العدد 131

Page 1

‫السنة الثالثة ‪ -‬العدد ( ‪131‬‬

‫) ‪ 18 - 12 ( -‬نوفمبر ‪)2013‬‬ ‫‪WWW.miadeen.com‬‬

‫‪)2012‬‬ ‫أكتوبر‪-‬‬ ‫العدد( (‪) 77‬‬ ‫الثانية ‪-‬العدد‬ ‫نوفمبر‪)2013‬‬ ‫‪518‬نوفمبر‬ ‫‪- 12 30‬‬ ‫‪( - )( -131‬‬ ‫السنة الثالثة‬

‫السعر لألفراد ‪ 1 :‬دينار في ليبيا وتونس‬ ‫الثمن ‪ :‬دينار‬ ‫‪ -‬المؤسسات الحكومية والخاصة ‪ 3‬دينار‬

‫دويالت الطوائف الليبية‬ ‫السالح لن جيلب لنا دولة‬ ‫ُ‬ ‫الوقوف على األحيان‬ ‫‪ ....‬و الفجر‬ ‫الزواوي ‪ :‬شاهد املهزلة‬

‫ عبدالكريم اهلاللي ‪-‬‬‫شلقم ‪ -‬إبراهيم الكوني‬ ‫لي ‪ ( -‬لوحة عمر جهان )‬ ‫املزوغي ‪ -‬عبدالرمحن‬ ‫كتاب العدد ‪ :‬حممد‬ ‫صرييت ‪ -‬فتحي الساح‬ ‫مسري بن علي ‪ -‬يوسف بن‬ ‫لعكاري ‪ -‬أنس الفقي ‪-‬‬ ‫فتحي ا‬


‫‪02‬‬

‫السنة الثالثة ‪ -‬العدد ( ‪ 18 - 12 ( - ) 131‬نوفمبر ‪)2013‬‬

‫دويالت الطوائف الليبية‬

‫ميادين صحيفة ليبية‬ ‫تصدر عن شركة ميادين للنشر وإإلعالن والتدريب‬

‫عنوان الصحيفة ‪ :‬بنغازي ‪ /‬ميدان السلفيوم‬ ‫خلف عمارة شركة ليبيا للتأمين ‪ -‬فندق‬ ‫مرحبا سابقا ‪ -‬الدور األول‬ ‫‪miadeenmiadeen@yahoo.com‬‬ ‫‪miadeenmiadeen@gmail.com‬‬

‫رئيس التحرير‬ ‫أمحد الفيتو ري‬ ‫املدير العام‬ ‫فاطمة غندور‬ ‫مدير إداري وعالقات عامة‬ ‫خليل العرييب‬ ‫‪0619082250‬‬ ‫‪0925856779‬‬ ‫مراسلو ميادين‬ ‫احلسني املسوري ‪ /‬درنة‬ ‫خدجية االنصاري ‪ /‬اوباري‬ ‫عائشة صوكو ‪ /‬سبها‬ ‫سلوى العالقي ‪ /‬الزواية‬

‫إخراج وتنفيذ‬

‫حسني محزة بن عطية‬ ‫طباعة‬ ‫دار النور للطباعة‬

‫االفتتاحية يكتبها‬ ‫‪ :‬أحمد الفيتوري‬

‫أضحى التنائي بدي ًال من تدانينـا وناب عن طيب لقيانا جتافينا‬ ‫بـنتـم وبـنا فما ابتلـت جواحننـا شوقـ ًا إليكم وال جفـت مآقينـا‬ ‫" شعر ‪ :‬ابن زيدون "‬ ‫عق���ب االس���تقالل حتولت ليبيا إىل دول���ة فيدرالية ‪،‬الذي كان النظام األمثل لب�ل�اد مرتامية االطراف‬ ‫ولشعب صغري كما شعب االمارات املتحدة ‪.‬‬ ‫عقب ظهور النفط أرادت الشركات النفطية األمريكية املهيمنة مركزت اإلدارة والسيطرة بيد واحدة‬ ‫حديدية ‪،‬عام ‪ 63‬الغى النظام الفيدرالي ‪،‬وبعدها بست سنوات مت الغاء النظام السياسي يف البالد ‪،‬وجاءت‬ ‫املخابرات األمريكية مبالزم جعل كل ما يف الصحراء الليبية جمرد آبار نفط ومت الغاء الدولة والشعب‬ ‫مع���ا ‪،‬هك���ذا دخلت ليبيا يف دوامة تقس���يمات جهوية وجغرافية وأمنية ‪،‬مسيت ب���كل االمساء ‪،‬منها ما يف‬ ‫كتب التاريخ وقد نسى من قبل أهله ‪،‬وما مل يسمع به ّ‬ ‫جل الليبيني ‪ :‬الكومونات ‪.‬‬ ‫من���ذ عام ‪ 69‬ال���ي ‪2011‬م احتار الليبي���ون والعامل يف هذه الدول���ة العظمى اليت يتزعمه���ا عقيد معتوه‬ ‫‪،‬هلذا مت استبعادها من التاريخ واجلغرافيا إىل درجة أنها مل تعد تذكر يف نشرات االحوال اجلوية ‪،‬و ال‬ ‫تذكر يف الكثري من مواقع االنرتنت –مثل الياهو وغريه – حتى اليوم‪.‬‬ ‫إذا ألغيت الدولة وس���يطر نظام أمنى س���ريالي على الصحراء الليبية ‪،‬ودعى البش���ر الذين يسكنون هذه‬ ‫الصح���راء باجلماهرييني ! ‪،‬كان مقر زعيم العصابة اليت اس���تولت على البالد قلعة يف مدينة طرابلس‬ ‫تدع���ى ب���اب العزيزية ‪،‬ومن يومها مت الغ���اء العاصمة وحتولت بقية املدن إىل أش���باح ‪،‬وخصصت مدينة‬ ‫بنغازي املشاكس���ة كمقر لألش���باح فكانت اجلبانة ‪:‬فيها قتل الكثري من املعارضني ونصبت املش���انق يف‬ ‫ميادينها ومدينتها الرياضة التى بقت حتت اإلجناز حتى الساعة‪.‬‬ ‫لقد مت تفكيك البالد وهلذا كان الليبيون وخاصة النخبة املعارضة منهم يتوقعون اهلالك وش���ر األمور‬ ‫لو قتل أو مات العقيد فجاءه ‪ ،‬فالعقيد قام بتفكيك كل شيء ‪ ،‬وحتى النفط الذي هو عصب البالد مزق‬ ‫العص���ب وغدت الب�ل�اد يف دوامة ‪ ،‬لذا كان اجلمي���ع يتصور أن البالد ما بعد العقيد س���تدخل يف حروب‬ ‫صغرية بدون شكل ‪،‬فليس مثة ما جيمعها ما بعد العقيد ‪ ،‬ولعل هذا كان وراء دعم الكثري منهم ملشروع‬ ‫التوريث الذي قدم من العقيد بذاته يف ورق من سلوفان ‪.‬‬ ‫لقد عاش الليبيون لعقود يف الواقع يف كنف رعب العقيد ‪،‬والكابوس تصورهم ملا بعد العقيد ‪،‬هم الذين‬ ‫مل يعيشوا حتت سلطة القبيلة أو العائلة أو حتى حركة دينية كالسنوسية حتولوا بفضل الشركات‬ ‫األمريكي���ة اىل الالدول���ة ‪،‬اإلجن���از األعظ���م لعقيدهم من جاءت به الش���ركات النفطي���ة كحل أفضل‬ ‫‪:‬إمرباطور التهريج إلمرباطورية الرمال‪.‬‬ ‫كان الليبيون يتابعون ‪،‬ما حيصل يف لبنان ‪،‬وما حصل يف يوغس�ل�افيا ‪،‬و ما حيصل يف اجلزائر والعراق‬ ‫‪،‬وما حصل يف الصومال ‪،‬وكانوا يعرفون أن النفط لعنتهم فاجلميع يرونهم ‪ :‬ال يستحقون هكذا ثروة‬ ‫!‪،‬وهلذا بدد العقيد حياتهم كما بدد ثروتهم مبش���اركة أمريكية هوليودية باهظة الثمن ‪،‬جعل العقيد‬ ‫أخطر رجل يف العامل ‪،‬وكان عليهم دفع مثن ذلكم ما بعد العقيد‪.‬‬ ‫أما بعد‬ ‫ليل���ة ‪ 20‬أغس���طس ‪2011‬م عند فتح طرابل���س تصور الليبيون ومعهم العامل أن العقيد س���يبيد العديد‬ ‫العديد من س���كانها كأن يبث الغازات الس���امة ‪،‬ومن ش���ر التصورات انتظروا كارثة ‪،‬لكن همهم كان‬ ‫االنتص���ار الذى من أجله أعدوا ما اس���تطاعوا اليه س���بيال ‪ .‬ووقف العامل معه���م ‪،‬كانت أمريكا قد مهدت‬ ‫لذل���ك االنتص���ار املذهل يف ليل���ة واحدة بأكثر من ‪ 120‬ه���وك ‪،‬وهو صاروخ يس���اوي أكثر من مليون‬ ‫دوالر‪.‬ملاذا فعلت أمريكا ذاك ‪،‬هي التى س���اهمت يف ما عايش���ه الليبيون من عذاب وتنكيل ومتزيق للبالد‬ ‫على يد العقيد عقيدهم وطغمته ؟ ‪.‬‬ ‫لقد خرج ليبيو ما بعد العقيد منتصرين ‪،‬ومنقسمني كما هو حاهلم قبل وزيادة ‪،‬لقد دولت كل مجاعة‬ ‫مس���لحة اجله���ة اليت انبثق���ت منها ‪،‬فيما حتول���ت مدينة بنغ���ازي عاصمة ثورتهم إىل س���احة لتصفية‬ ‫حس���اباتهم مجيع���ا إال قل���ة جرفها تيار العن���ف بعيدا ‪،‬فمنذ ‪ 20‬أغس���طس ‪2011‬م أمس���ى األمر الواقع‬ ‫حامسا فالس�ل�اح أنش���اء دويالت حتت غطاء من س���لوفان يدعى دولة ليبيا ( األندلس املفقود ) ‪،‬دويالت‬ ‫يف ازدي���اد مضط���رد هلا حدها اجلغرايف ‪،‬ومتتد تارخييا يف العاصم���ة األبدية من خالل البنك الوطين ما‬ ‫بات الوطين الوحيد األحد ‪،‬وهلذا متد نفوذها هذه الدويالت الليبية على السلطة املركزية القناع الذي‬ ‫من خالله تتقنع هذه الدويالت كي تزيد من نفوذها ومكاسبها‪ .‬وكى تداري تلكم الدويالت حقيقتها‬ ‫صنعت عجال ذهبيا " الفيدرالية " ‪،‬واختذته ش���يطانيا ترمجه ‪،‬وتنوح على حائط مبكى الوحدة الوطنية‬ ‫‪،‬وجعلت خارطة احلوار الوطين طريقها لتوكيد التقسيم الذي هو حتصيل حاصل ‪،‬وأساليبها لتحقيق‬ ‫مبتغاها تستعريها من العقيد ‪،‬واليت عنها ال حتيد فهي قاعدة الشعب ‪.‬‬ ‫لس���ان حال احلال سلم تسلم ‪،‬وأمريكا عرب س���فريتها اللبقة اليت أجابت أحد رجال احلكومة غري املؤقتة‬ ‫حني تس���ائل خائفا من أن تصري ليبيا دولة فاش���لة ‪ :‬لتكن ليبيا دولة قبل ‪،‬وأمريكا عرب سفريتها وسفراء‬ ‫حلفائها ترعى ذلك من خالل هوك اللحظة ‪ :‬الطائرات دون طيار اليت ترتع يف أجواء البالد ‪،‬ومن خالل‬ ‫قفل أقفال النفط ما مل حيصل يف أي بالد غري ليبيا اليت مل تصبح دولة بعد ‪،‬فهل تصبح ‪.....‬؟ ‪.‬‬


‫السنة الثالثة ‪ -‬العدد ( ‪ 18 - 12 ( - ) 131‬نوفمبر ‪)2013‬‬

‫‪03‬‬

‫دويالت الطوائف يف األندلس‬ ‫‪ -‬عام ‪ 400‬هـ ‪ 1010 -‬م –‬

‫إني ذكرتك بالزهراء مشتاق ًا‬ ‫واألفق طلق ووجه األرض قد راقا‬ ‫وللنسيم اعتالل يف أصائلـه‬ ‫كأنـمـا رق لــي فـاعـتـل إشـفـاقــ ًا‬ ‫ يف ع���ام ‪ 400‬هـ متزقت األندل���س وقامت كل‬‫طائف���ة أو عائل���ة ب���ارزة بإع�ل�ان االس���تقالل يف‬ ‫مدينة من املدن وما حييط به‪ ،‬فتمزقت األندلس‬ ‫إىل ‪ 22‬دويل���ة مس���تغلني ضع���ف األموي�ي�ن‬ ‫وصراعهم‪ ،‬وبدأت فرتة حالكة يف تاريخ األندلس‪.‬‬ ‫وه���ذه الدوي�ل�ات ه���ي‪ - 1 :‬بلنس���ية‪ :‬املب���ارك‬ ‫واملظف���ر أعلنا االس���تقالل يف مدينة "بُلنس���ية "‪.‬‬ ‫‪ - 2‬داني���ة والبلي���ار‪ :‬وأعلن جماه���د العامري‬ ‫انفصال���ه عن س�ل�الة احلاج���ب املنص���ور وتفرده‬ ‫مبدين���ة "داني���ة" واجل���زر الش���رقية يف األندلس‬ ‫"جزر البليار"‪ - 3 .‬أركش‪ :‬وتابع مثل السابق‬ ‫"بنو خز ُرون" معلنني انفصاهلم يف مدينة صغرية‬ ‫تدع���ى "أرك���ش " ‪4-‬البون���ت‪ :‬وتف���رد حبكم‬ ‫مدينة صغ�ي�رة تدعى "البونت " رجل يدعى "عبد‬ ‫اهلل ب���ن القاس���م"‪ 5- .‬عام ‪ 403‬ه���ـ ‪ 1013 -‬م‬ ‫عزل هش���ام املؤيد باهلل‪ :‬قام سليمان بن احلكم بن‬ ‫سليمان الناصر بثورة على اخلليفة هشام امللقب‬ ‫باملؤيد باهلل‪ ،‬مستغ ً‬ ‫ال فوضى االضطرابات يف املدن‬

‫األندلس���ية وانفصاهلا عن قرطبة‪ ،‬وسيطر على‬ ‫العاصمة وعزل املؤيد باهلل‪ - 6 .‬عجباً أمر هذا‬ ‫الوصي على هش���ام يف‬ ‫اخلليف���ة !‪ :‬كان احلاجب‬ ‫َّ‬ ‫صغره‪ ،‬فلما كرب عزله ش���نجول‪ ،‬وأعاد لنفس���ه‬ ‫اخلالف���ة بع���د أن أنه���ى الص���راع لصاحل���ه ض���د‬ ‫حممد املهدي باهلل‪ ،‬ثم إنه يعزل اآلن مرة أخرى‬ ‫اآلن من قبل سليمان بن احلكم‪ .‬وانظر إىل احلال‬ ‫عندم���ا يوىل األمر ملن ال يس���تحقه و ليس له من‬ ‫املؤه�ل�ات س���وى نس���به‪ -.‬ولقب س���ليمان نفس���ه‬ ‫"املس���تعني باهلل "‪ ،‬وأدت هذه الفنت إىل ازدياد عدد‬ ‫الدويالت و تتابعها‪ 7-.‬و َْلبة‪ :‬أعلن بنو البكري‬ ‫انفصاهلم‪ ،‬وانش���قوا عن قرطبة يف مدينة "و َْلبة"‪.‬‬ ‫‪ - 8‬غرناط���ة‪ :‬وث���ار رج���ل م���ن الربب���ر امسه‬ ‫"زادي ب���ن زيري" وحكم غرناطة مس���تق ً‬ ‫ال‪9 .‬‬ ‫ ش���نتمرية ( س���انتا ماريا)‪ :‬كذلك ق���ام "هذيل‬‫ً‬ ‫منفص�ل�ا يف مدينة "ش���نتمرية"‬ ‫بن عب���د املل���ك"‬ ‫بإدارته���ا‪ - 10 .‬مورور‪ :‬وأعل���ن بنو تزيري‬ ‫انفصاهلم يف مدينة "مورور"‪ - 11 .‬مرس���ية‪:‬‬

‫كومونة باريس‬

‫كومونة باريس أو الثورة الفرنس���ية الرابعة (باللغة الفرنس���ية‪La Commune de Paris :‬‬ ‫‪:‬ال كوم���ون دو باري) هي حكومة بلدية ثورية اش�ت�راكية أدارت باريس‪ ،‬فرنس���ا لفرتة قصرية‬ ‫ابت���داءا من منتصف مارس ‪ .1871‬قامت الثورة يف باريس وبعدها الكومونة كنتيجة خلس���ارة‬ ‫نابلي���ون الثال���ث احلرب مع بروس���يا ودخ���ول اجليش الربوس���ي املذل إىل باريس بع���د حصارها‪.‬‬ ‫انتخب تس���عون ممث�ل�ا يف الكومون���ة أو جملس مدينة باري���س (بالفرنس���ية‪)”commune“ ،‬‬ ‫باق�ت�راع عموم���ي وأعلنت حكمها على كامل فرنس���ا‪ .‬كانت طريقة حكمه���ا القائمة على إدارة‬ ‫العمال الذاتية ونزاعها حول الس���لطة مع احلكومة املنتخبة لفرنس���ا س���ببني رئيس���يني يف قمع‬ ‫وحش���ي هل���ا من ط���رف القوات الفرنس���ية النظامي���ة فيما مسي بع���د ذلك “باألس���بوع الدموي”‬ ‫(“‪ )”La Semaine sanglante‬يف ‪ 28‬مايو ‪ .1871‬صاحبت النقاش���ات حول سياسات ومآالت‬ ‫الكومونة تداعيات سياس���ية مهمة يف داخل وخارج فرنس���ا خالل القرن العش���رين حيث اعتربت‬ ‫أول ثورة اشرتاكية يف العصر احلديث‪.‬‬

‫أما خريون العامري من أق���ارب احلاجب املنصور‬ ‫فقد أعلن انفصاله يف "مرس���ية"‪ - 12.‬اختل‬ ‫احلك���م يف قرطبة س���نة واح���دة (‪399-400‬هـ)‬ ‫فتمزق���ت األندل���س‪ ،‬وس���اءت األح���وال وت���ردت‬ ‫األوض���اع حن���و احلضي���ض أكثر فأكث���ر‪ ،‬فبال‬ ‫رأس وقائ��� ٍد ح���ازم خيت���ل األمر ويضي���ع الناس‬ ‫ويفشلون وتذهب رحيهم‪ 13- .‬عام ‪ 405‬هـ‬ ‫ ‪1015‬م قرمونة‪ :‬أعلن رجل يدعى "أبو حممد‬‫ب���ن ب���رزال"‪ ،‬مدين���ة " َقرمونة" مس���تقلة وتفرد‬ ‫حيكمه���ا‪ - 14.‬املري���ة‪ :‬واس���تطاع خ�ي�رون‬ ‫العامري أن يبسط سيطرته على مدينة "املرية"‪.‬‬ ‫‪ 15‬عام ‪ 406‬هـ ‪ 1016 -‬م رندة‪ :‬ينشق بنو‬‫يفرون يف مدينة "رندة"‪ ،‬وحيكمونها‪.‬‬ ‫‪ - 16‬ع���ام ‪407‬ه���ـ ‪1017 -‬م بن���و محدون‬ ‫حيكم���ون قرطبة‪:‬أم���ا يف قرطبة‪ ،‬فق���د ثار رجل‬ ‫م���ن ب�ن�ي مح���ود م���ن األدارس���ة عل���ى اخلليف���ة‬ ‫املس���تعني باهلل‪ ،‬ويعزل���ه‪ ،‬ثم يس���تلم هو اخلالفة‬ ‫ولق���ب نفس���ه الناصر ب���اهلل‪ ،‬وما أكث���ر األلقاب!‬ ‫وذلك يف عام‪407‬هـ‪.‬ويف العام نفس���ه ثار القاس���م‬ ‫ب���ن مح���ود عل���ى أخيه عل���ي‪ ،‬ومتك���ن م���ن قتله‪،‬‬ ‫ليستلم احلكم ويلقب نفسه باملأمون‪ ،‬لكن حييى‬ ‫بن علي بن محود انتزع احلكم من عمه وس���يطر‬ ‫عل���ى مقدرات قرطبة ويعرف ه���ذا "باملقلي"‪ ،‬وما‬ ‫كان ه���ذا ليحك���م إال مدينة قرطب���ة‪ ،‬ومع هذا‬ ‫فأطلق على نفس���ه أمري املؤمنني‪ ،‬أمري املس���لمني‪.‬‬ ‫ما أتفه اإلنس���ان إذا مل يعرف َّ‬ ‫حد نفس���ه‪ ،‬وجتاوز‬ ‫ع���ن ح���دوده‪ ،‬ال حيك���م إال مدينة! وه���ا هو أمري‬ ‫املس���لمني كل املس���لمني أينم���ا كان���وا و أينم���ا‬ ‫وج���دوا!‪ - 17 .‬ع���ام ‪ 408‬ه���ـ ‪1018 -‬م‬ ‫سرقسطة‪ :‬ثار املنذر بن حييى التجييب على حكم‬ ‫قرطب���ة‪ ،‬وأعلن انفصاله وس���يطرته على مدينة‬ ‫سرقس���طة‪ ،‬وذلك يف عام ‪408‬هـ‪ 18- .‬عام‬ ‫‪ 412‬ه���ـ ‪1021 -‬م ع���ودة الدول���ة األموية ‪ :‬ويف‬ ‫عام ‪412‬هـ اس���تطاع عبد الرمحن بن هش���ام بن‬ ‫عبد اجلبار بن عبد الرمحن الناصر إعادة احلكم‬ ‫إىل األموي�ي�ن‪ ،‬فأنه���ى حكم بين مح���ود الذي دام‬ ‫م���ن عام ‪ 408-412‬هـ ‪ ،‬ولقب نفس���ه املس���تظهر‬ ‫باهلل يف قرطبة‪ .‬وتق���ول األوضاع املرتدية هل من‬ ‫مزيد هلذه الدويالت‪ 19- .‬نبلة ( لبلة )‪ :‬أما‬ ‫يف "نبل���ة" فقد تفرد بها أمحد بن حييى‪21 .‬‬ ‫ ع���ام ‪ 413‬ه���ـ ‪ 1022 -‬م بطليوس‪ :‬انفصل عبد‬‫اهلل ب���ن حمم���د مبدين���ة "بطلي���وس"‪22 .‬‬ ‫ ع���ام ‪ 414‬ه���ـ ‪ 1023 -‬م إش���بيلية ‪ :‬واس���تقلت‬‫إش���بيلية حيكمه���ا قاضيها حممد ب���ن إمساعيل‬ ‫ب���ن عباد‪ - 23.‬عام ‪ 414‬هـ ـ ‪ 1023‬م والدة‬ ‫وابن زيدون ‪ :‬جاء إىل احلكم األموي يف األندلس‬ ‫عام ‪ 414‬هـ حممد بن عبد الرمحن بن عبيد اهلل‬ ‫بن عب���د الرمحن الناصر وتلقب املس���تكفي باهلل‪،‬‬ ‫وكان هم���ه ال يع���دو نفس���ه يف رغبات���ه‪ ،‬وأطلق‬

‫العن���ان لش���هوته قب���ل أن يس���تلم احلك���م فكي���ف‬ ‫وق���د تواله‪ ،‬فث���ار عليه���ا ألمويون وأه���ل قرطبة‬ ‫جملون���ه وأنه مل يزل معروف���اً بالتخلف والبطالة‬ ‫أس�ي�ر الش���هوة‪ ،‬فقتلوه ألنه هان على نفسه فهان‬ ‫عل���ى الناس‪ ،‬وهو أبو الش���اعرة املعروف���ة "والدة"‬ ‫وجملس���ها األدب���ي يف قرطبة‪ ،‬وقد هام الش���عراء‬ ‫بها‪ ،‬منهم الش���اعر املعروف ابن زيدون‪ ،‬وكذلك‬ ‫اب���ن عبدوس‪ ،‬ومم���ا قاله ابن زيدون يتش���وق إىل‬ ‫حمبوبته والدة بنت املهدي‪:‬‬ ‫إني ذكرتك بالزهراء مشتاقاً‬ ‫واألفق طلق ووجه األرض قد راقا‬ ‫وللنسيم اعتالل يف أصائلـه‬ ‫كأنـمـا رق لــي فـاعـتـل إشـفـاقــاً‬ ‫ وله فيها قصيدة مشهورة يعتربها الشعراء من‬‫كنوز األدب واليت أوهلا‪:‬‬ ‫أضحى التنائي بدي ً‬ ‫ال من تدانينـا‬ ‫وناب عن طيب لقيانا جتافينا‬ ‫بـنتـم وبـنا فما ابتلـت جواحننـا‬ ‫شوقـاً إليكم وال جفـت مآقينـا‬ ‫‪ - 24‬ع���ام ‪ 416‬ه���ـ ‪ 1025‬م بنو محدون‬ ‫ثاني���ة يف قرطب���ة ‪ :‬واس���تغل بن���و مح���دان ه���ذه‬ ‫الث���ورة بني األموي�ي�ن والفتنة ال�ت�ي وقعت بينهم‬ ‫فقام���وا بث���ورة عليه���م مجيع���اً وس���يطروا عل���ى‬ ‫قرطب���ة م���رة أخ���رى‪ - 25.‬ع���ام ‪ 418‬هـ ‪-‬‬ ‫‪ 1027‬م ابن جهور يس���لب احلكم ‪ :‬لكن "حممد‬ ‫ب���ن َج ْهور" ق���ام بثورة هو اآلخر عل���ى بين محود‪،‬‬ ‫وانتزع منهم مقاليد احلكم وسيطر على اإلدارة‪،‬‬ ‫وأع���اد احلكم إىل األمويني ش���ك ً‬ ‫ال امسي���اً إذ عينّ‬ ‫منه���م خليف���ة يدعى هش���ام بن حممد ب���ن عبد‬ ‫اهلل بن عب���د الرمحن الناصر ال���ذي لقب "باملعتز‬ ‫ب���اهلل"‪ - 26 .‬عام ‪ 422‬ه���ـ ـ ‪1031‬م باجه ‪:‬‬ ‫اس���تقل احلاجب ب���ن حممد بأمر مدين���ة "باجه"‬ ‫عام ‪ 422‬هـ‪ ،‬فه���ذه دويلة! ‪ – 27.‬طليطلة‬ ‫‪ :‬كذل���ك متك���ن بن���و ذي الن���ون م���ن طليطل���ة‬ ‫وبسطوا س���يطرتهم عليها وانفصلوا عن قرطبة‪.‬‬ ‫‪ - 28‬عام ‪ 422‬ه���ـ ـ ‪1031‬م نهاية الدولة‬ ‫األموي���ة ‪ :‬ويف منتصف ذي احلجة س���نة ‪ 422‬هـ‬ ‫أعل���ن العلماء والق���ادة وذوو الرأي من املس���لمني‬ ‫س���قوط اخلالفة األموية‪ ،‬وأس���لموا زمام احلكم‬ ‫إىل رج���ل يدع���ى "أبا احلزم ب���ن َج ْه���ور"‪ ،‬وكان‬ ‫به���ذه املهمة‪ ،‬إذ رض���ي أن يتس���لم مقاليد األمور‬ ‫على أن جيعلها شورى‪.‬‬ ‫ دولة األندلس األموية دامت ‪ 200‬سنة تقريبا‪،‬‬‫أسس���ها عبد الرمح���ن الداخل وكان���ت عهد قوة‬ ‫يف بدايت���ه‪ ،‬ثم ج���اء دور اجملد و الع���ز أيام األمراء‬ ‫واخللف���اء يف وس���طه‪ ،‬ث���م متزق���ت إىل دوي�ل�ات‬ ‫خ�ل�ال ‪ 50‬ع���ام‪ ،‬فوصل���ت إىل اثنتني وعش���رين‬ ‫دويلة أو أكثر‪.‬‬


‫‪04‬‬

‫السنة الثالثة ‪ -‬العدد ( ‪ 18 - 12 ( - ) 131‬نوفمبر ‪)2013‬‬

‫حصار النفط يضيق اخلناق على ليبيا‬ ‫وكاالت‬

‫ألفا‪.‬‬

‫حل لألزمة اليت تس���ببت حتى اآلن يف خسائر‬ ‫مبلي���ارات ال���دوالرات‪ ،‬وختتل���ف مطال���ب‬ ‫املعتصم�ي�ن يف املوانئ واحلق���ول النفطية بني‬ ‫مدين���ة وأخ���رى‪ ،‬فعل���ى س���بيل املث���ال تطالب‬ ‫جمموع���ة باحثة عن العمل حبل مش���اكلها‪،‬‬ ‫واس���تخدمت إغالق ميناء احلريقة يف طربق‬ ‫وس���يلة للف���ت انتباه الدول���ة لقضيته���ا‪ .‬هذه‬ ‫املعلومات يؤكدها مدير امليناء النفطي رجب‬ ‫س���حنون حبديث���ه للجزي���رة نت‪ ،‬مش�ي�را إىل‬

‫أم���ا يف مناط���ق اهل�ل�ال النفطي وس���ط ليبيا‪،‬‬ ‫وه���ي رأس الن���وف والس���درة والزويتين���ة‪،‬‬ ‫فق���د تط���ورت مطالب املعتصم�ي�ن من حرس‬ ‫املنشآت النفطية من مطالب وظيفية وإدارية‬ ‫إىل سياس���ية بض���رورة االع�ت�راف بالنظ���ام‬ ‫االحت���ادي الفدرال���ي ال���ذي يقس���م ليبي���ا إىل‬ ‫طرابلس وبرقة وفزان‪ ،‬والعمل بدس���تور عام‬ ‫‪ 1951‬الصادر إبان ملك ليبيا الراحل إدريس‬ ‫السنوس���ي‪ .‬وكان���ت ليبي���ا قد حقق���ت فائضاً‬

‫أن املين���اء مل يس���تقبل منذ ‪ 15‬أغس���طس‪/‬آب‬ ‫املاضي أي���ة ناقلة نفط‪ ،‬بعدم���ا كانت خترج‬ ‫من���ه قب���ل ذل���ك ما بني مخ���س وس���ت ناقالت‬ ‫للنف���ط‪ ،‬والي���وم تس���تقبل مصف���اة احلريقة‬ ‫فق���ط عش���رين ألف برمي���ل يومي���ا من حقل‬ ‫الس���رير (‪ 540‬كيلوم�ت�را جن���وب ط�ب�رق)‬ ‫لالس���تهالك احمللي‪ .‬األس���لوب نفسه انتهجته‬ ‫جمموع���ات قبلي���ة حتي���ط حبق���ل الش���رارة‬ ‫الواقع جنوب غرب العاصمة طرابلس‪ ،‬والذي‬ ‫ينتج ‪ 330‬أل���ف برميل نفط يومياً‪ ،‬وأدى إىل‬ ‫تراجع إنتاج النفط األس���بوع املاضي إىل ‪250‬‬

‫بإي���رادات النف���ط خ�ل�ال يونيو‪/‬حزي���ران من‬ ‫ه���ذا العام يق���در بنحو ثالثة ملي���ارات دوالر‪،‬‬ ‫لك���ن خس���ائرها ج���راء حصار منش���آت النفط‬ ‫بلغت سبعة مليارات دينار لييب (‪ 5.6‬مليارات‬ ‫دوالر) على حد تصرحي���ات وزير النفط عبد‬ ‫القادر العروسي اخلميس املاضي‪.‬‬

‫يدخل حص���ار نفط ليبي���ا ش���هره الرابع دون مطالب سياسية‬

‫دين���ار (‪ 53‬ملي���ار دوالر) عل���ى أس���اس بي���ع‬ ‫النف���ط بس���عر تس���عني دوالرا للربمي���ل‪ ،‬غري‬ ‫أن مصادر برملانية مس���ؤولة عن ملف النفط‬ ‫قال���ت للجزي���رة ن���ت إن ليبيا مل تق�ت�رب بعد‬ ‫م���ن اخل���ط األمح���ر ك���ي تضط���ر لتوظيف‬ ‫األرص���دة اجملم���دة اليت تق���در ب���ـ‪ 139‬مليار‬ ‫دين���ار (‪ 111‬ملي���ار دوالر) أو أموال الصندوق‬ ‫السيادي التابع للمؤسس���ة الليبية لالستثمار‬ ‫املُق���درة حبوال���ي ‪ 68‬ملي���ار دين���ار (‪ 54‬مليار‬ ‫دوالر)‪ .‬وإذا ق���ررت طرابل���س الس���حب م���ن‬ ‫احتياطيه���ا النق���دي لتجن���ب األزم���ة فإنه���ا‬ ‫حباج���ة إىل تصوي���ت ‪ 120‬عضوا م���ن أعضاء‬ ‫املؤمت���ر الوط�ن�ي الع���ام البالغ عدده���م مائيت‬ ‫عض���و بعد جتريد رئيس املؤمتر هذا األس���بوع‬ ‫من صالحياته‪.‬‬

‫احلكومة تدعو‬ ‫لضبط النفس بعد‬ ‫أحداث العنف اليت‬ ‫شهدتها العاصمة‬ ‫دع���ت احلكومة املؤقتة يف بيان هل���ا‪ ،‬يوم املاضية‬ ‫اجلمع���ة‪ ،‬كاف���ة املواطن�ي�ن بض���رورة التحل���ي‬ ‫بضب���ط النف���س ونبذ العن���ف‪ ،‬وع���دم اإلجنرار‬ ‫وراء الدع���وات ال�ت�ي م���ن ش���أنها زرع الفتنة بني‬

‫البحث عن حل‬

‫املؤمتر الوطين‬ ‫يطالب احلكومة‬ ‫مبوافاته بأسباب‬ ‫تأخر عرض امليزانية‬

‫طالب املؤمت���ر الوطين الع���ام عن طريق‬ ‫اللجن���ة املالي���ة باملؤمت���ر وزي���ر املالي���ة‬ ‫"الكيالني عبدالكريم الكيالني" مبوافاته‬ ‫كتابيا عن أس���باب تأخر عرض مشروع‬ ‫ميزاني���ة العام املال���ي ‪ 2014‬على املؤمتر‬ ‫لدراس���تها وإعتماده���ا‪ .‬وذكرت صفحة‬ ‫اإلعالم باملؤمتر الوطين العام على موقع‬ ‫التواص���ل االجتماع���ي "في���س ب���وك" أن‬ ‫املؤمتر الوطين العام وفق نظامه الداخلي‬ ‫ينتظر إن تقدم احلكومة املؤقتة مشروع‬ ‫امليزانية إعتباراً من ‪.2013/10/01‬‬

‫وس���تواجه احلكوم���ة مأزق���اً كب�ي�راً يف إجياد‬ ‫متويل ما تبقى م���ن امليزانية هلذا العام والعام‬ ‫املقبل إذا اس���تمر إغالق منش���آت النفط‪ ،‬حيث‬ ‫وضع���ت امليزاني���ة املُق���درة حبوال���ي ‪ 67‬مليار‬

‫ويق���ول مص���در برملان���ي ‪-‬طلب عدم الكش���ف‬ ‫عن���ه‪ -‬للجزي���رة ن���ت إن األزم���ة ناجت���ة ع���ن‬ ‫منظوم���ة حكومي���ة تش���ريعية مالي���ة كانت‬ ‫تدير الب�ل�اد خالل ‪ 42‬عام���ا املاضية‪ ،‬مؤكدا‬ ‫أن املش���كلة الرئيس���ة اآلن هي البحث عن حل‬ ‫عاجل وس���ريع لألزمة من خ�ل�ال البحث عن‬ ‫آلي���ات قانونية وسياس���ية‪ ،‬وجتنب اس���تخدام‬ ‫الق���وة مع املعتصمني وس���فك الدم���اء‪ ،‬وإجياد‬ ‫حل���ول ملطالب�ي�ن حبقوقه���م خت���رج من حتت‬ ‫أقدامه���م برامي���ل النفط‪ .‬ودع���ا وكيل وزارة‬ ‫النف���ط عم���ر الش���كماك الليبي�ي�ن إىل تغليب‬ ‫مصلح���ة الب�ل�اد عل���ى مصاحلهم السياس���ية‬ ‫واجلهوي���ة واجلغرافية‪ ،‬وتس���اءل يف تصريح‬ ‫للجزي���رة ن���ت "كي���ف تطلب م���ن احلكومة‬ ‫تنفي���ذ مطالبك وأن���ت تقفل النف���ط؟"‪ .‬وينبه‬ ‫اخلبري النفط���ي عبد الرحي���م النعاس إىل أن‬ ‫إنتاج ليبي���ا النفطي تراجع فقط ومل ختس���ر‬ ‫البالد ش���يئاً‪ ،‬وأن الش���ركات هي اليت ختسر‪،‬‬ ‫مؤك���دا للجزي���رة نت أن���ه من األفض���ل بقاء‬ ‫النف���ط حت���ت األرض يف ظ���ل أوض���اع ليبي���ا‬ ‫"الش���ائكة" على حد تعبريه‪ .‬وأكد النعاس أن‬ ‫امليزانيات السابقة اليت أقرت العامني املاضيني‬ ‫م���ن عم���ر الث���ورة‪ ،‬ال�ت�ي اعتمدت عل���ى أموال‬ ‫النفط‪ ،‬مل تنعكس بش���كل مباشر على التنمية‬ ‫واالقتصاد اللييب‪.‬‬

‫أبناء الش���عب اللي�ب�ي‪ ،‬وذلك تعقيب���ا على أحداث‬ ‫العن���ف ال�ت�ي ش���هدتها العاصمة طرابل���س أيام‬ ‫الثالثاء واخلميس من األس���بوع املاضي‪ .‬وأسفت‬ ‫احلكومة يف بيانها لس���قوط عد من الضحايا ما‬ ‫بني قتيل وجريح وإرهاب للمواطنني اآلمنني يف‬ ‫بيوتهم‪ .‬كما أدان بي���ان احلكومة هذه األحداث‬ ‫ومن يق���ف وراءها‪ ،‬وحذرت من خطورة انتش���ار‬ ‫السالح خارج ش���رعية الدولة‪ ،‬كما حثت الثوار‬ ‫املس���لحني على ضرورة االنضمام إىل مؤسسات‬ ‫الدولة الش���رعية املمثلة يف اجليش والش���رطة‪.‬‬ ‫كم���ا تعهد احلكومة خالل بيانها باختاذ كافة‬ ‫اإلج���راءات الالزمة لع���دم تكرار ه���ذه األحداث‬ ‫املؤس���فة وتقديم كل من كان وراءها للعدالة‪.‬‬ ‫يذك���ر أن مدين���ة طرابلس كانت قد ش���هدت‬ ‫يومي الثالث���اء واخلميس املاضيني اش���تباكات‬ ‫مس���لحة أسفرت عن س���قوط عدد من الضحايا‬ ‫ما بني قتيل وجريح‪.‬‬

‫نواب طرابلس باملؤمتر‬ ‫حيملون احلكومة وغرفة الثوار‬ ‫مسئولية أحداث اجلمعة‬ ‫محل ن���واب مدينة طرابل���س باملؤمتر الوط�ن�ي العام‬ ‫كال م���ن احلكومة املؤقتة وغرفة عمليات ثوار ليبيا‬ ‫املس���ئولية الكاملة عن األحداث اليت ش���هدتها مدينة‬ ‫طرابلس ليلة اجلمعة املاضية‪ .‬وحبسب البيان الذي‬ ‫أعلن���ه ن���واب طرابلس بع���د اجتماعهم ال���ذي عقدوه‬ ‫مبق���ر املؤمتر صب���اح الي���وم والذي خصص ملناقش���ة‬ ‫أحداث االش���تباكات اليت وقع���ت الليلة املاضية‪ ،‬فإن‬ ‫أعض���اء طرابل���س باملؤمت���ر الوط�ن�ي العام ق���د محلو‬ ‫احلكوم���ة املؤقت���ة كام���ل املس���ؤولية يف التقاع���س‬ ‫ع���ن تنفي���د ق���راري املؤمت���ر الوط�ن�ي الع���ام رقم ‪27‬‬ ‫و‪ 53‬لس���نة ‪ .2013‬وحتمي���ل غرف���ة عملي���ات ث���وار‬ ‫ليبي���ا املكلفة حبماي���ة العاصمة مس���ؤولية ما حدث‬ ‫يف طرابل���س ليل���ة اجلمع���ة املاضية‪ .‬ودع���ا االعضاء‬ ‫اجملتمعون يف بيانهم املؤمتر الوطين العام إىل إصدار‬ ‫قان���ون ُتس���حب مبوجبه الش���رعية عن كل تش���كيل‬ ‫مس���لح مهما كانت تسميته ال ينضوي حتت وزارتي‬ ‫الدفاع والداخلية‬


‫‪05‬‬

‫السنة الثالثة ‪ -‬العدد ( ‪ 18 - 12 ( - ) 131‬نوفمبر ‪)2013‬‬

‫ومنهم تأتي املبادرات ‪ :‬نزع السالح واالحتكام للحوار‬ ‫أقي���م يوم���ي ‪ 2-3-11-2013‬بقاع���ة‬ ‫فن���دق ‪ rixos‬طرابل���س لقاء ش���بابي‬ ‫حتاوري حت���ت ش���عار " حوار الش���باب‬ ‫يب�ن�ي ليبي���ا " ‪ ،‬و انطالق���ا م���ن مب���دأ‬ ‫حتقي���ق العدال���ة االنتقالية واملس���اواة‬ ‫وإميانا ب���ان العي���ش الكري���م والعيش‬ ‫يف أم���ان ض���رورة حتمي���ة تن���ادي بها‬ ‫مجيع ش���عوب األرض وتعمل من أجل‬ ‫حتقيقه���ا علي أرض الواق���ع وإدراكا‬ ‫منا مبا تقتضي���ه املرحلة احلالية وإننا‬ ‫حنن من يكتب التاريخ‪.‬‬ ‫وقد شارك خالل نشاط اليومني خنبة‬ ‫من شباب كل املناطق الليبية وضيوف‬ ‫م���ن املؤمت���ر الوط�ن�ي الع���ام ‪،‬احلكومة‬ ‫الليبي���ة املؤقت���ة ‪،‬مؤسس���ات اجملتم���ع‬ ‫املدن���ي وجمال���س احلكم���اء ‪،‬النش���طاء‬ ‫السياس���يني واإلعالميني واحلقوقيني‬ ‫والقانوني�ي�ن ‪،‬األح���زاب السياس���ية‬ ‫والتيارات اإلس�ل�امية ‪ ،‬النازحني داخل‬ ‫ليبي���ا وخارجه���ا ‪ ،‬املتضرري���ن أثن���اء‬ ‫احلرب ‪،‬مكونات اجليش اللييب والثوار‬ ‫‪ ،‬وترك���زت حم���اور اللق���اء يف ‪ :‬األمن‬ ‫القومي واحل���دودي_ حتقيق العدالة‬ ‫االنتقالية_ الصحة _ الفساد اإلداري‬ ‫واملالي _ اإلعالم املُسيس ‪.‬‬ ‫ومن مجلة م���ا مت تداوله من احلضور‬ ‫ما اعلنه الش���باب من كافة ربوع ليبيا‬ ‫عل���ي اخت�ل�اف توجهاته���م وهلجاته���م‬ ‫وقبائلهم مؤكدين علي وحدة الرتاب‬ ‫اللي�ب�ي وعل���ي ض���رورة قي���ام الدول���ة‬ ‫املدنية اليت حنلم بها مجيعا‪ ،‬ومن هذا‬ ‫املبدأ أُطلقت مبادرة شبابية تهدف إلي‬ ‫تعزي���ز احلوار الوطين وتس���عي للرقي‬ ‫جبميع أبناء ليبي���ا يف الداخل واخلارج‬ ‫‪ ،‬وتق���رر أن رؤي���ة امللتق���ى ‪،‬تنحاز اىل‬ ‫املب���ادرة الش���بابية ال�ت�ي تنم���ي وتدعم‬ ‫اجلهد املب���ذول من كافة األطراف يف‬ ‫ليبيا س���واء أكانت حكومية أو مدنية‬ ‫أو دولي���ة وتعتم���د يف أس���اس تكوينها‬ ‫عل���ي وعي وثقاف���ة الش���باب اللييب يف‬ ‫خمتلف امليادين متخذين مبدأ أساسي‬ ‫وهو ( نزع الس�ل�اح واالحت���كام للحوار‬ ‫) جامع�ي�ن يف ذل���ك مجي���ع أطي���اف‬ ‫وش���رائح اجملتم���ع اللي�ب�ي مبختل���ف‬ ‫توجهاته‪،‬وثقافاته ‪.‬‬ ‫•وأعل���ن الش���باب عن أه���داف امللتقى‬ ‫واليت منها ‪:‬‬ ‫ إجي���اد حل���ول علمي���ة وواقعي���ة‬‫ملحوظ���ة اإلجن���از يف ف�ت�رة قياس���ية‬ ‫حتدد بزمن ‪.‬‬ ‫ ف���ض كاف���ة النزاعات ب�ي�ن القبائل‬‫واملدن ‪.‬‬ ‫ توعية الش���باب ومتكينهم من احلوار‬‫بشكل أفضل ‪.‬‬ ‫ تقري���ب وجه���ات النظر ب�ي�ن أطياف‬‫الشعب اللييب ‪.‬‬ ‫ تكوي���ن قاع���دة ش���بابية يف خمتل���ف‬‫امليادي���ن الليبي���ة لتف���ادي أي نزاع���ات‬ ‫ميكن أن حتدث يف املستقبل ‪.‬‬ ‫ تكثيف اجلهود الشبابية لبناء ليبيا ‪.‬‬‫ تعزيز دور اإلعالم وتأثريه اإلجيابي‬‫يف اجملتمع ‪.‬‬ ‫ الربط بني أفكار ومقرتحات الش���باب‬‫وهيكلية الدولة‬ ‫•االولوي���ة لس���لطة القضائي���ة ‪،‬‬ ‫واجليش اللييب ‪.‬‬ ‫والق���ي الدكتور عبدالقادر عمر عضو‬

‫مبادرة ش��بابية تهدف إلي تعزيز احلوار الوطين وتس��عي للرقي جبميع أبناء ليبيا‬ ‫يف الداخل واخلارج‬ ‫عرب ش��بكة االنرتنت ( سكاي بي ) هي األوىل من نوعها يف ملتقيات احلوار‪ ،‬إذ حتاور‬ ‫الشباب مع من هم أتباع وأنصار النظام السابق الالجئني يف اخلارج‬ ‫عائشة صوكو‬ ‫املؤمت���ر الوط�ن�ي الع���ام كلم���ة ُ‬ ‫حيث‬ ‫أكد عل���ى وجود العديد م���ن املبادرات‬ ‫يف الس���ابق تهدف اىل تذلي���ل الصعاب‬ ‫واملشاكل اليت بيننا ‪ ،‬واملؤمتر الوطنى‬ ‫العام أدرك هذه املشاكل وكلف جسم‬ ‫استش���اري يدف���ع باملؤمت���ر واحلكومة‬ ‫ع�ب�ر أدارة احلك���م احملل���ي برئاس���ة‬ ‫الدكت���ور حمم���د احلراري‪،‬واملؤمت���ر‬ ‫الوطين يستفيد من مثل هذه امللتقيات‬ ‫ويري من اولويات احل���وار اليت يهدف‬ ‫ال���ي بناء مؤسس���ات الدول���ة القضائية‬ ‫والتنفيذية والتش���ريعية ‪،‬و حيت يثمر‬ ‫ه���ذه املالحظ���ات والتوصي���ات ويطبق‬ ‫عل���ى أرض الواقع وأك���د علي أعطاء‬ ‫االولوية السلطة القضائية ‪ ،‬واجليش‬ ‫اللييب وفق معايري معتمدة ‪.‬‬ ‫وكذل���ك الس���يد ط���ه عبداجملي���د‬ ‫الشكش���وكي ع���ن جلن���ة الش���باب‬ ‫والرياضة باملومتر الوطنى العام أش���ار‬ ‫اىل أن ه���ذا امللتق���ى تلق���ي الدع���م عرب‬ ‫وزارة الش���باب و الرياض���ة ومل تك���ن‬ ‫املب���ادرة االوىل يدعمه���ا ال���وزارة ول���ن‬ ‫تك���ون االخرية فكلنا حن���ب هذا الوطن‬

‫وكلن���ا حن���ب اهلل وحمم���د صلي اهلل‬ ‫عليه وسلم فالذي حارب من أجل املال‬ ‫فهو مرت���زق والذي كافح وحارب من‬ ‫أج���ل املناصب فهو مناف���ق والذي قاتل‬ ‫وح���ارب وأصب���ح م���ن الش���هداء فكتب‬ ‫التاريخ وأصبح م���ن أبطال ‪ 17‬فرباير‬ ‫‪،‬ال يوجد يف احلياة اس���وا ء من اخليانة‬ ‫الوط���ن فالطاغي���ة ال ي���زال يف العديد‬ ‫م���ن االنف���س ال�ت�ي ال تري���د اخلري وال‬ ‫تري���د البن���اء وال تري���د العدال���ة و امنا‬ ‫الدمار واهلالك لليبيا ‪.‬‬ ‫يف امللتقي مت التواصل مع احد النازحني‬ ‫يف اخلارج عرب شبكة االنرتنت ( سكاي‬ ‫ب���ي ) هي االوىل من نوعها يف ملتقيات‬ ‫احل���وار‪ ،‬إذ حتاور الش���باب م���ع من هم‬ ‫أتباع وأنصار النظام الس���ابق الالجئني‬ ‫يف اخلارج و االس���ئلة تتعلق عن معاناة‬ ‫الليبي�ي�ن يف اخل���ارج وخاص���ة املعان���اة‬ ‫اليت تلحق باالس���ر الليبية من ال ذنب‬ ‫هلم وهج���روا ُ‬ ‫كرها من وطنهم الذي‬ ‫يسع اجلمع وللجميع وأغلب االسئلة‬ ‫املطروح���ة من قبل الش���باب توالت من‬ ‫‪ :‬مصرات���ة ‪،‬وتاورغاء ‪،‬البيض���اء ‪،‬واملرج‬

‫‪،‬وبين الوليد ‪،‬وطرابل���س ‪،‬وبكل حرية‬ ‫واحرتام مت تقب���ل االراء بعضها لبعض‬ ‫وأدي���رت املناقش���ات بعفوي���ة و كان‬ ‫اهلدف ه���و التوصل ال���ي نقطة تفاهم‬ ‫ألرجاع املواطنني الليبيني اىل وطنهم ‪.‬‬ ‫وكان من ضمن احلضور السيد رئيس‬ ‫جلن���ة االمن القوم���ى باملؤمتر الوطنى‬ ‫العام ‪،‬وأجاب علي عدة أسئلة ‪،‬والعقيد‬ ‫سامل القنيدي رئيس االركان والدفاع‬ ‫للجي���ش اللي�ب�ي الس���ابق حبكوم���ة‬ ‫علي زي���دان ‪،‬الذي مش���كوراً أجاب بكل‬ ‫رحابة ص���در على االس���ئلة املطروحة‬ ‫من الش���باب ‪،‬وأعرتف بإخف���اق املؤمتر‬ ‫واحلكوم���ة فى الذه���اب بليبي���ا اىل بر‬ ‫االم���ان بوجود قادة كتائب وملش���يات‬ ‫وهمي���ة وصرف االم���وال الطائلة اليت‬ ‫جتاوزت ‪ 35‬مليار ‪ ،‬وان كل مشاكل‬ ‫أساس���ها ع���دم وج���ود االم���ن حاولن���ا‬ ‫كثرياً الضغط على احلكومة احلالية‬ ‫حلل مش���كلة احلدود وشراء االسلحة‬ ‫بأرخ���ص مث���ن ‪،‬وبالنس���بة للمبال���غ‬ ‫الطائلة الت���ى تداوهلا وس���ائل اإلعالم‬ ‫خبصوص صرف االموال على اجليش‬

‫اللييب ال أساس هلا من الصحة واملبالغ‬ ‫الت���ى صرفت كان���ت عرب احلس���ابات‬ ‫العسكرية وميكن التدقيق فيها ‪.‬‬ ‫كما أش���ار اىل االتفاقيات اليت أبرمت‬ ‫م���ع ال���دول االجنبي���ة فيم���ا يتعل���ق‬ ‫بالتدري���ب اجليش غري ضرورية (فهم‬ ‫يعلمون طريق املش���ي فق���ط "يس يم "‬ ‫ميني يس���ار فقط ) و هذا هدر لألموال‬ ‫وجرمي���ة ترتك���ب وخاص���ة بعد ش���ن‬ ‫احلرب على العسكريني القدامي خوفاً‬ ‫من االنقالب أما القرار الذي صدر من‬ ‫املؤمت���ر الوطن���ى العام جلع���ل املنطقة‬ ‫اجلنوبية منطقة عس���كرية ش���خصياً‬ ‫أعرتض���ت علي هذا الق���رار هذه غلطة‬ ‫كربي سوف يكتبها التاريخ ‪،‬وقدمت‬ ‫مقرتح للس���يد ص���احل املخ���زوم النائب‬ ‫الثان���ي ملؤمت���ر الوط�ن�ي الع���ام حبي���ث‬ ‫تك���ون كل منطقة مس���تقلة لوحدها‬ ‫‪ :‬س���بها والكفرة وغدامس و‪ ...‬وناقش���نا‬ ‫املوضوع ع���دة مرات م���ع النائب الثاني‬ ‫ص���احل املخزوم ‪،‬وأعتق���د ان املقرتح مت‬ ‫حتويل���ه اىل رئاس���ة اركان اجلي���ش‬ ‫‪،‬وأيض���اً طريق���ة صرف االم���وال غري‬ ‫صحيحة عندما يسلم االموال الطائلة‬ ‫حلاك���م العس���كري ال ع�ب�ر مكت���ب‬ ‫احلسابات العسكرية ‪.‬‬ ‫وأش���ار اىل وج���ود العديد م���ن األلوية‬ ‫و ال���دروع اليت تتبع جه���ات معينة غري‬ ‫اجليش وعندما تتكون اجليش س���وف‬ ‫يقض���ى عل كل تلك املس���ميات ‪،‬كما‬ ‫يوجد دروع تتبع لرئاس���ة االركان ‪،‬و‬ ‫ق���د اعرتضنا عل���ى طريق���ة عمل هذه‬ ‫الدروع فمث ً‬ ‫ال يف املدة املاضية مت أعطاء‬ ‫الس���يارات للمنطق���ة اجلنوبي���ة وصار‬ ‫فيه���ا عديد املش���اكل ومنه���ا القتل يف‬ ‫منطقة براك الش���اطئ ‪،‬فهذه االعمال‬ ‫والتح���ركات الفردية اليت تصدر من‬ ‫قب���ل بع���ض ال���دروع غ�ي�ر صحيح���ة ‪،‬‬ ‫ولكنن���ا يف الوق���ت احلالي ه���ذه الدروع‬ ‫مطل���وب وجودها الي حني بناء اجليش‬ ‫فاحلكوم���ة ال ترغب بتش���كيل اجليش‬ ‫واملؤمت���ر الوطين مقص���ر وخاصة بعد‬ ‫تلك املقاب�ل�ات واالجتماع���ات العديدة‬ ‫يف مقراته���ا لغ���رض تفعي���ل اجلي���ش‬ ‫فبوجود اجليش قوى قادر علي محاية‬ ‫الب�ل�اد ال���ذي حيم���ى الش���رطة وه���ي‬ ‫بدورها حتمى القضاء ‪.‬‬ ‫وأش���ار الصحفي عريش س���عيد اىل أن‬ ‫العدال���ة االنتقالي���ة تواج���ه اخلصومة‬ ‫اجلهوي���ة والرتاكم���ات والنزاع���ات‬ ‫السابقة ‪ :‬قبل وبعد ‪ 17‬فرباير ‪ ،‬واحلل‬ ‫ه���و تطبي���ق العدال���ة االنتقالية حتت‬ ‫ظالل السيوف السيما وأن العديد من‬ ‫ق���رارات املؤمت���ر الوطنى الع���ام أخذت‬ ‫حتت ظالل السيوف ‪،‬‬ ‫وأم���ا االعالمي���ة فاطم���ة ب���ن خي���ال‪،‬‬ ‫فأكدت أن املشكلة تكمن يف احلكومة‬ ‫ال�ت�ي تض���ع العدي���د م���ن اخلط���ط‬ ‫واالجتماع���ات‬ ‫واالس�ت�راتيجيات‬ ‫واللق���اءات يف قاع���ة املؤمت���ر ودي���وان‬ ‫الرئاس���ة ومل حتل حتى االن مش���كلة‬ ‫الس�ل�اح املنتشر ‪ ،‬فاحلكومة لو وضعت‬ ‫خطة اولية لالمن ملا وجدنا انفس���نا يف‬ ‫هذا املأزق أو املشاكل االمنية ‪.‬‬


‫‪06‬‬

‫السنة الثالثة ‪ -‬العدد ( ‪ 18 - 12 ( - ) 131‬نوفمبر ‪)2013‬‬

‫ميادين تلتقي ناشطات من الداخل السوري‬

‫السالح لن جيلب لنا دولة دميقراطية مدنية بل سيجلب عنفا زائدا من‬ ‫كل األطراف‬ ‫يتحدث���ن حبماس���ة وثقة وأم���ل رغم‬ ‫اقراره���ن باختالط احلابل بالنابل بعد‬ ‫مضي ما يقارب الس���نوات الثالث على‬ ‫اول ش���رارة للثورة السلمية يف الداخل‬ ‫الس���وري يتذك���رن املظاه���رات ال�ت�ي‬ ‫خرج���ت ال حتم���ل غري اغص���ان االمل‬ ‫وأناش���يد لكلم���ات تدع���و اىل اإلصالح‬ ‫الدميقراط���ي وفت���ح اف���ق حلري���ة‬ ‫رأي وتعب�ي�ر والك���ف ع���ن ممارس���ة‬ ‫العن���ف والتف���رد بالس���لطة واحلك���م‬ ‫الش���مولي‪،‬طالت ازواجه���ن وابنائه���ن‬ ‫اح���كام االعتقال من قب���ل النظام الذي‬ ‫كان ديدن���ه إهان���ة وامته���ان كرامة‬ ‫كل م���ن رف���ع صوت���ه ألج���ل الكرامة‬ ‫‪ ،‬حت���ررت مناطق من س���يطرة األس���د‬ ‫لكنه���ا أيض���ا وقع���ت حت���ت س���يطرة‬ ‫التط���رف الدي�ن�ي وكان ان ط���ال‬ ‫النس���اء أول تبعات ذلك التطرف حجبا‬ ‫واقص���اءا وحتججا بالش���ريعة حس���ب‬ ‫فهمهم القاصر ‪...‬‬ ‫ع���ن أوض���اع أخواتن���ا الس���وريات كان‬ ‫علينا أن نس���أهلن ‪ ،‬ما لسبيل اىل العمل‬ ‫يف ظل هكذا حرب وصراع بني اطراف‬ ‫تع���ددت مع طول الف�ت�رة الزمنية اليت‬ ‫حال���ت دون حس���م ألم���ر م���ع انقس���ام‬ ‫معارض���ة الداخل واخل���ارج ‪...‬وكانت‬ ‫هذه الردود احلصرية مليادين ‪....‬‬ ‫•من��ى غ��امن مؤسس��ة ومدي��رة ملتق��ى‬ ‫السوريات يصنعن السالم ‪.‬‬ ‫حنن نس���افر عن طري���ق مطار بريوت‬ ‫وح���رق من‬ ‫الن مط���ار دمش���ق ُقصف ُ‬ ‫قب���ل بعض اجلماعات املس���لحة ننتقل‬ ‫بال�ب�ر اىل بريوت ونأخ���ذ الطائرات من‬ ‫هناك ‪ ،‬الطريق ال�ب�ري مير عرب عديد‬ ‫احلواجز ‪،‬و اجليش النظامي الس���وري‬ ‫يفت���ش الس���يارات وأوراق الثبوتي���ة‬ ‫والراكب�ي�ن بالس���يارات ‪،‬بالداخ���ل‬ ‫الس���وري معظمه���م يري���د أن ينعق���د‬ ‫مؤمت���ر جني���ف بأمل ان يصب���ح هناك‬ ‫حل س���لمي بسوريا ‪ ،‬س���وريا اليت تعبت‬ ‫من العنف وتعبت من القتل والتدمري‪،‬‬ ‫س���وريا وصلت اىل أصع���ب مرحلة من‬ ‫التدمري ‪ :‬التاريخ ُس���رق ‪،‬األبنية دُمرت‬ ‫‪ ،‬اع���داد كب�ي�رة م���ن الالجئ�ي�ن وم���ن‬ ‫النازحني اصبح الوضع مأس���اوي جدا ‪،‬‬ ‫الشعب الس���وري عنده رغبة يف السالم‬ ‫وأيضا رغبته يف الدميقراطية‬ ‫اعتق���د أي اجن���از عل���ى ارض الواق���ع‬ ‫ومحاية حي���اة أمرأة واحدة من العنف‬ ‫ه���و اجن���از كب�ي�ر ‪ ،‬املنطق���ة العربي���ة‬ ‫كان���ت لديه���ا مش���اكلها الكب�ي�رة‬ ‫املتعلقة بأوضاع النس���اء رغم أن العنف‬ ‫واحل���روب االهلية مؤخرا ق���د فاقمت‬ ‫من هذا الوضع لذلك علينا أن نس���تمر‬ ‫بالعمل ولو بدرجات قليلة وبإمكانياتنا‬ ‫احملدودة لكن العمل املستمر مطلوب‪.‬‬ ‫•أم��ل نص��ر– منس��قة هيئ��ة النس��اء‬ ‫السوريات للعمل الدميقراطي ‪:‬‬ ‫أعم���ل يف هيئة تعمل على متكني املرأة‬ ‫سياس���يا مبختلف انتمائته���ا وأطيافها‬

‫ا‬ ‫ل‬ ‫ش‬ ‫عب‬

‫فاطمة غندور‬ ‫دون أن تك���ون حمزب���ة (تعم���ل ضمن‬ ‫أحزاب سياس���ية )ونعمل على متكينها‬ ‫داخ���ل اجملتم���ع الس���وري ‪ ،‬عل���ى أن‬ ‫تك���ون قائد سياس���ي قادم م���ع املرحلة‬ ‫الس���ورية القادمة ‪ ،‬وسأش�ي�ر اىل وضع‬ ‫امل���رأة الس���ورية بع���د عس���كرة الث���ورة‬ ‫أصبحت هي األكث���ر اقصاء يف العمل‬ ‫السياسي ويف العمل امليداني اجملتمعي‬ ‫واكث���ر من وق���ع عليها ج���ور الصراع‬ ‫والنزاع حي���ث أن املرأة الس���ورية اليوم‬ ‫عل���ى االغل���ب مهج���رة وه���ي معي���ل‬ ‫لالس���رة بعد فقدان الرجل إما بالقتل‬ ‫أو باالعتق���ال أو مح���ل الس�ل�اح ‪،‬املرأة‬ ‫الس���ورية االن تن���ال األذى وكثري من‬ ‫العن���ف قت�ل�ا وتدم�ي�را وتهج�ي�را م���ن‬ ‫مجيع األطراف ‪ ،‬عن���ف االعتقال منذ‬ ‫بداي���ة الث���ورة تنال���ه املرأة كم���ا يناله‬ ‫الرجل الس���وري عن���ف التهجري خارج‬ ‫بالدها ‪ ،‬عنف االعتداء اجلنس���ي عليها‬ ‫ليس فقط جسدا ‪ ،‬هناك اعتداء نفسي‬ ‫معن���وي يف كل املناطق اجملاورة كما‬ ‫األردن كما لبنان كما تركيا نسمع‬ ‫االن عن املرأة السورية يف السودان ويف‬ ‫اليمن وهذا مؤش���ر خطري أن ميتد هذا‬ ‫التعجري اىل هذا احلد اجلغرايف وتقول‬ ‫األم���م املتح���دة بأن���ه يف ع���ام ‪2014‬‬ ‫س���يصل اع���داد املهجري���ن الس���وريني‬ ‫‪ 4‬مالي�ي�ن ‪ ،‬توقع���ات تنبأ خبطر قادم‬ ‫علين���ا كس���وريني وكس���وريات ان‬ ‫ال نأخ���ذ أي محاي���ة وأمن ملس���تقبلنا ‪،‬‬ ‫نس���عى اليوم ب���أن تك���ون صرختنا هي‬ ‫ال�ت�ي يتقبله���ا االخري���ن م���ن اصواتن���ا‬ ‫مباش���رة منا حنن كسوريات بالداخل‬ ‫الس���وري حصرا إمسعونا وال تستمعوا‬ ‫اىل ضجيج وبروباغندا االعالم املزيف‬

‫ا‬ ‫ل‬ ‫س‬ ‫ور‬

‫ي‬ ‫ع‬ ‫نده‬

‫ر‬ ‫غ‬ ‫بة‬

‫ذوي االجندات املش���بوهة ‪ ،‬س���نلجأ اىل‬ ‫التنظيم���ات املدنية العربي���ة والدولية‬ ‫اىل كل االفراد الذين لديهم اس���تعداد‬ ‫لسماع صوتنا سنطلق صوتنا بصرخة‬ ‫عالية حنن سوريات من الداخل نعمل‬ ‫على حوار س���وري س���وري للنس���اء من‬ ‫خمتل���ف االطي���اف واالنتم���اءات إن‬ ‫كان���ت موالية أم معارضة نس���عى اىل‬ ‫أن نصن���ع م���ن امل���رأة القادم���ة صورة‬ ‫إم���رة س���وريا ام���رأة الس�ل�ام ‪ ،‬الدعوة‬ ‫للس���لم األهل���ي لالطي���اف الس���ورية‬ ‫وك���ون االم تس���تطيع أن تب�ن�ي م���ن‬ ‫اس���رتها طفله���ا زوجه���ا ه���ذا املفه���وم‬ ‫مبعزل عن موقفها م���ع النظام أو ضد‬ ‫النظ���ام حن���ن نس���عى االن ألن نق���ول‬ ‫اغل���ب النس���اء الس���وريات يف الداخ���ل‬ ‫يرفض���ن محل الس�ل�اح يرفضن احلل‬ ‫السياسي املقدم بالسالح والنزاع يرون‬ ‫يف احلل الس���وري ان يكون حال سياسيا‬ ‫بانتقال دميقراطي وآمن للسلطة ألن‬ ‫السالح لن جيلب لنا دولة دميقراطية‬ ‫مدنية بل سيجلب عنفا زائدا من كل‬ ‫األطراف ‪.‬‬ ‫•د‪.‬راني��ا ق��دورة ( جراحة عي��ون ) عضوة‬ ‫مبلتقى سوريات الجل السالم ‪.‬‬ ‫من داخل دمش���ق نعيش الوضع حلظة‬ ‫بلحظة ‪ ...‬خنرج ونسأل ‪ :‬هل نعرب من‬ ‫هذا الشارع ‪ ،‬تنزل قذيفة من اجلبهات‬ ‫املعارض���ة تقصف ما تس���ميه مبراكز‬ ‫االمن يف س���وريا ‪ ،‬ولألس���ف يف س���وريا‬ ‫ب�ي�ن كل من���زل ومنزل يوج���د مكتب‬ ‫أم�ن�ي فكيف س���تقصف املركز األمين‬ ‫ان���ت ال حتاربهم انت حتاربن���ا وتقتلنا‬ ‫‪ ،‬ان���ا ال أتب���ع ألي حزب سياس���ي عملي‬ ‫كل���ه مدن���ي ‪،‬وس���ط ه���ذه الشوش���رة‬

‫يف‬ ‫ا‬ ‫ل‬ ‫سال‬

‫م‬ ‫و‬ ‫أ‬ ‫يض‬

‫اإلعالمي���ة ف���إن التجربة ال�ت�ي مررنا‬ ‫به���ا علمتنا ان���ه ليس هناك ما يس���مى‬ ‫باالع�ل�ام احملايد أي اع�ل�ام له اجندته‬ ‫ورمبا ه���و منهج أي اع�ل�ام ان تكون له‬ ‫اجندت���ه ‪ ،‬ولكن تظ���ل احلقيقة ونقلها‬ ‫كم���ا ه���ي واجبه���م أيض���ا ‪ ،‬فق���د قيل‬ ‫الكثري من األش���ياء ونق���ل عن اوضاعنا‬ ‫ويف أحي���ان كثرية ال مي���ت بأي صلة‬ ‫بن���ا القن���وات املؤيدة واملعارض���ة ‪ ،‬وهذا‬ ‫م���ا حيزنن���ا ‪ ،‬حن���ن عالقون ب�ي�ن فكي‬ ‫كماش���ة نش���عر بأن���ه مل يع���د هن���اك‬ ‫أي ط���رف ميثلن���ا او يعم���ل م���ن اجلنا‬ ‫كل األط���راف املتناح���رة تتقاتل فيما‬ ‫بينه���ا ومن يدف���ع الثمن ه���م املدنيون‬ ‫واالبري���اء ال غري‪ ،‬حناول مب���ا نقوم به‬ ‫حاليا يف س���وريا م���ن خالل جمموعات‬ ‫مدني���ة ونس���ميها مدني���ة ألنن���ا تعبنا‬ ‫ومللنا من االنتماء او العمل السياس���ي‬ ‫ال���ذي حييد عن خطت���ه واجتاهه فيما‬ ‫بعد حن���اول ان ننقل الواقع بش���فافية‬ ‫ال يوجد ابيض وأس���ود فقط وال نريد‬ ‫حمو اخلط األمح���ر يف مكان لنرمسه‬ ‫يف مكان اخر ال يوجد خط امحر‬ ‫م���ن خ�ل�ال جترب�ت�ي وان���ا أعم���ل م���ع‬ ‫نس���اء ازواجهن استش���هدوا كمقاتلني‬ ‫م���ع اجلي���ش النظام���ي او كمقاتلني‬ ‫م���ع اجليش احلر أو أي���ة جبهة أخرى‬ ‫َ‬ ‫ق���ررن ان يعتزل���ن‬ ‫‪ ،‬ه���ؤالء النس���وة‬ ‫احلرب ‪ ،‬ق���ررن أن ال ميثلهن ازواجهن‬ ‫فه���ن اصبحن ضد الس�ل�اح ويرس���لن‬ ‫َ‬ ‫واليردن مناقشة‬ ‫اوالدهن اىل املدارس‬ ‫موضوعات السياس���ة ‪،‬يُ���ردن احملافظة‬ ‫عل���ى ما تبق���ى من وطنه���ن وأوالدهن‬ ‫حتدث م���ع كثري من النس���اء وكانن‬ ‫يقولن لي فقدت ابنا أو أبنني ال اريد أن‬

‫ا‬ ‫ر‬ ‫غ‬ ‫بت‬

‫ه‬ ‫يف‬ ‫الد‬

‫افقد املزيد اري���د ان اعمل اريد ان أربي‬ ‫أوالدي ‪ ،‬ال احد ميثلين لألسف الشديد‬ ‫هذه اجلمل تتكرر من اية امرأة س���واء‬ ‫أكانت مؤي���دة أو معارض���ة أو فقدت‬ ‫زوجا أو ابنا ‪ ،‬ال احد ميثلين منهم سوى‬ ‫نفس���ي وعملي فقدن���ا الثق���ة ‪ ،‬ومللنا‬ ‫م���ن كل األط���راف لكنن���ا س���نحاول‬ ‫وحناول بأية طريقة بالعمل بتوصيل‬ ‫صوتن���ا ‪ ،‬م���ا أثبتته اللحظ���ات ان املرأة‬ ‫كان���ت اكث���ر عقالني���ة م���ن الرجل‬ ‫واكثر ق���درة عل���ى احل���وار ال النظام‬ ‫وال املعارض���ة يتفق���ون عل���ى أس���س‬ ‫للح���وار اىل حد االن ورمب���ا من خالل‬ ‫اصواتنا قد نس���تطيع ان نبين سالما مل‬ ‫حيققه اح���د لنا نادوا باحلري���ة ونادوا‬ ‫بالدميقراطية وقتلوا السالم بيننا واذا‬ ‫أردت احلري���ة والدميقراطي���ة علي���ك‬ ‫بالتحاور ولألس���ف ه���م ال يتحاورون‬ ‫بل يتقاتلون فقط ‪.‬‬ ‫•غيداء العودات – هيئة النساء السوريات‬ ‫للعمل الدميقراطي ‪.‬‬ ‫األوضاع بس���وريا س���يئة ج���دا ال ميكن‬ ‫ان يك���ون وعل���ى ه���ذا الش���كل منتصر‬ ‫وخاس���ر اخلاس���ر الوحي���د هو الش���عب‬ ‫الس���وري والب���د م���ن وجود ح���ل للبدء‬ ‫فيه ‪ ،‬وتوظف جهود الشعب السوري يف‬ ‫هذا االجتاه البد من الفرض على كل‬ ‫اجلهات املعارضة الداخلية واخلارجية‬ ‫لالش�ت�راك يف وض���ع خط���ة الح�ل�ال‬ ‫الس�ل�ام ووق���ف الن���زاع بالبلد الش���عب‬ ‫يعان���ي من الصراع املس���لح ويعاني من‬ ‫ظل���م النظ���ام واعتق���االت يعان���ي م���ن‬ ‫امل���وت حت���ت التعذي���ب م���ن املالحقات‬ ‫األمني���ة وم���ن القص���ف ويف املناط���ق‬ ‫احملررة يعاني من عدم توفر اخلدمات‬ ‫وتعامل الفرق اإلسالمية من السلفية‬ ‫واملتش���ددة بطرق غري س���ليمة وتشابه‬ ‫طرق النظ���ام يف االعتق���ال والتعذيب‬ ‫‪ ،‬ولك���ن بالنهاي���ة احل���ل السياس���ي لن‬ ‫يرتاج���ع عن���ه الش���عب الس���وري ‪،‬واذا‬ ‫أدركن���ا أنه لن يرتاج���ع ‪ ،‬وادركنا أنه‬ ‫ال يرضيه ما جيري من كل األطراف‬ ‫املس���لحة اليت اختذت شكل اخر للثورة‬ ‫بالتعب�ي�ر‪ ،‬او باعت نفس���ها وهلا والءات‬ ‫الشعب السوري يرغب بتغيري حقيقي‬ ‫لدولة دميقراطية دولة مواطنة يكون‬ ‫فيها اجلميع متس���اووين بغض النظر‬ ‫ع���ن انتمائه���م السياس���ي او الفك���ري‬ ‫أو الدي�ن�ي أو الطائف���ي ‪.‬حن���ن نعم���ل‬ ‫ورغ���م أن االم���ل ضعي���ف وبالنهاي���ة‬ ‫حنن ش���رحية صغرية والوض���ع العام‬ ‫غ�ي�ر مواتي والظ���رف العام ال يس���مح‬ ‫باحلرك���ة يف العم���ل ولك���ن العم���ل‬ ‫متوقف عل���ى الدعم العرب���ي والدولي‬ ‫‪ ،‬حنت���اج محاي���ة م���ن األم���م املتح���دة‬ ‫وجلان عمل معتمدة ‪،‬خطوات كثرية‬ ‫ق���د حتق���ق نتائ���ج هل���ذا العم���ل ‪ ،‬ومن‬ ‫غريها يبقى العمل ضعيف‪.‬‬

‫مي‬ ‫ق‬ ‫ر‬ ‫اطي‬

‫ة‬


‫السنة الثالثة ‪ -‬العدد ( ‪ 18 - 12 ( - ) 131‬نوفمبر ‪)2013‬‬

‫‪07‬‬

‫ليلي فنايت ‪:‬‬

‫آزجر وفروعه بليبيا بقيادة نسائية !‬ ‫خدجية األنصاري – أوباري‬

‫نشاط مؤسسات اجملتمع املدني يف أوباري يف‬ ‫البداي���اة كان افضل م���ن اآلن بكثري ‪ ...‬كان‬ ‫هناك عمل مجاعي و تعاضد و تعاون‪..‬‬ ‫مجعي���ة آزجر ( خريية – ثقافية – س���ياحية‬ ‫) مت تأسيس���ها يف فرتة ما بعد حترير أوباري‬ ‫‪ 2‬نوفم�ب�ر ‪ 2011‬و من���ذ انطالقته���ا وه���ي‬ ‫تعم���ل عل���ي املش���اركة يف كل األنش���طة‬ ‫باحلض���ور لتمث���ل مدينة أوب���اري و اجلنوب‬ ‫‪ ،‬و تعم���ل أيض���ا علي دعم التوعية و االرش���اد‬ ‫الثق���ايف و اخل�ي�ري و الس���ياحي يف املنطقة و‬ ‫لديه���ا ف���روع يف ‪ :‬غات و غدام���س و طرابلس‬ ‫‪.‬ش���اركت اجلمعي���ة يف ع���دة نش���اطات منها‬ ‫توزيع املساعدات اإلغاثة علي احملتاجني بعد‬ ‫التحري���ر ‪ ،‬كما أقامت العديد من الندوات و‬ ‫احملاض���رات الداعية للمصاحل���ة الوطنية و‬ ‫رعت كذلك مهرجانات و احتفاالت ‪ ،‬وأيضا‬ ‫قام���ت باملش���اركة يف املؤمت���رات و الندوات و‬ ‫االجتماع���ات اليت كانت تقام يف املناطق اليت‬ ‫تتواج���د فيه���ا فروع هل���ا ‪ ، ،‬و من اه���م أعمال‬ ‫اجلمعي���ة (و كان���ت بع���د التحرير مباش���رة‬ ‫) ه���و تكري���م الثائ���رات يف أوب���اري و الوادي ‪،‬‬ ‫و كذل���ك م���ن النش���اطات احليوية للش���باب‬ ‫ه���و املهرجان الرياض���ي ال���ذي كان برعاية‬ ‫اجلمعية ‪.‬ومل تغب التوعية و االرشاد حبقوق‬ ‫امل���رأة و واجباته���ا ‪ ،‬و غ���رس ثقاف���ة العم���ل‬ ‫اجلماع���ي و التطوع���ي املس���اهمة يف األعمال‬ ‫اخلريية ‪ ،‬و تفعيل اجلانب الس���ياحي يف ليبيا‬ ‫عامة و اجلنوب خباصة ‪.‬‬ ‫نرحب بك س���يدة ليلي فناي���ت الكوني رئيس‬ ‫مجعية (آزجر) ع�ب�ر صفحات ملحق ميادين‬ ‫امل���رأة ونرغب أوال يف اس���تفهامك حول اس���م‬ ‫مجعية ( آزجر ) ما الذي يعنيه ؟‬ ‫مت اختي���ار ه���ذا اإلس���م ألن���ه اس���م ل���ه داللة‬ ‫تارخيي���ة عريقة علي املس���توي التارخيي يف‬ ‫ليبي���ا و كان ميثل إقلي���م جغرايف يف عهد ما‬ ‫‪ ،‬و كان يقط���ن ب���ه الط���وارق يف أيام كانت‬ ‫ليبي���ا عبارة عن أقاليم ويس���مى ه���ذا اإلقليم‬ ‫بي ( آزجر ) الذي كان ميتد من غدامس إىل‬ ‫أوباري و مرزق إىل غات و إيس���يان و جانت و‬ ‫إليزي باجلزائر ‪ ،‬و هذا مما يزيدنا مسؤولية‬ ‫جت���اه مجعيتنا ( آزجر ) امسها العريق و حيت‬ ‫نش���عر بهيبته���ا مسيناها هذا اإلس���م و أخذنا‬ ‫عل���ي عاتقن���ا اجلدي���ة يف العم���ل التطوعي و‬ ‫النشاط املدني ‪.‬‬ ‫و كلم���ة ( آزجر ) تعين الث���ور القوي و الثور‬ ‫يرمز للقوة ‪...‬‬

‫حدثينا عن فكرة تأسيس مجعية ( آزجر ) ؟‬ ‫الفكرة جاءت من رؤيتنا حلاجة املنطقة أثناء‬ ‫ظ���روف فرضته���ا الثورة والتحري���ر لتقديم‬ ‫املساعدات اإلنسانية يف فرتة ما بعد التحرير‬ ‫و م���ن هن���ا طرحن���ا فك���رة املس���اعدات عل���ي‬ ‫األس���ر احملتاجة و الفق�ي�رة و املتضررة واليت‬ ‫غالب���ا ما تظه���ر مع الب���دء يف ترتي���ب أوضاع‬ ‫التغي�ي�ر اجلذري ال���ذي حص���ل واحلمد هلل ‪،‬‬ ‫ق���د قمنا بتوفري املس���اعدات حبس���ب مقدرتنا‬ ‫يف تل���ك الفرتة ‪ ،‬أم���ا الفكرة اآلخ���ري فكانت‬ ‫من خ�ل�ال احتياج راديو أوب���اري لكادر ثوري‬ ‫منطل���ق ومتطوع للعمل اجل���اد واملثمر وألنه‬ ‫و كما تعلمني الكادر األول ولرتكة ثقافية‬ ‫ونفس���ية سابقة مل يكونوا مبستوى املرحلة و‬ ‫هلذا قمنا بالب���دء بعالقة تواصلية إعالمية و‬ ‫كانت الفرص���ة بزيارة الرادي���و وبدء العمل‬ ‫تقاربا مع الناس ورفعا ملعنوياتهم ‪ ،‬و اقرتحنا‬ ‫فكرة تس���يري ِه كمتطوعات يف هذه املرحلة و‬ ‫قمنا بالعمل يف الراديو و من هنا بدأنا نشاطنا‬ ‫املدن���ي كمتطوعات ‪ ،‬و كل يوم يزداد عددنا‬ ‫و تزداد نش���اطاتنا كذلك و احلمد هلل اجتزنا‬ ‫مرحلة اخلطر و حنن اآلن يف استمرارية يف‬ ‫عملنا‬ ‫ما هو نشاطكم يف ما يتعلق حبضور املرأة ما‬ ‫بعد الثورة ؟‬ ‫قمنا بعدة نشاطات يف العمل علي توعية املرأة‬ ‫و منه���ا احملاضرات التوعوية عن دور املرأة يف‬ ‫املصاحل���ه الوطنية ‪ ،‬و دورها املهم أيضا يف مل‬ ‫مش���ل القبائ���ل املتنازعة إبان الث���ورة ‪ ،‬و عمل‬ ‫ورش عمل س���ابقة ومتهيدية ألول ممارسة‬ ‫دميقراطية وه���ي اإلنتخابات األوىل يف ليبيا‬ ‫يف كل م���ن أوب���اري واملش���روع وكان إقبال‬ ‫امل���رأة غري متوق���ع ‪ ،‬واحلم���دهلل هناك عضوة‬ ‫حزبية وصلت للمؤمتر ‪ ،‬وقمنا مؤخرا بعمل‬ ‫ورش���ة عمل عن التوعية يف الدستور بتمويل‬ ‫من منظمة االيونيدا ‪.‬‬ ‫مب���ا إنها مجعية س���ياحية أيضا م���اذا أضفتم‬ ‫للسياحة توعويا يف أوباري ؟‬ ‫م���ن منطل���ق ان اوب���اري وحميطه���ا يزخران‬ ‫بكث�ي�ر م���ن اجلمالي���ات االثري���ة فق���د كان‬ ‫ذلك من صميم اهتمامنا وعمليا قمنا بإقامة‬ ‫مع���رض تراث���ي وعل���ى هامش ه���ذا املعرض‬ ‫قمن���ا حب���ث الدول���ة واملواطني�ي�ن باالهتمام‬ ‫بالثقافة لس���ياحيه ألنها تعت�ب�ر من احد أهم‬ ‫ما ميكن مس���تقبال أن يعول عليه فيما يتعلق‬ ‫مب���وارد الدخل يف ليبي���ا ‪ ،‬وكان حتت رعاية‬

‫آزجر بالتعاون مع سرايا ثوار الزنتان ‪...‬‬ ‫ما هي الربامج اليت أنتم بصدد التجهيز هلا ؟‬ ‫حنن بصدد التجهيز لنش���اط تنموي و كما‬ ‫تعلمني فقد باش���رنا بعديد األنشطة ملوضوع‬ ‫الدس���تور حملي���ا او ع�ب�ر ترتي���ب نش���اط مع‬ ‫منظمات دولي���ة وقد تابع���ت جريدتكم ذلك‬ ‫‪ ،‬ولدين���ا مس���تهدفات هلا أولوي���ة لدينا أيضا‬ ‫فاجلن���وب يزخ���ر كث�ي�را بامل���وارد الطبيعية‬ ‫و البيئ���ة الصاحل���ة للزراع���ة و كذل���ك‬ ‫زاخرمب���وروث قيم هو الصناع���ات التقليدية‬ ‫و املقتني���ات الش���عبية و خنط���ط لعم���ل مثل‬ ‫هذه النش���اطات ونحُ ضر حاليا لورش���ة عمل‬ ‫ع���ن ثقاف���ة احملافظة ع���ن البيئ���ة و كيفية‬ ‫االهتم���ام به���ا ‪ ،‬و عل���ي هام���ش هذا النش���اط‬ ‫س���يتم تكريم عمال النظاف���ة مبدينة أوباري‬ ‫علي كل اجملهودات اليت قاموا بها و يقومون‬ ‫بها من أجل احملافظة علي البيئة ‪.‬‬ ‫ما هي نش���اطات فروعك���م يف كال من غات و‬ ‫آوال و طرابلس ؟‬ ‫لدينا فروع يف كل من آوال و غات وطرابلس‬ ‫‪ ...‬بالنس���بة للفرع يف آوال تقرر افتتاحه بعد‬ ‫عيد االضحى ‪،‬وسيتم عمل مهرجان سياحي‬ ‫تنم���وي للتعري���ف بتاري���خ و ت���راث اميوهاغ‬ ‫العري���ق ‪ ..‬وبالنس���بة لف���رع مجعي���ه آزجر يف‬ ‫مدينة غات فقد قاموا بالعديد من النشاطات‬ ‫يف مجيع اجملاالت من ضمنها الدعم النفسي‬ ‫ل���ذوي الحتياج���ات اخلاص���ة وذل���ك باقامة‬ ‫احتف���ال معن���وي داعم كتوزي���ع اهلدايا هلم‬ ‫‪ ...‬ومضمون ه���ذا االحتفال الدعوة لبناء مقر‬

‫خاص لالهتمام بهذه الش���رحية من اجملتمع‬ ‫إىل وزارة الش���ؤون االجتماعي���ة ‪ ...‬ويف ش���هر‬ ‫رمض���ان قام فرع آزجر ب���ي غات بعمل خريي‬ ‫يف املنطق���ة بتوزي���ع املس���اعدات على األس���ر‬ ‫احملتاج���ة ‪ ...‬ويف نفس الف�ت�رة قامت حبلقات‬ ‫حتفي���ظ القرآن الكريم و مس���ابقات متنوعة‬ ‫املوضوعات و وزعت اجلوائز ‪....‬‬ ‫وف���رع آزج���ر بطرابلس ق���ام باملش���اركة يف‬ ‫العدي���د يف م���ن النش���اطات م���ع بع���ض م���ن‬ ‫منظم���ات اجملتم���ع املدن���ي ك���ورش عم���ل‬ ‫توعوي���ة ع���ن الدس���تور ‪ ،‬وورش عم���ل ع���ن‬ ‫االنتخاب���ات م���ع احت���اد مؤسس���ات اجملتم���ع‬ ‫املدني ؛ و ش���اركنا كذلك يف نش���اط مدني‬ ‫يف كل من الرحيبات وجادو‪.....‬‬ ‫هل لديك أي إضافات آخري أو اقرتاحات ؟‬ ‫أريد أن أوضح أن نش���اط مؤسس���ات اجملتمع‬ ‫املدن���ي يف أوب���اري يف البداي���ات كان افض���ل‬ ‫م���ن اآلن بكث�ي�ر و كان هن���اك عمل مجاعي‬ ‫و تعاض���د و تع���اون و لكن اآلن و بس���بب عدم‬ ‫الدع���م املادي أًحبت أغلب مؤسس���ات اجملتمع‬ ‫املدن���ي ب���ي أوب���اري تعان���ي م���ن ع���دم توف���ر‬ ‫اإلمكانيات اليت علي أساس���ها سيس�ي�ر العمل‬ ‫املدني و االجتاه التوعوي ‪ ،‬و هنا أوجه رساليت‬ ‫لوزارة الثقافة اجلنوب أيضا متعطش للعمل‬ ‫املدن���ي كم���ا ه���و ح���ال الش���رق و الغ���رب و‬ ‫عليكم أن تلمس���وا لنا الدع���م كما هو احلال‬ ‫يف باقي امل���دن الكبرية يف اجلنوب أيضا لدينا‬ ‫األفكار املرتاكم���ة و لكن تنقصنا االمكانيات‬ ‫املرتاكمة‬


‫‪08‬‬

‫السنة الثالثة ‪ -‬العدد ( ‪ 18 - 12 ( - ) 131‬نوفمبر ‪)2013‬‬

‫املفكر التونسي ‪:‬املولدي األمحر يف حوار مع صحيفة ميادين‬

‫رحيل بن علي دون إدخال تونس يف حالة حرب يتوافق إىل حد ما مع ما قطعه‬ ‫اجملتمع التونسي من إرساء ملبدأ إدارة احلياة السياسية دون احلاجة إىل السالح‬ ‫الدكتور املولدي األمحر أس���تاذ علم االجتماع السياس���ي باجلامعة التونسية‬ ‫والباحث املختص يف الشؤون الليبية‬ ‫درس يف تون���س ويف فرنس���ا و ق���ام‬ ‫بالتدري���س باجلامع���ات الليبية بني‬ ‫عام���ي ‪1996 1993-‬م وق���د اصدر‬ ‫كتاب���اً مهم���اً بعن���وان (( اجل���ذور‬ ‫االجتماعي���ة للدول���ة احلديث���ة يف‬ ‫ليبي���ا)) احت���وى عل���ى ‪ 462‬صفحة‬ ‫وقس���م الكت���اب إىل مقدم���ة وتس���ع‬ ‫فصول وخامت���ة وملعرفته الواس���عة‬ ‫بالرتكيبة السياسية واالجتماعية‬ ‫يف ليبيا وحماولة منا لتقديم قراءة‬ ‫ميادين خاص ‪:‬‬ ‫للوض���ع الراه���ن يف تون���س ومص���ر‬ ‫احلسني عبد الكريم املسوري‬ ‫وليبيا حيث الثورات حتاول حتقيق‬ ‫استحقاقاتها أجرت صحيفة ميادين معه هذا احلوار ‪:‬‬ ‫ميادي���ن‪1 :‬ه���ل توقع���ت أن تتح���ول قضي���ة‬ ‫البوعزيزي اىل ثورة شعبية يف تونس ؟‬ ‫أهمي���ة حالة البوعزي���زي ال تكمن يف م���ا أحدثه‬ ‫اجلان���ب الذات���ي فيه���ا م���ن أمل وحس���رة لدى من‬ ‫حضر الواقعة‪ ،‬بقدر ما هي يف املعاني اليت أعطتها‬ ‫هل���ا الق���وى االجتماعي���ة احمللية بس���يدي بوزيد‬ ‫واملناطق احمليطة‪ ،‬ثم الش���عب التونسي بأكمله‪.‬‬ ‫لكن ه���ذا مل نعرفه عن كثب ومل نقدر خطورته‬ ‫السياس���ية على النظ���ام يف األي���ام األوىل للثورة‪،‬‬ ‫بس���بب التعتي���م اإلعالمي ال���ذي فرض���ه النظام‬ ‫عل���ى ما كان جي���ري يف تل���ك املناط���ق‪ .‬صحيح‬ ‫أن بعض القنوات التلفزية وش���بكات الفايس���بوك‬ ‫تابع���ت األح���داث لكنن���ا مل نك���ن نعرف م���ا كان‬ ‫جيري بالضبط‪ .‬وأح���ب أن أقول لك بأن الثورات‬ ‫ال ختض���ع للقوانني الفيزيائية ما يس���مح بتوقع‬ ‫حدوثه���ا بدق���ة‪ ،‬ورغ���م ذل���ك فقد كان���ت هناك‬ ‫مؤش���رات تدف���ع حن���و القول ب���أن نظام ب���ن علي‬ ‫كان حيتض���ر‪ :‬فش���له يف االس���تجابة العملي���ة‬ ‫ملطالب س���كان مناطق قفصة سنة ‪ ،2008‬وفشله‬ ‫السياسي يف إعادة ترتيب األوضاع يف هذه املنطقة‬ ‫لصاحله طيلة قرابة الس���نة‪ ،‬وأخريا فشله األمين‬ ‫يف ترسيخ ش���عور اخلوف من األمن ومن السجن‬ ‫لدى السكان‪ .‬وألول مرة يف تاريخ تونس املستقلة‬ ‫ظهر يف تل���ك اجلهة زعماء حملي���ون دافع عنهم‬ ‫املواطن���ون والتف���وا حوهل���م علنا‪ .‬لك���ن كل ذلك‬ ‫مل خيض���ع يف اإلبان للتحلي���ل الدقيق ولإلعتبار‬ ‫السياس���ي‪ ،‬بس���بب ضعف املعارضة على مس���توى‬ ‫التنظي���م والق���درة عل���ى التحلي���ل والتح���رك‬ ‫املخطط له س���لفا‪ ،‬وبسبب اس���تبطان اخلوف من‬ ‫ط���رف الباحث�ي�ن وغي���اب احمللل�ي�ن السياس���يني‬

‫احملرتفني‪.‬‬ ‫س‪ 2-‬ه���ل كان م���ن الطبيع���ي أن تلتحق مصر‬ ‫واليم���ن وليبي���ا والبحري���ن وس���وريا بالث���ورة‬ ‫التونسية ؟‬ ‫البل���دان ال�ت�ي ذكرته���ا ختتل���ف يف احلج���م ويف‬ ‫الرتكيبة االجتماعية ويف أش���ياء أخرى كثرية‪.‬‬ ‫وعلى س���بيل املثال الثورة اليمنية كانت س���ابقة‬ ‫زمني���ا عل���ى كل الث���ورات األخ���رى‪ ،‬لكنه���ا مل‬ ‫تأخ���ذ ش���كل الث���ورة أو أن اإلع�ل�ام مل يتح���دث‬ ‫عنه���ا م���ن ه���ذا املنظ���ور إال بع���د ان���دالع الثورات‬ ‫التونس���ية واملصرية والليبيب���ة‪ .‬وعلى الرغم من‬ ‫أن الش���عبني التونس���ي واللييب هما أقرب ش���عوب‬ ‫هذه البلدان إىل بعضهما إال أن احلالة التونس���ية‬ ‫كان���ت تتقاطع موضوعي���ا مع احلال���ة املصرية‬ ‫أكثر منه���ا مع احلالة الليبية‪ .‬والس���بب هو قدم‬ ‫مركزية الدولة فيهم���ا وتوفرهما على جمتمع‬ ‫مدن���ي له وزن���ه‪ .‬ولكنه ميكن�ن�ي يف ما خيصين أن‬ ‫أقول لك بأنين عندما استمعت إىل معمر القذايف‬ ‫يقرع التونس���يني عل���ى ثورتهم ويق���ول هلم بأنه‬ ‫كان عليه���م أن جيعلوا من بن علي رئيس���ا مدى‬ ‫احلي���اة‪ ،‬قلت للذين كانوا م���ن حولي لقد انتهى‬ ‫نظام معمر القذايف والباقي مسألة وقت فحسب‪.‬‬ ‫مل���اذا؟ ألن�ن�ي أدرك���ت أن الق���ذايف مل يك���ن يفهم‬ ‫ش���يئا مما كان جيري يف تون���س‪ ،‬وأن خمابراته‬ ‫كان���ت تعتمد على م���ا تقوله الصح���ف املأجورة‬ ‫واملس���ؤولني التونس���يني األغبياء‪ ،‬وأنه كان يقيم‬ ‫األمور من داخل موقعه هو يف السلطة ومن داخل‬ ‫املب���ادئ اليت كان نظامه يق���وم عليها‪ ،‬لقد أظهر‬ ‫قص���ورا رهيب���ا يف فهم ما جيري حول���ه‪ .‬ثم أخريا‬ ‫ألن�ن�ي أدركت أن���ه خبطاب���ه ذاك كان قد جعل‬

‫املولدي األمحر‬

‫من الش���عب التونس���ي ع���دوا ل���ه وحليفا حمتمال‬ ‫للش���عب اللي�ب�ي إذا م���ا ث���ار علي���ه‪ ،‬وهو م���ا حدث‬ ‫بالضب���ط‪ :‬عندما كان الش���عب التونس���ي بكامله‬ ‫ينادي بالشغل وباحلرية وبالكرامة قال له معمر‬ ‫الق���ذايف بأن���ه غيب‪ ،‬وق���د كان يف الواقع يعرب عن‬ ‫غبائه السياسي !!!!‬ ‫س‪3-‬رغ���م أن الرئي���س زي���ن العابدي���ن ه���و أول‬ ‫م���ن وقع���ت عليه ث���ورة فقد رحل بس���رعة ودون‬ ‫أن حي���ول البل���د اىل جحيم بينما القذايف وبش���ار‬ ‫فإنهم���ا مل يقرا بأنه حان���ت نهايتهم وحول كلن‬ ‫منه���م الب�ل�اد اىل جحيم مباذا تفس���ر ذلك أليس‬ ‫مجيعهم عرب ؟‬ ‫م���ا تعني���ه كلم���ة "ع���رب" ال حيي���ل إىل الوراثة‬ ‫البيولوجي���ة‪ ،‬ويف الثقاف���ة ليس���ت هن���اك وراث���ة‬ ‫بالدق���ة ال�ت�ي جت���ري به���ا األم���ور يف البيولوجيا‪.‬‬ ‫وإذا ال جي���ب أن ننده���ش م���ن اختالف الس���لوك‬ ‫ب�ي�ن السياس���يني الثالث���ة الذي���ن ذكرتهم رغم‬ ‫أنهم "عرب"‪ .‬هذا فقط للدعابة األنثروبولوجية‪.‬‬ ‫ويف الواق���ع مازال���ت هن���اك الكث�ي�ر م���ن األس���رار‬ ‫يف م���ا خي���ص مالبس���ات ه���روب بن عل���ي‪ .‬ولكن‬ ‫لنق���ل أن الطريق���ة ال�ت�ي ُحلت بها عق���دة مصري‬ ‫الرج���ل تتواف���ق إىل حد ما مع م���ا قطعه اجملتمع‬

‫عندما اس��تمعت إىل معمر القذايف يقرع التونسيني على ثورتهم ويقول هلم بأنه‬ ‫كان عليه��م أن جيعلوا من بن علي رئيس��ا مدى احلي��اة‪ ،‬قلت للذين كانوا من‬ ‫حولي لقد انتهى نظام معمر القذايف والباقي مسألة وقت‬

‫التونس���ي من إرس���اء ملبدإ إدارة احلياة السياسية‬ ‫دون احلاجة إىل السالح‪ ،‬فال تنسى أن التونسيني‬ ‫جربوا فكرة العقد اإلجتماعي (أي الدستور) منذ‬ ‫منتص���ف الق���رن التاس���ع عش���ر‪ ،‬أي قب���ل الدولة‬ ‫العثمانية بربع ق���رن‪ .‬وللطرفة التارخيية كان‬ ‫القانوني الشهري جريميي بنتام قد اقرتح يف لندن‬ ‫حوالي سنة ‪ 1821‬على حس���ونة الدغيس‪ ،‬الذي‬ ‫كان وقته���ا "مينيس�ت�رو عل���ى النص���ارى" ل���دى‬ ‫يوسف باشا قرمانلي‪ ،‬دستورا مفصال على مقاس‬ ‫الدول���ة القرمانلي���ة (من طرائ���ف مقتضياته أن‬ ‫يعلنه يوسف باشا يف اجلامع الكبري)‪ .‬لكن حسونة‬ ‫الدغي���س –وه���و رج���ل ذكي ج���دا ودبلوماس���ي‬ ‫حمنك‪ -‬مل يقدمه ليوسف باشا إما لتقديره بأنه‬ ‫سابق جدا ألوانه أو خلوفه منه‪ .‬وبودي أن تالحظ‬ ‫هنا بأن بن علي وحس�ن�ي مبارك قد أزحيا بش���كل‬ ‫س���لمي تقريبا رغم اخت�ل�اف الطريقة‪ :‬يف األوىل‬ ‫ختلى اجليش عن رئيسه الذي كان يقتل شعبه‬ ‫وخيس���ر يف ذات الوق���ت مس���اندة الق���وى الكربى‬ ‫يف الع���امل (أمري���كا)‪ ،‬ويف احلال���ة الثانية س���حب‬ ‫اجليش رئيس���ه الذي ظهر بالكاش���ف أنه خيسر‬ ‫كل ي���وم املزيد م���ن رهاناته‪ ،‬ثم مح���اه بعد ذلك‬ ‫من "البهذلة" اليت س���يتورط فيها القذايف‪ .‬ملاذا مل‬ ‫تتطور األحداث يف ليبيا وس���وريا وحتى يف اليمن‬ ‫بطريقة س���لمية؟ اجلواب ‪-‬دون أن ندخل كثريا‬ ‫يف التفاصي���ل التارخيي���ة واألنثروبولوجية‪ -‬هو‬ ‫أن مبدأ حل الصراعات السياس���ية س���لميا وبعيدا‬ ‫ع���ن فك���رة الس�ل�اح ‪-‬إال يف م���ا خي���ص املصلحة‬ ‫العليا للدولة‪ -‬مل يرتس���خ لدى النخبة السياسية‬ ‫املتنف���ذة يف ه���ذه البل���دان كذهني���ة سياس���ية‬ ‫"طبيعية"‪ ،‬ولو أن الش���عب اليمين‪ ،‬وهذا ما يتميز‬


‫‪09‬‬

‫‪)2012‬‬ ‫يوليو‬ ‫يونيو‪/‬‬ ‫‪ 26( -( )59‬ـ‬‫الثانية‬ ‫السنة السنة‬ ‫‪)2013‬‬ ‫نوفمبر‬ ‫‪18-2‬‬ ‫‪- 12‬‬ ‫العدد‪131‬‬ ‫العدد (‬ ‫الثالثة ‪-‬‬

‫بورقيب��ة‪ ،‬داعب القذايف بقوله ذات يوم له بش��يء م��ن اخلبث (صحة ليك أنت ال‬ ‫عندك نقابة وال عندك دستور )‬ ‫به على السوريني والليبيني‪ ،‬جنح عموما يف عدم‬ ‫االجن���رار حنو احلرب الش���املة رغ���م العدد اهلام‬ ‫للش���هداء الذي���ن س���قطوا خ�ل�ال الث���ورة‪ .‬هذا مع‬ ‫األخذ بعني االعتبار أن عدم االس���تقرار يف اليمن‬ ‫كان يزعج اجلوار الذي حترك إلطفاء النار‪ .‬أما‬ ‫الق���ذايف فقد كان ح���را طليقا يف تقتيل ش���عبه‪:‬‬ ‫مل يك���ن هن���اك جيش نظام���ي‪ ،‬باملعن���ى احلديث‬ ‫للكلمة‪ ،‬ميتلك من القوة ما جيعله يس���اند قائده‬ ‫بنجاح أو يتعرض له عن���د احلد الذي تصبح فيه‬ ‫الدولة مهددة بالتف���كك‪ .‬ومل يكن هناك جمتمع‬ ‫مدن���ي متمرس على التنظيم السياس���ي بش���كل‬ ‫مس���تقل عن الدولة م���ا جيعله ق���ادرا على كبح‬ ‫مجاح االستبداد ماديا وأخالقيا‪ .‬وللدعابة قال لي‬ ‫حممد الصي���اح ذات مرة‪ ،‬وقد ع���اش هذا الرجل‬ ‫طويال إىل جانب بورقيبة‪ ،‬أن هذا األخري قال ذات‬ ‫يوم ملعمر القذايف بش���يء من اخلبث "صحة ليك‬ ‫إنت ال عندك نقابة وال عندك دستور"‪.‬‬ ‫س‪4‬مباذا تفسر ظاهرة فوز اإلخوان باالنتخابات‬ ‫يف مص���ر ويف تون���س عرب النهض���ة وتراجعهم يف‬ ‫ليبي���ا حي���ث تق���دم حتال���ف الق���وى الوطنية عن‬ ‫أحزاب اإلسالم السياسي ؟‬ ‫امس���ح ل���ي ب���أن أب���دأ باحلال���ة الليبي���ة‪ .‬م���ن‬ ‫اخلصائ���ص التارخيية للمجتم���ع اللييب‪ ،‬أنه مل‬ ‫يع���رف جترب���ة إصالحي���ة راديكالي���ة متش���بعة‬ ‫بالفك���ر الوضع���ي‪ ،‬وأن التحوالت الس���ريعة اليت‬ ‫عرفه���ا مل تكن يف إطار إدارة اقتصاد الندرة بل يف‬ ‫إط���ار إدارة اقتصاد الوفرة‪ .‬فقدارتفع دخل الفرد‬ ‫يف ليبيا كثريا بس���بب البرتول دون أن يكون ذلك‬ ‫نتيجة تكثيف للنشاط االقتصادي وتنويعه‪ ،‬ومن‬ ‫دون ثورة على القيم السائدة كما جرى ذلك يف‬ ‫مصر وتونس وسوريا‪ .‬مثال يف تونس نزع بورقيبة‬ ‫بش���كل مبكر "السفساري" الذي تلتحف به النساء‬ ‫ع���ادة وقب���ل اجملتم���ع التونس���ي بذل���ك‪ ،‬ونقل���ت‬ ‫النخب السياس���ية احلاكم���ة التعليم الديين من‬ ‫جام���ع الزيتونة إىل اجلامعة ل ُيدرس وفق مبادئ‬ ‫جدي���دة مبس���اعدة جزء كب�ي�ر م���ن الزيتونيني‬ ‫أنفس���هم ‪،‬وأسست جملة األحوال الشخصية اليت‬ ‫أصاب���ت ثقافة اجملتم���ع الذك���وري يف الصميم‪.‬‬ ‫وبالنظر إىل التجربة التارخيية للمجتمع اللييب‬ ‫مل تنش���أ يف ليبيا خنبة ثقافية‪-‬سياسية متحررة‬ ‫بش���كل راديكالي من املرجعي���ة الدينية وذات وزن‬ ‫وتأثري ثقيلني يف اجملتمع‪ .‬فالتجربة السنوس���ية‬ ‫كانت ذات مرجعية دينية‪ ،‬ونظام معمر القذايف‬ ‫مل يكن ال ثوريا وال حمافظا‪ ،‬ألنه يف الوقت الذي‬ ‫كان ميجد فيه القيم القبلية ويش���جع اإلس�ل�ام‬ ‫الطرقي ويتشبه باخللفاء الراشدين (يف تالق مع‬ ‫الفكرة الس���لفية ويف تناقض مع م���ا كان يعيبه‬ ‫عل���ى نظ���ام املل���ك إدري���س) كان يتح���دث أيضا‬ ‫وبش���كل غري متجانس واس���تفزازي ع���ن ضرورة‬ ‫نق���د الق���رآن‪ ،‬وه���و م���ا مل يك���ن ميث���ل مش���روعا‬ ‫حتديثيا يتوفر على املصداقية‪.‬‬ ‫ومن ه���ذا املنظور –وقد قلت هذا مبجرد اإلعالن‬ ‫عن نتائ���ج االنتخاب���ات الليبية‪ -‬فإن�ن�ي ال أعتقد‬ ‫بأن احلداثيني ف���ازوا يف انتخابات املؤمتر الوطين‬ ‫اللييب‪ ،‬رغم أنهم حصلوا على أعلى نس���بة متثيل‬ ‫من ب�ي�ن األحزاب ال�ت�ي ش���اركت يف االنتخابات‪.‬‬ ‫والس���بب يف ذلك هو أن الع���دد األكرب من الذين‬ ‫ان ُتخبوا وصلوا إىل قبة املؤمتر بهوية نواب وجهاء‬ ‫مس���تقلني‪ .‬والنائب املستقل يف جمتمع مل يعرف‬ ‫جتربة العمل احلزبي ال���ذي يفرتض الدفاع عن‬ ‫أفكار وتوجهات‪ ،‬ال يستطيع أن يعمل إال حلسابه‬ ‫وحلس���اب أقارب���ه وجريانه وأصحاب���ه‪ ،‬وال ميكنه‬ ‫أن يؤث���ر يف العمل السياس���ي إال س���ياقيا وبش���كل‬ ‫انتقائ���ي‪ .‬وألن الوجاهة (س���واء كان املعين ش���ابا‬ ‫أو كه�ل�ا) يف اجملتم���ع اللي�ب�ي تقتض���ي يف م���ا‬

‫بورقيبة وعبد الناصر‬

‫األم���ور يف العمل السياس���ي‪ ،‬إذ حيتاج كل زعيم‬ ‫إىل س���ند تنظيم���ي فعل���ي أو ضمن���ى ق���وي‪ ،‬وهو‬ ‫م���ا يتمتع ب���ه الباجي قائد السبس���ي الذي يتوجه‬ ‫حزبه إىل كل م���ن هب وجب‪ ،‬متاما مثل احلزب‬ ‫الدس���توري الذي أسس���ه بورقيبة ‪...‬ومتاما مثلما‬ ‫حياول حزب النهضة فعله‪.‬‬ ‫س ‪ 7-‬مل���اذا وصل���ت األم���ور يف مص���ر اىل تدخل‬ ‫اجلي���ش وعرقل���ة املس���ار الدميقراط���ي ؟ ومل���اذا‬ ‫اإلصرار يف تونس اىل استنساخ النموذج املصري ؟‬ ‫مبجرد أن س���قط نظام اإلخوان يف مصر كتبت‬ ‫مقاال عنوانه "مصر‪:‬املثال الذي ال ينبغي االحتذاء‬ ‫به"‪ ،‬وطالبت ح���زب النهضة بأن يعترب مبا حصل‬ ‫يف مصر فال يكرر أخطاء اإلخوان املسلمني هناك‪.‬‬ ‫وقل���ت أن خط���أ اإلس�ل�اميني اجلس���يم يف مص���ر‬ ‫كان أنه���م مل يفهم���وا بالعمق املطل���وب ما معنى‬ ‫أن حتدث ث���ورة تنادي باحلري���ة وبالكرامة‪ ،‬ومل‬ ‫تكن ثقافتهم السياس���ية تهيئه���م لفهم ذلك‪ .‬لقد‬ ‫بق���وا وفي�ي�ن لفكرته���م األصلية اليت تق���ول بأن‬ ‫مش���اكلنا متأتي���ة من ع���دم رجوعن���ا إىل الدين‬ ‫الذي يقدم احللول لكل شيئ‪ ،‬بينما الثورة كانت‬ ‫تطال���ب مبراجعة كل ش���ي‪ :‬القي���م االقتصادية‪،‬‬ ‫احلق���وق الفردية‪ ،‬املش���اركة السياس���ية‪ ،‬حرية‬ ‫الضمري والفكر‪...‬‬ ‫ويف تون���س ليس هن���اك من يصر على استنس���اخ‬

‫يف ليبيا فكرة الس��لطة أنها ليست إال موضوعا لالحتكار وأداة للعنف ومصدر‬ ‫للثروة واجلاه‪.‬وذلك هو طريق الفساد‬

‫حممد البوعزيزي‬ ‫تقتضيه إظهار التشبث بالقيم الدينية فإن القيم‬ ‫املرجعي���ة اليت هيمنت داخل قب���ة املؤمتر هي ذات‬ ‫القي���م‪ .‬ومن ثم بدا األمر كم���ا لو أن احلداثيني‬ ‫املتحزب�ي�ن ميثل���ون أقلي���ة رغ���م أنه���م األوائ���ل‬ ‫تنظيميا‪.‬‬ ‫أم���ا فوزه���م يف تون���س ومص���ر فرغ���م أن لذل���ك‬ ‫دالالت اجتماعي���ة غاي���ة يف األهمي���ة‪ ،‬بالنظ���ر‬ ‫مل���ا خلف���ه االس���تبداد من مآس���ي‪ ،‬إال أن م���ا عرفه‬ ‫اجملتمع���ان التونس���ي واملص���ري م���ن حت���والت‬ ‫اجتماعية وثقافية س���يفرض على اإلس�ل�اميني‬ ‫على املدى املتوس���ط والبعيد‪ :‬إما مراجعة فهمهم‬ ‫للعالق���ة ب�ي�ن الدي���ن والعص���ر احلدي���ث باملعنى‬ ‫السوس���يولوجي لكلم���ة احلداثة (التغ�ي�رات اليت‬ ‫وقعت على مس���توى العائلة والش���باب‪ ،‬ومفاهيم‬ ‫احلق���وق الفردي���ة وحري���ة الضم�ي�ر‪ ،‬والعالق���ة‬ ‫بني العقيدة والدول���ة‪ ،)..‬وإما الدخول يف جتارب‬ ‫س���تكلف اجلمي���ع الكث�ي�ر وتس���يء إىل احلضارة‬ ‫اإلسالمية العظيمة دون حتقيق مشرع حضاري‬ ‫وظيفي وذو مصداقية‪.‬‬ ‫س‪5-‬مباذا تفس���ر سخط ونفور الشارع يف تونس‬ ‫ومص���ر وليبي���ا م���ن مجاع���ة اإلخوان املس���لمون‬ ‫وأصبح الش���ارع يرفض كل م���ا يقدمه اإلخوان‬ ‫ألن���ه مقدم من اإلخ���وان املس���لمون أوال وأخريا ؟‬

‫الباجي قائد السبسي‬ ‫حتى قبل عزل الرئيس مرسي ؟‬ ‫ال أوافق���ك متام���ا ال���رأي‪ ،‬والس���بب ه���و أن‬ ‫اإلس�ل�اميني يف البل���دان العربي���ة خيتلف���ون‬ ‫باخت�ل�اف جمتمعاته���م رغ���م أن مرجعياته���م‬ ‫الرئيس���ية هي نفس���ها تقريبا‪ ،‬وهناك س���بب آخر‬ ‫أيض���ا وه���و أن موض���وع اهلوي���ة ال���ذي يطرح���ه‬ ‫اإلس�ل�اميون بطريقة ته���دد الدميقراطية هو يف‬ ‫الواقع موضوع مهم‪ ،‬ويف رأيي ستبني االنتخابات‬ ‫القادمة يف تونس وحتى يف ليبيا احلجم احلقيقي‬ ‫لإلسالميني‪ ،‬وهذا س���يعكس أيضا عالقة النخب‬ ‫القيادية يف هذه األحزاب بالقواعد‪.‬‬ ‫س‪6-‬ما هو سر تعلق الناس بسياسي قديم كبري‬ ‫يف الس���ن مثل الباج���ي قائد السبس���ي رغم وجود‬ ‫معارضني كثريين حلرك���ة النهضة االخوانية‬ ‫؟‬ ‫الباجي قائد السبس���ي سياس���ي حمنك انتمى إىل‬ ‫اجليل الذي بنى الدولة التونس���ية احلديثة‪ ،‬وهو‬ ‫متش���بع بفك���رة بن���اء دولة املؤسس���ات ال�ت�ي عمل‬ ‫التونس���يون عل���ى حتقيقه���ا منذ أواس���ط القرن‬ ‫‪ .19‬ويف حالت���ه لعب كرب س���نه عنصرا إجيابيا‬ ‫يف ش���عبيته ألن���ه يبدو كمن يعم���ل آلخرته (أي‬ ‫لتونس) أكثر مما يعمل ملس���تقبله (أي لنفسه)‪.‬‬ ‫لك���ن املواصفات اخلاصة ال تس���تطيع أن حتس���م‬

‫احلبيب بورقيبة‬ ‫املث���ال املص���ري‪ ،‬ألن التونس���يني ال حيب���ون أن‬ ‫يتدخ���ل اجلي���ش يف تس���يري ش���ؤون الدول���ة‪،‬‬ ‫فف���ي ذلك خط���ر كبري عل���ى مؤسس���ات الدولة‬ ‫احلديث���ة‪ .‬لك���ن ما يص���ر عليه التونس���يون هو أن‬ ‫خن���رج م���ن املرحل���ة االنتقالية بتواف���ق مجاعي‬ ‫يعرب عليه الدس���تور‪ ،‬مفاده أن التونس���يني ودعوا‬ ‫كل اإليديولوجي���ات وكل الثقافة اليت تؤس���س‬ ‫لالس���تبداد‪ ،‬وأن املس���تقبل هو للحرية وللكرامة‬ ‫وللمش���اركة السياس���ية‪ ،‬دون أن يدع���ي أحد أو‬ ‫تي���ار بأنه مؤمتن وح���ده على تأويل الدس���تور أو‬ ‫خمول بأن خيتار للتونسيني القيم اليت يراها هو‬ ‫مواتية للعي���ش يف هذا العص���ر ويفرضها عليهم‬ ‫بالقوة‪ .‬ومش���كلة اإلسالميني أن مثل هذا املشروع‬ ‫ال يتواف���ق مع قناعاتهم القائلة بأنه لكي نؤس���س‬ ‫لنهضة حقيقية جيب علينا نشر الثقافة الدينية‬ ‫ذات املرجعي���ة اجلماعوي���ة املناقض���ة للحري���ة‬ ‫الشخصية‪.‬‬ ‫س ‪8-‬م���ا حي���دث اآلن يف مص���ر وتون���س هل هو‬ ‫صراع سياسي على الس���لطة أم صراع على هوية‬ ‫الدولة ؟‬ ‫موض���وع اهلوي���ة موض���وع معقد ج���دا‪ ،‬وحنن يف‬


‫‪10‬‬

‫‪)2013‬‬ ‫‪)2013‬‬ ‫نوفمبر‬ ‫نوفمبر‬ ‫أكتوبر ‪4‬‬ ‫‪18 - 12‬‬ ‫‪29 ( - ) 131‬‬ ‫السنة الثالثة ‪ -‬العدد ( ‪129‬‬

‫املشكلة الليبية شديدة التعقيد ألن التجربة احلزبية فيها ضعيفة‪ ،‬وقد استمعنا‬ ‫مؤخرا إىل دعوات كثرية إلبطال عمل األحزاب !!!‪.‬‬ ‫الب�ل�اد العربية نتعامل معه بأدوات تفكري اهرتأت‬ ‫وفق���دت قدرتها على بناء الس���ؤال واإلجابة عليه‬ ‫بش���كل جديد‪ .‬ويف كل احل���االت موضوع اهلوية‬ ‫ل���ه دائما بعد سياس���ي‪ ،‬واملعارك السياس���ية اليوم‬ ‫يف تونس ومصر تش���تغل عل���ى هذا املوضوع ولكن‬ ‫كل م���ن منظ���وره‪ .‬يبق���ى أن موض���وع الص���راع‬ ‫السياس���ي هو دائما السلطة‪ ،‬وحبسب اخلصائص‬ ‫االجتماعية والثقافية للقوى اليت حتسم الصراع‬ ‫لصاحلها تأخد الدولة هذه املواصفات أو تلك‪.‬‬ ‫س‪9-‬مصطل���ح التط���رف اجلمي���ع يطلق���ه على‬ ‫اإلس�ل�اميني يف تون���س ومصر ألي���س هناك على‬ ‫الطرف املقابل يوج���د تطرف يقوم به العلمانيني‬ ‫يف تونس ومصر وحماولة إلغاء التيار اإلسالمي‬ ‫؟التطرف لي���س حكرا على التيارات اإلس�ل�امية‪،‬‬ ‫فهناك متطرفون ليربالي���ون عنصريون‪ ،‬وهناك‬ ‫آخرون ش���يوعيون‪ ،‬وآخرون قوميون ش���وفينيون‬ ‫‪...‬إخل‪ ...‬لك���ن مجي���ع املتطرف�ي�ن يش�ت�ركون يف‬ ‫تهديد احلرية والكرامة واملساواة والدميقراطية‬ ‫عموم���ا‪ ،‬ويعملون على خلق املن���اخ املواتي لفرض‬ ‫أفكارهم ومصاحلهم بالتهديد واإلقصاء العنيف‪.‬‬ ‫ومن سوء احلظ أن وقود اإلرهاب والتشدد يشمل‬ ‫دائم���ا أناس فقراء وهامش���يون يف حاج���ة إلعادة‬ ‫التأهيل والرعاية‪.‬‬ ‫س‪10-‬ه���ل الع���زل السياس���ي يف ليبيا وحتصني‬ ‫الث���ورة يف تون���س س���وف يس���اهم يف زرع الثق���ة‬ ‫ل���دى الناس بعدم ع���ودة منظومة العهد الس���ابق‬ ‫وهل س���وف يس���اهم يف ثق���ة الناس يف الس���لطات‬ ‫اجلديدة؟‬ ‫الثورات اليت جرت يف بلداننا مل ُتس���تكمل بعد‪ ،‬بل‬ ‫حن���ن يف بداياتها‪ ،‬وإس���قاط النظم االس���تبدادية‬ ‫السائدة ليس إال احللقة األوىل يف سلسلة طويلة‬ ‫من إعادة بناء للمؤسسات ولألذهان ولطرق وقيم‬ ‫ووس���ائل إدارة امل���وارد وللش���رعيات واالعتبارات‪.‬‬ ‫لكن���ه البد من مالحظ���ة أن الثورة التونس���ية مل‬ ‫تكن من القوة التنظيمي���ة والتكتل اإليديولوجي‬ ‫ما يس���مح للثوار به���زم قوى االس���تبداد اجتماعيا‬ ‫وسياس���يا وأخالقيا‪ .‬ومل تكن الث���ورة الليبية على‬ ‫قوته���ا احلربي���ة من التش���بع باألفكار السياس���ية‬ ‫احلديث���ة وم���ن التجرب���ة احلزبية ما يس���مح هلا‬ ‫بإقناع الشعب اللييب بأن قوى الثورة ختتلف بشكل‬ ‫واضح يف مفاهيمه���ا وتصوراتها ومرجعياتها عن‬ ‫قوى االستبداد (رمبا ألن التمايز الطبقي يف ليبيا‬ ‫تغطيه كثري من املتغريات االجتماعية األخرى)‪.‬‬ ‫وهلذه األس���باب فإن جزء من النسيج االجتماعي‬ ‫لإلس���تبداد مازال وظيفي���ا يف ليبيا‪ .‬هل يربر ذلك‬ ‫سياس���ات اإلقصاء والتحصني والتكفري ؟ هل هذا‬ ‫الطري���ق يوصل إىل الغاية املنش���ودة اليت هي بناء‬ ‫جمتمع دميقراطي ينعم فيه املواطنون باحلرية‬ ‫والكرام���ة؟ اجل���واب هو قطع���ا ال‪ ،‬ألن عملية بناء‬ ‫مث���ل هذه اجملتمعات تأخذ وقتا اجتماعيا وثقافيا‬ ‫معتربا جيب التعامل معه باحلنكة والسياسة‪.‬‬ ‫س‪11-‬الش���ك أن مش���كلة العدال���ة االنتقالي���ة‬ ‫واملصاحل���ة الوطني���ة يف تون���س ومصر وبش���كل‬ ‫اك�ب�ر يف ليبيا متثل التحدي األكرب للس���لطات‬ ‫احلالي���ة الس���ؤال م���ا ه���ي اإلج���راءات اليت جيب‬ ‫اختاذه���ا من الناحية النفس���ية ألهال���ي الضحايا‬ ‫لنص���ل اىل مرحل���ة يس���تطيعوا فيه���ا أن يكون���وا‬ ‫متزنني يف اخت���اذ القرار حن���و جالديهم ؟وما هو‬ ‫احلل األمث���ل من الناحية السياس���ية والنفس���ية‬ ‫واالجتماعية حلل هذه املشكلة حسب رأيك ؟‬ ‫ينبغ���ي قب���ل كل ش���يء أن تص���ل أه���م مكون���ات‬ ‫اجملتم���ع السياس���ي يف ليبي���ا إىل اتف���اق ح���ول‬ ‫تش���خيص مش���كلة املصاحل���ة الوطني���ة‪ :‬مل���اذا‬ ‫املصاحل���ة الوطني���ة؟ م���اذا تع�ن�ي؟ م���اذا يرتت���ب‬ ‫عنه���ا عمليا؟ من يت���وىل الدعوة إليه���ا وتنظيمها‬

‫؟ م���ا هو املس���تند القانوني الذي تق���وم عليه؟ لكن‬ ‫املش���كلة الليبي���ة ش���ديدة التعقي���د ألن التجربة‬ ‫احلزبي���ة فيها ضعيفة‪ ،‬وقد اس���تمعنا مؤخرا إىل‬ ‫دع���وات كثرية إلبطال عمل األحزاب !!!‪ .‬وأهمية‬ ‫األحزاب ال تكمن فقط يف أنها تس���اعد على إدارة‬ ‫الصراعات السياس���ية بش���كل س���لمي‪ ،‬بل كذلك‬ ‫يف أنه���ا تف�ت�رض أن التنظي���م احلزب���ي يتج���اوز‬ ‫نظري���ا القراب���ة واجل�ي�رة والزبوني���ة‪ ،‬ويؤس���س‬ ‫بني املش���تغلني بالسياس���ة عالقات مدارها األفكار‬ ‫ذات البع���د الوطين األمشل‪ .‬فاحل���زب احلديث ال‬ ‫يفكر مبفاهيم القبيل���ة واجلهة والعرق واملذهب‬ ‫والطائفة والقرية واملدين���ة‪ ،‬بل مبفاهيم الوطن‬ ‫واملواط���ن واحلري���ة والدميقراطي���ة والعدال���ة‬ ‫والتنمية والشباب‪...‬إخل‪..‬‬ ‫ومن مجلة ما تسبب فيه غياب التجربة احلزبية‬ ‫يف ليبي���ا أن النخب���ة السياس���ية والثقافية للبالد‬ ‫تواج���ه صعوب���ات مج���ة يف التفك�ي�ر والتص���رف‬ ‫وف���ق مرجعي���ات متحررة م���ن الرواب���ط األولية‬ ‫ال�ت�ي ذكرته���ا‪ .‬مبعنى أن السياس���ي ذي األصول‬ ‫املصراتي���ة أو الزنتاني���ة أوالورفلية أو الربعصية‬ ‫أو األفوغاس���ية يتصرف أحيان���ا كمن خياف أن‬ ‫خيذل أهله‪ ،‬وأمله يف أن يكس���ب ش���هرة وشرعية‬ ‫وطنية ضعيف‪ ،‬بل أنه قد يعتقد أحيانا أن أس���س‬ ‫مثل هذه الشرعية هشة وال حاجة له بها‪.‬‬

‫لديك���م تاري���خ اجتماع���ي وإرث ثق���ايف مه���م يف‬ ‫موض���وع املصاحلة‪ ،‬والقبائ���ل كانت دائما تعرف‬ ‫القيم���ة الوظيفي���ة للمصاحل���ة بينه���ا وب�ي�ن‬ ‫ش���ركائها يف احملي���ط ال���ذي تعيش في���ه‪ .‬لكنين‬ ‫كما ذكرت أعتقد أن هذه الثقافة غري كافية‬ ‫لفهم املس���ألة على مس���توى أوس���ع‪ ،‬وم���ن ناحية‬ ‫أخ���رى ف���إن الكيان���ات ال�ت�ي تس���مونها قبائ���ل قد‬ ‫تفككت بنسبة متقدمة وارتبطت مصاحل أفرادها‬ ‫بأنش���طة جدي���دة ال عالقة هل���ا باقتص���اد الرعي‬ ‫وباألراضي اجلماعية ‪ .‬ومع ذلك أرى أن الليبيني‬ ‫ميلك���ون العدي���د م���ن األوراق اليت ستس���اعدهم‬ ‫عل���ى اخل���روج من ه���ذا امل���أزق‪ :‬ميلهم ع���ادة إىل‬ ‫األف���كار الوس���طية‪ ،‬ونفوره���م من التي���ارات اليت‬ ‫تريد ف���رض تصوراتها على غريها بالقوة‪ ،‬وتوفر‬ ‫م���وارد مادية ال بأس بها يف بالدهم تقلل عندهم‬ ‫من املش���اكل االجتماعية اليت تعاني منها تونس‬ ‫ومص���ر‪ ،‬وأخ�ي�را هناك ش���وق الش���باب اللييب إىل‬ ‫طي الصفحة بأسرع ما ميكن مع اإلرث الكارثي‬ ‫لنظام القذايف ‪.‬‬ ‫س‪13-‬بالرغ���م م���ن أن منظوم���ة قي���م اجملتمع‬ ‫اإلس�ل�امي ترفض وتدين الس���رقة واالس�ت�رزاق‬ ‫م���ن امل���ال احل���رام ومع ه���ذا فس���رقة امل���ال العام‬ ‫مس���تمرة ومنظم���ة وأصبح���ت ثقافة ميارس���ها‬ ‫مس���ؤلي الدول���ة حت���ى اآلن وأصبح���ت القضية‬

‫األخري من القرن ‪ 19‬عندما اشرتى رئيس البلدية‬ ‫القرقين أول باخرة تسري بالفحم احلجري‪ ،‬وهو‬ ‫ما مل يكن ُمتخيال يف عهد يوسف باشا القرمانلي‬ ‫الذي كان سينهب داره حتت أية ذريعة‪ .‬يف عهد‬ ‫املل���ك إدريس كانت الدول���ة فقرية وبدأ اجملتمع‬ ‫يتعود على دفع الضرائب للدولة مقابل خدماتها‪،‬‬ ‫لكن افكرة الس���لطة واملال ضلت غامضة ومل تكن‬ ‫ثقاف���ة امللك وحاش���يته تس���اعد عل���ى القطع مع‬ ‫ه���ذه الظاه���رة‪ .‬ولك���ن حينم���ا أصبح���ت الدولة‬ ‫غنية مبال البرتول جرى االس���تحواذ عليها حتت‬ ‫عناوين براقة‪ ،‬وباملقابل مل يعد حكام هذه الدولة‬ ‫يف حاج���ة ال إىل الضرائب وال إىل والء املواطنني‪.‬‬ ‫وهكذا ترسخت من جديد وبوسائل أكثر تقدما‬ ‫فكرة أن الس���لطة ليس���ت إال موضوع���ا لالحتكار‬ ‫وأداة للعن���ف ومص���در للثروة واجل���اه‪ .‬وذلك هو‬ ‫طريق الفس���اد ألن الثقافة املصاحبة هلذا الوضع‬ ‫تقول ب���أن املال الذي يُس���رق من خزين���ة الدولة‬ ‫ليس مال املواطنني بل مال من حيتكر الس���لطة‪،‬‬ ‫ومتى خس���ر هذا األخري الس���لطة ص���ار ماهلا إىل‬ ‫غ�ي�ره‪ .‬وهك���ذا فإنه لي���س هناك م���ن خالص من‬ ‫الفس���اد إال عندما يصبح مال الدولة ماال عموميا‬ ‫ال ميكن ملن له السلطة أن يصل إليه ‪.‬‬ ‫س‪17-‬م���ا هي قراءتك ملس���تقبل ليبيا السياس���ي‬ ‫واالجتماعي بشكل عام ؟‬ ‫م���ن الصعب تكوي���ن فكرة واضحة عن املس���تقبل‬ ‫ألن العوامل املؤثرة فيه ال حتصى وال تعد‪ .‬لكنين‬ ‫دائم���ا متفائل بش���أن مس���تقبل ه���ذا البل���د‪ ،‬وهذا‬ ‫ليس ألن�ن�ي أريد أن أزرع األمل ل���دى القارئ‪ ،‬بل‬ ‫ألن ليبي���ا خرج���ت من حمن ال تق���ل خطورة عن‬ ‫ال�ت�ي تعيش���ها اآلن‪ .‬ث���م إن ليبيا لديه���ا املال كي‬ ‫ُترضي اجلميع‪ ،‬وتضم���ن حقوق اجلميع‪ ،‬وتقنع‬ ‫اجلميع بأن مصاحلهم تكمن يف درء املخاطر عن‬ ‫البالد واالستفادة من ثرواتها‪ .‬صدقوني سيدرك‬ ‫اجلمي���ع هذه احلقيقة ويفهم بأن كلفة احلرب‬ ‫أرف���ع بكثري من كلفة الس���لم طامل���ا أن هناك ما‬ ‫يكفي للجميع‪ .‬مشكلة ليبيا احلقيقية هي كيف‬ ‫يقب���ل أبناؤه���ا الذين متتع���وا بالس���لطة والثروة‬ ‫والس�ل�اح عل���ى حس���اب اآلخرين مل���دة طويلة أن‬ ‫يندجموا من جديد يف نس���يج احلياة االجتماعية‬ ‫واالقتصادي���ة والثقافي���ة وحتى السياس���ية دون‬ ‫احلاجة إىل الس���لطة‪ ،‬وكيف سيس���اعد اجملتمع‬ ‫املدني احلكام اجلدد على عدم إعادة جتربة نظام‬ ‫القذايف‪ ،‬وكيف سيمنعهم مؤسساتيا من ذلك؟‬ ‫كلمة أخرية‪:‬‬ ‫أمتنى قبل كل ش���يء أن ال ُتقرأ إجاباتي بذهنية‬ ‫"لس���تم أفض���ل من���ا وال أحد ل���ه فضل علين���ا"‪ .‬ما‬ ‫قلت���ه يتناول قضاي���ا نتقارب يف بعضه���ا ونتباعد‬ ‫يف بعضه���ا اآلخ���ر‪ .‬وامله���م هنا ه���و أن نؤكد على‬

‫اجملتمع اللييب‪ ،‬مل‬ ‫يعرف جتربة إصالحية‬ ‫راديكالية متشبعة‬ ‫بالفكر الوضعي‬ ‫م���ا عالق���ة ه���ذا باملصاحل���ة الوطني���ة؟ موض���وع‬ ‫املصاحل���ة يف ليبي���ا تعل���ق دائما بأعم���ال االنتقام‬ ‫والقت���ل العمد أو اخلطأ اليت جت���ري بني القبائل‬ ‫وف���ق األعراف املتف���ق عليها‪ .‬لكن املط���روح اليوم‬ ‫يف ليبي���ا يتج���اوز بكثري مبادئ ه���ذه الثقافة‪ ،‬ألن‬ ‫مفه���وم املصاحل���ة الوطنية يش���مل مس���ائل أعم‬ ‫وأعقد‪ ،‬وترتبط بقيم وتصورات تتجاوز جماالت‬ ‫الدي���ة والدم والقرابة والش���رف العائل���ي‪ ،‬وحلها‬ ‫أبعد تأثريا يف مس���تقبل ليبيا‪ ،‬وهو ما ال تستوعبه‬ ‫ثقافة املصاحل القبلية ‪.‬‬ ‫س‪ 12-‬وف���ق خربتك العلمي���ة واالجتماعية هل‬ ‫ستنجح املصاحلة الوطنية يف ليبيا ؟‬

‫ليست استبدال األشخاص بل إن فكرة االستيالء‬ ‫على امل���ال الع���ام أصبح���ت موج���ودة وتنتقل من‬ ‫مس���ؤل اىل أخ���ر كيف ميكن إنهاء ه���ذه الثقافة‬ ‫اليت أصبح هلا جذور يف اجملتمع ؟‬ ‫ثقاف���ة نه���ب املال الع���ام مرتبط���ة بن���وع العالقة‬ ‫التارخيية اليت نش���أت يف ثقافتنا وقيمنا وأمانينا‬ ‫وممارس���اتنا بني السلطة واملال واجلاه‪ .‬ومن سوء‬ ‫حظ ليبي���ا أن تاريخ دولة س�ل�اطينها ( وهو حال‬ ‫جريانها قبل االس���تعمار) كان يفرتض أن يكون‬ ‫الس���لطان أغنى األغني���اء‪ ،‬وامل���رة األوىل يف تاريخ‬ ‫البالد اليت حدث فيها أن أحد الطرابلسيني أظهر‬ ‫علنا أنه أغنى من باش���ا طرابل���س كان يف الربع‬

‫أن املش���اكل الليبية والتونس���ية واملصرية هي يف‬ ‫األص���ل نفس املش���اكل‪ ،‬والتحديات هي نفس���ها‪.‬‬ ‫ولذل���ك فأنا أفضل أن نكثف م���ن تعاوننا للتفكري‬ ‫س���ويا يف مش���اكلنا‪ ،‬ونتناق���ش قدر املس���تطاع يف‬ ‫ذلك‪ ،‬ونهيئ ألنفس���نا مس���تقبال مش�ت�ركا‪ ،‬ألننا‬ ‫ندخ���ل مجيعا يف نفس اللحظة إىل نفس املرحلة‬ ‫التارخيي���ة اجلدي���دة‪ ،‬حتى وإن دخلناه���ا بأدوات‬ ‫ومبوارد وبتجارب خمتلفة ‪.‬‬


‫‪11‬‬

‫السنة الثالثة ‪ -‬العدد ( ‪ 18 - 12 ( - ) 131‬نوفمبر ‪)2013‬‬

‫احملرر املسؤول ‪:‬‬ ‫بدرالدين الورفلي‬

‫العدد الثالث‬

‫عشر سنوات يف بالط طرابلس‬

‫عن صيام املسلمني واليهود وعيد الفطر‬ ‫اجلزء الثاني ‪:‬‬ ‫تنبيه ‪:‬‬ ‫كنت قد ُ‬ ‫ُ‬ ‫قلت يف اجلزء األول ‪ " :‬وال نلوم املعرب ‪-‬‬ ‫خاصة يف ما خيص األماكن ‪ -‬فهو فلسطيين مل‬ ‫يعش يف طرابلس ‪ -‬بل نلوم الكتاب الليبيني الذي‬ ‫وضع بني أيديهم هذا املصنف التارخيي اخلطري ‪،‬‬ ‫فلم يهتموا بتحقيقه ‪ ،‬اللهم إال إن كانت للكتاب‬ ‫أس���تغرب ع���دم‬ ‫طبع���ات أخ���رى حمقق���ة ‪ ،‬وهن���ا‬ ‫ُ‬ ‫اس���تعانة ال���دار اليت طبع���ت الكتاب ه���ذه الطبعة‬ ‫ِ‬ ‫احلديثة بها "‬ ‫أذكر أني قد‬ ‫فعل���ي قبل أن أش���رع يف الكتاب���ة أن‬ ‫َ‬ ‫وج���دت م���ا يؤكد ظين ‪ ،‬نع���م ‪ ،‬مل تظه���ر طبعة‬ ‫حمقق���ة هلذا الكت���اب ‪ ،‬بل ترج���م ترمجة أخرى‬ ‫نش���رتها جامع���ة بنغازي ‪ ،‬ذكر ذلك لي األس���تاذ‬ ‫حس�ي�ن امل���زداوي ‪ ،‬ووجدت نس���خة م���ن ترمجة‬ ‫اجلامعة يف مكتبة األس���تاذ عمار اجحيدر ‪ ،‬الذي‬ ‫أخربن���ي بأن األس���تاذ عل���ي مصطف���ى املصراتي‬ ‫كان يعتق���د أن رس���ائل توللي قد تك���ون تقارير‬ ‫استخبارية ‪ ،‬وهي مالحظة جديرة بالتأمل ‪ ،‬فإن‬ ‫دقة تولل���ي والرباعة اليت تنق���ل بها كل صغرية‬ ‫وكب�ي�رة ال تعه���د من هاوي���ة ‪ ،‬وال يس���تغرب أن‬ ‫يكون وراءها عمل استخباري ‪.‬‬ ‫‪ 30‬يوليو ‪: 1783‬‬ ‫شهر رمضان ‪:‬‬ ‫خليق���ة باإلعج���اب ُ‬ ‫دق���ة مالحظ���ات تولل���ي عن‬ ‫عادات الطرابلسيني يف رمضان ‪ ،‬وال تفسري هلا يف‬ ‫رأيي أق���وى مما تورده يف منتصف الرس���الة اليت‬ ‫حتمل تاري���خ ‪ 29‬يوليو ‪ 1783‬من أن أغلب خدم‬ ‫القنصلي���ة كان���وا من املس���لمني ‪ ،‬وأنه���م كانوا‬ ‫مصدرا رئيسا ملعلوماتها عن هذه الشعرية ‪.‬‬ ‫نع���رف م���ن رس���التها أن مداف���ع القلع���ة تطل���ق‬ ‫طلقاته���ا عند بداية هذا الصيام وليلة الفراغ منه‬ ‫‪ ،‬كما ترفع الرايات على مجيع املساجد واألبراج‬ ‫‪ ،‬وذل���ك بعد طلقة واحدة من مدفع برج الباش���ا (‬ ‫علي القره مانلي ) نفسه ‪.‬‬ ‫ويب���دو أن ه���ذه الع���ادة مل تتوق���ف إال قب���ل وقت‬ ‫قص�ي�ر ‪ ،‬وق���د مسع���ت م���ن أح���د كبار الس���ن يف‬ ‫طرابلس أن بالب���و احلاكم العام اإليطالي لليبيا‬ ‫(‪ ) 1940-1933‬كان يتودد إىل أعيان طرابلس‬ ‫( صادق���ا أو منافقا ) بإظهار احلرص على إطالق‬ ‫قذائ���ف املدف���ع يف العي���د ‪ ،‬ومسع���ت رواية أخرى‬ ‫تقول إن املدفع مل يس���مع صوته يف إحدى السنني‬ ‫فشكا أعيان طرابلس ذلك إىل بالبو فأظهر غضبا‬ ‫والم الذين قصروا يف أداء ذلك ‪.‬‬ ‫وم���ن الطري���ف أن تولل���ي ت���ورد ه���ذه املعلوم���ة‬ ‫الدقيق���ة ‪ " :‬لق���د انتهى ه���ذا الصيام عن���د ظهور‬ ‫هالل الشهر الذي عقب الشهر الذي بدأ فيه ‪ ،‬فإذا‬ ‫مل يظهر اهلالل حس���ب الصائم���ون ثالثني يوما "‬ ‫‪ .‬وق���د تكون رأت ذل���ك من قبل يف إح���دى إياالت‬ ‫الدولة العثمانية ‪ ،‬وس���نجد فيما بعد أنها كانت‬ ‫تق���ارن ب�ي�ن طرابل���س واجلزائر مث�ل�ا يف بعض‬ ‫اجلوانب ‪.‬‬ ‫ونع���رف كذلك أن���ه كان مثة ح���رس مكلفون‬ ‫بتنبي���ه الناس إىل قرب دخول وقت الفجر ( وهي‬ ‫تقول طلوع الشمس )‬

‫كيف كان ذلك التنبيه ؟‬ ‫تقول توللي ‪ :‬وهم يفعلون ذلك عن طريق إحداث‬ ‫جلب���ة خيلقها املوظف املختص ‪ ،‬ألنه حيمل تنكة‬ ‫أو صندوق���ا في���ه قط���ع حديدية خيرخ���ش بها ‪،‬‬ ‫وإمن���ا اصطنع���ت ه���ذه األص���وات غ�ي�ر املتناغمة‬ ‫عوضا عن األجراس اليت " ال يس���مح باستخدامها‬ ‫دين اإلسالم "‬ ‫وتعج���ب تولل���ي من ح���رص " املس���لمني األتقياء‬ ‫" عل���ى الصي���ام ‪ ،‬فيوم���ا ما هبت ري���ح القبلي اليت‬ ‫تقول إن حرار ًة تش���به احلرارة املنبعثة من الفرن‬ ‫رافقتها ‪ ،‬ومع هذا ‪ ،‬فإن " مس���لما معتربا واحدا مل‬

‫أن يفعلوا ذلك "‬ ‫وكذل���ك نلمس قس���وة الصيام يف تل���ك الفرتة ‪،‬‬ ‫صيفِ ‪ ،1783‬إذ تقول أن اخلدم املسلمني كانوا‬ ‫يالق���ون الصائم�ي�ن عن���د ح���ل الفطر بإن���اء ماء ‪،‬‬ ‫تق���ول توللي ‪ " :‬وق���د ختونهم قوته���م فيعجزون‬ ‫عن الش���راب وهم وقوف ‪ ،‬وكث�ي�را ما أغمي على‬ ‫بعضهم يف الس���قيفة أو الردهة قبل أن يس���تطيع‬ ‫اخل���ادم أن جيلب كوز امل���اء " ‪ ،‬وال ميكن أن نغفل‬ ‫وصفها ش���عور الطرابلس���يني املس���لمني آخر يوم‬ ‫من أيام الصيام بأنه���م يراقبون اهلالل بكل " قلق‬ ‫" وش���غف ‪ ،‬وال ختف���ى هن���ا داللة لف���ظ ‪ " :‬قلق" ‪،‬‬

‫يكس���ر صيامه " ‪ ،‬بل حتى مل خيفف أمله برش���فة‬ ‫ماء ‪ ،‬ثم تذكر الذين يغش���ى عليهم يف األس���واق‬ ‫وتس���تغرب أن الن���اس يكتف���ون ب���رش وجوهه���م‬ ‫ومس���ح جباههم بامل���اء ‪ ،‬دون أن حياول���وا ترطيب‬ ‫شفاه املغشي عليهم به ‪.‬‬ ‫وتذك���ر توللي أن القادرين على النوم ينامون يف‬ ‫نهار رمضان ‪ ،‬وأما البك ( تعين حسن القره مانلي‬ ‫أك�ب�ر أوالد الباش���ا ) وباقي أبناء الباش���ا فيتلهون‬ ‫برك���وب خيله���م يف الصحراء ‪ ،‬ث���م يلجأون إىل‬ ‫أحد قصورهم خارج املدينة حيث ينزعون ثيابهم‬ ‫ويغمسون أجسامهم يف " اجلابية" ‪.‬‬ ‫ونع���رف كذل���ك أن أب���واب القنصلي���ة تك���ون‬ ‫مفتوحة وقت الغروب وأن الدار تستقبل مجاعات‬ ‫من مخس���ة أو س���تة أف���راد كل م���رة جيتازونها‬ ‫ليش���ربوا " يف الدقيق���ة األوىل اليت حيل هلم فيها‬

‫وت���ردف ذلك بقوهل���ا ‪ " :‬إن هناك مث�ل�ا يف لغتهم‬ ‫يضربونه عند تش���وقهم الشديد إىل انقضاء شيء‬ ‫ما ورغبتهم البالغة يف احلصول على شيء جديد‬ ‫‪ ،‬فيقولون ‪ " :‬إنه كهالل رمضان " ‪.‬‬ ‫ولس���ت على يق�ي�ن من أن توللي فهم���ت هذا املثل‬ ‫حقا ‪ ،‬وال أعرف َّ‬ ‫أي مثل تقصد ‪ ،‬حنن نقول اليوم‬ ‫‪ " :‬زي هالل العيد " ‪ ،‬ولكن الش���اهد هنا خمتلف ‪،‬‬ ‫وإن كانت مجل���ة ‪" :‬رغبتهم البالغة يف احلصول‬ ‫على ش���يء جديد" أق���رب إىل حقيقة العبارة اليت‬ ‫نس���تخدمها م���ن مجل���ة " تش���وقهم الش���ديد إىل‬ ‫انقضاء شيء ما " ‪.‬‬ ‫وتذك���ر توللي أيضا أن مس���اجد املدينة تضاء يف‬ ‫كل ليل���ة من ليال���ي رمضان ‪ ،‬وتق���ول إن ظالم‬ ‫طرابل���س يزي���د ألق صف���وف املصابي���ح احمليطة‬ ‫بأعلى كل مسجد ‪.‬‬

‫صيام اليهود ‪:‬‬ ‫برغم عدم وجود مناس���بة ‪ ،‬إال أن الش���يء بالشيء‬ ‫يذك���ر ‪ ،‬فتتكلم تولل���ي عن صي���ام اليهود ولكن‬ ‫بشيء من الشك والريبة ‪:‬‬ ‫ولليهود صيام ميتنعون فيه عن الطعام والشراب‬ ‫س���بعة أيام بلياليها ‪ ،‬والكثري منه���م يتظاهر بأنه‬ ‫ق���د ق���ام به���ذه الفريض���ة ‪ ،‬ولكن العق���ل واملنطق‬ ‫"يقنعانن���ا" أن الطبيع���ة البش���رية ال تتحمل مثل‬ ‫ه���ذا العن���اء ‪ ،‬فهم ال ش���ك يغالطون أنفس���هم ‪ ،‬أو‬ ‫ي���ودون خمادع���ة اآلخرين وتضليله���م ‪ ،‬ويصرح‬ ‫الكثريون منهم أنهم حاولوا القيام بشعرية دينهم‬ ‫هذه غري أنهم أخفقوا يف ذلك ‪.‬‬ ‫ثم حتكي قصة خادمة يهودية أرادت القيام بهذه‬ ‫الش���عرية ‪ ،‬وأخفت ذلك خش���ية املنع ‪ ،‬ثم س���ألوها‬ ‫فأنكرت ‪ ،‬ومل يستطيعوا التيقن ألنها كانت تنام‬ ‫خ���ارج املبنى ‪ ،‬حتى انهارت مغش���يا عليها يف اليوم‬ ‫الراب���ع ‪ ،‬فأنقذوها بصب احللي���ب والزيت " احللو‬ ‫" ( هكذا كان التعبري ) يف حلقها ‪ ،‬وتأس���ف توللي‬ ‫على نضارة الفت���اة اليت ذهبت بعد هذه احلادثة ‪،‬‬ ‫وبشرتها اليت غدت صفراء كالليمونة وهي اليت‬ ‫كانت وردية ومجيلة من قبل ‪.‬‬ ‫العيد ‪:‬‬ ‫نعرف من الرسالة املذكورة أن الناس يف املدينة‬ ‫كان���وا حيتفلون بالعي���د ثالثة أي���ام يف املدينة ‪،‬‬ ‫وس���بعة أيام يف الريف ‪ ،‬وأنه يعلن مبدافع القلعة‬ ‫مجيعه���ا ‪ ،‬ووض���ع املعرب بني قوس�ي�ن مزدوجني‬ ‫كلمة " البريم " اليت أرادت توللي التعبري بها عن‬ ‫عيد الفطر ‪.‬‬ ‫فهل كان يدعى عيد الفطر "بريما" يف طرابلس ؟‬ ‫وتالح���ظ توللي كثريا من الصخب يف االحتفال‬ ‫بالعي���د ‪ ،‬وتعل���ل ذل���ك باملعان���اة ال�ت�ي يالقيه���ا‬ ‫الصائمون ش���هرا كامال ‪ ،‬وتسجل أن بعض أهل‬ ‫طرابلس كانوا يش���ربون " الالق�ب�ي " ( ويرتمجه‬ ‫أب���و حجلة "الكابي" ) ‪ ،‬تقول توللي ‪ " :‬يس���تخلص‬ ‫من النخيل وجيعل ش���اربه مزعج���ا للغاية حتى‬ ‫لي���كاد يلقي به إىل حال م���ن اجلنون املطبق ‪ ،‬ويف‬ ‫احلقيقة إنه ملن اخلطر على املسيحيني أن ينزلوا‬ ‫إىل الشوارع خالل هذه الثالثة أو األربعة أيام "‬ ‫ث���م تذك���ر أن القنصلية كانت احتف���اال بالعيد‬ ‫تبس���ط مائدة م���زودة باخلم���ر والزي���ت واخلبز‬ ‫وحب���وب الزيت���ون ‪ ،‬وكان ضيوفه���ا عبيد الباش���ا‬ ‫واحلرس واجلند حسب رتبهم ‪.‬‬ ‫ثم تأتي على ذكر " بازار " القهوة ( وبازار كلمة‬ ‫تعين بالفارس���ية الس���وق ) ‪ ،‬فتقول إنه يضاء من‬ ‫طرف���ه الواح���د إىل الطرف اآلخ���ر كل ليلة من‬ ‫ليال���ي العيد فيبدو كأنه يف وض���ح النهار ‪ ،‬حتى‬ ‫الواح���دة أو الثانية صباحا ‪ ،‬وتوللي ش���هدت ذلك‬ ‫الب���ازار ليلة من الليالي ‪ ،‬بع���د الثانية ‪ ،‬فوجدته "‬ ‫يغ���ص يف كل ناحي���ة منه بعلية الق���وم يف أزهى‬ ‫حلله���م " ‪ ،‬وتقول إن���ه كان فواحا بالعنرب وأزهار‬ ‫الربتق���ال واليامس�ي�ن ‪ ،‬ويب���دو أن���ه مكان لش���رب‬ ‫القه���وة يتوج���ه إليه الطرابلس���يون بع���د اإلفطار‬ ‫األخري ليلة العيد ‪.‬‬


‫‪12‬‬

‫‪)2013‬‬ ‫نوفمبر‬ ‫‪) 131‬‬ ‫العدد (‬ ‫الثالثة ‪-‬‬ ‫‪)2013‬‬ ‫نوفمبر‬ ‫‪18 -18‬‬ ‫‪12- (12‬‬ ‫‪- )( -131‬‬ ‫العدد (‬ ‫الثالثة ‪-‬‬ ‫السنةالسنة‬

‫ُ‬ ‫الوقوف على األحيان‬ ‫عبد الرمحن شلقم‬

‫( إي���ه ! عجباً ! أنت هنا ي���ا عزيزي ؟أنت يف مكان‬ ‫موبوء! أنت شارب اجلواهر ! آكل الرحيق! ُّ‬ ‫احلق‬ ‫أن يف ذلك ما يدهشين ‪. ).‬‬ ‫ُ‬ ‫هنا ُ‬ ‫جماهل‬ ‫‪،‬كل شيء باب ‪،‬األبواب املتعددة هي‬ ‫تق���ود إىل قصور احلرية ‪ ،‬ال أعرف متى س��� ُتقفل‬ ‫ُّ‬ ‫كبري‪،‬الحيد إرتفاعه‬ ‫فلما أدخل ؟! ‪ .‬الباب األول‬ ‫ح��� ّْد ‪،‬مزي���ن بنق���وش ذهبي���ة باذخ���ة‪ ،‬تدلت من‬ ‫وس���طه دوائر من الذهب والفض���ة ‪ .‬إنفتح الباب‬ ‫بصرير مزجمر ‪،‬تدافع من الداخل ُ‬ ‫خلق حاش���د‬ ‫‪،‬هب ْت موجةُ‬ ‫‪،‬وقف���وا يف‬ ‫صفوف منتظمة صامتة َّ‬ ‫ٍ‬ ‫ُ‬ ‫طبول‬ ‫ع‬ ‫ق���ر‬ ‫ونس���اء‬ ‫رج���ال‬ ‫أصوات‬ ‫‪،‬‬ ‫اهل���رج‬ ‫م���ن‬ ‫ُ‬ ‫ٍ‬ ‫وصرخ���ات تتعاىل تدرجيياً ‪،‬تق���دَّم ُ‬ ‫ُ‬ ‫رجل عمالق‬ ‫أش���قر ‪،‬حيمل فوق رأسه مبخرة ضخمة يرتفع‬ ‫منه���ا عبق م���ن الدخ���ان العاطر‪ ،‬إرتف���ع اهلياج ‪،‬‬ ‫اجلمي���ع بني تهلي���ل وغن���اء إندفع م���ن الداخل‬ ‫زراف���ات م���ن الفرس���ان ف���وق صه���وات اخلي���ول‬ ‫املطهمة بس���روج وقالئ���د المع���ة ‪ .‬أعقبهم مناد‬ ‫يصرخ ‪ :‬فليدخل اجلميع ‪،‬فليدخل اجلميع وظل‬ ‫يك���رر النداء بال توق���ف ‪ .‬إرتفعت َّ‬ ‫دقات الطبول ‪،‬‬ ‫إندفع���ت اجلم���وع إىل الداخ���ل يف تكاتف عنيف‬ ‫ُ‬ ‫‪،‬ظلل���ت واقفا غ�ي�ر بعي���د أر ُقب املش���هد اخليالي‬ ‫املهي���ب ‪.‬مل يبق أمام الباب الضخم س���واي ‪ .‬تقدم‬ ‫مس���ت احلكيم مبتس���ماً‬ ‫حن���وي ُ‬ ‫ُ‬ ‫رجل عج���وز له‬ ‫‪،‬صافحين ببشاش���ة ‪،‬قال ‪ :‬هل أن���ت ــ برهان ـــ؟ ‪.‬‬ ‫نظرت اليه مبهوتاً‬ ‫ً‬ ‫ووس َع‬ ‫مدهوش���ا‪.‬أطال نظرته َّ‬ ‫إبتسام َته ‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫أجب���ت يف إرتباك ظاهر ‪ :‬نعم ‪ ،‬نع���م ‪ ،‬أنا برهان ‪.‬‬ ‫َ‬ ‫تبس‬ ‫حاولت أن أس���أل ُه ‪ ،‬كي���ف‬ ‫عرفت إمسي ؟‪َّ .‬‬ ‫لساني يف حلقي ‪،‬تقدم حنوي ‪،‬أمسك بيدي‪ ،‬قال‬ ‫بعد أن وض���ع يده على كتفي ‪ :‬حنن ننتظرك ‪،‬‬ ‫هيا أسرع أدخل ‪،‬السادة يف إنتظارك ‪.‬‬

‫ُ‬ ‫فكرت مرتبكاً ‪:‬ماذا ينتظرني يف داخل هذا الكون‬ ‫العم�ل�اق الغريب الرهيب ؟! ‪ .‬دون قرار‪ ،‬وجدتين‬ ‫ُ‬ ‫أحت���رك وراءه ‪ ،‬أنوا ُر‬ ‫مستس���لماً له ‪،‬تقدمين وأنا‬ ‫ُ‬ ‫‪،‬رفعت رأس���ي إىل أعلى ألرى حدود‬ ‫بكل األلوان‬ ‫ُ‬ ‫بدوار ح���اد ‪،‬جل���ت بنظري يف‬ ‫ش���عرت‬ ‫الس���قف ‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫كل اجله���ات ألدرك ح���دود امل���كان ‪،‬إقتادن���ي‬ ‫العجوز من يدي ‪،‬فلق كت ً‬ ‫ال من البش���ر‪ ،‬ش���يوخ‬ ‫وش���باب ‪،‬صف���وف من احلس���ان وصل���ن للتو من‬ ‫رفي���ف اجلن���ان ومحل���ة الطب���ول يقرع���ون م���ا‬ ‫ف���وق صدورهم بال توق���ف ‪ ،‬علية الق���وم يبدون‬ ‫م���ن بعيد عل���ى األرائك تنتش���ر ف���وق صدورهم‬ ‫النياش�ي�ن املزركشة بكل األلوان ‪.‬عطور وخبور‪،‬‬ ‫مل أشعر مبدى املسافة ‪،‬المس رأسي دوا ُر خفيف‬ ‫ً‬ ‫‪.‬عزن���ي العجو ُز مش���جعاً‬ ‫َّ‬ ‫قائ�ل�ا ‪ :‬تقدم ياس���يدنا‬ ‫العظي���م بره���ان هذا ي���و ُم اجلمي���ع حيتفي بك ‪.‬‬ ‫بع���د أن إعتل���ى أمامي درجات ثالث ش���دني إىل‬ ‫أعلى ‪،‬وقف اجلميع مصفق�ي�ن ‪،‬تقدم ُ‬ ‫رجل على‬ ‫تش���ع ترصيعا ُته أنواراً متعددة‬ ‫رأس���ه تاج ضخم ُّ‬ ‫األلوان‪ ،‬أخذني مبتهجابأحضانه ‪ ،‬أجلس�ن�ي على‬ ‫ع���رش فخم ع���ال ‪.‬إنطلقت األناش���يد و تدافعت‬ ‫الراقص���ات احلس���ان ‪ ،‬ترج���رج الوج���ود أمامي ‪،‬‬ ‫صاح���ب التاج وق���ال ضاح���كاً ‪ :‬أه ً‬ ‫ال‬ ‫إلتف���ت إلي‬ ‫ُ‬ ‫ب���ك ألف مرة ياس���يد ـ���ـ برهان ـ���ـ كان وصولك‬ ‫حلم���اً إنتظرنا ُه طوي ً‬ ‫ال هاأن���ت معنا يف هذا اليوم‬ ‫األعظ���م ‪.‬كل البالد وانا على رأس���ها يف س���رور‬ ‫ب���دأ اآلن ول���ن ينته���ي ‪ ،‬كل الن���اس تغ�ن�ي لك ‪،‬‬ ‫وأن���ت تس���تحق أكث���ر م���ن كل ه���ذا ‪،‬تقدمت‬ ‫فرقة من محلة الش���موع امللون���ة ‪،‬طافت بالقاعة‬ ‫اليت الحدود هلا ‪،‬إنطلق الرقص الرقيق ‪ ،‬ش���بات‬ ‫مبالبس ش���فافة و ش���باب عمالقة يتش���كلون يف‬ ‫دوائر ومس���تطيالت مبه���رة ‪.‬تس���لل النعاس اىل‬

‫جفوني املرتعش���ة ‪،‬أيقظين صاح���ب التاج طالبا‬ ‫م�ن�ي أن أنتق���ل مع���ه إىل قاع���ة العش���اء ‪ .‬مل تكن‬ ‫وليم���ة بل كان���ت ‪،‬مل تكن مأدبة ‪،‬كان املش���هد‬ ‫صاعقاً ‪ ،‬كل أصنواع احليوانات صففت مشوية‬ ‫ومطبوخة ‪ ،‬يط���وف حوهلا غلمان وفتايات ‪،‬كل‬ ‫حيمل ما ال ع�ي�ن رأت ‪ ،‬تدفق���ت أرتال اهلواجس‬ ‫اىل رأسي ‪ ،‬الأكاد أمسع أو أرى‪ .‬إقتادتين ُ‬ ‫فاتنة‬ ‫ذات مجال صاعق اىل بهو فس���يح ‪،‬إنعطفت حنو‬ ‫ممر طويل ‪،‬فتحت باباً ضخما مبساعدة ديدبان‬ ‫ُ‬ ‫يتمنط���ق بس���يف ذهيب ‪ ،‬تقدم���ت الفاتنة أمامي‬ ‫‪،‬بعد إجتياز ممر صغري ‪ ،‬ما حنن أمام قوس عال‬ ‫مزخ���رف بصور زاهية ‪،‬طافت ب���ي بني اجلداول‬ ‫الزاهية ‪،‬كل أزهار الكون توالدت وكربت هنا‪.‬‬ ‫عربن���ا اجلداول إىل باب مس���تدير ‪ ،‬وقفت عجوز‬ ‫س���وداء ضخمة تتدىل من رقبته���ا متائم طويلة‬ ‫‪ ،‬عيونه���ا مح���راء ‪،‬فيه���ا ن���ا ُر تنذر بش���يء ‪ .‬هفت‬ ‫رغب���ة أن أحتدث اليها ‪،‬لك���ن خوف خافت َّ‬ ‫ُ‬ ‫دق يف‬ ‫الدخائل ‪ ،‬أسكت ‪،‬أستمع وأصمت ‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ضجة‬ ‫عربنا طريقاً خمضباً بكل لون فريد ‪.‬علت‬ ‫فيها حالوة اصوات النس���اء ‪،‬فجأ ًة س���كنت ‪ ،‬هدوء‬ ‫ناع���س رائ���ق ‪ ،‬فت���ا ُة صغ�ي�رة تقدمت ‪،‬أمس���كت‬ ‫بي���دي ‪ ،‬قبلتها ‪ ،‬مل ترتكه���ا وأخذتين إىل غرفة‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫موجات من‬ ‫تنبعت منه‬ ‫صغرية‪ ،‬بها محام فس���يح‬ ‫فحيح من نور مراوغ‬ ‫فيضان���ات العطر ‪،‬ينس���اب‬ ‫ُ‬ ‫‪ ،‬طاف طيف من السخونة يغازل ‪.‬ذهبت الفاتنة‬ ‫اللذيذة ‪َّ .‬‬ ‫ُ‬ ‫صمت وهدوء ‪.‬‬ ‫حل‬ ‫اشتعل ضوء أمح ُر ‪ ،‬فاحت موسيقى مثرية ‪،‬طفح‬ ‫ُ‬ ‫نفس حنان ‪،‬‬ ‫عط ُر‬ ‫شفاف جنس���ي ‪ ،‬جاس باملكان ُ‬ ‫ُ‬ ‫أحسست بريح هوى ‪،‬إنبعات خيوط عشق ‪ ،‬روائح‬ ‫إقرتاب من كيان���ات إنثوية ‪،‬حلقت أوهامي بني‬ ‫غيب غريم ‪ ،‬ومقرتب م�ن�ي يالمس مابني الروح‬

‫ُ‬ ‫حلق���ت قلقاً يف‬ ‫والغي���اب‪ .‬غيب�ن�ي ال���روع هنيهة ‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫فض���اء م���ن هجس ح���ادس‪ ،‬رأي���ت ماب�ي�ن عيين‬ ‫وبيين ‪ُ ،‬‬ ‫فلقات من أضواء وظلمات ‪ ،‬تواشيح‬ ‫رأيت‬ ‫ٍ‬ ‫ُ‬ ‫أفاويق شوق‬ ‫تغييب غامضة ‪ ،‬والواح ُخ َّط فوقها‬ ‫صام���ت ‪ ،‬حاول���ت إن أرى م���ا أرى ‪،‬لك���ن العي���ون‬ ‫كانت رقاقة طيف باهت ‪.‬‬ ‫دلف يف مس���حة س���كون وغبار ضياء ‪ ،‬سدنة من‬ ‫األش���داء ‪ ،‬ابتس���م أوهل���م ‪ ،‬ق���ال ‪ :‬س���يدي بره���ان‬ ‫‪،‬لنذهب إىل ــ الس���درة ـ العلي���ا ‪ ،‬هناك تنتظرك(‬ ‫اهلائجات )‪ُ .‬‬ ‫قل���ت وما اهلائجات ؟‪ .‬قال ‪ :‬حو ُر هلن‬


‫‪)2012‬‬ ‫يوليو‬ ‫يونيو‪/‬‬ ‫‪ 26( -( )59‬ـ‬‫الثانية‬ ‫السنة السنة‬ ‫‪)2013‬‬ ‫نوفمبر‬ ‫‪18-2‬‬ ‫‪- 12‬‬ ‫العدد‪131‬‬ ‫العدد (‬ ‫الثالثة ‪-‬‬

‫رحب ‪،‬فخمُ تعلو أرجاءه متاثيل‬ ‫بيت النار مسرح روماني ُ‬ ‫ضخم��ة باس��قة ‪،‬تتعاىل الش��عالت من ركن ‪ ،‬ش��عالت‬ ‫يغالب األمحر ‪،‬‬ ‫تتداخ��ل فيها األلوان وتنفتل ‪،‬األس��و ُد‬ ‫ُ‬ ‫واألصفر يدافعهما‬ ‫ُ‬ ‫أجنح���ة ‪ ،‬هلن أفخ���اد من جنس النوارس ‪ ،‬وج���وه من مالئكة‬ ‫َّ‬ ‫‪،‬فروج من األنوار والنريان من وطأهن غش���اه مس���لك املس���ك‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫اعتلى غمامات اللذه ‪ ،‬استوى على صرح الشبق ‪.‬‬ ‫تس���ابقت األوهام ‪ ،‬وتدافعت ضربات األنس���ام الساخنة ُ‬ ‫‪.‬قلت ‪:‬‬ ‫أصرب كي ترى ما بعد ضربات الروع ‪َّ .‬‬ ‫حل ظال ُم صامتُ‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫من���ت ‪،‬إىل مت���ى ؟ ‪ .‬ه���ل ه���و الصب���اح ؟ ‪ .‬ت�ل�أأل ن���ور ذه�ب�ي‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫حتم���ل أطباق‬ ‫فجرية هامس���ة ‪ ،‬هذه‬ ‫صاعق‪،‬ج���اءت أص���وات‬ ‫م���ن أصناف احللويات ‪،‬وتلك بني يديها دنان املش���روبات‪َّ .‬‬ ‫هن‬ ‫َّ‬ ‫للرش���ف والتقبيل ‪ ،‬ويف الوجوه‬ ‫مال���ذ وطاب ‪،‬يف عيونهن نداء‬ ‫ِ‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫صرخة احلي���اة ‪،‬ق َ‬ ‫متطأت تلذذا ‪،‬‬ ‫‪:‬ع ْم صباحا أيها اللذي���ذ ‪.‬‬ ‫لن ِ‬ ‫وحب���وراً‪ْ ،‬‬ ‫قالت اجلارية األوىل ‪ :‬ياس���يدنا ــ بره���ان ـ حان وقت‬ ‫غس���لك األول املقدس ‪ ،‬بعد أن تكرمنا بتناول إفطارك املبارك‬ ‫س���نرافقك إىل حمف���ل التقدي���س األول ‪ .‬غطان���ي الوج���وم ‪. ،‬‬ ‫ُ‬ ‫سبحت يف ما ٍء من الغرائب احلارة ‪.‬‬ ‫احملفل ! املقدس ! األول ! ‪.‬‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫أج���ش ‪ ،‬إق�ت�رب ‪ ،‬إق�ت�رب ‪ ،‬هو‬ ‫ص���وت‬ ‫غاب���ت الرائع���ات ‪ .‬ج���اء‬ ‫الش���يخ احلكي���م ال���ذي أدخلين القص���ر يف امل���رة األوىل ‪ ،‬قال ‪:‬‬ ‫عمت صباحاً يا نور النور ‪ ،‬س���يدنا يري��� ُد أن يصطبح برؤيتك‬ ‫‪ ،‬ومن بعده س���تكون ملكتنا بني يديك املقدسة ‪ ،‬تطلب رضاك‬ ‫ورفقت���ك ‪،‬لك���ن قبلهما ‪ ،‬س���تأتيك ـ���ـ الفاهمة ــ س���تقرأ عليك‬ ‫كتاب���ك ‪ ،‬كتاب���ك أن���ت ‪ ،‬كتاب ـ���ـ الربه���ان ــ الكت���اب الذي‬ ‫سرييك جوهر برهانك ‪ ،‬وضوء عرفانك ‪.‬‬ ‫س���كت ُ‬ ‫ُّ‬ ‫‪،‬قلت يف نفس���ي املرجتفة ‪ ،‬ما قصة بره���ان ؟! وكيف‬ ‫ُ‬ ‫كذبت على نفس���ي وعليهم ‪ ،‬كيف إستسلمت إلسم ـ برهان‬ ‫ُ‬ ‫صمت ‪.‬‬ ‫أجراس ‪،‬عزفت بعدها موسيقى راقصة ‪.‬‬ ‫ـ؟!‪.‬قرعت‬ ‫ُ‬ ‫دخل���ت ‪ .‬قال���ت ‪ :‬أن���ا خادمت���ك ـ الفاهم���ة ـ س���أكون معك يف‬ ‫طريقك القدري إىل ش���عاع ملكتنا الرائع���ة أمجل من خطت‬ ‫ُ‬ ‫أع���ددت لكما مايلق جباللتها‬ ‫قدم���اه فوق تراب األرض ‪ ،‬لقد‬ ‫وبقدسيتك ‪.‬‬ ‫أخذت�ن�ي ـ الفاهمة ــ إىل ردهة فارهة ‪ ،‬عربنا إىل منتزه غناء ‪،‬‬ ‫قالت ‪ :‬هنا بيت احلياة األوىل اليدخله َّ‬ ‫إال من هم أولياء احلب‬ ‫والل���ذة ‪ ،‬امللك وامللكة ‪ ،‬واألصفياء وه���م قلة‪ ،‬أنت الثاني الذي‬ ‫يغشى هذا املكان األوحد ‪.‬‬ ‫دخل���ت س���يدة الوج���ود ‪ ،‬احلس���ن يس���بقها وامج���ال يلحقها ‪،‬‬ ‫وجهه���ا فلقة ن���ور ‪ ،‬قامتها إنف���راد الفرد‪ ،‬عيونها ليل يس���كن‬

‫عرش النظرات وش���عرها األس���ود ينسدل إىل الرتائب ‪ ،‬اجلان‬ ‫يهتز من النظر إليها‪ .‬شرعت عن بسمة تغزو الكيان ‪ .‬تقدمت‬ ‫قبلتين بهدوء وعظمة ملكية ش���اخمة متذلل���ة ‪ ،‬قالت ‪:‬أخرياً‬ ‫هاأنا وأنت حتت س���قف واح���د ‪ ،‬مل أكن أصدق املنجمني قبل‬ ‫ه���ذا ‪،‬لكن�ن�ي اآلن يف قبضتهم مثلما أنت يف ب���اح قليب ‪ ،‬أنا لك‬ ‫اآلن قب���ل أن أكون للملك ‪ .‬ضربت جرس���اً دخل���ت الفاهمة ‪،‬‬ ‫نظرت هلا إحننت ‪،‬خرجت بعد قليل ‪ ،‬قالت ‪ :‬موالتي ‪ ،‬الرحيق‬ ‫ُ ينتظركما ‪.‬‬ ‫أخذت�ن�ي امللكة اىل مح���ام الرحيق ‪،‬حوض مس���تدير منقوش‬ ‫ْ‬ ‫‪،‬تقدمت تبادانا ـ الفاهمة ــ خلعت مالبس‬ ‫باآلل���ي وماء الذهب‬ ‫امللكة بهدوء مالئكي ‪ ،‬تقدمت حنوى عرتين حبيوية س���ريعة‬ ‫‪ ،‬تدرجنا اىل حوض الرحيق ‪ ،‬السائل ينضح بكثافة املاء اللزج‬ ‫بتساؤالت ُّ‬ ‫ُ‬ ‫يدق يف ومضها‬ ‫تفيض‬ ‫نظرات‬ ‫األسطوري ‪ ،‬تبادلنا‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫الليل‪،‬‬ ‫ة‬ ‫هدأ‬ ‫على‬ ‫إستولينا‬ ‫‪.‬‬ ‫يف‬ ‫وسبحت‬ ‫فيها‬ ‫‪.‬غصت‬ ‫شبق طاغ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫قدح َ‬ ‫ُ‬ ‫برق‬ ‫صارت حادي قافلة اجلس���دين ‪،‬إنتف���ض‬ ‫الرحيق ‪َ ،‬‬ ‫اللي���ل ال يغ�ن�ي نفس���ه َّ‬ ‫ُ‬ ‫إال إذا قرعت‬ ‫األحي���ان ‪ ،‬قال���ت امللك���ة ‪:‬‬ ‫األجسا ُد نواقيسها‪ ،‬و نفخت مزامري غواياتها ‪.‬‬ ‫يف الفج���ر ج���اءت ــ ألفاهم���ة ـــ ‪ ،‬مدت يده���ا إىل امللكة‪،‬لفعتها‬ ‫مبألة من القطن املنفوش ‪ .‬بعدها تقدمت حنوي ‪ ،‬شدتين إىل‬ ‫أعلى ‪ ،‬قالت ‪ :‬حان ُ‬ ‫وقت الرحلة ‪.‬‬ ‫ً‬ ‫بقين���ا على هذا احلال ‪،‬س���بعني يوم���ا ‪ .‬كان امللك يغتس���ل يف‬ ‫حوض الرحيق بعد مغادرتنا للحوض‪.‬‬ ‫امللك���ة ال تفتح فمها َّ‬ ‫ً‬ ‫قلي�ل�ا ‪ ،‬القلق يعتمل يف أعطافها ‪،‬أرى‬ ‫إال‬ ‫ً‬ ‫عاصفة تلد أخرى ‪،‬مل تسأل عن شيء ومل أسأل ‪.‬‬ ‫يف عيونها‬ ‫ُض ُ‬ ‫ع���ت يف غرف���ة صغ�ي�رة مظلم���ة ‪،‬ال أرى وال أمس���ع ‪ .‬بعد‬ ‫وِ‬ ‫س���بعني يوما ق���رع باب الزنزان���ة بقوة ‪ ،‬ثم فت���ح الباب ‪ ،‬قالت‬ ‫الفاهمة ــ ‪ :‬س���يد بره���ان ‪ ،‬تعال معي ‪ ،‬املنجم���ون مجيعهم يف‬ ‫بيت ـ النار ـ ‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫نظ���رت إىل أط���رايف ‪ ،‬ه���ذه ه���ي امل���رة األوىل التى ي���دي منذ‬ ‫أكثر من ش���هرين ‪،‬أتيقن اآلن أن قدمي مازالت بهما أصابع‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫إرتعبت ‪،‬غابة من الش���عر تتدىل‬ ‫وضع���ت يدي على صدري ‪،‬‬ ‫‪.‬‬ ‫ف���وق صدري ‪،‬إنها حلييت اليت زرعتها بذور الظالم وأطالتها‬ ‫أمس���د ُة الص�ب�ر اإلجب���اري يف أحيان تل���ك الزنزان���ة ‪،‬زنزانة ــ‬ ‫الفاهمةـــ ‪.‬‬ ‫رحب ‪،‬فخمُ تعل���و أرجاءه متاثيل‬ ‫بيت النار مس���رح رومان���ي ُ‬ ‫ضخمة باس���قة ‪،‬تتعاىل الشعالت من ركن ‪ ،‬شعالت تتداخل‬ ‫يغال���ب األمح���ر ‪ ،‬واألصف���ر‬ ‫فيه���ا األل���وان وتنفت���ل ‪،‬األس���و ُد‬ ‫ُ‬ ‫يدافعهما ‪.‬‬ ‫إنتشب روعي يف معصرة األلوان العليا‪ ،‬بصري اآلن غثاء ‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫رأي���ت اعجوز الذي أدخلين أدخلين إىل هذه الدنيا ‪ ،‬تتدىل من‬ ‫ُ‬ ‫رقبته سالس���ل إمتألت أطرافها حببات من الكائنات الصغرية‬ ‫‪ ،‬م���ن الودع واألحجار ‪،‬تقف إىل جانبه ــ الفاهمة ــ ‪.‬دخل امللك‬ ‫وامللكة ‪ ،‬سكون ‪ ،‬سكوت ‪.‬‬ ‫ق���ال املنج���م األكرب ‪ :‬ي���ا برهان ‪ ،‬لق���د لعنك الرحي���ق ‪ .‬اآلن‬ ‫سيباركك الدم‪ .‬لقد إغتس���ل امللك وامللكة مباء الرحيق الذي‬ ‫س���بحت فيه مع امللكة عشرة أس���ابيع ‪،‬لكنها مل حتمل بطفل ‪.‬‬ ‫ستس���بح مع امللك يف دمك عش���رة أُخر ‪ .‬بارك اهلل امللك وامللكة‬ ‫ُ‬ ‫عمالق صدره‬ ‫السياف ‪،‬‬ ‫ولي للعهد ‪.‬تقدم َّ‬ ‫ليكن هلما من دمك ُ‬ ‫ُ‬ ‫جبل وس���واعده جذوع شجر إستدارت حول نفسها ‪ .‬صرخت ‪:‬‬ ‫أنا ُ‬ ‫لست ــ برهان ‪ ،‬أنا إمسي احلقيقي ــ برهيام ــ ‪.‬ضحك كبري‬ ‫املنجمني ‪ .‬أشار بيده للسياف ‪ :‬تقدم إقطع الرأس السيف أىل‬ ‫ُ‬ ‫إستيقظت من النوم‪.‬‬ ‫شاهق‪ ،‬هوى بيده على رقبيت ‪،‬‬ ‫علو‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬

‫‪13‬‬ ‫بقية عاشق‬ ‫حممد املزوغي‬

‫عاشق‬ ‫أجر معي بقية‬ ‫آت ُّ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫هو كل ما قد َّ‬ ‫ظل يف مرآتي‬ ‫بالص ْم ِت‬ ‫متدثرا ّ‬ ‫تصحو غيم ٌة‬ ‫َّ‬ ‫فتستبيح صالتي‬ ‫ناظري‬ ‫يف‬ ‫ُ‬ ‫إلي‬ ‫ال أين لي يفضي َّ‬ ‫كأمنا‬ ‫هذي اجلهات ُّ‬ ‫الست‬ ‫خلف جهاتي‬ ‫كتفي تغفو جنمةٌ‬ ‫آت على‬ ‫ّ‬ ‫كم سامرت خطوي‬ ‫بدرب شتاتي‬ ‫ال نا ُر ليلى ْ‬ ‫آنست ليلي‬ ‫وال َ‬ ‫كليمه يف ذاتي‬ ‫اخلطاب‬ ‫وجد‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ليلى َ‬ ‫تباعد دربُها‬ ‫ُ‬ ‫السوى‬ ‫ْأم أنين‬ ‫درب ِّ‬ ‫ضيعت يف ِ‬ ‫ُخطواتي‬ ‫ْأم ْ‬ ‫هل نستين دا ُرها‬ ‫فأنا الذي‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫جدارها قبالتي‬ ‫علقت فوق ِ‬ ‫التنكري صميت‬ ‫بالغة‬ ‫فرب‬ ‫َّ‬ ‫ٍ‬ ‫الكلمات‬ ‫مت تستعصي على‬ ‫يف ّ‬ ‫ِ‬ ‫الص ِ‬ ‫ملح البحار مجيعها‬ ‫يف دمعة‬ ‫سقطت وكل العمر يف حلظات‬ ‫ُ‬ ‫ماجئت ألقي على اجلياع‬ ‫مواعظا‬ ‫واخلب ُز يَلعنين بغري ِع َظاة‬ ‫ما الشع ُر إ ّ‬ ‫ً‬ ‫ال أن َ‬ ‫جنمة‬ ‫تعلق‬ ‫الليل‬ ‫يف ِ‬ ‫الصباح فيأتي‬ ‫أو تدعو‬ ‫َ‬ ‫إن مل ي ْ‬ ‫َ‬ ‫خلطوك‬ ‫َكن أث ٌر‬ ‫مزهر‬ ‫الطرقات‬ ‫ماجدوى أن متشي على‬ ‫ِ‬


‫‪14‬‬

‫‪)2013‬‬ ‫نوفمبر‬ ‫‪) 131‬‬ ‫العدد (‬ ‫الثالثة ‪-‬‬ ‫‪)2013‬‬ ‫نوفمبر‬ ‫‪18 -18‬‬ ‫‪12- (12‬‬ ‫‪- )( -131‬‬ ‫العدد (‬ ‫الثالثة ‪-‬‬ ‫السنةالسنة‬

‫حممد ا‬

‫لز‬ ‫واوي‬

‫الزواوي ‪ :‬شاهد املهزلة اإلنسانية من وراء حجاب‬ ‫جيس���د ش���اهد اجمله���ول الذي يراقب فصول املهزلة م���ن وراء حجاب ‪ .‬فهو ليس كاهن املرحلة وحس���ب ‪،‬‬ ‫كأ ّني بالزواوي ّ‬ ‫فمن ِمن جيلنا يستطيع أن ينسى شخصية مثل “كاوكي” أو الدمية األمريكية األخرى “لون‬ ‫ولكنه حكيم الزمان أيضاً ‪َ .‬‬ ‫ن���ول” ؟ إ ّنهم���ا دميتان هلما حضور يف حول ّيات الزواوي املؤ ّرخ رغم غيابهما من ذاكرة جيل تلك األعوام ‪ ،‬فكيف جبيل هذه‬ ‫األيام ؟‬ ‫فصاحب هذا البيان مل يكن ليستعيد ذكراهما اليوم لو مل ختّلدهما أسفار الزواوي يف رسوم األمس ‪ ،‬ألنه ش ّرفها يوم سخر‬ ‫منهم���ا ! وه���ذه مفارقة مل يكونوا ليتخ ّيلوها يف وجودهم السياس���ي املبتذل املصاب بعماء األضواء يوم ظ ّنوا أنفس���هم أبطال‬ ‫“العامل احل ّر” الذي يقاوم س���رطان العصر الش���يوعي الذي يكتس���ح جنوب شرق آس���يا ‪ ،‬حتديداً يف فيتنام وكمبوديا ‪ .‬ومل‬ ‫إنسان كان مغموراً‬ ‫يكن ليدري ٌّ‬ ‫أي منهما أنهما س���يجدان نفس���يهما يوماً وقد غ ّيبهما النسيان لو مل جيدا الطريق إىل منت‬ ‫ٍ‬ ‫يف دنياهما مبوقفه النقدي منهما ‪.‬‬ ‫ففي منتصف الس���تينيات م���ن القرن املاضي‬ ‫كانت الصفحة األخرية من جريدة "امليدان"‬ ‫مبثاب���ة صحيفة ال���زواوي اليت يع��� ّري فيها‬ ‫وجيسد فيها رؤاه النقدية من‬ ‫س��� ّيئات العامل‬ ‫ّ‬ ‫موقع ش���اهد العي���ان على مس���رحية الزمان‬ ‫ال�ت�ي مل تكن فصوهل���ا لتنال قب���و ً‬ ‫ال لوال روح‬ ‫الس���خرية ال�ت�ي تناوهلا بها فرس���ان الوجدان‬ ‫اإلنساني أمثال الزواوي ‪.‬‬ ‫وإذا كان���ت الذاك���رة قد خذلت�ن�ي كثرياً ‪،‬‬ ‫ولك���ن مامل أنس���ه ه���و لوحت���ه الكاريكاتريية‬ ‫التارخيي���ة عن اإلمرباطور اللييب الذي تربّع‬ ‫يوم���اً عل���ى ع���رش الع���امل يف روم���ا القدمية‬ ‫سبتيموس س���فريوس ليخّلد الزواوي حدثاً‬ ‫إس���تثنائياً يف تاريخ ليبيا كان س ُينس���ى لوال‬ ‫ريش���ة هذا الفنان ‪ .‬كانت هزمية ‪ 1967‬قد‬ ‫أش���علت الن���ار يف طرابلس بفع���ل املظاهرات‬ ‫لتحتج على نبأ خمت َلق‬ ‫الغاضبة اليت خرجت‬ ‫ّ‬

‫م���ؤدّاه قي���ام طائ���رات حربي���ة م���ن قاعدتي‬ ‫"هويل���س" و"الع���دم" بقص���ف اجلي���وش على‬ ‫اجلبه���ة املصري���ة ‪ .‬وهي أكذوب���ة إعالمية‬ ‫لتربير اهلزمية املوجعة فحس���ب كما إتضح‬ ‫فيم���ا بع���د ‪ .‬ولك���ن الع���وام إس���تجابوا للنداء‬ ‫فخرجوا ليش���علوا النريان يف عاصمة بالدهم‬ ‫وليقطعوا من أرضهم دابر املّلة اليهودية اليت‬ ‫ال ذن���ب هلا إ ّ‬ ‫ال اإلنتماء إىل هذا العرق ‪ .‬مجوع‬ ‫تكتف باإلقتص���اص من يهو ٍد هم‬ ‫الغوغ���اء مل ِ‬ ‫ً‬ ‫أص�ل�ا مواطنون ليب ّيون منذ م���ا قبل التاريخ‬ ‫دم���روا احملالت التجارية اململوكة‬ ‫‪ ،‬ولكنهم ّ‬ ‫لليبي�ي�ن أيض���اً بع���د أن أحرق���وا ممتل���كات‬ ‫اليه���ود مب���ا يف ذل���ك بيوتهم ‪ ،‬بعد أن س���قط‬ ‫منه���م ضحاي���ا كث�ي�رة ‪ ،‬ليب���دأوا خروجهم‬ ‫الثان���ي الكبري بعد خروجه���م املاقبل تارخيي‬ ‫م���ن أرض مصر مع ف���رق جوه���ري وهو أن‬ ‫اخل���روج األول للخ�ل�اص م���ن العبودي���ة ‪،‬‬

‫واخلروج الثاني فرار إضطراري من املوت !‬ ‫يف تل���ك التجرب���ة ع���رف اجملتم���ع اللي�ب�ي‬ ‫البس���يط (احلدي���ث العه���د بأوبئ���ة التقاليد‬ ‫العمراني���ة) معن���ى أن يتح��� ّرر اإلنس���ان من‬ ‫العقل ل ُتهيم���ن فيه الغري���زة احليوانية اليت‬ ‫ال تقف عند اإلس���اءة لألغي���ار ‪ ،‬ولك ّنها تلحق‬ ‫الضرر بنفسها أيضاً ما أن تغرتب عن ناموس‬ ‫احلض���ارة لتس���تعيد روح القطي���ع ‪ .‬ومل جيد‬ ‫الليبيون الع��� ّزل ما يدافعون به عن أنفس���هم‬ ‫ملواجه���ة هذه ال���روح اهلمجية س���وى النزول‬ ‫س�ل�اح ال‬ ‫إىل الش���وارع ‪ ،‬ال لردع الغوغاء بق ّوة‬ ‫ٍ‬ ‫ميلكونه ‪ ،‬ولكن بالس���بيل الوحي���د املتاح لكي‬ ‫يعيدهم إىل صوابهم ويوقظ فيهم اإلحساس‬ ‫بإنس���ان ّيتهم ‪ :‬س���بيل ترمجته عب���ارة صارت‬ ‫تقليدي���ة يف ق ّيامة تلك التجربة لن ينس���اها‬ ‫كل م���ن عاش تلك األيام وه���ي الكتابة على‬ ‫بوابات احملالت التجاري���ة ‪ ،‬وعلى أبوا البيوت‬

‫إبراهيم الكوني‬ ‫الس���كنية عب���ارة ‪" :‬عرب���ي مس���لم" ككلم���ة‬ ‫س��� ّر قادرة على قمع روح الع���دوان يف نفوس‬ ‫الدهماء ‪ .‬إنها إستجارة بلهاء باهلوية العرقية‬ ‫أو ً‬ ‫ث���م باهلوية الدينية ثانياً ‪ ،‬لترتجم روح‬ ‫ال ‪ّ ،‬‬ ‫متسامح متعدّد األعراق تع ّرض‬ ‫مسامل‬ ‫شعب‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫تعصب ال عهد له‬ ‫فجأة هلجمة همج ّية م���ن ّ‬ ‫ب���ه قبل ذل���ك الي���وم ‪ ،‬دون أن نتخ ّيل أيضاً أن‬ ‫ما خفي بشأن هذا الورم كان أعظم ‪ ،‬ألن ما‬ ‫س���تج ّره هذه العقيدة الش���وفينية على ب ُْن َية‬ ‫ه���ذا اجملتمع الروحية بع���د ‪ 1969‬هو نزيف‬ ‫س���خي سيس���تدعي جراح���ة دموي���ة‬ ‫روح���ي‬ ‫ّ‬ ‫طويلة األجل كي يشفى منه !‬ ‫فعقب تلك األح���داث الدامية زرت احلاضرة‬ ‫م���راراً ‪ .‬كن���ت أس���عى يف ش���وارع طرابل���س‬ ‫األنيق���ة ‪ ،‬وأجت��� ّول يف األز ّق���ة اخللفي���ة‬ ‫احلميم���ة ّ‬ ‫املعط���رة دوم���اً بروائ���ح التواب���ل‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫مش���فوعة‬ ‫وال�ب�ن والطعوم الش���عبية اللذيذة‬


‫‪)2012‬‬ ‫يوليو‬ ‫يونيو‪/‬‬ ‫‪ 26( -( )59‬ـ‬‫الثانية‬ ‫السنة السنة‬ ‫‪)2013‬‬ ‫نوفمبر‬ ‫‪18-2‬‬ ‫‪- 12‬‬ ‫العدد‪131‬‬ ‫العدد (‬ ‫الثالثة ‪-‬‬

‫‪15‬‬

‫األغلبي��ة م��ن جيل هذا الزمان لن تص� ّ‬ ‫�دق أن هذا الرمز الوطين بصيته اإلنس��اني‬ ‫العاملي كاد يهلك بالفعل بأيدي الغوغاء يف محلة من محالت تلك األيام‬ ‫بتلك الرائحة الغامض���ة املبثوثة يف رطوبات حبرنا‬ ‫الرومانسي عندما تتغلغل يف شرايني جدران املدينة‬ ‫القدمية الوف ّية لتقاليدها ‪ ،‬والفخورة بإرث السلف ‪،‬‬ ‫واجلرحية بسبب نكبة اهلجمة األخرية اليت كانت‬ ‫بصم���ة "عربي مس���لم" تس���كن جدرانه���ا كوصمة‬ ‫التعصب مل‬ ‫الع���ار ال�ت�ي ال تريد أن تعرتف به���ا ‪ ،‬ألن‬ ‫ّ‬ ‫يكن يوماً من ش���يمها ‪ .‬وها هي ريش���ة حكيم الزمان‬ ‫ً‬ ‫مس���تخدمة س�ل�اح‬ ‫ته���رع لنجدته���ا ف ُتدي���ن املُن َك���ر‬ ‫ّ‬ ‫إختط الزواوي ً‬ ‫لوحة مازالت حتيا‬ ‫الس���خرية ‪ .‬لقد‬ ‫يف ذاكرتي بعد مرور ما يقرب النصف قرن ‪ :‬لوحة‬ ‫عبرّ ت بعمق فلسفي جمبول ب َن َفس تراجيدي كان‬ ‫دوم���اً نقطة الق ّوة يف ّ‬ ‫فمن ِم ْن جيلنا‬ ‫فن هذا الفنان ‪َ .‬‬ ‫يس���تطيع أن ينس���ى كيف ن���زل إمرباط���ور العامل‬ ‫ع���رش نصب���ه املنتصب يف‬ ‫القدي���م س���فريوس م���ن‬ ‫ٍ‬ ‫ّ‬ ‫ليختط متيم���ة تلك األيام‬ ‫مدخل املدين���ة القدمية‬ ‫املبثوث���ة يف كلمتني إثنت�ي�ن ‪" :‬عربي مس���لم" عّلها‬ ‫جتريه من هوس اهلمج ؟‬ ‫ّ‬ ‫يس���مون إنكار الرم���وز الوطنية‬ ‫جت���ار األيديولوجيا ّ‬ ‫ً‬ ‫يقظ���ة قومي���ة بالطبع ‪ ،‬ولكن ص���وت احلكمة الذي‬ ‫تعصب���اً وعم ً‬ ‫ال‬ ‫يس���كن أمث���ال ال���زواوي‬ ‫سيس���مونه ّ‬ ‫ّ‬ ‫همج ّي���اً وهم الذين إعتادوا أن يس���بحوا ض��� ّد الت ّيار‬ ‫بتس���مية األش���ياء بأمسائه���ا ‪ .‬فه���ل كان إس���تنزال‬ ‫رم���ز وطين قدي���م يف مقام س���بتيموس س���فريوس‬ ‫من مقامه يف األعالي ليس���تجري بتعويذة تلك األيام‬ ‫ً‬ ‫مبالغة من عمل خميال الشعراء ؟‬ ‫األغلبي���ة من جي���ل هذا الزم���ان لن تص���دّق أن هذا‬ ‫الرمز الوط�ن�ي بصيته اإلنس���اني العاملي كاد يهلك‬ ‫بالفع���ل بأيدي الغوغ���اء يف محلة م���ن محالت تلك‬ ‫األيام ‪ .‬ولوال ّ‬ ‫ٌ‬ ‫مس���كون‬ ‫بس���يط ‪ ،‬ولك ّنه‬ ‫إنس���ان‬ ‫تدخل‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ح���ب الوطن ‪ ،‬ل���زال من‬ ‫عظي���م‬ ‫بقل���ب‬ ‫مص���اب بداء ّ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫مدخل املدين���ة ذلك التمثال ـ الرم���ز ـ الذي ينتصب‬ ‫واجملس���د‬ ‫هن���ا كأنه احلارس لروح املدينة القدمية‬ ‫ّ‬ ‫جمل���د تاريخ ه���ذا الوط���ن ‪ .‬فقد روى لي أحد ش���هود‬ ‫العي���ان يف قيامة تلك األي���ام كيف هجمت اجلموع‬ ‫ً‬ ‫مدفوع���ة باجلهل‬ ‫عل���ى التمث���ال بن ّي���ة البطش ب���ه‬ ‫وحبم���ى روح القطي���ع ‪ ،‬لو مل يهرع م���ؤ ّرخ متواضع‬ ‫ّ‬ ‫إمسه حممد مس���عود فش���يكة لنجدة الرمز صائحاً‬ ‫بأعلى صوت ‪" :‬لييب ! لييب ! س���بتيموس س���فريوس‬ ‫يكتف هذا البطل بندائه ‪،‬‬ ‫لييب وليس نصرانيا !" ‪ .‬مل ِ‬ ‫ولك ّنه ألقى بنفسه على النصب ليحتضن التمثال !‬ ‫هذا املوق���ف البطولي أهلم ال���زواوي لوحته اخلالدة‬ ‫إمرباط���ور إس���تطاع أن حيكم الع���امل كّله من‬ ‫ع���ن‬ ‫ٍ‬ ‫موقعه يف روما القدمية ‪ ،‬ولكنه مل جيد ما يدافع به‬ ‫عن نفس���ه زمن إنفالت الغرائ���ز من عقال العقل إ ّ‬ ‫ال‬ ‫اإلس���تجارة بعبارة "عربي مس���لم" وهو الذي إنتمى‬ ‫زمن س���بق وفود‬ ‫هلذا الوطن بهويّة وطن ّية ليبية يف ٍ‬ ‫وطن تعدّدت فيه امللل ‪ ،‬وس���بق‬ ‫اهلوية العروبية على ٍ‬ ‫وطن تعدّدت‬ ‫عل���ى‬ ‫اإلس�ل�امية‬ ‫وفود اهلوية الدينية‬ ‫ٍ‬ ‫فيه ال ّنحل ‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫لق���د ترج���م الفن���ان حممد ال���زواوي موق���ف املؤ ّرخ‬ ‫اجملهول حممد مسعود فشيكة يف رسالة مشرتكة‬ ‫روحيهم���ا يف كلمة اإلدان���ة ض ّد روح‬ ‫زاوج���ت ب�ي�ن َ‬ ‫التعصب ‪ ،‬إنتصاراً لروح التسامح يف عالقة اإلنسان‬ ‫ّ‬ ‫بأخيه اإلنس���ان كإنسان ‪ ،‬وليس كعرق أو كدين‬ ‫‪ ،‬وهو ما ح ّثت عليه ّ‬ ‫كل الديانات مبا يف ذلك الدين‬ ‫اإلسالمي !‬


‫‪16‬‬

‫السنة الثالثة ‪ -‬العدد ( ‪ 18 - 12 ( - ) 131‬نوفمبر ‪)2013‬‬

‫و الفجر‬

‫عبد الكريم اهلاللي‬ ‫‪ 1‬من ‪2‬‬ ‫فالس���ورة تتح���دث عن وج���ود ازمة جفاف‬ ‫يف املنطق���ة و ان هن���اك عارض���ا متجها حنو‬ ‫اوديته���م فاعتقدوا انه املاء الذي س���وف حيل‬ ‫هل���م املش���كلة و لك���ن الواق���ع كان غري ذلك‬ ‫فق���د كان الع���ارض بداي���ة الع���ذاب ال���ذي‬ ‫متث���ل يف ريح صرصر اس���تمرت س���بع ليال‬ ‫و ه���ذه الري���ح الصرص���ر او العقي���م و ال�ت�ي‬ ‫متثل املرحلة االوىل من عذاب عاد اشار اليها‬ ‫القران يف ع���دة مواضع منه���ا االية رقم ‪19‬‬ ‫من س���ورة القمر و االية رقم ‪ 16‬من س���ورة‬ ‫فصل���ت و االي���ة ‪ 24‬م���ن س���ورة االحقاف و‬ ‫االي���ة ‪ 41‬من س���ورة الذاري���ات و اخريا االية‬ ‫رقم ‪ 6‬من سورة احلاقة‪.‬‬ ‫بعد هذه الريح اليت استمرت سبع ليال جاءت‬ ‫مرحل���ة ما بع���د الري���ح او الن���وع الثاني من‬ ‫العذاب ففي سورة املؤمنون و هي على الرغم‬ ‫م���ن انه���ا مل تذكر اس���م عاد و ال اس���م هود‬ ‫الذي ارسل اليهم و لكن وجود قصة نوح قبل‬ ‫قصة هؤالء القوم يعزز التسلس���ل التارخيي‬ ‫لألحداث و جيعلنا نرجح ان احلديث خيص‬ ‫عاد و اه���م نقطة فيما خي���ص موضوعنا ان‬ ‫الس���ورة حتدثت عن النوع الثاني من العذاب‬ ‫و ال���ذي متثل يف (الصيحة)و طبقا ملا ورد يف‬ ‫الق���ران تع�ب�ر ع���اد اول من ع���ذب بالصيحة‬ ‫كما جاء باآلية رقم ‪ 41‬من سورة املؤمنون‬ ‫و االية ‪ 40‬من سورة العنكبوت ‪.‬‬ ‫ث���م اخذت ه���ذه الصيح���ة بعد ع���اد مثود يف‬ ‫وادي الق���رى مشال احلج���از باالية رقم ‪31‬‬ ‫من س���ورة القمر و االية ‪ 67‬هود و االية ‪83‬‬ ‫احلجر و االية ‪ 40‬العنكبوت ‪.‬‬ ‫ثم اخ���ذت بعدهم ق���وم لوط حي���ث منطقة‬ ‫البحر امليت االن باالية ‪ 73‬من س���ور احلجر‬ ‫‪ ..‬ثم مدي���ن يف مشال غرب���ي احلجاز باالية‬ ‫‪ 94‬من سورة هود ‪.‬‬ ‫كل ه���ذه االح���داث التارخيي���ة تناولته���ا‬ ‫الرس���الة كعض���ة لكفار قري���ش من خالل‬ ‫س���كان املنطق���ة الذين كانوا قبله���م ‪..‬عاد –‬ ‫مث���ود – قوم ل���وط –مدين هذه ه���ي االقوام‬ ‫التارخيية اليت عذبت بـالصيحة ‪.‬‬ ‫إن س�ي�ر االحداث يتحدث عن ان توقيت هذا‬ ‫الن���وع من العذاب يبتدئ ما بع���د انهزام اليل‬

‫الفج���ر حلظ���ة مي�ل�اد النه���ار حيث يرتاجع خيط الليل االس���ود أمام خيط الضوء االبي���ض ‪ ..‬و القران حتدث عن هذا‬ ‫الفجر يف ست مناسبات ‪ ..‬و لكنه مل يقسم به إال يف االية االوىل من سورة الفجر و هو اول استخدام للكلمة حسب نظام‬ ‫النزول ‪.‬‬ ‫فلماذا هذا القسم بالفجر ؟‬ ‫يف مقال و ليال عش���ر عرفنا ان جز ًء من هذه الليال كانت ختص عذاب عاد و هي س���بع ليال بينما كانت بقية الليال و‬ ‫عددها ثالث لعذاب مثود و ان اهلل مجع بدايات عذاب هذين القومني يف اية واحدة ‪.‬‬ ‫و املتتبع لعذاب عاد سوف يالحظ ان هناك مراحل قد جاءت احداها بعد االخرى االمر الذي جيعلنا نرى ان عذاب الليال‬ ‫الس���بع ميثل املرحلة االوىل من العذاب او بداياته ففي س���ورة االحقاف و هنا جيب مالحظة ان الس���ورة قد اخذت عنوان‬ ‫املنطقة اليت كانت تقيم بها عاد و هي منطقة االحقاف الواقعة مشال اليمن و جنوب احلجاز حيث قبيلة قريش ‪.‬‬ ‫و تراج���ع اخليط االس���ود منه ام���ام اخليط‬ ‫االبيض الذي منه يبدأ الصباح و من هنا جاء‬ ‫القسم (و الفجر)‪.‬‬ ‫الق���ران يش�ي�ر ايض���ا اىل ان ع���اد ق���د عذب���وا‬ ‫بالصاعق���ة و ق���د اش�ت�ركت معه���م يف هذا‬ ‫النوع من العذاب مثود ايضا كما جاء باالية‬ ‫رق���م ‪ 13‬و كذلك االية رقم ‪ 17‬من س���ورة‬ ‫فصلت ‪..‬بل ان مث���ود اصابتهم الرجفة ايضا‬ ‫كما جاء باالية رقم ‪ 78‬من سورة االعراف‬ ‫‪.‬‬ ‫و الذي يهمنا هنا ملاذا القسم بالفجر ما الذي‬ ‫حيدث بعد هذا الفجر ؟‬ ‫حنن هنا س���وف نس���تعرض ع���دة اقوام على‬

‫الرغم من عدم عالقتهم بقسم الفجر الذي‬ ‫بس���ورة الفجر فهذه االق���وام على الرغم من‬ ‫انع���دام تل���ك العالقة اال انها تش�ت�رك مجيعا‬ ‫بأن توقيت العذاب كان يأخذهم مجيعا بعد‬ ‫ذلك الفجر ‪.‬‬ ‫ففي س���ورة هود كانت املالئكة تأمر سيدنا‬ ‫ل���وط بأن خيرج م���ن املدينة و ال�ت�ي هنا هي‬ ‫العاصم���ة س���دوم و ال�ت�ي مت قلبه���ا اي جعل‬ ‫عاليه���ا س���افلها و وصف���ت يف الق���ران بأنه���ا‬ ‫املؤتفك���ة و لك���ن س���يدنا لوط و عل���ى الرغم‬ ‫من وجوده يف العاصمة س���دوم اال ان رسالته‬ ‫كان���ت قد مشلت بقية م���دن املنطقة و هي‬ ‫املعروف���ة تارخيي���ا بامل���دن اخلم���س و ال�ت�ي‬

‫طاهل���ا الع���ذاب مجيع���ا لذل���ك جن���د القران‬ ‫يصفه���ا باجلمع املؤتفكات اي املنقلبات و هي‬ ‫عمورة – ادمه – صبويم‬ ‫اىل جانب س���دوم – ّ‬ ‫–صوغر ‪.‬‬ ‫لق���د كان امر املالئكة باخل���روج ليال كما‬ ‫ج���اء باالي���ة رقم ‪ 81‬من س���ورة ه���ود باالية‬ ‫رقم ‪ 65‬من س���ورة احلجر ب���ل ان االية رقم‬ ‫‪ 34‬من سورة القمر قد خصصت هذا اجلزء‬ ‫من الليل و هو (الس���حر)وهو الوقت القريب‬ ‫جدا م���ن الفجر و الذي يعرفه املس���لمون يف‬ ‫شهر رمضان باسم (السحور)‪.‬‬ ‫لق���د ش���رحت املالئكة اس���باب ه���ذا اخلروج‬ ‫اليل���ي لل���وط و عائلته بأن هذه املدن س���وف‬ ‫يأتيه���ا الع���ذاب و ان هذا الع���ذاب له موعدا و‬ ‫ان ه���ذا املوعد س���وف يكون يف الصب���اح (‪...‬ان‬ ‫موعده���م الصبح الي���س الصب���ح بقريب)او‬ ‫كم���ا جاء باالي���ة ‪ 66‬من س���ورة احلجر (‪...‬‬ ‫ان داب���ر مقط���وع مصبحني)ث���م تأت���ي االية‬ ‫‪ 73‬و حتدد موعد اخذ قوم لوط بالصيحة‬ ‫(فأخذتهم الصيحة مشرقني)‪.‬‬ ‫وقد حتدثت االية رقم ‪ 83‬من سورة احلجر‬ ‫ع���ن الصيح���ة اليت اخ���ذت مث���ود مصبحني‬ ‫(فأخذتهم الصيحة مصبحني)‪.‬‬ ‫ان س���ورة الفجر مل تتح���دث عن قوم لوط و‬ ‫ال ع���ن مدين على الرغم من اش�ت�راكهم يف‬ ‫ع���ذاب الصيح���ة ‪..‬و لكن احلدي���ث عنهما له‬ ‫عالقة بزمن العذاب ال���ذي كان يأتي دائما‬ ‫بع���د الفجر و حتديدا اثناء الش���روق او اثناء‬ ‫الصب���اح و هو االمر الذي له عالقة مبوضوع‬ ‫الفجر ‪.‬‬ ‫ان س���ورة الفجر حتدث���ت عن عاد و مثود ثم‬ ‫فرعون ال���ذي عذب بالغرق فم���ا هي عالقة‬ ‫هذا الفرعون بقسم الصورة (و الفجر)؟‬ ‫عندما امر اهلل رس���وله موس���ى ان يقود قومه‬ ‫ب�ن�ي اس���رائيل و خي���رج به���م م���ن حتت نري‬ ‫فرع���ون كان ق���د عني ل���ه توقي���ت اخلروج‬ ‫ليال و كان قد اخربه ايضا ان فرعون سوف‬ ‫يالحقه���م مبجرد علمه خبروجهم و هذا ما‬ ‫خلصت���ه االية رقم ‪ 23‬م من س���ورة الدخان‬ ‫(فأسر بعابدي ليال انكم متبعون)‪.‬‬ ‫ِ‬


‫السنة الثالثة ‪ -‬العدد ( ‪ 18 - 12 ( - ) 131‬نوفمبر ‪)2013‬‬

‫‪17‬‬

‫التوافق اجملتمعي يف ليبيا‬ ‫فتحي رجب العكاري‬ ‫لكي حيص���ل التواف���ق اجملتمع���ي يف اجملتمع‬ ‫اللي�ب�ي ويص���ل إىل حل���ول ملعظ���م مش���اكله‬ ‫بدون احلاجة إىل تهديدات أو ضغوط أوخداع‬ ‫أو من���اورات وب���دون تدخ���ل أو تداخ���ل أجنيب‬ ‫علينا أن نتفق على بعض األس���س اليت تعيننا‬ ‫على ذلك ومنها اآلتي‪:‬‬

‫•االختالف يف الرأي‬

‫علين���ا أن نقب���ل باالخت�ل�اف يف ال���راي؛ ف�ل�ا‬ ‫ميك���ن أن نتفق مجيعا عل���ى رأي واحد إال إذا‬ ‫كلن أمرا مسلما وبديهيا وال حيتاج لنقاش‪.‬‬ ‫واالخت�ل�اف يف ال���راي أم���ر س���ليم وصح���ي‬ ‫وطبيع���ي بني بين البش���ر ولك���ن الوصول إىل‬ ‫تواف���ق حيت���اج إىل أس���لوب وقواع���د للح���وار‬ ‫واختاذ القرار‪.‬‬

‫•تأسيس األمور على حقائق‬

‫ال جيوز أن نبين مواقفنا على شكوك أو ظنون‬ ‫أو معلومات خاطئة‪ ،‬فال يوجد شخص وطين‬ ‫أكث���ر م���ن اآلخري���ن ومهم���ا كان���ت حصة‬ ‫أحدن���ا يف الوطن صغرية فهو ي���رى انها هامة‬ ‫وكب�ي�رة يف حيات���ه وبالتالي مهم���ة للوطن؛‬ ‫وعلين���ا أن نس���تمع ل���ه ونش���ركه يف احل���وار‬ ‫وإذا عرفنا كل احلقائ���ق كان قرارنا صائبا‬ ‫وميكن أن يتم عليه امجاع‪.‬‬

‫•الوطنية‬

‫كل انس���ان يهمه أمر الوطن ويس���عى لبناءه‬ ‫مهم���ا اختل���ف رأيه ه���و وطين ومواط���ن وله‬ ‫احلق يف املش���اركة وعلين���ا أن خنرج من آثار‬ ‫ومس���وم الطاغي���ة يف حياتنا يف تش���ويه صور‬ ‫الناس والطعن فيهم بدون س���بب‪ .‬وأعتقد أن‬ ‫هدف الثورة كان رفع الظلم وحتقيق العدل‬ ‫واملس���اواة واحرتام حق���وق اإلنس���ان وبالتالي‬ ‫ليس بيننا عدو مهما اختلف معنا‪.‬‬

‫•احلزبية‬

‫•التدين‬

‫الليبي���ون بصف���ة عامة كلهم مس���لمون وإن‬ ‫اختلفت درجات ممارستهم أو مذاهبهم وكل‬ ‫الليبيون وسطيون‪ ،‬واالس�ل�ام تارخييا حفظ‬ ‫لليهودي���ة والنصرانية واملاجوس���ية والبوذية‬ ‫واهلندوس���ية حقه���ا يف البق���اء ف�ل�ا اكراه يف‬ ‫الدي���ن وال اك���راه يف التدي���ن وال اك���راه يف‬

‫الدنيا‪.‬‬

‫ف�ل�ا جيوز اس���تثناء أحد أو اقصاء احد بس���بب‬ ‫ميول���ه الدينية أو عدمها ب���ل جيب أن حنرتم‬ ‫كل إنسان حيمل فكرة ويدافع عنها فجوهر‬ ‫االنس���انية ه���و الفك���ر وإال تس���اوى االنس���ان‬ ‫باحليوان‪.‬‬

‫احلزبية ليس���ت خيانة كما صورها الطاغية‬ ‫ليخل���و له املش���هد بل وس���يلة لتنظي���م األراء‬ ‫واجله���ود عل���ى أس���اس فك���ري وط�ن�ي ع���ام‬ ‫بعي���دا عن املصلحي���ة والقبلي���ة واجلهوية أو‬ ‫العنصري���ة وه���ي يف اآلخر وس���يلة وليس���ت‬ ‫غاية أو معبود يتقاتل الناس عليه‪ .‬وللمواطن •اخليانة‬ ‫احلق يف االنتماء ألي فكرة يراها واذا اخفقت اخلائ���ن من خيون يف أمر مت االتفاق عليه مبا‬ ‫يض���ر باملصلحة وجيل���ب املفس���دة للمجتمع‬ ‫تركها ملا هو افضل منها‪.‬‬ ‫والوط���ن أما من خيتلف معنا أصال فال جيوز‬ ‫•الفيدرالية‬ ‫الفيدرالية ش���كل من اش���كال نظ���م الدولة يف أن نصف���ه باخليان���ة جمل���رد اختالف���ه معن���ا‪.‬‬ ‫الغ���امل احلديث وال جي���ب أن جنعلها جرمية وتهم���ة اخليان���ة خط�ي�رة وجي���ب ان ال تكون‬ ‫أو خروج على التوافق وميكن أن تكون مطلب وسيلة لإلرهاب الفكري من خالل حماصرة‬ ‫لعدد كب�ي�ر من الناس ويف عدة مناطق وهذا من خيتلف مع عامة الناس‪.‬‬ ‫م���ن حقه���م ولك���ن عليه���م أن يقنع���وا بقي���ة •العمالة‬ ‫املواطنني جبدواها بشكل منطقي وسلمي من العمي���ل م���ن يعم���ل ملصلح���ة دول أخ���رى أو‬ ‫خالل أساليب دميقراطية‪.‬‬ ‫ملصلحة أعداء الوطن أو ضد مصلحة الوطن‬ ‫س���واء كان بأج���ر أو ب���دون أج���ر‪ .‬وكل من‬ ‫•املواطنة‬ ‫اجلمي���ع متس���اوون يف هذا الوط���ن وال جيوز يتلق���ى مبال���غ مالية م���ن جه���ات أجنبية فهو‬ ‫إقصاء أحد بسبب افكاره أو عقيدته وحتى إن س���يعمل ملصلحته���ا مهم���ا كان موقع���ه ولن‬ ‫وج���د بيننا يهود أو نص���ارى فلهم حق األخوة يرفض هلا طلبا‪.‬‬ ‫يف الوط���ن ويتس���اوى اجلمي���ع يف احلق���وق •الثورية‬ ‫والواجبات‪.‬‬ ‫الثوري���ة قيم���ة انس���انية يضح���ي م���ن اجلها‬

‫ورمبا يكون من االنسب أن نتدرج يف االنتقال‬ ‫من املركزي���ة إىل الالمركزية على مراحل‬ ‫م���ن حيث حجم املش���روعات وس���قف االنفاق‬ ‫مع تطهري وتطوير اجهزة املتابعة واحملاس���بة‬ ‫واملراقبة‪.‬‬

‫الناس حبياتهم والثائر انس���ان يرفض الظلم‬ ‫وال ميارس���ه عل���ى غريه وإن كان���وا له أعداء‪،‬‬ ‫وه���و ال يتقاض���ى أجرا ع���ن مواقف���ه الثورية‬ ‫ولكن���ه ق���د يتقاض���ى أج���را نض�ي�ر خدم���ات‬ ‫يقدمه���ا للمجتم���ع‪ .‬والثوار درج���ات وطبقت‬ ‫زان���واع ولك���ن جيمعهم ح���ب الوط���ن والقيم •احملاسبة اهم من العزل‬ ‫الفاضلة اليت ثاروا من أجلها‪.‬‬ ‫العزل السياس���ي مصطلح اُريد ب���ه إعفاء من‬ ‫أجرم يف حق الشعب اللييب طيلة أربعة عقود‬ ‫•حق الدفاع عن النفس‬ ‫جي���ب أن يتف���ق اجلمي���ع على جتري���م القتل ومساواتهم مبن مل يقرتف جرمية ممن تولوا‬ ‫واالعت���داء واالغتص���اب وإش���اعة الرع���ب نف���س املناص���ب‪ .‬ولي���س م���ن العدل مس���اواة‬ ‫ونتعام���ل مع���ه عل���ى ان���ه جرمية و يس���تحق م���ن مل يرتك���ب اجلرمي���ة م���ع م���ن ارتكبه���ا‬ ‫مرتكبها القتل‪ ،‬ومن حق أي مواطن يف مجيع واحلل الس���ليم والصحيح يكمن يف حماس���بة‬ ‫الش���رائع الدف���اع ع���ن نفس���ه وعرض���ه وماله وحماكم���ة كل م���ن أج���رم وم���ن ت�ب�رأه‬ ‫وبيت���ه ب���كل الوس���ائل مب���ا يف ذلك اس���تخدام احملكمة ال نس���تطيع عزله أو املساس حبقوقه‬ ‫الس�ل�اح لدف���ع الض���رر‪ ،‬وم���ن مي���وت أويُقتل وبهذا سوف حنمي من خدم الوطن باخالص‬ ‫وحنقق العدل وليس العزل‪.‬‬ ‫معتديا فال حق له وال دية ألهله‪.‬‬

‫•العيش الكريم‬

‫يكفل اجملتمع حق العيش الكريم لكل مواطن‬ ‫ويوف���ر احلد األدن���ى من العي���ش الكريم لكل‬ ‫مواط���ن غ�ي�ر قادر عل���ى العم���ل أو مل حيصل‬ ‫على عمل‪ .‬والكسب املشروع يؤسس على دخل‬ ‫مش���روع أو عم���ل يقدم���ه صاحب���ه ويتقاضى‬ ‫عليه اجرا‪.‬‬

‫•املركزية والالمركزية‬

‫املركزي���ة والالمركزي���ة مناذج من اش���كال‬ ‫االدارة وكالهم���ا ال حيق���ق اهل���دف يف غياب‬ ‫االمان���ة والنزاه���ة والش���فافية وأداء الواج���ب‬ ‫قبل نيل احلقوق‪ .‬وإذا عم الفس���اد فاملركزية‬ ‫رمب���ا تكون اقل ضررا م���ن الالمركزية‪ ،‬ولو‬ ‫تصورن���ا مق���دار الضي���اع يف بالوع���ة واح���دة‬ ‫مقارنة بس���تة عش���ر بالوع���ة عرفنا الس���بب‪.‬‬

‫•أعداء السعادة اجملتمعية‬

‫اجله���ل والفق���ر واملرض ه���م أع���داء التنمية‬ ‫وأع���داء الس���عادة اجملتمعي���ة وأع���داء الوطن‬ ‫يف كل وق���ت؛ وس�ل�احنا الوحي���د ضدهم هو‬ ‫يف التعلي���م ث���م التعلي���م املس���تدام‪ .‬والتعلي���م‬ ‫على اس���اس سليم هو وس���يلتنا املثلى للقضاء‬ ‫على اجله���ل ثم الفق���ر ثم امل���رض‪ .‬والثالثة‬ ‫يش�ت�ركون يف الفقر فاالول فق���ر يف املعرفة‬ ‫والثان���ي فقر يف امل���ال والثالث فقر يف الصحة‬ ‫واحلي���اة الالئق���ة‪ ،‬وإذا اجتم���ع الثالث���ة يف‬ ‫جمتمع ح���ل به البؤس والش���قاء‪ ،‬اما إذا توفر‬ ‫العيش يف حببوحة وتوفرت الصحة والس���عة‬ ‫عنده���ا يب���دا اإلبداع وت�ب�رز م���كارم االخالق؛‬ ‫ومعيش���ة القه���ر ال تول���د إال حق���دا وتطرف���ا‬ ‫وأمراضا‪.‬‬


‫‪18‬‬

‫السنة الثالثة ‪ -‬العدد ( ‪ 18 - 12 ( - ) 131‬نوفمبر ‪)2013‬‬

‫دراسة عن األفكـــــــار‬

‫ظاهرة حلول الفكـــــرة فى اإلنسان‬

‫(وطأة الشعور باخلوف اليت تصيب املواطن اللييب بشدة هذه األيام تقوده حنو‬ ‫الفوضى و النهب و الفساد )‬ ‫(ليس من عدو سوى اجلهل) ‪ -‬وليـــــــام شكسبري‬ ‫حتل الفكرة داخل اإلنس���ان ألس���باب عديدة ‪ ,‬قد تكون من باب احلاجة‬ ‫أو م���ن ب���اب ح���ب االس���تطالع‪ ,‬ق���د‬ ‫يك���ون الداف���ع البحث ع���ن مغامرة‪,‬‬ ‫م���ع ذل���ك الداف���ع الكب�ي�ر لذلك هو‬ ‫اخل���وف‪ !..‬نعم‪ ،‬ه���و اخلوف‪ .‬اخلوف‬ ‫م���ن احملي���ط ‪ ،‬اخل���وف م���ن امل���وت ‪,‬‬ ‫اخلوف م���ن املس���تقبل ‪ ,‬اخلوف من‬ ‫املص�ي�ر ‪ ,‬اخلوف عل���ى لقمة العيش‬ ‫‪,‬اخل���وف م���ن اجملهول‪ ,‬اخل���وف من‬ ‫احلياة نفسها‪.‬‬ ‫ح���ب االس���تطالع و البح���ث ع���ن‬ ‫انس الفقــي‬ ‫املغامرة هما حماولتان للقضاء على‬ ‫هذا اخل���وف ال���ذى يع�ت�رى النفس‬ ‫البشرية قد تفشالن نتيجة الشعور باخلوف عند بداية احملاولة نفسها‪,‬‬ ‫لذا تش���كل غريزة اخلوف الرقم الصعب لنجاح الفكرة من عدمها‪ ,‬كما‬ ‫أن ظاه���رة الش���عور باخل���وف فى اإلنس���ان حقيق���ة تنص عليه���ا اآلية‬ ‫التالية‪{ :‬إن اإلنسان خلق هلوعا ‪ 14‬إذا مسه الشر جزوعا}‪.‬‬ ‫لك���ن مل���اذا اخل���وف؟ ألن اإلنس���ان كما هو‬ ‫مع���روف ع���دو م���ا جيه���ل ‪ ,‬بص���ورة أوض���ح‬ ‫اإلنس���ان خياف مما جيهل ‪ ,‬فاإلنس���ان األول‬ ‫منذ بدء اخلليقة هو إنس���ان جاهل ينظر إىل‬ ‫ما حوله بنظرة ريبة و ش���ك‪ ,‬نظرة استغراب‬ ‫و انبه���ار‪ ,‬لي���س لديه أدن���ى فكرة عم���ا يدور‬ ‫حول���ه وال أدنى معرفة لس���بب وج���وده؟ وما‬ ‫املس���ؤولية امللقاة عل���ى عاتقه ؟ ومل���اذا ٌخلق؟‬ ‫يولد من دون أن ميلك أي فهم ألي ش���ئ ‪ ,‬من‬ ‫دون أى ق���درات ‪ ,‬م���ن دون أى خ�ب�رات ‪ ,‬لذلك‬ ‫جتده خائف‪ ،‬مرع���وب من كل ما حييط به‬ ‫حتى من صدى صوته‪ ,‬وبقدر جهله فأن قدرة‬ ‫هذا املخلوق عل���ى التعلم عجيبة كلما تعثر‬ ‫كلما تعلم م���ن أخطائه‪ ,‬زد على ذلك قدرته‬ ‫عل���ى التعلم م���ن جتارب وأخط���اء األخريني‪,‬‬ ‫فه���و خي���رج م���ن مغارت���ه حم���او ً‬ ‫ال التميي���ز‬ ‫ب�ي�ن األش���ياء و معرف���ة خواصه���ا وكيفي���ة‬ ‫االس���تفادة منه���ا لنفس���ه‪ ,‬ث���م يع���زل نفس���ه‬ ‫يف املغ���ارة وميض���ى بقي���ة يوم���ه يف مراجعة‬ ‫لتلك األش���ياء‪ ,‬ويعيد تكرار ش���ريط األحداث‬ ‫املخزن���ة يف عقل���ه الباطن ثم يك���رر العملية‬ ‫نفس���ها كل ي���وم‪ ,‬كل يوم ميض���ى ميارس‬ ‫العملي���ة بش���كل أطول‪ ,‬كل يوم يكش���ف عن‬ ‫جتربة جدي���دة و يف كل عزل���ة ميضيها يف‬ ‫مغارته يتثبت من حقيقة تلك التجربة‪ ,‬ومع‬ ‫كل ي���وم مير يبحث عن فكرة لتأمني حياته‬ ‫و حي���اة رفاق���ه الذي���ن يقيم���ون مع���ه بنفس‬ ‫املغارة‪,‬ولتهدئة الشعور باخلوف بداخله جيد‬

‫فكرة بسيطة يف صناعة رمح بدائي إليقاف‬ ‫اعت���داءات احليوانات املفرتس���ة عليه‪,‬كذلك‬ ‫بنف���س الرمح ال يتوان ع���ن قتل رفيقه املقيم‬ ‫معه بنفس املغارة إذا ثبت له س���رقته لطعامه‬ ‫أو خلليلت���ه‪ .‬س���لوكه عن���د مواجه���ة من هم‬ ‫حوله ال خيرج إال من منشأ واحد هو اخلوف‪,‬‬

‫منطل���ق التفكري عن���ده ال حيمل صفة اخلري‬ ‫أو صفة الشر‪ ,‬ال عالقة له بالصواب أو اخلطأ‬ ‫‪ ,‬وال خي���رج عن مفهوم رش���د وال عن مفهوم‬ ‫ضالل‪,‬منطل���ق التفكري لديه حيمل مضمون‬ ‫واحد هو حماولة القضاء على اخلوف داخله‪,‬‬ ‫إن���ه جينح إىل س���لوك العن���ف والفوضى فى‬ ‫تعامل���ه م���ع اآلخري���ن ح�ي�ن يس���يطر عليه‬ ‫الش���عور باخل���وف_ ف���ى ذات الوق���ت_ الذي‬ ‫ال جيد في���ه فكرة تقضى على ذلك الش���عور‪,‬‬ ‫واقتتال���ه م���ع رفقائ���ه نات���ج باألس���اس ع���ن‬ ‫جهل���ه بقواع���د النظ���ام‪ .‬وم���ع ذل���ك ومبرور‬ ‫الزم���ن يب���دع اإلنس���ان م���ن قدرات���ه‪ ,‬و يطور‬ ‫م���ن إمكانيات���ه فيبتك���ر النظم والتش���ريعات‬ ‫لتضب���ط م���ن س���لوكه وتقل���ل م���ن ش���دة‬ ‫ارتباك���ه عند تعامله مع اآلخرين‪ ,‬ويس���تغل‬ ‫غريزة اخلوف لديه أفضل اس���تغالل فيبتكر‬ ‫فك���رة العقوبات‪ ,‬وذلك بإصدار قوانني تردعه‬ ‫وتنظم حيات���ه وحياة بين جلدت���ه وذلك منذ‬ ‫صدور تشريعات حامورابى‪,‬إنه ال يبتكر تلك‬ ‫العقوب���ات ألن���ه خملوق منظ���م بطبيعته‪ ,‬بل‬ ‫ألنه خياف الفوضى واالنفالت‪ ,‬يردع نفس���ه‬ ‫بنفس���ه ال لشئ س���وى لكبت الشعور باخلوف‬ ‫الكامن بداخله‪.‬‬

‫•الطاع��ون اخ�تراع يه��ودي لتقلي��ص‬ ‫عدد املسيحيني‬

‫مث���ال أخر ع���ن قوة تأث�ي�ر الش���عور باخلوف‬ ‫عل���ى ظاه���رة حل���ول األف���كار ف���ى اإلنس���ان‬ ‫م���ن عدمه‪ ,‬فم���رض الطاع���ون م���ازال حتى‬ ‫اآلن يث�ي�ر اهلل���ع كل ما ذك���ر‪ ،‬حصد رقاب‬ ‫املالي�ي�ن عرب الع���امل‪ ،‬وكان ملس���يحي أوروبا‬ ‫ف���ى حقب���ة الق���رون الوس���طى حت���ت وط���أة‬

‫الش���عور باخلوف الناتج ع���ن اجلهل حبقيقة‬ ‫أس���باب امل���رض اعتق���اد ج���ازم بأن الوب���اء هو‬ ‫مؤامرة من تدبري اليهود لتقليص من نس���بة‬ ‫عدد النصارى‪,‬ونتيج���ة لذلك تعرض اليهود‬ ‫لالضطهاد الدي�ن�ي و للمذابح العرقية عقاب‬ ‫هل���م ج���زاء ع���ن جرمي���ة مل يرتكبوه���ا‪ ,‬لكن‬ ‫وحتت تأثري الش���عور باخل���وف أيضا من وباء‬ ‫الطاع���ون جيد اإلنس���ان األس���باب احلقيقية‬ ‫وراء وباء الطاعون‪ ,‬فتتولد لديه فكرة ويبتكر‬ ‫لق���اح يقضى على وب���اء الطاعون وخيمد من‬ ‫شدة الشعور باخلوف فيه من جديد‪.‬‬

‫•اإلنس��ان احلديث أيض��ا يولد جاه ًال‬ ‫ال معرفة له باحمليط‬

‫ق���د يعتق���د البعض إن الش���عور باخلوف فى‬ ‫اإلنس���ان قد انته���ى بفضل القض���اء على آفة‬ ‫اجله���ل وبفض���ل التط���ور العلم���ى والتقن���ى‬ ‫املرتاك���م واحلاص���ل‪ ,‬وهذا ‪-‬بال���ذات‪ -‬اعتقاد‬ ‫خاطئ‪,‬فاإلنسان احلديث أيضا يولد جاه ً‬ ‫ال ال‬ ‫معرفة له باحمليط من حوله‪ ,‬تولد معه نفس‬ ‫املخ���اوف‪ ,‬ب���ل كلم���ا زادت تعقي���دات احلياة‬ ‫وتطوراته���ا كلم���ا زاد جهله باس���تخداماتها‬ ‫ومتطلباته���ا وكمالياتها الكث�ي�رة و املعقدة ‪,‬‬ ‫وتتعدد فى الوقت نفسه خماوفه و قلقه حتى‬ ‫عند تواجده فى أفضل العصور تطورا و راحة‬ ‫‪ ,‬فاإلنس���ان بعد أن يتخطى مرحلة الطفولة‬ ‫إىل مرحلة املراهقة يكتش���ف حقيقة طاقته‬ ‫اجلنس���ية اهلائلة فتصيب���ه بالذعر ويتخبط‬ ‫فى كيفية التعامل معها ال لش���ئ إال جلهله‬ ‫به���ا من قبل ‪ ,‬ث���م أن هذه الطاقة س���رعان ما‬ ‫ختب���و فيم���ا بعد م���ن دون س���ابق إن���ذار مما‬ ‫يصيبه بالذع���ر املضاعف لس���ابقه‪ ,‬لكنه مرة‬


‫السنة الثالثة ‪ -‬العدد ( ‪ 18 - 12 ( - ) 131‬نوفمبر ‪)2013‬‬

‫قد يعتقد البعض إن الش��عور باخلوف فى اإلنس��ان ق��د انتهى بفضل‬ ‫القض��اء على آف��ة اجلهل وبفض��ل التط��ور العلمى والتقن��ى املرتاكم‬ ‫واحلاصل‪ ,‬وه��ذا ‪-‬بالذات‪ -‬اعتقاد خاطئ‪,‬فاإلنس��ان احلديث أيضا‬ ‫يولد جاه ًال ال معرفة له باحمليط من حوله‬

‫أخ���رى و حت���ت نف���س ضغ���وط و الش���عور باخلوف و‬ ‫هروب���اً من دائرة نفوذه يبدع فيبتكر عقار يس���كن من‬ ‫آالم اخلوف عنده‪،‬دائما يبتكر ش���ي م���ا إليقاف تهديد‬ ‫ما خييف���ه وكلما أب���دع فكرة جدي���دة كلما ظهرت‬ ‫الطمأنينة عليه وكلما وضعت حد لتوجساته‪.‬‬

‫•يتخل��ص م��ن كل ش��ي م��ن ش��هاداته‬ ‫العلمية‪,‬وحتى من برويطه خضاره‬

‫و الي���وم يقف اإلنس���ان ضعيفاً – مرتب��� ًكا ــ حائراًـ غري‬ ‫قادر على تسكني آالم اخلوف‪ ,‬فاملعضالت االقتصادية‬ ‫املتتالي���ة واالنفج���ار الس���كاني املس���تمر و أزمة األمن‬ ‫الغذائي وما نتج عن ذلك من بطالة وغالء يف األسعار‬ ‫و تضخم جتعله إنس���ان ضعيفا ‪ -‬يأساً من كل شيء‬ ‫‪ ,‬غ�ي�ر ق���ادر على التفك�ي�ر ناهيك عن اخلل���ق واإلبداع‪،‬‬ ‫فيتخلص من كل ش���ي من ش���هاداته العلمية‪,‬وحتى‬ ‫م���ن برويطه خض���اره (العرب���ة اليدوية) وم���ن حياته‬ ‫أيض���ا ‪ ,‬إن���ه ببس���اطه ال حي���رق نفس���ه إلش���عال ثورة‬ ‫كم���ا حيل���و للبعض متري���ره‪ ,‬إنه يلتج���ئ إىل العنف‬ ‫حت���ى مع نفس���ه ذل���ك ألنه عاجز ع���ن التفك�ي�ر‪ ,‬فاقد‬ ‫للثقة ف���ى إمكانياته‪ ،‬وفى إجياد فكرة تس���كن اخلوف‬ ‫ال���ذى جيتاحه ‪ ,‬و ال جيد قيمة لوج���وده‪ ,‬وحتت تأثري‬ ‫الش���عور باخل���وف ينه���ى دورة احلي���اة بأكملها ألنها‬ ‫أس���هل اخلي���ارات املتاحة لدي���ه‪ ,‬إنه لي���س حباجة إىل‬ ‫صفة ش���هيد‪ ,‬وال حيتاج إىل فت���اوى حتدد ما إذا كان‬ ‫مص�ي�ره اجلنة أو النار ألنها كلها ختضع لتفس�ي�رات‬ ‫و تأوي�ل�ات و أه���واء الفقه���اء اخلاصة‪ ,‬وعل���ى أي حال‬ ‫فأنه���ا ال ختلق حل���ول و ال أفكار خترجه م���ن مأزقه ‪,‬‬ ‫ثم أن صاحب احلكم فى تقرير ذلك ما توضحه اآلية‬ ‫التالي���ة {فاهلل حيك���م بينهم يوم القيام���ة فيما كانوا‬ ‫فيه خيتلفون} ‪.‬‬

‫•اخلوف عامل حاس��م ف��ى والدة الفكرة وفى‬ ‫إجهاضه‬

‫على هذه الصورة‪ ,‬نس���تطيع تفسري حقيقة اضطراب‬ ‫العالق���ات بني الدول العظم���ى الي���وم و نزاعها العلين‬

‫لالس���تحواذ عل���ي مص���ادر الطاقة ف���ى الع���امل بغياب‬ ‫فك���رة إلجياد طاقة بديلة لطاق���ة النفط التى قاربت‬ ‫عل���ى النضوب ‪ ,‬وهذا ما يهدد باالرتباك واالنفالت فى‬ ‫إدارة العالق���ات الدولية و بتحكي���م القوة دون الرجوع‬ ‫إىل الش���رعية الدولي���ة مم���ا يه���دد اجلن���س البش���رى‬ ‫بالدخول فى ف�ت�رة الفوضى وعدم االس���تقرار‪ .‬كلما‬ ‫تأخ���ر اإلنس���ان عن ح���ل مش���كلة الطاق���ة البديلة فى‬ ‫املرحل���ة القادم���ة زاد ختبطه وجرع���ة اخلوف عنده و‬ ‫كلما تقدم اإلنس���ان خطوة حنو إجياد بدائل جديدة‬ ‫زادت من فرصته لتسكني الشعور باخلوف لديه‪,‬لذلك‬ ‫فالفكرة الفعالة هى من تكتش���ف املش���اكل واألزمات‬ ‫قب���ل حدوثها‪,‬وجت���د حلوأل هل���ا قبل نش���وئها‪ .‬اخلوف‬ ‫عامل حاس���م ف���ى والدة الفكرة وف���ى إجهاضها يعمل‬ ‫كمقي���اس الرتموم�ت�ر ف���ى حالة كش���فه للضعف و‬ ‫اجله���ل‪ ،‬يؤش���ر عن���د أق���ل توت���ر و كذلك عن���د أعلى‬ ‫درج���ات الف���زع و اهلل���ع ل���ذا اإلنس���ان‪ ،‬و م���ن دونه ال‬ ‫يستطيع اإلنسان اكتشاف حقيقة جهله‪.‬‬ ‫الع���امل اليوم مليء باألزمات اخلانق���ة و متجه بالفعل‬ ‫حن���و الفوضى و حنن هنا لس���نا فى إط���ار البحث عن‬ ‫األف���كار حل���ل ملش���اكله فذل���ك مدخ���ل إىل دهليز ال‬ ‫نهاية هله م���ن الرتف الفكري دون حل���ول واقعية‪ ,‬أما‬ ‫فى حال���ة توفيقنا يف إجياد أف���كار للحلول تتكيف مع‬ ‫طبيع���ة املعض�ل�ات ال�ت�ي تواج���ه جمتمعنا فق���د نريح‬ ‫الع���امل من جزء ولو بس���يط م���ن مش���اكله‪ .‬يف نهاية‬ ‫األمر فأن حق االنتماء علينا و فروض الوالء جملتمعنا‬ ‫توج���ب علينا مس���ؤولية البحث والتجرب���ة فى ما بني‬ ‫األف���كار لعالج وط���أة الش���عور باخلوف ال���ذي تصيب‬ ‫املواطن اللييب بش���دة هذه األيام و تقوده حنو الفوضى‬ ‫و النهب و الفس���اد‪ ..‬ظاهرة حلول الفكرة فى اإلنس���ان‬ ‫مل تنته���ى عن هذا احلد‪ ,‬فكما قلنا فى املقالة الس���ابقة‬ ‫ف���والدة الفك���رة صعب���ة و بطيئة للغاي���ة‪ ..‬تأثري حالة‬ ‫العزل���ة و التجرب���ة عن���د حل���ول الفكرة فى اإلنس���ان‬ ‫ستكون موضوع الفصل القادم من هذه الدراسة حتى‬ ‫وقت نش���رها ال تنس���وا مرة أخ���ري أن ال تقطعوا حبل‬ ‫األفكار‪!..‬‬

‫‪19‬‬

‫يا صاحب ّ‬ ‫الظل اللئيم‬ ‫غضبى الدمشقي‬ ‫اخلع نعليك وابتعد كثرياً كثريا‪....‬أكثر من ثالثة كيلو مرتات‪،‬‬ ‫واطئ���اً أو حافي���اً ال ف���رق ‪،‬س���تصطدم جبماج���م كثريه‪،‬معظمها‬ ‫لألطفال والباقي متنوعه لنس���اء ورجال ‪،‬شيوخ وكهله وشباب‪.‬ال‬ ‫ختف‪ ...‬مجاجم أوالدك وأمك واخوانك ليسوا بينهم‪.‬فأولئك طه ٌر‬ ‫ال يتلوثون‪.‬‬ ‫أيه���ا املس���تذئب ‪،‬اخل���ع ثوب احلم���ل ع���ن الشاش���ات‪...‬كأن ما بك‬ ‫م���س وال هب���ل !!؟نعرف أنك واجهة يدي���رون من خاللك كل ما‬ ‫ّ‬ ‫راح وجاء‪.‬وأن���ت تعل���م أننا نعل���م ‪،‬وهذا منتهى العه���ر والقهر الذي‬ ‫قضمناه سنيناً طوال‪.‬‬ ‫البس نعليك س���تصطدم ايض���ا مبن هيصوا لك كث�ي�راً ‪،‬ليس من‬ ‫أجلك أيها الغيب بل م���ن أجل بقائهم وإال ألطلقوا عليك رصاصة‬ ‫واحده ال ختطيء جبهتك اهلايفه‪.‬وأعود ألقول لك ‪،‬أنت تعلم‪،‬لكنك‬ ‫استمرأت كرس���ي أوجاعنا ولو على خازوق كرامتك املهرتئه إن‬ ‫كان لك كرامه‪.‬‬ ‫اخرج أيها املس���تطيل من تارخينا‪،‬الذي تعفن بأسالفك ‪،‬من هوائنا‬ ‫ال���ذي لوثته‪،...‬م���ن كيمي���اء حمبتنا لبعضن���ا ‪....،‬من أنه���ار دموع‬ ‫األمه���ات اليت جررتها طوي ً‬ ‫ال طويال وليس لديها أدنى رغبة للعود‬ ‫اىل الوراء‪.‬فاألنهار ال تعود مطلقاً اىل اخللف‪.‬‬ ‫اخ���رج من دفات���ر التالميذ ‪،‬من أغانيه���م ‪،‬اخرج زاحفاً أو متس���ل ً‬ ‫ال‬ ‫قرب ال تعرفه أمك‪.‬وهذا صدقين‬ ‫س���يخبؤك اخلوف الالحق بك اىل ٍ‬ ‫ألعن من الش���نق الرحيم‪.‬ألن املسافة من رقبتك اىل خروج روحك‬ ‫اللعينه‪ ،‬طويل ٌة على أن ننتظرها‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫الظ���ل اللئيم ‪،‬اخ���رج م���ن معس���كرات الطفوله‬ ‫اخ���رج ي���ا صاح���ب‬ ‫ّ‬ ‫ال�ت�ي ارتضيناها ألطفالنا عس���ى وع���ل ينتهي اهلزي���ع األخري من‬ ‫حتملنا‪،‬لكنهم فاجأونا بل أدهش���ونا بأنهم يعرفون كل ش���يء عن‬ ‫ّ‬ ‫صمتنا املقضوم وأخذوا زمام املبادره‪،‬ودفعواأظافرهم اليت س���نبقى‬ ‫نق ّبلها يف أحالمنا سنيناً طوال‪.‬‬ ‫نري���د مطراً أبيضاً ‪...‬اخرج لرتى الغيم الذي حجبته والس���ماء اليت‬ ‫ط ّرشتها بالدماء‪.‬‬ ‫اخ���رج واحتفن���ا بباله���ة ثغ���رك املتلعثم لتس���مع بالغ���ة الطيور‬ ‫املهاجره‪...‬حت���ى طيورن���ا بليغة وأنت هزمت الغن���اء وهزمت الرثاء‬ ‫و ُف َ‬ ‫بغصة األطفال وبالهة املتطفلني‪.‬‬ ‫زت ّ‬ ‫أيها املستأسد على أطفال بلدك ‪،‬كم مرة طعنك األطفال وفقأوا‬ ‫عينيك؟!!!!!!وأن���ت تضح���ك عليه���م وتضعه���م يف س���جالت أبن���اء‬ ‫الشهداء؟!‪......‬‬ ‫اخرج مل يتبق لك الكثري ‪،‬لن تتلوث األيادي اخليرّ ه بك ‪،‬س���تخنقك‬ ‫رائحة اجلثث وتفوز بغين���س ألكرب مهزوم يف التاريخ بقي حتى‬ ‫انتهت اإلنسانيه‪.‬‬


‫‪20‬‬

‫السنة الثالثة ‪ -‬العدد ( ‪ 18 - 12 ( - ) 131‬نوفمبر ‪)2013‬‬

‫خمتصر سرية عبد اللطيف الشويرف‬ ‫‪ 1‬من ‪2‬‬ ‫•فرتة التكوين األوىل فرتة احلرب‬ ‫ولدت عام ‪ 1931‬م يف بيتنا باملدينة القدمية‪،‬‬ ‫حمل���ة البلدية‪ ،‬زنق���ة احلليب غ�ي�ر النافذة‬ ‫املتفرعة عن ش���ارع جامع الدروج الذي يصل‬ ‫سوق الرتك بشارع قوس الصرارعي‪.‬‬ ‫ونشأت حبمد اهلل يف أسرة متدينة‪ ،‬فكان أبي‬ ‫رمح���ه اهلل‪ -‬حافظا للق���رآن الكريم‪ ،‬وكان‬‫مما تش��� ّنفت به أذن���اي منذ نعوم���ة أظفاري‬ ‫ص���وت تالوته وه���و ي���دور يف وس���ط البيت‪،‬‬ ‫وكان مواظباً على صالة الصبح يف املس���جد‬ ‫مع اجلماعة‪ ،‬وكان جيمع أفراد العائلة بعد‬ ‫طلوع الشمس ليقرأ الوظيفة ال ّز ّروق ّية وهم‬ ‫يردّدون ما يق���ول‪ ،‬وال تزال بعض صيغ تلك‬ ‫الوظيف���ة عالق���ة بذهين حت���ى اآلن‪ .‬وكان‬ ‫اليوم���ي م���ن (دالئ���ل‬ ‫مالزم���ا لق���راءة ورده‬ ‫ّ‬ ‫اخل�ي�رات) ‪ ،‬وكان كل الكب���ار يف البي���ت‬ ‫الص�ل�اة بتأثري هذه‬ ‫يصّل���ون‪ ،‬فنش���أت عل���ى ّ‬ ‫القدوة احلسنة‪.‬‬ ‫التحق���ت وأن���ا صغري بك ّت���اب الش���يخ خمتار‬ ‫حوري���ة القري���ب م���ن بيتن���ا‪ ،‬وفي���ه تعّلم���ت‬ ‫الق���راءة والكتاب���ة وأح���كام ال ّت�ل�اوة‪ ،‬ومل‬ ‫يقطع�ن�ي عنه إ ّ‬ ‫ال قيام احلرب العاملية الثانية‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫اليت كانت إيطاليا احملتلة لبالدنا طرفا فيها‬ ‫ش���ردت هذه احلرب أهل‬ ‫جبانب احملور‪ ،‬وقد ّ‬ ‫طرابلس‪ ،‬واضطرته���م إىل الفرار بأرواحهم‬ ‫من ه���ول الغارات واملوت الن���ازل من القنابل‪،‬‬ ‫تعطي�ل�ا كام ً‬ ‫ً‬ ‫ال‪،‬‬ ‫وعطل���ت احلي���اة يف املدينة‬ ‫وأصابت كل ش���يء بالشلل‪ ،‬وكانت سنوات‬ ‫قاس���ية ش���ديدة جت���رع الليبي���ون مرارته���ا‪،‬‬ ‫وعان���وا ويالته���ا‪ ،‬وع���ادت عليه���م باجل���وع‬ ‫واملرض والفقر والتش���رد وحرم���ان أبنائهم‬ ‫من التعليم‪ ،‬وكان فرار أس���رتنا إىل غريان‪،‬‬ ‫ومنيت هنالك جبانب قسوة الغربة واحلرب‬ ‫بوف���اة أبي‪ ،‬ثم وفاة أخ���ي حممد الذي كان‬ ‫يعولن���ا بع���د وف���اة أب���ي‪ ،‬وه���و أخ���ي الوحيد‪،‬‬ ‫وكان حيف���ظ القرآن الكريم‪ ،‬وس���بقين إىل‬ ‫ك ّت���اب الش���يخ خمتار حوري���ة ‪ -‬رمحه اهلل‪-‬‬ ‫مبراحل‪.‬‬ ‫•فرتة احلرب وضيق ذات اليد‬ ‫وعدن���ا إىل طرابل���س حت���ت وط���أة احلاجة‪،‬‬ ‫وضيق ذات اليد‪ ،‬وكانت الغارات على أشدها‬ ‫ً‬ ‫لي�ل�ا ونه���اراً‪ ،‬وكان امل���وت يرتب���ص بالع���دد‬ ‫القلي���ل الباقي يف املدين���ة يف أي حلظة‪ ،‬وزاد‬ ‫م���ن فظاعة املأس���اة ضالة الق���وت‪ ،‬وصعوبة‬ ‫احلص���ول على م���ا يس��� ّد الرمق‪ ،‬ث���م هجمة‬ ‫احلش���رات م���ن قم���ل ّ‬ ‫وب���ق وذب���اب وبرغوث‬ ‫الباحث���ة هي أيضاً عن الغذاء فال جتده إ ّ‬ ‫ال يف‬ ‫امتصاص الدماء الباقية يف عروق البشر‪.‬‬ ‫ويف هذه الظروف البائس���ة اليت حتالف فيها‬ ‫البالء النازل من الس���ماء مع البالء الواقع يف‬ ‫األرض‪ -‬عانت والدتي الكثري‪ ،‬وحتملت ما ال‬ ‫تتحمله اجلبال من أج���ل توفري احلد األدنى‬

‫م���ن لقم���ة العي���ش ل���ي وألخوات���ي األرب���ع‪،‬‬ ‫مضحية‬ ‫وكانت حترم نفسها وتبيت جائعة ّ‬ ‫يف سبيلنا‪.‬‬ ‫•فرتة الباروني املعلم‬ ‫التحق���ت باملدرس���ة املركزي���ة االبتدائي���ة‬ ‫عقب دخ���ول القوات الربيطانية البالد س���نة‬ ‫‪1943‬م‪ ،‬وأهل�ن�ي إتقان���ي الق���راءة والكتابة‬ ‫وش���يئاً م���ن احلس���اب النتس���ابي إىل الصف‬ ‫الثال���ث‪ ،‬وكان مدرس���نا األس���تاذ عم���ر‬

‫خصوصي���ة جماناً‪ ،‬وعلمنا اجلرب وش���يئاً من‬ ‫اهلندس���ة ال ّنظرية‪ ،‬وأذك���ر أني كنت أحل‬ ‫املس���ائل ذات الدرجة األوىل والدرجة الثانية‬ ‫م���ن املع���ادالت اجلربية‪ ،‬وكنت مش���غوفاً يف‬ ‫ذل���ك الوق���ت بالرياضي���ات‪ ،‬وأقض���ي معظم‬ ‫وق�ت�ي يف حل مس���ائلها الصعب���ة‪ ،‬وكنت إذا‬ ‫أعجزتين مسألة جلأت إىل األستاذ الباروني‬ ‫فأعان�ن�ي عل���ى تذلي���ل الصعب‪ ،‬ف���كان بذلك‬ ‫‪-‬رمح���ه اهلل‪ -‬أحد الرج���ال الذي���ن أدين هلم‬

‫البارون���ي ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬الذي اس���تمر مدرس���اً‬ ‫لنا حت���ى نهاية الس���نة اخلامس���ة‪ ،‬وهي آخر‬ ‫س���نوات املدرس���ة االبتدائية يف ذل���ك الوقت‪.‬‬ ‫وق���د بذل األس���تاذ الباروني جه���دا كبرياً يف‬ ‫تعليمن���ا‪ ،‬وكن���ا على اس���تعداد ذهين وس�ن�ي‬ ‫الس���تيعاب م���ا يزودن���ا به م���ن عل���م‪ ،‬إضافة‬ ‫إىل الرغب���ة الصادق���ة والتعط���ش الش���ديد‬ ‫ّ‬ ‫امل���ادي‬ ‫ال���ذي كان م���ن أث���ر ظم���إ احل���رب‬ ‫ّ‬ ‫واملعن���وي‪ ،‬وال أبال���غ إذا قل���ت‪ :‬إن م���ا حصلنا‬ ‫عليه يف السنوات الثالث األخرية من املدرسة‬ ‫االبتدائي���ة يف���وق كث�ي�راً ما حيص���ل عليه‬ ‫املتخ���رج يف املرحل���ة الثانوي���ة اآلن؛ إذ كان‬ ‫األس���تاذ البارون���ي خيصنا يف بيت���ه بدروس‬

‫العلمي‪ ،‬وأمحل هلم‬ ‫علي يف تكويين‬ ‫ّ‬ ‫بالفضل ّ‬ ‫التقدير واالعرتاف باجلميل‪ ،‬والثناء العاطر‪،‬‬ ‫والذكرى الطيبة‪.‬‬ ‫بع���د حصولي عل���ى الش���هادة االبتدائية عام‬ ‫‪1945‬م التحق���ت ب���أول مدرس���ة ثانوية يف‬ ‫طرابلس ع���ام ‪1946‬م حيث مل تكن يف ذلك‬ ‫الوق���ت املرحل���ة اإلعدادي���ة‪ ،‬وكان���ت ه���ذه‬ ‫املدرس���ة مبحل���ة الظه���رة يف مكان املدرس���ة‬ ‫اإلس�ل�امية العليا زمن االحت�ل�ال اإليطالي‪،‬‬ ‫السنة‬ ‫وجنحت يف السنة األوىل وانتقلت إىل ّ‬ ‫الثاني���ة‪ ،‬ويف صيف هذه الس���نة تقدمت إىل‬ ‫امتح���ان املعلم�ي�ن ال���ذي كان يعق���د كل‬ ‫س���نة‪ ،‬وكان الناجح يف ه���ذا االمتحان مينح‬

‫دبلوم���اً خيول���ه احل���ق يف أن يع�ي�ن مدرس���اً‬ ‫رمسي���اً‪ ،‬وكان امتحان���اً صعب���اً لع���دم وجود‬ ‫منه���ج ملف���ردات م���واده م���ن اللغل���ة العربية‬ ‫والرياضي���ات والدين والتاري���خ واجلغرافيا‪،‬‬ ‫وق���د جنح���ت يف ه���ذا االمتح���ان بفضل اهلل‬ ‫ث���م بفضل احلصيل���ة العلمي���ة املكونة ّ‬ ‫لدي‪،‬‬ ‫وم���ا تلقيته يف اللغة العربية على يد الش���يخ‬ ‫عمر اجلنزوري ‪-‬رمح���ه اهلل‪ -‬الذي التحقت‬ ‫بدروس���ه ع���ام ‪1946‬م‪ ،‬وم���ا تعلمت���ه يف‬ ‫الرياضيات على يد األس���تاذ عم���ر الباروني‪،‬‬ ‫رمحه اهلل‪.‬‬ ‫•فرتة التدريس وعمري إذ ذلك ستة عشر عاما‬ ‫تقدّم���ت بع���د جناح���ي يف امتح���ان املعلمني‬ ‫بطلب تعييين مد ّرس���اً ابتدائ ّياً‪ ،‬حيث وصلت‬ ‫حالتنا االقتصادية إىل طريق مس���دود كما‬ ‫يقول���ون‪ ،‬وبلغ اجله���د من والدت���ي مبلغاً مل‬ ‫يع���د يتحمل���ه قليب الغ���ض‪ ،‬وانقطعت حتت‬ ‫وط���أة الظ���روف الصعب���ة ع���ن دراس�ت�ي يف‬ ‫املدرس���ة الثانوية على الرغ���م من أني كنت‬ ‫عف���ى م���ن دف���ع رس���وم الدراس���ة لفق���ري‪،‬‬ ‫ُم ً‬ ‫ً‬ ‫وعينت معلما مبدرس���ة الظه���رة االبتدائية‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫وعمري إذ ذلك ستة عشر عاما ورمبا كنت‬ ‫أصغر معلم يف ذلك الوقت‪.‬‬ ‫ْ‬ ‫بدأت صليت بالشيخ عمر اجلنزوري ‪-‬رمحه‬ ‫اهلل‪ -‬ع���ام ‪1946‬م كما ُ‬ ‫قلت‪ ،‬ودرس���ت عليه‬ ‫النحو الواضح‪ ،‬وقطر الندى‪ ،‬وشذور الذهب‪،‬‬ ‫وأق���رب املس���الك يف الفق���ه املالك���ي‪ ،‬وكن���ت‬ ‫أطالع له دروس���ه يف مدرس���ة أمحد باشا‪ ،‬ثم‬ ‫يف معه���د مالك ب���ن أنس‪ ،‬ودروس���ه يف الفقه‬ ‫أو يف التفس�ي�ر واحلديث والوعظ واإلرش���اد‬ ‫يف ش���هر رمض���ان‪ ،‬وكان م���ا اس���تفدته من‬ ‫عل���م ولغة وأدب وفقه من مذكرات الش���يخ‬ ‫عمر‪ ،‬ومناقش���اتي معه وأس���ئليت له ‪ -‬أكثر‬ ‫مما اس���تفدته من دراس���ة الكت���ب عليه‪ ،‬وهو‬ ‫لذلك أحد الرجال الذي���ن أدين هلم بالفضل‬ ‫يف تكويين العلمي بعد اهلل‪.‬‬ ‫بقيت يف التعليم مبدرسة الظهرة االبتدائية‬ ‫حت���ى ع���ام ‪1953‬م حي���ث قدّمت اس���تقاليت‬ ‫متطلعاً إىل جمال أرحب وأدعى إىل حتقيق‬ ‫طموح���ي الش���بابي يف التق���دم‪ ،‬وحتس�ي�ن‬ ‫وضعي االقتص���ادي خاصة بع���د أن تزوجت‬ ‫ع���ام ‪1952‬م‪ ،‬وازداد ع���بء املس���ؤولية عل���ى‬ ‫ً‬ ‫عاتق���ي‪ ،‬ومل َ‬ ‫عاط�ل�ا ب�ل�ا عم���ل س���وى‬ ‫أب���ق‬ ‫عش���رين يوم���اً؛ إذ فتح اهلل لي باب�ي�ن للعمل‪:‬‬ ‫أحدهم���ا يف نظارة املالية بع���د أن جنحت يف‬ ‫امتح���ان مس���ابقة أجرت���ه النظ���ارة الختيار‬ ‫عدد حم���دود م���ن املوظف�ي�ن لديه���ا‪ ،‬وكان‬ ‫ترتي�ب�ي يف النجاح األول على مئ���ات تقدموا‬ ‫لالمتح���ان‪ ،‬وس���اعدني عل���ى ه���ذا التف���وق‬ ‫حصيليت الس���ابقة من الرياضيات‪ ،‬ومترسي‬ ‫حبل املس���ائل باملعادالت اجلربي���ة‪ ،‬إذ كانت‬ ‫ً‬ ‫رياضية‪.‬‬ ‫األسئلة بطبيعة احلال‬


‫السنة الثالثة ‪ -‬العدد ( ‪ 18 - 12 ( - ) 131‬نوفمبر ‪)2013‬‬

‫يف هذه الظروف البائس��ة اليت حتال��ف فيها البالء النازل من الس��ماء مع البالء الواقع‬ ‫يف األرض‪ -‬عان��ت والدتي الكثري‪ ،‬وحتملت ما ال تتحمله اجلبال من أجل توفري احلد‬ ‫األدنى من لقمة العيش لي وألخواتي األربع‬ ‫يب) فاس���تدعاني إىل مكتبه‬ ‫املش���هورة (الّلي ّ‬ ‫•فرتة اجمللس التشريعي خصبة ثر ّية‬ ‫الباب اآلخر هو اجمللس التش���ريعي لوالية يف مي���دان ّ‬ ‫عل���ي أن‬ ‫الش���هداء‪ ،‬وع���رض‬ ‫ّ‬ ‫طرابل���س الغرب ال���ذي يُفتت���ح ألول م ّرة أك���ون حم ّرراً يف جريدت���ه فاعتذرت إليه‬ ‫ْ‬ ‫أخ���ض ّ‬ ‫أي جترب���ة صحف ّي���ة يف‬ ‫ع���ام ‪1953‬م‪ ،‬وكان يف بداي���ة تأسيس���ه بأ ّن���ي مل‬ ‫الصحافة‪،‬‬ ‫الس���ابق‪ ،‬وليس لي عهد بعم���ل ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫واخرتت‬ ‫حمتاج���اً إىل موظف�ي�ن إلدارت���ه‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫وع ّينت في���ه حم ّرراً فأجاب�ن�ي بأنه ملس اس���تعدادي للكتابة من‬ ‫اجملل���س التش���ريعي‪ُ ،‬‬ ‫ملضابط جلس���اته بدرجة أعل���ى من درجة خ�ل�ال حتريري ملضابط جلس���ات اجمللس‬ ‫التعليم‪ ،‬وبقيت فيه عش���ر سنوات‪ ،‬تد ّرجت ال ّتش���ريعي الذي كان رئيس���اً له يف دورته‬ ‫معج���ب بأس���لوبي وقدرت���ي‬ ‫خالهلا بني وظائفه حتى وصلت إىل أعلى األوىل‪ ،‬وأن���ه‬ ‫ٌ‬ ‫وظيفة إدارية فيه‪ ،‬وهي السكرتري العام‪ .‬على صياغة األفكار بشكل واضح ومش ّوق‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫وقبل���ت أل ّن���ه أثار يف نفس���ي رغبة كامنة‬ ‫وكان ي���ؤم جل���ان اجملل���س التش���ريعي‬ ‫ّ‬ ‫اإلداري احملدود‪،‬‬ ‫وجلس���اته كب���ار القانوني�ي�ن املصري�ي�ن يف الكتابة خارج ال ّنط���اق‬ ‫التابع�ي�ن إلدارة التش���ريع والقضاي���ا وحبثاً عن جمال أوسع لل ّتعبري وال ّتنفيس‬ ‫تدج بها‬ ‫وكنت أمسع وأق���رأ آراء عن شحنات األفكار واخلواطر اليت ّ‬ ‫ُ‬ ‫بنظ���ارة الع���دل‪،‬‬ ‫ه���ؤالء القانونيني وردودهم على األس���ئلة نفوس ّ‬ ‫الشباب يف ذلك الوقت‪ .‬بقيت مشكلة‬ ‫واالستفس���ارات‪ ،‬وكن���ت أق���وم بكتاب���ة‬ ‫احملاض���ر والتقاري���ر‪ ،‬واملذك���رات‪ ،‬فتك ّون‬ ‫لي بذل���ك رصيد ال ب���أس به م���ن الثقافة‬ ‫القانوني���ة والتم���رس بصي���غ اللوائ���ح‬ ‫والقوان�ي�ن‪ ،‬وكانت فرتة عملي يف اجمللس‬ ‫التشريعي خصبة ثريّة توفرت لي خالهلا‬ ‫اخل�ب�رة اإلداري���ة‪ ،‬والق���درة عل���ى كتابة‬ ‫الرس���ائل والتقاري���ر واملذك���رات وغريها‪،‬‬ ‫كب�ي�ر فيم���ا‬ ‫إجياب���ي‬ ‫وكان لذل���ك أث���ر‬ ‫ٌ‬ ‫ّ‬ ‫استقبلت بعد ذلك من مناصب أو ما أ ّلفته‬ ‫كتب‪.‬‬ ‫من‬ ‫ٍ‬ ‫يف أثن���اء عمل���ي الوظيف���ي الرمسي كنت‬ ‫أواص���ل تعليمي وتثقيف���ي الذاتي‪ ،‬وكنت‬ ‫أش���ارك يف الن���دوات واللق���اءات الفكري���ة‪،‬‬ ‫واحملاض���رات ال�ت�ي كانت ّ‬ ‫تنظ���م يف نادي‬ ‫االحت���اد عندما كانت الن���وادي الرياضية‬ ‫تهت���م برياض���ة الفك���ر‪ ،‬جبان���ب اهتمامها‬ ‫ّ‬ ‫برياضة الب���دن‪ ،‬ومت ّرن عض�ل�ات الثقافة‬ ‫وه���ي أ ّنين ّ‬ ‫ُ‬ ‫اخلدمة املدن ّية‬ ‫وقانون‬ ‫موظف‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫كما مترن عضالت اجلسم‪.‬‬ ‫َ‬ ‫الصح���ف‬ ‫مين���ع‬ ‫املوظ���ف م���ن الكتاب���ة يف ّ‬ ‫•فرتة اللجنة الثقافية بنادي االحتاد‬ ‫السياس��� ّية‬ ‫وخباص���ة م���ا يتعّل���ق باألم���ور ّ‬ ‫ٍ‬ ‫وق���د تعلمن���ا يف برام���ج اللجن���ة الثقافية‬ ‫ّ‬ ‫املداخ�ل�ات وال ّنقاش وتبادل ونق���د احلكومة واجله���ات الرمس ّية‪ ،‬وذلل‬ ‫بنادي االحتاد‬ ‫ِ‬ ‫أختف���ي وراء‬ ‫اآلراء‪ ،‬وكان���ت حتدث مش���ادات تصل إىل األس���تاذ ه���ذه املش���كلة ب���أن‬ ‫َ‬ ‫اس���م مس���تعار أو ترتك كتاباتي بال اس���م‬ ‫احلدة يف موضوعات تعليم املرأة والس���فور‬ ‫ٍ‬ ‫ومش���كالت الزواج وغريها‪ ،‬وال أنس���ى دور باعتبارها صادرة من اجلريدة نفسها‪.‬‬ ‫الن���ادي الثقايف الذي كان يرأس���ه الش���يخ وب���دأت الكتاب���ة يف جري���دة (الّلييب) وفتح‬ ‫وش���جعين مادّياً‬ ‫عب���د الس�ل�ام خلي���ل ‪-‬رمح���ه اهلل‪ -‬وكان لي ال ّرجل قلبه وجريدته‬ ‫ّ‬ ‫موقعه يف ش���ارع قوس الصرارعي باملدينة ومعنويّ���اً حي���ث كان يعطي�ن�ي مكاف���أة‬ ‫القدمي���ة‪ ،‬فق���د كان ه���ذا النادي س���احة ش���هريّة قدرها عش���رون دين���اراً‪ ،‬وكتبت‬ ‫االجتماعي‬ ‫ثقافية مميزة‪ ،‬وكان رئيس���ه م���ن ال ّروّاد اليوم ّي���ات واخلاط���رة وال ّنق���د‬ ‫ّ‬ ‫إلي بكتاب���ة افتتاح ّيات‬ ‫الذي���ن وضع���وا اللبن���ات األوىل لنهضتن���ا وال ّتعلي���ق‪ ،‬ثم عهد ّ‬ ‫أه���م ما فيه���ا‪ ،‬واملعبرّ ة عن‬ ‫الثقافي���ة احلديث���ة‪ ،‬ومن القالئ���ل الذين اجلري���دة وهي ّ‬ ‫جاه���دوا‪ -‬على الرغم من قل���ة اإلمكانات‪ -‬اتجّ اهه���ا وأفكارها‪ ،‬وكنت يف تلك املرحلة‬ ‫م���ن أجل إخ���راج البالد م���ن ظلمة اجلهل كش���أن ّ‬ ‫ّ‬ ‫الوط�ن�ي املعّب���أ بال��� ّروح‬ ‫الش���باب‬ ‫اليت كانت س���ادرة فيها بس���بب االحتالل ال ّنضالي���ة‪ ،‬واملش���اعر الوطن ّي���ة‪ ،‬وال ّرغب���ة‬ ‫اإليطالي الغاشم‪ ،‬وعهد اإلدارة الربيطانية العارم���ة يف ال ّتطور واخلروج من التخّلف‪،‬‬ ‫وممتلئ���اً غضب���اً وضيق���اً م���ن القواع���د‬ ‫احلالك‪.‬‬ ‫العس���كريّة األجنب ّي���ة يف بالدن���ا‪ ،‬وم���ن‬ ‫يب)‬ ‫•فرتة جريدة (اللّي ّ‬ ‫ويف عام ‪1958‬م أعاد األس���تاذ على الديب املعاه���دات الربيطان ّي���ة واألمريك ّي���ة ال�ت�ي‬ ‫كانت أغ�ل�ا ً‬ ‫ال يف أعناقنا وخنق���اً حل ّريتنا‬ ‫‪-‬رمحه اهلل ‪-‬إص���دا َر جريدته األس���بوع ّية‬

‫ُ‬ ‫وكنت‬ ‫والسيادة‪،‬‬ ‫وإهداراً ملعنى االستقالل ّ‬ ‫أقرأ االفتتاح ّية بعد إعدادها على األس���تاذ‬ ‫عل���ي‪ ،‬وأع���رض علي���ه أن حي���ذف منها ما‬ ‫ّ‬ ‫يش���اء‪ ،‬أو يعدّل م���ا قد يع ّرضه للمس���اءلة‬ ‫صاحب‬ ‫أو األذى أو إقف���ال اجلري���دة؛ أل ّنه‬ ‫ُ‬ ‫اجلريدة‪ ،‬واملس���ؤول عن ّ‬ ‫َ‬ ‫حرف يُكتب‬ ‫كل ٍ‬ ‫فيه���ا‪ ،‬ولك ّن���ه كان يص ّر عل���ى أال حيذف‬ ‫ويتحم���ل ّ‬ ‫كل‬ ‫ش���يئاً م���ن االفتتاح ّي���ة‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫املس���ؤولية إلميانه ّ‬ ‫بكل ما كتبته وقناعته‬ ‫َ‬ ‫التام���ة ب���ه‪ ،‬وحرصه على أن يُق���ال‪ ،‬ويبلغ‬ ‫م���ن يعنيهم ال���كالم‪ ،‬وهي ش���جاع ٌة كان‬ ‫يتحّلى بها األستاذ علي الدّيب‪ ،‬رمحه اهلل‪.‬‬ ‫وظلل���ت أكت���ب يف جري���دة (اللي�ب�ي)‬ ‫ثالث���ة أع���وام‪ ،‬م���ن ‪1958‬م إىل ‪1960‬م‪،‬‬ ‫حي���ث أُقفلت اجلري���دة اليت كان���ت تنفد‬

‫أعداده���ا بعد س���ويعات م���ن صدورها كل‬ ‫مخيس‪ ،‬وكان الش���عب ينتظره���ا بلهفة؛‬ ‫ألنه���ا كان���ت تعرب ع���ن ضم�ي�ره وتعكس‬ ‫هموم���ه‪ ،‬وكانت ه���ذه اجلريدة بالنس���بة‬ ‫ً‬ ‫مدرس���ة عظيمة تعّل ُ‬ ‫م���ت فيها الكثري‬ ‫إل���ي‬ ‫ّ‬ ‫فاس���تقام فيه���ا قلم���ي‪ ،‬وس���لس أس���لوبي‪،‬‬ ‫واتس���عت آفاق تفكريي‪ ،‬ومنا فيها رصيدي‬ ‫م���ن املش���اعر واألحاس���يس والتوعي���ة‬ ‫بالقضاي���ا الوطنية واكتس���بت فيها مراناً‬ ‫وخ�ب�رة مل أكتس���بها يف أي جم���ال آخ���ر‬ ‫خضت���ه يف حيات���ي‪ ،‬وأنا أدين به���ذا الفضل‬ ‫لألس���تاذ عل���ى الديب ال���ذي كان ش���اعراً‬ ‫وأديب���اً وقانوني���اً‪ ،‬وكان رج ً‬ ‫ال ش���هماً على‬ ‫قّلة يف الرجال ذوي الشهامة‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫كتب���ت يف‬ ‫بع���د إقف���ال جري���دة (اللي�ب�ي)‬ ‫جرائد‪( :‬الرائد والطليعة واحلرية) وكان‬ ‫لي باب ثابت حتت عن���وان‪( :‬مع ال ّناس) يف‬ ‫جملة (طرابلس الغرب) اليت كان يرأس‬ ‫حتريرها األس���تاذ حممد الشاوش‪ ،‬رمحه‬ ‫اهلل‪.‬‬

‫‪21‬‬ ‫وجهة نظرى فى اخلالص‬

‫مسري بن علي‬ ‫صحي���ح أن رحل���ة الوص���ول للمؤمترالع���ام ‪ ،‬ال���ذى‬ ‫أصب���ح غ�ي�ر ش���رعى بالنس���بة ىل ش���خصيا عندم���ا‬ ‫خوف���ه "البعض م���ن ‪ ،‬منهوكى األكت���اف ‪ ،‬عدميى‬ ‫ال���رأى " إلق���رار قانون العزل السياس���ى حتت طائلة‬ ‫التهدي���د ‪ ،‬مل تك���ن عش���وائية ‪ .‬لك���ن نقط���ة البداي���ة‬ ‫و الطري���ق حدده���ا أن���اس تنكروا لدولة اإلس���تقالل‬ ‫األوىل ودس���تورها الضامن الوحي���د للوحدة الوطنية‬ ‫‪ ..‬ويدعون املفهومية واإلستقراء السياسى السليم ‪.‬‬ ‫(‪)1‬‬ ‫إستعاروا إعالنا دس���تورىا كان مرادفا طبيعيا لكل‬ ‫إس���تعارات الش���ذوذ واإلحنراف والتش���رذم حنو بناء‬ ‫الدولة وإستقرار اجملتمع وتاطريه مبؤسسات فاعلة‬ ‫تكون كرحم شرعى لتوافق وطنى يلد رئيسا لليبيا ‪.‬‬ ‫واحلركة أصبحت تتم بشكل حيتوى على صعوبات‬ ‫وممانع���ات قد تق���ود إىل إقتتال داخل���ى ‪ .‬والعاصمة‬ ‫طرابل���س جي���ب تغيريه���ا م���ن مدينة مربع���ة حيث‬ ‫بعض مكونات الش���عب الليبى أقرب اليها من س���واها‪،‬‬ ‫إىل عاصم���ة دائري���ة حبي���ث تك���ون أج���زاء اجملتمع‬ ‫عل���ى مس���افات متس���اوية منه���ا بص���رف النظر عن‬ ‫تقس���يماتهم فق���رب اجلميع من العاصمة وتس���اوى‬ ‫املسافات هو موضع اإلعتبار والعدالة احلقيقيني ‪.‬‬ ‫(‪)2‬‬ ‫املؤمتر كجس���د أصبح هزي�ل�ا ومل يعد يتمتع ببنية‬ ‫قوي���ة وفتية تؤهله حلياة طويل���ة وصحيحة فنالت‬ ‫من���ه الش���يخوخة ولن يتأخ���ر املوت عن���ه ‪ .‬وكهيكل‬ ‫أصب���ح ال عالق���ة ل���ه مبزاولة جي���دة و أمين���ة وغري‬ ‫مصلحية لفن احلكم والتشريع ‪ ،‬إمنا هو حرصا على‬ ‫إمتيازات من قوت هذا الذى إنتخبهم فقط‪.‬‬ ‫(‪)3‬‬ ‫احلكومة ‪ ..‬ال تقوم إال بكل هامش���ى وثانوى بالنسبة‬ ‫لله���دف احلقيق���ى وه���و تقدي���م خدم���ات للمواطن‬ ‫الليب���ى ‪ .‬رئي���س حكوم���ة مل يظهر كياس���ة وحنكة‬ ‫‪ ،‬واملعرف���ة املتخصص���ة الت���ى إدعاها يوم���ا ‪ ،‬او املهارة‬ ‫املطلوب���ة الت���ى جتعلنن���ا نطمئ���ن بأنه س���ينجح فى‬ ‫خدمة الواطن ومتكين���ه أن حييا حياة طبيعية ‪ ،‬ألن‬ ‫قيمة احلكومة تقاس مب���دى إجنازها هلذا الغرض ‪.‬‬ ‫وهذه هى املس���ؤلية املشرتكة بني احلاكم واحملكوم‬ ‫التى فشل فيها السيد رئيس احلكومة‪.‬‬ ‫(‪)4‬‬ ‫ليبي���ا حتتاج إلحق���اق احل���ق وإبطال الباط���ل ‪ ..،‬وال‬ ‫حتت���اج أن���اس يتكلم���ون م���ع الش���عب مبنط���ق املنة‬ ‫واجلمي���ل ألنه���م ه���م م���ن قاتل ف���ى اجلبه���ات ‪ ،‬وال‬ ‫حتتاج ‪ ،‬لعابر س���بيل ‪ ،‬أو أحدا يكون ظل اهلل فى ليبيا‬ ‫‪ ..‬حتتاج بس���بب هذه التغريات والتطورات عن طريق‬ ‫مب���دأ اإلمجاع الذى يرتج���م باإلتفاق اجلماعى ‪ ..‬أن‬ ‫نتح���اور فى دائرة من���اخ رأى حول العودة للش���رعية‬ ‫الدس���تورية ‪ ،‬وإق���رار دس���تورها ‪ ،‬وتفعي���ل قان���ون‬ ‫إنتخاباتها الذى أقره برملانها قبل إغتصاب الس���لطة‬ ‫واإلنق�ل�اب عل���ى ش���رعيتها لينتخب الش���عب الليبى‬ ‫به���دوء رئيس���ا ل���ه ‪ ..‬وبعده���ا ‪ ..‬نبنى بلدنا ونؤس���س‬ ‫احزابها ونعدل دس���تورها حس���ب مقتضيات املعيش���ة‬ ‫واحلاجة وطموحات الش���باب‪ ..‬بدون إدعاء بطولة أو‬ ‫كهنوت او س���حر ‪ .‬حنتاج " حنن " فقط ‪ ...‬لنتفاهم‬ ‫نظرا ألننا تركنا تارخين���ا الوطنى واهملناه كثريا‬ ‫وه���و جب���دارة ميك���ن البناء علي���ه و اإلنط�ل�اق عربه‬ ‫للمستقبل ‪.‬‬


‫‪22‬‬

‫ميادين الفن‬

‫السنة الثالثة ‪ -‬العدد ( ‪ 18 - 12 ( - ) 131‬نوفمبر ‪)2013‬‬

‫خليل العرييب‬

‫فنان من بالدي‬ ‫يوسف بن صرييت‬

‫الفنان‬ ‫حممد خمتار‬

‫•ول���د الفن���ان واملط���رب حممد خمت���ار ( حممد‬ ‫الزريدي ) العام ‪ 1938‬مبدينة بنغازي ‪.‬‬ ‫•ويعت�ب�ر م���ن الفنانني القدام���ي يف جمال الغناء‬ ‫ومن مؤسس�ي�ن قس���م املوس���يقي ببنغازي صحبة‬ ‫الفنانني علي الش���عالية والسيد بومدين وسليمان‬ ‫بن زبلح وغريهم‬ ‫•كان���ت بدايت���ه مع الغن���اء منذ إفتت���اح اإلذاعة‬ ‫وقدمه الفنان الراحل رجب البكوش الذي صاحبه‬ ‫يف إنش���اء فرقة صغرية للغناء واملوسيقي مبنطقة‬ ‫س���يدي خريبيش ثم قدمه للراحل علي الشعالية‬ ‫بصفته رئيس���ا لقس���م املوس���يقي والذي أجري له‬ ‫جتربة غين خالهلا بعض األغاني الشرقية لفريد‬ ‫األطرش وبعض األغاني الش���عبية حيث مت ضمه‬ ‫إلي فرقة اإلذاعة يف بداية تأسيسها ‪.‬‬ ‫•قدم له علي الشعالية أولي أغانيه بعنوان (عقلي‬ ‫وعي�ن�ي) وهي م���ن كلم���ات الراح���ل عبداحلميد‬ ‫مس���اعد ث���م حلن ل���ه الراحل عل���ي ق���دوره اغنية‬ ‫(وح���ق الغ���رام) كلم���ات الش���اعر الراحل حممد‬ ‫املرميي ‪.‬‬ ‫•إنطل���ق بعدها يف مس�ي�رة الغناء وغ�ن�ي لغالبية‬ ‫امللحن�ي�ن يف تلك الفرتة وأصبح ل���ه رصيد كبري‬ ‫من األعمال الغنائية مبكتبة اإلذاعة ‪.‬‬ ‫•من أبرز األعمال اليت ساهمت يف شهرته أغنية‬ ‫( لي���ش دمعتك ) اليت حلنها الفنان يوس���ف العامل‬ ‫م���ن كلم���ات الش���اعر الغنائ���ي الراح���ل حمم���د‬ ‫خملوف ‪.‬‬ ‫•مل حي���اول الفن���ان حممد خمت���ار تعلم العزف‬ ‫عل���ي اآلالت املوس���يقية رغ���م ثقافت���ه املوس���يقية‬ ‫اليت إكتس���بها من العمل م���ع الكثري من امللحنني‬ ‫ومل حياول التلحني إميانا منه بالتخصص وحيت‬ ‫يتي���ح الفرص���ة للملحن�ي�ن ألداء أعماهل���م ال�ت�ي‬ ‫يسندوها له ‪.‬‬ ‫•يعترب الفنان حممد خمتار من مؤسس���ي نقابة‬ ‫الفنان�ي�ن وأخت�ي�ر لعضوي���ة أول جمل���س للنقابة‬ ‫العام���ة للفنان�ي�ن وال�ت�ي ترأس���ها الفن���ان الراحل‬ ‫حسن عرييب العام ‪. 1976‬‬ ‫•إعت���زل الفن���ان حمم���د خمت���ار الغن���اء مبك���را‬ ‫وإلتح���ق بالعم���ل اإلداري باإلذاع���ة ولكنه ال زال‬ ‫يشارك زمالئه الفنانني يف احلياة الفنية ‪.‬‬

‫لقاء مع الشاعر الغنائى خليفة فرج‬ ‫ريم العبدلي‬ ‫*التقيت���ه بوزارة الثقافة فس���عدت بلقائه‬ ‫فهو م���ن مبدع���ى الس���احة الفني���ه أعطى‬ ‫الكث�ي�ر للفن فتميز فى عط���اءه عاني مثل‬ ‫رف���اق درب���ه من تهمي���ش الف���ن والفنانني‬ ‫ومت�ن�ي أن يك���ون احل���ال افض���ل برغم من‬ ‫استياءه من الوضع احلاىل ايضا طموحاته‬ ‫رائعة وبس���يطة دعواته جلمي���ع بالتوفيق‬ ‫الس���ائدة عل���ى لس���انه ص���ارم كعادته فى‬ ‫اخت���ذ قراراته إجابات���ه واضحه وصرحية‬ ‫ب���دأت احلدي���ث معه ف���كان حوارنا متس���م‬ ‫جبديه وابتدئته ‪:‬ـ‬ ‫سريته الذ اتيه ‪:‬‬ ‫* خليف��ة ف��رج املصرات��ى مط��رب االغني��ه‬ ‫الفكاهيه ما يعرف(باملولونوج )‬ ‫كت���ب االغني���ه العاطفيه مت اجتاه لش���عر‬ ‫الفكاهى الذى عرفه الشاعر حافظ ابراهيم‬ ‫بش���عر احللمنتيش���ى كت���ب املسلس�ل�ات‬ ‫الدرامي���ة وب���داء حيات���ه كصحف���ى ف���ى‬ ‫جريده احلقيقة عام ‪1964‬م كما كتب‬ ‫املق���االت الس���اخرة وأس���س صفح���ه ف���ى‬ ‫صحيفة احلقيقة باسم للجميع فقط‬ ‫* يعل��م االغلبي��ه ب��ان الش��اعر خليف��ة فرج‬ ‫لديه العديد من االعمال‬ ‫الغنائي��ه ولكن ايهما االقرب اليك من بني هذه‬ ‫االعمال استاذى ؟‬ ‫* ج���رت العادة عندما يس���أل الش���اعر عن‬ ‫اعماله يق���ول كلهم كا ابنائ���ى وال فرق‬ ‫بينهما ولكن عندما يتقدم بنا الزمان جند‬ ‫اننا ما قدمنه فى الصغر مل يكن فى املستوى‬ ‫الذى كنت ارغب فيه و بس���ب خيتلف عن‬ ‫املراحل العمريهـ *اش���هر اعمالك الغنائيه‬ ‫واالفكاهيه واملسلس�ل�ات ؟؟ اش���هر األغانى‬ ‫‪:‬ـ والالن���دم ينفعن���ا (للفنان حممد خليل )‬ ‫الإنعاتبك ال إنقول اه للفنان حممد حسن‬ ‫‪,,‬طل القم���ر ‪,,‬ال تغربى يا مشس (لس���يف‬ ‫النصر)‬ ‫االخرى مسلسالت ‪:‬ـ احلاج فرج ‪ ,,‬دنيا حظ‬ ‫وظ‬ ‫اىل جان���ب العدي���د م���ن االعم���ال االعمال‬ ‫الفكاهي���ه ‪:‬ـ اش���تغلت قارئ���ة الفنج���ان –‬ ‫برنية وغريها ‪.‬‬

‫*ـ رأيك فى االعالم‬ ‫والثقاف��ة االن وخاص��ة فى وقت الت��ى تعدد ت‬ ‫فيه القنوات االعالميه ؟‬ ‫بصراح���ة االع�ل�ام ليس اعالم س���يدتي‬ ‫الفاضل���ة ألن���ه يعتمد عل���ى اس���لوب الكم‬ ‫وليس الكيف برغ���م من انه جيب ان يكون‬ ‫االع�ل�ام كي���ف ولي���س ك���م ‪ ,,‬برغم من‬ ‫تعدد القنوات االعالميه ال انها لألس���ف مل‬ ‫تعطى لنا ش���ئ فا العديد من اللقاءات التى‬ ‫جت���رى االن يس���تعملون لألس���ف اس���لوب‬

‫التهك���م واخ���ص به���ذا ال���كالم قن���اة ليبي���ا‬ ‫اوال يتنس���ون بان االع�ل�ام كلمتني اجياد‬ ‫دس السم فى الدس���م الن من املفرتض ان‬ ‫نعطى الش���ى ال���ذى نرغب فيه ف���ى القلب‬ ‫التى انت حامل���ه وال حوله وال قوه إال باهلل‬ ‫ام���ا الثقافة ‪:‬ـ لألس���ف ايض���ا مازالت منرب‬ ‫لالستغالل وذلك من خالل ما شهدنه من‬ ‫العق���ود املربم���ه فهى ال حتم���ل اى نوع من‬ ‫الثقافة مثل العقود التى وقعت اىل الشعراء‬ ‫الشعبني س���ابقا كان يوجد امتحانات من‬ ‫حيت الش���كل واألداء واجملموع���ة الصوتيه‬ ‫بعك���س االن اصب���ح ال���كل يس���تطيع الغناء‬ ‫ويطلق عليه لقب فنان‬ ‫ـ م���ا ه���ى الصعوب���ات الت���ى وجهت���ك ؟؟‬ ‫الصعوبة هى ان نستمر على هذا احلال‬ ‫*ـ رأيك ف��ى االعالميني اجلدد االن فى اداءهم‬

‫للعمل االعالمى؟؟‬ ‫االعالم علم قائم واإلعالم رسالة كبريه‬ ‫واإلع�ل�ام ال جيب ان يكون بوق للدولة وال‬ ‫يعن���ى هذا ان يص���رح وميرح عل���ى كيفه‬ ‫االعالم التزام االعالم قدس جيب ان نقف‬ ‫فى حمرابه خاشعينـ‬ ‫طموحات��ك عل��ى الصعيدي��ن املهن��ى‬ ‫الشخصى ؟؟‬ ‫* الصعيد الش���خصى ‪:‬ـ قد حتقق واحلمد‬ ‫اهلل عن���دى بيت فيه مطبخ و س���ت طناجر‬

‫وس���يده امسه���ا زوجتى وابنائ���ى من جتوز‬ ‫منه���م ومن ينتظ���ر على الصعي���د املهنى ‪:‬ـ‬ ‫امتنا الذى احببت���ه منذو صغرى وخطوات‬ ‫فيها مش���وارى الطويل قد اكون قد افنيت‬ ‫فيه عم���را و ان اراه فى حال افضل من هذا‬ ‫احلال‬ ‫كلمه خنتم بها حوارنا ؟؟‬ ‫بعد اكثر من س���بع س���نوات وبعض س���ن‬ ‫التقاع���د وج���اءت اىل وزاره الثقاف���ة مل���رة‬ ‫االوىل وجدت بناتى التى تربن معنا فرحت‬ ‫بشده وأمتين ان يعيشوا بسعادة واطلب من‬ ‫اهلل ان يوفقكم وال تروا املر الذى رأيناه‬

‫هند صربي ‪ :‬أنا لست ممثلة قبالت‬ ‫تق���ول الفنان���ة التونس���ية هن���د‬ ‫صربي أنه���ا واجهت حروب���ا وحتديات‬ ‫علنية وخفية عندما ج���اءت إلي مصر‬ ‫لتحقي���ق أحالمه���ا كفنان���ة ترغب يف‬ ‫النجومية والشهرة ‪.‬‬ ‫وأك���دت بأن الطريق إلي النجومية‬ ‫والشهرة مل يكن مفروشا بالورود كما‬ ‫يظن البعض ب���ل كان مليئا بالصعاب‬ ‫وخاص���ة م���ن الفنان���ات املصري���ات‬ ‫وتعرض���ت ه���ي وغريه���ا م���ن الفنانات‬ ‫العربيات للتش���ويه وحورب���ن حيت من‬ ‫قبل اإلعالم والصحافة والنقاد ‪.‬‬ ‫وأضاف���ت الفنان���ة هن���د ص�ب�ري أن‬ ‫كثريا م���ن الفنانات العربي���ات الالئي‬ ‫جئن���ا إل���ي مص���ر وقعن���ا يف الكثري من‬

‫الصعوب���ات والعراقي���ل ولكن باإلصرار‬ ‫والثبات واصل���ن طريقهن حنو النجاح‬ ‫والنجومية ‪.‬‬ ‫وتق���ول يف تصريح جمللة ( هلا ) لقد‬ ‫لقبوني بفتاة القب�ل�ات ولكن اجلمهور‬ ‫العرب���ي عرف�ن�ي م���ن خ�ل�ال أفالم���ي‬ ‫ومسلس�ل�اتي الناجح���ة فني���ا واألداء‬ ‫املتمي���ز وهو ما مهد الطري���ق للفنانات‬ ‫العربيات الالئي يعملن يف اجملال الفين‬ ‫يف مصر حاليا ‪.‬‬ ‫م���ن املعل���وم أن الفنانة هند صربي‬ ‫تس���تعد حاليا لتصصوير اجلزء الثاني‬ ‫من فيلم ( اجلزيرة ) من إخراج شريف‬ ‫عرفة ويقامسها البطولة أمحد السقا ‪.‬‬


‫ميادين الرياضة‬

‫السنة الثالثة ‪ -‬العدد ( ‪ 18 - 12 ( - ) 131‬نوفمبر ‪)2013‬‬ ‫أمحد بشون‬

‫حمجوب بوكر‬ ‫أحد أساطني القلعة الزرقاء‬ ‫فتحي الساحلي‬

‫عش���ق كرة القدم منذ نعومة أظافره ‪ ..‬احبها بش���غف ش���ديد‬ ‫‪،‬وجد عش���قه و حبه و هيامه يف ذلك الفريق الصغري الذي اس���هم‬ ‫يف اش���هاره يف تلك احلجرة بشارع احلش���ر حيث كان يقيم (سي‬ ‫مصطفى بوسته)ع ّراب اهلالل ‪.‬‬ ‫ع���رف عن���ه منذ البداية الغ�ي�رة و اجلهد و العطاء و االخالص‬ ‫للعبة و لذوي القمصان الزرقاء ‪..‬شكل مع املتناغم علي الشعالية‬ ‫ثنائياً خطرياً مجع ما بني اللمس���ات الفنية و اجلد و العطاء بدون‬ ‫ح���دود ‪..‬عزف م���ع باق���ي الدراويش س���يموفونية الس���تينيات يف‬ ‫املالع���ب الليبية ‪،‬أمحد االش���هب ‪،‬عبد الس�ل�ام الورفل���ي ‪،‬ارحيمة‬ ‫ش���تيوي ‪،‬ميل���ود عرييب ‪،‬دمي���س الكبري‪ ،‬عم���ران الع���ريف ‪..‬أولئك‬ ‫الدراوي���ش الذين قدموا كرة متطورة ج���دا ‪..‬كان ادائهم غريباً‬ ‫يف زمن كان (املُخّلص)هو كل شئ و اعين هنا الذي ينهي املباراة‬ ‫لص���احل الفري���ق ‪ ..‬خرجوا علين���ا جبوقة موس���يقية كانت بغاية‬ ‫الروعة و االبداع ‪.‬‬ ‫كان حمج���وب بوك���ر (دينمو)تل���ك املاكين���ة و رج���ل ذلك‬ ‫الفريق ‪..‬و قلبه ايضاً ‪.‬‬ ‫كان ال حيب اخلس���ارة و يكره االحباط لذلك كان يبذل جهداً‬ ‫يف امللعب يضاه���ى جهد ثالثة العبني ‪..‬و كان يلعب الكرة مببدأ‬ ‫السالمة لكي ال يقع يف اخلطأ و تذهب الكرة اىل اخلصم ‪ ..‬كان‬ ‫يلع���ب الكرة و ميرره���ا دائما بداخل الرج���ل او كما يطلق عليها‬ ‫االيطاليون (البياتي)او الصحن ‪.‬‬ ‫عرفته يف الس���تينات و كنت معجباً بتس���ديداته خارج منطقة‬ ‫اجلزاء كانت قوية و حمكمة ‪.‬‬ ‫كان حيمل دائما شارة رئيس الفريق و كانت الفانلة باللون‬ ‫االزرق و كانت االشارة باللون االبيض و ضعها حمجوب بوكر‬ ‫على قلبه متاما اخاطها بنفسه ألنه كان يف صغره يعمل كصيب‬ ‫يف حم���ل خياطة ‪ ..‬تلك الفانلة ال�ت�ي حتمل الرقم (‪)10‬احتفظت‬ ‫بها يف منزلي ألني قد لعبت بها بعد جميء الي القلعة الزرقاء يف‬ ‫سبعينيات القرن املاضي ‪.‬‬ ‫لع���ب حمجوب لله�ل�ال مباريات رائعة و ذاق مع فريقه حالوة‬ ‫النص���ر و جترع مرارة اهلزمية و احرز معه الكثري من البطوالت‬ ‫و الك���ؤوس و اعطته ممارس���ته للعبة الس���باحة النف���س الطويل‬ ‫الذي استفاد منه يف تكملة زمن املباراة بدون تعب ‪.‬‬ ‫حمجوب بوكر أحد راقصي (اهلالهوب)و هو الذي جعل الفريق‬ ‫يوما يرس���م عند دخوله للملعب اهلاله���وب بدورانهم على دائرة‬ ‫منتص���ف امللع���ب و احالوا بذلك اس���لوب الذم اىل مي���زة و طراز و‬ ‫اس���لوب و فرحة ‪..‬لعب ايضا ملنتخب بنغ���ازي و منتخب ليبيا عدة‬ ‫مباريات و اختري يف الدورة العربية الثانية و اليت جرت يف بريوت‬

‫‪23‬‬ ‫‪23‬‬ ‫‪11‬‬ ‫كليمنيت لن‬ ‫يستطيع‬ ‫احد االخوة املهتمني و املتابعني للنشاط الرياضي‬ ‫و خاصة كرة القدم وجه لي س���ؤاال مباشرا قائال‬ ‫ل���ي ‪( -:‬ه���ل تعتق���د ان امل���درب االس���باني للفريق‬ ‫الوطين كليمنيت سوف يستطيع ان جيهز و يعد‬ ‫لن���ا فريقا وطني���ا نفتخر به يف مس���تقبل االيام و‬ ‫الس���نني بع���د ان عجزنا على حتقيق ذلك س���نوات‬ ‫و سنوات ؟‬ ‫قلت ل���ه ‪(-:‬اصارح���ك القول انه لن يس���تطيع ال‬ ‫ه���و و ال غريه و ليس ردي ه���ذا ناتج عن الظروف‬ ‫و الصعوب���ات اليت تعيش���ها بالدن���ا االن و املتعلقة‬ ‫بفق���دان االمن و االس���تقرار و اليت تش���كل عواقب‬ ‫حقيقي���ة ام���ام اجلمي���ع و تؤثر على ه���ذا الوطن‬

‫عام ‪ 1957‬ليمثل ليبيا يف تلك الدورة ‪.‬‬ ‫حمج���وب بوك���ر عاش���ق اهل�ل�ال و الالع���ب الرجول���ي واح���د‬ ‫مؤسس���ي تلك القلع���ة كيف جعلته الظروف ي�ت�رك حمبوبته و‬ ‫يش���د الرحال و بأمل و حسرة اىل نادي التحدي ليلعب له و يرتك‬ ‫قلبه هناك ع���ذراً صديقي مل امتنى لك تلك النهاية كنت امتنى‬ ‫ان تكرم يف احملراب الذي احببته و اعطيته عمرك و لكنها االقدار‬ ‫ي���ا صديقي ه���ي اليت تتحك���م فينا لكنه���ا ال تس���تطيع اطالقا ان‬ ‫تتحكم يف قلوبنا و يف حبنا و يف عشقنا االزلي ‪.‬‬ ‫حتي���ة اىل ذلك القلب الكب�ي�ر الذي احب كل ما حوله و اغتزل‬ ‫عشقه يف القلعة الزرقاء ‪.‬‬

‫الصور املرفقة‬ ‫‪ 1‬فريق اهلالل يف بداية تأسيسه‬ ‫‪ 2‬حمج���وب بوكر حيم���ل كأس البطولة الذي فاز به فريق‬ ‫اهلالل ‪..‬‬

‫املظلوم ‪.‬‬ ‫لي���س ه���ذا هو الس���بب فق���ط الن ه���ذا الواقع‬ ‫املرير لن يس���تمر بإذن اهلل تعاىل و الش���عب اللييب‬ ‫قادر بعون اهلل عل���ى االنتفاض و تغيري هذا الواقع‬ ‫و لكن ال���ذي دفعين بالرد عليك هذا الرد الذي قد‬ ‫يكون حمبطا لك ‪.‬‬ ‫ان مسألة اعداد فريق وطين سواء لكرة القدم بل‬ ‫ولكل االلعاب موضوعا يتعلق مبنظومة متكاملة‬ ‫‪ ..‬منظومة موضوعة على اساس علمي من خالل‬ ‫رؤي���ة اس�ت�راتيجيه تضعها دولة تؤم���ن برعاية و‬ ‫تنمية الشباب و تدرك اهمية الرياضة ‪..‬منظومة‬ ‫تتش���كل م���ن االندي���ة الرياضي���ة و االحت���ادات‬ ‫الرياضي���ة و جلن���ة اوملبي���ة و وزارة الش���باب و‬ ‫الرياض���ة و االعالم الرياضي و اجلماهري و تتوفر‬ ‫م���ن خالهلا بني���ة حتتية تتبن���ى برناجما يتم من‬ ‫خالله بن���اء املالعب و القاعات و كل س���بل البناء‬ ‫الرياضي ‪.‬‬ ‫و ه���ذه االس���س و غريه���ا ال تتوف���ر االن و حتتاج‬ ‫اىل تغ�ي�ر الثقاف���ة الس���ائدة و ما فيها من فس���اد و‬ ‫فاسدين ‪..‬هذا س���بب ردي عليك و انتظرني سوف‬ ‫اكت���ب وجهة نظ���ري تفصي�ل�ا ح���ول كل هذه‬ ‫العناصر‪.‬‬


‫املشاركة يف انتخابات جلنة الستني‬ ‫املشاركة يف مستقبل ليبيا‬ ‫السنة الثالثة ‪ -‬العدد ( ‪ 18 - 12 ( - ) 131‬نوفمبر ‪)2013‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.