���غاال حبثي���ا)‪ ،‬واألدبي‬ ‫كانش���غال وجدان���ي وفك���ري؛ ال أج���د فرقا كبريا ب�ي�ن اجملالني‬ ‫العلمي واألدبي‪ .‬األدب يهتم باملعنى‪ ،‬والتجلي الكوني واإلنس���اني‬ ‫يف احلي���اة‪ ،‬بينم���ا العل���م يتعامل م���ع احلقائ���ق والتفاصيل وفق‬ ‫معطيات وشروط طبيعية معينة‪ .‬وهذا مركب متكامل متناغم‬ ‫إىل أبعد احلدود‪ ،‬فقط حنتاج إىل ش���يء من االس���تعداد الفطري‬ ‫يف اس���تخدام القلب والعقل مبنظورين متقابلني متزنني‪ ،‬إن صح‬ ‫التعب�ي�ر‪ .‬أما من ناحي���ة الصعوبة‪ ،‬فلكل جم���ال صعوباته لوحده‪.‬‬ ‫ويعتم���د هذا عل���ى مدى متكن الكات���ب من خلق املوازنة املناس���بة‬ ‫يف ذل���ك من حي���ث إمكانيات���ه ومعانات���ه ووعيه برس���الته‪ .‬فإذا ما‬ ‫تعام���ل الكاتب يف كال اجملالني مبا يتطلبه األمر من االس���تعداد‬ ‫والتمك���ن‪ ،‬فال أعتقد حي���دث التصادم بني اجملال�ي�ن‪ .‬وإذن تتذلل‬ ‫الصع���اب‪ ،‬بالرغم مما يبدو م���ن انفصال بني اجملالني‪ .‬ولكنهما يف‬

‫حقيقة األمر متحدان‪ ،‬كاحتاد املادة والروح يف حياة اإلنسان‪.‬‬ ‫ آخر إصداراتك‪ ،‬كتاب "زاوية أبي ماضي‪ ،"..‬يتصل بالتوثيق لتأريخ‬‫احلي��اة العلمية يف ليبيا‪ ،‬كيف بدأت فكرة الكت��اب‪ ،‬وما الدافع لكتابة‬ ‫مثل هذه املواضيع؟‬ ‫ ب���دأت فك���رة الكت���اب يف أواخ���ر التس���عينيات املاضي���ة‪ ،‬وكان‬‫انش���غالي بالتاريخ الثق���ايف اللي�ب�ي واهتمامي بالنواح���ي الدينية‬ ‫والصوفي���ة الفكرية عموما قبل تلك الف�ت�رة بكثري‪ .‬فنحن نعيش‬ ‫يف بيئة خصب���ة‪ ،‬وثرية جدا باملوروث الدي�ن�ي والصويف والفكري‬ ‫الش���عيب وعم���وم امل�ي�راث الروح���ي يف ش���تى أحن���اء ليبي���ا‪ ،‬فالبد‬ ‫لإلنس���ان اللييب أن يتأثر بهذه املعطيات بش���كل أو بآخر‪ .‬فما بالك‬ ‫بالك ّت���اب واملثقف�ي�ن‪ .‬وخباص���ة أننا عش���نا واقعا مري���را يف العقود‬ ‫املاضي���ة‪ ،‬ح�ي�ن كانت سياس���ة التجهي���ل والتعتيم مت���ارس على‬ ‫الليبيني كي ينسوا ذاكرتهم احلضارية من أوىل العصور‪ .‬ولذا‪،‬‬

‫وجدت�ن�ي أكثر اهتمام���ا باملوضوع‪ ،‬واألخص حني اكتش���فت أن‬ ‫زاوي���ة أبي ماضي يف جبل ككلة‪ ،‬هلا تاريخ عريق مش���رف لليبيا‬ ‫على مدى أكثر من ستمائة سنة ماضية‪ .‬األمر الذي أدركت أن‬ ‫موضوعه���ا حيتاج إىل حبث علمي رصني‪ ،‬وقد يأخذ وقتا طويال‪،‬‬ ‫وجه���دا كبريا‪ ،‬ورمبا ال ميكنين حتقيق املطلوب‪ .‬ولكن حبمد اهلل‬ ‫كان اهلل معينا وموفقا بعد كل هذه الس���نوات‪ .‬وصدر الكتاب يف‬ ‫السنة املاضية ‪.2012‬‬ ‫ ما هي النقطة اليت ارتكز عليها الكتاب‪ ،‬وما هي أبرز أهدافه؟‬‫ لع���ل النقط���ة األهم‪ ،‬ه���ي التأريخ العلم���ي املوضوع���ي للزاوية‬‫خصوصا أعالمها املؤسس�ي�ن األوائل‪ ،‬باستخدام املنهجية الثقايف‪،‬‬ ‫أو بتعبري آخر املنظور السوس���يو ثقايف‪ .‬وم���ن خالل هذه النقطة‪،‬‬ ‫ب���رزت النق���اط األخ���رى يف التأريخ والتوثي���ق للنم���وذج الثقايف‬ ‫هل���ذه الزاوية كصرح علمي ومن���ارة دينية مضيئة أعطت لليبيا‬ ‫الكث�ي�ر والكث�ي�ر عل���ى مس���تويات حتفيظ الق���رآن الكري���م بعدة‬ ‫رواي���ات‪ ،‬وختري���ج محل���ة الكت���اب العزي���ز‪ ،‬والفقه���اء‪ ،‬والقضاة‪،‬‬ ‫والك ّتاب الش���رعيني‪ ،‬فضال عن علماء اللغة العربية‪ ،‬وك ّتاب علم‬ ‫الغبار(احلس���اب)‪ ،‬وأئمة املس���اجد‪ .‬أما األهداف‪ ،‬فأهمها هو إخراج‬ ‫هذا الكت���اب بالصورة العلمية املقبولة ل���دى املتخصصني وعموم‬ ‫القراء‪ .‬وس���د ثغ���رة كبرية يف تارخينا الثقايف الوطين‪ ،‬وكش���ف‬ ‫اللثام عن وجه حضاري رائع لليبيا وعلمائها ومشائخها وطلبتها‪،‬‬ ‫وجن���ود املعرفة اجملهول�ي�ن الذين كان���وا ميثلون وثي���ق اللحمة‬ ‫الوطني���ة احلقيقية‪ ،‬والتفاف الليبي�ي�ن بعضهم ببعض يف خدمة‬

‫الوط���ن والدي���ن واإلنس���انية مجعاء‪ ،‬عل���ى مدى عص���ور وقرون‬ ‫كثرية‪.‬‬ ‫ الكتابة ميالد عس�ير حمفوف بالصعوبات‪ ،‬فما املش��اكل اليت واجهتك‬‫يف تأليف هذا الكتاب؟‬ ‫ أبرز املشاكل احنصرت يف قلة املراجع‪ ،‬ونقص املصادر املطبوعة‬‫أو املخطوطة‪ .‬فهذه احلقيقة مش���كلة املشاكل‪ .‬مصادر املعلومات‬ ‫املوثق���ة‪ ،‬ضنين���ة‪ ،‬وش���حيحة‪ ،‬مقارن���ة مب���ا حيتاج إلي���ه موضوع‬ ‫البح���ث الذي غطى مرحلة طويلة‪ ،‬من الق���رن الثامن إىل القرن‬ ‫الرابع عش���ر للهج���رة (‪14-20‬م)‪ .‬ع�ل�اوة على كث���رة الروايات‬ ‫الش���عبية املتضاربة‪ ،‬وال�ت�ي تروى بصور متع���ددة‪ ،‬ويدخل كثري‬ ‫منها يف إطار األساطري واخلرافات والتخيالت غري املقبولة عقليا‬ ‫ومنطقي���ا‪ .‬فما بال���ك بالعلم الذي يس���تند يف أساس���ه إىل حقائق‬ ‫وثواب���ت‪ ،‬ويعتمد عل���ى معطيات الواقع وقوانني التطور البش���ري‬ ‫والكوني‪ .‬كذلك‪ ،‬مش���كلة تشعب املوضوع يف صعد خمتلفة‪ ،‬فهو‬ ‫موضوع تارخيي‪ ،‬ديين‪ ،‬صويف‪ ،‬اجتماعي‪ ،‬ثقايف‪ ،‬سياسي‪ ،..‬اخل‪ .‬ثم‬ ‫توس���ع وانتش���ار تاريخ حركة هذه الزاوية‪ ،‬بنشاطها وأمالكها‬ ‫وأخباره���ا يف كث�ي�ر م���ن املناطق الليبي���ة‪ ،‬فلم يقتص���ر األمر يف‬ ‫ككل���ة بنواحي اجلبل األش���م فحس���ب‪ .‬بل يف طرابل���س وجنزور‬ ‫وصرمان وتاج���وراء‪ ،‬وغري ذلك من املناطق الليبية غربا وش���رقا‪.‬‬ ‫ومن املش���اكل الكب�ي�رة ال�ت�ي واجهتين التوثي���ق لعلم���اء الزاوية‬ ‫علي أن‬ ‫الذين أحصيت منهم حوالي (‪ )280‬ش���يخا‪ ،‬كلهم كان َّ‬ ‫أكت���ب تأرخيا موجزا دقيقا عن حياته���م‪ .‬كذلك طلبة الزاوية‪،‬‬ ‫خصوصا يف القرنني الثامن عشر والتاسع عشر امليالديني‪ .‬إضافة‬ ‫إىل صعوب���ة توثيق خمطوط���ات مكتبة الزاوي���ة القدمية‪ ،‬واليت‬ ‫احتاجت إىل جهد خاص لوحدها‪ ،‬يف ترتيبها وتبويبها وتصنيفها‪،‬‬ ‫وتقيي���د معلوماتها الرئيس���ية بدقة‪ .‬لذا‪ ،‬تطل���ب األمر إىل القيام‬ ‫بزي���ارات ميداني���ة عدي���دة‪ ،‬إىل مق���ر الزاوي���ة بككل���ة‪ ،‬ومناح���ي‬ ‫أخ���رى ذات عالقة بتاري���خ الزاوية‪ .‬ثم مش���كلة تتبع املخطوطات‬ ‫اليت اس���تخدمت كمصادر ومراجع للبح���ث‪ ،‬ومقارنتها ببعضها‬ ‫البعض‪ ،‬ومتحيصها‪ ،‬وقراءة النس���خ املخطوطة األخرى لبعضها‪،‬‬ ‫والكت���ب املطبوعة‪ ،‬وعق���د الكثري من املقارنات واس���تنباط النتائج‬ ‫األكث���ر قب���وال منطقيا‪ ،‬اخل‪ ..‬صعوب���ات كثرية‪ ،‬ولك���ن يف وجود‬ ‫متعة البحث واالهتمام الكبري بتاريخ الوطن واهلم الثقايف اللييب‪،‬‬ ‫تهون الصعاب وتتذلل العوائق مهما كانت‪.‬‬ ‫ حدثنا عن مشروعك القادم؟‬‫ احلقيق���ة أن���ا ل���دي ع���دد م���ن املخطوط���ات األدبي���ة اإلبداعية‬‫والعلمية كتبتها يف فرتات س���ابقة‪ ،‬وأنا اآلن أعكف على إعدادها‬ ‫للنش���ر‪ .‬من بني ذلك تعاقدت مؤخرا م���ع وزارة الثقافة واجملتمع‬ ‫املدني لنش���ر جمموعتني ش���عريتني كتبتهما أثن���اء أحداث ثورة‬ ‫‪ 17‬فرباي���ر‪ ،‬أحدهم���ا بعن���وان‪" :‬ال�ب�رق حيتفل ش���هيدا"‪ ،‬واآلخر‬ ‫بعن���وان‪" :‬عصم���اء الوط���ن"‪ ،‬أرج���و أن يكون���ا معبرّ ي���ن ع���ن نبض‬ ‫املرحلة‪.‬‬ ‫ أن��ت كتبت يف اجملالني العلمي واألدبي‪ ،‬فما هي الرس��الة اليت تطمح‬‫إليها الكتابة العلمية إىل جانب الكتابة األدبية؟‬ ‫ دائما الكتابة العلمية تهتم بتثقيف العقل والفكر وبناء اإلنسان‬‫علمي���ا ومعرفيا بصورة عامة‪ ،‬إضاف���ة إىل تنمية خربته املعرفية‬ ‫والعملية املهنية بش���كل خاص‪ .‬ومن ثم املس���اهمة حتديدا يف بناء‬ ‫الع���امل املادي بص���ورة أكثر رخ���اء وأرقى رفاهية‪ .‬بينم���ا الكتابة‬ ‫األدبي���ة‪ ،‬فهي إىل جانب أنها ال ميكن فصلها على عموم الرس���الة‬ ‫املعرفي���ة لإلنس���ان‪ ،‬إال أنه���ا أكث���ر التصاق���ا باملعط���ى الوجداني‬ ‫لإلنس���ان‪ ،‬والبناء الروحي واألخالقي واحلضاري اإلنس���اني على‬ ‫مس���توى االرتقاء املعنوي‪ .‬وبالتالي‪ ،‬فإن األمم اليت تهتم بالكتابة‬ ‫األدبي���ة ونش���رها يف اجملتمع‪ ،‬ه���ي األمم األرق���ى ثقافة وحضارة‬ ‫معنوي���ةـ واألكثر بناء لإلنس���ان املتوازن يف نظرت���ه للحياة‪ .‬ألنه‬ ‫م���ن خ�ل�ال الكتاب���ة األدبية واإلب���داع األدبي ميك���ن للمجتمع أن‬ ‫يتجل���ى يف صورت���ه احلضاري���ة الراقي���ة‪ ،‬وأن يص���ل الن���اس إىل‬ ‫معرفة ذواتهم بعمق‪ ،‬وس�ب�ر نفوس���هم البشرية‪ ،‬وحماولة الرقي‬ ‫به���ا إىل املس���تويات العلي���ا لإلنس���ان‪ ،‬الطامح دائم���ا إىل مزيد من‬ ‫الكمال يف س���لم االرتق���اء احلضاري‪ .‬والنتيجة هي مس���توى عال‬ ‫من االس���تقرار واالتزان واألمان االجتماعي‪ ،‬وتقارب اإلنسان من‬ ‫أخيه اإلنسان بشكل أكرب وأعمق‪.‬‬


‫‪12‬‬

‫أغسطس‬ ‫السنة ‪) 118‬‬ ‫السنة الثالثة ‪ -‬العدد (‬ ‫‪)2013‬أغسطس ‪)2013‬‬ ‫‪19 - 13‬‬ ‫‪( - ) 19‬‬ ‫الثالثة ‪( -‬العدد‪118- (13‬‬

‫قصائد القمر‬ ‫للشاعر األسباني خوان رامون خيمينث‬ ‫ترمجة‪ :‬د‪ .‬حممد قصيبات‬

‫الفنان حممد الغرياني ألـــــ‬

‫(‪)1‬‬ ‫املبللة باملطر‬ ‫مدينة احلجر‬ ‫يف‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫يرتفع قم ُر املساء‬ ‫مثل زهرة تتسلق‬ ‫ُ‬ ‫رأيت احلدائق الكبرية ترفعه على ظهرها حلظات‬ ‫ً‬ ‫متأنقا بني أوراق الشجر…‬ ‫(‪)2‬‬ ‫عرب النهر‪ ،‬كان القم ُر يسعى‬ ‫مثل حية بني اجلدران املظلمة‪،‬‬ ‫فقاعات ذهبية‬ ‫خيرج‬ ‫ٍ‬ ‫ُ‬ ‫وهو يرتعش يف رطوبة الظالم‬ ‫ينفخ نريانه يف الطريق‪،‬‬ ‫فال يراه غري السجناء‬ ‫عرب زجاج النوافذ القذرة…‬ ‫(‪)3‬‬ ‫يُنزل القم ُر علينا األحال َم كأنها املطر‪،‬‬ ‫ويرسم على اجلدران‬ ‫حقو ً‬ ‫ال بألوان بنفسجية‬ ‫وقرى بأزهار وأجراس حزينة…‬ ‫(‪)4‬‬ ‫حزي ًنا يسقط ُ‬ ‫الليل‬ ‫ُ‬ ‫الكثيف املدينة‬ ‫السحاب‬ ‫يغطي‬ ‫ُ‬ ‫املصابيح يف الشارع‬ ‫تصطف‬ ‫ُ‬ ‫نعسانة وكئيبة‬ ‫ويرحل القم ُر األصف ُر‬ ‫بني الريح واملطر‬ ‫(‪)5‬‬ ‫تصعد رائحة الرطوبة من احلقول‬ ‫جنم بلون العشب‬ ‫ويرتفع ٌ‬ ‫ومتر عربة السابعة‬ ‫… تنبح الكالب…‬ ‫(‪)6‬‬ ‫عندما خيرج املر ُء إىل الطريق‬ ‫حيس على وجهه برودة القمر…‬ ‫ومن املقربة البيضاء اليت على التل‬ ‫يأتي نشيج أشجار الصنوبر السوداء‪.‬‬

‫يسعى كل الفنان أن حيفر على جدران مدينة الفن بصماته خاصة تدل عليه وتشري إىل أعماله‪,‬‬ ‫أنفاس���ه اخلاص���ة بتميزه وس���لكه طريقا خمتلف���ا عن م���ا كان قبله وحتى رمبا عن من س���تأتي‬ ‫بعده‪,‬هذا ش���عور مجيل جيب أن يالزم كل مبدع ولكن دون املبالغة والس���عي احملموم بغري دراية‬ ‫أو معرفة عميقة مبا مت اجنازه يف عامل الفنون التش���كيلية بش���كل عام على مر التاريخ‪ .‬إن الفنان‬ ‫حمم���د الغريان���ي مل يعتمد على النهجية يف الرس���م عنده حبيث ميتلك أس���لوب خ���اص به أو إن‬ ‫الفنان ال يركز على هذا اهلدف أصال‪ ,‬فهو يرس���م بكل حرية‪ ,‬بعيد عن هذا اهلاجس والركض‬ ‫وراء التميز واالختالف من اجل االختالف فقط‪ ,‬بعيدا أيضا عن األكادميية اليت وقع يف شباكها‬ ‫الكثري من الفنانني دون معرفة لطريق اخلروج منها‪.‬‬ ‫جينح إىل التبس���يط يف أسلوبه وتناوله القضايا التشكيلية الراهنة على تنوعها يف أعماله ووجوده‬ ‫يف نطاق مالمح املدارس التشكيلية الليبية الراهنة فهو يتجول بني عوامل لونيه مجيلة ال تنقصها‬ ‫اخل�ب�رة والذائق���ة البصرية اليت اكتس���بها الفنان خالل س���نوات طويلة م���ن التجريب يف حقول‬ ‫متعددة فقد وطئت قدماه الكثري من مواطن اجلمال وهذا يتضح جليا يف أعماله األخرية‪.‬‬ ‫رس���م احلي���اة الليبية البس���يطة بروح تل���ك األيام البعي���دة‪ ,‬مج���ال مكنوناتها الزاخ���رة باملنتجات‬ ‫التقليدية ورس���ومات الس���جاد ومفردات احلياة اليومية واهلندس���ة املعمارية للمدن الليبية على‬ ‫اختالفه���ا م���ن مالم���ح طرابلس���ية إىل مالمح م���دن اجلن���وب اللييب اجلمي���ل وما يتمي���ز به من‬ ‫خصوصي���ة ومجال كمدين���ة غدامس الزاخ���رة بنخيلها وزخارفه���ا وجدرانها املتأللئ���ة بألوانها‬ ‫األصيل���ة يف أعمال تنقل بكل أمانة حياة الن���اس حلوها ومرها وتفاصيل من عالقات محيمة بني‬ ‫البشر واألمكنة اليت سكنوها‪.‬‬ ‫أعماله التجريدية هي يف حقيقتها خالصة لتجربة سابقة وخربة يف التعامل مع املواد املستخدمة‪,‬‬ ‫حماولة التخلص يف النصوص البصرية التقليدية واالبتعاد عن الش���كل إىل ما هو ابعد من ذلك‬


‫أغسطس‪)2012‬‬ ‫يونيو‪ /‬يوليو‬ ‫الثانية‬ ‫السنةالسنة‬ ‫‪)2013‬‬ ‫‪ 26( -( )59‬ـ‪19 --213‬‬‫العدد‪118‬‬ ‫العدد (‬ ‫الثالثة ‪-‬‬

‫ـــــوان تبدي رغبتها االقرتاب من الناس !‬

‫‪13‬‬ ‫َغ ْي ٌض ِمن َف ْيض‬ ‫مفتاح ميلود‬

‫عدنان بشري معيتيق‬ ‫بالرتكي���ز على احلالة التعبريية وما تنتجه من أعمال مبهرة‪ ,‬تبقى جماورة ألعماله الس���ابقة من‬ ‫حي���ث اخلصوصي���ة الليبية وم���ا تنضح به من رموز‪ ,‬أش���كال‪ ,‬ألوان تظهر تارة ث���م ختتفي يف الكثري‬ ‫من األعمال‪ ,‬رغم أنها ختتلف يف ش���كلها العام باختفاء التكوينات التقليدية يف حماكاة احلياة وما‬ ‫تنعكس منها بش���كل مباشر كما هو يف الس���ابق وحتل حملها األشكال املختزلة إىل ابسط ما ميكن‪.‬‬ ‫وال تكف ألوان الغرياني عن إحلاحها الش���ديد رغبته���ا االقرتاب من الناس وعدم االنفراد يف خطابها‬ ‫البص���ري فه���ي نابعة من الن���اس وموجه إليهم‪ ,‬تتس���ل إىل خواطرهم وتتحاور معهم وتش���اركهم‬ ‫همومه���م وأفراحه���م كل هذا نتاج صدقه���ا وبالتالي من ص���دق الفنان وتأصل���ه وارتباطه بالناس‬ ‫فاحلالة اإلنس���انية عنده ليست متثيال على األس���طح املصمتة فقط بل تتجاوز ذلك بكثري إىل منت‬ ‫احلياة اليت يرتقي فيها الفنان إىل أن يصبح إنسان جديرا بهذا التسمية وجديرا باحلياة نفسها‪.‬‬

‫َ ُ‬ ‫املثول وهذه قامتك‬ ‫لمِ‬ ‫حمشو ٌة بقش األحزان؟‬ ‫خّلص معانيك من َجور الكالم‬ ‫الليل َ‬ ‫وحدك‬ ‫َّ‬ ‫تدب ْر َ‬ ‫أمر ِ‬ ‫ْ‬ ‫مللم من النجوم زواد َة السفر‬ ‫ْ‬ ‫وإرحتل‪..‬‬ ‫َمن قال َّ‬ ‫الوجع نبوءة‬ ‫إن‬ ‫َ‬ ‫وأن َّ‬ ‫َّ‬ ‫ضحكة ُسَّبة للمرتفني‬ ‫كل‬ ‫ٍ‬ ‫قدمياً مروا من هنا‬ ‫حاملني خب َز أمهاتهم‬ ‫الريح باملدى‬ ‫الذت ُ‬ ‫قدمياً ِ‬ ‫حني مروا ُفرادى‬ ‫ْ‬ ‫تفيأ يف ظالل قصائدك‬ ‫قيض‬ ‫ككل العابرين يف ٍ‬ ‫وأرحتل‪..‬‬ ‫ال ُت ْص ِغ لوقع أقدامك‬ ‫يف وحل الدروب‬ ‫ال تنهر طيوراً أغواها فتا ُتك‬ ‫تطهّر بالغياب ليبقى احلضو ُر‬ ‫طقساً يستوجب اإلحتفاء‪.‬‬ ‫ْ‬ ‫مكان ما من الغد‪..‬‬ ‫ال‬ ‫تضجر‪ ..‬ففي ٍ‬ ‫ستهبط ُ‬ ‫غيمة‬ ‫تغسل ثيا َبك َّ‬ ‫الرثة‪.‬‬ ‫الشمس‪.‬‬ ‫مكان ما س ُتو َلد‬ ‫ُ‬ ‫يف ٍ‬


‫‪14‬‬

‫السنة الثالثة ‪ -‬العدد ( ‪ 19 - 13 ( - ) 118‬أغسطس ‪)2013‬‬

‫بورتريه‬

‫احلريوش‪..‬إضاءة البصمة ودياجري التعتيم والعتمة‬ ‫عبدالناصرعبداجمليد الباح‬ ‫صاحبن���ا ه���ذا تعل���م باجملهود الذات���ي‪ ،‬وعلم أيضاً باجملهود الذات���ي‪ ..‬مل يتخرج من امل���دارس‪ ،‬أو املعاهد‪ ،‬أو‬ ‫اجلامعات باملعنى املتعارف عليه حاليا‪ ,‬وامنا درس يف التكايا والزوايا باإلصغاء هلذا واالنصات لذاك من القراء‬ ‫وبعض من عاصر من العلماء واالدباء يف مقدمتهم مفيت (درنة) الشيخ‪ :‬حممد املفيت‪ ،‬والعامل الشيخ‪(:‬حممد‬ ‫اخلرش���ي) آنذاك ‪,‬ثم اكمل دراس���ته بالطريقة عينها يف (معهد اجلغبوب الديين ) حتى صار يف زمانه و بني‬ ‫ان���داده يف مدينت���ه (درنة) اش���هر من نار عل���ى علم كما يقال‪..‬ع���رف بلقبه ( احلريوش )‪ ،‬وه���و‪ :‬لفظ عامي‬ ‫يُعد تصغرياً تلطيفياً لكلمة ( أحرش )‪ ،‬وتعين عامياً‪ :‬الش���يء اخلش���ن اجلاف‪ ،‬وق���د ألصقها به جمايلوه نظراً‬ ‫ملطابقتها لصفاته ورغم ّ‬ ‫ان هذه اللفظة غري متداولة لدينا اآلن إال انها الزلت حتتفظ بكم وافر من التداول‬ ‫كلقب يف الشقيقة اجلزائر وإىل اآلن‪.‬‬

‫و(احل�ي�روش) هو"حمم���د عب���د الق���ادر‬ ‫قويدراحلص���ادي"‪ ،‬واخوال���ه آل اجليبان���ي‪ ..‬ول���د‬ ‫بدرن���ة ع���ام ‪ 1876‬م‪ ،‬وعاش طيل���ة حياته فيها‬ ‫ومل يربحه���ا إال للجغب���وب إلمتام دراس���ته كما‬ ‫أس���لفنا الذكر(مبعه���د اجلغب���وب الدي�ن�ي ) ثم‬ ‫قطن لفرتة وجي���زة بطربق بعد خترجه من هذا‬ ‫املعهد‪ ،‬وفيها كت���ب قصيدته واليت بعنوان " ثغر‬ ‫طربق"‪ ،‬وفيها يقول‪:‬‬ ‫لطـــــربق ُحــــسن ُه ربّــــاني‬ ‫ثغـــ ٌر‬ ‫ِ‬ ‫َّـــــان‬ ‫للــرب‬ ‫باألمــن‬ ‫متبســم‬ ‫ٌ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٌ‬ ‫مــــتوسـط‬ ‫متوســـط ‪ ..‬يف ابيــض‬ ‫ٍ‬ ‫َّ‬ ‫رب بانـي‬ ‫بني‬ ‫املضائق جل ٌّ‬ ‫ِ‬ ‫الرومان اضــحى معــق ً‬ ‫ــــال‬ ‫لبواخر‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اليونان‬ ‫ر‬ ‫ومواخ‬ ‫‪،‬‬ ‫ه‬ ‫ب‬ ‫ترسوا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫بيض اجلوارى حني يطغى مـــوج ُه‬ ‫َ‬ ‫اخلفقـان‬ ‫سريعة‬ ‫ه‬ ‫إلــي‬ ‫جتري‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫منظـــومة‬ ‫ـــــجريهــــا بولوجــ ِه‬ ‫ف ُي‬ ‫ُ‬ ‫رجان‬ ‫مل‬ ‫وا‬ ‫‪،‬‬ ‫كالدر‬ ‫ه‬ ‫جيد‬ ‫يف‬ ‫ِّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫مــراكب‬ ‫وهـــي‬ ‫فكأ ّنها يف‬ ‫ٌ‬ ‫اللــيل َّ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫الكيوان‬ ‫كـــواكب‬ ‫ء‬ ‫هربـا‬ ‫ك‬ ‫بال‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫لك ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫جنحت ب ِه ُف ٌ‬ ‫رست‬ ‫جنحت‪ ،‬وما‬ ‫ّ‬ ‫ُّ‬ ‫الطـوفان‬ ‫اجلودي يف‬ ‫فكــأ ّن ُه‬ ‫ِ‬ ‫املــالح ْ‬ ‫إن‬ ‫لطـــربق ايها‬ ‫فاجلــــأ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫أمان‬ ‫بـنيل‬ ‫ر‬ ‫تظف‬ ‫الردى‬ ‫فت‬ ‫خ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫‪،‬وسرعان ما عاد بعد ذلك اىل مدينته درنة قاطنا‬ ‫مبنزل آلل احلصادي متزورب بالطرف الغربي‬ ‫ألح���د أزقتها العريق���ة و املعروف آن���ذاك بزقاق‬ ‫(احلوش���ية االش���راف) اح���د أزقة ش���ارع (الكوي)‬ ‫حبي بو منصور‪...‬‬ ‫فق���د احل�ي�روش نعم���ة البصر وه���و يف اخلمس‬ ‫عش���رة س���نة من عمره‪ ،‬إال انه مل يفقد البصرية‬ ‫املتوق���دة‪ ،‬ب���دأ بقرض الش���عر منذ ش���بابه‪ ،‬ولقد‬ ‫كان حاد الذكاء‪ ،‬والطب���اع أيضاً‪ ،‬وإن مل جيافه‬ ‫الظ���رف أحيانا‪...‬كما امت���از بامتالكه لذاكرة‬ ‫قوي���ة‪ ،‬وملكة حفظ س���ريعة‪ ..‬مكنت���ه من حفظ‬ ‫القرآن الكريم بأكمل���ه إىل جانب حفظ العديد‬ ‫من مت���ون الكت���ب وأمهاتها‪ ،‬باإلضافة إىل ش���عر‬ ‫املعلقات‪ ،‬والكثري من القصائد الش���عرية لفحول‬ ‫شعراء العربية‪ ،‬وقواعد النحو‪ ،‬والبالغة‪ ،‬وأصول‬ ‫اللغ���ة العربية‪ ،‬والتش���ريعات الفقهية‪ ،‬إىل جانب‬ ‫امتالك���ه ملكتبة ثرية احتوت العديد من نفائس‬ ‫الكت���ب‪ ،‬واجملل���دات يف ش���تى العل���وم األدبي���ة‪،‬‬ ‫والتارخيية والفقهية‪ ،‬كان يرسل يف طلبها من‬ ‫القطر املصري‪.‬‬

‫ه���ذه املكتبة ال�ت�ي أوصى إخوته قبيل وفاته‪ ،‬أن‬ ‫تقدم كهب���ة لتكون نواة ملكتب���ة ( معهد البيضاء‬ ‫الدي�ن�ي)‪ ،‬ليس���تفيد به���ا أك�ب�ر ع���دد ممكن من‬ ‫طلب���ة العلم‪ ،‬وه���ذا ما كان‪ .‬وق���د أصبحت فيما‬ ‫بع���د م���ن ممتل���كات جامع���ة الدعوة اإلس�ل�امية‬ ‫بالبيضاء(جامعة عمر املختار) حاليا‪.‬‬ ‫ق���ام ه���ذا املعل���م بتدري���س العل���وم للكثري من‬ ‫املرموق�ي�ن يف ذلك العهد من أمثال الش���يخ ( عبد‬ ‫احلمي���د الديباني)‪ ،‬و(عم���ر الديباني)‪ ،‬والش���يخ‬ ‫(مصطف���ى الطرابلس���ي ) وه���و أديب وش���اعر و(‬ ‫عب���د الكريم جربيل)‪ ،‬وهو م���ن الرعيل األول من‬ ‫رواد التعلي���م يف بالدن���ا وش���اعر غنائي و(حممد‬ ‫القدي���ري) وه���و ادي���ب وش���اعر‪,‬و(مكي حس���ان‬ ‫)‪,‬و(محد ب���ن طالب )‪,‬و(ص���احل البتري) و(حممود‬ ‫دربي) وهو احد رجاالت التعليم‪,‬وغريهم‪.‬‬ ‫عم���ل احل�ي�روش يف التج���ارة‪ ،‬كم���ا كان يقوم‬ ‫بتدري���س‪ ،‬وحتفي���ظ الق���رآن الكري���م‪ ،‬وأص���ول‬ ‫اللغ���ة العربية للتالمي���ذ الصغ���ار يف زاوية ( بن‬ ‫بش���يش ) عاش وحي���داً أعزب���ا‪ ،‬مل يأن���س للمرأة‬ ‫ط���وال حياته‪ ،‬مفض ً‬ ‫ال رغم فق���ده لبصره ال ُعزلة‬ ‫واالنف���راد‪ ،‬وع���دم ال���زواج او االخت�ل�اط بالناس‬ ‫ع���م ل ُه‬ ‫وإن ق���رر ال���زواج يف ش���يخوخته من ابنة ٍ‬ ‫كانت تصغ���ره كثريا إال ان ُه ق���د أثناه ذويه عن‬ ‫ذل���ك ‪ ،‬وم���ع ذل���ك كان يق���وم جبمي���ع ش���ؤونه‬ ‫بنفس���ه وبكل دقة ونظ���ام‪ ،‬وكان دائم���اً ال يبدو‬ ‫إال نظيف���اً يف جس���ده‪ ،‬أنيق���اً يف ملبس���ه‪ ،‬لدرجة‬ ‫دفعت بع���ض زواره الذين كانوا ي�ت�رددون عليه‬ ‫ب�ي�ن الفينة واألخرى‪ ،‬ب���أن ميازحوه ويفضوا له‬ ‫بش���كهم بعدم وجود امرأة م���ا‪ ..‬تقوم على العناية‬ ‫به ومبأكله‪ ،‬ومبلبس���ه‪ ،‬ومنزل���ه‪ ..‬فما كان منه‬ ‫إال أن استش���اط غضباً‪ ،‬وطرده���م !! والغريب انه‬ ‫رغم قسوة طباعه ال ختلو روحه من حب الدعابة‬ ‫ورغ���م حبه للوحدة ال يأنف من جلس���ات الس���مر‬ ‫وال يك���ره التزاور‪..‬خصوص���ا م���ن املثقفني منهم‬ ‫حيث مطارحة الش���عر واألدب والفقه واالستماع‬ ‫لألناش���يد واالبتهاالت الصوفية ومما يذكر هنا‬ ‫انه يف عام ‪1938‬م ج���اء الصحفي والكاتب (عمر‬ ‫فخري احمليشي) من (بنغازي) لزيارة (درنة) ‪.‬‬ ‫فلق���د كان التزاور بني مثقف���ي البالد من أدناها‬ ‫ألقصاها عرف متعارف عليه فيما بينهم آنذاك‪...‬‬ ‫وكان���ت م���ن بني املدن ال�ت�ي حتلو زيارتها وش���د‬ ‫الرحال اليه���ا مدينة املوز واليامسني (درنة) ابنة‬ ‫وقص���ر يف زيارة‬ ‫الش�ل�ال ف���زار الكات���ب اجلمي���ع ّ‬ ‫ش���اعرنا فعت���ب األخ�ي�ر علي���ه بقصي���دة بعنوان‬ ‫َّ‬ ‫"يف اخلص���ام" وه���ي عل���ى منوال ميمي���ة "املتنيب"‬ ‫َ‬ ‫"في���ك اخلصامُ" الم فيها حظ الش���عراء‬ ‫الش���هرية‬ ‫العاثر وإال كيف ال يُزار؟! و كيف ال يُدعى إىل‬

‫وليمة العشاء اليت أقامها األستاذ (اسعد اجلربي)‬ ‫نائب عميد بلدية درنة آنذاك على ش���رف الكاتب‬ ‫الضيف‪،..‬وفيها يقول‪:‬‬ ‫َّ‬ ‫يف اخلصا ُم َ‬ ‫احلكم‬ ‫اخلصم و‬ ‫وانت‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫وصفحكـم‬ ‫ُربئنـــي ُعـذري‬ ‫ي‬ ‫وقد‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫يا َ‬ ‫َ‬ ‫عندك يف‬ ‫اآلداب‬ ‫الناس يف‬ ‫ِ‬ ‫أعدل ِ‬ ‫خنتصـــم‬ ‫االدب الغـــرا ِء‬ ‫شريــعة‬ ‫ُ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ً‬ ‫حمــــاكمة ‪،‬والشع ُر‬ ‫ملّا اقرتحتم على ش���عري‬ ‫ُتـهم‬ ‫بُرهانـــ ُه‬ ‫بالضعف ي ُ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫فو ُ‬ ‫عـــادات‬ ‫على‬ ‫فاقض‬ ‫احلكم‬ ‫إليك‬ ‫فيها‬ ‫ّض���ت‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ذمــــم‬ ‫قوم هلم يف ودِّهم ُ‬ ‫ٍ‬ ‫قد ُز َ‬ ‫رت "درنا" فش ّرفـ ُتم بزورتـ ُكم‬ ‫َ‬ ‫كيف احنــرمُ؟‬ ‫ســرور ُلقاكم‬ ‫ومن‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫قد عاقين سو ُء حظي عن مؤانسيت‬ ‫َّ‬ ‫فـــأشتد بي سـد ُم‬ ‫فيــها بآدابــكم‬ ‫الكتاب على‬ ‫نص‬ ‫ُ‬ ‫حرج َّ‬ ‫‪،‬وليس من ٍ‬ ‫مثلي وأعـرج أو مـن ّ‬ ‫سقم‬ ‫مض ُه ُ‬ ‫ٍ‬ ‫التعطيـــــل مـــأدُب ٌة‬ ‫جعلــــ ُتم سبـب‬ ‫ِ‬ ‫بها "ألسعد" يُعزى اجلو ُد والكر ُم‬ ‫فقـــلت َّ‬ ‫ُ‬ ‫اجلسم عطلــين‬ ‫أن غــــذا َء‬ ‫ِ‬ ‫حتتــكم‬ ‫عن املعـاني غـذاء الروح‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫العــلم خدمـــــتكم‬ ‫فكيف هذا ونش ُر‬ ‫َ‬ ‫والعجم‬ ‫رب‬ ‫ومن فنو ِن َك َت ْروي ال ُع ُ‬ ‫ُ‬ ‫ـــــلت بـــ ّي ً‬ ‫ومن أرا َد على ما ُق َ‬ ‫نــة‬ ‫فالشاهدان َ‬ ‫والقــلم‬ ‫القـــرطاس‬ ‫لك‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫هذا و ال عت ُبفي رأيـي على أحــ ٍد‬ ‫ْ‬ ‫حــكم‬ ‫احلظ‬ ‫فأنــظر في ِه يا ُ‬ ‫إال على ِ‬ ‫بوصف السو ِء ملتزماً‬ ‫ْ‬ ‫واحكم علي ِه‬ ‫ِ‬

‫ُ‬ ‫ينــحسم‬ ‫احلرمان‬ ‫ُحكماً صحيحاً ب ِه‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫احلظوظ ُتــــــعادي َّ‬ ‫َّ‬ ‫ادب‬ ‫إن‬ ‫كل ذي ٍ‬ ‫َّ‬ ‫حـــكــــم‬ ‫جل اإللــــ ُه ل ُه يف خلـق ِه‬ ‫ُ‬ ‫حتيــــات ُم ْ‬ ‫َ‬ ‫ــــعطر ٍة‬ ‫إليـــك‬ ‫أُهــدي‬ ‫ٍ‬ ‫يبتسم‬ ‫الروض‬ ‫يف‬ ‫غدا‬ ‫د‬ ‫ور‬ ‫كنشر‬ ‫ُ‬ ‫ِ ٍ‬ ‫ِ‬ ‫‪،‬ولظ���رف القصي���دة وروح الفكاه���ة فيه���ا عمد‬ ‫الصحف���ي (عم���ر احمليش���ي) إىل نش���ر نصه���ا يف‬ ‫جملة (ليبيا املصورة)‪ ،‬ونظراً ملا بني شاعر الوطن‬ ‫(أمحد رفيق املهدوي) والش���اعر (احلريوش) من‬ ‫صداق���ة وطي���دة توطدت م���ع تك���رار زياراته إىل‬ ‫بي���ت أقارب���ه ( آل املهدوي ) الواق���ع يف نفس زقاق‬ ‫(احلوشية االشراف) إما لزيارته لدرنة أو مرورا‬ ‫بها ذهابا أو إيابا من وإىل القطر املصري مما دعا ُه‬ ‫ح���ال مطالعته لنص القصي���دة املذكورة إىل أن‬ ‫ين���ادي يف قصيدة له برف���ع مظلمة (احلريوش)‬ ‫إىل حمكم���ة أدبي���ة يك���ون قاضيها العادل ش���يخ‬ ‫الشعراء القاضي (أمحد الشارف) ‪.‬‬ ‫وهو اآلخر قد سبق له وأن زار درنة مراراً ويعرف‬ ‫مجي���ع أط���راف القضية م���ن ش���خوص على أن‬ ‫تكون س���احتها صفح���ات اجلرائد وه���ذا ما كان‬ ‫حيث أصدر ش���يخ الش���عراء حكمه شعرياً لصاحل‬ ‫(احل�ي�روش) ومعاقب���ة مجي���ع ُ‬ ‫اجلن���اة بإقام���ة‬ ‫الوالئ���م والعزائ���م وامل���آدب على ش���رف الش���اعر‬ ‫وهي قصيدة مليئة بالدُعابات وال ُفكاهة‪.‬‬ ‫املظلوم ّ‬ ‫ً‬ ‫كان (احل�ي�روش) ش���اعراً‬ ‫فح�ل�ا‪ ،‬يكت���ب‬ ‫القصائ���د الفصح���ى والعامي���ة‪ ،‬وتنقلت أغراض‬ ‫قرحيت���ه ب�ي�ن األغ���راض الديني���ة‪ ،‬والصوفي���ة‪،‬‬ ‫واالجتماعي���ة والوطنية‪ ،‬واملناس���بات‪ ،‬والوصف‪،‬‬ ‫ولألسف ضاع جل ما كتبه‪ ،‬إن مل يكن كله عدا‬ ‫شذرات منه هنا وهناك‪ ..‬ولعل أقاربه حينما قاموا‬ ‫بتنفيذ وصيته بتس���ليم مكتبته الضخمة‪ ،‬وكل‬ ‫م���ا أبدعه للمعهد الديين بالبيضاء كما أس���لفنا‪،‬‬ ‫عمل���وا م���ن حيث ال ي���درون‪ ،‬على طم���س الكثري‬ ‫من إبداعاته ال�ت�ي كان جيب أن يعرفها األجيال‬ ‫الالحق���ة ل���ه‪ ،‬حيث مل يص���ل لنا منها ع���دا النزر‬ ‫اليس�ي�ر كما أس���لفنا‪ ،‬ومما يذكر ل���ه ان ُه خالل‬ ‫عام ‪ 1943‬م اُقيمت حفلة تكريم يف درنة إلحدى‬ ‫الشخصيات النافذة ألقى فيها شاعرنا احلريوش‬ ‫قصي���دة بعن���وان "تكري���م" مت نش���رها يف جمل���ة‬ ‫"عم���ر املختار" وقد ّ‬ ‫اطلع عليه���ا الراحل االديب و‬ ‫الصحفي‪ /‬صاحل مس���عود بويص�ي�ر‪ ،‬فكتب حول‬ ‫ش���ر يف اجمللة ذاتها‬ ‫ه���ذه القصيدة مق���اال نقديا ُن َّ‬ ‫‪ .‬اته���م في ِه الش���اعر احل�ي�روش بأ ّن ُه ق���د خلط يف‬ ‫قصيدت���ه املذكورة بني حبور الش���عر ْ‬ ‫ومل يلتزم‬ ‫حبرا واح���دا كما هو ُمعتاد و املفرتض فيه كما‬ ‫اتهمه باالرتباك يف التعبري‪ ..‬فما كان من الشاعر‬ ‫حممد عبد القادر احلصادي ان ر ّد مبقالة الذعة‬


‫السنة الثالثة ‪ -‬العدد ( ‪ 19 - 13 ( - ) 118‬أغسطس ‪)2013‬‬

‫عمر فخري احمليشي‬ ‫ووجه إلي ِه‬ ‫يف ذات اجملل���ة دحض فيها نقد الناقد‪ّ ،‬‬ ‫"رد على‬ ‫فيه���ا هذه القصيدة و ل�ت�ي كان عنوانها ٌّ‬ ‫نقد" قال فيها‪:‬‬ ‫أتــاني إنتــــقـا ٌد منـك َ‬ ‫ُّل‬ ‫دون متـــه ِ‬ ‫فصـرت لــردّي ُع ً‬ ‫َ‬ ‫فـتحم ِل‬ ‫رضـة‬ ‫ّ‬ ‫نـقدت بــال داع تــــرو َم مظـــاهراً‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬ ‫مبجهل‬ ‫تكون‬ ‫كــي‬ ‫فأعكس‬ ‫ك‬ ‫لعلم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫بالعروض‬ ‫تعرضت جهال‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫كم ِل‬ ‫لـــكامل‬ ‫فــدراســة تدر النـقد فــيه و ّ‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬ ‫"بويصري" بالــذي‬ ‫فلست بصريا يا‬ ‫ِ‬ ‫نقـدت بــ ِه شـعري ‪ ،‬ففــي ِه ِّ‬ ‫َ‬ ‫تــأمل‬ ‫َ‬ ‫لصــائغ‬ ‫العقــيان إال‬ ‫فـــال يعرف‬ ‫ٍ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫لصندل‬ ‫ف‬ ‫ر‬ ‫ع‬ ‫ر‬ ‫النا‬ ‫لوال‬ ‫ر‬ ‫ُد‬ ‫ي‬ ‫‪،‬ومل‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫بعد هذا فال ْ‬ ‫وإن ُر َ‬ ‫مت نقدا َ‬ ‫تــكن‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫مبقتل‬ ‫عجــوال‪ ،‬فكم زل العجـول‬ ‫ِ‬ ‫ً‬ ‫وكم زي َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫‪،‬وكــم‬ ‫صحيحة‬ ‫السقيم‬ ‫الفهم‬ ‫ّف‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫مبعزل‬ ‫ه‬ ‫عنـ‬ ‫العــلم‬ ‫و‬ ‫ّع‬ ‫ِ‬ ‫مد ٍْ‬ ‫يدخل اهليجا َء ْ‬ ‫ُ‬ ‫غريش ّك ٍة‬ ‫من‬ ‫ومن‬ ‫ِ‬ ‫يـدفع االعــدا َء ال ّ‬ ‫ُقـتل‬ ‫بــها ُ‬ ‫شــك ي ِ‬ ‫ْ‬ ‫فــإن يــأتين َ‬ ‫ببــاطل‬ ‫منــك إنتقــا ٌد‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬ ‫سوى ما مضى اُمسعك ر ّداً‬ ‫كحنظل‬ ‫ِ‬ ‫فيما يش���ب ُه ه���ذا املقام‬ ‫ومم���ا يذك���ر ل���ه ايض���ا َ‬ ‫تل���ك احمل���اورة الش���عرية ال�ت�ي قامت بين���ه وبني‬ ‫ش���اعر الوطن الكبري (امحد رفي���ق املهدوي) على‬ ‫صفحات جريدة ( برقة اجلديدة ) يف عام ‪1946‬‬ ‫اليت كان يذيل فيها ش���اعر الوطن ( امحد رفيق‬ ‫امله���دوي) قصائده بعب���ارة (عابر س���بيل) وكان‬ ‫يذي���ل ش���اعرنا ( احل�ي�روش ) قصائ���ده بعب���ارة‬ ‫(مقي���م جميب العابر س���بيل) حي���ث كانت هذه‬ ‫احمل���اور الش���عرية‪ ،‬مليئ���ة بالكثري م���ن الدعابات‬

‫الالذع���ة من كال الطرف�ي�ن‪ ،‬واليت كادت تؤدي‬ ‫على خصومة بينهم���ا‪ ،‬نقتطف منها هذه األبيات‬ ‫لشاعرنا احلريوش‪ ،‬اليت نشرت بصحيفة ( برقة‬ ‫اجلديدة)‪ ،‬بتاريخ ‪ 1946/2/24‬حتت عنوان "أيا‬ ‫عابر"‪.‬‬

‫الشيخ الطاهر الزاوي‬

‫صاحل بويصري‬

‫وفيها يقول‪:‬‬ ‫أيــا عابراً للفـخر بالشعر ينتمــــــي‬ ‫اتهجوا ‪ ،‬ألجل "املوز" أهل التـكرم‬ ‫ْ‬ ‫ومل تستمع يف ذاك عـذراً وشــر من‬ ‫على األرض من ال يقــبل العذ َر فاهم‬ ‫فلو كنت مقوا ً‬ ‫ال‪ ..‬رفيقاً‪ ..‬رفقت يف حمـــاورتي‪،‬‬ ‫ولـــكن رميت بأســهم‬ ‫فــلـلقـــول ٌّ‬ ‫حــد أن تـعــدا ُه قـــيـمــة‬ ‫فـــال يـــحـمـد اإلكــثار لــلمـتـكـلـــم‬ ‫وللشعر ٌ‬ ‫نفـث‪ ،‬ليس نفخاً‪ ،‬وإمنا‬ ‫ُ‬ ‫النفـخ لـلــزمار‪ ..‬عند الرتمن‬ ‫يُرى‬ ‫*********‬ ‫ويف الناس قو ٌم يفخرون بشهــرة‬ ‫خبالف الظــن يــوم التقـدم‬ ‫وهــم‬ ‫ِ‬ ‫تف ‪ ..‬فاق الشهري بعــلمه‬ ‫فكم خُم ٍ‬ ‫شهــري وهــو كاملتعلم‬ ‫وكـــم من‬ ‫ٍ‬ ‫ري أديب ‪ ..‬شــاع ٌر بشـعــوره‬ ‫وخ ُ‬ ‫يرى حق ذي اآلداب عــند التكلم‬ ‫ُّ‬ ‫فــكل لســـان باجلنـــان قــوامــه‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫نان بالــلــسان املرتجم‬ ‫وكــل جــِ ٍ‬ ‫وكــل كـــالم أن تـــكـرر دائمـــاً‬ ‫ُّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫يمُ ل ‪ ..‬سوى قــول اإلله املعظم‬ ‫كان (احل�ي�روش) أح���د رواد (منت���دى درن���ة‬ ‫األدبي) الذي أسس���ه عام ‪ 1934‬كل من الشاعر‬ ‫(إبراهي���م األس���طى عم���ر)‪ ،‬و(حمم���د جربي���ل )‬ ‫وهو عبارة عن بس���تان (جن���ان) حيوي حجرتني‪،‬‬ ‫وخمزناً وبئراً لألوقاف العامة‪ ،‬مغروس���اً بأشجار‬ ‫الثم���ار املختلف���ة كامل���وز‪ ،‬والتني‪ ،‬والعن���ب‪ .‬قاما‬ ‫باس���تئجاره وإصالح���ه ليك���ون ملتق���ى للطبقة‬ ‫املثقف���ة آن���ذاك‪ ،‬بع���د أن زودوه مبكتب���ه‪ ،‬وآل���ة‬

‫الفون���وال (مرناه لالس���طوانات)‪ ..‬وكان من رواد‬ ‫ه���ذا املنت���دى كل من ش���اعر احلري���ة (إبراهيم‬ ‫األس���طى عمر) وش���اعر درنة (حممد احلصادي‬ ‫"احل�ي�روش") وقاضي درنة (عي���د الكريم عزوز)‪،‬‬ ‫وأس���تاذ جي���ل املعلم�ي�ن األوائ���ل (عب���د الكري���م‬ ‫جربي���ل)‪ ،‬و(حمم���د الصاحل�ي�ن س���رقيوه ) رجل‬

‫أمحد رفيق املهدوي‬

‫ل���ه أث���ره يف التعلي���م واإلدارة‪ ،‬و(مفت���اح بوغرارة‬ ‫) م���ن املدرس�ي�ن األوائل‪ ،‬وعض���و يف مجعية عمر‬ ‫املخت���ار‪ ( ،‬حمم���د عبد اهلادي ) مؤس���س املس���رح‬ ‫اللييب‪ ( ،‬عبداحلميد محد الباح ) ش���يخ الطريقة‬ ‫العيس���اوية بزاوية بن عيسى الصوفية‪ ،‬وغريهم‬ ‫من أمثال (مصطفى بوخش���يم)‪ ،‬و(عبد احلفيظ‬ ‫بوغ���رارة) و(امحد بوغ���رارة)‪( ،‬خليفة عيس���ى‬ ‫)‪( ،‬عل���ي أس���عد اجلربي)‪( ،‬مصطفى بن س���عود)‪،‬‬ ‫(امح���د جربي���ل)‪( ،‬إدري���س اإلم���ام) (امح���د‬ ‫النويصري) أحد رواد املس���رح‪ ( ،‬انور الطرابلس���ي‬ ‫) اح���د رواد املس���رح‪ ..‬وغريهم الكث�ي�ر من النخبة‬ ‫املثقفة آنذاك‪.‬‬ ‫ومل يك���ن ش���اعرنا مفصوال عن االح���داث االدبية‬ ‫يف وطننا العربي رغم عزلته مثال ذلك اسهاماته‬ ‫مبرثيات ش���عرية يف تأبني الشاعر "امحد شوقي"‬ ‫ٍ‬ ‫من بينه���ا مرثيت ِه واليت بعنوان "يف رثاء ش���وقي"‬ ‫وه���ي خمطوط���ة خب���ط "حمم���ود درب���ي" اح���د‬ ‫تالمذت���ه ومن رج���االت التعليم فيم���ا بعد خطها‬ ‫يف متون ‪ 10‬رمضان س���نة ‪ 1352‬هجري املوافق‬ ‫؟‪ 27‬ديسمرب سنة ‪ 1933‬م ‪،‬وفيها يقول‪:‬‬ ‫العـــــــــروض ُمص ّد ُع األوتـــا ِد‬ ‫بـــاب‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫غاضت عن املُعتا ِد‬ ‫وحبـــــور ِه‬ ‫ْ‬ ‫ـدولة ُ‬ ‫و َل ُ‬ ‫ضاعت ْإذ قضى‬ ‫الشــــــعرا ِء‬ ‫الشعـر واإلنشاد‬ ‫شوقـي اميـــ ُر‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫امريك ْــم‬ ‫غــاب‬ ‫يـــا‬ ‫معشــــر الشعرا ِء َ‬ ‫َ‬ ‫فرثـــاؤ ُه فــــــرض على الـــروَّا ِد‬ ‫ُ‬ ‫النـــيل السعيــ ُد بغيــضـــ ِه‬ ‫وليبكه‬ ‫او فيــــــض ِه عن ُمرتــقا ِه الغـادي‬ ‫ْ‬ ‫لـــيمد‬ ‫ولـــتبك ِه االهـــرا ُم ُحـــزنــاً و‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫شــامخ االطــوا ِد‬ ‫معــــــها املقط ُم‬ ‫البيـــان لب ّيــــــــ ِن ِه من بـــــعد ِه‬ ‫غيــ ُد‬ ‫ِ‬ ‫ثكــــــلى ُّ‬ ‫تـــــأن كفـــــاق ِد االوال ِد‬ ‫والبـــالغة فـي الذي‬ ‫للفصــــاحة‬ ‫من‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫فيــــهما كالصــائغ َّ‬ ‫ُ‬ ‫النقـــــــا ِد‬ ‫و‬ ‫ه‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫بان "شوقي" َ‬ ‫ُم ْذ َ‬ ‫بان شوقي و التظت‬ ‫ـيبــها بفؤادي‬ ‫نــا ٌر‪ ..‬سعــــ ُ‬ ‫ري ِ‬ ‫هل ِ‬ ‫َع ُ‬ ‫صــــاب ُ‬ ‫فقلت يف تــارخي ِه‬ ‫ـــظ َم املُ ُ‬ ‫ْ‬ ‫"شوقي" توفى ِسل بُكــا يا شادي‬ ‫عان���ى ش���اعرنا م���ن م���رض (الربو) كث�ي�راً وقد‬ ‫كان س���بباً يف وفات���ه حي���ث وفاة األج���ل بتاريخ‬ ‫‪ 1953/12/14‬ع���ن عم���ر يناه���ز الس���بعة‬ ‫والس���بعني عاماً ‪ ،‬ومالحظة املشهد العام لسريته‬ ‫الذاتية وما قدمناه عن الرجل جند الش���به الكبري‬ ‫والقواسم املش�ت�ركة إىل حد التطابق بينه وبني‬ ‫ش���خصية أخ���رى س���بقته حبوالي ألف ع���ام‪ ،‬أال‬ ‫وه���ي ش���خصية حكيم املع���رة رهني احملبس�ي�ن‪..‬‬ ‫ّ‬ ‫(النعم���ان أبو العالء املع ّري) الش���اعر الفيلس���وف‬ ‫التشاؤمي الفاقد للبصر أيضاً صاحب اللزوميات‪،‬‬ ‫وال���ذي عاش رهينا للعتم���ة والوحدة كما عاش‬ ‫صاحبن���ا هذا رهين���ا حملبس العتمة وم���ات رهينا‬ ‫للتعتيم‪،‬ولي���س أبل���غ على ذلك إال م���رور مئوية‬ ‫مي�ل�اده ع���ام ‪ ،1976‬وكذل���ك مخس���ينية وفاة‬ ‫ه���ذه القامة الس���امقة يف املش���هد االدب���ي لبالدنا‬ ‫ذكر لس�ي�رته‬ ‫بتاري���خ ‪ 2003/12/14:‬دون أي ٍ‬

‫‪15‬‬

‫أمحد شوقي‬ ‫أو تذك���ر له‪ ،‬ورغم ذلك يظل اس���م (احلريوش)‬ ‫الش���اعر الفح���ل و البصم���ة املضيئة رغ���م أهوال‬ ‫العتم���ة‪ .‬دفن هذا املعل���م والش���اعر مبدينته اليت‬

‫أح���ب درنة‪ ،‬وودع���ه أهلها مبا للش���يخ من تقدير‬ ‫وقدر وإجالل بقلوبهم‪.‬‬ ‫بق���ى أن أق���ول أن ه���ذا الرج���ل مل ين���ل حقه من‬ ‫التكري���م‪ ،‬أو التعري���ف ب���ه‪ ،‬ومل حيظى بدراس���ة‬ ‫وافية عنه تبني مآثره‪ ،‬وما هذه السطور ليس إال‬ ‫فتح باب للول���وج إىل عامله الذي ندرك أننا جنهل‬ ‫اغلبه‪ ،‬قد ميكنين الق���در‪ ،‬والصدفة‪ ،‬والبحث من‬ ‫أن اجلوها أكث���ر فيما بعد وان أعمقها بدراس���ة‬ ‫أوف���ى‪ ،‬وق���د يفعله���ا غريي مم���ن هم أق���در مين‬ ‫وعلى دراية اوس���ع وأمشل بالرج���ل ويبقى الباب‬ ‫مفتوحاً‪.‬‬ ‫مصادر املقال‪:‬‬ ‫• ُ‬ ‫كتيب يوم الفن الثاني ‪1974‬‬ ‫• يومي���ات إبراهيم األس���طى عم���ر يف ديوانه (‬ ‫البلبل والوكر)‪.‬‬ ‫• يومي���ات إبراهي���م األس���طى عم���ر يف ديوان (‬ ‫إبراهيم األسطى عمر)‪.‬‬ ‫• خمط���وط حول الش���اعر احلريوش و ش���عره‪.‬‬ ‫إعداد و جتميع‪:‬علي اخلرم‪.‬‬ ‫• أمح���د الش���ارف دراس���ة و دي���وان‪ ..‬إع���داد و‬ ‫جتميع‪:‬علي مصطفى املصراتي‪.‬‬ ‫• ديوان رفيق املهدوي ( الفرتة الثالثة والرابعة‬ ‫واخلامسة)‪.‬‬ ‫• عب���د الناصر الباح ( مقالة بصحيفة الش�ل�ال‬ ‫– العدد ‪.) 444‬‬ ‫• الش���اعر عبد احلميد بط���او ( مقالة حبصيفة‬ ‫الشالل – العدد ‪.) 470‬‬ ‫• عب���د الناص���ر الب���اح ( مقالة بصحيف���ة أخبار‬ ‫الزهراء– العدد االول )‪.‬‬ ‫• املرحوم‪ :‬عبد اجمليد الباح ( رواية شخصية )‪.‬‬ ‫• املرحوم‪ :‬انور الطرابلسي ( رواية شخصية )‪.‬‬ ‫• املرحوم‪ :‬فرج مكراز ( رواية شخصية )‪.‬‬ ‫• الباحث‪ :‬حممد عوض الباح ( رواية شخصية )‪.‬‬


‫‪16‬‬

‫السنة الثالثة ‪ -‬العدد ( ‪ 19 - 13 ( - ) 118‬أغسطس ‪)2013‬‬

‫عبداهلل الربدوني ‪ :‬الكفيف الذي أبصر بالشعر‬

‫ساسي جبيل‬ ‫تأثر الش���اعر منذ ش���بابه املبكر بواقع اليمن‬ ‫املضط���رب ‪ ،‬والصراع���ات القبلي���ة واألوضاع‬ ‫االجتماعي���ة البائس���ة ال�ت�ي قصم���ت ظه���ر‬ ‫اليمن يف تلك الس���نوات العجاف من تارخيها‬ ‫‪ ،‬وكان أوىل " غزواته اإلبداعية "مترده على‬ ‫احلكم االمامي وما تبع���ه من قالقل‪ ،‬وكان‬ ‫يوزع قصائده بشكل سري حتى انكشف أمره‬ ‫و ألق���ي عليه القبض وطيف به يف الش���وارع‬ ‫وحبس مع احلمري ثم اقتيد إىل السجن ملدة‬ ‫عام ثم س���جن مرتني يف الع���ام ‪1954‬والعام‬ ‫‪.1956‬‬ ‫بع���د ه���ذه التجرب���ة املضني���ة بدأت تتش���كل‬ ‫مالمح ش���خصيته األدبية فكانت جمموعته‬ ‫الش���عرية األوىل " م���ن أرض بلقي���س "ق���د‬ ‫كتب���ت م���ن رح���م املعان���اة والضن���ك الذي‬ ‫عاش���ه يف نهاي���ة أربعيني���ات الق���رن املاض���ي‬ ‫ومخس���ينياته ‪ ،‬ثم بدأ بالتوازي مع كتاباته‬ ‫الش���عرية جترب���ة العمل اإلذاع���ي منذ العام‬ ‫‪1964‬ث���م أص���در بع���د ذل���ك العدي���د م���ن‬ ‫املؤلفات يف الش���عر بلغ عددها ‪ ،12‬ويف النقد‬ ‫والتحليل السياسي والتارخيي واالجتماعي‬ ‫وعددها مثانية ‪ ،‬كما كانت له مس���اهمات‬ ‫معتربة يف العمل اإلذاعي الذي برع فيه حتى‬ ‫أصبح مديرا لإلذاع���ة يف صنعاء ليتم إبعاده‬

‫ول���د عبداهلل الربدوني يف قرية ال�ب�ردون التابعة ملدينة احلدا باليمن ع���ام ‪ ، 1929‬من عائلة متواضعة‬ ‫تش���تغل بالفالحة ‪،‬بدأ رحلته التعليمية يف الكتاب وهو يف الثالثة من عمره ‪ ،‬وكان طفال مش���اغبا ‪ ،‬ويف‬ ‫اخلامسة من عمره أصيب مبرض اجلدري الذي كان السبب يف حرمانه النظر بعد سنتني من املعاناة‬ ‫‪ ،‬حفظ القرآن مبكرا وبدأ يقرض الش���عر وهو يف الثالثة عش���رة من عمره ‪ ،‬ورغم كل الصعاب واصل‬ ‫تعليمه حتى عني أستاذا لآلداب العربية مبدرسة دار العلوم يف صنعاء ‪.‬‬ ‫متكن من الش���عر وحبوره وهو مل يبلغ العشرين من العمر‪ ،‬ومثلت قصائده األوىل صيحة متمردة على‬ ‫واقعه وذاته املكلومة فجاءت تطفح بالتحدي حينا واملعصية أحيانا‪.‬‬ ‫م���ن ه���ذه املهمة بعد ع���ام واحد‪ ،‬ث���م انتخب‬ ‫عب���داهلل الربدون���ي يف مطل���ع الس���بعينات‬ ‫كأول رئي���س الحت���اد األدب���اء والكت���اب يف‬ ‫اليم���ن وكان عض���وا يف العديد م���ن اللجان‬ ‫واملؤسسات الثقافية ‪.‬‬ ‫إن املتأم���ل يف جتربته اإلبداعي���ة يقف على‬ ‫كث�ي�ر م���ن املناط���ق املضيئة حي���ث مل يكن‬ ‫الرج���ل مقي���دا مبدرس���ة معين���ة أو تيار بل‬ ‫اس���تفاد من كل امل���دارس مؤكدا يف إحدى‬ ‫حوارات���ه س���نة ‪ 1983‬أن ‪" :‬الش���عر ال يتقيد‬ ‫مبدرسة ما ‪...‬يف البداية تلقيت عدة مؤثرات‬ ‫م���ن ق���راءات متع���ددة يف القدي���م واجلدي���د‬ ‫م���ع منتصف الس���بعينيات مل أع���د أحس أن‬ ‫هن���اك تأثريا مهما لش���عر معني أو مدرس���ة‬ ‫معين���ة عل���ى ش���عر ‪ ،‬كان هن���اك تأثري عام‬ ‫بالقضايا وباألحداث وبكل جيد من الش���عر ‪،‬‬ ‫قدمي���ا كان أو حديثا " ويواص���ل حديثه يف‬ ‫ه���ذا الباب قائال ‪" :‬ال توجد مدرس���ة طبعتين‬ ‫بطابعه���ا اخل���اص ‪ ،‬وإمن���ا هن���اك اس���تفادة‬ ‫مس���تمرة م���ن كل امل���دارس وم���ن كل ما‬ ‫هو مث�ي�ر ورائج يف أية مدرس���ة من مدارس‬ ‫الش���عر "‪،‬وهكذا كان شعر الربدوني حيتوي‬ ‫عل���ى الرومنس���ية والكالس���يكية والواقعية‬ ‫والرمزي���ة والس���ريالية وتؤثث���ه هم���وم‬

‫عبداهلل‪-‬الربدوني يف لوحة مع‪-‬القمر‬

‫السياسة واجملتمع والوطن ‪.‬‬ ‫ولعل فرتة الستينيات كانت بالنسبة للشاعر‬ ‫أه���م ف�ت�رة يف حيات���ه اإلبداعية بع���د نضوج‬ ‫جتربته نوعا ما وتوهجها ‪ ،‬ويعرتف الش���اعر‬ ‫نفس���ه بأن هذه احلقبة القصرية كانت أهم‬ ‫املراحل يف حياته وتتجلى بوضوح يف ديوانيه‬ ‫الشعريني "يف طريق الفجر " و"مدينة الغد"‬ ‫إذ كانت األوض���اع يف اليمن والعامل العربي‬ ‫س���ببا رئيسيا يف هذا الزخم الذي شكل ميالد‬ ‫ش���اعر عربي فذ اس���تطاع أن يرتك لألجيال‬ ‫مدونة متميزة بلغة بسيطة عادية وساخرة‬ ‫ناقدة يف أحيان كثرية ‪.‬‬ ‫إال أن املتأمل يف نهاياته الش���عرية يقف عند‬ ‫تغ�ي�ر يف ش���كل ونب���ض القصي���دة لدي���ه من‬ ‫خ�ل�ال الرتكيز عل���ى الفك���رة والبحث عن‬ ‫املختل���ف م���ن خ�ل�ال التجريب واالنش���غال‬ ‫باملعنى غري مهتم بأناقة العبارة ‪.‬‬ ‫ع���رف الربدون���ي مبناصرته لقضاي���ا األمة‬

‫وحس���ه العروب���ي ال���ذي ال خيطئ���ه الق���ارئ‬ ‫يف كث�ي�ر من نصوص���ه ‪ ،‬كم���ا كان يغرد‬ ‫كط�ي�ر جري���ح يف غاب���ة قاحل���ة ‪ ،‬حم���اوال‬ ‫أن يرس���م اجلرج الغائر يف جس���د أمة كان‬ ‫النصف الثاني من القرن العش���رين مفصليا‬ ‫يف تارخيه���ا ‪ ،‬ولكنه���ا مل حتق���ق في���ه غ�ي�ر‬ ‫املزي���د م���ن التش���تت ومل ت���ذق خالل���ه غ�ي�ر‬ ‫اهلزائ���م واالنكس���ارات اليت أتت عل���ى الكثري‬ ‫م���ن مقوماته���ا وجعلتها لقمة س���ائغة يف يد‬ ‫املرتصدين بها ‪.‬‬ ‫مثل الربدوني حالة شعرية عربية متميزة ‪،‬‬ ‫اس���تطاعت أن تواكب واقع عصرها وقضايا‬ ‫وطن���ه ت���اركا لألجي���ال بصم���ة متمي���زة‬ ‫ال ميك���ن ب���أي ح���ال م���ن األح���وال إغفاهل���ا‬ ‫عن���د احلدي���ث عن املش���هد الش���عري العربي‬ ‫خصوصا واإلنساني عموما ‪.‬‬


‫السنة الثالثة ‪ -‬العدد ( ‪ 19 - 13 ( - ) 118‬أغسطس ‪)2013‬‬

‫ماركيز‪ُ :‬‬ ‫الكتاب ليسوا موجود ين يف العامل‬ ‫من أجل ان ُي ُ‬ ‫توجوا‬

‫‪17‬‬

‫نيبول ‪ :‬النساء لسن‬ ‫سيدات يف البيت وال يف‬ ‫الكتابة!‬ ‫ترمجة‪ :‬عادل العامل‬

‫ماركيز‬

‫ُ‬ ‫جئ���ت إللق���اء‬ ‫يف ه���ذا الكت���اب "م���ا‬ ‫خطب���ة"‪ ،‬ترمج���ة‪ :‬أمح���د عب���د‬ ‫اللطي���ف_ الطبع���ة األوىل_‪2011‬‬ ‫‪ ،‬يقدم الكات���ب الكولوميب جابرييل‬ ‫جارثي���ا ماركي���ز جمموع���ة م���ن‬ ‫اخلط���ب ال�ت�ي قدمها أم���ام مجهور‬ ‫خمتلف يف مناس���بات عدة ويف دول‬ ‫خمتلفة م���ن العامل تعك���س وجهة‬ ‫نظ���ره اجت���اه بع���ض األش���خاص‬ ‫واملواق���ف‪ ،‬الكت���اب متع���ة يف ع���امل‬ ‫كاتب كب�ي�ر‪ ،‬بداية م���ن اخلطبة‬ ‫اليت كتبها يف س���ن الس���ابعة عشر‬ ‫من عمره لتوديع زمالئه يف الصف‬ ‫األك�ب�ر من���ه ع���ام ‪ ،1944‬ونهاية‬ ‫باخلطبة اليت قرأها أمام أكادميية‬ ‫اللغة وملوك إسبانيا عام ‪.2007‬‬ ‫بعد عشر سنوات من العمل الكتابي‬ ‫ف���از ماركيز جبائ���زة نوبل لآلداب‬ ‫ووجد نفس���ه أمام الض���رورة امللحة‬ ‫لكتاب���ة أهم خطب���ة م���ن املمكن أن‬ ‫يواجهها كاتب يف حياته‪ ،‬ومنذ ذلك‬ ‫احلني صارت اخلطابة أساس���ية يف‬ ‫مشواره ككاتب وحاصد للجوائز‪.‬‬ ‫•كيف بدأت الكتابة؟‬ ‫يف هذه اخلطبة يعرتف ماركيز انه‬ ‫ال يستطيع التحدث واقفا‪ ،‬مضيفا "‬ ‫ُ‬ ‫نهضت سأضع نفسي يف مغامرة‬ ‫لو‬ ‫الس���قوط من فرط الرهبة "‪ ،‬وذلك‬ ‫ألنه يعتقد أن أصعب مخس دقائق‬ ‫يف حيات���ه س���يقضيها وه���و راك���ب‬ ‫طائ���رة أو متحدث أم���ام ‪ 20‬أو ‪30‬‬ ‫ش���خصا‪ ،‬وليس أم���ام ‪ 200‬صديق‬ ‫كم���ا يف ه���ذه اخلطبة‪ .‬وع���ن هذه‬ ‫اخلطب���ة ق���ال ‪ :‬أعرتف أن�ن�ي فعلت‬ ‫كل م���ا بوس���عي لكي�ل�ا أحضر هذا‬ ‫املؤمت���ر‪ ،‬حاول���ت أن ام���رض‪ .‬فعلت‬ ‫ما يس���بب ل���ي التهابا رئوي���اً‪ ،‬ذهبت‬ ‫للح�ل�اق عل���ى أم���ل أن يذحب�ن�ي‪،‬‬ ‫ويف النهاي���ة خط���رت ببال���ي فك���رة‬ ‫احلضور ب���دون بذل���ة وال كرافت‬

‫حت���ى ال يس���محوا ل���ي بالدخ���ول‬ ‫ملؤمتر رمسي‪ ،‬لكنين نس���يت أنين يف‬ ‫فنزوي�ل�ا‪ ،‬حيث ميك���ن الدخول إىل‬ ‫أي م���كان بالقمي���ص والنتيج���ة أنا‬ ‫هنا دون أن أعرف من أين أبدأ"‪.‬‬ ‫•حكاية مائة عام من العزلة‬ ‫مل خيط���ر بب���ال ماركي���ز أن���ه‬ ‫م���ن املمك���ن أن يك���ون كاتب���اً‪ ،‬لكن‬ ‫أثن���اء ف�ت�رة الدراس���ة ق���رأ مق���اال‬ ‫ملدي���ر امللح���ق األدب���ي جبري���دة‬ ‫اإلس���بيكتادورببوجوتا يق���ول في���ه ‪:‬‬ ‫أن األجي���ال اجلدي���دة م���ن ال ُكت���اب‬ ‫الشباب ال تقدم شيئا ‪،‬وعن ذلك قال‬ ‫ماركي���ز" حرك�ن�ي حينئذ ش���عور‬ ‫بالتضام���ن مع أبن���اء جيلي وحللت‬ ‫املش���كلة بكتابة قص���ة قصرية ليس‬ ‫إال إلغالق فم إدواردو ثاالميا بوردا‬ ‫"مدي���ر امللحق" ال���ذي كان صديقاً‬ ‫عزيزاً لي أو على األقل صار كذلك‬ ‫بعدها‪ ،‬ويف يوم األحد عندما فتحت‬ ‫اجلري���دة رأي���ت قص�ت�ي يف صفحة‬ ‫كامل���ة ومعه���ا ملحوظ���ة اعرتف‬ ‫فيه���ا ثاالميا أنه كان خمطئاً‪ ،‬ألنه‬ ‫م���ن الواضح أن"به���ذه القصة ظهر‬ ‫عبق���ري األدب الكولوم�ب�ي"‪ ،‬أو قال‬ ‫شيئاً شبيهاً"‪.‬‬ ‫مع روايته الش���هرية "مائ���ة عام من‬ ‫العزلة" مرت تس���ع أو عش���ر سنوات‬ ‫وه���و يفك���ر فيه���ا كم���ا اع�ت�راف‬ ‫يف إح���دى اخلط���ب املعنون���ة ب���ـ"‬ ‫روح مفتوح���ة لتمتل���يء برس���ائل‬ ‫باإلس���بانية" الع���ام ‪ ، 2007‬حي���ث‬ ‫احتف���ل بإصدار مليون نس���خة من‬ ‫الرواي���ة وال�ت�ي ق���ال فيه���ا‪ ":‬حياتي‬ ‫ككاتب مل تتغ�ي�ر منذ ذلك احلني‪،‬‬ ‫مل أر ش���يئاً خمتلف���ا س���وى إصبعي‬ ‫اإلبه���ام يضربان م���رة وراء األخرى‬ ‫وبإيقاع مضبوط حروف األجبدية‬ ‫الثماني���ة والعش���رين الثابتة واليت‬ ‫ّ‬ ‫عي�ن�ي خالل س���نواتي‬ ‫كان���ت أمام‬

‫البض���ع وس���بعني‪ ،‬اليوم ج���اء دوري‬ ‫ألرفع رأس���ي وأحضر هذا االحتفاء‬ ‫املم�ت�ن أنا ل���ه وال أس���تطيع أن أفعل‬ ‫شيئاً آخر س���وى التوقف ألفكر ماذا‬ ‫حدث؟ ما أراه أن القارئ غري املوجود‬ ‫يف ورقيت البيضاء صار اليوم حشوداً‬ ‫هائل���ة جائع���ة لق���راءة النص���وص‬ ‫باإلس���بانية"‪ ،‬يص���ف ماركيز قراء‬ ‫الرواي���ة بأنهم جالية لو عاش���ت يف‬ ‫نف���س قطع���ة األرض س���تكون بلداً‬ ‫من أكثر بلدان العامل عماراً‪.‬‬ ‫كان ماركي���ز يؤم���ن دائم���ا أن‬ ‫ال ُكتاب ليس���وا موجود ي���ن يف العامل‬ ‫م���ن أج���ل ان يتوجوا بل ه���و البداية‬ ‫للتحني���ط‪ ،‬ويف النهاي���ة يق���ول "‬ ‫أصبح���وا ُ‬ ‫كتاباً ال ألنهم أرادوا ذلك‬ ‫مبح���ض إرادتهم‪ ،‬بل ألن���ه ابتلتهم‬ ‫مصيب���ة العجز عن أن يكونوا ش���يئاً‬ ‫آخ���ر وأن عملن���ا املنف���رد ال ينبغ���ي‬ ‫أن نس���تحق عليه مكافآت وال مزايا‬ ‫أكثر مما يس���تحقه اإلسكايف على‬ ‫صنع األحذية "‪.‬‬ ‫•إله الكلمات‬ ‫يع�ت�رف ماركيز يف ه���ذه اخلطبة‬ ‫ال�ت�ي ألقاها العام ‪ ،1997‬أن للكلمة‬ ‫سلطة‪ ،‬فالبشرية س���تدخل ألفيتها‬ ‫الثالث���ة حت���ت امربطوري���ة الكلمة‬ ‫ويضي���ف لي���س صواب���اً أن الصورة‬ ‫حت���ل حم���ل الكلم���ة وال تس���تطيع‬ ‫إطفاءها‪ .‬بالعكس إنها تعززها‪.‬‬ ‫اخلطب اليت تضمنها الكتاب ليست‬ ‫جمرد كلمات القيت يف مناس���بات‬ ‫بقدر ما هي رؤى ماركيز االنسانية‬ ‫ع�ب�ر مش���وار حياته ككات���ب عاش‬ ‫حلظات صعب���ة كالفقر وكم من‬ ‫مرة تع���رض للطرد م���ن بيته ألنه‬ ‫عجز عن دفع االجيار ومرات أخرى‬ ‫باع مدخرات زوجته لتأمني الطعام‬ ‫لطفليه‪.‬‬

‫ومشاحنات‬ ‫س���بق للكاتب املعروف ف‪ .‬س‪ .‬نيبول أن دخل يف شجارات ُ‬ ‫أدبية بش���أن الكاتبات من النس���اء‪ ،‬وقد عاد الفائز جبائزة نوبل لألدب‬ ‫للمؤلفات‪ ،‬قائ ً‬ ‫ِّ‬ ‫ووجه مؤخراً‬ ‫ً‬ ‫ال أن���ه ليس هناك من‬ ‫لطم���ة‬ ‫إىل ذل���ك ّ‬ ‫ً‬ ‫كاتبة امرأة يعدّها مساوية له ــ و أفر َد نقداً خاصا جلني أوسنت‪.‬‬ ‫فف���ي مقابل���ة أجري���ت معه يف مجعي���ة روي���ال جيوغرافيك‪ ،‬بش���أن‬ ‫عمله األدبي‪ُ ،‬س���ئل نيبول‪ ،‬الذي وُصف بأنه أعظم كاتب حي للنثر‬ ‫اإلجنلي���زي عما إذا كان يعترب أية كاتبة امرأة نظرياً أدبياً له‪ .‬وقد‬ ‫ً‬ ‫قائ�ل�ا "ال أظن هذا"‪ .‬وقال عن أوس�ت�ن أنه ال يس���تطيع‬ ‫رد عل���ى ذلك‬ ‫رمبا أن يشاطرها الطموحات العاطفية‪ ،‬إحساسها العاطفي بالعامل"‪.‬‬ ‫ً‬ ‫قطعة من‬ ‫و ق���ال إن الكاتب���ات "خمتلفات متام���اً"‪ .‬وأضاف "إني أق���رأ‬ ‫كت���اب ضمن فقرة أو فقرتني أعرف ما إذا كانت من تأليف امرأة‬ ‫أم ال‪ .‬أعتقد بأنها غري مكافئة لي"‪.‬‬ ‫وق���ال الكات���ب‪ ،‬املول���ود يف تريني���داد يف الكاري�ب�ي‪ ،‬إن هذا هو بس���بب‬ ‫عاطفية النس���اء‪ ،‬ووجهة النظر الضيق���ة إىل العامل"‪" .‬فاألمر احمل ّتم‬ ‫بالنسبة للمرأة‪ ،‬أنها ليست بالسيد الكامل للبيت‪ ،‬ينسحب ذلك على‬ ‫كتابتها أيضاً"‪ ،‬كما قال‪.‬‬ ‫كمتذوق���ة ومحُ ررة‪ ،‬لكن حني‬ ‫وأضاف " أن ناش���رتي كانت جيدة ُ‬ ‫أصبح���ت كاتبة‪ ،‬حصل كل ه���ذا اهلراء األنثوي‪ .‬أن���ا ال أقصد هذا‬ ‫بطريقة ّ‬ ‫فظة "‪.‬‬ ‫ً‬ ‫النقد من املؤلف ليس باألمر املدهش‪ .‬فنيبول ليس غريبا على النقد‪.‬‬ ‫و كان يف املاضي قد نقد أبرز مؤلفات اهلند لـ تفاهتهن " يف املوضوع‬ ‫الذي اش ُتهر بالكتابة عنه‪ ،‬مرياث الكولونيالية الربيطانية‪.‬‬ ‫كما كان له نزاع طويل املدى مع املؤلف وكاتب األسفار األمريكي‬ ‫ب���ول ثريو‪ .‬وقد وصلت صداقة الـ ‪ 30‬عاماً بينهما اىل نهاية مفاجئة‪،‬‬ ‫بعد أن اكتشف ثريو أن كتاباً كان أعطاه لنيبول قد ُعرض للبيع‬ ‫بس���عر ‪ 916‬جنيه���اً‪ .‬ورفضت مجعي���ة ك ّتاب بريطاني���ا العظمى أن‬ ‫تضي���ع وقتها بش���أن تل���ك التعليقات‪ .‬ق���ال الصحفي األدب���ي أليكس‬ ‫كالرك تعليق���اً عل���ى ذل���ك "ه���لً يق���ول إن كاتبات مث���ل هيالري‬ ‫مانت���ل‪ ،‬أ‪.‬س‪ .‬بايات‪ ،‬وآيريس م���ردوك عاطفيات أو أنهن يكتنب هرا ًء‬ ‫أنثوي���اً ؟ " كما وصفتها الناقدة األدبية هيلني براون بأنها " تعليقات‬ ‫ُمتعجرف���ة‪ ،‬تبحث عن اهتم���ام ‪ .‬وكان عليه االلتف���ات إىل كلمات‬ ‫جورج إلي���وت ــ وهي امرأة كاتبة ــ ال�ت�ي كان ألعماهلا تأثري أعمق‬ ‫بكثري على الثقافة العاملية من أعماله هو"‪.‬‬


‫‪18‬‬

‫السنة الثالثة ‪ -‬العدد ( ‪ 19 - 13 ( - ) 118‬أغسطس ‪)2013‬‬

‫الثعالب‬ ‫كمال الشليب‬

‫ُع ْرس‬

‫حممد علي الرباوي‪/‬املغرب‬ ‫َو َق َف ْت فيِ ُغ ْر َف ِتهَا‬ ‫اها َّ‬ ‫َت َت َص َّف ُح فيِ المِْ ْرآ ِة محُ َ َّي َ‬ ‫اس ْع‬ ‫الش ِ‬ ‫سمَ َ َح ْت ِل ْل َق َلم َ‬ ‫األحمْ َ ِر‬ ‫ِ‬ ‫ينْ‬ ‫ينْ‬ ‫أَ ْن ي ْ‬ ‫َر ُس َم ُج ْر َح ِ جمَ ِ ي َل ِ‬ ‫اس َع َتينْ‬ ‫َع َلى َش َف َت ْيهَا ال َو ِ ِ‬ ‫اس ِم‬ ‫َو ِلَّل ْي ِل ال َب ِ‬ ‫س فيِ َع ْي َن ْيهَا ال َّن ْج َ‬ ‫َر ُس َو َ‬ ‫أَ ْن ي ْ‬ ‫الو َْي ْن‬ ‫كال َّن ْو َر ِ‬ ‫َ‬ ‫ض َ‬ ‫كا َن ْت َ‬ ‫َ‬ ‫الف ْر َحى‬ ‫كاأل ْر ِ‬ ‫ك ِّل َخ َ‬ ‫ُت ْل ِقي ِزي َن َتهَا ال َب ْي َضا َء َع َلى ُ‬ ‫الي َ‬ ‫َاها‬ ‫َ‬ ‫كا َن ْت أَ ْل َو ٌ‬ ‫ان َص ِار َخ ٌة َت َتهَادَى‬ ‫َبينْ َ َغ َ‬ ‫ال ِئ ِل ِز َي َن ِتهَا ال َع ْذب َْه‪.‬‬ ‫ْ‬ ‫ال ِس ُل ُه تمَ ُ‬ ‫ان َس َ‬ ‫اَ َّ‬ ‫الر َّن ُ‬ ‫أل ِم ْع َص َمهَا‬ ‫لذ َه ُب َّ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫تمَ أل ُ‬ ‫ك َّل َزوَايَا ِم ْع َص ِمهَا‬ ‫َ‬ ‫تمَ ْ ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫أل َه َذا الجْ ِ َ‬ ‫ور ال َو َّه ْاج‬ ‫يد األمل َ‬ ‫س كال ُّن ِ‬ ‫الق َل ُم َ‬ ‫َ‬ ‫ان َ‬ ‫كَ‬ ‫األ ْس َو ُد‬ ‫اج َبهَا َ‬ ‫الف ْر َح ْان‬ ‫َق ْد َق َّو َ‬ ‫س َح ِ‬

‫الثعالب تذرع اخليال بسلك من حرير الذاكرة‬ ‫كانت تفتش عن صعقة ختتبئ يف الفراش‬ ‫ْ‬ ‫مررت إىل املاء سيقان الصباح‬ ‫ومتددتْ‬ ‫‪....‬‬ ‫الثعالب تفتش عن صقيع تبذر فيه أمنية احلطب‬ ‫عن صفحة طويلة مثل تاريخ املمالك‬ ‫عن أشجار حادة وطويلة‬ ‫ْ‬ ‫قلبت متكأ احلديد‬ ‫وجاءت تنقش على قمر الرباري قصيدة وغياب‬ ‫‪...‬‬ ‫تلك الثعالب مصيدة للفجر‬ ‫وأنا اشرتاط البنية‬ ‫لي ناقوس الضوء‬ ‫رذاذ املرايا‬ ‫لي الثعالب‬ ‫عواء الوجود‬ ‫أسقط خلف جدار متهالك‬ ‫أمللم اخلبايا‬ ‫ما عدت يف قدر احلنايا صوت وسهل‬ ‫أنا املنسرح كالظل‬ ‫أرتب البيوت ظفرية وعشب‬ ‫وأقطع الصباح بشفرة دافنتشي‬ ‫أخرج ملتاعا كبحار‬ ‫أقول للقراصنة أعدلو الصارية للموج الزاخر بالتمنى‬ ‫للبحر قلب أزرق‬ ‫وللزبد رائحة أنثى تشنق رجوليت مبعطف فرو‬ ‫وأنا بني البحر والزبد‬ ‫أسوى السطور بني البوادي وحرقة االمسنت‬ ‫يرضي�ن�ي أن أك���ون خي���ط دخ���ان يرتس���م يف األف���ق زراف���ة‬ ‫وهيلمان‬ ‫يرضيين أن تكون الثعالب أظافر طفل يف حلم الريح‬ ‫هل ما زالت املسافات تشتعل؟‬ ‫هل السكاكني تطري جبناحني من دم؟‬ ‫‪............‬‬ ‫يا ثعاليب احلادة كحلمي الساكن يف الطني‬ ‫اركضي خلف وجهي‬

‫امسكيين من أرنبة نزقي‬ ‫أعيديين إىل مساكين األوىل‬ ‫بالقرب من تلة التيه ازرعيين‬ ‫حلة للنبيذ‬ ‫فأنا من خويف صرت عصا اهلواء‬ ‫أشطب املسارات‬ ‫أترك خلف املغارات شريعة طازجة‬ ‫تعاىل يا ثعاليب‬ ‫أشتهي غيابي نيابة عن الغطرسة‬ ‫وسوي البدايات‬ ‫ش���دي مقامي بدبوس من ضياء ميس���ح عناقيد غضيب بزفرة‬ ‫من حطام‬ ‫ومتددي حول مائدة فرت من السماء‬ ‫يا ثعاليب اجلائعة‬ ‫احرسي قطعان النعاج يف سهولي‬ ‫وأرقيب متاع امللك‬ ‫فهذا الليل طويل مثل طريق ال ينتهي‬ ‫وال شيء غري الزعرت الغاطس يف القلب‬ ‫يا ثعالب املخيلة وهي تنطق بالسراب‬ ‫أذهيب صوب احلروف كمشيئة ال ترد‬ ‫صوبي حنو سطوة امللح‬ ‫فتلك كتلة تكسرت يف اإلكسري‬ ‫صارت خرقة من ضباب‬ ‫يا ثعالب األسطورة وهي ترفل يف املنشاءات الغائمة‬ ‫أنا القابض على الزئبق بأصابع من ضوء‬ ‫أصعد املبخرة باشتهاء وارف‬ ‫انتصب يف عنق املدينة كلعنة‬ ‫أقذف من جويف الثعالب‬ ‫من احملتمل ملس الروابي مبصيدة من عقاب السهرة‬ ‫لكن صوتي بح‬ ‫والثعالب متتشق ريق العواء بفتيلة من دم‬ ‫‪...‬‬ ‫‪...‬‬ ‫مساحة ترقب ما تبقى من يقني‬ ‫غادرتين الثعالب يف‬ ‫ٍ‬ ‫كان اليقني فسحة الثعالب وهي تنط‬ ‫تنط‬ ‫تنط‬

‫*******‬ ‫اِ ْن َك َش َف ْت ُ‬ ‫ك ُّل َم َفا ِت ِنهَا‬ ‫اِ ْن َك َش َف ْت‬ ‫ِح َ‬ ‫ني ْاخ َت َبَأ ْت‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ض‬ ‫فيِ ُف ْس َت ِ‬ ‫س األب َي ِ‬ ‫ان ال ُع ْر ِ‬ ‫ات َ‬ ‫ّار‬ ‫كا َن ْت َت ْر ُق ُ‬ ‫ص فيِ َج َن َب ِ‬ ‫الد ِ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫الف ْر َح ُة َرقصاً اِف ِري ِق ًّيا‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫الد ْ‬ ‫َو َز َغ ِاري ُد ال ِّن ْس َو ِة تمَ أل َص ْح َن َ‬ ‫ّار‬ ‫س َ‬ ‫األ ْب َي َ‬ ‫ض‬ ‫َما أَجمْ َ َل َه َذا ال ُع ْر َ‬ ‫َما أَجمْ َ َل َه َذا ال ُع ْر ْس‬ ‫*******‬ ‫َه ِذي المَْ ْرأَ ُة‪..‬‬ ‫األ ْح َلى و َ‬ ‫الفا ِت َن ُة َ‬ ‫اع َم ُة َ‬ ‫َاألجمْ َ ْل‬ ‫َه ِذي ال َّن ِ‬ ‫َهلْ‬ ‫َت ْدري أَ َّن لهَ َ ا َج َسداً َم ْص ُقو ً‬ ‫ال َ‬ ‫س‬ ‫اس أَ ْم َل َ‬ ‫ِ‬ ‫ك ُن َح ٍ‬ ‫ْ‬ ‫َت ْق ُط ُر ِم ْن ُه ال ِفت َن ُة‬ ‫َه ْل َت ْد ِري أَ َّن الجْ َ َس َد َ‬ ‫الفا ِت َن‬ ‫َه َذا المُْ ْث َق َل ِب ْال ِف ْت َن ِة و ِّ‬ ‫َالزي َن ِة‬ ‫ني ُي َوا َرى َ‬ ‫القبرْ ْ‬ ‫ِح َ‬ ‫ينْ‬ ‫ور ُق َب َ َح َدا ِئ ِق ِه‬ ‫ُت ِ‬ ‫ان فيِ َح ْجم اآله‪ْ.‬‬ ‫يد ٌ‬ ‫ِد َ‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫اع ُم‬ ‫َهذا ال ِعط ُر الن ِ‬ ‫َه ْل يحَ ْ ُج ُب ِت ْل َك ال ِد َ‬ ‫ّيد ْان‬ ‫اع ُم‬ ‫َه َذا ال ِع ْط ُر ال َّن ِ‬ ‫َه ْل يمَ ْ َن ُع أَ ْن ُت ْص ِب َح ِج َ‬ ‫يف ْه‬ ‫*******‬ ‫َخ َل المَْ ْت َج َر ب َ‬ ‫دَ‬ ‫األ ْم ْس‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َر ُج َ‬ ‫ال ِن اث َنان‪...‬‬ ‫َخ َر َجا‪.‬‬ ‫َ‬ ‫ك ٌّل َي َتَأ َب ُ‬ ‫ً‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ّط َث ْوبا أب َيض‬ ‫ْ‬ ‫اض َّ‬ ‫الش ْم ْس‬ ‫ِمث َل َب َي ِ‬ ‫ْ‬ ‫ك َفناً‬ ‫َه َذا‪ِ ..‬ل ُي َف ِّص َل ِمن ُه َ‬ ‫َ‬ ‫ان ال ُع ْر ْس‬ ‫ذاك‪ِ ..‬ل ُف ْس َت ِ‬


‫‪19‬‬

‫السنة الثالثة ‪ -‬العدد ( ‪ 19 - 13 ( - ) 118‬أغسطس ‪)2013‬‬

‫قصة‬

‫الصقيع‬ ‫نشرتي األخبار والطقس ‪ ،‬كل ليلة ‪ .‬فنشرة األخبار تساعدني على متابعة‬ ‫كنت حريصاً ‪ ،‬منذ قدمت إىل فرنسا على متابعة‬ ‫ّ‬ ‫م���ا جيري يف العامل ‪ ،‬يف حني حتدد لي النش���رة اجلوية نوع املالبس الواجب ارتداؤه���ا يف اليوم التالي ‪ ،‬كلبس املعطف أو محل‬ ‫فصلي الشتاء واخلريف حيث تنخفض درجات احلرارة ‪ ،‬غالباً إىل ما دون الصفر ‪.‬‬ ‫مظلة أو القفاز وهكذا ‪،‬وخاصة يف‬ ‫ّ‬ ‫حي���دد الطقس نوع املالب���س وكذلك الطعام ‪ ..‬فيزداد تناول الدهن والس���كريات ‪ ،‬وحيدد أيضا منط الس���لوك كاالقتصاد يف‬ ‫احلركة والتنقل والسهر ‪.‬‬ ‫كن���ت أتأهب ذات صباح ش���توي للذهاب إىل معهد اللغة ‪ ،‬وقفت بالردهة الكئيب���ة بالطابق اخلامس بانتظار قدوم املصعد وما‬ ‫أن وصل خرجت منه إحدى جاراتي واليت تقطن يف نفس الطابق ‪ ،‬حتمل بيدها نصف رغيف من اخلبز ‪ ..‬أفسحت هلا الطريق‬ ‫وألقي���ت عليه���ا حتية الصباح ‪ ...‬ترددت بيده���ا نصف رغيف من اخلبز ‪ ..‬أفس���حت هلا الطريق وألقيت عليه���ا حتية الصباح ‪...‬‬ ‫ترددت برهة قبل أن جتيبين بنفس التحية مستخدمة لفظ سيد ‪.‬‬ ‫ما إن خرجت من البناية حتى لفحتين النسمات‬ ‫ال���ب���اردة ال��ق��ادم��ة م��ن مش���ال ال��ق��ارة األورب��ي��ة‪.‬‬ ‫أحكمت إغالق ياقة املعطف حول عنقي وارتديت‬ ‫القفاز ‪ ..‬إال أن ال�ب�رودة ب��دأت تتسرب إىل من‬ ‫خ�لال احل���ذاء ‪ ..‬أس��رع��ت اخلطى لبعث ال��دفء‬ ‫ولتقليل فرتة مالمسيت لألرض الباردة واملغطاة‬ ‫باجلليد اخلفيف الشفاف ‪ ،‬حم���اذرا يف نفس‬ ‫ال��وق��ت مغبة االن���زالق ‪ ،‬فنعل ح��ذائ��ي مل يكن‬ ‫خمددا بشكل كاف للسري على اجلليد ‪.‬‬ ‫يف الواحدة ظهرا قفلت عائدا إىل شقيت ألتناول‬ ‫وج��ب��ة ال���غ���داء ك��م��ا ه��ي ال��ف��رن��س��ي�ين ‪ .‬وأث��ن��اء‬ ‫مسريي إىل شقيت ‪ ،‬عرب الردهة ‪ ،‬رأيت جارتي‬ ‫اليت حييتها صباحاً ‪ ،‬بادرتين بالتحية وسألتين‬ ‫بأدب جم إن كان لدي وقت كي أزورها لتناول‬ ‫الشاي ‪.‬‬ ‫طلبت منها أن تكرر لي ما قالت خشية أن أكون‬ ‫قد أسأت الفهم ال سيما وأنا حديث عهد بلغتهم ‪.‬‬ ‫رددت ببطء ‪ :‬أنا أدعوكم لتناول الشاي ‪ ،‬هذا‬ ‫املساء ‪ ،‬إن شئتم ‪.‬‬ ‫ويف احل��ق��ي��ق��ة ك��ان��ت دع��وت��ه��ا ه���ذه مفاجئة‬ ‫كبرية لي ‪ ،‬فليس من املعتاد أن يدعوك أحدهم‬ ‫وإىل بيته دون سابق معرفة ‪ ،‬خاصة حنن ذوي‬ ‫السحنة الشرقية ‪ ،‬اللهم إال إذا كانت ثقته بك‬ ‫عالية ‪.‬‬ ‫أجبتها بعبارات تعين املوافقة ‪.‬‬ ‫سألتين عن الوقت املناسب لي ‪.‬‬ ‫فكرت قلي ً‬ ‫ال ورأيت أن اخلامسة تبدو مناسبة لي‬ ‫‪ :‬بُعيد انتهائي من الدراسة املسائية وأبكر من‬ ‫وقت تناول وجبة العشاء ‪.‬‬ ‫قلت ‪ :‬اخلامسة ؟‬ ‫أج��اب��ت ‪ :‬اتفقنا ‪ ..‬ش��ق�تي جم����اورة ل��ك��م ‪ ..‬إىل‬ ‫اخلامسة إذن ‪ ..‬طاب يومكم ‪.‬‬ ‫تركتين ه��ذه امل��رأة اخلمسينية متسمراً أمام‬ ‫ب��اب شقيت ‪ ،‬ورائحة عطرها ميأل الردهة ذات‬ ‫األرضية اخلشبية العطنة ‪.‬‬ ‫يف طريق عودتي من املعهد احرتت ‪ :‬ماذا أمحل‬ ‫معي ؟ وأخرياً استقر رأي على الزهور ‪ ،‬فعرجت‬ ‫على أح��د احمل�لات وزادت حريتي أكثر ‪ ..‬ماذا‬ ‫أختار ؟ فلكل زه��رة معنى ‪ ،‬ولكل ل��ون مغزى ‪،‬‬ ‫ولكنين فضلت أخ�يرا أن أمح��ل هلا أصيصا من‬ ‫نباتات الظل ‪ ،‬فهي حيادية متاما وال حتتمل أي‬ ‫تأويل ‪.‬‬ ‫يف اخلامسة وأم��ام باب شقتها ‪ ،‬فكرت ‪ :‬كيف‬ ‫تدعوني إىل منزهلا رغم أننا مل نتبادل األلقاب‬ ‫؟ ضغطت على اجل���رس مل��رة واح���دة ‪ ،‬فتحت‬ ‫الباب واستقبلين بابتسامة مرحة مرتدية ثوباً‬ ‫بنفسجيا ذا طراز تقليدي ‪.‬‬ ‫ــ أه ً‬ ‫ال ‪ ...‬تفضل ‪.‬‬ ‫شكرتها وناولتها أصيص نبات الظل املغلف بورق‬ ‫( السلوفان ) ‪ ..‬بدا االمتنان على وجهها ‪ ،‬شكرتين‬

‫مراراً حتى شعرت باالرتباك أمام مشاعرها حيال‬ ‫هذه النبتة الصغرية ‪.‬‬ ‫ق��ال��ت ‪ :‬أش��ك��رك ‪ ..‬أش��ك��رك ك��ث�يراً ‪ ..‬ي��ا اهلل ما‬ ‫أمجلها وما أرقها ‪ ..‬وطلبت مين الدخول مبدية‬ ‫أس��ف��ه��ا ع��ل��ى وق���ويف حل��ظ��ات نتيجة انشغاهلا‬ ‫بالنبتة اليت جلبتها معي ‪.‬‬ ‫ناولتها معطفي وتوجهت حنو غرفة الضيوف‬ ‫وجلست على مقعد جلدي مفرد ‪.‬‬ ‫نزعت ال��ورق املغلف برقة وحذر جراح ‪.‬‬ ‫وض��ع��ت األص��ي��ص على أحد‬ ‫أرف�����ف امل��ك��ت��ب��ة وس��ط‬ ‫صورتني ضوئيتني‬ ‫اح�������داه�������م�������ا‬ ‫الم���������������رأة‬ ‫شابة بني‬

‫" بيكاسو " وتتناثر نباتات الظل والزهور امللونة‬ ‫كذيل الطاووس ‪ ..‬حتتل املكتبة جداراً بأكمله‬ ‫وحتتوي على أرف��ف بها كتب جملدة جتليداً‬ ‫فاخراً ‪ ..‬يتوسطها جهاز تلفزيون جبانبه جهاز‬ ‫عتيق لالسطوانات ‪ ..‬ويف الركن مكتب فوقه‬ ‫ج��ه��از ح��اس��وب إىل جانبه جمسم ذه�بي اللون‬ ‫لألهرامات ومتثال صغري لبومة شاخصة ‪ ..‬كان‬ ‫" الصالون " جيمع بني وقار الكالسيكية وحيوية‬ ‫احلضارة املعاصرة ‪.‬‬ ‫ع���ادت ت��دف��ع أم��ام��ه��ا منضدة‬ ‫متحركة ‪.‬‬ ‫قلت بإطراء ‪ :‬هذا "‬ ‫ينم‬ ‫الصالون " ّ‬ ‫ع������ن ذوق‬ ‫رفيع ‪.‬‬

‫أحضانها‬ ‫ط���������ف���������ل‬ ‫م������ك������ت������ن������ز‪،‬‬ ‫وأخ����������رى ل��ك��ه��ل‬ ‫ع���اب���س ب���ش���ارب كث‬ ‫وغليون معقوف ‪.‬‬ ‫قالت مجلة مل أتبني مفرداتها وبادرت‬ ‫بإجنليزية واضحة ‪ :‬هذه صورة زوجي ‪ ..‬ابتلعه‬ ‫احمليط يف رحلة صيد مل يعد منها أبداً ‪ ..‬وتلك‬ ‫ابنيت الوحيدة وطفلها ‪.‬‬ ‫أدارت لي ظهرها وتوجهت حنو املطبخ ‪.‬‬ ‫تأملت " الصالون " ‪ ..‬ب��دت على ال��ف��ور األناقة‬ ‫ظاهرة ‪ ..‬الستائر املخملية والسجاد السميك‬ ‫‪ ..‬والسقف املزين بنقوش آسيوية حيث تتدىل‬ ‫ثريا كبرية نوعاً ما ‪ ..‬املقاعد جلدية ووسائد‬ ‫صغرية بألوان قوس قزح ‪ ..‬ولوحتان مقلدتان لـ‬

‫ان��ت��ش��رت‬ ‫مح����������������رة‬ ‫خ��ف��ي��ف��ة على‬ ‫وجنتيها ‪ ،‬وقالت‬ ‫‪ :‬يف الواقع أعيش اآلن‬ ‫وح���ي���دة ‪ ..‬وال أح���ب اق��ت��ن��اء‬ ‫القطط أو ال��ك�لاب مثلما يفعل أغلب‬ ‫العجائز ‪.‬‬ ‫سألتها ‪ :‬ه��ل تسكن ابنتك هنا ‪ ..‬أع�ني يف هذه‬ ‫املدينة ‪.‬‬ ‫سكبت املاء املغلي يف قدحي الذي تدىل منه خيط‬ ‫كيس الشاي وسألتين ‪ :‬كم قطعة سكر ؟ قلت ‪:‬‬ ‫واحدة من فضلك ‪.‬‬ ‫ناولتين ك��وب ال��ش��اي وص��ح��ن صغري حيتوي‬ ‫على قطعتني من فطرية التفاح الشهرية هنا ‪.‬‬ ‫قالت ‪ :‬إن�ني أجيد صنع ه��ذه الفطرية ‪ ..‬ابنيت‬

‫فتحي نصيب‬

‫تسكن يف ( نانت ) ‪ ..‬تعمل مبصلحة الربيد ‪ ..‬إننا‬ ‫نتبادل الرسائل القصرية من حني آلخر ‪ ..‬وعرب‬ ‫االنرتنت ‪ ..‬زارتين آلخر مرة يف شهر مايو املاضي‬ ‫‪ ..‬أي منذ تسعة أشهر تقريبا ‪ ..‬بعثت لي رسالة يف‬ ‫عيد رأس السنة تتمنى لي عاماً سعيداً ‪.‬‬ ‫مل أعثر على كلمة أق��وهل��ا فتشاغلت بتناول‬ ‫فطرية التفاح ‪ ..‬وسألتها إن كان بإمكاني تدخني‬ ‫لفافة تبغ ‪ ..‬قالت ‪ :‬بكل سرور ‪..‬‬ ‫وأردفت باإلجنليزية ‪ :‬تصرف وكأنك يف بيتك ‪.‬‬ ‫سألتها وباالجنليزية أيضا ‪ :‬أرى أنك تتحدثني‬ ‫اإلجنليزية بطالقة ‪.‬‬ ‫قالت ‪ :‬نعم ‪ ..‬لقد كنت مد ّرسة للغة اإلجنليزية‬ ‫يف املرحلة الثانوية‪ ..‬كما إنين أجيد اإليطالية‬ ‫أيضا فقد عشت عدة سنوات يف روما ‪ ..‬وقلي ً‬ ‫ال من‬ ‫األملانية ‪ ..‬وأنت ماذا تفعل ؟‬ ‫أجبتها ‪ :‬حالياً أدرس اللغة الفرنسية وبعدها‬ ‫قالت‬ ‫سأسعى لنيل شهادة املاجستري ‪.‬‬ ‫‪ :‬أت��ع��رف إن�ني حتى اآلن م��ا زل��ت ارت��ك��ب بعض‬ ‫األخ���ط���اء يف ال��ل��غ��ة ال��ف��رن��س��ي��ة وخ��اص��ة حني‬ ‫أكتب بها ‪ ..‬الفرنسية مجيلة ولكنها صعبة‬ ‫ملن مل يتعلمها منذ الصغر ‪ ..‬لذلك أشفق عليك‬ ‫ومهمتك ليست هينة ‪.‬‬ ‫قلت ‪ :‬معك كل احلق ‪ ..‬ولكن هذا اختياري ‪.‬‬ ‫ابتسمت وقالت ‪ :‬أحي فيك هذه ال��روح ‪ ..‬أمتنى‬ ‫لك من قليب النجاح ‪ ..‬وأرج��وك ال ترتدد بطلب‬ ‫مساعدتي ‪.‬‬ ‫فرغت من تناول الشاي فاستأذنت باملغادرة ‪.‬‬ ‫قالت ‪ :‬بالطبع ‪ ،‬أنين أقدر بأن وقتك مثني ‪ ،‬وأنا‬ ‫كما ترى أبعــثـر وقيت بيــن ( التلفزيون ) و (‬ ‫االنرتنت ) ‪.‬‬ ‫عند باب الشقة ناولتين معطفي وكررت شكرها‬ ‫هلدييت وقالت ‪ :‬سأتوالها بالرعاية ‪ ..‬فهذه النبتة‬ ‫حتتاج إىل كمية حمددة من الضوء كل يوم ‪،‬‬ ‫وإىل كمية صغرية من املاء كل ثالثة أيام وإال‬ ‫ستموت ‪.‬‬ ‫وقبل أن تغلق باب شقتها قالت ‪ :‬أتعلم أنين منذ‬ ‫سكنت هنا م��ن أرب��ع��ة أع���وام مل أمس��ع كلمة‬ ‫نهارك طيب من قاطين هذه البناية ‪ ..‬كما إنين‬ ‫ال أفضل إنفاق بقية عمري مع القطط والكالب‬ ‫‪ ..‬أرجوك زرني كلما مسح وقتك ‪.‬‬ ‫أومأت برأسي عالمة املوافقة ‪.‬‬ ‫اخت���ذت طريقي إىل شقـتــي وتـنــاهـــت إىل‬ ‫مــســامعي السيمفونية اخلامسة لـ ( بتهوفن)‬ ‫تنطلق من شقة مضيفيت ‪ ،‬اليت مل أتبادل معها‬ ‫األلقاب ‪.‬‬


‫‪20‬‬

‫السنة الثالثة ‪ -‬العدد ( ‪ 19 - 13 ( - ) 118‬أغسطس ‪)2013‬‬

‫التحديات اليت تواجه املوسيقى العربية‬ ‫يق���ول حكي���م الص�ي�ن كونفش���يوس‪”:‬إذا أردت أن تع���رف مكان���ة أم���ة من الرق���ي فأحبث‬ ‫عن موس���يقاها” والس���بب ألن الفنون اجلميلة مبا فيها املوس���يقى ه���ي مرحلة متقدمة يف‬ ‫احلض���ارة‪ ،‬وه���ي معيار يق���اس به مدى تق���دم األم���م‪.‬وإذا تفحصنا كتب التاري���خ القديم‬ ‫فس���نجد أن املوس���يقى العربي���ة متأصل���ة يف جذوره���ا‪ ،‬وقد أثبت���ت االكتش���افات األثرية‬ ‫يف ب�ل�اد الرافدي���ن وج���ود آالت موس���يقية قدمية يع���ود تارخييها إىل األل���ف اخلامس قبل‬ ‫املي�ل�اد‪ ،‬وم���ن بني هذه آالت قيثارة س���ومر‪،‬هذه أآللة املوس���يقية الس���ومرية مل تكن بدائية‬ ‫ب���ل كانت آلة متطورة يف صناعتها ومجال نقوش���ها‪ ،‬وتعدد أوتاره���ا‪ ،‬باإلضافة إىل أآلالت‬ ‫املوسيقية األخرى مثل‪ :‬اهلارب والكنارة‪،‬والطبول‪،‬والدفوف‪ ،‬والصفاقات ‪،‬واملزامري املزدوجة‬ ‫والفردية‪ ،‬وغريها من أآلالت املوس���يقية األخرى‪.‬وعن احلضارة العربية يقول املؤرخ هنري‬ ‫جورج فارمر يف كتابه”تاريخ املوس���يقى العربية”‪”:‬إن التنقيبات األثرية أثبتت أن حضارة‬ ‫الع���رب متت���د إىل أكثر من ثالثة آالف عام قبل امليالد” وقال املؤرخ أرثر مور‪“ ،‬لقد تأثرت‬ ‫أوروبا باملوسيقى العربية أكثر مما تأثرت بأي موسيقى شرقية أخرى” ‪.‬‬

‫مفتاح سويسي الفرجاني‬ ‫لق���د ازده���رت املوس���يقى العربي���ة يف العص���ر‬ ‫العباس���ي يف ب�ل�اد الرافدين‪،‬حتى قب���ل إن بغداد‬ ‫أصبح���ت أخباره���ا ت���روى كاألس���اطري‪ ،‬ويف‬ ‫األندلس بلغت املوسيقى العربية مكانة مرموقة‬ ‫ال تق���ل عن املكانة اليت بلغتها يف بغداد‪.‬ولكن بعد‬ ‫عدوان التت���ار على بغداد يف القرن الثالث عش���ر‬ ‫املي�ل�ادي وس���قوط غرناطة يف منتص���ف القرن‬ ‫اخلامس عش���ر تعرض���ت املوس���يقى العربية إىل‬ ‫نكس���ات متتالي���ة مل���دة مخس���ة قرون‪ .‬ث���م بدأت‬ ‫الفن���ون اجلملية يف مقدمتها املوس���يقى تس���عى‬ ‫إىل النه���وض من جديد لتجد طريقها مع نهاية‬ ‫القرن التاسع عش���ر وبداية القرن العشرين بعد‬ ‫مجود دام ق���رون طويلة عاش���تها األمة العربية‪.‬‬ ‫وم���ن ب�ي�ن العوام���ل ال�ت�ي س���اهمت يف تطوي���ر‬ ‫املوس���يقى العربي���ة يف العص���ر احلدي���ث‪ ،‬إنش���اء‬ ‫املعاه���د والكلي���ات املتخصصة اليت خت���رج منها‬ ‫العدي���د م���ن املؤهل�ي�ن يف ه���ذا احلقل‪ ،‬وانتش���ار‬ ‫الف���رق املوس���يقية ‪،‬وظه���ور أس���اتذة يف خمتلف‬ ‫تقني���ات املوس���يقى‪ ،‬ومل تك���ن ه���ذه النهض���ة‬ ‫املوس���يقية احلديثة بنفس القوة يف كل البلدان‬ ‫العربي���ة‪ ،‬ولكنها نس���بية فالكل يعمل حس���ب ما‬ ‫يتوفر لديه من إمكانيات‪.‬‬ ‫‪-‬املوسيقى أداة لتقويم النفس وتهذيبها‬

‫ولكن بانتشار ظاهرة العوملة أصبح العامل مبثابة‬ ‫قرية صغرية الكل فيها يؤثر ويتأثر‪ ،‬فالغلبة ملن‬ ‫ميتلك القدرة العلمية والتقنية والفنية ‪،‬ونظراً‬ ‫لق���وة ه���ذا التأث�ي�ر عل���ى الثقافة احمللي���ة برزت‬ ‫تي���ارات ديني���ة وثقافي���ة بعضه���ا مؤي���د واآلخر‬ ‫مقاوم هل���ذه العوملة ‪ ،‬وقد ترت���ب عن ذلك ظهور‬ ‫بعض التحديات نذكر من بينها‪:‬‬ ‫‪ -)1‬التط���رف ض���د املوس���يقى‪ :‬لق���د اهتم���ت‬ ‫احلض���ارات القدمية مثل‪ :‬الس���ومرية والبابلية‪،‬‬ ‫واملصري���ة القدمي���ة ‪،‬واليوناني���ة‪ ،‬والروماني���ة‪،‬‬ ‫وغريه���ا من احلض���ارات مبختلف أن���واع الفنون‬ ‫يف مقدمته���ا املوس���يقى‪ ،‬وأنش���أت املس���ارح‪ ،‬ليس‬ ‫ألن ش���عوب هذه احلضارات حتب الرتف واللهو‪،‬‬ ‫ولكن ملعرفتها بالنفس البش���رية اليت حتتاج إىل‬ ‫الرتوي���ح للتغلب على تعب احلياة حتى ال تصاب‬ ‫بامللل والكآب���ة واخلمول‪،‬ألن ال���روح تتعب كما‬ ‫يتعب اجلسد‪ ،‬وألنها تعرف دور الفنون اجلميلة‬ ‫يف رف���ع مس���توى التذوق اجلمال���ي‪ ،‬الذي بدونه‬ ‫ال حيس���ن اإلنس���ان االس���تمتاع جبمال الطبيعة‬ ‫اليت خلقه���ا اهلل‪ .‬فالفنون اجلميل���ة يف مقدمتها‬ ‫املوس���يقى أداة لتقوي���م النف���س وتهذيبها‪،‬وخلق‬ ‫الطمأنين���ة يف النف���وس‪.‬إن االس���تمتاع بالنغ���م‬ ‫املتواف���ق واالنزع���اج من التنافر ه���و غريزة فطر‬

‫عليه���ا أي كائن حي‪،‬الكل ينج���ذب إىل التناغم‬ ‫وينبذ التنافر‪.‬ولعل م���ا ورد يف القرآن الكريم يف‬ ‫سورة لقمان اآلية ‪( 18‬إن أنكر األصوات لصوت‬ ‫احلم�ي�ر) خري دليل على ذلك‪ ،‬ألن صوت احلمري‬ ‫ع���ال ومتناف���ر ال تقبل���ه األذن الس���ليمة‪ .‬كم���ا‬ ‫أن اختي���ار النيب حمم���د عليه الصالة والس�ل�ام‬ ‫لبالل ليؤذن يف الناس كان بس���بب مجال صوته‬ ‫املتناغ���م الذي يضفي عل���ى األذان رونق ومجال‪.‬‬ ‫ألن النغ���م اجلي���د املتواف���ق ال���ذي ال تناف���ر فيه‬ ‫يس���ري يف اجلس���م ويف العروق فيصف���و له الدم‬ ‫ويرتاح له القلب وتهتز له اجلوارح‪.‬إن االس���تماع‬ ‫إىل النغ���م اجلي���د غري املقرتن باأللف���اظ الرديئة‬ ‫فال ضرر وال ضرار فيه‪ .‬وخيربنا التاريخ القديم‬ ‫إن بع���ض الديان���ات الس���ماوية مث���ل‪ -:‬اليهودية‬

‫واملس���يحية قد منعت املوسيقى يف فرتة ما ‪،‬ولكن‬ ‫تب�ي�ن هل���ا فيم���ا بع���د م���دى أهميته���ا يف تهذيب‬ ‫النفس للوصول بها إىل السمو للتأمل يف ملكوت‬ ‫اهلل‪،‬ولذل���ك أصبح���ت ج���زءا رئيس���ا ملصاحب���ة‬ ‫الطقوس الدينية‪.‬‬ ‫لق���د تقدم���ت املوس���يقى العربي���ة يف العص���ر‬ ‫العباس���ي ال���ذي عاص���ره ج���ل أصح���اب املذاهب‬ ‫املعروف���ة اآلن‪ ،‬وق���د بلغ���ت العل���وم والفن���ون يف‬ ‫عهده���م ذروة جمدها‪,‬وعاجل الكن���دي والفارابي‬ ‫وابن س���ينا املرضى باملوسيقى ملعرفتهم بتأثريها‬ ‫النفس���ي على اإلنس���ان‪ ،‬ومل ينكرها أحد وهؤالء‬ ‫العلم���اء أق���رب إىل اإلس�ل�ام وأكثره���م منفعة‬ ‫لإلس�ل�ام واملس���لمني‪،‬من الكث�ي�ر من���ا يف ه���ذا‬ ‫العص���ر‪ .‬إن ه���ؤالء العلم���اء وغريهم ه���م الذين‬ ‫قدموا للبش���رية الكثري من املعارف اليت ساهمت‬ ‫يف ازده���ار احلضارة اإلنس���انية‪ ،‬وبه���م أصبحت‬ ‫احلض���ارة العربي���ة اإلس�ل�امية قبلة الدارس�ي�ن‬ ‫والباحث�ي�ن يف خمتل���ف أن���واع املعرفة مب���ا فيها‬ ‫املوسيقى‪.‬‬ ‫‪ -)2‬التغري���ب يف املوس���يقى العربي���ة‪ :‬يف ه���ذا‬ ‫الس���ياق يقول األس���تاذ كمال جنم���ي يف مقالة‬ ‫له بعن���وان (التكوين الفين للموس���يقى العربية)‬ ‫نش���رت ل���ه يف جمل���ة العرب���ي الع���دد‪":31‬إن‬ ‫بعض املوس���يقيني يطالب���ون بتطوير املوس���يقى‬ ‫العربي���ة والغن���اء العرب���ي‪،‬ويف واق���ع األم���ر هم‬ ‫يري���دون الق���ذف بالغن���اء العرب���ي وملحقاته يف‬ ‫قمام���ة التاريخ‪،‬دون معرفتهم بغزارة املوس���يقى‬ ‫العربية وفضلها على املوس���يقى الغربية‪.‬وتقول‬ ‫الدكتورة رتيبة احلفين؛عميدة معهد املوسيقى‬ ‫العربي���ة جبمهوري���ة مصر س���ابقا يف مقابلة هلا‬ ‫نش���رت يف جمل���ة "املوق���ف العربي" أن���ا ال أعترب‬ ‫الرتاث املوسيقى العربي متخلفا بل أعتربه أثرى‬ ‫تراث موسيقي على اإلطالق بضروبه ومقاماته‬ ‫وإمكان���ات اآلت���ه املميزة‪"...‬ويقول األس���تاذ كما‬ ‫النجم���ي يف مقالة له نش���رت يف جملة‪ ،‬الدوحة‬ ‫لع���ام‪1982‬م‪ ،‬بعنوان "هل ميكن إلغاء املوس���يقى‬ ‫العربية"‪":‬إن املوسيقى العربية كيان قائم بذاته‬ ‫ال ه���ي ش���رقية كموس���يقى الص�ي�ن واهلند‪،‬وال‬ ‫ه���ي غربية كموس���يقى أوروب���ا وأمريكي���ا"‪ .‬إن‬ ‫للموس���يقى العربية طابعها املميز الذي ختتلف‬


‫‪21‬‬

‫السنة الثالثة ‪ -‬العدد ( ‪ 19 - 13 ( - ) 118‬أغسطس ‪)2013‬‬

‫عـــدنــان‬

‫سامل التاوسكي‬

‫ضعف اهتمام املؤسسات الرمسية‬ ‫واألهلية باملوسيقيني ال خيلق مبدعني‬ ‫في���ه ع���ن موس���يقى بقي���ة الش���عوب األخ���رى‪،‬‬ ‫وه���ذه خصوصي���ة جي���ب احلفاظ عليه���ا حتى‬ ‫ال تفق���د هويتها وتتحول إىل صورة منس���وخة‬ ‫باهت���ة ال معنى هلا‪ ،‬وال تع�ب�ر عن ثقافة بعينها‪.‬‬ ‫إن للموس���يقى العربي���ة مقومات ق���د ال تتوفر‬ ‫ل���دى موس���يقى الش���عوب األخرى‪ ،‬مب���ا هلا من‬ ‫خصوصي���ة يف تع���دد مقاماتها‪،‬وإيقاعاته���ا‪،‬‬ ‫وقوالبه���ا الغنائي���ة‪ ،‬ورب���ع النغمة ال�ت�ي تزيدها‬ ‫ث���را ًء‪ ،‬وصالحي���ة املقام���ات للتعب�ي�ر ع���ن كل‬ ‫االنفع���االت النفس���ية‪ ،‬وم���ا ي���دور حوهل���ا م���ن‬ ‫مؤث���رات يف الطبيعة‪ .‬ورغم كل ذلك‪ ،‬فال ضر‬ ‫وال ضرار يف التطوير إذا مل يؤدي إىل تش���ويهها‬ ‫وإلغ���اء خصوصيته���ا‪ ،‬بل م���ا نرغب في���ه هو أن‬ ‫يزيدها هذا التطوير مجال وينمقها مبحسنات‬ ‫جدي���دة ترتق���ي أكث���ر مبس���تواها وتواك���ب‬ ‫عصرها وال يهمش أصالتها‪.‬‬ ‫‪ -)3‬إهم���ال املوس���يقى العربي���ة ومؤسس���اتها‬ ‫واملش���تغلني بها‪ :‬إن ع���دم االهتمام باملؤسس���ات‬ ‫التعليمي���ة املوس���يقية وبكوادره���ا وبطالبه���ا‬ ‫وخبرجييه���ا ومبعداته���ا يعت�ب�ر م���ن ب�ي�ن‬ ‫التحدي���ات املضرة اليت تعرقل التقدم يف جمال‬ ‫املوس���يقى وتقنياته���ا‪ .‬كم���ا أن ضع���ف اهتمام‬ ‫املؤسس���ات الرمسي���ة واألهلي���ة باملوس���يقيني‬ ‫ال خيل���ق مبدع�ي�ن يف ه���ذا اجمل���ال وأن نق���ص‬ ‫البحوث والدراسات املتعمقة يف جمال املوسيقى‬ ‫وتقنياتها ال يثري احلركة الفنية املوس���يقية‪،‬‬ ‫ولكن عندم���ا تنال املوس���يقى العربية تقديرها‬ ‫إىل جانب العلوم األخرى‪ ،‬واحرتام من حيرتفها‬ ‫ويتلق���ى كل التقدي���ر م���ن املس���ئولني وم���ن‬ ‫عام���ة الن���اس س���تظهر اإلبداع���ات يف البحوث‬ ‫والدراسات والنظريات املوسيقية كما حدث يف‬ ‫العصر العباسي‪،‬الذي أصبحت فيه بغداد تروى‬ ‫أخباره���ا كاألس���اطري ملا تقدمة م���ن جديد يف‬ ‫خمتلف فروع املعرفة‪ ،‬ليأتيها الطالب األجانب‬ ‫م���ن كل ف���ج عمي���ق‪ .‬وبه���ذا العل���م أصبح���ت‬ ‫احلض���ارة العربي���ة اإلس�ل�امية يف العص���ر‬ ‫العباس���ي جاذب���ة لآلخري���ن وليس ط���اردة هلا‬ ‫كما حي���دث يف عهدنا هذا‪،‬وال يقال عن العرب‬ ‫واملسلمني إرهابيني بل يصفهم العامل باملبدعني‬ ‫ملا يقدمونه من معارف‪،‬اليت انتشرت يف أوروبا‪،‬‬ ‫هذه املعارف هي ال�ت�ي مهدت للنهضة احلديثة‬

‫يف أوروبا بعد مج���ود دام أكثر من ألف عام يف‬ ‫العصر الوس���يط‪ ،‬ال���ذي مسي بالعص���ر املظلم‬ ‫ألوروبا‪،‬بينم���ا كان يس���مي بعص���ر االزده���ار‬ ‫يف احلض���ارة العربية اإلس�ل�امية‪.‬ولكن عندما‬ ‫يضع���ف االهتم���ام بالعل���وم والفن���ون ويضعف‬ ‫ش���عور املس���ئولني وعام���ة الن���اس باملبدع�ي�ن‪،‬‬ ‫ويب���دأ الطعن يف م���ن حيرتف الفن���ون‪ ،‬ويظهر‬ ‫من حيرم الفنون اجلميل���ة بدون علم وإدراك‪،‬‬ ‫ت�ت�ردى العل���وم والفن���ون‪ ،‬ويرتدى معه���ا ملكة‬ ‫اإلبداع‪ ،‬والذوق اجلمالي ويتدنى معها مستوى‬ ‫التحضر‪.‬‬ ‫‪ )4‬التف���وق التكنولوج���ي‪ :‬إن تع���دد وس���ائل‬ ‫االتصال‪،‬وقدرته���ا عل���ى الوص���ول ل���كل بي���ت‬ ‫يف خمتل���ف ق���ارات الع���امل‪ ،‬باإلضاف���ة إىل‬ ‫اإلتق���ان يف تصميم الربام���ج اإلذاعية‪،‬واألفالم‬ ‫الس���ينمائية‪،‬للكبار والصغار‪،‬ساعد على توجيه‬ ‫عق���ول املتلقي�ي�ن إىل اهلدف غ�ي�ر املرغوب فيها‬ ‫بالنس���بة لرتاثن���ا وقيمنا‪ ،‬ومكن ال���دول القادرة‬ ‫عل���ى األخذ بزم���ام املب���ادرة لف���رض توجهاتها‬ ‫وتغيري أمناط السلوك يف العديد من اجملتمعات‬ ‫للوجهة اليت ترغب فيها‪.‬وهذا له تأثريه السليب‬ ‫على جمتمعاتن���ا خاصة يف ظل الفراغ الداخلي‬ ‫ال�ت�ي تعاني من���ه العديد من جمتمع���ات الدول‬ ‫النامية‪ ،‬وحنن يف مقدمتها‪.‬‬ ‫وخالصة احلديث يف إطار هذا املوضوع نستعني‬ ‫بق���ول أح���د العلماء ال���ذي مفاده "إن األس���لوب‬ ‫الذي نفكر به حيدد مس���ارنا يف املس���تقبل "فإن‬ ‫كان منط تفكرينا يستمد نتائجه من التفكري‬ ‫اإلبداع���ي والتحليل���ي والنقدي واالس���تقرائي‬ ‫واالس���تنباطي كما حدث يف العصر العباس���ي‪،‬‬ ‫ف���إن نتائج���ه س���تكون إجيابي���ة بع���ون اهلل‬ ‫وتس���خريه‪ ،‬وإن كان من���ط تفكرين���ا يس���تمد‬ ‫نتائجه من من���ط التفكري السفس���ايف الفطري‬ ‫فإننا س���نحصد العدي���د من املآس���ي وهذا بفعل‬ ‫أيدين���ا‪ ،‬فلنا حري���ة االختيار‪.‬وعلينا أن نتذكر‬ ‫ب���أن س���عادة اإلنس���ان وتعاس���ته ترتبط بش���كل‬ ‫وثيق بنمط تفكريه وعادات العقل فيه‪.‬‬

‫يطبطبوبسرع بيان‬ ‫اىل روح الشهيد العقيد عدنان النويصري نضجوعلينا‬ ‫ّ‬ ‫وكل ش���هداء اجلي���ش الوط�ن�ي الذي���ن ارامل ابكاهن جيلد ف الضلوع‬ ‫طالتهم أيد الغدر‬ ‫ومازال ينصح بالصربزيدان‬ ‫صرخة رودينه وشهد يالي الروع‬ ‫موجوع فوق الوجع موجوع‬ ‫يابوي وينك ح ّركة سيسان‬ ‫ومليان نني نني مليان‬ ‫منهار يانالي عقل ودموع‬ ‫وتقضاية حممد دنيته مفجوع‬ ‫حتى الزعل من زعليت زعالن‬ ‫علي ان غدر يااله وقت اذان‬ ‫زكريا انا‬ ‫ندّعي فالفرح والفرح مصنوع‬ ‫حناييه فالنفس كيف ميت زمان‬ ‫اول وآخرقنوع‬ ‫قدام كسرت خاطرك اول ُمدان‬ ‫مشكاي ماهومن ظما الجوع‬ ‫ناس املكان ك ّرهوني فاملكان‬ ‫زكريا ارجوك‬ ‫سكوت وجمارات خوف وخنوع‬ ‫ابصق علي اسوء مجوع‬ ‫وراسي خطوه وبعدي الطوفان‬ ‫حنناومن هوغرينا ن ّكارت العرفان‬ ‫يادوب خيمه ينصبوها أسبوع‬ ‫حننا التخلي طبعنا ومطبوع‬ ‫من قبل فينا لعند االن‬ ‫وخيطرعليهم ياهلل اجلريان‬ ‫بالد بسم السجود فيهاوالركوع‬ ‫حننا نف ّكرو عالعيد كم مدفوع‬ ‫نكسو ظواهرنا وضمرينا عريان‬ ‫وبسم لربالي كرنكاطي اخوان‬ ‫سوق كل شي فيه مبيوع‬ ‫حننا مشاعرنا منني نوع‬ ‫وارخص بضاعه فيه االنسان‬ ‫مساجني الربود وصمتنا السجان‬

‫الشهيد‬ ‫عدنان النويصري‬

‫اوطان ذحبنا عندها مشروع‬ ‫يسمن اوطان‬ ‫قولك هذين ّ‬ ‫يانويرتي علي رقد خمدوع‬ ‫فاصحاب الكراسي سادين الذان‬ ‫متفندقني وقابضني موقعني رتوع‬

‫حننا وحننا‪...‬‬ ‫اختصارالطرح للموضوع‬ ‫حننا من قتلناك ياعدنان‬ ‫حننا من قتلناك ياعدنان‬


‫‪22‬‬

‫ميادين الفن‬

‫السنة الثالثة ‪ -‬العدد ( ‪ 19 - 13 ( - ) 118‬أغسطس ‪)2013‬‬

‫هشام مطر‬ ‫كاتبا مسرحيا‬

‫خليل العرييب‬

‫مسلسالت رمضان بني الرفض والقبول‬ ‫يف غياب األعمال الدرامية الليبية يف‬ ‫القنوات الليبية طوال العام جعل املش���اهد‬ ‫اللييب ينتظر ش���هر رمضان املبارك لعله‬ ‫يش���في غليله بأعم���ال درامية تلفزيونية‬ ‫ذات نكه���ة ليبي���ة تغني���ه ع���ن متابع���ة‬ ‫األعم���ال األخ���ري يف القن���وات املصري���ة‬ ‫واخلليجي���ة ‪ ،‬غ�ي�ر أن ما قدمت���ه القنوات‬ ‫الليبي���ة جاء خميبا لآلمال ويف غالبه جاء‬ ‫سطحيا ومكررا من أفكار وأعمال سابقة‬ ‫وإرجتالي���ا ومباش���را األم���ر الذي س���بب‬ ‫ع���زوف املش���اهد اللييب ع���ن متابعة هذه‬

‫األعم���ال واإلجتاه إل���ي األعمال املصرية‬ ‫والس���ورية واخلليجي���ة ال�ت�ي توف���رت‬ ‫فيه���ا كل س���بل النج���اح والتنفيذ اجليد‬ ‫واحلبكة الدرامية املدروس���ة إضافة إلي‬ ‫توفري اإلمكانيات واخلربة الالزمة إلنتاج‬ ‫مثل هذه األعمال ‪.‬‬ ‫إن املش���اهد اللي�ب�ي ال���ذي يتاب���ع مئات‬ ‫القن���وات املفتوح���ة عربي���ة وتركي���ة‬ ‫وحيت األجنبية منها أصبح علي مستوي‬ ‫كب�ي�ر م���ن الوعي الف�ن�ي ال���ذي ال يقبل‬ ‫بأعمال سطحية تس���تخف بعقله وذوقه‬

‫وال ترق���ي إل���ي مس���توي اإلنت���اج الف�ن�ي‬ ‫الذي يستحق املش���اهدة وال جيد املواطن‬ ‫اللييب نفسه يف تلك األعمال الليبية اليت‬ ‫كان يرجو أن حتمل مشاكله وقضاياه‬ ‫وتقالي���ده وثقافت���ه الليبية ال�ت�ي جتعله‬ ‫ينح���از لتل���ك األعمال ويتابعه���ا بإهتمام‬ ‫وال جتعله يرفضه���ا بالكامل ويبحث عن‬ ‫املتعة والفرجة يف أعمال اخري عربية أو‬ ‫تركية أو حيت أجنبية ناضجة متطورة‬ ‫فنيا ودراميا وتقنيا ‪.‬‬

‫محاس تنتقد عادل إمام‬ ‫الكاتب الروائي اللييب هش���ام مطر بعد‬ ‫النجاح الكبري الذي حققته رواياته وجتربته‬ ‫الكب�ي�رة يف ه���ذا اجمل���ال ‪ ،‬يق���دم وألول مرة‬ ‫عم�ل�ا مس���رحيا باللغة األجنليزي���ة بعنوان‬ ‫‪ ( :‬كي���ف نب���دأ ) ‪ ،‬قدم���ت ه���ذه املس���رحية‬ ‫الش���هر املاضي علي خشبة مس���رح ( سوهو )‬ ‫يف قلب مدينة لندن الثقايف ضمن مهرجان‬ ‫( هوتبيد ) املسرحي ‪.‬‬ ‫مس���رحية كي���ف نب���دأ ذات الفص���ل‬ ‫الواح���د واملمث���ل الواح���د ق���ام بإخراجه���ا (‬ ‫باتري���ك موري���س ) وقام ب���أداء الش���خصية‬ ‫الوحي���دة يف املس���رحية املمث���ل اإلجنليزي (‬ ‫مارك أوس���تريفيني ) وتعترب هذه املسرحية‬ ‫باك���ورة أعم���ال الروائ���ي هش���ام مط���ر يف‬ ‫جم���ال الكتابة املس���رحية ‪ ،‬وج���اءت نتيجة‬ ‫لتعاون���ه م���ع أس���تاذة األدب اإلجنلي���زي‬ ‫جبامعة ساوثهامبتون ( ديفورا باوم ) ‪.‬‬ ‫ويق���ول هش���ام مطر عن هذه املس���رحية‬ ‫بأنه���ا س���تكون مقدم���ة ألعم���ال مس���رحية‬ ‫أخري سرتي النور يف املستقبل القريب ‪.‬‬

‫كت���ب الناط���ق الرمس���ي بإس���م محاس‬ ‫عل���ي صفحت���ه يف الفي س���بوك مع�ب�را عن‬ ‫إس���تيائه م���ن مش���اهد إقتح���ام الس���جون‬ ‫املصرية يف احللقة الس���ابعة والعشرين من‬ ‫مسلس���ل ( العراف ) بطولة عادل إمام ‪ ،‬ذلك‬ ‫اإلقتحام علي مس���لحني ملثم�ي�ن بالكوفية‬ ‫الفلسطينية يقتلون رجال الشرطة وحراس‬ ‫الس���جن املصريني ‪ .‬وأك���د الناطق الرمسي‬ ‫بأس���م محاس بأن هذا العمل جبان وإس���اءة‬ ‫لكل الش���عب الفلس���طيين وحتريض س���افر‬ ‫علي العن���ف والكراهية ضد الفلس���طينيني‬ ‫وإساءة للعالقات املصرية الفلسطينية ‪.‬‬ ‫وأضاف إن من يقف وراء هذا العمل لوبي‬ ‫خطري مهمته إفق���اد مصر لدورها ومكانتها‬ ‫وع���زل فلس���طني ع���ن عمقه���ا وحميطه���ا‬ ‫العربي واإلسالمي ‪.‬‬ ‫من املعلوم أن مسلسل العراف من تأليف‬ ‫يوس���ف معاطي وإخراج عادل إمام وبطولة‬ ‫عادل إمام وحس�ي�ن فهم���ي وطلعت زكريا‬ ‫وش�ي�رين ونهال عنرب وحممد الش���قنقريي‬ ‫وأمحد فولكس وزكي فطني عبد الوهاب ‪.‬‬

‫( تسلم األيادي) هدية الفنانني املصريني‬ ‫ولق���د أف���اد العدي���د م���ن النق���اد‬ ‫مش���اركة من الفنانني املصريني‬ ‫يف ث���ورة التغي�ي�ر ال�ت�ي حدث���ت بع���د واإلعالمي�ي�ن بأن هذه األغنية ( تس���لم‬ ‫مظاه���رات ‪ 30‬يوني���و ‪ ،‬ق���ام جمموعة األي���ادي) أثبت���ت بأنه���ا األق���وي عل���ي‬ ‫من الفنانني من تس���جيل أغنية وطنية الس���احة الش���عبية والفني���ة حاليا وبدأ‬ ‫بعنوان ( تس���لم األيادي ) هدية وعرفانا الناس ترديدها يف كل مكان ومناسبة‬ ‫للجيش املصري ال���ذي إختار اإلحنياز امل���ر الذي س���بب يف كثري م���ن احليان‬ ‫إلرادة األغلبي���ة الس���احقة للش���عب يف تص���ادم بني أنص���ار الرئيس املعزول‬ ‫املصري الذي يطالب بالتغيري من أجل وشباب الثورة اجلديدة ‪ ،‬رغم إعرتاض‬ ‫عدد م���ن النقاد الفنيني ح���ول إقتباس‬ ‫مستقبل مصر ‪.‬‬ ‫األغني���ة اهلدي���ة م���ن كلم���ات ه���ذه األغني���ة م���ن أوبريت���ات س���ابقة‬ ‫وأحل���ان الفن���ان مصطف���ي كم���ال بعن���وان ( تس���لم إيدي���ك ) وأوبري���ت (‬ ‫نقي���ب املوس���يقيني يف مص���ر وش���ارك مصراوي ) اللذان مت تقدميهما يف فرتة‬ ‫يف ه���ذه األغني���ة األوبري���ت خنبة من ليس���ت ببعيدة واليت كتب كلماتهما‬ ‫أه���م املطربني املصريني أمث���ال ‪ :‬إيهاب الش���اعر الغنائي نادر عب���داهلل وحلنهما‬ ‫توفيق – هش���ام عب���اس – غادة رجب – وليد س���عد وش���ارك يف أدائهما حس�ي�ن‬ ‫حكيم – مسري اإلس���كندراني – محادة اجلسمي وهاني شاكر ولطيفة ونبيل‬ ‫هالل – بوسي – سومة – خالد عجاج ‪ .‬شعث وحممد فؤاد ‪.‬‬


‫ميادين الرياضة‬

‫‪23‬‬ ‫‪23‬‬ ‫‪11‬‬

‫السنة الثالثة ‪ -‬العدد ( ‪ 19 - 13 ( - ) 118‬أغسطس ‪)2013‬‬

‫أمحد بشون‬

‫لعب الكرة واللعب بالتاريخ الوطين‬

‫قرار بإنشاء قرية‬ ‫أوملبية بتاجوراء‬ ‫وملعب بسعة ‪60‬‬ ‫ألف متفرج‬

‫اجلزء األول (‪)1‬‬

‫حممد محامة‬ ‫م���ن ب�ي�ن م���ا ورثن���ا م���ن نظ���ام القذايف‬ ‫ثقافة تزيي���ف وتزوي���ر التاريخ الوطين‬ ‫والسياسي ‪ ،‬وعوضا عن أن يكون التاريخ‬ ‫الوطين أمرا مقدس���ا يرصد بأمانة ويتم‬ ‫احلدي���ث عن���ه يف قدس���ية ‪ ،‬ومببارك���ة‬ ‫النظام الس���ابق أصبح احلدي���ث عن هذا‬ ‫التاريخ مب���اح دون ضوابط ‪ ،‬و اإلعالمي‬ ‫فيص���ل زقط���ة يف كتابه ال���ذي أصدره‬ ‫اب���ان حك���م الق���ذايف أمساه((األهل���ي‬ ‫فري���ق القرن العش���رين) ليس إس���تثناء‬

‫وأق���ول م���رة أخ���ري أن م���ا دعان���ي ال���ي‬ ‫احلدي���ث عن الكتاب هو م���ا ورد فيه من‬ ‫مغالط���ات عن أح���داث ح���اول الكاتب أن‬ ‫جيز بها ويربطها بتأسيس (نادي األهلي‬ ‫الطرابلس���ي) وأن���ا لس���ت معني���ا يف هذه‬ ‫املقالة باملعلومات اليت أوردها الكاتب عن‬ ‫تأس���يس هذا الن���ادي رغ���م قناعيت بعدم‬ ‫مصداقيته���ا لكن�ن�ي غاضب م���ن تزييف‬ ‫أح���داث وطني���ة سياس���ية وإقحامه���ا يف‬ ‫قصة خيالية توردها لألسف العديد من‬

‫‪،‬والس���بب ال���ذي دعان���ي ال���ي احلدي���ث‬ ‫عن ه���ذا الكتاب بع���د إصداره مب���ا يزيد‬ ‫ع���ن مثان س���نوات ه���و م���ا ورد في���ه من‬ ‫مغالط���ات تارخيية وطني���ة ‪ ،‬وقد تكفل‬ ‫الزمي���ل ناصرالغدامس���ي حيث تعرض‬ ‫لنق���د الكتاب يف مقالة ش���هرية نش���رتها‬ ‫صحيفة الش���باب والرياضة يف العددين‬ ‫‪ 400‬و‪ 401‬خالل ش���هر سبتمرب‪2006‬‬

‫املواق���ع اإللكرتونية لعش���اق ه���ذا النادي‬ ‫ويطل���ع علي���ه العديد من غ�ي�ر الليبيني‬ ‫‪ ،‬وأعتربه���ا تع���د ص���ارخ عل���ي التاري���خ‬ ‫الوط�ن�ي والسياس���ي لليبيا ‪ ،‬وقد يتس���آل‬ ‫القاريء ‪:‬ملاذا اآلن وبعد حوالي ‪ 8‬سنوات‬ ‫من ص���دور الكت���اب ؟ واجلواب أن نش���ر‬ ‫حقائق حول هذه القصة اخليالية كان‬ ‫س���يتناقض مع سياسة النظام السابق يف‬

‫( (‪)Stadium‬س���تاديوم) وح���دة يونانية قدمية‬ ‫م���ن وح���دات الط���ول تبل���غ حوال���ي ‪ 607‬قدم���ا‬ ‫اجنليزي���اً او ‪ 185‬مرتا ‪...‬و ه���ي الوحدة ذاتها اليت‬ ‫اختذها الرومان فيما بعد مقياسا للطول ‪.‬‬ ‫و فيم���ا بع���د ايضا اطل���ق االصط�ل�اح على مدرج‬ ‫االلع���اب الرياضية او امللعب املدرج ‪...‬و يف املرحلة‬ ‫ال�ت�ي انفصلت فيه���ا لعبة كرة الق���دم عن بقية‬ ‫االلعاب اليت كانت جترى طبقا لتلك القياسات‬ ‫الطولية القدمي���ة مت االتفاق على ختفيض ‪65‬‬ ‫م�ت�را من طول تلك الوح���دة اليونانية الرومانية‬ ‫القدمية (س���تاديوم) و اصبح اطول (خط متاس)‬ ‫يف ملعب كرة القدم هو ‪ 120‬مرتا و اقصر (خط‬ ‫متاس) هو ‪ 90‬مرتا ‪.‬‬ ‫و لك���ن و عل���ى الرغ���م م���ن قانوني���ة هذي���ن‬ ‫امللعبني اال ان القانون ذاته اش�ت�رط عدم الس���ماح‬ ‫بإج���راء املباري���ات الدولية طبق���ا هلذين َ‬ ‫اخلطني‬ ‫من التم���اس‪...‬و اقتصرت املباري���ات الدولية على‬ ‫(خطي التماس)‪ 100‬مرتا و ‪ 110‬مرتا ‪.‬‬

‫تزييف التاريخ الوطين وكان سيعرض‬ ‫م���ن يصوبها الي س���طوة أجه���زة وجلان‬ ‫النظام ‪.‬‬ ‫يذك���ر زقط���ة يف الصفح���ة ‪ 45‬م���ن‬ ‫كتاب���ه وحت���ت عن���وان (قصة تأس���يس‬ ‫الن���ادي األهل���ي) أن اجلماه�ي�ر الغاضبة‬ ‫تقدم���ت ي���وم ‪ 1949/5/8‬ال���ي الفندق‬ ‫الذي يقيم فيه مبعوث وزارة املستعمرات‬ ‫اإليطالية (غاملربتي) وحتاول أن ترميه‬ ‫م���ن الناف���ذة ل���وال تدخ���ل الش���رطة‬ ‫العس���كرية وأن ذلك كان بسبب إعالن‬ ‫مش���روع (بيفني –س���فورزا) الشهري‪ ،‬ثم‬ ‫ميض���ي الكات���ب يف قف���زات الي ي���وم ‪21‬‬ ‫نوفم�ب�ر من نفس الس���نة حيث يقول أن‬ ‫األمم املتحدة أصدرت قرارا مبنح ليبيا(‬ ‫إس���تقالهلا بع���د ف�ت�رة إنتقالي���ة مدته���ا‬ ‫عامني) و بلغة مرحلة امللتقيات الثورية‬ ‫الس���ائدة ابان ف�ت�رة حكم الق���ذايف يقول‬ ‫الكاتب أن الن���وادي واملنتديات وامللتقيات‬ ‫الرياضي���ة قد حتولت ال���ي خاليا ثورية‬ ‫!! وه���ذه مصطلحات مل يعرفها الليبيون‬ ‫اال يف مثانيني���ات القرن املاضي لكن يبدو‬ ‫أن عالقة الكاتب القوية مبكتب اإلتصال‬ ‫باللج���ان الثورية وبكل من عبد الس�ل�ام‬ ‫الزادمة وأمح���د ابراهيم ق���د أثرت علي‬ ‫قلم���ه ويف قف���زة أخ���ري غ�ي�ر متوقع���ه‬ ‫يفاجئن���ا الكات���ب بإع�ل�ان مي�ل�اد ه���ذه‬ ‫املؤسسة ‪.‬‬ ‫م���ن خالل م���ا أطلع���ت عليه وم���ا أملكه‬ ‫م���ن وثائق ع���ن ف�ت�رة األربعيني���ات من‬ ‫تاريخ ليبيا فقد وجدت يف حينها أن هذه‬ ‫القصة بالكامل ال أساس هلا من الصحة‬ ‫ومل ي���ورد الكات���ب فيه���ا ش���يء حقيق���ي‬ ‫وص���ادق ‪ ،‬فق���د انطلق���ت املظاه���رات‬ ‫املناوئ���ه ملش���روع بيف�ي�ن – س���فورزا منذ‬ ‫ي���وم ‪ 11‬ماي���و ‪ 1949‬وحيت يوم ‪ 13‬منه‬ ‫يف عموم ليبيا ‪ ،‬وش���ارك كل من بش�ي�ر‬ ‫املغريب���ي وامحد رفيق م���ن مجعية عمر‬ ‫املختار ببنغ���ازي وعبد احلميد بن حليم‬ ‫من مجعي���ة عمر املخت���ار بدرنه يف هذه‬ ‫املظاه���رات حي���ث تص���ادف إندالعها مع‬ ‫وجودهم يف طرابلس ‪.‬‬ ‫يتبع‬

‫أصدرت احلكوم���ة الليبية قرارا الي���وم بتكليف وزارة‬ ‫الش���باب والرياض���ة بإنش���اء قري���ة أوملبي���ة متكامل���ة‬ ‫مبدينة تاجوراء‪.‬‬ ‫وق���ال مدي���ر مكت���ب اإلعالم ب���وزارة الرياض���ة مازن‬ ‫دريبيكة إن القرار يأتي يف سبيل إزالة بعض العراقيل‬ ‫ال�ت�ي تواجه حتضريات ليبيا مللف األمم اإلفريقية عام‬ ‫‪.2017‬‬ ‫وأوضح دريبيكة أن القرار يعمل به من تاريخ صدوره‬ ‫ويتضمن الش���روع يف إنشاء ملعب طرابلس بسعة ‪60‬‬ ‫ألف متفرج‪ ،‬مش�ي�را إىل أنه س���يتم إنشاء ألعاب مائية‬ ‫وجسر يساعد على االنتقال إىل الشاطئ‪.‬‬ ‫وق���ال دريبيكة إن القرار اجلديد س���يمكن من جتاوز‬ ‫العراقي���ل ال�ت�ي تعرتض س���بيل امت���ام صيانة مالعب‬ ‫بنغازي ومصراتة اليت ستشارك يف األلعاب اإلفريقية‪.‬‬ ‫وفيم���ا خي���ص التكالي���ف املادي���ة ق���ال دريبيك���ة‪ :‬إن‬ ‫التكلف���ة تعتم���د على الع���روض اليت س���تقدم وجلنة‬ ‫العطاءات اليت ستختار ما تراه مناسبا حسب وصفه‪.‬‬ ‫يش���ار إىل أن ليبيا قد فازت بتنظيم النسخة احلادية‬ ‫والثالثني من كأس األمم اإلفريقية اليت ستقام عام‬ ‫ألفني وسبعة عشر‪.‬‬

‫هذه الرمية‬ ‫عبد الكريم اهلاللي‬

‫ه���ذه املالع���ب االربع���ة ق���د مت تقس���يمها اىل‬

‫مناط���ق طبقا لش���روط اللعب���ة و كانت الوحدة‬

‫االساسية يف هذا التقسيم تتمثل يف العمود الذي‬ ‫طول���ه ‪ 5.5‬م�ت�را ‪..‬و هي الوح���دة اليت من خالهلا‬ ‫مت حتدي���د (منطق���ة املرم���ى)‪..‬و نقط���ة (عالمة‬ ‫اجلزاء)و اليت هي ‪ 11‬مرتا اي ضعف هذه الوحدة‬ ‫‪...‬و كذل���ك حتديد (منطقة اجل���زاء)و اليت هي‬ ‫‪ 16.5‬مرتا اي ضعف الوحدة ثالث مرات ‪.‬‬ ‫و ل���و اس���تخدمنا ه���ذه الوح���دة عش���ر م���رات‬ ‫لوصلن���ا اىل خط املنتصف ال���ذي طوله ‪ 55‬مرتا‬ ‫‪...‬و ه���و امللع���ب القانون���ي و الدولي ايض���ا و الذي‬ ‫طول خط التماس فيه ‪ 110‬مرتا اي ضعف تلك‬ ‫الوحدة ‪ 20‬مرة ‪.‬‬ ‫ان ه���ذا االم���ر من التناس���ق بني ابعاد ه���ذا امللعب‬ ‫جيعلنا نلفت نظر االحتاد الدولي للعبة بضرورة‬ ‫الغ���اء ش���رعية املالعب االخ���رى و االقتصار على‬ ‫هذا امللعب الذي انتج (خط متاس)قياس���ي طبقا‬ ‫ألصغر وحدة ‪.‬‬ ‫يتبع‬


‫السنة الثالثة ‪ -‬العدد ( ‪ 19 - 13 ( - ) 118‬أغسطس ‪)2013‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.