بانورمـــا ليـــــالى رمضــــان الثقافية والفنيـــة
ال��������ف��������ن��������ان ال����روس����ى “م����ارك ش���اج���ال“ص���اح���ب ال��خ��ي��ال ال��ف��ن��ت��ازى وأحد رواد المدرسة ال��س��ي��ري��ال��ي��ة أب��دع أرب���ع���ة ق��ص��ص من ال���ل���ي���ال���ى ح��ص��ل ب��ه��ا ع��ل��ى ال��ج��ائ��زة الجرافيكية لبينالى فينيسيا عام .1948
ف��ى أع��م��ال ماتيس دنيا حالمه تهمس ف���ي���ه���ا ش����ه����رزاد ل��ش��ه��ري��ار ت��أل��ق��ت ب����خ����ط����وط����ه م���ع مساحاته السعيدة.
وتبقى طبعة �ألف ليلة ولية «للفتيان v » وال �ت��ي � �ص��درت يف 13ج��زء �أع��ده��ا: ح�سن جوهر وحممد �أحمد برانق و�أمني دويدار..وهى ذات جمال خا�ص ر�سمتها الفنانة املجرية «ا�ستيال يونكرز» بري�شة � �س��اح��رة ..ف�ق��د ع��ا��ش��ت ال�شخ�صيات و� �ص��ورت �سحر ال �ل �ي��ايل ك�م��ا ج�سدت �صور احلياة بطابع �أرابي�سكى م�سكون بالنقو�ش والدند�شات و��ص��ورت مواقع الأحداث من الق�صور والبيوت والطبيعة امل�ف�ت��وح��ة ..ه��ذا ب��الإ��ض��اف��ة لرتجمتها بالري�شة لأجواء ال�سحر والأ�ساطري . ومل�سة فناين الغرب وهناك لوحات للفنان « كاى نيل�سون» م�ستوحاة من عامل �ألف ليلة وليلة ..وهى مت��وج بجمال الإط� ��ارات م��ن النقو�ش العربية و�سحر ال�شخ�صيات مع اجلياد الطائرة املحلقة وبهاء الق�صور والقالع وال��ورود والزهور .. وحيوية الألوان التي ت�شع بالنور والأجواء الليلية. �أم��ا الفنان الرو�سي «م��ارك �شاجال» �صاحب اخليال الفنتازى و�أح��د رواد املدر�سة ال�سرييالية فقد �أب��دع �أرب��ع ق�ص�ص من الليايل يف 12لوحة جرافيكية متثل حالة من الرثاء ب�أ�سلوبه الفكاهي ال�ساخر واملُفعم باخليال ..وقد ح�صل �شاجال من خاللها على اجلائزة اجلرافيكية لبينايل فيني�سيا عام .1948 و ُيعد الفنان هرنى ماتي�س من �أه��م �شخ�صيات القرن الع�شرين وك��ان املناف�س الأك�بر والوحيد لبيكا�سو ..وتكمن عظمة ماتي�س يف �أن روائعه الت�صويرية التي قدمها متثل ن�سقا فريدا يف ا�ستلهام روح الأرابي�سك الإ�سالمي املتوج ب�سحر ال�شرق الفنان ..وفى �أعماله عموما ينقلنا �إىل دنيا حاملة م�سكونة بعامل �ألف ليلة وليلة وهم�س �شهرزاد ل�شهريار ..وقد ت�ألقت بتلك اخلطوط التي ت�سيل من بع�ضها البع�ض يف ر�شاقة وحيوية مع م�ساحاته ال�سعيدة و�ألوانه ال�صداحة التي تتناغم
من وحى �ألف ليلية وليلة -للفنان مارك �شاجال
يف مو�سيقى �شرقية من م�شتقات الأزرق ال�صريح وال��وردي البا�سم والأخ���ض��ر اليانع والبنف�سجي احل��امل والربتقايل الدافئ والأ�صفر الرنان والرمادى الناع�س. وق��د انتقل ماتي�س بالفن احل��دي��ث �إىل �إي�ق��اع جديد.. مع تلك ال��روح ال�شرقية التي ميزت فنه وجعلته عالمة من عالمات الإبداع يف القرن الع�شرين . ولعظمة ماتي�س ك��ان بيكا�سو ي�ضع له ح�سابا كبريا يف الفن ..لإيقاعه ال�شرقي الفريد و�ألوانه اجل�سورة ..حتى �أنه مل يكن يقيم وزنا لفنان مثله ..وفى يوم قال لزوجته «فران�سو» حني ا�صطحبها معه لزيارته «:ارت��دى بلوزتك البنف�سجية و�سروالك الأخ�ضر الداكن» ..وهما لونان كان يحبهما ماتي�س ويتكرران يف �أع�م��ال��ه ..وف��ى ه��ذا ت�أكيد على م��دى اح�ترام بيكا�سو وتقديره له ولفنه ..هذا الفنان الكبري الذى عا�ش ال�شرق وج�سده بري�شته التي فاقت الت�صور . ومع اخليال نقر�أ ونت�أمل بعني احلب والفن . ورم�ضان كرمي وعيد �سعيد. �صالح بي�صار
ألف ليلة وليلة سحر الكلمة وسحر الصورة فى أل��ف ليلة وليلة التى قدمها الكاتب رش��دى صالح صورها ال��ف��ن��ان ب��ي��ك��ار فى لوحات نقلنا خاللها إل���ى ال��زم��ن العربى الجميل.
تتعاقب الأج�ي��ال جيال بعد جيل v وتتواىل الع�صور ..وال ينتهى حديث النا�س حول «�ألف ليلة وليلة» هذا الكتاب الفريد الذى ال يعادله كتاب يف العامل �شرقه وغربه حتى �أنه يفوق «الإلياذة» و «الأودي�سة» ..ويحق لنا �أن نتباهى به �أمام العامل �أجمع كن�ص �أدبى بلغت �شهرته الآفاق ..حيث ترجم �إىل جميع لغات العامل . وهو يعد بوابة ال�شرق احلقيقية التي يطل منها الغرب ليعرف عمق ال�شخ�صية ال�شرقية ومزاجها الراقي الرفيع. وقد كان �أول من نبه �إىل وج��ود هذا الأث��ر هم امل�ست�شرقون الذين انفردوا بدرا�سته و�أولهم �أنطوان جاالن « »1715-1646 وهو �أ�ستاذ فرن�سي تخ�ص�ص يف العلوم ال�شرقية يف فرن�سا وله ترجمة للقر�آن الكرمي حمفوظة يف املكتبة الأهلية يف باري�س. و��س��وف تظل �أل��ف ليلة وليلة ب�سحرها ال��ذى ال ينتهى عالمة �أدبية كبرية قال عنها الكاتب الأرجنتيني الكبري جورج بورخ�س� :ألف ليلة وليلة� ..أريد �أن اتوقف عند هذا العنوان احد �أروع العناوين يف العامل و�أعتقد �أن كلمة «�أل��ف» لها مرادف ال نهائي وعندما نقول �ألف ليلة وليلة ف�أننا ن�ضيف ليلة �إىل الليايل التي ال تنتهى» ..وميكننا �أن نتذكر العبارة الإجنليزية : «�أحيانا لكى نقول �إىل الأبد ..نقول �إىل الأبد ويوم �آخر ي�ضاف يوم �إىل كلمة �إىل الأبد». �إلهام ال�شعراء .. وكانت �أل��ف ليلة منبع �إلهام اجليل الأول من ال�شعراء الإجنليز يف املدر�سة الرومان�سية مثل وليم وردزروث وجون كيت�س وال�ل��ورد ب��اي��رون ال��ذى ت�أثر بها يف عمله «احلكايات ال�شرقية» كما كان ال�شاعر الأملاين جوتة مولعا ومهتما ب�آداب ال�شرق وقد رفع مكانة الأدب ال�شرقي ك�سحر �أب��دى وعكف على الدرا�سة العميقة لألف ليلة وليلة خا�صة يف الفرتة ما بني 1819- 1814اثناء ت�أليفه لروايته ال�شعرية « الديوان ال�شرقي الغربي» . كما قراها االديب الرو�سي تول�ستوى ومعظم كتاب ال�شرق والغرب ..ويقال �أن املفكر الفرن�سي فولتري قر�أها �أكرث من ع�شرين مرة . والفكرة ال�سائدة حول �ألف ليلة وليلة هي ت�صويرها ملجتمع احل��رمي واالنغما�س يف احل�سية رغم �أن هذا ال ميثل ف�صال من بني ثماين ف�صول تناولتها د� .سهري القلماوى يف كتابها
«�أل��ف ليلة وليلة» فقد تناولت يف درا�ستها اجلوانب العديدة لهذا الن�ص وه��ى« :اخل��وارق و�أل��ف ليلة وليلة -املو�ضوعات الدينية يف الليايل – املو�ضوعات اخللقية – مو�ضوع احليوان – احلياة االجتماعية – املو�ضوعات التاريخية – املو�ضوعات التعليمية – و�أخريا املر�أة يف �ألف ليلة». ومن منا ال يقدر �شهرزاد هذه املر�أة التي انت�صرت بذكائها ووعيها وثقافتها على الرجل الدكتاتور متمثال يف �شهريار حيث قهرت فيه �شهوته للعنف والدماء. و�أه��م طبعات �ألف ليلة العربية طبعة بوالق التي طبعت يف م�صر والتي اعتمدت �أكرث ما اعتمدت على ن�سخة هندية �أ�صلها م�صري طبعت يف كلكتا عام 1833ومن تلك الن�سخة خرجت خمتلف الطبعات امل�صرية املتعددة . وتظل للق�ص�ص امل�صرية يف �ألف ليلة وليلة م�ساحة �شديدة التميز واخل�صو�صية فهي متتاز بروحها ال�شعبية مثل حكاية الوزيرين نور الدين و�شم�س الدين وع�لاء الدين وعلى بابا ومعروف الإ�سكايف وغريها . وفى احلقيقة تتوازى ال�صورة الب�صرية يف �ألف ليلة وليلة مع الن�ص يف القيمة ..وذلك لقيمتها الت�شكيلية والتعبريية. وقد ت�ألقت يف �أعمال فنية مثلما ت�ألقت يف طبعاتها العديدة يف ال�شرق والغرب. وتُعد ال�صورة الب�صرية يف احلكايات غنية بالعنا�صر.. م�سكونة بالرثاء والتنوع وهى غالبا رمزية و�سريالية تفوق املنطق الب�شرى. وجلمال الن�ص وخلوده ظهرت العديد من الطبعات املزودة بال�صور �أو الر�سوم والتي تتوج جمال الن�ص ..من بينها �ألف ليلة وليلة التي ا�صدرتها دار ال�شعب والتي قدمها الكاتب ر�شدي �صالح و�صورها الفنان بيكار وهى عمل رائ��ع ..نقلنا فيها بلوحاته �إىل الزمن العربي اجلميل من خالل املالب�س ال�شرقية الف�ضفا�ضة والب�سط واملفار�ش بري�شة غنائية ر�شيقة بخطوطه الب�سيطة املوحية ..وقد �صدرت يف جملدين. كما �أ��ص��درت دار الهالل طبعة �أخ��رى جديدة يف �ستة �أجزاء� ..أعدها الكاتب جورجي زيدان ور�سم �أغلفتها يف طبعة حديثة الفنان جمال قطب امل�ست�شار الفني للم�ؤ�س�سة ..وهى ر�سوم ّحلق فيها ب�أجنحة اخليال مبا ينقل الن�ص من القيمة الأدبية �إىل القيمة الب�صرية الرفيعة.
العودة من احلقل -للفنان كامل م�صطفى
للفنون الب�صرية �أ�س�سها د�.إبراهيم غزالة
رئي�س جمل�س الإدارة �سعد عبد الرحمن �أمني عام الن�شر حممد �أبو املجد مدير الن�شر �صبحى مو�سى مدير التحرير �صالح بي�صار مديرالتحريرالتنفيذى �أمين هالل امل�ست�شار الفني حممد الطراوى هيئة التحرير �أمين حامد وليد الدرمللى فينو�س ف�ؤاد كمبيوتر جرافيك حممد خمتار رنـــــــــا �أ�شرف
التلىُ .. ُ التلى يا جماله
6
الريف البهيج
10
ليالى رمضان الثقافية والفنية
12
بدوى سعفان ..فنان العدد
20
الفنانة الصينية جودوكى
26
فى صحبة اإلمام الشافعى
30
إبداعات الشباب
36
دافيد هوكنى رائد فن البوب
38
الفنان أحمد مصطفى
46
قراءة فى أعمال د .عطيه حسين
50
رينوار
52
بكارة الريف وسحر األنوثة
58
الزجاج المعشق وجمال اإلبداع
62
خالد السماحى
66
الجالبية البدوية
70
سمير عبد الغنى
74
إبراهيم سعيد إبن فواخير مصر
78
محمد رياض سعيد
82
رمضان كريم مع الفن التشكيلى
87
Facebook.com/khayal.art alkhayal_art@hotmail.com السنةالثالثة -العدد التاسع والعشرون -أغسطس 2012
الآراء الواردة باملقاالت ُت َع رِّب عن ر�أى �أ�صحابها و لي�ست بال�ضرورة ُت َع رِّب عن ر�أى املجلة
ونحن يف هذا املو�ضوع نتحدث عن حرفة تراثية راقية توارثها الأجيال من جيل �إىل جيل عرب مئات ال�سنني لكن يختلف ا�سمها من دولة �إىل دولة و من حمافظة �إىل حمافظة �أي�ضا -ف��ن ا ُلت ّلى – ا ُلت ّلى ب�صفة عامة هو نوع من �أنواع التطريز على القما�ش وفن ا ُلت ّلى يف الدول العربية له معنى. ومفهوم �آخر غري الذى توارثناه نحن امل�صريون عن �أجدادنا فعند معظم الدول العربية و بالأخ�ص الإمارات ا ُلت ّلى هو �صنع �شرائط من الن�سيج اليدوي امللون و ي�شرتك يف تلوينه �أكرث من خم�س بكرات من اخليط و ي�صنع ب�أطوال خمتلفة ح�سب احلاجة وبعد ذلك ي�ضاف �إىل الأزي��اء املختلفة و ح�سب ت�صميم الزخرفة املراد �إ�ضافته فيو�ضع �أحيانا على الأكمام و الو�سط و �أحيانا عند الذيل و الأكتاف و هكذا ح�سب ذوق ال�سيدة التي ت�صنعه و ال يخلو منزل من املنازل من �أدوات ال ُت ّلى يف الدول العربية و تعترب هذه ميزه ت�ضاف �إىل مهارات العرو�س التي كان يتوجب عليها تعلمها من العا�شرة من عمرها �صناعه ا ُلتّلى يف م�صر -:بد�أت �صناعه ا ُلت ّلى يف م�صر يف القرن الثامن ع�شر وظلت لفرته كبريه تتمركز يف حمافظه �أ�سيوط و كانت ن�شاط راقي يقبل عليه الأغنياء و البا�شوات يف ذلك الع�صر و تواجد �أي�ضا يف قريه �شندويل ب�سوهاج �إال �أن �إقبال الراق�صات على ارت��داء ا ُلت ّلى �أثناء ت�أدية عملهم جعل الطبقة الراقية تقف موقف م�ضاد من ا ُلت ّلى و مقاطعته �إىل حد ما و بعد تلك الفرتة �أ�صبح ا ُلت ّلى من احل��رف الرتاثية التي تزين بها معار�ضنا يف م�صر واخلارج ولوال تبنى الفنان �سعد زغلول وابنته منال لهذه احلرفة يف حمافظة �أ�سيوط النقر�ضت ومل ي�سمع بها �أحد وحل�سن احلظ �أي�ضا �أن هناك قريه م�صريه مبحافظه �سوهاج تعمل بكاملها يف �صناعة ا ُلت ّلى وهي قريه �شندويل و�سيكون لنا معها لقاء قريب لنتعرف على هذه القرية املنتجة و يف رحله ق�صريه ملحافظة �أ�سيوط ك��ان لنا لقاء مع الفنان �سعد زغلول و ابنته منال يف بيت التلى التابع ملركز �إح�ي��اء ال�تراث ب�أ�سيوط وتقول منال كانت بدايتنا مع ا ُلتّلى يف عام 1994ومبجرد علمنا �أن ا ُلت ّلى يعترب من تراث حمافظة �أ�سيوط وذلك �أثناء زيارتنا لإحدى املتاحف بلندن ووجدنا قطعة قما�ش من ا ُلت ّلى مكتوب عليها �أنها من ال�تراث امل�صري مبحافظه �أ�سيوط �سعدنا ج��د ًا بذلك و منذ ذلك الوقت بد�أ الفنان �سعد زغلول جولة البحث عن هذه v
العدد التاسع والعشرون -أغسطس 2012
7
تراث شعبى
الخيال فى أسيوط
التلى ُ .. ُ التلى يا جماله دائما ما تعبر األزياء عن الشعوب و تنقل لنا من العادات و التقاليد ما يكشف لنا عن تراث هذه المجتمعات .ولذلك أصبحت األزي��اء الشعبية من أهم الوسائل المستخدمة في الكشف عن التراث الشعبي عبر أجيال مختلفة ،ورغم اختالفها في أشكالها و ألوانها فإنها تسجل على القماش أفراحها و عاداتها و أساليب حياتها المختلفة وفي كل بلد سواء عربي أو غربي نجد نفس النشاط التراثي ولكن يمكن أن يسمى بمسميات مختلفة ولكن المتفق عليه أن لكل شعب حضارته التي يتناقلها بأساليب تتماشي مع الذوق العام لألفراد الذين يعيشون فيه.
v
6
الراق�صات وبالتايل ان�صرفت عنه الأ�سر العريقة نظرا الرت ��داء الراق�صات ل ُلت ّلى بكرثة وك��ان من الف�ضة اخلال�ص وكان ي�شرتى بالوزن ولي�س بالقطعة وهذه من مميزات ا ُلت ّلى �أنه مع مرور الزمن عليه ت�صبح قيمته �أعلى وقد ا�ستخدمت منال املوتيفات ال�شعبية يف �أ� �ش �غ��ال ا ُل �ت � ّل��ى ك��ال�ع��رو��س��ة واجل�م��ل واحل�صان واملثلثات و الأبريق. ومن معوقات هذا العمل الت�سويق -ويتم الت�سويق ب�شكل ف��ردى فلي�س هناك جهة حكومية �أو م�ؤ�س�سة م�س�ؤولة عن احلرف البيئية و الرتاثية تتوىل ت�سويق تلك املنتجات. اللهم �إذا كان هناك معار�ض خا�صة ملدة يوم بالقاهرة والأ�سكندرية فتذهب منال ب�شكل فردى وتعود يف نف�س اليوم و�أي�ض ًا ارتفاع �أ�سعار املواد اخلام مما �أدى �إىل ارتفاع �أ�سعار املنتج وعند �س�ؤالها عن نوعيه عميل ا ُلت ّلى �أو من ُيقبل على �شراءه ..ف�أجابت �إن زب��ون ا ُلت ّلى هم الفئه املثقفة التي تُعرف قيمة هذا الفن الرتاثي .و عن مده تنفيذ الطرحة مثال فقالت �إنها لو كانت من ال�شغل اخلفيف (�أي تكون الوحدات قليلة وامل�سافات البينية كبرية) تكون مدة
التنفيذ من 20يوم �إىل �شهر وال�شغل الثقيل ميكن �أن ت�ستغرق من �شهرين �إىل ثالثة �شهور وهناك �أ�سرة ميكن �أن تعمل بالكامل يف ا ُلتّلى وذلك منوذج موجود بالفعل نقوم ب�إعطاء الأ�سرة القما�ش ا ُلت ّلى وخيط ا ُلت ّلى وحتديد الت�صميم وتقوم الأ�سرة بالعمل اجلماعي وعند االنتهاء من القطعة تقوم الأ�سرة بت�سليمها �إىل املركز وتت�سلم غريها وهكذا. وعند �س�ؤالها عن عدد الفتيات املوجودين حاليا �أجابت ب�أنهن ع�شرة فتيات و�أنها قامت باحل�صول ع�ل��ى منحة م��ن ال���ص�ن��دوق االج�ت�م��اع��ي للتنمية باال�شرتاك مع جمعية �صديقة ولكن ن�شاطها خالف ا ُلت ّلى وعند انتهاء عام من تاريخ املنحة انف�صلت اجلمعية الأخرى ورف�ضت اال�ستمرار يف جمال ا ُلت ّلى لأنها غري تخ�ص�صه ولكن حر�ص منال على تكملة م�شوار وال��ده��ا الفنان �سعد زغلول لإحياء الرتاث الأ�سيوطي يف جمال ا ُلت ّلى جعلها ت�صر على اال�ستمرار وقامت بتدريب الكثري من اجلمعيات والأفراد و كذلك �أ�شرفت على الن�شاط يف م�صر. �أمين هالل العدد التاسع والعشرون -أغسطس 2012
v
9
احلرفة وم��ن يعمل بها والتي ك��ادت �أن تنقر�ض و بال�صدفة وجد الفنان �سعد زغلول �سيدتني م�سنتني ويقول :بالفعل ذهبت �إليهما وتعلمت منهما الغرزة اخلا�صة با ُلت ّلى وح�صلت منهما على بع�ض املعلومات التي يعرفانها وقد �صنعوا يل قطعة �شال مبا تبقى لديهم من القما�ش واخليوط وعلمت منهما �أنهما كانا يعمال حل�ساب �أحد الأ�شخا�ص الذى كان يقوم بت�صدير ا ُلت ّلى �إىل خارج م�صر وكان هذا ال�شخ�ص يعترب مبثابه حمتكر ل ُلت ّلى مبحافظة �أ�سيوط و ذلك منذ �أيام حممد على وا ُلت ّلى عبارة عن قما�ش توللي v
8
ومط ّعم بالف�ضة ول��ه غ��رزة معينة �شبيه بالكانفاه والإب��رة امل�ستعملة يف العمل مبططه ولي�ست مدوره مثل باقي الإبر و اخليط كان يف املا�ضي م�صنوع من الف�ضة اخلال�صة �أما �أالن ف�أ�صبح اخليط من معدن خفيف مطلى بالف�ضة و ذلك نظر ًا الرتفاع الأ�سعار وعدم الإقبال على ال�شراء. وعندما تعلمت منال �سعد زغلول الغرزة و كيفية العمل بالإبرة املبططه �أح�ضرت فتاتني �صغريتني و علمتهما ال�غ��رزة ث��م بعد ذل��ك �أح�ضرت اثنتني �أخرتني ف�أ�صبح لديها �أربعة فتيات يعملن باجتهاد
ثم �أ�صبحوا �ستة بنات ثم بد�أت بجذب الفتيات من جمعيات اخرى. واملده�ش هو املدة الزمنية التي تتعلم فيها الفتاة الغرزة وهي من �أ�سبوع �إىل خم�سة ع�شر يوما وذلك يتوقف علي ا�ستيعاب الفتاة نف�سها .ولي�س هناك �أي موا�صفات للفتيات الالتي يتعلمن ال ُت ّلى �سوى حبهن للعمل يف هذا النوع من التطريز �أو العمل اليدوي و �أ�صبح للفتيات �أجرا جمزى حيث ح�صلت منحة من ال�صندوق االجتماعي وتو�سعت بامل�شروع. والطريف يف مو�ضوع ا ُلت ّلى �أنه كان لب�سا ترتديه
وال �شك �أن م��ن يتذكر «الأر�� ��ض» ال ين�سى الفنان ال�شامل الكبري «ح�سن ف�ؤاد» «»1985 -1926 رائد الإخراج ال�صحفى والر�سام وامل�صور والكاتب وال�سيناري�ست ..فقد ج�سد �شخ�صياتها على الورق.. والتى ت�ألقت بال�سحر واجلمال وق��وة التعبري حني كانت تن�شر الرواية ب�صحيفة امل�صرى عام ..1953 وهى ر�سوم تعد روائ��ع فى الفن املعا�صر بالأبي�ض والأ�سود. و«ح���س��ن ف � ��ؤاد» ك�م��ا ي�ق��ول ال�ك��ات��ب «��ص�لاح حافظ»( :بد�أ فنان ًا ير�سم بالري�شة والأل��وان ،ومن البداية كانت ري�شته واقعية ت�ستمد احلرب والألوان من �آالم الإن�سان لكنها �أي�ض ًا حتلم ..وكنت تلمح وراء الب�ؤ�س الإن�سانى نبل املقاومة ..ومل يكن ي�صرفها الأمل عن االبتهاج باحلياة ذاتها �أو التنكر لقيم اجلمال الأ�صيلة ..وكانت لوحاته منا�سبات تنبه حتى التع�ساء �إىل �أن احلياة �أروع من الي�أ�س و�أن الن�ضال فى �سبيل ال�سعادة هو الأ�سمى والأروع ..وكانت عقيدته الفنية �أن الفن جزء من ن�سيج احلياة و�أن احلياة هى مادة الفنان ومو�ضوعه).
ور�سوم «ح�سن ف�ؤاد» «للأر�ض» عربت عن روح القرية ب�شكل يفوق من عا�شها وهو ابن القاهرة.. ولي�س �أجمل من حتليل الناقد «خمتار العطار» لهذا العمل الفنى الكبري الذى تفي�ض �شخو�صه بالتعبري: (يبدو فيها اجلمال لي�س تقليدي ًا ،فالوجوه م�صرية املالمح �إن�سانية التعبري �أكرث منها و�سيمة ،وال يفى بالدقة والتجويد �إمي��ان� ًا ب ��أن تعبري الوجه ي�ضفى معناه على باقى العنا�صر وينفخ فيها الروح ..وهو يظهر الأيدى العاملة ال�ضخمة اخل�شنة ك�أنها ترتدى قفازات من فرط قوتها ..كما �أن فلاّ حاته وف�ّل�اّ ح� �ي ��ه ي �خ �ت �ل �ف��ون ع��ن �أقرانهم فى لوحات «يو�سف كامل» ال�� ��ذي�� ��ن
يرفلون فى �صحة وعافية وبيئة عامرة باخلري غنية باخلراف واملاعز ،وكان الريف امل�صرى هو هبة اهلل فى الأر�ض� ..أما ر�سوم «ح�سن ف�ؤاد» للبيئة الريفية فى رواية «الأر�ض» ..فال تقل روعة عن العمل الأدبى نف�سه وهى فى ر�أيى �أجمل ما �أبدعه فناننا فى جمال الر�سم الت�صويرى باحلرب ال�شينى �إذ ات�سم بالتكامل ودقة الأداء ومهارة ال�صنعة والطابع الرمزى والنكهة التعبريية م��ع اال�ستفادة م��ن معطيات الإ�سقاط الفورى ال�سريع على الورق).
v
العدد التاسع والعشرون -أغسطس 2012
11
الريف البهيج سحر القرية
األرض والفالح بين “الشرقاوي” و”حسن فؤاد”
تعد رواي��ة «الأر� ��ض» للكاتب وال��روائ��ى «عبدالرحمن ال�شرقاوي» « »1987 -1920من �أجمل و�أروع الروايات امل�صرية التى تدور حول الريف امل�صرى ونا�سه على �أر�ض قرية م�صرية �صغرية باملنوفية ..قرية «الدالتون» م�سقط ر�أ�س الكاتب الكبري.. وج�سد فيها ملحمة خالدة لأبطالها« :حممد �أبو�سويلم وعبدالهادى وو�صيفة وحممد �أفندى وال�شيخ يو�سف» و�صور ال�صراع الدائر قبل ثورة 1952هناك فى عمق القرية بني الفالحني وبني الإقطاع واالحتالل والف�ساد ..وهو �صراع من �أجل البقاء ومن �أجل حياة �أف�ضل. وقد حتولت «الأر���ض» �إىل فيلم �سينمائى عام 1970من �إخراج «يو�سف �شاهني» ،ويعد ثانى فيلم فى قائمة (�أح�سن 100فيلم فى تاريخ ال�سينما امل�صرية). v
10
v
العدد التاسع والعشرون -أغسطس 2012
13
ليالى رمضان الثقاقية والفنية
v
12
فى أكبر مهرجان ثقافى و فنى بحديقة السيدة زينب بالقاهرة وليد الدرمللى يرتبط احلي ال�شعبي العتيق ال�سيدة زينب ارتباط ًا وثيق ًا بليايل رم�ضان ..فنجد رائحة البخور تختلط برائحة ون�سمات روحانية تفوح من جنبات املكان ،وهذا العام متتزج نفحات احلي بالفن والثقافة بعدما �شهدت احلديقة الثقافية يف الفرتة من � 9إىل 19رم�ضان فعاليات الليايل الثقافية الفنية التي حتر�ص هيئة ق�صور الثقافة على �إقامتها كل عام حتى يت�سنى ل�سكان وزوار هذا احلي القدمي ورواد �أن�شطة الهيئة املختلفة اال�ستمتاع بكل ما هو هادف وجاد من مو�سيقى وثقافة.
بنى �سويف ،احلرية ،الأنفو�شي ،التذوق ،املنوفية، الإ�سماعيلية ،بور�سعيد» للفنون ال�شعبية ،وفرق «النيل ،كفر ال�شيخ ،كفر ال�شرفا ،الغربية ،دمياط، منيا القمح ،الإ�سماعيلية� ،شبني القناطر» للآالت ال�شعبية� ،إ�ضافة �إىل فرق املو�سيقى العربية بالهيئة وهي «البحرية ،امل�صرية� ،أبو قري ،م�صطفى كامل، بني �سويف ،املن�صورة ،حممد عبدالوهاب ،بنها»، �إىل جانب ف��رق النيل للإن�شاد الديني والتنورة ال�تراث �ي��ة ،وال�سم�سمية «ال���س��وي����س»� ،أب ��و الغيط «القناطر اخلريية» ،كما ي�شارك جمموعة من فرق �صندوق التنمية الثقافية بعرو�ضها الفنية وهى «�شبابية ..ثالثة ثالث ،الفنان �أحمد منيب وفرقته، الفنان حممود دروي�ش وفرقته ،املن�شد حممد يا�سني التهامي ،فرقة �أنغام ال�شباب ،والقومية للمو�سيقى العربية «البيت الفني» ،فرقة ال�شيخ �إم��ام ،الفنان �أحمد العطار ،فرقة فن الواو ،الفنان حممد ال�شحات وفرقته ،الفنان ال�شعبي �سيد ال�شاعر ،الفنان حممد عبدال�ستار ،الفنان حميد �إبراهيم وفرقته. كما �شاركت الإدارة املركزية لل�شئون الثقافية والإدارات التابعة لها ه��ذا العام بربنامج متميز
v
العدد التاسع والعشرون -أغسطس 2012
15
وقد افتتح الليايل الدكتور حممد �إبراهيم وزير الآثار والقائم ب�أعمال وزير الثقافة وال�شاعر �سعد عبدالرحمن رئي�س الهيئة العامة لق�صور الثقافة والأ�ستاذ حممد �أب��و املجد رئي�س الإدارة املركزية لل�شئون الثقافية ولفيف من قيادات الوزارة والهيئة.. بح�ضور جماهريي غفري تعدى �أك�ثر من � 30ألف م�شاهد على مدار الليايل ،فتعد ق�صور الثقافة �أحد �أهم القالع التي حتمي الثقافة وتعمل على ن�شرها على م�ستوى ربوع و�أقاليم م�صر فهي ج�سر التوا�صل ب�ين الثقافة و�آذان وع�ي��ون املتلقي ..ومتتد ليايل ال�سيدة زينب الثقافية من التا�سعة �إىل الثانية ع�شر م�سا ًء يومي ًا. وق��د �شهدت الليايل كما �ضخما من الأن�شطة الثقافية وال�ف�ن�ي��ة ال�ت��ي �شملت ن���دوات وح�ف�لات وعرو�ض فنية و�شعبية ومعار�ض ت�شكيلية و�أم�سيات �شعرية وعرو�ض �سينمائية �سعي ًا من الهيئة لن�شر الثقافة الراقية والفن الرفيع بني جمهور املتلقني من خمتلف ال�شرائح العمرية والثقافية. و�أق�ي�م��ت جمموعة م��ن ال�ع��رو���ض الفنية على م�سرح احلو�ض املر�صود لفرق «ال�شرقية ،الغربية، v
14
خالل معر�ض �ضم العديد من الأعمال الإبداعية اجلماعية والفردية للأطفال فى النحت والت�صوير والعرائ�س. وتنظم الإدارة العامة لثقافة امل��ر�أة برناجم ًا ثقافي ًا ي�شمل عر�ض فنى لل�سرية الهاللية يومي ًا باحلديقة عن دور املر�أة كما وردت بال�سرية ال�شعبية ال�ستلهام القيم الإي�ج��اب�ي��ة «ال�ب�ط��ول��ة ،احل��ري��ة، امل�ساواة ،املوقف من امل��ر�أة» ولت�سليط ال�ضوء على ال�شخ�صيات الن�سائية الالتي تمُ ثلن من��وذج حي لإيجابية امل��ر�أة العربية� ،إ�ضافة �إىل �إقامة معر�ض دائ��م ملنتجات ال��ور���ش الفنية ال�ت��ي ع�ق��دت خالل عام 2012/2011وهى «�صناعة احللي والت�شكيل باخلرز ،تابلوهات ال�سريما ،احل��رق على اجللد، �أع�م��ال اخل�شب وال�صدف ،احلفر على اخل�شب، الت�شكيل باجلريد ،الت�شكيل باخلزف والر�سم على الفخار ،الن�سيج» .ومل يقت�صر االحتفال بليايل رم�ضان على هيئة ق�صور الثقافة ب��ل ام�ت��د �إىل v
العدد التاسع والعشرون -أغسطس 2012
17
يت�ضمن ندوات ثقافية عن بع�ض رموز الأدب و�أخرى علمية و�سيا�سية منها ما يهدف لوعي اجلماهري مبا ي��دور حولنا الآن من �أح��داث وكيفية ممار�سة الدميقراطية والأن�شطة ال�سيا�سية املختلفة بالإ�ضافة �إىل �أم�سيات �شعرية لل�شعراء من خمتلف الأقاليم، ف�ض ًال عن معر�ض لأحدث �إ�صدارات الكتب التي مت ن�شرها بالهيئة هذا العام. و�شهد م�سرح الطفل باحلديقة تنظيم الإدارة العامة للثقافة ال�سينمائية جمموعة من عرو�ض الر�سوم املتحركة ت�شمل عرو�ض «رم�ضان جانا، �سحر الكتاب ،لون واحد� ،إيد على �إيد ،عايز �أطري، �إ�شارة مرور ،رمييك�س� ،صف ثاين ،فاهم غلط ،لفة مل�صلحتك ،لعبة ورق ،من فات قدميه تاه»� ،إ�ضافة �إىل جمموعة من الأفالم الت�سجيلية وهى «ال�شهيد حممد البطران� ،شهيد الأزهر ال�شيخ عماد عفت، حممية وادى اجل �م��ال ،رب��اع�ي��ة ال �ف��رح� ،شهداء الإ�سكندرية حممد وك��رمي ،عبداملنعم مطاوع ،بني �شطني وميه ،حممية نبق ،م�صطفى مفتاح». �إىل جانب جمموعة من العرو�ض الفنية لفرقة «ك ��ورال �أط�ف��ال �شربا اخليمة ل��ذوي االحتياجات اخلا�صة ،املنرية الغربية فنون �شعبية «�أط�ف��ال»، ك��ورال �أطفال الإ�سماعيلية ،فنون �شعبية «�أطفال» زينهم ،كورال �أطفال اجليزة ،بور�سعيد فنون �شعبية «�أط �ف��ال» ،ك��ورال �أط�ف��ال ال�سالم ،ك��ورال �أطفال بور�سعيد ،كورال �أطفال �شربا اخليمة ،فرق ق�صر ثقافة الطفل بجاردن �سيتي ،فرق ق�صور الثقافة لأغاين الأطفال». و�أي�ض ًا �شارك املركز القومي لل�سينما مبجموعة م��ن ع��رو���ض ال��ر��س��وم املتحركة وه��ى «ب��ره وج��وه، ال�سجان ،ميكروبا�ص» ،وعرو�ض ت�سجيلية وروائية وه��ى «ف��ن ال�ف�لاح�ين� ،أرب�ع��ة �أي��ام جم�ي��دة ،من��رة، البحر زاد ،يا نيل� ،آثار �إ�سالمية حول الأزهر ،لعب كبار ،النا�س والبحرية ،ال�سيدة رقية». �أما ق�صر الطفل بجاردن �سيتي فقدم العر�ض امل�سرحي «غم�ضة عني» ،ويقدم �أتوبي�س الفن اجلميل العر�ض امل�سرحي «دنيا الو�شو�ش» و»مركز ر�ؤية فنون �شعبية» كما تُقدم عرو�ض ال�ساحر والأراجوز طوال فرتة االحتفال على م�سرح الطفل وقد كانت هناك م�شاركة كبرية من املركز القومى لثقافة الطفل من v
16
v
العدد التاسع والعشرون -أغسطس 2012
19
باقي القطاعات بوزارة الثقافة حيث يقيم �صندوق التنمية الثقافية يف ع�شرة مراكز ل�ل�إب��داع الفني احتفاليات فنية وثقافية خالل �شهر رم�ضان املعظم ه��ذا ال�ع��ام ،وذل��ك يف �إط��ار ا�سرتاتيجية و�ضعها ال�صندوق لأن�شطته ،بحيث يقدم كل مركز على حدة برناجم ًا فني ًا ثقافي ًا من خالل منظومة فنية حتقق تنوع ًا ثقافي ًا ما بني �إن�شاد ديني� ،شعبيات ،مو�سيقى عربية ،وفرق معا�صرة�.صرح بذلك املهند�س حممد �أبو �سعدة مدير ال�صندوق ،و�أ�ضاف �أنه �سيتم تقدمي 150ليلة فنية وثقافية متنوعة مبراكز الإبداع التابعة لل�صندوق وهى :مركز �إبداع ق�صر الأمري طاز ،قبة ال�غ��وري ،وكالة ال�غ��وري ،ومركز احلرية للإبداع بالإ�سكندرية ،وم��رك��ز �إب ��داع بيت ال �ه��راوى وبيت ال�سحيمي �إ�ضافة �إىل مركز طلعت حرب الثقايف بال�سيدة نفي�سة ،ومركز الإب��داع الفني ب�ساحة دار الأوب ��را ،بالإ�ضافة �إىل منطقة بئر يو�سف بقلعة �صالح الدين وذل��ك بالتعاون مع املجل�س الأعلى للآثار ،حيث تبد�أ �أوىل الليايل يوم 28يوليو املوافق 9رم�ضان وتختتم �أن�شطتها يوم � 13أغ�سط�س املوافق 25رم�ضان ،وتتنوع الإم�ساكية الفنية والثقافية التي يقدمها ال�صندوق هذا العام بني الغناء حيث ت�ست�ضيف جمموعة من كبار املطربني ومنهم :الفنان حم�سن فاروق وفرقته �أ�ساتذة الطرب ،الفنان فتحي �سالمة ،الفرقة القومية للمو�سيقى العربية والفنانة مروة ناجي ،بالإ�ضافة �إىل املهرجان الدويل للإن�شاد واملو�سيقى الروحية الذي يقام بقبة الغوري ،وليايل ال�سرية ال�شعبية للفنان �سيد ال�ضوي ،كما ت�ست�ضيف �أي�ض ًا ع��دد م��ن ف��رق الإن���ش��اد الديني ،ويف جمال املو�سيقى �سيقدم الفنانني :م�ن��ال حم��ى ال��دي��ن، �سدا�سي �شراره ،والفنان جورج كازازيان ،والفنان عبده داغر وعازفات بيت العود جمموعة من �أهم �أعمالهم املو�سيقية املتميزة. يذكر �أن �صندوق التنمية الثقافية يقيم عدد م��ن املعار�ض وال��ور���ش منها« :م�ساجد و� �ش��وارع»، «رم�ضان زم��ان» ،معر�ض نتاج ال��ور���ش الت�شكيلية للأطفال ذوي االحتياجات اخلا�صة ،وور�شة الأمثال ال�شعبية ،ومعر�ض جتليات �سيمبوزيوم الأق�صر، بالإ�ضافة �إىل امل�شاركة يف معر�ض للكتاب بالتعاون مع قطاعات الوزارة املختلفة. v
18
وف�صيحة ،وفى بيته الذى ازدحم بلوحاته و�ضاقت بها امل�سافات وامل�ساحات حتى املمرات وغرف النوم والتى تظل مرتا�صة مكد�سة فى مئات اللوحات ..كنا هناك وكان هذا احلوار. الن�ش�أة الأوىل يقول الفنان والفالح الف�صيح عم بدوى :ولدت فى قرية �صغرية فى �أح�ضان النيل اخلالد تدعى قرية �سنبخت لأ�سرة ذات مكانة رفيعة حتتل مركز قيادى و�أدب��ى ..وكان عمى م�صطفى عمدة البلدة ل��ه هيبة ك�ب�يرة وي �خ��اف ب��أ��س��ه ك��ل كبري و�صغري بالقرية ،فى بداية الطفولة التحقت ب�أول مدر�سة تفتح �أبوابها فى بلدنا عبارة عن منزل ميلكه �أحد �أبناء القرية ..ق�سم منه على واجهة ال�شارع �أجره لوزارة املعارف وهو املدر�سة وق�سم فى الداخل كان ي�سكن فيه. و�سميت املدر�سة با�سم �صاحبها «مدر�سة املغاورى» ..و�أراد والدى �أن يغرينى بالذهاب �إىل املدر�سة فا�شرتى ىل ح��ذاء برقبة لكى حتافظ على قدمى من الرطوبة وال�برد وظل هذا النوع يالزمنى حتى �سن البلوغ .وكان �أول ي��وم �أذه��ب فيه �إىل املدر�سة �أ�شبه بيوم عيد وذهبت ب�صحبة �أخى الكبري. ه �ن��اك ب��د�أن��ا ن �ق��ر�أ ف��ى ك �ت��اب املطالعة ق�ص�ص وح�ك��اي��ات مثل احل�م��ل ال ��ذى غنى للذئب وعمر ف��ى احلقل وال �غ��راب والثعلب والأ�سري وح�صانه ..وه��ذه الق�ص�ص كانت تنقلنى �إىل ع��امل غري العامل ال��ذى �أعي�ش فيه وت�ستهوينى ج��دا الر�سوم التى كانت م�صاحبة لها وت�شد انتباهي. ثم انتقلت املدر�سة بعد ذلك �إىل دار �أحد الأعيان وكانت �أكرث ات�ساعا وبها �ستة ف�صول ..ولكن كانت االمكانيات �ضعيفة لدرجة �أننا كنا نح�صل على ري�شة ب�سن ب�صعوبة جدا رغم رخ�ص هذه الأ�شياء ,و�أذكر �أننى ا�شتاقت نف�سى �أن �أح�صل على قليل من احلرب من خالل ن�شافة و�أذه��ب بها �إىل املنزل لأر��س��م به بعد و�ضعه فى زجاجة بها قليل من املاء ولكن احلرب �أ�صبح باهتا لدرجة كبرية . وك��ان يوجد فى قريتنا رج��ل ي�صنع كمامات ومعدات للجمال وكان لديه جمموعة �أ�صباغ لتلوين احلبال وكنت �أقف متفرجا و�أت�شوق جدا لر�ؤيته وهو يلون بهذه الأل��وان والأ�صباغ فظاهرة حبى للألوان
الزمتنى من ال�صغر. وال �أذكر �أننا تلقينا درو�سا فى الر�سم فى هذه ال �ف�ترة� ..أم��ا الكتب فكنا حم��روم�ين منها ب�شكل نهائى وكانت ت��وزع علينا فى احل�صة فقط ..كل اثنني كتاب يطالعا فيه ثم ي�سلم مرة �أخرى للمدر�س وكنت �أمتنى �أن امتلك مثل هذا الكتاب و�أ�صحبه معى �إىل بيتى لكى �أ�ستمتع مبا فيه من ر�سوم ت�شد انتباهى ووجداين. وبني احلني والآخر كان يدخل علينا الف�صل الأ�ستاذ عبد الباقى ي�س وهو مدر�س كان معمما وه��و وجيه فى ملب�سه ..ي��رت��دى جلباب �أ�سود ويتمتع بقوة فى ال�شخ�صية مع االتزان والثبات. وال�ع�ج�ي��ب �أن ��ه ك��ان ي�ب��دا احل���ص��ة بر�سم جمل على ال�سبورة وكنت �أتابع يده حتى النهاية و�أالح ��ظ �أن��ه ال ي�شطب ب��ل ير�سم اخل��ط بدقة و�إجادة و�أنا �أطيل الت�أمل �إىل الر�سم فى �إعجاب وده�شة. وفى ح�صة العلوم نفذ لنا منوذجا لتم�ساح ور�سمه على كرتون وق�صه باملق�ص وق��ام بعمل ن�سخ عديدة منه وزع على كل جمموعة منا مت�ساح لنقله فى كرا�سة العلوم. وفى املنزل كنت �أرى �أخى الكبري عبد اللطيف ير�سم بالأقالم امللونة على ظهر �أبواب غرف املنزل زهرية بها زه��ور مورقة وف��ى مو�ضع �آخ��ر ير�سم نعامة ..كان كل هذا يحوز �إعجابى وده�شتى. وعلى م�صطبة العمدة كنت �أجل�س مع بقية �أطفال البلد وكانت جتذبنى علب الدخان الفارغة التى يلقى بها �أر�ضا �أحد الفالحني فكان عليها غزالة ر�شيقة مر�سومة ب�إتقان ..كما كانت علب الكربيت مر�سوم عليها فار�س بح�صان ..وعلب ال�سجاير مر�سوم عليها منظر طبيعى جميل ملجموعة مراكب على النيل وفى اجلانب الآخر ر�سم لفتاة م�صرية بالزى الفرعونى وكنت �أنتظر عمى م�صطفى العمدة �أن يلقى بفارغ ال�صرب علبة ال�سجائر حتى �أحتفظ بها ..مع ما يقع فى يدى من �صور و�أوراق ذات طابع جمايل. كل هذا العامل من الر�سوم �أثر فى ت�أثري ًا كبريا وكان له �أثر بالغ فيما بعد فى اجنذابى نحو عامل الر�سم. ي�ضيف �سعفان :لقد ن�ش�أت منذ نعومة �أظفارى �أع�شق الفن وال��زرع و�أع�شق النور و�أك��ره الظالم والقبح من القول و�أت��ذوق ال�شعر واملو�سيقى التى v
العدد التاسع والعشرون -أغسطس 2012
21
فنان العدد
بدوى سعفان وعالمه الفطرى
صور الحياة اليومية للقرية .. فى مالحم تعبيرية
بدوى �سعفان فنان من ريف م�صر ..ينتمى لقرية �صغرية خ�ضراء فى عمق الدلتا تدعى «�سنبخت» من قرى املن�صورة ..ورغم التحاقه بالفنون اجلميلة بالقاهرة وتخرجه منها عام 1959من ق�سم الت�صوير وح�صوله على درجة االمتياز� ..إال �أن �أعماله م�سكونة بح�س �شديد التلقائية وك�أنه فنان فطرى وهى �أعمال ت�شدو ب�سحر التعبري والت�شكيل جت�سد �صور احلياة اليومية للقرية امل�صرية ..فى مالحم �أبطالها من الفالحني والفالحات مع الطيور واحليوانات واحلقول وحدائق الربتقال ..كل هذا فى �صفاء وب�ساطة وتنوع فى الإيقاع ..و�أعماله تعيد �سرية الريف امل�صرى ..ترجع بنا اىل تلك ال�صور التى ت�ؤكد روح القرية التى كانت
v
20
�صالح بي�صار
من قبل من البهاء والنقاء ..بعيدا عن �صور ال�صراع والزحام وهدير املركبات و�أزيز الآلة ..والقلق الذى ينتاب الإن�سان املعا�صر. ورمب��ا كان ال�سر فى جمال لوحاته وطزاجتها التعبريية �إ�صراره ال�شديد على االرتباط بقريته و�أهله ونا�سه هذه القرية التى تُعد م�صدر �إلهامه الأول والأخري والتى �أ�صر على �أن يظل بها رغم تنقله مبدن كثرية وهى التى ا�ستوحى منها عمق �أعماله التى جتاوزت الألف لوحة ناهيك عن الدرا�سات واال�سكت�شات كل هذا مبا يعد دي��وان م�صورا و�أغنيات ب�صرية من العذوبة والرباءة ..وهذا ما �شكل �أ�سطورة فنه. فى قرية «�سنبخت» الذى يعتز بها والتى ج�سد م�شاهدها بلغة ب�سيطة
اخلام�س وكان الأول جمال قطب والثانى حممد ف�ؤاد تاج الدين �..أما الثالث والرابع ف�أتذكر طالب ا�سمه �صبحى و�آخر ا�سمه �ضياء الدين و كنت �سعيدا جدا بهذه النتيجة . هو وعبد العزيز دروي�ش وبد�أت رحلة الدرا�سة ف�أظهرت نبوغا رغم عدم ثقافتى الفنية وفى ال�سنة الإعدادى ..كان �أول �أ�ستاذ تلقيت عليه درا�سة الفن هو الأ�ستاذ عبد العزيز دروي�ش ..كان طيب النف�س هادئ الطبع ت�شعر �أن الفن كل غايته وهواه . وفى ال�سنة الأوىل اخرتت ق�سم ت�صوير فكنت �أ�شعر من بداية دخوىل الكلية �أن لدى ميل طبيعى للألوان ..وفى هذه ال�سنة التقينا ب�أ�ستاذ عظيم هو ح�سني بيكار رئي�س ق�سم الت�صوير وب��د�أت عيوننا
تتفتح على املعانى احلقيقية للفن وتذوقه ..ر�سمت طبيعة �صامتة وك��ان مو�ضع �إعجاب الأ�ستاذ مما �شجعنى على امل�ضى قدما فى فن الت�صوير وبعدها ر�سمت طبيعة �صامتة �أي�ضا ولكن فى تكوين �آخر جنحت جناحا هائال وبد�أت العيون تنظر �إىل ب�أمل كبري وف��ى ي��وم من الأي��ام دخلت حجرة الأ�ساتذة ووجدت اللوحة الأخرية معلقة على حامل باحلجرة ور�أيت الأ�ستاذ عبد الهادى اجلزار جال�سا وعندما ر�آنى �أبدى �إعجابه ال�شديد باللوحة . ومرت مرحلة الدرا�سة فى حب و�شغف مع تلك العالقة من الأب��وة من �أ�ساتذتى :دروي�ش وبيكار وعز الدين حمود ال��ذى �أدي��ن لهم جميعا بالف�ضل ..حتى تخرجت عام ..1959وبعد تخرجى �أخذت �أطرق الأبواب لعلى �أجد عمال �أو وظيفة �أ�ستند عليها
وكانت الفكرة م��ازال��ت فى ذه��ن �أ�ساتذة الفنون اجلميلة� :أننى من املتفوقني ويجب �أن �أوجه نف�سى للإنتاج الفنى وكانت ن�صيحتهم ىل �أن �أتقدم ع�ضوا مبر�سم الأق�صر. وبالفعل تقدمت وبعد اجتياز اختبار �شخ�صى جنحت مع �ستة من الفنانني ..وهناك ع�شنا بالرب ال�غ��رب��ى ف��ى بيت عبد ال��ر� �س��ول ..بيت م��ن اللنب ا�ست�أجرته احلكومة م�ن��ه ..هناك كنا نر�سم ما حولنا من الآثار والعمارة الريفية التلقائية ومناظر اجل �ب��ل ..وم��ن ه�ن��اك انتقلنا �إىل ال�ق��اه��رة حيث مر�سم «حو�ش ق��دم» بالغورية ..وبعد انتهائى من منحة مر�سم الأق�صر جاء تعيينى بالرتبية والتعليم حمافظة الدقهلية «م�سقط ر�أ�سي» ..وهنا جمعت بني الفن وتلك الر�سالة التى �أعتز بها� ..أن �أكون معلما
v
العدد التاسع والعشرون -أغسطس 2012
23
ت�سرى فى نف�سى �سريان املاء فى العود . مدر�سة املن�صورة انتقلت �إىل مدينة املن�صورة ودخلت املدر�سة االبتدائية و�أ�شرتى ىل وال��دى بدلة جاهزة وحذاء برقبة وبلوفر ��ص��وف وبنطلون ق�صري وطربو�ش ..وكنت �سعيدا بهذا التغري فى حياتى من جلباب خمطط �إىل بدلة �أنيقة وك��ان وال��دى ي��زورن��ى فى املدر�سة كل يوم اثنني �أثناء الف�سحة ويفتح حمفظته ويعطينى قر�شا وكنت �أفرح جدا بهذا اللقاء . كنت متفوقا فى الر�سم �إىل درجة كبرية و�أتذكر �أننى ر�سمت مرة نبات فى زهرية زرع نالت �إعجاب �أ�ستاذ الرتبية الفنية و�أ�صبحت معروفا لدى زمالئى مبهارتى فى الر�سم وكثريا ما كان مدر�س الرتبية الريا�ضية يكلفنى بعمل ر��س��وم ح��ول الريا�ضات والألعاب املختلفة. وفى الإج��ازة ال�صيفية كنت �أقوم مع ابن عمى بتزيني ج��دران ال�ن��ادى الريا�ضى للبلدة بر�سوم جت�سد �شخ�صية ال��زع�م��اء والعظماء م��ن فنانني و�أدب� ��اء مثل حممد ع�ب��ده و �سعد زغ�ل��ول وحافظ و�شوقى واملنفلوطى نقال عن كتب املطالعة . لوحة نبات ال�صبار فى مرحلة التعليم الثانوى كان يقوم بتدري�س مادة الر�سم الأ�ستاذ حمدى خمي�س الأ�ستاذ بالرتبية الفنية فيما بعد ..و�أذك��ر �أنه كلفنا مرة ونحن فى ال�سنة الثالثة بر�سم ت�صميم زخرفى لنبات ال�صبار �أو التني ال�شوكى وقمت بالر�سم و�أعجب باللوحة الأ�ستاذ خمي�س حتى �أنه طاف بها على جميع الطلبة لكى يرونها . فى هذه الفرتة زاد اهتمامى بالفنون وكر�ست معظم وقتى للر�سم كما �أننى كنت �أت��وق��ف كثريا �أمام اى عمل فنى ..حتى من خالل ت�أمل وم�شاهدة مدخل عمارة و�أمعن النظر و�أتناول بالنقد كل ما يقع على ب�صرى ..بالإ�ضافة �إىل هذا كنت �أنقل اجليد من ال�شعر فى مذكرة خا�صة و�أزين غالفها بر�سوم جميلة جتارى �أحلان و�أنغام ال�شعر . ي�ضيف ب��دوى �سعفان و�سط �ضحكته املجلجلة والتى ت�ؤكد مرح �شخ�صيته و�صفائها :وبعد جناحى وح�صوىل على الثانوية العامة ..جاء دخوىل كلية الفنون اجلميلة بطريق ال�صدفة ..فقد ذهبت ذات ي��وم ل��زي��ارة �سوق القاهرة ال��دوىل و�أث �ن��اء جتوىل دخلت م�صادفة قاعة للفن �أقامتها جمعية حمبى ال�ف�ن��ون اجلميلة «��ص��ال��ون ال�ق��اه��رة «وك ��ان ر�سم v
22
الدخول خم�سة قرو�ش� ..أخذت �أت�أمل الأعمال الفنية وكانت �أعمال عمالقة الفن فى م�صر :خمتار وراغب عياد وحممود �سعيد ويو�سف كامل وحممد ناجى و�أحمد �صربى وحممد ح�سن وال�سجينى ..واعتقدت لأول وهلة �أنها �أعمال م�ستوردة من اخلارج من قبل احلكومة امل�صرية لي�شاهدها اجلمهور وبعد �أن ينف�ض املعر�ض تعود من حيث �أتت واندفعت �أ�سال القائمني على املعر�ض عن تلك اللوحات ومبدعيها فقالوا ىل �أن�ه��ا لفنانني م�صريني متخرجني من الفنون اجلميلة و�س�ألت بده�شة ولهفة و�أي��ن هى كلية الفنون اجلميلة وملا قيل ىل �أنها بالزمالك مل �أكمل جولتى فى بقية �أجزاء �سوق القاهرة واندفعت متجها �إىل الكلية وعندما �شاهدت الفتة حتمل ا�سمها منقو�شة على بابها بالنحا�س البارز كان هذا
العنوان له رنني جميل فى �أذن��ى ودق قلبى وك�أنى مل �أ��ص��دق نف�سى �أننى يوما �ست�ضمنى الكلية بني �أجنحتها و�أكون واحدا من طالبها . وعند دخ��وىل الكلية وعندما عر�ضت رغبتى ف��ى االلتحاق بها ق��ادن��ى �أح��د الطلبة �إىل معاون الكلية الأ�ستاذ حممود لطيف ن�سيم وهو فنان هاوى ومتذوق للفنون وكان حمبوبا من اجلميع حتى �أنهم �أطلقوا عليه بابا لطيف ف�أخالقه م�شتقة من ا�سمه.. وتقدمت �إليه ب�أوراقى . وك��ان امتحان م�سابقة الفنون اجلميلة ثالثة �أيام ..اليوم الأول ر�سم متثال جب�س والثانى طبيعة �صامتة والثالث ر�سم زخرفى كل هذا بالفحم والقلم الر�صا�ص والأل��وان ..وف��ى النهاية ظهرت النتيجة وجنح 30طالبا من 45من املتقدمني وكان ترتيبى
�سلوكك ومن لوحاتك بكل الرباءة وال�صدق ..وهى نعمة يفتقر �إليها الكثريون ممن ينت�سبون �إىل �أ�سرة الفن ..فاهن�أ يا ولدى ب�صومعتك النائية عن �صخب القاهرة وال تفارق حمرابك وال تتوقف عن الغو�ص فى اعماقك. ويكتب اليه بتاريخ 1989 6-3 فى كل مرة �ألتقى بك �أعود بالذاكرة �إىل �أيام الكلية و�أزك��ى متيزك على جميع رفاقك بطبيعتك الرفيعة وقلبك ال�صافى وانعكا�سهما على فنك.. ثم ذهب كل منا �إىل حال �سبيله ..وجرفت احلياة الكثري من زمالئك ولكنك كنت من القالئل الذين وا�صلوا رحلة الفن ..وا�ستهوتك بع�ض البدع التى ال متت �إىل طبيعتك ولكن �سرعان ما تداركت الأمر ورجعت �إىل حيث ينبغى �أن تكون وعملت الأيام على �إن�ضاج ما تبدعه وطابت الثمرة و�آن الأوان �أن يرى اجلمهور امل�صرى جتربة �صادقة مل ي�صبها تلوث االفتعال ..و�سر على بركة اهلل. عامله فالحة جال�سة بتاج احل�سن فى مالمح �أ�سطورية و�شعرها يتدىل حتى ركبتيها بينما يجل�س خروف �صغري فى �أمان على رجليها.
و ف�لاح��ة �أخ ��رى جال�سة على دك��ة ن��ورج تدق الكفتة بينما تت�آلف معها حمامة ترنو �إىل فرخها فى الع�ش وبائع «�أبو الرياح» الورقى وحوله رجال ون�ساء من �أبناء الريف وطبيعة �صامته لزهور فى �أ�ص�ص و�أكواب وفناجني وبراد وقلل ودوارق و�أطباق وقما�ش ..وطفل ريفى يداعب جح�شا على خلفية من البيج والبنى ..وفالحة مبالمح وق�سمات متفائلة حتمل اجلرة ولوحة للريف امل�صرى ريف �سنبخت ومنظر ريفى لأ�شجار ونخيل وبيوت ريفية وحيوانات القرية وامر�أتني ورجل نائم فى �سالم..وامر�أة تطعم بطتها ول��وح�ت��ان للفواخري و�أم حممد ال�ع�ط��ارة ومو�سم ح�صاد القمح وجنى البلح وجمع العنب والربتقال وحلب اللنب وال��زار والفرح فى القرية والكتاب مع ال�شيخ و�أطفال القرية وحاملة اجلريد وامر�أة جال�سة «�ست الدار» وفى اخللفية الفرن البلدى وبائع الفول يتحلق حوله جمموعة من �أبناء القرية ..م�شاهد وم�شاهد ..هذا هو بع�ض عامل بدوى �سعفان الذى قال له الفنان �صالح طاهر :الأخ الأعز �سعفان كل �إعجابى بفنك الذى وراء فطرة نقية �سامية ووعى وجدانى رفيع . وفى احلقيقة تذكرنا �أعماله ذات النقاء الفطرى
رو�سو ..مع فارق ب�أعمال الفنان الفرن�سى التلقائى ّ الزمان واملكان والأداء كما �أن �سعفان در�س بالفنون رو�سو موظفا باجلمرك ..فقد اجلميلة بينما كان ّ حافظ �سعفان على تلك امل�ساحة من الرباءة والنقاء بداخله والتى مل يلوثها �سموم الواقع املعا�صر من القلق وغلبة ال�صراع . وفى �أعماله جند الريف بكل تفا�صيله وعنا�صره ورموزه من الفالحني والفالحات والأ�شجار والزروع من النخيل و�أ�شجار الربتقال والعنب ودواب القرية وحيواناتها من اخلراف واملاعز والقطط والأرانب ..كما جند ملبة الكريو�سني والدرج الريفى ..كل هذا فى خطوط غنائية حتدد الأ�شكال وامل�ساحات و�ألوان �صداحه وتكوينات غري منمقة ت�ستمد جمالها من ب�ساطة الن�سق وثراء الت�شكيل العفوى . وما �أ�شبه �سعفان ب�أحد الرعاة من عمق الريف امل�صرى ..ال ميل العزف على نايه ال�سحرى فتنجذب �إليه كل الكائنات� ..إنها معزوفة الطبيعة تغنى للحياة مع الب�شر والكائنات ..كل الكائنات على �أر�ض م�صر الطيبة . حت �ي��ة �إىل ب� ��دوى ��س�ع�ف��ان ال �ف �ن��ان وال �ف�لاح الف�صيح ..بعمق �أن�شودة طويلة للب�ساطة .
العدد التاسع والعشرون -أغسطس 2012
v
25
للفن لأبناء بلدي. ر�سائل بيكار ل�سعفان وت��أك�ي��دا على قيمة �إب��داع��ات فناننا �سعفان الت�صويرية وقوتها التعبريية ..و�شخ�صيته الب�سيطة املرحة مع تفوقه ..كانت هناك ر�سائل متبادلة بينه وبني �أ�ستاذه الفنان ح�سني بيكار نقدم مقتطفات منها وهى �أن دلت ف�إمنا تدل على تلك القيم الرفيعة التى كانت ت�سود العالقة بني الأ�ستاذ وتالميذه.. وهى حتمل تواريخ فى فرتة منت�صف الثمانينيات من القرن املا�ضى حتى نهايتها . ف��ى ر�سالة بتاريخ 1986- 3- 23يكتب بيكار: ول��دى العزيز الفنان �سعفان ..حتية �إع��زاز وحم �ب��ة ..وخ�ف�ق��ة م��ن ق�ل��ب يحمل ل��ك ك��ل تقدير و�إع� �ج ��اب ..فقد اع ��ادت �إىل كلماتك ال�صادقة ذك��ري��ات �أجمل �أي��ام حياتى ..عندما ك��ان يظللنا �سقف �أنبل حمراب ..وتربطنا �أ�سمى الروابط بني ج��دران املرا�سم التى يفوح منها رائ�ح��ة الزيوت والطالء ..فلي�س هناك �أجمل من عالقة الأ�ستاذ بتالميذه ولعلها ال تقل عن عالقة الأب ب�أبنائه ..وكم ي�سعدنى بعد �أن بلغت من العمر �أرزله �أن �أرى �أبناء v
24
ىل وقد ملعت �أ�سما�ؤهم فى �سماء الفن ..فتحملنى �أجنحة الزهو �إىل �أق�صى �آف��اق الن�شوة وال�سعادة و�أح����س بغبطة ال ��زارع ال��ذى �أح�سن ال��زرع فطاب الثمر ..و�أن حياتى مل �أهدرها عبثا والنقاء الفطرى يا ولدى هو �أعظم ما ميكن �أن ميتلكه فنان �إذا �أرد �أن يكون مبدعا و�أ�صيال ..ولهذا كثريا ما �سمعتنى �أ�ستحثك على احلفاظ على هذه اجلذوة املقد�سة فى داخلك حتى ال تطفئها رياح التغيري واالفتعال ..فعلى بركة اهلل واهلل املوفق . وبتاريخ 1987 -3 -8يكتب بيكار لتلميذه ما ن�صه : ول��دى الفنان �سعفان ..حتية �إع ��زاز وتقدير �أبعث بها ل�شخ�صك احلبيب و�أرجو �أن ي�صلك كتابى هذا و�أنا كما �أعرفك دائما ملئ باحليوية والن�شاط والعمل املتوا�صل . و�صلتنى ر�سالتك الأوىل ..ثم الثانية التى هى ن�سخة منها ..ظنا منك �أن الر�سالة ال�سابقة فقدت فى الطريق ..وال��واق��ع �أننى قد ق�صرت فى حقك بع�ض ال�شيء فلم �أبادر بالرد على ما جاء فى خطابك الرقيق م��ن ح��ب ووف��اء قلما يوجد ف��ى �أب�ن��اء هذا اجليل ..فقد رجعت بى �إىل �أيام مازالت ذكراها فى
�أعماقى حيث كنت �أنعم بدفء اللقاء احلميم بني الرباعم الواعدة ..وهى نعمة قلما تتوفر فى مهنة �أخرى غري مهنة التدري�س ..لقد و�صفت فى خطابك هذا املناخ ال�شاعرى الرائع خري و�صف ذلك املناخ ال��ذى �أعتقد �أن��ه مل يعد له وج��ود بني �أروق��ة الكلية اليوم ..فمعادن هذا اجليل تختلف عن معادنكم.. و�أرجو �أن �أ�سمع عنك دائما ما يطمئننى عليك ودمت للذى يعتز بك غاية االعتزاز . وبتاريخ 1987 -12- 10يكتب بيكار �إىل تلميذه: ولدى العزيز �سعفان ..وهكذا نطل على ر�سائلك الرقيقة بني احلني واحلني ب�أ�سلوبها الأدبى الرفيع ال��ذى ين�ضح ب���أرق امل�شاعر و�أن�ب��ل �صور ال��وف��اء.. فيثلج بها ال�صدر وتقر النف�س ويزداد الإميان ب�أن الدنيا مازالت بخري مادام فيها �أمثالك من الأبناء الأوفياء. �إن الإح���س��ا���س ب��الأب��وة ��ش��يء رائ��ع ي��ا ول��دى.. وخا�صة �إذا كان الأبناء من ذلك الطراز النقى اجلاد ..ولعلك قد مل�ست من خالل عالقتنا الطويلة كم �أنا فخور بك ومعتز ببنوتك ..وال ي�سعنى �إال �أن �أدعو اهلل �أن يدمي عليك نعمة الوفاء والنقاء الذى ي�شع من
وح�شية الغزو الفرن�سى لأ�سبانيا من خالل عمليات الإعدام وهى لوحة «الثالث من مايو» وقد ج�سدتها جودوكى بتوليف من اخل�ضروات ..ج�سدت املواطنني الأب��ري��اء راف �ع�ين �أذرع �ه��م ع�لام��ة على الت�سليم والبنادق م�صوبة جتاههم. �أما لوحة الفنان دافيد « »1825 -1748والتى �صور فيها نابليون بونابرت وا�سمها «نابليون يعرب جبال الأومل ��ب» وق��د ��ص��وره ممتطي ًا ج ��واده ..فقد �أع��ادت �ه��ا الفنانة م��ن ج��دي��د ول�ك��ن مبجاميع من اخل�ضروات مع املحافظة على احلركة والإمي��اءة واختزال التفا�صيل. فان جوخ ورغم رحيل الفنان فان جوخ «»1890 -1853 فى عمر الزهور عن عمر 37عام ًا �إال �أن �أعماله حالي ًا تتجاوز املائة مليون دوالر للوحة الواحدة ..وقد �صور نف�سه فى العديد من ال�صور ال�شخ�صية بلم�ساته
رميربانت -در�س فى الت�شريح
v
العدد التاسع والعشرون -أغسطس 2012
27
فن عالمى
فاجنوخ � -صورة �شخ�صية
الفنانة الصينية جودوكي
تعيد تشكيل لوحات الفنانين العالميين من الخضروات جودوكى فنانة من ال�صني ..بد�أت موهبتها من ال�صغر ..والتحقت بكلية الفنون اجلميلة هناك ..وبعد تخرجها جذبتها مملكة اخل�ضروات.. فا�ستبدلت الأقالم والفر�شاة والأحبار بحبات الطماطم والثوم والب�صل والكرنب والكرف�س كل هذا مع الباذجنان والفلفل الأخ�ضر وامللون ..ومن خالل هذه العنا�صر الطازجة حولت مطبخها �إىل مر�سم وقامت ب�إعادة لوحات الفنانني العامليني مثل دافن�شى وجويا ودافيد وبيكا�سو و�آندى وارول وغريهم بلغة ب�صرية جديدة. ال�شخ�صية ال�صينية مع تفوق وجن��اح ال�صني فى منتجاتها على كل امل�ستويات والتى غمرت الأ�سواق ..تظهر قدرات خا�صة ل�شخ�صيات من �أبنائها متتلك القدرة على التوليف واالبتكار ..ومن بيت تلك ال�شخ�صيات ككل �أعمال الفنانة جودوكى عالمة على تفرد ال�شخ�صية ال�صينية فى الفن ..حيث قادتنا �أعمالها �إىل عامل من الده�شة بقدراتها التعبريية ،فقد حولت مطبخها ال��ذى يقدم الأطعمة �إىل �أطباق من نوع �آخ��ر� ..أطباق فنية تنوعت ب�سحر امللم�س والتجازيع والت�أثريات الطبيعية للخ�ضروات التى �أودع فيها اخلالق �سبحانه وتعاىل درجاتها اللونية ..من الأحمر الفو�شيا كما فى اللفائف الورقية للكرنب والربتقاىل فى اجلزر والبيج والبنى فى
v
26
وحدات القلقا�س والبنف�سجى فى البنجر والأخ�ضر بدرجاته فى النباتات اخل�ضراء. وتبدو �أعمال جودوكى التى �شكلت فيها اللوحات العاملية ذات نظرة خا�صة فهى تقوم ب�إعادتها بنف�س الن�سق والإيقاع والرثاء اللونى مع دنيا جديدة من الطرافة واملرح من حيث املحافظة على روح اللوحة ولكن فى �إيقاع �ساخر ميتزج بروح كاريكاتورية. در�س فى الت�شريح تعد لوحة «در�س فى الت�شريح» للفنان الهولندى رمربانت «-1906 »1966من �أهم �أعماله وقد �صور فيها الدكتور توليب هو و�أطباء ق�سم اجلراحة مب�ست�شفى ام�سرتدام �أثناء �إلقاء در�س فى الت�شريح عليهم.. وقد �أع��ادت جودوكى تلك اللوحة ب�أ�سلوب يدعو �إىل االبت�سام وحولت ده�شة املعرفة �إىل ده�شة �أخرى من التوليف باخل�ضروات. كما �أعادت الفنانة ال�صينية لوحة «مارلني مونرو» لرائد فن البوب الأمريكى «�آندى وارول »1987-1928بنف�س الإيقاع والإح�سا�س :ال�شعر من �أوراق اخل�س والأ�سنان من ف�صو�ص الثوم والوجه من ق�شر الباذجنان وبدت اخللفية من حبات البازالء. وللفنان الأ�سبانى جويا « »1828-1726لوحة �شهرية ج�سد فيها
�إ�ضاءة موت الناقد ..هو العنوان ال��ذى و�ضعه بيده، رئي�س حترير ج��ري��دة العربى النا�صرى عبداهلل ال�سناوى ،على مقاىل الأ�سبوعى ،تلك اجلريدة ،التى ا�ستمدت ثرائها من �صمودها ،فى واقع عا�صف ،لقد فوجئت بوجود العنوان ،على مقاىل فى فجر بداية التحاقى بكتيبة الطهارة الثورية جريدة النا�صريني بكل �أطيافهم ،فقد ك��ان العنوان (فوبيا النقد)، يومها كنت �أطالع اجلريدة فى مكتب املفكر �سيد يا�سني ،بجريدة الأهرام ،الذى �أ�شار �أن العنوان لفت نظره ،مما يدلل على �أن العناوين احلريفة ،تتنا�سب من لغة ال�صحافة ،وتعد �أحد �أ�سلحتها ،و�سبيل من �سبل اجلذب. فهل مات الناقد فعال� ،أم انتحر� ،أم ان�سحب، �أو تراجع� .. ،أ�سئلة عديدة ،حتتاج �إىل �إجابات ،لكن امل�ؤكد ،عدم وج��ود النقد باعتباره مكون �أ�سا�سى فى احلياة الفنية ،و�أح��د ُ�سبل االرت�ق��اء بالعملية الإب��داع �ي��ة ،وغ�ي��اب ح��رك��ة نقدية واع�ي��ة وم��درك��ة حلجم امل�سئولية التى تقع على النخبة فى مراحل الت�أ�سي�س والبناء ،فما بالك لو ك��ان حديثنا عن �صحراء الفن الت�شكيلى� ،صحراء ال تعرف الزرع و ال امل��اء ،والنتيجة ف��راغ كبري تعانى منه امل�سرية التى ترجع �إىل العام 1908مع ولوج خمتار ورفاقه مدر�سة الفنون اجلميلة ،فعرب املائة ال�سنة الأخرية مل ي�ستطع �أح��د �أن يقدم ما ي��وازى حركة الإب��داع، با�ستثناء �إ�سهامات م��ن نقاد ال يتجاوز عددهم ن�صف �أ�صابع اليد الواحدة ،فقد خلت ال�ساحة من الأ�سماء وال��ر�ؤى والتقييم واملرجعية وربط القيمة الفنية واجلمالية والفكرية بقيمة املنتج فى الواقع �أو �سواء معنويا ماديا ،لذلك ال ت�ستغربوا �إن ي�ضع �أحد الفنانني على �أعماله رقم 5مليون جنيه ،وهذا الرقم لي�س خط�أ مطبعى ،معتمدا على �شهرته ولي�س قيمة العمل الفنى فى غيبة املعايري النقدية والتقييم واملرجعية. ب��ل امل��ده ����ش �أن ال �ب �ع ����ض اع �ت�بر امل �ت��اب �ع��ات
فوبيا ..النقد ال�صحفية ،اليومية العاجلة ن�ق��دا وت��وه��م ذل��ك، و�إلتب�س لدى البع�ض �أن ما يقدم على قلته �أنه ي�سد الفراغ ،وا�سرتاح قلة �إىل غياب النقد كونه كا�شفا للثغرات وال�ضعف ،ومل ت�صنع جمعية نقاد الفن الت�شكيلى فارقا فى احلياة الفنية والثقافية ،وتعرثت لأ�سباب غام�ضة� ،أو �أ�صابها الزهامير. وم��ن ه�ن��ا �أى م �ق�ترح �أو ن���ش��اط ي ��أت��ى �ضمن حم��اوالت �سد هذا الفراغ الهائل ،فهو خطوة على طريق طويل ،يحتاج �إىل جهود الكافة حتى ميكن �أن نزيد من قاعدة امل�شاركة ،ملقاتلني فى جمال طارد،، و�إدراك �أهمية النقد وقيمته الفكرية الثقافية والتنموية. فات�ساع قاعدة ممار�سة النقد ت�سمح بخروج مواهب و�أ�سماء جديدة لل�ساحة الفنية ،لي�صبح التاريخ والفرز معيارا للكفاءة ،وهو معيار من�صف وطبيعى ومنطقى ،وغري ذلك يعد حرثا فى البحر، فمازال النقد الت�شكيلى يعانى من ندرة امل�ساحات املخ�ص�صة ،واملطبوعات املعنية ،فى الوقت الذى يتنامى فيه دور الفنون الت�شكيلية فى عاملنا املعا�صر، فيوميا نطالع افتتاح معار�ض فنية جديدة ،فيما يك�شف الواقع الع�شوائى عن عدم وجود م�سار نقدى يواكب ما يتم على امل�ستوى الفنى .وعلى الرغم من �ضرورة النقد و�أهمية وج��وده كرافد ،ي�ساهم فى تكري�س فكرة الفن بالأذهان ،ويوفر معايري �صاحلة، ويتبنى ر�ؤى ناه�ضة ،وي�سمح للزهور بالتفتح ،ويوفر مناخا ناب�ضا ،وي�ست�شرف مفاهيم جديدة با�ستمرار. على الرغم من حاجة م�سرية احلياة الفنية احلديثة �إىل النقد ،منذ ميالدها ،كجناح يتزامن مع تطور العملية الإبداعية ،باعتباره �أحد عنا�صر التقدم �إال �أننا مل نحقق فى ه��ذا املجال ما يتفق مع ات�ساع قاعدة امل�شاركة ،بدليل عدم وجود منابر ميكن من خاللها ممار�سة النقد كن�شاط فكرى، وثقافى ،ومهنى ،فلم ن�سمع عن جملة متخ�ص�صة تقنن ه��ذا الن�شاط ،وت�صبح مرجعية� ،أو حاكمة،
�سيد هويدى �أو ن�شاط يعزز الثقافة الفنية ،لقد �أدى عدم وجود م�سار نقدى يواكب الن�شاط الفنى الرتاكمى� ،إىل فراغ من ال�صعب عالجه ب�سهولة .فقد خنق الواقع �أى �أمل فى وجود نقاد ،خا�صة و�أن الناقد يحتاج �إىل �أعداد �سنوات ويختار من قاعدة تت�سع يوما بعد يوم، تتوا�صل فيها الأجيال. ما �أحوجنا �إىل ناقد مهند�س يقيم اجل�سور بني ن�شاط الفنان وم�ساحات التلقى ل��دى النا�س ،فى ن�شاط فنى يت�سم بالعزلة ،فيما نحتاج �إىل الناقد كال�شاهد على تقريب امل�سافة بني العملية الإبداعية، وذهنية امل�شاهد ،و�صاحب ر�سالة التقومي اجلماىل، يتحمل م�سئولية خماطبة طرفني بلغة واحدة ،يتوجه فيه �إىل اجلمهور وفيه ي��ده م�صباح ،ليك�شف عن مواطن ال�سحر وقيم اجلمال فى العمل الفنى ،من ال�ضرورى �أن يحدد ببو�صلة دقيقة م�سارات ودروب وطرق ومذاهب الفنون� ،أ�شبه ب�سامل القبيلة ،الذى ي�ست�شرف البعيد من موقع متقدم. لقد �ألقى الع�صر على النقد تبعات ،و�أحاطه مب�شكالت جعلت �إع��داد الناقد الفنى �أم�� ًرا لي�س بالي�سري ،مل��ا يتطلبه الإع ��داد م��ن ام�ت�لاك الناقد ل�ضروب من الثقافات ،ومن معاناة فى �سبيل التهي�ؤ ملهمته وا�ستكمال �أدواتها .ومن هنا يبدو �أن مهمة الناقد ال تقل �أهمية عن مهمة الفنان. فالناقد �أدات��ه الكلمة يف�سر بها عمال قوامه ال�شكل ،وقد ي�ستع�صى تف�سريه على الكلمات ،و�إذا كان الفن هو نقل الغري مرئى �إىل املرئى ف�إن النقد الفنى هو حتويل هذه الر�ؤية الت�شكيلية عن طريق الكلمة �إىل ر�ؤية مكتوبة تف�سر وت�ضئ العمل الفنى. كما �أن امل�شهد املعا�صر ي�ضع الناقد �أمام املفا�ضلة ب�ين عمل فنى وعمل �آخ��ر حيث تتباعد امل��دار���س وتختلف التقاليد و�سط ع�صر تتدافع اجتاهاته وتقذف كل يوم باجلديد ،فتحديات النقد عديدة لكن �أهمها الإميان بثقافة االختالف.
v
العدد التاسع والعشرون -أغسطس 2012
29
ال�ق���ص�يرة ..ول��ه ل��وح��ة بالقبعة �صورتها الفنانة جودوكى بنف�س الروح والإح�سا�س بقطع اخل�ضروات حتى �أنه ي�صعب التمييز بني لوحتها والأ�صل. وق��د نقلت الفنانة ل��وح��ة بيكا�سو ال�شهرية «احل��امل��ة» بقطع اخل�ضروات نقلت روح��ه ال�شفافة و�إح�سا�سه و�أ�سلوبه التعبريى كما ج�سدت �صورة �شخ�صية له من الب�صل. �أعمال و�أعمال ت�ؤكد قدرات الفنانة ال�صينية جودوكي� ..شكلتها ب�سكني املطبخ حيث تق�ضى كل وقتها ..ونقلت خاللها �آي��ات اجلمال والإب��داع من الفن العاملى من بينها �أي�ض ًا لوحة «ال�صرخة» للفنان «مون�ش» الذى يعد رائد التعبريية. ولكن يبدد ال�س�ؤال احل��ائ��ر ..ما م�صري تلك اللوحات بعد ت�شكيلها؟ ..وفى احلقيقة تقوم الفنانة بعد االنتهاء منها بت�صويرها لتكون موثقة وتتحول ع��ن ط��ري��ق ال �ل��وح��ات ال�ضوئية �إىل ل��وح��ة ميكن تداولها ..نطالعها فى املعار�ض واملتاحف الكربى.. متاحف الفن ومتاحف النبات� ..أم��ا �أ�صل اللوحة �أو طبق اخل�ضروات الفنى فتقدمه وجبة لأ�سرتها و�أحبائها و�أ�صدقائها!! v
28
دافن�شي -املوناليزا
دافيد -نابليون بونابارت
وجودوكى من مواليد 1975وهى تقول� :إننى �أ�ضيف الكثري من امل��رح �إىل اللوحات حيث ت�سيل ال��دم��اء من الطماطم كما جت�سد الأ�شخا�ص من البطاطا وقرون الفلفل وحتى ثمار ال�شهد ..كل هذا فيه متعة للخيال وغذاء للروح و�أخري ًا غذاء وطعام للبدن ولوحات اخل�ضروات ت�شع بهجة احلياة كما
�أنها �صديقة للبيئة. ل�ق��د � �ص��ورت ل��وح��ة «احل��ري��ة ت �ق��ود ال�شعب» للفنان الفرن�سى «دي�لاك��روا» وقد تغري ا�سمها �إىل «اخل�ضروات تقود ال�شعب» ..تق�صد تقوده مع الثورة والتغيري �إىل �سحر الطبيعة و�صور النباتات!!
فى صحبة اإلمام
الشافعى د .هالة �أحمد زكى
v
30
الإم ��ام ال�شافعى ب��ال�ق��راف��ة وي�ق��ال وال�ع�ه��دة على الدكتور عا�صم رزق فى مو�سوعة “ �أطل�س العمارة الإ�سالمية والقبطية فى القاهرة” �أن من�شئتها احلقيقية هى والدة امللك الكامل التى �أجرت �إليها املياه من بركة احلب�ش قبل بناء القبة ب�سبع �سنوات. فبالفعل يوجد تابوتني داخل القبة التى تعترب من �أجمل القباب فى العمارة اال�سالمية �أحدهما يخ�ص الإم��ام ال�شافعى و�صنعه ابن معاىل النجار والآخ��ر يخ�ص �أم امللك الكامل حممد .فقدكانت �شديدة الإعجاب بالإمام ال�شافعى وبعلمه الغزير ور�أت انه من مهامها التى حت�سب لها فى هذه الدنيا �إقامة قبة �ضريحية تليق ب�إالمام. وال���ض��ري��ح ب�شكل ع ��ام م��ن �أك�ب�ر الأ��ض��رح��ة امل�صرية ويتكون من واجهة حجرية رئي�سية وكما ي�صف ال��دك �ت��ور ع��ا��ص��م رزق ي�ت��وج�ه��ا ��ص��ف من ال�شرفات يتو�سطها م��دخ��ل تت�صدره فتحة باب يق�ضى �إىل حجرة مربعة زخرفت جدرانها الداخلية بزخارف نباتية وهند�سية �إ�سالمية وكتابات كوفية
�أندل�سية. وي��وج��د ب �ج��داره��ا اجل �ن��وب��ى ال���ش��رق��ى ثالثة حم��اري��ب �أ��ض�ي��ف �إل�ي�ه��م فيما بعد حم ��راب راب��ع لت�صويب اجتاه القبلة .ويقال �أن اجل��دران �سميكة و�أن الباب اخلارجى له م�صرعان من الف�ضة وهى �أقدم قبة خ�شبية بنيت فى م�صر .ويقال �أي�ضا �أن بال�ضريح مدفون �أي�ضا امللك الكامل والعهدة على بع�ض املو�سوعات �إال �أن امل�ؤكد �أن بال�ضريح مق�صورة ثانية يدفن بها �أوالد ابن عبد احلكم وهم من قاموا ب�إ�ست�ضافة الإمام ال�شافعى ر�ضى اهلل عنه و�أر�ضاه عند و�صوله �إىل بر م�صر املحرو�سة. ويعترب التابوت اخلا�ص ب��الإم��ام ال�شافعى هو الأف�ضل املتبقى بهذه التفا�صيل الرائعة من عهد الدولة الأيوبية وقد كتب باخلط الكوفى :ب�سم اهلل الرحمن الرحيم و�أن لي�س للإن�سان �إال ما �سعى �إىل �آخر الآية الكرمية هذا قرب الفقيه الإمام �أبى عبد اهلل حممد بن �إدري�س بن العبا�س بن عثمان ولد �سنة خم�سني ومائة وعا�ش �إىل �سنة �أربع ومائتني ومات
يوم اجلمعة �آخر يوم من رجب من ال�سنة املذكورة ودفن من يومه بعد الع�صر. وفى ر�أى الدكتور عبد الرحمن فهمى �شهدت القباب بوجه عام فى العمارة الأيوبية تطورا مهما لإنتقالها بوا�سطة املقرن�صات كقبة برج املظفر، وقبة �شجرة ال��در وقبة اخللفاء العبا�سيني وقبة الإم��ام ال�شافعى وقبة ال�صالح جنم الدين �أي��وب. وقبة الإم��ام ال�شافعى تعترب بالفعل �أجمل قباب القاهرة الأي��وب�ي��ة وه��ى قبة خ�شبية ارتفاعها 17 مرتا تك�سوها من اخلارج طبقة من الر�صا�ص ومن الداخل تبدو مقرن�صاتها فى ثالثة �صفوف �أ�سفلها من خم�س طاقات و�أو�سطها من �سبع طاقات والعلوى ثالث فقط. وعلى مر ال�سنوات اكت�سب ه��ذا املكان �سمعة طيبة بني امل�صريني وخا�صة �أن هذه القبة قد عرفت العديد من اال�صالحات وهى ال�سبب فى بقائها �إىل يومنا هذا ك�شاهدة على زمن و�أنا�س .فمن �ضمن من قام برتميمها و�إدخال �إ�صالحات عليها الأ�شرف
العدد التاسع والعشرون -أغسطس 2012
v
33
فى تاريخ املحرو�سة م�صر .. يظل للإمام ال�شافعى ر�ضى اهلل عنه و�أر� �ض��اه مكانة خا�صة فى القلب .فالإمام ال�شافعى ال ينظر �إليه امل�صريون كواحد ممن �أ�سدوا �صنيعا للإ�سالم عرب فتاوى و�شرح وت��أ��ص�ي��ل ل�ل�ف�ق��ه ول �ك��ن ك��واح��د ممن امتزجوا بالروح والو�سطية امل�صرية ف�أثرت فى فكره و�أدائه. فالإمام ال�شافعى الذى يذكره العامة واملثقفون مب�سجده واحلى الذى يحمل نف�س ا�سمه هو نف�سه الطري امل�سافر الذى جاب �أرجاء العامل الإ�سالمى بحثا عن العلم وعن جت��ارب معرفية ت�ضيف �إىل كيانه الفكرى ،كما يذكره الإبداع بقبته ال�شهرية التى تعد من �أجمل و�أك�بر قباب قاهرة املعز وتتكون من طبقتني :الداخلية من اخل�شب امل���زخ���رف �أح � ��د �أروع من ��اذج الأرابي�سك فى العامل اال�سالمى �أم��ا الطبقة اخل��ارج�ي��ة فهى من اخل�شب املك�سو بالر�صا�ص وتنتمى القبة للع�صر الأيوبى. فهذا العامل الكبري ول��د عام 150هجريا بغزة وه��و ع��ام يعد ع�لام��ة ف��ى ذاك ��رة النا�س بوفاة الإمام �أبو حنيفة النعمان.فلم تكن �أم الإم��ام ال�شافعى تعرف وهى ت�ترك غ��زة �إىل مكة املكرمة �أن هذا الطفل الذى جاء �إىل احلياة لي�س جمرد طفل عادى بل �سيكون �إمام من طراز خا�ص . وت�ستقر الأم ف��ى مكة امل�ك��رم��ة حيث يتمكن ال�شافعى من حفظ �آيات القر�آن الكرمي كامال ويرحل �إىل قبيلة هذيل ليتتلمذ على �أيدى �شيوخها ويتقن اللغة العربية وقواعها �.إال �أن ال�صدفة تلعب دورا كبريا فى حياة الإمام عندما يلتقى مب�سلم بن خالد بن الزجنى مفتى مكة الذى ين�صحه بالإخال�ص فى درا�سة الفقه وال�شريعة وخا�صة و�أن ن�سبه فى النهاية يلتقى بن�سب الر�سول �صلى اهلل عليه و�سلم ك�أحفاد لعبد مناف ،فيقرر الرحيل �إىل املدينة املنورة ليجد v
32
فى �صحبة الإمام مالك اخلري الكثري. فمن املفيد �أن نعرف �أن ما عرفه الإمام ال�شافعى لأكرب كثريا من كل كنوز الأر�ض ،وفى �صحبة الإمام مالك مل يكن فقط يتلقى العلم والفقه على �أ�صوله بل كان �أي�ضا يلتقى بالعديد من الوجوه ويتعرف على الكثري من الآراء التى �آثرت عقله. ول�ه��ذا فقد كانت �سنواته ف��ى املدينة تو�صف بال�سنوات الرابحة فى حياة الإمام ال�شافعى والتى انتهت مبوت الإم��ام مالك عام 179هجريا ليجد الإمام ال�شافعى نف�سه مرة �أخرى فى رحلة جديدة �إىل �أر�ض جنران باليمن هذه املرة للعمل بالإفتاء. �إال �أن �سنوات العمل فى جنران قد اعرت�ضتها
م� ��ؤم ��رات وو� �ش��اي��ات م��ن جانب حاكمها يتهم فيها الإمام ال�شافعى بالت�شيع للإمام على بن �أبى طالب كرم اهلل وجهه و�إن كان قد جنح فى �إبطال �شائعات حاكم جنران و�إقناع هارون الر�شيد �أن �أعجابه ب��الإم��ام على ال يعنى وق��وف��ه فى �صف الت�شيع ب���أى ح��ال ,و يجد ال�شافعى فر�صة ف��ى اال�ستقرار ببغداد ليدر�س على �أيدى تالمذة الإمام �أبو حنيفة النعمان . وي��ع��ود ال�� �ش��اف�ع��ى �إىل مكة املكرمة بعدها يدفعه ال�شوق �إىل الأرا��ض��ى املقد�سة وهناك يلتقى ب�ط��ال��ب ال�ع�ل��م �أح �م��د ب��ن حنبل ال��ذى ي�ستفيد من علم ال�شافعى ويعتربه �أ�ستاذ ًا له مكانة كبرية, ويتجه ال�شافعى �إىل ال�سفر ثانية وي�شد الرحال هذه املرة �إىل بغداد عا�صمة احل�ضارة اال�سالمية مرة �أخرى ليتم كتابه «الر�سالة» الذى ي�ضم ر�ؤيته فى الأمور الفقهية. فقد كانت بغداد متثل املكان الأف�ضل لهذه املرحلة م��ن حياة الإم� ��ام ال�شافعى �إال �أن و�صول اخلليفة امل�أمون �إىل �سدة احلكم و�إخ �ت�لاف��ه ال���ش��دي��د م�ع��ه جعال م��ن ب �غ��داد م�ك��ان بعيد ع��ن قلب ال�شافعى ف�ي�ق��رر ه��ذه امل ��رة �أن يذهب �إىل املحرو�سة م�صر لعله يجد نا�س غري النا�س و�أر�ض غري الأر���ض .وي�صل م�صر عام 199هجريا ويبد�أ فى �إلقاء درو�سه فى زاوية اخل�شابية فى اجلامع العتيق �أو جامع عمرو بن العا�ص وملدة خم�س �سنوات تعد ال�سنوات الأك�ثر �إنتاجا فى حياته .فيكتب م�ؤلفه «الأم» ويقدم وجهة نظر فقهية تت�أثر ب�أهل م�صر ومناخ م�صر الفكرى املنفتح. وف��ى م�صر توافيه املنية بعد �سنوات ق�صرية من العطاء عام 204هجريا فيدفن بها وتبنى قبته ال�شهرية فى زمن امللك الكامل بن امللك العادل �أبى بكر بن �أي��وب من حكام الدولة الأيوبية وحتديدا فى عام 1211ميالديا املوافق 608هجريا مبيدان
v
العدد التاسع والعشرون -أغسطس 2012
35
قايتباى �سلطان الديار امل�صرية و كان من املماليك اجلراك�سة الذين حكموا م�صر فى املراحل الأخرية م��ن احل�ك��م اململوكى وامل �ع��روف بقلعته ال�شهرية بالأ�سكندرية ومبدر�سة و�سبيل وم�سجد قايتباى التى تعد من �أهم املجموعات املعمارية املتكاملة فى الفن الإ�سالمى فى م�صر. وبعده تابع قن�صوه الغورى �سيد البنائني و�آخر املماليك الذين حكموا م�صر وكانت �سنوات حكمه من �أحرج فرتات تاريخها كما ي�ؤكد العامل الراحل الكبري د .ح�سن البا�شا فى مقاله « قن�صوه الغورى» حيث �أن م�صر ف��ى زم��ن حكمه تعر�ضت خلطر الأتراك العثمانيني و�ضائقة اقت�صادية كربى ب�سبب حتول التجارة بني ال�شرق والغرب �إىل طريق ر�أ�س
v
34
الرجاء ال�صالح الذى �أفقد م�صر الكثري من الأموال التى كان تدرها عليها و�ساطتها بني الهند و�أوروبا. ومع هذا فقد كان عا�شقا للعمارة وهو ما �أوجد جمموعة معمارية متكاملة با�سم جمموعة الغورى من وكالة ومدفن وقبة و�صهريج وم�سجد و�سبيل وكتاب وجتديد ال�سدود واخلزانات و�إن�شاء حى كامل با�سمه وجتديد قبة الإمام ال�شافعى. وبالرغم من الهزمية التى القاها الغورى ومن بعده خليفته طومان باى ودخول العثمانيون م�صر ف��إن املبد�أ نف�سه قد �سار عليه الكثري من احلكام ومنهم على بك الكبري الذى كانت هذه الإ�صالحات فى عهده تعبري عن رغبته باال�ستقالل مب�صر عن االرادة العثمانية.
�أما «الع�شارى» �أو هذه املركب املثبتة على هالل القبة والتى يتدىل منها �سل�سلة حديدية فتو�ضع بها حبوب للطيور امل�سافرة .وال عجب فى هذا فهى ذات كبد رطبة مقبول فيها الثواب .كما �أن هذا املركب يعرب عن الرحلة التى قطعها الإم��ام ال�شافعى عرب حياة لي�ست بالطويلة عمرا ولكنها املثمرة فعال. فمازال النا�س فى كل الدنيا يقر�أون كتب الإمام ال�شافعى وي�ستفيدون من علمه الغزير ومن مذهبه الذى ت�أثر فيه كثريا ب�أهل م�صر وي��ودون لو جاءوا �إىل م�سجده ذو املئذنة املتميزة و�أطلوا على م�شهد الطيور وهى حتوم فى ال�سماء طلبا للطعام و�سط �سفر طويل.
مقدرة خطية جميلة فى تلخي�ص تفا�صيل �أ�شكالها� ،سواء كان ال�شكل فى ر�سم الفيل �أو بنت ر�شيقة �أو الف�أر. �أما عن كتاب «قلبى �صغري نونو» فقد �أثبتت �إمكانياتها الفنية والإبداعية فقد ا�ستطاعت �أن ت�صنع عمال موازيا للن�ص املكتوب يجذب �أعني الأطفال م�ستخدمة تقنية الكوالج ..فحني تنظر �إىل ر�سوماتها ت�ستطيع �أن ترى ماليني الأ�شكال والألوان فتحلق معها وت�صبح �أك�ثر حت��ررا من جاذبية العامل الواقعى ..لت�صنع عاملا �شديد اخل�صو�صية. وه��ى تعد حاليا مل�شروع لوحة وك�ت��اب ال��ذى يقوم بتب�سيط الفن الت�شكيلى لأطفال املرحلة الإبتدائية من خالل كتاب م�صور «حكايات َف ّنون» الذى يقدم الفنانني الت�شكيليني امل�صريني للأطفال مثل جورج البهجوري ،عدىل رزق اهلل ،حلمى التونى ،وجمموعة فنانني اهتموا بر�سم القطط لي�صبح الأطفال �أكرث قربا من الفن الت�شكيلى حيث يقوم بطل احلكايات مبغامرات ليقربهم من �أ�سلوب الفنانني ور�ؤيتهم الفنية في�صبح الأطفال قادرين على تذوق الفن الت�شكيلى والتمييز بني �أ�ساليبه املختلفة وبعد عر�ض لوحات الكتاب ت�صاحبه ور�ش متنقلة لتفعيل الفكرة.
v
العدد التاسع والعشرون -أغسطس 2012
37
فنون شابه
إبداعات الشباب الفنانة سحر عبداهلل كتبت ـ رنا �أ�شرف: �سحر عبداهلل فنانة م�صرية �شابة فازت ه��ذا ال�ع��ام بجائزة ال��دول��ة الت�شجيعية فرع الآداب -ر�سوم الأطفال عن كتاب «قلب �صغري ن��ون��و» وال��ذى �أ��ص��درت��ه الهيئة العامة لق�صور الثقافة فى �سل�سلة كتاب قطر الندى. والفنانة �سحر حا�صلة على بكالوريو�س تربية فنية ع��ام �« 2002شعبة تثقيف بالفن» -جامعة ح �ل��وان ،ك�م��ا ح�صلت ع�ل��ى منحة امل��رك��ز ال�ث�ق��اف��ى ال�بري �ط��ان��ى للفنانني 2012 وجائزة الدولة الت�شجيعية فرع الآداب- ر�سوم الأطفال 2012 -2011 وق ��د � �ص��درت ل�ه��ا �أع��م��ال ك��ر��س��ام��ة لق�ص�ص وك �ت��ب الأط��ف��ال ف��ى جم�ل�ات وم��ؤ��س���س��ات وج��رائ��د ودور ن�شر كثرية من �أهمها ذكريات طفل عجوز ،حبيبة وعبد الرحمن ،قلبى �صغري نونو ،م�شاوير الع�صافري. كما ا�شرتكت فى عدة معار�ض جماعية وفردية فى خمتلف �أماكن العر�ض مثل� :ساقية ال�صاوي ،ق�صر ثقافة الطفل، وقدمت ور�ش فنية للأطفال لتعليم خمتلف املهارات. تقوم �سحر مبزج اخلامات فهى تر�سم بالألوان املائية والبا�ستيل ال�شمع و�أي�ضا اجلوا�ش مع ا�ستخدام الكوالج (وهو ل�صق خامات خمتلفة على امل�سطح املر�سوم) ،كما �أنها ت�ستخدم جمموعة �ألوان جذابة مبهجة كما �أن عندها
v
36
الفنانة سحر عبد اهلل تفوز بجائزة الدولة التشجيعية عن رسوم كتاب «قلبى صغير نونو » فى سلسلة قطر الندى.
الر�شا�ش الكبري 1967
بد�أ حياته الفنية فى �أوائل ال�ستينات وب�أ�سلوب يعمد على الت�سطيح وا�ستعمال عنا�صر من الأ�شياء احلياتية العادية على ع��ادة حركة فن البوب التى كانت تت�شكل فى �إجنلرتا فى ذلك الوقت ,ومن �أ�شهر من��اذج ه��ذه املرحلة جمموعة ل��وح��ات علبة �شاى «تايفو » ( �شاى �إجنليزى تف�ضله الطبقة العاملة ), وقد �أ�سهم هوكنى فى ت�شكيل حركة فن البوب فى بريطانيا مع ريت�شارد هاميلتون و�آخرين. اهتم هوكنى فى هذه املرحلة ب�أ�سلوب الت�صوير امل�صرى ال�ق��دمي ,وم��ا �أث��ار اهتمامه ه��و التنميط ال�شديد فى هذا الأ�سلوب والذى يلغى �إىل حد كبري ال�شخ�صية ال�ف��ردي��ة للفنان ,وق��د ر��س��م ف��ى هذه املرحلة جمموعة من اللوحات �أطلق عليها لوحات
ب�أ�سلوب �شبه م�صرى مثل لوحة « ال��زواج الأول « 1962وهى من �أ�شهر لوحات هذه املرحلة. زار م�صر فى 1963و�أنتج العديد من الر�سوم بالأقالم امللونة والألوان املائية ويقول عن م�صر(�إنها واحدة من �أكرث الأماكن التى زرتها �إثارة بكل هذه الآثار التى هى الأقدم فى العامل ,لقد كنت كثريا ما �أجل�س على �ضفاف النيل فى الأق�صر �أ�شاهد غروب �شم�س بديع �أو �أرنو �إىل النهر ,وكنت �أجد هذا مثريا خلياىل .لقد كنت �أر�سم ط��وال ال��وق��ت ).و�سيعود هوكنى لزيارة م�صر ثانية فى 1978وكعادته ينتج جمموعة كبرية من الر�سوم فى القاهرة والأق�صر. فى � 1963أي�ضا يقرر االنتقال �إىل لو�س �أجنلو�س بوالية كاليفورنيا بالواليات املتحدة وهو يقول �أردت
ال��ذه��اب �إىل ه�ن��اك لأن�ه��ا ب��دت ىل مدينة مثرية ومغمورة ب�ضوء ال�شم�س. ف��ى لو�س �أجنلو�س ي��أخ��ذ �أ�سلوبه ف��ى التحول بفعل ج��و كاليفورنيا و�أ� �س �ل��وب احل �ي��اة املختلف للطبقة امل�ترف��ة ,فري�سم ع��ام 1964جمموعة من اللوحات ل�صبية ي�ستحمون ويقابل بني ليونة �إيقاع �أج�سامهم الفتية والإيقاع املنتظم ملربعات قي�شانى احلمام وخمروط املاء وهو يتطاير منعك�سا من على �أج�سامهم ومن على �أ�صي�ص نبات الظل ال�ضخم الذى ميلأ مقدمة اللوحة. يتحول �إىل مرحلة من �أهم مراحله الفنية التى ير�سم فيها ب�أ�سلوب املنهج الطبيعى حدائق منازل لو�س �أجنلو�س وحمامات ال�سباحة بها ,ف��ى هذه
العدد التاسع والعشرون -أغسطس 2012
v
39
فن عالمي
دافيد هوكنى رائد فن البوب
رسام اللوحات العمالقة
�سمري ف�ؤاد
ال�سيد وال�سيدة كالرك وبري�سى 71-1970
هوكنى من مواليد 1937ب�برادف��ورد فى �شمال �إجنلرتا ,در���س فى كلية برادفورد للفنون ثم �إلتحق بالكلية امللكية للفنون بلندن وتخرج منها ع��ام ,1962وه��و من الفنانني الربيطانيني الكبار الذين ميثلون ذروة الت�شخي�صية فى القرن الع�شرين مع فران�سي�س بيكون و�ستانلى �سبن�سر ولو�شيان فرويد وجراهم �سذرالند وبيرت باليك ,والذين ظلوا طوال حياتهم الفنية خمل�صني للوحة ثنائية الأبعاد ,وهو من رواد فن البوب الأوائل وله درا�سات وجتارب عديدة فى اللغة الب�صرية خا�صة فيما يتعلق بالتمثيل الب�صرى للفراغ على �سطح ثنائى الأبعاد ودور الكامريا فى فن الت�صوير بداية من اخلزانة ذات الثقب وحتى الكامريا احلديثة. �أول لوحة �أذكرها لدافيد هوكنى ر�أيتها فى ال�سبعينات وكانت عبارة عن عمل من عام 1965ل�شخ�صني يتحدثان �أمام منزل غري واعيني خلطر داهم يتهددهما متمثل فى فهد مر ّقط يقفز ب�إجتاههما من خارج �إطار اللوحة ,و�إذا �أمعنت النظر فى اللوحة تكت�شف �أنه قد كتبت عبارة بخط
v
38
�صغري فى الفراغ الفا�صل بني الفهد وال�شخ�صني تقول « �إنهما ب�أمان فهذه لوحة �ساكنة « وقد �أعطى هوكنى للعمل ا�سم « لوحة ت�ؤ ّكد ال�سكون « وهو هنا ي�ؤكد واحد من �أهم الأ�س�س التى �أر�ساها �سيزان وهو �أن اللوحة م�سطح ثنائى الأبعاد ,ولكن هوكنى فى ذات الوقت وبطريقة معاك�سة م�شاغبة ي�ؤكد البعد الإيحائى فى العمل وهو فى هذه احلالة �إيحاء باحلركة. هذا ال�شد واجل��ذب بني ال�سكون واحلركة هو واحد من الإ�شكاليات العديدة فى لغة التمثيل الب�صرى والتى تعر�ض لها هوكنى فى م�سريته الفنية منذ �أوائل ال�ستينات وحتى الوقت الراهن. �أكرث ما يده�شك فى هوكنى هو غزارة �إنتاجه فهو دائما فى حالة ر�سم, فهو ر�سام بارع بالقلم الر�صا�ص �أو الأقالم امللونة ,و�أ�سلوبه فى الر�سم فى غاية الإتقان ,وهو ير�سم �أى �شئ يراه فى �أى مكان يذهب �إليه� ,سرير فى حجرة الفندق ,قمي�ص ملقى على كر�سى� ,أ�شخا�ص فى �أو�ضاع حياتية, منظر من نافذة الفندق وهكذا ...و�إنتاجه من هذه الر�سوم يبلغ الآالف.
الأهرام و�أبو الهول 1963
م�شهد معني ف�إن �أعيننا تتحرك طوال الوقت لتم�سح جميع زوايا هذا امل�شهد وبالتاىل ف�إن النتيجة التى ن�صل �إليها هى امل�شهد املرئى من جمموعة متعددة من ال��زواي��ا ،كانت نتيجة ه��ذه التجربة جمموعة من اللوحات املنفذة بالكامريا البوالرويد حتتوى جمموعة من اللقطات مل�شهد معني من زوايا خمتلفة جممعة ب�أ�سلوب ي�شبه الفوتومونتاج . ف��ى �إح ��دى ل��وح��ات ه��ذه امل��رح�ل��ة وامل���س�م��اة « طبيعة �صامته جليتار �أ�صفر» 1982نالحظ الت�شابه
الكبري بينها وبني لوحات بيكا�سو �أو براك ملثل هذا املو�ضوع فى الرتكيبة الفراغية للوحة ,وق��د طور هوكنى هذا الأ�سلوب بعد ذلك ب�إ�ستعمال الكامريا العادية و�إن �أ�صبحت النتائج بعد ذلك خمتلفة فى نوعية الفراغ الذى �أ�صبح مثل ر�ؤية بانورامية تكاد حتتوى امل�شاهد ,ومن �أ�شهر �أعمال هذه املرحلة لوحة «طريق بريبلو�سوم ال�سريع » .1986 فى الت�سعينات دخ��ل هوكنى فى جمموعة من التجارب والتقلبات فى الأ�سلوب التى ت�شى بقدرته
الهائلة على الإنتاج واملرونة فى ا�ستخدام �أ�ساليب خمتلفة وب��د�أ اهتمامه بالإمكانيات التى يتيحها احلا�سب ال�شخ�صى فى تنفيذ الر�سوم وطباعتها على م�ساحة كبرية ,وبالرغم من �أنه �أنتج جمموعة ك�ب�يرة م��ن ال�ب��ورت��ري�ه��ات �إال �أن ه��ذه ال �ف�ترة من الت�سعينات وحتى وقتنا الراهن ر�أت زيادة م�ضطردة ف��ى االه�ت�م��ام مبفهوم ال �ف��راغ وال���ض��وء م��ن خالل املنظر الطبيعى. فى 1998نفذ هوكنى لوحته العمالقة الأوىل « الأخ��دود العظيم » ( جراند كانيون ) وقد نفذها ب��الأل��وان الزيتية ومكونة م��ن �ستني ج��زءا بطول �أك�ثر م��ن �سبعة �أم �ت��ار ,وه��ى �إم �ت��داد لتجاربه فى الفوتومونتاج فى الر�سم من زواي��ا ر�ؤي��ة متعددة وهى مكونة زاوية ر�ؤية خمتلفة ,ويقول هوكنى �أردت للم�شاهد �أن ينتقل بب�صره عرب املنظر و�أن �ألغى متاما مفهوم زاوية الر�ؤية الواحدة. ف��ى الألفية اجل��دي��دة يوا�صل هوكنى جتاربه مع التكنولوجيا احلديثة في�ستعمل الإمكانيات التى يتيحها احلا�سب الـ ipadفى عمل ر�سومات �سريعة ملونة بديال للأقالم امللونة وينتج بهذه التقنية التى تتيح طباعة �أى ع��دد من الن�سخ ر�سوما فى غاية اجلمال� .آخر م�شاريع هوكنى عر�ضها هذا العام فى معر�ض �ضخم فى الأكادميية امللكية للفنون فى لندن حيث عر�ض جمموعة من اللوحات العمالقة نفذها فى ال�سنوات الأخرية ملجموعة من املناظر الطبيعية ف��ى منطقة غ��اب��ات ول��دج�ي��ت ف��ى ي��ورك���ش�ير ,وقد ا�ستعمل فى هذه اللوحات نف�س التقنية التى ا�ستعملها فى لوحة الأخدود العظيم فى ا�ستعمال العديد من زوايا الر�ؤية كما ا�ستعان بالـ ipadفى ر�سم بع�ضها ك�أجزاء منف�صلة يتم طباعتها ثم جتميعها فى لوحة واحدة وفى البع�ض الآخر ر�سم من الطبيعة مبا�شرة مهتديا بتقاليد ترينر وكون�ستابل فى ر�سم املنظر الطبيعى ,ومن الطبيعى �أن ي�ستعني مبجموعة من امل�ساعدين لإجناز هذا العمل ال�ضخم. فى �إفتتاح املعر�ض ال��ذى �أطلق عليه « اللوحة الأكرب « قال هوكنى « �إن �أعظم �شئ فى هذا املعر�ض هو �أن��ه لي�س معر�ضا ا�ستيعاديا «وه��و يعنى بهذا �أنه فى �سن الرابعة وال�سبعني ما زال لديه الطاقة واخليال والرغبة فى املغامرة وارتياد مناطق جديدة فى الفن مل يط�أها فنان من قبله وهو بهذا ي�ؤكد مقولة �أن الفنان ال��ذى يتوقف عن املغامرة فنان ميت. v
العدد التاسع والعشرون -أغسطس 2012
41
غابة ولدجيت 2008
اللوحات التى ت�شع بالبهجة يلعب هوكنى على التقابل بني �شكل املنازل بزواياها القائمة و�ألوانها الزاهية وامل�سطح الأخ�ضر للع�شب ال��ذى يخيل للرائى من فرط �إتقان الر�سم �أنه ر�سم كل ع�شبة فيه على حدة وال�شكل املخروطى لر�شا�ش املاء املندفع من فوهة الر�شا�شات الدوارة التى تروى الع�شب. ويلعب على هذا التقابل فى �إحدى �أ�شهر لوحاته « الر�شا�ش الكبري » ,1967اللوحة فى جمملها �ساكنة ومكونة من م�ستطيالت ال�سماء وامل�ن��ازل وحمام ال�سباحة ,ويقطع هذا ال�سكون الر�شا�ش الذى خلفته قفزة �شخ�ص فى حمام ال�سباحة ,ال ترى ال�شخ�ص ولكن ترى فقط �أثرم�سافة الفعل الذى قام به ,وك�أن اللوحة جزء معزول من �شريط �سينمائى ل�شخ�ص يقفز فى احلمام ,يلعب هوكنى فى هذه اللوحة على ال�سكون والإيحاء باحلركة وجتميد الزمن برباعة �أ�ستاذ فذ. ير�سم هوكنى فى هذه املرحلة ,والتى امتدت حتى نهاية ال�سبعينات ,الكثري من اللوحات التى تدور حول حمام ال�سباحة ,وهو هنا يتناول املو�ضوع كت�سجيل لواحد من امل�شاهد الأكرث �شيوعا فى منازل لو�س �أجنلو�س ,ولكنه فى ذات الوقت وبح�س فنان كبري يحول اهتمامه �إىل مع�ضلة كيفية التمثيل الب�صرى لعن�صر املاء ,وعن�صر املاء كما نعلم عدمي v
40
اللون وال�شكل ,ويقول هوكنى �أن املثري فى املو�ضوع هو �أن��ه ال يوجد حل واح��د و�إمن��ا هناك الآالف من احللول الب�صرية لهذه املع�ضلة ,وال توجد قاعدة حم��ددة ,وقد �أخ��ذ هوكنى فى هذه املرحلة يجرى العديد من التجارب و من �أجمل ما �أنتج فى جمموعة حمام ال�سباحة لوحات �صنعها من �أفرخ الورق الذى �صنعه بنف�سه و�أ�ضاف �إليه الأ�صباغ �أثناء مرحلة الت�صنيع طبقا للت�صميم املعد �سلفا ,وهو يقول �أن ما دفعنى لهذا احلل هو �أن اللون فى هذه احلالة يكون زاهيا وم�شرقا و�أطلق على هذه املجموعة ا�سم «حمام �سباحة من الورق» .1978 فى نف�س هذه املرحلة على التوازى مع م�شاهد احلياة املرتفة فى لو�س �أجنلو�س ر�سم هوكنى �سل�سلة من اللوحات التى تنتمى �إىل فن ال�صورة ال�شخ�صية ( البورتريه ) وفيها ترى مدى متكن هوكنى من هذا الفن ,ر�سم لوحات لأ�صدقائه ومعارفه م�سرتخني فى �أو�ضاع احلياة اليومية �أحيانا� ,أو جال�سني فى و�ضع ثابت �شبه ر�سمى مثل و�ضع املوديل �أحيانا �أخرى, لوحات على عجالة مثل الإ�سكت�ش بخط واح��د �أو كدرا�سات بالأقالم امللونة �أو الألوان املائية �أو لوحات كبرية بالألوان الزيتية �أو الأكريليك ,وتعد من �أجمل ل��وح��ات ه��ذه املجموعة تلك التى ر�سمها لوالديه وخا�صة تلك التى ر�سمها لوالدته والتى تلم�س فيها
مدى العاطفة التى يكنها نحوها. من �أعظم لوحات هذه النوعية لوحة « ال�سيد وال�سيدة كالرك وبري�سى « والتى �أجنزها فى عامى 71-1970بخامة الأكريليك وه��ى م��ن مقتنيات متحف التيت بلندن ,ويقول هوكنى هذه اللوحة هى الأقرب �إىل الأ�سلوب الطبيعى فى فنى ,وقد عانيت كثريا فى �إجنازها و�أعدت ر�سم �أجزاء منها مرات عديدة بلغت الإثنى ع�شر مرة فى بع�ض الأج��زاء, وما مثل �صعوبة جمة فى اللوحة هو وقوف الأ�شخا�ص فى و�ضع �ضد النور ( كونرت جور ) ,ونرى فى هذه اللوحة مدى اهتمام هوكنى بالتفا�صيل من الزهور على املن�ضدة فى مقدمة اللوحة �إىل اللوحة املعلقة على اجلدار واملنظر الغارق فى �ضوء ال�شم�س خارج ال�شرفة �إىل القط بري�سى اجلال�س فى �إ�ستكانة على فخذ �صاحبه. فى �أوائل الثمانينات بد�أ هوكنى جتربة جديدة با�ستعمال الكامريا ,وكان هدفه هو �إعادة اكت�شاف الفراغ الب�صرى فى ال�صورة ا�ستنادا �إىل ما بد�أه �سيزان فى القرن التا�سع ع�شر ثم �إ�ستكملته احلركة التكعيبية فى �أوائل القرن الع�شرين من �إعادة �صياغة الفراغ الب�صرى ب�إلغاء مفهوم املنظور الب�صرى من زاوي��ة واح��دة و�إ�ستبداله باملنظور من عدة زواي��ا, وكانت فكرته تتلخ�ص فى �أننا عندما ننظر �إىل
قصور الثقافة تطلق الدورة التأسيسية لمؤتمر الجمعيات الثقافية
�إنطلقت فعاليات ال��دورة الت�أ�سي�سية بامل�ؤمتر الأول للجمعيات الثقافية وال��ذى تنظمه الإدارة العامة للجمعيات وامل�ساعدات الثقافية برئا�سة مم ��دوح �أب ��و يو�سيف ال�ت��اب�ع��ة ل �ل ��إدارة امل��رك��زي��ة لل�شئون الثقافية برئا�سة ال�شاعر حممد �أبو املجد بق�صر ثقافة اجليزة ،مب�شاركة 99جمعية ثقافية من خمتلف انحاء اجلمهورية ،وممثلني عن وزارة الت�ضامن االجتماعى .وفى كلمته �أ�شار ال�شاعر �سعد عبد الرحمن رئي�س الهيئة العامة لق�صور الثقافة ب�أن هيئة ق�صور الثقافة تعمل على الأخذ باجتاهات الر�أى العام فى خمتلف مناطق اجلمهورية جلمهور املثقفني ،وت�أمل فى تو�سيع قاعدة امل�شاركة ال�شعبية فى و�ضع اخلطط الثقافية مبا يحقق الهدف املن�شود للهيئة ثقافي ًا وفني ًا فى ن�شر الوعى والتوعية والتنوير، و�أن انتعا�ش املجتمع امل��دن��ى ي�صب ف��ى م�صلحة امل�صرى ويعلى من قيمة املواطنة ودور التوا�صل الإجتماعية ،و�أنه اليزال �أمام العمل الأهلى م�سئولية ج�سيمة فى النهو�ض باملجتمع ،و�أ�ضاف ،و�أن امل�ؤمتر
يبحث فى �سبل تطوير الدعم الفنى واملاىل املقدم �إىل اجلمعيات الثقافية .ومن جانبه �أكد حممد �أبو املجد وكيل الوزارة لل�شئون الثقافية ب�أن هذا امل�ؤمتر ح��دث فريد وه��ام بهيئة ق�صور الثقافية ،و�سبب
فرادته �أن هيئة ق�صور الثقافة تدخل بهذا امل�ؤمتر ب��اب امل ��ؤمت��رات العلمية اجل ��ادة ،و�سيرتك الأم��ر لأع�ضاء اجلمعية العمومية للم�ؤمتر والذين �سيتولون و�ضع مالمح الالئحة الأ�سا�سية لإدارة امل�ؤمتر.
مهرجان الموسيقي العربيه السادس ع��ا���ش ج�م�ه��ور الإ� �س �ك �ن��دري��ة �أي� ��ام م��ن خ�لال مهرجان �إملو�سيقي العربيه ال�ساد�س,الذي �شهدت دورت��ه ه��ذا العام م�شاركه باقه من �أه��م مطربي م�صر والعامل والعربي. �أم��ا م��ن جن��وم الأوب� ��را جن��د الفنانة املتالقه مروه ناجي -رحاب مطاوع -وريهام عبد احلكيم و�سومه -و�أجمدالعاطفي -وهاين عامر� ،أما مناال�صوات الواعده التي �شاركت لأول مره باملهرجان املطربه كارمن� .صاحبت النجوم فرقه عبد احلليم ن��وي��ره للمو�سيقي العربيه بقياده �صالح غبا�شي والفرقه القوميه للمو�سيقي العربيه بقياده �سليم �سحاب وفرقه الإ�سكندرية للمو�سيقي والغناء بقياده عبد احلميد عبد ال�غ�ف��ار ،تعد ه��ذه ال���دوره هي الأويل برئا�سة الدكتوره اينا�س عبد ال��دامي رئي�س الأوبرا التي ت�ضع ب�صماتها الأويل عليه منذ توليها املن�صب� .أ�صر رئي�س الأوبرا علي �أقامت احلفل يف ظل الظروف واملخاوف التي تهدد �ألو�ضع يف م�صر فاقامته ت�أكيد ور�ساله للعامل علي ا�ستقرار الأو�ضاع كما وج��دن��ا رع��اي��ه هيئة تن�شيط ال�سياحه للمرة
د� .إينا�س عبد الدامي
الأويل ت�أكيد علي ذلك ودعم لل�سياحه والعمل علي �أعاده جذبها ,ومن الإيجبيات الال فته للنظر اي�ضا وجود الفتات �إعالنيه عن املهرجان بطول كورني�ش الإ�سكندرية و�أمام وحول مداخل الأوبرا.واي�ضاقيام م�شرف ع��ام امل�ه��رج��ان امل�خ��رج��ه جيهان مر�سي بدفع جنوم الأوبرا �سالفي الذكر للم�شاركه وهو ما �أ�ضفي لوناجديدا له .لكن �شابت تلك الدورة بع�ض ال�سلبيات مثل فقدها للميزانيه التي تليق بحجمه وقيمته �ؤهذه م�شكله دائمه منذ بدايته و هو الأمر
ال��ذي يقيد اختيار �إداراه املهرجان للنجوم ممن تفوق �أجورهم. ميزانيه املهرجانك :رف�ض التليفزيون امل�صري نقل حفالت املهرجان �سواء مبا�شر �أو م�سجل بحجه عدم امكانيه توفري وحدات نقل خارجيه ولكنه عاد و طلب فيه التليفزيون امل�صري نقل حفل اخلتام فقط الذي يقدمه املو�سيقار عمر خريت متهيدا لعر�ض احلفل يف �أيام عيد الفطر املبارك .حتي يتمكن من جمع ماده �إعالنيه عليه ت�صل للماليني وهو ما�أمت رف�ضه ،فالتلفيزيون امل�صري م��ازال ال ي�سعي �إال للهث وراء ما هو رديء فمهرجان مثل ذلك ي�سعي اليه العديد من القنوات .من ال�سلبيات الأخري عدم التزام بع�ض املطربني امل�شاركني بربنامج احلفل وهو ما �أغ�ضب العديد ،من اجلمهور وهذه امل�س�أله البد من الرتكيز عليها من �أداره املهرجان بعد ذلك. علي �أي ح��ال قيام الدكتوره اينا�س بتلقي تقارير يوميه عن احلقالت هو يف حد ذاتها دليل علي جناح دواراته القادمه وجناح ودوره مهرجان القاهره التي �ستقام نوفمرب القادم.
العدد التاسع والعشرون -أغسطس 2012
v
43
إفتتاح مواقع ثقافية جديدة بجنوب سيناء
أخبـــــــــــــار قصور الثقافة
v
42
�أفتتح اللواء خالد فوده حمافظ جنوب �سيناء وال�شاعر �سعد عبد الرحمن رئي�س الهيئة العامة لق�صور الثقافة بيت ثقافة �أبو ردي�س ومكتبة الطفل وال�شباب بر�أ�س �سدر فى �إحتفالية كربى ا�ستمرت ملدة يومان وت�ضمنت �أفتتاح معار�ض للفن الت�شكيليى واحلرف البدوية وعر�ض م�سرحى للأطفال بق�صر ثقافة الطور وعرو�ض فنية لفرقة كورال الأطفال والفرقة التلقائية للرتاث البدوى ال�سيناوى.
جدير بالذكر �أن كل موقع يت�ضمن مكتبة للكبار و�أخ��رى للأطفال وقاعات متعددة الأن�شطة ونادى للتكنولوجيا ..وقاعة ندوات. وفى ختام االحتفالية مت تبادل الدروع بني املحافظ و رئي�س الهيئة وتوزيع ال�شهادات على االطفال امل�شاركني فى االحتفالية. كما منح ال�سيد املحافظ واال�ستاذ رئي�س الهيئة كل طفل من امل�شاركني فى االحتفالية مبلغ مائة جنيه ت�شجيع ًا لهم.
موال فراق األحباب ..الديوان األول لمحمود الهندى عن �سل�سلة �إبداعات الثورة �أ�صدرت الهيئة العامة لق�صور الثقافة ديوان «موال فراق الأحباب « للفنان حممود الهندي ..وهو جتربة �شعرية للفنان الهندي ال��ذي عرفناه مع ًا م�صمم ًا للأغلفة وفنانا ت�شكيليا .. ويتحدث الديوان عن الثورة من خالل �أ�صدقاء الفنان الذين رحلوا عن عاملنا وقد حلموا معه بالثورة ولكنهم مل يدركوها ..بكل �إلهامها وعبقريتها و�آالمها و�أحالمها .. والديوان يحتوي على 31ق�صيدة متثل � 31شخ�صية من �أ�صدقاء ورفاق الفنان الراحلني بالإ�ضافة �إىل موال طويل بعنوان «الثورة من �أولها» يف مقدمة الديوان.
جوائز الدولة يحصدها النحاتون
الفنان عبد الهادى الو�شاحى
ظهرت ج��وائ��ز ال��دول��ة ه��ذا ال�ع��ام وف��از ثالثة من ُمبدعينا ،واملفاج�أة فوز ثالثة نحاتني ،فح�صل الفنان الكبري عبد الهادي الو�شاحي على جائزة الدولة «التقديرية» تتويج ًا مل�سريته الطويلة اجلديرة بالتكرمي وال �سيما ان�ف��راده بخط حداثي ذو ُبعد مفاهيمي ،ي�سبق اللحظة الراهنة وينطلق للم�ستقبل بر�ؤى ا�ست�شرافية ،كما �أنه له ثالثة متاثيل ب�أ�سبانيا يعتز بها �شعبها �أول�ه��ا الن�صب ال�ت��ذك��اري “ �إىل الفالح “ واثنني �آخرين بالهيئة الأكادميية الأ�سبانية مبدريد ومتثال بنادي ريال مدريد. �أم��ا ج��ائ��زة “التفوق” فقد ف��از بها الفنان �سمري اجلندي ،واجلدير بالذكر ح�صوله م�سبقا على اجلائزة الت�شجيعية منذ قرابة الع�شرين عاما، ا�ستلهم “ اجلندي” ال�تراث الإ�سالمي وال�شعبي وع��ا���ش يف رح���اب ت�ل��ك ال��ع��وامل ال�ثري��ة وحت��رك بجر�أة وحيوية ورغم ذلك حافظ على روح الرتاث الإ�سالمي ومل يتمرد عليه. �أما اجلائزة الثالثة «الت�شجيعية» فكانت للفنان طارق الكومي �صاحب املعاجلة التجريدية للج�سد
الفنان �سمري اجلندي
الفنان �سمري اجلندي
الب�شري جامعا بني التب�سيط والعمق مع ًا يف معادلة فنية �صعبة. اجل��دي��ر بالذكر �أن جملة اخل�ي��ال تناولت “ ال��و��ش��اح��ي» يف ع��دد يوليو 2012يف ب��اب « فنان العدد» احتفا ًال به وتكرميا لرحلته الفنية الطويلة
كما تناولنا �أي�ض ًا “ الكومي» بعدد يونيه 2012يف املو�ضوع الرئي�سي « فن العمارة ب�أيدي النحاتني» ك�أ�ضخم ح��دث فني نحتي ظهر ه��ذا املو�سم ومت عر�ضه بقاعة �أفق. جملة اخليال تهنئ الفنانون الثالثة. v
العدد التاسع والعشرون -أغسطس 2012
45
« رؤى بصرية تبحث في الوطن » شباب يرفض تشوهات الواقع بحثًا عن مستقبل أفضل
أخبـــــــــــــارهم v
44
�إفتتح ا.د� .صالح املليجي رئي�س قطاع الفنون الت�شكيلية م�ساء يوم الثالثاء املا�ضي املعر�ض اجلماعي « ر�ؤى ب�صرية تبحث يف الوطن « مب�شاركة 265من طلبة �إع��دادي كلية الفنون اجلميلة ،والذي ي�ست�ضيفه مركز �سعد زغلول الثقايف مبتحف بيت الأمة. و�صرح د� .صالح املليجي �أن �أهمية املعر�ض تكمن يف ر�سالته الإن�سانية الراقية خا�صة عندما يقدمها �شباب و�شابات يف بداية جتاربهم الفنية والذين حاولوا ر�صد ت�شوهات الواقع املجتمعي املرفو�ضة خا�صة مع بداية �إ�ست�شراف عهد ًا جديد ًا ي�أمله امل�صريون تطور ًا وعد ًال وتقدم ًا وم�ساواه وجميعها �ضمن حقوق الإن�سان التي ركز عليها املعر�ض ليقدم لنا بحث ًا �صادق ًا عن حقيقة ما تعانيه الكثري من فئات املجتمع من املهم�شني ال�سيما الأطفال، وهي ر�سالة فنية من �شبابنا �إىل اجلميع يعربون خاللها عن رف�ضهم لهذا اخللل املجتمعي ولتلك الت�شوهات م��ن خالل ر�ؤيتهم ومعاي�شتهم للواقع ور�صد ت�شوهاته و�سلبياته بعني الفنان الباحث دوم ًا عن اجلمال وعرب عد�سة الكامريا التي ال تكذب �أو تتجمل يف حوارها مع املتلقي ،وهو عمل فني جاد وهادف ن�شكر عليه جميع �أبنائنا امل�شاركني وزمالئنا من الأ�ساتذة الذين ي�شرفون عليهم.
وي�ضيف ك��ل م��ن د� .إمي��ان �أ��س��ام��ة ود .حممود فريد �أن املعر�ض حماولة لتوثيق وتوعية املواطن امل�صري ب�أهمية ح�صوله على حقوقه التي �أثبتها الإعالن العاملي حلقوق الإن�سان ل�سنة 1948وال��ذي �أك��د حق الإن�سان يف بيئة نظيفة ،ورف�ض عمالة الأطفال ،وحق الإن�سان يف احل�صول على عمل �شريف وغريها من احلقوق ،وبالتايل كان من ال�ضروري تعريف ال�شباب بحقوقه التي �أكدتها كافة املواثيق والأع��راف الدولية وحتى الد�ساتري امل�صرية من خالل معر�ض ير�صد معاناة املجتمع امل�صري من �آفات كثرية يجب مقاومتها والق�ضاء عليها.
بـهـجــوري يـتــألـق ..بقلم الناقد أيمن حامد جورج البهجوري فنان كبري ..يتنف�س الفن مع الهواء وكثري ًا ما ينام والقلم يف يده ..ومازال يحمل بداخله طف ًال �صغري ًا.. ويحمل مثله حقيبة من القما�ش بداخلها كرا�سات ت�شبه كرا�سة الواجب املدر�سي.. لكن ميلأها بر�سومه التي ال تنتهي ..جعل واح ��دة للنيل و�أخ ��رى للمقاهي ال�شعبية وثالثة للأق�صر وك��را��س��ة مل� ��آذن احل�سني وخ��ان اخلليلي ..وه�ن��اك كرا�سة ل�صالة اجلمعة حيث يقف يف توقيت ال�صالة �أمام اجل��ام��ع القريب م��ن منزله ير�سم جموع امل�صلني ..وكرا�سة �أخرى ير�سم فيها موائد الرحمن يف رم�ضان..و�أعمال جورج يف الت�صوير الزيتي والتي متتد يف �آالف اللوحات ت�ؤكد على عمق وعيه بقواعد الت�صوير.
وق ��د � �ص��در ل�ل��زم�ي��ل ال �ن��اق��د �أمي��ن حامد كتاب من القطع الكبري حمل ا�سم البهجوري ..وهو ميثل �إ�ضاءة كبرية على حياة جورج الذي ولد مرتني :مرة ببهجورة والثانية بباري�س وعمره 35عام ًا. وال�ك�ت��اب ُي�ع��د رح�ل��ة �إجن ��از يف عامل ب �ه �ج��وري وح �ي��ات��ه ول��وح��ات��ه ..وه ��و ثمني بف�صوله العديدة من ح��وادي��ت وذكريات ب��اري����س� ..إىل مالمح �شخ�صيته و�سريته ال��ذات �ي��ة ..و�إىل �شخ�صيته الفنية ..من جورج ر�سام الكاريكاتري �إىل امل�صور واملثال واجل��راف�ي�ك��ي ..حتية �إىل ج��ورج الفنان ال�شامل و�إىل �أمي��ن حامد الناقد ال��ذي ك�شف عن الكثري من �شخ�صيته ومالمح فنه.
ب��اك �� �س �ف��ورد وم �ت �ح��ف ال �ف �ن��ون احل��دي �ث��ة بجامعة الأ�سكندرية مب�صر. كما �أقيمت ل��ه املعار�ض ف��ى لندن وكمربدج واك�سفورد واملركز الثقافى الإ�سالمى بلندن وبيناىل اجلراند باليه فى باري�س وجامعة العينى بالإمارات العربية املتحدة وق�صر امل�ؤمترات ب�سوي�سرا ومتحف رات فى جنيف ،كما �أقيم له معر�ض �شامل بقاعة هرنى مور بلندن و�آخ��ر باملتحف اال�ستوائى امللكى ب�أم�سرتدام وفى عام � 1998أقيم له معر�ض خا�ص ف��ى اجل��ام�ع��ة اجل��ري�ج��وري��ة ال�ب��اب��وي��ة بالفاتيكان (روما). ولنبد�أ بالتعرف على البدايات الأوىل للفنان الذى تخرج فى كلية الفنون اجلميلة بالأ�سكندرية ع��ام 1966وح���ص��ل ع�ل��ى ت�ق��دي��ر ام �ت �ي��از ،وعمل بالكلية حتى عام 1973حما�ضر ًا فى فن الت�صميم امل�سرحي ،وخ�لال ع��ام 1974ف��از مبنحة لدرا�سة الت�صميمات امل�ط�ب��وع��ة بالكلية امل��رك��زي��ة للفن والت�صميم بلندن ،وبانتهاء مدة املنحة تقدم لنيل درج��ة املاج�ستري ثم عني حما�ضر ًا بالكلية ذاتها فى فن اخلط الإ�سالمى حتى عام ،1982وخالل ع�شر �سنوات من عمله وا�ستمراره فى الإب��داع فى هذا املجال نال درجة الدكتوراه من املجل�س القومى الربيطانى وكان مو�ضوع الدكتوراه «الأ�سا�س العلمى لأ�شكال احلروف العربية». �أ��س��وق ه��ذه املعلومات لنقف على اخلطوات الأوىل لن�ش�أة فنان م�صرى �أب��دع على �أ�سا�س من العلم واملعرفة بل والتخ�ص�ص.. فى ال�ستينيات من القرن املا�ضى ان�شغل بع�ض املبدعني العرب با�ستخدام احل��روف العربية فى لوحاتهم وذل��ك ا�ستجابة �إىل التيار النقدى الذى يدعو �أ�صحابه �إىل التم�سك باجلذور الثقافية فى مواجهة ال�ع��ومل��ة ،وع� ّم��ق ه��ذه احل��ال��ة الإب���داع فى م�صر وفى دول اخلليج «العراق والبحرين والكويت» وتركيا. �أذك��ر �أن��ى دعيت �إىل �إلقاء حما�ضرة بيناىل ال���ش��ارق��ة ع��ن احل��رك��ة الفنية ف��ى م�صر وال�ع��امل العربي ،وكان ال�س�ؤال الأول الذى ُوجهت فى نهاية الندوة عند الإجابة على �أ�سئلة احلا�ضرين هو :هل اخلط العربى فن ت�شكيلي؟ وكانت �إجابتى وا�ضحة « �إن �إنتاج اخلطاطني العرب فى البالد التى دخلها الإ��س�لام ما يثبت �أن �إب��داع��ات ه ��ؤالء اخلطاطني امل�صريني والعرب والأتراك ت�ؤكد �أن اخلط العربى
مثله مثل �أى فن كيان حى ي�ؤثر ويت�أثر ،ينمو باحلوار ويتحلل بالعزلة». ومم��ا �ساعد فى اهتمام املبدعني باحلروف العربية وباخلط العربى هو �أنه يتمتع مبرونة ال نظري لها فى خطوط اللغات الأخرى وي�ستطيع �أن يعرب عن احلاالت الظاهرة والباطنة ..مما ي�ؤكد على �أنه فن ت�شكيلى يجمع بني القيم اجلمالية والنفعية لأن الفن الت�شكيلى هو قوام يجمع بني الفنون اجلميلة والفنون التطبيقية التى تعنى اجلميل النافع.. بل وذهبت بعيد ًا ملراجعة الأعمال الفنية التى �أبدعها فنانون ممن در�سوا �أ�صول اخلط العربى
وتخ�ص�صوا ف��ى �إب��داع��ات �أع �م��ال فنية قوامها ت�شكيالت احل��رف العربى مما يحتويه من ليونة ور��ش��اق��ة مم��ا �سمح ل��ه ب���أن ي�ساهم ف��ى تكوينات اللوحات التى تعتمد على ت�شكيالت من احل��روف العربية التى تتمتع مبوا�صفات خا�صة جتمع بني الر�شاقة والطراوة وبع�ضها ير�سم اجلالل والوقار با�ستقامات دعت الفنان الت�شكيلى لدرا�سة عنا�صر احلرف العربى واال�ستفادة بها فى ت�شكيالت فنية يقاوم بها تيار العوملة الذى يبعدنا عن اال�ستفادة بعنا�صر قوميتنا و�إنتاج املبدعني ال��رواد من مئات ال�سنني.
العدد التاسع والعشرون -أغسطس 2012
v
47
فنان بالخارج
التشكيل ..والحيوية ..واإلبداع في لوحات تصل إلى العالمية. -استلهام التراث يثري اإلبداع المعاصر.
أحمد مصطفى فنان مصرى
يدعو لتبنى الفن اإلسالمى الحديث
د�.أح �م��د م�صطفى ..ه��ذا الفنان امل�صرى ال��ذى �سلك طريق ًا وعر ًا للو�صول بفنه �إىل امل�ستوى العاملي ..تفتح له الأب��واب فى املحافل الدولية ..تختار ملكة بريطانيا �إحدى لوحاته لتهديها �إىل دولة باك�ستان فى منا�سبة قومية خا�صة بدولة باك�ستان ..ويفتح الفاتيكان بروما قاعة العر�ض للتعريف ب�أعمال هذا الفنان امل�صرى وحتتفل �إيطاليا واجلامعة اجلريجورية بافتتاح معر�ضه.. هذا الفنان الذى احتل مكان ًا هام ًا حتت م�سمى الفن الإ�سالمى احلديث ..مل ينل حقه من ال�شهرة والتعرف على ر�سالته و�أعماله فى بلده الأ�صلى م�صر ..خرج من م�صر بعد تخرجه من كلية فنون الأ�سكندرية وعاد �إلينا عدة مرات وعلى �صدره اعرتافات عاملية بقيمة الفن امل�صرى
v
46
ح�سن عثمان
فى جمال الفن الإ�سالمى احلديث ال يعرف عنه طالب الفن �إال القليل.. وال يعرف عنه املجتمع امل�صرى �إال �أقل القليل.. وفى هذا املجال حتاول جملة «اخليال» ت�سليط ال�ضوء على كواكب م�صرية ت�ألقت ف��ى جم��ال الفن عاملي ًا بالتعريف بالفنان امل�صرى الدكتور�:أحمد م�صطفى.. ال ي�صح احلديث عن فن �أحمد م�صطفى دون التعرف على العوامل التى دفعت به �إىل العاملية وخلق من خاللها �إب��داع��ات م�ل�أت قاعات العر�ض وحتدث عنها النقاد وحمبى الفنون الإ�سالمية ..كما ا�ستقبلت لوحاته متاحف عاملية منها متحف القدي�س موجنو با�سكتلندا وجمموعة الفن الإ�سالمى املعا�صر باملتحف الربيطانى بلندن ومتحف الأ�شموىل
على م�سايرة الفن احلديث الوافد �إلينا من �إيطاليا وفرن�سا و�أوروبا ب�شكل عام ..ونذكر الفنان الراحل يو�سف �سيدة ال��ذى �أوغ��ل احل��روف العربية �ضمن التكوين فى لوحاته ولكنه ا�ستخدمها فى �شكلها ال�شعبى الذى يعرب عن الفنون امل�صرية ال�شعبية. وب�ه��ذا ال �أق�ل��ل م��ن جهود املبدعني امل�صريني والعرب فى هذا املجال ولكنى �أحاول الت�أكيد على �أن تناول �أحمد م�صطفى للحروف العربية بعث تعبري ًا جديد ًا هو الفن الإ�سالمى احلديث لأن مو�ضوعاته ولوحاته كلها ت�ستوحى �آي��ات م��ن ال��ذك��ر احلكيم والأحاديث النبوية. وفى جمال التعرف على جهود املبدعني امل�صريني الذين در�سوا اخلط العربى درا�سة �أكادميية و�أقاموا العديد من املعار�ض و�شاركوا ب�إ�سهامات �أكدت على حر�صهم على �إحياء قيمة اخلط العربى فى لوحات تلتزم بقواعد اخلط الكال�سيكى ف�أجادوا و�أبدعوا ولكنهم مل ي�ب��دع��وا �أف �ك��ار مل��و��ض��وع��ات يعاجلوها باحلروف العربية واكتفى معظمهم بت�سجيل �آيات �أو حكم �أو �أح��ادي��ث ت��ؤك��د حر�صهم على �إح�ي��اء القواعد الأ�سا�سية املوروثة للحروف العربية �سواء
كان خط ن�سخ �أو رقعة �أو �سل�سل �أو ديواين� ..أجادوا و�أبدعوا ولكنهم التزموا بدورهم فى �إحياء �أ�ساليب اخلط العربى و�إيقاعاته واجتاهاته ..وكانت و�سائل التنفيذ تنح�صر فى �أقالم الب�سط املخ�ص�صة لكتابة احلروف العربية با�ستخدام الأحبار دون الألوان.. فجاءت معظم اللوحات بالأبي�ض والأ�سود و�أحيان ًا اللون الذهبى وك�أنها �شكل على �أر�ضية بي�ضاء دون اتباع �أ�سلوب الت�صوير التعبريى املتعارف عليه. و�أخري ًا �أدعو حمافظ الإ�سكندرية لإقامة متحف لأعمال الفنان �أحمد م�صطفى الذى حقق العاملية ب�أعماله الفنية وا�ستطاع �أن يثبت �أن الفن الإ�سالمى احلديث يقف �إىل جانب ما در�سناه فى كليات الفنون من الفنون احلديثة التى تقوم على تقاليد الفنون الغربية من ت�أثريية �إىل تكعيبية �إىل احلداثة وما بعد احلداثة. �أحمد م�صطفى ت�ستقبله املعار�ض اخلارجية برتحيب بالغ ملا حتمله لوحاته من قيمة فنية عالية جديدة ومتجددة وتنفرد بقيم ا�ستوحاها الفنان من الفنون الإ�سالمية فى كل بقاع العامل. �أت���س��اءل ع��ن جامعة الأزه ��ر �أمل ي�صل �إليها
�أخبار املعر�ض ال��ذى �أقيم فى �إيطاليا عام 1998 باجلامعة اجلريجورية البابوية بالفاتيكان والذى قال عنه النقاد �أن هذا املعر�ض ال يدعو للفن بو�صفه مو�ضوع ًا للر�ؤية والإعجاب ،فهو بالإ�ضافة �إىل ذلك يبعث على الت�أمل الدينى جلمال اهلل وكماله وعظمته وال تناهيه. �إن �إهمال هذا الفنان تعبري عن جتربة دينية مل�ؤها الإميان والتوازن واالن�سجام. ه��ل ي�ت�ع��اون حم��اف��ظ الإ��س�ك�ن��دري��ة م��ع جامعة الأزه��ر لتحقيق قيمة فنية حتمى املبدع احلديث الذى يت�سلح بالإميان بالإ�سالم الو�سطي. �إن �إقامة متحف للفن الإ�سالمى احلديث �أ�صبح �ضرورة لت�أكيد مالمح الفن امل�صرى احلديث. فى ع��ام � 1997أه��دت امللكة �إليزابيث الثانية �إحدى لوحات �أحمد م�صطفى بعنوان «حيث يلتقى البحران» �إىل �شعب باك�ستان مبنا�سبة مرور خم�سني عام ًا على �إن�شاء دولته وكان ذلك تعبري ًا عن تقدير العامل للفن الإ�سالمى احلديث ممث ًال فى �إبداعات الفنان امل�صرى �أحمد م�صطفى. v
العدد التاسع والعشرون -أغسطس 2012
49
�إن ت�أمل �سرية الدكتور �أحمد م�صطفى الذاتية تدعونا �إىل التيقن ب�أنه فنان منح نف�سه كاملة للفن، ومل ي�سمح ل�شيء �آخر مهما بلغت درجة �أهميته �أن ي�ؤثر فى هذه ال�صلة رغم قدرته الهائلة على احلركة واالت�صال وجتاوز كل العوائق التى تقابله. خ�لال ف�ترة الدرا�سة فى اخل��ارج زاد اق�تراب �أحمد م�صطفى من تراث الفن الإ�سالمى وتوقف ع�ن��د حقيقة ه��ام��ة ه��ى �أن ال �ع��رب ه��م �أول من ا�ستخدم اخلط كعن�صر زخرفى ه��ام ،فقد حظى اخلط العربى من عناية امل�سلمني جميع ًا بن�صيب وافر ،وكان للخطاطني عندهم مركز ممتاز اقرتب من مراكز امللوك والأم ��راء ،على �أن ال��ذى �أعطى للخط العربى ه��ذه املكانة املمتازة هو ات�صاله الوثيق بالقر�آن الكرمي فاخلط العربى هو وحدة �أداة كتابة هذا الوحي. ه��ذا وق��د دف �ع��ت ال�ع�ق�ي��دة بامل�سلمني �إىل تزيني العمائر وامل�صنوعات بالآيات القر�آنية والأح��ادي��ث النبوية مما ك��ان له �أبعد الأث��ر و�أق��واه فى ن�ش�أة اخلط العربى وتطويره حتى و�صل �إىل درجة من اجلمال الفنى يعز �أن جندها فى �أى فرع من فروع الفن الإ�سالمي ،كما اعترب اخلط العربى من �أبرز و�أهم �إجنازات الثقافة العربية والإ�سالمية حتى ا�ستحق عن جدارة ب�أنه فن الإ�سالم الأول. هنا ن�ستطيع �أن ن��ؤك��د على �أن الفنان �أحمد م�صطفى ا�ستطاع من خالل درا�ساته وبحوثه �إتباع منهج علمى ا�ستنتاجى ليثبت حقيقة �أن �أ�شكال احلروف العربية لي�ست جمرد خطوط ا�صطالحية �صماء ال م�ضمون لها و�إمنا هى �أ�شكال حتمل دالالت ومعاين ،فا�ستطاع �أن يبدع لغة ب�صرية غنية بف�ضل طريقة مبتكرة ف��ى اجلمع ب�ين مهاراته كم�صور وكخطاط وفق ًا لفن الكتابة العربية وظهر جلي ًا فى اللوحات التى �أبدعها والتى تتميز بالتوافق الب�صرى فى كل �أ�شكال الفن والعمارة الإ�سالمية. ف��ات�ن��ى �أن �أ��ض�ي��ف �إىل ع��وام��ل جن��اح �أح�م��د م�صطفى هو البحث الذى نال به درجة الدكتوراه من املجل�س القومى الربيطانى بعنوان «الأ�سا�س العلمى لأ�شكال احل��روف العربية» وقد ك�شف هذا البحث النقاب عن ال�شبكة الهند�سية التى يقوم عليها «اخل��ط املن�سوب» ال��ذى و�ضعه ف��ى القرن التا�سع ع�شر الوزير واملهند�س والكاتب «ابن مقلة» وظلت هذه املقايي�س م�ستخدمة حتى يومنا هذا وقد v
48
مر عليها �أكرث من �ألف عام. نعود �إىل �سرية الفنان �أحمد م�صطفى عند تخرجه من كلية الفنون بالإ�سكندرية حتى حقق العاملية بني �أقرانه من الفنانني امل�صريني والعرب بل و�أقرانه من فنانى ال�شرق والغرب. مل يتوقف يوم ًا عن الإبداع والإنتاج والبحث عن و�سائل تنفيذ �أفكاره �سواء فى لوحات فنية �أو جم�سمات تعرب عن �أفكار م�ستلهمة من ال�ق��ر�آن والأح��ادي��ث النبوية �إىل ج��ان��ب تطلعه ال��دائ��م �إىل م�سايرة التيارات العاملية دون التخلى عن مقومات الفن
ال � � � � � � � ��ذى مت� �ي���ز الإ� �س�لام��ى بالر�شاقة والطراوة ور�سم اجلالل والوقار. �أدرك الفنان �أحمد م�صطفى �أن الفن الإ�سالمى قام على �أ�س�س من الفنون التى كانت �سائدة فى البالد التى انت�شر فيها الإ��س�لام والتى �أ�صبحت جزء من الدولة الإ�سالمية وهى الفن ال�سا�سانى والبيزنطى والرومانى والفن الهندى والفن ال�صينى و�أ�سيا ال�صغرى. على �أن الفن الإ�سالمى مل ي�أخذ كل ما �صادفه فى فنون احل�ضارات من مو�ضوعات وعنا�صر بل وقف منها موقف الفاح�ص الناقد ،وقد ا�ستغرقت هذه العملية من جمع وا�ستبعاد ومزج ثالثة قرون تقريب ًا �أ�صبح للفن الإ��س�لام��ى بعدها مميزاته اخلا�صة التى ال تكاد تخطئها العني. �أدرك الفنان �أحمد م�صطفى �أن الفنان امل�سلم و�صل �إىل امل�ستوى الكبري عن طريق تق�سيم وحتليل
تلك الأ�شكال فتارة نراها مت�شابكة و�أخرى متوا�صلة و�أحيان ًا متالحقة و�أخرى متباعدة وهذا ما نالحظه فى �إبداعات الفنان �أحمد م�صطفى ،فاحلروف فى لوحاته متثل نغمات مو�سيقية فاحلروف املرتا�صة لها داللتها وتعبريها ع��ن فكر الفنان واحل��روف املت�شابكة واملتكررة توحى بحركة املوج فى حميط وا�سع ..حتى النقطة متثل تعبري ًا �أو �إيقاع ًا ي�سعى �إليه الفنان لإثراء التكوين وال�شكل.. لقد بعثت �إبداعات �أحمد م�صطفى الثقة فى الفن الإ��س�لام��ى احل��دي��ث فهو مل يدخل الأ�شكال والعنا�صر مبا�شرة ولكنه حورها حت��وي��ر ًا خا�ص ًا يلتزم مبا �أملته عليه عقيدته ،كما نفر من الفراغ وكره �أن يرى م�سطح ًا عاط ًال من متوجات احلروف وت�شابكها �أو تنافرها �أو تكرارها دون �أن يقف عند حدوده بحيث ال متله العني فالت�شابك له داللة تخدم الفكرة والتوازى والتكرار يعرب عن عنا�صر بناء فى اللوحة.. بقى �أن ن��ذك��ر �أن الر�سالة التى حققها الفنان �أح�م��د م�صطفى تقف متفردة بخ�صو�صيتها الإ�سالمية ومل تكن على ال�صعيد املحلى جز ًء من اجتاه احلروفية العربية لأن هذا امل�صطلح �أطلق على �أعمال فنية قامت على مبادئ الفنون الغربية احلديثة.. على �سبيل املثال ال احل�صر ..ا�ستخدم الفنان امل�صرى حامد عبداهلل احلروف العربية فى لوحاته تعبري ًا ع��ن احلنني لوطنه الأم بعدما هاجر �إىل فرن�سا ..وكما قال الناقد الراحل حممود بق�شي�ش عن حامد عبداهلل �أن احل��رف العربى عنده ميثل وطن ًا.. وفى لوحات �صالح طاهر الأخ�يرة قبل رحيله �أقام معر�ض ًا لأعماله و�إجنازاته با�ستخدام احلروف العربية وك��ان ه��ذا املعر�ض متوجه ًا �إىل قاعات العر�ض بال�سعودية ،و�ضع �صالح طاهر فى هذا املعر�ض �إمكاناته الفنية فى التكوين واللون والقيم الفنية ف��ى �إط��ار م�ب��ادئ الفن الغربية م��ن ناحية الأ�سلوب والتقنيات ..وق��دم الفنان فتحى جودة �إ�سهاماته فى لوحات اخلط العربى فى �إطار حروف الطباعة امليكانيكية ومل يهتم بتاريخ الكتابة العربية ومقوماتها من ر�شاقة وطراوة ونغم ،وال ي�سع املجال لذكر العديد من الأ�سماء امل�صرية التى �أبدعت فى هذا املجال رغم �أن الركائز الأ�سا�سية كانت تقوم
معزول ،هى �آثار تدّعى احلياة بالرغم من ت�آكلها، و تزينها بطريقة ا�ستفزازية هل هى عالمات؟ �إن العامل الذى يقدمه الفنان يحيلنا اىل �شئ م�صرى �صميم� .أن الطابع العبثى ي�سيطر على امل�شهد ،نرى �إنكار احلرية و �صرحية املخدر و الغياب الإن�سانى، هذه املعانى املبا�شرة و التى نواجهها ب�إ�ستمرار فى �أثناء ر�ؤيتنا لأعمال الفنان و التى ي�ؤكدها من عمل �إىل عمل ،من لغة ت�شكيلية عالية ،بنائية يلعب فيها التباين اللونى دورا رئي�سيا فى ت�شكيل الهيئات و العنا�صر و عالقاتها املكانية و �إن�شائية �سطوحه، مع ت�أ�سي�س �إيقاع بنائى وا�ضح لإنتقاالت ال�سطوح و حركتها و اجتاهاتها مما يك�سب ال�سطح حركة و
طاقة فى كل جزء منه� .إن البناء الرمزى عند الفنان ي�أخذ من العباءة ال�سريالية ثوبا له �أو هكذا يبدو لأنه فى احلقيقة �أق��رب كثريا �إىل العامل الغرائبى عند هريونيمو�س بو�ش فى القرن اخلام�س ع�شر و هو عامل مناق�ض لل�سريالية لأن��ه مبنى على الفكر و الوعى فى �صلته بالواقع� ،أن هذا العامل الغرائبى يقدم رمزا كامال كانعكا�س لر�ؤيته الفكرية ملجتمع عا�ش فيه و قبل تناق�ضاته� .إن ما قدمه الفنان عطية ح�سني فى احلركة الت�شكيلية امل�صرية املعا�صرة هو جوهر ثمني قادر على التوا�صل عرب الأجيال. طبقا جلان موكارف�سكى العامل اللغوى و املفكر اجلماىل و �أحد الذين �أر�سوا الدرا�سة ال�سيميوطيقية
للفن “�إن العالمة طبقا للتعريف ال�شائع هى حقيقة حم�سو�سة ترتبط بحقيقة �أخرى يفرت�ض �أن توحى بها؟ لذا علينا �أن نطرح ال�س�ؤال :ما هى احلقيقة التى يقوم الفن مقامها؟ �إن�ن��ا ن�ستطيع �أن نقرر �أن الفن هو عالمة م�ستقلة ت�ستخدم و�سيطا بني �أف��راد اجلماعة و لكن �أي��ن احلقيقة الأخ��رى التى ي�شري �إليها؟ �إنها ال�سياق الكلى ملا ي�سمى بالظواهر الإجتماعية و هذا هو ال�سبب الذى يجعل الفن �أكرث قدرة على متييز ع�صر بعينه” و بدون فهم الطابع ال�سيميوطيقى و الرمزى للفن لن ن�ستطيع �أن نح�صل على قراءة حقيقية لر�ؤية و �أ�سلوب فنان كبري مثل عطية ح�سني.
العدد التاسع والعشرون -أغسطس 2012
v
51
من األسكندرية v
قراءة فى أعمال الفنان الكبير د .عطية حسين
رحل الفنان د .عطية ح�سني عن عاملنا فى دي�سمرب املا�ضى ،2010و لأننا كنا زمالء لأكرث من خم�سني عاما فى الدرا�سة و فى العمل وخالل البعثة و طوال �سنوات من العمل العام فى حقل التعليم الأكادميى .و هذه حماولة لإلقاء ال�ضوء على �أعمال الفنان عطية ح�سني. تخرج عطية ح�سني فى 1963تخ�ص�ص طباعة فنية من فنون جميلة ا�سكندرية ،و فى �سنوات ما بعد التخرج كانت �أعماله كلها فى الو�سيط الطباعى الغائر ،و كان مت�أثرا ب�إجتاهات �ستانلى هايرت التجريبية فى هذا املجال و الذى كان ت�أثريه اليزال كبريا فى االجتاهات احلديثة فى الفن فى ذلك الوقت فى �أوروبا (باري�س �ستوديو )17ثم فى �أمريكا ،و فى هذه الفرتة � 1973 – 1963أجنز الفنان عددا من الأعمال الطباعية عالية امل�ستوى و التى تعترب �إ�ضافة حقيقية فى الطباعة الفنية فى م�صر فى ذلك الوقت، �سواء فى تكوين ال�صورة و ثراء مفردات ال�شكل �أو فى حرية التعبري اللونى 50
د� .صربى حجازى
اجلديد فى هذا الو�سيط .و منذ بداية ال�سبعينات فى القرن املا�ضى �أ�صبح الت�صوير هو الو�سيط املف�ضل لدى عطية ح�سني ،و ا�ستطاع �أن يقدم ر�ؤية �أ�صيلة تتميز برمزية عميقة من�سوجة من واقع اجتماعى و تاريخى ،عاين الفنان جغرافيته و �أزمنته ،وكان التزام عطيه ح�سني التزاما كليا بق�ضايا جمتمعه و تاريخه متيقنا ب��أن قيمة الفن تتمحور حول ذلك الإل�ت��زام .و م�بررات ذلك وا�ضحة حيث كان عطية ح�سني يعي�ش فى عمق احلياة فى املناطق ال�شعبية مت�صال و متوا�صال مع الكادحني و الفقراء ،بالرغم من �أنه فى اجلانب الآخر كان يتعاي�ش مع نوع �آخر �سواء فى امل�ستوى االقت�صادى �أو الثقافى .قدم الفنان عاملا له �أبعاد مكانية وا�ضحة نعرفها جميعا ،فهناك ال�صحراء ذات الأفق املمتد و التى يعربها النهر ب�شكل �أفقى م�ستمر ،و قد يكون البحر فى اخللف �أو فى مقدمة ال�صورة و فى هذا املكان ال�صحراوى تقف هيئات قدمية فاقدة للحياة �أو تكاد فى ع��امل غرائبى و �صامت و
وعلى �أية حال ،فلهذا جمال �آخر ل�شرح وحتليل هذا التحول التاريخى اخلطري فى م�سرية الفن والفنانني. جماعة اخلروج �إىل الطبيعة: ما �أروع ق�ص�ص الفن بني ثنايا �أحداث التاريخ والتحوالت الأيديولوجية وال�سيا�سية واالجتماعية عرب م�سرية الفكر الإن�سانى وتعاقب الأجيال. وما دمنا نحن ب�صدد احلديث عن الفن الأوربى فمن املعروف �أن فرن�سا تربعت على عر�ش التحديث واملجاالت الفنية واملدار�س الإبداعية عامة والت�شكيلية بخا�صة منذ �أوائل القرن الثامن ع�شر وحتى منت�صف القرن الع�شرين ..و�شهد القرن التا�سع ع�شر �أعظم هذه التحوالت الفنية �أثناء حركات القمع التى �سادت فرن�سا خالل حكم �شارل العا�شر ( ،)1830 1824-ولوي�س فيليب من بعده (،)1848 1830- وفى هذه الأثناء انت�شرت �آراء جان جاك رو�سو التى نادت بالرجوع �إىل الطبيعية والفطرة ...والتمرد على املوروثات فى مرا�سم الفنون داخل احلجرات املغلقة بدعوى “عدم تلوث الفن بالواقع الطبيعي” من وجهة نظر الكال�سيكيني مما كان له عظيم الأثر فى �إ�شعال الروح الثورية �ضد الطابع الكال�سيكى املحافظ ،ومنهج �أ�ساتذة الأكادميية الفرن�سية الذين يرون االلتزام باجلمال املثاىل الإغريقى ..وتعالوا فى تطرفهم وفر�ضوا قيود ًا �صارمة على الفنانني بحرمانهم حتى من جمرد االعرتاف مبوهبتهم ومتادوا بال�سوقية والفو�ضوية. وهنا – ومنذ 1830هجرت جمموعات من الفنانني الباحثني عن احلرية وت�أمل �أ�سرار الكون من حولهم وجماليات الطبيعة فيما بني الأر�ض وال�سماء ..هجرت �إىل قرية �صغرية تدعى “باربيزون” تبعد عن العا�صمة بنحو 48كيلو مرتا �شما ًال على حدود غابة “فونتني بلو” وا�ستمرت هذه الهجرة جلماعة “ اخلروج �إىل الطبيعة” ل�سنوات ( ،)1875 – 1830وكونوا جماعتهم التى ُعرفت فى التاريخ با�سم ( مدر�سة باربيزون) ،و�سادت مدر�ستهم وا�ستعانت
بنظريات حتليل �ضوء ال�شم�س و�ألوان الطيف التى ظهرت �آنذاك ...وعلى �أ�سا�سها العلمى انت�شرت املدر�سة الت�أثريية ...وهنا ن�أتى �إىل �أحد روادها الأفذاذ بيري �أوج�ست رينوار �أعمال رينوار ..قبعة للعني وبهجة للحياة كان ال بد لنا فى هذه العجالة �أن نحيط علما مبدر�سة باربيزون قبل �أن ننطلق �إىل الطبيعة ،فعندما تغريت الأحوال النتهاء حكم امللك لوي�س فيليب لتحل حمله اجلمهورية، �شجعت الدولة « الفن الواقعي» ومل ترف�ض �أعمال فنانى الطبيعة فى « �صالو نباري�س» ال�سنوي ،حيث كان العر�ض بال�صالون هو وثيقة الإعرتاف بالفنان من وجهة نظر الأ�ساتذة الأكادمييني �آنذاك ..وتطور فن املناظر الطبيعية �إىل مدر�سة مت�ألقة هى املدر�سة الت�أثريية ..ذات الألوان والإبهارات الب�صرية الرائعة « ،والت�أثريية» لي�ست جمرد مدر�سة فنية �ضمن الع�شرات من النزعات الإبداعية املتتالية ،ولكنها ق�صة �صمود وكفاح ومعاناة ،وحتى بعد �إقامة املعر�ض الت�أثريى الأول فى �شهر �إبريل من عام 1874بباري�س ،مل ينل ه�ؤالء الفنانون من جمتمعهم �إال اال�ستهزاء بهم وو�صف النقاد لأعمالهم بالإ�سفاف والتهريج و�أطلقوا عليها فى مطبوعاتهم �صفة “ الفن املنحط”! و�ساعدت فى هذه الهجمة ال�شر�سة حتالفات �سيا�سية كونت حزبا �سمته “حزب النظام” كان يقف باملر�صاد �ضد �أى حركة حتررية تناق�ض التقاليد املتوارثة ..وقد وجدت فى الت�أثريية وفنانيها مترد ًا وثورة تدعو �إىل التحرر من كال�سيكيات الفكر امللتزم بوقاره ومثاليته. ومل ي�أبه فنانوا الت�أثريية بهذه الروح العدائية ..فلم يتوقفوا عن �إقامة معار�ضهم املتتالية ..حتى �أن�شقت الغمامة رويد ًا رويد ًا وبالتاىل �أقبل اجلمهور على هذه املعار�ض ..وحل الت�أمل واال�ستح�سان وتذوق اجلمال واال�ستمتاع بجمال الطبيعة حمل اال�ستهجان واال�ستنكار ..حتى �شهد عام � 1886آخر معار�ض ه�ؤالء الرواد ،وكان املعر�ض الثامن فى ترتيب معار�ضهم التى تتغنى بنور ال�سماء وجماليات الطبيعة ون�ضارة الألوان. v
العدد التاسع والعشرون -أغسطس 2012
53
فن عالمى
مهرجان النـور وبهـجة الحيـاة v
52
ريـنــــوار كانت عبقريته تكمن فى اجلماليات الب�صرية التى ي�ضفيها على لوحاته لتت�ألق �صور ًا ح�سية و�ضاءة تزخر باحلياة دون �إفراط فى الرومان�سية الأدبية �أو جفاف الواقعية. املر�أة فى �إبداعاته كيان مبهج �سار كالثمار اليافعة �أو الزهور املتفتحة تبعث فى النف�س �إلهامات وجدانية �سامية ولذلك قال عنه امل�ؤرخون � :أنه �أروع من تغنى بجمال املر�أة دون �أن يهوى بها �إىل الإثارة والإبتذال. كان ي�ؤمن ب�أن الفن ممار�سة بارعة و�صياغة مفعمة بالإنفعال جيا�شة بالعاطفة زاخرة بالبهجة واجلمال ولي�ست جما ًال للفل�سفات والتعقيدات والنظريات امليتافيزيقية �أو الرموز الكامنة امل�سترتة! هذا هو فناننا اخلالد بيري �أوج�ست رينوار ! وغالب ًا ما يقرتن ا�سم رينوار باملدر�سة الت�أثريية ...مدر�سة ال�ضوء والنور والألوان القزحية .. فيما يعرف فى مراحل املدار�س الإبداعية املتتالية ..بثورة الت�أثريية التى كان لها الف�ضل فى ال ُبعد �شيئ ًا ف�شيئ ًا عن املو�ضوعية الطبيعية و منظرية املحاكاة .. وكانت هذه التحوالت بداية لفنون القرن الع�شرين التى و�ضعت كل اهتماماتها فى املعاجلات ال�شكلية وال ُبعد عن املو�ضوع “”opject �شيئ ًا ف�شيئ ًا حتى �أطلق عليها بعد ذلك فى املدر�سة التجريدية “”non opjective art �أى الفن الالمو�ضوعى ...ولكن الت�أثريية �شيئ �آخر ..هو الرتكيز على الألوان الأ�سا�سية والت�ضاد
جمال قطب
واللم�سات املتجاورة ب�ألوان الطيف عو�ض ًا عن اخلطوط والتج�سيد بالألوان الرمادية كما كان احلال قبل منت�صف القرن التا�سع ع�شر و�أي�ض ًا كان لظهور الت�صوير الفوتغرافى وتطوره فى الن�صف الثانى من ذلك القرن �أثره فى هذا التحول التقنى على ح�ساب “ املو�ضوع” الذى هو من خا�صية �آلة الت�صوير امليكانيكى حتى �شاع �آنذاك القول :ب�أن امليكانيكيني انت�صروا على الفنانني !!
ديران كان �أول خرباء الفن املرموقيني من الذين �أعجبوا ب�أعماله �أكرث من زمالئه ..ويرجع ال�سبب فى ذلك لأن اجلماعة الهائمة بحب الطبيعة والنور وال�شم�س واحلياة قد تفرغت اهتمامات �أفرادها �إىل عنا�صر خمتلفة ..فمنهم من تخ�ص�ص فى ر�سم املناظر الطبيعية ،ومنهم من �أحب حياة الليل ،كما �أهتم رينوار ب�صفة خا�صة باجل�سم الب�شرى وفن ال�صور ال�شخ�صية �أو البورتريه portraitوكان ر�أى ديران� :أن التعبريعن ال�شكل الإن�سانى وهو حمور فن رينوار� ،أ�صعب كثري ًا من ر�سم املناظر الطبيعية ،كما �أنه ميدان للتعبري عن كل امل�ضامني املعنوية ،ولذلك توطدت العالقة بينهما مما �شجع فناننا على املزيد من العمل والبحث والإبداع ،وقام ديران مبهمة الدعاية له وترويج لوحاته ب�أثمان مرتفعة. وعرف عنه �أنه يندمج فى ر�سم و�سطع جنم رينوارُ ، الأ�شخا�ص بعني ُمفعمة باجلمال وقلب ناب�ض باحلب، و�صار مر�سمه فى حى مومنارتر Monmarter بالعا�صمة الفرن�سية ِقبل ًة لفنانات املجتمع ورجاالت باري�س وهواة الفن من الوجهاء والأثرياء واملفكرين و�أ�صبح هذا الفن الريفى الذى ولد فى (ليموج) وفيها عمل �صبي ًا فى العديد من الأعمال ال�صغرية، ور�ساما فى �أحد م�صانع الأوانى اخلزفية يزخرفها بالزهور وال�صور التاريخية ووجه مارى انطوانيت .. �إذا به يقفز و�سط دائرة ال�ضوء وال�شهرة فى باري�س وي�صبح من �أكرث فنانيها العظام ثرا ًء وانت�شارا. وكان للغته الت�شكيلية كما �أ�سلفنا حموران �أ�سا�سيان هما :الطفولة واملر�أة ولكن ال�صور ال�شخ�صية عند رينوار مل تكن جمرد تكليف وعمل يقوم به لإر�ضاء �صاحبه ،و�إمنا كانت و�سيلة للتعبري عن بهجة احلياة من خالل �إ�شراقة الطفولة وبراءتها وو�ضاءة املر�أة و�إيحاءاتها املمتعة. كان الت�أثرييون فى تلك الفرتة ( الثلث الأخري من القرن التا�سع ع�شر) قد تفرقوا جماعات بعد �أن جنحوا فى ن�شر احلقائق الت�شكيلية اجلديدة وجاء �أوان اال�ستقالل الذاتى ..ك ٌل يريد �أن ي�ستقل بفل�سفته اخلا�صة و�أ�سلوبه املميز ،وكان هناك اجتاهان، �أولها :التعبري بال�صورة وثانيها :التعبري بالرمز �أو مبعنى �آخر :اجتاه الر�ؤية الواقعية – واجتاه معاي�شة الفكر واحللم والإميان ،وكان البد �أن تتطور “ الت�أثريية” متفرع ًة �إىل هذه الفل�سفات التقدمية، v
العدد التاسع والعشرون -أغسطس 2012
55
ومن ال�صعب �أن نف�صل بني فناننا رينوار و�صديقه مونيه Monetفى زعامة الت�أثريية ..ومن ال�شائع �أن ين�سب الف�ضل فى ا�ستخدام الألوان القزحية �إىل رينوار ،اال �أنه بجانب عبقريته فى ر�سم جماليات الطبيعة كان ولوع ًا دائم ًا بر�سم الأ�شخا�ص ،متخذ ًا من املر�أة والطفولة مناذجه و�إلهاماته املف�ضلة، ومل تكن ال�صورة ال�شخ�صية عند رينوار جمرد عمل ُطلب منه �إجنازه ،ولكنها كانت و�سيلة ممتعة للتعبري عن بهجة احلياة ،وقد ُعرف عن رينوار ر�أيه الذى طاملا نادى به و�سط زمالئه وتالمذته وهو �أن ال�صورة يجب �أن تخرج �إىل خري الوجود وهى تبعث اجلمال وال�سرور فى ب�صر وب�صرية من ي�شاهدها، كما كان هو �شخ�صي ًا ي�ستمتع بلوحاته ..وهى غزيرة متدفقة بديناميكية وحيوية م�شحونة بعاطفة متقدة، ولنا �أن نت�صور هذا الكم الهائل من �أعماله وقد بلغت خم�سة �آالف لوحة متثل كنزا من �أثمن كنوز املواهب الب�شرية عرب قرون التاريخ احلديث. ولنبد�أ مع م�سريته ومقومات عبقريته هذا ما حدث فى الن�صف الثانى من القرن املا�ضى �إيذانا بانطالقة احلركات التحررية فى الفن احلديث: التقت جمموعة رائعة من ال�شباب الفرن�سى حول حب الطبيعة وا�ستهوتهم احلياة على �شواطئ البحار والغابات املحيطة بباري�س ،وكان خروج النا�س �إىل هذه احلياة الرحبة ظاهرة جديدة من ظواهر الع�صر �آنذاك مثل جماعة باربيزون كما �أ�سلفنا وكان على ر�أ�س هذه املجموعة املتحررة فناننا « رينوار» َقدم رينوار �إىل باري�س من قريته (موج) ليدر�س فن الر�سم فى �إحدى الأكادمييات املتخ�ص�صة ..و�أتيح له التعرف على زمالئه من الفنانني ال�شباب من �أمثال /مانيه /ومونيه /وبياردو بازيل /و�سيزىل .. /وغريهم من الذين ُخلدت �أعمالهم بعد ذلك فى تاريخ الفن احلديث ،كرواد للمدر�سة الت�أثريية وما بعدها. وعلى مقاهى باري�س ال�شهرية على �ضفاف نهر ال�سني ،كان هذا اجلمع الرائع من الفنانني و�أ�صدقائهم ال�شعراء والكتاب واملفكرين ،يلتقون كل ليلة ملتفني حول رينوار ،يتناق�شون فى ق�ضايا احلرية والتطلعات امل�ستقبلية ،وتعرف رينوار فى مقهى (�أثينا اجلديدة) على (ديران) تاجر التحف ال�شهري بباري�س ،ف�أعترب لقاءه به حدث ًا هاما فى حياته لأن v
54
v
العدد التاسع والعشرون -أغسطس 2012
57
�إثراءً للفن ذاته. لقد كان رينوار �شديد الإجاب بالإغريق �إذ جعلوا الأر�ض هى الفردو�س و�أنزلوا �إليها �آلهتهم ،ومن �أجل هذا �أراد �أن يعيد �إىل الأر�ض فردو�سها فى لوحاته من خالل ر�سم الزهور وب�سمات الأطفال ،ومن خالل ن�سائه الالئى تنب�ض �أج�سامهن باخل�صوبة وح�سن احلياة دون �أن تهوى �إىل االبتزال ،ولعل ذلك يف�سر �أ�سباب الإقبال على �أقتناء لوحاته و�إرتفاع �أثمانها فعندما �أقام �صديقه ديران معر�ض ًا لأعماله �سنة ،1886لقيت رواج ًا مذه ًال ،وانتقل الكثري منها �إىل املتاحف الأوروبية والأمريكية ،وفى �سنة 1904خ�ص�صت قاعة كاملة فى �صالون باري�س ال�شهري لأعمال رينوار ..واقتنى متحف اللوفر بع�ض ًا منها ،وقلما حظى فنان مثله بهذا التقدير فى حياته. وعندما تقدم به العمر ،وقع له حادث خطري؛ فقد v
56
�سقط بدراجته فى يوم مطري ،ووقع على بع�ض الأحجار فى الطريق ،فك�سرت ذراعه اليمنىوو�ضعت فى اجلب�س لفرتة طويلة ون�صحه طبيبه ب�أال ُيجهد نف�سه بعد ذلك فكان ير�سم بيده الي�سرى ..وظل كذلك حتى تع ّود�أن ير�سم بي�سراه ..ومنذ ذلك احلني بد�أت ق�صة �صراعه مع املر�ض ..ف�أ�صيب بالروماتيزم ومل ي�ستطع �أن يحرك يده اليمنى بعد ذلك فباع فج�أة كل ما ميلك من حتف ومقتنيات حتى تعي�ش �أ�سرته فى م�ستوى كرمي بعد �أن عجز عن ر�سم لوحاته التى و�صلت �أثمانها �آنذاك �إىل �أرقام عالية مل تعرفها باري�س من قبل. وفى �أواخر �أيامه كان ير�سم والفر�شاة مربوطة بيده ..ال ل�شئ �إال لأنه اعتقد اعتقاد ًا را�سخ ًا �أن حياته مرهونة مبمار�سته لفن الر�سم حتى ولو كان فى �ساعاته الأخرية ..
وفى ليلة من لياىل �شتاء عام – 1919وكان قد بلغ الثامنة وال�سبعني – طلب وهو طريح الفرا�ش �صندوق الألوان وفر�ش الر�سم ،ون�سى �آالمه لبع�ض �ساعات و�أخذ ير�سم لوحة بها جمموعة من الزهور، وملا وهنت قواه ومل ي�ستطع حتريك الفر�شاة على �سطح اللوحة � ..أطال الت�أمل فيما ر�سم وقال قولته ال�شهرية: الآن �أعتقد �أننى بد�أت �أن �أفهم �شيئا عن فن الر�سم، وكانت هذه �آخر كلماته !! ثم لفظ �آخر �أنفا�سه بعد ذلك بلحظات ولنا �أن نت ّمثل فى خاطرنا جميعا عظمة هذا الفنان اخلالد «بيري �أوج�ست رينوار» ،عندما يختتم حياته احلافلة بروائع الفن العاملى الرفيع بقوله وهو يحت�ضر � :إنه بد�أ يتعلم �شيئ ًا ف�شيئ ًا عن فن الر�سم. �إنها عبقرية التوا�ضع � ..أو توا�ضع العبقرية
الغالبة على توجهه الإبداعى تظل كامنة فى ترجيح �إ�شباعه اجلماىل الذاتى على ما عداه من �سائر املقا�صد ،فهو من �أولئك النفر من املبدعني الذين ي�ستهدفون �إر�ضاء قناعاتهم الداخلية بالدرجة الأوىل؛ �إنه يبدع لإمتاع نف�سه بفعل الإبداع ،بذات القدر الذى ي�ستهدف به �إمتاع غريه من خالل فعل التل ّقي. ال�شق امل�ستبطن جلموح الأن��وث��ة من جتربة “�سيف” ي�ستجلى العوامل اجل ّوانية للمر�أة ،و ُي َ�ش ِّرح �أح�شاء م�شاعرها احلميمة ،و ُي َج�سد هواج�سها العاطفية ورغباتها اجل�سدية ،وهى جتربة ميثلها ا�سرت�سال ل�سل�سلة من املعار�ض التى �أقامها عرب
حمطات م�شواره الفني ،والتى طاملا عالج فيها �أفكار ًا تتوا�شج مع خبايا املر�أة الوجدانية واحل�سية، من خالل م�شاهد يدور �أغلبها فى غرف مغلقة، بينما �أتى ما يدور منها فى منظر خارجى مفتوح م�شمو ًال بنفحة الطابع القروى ال ِبكر ،الذى ميثل ِ�شق جتربته الآخ��ر ،وم�صدر ر�ؤيته الفنية الأهم والأجدر بالت�أمل. وامل �ف��ردات الب�صرية الرئي�سية التى ت��دور حولها جتربة “�سيف” فى �سياق �سرب �أعماق الأنثى تتمثل يف :مفردة امل��ر�أة ،التى تتبدى �أحيان ًا فى حالة احتياج �إىل امل�شاعر ثم ت�أتى مفردة الكلب لتعطى اح�سا�سا ب�أنه
يحاول اقتحام هذه احلياة .وقد ي�ستبدل “�سيف” هذه املفردة ب�أخرى متثل �شخ�ص ًا �أو ح�صان ًا ،بينما تلعب مفردة الرجل دور ًا �أكرث �أهمية فى م�شاهد املناظر املفتوحة ،التى تغلب عليها �أك�ثر فكرة الرومان�سية والعاطفة الوجدانية. و�أح �ي��ان � ًا م��ا يعمد “�سيف” �إىل االحتفاء الب�صرى بالزُخ ُرف والتو�شية ،فيتخذ من الثياب املزرك�شة مو�ضع ًا للتنغيم والتنويع امللم�سي ،حمي ًال �إيانا �إىل مرجعية بع�ض م�شاهد فنانى اال�ست�شراق الذين تناولوا حياة اجلارية� ،أو بع�ض �صياغات الفنانني الأوربيني الذين انفعلوا باحلياة احل�سية للمر�أة ال�شرقية ،وفى مقدمتهم “هرنى ماتي�س”
العدد التاسع والعشرون -أغسطس 2012
v
59
فنان من مصر
بكارة القرية وسحر األنوثة
» وجها تجربة » سيف صقر د .يا�سر منجي ب���س�ي� ٌ�ط ف��ى �شخ�صيته، �صري ٌح فى عبارته ،وا�ض ٌح فى ت �ع �ب�يره ع��ن م �ك �ن��ون��ات ذات ��ه. ح�ين تعامله ف�لا مفر �أم��ام��ك م��ن ا�ستدعاء ر�صيد تقاليدنا امل�صرية الريفية ال�صميمة، وال جم��ال للرتاجع عن االنتباه امل�ستمر لوقع كلماتك ومدلوالت ت�صرفاتك؛ �إذ �إنك حني تختار االق�ت�راب م��ن «�سيف الإ��س�لام عامر �صقر» (م��ن مواليد عام ،)1952ف ��إمن��ا ت�ت�خ��ذ ق���رار ًا ب��ال��دل��وف �إىل ع ��امل ف �ن��انٍ ما زال يفخر بارتداء جلبابه فوق �أع�صابه العارية ،م�ض ّفر ًا ن�سيج تراثه (الفلاّ حي) الأ�صيل فى حنايا كيانه الإب��داع��ي ،فهو مل يعمد – �ش�أن كثري من الفنانني ال��ذي��ن ان�سلخوا ع��ن �أ�صولهم الريفية – �إىل االرمتاء الق�شرى ف��ى �أح �� �ض��ان ح��ال��ة التقم�ص الغربي ،تلك التى يحاول فيها البع�ض ج��اه��د ًا �أن تظهر عليه (�أم���ارات) الفن وفق ًا ل�صورة منطية جاهزة ،يبدو معها املرء (فنان ًا) باملفهوم ال�سينمائى ال�ساذج ،الذى يعول على طراز مظهرى هجني ،وترديد �أجوف لعبارات �أجنبية مبت�سرة، للإيحاء بالتبحر فى ثقافة الفن واالنغما�س فى �سياقه املعا�صر. �إن «�سيف �صقر» برتكيبته ال�شخ�صية /الفنية يج�سد منوذج ًا قيا�سي ًا ملقولة «بارا�سيل�سو�س» )1541 -1493( Paracelsusال�شهرية: “ال تكن �شخ�ص ًا �آخ��ر طاملا ا�ستطعت �أن تكون نف�سك” Be not ،another, if you can be yourselfوهو ما يف�سر من َثم متحه امل�ستمر من م�صدرين �أ�سا�سيني للر�ؤية الفنية� :أولهما بيئته امل�صرية الريفية التى مل ين�سلخ عنها يوم ًا ،والتى ما زال حري�ص ًا على الركون �إليها والعي�ش فيها ،فـ”�سيف” ما زال �ساكن ًا للريف م�سكون ًا به� ،إىل احلد الذى
v
58
حتولت معه القاهرة بالن�سبة �إليه �إىل حم�ض مكان ملمار�سة العمل والن�شاط الفنى فقط� .أما ثانى م�صادر ر�ؤيته الفنية فهو ان�شغاله الدائم باملر�أة ،من حيث ه��ى م��و��ض��وع للت�أمل اجلماىل والإ� �ش �ب��اع احل���س��ى م �ع � ًا ،وم��ن �سبب لتفجري تداعيات حيث هى ٌ احل��ب ،واحل��رم��ان ،واخلطيئة، واخليانة ،ك�أفكار واردة فى منت العالقة بني الرجل واملر�أة. وال��را��ص��د لتجربة «�سيف ��ص�ق��ر» ال�ف�ن�ي��ة مي�ك�ن��ه حتديد تنويعاتها اجلرافيكية – على امل �� �س �ت��وى ال�ت�ق�ن��ى -ف��ى �أرب ��ع ف �ئ��ات �أ��س��ا��س�ي��ة ،ه��ي� :أع �م��ال ال �ط �ب��اع��ة ال� �ب ��ارزة Relief ،Printingو�أع � �م� ��ال الطباعة الغائرة Intaglio ،Printingو�أعمال الر�سم بو�سائطه املختلفة ،ثم �أعمال امل �� �ص �غ��رات امل��ر� �س��وم��ة ،ال�ت��ى جتمع م��ا ب�ين تكثيف الدرا�سة ال �ت �ح �� �ض�ي�ري��ة (اال�� �س� �ك� �ي ��ز) " ،Esquisseوطزاجة التخطيط ال�سريع (اال�سكت�ش) .Sketch ينتمى “�سيف” �إىل طائفة الفنانني غزيرى الإنتاج ،وبخا�صة فى جمال الر�سم بالأبي�ض والأ��س��ود ،ال��ذى ي��راوح فيه بني ا�ستخدام �أق�لام احلرب اجلاف ،والري�شة ذات ال�سن املعدين ،والفر�شاة امل�شبعة باحلرب ال�شيني، �إىل جانب تطعيم مقارباته الأدائية فيه بتوليف �إمكانات �أق�لام ال�شمع و�أقالم الر�صا�ص امللونة ،ودمج اخل�صائ�ص امل�ساحية والظلية وامللم�سية املميزة للأقالم الدهنية ،مع ال�سمات اخلطية الر�شيقة لو�سائط الر�سم ذات ال�سنون احلادة .وبرغم غزارة �إنتاج “�سيف �صقر” الفنى فى كافة الفئات والتنويعات �سالفة الذكر ،وبرغم م�شاركاته العديدة فى املعار�ض العامة واجلماعية ،و�إقامته للكثري من املعار�ض اخلا�صة� ،إال �أن ال�سمة
والفطرة والرباءة والبكارة. ف�إذا ما انتقل “�سيف” للتجريب على جماليات امل�صغرات التح�ضريية (الإ��س�ك�ي��ز) ،ف��إن��ك ت��راه م�ستلهم ًا خ�صائ�صها التى تتمثل فى تلقائية الأداء املبا�شر ،واالنفعال اللحظي ،وفى املعاجلة ال�سريعة لل�سطح ،مم��ا ي� ��ؤدى �إىل ث��رائ��ه مبالم�س عفوية وخ�ط��وط غ�ير حم�سوبة نتيجة احل��رك��ة ال�سريعة لأدوات الر�سم على �سطح الورق ،وهذا مما ي�ضيف �إىل مظهر العمل التح�ضريى �إح�سا�س ًا ال يتوفر فى كثري من الأحوال فى العمل النهائي ،والذى يحر�ص فيه الفنان على جتويد الأداء وتهذيب اخلطوط وانتقاء املعاجلات اللونية وامللم�سية الأنيقة ،مما ُيف ِقد اخل�صائ�ص التى �أ�شرنا �إليها ،على الرغم مما يتوفر فى العمل النهائى من مهارة التنفيذ وخربة التجويد. وقد التفت كثري من نقاد الفن وم�ؤرخيه �إىل جماليات ه��ذه امل���ص�غ��رات التح�ضريية ،فكتبوا عنها درا�سات م�ستقلة ،واهتموا بها بنف�س درجة اه�ت�م��ام�ه��م ب ��أع �م��ال فنانيها ال�ن�ه��ائ�ي��ة ،ول��ذل��ك جند فى معظم مراجع تاريخ الفن ف�صو ًال كاملة تتحدث عن خ�صائ�ص امل�صغرات التح�ضريية لدى الفنانني امل�شاهري وتهتم بتوثيقها وباملقارنة بينها وبني الأعمال النهائية .كما �أن كثري ًا من املتاحف العاملية املهمة حتتوى على قاعات خم�ص�صة لعر�ض امل�صغرات التح�ضريية لفنانى مدر�سة معينة� ،أو مل�شاهري الفنانني فى ع�صر معني �أو فى بلد معني. وت� � ��زداد �أه �م �ي��ة امل �� �ص �غ��رات ال�ت�ح���ض�يري��ة والدرا�سات التمهيدية فى فن اجلرافيك عن غريه م��ن جم ��االت ال�ف�ن��ون الت�شكيلية ،ف�م��ن امل�ع��روف لدى ممار�سى الطبعة الفنية حتديد ًا �أن املراحل التح�ضريية للعمل اجلرافيكى متثل جزء ًا ال يتجز�أ م��ن تنفيذه النهائي ،وخ�صو�ص ًا عند ا�ستخدام طرق احلفر القائمة على ا�ستعمال و�سائط احلفر الكيميائية ،مثل احلفر احلم�ضى Etching ب�أنواعه املختلفة ،والتى يحتاج الفنان فيها �إىل �إحكام ر�ؤيته للعمل من حيث �ضبط التكوين وحتديد مناطق اخ�ت�لاف��ات الظل وال �ن��ور ،وك��ذل��ك حتديد طابع املالم�س العام للعمل ،وذل��ك حتى ال ت��ؤدى عوامل ال�صدفة واملفاج�أة -خالل مرحلة احلفر احلم�ضي� -إىل الإطاحة بر�ؤيته الب�صرية وت�شويهها على �سطح القالب الطباعي. وقد كان للعوامل ال�سابقة جميعها �أث ٌر كبري على
توجيه الفنان “�سيف �صقر” نحو االهتمام بفكرة امل�صغرات التح�ضريية ،ومن ثم �إىل قيامه بتنفيذ عدد ي�صعب ح�صره من �أعماله على تلك الهيئة، التى ارتبطت لديه م��ن حيث مو�ضوعها بالقرية امل�صرية وبفن ال�صورة ال�شخ�صية (البورتريه). هنا ال يجد املت�أمل الفاح�ص لتجربة “�سيف �صقر” ُب� ��د ًا م��ن ا� �س �ت��دع��اء ع ��دد م��ن ال�ت�ج��ارب اجلرافيكية ال�سالفة ،التى ّ وطد �أ�صحابها لأنف�سهم مكانة �شاخمة فى ذاك��رة الطبعة الفنية امل�صرية؛ فن�ستح�ضر على الفور �صراحة التعويل املبا�شر على عنفوان امل�ساحة الرا�سخة ل��دى “فتحى �أحمد” ( ،)2006 – 1939وتتهادى �أمامنا �أط�ي��اف من
تنغيمات “نحميا �سعد” ( )1945 – 1912امللم�سية الرهيفة ،و�شيئ ًا من الرتديد الإيقاعى اخلطى الذى �سبق و�أن وعيناه فى �أعمال الأ�ستاذ املكني “احل�سني فوزي” ( .)1998 – 1905وبذا يثبت “�سيف �صقر” �أنه وريث �شرعى لرتاث را�سخ القواعد فى تربة الفن امل�صري ،و�أن ثمة ن�سغ ًا �ساري ًا فى جيناته الإبداعية من �سل�سال النفحة امل�صرية ال�صميمة ،انفرد هو بدمغه بطابع ذاتى ممعن فى خ�صو�صيته ،ي�ستهدف دوم ًا �إر�ضاء قناعاته اخلا�صة ،متكئ ًا ب�إحدى قدميه على �أر���ض ال��ري��ف البكر ،وواجل� � ًا ب��الأخ��رى عتبة العامل ال�سحرى للأنوثة اجلاحمة.
العدد التاسع والعشرون -أغسطس 2012
v
61
،)1954 -1869( Henri Matisseالذى فتنته املر�أة ال�شرقية وما تزدهى به من زخارف فى مالب�سها و�أدواتها ،وظهر فى �أعماله التفات لوفرة الطعام وال�شراب فى حميطها ،وهى جميعها عنا�صر ت�ؤكد فكرة احل�سية. وق��د ت�ن��وع��ت ح �ل��ول “�سيف” التقنية لهذا امل��و� �ض��وع الأث �ي�ر �إىل ق�ل�ب��ه ،وت��ع��ددت اخل��ام��ات لتج�سيد ر�ؤاه على م�سطحاته املطبوعة واملر�سومة؛ فا�ستخدم القلم اجلاف فى تنفيذ بع�ض الأعمال، وا�ستخدم ري�شة التحبري فى بع�ضها الآخ��ر ،كما ا�ستخدم احل�بر ال�شينى مع الفر�شاة ،كذلك نفذ ع ��دد ًا منها بوا�سطة احل�ف��ر على اخل�شب طوىل v
60
املقطع ،مبا مييزه من �إمكانات ب�صرية ال تف�صح ع��ن مكنوناتها �إال حل�ف��ار �أري ��ب .كما نفذ ع��دد ًا �آخ��ر بوا�سطة احلفر الغائر على معدن الزنك، با�ستخدام تقنية احلرب ال�شينى وال�سكر Sugar- ،Lift Aquatintالتى يغلب على �أعمالها طعم الأداء ال�سريع لفر�شاة الر�سم امل�شبعة بلون واحد هو الأ�سود ،وت�أتى اخلطوط املر�سومة حمملة ب�شحنة انفعالية كبرية ،م�صدرها اختالف ُ�سمك اخلطوط خالل حركة الفر�شاة ال�سريعة على �سطح القالب الطباعي ،مما يقرب الأعمال املنفذة بهذه الطريقة من روح اال�سكت�ش مبا حتمله من طزاجة وعفوية والتقاط اللحظة اخلاطفة للحدث ،وهو ما
ي�ؤكد التنوع الب�صرى والتقنى فى جعبة “�سيف” الأدائية ،ويع�ضد الرابطة القوية بني جماىل الر�سم والطبعة الفنية ف��ى غ�م��ار جتربته اجلرافيكية. وحني ي ِلج “�سيف �صقر” براح ريفه البكر� ،إذا هو ُيط ِلق لر�ؤاه الغ�ضة العنان ،لتجمح فى ف�ضاء ال يحده �إال توق الرجوع للرباءة الأوىل ،حني كانت املجتمعات الب�شرية ال تزال فى ع�صورها الذهبية ،حيث ب�ساطة العي�ش ،و��ص��راح��ة امل�سلك ،واالل �ت �ح��ام الأق�صى بقوى الطبيعة و�أ�سرارها ،وا�ست�شعار فيو�ض البرَ َ كة الكونية وحتنانها فى موا�سم رخائها .هنا تتجلى املر�أة فى كيان مغاير لذلك الذى ر�أيناه فى م�شاهد حياتهااخلا�صة؛ �إذ هى هنا ت�ستدعى ر�صيد �آالف ال�سنني فى الثقافة اجلمعية امل�صرية ،فى ر�ؤيتها للمر�أة بو�صفها (�سيدة) ذات مقام رفيع ،تلتحم كينونتها الأنثوية ببكارة القرية وعنفوان الريف اخل�صيب. ي�ستدعى “�سيف” فى جتربته الفنية الريفية ما وعته ذاكرته الب�صرية من م�شاهد ملء اجلرار من الرتع ،وتكوينات الأوانى وال�شخو�ص على حافة النهر فوق الأع�شاب وبني الأ�شجار ،وحلظات خلو البال لدى الرعاة والفالحني ،حني يهرعون �إىل مزامريهم يبثونها مكنونات �صدورهم فى �أوقات الراحة ،وهو هنا ما برح يخترب احلنني ال�ستعادة ج��ذور هويته امل�صرية ،باعتباره فنان ًا يعي�ش ع�صر ًا يعج بع�شرات االجتاهات الفنية املختلفة ،بل واملتعار�ضة �أحيان ًا، والتى قد يبالغ بع�ضها فى التغريب والتقليد دون �سبب وا�ضح ،و�أحيان ًا دون فهم من بع�ض الفنانني، الذين قد ين�ساقون خلف التقليد والت�أثر والنقل، ت��ارك�ين م�صادر الإل �ه��ام وال��ر�ؤي��ة التى تذخر بها ثقافتهم املحلية امل�صرية. وقد ع ّول “�سيف” فى معظم جتربته الريفية على الو�سيط الطباعى البارز ،املتمثل فى قوالب اخل�شب طولية املقطع؛ �إذ هى من �أف�ضل الو�سائط التى ميكن من خاللها الإيحاء بجو الفطرة الريفية وتلقائية احلياة الب�سيطة فيه ،نظر ًا ملا تتميز به الطبعات الفنية املنتجة بهذا الو�سيط م��ن ح�س ف�ط��رى وع �ف��وى مم�ي��ز ،وم��ا تتميز ب��ه ك��ذل��ك من خ�صائ�ص ملم�سية ذات خ�صو�صية �شديدة ،ترتبط �إىل حد كبري ب�إيحاءات العفوية واالنفعال التلقائي، ف�ض ًال عما مييزها من م�ساحات ظلية �صريحة، تعرب خري تعبري عن اخل�صائ�ص الوجدانية لبيئة الريف امل�صري ،التى ارتبطت فى الأذهان بالعفوية
وقد عرفه قدماء امل�صريني حيث ت�شري العديد من الربديات �إىل ما ي�ؤكد �أن امل�صريني القدماء هم �أول من �صنع الزجاج وعرفه ،فقد وجدت فى مقابرهم �أقدم �آثار لهذه املادة حيث كانوا ي�صنعونها قبل امليالد بحواىل �أربعة �آالف عام ،وهناك بع�ض الأعمال من اخلرز والتعاويذ الزجاجية م�ؤرخة بهذه الفرتة. وعرث فى م�صر كذلك على ق�ضيب من الزجاج يعود �إىل عهد امللك «�أمنحتب الثالث» ،وما زال هذا الق�ضيب الزجاجى حمفوظ ًا فى متحف برلني ،كما يوجد فى متحف (املرتوبوليتان) للفن فى نيويورك ك�أ�س خا�صة بامللك «حتتم�س الثالث» وهى من الآثار التى تدل على براعة قدماء امل�صريني فى �صناعة هذا الفن ،وقد وجد فى تل العمارنة زجاج ًا جم�سم ًا ا�ستخدم فى �أغ��را���ض الزينة واملكمالت ل�صناعة الأثاث والتماثيل. ويعرف الزجاج املع�شق ب�أنه تراث وفن معمارى ع��رب��ى و�إ� �س�لام��ى ق��دمي ظهر ف��ى ال �ق��رن العا�شر امليالدى خالل احلقبة البيزنطية فى �أوروبا ،حيث ك��ان هناك ط��راز متميز لنوافذ ال��زج��اج العربى ي�سميه الأوروبيون (املوري�ش) ن�سبة �إىل عرب �شمال �أفريقيا وامل�غ��ارب��ة ،ويطلق عليه ف��ى بع�ض ال��دول العربية ا�سم (الفرتاج). انت�شر ه��ذا الفن ف��ى ال�ع��امل الإ��س�لام��ى فى الق�صور وامل�ساجد حيث انت�شرت نوافذ الزجاج امل�ع���ش��ق ب��اجل����ص كمظهر م��ن م�ظ��اه��ر ال�ع�م��ارة الإ�سالمية التى جاءت متوافقة مع الظروف املختلفة لذلك املجتمع. ومن الأمثلة املب ّكرة للنوافذ اجل�صية املفرغة (ن��واف��ذ ق���ص��ر احل�ي�ر ال �غ��رب��ي) ب �ب��ادي��ة ال���ش��ام و(اجل��ام��ع الأم� ��وي) بدم�شق و(ج��ام��ع ع�م��رو بن العا�ص) بالف�سطاط فى م�صر و(جامع �أحمد بن طولون). وكان الر�أى ال�سائد لدى علماء الفنون والآثار من قبل �أن �أول ظهور للنوافذ اجل�صية املع�شقة بالزجاج كان فى الع�صر الأيوبي ،وذلك فى نوافذ قبة �ضريح ال�سلطـان ال�صالح جنم الدين �أي��وب امل�ل�ح��ق مب��در��س�ت��ه بالنحا�سني ب��ال �ق��اه��رة ،ولكن احلفائر الأثرية �أثبتت �أن الزجاج املع�شق باجل�ص ا�ستخدم منذ الع�صر الأم��وي ،وا�ستـمر فى ق�صور اخللفاء العبا�سيني ،كما ا�ستخـدمت ف��ى �أواخ��ر الع�صر الفاطمى �ألواح من اجل�ص مع�شق بالزجاج v
العدد التاسع والعشرون -أغسطس 2012
63
تراث
الحرف اليدوية هوية تراثية
الزجاج المعشق وجمال اإلبداع
ال �أحد منا يعرف بدايات احلرف اليدوية التقليدية التى دعت لها حاجات املجتمعات ف�أ�صبحت تلك احلرف �أحد ثوابت تراثنا العريق وكنوز �شعوبه التى ال ميكن �أن ترحل من الذاكرة مهما مرت ال�سنني.. وم��ا �شموخ املا�ضى �إال �إ��ض��اءة حلكاية احلا�ضر اخت�صر خطواتها االبتكارية الأوىل احلرفى القدمي. فال�صناعات احل��رف�ي��ة لها �أهميتها التاريخية والثقافية واالجتماعية واالقت�صادية ،وتعترب الآن �أف�ضل و�سيلة تعبري عن هوية البلد الوطنية ،ونظر ًا لغزو ال�صناعة احلديثة انح�سرت ال�صناعات التقليدية و�أ�صبح ينظر لها ب�أنها �إما تراث ًا ال يجوز امل�سا�س به �أو �إدماج ما ميكن دجمه فى ال�صناعات احلديثة و�إهمال الباقى حتى يندثر. �إن احلرف والفنون التقليدية جزء هام وتاريخ عريق لدى خمتلف ال�شعوب واحل�ضارات واالهتمام بها ورعايتها واجب �إن�سانى وطنى ور�سالة عميقة الأهداف يجب �أن ت�صل ب�أكمل �أمانة للأجيال احلالية والأجيال القادمة ،وهذه م�سئولية كبرية يتحمل �أعباءها املهتمون بهذا الإرث الثقافى املحلى الذى و�صلنا من الآباء والأجداد.
v
62
�صاحلة �شعبان
ولقد ا�شتهرت م�صر قدمي ًا بال�صناعات اليدوية لكرثة احلرفيني بها والذين ميتلكون طاقة �إبداعية بديهية وال يزال قلة منهم ميتهنها كمورد رزق له ..فال�صناعة التقليدية �إحدى الدعائم الأ�سا�سية التى كانت ترتكز عليها البيئة االقت�صادية لآالف الأ�سر رغ��م انح�سار معظم احلرفيني وتناق�صهم ف��ى ال��وق��ت ال��راه��ن ،وم��ن �أب��رز تلك احل��رف :امل�صنوعات الذهبية وامل�صوغات واملجوهرات والف�ضيات واخلرازة و�صناعة ال�صناديق اخل�شبية والفخار وال�صناعات ال�سعفية كالقفا�صة واحل�صر واخلو�صيات ب�أنواعها و�أ�شكالها املختلفة، والدباغة واخليامية وكذلك �صناعة الأختام والزجاج املع�شق ،و�أغلب هذه احلرف بد�أ يتال�شى رغم �إقبال وحب النا�س لها. الزجاج املع�شق ..تـراث وفـن عرف الإن�سان الزجاج منذ بداية التاريخ ،فقد وجدت �أدوات كثرية م�صنوعة من الزجاج الطبيعى فى �أماكن متفرقة من العامل، وكان الكت�شاف النار �أثر كبري فى قيام ال�صناعات التى تعتمد على احلرارة مثل الفخار والزجاج.
الآالم والعذاب كما كان م�سبق ًا و�إمنا ي�ستعي�ض عنها بثالث ب�ؤر لونية حمراء فى اليدين والوجه ،وقد كان لكل هذا التغري فى �أ�ساليب التعبري ت�أثري ًا بالغ الأهمية على العمارة. �إ�ستخدامات الزجاج املع�شق ميكن ا�ستخدام ال��زج��اج املع�شق فى العديد من املبانى ال�سكنية والتجارية بالإ�ضافة �إىل اجلوامع وامل�ساجد ،وميكن و�ضعه فى �أى جزء من �أج��زاء املبانى ويف�ضل �أن يكون معر�ض ًا لل�شم�س لإب��راز جمال �أل��وان الزجاج وخ�صو�ص ًا عند انعكا�س تفا�صيل الت�صاميم على اجلدران والأر�ضيات وكذلك لتخفيف حدة �أ�شعة ال�شم�س ،كما ميكن ا�ستخدامه فى القواطع الداخلية بغر�ض حجب الر�ؤية و�إعطاء خ�صو�صية وا�ستقاللية للمكان. وال يقت�صر الزجاج املع�شق على �صنف �أو نوع واحد فقط، لكن هناك �أنواع متعددة منه مثل: (الفيوزينك) ويتميز بر�سومات بارزة على �سطحه ،وي�صنع عن طريق دمج عدة �ألوان من الزجاج و�صبها فى قوالب خا�صة ومعاجلتها فى الفرن احلرارى حتت درجات حرارة عالية ،وهى طريقة �أوروبية بحتة م�ستوحاة من نفخ الزجاج. ال��زج��اج امل��زخ��رف (ال�سانديل�ست) �أو ما ي�سمى (�ضرب الرمل) وفيها يتم ل�صق الت�صميم امل��راد على الزجاج بحيث يكون الورق الال�صق فوق الأجزاء املراد لها �أن حتتفظ ب�شفافية الزجاج ويتم ر�ش باقى الأجزاء بالرمل عن طريق جهاز خا�ص. الزجاج املع�شق امل�شطوف وهو نوع مميز من الزجاج املع�شق الذى ي�ستخدم فيه �شطف الزجاج ب�أنواعه وفق ًا للت�صميم املطلوب “و�شطف الزجاج هو ك�سر الزجاج”. الزجاج املع�شق بالكري�ستال وهو �آخ��ر ما �أنتجته امل�صانع الأوروبية وهو عبارة عن حبات من الكري�ستال الأ�صلى تدخل فى الزجاج. وتلك نبذة �سريعة عن فن الزجاج املع�شق ك�أحد �أهم الفنون الرتاثية التى �أو�شكت على االندثار ،فما هو �إذن م�ستقبل هذه احلرف والفنون التقليدية املحلية؟ وماذا ب�إمكاننا �أن نفعل بعد �ضياع الكثري من �أ�صالة هذه احلرف والفنون ونحن نرى ب�أعيننا رحيل معظم احلرفيني �أو انزوائهم عن الأ�ضواء بعد فقدان تلك احلرف لأهميتها ودورها الكبري الذى كانت ت�ؤديه فى ال�سابق. وكيف ميكن حماية القلة القليلة املتبقية من احلرفيني وا�ستثمار حرفهم �سياحي ًا وتطويرها وا�ستغاللها ك�صناعة حديثة ذات معنى وم�ضمون يجمع بني جمال املا�ضى وت�ألق احلا�ضر؟؟ ومما ال �شك فيه �أن �إن�شاء مراكز حملية لرعاية احلرف وال�صناعات التقليدية تكون من بني �أهم �أولويات هذه املراكز درا�سة الرتاث احلرفى وت�سجيله علمي ًا وا�ستحداث برامج لتفعيل تلك احل��رف ورعايتها والعمل على تطويرها وو�ضع القوانني الالزمة وال�سعى لتنفيذها والتفاعل الإيجابى معها فيكون لها �أثر ًا بالغ ًا على حماية تلك احلرف من خطر االنقرا�ض. v
العدد التاسع والعشرون -أغسطس 2012
65
املل ّون بد ًال من الألواح الرخامية واحلجرية املفرغة، وانتقل ه��ذا الأ��س�ل��وب الفنى �إىل ع�م��ارة الع�صر الأيوبى حيث بلغ �أوج ازدهاره فى الع�صر اململوكي، و�أ�صبح من ال�سمات املميزة للعمارة املدنية والدينية فى الع�صر العثماين. وقد عرفت بع�ض بلدان العامل الإ�سالمى �أنواع ًا متعددة من النوافذ مثل املدورات الرخامية اليمنية (القمريات) التى كانت تتميز برقتها وال يزيد �سمكها عن �سنتيمرت ون�صف بحيث ت�سمح بنفاذ ال�ضوء من خاللها ،و(ال�شم�سيات) املغربية وهى عبارة عن نوافذ ن�صف دائرية توجد �أعلى الأبواب والنوافذ وتغطى باخل�شب والزجاج امللون وت�سمح بدخول �ضوء ال�شم�س ،ومع دخ��ول العثمانيني �إىل العديد من البالد الإ�سالمية �أ�صبح �أ�سلوب النوافذ الزجاجية املع�شقة باجل�ص هو الأ�سلوب ال�سائد. ا�ستخدم الزجاج املع�شق فى العامل من تلك الفرتة و�إىل يومنا هذا وذلك لأن له طابع جماىل مميز و�أن��ه يدخل النور �إىل املكان ب ��أل��وان متنوعة وخمتلفة م��ع ك��ل ف�ترة من النهار .فالزجاج املع�شق فن خالب ،يعتمد على م��رور ال�ضوء ع�بر القطع الزجاجية امل�ل��ون��ة لين�شر ف��ى ال��داخ��ل �أ� �ض��واء ملونة حاملة متتزج ببع�ضها البع�ض وتتغري �ألوانها على م��دار ال�ن�ه��ار ،وذل��ك الخ�ت�لاف زاوي��ة �سقوط ال�شم�س عليه فنور ال�صباح يختلف ع��ن ال�ن��ور عند الظهر وع�ن��ه عند امل�ساء. ويعد اختيار املكان املنا�سب لو�ضع الزجاج املع�شق مهم جد ًا ..ويف�ضل �أن يكون معر�ض ًا لل�شم�س لإب��راز جمال وزه��و �أل��وان الزجاج وخ�صو�ص ًا عند انعكا�س تفا�صيل الت�صاميم على اجل��دران والأر�ضيات وكذلك لتخفيف حدة �أ�شعة ال�شم�س ..وي�ستخدم فى القباب وهى عبارة عن فتحات �سقفية حمدبة �أو فى الفتحات ال�سقفية امل�ستطيلة �أو ذات الأ�شكال الهند�سية املختلفة �أو واجهات املبانى. وي�ؤكد ا.د /حممد زينهم �أنه فى الع�صر احلاىل ظهر فنانني يتعاملون مع الزجاج ك�أنه �أداة لونية يتم جتميعه بطرق عديدة مت اكت�شافها بعد ذل��ك مثل الل�صق احل��رارى عن طريق الأف ��ران ، �أو ط��ري�ق��ة �إع� ��ادة الت�شكيل �أو ط��ري�ق��ة التجميع بالنحا�س وغ�يره��ا م��ن ال�ط��رق وو�سائل التقنيات املختلفة التى �أدت �إىل تطوير فن الزجاج املع�شق. v
64
وقد عرفت �أوروبا نوافذ الزجاج العربى املتميز ب�شفافيته واملزين بخيوط ملونة داخله عندما دخل عرب �شمال �أفريقيا �أو املغاربة �إىل �إ�سبانيا مما �أتاح للأوروبيني تطوير الزجاج املع�شق مبا يتما�شى م��ع فل�سفتهم واعتقادهم واحتياجهم ،وتطورت �صناعة الزجاج املع�شق و�أ�صبح ا�ستخدام الر�صا�ص والنحا�س كبديل للرخام واحلجر لت�صبح ت�صاميمه �أك�ثر ج�م��ا ًال و�أف���ض��ل ج��ودة و�أق ��ل تكلفة ،و�أ�صبح فنية ت�ضفى مل�سة ال��زج��اج املع�شق حتفة
جمالية على املبنى وترفع قيمته اال�ستثمارية وت�شعر من بداخله بالراحة النف�سية. التحول م��ن التع�شيق باجل�ص �إىل التع�شيق بالر�صا�ص ا�ستخدم العرب اجل�ص “اجلب�س” لل�شم�سيات والقمريات كخامة �أ�سا�سية عند تع�شيق الزجاج
لعدم وجود عوائق حتول دون انت�شارها جلفاف اجلو من ناحية وا�ستقرار معظم ف�صول ال�سنة من ناحية �أخرى ،بالإ�ضافة �إىل الدفء الذى حتدثه ال�شم�س وال��ذى ي�أتلف معه اجلب�س كخامة م�ستخدمة فى التع�شيق . ولكن تلك اخلامات مل تتوافق مع جو �أوروب��ا لت�أثرها باملناخ البارد ذى الرطوبة العالية �أغلب ف�صول ال �ع��ام ،ف�ط��رح اخ �ت�لاف امل �ن��اخ الأوروب� ��ى على فنانيهم فكرة ا�ستبدال اجل�ص مبعدن طيع �سهل هو (الر�صا�ص) �أو (بالط الأ�سمنت ال�صلب ب�ع��د اجل��ف��اف) ،وه��ات��ان اخل��ام �ت��ان م��ع ال��زج��اج امل�ل��ون جعلت لأوروب ��ا تقنيتني معروفتني تعك�سان ال�ت��واف��ق ب�ين اخل��ام��ة وامل �ن��اخ هما “فن ال��زج��اج امل�ؤلف بالر�صا�ص” ،و”بالطات الزجاج مع الأ�سمنت”. وقد ا�ستلهم فنانو الغرب فن النوافذ الزجاجية م��ن ال�ع�م��ارة الإ��س�لام�ي��ة مع ا�ستبدال اجل�ص ب�شرائح من الر�صا�ص تثبت ب�ه��ا ق�ط��ع ال��زج��اج ،ل�ك��ن الفنان الأوروبى قام برتتيب قطع الزجاج بحيث تكون ر�سوم ًا �آدم�ي��ة وحيوانية ومناظر دينية (�أيقونات) خمتلفة فى ذلك عن الطابع الزخرفى الذى مت ّيزت به الأعمال الفنية الإ�سالمية ،وت�شكل نوافذ الزجاج املع�شق بالر�صا�ص ملمح ًا �أ�سا�سي ًا ومميز ًا فى الكنائ�س والكاتدرائيات املنفذة ح�سب الطراز الفنى القوطى والرومان�سكي. ويذكر ا.د /حممد زينهم �أن هذا الفن ظهر بكرثة فى الكنائ�س احلديثة بعد (ال�ع�م��ارة النحتية وع �م��ارة البوب �آرت) فبد�أ يدخل ال��زج��اج ب�صفة فنية جم� ��ردة م�ع�ت�م��دي��ن ع �ل��ى ال��روح��ان �ي��ات اخلا�صة باللوحة ،فعلى �سبيل املثال لوحة م��ارك �شاجال “ال�صعود �إىل ال�سماء” م�ستعين ًا باللون الأحمر والأخ�ضر املمزوج بالأ�سود على الأر�ضية كتعبري عن العذاب املوجود فى الأر���ض ثم ب��د�أ بالدخول على ال�سماء م�ستعين ًا باللون الأزرق املمزوج بالأ�سود تعبري ًا عن مدى ت�أثرها بعذاب و�آالم امل�سيح ثم �صعود امل�سيح لأعلى �إىل �أن �صعد �إىل ال�سماء ب�ألوانها ال�صافية وظهور اللون الأبي�ض جم�سد ًا ما بعد ال�سماوات� .إذن فالرمز التجريدى التعبريى مل يعد الفنان ير�سم
الأو�� �ض ��اع وع��ذوب��ة الإح �� �س��ا���س ون�ع��وم��ة املالم�س وم�صرية امل�لام��ح و��ض��رب��ات الفر�شاة الراق�صة واحلانية .كما قام �أي�ض ًا فى بع�ض اللوحات لنف�س املو�ضوع باالعتماد على �ضربات الفر�شاة ال�سريعة وامل�ساحات اللونية املتجاورة ب�أ�سلوب يبدو جتريدي ًا �إىل حد كبري . كما تظهر فى �أعماله �أي�ض ًا لوحات تنتمى �إىل مرحلة كان ي�سعى فيها �إىل �إعالء دور املر�أة امل�صرية ،فعلى الرغم من بداياته الكال�سيكية والتى ت�صل �إىل ح��د الرومان�سية �أح�ي��ان� ًا كثرية واالنطباعية �أحيان ًا �أخ��رى � ،إال �أنه انتقل فى تلك الأعمال �إىل مرحلة جديدة يجمع فيها بني الواقعية والرومان�سية،
فالرومان�سية فى �أعماله تظهر فى امل�شاعر الأ�سرية الدافئة والأم��وم��ة التى تفي�ض بها لوحاته فنجده قد ج�سد الأم من خالل حياتها العائلية و�إ�شاعتها الدفء املنزىل من خالل ت�سجيله ليومياتها داخل جدران منزلها بعد �أن �أبدع فى مراحله ال�سابقة فى ر�سمها فى �أو�ضاع خمتلفة تفي�ض بالرومان�سية حيث ر�سمها وهى تقر�أ وجتل�س على ال�شاطئ وتفكر وغري ذلك. جنده قد ر�سم الأم امل�صرية فى �إحدى لوحاته فى �صورة بدت فيها كالراهبة التى تتعبد فى حمراب املنزل وتتقرب �إىل اهلل برعاية �أ�سرتها و�أوالده��ا كخطوة �أوىل لتن�شئة جمتمع �سوى ،كما ر�سمها وهى
تقوم بالعديد من املهام الأ�سرية بداية من �إر�ضاع ال�صغري ،ثم احلنو على الطفلة ال�صغرية و�إ�شاعة الألفة بينها وبني �شقيقها القادم ،وذلك فى اللوحة التى تظهر فيها الطفلة ال�صغرية تالم�س بطن الأم احلامل لت�شعر بنب�ضات �شقيقها القادم وتبد�أ فى الت�آلف معه ،فنجد الأم وقد اكت�ست كما فى معظم �أعماله مبالب�س ب�سيطة فاحتة اللون ناعمة ت�شف عن م�شاعر رقيقة وحنو فيا�ض ،كما تظهر فى عمل �آخر وهى مت�شط �شعر الإبنة قبل الذهاب �إىل املدر�سة ، وفى لوحات �أخرى ير�صدها وهى وتتابع الإبنة فى �إ�ستذكارها لدرو�سها و�آداء واجباتها املنزلية مع الأطفال ،كما تظهر فى �أعمال �أخرى وهى جتل�س v
العدد التاسع والعشرون -أغسطس 2012
67
تشكيل
خالد السماحى ..
أعماله تحتفى بالمرأة واألسرة المصرية
«خالد ال�سماحى» هو فنان م�صرى من جيل الو�سط ،تخرج من كلية الفنون اجلميلة بالقاهرةعام ،1993يتعامل فى لوحاته مع خامة الألوان الزيتية وغريها من اخلامات الأخرى ،قدم حواىل ع�شرين معر�ضا خا�صا و�شارك فى ع�شرات املعار�ض اجلماعية ،كما ح�صل على العديد من اجلوائز. «ال�سماحى» فنان تتجلى عبقريته فى املراحل املنظمة التى مر بها �إبداعه الفنى .فهو مولع بر�سم امل��ر�أة فى كافة حاالتها ،فكما �أنه بد�أ م�شواره بر�سم البورتريه �إال �أن��ه ب��رع فى ر�سم البورتريهات الن�سائية املفعمة بامل�شاعر و الأحا�سي�س التى ت�شعر بها املر�أة ،فالعيون ت�شع دفئ ًا وحنان ًا واحتواء ت�شعر به من خالل اختياره ل�شخ�صياته التى ير�سمها ، فال�صور ال�شخ�صية التى ير�سمها ت�ستطيع من خاللها �أن تدخل ب�سهولة �إىل عامل �صاحبها ،فهو الير�سم وجوه ًا ولكن ير�سم انفعاالت وم�شاعر v
66
د.فينو�س ف�ؤاد
و�أحا�سي�س ال�شخ�صية ،فق�سمات الوجوه حتمل معانى وخربات وهم�سات تنبئ عن �أ�صحابها ،كما �أبدع �أي�ض ًا فى ر�سم املر�أة فى �أو�ضاعها املختلفة وحركاتها اليومية داخل املنزل وخارجه ،كما �أن هناك مرحلة �أخرى �أجنز فيها جمموعة من اللوحات التى برع فيها فى ر�سم الفتاة امل�صرية فى �أو�ضاع جديدة مل ن�ألفها فى لوحاتنا امل�صرية املعا�صرة من حيث املو�ضوع ،حيث برع فى ر�سم فتيات وراق�صات وفرا�شات البالية ،تلك املرحلة التى ت�أثر فيها بقوة بـالفنان الفرن�سى «�إدجار ديجا» الذى برع فى ر�سم حياة راق�صات الباليه حتديد ًا ،كما برع «ديجا» �أي�ض ًا فى ر�سم املر�أة فى العديد من املواقف �أ�شهرها لوحة «املر�أة املت�سولة» ،و»�أ�سرة بيليلى» وغريها من الأعمال التى تعترب املر�أة فيها عن�صر ًا �أ�سا�سي ًا . تبعه فى جت�سيد تلك املو�ضوعات «ال�سماحى» و�أهمها «درو�س الباليه ولكن ب�أ�سلوب خمتلف من حيث قوة اللون ورهافة احل�س وليونة
v
العدد التاسع والعشرون -أغسطس 2012
69
بجوار الأب�ن��اء لكى تتابع وت�ستمتع باال�ستماع �إىل هواياتهم وت�شجيعهم على عزف املو�سيقى وتنمية مهاراتهم احل�سية . يتميز �أ�سلوب « ال�سماحي» ف��ى ه��ذه املرحلة بالواقعية من حيث طريقة الر�سم والتكوين مع وجود م�سحة ت�أثريية تعطى للظل والنور قيمته وي�ستخدم الفنان الأل��وان الزيتية مبهارة واقتدار ويبحث فى لوحاه عن مكنونات النف�س الب�شرية ت �ل��ك ه ��ى مل� �ح ��ات � �س��ري �ع��ة ال �ت �ق �ط �ت �ه��ا عني “ال�سماحى” لتظهر جانب ًا خفي ًا من�سي ًا من حياة الأم فى الأ�سرة امل�صرية .فالكثري من الأعمال الفنية ت�صورها �إمر�أة مرفهة ،كما قدم “ال�سماحى” فى مراحل وحمطات خمتلفة من م�شواره الفنى تتمثل فى مرحلة ر�سم الطبيعة ال�صامتة املتمثلة فى �أوانى ال��زه��ور والتى ظهر �أ�سلوبه فيها ت�أثريي ًا ب�صورة كبرية من حيث الألوان و�أ�سلوب التنفيذ ،بينما توجد v
68
لوحات �أخرى متثل جت�سيد ًا ملراحل قام فيها بدرا�سة احلركة لل�شخ�صيات املتعددة داخل العمل الفنى ، ويظهر ذلك من خالل لوحاته ودرا�ساته لل�شخ�صية امل�صرية القدمية والأحداث واملعارك التى متت فى ذلك الوقت والتى اهتم فيها باظهار تفا�صيل �أزياء لك املرحلة وكذلك �أنواع العمارة والعدد امل�ستخدمة فى ر�سم اللوحات اجلدارية و�ألوانها التى بدت فى �صورة مطابقة ملا تركه لنا الأجداد . و�أخ�ي�ر ًا ومعاي�شة ل�ل�أح��داث ال�سيا�سية التى م��رت بها م�صر م ��ؤخ��ر ًا بعد ث��ورة 25ينايرقدم “ال�سماحى” لوحة كبرية تلخ�ص الثورة والتى كانت بالفعل نقلة كبرية لديه وثورة ،حيث تخلى فيها عن الرومان�سية التى متيز �أعماله فى املراحل ال�سابقة ،كما تخلى عن العذوبة ال�شديدة ودرجات الألوان والإ�ضاءة اخلافتة واحلاملة التى غلبت عليها اللون الأبي�ض والأزرق وال�سماوى ،حيث ظهرت �ألوان ًا
جديدة فى ذلك العمل ات�سمت بال�سخونة �إىل حد ما ،حيث غلب عليها درجات اللون الربتقاىل والذى ت��درج من الفاحت �إىل الغامق ،كما تداخلت فيها �ألوان العلم امل�صرى مع �ألوان مالب�س ال�شخ�صيات التى بدت �إىل حد ما قوية البنيان عمالقة ممتلئة بال�شموخ والعزة ،كما ظهر فيها �أي�ض ًا �صورة املر�أة وه��ى ت ��ؤدى دوره��ا فى ال�ث��ورة ولكن مل تتخلى عن دورها الأ�سرى ،حيث بدت خاملة الر�ضيع ومياندة للزوج و م�صطحبة معها الأطفال ال�صغار . فبينما جن��د �أن �شهر م��ار���س ه��و �شهر واح��د كل ع��ام تعم فيه مظاهر تقدير امل��ر�أة من خالل �إحتفاالت دولية و�أ�سرية قد ت�ستمر �أيام ًا �أو �أ�سابيع ًا قليلة ،ن��رى «ال�سماحى» يحتفى ب��امل��ر�أة امل�صرية على مدار م�شوارة الفنى الذى امتداد ربع قرن من الزمان .
عن مثيالتها فت�صبح كل واحدة فريدة من نوعها، وه��ذا التفرد يجعل العديد من النجمات و�سيدات املجتمع يقبلن عليها. االندثار ما يح�سب ل�شم�س الأتربى �أنها رغم كل �إغراءات املو�ضة وموجاتها املتقلبة ،ال تهتم بهذا الأم��ر، وتربر ذلك بقولها �إن «اتباع خطوط املو�ضة خطة ا�ستهالكية بحتة لت�سويق ب�ضاعة تفر�ض علينا من الغري ،فلماذا �أخ�ضع لذوق غريي؟ ومن الذى فر�ض �أو ق��رر �أن ه��ذه هى املو�ضة؟ فاملو�ضة هى مبثابة تذوق جماىل بحت وما ينا�سبنى هو الذى يعرب عنى وعن �شخ�صيتي ،مبعنى �أنه يج�سد �أ�سلوبى ال �أ�سلوب �شخ�ص �آخر» .وت�أ�سف �شم�س ملا تتعر�ض له الأزياء التقليدية من جتاهل فى غمرة اتباع املو�ضة العاملية، فعلى ال��رغ��م م��ن الإق �ب��ال الكبري على اجلالبيب امل�صرية �سواء داخل م�صر �أو خارجها� ،إال �أنها ترى �أن اجلالبيب وغريها من الأزي��اء التقليدية التى تتميز بها م�صر متعر�ضة لالندثار .تقول« :فى بدايات القرن الع�شرين كانت هناك ت�سع مناطق فى م�صر ترتدى فيها الن�ساء �أزياء تقليدية ،ت�شمل بع�ض قرى ال�صعيد ،الدلتا ،النوبة ،الواحات اخلارجة وال��داخ�ل��ة والبحرية وواح��ة �سيوة و�شمال �سيناء وال�ساحل اجلنوبى من البحر الأحمر .ومتيزت هذه الأزياء بجمالها الوا�ضح واحل�شمة والراحة والتوافق م��ع امل �ن��اخ ،كما ك��ان تطورها �شديد ال �ب��طء ،فلم تعرف حتى فى القرن الع�شرين التحوالت املو�سمية وال�شطحات التى تتميز بها املو�ضة ،ولهذا مل تدفع من يقبل عليها �إىل اتباع منط ا�ستهالكى تتبدل فيه الت�صميمات والألوان والتطريزات والتقاليد ح�سب الأهواء والأمزجة ،بل ظلت زيا تتوارثه الأجيال جي ًال بعد جيل». وت�شري �إىل �أنه من �ضمن مزايا هذه الظاهرة �أن��ه ك��ان لكل ق��ري��ة �أو جمموعة م��ن ال �ق��رى منط رئي�سى يرتديه الأغنياء والفقراء على حد �سواء. ففى املنا�سبات العامة مثل الأف��راح وال�ع��زاءات مل يكن من املمكن التمييز بني ال�سادة من علية القوم ومن يعملون لديهم �« .أما حاليا فالأمر يبدو خمتلفا حيث اختفت هذه الأزي��اء من كافة جوانب حياتنا، و�أعتقد �أن االختفاء يعود �إىل االغ�تراب الثقايف. و�أذكر �أنه فى عام 1981وعندما كنت مديرة مل�شروع العري�ش للتطريز الذى �صمم بهدف احلفاظ على ف��ن التطريز ال �ب��دوى ف��ى �شمال �سيناء ،الحظت v
العدد التاسع والعشرون -أغسطس 2012
71
حرف يدوية
رغم التشابه الشديد للقطع المنتجة من تصميم واحد ،إال أن كل قطعةتأخذ سحرها وشخصيتها الخاصة من روح مطرزها. مالبس الفتيات السيويات وما يتحلين به من حلى فضية ،هو أول مايجذب األنظار لمن يزور هذه الواحة.
الجالبية البدوية تراث رائع وموضة لكل المناسبات تلك اجللباب ال�سوداء املطرزة والربقع والعيون ال�سوداء ..هذه هى �صورة امل��ر�أة البدوية فى عيون العامل ،قليال منا ال��ذى يعرف الفرق بني اجلالبية ال�سيناوية وجالبية الواحات ،زى الن�ساء مت�شابه جدا هنا وهناك ..فى �شبه جزيرة �سيناء وفى الواحات ،لكن هناك مل�سات قد تبدو ب�سيطة تفرق بني هذا وذاك ..رحلة بني �صحارى �سيناء والواحات �إلتقينا فيها �سيدات وفتيات يتحلني بالزى البدوى املميز، والذى �صار مو�ضة ملدة عامني متتاليني وقد ميتد لعامني �آخرين ،تظهر اجلالبية البدوية بكرثة فى �أي��ام ال�شهر الف�ضيل ،ترتديها �سيدات املجتمع والإع�لام�ي��ات والفنانات بل وامتد �أي�ضا لبع�ض الطبقات الو�سطى التى حتتفل فى رم�ضان بكل ما هو تراثى بدءا من الفانو�س وو�صوال �إىل الأزي ��اء ..ففى الوقت ال��ذى يزداد فيه �إقبال ال�سيدات والفتيات على ارت���داء العباءة ف��ى املنا�سبات الدينية وعند ال� ��ذه� ��اب �إىل امل �� �س��اج��د� ،إىل ج��ان��ب ارت��دائ �ه��ا ف��ى ب�ع����ض امل�ن��ا��س�ب��ات اخل��ا���ص��ة ،ي �ظ��ل اجل �ل �ب��اب امل �� �ص��رى بخاماته القطنية املتنوعة بارز ًا ومت�ألق ًا بت�صميماته املقتب�سة من عبق الرتاث املتعدد على �أر�ض م�صر ما بني النوبي ،والريفى والبدوي .و�إذا كان الإقبال على اجللباب امل�صرى يزداد على مدار �أيام ال�سنة ،ف�إن هذا الإقبال يت�ضاعف فى �شهر رم�ضان ليتحول �إىل عادة من العادات الرم�ضانية حتر�ص عليها امل�صريات خالل الزيارات وحفالت الإفطار وال�سحور الرم�ضانية فى اخليام والفنادق. ولعل هذا ما دفع بع�ض م�صممى اجللباب امل�صرى للإبداع فى هذا املجال وت�صميمه ب�شكل يقبل عليه الأجانب والعرب وامل�صريون على حد �سواء .فى مقدمة ه�ؤالء ت�أتى امل�صممة «�شم�س الأتربي» التى
v
70
�سهى على رجب
تخ�ص�صت منذ �سنوات عديدة فى هذا املجال ،و�أخذت على عاتقها مهمة لفت الأنظار �إىل جماله و�أناقته و�إمكانية �إرتدائه فى العديد من املنا�سبات .عن جتربتها مع هذه القطعة االثرية الع�صرية تقول الأتربي« :بد�أت م�شوارى مع اجللباب امل�صرى عندما �أردت التعبري عن هويتى امل�صرية والت�أكيد على عروبتى واعتزازى برتاثى الغني. فعلى الرغم من وحدة املجتمع امل�صرى �إال �أن كل منطقة لها جلباب مييزها عن غريها من املناطق �سواء من حيـث القمــا�ش او التطريز او الت�صميم.... وت�ضيف« :ن�ستخدم نوعية خا�صة من القطن امل�صرى امل�صمم خ�صي�ص ًا لنا ليتما�شى مع الطريقة التى تتطلبها ت�صميماتي ،بالإ�ضافة �إىل احلرير الطبيعى املغزول واملن�سوج يدويا مع خيوط قطن للتمكني وخيوط التطريز وتكون �أما م��ن القطن �أو احل��ري��ر. �أم��ا عن الأل��وان فال ي ��وج ��د ل � ��ون م�ع�ين تتميز ب��ه منتجاتنا، و�إن ك ��ان م�ع�ن��ا دائ��م��ا الأ���س��ود والأبي�ض والأحمر والبنى والكاكى والأ�صفر والربتقاىل ،ف�ضال عن ا�ستعانتنا من حني لآخر ببع�ض الألوان اجلديدة كالأزرق الفريوزى على �سبيل املثال .وحالي ًا ن�ستخدم ثالثة وع�شرين لون ًا� ،إذ نعمل على �إدخال �أكرث من لون فى اجللباب الواحد ،لكننا نحر�ص �أن تكون الألوان متناغمة» .وعلى الرغم من حمدودية عدد القطع التى تنتجها امل�صممة �شم�س الأتربى من كل ت�صميم جديد، �إال �أن التنفيذ ي�ستغرق وقتا طويال ،حيث يقوم باملهمة �أكرث من مطرز وقد ي�صل الأمر فى بع�ض الأحيان لال�ستعانة ب�أربعة �أو خم�سة �أفراد للقطعة الواحدة .ورغم الت�شابه ال�شديد للقطع املنتجة من ت�صميم واحد� ،إال �أن كل قطعة ت�أخذ �سحرها و�شخ�صيتها اخلا�صة من روح مطرزها الذى ابتدعتها يده وتت�أثر مبزاجه النف�سي ،وهذا ما يفرقها
اخليط الذى يطرز به الثوب ..فالأحمر للمتزوجات والأزرق للعذارى . .وتلف الن�ساء خ�صورهن ب�أحزمة من ال�صوف القرمزى ت�سمى �صوفية . وتغطى امل��ر�أة ر�أ�سها وتلف كل ج�سمها �إذا ما غادرت منزلها بو�شاح �أ�سود اللون مطرز بوحدات زخرفية ب�سيطة فى حوافه وو�سطه ،وي�سمى هذا الو�شاح « قنعة» �أو «خ��رج��ة» .بينما تغطى الفتاة ر�أ�سها فقط « بالوقاية» �أو ال�سادة وهى من القما�ش الأحمر وت�شبه الطاقية � ..إال �أن اجلزء اخللفى منها طويل �إىل منت�صف الظهر تقريب ًا وحافتها الأمامية مزينة ب�صف من العمالت الف�ضية �أو الذهبية ت�سمى «الك�شا�شة» .اخلمار �أو الربقع يختلف فى كل قبيلة عن الأخرى ..وي�ستخدم حلجب وجه املر�أة املتزوجة عدا العينني ..ويتكون عادة من �شريط من القما�ش وي�شد حول جبهة املر�أة ويعقد من اخللف وتتدىل منه �صفوف العمالت املعدنية ..حيث يتحدد مدى ثراء املر�أة بنوعية وكمية العمالت على خمارها . خلع احلزام وم��ن جانب �آخ��ر تقول الدكتور �سهري عثمان
�أ�ستاذ الت�صميم بكلية الفنون التطبيقية �أن اجللباب البدوى له رونق خا�ص وخا�صة فى املنا�سبات فنجد فى الواحات مثال فى ع�صر يوم عقد الزواج ترتدى العرو�س �أبهى مالب�سها وتذهب مبا�شرة فى �صحبة بع�ض ن�ساء �أ�سرتها وقليل من الذكور من �أقاربها لتغ�سل وجهها ويديها وقدميها فى �أحد العيون بواحة �سيوة ت�سمى «طمو�س» ،من �ضمن �أك�ثر من مائتى عني وينبوع لل�شرب وال�ت��داوى متلأ واح��ات �سيوة، لتبارك هذا الزواج. وعند ه��ذه العني املباركة تقوم بخلع حزامها وتعطيه لأمها �أو �إحدى خاالتها لكى ت�ستخدمه �إحدى بنات العائلة فى امل�ستقبل .وتظل الن�سوة ت��رددن الأغانى فى طريق رجوعهن من العني حتى يقابلن ن�ساء �أهل العري�س الالتى يكن فى انتظارهن عند مكان معني ،ثم يذهنب جميعا �إىل منزل العرو�س، وفى امل�ساء يذهب العري�س �إىل منزل عرو�سه وتبد�أ الرق�صات واملو�سيقى فى العزف ثم ي�أخذ عرو�سه �إىل منزله .ومالب�س العر�س فى ليلة الزفاف �سبعة ف�ساتني ف��وق بع�ضها البع�ض؛ الأول وه��و املال�صق
للب�شرة يكون �أبي�ض اللون خفيفا �شفافا ،والثانى �أح �م��ر ��ش�ف��اف ،وال�ث��ال��ث �أ� �س��ود ،وال��راب��ع �أ�صفر، واخلام�س �أزرق ،وال�ساد�س من احلرير ال��وردي، وال�سابع وهو اخلارجى من احلرير الأخ�ضر .فوق كل هذا ترتدى ف�ستانا خا�صا بالزفاف مطرزا بتطريز غاىل التكاليف حول الرقبة ،وت�ضع على ر�أ�سها �شاال من احلرير الأحمر. �أما فى �شبه جزيرة �سيناء ترتدى الن�ساء هناك عباءة عادة ما تكون مطرزة بخيوط ملونة بالأحمر والأخ�ضر والأ�صفر وهذه التطريزات يطلق عليها �أ�سماء عديدة منها «مطور» بت�شديد ال��واو و»دحر يج»و»العريجة»و»الت�شكيكة»�,إال �أن هذا ال��زى بات مق�صورا فى ارتدائه على الن�ساء العجائز و�أ�صبح م�صدر دخ��ل للكثريين حيث يتم ت�صنيعه وبيعه للأجانب من زوار الواحات خا�صة �أنهم يقبلون على �شرائه ,كما �أن ن�ساء الواحات يرتدين فى الأنف ما ي�شبه القرط من الذهب وي�سمونه «قطره» وفى الأيدى يرتدين طوقا من الف�ضة ي�سمى «دملج» وفى القدم خلخال من الف�ضة ي�سمونه «حجل».
العدد التاسع والعشرون -أغسطس 2012
v
73
�أن بع�ض التجار والهواة يقومون بزيارة الأ�سواق البدوية و�إخالئها من �أف�ضل منتجاتنا من الأكمة واحللى الف�ضية �إىل جانب الأثواب البدوية ومل يتبق على �أر���ض �سيناء �سوى �أفقر النماذج اخلالية من الإب��داع واخليال .لذا و�أم��ام واق��ع اختفاء املراجع قمت باال�ستعانة ب��الأث��واب الأ�صلية التى كنت قد جمعتها على مر ال�سنني من هذه املنطقة وو�ضعتها حتت ت�صرف العامالت معى لتكون مبثابة م�صدر للإلهام واال�ستلهام� .إذ من خاللها ميكنهن م�شاهدة وحدات التطريز املختلفة ويتعرفن على كيف كانت جداتهن يوزعنها على الأث��واب .ومع الوقت تعلمنا معا ،فن مزج اخليوط امللونة وانتهينا �إىل تكوين «بنك للوحدات» ي�ضم مئات �إن مل يكن �آالف��ا من قطع القما�ش ال�صغرية التى حتمل كل منها تطريزة منقولة عن �أثواب قدمية ،و�أ�صبح هذا البنك بديال للمرجعية املفقودة». الثوب الأ�سود وم��ن ناحيته ي�ق��ول الأ� �س �ت��اذ ال��دك �ت��ور ط��ارق م�صطفى ال�شافعى وكيل كلية الرتبية النوعية ل�شئون v
72
خدمة املجتمع وتنمية البيئة – جامعة القاهرة، و�أ�ستاذ الن�سيج حيث ح�صل على دكتوراه الفل�سفة فى هند�سة وت�صميم املن�سوجات -يقول ال�شافعى �إن الزى البدوى له طبعه اخلا�ص جدا ولكنه يختلف ب�إختالف املوقع اجلغرافى ولكنه اختالف طفيف فرتى مثال مالب�س الفتيات ال�سيويات وما يتحلني به من حلى ف�ضية ،هو �أول ما يجذب الأنظار ملن يزور هذه الواحة ،فهن يلب�سن ثيابا زاهية الألوان لها �أك�م��ام طويلة وا�سعة ،وي�ضعن ح��ول �أعناقهن عقودا من اخلرز .وما زالت بع�ض الفتيات ي�صففن �شعورهن فى جدائل متعددة ،وتنفق الفتاة �ساعات فى ت�صفيفه ،وف��ى كل م��رة تخرج امل��ر�أة ال�سيوية لزيارة قريبة �أو تهنئة جارة مبولد جديد ف�إنها ترتدى عدة �أثواب فوق بع�ضها ،ومهما كان العدد ف�إن الثوب اخلارجى يجب �أن يكون �أ�سود اللون مطرزا بزخارف م�شغولة باحلرير متعددة الألوان. وف��ى داخ��ل امل�ن��زل ي�ك��ون ل�ل�م��ر�أة ال�سيوية �أن تخلع الثوب الأ�سود وتبقى بالثوب ذى اللون الزاهى والأكمام الطويلة الوا�سعة .واحللى ال�سيوية تتكون
من �أ��س��اور عري�ضة ف�ضية وخ��وامت و�أن��واع خمتلفة م��ن العقود وخا�صة العقد امل�سمى «ال�صاحلات» وهو يتكون من �ست قطع على �شكل هاليل ،يو�ضع بني كل اثنني من الف�ضة واملرجان ،ويتحلى الن�ساء ب��الأق��راط ،وه��ى �أم��ا خفيفة وتتدىل من ثقب من حلمة الأذن �أو ثقيلة تتدىل على جانبى الر�أ�س فى نف�س م�ستوى الأذن�ين ،ويبلغ حلى بع�ض الن�ساء فى العائالت الغنية �أكرث من ع�شرة �أرطال ،واحلليتان الرئي�سيتان هما «الأغرو» وهو ف�ضى حتر�ص ال�سيدة الرثية فى �سيوة على ارتدائه .و»التعليق» وهو قرط يتدىل على جانبى الر�أ�س يتكون كل جانب منه من عدة �سال�سل ف�ضية مثبتة فى حلية هاللية ال�شكل، وتنتهى كل �سل�سلة منها بجلجلة� .أما �أدوات التجميل عند املر�أة ال�سيوية فهى الكحل والأع�شاب الطبيعية. �أما فى �سيناء �شمالها وجنوبها فرتتدى البدوية ف��ى �سيناء ث��وب� ًا م��ن قما�ش القطن الأ� �س��ود طويل القدمني مطرز باخليوط احلريرية امللونة فى وحدات تلقائية متقنة تغطى معظم فراغات الثوب .ويت�ضح التمييز بني ثوب املر�أة املتزوجة وثوب الفتاة من لون
ملاذا تركت الإ�سكندرية ،بلدك ،و�أتيت �إىل القاهرة؟ ال�سكندرى ال ينقطع عنها �أب��دا ،ال ي�ستطيع التغيري .تخرجت ف��ى كلية ال�ت�ج��ارة .لكنى كنت منجذبا للفن ،رغ��م �أن عائلتى بعيدة ع��ن هذا املجال ،فقر�أت عنه كل �شيء ،و�أطلعت على جملتى «روز اليو�سف» ،و «�صباح اخلري» ،من خالل مكتبات النبى دانيال .وجئت للقاهرة و�أنا على دراية كافية بالر�سم ،دراية بالقراءة ،ولي�س االعتماد فقط على املوهبة. هذا يفتح باب ال�س�ؤال ال�شائك :املوهبة فقط هى التى جتعل الإن�سان فنانا �أم هناك �شيء �آخر؟ ف��ى ال �ب��داي��ة امل��وه �ب��ة ط�ب�ع��ا ،ل�ك��ن �إذا �أراد اال�ستمرار فعليه القراءة ،وا�ستيعاب الفنانني الذين �سبقوه ،بجانب االق�ت�راب م��ن امل�سرح وال�سينما والأدب ،وتكوين �صداقات حقيقية مع فنانني كبار. ومن هم الفنانني الكبار...تق�صد من؟ ح�ج��ازى ك��ان ع�لام��ة ف��ارق��ة ف��ى ت��اري��خ الفن، وكذلك جاهني و�صالح الليثي.. الفنان احلقيقى هو ال��ذى ي�ستمر ويقدم ما هو �أك�بر من جم��رد ر�سمة .حجازى كانت ر�سومه ب�سيطة .ولكنها معربة .كان هناك ر�سامني �أف�ضل من حجازى فى الر�سم .ولكن حجازى كان عالمة لب�ساطته ور�ؤيته ،هو �أكرب من جمرد «ر�سمة» .و�أنا عامة �أحب ر�سامى الكاريكاتري .وال �أعتقد �أن هناك مناف�سة معهم� ،أنا �أحبهم ،و�أحب كل ما يتعلق بهم. وق��د �سجلت ،خ�لال �إع ��دادى لربنامج تليفزيونى عن الكاريكاتري ،مع الفنانني الكبار �أمثال اللباد و�إيهاب �شاكر� ،أما حجازى فكان بينى وبينه حوارات طويلة .وجم��رد �أن��ى �أع��رف فنان مثل حاكم فقط فهذا يكفيني ،وكذلك حجازي .ف�إذا مل �أقم ب�شيء فى الدنيا� ،أو مل �أق��ر�أ �أى كتاب� ،سوى التحدث مع حجازي ،فهذا معناه �إجناز بالن�سبة ّ يل لأنه �شخ�ص «مليان». �أعرف �أن حجازى كان معجبا ب�شغلك؟ حجازى بعث ّ يل بر�سالة فى ،2003عندما علم بخرب تعيينى بجريدة العربي ،وهو تعيني مل يتم. ووقتها كان الكل منتظر هذه الر�سالة من حجازي، v
العدد التاسع والعشرون -أغسطس 2012
75
كاريكاتير
حاكم لعبد الغني :أنت «حمار» ألنك عارف الطريق جيدا وعلى العموم الحمار أذكي منالحصان يتعلم جاهين وحاكم وحجازي الذي قال له رسالة »:تمنياتي لك بدوام انشغال العقل،وصفاء الروح» على الدولة احترام الكاريكاتير وتقديره كالفن التشكيلي واألدب والموسيقى -تعلمت كتابة الجملة التي تمس وجدان الناس وأن أرسم بدون كالم!
سمير عبد الغني حب الكاريكاتير من غير حدود
� سمري عبد الغني ..ي�شبه �أهل النوبة لكنه من الإ�سكندرية .يتحدث مثل العلماء فى دقتهم لكنه من �أهل الفن .يعي�ش خارج هموم �أكل العي�ش ولكنك جتده مهموما مب�ستقبل الكاريكاتري .يع�شق فن الربوتريه ،فيقيم له معار�ض فنية ب�ساقية ال�صاوي ،وهو باعرتافه ال يجيد ر�سمه ،وال يقدر على « مزاحمة» فنانى البورتريه .مل يجد له ا�سما خمتلفا فى عامل الر�سم ،فوقع بدال من ا�سمه �شكل «عينني مفتوحتني»؛ ف�أ�صبحت مالزمة له بعد �أن ا�شتهر .يقدم كاريكاتريا جميال وجريئا بجريدة القاهرة وغريها ،وهو الكاريكاتري الذى دفع العديد للكتابة عنه ،مثل الكاتبة الكبرية �صافيناز كاظم ،التى �أ�شادت بر�سوماته ،متح�سرة ب�سخرية �أنه
v
74
�سامح �سامي
مل يعني حتى الآن فى �أى جريدة. �أحيانا ي�أخذ ال�صحفى كلمتني من م�صدره؛ يكتبها ب�شكل جميل ح�سب قدرته؛ وبعد ذلك عادة ال ي�شغل باله ب�صاحب احلوار؛ لكن مع �سمري عبد الغنى �أ�صبحت «م�شغوال به»؛ لأنه فنان حقيقى ،ال ميتلك موهبة وخفة دم فقط ،ولكنه �صاحب ر�ؤي��ة فنية؛ تبحث عن اجلديد واجلميل فى �آن .وهذا من وجهة نظرى «�شخ�ص مملوء فنا». التقيت بالفنان �سمري عبد الغنى فى �إحدى قاعات �ساقية ال�صاوي، و�سط معر�ض لفن البورتريه ،وبدال من �أن يتحدث عن �أعماله ،حتدث عن فن الآخرين وت�أثريهم عليه وعلى جيله.
با�سم �سمري؟ قبلى كان موجودا الفنان �سمري عبد اخلالق، فكتبت �سمري كحب�ش ،و�أحيانا �سمري باملقلوب. هل �س�ألت �سمري عبد اخلالق؟ م�ش مهم ممكن �إح�ن��ا االت�ن�ين نبقى �سمري». فكتبت �سمري ثم العينني ،وبعد ذلك تخليت عن �سمري وو�ضعت العينني فقط .ثم علقت العينني مع النا�س، و�أ�صبح لها ت�أويال خا�صا عند القراء .فالبع�ض قال �إن هذه العني هى عني �سمري ،و�آخرون وجدوها عني تنظر �إىل الر�سم ،وه�ك��ذا .و�أن��ا �أر��س��م مثال �ست ر�سومات بجريدة القاهرة� ،أوقع على واحدة والبقية بالعينني .و�أ�صبحت متيمة لطيفة ل�شغلي. وماذا عن جتربتك مع د.زينب زمزم؟ كانت �أف�ضل فرتة فى حياتى عندما عملت مع د .زينب زمزم فى مكتبها .كنت �أفكر فقط ،وكان املكتب به الكثري من الر�سامني .ووقتها كنت �أعد برنامج تليفزيونى بعنوان «�ضحكة النهاردة» على قناة درمي .وكتبت م�سرحيتني للأطفال وم�سل�سل كامل .و�أخرجت كل الطاقات التى بداخلي .وكان نف�سى �أعمل ر�سوم متحركة .وعملنا �سويا 20عمال � ُأذي�ع��ت فى قناة النايل كوميدي .وه��ى عبارة عن فوا�صل بني الربامج ،بحدوتة كاملة ،تبد�أ وتنتهى فى 25ثانية .لكن للأ�سف مل يكتمل امل�شروع ،الذى �أمتنى ا�ستئنافه. وماذا عن م�ستقبل الكاريكاتري؟ حمتاجون الدولة حترتم هذا الفن وتقدره مثل الفن الت�شكيلى والق�صة والرواية وال�شعر واملو�سيقى. تقدم جوائز و تعمل متحف ،وتن�شر كتبا ،وتهتم باجلمعية امل�صرية للكاريكاتري .و»ك�م��ان ياريت» اجلرائد تفتح م�ساحات �أكرب لهذا الفن .لكن احلمد هلل م�صر والدة وطول الوقت تظهر مواهب ،فلدينا الآن 10ر�سامني م��ن �أه��م الر�سامني ف��ى الوطن العربى. ملاذا ال يوجد نقاد لفن الكاريكاتري؟ لأن الناقد ي�شتغل على �أ�س�س فى الفن الت�شكيلي، يعمل على الكتلة والفراغ ،وفى الأدب على احلبكة وفكرة الق�صة� .أما الكاريكاتري فهو فن فطري ،لي�س له �أ�س�س و�إمنا طرق خمتلفة لكل فنان .وهناك خوف من ر�سامى الكاريكاتري؛ لأن �أيدهم «طار�شة».
وم���ا ر�أي����ك ف��ى اق��ت��ح��ام امل�����ر�أة جم��ال ال��ك��اري��ك��ات�ير مثل دع���اء ال��ع��دل ون�سرين ونرمني بهاء؟ الو�ضع الآن تغري ،فاملر�أة ممكن تر�سم وتر�سل ع�بر الإمي �ي��ل ،وه��ى ال تتحرك م��ن منزلها ،املهم
وجود مطبوعة حتتويهن .لكن عددهن طوال الوقت �أقل ،و�أغلبهن غري مرتبطات اجتماعيا ،فال نعرف الظروف بعد االرتباط و�إجن��اب الأوالد واالن�شغال باحلياة الزوجية� .أكيد الو�ضع �سيختلف. v
العدد التاسع والعشرون -أغسطس 2012
77
مثل ال�سناوى �أو عبد احلليم قنديل .ولكنه �أر�سل ّ يل ورق��ة �صغرية ج��دا ،ق��ال فيها :البعيد القريب يا �سمري� ،صباح الأح��د املا�ضى فهمت من الباب الأ��س�ب��وع��ى اجلميل ف�ص ملح وداب زى ال�سكر للأ�ستاذ جمال فهمى �أن��ه �سوف يتم تعيينك فى العربي� ..ألف مربوك مع متنياتى لك بدوام ان�شغال العقل ،و�صفاء الروح. وكانت بيننا حوارات طويلة حول فن الكارياتري ومل يكن يقول ىل �سوى �أن جيلى هو الأق��در على التعبري عن م�شكلته .وكان يقول لبع�ض �أ�صدقائنا امل�شرتكني �« :أن��ا بحب �شغل �سمري عل�شان مذاكر كوي�س» .حجازى علمنى �أكتب اجلملة التى مت�س وج��دان النا�س ،وحت�س�سهم �أنى معهم فى اخلندق نف�سه� ،أما حاكم فقد علمنى �أن �أر�سم بدون كالم. وف��ى �إح��دى امل��رات� ،س�ألت الفنان حاكم �أيه ر�أي��ك فى �شغلى؟ �أج��اب وهو يبت�سم «�أن��ت حمار»، فغ�ضبت� .أخ��ذ ي�ضحك ويقهقه وهو يقول احلمار �أذكى من احل�صان .احلمار عنده �إ�صرار ويتحمل �إىل �أق�صى درج��ات التحمل ،وع��ارف الطريق اللى بيم�شى فيه وم�ش ممكن يتوه كفاية عليه مرة واحدة عل�شان يحفظ ال�سكة .احلمار لطيف وودود احلمار ك��ائ��ن مظلوم م��ن الب�شر عل�شان حم��د���ش ع��ارف قيمته� .إ�صرارك على النجاح هيخليك تلمع �شوية ب�شوية لغاية ما تنور ..جناح له طعم عل�شان جى من تعب و�إ�صرار حتب تبقى حمار وال..لأ ؟؟ اجبت �إذا كان املو�ضوع كده يبقى �أنا حمار و 60حمار. مل يقل ىل حاكم �أن��ت حم�صلت�ش ..ك��ان داميا ي �ق��ول �أن ��ت ظ��ري��ف ..ل �ك��ن م����ش �شغلتك ت�ضحك v
76
النا�س.. الكاريكاتري الزم يكون من غري كالم ،عل�شان يو�صل للعامل..لو عايز تنجح فجر بالونة الكالم.. وعندما كنت �أق ��ول ل��ه الأم ��ر �صعب ..ك ��ان دامي��ا ي�ضحك ويقول �ساخرا مفي�ش حاجة �صعبة على احلمار وكنا نقهقه �سويا. ومبنا�سبة �أن الكاريكاتري لي�س �ضحكا ف�إحدى امل��رات ات�صلت بحجازى ف��ى طنطا ،وحكيت له كيف �ضحكت من قلبى عندما ر�أي��ت ر�سما قدميا حلجازى فى اخلم�سينيات ن�شره فى «�صباح اخلري»، ولكنى فوجئت بحجازى يقول ّ زعلتنى كده يا يل «�إنت ّ �سمري ..معنى �إنك �ضحكت يعنى امل�شكلة اللى كنت را�سم عنها ل�سه ماحتلت�ش» � أجد �أنك تدور فى فلك الفنانني الكبار �أمل ت�ستطع جتاوزهم؟ من �سبقونا ال ن�ستطيع القفز عليهم ،نحاول فقط التقرب من دوائ��ره��م� .أحيانا دع��اء العدل حتاول اخلروج خارج هذه الدوائر .و�أحيانا �أفعل �أنا ذلك فى «اال�سرتب�س» الذى �أقدمه بجريدة القاهرة. وه��و ع�ب��ارة ع��ن ق�صة بالر�سوم .مكونة م��ن �أرب��ع لوحات كل لوحة تكمل الق�صة .وقدمت ا�سرتب�س كثري بالقاهرة .مثل النحيف الذى يدخن ال�شي�شة. ورجل يغازل �أمر�أة ت�أكل دجاج فى مطعم. بني حجازى وجاهني و�إىل فنان مييل �سمري عبد الغني؟ تقدر تقول �إنى �أت�أرجح ما بني حجازى وجاهني. ولكن من علمنى و�أثر ّيف هو الفنان الكبري حاكم. وم��ا حكاية العني م��ع��ك..مل��اذا ال توقع
�إىل حد الإبداع الفنى فى جمال خزف املائدة ولكن الظروف االجتماعية حالت عن ك�شف موهبة الأب واكتفى ب��دور املعلم الأول لإبراهيم �سعيد وتلقينه كل �أ�صول ال�صنعة و�أ�سرارها وهى النقطة التى مل يتوقف عندها طموح الإبن عند حد لقب حرفى بل دفعه الأمل والإ�صرار لإثبات وجوده وجدارته بالرقى �إىل �أعمال فنية متثل قيمة فنية خال�صة. ودائم ًا مل يحاول «�إبراهيم �سعيد» �أن يوارى هذه البيئة التى ولد ون�ش�أ فيها ،بل �أنه دائم ًا يفتخر بكونه ابن فواخري م�صر القدمية �أو مدينة الف�سطاط ،فهو يعد امتداد ًا لأجيال �سابقة حملت لواء الفن الفطرى �أو ال�شعبى ملهنة وحرفة الفخار وذل��ك ال يقلل من �إمكانياته الفنية ومن قبل �سبقه الفنان اخلزاف حممد مندور فى هذا الطريق. فالرتاث ال�شعبى يتمتع بتلقائية الأداء والبعد عن الأكادميية و�سيطرة القواعد لذا يحفل بالفردية والتنوع وتربطه و�شيجة قوية بالتعبري احلر وبغزارة الإن�ت��اج والتجريب و�إط�لاق ال�ق��درات اخلا�صة بال ح��دود ،فدائم ًا ميثل ال�تراث ال�شعبى منهل خ�صب للإبداعات الفنية املعا�صرة. حتى حينما يرتبط عمله بالفطرية ال تعنى باملفهوم ال�سائد �أن ��ه ذو درج ��ة �أق ��ل م��ن الفنان
الأكادميى ولكن تعنى بالدرجة الأوىل الفنان الذى مل يتلقى درا�سة �أكادميية لأ�صول وقواعد الفن فى الكليات الفنية املتخ�ص�صة ،فالفطرية دائم ًا ال�سبيل �إىل التلقائية ف��ى الأداء واالع�ت�م��اد على قوانني يتوارثها ب�أ�صولها ال�شعبية وقواعد حددها املجتمع ال�شعبى وه��ى متثل ف��ى ح��د ذات�ه��ا قيمة تعبريية تت�صف بالب�ساطة والأ��ص��ال��ة وال �ق��درة الإبداعية البعيدة عن قيود الفن الأكادميي. فالقيمة الفنية لإب��داع��ات «�إب��راه�ي��م �سعيد» �أن�ه��ا مت��زج ب�ين الفطرية وال�شعبية وه��ذا م�صدر ث��راء قيمتها ،وال تعتمد على �صياغة العمل الفنى بح�سابات ريا�ضية معقدة بل نراه يحقق التلقائية املبا�شرة ال�سهلة ذات احليوية املتدفقة والتعبريية امل�ؤثرة. لذا نرى بو�ضوح تراثنا امل�صرى القدمي امل�ستمد من ح�ضارة «ع�صر البدارى ونقادة» والتى اكت�سبت قدرتها اجلمالية من قوة اخلط اخلارجى للأ�شكال الفخارية وان�سيابية اخلطوط وتنا�سق �أجزاء ال�شكل وحجم كتلته فى الفراغ. لذا حتمل �أوانى «�إبراهيم �سعيد» كل هذه العوامل املتعددة واملرتابطة لتظهر �أع �م��ال��ه و�أوان� �ي ��ه ��ش��اخم��ة ورا��س�خ��ة
�شاخ�صة �إىل الآف��اق البعيدة ،تتناغم الأ�سطح فى هرمونية نحتية رقيقة ،ولي�س �سمة حدة فى ال�سطوع وال فراغات فجائية بل �سطوح منزلقة فى عذوبة، واخل��ط اخلارجى للآنية يقطع رحلته العابرة فى هدوء بل توترات عنيفة. وبالرغم من كرب حجم �أوانى «�إبراهيم �سعيد» �إال �أن�ه��ا حتمل م��ن اخلفة والر�شاقة الناجتة من ان�سيابية اخلطوط و�صغر القاعدة والتى جتعلها وك�أنها غري ملت�صقة بالأر�ض وت�سمو �إىل �أعلى.
v
العدد التاسع والعشرون -أغسطس 2012
79
“ إبراهيم سعيد “ ابن فواخير مصر القديمة
خبرة األجداد ..وبراعة وصدق التشكيل د�.ضياء الدين داوود فى طريق احلرفة ال�شعبية دائم ًا نبحث عن ال�صدق والأداء التلقائى بل والعفوية والفطرية فى التعبري ،ت�ستوقفك املواهب ال�صادقة التى تت�سم بهذه ال�صفات ،لأنها حتمل قيمة فنية �صادقة خرجت من البيئة ال�شعبية وامتزجت بامل�ؤثرات االجتماعية ومن خ�ضم حياتهم الب�سيطة التى ال حتمل �أى زيف.. معلمهم الأول اخلربة العملية التى انتقلت �إليهم من الأجداد �إىل حد �أنها �أ�صبحت جينات اكت�سبها احلرفى ال�شعبى بالفعل ف�أعمالهم تت�سم بال�صدق مل ت�سعى �إىل التنميق بل البحث عن حق �إثبات الوجود وترك ب�صمة قد تبدو �شعبية ،ولكنها حتمل �إرث ثقافى ت�ضرب جذوره فى �أ�صول الفن امل�صرى القدمي وارتباطه الدائم ب�إبداعات احلرفة التى خرجت على �أي��دى احلرفيني �أ�صحاب املهارة والدقة v
78
والقيمة الفنية ال�صادقة. من رحم منطقة فواخري م�صر القدمية خرج الفنان «�إبراهيم �سعيد» من بني حواريها و�شوارعها ال�ضيقة وغبار �أفرانها و�ضجيج ور�شها ،تلك املنطقة التى حفرت ا�سمها فى تاريخ �صناعة الفخار و�سحرت العامل بروائع فن اخلزف الإ�سالمى منذ الفتح الإ�سالمى ملدينة الف�سطاط التى ا�شتهرت على مر الزمان ب�أنها قلعة الفخار مب�صر. خرج من عائلة متار�س مهنة الفخار وتوارثت �أ�صول وقواعد احلرفة وبرز من هذه العائلة والده املرحوم «�سعيد حامد» والذى يعد من �أمهر احلرفيني الذين �أجنبتهم هذه احلرفة ومتيزت �أعماله باحلرفية واملهارة والإتقان بدرجة ت�صل
ال�شبكة الهند�سية واخل �ط��وط الع�ضوية لأ�شكال احليوانات والطيور والكتابات العربية ولي�س التنوع فى مو�ضوعات ور�سومات �شبابيك القلة بل �أي�ض ًا ال�ث�راء ف��ى التناغم ب�ين �أق �ط��ار فتحات التفريغ وتوزيعها داخ��ل امل�ساحة الدائرية ،كل ذلك ي�ؤكد على القيمة اجلمالية ل�شبابيك القلة ،و�أول من �أثار القيمة الفنية لها وب�صورة فريدة هو الفنان املبدع الراحل «نبيل دروي�ش» حينما تناولها كقيمة جمالية تعمد �إظهارها و�إخراجها من م�ساحتها املح�صورة ب�ين ب��دن ورق�ب��ة القلة لتبدو وا�ضحة على �سطح الإناء تتنا�سب وتتنا�سق مع اخلط اخلارجى للإناء ومبعاجلة نحتية تخرجها من وظيفتها تدفع الأعني لرتى هذا اجلمال اخلفي. وبالرغم من م�شاركة «�إبراهيم �سعيد» الفنان الراحل «نبيل دروي�ش» امل�صدر الفنى ل�شبابيك القلة �إال �أن �أعماله جاءت مبعاجلة فنية �أخرى واعتمدت على ر�ؤيته النحتية لل�شبابيك. وانح�صرت فى عالقات بني الكتلة املتحركة داخ��ل ال�ف��راغ امل�ح��اط ب��إط��ار دائ��رى لتبدو معلقة بح ّرية وت�سبح فى الفراغ الداخلى للإطار ب�سال�سة وع��ذوب��ة ور��ش��اق��ة ،وجل ��أ �إىل التقليل م��ن م�ساحة الكتلة اخلزفية بتوزيع التفريغ للوحدات الهند�سية والع�ضوية وتن�ساب على ال�سطح اخل��ارج��ى لكى ت�ب��دو ج��زء م��ن الكتلة وتتعاي�ش معها ف��ى تناغم تنفى الناحية الزخرفية للوحدات امل�ستخدمة فى الت�شكيل. وف ��ى ب�ع����ض الأع� �م ��ال مت�ل��أ ه ��ذه ال��زخ��ارف الهند�سية والأخ ��رى تقل م�ساحتها وتن�ش�أ عالقة بني امل�ساحة ال�سائدة ذات اللون الواحد واجلزئية املفرغة ،والإح�سا�س بالتفريغ اعتمد على التنوع حلجم ال�ف��راغ��ات لي�ؤكد م��دى متكنه م��ن القدرة على التوزيع والتناغم مع امل�ساحات ال�صلبة لل�شكل اخلزيف. �إن �أعمال «�إبراهيم �سعيد» الفطرية وال�شعبية ت�ؤكد على �أن م�صر ولاّ دة ب�أبنائها الذين ميلكون طموحات ق��ادرة على �إع��ادة كتابة التاريخ الفنى للخزف املعا�صر ،وبقيمة جمالية ت�ؤكد على الأ�صالة وتراثنا الفنى الذى ال ين�ضب و�أن الأمل ما زال قائم ًا فى اكت�شاف مواهب �صادقة تعيد احلياة نحو خلق �أجيال جديدة وقادرة على اقتحام املا�ضى بكل ما هو جديد يعي�ش معنا اليوم. v
العدد التاسع والعشرون -أغسطس 2012
81
واحلقيقة �أن مقولة (�أواين) ال تنا�سب قيمتها بل هى �أ�شكال نحتية تقرتب من اجل�سد الإن�سانى تفي�ض بالعذوبة القادرة على التوازن بني اخلط اخلارجى والفراغ الداخلى املحبو�س. فالآنية اخلزفية ما هى �إال �آنية لالحتواء تتكون م��ن ع��دة �أج���زاء �أ�سا�سية وط��ري�ق��ة ارت �ب��اط هذه الأج ��زاء ببع�ضها ون�سبها تقرتب م��ن موا�صفات اجل�سد الإن�سانى ح�سي ًا ،فلي�س من قبيل امل�صادفة �أننا قد ا�ستعملنا م�صطلحات بحرفة الفخار ت�شري �إىل ج�سم الإن�سان وترمز للأجزاء املختلفة فى الإناء وهو عن�صر �إيحائى قوى فى الن�سب والعالقات بني �أجزاء الإناء ميكن �إدراكه ح�سي ًا. فالإناء يحمل م�صطلحات اجل�سد الإن�سانى مثل «البطن ،اخل�صر ،الكتف ،القدم ،اجلذع ،وال�شفة» كلها م�صطلحات تقارب اجل�سد وحتمل اختزاالت النهائية للتعبري بالإناء فى ر�ؤيته ومتثيله للج�سد، وهذه مقدرة لي�ست متاحة �إىل للكل وهو ما برع فيه «�إبراهيم �سعيد» لتمثل �أوانيه مناذج لي�ست بعيدة عن الب�شر ،فهى حمملة بالإن�سانية خرجت من كونها �إناء بل تتعدى ذلك وتتحول �إىل �أ�شكال لها من �صفات رقيقة ت�صل بك �إىل الرقة والعذوبة ال�صادمة فى رقتها .ومل يلج�أ �إىل املعاجلة اللونية كثري ًا متعمد ًا �أن تظل ال��ر�ؤي��ة للكتلة النحتية دون تدخل عوامل �أخرى ولتظهر قوة خطوط ال�شكل كعن�صر �أ�سا�سى فى جماليات الإناء عند «�إبراهيم �سعيد». وع �ل��ى اجل��ان��ب الآخ� ��ر م��ن �أع �م��ال��ه اخلزفية ذات ال�صفة النحتية وامل�ستمدة من �شبابيك القلة التاريخية �إحدى الإبداعات الفنية التى يزخر بها الفن الإ�سالمي ،والتى انطلقت من مفهوم اجلمال اخلفى �أو الغري ظاهر للعني امل�ج��ردة ،فهى متثل البحث عن القيمة الروحية للجمال ال�صادق وتوافقه مع الوظيفة اال�ستخدامية للجزء الداخلى املح�صور ب�ين رق�ب��ة وب ��دن القلة ف��ى التحكم الن��دف��اع امل��اء من القلة �أثناء ال�شرب� ،إن��ه من املنطق التطبيقى ال�ستخدام اجلمال الفنى من خ�لال منتج يحمل مل�سة فنية تنعك�س على احلياة وحترك امل�شاعر نحو ما ن�ستخدمه البد �أن يحمل درجة عالية من الذوق واللم�سة الفنية و�شبابيك القلة مل متثل التطبيق امل�ث��اىل للعالقة ب�ين الوظيفة واجل �م��ال ب��ل حتفل بالت�صميمات املتنوعة من خالل الر�سومات التى حفرت �أو ب�صورة �أدق با�ستخدام التفريغ واحلز للخطوط وذل��ك للر�سومات الهند�سية وجماليات v
80
زينب و�أخربنى بنجاحى فى الفرقة الإع��دادى و�أنه الأول على الدفعة هو الزميل عبد املعبود جنيب وقمت ب�ضيافته وحني خروجنا من املنزل �أخربته ب��أن �أح��د الزمالء فى الدفعة �ساكن بالقرب منى وهو �صربى من�صور وذهبنا �إليه للخروج معنا ولكننا مل جنده وذلك ل�سفره للعائلة فى طنطا وبد�أ العام اجلديد 1961 – 1960وذهبنا �إىل ق�سم الت�صوير للفرقة الأوىل ..ومن هنا بد�أت احلرية على وجوهنا جميع ًا ..وذلك لأن العدد املتقدم لق�سم الت�صوير ك��ان كبري ًا ج��د ًا والق�سم ال ي�سع ملثل ه��ذا العدد.. وهم�س ري��ا���ض ف��ى �أذن��ى وق��ال ىل� ..إوع��ى ت�سيب هذا الق�سم وكذلك ح�ضر معنا �صربى من�صور.. وب�إ�صرار تام منا بعدم ترك ق�سم الت�صوير ب�أى حال من الأحوال .وجاء الأ�ستاذ دروي�ش و�أخربنا ب�أن هذا الق�سم �صعب والر�سوب فيه كثري جد ًا ..ورغم ذلك كان لدينا العزم والإ�صرار على البقاء فيه ..وقد ك��ان ..وب��د�أ بقية الزمالء فى االجت��اه �إىل الأق�سام الأخ��رى وا�ستقر العدد حل��واىل 17طالب وفج�أة و�أثناء الوحدة بني م�صر و�سوريا ب�أن ح�ضر معنا فى الفرقة الأوىل عدد كبري من الأخوة ال�سوريني ،من بينهم – نذير نبعه – خالد مز – �أدهم قطر�ش – ن�ش�أت الزغبى – زياد الرومى – وزميل فل�سطينى ه��و �إ� �س �ح��اق �سلطان التميمى و�آخ ��ر �أندوني�سى “طوباجو�س” وزميل يونانى “كيفرك ايراديان”.. ومن هنا بد�أ ال�صراع كما لو كنا فى فرقة �إنتحاريه ملدة �أربع �سنوات فى تدريب �شاق وخا�صة حني ح�ضر ريا�ض و�أخربنى ب��أن الأخ��وة ال�سوريني على دراية كافية بالفن ..لأن بع�ضهم كان مدر�س تربية فنية و�آخر ناظر مدر�سة �سابق ًا و�أخربه باملرحلة الزرقاء لبيكا�سو ..طيب حنعمل �إي��ه ي��ا ري��ا���ض ..وتانى يوم ذهبنا �إىل �شارع ق�صر النيل وفى بدايته من التحرير كان يقع مبنى متحف الفن احلديث ومكتبة فنية وبجوارها مكتبة مو�سيقية ذات حديقة كبرية وبجوارها من اجلهة الأخ��رى مبنى منزل ال�سيدة هدى �شعراوى وكان فى ذلك الوقت الأ�ستاذ جالل ف�ؤاد مدير ًا لهذه املكتبة ثم نقل هذا املبنى بعد ذلك �إىل �شارع �شمبليون فى �شقتني وف�صل عنها املكتبة املو�سيقية وكان الدكتور هانى �إبراهيم جابر مدير ًا لهذه املكتبة ومت نقلها مرة �أخرى �إىل بوالق حيث كان بجوارها مرا�سم لكل من الأ�ستاذ عبا�س �شهدى وعز الدين حمودة والنحات حممد رزق و�أحمد �إبراهيم وحامد ندا ثم حممود عبد ال�سميع.
وكنا نتقابل يومي ًا �أنا وريا�ض �سعيد فى املكتبة ب�شارع ق�صر النيل ثم الذهاب �إىل باب اللوق حيث قاعة الغرفة التجارية ...ك��ان حممد ريا�ض على دراية كافية بهذه الأماكن �أكرث منى ..ويرجع ذلك �إىل �أ��س�ت��اذه باملرحلة الثانوية ..وذات ي��وم طلب منى ريا�ض الذهاب معه للتعرف على هذا الأ�ستاذ واال�ستفادة منه فنيا وبالفعل ذهبنا �إىل مدر�سة ال�سعيدية الثانوية وكانت ال�ساعة تقرتب من ال�سابعة م�ساء ًا و�أثناء دخولنا املدر�سة كانت هناك رائحة ال��دخ��ان�� ..ص��ادرة من حجرة الغفري وك��ان يعرفه
جيد ًا وذه��ب �إليه ..ثم خ��رج ريا�ض وال��دم��وع فى عينيه و�أخربنى ب��أن الغفري بيحب يدخن ال�شي�شة و�أخذ ي�شربها وفى هذا اليوم �أ�صيب �صدره بوعكه.. لذلك حزن ريا�ض وبكى ..كان ريا�ض رغم تعامله ب�شدة مع بع�ض الأ�شخا�ص وب��ال��ذات فى الأ�شياء التى ال ير�ضى عنها ورغم ذلك كان قلبه طيب جد ًا وينفعل ب�شدة �أي�ض ًا �أمام موقف م�ؤمل وحزين ،كان ريا�ض مهتم ًا بالدرا�سة وملتزم لأق�صى درج��ة.. متواجد فى الق�سم طوال اليوم ..ال ت�ستطيع التكلم معه من بداية اليوم الدرا�سى وحتى نهايته ..وهو
العدد التاسع والعشرون -أغسطس 2012
v
83
تشكيل
الفنان القدير محمد رياض سعيد ( )2008 – 1937المحلق دوما فى سماء السوريالية. وهو من مواليد القاهرة 1937بشبين القناطر بالقليوبية وتخرج فى كلية الفنون الجميلة بالقاهرة 1964بامتياز مع مرتبة الشرف ،وحصل على شهادة األستاذية فى الفن من أكاديمية سان فرناندو بمدريد .1976 ويعد رائد السوريالية وتربع على عرشها أربعين عامًا ،وامتلك تقنيات إنهاء اللوحة لتبدو فى أجمل رونق وكأنها لوحة كالسيكية رصينة ،وبالفعل يثبت أستاذيته فى البورتوريه الكالسيكى ولعل أشهر لوحاته فى هذا المجال لوحة «الراهبة». نحن هنا نتواصل مع إبداعاته من خالل زميل دراسته ورفيق مشواره الفنى الفنان مصطفى الفقى.
د .م�صطفى الفقى
محمد رياض سعيد
بين ابن البلد وابن الذوات
تخرج فنانا من ق�سم الت�صوير حيث ع�شت معه طوال الأربع �سنوات بهذا الق�سم ،عالوة على الفرقة الإعدادى مع كرثة الأعداد من الزمالء وعدم اال�ستقرار فلم �أتعرف عليه عن قرب �إال فى حفلة قمنا بها تقريب ًا فى نهاية العام الدرا�سى للفرقة الإعدادى ،ومرة �أخرى �أثناء القيام بر�سم متثال فى مبنى �إعدادى على �سطح الكلية ،وكان فى هذا اليوم الأ�ستاذ على مهيب معيد ًا علينا وحني ر�أى اللوحة اخلا�صة بى قال يل :كفاية كده، اتركها واعمل واحدة �أخرى و�سوف ت�أخذ عليها الدرجة النهائية ،وهنا بد�أ الزمالء يلتفوا حوىل �إال ريا�ض �سعيد كان دائم ًا منعز ًال عن الزمالء وال تعرف عنه �أى �شئ ،وفج�أة ح�ضر الأ�ستاذ عزيز وهو رجل كبري فى ال�سن واحلجم ويرتدى نظارة ذات عد�سات كبرية �أي�ض ًا وتظهر من خاللها v
82
عينيه بو�ضوح تام ،وجه ىل النداء واحل�ضور الفورى ب�صوت عاىل � ...أنت �سوف تر�سب فى هذا ال�شكل و�س�أعطيك �صفر ..وكانت املادة خا�صة بق�سم احلفر حني ذاك. على وفى نف�س الوقت ال ينقطع وهنا ظهر ريا�ض بجانبى وكله �شفقة ّ عن ال�ضحك ،وق��ال يل :اج��رى واذه��ب لعلى مهيب واخ�بره مبا حدث، وفج�أه ح�ضر على مهيب وبعد معرفته مبا دار ابت�سم وقال ىل ال تخف �أنا عند كلمتى ،وفع ًال ح�صلت على 100من 100فى هذا ال�شكل ومن هنا تعرفت �أك�ثر على حممد ريا�ض �سعيد وكنا على مقربة من نهاية الفرقة الإعدادية ،وطلب منى كتابة عنوانى ..وجاءت الأج��ازة ،وذات يوم وجدت ريا�ض �أمام باب �شقة الأ�سرة ب�شارع جمل�س النواب بال�سيدة
�شبكة ال�سيارات ..وفج�أة ط��ارت �إح��دى اللوحات وا�ستقرت حت��ت ع�ج�لات �إح ��دى ال���س�ي��ارات وهنا بكى م��ن غ�ير م��ا يعرف اللوحة مل��ن م��ن ال��زم�لاء. وكانت املفاج�أة ب�أن هذه اللوحة خا�صه بى وا�شتد حزن ريا�ض �أكرث ومل يرتكنى �إال بعد الذهاب للكلية والكونرتول حيث �أعطونى �ساعة �إ�ضافية لت�صليح املنظر م��ن الأت��رب��ة وخ�لاف��ه ورغ��م ح�صوىل على درج��ات �شبه نهائية فى جميع امل��واد مل يكن هناك �أى �إح�سا�س �سواء من ريا�ض �أو �صربى من�صور باملناف�سة معي ،كانت العالقة بيننا يربطها احلب وال�صفاء ،ثم جاء م�شروع البكالوريو�س و�أثناء العمل بالكلية حواىل ال�ساعة الثانية ع�شر م�ساء ًا جاء ىل ريا�ض و�أخربنى ب�أنه يريد �أن ي�أكل �أى �شيء وخرجنا من الكلية ومل جند �أى مكان فى الزمالك ل�شراء �أكل �إال الذهاب �إىل �أبو العال وهو �أقرب مكان لنا.. وال�سهر فيه حتى ال�صباح ...وح�ي�ن و�صولنا كان هناك م�صدر لرائحة كباب وذهبنا �إليه فوجدنا زحام كبري والكل ينادى على �صاحب عربة الكباب بكلمة غريبة �إال وهى “ يا ب�سب�س “ بخم�سة �صباع بـ ع�شرة يا ب�سب�س..كان �صابع الكفته بتعريفة “خم�سة مليمات” وهنا بد�أ ال�شك فى قلبى و�أخربت ريا�ض بكلمة ب�سب�سى وما املق�صود بها!!! ف�أخربنى ريا�ض ب�أنه ابن بلد وهذه كلمة �شهرة لأوالد البلد ومل �أقتنع بذلك ف�س�ألت �أح��د املوجودين �أنتم بتقولوا له يا ب�سب�س ليه؟؟ ف�أخربنى ب�أنه ل�سه طالع من ال�سجن لأنه كان يبيع حلمة قطط قبل ذلك.. وهنا �أق�سمت لريا�ض بالعودة للكلية ولو بدون �أكل...وحل�سن احلظ وجدنا بقال وا�شرتينا جبنه وح�لاوة ورجعنا بخري و�سالم ...ومل ين�سى ريا�ض هذا املوقف وكان يردده ويحكيه با�ستمرار. وبعد التخرج طلب من ريا�ض لوحة عن جيفارا فذهبنا �إىل مر�سم الفنان ك�م��ال خليفة ب�شارع من�صور بالقرب من باب اللوق حيث كان يعانى من �شدة املر�ض فكنا نذهب جنل�س معه لتخفيف الآالم عنه وكان يح�ضر عنده �أي�ض ًا ال�شاعر جنم وطلب منه ريا�ض �إلقاء ق�صيدة “جيفارا مات” وكنت فى منتهى ال�سعادة ومنذ هذا اليوم كنا نذهب �أحيان ًا �أنا وريا�ض �إىل جنم فى حو�ش �آدم بالغورية وكان معه ال�شيخ �إم��ام ل�سماع بع�ض الق�صائد ال�شعرية واملواقف كثرية ال ي�سعنا ذكرها الآن �سوى �سماع الذكرى الطيبة ل�صديق العمر حممد ريا�ض �سعيد �صوان. v
العدد التاسع والعشرون -أغسطس 2012
85
�أمام اللوحة فى حما�س وحرية �أحيانا واهتمام يفوق الو�صف� ..إذا �أكل ي�أكل �أم��ام اللوحة وال يتكلم مع �أح��د وال ي�سمع لأح��د ..وك��ان فى كثري من الأحيان يدفع للموديل �أج��رة من عنده حتى يجل�س له وقت �إ�ضافى وكان على �أيامنا مكان يعرفه معظم طلبة الكلية فى ذلك الوقت من ال�ستينيات وهو” ال�شاليه” بالقرب من الكلية ...كنت �أذهب �إليه با�ستمرار �أنا وخالد دروي�ش وح�سن عبد الفتاح ونذير نبعة و�صربى من�صور ثم يح�ضر ريا�ض بعد االنتهاء من املوديل ومن رواد ال�شاليه كل من الو�شاحى وبق�شي�ش واللباد ونبيل ت��اج وزك��ري��ا الزينى و�سمري اال�سكندرانى وال��د��س��وق��ى فهمى ...وك��ان ري��ا���ض م�شاك�س مع v
84
اجلميع بطريقة مقبولة وب�ه��ا �شئ م��ن املداعبة وب��ال��ذات مع الو�شاحى ملا يظهر عليه من كربياء وعظمة فى التعامل حيث كان يرف�ض الأك��ل بدون �صانية �أو طبق خا�ص ل��ه ...فكان ريا�ض ال ينقطع على ال�ضحك ب�صوت ع��اىل وي�أخذ من الو�شاحى الأكل ويقول ىل تعال ناكله احنا ...طاملنا الو�شاحى عايزه فى طبق خا�ص ...رغم ذلك �أحبه اجلميع. كان يوم التحكيم مل�شاريع �أعمال ال�سنة �أ�صعب يوم بالن�سبة لريا�ض كما ل��و كانت اللوحة ق��د دخلت العناية املركزة لإجراء عملية جراحية لها ...كان يجل�س فى �صمت وترقب وقلق �شديد ....وكانت النتيجة �أما مر�ضية في�ستعيد �أنفا�سه �أو غري مر�ضية
ويظهر عليه احلزن ال�شديد لدرجة �أنه كان يبكى �أح �ي��ان � ًا .وف��ى الفرقة الثانية ت�صوير ب��د�أ يظهر ال�صراع بينه وبني الزميل �صربى من�صور بو�ضوح ت��ام مل يكن م��ن ذى ق�ب��ل ...رغ��م كوننا جمموعة مت�آلفة وعلى ات�صال تام �أنا و�صربى وريا�ض وح�سن عبد الفتاح ون��ذي��ر نبعة وع�ب��د امل�ع��ز �سالمة كان ريا�ض مقل فى اال�شرتاك فى رحالت الكلية �سوى رحلة الأق�صر و �أ�سوان ،واال�شرتاك فى مهرجانات الثورة ببور�سعيد ..وكنت �أنا وريا�ض وزكريا الزينى م�ساعدين للأ�ستاذ دروي�ش فى مهرجان 23يوليو وكان ريا�ض فى منتهى ال�سعادة اثناء العمل فى هذه املهرجانات كتدريب على الأعمال الكبرية والكت�ساب خربة وبالذات مع الأ�ستاذ دروي�ش رغم قلة احلافز امل���ادى ...لأن��ه مل يكن بكرم الأ��س�ت��اذ البنانى �أو الأ�ستاذ عا�صم الذى كان كرمي ًا جد ًا لدرجة �أنه كان ي�شرتى لنا الأك��ل بكميات كبرية على �سبيل املثال اجلبنة الرومى بالقر�ص الكبري وكذلك الفالمنك، كان ريا�ض �شاطر فى �شراء الأ�شياء ومهتم ًا مبظهره و�شراء �أغلى �أنواع املالب�س ...لدرجة �أننى �أخربته مبحالت فى �شارع ف�ؤاد ( كليرب وكيزك ) واحلذاء بها ثمنه 99قر�ش فكان ي�ضحك وي�شرتى احلذاء بثالثة جنيهات. كان ريا�ض بداخله ابن بلد ويحمل ابن ذوات لدرجه �أن��ه فى ي��وم من الأي��ام �أخ�برن��ى عن عربة ك�شرى فى ب��اب اللوق وبالفعل ذهبت معه و�أكلنا ك�شرى مل �آكل مثله من قبل كان ريا�ض متخ�ص�ص فى الأكالت ال�شعبية وبالذات حلمة الر�أ�س وال�سمني لدى عربة �أخ��رى فى �شارع املحطة باجليزة حيث الزحام والإقبال ال�شديد عليه. وكان ي�ؤمن باحل�سد ...حري�ص جد ًا فى التعامل ..ال يعطى �أو يبح ما داخله ب�سهولة �إال ملن يثق به وير�ضى عنه ورغم ذلك ال يبيح �إال بالقليل والغري مهم �أي�ضا. كان ريا�ض محُ ب لأعماىل بالكلية ويقول ىل �أنت �سوف ت�صبح فنان ذو �ش�أن كبري رغ��م نظرتى له وتفوقه وده�شتى لإتقانه اللوحة ومدى الدرا�سة بها وكان ريا�ض ذو مهارة فى مادة الفر�سك “الت�صوير اجلداري” على عك�سى رغبتى التى كانت تتجه نحو املنظر الطبيعى وك��ان ريا�ض يجل�س بجانبى فى املناظر ب�إعجاب من القلب لدرجة �أنه بكى فى يوم االمتحان مل��ادة املناظر اخلارجية مبنطقة القلعة ف�أثناء رجوعنا ب�سيارات الأجرة كانت اللوحات على
امين حامد
رمضان كريم مع الفن التشكيلى
ويهل علينا ي�أتى فى موعده من كل عام ..حانيا كالندى ..هام�سا كال�سحر بفيو�ضاته ونفحاته الروحانية.. �شهر رم�ضان هذا ال�شهر الكرمي. وهكذا �أجد لزاما �أن ا�ستهل ال�شهر الف�ضيل بهذه العبارة التقليدية ال�شهرية «كل عام واجلميع بخري» نعم طاملا لنا عادات وتقاليد ترتبط ب�شعائر الدين ونتم�سك بها ونلتزم بطقو�سها مهما تطور املجتمع وهى التى ت�ؤكد فينا الأ�صالة واالنتماء وت�ؤكد اي�ضا روح املحبة وال�سالم . فانو�س رم�ضان ...الكنافة ..القطايف ..اخل�شاف ..املك�سرات وارتباطها بالت�سايل والت�سامر والتزاور، وهنا ال يعدو الأمر م�أكوالت ترتبط باملعدة بل جوانب اجتماعية عظيمة من تراحم وترابط جمتمعي ي�ؤكدها احلر�ص على الإفطار اجلماعي الذى ي�ضم العائلة الكربى بكامل �أفرادها �أو مائدة الرحمن التي ت�ضم القا�صي والداين ...الغريب والقريب ...الغني والفقري ...امل�سافر واملقيم ...الكبري وال�صغري ...لقد ذابت الفوارق االجتماعية وان�صهرت يف �شهر التوبة واملغفرة والعتق من النار. ولنبد�أ اجلولة مع م�شاعر الت�شكيليني وكيف عربوا بري�شتهم عن �شهر رم�ضان الكرمي.من بداية اجليل االول من الرواد �إىل �أحدث �أجيال الفن .
v
87
فكرة
الحرف اليدوية ومفهوم التصنيع الثقافى
اقيم مبركز اجلزيرة للفنون بالزمالك �سوق احل��رف التقليدية يف ال�ف�ترة م��ن 8-16 : 7-30 2012حتت ا�شراف قطاع الفنون الت�شكيلية وكانهذا اللقاء مع د�.صالح املليجي رئي�س قطاع الفنون الت�شكيلية ح��ول ه��ذا امل��و��ض��وع ف �ق��ال -:مت دع��وة جميع اجلمعيات االهلية املعروفة بالقاهرة مثل جمعية ا�صالة وجمعية اوت��اد (امل�ؤ�س�سة التنموية لل�سيدات امل�صريات للعمل احلر ) والإدارة املركزية ملراكز الإنتاج الفني -مركز الفن واحلياة -الإدارة العامة للبحوث الرتاثية –دار الن�سجيات املر�سمة وتلك الإدراة ن�ش�أت للحفاظ علي الرتاث وذلك من خالل املدربني املحرتفني واملخ�ضرمني يف احل��رف اليدوية وي�ت��م علي يديهم ت��دري��ت ف��رق ج��دي��دة من الأطفال بهدف املحافظة علي ال�صنعة وبالفعل �أتت ثمارها يف �شغل اخليامية املعرو�ض حالي ًا باملعر�ض و عند النظر ايل �أعمالهم ت�شعر بحرفية وتدريب جيد .وذلك بالرغم من مرور ثالثة �أ�شهر فقط علي تدريبهم والعائد املادي من هذه املعار�ض �سوف يتم توريده ايل وزارة املالية وبذلك نكون قد �أ�سهمنا يف رد جزء ولو ب�سيط من امليزانيات التي ت�صرف �سنويا للحرف وكذلك دربنا ورفعنا كفاءة جيل جديد من احلرفيني بالإ�ضافة �أن��ه ال يوجد لدينا قانون ميكننا من الإ�ستفادة املبا�شرة بالعائد املادي لهذه املنتجات.. وكذلك �أنتجنا عدد من الكتب و�صندوق التنمية الثقافية ي�شرف علي بيعها والعائد منها جزء لل�صندوق والباقي لوزارة املالية . وهذه الكتب مثل -ال�سنابل امل�ضيئة -متاحفنا درا�سات نقدية -والنقد الإبداعي باال�ضافة ايلكتب الفنانيني مثل -ادم حنني – نزيل مدكور- �صبحي جرج�س باال�ضافة انة مت هذا العام ت�سجيل هذة الكتب احلديثة برقم �إيداع دويل بحيث ميكنها ان تتداول خارج م�صر مثلها مثل اى مطبوعة دولية . v
86
وعند �س�ؤالة عند خطة م�ستقبلية لرتجمة هذه الكتب ايل االجنليزية �أج ��اب� :إن�ن��ا نتمني ذلك و�سيحدث م�ستقبال ولكن الأه��م عندي الأن ن�شر الثقافة الفنية بني طالب الكليات الفنية املخت�ص�صة علي االق��ل ،وتعريفهم ب��رواد احل��رك��ة الت�شكيلية
امل�صرية ومهما تقدم العلم وا�صبح االنرتنت هو البديل عن الكتاب اال ان معلومة الكتاب تعلق بذهنك اكرث النك بذلت جمهود وبحثت وق��رات واحتفظت بالكتاب ون�شاءت مع الكتاب عالقة حميمة دائمة ملحبي القراءة.وعن دور القطاع يف �صناعة فنان ت�شكيلي جديد .قال قدمنا جمموعة من الفنانني ال�شباب مبركز �سعد زغ�ل��ول واالن ب�صدد �إقامة معر�ض للطالب اخلريجني اجل��دد و تعد هذه اول
�أمين هالل
خط يف حياه الفنان ع��ن راي��ه يف اق��ام��ة امل�ع��ار���ض اخل��ا��ص��ه مثلبينايل العرب �،صالون القطع ال�صغرية اخلا�ص �أيل �أخره .وقال �أنه �ضد هذا الت�صرف وهذا التك�سب من الفنانيني الت�شكيليني ه��ل يف م�ق��درور القطاع الت�صدى ملثلهذه الأن�شطة اخلارجية � .أج��اب �أن القطاع لي�س يف مقدورة ذلك لأنه لي�س جهة رقابية وتلك اخلطوة من حق النقابة فقط الإعرتا�ض عليها وم�ساءلت من يقدمون عليها. * ويف لقاء مع اال�ستاذ احمد عبد الفتاح رئي�س االدارة املركزية والإ�ستف�سار منه عن موعد الإنتهاء العمل مبتحف زكريا اخلناين ف�أجاب � :إن التو�سعات ت�أتي تباع ًا وقد �أو�شكنا علي الإنتهاء خالل ثالث �أ�شهر علي الأكرث و�سيظل املتحف ب�إ�شراف من د.عايدة عبد الكرمي والإداري لقطاع الفنون الت�شكيلية وعن �س�ؤاله عن متحف اجلزيرة � :أجاب اننا انتهينا م��ن املرحلة االويل والثانية وكانت املباين امللحقة واملخازن والأن وقد مت ت�سليم املرحلة الثالثة لل�شركة وتعد هذه اهم مرحلة . وم ��ن خ�ل�ال اجل� ��دول ال��زم �ن��ي للتنفيذ �سيتم الأنتهاء من االعمال ( ان�شاء اهلل ) خالل �سنتني علي االكرث وبعد ذلك يتم اجراء ترتيبات ل�سيناريو العر�ض املتحفى . وعن متحف الفن امل�صري احلديث قالانه يحتاج ايل ترميم ولكن ال ميكن ان يتم �إغالقه بالكامل ومت الأتفاق علي التطوير علي مراحل فالأن نعمل علي جزء الأمن وهذا عمل غري ظاهر للعيان ولكنه مهم جدا وبعد ذلك الأ�ضاءة ثم ال�صحي �إيل اخرة . ملاذا ال يتم اال�ستعانة برجال االعمالهذا امر وارد وهناك جهات تعمل علي ذلك يف بائع الفول للفنان عادل ح�سنى القطاع . aymanhelal99@yahoo.com
محمود سعيد
الدراويش
الفنان العمالق حممود �سعيد يتحفنا كعادته بعدة قيم فنية وفل�سفية بديعة ،لعلني ا�ستطيع �أن اوجز بع�ضها هنا. «الظل والنور» �أو ما نطلق عليه نحن الت�شكيليون (بقعة ال�ضوء) لرتفع من قيمة دراما امل�شهد فتظهر ال��وق��ار وال�سكينة وال�سمو وال��زه��د والتبتل و�إنكار الذات والتذلل للذات “ال ُعلى” ،وتبدو هنا الإ�ضاءة وك�أنها تنبع من داخل الدراوي�ش « ،التكوين» املتداخل واملعتمد على الدائرة ،والدائرة يف فل�سفتها ال نهائية فلي�س لها نقطة بداية وال نقطة نهاية ...فعل مت�صل وذكر هلل ال نهائي ال ينقطع وال يفنى مع فناء اجل�سد ...فتظل الروح تردد الذكر والت�سابيح ،التكوين هنا يولد الإح�سا�س باحلركة الديناميكية امل�ستمرة فهل اطراف اجلالليب تبدو كالرتو�س املع�شقة تدور معا يف منظومة حركية �شديدة الدقة� ،أم هي «مروحيات» ت�صعد بالراق�ص �إىل الأعلى فيطري يف ف�ضاء الكون متوحد ًا مع الأفكار ،ال�صف اخللفي حيث �سل�سلة الأعمدة والآرج��ات والنوافذ مت�صلة ميين ًا وي�سار ًا وتنتهي ح��دود اللوحة ميينا وي�سارا وهي م�ستمرة لتعطي الإح�سا�س باال�ستمرار الالنهائي لتتم�شى مع فعل الأذك��ار والت�سابيح التي ال تنتهي وال تقف عند وقت معني “ ! ...الألوان” جتمع الأل��وان الباردة والدافئة مع ًا لتعطي التباديل والتوافيق داللة ومغذى بني الليل والنهار ،الذكر واالنثى ...املوت واحلياة ...ال�شهوات والزهد فيها ...الغرائز والرتفع عنها � ...أنها ال�شيء ونقي�ضه يف تكامل وتوا�صل وهكذا تبدو رحلة احلياة !
v
العدد التاسع والعشرون -أغسطس 2012
89
جورج البهجوري
المساجد في األحياء الشعبية
�أعتمد على اخلطوط لتحديد الكتل املعمارية وال�شخو�ص وامل�ساحات ..خطوط البهجوري كعادته هي خط واحد مت�صل ،ما �أن ي�ضع يده على اللوحة البي�ضاء بالقلم الأ� �س��ود ال ي�ترك ال��ورق��ة �إال وقد �أكتمل التكوين متام ًا كامل�سرحية من ف�صل واحد �أو كالق�صة الق�صرية ..ال ميكن �أن نرتكها ثم نعود لنكملها يف وقت الحق � ...أنه “ فعل فني” متوا�صل ال ينقطع ...ول�ك��ي ي ��زداد العمل الفني متا�سكا تت�شابك وتتقاطع اخلطوط وكثري ًا ما تتداخل فت�شعر بالدفء واحلميمية التي ن�ست�شعرها يف احل��واري ال�ضيقة املكتظة بال�سكان واملباين والدكاكني وهنا جند امل�شهد برمته ،م�ساجد �شعبية كثرية متال�صقة يحت�ضن بع�ضها البع�ض يف ت�آلف ،قال يل البهجوري :ق�ضيت ن�صف حياتي يف باري�س وه�ن��اك افتقر ب�شدة ل�شكل امل�أذنة ول��ذا عندما �أع��ود مل�صر اركز ب�صري عليها و�أر�سمها كثري ًا ...لأن امل�أذنة ابتكار عبقري �أفرزته العمارة الإ�سالمية يت�سم بال�شموخ وال�سمو والرفعة ويربط الأر�ض بال�سماء� ،أنه منوذج معماري للر�شاقة وات�صال الأر�ض بال�سماء ،ا�ستخدم البهجوري هنا عائلة لونية �ساخنة ل ُي�شعرنا بالدفء واحلميمية وتوهج امل�شاعر. �ألي�ست هذه اللوحة منوذج حي للوحدة الوطنية ..بال ت ّكلف �أو تز ّيد �أو افت ّعال. v
88
لفظ الجاللة رمزي مصطفى اللوحة تبدو كجزئيني مت�صلني ومن املمكن عر�ض كل جزء مبفرده ولكن مع تال�صقهما يزداد املعنى ت�أكيد ًا وهو ترديد ال نهائي للفظ اجلاللة «اهلل» ،مل يهتم الفنان بجمال احلروفيات �أو دقة �أطراف اخلطوط بل جعلها �أ�شبه ب�أن يغم�س الإن�سان �إبهامه يف ُعلبة الألوان ويخط ب�أ�صبعه اللفظ اجلليل كنوع من التماهي والذوبان الكامل وتنامي ال�شعور بال�ض�آلة �أمام ما يخطه بيده. والرتكيز على كتابة اخلطوط بعائلة اللون الأحمر بدرجاته بينما الأر�ضية ترتاوح بني االخ�ضر والأزرق والرتكواز واملوف و�أهتم برتديد كل لون منهم هنا وهناك يف توازن لوين حتى ال ن�شعر بتكتل لون ما يف جهة معينة باللوحة فتبدو يف النهاية عمل ال نهائي �أي بال بداية �أو نهاية متاما كفعل الت�سابيح والأذكار فالكون كله ال ينقطع عنها. v
العدد التاسع والعشرون -أغسطس 2012
91
القاهرة الفاطمية عصام طه يع�شق فن البورتوريه والقاهرة الفاطمية ينتمي �إىل املدر�سة ال �ت ��أث�يري��ة وم�ع�ن��ى ذل��ك يحتفى بانعكا�س ا�شعة ال �� �ش �م ����س ع �ل��ى م�ظ��اه��ر احل��ي��اة ال �ي��وم �ي��ة ،م��ول��ع بت�سجيل الأحياء ال�شعبية وامل�ساجد العتيقة والأ�سبلة والكتاتيب والتكايا والأيوانات وال�شفخانات والأ�ضرحة ...مما يجعلنا ن�ستن�شق رائحة الزمان ونتخيل انف�سنا ُعدنا �إىل املا�ضي ع��دة ق��رون ...الفاطميون، والإخ�شيديون ،املماليك ،العثمانيون � ...إل��خ �أج��واء وع��وامل حبلى بالذكريات والأح ��داث التاريخية الكربى وم��ا يحاك حولها من �سري الأب �ط��ال واحل��روب v
90
وم� ��ؤام ��رات وب �ط��والت وع �ن�تري��ات� ،أن��ه عامل � �ش��دي��د ال� �ث��راء الآن مي� �ت ��زج ه� ��ذا ال �ع��امل بفقر الأحياء واال�شياء وازدح� � � � � ��ام ال �ب �� �ش��ر املهم�شني وك��ل ه��ذا ال مينع �أن نرى خفة ظل ه�ؤالء الب�شر الكادحني وح�ضور روح الفكاهة لديهم ..رمبا ال يعرب الفنان مبا�شرة عند تلك امل�شاعر ولكن تبدو وا�ضحة جلية يف وجدانه عندما يهم مم�سكا بفر�شاته ليعرب عن تلك الأمكنة املُفعمة باحليوية واحلركة ودبيب احلياة التي ال تهد�أ ...ي�ستخدم الوان دافئة متتلئ باحليوية والكثافة لتتم�شى مع روح امل�شهد.
مائدة الرحمن عــمر عبد الظاهر �إح��دى جتليات املدر�سة التعبريية امل�صرية التي �أ�س�سها عمنا الكبري عبد الهادي اجلزار ..براعة التكوين حيث ميوج باحلركة وتداخل العنا�صر ..امللتحي يف و�ضع جانبي يرفع القلة بكلتا يديه ليحت�سي جرعة ماء بارد ،الرجل يف املقدمة يف و�ضع جانبي �أي�ض ًا ولكن ينظر للجهة الأخرى ي�سار ًا منهمك ًا يف تناول لقمة و�آخر يلتهم فخذ دجاجة بنهم ،بينما الرجالن يف �أق�صى اليمني و�أق�صى الي�سار متتد يدهما لتتقابل هل لتت�صافح �أم للت�سابق على الفوز بن�صيب �أكرب من الدجاجة التي يظهر جزء منها من بني اذرع الرجل يف مقدمة اللوحة ،يبدو الرجالن على و�شك التعارك من �أجل الفوز بالدجاجة كاملة فتبدو مالمح الرتب�ص والتحفز واالنق�ضا�ض. ...ما �أجمل التعبري ال�صادق عن م�شاعر الطبقات الكادحة
املهم�شة التي تعي�ش دوما يف اجلانب املظلم من املجتمع ...يبدو وك�أننا ال نتذكرهم �إال يف �شهر رم�ضان ،ا�ستحوذ الرجل يف ميني اللوحة على رغيف خبز كامل واحت�ضنه وقربه ل�صدره وامتدت يده الأخ��رى ملحاولة الفوز بالدجاجة بينما ترقد ال�سمكة يف ي�سار امل�شهد وقد التهمت بالكامل فلم يتبقى منها �سوى �سل�سلة العظام والر�أ�س والذيل دون تفتت فتبدو مثل م�شاهد الكاريكاتري عندما تلتهم القطط ال�سمكة فتنزع اللحم منها متاما وتبقى على الهيكل العظمي كامال ،ر�أ�س و�سل�سلة عظمية ذيل� ،ألوان حمراء �ساخنة ت�سيطر على اللوحة تلطف الأجواء قليال اللون الأزرق يف ثياب الرجال اخلم�س والكرا�سي والأطباق � ،أهم ما مييز العمل الفني هنا التعبري واحلركة واالنفعال. v
العدد التاسع والعشرون -أغسطس 2012
93
الفطائر عادل حسني قبيل �ساعة الإف�ط��ار تنهمك رب��ات البيوت يف �صنع مائدة الإفطار ال�شهية اللذيذة وتتفنن الن�ساء يف ذلك ويبذلن جهود ًا جبارة �أنه نوع من الت�ضحية من �أج��ل ا�سعاد �أف��راد الأ�سرة بكاملها ،هنا يبدو االن�سجام واالن��دم��اج الكامل يف العمل فتتال�شى مالمح ال��وج��ه يف و�ضع جانبي (ب��روف�ي��ل) ليكون تركيز عني امل�شاهد على الفعل ولي�س مالمح وجه ال�سيدة �أو جمال ج�سدها ..ل ِيظهر الفنان معنى تفاين ال�سيدة يف تقدمي فطائر �شهية ينتظرها �أفراد الأ�سرة ال�صائمون بلهفة .ونظري �أن يقدم الفنان هذا الإح�سا�س ال�سالف ذكره مل يهتم باملنظور �أو الن�سب وا�ستعا�ض عنها بالأ�شكال الدائرية املكتظة v
92
ا�ستدارة اطراف الطبلية وال�صينية والن�شابة و�أذرع ال�سيدة وردائها ور�أ�سها ،امللمح الغريب الذي مل �أجد له مربر ًا يف اللوحة هو اخللفية الذهبية .لوحة «بائع الفول» ت�سري على نف�س امل�سار ال�سابق حيث يجعل البطل هو «احلدث» ولي�س ال�شخ�ص الوحيد الظاهر باللوحة ،فالتلهف �إىل طبق الفول الذي ي�ستحيل �أن تخلو مائدة �سحور منه يدفع البائع لل�صياح ب�أعلى �صوته مناديا « اللوز»..كما الفنان ع��ادل ح�سنى ي�صل الرتاثى باحلديث حني ي�ستخدم الكوالج فى بع�ض اعماله ..حت��دي��دا ي�ستخدم ق�صا�صات من اخليامية مثلما ن��رى ف��ى لوحة «ال�سامر» ولوحة «الفرح» وغريها .
يوسف سيدا
الكنفاني ن�ف��ذ ه��ذا ال�ع�م��ل ع��ام � 1960أي م�ن��ذ اثنني وخم�سون عاما ،وال ت��زال ه��ذه ال�صورة النمطية ل�صانع الكنافة موجوده ولكنها للأ�سف قليلة جد ًا حيث ا�ستبدلت بامليكنة لتحل مكان ه��ذا امل�شهد التقليدي البديع لإحدى املهن اليدوية التي تتعر�ض لالنقرا�ض ،كما انقر�ضت بالفعل �صناعات يدوية عديدة مثل �صانع القباقيب والطرابي�ش و ُمبي�ض النحا�س و�صناعة احل�صري. تكوين اللوحة جميل حيث حتتل طاولة الكنافة
ثلث اللوحة وتت�صدر املقدمة لتُ�صبح بطل اللوحة بال منازع وكذلك قدر العجني ،بينما يقف ال�صانع متحفز ًا يعلو مالحمه الرتكيز ال�شديد واالنهماك حمافظ ًا على م�صدر رزق��ه ،بينما يقف الطفل يراقبه ويت�أمل كافة حركاته باهتمام وا�ضح بينما تقف ال�سيدة يف ح��ال��ة ان�ت�ظ��ار ه��ادئ��ة وي �ب��دو يف اخللفية على م�سافة بعيدة �سيدات و�أطفالهن ي ُقمن بالت�سوق اللوحة هنا تنتمي للمدر�سة التعبريية امل�صرية اي�ض ًا. العدد التاسع والعشرون -أغسطس 2012
v
95
المبتهل
وديع المهدي املبتهل جال�سا يرفع يديه مم�سكا بال�سبحة بكلتا يديه ينظر للأعلى يف هدوء و�سكينة ،وهنا فنان �آخر ينتمي للتيار التعبريي ،ونالحظ ا�ستطالة �أع�ضاء اجل�سم ،خلفية اللوحة والأر�ضية يلعبان دور ًا هام ًا يف ابراز دراما اللوحة وت�ؤدي عائلة الألوان الدافئة نف�س الأمر ،نلحظ وجود طابع زخريف يف اخللفية تداخل ال�شباك م��ع ا ُ حلليات املعمارية و�أ��ش�ك��ال العمارة الإ�سالمية املجردة وكذلك يت�ضح الطابع الزخريف يف �سجادة ال�صالة وتكرث التفا�صيل يف اخللفية والأر��ض�ي��ة كمقابل للب�ساطة ال�شديدة يف َ ملب�س وعمامة املُبتهل يف لون يقرتب من اللون الأبي�ض. v
94
صفحة فن هذه ال�صفحة مفتوحة لكل الآراء فى الفن والفكر والثقافة
فى دولة املجر وعلى بعد 240كيلومرت تقريبا من العا�صمة بوداب�ست وفى �إحدى القرى ال�صغرية �أن�ش�أ ثالث من الأ�صدقاء (م�ستعمرة لودفيج الدولية للفنون) و�سميت با�سم لودفيج الفنان الوحيد بينهم ام��ا الأث�ن��ان فهما من متذوفى الفنون وعمال من قبل فى م�ؤ�س�سات دبلوما�سية لبالدهم وامل�ستعمرة �أن�شئت فى عام 1999ببيت يحتوى على �صالة كبرية جمهزة بالإ�ضاءة اجليدة وطاوالت للعمل وحمامات فى نهاية ال�صالة ثم مطعم يت�سع ل 40فردا يوحى بجو عائلى وتزين جدرانه ببع�ضا من نتاج الور�ش ال�سابقة لفنانني من دول خمتلفة .فى �إحدى �أطرافه م�سرح �صغري حيث يتحول املكان ليال اىل مقر ندوات الفنانني ال�ضيوف بعر�ض افالم او �صور لتجاربهم الفنية املختلفة ثم يبد�أ بعدها يوميا حفال مو�سيقيا يعزف فيه �أرب�ع��ة فنانني جمريني م��ن امل�شاركني بالور�شة يجيدون العزف على اجليتار والدرامز.. وال مانع من ح�ضور عازف ماهر ملو�سيقى اجلاز من يوم اىل �آخر مما ي�ضفى على املكان �أج��واء مرحة مفعمة بالدعابة. بعد عدة �سنوات مت التو�سع ب�إن�شاء �أربعة منازل خ�شبية بنيت فى الفناء ،والتى هى مبثابة الفندق حيث حتتوى على كل و�سائل املعي�شة و يحيط بها الفناء ميتللئ ب�أ�شجار الفاكهة �أكرثها من �أ�شجار ال�ك��رز التى مت�لاء احلديقة ب��أن��واع��ة امل�ت�ع��ددة .. ونباتات الزينة فى جمموعة من �أجمل �أنواع الورود �شكال ورائحة ،وبركة من املياه فى جانب احلديقة وال�ت��ى �ساهمت ف��ى خلق بيئة ملهـمة للمـ�شاركني واحل�ضــــــــــــــور ..وامل�ستعمـــرة مبدر�ستها للفنون احلرة التى �أ�ضيفت للمكان ،مهمة للغاية بالن�سبة للم�شاركني من الفنانني املحليني والأجانب كو�سيلة ملعرفة االجتاهات العاملية والأمن��اط املوجودة بكل بلد ،وه��ى بجانب ا�ستقبالها للأ�شخا�ص الذين يرغبون فى تنظيم دورات الفنون الإب��داع�ي��ة فى �أوقات فراغهم بحيث يح�ضرون خاماتهم و�أدواتهم م��ع توفري �سبل املعي�شة م��ن طعام و��ش��راب وذل��ك v
96
المـجــــــــر 2012 وورشة للفنون ف��ى ب��رام��ج معدة م��ن قبل بح�ضور اح��د الفنانني املحرتفني للقيام بها .هذه الدورات الفنية مفتوحة جلميع امل�ؤهلني م�سبقا �أو الهواة .والربامج عادة ما تكون مدة خم�سة �أيام ،ولكن �أي�ضا هنا كا�ست�ضاقة لعطلة نهاية الأ� �س �ب��وع ل�ل�أ��س��ر والأف� ��راد املحبني ل�ل�أج��واء الفنية .و امل�شاركون بالطبع ي�سددون
ر�سوم للم�شاركة .هناك �أي�ضا دورات طويلة املدى متتد لأ�سابيع والتى بطبيعة احلال ت�ؤدى �إىل فنانني حمرتفني ...والتى دع��ى لها �صاحب ه��ذا املقال لعمل ور�شة عمل..وفى الور�شه رقم 20لهذا العام �شاركت مع 41فنانا من �أنحاء العامل �،أملانيا ،م�صر ،بلغاريا ،النم�سا ،كرواتيا ،رو�سيا البي�ضاء، بلجيكا � ،إيطاليا ،املجر ،رومانيا � ،أ�سبانيا ..هذا وقد �أنتجت �أعماال ت�صويرية جديدة بتقنيات ب�سيطة وه��ى ا�ستخدام ال��رم��ل الأب�ي����ض «رم�ل��ه العجمي» والتى �أح�ضرها من �شاطى ال�ساحل ال�شماىل كل عام اثناء ق�ضاءالأجازة ال�صيفية ،على �أثر ذلك دعتنى م�ؤ�س�سة لودفيج لإقامة ور�شة عمل تعليمية ملجموعة م��ن الفنانني املجريني ال�شباب ال�شتاء
د� .أحمد �صقر عميد فنون املنيا ال�ق��ادم ،وع��ادة ما تدعو ه��ذه امل�ستعمرة الفنية فنانني ا�صحاب �أ�ساليب وتقنيات متفردة لنقل هذة التقنيات للفنانني ال�شباب والهواة املرتددين على املكان .وذلك من عدة دول .. نتيجة لزيارات رئي�س هذة امل�ؤ�س�سة لعديد من البلدان وور�ش العمل ا لدولية �أ�سفرت عن عالقات تعاون كبرية مع �شركاء من نف�س النهج من حيث االه�ت�م��ام بالفن املعا�صر ف��ى �أمل��ان�ي��ا و�سلوفاكيا وكرواتيا و�أنحاء �أوروبا عموما. وقد يت�ساءل البع�ض ما الفائدة من هذة الور�ش؟ لقد �أج��اب حمافظ الإقليم فى ه��ذة املنطقة التى تنتمى �إليها القرية وهى �سيدة مثقفة ثقافة رفيعة ان ذلك املكان قد �أ�شاع �أج��واء حياة ثقافية فى القرى املحيطة بها .ف�سعت املحافظة لتمهيد ال�ط��رق وت��وف�ير و�سائل امل��وا��ص�لات لي�سهل كثريا على الركاب �سواء امل�ستوى املحلى �أ و عرب احلدود القريبة من املكان .اي�ضا تو�سيع التعاون والعالقات بني امل�ؤ�س�سات وتطوير وتفعيل املجتمعات املحلية. فالفنانني �أهم من �أثر على البيئة املحيطة� ،سواء فى الداخل واخل��ارج .فكثريا من النا�س ا�شرتوا بيوتا بجوار تلك امل�ستعمرة الفنية كم�صيف وخا�صة من اوروب��ا الغربية ,ا�صبح عدد �أكرب من النا�س �أكرث �إيجابية فى املنطقة ،اكت�سب املكان �سمعة طيبة من الزوار� .أى �أن املكان انتع�ش �سياحيابعد �سنوات من الإ�صرار على النجاح . بت�أملى لهذة التجربة �أجد �أننا �أحوج مانكون �إىل تطبيق مثل هذه الأفكار �سواء فى �إحدى املنتجعات اخل�ضراء القريبة من الوادى �أو منطقة �صحراوية �أي�ضا تكون بها خدمات �أو بع�ضا من القرى الريفية اجلديدة فى املجتمعات الزراعية اجلديدة قد �أكون حاملا ولكن لي�س هناك م�ستحيل بعد ثورة 25ينابر العظيمة و�أعتقد �أن هيئة ق�صور الثقافة ب�إداراتها الواعية وبتعاون م�ؤ�س�سات املحافظات واملحليات ورجال الأعمال امل�ستنريبن منهم ميكنهم القيام مبا هو �أعظم من ذلك .