العدد 139

Page 1

‫السنة الرابعة ‪ -‬العدد ( ‪( - ) 139‬‬

‫‪ 13 - 7‬يناير ‪) 2014‬‬ ‫‪WWW.miadeen.com‬‬

‫‪) 2014‬‬ ‫‪5 13‬يناير‬ ‫‪- 7 30‬‬ ‫‪( - () -139‬‬ ‫السنةالرابعة‬ ‫السنة‬ ‫‪)2012‬‬ ‫نوفمبر‬ ‫أكتوبر‪-‬‬ ‫العدد( (‪) 77‬‬ ‫الثانية ‪-‬العدد‬

‫السعر لألفراد ‪ 1 :‬دينار في ليبيا وتونس‬ ‫الثمن ‪ :‬دينار‬ ‫‪ -‬المؤسسات الحكومية والخاصة ‪ 3‬دينار‬

‫الدستور ‪ ....‬صيغة حقوقية أم صيغة توافقية‬


‫‪02‬‬

‫السنة الرابعة ‪ -‬العدد ( ‪ 13 - 7 ( - ) 139‬يناير ‪) 2014‬‬

‫الدستور ‪ ....‬صيغة حقوقية أم صيغة توافقية‬ ‫االفتتاحية يكتبها‬ ‫‪:‬طارق الشارف‬ ‫بن ساسي‬

‫ميادين صحيفة ليبية‬ ‫تصدر عن شركة ميادين للنشر وإالعالن والتدريب‬

‫عنوان الصحيفة ‪ :‬بنغازي ‪ /‬ميدان السلفيوم‬ ‫خلف عمارة شركة ليبيا للتأمين ‪ -‬فندق‬ ‫مرحبا سابقا ‪ -‬الدور األول‬

‫‪afaitouri_55@yahoo.com‬‬ ‫‪afaitouri.55@gmail.com‬‬

‫رئيس التحرير‬ ‫أمحد الفيتو ري‬ ‫املدير العام‬ ‫فاطمةغندور‬ ‫مدير إداري وعالقات عامة‬ ‫خليل العرييب‬ ‫‪0619082250‬‬ ‫‪0925856779‬‬ ‫مراسلو ميادين‬ ‫احلسني املسوري ‪ /‬درنة‬ ‫سلوى العالقي‪ /‬الزاوية‬ ‫خدجية االنصاري ‪ /‬اوباري‬ ‫عائشة صوكو ‪ /‬سبها‬

‫إخراج وتنفيذ‬

‫حسني محزة بن عطية‬ ‫طباعة‬ ‫دار النور للطباعة‬

‫م���ازال اجلدل حمتدم بني اجتاهني عريضني حول الصياغة األنس���ب لكتابة الدس���تور اللييب‪،‬‬ ‫فهناك من يتمسك مببدأ إقرار احلقوق يف عملية وضع وصياغة الدستور‪ ،‬ويدعمه أرث ثقايف‬ ‫ي���ري يف الدس���تور ضمان���اً ومالذاً‬ ‫ً‬ ‫ومحاي���ة حلقوقه الطبيعي���ة‪ ،‬وبني من يدع���و تلك األطراف‬ ‫املتمرتس���ة وراء هذا املبدأ إىل العدول عن بعض املطالب والتوافق حول قبوهلا أو رفضها س���عياً‬ ‫لتحقي���ق االتفاق حول الدس���تور الوليد‪ ،‬ويس���تند ه���ؤالء وأولئك على الطبيعة الس���رمدية أو‬ ‫األبدية للدس���تور وال يلوح يف األفق اليوم أي بوادر انفراج‪ ،‬ورمبا نشهد جتاذب إلي ما ال نهاية‪،‬‬ ‫ال وخمرجاً‬ ‫حتى تعالت األصوات من هنا وهناك تدعونا إىل العودة إىل نص دس���توري سابق ح ً‬ ‫من هذه اإلشكالية وغريها‪..‬‬ ‫غري أنين أتس���ال أال ميكننا حنن الليبيون صياغة نص دس���توري مؤقت يتضمن ما اتفقنا عليه‬ ‫او توافقنا حوله اآلن‪ ،‬ونفس���ح اجملال واس���عاً للحوار واالس���تماع لوجهات النظر املختلفة لدى‬ ‫بعضن���ا بعضاً‪ ،‬ويضم���ن لكل من له مطالب مش���روعة احلص���ول عليها مس���تقب ً‬ ‫ال‪ ،‬عرب احلوار‬ ‫واإلقناع واللجوء إىل آليات يضمنها الدس���تور الذي س���نصوغه اليوم من خ�ل�ال القضاء العادل‬ ‫وإقرار مبادئ املساواة والعدالة والكرامة اإلنسانية للجميع‪.‬‬ ‫أذا م���ا كان مكمن الداء يف اختالف اآلراء واألفكار والرؤى‪ ،‬فلماذا ال نفس���ح اجملال ليعرب ك ً‬ ‫ال‬ ‫منا عرب قنوات يضمنها الدستور اليوم كحرية التعبري والفكر واستقاللية وحيادية القضاء و‬ ‫العدالة واملواطنة وحرية التعبري وحرية التجمع واملطالبة‪.‬‬ ‫أن صياغة الدس���تور األمريكي ‪1788‬م‪ ،‬تقدم لنا منوذجاً جديراً بالكثري من التوقف والتفكري‪،‬‬ ‫فق���د مت صياغت���ه بني مجع من الفرقاء يصع���ب اجلمع بني مطالبهم ومش���اربهم‪ ،‬فقد كانت‬ ‫مس���ائل اخل�ل�اف القائمة واحلاضرة ج���د كبرية ولكن القادة واملؤسس�ي�ن متكن���وا من النجاح‬ ‫يف وض���ع دس���تور مت املوافقة عليه‪ ،‬وفتح���وا من خالله الباب واس���عاً على كل اس���هام وتعديل‬ ‫تقتضي���ه الضرورة واملصلح���ة‪ ،‬ومل يصروا على الصيغ���ة احلقوقية مع أهميته���ا وقبل الكثري‬ ‫منه���م نص���اًال يكفل بالض���رورة على امل���دي القريب الكثري م���ن احلقوق واحلريات األساس���ية‬ ‫كحق املواطنة للمرأة وحق املس���اواة و االنتخاب للعبيد‪ ،‬وغريها من احلقوق املتعلقة حبماية‬ ‫املمتلكات واخلصوصية‪ ،‬ومجلة من احلريات كحرية التعبري والعبادة والتظاهر والصحافة‪...‬‬ ‫ولكنهم جنحوا يف وضع مبـادئ وأسساً عامة وقدموا ضمانات وتعهدات للعمل على ضمان تلك‬ ‫احلقوق مستقب ً‬ ‫ال من خالل التعديالت الدستورية‪ ،‬ومتكنوا من احلصول على حقوق وحريات‬ ‫يف ضوء الدستور ومن خالل التعديالت الالحقة تتجاوب بشكل كبري لكافة مطالب احلريات‬ ‫واحلقوق اليت يسعى هلا الليبيون اليوم‪.‬‬ ‫أن صفة الدميومة للدستور جيعلنا حريصني على أن يتضمن القدرة على التطوير لالستجابة‬ ‫ملطالب اجملتمع األخذ يف النمو على حنو مطرد‪ ،‬بدل التمسك بتضمينه كافة املطالب واحلقوق‬ ‫اآلنية‪ .‬بل الواجب علينا اإلصرار على تضمن دستورنا احلالي القيم واحلقوق واملبادئ األساسية‬ ‫للعدالة واملساواة والكرامة اإلنسانية‪..‬‬ ‫أن كتابة الدس���تور اليوم حول املس���ائل املتفق عليها والقابلة للتوافق‪ ،‬وتعزيز نصه مس���تقب ً‬ ‫ال‬ ‫على ضوء ما نرغب وما يس���تجد وما نتوصل له من خالل حوار جاد وهادف‪ ،‬ومطالبة قانونية‬ ‫يكفلها الدس���تور‪،‬يعد سبي ً‬ ‫ري من السعي‬ ‫ال جلعل الدس���تور تعبرياً عن إرادة الشعب ونتاجاً له‪ ،‬خ ٌ‬ ‫عال من احلريات واليت قد تكون ذات نزعة مثالية‬ ‫لتحقيق مكاس���ب حقوقية أو ضمان‬ ‫ٍ‬ ‫س���قف ٍ‬ ‫أو حامل���ة الي���وم‪ ،‬وال تعكس حبال إال رأي ش���رحية أو خنبة أياُ كانت مش���اربها قد ترجعنا إىل‬ ‫املربع األول والتجربة الليبية الس���ابقة يف صياغة الدس���تور دليل على ذلك فقد تضمنت تلك‬ ‫التجرب���ة كماً هائ ً‬ ‫ال من احلقوق واحلريات يف الدس���تور وصاغه خنب���ة من أهل العلم والفكر‬ ‫ولك���ن ظ���ل غائباً عن الذاك���رة اجلماعية للجمه���ور ومل يكن يعين هلا الكث�ي�ر‪ ،‬ولكن األمر يف‬ ‫تقديري س���يختلف عندما يصاغ الدس���تور على أس���اس االتفاق والتواف���ق واملواكبة للتجربة‬ ‫ومن خالل بيئة حوار جاد راشد يسهم فيها قطاع واسع من خنب الشعب وعامته‪.‬‬


‫السنة الرابعة ‪ -‬العدد ( ‪ 13 - 7 ( - ) 139‬يناير ‪) 2014‬‬

‫جربيل يقدم خارطة طريقه للرئاسة‬ ‫قدم الدكت���ور حممود جربيل رئيس حتالف الق���وى الوطنية مبادرة‬ ‫جديدة حتت أس���م “مبادرة إنقاذ وطين” لألوضاع اليت تش���هدها ليبيا‬ ‫يف ه���ذه املرحلة‪ ،‬وذلك على خلفية قبول املؤمت���ر الوطين العام مبدئياً‬ ‫ملق�ت�رح متدي���د فرتة عمل���ه حت���ى ديس���مرب ‪ .2014‬وتتضم���ن مبادرة‬ ‫جربي���ل عددا من النق���اط أهمها نزع الس�ل�اح وتفكي���ك الكتائب وفتح‬ ‫حس���اب الس�ت�رداد األم���وال املنهوبة وإصدار عف���و عام لع���ودة الليبيني‬ ‫يف اخلارج والقيام بتعديل قانون العزل السياس���ي واس���تحداث منصب‬

‫رئيس الدولة على أن ينتخب بالتزامن مع انتخابات برملانية ‪.‬‬ ‫وتس���اءل جربيل يف مس���تهل حدي���ث تلفزيوني نقله عدد م���ن القنوات‬ ‫الليبي���ة قائ�ل�ا قبل القبول أو إق���رار متديد فرتة املؤمت���ر الوطين علينا‬ ‫أن نتس���اءل هل يس���تطيع املؤمتر الوط�ن�ي العام واحلكوم���ة املؤقتة أن‬ ‫حيقق���ا األم���ن واالس���تقرار لليبي�ي�ن للتمك���ن م���ن كتابة دس���تور يف‬ ‫ظروف مالئمة إذا مددنا للمؤمتر”‪ ،‬معربا عن تش���ككه يف قدرة املؤمتر‬ ‫واحلكوم���ة املؤقت���ة عل���ى حتقيق ذل���ك يف ظل م���ا نراه م���ن ضعفهما‬ ‫الواضح‪.‬‬ ‫وتن���اول جربي���ل يف حديث���ه املطول ع���ددا م���ن القضايا احمللي���ة املثارة‬ ‫للج���دل ويف مقدمته���ا الوضع األم�ن�ي وبناء اجليش والش���رطة ودمج‬

‫الثوار ومش���كلة انتش���ار الس�ل�اح وإهدار املال العام والوضع االقتصادي‬ ‫والتنمية واملصاحلة الوطنية والعدالة االنتقالية وإعداد الدستور‪.‬‬ ‫وأش���ار إىل أن الش���ريعة اإلس�ل�امية ه���ي هويّ���ة لليبيني وه���ي مصدر‬ ‫التش���ريع ويعت�ب�ر باطال كل م���ا خيالفها‪ ،‬مؤكداً عل���ى أهمية الدور‬ ‫الذي جي���ب أن تلعبه دار اإلفتاء بش���كل إجياب���ي يف املصاحلة الوطنية‬ ‫وبث روح العفو والتسامح‪.‬‬ ‫نزع السالح وتفكيك امليليشيات‬ ‫ويف م���ا خيص انتش���ار الس�ل�اح‪ ،‬قال “جربي���ل” جيب فتح معس���كرات‬ ‫اجليش لشراء الس�ل�اح اخلفيف واملتوسط حس���ب خطة زمنية يعدها‬ ‫ضباط اجليش وتتضمن قائمة أس���عار الس�ل�اح‪ ،‬أما األس���لحة الثقيلة‬ ‫فيج���ب تس���ّلم كل مدينة دباباته���ا وصوارخيه���ا وأس���لحتها الثقيلة‬ ‫إىل معس���كرات اجلي���ش عل���ى أن تذهب قيم���ة هذه األس���لحة الثقيلة‬ ‫إىل ميزانية املش���روعات اخلاصة بكل مدينة وبذلك نس���تبدل السالح‬ ‫باإلعمار والتنمية‪ .‬وش���دد “جربيل” عل���ى أهمية توظيف املؤهلني ويف‬ ‫مقدمتهم الثوار يف مس���ار الدولة وإصدار قانون مينع تس���ليم الليبيني‬ ‫لدول أجنبية يف مغازلة واضحة للتيار اإلس�ل�امي املتشدد بعد عملية‬ ‫اختط���اف ابوان���س اللي�ب�ي ‪ ،‬وضرورة فتح ب���اب ال���دورات التدريبية يف‬ ‫اجمل���ال األم�ن�ي مش�ي�راً إىل أن انتش���ار الس�ل�اح وتزايده ين���ذر يف األمد‬ ‫البعيد‪ ،‬ال مسح اهلل‪ ،‬بصراع أهلي قد يدفع اجملتمع اللييب مثنه باهظا‪.‬‬ ‫ولف���ت إىل أن ه���ذا الوضع ميث���ل بيئة خصب���ة للمؤام���رات اخلارجية‬ ‫واجلوسس���ة م���ن قب���ل املخابرات مش�ي�را يف ه���ذا الص���دد إىل أن هناك‬ ‫اتص���االت جت���رى ب�ي�ن دول عربية وغربي���ة تتآمر على مس���تقبل هذا‬ ‫الوط���ن ووح���دة تراب���ه وأن ال�ت�راب اللييب أصب���ح مس���تباحاً من كل‬ ‫خماب���رات الدني���ا‪ ،‬وهل���ذا ال غنى لنا عن اجليش والش���رطة وال س���بيل‬ ‫لتكوين أجهزة بديلة‪.‬‬ ‫انتخابات رئاسية يف يونيو ‪2014‬م‬ ‫واق�ت�رح “جربيل” إط�ل�اق برنام���ج التمكني االقتص���ادي واالجتماعي‬ ‫للش���باب يمُ نح هل���م مبوجبه قرض ش���امل حيوي س���كنا ونفقات زواج‬ ‫ومش���روعا اقتصادي���ا صغ�ي�را ح�ت�ي ال نتح���ول إىل عس���كرة اجملتم���ع‪.‬‬ ‫وطرح عدة خيارات يف هذه املبادرة‪ ،‬من بينها اس���تئناف العمل بدستور‬ ‫‪ ،1963‬وسحب الثقة من حكومة علي زيدان وتكليف رئيس حكومة‬ ‫إنق���اذ وط�ن�ي‪ ،‬واس���تمرار املؤمت���ر حت���ى انتخاب���ات برملاني���ة يف يونيو‬ ‫‪ ،2014‬واس���تحداث منصب رئيس الدولة عل���ى أن ينتخب بالتزامن‬ ‫م���ع انتخاب���ات برملانية‪ ،‬وأن يع�ي�ن الرئيس املنتخب رئي���س حكومة أو‬ ‫جيدد الثقة يف احلكومة املوجودة‪ ،‬وكذلك تعيني احملافظني ورؤس���اء‬ ‫البلدي���ات بدال من انتخابهم كما ينص قان���ون احلكم احمللي‪ ،‬والنظر‬ ‫يف إلغاء أو تعديل قانون العزل السياسي مبا يضمن استثناء من شارك‬ ‫يف الث���ورة فعلي���ا‪ ،‬وإقامة حماكم���ات خاصة وبإش���راف من احملكمة‬ ‫اجلنائية الدولية داخل الرتاب اللييب‪.‬‬ ‫وتأتي هذه املبادرة تزامنا مع س���عي عدد من األحزاب والكتل النافذة يف‬ ‫املؤمتر الوطين إىل اإلطاحة حبكومة زيدان وتشكيل “حكومة إنقاذ”‬ ‫حبجة إخفاق علي زيدان يف حتقيق إجراءات ملموس���ة على األصعدة‬ ‫األمنية والسياس���ية واالقتصادي���ة وغريها وإذا ماكت���ب النجاح هلذه‬ ‫املب���ادرة ف���ان هذا يع�ن�ي أن حمم���ود جربيل أصب���ح يف طري���ق مفتوح‬ ‫لرئاسة ليبيا ‪.‬‬

‫ورشة تدريبية للمرشحات النتخابات اهليئة‬ ‫التأسيسية لصياغة الدستور‬ ‫أقام���ت وحدة امل���رأة ببعثة األم���م املتحدة‬ ‫للدع���م يف ليبي���ا بالتع���اون م���ع صن���دوق‬ ‫األم���م املتح���دة اإلمنائي ورش���ة تدريبية‬ ‫ح���ول امله���ارات األساس���ية للمناظ���رة‬ ‫وإع���داد وتصمي���م احلم�ل�ات االنتخابي���ة‬ ‫يف الفرتة من‪ _30_28‬ديس���مرب_‪2013‬‬ ‫‪ ،‬وتهدف الورش���ة اليت تش���ارك فيها نساء‬ ‫مرش���حات النتخابات اهليئة التأسيس���ية‬ ‫م���ن كل أرجاء ليبي���ا إىل تنمية القدرات‬ ‫واملهارات األساسية لدى املرشحات إلعداد‬ ‫إس�ت�راتيجية إلدارة وتصمي���م احلم�ل�ات‬

‫االنتخابي���ة وحش���د التأيي���د باإلضاف���ة‬ ‫إىل إمداد املرش���حات ب���أدوات متكنهم من‬ ‫املش���اركة يف مناظرات ضد ُنظرائهم من‬ ‫املرشحني يف السباق االنتخابي‪،‬‬ ‫ووجهت املش���اركات يف الورشة التدريبية‬ ‫ن���داء إىل كل لي�ب�ي وليبية للمش���اركة‬ ‫يف انتخاب���ات اهليئة التأسيس���ية لصياغة‬ ‫الدس���تور‪ ،‬حيث أنه واج���ب وطين لضمان‬ ‫استقرار وبناء ليبيا‪.‬‬

‫‪03‬‬ ‫ليبيا تنشئ هيئة‬ ‫لتنظيم القطاع املالي‬ ‫وجذب االستثمار‬ ‫ق���ال مدير البورص���ة الليبي���ة أمحد كرود‬

‫إن اهليئ���ة اجلدي���دة لتنظيم القط���اع املالي‬ ‫واليت من مهامها حتسني مستوى الشفافية‬ ‫وج���ذب مزي���د م���ن االس���تثمار األجنيب إىل‬ ‫س���وق األس���هم اليت ال تزال صغرية احلجم‪.‬‬ ‫وس���تتوىل اإلش���راف على القطاع املالي غري‬ ‫املصريف بالبالد وعلى سوق األسهم‪ .‬وأضاف‬ ‫"أن إقامة هيئة س���وق املال تع���زز من ثقافة‬ ‫االستثمار يف ليبيا‪ ،‬وتعطي ثقة لسوق املال‪.‬‬ ‫وحتاول ليبيا جذب االس���تثمار إىل قطاعات‬ ‫أخ���رى غ�ي�ر القط���اع النفطي املهيم���ن على‬ ‫االقتص���اد‪ ،‬لك���ن ش���ركات أجنبي���ة كثرية‬ ‫حتجم عن االستثمار بسبب هشاشة الوضع‬ ‫األم�ن�ي‪ .‬وتعت���زم احلكوم���ة الليبي���ة تعديل‬ ‫قوانني االس���تثمار وإصالح القطاع املصريف‬ ‫من���ذ احل���رب الليبي���ة يف ‪ ،2011‬غ�ي�ر أن‬ ‫اخلالفات السياسية تعرقل حتقيق تقدم يف‬ ‫هذا اجملال‪.‬‬ ‫وحتاول ليبيا جذب االس���تثمار إىل قطاعات‬ ‫أخ���رى غ�ي�ر القط���اع النفطي املهيم���ن على‬ ‫االقتص���اد لك���ن ش���ركات أجنبي���ة كثرية‬ ‫حتج���م بس���بب هشاش���ة الوض���ع األم�ن�ي‪.‬‬ ‫وكانت الس���لطات الليبية أعلن���ت يف يوليو‬ ‫املاضي عن طرح مخسة صناديق استثمارية‬ ‫لدعم املشروعات الصغرى واملتوسطة نهاية‬ ‫الع���ام اجل���اري‪ ،‬وذل���ك يف خط���وة لتطوي���ر‬ ‫العمل يف سوق املال اللييب‪.‬‬ ‫وأوض���ح ك���رود آن���ذاك أن���ه س���يطرح‬ ‫االكتت���اب يف صنادي���ق اس���تثمارية نهاي���ة‬ ‫الع���ام اجل���اري بقيم���ة ‪ 750‬ملي���ون دين���ار‬ ‫(ملي���ون دوالر)‪ ،‬وس���تعمل ه���ذه الصنادي���ق‬ ‫أساسا يف القطاع العقاري وستكون متوافقة‬ ‫مع الشريعة اإلس�ل�امية‪ .‬ويتوقع املسئولون‬ ‫أن يرتفع حجم التداول يف سوق املال اللييب‬ ‫من ثالث���ة مليارات دوالر يف الصيف املاضي‬ ‫إىل س���تة ملي���ارات دوالر م���ع نهاي���ة الع���ام‬ ‫اجل���اري‪ ،‬وتس���عى طرابلس لتحس�ي�ن املناخ‬ ‫االس���تثماري وذلك من خالل تنظيم الئحة‬ ‫صناديق االس���تثمار وقانون سوق رأس املال‬ ‫اللييب‪.‬‬


‫‪04‬‬

‫السنة الرابعة ‪ -‬العدد ( ‪ 13 - 7 ( - ) 139‬يناير ‪) 2014‬‬

‫اجمللس التأسيسي‬ ‫يف تونس يبدأ‬ ‫التصويت على‬ ‫الدستور اجلديد‬ ‫ميادين‪-‬رويرتز‬ ‫ب���دأ اجملل���س التأسيس���ي التونس���ي ي���وم‬ ‫اجلمع���ة املاضي���ة التصوي���ت عل���ى دس���تور‬ ‫جدي���د يعي���د البالد بع���د تعث���ر إىل الطريق‬ ‫حن���و الدميقراطي���ة بع���د ثالثة أع���وام من‬ ‫االنتفاضة اليت حركت موجة انتفاضات يف‬ ‫العامل العربي‪.‬‬ ‫واالنته���اء م���ن الدس���تور خطوة مهم���ة قبل‬ ‫تول���ي حكومة مؤقتة الس���لطة إلنه���اء أزمة‬ ‫بني اإلس�ل�اميني واألحزاب العلمانية هددت‬ ‫العملي���ة االنتقالية يف تون���س بعد اإلطاحة‬ ‫بنظام بن علي‪.‬‬ ‫وحتظ���ى خطواته���ا األخ�ي�رة ص���وب‬ ‫الدميقراطية الكاملة مبتابعة واس���عة ملا قد‬ ‫متثله من منوذج يف املنطقة‪.‬‬ ‫وحض���ر حنو ‪ 192‬م���ن ب�ي�ن ‪ 217‬عضوا يف‬ ‫اجمللس التأسيس���ي اجللسة االفتتاحية وبدأ‬ ‫الن���واب التصوي���ت واح���دا واح���دا عل���ى املواد‬ ‫األوىل للدس���تور‪ .‬وم���ن املرجح أن يس���تغرق‬ ‫إق���رار م���واد الدس���تور وعدده���ا ‪ 146‬م���ادة‬ ‫أسبوعا على األقل‪.‬‬ ‫وق���ال مصطف���ى ب���ن جعفر رئي���س اجمللس‬ ‫التأسيس���ي يف اجللس���ة "ه���ذا دس���تور ل���كل‬ ‫الشعب التونسي‪ .‬حنن نعمل جاهدين إلنهاء‬ ‫هذا املسار"‪".‬‬ ‫واتف���ق حزب النهضة اإلس�ل�امي الذي توىل‬ ‫الس���لطة قب���ل عامني م���ع أح���زاب املعارضة‬ ‫وأغلبه���ا أح���زاب علمانية عل���ى االنتهاء من‬ ‫تس���ليم الس���لطة إىل حكومة مؤقتة حبلول‬ ‫ي���وم ‪ 14‬يناير‪ ،‬الذي يوافق الذكرى الثالثة‬ ‫لس���قوط بن عل���ي عل���ى أن يكون الدس���تور‬ ‫ق���د أق���ر حبل���ول ذلك احل�ي�ن وح���دد موعد‬ ‫االنتخابات‪‭‭ ‬.‬وش���كلت اهليئة العليا املس���تقلة‬ ‫لالنتخابات‬ ‫وعوقت خالفات ش���ديدة حول دور اإلس�ل�ام‬ ‫يف الدولة املناقشات األوىل يف عملية صياغة‬ ‫الدس���تور لكن األح���زاب متكنت م���ن التغلب‬ ‫على خالفاتها‪.‬‬ ‫وتنص املادة األوىل من مسودة الدستور على‬ ‫أن تون���س "دول���ة حرة مس���تقلة ذات س���يادة‬ ‫اإلس�ل�ام دينها والعربية لغتها واجلمهورية‬ ‫نظامها"‪.‬‬ ‫وكانت العملية االنتقالية يف تونس سلمية‬ ‫يف أغل���ب األحيان من���ذ انتفاضة ‪ 2011‬لكن‬ ‫اخلالفات بني اإلسالميني وأحزاب املعارضة‬ ‫العلماني���ة أدت إىل أزم���ة سياس���ية أن���ذرت‬ ‫بزعزعة الدميقراطية الوليدة‪ .‬بالتغافل عن‬ ‫التشدد اإلس�ل�امي والتعصب الديين بعرقلة‬ ‫سري البالد حنو انتخابات جديدة‪.‬‬ ‫لكن النهضة وحزب املعارضة الرئيس���ي نداء‬ ‫تون���س توص�ل�ا إىل اتف���اق يدع���و اىل تنحي‬ ‫احلكومة اليت يقودها اإلس�ل�اميون وتس���ليم‬ ‫السلطة حلكومة كفاءات تدير البالد حلني‬ ‫إجراء االنتخابات يف وقت الحق هذا العام‪.‬‬ ‫وفرضت إج���راءات أمن مش���ددة حول مبنى‬ ‫الربمل���ان بالعاصم���ة تون���س الي���وم اجلمع���ة‬ ‫حتس���با هلجم���ات إس�ل�اميني يعارض���ون‬ ‫الدستور اجلديد‪.‬‬

‫تأجيل وإقالة وجتميد ‪:‬‬ ‫إلنقاذ العملية السياسية واملسار الدميقراطي‬ ‫احلسني املسوري‬ ‫املنط���ق يقول أن انتخابات جلنة الس���تني س���وف لن تت���م يف موعدها‬ ‫وذل���ك الن الواق���ع يق���ول إن ه���ذه االنتخاب���ات ال تتوف���ر هل���ا اىل اآلن‬ ‫الش���روط اليت جتعل إجراءها ممكنا من الناحية اللوجس���تيه يف ضل‬ ‫تده���ور الوضع األم�ن�ي وعجز الدولة الواضح عن ممارس���ة س���لطتها‬ ‫كامل���ة مما جعل املواطن اللييب يش���عر باإلحباط م���ن الواقع احلالي‬ ‫والقلق حد اخلوف على مستقبله ‪.‬‬ ‫وااله���م هو مقاطعة املكون االمازيغي هلذه االنتخابات وهو أمر جيعل‬ ‫ه���ذه االنتخاب���ات ال قيمة هلا حتى لو توفر هلا كل الدعم اللوجس�ت�ي‬ ‫واملناخ السياس���ي املناس���ب والوضع األمين املس���تقر واس���تمرار احلملة‬ ‫اإلعالمي���ة للمفوضي���ة العلي���ا لالنتخاب���ات حول ح���ث الليبيني اىل‬ ‫التس���جيل واملش���اركة يف االنتخابات وكذلك بعض وسائل اإلعالم‬ ‫املختلف���ة دون التطرق اىل مقاطعة املك���ون االمازيغي وعدم اكرتاث‬ ‫املؤمتر الوطين لألمر وهناك من يرجح دفع تيار سياس���ي باجتاه هذه‬ ‫احلالة لس���لق الدستور ممتنا وش���اكرا مقاطعة الكثري من املواطنني‬ ‫لعملي���ة التس���جيل باعتب���ار أن حس���اباتهم تع���رف أن ه���ذه األصوات‬ ‫ل���و قام���ت بالتس���جيل واملش���اركة يف األنتخابات لن تك���ون يف صاحل‬ ‫مرش���حيهم وعموما ما حيدث اآلن ه���و أمر مقلق اىل حد كبري على‬ ‫مس���تقبل ليبيا كدولة ووحدة الليبيني كش���عب وهذا األمر كفيل‬ ‫بإس���قاط املؤمت���ر الوطين حتى لو كان أداءه ممت���ازا ومدته القانونية‬ ‫مستمرة لسنوات أخرى فما بالك بأداء هزيل وشرعية استمرارهم بعد‬ ‫فرباير املقبل مش���كوك فيها خاصة وان مسؤولية السلطة التشريعية‬ ‫هي س���ن القوانني اليت تضمن حقوق مجي���ع املواطنني وإذا ما قصرت‬ ‫أو أخلت هذه الس���لطة التشريعية يف ضمان حقوق جزء من مواطنيها‬ ‫وهددت الس���لم االجتماع���ي فليس هناك ما حيول من اس���تبدال هذه‬ ‫الس���لطة اليت فقدت شرعيتها ويعترب ذلك إجرا ًء دميقراطياً للخروج‬ ‫من هذا املأزق ‪.‬‬ ‫وما أراه حسب وجهة نظري إن هناك أسباب عديدة لعزوف املواطنني‬ ‫الليبي�ي�ن ع���ن التس���جيل النتخابات جلنة الس���تني ولألس���ف فان هذا‬ ‫امل���أزق تواجهه املفوضي���ة العليا لالنتخابات حبمل���ة إعالمية كبرية‬ ‫ب���دل أن تصدر بيان���ا أوخطابا اىل املؤمتر الوط�ن�ي والليبيني تعلن فيه‬ ‫تعلي���ق عملها حتى ضمان مش���اركة مجي���ع مكونات الش���عب اللييب‬ ‫ألجل أن ال تتحول املفوضية العليا اىل شاهد زور‪.‬‬ ‫باملقاب���ل عل���ى املؤمتر الوطين أن يقرأ املش���هد بواقعية ويقر بالس���بب‬ ‫الرئيس���ي يف هذا املأزق أال وهو املليش���يات املس���لحة اليت نفذت انقالب‬ ‫مسلح نتج عنه إزاحة الس���يد مصطفى ابوشاقور عن رئاسة احلكومة‬ ‫ومنذ تلك اللحظة وهذه القوة املسلحة اليت انقلبت على أرادت الشعب‬ ‫اللييب وألغ���ت بالتالي نتائج انتخاب���ات ‪2012-7-7‬م الرائعة وأصبح‬

‫املؤمتر الوطين ينفذ إرادة القوى املسلحة وليس الشعب الذي انتخبه !!‬ ‫و أم���ام ه���ذا االنق�ل�اب على إرادة الش���عب ال���ذي نفذته قوى مس���لحة‬ ‫الزالت متسك بالس���لطة والقرار وهي السلطة العليا يف البالد وألجل‬ ‫أن خن���رج م���ن ه���ذا امل���أزق جي���ب أن نعرتف حبص���ول ه���ذا االنقالب‬ ‫ونؤك���د على عدم ش���رعيته ومن ثم يت���م إيقاف العملية السياس���ية‬ ‫وتعليقها وعلى رأس���ها تأجيل انتخابات جلنة الستني وجتميد أعمال‬ ‫املؤمتر الوطين وإقال���ة احلكومة لتبقى حكومة تصريف أعمال فقط‬ ‫والذه���اب اىل ح���وار وط�ن�ي يكون البن���د الرئيس���ي واألول هو كيفية‬ ‫حل هذه املليش���يات ونزع س�ل�احها وال يتم مناقشة أي بند أو استئناف‬ ‫العملية السياس���ية إال بعد حل مشكلة املليش���يات والوصول اىل اتفاق‬ ‫ملزم جلميع األطراف‪.‬‬

‫هيئة احملاربني تطلق برناجما بدي ً‬ ‫ال ملشروع ‪359‬‬ ‫املتوقف منذ عام‬ ‫ميادين‪ -‬سليمان ميلود‬ ‫أكد الس���يد امحد الغول مدير مش���روع قادر‬ ‫بهيئ���ة احملارب�ي�ن أن اهليئ���ة قام���ت بتس���ليم‬ ‫مس���تندات احملارب�ي�ن التابع�ي�ن لق���رار ‪359‬‬ ‫الص���ادر من وزارة العم���ل باالتفاق مع اهليئة‬ ‫بش���أن إيفاد يف دورة تدريبي���ه يف جمال اللغة‬ ‫اإلجنليزية ولكن املشروع مل ينفذ وميزانيته‬ ‫مل ترص���د من قب���ل وزارة العم���ل وتوقف هذا‬ ‫القرار ملدة س���نة كاملة ومل يكن واضحا من‬ ‫اجلهة املنفذة وال الكيفية اليت س���يتم التنفيذ‬ ‫بها‪ .‬حسب قوله‬ ‫وذكر(الغ���ول) إن اهليئة رأت ح ً‬ ‫ال للمش���كلة‬ ‫وه���ي إن تطلق برنامج بدي���ل يف جمال اللغة‬ ‫االجنليزي���ة ويف أحدث ما توصلت إليه علوم‬ ‫احلاس���وب يف كل م���ن أمري���كا –بريطانيا –‬ ‫ماليزيا—وس���تحدد الدول حسب التخصص‬

‫و التفوق يف اجملال التدرييب‪.‬‬ ‫وأض���اف‪ " :‬قمن���ا باالجتم���اع مع وزي���ر العمل‬ ‫واتفقن���ا عل���ى ان يك���ون هناك برنام���ج بديل‬ ‫لق���رار ‪ 359‬ليش���مل اللغ���ة االجنليزي���ة‬ ‫واحلاسوب يف عدة جماالت عن طريق اهليئة‬ ‫ومت إحالته إىل مش���روع (قادر) احد مش���اريع‬ ‫اهليئ���ة بتاري���خ ‪ 11-11-2013‬حي���ث ق���ام‬ ‫العامل�ي�ن مبش���روع ق���ادر بأرش���فة املعلومات‬ ‫االلكرتوني���ة وحتدي���د النواق���ص والتأكي���د‬ ‫عل���ى املؤهالت واآلن س���تحال األمس���اء للبدء‬ ‫بالتدريب الداخلي"‪.‬‬ ‫وأوض���ح مدير مش���روع قادر بأن���ه يف البداية‬ ‫س���يكون هناك تدري���ب داخلي ملدة ‪ 8‬أس���ابيع‬ ‫يش���مل اللغ���ة االجنليزي���ة وتعل���م امله���ارات‬ ‫احلياتي���ة املطل���وب توفره���ا يف املت���درب يف‬ ‫جمال دراسته وكيفية التعايش مع اجملتمع‬

‫اخلارجي‪.‬‬ ‫ويضي���ف الغ���ول‪ " :‬ث���م يأت���ي دور التدري���ب‬ ‫اخلارجي والذي س���يكون ملدة سنة ‪ 24‬أسبوع‬ ‫تعلي���م اللغة اإلجنليزية و ‪ 24‬أس���بوع دورات‬ ‫يف تقنية املعلومات أي تي منوهاً إىل انه سيتم‬ ‫إلغاء األمساء الواردة بالقرار من قوائم اإليفاد‬ ‫وذل���ك ألن م���ن سياس���ات اهليئ���ة تقديم لكل‬ ‫حم���ارب فرصة واح���دة من الف���رص املتاحة‬ ‫لديها‪.‬‬ ‫وأش���ار إىل إن املش���روع س���ينطلق ي���وم األحد‬ ‫املوافق ‪ 19/01/2014‬حيث س���يكون مقسم‬ ‫على جمموعات وعلى فرتات وسيتم التواصل‬ ‫م���ع املرش���حني ع�ب�ر اهلات���ف وع�ب�ر صفحة‬ ‫املشروع على الفيس بوك‪.‬‬


‫السنة الرابعة ‪ -‬العدد ( ‪ 13 - 7 ( - ) 139‬يناير ‪) 2014‬‬

‫ملحق‬

‫ميادين الثقافة‬

‫‪09‬‬ ‫‪05‬‬ ‫‪11‬‬

‫رئيس التحرير‪ :‬خلود الفالح‬ ‫السنة الرابعة ‪ -‬العدد ( ‪ 13 - 7 ( - ) 139‬يناير ‪) 2014‬‬

‫الكتابة حتقق التوازن النفسي‬ ‫مجعة بوكليب‬ ‫أحب الشعر واحلياة ال تستقيم بدون‬ ‫شعر!‬ ‫احلبيب الساملي‬

‫هجرة املطر‬ ‫سامل العوكلي‬

‫فيض الذكريات‪ ...‬سليمان أمنينة‬ ‫يتحدث‬

‫فـــي عـــام ‪..2013‬أهم اجلوائز‬ ‫األدبية من نصيب النساء‪..‬‬

‫الفنانة التشكيلية خلود الزوي‬

‫َِ‬ ‫ُستسلمات‬ ‫نسائي َلسن م‬

‫طرابلس الليبية ( مدينة تغازل‬ ‫الصحراء )‬


‫‪06‬‬

‫السنة الرابعة ‪ -‬العدد ( ‪ 13 - 7 ( - ) 139‬يناير ‪) 2014‬‬

‫طرابلس الليبية ( مدينة تغازل الصحراء )‬ ‫قليلة ه���ي الكتب اليت ُ‬ ‫كتبت عن الصحارى‬ ‫العربية‪ ،‬لدوافع إنس���انية خالصة‪ .‬وللوهلة‬ ‫األوىل‪ ،‬عن���د ق���راءة العن���وان‪ ،‬ق���د تتب���ادر‬ ‫رحال���ة‬ ‫إىل الذه���ن أعم���ال أخ���رى كتبه���ا ّ‬ ‫ومستش���رقون لغاي���ات سياس���ية بذريع���ة‬ ‫االستش���راق أو ش���راء اخليول‪ ،‬مثل كتاب "‬ ‫حج إىل جند" لليدي آن بلنت وزوجها ولفرد‬ ‫ّ‬ ‫س���كاون بلنت‪ ،‬أو كت���اب "الرم���ال العربية"‬ ‫لولفرد ثيس���غر‪ ،‬أو "الب���دو" للبارون ماكس‬ ‫فون أوبنهايم‪ّ .‬‬ ‫لكن س�ي�رة مؤلف هذا الكتاب‬ ‫تبعد كل الشبهات "اجلاسوسية" عنه‪.‬‬ ‫ب���دأت القص���ة عندم���ا كان الكات���ب طالب���اً‬ ‫جامعي���اً يف روم���ا‪ ،‬وبينم���ا كان حيتفل مع‬ ‫صديق���ه االيطال���ي "مارس���يلو" مبناس���بة‬ ‫اجتي���از االمتحان األخ�ي�ر يف اجلامعة‪ ،‬هتف‬ ‫مارس���يلو قائ ً‬ ‫ال لصديق���ه البولندي‪" :‬أدعوك‬ ‫إىل طرابل���س لتقض���ي عندنا عطل���ة العيد‪.‬‬ ‫ستس���تقبلك عائل�ت�ي بصدر رحب وس���تكون‬ ‫ل���ك فرص���ة للتع���رف اىل طبيع���ة عملنا يف‬ ‫املس���تعمرات األفريقي���ة‪ .‬أم���ا ع���ن تكالي���ف‬ ‫س���فرك‪ ،‬فال تهتم‪ ،‬ستكون عند احلد األدنى‪:‬‬ ‫تؤمن فق���ط قيمة التذكرة إىل‬ ‫املطلوب أن ّ‬ ‫افريقيا ومقابل هذا‪ ،‬آمل أنك ستأخذني يوماً‬ ‫َ‬ ‫بل���دك بولندا لرتي�ن�ي حقول احلبوب‬ ‫ما إىل‬ ‫عندك���م ومناج���م الفحم وامللح وكل ش���ي‬ ‫حتب احلديث عنه"‪ .‬وهكذا كانت‬ ‫عن بلدك ّ‬ ‫بداية مغامرة هذا الشاب اجلامعي الذي ش ّد‬ ‫الرحال إىل ليبيا باقرتاح ودعم من أصدقائه‬ ‫االيطاليني‪ ،‬هو الش���اب ال���ذي يتمتع حبرية‬ ‫مسح���ت له باختاذ قرار ال خيلو حتقيقه من‬ ‫خماطرة‪.‬‬ ‫•حتقيق أمنية السفر إىل ليبيا‬ ‫موض���وع الكت���اب حمص���ور بف�ت�رة زمني���ة‬ ‫حساس���ة يف تاريخ ليبيا‪ ،‬متي���زت بتحريرها‬ ‫ّ‬ ‫م���ن التبعي���ة العثماني���ة وإدخاهل���ا ضم���ن‬ ‫النفوذ االيطالي الذي ح ّوهلا إىل مس���تعمرة‬ ‫اس�ت�راتيجية‪ .‬وخ�ل�ال ف�ت�رة وج���ود الكات���ب‬ ‫يف ليبي���ا‪ ،‬كان���ت الفاش���ية اإليديولوجي���ة‬ ‫الرمسي���ة املعتم���دة يف إيطالي���ا ق���د متثل���ت‬ ‫مبوس���وليين وأطماع���ه االس���تعمارية‪ .‬ف�ل�ا‬ ‫خيف���ي الكات���ب‪ ،‬ويف أكثر من م���كان‪ ،‬قلقه‬ ‫م���ن تبع���ات ه���ذه االيديولوجية ال�ت�ي‪ ،‬كما‬ ‫نعلم‪ ،‬أس���فرت عن ويالت جتسدت باحملارق‬ ‫اجلماعية ومعس���كرات املوت‪ .‬م���ن هنا يمُ كن‬ ‫اعتب���ار هذا الكت���اب توثيقاً ح ّي���اً لتلك الفرتة‬ ‫من تاريخ ليبيا‪.‬‬ ‫بفض���ل معارف���ه االيطالي�ي�ن‪ ،‬اس���تطاع ذلك‬ ‫الش���اب املغامر حتقي���ق أمنيته بالس���فر إىل‬ ‫ليبيا أو املس���تعمرة االيطالية "تريبوليتانيا"‪،‬‬ ‫وم���ن ث���م احلصول عل���ى رخصة م���ن قيادة‬ ‫اجليش يف املس���تعمرة‪ ،‬ختوله ّ‬ ‫حق استعمال‬ ‫املواص�ل�ات العس���كرية جمان���اً م���ع املبي���ت‬ ‫جماناً يف كل مراكز احلصون العس���كرية‪،‬‬ ‫وإالعف���اء م���ن تكالي���ف التغذي���ة يف املطاعم‬

‫من��ذ الصفح��ات األوىل‪ ،‬مُيك��ن الق��ارئ أن يتل ّم��س يف كت��اب “حصون عل��ى الرمال‪:‬‬ ‫تريبوليتاني��ا الليبي��ة ‪( ”1934‬دار اجلمل) الذي ينتمي إىل أدب الرحالت‪ ،‬س��حر‬ ‫املوض��وع ال��ذي يقدّم��ه وأهميت��ه‪ .‬فن��رى أ ّن مؤل��ف الكت��اب برونيس��واف كريس��تني‬ ‫فيجايس��كي‪ ،‬الطالب البولندي‪ ،‬كان قرر زيارة ليبيا‪ ،‬فقط‪ ،‬بس��بب حبه للصحراء‪،‬‬ ‫ثم د ّون مش��اهداته بلغة أدبية ش � ّيقة وج ّذابة‪ ،‬وبرباءة خالصة من أية ش��بهات‬ ‫ومن ّ‬ ‫استعمارية‪.‬‬

‫لينا هويان احلسن‬

‫العس���كرية ومثن املواد الغذائي���ة من املخازن‬ ‫العسكرية‪.‬‬ ‫وبعن���وان "مدين���ة تغ���ازل الصح���راء"‪ ،‬يُقدم‬ ‫الكات���ب وصف���اً ملدين���ة طرابل���س يف ع���ام‬ ‫‪ 1934‬بدقة مدهش���ة ولغ���ة خ ّ‬ ‫البة‪ ،‬وذلك‬

‫قبي���ل إنطالق���ه يف رحل���ة تس���تغرق أربع���ة‬ ‫اش���هر تقريباً‪ ،‬يتج��� ّول خالهلا ب�ي�ن الواحات‬ ‫الصحراوي���ة‪ ،‬حي���ث يكت���ب كل انطباعاته‪،‬‬ ‫ويصف كل ما يراه‪ .‬إ ّنه يكتب عن كل ذلك‬ ‫بإخ�ل�اص حقيقي إىل ح ّد أنن���ا نصدقه وهو‬

‫يقول يف بداية رحلته‪" :‬مل أحسد يوماً إنساناً‬ ‫على ما ميلكه من الغنى والشهرة واألومسة‪،‬‬ ‫لكنين أحس���د فع ً‬ ‫الرحالة الذين يتجولون‬ ‫ال ّ‬ ‫ويكشفون العامل اجملهول لنفسهم ولغريهم"‪.‬‬ ‫حيتوي الكتاب يف نهايته معلومات إحصائية‬ ‫ن���ادرة‪ ،‬وباألرق���ام‪ ،‬عن اجل���زء الرتيبوليتاني‬ ‫من ليبيا‪ ،‬تش���مل كل مناحي احلياة ومعامل‬ ‫الطبيع���ة م���ن جغرافي���ا وتعلي���م (امل���دارس‬ ‫مبختلف مراحلها) وثقافة (أمساء الصحف)‬ ‫ورياض���ة (أمساء الن���وادي) وجت���ارة ُ‬ ‫وطرق‬ ‫وث���روة حيواني���ة ونباتية وحجم االس���ترياد‬ ‫والتصدي���ر م���ع تع���داد الس���كان وتوزيعه���م‬ ‫وأصوهلم… وما يضفي مزيداً من اجلمالية‬ ‫على ه���ذا الكتاب ه���و النيات الطيبة للش���اب‬ ‫البولن���دي املغام���ر ال���ذي ال تكتب ل���ه احلياة‬ ‫أكثر من ثالثني عاماً‪.‬‬ ‫•رمبا كان حدس خفي ينذره‬ ‫كتب الش���اب فيجايسكي هذا الكتاب ونشره‬ ‫ثم اختفى ذكره‬ ‫يف بولندا عام ‪ ،1935‬ومن ّ‬ ‫تضم‬ ‫الئحة‬ ‫ضمن‬ ‫إىل أن ورد امس���ه الكامل‬ ‫ّ‬ ‫أكثر من تسعة عشر ألف ضابط من ضباط‬ ‫اجلي���ش البولن���دي الذي���ن ُفتك بهم غ���دراً‪،‬‬ ‫برصاص���ة يف مؤخ���رة ال���رأس‪ ،‬يف منطق���ة‬ ‫غاب���ات تدعى "كاتني" تقع يف غرب روس���يا‪،‬‬ ‫يف العام ‪ .1914‬إ ّنها نهاية مؤس���فة للرحالة‬ ‫ال���ذي يذك���ر يف كتابه وهو على مش���ارف‬ ‫الصحراء الليبية‪" :‬أعش���ق األج���واء املفتوحة‬ ‫أحب‬ ‫واملساحات الواس���عة‪ ،‬ومن اهلواء عليله‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫ح���ي‪ ،‬أه���وى احلي���اة الس���عيدة‪،‬‬ ‫كل إنس���ان ّ‬ ‫اجلميلة‪ ،‬املليئة بالنش���اط واحلركة"‪ .‬رمبا‬ ‫كان حدس خف���ي ينذره‪ ،‬ويبدو أن الش���اب‬ ‫فيجايس���كي كان خي���اف من ش���يء ما دون‬ ‫أن يعلم ما هو‪" :‬كيف س���تدور السنوات بي؟‬ ‫إىل أين س���يقذفين جم���ذاف احلياة؟ كيف‬ ‫س���يكون مص�ي�ري؟‪ -‬ه���ل س���تتصف بغن���ى‬ ‫االنطباعات وجبمال األحاس���يس‪ ،‬كسنوات‬ ‫الشباب احملظوظ اليت عشتها؟"‪.‬‬ ‫مرتج���م الكت���اب ميخائيل عب���داهلل يروي يف‬ ‫تقدمي���ه للكت���اب رحل���ة الرتمج���ة الطويلة‬ ‫اليت اس���تغرقت أكثر من عش���ر سنوات من‬ ‫املراس�ل�ات بني املرتجم واهليئات املختصة يف‬ ‫وارس���و للتأكد من املصري امل���ؤمل ملؤلف هذا‬ ‫الكتاب الرش���يق‪ .‬وم���ن املقاط���ع اليت تعكس‬ ‫ُ‬ ‫"أجتول‬ ‫تأ ّثر فيجايسكي البالغ بتلك الرحلة‪:‬‬ ‫يف الواحة‪ .‬ألقي عليها نظراتي األخرية‪ .‬أودّع‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫مشيت‪،‬‬ ‫كل شيء وكل إنسان‪ :‬املسالك اليت‬ ‫ُ‬ ‫األمكن���ة ال�ت�ي جلس���ت فيه���ا‪ ،‬الن���اس الذين‬ ‫حتدث���ت معهم… ُ‬ ‫بدأت اآلن – بعد جتربيت‬ ‫احلي���ة م���ع الصحراء وتعايش���ي م���ع رماهلا‬ ‫مبعيار‬ ‫وخنيله���ا‪ -‬أق ّيم العدي���د من األم���ور‬ ‫ٍ‬ ‫آخر‪ .‬تغريت مفاهيمي"‪.‬‬


‫السنة الرابعة ‪ -‬العدد ( ‪ 13 - 7 ( - ) 139‬يناير ‪) 2014‬‬

‫‪07‬‬

‫القاص اللييب مجعة بوكليب‪ :‬الكتابة حتقق التوازن النفسي مع احلياة‬ ‫وع���ن الغرب���ة ال�ت�ي هي قاس���م مش�ت�رك بني‬ ‫جمموعت���ه القصصي���ة األوىل "حكاي���ات من‬ ‫ال�ب�ر االنكلي���زي" و"خطوط صغ�ي�رة يف دفرت‬ ‫الغي���اب"‪ .‬ق���ال‪ :‬هناك غرب���ة أبدي���ة تالحقنا‬ ‫دائم���ا من���ذ مغادرتن���ا ألرح���ام أمهاتن���ا حيث‬ ‫ال���دفء واألمان وحت���ى املمات وه���ذه غربتنا‬ ‫األوىل كبش���ر‪ .‬الس���جن غربة م���ن نوع آخر‪.‬‬ ‫املنف���ى – قس���ريا أو اختياريا‪ -‬غربة‪ .‬األس���وأ‬ ‫أن تش���عر بالغرب���ة وأنت بني أهل���ك وأحبتك‬ ‫ولغتك ويف األرض اليت تسميها وطنك‪.‬‬ ‫وع���ن احلميمي���ة ال�ت�ي تربط���ه بش���خصيات‬ ‫قصص���ه قال‪ :‬لكل كاتب جاد وجيد طريقته‬ ‫يف التعامل مع النص ويف جتربيت الشخصية‬ ‫يبدأ النص بالتشكل يف القلب أوال عرب صورة‬ ‫أو صور متعددة وجدانيا ثم عقب ذلك يأتي‬ ‫دور اللغ���ة يف رص���د تلك الص���ور وحماولة‬ ‫نقلها على الورق‪ ،‬ويضيف‪ :‬من هنا قد تأتي‬ ‫مبا وصفت���ه "باحلميمية" بي�ن�ي ككاتب‬ ‫والكلمات‪ ،‬وأض���اف بوكليب‪ :‬بالتأكيد‬ ‫ميكن للكتابة كش���ف اجلوانب املعتمة‬ ‫يف اجملتم���ع ألن م���ن ضم���ن وظائ���ف‬ ‫األدب والف���ن ه���ي حماولة بناء جس���ر‬ ‫قوي ومتني ميك���ن اجملتمع من عبور‬ ‫رك���ود احلاض���ر إىل حيوية وحراك‬ ‫املس���تقبل برؤي���ة مجالي���ة فني���ة‬

‫يف إجابته عن السؤال ملاذا تكتب؟ قال القاص‬ ‫الثقايف اخلاص ؛‬ ‫مجع���ة بو كلي���ب‪ :‬اخللود صفة اكتس���بتها‬ ‫ص��در للقاص مجعة بوكلي��ب جمموعته القصصية الثانية"خطوط صغ�يرة يف دفرت الغياب"‬ ‫اآلهل���ة عل���ى م���دى التاري���خ والفن���اء صف���ة‬ ‫ال�تي نلم��ح فيها بعضا م��ن الس�يرة الذاتية‪ .‬وبس��ؤالي للقاص ه��ل هذه الكتاب��ة فرضتها‬ ‫التصقت بالبش���ر‪ .‬الكتابة يف هذا السياق تعد‬ ‫احلالة الكوزموبوليتانية اليت عاش��ها بني املدن‪ .‬ف��كان رده‪ :‬الكتابة عمل ذاتي وبالتالي‬ ‫عم�ل�ا ضد امل���وت امل���ادي واملعن���وي وحماولة‬ ‫حيدث أن تتس��رب نتف من الس�يرة الذاتي��ة يف عمل الكاتب يف كتابات��ه أحيانا بوعي أو‬ ‫لالمس���اك باخلل���ود‪ .‬وه���ل يس���عى إلرض���اء‬ ‫بغري وعي‪ .‬العيش يف مدن عديدة يوس��ع من خاليا الذاكرة ويزيد يف مدارك العقل ويشحن‬ ‫الق���ارئ أثن���اء الكتابة؟ أج���اب‪ :‬ككاتب قصة‬ ‫الوجدان اإلنساني وهذا مهم للكاتب أينما كان ّ‬ ‫وككاتب عموما أس���عى دوم���ا إىل ترميم ما‬ ‫وحل‪.‬‬ ‫تصدع مين وجدانيا ونفسيا وبدنيا وحماولة‬ ‫خلق ن���وع من التوازن النفس���ي الصحي بيين‬ ‫وبني العامل واحلياة‪.‬‬ ‫الق���اص مجع���ة أب���و كلي���ب م���ن موالي���د‬ ‫طرابل���س ع���ام ‪ ،1952‬ب���دأ الكتابة والنش���ر‬ ‫يف منتصف الس���بعينيات من الق���رن املاضي‪.‬‬ ‫ص���درت جمموعت���ه األوىل الع���ام ‪2008‬‬ ‫"حكايات من ال�ب�ر االنكلي���زي"‪ .‬تناولت أزمة‬ ‫اهلوي���ة واالغ�ت�راب الثق���ايف واالجتماع���ي‬ ‫والسياس���ي عاش���ه الكات���ب ب�ي�ن مدينت�ي�ن أو‬ ‫منفيني‪ :‬طرابلس مس���قط رأسه ولندن اليت‬ ‫ش���كلت عن���ده رحل���ة البحث عن ال���ذات‪ ،‬ويف‬ ‫جمموعت���ه القصصي���ة الثاني���ة اليت صدرت‬ ‫الع���ام ‪ "، 2013‬خط���وط صغ�ي�رة يف دف�ت�ر‬ ‫الغياب" ال ميكن جتاهل تساؤالته عن أسئلته‬ ‫وبالتالي الس���عي والتطلع إىل حياة إنس���انية حول املوت واحلياة والغربة‪.‬‬ ‫أفضل وأمجل‪.‬‬

‫(كيف نبدأ)؟!‬

‫هلشام مطر عبثية سؤال الوجود‬ ‫الثقايف‪ -‬خاص‬ ‫يف إح���دى قاع���ات مس���رح س���وهو بالعاصم���ة‬ ‫الربيطانية لندن قدم الكاتب هشام مطر عمله‬ ‫املس���رحي األول باالجنليزي���ة وال���ذي ع���رض‬ ‫ضمن مناشط مهرجان "هوتبيد" املسرحي‪.‬‬ ‫تبدأ املسرحية جبلوس الش���خصية املركزية‬ ‫وس���ط اخلشبة على كرس���ي وطاولة‪ ،‬ليسرد‬ ‫للجمه���ور احل���وار ال���ذي دار بينه وب�ي�ن امرأة‬ ‫م���ا ميك���ن أن تك���ون صديقت���ه أو زوجت���ه‪ .‬وما‬ ‫يتضمن���ه ه���ذا احل���وار وغ�ي�ره م���ن احل���وارات‬ ‫الكث�ي�رة واملتنوع���ة واليت تنح���و يف اغلبها حنو‬ ‫الغرابة والسخرية‪ .‬ومرات أخرى اجتاه عبثية‬ ‫الوجود‪ .‬بعد ذلك يتضح إن هذه احلوارات تدور‬ ‫بين���ه وب�ي�ن زوجت���ه عندما يدخ���ل يف تفاصيل‬ ‫كيف بدأ حياته الزوجية مع هذه املرأة‪.‬‬ ‫املس���رحية وال�ت�ي اس���تمرت لعش���رين دقيق���ة‬ ‫حتاول اإلجابة عن س���ؤال وجودي وهو "كيف‬ ‫نب���دأ؟" أو "كيف اب���دأ؟"‪ ،‬البداي���ة املرهقة اليت‬ ‫تواجهن���ا يف كل حلظ���ة جند فيها أنفس���نا يف‬ ‫حالة يقظة يف هذا العامل املليء باألس���ئلة اليت‬ ‫ال تبحث عن إجابة بقدر ما تبحث عن وس���يلة‬ ‫الستيعاب تالحقها الالمنتهي‪.‬‬ ‫املس���رحية ه���ي نت���اج تع���اون بني هش���ام مطر‬ ‫و"ديف���ورا ب���اوم" أس���تاذة األدب االجنلي���زي‬ ‫جبامعة ساوثهامبتون وعن هذا التعاون يقول‬ ‫هش���ام ‪ :‬إن م���ا يثري االهتمام يف ه���ذا العمل هو‬ ‫ع���دم القدرة عل���ى الولوج إىل أص���ل املرء‪ ،‬عدم‬

‫الق���درة عل���ى اس���تيعاب حي���اة الواح���د من���ا أو‬ ‫معرفة ذات���ه‪ ،‬أو أي احد آخر‪ ،‬وخرافة األصالة‬

‫ال�ت�ي تدفعنا إىل الرغب���ة يف البدء م���رة أخرى‬ ‫مرة تل���و املرة‪ .‬ويضي���ف مطر‪ :‬الكتابة ليس���ت‬

‫هواي���ة‪ ،‬هي حالة من ح���االت احلرية‪ ،‬أن تكون‬ ‫كاتب���اً يع�ن�ي أن حت���اول دائم���اً أن تك���ون حراً‪،‬‬ ‫الكتابة اكتشاف وقراءة من نوع خمتلف‪.‬‬ ‫املس���رحية ق���ام بإخراجه���ا باتري���ك موري���س‬ ‫ومثلها مارك اوستريفيني‪ ،‬ويأمل الكاتب هشام‬ ‫مط���ر إن تكون "كي���ف نبدأ" باك���ورة أعمال‬ ‫مسرحية قادمة له يف الفرتة القادمة‪.‬‬ ‫تأتي هذه املس���رحية بعد أعمال روائية حققت‬ ‫النجاح وهي" يف بلد الرجال" و" تشريح اختفاء"‬ ‫ويوض���ح هش���ام مط���ر إن عالقت���ه بأعمال���ه‬ ‫خمتلف���ة "فأنا ال أس���تطيع ق���راءة أعمالي بعد‬ ‫صدوره���ا أو حت���ى بع���د االنتهاء م���ن كتابتها‬ ‫"‪ ،‬أم���ا ع���ن الربي���ع العرب���ي والرواي���ة فق���ال ‪:‬‬ ‫ال ميك���ن اجل���زم بأنين غ���دا أو بعده س���أكتب‬ ‫رواي���ة ع���ن الربي���ع العرب���ي أو عن ليبي���ا بعد‬ ‫الثورة ‪ ،‬فالرواية حتتاج لزمن وحبث ودراس���ة‬ ‫‪ ،‬ويضيف كتبت " يف بلد الرجال" العام ‪2006‬‬ ‫وأحداثها جتري يف السبعينيات يف ليبيا‪ ،‬أقصد‬ ‫أحت���اج لعقود لفه���م ما ح���دث‪ .‬فالروائي يعمد‬ ‫إىل كتاب���ة س���ردية تصور احلي���اة‪ ،‬وتعرب عن‬ ‫حاالت التقمص العاطفي املتعارضة‪ ،‬وتش���رح‬ ‫التناقضات اليت يعنيها أن يكون املرء إنساناً‪ .‬إنه‬ ‫يعمل على مادة العواطف وسيكولوجيا البشر‪.‬‬


‫‪08‬‬

‫السنة الرابعة ‪ -‬العدد ( ‪ 13 - 7 ( - ) 139‬يناير ‪) 2014‬‬

‫الروائي التونسي احلبيب الساملي‪:‬‬

‫أحب الشعر واحلياة ال تستقيم بدون شعر!‬ ‫يقول الروائي احلبيب الس��املي هناك أسباب عديدة تدفعنا‬ ‫إىل الكتاب��ة‪ .‬أغلبه��ا غام��ض وينتمي إىل منطق��ة الالوعي‬ ‫املعتم��ة‪ .‬لك��ن ميكن�ني أن أقول إن�ني أكت��ب ألزداد معرفة‬ ‫لنفسي وللعامل الذي حييط بي‪ .‬الكتابة كما أعيها وأمتثلها‬ ‫هي أيض��ا انتصار على العابر‪ .‬إنها ش��كل من أش��كال مقاومة‬ ‫املوت الذي نعيش داخله وبه منذ أن نأتي إىل هذا الكون‪.‬‬ ‫الكتاب��ة عنده فع��ل حرية‪ ،‬ال يش��غله القارئ أثن��اء الكتابة‬ ‫الن��ه مقتنع انه موجود يف مكان ما وحتما س��يجد يف رواياته‬ ‫ما هو وثي��ق الصلة به‪ ،‬رغم إقامته الطويل��ة بباريس مازال‬ ‫يكتب باللغة العربية ويعشقها‪.‬‬ ‫رش��حت روايتاه “نساء البس��اتني” و”روائح ماري كلري” ضمن‬ ‫القائم��ة القص�يرة جلائ��زة البوك��ر العربي��ة عامي ‪2009‬‬ ‫و‪ ، 2012‬ومبناس��بة ص��دور روايت��ه اجلدي��دة “عواط��ف‬ ‫وزوارها” حديثا عن دار اآلداب(بريوت) كان لنا هذا احلوار‪.‬‬

‫خلود الفالح‬

‫نساء البساتني” تقارب عامل أسرة تونسية متواضعة وهي تتدبر أمر حياتها‬ ‫اليومية‪ .‬لكن من هذا العامل الصغري تنفتح الرواية على عامل أكثر رحابة‬ ‫•ميادي��ن ‪ :‬يف روايت��ك األخ�يرة "عواطف‬ ‫وزواره��ا " هن��اك أكثر م��ن حمور للس��رد‪ .‬هناك‬ ‫املاض��ي واحلاض��ر للش��خصيات ب�ين تون��س و‬ ‫فرنس��ا‪ .‬برأيك هذه املس��تويات املتعددة للس��رد‬ ‫متنح العمل فرصة قراءته بأكثر من رؤية؟‬ ‫ـ يف كل روايات���ي املاض���ي واحلاض���ر‬ ‫ميتزجان لس���بب بسيط وهو أن احلياة اليت‬ ‫تش���كل املادة األساس���ية ملا أكتبه تستدعي‬ ‫هذين الزمنني وحتيل إليهما باس���تمرار‪ .‬ال‬ ‫وج���ود للماضي خ���ارج احلاض���ر وال حاضر‬ ‫بدون ماض‪ .‬هن���اك تداخل بينهما وحركة‬ ‫ذهاب وإي���اب منهما وإليهم���ا ال تتوقف أبد‪.‬‬ ‫ولو تأملنا األمر قليال الكتش���فنا أن الزمن‬ ‫الوحيد الذي ميتلكه الروائي حقا ويستطيع‬ ‫أن يشتغل عليه فنيا هو املاضي ألن املستقبل‬ ‫ه���و زمن مؤجل باس���تمرار‪ .‬أما احلاضر فهو‬ ‫يتحول مبجــــــــــرد حضوره إىل ماض‪.‬‬ ‫هذا التداخل بني األزمنة وهذا الس���فر بني‬ ‫األمكنة يتيحان بالطبع إمكانيات توس���يع‬ ‫آف���اق الس���رد مم���ا جيع���ل تع���دد الق���راءات‬ ‫ممكن���ا‪ .‬ولك���ن ه���ذا التع���دد نات���ج أيضا عن‬ ‫حض���ور الش���خصيات وهي كث�ي�رة يف هذه‬ ‫الرواية وعن ش���بكة العالقات اليت نس���جتها‬ ‫بينه���ا وع���ن التط���ور ال���ذي ش���هدته ه���ذه‬ ‫العالق���ات‪ .‬هناك حب وصداقة‪ .‬هناك تواطؤ‬ ‫وتناف���س‪ .‬هناك أس���رار وفضائ���ح‪ .‬وبالرغم‬ ‫من أن هذه الشخصيات تنتمي إىل ما ميكن‬ ‫أن نسميه "وس���ط مثقفني ومتعلمني" فإن‬ ‫مس���اراتها احلياتية خمتلفة‪ .‬كل شخصية‬ ‫جتر وراءه���ا ماضيه���ا‪ .‬من هنا ه���ذا التباين‬ ‫يف ال���رؤى واملواق���ف واألف���كار خصوصا يف‬

‫مس���ائل مهم���ة كاهلوية والدي���ن واجلنس‬ ‫وعالقة األنا بذاته وعالقته باآلخر‪..‬‬

‫•ميادي��ن ‪ :‬يف روايتك "نس��اء البس��اتني"‬ ‫كتبت ع��ن اجملتمع التونس��ي املعاص��ر من خالل‬ ‫ع��امل عائلة من الطبق��ة املتوس��طة‪ .‬هل يهمك‬ ‫كروائ��ي البحث يف احلي��اة مبجرياته��ا اليومية‬ ‫إلجن��از عم��ل ما؟ وه��ل ميكن ل�لأدب أن يؤثر يف‬ ‫هذه احلياة؟‬ ‫ـ أعتق���د أن البح���ث يف احلي���اة بتفاصيله���ا‬ ‫ض���روري يف الكتابة الروائي���ة ألن احلياة ال‬ ‫تتجلى يف األفكار الكب�ي�رة فقط وإمنا أيضا‬ ‫يف التفاصيل‪ .‬وأحيان���ا تكون هذه التفاصيل‬ ‫ح�ي�ن نعرف كي���ف نس���تنطقها ونس���أهلا‬ ‫ونوظفها أكث���ر داللة وأهمية من األفكار‬ ‫العظيمة ‪.‬‬ ‫"نس���اء البس���اتني" تقارب عامل أسرة تونسية‬ ‫متواضع���ة وهي تتدبر أم���ر حياتها اليومية‪.‬‬ ‫لك���ن من هذا العامل الصغ�ي�ر تنفتح الرواية‬ ‫عل���ى عامل أكث���ر رحابة وتعقي���دا تتجلى‬ ‫في���ه أوج���اع اجملتم���ع التونس���ي وهموم���ه‬ ‫وتناقضات���ه‪ .‬كتاب���ة ه���ذه الرواي���ة هاجس‬ ‫الزم�ن�ي لعدة أع���وام‪ .‬كان ال بد أن أكتبها‬ ‫كي أص���ف الدم���ار ال���ذي حل���ق باجملتمع‬ ‫التونس���ي بعد س���نوات عديدة م���ن حكم بن‬

‫علي‪.‬‬ ‫ه���ل ميكن لألدب أن يؤث���ر يف احلياة؟ طبعا‪.‬‬ ‫لكن ليس بالش���كل امليكانيكي الس���ريع الذي‬ ‫يتص���وره بع���ض احلامل�ي�ن‪ .‬ويف احلقيق���ة ال‬ ‫أحد مبقدوره أن يقول كيف يتم ذلك‪ .‬ألن‬ ‫ه���ذا التأثري بطيء جدا ول���ه إيقاعه اخلاص‬ ‫ويتوقف على من يقرأ هذا األدب‪ .‬ثم إن هذا‬ ‫التأثري قد يتخذ أشكاال ال نتوقعها‪.‬‬

‫•ميادي��ن ‪ :‬رش��حت روايت��اك "نس��اء‬ ‫البس��اتني" و"روائ��ح ماري كلري" ضم��ن القائمة‬ ‫القص�يرة جلائزة البوكر العربية عامي ‪2009‬‬ ‫و‪ ، 2012‬برأي��ك ه��ذا الرتش��ح زاد ع��دد ق��راء‬ ‫الس��املي؟ وعلى املس��توى اإلنس��اني ماذا تضيف‬ ‫اجلوائز للمبدع؟‬ ‫ـ نع���م‪ .‬عدد القراء تزايد فق���د صدرت هاتان‬ ‫الروايت���ان يف طبع���ة ثاني���ة بع���د إدراجهما‬ ‫ضم���ن القائم���ة القصرية جلائ���زة البوكر‪.‬‬ ‫أم���ا خبصوص اجلوائ���ز فأنا ال أعتق���د أنها‬ ‫تضيف ش���يئا مهم���ا للكات���ب على املس���توى‬ ‫اإلنس���اني‪ .‬الكات���ب احلقيق���ي ال تغ�ي�ره‬ ‫اجلوائ���ز أو التكرمي���ات ال�ت�ي تكاث���رت يف‬ ‫األع���وام األخ�ي�رة خصوص���ا أن الكث�ي�ر من‬ ‫ه���ذه التكرمي���ات اجلوائ���ز العربي���ة فقدت‬ ‫مصداقيتها‪ .‬وعلى أي ح���ال املبدع احلقيقي‬

‫ال يفكر بتاتا يف مثل هذه األمور حني يكتب‪.‬‬ ‫ما يهمه باألساس هو الكتابة‪.‬‬ ‫•ميادي��ن ‪ :‬ترمج��ت روايات��ك إىل ع��دة لغ��ات‬ ‫أجنبية‪ .‬هل تعترب هذه الرتمجة مفتاح الوصول‬ ‫لقارئ خمتلف خاصة وأن أعمالك تدور أحداثها‬ ‫يف أجواء عربية وأحيانا تونسية؟‬ ‫ـ أعتق���د أن اهل���دف األساس���ي م���ن الرتمجة‬ ‫هو الوص���ول إىل قارئ جديد‪ .‬والقارئ الذي‬ ‫يقبل على رواياتي يع���رف أن أحداثها تدور‬ ‫يف مناخ���ات عربي���ة وتونس���ية‪ .‬ل���دي اآلن‬ ‫مث���ل كل الروائيني الع���رب الذين ترمجت‬ ‫أعماهلم ترمج���ة حقيقية وصدرت عن دور‬ ‫نش���ر حمرتم���ة ومعروف���ة ق���راء يف أوروب���ا‬ ‫خصوص���ا يف فرنس���ا وأملاني���ا‪ .‬لق���د ترمجت‬ ‫لي مخس روايات إىل اللــــــغــــــة الفرنس���ـية‬ ‫وثالث رواي���ات إىل األملانية‪ .‬ويف العديد من‬ ‫الن���دوات ومعارض الكت���اب اليت دعيت إليها‬ ‫يف فرنسا وأملانيا وسويسرا والنمسا وإيطاليا‬ ‫التقيت بهؤالء القراء استمعت إىل آرائهم يف‬ ‫رواياتي والرواية العربية عموما وأجبت عن‬ ‫أسئلتهم واستفدت كثريا من مالحظاتهم‪.‬‬

‫•ميادي��ن ‪:‬هل مازال الكات��ب العربي يعاني‬ ‫أزم��ة النقد؟ وماذا تقول عن جتربة الس��املي مع‬

‫أن��ا مل أخرت العربية كلغة كتاب��ة‪ .‬الكتابة باللغة العربية أمر‬ ‫بديهي بالنسبة لي ألني ملا بدأت أكتب كنت أقيم يف تونس‬


‫السنة الرابعة ‪ -‬العدد ( ‪ 13 - 7 ( - ) 139‬يناير ‪) 2014‬‬

‫‪09‬‬

‫وس��ائل اإلعالم يف الغرب ال تهتم كثرياً باألدب العربي املرتجم‪ .‬يف فرنس��ا‬ ‫مثال أغلب االهتمام ينصب على أدب العرب الذين يكتبون بالفرنسية‬ ‫النق��د؟ وهل تعرض��ت رواياتك املرتمج��ة للغات‬ ‫أجنبية للنقد؟‬ ‫ـ أعتقد أن جتربيت مع النقد ليس���ت س���يئة‬ ‫إذا أخذنـ���ا بعيـن االعتب���ار كونــــــــي روائيا‬ ‫مغاربي���ا‪ .‬فــــــي فرتة م���ا كان النقد الروائي‬ ‫يركز على روائيي ما يس���مونه "املركز"‪.‬ال‬ ‫أحتدث بالطبع عن نق���د اجملامالت الذي ال‬ ‫أحد يعريه اهتماما وإمنا عن النقد الرصني‪.‬‬ ‫لك���ن منذ س���نوات قليلة تغ�ي�ر األمر إىل حد‬ ‫ما‪ .‬كل رواياتي التسع بدءا من "جبل العنز"‬ ‫وحتى "عواطف و زواره���ا" حظيت باهتمام‬ ‫النق���اد‪ .‬ومن ب�ي�ن الذين كتب���وا عنها نقاد‬ ‫مث���ل ج�ب�را ابراهيم ج�ب�را و حمم���د برادة‬ ‫ومينى العيد وصالح فضل وفيصل دراج‪..‬‬ ‫وس���ائل اإلع�ل�ام يف الغ���رب ال تهتم كثريا‬ ‫باألدب العربي املرتجم‪ .‬يف فرنسا مثال أغلب‬ ‫االهتم���ام ينص���ب عل���ى أدب الع���رب الذي���ن‬ ‫يكتب���ون بالفرنس���ية‪ .‬وإن اهتم���وا بالكتاب‬ ‫الذين يكتب���ون بالعربي���ة فإنهم يركزون‬ ‫عموم���ا عل���ى ُ‬ ‫كت���اب املش���رق العرب���ي‬ ‫وحتديدا على لبنان ومصر‪ .‬إنهم يتصورون‬ ‫أن ُ‬ ‫كت���اب املغ���رب العرب���ي يكتبون كلهم‬ ‫بالفرنس���ية‪ .‬وبالرغم من ذلك فقد كتبت‬ ‫عن روايات���ي مقاالت يف صحيف���ة "لوموند"‬ ‫" و"ل���و مون���د ديبلوماتيك" و"ليبرياس���يون"‪.‬‬ ‫كم���ا أذيع���ت وبث���ت مقاب�ل�ات مع���ي يف‬ ‫حمط���ات إذاعية وتلفزيونية معروفة مثل‬ ‫"فران���س كيلتور" و "فرانس أنتري" و "تي يف‬ ‫سانك"‪..‬‬

‫•ميادين ‪ :‬هل يشغلك القارئ أثناء الكتابة؟‬ ‫ـ ال يش���غلين‪ .‬لكين ح�ي�ن أكتب أعرف أن ما‬ ‫أكتبه سيقرئه قارئ ما‪ .‬ال أعرف بالضبط‬ ‫من ه���و وكيف هو وما هي ثقافته وكيف‬ ‫س���يكون موقفه مما أكتب‪ .‬لك���ن أعرف أنه‬ ‫موجود يف عدة بلدان‪ .‬عربية وغري عربية‪.‬‬

‫•ميادي��ن ‪:‬هن��اك م��ن يعت�بر أن الروائ��ي‬ ‫متواج��د يف ش��خصياته الروائي��ة خيرتعه��ا‪،‬‬ ‫يعيش��ها‪ ،‬يكتبها‪ ،‬حبيث يكون له وجود متوار يف‬ ‫عامل شخصياته‪ .‬كيف ترى املسألة؟‬ ‫ـ م���ن الطبيع���ي ج���دا أن يك���ون الروائ���ي يف‬ ‫ش���خصيات رواياته مبا أن هذه الش���خصيات‬ ‫ه���ي م���ن اخرتاع���ه‪ .‬وه���ذا االخ�ت�راع يتأث���ر‬ ‫بفلس���فته يف احلياة ورؤيت���ه للعامل‪ .‬أعتقد‬ ‫أن الكث�ي�ر م���ن ع���امل الروائ���ي يتس���لل إىل‬ ‫ه���ذه الش���خصيات رغ���م أنف���ه‪ .‬فالكتابة يف‬ ‫ج���زء منه���ا هي عم���ل ال واع ينفل���ت منا وال‬ ‫نستطيع الس���يطرة عليه حتى لو أردنا‪ .‬لكن‬ ‫م���ا هو مجيل وعمي���ق يف الكتابة هو أن ذلك‬ ‫ال حي���ول دون خلق ش���خصيات خمتلفة هلا‬ ‫مزاجها ومناخاتها اخلاصة‪.‬‬ ‫•ميادي��ن ‪ :‬يق��ول إمي��ل س��يوران "حن��ن ال‬ ‫نقي��م يف الوطن وإمنا نقي��م يف اللغة" هل تتفق‬ ‫معه؟ وه��ل اختي��ارك الكتابة بالعربي��ة "قرار"‬ ‫أم "اخت�لاف"؟ أقص��د بهذا الس��ؤال أن��ك تكتب‬ ‫بالعربية ألنها بنظرك متطورة وليس كما يقول‬

‫عنه��ا البعض بأنه��ا لغ��ة عاجزة لذل��ك ينصرف‬ ‫عنها ال ُكتاب الذين يعيشون يف املهجر؟‬ ‫ـ أوال أن���ا مل أخ�ت�ر العربي���ة كلغ���ة كتابة‪.‬‬ ‫الكتابة باللغة العربية أمر بديهي بالنس���بة‬ ‫ل���ي ألني مل���ا ب���دأت أكت���ب كن���ت أقيم يف‬

‫تطورا واضحا إن على مستوى التيمات اليت‬ ‫تنوعت مشلت حتى ما كان يعد حمرما أو‬ ‫على مس���توى اللغة اليت صارت أقل إنشائية‬ ‫وأكثر التصاق���ا بالواقع وأكثر تناغما مع‬ ‫التجرب���ة احلياتي���ة‪ .‬وإن ج���از احلديث عن‬

‫رواية جي���دة توفر متع���ة لقارئها‪ .‬وعلى أي‬ ‫ح���ال ه���ذا يتوق���ف عل���ى الق���ارئ أيضا ألن‬ ‫كلم���ة متع���ة ليس هل���ا معنى دقي���ق واحد‬ ‫ل���دى كل القراء‪ .‬هناك م���ن يتمتع بقراءة‬ ‫روايات صموئيل بيكت وهناك من جيدها‬

‫كان ال ب��د أن أكتبه��ا ك��ي أصف الدم��ار الذي حلق‬ ‫باجملتمع التونسي بعد سنوات عديدة من حكم بن علي‬ ‫تون���س‪ .‬كان بإمكان���ي فيما بعد مل���ا انتقلت‬ ‫إىل باريس وصرت أقيم فيها بشكل دائم أن‬ ‫أغري لغة الكتاب���ة خصوصا أن أغلب ال ُكتاب‬ ‫املغارب���ة الذي���ن يقيمون يف فرنس���ا يكتبون‬ ‫بالفرنس���ية‪ .‬مل أفع���ل ذل���ك ألن���ه ليس من‬ ‫الس���هل أن يغري الكاتب اللغة اليت يكتب بها‪.‬‬ ‫ال يكف���ي أن تتق���ن لغة أجنبي���ة لكي تكتب‬ ‫بها‪ .‬اللغة هي أعمق بكثري من وسيلة تعبري‪.‬‬ ‫اللغ���ة هي الفكر‪ .‬هي كل م���ا حيدد رؤيتك‬ ‫للع���امل‪ .‬وعندما تغري ه���ذه اللغة فإنك تغري‬ ‫طريق���ة تفك�ي�رك وطريقة س���كنك العامل‪.‬‬ ‫الكت���اب املغارب���ة الفرانكوفي���ون مل يكتب���وا‬ ‫أب���دا بالعربي���ة‪ .‬إنه���م خيتلف���ون متاما عن‬ ‫بيك���ت ال���ذي كت���ب باإلجنليزي���ة قب���ل أن‬ ‫يكتب بالفرنس���ية أو نابوكوف الذي كتب‬ ‫بالروسية قبل أن يكتب باإلجنليزية‪.‬‬ ‫نعم‪ .‬حنن مبعنى ما نقيم يف اللغة‪ .‬اإلنس���ان‬ ‫هو كائ���ن لغ���وي بامتياز‪ .‬أحب الفرنس���ية‬ ‫وأقرأ به���ا كثريا‪ .‬لكين أعش���ق العربية‪ .‬أما‬ ‫الذي���ن يقول���ون إن اللغ���ة العربي���ة عاج���زة‬ ‫ع���ن التعب�ي�ر عن هم���وم العص���ر أو إنها غري‬ ‫دقيقة فه���م ال يعرفون هذه اللغة وجيهلون‬ ‫عبقريتها وقدراتها اهلائلة‪.‬‬

‫•ميادي��ن ‪ :‬هن��اك م��ن يعت�بر أن الرواي��ة‬ ‫العربي��ة تعي��ش أزم��ة‪ ..‬أي أزم��ة كات��ب و أزمة‬ ‫قارئ؟ مباذا ترد؟‬ ‫ـ ال أرى أن الرواي���ة العربي���ة تعي���ش أزم���ة‬ ‫كات���ب‪ .‬لقد عرف���ت يف العقدين األخريين‬

‫أزمة فلنقل إنها أزمة قارئ‪ .‬ال بد أن نعرتف‬ ‫ب���أن عدد القراء للرواية يف العامل العربي يف‬ ‫تزايد بش���كل واضح يف األعوام األخرية لكنة‬ ‫يظ���ل أق���ل بكثري من ع���دد ق���راء الرواية يف‬ ‫بلدان أوروبا‪ .‬ولكن هذه مشكلة عامة يعاني‬ ‫منها الش���عر كث�ي�را‪ .‬أنا أحب الش���عر وأقرأ‬ ‫دائما الش���عر‪ .‬ومن املؤمل أن نرى حضوره يف‬ ‫حياتنا ينحس���ر إىل هذا احلد‪ .‬الشعر أساسي‬ ‫جدا‪ .‬واحلياة ال تستقيم بدون شعر‪.‬‬

‫•ميادين ‪ :‬هل ميكن أن ختلق املش��اكل اليت‬ ‫مت��ر به��ا منطقتن��ا العربي��ة أس��لوبا جدي��دا يف‬ ‫الكتابة الروائية؟‬ ‫ـ رمبا‪ .‬ال أحد يس���تطيع التنبؤ مبا س���تصري‬ ‫عليه الرواية يف املس���تقبل‪ .‬م���ن املؤكد أنها‬ ‫س���تتأثر مبا حيدث حالي���ا يف العامل العربي‬ ‫وس���تتفاعل مع���ه ألنه���ا ال ميك���ن أن تبق���ى‬ ‫مبعزل عن التحوالت اليت تش���هدها املنطقة‬ ‫حالي���ا‪ .‬لك���ن أي ش���كل س���يتخذ التفاع���ل‬ ‫وكيف س���ينعكس عل���ى الكتاب���ة فهذا من‬ ‫الصعب معرفت���ه اآلن‪ .‬التطور يف األدب ويف‬ ‫الف���ن عموم���ا بط���يء وال يس�ي�ر وف���ق خط‬ ‫مس���تقيم و خيضع أحيانا لإليقاع الداخلي‬ ‫السري للكتابة وأكاد أقول ملزاجها‪.‬‬

‫•ميادين ‪ :‬هل مهمتك كروائي حتقيق متعة‬ ‫القراءة للمتلقي؟‬ ‫ـ ال أتص���ور أن متع���ة الق���راءة ه���ي مهم���ة‬ ‫الروائ���ي األساس���ية‪ .‬وه���ي ليس���ت هدف���ا‬ ‫منفصال عم���ا يطمح إليه نص ما لكن كل‬

‫مملة‪ .‬األمر ذاته ميكن أن نقوله عن جنيب‬ ‫حمفوظ وعن روائيني عرب آخرين‪.‬‬ ‫•ميادين ‪ :‬ملاذا ال حتب كلمة "حنني"؟‬ ‫ـ أحب االش���تغال عل���ى املاضي‪.‬أحب الس���فر‬ ‫داخل ما ترسب يف متاهة الذاكرة‪ .‬أحب أن‬ ‫أزور كهوفه���ا‪ .‬لكين أنفر م���ن احلنني ألنه‬ ‫جيمل املاضي وبالتالي يشوهه‪.‬‬


‫‪10‬‬

‫السنة الرابعة ‪ -‬العدد ( ‪ 13 - 7 ( - ) 139‬يناير ‪) 2014‬‬

‫الفنانة التشكيلية الليبية خلود الزوي ‪:‬‬

‫نسائي َلسن مُستسلمات‬ ‫الثقايف خاص ‪:‬‬ ‫خل��ود الزوي واحدة من جي��ل الفنانات الليبيات اللواتي برزن يف الس��نوات‬ ‫األخ�يرة م��ن الق��رن العش��رين‪ .‬لوحاته��ا ترص��د اإلنس��انية بش��رائحها‬ ‫االجتماعي��ة املختلف��ة‪ ،‬وكأنه��ن تقدم تفاصي��ل للوحة واحدة‪ .‬نس��اءها‬ ‫مستس��لمات‪ ،‬يائس��ات ولكنها بالفرش��اة واأللوان متنحنا فرصة االقرتاب‬ ‫منهن ومساع أصوتهن‪.‬‬

‫وح�ب�ي للف���ن يأخ���ذ كل وق�ت�ي‪ ،‬وتضي���ف‬ ‫الفنانة خلود ال���زوي‪ :‬يف لوحاتي أحاول دائما‬ ‫البح���ث ع���ن اجلديد يف الفن‪ ،‬أس���عى لتطوير‬ ‫أدوات���ي يف إجن���از لوحاتي باالجته���اد واحلب‪.‬‬ ‫ع���ن اللوح���ة التش���كيلية قالت الفنان���ة خلود‬ ‫ال���زوي‪ :‬لوحاتي متثل لي م�ل�اذاً آمناً ومحاية‬ ‫اجت���اه القلق‪ .‬مرمس���ي وألوان���ي دائما مالذي‬ ‫الوحيد‪ .‬فالرس���م ن���وع من التعب�ي�ر وهو أيضا‬ ‫عالج نفسي‪.‬‬

‫يف الع���ام ‪ ،2007‬أقام���ت أول معارضه���ا‬ ‫التش���كيلية بعن���وان "عيون اآلخر"‪ ،‬وعن س���ر‬ ‫التس���مية قالت الفنانة خل���ود الزوي‪ :‬اجملتمع‬ ‫اللي�ب�ي ي���رى " بعي���ون اآلخري���ن"‪ .‬بع���د ذلك‪،‬‬

‫•املتلقي صديقي‬

‫ه���و من خياط���ب املش���اهد ويك���ون قريب منه‬ ‫م���ن معاناته احلقيقية والفن���ان احلقيقي هو‬ ‫م���ن لديه اجلرأة يف الط���رح ال يهاب البوح وال‬ ‫يهاب أللون وهذا من رأيي متعة املشاهدة عند‬ ‫املتلقي‪ .‬مرمسي وألواني دائما مالذي الوحيد‬ ‫فالرسم نوع من التعبري ويعترب عالج نفسي‪.‬‬ ‫وع���ن األل���وان ال�ت�ي تفضله���ا ومتي���ل إىل‬ ‫اس���تخدامه يف لوحاته���ا قال���ت خل���ود الزوي‪:‬‬ ‫أح���ب الل���ون األمح���ر وبصف���ة عام���ة يغل���ب‬ ‫على لوحاتي األلوان الس���اخنة وكذلك اللون‬ ‫األزرق بتدرجات���ه واللوح���ة أو العم���ل الف�ن�ي‬ ‫دائما يعكس احلال���ة الداخلية للفنان وأحيانا‬ ‫الفن���ان يتأثر مبش���اكل اآلخري���ن واحلاالت‬ ‫اليت ميرون بها‪.‬‬

‫أقامت معرضها الثاني "طالسم الروح" وكان‬ ‫ختليدا للذكرى السنوية األوىل لوفاة والدها وهل مهم���ة الفنان التش���كيلي حتقيق متعة‬ ‫الكات���ب حممد ال���زوي وعن لوح���ات املعرض املش���اهدة للمتلقي قالت الفنانة خلود الزوي‪:‬‬ ‫قال���ت‪ :‬اس���تخدمت فيها الل���ون األصفر الذي الفن حيمل رسالة س���امية والفنان احلقيقي‬ ‫كان وال���دي يفضله‪ ،‬والذي ش���كل بالنس���بة‬ ‫•مغامرة التجريد‬ ‫لي منذ رحيل���ه لوناً للح���داد‪ .‬يف العام ‪2013‬‬ ‫ه���ل تس���تطيع الفنان���ة التش���كيلية أن تق���دم‬ ‫أقام���ت معرض "بوحهن" وعن نس���اء لوحاتها‬ ‫نساءها بالشكل الذي تريد داخل اللوحة بعيدا‬ ‫قال���ت‪ :‬نس���اء بوحه���ن خمتلف���ات بعضه���ن‬ ‫عن تقاليد وع���ادات اجملتمع؟ فكان رد الزوي‪:‬‬ ‫مستس���لمات وبعضهن قويات‪ ،‬نساء "بوحهن"‬ ‫نع���م يف مع���رض (بوحه���ن) كان���ت املغامرة‬ ‫مارس���ت عليه���ن كل االنته���اكات من عنف‬ ‫كبرية بالنس���بة لي ألنين ألول مرة عرضت‬ ‫وتهجري وخط���ف واغتصاب‪ ،‬وأضافت الفنانة‬ ‫لوح���ات حتم���ل مالم���ح ش���خصيات واقعية‪.‬‬ ‫خل���ود ال���زوي‪ :‬حاولت يف "بوحه���ن" أن أوصل‬ ‫فأن���ا من حميب الفن التجري���دي ‪ ،‬ومعارضي‬ ‫صوتهن‪ ،‬قصص حزنهن وفرحهن‪ ،‬نعم الفن‬ ‫الس���ابقة كان���ت جتري���د وكان���ت اجل���رأة‬ ‫لدي���ه اجل���رأة واألدوات لتس���ليط الضوء عن‬ ‫يف الرس���الة ال�ت�ي حيتويه���ا مع���رض بوحهن‬ ‫اجلانب املعت���م من اجملتمع حبرية وبالكيفية‬ ‫ه���و إنن���ا دائما خنش���ى الب���وح برغ���م أن البوح‬ ‫اليت يراها الفنان‪.‬‬ ‫س���لوك مجيل‪ .‬يف معرض���ي (بوحهن) مل يكن‬ ‫•مرمسي وألواني مالذي‬ ‫تركيزي على مالمح النس���اء ب���ل أردتهن أن‬ ‫خلود‬ ‫عند‬ ‫التش���كيلية‬ ‫وع���ن متى تبدأ اللقطة‬ ‫يكون رمز لبوح اللوحة‪.‬‬ ‫ال���زوي الجناز لوح���ة فنية ؟ قال���ت‪ :‬مرمسي‬ ‫يف بي�ت�ي اقض���ي في���ه معظ���م وق�ت�ي‪ .‬ش���غفي‬


‫‪11‬‬

‫السنة الرابعة ‪ -‬العدد ( ‪ 13 - 7 ( - ) 139‬يناير ‪) 2014‬‬

‫اهلوية وحاسة إدراك املكان يف لوحات حممد أبوميس‬

‫عدنان بشري معيتيق‬

‫للتفاه���م والتفه���م وجتاوز األخط���اء وإصالح ما‬ ‫ميك���ن‪ .‬ال يكف الفنان عن ط���رح ورؤاه بنصوصه‬ ‫البصري���ة و املكتوبة يف صفحته الش���خصية وما‬ ‫ينس���جم مع كل م���ا كان يطرح���ه يف نصوصه‬ ‫املرسومة وراءه املعلنة يف معارضه السابقة‪.‬‬ ‫ال ميك���ن ألحد أن ينظ���ر إىل أعماله دون أن يطأ‬ ‫تاريخ األمكن���ة اجلميلة كعامل متخيل متجاور‬ ‫م���ع عامل الفن���ان وما يصبو إليه م���ن أفكار حتوم‬ ‫ح���ول اهلوي���ة وحاس���ة إدراك امل���كان والفض���اء‪.‬‬ ‫أش���كال وأل���وان تتمت���ع بالصراح���ة واإلتق���ان يف‬ ‫أجواء مفعمة باحليوية تش�ي�ر إىل الذات الوطنية‬ ‫م���ن خالل املف���ردات املس���تعملة يف اغل���ب أعماله‬ ‫تبدأ م���ن البدايات الواضحة املع���امل إىل أكثرها‬ ‫جتريدا وحتويرا يف مراحله املتأخرة ذات الطابع‬ ‫املنفل���ت م���ن التأث�ي�رات األكادميية وال�ت�ي قلما‬ ‫ينج���و منه���ا ال���دارس فتلتقي كل م���ا يذكرك‬ ‫بالليبي���ة كع���ادات وتقالي���د‪ ,‬هواي���ات ووج���وه‬ ‫ومن���ط حي���اة وأج���واء متحركة ملف���ردات جبال‬ ‫اكاكاوس وكه���وف تس���يلي يف قصص أخرى‬ ‫مكتوبة بي���د الفنان على جداران أزمنة متداخلة‪,‬‬ ‫ماضية وحاضرة وأخرى مل تأتي بعد‪.‬‬ ‫ولد الفنان حمم���د أبوميس يف مدينة طرابلس‪,‬‬ ‫خت���رج م���ن كلي���ة الفن���ون‪ ,‬ودرس ماجس���تري‬ ‫فن���ون تش���كيلية يف اململك���ة املتح���دة وأكم���ل‬ ‫دراس���ة الدكت���وراه يف ملب���ورن باس�ت�راليا حيث‬ ‫كان مش���رعه حول بناء اهلوية الوطنية وحاسة‬ ‫امل���كان والزمان والتح���والت يف املناظ���ر الطبيعة‬ ‫االس�ت�رالية من حيث اللون وامللمس مما طفحت‬ ‫كل هذه الدراسات يف أعماله وأفكاره وكان هلا‬ ‫دور اجيابي يف دعم مش���روع جتربة فنية وطنية‬ ‫ليبية ناضجة ننتظر منها الكثري‪.‬‬

‫حماول���ة اإلمس���اك باللحظ���ات اهلارب���ة‪ ,‬أزمن���ة‬ ‫متعاقب���ة على م���ر التاريخ يف مغامرة تش���كيلية‬ ‫مع الش���كل واللون باالعتماد على مهارات عملية‬ ‫متقن���ة ودراس���ة أكادميي���ة مكملة‪,‬تتعام���ل مع‬ ‫املوج���ودات خب�ب�رة نفس���ية عميق���ة معتمل���ة يف‬ ‫الداخ���ل منذ آالف الس���نني تنتقل ع�ب�ر اجلينات‪،‬‬ ‫متوارث���ة م���ن جي���ل إىل جي���ل كاملذك���رات‬ ‫الش���خصية البصرية تدون اليوم���ي والعابر وما‬ ‫تدهش العني املتفحصة للجم���ال واملتلهفة على‬ ‫قضاي���ا الوط���ن يف ش���تى ربوع���ه ب���كل ح���ب دون‬ ‫الرجوع إىل أيديولوجيا القبيلة الواهية املتخلفة‬ ‫يف فضاء اللوحة وحميطها الفين والثقايف ختلق‬ ‫حال���ة تفاعلية مع اآلخر‪ ،‬مش���اركة وان كانت‬ ‫نفس���ية منه (املتلق���ي) يف إمتام الن���ص البصري‬ ‫املقرتح‪.‬‬ ‫أعمال الفنان حممد أبوميس كأفكاره‪ ,‬ال تسكن‬ ‫دهالي���ز الغم���وض يف رده���ات معتم���ة وال تطفو‬ ‫على الس���طح خبطابات بصرية ساذجة‪ ,‬ختاطب‬ ‫الوجدان مت حتفز العقل واملخيلة لتنسج خيوط‬ ‫أسطورته الش���خصية الليبية واليت نشرتك فيها‬ ‫مجيعا‪ .‬فحكايات الكه���وف وحياة األدغال وصيد‬ ‫احليوان���ات ومط���اردة الوح���وش واخل���وف م���ن‬ ‫اجمله���ول والتعويذات والس���حر وتعليمات الكهنة‬ ‫وحم���اوالت ابتكار الرم���وز األوىل والعالمات من‬ ‫اجل االتص���ال والتفاهم بني اجلماعات ومحايتها‬ ‫وخل���ق مناخ مالئم للعيش فيما بينهم‪ ,‬باالعتماد‬ ‫عل���ى األل���وان الرتابي���ة واملائل���ة إىل احلم���رة‬ ‫باملالم���س اخلش���نة املوحي���ة جب���دران الكه���وف‬ ‫وموضوعات���ه الراهن���ة كاحلج���اب ومعضالت���ه‬ ‫االجتماعي���ة والع���ادات والعالق���ات املتش���ابكة يف‬ ‫جمتمعاتنا املتخلفة والوضع املأزوم يف ليبيا اليوم‬ ‫وحم���اوالت رأب الص���دع وإجي���اد قن���وات اتصال‬

‫هكذا‪..‬أنت‪..‬اآلن‬

‫فارس برطوع‬ ‫بائسة‬ ‫غادرتك األغاني‬ ‫سياف حمرتف‬ ‫يف الزهور‬ ‫اجلمال مسفوح‬ ‫على عتبات مقهى‬ ‫ينتمي ملدينة‬ ‫جبلت على‬ ‫املوت‬ ‫تقتات‬

‫من إرث صدئ‬ ‫تتنفس من صدور‬ ‫القطط السمان‬ ‫تسلخ وجهها‬ ‫من كثرة‬ ‫استعمال املساحيق‬ ‫هكذا أنت اآلن ‪,,‬‬ ‫مسرح‬ ‫بال مجهور‬ ‫خمرج‬

‫حائر يف املشهد‬ ‫ممثلون‬ ‫سذج كأطفال‬ ‫صحف‬ ‫يديرها امللل بنفسه‬ ‫الشيء‪....‬‬ ‫من املعاصرة سوى‬ ‫زحام مفتعل‬ ‫موضة تصل متأخرة‬ ‫عشر عبارات إجنليزية‬

‫وصفحة فيس بوق‬ ‫هكذا أنت اآلن‪,,‬‬ ‫ما عاد يغريك جنوني‬ ‫وهبيت الليل‬ ‫لآلخرين‬ ‫والغابة‬ ‫حاضنة ذكرياتنا‬ ‫ممنوع الدخول‬ ‫هكذا أنت اآلن‪,,‬‬ ‫عيناك ختيبء خيانة العمالء‬

‫خارجة عن القانون‬ ‫مقيتة‬ ‫يف عيون الشعراء‬ ‫عاشقة‬ ‫ملن يبعثرون اخلوف‬ ‫يركلين فيك‬ ‫االستغراب بسخرية‬ ‫حنو مفاجأة تعيدني‬ ‫إليه‪ ...‬كل مرة‬


‫‪12‬‬

‫السنة الرابعة ‪ -‬العدد ( ‪ 13 - 7 ( - ) 139‬يناير ‪) 2014‬‬

‫دنياك‬

‫مريم خريباني‬

‫هجرة املطر‬ ‫إىل روح الصديق‪ :‬الشاعر حممد عفيفي مطر‬ ‫سامل العوكلي‬

‫يف دنياك‬ ‫حيث النساء ّ‬ ‫هلن ُ‬ ‫رأي آخر‬ ‫ومشس للحرية خمملية‪،‬‬ ‫ٌ‬ ‫ّ‬ ‫يشغلهن االختباء عن أعني ثرثارة‬ ‫ال‬ ‫تقلقهن ٌ‬ ‫ّ‬ ‫عادات أو تقاليد‪،‬‬ ‫وال‬ ‫دنياك الـ هناك‬ ‫تركل حبذائها أقفية املتطفلني‬ ‫تهجع يف أس ّرة للوقت‬ ‫قرمزية‪...‬‬ ‫تقيم يف الشهوة‬ ‫يف الضحكة العارية‬ ‫يف اجلنون الليلكي‬ ‫أما دنياي‬ ‫فلها حساباتها األخرى‬ ‫أمس‪،‬‬ ‫امتدت يدك‬ ‫ترفع ستارة املسافات‬ ‫تبعد اجلهات‬ ‫عن كل اجلهات‬ ‫تذ ّري ماء البحر‬ ‫متتطي ظهر السحاب‬ ‫يب القدر‬ ‫تسقط يف َج ِ‬ ‫حيث أنا‪،‬‬ ‫أنعم بسحر االنتظار‬ ‫ألمري مار ٍد‬ ‫ٍ‬ ‫يف وجهه صخب املدائن‬ ‫يف صدره هلو البحار‬

‫كيف جترؤ ؟‬ ‫أن ختون للمرة األوىل أصدقاءك‬ ‫وال تأتي‬ ‫كيف جترؤ ؟‬ ‫وعلى رأسك غيمة شعثاء‬ ‫ال ختون الرتاب حتت أظافرك‬ ‫تسأل العابرين قرب قريتك ‪:‬‬ ‫هل للصمت مثن ؟‬ ‫طيب‬ ‫والسؤال كيف ينمو يف الصخب العقيم‬ ‫وتظل تسأل مصراك عن َم ْسراك‬ ‫األول إىل سدرة الشعر‬

‫عن سر هذا احلزن الذي توارثه‬ ‫األجيال كالطني‬ ‫ليس لألنبياء وطن‬ ‫وال للمحدقني بغضب‬ ‫يف زحام الدمع على أرصفة العيش‬ ‫فم ْت كما حيلو لك‬ ‫ُ‬ ‫ُم ْت ‪..‬‬ ‫ليعرف الطمي حتت غيمتك الشعثاء‬ ‫نكهة احلزن يف لعاب النيل‬ ‫ليعرف املوت ‪:‬‬ ‫انك اخرتته‬ ‫حني صار اإلجابة املمكنة ‪.‬‬


‫السنة الرابعة ‪ -‬العدد ( ‪ 13 - 7 ( - ) 139‬يناير ‪) 2014‬‬

‫يا وطين‬ ‫صالح نقاب‬ ‫يا وطين‬ ‫أحُّب َك ‪.. .‬‬ ‫ْ‬ ‫لكنيّ أكره ُج َّل ما ِفيك ‪. ..‬‬ ‫يرغب‬ ‫أكر ُه من‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫يف أن حي َتويك ‪.. .‬‬ ‫من ُّ‬ ‫يظن أ ّن ُه‬ ‫ْ‬ ‫َّ‬ ‫كل من ِفيك ‪.. .‬‬ ‫أخاف تصديق تلك األكاذيب‬ ‫و مشاعر اخلوف اليت‬ ‫الصيف‬ ‫عرب رياح‬ ‫ِ‬ ‫و أمطار الشتا ِء‬ ‫ُر ْغ َم أنفك َت ْعترَ ْ‬ ‫يك ‪.. .‬‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫أخاف احل ِد َ‬ ‫خر‬ ‫الص‬ ‫ة‬ ‫غ‬ ‫ل‬ ‫ري‬ ‫غ‬ ‫ب‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫يث ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫و احلجر ‪.. .‬‬ ‫أخاف نسيان موسيقى املطر ‪.. .‬‬ ‫ترمجة‬ ‫أخاف البحث عن‬ ‫ٍ‬ ‫يف قاموس ال يعنيكْ‬ ‫ٍ‬ ‫و أنا أقرأ‬ ‫ْ‬ ‫ما ّ‬ ‫خطت ُه أياديك ! !؟‬ ‫فيا وطين‬ ‫يسكن ِف َ‬ ‫ُ‬ ‫يك‬ ‫كأني مبن‬ ‫من َخارج َك ُي َنا ِد ْ‬ ‫يك ! !!‬ ‫ِ​ِ‬ ‫كأني ِّ‬ ‫بكل من ال ي َ‬ ‫َرغ ُب َك‬ ‫ْ‬ ‫يأتيك ‪.. .‬‬ ‫يا وطين‬ ‫جوع ‪. ..‬‬ ‫أليس فيك من ٍ‬ ‫جهل ‪.. .‬‬ ‫من ٍ‬ ‫ْ‬ ‫ما يكفيك ! !؟‬ ‫ألست كلمة اهلل ! !؟‬ ‫َ‬ ‫فِل َم ُ‬ ‫ك ُّل هذه املآ ِذ ِن اخلرسا ُء‬ ‫ْ‬ ‫َتع َتِليك ! !؟‬ ‫يا وطين‬ ‫أحُّب َك ‪.. .‬‬ ‫ِ‬ ‫أجد َ‬ ‫ُك ! !؟‬ ‫أين‬ ‫لكن‬ ‫ِ‬ ‫كفن ‪.. .‬‬ ‫دومنا‬ ‫م‬ ‫النو‬ ‫ميكنين‬ ‫و كيف‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬ ‫ِْف ْ‬ ‫يك ! !؟‬ ‫أستطيع ‪. ..‬‬ ‫كيف‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫الف َرا َر ِمنك ‪.. .‬‬ ‫ْ‬ ‫أراضيك ! !؟‬ ‫إليك ‪ ،‬عرب‬ ‫ّ‬ ‫كيف أتنفس‬ ‫َ‬ ‫رئتيك ‪ ،‬كي أُ ْح ِي ِي ْك ! !؟‬ ‫عرب‬ ‫كيف أسري‬ ‫خبطواتك ‪..‬‬ ‫ْ‬ ‫كي أصل حيث ألتقيك ! !؟‬ ‫يا وطين‬ ‫أحُّب َك ‪. .‬‬ ‫ِ‬ ‫و أدعوا اهلل رب العاملني‬ ‫أن يهدينا ‪. .‬‬ ‫و أن ي َْه ِد ْ‬ ‫يك ‪.. .‬‬

‫‪13‬‬ ‫حداة الريح‬

‫حممد املزوغي‬ ‫املصدوع مصدو ُع‬ ‫قليب على قلبك‬ ‫ِ‬ ‫فيا صديقي كالنا اليوم موجو ُع‬ ‫قالت حقيبته ينأى به سف ٌر‬ ‫ُ‬ ‫حفيف ال ّريح مسمو ُع‬ ‫فليس إال‬ ‫ال يقرب الزا َد إال وهو منكفئ‬ ‫أو يقرب النو َم إال وهو ممنو ُع‬ ‫قلق‬ ‫ُ‬ ‫مفتاح غرفته ٍ‬ ‫غاف على ٍ‬ ‫الباب يف جنبيه مزرو ُع‬ ‫كأمنا ُ‬ ‫مازال يذك ُر كيف الضو ُء منسكبا‬ ‫على اجلدار ّ‬ ‫كأن الضو َء مطبو ُع‬ ‫مركيز هنا ٌ‬ ‫هنا ُ‬ ‫ورق‬ ‫رواية‬ ‫ٍ‬ ‫تقاطيع‬ ‫تلوح فيه من الذكرى‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫هناك فنجانه ينأى بقهوته‬ ‫أسابيع‬ ‫متتم قد م ّرت‬ ‫يف‬ ‫ُ‬ ‫الركن َ‬ ‫ِ‬ ‫هنا بقاياه يف كل اجلهات وقد‬ ‫أغفت على الصمت ال ٌ‬ ‫نفث وال رو ُع‬ ‫وغاص هنا‬ ‫ياصاحيب مل تكن غريي‬ ‫َ‬ ‫يف القلب سهمان موتور ومدفوع‬ ‫أدري بأن سروج الريح متعبة‬ ‫وصوت ّ‬ ‫ُ‬ ‫يح مقطو ُع‬ ‫كل ُح َدا ِة ِّ‬ ‫الر ِ‬ ‫أدري بأ ّنك م ّو ٌ‬ ‫شفة‬ ‫ال على ٍ‬ ‫ضمأى وأ ّنك ـ ماغنتك ـ ينبو ُع‬ ‫أدري ّ‬ ‫بأن حنينا قد تف ّرق يف‬ ‫ّ‬ ‫كل احملبني فيك اليوم جمموع‬ ‫أدري بأنك ٌ‬ ‫حزن ُق ّد من َو َل ٍه‬ ‫ّ‬ ‫لكن شاهد أهل الدار مصروع‬ ‫أدري بأنك خاصرت الضياء إىل‬ ‫حد ي ُّ‬ ‫ُظن حراما وهو مشروع‬


‫‪14‬‬

‫السنة الرابعة ‪ -‬العدد ( ‪ 13 - 7 ( - ) 139‬يناير ‪) 2014‬‬

‫ملاذا جيذب الشعر األشخاص املُصابني باضطرابات عقليّة؟‬ ‫أليكس هدسون ‪ -‬ترمجة ‪ :‬هالة عدي‬ ‫غالب���اً م���ا ارتب���ط الش���عر باالكتئاب‪،‬‬ ‫واجلن���ون‪ ،‬وأم���راض نفس��� ّية أخ���رى‪.‬‬ ‫وصف أحدهم الش���اعر "بايرون" بكونه‬ ‫"جمنون���اً‪ ،‬وس���يئاً‪ ،‬وخط�ي�راً " وكان‬ ‫"كيتس" ُمندفع���اً إىل حد االضطراب‬ ‫أما "س���يلفيا‬ ‫بس���بب ح���ب االس���تحواذ ّ‬ ‫بالث" فقد أقدمت على االنتحار‪.‬‬ ‫حبس���ب دراس���ة لطبيب���ة عل���م النفس‬ ‫" كاي ريدفيل���د جاميس���ون " ح���االت‬ ‫االنتح���ار واضطراب���ات امل���زاج أكث���ر‬ ‫بعشرين مرة عند الشعراء الربيطانيني‬ ‫وخاص���ة ًب�ي�ن الق���رن‬ ‫وااليرلندي�ي�ن‬ ‫ّ‬ ‫الس���ابع عش���ر والتاس���ع عش���ر‪ .‬بعبارة‬ ‫للتوجه إىل‬ ‫أخرى‪ ،‬الش���عراء ُمع ّرضون‬ ‫ّ‬ ‫مصح���ة عقلي���ة أكثر بعش���رين م ّرة‬ ‫عامة الناس ‪.‬‬ ‫من ّ‬ ‫حت�ّي�رّ العلم عند حماولة تفس�ي�ر هذه‬ ‫ُجد‬ ‫الظاه���رة‪ ،‬ففي دراس���ة حديث���ة‪ ،‬و ِ‬ ‫أن دم���اغ الف ّن���ان‪ -‬أثناء العمل‪ -‬مش���ابه‬ ‫لدماغ شخص مصاب مبرض انفصام‬ ‫الشخص ّية‪ ،‬بينما وجدت دراسة أخرى‬ ‫أن الط�ّل�اّ ب املُبدع�ي�ن يتش���اركون‬ ‫الس���مات الش���خص ّية م���ع مرض���ى‬ ‫االضطراب ثنائي القطب‪.‬‬ ‫يف منتص���ف الق���رن التاس���ع عش���ر‪,‬‬ ‫كتب���ت الش���اعرة "إميل���ي ديكنس���ون"‬ ‫ّ‬ ‫إن "الكث�ي�ر م���ن اجلن���ون هو إحس���اس‬ ‫رفي���ع " بينم���ا س���أل "إدغ���ار آالن ب���و"‪:‬‬ ‫"هل ّ‬ ‫س���ام؟"‪ .‬لكن ملاذا‬ ‫إن اجلنون ذكاء ٍ‬ ‫جي���ذب الش���عر األش���خاص املصاب�ي�ن‬ ‫باضطرابات عقل ّية؟‪.‬‬

‫•لوك الشعر قصري‬

‫يقول الش���اعر "لوك راي���ت"‪" :‬لو كنت‬ ‫ش���خصاً مبدعاً‪ ،‬س���تتم ّكن من كتابة‬ ‫الش���عر‪ ،‬ألن الش���عر قص�ي�ر‪ ،‬وميكن���ك‬ ‫التص��� ّرف في���ه حب ّري���ة ‪ ،‬وخمتل���ف‬ ‫عن كتاب���ة الرواية ؛ اليت ستس���تغرق‬ ‫سنوات عدّة لكتابتها‪ ،‬دون أن تعرف إن‬ ‫كانت ج ّيدة "‪.‬يتعّلق الش���عر بالفوارق‬ ‫البس���يطة لّلغ���ة‪ ،‬ورؤيت���ك املختلف���ة‬ ‫بايرون الشاعر االجنليزي‬

‫قصة قصرية‬

‫ليل خارجي‬ ‫عادل العجيمي‬

‫الشاعرة االمريكية سيلفيا بالث‬

‫أول الليل‪:‬‬

‫للعامل‪ .‬تقول الف ّنانة " لورا دوكريل"‪" :‬‬ ‫مهتماً جبوانب خمتلفة‬ ‫جيب أن تكون ّ‬ ‫من الكون لتمسك القلم‪ ،‬وتبدأ بتحليل‬ ‫العالمَ من خالل الشعر‪ّ ..‬‬ ‫أظن أن عقولنا‬ ‫عب���ارة ع���ن جمموعة خربش���ات‪ ,‬وهي‬ ‫دائمة النش���اط؛ ألنك تستطيع الكتابة‬ ‫ع���ن أي موض���وع ‪ ،‬ويف أي وق���ت‪ ..‬جزء‬ ‫م���ن كتابة الش���عر‪ ,‬أن جتعل الكلمات‬ ‫تق���وم بعم���ل يف���وق عمله���ا يف العادة‪،‬‬ ‫ل���ذا تبحث عن مجي���ع معان���ي الكلمة‬ ‫ثم تبدأ بالتفكري بالطريقة ذاتها؛‬ ‫ومن ّ‬ ‫حمّل ً‬ ‫ال مجيع التفاصيل الدقيقة"‪.‬‬

‫• صراع إبداعي‬

‫حاول العديد من علماء النفس حتديد‬ ‫األم���ر ال���ذي جيع���ل اإلنس���ان مبدع���اً‪,‬‬ ‫وكيف ّية حساب اإلبداع؛ إذ بدأت إحدى‬ ‫الدراس���ات حبس���اب عدد اس���تخدامات‬ ‫قطع���ة قرميد ال�ت�ي تتب���ادر إىل أذهان‬ ‫املشاركني يف الدراسة‪ ,‬كما تستخدم‬ ‫حت���ى اآلن نظري���ة أخصائ���ي عل���م‬ ‫النف���س "ج���ي بي غيلف���ورد"‪ ,‬املنش���ورة‬ ‫الع���ام ‪ 1950‬يف كتاب���ه "اإلب���داع"‪,‬‬ ‫ّ‬ ‫يرك���ز "غيلف���ورد" عل���ى أرب���ع نقاط‪,‬‬ ‫هي الفصاحة‪ ,‬واملرون���ة‪ ,‬والقدرة على‬ ‫ابتكار الفكرة وحتسينها‪.‬‬ ‫يع��� ّرف أخصائي عل���م النف���س "غاري‬ ‫فيتزغيب���ون" اإلبداع بأن���ه "عدم التق ّيد‬ ‫بالقواع���د‪ ,‬أو القب���ول بالقي���ود ال�ت�ي‬ ‫يفرضه���ا اجملتمع علين���ا‪ .‬وبالتأكيد‪،‬‬ ‫كّلم���ا كس���ر الش���خص القواع���د‪,‬‬ ‫ازدادت احتمالي���ة اعتب���اره ’خمت�ل�ا‬ ‫عقل ّي���اً "‪ .‬لكن يبقى الس���ؤال‪ :‬هل تدفع‬ ‫األمراض العقل ّية الشخص حنو الفن‪,‬‬ ‫أم العكس؟‬

‫يق���ول "راي���ت"‪" :‬يص���در اإلب���داع ع���ن‬ ‫ص���راع يف مكان ما من العقل‪ ,‬ليس من‬ ‫الض���روري أن تكون "جمنون���اً" لتصبح‬ ‫شاعراً‪ ,‬لكن العقل النشيط يو ّلد أفكاراً‬ ‫اجياب ّية وس���لب ّية يف نف���س الوقت‪ .‬هذا‬ ‫األم���ر رائع‪ ,‬لك ّنه يع�ن�ي أن التك ّيف مع‬ ‫احلياة " الطبيعية أمر صعب"‪.‬‬

‫•شاب سعيد‬

‫م���ع ازدي���اد االضطراب���ات العقل ّي���ة‪,‬‬ ‫ازدادت صعوبة حتديد ما هو "طبيعي"‪.‬‬ ‫فبحس���ب " مكت���ب تع���داد الواليات‬ ‫املتح���دة " حنو ‪ %1‬م���ن األمريكيني‬ ‫مصاب���ون مبرض انفصام الش���خص ّية‬ ‫ويؤث���ر مرض قص���ور االنتب���اه وفرط‬ ‫احلرك���ة يف حن���و ‪ %4‬م���ن البالغني‬ ‫بينم���ا ‪ % 2.5‬مصاب���ون باالضطراب‬ ‫ثنائي القطب‪.‬‬ ‫ي���رى البع���ض أن التعبري عن املش���اعر‪،‬‬ ‫وجترب���ة خمتل���ف جوان���ب احلي���اة‪،‬‬ ‫أم���ر اجياب���ي حي���ث يق���ول الف ّن���ان "‬ ‫سكروبيوس بيب "‪" :‬أكتب أشعاراً عن‬ ‫الكثري من املواضيع املظلمة لكنين شاب‬ ‫س���عيد معظم الوقت‪ ,‬فأنا ال أناقش مع‬ ‫أصدقائ���ي مواضيع القت���ل‪ ،‬واالنتحار‬ ‫والعن���ف املنزلي‪،‬أثناء حيات���ي اليوم ّية‬ ‫ع���اد ًة أحت���دّث ع���ن األم���ور الطبيع ّية‬ ‫؛ كك���رة الق���دم ً‬ ‫مث�ل�ا‪ .‬م���ن امله���م أن‬ ‫ختت�ب�ر خمتلف املش���اعر‪ ،‬وبالرغم من‬ ‫إصاب���ة الش���عراء بأم���راض عقل ّية‪ ,‬إال‬ ‫أن التعبري عن املش���اعر ع�ب�ر كتابتها‪،‬‬ ‫ومش���اركتها‪ ،‬أمر ضروري"‪ .‬وبالفعل‬ ‫وُجد أن الفن " يقلل من التو ّتر‪ ،‬ويزيد‬ ‫من تقدير الذات"‪.‬‬

‫حبلمه بني ذراعيه‪..‬‬ ‫يقف أول الش���ارع ممس��� ًكا ُ‬ ‫ٌ‬ ‫عذب‬ ‫(ص���وت‬ ‫متداخلة‬ ‫تأتي���ه أصوات كث�ي�رة‬ ‫ٌ‬ ‫ينس���اب مبش��� ًرا اجلمي���ع باجلن���ة يتداخل مع‬ ‫صوت أم كلثوم ُتلح عليه أن يأخذها يف حنانه‬ ‫صرا على‬ ‫يف حني يعلو ص���وت بائع البطاط���ا ُم ًّ‬ ‫أنها بنار الفرن)‪..‬‬ ‫ً‬ ‫يفت���ح ذراعيه ع���ن آخرهما منطلق���ا إىل اجلنة‬ ‫ويف ي���ده البطاطا وأم كلثوم تتمس���ك مبطلب‬ ‫جديد وهو أن يأخذه���ا (بعيد بعيد) وتؤكد له‬ ‫(عن الوجود وابعدني‪ ..‬بعيد بعيد وحدينا)‪..‬‬ ‫منتصف الليل‪:‬‬ ‫عل���ى اجلانب اآلخر كان ال���ذي يعصب عينيه‬ ‫خماف���ة الن���ور يتح���رك بس���رعة هن���ا وهناك‬ ‫يطف���ئ األن���وار بي��� ٍد ويتأك���د باألخ���رى أن‬ ‫ال ُعصاب���ة حمكم���ة الربط على عيني���ه‪ ..‬أحس‬ ‫يف حلظة بش���خص يعلو فدفعت���ه رغبته يف أن‬ ‫ميسك بقدميه دون أن يدري وجهته‪..‬‬ ‫املسافر إىل اجلنة احس بثقل غريب يف قدميه‪..‬‬ ‫توق���ف عن الطريان‪ ..‬س���قطت البطاطا من يده‬ ‫وص���وت أم كلثوم اختبا خل���ف أصوات غليظة‬ ‫خرج���ت بعد ضغ���ط على أزرار كث�ي�رة‪ ..‬لكن‬ ‫احللم اليزال بني ذراعيه‪..‬‬ ‫انطف���أت أن���وار كث�ي�رة حميط���ة باالثن�ي�ن‬ ‫الواقفني فوق الكوبري يف حني أن أعمدة بعيدة‬ ‫كان���ت تبعث نو ًرا ضعي ًفا‪ ..‬أخذ أحدهما يبحث‬ ‫ع���ن ُحلمه الذي كان ب�ي�ن ذراعيه بينما كان‬ ‫اآلخ���ر يس���تمتع بالبطاط���ا اليت كان���ت باردة‬ ‫جدا‪..‬‬

‫آخر الليل‪:‬‬

‫خال متاما إال منهما وبعض الكراسي‬ ‫الكوبري ٍ‬ ‫امللقاة هنا وهناك وقد تكوم عليها الرتاب بعد أن‬ ‫هجرها اجلالسون‪.‬‬


‫‪15‬‬

‫السنة الرابعة ‪ -‬العدد ( ‪ 13 - 7 ( - ) 139‬يناير ‪) 2014‬‬

‫ملف العدد‬ ‫الشاعر حممد الفقيه صاحل‬

‫حممد الفقيه صاحل السفري اللييب يف إسبانيا‪:‬‬

‫أخشى أن يؤول الربيع اللييب إىل خريف بائس!‬ ‫‪ 1‬ـ مل يكتمل احلوار بعد على موت القذايف‪،‬‬ ‫لك���ن ذلك ليس باألمر املهم ‪ .‬ما يعنينا هو أن‬ ‫الش���عب اللييب بتضحيات باهظة ومبساعدة‬ ‫اقليمية ودولية‪ ،‬أجنز القس���م األول الصعب‬ ‫م���ن أهداف���ه وه���و تقويض نظ���ام الق���ذايف‪،‬‬ ‫ويبقي |أمامه القسم الثاني األصعب‪ ،‬وأعين‬ ‫ب���ه معاجلة آثار احل���رب والرتك���ة الثقيلة‬ ‫ال�ت�ي تركه���ا نظ���ام الق���ذايف‪ ،‬بالتزامن مع‬ ‫إرس���اء أس���س الدولة املدني���ة الدميقراطية‬ ‫اجلديدة على األرض الليبية‪ ،‬إنها جمموعة‬ ‫مهم���ات معق���دة وعويص���ة ومتزامن���ة‪،‬‬ ‫وتتطل���ب احلل���ول الس���ريعة يف ظ���ل وجود‬ ‫هوة كبرية ب�ي�ن التوقعات واإلمكانيات أوال‪،‬‬ ‫وانتش���ار الس�ل�اح والتش���كيالت املسلحة غري‬ ‫املنضبطة ثانيا‪ ،‬واحت���دام الضغائن والثارات‬ ‫بني عدد م���ن املناطق والقبائ���ل ثالثاً‪ ،‬فض ً‬ ‫ال‬ ‫ع���ن الس���لوك السياس���ي غري املس���ؤول ممن‬ ‫يضغط���ون من أجل فرض النظام الفيدرالي‬ ‫على الشعب اللييب‪.‬‬ ‫كل ذل���ك يدفعن���ا إىل القل���ق عل���ى بالدن���ا‬ ‫ال�ت�ي م���ا ت���زال تلمل���م جراحه���ا يف مه���ب‬ ‫مصائر متع���ددة‪ ،‬لكن هذه النظ���رة احلذرة‬ ‫ال ينبغ���ي أن حتول دون التنوي���ه بالتطورات‬ ‫االجيابي���ة واملنعش���ة لآلم���ال يف املش���هد‬ ‫السياس���ي اللي�ب�ي اجلديد‪ ،‬الذي م���ا يزال يف‬ ‫طور التش���كيل‪ ،‬وأع�ن�ي بذلك تأس���يس عدد‬ ‫كبري م���ن التنظيمات احلزبي���ة‪ ،‬ومنظمات‬ ‫اجملتم���ع املدن���ي‪ ،‬والصحف األهلي���ة‪ ،‬فضال‬

‫رجب اهلنيد وحممد الفقيه صاحل يف مهرجان االسطى عمر بدرنة‬ ‫عن املظاهرات احلاش���دة يف خمتلف مناطق‬

‫سرية الشاعر‬ ‫•حممد الفقيه صاحل‬ ‫•ولد بطرابلس‪ ،‬ليبيا العام ‪ 1953‬وبها تلقى تعليمه األول‪ ،‬ثم سافر إىل مصر‬ ‫الس���تكمال دراس���ته بكلية االقتصاد والعلوم السياس���ية جبامعة القاهرة‪ ،‬فحصل‬ ‫منها على درجة البكالوريوس عام ‪.1975‬‬ ‫•ب���دأ الكتابة الش���عرية والصحفية يف املطبوعات الليبية منذ أوائل الس���بعينات‬ ‫م���ن الق���رن املاضي حي���ث أخذت ش���كل كتابة ش���عرية‪ ،‬وكتابة املقال���ة األدبية‬ ‫يف صحافة املدرس���ة‪ ،‬وأخذ ـ منذ املرحلة اجلامعية ـ ينش���ر يف الصحف واجملالت‬ ‫الثقافية الوطنية‪ ،‬وبعض اجملالت العربية‪.‬‬ ‫•يع���د أح���د ابرز األص���وات الش���عرية الليبية يف جي���ل الس���بعينات‪ ،‬فهو صاحب‬ ‫جتربة ثرية استفادت من الرتاث العربي قدر استفادتها من املنجز احلداثي‪.‬‬ ‫•اعتق���ل م���ن قب���ل نظام الق���ذايف يف الع���ام ‪ 1978‬ضمن جمموعة م���ن الكتاب‬ ‫واملثقفني الليبيني واودع السجن السياسي حتى العام ‪.1988‬‬ ‫•عمل منذ خترجه بوزارة اخلارجية الليبية‪ ،‬وعمل موظفا يف سفارات ليبيا يف‬ ‫عدد من الدول االوروبية‪.‬‬ ‫•يعمل منذ العام ‪ 2011‬سفرياً لدولة ليبيا لدى اسبانيا‪.‬‬ ‫•من إصداراته‪:‬‬ ‫•خطوط داخلية يف لوحة الطلوع ‪ -‬شعر ‪1999 -‬‬ ‫•حنو الضمة‪ ،‬مسو الكسرة ‪ -‬شعر ‪-2001‬‬ ‫•أفق آخر ‪ -‬مقاالت ‪2002 -‬‬

‫البالد‪ ،‬رداً على التوجه الفيدرالي‪ ،‬واألهم من‬ ‫هذا كله‪ ،‬النج���اح الالفت لتنظيم االنتخاب‬ ‫اخلاص باختيار أعضاء املؤمتر الوطين العام‪،‬‬ ‫واملشاركة الشعبية الواسعة يف هذه العملية‬ ‫االنتخابية‪ ،‬ما يدل على رغبة الشعب يف بناء‬ ‫دولة القانون واحلريات واملؤسسات‪.‬‬ ‫‪ 2‬ـ تس���تدعي معاجلة إش���كالية امليليش���يات‬ ‫املس���لحة يف ليبي���ا مجل���ة م���ن اإلج���راءات‬ ‫واخلطوات املتزامنة اليت ميكن اجيازها يف‪:‬‬ ‫أ ـ اإلسراع باستيعاب ما أمكن من أعضاء هذه‬ ‫امليليش���يات يف املؤسس���ات الرمسي���ة للدولة‬ ‫الليبية‪ ،‬بعد إعادة تأهيلهم‪.‬‬ ‫ب ـ تقدي���م حواف���ز مادي���ة مش���جعة مقاب���ل‬ ‫تسليم األسلحة للجهات الرمسية‪.‬‬ ‫ج ـ ممارس���ة ضغوط شعبية على امليليشيات‪،‬‬ ‫من خالل اجملتمع السياس���ي واملدني بش���كل‬ ‫س���لمي ومنظم‪ ،‬حبيث ي�ب�رز ويتبلور الرأي‬ ‫العام الرافض الستمرار هذه امليليشيات‪ ،‬بعد‬ ‫انته���اء دورها أثناء حتري���ر البالد من النظام‬ ‫االستبدادي‪.‬‬ ‫د ـ التس���ريع بعملي���ة إع���ادة بن���اء اجلي���ش‬ ‫الوطين واملؤسس���ات األمنية وتكثيف اجلهود‬ ‫يف ه���ذا الص���دد‪ ،‬مل���لء الف���راغ األم�ن�ي أو ً‬ ‫ال‪،‬‬ ‫وملواجه���ة أية تطاوالت أو جت���اوزات من أية‬ ‫مجاعة مسلحة‪.‬‬ ‫‪ 3‬ـ أنا متشائل‪ ،‬أخشى أن يؤول الربيع اللييب‬

‫إىل خري���ف بائس‪ ،‬على أيدي بعض املكونات‬ ‫واحلساس���يات السياسية والدينية والثقافية‬ ‫واجلهوي���ة ضيق���ة األف���ق ‪ ،‬فاملالح���ظ أن‬ ‫معظ���م ه���ذه احلساس���يات واملكون���ات ال‬ ‫تس���عى أو جتته���د من أجل تطوي���ر وجتديد‬ ‫طروحاتها يف ض���وء معطي���ات الواقع اللييب‬ ‫ومتطلبات���ه‪ ،‬ولي���س لديها احلس السياس���ي‬ ‫الس���ليم والرص�ي�ن الس���اعي إىل التواف���ق‬ ‫والبحث عن املشرتك‪ ،‬بد ً‬ ‫ال من الرتكيز على‬ ‫املختل���ف بني الليبيني‪ ،‬لقد ثار الليبيون ضد‬ ‫االس���تبداد‪ ،‬وذلك يعين يف فهمي أن النقيض‬ ‫هو أن يعي���ش كل مواطن يف أم���ان وحرية‬ ‫حت���ت غط���اء الدس���تور والقان���ون وااللتزام‬ ‫بهما‪ ،‬ال أن يستبدل بذلك االستبداد الفردي‬ ‫الغاش���م‪ ،‬اس���تبداداً آخ���ر حتت أي مس���مى أو‬ ‫ادعاء‪.‬‬ ‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫نش���ر هذا الرأى بتاريخ ‪ 13‬س���بتمرب ‪2012‬‬ ‫مبجلة اجمللة اللندنية يف اس���تطالع جلمعة‬ ‫بوكليب ‪ :‬أي���ن ينتهي الكاب���وس ومتى يبدأ‬ ‫احللم ؟ ليبيا ما بعد مجاهريية القذايف !‪.‬‬


‫‪16‬‬

‫السنة الرابعة ‪ -‬العدد ( ‪ 13 - 7 ( - ) 139‬يناير ‪) 2014‬‬

‫ملف العدد‬ ‫الشاعر حممد الفقيه صاحل‬

‫الشاعر حممد الفقيه صاحل ‪ :‬الشعر ‪ ..‬هوية الغموض‬ ‫•نوافري الفقيه‬ ‫مل يكن حممد بالنس��بة لي الش��اعر‪ ،‬ومل يك��ن املثقف‪ ،‬ومل يك��ن بلدياتي‪ ،‬ومل يكن‬ ‫الصدي��ق‪ ،‬كان أكث��ر تعقي��داً من ذلك وأكثر تش��ابك ًا‪ ،‬لقد بدأنا اخلط��وة األوىل مع ًا يف‬ ‫بداي��ة الس��بعينات‪ ،‬مل تكن خطوة بل كان��ت االرتباك‪ ،‬فلم يكن باإلمكان االس��تكانة‬ ‫لإلجابات اجلاهزة اليت أحاطت بالعقدين الس��ابقني (اخلمس��ينات‪ ،‬الستينات)‪ .‬كان‬ ‫السؤال فاغراً فاه وأي سؤال؟‪.‬‬ ‫بدا فإن ش��عرية “حممد الفقيه صاحل” كانت ش��عرية الس��ؤال يف الش��عر اللييب‪ ،‬وكانت‬ ‫مكثفة حد أن البعض يقفز عنها‪ .‬والبعض اآلخر يقف عندها مشدوها ودون تعليل‪ .‬بدا‬ ‫وكأن هذه الش��عرية هوية للغموض الذي حباجة لالس��تكناه ودون ذلك صعاب وكسل هو‬ ‫مسة الوضعية الفقرية للثقافة يف ليبيا‪.‬‬

‫•حاوره‪ :‬أمحد الفيتوري‬

‫يف ح���وار امت���د لس���نوات كن���ا خنتل���ف ح���ول‬ ‫اتفاقاتن���ا‪ ،‬فلق���د كان كل من���ا ي���رى أن األمر‬

‫أكث���ر تعقي���داً‪ .‬من���ذ ذل���ك وإىل الي���وم كان���ت‬ ‫التجرب���ة الش���عرية لـ”حمم���د الفقي���ه ص���احل”‬

‫العالم���ة الفارق���ة وش���عرية اللحظ���ة احلداثية‬ ‫الراهنة‪.‬‬

‫•أسئلة الشعر‬

‫ (س���ؤال‪ :)1‬متى ب���دأت كتابة الش���عر‪ ،‬كيف‬‫دخلت الشعر‪ ،‬وكيف كان الشعر بالنسبة لك‪،‬‬ ‫هل هو مش���روع يف الثقافة أم لغة للروح أم نزوة‬ ‫تورطت فيها؟‬ ‫ (س���ؤال‪ :)2‬م���ا ال���ذي يعني���ه أن تك���ون ش���اعراً‬‫ليبياً‪ ،‬هل للش���عر مالم���ح وخصوصية جغرافية‬ ‫تارخيي���ة‪ ،‬تضاري���س ل���روح الوط���ن‪ ،‬أم الش���عر‬ ‫كون ولغة اللغات أم ماذا؟‬ ‫ (س���ؤال‪ :)3‬ه���ل للش���عراء الليبي�ي�ن أث���ر يف‬‫شعريتك أم األثر العربي وملاذا؟‬ ‫ (س���ؤال‪ :)4‬عل���ي صدق���ي عب���د الق���ادر‪ ،‬عل���ي‬‫الرقيعي‪ ،‬حممد الفقيه صاحل‪ ،‬عاشور الطوييب‪،‬‬ ‫ف���رج العش���ة‪ ،‬ف���رج العرب���ي‪ ،‬مفت���اح العم���اري‪،‬‬ ‫فاطمة حممود‪ ،‬خدجية الصادق‪ ،‬أمساء ش���عراء‬ ‫وش���اعرات ليبيني ماذا تعين هذه األمساء؟‪ ،‬وأين‬ ‫موق���ع ه���ؤالء أو أحده���م أو آخري���ن يف الش���عر‬ ‫العربي و اللييب على اخلصوص؟‬ ‫ (س���ؤال‪ :)5‬ما الذي يعنيه نقد الش���عر لك‪ ،‬هل‬‫مثة نقاد للشعرية العربية‪ ،‬خاصة يف ليبيا؟‬

‫•‪ ..1‬بداية اإلجابة‬

‫ترج���ع املفاوض���ات األوىل واالق�ت�راب املرتع���ش‬ ‫املتهي���ب من ع���امل الش���عر إىل أواخر الس���تينات‪،‬‬ ‫حينم���ا أصبحت مأخوذا‪ .‬يف س�ن�ي الصبا والفتوة‬ ‫تلك بسري الشعراء اإلعالم‪ .‬عرباً وليبيني‪ ،‬قدماء‬ ‫ومعاصري���ن‪ ،‬وم���ا كان���وا حيظ���ون ب���ه يف ذلك‬ ‫الزم���ان من مكان���ة مرموقة ل���دى الضمري العام‬

‫لوحة ‪ :‬جنالء شوكت الفيتوري‬

‫ً‬ ‫فض�ل�ا عن اإلنش���داد املبك���ر إىل الس���حر اخلفي‬ ‫ال���ذي حيول ال���كالم الع���ادي إىل مع���ان لطيفة‬ ‫وكون موسيقي فتان‪.‬‬ ‫اإليقاع املوس���يقي يف كالم الش���عر ه���و املصيدة‬ ‫األوىل ال�ت�ي طبقت على روح���ي الطرية آنذاك‪،‬‬ ‫هك���ذا بدأ األم���ر فيم���ا يش���به النزوة حق���ا‪ .‬لكن‬ ‫الش���عر مل يكف ع���ن التغلغل يف ال���روح‪ ،‬وتلبس‬ ‫نوثرها وهواجس���ها وأش���واقها وفرحه���ا الطليق‪.‬‬ ‫وألني أنتمي إىل حساس���ية ش���عرية امتزج فيها‬ ‫اخلاص بالعام امتزاجا عضويا‪ ،‬وإىل فضاء ثقايف‬ ‫تارخي���ي حمدد مل ميلك الش���اعر معه أن يغض‬ ‫بص���ره عم���ا جي���ري حواليه‪ ،‬ل���ذا أصبح الش���عر‬ ‫ورط���ة حقيقية‪ ،‬لي���س فقط من خ�ل�ال حمنة‬ ‫الكتاب���ة الش���عرية ومكابدته���ا‪ ،‬ب���ل كذلك من‬ ‫خالل اصطدامه باملرجعيات العامة‪.‬‬

‫•‪ ..2‬السؤال املصيدة‬

‫هذا السؤال أشبه باملصيدة هل للشعر خصوصية‬ ‫زمكاني���ة‪ ،‬وه���ل هو جت���ل ل���روح الوط���ن‪ ،‬أم هو‬ ‫كائ���ن غامض غريب يض���رب يف جماهل الكون‬ ‫والتجريد‪ ،‬إنه كل ذلك وأكثر‪.‬‬ ‫الشعر يف نظري‪ ..‬هو البقعة املوقدة اليت ينصهر‬ ‫فيه���ا كل م���ا ورد بس���ؤالك وأكث���ر‪ ،‬إن���ه أقدر‬ ‫فنون الكتابة على التكليف وعلى اختزال الذاتي‬ ‫والكوني والزمكاني واملطلق والتارخيي وصهره‬ ‫يف عب���ارة واحدة‪ .‬إن���ه بؤرة الوج���ود‪ ،‬والدم الذي‬ ‫يب���ث بتدفق���ه وحرارت���ه ال���دفء يف ه���ذا الكيان‬ ‫الغريب الذي نسميه العامل‪.‬‬ ‫من أين جييء الشعري‪ ،‬وما هو منابعه الغامضة‬ ‫املثرية‪ ،‬هذا س���ؤال صعب غاية الصعوبة‪ ،‬ستظل‬


‫السنة الرابعة ‪ -‬العدد ( ‪ 13 - 7 ( - ) 139‬يناير ‪) 2014‬‬

‫ملف العدد‬ ‫الشاعر حممد الفقيه صاحل‬

‫لألصوات الشعرية الليبية املهمة دالالت عديدة فهي أوال‬ ‫أبرز العالمات الالفتة يف حداثة الشعر العربي اللييب‬ ‫دوم���ا تقارب���ه دون أن نتمك���ن متاما م���ن اإلطباق‬ ‫عليه يف مصائد مفاهيمنا النظرية‪ ،‬لكان الشعري‬ ‫هو ما يس���تعصي عل���ى التحديد‪ ،‬وم���ا ينأي‪ .‬ومن‬ ‫ي���دري لعله به���ذه اهلوية الغامضة يظل بأس���رنا‬ ‫على الدوام‪.‬‬ ‫ه���ذا حينم���ا نتح���دث ع���ن الش���عر والش���عري يف‬ ‫عمومه���ا‪ .‬أما حينم���ا نقف أمام نتاج ش���اعر ما‪ .‬أو‬ ‫نت���اج مدرس���ة ش���عرية ما‪ .‬ف�ل�ا مفر م���ن تلمس‬ ‫بصم���ات البيئة الزمكاني���ة ومرجعي���ات التكوين‬ ‫النفس���ي والثق���ايف‪ ،‬وأفاعيلها اخلفي���ة والظاهرة‬ ‫يف ه���ذا النت���اج على أرضية ذلك الفهم الش���مولي‬ ‫للش���عر وهك���ذا ن���رى أن األم���ر‪ .‬حت���ى عل���ى هذا‬ ‫املس���توى القاب���ل ملقارب���ات منهجي���ة لع���دة علوم‬ ‫إنسانية‪ .‬أبعد ما يكون عن التبسيط واالستسهال‪.‬‬

‫•شاعر لييب!‬

‫أم���ا ما يعني���ه أن أك���ون ش���اعراً ليبيا‪ ،‬فه���و أو ً‬ ‫ال‬ ‫وأميت‪ ،‬وهو‬ ‫شرف االنتماء لدوحة ش���عراء بالدي َّ‬ ‫ثاني���اً أصالة اختيار الكينونة الثقافية اإلنس���انية‬ ‫والوطني���ة يف مواجه���ة اللغ���و والتفاه���ة والبالدة‬ ‫والرخاوة االستهالكية‪.‬‬ ‫ث���م ه���و التطل���ع الغ�ل�اب أن أك���ون مش���اركا‬ ‫ومتفاع�ل�ا بأصال���ة إبداعي���ة يف عط���اء جيل���ي‬ ‫ومرحليت‪ ،‬ال جمرد ناس���خ عاك���س هلما وهذا ما‬ ‫حاولت���ه بوعي وإصرار منذ عش���رية الس���بعينات‬ ‫اليت أنتمي إىل جيله���ا‪ ،‬وال أدري مدى توفيقي أو‬ ‫إخفاقي يف ذلك‪.‬‬

‫•‪ ..3‬سوق القزدارة‬

‫ال أنس���ى أبداً يف صب���اي‪ .‬إبان دراس�ت�ي اإلعدادية‬ ‫يف النص���ف الثان���ي م���ن الس���تينات‪ ،‬حينما كنت‬ ‫أع���اون وال���دي يف عمله بس���وق الق���زدارة (طرق‬ ‫النح���اس وتبييضه)‪ ،‬كثرياً ما كنت أترك حمل‬ ‫والدي ألقف حتت (برج الس���اعة) جبانب الس���وق‬ ‫املذك���ور‪ ،‬منتظ���راً رؤية الش���اعر املرحوم “أمحد‬ ‫قنابة” قاف ً‬ ‫ال إىل بيته بش���ارع قوس املقين باملدينة‬ ‫القدمية‪ ،‬وهو جيرجر معه ثقل الس���نني وأحزان‬ ‫الروح اليت مل متكنها تقاليد املدرس���ة الكالسيكية‬ ‫ال�ت�ي ينتم���ي إليه���ا من التجل���ي يف ش���عره‪ ،‬بقدر‬ ‫ما كان���ت مرمتية على قس���مات وجه���ه األمسر‬ ‫املهي���ب‪ ،‬وحني صدر ديوانه عق���ب وفاته يف أواخر‬ ‫الس���تينات أس���رعت إىل والدي (األسطى حممد)‬ ‫طالباً مثانني قرش���اً مثناً لديوان أشعار هذا الرجل‬ ‫الكه���ل الذي ظلل���ت أرمقه وأتأمله ع���ن بعد عدة‬ ‫سنوات‪.‬‬ ‫نعم‪ ،‬قرأت يف بداياتي‪ .‬وال أزال أقرأ‪ .‬جل األصوات‬ ‫والعالم���ات يف الش���عر اللي�ب�ي املعاص���ر‪ ،‬يف ش���تى‬ ‫مدارس���ه ومش���اربه‪ ،‬وتأث���رت بكث�ي�ر مم���ا قرأته‬ ‫وعايش���ته يف ه���ذا الش���عر‪ ،‬لكن�ن�ي أود أن أخ���ص‬ ‫بالذك���ر املرح���وم “عل���ي الرقيع���ي” (وخاص���ة‬ ‫ديوانه (أشواق صغرية) الذي أوشكت على حفظه‬ ‫كام ً‬ ‫ال يف نهاية الستينات) و”حممد الشلطامي”‬ ‫ش���اعر الغضب اجلارح والعنفوان‪ ،‬ثم إنين ش���ديد‬ ‫احل���ب واالمتنان لش���اعر ظل على ال���دوام يطرز‬ ‫يف أعماقن���ا فتن���ة طرابل���س ومجالي���ات روحه���ا‬ ‫البس���يطة من خالل توقيعاته ومننماته الرشيقة‬ ‫إنه الشاعر “علي صدقي عبد القادر”‪.‬‬ ‫أما على املستوى العربي فقد قرأت وتأثرت بإبراز‬ ‫أص���وات املدرس���ة احلديث���ة‪ :‬الس���ياب‪ ،‬حج���ازي‪،‬‬ ‫عبد الصب���ور‪ ،‬دنقل‪ ،‬أدوني���س‪ ،‬درويش‪ ..‬وغريهم‬ ‫كث�ي�رون‪ ،‬وال أزال أتاب���ع م���ا أمك���ن‪ .‬األص���وات‬ ‫واحللقات واالجتهادات اجلديدة يف الشعر العربي‬ ‫املعاص���ر‪ ،‬وألن�ن�ي يف معرض مرجعي���ات التكوين‬

‫الش���عري‪ ،‬فالب���د أن أذكر “الش���ابي” يف الش���عر‬ ‫العربي الرومانسي‪ ،‬و”املتنيب” يف قدميه‪.‬‬ ‫هك���ذا ت���رى أن مرجعية تكويين الش���عري عربية‬ ‫أن مع���اً‪ ،‬وإن كانت متتح من احلديث‬ ‫وليبي���ة يف ٍ‬ ‫أكث���ر من القديم‪ ،‬وليس هلا لألس���ف من عالقة‬ ‫مع الشعر األجنيب إال من خالل بعض الرتمجات‬ ‫ال�ت�ي وقع���ت ب�ي�ن ي���دي‪ ،‬أذك���ر منه���ا ترمج���ات‬ ‫لربخيت ونريودا وحكمت وآيلوار‪.‬‬

‫•‪ ..4‬التسمية مشوشة!‬

‫ليس ل���ي موقف س���ليب إزاء قصي���دة النثر (وهي‬ ‫فيم���ا يبدو تس���مية ملتبس���ة مشوش���ة‪ ،‬إذ هي يف‬ ‫حقيقة األمر قصيدة حرة)‪ ،‬بل إنين نش���رات إبان‬ ‫الس���بعينات بع���ض احملاوالت يف ه���ذا الصدد‪ ،‬غري‬ ‫أن�ن�ي مل أواص���ل اإلحبار يف ه���ذا ال���درب الصعب‬ ‫فيم���ا بع���د خ�ل�ال الثمانينات إال مرت�ي�ن أو ثالث‬ ‫مرات‪ ،‬ألسباب ال ترجع إىل موقف نظري مسبق‪،‬‬ ‫بق���در م���ا ترج���ع إىل متطلبات الكتاب���ة يف ظرف‬ ‫حمدد‪ ،‬وهو الس���جن حيث مل يتبق أو يتوفر سوى‬ ‫الذاكرة واحلرص على حف���ظ التوازن الداخلي‬ ‫واحلض���ور اليومي بتوازنات���ه ومعادالته الدقيقة‪،‬‬ ‫يف إطار دائ���رة حمددة وحمدودة من املتلقني هم‬ ‫يف نف���س الوق���ت رفاق احملنة واحلل���م يف احلرية‬ ‫يف ه���ذه الفرتة بظروفه���ا االس���تثنائية مل أتوغل‬ ‫يف إس�ت�راجيات الكتابة الشعرية وهمومها وآفاقها‬ ‫البعي���دة بقدر م���ا كان التواص���ل والتوصيل هماً‬ ‫أساس���ياً لي‪ ..‬وخالصة م���ا أود قوله يف هذا الصدد‬ ‫أن الض���روري ه���و لغة التجربة احلي���ة العميقة‪،‬‬ ‫وليكن ذلك بوزن أو بدون وزن‪.‬‬ ‫•‪ ..5‬نقد الشعر‬ ‫أمي���ل‪ -‬ب���ل وأحن���از‪ -‬إىل املعاجل���ات النقدية اليت‬ ‫تتعام���ل مع النص الش���عري جبدية ومس���ؤولية‪،‬‬ ‫دون اس���تعالء ودون إسقاطات‪ .‬املعاجلات النقدية‬ ‫ال�ت�ي تنطل���ق يف تعامله���ا مع النص الش���عري من‬ ‫داخل���ه‪ ،‬أي م���ن صميم بنيت���ه وتراكيب���ه ولغته‬ ‫وإيق���اع نبض���ه اخل���اص‪ ،‬دون أن نتعام���ى ع���ن‬ ‫أبع���اده األخ���رى‪ ،‬وال س���يما السوس���يولوجي منها‬ ‫أو الفلس���في‪ ،‬ال�ت�ي ميك���ن أن تنط���وي عليها تلك‬ ‫الرتاكيب اللغوية والتصويرية والتعبريية حتى‬ ‫ولو كان القصد لعباً أو معابثة‪.‬‬ ‫والنقد الش���عري‪ ،‬به���ذا املعنى حيت���اج ليس فقط‬ ‫إىل معرف���ة عميق���ة بالش���عر قدمي���ه وجدي���ده‬ ‫عربي���اً وعاملياً‪ ،‬وثقافة منهجية ورصينة يتضافر‬ ‫فيه���ا اجلمال���ي واللغ���وي والنفس���ي والتارخي���ي‬ ‫والسس���يولوجي‪ ،‬ب���ل وف���وق ذل���ك إىل حاس���ة‬ ‫اس���تبصار داخلية مرهفة‪ ،‬تع���رف من أين تدخل‬ ‫إىل ع���امل الن���ص‪ ،‬وكي���ف تس���تنطق أس���راره‬ ‫وأغواره‪.‬‬ ‫ولي���س خافياً على كل مع�ن�ي أو متابع مهتم‪ ،‬أن‬ ‫النق���د العربي املعاصر للش���عر وفقاً هل���ذا املفهوم‬ ‫ضئي���ل على الصعيد العربي‪ ،‬ونادر على املس���توى‬ ‫اللييب‪ ..‬وال مفر من التسليم بوجود فجوة كبرية‬ ‫بني األداء النقدي وبني النتاج الشعري تشكل أحد‬ ‫األس���باب ال�ت�ي عمقت غرب���ة املوج���ة اجلديدة يف‬ ‫الشعر العربي املعاصر‪.‬‬

‫ذل���ك ألنهم���ا يف الش���عر غريهم���ا يف س���واه متاماً‪،‬‬ ‫كما هو األمر يف الفن التشكيلي‪ ،‬مع األخذ بعني‬ ‫االعتب���ار الفوارق النوعية بينهما‪ .‬حيث ال ينس���خ‬ ‫الفنان التشكيلي (ال سيما بعد اكتشاف التصوير‬ ‫الشمس���ي) أش���كال الطبيعة والواقع ومفرداتهما‪،‬‬ ‫ب���ل ه���و يدخ���ل عليهم���ا التعب�ي�ر والتحوي���ر حد‬ ‫التش���ويه املتعم���د وبذل���ك تنصهر تلك األش���كال‬ ‫واملف���ردات برؤي���اه اخلاصة‪ .‬وجي���ري يف عروقها‬ ‫دمه وأمله وأش���واقه والفارق يف كل ذلك هو األداة‬ ‫فهي عن���د الفنان التش���كيلي خط ول���ون وكتلة‬ ‫وف���راغ‪ .‬وهي عن���د الش���اعر كلمات اللغ���ة لكنها‬ ‫طبع���ا ليس���ت اللغة القاموس���ية احملنط���ة بل هي‬ ‫اللغ���ة احلية ال�ت�ي يتم به���ا ومن خالهل���ا التغيري‬ ‫والتحوير والتش���ويه يف مفردات العامل أي تشكيل‬ ‫م���كان مغاي���ر وزم���ان مغاير مهما ب���دا من عالقة‬ ‫ل���ه مع الزم���ان وامل���كان املوضوعيني هك���ذا تنتهي‬ ‫العالق���ة وحتتدم ب�ي�ن اللغة وامل���كان والزمان‪.‬أما‬ ‫اهلوية فال أراها يف األساس إال األصالة اإلبداعية‬ ‫الذاتية وقد تبدت من خالل هذا السديم‪.‬‬

‫•تضاريس الشعرية الليبية‬

‫تع�ن�ي ه���ذه األص���وات الش���عرية الليبي���ة املهم���ة‬ ‫دالالت عدي���دة فه���ي أوال أبرز العالم���ات الالفتة‬ ‫يف حداثة الشعر العربي اللييب‪ .‬وهي ثانياً جتسد‬ ‫احللقات أو اللحظات الرئيس���ية الثالث يف تكوين‬ ‫ه���ذه احلداث���ة وتطوره���ا‪ ،‬وأع�ن�ي بذل���ك حلظة‬ ‫جيل التأس���يس ممث ً‬ ‫ال يف “علي الرقيعي” و”علي‬ ‫صدقي عبد القادر” (وإن كان هذا األخري شاعراً‬ ‫عاب���راً لألجي���ال‪ ،‬كم���ا وص���ف إبراهي���م فتحي‬ ‫الشاعر حممد عفيفي مطر يف مصر)‪ ،‬ثم حلظة‬ ‫جي���ل التح���ول (إن صحت هذه التس���مية) ممث ً‬ ‫ال‬ ‫يف “اجليالن���ي طريبش���ان” و”أمح���د بلل���و”‪ ،‬ث���م‬ ‫حلظة جي���ل القطيعة الش���عرية أو جيل قصيدة‬ ‫النث���ر (إن صح���ت هذه التس���مية أيض���اً) وميثلها‬ ‫بقية القائمة الواردة يف س���ؤالك‪.‬ويف هذا الس���ياق‬ ‫أرجو أن تس���مح لي بطرح مالحظتني رئيسيتني‬ ‫أوهلم���ا إن ه���ذه اللحظات أو احللق���ات الثالث يف‬ ‫اخلريط���ة الش���عرية احلديث���ة الليبي���ة مواكبة‬

‫•‪ ..6‬تشكيل الشعر‬

‫يشكل ما ذكرته يف سؤالك هذا مجلة من األبعاد‬ ‫الرئيس���ية ال�ت�ي الب���د أن تنعج���ن بها وفيه���ا‪ .‬آية‬ ‫مقارب���ة للش���عر‪ .‬فم���ن ناحية ليس هن���اك خارج‬ ‫امل���كان والزم���ان مهما صف���ا وجترد م���ن مفردات‬ ‫احلي���اة والوج���ود‪ ،‬وم���ن ناحية أخ���رى ال يعكس‬ ‫الش���عر املكان والزمان اخلارجيني أو املوضوعيني‪.‬‬

‫لوحة ‪ :‬عمر جهان‬

‫‪17‬‬ ‫حللق���ات تط���ور القصي���دة احلداثي���ة العربي���ة‬ ‫املعاص���رة وإن ظل���ت أص���وات احلداثة الش���عرية‬ ‫الليبي���ة ت�ت�راوح يف تفاعله���ا مع جذره���ا العربي‪،‬‬ ‫من حيث األصالة اإلبداعي���ة بني اإلجياب أحياناً‬ ‫والس���لب أحيان���اً أخرى‪ ،‬غ�ي�ر أن ما ثتل���ج الصدر‬ ‫يف ه���ذا الص���دد‪ .‬ه���و أن وت�ي�رة اإلجي���اب أخ���ذت‬ ‫وت�ي�رة متصاعدة س���واء عرب توالي تل���ك احللقات‬ ‫أو اللحظ���ات أو لدى كل ص���وت يف إطار حلقته‬ ‫ذاتها وينطبق هذا بش���كل حمدد لدى “الرقيعي”‬ ‫و”عل���ي صدقي عب���د الق���ادر” يف دائ���رة اللحظة‬ ‫احلداثية األوىل‪ ،‬ولدى “طريبشان” و”بللو” (هذا‬ ‫إذا مل تذك���ر ابن الطيب وس���عيد احملروق ونصر‬ ‫الدي���ن القاض���ي) ضم���ن دائ���رة حلظ���ة التحول‬ ‫ولدى معظم أص���وات اللحظة احلداثية الراهنة‪،‬‬ ‫وأخ���ص منه���م بالذك���ر‪ :‬مفتاح العم���اري وفرج‬ ‫العرب���ي وعاش���ور الطوي�ب�ي وعمر الكدي وس���امل‬ ‫العوكلي‪ .‬ثان���ي هذه املالحظات تتعلق مبنهجية‬ ‫رؤي���ا احلداثة ذاتها لدى مجيع األص���وات الواردة‬ ‫يف س���ؤالك حي���ث تتوزع هذه الرؤي���ا بني منهجني‬ ‫متمايزين وإن كانا متقاربني‪ ،‬منهج ترتابط فيه‬ ‫وتتواهج احلداثة الفني���ة بالتحديث االجتماعي‪،‬‬ ‫السياس���ي‪ ،‬الثقايف الش���امل (وميثل���ه الرقيعي يف‬ ‫اللحظ���ة الثاني���ة‪ ،‬والكدي يف اللحظ���ة احلداثية‬ ‫الراهن���ة) ومنهج آخ���ر ال مييل إىل ه���ذا الرتابط‬ ‫ب���ل ه���و ينح���از كلي���ة إىل احلداث���ة حبس���بانها‬ ‫نزع���ة فنية ال تارخيية وتن���درج ضمن هذا املنهج‬ ‫بدرج���ات متفاوتة احلدة‪ ،‬معظم أصوات اللحظة‬ ‫احلداثية الراهنة يف الش���عر اللييب‪ .‬هكذا نرى أن‬ ‫اخلريط���ة الش���عرية يف ليبيا أصبح���ت مركبة‪،‬‬ ‫متع���ددة األصوات والنزعات واملش���ارب وأصبح يف‬ ‫اإلم���كان تلمس هذا التنوع املرتي واملثري يف آن معا‬ ‫ولكن من املؤس���ف حقاً إن كل هذا الثراء والتنوع‬ ‫مل جيد بعد من يدرسه ويؤصله ويستنطقه‪ ،‬ال يف‬ ‫اإلط���ار األكادميي الذي يعان���ي من ختلف فادح‬ ‫عل���ى مس���توى املنهجي���ات احلديثة واحلساس���ية‬ ‫العصرية‪ ،‬وال يف نط���اق احلياة الثقافية واألدبية‬ ‫الليبية بش���كل عام اليت تشغلها وتس���تنزفها أمور‬ ‫أخرى ليس هلا عالقة باإلبداع النابض املستقر‪.‬‬ ‫مب���اذا ميكنين أن أش���هد وأنا مل أش���اهد وقد بلغت‬ ‫منتص���ف العق���د الرابع م���ن العمر س���وى القليل‬ ‫ومل اغتس���ل من نار الشعر س���وى مرات معدودات‬ ‫نعم لقد احرتفت مع آخرين من جيلي بنار احلب‬ ‫والش���عر والس���جن وهي جتربة ليس���ت هينة وال‬ ‫بس���يطة خلقت يف كثرياً من الرم���اد وقليال من‬ ‫اجلمر ويس���عدني ويش���رفين أن يس���تمر انتمائي‬ ‫هلذا القليل من اجلمر الشعري واحلياتي‪.‬‬


‫‪18‬‬

‫السنة الرابعة ‪ -‬العدد ( ‪ 13 - 7 ( - ) 139‬يناير ‪) 2014‬‬

‫ملف العدد‬ ‫الشاعر حممد الفقيه صاحل‬

‫من أشـعاره‬

‫قصيدة إىل طرابلس الغرب‬

‫جرحان‪..‬‬ ‫إيقاع املدى‪..‬‬ ‫واخلاطر املفتون‪.‬‬ ‫جرحان‪..‬‬ ‫ذاكرتي اليت تهمي‪،‬‬ ‫ومج ٌر يف اشتهاءات العيون‪.‬‬ ‫جرحان يا قليب‬ ‫وصم ُتك حائط يعلو‬ ‫ملاذا كلما انتابت حديقتك اختالجات الندى والعشق‬ ‫سرب َل َك السكون؟‬ ‫الصخر‪،‬‬ ‫أختار من بني اللغات‪:‬‬ ‫َ‬ ‫من بني اجلهات‪ :‬الفقر‪.‬‬ ‫من بني املرايا‪:‬وجهَها‪.‬‬ ‫ويسيل درب من ربى قليب إىل ميعادها‬ ‫ّان اهلطول‪..‬‬ ‫يف ساحة للحلم إب ٍ‬ ‫ليكن حضوراً قاصماً‪..‬‬ ‫ولتجرف الريح العفية ما تبقى من صراخ يابس يف األرض‪،‬‬ ‫ولتعصف غيوم الوجد باألشعار‪..‬‬ ‫ها هنا انشقت غيوب عن هبوب‪،‬‬ ‫فاجنلى عن كل عني حاجب‪.‬‬ ‫عن كل قلب ليلة‪.‬‬ ‫وهنا ازدهى يف نبضك الدّامي‬ ‫أريج من صهيل احللم‪،‬‬ ‫وانداحت سهول خصبة‪،‬‬ ‫الطفولي الرهيف رصانة األحجار‪..‬‬ ‫فهفت إىل النبع‬ ‫ّ‬ ‫*سبحان من خلق النساء*‬ ‫وأضرم اإليقاع يف أجسادهن‪،‬‬ ‫وسبحان الذي ال يكتئب‪..‬‬ ‫قال السجني وقد تلفع باحلنني وباحلسب‪.‬‬ ‫وتهاطلت يف القلب جدران األزقة واحلواري والقباب‪.‬‬ ‫وتقاطر الص ّناع‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫األكف‪،‬‬ ‫أينعت املطارق يف‬ ‫فأزهر اإليقاع‬ ‫أيقظين‪..‬‬ ‫وكان النبض موصو ً‬ ‫ال مبن رفع السقوف‪،‬‬ ‫وموغ ً‬ ‫ال بالصبح يف جسد املدينة وهي ترفل يف األيادي‪.‬‬ ‫يا أبي…‬ ‫محى القارعة‪..‬‬ ‫واستغرقتين يف جنون الطرق ّ‬ ‫(احللم يا حمبوبيت زادي‬ ‫دم الرؤيا الذي أحيا به‪،‬‬ ‫موتي وميالدي‪.‬‬ ‫واحللم ميعادي‪،‬‬ ‫وذاكرة اهلوى املخض ّر يف وجه اخلريف‬ ‫واحللم مل يصهر دمي صهراً‪،‬‬ ‫ومل يشهق عميقا يف يدي جرح الرغيف‬ ‫هذا اعرتايف‪،‬‬ ‫فاشهدي)‬ ‫ملدينيت يتهدّج احلرف العنيد‬ ‫وبطيبة الصناع والفقراء خيتلج النشيد…‬ ‫مست يدي‪ -‬يف الصبح‪ -‬خاصرة املدينة‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫فاستفاقت يف املواعيد الندية (كوشة الصفار)‪.‬‬

‫وارحتلت بي الصبوات‬ ‫حني تفتقت يف (زنقة العربي) مشس‪ -‬طفلة‬ ‫وانشق باب عن قوام عامر باخلوخ والنوار‪.‬‬ ‫الربق‪..‬‬ ‫يا ألناقة التكوين‪ ،‬يا لعراقة األسرار‪.‬‬ ‫الربق قد يأتي من احلناء‬ ‫إذ يتفتح الصبح البهيج على أصابعهن‬ ‫باقات من الضحكات واألشعار‪..‬‬ ‫ومن البخار الصاعد املوار أزمنة تطل وختتفي‬ ‫يف كل منعطف ودار‪..‬‬ ‫وفتحت صدري‪ -‬عرب باب البحر‪ -‬للريح اليت تنحل‬ ‫فوق الشاطئ الصخري يف الزبد الكثيف‪..‬‬ ‫البحر حني ّ‬ ‫ختضه األشواق‪،‬‬ ‫والصياد حني يؤوب‪،‬‬ ‫حمتدمان يف قليب إىل حد النزيف‪..‬‬ ‫أمضي‪..‬‬ ‫تسري جبانيب الطرقات واألقواس والدور العتيقة‪،‬‬ ‫حتتويين يف املساء نقاوة املشموم واألطفال‬ ‫إذ آوي إىل مقهى بباب البحر‪.‬‬ ‫سيدتي تطل اآلن من شباكها‬ ‫وتذوب يف ريقي‬ ‫حليب صوتها‬ ‫ورموشها تنساب يف لغيت‬ ‫إىل أن ال يصري القيظ حتت جنونها قيظا‪.‬‬ ‫أشم عبريها ينثال من حجر‪،‬‬ ‫وأرشف سلسبيال من تفتحها‪.‬‬ ‫ويعصمين من اإلغراق يف الرمز‬ ‫عالقة ما بني قهوتها وطيب ضفريتيها‪.‬‬ ‫أشتعال‬ ‫ٍ‬ ‫إنين أمشي على حد الزمان الصعب تفعمين‬ ‫اختالجتها‪.‬‬ ‫وأشهدني حماطاً بالبهاء‬ ‫كأن سيدتي استفاضت من كيان الصمت‬ ‫وانداحت مع األنفاس يف جسد اهلواء‪.‬‬ ‫فسبحان اليت فتحت خزائنها ملن حيتاج‪،‬‬ ‫سبحان اليت أسرت بعاشقها إىل لغة الندى‬ ‫واالرتواء‪.‬‬ ‫زب ٌد هدير القحط‪ -‬سيدتي‪ -‬إذا اخضل اللقاء‪..‬‬ ‫الليل والطاعون والباشا وجند االنكشاريني‪ /‬ماذا‬ ‫يرتكون؟‬ ‫حطت على رأسي املدينة كفها الزييت‬ ‫فاشتعلت على صدري احلبيبة بالغناء‪:‬‬ ‫إن البيوت كثرية‬ ‫والسقف واحد‪..‬‬ ‫واألمنيات جرحية‬ ‫والقلب صامد‪..‬‬ ‫والكادحون تناهبتهم غابة اإلمسنت‬ ‫غول هائل‬ ‫والنفط‪ -‬لو أدركت‪ -‬شاهد‪..‬‬ ‫فأرقص إذا ما شئت أن يبقى اهلوى حياً‬ ‫على إيقاعه الصاعد‪..‬‬ ‫إن املدى واعد‪..‬‬ ‫إن املدى واعد‪..‬‬

‫ستون‬

‫جالس‬ ‫ُ‬ ‫وسنيين معي‬ ‫قرب نافذتي‬ ‫نتأم ُل ما م ّر‬ ‫ُ‬ ‫ممكن‬ ‫رب من‬ ‫تس َ‬ ‫أو ما ّ‬ ‫ِ‬ ‫ُّ‬ ‫فأهش األسى‬ ‫زيج الستا َر‬ ‫أو أُ ُ‬ ‫فتبدو مسا ُء‬ ‫ينوس على مهل‬ ‫وغيم‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫قطيفة أزرقها‪.‬‬ ‫يف‬ ‫ِ‬ ‫ريح‬ ‫مثة اآلن ُ‬ ‫َ‬ ‫الغصون‬ ‫ته ُز‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫شجر العمر‬ ‫فيسقط ِمن ِ‬ ‫أيام ِه‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫يابس ِ‬ ‫مشس أيلول تظه ُر‬ ‫ُ‬ ‫أو ختتفي‬ ‫خلف ما يتصاع ُد من َش َجن‬ ‫ُ‬ ‫واحلديقة تبدو حمايد ًة‬ ‫الزجاج‪.‬‬ ‫ال ِل‬ ‫ِم ْن خ ِ‬ ‫ِ‬ ‫سأفتح يف الت َّو نافذتي‬ ‫َ‬ ‫بالظل‬ ‫أتوحد‬ ‫ُ‬ ‫واحلفيف‬ ‫أغدو أنا‬ ‫ُ‬ ‫الطري‬ ‫وزقزقة‬ ‫ِ‬ ‫والعشب‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫معزوفة واحدة‪.‬‬ ‫ــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫•قصي���دة جديدة للش���اعر مل تنش���ر‬ ‫قبل ‪.‬‬

‫عـالقـــــة‬

‫للتفاحة طعم املرأة‬ ‫للتفاحة فيض يشبه بسمتها‬ ‫ولقلب العاشق أسرار التكوين‪.‬‬ ‫خيطر للتفاحة أن تتكور‪ ..‬أن تتأنق‬ ‫أن يتجاسر فيها اللون‪.‬‬ ‫ٌ‬ ‫ورقيق جسد التفاحة‬ ‫راق‬ ‫ٍ‬ ‫ُ‬ ‫وبدائي شوق العاشق‬ ‫ٌّ‬ ‫آ ٍه لو يف وسع العاشق أن يتغوّر‬ ‫أو يف مقدور التفاحة أن تتكشف‬ ‫ْ‬ ‫وجاشت يف القلب األمطار‪..‬‬ ‫لصحا الربق‪,‬‬


‫‪19‬‬

‫السنة الرابعة ‪ -‬العدد ( ‪ 13 - 7 ( - ) 139‬يناير ‪) 2014‬‬

‫رواية تيتانيكات إفريقية‬

‫نبوءة األسطورة‬ ‫ترص���د الرواية تراجيديا املهاجرين األفارقة‬ ‫إىل الضف���اف األخ���رى ‪ ،‬موض���وع طاملا كان‬ ‫أحد أخب���ار النش���رات حيث الفرج���ة الباردة‬ ‫عل���ى جثث احلاملني وهي تنتش���ل من البحر ‪،‬‬ ‫فض ً‬ ‫ال عن كونه غدا إحدى املس���ائل األمنية‬ ‫بني ضف�ت�ي املتوس���ط‪ُ ،‬عقدت حول���ه العديد‬ ‫من االتفاقيات األمني���ة والندوات اإلجرائية‬ ‫‪ ،‬لكن�ن�ي مبج���رد أن ق���رأت الرواي���ة وج���دت‬ ‫نفس���ي أمام عملي روائ���ي حقيقي‪ ،‬ينبش يف‬ ‫إحدى األزمات اإلنس���انية الراهنة‪ ،‬اليت تثري‬ ‫الفزع والش���فقة يف الوقت نفس���ه ‪ ..‬تراجيديا‬ ‫ن���زوح مجاع���ي مل تتعامل معه س���وى امليديا‬ ‫اإلعالمية بربودها املعت���اد‪ ،‬واليت حولته إىل‬ ‫خرب عابر يف نش���رات األخبار‪ ،‬يش���به إىل حد‬ ‫كبري أخب���ار زحف اجلراد م���ن اجلنوب إىل‬ ‫الشمال ‪..‬‬ ‫الرواي���ة تس���تحق التوق���ف واملك���وث عندها‪،‬‬ ‫وتس���تحق أيض���اً وقفات نقدي���ة لعمل يكتب‬ ‫باللغ���ة العربية راصدا ثيمة مازال مس���كوتاً‬ ‫عنها إبداعياً رغم اخرتاقها املأساوي للضمري‬ ‫اإلنس���اني ‪ .‬بالتأكي���د مل يفاجئ�ن�ي الروائي‬ ‫الذي س���بق أن قرأت له رواية رائحة السالح‬ ‫اليت يستبطن فيها أس���ئلة املقاومة االرترية‬ ‫للغزو األثيوبي الذي كان أحد املش���اركني‬ ‫فيها ‪ ،‬غري أن ش���رط الرواي���ة الفين أن تقول‬ ‫ما ال يقال بغري الرواية‪ ،‬وأخالقيتها الوحيدة‬ ‫ه���ي إنت���اج املعرفة‪ ،‬كم���ا يق���ول كونديرا ‪،‬‬ ‫لذلك كثرياً ما يؤنس���ن التاريخ عرب الرواية‬ ‫ويبعث اجلانب اخلف���ي فيه عرب الفن عموماً‬ ‫والرواي���ة خاص���ة ‪ ،‬وهك���ذا كان الروائ���ي‬ ‫خملص���اً ل���ذاك النب���ض اخلف���ي يف احلدث ‪،‬‬ ‫ولتفاصي���ل ال يلتقطه���ا بالتأكي���د مروجو‬ ‫اخلرب وال ساردو التاريخ بربود املهنة ‪.‬‬ ‫(تيتاني���كات إفريقي���ة ) يش���كل ه���ذا العنوان‬ ‫مدخ ً‬ ‫ال رئيس���ياً للعم���ل ‪ ،‬فتيتانيكات حتيلنا‬ ‫إىل مأس���اة السفينة الش���هرية اليت غرقت يف‬ ‫احملي���ط وخلدتها الس���ينما كحادثة منتقاة‬ ‫عن الكثري من املآس���ي اليت ابتلعها البحر ‪ ،‬إذاً‬ ‫حنن أمام مفردة حتيل إىل مأس���اة ترسخت‬ ‫يف الوجدان اإلنساني متعلقة أساساً بالغرق ‪..‬‬ ‫لكن ارتباط هذه املفردة بـ (إفريقية) حييلنا‬ ‫إىل جغرافيا أخرى وإىل مأساة تتكرر وتأتي‬ ‫يف صيغ���ة اجلم���ع ‪ ،‬مث���ة م���ا يتك���رر دون أن‬ ‫يصل إىل ضمري العامل ‪ ،‬ورمبا السبب كونه‬ ‫مل يتح���ول إىل عم���ل ف�ن�ي خي�ت�رق التاريخ‬ ‫البارد وامليديا احملايدة ‪..‬‬ ‫ً‬ ‫تب���دأ الرواي���ة بعب���ارة ( كن���ت مرهق���ا م���ن‬ ‫التجوال واملش���اوير الكثرية ملقابلة مساس���رة‬ ‫التهري���ب) وهنا تظهر مهن���ة جديدة ترتزق‬ ‫م���ن رغبة اهل���روب م���ن الوطن وم���ن القارة‬ ‫‪ ،‬فل���كل مأس���اة جتاره���ا الذي���ن يعرض���ون‬ ‫اخلدم���ات حتى وإن كانت على بوابة املوت ‪،‬‬ ‫هؤالء السماسرة يستعريون من جديد مهنة‬ ‫جتار الرقي���ق ‪ ،‬وإن كانت األحوال خمتلفة‬ ‫فإن املص�ي�ر رمبا أكثر قس���وة ‪ .‬كان رحيل‬ ‫الرقي���ق إجباري���اً وكان متس���كهم بالوط���ن‬ ‫أس���طورياً ‪ ،‬أم���ا يف حالة مساس���رة التهريب‬

‫ح�ين أهداني الصديق أبوبكر حامد كهال روايته األخ�يرة تيتانيكات إفريقية ‪ ،‬كنت‬ ‫ق��د قرأت ومسعت عن الضجة ال�تي أثريت حوهلا ‪ ،‬كونها من أكث��ر الكتب مبيع ًا هلذا‬ ‫الع��ام ‪ ،‬وع��ن رغب��ة ترمجتها من قبل دور نش��ر عاملي��ة ‪ ،‬إضاف��ة إىل االعتداء على‬ ‫نشرها من دار شهرية دون إذن ‪ ،‬وكنت حذراّ من ظاهرة‪ ،‬خصوص ًا يف الثقافة العربية‪،‬‬ ‫تتعلق بهيمنة املوضوع حتى وإن كان على حساب القيمة الفنية ‪.‬‬

‫سامل العوكلي‬ ‫فالرحي���ل اختياري���اً ‪ ،‬ب���ل وبرغب���ة ال توقفها‬ ‫كل األساطري اليت أدخلها الروائي يف نسيج‬ ‫الرواية ‪ ،‬مثل أس���طورة كاجي اليت س���ردها‬ ‫مالوك بطل الرواي���ة ‪ ،‬لولو كامجورو الذي‬ ‫حي���اول من���ع اب���ن أخته ب���وارا م���ن اهلجرة ‪،‬‬ ‫وال���ذي ينجح يف النهاي���ة بفضل أغنية يف أن‬ ‫يش���في ب���وارا م���ن اجلرثومة ال�ت�ي تالحقه ‪،‬‬ ‫ليواصل حيات���ه كف�ل�اح ووارث لألغنيات ‪..‬‬ ‫ولذلك س���يطلق ش���خصية مالوك عرب كل‬ ‫مغامرات���ه وه���و حيم���ل غيث���اراً عل���ى ظهره‬

‫ويغ�ن�ي ‪ ،‬وي���روي األس���اطري اإلفريقية اليت‬ ‫شكلت إحدى مستويات السرد طيلة الرواية‬ ‫حتى يتحول هو نفس���ه إىل أسطورة تتناقلها‬ ‫منتديات الدردشة على شبكة النت ‪.‬‬ ‫يف املرحلة األوىل م���ن الرواية يطرح الكاتب‬

‫ف�ت�رة التأه���ب للرحيل يف الس���ودان ‪ ،‬وتلقط‬ ‫األخبار عرب ش���خصية الراوي املأخوذ جبمع‬ ‫املعلومات من األس���واق وزيارة ضاربات الودع‬ ‫وال�ت�ي تنته���ي إحداه���ا بالتحام جس���دي مع‬ ‫املش���عوذة اليت تستسلم لس���حر املهاجر الذي‬ ‫لن يقف أمام رغبته ش���يء … ومثل األغنية‬ ‫تبطل الشهوة السحر ‪.‬‬ ‫ولكن من أين تنبع قوة هذه الرغبة ؟ يتحدث‬ ‫ال���راوي عن ج���رس عمالق ي���رن يف إفريقيا‬ ‫مكتس���حاً مس���ع التائه�ي�ن ومنادي���اً أن هلموا‬ ‫إىل الف���ردوس ‪ ،‬وإذا كان قد صم أذنيه عن‬ ‫هذا اجل���رس فرتة م���ن الزمن فيما يس���ميه‬ ‫(السنوات احملمية أو املسيجة) اليت بقى فيها‬ ‫عقله مبأمن عن االس���تجابة للس���حر ‪ ،‬حيث‬ ‫كان يف محاي���ة أف���كار مس���رحية كتبها يف‬ ‫تل���ك الف�ت�رة ‪ ،‬إال أنه س���قط أخ�ي�راً يف فتنة‬ ‫ُ‬ ‫املزيفة‬ ‫هذا اجلرس الذي أجج رني َنه األخبا ُر‬ ‫اليت يرس���لها من وصلوا إىل الضفة األخرى‪،‬‬ ‫وذل���ك الن���داء البهي���ج م���ن اجلن���ة البعيدة ‪..‬‬ ‫هك���ذا ب���دأت الرواي���ة ترصد س���حر اجلرس‬ ‫الذي ال يأبه ألخبار اجلثث اليت تنتش���ل كل‬ ‫ي���وم مش���وهة من البح���ر ‪ ،‬تل���ك الرغبة اليت‬ ‫مل يروضه���ا الغناء وال الغيث���ار املرافق ملالوك‬ ‫الليب�ي�ري من���ذ أن كان عم���ره أربعة عش���ر‬ ‫عام���اً‪( :‬كان ه���ذا الغيث���ار أطول م�ن�ي) ‪ .‬وال‬ ‫األس���طورة اإلفريقية القدمية‪ ،‬حيث جاءت‬ ‫األغنية على لس���ان أول رج���ل أخرتع األنثى‬ ‫يف بداي���ة اجلنس البش���ري ‪ ،‬حنتها من جذع‬ ‫ش���جرة وح�ي�ن اس���تيقظ ووجده���ا حقيق���ة‬ ‫جبانبه ‪ :‬تولدت أغنية الفرحة من الشهقة ‪..‬‬ ‫من اللخمة‪ ..‬من الدهش���ة ‪ ،‬من احلياة ‪ .‬ومن‬ ‫هنا ب���دأت مقاومة ج���رس الرحي���ل بالغناء‪:‬‬ ‫(األغني���ات أيض���اً تبطل الس���حر) لك���ن أمام‬

‫أسطورة راهنة يعيشها مالوك يتوقف الغناء‬ ‫عن س���حره ويش���ق البح���ر عرب قيث���ارة على‬ ‫ظهره إىل الضفاف األخرى ‪ ،‬هامس���اً لرفيقه‬ ‫ال���ذي يس���امره يف انتظ���ار حلظ���ة اإلحبار ‪:‬‬ ‫س���تغدو إفريقيا مثل خش���بة جموفة تعزف‬ ‫فيها الريح أحلان العدم‪.‬‬ ‫مقارناً هذا اجلرس جبرس أسطوري قديم ‪،‬‬ ‫جرس الساحر الذي يغزو به مدينة أوروبية‬ ‫فيتب���ع األطف���ال رنين���ه أينم���ا ح���ل ‪ ،‬س���ارداً‬ ‫ملحمة األمه���ات األوروبيات الالئي حياولن‬ ‫محاية أطفاهلن من سحر اجلرس‪.‬‬ ‫يف ملحم���ة جلجامش يتطل���ب األمر الكثري‬ ‫م���ن املصاع���ب للوص���ول إىل عش���بة اخللود‪،‬‬ ‫ف���ردوس اإلنس���ان األول ال���ذي أرق���ه املوت ‪،‬‬ ‫لكن ملحمة هذه الرواية تغامر باملوت نفسه‬ ‫من أج���ل الوصول إىل حي���اة تنتجها املخيلة‬ ‫‪ ..‬وعل���ى املهاجر أن يقط���ع الصحراء والبحر‬ ‫كي يصل ‪.‬‬ ‫لذل���ك كان���ت املغام���رة األوىل يف صح���راء‬ ‫ميلؤه���ا العط���ش وقط���اع الطرق ب�ي�ن ليبيا‬ ‫والس���ودان‪ ،‬وهن���ا تظه���ر ش���خصية ترحاس‬ ‫األرتري���ة ‪ ،‬من���وذج العاطف���ة األمومية اليت‬ ‫يق���ول عنها الس���ائق مسس���ار التهريب ‪ :‬هذه‬ ‫أم تكف���ي العامل ‪ .‬وط���وال الرحلة كانت هي‬ ‫ضم�ي�ر الصحراء الذي ال يغف���و ‪ ،‬كان املوت‬ ‫يطاردهم على شكل عامود غبار يف الصحراء‬ ‫يث�ي�ره قط���اع الط���رق‪ ،‬وعل���ى ش���كل عطش‬ ‫وجف���اف للحل���ق حتت وط���أة نض���وب املياه ‪،‬‬ ‫وصار امل���وت األمحر ‪ -‬كما يق���ول الراوي ‪-‬‬ ‫رفيقه���م ‪ ..‬وكانت ترح���اس أم الرحلة تبلل‬ ‫فم الش���اب األرتري أس���قدوم ‪ -‬ال���ذي ينازع‪-‬‬ ‫ببصاقه���ا " ظلت تقطر الرتياق يف حلقه وهو‬ ‫ينازع املوت ‪ .‬وهو يهذي مبش���هد التش���ابه بني‬ ‫املتقاتل�ي�ن يف احل���رب ب�ي�ن ارتري���ا وأثيوبيا ‪:‬‬ ‫كن���ا نتش���ابه يف كل ش���يء ‪ ..‬يف الس���حنات‬ ‫أبوبكر كهال‬

‫‪ ..‬ويف املالبس ‪ ..‬وحتى س�ل�احنا كان يش���به‬ ‫سالحهم ‪ ..‬وكان كل منا يعرف لغة اآلخر‬ ‫‪ ..‬وح�ي�ن نلتحم يف الظالم بالس�ل�اح األبيض‬ ‫كان جيشهم يقاتل جيشهم ‪ ،‬وجيشنا يقاتل‬ ‫نفسه …‬ ‫يه���ذي أثناء احتضاره بعبث تلك احلرب اليت‬


‫‪20‬‬

‫السنة الرابعة ‪ -‬العدد ( ‪ 13 - 7 ( - ) 139‬يناير ‪) 2014‬‬

‫ال تس��عى ه��ذه الرواية إىل التش��ويق التقلي��دي وال إىل وثائقي��ة اخلرب املهيم��ن وال إىل تكريس احلزن‬ ‫كنهاية تطهرية ‪ ،‬لكنها تسعى إىل الدفاع عن الكائن البشري عن رغباته وكفره وضعفه وهزميته‬ ‫أس���همت يف صناعة جحي���م إفريقيا‪ ،‬هذيان‬ ‫املس���كوت عنه يطرح س���ؤال امل���وت حني يكون‬ ‫بضاعة العبث‪ ،‬فيض���يء الظالم حقيقة هذه‬ ‫احل���رب ال�ت�ي حييلها تش���ابه الس���حنات إىل‬ ‫كوميدي���ا دموي���ة ‪ .‬وحيي���ل تل���ك الق���ارة –‬ ‫مه���د اإلنس���ان األول – إىل حمطة شاس���عة‬ ‫للمهاجرين ‪.‬‬ ‫يف األمكن���ة اليت جيهزها مساس���رة التهريب‬ ‫لتجمي���ع املهاجري���ن يتحقق ن���وع جديد من‬ ‫التش���ابه والعالقات احلميمي���ة ‪ ،‬لغة احلنني‬ ‫واألمل مش�ت�ركة حتى وإن اختلفت األلسن‬ ‫‪ ،‬تكف���ي إمياءة تش�ي�ر إىل الش���مال كي يتم‬ ‫التفاه���م ‪ ،‬أو إمي���اءة تش�ي�ر إىل الدوالر كي‬ ‫يتقات���ل رف���اق الرحلة وتتناث���ر اجلثث فوق‬ ‫الرمال‪.‬‬ ‫على الس���احل اللييب تتهاط���ل وفود الراغبني‬ ‫يف الرحي���ل عل���ى املزرع���ة ‪ ،‬هن���اك حي���ث‬ ‫ترتاك���م األش���ياء ال�ت�ي تركها الس���ابقون ‪:‬‬ ‫مالب���س مبعث���رة ‪ ،‬حقائ���ب نص���ف فارغ���ة‪،‬‬ ‫أحذي���ة ‪ ،‬قناني فارغة ‪ ،‬س���اعات ي���د معطلة‬ ‫‪ ،‬ف���وط نس���ائية مس���تعملة‪ ،‬عل���ب س���جائر‬ ‫فارغ���ة‪ ،‬ورس���ائل ‪ ،‬وكتابات عل���ى اجلدران‬ ‫يتنازعه���ا األم���ل والندم (إىل أي���ن حتمليين‬ ‫أيتها الس���اعات القادم���ة؟ والتوقيع جمهول)‬ ‫تتكش���ف أمامهم مش���اعر إنس���انية غائرة يف‬ ‫احل���زن والغض���ب ‪ ،‬وكل يري���د أن ي�ت�رك‬ ‫أث���راً وكأنه ذاهب إىل احلرب أو إىل س���احة‬ ‫إعدام ‪ ،‬أش���ياء ثرثارة ت���روي حكايا ملن مروا‬ ‫من هنا إىل مصريهم اجملهول‪ ،‬آثار معركة‬ ‫مع االنتظار والتوجس متفش���ية كاخلوف‬ ‫نفس���ه يف أرج���اء امل���كان‪ ،‬ه���ذا األثر س���يتبعه‬ ‫اجلمي���ع ويرتك���ون جب���واره املزي���د م���ن‬ ‫ذكرياته���م وه���م يتابعون نش���رات الطقس‬ ‫وأحوال البحر ‪ ،‬ويتس���قطون أخبار املغامرات‬ ‫الس���ابقة ‪ ،‬يتعرف أبدار ال���راوي على مالوك‬ ‫حامل الغيثار ‪ ،‬وسرعان ما يبدأ تواشج يعلي‬ ‫من وتريته الش���عر والغناء وأشجان األوطان‬ ‫الطاردة ‪ ،‬مالوك الليبريي‪ ،‬س���ليل األس���اطري‬ ‫القدمية‪ ،‬جييب عن سؤال أبدار ‪ :‬أحب ليبرييا‬ ‫‪ ..‬مل أغادره���ا بع���د يا أب���دار ‪ ..‬أحبها ليبريييت‬ ‫كي���ف أغادرها وهي تس���كن هاهنا ‪ ،‬متاماً يف‬ ‫القل���ب ‪ .‬يعاجل اخلوف م���ن القادم باالنهماك‬ ‫يف سرد أس���اطري أجداده ‪ ،‬مالوك األول الذي‬ ‫أفنى ردحاً من عمره يف بناء س���فينة عمالقة‬ ‫ليجوب به���ا عباب احمليط الس�ت�رداد زوجته‬ ‫ال�ت�ي هج���م عليه���ا قراصنة حملي���ون ‪ .‬لكنه‬ ‫ت���ويف بعد أن أمت بناءه���ا ‪ ..‬وحيكي الصيادون‬ ‫‪ ،‬حت���ى الي���وم‪ ،‬أنهم يش���اهدون يف عمق بعيد‬ ‫فوق احمليط س���فينة مالوك ببحارتها الذين‬ ‫من ري���ح تعلوها راية س���وداء‪ .‬وج���ده مالوك‬ ‫الثان���ي املول���ع بنس���ج األس���اطري والتب���اري‬ ‫م���ع اآلخري���ن يف حبكته���ا ‪ ،‬ي���روي على غري‬ ‫العادة أس���طورة ينبه يف مطلعها بأن أحداثها‬ ‫وقعت يف املس���تقبل ‪ ،‬واصفاً للمس���تمعني‪ :‬ما‬ ‫ينتظر نس���لهم من عجائ���ب وغرائب األمور‬ ‫‪ .‬يس���تدرك مال���وك ‪ :‬ه���ي كان���ت أس���طورة‬

‫نبوئي���ة ‪ ،‬وحياول الراوي البحث عن طريقة‬ ‫ميزج بها بني كلميت أسطور ونبوءة ‪ ،‬مثلما‬ ‫ربط يف س���رده بني الفعل املاضي واملس���تقبل‬ ‫يف تركيب لغوي غريب (وقعت يف املستقبل)‬ ‫وال ش���يء يربر ذلك س���وى أن الزمن يتحول‬ ‫إىل عج�ي�ن يتقل���ب بني يدي الس���رد‪ ،‬خليط‬ ‫م���ن األزمنة يرتاك���م يف حلظ���ات االنتظار‬ ‫عل���ى باب ‪ ،‬إما يؤدي إىل اجلنة أو إىل املوت ‪..‬‬ ‫ومالوك الثالث حيكي عن أسطورته الراهنة‬ ‫وعن مص�ي�ره الذي س���يتحول بفع���ل روائي‬

‫املوت املرتبص بكل من يستسلم لرباثن املكان‬ ‫‪ ،‬أمكن���ة جتمعه���ا القس���وة ومتتل���ئ بالقبور‬ ‫املشرعة لكل عابر بها ‪.‬‬ ‫تستجيب التقنية الروائية للخطاب الروائي‬ ‫أو باألحرى ألزمة الش���خوص املش���تتني بني‬ ‫الذاك���رة والراه���ن والق���ادم وب�ي�ن الوط���ن‬ ‫وال�ب�رزخ واملنفى ‪ ..‬تس���لب الصحراء قرابينها‬ ‫ع�ب�ر رحل���ة مضني���ة ب�ي�ن هلي���ب الش���مس‬ ‫وخمال���ب الرم���ل ورص���اص قط���اع الطرق ‪،‬‬ ‫ويتهيأ البحر لس���لب املزي���د‪ ..‬مالوك الذي ال‬

‫ذك���ي إىل أس���طورة منتدي���ات الدردش���ة‪،‬‬ ‫وكأن كل احل���وار ال���ذي جيري يف املزرعة‬ ‫كان يهي���ئ هذا املصري لصديق الراوي الذي‬ ‫أصبح محيماً ‪ ،‬ويظ���ل الغيثار الصامت حتى‬ ‫اآلن أيقونة الغناء الذي كان يبطل الس���حر‬ ‫وخي���رس رن�ي�ن اجل���رس اللح���وح ‪ .‬تعتم���د‬ ‫الرواية يف تقنياتها إعطاء فكرة مس���بقة عن‬ ‫مآل احلدث أو نهايته كإشارة لكون الرواية‬ ‫ال تتوخى التشويق يف احلدث بقدر ما تسعى‬ ‫جملاورة األحداث يف زمن مركب غايته خلق‬ ‫نس���يج متش���ابك م���ن الس���رد الذي بق���در ما‬ ‫يعم���ل على تداخل األزمن���ة يرنو إىل تداحل‬ ‫األمكن���ة ‪ ،‬الوط���ن والصح���راء والبحر مثلث‬

‫يس���تقر يف مكان خيرج إىل البحر ويدخل يف‬ ‫ح���وار معه ‪ :‬وحياول أن يطرد خوفه بتحديه‬ ‫وكيل الش���تائم له ‪ :‬أيها البحر احلقري ‪ ،‬أيها‬ ‫البليد ‪ ،‬يا ثور اجلرونيكا ‪ ..‬أنا ال أهابك ‪.‬‬ ‫بع���د مداهم���ة املزرعة ه���رب املهاج���رون يف‬ ‫س���ديم العتم���ة املطبق���ة ‪ ،‬وس���يظل اهلروب‬ ‫م���ن الض���وء والس�ي�ر ح�ي�ن مت���وت الظ�ل�ال‬ ‫قدره���م ال���ذي أخت���ار الظ�ل�ام طريق���اً هلم ‪،‬‬ ‫كل ض���وء يرون���ه يع�ن�ي اخلط���ر والفاجعة‬ ‫‪ ،‬ال ش���يء يطمئ���ن الراغ���ب يف الوص���ول إىل‬ ‫الف���ردوس س���وى العتمة األنيس���ة ‪ ،‬وس���وى‬ ‫عزف الغيثار وأغاني مالوك اليت تثري شجن‬ ‫ترحاس فيتلقفها احلنني إىل أرضها الوعرة‬

‫وترتق���رق يف عينه���ا دمع���ة خاس���رة ‪ ،‬دمع���ة‬ ‫ترحاس‪،‬هذه املرة‪ ،‬ترياق العني الذي تقطره‬ ‫يف حل���ق األغنية احلزينة ‪ ..‬وترحاس كانت‬ ‫على ط���ول الربزخ تواص���ل دور األم وكأنها‬ ‫تركت رضيعاً خلفها ‪.‬‬ ‫حني قرروا التسلل إىل تونس كأقرب يابسة‬ ‫إىل اجلن���ة املوعودة كان اخلطر يتهدد كل‬ ‫خط���وة‪ ،‬وكان أيض���اً كل ضوء يلوح يش���به‬ ‫بريق س���كني ‪ ،‬يف احل���روب واهلجرة وأعماق‬ ‫البح���ر الب���د لألض���واء أن ختف���ت ‪ ،‬وح�ي�ن‬ ‫يش���تعل الوطن بن���ار احلرب يصب���ح الظالم‬ ‫وطناً ‪..‬‬ ‫متن���ح الرواية مساس���رة التهري���ب ِع ْرقاً من‬ ‫اإلنس���انية يعاند ره���اب التصحر ‪ ،‬وجيعلهم‬ ‫حلقة أخرى من املكيدة اليت تتدبرها قس���وة‬ ‫احلي���اة وجتهّ���م ال���روح يف أدغ���ال اخل���وف ‪،‬‬ ‫ويغدو كل شيء يف ظل التآمر مشروع ارتداد‬ ‫عن احللم ‪ ،‬أو مبعنى آخر تصورهم كسدنة‬ ‫للجحي���م يقتات���ون عل���ى الربزخ امل���ؤدي إىل‬ ‫الف���ردوس ‪ ،‬وكل األخب���ار ال�ت�ي تص���ل عن‬ ‫غرق املراكب ال تل���وي إرادة املغامرة ‪ ،‬فثمة‬ ‫ع�ي�ن معلقة بألبوم من وصل والتقط صورة‬ ‫بق���رب س���يارة فاره���ة باعتباره���ا عربت���ه يف‬ ‫اجلنة ‪ ،‬وحيش���د اجلمي���ع طاقاتهم من أجل‬ ‫س���اعة الصفر ال�ت�ي تن���زاح م���راراً‪ ،‬يتدحرج‬ ‫اجلميع خلف جرس الساحر وتعجز أحضان‬ ‫األمه���ات ع���ن محاية أبنائهن ‪ ..‬حيث فش���لت‬ ‫حكاي���ة كاجي وعج���زت األغاني عن إبطال‬ ‫الس���حر مل يبق س���وى تنص���ت اآلذان األرقة‬ ‫على وق���ع أحذية الش���رطة ‪ ،‬وكل من وقع‬ ‫فريس���ة املداهمة علي���ه أن يدفع الثمن عذاباً‬ ‫أو ً‬ ‫ال وم���ن ث���م يعاد م���ن حيث ب���دأ مثل لعبة‬ ‫الثعبان والس���لم ‪ ،‬والثعب���ان يرتصد اجلميع‬ ‫ويرقب خطاهم وأنفاس���هم ‪ ،‬يُداهم النزل يف‬ ‫تون���س غري أن مالوك مل يك���ن موجوداً ‪ ،‬تبدأ‬ ‫طق���وس العودة ملن وقع���وا يف براثن الثعبان ‪،‬‬ ‫وميض���ي مالوك إىل س���اعة الصف���ر بغيثاره‬ ‫العني���د ‪ ،‬الذي حي���اول أن يع�ب�ر كما عربت‬ ‫يوماً الفن���ون اإلفريقية إىل الضفة األخرى‪،‬‬ ‫لتم�ل�أ لياليه���ا صخب���اً وعنفوان���اً ‪ ،‬يتح���ول‬ ‫الغيثار إىل قطعة من جسد مالوك حمتشداً‬ ‫بأغان���ي احلن�ي�ن إىل ليبريي���ا‪ ،‬حي���ث فق���د‬ ‫حبيبت���ه هن���اك‪ ،‬ومل يبق ما يس���تحق الغناء ‪:‬‬ ‫لقد خس���رتها ‪ ..‬مات���ت حلوت���ي " وانيناباندا"‬ ‫قتلوها األبالسة الذين قتلوا ليبرييا ‪.‬‬ ‫ينبش الراوي يف طبقات روح مالوك العميقة‬ ‫‪ ،‬مالوك الذي مل يكف عن حبه طوال الس���رد‬ ‫حيت���ل منه قل���ب الرواي���ة اليت كان���ت تلوح‬ ‫بضمريه���ا املتكل���م وببع���ض الوقائ���ع كأنها‬ ‫س�ي�رة ذاتي���ة بطله���ا ال���راوي‪ ،‬لك���ن الضمري‬ ‫الذي ب���دأت ب���ه الرواي���ة يتخلى ع���ن مكانه‬ ‫هلذه الش���خصية اليت اخرتقتها بقوة ‪ ،‬فتغدو‬ ‫بغيثارها املالصق بطلة الرواية وأس���طورتها‬ ‫الراهن���ة ال�ت�ي تتش���كل بنيتها كلم���ا مضت‬ ‫الرواي���ة قدماً ‪ :‬بعد فراغ���ي من قراءة حزمة‬ ‫الورق ال�ت�ي نعتها مالوك وه���و يناولين إياها‬


‫السنة الرابعة ‪ -‬العدد ( ‪ 13 - 7 ( - ) 139‬يناير ‪) 2014‬‬

‫‪21‬‬

‫األغنية اليت تنبثق من وس��ط احلطام واألسطورة اليت متشي بقدمني فوق املوج‬ ‫‪ ،‬رمبا هذا ما تبقى لإلنسان كي يرافع عن حلمه‬ ‫ب���ـ (حكايات م���ا قبل الن���وم…‪ ) .‬هن���ا يظهر‬ ‫ال���راوي مفتاح���ه ال���ذي وجل به أعم���اق تلك‬ ‫ال���روح ‪ ،‬وملمح���اً خلصوصية ه���ذه األوراق‬ ‫وحنانها الذي يشبه عاطفة أم تهدهد طفلها‬ ‫ك���ي ين���ام وك���ي تط���رد عن���ه الكوابيس ‪..‬‬ ‫لك���ن الكوابيس هذه امل���رة كوابيس نهارية‪،‬‬ ‫كوابيس يقظة تأتي بعد النهوض من النوم‬ ‫وليس���ت أثناءه ‪ ،‬يُقبض على أبدار وترحاس‬ ‫والبقي���ة ويعادون من حي���ث بدءوا‪ ،‬لكن قبل‬ ‫ذلك خيربن���ا الضمري املتكلم بتفاصيل غرق‬ ‫سفينة مالوك ‪ ،‬الذي بقي طافياً على خشبة‬ ‫من حطام الس���فينة يف املاء الب���ارد ‪ ،‬يتواصل‬ ‫الراوي مع مالوك‪ ،‬ليس عرب حزمة األوراق‪،‬‬ ‫لك���ن عرب حلول���ه األس���طوري في���ه ‪ ،‬وينقل‬ ‫ح���واراً آخر ينهض بني مال���وك واملوت يكمل‬ ‫ح���واره األول مع البح���ر ‪ :‬أال ترى أن يف هذا‬ ‫قس���وة ؟ امنحين بضعة أيام ‪ ،‬أريد أن أكمل‬ ‫عمل���ي األخ�ي�ر‪ ،‬يق���ول مالوك وهو متش���بث‬ ‫خبشبة حطام التيتانيك اإلفريقية‪ .‬ما نوعه‬ ‫؟ يس���أل امل���وت املاس���ك بزم���ام اللعب���ة ‪ ،‬أريد‬ ‫أن أرج���ع إىل موط�ن�ي ‪ .‬يقول مال���وك الذي‬ ‫مل ت���روض رغبت���ه األغان���ي وال األس���اطري ‪،‬‬ ‫يق���ول ذلك وه���و يتأرج���ح فوق امل���وج متاماً‬ ‫كبصقته اليت قذف بها على املوج وهو على‬ ‫ساحل ليبيا ‪ ..‬ويقرتح قصيدته اليت راهن بها‬ ‫واليت أخذته إىل كل هذه األس���فار ‪ :‬تفيض‬ ‫أرواحه���م ‪ /‬ف���وق أم�ل�اح البح���ار‪ /،‬وعظ���ام‬ ‫موتاه���م‪ /‬القابعة‪ /‬يف الصح���ارى‪ /‬تتعرى‪/‬‬ ‫حني ختطف العواص���ف‪ /‬من فوقها أكفان‬ ‫الرمال ‪.‬‬ ‫إنها ه���ذه املرة حكاي���ات ما قب���ل الغرق اليت‬ ‫تواص���ل معها ال���راوي عرب حلول���ه الكلي يف‬ ‫روح مالوك ‪ :‬كأني يا مالوك الثالث خرجت‬ ‫من بلدتي وعربت مف���ازات الرمال أللتقيك‬ ‫وأتع���رف إلي���ك‪ ،‬ث���م ليأخذن���ي رحيلك إىل‬ ‫حدود للحزن قصية ‪ .‬لكن س���ليل األساطري‬ ‫األفريقي���ة س���يتحول موته مث���ل حياته إىل‬ ‫أس���طورة طازج���ة ‪ ،‬فبع���د رحيل���ه أصب���ح‬

‫مالوك ش���اغل الناس يف غرف الدردشة على‬ ‫االنرتنت ‪ .‬حتل هذه الغرف املنتشرة يف كل‬ ‫العامل ب���دل نش���رات األخب���ار فتحيل اخلرب‬ ‫اليوم���ي البارد إىل أس���طورة ‪ ،‬وتقف الرواية‬ ‫عند ه���ذا احلد ال���ذي يكيل املدي���ح لألغنية‬ ‫كشراع يلوح من وسط املوج ليبهج احلطام ‪،‬‬ ‫يتناءى الفردوس ويضمحل وتبقى الكائنات‬ ‫البشرية هي الفردوس نفسه أينما حلت ‪ ،‬يف‬ ‫زنزانة معتمة أو على مقعد طائرة تعود إىل‬ ‫الوطن أو يف أعماق البحر القصية ‪.‬‬ ‫ال تس���عى ه���ذه الرواي���ة إىل التش���ويق‬ ‫التقلي���دي وال إىل وثائقي���ة اخل�ب�ر املهيمن‬

‫ابوبكر حامد كهال‬

‫وال إىل تكري���س احل���زن كنهاية تطهرية ‪،‬‬ ‫لكنها تس���عى إىل الدفاع عن الكائن البش���ري‬ ‫عن رغباته وكفره وضعفه وهزميته ‪ ،‬وعن‬ ‫أغانيه ال�ت�ي يكابد بها التي���ه يف هذه األرض‬ ‫ال�ت�ي حتول���ت إىل زنزانة كب�ي�رة ‪ ،‬حيث ال‬ ‫جي���د اإلنس���ان املط���ارد مكان���اً يه���رب إليه ‪،‬‬ ‫لكن اإلنس���ان املؤمن بأس���طورته الشخصية‬ ‫ينتص���ر عل���ى كل م���ا يرتبص ب���ه من قوى‬ ‫الطبيع���ة أو قوى الطغيان اليت فوقها‪ ،‬ويبزغ‬ ‫بغيثاره ف���وق العاصفة واحلطام كقصيدة‬ ‫ش���عر تتأرجح ف���وق اخل���راب بأبه���ة احللم‬ ‫الذي ال يهادن ‪.‬‬ ‫كتب أح���د املدردش�ي�ن ينقل خ�ب�را تناقلته‬ ‫أج���زاء بعي���دة م���ن األرض ‪ :‬أن س���فينة‬ ‫كاكاو قادم���ة م���ن إفريقي���ا كانت تبحر‬ ‫يف املياه الدولية أخربوهم أنهم رأوا ش���خصاً‬ ‫حيم���ل عل���ى ظه���ره غيث���ارا ‪ ،‬وكان واقف���اً‬ ‫فوق املوجتني‪ ،‬كم���ا كان يفعل منتظراً يف‬ ‫الناصية إطالل���ة وانيناباندا‪ .‬كان خياطب‬ ‫طاق���م س���فينة ش���راعية عمالق���ة ‪ .‬أجابهم‬ ‫حني س���ألوه ع���ن امسه‪ ( :‬مال���وك) ‪ .‬أركبوه‬ ‫فيها ومضوا بينما كان يسمعهم أغنيات ‪.‬‬ ‫كم���ا قالت مدردش���ة م���ن اهلن���د ‪ :‬نقل عن‬ ‫صي���ادي أمس���اك جيوب���ون املتوس���ط أنه���م‬ ‫شاهدوا سفينة شراعية تنتشل شاباً إفريقياً‬ ‫كان ميش���ي فوق املوج كما ميش���ي الناس‬ ‫على األرض ‪.‬‬ ‫يتح���ول مالوك إىل املس���يح األمسر الذي مل‬ ‫يتوق���ف عل���ى الغن���اء ‪ ،‬ويصل ل���ون إفريقيا‬ ‫إىل الضف���اف األخ���رى عرب ال���كاكاو ‪ ،‬لكن‬

‫األذرع ال�ت�ي زرعت الكاكاو تنهش���ها أمساك‬ ‫املتوس���ط وتلقي بها عظاماً على الش���واطئ‪،‬‬ ‫أكفانه���ا الرم���ال املاحلة‪ ،‬س���فينة كاكاو‬ ‫قادمة من إفريقي���ا‪ .‬ال يبدو هذا االختيار يف‬ ‫رواية ‪ -‬تعرف ما تقول ‪ -‬جزافاً ‪.‬‬ ‫تواص���ل املدردش���ة اهلندي���ة ‪ :‬وأن منقذي���ه‬ ‫كان���وا حيتضنون���ه واح���داً واح���داً وس���ط‬ ‫احتف���ال صاخ���ب‪ ،‬عزف���ت خالله موس���يقى‬ ‫إفريقية ختللتها أغنية جديدة ملالوك ‪:‬‬ ‫أيتها القلوب‬ ‫يف املراكب املوهلة‬ ‫سأشق‬ ‫بقليب الطلق‬ ‫نوافذ يف هذا املدى‬ ‫وأقول لروحي‬ ‫أن تضج بالرحيل الكتوم‬ ‫وأن متأل‬ ‫أكف الطني بالندى‬ ‫والغناء ‪.‬‬ ‫األغني���ة ال�ت�ي تنبث���ق م���ن وس���ط احلط���ام‬ ‫واألسطورة اليت متش���ي بقدمني فوق املوج ‪،‬‬ ‫رمب���ا هذا ما تبقى لإلنس���ان كي يرافع عن‬ ‫حلمه ‪ ،‬وكي يدرك أن الفردوس احلقيقي‬ ‫قاب���ع يف أعماق روح���ه ‪ ،‬وأن خالصه كامن‬ ‫يف اكتش���اف أس���طورته الش���خصية ‪ ،‬حيث‬ ‫كانت األس���طورة مالذ اإلنسان من اخلوف‬ ‫احمل���دق ب���ه وإجابت���ه املمكن���ة عن األس���ئلة‬ ‫العصية ‪.‬‬ ‫""""""""""""""""""""""‬ ‫* منشورات دار الساقي‬


‫‪22‬‬

‫السنة الرابعة ‪ -‬العدد ( ‪ 13 - 7 ( - ) 139‬يناير ‪) 2014‬‬

‫قواعد العشق األربعون‪:‬‬

‫تأتي قوة الرواية من املرأة اليت تقرأ أكثر من الرجل بتنوعات خمتلفة‬ ‫رزان إبراهيم‬ ‫ول���دت إليف ش���افاق يف سرتاس���بورغ م���ن أبوين‬ ‫تركيني‪ .‬انفصل والداها لتبقى مع أمها وتتنقل‬ ‫ب�ي�ن عدة م���دن؛ إس���بانيا‪ ,‬األردن‪ ,‬أمريكا وغريها‪.‬‬ ‫حلمت بالكتابة منذ كانت طفلة صغرية‪ .‬كانت‬ ‫الكتب واألخيلة ال�ت�ي محلتها معها حقيبتها اليت‬ ‫انتقل���ت معه���ا من م���كان إىل آخ���ر‪ .‬ع���ن ثقافتها‬ ‫تصفها بأنه���ا كونية؛ وبأنها حصيلة اطالع على‬ ‫اآلداب الشرقية والغربية معاً‪ ,‬مذكرة يف الوقت‬ ‫نفس���ه أن ذراعاً أساس���ية هلا نبتت يف استنبول مل‬ ‫متنع أذرع���اً أخرى هلا من النمو خارج اس���تنبول‪.‬‬ ‫لذل���ك كان���ت الرتكي���ة لغته���ا األوىل ال�ت�ي مل‬ ‫متن���ع والدة عاطف���ة خاص���ة لديه���ا جت���اه اللغة‬ ‫اإلجنليزية‪ .‬منوهة يف الوقت نفس���ه إىل مجالية‬ ‫التنق���ل ب�ي�ن اللغات‪ ,‬مب���ا يتيحه ه���ذا التنقل‬ ‫م���ن تغ�ي�ر يف ذواتن���ا بتأث�ي�ر م���ن‬ ‫اللغة اليت نتكلمها‪ .‬وهو‬ ‫أمر متيس���ر م���ا دام‬ ‫الواحد منا يستطيع‬ ‫أن حيل���م بأكثر من‬ ‫لغة‪.‬‬ ‫ع���ن كتابه���ا " قواع���د‬ ‫العشق األربعون"‬ ‫رواي���ة تلب���س ثوب���اً صوفياً‬ ‫يتح���دث عن فلس���فة احلب؛‬ ‫وه���ي فلس���فة ب���دأ اهتمامه���ا‬ ‫به���ا – دو أن حت���دد س���بب‬ ‫ه���ذا االهتم���ام‪ -‬وه���ي يف بداي���ة‬ ‫العش���رينيات م���ن عمره���ا‪ .‬وفيها‬

‫نرى التربيزي وجالل الدين الرومي‪ ,‬وقد أعطيا‬ ‫الفرصة واسعة كي يلمسا حياتنا املعاصرة‪ .‬وهو‬ ‫ما نراه يف الرواية م���ن خالل ( إيال)‪ .‬هذه البطلة‬ ‫االعتيادية اليت نراه���ا كل يوم‪ .‬متارس حياتها‪-‬‬ ‫رب���ة بيت‪ -‬كما تفع���ل مئات النس���اء على أعتاب‬ ‫األربعيني���ات من أعمارهن‪ ,‬لتأتي إحدى الروايات‬ ‫التارخيية اليت تقرؤه���ا يف إطار عملها الوظيفي‬ ‫لتغ�ي�ر حياته���ا‪ ,‬ولتدلل وبق���وة عل���ى إمكانية أن‬ ‫يط���ل املاضي علينا من بعي���د ليغرينا من حيث ال‬ ‫حنتسب‪.‬‬ ‫تق���ر إيليف أنه���ا مل تكتب جتربته���ا الذاتية قط‪.‬‬ ‫وكل م���ا تفعله أنها تضع نفس���ها مكان اآلخرين‬ ‫وتتمثله���م وت���رى األش���ياء م���ن‬ ‫خالهل���م‪ .‬وه���و م���ا يلمس���ه قارئ‬ ‫روايته���ا ح�ي�ن جي���د األح���داث‬ ‫وق���د قلبته���ا ع�ب�ر أكث���ر من‬ ‫منظ���ور بعي���ون خمتلفة‪ .‬يف‬ ‫حديثها عن املرأة يف تركيا‬ ‫وعالقته���ا بالرواية تقول‪:‬‬ ‫تأت���ي ق���وة الرواي���ة من‬ ‫امل���رأة اليت تق���رأ أكثر‬ ‫م���ن الرج���ل بتنوعات‬ ‫خمتلف���ة‪ .‬الرج���ال‬ ‫يكتب���ون والنس���اء‬ ‫يق���رأن أكث���ر‪.‬‬ ‫والتغ�ي�ر آت يف‬ ‫املنح���ى الثاني‬ ‫لص���احل امل���رأة‬

‫اليف شاقان‬ ‫أيضاً‪.‬‬ ‫إن كان���ت إليف ق���د أكدت على أهمي���ة الكتابة‬ ‫ع���ن ش���خصيات اعتيادي���ة بعي���دة ع���ن مثالية ال‬ ‫وج���ود هلا عل���ى أرض الواقع فإنها تع���ود لتؤكد‬ ‫أن ال وج���ود لألبطال‪ .‬وأن ق���وة كتابتها تنبع من‬ ‫اخرتاقه���ا لذل���ك التنوع البش���ري الذي تتس���م به‬ ‫اجملتمعات‪ .‬لتنهي بالقول‪ :‬إنها هي نفسها تبدأ يف‬ ‫الكتابة إنساناً مبالمح معينة لتفضي إنساناً آخر‬ ‫مبالمح متجددة فور االنته���اء مما تكتب‪ .‬منوهة‬ ‫يف الوقت نفس���ه إىل التحديات الكربى اليت تواجه‬

‫امل���رأة يف حياته���ا‪ ,‬خصوص���اً حني تك���ون مطالبة‬ ‫بالقي���ام بأكثر من دور ( الزوج���ة واألم‪ .)... ,‬مبا‬ ‫حييل�ن�ي هنا إىل إح���دى قواعد العش���ق األربعني‪.‬‬ ‫تق���ول فيه���ا‪" :‬إذا أراد املرء أن يغ�ي�ر الطريقة اليت‬ ‫يعامل���ه فيها الناس‪ ,‬فيجب أن يغري أو ً‬ ‫ال الطريقة‬ ‫اليت يعامل فيها نفسه‪ .‬وإذا مل يتعلم كيف حيب‬ ‫نفسه حباً كام ً‬ ‫ال صادقاً‪ ,‬فال توجد وسيلة ميكنه‬ ‫فيه���ا أن يحُ ���ب‪ ,‬لكن���ه عندم���ا يبلغ تل���ك املرحلة‪,‬‬ ‫سيشكر كل شوكة يلقيها عليه اآلخرون‪ .‬فهذا‬ ‫يعين أن الورود ستنهمر عليه قريبا"‪.‬‬

‫ت ًبا للتوازن‪ ،‬ج ّرب االحنياز‪ :‬عن مجال سقوط العب السريك‬ ‫جانيت لوبالنك ‪ ....‬ترمجة‪ :‬حممد الضبع‬ ‫أقف على نهاية حبل معّلق‪ .‬ال أستطيع احلفاظ‬ ‫على كل الكرات يف اهلواء‪ .‬ال أملك الرضا‪ .‬كيف‬ ‫أحافظ على احلب بيين وبني زوجيت وأطفالي‪،‬‬ ‫كيف أحافظ على هذا املنزل‪ ،‬وكيف أحافظ‬ ‫على شغفي؟ كيف أجد التوازن؟‬ ‫إجابة قصرية‪ :‬ال تبحث عن التوازن‪.‬‬ ‫إجابة طويلة‪ :‬عزيزي‪ ،‬أنت حقا وبكل تأكيد ال‬ ‫حتتاج للتوازن‪.‬‬ ‫ً‬ ‫وأيضا سأخربك بشيء آخر‪ :‬البحث املضين عن‬ ‫هذا التوازن املستحيل هو ضرب من اجلنون‬ ‫ال��ت��وازن هو جم��رد مغالطة‪ .‬هو مؤامرة كربى‬ ‫صممت لتجعلنا نشعر دائ� ً�م��ا بأننا نفشل وأن‬ ‫حياتنا تتداعى‪ .‬صممت لتبيع فيديوهات اليوغا‬ ‫وجلسات التأمل والتعايف وأجهزة توفري الوقت يف‬ ‫املطبخ‪ .‬حنن حنرص على ملء هواتفنا بالعديد‬ ‫م��ن تطبيقات امل��ه��ام ك��ي ننجز أعمالنا يوم ًيا‬ ‫وكي نشعر بالرضا عن إنتاجنا‪ ،‬ونشرتي أجهزة‬ ‫لنوصلها باملقابض الكهربائية حتى جتعلنا نشعر‬ ‫كما لو أننا نعيش وسط غابات مطر صناع ّية‪.‬‬ ‫القليل من السكون‪ ،‬اآلن‪.‬‬ ‫رجا ًء‪...‬‬ ‫برغم كل هذا حنن نعيش بشكل صارخ ومستمر‬ ‫دون توازن‪ .‬نعرب الكون على حبل رفيع دون شبكة‬

‫تنقذنا يف األسفل إن سقطنا‪ .‬ال يوجد هنالك قدر‬ ‫�اف من الوقت أو امل��ال أو العاطفة‬ ‫ك� ٍ‬ ‫أو حتى االهتمام لنحافظ على هذا‬ ‫التوازن يف كل وقت‪.‬‬ ‫ولكن إليك احلقيقة‪ .‬لقد ُخلقنا‬ ‫متاما‪.‬‬ ‫للمد واجل��زر‪ .‬كاحمليط ً‬ ‫كأطوار القمر‪ .‬كاحلركات‬ ‫م���ن ال���ظ�ل�ام إىل ال���ن���ور إىل‬ ‫الظالم مرة أخرى‪ .‬لقد ُخلقنا‬ ‫ل��ن��ت��غ�ّي�رّ ون��ص��ب��ح أن��ان��ي�ين‬ ‫ونعوي وتصيبنا الفوضى‪.‬‬ ‫لقد ُخلقنا لنجد اجلمال‬ ‫واحل��ب اجملنون ولنجد‬ ‫ال��ن��ع��م��ة يف منتصف‬ ‫آالمنا‪.‬‬ ‫ه����������ذا ه��������و ق���ل���ب‬ ‫احل���ي���اة‪ ،‬ه����ذا هو‬ ‫مركز املفارقة‪.‬‬ ‫وخي�برن��ا ع���اد ًة‪:‬‬ ‫فليذهب ال��ت��وازن‬ ‫ل��ل��ج��ح��ي��م‪ ،‬ألن���ه يبقينا يف‬ ‫أمان‪ .‬ماذا لو قطعنا الطريق على فكرة‬ ‫التوازن املستحيل وأعطينا أنفسنا شي ًئا ينتمي‬

‫ألرض ّيتنا أكثر وحلقيقتنا البشريّة أكثر‪.‬‬ ‫م��اذا ل��و تركنا أنفسنا ل ُنفنت أم��ام مج��ال فقد‬ ‫االتزان؟ ماذا لو اتفقنا على ترك األشياء‬ ‫ع���ل���ى ط��ب��ي��ع��ت��ه��ا‪ ،‬ب��ت��ج��اه��ل‬ ‫م��ف��ع��م ب��احل��ي��و ّي��ة‬

‫واجلموح؟‬ ‫ألننا عندها‬ ‫س���ن���ك���ت���ش���ف‬ ‫امل��������ع��������ن��������ى‪،‬‬ ‫س����ن����ك����ت����ش����ف‬ ‫أن�����������ه م���ت���ع���ل���ق‬ ‫ب�����ال�����ل�����ح�����ظ�����ات‪.‬‬ ‫حل��ظ��ات م��ن اخللق‬ ‫احمل���ض‪ ،‬حل��ظ��ات من‬ ‫اجلنس املذهل‪ .‬حلظات‬ ‫م���ن ح���ب األم لطفلها‪.‬‬ ‫من الغضب الشديد‪ .‬ومن‬ ‫ش����ه����وة جت���ع���ل���ك ت���ص���رخ‪:‬‬ ‫أري�����دك اآلن‪ .‬م���ن وق��وع��ك‬ ‫على رأسك يف حب العامل‪ .‬من‬

‫شعورك بأن األرض ستفسح اجملال ألقدامنا‪ .‬من‬ ‫الشعور باحلرية واجلنون والصدق‪ ،‬ومن الشعور‬ ‫بالثقل واحلصار لدرجة عدم قدرتك حتى على‬ ‫النهوض من السرير‪.‬‬ ‫ونعم‪ ،‬وس��ط كل ه��ذا‪ ،‬حتى يف تلك اللحظات‬ ‫اليت تشعر فيها بأنك تنزلق إىل أروع احنيازاتك‪.‬‬ ‫ويف السابق‪ ،‬رمبا نويت أن تدعو هذا تواز ًنا‪ .‬لتنجح‬ ‫يف إخضاعه وتتحكم به وتبقيه مهما كان الثمن‪.‬‬ ‫ول��ك��ن اآلن؟ ال‪ .‬أن��ت عنيف مب��ا يكفي‪ ،‬تنتمي‬ ‫لعناصرك مب��ا يكفي‪ ،‬ال ميكن أن تتحول إىل‬ ‫شخص متوازن وأليف‪ .‬وهذا مثري للغاية‪.‬‬ ‫أنا متأكدة أن شريكة حياتك ستشجعك على أن‬ ‫تعيش باكتمال‪ ،‬أن تعيش خارج التوازن‪ ،‬خارج‬ ‫ذاتك املعتدلة‪ ،‬لتحافظ على احلب بينكما طوال‬ ‫الطريق‪.‬‬ ‫ال جيب عليك أن تتبع أية تعليمات غبية لتحقيق‬ ‫ال���ت���وازن‪ .‬ال تنتظر س��ق��وط��ك م��ن ع��ل��ى احلبل‬ ‫العالي‪ ،‬ب��ل خ��ذ ق��ف��ز ًة ل�لإمي��ان‪ .‬ث��ق بأجنحتك‪.‬‬ ‫األرض املتقّلبة أسفلك حتييك‪ ،‬وتصبح منتعشة‬ ‫متاما‪.‬‬ ‫وصادقة‪ .‬مثلك ً‬


‫‪23‬‬

‫السنة الرابعة ‪ -‬العدد ( ‪ 13 - 7 ( - ) 139‬يناير ‪) 2014‬‬

‫فيض الذكريات‪ ...‬سليمان أمنينة يتحدث‬ ‫هليل البيجو‬ ‫سليمان مصطفى أمنينه هو أحد وجوه مدينة بنغازي املشرقة وهو إىل جانب حضوره االجتماعي له اهتمامه الواسع بالثقافة والفن‬ ‫ول��ه تاريخ طويل مع أمساء هلا بصمتها يف عامل الش��عر واألدب واملوس��يقا‪ .‬نش��أ يف بيت كريم من بيوت مدين��ة بنغازي وكان والده‬ ‫احلاج مصطفى أمنينه‪ ،‬من أعالم املدينة وكان حمبا للشعر والشعراء‪ ،‬ومنشغال بالوطن وهمومه‪ ،‬وكان من أصدقائه شاعر الوطن‬ ‫أمحد رفيق املهدوي‪ ،‬كما كان من رواة الش��عر الش��عيب واملهتمني باألدب على وجه العموم‪ .‬واشتغل بالسياسة ردحا من الزمن عضوا‬ ‫جمللس الش��يوخ فجمع بني الوطنية واألدب والسياس��ة‪ ،‬ويف هذه األجواء نش��أ جنله األكرب السيد س��ليمان أمنينه‪ .‬وتشكلت ذائقته‬ ‫حي��ث وجد نفس��ه يف مقتبل عمره ش��غوفا باألدب والفن حريص��ا على تتبع آثارهم��ا يف مضانهما‪ ،‬وكان له اهتم��ام خاص بتوثيق‬ ‫كل ما يس��توقفه أو يلفت نظره من اآلثار األدبية والفنية‪ .‬وقد حباه اهلل نظرة ثاقبة وعينا فاحصة إىل جانب رهافة مسع وحس��ن‬ ‫ذائقة مع دقة حتر يف كل ما يرويه أو يوثقه وقد كانت للسيد سليمان أمنينة يد بيضاء على الشعر اللييب ال سيما يف مدينة بنغازي‬ ‫حي��ث كان وراء ص��دور ديوان الش��اعر عبد الرمح��ن بوخنيلة “ربيع متجدد” إذ ه��و الذي مجعه‪ .‬كذلك هو الذي مجع ديوان الش��اعر‬ ‫معتوق آدم الذي مجعته به صحبة طويلة‪ .‬إضافة إىل أشياء أخرى كثرية مل تزل خمطوطة عنده تنتظر دورها يف الصدور‪ .‬وللسيد‬ ‫س��ليمان أمنينة اهتمام خاص بالفن واملوس��يقا ول��ه مكتبة فنية نادرة جتمع بني األغنية الش��عبية الليبية واألغنية الش��رقية ال‬ ‫س��يما تس��جيالت أقطابه��ا األفذاذ‪ :‬حممد عبد الوه��اب وأم كلثوم‪ .‬ناهيك من التس��جيالت اخلاصة اليت تعم��ر بها مكتبته ألهم‬ ‫املقارئ واجملودين للقرآن العزيز‪.‬‬ ‫وإىل ذل���ك كل���ه ه���و مهت���م بتاريخ مدين���ة بنغازي وس�ي�رة‬ ‫أبنائه���ا األعالم يف ش���تى اجمل���االت‪ .‬وملا لكان اجل���وار جيمعنا‪.‬‬ ‫و”املريبيع���ة” صالون���ا أدبيا جيتمع في���ه جمموعة األصدقاء‬ ‫وكنت من بينهم كان الس���يد س���ليمان أمنين���ة يتحفنا من‬ ‫وقت إىل آخر بتسجيل نادر للسيدة أم كلثوم أو بغناوة عليم‬ ‫من األمهات – كما كان معروفا بيننا يف وصف الغناوة اليت‬ ‫جنم���ع على إعجابن���ا بها – أو بقصيدة ممنوع���ة – إذ ذاك –‬ ‫أو ن���ادرة‪ .‬وم���ن خالل تل���ك اإلطالالت اليت كن���ا حنظى بها‬ ‫من الس���يد س���ليمان نش���أت بيننا عالقة غذاه���ا األدب وأدامها‬ ‫االحرتام وقد ش���رفت بهذه العالقة وأف���دت منها ووقفت من‬ ‫خالهلا على أهمية ما ينطوي عليه الس���يد سليمان من ثقافة‬ ‫وأدب وتاري���خ‪ .‬وك���م وددت لو يقوم الس���يد س���ليمان بكتابة‬ ‫مذكرات���ه وتوثيق س�ي�رته م���ع أصدقائ���ه من أه���ل الثقافة‬ ‫والف���ن وم���ا حوته من أس���رار ولطائف هلا أهميته���ا يف توثيق‬ ‫س�ي�رة أولئ���ك األصدقاء من أه���ل الثقافة والف���ن‪ .‬وحنن هنا‬ ‫ُنثبت نتفا من ذكريات السيد سليمان أمنينة‪ .‬كما سجلتها‬ ‫عن���ه ش���خصيا‪ .‬م���ع تعقيب موج���ز أوردت���ه كل م���ا اقتضته‬ ‫احلاجة‪.‬‬

‫موعد مع الكبار‪:‬‬

‫يف أكتوب���ر ع���ام ‪1966‬م‪ .‬ذهب���ت إىل مص���ر لاللتح���اق‬ ‫ُ‬ ‫وكنت قبل ذلك قد أنهيت الثانوية يف‬ ‫باجلامع���ة األمريكية‬ ‫مدرس���ة بنغازي للبنني وكانت رغبيت للدراسة يف بريطانيا‬ ‫ولكن نظام الدراس���ة هناك كان يتطلب مين إعادة الثانوية‬ ‫م���ا يعرف باإلع���داد للجامع���ة‪ .‬أخدنا “الك���ورس” أنا وجنيب‬

‫م���ازق‪ .‬وفع�ل�ا تقدمنا لالمتحان���ات وجنحنا ولك���ن اجملموع‬ ‫مل يس���اعدنا علي االس���تمرار ملا يتطلبه م���ن الوقت لالنتظار‪،‬‬ ‫وإع���ادة احملاولة واحلقيق���ة أنه ال يوجد عن���دي صرب‪ .‬كان‬ ‫معن���ا أح���د األصدقاء الس���عوديني امسه فؤاد العنان���ي التحق‬ ‫باجلامع���ة األمريكي���ة بالقاه���رة وأثنى على الدراس���ة بهذه‬ ‫اجلامعة‪.‬و من مقرتحه توجهت إىل القاهرة‪.‬‬

‫يف البدء كان رامي‪:‬‬

‫ويف القاه���رة تعرفت على عائلة من أصدقائنا يف مجهورية‬ ‫ُ‬ ‫وكن���ت أت���ردد عليه���ا و ه���ي عائلة صح���ايف مصري‪.‬‬ ‫مص���ر‬ ‫وحينها كنا نس���مع عن الش���اعر أمحد رامي الذي أعجبنا به‬ ‫م���ذ كنا صغ���اراً وما يكتب���ه ألم كلثوم يش���دنا‪.‬كنت أمتنى‬ ‫أن ألتقي الش���اعر أمحد رامي و أس���لم عليه‪ .‬أعود إىل عالقيت‬ ‫باألس���رة املصرية اليت كن���ت أتردد عليها ف���ذات يوم كانت‬ ‫عندهم الس���يدة املمثلة املعروف���ة زوزو احلكيم وحني تطرق‬ ‫احلديث عن الش���اعر أمحد رامي قلت للسيدة زوزو أنا أمتنى‬ ‫أن أراه‪ .‬فرحب���ت وس���عدت و قال���ت رامي حبيبن���ا‪ .‬ودعتنا إىل‬ ‫العشاء يف بيتها ووعدتنا أن يكون معنا يف العشاء الشاعر أمحد‬ ‫رام���ي وكان تل���ك الليلة توافق ‪ 20‬أكتوب���ر ‪1966‬م‪.‬حضر‬ ‫رام���ي و دار ح���وار بيننا ومن تلك الليلة تول���دت بيننا صداقة‬ ‫قوي���ة على الرغم من فارق الس���ن بينن���ا‪ .‬يف ذلك الوقت كان‬ ‫عمري اثنني و عشرين عاما وهو كان جتاوز السبعني ورغم‬ ‫فرق الثقافة وفرق الس���ن أصبحنا نتواصل ونتس���امر مرتني‬ ‫يف األس���بوع “اخلميس واألحد” وأحيانا نلتقي يف النهار حيث‬ ‫أمر عليه آخ���ذه من البيت و نذهب إىل مقهى مريالند وكل‬ ‫مخيس نسهر معا‪ .‬إما يف حفلة أم كلثوم أو يف منزل الشاعر‬ ‫صاحل جودت أو يف أحد املقاهي‪ .‬واس���تمرت العالقة على مدى‬ ‫أرب���ع س���نوات‪ .‬وكان الش���اعر أمحد رامي ش���خصية يصعب‬ ‫وصفها فهو كما قال عنه املوس���يقار الكبري عبد الوهاب حني‬ ‫س���ئل عن جمموعة من الشعراء وعندما طرح اسم رامي قال‬ ‫عب���د الوه���اب كل ه���ؤالء أمحد رام���ي‪ .‬أوال هو عل���م وثقافة‬ ‫على أعلى مس���توى يتحدث مخس لغات‪ :‬العربية والفرنسية‬ ‫واإلجنليزية واليونانية والفارس���ية‪ .‬ثقافت���ه عريضة روحه‬ ‫مبهج���ة حض���وره مجي���ل ال تش���عر أنه مس���ن حني جتالس���ه‬ ‫ب���ل مينحك إحساس���ا بأن���ه يف ريعان الش���باب‪ ،‬خفي���ف الظل‪.‬‬ ‫اس���تمرت عالقيت ب���ه حتى بعد خترج���ي وعودت���ي إىل ليبيا‬ ‫وانقطعت هذه العالقة لألس���ف بعد انقطاع العالقة سنة ‪74‬‬ ‫ب�ي�ن ليبيا ومصر‪ .‬وكانت آخر مرة رأيت���ه فيها عام ‪ 76‬و هو‬ ‫تويف يف عام ‪.1981‬‬

‫رامي يف ليبيا‪:‬‬

‫ج���اء الش���اعر الكبري أمحد رام���ي إىل طرابلس ع���ام ‪1969‬م‪.‬‬

‫سيد مكاوي‬

‫سليمان أمنينة‬ ‫وكن���ت أود دعوت���ه الش���خصية إال أن مدير الس���ياحة آنذاك‬ ‫الس���يد عبد احلميد بوس���ن اقرتح دعوته بشكل رمسي‪ ،‬ضمن‬ ‫مهرج���ان فين ومتت دعوته رمسيا واس���تقبل اس���تقباال يليق‬ ‫بفن���ان كبري‪ .‬وأقام يف نفس اجلناح الذي أقامت فيه الس���يدة‬ ‫أم كلثوم يف “أوتيل ودان” وقمنا بدعوته بش���كل شخصي مع‬ ‫جمموعة من أصدقائ���ي وكان ممتناً جدا لزيارته ليبيا اليت‬ ‫اس���تغرقت أسبوعا‪ .‬وقد أ ّلف قصيدة من أمجل ما كتب وهى‬ ‫بعن���وان من الطائرة وقد كتبها وهو فى الطائرة من القاهرة‬ ‫اىل طرابل���س لق���د تعرف���ت على ش���خصيتني أدبيت�ي�ن‪ ،‬على‬ ‫الرغم من كرب الس���ن “مثانون عاما”‪ ،‬وكانتا تعيشان بقلب‬ ‫ش���اب‪ .‬أمحد رامي وعبدالرمجن بوخنيلة “‪ .‬س���ئل رامي و هو‬ ‫يف الستينيات كم عمرك فأجاب ثالثني مرتني‪.‬‬

‫قبل رامي‪:‬‬

‫أما خبص���وص حفظ التس���جيالت وتوثيقها فق���د بدأت فيه‬ ‫منذ عام ‪ 1962‬وأنا من طبعي أن أحتفظ باألش���ياء‪ .‬فمازلت‬ ‫أحتف���ظ بقلم���ي وأنا طال���ب يف اإلعدادية‪ .‬ولدي س���اعة منذ‬ ‫جناحي يف اإلعدادية وما زالت تعمل حتى اآلن‪.‬‬ ‫وقد كنت أس���جل حف�ل�ات أم كلثوم م���ن بريطانيا وبعدها‬ ‫ذهب���ت إىل مص���ر وعرف�ن�ي بع���ض األصدق���اء على ش���خص‬ ‫يدع���ى خليل املصري كان يدير ش���ركة اس���طوانات و لديه‬ ‫“دكان” لالس���طوانات والتس���جيالت‪ .‬وكان خلي���ل يق���وم‬ ‫بتس���جيل األغاني الس���اعة جبنيهني وذات يوم التقينا بفرقة‬ ‫املوس���يقا العربية وكان صاحب االس���طوانات و التسجيالت‬ ‫حاضرا وزكاني عنده الشاعر أمحد رامي وعندما أدرك أنين‬ ‫حمب للموس���يقا والطرب قرر أن خيفض لي س���عر تسجيل‬ ‫الس���اعة الواحدة م���ن جنيه�ي�ن إىل جنيه ونص���ف‪ .‬وبعد هذا‬ ‫اللق���اء توثق���ت عالقيت مع صاحب دكان االس���طوانات حيث‬ ‫أطلعين على أرش���يفه املوسيقي منذ عام ‪ 1920‬وقال لي انتق‬ ‫ما شئت منه وسوف أقوم بتسجيله لك‪ .‬فطلبت منه أن يسجل‬ ‫ل���ي جمموع���ة أم كلثوم كله���ا تقريبا وعبد الوهاب وس���يد‬ ‫دروي���ش وغريهم‪ .‬وحني عدت إىل ليبيا جلبت حقيبة بها ‪43‬‬ ‫كيلو جرام من األش���رطة وال أعرف كيف وفقين اهلل يف أن‬ ‫أخ���رج بها من مصر يف ذلك الوق���ت كان ذلك يف يونيو ‪70‬م‬ ‫ودخلت بها إىل ليبيا بسالم‪.‬‬ ‫ومع���روف أن أم كلثوم قامت بغن���اء ‪ 300‬أغنية وأنين أملك‬


‫‪24‬‬

‫السنة الرابعة ‪ -‬العدد ( ‪ 13 - 7 ( - ) 139‬يناير ‪) 2014‬‬

‫معروف أن أم كلثوم قامت بغناء ‪ 300‬أغنية وأنين أملك منها اآلن ‪ 265‬أغنية‪ .‬وقد قادني حيب ألم كلثوم وتعلقي‬ ‫به��ا إىل خوض جتربة أخرى يف التوثيق وهي البحث عن التس��جيالت الن��ادرة لألغنية الواحدة ومجعت جمموعة ال‬ ‫بأس بها من أعمال سيدة الغناء العربي النادرة وتسجيالتها الفريدة‬ ‫ُ‬ ‫فقل���ت ل���ه‪ :‬ال واهلل‬ ‫“التس���جيل العجي���ب”‪.‬‬ ‫مل أس���جل‪ ..‬خش���يت أن أس���ألك ع���ن إم���كان‬ ‫التس���جيل فتعتقد أنين أتيت فقط لالستماع‬ ‫ألم كلث���وم والتس���جيل هل���ا‪ .‬فقال ل���ي وأنا‬ ‫معتم���د علي���ك يا رج���ل‪ .‬عموما كان���ت ليلة‬ ‫مجيلة وكانت هدي���ة أم كلثوم ألصدقائها‬ ‫املقربني يف أفراح أبنائهم‪.‬‬

‫جانب من أرشيف السيد سليمان أمنينة‬

‫أم كلثوم تؤلف شعرا‪:‬‬

‫ال أس���تطيع أن أدع���ي أن هواييت م���ع التوثيق‬ ‫الف�ن�ي نش���أت كون���ي ترعرع���ت يف صال���ون‬ ‫ثقايف أو أدبي ال أو مدرسة بها جانب موسيقي‬ ‫يدرس‪ .‬كان ذلك عيبا‪.‬‬ ‫رمب���ا هي مس���ألة وراثية فقد علم���ت أن أبي‬ ‫كان حيب مساع الش���عر وكان يس���تمع إىل‬ ‫الشعراء وحيفظ الشعر‪ ،‬ورافق الشاعر أمحد‬ ‫رفيق املهدوي فرتة طويلة وكانا رفيقني يف‬ ‫جملس الشيوخ‪..‬‬ ‫وكان���ت أول أغني���ة مسعته���ا ألم كلث���وم‬ ‫بداية ارتباطي بصوته���ا أغنية “هجرتك” يف‬ ‫ع���ام ‪ .1958‬ثم تكررت اللقاءات والذكريات‬ ‫وتعرف���ت عليها ع���ن طري���ق الش���اعر الكبري‬ ‫أمح���د رام���ي واس���تمعت إليها مباش���رة وهي‬ ‫تغ�ن�ي‪ .‬وعرف���ت قصص���ا خفي���ة لكث�ي�ر م���ن‬ ‫أغانيها‪.‬‬

‫منه���ا اآلن ‪ 265‬أغني���ة‪ .‬وق���د قادني حيب ألم‬ ‫كلثوم وتعلقي بها إىل خوض جتربة أخرى‬ ‫يف التوثي���ق وه���ي البح���ث ع���ن التس���جيالت‬ ‫الن���ادرة لألغنية الواح���دة ومجعت جمموعة‬ ‫ال ب���أس بها من أعمال س���يدة الغن���اء العربي‬ ‫النادرة وتسجيالتها الفريدة‪ .‬وبعد ذلك كله‬ ‫دخل���ت على التقني���ة اجلديدة ال�ت�ي اختزلت‬ ‫خزانيت الضخمة يف “فالش”‪.‬‬ ‫وأنا اليوم أسأل من سيهتم بهذا الكنز الغنائي؟‬ ‫وإذا رجع���ت إىل بداية املش���وار مع التس���جيل‬ ‫والتوثيق فإنين أقول مل تكن بداية مدروس���ة‬ ‫وال مقص���ودة وال متعم���دة‪ .‬رمب���ا ب���دأت مع‬ ‫دخ���ول “الراديو” إىل بيتن���ا ألول مرة يف عام‬ ‫‪ 1952‬م‪ .‬كن���ت صغريا حينذاك وأذكر أن‬ ‫خالف���اً كبريا حدث يف البي���ت يف اليوم األول‬ ‫فبعض أفراد األسرة رأى أنه من العيب دخول‬ ‫مثل هذا اجلهاز إىل البيت‪ .‬وكنا نتحاشى أن أم كلثوم حالة من التجلي‪:‬‬ ‫نستمع إىل الغناء يف وجود أبي‪.‬‬ ‫حقيقة أنا مل أسع إىل لتعرف على أم كلثوم‪.‬‬ ‫سليمان أمنينة وهليل البيجو‬

‫رأيته���ا أكثر من مرة ح�ي�ن كنت مع أمحد‬ ‫رام���ي وصاحل ج���ودت وكان���ت تصافحين يف‬ ‫كل مناسبة‪ ..‬وذات ليلة كنا على موعد مع‬ ‫حفلة خاصة هي هدية من أم كلثوم ألمحد‬ ‫رام���ي يف عرس بنت���ه‪ .‬وكان احلفل يف نادي‬ ‫الضباط أس���فل ب���رج القاهرة‪ .‬ج���اء رامي وأم‬ ‫كلث���وم يتعكزان على بعضهم���ا بعضا‪ .‬كان‬ ‫إىل ج���واري الش���اعر ص���احل ج���ودت‪ .‬وكان‬ ‫رامي مريض���ا جتاوز الثمان�ي�ن عاما وكانت‬ ‫أم كلث���وم عجوزا‪ .‬ج���اءا متعانقني وملا وصال‬ ‫إلينا س���لمت علينا أم كلثوم‪ .‬فقلت للش���اعر‬ ‫ص���احل جودت مس���تغرباً هل ه���ذه أم كلثوم‪:‬‬ ‫قص�ي�رة ومسراء ومس���نة ويداه���ا معروقتان‬ ‫وعلى وجهها آثار الغدة الدرقية‪ .‬لقد فاجأني‬ ‫ذلك كثريا‪ .‬وملا دعينا لتناول العشاء قالت أم‬ ‫كلثوم بعصبية أنا ال أتعشى‪ .‬وقالت يا رامي‬ ‫حتب تسمع إيه؟ فقال‪ :‬حريت قليب معاك‪.‬‬ ‫دخل���ت الفرقة إىل حيث أُع ّد الطعام وتناولت‬ ‫العش���اء بعدها ركبت أم كلثوم إىل املس���رح‬ ‫نزعت نظارتها إىل هذا احلد أنا أرى “عجوز”‬ ‫جلس���ت عل���ى كرس���ي وراءها تس���عة عش���ر‬ ‫عازف���ا‪ .‬ق���ال رامي عن أم كلث���وم يف مقال له‬ ‫‪:‬إن أم كلثوم أول ما تس���مع انبعاث املوسيقى‬ ‫تص���اب برعش���ة‪..‬بعدها تدخ���ل يف ع���امل آخر‬ ‫وهذا ما ش���اهدته بعينه‪.‬بدأت املوسيقا رعشت‬ ‫وقف���ت ثم دخلت يف عامل آخر‪ .‬حني اس���تهلت‬ ‫األغنية أخذ امليكروفون خيرج صفريا فكلمت‬ ‫أح���د األش���خاص و قالت له خ���ذ امليكروفون‪.‬‬ ‫وغن���ت مل���دة س���اعة تقريب���ا ب���دون ميكرفون‬ ‫ل‪ 350‬ش���خصا و خلفها ‪ 19‬عازفا‪.‬كان ذلك‬ ‫يف مايو ‪.67‬كان عمرها ‪ 70‬عاما!‬ ‫حني ب���دأت يف الغناء قال لي رامي أمل حتضر‬ ‫ُ‬ ‫كن���ت أملك‬ ‫مع���ك املس���جل العجي���ب؟ حيث‬ ‫مس���جال صغ�ي�را أول ظه���ور املس���جالت‪ .‬ومل‬ ‫تك���ن مثل ه���ذه األجه���زة معروف���ة بكثرة يف‬ ‫مص���ر‪ .‬وكان الش���اعر أمح���د رامي يس���ميه‬

‫هن���اك مقط���ع أخ�ي�ر يف أغنية “ح�ي�رت قليب‬ ‫معاك”ف���ى كوبلي���ه خاصمت���ك بين���ى وبني‬ ‫روحى حذفه رامي بناء على رغبة أم كلثوم‪.‬‬ ‫وهو قوله‪:‬‬ ‫“وأفضل ما بني نارين‬ ‫حبك وخويف ألكون ظلمتك‬ ‫من غري ما بان لي منك أس ّيه‬ ‫وأمحل ضنى قلبني‬ ‫قليب أللي َحبك‬ ‫وقلبك أنت لو ّ‬ ‫حن ليا”‬ ‫حيث قالت له أم كلثوم‪ :‬يا شيخ اتلهي هو يف‬ ‫حد بيحب يف الوقت ده بالشكل ده؟‬ ‫ويف قصيدة ذكريات‪ .‬يقول رامي‪:‬‬ ‫“ كيف أنسى ذكرياتي‬ ‫وهي أحالم حياتي‬ ‫إنها صورة أيامي‬ ‫على مرآة ذاتي‬ ‫عشت فيها بيقيين‬ ‫ثم عاشت يف ظنوني”‬ ‫وق���د ذكر لي رام���ي أن أم كلث���وم قالت له‪:‬‬ ‫فسر‪ ...‬هل تعتقد أن كل الناس شعراء‪.‬‬ ‫قال رامي‪ :‬ش���عرت أنه���ا تريد أن أغري ش���يئا‪..‬‬ ‫أنت‪ .‬فقالت‪:‬‬ ‫فقلت هلا‪ :‬طيب قولي ِ‬ ‫“عشت فيها بيقيين‬ ‫قرب ووصال‪.‬‬ ‫وهي ٌ‬ ‫ثم عاشت يف ظنوني‬ ‫وهي و هم وخيال‪”.‬‬ ‫وهك���ذا أصبح ه���ذا املقطع م���ن القصيدة بعد‬ ‫تعديل أم كلثوم‪.‬‬

‫ذكريات رباعيات اخليام‪:‬‬

‫ح���اول رام���ي كث�ي�را أن يقن���ع أم كلث���وم‬ ‫بغن���اء رباعي���ات اخلي���ام ال���ذي ق���ام ه���و‬ ‫برتمجتهامباش���رة م���ن الفارس���ية‪ .‬فكان���ت‬ ‫ترفض لتكرار كلمة اخلم���ر فيها‪ .‬فقال هلا‬ ‫فلنحذف اخلمر‪ .‬كان رامي عاش���قاً للخيام‪.‬‬ ‫فق���ال‪ :‬مل أزل معها حتى أقنعتها بغنائها‪ .‬بعد‬ ‫تبديل طفيف‪ .‬حيث أصبحت‪:‬‬ ‫“مسعت صوتاً هاتفا يف السحر‬ ‫نادى من الغيب غفاة البشر‬ ‫هبوا امألوا كأس “املنى”‬ ‫قبل أن متأل كأس العمر ُّ‬ ‫كف القدر”‬ ‫ترج���م رامي ‪ 164‬رباعية وه���و الوحيد الذى‬ ‫ترج���م رأس���ا م���ن الفارس���ية‪ .‬وانتق���ى رامي‬ ‫وأم كلث���وم جمموع���ة م���ن ه���ذه الرباعيات‬ ‫وتص���دى هل���ا املوس���يقار ري���اض الس���نباطي‬ ‫فكان���ت عم�ل�ا خارق���ا‪ .‬ومم���ا له عالق���ة بهذه‬ ‫القصي���دة جتل���ي أم كلث���وم ودق���ة حس���ها‬ ‫وارتف���اع درج���ة إحساس���ها مبا تغ�ن�ي‪ .‬وكان‬ ‫ذل���ك يف حفلة أقامته���ا باملغرب عن���د بلوغها‬ ‫الرباعية اليت تقول‪:‬‬


‫السنة الرابعة ‪ -‬العدد ( ‪ 13 - 7 ( - ) 139‬يناير ‪) 2014‬‬

‫‪25‬‬

‫عالقيت بالس��يد معتوق آدم متعه اهلل بالصحة وامد فى عمره وهو مهتمًا بالش��عر الشعيب وهو شاعر كبري‪ .‬يف عام‬ ‫‪ 1974‬خرج من السجن الذي سيم فيه صنوف من التعذيب والتنكيل‬ ‫و أنت حبيب األجل‪”.‬‬ ‫يقول رامي ه���ذه األغنية الوحيدة اليت زعلت‬ ‫منها زوجيت‪ .‬وهي كانت س���يدة بسيطة‪.‬قيل‬ ‫هل���ا إن رام���ي حي���ب أم كلثوم‪ .‬فق���ال هلم أنا‬ ‫أيضا أحب أم كلثوم‪ .‬وقد كان كل ما غنته‬ ‫أم كلث���وم لرامي كتبه فيه���ا دون غريها ما‬ ‫عدا أغنية النوم يداعب يف عيون حبييب “البنه‬ ‫حممد” ه���ي من أحلان زكريا أمحد وأقبل‬ ‫اللي���ل يف إهلام ابنت���ه‪ ...‬كما ان���ه مل يتقاضى‬ ‫منه���ا اى اج���ر عن اغاني���ه طيلة ‪ 50‬س���نة اال‬ ‫فى اغنية انت احل���ب حيث اجربته على قبول‬ ‫‪ 2500‬جنيه لتغطية زواج ابنته‪،‬قال ىل رامى‬ ‫حس���بت احلس���بة طلعت الكلمة بعشرة جنيه‬ ‫وكانت العشرة جنيه فى الستينات هلا قيمة‬

‫“أطفئ لظى القلب بشهد الرضاب‬ ‫فإمنا األيام مثل السحاب‬ ‫وعيشنا طيفؤؤؤؤ خيال‬ ‫فنل حظك منه قبل فوت الشباب”‬ ‫إذ س���بحت أم كلث���وم وهي فوق اخلش���بة يف‬ ‫ع���امل احل���ب واهليام‪ .‬ومل تش���عر بنفس���ها إال‬ ‫وهي تصدح‪:‬‬ ‫“اشعل لظى القلب بشهد الرضاب”‬ ‫لتكون بذلك أش���عر الش���اعرين‪ .‬فالوصل عند‬ ‫أهل العشق ال يطفئ نارا‪ .‬بل هو يؤججها‪.‬‬ ‫و كان رام���ي يقول إن أم كلثوم حتفظ من‬ ‫الشعر ما مل يتخيله عقل‪.‬‬ ‫لق���د كان���ت ه���ي ورام���ي حيفظ���ان كثريا‬ ‫ً‬ ‫إضافة‬ ‫من كت���اب األغاني ودواوين الش���عر‪،‬‬ ‫أنه���ا‬ ‫أس���رارها‬ ‫إىل حس���ن إلقائه���ا ل���ه‪ .‬وم���ن‬ ‫رامي وصاحل جودت‪:‬‬ ‫تسمع لنفس���ها وتطرب لنفس���ها وتستحسن عالقة وثيقة مجعت بني الشاعرين الكبريين‬ ‫وتس���تهجن‪ .‬وق���د وقف���ت على ذلك بنفس���ي أمحد رام���ي وصاحل ج���ودت‪ .‬وج���ودت يعترب‬ ‫رام���ي م���ن انتق���ل باألغني���ة املصري���ة م���ن‬ ‫أم كلثوم‬ ‫الكلمات اهلابطة إىل قم���م اخليال واإلبداع و‬ ‫الذوق الرفيع‪ .‬وكالهما قال شعرا رائعا خلد‬ ‫به صاحبه‪.‬‬

‫رامي وشوقي‪:‬‬

‫ذات مرة غ���ادر أمحد رامي املس���رح وأعطاني‬ ‫كرس���يه‪ .‬وكان بإمكانها أن خترجين لكنها‬ ‫مل تفعل وقد ش���هدتها وهي تطري نفسها يف‬ ‫أحد املقاطع و تقول‪ :‬اهلل اهلل اهلل‪.‬‬ ‫ويف جانب آخر ومل تكن مسجمة جاء أحدهم‬ ‫يصفق من آخر الصالةويداه مثل “القباقيب”‬ ‫فقالت له يا شيخ بال خيبة!‬ ‫وهذا كله يرجع لتنش���ئتها السليمة فوالدها‬ ‫وبعض املش���ايخ منهم ابوالع�ل�ا حممد وعلى‬ ‫حمم���ود قام���وا بتحفيظه���ا فن اإللق���اء على‬ ‫أصول���ه وف���ن التجوي���د القرآن���ي واإلنش���اد‬ ‫الديين‪.‬‬ ‫والطري���ف أن أم كلث���وم كان���ت تتعم���د‬ ‫القس���وة أحيانا مع الش���اعر أمحد رامي‪ .‬والم‬ ‫عليه���ا أحده���م ذات مرة وقال هلا يا س���ت ملاذا‬ ‫تعاملني رامي هكذا؟ قال���ت له‪“ :‬انتو غايزيت‬ ‫تقتلوا مواهبه‪ ..‬انتظر غدا واستمع ملا سيبدع‪..‬‬ ‫هو عاوز كده”‪.‬‬ ‫وق���د قال رام���ي يف أم كلثوم م���ا مل يقله أي‬ ‫عاشق يف معشوقته‪:‬‬ ‫“يا اللي هواك يف الفؤاد‬ ‫عايش يف ضل الوداد‬ ‫أنت اخليال والروح‬ ‫وأنت مسري األمل‬ ‫جيي الزمان ويروح‬

‫كان رام���ي ه���و م���ن يلقي ش���عر ش���وقي يف‬ ‫احملافل وكذلك كامل الشناوي‪ .‬ألن شوقي‬ ‫مل يك���ن جيي���د إلق���اء الش���عر‪ .‬وق���دم ش���وقي خاصة يف بييت‪.‬‬ ‫الديوان األول لرامي بأبيات رائعة‪:‬‬ ‫أتذك���ر أول م���رة رأي���ت فيه���ا س���يد مكاوي‬ ‫“يا رامياً غرض الكالم مصيبه‬ ‫كان���ت بعد إع���ادة فتح احل���دود مع مصر يف‬ ‫لك منهل يف الشعر ليس يرام‪”.‬‬ ‫ع���ام ‪ .76‬أتذك���ر بع���د أن قم���ت بزيارت���ه يف‬ ‫ُ‬ ‫نيل شوقي يغمر رام ًيا‪:‬‬ ‫البي���ت ق���ال لزوجته الش���ريط ال���ذي مكتوب‬ ‫حك���ى ل���ي الش���اعر الكب�ي�ر أمح���د رام���ي أنه علي���ه “س���ليمان” جيبي���ه ف���إذا ب���ه تس���جيل‬ ‫يف ليل���ة كان ه���و وش���وقي يف جاردن س���ييت خ���اص وف���ال ىل امسع���ه ام���ن ش���ئت لكن ال‬ ‫وكان ش���وقي قلقا مرتبكا‪ .‬يركب احلنطور جتعل���ه يتداول ‪ .‬هذا الش���ريط ب���ه حتفيظي‬ ‫ويتجول به ثم يعود‪ .‬فعل ذلك أكثر من مرة ألم كلث���وم حل���ن أوقات���ي بتحل���و كام�ل�ا‪.‬‬ ‫فقلت له ما لك قلق هكذا هذه الليلة يا باش���ا؟ الذي أذاعوا منه جزءا بس���يطاً يف مسلس���ل أم‬ ‫فق���ال ل���ي يا رام���ي أن���ا الليلة كتب���ت أعظم كلثوم‪ ..‬وقد الحظت على سيد مكاوي قدرة‬ ‫قصيدة يف حياتي قصي���دة النيل( والتى غنت كب�ي�رة عل���ى احلف���ظ‪ .‬مل أقاب���ل يف حيات���ي‬ ‫منها ام كلثوم حواىل عش���رين بني)‪ .‬ويصب ش���خصا لدي���ه ذاك���رة كب�ي�رة يف الكلم���ات‬ ‫عل���ي مئ���ة ومثان�ي�ن بيت���ا‪ .‬يف كل طلعة ‪ 60‬واألحلان على الرغم من أنه كفيف‪ .‬حيقظ‬ ‫بيتا‪ .‬يقول رامي‪:‬‬ ‫كلم���ات وأحلان أغان طل م���ا قيل فى مصر‬ ‫“الش���عراء َ‬ ‫ك ُل ب���رز يف جمال‪ .‬ما عدا ش���وقي منذ بداية القرن العش���رين‪ .‬ميس���ك بالعود و‬ ‫برز يف كل اجملاالت‪”.‬‬ ‫يغنيها ف���ورا أي أغنية‪ .‬س���يد درويش زكريا‬ ‫ولش���وقي زج���ل مل يك���ن يض���ع علي���ه امس���ه أمحد‪ .‬وغريهما‪.‬‬ ‫وهن���اك أغان كث�ي�رة ومواويل لعب���د الوهاب رحليت مع الرتاث الشعيب‪:‬‬ ‫من شعر شوقي‪.‬‬ ‫أم���ا ع���ن عالق�ت�ي بامل���وروث الش���عيب‪ ،‬فل���دي‬ ‫لقائي مع الفنان سيد مكاوي‬ ‫رصيد كبري من املوروث الشعيب‪ ،‬وهي تدخل‬ ‫ً‬ ‫خاصة األشياء ذات‬ ‫عرف�ن�ي إىل املوس���يقار س���يد مكاوي الش���اعر ضمن هواييت بالتسجيل‪،‬‬ ‫الكبري أمحد رامي يف عام ‪1971‬م‪ .‬واستمرت الصبغ���ة الفنية واألدبية‪ .‬وبالنس���بة لألغاني‬ ‫عالقيت به حتى وفاته‪.‬كان ش���خصية رائعة الش���عبية ل���دي رصيد كبري لكب���ار املطربني‬ ‫ف���وق الوصف يف مجيع النواح���ي كرم خفة الليبي�ي�ن ل���دي تس���جيالت خاص���ة للس���يد‬ ‫دم “حبوب”‪.‬‬ ‫بومدي���ن ولعل���ي الش���عالية فأن���ا أعرفهم���ا‬ ‫ً‬ ‫تناول���ت العش���اء م���ع الفنان س���يد م���كاوي يف‬ ‫معرف���ة ش���خصية لكن�ن�ي مل أجل���س معهما‪،‬‬ ‫بيت���ه وكان يرافق�ن�ي صدي���ق م���ن قطر‪ .‬يف بس���بب فارق الس���ن وع���دم مكوث���ي يف ليبيا‪.‬‬ ‫تلك الس���هرة حض���ر الفنان عمار الش���ريعي‪ .‬ولدي تساجيالت حلفالت خاصة نادرة‪.‬‬ ‫استمعنا إىل شريط ألم كلثومالغنية انا فى عالمة فارقة‪:‬‬ ‫انتظ���ارك حتى الفجر وه���م حيللون مواطن وأعت���ز كث�ي�را بعالقيت بالس���يد معت���وق آدم‬ ‫إبداع أم كلثوم‪.‬‬ ‫متع���ه اهلل بالصح���ة وام���د ف���ى عم���ره وه���و‬ ‫مكاوي‬ ‫الس���يد‬ ‫حضر‬ ‫طرابلس‬ ‫يف ع���ام ‪ 72‬يف‬ ‫ً‬ ‫مهتما بالش���عر الش���عيب وهو شاعر كبري‪ .‬يف‬ ‫يا‬ ‫ألغنية‬ ‫بييت‬ ‫يف‬ ‫عن���دي‬ ‫املقاطع‬ ‫وحل���ن أحد‬ ‫عام ‪ 1974‬خرج من الس���جن الذي س���يم فيه‬ ‫حفلة‬ ‫وأق���ام‬ ‫بنغازي‬ ‫إىل‬ ‫ج���اء‬ ‫ثم‬ ‫مس���هرني‪.‬‬ ‫صنوف���اً من التعذي���ب والتنكي���ل‪ .‬كان يرتدد‬

‫سليمان أمنينة والشاعر أمحد رامي‬ ‫على شخص يف شارع عمر املختار عنده حمل‬ ‫س���اعات يدعى املاجري‪ .‬س���عيت للتعرف إليه‬ ‫كن���ت حينها أش���غل مديرا لوكال���ة املالحة‬ ‫وهي تقع يف شارع عمر املختار ومل يكن لدينا‬ ‫عم���ل كث�ي�ر يف ذلك الوق���ت‪ .‬وجعلن���اه يغري‬ ‫مس���اره فبدال م���ا كان جيلس عن���د املاجري‬ ‫جعلناه جيلس معنا يف مقر الش���ركة ونش���أ‬ ‫بينن���ا ود وثق���ة وكان ميل���ي عل���ي كتابات‬ ‫ويطلب مين أن أحتفظ بها وال أمسعها ألحد‬ ‫إال لش���خص واح���د وه���و الس���يد حس�ي�ن بك‬ ‫مازق‪ .‬اس���تمر تزوي���ده لي به���ذه القصائد يف‬ ‫الف�ت�رة من ‪ 74‬وحت���ى االن ‪ .‬ومل يطلع عليها‬ ‫الناس كن���ت أكتبها وأخبئه���ا وكانت تلك‬ ‫الفرتة تشهد طغوان اللجان الثورية فخشيت‬ ‫أن جيدوها عندي فقمت بإخفائها يف “خابو”‬ ‫قدي���م بطريقة يصعب الوص���ول إليها‪ .‬وبعد‬ ‫أن هدأت األم���ور وحتولت إىل التقاعد قررت‬ ‫أن أخرج هذه الوريقات وأطلع عليها وكانت‬ ‫لدي نص���وص مجعتها م���ن الش���اعر معتوق‬ ‫ومن بو خنيلة ومن س���يف النصر‪ .‬وقررت أن‬ ‫أخ���رج كل ما أماله علي الش���اعر آدم معتوق‬ ‫وأعدت كتابته منس���قاً خب���ط يدي ثم قمت‬ ‫بطباعت���ه على األلة الكاتبة‪ .‬ويف إحدى املرات‬ ‫دخ���ل علي ابين مصطفى وس���ألين ماذا تطبع‬ ‫ي���ا أبي‪ :‬فقلت له هذا س���ر‪ ..‬هذا ي���ا ابين ديوان‬ ‫س���يدك معتوق‪ .‬وفيه قصائد ال ميكن نشرها‬ ‫يف الوق���ت احلال���ي ول���و تغ�ي�ر احل���ال ي���ا بين‬ ‫وخرج القذايف “بزومته” وحنن أحياء سنقوم‬ ‫بنش���رها ولو رحلنا عن الدني���ا فأنت ووهالل‬ ‫ابن س���يدك معت���وق موكالن به���ذه األمانة‪.‬‬ ‫وقلت ه���ذا الكالم أيضا هلالل ابن الس���يد ادم‬ ‫معتوق‪.‬‬ ‫ولكن احلمد هلل تغري احلال و”مل يش���مت فينا‬ ‫ال مصطف���ى وال ه�ل�ال” وص���در الدي���وان يف‬ ‫وجود شاعره السيد معتوق‪.‬‬


‫‪26‬‬

‫السنة الرابعة ‪ -‬العدد ( ‪ 13 - 7 ( - ) 139‬يناير ‪) 2014‬‬

‫ليبيا ‪ ..‬الواقع الراهن وحتديات بناء الدولة‬ ‫(‪)2-1‬‬

‫خريي الراندي (*)‬ ‫وعل���ي الرغ���م م���ن أن�ن�ي أع�ت�رف‬ ‫أمامك���م ب���أن تفكي���ك الص���ورة‬ ‫احلالي���ة ه���ي من أصع���ب الصعاب‬ ‫‪ ،‬ذل���ك أن مظاه���ر أزمتن���ا متعددة‬ ‫وأس���بابها الداخلي���ة واخلارجي���ة‬ ‫ُمتش���ابكة ‪ ،‬فبالرغ���م م���ن كل‬ ‫املعاجل���ات القائم���ة ف���أن اجمل���ال‬ ‫الي���زال فس���يحاً واحلاج���ة ملح���ة‬ ‫للمزي���د م���ن البحث واالس���تقصاء‬ ‫والتحلي���ل والتعلي���ل وف���ق س���ياق‬ ‫دقيق ينبع من فه���م حقيقي ملعامل‬ ‫الواق���ع الراهن عل���ي مجيع الصعد‬ ‫وخلفياته‪......‬وألنن���ا نؤم���ن بأنه يف‬ ‫ضوء التحوالت ال ُكربي والضخمة‬ ‫والتارخيي���ة ألي جمتمع كل من‬ ‫يأت���ي بأجابات جاهزة س���وف يكون‬ ‫غ�ي�ر ُمقن���ع يف ض���وء التط���ورات‬ ‫املتسارعة واملتالحقة ‪ ،‬لذلك كما‬ ‫قلت علينا دراس���ة الواق���ع والتمعن‬ ‫فيه من أجل خلق رؤية س���ليمة ال‬ ‫ختط���يء املرحلة الراهن���ة والعبور‬ ‫ال���ي املس���تقبل ‪ ،‬ول���ن تكتم���ل هذه‬ ‫الرؤي���ة الس���ليمة ألي جمتم���ع‬ ‫مامل تبين علي إس�ت�راتيجية النقد‬ ‫الس���ليم للواق���ع ‪ ،‬فالنق���د الس���ليم‬ ‫ميكن���ه م���ن فه���م واقعه ويس���اعده‬ ‫يف ختط���ي ذل���ك الواق���ع ال���ي غ���داً‬ ‫أفضل‪......‬‬ ‫م���ا أُري���د التأكي���د علي���ه هن���ا أننا‬ ‫حباج���ة اىل تقوي���ة منهجي���ات‬ ‫الفك���ر النقدي يف ثقافتنا وتارخينا‬ ‫‪ ،‬وال نبال���غ عندم���ا نق���ول ان تطور‬ ‫أي جمتم���ع عل���ي وجه البس���يطة‬ ‫مرهون بهذه املسألة بالذات ‪ ،‬جيب‬ ‫الدف���ع به الي إجت���اه ال يعرف معه‬ ‫املهادن���ة واجملاملة ‪ ،‬حيت يس���اعدنا‬ ‫يف البناء والتقدم ‪.‬‬ ‫وهنا جي���ب أن تعلموا إني أدعو الي‬

‫يف البداي��ة أود أن أُوكد أمامكم أن ما س��وف أُلقيه علي مس��امعكم يف هذا املس��اء مجل��ة من اخلواطر‪.‬قد‬ ‫�ت أن نتبادل النقاش حوهلا ‪ ،‬وكل ما أبغيه‬ ‫ال يك��ون فيها جديداً بالنس��بة لكثري منكم لكن هي أراء أحبب� ُ‬ ‫م��ن طرحها هو األخن��راط يف حوار حر وجاد وصريح ‪،‬أعتقد أننا يف أش��د احلاجه إلي��ه يف هذه اللحظة‬ ‫التارخيية الفارقة اليت متر بها بالدنا‪......‬‬ ‫يقول حممد الشريف إلياس يف مقالة له جبريدة اللييب يف سنة ‪1952‬م ‪ :‬أن أهم سبب يربطنا بعجلة‬ ‫التأخ��ر وميد يف أجل التخلف الفكري واالقتصادي والسياس��ي يف بالدنا هو تصلبنا يف طريقة تفكرينا‬ ‫اليت تعاجل بها مش��كالتنا ومجودنا مع األس��لوب املعهود يف النظر الي قضايا الس��اعة من زوايا العاطفة‬ ‫واحلماس والثرثرة الكالمية الفارغة اليت تحُ دث جعجعة وال ُتدر طحين ًا‪......‬‬

‫نقد الواقع ‪ -‬أدعوا إلي النقد البناء ال‬ ‫ذاك الذي يدعو املرء الي نقد ثوابت‬ ‫جمتمعة ‪ ،‬فاحلري���ة املُطلقة لنقد‬ ‫قد حتم���ل تهدي���داً خط�ي�راً لوجود‬ ‫اجملتمع نفس���ه وصحته النفس���ية‬ ‫والعقلي���ة ‪ .‬علينا أن نعل���م من هذا‬

‫اجلانب بأن ُمهادنة الواقع والقبول‬ ‫ب���ه علي علته قد ي���ؤدى الي موقف‬ ‫ُمطمئن يسقط األخطاء والثغرات‬ ‫عل���ي األخ���ر ‪ ،‬والنق���د التجرحي���ي‬ ‫للواقع يقود الي إضفاء املش���روعية‬ ‫علي التخل���ف والتبعية و إعتبارها‬

‫قدر ق���دره اهلل لنا وعلينا القبول به‬ ‫‪ .‬ونفس الشئ بالنسبة للموقف من‬ ‫األخر ‪ ،‬نقد كل ما يأتي منه جيعل‬ ‫التق���دم مس���تحي ً‬ ‫ال واالمتن���اع عن‬ ‫نق���ده يهددنا باالندث���ار كجماعة‬ ‫مستقلة ومتميزة ‪..‬‬ ‫لق���د تابعن���ا يف العام�ي�ن الس���ابقني‬ ‫حرك���ة التح���ول الدميقراط���ي‬ ‫يف ليبي���ا وكنا متفائل�ي�ن بعد هذا‬ ‫املخ���اض العس�ي�ر بأنن���ا س���ننطلق‬ ‫وخاص���ة يف بداية إعالن التحرير ‪،‬‬ ‫بسرعه حنو الدميقراطية والتقدم‬ ‫علي اس���اس وحدة الشعب ‪ ،‬والعدد‬ ‫اهلائ���ل م���ن اخل�ب�رات البش���رية‬ ‫والث���روات املادي���ة ال�ت�ي نتمت���ع‬ ‫به���ا وموقعن���ا االس�ت�راتيجي الذي‬ ‫يربطنا بكل العامل ‪ ،‬غري أن طريقة‬ ‫ممارسة الس���لطة وأخطائها ‪ ،‬علي‬ ‫املس���تويني التش���ريعي والتنفي���دي‬ ‫كانت مخُ يبة ألمال فال احلكومات‬ ‫املتعاقبه بأمسائها املختلفة مارست‬ ‫صالحيته���ا واقام���ت مؤسس���ات‬ ‫الدول���ة وال اجمللس األنتقالي ومن‬ ‫بع���ده املؤمت���ر الوط�ن�ي جنح���ا يف‬ ‫ترتي���ب األولوي���ات بقص���د أو رغماً‬

‫عن���ه ‪ ...‬فكالهما يهرب من القضايا‬ ‫الصعب���ة والعاجل���ة واخلط�ي�رة‬ ‫مث���ل قضي���ة النازحي�ي�ن (تاورغ���اء‬ ‫واملشاش���يه والقوالي���ش) ؛ وقضي���ة‬ ‫الليبني الفاري�ي�ن للخارج ؛ وقضية‬ ‫االم���وال واالص���ول الليبي���ة ال�ت�ي‬ ‫تب���اع يف اخلارج ‪ ،‬وقضية االس���ري‬ ‫املوجودي���ن ل���دي بع���ض الكتائ���ب‬ ‫املس���لحة اخلارج���ه ع���ن ش���رعية‬ ‫الدول���ة‪ ...‬وأيض���ا وه���ي األه���م يف‬ ‫نظر كل الليبني قضية بناء جيش‬ ‫وطين ق���وي وموحد‪ .‬واالمر يتعقد‬ ‫كل ي���وم أكث���ر فأكث���ر ‪ ،‬وأعداء‬ ‫قيام الدولة يكسبون دائماً وال أبالغ‬ ‫عندم���ا نق���ول أن هن���اك يف الداخل‬ ‫اللي�ب�ي من يف مصلحت���ه عدم قيام‬ ‫الدول���ة وإس���تمرار ه���ذه الفوضي‬ ‫وه���ذا الف���راغ االم�ن�ي ‪ ،‬مث���ل جتار‬ ‫املخ���درات واخلمور وجت���ار ال ُعملة‬ ‫والس�ل�اح وح�ت�ي جت���ار البش���ر إن‬ ‫ش���ئتم ذلك ‪ .‬والشعب يتفرج مردداً‬ ‫عبارة (( املهم ختلصنا من الطاغية‬ ‫)) ومل يش���عر بع���د ه���ذا النض���ال‬ ‫الطوي���ل بأنه ق���د يفق���د الوطن أو‬ ‫يبتل���ي بطاغي���ة جدي���د ‪ ،‬أو عل���ي‬ ‫األق���ل – ال مس���ح اهلل – يُقاد ويجُ ر‬ ‫الي مواجهة دامية بني أبناء الوطن‬ ‫الواح���د ‪.‬لقد قام���ت الثورة وضحى‬ ‫من أجلها العديد من الش���رفاء هذا‬ ‫الوطن االبطال وسالت الدماء لنيل‬ ‫حرية خمضبة بدماء الشهداء ‪.‬‬ ‫الش���هداء الذين إرتفع���ت أرواحهم‬ ‫إل���ي الس���ماء تاركني ه���ذا الوطن‬ ‫أمان���ة يف أعناقن���ا ‪ ...‬م���ا ح���دث بعد‬ ‫التحري���ر كان مخُ الفا ب���ل ُمضادا‬ ‫ل���كل هذه التطلع���ات وأمانى هؤالء‬ ‫الش���هداء ‪ .‬إن املُتابع للمشهد اللييب‬ ‫جيد أن الش���عب إنقس���م إب���ان هذه‬ ‫الث���ورة إىل ث�ل�اث أو أرب���ع فئ���ات‬ ‫متباين���ة ‪ ،‬كل فئ���ة مب���ا لديه���م‬ ‫فرح���ون ‪ ،‬وكل يُفس���ر احلري���ة‬ ‫والدميقراطي���ة ورؤيت���ه للدول���ة‬ ‫م���ن منظ���اره الضي���ق و القاصر يف‬ ‫أن واح���د‪ .‬الغريب يف االم���ر هنا أن‬ ‫أغلب هذه الفئات والعناصر كانت‬ ‫يف مرحل���ة بداية الثورة متر بفرتة‬ ‫ت���أزر وتالحم من أج���ل العبور بهذا‬ ‫البلد إىل بر االمان ‪ ،‬غري أن املرحلة‬ ‫الالحقة شهدت إختالفات وفجوات‬ ‫علي أس���س ايديولوجية وفلسفية‬ ‫وسياس���ية وقبلي���ة وجهوي���ة ب���ل‬ ‫وحتى ش���خصية يف بعض االحيان‬ ‫‪ ،‬وس���وف حن���اول أن نلق���ي الضوء‬ ‫مبعاجلة عل���ى هذه الفئات وتقييم‬ ‫دور كل فئة على حدة ‪.‬‬

‫وس ُأشري هنا اىل ‪:‬‬

‫السلطة‬ ‫‪-‬الفئة األوىل ‪ :‬املُتمثلة يف ُ‬


‫السنة الرابعة ‪ -‬العدد ( ‪ 13 - 7 ( - ) 139‬يناير ‪) 2014‬‬

‫‪27‬‬

‫إن فرصة بناء الدولة لن تتكرر ولن يغفر لنا اجليل القادم إن حنن ‪ -‬ال مسح‬ ‫اهلل ‪ -‬أخفقنا يف هذا االستحقاق التارخيي املهم واخلطري‬ ‫احلاكمة أو السلطة اليت إوكلت‬ ‫هلا مهمة تس�ي�ر االم���ور يف املرحلة‬ ‫اإلنتقالي���ة مثمثل���ة يف املُؤمت���ر‬ ‫الوطين واحلكوم���ة احلالية‪ ...‬وهي‬ ‫ال متلك يف كثري من االحيان زمام‬ ‫املُبادرة فهي إما ُمسرية من الداخل‬ ‫بق���وة الس�ل�اح تؤم���ر فتنف���د ‪ ،‬وإما‬ ‫أنها ختض���ع لضغوط م���ن اخلارج‬ ‫متارس عليها بأيدي جمموعة من‬ ‫أبناءها املأجورين‬ ‫الفئة الثانية ‪ :‬واملُتمثلة يف ال ُنخب‬‫الوطنية ومؤسسات اجملتمع املدني‬ ‫‪ ،‬وه���م يف واد وعامة الن���اس يف واد‬ ‫أخ���ر ‪...‬وهنا أحب أن أوكد أمامكم‬ ‫أن���ه هن���اك إخرتاق واض���ح لبعض‬ ‫ه���ذه املُؤسس���ات ‪ ،‬الت���ى حتصل���ت‬ ‫عل���ى أم���وال طائل���ة نتيج���ة عدم‬ ‫وجود قوانني تضبط عملية متويل‬ ‫ه���ذه املؤسس���ات و احلدي���ث يف‬ ‫ه���ذا اجلان���ب يطول لي���س يف ليبيا‬ ‫فحس���ب بل يف باقي أحن���اء الوطن‬ ‫العربي ‪ ،‬وأغلبهم ش���اهد يف االشهر‬ ‫القليلة املاضية االزمة التى حدثث‬ ‫يف مص���رو مش���كلة متوي���ل بع���ض‬ ‫مؤسس���ات اجملتمع املدن���ي املصرية‬ ‫م���ن مص���ادر مش���بوهة بالوالي���ات‬ ‫املتحدة االمريكية‪ .‬وحنن هنا طبعا‬ ‫نتحدث عن مصر يعين هناك دولة‬ ‫وجه���از اس���تخبارات وام���ن قومي ‪،‬‬ ‫فما بالك بليبيا شبه الدولة ‪.‬‬ ‫ما اري���د التاكيد علي���ه هنا ان قوة‬ ‫الدول���ة ُتق���اس يف الغ���رب بق���وة‬ ‫مؤسس���ات اجملتم���ع املدن���ي ‪ ،‬م�ت�ي‬ ‫كان���ت مؤسس���اته املدنية س���ليمة‬ ‫كانت الدوله قوية واكثر عافية‪،‬‬ ‫اما يف العامل العربي من الصعب ان‬ ‫جند جمتمع���ا مدنيا مس���تقال عن‬ ‫ارادة الدول���ة وق���ادر عل���ي التاث�ي�ر‬ ‫فيه���ا – حن���ن يف ليبي���ا طورنا ذلك‬ ‫انش���اءنا وزارة ملؤسس���ات اجملتم���ع‬ ‫املدن���ي ‪ -‬وزارة تأخ���ذ منه���ا ام���وال‬ ‫الش���عب اللي�ب�ي بالباط���ل لتموي���ل‬ ‫هذه املؤسس���ة او تلك دون حس���يب‬ ‫ورقيب يقول بعض الباحثني أن ما‬ ‫جرى يف لبنان منذ وقت ليس بعيد‬ ‫‪،‬عندم���ا إج�ب�رت حكوم���ة كرامي‬ ‫على االس���تقالة إس���تثناءاً من ذلك‬ ‫‪،‬إال أنه ليس أمر مستحيال ‪ ،‬أوغري‬ ‫ممك���ن أن حيدث يف أماكن أخرى‬ ‫م���ن الوطن العرب���ي ‪ ،‬وهذا ماحدث‬ ‫يف الضغط الشعيب مؤخرا يف بعض‬ ‫دول الربيع العربي ‪.‬‬ ‫أم���ا يف ليبي���ا اجلرعة دائم���أ تأتينا‬ ‫زائ���دة بعض الش���ئ ‪ .‬ومث���ال ذلك ‪:‬‬ ‫جمموعة مس���لحة تق���وم باقتحام‬ ‫مقر حكومي ختطف تكسر تغلق‬ ‫طريق بقوة الس�ل�اح ‪ ،‬تقوم بإغالق‬

‫مراكز حيوي���ة يف الدولة ‪ ،‬حبجة‬ ‫أن مؤسس���ات اجملتم���ع املدنى تريد‬ ‫ك���ذا وك���ذا ‪ .‬هل ه���ذه مطالب ؟‬ ‫هل هذه طريقة مشروعة لتحقيق‬ ‫تلك املطالب ؟ هل هذه هي احلرية‬ ‫والدميقراطي���ة اليت نريد ؟ واليت‬ ‫ضح���ى من أجلها خرية ش���باب هذا‬ ‫الوطن ؟‬ ‫االجابة ‪ :‬وبكل تأكيد ال ‪ ،‬فهذه‬ ‫أمسها (بلطجة)‬ ‫إمسها (جياش���ة) ُ‬ ‫ُ‬ ‫‪ ،‬جي���ب أن حن�ت�رم بعضن���ا البعض‬ ‫‪ ،‬جي���ب أن نتعل���م كي���ف نطال���ب‬ ‫حبقوقنا ‪( ،‬بشئ من االدب بشئ من‬ ‫اإلح�ت�رام ) ‪.‬هك���ذا ال ميكن أن نبين‬ ‫دولة حمرتمة ‪ ،‬هك���ذا نقتل بالدنا‬ ‫نقضى عليها بأيدينا قبل أن تولد ‪.‬‬ ‫الفئة الثالثة ‪ :‬فئة الثوار ‪ ،‬وهناك‬‫إنتق���اد واض���ح ألداء قس���م كب�ي�ر‬ ‫منه���م ‪ ،‬نتيج���ة أعم���ال فردي���ة‬ ‫يق���وم بها بع���ض من إنض���م إليهم‬ ‫إم���ا طمع���ا يف إمتي���از م���ا ‪ ،‬أو لكى‬ ‫يتخذه���م س���تارا العم���ال الس���طو‬ ‫والنهب وغريها‪.‬‬ ‫ومصطل���ح الث���وار هن���ا مصطل���ح‬ ‫فضفاض ‪ ،‬إذا ال يُعرف هل هم من‬ ‫قات���ل ضد كتائ���ب الطاغية أو من‬ ‫أن إنض���م إليه���م فما بع���د – كما‬ ‫قلت أنفا إما طمع���ا أو ال يتخدهم‬ ‫س���تارا العماله القدرة – إذا كانت‬ ‫األوىل فه���م يف نظ���رى ال جي���وز‬ ‫عددهم ‪ 15‬عشر ألفا ‪ ،‬أما أن يقفز‬ ‫الع���دد ب�ي�ن ليل���ة وضواحيه���ا إىل‬ ‫‪ 260‬الف ‪ ،‬فهو أمر عجاب ‪( ،‬يقول‬ ‫أحدهم ُمستهزئأ أنه إذا كان لدينا‬ ‫نصف هذا الع���دد نحُ رر به أفريقيا‬ ‫كاملة من االس���تبداد وليس ليبيا‬ ‫فحسب)‪.‬‬ ‫ما أريد األش���ارة إليه هن���ا أيضا هو‬ ‫أم���ر أخر مه���م وخط�ي�ر يتعلق مبا‬ ‫حدث م���ن تلع���ب باملال الع���ام علي‬ ‫أيدي ما يس���مي برئاس���ة اجملالس‬ ‫العس���كرية وبع���ض أم���راء س���رايا‬ ‫الثوار ‪ ،‬والتزوير بالقوائم الوهمية‬ ‫فم���ا يع���رف زورا وكذب���ا مبكأفاة‬ ‫الثوار ‪ ،‬ليضع ألف إش���ارة إستفهام‬ ‫عل���ى كثري مم���ن أنض���م إىل هذه‬ ‫الناحي���ة حتديدا‪ .‬م���ا أريد أن أقوله‬ ‫هن���ا أن م���ن خ���رج لنص���رة بلده ال‬ ‫ينتظ���ر مكافأة وال ش���كر من أحد ‪،‬‬ ‫إمنا الواجب الذي فرض عليه ذلك‬ ‫ويف نف���س الصدد جي���ب أن تعلموا‬ ‫جي���دا أن هذه الثورة هى ثورة كل‬ ‫الليب�ي�ن وإنها الحتت���اج ال جملس‬ ‫أعل���ى أو أدنى للثوار ؛ه���ذا اجمللس‬ ‫ال���ذي أس���س ظلم���ا وباط�ل�ا رمبا‬ ‫ألخت���زال مطال���ب الش���عب اللي�ب�ي‬ ‫يف احلري���ة والدميقراطي���ة ‪ ,‬أو‬

‫رمبا لك���ي يعني نفس���ه وصياً على‬ ‫ليبي���ا و الليب�ي�ن ‪ .‬وهن���ا جي���ب أن‬ ‫تعمل���و أيض���ا يف اجلان���ب أن الثوار‬ ‫احلقيقي���ون الذي���ن محلو الس�ل�اح‬ ‫يف وجه الطاغية وإس���تخدموا علي‬ ‫الوسائل إلس���قاطه يرتقبون املشهد‬ ‫عن كتب ويرصدون كل ش���اردة‬ ‫و واردة ويف اللحظ���ة احلامس���ة‬ ‫س���تكون هل���م كلمته���م ؛ الث���وار‬ ‫احلقيقيون الذين يؤمنون بأن ليبيا‬ ‫للجميع وث���ورة ‪ 17‬فرباير اجمليدة‬ ‫مل���كا مقدس���ا ل���كل الليب�ي�ن فه���ي‬ ‫ليس���ت ملك لش���خص اوجمموعة‬ ‫او فئ���ة او منطقة بعينها إمنا ملك‬ ‫ل���كل أح���رار وحرائر ش���عبنا اللييب‬ ‫عل���ى إختالف أجياهلم ومش���اربهم‬ ‫و أعراقهم ومناطقهم ‪.....‬‬ ‫الفئ���ة الرابع���ة ‪ :‬عام���ة الن���اس‬‫أوعام���ة الليبني وه���م يف معظمهم‬ ‫إن مل نق���ل يف جله���م يري���دون أن‬ ‫تق���وم دول���ة يعيش���ون يف كنفه���ا‬ ‫بأم���ان وس�ل�ام فق���ط دول���ة قانون‬ ‫حتم���ي اجلمي���ع وترع���ى اجلميع‬ ‫‪ ،‬تل���ك الدول���ة اليت كان���ت وتبقي‬ ‫حت���ى إش���عارا أخ���ر إداء التداخ���ل‬ ‫اإلرادي االكثر فاعلية ‪ ،‬لتس���ريع‬ ‫س�ي�رورة الدخ���ول يف مس���تقبل‬ ‫مشرق جيمع كل الليبني ‪...‬‬ ‫هذه هى بأختصار أهم فئات الشعب‬ ‫اللييب وأه���م مميزات كل فئة وما‬ ‫خف���ي كان أعظ���م ‪،‬م���ن الواض���ح‬ ‫ح�ت�ي االن أن هذه الفئات مل ترتفع‬

‫اىل مستوى اإلس���تحقاق التارخيي‬ ‫اخلط�ي�ر ال���ذي مت���ر ب���ه بالدنا يف‬ ‫ه���ذه الف�ت�رة فالكل إم���ا يلهث وراء‬ ‫املال او وراء السلطة او وراء إضغاث‬ ‫احالم زائف���ة صورتها هلم عقوهلم‬ ‫الصغرية ‪.‬‬ ‫إن فرص���ة بن���اء الدولة ل���ن تتكرر‬ ‫ول���ن يغف���ر لن���ا اجلي���ل الق���ادم إن‬ ‫حن���ن ‪ -‬ال مس���ح اهلل ‪ -‬أخفقن���ا‬ ‫يف ه���ذا االس���تحقاق التارخي���ي‬ ‫امله���م واخلط�ي�ر وه���و بن���اء الدولة‬ ‫‪ .‬وقب���ل اخل���وض أكث���ر يف أه���م‬ ‫ه���ذه التحدي���ات واالس���تحقاقات‬ ‫القادم���ة الت���ى تواج���ه بن���اء دول���ة‬ ‫س���ليمة أري���د أن أش�ي�ر اىل نقط���ة‬ ‫مهم���ه وه���ى أن���ه هن���اك عوام���ل‬ ‫وظروف س���اهمت يف تشويه الوعي‬ ‫اللييب حي���ث تعرضت الش���خصية‬ ‫الليبي���ة طوال ‪ 42‬س���نة لكم هائل‬ ‫م���ن التش���وهات يف العم���ق الفكري‬ ‫والوجداني من هذه املؤسسات التى‬ ‫أث���رث يف عقلي���ة االنس���ان هي أوال‬ ‫املؤسس���ة السياس���ية اتي أفرزت لنا‬ ‫مورث���ات قاتل���ة يف مقدمتها ثقافة‬ ‫ال���رأى الواح���د ‪ ،‬وغي���اب احل���وار‬ ‫الدميقراطي احل���ر واهلادف وروح‬ ‫الفوض���ى واإلس���تباحة للمال العام‬ ‫‪ .‬وإنتش���ار الفساد بش���كل ال يُتصور‬ ‫وال يُتوق���ع ‪ .‬ومنه���ا أيضا املُؤسس���ة‬ ‫االس���رية اليت تربي فيها االنس���ان‬ ‫عل���ى ثقاف���ة اخل���وف م���ن األخر و‬ ‫الع���داء له والش���ك في���ه فخلقت لنا‬

‫إنس���ان ُمعقد ال ميلك زمام املبادرة‬ ‫يف كث�ي�را م���ن األحي���ان ‪ .‬وهن���اك‬ ‫أيضا املؤسس���ة القبلية اليت الزالت‬ ‫ُمتغلغ���ة يف تفك�ي�ر الليب�ي�ن وه���ذا‬ ‫ام���ا أكدت عليه األح���داث الدامية‬ ‫اليت ش���هدها بالدنا ط���وال العامني‬ ‫املاض�ي�ن ‪.‬وهنا خبص���وص القبلية‬ ‫أود أن أشري اىل عبارة قاهلا أستاذنا‬ ‫الفاض���ل {د‪ .‬مصطف���ى التري} يف‬ ‫حماضرة له يف أوائل س���نة ‪2005‬‬ ‫يف ه���ذه القاع���دة وم���ن ه���ذا املكان‬ ‫ورمبا حتى على هذا املقعد حتديدا‬ ‫قال عبارات���ه التى جرى على إثرها‬ ‫التحقي���ق مع���ه ف���ى كوالي���س‬ ‫املخاب���رات الليبية أن���ذاك حني قال‬ ‫‪ :‬أن ليبيا ليس���ت براعصة وليس���ت‬ ‫قذاذف���ة وفع�ل�ا ص���دق وه���ذا م���ا‬ ‫أُش���به به الليبيني فما بعد ‪ ،‬وهنا ال‬ ‫تعتق���دوا أن االمر ق���د تغري كثريا‬ ‫عن س���نة ‪ 2005‬فاحلال هو احلال‬ ‫والواقع هو الواقع ‪.‬إن هذه املؤسسة‬ ‫تتعامل م���ع أجهزة الدولة وكأنها‬ ‫غنيمة أخدتها بقوة السالح ال جيب‬ ‫أن يشاركها فيها أحد ومبدئهم يف‬ ‫ذل���ك طبع���ا املثل الس���ائد‪ :‬أنا وأخي‬ ‫على إبن عمي وأنا و إبن عمي على‬ ‫الغريب ‪.‬‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(*) محُ اضرة أُلقيت يف املوس���م الثقايف ملركز‬ ‫البحوث والدراسات التارخيية ( ‪) 2013-7‬‬


‫‪28‬‬

‫السنة الرابعة ‪ -‬العدد ( ‪ 13 - 7 ( - ) 139‬يناير ‪) 2014‬‬


‫‪29‬‬

‫السنة الرابعة ‪ -‬العدد ( ‪ 13 - 7 ( - ) 139‬يناير ‪) 2014‬‬

‫فـــي عـــام ‪..2013‬أهم اجلوائز األدبية من نصيب النساء‪..‬‬ ‫ش���هد هذا العام هيمنة نس���وية شبه مطلقة‬ ‫على العديد من اجلوائز األدبية العاملية‬ ‫فقد منحت جائزة نوبل لآلداب لعام ‪،2013‬‬ ‫إىل الكاتبة الكندية باللغة اإلجنليزية أليس‬ ‫مونرو ‪ 82‬عاماً اليت وصفت بأنها "سيدة فن‬ ‫األقصوصة األدبي املعاصر"‪.‬‬ ‫وه���ي أول أديب كندي يف���وز بهذه اجلائزة‬ ‫وامل���رأة الثالثة عش���رة اليت ت���دون امسها يف‬ ‫سجل نوبل لآلداب‪.‬‬ ‫وقد اش���تهرت األديب���ة الكندية أليس مونرو‬ ‫بكتابته���ا األقاصي���ص الراس���خة يف احلي���اة‬ ‫الريفية يف أونتاريو‪.‬‬ ‫ً‬ ‫وهي املرة األوىل من���ذ ‪ 112‬عاما اليت تكافئ‬ ‫فيها األكادميية الس���ويدية‪ ،‬كاتباً تقتصر‬ ‫أعمال���ه عل���ى األقصوص���ة وهي امل���رة الـ‪27‬‬ ‫اليت متنح فيها اجلائزة إىل أديب يكتب بلغة‬ ‫اإلجنليزية‪.‬‬ ‫وكان اس���م مونرو يرد يف السنوات األخرية‬ ‫بني األدب���اء الذين يرجح فوزه���م باجلائزة‪،‬‬ ‫إذ إن خ�ب�راء جائزة نوبل يعت�ب�رون أن أناقة‬ ‫أس���لوبها جتعل منها مرش���حة جدي���ة جداً‪.‬‬ ‫وكان يرجح هذه السنة فوز امرأة إذ كانت‬ ‫الكاتبة األملانية هريتا موللر آخر امرأة تفوز‬ ‫جبائزة نوبل لآلداب يف عام ‪2009‬‬ ‫وقال���ت األكادميي���ة الس���ويدية إن "مونرو‬ ‫تتمي���ز مبه���ارة يف صياغ���ة األقصوصة اليت‬ ‫تطعمها بأسلوب واضح وواقعية نفسية"‪.‬‬ ‫وفازت الكاتب���ة النيوزيلندية ألينور كاتون‬ ‫جبائ���زة «م���ان بوك���ر» لع���ام ‪ 2013‬ع���ن‬ ‫"النج���وم الالمع���ة"‪ ،‬لتصب���ح أصغ���ر فائ���ز‬ ‫باجلائزة منذ تأسيس���ها قب���ل ‪ 45‬عاما‪ ،‬ومن‬ ‫ناحي���ة عدد الصفحات اعتربت الرواية أيضا‬ ‫األضخم يف تاريخ اجلائزة‪.‬‬ ‫وتتك���ون الرواي���ة م���ن ‪ 832‬صفح���ة‪ ،‬وبهذا‬ ‫تعي���د إىل الواجهة زمنا قد وىل يف األس���لوب‬ ‫الروائي الذي س���اد أكثر يف القرن التاس���ع‬ ‫عش���ر وبداية القرن العش���رين‪ .‬تدور أحداث‬ ‫الرواي���ة‪ ،‬ال�ت�ي تنش���رها «دار غرانت���ا»‪ ،‬حول‬ ‫مح���ى التنقي���ب ع���ن الذه���ب اليت ش���هدتها‬ ‫نيوزيلن���دا يف الق���رن التاس���ع عش���ر‪ .‬وقالت‬ ‫الكاتب���ة مازحة بعد فوزه���ا‪" :‬اضطررت حقا‬ ‫لش���راء حقيبة جديدة لليد بدال عن حقيبيت‬ ‫تكف حلمل الرواية"‪.‬‬ ‫القدمية اليت مل ِ‬ ‫وتفوقت كاتون على مخسة كتاب آخرين‬ ‫كانوا مرشحني للفوز بتلك اجلائزة األدبية‬ ‫البال���غ قيمته���ا ‪ 50‬أل���ف جني���ه إس�ت�رليين‬ ‫(‪ 80‬أل���ف دوالر)‪ .‬وقدم���ت دوقة كورنوول‬ ‫اجلائزة لكاتون يف حفل أقيم بلندن‪.‬‬ ‫وتنافست ألينور كاتون يف روايتها الضخمة‬ ‫ه���ذه م���ع قائمة صغ�ي�رة من الرواي���ات اليت‬ ‫اعت�ب�رت األقصر من حيث ع���دد الكلمات يف‬ ‫تاري���خ الرواي���ة‪ .‬وتضمنت القائم���ة القصة‬ ‫القص�ي�رة لك���ومل توي�ب�ن "الوصي���ة األخرية‬ ‫مل���اري"‪ ،‬ال�ت�ي اعت�ب�رت األوف���ر حظ���ا للفوز‪،‬‬

‫ألينور كاتون‬ ‫ورواية جي���م غريس "احلصاد"‪ ،‬ورواية روث‬ ‫أوزيك���ي "قص���ة للوق���ت احلال���ي" و"األرض‬ ‫املنخفض���ة" ليومبا اله�ي�ري‪ ،‬ورواية "حنتاج‬ ‫إىل أمساء جديدة" لفايوليت بوالوايو‬ ‫و منح���ت جائ���زة "غونك���ور" األدبي���ة لبي�ي�ر‬ ‫لومي�ت�ر ع���ن روايت���ه "أو روف���وار ال هو" عن‬ ‫اجلن���ود املس���رحني الذي���ن خدم���وا خ�ل�ال‬ ‫احلرب العاملية األوىل‪ ،‬يف حني منحت جائزة‬

‫أليس مونرو‬

‫"رون���ودو" ليي���ان م���وا ع���ن رواية "نيس���اس"‬ ‫املتمحورة عل���ى التوترات القائمة بني األهل‬ ‫وأوالدهم‪.‬‬ ‫وق���د أعل���ن ع���ن الفائزي���ن باجلائزت�ي�ن يف‬ ‫مطع���م "دروان" يف باري���س‪ ،‬وف���ق التقالي���د‬ ‫املعمول بها‬ ‫واختريت رواي���ة "أو روفوار ال ه���و" الصادرة‬ ‫عن دار نش���ر ألبني ميش���يل بع���د أن حظيت‬

‫بس���تة أصوات‪ ،‬مقابل أربع���ة أصوات لصاحل‬ ‫رواية "أردن" للروائي فريديريك فريجيه‪.‬‬ ‫أم���ا رواي���ة "نيس���انس"(دار نش���ر غراس���يه)‬ ‫الواقع���ة يف ‪ 1200‬صفحة واليت تبدأ بوالدة‬ ‫الكات���ب وس���ط ش���تائم أهل���ه‪ ،‬فه���ي حظيت‬ ‫بتصويت ستة أعضاء من جلنة التحكيم‪.‬‬ ‫وكان آخ���ر م���ن رح���ل ع���ن عاملن���ا يف األيام‬ ‫األخ�ي�رة من ه���ذا الع���ام لكات���ب الربيطاني‬ ‫الش���هري كول���ن هن���ري ولس���ون (‪1931-‬‬ ‫‪،)2013‬ال���ذي قدم للمكتب���ة العاملية قرابة‬ ‫مئ���ة كتاب كان أش���هرها وأكثرها تأثرياً‬ ‫يف العامل العرب���ي كتابه "الالمنتمي"‪ ،‬الذي‬ ‫أعقبه بكتاب آخر ال يقل عنه ش���هرة وهو "ما‬ ‫بع���د املنتمي"‪ .‬كما تويف بي�ت�ر أوتول‪ ،‬املمثل‬ ‫اإليرلن���دي ال���ذي أدى دور "لورانس العرب"‬ ‫يف الفيلم الش���هري‪ ،‬عن عمر ناه���ز ‪ 81‬عاما‪،‬‬ ‫وذلك بعد صراع مع مرض السرطان‪.‬‬ ‫وكان املمث���ل الراح���ل قد جس���د ش���خصية‬ ‫الضاب���ط يف اجلي���ش اإلجنلي���زي‪ ،‬طوماس‬ ‫إدوارد لوران���س‪ ،‬ال���ذي ع���رف بـ"لوران���س‬ ‫الع���رب" يف فيل���م مح���ل االس���م نفس���ه ع���ام‬ ‫‪1962‬‬ ‫ش���هد عام ‪ 2013‬رحيل جمموع���ة من أبرز‬ ‫األمس���اء الثقافية‪ ،‬ففي الثال���ث من كانون‬ ‫األول ‪ 2013‬ت���ويف أمحد فؤاد جنم الش���هري‬ ‫بـ"الفاجوم���ي" وال���ذي يعد أحد أهم ش���عراء‬ ‫العامي���ة يف مص���ر وأحد ث���وار الكلمة وامسا‬ ‫بارزا يف الفن والشعر العربي‪ ،‬عن عمر ناهز‬ ‫‪ 84‬عاماً‬ ‫كما غادرن���ا أحد عمالقة الط���رب يف لبنان‬ ‫والع���امل العربي وه���و النجم ودي���ع الصايف‪،‬‬ ‫ال���ذي رحل ع���ن عاملنا يف ‪ 11‬تش���رين األول‬ ‫(أكتوب���ر) ع���ن ‪ 91‬عاماً‪ ،‬ت���اركاً وراءه إرثاً‬ ‫زاخراً م���ن األعمال الفنية اليت جعلته يلقب‬ ‫بـ"قديس الطرب" و"صوت اجلبل"‪.‬‬


‫‪30‬‬

‫ميادين الفن‬

‫السنة الرابعة ‪ -‬العدد ( ‪ 13 - 7 ( - ) 139‬يناير ‪) 2014‬‬

‫فنان من بالدي‬ ‫يوسف بن صرييت‬

‫خليل العرييب‬

‫إحتاد املنتجني العرب يف ليبيا‬ ‫ق���ال اإلعالم���ي اللي�ب�ي عزالدي���ن‬ ‫عبدالكريم نائب رئيس إحتاد املنتجني‬ ‫العرب لإلذاعة والتلفزيون يف تصريح‬ ‫له لصحيف���ة الي���وم الس���ابع املصرية‬ ‫بأن رئيس اإلحت���اد ابرهيم ابوذكري‬ ‫تلق���ي دعوة م���ن وزير اإلع�ل�ام اللييب‬ ‫حممد بن س���عود لزي���ارة ليبيا لبحث‬ ‫س���بل التع���اون ب�ي�ن إحت���اد املنتج�ي�ن‬ ‫العرب وبني وزارة اإلعالم الليبية ‪.‬‬ ‫وأض���اف عزالدين بأن ه���ذه الدعوة‬ ‫جاءت إنعكاس���ا جلهود اإلحتاد ألعمال‬ ‫التلفزي���ون يف ليبي���ا وتفعي���ل اإلنت���اج‬ ‫اإلذاع���ي والتلفزيون���ي وإع���ادة الثقة‬ ‫إل���ي املبدع�ي�ن الليبي�ي�ن للتواجد علي‬ ‫الس���احة العربية ملا تزخر به ليبيا من‬ ‫طاقات إبداعية خالقة ‪.‬‬

‫الفنان وامللحن أمحد كامل‬ ‫الفنان واملط���رب وامللحن أمحد حممد بومدين‬ ‫والشهري باس���م أمحد كامل من مواليد مدينة‬ ‫بنغازي العام ‪. 1939‬‬ ‫•ش���ارك يف العم���ل الف�ن�ي باإلذاع���ة بقس���م‬ ‫املوس���يقي الع���ام ‪ 1961‬بن���اء عل���ى إق�ت�راح من‬ ‫أصدقائ���ه خ���ارج الوس���ط اإلذاع���ي بع���د أن‬ ‫إستمعوا إليه يغين األغاني الليبية والعربية ‪.‬‬ ‫•قاب���ل الفنان واملوس���يقار حس���ن عرييب الذي‬ ‫كان مقي���م مبدين���ة بنغ���ازي يف تل���ك الف�ت�رة‬ ‫ال���ذي أعج���ب بصوته وأج���ري له ع���دة جتارب‬ ‫عل���ى أغني���ة الفن���ان عب���د احللي���م حاف���ظ (‬ ‫صافيين مرة ) وتنبأ له املوس���يقار حسن عرييب‬ ‫بص���وت واعد لإلذاعة واجلمهور وقدمه لقس���م‬ ‫املوسيقي باإلذاعة ‪.‬‬ ‫•قدم له حس���ن عري�ب�ي أغنية ( كل من تهين‬ ‫حبب���ه ) م���ن كلم���ات حمم���د الق���داري الع���ام‬ ‫‪. 1962‬‬ ‫•إلتح���ق ب���دوره موس���يقية ملدة ثالثة أش���هر‬ ‫حتت إش���راف الفنان العراقي خليل بكري حيث‬ ‫إخت���ار آلة الش���يلو للتعل���م عليها وبع���د إتقانها‬ ‫أصبح عازفا أساس���يا بفرقة اإلذاعة املوس���يقية‬ ‫ببنغازي ‪.‬‬ ‫•أعتم���د كملحن وحلن لكثري م���ن املطربني‬ ‫ولنفس���ه أمثال ‪ :‬حممد خمتار وعطية حمسن‬ ‫وحمم���د صدق���ي وحمم���د الزرقان���ي وحممد‬ ‫ص�ل�اح وأنور الش���ريف وس���امل زايد وس���امل بن‬ ‫زابي���ه وحمم���د جن���م وم���ن مصر مه���ا صربي‬ ‫وأحالم ‪.‬‬ ‫•من أش���هر أغاني���ه ( جاري حبي�ب�ي ) و( صور‬ ‫بدع م���والي ) و (وي���ن ختطم زينة ش���ارعنا ) و‬ ‫(بني القلب ) ‪.‬‬ ‫•ك���رم يف مهرج���ان ال���رواد الع���رب بالقاهرة‬ ‫كم���ا ك���رم يف العديد م���ن املناس���بات وال زال‬ ‫مستمرا يف النشاط الفين ‪.‬‬

‫رحيل لورنس العرب‬ ‫بع���د ص���راع طويل م���ع املرض رحل‬ ‫ع���ن ه���ذه الدنيا وع���ن عم���ر ناهز ‪81‬‬ ‫عاما جنم الس���ينما واملسرح الربيطاني‬ ‫( بي�ت�ر أوتول ) الذي إش���تهر بدوره يف‬ ‫الفيلم الش���هري ( لورن���س العرب ) مع‬ ‫الفنان املصري عمر الشريف ‪.‬‬ ‫وكان���ت ش���خصية لورن���س الع���رب‬ ‫اليت جس���ده بي�ت�ر أوتول وإش���تهر بها‬ ‫هي ش���خصية ضاب���ط بريطاني كان‬ ‫حيارب مع العرب ضد احلكم العثماني‬ ‫يف احلرب العاملية الثانية ‪.‬‬ ‫وقد أش���اد رئيس ال���وزراء الربيطاني‬ ‫ديفي���د كام�ي�رون ب���أداء الفن���ان بيرت‬ ‫أوت���ول واصف���ا دوره يف لورنس العرب‬ ‫بأنه من أفضل األفالم اليت أحبها ‪.‬‬

‫زواج أسطوري‬ ‫ألوبرا وينفري‬ ‫ق���ررت اإلعالمي���ة والنجم���ة األمريكية‬ ‫الشهرية أوبرا وينفري‬ ‫وخطيبه���ا س���تيدمان جراهام ال���زواج أخريا‬ ‫بعد ‪ 20‬عام خطوبة ‪.‬‬ ‫ويف حدي���ث جملل���ة ( ناش���يونال إنكوايدر‬ ‫) ق���ال جراه���ام إنه قرر إس���تكمال حياته مع‬ ‫أوب���را وينف���ري كزوج�ي�ن ويري���د أن يتوج‬ ‫حبهما بش���كل رمس���ي وزواج رائع وأن هناك‬ ‫تواف���ق روحي وحب كب�ي�ر يربطهما ‪ ،‬ومن‬ ‫جه���ة أخ���ري أك���دت العدي���د م���ن مواق���ع‬ ‫التواص���ل اإلجتماع���ي بأن أوبرا ل���ن تكتفي‬ ‫بإحتف���ال عائل���ي ولكنها تن���وي إقامة حفل‬ ‫زفاف أسطوري بقدر شهرتها ‪.‬‬


‫ميادين الرياضة‬

‫السنة الرابعة ‪ -‬العدد ( ‪ 13 - 7 ( - ) 139‬يناير ‪) 2014‬‬

‫أمحد بشون‬

‫مفتاح األصفر‬

‫مايسرتو الكرة الليبية يف مخسينيات القرن املاضي‬ ‫فتحي علي الساحلي‬ ‫ول���د مفت���اح األصف���ر ع���ام ‪1931‬‬ ‫مبدين���ة بنغ���ازي بش���ارع الش���ريف‬ ‫املالصق لش���ارع احلمام حيث مسقط‬ ‫رأس الالعب الكبري اتعولة شتوان ‪.‬‬ ‫ب���دأ حيات���ه الرياضي���ة يف احل���ي‬ ‫ال���ذي ع���اش في���ه ‪ ،‬ث���م يف مدرس���ة‬ ‫األم�ي�ر القريب���ة من منزل���ه ‪ ،‬ويف عام‬ ‫‪ 1946‬اخت���اره م���درس الرياض���ة‬ ‫األس���تاذ عبداهلل الش���ريف لكي ينضم‬ ‫إىل فري���ق الكش���اف برفق���ة كل من‬ ‫س���امل الربغث���ي وعبدالس�ل�ام جعودة‬ ‫وعبدالعال���ي العقيل���ي وحممد قعيم‬ ‫ومصطفى املكي وس���عد فرج ( العبد )‬ ‫واملهدي كوي���ري واوحيدة الرتهوني‬ ‫‪ .‬وظ���ل العب���اً يف فريق الكش���اف حتى‬ ‫موس���م ‪ 1949/1948‬ح�ي�ن خس���ر‬ ‫فريق���ه بطول���ة بنغ���ازي أم���ام فريق‬ ‫النجمة القدمية ‪.‬‬ ‫ويف الع���ام ذاته تأس���س فريق األهلي‬ ‫وانض���م إلي���ه مجي���ع الع�ب�ي فري���ق‬ ‫الكشاف ماعدا الالعب مفتاح األصفر‬ ‫ال���ذي كان عل���ى خ�ل�اف م���ع مدرب‬ ‫الفريق املرحوم س���امل بالطيب ‪ ،‬وهلذا‬ ‫فض���ل األصف���ر االنتق���ال إىل فري���ق‬ ‫النجم���ة القدمية وأصبح م���ن يومها‬ ‫( رج���ل ) النجم���ة وقلبه���ا الناب���ض ‪. .‬‬ ‫لقد أح���ب األصفر النجم���ة وأعطاها‬ ‫عص���ارة عم���ره وجه���ده وإمكانات���ه ‪. .‬‬ ‫لعب يف كل األماكن يف خط الدفاع‬ ‫ووس���ط امللع���ب ويف اهلج���وم وحت���ى‬ ‫حراس���ة املرمى ‪ ،‬ولكن���ه كان يفضل‬ ‫مركز مساعد اجلناح األيسر وارتداء‬ ‫الغاللة رقم ( ‪. ) 10‬‬ ‫كان جيي���د اللع���ب بكلت���ا قدمي���ه‬ ‫ورأس���ه إضاف���ة إىل قتال���ه وجه���ده‬ ‫وعطائ���ه الس���خي طيل���ة التس���عون‬ ‫دقيقة ‪.‬‬ ‫ويف ع���ام ‪ 1953‬اخت�ي�ر يف أول‬ ‫منتخ���ب لي�ب�ي للمش���اركة يف أول‬ ‫بطول���ة عربي���ة يف اإلس���كندرية ‪،‬‬ ‫كان ذل���ك برفقة األس���طورة اتعولة‬ ‫ش���توان والعم�ل�اق مصطف���ى املك���ي‬ ‫وخمت���ار الغن���اي وإبراهي���م ( باليال )‬ ‫واملهدي كويري وبن عيسى اجلربي‬ ‫ومح���د بيوندو وعل���ى الزنتوتي وعلى‬ ‫الزق���وزي وصبح���ي قريف���ة والش���ح‬ ‫وحممد اهلوني ‪.‬‬ ‫ويف ع���ام ‪ 1956‬وبع���د امتناع فريق‬ ‫النجم���ة ع���ن املش���اركة يف بطول���ة‬ ‫بنغازي ولعالقت���ه احلميمة بالالعب‬ ‫مصطف���ى املك���ي انض���م إىل األهل���ي‬ ‫ليش���ارك األهل���ي يف إح���راز الرتاتيب‬ ‫املتقدمة ‪ ،‬وليلع���ب له أفضل املباريات‬ ‫‪ .‬ولك���ن يف الس���نة التالي���ة ‪ 1957‬عاد‬ ‫فري���ق النجم���ة إىل املش���اركة يف‬ ‫بطول���ة بنغ���ازي فعاوده احلن�ي�ن إليه‬ ‫حيث يوجد مشيس���ه واألشهب وأمحد‬ ‫فنه واجلربي‪.‬‬

‫ويف ع���ام ‪ 1957‬اخت�ي�ر للم���رة‬ ‫الثاني���ة للمش���اركة يف البطول���ة‬ ‫العربي���ة الثاني���ة اليت ج���رت بريوت ‪،‬‬ ‫وكانت برفقة بوذنيه والكبيت واملكي‬ ‫والشعالية ومشيسه ‪.‬‬ ‫إنه���ا رحل���ة طويل���ة مليئ���ة بالعط���اء‬ ‫والتضحية واجلهد املبذول ‪.‬‬ ‫واس���تمر األصف���ر مع فري���ق النجمة‬ ‫حت���ى اعتزال���ه وش���اركه أفراح���ه‬ ‫وأتراحه ‪ ،‬ولعل أش���هر موس���م ‪1957‬‬ ‫‪ 1958 /‬حي���ث فازت النجمة ببطولة‬ ‫بنغازي ‪.‬‬ ‫كما ش���ارك يف تقديم عرض رائع‬ ‫عندما س���افر م���ع فري���ق النجمة إىل‬ ‫مالط���ا ع���ام ‪ 1959‬ولعب ض���د فريق‬ ‫الفاليتا وفريق احلمرون املالطي ‪.‬‬ ‫ويف ع���ام ‪ 1961‬أصي���ب بغض���روف‬ ‫الركب���ة وس���افر إىل إيطالي���ا حي���ث‬

‫ويف ع���ام ‪ 1968‬ع���اد م���ن جدي���د‬ ‫لفري���ق النجم���ة ولكنه يف ه���ذه املرة‬ ‫كمش���رف لفري���ق النجم���ة برفق���ة‬ ‫امل���درب اليوغس�ل�ايف الكب�ي�ر ( بافل���ي‬ ‫فيت���ش ) وليحق���ق مع���ه يف ه���ذه‬ ‫البطولة الرتتيب الثالث على مس���توى‬ ‫اململكة الليبية ‪.‬‬ ‫بعده���ا اختري ملنص���ب رئيس االحتاد‬ ‫اللييب لكرة الق���دم وتفرغ للتخطيط‬ ‫اإلداري والف�ن�ي م���ن أج���ل الرق���ي‬ ‫مبستوى لعبة كرة القدم ‪.‬‬ ‫وبع���د وف���اة ابن���ه الالع���ب ج�ل�ال‬ ‫األصف���ر أصي���ب باإلحب���اط واملرض‬ ‫والكآب���ة ولكن���ه كان وبالرغ���م م���ن‬ ‫كل ه���ذا ( كش���جرة الصنوب���ر اليت‬ ‫مت���وت وه���ي واقف���ة ) ‪ ،‬فاعتك���ف يف‬ ‫منزله مفض ً‬ ‫ال العزل���ة يؤدي فرائضه‬ ‫يف خش���وع وينتظر الي���وم الذي يقابل‬ ‫في���ه ربه خالق كل األش���ياء الرائعة ‪.‬‬ ‫ومل يس���تجد أحد يف معاناته ومرضه‬ ‫أو فيم���ا أصابه من وهن إىل أن رحلت‬ ‫روحه الطاهرة إىل بارئها ‪.‬‬ ‫حتي���ة حب ورمحة إىل ذلك الالعب‬ ‫الكب�ي�ر مايس�ت�رو الك���رة الليبية الذي‬ ‫ق���دم للجماه�ي�ر أمج���ل اللمس���ات‬ ‫وأخلص لناديه وللعبته املفضلة لديه‬ ‫‪ ،‬وق���دم هل���ا كل م���ا ميلك م���ن جهد‬ ‫وعطاء ‪.‬‬ ‫حتية إىل الالعب رقم ( ‪. ) 1‬‬ ‫الصور املرفقة ‪:‬‬ ‫‪ 1‬ـ الالعب مفتاح األصفر بزي فريق‬ ‫النجمة القدمية عام ‪. 1960‬‬ ‫‪ 2‬ـ فريق النجمة عام ‪: 1957‬‬ ‫قوف���اً م���ن اليم�ي�ن بوبك���ر األش���هب ‪،‬‬ ‫عاش���ور االس���كندراني ‪ ،‬عنب���و البعجة‬

‫أج���رى له الربفس���ور ( زاب�ل�ا ) عملية‬ ‫الغض���روف وع���اد م���ن جدي���د ليلعب‬ ‫لفري���ق النجمة مومس�ي�ن من أفضل‬ ‫املواسم الكروية يف حياته ‪.‬‬ ‫ويف ع���ام ‪ 1965‬اعتزل كرة القدم‬ ‫يف صم���ت احملارب ال���ذي قدم كل ما‬ ‫يف جعبته من جهد وعطاء ‪.‬‬

‫‪ ،‬يوس���ف الكب�ت�ي ‪ ،‬أمح���د الش���ريف ‪،‬‬ ‫حممد اجلهاني ‪.‬‬ ‫وس���اً من اليمني ‪ :‬عبداجلواد الكوايف (‬ ‫سكرتري النادي ) بوبكر مشيسه‪ ،‬سامل‬ ‫ب���ن حليم ‪ ،‬حممد احل���داد ( الدرناوي‬ ‫) ‪ ،‬مفت���اح األصف���ر ‪ ،‬حمم���د جويلي ‪،‬‬ ‫خمتار الغناي ‪ ،‬املهدي كويري ‪.‬‬

‫‪31‬‬ ‫‪23‬‬ ‫‪11‬‬ ‫جتمع رائع ‪!!! ..‬‬ ‫ممجع املرحوم س���ليمان الض���راط يف مدينة بنغازي حيمل‬ ‫امساً كرمياً كانت تربطه عالقة متينة ومحيمية بلعبيت‬ ‫كرة الس���لة والكرة الطائرة فهو حكم دولي ورئيس احتاد‬ ‫يض���اف إىل ذل���ك أنه أحد ق���ادة احلركة الكش���فية قبل أن‬ ‫يس���قط ( ش���هيداً ) وخ�ل�ال ش���هر رمض���ان وهو حي���اول أن‬ ‫ينقذ أس���رة ليبية منذ عشرات الس���نني ‪ ..‬هذا اجملمع يشهد‬ ‫ه���ذه األيام جتمعاً رائعاً يلتقي خالله س���تة فرق من أفضل‬ ‫فرق الكرة الطائرة من بنغازي وطرابلس ومصراته وزوارة‬ ‫تضم عش���رات الرياضيني واملدرب�ي�ن واإلداريني وإعالميني‬ ‫يتنافسون من أجل اللقب ميثالن اجملموعة األوىل والرابعة‬

‫يف نظام بديع وضعته جلنة املس���ابقات باالحتاد العام للكرة‬ ‫الطائرة بعد أن قس���مت الف���رق إىل أربعة جمموعات وبعد‬ ‫انتهاء مباريات هاتني اجملموعتني سوف ختلد للراحة حيث‬ ‫تتناف���س بعد ذل���ك اجملموع���ة الثانية والثالث���ة ويتبع ذلك‬ ‫جتمع���ات أخ���رى تتاح فيه���ا فرصة اللعب ألك�ب�ر عدد من‬ ‫املباري���ات من أجل االحتكاك الذي يس���هم يف رفع املس���توى‬ ‫الفين ‪.‬‬ ‫م���ا نتمن���اه أن يتوف���ر لبالدن���ا األم���ن واألمان حت���ى تكتمل‬ ‫الص���ورة وتعود اجلماهري لتس���هم يف زيادة ح���رارة املباريات‬ ‫وتضيف على املشهد مزيداً من البهجة واجلمال ‪.‬‬ ‫شكراً لكل من أسهم ويسهم يف هذا العمل وهذا النجاح ‪!! ،،,‬‬

‫ّ‬ ‫سلة النصر ّ‬ ‫تتألق فى‬ ‫اإلمارات‬ ‫فـــرج العقيلى‬

‫ش���ارك فري���ق النص���ر الليبى لكرة الس���ّلة ف���ى الدوّرة‬ ‫الدّولية التى أقيمت فى دولة االمارات االسبوع املاضى ‪.‬‬ ‫النصر عروضاً ج ّيدة وكاد أن يصل إىل‬ ‫وقد قدّم فريق ّ‬ ‫املربّع ال ّذهبى لوال خس���ارته أمام األهلى املصرى بفارق‬ ‫(‪ )5‬مخس س ّ‬ ‫الت ‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ش���ارك فى هذه ال���دّورة فرق هل���ا مس���تواها الرفيع فى‬ ‫كرة السّلة مثل ‪:‬‬ ‫اجلزيرة اإلماراتى ‪ ،‬األهلى املصري ‪ ،‬اإلفريقي ال ّتونسى‬ ‫‪ ،‬سال املغربي ‪.‬‬ ‫فري���ق النصر أحرز الرتتيب اخلام���س وهذا يُعترب ّجيداً‬ ‫بالنس���بة لظروف ال ّنصر وظروف املدينة والدّولة التى‬ ‫كان لل ّنصر شرف متثيلها ‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫فتح ّي���ة لفريق ال ّنصر وإلدارته وجه���ازه الفنى والطبى‬ ‫على ه���ذا اإلجناز ومزي���داً من النجاحات فى املس���تقبل‬ ‫القريب !!‬


‫السنة الرابعة ‪ -‬العدد ( ‪ 13 - 7 ( - ) 139‬يناير ‪) 2014‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.