Khayal 29

Page 1



‫بانورمـــا‬ ‫ليـــــالى‬ ‫رمضــــان‬ ‫الثقافية‬ ‫والفنيـــة‬


‫ال��������ف��������ن��������ان‬ ‫ال����روس����ى “م����ارك‬ ‫ش���اج���ال“ص���اح���ب‬ ‫ال��خ��ي��ال ال��ف��ن��ت��ازى‬ ‫وأحد رواد المدرسة‬ ‫ال��س��ي��ري��ال��ي��ة أب��دع‬ ‫أرب���ع���ة ق��ص��ص من‬ ‫ال���ل���ي���ال���ى ح��ص��ل‬ ‫ب��ه��ا ع��ل��ى ال��ج��ائ��زة‬ ‫الجرافيكية لبينالى‬ ‫فينيسيا عام ‪.1948‬‬

‫ف��ى أع��م��ال ماتيس‬ ‫دنيا حالمه تهمس‬ ‫ف���ي���ه���ا ش����ه����رزاد‬ ‫ل��ش��ه��ري��ار ت��أل��ق��ت‬ ‫ب����خ����ط����وط����ه م���ع‬ ‫مساحاته السعيدة‪.‬‬

‫وتبقى طبعة �ألف ليلة ولية «للفتيان ‪v‬‬ ‫» وال �ت��ي � �ص��درت يف ‪ 13‬ج��زء �أع��ده��ا‪:‬‬ ‫ح�سن جوهر وحممد �أحمد برانق و�أمني‬ ‫دويدار‪..‬وهى ذات جمال خا�ص ر�سمتها‬ ‫الفنانة املجرية «ا�ستيال يونكرز» بري�شة‬ ‫� �س��اح��رة‪ ..‬ف�ق��د ع��ا��ش��ت ال�شخ�صيات‬ ‫و� �ص��ورت �سحر ال �ل �ي��ايل ك�م��ا ج�سدت‬ ‫�صور احلياة بطابع �أرابي�سكى م�سكون‬ ‫بالنقو�ش والدند�شات و��ص��ورت مواقع‬ ‫الأحداث من الق�صور والبيوت والطبيعة‬ ‫امل�ف�ت��وح��ة‪ ..‬ه��ذا ب��الإ��ض��اف��ة لرتجمتها‬ ‫بالري�شة لأجواء ال�سحر والأ�ساطري ‪.‬‬ ‫ومل�سة فناين الغرب‬ ‫وهناك لوحات للفنان « كاى نيل�سون»‬ ‫م�ستوحاة من عامل �ألف ليلة وليلة‪ ..‬وهى‬ ‫مت��وج بجمال الإط� ��ارات م��ن النقو�ش‬ ‫العربية و�سحر ال�شخ�صيات مع اجلياد‬ ‫الطائرة املحلقة وبهاء الق�صور والقالع وال��ورود والزهور ‪..‬‬ ‫وحيوية الألوان التي ت�شع بالنور والأجواء الليلية‪.‬‬ ‫�أم��ا الفنان الرو�سي «م��ارك �شاجال» �صاحب اخليال‬ ‫الفنتازى و�أح��د رواد املدر�سة ال�سرييالية فقد �أب��دع �أرب��ع‬ ‫ق�ص�ص من الليايل يف ‪ 12‬لوحة جرافيكية متثل حالة من‬ ‫الرثاء ب�أ�سلوبه الفكاهي ال�ساخر واملُفعم باخليال‪ ..‬وقد ح�صل‬ ‫�شاجال من خاللها على اجلائزة اجلرافيكية لبينايل فيني�سيا‬ ‫عام ‪.1948‬‬ ‫و ُيعد الفنان هرنى ماتي�س من �أه��م �شخ�صيات القرن‬ ‫الع�شرين وك��ان املناف�س الأك�بر والوحيد لبيكا�سو ‪ ..‬وتكمن‬ ‫عظمة ماتي�س يف �أن روائعه الت�صويرية التي قدمها متثل ن�سقا‬ ‫فريدا يف ا�ستلهام روح الأرابي�سك الإ�سالمي املتوج ب�سحر‬ ‫ال�شرق الفنان‪ ..‬وفى �أعماله عموما ينقلنا �إىل دنيا حاملة‬ ‫م�سكونة بعامل �ألف ليلة وليلة وهم�س �شهرزاد ل�شهريار‪ ..‬وقد‬ ‫ت�ألقت بتلك اخلطوط التي ت�سيل من بع�ضها البع�ض يف ر�شاقة‬ ‫وحيوية مع م�ساحاته ال�سعيدة و�ألوانه ال�صداحة التي تتناغم‬

‫من وحى �ألف ليلية وليلة ‪ -‬للفنان مارك �شاجال‬

‫يف مو�سيقى �شرقية من م�شتقات الأزرق ال�صريح وال��وردي‬ ‫البا�سم والأخ���ض��ر اليانع والبنف�سجي احل��امل والربتقايل‬ ‫الدافئ والأ�صفر الرنان والرمادى الناع�س‪.‬‬ ‫وق��د انتقل ماتي�س بالفن احل��دي��ث �إىل �إي�ق��اع جديد‪..‬‬ ‫مع تلك ال��روح ال�شرقية التي ميزت فنه وجعلته عالمة من‬ ‫عالمات الإبداع يف القرن الع�شرين ‪.‬‬ ‫ولعظمة ماتي�س ك��ان بيكا�سو ي�ضع له ح�سابا كبريا يف‬ ‫الفن‪ ..‬لإيقاعه ال�شرقي الفريد و�ألوانه اجل�سورة‪ ..‬حتى �أنه‬ ‫مل يكن يقيم وزنا لفنان مثله ‪..‬وفى يوم قال لزوجته «فران�سو»‬ ‫حني ا�صطحبها معه لزيارته ‪«:‬ارت��دى بلوزتك البنف�سجية‬ ‫و�سروالك الأخ�ضر الداكن»‪ ..‬وهما لونان كان يحبهما ماتي�س‬ ‫ويتكرران يف �أع�م��ال��ه‪ ..‬وف��ى ه��ذا ت�أكيد على م��دى اح�ترام‬ ‫بيكا�سو وتقديره له ولفنه ‪ ..‬هذا الفنان الكبري الذى عا�ش‬ ‫ال�شرق وج�سده بري�شته التي فاقت الت�صور ‪.‬‬ ‫ومع اخليال نقر�أ ونت�أمل بعني احلب والفن ‪.‬‬ ‫ورم�ضان كرمي وعيد �سعيد‪.‬‬ ‫�صالح بي�صار‬


‫ألف ليلة وليلة‬ ‫سحر الكلمة وسحر الصورة‬ ‫فى أل��ف ليلة وليلة‬ ‫التى قدمها الكاتب‬ ‫رش��دى صالح صورها‬ ‫ال��ف��ن��ان ب��ي��ك��ار فى‬ ‫لوحات نقلنا خاللها‬ ‫إل���ى ال��زم��ن العربى‬ ‫الجميل‪.‬‬

‫تتعاقب الأج�ي��ال جيال بعد جيل ‪v‬‬ ‫وتتواىل الع�صور‪ ..‬وال‬ ‫ينتهى حديث النا�س حول «�ألف ليلة وليلة» هذا الكتاب الفريد‬ ‫الذى ال يعادله كتاب يف العامل �شرقه وغربه حتى �أنه يفوق‬ ‫«الإلياذة» و «الأودي�سة»‪ ..‬ويحق لنا �أن نتباهى به �أمام العامل‬ ‫�أجمع كن�ص �أدبى بلغت �شهرته الآفاق‪ ..‬حيث ترجم �إىل جميع‬ ‫لغات العامل ‪.‬‬ ‫وهو يعد بوابة ال�شرق احلقيقية التي يطل منها الغرب‬ ‫ليعرف عمق ال�شخ�صية ال�شرقية ومزاجها الراقي الرفيع‪.‬‬ ‫وقد كان �أول من نبه �إىل وج��ود هذا الأث��ر هم امل�ست�شرقون‬ ‫الذين انفردوا بدرا�سته و�أولهم �أنطوان جاالن « ‪»1715-1646‬‬ ‫وهو �أ�ستاذ فرن�سي تخ�ص�ص يف العلوم ال�شرقية يف فرن�سا وله‬ ‫ترجمة للقر�آن الكرمي حمفوظة يف املكتبة الأهلية يف باري�س‪.‬‬ ‫و��س��وف تظل �أل��ف ليلة وليلة ب�سحرها ال��ذى ال ينتهى‬ ‫عالمة �أدبية كبرية قال عنها الكاتب الأرجنتيني الكبري جورج‬ ‫بورخ�س‪� :‬ألف ليلة وليلة‪� ..‬أريد �أن اتوقف عند هذا العنوان احد‬ ‫�أروع العناوين يف العامل و�أعتقد �أن كلمة «�أل��ف» لها مرادف‬ ‫ال نهائي وعندما نقول �ألف ليلة وليلة ف�أننا ن�ضيف ليلة �إىل‬ ‫الليايل التي ال تنتهى»‪ ..‬وميكننا �أن نتذكر العبارة الإجنليزية ‪:‬‬ ‫«�أحيانا لكى نقول �إىل الأبد ‪..‬نقول �إىل الأبد ويوم �آخر ي�ضاف‬ ‫يوم �إىل كلمة �إىل الأبد»‪.‬‬ ‫�إلهام ال�شعراء ‪..‬‬ ‫وكانت �أل��ف ليلة منبع �إلهام اجليل الأول من ال�شعراء‬ ‫الإجنليز يف املدر�سة الرومان�سية مثل وليم وردزروث وجون‬ ‫كيت�س وال�ل��ورد ب��اي��رون ال��ذى ت�أثر بها يف عمله «احلكايات‬ ‫ال�شرقية» كما كان ال�شاعر الأملاين جوتة مولعا ومهتما ب�آداب‬ ‫ال�شرق وقد رفع مكانة الأدب ال�شرقي ك�سحر �أب��دى وعكف‬ ‫على الدرا�سة العميقة لألف ليلة وليلة خا�صة يف الفرتة ما بني‬ ‫‪1819- 1814‬اثناء ت�أليفه لروايته ال�شعرية « الديوان ال�شرقي‬ ‫الغربي» ‪.‬‬ ‫كما قراها االديب الرو�سي تول�ستوى ومعظم كتاب ال�شرق‬ ‫والغرب‪ ..‬ويقال �أن املفكر الفرن�سي فولتري قر�أها �أكرث من‬ ‫ع�شرين مرة ‪.‬‬ ‫والفكرة ال�سائدة حول �ألف ليلة وليلة هي ت�صويرها ملجتمع‬ ‫احل��رمي واالنغما�س يف احل�سية رغم �أن هذا ال ميثل ف�صال‬ ‫من بني ثماين ف�صول تناولتها د‪� .‬سهري القلماوى يف كتابها‬

‫«�أل��ف ليلة وليلة» فقد تناولت يف درا�ستها اجلوانب العديدة‬ ‫لهذا الن�ص وه��ى‪« :‬اخل��وارق و�أل��ف ليلة وليلة ‪ -‬املو�ضوعات‬ ‫الدينية يف الليايل – املو�ضوعات اخللقية – مو�ضوع احليوان‬ ‫– احلياة االجتماعية – املو�ضوعات التاريخية – املو�ضوعات‬ ‫التعليمية – و�أخريا املر�أة يف �ألف ليلة»‪.‬‬ ‫ومن منا ال يقدر �شهرزاد هذه املر�أة التي انت�صرت بذكائها‬ ‫ووعيها وثقافتها على الرجل الدكتاتور متمثال يف �شهريار حيث‬ ‫قهرت فيه �شهوته للعنف والدماء‪.‬‬ ‫و�أه��م طبعات �ألف ليلة العربية طبعة بوالق التي طبعت‬ ‫يف م�صر والتي اعتمدت �أكرث ما اعتمدت على ن�سخة هندية‬ ‫�أ�صلها م�صري طبعت يف كلكتا عام ‪ 1833‬ومن تلك الن�سخة‬ ‫خرجت خمتلف الطبعات امل�صرية املتعددة ‪.‬‬ ‫وتظل للق�ص�ص امل�صرية يف �ألف ليلة وليلة م�ساحة �شديدة‬ ‫التميز واخل�صو�صية فهي متتاز بروحها ال�شعبية مثل حكاية‬ ‫الوزيرين نور الدين و�شم�س الدين وع�لاء الدين وعلى بابا‬ ‫ومعروف الإ�سكايف وغريها ‪.‬‬ ‫وفى احلقيقة تتوازى ال�صورة الب�صرية يف �ألف ليلة وليلة‬ ‫مع الن�ص يف القيمة‪ ..‬وذلك لقيمتها الت�شكيلية والتعبريية‪.‬‬ ‫وقد ت�ألقت يف �أعمال فنية مثلما ت�ألقت يف طبعاتها العديدة‬ ‫يف ال�شرق والغرب‪.‬‬ ‫وتُعد ال�صورة الب�صرية يف احلكايات غنية بالعنا�صر‪..‬‬ ‫م�سكونة بالرثاء والتنوع وهى غالبا رمزية و�سريالية تفوق‬ ‫املنطق الب�شرى‪.‬‬ ‫وجلمال الن�ص وخلوده ظهرت العديد من الطبعات املزودة‬ ‫بال�صور �أو الر�سوم والتي تتوج جمال الن�ص ‪ ..‬من بينها �ألف‬ ‫ليلة وليلة التي ا�صدرتها دار ال�شعب والتي قدمها الكاتب‬ ‫ر�شدي �صالح و�صورها الفنان بيكار وهى عمل رائ��ع‪ ..‬نقلنا‬ ‫فيها بلوحاته �إىل الزمن العربي اجلميل من خالل املالب�س‬ ‫ال�شرقية الف�ضفا�ضة والب�سط واملفار�ش بري�شة غنائية ر�شيقة‬ ‫بخطوطه الب�سيطة املوحية ‪ ..‬وقد �صدرت يف جملدين‪.‬‬ ‫كما �أ��ص��درت دار الهالل طبعة �أخ��رى جديدة يف �ستة‬ ‫�أجزاء‪� ..‬أعدها الكاتب جورجي زيدان ور�سم �أغلفتها يف طبعة‬ ‫حديثة الفنان جمال قطب امل�ست�شار الفني للم�ؤ�س�سة‪ ..‬وهى‬ ‫ر�سوم ّحلق فيها ب�أجنحة اخليال مبا ينقل الن�ص من القيمة‬ ‫الأدبية �إىل القيمة الب�صرية الرفيعة‪.‬‬


‫العودة من احلقل ‪ -‬للفنان كامل م�صطفى‬


‫للفنون الب�صرية‬ ‫�أ�س�سها د‪�.‬إبراهيم غزالة‬

‫رئي�س جمل�س الإدارة‬ ‫�سعد عبد الرحمن‬ ‫�أمني عام الن�شر‬ ‫حممد �أبو املجد‬ ‫مدير الن�شر‬ ‫�صبحى مو�سى‬ ‫مدير التحرير‬ ‫�صالح بي�صار‬ ‫مديرالتحريرالتنفيذى‬ ‫�أمين هالل‬ ‫امل�ست�شار الفني‬ ‫حممد الطراوى‬ ‫هيئة التحرير‬ ‫�أمين حامد‬ ‫وليد الدرمللى‬ ‫فينو�س ف�ؤاد‬ ‫كمبيوتر جرافيك‬ ‫حممد خمتار‬ ‫رنـــــــــا �أ�شرف‬

‫التلى‪ُ ..‬‬ ‫ُ‬ ‫التلى يا جماله‬

‫‪6‬‬

‫الريف البهيج‬

‫‪10‬‬

‫ليالى رمضان الثقافية والفنية‬

‫‪12‬‬

‫بدوى سعفان ‪ ..‬فنان العدد‬

‫‪20‬‬

‫الفنانة الصينية جودوكى‬

‫‪26‬‬

‫فى صحبة اإلمام الشافعى‬

‫‪30‬‬

‫إبداعات الشباب‬

‫‪36‬‬

‫دافيد هوكنى رائد فن البوب‬

‫‪38‬‬

‫الفنان أحمد مصطفى‬

‫‪46‬‬

‫قراءة فى أعمال د‪ .‬عطيه حسين‬

‫‪50‬‬

‫رينوار‬

‫‪52‬‬

‫بكارة الريف وسحر األنوثة‬

‫‪58‬‬

‫الزجاج المعشق وجمال اإلبداع‬

‫‪62‬‬

‫خالد السماحى‬

‫‪66‬‬

‫الجالبية البدوية‬

‫‪70‬‬

‫سمير عبد الغنى‬

‫‪74‬‬

‫إبراهيم سعيد إبن فواخير مصر‬

‫‪78‬‬

‫محمد رياض سعيد‬

‫‪82‬‬

‫رمضان كريم مع الفن التشكيلى‬

‫‪87‬‬

‫‪Facebook.com/khayal.art‬‬ ‫‪alkhayal_art@hotmail.com‬‬ ‫السنةالثالثة ‪ -‬العدد التاسع والعشرون ‪ -‬أغسطس ‪2012‬‬

‫الآراء الواردة باملقاالت ُت َع رِّب عن ر�أى �أ�صحابها‬ ‫و لي�ست بال�ضرورة ُت َع رِّب عن ر�أى املجلة‬


‫ونحن يف هذا املو�ضوع نتحدث عن حرفة تراثية‬ ‫راقية توارثها الأجيال من جيل �إىل جيل عرب مئات‬ ‫ال�سنني لكن يختلف ا�سمها من دولة �إىل دولة و من‬ ‫حمافظة �إىل حمافظة �أي�ضا ‪-‬ف��ن ا ُلت ّلى – ا ُلت ّلى‬ ‫ب�صفة عامة هو نوع من �أنواع التطريز على القما�ش‬ ‫وفن ا ُلت ّلى يف الدول العربية له معنى‪.‬‬ ‫ومفهوم �آخر غري الذى توارثناه نحن امل�صريون‬ ‫عن �أجدادنا فعند معظم الدول العربية و بالأخ�ص‬ ‫الإمارات ا ُلت ّلى هو �صنع �شرائط من الن�سيج اليدوي‬ ‫امللون و ي�شرتك يف تلوينه �أكرث من خم�س بكرات من‬ ‫اخليط و ي�صنع ب�أطوال خمتلفة ح�سب احلاجة وبعد‬ ‫ذلك ي�ضاف �إىل الأزي��اء املختلفة و ح�سب ت�صميم‬ ‫الزخرفة املراد �إ�ضافته فيو�ضع �أحيانا على الأكمام و‬ ‫الو�سط و �أحيانا عند الذيل و الأكتاف و هكذا ح�سب‬ ‫ذوق ال�سيدة التي ت�صنعه و ال يخلو منزل من املنازل‬ ‫من �أدوات ال ُت ّلى يف الدول العربية و تعترب هذه ميزه‬ ‫ت�ضاف �إىل مهارات العرو�س التي كان يتوجب عليها‬ ‫تعلمها من العا�شرة من عمرها‬ ‫�صناعه ا ُلتّلى يف م�صر ‪ -:‬بد�أت �صناعه ا ُلت ّلى‬ ‫يف م�صر يف القرن الثامن ع�شر وظلت لفرته كبريه‬ ‫تتمركز يف حمافظه �أ�سيوط و كانت ن�شاط راقي‬ ‫يقبل عليه الأغنياء و البا�شوات يف ذلك الع�صر و‬ ‫تواجد �أي�ضا يف قريه �شندويل ب�سوهاج �إال �أن �إقبال‬ ‫الراق�صات على ارت��داء ا ُلت ّلى �أثناء ت�أدية عملهم‬ ‫جعل الطبقة الراقية تقف موقف م�ضاد من ا ُلت ّلى و‬ ‫مقاطعته �إىل حد ما و بعد تلك الفرتة �أ�صبح ا ُلت ّلى‬ ‫من احل��رف الرتاثية التي تزين بها معار�ضنا يف‬ ‫م�صر واخلارج ولوال تبنى الفنان �سعد زغلول وابنته‬ ‫منال لهذه احلرفة يف حمافظة �أ�سيوط النقر�ضت‬ ‫ومل ي�سمع بها �أحد وحل�سن احلظ �أي�ضا �أن هناك‬ ‫قريه م�صريه مبحافظه �سوهاج تعمل بكاملها يف‬ ‫�صناعة ا ُلت ّلى وهي قريه �شندويل و�سيكون لنا معها‬ ‫لقاء قريب لنتعرف على هذه القرية املنتجة و يف‬ ‫رحله ق�صريه ملحافظة �أ�سيوط ك��ان لنا لقاء مع‬ ‫الفنان �سعد زغلول و ابنته منال يف بيت التلى التابع‬ ‫ملركز �إح�ي��اء ال�تراث ب�أ�سيوط وتقول منال كانت‬ ‫بدايتنا مع ا ُلتّلى يف عام ‪ 1994‬ومبجرد علمنا �أن‬ ‫ا ُلت ّلى يعترب من تراث حمافظة �أ�سيوط وذلك �أثناء‬ ‫زيارتنا لإحدى املتاحف بلندن ووجدنا قطعة قما�ش‬ ‫من ا ُلت ّلى مكتوب عليها �أنها من ال�تراث امل�صري‬ ‫مبحافظه �أ�سيوط �سعدنا ج��د ًا بذلك و منذ ذلك‬ ‫الوقت بد�أ الفنان �سعد زغلول جولة البحث عن هذه‬ ‫‪v‬‬

‫العدد التاسع والعشرون ‪ -‬أغسطس ‪2012‬‬

‫‪7‬‬


‫تراث شعبى‬

‫الخيال فى أسيوط‬

‫التلى ‪ُ ..‬‬ ‫ُ‬ ‫التلى يا جماله‬ ‫دائما ما تعبر األزياء عن الشعوب و تنقل لنا من العادات و التقاليد ما يكشف‬ ‫لنا عن تراث هذه المجتمعات‪ .‬ولذلك أصبحت األزي��اء الشعبية من أهم الوسائل‬ ‫المستخدمة في الكشف عن التراث الشعبي عبر أجيال مختلفة‪ ،‬ورغم اختالفها في‬ ‫أشكالها و ألوانها فإنها تسجل على القماش أفراحها و عاداتها و أساليب حياتها‬ ‫المختلفة وفي كل بلد سواء عربي أو غربي نجد نفس النشاط التراثي ولكن يمكن أن‬ ‫يسمى بمسميات مختلفة ولكن المتفق عليه أن لكل شعب حضارته التي يتناقلها‬ ‫بأساليب تتماشي مع الذوق العام لألفراد الذين يعيشون فيه‪.‬‬

‫‪v‬‬

‫‪6‬‬


‫الراق�صات وبالتايل ان�صرفت عنه الأ�سر العريقة‬ ‫نظرا الرت ��داء الراق�صات ل ُلت ّلى بكرثة وك��ان من‬ ‫الف�ضة اخلال�ص وكان ي�شرتى بالوزن ولي�س بالقطعة‬ ‫وهذه من مميزات ا ُلت ّلى �أنه مع مرور الزمن عليه‬ ‫ت�صبح قيمته �أعلى وقد ا�ستخدمت منال املوتيفات‬ ‫ال�شعبية يف �أ� �ش �غ��ال ا ُل �ت � ّل��ى ك��ال�ع��رو��س��ة واجل�م��ل‬ ‫واحل�صان واملثلثات و الأبريق‪.‬‬ ‫ومن معوقات هذا العمل‬ ‫الت�سويق‪ -‬ويتم الت�سويق ب�شكل ف��ردى فلي�س‬ ‫هناك جهة حكومية �أو م�ؤ�س�سة م�س�ؤولة عن احلرف‬ ‫البيئية و الرتاثية تتوىل ت�سويق تلك املنتجات‪.‬‬ ‫اللهم �إذا كان هناك معار�ض خا�صة ملدة يوم‬ ‫بالقاهرة والأ�سكندرية فتذهب منال ب�شكل فردى‬ ‫وتعود يف نف�س اليوم و�أي�ض ًا ارتفاع �أ�سعار املواد اخلام‬ ‫مما �أدى �إىل ارتفاع �أ�سعار املنتج وعند �س�ؤالها عن‬ ‫نوعيه عميل ا ُلت ّلى �أو من ُيقبل على �شراءه ‪ ..‬ف�أجابت‬ ‫�إن زب��ون ا ُلت ّلى هم الفئه املثقفة التي تُعرف قيمة‬ ‫هذا الفن الرتاثي ‪ .‬و عن مده تنفيذ الطرحة مثال‬ ‫فقالت �إنها لو كانت من ال�شغل اخلفيف (�أي تكون‬ ‫الوحدات قليلة وامل�سافات البينية كبرية) تكون مدة‬

‫التنفيذ من ‪ 20‬يوم �إىل �شهر وال�شغل الثقيل ميكن‬ ‫�أن ت�ستغرق من �شهرين �إىل ثالثة �شهور وهناك‬ ‫�أ�سرة ميكن �أن تعمل بالكامل يف ا ُلتّلى وذلك منوذج‬ ‫موجود بالفعل نقوم ب�إعطاء الأ�سرة القما�ش ا ُلت ّلى‬ ‫وخيط ا ُلت ّلى وحتديد الت�صميم وتقوم الأ�سرة بالعمل‬ ‫اجلماعي وعند االنتهاء من القطعة تقوم الأ�سرة‬ ‫بت�سليمها �إىل املركز وتت�سلم غريها وهكذا‪.‬‬ ‫وعند �س�ؤالها عن عدد الفتيات املوجودين حاليا‬ ‫�أجابت ب�أنهن ع�شرة فتيات و�أنها قامت باحل�صول‬ ‫ع�ل��ى منحة م��ن ال���ص�ن��دوق االج�ت�م��اع��ي للتنمية‬ ‫باال�شرتاك مع جمعية �صديقة ولكن ن�شاطها خالف‬ ‫ا ُلت ّلى وعند انتهاء عام من تاريخ املنحة انف�صلت‬ ‫اجلمعية الأخرى ورف�ضت اال�ستمرار يف جمال ا ُلت ّلى‬ ‫لأنها غري تخ�ص�صه ولكن حر�ص منال على‬ ‫تكملة م�شوار وال��ده��ا الفنان �سعد زغلول لإحياء‬ ‫الرتاث الأ�سيوطي يف جمال ا ُلت ّلى جعلها ت�صر على‬ ‫اال�ستمرار وقامت بتدريب الكثري من اجلمعيات‬ ‫والأفراد و كذلك �أ�شرفت على الن�شاط يف م�صر‪.‬‬ ‫�أمين هالل‬ ‫العدد التاسع والعشرون ‪ -‬أغسطس ‪2012‬‬

‫‪v‬‬

‫‪9‬‬


‫احلرفة وم��ن يعمل بها والتي ك��ادت �أن تنقر�ض و‬ ‫بال�صدفة وجد الفنان �سعد زغلول �سيدتني م�سنتني‬ ‫ويقول‪ :‬بالفعل ذهبت �إليهما وتعلمت منهما الغرزة‬ ‫اخلا�صة با ُلت ّلى وح�صلت منهما على بع�ض املعلومات‬ ‫التي يعرفانها وقد �صنعوا يل قطعة �شال مبا تبقى‬ ‫لديهم من القما�ش واخليوط وعلمت منهما �أنهما‬ ‫كانا يعمال حل�ساب �أحد الأ�شخا�ص الذى كان يقوم‬ ‫بت�صدير ا ُلت ّلى �إىل خارج م�صر وكان هذا ال�شخ�ص‬ ‫يعترب مبثابه حمتكر ل ُلت ّلى مبحافظة �أ�سيوط و ذلك‬ ‫منذ �أيام حممد على وا ُلت ّلى عبارة عن قما�ش توللي‬ ‫‪v‬‬

‫‪8‬‬

‫ومط ّعم بالف�ضة ول��ه غ��رزة معينة �شبيه بالكانفاه‬ ‫والإب��رة امل�ستعملة يف العمل مبططه ولي�ست مدوره‬ ‫مثل باقي الإبر و اخليط كان يف املا�ضي م�صنوع من‬ ‫الف�ضة اخلال�صة �أما �أالن ف�أ�صبح اخليط من معدن‬ ‫خفيف مطلى بالف�ضة و ذلك نظر ًا الرتفاع الأ�سعار‬ ‫وعدم الإقبال على ال�شراء‪.‬‬ ‫وعندما تعلمت منال �سعد زغلول الغرزة و كيفية‬ ‫العمل بالإبرة املبططه �أح�ضرت فتاتني �صغريتني‬ ‫و علمتهما ال�غ��رزة ث��م بعد ذل��ك �أح�ضرت اثنتني‬ ‫�أخرتني ف�أ�صبح لديها �أربعة فتيات يعملن باجتهاد‬

‫ثم �أ�صبحوا �ستة بنات ثم بد�أت بجذب الفتيات من‬ ‫جمعيات اخرى‪.‬‬ ‫واملده�ش هو املدة الزمنية التي تتعلم فيها الفتاة‬ ‫الغرزة وهي من �أ�سبوع �إىل خم�سة ع�شر يوما وذلك‬ ‫يتوقف علي ا�ستيعاب الفتاة نف�سها‪ .‬ولي�س هناك �أي‬ ‫موا�صفات للفتيات الالتي يتعلمن ال ُت ّلى �سوى حبهن‬ ‫للعمل يف هذا النوع من التطريز �أو العمل اليدوي و‬ ‫�أ�صبح للفتيات �أجرا جمزى حيث ح�صلت منحة من‬ ‫ال�صندوق االجتماعي وتو�سعت بامل�شروع‪.‬‬ ‫والطريف يف مو�ضوع ا ُلت ّلى �أنه كان لب�سا ترتديه‬


‫وال �شك �أن م��ن يتذكر «الأر�� ��ض» ال ين�سى‬ ‫الفنان ال�شامل الكبري «ح�سن ف�ؤاد» «‪»1985 -1926‬‬ ‫رائد الإخراج ال�صحفى والر�سام وامل�صور والكاتب‬ ‫وال�سيناري�ست‪ ..‬فقد ج�سد �شخ�صياتها على الورق‪..‬‬ ‫والتى ت�ألقت بال�سحر واجلمال وق��وة التعبري حني‬ ‫كانت تن�شر الرواية ب�صحيفة امل�صرى عام ‪..1953‬‬ ‫وهى ر�سوم تعد روائ��ع فى الفن املعا�صر بالأبي�ض‬ ‫والأ�سود‪.‬‬ ‫و«ح���س��ن ف � ��ؤاد» ك�م��ا ي�ق��ول ال�ك��ات��ب «��ص�لاح‬ ‫حافظ»‪( :‬بد�أ فنان ًا ير�سم بالري�شة والأل��وان‪ ،‬ومن‬ ‫البداية كانت ري�شته واقعية ت�ستمد احلرب والألوان‬ ‫من �آالم الإن�سان لكنها �أي�ض ًا حتلم‪ ..‬وكنت تلمح وراء‬ ‫الب�ؤ�س الإن�سانى نبل املقاومة‪ ..‬ومل يكن ي�صرفها‬ ‫الأمل عن االبتهاج باحلياة ذاتها �أو التنكر لقيم‬ ‫اجلمال الأ�صيلة‪ ..‬وكانت لوحاته منا�سبات تنبه حتى‬ ‫التع�ساء �إىل �أن احلياة �أروع من الي�أ�س و�أن الن�ضال‬ ‫فى �سبيل ال�سعادة هو الأ�سمى والأروع‪ ..‬وكانت‬ ‫عقيدته الفنية �أن الفن جزء من ن�سيج احلياة و�أن‬ ‫احلياة هى مادة الفنان ومو�ضوعه)‪.‬‬

‫ور�سوم «ح�سن ف�ؤاد» «للأر�ض» عربت عن روح‬ ‫القرية ب�شكل يفوق من عا�شها وهو ابن القاهرة‪..‬‬ ‫ولي�س �أجمل من حتليل الناقد «خمتار العطار» لهذا‬ ‫العمل الفنى الكبري الذى تفي�ض �شخو�صه بالتعبري‪:‬‬ ‫(يبدو فيها اجلمال لي�س تقليدي ًا‪ ،‬فالوجوه م�صرية‬ ‫املالمح �إن�سانية التعبري �أكرث منها و�سيمة‪ ،‬وال يفى‬ ‫بالدقة والتجويد �إمي��ان� ًا ب ��أن تعبري الوجه ي�ضفى‬ ‫معناه على باقى العنا�صر وينفخ فيها الروح‪ ..‬وهو‬ ‫يظهر الأيدى العاملة ال�ضخمة اخل�شنة ك�أنها ترتدى‬ ‫قفازات من فرط قوتها‪ ..‬كما �أن فلاّ حاته‬ ‫وف�ّل�اّ ح� �ي ��ه ي �خ �ت �ل �ف��ون ع��ن‬ ‫�أقرانهم فى لوحات‬ ‫«يو�سف كامل»‬ ‫ال�� ��ذي�� ��ن‬

‫يرفلون فى �صحة وعافية وبيئة عامرة باخلري غنية‬ ‫باخلراف واملاعز‪ ،‬وكان الريف امل�صرى هو هبة اهلل‬ ‫فى الأر�ض‪� ..‬أما ر�سوم «ح�سن ف�ؤاد» للبيئة الريفية‬ ‫فى رواية «الأر�ض»‪ ..‬فال تقل روعة عن العمل الأدبى‬ ‫نف�سه وهى فى ر�أيى �أجمل ما �أبدعه فناننا فى جمال‬ ‫الر�سم الت�صويرى باحلرب ال�شينى �إذ ات�سم بالتكامل‬ ‫ودقة الأداء ومهارة ال�صنعة والطابع الرمزى والنكهة‬ ‫التعبريية م��ع اال�ستفادة م��ن معطيات الإ�سقاط‬ ‫الفورى ال�سريع على الورق)‪.‬‬

‫‪v‬‬

‫العدد التاسع والعشرون ‪ -‬أغسطس ‪2012‬‬

‫‪11‬‬


‫الريف البهيج‬ ‫سحر القرية‬

‫األرض والفالح بين “الشرقاوي” و”حسن فؤاد”‬

‫تعد رواي��ة «الأر� ��ض» للكاتب وال��روائ��ى «عبدالرحمن‬ ‫ال�شرقاوي» «‪ »1987 -1920‬من �أجمل و�أروع الروايات امل�صرية‬ ‫التى تدور حول الريف امل�صرى ونا�سه على �أر�ض قرية م�صرية‬ ‫�صغرية باملنوفية‪ ..‬قرية «الدالتون» م�سقط ر�أ�س الكاتب الكبري‪..‬‬ ‫وج�سد فيها ملحمة خالدة لأبطالها‪« :‬حممد �أبو�سويلم وعبدالهادى‬ ‫وو�صيفة وحممد �أفندى وال�شيخ يو�سف» و�صور ال�صراع الدائر قبل ثورة‬ ‫‪ 1952‬هناك فى عمق القرية بني الفالحني وبني الإقطاع واالحتالل‬ ‫والف�ساد‪ ..‬وهو �صراع من �أجل البقاء ومن �أجل حياة �أف�ضل‪.‬‬ ‫وقد حتولت «الأر���ض» �إىل فيلم �سينمائى عام ‪ 1970‬من �إخراج‬ ‫«يو�سف �شاهني»‪ ،‬ويعد ثانى فيلم فى قائمة (�أح�سن ‪ 100‬فيلم فى تاريخ‬ ‫ال�سينما امل�صرية)‪.‬‬ ‫‪v‬‬

‫‪10‬‬


‫‪v‬‬

‫العدد التاسع والعشرون ‪ -‬أغسطس ‪2012‬‬

‫‪13‬‬


‫ليالى‬ ‫رمضان‬ ‫الثقاقية‬ ‫والفنية‬

‫‪v‬‬

‫‪12‬‬

‫فى أكبر مهرجان ثقافى و فنى‬ ‫بحديقة السيدة زينب بالقاهرة‬ ‫وليد الدرمللى‬ ‫يرتبط احلي ال�شعبي العتيق ال�سيدة زينب ارتباط ًا وثيق ًا بليايل رم�ضان‪ ..‬فنجد رائحة البخور تختلط‬ ‫برائحة ون�سمات روحانية تفوح من جنبات املكان‪ ،‬وهذا العام متتزج نفحات احلي بالفن والثقافة بعدما‬ ‫�شهدت احلديقة الثقافية يف الفرتة من ‪� 9‬إىل ‪ 19‬رم�ضان فعاليات الليايل الثقافية الفنية التي حتر�ص‬ ‫هيئة ق�صور الثقافة على �إقامتها كل عام حتى يت�سنى ل�سكان وزوار هذا احلي القدمي ورواد �أن�شطة الهيئة‬ ‫املختلفة اال�ستمتاع بكل ما هو هادف وجاد من مو�سيقى وثقافة‪.‬‬


‫بنى �سويف‪ ،‬احلرية‪ ،‬الأنفو�شي‪ ،‬التذوق‪ ،‬املنوفية‪،‬‬ ‫الإ�سماعيلية‪ ،‬بور�سعيد» للفنون ال�شعبية‪ ،‬وفرق‬ ‫«النيل‪ ،‬كفر ال�شيخ‪ ،‬كفر ال�شرفا‪ ،‬الغربية‪ ،‬دمياط‪،‬‬ ‫منيا القمح‪ ،‬الإ�سماعيلية‪� ،‬شبني القناطر» للآالت‬ ‫ال�شعبية‪� ،‬إ�ضافة �إىل فرق املو�سيقى العربية بالهيئة‬ ‫وهي «البحرية‪ ،‬امل�صرية‪� ،‬أبو قري‪ ،‬م�صطفى كامل‪،‬‬ ‫بني �سويف‪ ،‬املن�صورة‪ ،‬حممد عبدالوهاب‪ ،‬بنها»‪،‬‬ ‫�إىل جانب ف��رق النيل للإن�شاد الديني والتنورة‬ ‫ال�تراث �ي��ة‪ ،‬وال�سم�سمية «ال���س��وي����س»‪� ،‬أب ��و الغيط‬ ‫«القناطر اخلريية»‪ ،‬كما ي�شارك جمموعة من فرق‬ ‫�صندوق التنمية الثقافية بعرو�ضها الفنية وهى‬ ‫«�شبابية‪ ..‬ثالثة ثالث‪ ،‬الفنان �أحمد منيب وفرقته‪،‬‬ ‫الفنان حممود دروي�ش وفرقته‪ ،‬املن�شد حممد يا�سني‬ ‫التهامي‪ ،‬فرقة �أنغام ال�شباب‪ ،‬والقومية للمو�سيقى‬ ‫العربية «البيت الفني»‪ ،‬فرقة ال�شيخ �إم��ام‪ ،‬الفنان‬ ‫�أحمد العطار‪ ،‬فرقة فن الواو‪ ،‬الفنان حممد ال�شحات‬ ‫وفرقته‪ ،‬الفنان ال�شعبي �سيد ال�شاعر‪ ،‬الفنان حممد‬ ‫عبدال�ستار‪ ،‬الفنان حميد �إبراهيم وفرقته‪.‬‬ ‫كما �شاركت الإدارة املركزية لل�شئون الثقافية‬ ‫والإدارات التابعة لها ه��ذا العام بربنامج متميز‬

‫‪v‬‬

‫العدد التاسع والعشرون ‪ -‬أغسطس ‪2012‬‬

‫‪15‬‬


‫وقد افتتح الليايل الدكتور حممد �إبراهيم وزير‬ ‫الآثار والقائم ب�أعمال وزير الثقافة وال�شاعر �سعد‬ ‫عبدالرحمن رئي�س الهيئة العامة لق�صور الثقافة‬ ‫والأ�ستاذ حممد �أب��و املجد رئي�س الإدارة املركزية‬ ‫لل�شئون الثقافية ولفيف من قيادات الوزارة والهيئة‪..‬‬ ‫بح�ضور جماهريي غفري تعدى �أك�ثر من ‪� 30‬ألف‬ ‫م�شاهد على مدار الليايل‪ ،‬فتعد ق�صور الثقافة �أحد‬ ‫�أهم القالع التي حتمي الثقافة وتعمل على ن�شرها‬ ‫على م�ستوى ربوع و�أقاليم م�صر فهي ج�سر التوا�صل‬ ‫ب�ين الثقافة و�آذان وع�ي��ون املتلقي‪ ..‬ومتتد ليايل‬ ‫ال�سيدة زينب الثقافية من التا�سعة �إىل الثانية ع�شر‬ ‫م�سا ًء يومي ًا‪.‬‬ ‫وق��د �شهدت الليايل كما �ضخما من الأن�شطة‬ ‫الثقافية وال�ف�ن�ي��ة ال�ت��ي �شملت ن���دوات وح�ف�لات‬ ‫وعرو�ض فنية و�شعبية ومعار�ض ت�شكيلية و�أم�سيات‬ ‫�شعرية وعرو�ض �سينمائية �سعي ًا من الهيئة لن�شر‬ ‫الثقافة الراقية والفن الرفيع بني جمهور املتلقني من‬ ‫خمتلف ال�شرائح العمرية والثقافية‪.‬‬ ‫و�أق�ي�م��ت جمموعة م��ن ال�ع��رو���ض الفنية على‬ ‫م�سرح احلو�ض املر�صود لفرق «ال�شرقية‪ ،‬الغربية‪،‬‬ ‫‪v‬‬

‫‪14‬‬


‫خالل معر�ض �ضم العديد من الأعمال الإبداعية‬ ‫اجلماعية والفردية للأطفال فى النحت والت�صوير‬ ‫والعرائ�س‪.‬‬ ‫وتنظم الإدارة العامة لثقافة امل��ر�أة برناجم ًا‬ ‫ثقافي ًا ي�شمل عر�ض فنى لل�سرية الهاللية يومي ًا‬ ‫باحلديقة عن دور املر�أة كما وردت بال�سرية ال�شعبية‬ ‫ال�ستلهام القيم الإي�ج��اب�ي��ة «ال�ب�ط��ول��ة‪ ،‬احل��ري��ة‪،‬‬ ‫امل�ساواة‪ ،‬املوقف من امل��ر�أة» ولت�سليط ال�ضوء على‬ ‫ال�شخ�صيات الن�سائية الالتي تمُ ثلن من��وذج حي‬ ‫لإيجابية امل��ر�أة العربية‪� ،‬إ�ضافة �إىل �إقامة معر�ض‬ ‫دائ��م ملنتجات ال��ور���ش الفنية ال�ت��ي ع�ق��دت خالل‬ ‫عام ‪ 2012/2011‬وهى «�صناعة احللي والت�شكيل‬ ‫باخلرز‪ ،‬تابلوهات ال�سريما‪ ،‬احل��رق على اجللد‪،‬‬ ‫�أع�م��ال اخل�شب وال�صدف‪ ،‬احلفر على اخل�شب‪،‬‬ ‫الت�شكيل باجلريد‪ ،‬الت�شكيل باخلزف والر�سم على‬ ‫الفخار‪ ،‬الن�سيج»‪ .‬ومل يقت�صر االحتفال بليايل‬ ‫رم�ضان على هيئة ق�صور الثقافة ب��ل ام�ت��د �إىل‬ ‫‪v‬‬

‫العدد التاسع والعشرون ‪ -‬أغسطس ‪2012‬‬

‫‪17‬‬


‫يت�ضمن ندوات ثقافية عن بع�ض رموز الأدب و�أخرى‬ ‫علمية و�سيا�سية منها ما يهدف لوعي اجلماهري‬ ‫مبا ي��دور حولنا الآن من �أح��داث وكيفية ممار�سة‬ ‫الدميقراطية والأن�شطة ال�سيا�سية املختلفة بالإ�ضافة‬ ‫�إىل �أم�سيات �شعرية لل�شعراء من خمتلف الأقاليم‪،‬‬ ‫ف�ض ًال عن معر�ض لأحدث �إ�صدارات الكتب التي مت‬ ‫ن�شرها بالهيئة هذا العام‪.‬‬ ‫و�شهد م�سرح الطفل باحلديقة تنظيم الإدارة‬ ‫العامة للثقافة ال�سينمائية جمموعة من عرو�ض‬ ‫الر�سوم املتحركة ت�شمل عرو�ض «رم�ضان جانا‪،‬‬ ‫�سحر الكتاب‪ ،‬لون واحد‪� ،‬إيد على �إيد‪ ،‬عايز �أطري‪،‬‬ ‫�إ�شارة مرور‪ ،‬رمييك�س‪� ،‬صف ثاين‪ ،‬فاهم غلط‪ ،‬لفة‬ ‫مل�صلحتك‪ ،‬لعبة ورق‪ ،‬من فات قدميه تاه»‪� ،‬إ�ضافة‬ ‫�إىل جمموعة من الأفالم الت�سجيلية وهى «ال�شهيد‬ ‫حممد البطران‪� ،‬شهيد الأزهر ال�شيخ عماد عفت‪،‬‬ ‫حممية وادى اجل �م��ال‪ ،‬رب��اع�ي��ة ال �ف��رح‪� ،‬شهداء‬ ‫الإ�سكندرية حممد وك��رمي‪ ،‬عبداملنعم مطاوع‪ ،‬بني‬ ‫�شطني وميه‪ ،‬حممية نبق‪ ،‬م�صطفى مفتاح»‪.‬‬ ‫�إىل جانب جمموعة من العرو�ض الفنية لفرقة‬ ‫«ك ��ورال �أط�ف��ال �شربا اخليمة ل��ذوي االحتياجات‬ ‫اخلا�صة‪ ،‬املنرية الغربية فنون �شعبية «�أط�ف��ال»‪،‬‬ ‫ك��ورال �أطفال الإ�سماعيلية‪ ،‬فنون �شعبية «�أطفال»‬ ‫زينهم‪ ،‬كورال �أطفال اجليزة‪ ،‬بور�سعيد فنون �شعبية‬ ‫«�أط �ف��ال»‪ ،‬ك��ورال �أط�ف��ال ال�سالم‪ ،‬ك��ورال �أطفال‬ ‫بور�سعيد‪ ،‬كورال �أطفال �شربا اخليمة‪ ،‬فرق ق�صر‬ ‫ثقافة الطفل بجاردن �سيتي‪ ،‬فرق ق�صور الثقافة‬ ‫لأغاين الأطفال»‪.‬‬ ‫و�أي�ض ًا �شارك املركز القومي لل�سينما مبجموعة‬ ‫م��ن ع��رو���ض ال��ر��س��وم املتحركة وه��ى «ب��ره وج��وه‪،‬‬ ‫ال�سجان‪ ،‬ميكروبا�ص»‪ ،‬وعرو�ض ت�سجيلية وروائية‬ ‫وه��ى «ف��ن ال�ف�لاح�ين‪� ،‬أرب�ع��ة �أي��ام جم�ي��دة‪ ،‬من��رة‪،‬‬ ‫البحر زاد‪ ،‬يا نيل‪� ،‬آثار �إ�سالمية حول الأزهر‪ ،‬لعب‬ ‫كبار‪ ،‬النا�س والبحرية‪ ،‬ال�سيدة رقية»‪.‬‬ ‫�أما ق�صر الطفل بجاردن �سيتي فقدم العر�ض‬ ‫امل�سرحي «غم�ضة عني»‪ ،‬ويقدم �أتوبي�س الفن اجلميل‬ ‫العر�ض امل�سرحي «دنيا الو�شو�ش» و»مركز ر�ؤية فنون‬ ‫�شعبية» كما تُقدم عرو�ض ال�ساحر والأراجوز طوال‬ ‫فرتة االحتفال على م�سرح الطفل وقد كانت هناك‬ ‫م�شاركة كبرية من املركز القومى لثقافة الطفل من‬ ‫‪v‬‬

‫‪16‬‬


‫‪v‬‬

‫العدد التاسع والعشرون ‪ -‬أغسطس ‪2012‬‬

‫‪19‬‬


‫باقي القطاعات بوزارة الثقافة حيث يقيم �صندوق‬ ‫التنمية الثقافية يف ع�شرة مراكز ل�ل�إب��داع الفني‬ ‫احتفاليات فنية وثقافية خالل �شهر رم�ضان املعظم‬ ‫ه��ذا ال�ع��ام‪ ،‬وذل��ك يف �إط��ار ا�سرتاتيجية و�ضعها‬ ‫ال�صندوق لأن�شطته‪ ،‬بحيث يقدم كل مركز على حدة‬ ‫برناجم ًا فني ًا ثقافي ًا من خالل منظومة فنية حتقق‬ ‫تنوع ًا ثقافي ًا ما بني �إن�شاد ديني‪� ،‬شعبيات‪ ،‬مو�سيقى‬ ‫عربية‪ ،‬وفرق معا�صرة‪�.‬صرح بذلك املهند�س حممد‬ ‫�أبو �سعدة مدير ال�صندوق‪ ،‬و�أ�ضاف �أنه �سيتم تقدمي‬ ‫‪ 150‬ليلة فنية وثقافية متنوعة مبراكز الإبداع التابعة‬ ‫لل�صندوق وهى‪ :‬مركز �إبداع ق�صر الأمري طاز‪ ،‬قبة‬ ‫ال�غ��وري‪ ،‬وكالة ال�غ��وري ‪ ،‬ومركز احلرية للإبداع‬ ‫بالإ�سكندرية ‪،‬وم��رك��ز �إب ��داع بيت ال �ه��راوى وبيت‬ ‫ال�سحيمي �إ�ضافة �إىل مركز طلعت حرب الثقايف‬ ‫بال�سيدة نفي�سة‪ ،‬ومركز الإب��داع الفني ب�ساحة دار‬ ‫الأوب ��را‪ ،‬بالإ�ضافة �إىل منطقة بئر يو�سف بقلعة‬ ‫�صالح الدين وذل��ك بالتعاون مع املجل�س الأعلى‬ ‫للآثار‪ ،‬حيث تبد�أ �أوىل الليايل يوم ‪ 28‬يوليو املوافق‬ ‫‪ 9‬رم�ضان وتختتم �أن�شطتها يوم ‪� 13‬أغ�سط�س املوافق‬ ‫‪ 25‬رم�ضان‪ ،‬وتتنوع الإم�ساكية الفنية والثقافية‬ ‫التي يقدمها ال�صندوق هذا العام بني الغناء حيث‬ ‫ت�ست�ضيف جمموعة من كبار املطربني ومنهم‪ :‬الفنان‬ ‫حم�سن فاروق وفرقته �أ�ساتذة الطرب‪ ،‬الفنان فتحي‬ ‫�سالمة‪ ،‬الفرقة القومية للمو�سيقى العربية والفنانة‬ ‫مروة ناجي‪ ،‬بالإ�ضافة �إىل املهرجان الدويل للإن�شاد‬ ‫واملو�سيقى الروحية الذي يقام بقبة الغوري‪ ،‬وليايل‬ ‫ال�سرية ال�شعبية للفنان �سيد ال�ضوي‪ ،‬كما ت�ست�ضيف‬ ‫�أي�ض ًا ع��دد م��ن ف��رق الإن���ش��اد الديني‪ ،‬ويف جمال‬ ‫املو�سيقى �سيقدم الفنانني‪ :‬م�ن��ال حم��ى ال��دي��ن‪،‬‬ ‫�سدا�سي �شراره‪ ،‬والفنان جورج كازازيان‪ ،‬والفنان‬ ‫عبده داغر وعازفات بيت العود جمموعة من �أهم‬ ‫�أعمالهم املو�سيقية املتميزة‪.‬‬ ‫‪ ‬يذكر �أن �صندوق التنمية الثقافية يقيم عدد‬ ‫م��ن املعار�ض وال��ور���ش منها‪« :‬م�ساجد و� �ش��وارع»‪،‬‬ ‫«رم�ضان زم��ان»‪ ،‬معر�ض نتاج ال��ور���ش الت�شكيلية‬ ‫للأطفال ذوي االحتياجات اخلا�صة‪ ،‬وور�شة الأمثال‬ ‫ال�شعبية‪ ،‬ومعر�ض جتليات �سيمبوزيوم الأق�صر‪،‬‬ ‫بالإ�ضافة �إىل امل�شاركة يف معر�ض للكتاب بالتعاون‬ ‫مع قطاعات الوزارة املختلفة‪.‬‬ ‫‪v‬‬

‫‪18‬‬


‫وف�صيحة‪ ،‬وفى بيته الذى ازدحم بلوحاته و�ضاقت‬ ‫بها امل�سافات وامل�ساحات حتى املمرات وغرف النوم‬ ‫والتى تظل مرتا�صة مكد�سة فى مئات اللوحات‪ ..‬كنا‬ ‫هناك وكان هذا احلوار‪.‬‬ ‫الن�ش�أة الأوىل‬ ‫يقول الفنان والفالح الف�صيح عم بدوى‪ :‬ولدت‬ ‫فى قرية �صغرية فى �أح�ضان النيل اخلالد تدعى‬ ‫قرية �سنبخت لأ�سرة ذات مكانة رفيعة حتتل مركز‬ ‫قيادى و�أدب��ى‪ ..‬وكان عمى م�صطفى عمدة البلدة‬ ‫ل��ه هيبة ك�ب�يرة وي �خ��اف ب��أ��س��ه ك��ل كبري و�صغري‬ ‫بالقرية‪ ،‬فى بداية الطفولة التحقت ب�أول مدر�سة‬ ‫تفتح �أبوابها فى بلدنا عبارة عن منزل ميلكه �أحد‬ ‫�أبناء القرية ‪..‬ق�سم منه على واجهة ال�شارع �أجره‬ ‫لوزارة املعارف وهو املدر�سة وق�سم فى الداخل‬ ‫كان ي�سكن فيه‪.‬‬ ‫و�سميت املدر�سة با�سم �صاحبها «مدر�سة‬ ‫املغاورى»‪ ..‬و�أراد والدى �أن يغرينى بالذهاب‬ ‫�إىل املدر�سة فا�شرتى ىل ح��ذاء برقبة لكى‬ ‫حتافظ على قدمى من الرطوبة وال�برد وظل‬ ‫هذا النوع يالزمنى حتى �سن البلوغ ‪ .‬وكان �أول‬ ‫ي��وم �أذه��ب فيه �إىل املدر�سة �أ�شبه بيوم عيد‬ ‫وذهبت ب�صحبة �أخى الكبري‪.‬‬ ‫ه �ن��اك ب��د�أن��ا ن �ق��ر�أ ف��ى ك �ت��اب املطالعة‬ ‫ق�ص�ص وح�ك��اي��ات مثل احل�م��ل ال ��ذى غنى‬ ‫للذئب وعمر ف��ى احلقل وال �غ��راب والثعلب‬ ‫والأ�سري وح�صانه‪ ..‬وه��ذه الق�ص�ص كانت‬ ‫تنقلنى �إىل ع��امل غري العامل ال��ذى �أعي�ش‬ ‫فيه وت�ستهوينى ج��دا الر�سوم التى كانت‬ ‫م�صاحبة لها وت�شد انتباهي‪.‬‬ ‫ثم انتقلت املدر�سة بعد ذلك �إىل دار �أحد‬ ‫الأعيان وكانت �أكرث ات�ساعا وبها �ستة ف�صول‬ ‫‪..‬ولكن كانت االمكانيات �ضعيفة لدرجة �أننا‬ ‫كنا نح�صل على ري�شة ب�سن ب�صعوبة جدا‬ ‫رغم رخ�ص هذه الأ�شياء‪ ,‬و�أذكر �أننى ا�شتاقت‬ ‫نف�سى �أن �أح�صل على قليل من احلرب من خالل‬ ‫ن�شافة و�أذه��ب بها �إىل املنزل لأر��س��م به بعد‬ ‫و�ضعه فى زجاجة بها قليل من املاء ولكن احلرب‬ ‫�أ�صبح باهتا لدرجة كبرية ‪.‬‬ ‫وك��ان يوجد فى قريتنا رج��ل ي�صنع كمامات‬ ‫ومعدات للجمال وكان لديه جمموعة �أ�صباغ لتلوين‬ ‫احلبال وكنت �أقف متفرجا و�أت�شوق جدا لر�ؤيته وهو‬ ‫يلون بهذه الأل��وان والأ�صباغ فظاهرة حبى للألوان‬

‫الزمتنى من ال�صغر‪.‬‬ ‫وال �أذكر �أننا تلقينا درو�سا فى الر�سم فى هذه‬ ‫ال �ف�ترة‪� ..‬أم��ا الكتب فكنا حم��روم�ين منها ب�شكل‬ ‫نهائى وكانت ت��وزع علينا فى احل�صة فقط‪ ..‬كل‬ ‫اثنني كتاب يطالعا فيه ثم ي�سلم مرة �أخرى للمدر�س‬ ‫وكنت �أمتنى �أن امتلك مثل هذا الكتاب و�أ�صحبه‬ ‫معى �إىل بيتى لكى �أ�ستمتع مبا فيه من ر�سوم ت�شد‬ ‫انتباهى ووجداين‪.‬‬ ‫وبني احلني والآخر كان يدخل علينا الف�صل‬ ‫الأ�ستاذ عبد الباقى ي�س وهو مدر�س كان معمما‬ ‫وه��و وجيه فى ملب�سه ‪..‬ي��رت��دى جلباب �أ�سود‬ ‫ويتمتع بقوة فى ال�شخ�صية مع االتزان والثبات‪.‬‬ ‫وال�ع�ج�ي��ب �أن ��ه ك��ان ي�ب��دا احل���ص��ة بر�سم‬ ‫جمل على ال�سبورة وكنت �أتابع يده حتى النهاية‬ ‫و�أالح ��ظ �أن��ه ال ي�شطب ب��ل ير�سم اخل��ط بدقة‬ ‫و�إجادة و�أنا �أطيل الت�أمل �إىل الر�سم فى �إعجاب‬ ‫وده�شة‪.‬‬ ‫وفى ح�صة العلوم نفذ لنا منوذجا لتم�ساح‬ ‫ور�سمه على كرتون وق�صه باملق�ص وق��ام بعمل‬ ‫ن�سخ عديدة منه وزع على كل جمموعة منا مت�ساح‬ ‫لنقله فى كرا�سة العلوم‪.‬‬ ‫وفى املنزل كنت �أرى �أخى الكبري عبد اللطيف‬ ‫ير�سم بالأقالم امللونة على ظهر �أبواب غرف املنزل‬ ‫زهرية بها زه��ور مورقة وف��ى مو�ضع �آخ��ر ير�سم‬ ‫نعامة‪ ..‬كان كل هذا يحوز �إعجابى وده�شتى‪.‬‬ ‫وعلى م�صطبة العمدة كنت �أجل�س مع بقية‬ ‫�أطفال البلد وكانت جتذبنى علب الدخان الفارغة‬ ‫التى يلقى بها �أر�ضا �أحد الفالحني فكان عليها‬ ‫غزالة ر�شيقة مر�سومة ب�إتقان ‪..‬كما كانت علب‬ ‫الكربيت مر�سوم عليها فار�س بح�صان‪ ..‬وعلب‬ ‫ال�سجاير مر�سوم عليها منظر طبيعى جميل‬ ‫ملجموعة مراكب على النيل وفى اجلانب الآخر‬ ‫ر�سم لفتاة م�صرية بالزى الفرعونى وكنت �أنتظر‬ ‫عمى م�صطفى العمدة �أن يلقى بفارغ ال�صرب علبة‬ ‫ال�سجائر حتى �أحتفظ بها‪ ..‬مع ما يقع فى يدى من‬ ‫�صور و�أوراق ذات طابع جمايل‪.‬‬ ‫كل هذا العامل من الر�سوم �أثر فى ت�أثري ًا كبريا‬ ‫وكان له �أثر بالغ فيما بعد فى اجنذابى نحو عامل‬ ‫الر�سم‪.‬‬ ‫ي�ضيف �سعفان‪ :‬لقد ن�ش�أت منذ نعومة �أظفارى‬ ‫�أع�شق الفن وال��زرع و�أع�شق النور و�أك��ره الظالم‬ ‫والقبح من القول و�أت��ذوق ال�شعر واملو�سيقى التى‬ ‫‪v‬‬

‫العدد التاسع والعشرون ‪ -‬أغسطس ‪2012‬‬

‫‪21‬‬


‫فنان العدد‬

‫بدوى سعفان وعالمه الفطرى‬

‫صور الحياة اليومية للقرية ‪..‬‬ ‫فى مالحم تعبيرية‬

‫بدوى �سعفان فنان من ريف م�صر‪ ..‬ينتمى لقرية �صغرية خ�ضراء فى‬ ‫عمق الدلتا تدعى «�سنبخت» من قرى املن�صورة‪ ..‬ورغم التحاقه بالفنون‬ ‫اجلميلة بالقاهرة وتخرجه منها عام ‪1959‬من ق�سم الت�صوير وح�صوله‬ ‫على درجة االمتياز‪� ..‬إال �أن �أعماله م�سكونة بح�س �شديد التلقائية وك�أنه‬ ‫فنان فطرى وهى �أعمال ت�شدو ب�سحر التعبري والت�شكيل جت�سد �صور‬ ‫احلياة اليومية للقرية امل�صرية‪ ..‬فى مالحم �أبطالها من الفالحني‬ ‫والفالحات مع الطيور واحليوانات واحلقول وحدائق الربتقال‪ ..‬كل‬ ‫هذا فى �صفاء وب�ساطة وتنوع فى الإيقاع‪ ..‬و�أعماله تعيد �سرية الريف‬ ‫امل�صرى‪ ..‬ترجع بنا اىل تلك ال�صور التى ت�ؤكد روح القرية التى كانت‬

‫‪v‬‬

‫‪20‬‬

‫�صالح بي�صار‬

‫من قبل من البهاء والنقاء‪ ..‬بعيدا عن �صور ال�صراع والزحام وهدير‬ ‫املركبات و�أزيز الآلة‪ ..‬والقلق الذى ينتاب الإن�سان املعا�صر‪.‬‬ ‫ورمب��ا كان ال�سر فى جمال لوحاته وطزاجتها التعبريية �إ�صراره‬ ‫ال�شديد على االرتباط بقريته و�أهله ونا�سه هذه القرية التى تُعد م�صدر‬ ‫�إلهامه الأول والأخري والتى �أ�صر على �أن يظل بها رغم تنقله مبدن كثرية‬ ‫وهى التى ا�ستوحى منها عمق �أعماله التى جتاوزت الألف لوحة ناهيك‬ ‫عن الدرا�سات واال�سكت�شات كل هذا مبا يعد دي��وان م�صورا و�أغنيات‬ ‫ب�صرية من العذوبة والرباءة‪ ..‬وهذا ما �شكل �أ�سطورة فنه‪.‬‬ ‫فى قرية «�سنبخت» الذى يعتز بها والتى ج�سد م�شاهدها بلغة ب�سيطة‬


‫اخلام�س وكان الأول جمال قطب والثانى حممد ف�ؤاد‬ ‫تاج الدين ‪�..‬أما الثالث والرابع ف�أتذكر طالب ا�سمه‬ ‫�صبحى و�آخر ا�سمه �ضياء الدين و كنت �سعيدا جدا‬ ‫بهذه النتيجة ‪.‬‬ ‫هو وعبد العزيز دروي�ش‬ ‫وبد�أت رحلة الدرا�سة ف�أظهرت نبوغا رغم عدم‬ ‫ثقافتى الفنية وفى ال�سنة الإعدادى ‪..‬كان �أول �أ�ستاذ‬ ‫تلقيت عليه درا�سة الفن هو الأ�ستاذ عبد العزيز‬ ‫دروي�ش‪ ..‬كان طيب النف�س هادئ الطبع ت�شعر �أن‬ ‫الفن كل غايته وهواه ‪.‬‬ ‫وفى ال�سنة الأوىل اخرتت ق�سم ت�صوير فكنت‬ ‫�أ�شعر من بداية دخوىل الكلية �أن لدى ميل طبيعى‬ ‫للألوان ‪..‬وفى هذه ال�سنة التقينا ب�أ�ستاذ عظيم هو‬ ‫ح�سني بيكار رئي�س ق�سم الت�صوير وب��د�أت عيوننا‬

‫تتفتح على املعانى احلقيقية للفن وتذوقه‪ ..‬ر�سمت‬ ‫طبيعة �صامتة وك��ان مو�ضع �إعجاب الأ�ستاذ مما‬ ‫�شجعنى على امل�ضى قدما فى فن الت�صوير وبعدها‬ ‫ر�سمت طبيعة �صامتة �أي�ضا ولكن فى تكوين �آخر‬ ‫جنحت جناحا هائال وبد�أت العيون تنظر �إىل ب�أمل‬ ‫كبري وف��ى ي��وم من الأي��ام دخلت حجرة الأ�ساتذة‬ ‫ووجدت اللوحة الأخرية معلقة على حامل باحلجرة‬ ‫ور�أيت الأ�ستاذ عبد الهادى اجلزار جال�سا وعندما‬ ‫ر�آنى �أبدى �إعجابه ال�شديد باللوحة ‪.‬‬ ‫ومرت مرحلة الدرا�سة فى حب و�شغف مع تلك‬ ‫العالقة من الأب��وة من �أ�ساتذتى ‪ :‬دروي�ش وبيكار‬ ‫وعز الدين حمود ال��ذى �أدي��ن لهم جميعا بالف�ضل‬ ‫‪..‬حتى تخرجت عام ‪ ..1959‬وبعد تخرجى �أخذت‬ ‫�أطرق الأبواب لعلى �أجد عمال �أو وظيفة �أ�ستند عليها‬

‫وكانت الفكرة م��ازال��ت فى ذه��ن �أ�ساتذة الفنون‬ ‫اجلميلة‪� :‬أننى من املتفوقني ويجب �أن �أوجه نف�سى‬ ‫للإنتاج الفنى وكانت ن�صيحتهم ىل �أن �أتقدم ع�ضوا‬ ‫مبر�سم الأق�صر‪.‬‬ ‫وبالفعل تقدمت وبعد اجتياز اختبار �شخ�صى‬ ‫جنحت مع �ستة من الفنانني‪ ..‬وهناك ع�شنا بالرب‬ ‫ال�غ��رب��ى ف��ى بيت عبد ال��ر� �س��ول‪ ..‬بيت م��ن اللنب‬ ‫ا�ست�أجرته احلكومة م�ن��ه‪ ..‬هناك كنا نر�سم ما‬ ‫حولنا من الآثار والعمارة الريفية التلقائية ومناظر‬ ‫اجل �ب��ل‪ ..‬وم��ن ه�ن��اك انتقلنا �إىل ال�ق��اه��رة حيث‬ ‫مر�سم «حو�ش ق��دم» بالغورية ‪..‬وبعد انتهائى من‬ ‫منحة مر�سم الأق�صر جاء تعيينى بالرتبية والتعليم‬ ‫حمافظة الدقهلية «م�سقط ر�أ�سي»‪ ..‬وهنا جمعت بني‬ ‫الفن وتلك الر�سالة التى �أعتز بها‪� ..‬أن �أكون معلما‬

‫‪v‬‬

‫العدد التاسع والعشرون ‪ -‬أغسطس ‪2012‬‬

‫‪23‬‬


‫ت�سرى فى نف�سى �سريان املاء فى العود ‪.‬‬ ‫مدر�سة املن�صورة‬ ‫انتقلت �إىل مدينة املن�صورة ودخلت املدر�سة‬ ‫االبتدائية و�أ�شرتى ىل وال��دى بدلة جاهزة وحذاء‬ ‫برقبة وبلوفر ��ص��وف وبنطلون ق�صري وطربو�ش‬ ‫‪..‬وكنت �سعيدا بهذا التغري فى حياتى من جلباب‬ ‫خمطط �إىل بدلة �أنيقة وك��ان وال��دى ي��زورن��ى فى‬ ‫املدر�سة كل يوم اثنني �أثناء الف�سحة ويفتح حمفظته‬ ‫ويعطينى قر�شا وكنت �أفرح جدا بهذا اللقاء ‪.‬‬ ‫كنت متفوقا فى الر�سم �إىل درجة كبرية و�أتذكر‬ ‫�أننى ر�سمت مرة نبات فى زهرية زرع نالت �إعجاب‬ ‫�أ�ستاذ الرتبية الفنية و�أ�صبحت معروفا لدى زمالئى‬ ‫مبهارتى فى الر�سم وكثريا ما كان مدر�س الرتبية‬ ‫الريا�ضية يكلفنى بعمل ر��س��وم ح��ول الريا�ضات‬ ‫والألعاب املختلفة‪.‬‬ ‫وفى الإج��ازة ال�صيفية كنت �أقوم مع ابن عمى‬ ‫بتزيني ج��دران ال�ن��ادى الريا�ضى للبلدة بر�سوم‬ ‫جت�سد �شخ�صية ال��زع�م��اء والعظماء م��ن فنانني‬ ‫و�أدب� ��اء مثل حممد ع�ب��ده و �سعد زغ�ل��ول وحافظ‬ ‫و�شوقى واملنفلوطى نقال عن كتب املطالعة ‪.‬‬ ‫لوحة نبات ال�صبار‬ ‫فى مرحلة التعليم الثانوى كان يقوم بتدري�س‬ ‫مادة الر�سم الأ�ستاذ حمدى خمي�س الأ�ستاذ بالرتبية‬ ‫الفنية فيما بعد‪ ..‬و�أذك��ر �أنه كلفنا مرة ونحن فى‬ ‫ال�سنة الثالثة بر�سم ت�صميم زخرفى لنبات ال�صبار‬ ‫�أو التني ال�شوكى وقمت بالر�سم و�أعجب باللوحة‬ ‫الأ�ستاذ خمي�س حتى �أنه طاف بها على جميع الطلبة‬ ‫لكى يرونها ‪.‬‬ ‫فى هذه الفرتة زاد اهتمامى بالفنون وكر�ست‬ ‫معظم وقتى للر�سم كما �أننى كنت �أت��وق��ف كثريا‬ ‫�أمام اى عمل فنى‪ ..‬حتى من خالل ت�أمل وم�شاهدة‬ ‫مدخل عمارة و�أمعن النظر و�أتناول بالنقد كل ما يقع‬ ‫على ب�صرى‪ ..‬بالإ�ضافة �إىل هذا كنت �أنقل اجليد‬ ‫من ال�شعر فى مذكرة خا�صة و�أزين غالفها بر�سوم‬ ‫جميلة جتارى �أحلان و�أنغام ال�شعر ‪.‬‬ ‫ي�ضيف ب��دوى �سعفان و�سط �ضحكته املجلجلة‬ ‫والتى ت�ؤكد مرح �شخ�صيته و�صفائها ‪:‬وبعد جناحى‬ ‫وح�صوىل على الثانوية العامة‪ ..‬جاء دخوىل كلية‬ ‫الفنون اجلميلة بطريق ال�صدفة ‪..‬فقد ذهبت ذات‬ ‫ي��وم ل��زي��ارة �سوق القاهرة ال��دوىل و�أث �ن��اء جتوىل‬ ‫دخلت م�صادفة قاعة للفن �أقامتها جمعية حمبى‬ ‫ال�ف�ن��ون اجلميلة «��ص��ال��ون ال�ق��اه��رة «وك ��ان ر�سم‬ ‫‪v‬‬

‫‪22‬‬

‫الدخول خم�سة قرو�ش‪� ..‬أخذت �أت�أمل الأعمال الفنية‬ ‫وكانت �أعمال عمالقة الفن فى م�صر ‪ :‬خمتار وراغب‬ ‫عياد وحممود �سعيد ويو�سف كامل وحممد ناجى‬ ‫و�أحمد �صربى وحممد ح�سن وال�سجينى‪ ..‬واعتقدت‬ ‫لأول وهلة �أنها �أعمال م�ستوردة من اخلارج من قبل‬ ‫احلكومة امل�صرية لي�شاهدها اجلمهور وبعد �أن‬ ‫ينف�ض املعر�ض تعود من حيث �أتت واندفعت �أ�سال‬ ‫القائمني على املعر�ض عن تلك اللوحات ومبدعيها‬ ‫فقالوا ىل �أن�ه��ا لفنانني م�صريني متخرجني من‬ ‫الفنون اجلميلة و�س�ألت بده�شة ولهفة و�أي��ن هى‬ ‫كلية الفنون اجلميلة وملا قيل ىل �أنها بالزمالك مل‬ ‫�أكمل جولتى فى بقية �أجزاء �سوق القاهرة واندفعت‬ ‫متجها �إىل الكلية وعندما �شاهدت الفتة حتمل‬ ‫ا�سمها منقو�شة على بابها بالنحا�س البارز كان هذا‬

‫العنوان له رنني جميل فى �أذن��ى ودق قلبى وك�أنى‬ ‫مل �أ��ص��دق نف�سى �أننى يوما �ست�ضمنى الكلية بني‬ ‫�أجنحتها و�أكون واحدا من طالبها ‪.‬‬ ‫وعند دخ��وىل الكلية وعندما عر�ضت رغبتى‬ ‫ف��ى االلتحاق بها ق��ادن��ى �أح��د الطلبة �إىل معاون‬ ‫الكلية الأ�ستاذ حممود لطيف ن�سيم وهو فنان هاوى‬ ‫ومتذوق للفنون وكان حمبوبا من اجلميع حتى �أنهم‬ ‫�أطلقوا عليه بابا لطيف ف�أخالقه م�شتقة من ا�سمه‪..‬‬ ‫وتقدمت �إليه ب�أوراقى ‪.‬‬ ‫وك��ان امتحان م�سابقة الفنون اجلميلة ثالثة‬ ‫�أيام ‪..‬اليوم الأول ر�سم متثال جب�س والثانى طبيعة‬ ‫�صامتة والثالث ر�سم زخرفى كل هذا بالفحم والقلم‬ ‫الر�صا�ص والأل��وان ‪..‬وف��ى النهاية ظهرت النتيجة‬ ‫وجنح ‪ 30‬طالبا من ‪ 45‬من املتقدمني وكان ترتيبى‬


‫�سلوكك ومن لوحاتك بكل الرباءة وال�صدق‪ ..‬وهى‬ ‫نعمة يفتقر �إليها الكثريون ممن ينت�سبون �إىل �أ�سرة‬ ‫الفن‪ ..‬فاهن�أ يا ولدى ب�صومعتك النائية عن �صخب‬ ‫القاهرة وال تفارق حمرابك وال تتوقف عن الغو�ص‬ ‫فى اعماقك‪.‬‬ ‫ويكتب اليه بتاريخ ‪1989 6-3‬‬ ‫فى كل مرة �ألتقى بك �أعود بالذاكرة �إىل �أيام‬ ‫الكلية و�أزك��ى متيزك على جميع رفاقك بطبيعتك‬ ‫الرفيعة وقلبك ال�صافى وانعكا�سهما على فنك‪..‬‬ ‫ثم ذهب كل منا �إىل حال �سبيله‪ ..‬وجرفت احلياة‬ ‫الكثري من زمالئك ولكنك كنت من القالئل الذين‬ ‫وا�صلوا رحلة الفن‪ ..‬وا�ستهوتك بع�ض البدع التى ال‬ ‫متت �إىل طبيعتك ولكن �سرعان ما تداركت الأمر‬ ‫ورجعت �إىل حيث ينبغى �أن تكون وعملت الأيام على‬ ‫�إن�ضاج ما تبدعه وطابت الثمرة و�آن الأوان �أن يرى‬ ‫اجلمهور امل�صرى جتربة �صادقة مل ي�صبها تلوث‬ ‫االفتعال‪ ..‬و�سر على بركة اهلل‪.‬‬ ‫عامله‬ ‫فالحة جال�سة بتاج احل�سن فى مالمح �أ�سطورية‬ ‫و�شعرها يتدىل حتى ركبتيها بينما يجل�س خروف‬ ‫�صغري فى �أمان على رجليها‪.‬‬

‫و ف�لاح��ة �أخ ��رى جال�سة على دك��ة ن��ورج تدق‬ ‫الكفتة بينما تت�آلف معها حمامة ترنو �إىل فرخها فى‬ ‫الع�ش وبائع «�أبو الرياح» الورقى وحوله رجال ون�ساء‬ ‫من �أبناء الريف وطبيعة �صامته لزهور فى �أ�ص�ص‬ ‫و�أكواب وفناجني وبراد وقلل ودوارق و�أطباق وقما�ش‬ ‫‪..‬وطفل ريفى يداعب جح�شا على خلفية من البيج‬ ‫والبنى ‪..‬وفالحة مبالمح وق�سمات متفائلة حتمل‬ ‫اجلرة ولوحة للريف امل�صرى ريف �سنبخت ومنظر‬ ‫ريفى لأ�شجار ونخيل وبيوت ريفية وحيوانات القرية‬ ‫وامر�أتني ورجل نائم فى �سالم‪..‬وامر�أة تطعم بطتها‬ ‫ول��وح�ت��ان للفواخري و�أم حممد ال�ع�ط��ارة ومو�سم‬ ‫ح�صاد القمح وجنى البلح وجمع العنب والربتقال‬ ‫وحلب اللنب وال��زار والفرح فى القرية والكتاب مع‬ ‫ال�شيخ و�أطفال القرية وحاملة اجلريد وامر�أة جال�سة‬ ‫«�ست الدار» وفى اخللفية الفرن البلدى وبائع الفول‬ ‫يتحلق حوله جمموعة من �أبناء القرية‪ ..‬م�شاهد‬ ‫وم�شاهد ‪..‬هذا هو بع�ض عامل بدوى �سعفان الذى‬ ‫قال له الفنان �صالح طاهر ‪ :‬الأخ الأعز �سعفان كل‬ ‫�إعجابى بفنك الذى وراء فطرة نقية �سامية ووعى‬ ‫وجدانى رفيع ‪.‬‬ ‫وفى احلقيقة تذكرنا �أعماله ذات النقاء الفطرى‬

‫رو�سو ‪..‬مع فارق‬ ‫ب�أعمال الفنان الفرن�سى التلقائى ّ‬ ‫الزمان واملكان والأداء كما �أن �سعفان در�س بالفنون‬ ‫رو�سو موظفا باجلمرك ‪..‬فقد‬ ‫اجلميلة بينما كان ّ‬ ‫حافظ �سعفان على تلك امل�ساحة من الرباءة والنقاء‬ ‫بداخله والتى مل يلوثها �سموم الواقع املعا�صر من‬ ‫القلق وغلبة ال�صراع ‪.‬‬ ‫وفى �أعماله جند الريف بكل تفا�صيله وعنا�صره‬ ‫ورموزه من الفالحني والفالحات والأ�شجار والزروع‬ ‫من النخيل و�أ�شجار الربتقال والعنب ودواب القرية‬ ‫وحيواناتها من اخلراف واملاعز والقطط والأرانب‬ ‫‪..‬كما جند ملبة الكريو�سني والدرج الريفى ‪..‬كل هذا‬ ‫فى خطوط غنائية حتدد الأ�شكال وامل�ساحات و�ألوان‬ ‫�صداحه وتكوينات غري منمقة ت�ستمد جمالها من‬ ‫ب�ساطة الن�سق وثراء الت�شكيل العفوى ‪.‬‬ ‫وما �أ�شبه �سعفان ب�أحد الرعاة من عمق الريف‬ ‫امل�صرى‪ ..‬ال ميل العزف على نايه ال�سحرى فتنجذب‬ ‫�إليه كل الكائنات‪� ..‬إنها معزوفة الطبيعة تغنى للحياة‬ ‫مع الب�شر والكائنات‪ ..‬كل الكائنات على �أر�ض م�صر‬ ‫الطيبة ‪.‬‬ ‫حت �ي��ة �إىل ب� ��دوى ��س�ع�ف��ان ال �ف �ن��ان وال �ف�لاح‬ ‫الف�صيح‪ ..‬بعمق �أن�شودة طويلة للب�ساطة ‪.‬‬

‫العدد التاسع والعشرون ‪ -‬أغسطس ‪2012‬‬

‫‪v‬‬

‫‪25‬‬


‫للفن لأبناء بلدي‪.‬‬ ‫ر�سائل بيكار ل�سعفان‬ ‫وت��أك�ي��دا على قيمة �إب��داع��ات فناننا �سعفان‬ ‫الت�صويرية وقوتها التعبريية‪ ..‬و�شخ�صيته الب�سيطة‬ ‫املرحة مع تفوقه‪ ..‬كانت هناك ر�سائل متبادلة بينه‬ ‫وبني �أ�ستاذه الفنان ح�سني بيكار نقدم مقتطفات‬ ‫منها وهى �أن دلت ف�إمنا تدل على تلك القيم الرفيعة‬ ‫التى كانت ت�سود العالقة بني الأ�ستاذ وتالميذه‪..‬‬ ‫وهى حتمل تواريخ فى فرتة منت�صف الثمانينيات‬ ‫من القرن املا�ضى حتى نهايتها ‪.‬‬ ‫ف��ى ر�سالة بتاريخ ‪ 1986- 3- 23‬يكتب‬ ‫بيكار‪:‬‬ ‫ول��دى العزيز الفنان �سعفان‪ ..‬حتية �إع��زاز‬ ‫وحم �ب��ة‪ ..‬وخ�ف�ق��ة م��ن ق�ل��ب يحمل ل��ك ك��ل تقدير‬ ‫و�إع� �ج ��اب‪ ..‬فقد اع ��ادت �إىل كلماتك ال�صادقة‬ ‫ذك��ري��ات �أجمل �أي��ام حياتى‪ ..‬عندما ك��ان يظللنا‬ ‫�سقف �أنبل حمراب‪ ..‬وتربطنا �أ�سمى الروابط بني‬ ‫ج��دران املرا�سم التى يفوح منها رائ�ح��ة الزيوت‬ ‫والطالء‪ ..‬فلي�س هناك �أجمل من عالقة الأ�ستاذ‬ ‫بتالميذه ولعلها ال تقل عن عالقة الأب ب�أبنائه‪ ..‬وكم‬ ‫ي�سعدنى بعد �أن بلغت من العمر �أرزله �أن �أرى �أبناء‬ ‫‪v‬‬

‫‪24‬‬

‫ىل وقد ملعت �أ�سما�ؤهم فى �سماء الفن‪ ..‬فتحملنى‬ ‫�أجنحة الزهو �إىل �أق�صى �آف��اق الن�شوة وال�سعادة‬ ‫و�أح����س بغبطة ال ��زارع ال��ذى �أح�سن ال��زرع فطاب‬ ‫الثمر‪ ..‬و�أن حياتى مل �أهدرها عبثا والنقاء الفطرى‬ ‫يا ولدى هو �أعظم ما ميكن �أن ميتلكه فنان �إذا �أرد‬ ‫�أن يكون مبدعا و�أ�صيال‪ ..‬ولهذا كثريا ما �سمعتنى‬ ‫�أ�ستحثك على احلفاظ على هذه اجلذوة املقد�سة فى‬ ‫داخلك حتى ال تطفئها رياح التغيري واالفتعال‪ ..‬فعلى‬ ‫بركة اهلل واهلل املوفق ‪.‬‬ ‫وبتاريخ ‪ 1987 -3 -8‬يكتب بيكار لتلميذه ما‬ ‫ن�صه ‪:‬‬ ‫ول��دى الفنان �سعفان‪ ..‬حتية �إع ��زاز وتقدير‬ ‫�أبعث بها ل�شخ�صك احلبيب و�أرجو �أن ي�صلك كتابى‬ ‫هذا و�أنا كما �أعرفك دائما ملئ باحليوية والن�شاط‬ ‫والعمل املتوا�صل ‪.‬‬ ‫و�صلتنى ر�سالتك الأوىل‪ ..‬ثم الثانية التى هى‬ ‫ن�سخة منها‪ ..‬ظنا منك �أن الر�سالة ال�سابقة فقدت‬ ‫فى الطريق‪ ..‬وال��واق��ع �أننى قد ق�صرت فى حقك‬ ‫بع�ض ال�شيء فلم �أبادر بالرد على ما جاء فى خطابك‬ ‫الرقيق م��ن ح��ب ووف��اء قلما يوجد ف��ى �أب�ن��اء هذا‬ ‫اجليل‪ ..‬فقد رجعت بى �إىل �أيام مازالت ذكراها فى‬

‫�أعماقى حيث كنت �أنعم بدفء اللقاء احلميم بني‬ ‫الرباعم الواعدة‪ ..‬وهى نعمة قلما تتوفر فى مهنة‬ ‫�أخرى غري مهنة التدري�س ‪..‬لقد و�صفت فى خطابك‬ ‫هذا املناخ ال�شاعرى الرائع خري و�صف ذلك املناخ‬ ‫ال��ذى �أعتقد �أن��ه مل يعد له وج��ود بني �أروق��ة الكلية‬ ‫اليوم‪ ..‬فمعادن هذا اجليل تختلف عن معادنكم‪..‬‬ ‫و�أرجو �أن �أ�سمع عنك دائما ما يطمئننى عليك ودمت‬ ‫للذى يعتز بك غاية االعتزاز ‪.‬‬ ‫وبتاريخ ‪ 1987 -12- 10‬يكتب بيكار �إىل‬ ‫تلميذه‪:‬‬ ‫ولدى العزيز �سعفان‪ ..‬وهكذا نطل على ر�سائلك‬ ‫الرقيقة بني احلني واحلني ب�أ�سلوبها الأدبى الرفيع‬ ‫ال��ذى ين�ضح ب���أرق امل�شاعر و�أن�ب��ل �صور ال��وف��اء‪..‬‬ ‫فيثلج بها ال�صدر وتقر النف�س ويزداد الإميان ب�أن‬ ‫الدنيا مازالت بخري مادام فيها �أمثالك من الأبناء‬ ‫الأوفياء‪.‬‬ ‫�إن الإح���س��ا���س ب��الأب��وة ��ش��يء رائ��ع ي��ا ول��دى‪..‬‬ ‫وخا�صة �إذا كان الأبناء من ذلك الطراز النقى اجلاد‬ ‫‪..‬ولعلك قد مل�ست من خالل عالقتنا الطويلة كم �أنا‬ ‫فخور بك ومعتز ببنوتك‪ ..‬وال ي�سعنى �إال �أن �أدعو اهلل‬ ‫�أن يدمي عليك نعمة الوفاء والنقاء الذى ي�شع من‬


‫وح�شية الغزو الفرن�سى لأ�سبانيا من خالل عمليات‬ ‫الإعدام وهى لوحة «الثالث من مايو» وقد ج�سدتها‬ ‫جودوكى بتوليف من اخل�ضروات‪ ..‬ج�سدت املواطنني‬ ‫الأب��ري��اء راف �ع�ين �أذرع �ه��م ع�لام��ة على الت�سليم‬ ‫والبنادق م�صوبة جتاههم‪.‬‬ ‫�أما لوحة الفنان دافيد «‪ »1825 -1748‬والتى‬ ‫�صور فيها نابليون بونابرت وا�سمها «نابليون يعرب‬ ‫جبال الأومل ��ب» وق��د ��ص��وره ممتطي ًا ج ��واده‪ ..‬فقد‬ ‫�أع��ادت �ه��ا الفنانة م��ن ج��دي��د ول�ك��ن مبجاميع من‬ ‫اخل�ضروات مع املحافظة على احلركة والإمي��اءة‬ ‫واختزال التفا�صيل‪.‬‬ ‫فان جوخ‬ ‫ورغم رحيل الفنان فان جوخ «‪»1890 -1853‬‬ ‫فى عمر الزهور عن عمر ‪37‬عام ًا �إال �أن �أعماله حالي ًا‬ ‫تتجاوز املائة مليون دوالر للوحة الواحدة‪ ..‬وقد �صور‬ ‫نف�سه فى العديد من ال�صور ال�شخ�صية بلم�ساته‬

‫رميربانت ‪ -‬در�س فى الت�شريح‬

‫‪v‬‬

‫العدد التاسع والعشرون ‪ -‬أغسطس ‪2012‬‬

‫‪27‬‬


‫فن عالمى‬

‫فاجنوخ ‪� -‬صورة �شخ�صية‬

‫الفنانة الصينية جودوكي‬

‫تعيد تشكيل لوحات‬ ‫الفنانين العالميين من الخضروات‬ ‫جودوكى فنانة من ال�صني‪ ..‬بد�أت موهبتها من ال�صغر‪ ..‬والتحقت‬ ‫بكلية الفنون اجلميلة هناك‪ ..‬وبعد تخرجها جذبتها مملكة اخل�ضروات‪..‬‬ ‫فا�ستبدلت الأقالم والفر�شاة والأحبار بحبات الطماطم والثوم والب�صل‬ ‫والكرنب والكرف�س كل هذا مع الباذجنان والفلفل الأخ�ضر وامللون‪ ..‬ومن‬ ‫خالل هذه العنا�صر الطازجة حولت مطبخها �إىل مر�سم وقامت ب�إعادة‬ ‫لوحات الفنانني العامليني مثل دافن�شى وجويا ودافيد وبيكا�سو و�آندى‬ ‫وارول وغريهم بلغة ب�صرية جديدة‪.‬‬ ‫ال�شخ�صية ال�صينية‬ ‫مع تفوق وجن��اح ال�صني فى منتجاتها على كل امل�ستويات والتى‬ ‫غمرت الأ�سواق‪ ..‬تظهر قدرات خا�صة ل�شخ�صيات من �أبنائها متتلك‬ ‫القدرة على التوليف واالبتكار‪ ..‬ومن بيت تلك ال�شخ�صيات ككل �أعمال‬ ‫الفنانة جودوكى عالمة على تفرد ال�شخ�صية ال�صينية فى الفن‪ ..‬حيث‬ ‫قادتنا �أعمالها �إىل عامل من الده�شة بقدراتها التعبريية‪ ،‬فقد حولت‬ ‫مطبخها ال��ذى يقدم الأطعمة �إىل �أطباق من نوع �آخ��ر‪� ..‬أطباق فنية‬ ‫تنوعت ب�سحر امللم�س والتجازيع والت�أثريات الطبيعية للخ�ضروات التى‬ ‫�أودع فيها اخلالق �سبحانه وتعاىل درجاتها اللونية‪ ..‬من الأحمر الفو�شيا‬ ‫كما فى اللفائف الورقية للكرنب والربتقاىل فى اجلزر والبيج والبنى فى‬

‫‪v‬‬

‫‪26‬‬

‫وحدات القلقا�س والبنف�سجى فى البنجر والأخ�ضر بدرجاته فى النباتات‬ ‫اخل�ضراء‪.‬‬ ‫وتبدو �أعمال جودوكى التى �شكلت فيها اللوحات العاملية ذات نظرة‬ ‫خا�صة فهى تقوم ب�إعادتها بنف�س الن�سق والإيقاع والرثاء اللونى مع دنيا‬ ‫جديدة من الطرافة واملرح من حيث املحافظة على روح اللوحة ولكن فى‬ ‫�إيقاع �ساخر ميتزج بروح كاريكاتورية‪.‬‬ ‫در�س فى الت�شريح‬ ‫تعد لوحة «در�س فى الت�شريح» للفنان الهولندى رمربانت «‪-1906‬‬ ‫‪ »1966‬من �أهم �أعماله وقد �صور فيها الدكتور توليب هو و�أطباء ق�سم‬ ‫اجلراحة مب�ست�شفى ام�سرتدام �أثناء �إلقاء در�س فى الت�شريح عليهم‪..‬‬ ‫وقد �أع��ادت جودوكى تلك اللوحة ب�أ�سلوب يدعو �إىل االبت�سام وحولت‬ ‫ده�شة املعرفة �إىل ده�شة �أخرى من التوليف باخل�ضروات‪.‬‬ ‫كما �أعادت الفنانة ال�صينية لوحة «مارلني مونرو» لرائد فن البوب‬ ‫الأمريكى «�آندى وارول ‪ »1987-1928‬بنف�س الإيقاع والإح�سا�س‪ :‬ال�شعر‬ ‫من �أوراق اخل�س والأ�سنان من ف�صو�ص الثوم والوجه من ق�شر الباذجنان‬ ‫وبدت اخللفية من حبات البازالء‪.‬‬ ‫وللفنان الأ�سبانى جويا «‪ »1828-1726‬لوحة �شهرية ج�سد فيها‬


‫�إ�ضاءة‬ ‫موت الناقد ‪ ..‬هو العنوان ال��ذى و�ضعه بيده‪،‬‬ ‫رئي�س حترير ج��ري��دة العربى النا�صرى عبداهلل‬ ‫ال�سناوى‪ ،‬على مقاىل الأ�سبوعى‪ ،‬تلك اجلريدة‪ ،‬التى‬ ‫ا�ستمدت ثرائها من �صمودها‪ ،‬فى واقع عا�صف‪ ،‬لقد‬ ‫فوجئت بوجود العنوان‪ ،‬على مقاىل فى فجر بداية‬ ‫التحاقى بكتيبة الطهارة الثورية جريدة النا�صريني‬ ‫بكل �أطيافهم‪ ،‬فقد ك��ان العنوان (فوبيا النقد)‪،‬‬ ‫يومها كنت �أطالع اجلريدة فى مكتب املفكر �سيد‬ ‫يا�سني‪ ،‬بجريدة الأهرام‪ ،‬الذى �أ�شار �أن العنوان لفت‬ ‫نظره‪ ،‬مما يدلل على �أن العناوين احلريفة‪ ،‬تتنا�سب‬ ‫من لغة ال�صحافة‪ ،‬وتعد �أحد �أ�سلحتها‪ ،‬و�سبيل من‬ ‫�سبل اجلذب‪.‬‬ ‫فهل مات الناقد فعال‪� ،‬أم انتحر‪� ،‬أم ان�سحب‪،‬‬ ‫�أو تراجع‪� .. ،‬أ�سئلة عديدة‪ ،‬حتتاج �إىل �إجابات‪ ،‬لكن‬ ‫امل�ؤكد‪ ،‬عدم وج��ود النقد باعتباره مكون �أ�سا�سى‬ ‫فى احلياة الفنية‪ ،‬و�أح��د ُ�سبل االرت�ق��اء بالعملية‬ ‫الإب��داع �ي��ة‪ ،‬وغ�ي��اب ح��رك��ة نقدية واع�ي��ة وم��درك��ة‬ ‫حلجم امل�سئولية التى تقع على النخبة فى مراحل‬ ‫الت�أ�سي�س والبناء‪ ،‬فما بالك لو ك��ان حديثنا عن‬ ‫�صحراء الفن الت�شكيلى‪� ،‬صحراء ال تعرف الزرع‬ ‫و ال امل��اء‪ ،‬والنتيجة ف��راغ كبري تعانى منه امل�سرية‬ ‫التى ترجع �إىل العام ‪ 1908‬مع ولوج خمتار ورفاقه‬ ‫مدر�سة الفنون اجلميلة‪ ،‬فعرب املائة ال�سنة الأخرية‬ ‫مل ي�ستطع �أح��د �أن يقدم ما ي��وازى حركة الإب��داع‪،‬‬ ‫با�ستثناء �إ�سهامات م��ن نقاد ال يتجاوز عددهم‬ ‫ن�صف �أ�صابع اليد الواحدة‪ ،‬فقد خلت ال�ساحة من‬ ‫الأ�سماء وال��ر�ؤى والتقييم واملرجعية وربط القيمة‬ ‫الفنية واجلمالية والفكرية بقيمة املنتج فى الواقع‬ ‫�أو �سواء معنويا ماديا‪ ،‬لذلك ال ت�ستغربوا �إن ي�ضع‬ ‫�أحد الفنانني على �أعماله رقم ‪ 5‬مليون جنيه‪ ،‬وهذا‬ ‫الرقم لي�س خط�أ مطبعى‪ ،‬معتمدا على �شهرته ولي�س‬ ‫قيمة العمل الفنى فى غيبة املعايري النقدية والتقييم‬ ‫واملرجعية‪.‬‬ ‫ب��ل امل��ده ����ش �أن ال �ب �ع ����ض اع �ت�بر امل �ت��اب �ع��ات‬

‫فوبيا ‪ ..‬النقد‬ ‫ال�صحفية‪ ،‬اليومية العاجلة ن�ق��دا وت��وه��م ذل��ك‪،‬‬ ‫و�إلتب�س لدى البع�ض �أن ما يقدم على قلته �أنه ي�سد‬ ‫الفراغ‪ ،‬وا�سرتاح قلة �إىل غياب النقد كونه كا�شفا‬ ‫للثغرات وال�ضعف‪ ،‬ومل ت�صنع جمعية نقاد الفن‬ ‫الت�شكيلى فارقا فى احلياة الفنية والثقافية‪ ،‬وتعرثت‬ ‫لأ�سباب غام�ضة‪� ،‬أو �أ�صابها الزهامير‪.‬‬ ‫وم��ن ه�ن��ا �أى م �ق�ترح �أو ن���ش��اط ي ��أت��ى �ضمن‬ ‫حم��اوالت �سد هذا الفراغ الهائل‪ ،‬فهو خطوة على‬ ‫طريق طويل‪ ،‬يحتاج �إىل جهود الكافة حتى ميكن �أن‬ ‫نزيد من قاعدة امل�شاركة‪ ،‬ملقاتلني فى جمال طارد‪،،‬‬ ‫و�إدراك �أهمية النقد وقيمته الفكرية الثقافية‬ ‫والتنموية‪.‬‬ ‫فات�ساع قاعدة ممار�سة النقد ت�سمح بخروج‬ ‫مواهب و�أ�سماء جديدة لل�ساحة الفنية‪ ،‬لي�صبح‬ ‫التاريخ والفرز معيارا للكفاءة‪ ،‬وهو معيار من�صف‬ ‫وطبيعى ومنطقى‪ ،‬وغري ذلك يعد حرثا فى البحر‪،‬‬ ‫فمازال النقد الت�شكيلى يعانى من ندرة امل�ساحات‬ ‫املخ�ص�صة‪ ،‬واملطبوعات املعنية‪ ،‬فى الوقت الذى‬ ‫يتنامى فيه دور الفنون الت�شكيلية فى عاملنا املعا�صر‪،‬‬ ‫فيوميا نطالع افتتاح معار�ض فنية جديدة‪ ،‬فيما‬ ‫يك�شف الواقع الع�شوائى عن عدم وجود م�سار نقدى‬ ‫يواكب ما يتم على امل�ستوى الفنى‪ .‬وعلى الرغم من‬ ‫�ضرورة النقد و�أهمية وج��وده كرافد‪ ،‬ي�ساهم فى‬ ‫تكري�س فكرة الفن بالأذهان‪ ،‬ويوفر معايري �صاحلة‪،‬‬ ‫ويتبنى ر�ؤى ناه�ضة‪ ،‬وي�سمح للزهور بالتفتح‪ ،‬ويوفر‬ ‫مناخا ناب�ضا‪ ،‬وي�ست�شرف مفاهيم جديدة با�ستمرار‪.‬‬ ‫على الرغم من حاجة م�سرية احلياة الفنية‬ ‫احلديثة �إىل النقد‪ ،‬منذ ميالدها‪ ،‬كجناح يتزامن‬ ‫مع تطور العملية الإبداعية‪ ،‬باعتباره �أحد عنا�صر‬ ‫التقدم �إال �أننا مل نحقق فى ه��ذا املجال ما يتفق‬ ‫مع ات�ساع قاعدة امل�شاركة‪ ،‬بدليل عدم وجود منابر‬ ‫ميكن من خاللها ممار�سة النقد كن�شاط فكرى‪،‬‬ ‫وثقافى‪ ،‬ومهنى‪ ،‬فلم ن�سمع عن جملة متخ�ص�صة‬ ‫تقنن ه��ذا الن�شاط‪ ،‬وت�صبح مرجعية‪� ،‬أو حاكمة‪،‬‬

‫�سيد هويدى‬ ‫�أو ن�شاط يعزز الثقافة الفنية‪ ،‬لقد �أدى عدم وجود‬ ‫م�سار نقدى يواكب الن�شاط الفنى الرتاكمى‪� ،‬إىل‬ ‫فراغ من ال�صعب عالجه ب�سهولة‪ .‬فقد خنق الواقع‬ ‫�أى �أمل فى وجود نقاد‪ ،‬خا�صة و�أن الناقد يحتاج �إىل‬ ‫�أعداد �سنوات ويختار من قاعدة تت�سع يوما بعد يوم‪،‬‬ ‫تتوا�صل فيها الأجيال‪.‬‬ ‫ما �أحوجنا �إىل ناقد مهند�س يقيم اجل�سور بني‬ ‫ن�شاط الفنان وم�ساحات التلقى ل��دى النا�س‪ ،‬فى‬ ‫ن�شاط فنى يت�سم بالعزلة‪ ،‬فيما نحتاج �إىل الناقد‬ ‫كال�شاهد على تقريب امل�سافة بني العملية الإبداعية‪،‬‬ ‫وذهنية امل�شاهد‪ ،‬و�صاحب ر�سالة التقومي اجلماىل‪،‬‬ ‫يتحمل م�سئولية خماطبة طرفني بلغة واحدة‪ ،‬يتوجه‬ ‫فيه �إىل اجلمهور وفيه ي��ده م�صباح‪ ،‬ليك�شف عن‬ ‫مواطن ال�سحر وقيم اجلمال فى العمل الفنى‪ ،‬من‬ ‫ال�ضرورى �أن يحدد ببو�صلة دقيقة م�سارات ودروب‬ ‫وطرق ومذاهب الفنون‪� ،‬أ�شبه ب�سامل القبيلة‪ ،‬الذى‬ ‫ي�ست�شرف البعيد من موقع متقدم‪.‬‬ ‫لقد �ألقى الع�صر على النقد تبعات‪ ،‬و�أحاطه‬ ‫مب�شكالت جعلت �إع��داد الناقد الفنى �أم�� ًرا لي�س‬ ‫بالي�سري‪ ،‬مل��ا يتطلبه الإع ��داد م��ن ام�ت�لاك الناقد‬ ‫ل�ضروب من الثقافات‪ ،‬ومن معاناة فى �سبيل التهي�ؤ‬ ‫ملهمته وا�ستكمال �أدواتها‪ .‬ومن هنا يبدو �أن مهمة‬ ‫الناقد ال تقل �أهمية عن مهمة الفنان‪.‬‬ ‫فالناقد �أدات��ه الكلمة يف�سر بها عمال قوامه‬ ‫ال�شكل‪ ،‬وقد ي�ستع�صى تف�سريه على الكلمات‪ ،‬و�إذا‬ ‫كان الفن هو نقل الغري مرئى �إىل املرئى ف�إن النقد‬ ‫الفنى هو حتويل هذه الر�ؤية الت�شكيلية عن طريق‬ ‫الكلمة �إىل ر�ؤية مكتوبة تف�سر وت�ضئ العمل الفنى‪.‬‬ ‫كما �أن امل�شهد املعا�صر ي�ضع الناقد �أمام املفا�ضلة‬ ‫ب�ين عمل فنى وعمل �آخ��ر حيث تتباعد امل��دار���س‬ ‫وتختلف التقاليد و�سط ع�صر تتدافع اجتاهاته‬ ‫وتقذف كل يوم باجلديد‪ ،‬فتحديات النقد عديدة‬ ‫لكن �أهمها الإميان بثقافة االختالف‪.‬‬

‫‪v‬‬

‫العدد التاسع والعشرون ‪ -‬أغسطس ‪2012‬‬

‫‪29‬‬


‫ال�ق���ص�يرة‪ ..‬ول��ه ل��وح��ة بالقبعة �صورتها الفنانة‬ ‫جودوكى بنف�س الروح والإح�سا�س بقطع اخل�ضروات‬ ‫حتى �أنه ي�صعب التمييز بني لوحتها والأ�صل‪.‬‬ ‫وق��د نقلت الفنانة ل��وح��ة بيكا�سو ال�شهرية‬ ‫«احل��امل��ة» بقطع اخل�ضروات نقلت روح��ه ال�شفافة‬ ‫و�إح�سا�سه و�أ�سلوبه التعبريى كما ج�سدت �صورة‬ ‫�شخ�صية له من الب�صل‪.‬‬ ‫�أعمال و�أعمال ت�ؤكد قدرات الفنانة ال�صينية‬ ‫جودوكي‪� ..‬شكلتها ب�سكني املطبخ حيث تق�ضى كل‬ ‫وقتها‪ ..‬ونقلت خاللها �آي��ات اجلمال والإب��داع من‬ ‫الفن العاملى من بينها �أي�ض ًا لوحة «ال�صرخة» للفنان‬ ‫«مون�ش» الذى يعد رائد التعبريية‪.‬‬ ‫ولكن يبدد ال�س�ؤال احل��ائ��ر‪ ..‬ما م�صري تلك‬ ‫اللوحات بعد ت�شكيلها؟‪ ..‬وفى احلقيقة تقوم الفنانة‬ ‫بعد االنتهاء منها بت�صويرها لتكون موثقة وتتحول‬ ‫ع��ن ط��ري��ق ال �ل��وح��ات ال�ضوئية �إىل ل��وح��ة ميكن‬ ‫تداولها‪ ..‬نطالعها فى املعار�ض واملتاحف الكربى‪..‬‬ ‫متاحف الفن ومتاحف النبات‪� ..‬أم��ا �أ�صل اللوحة‬ ‫�أو طبق اخل�ضروات الفنى فتقدمه وجبة لأ�سرتها‬ ‫و�أحبائها و�أ�صدقائها!!‬ ‫‪v‬‬

‫‪28‬‬

‫دافن�شي ‪ -‬املوناليزا‬

‫دافيد ‪ -‬نابليون بونابارت‬

‫وجودوكى من مواليد ‪ 1975‬وهى تقول‪� :‬إننى‬ ‫�أ�ضيف الكثري من امل��رح �إىل اللوحات حيث ت�سيل‬ ‫ال��دم��اء من الطماطم كما جت�سد الأ�شخا�ص من‬ ‫البطاطا وقرون الفلفل وحتى ثمار ال�شهد‪ ..‬كل هذا‬ ‫فيه متعة للخيال وغذاء للروح و�أخري ًا غذاء وطعام‬ ‫للبدن ولوحات اخل�ضروات ت�شع بهجة احلياة كما‬

‫�أنها �صديقة للبيئة‪.‬‬ ‫ل�ق��د � �ص��ورت ل��وح��ة «احل��ري��ة ت �ق��ود ال�شعب»‬ ‫للفنان الفرن�سى «دي�لاك��روا» وقد تغري ا�سمها �إىل‬ ‫«اخل�ضروات تقود ال�شعب»‪ ..‬تق�صد تقوده مع الثورة‬ ‫والتغيري �إىل �سحر الطبيعة و�صور النباتات!!‬



‫فى‬ ‫صحبة‬ ‫اإلمام‬

‫الشافعى‬ ‫د‪ .‬هالة �أحمد زكى‬

‫‪v‬‬

‫‪30‬‬


‫الإم ��ام ال�شافعى ب��ال�ق��راف��ة وي�ق��ال وال�ع�ه��دة على‬ ‫الدكتور عا�صم رزق فى مو�سوعة “ �أطل�س العمارة‬ ‫الإ�سالمية والقبطية فى القاهرة” �أن من�شئتها‬ ‫احلقيقية هى والدة امللك الكامل التى �أجرت �إليها‬ ‫املياه من بركة احلب�ش قبل بناء القبة ب�سبع �سنوات‪.‬‬ ‫فبالفعل يوجد تابوتني داخل القبة التى تعترب‬ ‫من �أجمل القباب فى العمارة اال�سالمية �أحدهما‬ ‫يخ�ص الإم��ام ال�شافعى و�صنعه ابن معاىل النجار‬ ‫والآخ��ر يخ�ص �أم امللك الكامل حممد‪ .‬فقدكانت‬ ‫�شديدة الإعجاب بالإمام ال�شافعى وبعلمه الغزير‬ ‫ور�أت انه من مهامها التى حت�سب لها فى هذه الدنيا‬ ‫�إقامة قبة �ضريحية تليق ب�إالمام‪.‬‬ ‫وال���ض��ري��ح ب�شكل ع ��ام م��ن �أك�ب�ر الأ��ض��رح��ة‬ ‫امل�صرية ويتكون من واجهة حجرية رئي�سية وكما‬ ‫ي�صف ال��دك �ت��ور ع��ا��ص��م رزق ي�ت��وج�ه��ا ��ص��ف من‬ ‫ال�شرفات يتو�سطها م��دخ��ل تت�صدره فتحة باب‬ ‫يق�ضى �إىل حجرة مربعة زخرفت جدرانها الداخلية‬ ‫بزخارف نباتية وهند�سية �إ�سالمية وكتابات كوفية‬

‫�أندل�سية‪.‬‬ ‫وي��وج��د ب �ج��داره��ا اجل �ن��وب��ى ال���ش��رق��ى ثالثة‬ ‫حم��اري��ب �أ��ض�ي��ف �إل�ي�ه��م فيما بعد حم ��راب راب��ع‬ ‫لت�صويب اجتاه القبلة‪ .‬ويقال �أن اجل��دران �سميكة‬ ‫و�أن الباب اخلارجى له م�صرعان من الف�ضة وهى‬ ‫�أقدم قبة خ�شبية بنيت فى م�صر‪ .‬ويقال �أي�ضا �أن‬ ‫بال�ضريح مدفون �أي�ضا امللك الكامل والعهدة على‬ ‫بع�ض املو�سوعات �إال �أن امل�ؤكد �أن بال�ضريح مق�صورة‬ ‫ثانية يدفن بها �أوالد ابن عبد احلكم وهم من قاموا‬ ‫ب�إ�ست�ضافة الإمام ال�شافعى ر�ضى اهلل عنه و�أر�ضاه‬ ‫عند و�صوله �إىل بر م�صر املحرو�سة‪.‬‬ ‫ويعترب التابوت اخلا�ص ب��الإم��ام ال�شافعى هو‬ ‫الأف�ضل املتبقى بهذه التفا�صيل الرائعة من عهد‬ ‫الدولة الأيوبية وقد كتب باخلط الكوفى‪ :‬ب�سم اهلل‬ ‫الرحمن الرحيم و�أن لي�س للإن�سان �إال ما �سعى �إىل‬ ‫�آخر الآية الكرمية هذا قرب الفقيه الإمام �أبى عبد‬ ‫اهلل حممد بن �إدري�س بن العبا�س بن عثمان ولد �سنة‬ ‫خم�سني ومائة وعا�ش �إىل �سنة �أربع ومائتني ومات‬

‫يوم اجلمعة �آخر يوم من رجب من ال�سنة املذكورة‬ ‫ودفن من يومه بعد الع�صر‪.‬‬ ‫وفى ر�أى الدكتور عبد الرحمن فهمى �شهدت‬ ‫القباب بوجه عام فى العمارة الأيوبية تطورا مهما‬ ‫لإنتقالها بوا�سطة املقرن�صات كقبة برج املظفر‪،‬‬ ‫وقبة �شجرة ال��در وقبة اخللفاء العبا�سيني وقبة‬ ‫الإم��ام ال�شافعى وقبة ال�صالح جنم الدين �أي��وب‪.‬‬ ‫وقبة الإم��ام ال�شافعى تعترب بالفعل �أجمل قباب‬ ‫القاهرة الأي��وب�ي��ة وه��ى قبة خ�شبية ارتفاعها ‪17‬‬ ‫مرتا تك�سوها من اخلارج طبقة من الر�صا�ص ومن‬ ‫الداخل تبدو مقرن�صاتها فى ثالثة �صفوف �أ�سفلها‬ ‫من خم�س طاقات و�أو�سطها من �سبع طاقات والعلوى‬ ‫ثالث فقط‪.‬‬ ‫وعلى مر ال�سنوات اكت�سب ه��ذا املكان �سمعة‬ ‫طيبة بني امل�صريني وخا�صة �أن هذه القبة قد عرفت‬ ‫العديد من اال�صالحات وهى ال�سبب فى بقائها �إىل‬ ‫يومنا هذا ك�شاهدة على زمن و�أنا�س‪ .‬فمن �ضمن‬ ‫من قام برتميمها و�إدخال �إ�صالحات عليها الأ�شرف‬

‫العدد التاسع والعشرون ‪ -‬أغسطس ‪2012‬‬

‫‪v‬‬

‫‪33‬‬


‫فى تاريخ املحرو�سة م�صر ‪..‬‬ ‫يظل للإمام ال�شافعى ر�ضى اهلل‬ ‫عنه و�أر� �ض��اه مكانة خا�صة فى‬ ‫القلب‪ .‬فالإمام ال�شافعى ال ينظر‬ ‫�إليه امل�صريون كواحد ممن �أ�سدوا‬ ‫�صنيعا للإ�سالم عرب فتاوى و�شرح‬ ‫وت��أ��ص�ي��ل ل�ل�ف�ق��ه ول �ك��ن ك��واح��د‬ ‫ممن امتزجوا بالروح والو�سطية‬ ‫امل�صرية ف�أثرت فى فكره و�أدائه‪.‬‬ ‫فالإمام ال�شافعى الذى يذكره‬ ‫العامة واملثقفون مب�سجده واحلى‬ ‫الذى يحمل نف�س ا�سمه هو نف�سه‬ ‫الطري امل�سافر الذى جاب �أرجاء‬ ‫العامل الإ�سالمى بحثا عن العلم‬ ‫وعن جت��ارب معرفية ت�ضيف �إىل‬ ‫كيانه الفكرى‪ ،‬كما يذكره الإبداع‬ ‫بقبته ال�شهرية التى تعد من �أجمل‬ ‫و�أك�بر قباب قاهرة املعز وتتكون‬ ‫من طبقتني‪ :‬الداخلية من اخل�شب‬ ‫امل���زخ���رف �أح � ��د �أروع من ��اذج‬ ‫الأرابي�سك فى العامل اال�سالمى‬ ‫�أم��ا الطبقة اخل��ارج�ي��ة فهى من‬ ‫اخل�شب املك�سو بالر�صا�ص وتنتمى‬ ‫القبة للع�صر الأيوبى‪.‬‬ ‫فهذا العامل الكبري ول��د عام‬ ‫‪ 150‬هجريا بغزة وه��و ع��ام يعد‬ ‫ع�لام��ة ف��ى ذاك ��رة النا�س بوفاة‬ ‫الإمام �أبو حنيفة النعمان‪.‬فلم تكن‬ ‫�أم الإم��ام ال�شافعى تعرف وهى‬ ‫ت�ترك غ��زة �إىل مكة املكرمة �أن‬ ‫هذا الطفل الذى جاء �إىل احلياة‬ ‫لي�س جمرد طفل عادى بل �سيكون �إمام من طراز‬ ‫خا�ص ‪.‬‬ ‫وت�ستقر الأم ف��ى مكة امل�ك��رم��ة حيث يتمكن‬ ‫ال�شافعى من حفظ �آيات القر�آن الكرمي كامال ويرحل‬ ‫�إىل قبيلة هذيل ليتتلمذ على �أيدى �شيوخها ويتقن‬ ‫اللغة العربية وقواعها ‪�.‬إال �أن ال�صدفة تلعب دورا‬ ‫كبريا فى حياة الإمام عندما يلتقى مب�سلم بن خالد‬ ‫بن الزجنى مفتى مكة الذى ين�صحه بالإخال�ص فى‬ ‫درا�سة الفقه وال�شريعة وخا�صة و�أن ن�سبه فى النهاية‬ ‫يلتقى بن�سب الر�سول �صلى اهلل عليه و�سلم ك�أحفاد‬ ‫لعبد مناف‪ ،‬فيقرر الرحيل �إىل املدينة املنورة ليجد‬ ‫‪v‬‬

‫‪32‬‬

‫فى �صحبة الإمام مالك اخلري الكثري‪.‬‬ ‫فمن املفيد �أن نعرف �أن ما عرفه الإمام ال�شافعى‬ ‫لأكرب كثريا من كل كنوز الأر�ض‪ ،‬وفى �صحبة الإمام‬ ‫مالك مل يكن فقط يتلقى العلم والفقه على �أ�صوله‬ ‫بل كان �أي�ضا يلتقى بالعديد من الوجوه ويتعرف على‬ ‫الكثري من الآراء التى �آثرت عقله‪.‬‬ ‫ول�ه��ذا فقد كانت �سنواته ف��ى املدينة تو�صف‬ ‫بال�سنوات الرابحة فى حياة الإمام ال�شافعى والتى‬ ‫انتهت مبوت الإم��ام مالك عام ‪ 179‬هجريا ليجد‬ ‫الإمام ال�شافعى نف�سه مرة �أخرى فى رحلة جديدة‬ ‫�إىل �أر�ض جنران باليمن هذه املرة للعمل بالإفتاء‪.‬‬ ‫�إال �أن �سنوات العمل فى جنران قد اعرت�ضتها‬

‫م� ��ؤم ��رات وو� �ش��اي��ات م��ن جانب‬ ‫حاكمها يتهم فيها الإمام ال�شافعى‬ ‫بالت�شيع للإمام على بن �أبى طالب‬ ‫كرم اهلل وجهه و�إن كان قد جنح‬ ‫فى �إبطال �شائعات حاكم جنران‬ ‫و�إقناع هارون الر�شيد �أن �أعجابه‬ ‫ب��الإم��ام على ال يعنى وق��وف��ه فى‬ ‫�صف الت�شيع ب���أى ح��ال‪ ,‬و يجد‬ ‫ال�شافعى فر�صة ف��ى اال�ستقرار‬ ‫ببغداد ليدر�س على �أيدى تالمذة‬ ‫الإمام �أبو حنيفة النعمان ‪.‬‬ ‫وي��ع��ود ال�� �ش��اف�ع��ى �إىل مكة‬ ‫املكرمة بعدها يدفعه ال�شوق �إىل‬ ‫الأرا��ض��ى املقد�سة وهناك يلتقى‬ ‫ب�ط��ال��ب ال�ع�ل��م �أح �م��د ب��ن حنبل‬ ‫ال��ذى ي�ستفيد من علم ال�شافعى‬ ‫ويعتربه �أ�ستاذ ًا له مكانة كبرية‪,‬‬ ‫ويتجه ال�شافعى �إىل ال�سفر ثانية‬ ‫وي�شد الرحال هذه املرة �إىل بغداد‬ ‫عا�صمة احل�ضارة اال�سالمية مرة‬ ‫�أخرى ليتم كتابه «الر�سالة» الذى‬ ‫ي�ضم ر�ؤيته فى الأمور الفقهية‪.‬‬ ‫فقد كانت بغداد متثل املكان‬ ‫الأف�ضل لهذه املرحلة م��ن حياة‬ ‫الإم� ��ام ال�شافعى �إال �أن و�صول‬ ‫اخلليفة امل�أمون �إىل �سدة احلكم‬ ‫و�إخ �ت�لاف��ه ال���ش��دي��د م�ع��ه جعال‬ ‫م��ن ب �غ��داد م�ك��ان بعيد ع��ن قلب‬ ‫ال�شافعى ف�ي�ق��رر ه��ذه امل ��رة �أن‬ ‫يذهب �إىل املحرو�سة م�صر لعله‬ ‫يجد نا�س غري النا�س و�أر�ض غري‬ ‫الأر���ض‪ .‬وي�صل م�صر عام ‪ 199‬هجريا ويبد�أ فى‬ ‫�إلقاء درو�سه فى زاوية اخل�شابية فى اجلامع العتيق‬ ‫�أو جامع عمرو بن العا�ص وملدة خم�س �سنوات تعد‬ ‫ال�سنوات الأك�ثر �إنتاجا فى حياته‪ .‬فيكتب م�ؤلفه‬ ‫«الأم» ويقدم وجهة نظر فقهية تت�أثر ب�أهل م�صر‬ ‫ومناخ م�صر الفكرى املنفتح‪.‬‬ ‫وف��ى م�صر توافيه املنية بعد �سنوات ق�صرية‬ ‫من العطاء عام ‪ 204‬هجريا فيدفن بها وتبنى قبته‬ ‫ال�شهرية فى زمن امللك الكامل بن امللك العادل �أبى‬ ‫بكر بن �أي��وب من حكام الدولة الأيوبية وحتديدا‬ ‫فى عام ‪ 1211‬ميالديا املوافق ‪ 608‬هجريا مبيدان‬


‫‪v‬‬

‫العدد التاسع والعشرون ‪ -‬أغسطس ‪2012‬‬

‫‪35‬‬


‫قايتباى �سلطان الديار امل�صرية و كان من املماليك‬ ‫اجلراك�سة الذين حكموا م�صر فى املراحل الأخرية‬ ‫م��ن احل�ك��م اململوكى وامل �ع��روف بقلعته ال�شهرية‬ ‫بالأ�سكندرية ومبدر�سة و�سبيل وم�سجد قايتباى التى‬ ‫تعد من �أهم املجموعات املعمارية املتكاملة فى الفن‬ ‫الإ�سالمى فى م�صر‪.‬‬ ‫وبعده تابع قن�صوه الغورى �سيد البنائني و�آخر‬ ‫املماليك الذين حكموا م�صر وكانت �سنوات حكمه‬ ‫من �أحرج فرتات تاريخها كما ي�ؤكد العامل الراحل‬ ‫الكبري د‪ .‬ح�سن البا�شا فى مقاله « قن�صوه الغورى»‬ ‫حيث �أن م�صر ف��ى زم��ن حكمه تعر�ضت خلطر‬ ‫الأتراك العثمانيني و�ضائقة اقت�صادية كربى ب�سبب‬ ‫حتول التجارة بني ال�شرق والغرب �إىل طريق ر�أ�س‬

‫‪v‬‬

‫‪34‬‬

‫الرجاء ال�صالح الذى �أفقد م�صر الكثري من الأموال‬ ‫التى كان تدرها عليها و�ساطتها بني الهند و�أوروبا‪.‬‬ ‫ومع هذا فقد كان عا�شقا للعمارة وهو ما �أوجد‬ ‫جمموعة معمارية متكاملة با�سم جمموعة الغورى‬ ‫من وكالة ومدفن وقبة و�صهريج وم�سجد و�سبيل‬ ‫وكتاب وجتديد ال�سدود واخلزانات و�إن�شاء حى كامل‬ ‫با�سمه وجتديد قبة الإمام ال�شافعى‪.‬‬ ‫وبالرغم من الهزمية التى القاها الغورى ومن‬ ‫بعده خليفته طومان باى ودخول العثمانيون م�صر‬ ‫ف��إن املبد�أ نف�سه قد �سار عليه الكثري من احلكام‬ ‫ومنهم على بك الكبري الذى كانت هذه الإ�صالحات‬ ‫فى عهده تعبري عن رغبته باال�ستقالل مب�صر عن‬ ‫االرادة العثمانية‪.‬‬

‫�أما «الع�شارى» �أو هذه املركب املثبتة على هالل‬ ‫القبة والتى يتدىل منها �سل�سلة حديدية فتو�ضع بها‬ ‫حبوب للطيور امل�سافرة‪ .‬وال عجب فى هذا فهى ذات‬ ‫كبد رطبة مقبول فيها الثواب ‪ .‬كما �أن هذا املركب‬ ‫يعرب عن الرحلة التى قطعها الإم��ام ال�شافعى عرب‬ ‫حياة لي�ست بالطويلة عمرا ولكنها املثمرة فعال‪.‬‬ ‫فمازال النا�س فى كل الدنيا يقر�أون كتب الإمام‬ ‫ال�شافعى وي�ستفيدون من علمه الغزير ومن مذهبه‬ ‫الذى ت�أثر فيه كثريا ب�أهل م�صر وي��ودون لو جاءوا‬ ‫�إىل م�سجده ذو املئذنة املتميزة و�أطلوا على م�شهد‬ ‫الطيور وهى حتوم فى ال�سماء طلبا للطعام و�سط‬ ‫�سفر طويل‪.‬‬


‫مقدرة خطية جميلة فى تلخي�ص تفا�صيل �أ�شكالها‪� ،‬سواء كان‬ ‫ال�شكل فى ر�سم الفيل �أو بنت ر�شيقة �أو الف�أر‪.‬‬ ‫�أما عن كتاب «قلبى �صغري نونو» فقد �أثبتت �إمكانياتها الفنية‬ ‫والإبداعية فقد ا�ستطاعت �أن ت�صنع عمال موازيا للن�ص املكتوب‬ ‫يجذب �أعني الأطفال م�ستخدمة تقنية الكوالج‪ ..‬فحني تنظر �إىل‬ ‫ر�سوماتها ت�ستطيع �أن ترى ماليني الأ�شكال والألوان فتحلق معها‬ ‫وت�صبح �أك�ثر حت��ررا من جاذبية العامل الواقعى ‪ ..‬لت�صنع عاملا‬ ‫�شديد اخل�صو�صية‪.‬‬ ‫وه��ى تعد حاليا مل�شروع لوحة وك�ت��اب ال��ذى يقوم بتب�سيط‬ ‫الفن الت�شكيلى لأطفال املرحلة الإبتدائية من خالل كتاب م�صور‬ ‫«حكايات َف ّنون» الذى يقدم الفنانني الت�شكيليني امل�صريني للأطفال‬ ‫مثل جورج البهجوري‪ ،‬عدىل رزق اهلل‪ ،‬حلمى التونى‪ ،‬وجمموعة‬ ‫فنانني اهتموا بر�سم القطط لي�صبح الأطفال �أكرث قربا من الفن‬ ‫الت�شكيلى حيث يقوم بطل احلكايات مبغامرات ليقربهم من �أ�سلوب‬ ‫الفنانني ور�ؤيتهم الفنية في�صبح الأطفال قادرين على تذوق الفن‬ ‫الت�شكيلى والتمييز بني �أ�ساليبه املختلفة وبعد عر�ض لوحات الكتاب‬ ‫ت�صاحبه ور�ش متنقلة لتفعيل الفكرة‪.‬‬

‫‪v‬‬

‫العدد التاسع والعشرون ‪ -‬أغسطس ‪2012‬‬

‫‪37‬‬


‫فنون شابه‬

‫إبداعات الشباب‬ ‫الفنانة سحر عبداهلل‬ ‫كتبت ـ رنا �أ�شرف‪:‬‬ ‫�سحر عبداهلل فنانة م�صرية �شابة فازت‬ ‫ه��ذا ال�ع��ام بجائزة ال��دول��ة الت�شجيعية فرع‬ ‫الآداب‪ -‬ر�سوم الأطفال عن كتاب «قلب �صغري‬ ‫ن��ون��و» وال��ذى �أ��ص��درت��ه الهيئة العامة لق�صور‬ ‫الثقافة فى �سل�سلة كتاب قطر الندى‪.‬‬ ‫والفنانة �سحر حا�صلة على بكالوريو�س تربية‬ ‫فنية ع��ام ‪�« 2002‬شعبة تثقيف بالفن»‪ -‬جامعة‬ ‫ح �ل��وان‪ ،‬ك�م��ا ح�صلت ع�ل��ى منحة امل��رك��ز‬ ‫ال�ث�ق��اف��ى ال�بري �ط��ان��ى للفنانني ‪2012‬‬ ‫وجائزة الدولة الت�شجيعية فرع الآداب‪-‬‬ ‫ر�سوم الأطفال ‪2012 -2011‬‬ ‫وق ��د � �ص��درت ل�ه��ا �أع��م��ال ك��ر��س��ام��ة لق�ص�ص‬ ‫وك �ت��ب الأط��ف��ال ف��ى جم�ل�ات وم��ؤ��س���س��ات وج��رائ��د‬ ‫ودور ن�شر كثرية من �أهمها ذكريات طفل عجوز‪ ،‬حبيبة‬ ‫وعبد الرحمن‪ ،‬قلبى �صغري نونو‪ ،‬م�شاوير الع�صافري‪.‬‬ ‫كما ا�شرتكت فى عدة معار�ض جماعية وفردية فى خمتلف‬ ‫�أماكن العر�ض مثل‪� :‬ساقية ال�صاوي‪ ،‬ق�صر ثقافة الطفل‪،‬‬ ‫وقدمت ور�ش فنية للأطفال لتعليم خمتلف املهارات‪.‬‬ ‫تقوم �سحر مبزج اخلامات فهى تر�سم بالألوان املائية‬ ‫والبا�ستيل ال�شمع و�أي�ضا اجلوا�ش مع ا�ستخدام الكوالج‬ ‫(وهو ل�صق خامات خمتلفة على امل�سطح املر�سوم)‪ ،‬كما‬ ‫�أنها ت�ستخدم جمموعة �ألوان جذابة مبهجة كما �أن عندها‬

‫‪v‬‬

‫‪36‬‬

‫الفنانة سحر عبد اهلل تفوز بجائزة‬ ‫الدولة التشجيعية عن رسوم‬ ‫كتاب «قلبى صغير نونو » فى‬ ‫سلسلة قطر الندى‪.‬‬


‫الر�شا�ش الكبري ‪1967‬‬

‫بد�أ حياته الفنية فى �أوائل ال�ستينات وب�أ�سلوب‬ ‫يعمد على الت�سطيح وا�ستعمال عنا�صر من الأ�شياء‬ ‫احلياتية العادية على ع��ادة حركة فن البوب التى‬ ‫كانت تت�شكل فى �إجنلرتا فى ذلك الوقت‪ ,‬ومن �أ�شهر‬ ‫من��اذج ه��ذه املرحلة جمموعة ل��وح��ات علبة �شاى‬ ‫«تايفو » ( �شاى �إجنليزى تف�ضله الطبقة العاملة )‪,‬‬ ‫وقد �أ�سهم هوكنى فى ت�شكيل حركة فن البوب فى‬ ‫بريطانيا مع ريت�شارد هاميلتون و�آخرين‪.‬‬ ‫اهتم هوكنى فى هذه املرحلة ب�أ�سلوب الت�صوير‬ ‫امل�صرى ال�ق��دمي‪ ,‬وم��ا �أث��ار اهتمامه ه��و التنميط‬ ‫ال�شديد فى هذا الأ�سلوب والذى يلغى �إىل حد كبري‬ ‫ال�شخ�صية ال�ف��ردي��ة للفنان‪ ,‬وق��د ر��س��م ف��ى هذه‬ ‫املرحلة جمموعة من اللوحات �أطلق عليها لوحات‬

‫ب�أ�سلوب �شبه م�صرى مثل لوحة « ال��زواج الأول «‬ ‫‪ 1962‬وهى من �أ�شهر لوحات هذه املرحلة‪.‬‬ ‫زار م�صر فى ‪ 1963‬و�أنتج العديد من الر�سوم‬ ‫بالأقالم امللونة والألوان املائية ويقول عن م�صر(�إنها‬ ‫واحدة من �أكرث الأماكن التى زرتها �إثارة بكل هذه‬ ‫الآثار التى هى الأقدم فى العامل‪ ,‬لقد كنت كثريا ما‬ ‫�أجل�س على �ضفاف النيل فى الأق�صر �أ�شاهد غروب‬ ‫�شم�س بديع �أو �أرنو �إىل النهر‪ ,‬وكنت �أجد هذا مثريا‬ ‫خلياىل‪ .‬لقد كنت �أر�سم ط��وال ال��وق��ت‪ ).‬و�سيعود‬ ‫هوكنى لزيارة م�صر ثانية فى ‪ 1978‬وكعادته ينتج‬ ‫جمموعة كبرية من الر�سوم فى القاهرة والأق�صر‪.‬‬ ‫فى ‪� 1963‬أي�ضا يقرر االنتقال �إىل لو�س �أجنلو�س‬ ‫بوالية كاليفورنيا بالواليات املتحدة وهو يقول �أردت‬

‫ال��ذه��اب �إىل ه�ن��اك لأن�ه��ا ب��دت ىل مدينة مثرية‬ ‫ومغمورة ب�ضوء ال�شم�س‪.‬‬ ‫ف��ى لو�س �أجنلو�س ي��أخ��ذ �أ�سلوبه ف��ى التحول‬ ‫بفعل ج��و كاليفورنيا و�أ� �س �ل��وب احل �ي��اة املختلف‬ ‫للطبقة امل�ترف��ة‪ ,‬فري�سم ع��ام ‪ 1964‬جمموعة من‬ ‫اللوحات ل�صبية ي�ستحمون ويقابل بني ليونة �إيقاع‬ ‫�أج�سامهم الفتية والإيقاع املنتظم ملربعات قي�شانى‬ ‫احلمام وخمروط املاء وهو يتطاير منعك�سا من على‬ ‫�أج�سامهم ومن على �أ�صي�ص نبات الظل ال�ضخم‬ ‫الذى ميلأ مقدمة اللوحة‪.‬‬ ‫يتحول �إىل مرحلة من �أهم مراحله الفنية التى‬ ‫ير�سم فيها ب�أ�سلوب املنهج الطبيعى حدائق منازل‬ ‫لو�س �أجنلو�س وحمامات ال�سباحة بها‪ ,‬ف��ى هذه‬

‫العدد التاسع والعشرون ‪ -‬أغسطس ‪2012‬‬

‫‪v‬‬

‫‪39‬‬


‫فن عالمي‬

‫دافيد هوكنى رائد فن البوب‬

‫رسام اللوحات العمالقة‬

‫�سمري ف�ؤاد‬

‫ال�سيد وال�سيدة كالرك وبري�سى ‪71-1970‬‬

‫هوكنى من مواليد ‪ 1937‬ب�برادف��ورد فى �شمال �إجنلرتا‪ ,‬در���س فى‬ ‫كلية برادفورد للفنون ثم �إلتحق بالكلية امللكية للفنون بلندن وتخرج منها‬ ‫ع��ام ‪ ,1962‬وه��و من الفنانني الربيطانيني الكبار الذين ميثلون ذروة‬ ‫الت�شخي�صية فى القرن الع�شرين مع فران�سي�س بيكون و�ستانلى �سبن�سر‬ ‫ولو�شيان فرويد وجراهم �سذرالند وبيرت باليك‪ ,‬والذين ظلوا طوال حياتهم‬ ‫الفنية خمل�صني للوحة ثنائية الأبعاد‪ ,‬وهو من رواد فن البوب الأوائل وله‬ ‫درا�سات وجتارب عديدة فى اللغة الب�صرية خا�صة فيما يتعلق بالتمثيل‬ ‫الب�صرى للفراغ على �سطح ثنائى الأبعاد ودور الكامريا فى فن الت�صوير‬ ‫بداية من اخلزانة ذات الثقب وحتى الكامريا احلديثة‪.‬‬ ‫�أول لوحة �أذكرها لدافيد هوكنى ر�أيتها فى ال�سبعينات وكانت عبارة‬ ‫عن عمل من عام ‪ 1965‬ل�شخ�صني يتحدثان �أمام منزل غري واعيني خلطر‬ ‫داهم يتهددهما متمثل فى فهد مر ّقط يقفز ب�إجتاههما من خارج �إطار‬ ‫اللوحة‪ ,‬و�إذا �أمعنت النظر فى اللوحة تكت�شف �أنه قد كتبت عبارة بخط‬

‫‪v‬‬

‫‪38‬‬

‫�صغري فى الفراغ الفا�صل بني الفهد وال�شخ�صني تقول « �إنهما ب�أمان فهذه‬ ‫لوحة �ساكنة « وقد �أعطى هوكنى للعمل ا�سم « لوحة ت�ؤ ّكد ال�سكون « وهو‬ ‫هنا ي�ؤكد واحد من �أهم الأ�س�س التى �أر�ساها �سيزان وهو �أن اللوحة م�سطح‬ ‫ثنائى الأبعاد‪ ,‬ولكن هوكنى فى ذات الوقت وبطريقة معاك�سة م�شاغبة ي�ؤكد‬ ‫البعد الإيحائى فى العمل وهو فى هذه احلالة �إيحاء باحلركة‪.‬‬ ‫هذا ال�شد واجل��ذب بني ال�سكون واحلركة هو واحد من الإ�شكاليات‬ ‫العديدة فى لغة التمثيل الب�صرى والتى تعر�ض لها هوكنى فى م�سريته‬ ‫الفنية منذ �أوائل ال�ستينات وحتى الوقت الراهن‪.‬‬ ‫�أكرث ما يده�شك فى هوكنى هو غزارة �إنتاجه فهو دائما فى حالة ر�سم‪,‬‬ ‫فهو ر�سام بارع بالقلم الر�صا�ص �أو الأقالم امللونة‪ ,‬و�أ�سلوبه فى الر�سم فى‬ ‫غاية الإتقان‪ ,‬وهو ير�سم �أى �شئ يراه فى �أى مكان يذهب �إليه‪� ,‬سرير فى‬ ‫حجرة الفندق‪ ,‬قمي�ص ملقى على كر�سى‪� ,‬أ�شخا�ص فى �أو�ضاع حياتية‪,‬‬ ‫منظر من نافذة الفندق وهكذا‪ ...‬و�إنتاجه من هذه الر�سوم يبلغ الآالف‪.‬‬


‫الأهرام و�أبو الهول ‪1963‬‬

‫م�شهد معني ف�إن �أعيننا تتحرك طوال الوقت لتم�سح‬ ‫جميع زوايا هذا امل�شهد وبالتاىل ف�إن النتيجة التى‬ ‫ن�صل �إليها هى امل�شهد املرئى من جمموعة متعددة‬ ‫من ال��زواي��ا‪ ،‬كانت نتيجة ه��ذه التجربة جمموعة‬ ‫من اللوحات املنفذة بالكامريا البوالرويد حتتوى‬ ‫جمموعة من اللقطات مل�شهد معني من زوايا خمتلفة‬ ‫جممعة ب�أ�سلوب ي�شبه الفوتومونتاج ‪.‬‬ ‫ف��ى �إح ��دى ل��وح��ات ه��ذه امل��رح�ل��ة وامل���س�م��اة «‬ ‫طبيعة �صامته جليتار �أ�صفر» ‪ 1982‬نالحظ الت�شابه‬

‫الكبري بينها وبني لوحات بيكا�سو �أو براك ملثل هذا‬ ‫املو�ضوع فى الرتكيبة الفراغية للوحة‪ ,‬وق��د طور‬ ‫هوكنى هذا الأ�سلوب بعد ذلك ب�إ�ستعمال الكامريا‬ ‫العادية و�إن �أ�صبحت النتائج بعد ذلك خمتلفة فى‬ ‫نوعية الفراغ الذى �أ�صبح مثل ر�ؤية بانورامية تكاد‬ ‫حتتوى امل�شاهد‪ ,‬ومن �أ�شهر �أعمال هذه املرحلة لوحة‬ ‫«طريق بريبلو�سوم ال�سريع » ‪.1986‬‬ ‫فى الت�سعينات دخ��ل هوكنى فى جمموعة من‬ ‫التجارب والتقلبات فى الأ�سلوب التى ت�شى بقدرته‬

‫الهائلة على الإنتاج واملرونة فى ا�ستخدام �أ�ساليب‬ ‫خمتلفة وب��د�أ اهتمامه بالإمكانيات التى يتيحها‬ ‫احلا�سب ال�شخ�صى فى تنفيذ الر�سوم وطباعتها‬ ‫على م�ساحة كبرية‪ ,‬وبالرغم من �أنه �أنتج جمموعة‬ ‫ك�ب�يرة م��ن ال�ب��ورت��ري�ه��ات �إال �أن ه��ذه ال �ف�ترة من‬ ‫الت�سعينات وحتى وقتنا الراهن ر�أت زيادة م�ضطردة‬ ‫ف��ى االه�ت�م��ام مبفهوم ال �ف��راغ وال���ض��وء م��ن خالل‬ ‫املنظر الطبيعى‪.‬‬ ‫فى ‪ 1998‬نفذ هوكنى لوحته العمالقة الأوىل‬ ‫« الأخ��دود العظيم » ( جراند كانيون ) وقد نفذها‬ ‫ب��الأل��وان الزيتية ومكونة م��ن �ستني ج��زءا بطول‬ ‫�أك�ثر م��ن �سبعة �أم �ت��ار‪ ,‬وه��ى �إم �ت��داد لتجاربه فى‬ ‫الفوتومونتاج فى الر�سم من زواي��ا ر�ؤي��ة متعددة‬ ‫وهى مكونة زاوية ر�ؤية خمتلفة‪ ,‬ويقول هوكنى �أردت‬ ‫للم�شاهد �أن ينتقل بب�صره عرب املنظر و�أن �ألغى‬ ‫متاما مفهوم زاوية الر�ؤية الواحدة‪.‬‬ ‫ف��ى الألفية اجل��دي��دة يوا�صل هوكنى جتاربه‬ ‫مع التكنولوجيا احلديثة في�ستعمل الإمكانيات التى‬ ‫يتيحها احلا�سب الـ‪ ipad‬فى عمل ر�سومات �سريعة‬ ‫ملونة بديال للأقالم امللونة وينتج بهذه التقنية التى‬ ‫تتيح طباعة �أى ع��دد من الن�سخ ر�سوما فى غاية‬ ‫اجلمال‪� .‬آخر م�شاريع هوكنى عر�ضها هذا العام فى‬ ‫معر�ض �ضخم فى الأكادميية امللكية للفنون فى لندن‬ ‫حيث عر�ض جمموعة من اللوحات العمالقة نفذها‬ ‫فى ال�سنوات الأخرية ملجموعة من املناظر الطبيعية‬ ‫ف��ى منطقة غ��اب��ات ول��دج�ي��ت ف��ى ي��ورك���ش�ير‪ ,‬وقد‬ ‫ا�ستعمل فى هذه اللوحات نف�س التقنية التى ا�ستعملها‬ ‫فى لوحة الأخدود العظيم فى ا�ستعمال العديد من‬ ‫زوايا الر�ؤية كما ا�ستعان بالـ‪ ipad‬فى ر�سم بع�ضها‬ ‫ك�أجزاء منف�صلة يتم طباعتها ثم جتميعها فى لوحة‬ ‫واحدة وفى البع�ض الآخر ر�سم من الطبيعة مبا�شرة‬ ‫مهتديا بتقاليد ترينر وكون�ستابل فى ر�سم املنظر‬ ‫الطبيعى‪ ,‬ومن الطبيعى �أن ي�ستعني مبجموعة من‬ ‫امل�ساعدين لإجناز هذا العمل ال�ضخم‪.‬‬ ‫فى �إفتتاح املعر�ض ال��ذى �أطلق عليه « اللوحة‬ ‫الأكرب « قال هوكنى « �إن �أعظم �شئ فى هذا املعر�ض‬ ‫هو �أن��ه لي�س معر�ضا ا�ستيعاديا «وه��و يعنى بهذا‬ ‫�أنه فى �سن الرابعة وال�سبعني ما زال لديه الطاقة‬ ‫واخليال والرغبة فى املغامرة وارتياد مناطق جديدة‬ ‫فى الفن مل يط�أها فنان من قبله وهو بهذا ي�ؤكد‬ ‫مقولة �أن الفنان ال��ذى يتوقف عن املغامرة فنان‬ ‫ميت‪.‬‬ ‫‪v‬‬

‫العدد التاسع والعشرون ‪ -‬أغسطس ‪2012‬‬

‫‪41‬‬


‫غابة ولدجيت ‪2008‬‬

‫اللوحات التى ت�شع بالبهجة يلعب هوكنى على التقابل‬ ‫بني �شكل املنازل بزواياها القائمة و�ألوانها الزاهية‬ ‫وامل�سطح الأخ�ضر للع�شب ال��ذى يخيل للرائى من‬ ‫فرط �إتقان الر�سم �أنه ر�سم كل ع�شبة فيه على حدة‬ ‫وال�شكل املخروطى لر�شا�ش املاء املندفع من فوهة‬ ‫الر�شا�شات الدوارة التى تروى الع�شب‪.‬‬ ‫ويلعب على هذا التقابل فى �إحدى �أ�شهر لوحاته‬ ‫« الر�شا�ش الكبري » ‪ ,1967‬اللوحة فى جمملها �ساكنة‬ ‫ومكونة من م�ستطيالت ال�سماء وامل�ن��ازل وحمام‬ ‫ال�سباحة‪ ,‬ويقطع هذا ال�سكون الر�شا�ش الذى خلفته‬ ‫قفزة �شخ�ص فى حمام ال�سباحة‪ ,‬ال ترى ال�شخ�ص‬ ‫ولكن ترى فقط �أثرم�سافة الفعل الذى قام به‪ ,‬وك�أن‬ ‫اللوحة جزء معزول من �شريط �سينمائى ل�شخ�ص‬ ‫يقفز فى احلمام‪ ,‬يلعب هوكنى فى هذه اللوحة على‬ ‫ال�سكون والإيحاء باحلركة وجتميد الزمن برباعة‬ ‫�أ�ستاذ فذ‪.‬‬ ‫ير�سم هوكنى فى هذه املرحلة‪ ,‬والتى امتدت‬ ‫حتى نهاية ال�سبعينات‪ ,‬الكثري من اللوحات التى‬ ‫تدور حول حمام ال�سباحة‪ ,‬وهو هنا يتناول املو�ضوع‬ ‫كت�سجيل لواحد من امل�شاهد الأكرث �شيوعا فى منازل‬ ‫لو�س �أجنلو�س‪ ,‬ولكنه فى ذات الوقت وبح�س فنان‬ ‫كبري يحول اهتمامه �إىل مع�ضلة كيفية التمثيل‬ ‫الب�صرى لعن�صر املاء‪ ,‬وعن�صر املاء كما نعلم عدمي‬ ‫‪v‬‬

‫‪40‬‬

‫اللون وال�شكل‪ ,‬ويقول هوكنى �أن املثري فى املو�ضوع‬ ‫هو �أن��ه ال يوجد حل واح��د و�إمن��ا هناك الآالف من‬ ‫احللول الب�صرية لهذه املع�ضلة‪ ,‬وال توجد قاعدة‬ ‫حم��ددة‪ ,‬وقد �أخ��ذ هوكنى فى هذه املرحلة يجرى‬ ‫العديد من التجارب و من �أجمل ما �أنتج فى جمموعة‬ ‫حمام ال�سباحة لوحات �صنعها من �أفرخ الورق الذى‬ ‫�صنعه بنف�سه و�أ�ضاف �إليه الأ�صباغ �أثناء مرحلة‬ ‫الت�صنيع طبقا للت�صميم املعد �سلفا‪ ,‬وهو يقول �أن‬ ‫ما دفعنى لهذا احلل هو �أن اللون فى هذه احلالة‬ ‫يكون زاهيا وم�شرقا و�أطلق على هذه املجموعة ا�سم‬ ‫«حمام �سباحة من الورق» ‪.1978‬‬ ‫فى نف�س هذه املرحلة على التوازى مع م�شاهد‬ ‫احلياة املرتفة فى لو�س �أجنلو�س ر�سم هوكنى �سل�سلة‬ ‫من اللوحات التى تنتمى �إىل فن ال�صورة ال�شخ�صية‬ ‫( البورتريه ) وفيها ترى مدى متكن هوكنى من هذا‬ ‫الفن‪ ,‬ر�سم لوحات لأ�صدقائه ومعارفه م�سرتخني فى‬ ‫�أو�ضاع احلياة اليومية �أحيانا‪� ,‬أو جال�سني فى و�ضع‬ ‫ثابت �شبه ر�سمى مثل و�ضع املوديل �أحيانا �أخرى‪,‬‬ ‫لوحات على عجالة مثل الإ�سكت�ش بخط واح��د �أو‬ ‫كدرا�سات بالأقالم امللونة �أو الألوان املائية �أو لوحات‬ ‫كبرية بالألوان الزيتية �أو الأكريليك‪ ,‬وتعد من �أجمل‬ ‫ل��وح��ات ه��ذه املجموعة تلك التى ر�سمها لوالديه‬ ‫وخا�صة تلك التى ر�سمها لوالدته والتى تلم�س فيها‬

‫مدى العاطفة التى يكنها نحوها‪.‬‬ ‫من �أعظم لوحات هذه النوعية لوحة « ال�سيد‬ ‫وال�سيدة كالرك وبري�سى « والتى �أجنزها فى عامى‬ ‫‪ 71-1970‬بخامة الأكريليك وه��ى م��ن مقتنيات‬ ‫متحف التيت بلندن‪ ,‬ويقول هوكنى هذه اللوحة هى‬ ‫الأقرب �إىل الأ�سلوب الطبيعى فى فنى‪ ,‬وقد عانيت‬ ‫كثريا فى �إجنازها و�أعدت ر�سم �أجزاء منها مرات‬ ‫عديدة بلغت الإثنى ع�شر مرة فى بع�ض الأج��زاء‪,‬‬ ‫وما مثل �صعوبة جمة فى اللوحة هو وقوف الأ�شخا�ص‬ ‫فى و�ضع �ضد النور ( كونرت جور )‪ ,‬ونرى فى هذه‬ ‫اللوحة مدى اهتمام هوكنى بالتفا�صيل من الزهور‬ ‫على املن�ضدة فى مقدمة اللوحة �إىل اللوحة املعلقة‬ ‫على اجلدار واملنظر الغارق فى �ضوء ال�شم�س خارج‬ ‫ال�شرفة �إىل القط بري�سى اجلال�س فى �إ�ستكانة على‬ ‫فخذ �صاحبه‪.‬‬ ‫فى �أوائل الثمانينات بد�أ هوكنى جتربة جديدة‬ ‫با�ستعمال الكامريا‪ ,‬وكان هدفه هو �إعادة اكت�شاف‬ ‫الفراغ الب�صرى فى ال�صورة ا�ستنادا �إىل ما بد�أه‬ ‫�سيزان فى القرن التا�سع ع�شر ثم �إ�ستكملته احلركة‬ ‫التكعيبية فى �أوائل القرن الع�شرين من �إعادة �صياغة‬ ‫الفراغ الب�صرى ب�إلغاء مفهوم املنظور الب�صرى من‬ ‫زاوي��ة واح��دة و�إ�ستبداله باملنظور من عدة زواي��ا‪,‬‬ ‫وكانت فكرته تتلخ�ص فى �أننا عندما ننظر �إىل‬


‫قصور الثقافة تطلق الدورة التأسيسية‬ ‫لمؤتمر الجمعيات الثقافية‬

‫�إنطلقت فعاليات ال��دورة الت�أ�سي�سية بامل�ؤمتر‬ ‫الأول للجمعيات الثقافية وال��ذى تنظمه الإدارة‬ ‫العامة للجمعيات وامل�ساعدات الثقافية برئا�سة‬ ‫مم ��دوح �أب ��و يو�سيف ال�ت��اب�ع��ة ل �ل ��إدارة امل��رك��زي��ة‬ ‫لل�شئون الثقافية برئا�سة ال�شاعر حممد �أبو املجد‬ ‫بق�صر ثقافة اجليزة‪ ،‬مب�شاركة ‪99‬جمعية ثقافية‬ ‫من خمتلف انحاء اجلمهورية‪ ،‬وممثلني عن وزارة‬ ‫الت�ضامن االجتماعى‪ .‬وفى كلمته �أ�شار ال�شاعر �سعد‬ ‫عبد الرحمن رئي�س الهيئة العامة لق�صور الثقافة‬ ‫ب�أن هيئة ق�صور الثقافة تعمل على الأخذ باجتاهات‬ ‫الر�أى العام فى خمتلف مناطق اجلمهورية جلمهور‬ ‫املثقفني‪ ،‬وت�أمل فى تو�سيع قاعدة امل�شاركة ال�شعبية‬ ‫فى و�ضع اخلطط الثقافية مبا يحقق الهدف املن�شود‬ ‫للهيئة ثقافي ًا وفني ًا فى ن�شر الوعى والتوعية والتنوير‪،‬‬ ‫و�أن انتعا�ش املجتمع امل��دن��ى ي�صب ف��ى م�صلحة‬ ‫امل�صرى ويعلى من قيمة املواطنة ودور التوا�صل‬ ‫الإجتماعية‪ ،‬و�أنه اليزال �أمام العمل الأهلى م�سئولية‬ ‫ج�سيمة فى النهو�ض باملجتمع‪ ،‬و�أ�ضاف‪ ،‬و�أن امل�ؤمتر‬

‫يبحث فى �سبل تطوير الدعم الفنى واملاىل املقدم‬ ‫�إىل اجلمعيات الثقافية‪ .‬ومن جانبه �أكد حممد �أبو‬ ‫املجد وكيل الوزارة لل�شئون الثقافية ب�أن هذا امل�ؤمتر‬ ‫ح��دث فريد وه��ام بهيئة ق�صور الثقافية‪ ،‬و�سبب‬

‫فرادته �أن هيئة ق�صور الثقافة تدخل بهذا امل�ؤمتر‬ ‫ب��اب امل ��ؤمت��رات العلمية اجل ��ادة‪ ،‬و�سيرتك الأم��ر‬ ‫لأع�ضاء اجلمعية العمومية للم�ؤمتر والذين �سيتولون‬ ‫و�ضع مالمح الالئحة الأ�سا�سية لإدارة امل�ؤمتر‪.‬‬

‫مهرجان الموسيقي العربيه السادس‬ ‫ع��ا���ش ج�م�ه��ور الإ� �س �ك �ن��دري��ة �أي� ��ام م��ن خ�لال‬ ‫مهرجان �إملو�سيقي العربيه ال�ساد�س‪,‬الذي �شهدت‬ ‫دورت��ه ه��ذا العام م�شاركه باقه من �أه��م مطربي‬ ‫م�صر والعامل والعربي‪.‬‬ ‫�أم��ا م��ن جن��وم الأوب� ��را جن��د الفنانة املتالقه‬ ‫مروه ناجي ‪ -‬رحاب مطاوع ‪ -‬وريهام عبد احلكيم‬ ‫و�سومه ‪-‬و�أجمدالعاطفي ‪ -‬وهاين عامر‪� ،‬أما من‬‫اال�صوات الواعده التي �شاركت لأول مره باملهرجان‬ ‫املطربه كارمن‪� .‬صاحبت النجوم فرقه عبد احلليم‬ ‫ن��وي��ره للمو�سيقي العربيه بقياده �صالح غبا�شي‬ ‫والفرقه القوميه للمو�سيقي العربيه بقياده �سليم‬ ‫�سحاب وفرقه الإ�سكندرية للمو�سيقي والغناء بقياده‬ ‫عبد احلميد عبد ال�غ�ف��ار‪ ،‬تعد ه��ذه ال���دوره هي‬ ‫الأويل برئا�سة الدكتوره اينا�س عبد ال��دامي رئي�س‬ ‫الأوبرا التي ت�ضع ب�صماتها الأويل عليه منذ توليها‬ ‫املن�صب‪� .‬أ�صر رئي�س الأوبرا علي �أقامت احلفل يف‬ ‫ظل الظروف واملخاوف التي تهدد �ألو�ضع يف م�صر‬ ‫فاقامته ت�أكيد ور�ساله للعامل علي ا�ستقرار الأو�ضاع‬ ‫كما وج��دن��ا رع��اي��ه هيئة تن�شيط ال�سياحه للمرة‬

‫د‪� .‬إينا�س عبد الدامي‬

‫الأويل ت�أكيد علي ذلك ودعم لل�سياحه والعمل علي‬ ‫�أعاده جذبها‪ ,‬ومن الإيجبيات الال فته للنظر اي�ضا‬ ‫وجود الفتات �إعالنيه عن املهرجان بطول كورني�ش‬ ‫الإ�سكندرية و�أمام وحول مداخل الأوبرا‪.‬واي�ضاقيام‬ ‫م�شرف ع��ام امل�ه��رج��ان امل�خ��رج��ه جيهان مر�سي‬ ‫بدفع جنوم الأوبرا �سالفي الذكر للم�شاركه وهو ما‬ ‫�أ�ضفي لوناجديدا له ‪.‬لكن �شابت تلك الدورة بع�ض‬ ‫ال�سلبيات مثل فقدها للميزانيه التي تليق بحجمه‬ ‫وقيمته �ؤهذه م�شكله دائمه منذ بدايته و هو الأمر‬

‫ال��ذي يقيد اختيار �إداراه املهرجان للنجوم ممن‬ ‫تفوق �أجورهم‪.‬‬ ‫ميزانيه املهرجانك‪ :‬رف�ض التليفزيون امل�صري‬ ‫نقل حفالت املهرجان �سواء مبا�شر �أو م�سجل بحجه‬ ‫عدم امكانيه توفري وحدات نقل خارجيه ولكنه عاد و‬ ‫طلب فيه التليفزيون امل�صري نقل حفل اخلتام فقط‬ ‫الذي يقدمه املو�سيقار عمر خريت متهيدا لعر�ض‬ ‫احلفل يف �أيام عيد الفطر املبارك‪ .‬حتي يتمكن من‬ ‫جمع ماده �إعالنيه عليه ت�صل للماليني وهو ما�أمت‬ ‫رف�ضه‪ ،‬فالتلفيزيون امل�صري م��ازال ال ي�سعي �إال‬ ‫للهث وراء ما هو رديء فمهرجان مثل ذلك ي�سعي‬ ‫اليه العديد من القنوات‪ .‬من ال�سلبيات الأخري عدم‬ ‫التزام بع�ض املطربني امل�شاركني بربنامج احلفل‬ ‫وهو ما �أغ�ضب العديد‪ ،‬من اجلمهور وهذه امل�س�أله‬ ‫البد من الرتكيز عليها من �أداره املهرجان بعد ذلك‪.‬‬ ‫علي �أي ح��ال قيام الدكتوره اينا�س بتلقي تقارير‬ ‫يوميه عن احلقالت هو يف حد ذاتها دليل علي جناح‬ ‫دواراته القادمه وجناح ودوره مهرجان القاهره التي‬ ‫�ستقام نوفمرب القادم‪.‬‬

‫العدد التاسع والعشرون ‪ -‬أغسطس ‪2012‬‬

‫‪v‬‬

‫‪43‬‬


‫إفتتاح مواقع ثقافية جديدة بجنوب سيناء‬

‫أخبـــــــــــــار‬ ‫قصور الثقافة‬

‫‪v‬‬

‫‪42‬‬

‫�أفتتح اللواء خالد فوده حمافظ جنوب �سيناء وال�شاعر �سعد‬ ‫عبد الرحمن رئي�س الهيئة العامة لق�صور الثقافة بيت ثقافة �أبو‬ ‫ردي�س ومكتبة الطفل وال�شباب بر�أ�س �سدر فى �إحتفالية كربى‬ ‫ا�ستمرت ملدة يومان وت�ضمنت �أفتتاح معار�ض للفن الت�شكيليى‬ ‫واحلرف البدوية وعر�ض م�سرحى للأطفال بق�صر ثقافة الطور‬ ‫وعرو�ض فنية لفرقة كورال الأطفال والفرقة التلقائية للرتاث‬ ‫البدوى ال�سيناوى‪.‬‬

‫جدير بالذكر �أن كل موقع يت�ضمن مكتبة للكبار و�أخ��رى‬ ‫للأطفال وقاعات متعددة الأن�شطة ونادى للتكنولوجيا ‪ ..‬وقاعة‬ ‫ندوات‪.‬‬ ‫وفى ختام االحتفالية مت تبادل الدروع بني املحافظ و رئي�س‬ ‫الهيئة وتوزيع ال�شهادات على االطفال امل�شاركني فى االحتفالية‪.‬‬ ‫كما منح ال�سيد املحافظ واال�ستاذ رئي�س الهيئة كل طفل من‬ ‫امل�شاركني فى االحتفالية مبلغ مائة جنيه ت�شجيع ًا لهم‪.‬‬

‫موال فراق األحباب ‪ ..‬الديوان‬ ‫األول لمحمود الهندى‬ ‫عن �سل�سلة �إبداعات الثورة �أ�صدرت الهيئة العامة لق�صور الثقافة‬ ‫ديوان «موال فراق الأحباب « للفنان حممود الهندي ‪ ..‬وهو جتربة‬ ‫�شعرية للفنان الهندي ال��ذي عرفناه مع ًا م�صمم ًا للأغلفة وفنانا‬ ‫ت�شكيليا ‪..‬‬ ‫ويتحدث الديوان عن الثورة من خالل �أ�صدقاء الفنان الذين‬ ‫رحلوا عن عاملنا وقد حلموا معه بالثورة ولكنهم مل يدركوها ‪ ..‬بكل‬ ‫�إلهامها وعبقريتها و�آالمها و�أحالمها ‪..‬‬ ‫والديوان يحتوي على ‪ 31‬ق�صيدة متثل ‪� 31‬شخ�صية من �أ�صدقاء‬ ‫ورفاق الفنان الراحلني بالإ�ضافة �إىل موال طويل بعنوان «الثورة من‬ ‫�أولها» يف مقدمة الديوان‪.‬‬


‫جوائز الدولة يحصدها النحاتون‬

‫الفنان عبد الهادى الو�شاحى‬

‫ظهرت ج��وائ��ز ال��دول��ة ه��ذا ال�ع��ام وف��از ثالثة‬ ‫من ُمبدعينا‪ ،‬واملفاج�أة فوز ثالثة نحاتني‪ ،‬فح�صل‬ ‫الفنان الكبري عبد الهادي الو�شاحي على جائزة‬ ‫الدولة «التقديرية» تتويج ًا مل�سريته الطويلة اجلديرة‬ ‫بالتكرمي وال �سيما ان�ف��راده بخط حداثي ذو ُبعد‬ ‫مفاهيمي‪ ،‬ي�سبق اللحظة الراهنة وينطلق للم�ستقبل‬ ‫بر�ؤى ا�ست�شرافية‪ ،‬كما �أنه له ثالثة متاثيل ب�أ�سبانيا‬ ‫يعتز بها �شعبها �أول�ه��ا الن�صب ال�ت��ذك��اري “ �إىل‬ ‫الفالح “ واثنني �آخرين بالهيئة الأكادميية الأ�سبانية‬ ‫مبدريد ومتثال بنادي ريال مدريد‪.‬‬ ‫�أم��ا ج��ائ��زة “التفوق” فقد ف��از بها الفنان‬ ‫�سمري اجلندي‪ ،‬واجلدير بالذكر ح�صوله م�سبقا‬ ‫على اجلائزة الت�شجيعية منذ قرابة الع�شرين عاما‪،‬‬ ‫ا�ستلهم “ اجلندي” ال�تراث الإ�سالمي وال�شعبي‬ ‫وع��ا���ش يف رح���اب ت�ل��ك ال��ع��وامل ال�ثري��ة وحت��رك‬ ‫بجر�أة وحيوية ورغم ذلك حافظ على روح الرتاث‬ ‫الإ�سالمي ومل يتمرد عليه‪.‬‬ ‫�أما اجلائزة الثالثة «الت�شجيعية» فكانت للفنان‬ ‫طارق الكومي �صاحب املعاجلة التجريدية للج�سد‬

‫الفنان �سمري اجلندي‬

‫الفنان �سمري اجلندي‬

‫الب�شري جامعا بني التب�سيط والعمق مع ًا يف معادلة‬ ‫فنية �صعبة‪.‬‬ ‫اجل��دي��ر بالذكر �أن جملة اخل�ي��ال تناولت “‬ ‫ال��و��ش��اح��ي» يف ع��دد يوليو ‪ 2012‬يف ب��اب « فنان‬ ‫العدد» احتفا ًال به وتكرميا لرحلته الفنية الطويلة‬

‫كما تناولنا �أي�ض ًا “ الكومي» بعدد يونيه ‪ 2012‬يف‬ ‫املو�ضوع الرئي�سي « فن العمارة ب�أيدي النحاتني»‬ ‫ك�أ�ضخم ح��دث فني نحتي ظهر ه��ذا املو�سم ومت‬ ‫عر�ضه بقاعة �أفق‪.‬‬ ‫جملة اخليال تهنئ الفنانون الثالثة‪.‬‬ ‫‪v‬‬

‫العدد التاسع والعشرون ‪ -‬أغسطس ‪2012‬‬

‫‪45‬‬


‫« رؤى بصرية تبحث في الوطن »‬ ‫شباب يرفض تشوهات الواقع بحثًا عن مستقبل أفضل‬

‫أخبـــــــــــــارهم‬ ‫‪v‬‬

‫‪44‬‬

‫�إفتتح ا‪.‬د‪� .‬صالح املليجي رئي�س قطاع الفنون‬ ‫الت�شكيلية م�ساء يوم الثالثاء املا�ضي املعر�ض اجلماعي‬ ‫« ر�ؤى ب�صرية تبحث يف الوطن « مب�شاركة ‪ 265‬من‬ ‫طلبة �إع��دادي كلية الفنون اجلميلة‪ ،‬والذي ي�ست�ضيفه‬ ‫مركز �سعد زغلول الثقايف مبتحف بيت الأمة‪.‬‬ ‫و�صرح د‪� .‬صالح املليجي �أن �أهمية املعر�ض تكمن يف‬ ‫ر�سالته الإن�سانية الراقية خا�صة عندما يقدمها �شباب‬ ‫و�شابات يف بداية جتاربهم الفنية والذين حاولوا ر�صد‬ ‫ت�شوهات الواقع املجتمعي املرفو�ضة خا�صة مع بداية‬ ‫�إ�ست�شراف عهد ًا جديد ًا ي�أمله امل�صريون تطور ًا وعد ًال‬ ‫وتقدم ًا وم�ساواه وجميعها �ضمن حقوق الإن�سان التي‬ ‫ركز عليها املعر�ض ليقدم لنا بحث ًا �صادق ًا عن حقيقة ما‬ ‫تعانيه الكثري من فئات املجتمع من املهم�شني ال�سيما الأطفال‪،‬‬ ‫وهي ر�سالة فنية من �شبابنا �إىل اجلميع يعربون خاللها عن‬ ‫رف�ضهم لهذا اخللل املجتمعي ولتلك الت�شوهات م��ن خالل‬ ‫ر�ؤيتهم ومعاي�شتهم للواقع ور�صد ت�شوهاته و�سلبياته بعني الفنان‬ ‫الباحث دوم ًا عن اجلمال وعرب عد�سة الكامريا التي ال تكذب �أو‬ ‫تتجمل يف حوارها مع املتلقي‪ ،‬وهو عمل فني جاد وهادف ن�شكر‬ ‫عليه جميع �أبنائنا امل�شاركني وزمالئنا من الأ�ساتذة الذين‬ ‫ي�شرفون عليهم‪.‬‬

‫وي�ضيف ك��ل م��ن د‪� .‬إمي��ان �أ��س��ام��ة ود‪ .‬حممود فريد �أن‬ ‫املعر�ض حماولة لتوثيق وتوعية املواطن امل�صري ب�أهمية ح�صوله‬ ‫على حقوقه التي �أثبتها الإعالن العاملي حلقوق الإن�سان ل�سنة‬ ‫‪ 1948‬وال��ذي �أك��د حق الإن�سان يف بيئة نظيفة‪ ،‬ورف�ض عمالة‬ ‫الأطفال‪ ،‬وحق الإن�سان يف احل�صول على عمل �شريف وغريها‬ ‫من احلقوق‪ ،‬وبالتايل كان من ال�ضروري تعريف ال�شباب بحقوقه‬ ‫التي �أكدتها كافة املواثيق والأع��راف الدولية وحتى الد�ساتري‬ ‫امل�صرية من خالل معر�ض ير�صد معاناة املجتمع امل�صري من‬ ‫�آفات كثرية يجب مقاومتها والق�ضاء عليها‪.‬‬

‫بـهـجــوري يـتــألـق‪ ..‬بقلم الناقد أيمن حامد‬ ‫جورج البهجوري فنان كبري‪ ..‬يتنف�س‬ ‫الفن مع الهواء وكثري ًا ما ينام والقلم يف‬ ‫يده‪ ..‬ومازال يحمل بداخله طف ًال �صغري ًا‪..‬‬ ‫ويحمل مثله حقيبة من القما�ش بداخلها‬ ‫كرا�سات ت�شبه كرا�سة الواجب املدر�سي‪..‬‬ ‫لكن ميلأها بر�سومه التي ال تنتهي‪ ..‬جعل‬ ‫واح ��دة للنيل و�أخ ��رى للمقاهي ال�شعبية‬ ‫وثالثة للأق�صر وك��را��س��ة مل� ��آذن احل�سني‬ ‫وخ��ان اخلليلي‪ ..‬وه�ن��اك كرا�سة ل�صالة‬ ‫اجلمعة حيث يقف يف توقيت ال�صالة �أمام‬ ‫اجل��ام��ع القريب م��ن منزله ير�سم جموع‬ ‫امل�صلني‪ ..‬وكرا�سة �أخرى ير�سم فيها موائد‬ ‫الرحمن يف رم�ضان‪..‬و�أعمال جورج يف الت�صوير الزيتي والتي‬ ‫متتد يف �آالف اللوحات ت�ؤكد على عمق وعيه بقواعد الت�صوير‪.‬‬

‫وق ��د � �ص��در ل�ل��زم�ي��ل ال �ن��اق��د �أمي��ن‬ ‫حامد كتاب من القطع الكبري حمل ا�سم‬ ‫البهجوري‪ ..‬وهو ميثل �إ�ضاءة كبرية على‬ ‫حياة جورج الذي ولد مرتني‪ :‬مرة ببهجورة‬ ‫والثانية بباري�س وعمره ‪ 35‬عام ًا‪.‬‬ ‫وال�ك�ت��اب ُي�ع��د رح�ل��ة �إجن ��از يف عامل‬ ‫ب �ه �ج��وري وح �ي��ات��ه ول��وح��ات��ه‪ ..‬وه ��و ثمني‬ ‫بف�صوله العديدة من ح��وادي��ت وذكريات‬ ‫ب��اري����س‪� ..‬إىل مالمح �شخ�صيته و�سريته‬ ‫ال��ذات �ي��ة‪ ..‬و�إىل �شخ�صيته الفنية‪ ..‬من‬ ‫جورج ر�سام الكاريكاتري �إىل امل�صور واملثال‬ ‫واجل��راف�ي�ك��ي ‪ ..‬حتية �إىل ج��ورج الفنان‬ ‫ال�شامل و�إىل �أمي��ن حامد الناقد ال��ذي ك�شف عن الكثري من‬ ‫�شخ�صيته ومالمح فنه‪.‬‬


‫ب��اك �� �س �ف��ورد وم �ت �ح��ف ال �ف �ن��ون احل��دي �ث��ة بجامعة‬ ‫الأ�سكندرية مب�صر‪.‬‬ ‫كما �أقيمت ل��ه املعار�ض ف��ى لندن وكمربدج‬ ‫واك�سفورد واملركز الثقافى الإ�سالمى بلندن وبيناىل‬ ‫اجلراند باليه فى باري�س وجامعة العينى بالإمارات‬ ‫العربية املتحدة وق�صر امل�ؤمترات ب�سوي�سرا ومتحف‬ ‫رات فى جنيف‪ ،‬كما �أقيم له معر�ض �شامل بقاعة‬ ‫هرنى مور بلندن و�آخ��ر باملتحف اال�ستوائى امللكى‬ ‫ب�أم�سرتدام وفى عام ‪� 1998‬أقيم له معر�ض خا�ص‬ ‫ف��ى اجل��ام�ع��ة اجل��ري�ج��وري��ة ال�ب��اب��وي��ة بالفاتيكان‬ ‫(روما)‪.‬‬ ‫ولنبد�أ بالتعرف على البدايات الأوىل للفنان‬ ‫الذى تخرج فى كلية الفنون اجلميلة بالأ�سكندرية‬ ‫ع��ام ‪ 1966‬وح���ص��ل ع�ل��ى ت�ق��دي��ر ام �ت �ي��از‪ ،‬وعمل‬ ‫بالكلية حتى عام ‪ 1973‬حما�ضر ًا فى فن الت�صميم‬ ‫امل�سرحي‪ ،‬وخ�لال ع��ام ‪ 1974‬ف��از مبنحة لدرا�سة‬ ‫الت�صميمات امل�ط�ب��وع��ة بالكلية امل��رك��زي��ة للفن‬ ‫والت�صميم بلندن‪ ،‬وبانتهاء مدة املنحة تقدم لنيل‬ ‫درج��ة املاج�ستري ثم عني حما�ضر ًا بالكلية ذاتها‬ ‫فى فن اخلط الإ�سالمى حتى عام ‪ ،1982‬وخالل‬ ‫ع�شر �سنوات من عمله وا�ستمراره فى الإب��داع فى‬ ‫هذا املجال نال درجة الدكتوراه من املجل�س القومى‬ ‫الربيطانى وكان مو�ضوع الدكتوراه «الأ�سا�س العلمى‬ ‫لأ�شكال احلروف العربية»‪.‬‬ ‫�أ��س��وق ه��ذه املعلومات لنقف على اخلطوات‬ ‫الأوىل لن�ش�أة فنان م�صرى �أب��دع على �أ�سا�س من‬ ‫العلم واملعرفة بل والتخ�ص�ص‪..‬‬ ‫فى ال�ستينيات من القرن املا�ضى ان�شغل بع�ض‬ ‫املبدعني العرب با�ستخدام احل��روف العربية فى‬ ‫لوحاتهم وذل��ك ا�ستجابة �إىل التيار النقدى الذى‬ ‫يدعو �أ�صحابه �إىل التم�سك باجلذور الثقافية فى‬ ‫مواجهة ال�ع��ومل��ة‪ ،‬وع� ّم��ق ه��ذه احل��ال��ة الإب���داع فى‬ ‫م�صر وفى دول اخلليج «العراق والبحرين والكويت»‬ ‫وتركيا‪.‬‬ ‫�أذك��ر �أن��ى دعيت �إىل �إلقاء حما�ضرة بيناىل‬ ‫ال���ش��ارق��ة ع��ن احل��رك��ة الفنية ف��ى م�صر وال�ع��امل‬ ‫العربي‪ ،‬وكان ال�س�ؤال الأول الذى ُوجهت فى نهاية‬ ‫الندوة عند الإجابة على �أ�سئلة احلا�ضرين هو‪ :‬هل‬ ‫اخلط العربى فن ت�شكيلي؟ وكانت �إجابتى وا�ضحة‬ ‫« �إن �إنتاج اخلطاطني العرب فى البالد التى دخلها‬ ‫الإ��س�لام ما يثبت �أن �إب��داع��ات ه ��ؤالء اخلطاطني‬ ‫امل�صريني والعرب والأتراك ت�ؤكد �أن اخلط العربى‬

‫مثله مثل �أى فن كيان حى ي�ؤثر ويت�أثر‪ ،‬ينمو باحلوار‬ ‫ويتحلل بالعزلة»‪.‬‬ ‫ومم��ا �ساعد فى اهتمام املبدعني باحلروف‬ ‫العربية وباخلط العربى هو �أنه يتمتع مبرونة ال نظري‬ ‫لها فى خطوط اللغات الأخرى وي�ستطيع �أن يعرب عن‬ ‫احلاالت الظاهرة والباطنة‪ ..‬مما ي�ؤكد على �أنه فن‬ ‫ت�شكيلى يجمع بني القيم اجلمالية والنفعية لأن الفن‬ ‫الت�شكيلى هو قوام يجمع بني الفنون اجلميلة والفنون‬ ‫التطبيقية التى تعنى اجلميل النافع‪..‬‬ ‫بل وذهبت بعيد ًا ملراجعة الأعمال الفنية التى‬ ‫�أبدعها فنانون ممن در�سوا �أ�صول اخلط العربى‬

‫وتخ�ص�صوا ف��ى �إب��داع��ات �أع �م��ال فنية قوامها‬ ‫ت�شكيالت احل��رف العربى مما يحتويه من ليونة‬ ‫ور��ش��اق��ة مم��ا �سمح ل��ه ب���أن ي�ساهم ف��ى تكوينات‬ ‫اللوحات التى تعتمد على ت�شكيالت من احل��روف‬ ‫العربية التى تتمتع مبوا�صفات خا�صة جتمع بني‬ ‫الر�شاقة والطراوة وبع�ضها ير�سم اجلالل والوقار‬ ‫با�ستقامات دعت الفنان الت�شكيلى لدرا�سة عنا�صر‬ ‫احلرف العربى واال�ستفادة بها فى ت�شكيالت فنية‬ ‫يقاوم بها تيار العوملة الذى يبعدنا عن اال�ستفادة‬ ‫بعنا�صر قوميتنا و�إنتاج املبدعني ال��رواد من مئات‬ ‫ال�سنني‪.‬‬

‫العدد التاسع والعشرون ‪ -‬أغسطس ‪2012‬‬

‫‪v‬‬

‫‪47‬‬


‫فنان بالخارج‬

‫ التشكيل‪ ..‬والحيوية‪ ..‬واإلبداع في لوحات تصل إلى العالمية‪.‬‬‫‪ -‬استلهام التراث يثري اإلبداع المعاصر‪.‬‬

‫أحمد مصطفى فنان مصرى‬

‫يدعو لتبنى الفن اإلسالمى الحديث‬

‫د‪�.‬أح �م��د م�صطفى‪ ..‬ه��ذا الفنان امل�صرى ال��ذى �سلك طريق ًا‬ ‫وعر ًا للو�صول بفنه �إىل امل�ستوى العاملي‪ ..‬تفتح له الأب��واب فى املحافل‬ ‫الدولية‪ ..‬تختار ملكة بريطانيا �إحدى لوحاته لتهديها �إىل دولة باك�ستان‬ ‫فى منا�سبة قومية خا�صة بدولة باك�ستان‪ ..‬ويفتح الفاتيكان بروما قاعة‬ ‫العر�ض للتعريف ب�أعمال هذا الفنان امل�صرى وحتتفل �إيطاليا واجلامعة‬ ‫اجلريجورية بافتتاح معر�ضه‪..‬‬ ‫هذا الفنان الذى احتل مكان ًا هام ًا حتت م�سمى الفن الإ�سالمى‬ ‫احلديث‪ ..‬مل ينل حقه من ال�شهرة والتعرف على ر�سالته و�أعماله فى بلده‬ ‫الأ�صلى م�صر‪ ..‬خرج من م�صر بعد تخرجه من كلية فنون الأ�سكندرية‬ ‫وعاد �إلينا عدة مرات وعلى �صدره اعرتافات عاملية بقيمة الفن امل�صرى‬

‫‪v‬‬

‫‪46‬‬

‫ح�سن عثمان‬

‫فى جمال الفن الإ�سالمى احلديث ال يعرف عنه طالب الفن �إال القليل‪..‬‬ ‫وال يعرف عنه املجتمع امل�صرى �إال �أقل القليل‪..‬‬ ‫وفى هذا املجال حتاول جملة «اخليال» ت�سليط ال�ضوء على كواكب‬ ‫م�صرية ت�ألقت ف��ى جم��ال الفن عاملي ًا بالتعريف بالفنان امل�صرى‬ ‫الدكتور‪�:‬أحمد م�صطفى‪..‬‬ ‫ال ي�صح احلديث عن فن �أحمد م�صطفى دون التعرف على العوامل‬ ‫التى دفعت به �إىل العاملية وخلق من خاللها �إب��داع��ات م�ل�أت قاعات‬ ‫العر�ض وحتدث عنها النقاد وحمبى الفنون الإ�سالمية‪ ..‬كما ا�ستقبلت‬ ‫لوحاته متاحف عاملية منها متحف القدي�س موجنو با�سكتلندا وجمموعة‬ ‫الفن الإ�سالمى املعا�صر باملتحف الربيطانى بلندن ومتحف الأ�شموىل‬


‫على م�سايرة الفن احلديث الوافد �إلينا من �إيطاليا‬ ‫وفرن�سا و�أوروبا ب�شكل عام‪ ..‬ونذكر الفنان الراحل‬ ‫يو�سف �سيدة ال��ذى �أوغ��ل احل��روف العربية �ضمن‬ ‫التكوين فى لوحاته ولكنه ا�ستخدمها فى �شكلها‬ ‫ال�شعبى الذى يعرب عن الفنون امل�صرية ال�شعبية‪.‬‬ ‫وب�ه��ذا ال �أق�ل��ل م��ن جهود املبدعني امل�صريني‬ ‫والعرب فى هذا املجال ولكنى �أحاول الت�أكيد على �أن‬ ‫تناول �أحمد م�صطفى للحروف العربية بعث تعبري ًا‬ ‫جديد ًا هو الفن الإ�سالمى احلديث لأن مو�ضوعاته‬ ‫ولوحاته كلها ت�ستوحى �آي��ات م��ن ال��ذك��ر احلكيم‬ ‫والأحاديث النبوية‪.‬‬ ‫وفى جمال التعرف على جهود املبدعني امل�صريني‬ ‫الذين در�سوا اخلط العربى درا�سة �أكادميية و�أقاموا‬ ‫العديد من املعار�ض و�شاركوا ب�إ�سهامات �أكدت على‬ ‫حر�صهم على �إحياء قيمة اخلط العربى فى لوحات‬ ‫تلتزم بقواعد اخلط الكال�سيكى ف�أجادوا و�أبدعوا‬ ‫ولكنهم مل ي�ب��دع��وا �أف �ك��ار مل��و��ض��وع��ات يعاجلوها‬ ‫باحلروف العربية واكتفى معظمهم بت�سجيل �آيات‬ ‫�أو حكم �أو �أح��ادي��ث ت��ؤك��د حر�صهم على �إح�ي��اء‬ ‫القواعد الأ�سا�سية املوروثة للحروف العربية �سواء‬

‫كان خط ن�سخ �أو رقعة �أو �سل�سل �أو ديواين‪� ..‬أجادوا‬ ‫و�أبدعوا ولكنهم التزموا بدورهم فى �إحياء �أ�ساليب‬ ‫اخلط العربى و�إيقاعاته واجتاهاته‪ ..‬وكانت و�سائل‬ ‫التنفيذ تنح�صر فى �أقالم الب�سط املخ�ص�صة لكتابة‬ ‫احلروف العربية با�ستخدام الأحبار دون الألوان‪..‬‬ ‫فجاءت معظم اللوحات بالأبي�ض والأ�سود و�أحيان ًا‬ ‫اللون الذهبى وك�أنها �شكل على �أر�ضية بي�ضاء دون‬ ‫اتباع �أ�سلوب الت�صوير التعبريى املتعارف عليه‪.‬‬ ‫و�أخري ًا �أدعو حمافظ الإ�سكندرية لإقامة متحف‬ ‫لأعمال الفنان �أحمد م�صطفى الذى حقق العاملية‬ ‫ب�أعماله الفنية وا�ستطاع �أن يثبت �أن الفن الإ�سالمى‬ ‫احلديث يقف �إىل جانب ما در�سناه فى كليات الفنون‬ ‫من الفنون احلديثة التى تقوم على تقاليد الفنون‬ ‫الغربية من ت�أثريية �إىل تكعيبية �إىل احلداثة وما بعد‬ ‫احلداثة‪.‬‬ ‫�أحمد م�صطفى ت�ستقبله املعار�ض اخلارجية‬ ‫برتحيب بالغ ملا حتمله لوحاته من قيمة فنية عالية‬ ‫جديدة ومتجددة وتنفرد بقيم ا�ستوحاها الفنان من‬ ‫الفنون الإ�سالمية فى كل بقاع العامل‪.‬‬ ‫�أت���س��اءل ع��ن جامعة الأزه ��ر �أمل ي�صل �إليها‬

‫�أخبار املعر�ض ال��ذى �أقيم فى �إيطاليا عام ‪1998‬‬ ‫باجلامعة اجلريجورية البابوية بالفاتيكان والذى‬ ‫قال عنه النقاد �أن هذا املعر�ض ال يدعو للفن بو�صفه‬ ‫مو�ضوع ًا للر�ؤية والإعجاب‪ ،‬فهو بالإ�ضافة �إىل ذلك‬ ‫يبعث على الت�أمل الدينى جلمال اهلل وكماله وعظمته‬ ‫وال تناهيه‪.‬‬ ‫�إن �إهمال هذا الفنان تعبري عن جتربة دينية‬ ‫مل�ؤها الإميان والتوازن واالن�سجام‪.‬‬ ‫ه��ل ي�ت�ع��اون حم��اف��ظ الإ��س�ك�ن��دري��ة م��ع جامعة‬ ‫الأزه��ر لتحقيق قيمة فنية حتمى املبدع احلديث‬ ‫الذى يت�سلح بالإميان بالإ�سالم الو�سطي‪.‬‬ ‫�إن �إقامة متحف للفن الإ�سالمى احلديث �أ�صبح‬ ‫�ضرورة لت�أكيد مالمح الفن امل�صرى احلديث‪.‬‬ ‫فى ع��ام ‪� 1997‬أه��دت امللكة �إليزابيث الثانية‬ ‫�إحدى لوحات �أحمد م�صطفى بعنوان «حيث يلتقى‬ ‫البحران» �إىل �شعب باك�ستان مبنا�سبة مرور خم�سني‬ ‫عام ًا على �إن�شاء دولته وكان ذلك تعبري ًا عن تقدير‬ ‫العامل للفن الإ�سالمى احلديث ممث ًال فى �إبداعات‬ ‫الفنان امل�صرى �أحمد م�صطفى‪.‬‬ ‫‪v‬‬

‫العدد التاسع والعشرون ‪ -‬أغسطس ‪2012‬‬

‫‪49‬‬


‫�إن ت�أمل �سرية الدكتور �أحمد م�صطفى الذاتية‬ ‫تدعونا �إىل التيقن ب�أنه فنان منح نف�سه كاملة للفن‪،‬‬ ‫ومل ي�سمح ل�شيء �آخر مهما بلغت درجة �أهميته �أن‬ ‫ي�ؤثر فى هذه ال�صلة رغم قدرته الهائلة على احلركة‬ ‫واالت�صال وجتاوز كل العوائق التى تقابله‪.‬‬ ‫خ�لال ف�ترة الدرا�سة فى اخل��ارج زاد اق�تراب‬ ‫�أحمد م�صطفى من تراث الفن الإ�سالمى وتوقف‬ ‫ع�ن��د حقيقة ه��ام��ة ه��ى �أن ال �ع��رب ه��م �أول من‬ ‫ا�ستخدم اخلط كعن�صر زخرفى ه��ام‪ ،‬فقد حظى‬ ‫اخلط العربى من عناية امل�سلمني جميع ًا بن�صيب‬ ‫وافر‪ ،‬وكان للخطاطني عندهم مركز ممتاز اقرتب‬ ‫من مراكز امللوك والأم ��راء‪ ،‬على �أن ال��ذى �أعطى‬ ‫للخط العربى ه��ذه املكانة املمتازة هو ات�صاله‬ ‫الوثيق بالقر�آن الكرمي فاخلط العربى هو وحدة‬ ‫�أداة كتابة هذا الوحي‪.‬‬ ‫ه��ذا وق��د دف �ع��ت ال�ع�ق�ي��دة بامل�سلمني‬ ‫�إىل تزيني العمائر وامل�صنوعات بالآيات‬ ‫القر�آنية والأح��ادي��ث النبوية مما ك��ان له‬ ‫�أبعد الأث��ر و�أق��واه فى ن�ش�أة اخلط العربى‬ ‫وتطويره حتى و�صل �إىل درجة من اجلمال‬ ‫الفنى يعز �أن جندها فى �أى فرع من فروع‬ ‫الفن الإ�سالمي‪ ،‬كما اعترب اخلط العربى من‬ ‫�أبرز و�أهم �إجنازات الثقافة العربية والإ�سالمية‬ ‫حتى ا�ستحق عن جدارة ب�أنه فن الإ�سالم الأول‪.‬‬ ‫هنا ن�ستطيع �أن ن��ؤك��د على �أن الفنان �أحمد‬ ‫م�صطفى ا�ستطاع من خالل درا�ساته وبحوثه �إتباع‬ ‫منهج علمى ا�ستنتاجى ليثبت حقيقة �أن �أ�شكال‬ ‫احلروف العربية لي�ست جمرد خطوط ا�صطالحية‬ ‫�صماء ال م�ضمون لها و�إمنا هى �أ�شكال حتمل دالالت‬ ‫ومعاين‪ ،‬فا�ستطاع �أن يبدع لغة ب�صرية غنية بف�ضل‬ ‫طريقة مبتكرة ف��ى اجلمع ب�ين مهاراته كم�صور‬ ‫وكخطاط وفق ًا لفن الكتابة العربية وظهر جلي ًا فى‬ ‫اللوحات التى �أبدعها والتى تتميز بالتوافق الب�صرى‬ ‫فى كل �أ�شكال الفن والعمارة الإ�سالمية‪.‬‬ ‫ف��ات�ن��ى �أن �أ��ض�ي��ف �إىل ع��وام��ل جن��اح �أح�م��د‬ ‫م�صطفى هو البحث الذى نال به درجة الدكتوراه‬ ‫من املجل�س القومى الربيطانى بعنوان «الأ�سا�س‬ ‫العلمى لأ�شكال احل��روف العربية» وقد ك�شف هذا‬ ‫البحث النقاب عن ال�شبكة الهند�سية التى يقوم‬ ‫عليها «اخل��ط املن�سوب» ال��ذى و�ضعه ف��ى القرن‬ ‫التا�سع ع�شر الوزير واملهند�س والكاتب «ابن مقلة»‬ ‫وظلت هذه املقايي�س م�ستخدمة حتى يومنا هذا وقد‬ ‫‪v‬‬

‫‪48‬‬

‫مر عليها �أكرث من �ألف عام‪.‬‬ ‫نعود �إىل �سرية الفنان �أحمد م�صطفى عند‬ ‫تخرجه من كلية الفنون بالإ�سكندرية حتى حقق‬ ‫العاملية بني �أقرانه من الفنانني امل�صريني والعرب‬ ‫بل و�أقرانه من فنانى ال�شرق والغرب‪.‬‬ ‫مل يتوقف يوم ًا عن الإبداع والإنتاج والبحث عن‬ ‫و�سائل تنفيذ �أفكاره �سواء فى لوحات فنية �أو جم�سمات‬ ‫تعرب عن �أفكار م�ستلهمة من ال�ق��ر�آن والأح��ادي��ث‬ ‫النبوية �إىل ج��ان��ب تطلعه ال��دائ��م �إىل م�سايرة‬ ‫التيارات العاملية دون التخلى عن مقومات الفن‬

‫ال � � � � � � � ��ذى مت� �ي���ز‬ ‫الإ� �س�لام��ى‬ ‫بالر�شاقة والطراوة ور�سم اجلالل والوقار‪.‬‬ ‫�أدرك الفنان �أحمد م�صطفى �أن الفن الإ�سالمى‬ ‫قام على �أ�س�س من الفنون التى كانت �سائدة فى‬ ‫البالد التى انت�شر فيها الإ��س�لام والتى �أ�صبحت‬ ‫جزء من الدولة الإ�سالمية وهى الفن ال�سا�سانى‬ ‫والبيزنطى والرومانى والفن الهندى والفن ال�صينى‬ ‫و�أ�سيا ال�صغرى‪.‬‬ ‫على �أن الفن الإ�سالمى مل ي�أخذ كل ما �صادفه‬ ‫فى فنون احل�ضارات من مو�ضوعات وعنا�صر بل‬ ‫وقف منها موقف الفاح�ص الناقد‪ ،‬وقد ا�ستغرقت‬ ‫هذه العملية من جمع وا�ستبعاد ومزج ثالثة قرون‬ ‫تقريب ًا �أ�صبح للفن الإ��س�لام��ى بعدها مميزاته‬ ‫اخلا�صة التى ال تكاد تخطئها العني‪.‬‬ ‫�أدرك الفنان �أحمد م�صطفى �أن الفنان امل�سلم‬ ‫و�صل �إىل امل�ستوى الكبري عن طريق تق�سيم وحتليل‬

‫تلك الأ�شكال فتارة نراها مت�شابكة و�أخرى متوا�صلة‬ ‫و�أحيان ًا متالحقة و�أخرى متباعدة وهذا ما نالحظه‬ ‫فى �إبداعات الفنان �أحمد م�صطفى‪ ،‬فاحلروف فى‬ ‫لوحاته متثل نغمات مو�سيقية فاحلروف املرتا�صة‬ ‫لها داللتها وتعبريها ع��ن فكر الفنان واحل��روف‬ ‫املت�شابكة واملتكررة توحى بحركة املوج فى حميط‬ ‫وا�سع‪ ..‬حتى النقطة متثل تعبري ًا �أو �إيقاع ًا ي�سعى‬ ‫�إليه الفنان لإثراء التكوين وال�شكل‪..‬‬ ‫لقد بعثت �إبداعات �أحمد م�صطفى الثقة فى‬ ‫الفن الإ��س�لام��ى احل��دي��ث فهو مل يدخل الأ�شكال‬ ‫والعنا�صر مبا�شرة ولكنه حورها حت��وي��ر ًا خا�ص ًا‬ ‫يلتزم مبا �أملته عليه عقيدته‪ ،‬كما نفر من الفراغ‬ ‫وكره �أن يرى م�سطح ًا عاط ًال من متوجات احلروف‬ ‫وت�شابكها �أو تنافرها �أو تكرارها دون �أن يقف‬ ‫عند حدوده بحيث ال متله العني فالت�شابك‬ ‫له داللة تخدم الفكرة والتوازى والتكرار‬ ‫يعرب عن عنا�صر بناء فى اللوحة‪..‬‬ ‫بقى �أن ن��ذك��ر �أن الر�سالة التى‬ ‫حققها الفنان �أح�م��د م�صطفى تقف‬ ‫متفردة بخ�صو�صيتها الإ�سالمية ومل‬ ‫تكن على ال�صعيد املحلى جز ًء من اجتاه‬ ‫احلروفية العربية لأن هذا امل�صطلح �أطلق‬ ‫على �أعمال فنية قامت على مبادئ الفنون‬ ‫الغربية احلديثة‪..‬‬ ‫على �سبيل املثال ال احل�صر‪ ..‬ا�ستخدم الفنان‬ ‫امل�صرى حامد عبداهلل احلروف العربية فى لوحاته‬ ‫تعبري ًا ع��ن احلنني لوطنه الأم بعدما هاجر �إىل‬ ‫فرن�سا‪ ..‬وكما قال الناقد الراحل حممود بق�شي�ش‬ ‫عن حامد عبداهلل �أن احل��رف العربى عنده ميثل‬ ‫وطن ًا‪..‬‬ ‫وفى لوحات �صالح طاهر الأخ�يرة قبل رحيله‬ ‫�أقام معر�ض ًا لأعماله و�إجنازاته با�ستخدام احلروف‬ ‫العربية وك��ان ه��ذا املعر�ض متوجه ًا �إىل قاعات‬ ‫العر�ض بال�سعودية‪ ،‬و�ضع �صالح طاهر فى هذا‬ ‫املعر�ض �إمكاناته الفنية فى التكوين واللون والقيم‬ ‫الفنية ف��ى �إط��ار م�ب��ادئ الفن الغربية م��ن ناحية‬ ‫الأ�سلوب والتقنيات‪ ..‬وق��دم الفنان فتحى جودة‬ ‫�إ�سهاماته فى لوحات اخلط العربى فى �إطار حروف‬ ‫الطباعة امليكانيكية ومل يهتم بتاريخ الكتابة العربية‬ ‫ومقوماتها من ر�شاقة وطراوة ونغم‪ ،‬وال ي�سع املجال‬ ‫لذكر العديد من الأ�سماء امل�صرية التى �أبدعت فى‬ ‫هذا املجال رغم �أن الركائز الأ�سا�سية كانت تقوم‬


‫معزول‪ ،‬هى �آثار تدّعى احلياة بالرغم من ت�آكلها‪،‬‬ ‫و تزينها بطريقة ا�ستفزازية هل هى عالمات؟ �إن‬ ‫العامل الذى يقدمه الفنان يحيلنا اىل �شئ م�صرى‬ ‫�صميم‪� .‬أن الطابع العبثى ي�سيطر على امل�شهد‪ ،‬نرى‬ ‫�إنكار احلرية و �صرحية املخدر و الغياب الإن�سانى‪،‬‬ ‫هذه املعانى املبا�شرة و التى نواجهها ب�إ�ستمرار فى‬ ‫�أثناء ر�ؤيتنا لأعمال الفنان و التى ي�ؤكدها من عمل‬ ‫�إىل عمل‪ ،‬من لغة ت�شكيلية عالية‪ ،‬بنائية يلعب فيها‬ ‫التباين اللونى دورا رئي�سيا فى ت�شكيل الهيئات و‬ ‫العنا�صر و عالقاتها املكانية و �إن�شائية �سطوحه‪،‬‬ ‫مع ت�أ�سي�س �إيقاع بنائى وا�ضح لإنتقاالت ال�سطوح‬ ‫و حركتها و اجتاهاتها مما يك�سب ال�سطح حركة و‬

‫طاقة فى كل جزء منه‪� .‬إن البناء الرمزى عند الفنان‬ ‫ي�أخذ من العباءة ال�سريالية ثوبا له �أو هكذا يبدو‬ ‫لأنه فى احلقيقة �أق��رب كثريا �إىل العامل الغرائبى‬ ‫عند هريونيمو�س بو�ش فى القرن اخلام�س ع�شر و‬ ‫هو عامل مناق�ض لل�سريالية لأن��ه مبنى على الفكر‬ ‫و الوعى فى �صلته بالواقع‪� ،‬أن هذا العامل الغرائبى‬ ‫يقدم رمزا كامال كانعكا�س لر�ؤيته الفكرية ملجتمع‬ ‫عا�ش فيه و قبل تناق�ضاته‪� .‬إن ما قدمه الفنان عطية‬ ‫ح�سني فى احلركة الت�شكيلية امل�صرية املعا�صرة هو‬ ‫جوهر ثمني قادر على التوا�صل عرب الأجيال‪.‬‬ ‫طبقا جلان موكارف�سكى العامل اللغوى و املفكر‬ ‫اجلماىل و �أحد الذين �أر�سوا الدرا�سة ال�سيميوطيقية‬

‫للفن “�إن العالمة طبقا للتعريف ال�شائع هى حقيقة‬ ‫حم�سو�سة ترتبط بحقيقة �أخرى يفرت�ض �أن توحى‬ ‫بها؟ لذا علينا �أن نطرح ال�س�ؤال‪ :‬ما هى احلقيقة‬ ‫التى يقوم الفن مقامها؟ �إن�ن��ا ن�ستطيع �أن نقرر‬ ‫�أن الفن هو عالمة م�ستقلة ت�ستخدم و�سيطا بني‬ ‫�أف��راد اجلماعة و لكن �أي��ن احلقيقة الأخ��رى التى‬ ‫ي�شري �إليها؟ �إنها ال�سياق الكلى ملا ي�سمى بالظواهر‬ ‫الإجتماعية و هذا هو ال�سبب الذى يجعل الفن �أكرث‬ ‫قدرة على متييز ع�صر بعينه” و بدون فهم الطابع‬ ‫ال�سيميوطيقى و الرمزى للفن لن ن�ستطيع �أن نح�صل‬ ‫على قراءة حقيقية لر�ؤية و �أ�سلوب فنان كبري مثل‬ ‫عطية ح�سني‪.‬‬

‫العدد التاسع والعشرون ‪ -‬أغسطس ‪2012‬‬

‫‪v‬‬

‫‪51‬‬


‫من األسكندرية‬ ‫‪v‬‬

‫قراءة فى أعمال الفنان الكبير‬ ‫د‪ .‬عطية حسين‬

‫رحل الفنان د‪ .‬عطية ح�سني عن عاملنا فى دي�سمرب املا�ضى ‪ ،2010‬و‬ ‫لأننا كنا زمالء لأكرث من خم�سني عاما فى الدرا�سة و فى العمل وخالل‬ ‫البعثة و طوال �سنوات من العمل العام فى حقل التعليم الأكادميى‪ .‬و هذه‬ ‫حماولة لإلقاء ال�ضوء على �أعمال الفنان عطية ح�سني‪.‬‬ ‫تخرج عطية ح�سني فى ‪ 1963‬تخ�ص�ص طباعة فنية من فنون جميلة‬ ‫ا�سكندرية‪ ،‬و فى �سنوات ما بعد التخرج كانت �أعماله كلها فى الو�سيط‬ ‫الطباعى الغائر‪ ،‬و كان مت�أثرا ب�إجتاهات �ستانلى هايرت التجريبية فى هذا‬ ‫املجال و الذى كان ت�أثريه اليزال كبريا فى االجتاهات احلديثة فى الفن فى‬ ‫ذلك الوقت فى �أوروبا (باري�س �ستوديو ‪ )17‬ثم فى �أمريكا‪ ،‬و‪ ‬فى هذه الفرتة‬ ‫‪� 1973 – 1963‬أجنز الفنان عددا من الأعمال الطباعية عالية امل�ستوى و‬ ‫التى تعترب �إ�ضافة حقيقية فى الطباعة الفنية فى م�صر فى ذلك الوقت‪،‬‬ ‫�سواء فى تكوين ال�صورة و ثراء مفردات ال�شكل �أو فى حرية التعبري اللونى‬ ‫‪50‬‬

‫د‪� .‬صربى حجازى‬

‫اجلديد فى هذا الو�سيط‪ .‬و منذ بداية ال�سبعينات فى القرن املا�ضى �أ�صبح‬ ‫الت�صوير هو الو�سيط املف�ضل لدى عطية ح�سني‪ ،‬و ا�ستطاع �أن يقدم ر�ؤية‬ ‫�أ�صيلة تتميز برمزية عميقة من�سوجة من واقع اجتماعى و تاريخى‪ ،‬عاين‬ ‫الفنان جغرافيته و �أزمنته‪ ،‬وكان التزام عطيه ح�سني التزاما كليا بق�ضايا‬ ‫جمتمعه و تاريخه متيقنا ب��أن قيمة الفن تتمحور حول ذلك الإل�ت��زام‪ .‬و‬ ‫م�بررات ذلك وا�ضحة حيث كان عطية ح�سني يعي�ش فى عمق احلياة فى‬ ‫املناطق ال�شعبية مت�صال و متوا�صال مع الكادحني و الفقراء‪ ،‬بالرغم من �أنه‬ ‫فى اجلانب الآخر كان يتعاي�ش مع نوع �آخر �سواء فى امل�ستوى االقت�صادى �أو‬ ‫الثقافى ‪ .‬قدم الفنان عاملا له �أبعاد مكانية وا�ضحة نعرفها جميعا‪ ،‬فهناك‬ ‫ال�صحراء ذات الأفق املمتد و التى يعربها النهر ب�شكل �أفقى م�ستمر‪ ،‬و قد‬ ‫يكون البحر فى اخللف �أو فى مقدمة ال�صورة و فى هذا املكان ال�صحراوى‬ ‫تقف هيئات قدمية فاقدة للحياة �أو تكاد فى ع��امل غرائبى و �صامت و‬


‫وعلى �أية حال‪ ،‬فلهذا جمال �آخر ل�شرح‬ ‫وحتليل هذا التحول التاريخى اخلطري فى‬ ‫م�سرية الفن والفنانني‪.‬‬ ‫جماعة اخلروج �إىل الطبيعة‪:‬‬ ‫ما �أروع ق�ص�ص الفن بني ثنايا �أحداث‬ ‫التاريخ والتحوالت الأيديولوجية وال�سيا�سية‬ ‫واالجتماعية عرب م�سرية الفكر الإن�سانى‬ ‫وتعاقب الأجيال‪.‬‬ ‫وما دمنا نحن ب�صدد احلديث عن الفن‬ ‫الأوربى فمن املعروف �أن فرن�سا تربعت على‬ ‫عر�ش التحديث واملجاالت الفنية واملدار�س‬ ‫الإبداعية عامة والت�شكيلية بخا�صة منذ‬ ‫�أوائل القرن الثامن ع�شر وحتى منت�صف‬ ‫القرن الع�شرين ‪ ..‬و�شهد القرن التا�سع ع�شر‬ ‫�أعظم هذه التحوالت الفنية �أثناء حركات‬ ‫القمع التى �سادت فرن�سا خالل حكم �شارل‬ ‫العا�شر (‪ ،)1830 1824-‬ولوي�س‬ ‫فيليب من بعده (‪،)1848 1830-‬‬ ‫وفى هذه الأثناء انت�شرت �آراء جان جاك‬ ‫رو�سو التى نادت بالرجوع �إىل الطبيعية‬ ‫والفطرة ‪ ...‬والتمرد على املوروثات فى‬ ‫مرا�سم الفنون داخل احلجرات املغلقة‬ ‫بدعوى “عدم تلوث الفن بالواقع الطبيعي”‬ ‫من وجهة نظر الكال�سيكيني مما كان له‬ ‫عظيم الأثر فى �إ�شعال الروح الثورية �ضد‬ ‫الطابع الكال�سيكى املحافظ‪ ،‬ومنهج �أ�ساتذة‬ ‫الأكادميية الفرن�سية الذين يرون االلتزام‬ ‫باجلمال املثاىل الإغريقى ‪ ..‬وتعالوا فى‬ ‫تطرفهم وفر�ضوا قيود ًا �صارمة على الفنانني‬ ‫بحرمانهم حتى من جمرد االعرتاف‬ ‫مبوهبتهم ومتادوا بال�سوقية والفو�ضوية‪.‬‬ ‫وهنا – ومنذ ‪ 1830‬هجرت جمموعات‬ ‫من الفنانني الباحثني عن احلرية وت�أمل‬ ‫�أ�سرار الكون من حولهم وجماليات الطبيعة‬ ‫فيما بني الأر�ض وال�سماء‪ ..‬هجرت �إىل قرية‬ ‫�صغرية تدعى “باربيزون” تبعد عن العا�صمة‬ ‫بنحو ‪ 48‬كيلو مرتا �شما ًال على حدود‬ ‫غابة “فونتني بلو” وا�ستمرت هذه الهجرة‬ ‫جلماعة “ اخلروج �إىل الطبيعة” ل�سنوات‬ ‫(‪ ،)1875 – 1830‬وكونوا جماعتهم‬ ‫التى ُعرفت فى التاريخ با�سم ( مدر�سة‬ ‫باربيزون)‪ ،‬و�سادت مدر�ستهم وا�ستعانت‬

‫بنظريات حتليل �ضوء ال�شم�س و�ألوان الطيف‬ ‫التى ظهرت �آنذاك‪ ...‬وعلى �أ�سا�سها العلمى‬ ‫انت�شرت املدر�سة الت�أثريية‪ ...‬وهنا ن�أتى �إىل‬ ‫�أحد روادها الأفذاذ بيري �أوج�ست رينوار‬ ‫�أعمال رينوار ‪ ..‬قبعة للعني وبهجة للحياة‬ ‫كان ال بد لنا فى هذه العجالة �أن نحيط‬ ‫علما مبدر�سة باربيزون قبل �أن ننطلق �إىل‬ ‫الطبيعة‪ ،‬فعندما تغريت الأحوال النتهاء حكم‬ ‫امللك لوي�س فيليب لتحل حمله اجلمهورية‪،‬‬ ‫�شجعت الدولة « الفن الواقعي» ومل ترف�ض‬ ‫�أعمال فنانى الطبيعة فى « �صالو نباري�س»‬ ‫ال�سنوي‪ ،‬حيث كان العر�ض بال�صالون هو‬ ‫وثيقة الإعرتاف بالفنان من وجهة نظر‬ ‫الأ�ساتذة الأكادمييني �آنذاك ‪ ..‬وتطور فن‬ ‫املناظر الطبيعية �إىل مدر�سة مت�ألقة هى‬ ‫املدر�سة الت�أثريية ‪ ..‬ذات الألوان والإبهارات‬ ‫الب�صرية الرائعة‪ « ،‬والت�أثريية» لي�ست جمرد‬ ‫مدر�سة فنية �ضمن الع�شرات من النزعات‬ ‫الإبداعية املتتالية‪ ،‬ولكنها ق�صة �صمود‬ ‫وكفاح ومعاناة‪ ،‬وحتى بعد �إقامة املعر�ض‬ ‫الت�أثريى الأول فى �شهر �إبريل من عام‬ ‫‪ 1874‬بباري�س‪ ،‬مل ينل ه�ؤالء الفنانون من‬ ‫جمتمعهم �إال اال�ستهزاء بهم وو�صف النقاد‬ ‫لأعمالهم بالإ�سفاف والتهريج و�أطلقوا عليها‬ ‫فى مطبوعاتهم �صفة “ الفن املنحط”!‬ ‫و�ساعدت فى هذه الهجمة ال�شر�سة حتالفات‬ ‫�سيا�سية كونت حزبا �سمته “حزب النظام”‬ ‫كان يقف باملر�صاد �ضد �أى حركة حتررية‬ ‫تناق�ض التقاليد املتوارثة ‪ ..‬وقد وجدت فى‬ ‫الت�أثريية وفنانيها مترد ًا وثورة تدعو �إىل‬ ‫التحرر من كال�سيكيات الفكر امللتزم بوقاره‬ ‫ومثاليته‪.‬‬ ‫ومل ي�أبه فنانوا الت�أثريية بهذه الروح‬ ‫العدائية ‪ ..‬فلم يتوقفوا عن �إقامة معار�ضهم‬ ‫املتتالية ‪ ..‬حتى �أن�شقت الغمامة رويد ًا رويد ًا‬ ‫وبالتاىل �أقبل اجلمهور على هذه املعار�ض‬ ‫‪ ..‬وحل الت�أمل واال�ستح�سان وتذوق اجلمال‬ ‫واال�ستمتاع بجمال الطبيعة حمل اال�ستهجان‬ ‫واال�ستنكار ‪ ..‬حتى �شهد عام ‪� 1886‬آخر‬ ‫معار�ض ه�ؤالء الرواد‪ ،‬وكان املعر�ض الثامن‬ ‫فى ترتيب معار�ضهم التى تتغنى بنور ال�سماء‬ ‫وجماليات الطبيعة ون�ضارة الألوان‪.‬‬ ‫‪v‬‬

‫العدد التاسع والعشرون ‪ -‬أغسطس ‪2012‬‬

‫‪53‬‬


‫فن عالمى‬

‫مهرجان النـور وبهـجة الحيـاة‬ ‫‪v‬‬

‫‪52‬‬

‫ريـنــــوار‬ ‫كانت عبقريته تكمن فى اجلماليات الب�صرية التى ي�ضفيها على‬ ‫لوحاته لتت�ألق �صور ًا ح�سية و�ضاءة تزخر باحلياة دون �إفراط فى‬ ‫الرومان�سية الأدبية �أو جفاف الواقعية‪.‬‬ ‫املر�أة فى �إبداعاته كيان مبهج �سار كالثمار اليافعة �أو الزهور‬ ‫املتفتحة تبعث فى النف�س �إلهامات وجدانية �سامية ولذلك قال عنه‬ ‫امل�ؤرخون ‪� :‬أنه �أروع من تغنى بجمال املر�أة دون �أن يهوى بها �إىل‬ ‫الإثارة والإبتذال‪.‬‬ ‫كان ي�ؤمن ب�أن الفن ممار�سة‬ ‫بارعة و�صياغة مفعمة بالإنفعال‬ ‫جيا�شة بالعاطفة زاخرة‬ ‫بالبهجة واجلمال ولي�ست جما ًال‬ ‫للفل�سفات والتعقيدات والنظريات‬ ‫امليتافيزيقية �أو الرموز الكامنة‬ ‫امل�سترتة!‬ ‫هذا هو فناننا اخلالد بيري �أوج�ست‬ ‫رينوار !‬ ‫وغالب ًا ما يقرتن ا�سم رينوار‬ ‫باملدر�سة الت�أثريية ‪ ...‬مدر�سة‬ ‫ال�ضوء والنور والألوان القزحية ‪..‬‬ ‫فيما يعرف فى مراحل املدار�س‬ ‫الإبداعية املتتالية ‪ ..‬بثورة‬ ‫الت�أثريية التى كان لها الف�ضل فى‬ ‫ال ُبعد �شيئ ًا ف�شيئ ًا عن املو�ضوعية‬ ‫الطبيعية و منظرية املحاكاة ‪..‬‬ ‫وكانت هذه التحوالت بداية لفنون‬ ‫القرن الع�شرين التى و�ضعت كل‬ ‫اهتماماتها فى املعاجلات ال�شكلية‬ ‫وال ُبعد عن املو�ضوع “‪”opject‬‬ ‫�شيئ ًا ف�شيئ ًا حتى �أطلق عليها‬ ‫بعد ذلك فى املدر�سة التجريدية‬ ‫“‪”non opjective art‬‬ ‫�أى الفن الالمو�ضوعى ‪ ...‬ولكن‬ ‫الت�أثريية �شيئ �آخر ‪ ..‬هو الرتكيز‬ ‫على الألوان الأ�سا�سية والت�ضاد‬

‫جمال قطب‬

‫واللم�سات املتجاورة ب�ألوان الطيف عو�ض ًا عن اخلطوط والتج�سيد‬ ‫بالألوان الرمادية كما كان احلال قبل منت�صف القرن التا�سع ع�شر‬ ‫و�أي�ض ًا كان لظهور الت�صوير الفوتغرافى وتطوره فى الن�صف الثانى‬ ‫من ذلك القرن �أثره فى هذا التحول التقنى على ح�ساب “ املو�ضوع”‬ ‫الذى هو من خا�صية �آلة الت�صوير امليكانيكى حتى �شاع �آنذاك القول‬ ‫‪ :‬ب�أن امليكانيكيني انت�صروا على الفنانني !!‬


‫ديران كان �أول خرباء الفن املرموقيني من الذين‬ ‫�أعجبوا ب�أعماله �أكرث من زمالئه ‪..‬ويرجع ال�سبب‬ ‫فى ذلك لأن اجلماعة الهائمة بحب الطبيعة والنور‬ ‫وال�شم�س واحلياة قد تفرغت اهتمامات �أفرادها �إىل‬ ‫عنا�صر خمتلفة ‪ ..‬فمنهم من تخ�ص�ص فى ر�سم‬ ‫املناظر الطبيعية‪ ،‬ومنهم من �أحب حياة الليل‪ ،‬كما‬ ‫�أهتم رينوار ب�صفة خا�صة باجل�سم الب�شرى وفن‬ ‫ال�صور ال�شخ�صية �أو البورتريه ‪ portrait‬وكان‬ ‫ر�أى ديران‪� :‬أن التعبريعن ال�شكل الإن�سانى وهو‬ ‫حمور فن رينوار‪� ،‬أ�صعب كثري ًا من ر�سم املناظر‬ ‫الطبيعية‪ ،‬كما �أنه ميدان للتعبري عن كل امل�ضامني‬ ‫املعنوية‪ ،‬ولذلك توطدت العالقة بينهما مما �شجع‬ ‫فناننا على املزيد من العمل والبحث والإبداع‪ ،‬وقام‬ ‫ديران مبهمة الدعاية له وترويج لوحاته ب�أثمان‬ ‫مرتفعة‪.‬‬ ‫وعرف عنه �أنه يندمج فى ر�سم‬ ‫و�سطع جنم رينوار‪ُ ،‬‬ ‫الأ�شخا�ص بعني ُمفعمة باجلمال وقلب ناب�ض باحلب‪،‬‬ ‫و�صار مر�سمه فى حى مومنارتر ‪Monmarter‬‬ ‫بالعا�صمة الفرن�سية ِقبل ًة لفنانات املجتمع ورجاالت‬ ‫باري�س وهواة الفن من الوجهاء والأثرياء واملفكرين‬ ‫و�أ�صبح هذا الفن الريفى الذى ولد فى (ليموج)‬ ‫وفيها عمل �صبي ًا فى العديد من الأعمال ال�صغرية‪،‬‬ ‫ور�ساما فى �أحد م�صانع الأوانى اخلزفية يزخرفها‬ ‫بالزهور وال�صور التاريخية ووجه مارى انطوانيت ‪..‬‬ ‫�إذا به يقفز و�سط دائرة ال�ضوء وال�شهرة فى باري�س‬ ‫وي�صبح من �أكرث فنانيها العظام ثرا ًء وانت�شارا‪.‬‬ ‫وكان للغته الت�شكيلية كما �أ�سلفنا حموران �أ�سا�سيان‬ ‫هما ‪ :‬الطفولة واملر�أة ولكن ال�صور ال�شخ�صية عند‬ ‫رينوار مل تكن جمرد تكليف وعمل يقوم به لإر�ضاء‬ ‫�صاحبه‪ ،‬و�إمنا كانت و�سيلة للتعبري عن بهجة احلياة‬ ‫من خالل �إ�شراقة الطفولة وبراءتها وو�ضاءة املر�أة‬ ‫و�إيحاءاتها املمتعة‪.‬‬ ‫كان الت�أثرييون فى تلك الفرتة ( الثلث الأخري من‬ ‫القرن التا�سع ع�شر) قد تفرقوا جماعات بعد �أن‬ ‫جنحوا فى ن�شر احلقائق الت�شكيلية اجلديدة وجاء‬ ‫�أوان اال�ستقالل الذاتى ‪ ..‬ك ٌل يريد �أن ي�ستقل بفل�سفته‬ ‫اخلا�صة و�أ�سلوبه املميز‪ ،‬وكان هناك اجتاهان‪،‬‬ ‫�أولها ‪ :‬التعبري بال�صورة‬ ‫وثانيها ‪ :‬التعبري بالرمز‬ ‫�أو مبعنى �آخر ‪ :‬اجتاه الر�ؤية الواقعية – واجتاه‬ ‫معاي�شة الفكر واحللم والإميان‪ ،‬وكان البد �أن تتطور‬ ‫“ الت�أثريية” متفرع ًة �إىل هذه الفل�سفات التقدمية‪،‬‬ ‫‪v‬‬

‫العدد التاسع والعشرون ‪ -‬أغسطس ‪2012‬‬

‫‪55‬‬


‫ومن ال�صعب �أن نف�صل بني فناننا رينوار و�صديقه‬ ‫مونيه ‪ Monet‬فى زعامة الت�أثريية ‪ ..‬ومن ال�شائع‬ ‫�أن ين�سب الف�ضل فى ا�ستخدام الألوان القزحية �إىل‬ ‫رينوار‪ ،‬اال �أنه بجانب عبقريته فى ر�سم جماليات‬ ‫الطبيعة كان ولوع ًا دائم ًا بر�سم الأ�شخا�ص‪ ،‬متخذ ًا‬ ‫من املر�أة والطفولة مناذجه و�إلهاماته املف�ضلة‪،‬‬ ‫ومل تكن ال�صورة ال�شخ�صية عند رينوار جمرد‬ ‫عمل ُطلب منه �إجنازه‪ ،‬ولكنها كانت و�سيلة ممتعة‬ ‫للتعبري عن بهجة احلياة‪ ،‬وقد ُعرف عن رينوار ر�أيه‬ ‫الذى طاملا نادى به و�سط زمالئه وتالمذته وهو �أن‬ ‫ال�صورة يجب �أن تخرج �إىل خري الوجود وهى تبعث‬ ‫اجلمال وال�سرور فى ب�صر وب�صرية من ي�شاهدها‪،‬‬ ‫كما كان هو �شخ�صي ًا ي�ستمتع بلوحاته ‪ ..‬وهى غزيرة‬ ‫متدفقة بديناميكية وحيوية م�شحونة بعاطفة متقدة‪،‬‬ ‫ولنا �أن نت�صور هذا الكم الهائل من �أعماله وقد‬ ‫بلغت خم�سة �آالف لوحة متثل كنزا من �أثمن كنوز‬ ‫املواهب الب�شرية عرب قرون التاريخ احلديث‪.‬‬ ‫ولنبد�أ مع م�سريته ومقومات عبقريته‬ ‫هذا ما حدث فى الن�صف الثانى من القرن املا�ضى‬ ‫�إيذانا بانطالقة احلركات التحررية فى الفن‬ ‫احلديث‪:‬‬ ‫التقت جمموعة رائعة من ال�شباب الفرن�سى حول‬ ‫حب الطبيعة وا�ستهوتهم احلياة على �شواطئ البحار‬ ‫والغابات املحيطة بباري�س‪ ،‬وكان خروج النا�س �إىل‬ ‫هذه احلياة الرحبة ظاهرة جديدة من ظواهر‬ ‫الع�صر �آنذاك مثل جماعة باربيزون كما �أ�سلفنا‬ ‫وكان على ر�أ�س هذه املجموعة املتحررة فناننا «‬ ‫رينوار»‬ ‫َقدم رينوار �إىل باري�س من قريته (موج) ليدر�س فن‬ ‫الر�سم فى �إحدى الأكادمييات املتخ�ص�صة ‪..‬و�أتيح‬ ‫له التعرف على زمالئه من الفنانني ال�شباب من‬ ‫�أمثال ‪ /‬مانيه ‪ /‬ومونيه ‪ /‬وبياردو بازيل ‪ /‬و�سيزىل‬ ‫‪ .. /‬وغريهم من الذين ُخلدت �أعمالهم بعد ذلك‬ ‫فى تاريخ الفن احلديث‪ ،‬كرواد للمدر�سة الت�أثريية‬ ‫وما بعدها‪.‬‬ ‫وعلى مقاهى باري�س ال�شهرية على �ضفاف نهر‬ ‫ال�سني‪ ،‬كان هذا اجلمع الرائع من الفنانني‬ ‫و�أ�صدقائهم ال�شعراء والكتاب واملفكرين‪ ،‬يلتقون كل‬ ‫ليلة ملتفني حول رينوار‪ ،‬يتناق�شون فى ق�ضايا احلرية‬ ‫والتطلعات امل�ستقبلية‪ ،‬وتعرف رينوار فى مقهى‬ ‫(�أثينا اجلديدة) على (ديران) تاجر التحف ال�شهري‬ ‫بباري�س‪ ،‬ف�أعترب لقاءه به حدث ًا هاما فى حياته لأن‬ ‫‪v‬‬

‫‪54‬‬


‫‪v‬‬

‫العدد التاسع والعشرون ‪ -‬أغسطس ‪2012‬‬

‫‪57‬‬


‫�إثراءً للفن ذاته‪.‬‬ ‫لقد كان رينوار �شديد الإجاب بالإغريق �إذ جعلوا‬ ‫الأر�ض هى الفردو�س و�أنزلوا �إليها �آلهتهم‪ ،‬ومن �أجل‬ ‫هذا �أراد �أن يعيد �إىل الأر�ض فردو�سها فى لوحاته‬ ‫من خالل ر�سم الزهور وب�سمات الأطفال‪ ،‬ومن‬ ‫خالل ن�سائه الالئى تنب�ض �أج�سامهن باخل�صوبة‬ ‫وح�سن احلياة دون �أن تهوى �إىل االبتزال‪ ،‬ولعل ذلك‬ ‫يف�سر �أ�سباب الإقبال على �أقتناء لوحاته و�إرتفاع‬ ‫�أثمانها فعندما �أقام �صديقه ديران معر�ض ًا لأعماله‬ ‫�سنة ‪ ،1886‬لقيت رواج ًا مذه ًال‪ ،‬وانتقل الكثري‬ ‫منها �إىل املتاحف الأوروبية والأمريكية‪ ،‬وفى �سنة‬ ‫‪ 1904‬خ�ص�صت قاعة كاملة فى �صالون باري�س‬ ‫ال�شهري لأعمال رينوار ‪ ..‬واقتنى متحف اللوفر بع�ض ًا‬ ‫منها‪ ،‬وقلما حظى فنان مثله بهذا التقدير فى حياته‪.‬‬ ‫وعندما تقدم به العمر‪ ،‬وقع له حادث خطري؛ فقد‬ ‫‪v‬‬

‫‪56‬‬

‫�سقط بدراجته فى يوم مطري‪ ،‬ووقع على بع�ض‬ ‫الأحجار فى الطريق‪ ،‬فك�سرت ذراعه اليمنىوو�ضعت‬ ‫فى اجلب�س لفرتة طويلة ون�صحه طبيبه ب�أال ُيجهد‬ ‫نف�سه بعد ذلك فكان ير�سم بيده الي�سرى ‪ ..‬وظل‬ ‫كذلك حتى تع ّود�أن ير�سم بي�سراه ‪ ..‬ومنذ ذلك‬ ‫احلني بد�أت ق�صة �صراعه مع املر�ض ‪..‬ف�أ�صيب‬ ‫بالروماتيزم ومل ي�ستطع �أن يحرك يده اليمنى بعد‬ ‫ذلك فباع فج�أة كل ما ميلك من حتف ومقتنيات‬ ‫حتى تعي�ش �أ�سرته فى م�ستوى كرمي بعد �أن عجز عن‬ ‫ر�سم لوحاته التى و�صلت �أثمانها �آنذاك �إىل �أرقام‬ ‫عالية مل تعرفها باري�س من قبل‪.‬‬ ‫وفى �أواخر �أيامه كان ير�سم والفر�شاة مربوطة بيده‬ ‫‪ ..‬ال ل�شئ �إال لأنه اعتقد اعتقاد ًا را�سخ ًا �أن حياته‬ ‫مرهونة مبمار�سته لفن الر�سم حتى ولو كان فى‬ ‫�ساعاته الأخرية ‪..‬‬

‫وفى ليلة من لياىل �شتاء عام ‪ – 1919‬وكان قد‬ ‫بلغ الثامنة وال�سبعني – طلب وهو طريح الفرا�ش‬ ‫�صندوق الألوان وفر�ش الر�سم‪ ،‬ون�سى �آالمه لبع�ض‬ ‫�ساعات و�أخذ ير�سم لوحة بها جمموعة من الزهور‪،‬‬ ‫وملا وهنت قواه ومل ي�ستطع حتريك الفر�شاة على‬ ‫�سطح اللوحة ‪� ..‬أطال الت�أمل فيما ر�سم وقال قولته‬ ‫ال�شهرية‪:‬‬ ‫الآن �أعتقد �أننى بد�أت �أن �أفهم �شيئا عن فن الر�سم‪،‬‬ ‫وكانت هذه �آخر كلماته !!‬ ‫ثم لفظ �آخر �أنفا�سه بعد ذلك بلحظات‬ ‫ولنا �أن نت ّمثل فى خاطرنا جميعا عظمة هذا الفنان‬ ‫اخلالد «بيري �أوج�ست رينوار»‪ ،‬عندما يختتم حياته‬ ‫احلافلة بروائع الفن العاملى الرفيع بقوله وهو‬ ‫يحت�ضر ‪� :‬إنه بد�أ يتعلم �شيئ ًا ف�شيئ ًا عن فن الر�سم‪.‬‬ ‫�إنها عبقرية التوا�ضع ‪� ..‬أو توا�ضع العبقرية‬


‫الغالبة على توجهه الإبداعى تظل كامنة فى ترجيح‬ ‫�إ�شباعه اجلماىل الذاتى على ما عداه من �سائر‬ ‫املقا�صد‪ ،‬فهو من �أولئك النفر من املبدعني الذين‬ ‫ي�ستهدفون �إر�ضاء قناعاتهم الداخلية بالدرجة‬ ‫الأوىل؛ �إنه يبدع لإمتاع نف�سه بفعل الإبداع‪ ،‬بذات‬ ‫القدر الذى ي�ستهدف به �إمتاع غريه من خالل فعل‬ ‫التل ّقي‪.‬‬ ‫ال�شق امل�ستبطن جلموح الأن��وث��ة من جتربة‬ ‫“�سيف” ي�ستجلى العوامل اجل ّوانية للمر�أة‪ ،‬و ُي َ�ش ِّرح‬ ‫�أح�شاء م�شاعرها احلميمة‪ ،‬و ُي َج�سد هواج�سها‬ ‫العاطفية ورغباتها اجل�سدية‪ ،‬وهى جتربة ميثلها‬ ‫ا�سرت�سال ل�سل�سلة من املعار�ض التى �أقامها عرب‬

‫حمطات م�شواره الفني‪ ،‬والتى طاملا عالج فيها‬ ‫�أفكار ًا تتوا�شج مع خبايا املر�أة الوجدانية واحل�سية‪،‬‬ ‫من خالل م�شاهد يدور �أغلبها فى غرف مغلقة‪،‬‬ ‫بينما �أتى ما يدور منها فى منظر خارجى مفتوح‬ ‫م�شمو ًال بنفحة الطابع القروى ال ِبكر‪ ،‬الذى ميثل‬ ‫ِ�شق جتربته الآخ��ر‪ ،‬وم�صدر ر�ؤيته الفنية الأهم‬ ‫والأجدر بالت�أمل‪.‬‬ ‫وامل �ف��ردات الب�صرية الرئي�سية التى ت��دور‬ ‫حولها جتربة “�سيف” فى �سياق �سرب �أعماق الأنثى‬ ‫تتمثل يف‪ :‬مفردة امل��ر�أة‪ ،‬التى تتبدى �أحيان ًا فى‬ ‫حالة احتياج �إىل امل�شاعر‬ ‫ثم ت�أتى مفردة الكلب لتعطى اح�سا�سا ب�أنه‬

‫يحاول اقتحام هذه احلياة‪ .‬وقد ي�ستبدل “�سيف”‬ ‫هذه املفردة ب�أخرى متثل �شخ�ص ًا �أو ح�صان ًا‪ ،‬بينما‬ ‫تلعب مفردة الرجل دور ًا �أكرث �أهمية فى م�شاهد‬ ‫املناظر املفتوحة‪ ،‬التى تغلب عليها �أك�ثر فكرة‬ ‫الرومان�سية والعاطفة الوجدانية‪.‬‬ ‫و�أح �ي��ان � ًا م��ا يعمد “�سيف” �إىل االحتفاء‬ ‫الب�صرى بالزُخ ُرف والتو�شية‪ ،‬فيتخذ من الثياب‬ ‫املزرك�شة مو�ضع ًا للتنغيم والتنويع امللم�سي‪ ،‬حمي ًال‬ ‫�إيانا �إىل مرجعية بع�ض م�شاهد فنانى اال�ست�شراق‬ ‫الذين تناولوا حياة اجلارية‪� ،‬أو بع�ض �صياغات‬ ‫الفنانني الأوربيني الذين انفعلوا باحلياة احل�سية‬ ‫للمر�أة ال�شرقية‪ ،‬وفى مقدمتهم “هرنى ماتي�س”‬

‫العدد التاسع والعشرون ‪ -‬أغسطس ‪2012‬‬

‫‪v‬‬

‫‪59‬‬


‫فنان من مصر‬

‫بكارة القرية وسحر األنوثة‬

‫» وجها تجربة » سيف صقر‬ ‫د‪ .‬يا�سر منجي‬ ‫ب���س�ي� ٌ�ط ف��ى �شخ�صيته‪،‬‬ ‫�صري ٌح فى عبارته‪ ،‬وا�ض ٌح فى‬ ‫ت �ع �ب�يره ع��ن م �ك �ن��ون��ات ذات ��ه‪.‬‬ ‫ح�ين تعامله ف�لا مفر �أم��ام��ك‬ ‫م��ن ا�ستدعاء ر�صيد تقاليدنا‬ ‫امل�صرية الريفية ال�صميمة‪،‬‬ ‫وال جم��ال للرتاجع عن االنتباه‬ ‫امل�ستمر لوقع كلماتك ومدلوالت‬ ‫ت�صرفاتك؛ �إذ �إنك حني تختار‬ ‫االق�ت�راب م��ن «�سيف الإ��س�لام‬ ‫عامر �صقر» (م��ن مواليد عام‬ ‫‪ ،)1952‬ف ��إمن��ا ت�ت�خ��ذ ق���رار ًا‬ ‫ب��ال��دل��وف �إىل ع ��امل ف �ن��انٍ ما‬ ‫زال يفخر بارتداء جلبابه فوق‬ ‫�أع�صابه العارية‪ ،‬م�ض ّفر ًا ن�سيج‬ ‫تراثه (الفلاّ حي) الأ�صيل فى‬ ‫حنايا كيانه الإب��داع��ي‪ ،‬فهو مل‬ ‫يعمد – �ش�أن كثري من الفنانني‬ ‫ال��ذي��ن ان�سلخوا ع��ن �أ�صولهم‬ ‫الريفية – �إىل االرمتاء الق�شرى‬ ‫ف��ى �أح �� �ض��ان ح��ال��ة التقم�ص‬ ‫الغربي‪ ،‬تلك التى يحاول فيها‬ ‫البع�ض ج��اه��د ًا �أن تظهر عليه‬ ‫(�أم���ارات) الفن وفق ًا ل�صورة‬ ‫منطية جاهزة‪ ،‬يبدو معها املرء (فنان ًا) باملفهوم ال�سينمائى ال�ساذج‪ ،‬الذى‬ ‫يعول على طراز مظهرى هجني‪ ،‬وترديد �أجوف لعبارات �أجنبية مبت�سرة‪،‬‬ ‫للإيحاء بالتبحر فى ثقافة الفن واالنغما�س فى �سياقه املعا�صر‪.‬‬ ‫�إن «�سيف �صقر» برتكيبته ال�شخ�صية‪ /‬الفنية يج�سد منوذج ًا قيا�سي ًا‬ ‫ملقولة «بارا�سيل�سو�س» ‪ )1541 -1493( Paracelsus‬ال�شهرية‪:‬‬ ‫“ال تكن �شخ�ص ًا �آخ��ر طاملا ا�ستطعت �أن تكون نف�سك” ‪Be not‬‬ ‫‪ ،another, if you can be yourself‬وهو ما يف�سر من َثم‬ ‫متحه امل�ستمر من م�صدرين �أ�سا�سيني للر�ؤية الفنية‪� :‬أولهما بيئته امل�صرية‬ ‫الريفية التى مل ين�سلخ عنها يوم ًا‪ ،‬والتى ما زال حري�ص ًا على الركون �إليها‬ ‫والعي�ش فيها‪ ،‬فـ”�سيف” ما زال �ساكن ًا للريف م�سكون ًا به‪� ،‬إىل احلد الذى‬

‫‪v‬‬

‫‪58‬‬

‫حتولت معه القاهرة بالن�سبة‬ ‫�إليه �إىل حم�ض مكان ملمار�سة‬ ‫العمل والن�شاط الفنى فقط‪� .‬أما‬ ‫ثانى م�صادر ر�ؤيته الفنية فهو‬ ‫ان�شغاله الدائم باملر�أة‪ ،‬من حيث‬ ‫ه��ى م��و��ض��وع للت�أمل اجلماىل‬ ‫والإ� �ش �ب��اع احل���س��ى م �ع � ًا‪ ،‬وم��ن‬ ‫�سبب لتفجري تداعيات‬ ‫حيث هى ٌ‬ ‫احل��ب‪ ،‬واحل��رم��ان‪ ،‬واخلطيئة‪،‬‬ ‫واخليانة‪ ،‬ك�أفكار واردة فى منت‬ ‫العالقة بني الرجل واملر�أة‪.‬‬ ‫وال��را��ص��د لتجربة «�سيف‬ ‫��ص�ق��ر» ال�ف�ن�ي��ة مي�ك�ن��ه حتديد‬ ‫تنويعاتها اجلرافيكية – على‬ ‫امل �� �س �ت��وى ال�ت�ق�ن��ى ‪ -‬ف��ى �أرب ��ع‬ ‫ف �ئ��ات �أ��س��ا��س�ي��ة‪ ،‬ه��ي‪� :‬أع �م��ال‬ ‫ال �ط �ب��اع��ة ال� �ب ��ارزة ‪Relief‬‬ ‫‪ ،Printing‬و�أع � �م� ��ال‬ ‫الطباعة الغائرة ‪Intaglio‬‬ ‫‪ ،Printing‬و�أعمال الر�سم‬ ‫بو�سائطه املختلفة‪ ،‬ثم �أعمال‬ ‫امل �� �ص �غ��رات امل��ر� �س��وم��ة‪ ،‬ال�ت��ى‬ ‫جتمع م��ا ب�ين تكثيف الدرا�سة‬ ‫ال �ت �ح �� �ض�ي�ري��ة (اال�� �س� �ك� �ي ��ز)‬ ‫"‪ ،Esquisse‬وطزاجة التخطيط ال�سريع (اال�سكت�ش) ‪.Sketch‬‬ ‫ينتمى “�سيف” �إىل طائفة الفنانني غزيرى الإنتاج‪ ،‬وبخا�صة فى جمال‬ ‫الر�سم بالأبي�ض والأ��س��ود‪ ،‬ال��ذى ي��راوح فيه بني ا�ستخدام �أق�لام احلرب‬ ‫اجلاف‪ ،‬والري�شة ذات ال�سن املعدين‪ ،‬والفر�شاة امل�شبعة باحلرب ال�شيني‪،‬‬ ‫�إىل جانب تطعيم مقارباته الأدائية فيه بتوليف �إمكانات �أق�لام ال�شمع‬ ‫و�أقالم الر�صا�ص امللونة‪ ،‬ودمج اخل�صائ�ص امل�ساحية والظلية وامللم�سية‬ ‫املميزة للأقالم الدهنية‪ ،‬مع ال�سمات اخلطية الر�شيقة لو�سائط الر�سم‬ ‫ذات ال�سنون احلادة‪ .‬وبرغم غزارة �إنتاج “�سيف �صقر” الفنى فى كافة‬ ‫الفئات والتنويعات �سالفة الذكر‪ ،‬وبرغم م�شاركاته العديدة فى املعار�ض‬ ‫العامة واجلماعية‪ ،‬و�إقامته للكثري من املعار�ض اخلا�صة‪� ،‬إال �أن ال�سمة‬


‫والفطرة والرباءة والبكارة‪.‬‬ ‫ف�إذا ما انتقل “�سيف” للتجريب على جماليات‬ ‫امل�صغرات التح�ضريية (الإ��س�ك�ي��ز)‪ ،‬ف��إن��ك ت��راه‬ ‫م�ستلهم ًا خ�صائ�صها التى تتمثل فى تلقائية الأداء‬ ‫املبا�شر‪ ،‬واالنفعال اللحظي‪ ،‬وفى املعاجلة ال�سريعة‬ ‫لل�سطح‪ ،‬مم��ا ي� ��ؤدى �إىل ث��رائ��ه مبالم�س عفوية‬ ‫وخ�ط��وط غ�ير حم�سوبة نتيجة احل��رك��ة ال�سريعة‬ ‫لأدوات الر�سم على �سطح الورق‪ ،‬وهذا مما ي�ضيف‬ ‫�إىل مظهر العمل التح�ضريى �إح�سا�س ًا ال يتوفر فى‬ ‫كثري من الأحوال فى العمل النهائي‪ ،‬والذى يحر�ص‬ ‫فيه الفنان على جتويد الأداء وتهذيب اخلطوط‬ ‫وانتقاء املعاجلات اللونية وامللم�سية الأنيقة‪ ،‬مما‬ ‫ُيف ِقد اخل�صائ�ص التى �أ�شرنا �إليها‪ ،‬على الرغم مما‬ ‫يتوفر فى العمل النهائى من مهارة التنفيذ وخربة‬ ‫التجويد‪.‬‬ ‫وقد التفت كثري من نقاد الفن وم�ؤرخيه �إىل‬ ‫جماليات ه��ذه امل���ص�غ��رات التح�ضريية‪ ،‬فكتبوا‬ ‫عنها درا�سات م�ستقلة‪ ،‬واهتموا بها بنف�س درجة‬ ‫اه�ت�م��ام�ه��م ب ��أع �م��ال فنانيها ال�ن�ه��ائ�ي��ة‪ ،‬ول��ذل��ك‬ ‫جند فى معظم مراجع تاريخ الفن ف�صو ًال كاملة‬ ‫تتحدث عن خ�صائ�ص امل�صغرات التح�ضريية لدى‬ ‫الفنانني امل�شاهري وتهتم بتوثيقها وباملقارنة بينها‬ ‫وبني الأعمال النهائية‪ .‬كما �أن كثري ًا من املتاحف‬ ‫العاملية املهمة حتتوى على قاعات خم�ص�صة لعر�ض‬ ‫امل�صغرات التح�ضريية لفنانى مدر�سة معينة‪� ،‬أو‬ ‫مل�شاهري الفنانني فى ع�صر معني �أو فى بلد معني‪.‬‬ ‫وت� � ��زداد �أه �م �ي��ة امل �� �ص �غ��رات ال�ت�ح���ض�يري��ة‬ ‫والدرا�سات التمهيدية فى فن اجلرافيك عن غريه‬ ‫م��ن جم ��االت ال�ف�ن��ون الت�شكيلية‪ ،‬ف�م��ن امل�ع��روف‬ ‫لدى ممار�سى الطبعة الفنية حتديد ًا �أن املراحل‬ ‫التح�ضريية للعمل اجلرافيكى متثل جزء ًا ال يتجز�أ‬ ‫م��ن تنفيذه النهائي‪ ،‬وخ�صو�ص ًا عند ا�ستخدام‬ ‫طرق احلفر القائمة على ا�ستعمال و�سائط احلفر‬ ‫الكيميائية‪ ،‬مثل احلفر احلم�ضى ‪Etching‬‬ ‫ب�أنواعه املختلفة‪ ،‬والتى يحتاج الفنان فيها �إىل‬ ‫�إحكام ر�ؤيته للعمل من حيث �ضبط التكوين وحتديد‬ ‫مناطق اخ�ت�لاف��ات الظل وال �ن��ور‪ ،‬وك��ذل��ك حتديد‬ ‫طابع املالم�س العام للعمل‪ ،‬وذل��ك حتى ال ت��ؤدى‬ ‫عوامل ال�صدفة واملفاج�أة ‪ -‬خالل مرحلة احلفر‬ ‫احلم�ضي‪� -‬إىل الإطاحة بر�ؤيته الب�صرية وت�شويهها‬ ‫على �سطح القالب الطباعي‪.‬‬ ‫وقد كان للعوامل ال�سابقة جميعها �أث ٌر كبري على‬

‫توجيه الفنان “�سيف �صقر” نحو االهتمام بفكرة‬ ‫امل�صغرات التح�ضريية‪ ،‬ومن ثم �إىل قيامه بتنفيذ‬ ‫عدد ي�صعب ح�صره من �أعماله على تلك الهيئة‪،‬‬ ‫التى ارتبطت لديه م��ن حيث مو�ضوعها بالقرية‬ ‫امل�صرية وبفن ال�صورة ال�شخ�صية (البورتريه)‪.‬‬ ‫هنا ال يجد املت�أمل الفاح�ص لتجربة “�سيف‬ ‫�صقر” ُب� ��د ًا م��ن ا� �س �ت��دع��اء ع ��دد م��ن ال�ت�ج��ارب‬ ‫اجلرافيكية ال�سالفة‪ ،‬التى ّ‬ ‫وطد �أ�صحابها لأنف�سهم‬ ‫مكانة �شاخمة فى ذاك��رة الطبعة الفنية امل�صرية؛‬ ‫فن�ستح�ضر على الفور �صراحة التعويل املبا�شر على‬ ‫عنفوان امل�ساحة الرا�سخة ل��دى “فتحى �أحمد”‬ ‫(‪ ،)2006 – 1939‬وتتهادى �أمامنا �أط�ي��اف من‬

‫تنغيمات “نحميا �سعد” (‪ )1945 – 1912‬امللم�سية‬ ‫الرهيفة‪ ،‬و�شيئ ًا من الرتديد الإيقاعى اخلطى الذى‬ ‫�سبق و�أن وعيناه فى �أعمال الأ�ستاذ املكني “احل�سني‬ ‫فوزي” (‪ .)1998 – 1905‬وبذا يثبت “�سيف �صقر”‬ ‫�أنه وريث �شرعى لرتاث را�سخ القواعد فى تربة الفن‬ ‫امل�صري‪ ،‬و�أن ثمة ن�سغ ًا �ساري ًا فى جيناته الإبداعية‬ ‫من �سل�سال النفحة امل�صرية ال�صميمة‪ ،‬انفرد هو‬ ‫بدمغه بطابع ذاتى ممعن فى خ�صو�صيته‪ ،‬ي�ستهدف‬ ‫دوم ًا �إر�ضاء قناعاته اخلا�صة‪ ،‬متكئ ًا ب�إحدى قدميه‬ ‫على �أر���ض ال��ري��ف البكر‪ ،‬وواجل� � ًا ب��الأخ��رى عتبة‬ ‫العامل ال�سحرى للأنوثة اجلاحمة‪.‬‬

‫العدد التاسع والعشرون ‪ -‬أغسطس ‪2012‬‬

‫‪v‬‬

‫‪61‬‬


‫‪ ،)1954 -1869( Henri Matisse‬الذى‬ ‫فتنته املر�أة ال�شرقية وما تزدهى به من زخارف فى‬ ‫مالب�سها و�أدواتها‪ ،‬وظهر فى �أعماله التفات لوفرة‬ ‫الطعام وال�شراب فى حميطها‪ ،‬وهى جميعها عنا�صر‬ ‫ت�ؤكد فكرة احل�سية‪.‬‬ ‫وق��د ت�ن��وع��ت ح �ل��ول “�سيف” التقنية لهذا‬ ‫امل��و� �ض��وع الأث �ي�ر �إىل ق�ل�ب��ه‪ ،‬وت��ع��ددت اخل��ام��ات‬ ‫لتج�سيد ر�ؤاه على م�سطحاته املطبوعة واملر�سومة؛‬ ‫فا�ستخدم القلم اجلاف فى تنفيذ بع�ض الأعمال‪،‬‬ ‫وا�ستخدم ري�شة التحبري فى بع�ضها الآخ��ر‪ ،‬كما‬ ‫ا�ستخدم احل�بر ال�شينى مع الفر�شاة‪ ،‬كذلك نفذ‬ ‫ع ��دد ًا منها بوا�سطة احل�ف��ر على اخل�شب طوىل‬ ‫‪v‬‬

‫‪60‬‬

‫املقطع‪ ،‬مبا مييزه من �إمكانات ب�صرية ال تف�صح‬ ‫ع��ن مكنوناتها �إال حل�ف��ار �أري ��ب‪ .‬كما نفذ ع��دد ًا‬ ‫�آخ��ر بوا�سطة احلفر الغائر على معدن الزنك‪،‬‬ ‫با�ستخدام تقنية احلرب ال�شينى وال�سكر ‪Sugar-‬‬ ‫‪ ،Lift Aquatint‬التى يغلب على �أعمالها‬ ‫طعم الأداء ال�سريع لفر�شاة الر�سم امل�شبعة بلون‬ ‫واحد هو الأ�سود‪ ،‬وت�أتى اخلطوط املر�سومة حمملة‬ ‫ب�شحنة انفعالية كبرية‪ ،‬م�صدرها اختالف ُ�سمك‬ ‫اخلطوط خالل حركة الفر�شاة ال�سريعة على �سطح‬ ‫القالب الطباعي‪ ،‬مما يقرب الأعمال املنفذة بهذه‬ ‫الطريقة من روح اال�سكت�ش مبا حتمله من طزاجة‬ ‫وعفوية والتقاط اللحظة اخلاطفة للحدث‪ ،‬وهو ما‬

‫ي�ؤكد التنوع الب�صرى والتقنى فى جعبة “�سيف”‬ ‫الأدائية‪ ،‬ويع�ضد الرابطة القوية بني جماىل الر�سم‬ ‫والطبعة الفنية ف��ى غ�م��ار جتربته اجلرافيكية‪.‬‬ ‫وحني ي ِلج “�سيف �صقر” براح ريفه البكر‪� ،‬إذا هو‬ ‫ُيط ِلق لر�ؤاه الغ�ضة العنان‪ ،‬لتجمح فى ف�ضاء ال يحده‬ ‫�إال توق الرجوع للرباءة الأوىل‪ ،‬حني كانت املجتمعات‬ ‫الب�شرية ال تزال فى ع�صورها الذهبية‪ ،‬حيث ب�ساطة‬ ‫العي�ش‪ ،‬و��ص��راح��ة امل�سلك‪ ،‬واالل �ت �ح��ام الأق�صى‬ ‫بقوى الطبيعة و�أ�سرارها‪ ،‬وا�ست�شعار فيو�ض البرَ َ كة‬ ‫الكونية وحتنانها فى موا�سم رخائها‪ .‬هنا تتجلى‬ ‫املر�أة فى كيان مغاير لذلك الذى ر�أيناه فى م�شاهد‬ ‫حياتهااخلا�صة؛ �إذ هى هنا ت�ستدعى ر�صيد �آالف‬ ‫ال�سنني فى الثقافة اجلمعية امل�صرية‪ ،‬فى ر�ؤيتها‬ ‫للمر�أة بو�صفها (�سيدة) ذات مقام رفيع‪ ،‬تلتحم‬ ‫كينونتها الأنثوية ببكارة القرية وعنفوان الريف‬ ‫اخل�صيب‪.‬‬ ‫ي�ستدعى “�سيف” فى جتربته الفنية الريفية ما‬ ‫وعته ذاكرته الب�صرية من م�شاهد ملء اجلرار من‬ ‫الرتع‪ ،‬وتكوينات الأوانى وال�شخو�ص على حافة النهر‬ ‫فوق الأع�شاب وبني الأ�شجار‪ ،‬وحلظات خلو البال‬ ‫لدى الرعاة والفالحني‪ ،‬حني يهرعون �إىل مزامريهم‬ ‫يبثونها مكنونات �صدورهم فى �أوقات الراحة‪ ،‬وهو‬ ‫هنا ما برح يخترب احلنني ال�ستعادة ج��ذور هويته‬ ‫امل�صرية‪ ،‬باعتباره فنان ًا يعي�ش ع�صر ًا يعج بع�شرات‬ ‫االجتاهات الفنية املختلفة‪ ،‬بل واملتعار�ضة �أحيان ًا‪،‬‬ ‫والتى قد يبالغ بع�ضها فى التغريب والتقليد دون‬ ‫�سبب وا�ضح‪ ،‬و�أحيان ًا دون فهم من بع�ض الفنانني‪،‬‬ ‫الذين قد ين�ساقون خلف التقليد والت�أثر والنقل‪،‬‬ ‫ت��ارك�ين م�صادر الإل �ه��ام وال��ر�ؤي��ة التى تذخر بها‬ ‫ثقافتهم املحلية امل�صرية‪.‬‬ ‫وقد ع ّول “�سيف” فى معظم جتربته الريفية‬ ‫على الو�سيط الطباعى البارز‪ ،‬املتمثل فى قوالب‬ ‫اخل�شب طولية املقطع؛ �إذ هى من �أف�ضل الو�سائط‬ ‫التى ميكن من خاللها الإيحاء بجو الفطرة الريفية‬ ‫وتلقائية احلياة الب�سيطة فيه‪ ،‬نظر ًا ملا تتميز به‬ ‫الطبعات الفنية املنتجة بهذا الو�سيط م��ن ح�س‬ ‫ف�ط��رى وع �ف��وى مم�ي��ز‪ ،‬وم��ا تتميز ب��ه ك��ذل��ك من‬ ‫خ�صائ�ص ملم�سية ذات خ�صو�صية �شديدة‪ ،‬ترتبط‬ ‫�إىل حد كبري ب�إيحاءات العفوية واالنفعال التلقائي‪،‬‬ ‫ف�ض ًال عما مييزها من م�ساحات ظلية �صريحة‪،‬‬ ‫تعرب خري تعبري عن اخل�صائ�ص الوجدانية لبيئة‬ ‫الريف امل�صري‪ ،‬التى ارتبطت فى الأذهان بالعفوية‬


‫وقد عرفه قدماء امل�صريني حيث ت�شري العديد‬ ‫من الربديات �إىل ما ي�ؤكد �أن امل�صريني القدماء‬ ‫هم �أول من �صنع الزجاج وعرفه‪ ،‬فقد وجدت فى‬ ‫مقابرهم �أقدم �آثار لهذه املادة حيث كانوا ي�صنعونها‬ ‫قبل امليالد بحواىل �أربعة �آالف عام‪ ،‬وهناك بع�ض‬ ‫الأعمال من اخلرز والتعاويذ الزجاجية م�ؤرخة بهذه‬ ‫الفرتة‪.‬‬ ‫وعرث فى م�صر كذلك على ق�ضيب من الزجاج‬ ‫يعود �إىل عهد امللك «�أمنحتب الثالث»‪ ،‬وما زال هذا‬ ‫الق�ضيب الزجاجى حمفوظ ًا فى متحف برلني‪ ،‬كما‬ ‫يوجد فى متحف (املرتوبوليتان) للفن فى نيويورك‬ ‫ك�أ�س خا�صة بامللك «حتتم�س الثالث» وهى من الآثار‬ ‫التى تدل على براعة قدماء امل�صريني فى �صناعة‬ ‫هذا الفن‪ ،‬وقد وجد فى تل العمارنة زجاج ًا جم�سم ًا‬ ‫ا�ستخدم فى �أغ��را���ض الزينة واملكمالت ل�صناعة‬ ‫الأثاث والتماثيل‪.‬‬ ‫ويعرف الزجاج املع�شق ب�أنه تراث وفن معمارى‬ ‫ع��رب��ى و�إ� �س�لام��ى ق��دمي ظهر ف��ى ال �ق��رن العا�شر‬ ‫امليالدى خالل احلقبة البيزنطية فى �أوروبا‪ ،‬حيث‬ ‫ك��ان هناك ط��راز متميز لنوافذ ال��زج��اج العربى‬ ‫ي�سميه الأوروبيون (املوري�ش) ن�سبة �إىل عرب �شمال‬ ‫�أفريقيا وامل�غ��ارب��ة‪ ،‬ويطلق عليه ف��ى بع�ض ال��دول‬ ‫العربية ا�سم (الفرتاج)‪.‬‬ ‫انت�شر ه��ذا الفن ف��ى ال�ع��امل الإ��س�لام��ى فى‬ ‫الق�صور وامل�ساجد حيث انت�شرت نوافذ الزجاج‬ ‫امل�ع���ش��ق ب��اجل����ص كمظهر م��ن م�ظ��اه��ر ال�ع�م��ارة‬ ‫الإ�سالمية التى جاءت متوافقة مع الظروف املختلفة‬ ‫لذلك املجتمع‪.‬‬ ‫ومن الأمثلة املب ّكرة للنوافذ اجل�صية املفرغة‬ ‫(ن��واف��ذ ق���ص��ر احل�ي�ر ال �غ��رب��ي) ب �ب��ادي��ة ال���ش��ام‬ ‫و(اجل��ام��ع الأم� ��وي) بدم�شق و(ج��ام��ع ع�م��رو بن‬ ‫العا�ص) بالف�سطاط فى م�صر و(جامع �أحمد بن‬ ‫طولون)‪.‬‬ ‫وكان الر�أى ال�سائد لدى علماء الفنون والآثار‬ ‫من قبل �أن �أول ظهور للنوافذ اجل�صية املع�شقة‬ ‫بالزجاج كان فى الع�صر الأيوبي‪ ،‬وذلك فى نوافذ‬ ‫قبة �ضريح ال�سلطـان ال�صالح جنم الدين �أي��وب‬ ‫امل�ل�ح��ق مب��در��س�ت��ه بالنحا�سني ب��ال �ق��اه��رة‪ ،‬ولكن‬ ‫احلفائر الأثرية �أثبتت �أن الزجاج املع�شق باجل�ص‬ ‫ا�ستخدم منذ الع�صر الأم��وي‪ ،‬وا�ستـمر فى ق�صور‬ ‫اخللفاء العبا�سيني‪ ،‬كما ا�ستخـدمت ف��ى �أواخ��ر‬ ‫الع�صر الفاطمى �ألواح من اجل�ص مع�شق بالزجاج‬ ‫‪v‬‬

‫العدد التاسع والعشرون ‪ -‬أغسطس ‪2012‬‬

‫‪63‬‬


‫تراث‬

‫الحرف اليدوية هوية تراثية‬

‫الزجاج المعشق وجمال اإلبداع‬

‫ال �أحد منا يعرف بدايات احلرف اليدوية التقليدية التى دعت لها‬ ‫حاجات املجتمعات ف�أ�صبحت تلك احلرف �أحد ثوابت تراثنا العريق‬ ‫وكنوز �شعوبه التى ال ميكن �أن ترحل من الذاكرة مهما مرت ال�سنني‪..‬‬ ‫وم��ا �شموخ املا�ضى �إال �إ��ض��اءة حلكاية احلا�ضر اخت�صر خطواتها‬ ‫االبتكارية الأوىل احلرفى القدمي‪.‬‬ ‫فال�صناعات احل��رف�ي��ة لها �أهميتها التاريخية والثقافية‬ ‫واالجتماعية واالقت�صادية‪ ،‬وتعترب الآن �أف�ضل و�سيلة تعبري عن هوية‬ ‫البلد الوطنية‪ ،‬ونظر ًا لغزو ال�صناعة احلديثة انح�سرت ال�صناعات‬ ‫التقليدية و�أ�صبح ينظر لها ب�أنها �إما تراث ًا ال يجوز امل�سا�س به �أو �إدماج‬ ‫ما ميكن دجمه فى ال�صناعات احلديثة و�إهمال الباقى حتى يندثر‪.‬‬ ‫�إن احلرف والفنون التقليدية جزء هام وتاريخ عريق لدى خمتلف‬ ‫ال�شعوب واحل�ضارات واالهتمام بها ورعايتها واجب �إن�سانى وطنى‬ ‫ور�سالة عميقة الأهداف يجب �أن ت�صل ب�أكمل �أمانة للأجيال احلالية‬ ‫والأجيال القادمة‪ ،‬وهذه م�سئولية كبرية يتحمل �أعباءها املهتمون بهذا‬ ‫الإرث الثقافى املحلى الذى و�صلنا من الآباء والأجداد‪.‬‬

‫‪v‬‬

‫‪62‬‬

‫�صاحلة �شعبان‬

‫ولقد ا�شتهرت م�صر قدمي ًا بال�صناعات اليدوية لكرثة احلرفيني‬ ‫بها والذين ميتلكون طاقة �إبداعية بديهية وال يزال قلة منهم ميتهنها‬ ‫كمورد رزق له‪ ..‬فال�صناعة التقليدية �إحدى الدعائم الأ�سا�سية التى‬ ‫كانت ترتكز عليها البيئة االقت�صادية لآالف الأ�سر رغ��م انح�سار‬ ‫معظم احلرفيني وتناق�صهم ف��ى ال��وق��ت ال��راه��ن‪ ،‬وم��ن �أب��رز تلك‬ ‫احل��رف‪ :‬امل�صنوعات الذهبية وامل�صوغات واملجوهرات والف�ضيات‬ ‫واخلرازة و�صناعة ال�صناديق اخل�شبية والفخار وال�صناعات ال�سعفية‬ ‫كالقفا�صة واحل�صر واخلو�صيات ب�أنواعها و�أ�شكالها املختلفة‪،‬‬ ‫والدباغة واخليامية وكذلك �صناعة الأختام والزجاج املع�شق‪ ،‬و�أغلب‬ ‫هذه احلرف بد�أ يتال�شى رغم �إقبال وحب النا�س لها‪.‬‬ ‫الزجاج املع�شق‪ ..‬تـراث وفـن‬ ‫عرف الإن�سان الزجاج منذ بداية التاريخ‪ ،‬فقد وجدت �أدوات‬ ‫كثرية م�صنوعة من الزجاج الطبيعى فى �أماكن متفرقة من العامل‪،‬‬ ‫وكان الكت�شاف النار �أثر كبري فى قيام ال�صناعات التى تعتمد على‬ ‫احلرارة مثل الفخار والزجاج‪.‬‬


‫الآالم والعذاب كما كان م�سبق ًا و�إمنا ي�ستعي�ض عنها بثالث ب�ؤر‬ ‫لونية حمراء فى اليدين والوجه‪ ،‬وقد كان لكل هذا التغري فى‬ ‫�أ�ساليب التعبري ت�أثري ًا بالغ الأهمية على العمارة‪.‬‬ ‫�إ�ستخدامات الزجاج املع�شق‬ ‫ميكن ا�ستخدام ال��زج��اج املع�شق فى العديد من املبانى‬ ‫ال�سكنية والتجارية بالإ�ضافة �إىل اجلوامع وامل�ساجد‪ ،‬وميكن‬ ‫و�ضعه فى �أى جزء من �أج��زاء املبانى ويف�ضل �أن يكون معر�ض ًا‬ ‫لل�شم�س لإب��راز جمال �أل��وان الزجاج وخ�صو�ص ًا عند انعكا�س‬ ‫تفا�صيل الت�صاميم على اجلدران والأر�ضيات وكذلك لتخفيف‬ ‫حدة �أ�شعة ال�شم�س‪ ،‬كما ميكن ا�ستخدامه فى القواطع الداخلية‬ ‫بغر�ض حجب الر�ؤية و�إعطاء خ�صو�صية وا�ستقاللية للمكان‪.‬‬ ‫وال يقت�صر الزجاج املع�شق على �صنف �أو نوع واحد فقط‪،‬‬ ‫لكن هناك �أنواع متعددة منه مثل‪:‬‬ ‫(الفيوزينك) ويتميز بر�سومات بارزة على �سطحه‪ ،‬وي�صنع‬ ‫عن طريق دمج عدة �ألوان من الزجاج و�صبها فى قوالب خا�صة‬ ‫ومعاجلتها فى الفرن احلرارى حتت درجات حرارة عالية‪ ،‬وهى‬ ‫طريقة �أوروبية بحتة م�ستوحاة من نفخ الزجاج‪.‬‬ ‫ال��زج��اج امل��زخ��رف (ال�سانديل�ست) �أو ما ي�سمى (�ضرب‬ ‫الرمل) وفيها يتم ل�صق الت�صميم امل��راد على الزجاج بحيث‬ ‫يكون الورق الال�صق فوق الأجزاء املراد لها �أن حتتفظ ب�شفافية‬ ‫الزجاج ويتم ر�ش باقى الأجزاء بالرمل عن طريق جهاز خا�ص‪.‬‬ ‫الزجاج املع�شق امل�شطوف وهو نوع مميز من الزجاج املع�شق‬ ‫الذى ي�ستخدم فيه �شطف الزجاج ب�أنواعه وفق ًا للت�صميم املطلوب‬ ‫“و�شطف الزجاج هو ك�سر الزجاج”‪.‬‬ ‫الزجاج املع�شق بالكري�ستال وهو �آخ��ر ما �أنتجته امل�صانع‬ ‫الأوروبية وهو عبارة عن حبات من الكري�ستال الأ�صلى تدخل فى‬ ‫الزجاج‪.‬‬ ‫وتلك نبذة �سريعة عن فن الزجاج املع�شق ك�أحد �أهم الفنون‬ ‫الرتاثية التى �أو�شكت على االندثار‪ ،‬فما هو �إذن م�ستقبل هذه‬ ‫احلرف والفنون التقليدية املحلية؟ وماذا ب�إمكاننا �أن نفعل بعد‬ ‫�ضياع الكثري من �أ�صالة هذه احلرف والفنون ونحن نرى ب�أعيننا‬ ‫رحيل معظم احلرفيني �أو انزوائهم عن الأ�ضواء بعد فقدان تلك‬ ‫احلرف لأهميتها ودورها الكبري الذى كانت ت�ؤديه فى ال�سابق‪.‬‬ ‫وكيف ميكن حماية القلة القليلة املتبقية من احلرفيني وا�ستثمار‬ ‫حرفهم �سياحي ًا وتطويرها وا�ستغاللها ك�صناعة حديثة ذات‬ ‫معنى وم�ضمون يجمع بني جمال املا�ضى وت�ألق احلا�ضر؟؟‬ ‫ومما ال �شك فيه �أن �إن�شاء مراكز حملية لرعاية احلرف‬ ‫وال�صناعات التقليدية تكون من بني �أهم �أولويات هذه املراكز‬ ‫درا�سة الرتاث احلرفى وت�سجيله علمي ًا وا�ستحداث برامج لتفعيل‬ ‫تلك احل��رف ورعايتها والعمل على تطويرها وو�ضع القوانني‬ ‫الالزمة وال�سعى لتنفيذها والتفاعل الإيجابى معها فيكون لها‬ ‫�أثر ًا بالغ ًا على حماية تلك احلرف من خطر االنقرا�ض‪.‬‬ ‫‪v‬‬

‫العدد التاسع والعشرون ‪ -‬أغسطس ‪2012‬‬

‫‪65‬‬


‫املل ّون بد ًال من الألواح الرخامية واحلجرية املفرغة‪،‬‬ ‫وانتقل ه��ذا الأ��س�ل��وب الفنى �إىل ع�م��ارة الع�صر‬ ‫الأيوبى حيث بلغ �أوج ازدهاره فى الع�صر اململوكي‪،‬‬ ‫و�أ�صبح من ال�سمات املميزة للعمارة املدنية والدينية‬ ‫فى الع�صر العثماين‪.‬‬ ‫وقد عرفت بع�ض بلدان العامل الإ�سالمى �أنواع ًا‬ ‫متعددة من النوافذ مثل املدورات الرخامية اليمنية‬ ‫(القمريات) التى كانت تتميز برقتها وال يزيد‬ ‫�سمكها عن �سنتيمرت ون�صف بحيث ت�سمح بنفاذ‬ ‫ال�ضوء من خاللها‪ ،‬و(ال�شم�سيات) املغربية وهى‬ ‫عبارة عن نوافذ ن�صف دائرية توجد �أعلى الأبواب‬ ‫والنوافذ وتغطى باخل�شب والزجاج امللون وت�سمح‬ ‫بدخول �ضوء ال�شم�س‪ ،‬ومع دخ��ول العثمانيني �إىل‬ ‫العديد من البالد الإ�سالمية �أ�صبح �أ�سلوب النوافذ‬ ‫الزجاجية املع�شقة باجل�ص هو الأ�سلوب ال�سائد‪.‬‬ ‫ا�ستخدم الزجاج املع�شق فى العامل من‬ ‫تلك الفرتة و�إىل يومنا هذا وذلك لأن له طابع‬ ‫جماىل مميز و�أن��ه يدخل النور �إىل املكان‬ ‫ب ��أل��وان متنوعة وخمتلفة م��ع ك��ل ف�ترة من‬ ‫النهار‪ .‬فالزجاج املع�شق فن خالب‪ ،‬يعتمد‬ ‫على م��رور ال�ضوء ع�بر القطع الزجاجية‬ ‫امل�ل��ون��ة لين�شر ف��ى ال��داخ��ل �أ� �ض��واء ملونة‬ ‫حاملة متتزج ببع�ضها البع�ض وتتغري �ألوانها‬ ‫على م��دار ال�ن�ه��ار‪ ،‬وذل��ك الخ�ت�لاف زاوي��ة‬ ‫�سقوط ال�شم�س عليه فنور ال�صباح يختلف‬ ‫ع��ن ال�ن��ور عند الظهر وع�ن��ه عند امل�ساء‪.‬‬ ‫ويعد اختيار املكان املنا�سب لو�ضع الزجاج‬ ‫املع�شق مهم جد ًا‪ ..‬ويف�ضل �أن يكون معر�ض ًا‬ ‫لل�شم�س لإب��راز جمال وزه��و �أل��وان الزجاج‬ ‫وخ�صو�ص ًا عند انعكا�س تفا�صيل الت�صاميم‬ ‫على اجل��دران والأر�ضيات وكذلك لتخفيف‬ ‫حدة �أ�شعة ال�شم�س‪ ..‬وي�ستخدم فى القباب‬ ‫وهى عبارة عن فتحات �سقفية حمدبة �أو فى‬ ‫الفتحات ال�سقفية امل�ستطيلة �أو ذات الأ�شكال‬ ‫الهند�سية املختلفة �أو واجهات املبانى‪.‬‬ ‫وي�ؤكد ا‪.‬د‪ /‬حممد زينهم �أنه فى الع�صر‬ ‫احلاىل ظهر فنانني يتعاملون مع الزجاج ك�أنه �أداة‬ ‫لونية يتم جتميعه بطرق عديدة مت اكت�شافها بعد‬ ‫ذل��ك مثل الل�صق احل��رارى عن طريق الأف ��ران ‪،‬‬ ‫�أو ط��ري�ق��ة �إع� ��ادة الت�شكيل �أو ط��ري�ق��ة التجميع‬ ‫بالنحا�س وغ�يره��ا م��ن ال�ط��رق وو�سائل التقنيات‬ ‫املختلفة التى �أدت �إىل تطوير فن الزجاج املع�شق‪.‬‬ ‫‪v‬‬

‫‪64‬‬

‫وقد عرفت �أوروبا نوافذ الزجاج العربى املتميز‬ ‫ب�شفافيته واملزين بخيوط ملونة داخله عندما دخل‬ ‫عرب �شمال �أفريقيا �أو املغاربة �إىل �إ�سبانيا مما‬ ‫�أتاح للأوروبيني تطوير الزجاج املع�شق مبا يتما�شى‬ ‫م��ع فل�سفتهم واعتقادهم واحتياجهم‪ ،‬وتطورت‬ ‫�صناعة الزجاج املع�شق و�أ�صبح ا�ستخدام الر�صا�ص‬ ‫والنحا�س كبديل للرخام واحلجر لت�صبح ت�صاميمه‬ ‫�أك�ثر ج�م��ا ًال و�أف���ض��ل ج��ودة و�أق ��ل تكلفة‪ ،‬و�أ�صبح‬ ‫فنية ت�ضفى مل�سة‬ ‫ال��زج��اج املع�شق حتفة‬

‫جمالية على املبنى وترفع قيمته اال�ستثمارية وت�شعر‬ ‫من بداخله بالراحة النف�سية‪.‬‬ ‫التحول م��ن التع�شيق باجل�ص �إىل التع�شيق‬ ‫بالر�صا�ص‬ ‫ا�ستخدم العرب اجل�ص “اجلب�س” لل�شم�سيات‬ ‫والقمريات كخامة �أ�سا�سية عند تع�شيق الزجاج‬

‫لعدم وجود عوائق حتول دون انت�شارها جلفاف اجلو‬ ‫من ناحية وا�ستقرار معظم ف�صول ال�سنة من ناحية‬ ‫�أخرى‪ ،‬بالإ�ضافة �إىل الدفء الذى حتدثه ال�شم�س‬ ‫وال��ذى ي�أتلف معه اجلب�س كخامة م�ستخدمة فى‬ ‫التع�شيق ‪.‬‬ ‫ولكن تلك اخلامات مل تتوافق مع جو �أوروب��ا‬ ‫لت�أثرها باملناخ البارد ذى الرطوبة العالية �أغلب‬ ‫ف�صول ال �ع��ام‪ ،‬ف�ط��رح اخ �ت�لاف امل �ن��اخ الأوروب� ��ى‬ ‫على فنانيهم فكرة ا�ستبدال اجل�ص مبعدن طيع‬ ‫�سهل هو (الر�صا�ص) �أو (بالط الأ�سمنت ال�صلب‬ ‫ب�ع��د اجل��ف��اف)‪ ،‬وه��ات��ان اخل��ام �ت��ان م��ع ال��زج��اج‬ ‫امل�ل��ون جعلت لأوروب ��ا تقنيتني معروفتني تعك�سان‬ ‫ال�ت��واف��ق ب�ين اخل��ام��ة وامل �ن��اخ هما “فن ال��زج��اج‬ ‫امل�ؤلف بالر�صا�ص”‪ ،‬و”بالطات الزجاج مع‬ ‫الأ�سمنت”‪.‬‬ ‫وقد ا�ستلهم فنانو الغرب فن النوافذ‬ ‫الزجاجية م��ن ال�ع�م��ارة الإ��س�لام�ي��ة مع‬ ‫ا�ستبدال اجل�ص ب�شرائح من الر�صا�ص‬ ‫تثبت ب�ه��ا ق�ط��ع ال��زج��اج‪ ،‬ل�ك��ن الفنان‬ ‫الأوروبى قام برتتيب قطع الزجاج بحيث‬ ‫تكون ر�سوم ًا �آدم�ي��ة وحيوانية ومناظر‬ ‫دينية (�أيقونات) خمتلفة فى ذلك عن‬ ‫الطابع الزخرفى الذى مت ّيزت به الأعمال‬ ‫الفنية الإ�سالمية‪ ،‬وت�شكل نوافذ الزجاج‬ ‫املع�شق بالر�صا�ص ملمح ًا �أ�سا�سي ًا ومميز ًا‬ ‫فى الكنائ�س والكاتدرائيات املنفذة ح�سب‬ ‫الطراز الفنى القوطى والرومان�سكي‪.‬‬ ‫ويذكر ا‪.‬د‪ /‬حممد زينهم �أن هذا‬ ‫الفن ظهر بكرثة فى الكنائ�س احلديثة‬ ‫بعد (ال�ع�م��ارة النحتية وع �م��ارة البوب‬ ‫�آرت) فبد�أ يدخل ال��زج��اج ب�صفة فنية‬ ‫جم� ��ردة م�ع�ت�م��دي��ن ع �ل��ى ال��روح��ان �ي��ات‬ ‫اخلا�صة باللوحة‪ ،‬فعلى �سبيل املثال لوحة‬ ‫م��ارك �شاجال “ال�صعود �إىل ال�سماء”‬ ‫م�ستعين ًا باللون الأحمر والأخ�ضر املمزوج‬ ‫بالأ�سود على الأر�ضية كتعبري عن العذاب‬ ‫املوجود فى الأر���ض ثم ب��د�أ بالدخول على ال�سماء‬ ‫م�ستعين ًا باللون الأزرق املمزوج بالأ�سود تعبري ًا عن‬ ‫مدى ت�أثرها بعذاب و�آالم امل�سيح ثم �صعود امل�سيح‬ ‫لأعلى �إىل �أن �صعد �إىل ال�سماء ب�ألوانها ال�صافية‬ ‫وظهور اللون الأبي�ض جم�سد ًا ما بعد ال�سماوات‪� .‬إذن‬ ‫فالرمز التجريدى التعبريى مل يعد الفنان ير�سم‬


‫الأو�� �ض ��اع وع��ذوب��ة الإح �� �س��ا���س ون�ع��وم��ة املالم�س‬ ‫وم�صرية امل�لام��ح و��ض��رب��ات الفر�شاة الراق�صة‬ ‫واحلانية ‪ .‬كما قام �أي�ض ًا فى بع�ض اللوحات لنف�س‬ ‫املو�ضوع باالعتماد على �ضربات الفر�شاة ال�سريعة‬ ‫وامل�ساحات اللونية املتجاورة ب�أ�سلوب يبدو جتريدي ًا‬ ‫�إىل حد كبري ‪.‬‬ ‫كما تظهر فى �أعماله �أي�ض ًا لوحات تنتمى �إىل‬ ‫مرحلة كان ي�سعى فيها �إىل �إعالء دور املر�أة امل�صرية‬ ‫‪ ،‬فعلى الرغم من بداياته الكال�سيكية والتى ت�صل‬ ‫�إىل ح��د الرومان�سية �أح�ي��ان� ًا كثرية واالنطباعية‬ ‫�أحيان ًا �أخ��رى ‪� ،‬إال �أنه انتقل فى تلك الأعمال �إىل‬ ‫مرحلة جديدة يجمع فيها بني الواقعية والرومان�سية‪،‬‬

‫فالرومان�سية فى �أعماله تظهر فى امل�شاعر الأ�سرية‬ ‫الدافئة والأم��وم��ة التى تفي�ض بها لوحاته فنجده‬ ‫قد ج�سد الأم من خالل حياتها العائلية و�إ�شاعتها‬ ‫الدفء املنزىل من خالل ت�سجيله ليومياتها داخل‬ ‫جدران منزلها بعد �أن �أبدع فى مراحله ال�سابقة فى‬ ‫ر�سمها فى �أو�ضاع خمتلفة تفي�ض بالرومان�سية حيث‬ ‫ر�سمها وهى تقر�أ وجتل�س على ال�شاطئ وتفكر وغري‬ ‫ذلك‪.‬‬ ‫جنده قد ر�سم الأم امل�صرية فى �إحدى لوحاته‬ ‫فى �صورة بدت فيها كالراهبة التى تتعبد فى حمراب‬ ‫املنزل وتتقرب �إىل اهلل برعاية �أ�سرتها و�أوالده��ا‬ ‫كخطوة �أوىل لتن�شئة جمتمع �سوى ‪ ،‬كما ر�سمها وهى‬

‫تقوم بالعديد من املهام الأ�سرية بداية من �إر�ضاع‬ ‫ال�صغري ‪ ،‬ثم احلنو على الطفلة ال�صغرية و�إ�شاعة‬ ‫الألفة بينها وبني �شقيقها القادم ‪ ،‬وذلك فى اللوحة‬ ‫التى تظهر فيها الطفلة ال�صغرية تالم�س بطن الأم‬ ‫احلامل لت�شعر بنب�ضات �شقيقها القادم وتبد�أ فى‬ ‫الت�آلف معه ‪ ،‬فنجد الأم وقد اكت�ست كما فى معظم‬ ‫�أعماله مبالب�س ب�سيطة فاحتة اللون ناعمة ت�شف عن‬ ‫م�شاعر رقيقة وحنو فيا�ض ‪ ،‬كما تظهر فى عمل �آخر‬ ‫وهى مت�شط �شعر الإبنة قبل الذهاب �إىل املدر�سة ‪،‬‬ ‫وفى لوحات �أخرى ير�صدها وهى وتتابع الإبنة فى‬ ‫�إ�ستذكارها لدرو�سها و�آداء واجباتها املنزلية مع‬ ‫الأطفال ‪ ،‬كما تظهر فى �أعمال �أخرى وهى جتل�س‬ ‫‪v‬‬

‫العدد التاسع والعشرون ‪ -‬أغسطس ‪2012‬‬

‫‪67‬‬


‫تشكيل‬

‫خالد السماحى ‪..‬‬

‫أعماله تحتفى بالمرأة واألسرة المصرية‬

‫«خالد ال�سماحى» هو فنان م�صرى من جيل الو�سط ‪ ،‬تخرج من كلية‬ ‫الفنون اجلميلة بالقاهرةعام ‪ ،1993‬يتعامل فى لوحاته مع خامة الألوان‬ ‫الزيتية وغريها من اخلامات الأخرى‪ ،‬قدم حواىل ع�شرين معر�ضا خا�صا‬ ‫و�شارك فى ع�شرات املعار�ض اجلماعية ‪ ،‬كما ح�صل على العديد من‬ ‫اجلوائز‪.‬‬ ‫«ال�سماحى» فنان تتجلى عبقريته فى املراحل املنظمة التى مر بها‬ ‫�إبداعه الفنى ‪ .‬فهو مولع بر�سم امل��ر�أة فى كافة حاالتها ‪ ،‬فكما �أنه بد�أ‬ ‫م�شواره بر�سم البورتريه �إال �أن��ه ب��رع فى ر�سم البورتريهات الن�سائية‬ ‫املفعمة بامل�شاعر و الأحا�سي�س التى ت�شعر بها املر�أة ‪ ،‬فالعيون ت�شع دفئ ًا‬ ‫وحنان ًا واحتواء ت�شعر به من خالل اختياره ل�شخ�صياته التى ير�سمها ‪،‬‬ ‫فال�صور ال�شخ�صية التى ير�سمها ت�ستطيع من خاللها �أن تدخل ب�سهولة‬ ‫�إىل عامل �صاحبها ‪ ،‬فهو الير�سم وجوه ًا ولكن ير�سم انفعاالت وم�شاعر‬ ‫‪v‬‬

‫‪66‬‬

‫د‪.‬فينو�س ف�ؤاد‬

‫و�أحا�سي�س ال�شخ�صية‪ ،‬فق�سمات الوجوه حتمل معانى وخربات وهم�سات‬ ‫تنبئ عن �أ�صحابها‪ ،‬كما �أبدع �أي�ض ًا فى ر�سم املر�أة فى �أو�ضاعها املختلفة‬ ‫وحركاتها اليومية داخل املنزل وخارجه‪ ،‬كما �أن هناك مرحلة �أخرى �أجنز‬ ‫فيها جمموعة من اللوحات التى برع فيها فى ر�سم الفتاة امل�صرية فى‬ ‫�أو�ضاع جديدة مل ن�ألفها فى لوحاتنا امل�صرية املعا�صرة من حيث املو�ضوع‬ ‫‪ ،‬حيث برع فى ر�سم فتيات وراق�صات وفرا�شات البالية‪ ،‬تلك املرحلة التى‬ ‫ت�أثر فيها بقوة بـالفنان الفرن�سى «�إدجار ديجا» الذى برع فى ر�سم حياة‬ ‫راق�صات الباليه حتديد ًا ‪ ،‬كما برع «ديجا» �أي�ض ًا فى ر�سم املر�أة فى العديد‬ ‫من املواقف �أ�شهرها لوحة «املر�أة املت�سولة»‪ ،‬و»�أ�سرة بيليلى» وغريها من‬ ‫الأعمال التى تعترب املر�أة فيها عن�صر ًا �أ�سا�سي ًا ‪.‬‬ ‫ تبعه فى جت�سيد تلك املو�ضوعات «ال�سماحى» و�أهمها «درو�س‬ ‫الباليه ولكن ب�أ�سلوب خمتلف من حيث قوة اللون ورهافة احل�س وليونة‬


‫‪v‬‬

‫العدد التاسع والعشرون ‪ -‬أغسطس ‪2012‬‬

‫‪69‬‬


‫بجوار الأب�ن��اء لكى تتابع وت�ستمتع باال�ستماع �إىل‬ ‫هواياتهم وت�شجيعهم على عزف املو�سيقى وتنمية‬ ‫مهاراتهم احل�سية ‪.‬‬ ‫يتميز �أ�سلوب « ال�سماحي» ف��ى ه��ذه املرحلة‬ ‫بالواقعية من حيث طريقة الر�سم والتكوين مع وجود‬ ‫م�سحة ت�أثريية تعطى للظل والنور قيمته وي�ستخدم‬ ‫الفنان الأل��وان الزيتية مبهارة واقتدار ويبحث فى‬ ‫لوحاه عن مكنونات النف�س الب�شرية‬ ‫ت �ل��ك ه ��ى مل� �ح ��ات � �س��ري �ع��ة ال �ت �ق �ط �ت �ه��ا عني‬ ‫“ال�سماحى” لتظهر جانب ًا خفي ًا من�سي ًا من حياة الأم‬ ‫فى الأ�سرة امل�صرية ‪ .‬فالكثري من الأعمال الفنية‬ ‫ت�صورها �إمر�أة مرفهة ‪ ،‬كما قدم “ال�سماحى” فى‬ ‫مراحل وحمطات خمتلفة من م�شواره الفنى تتمثل‬ ‫فى مرحلة ر�سم الطبيعة ال�صامتة املتمثلة فى �أوانى‬ ‫ال��زه��ور والتى ظهر �أ�سلوبه فيها ت�أثريي ًا ب�صورة‬ ‫كبرية من حيث الألوان و�أ�سلوب التنفيذ ‪ ،‬بينما توجد‬ ‫‪v‬‬

‫‪68‬‬

‫لوحات �أخرى متثل جت�سيد ًا ملراحل قام فيها بدرا�سة‬ ‫احلركة لل�شخ�صيات املتعددة داخل العمل الفنى ‪،‬‬ ‫ويظهر ذلك من خالل لوحاته ودرا�ساته لل�شخ�صية‬ ‫امل�صرية القدمية والأحداث واملعارك التى متت فى‬ ‫ذلك الوقت والتى اهتم فيها باظهار تفا�صيل �أزياء‬ ‫لك املرحلة وكذلك �أنواع العمارة والعدد امل�ستخدمة‬ ‫فى ر�سم اللوحات اجلدارية و�ألوانها التى بدت فى‬ ‫�صورة مطابقة ملا تركه لنا الأجداد ‪.‬‬ ‫و�أخ�ي�ر ًا ومعاي�شة ل�ل�أح��داث ال�سيا�سية التى‬ ‫م��رت بها م�صر م ��ؤخ��ر ًا بعد ث��ورة ‪ 25‬ينايرقدم‬ ‫“ال�سماحى” لوحة كبرية تلخ�ص الثورة والتى كانت‬ ‫بالفعل نقلة كبرية لديه وثورة ‪ ،‬حيث تخلى فيها عن‬ ‫الرومان�سية التى متيز �أعماله فى املراحل ال�سابقة‬ ‫‪ ،‬كما تخلى عن العذوبة ال�شديدة ودرجات الألوان‬ ‫والإ�ضاءة اخلافتة واحلاملة التى غلبت عليها اللون‬ ‫الأبي�ض والأزرق وال�سماوى ‪ ،‬حيث ظهرت �ألوان ًا‬

‫جديدة فى ذلك العمل ات�سمت بال�سخونة �إىل حد‬ ‫ما ‪ ،‬حيث غلب عليها درجات اللون الربتقاىل والذى‬ ‫ت��درج من الفاحت �إىل الغامق ‪ ،‬كما تداخلت فيها‬ ‫�ألوان العلم امل�صرى مع �ألوان مالب�س ال�شخ�صيات‬ ‫التى بدت �إىل حد ما قوية البنيان عمالقة ممتلئة‬ ‫بال�شموخ والعزة ‪ ،‬كما ظهر فيها �أي�ض ًا �صورة املر�أة‬ ‫وه��ى ت ��ؤدى دوره��ا فى ال�ث��ورة ولكن مل تتخلى عن‬ ‫دورها الأ�سرى ‪ ،‬حيث بدت خاملة الر�ضيع ومياندة‬ ‫للزوج و م�صطحبة معها الأطفال ال�صغار ‪.‬‬ ‫فبينما جن��د �أن �شهر م��ار���س ه��و �شهر واح��د‬ ‫كل ع��ام تعم فيه مظاهر تقدير امل��ر�أة من خالل‬ ‫�إحتفاالت دولية و�أ�سرية قد ت�ستمر �أيام ًا �أو �أ�سابيع ًا‬ ‫قليلة‪ ،‬ن��رى «ال�سماحى» يحتفى ب��امل��ر�أة امل�صرية‬ ‫على مدار م�شوارة الفنى الذى امتداد ربع قرن من‬ ‫الزمان ‪.‬‬


‫عن مثيالتها فت�صبح كل واحدة فريدة من نوعها‪،‬‬ ‫وه��ذا التفرد يجعل العديد من النجمات و�سيدات‬ ‫املجتمع يقبلن عليها‪.‬‬ ‫االندثار‬ ‫ما يح�سب ل�شم�س الأتربى �أنها رغم كل �إغراءات‬ ‫املو�ضة وموجاتها املتقلبة‪ ،‬ال تهتم بهذا الأم��ر‪،‬‬ ‫وتربر ذلك بقولها �إن «اتباع خطوط املو�ضة خطة‬ ‫ا�ستهالكية بحتة لت�سويق ب�ضاعة تفر�ض علينا من‬ ‫الغري‪ ،‬فلماذا �أخ�ضع لذوق غريي؟ ومن الذى فر�ض‬ ‫�أو ق��رر �أن ه��ذه هى املو�ضة؟ فاملو�ضة هى مبثابة‬ ‫تذوق جماىل بحت وما ينا�سبنى هو الذى يعرب عنى‬ ‫وعن �شخ�صيتي‪ ،‬مبعنى �أنه يج�سد �أ�سلوبى ال �أ�سلوب‬ ‫�شخ�ص �آخر»‪ .‬وت�أ�سف �شم�س ملا تتعر�ض له الأزياء‬ ‫التقليدية من جتاهل فى غمرة اتباع املو�ضة العاملية‪،‬‬ ‫فعلى ال��رغ��م م��ن الإق �ب��ال الكبري على اجلالبيب‬ ‫امل�صرية �سواء داخل م�صر �أو خارجها‪� ،‬إال �أنها ترى‬ ‫�أن اجلالبيب وغريها من الأزي��اء التقليدية التى‬ ‫تتميز بها م�صر متعر�ضة لالندثار ‪ .‬تقول‪« :‬فى‬ ‫بدايات القرن الع�شرين كانت هناك ت�سع مناطق فى‬ ‫م�صر ترتدى فيها الن�ساء �أزياء تقليدية‪ ،‬ت�شمل بع�ض‬ ‫قرى ال�صعيد‪ ،‬الدلتا‪ ،‬النوبة‪ ،‬الواحات اخلارجة‬ ‫وال��داخ�ل��ة والبحرية وواح��ة �سيوة و�شمال �سيناء‬ ‫وال�ساحل اجلنوبى من البحر الأحمر‪ .‬ومتيزت هذه‬ ‫الأزياء بجمالها الوا�ضح واحل�شمة والراحة والتوافق‬ ‫م��ع امل �ن��اخ‪ ،‬كما ك��ان تطورها �شديد ال �ب��طء‪ ،‬فلم‬ ‫تعرف حتى فى القرن الع�شرين التحوالت املو�سمية‬ ‫وال�شطحات التى تتميز بها املو�ضة‪ ،‬ولهذا مل تدفع‬ ‫من يقبل عليها �إىل اتباع منط ا�ستهالكى تتبدل فيه‬ ‫الت�صميمات والألوان والتطريزات والتقاليد ح�سب‬ ‫الأهواء والأمزجة‪ ،‬بل ظلت زيا تتوارثه الأجيال جي ًال‬ ‫بعد جيل»‪.‬‬ ‫وت�شري �إىل �أنه من �ضمن مزايا هذه الظاهرة‬ ‫�أن��ه ك��ان لكل ق��ري��ة �أو جمموعة م��ن ال �ق��رى منط‬ ‫رئي�سى يرتديه الأغنياء والفقراء على حد �سواء‪.‬‬ ‫ففى املنا�سبات العامة مثل الأف��راح وال�ع��زاءات مل‬ ‫يكن من املمكن التمييز بني ال�سادة من علية القوم‬ ‫ومن يعملون لديهم ‪�« .‬أما حاليا فالأمر يبدو خمتلفا‬ ‫حيث اختفت هذه الأزي��اء من كافة جوانب حياتنا‪،‬‬ ‫و�أعتقد �أن االختفاء يعود �إىل االغ�تراب الثقايف‪.‬‬ ‫و�أذكر �أنه فى عام ‪ 1981‬وعندما كنت مديرة مل�شروع‬ ‫العري�ش للتطريز الذى �صمم بهدف احلفاظ على‬ ‫ف��ن التطريز ال �ب��دوى ف��ى �شمال �سيناء‪ ،‬الحظت‬ ‫‪v‬‬

‫العدد التاسع والعشرون ‪ -‬أغسطس ‪2012‬‬

‫‪71‬‬


‫حرف يدوية‬

‫ رغم التشابه الشديد للقطع المنتجة من تصميم واحد‪ ،‬إال أن كل قطعة‬‫تأخذ سحرها وشخصيتها الخاصة من روح مطرزها‪.‬‬ ‫ مالبس الفتيات السيويات وما يتحلين به من حلى فضية‪ ،‬هو أول ما‬‫يجذب األنظار لمن يزور هذه الواحة‪.‬‬

‫الجالبية البدوية تراث رائع‬ ‫وموضة لكل المناسبات‬ ‫تلك اجللباب ال�سوداء املطرزة والربقع والعيون ال�سوداء‪ ..‬هذه‬ ‫هى �صورة امل��ر�أة البدوية فى عيون العامل‪ ،‬قليال منا ال��ذى يعرف‬ ‫الفرق بني اجلالبية ال�سيناوية وجالبية الواحات‪ ،‬زى الن�ساء مت�شابه‬ ‫جدا هنا وهناك ‪ ..‬فى �شبه جزيرة �سيناء وفى الواحات‪ ،‬لكن هناك‬ ‫مل�سات قد تبدو ب�سيطة تفرق بني هذا وذاك‪ ..‬رحلة بني �صحارى �سيناء‬ ‫والواحات �إلتقينا فيها �سيدات وفتيات يتحلني بالزى البدوى املميز‪،‬‬ ‫والذى �صار مو�ضة ملدة عامني متتاليني وقد ميتد لعامني �آخرين‪ ،‬تظهر‬ ‫اجلالبية البدوية بكرثة فى �أي��ام ال�شهر الف�ضيل‪ ،‬ترتديها �سيدات‬ ‫املجتمع والإع�لام�ي��ات والفنانات بل وامتد �أي�ضا لبع�ض الطبقات‬ ‫الو�سطى التى حتتفل فى رم�ضان بكل ما‬ ‫هو تراثى بدءا من الفانو�س وو�صوال �إىل‬ ‫الأزي ��اء‪ ..‬ففى الوقت ال��ذى يزداد‬ ‫فيه �إقبال ال�سيدات والفتيات‬ ‫على ارت���داء العباءة‬ ‫ف��ى املنا�سبات‬ ‫الدينية وعند‬ ‫ال� ��ذه� ��اب �إىل‬ ‫امل �� �س��اج��د‪� ،‬إىل ج��ان��ب‬ ‫ارت��دائ �ه��ا ف��ى ب�ع����ض امل�ن��ا��س�ب��ات‬ ‫اخل��ا���ص��ة‪ ،‬ي �ظ��ل اجل �ل �ب��اب امل �� �ص��رى‬ ‫بخاماته القطنية املتنوعة بارز ًا ومت�ألق ًا‬ ‫بت�صميماته املقتب�سة من عبق الرتاث املتعدد على �أر�ض‬ ‫م�صر ما بني النوبي‪ ،‬والريفى والبدوي‪ .‬و�إذا كان الإقبال على‬ ‫اجللباب امل�صرى يزداد على مدار �أيام ال�سنة‪ ،‬ف�إن هذا الإقبال‬ ‫يت�ضاعف فى �شهر رم�ضان ليتحول �إىل عادة من العادات الرم�ضانية‬ ‫حتر�ص عليها امل�صريات خالل الزيارات وحفالت الإفطار وال�سحور‬ ‫الرم�ضانية فى اخليام والفنادق‪.‬‬ ‫ولعل هذا ما دفع بع�ض م�صممى اجللباب امل�صرى للإبداع فى‬ ‫هذا املجال وت�صميمه ب�شكل يقبل عليه الأجانب والعرب وامل�صريون‬ ‫على حد �سواء‪ .‬فى مقدمة ه�ؤالء ت�أتى امل�صممة «�شم�س الأتربي» التى‬

‫‪v‬‬

‫‪70‬‬

‫�سهى على رجب‬

‫تخ�ص�صت منذ �سنوات عديدة فى هذا املجال‪ ،‬و�أخذت على عاتقها‬ ‫مهمة لفت الأنظار �إىل جماله و�أناقته و�إمكانية �إرتدائه فى العديد‬ ‫من املنا�سبات‪ .‬عن جتربتها مع هذه القطعة االثرية الع�صرية تقول‬ ‫الأتربي‪« :‬بد�أت م�شوارى مع اجللباب امل�صرى عندما �أردت التعبري‬ ‫عن هويتى امل�صرية والت�أكيد على عروبتى واعتزازى برتاثى الغني‪.‬‬ ‫فعلى الرغم من وحدة املجتمع امل�صرى �إال �أن كل منطقة لها جلباب‬ ‫مييزها عن غريها من املناطق �سواء من حيـث القمــا�ش او التطريز‬ ‫او الت�صميم‪....‬‬ ‫وت�ضيف‪« :‬ن�ستخدم نوعية خا�صة من القطن امل�صرى امل�صمم‬ ‫خ�صي�ص ًا لنا ليتما�شى مع الطريقة التى تتطلبها‬ ‫ت�صميماتي‪ ،‬بالإ�ضافة �إىل احلرير الطبيعى‬ ‫املغزول واملن�سوج يدويا مع خيوط قطن‬ ‫للتمكني وخيوط التطريز وتكون �أما‬ ‫م��ن القطن �أو احل��ري��ر‪.‬‬ ‫�أم��ا عن الأل��وان فال‬ ‫ي ��وج ��د ل � ��ون م�ع�ين‬ ‫تتميز ب��ه منتجاتنا‪،‬‬ ‫و�إن ك ��ان م�ع�ن��ا دائ��م��ا الأ���س��ود‬ ‫والأبي�ض والأحمر والبنى والكاكى والأ�صفر‬ ‫والربتقاىل ‪ ،‬ف�ضال عن ا�ستعانتنا من حني لآخر‬ ‫ببع�ض الألوان اجلديدة كالأزرق الفريوزى على‬ ‫�سبيل املثال‪ .‬وحالي ًا ن�ستخدم ثالثة وع�شرين‬ ‫لون ًا‪� ،‬إذ نعمل على �إدخال �أكرث من لون فى اجللباب الواحد‪ ،‬لكننا‬ ‫نحر�ص �أن تكون الألوان متناغمة»‪ .‬وعلى الرغم من حمدودية عدد‬ ‫القطع التى تنتجها امل�صممة �شم�س الأتربى من كل ت�صميم جديد‪،‬‬ ‫�إال �أن التنفيذ ي�ستغرق وقتا طويال‪ ،‬حيث يقوم باملهمة �أكرث من مطرز‬ ‫وقد ي�صل الأمر فى بع�ض الأحيان لال�ستعانة ب�أربعة �أو خم�سة �أفراد‬ ‫للقطعة الواحدة‪ .‬ورغم الت�شابه ال�شديد للقطع املنتجة من ت�صميم‬ ‫واحد‪� ،‬إال �أن كل قطعة ت�أخذ �سحرها و�شخ�صيتها اخلا�صة من روح‬ ‫مطرزها الذى ابتدعتها يده وتت�أثر مبزاجه النف�سي‪ ،‬وهذا ما يفرقها‬


‫اخليط الذى يطرز به الثوب ‪ ..‬فالأحمر للمتزوجات‬ ‫والأزرق للعذارى ‪ . .‬وتلف الن�ساء خ�صورهن ب�أحزمة‬ ‫من ال�صوف القرمزى ت�سمى �صوفية ‪.‬‬ ‫وتغطى امل��ر�أة ر�أ�سها وتلف كل ج�سمها �إذا ما‬ ‫غادرت منزلها بو�شاح �أ�سود اللون مطرز بوحدات‬ ‫زخرفية ب�سيطة فى حوافه وو�سطه ‪ ،‬وي�سمى هذا‬ ‫الو�شاح « قنعة» �أو «خ��رج��ة» ‪.‬بينما تغطى الفتاة‬ ‫ر�أ�سها فقط « بالوقاية» �أو ال�سادة وهى من القما�ش‬ ‫الأحمر وت�شبه الطاقية ‪� ..‬إال �أن اجلزء اخللفى منها‬ ‫طويل �إىل منت�صف الظهر تقريب ًا وحافتها الأمامية‬ ‫مزينة ب�صف من العمالت الف�ضية �أو الذهبية ت�سمى‬ ‫«الك�شا�شة» ‪ .‬اخلمار �أو الربقع يختلف فى كل قبيلة‬ ‫عن الأخرى ‪ ..‬وي�ستخدم حلجب وجه املر�أة املتزوجة‬ ‫عدا العينني ‪ ..‬ويتكون عادة من �شريط من القما�ش‬ ‫وي�شد حول جبهة املر�أة ويعقد من اخللف وتتدىل منه‬ ‫�صفوف العمالت املعدنية ‪ ..‬حيث يتحدد مدى ثراء‬ ‫املر�أة بنوعية وكمية العمالت على خمارها ‪.‬‬ ‫خلع احلزام‬ ‫وم��ن جانب �آخ��ر تقول الدكتور �سهري عثمان‬

‫�أ�ستاذ الت�صميم بكلية الفنون التطبيقية �أن اجللباب‬ ‫البدوى له رونق خا�ص وخا�صة فى املنا�سبات فنجد‬ ‫فى الواحات مثال فى ع�صر يوم عقد الزواج ترتدى‬ ‫العرو�س �أبهى مالب�سها وتذهب مبا�شرة فى �صحبة‬ ‫بع�ض ن�ساء �أ�سرتها وقليل من الذكور من �أقاربها‬ ‫لتغ�سل وجهها ويديها وقدميها فى �أحد العيون بواحة‬ ‫�سيوة ت�سمى «طمو�س»‪ ،‬من �ضمن �أك�ثر من مائتى‬ ‫عني وينبوع لل�شرب وال�ت��داوى متلأ واح��ات �سيوة‪،‬‬ ‫لتبارك هذا الزواج‪.‬‬ ‫وعند ه��ذه العني املباركة تقوم بخلع حزامها‬ ‫وتعطيه لأمها �أو �إحدى خاالتها لكى ت�ستخدمه �إحدى‬ ‫بنات العائلة فى امل�ستقبل‪ .‬وتظل الن�سوة ت��رددن‬ ‫الأغانى فى طريق رجوعهن من العني حتى يقابلن‬ ‫ن�ساء �أهل العري�س الالتى يكن فى انتظارهن عند‬ ‫مكان معني‪ ،‬ثم يذهنب جميعا �إىل منزل العرو�س‪،‬‬ ‫وفى امل�ساء يذهب العري�س �إىل منزل عرو�سه وتبد�أ‬ ‫الرق�صات واملو�سيقى فى العزف ثم ي�أخذ عرو�سه‬ ‫�إىل منزله‪ .‬ومالب�س العر�س فى ليلة الزفاف �سبعة‬ ‫ف�ساتني ف��وق بع�ضها البع�ض؛ الأول وه��و املال�صق‬

‫للب�شرة يكون �أبي�ض اللون خفيفا �شفافا‪ ،‬والثانى‬ ‫�أح �م��ر ��ش�ف��اف‪ ،‬وال�ث��ال��ث �أ� �س��ود‪ ،‬وال��راب��ع �أ�صفر‪،‬‬ ‫واخلام�س �أزرق‪ ،‬وال�ساد�س من احلرير ال��وردي‪،‬‬ ‫وال�سابع وهو اخلارجى من احلرير الأخ�ضر‪ .‬فوق كل‬ ‫هذا ترتدى ف�ستانا خا�صا بالزفاف مطرزا بتطريز‬ ‫غاىل التكاليف حول الرقبة‪ ،‬وت�ضع على ر�أ�سها �شاال‬ ‫من احلرير الأحمر‪.‬‬ ‫�أما فى �شبه جزيرة �سيناء ترتدى الن�ساء هناك‬ ‫عباءة عادة ما تكون مطرزة بخيوط ملونة بالأحمر‬ ‫والأخ�ضر والأ�صفر وهذه التطريزات يطلق عليها‬ ‫�أ�سماء عديدة منها «مطور» بت�شديد ال��واو و»دحر‬ ‫يج»و»العريجة»و»الت�شكيكة»‪�,‬إال �أن هذا ال��زى بات‬ ‫مق�صورا فى ارتدائه على الن�ساء العجائز و�أ�صبح‬ ‫م�صدر دخ��ل للكثريين حيث يتم ت�صنيعه وبيعه‬ ‫للأجانب من زوار الواحات خا�صة �أنهم يقبلون على‬ ‫�شرائه‪ ,‬كما �أن ن�ساء الواحات يرتدين فى الأنف‬ ‫ما ي�شبه القرط من الذهب وي�سمونه «قطره» وفى‬ ‫الأيدى يرتدين طوقا من الف�ضة ي�سمى «دملج» وفى‬ ‫القدم خلخال من الف�ضة ي�سمونه «حجل»‪.‬‬

‫العدد التاسع والعشرون ‪ -‬أغسطس ‪2012‬‬

‫‪v‬‬

‫‪73‬‬


‫�أن بع�ض التجار والهواة يقومون بزيارة الأ�سواق‬ ‫البدوية و�إخالئها من �أف�ضل منتجاتنا من الأكمة‬ ‫واحللى الف�ضية �إىل جانب الأثواب البدوية ومل يتبق‬ ‫على �أر���ض �سيناء �سوى �أفقر النماذج اخلالية من‬ ‫الإب��داع واخليال‪ .‬لذا و�أم��ام واق��ع اختفاء املراجع‬ ‫قمت باال�ستعانة ب��الأث��واب الأ�صلية التى كنت قد‬ ‫جمعتها على مر ال�سنني من هذه املنطقة وو�ضعتها‬ ‫حتت ت�صرف العامالت معى لتكون مبثابة م�صدر‬ ‫للإلهام واال�ستلهام‪� .‬إذ من خاللها ميكنهن م�شاهدة‬ ‫وحدات التطريز املختلفة ويتعرفن على كيف كانت‬ ‫جداتهن يوزعنها على الأث��واب‪ .‬ومع الوقت تعلمنا‬ ‫معا‪ ،‬فن مزج اخليوط امللونة وانتهينا �إىل تكوين‬ ‫«بنك للوحدات» ي�ضم مئات �إن مل يكن �آالف��ا من‬ ‫قطع القما�ش ال�صغرية التى حتمل كل منها تطريزة‬ ‫منقولة عن �أثواب قدمية‪ ،‬و�أ�صبح هذا البنك بديال‬ ‫للمرجعية املفقودة»‪.‬‬ ‫الثوب الأ�سود‬ ‫وم��ن ناحيته ي�ق��ول الأ� �س �ت��اذ ال��دك �ت��ور ط��ارق‬ ‫م�صطفى ال�شافعى وكيل كلية الرتبية النوعية ل�شئون‬ ‫‪v‬‬

‫‪72‬‬

‫خدمة املجتمع وتنمية البيئة – جامعة القاهرة‪،‬‬ ‫و�أ�ستاذ الن�سيج حيث ح�صل على دكتوراه الفل�سفة‬ ‫فى هند�سة وت�صميم املن�سوجات‪ -‬يقول ال�شافعى‬ ‫�إن الزى البدوى له طبعه اخلا�ص جدا ولكنه يختلف‬ ‫ب�إختالف املوقع اجلغرافى ولكنه اختالف طفيف‬ ‫فرتى مثال مالب�س الفتيات ال�سيويات وما يتحلني‬ ‫به من حلى ف�ضية‪ ،‬هو �أول ما يجذب الأنظار ملن‬ ‫يزور هذه الواحة‪ ،‬فهن يلب�سن ثيابا زاهية الألوان‬ ‫لها �أك�م��ام طويلة وا�سعة‪ ،‬وي�ضعن ح��ول �أعناقهن‬ ‫عقودا من اخلرز‪ .‬وما زالت بع�ض الفتيات ي�صففن‬ ‫�شعورهن فى جدائل متعددة‪ ،‬وتنفق الفتاة �ساعات‬ ‫فى ت�صفيفه‪ ،‬وف��ى كل م��رة تخرج امل��ر�أة ال�سيوية‬ ‫لزيارة قريبة �أو تهنئة جارة مبولد جديد ف�إنها ترتدى‬ ‫عدة �أثواب فوق بع�ضها‪ ،‬ومهما كان العدد ف�إن الثوب‬ ‫اخلارجى يجب �أن يكون �أ�سود اللون مطرزا بزخارف‬ ‫م�شغولة باحلرير متعددة الألوان‪.‬‬ ‫وف��ى داخ��ل امل�ن��زل ي�ك��ون ل�ل�م��ر�أة ال�سيوية �أن‬ ‫تخلع الثوب الأ�سود وتبقى بالثوب ذى اللون الزاهى‬ ‫والأكمام الطويلة الوا�سعة‪ .‬واحللى ال�سيوية تتكون‬

‫من �أ��س��اور عري�ضة ف�ضية وخ��وامت و�أن��واع خمتلفة‬ ‫م��ن العقود وخا�صة العقد امل�سمى «ال�صاحلات»‬ ‫وهو يتكون من �ست قطع على �شكل هاليل‪ ،‬يو�ضع‬ ‫بني كل اثنني من الف�ضة واملرجان‪ ،‬ويتحلى الن�ساء‬ ‫ب��الأق��راط‪ ،‬وه��ى �أم��ا خفيفة وتتدىل من ثقب من‬ ‫حلمة الأذن �أو ثقيلة تتدىل على جانبى الر�أ�س فى‬ ‫نف�س م�ستوى الأذن�ين‪ ،‬ويبلغ حلى بع�ض الن�ساء فى‬ ‫العائالت الغنية �أكرث من ع�شرة �أرطال‪ ،‬واحلليتان‬ ‫الرئي�سيتان هما «الأغرو» وهو ف�ضى حتر�ص ال�سيدة‬ ‫الرثية فى �سيوة على ارتدائه‪ .‬و»التعليق» وهو قرط‬ ‫يتدىل على جانبى الر�أ�س يتكون كل جانب منه من‬ ‫عدة �سال�سل ف�ضية مثبتة فى حلية هاللية ال�شكل‪،‬‬ ‫وتنتهى كل �سل�سلة منها بجلجلة‪� .‬أما �أدوات التجميل‬ ‫عند املر�أة ال�سيوية فهى الكحل والأع�شاب الطبيعية‪.‬‬ ‫�أما فى �سيناء �شمالها وجنوبها فرتتدى البدوية‬ ‫ف��ى �سيناء ث��وب� ًا م��ن قما�ش القطن الأ� �س��ود طويل‬ ‫القدمني مطرز باخليوط احلريرية امللونة فى وحدات‬ ‫تلقائية متقنة تغطى معظم فراغات الثوب ‪ .‬ويت�ضح‬ ‫التمييز بني ثوب املر�أة املتزوجة وثوب الفتاة من لون‬


‫ملاذا تركت الإ�سكندرية‪ ،‬بلدك‪ ،‬و�أتيت‬ ‫�إىل القاهرة؟‬ ‫ال�سكندرى ال ينقطع عنها �أب��دا‪ ،‬ال ي�ستطيع‬ ‫التغيري‪ .‬تخرجت ف��ى كلية ال�ت�ج��ارة‪ .‬لكنى كنت‬ ‫منجذبا للفن‪ ،‬رغ��م �أن عائلتى بعيدة ع��ن هذا‬ ‫املجال‪ ،‬فقر�أت عنه كل �شيء‪ ،‬و�أطلعت على جملتى‬ ‫«روز اليو�سف»‪ ،‬و «�صباح اخلري»‪ ،‬من خالل مكتبات‬ ‫النبى دانيال‪ .‬وجئت للقاهرة و�أنا على دراية كافية‬ ‫بالر�سم‪ ،‬دراية بالقراءة‪ ،‬ولي�س االعتماد فقط على‬ ‫املوهبة‪.‬‬ ‫هذا يفتح باب ال�س�ؤال ال�شائك‪ :‬املوهبة‬ ‫فقط هى التى جتعل الإن�سان فنانا �أم هناك‬ ‫�شيء �آخر؟‬ ‫ف��ى ال �ب��داي��ة امل��وه �ب��ة ط�ب�ع��ا‪ ،‬ل�ك��ن �إذا �أراد‬ ‫اال�ستمرار فعليه القراءة‪ ،‬وا�ستيعاب الفنانني الذين‬ ‫�سبقوه‪ ،‬بجانب االق�ت�راب م��ن امل�سرح وال�سينما‬ ‫والأدب‪ ،‬وتكوين �صداقات حقيقية مع فنانني كبار‪.‬‬ ‫ومن هم الفنانني الكبار‪...‬تق�صد من؟‬ ‫ح�ج��ازى ك��ان ع�لام��ة ف��ارق��ة ف��ى ت��اري��خ الفن‪،‬‬ ‫وكذلك جاهني و�صالح الليثي‪..‬‬ ‫الفنان احلقيقى هو ال��ذى ي�ستمر ويقدم ما‬ ‫هو �أك�بر من جم��رد ر�سمة‪ .‬حجازى كانت ر�سومه‬ ‫ب�سيطة‪ .‬ولكنها معربة‪ .‬كان هناك ر�سامني �أف�ضل‬ ‫من حجازى فى الر�سم‪ .‬ولكن حجازى كان عالمة‬ ‫لب�ساطته ور�ؤيته‪ ،‬هو �أكرب من جمرد «ر�سمة»‪ .‬و�أنا‬ ‫عامة �أحب ر�سامى الكاريكاتري‪ .‬وال �أعتقد �أن هناك‬ ‫مناف�سة معهم‪� ،‬أنا �أحبهم‪ ،‬و�أحب كل ما يتعلق بهم‪.‬‬ ‫وق��د �سجلت‪ ،‬خ�لال �إع ��دادى لربنامج تليفزيونى‬ ‫عن الكاريكاتري‪ ،‬مع الفنانني الكبار �أمثال اللباد‬ ‫و�إيهاب �شاكر‪� ،‬أما حجازى فكان بينى وبينه حوارات‬ ‫طويلة‪ .‬وجم��رد �أن��ى �أع��رف فنان مثل حاكم فقط‬ ‫فهذا يكفيني‪ ،‬وكذلك حجازي‪ .‬ف�إذا مل �أقم ب�شيء‬ ‫فى الدنيا‪� ،‬أو مل �أق��ر�أ �أى كتاب‪� ،‬سوى التحدث مع‬ ‫حجازي‪ ،‬فهذا معناه �إجناز بالن�سبة ّ‬ ‫يل لأنه �شخ�ص‬ ‫«مليان»‪.‬‬ ‫�أعرف �أن حجازى كان معجبا ب�شغلك؟‬ ‫حجازى بعث ّ‬ ‫يل بر�سالة فى ‪ ،2003‬عندما علم‬ ‫بخرب تعيينى بجريدة العربي‪ ،‬وهو تعيني مل يتم‪.‬‬ ‫ووقتها كان الكل منتظر هذه الر�سالة من حجازي‪،‬‬ ‫‪v‬‬

‫العدد التاسع والعشرون ‪ -‬أغسطس ‪2012‬‬

‫‪75‬‬


‫كاريكاتير‬

‫‪ ‬حاكم لعبد الغني‪ :‬أنت «حمار» ألنك عارف الطريق جيدا وعلى العموم الحمار أذكي من‬‫الحصان‬ ‫‪ ‬يتعلم جاهين وحاكم وحجازي الذي قال له رسالة‪ »:‬تمنياتي لك بدوام انشغال العقل‪،‬‬‫وصفاء الروح»‬ ‫ على الدولة احترام الكاريكاتير وتقديره كالفن التشكيلي واألدب والموسيقى‬‫‪ -‬تعلمت كتابة الجملة التي تمس وجدان الناس وأن أرسم بدون كالم!‬

‫سمير عبد الغني‬ ‫حب الكاريكاتير من غير حدود‬

‫‪� ‬سمري عبد الغني‪ ..‬ي�شبه �أهل النوبة لكنه من الإ�سكندرية‪ .‬يتحدث‬ ‫مثل العلماء فى دقتهم لكنه من �أهل الفن‪ .‬يعي�ش خارج هموم �أكل العي�ش‬ ‫ولكنك جتده مهموما مب�ستقبل الكاريكاتري‪ .‬يع�شق فن الربوتريه‪ ،‬فيقيم‬ ‫له معار�ض فنية ب�ساقية ال�صاوي‪ ،‬وهو باعرتافه ال يجيد ر�سمه‪ ،‬وال‬ ‫يقدر على « مزاحمة» فنانى البورتريه‪ .‬مل يجد له ا�سما خمتلفا فى عامل‬ ‫الر�سم‪ ،‬فوقع بدال من ا�سمه �شكل «عينني مفتوحتني»؛ ف�أ�صبحت مالزمة‬ ‫له بعد �أن ا�شتهر‪ .‬يقدم كاريكاتريا جميال وجريئا بجريدة القاهرة‬ ‫وغريها‪ ،‬وهو الكاريكاتري الذى دفع العديد للكتابة عنه‪ ،‬مثل الكاتبة‬ ‫الكبرية �صافيناز كاظم‪ ،‬التى �أ�شادت بر�سوماته‪ ،‬متح�سرة ب�سخرية �أنه‬

‫‪v‬‬

‫‪74‬‬

‫�سامح �سامي‬

‫مل يعني حتى الآن فى �أى جريدة‪.‬‬ ‫�أحيانا ي�أخذ ال�صحفى كلمتني من م�صدره؛ يكتبها ب�شكل جميل‬ ‫ح�سب قدرته؛ وبعد ذلك عادة ال ي�شغل باله ب�صاحب احلوار؛ لكن مع‬ ‫�سمري عبد الغنى �أ�صبحت «م�شغوال به»؛ لأنه فنان حقيقى‪ ،‬ال ميتلك‬ ‫موهبة وخفة دم فقط‪ ،‬ولكنه �صاحب ر�ؤي��ة فنية؛ تبحث عن اجلديد‬ ‫واجلميل فى �آن‪ .‬وهذا من وجهة نظرى «�شخ�ص مملوء فنا»‪.‬‬ ‫التقيت بالفنان �سمري عبد الغنى فى �إحدى قاعات �ساقية ال�صاوي‪،‬‬ ‫و�سط معر�ض لفن البورتريه‪ ،‬وبدال من �أن يتحدث عن �أعماله‪ ،‬حتدث‬ ‫عن فن الآخرين وت�أثريهم عليه وعلى جيله‪.‬‬


‫با�سم �سمري؟‬ ‫قبلى كان موجودا الفنان �سمري عبد اخلالق‪،‬‬ ‫فكتبت �سمري كحب�ش‪ ،‬و�أحيانا �سمري باملقلوب‪.‬‬ ‫هل �س�ألت �سمري عبد اخلالق؟‬ ‫م�ش مهم ممكن �إح�ن��ا االت�ن�ين نبقى �سمري»‪.‬‬ ‫فكتبت �سمري ثم العينني‪ ،‬وبعد ذلك تخليت عن �سمري‬ ‫وو�ضعت العينني فقط‪ .‬ثم علقت العينني مع النا�س‪،‬‬ ‫و�أ�صبح لها ت�أويال خا�صا عند القراء‪ .‬فالبع�ض قال‬ ‫�إن هذه العني هى عني �سمري‪ ،‬و�آخرون وجدوها عني‬ ‫تنظر �إىل الر�سم‪ ،‬وه�ك��ذا‪ .‬و�أن��ا �أر��س��م مثال �ست‬ ‫ر�سومات بجريدة القاهرة‪� ،‬أوقع على واحدة والبقية‬ ‫بالعينني‪ .‬و�أ�صبحت متيمة لطيفة ل�شغلي‪.‬‬ ‫وماذا عن جتربتك مع د‪.‬زينب زمزم؟‬ ‫كانت �أف�ضل فرتة فى حياتى عندما عملت مع‬ ‫د‪ .‬زينب زمزم فى مكتبها‪ .‬كنت �أفكر فقط‪ ،‬وكان‬ ‫املكتب به الكثري من الر�سامني‪ .‬ووقتها كنت �أعد‬ ‫برنامج تليفزيونى بعنوان «�ضحكة النهاردة» على‬ ‫قناة درمي‪ .‬وكتبت م�سرحيتني للأطفال وم�سل�سل‬ ‫كامل‪ .‬و�أخرجت كل الطاقات التى بداخلي‪ .‬وكان‬ ‫نف�سى �أعمل ر�سوم متحركة‪ .‬وعملنا �سويا ‪ 20‬عمال‬ ‫� ُأذي�ع��ت فى قناة النايل كوميدي‪ .‬وه��ى عبارة عن‬ ‫فوا�صل بني الربامج‪ ،‬بحدوتة كاملة‪ ،‬تبد�أ وتنتهى‬ ‫فى ‪ 25‬ثانية‪ .‬لكن للأ�سف مل يكتمل امل�شروع‪ ،‬الذى‬ ‫�أمتنى ا�ستئنافه‪.‬‬ ‫وماذا عن م�ستقبل الكاريكاتري؟‬ ‫حمتاجون الدولة حترتم هذا الفن وتقدره مثل‬ ‫الفن الت�شكيلى والق�صة والرواية وال�شعر واملو�سيقى‪.‬‬ ‫تقدم جوائز و تعمل متحف‪ ،‬وتن�شر كتبا‪ ،‬وتهتم‬ ‫باجلمعية امل�صرية للكاريكاتري‪ .‬و»ك�م��ان ياريت»‬ ‫اجلرائد تفتح م�ساحات �أكرب لهذا الفن‪ .‬لكن احلمد‬ ‫هلل م�صر والدة وطول الوقت تظهر مواهب‪ ،‬فلدينا‬ ‫الآن ‪ 10‬ر�سامني م��ن �أه��م الر�سامني ف��ى الوطن‬ ‫العربى‪.‬‬ ‫ملاذا ال يوجد نقاد لفن الكاريكاتري؟‬ ‫لأن الناقد ي�شتغل على �أ�س�س فى الفن الت�شكيلي‪،‬‬ ‫يعمل على الكتلة والفراغ‪ ،‬وفى الأدب على احلبكة‬ ‫وفكرة الق�صة‪� .‬أما الكاريكاتري فهو فن فطري‪ ،‬لي�س‬ ‫له �أ�س�س و�إمنا طرق خمتلفة لكل فنان‪ .‬وهناك خوف‬ ‫من ر�سامى الكاريكاتري؛ لأن �أيدهم «طار�شة»‪.‬‬

‫وم���ا ر�أي����ك ف��ى اق��ت��ح��ام امل�����ر�أة جم��ال‬ ‫ال��ك��اري��ك��ات�ير مثل دع���اء ال��ع��دل ون�سرين‬ ‫ونرمني بهاء؟‬ ‫الو�ضع الآن تغري‪ ،‬فاملر�أة ممكن تر�سم وتر�سل‬ ‫ع�بر الإمي �ي��ل‪ ،‬وه��ى ال تتحرك م��ن منزلها‪ ،‬املهم‬

‫وجود مطبوعة حتتويهن‪ .‬لكن عددهن طوال الوقت‬ ‫�أقل‪ ،‬و�أغلبهن غري مرتبطات اجتماعيا‪ ،‬فال نعرف‬ ‫الظروف بعد االرتباط و�إجن��اب الأوالد واالن�شغال‬ ‫باحلياة الزوجية‪� .‬أكيد الو�ضع �سيختلف‪.‬‬ ‫‪v‬‬

‫العدد التاسع والعشرون ‪ -‬أغسطس ‪2012‬‬

‫‪77‬‬


‫مثل ال�سناوى �أو عبد احلليم قنديل‪ .‬ولكنه �أر�سل‬ ‫ّ‬ ‫يل ورق��ة �صغرية ج��دا‪ ،‬ق��ال فيها‪ :‬البعيد القريب‬ ‫يا �سمري‪� ،‬صباح الأح��د املا�ضى فهمت من الباب‬ ‫الأ��س�ب��وع��ى اجلميل ف�ص ملح وداب زى ال�سكر‬ ‫للأ�ستاذ جمال فهمى �أن��ه �سوف يتم تعيينك فى‬ ‫العربي‪� ..‬ألف مربوك مع متنياتى لك بدوام ان�شغال‬ ‫العقل‪ ،‬و�صفاء الروح‪.‬‬ ‫وكانت بيننا حوارات طويلة حول فن الكارياتري‬ ‫ومل يكن يقول ىل �سوى �أن جيلى هو الأق��در على‬ ‫التعبري عن م�شكلته‪ .‬وكان يقول لبع�ض �أ�صدقائنا‬ ‫امل�شرتكني ‪�« :‬أن��ا بحب �شغل �سمري عل�شان مذاكر‬ ‫كوي�س»‪ .‬حجازى علمنى �أكتب اجلملة التى مت�س‬ ‫وج��دان النا�س‪ ،‬وحت�س�سهم �أنى معهم فى اخلندق‬ ‫نف�سه‪� ،‬أما حاكم فقد علمنى �أن �أر�سم بدون كالم‪.‬‬ ‫وف��ى �إح��دى امل��رات‪� ،‬س�ألت الفنان حاكم �أيه‬ ‫ر�أي��ك فى �شغلى؟ �أج��اب وهو يبت�سم «�أن��ت حمار»‪،‬‬ ‫فغ�ضبت‪� .‬أخ��ذ ي�ضحك ويقهقه وهو يقول احلمار‬ ‫�أذكى من احل�صان‪ .‬احلمار عنده �إ�صرار ويتحمل‬ ‫�إىل �أق�صى درج��ات التحمل‪ ،‬وع��ارف الطريق اللى‬ ‫بيم�شى فيه وم�ش ممكن يتوه كفاية عليه مرة واحدة‬ ‫عل�شان يحفظ ال�سكة‪ .‬احلمار لطيف وودود احلمار‬ ‫ك��ائ��ن مظلوم م��ن الب�شر عل�شان حم��د���ش ع��ارف‬ ‫قيمته‪� .‬إ�صرارك على النجاح هيخليك تلمع �شوية‬ ‫ب�شوية لغاية ما تنور‪ ..‬جناح له طعم عل�شان جى من‬ ‫تعب و�إ�صرار حتب تبقى حمار وال‪..‬لأ ؟؟ اجبت �إذا‬ ‫كان املو�ضوع كده يبقى �أنا حمار و‪ 60‬حمار‪.‬‬ ‫مل يقل ىل حاكم �أن��ت حم�صلت�ش ‪..‬ك��ان داميا‬ ‫ي �ق��ول �أن ��ت ظ��ري��ف ‪..‬ل �ك��ن م����ش �شغلتك ت�ضحك‬ ‫‪v‬‬

‫‪76‬‬

‫النا�س‪..‬‬ ‫الكاريكاتري الزم يكون من غري كالم‪ ،‬عل�شان‬ ‫يو�صل للعامل‪..‬لو عايز تنجح فجر بالونة الكالم‪..‬‬ ‫وعندما كنت �أق ��ول ل��ه الأم ��ر �صعب ‪..‬ك ��ان دامي��ا‬ ‫ي�ضحك ويقول �ساخرا مفي�ش حاجة �صعبة على‬ ‫احلمار وكنا نقهقه �سويا‪.‬‬ ‫ومبنا�سبة �أن الكاريكاتري لي�س �ضحكا ف�إحدى‬ ‫امل��رات ات�صلت بحجازى ف��ى طنطا‪ ،‬وحكيت ‪ ‬له‬ ‫كيف �ضحكت من قلبى عندما ر�أي��ت ر�سما قدميا‬ ‫حلجازى فى اخلم�سينيات ن�شره فى «�صباح اخلري»‪،‬‬ ‫ولكنى فوجئت بحجازى يقول ّ‬ ‫زعلتنى كده يا‬ ‫يل «�إنت ّ‬ ‫�سمري‪ ..‬معنى �إنك �ضحكت يعنى امل�شكلة اللى كنت‬ ‫را�سم عنها ل�سه ماحتلت�ش»‬ ‫‪� ‬أجد �أنك تدور فى فلك الفنانني الكبار‬ ‫�أمل ت�ستطع جتاوزهم؟‬ ‫من �سبقونا ال ن�ستطيع القفز عليهم‪ ،‬نحاول‬ ‫فقط التقرب من دوائ��ره��م‪� .‬أحيانا دع��اء العدل‬ ‫حتاول اخلروج خارج هذه الدوائر‪ .‬و�أحيانا �أفعل �أنا‬ ‫ذلك فى «اال�سرتب�س» الذى �أقدمه بجريدة القاهرة‪.‬‬ ‫وه��و ع�ب��ارة ع��ن ق�صة بالر�سوم‪ .‬مكونة م��ن �أرب��ع‬ ‫لوحات كل لوحة تكمل الق�صة‪ .‬وقدمت ا�سرتب�س‬ ‫كثري بالقاهرة‪ .‬مثل النحيف الذى يدخن ال�شي�شة‪.‬‬ ‫ورجل يغازل �أمر�أة ت�أكل دجاج فى مطعم‪.‬‬ ‫بني حجازى وجاهني و�إىل فنان مييل‬ ‫�سمري عبد الغني؟‬ ‫تقدر تقول �إنى �أت�أرجح ما بني حجازى وجاهني‪.‬‬ ‫ولكن من علمنى و�أثر ّيف هو الفنان الكبري حاكم‪.‬‬ ‫وم��ا حكاية العني م��ع��ك‪..‬مل��اذا ال توقع‬


‫�إىل حد الإبداع الفنى فى جمال خزف املائدة ولكن‬ ‫الظروف االجتماعية حالت عن ك�شف موهبة الأب‬ ‫واكتفى ب��دور املعلم الأول لإبراهيم �سعيد وتلقينه‬ ‫كل �أ�صول ال�صنعة و�أ�سرارها وهى النقطة التى مل‬ ‫يتوقف عندها طموح الإبن عند حد لقب حرفى بل‬ ‫دفعه الأمل والإ�صرار لإثبات وجوده وجدارته بالرقى‬ ‫�إىل �أعمال فنية متثل قيمة فنية خال�صة‪.‬‬ ‫ودائم ًا مل يحاول «�إبراهيم �سعيد» �أن يوارى هذه‬ ‫البيئة التى ولد ون�ش�أ فيها‪ ،‬بل �أنه دائم ًا يفتخر بكونه‬ ‫ابن فواخري م�صر القدمية �أو مدينة الف�سطاط‪ ،‬فهو‬ ‫يعد امتداد ًا لأجيال �سابقة حملت لواء الفن الفطرى‬ ‫�أو ال�شعبى ملهنة وحرفة الفخار وذل��ك ال يقلل من‬ ‫�إمكانياته الفنية ومن قبل �سبقه الفنان اخلزاف‬ ‫حممد مندور فى هذا الطريق‪.‬‬ ‫فالرتاث ال�شعبى يتمتع بتلقائية الأداء والبعد‬ ‫عن الأكادميية و�سيطرة القواعد لذا يحفل بالفردية‬ ‫والتنوع وتربطه و�شيجة قوية بالتعبري احلر وبغزارة‬ ‫الإن�ت��اج والتجريب و�إط�لاق ال�ق��درات اخلا�صة بال‬ ‫ح��دود‪ ،‬فدائم ًا ميثل ال�تراث ال�شعبى منهل خ�صب‬ ‫للإبداعات الفنية املعا�صرة‪.‬‬ ‫حتى حينما يرتبط عمله بالفطرية ال تعنى‬ ‫باملفهوم ال�سائد �أن ��ه ذو درج ��ة �أق ��ل م��ن الفنان‬

‫الأكادميى ولكن تعنى بالدرجة الأوىل الفنان الذى‬ ‫مل يتلقى درا�سة �أكادميية لأ�صول وقواعد الفن فى‬ ‫الكليات الفنية املتخ�ص�صة‪ ،‬فالفطرية دائم ًا ال�سبيل‬ ‫�إىل التلقائية ف��ى الأداء واالع�ت�م��اد على قوانني‬ ‫يتوارثها ب�أ�صولها ال�شعبية وقواعد حددها املجتمع‬ ‫ال�شعبى وه��ى متثل ف��ى ح��د ذات�ه��ا قيمة تعبريية‬ ‫تت�صف بالب�ساطة والأ��ص��ال��ة وال �ق��درة الإبداعية‬ ‫البعيدة عن قيود الفن الأكادميي‪.‬‬ ‫فالقيمة الفنية لإب��داع��ات «�إب��راه�ي��م �سعيد»‬ ‫�أن�ه��ا مت��زج ب�ين الفطرية وال�شعبية وه��ذا م�صدر‬ ‫ث��راء قيمتها‪ ،‬وال تعتمد على �صياغة العمل الفنى‬ ‫بح�سابات ريا�ضية معقدة بل نراه يحقق التلقائية‬ ‫املبا�شرة ال�سهلة ذات احليوية املتدفقة والتعبريية‬ ‫امل�ؤثرة‪.‬‬ ‫لذا نرى بو�ضوح تراثنا امل�صرى القدمي امل�ستمد‬ ‫من ح�ضارة «ع�صر البدارى ونقادة» والتى اكت�سبت‬ ‫قدرتها اجلمالية من قوة اخلط اخلارجى للأ�شكال‬ ‫الفخارية وان�سيابية اخلطوط وتنا�سق �أجزاء‬ ‫ال�شكل وحجم كتلته فى الفراغ‪.‬‬ ‫لذا حتمل �أوانى «�إبراهيم �سعيد» كل‬ ‫هذه العوامل املتعددة واملرتابطة لتظهر‬ ‫�أع �م��ال��ه و�أوان� �ي ��ه ��ش��اخم��ة ورا��س�خ��ة‬

‫�شاخ�صة �إىل الآف��اق البعيدة‪ ،‬تتناغم الأ�سطح فى‬ ‫هرمونية نحتية رقيقة‪ ،‬ولي�س �سمة حدة فى ال�سطوع‬ ‫وال فراغات فجائية بل �سطوح منزلقة فى عذوبة‪،‬‬ ‫واخل��ط اخلارجى للآنية يقطع رحلته العابرة فى‬ ‫هدوء بل توترات عنيفة‪.‬‬ ‫وبالرغم من كرب حجم �أوانى «�إبراهيم �سعيد»‬ ‫�إال �أن�ه��ا حتمل م��ن اخلفة والر�شاقة الناجتة من‬ ‫ان�سيابية اخلطوط و�صغر القاعدة والتى جتعلها‬ ‫وك�أنها غري ملت�صقة بالأر�ض وت�سمو �إىل �أعلى‪.‬‬

‫‪v‬‬

‫العدد التاسع والعشرون ‪ -‬أغسطس ‪2012‬‬

‫‪79‬‬


‫“ إبراهيم سعيد “ ابن فواخير مصر القديمة‬

‫خبرة األجداد ‪ ..‬وبراعة وصدق التشكيل‬ ‫د‪�.‬ضياء الدين داوود‬ ‫فى طريق احلرفة ال�شعبية دائم ًا نبحث عن ال�صدق والأداء التلقائى بل‬ ‫والعفوية والفطرية فى التعبري‪ ،‬ت�ستوقفك املواهب ال�صادقة التى تت�سم بهذه‬ ‫ال�صفات‪ ،‬لأنها حتمل قيمة فنية �صادقة خرجت من البيئة ال�شعبية وامتزجت‬ ‫بامل�ؤثرات االجتماعية ومن خ�ضم حياتهم الب�سيطة التى ال حتمل �أى زيف‪..‬‬ ‫معلمهم الأول اخلربة العملية التى انتقلت �إليهم من الأجداد �إىل حد �أنها �أ�صبحت‬ ‫جينات اكت�سبها احلرفى ال�شعبى بالفعل ف�أعمالهم تت�سم بال�صدق مل ت�سعى �إىل‬ ‫التنميق بل البحث عن حق �إثبات الوجود وترك ب�صمة قد تبدو �شعبية‪ ،‬ولكنها‬ ‫حتمل �إرث ثقافى ت�ضرب جذوره فى �أ�صول الفن امل�صرى القدمي وارتباطه الدائم‬ ‫ب�إبداعات احلرفة التى خرجت على �أي��دى احلرفيني �أ�صحاب املهارة والدقة‬ ‫‪v‬‬

‫‪78‬‬

‫والقيمة الفنية ال�صادقة‪.‬‬ ‫من رحم منطقة فواخري م�صر القدمية خرج الفنان «�إبراهيم �سعيد» من‬ ‫بني حواريها و�شوارعها ال�ضيقة وغبار �أفرانها و�ضجيج ور�شها‪ ،‬تلك املنطقة‬ ‫التى حفرت ا�سمها فى تاريخ �صناعة الفخار و�سحرت العامل بروائع فن اخلزف‬ ‫الإ�سالمى منذ الفتح الإ�سالمى ملدينة الف�سطاط التى ا�شتهرت على مر الزمان‬ ‫ب�أنها قلعة الفخار مب�صر‪.‬‬ ‫خرج من عائلة متار�س مهنة الفخار وتوارثت �أ�صول وقواعد احلرفة وبرز من‬ ‫هذه العائلة والده املرحوم «�سعيد حامد» والذى يعد من �أمهر احلرفيني الذين‬ ‫�أجنبتهم هذه احلرفة ومتيزت �أعماله باحلرفية واملهارة والإتقان بدرجة ت�صل‬


‫ال�شبكة الهند�سية واخل �ط��وط الع�ضوية لأ�شكال‬ ‫احليوانات والطيور والكتابات العربية ولي�س التنوع‬ ‫فى مو�ضوعات ور�سومات �شبابيك القلة بل �أي�ض ًا‬ ‫ال�ث�راء ف��ى التناغم ب�ين �أق �ط��ار فتحات التفريغ‬ ‫وتوزيعها داخ��ل امل�ساحة الدائرية‪ ،‬كل ذلك ي�ؤكد‬ ‫على القيمة اجلمالية ل�شبابيك القلة‪ ،‬و�أول من �أثار‬ ‫القيمة الفنية لها وب�صورة فريدة هو الفنان املبدع‬ ‫الراحل «نبيل دروي�ش» حينما تناولها كقيمة جمالية‬ ‫تعمد �إظهارها و�إخراجها من م�ساحتها املح�صورة‬ ‫ب�ين ب��دن ورق�ب��ة القلة لتبدو وا�ضحة على �سطح‬ ‫الإناء تتنا�سب وتتنا�سق مع اخلط اخلارجى للإناء‬ ‫ومبعاجلة نحتية تخرجها من وظيفتها تدفع الأعني‬ ‫لرتى هذا اجلمال اخلفي‪.‬‬ ‫وبالرغم من م�شاركة «�إبراهيم �سعيد» الفنان‬ ‫الراحل «نبيل دروي�ش» امل�صدر الفنى ل�شبابيك القلة‬ ‫�إال �أن �أعماله جاءت مبعاجلة فنية �أخرى واعتمدت‬ ‫على ر�ؤيته النحتية لل�شبابيك‪.‬‬ ‫وانح�صرت فى عالقات بني الكتلة املتحركة‬ ‫داخ��ل ال�ف��راغ امل�ح��اط ب��إط��ار دائ��رى لتبدو معلقة‬ ‫بح ّرية وت�سبح فى الفراغ الداخلى للإطار ب�سال�سة‬ ‫وع��ذوب��ة ور��ش��اق��ة‪ ،‬وجل ��أ �إىل التقليل م��ن م�ساحة‬ ‫الكتلة اخلزفية بتوزيع التفريغ للوحدات الهند�سية‬ ‫والع�ضوية وتن�ساب على ال�سطح اخل��ارج��ى لكى‬ ‫ت�ب��دو ج��زء م��ن الكتلة وتتعاي�ش معها ف��ى تناغم‬ ‫تنفى الناحية الزخرفية للوحدات امل�ستخدمة فى‬ ‫الت�شكيل‪.‬‬ ‫وف ��ى ب�ع����ض الأع� �م ��ال مت�ل��أ ه ��ذه ال��زخ��ارف‬ ‫الهند�سية والأخ ��رى تقل م�ساحتها وتن�ش�أ عالقة‬ ‫بني امل�ساحة ال�سائدة ذات اللون الواحد واجلزئية‬ ‫املفرغة‪ ،‬والإح�سا�س بالتفريغ اعتمد على التنوع‬ ‫حلجم ال�ف��راغ��ات لي�ؤكد م��دى متكنه م��ن القدرة‬ ‫على التوزيع والتناغم مع امل�ساحات ال�صلبة لل�شكل‬ ‫اخلزيف‪.‬‬ ‫�إن �أعمال «�إبراهيم �سعيد» الفطرية وال�شعبية‬ ‫ت�ؤكد على �أن م�صر ولاّ دة ب�أبنائها الذين ميلكون‬ ‫طموحات ق��ادرة على �إع��ادة كتابة التاريخ الفنى‬ ‫للخزف املعا�صر‪ ،‬وبقيمة جمالية ت�ؤكد على الأ�صالة‬ ‫وتراثنا الفنى الذى ال ين�ضب و�أن الأمل ما زال قائم ًا‬ ‫فى اكت�شاف مواهب �صادقة تعيد احلياة نحو خلق‬ ‫�أجيال جديدة وقادرة على اقتحام املا�ضى بكل ما هو‬ ‫جديد يعي�ش معنا اليوم‪.‬‬ ‫‪v‬‬

‫العدد التاسع والعشرون ‪ -‬أغسطس ‪2012‬‬

‫‪81‬‬


‫واحلقيقة �أن مقولة (�أواين) ال تنا�سب قيمتها بل هى‬ ‫�أ�شكال نحتية تقرتب من اجل�سد الإن�سانى تفي�ض‬ ‫بالعذوبة القادرة على التوازن بني اخلط اخلارجى‬ ‫والفراغ الداخلى املحبو�س‪.‬‬ ‫فالآنية اخلزفية ما هى �إال �آنية لالحتواء تتكون‬ ‫م��ن ع��دة �أج���زاء �أ�سا�سية وط��ري�ق��ة ارت �ب��اط هذه‬ ‫الأج ��زاء ببع�ضها ون�سبها تقرتب م��ن موا�صفات‬ ‫اجل�سد الإن�سانى ح�سي ًا‪ ،‬فلي�س من قبيل امل�صادفة‬ ‫�أننا قد ا�ستعملنا م�صطلحات بحرفة الفخار ت�شري‬ ‫�إىل ج�سم الإن�سان وترمز للأجزاء املختلفة فى الإناء‬ ‫وهو عن�صر �إيحائى قوى فى الن�سب والعالقات بني‬ ‫�أجزاء الإناء ميكن �إدراكه ح�سي ًا‪.‬‬ ‫فالإناء يحمل م�صطلحات اجل�سد الإن�سانى مثل‬ ‫«البطن‪ ،‬اخل�صر‪ ،‬الكتف‪ ،‬القدم‪ ،‬اجلذع‪ ،‬وال�شفة»‬ ‫كلها م�صطلحات تقارب اجل�سد وحتمل اختزاالت‬ ‫النهائية للتعبري بالإناء فى ر�ؤيته ومتثيله للج�سد‪،‬‬ ‫وهذه مقدرة لي�ست متاحة �إىل للكل وهو ما برع فيه‬ ‫«�إبراهيم �سعيد» لتمثل �أوانيه مناذج لي�ست بعيدة‬ ‫عن الب�شر‪ ،‬فهى حمملة بالإن�سانية خرجت من كونها‬ ‫�إناء بل تتعدى ذلك وتتحول �إىل �أ�شكال لها من �صفات‬ ‫رقيقة ت�صل بك �إىل الرقة والعذوبة ال�صادمة فى‬ ‫رقتها‪ .‬ومل يلج�أ �إىل املعاجلة اللونية كثري ًا متعمد ًا‬ ‫�أن تظل ال��ر�ؤي��ة للكتلة النحتية دون تدخل عوامل‬ ‫�أخرى ولتظهر قوة خطوط ال�شكل كعن�صر �أ�سا�سى‬ ‫فى جماليات الإناء عند «�إبراهيم �سعيد»‪.‬‬ ‫وع �ل��ى اجل��ان��ب الآخ� ��ر م��ن �أع �م��ال��ه اخلزفية‬ ‫ذات ال�صفة النحتية وامل�ستمدة من �شبابيك القلة‬ ‫التاريخية �إحدى الإبداعات الفنية التى يزخر بها‬ ‫الفن الإ�سالمي‪ ،‬والتى انطلقت من مفهوم اجلمال‬ ‫اخلفى �أو الغري ظاهر للعني امل�ج��ردة‪ ،‬فهى متثل‬ ‫البحث عن القيمة الروحية للجمال ال�صادق وتوافقه‬ ‫مع الوظيفة اال�ستخدامية للجزء الداخلى املح�صور‬ ‫ب�ين رق�ب��ة وب ��دن القلة ف��ى التحكم الن��دف��اع امل��اء‬ ‫من القلة �أثناء ال�شرب‪� ،‬إن��ه من املنطق التطبيقى‬ ‫ال�ستخدام اجلمال الفنى من خ�لال منتج يحمل‬ ‫مل�سة فنية تنعك�س على احلياة وحترك امل�شاعر نحو‬ ‫ما ن�ستخدمه البد �أن يحمل درجة عالية من الذوق‬ ‫واللم�سة الفنية و�شبابيك القلة مل متثل التطبيق‬ ‫امل�ث��اىل للعالقة ب�ين الوظيفة واجل �م��ال ب��ل حتفل‬ ‫بالت�صميمات املتنوعة من خالل الر�سومات التى‬ ‫حفرت �أو ب�صورة �أدق با�ستخدام التفريغ واحلز‬ ‫للخطوط وذل��ك للر�سومات الهند�سية وجماليات‬ ‫‪v‬‬

‫‪80‬‬


‫زينب و�أخربنى بنجاحى فى الفرقة الإع��دادى و�أنه‬ ‫الأول على الدفعة هو الزميل عبد املعبود جنيب‬ ‫وقمت ب�ضيافته وحني خروجنا من املنزل �أخربته‬ ‫ب��أن �أح��د الزمالء فى الدفعة �ساكن بالقرب منى‬ ‫وهو �صربى من�صور وذهبنا �إليه للخروج معنا ولكننا‬ ‫مل جنده وذلك ل�سفره للعائلة فى طنطا وبد�أ العام‬ ‫اجلديد ‪ 1961 – 1960‬وذهبنا �إىل ق�سم الت�صوير‬ ‫للفرقة الأوىل‪ ..‬ومن هنا بد�أت احلرية على وجوهنا‬ ‫جميع ًا‪ ..‬وذلك لأن العدد املتقدم لق�سم الت�صوير‬ ‫ك��ان كبري ًا ج��د ًا والق�سم ال ي�سع ملثل ه��ذا العدد‪..‬‬ ‫وهم�س ري��ا���ض ف��ى �أذن��ى وق��ال ىل‪� ..‬إوع��ى ت�سيب‬ ‫هذا الق�سم وكذلك ح�ضر معنا �صربى من�صور‪..‬‬ ‫وب�إ�صرار تام منا بعدم ترك ق�سم الت�صوير ب�أى حال‬ ‫من الأحوال‪ .‬وجاء الأ�ستاذ دروي�ش و�أخربنا ب�أن هذا‬ ‫الق�سم �صعب والر�سوب فيه كثري جد ًا‪ ..‬ورغم ذلك‬ ‫كان لدينا العزم والإ�صرار على البقاء فيه ‪ ..‬وقد‬ ‫ك��ان‪ ..‬وب��د�أ بقية الزمالء فى االجت��اه �إىل الأق�سام‬ ‫الأخ��رى وا�ستقر العدد حل��واىل ‪ 17‬طالب وفج�أة‬ ‫و�أثناء الوحدة بني م�صر و�سوريا ب�أن ح�ضر معنا فى‬ ‫الفرقة الأوىل عدد كبري من الأخوة ال�سوريني‪ ،‬من‬ ‫بينهم – نذير نبعه – خالد مز – �أدهم قطر�ش –‬ ‫ن�ش�أت الزغبى – زياد الرومى – وزميل فل�سطينى‬ ‫ه��و �إ� �س �ح��اق �سلطان التميمى و�آخ ��ر �أندوني�سى‬ ‫“طوباجو�س” وزميل يونانى “كيفرك ايراديان”‪..‬‬ ‫ومن هنا بد�أ ال�صراع كما لو كنا فى فرقة �إنتحاريه‬ ‫ملدة �أربع �سنوات فى تدريب �شاق وخا�صة حني ح�ضر‬ ‫ريا�ض و�أخربنى ب��أن الأخ��وة ال�سوريني على دراية‬ ‫كافية بالفن‪ ..‬لأن بع�ضهم كان مدر�س تربية فنية‬ ‫و�آخر ناظر مدر�سة �سابق ًا و�أخربه باملرحلة الزرقاء‬ ‫لبيكا�سو‪ ..‬طيب حنعمل �إي��ه ي��ا ري��ا���ض‪ ..‬وتانى‬ ‫يوم ذهبنا �إىل �شارع ق�صر النيل وفى بدايته من‬ ‫التحرير كان يقع مبنى متحف الفن احلديث ومكتبة‬ ‫فنية وبجوارها مكتبة مو�سيقية ذات حديقة كبرية‬ ‫وبجوارها من اجلهة الأخ��رى مبنى منزل ال�سيدة‬ ‫هدى �شعراوى وكان فى ذلك الوقت الأ�ستاذ جالل‬ ‫ف�ؤاد مدير ًا لهذه املكتبة ثم نقل هذا املبنى بعد ذلك‬ ‫�إىل �شارع �شمبليون فى �شقتني وف�صل عنها املكتبة‬ ‫املو�سيقية وكان الدكتور هانى �إبراهيم جابر مدير ًا‬ ‫لهذه املكتبة ومت نقلها مرة �أخرى �إىل بوالق حيث كان‬ ‫بجوارها مرا�سم لكل من الأ�ستاذ عبا�س �شهدى وعز‬ ‫الدين حمودة والنحات حممد رزق و�أحمد �إبراهيم‬ ‫وحامد ندا ثم حممود عبد ال�سميع‪.‬‬

‫وكنا نتقابل يومي ًا �أنا وريا�ض �سعيد فى املكتبة‬ ‫ب�شارع ق�صر النيل ثم الذهاب �إىل باب اللوق حيث‬ ‫قاعة الغرفة التجارية‪ ...‬ك��ان حممد ريا�ض على‬ ‫دراية كافية بهذه الأماكن �أكرث منى ‪ ..‬ويرجع ذلك‬ ‫�إىل �أ��س�ت��اذه باملرحلة الثانوية‪ ..‬وذات ي��وم طلب‬ ‫منى ريا�ض الذهاب معه للتعرف على هذا الأ�ستاذ‬ ‫واال�ستفادة منه فنيا وبالفعل ذهبنا �إىل مدر�سة‬ ‫ال�سعيدية الثانوية وكانت ال�ساعة تقرتب من ال�سابعة‬ ‫م�ساء ًا و�أثناء دخولنا املدر�سة كانت هناك رائحة‬ ‫ال��دخ��ان‪�� ..‬ص��ادرة من حجرة الغفري وك��ان يعرفه‬

‫جيد ًا وذه��ب �إليه ‪ ..‬ثم خ��رج ريا�ض وال��دم��وع فى‬ ‫عينيه و�أخربنى ب��أن الغفري بيحب يدخن ال�شي�شة‬ ‫و�أخذ ي�شربها وفى هذا اليوم �أ�صيب �صدره بوعكه‪..‬‬ ‫لذلك حزن ريا�ض وبكى‪ ..‬كان ريا�ض رغم تعامله‬ ‫ب�شدة مع بع�ض الأ�شخا�ص وب��ال��ذات فى الأ�شياء‬ ‫التى ال ير�ضى عنها ورغم ذلك كان قلبه طيب جد ًا‬ ‫وينفعل ب�شدة �أي�ض ًا �أمام موقف م�ؤمل وحزين‪ ،‬كان‬ ‫ريا�ض مهتم ًا بالدرا�سة وملتزم لأق�صى درج��ة‪..‬‬ ‫متواجد فى الق�سم طوال اليوم‪ ..‬ال ت�ستطيع التكلم‬ ‫معه من بداية اليوم الدرا�سى وحتى نهايته‪ ..‬وهو‬

‫العدد التاسع والعشرون ‪ -‬أغسطس ‪2012‬‬

‫‪v‬‬

‫‪83‬‬


‫تشكيل‬

‫الفنان القدير محمد رياض سعيد (‪ )2008 – 1937‬المحلق دوما فى سماء السوريالية‪.‬‬ ‫وهو من مواليد القاهرة ‪ 1937‬بشبين القناطر بالقليوبية وتخرج فى كلية الفنون‬ ‫الجميلة بالقاهرة ‪ 1964‬بامتياز مع مرتبة الشرف‪ ،‬وحصل على شهادة األستاذية فى‬ ‫الفن من أكاديمية سان فرناندو بمدريد ‪.1976‬‬ ‫ويعد رائد السوريالية وتربع على عرشها أربعين عامًا‪ ،‬وامتلك تقنيات إنهاء اللوحة‬ ‫لتبدو فى أجمل رونق وكأنها لوحة كالسيكية رصينة‪ ،‬وبالفعل يثبت أستاذيته فى‬ ‫البورتوريه الكالسيكى ولعل أشهر لوحاته فى هذا المجال لوحة «الراهبة»‪.‬‬ ‫نحن هنا نتواصل مع إبداعاته من خالل زميل دراسته ورفيق مشواره الفنى الفنان‬ ‫مصطفى الفقى‪.‬‬

‫د‪ .‬م�صطفى الفقى‬

‫محمد رياض سعيد‬

‫بين ابن البلد وابن الذوات‬

‫تخرج فنانا من ق�سم الت�صوير حيث ع�شت معه طوال الأربع �سنوات‬ ‫بهذا الق�سم‪ ،‬عالوة على الفرقة الإعدادى مع كرثة الأعداد من الزمالء‬ ‫وعدم اال�ستقرار فلم �أتعرف عليه عن قرب �إال فى حفلة قمنا بها تقريب ًا‬ ‫فى نهاية العام الدرا�سى للفرقة الإعدادى‪ ،‬ومرة �أخرى �أثناء القيام بر�سم‬ ‫متثال فى مبنى �إعدادى على �سطح الكلية‪ ،‬وكان فى هذا اليوم الأ�ستاذ‬ ‫على مهيب معيد ًا علينا وحني ر�أى اللوحة اخلا�صة بى قال يل‪ :‬كفاية كده‪،‬‬ ‫اتركها واعمل واحدة �أخرى و�سوف ت�أخذ عليها الدرجة النهائية‪ ،‬وهنا بد�أ‬ ‫الزمالء يلتفوا حوىل �إال ريا�ض �سعيد كان دائم ًا منعز ًال عن الزمالء وال‬ ‫تعرف عنه �أى �شئ‪ ،‬وفج�أة ح�ضر الأ�ستاذ عزيز وهو رجل كبري فى ال�سن‬ ‫واحلجم ويرتدى نظارة ذات عد�سات كبرية �أي�ض ًا وتظهر من خاللها‬ ‫‪v‬‬

‫‪82‬‬

‫عينيه بو�ضوح تام‪ ،‬وجه ىل النداء واحل�ضور الفورى ب�صوت عاىل ‪� ...‬أنت‬ ‫�سوف تر�سب فى هذا ال�شكل و�س�أعطيك �صفر‪ ..‬وكانت املادة خا�صة بق�سم‬ ‫احلفر حني ذاك‪.‬‬ ‫على وفى نف�س الوقت ال ينقطع‬ ‫وهنا ظهر ريا�ض بجانبى وكله �شفقة ّ‬ ‫عن ال�ضحك‪ ،‬وق��ال يل‪ :‬اج��رى واذه��ب لعلى مهيب واخ�بره مبا حدث‪،‬‬ ‫وفج�أه ح�ضر على مهيب وبعد معرفته مبا دار ابت�سم وقال ىل ال تخف‬ ‫�أنا عند كلمتى‪ ،‬وفع ًال ح�صلت على ‪ 100‬من ‪ 100‬فى هذا ال�شكل ومن‬ ‫هنا تعرفت �أك�ثر على حممد ريا�ض �سعيد وكنا على مقربة من نهاية‬ ‫الفرقة الإعدادية‪ ،‬وطلب منى كتابة عنوانى ‪ ..‬وجاءت الأج��ازة‪ ،‬وذات‬ ‫يوم وجدت ريا�ض �أمام باب �شقة الأ�سرة ب�شارع جمل�س النواب بال�سيدة‬


‫�شبكة ال�سيارات‪ ..‬وفج�أة ط��ارت �إح��دى اللوحات‬ ‫وا�ستقرت حت��ت ع�ج�لات �إح ��دى ال���س�ي��ارات وهنا‬ ‫بكى م��ن غ�ير م��ا يعرف اللوحة مل��ن م��ن ال��زم�لاء‪.‬‬ ‫وكانت املفاج�أة ب�أن هذه اللوحة خا�صه بى وا�شتد‬ ‫حزن ريا�ض �أكرث ومل يرتكنى �إال بعد الذهاب للكلية‬ ‫والكونرتول حيث �أعطونى �ساعة �إ�ضافية لت�صليح‬ ‫املنظر م��ن الأت��رب��ة وخ�لاف��ه ورغ��م ح�صوىل على‬ ‫درج��ات �شبه نهائية فى جميع امل��واد مل يكن هناك‬ ‫�أى �إح�سا�س �سواء من ريا�ض �أو �صربى من�صور‬ ‫باملناف�سة معي‪ ،‬كانت العالقة بيننا يربطها احلب‬ ‫وال�صفاء‪ ،‬ثم جاء م�شروع البكالوريو�س و�أثناء العمل‬ ‫بالكلية حواىل ال�ساعة الثانية ع�شر م�ساء ًا جاء ىل‬ ‫ريا�ض و�أخربنى ب�أنه يريد �أن ي�أكل �أى �شيء وخرجنا‬ ‫من الكلية ومل جند �أى مكان فى الزمالك ل�شراء‬ ‫�أكل �إال الذهاب �إىل �أبو العال وهو �أقرب مكان لنا‪..‬‬ ‫وال�سهر فيه حتى ال�صباح ‪...‬وح�ي�ن و�صولنا كان‬ ‫هناك م�صدر لرائحة كباب وذهبنا �إليه فوجدنا‬ ‫زحام كبري والكل ينادى على �صاحب عربة الكباب‬ ‫بكلمة غريبة �إال وهى “ يا ب�سب�س “ بخم�سة �صباع بـ‬ ‫ع�شرة يا ب�سب�س‪..‬كان �صابع الكفته بتعريفة “خم�سة‬ ‫مليمات” وهنا بد�أ ال�شك فى قلبى و�أخربت ريا�ض‬ ‫بكلمة ب�سب�سى وما املق�صود بها!!! ف�أخربنى ريا�ض‬ ‫ب�أنه ابن بلد وهذه كلمة �شهرة لأوالد البلد ومل �أقتنع‬ ‫بذلك ف�س�ألت �أح��د املوجودين �أنتم بتقولوا له يا‬ ‫ب�سب�س ليه؟؟ ف�أخربنى ب�أنه ل�سه طالع من ال�سجن‬ ‫لأنه كان يبيع حلمة قطط قبل ذلك‪..‬‬ ‫وهنا �أق�سمت لريا�ض بالعودة للكلية ولو بدون‬ ‫�أكل‪...‬وحل�سن احلظ وجدنا بقال وا�شرتينا جبنه‬ ‫وح�لاوة ورجعنا بخري و�سالم‪ ...‬ومل ين�سى ريا�ض‬ ‫هذا املوقف وكان يردده ويحكيه با�ستمرار‪.‬‬ ‫وبعد التخرج طلب من ريا�ض لوحة عن جيفارا‬ ‫فذهبنا �إىل مر�سم الفنان ك�م��ال خليفة ب�شارع‬ ‫من�صور بالقرب من باب اللوق حيث كان يعانى من‬ ‫�شدة املر�ض فكنا نذهب جنل�س معه لتخفيف الآالم‬ ‫عنه وكان يح�ضر عنده �أي�ض ًا ال�شاعر جنم وطلب‬ ‫منه ريا�ض �إلقاء ق�صيدة “جيفارا مات” وكنت فى‬ ‫منتهى ال�سعادة ومنذ هذا اليوم كنا نذهب �أحيان ًا‬ ‫�أنا وريا�ض �إىل جنم فى حو�ش �آدم بالغورية وكان‬ ‫معه ال�شيخ �إم��ام ل�سماع بع�ض الق�صائد ال�شعرية‬ ‫واملواقف كثرية ال ي�سعنا ذكرها الآن �سوى �سماع‬ ‫الذكرى الطيبة ل�صديق العمر حممد ريا�ض �سعيد‬ ‫�صوان‪.‬‬ ‫‪v‬‬

‫العدد التاسع والعشرون ‪ -‬أغسطس ‪2012‬‬

‫‪85‬‬


‫�أمام اللوحة فى حما�س وحرية �أحيانا واهتمام يفوق‬ ‫الو�صف‪� ..‬إذا �أكل ي�أكل �أم��ام اللوحة وال يتكلم مع‬ ‫�أح��د وال ي�سمع لأح��د‪ ..‬وك��ان فى كثري من الأحيان‬ ‫يدفع للموديل �أج��رة من عنده حتى يجل�س له وقت‬ ‫�إ�ضافى وكان على �أيامنا مكان يعرفه معظم طلبة‬ ‫الكلية فى ذلك الوقت من ال�ستينيات وهو” ال�شاليه”‬ ‫بالقرب من الكلية‪ ...‬كنت �أذهب �إليه با�ستمرار �أنا‬ ‫وخالد دروي�ش وح�سن عبد الفتاح ونذير نبعة و�صربى‬ ‫من�صور ثم يح�ضر ريا�ض بعد االنتهاء من املوديل‬ ‫ومن رواد ال�شاليه كل من الو�شاحى وبق�شي�ش واللباد‬ ‫ونبيل ت��اج وزك��ري��ا الزينى و�سمري اال�سكندرانى‬ ‫وال��د��س��وق��ى فهمى ‪ ...‬وك��ان ري��ا���ض م�شاك�س مع‬ ‫‪v‬‬

‫‪84‬‬

‫اجلميع بطريقة مقبولة وب�ه��ا �شئ م��ن املداعبة‬ ‫وب��ال��ذات مع الو�شاحى ملا يظهر عليه من كربياء‬ ‫وعظمة فى التعامل حيث كان يرف�ض الأك��ل بدون‬ ‫�صانية �أو طبق خا�ص ل��ه‪ ...‬فكان ريا�ض ال ينقطع‬ ‫على ال�ضحك ب�صوت ع��اىل وي�أخذ من الو�شاحى‬ ‫الأكل ويقول ىل تعال ناكله احنا ‪ ...‬طاملنا الو�شاحى‬ ‫عايزه فى طبق خا�ص ‪ ...‬رغم ذلك �أحبه اجلميع‪.‬‬ ‫كان يوم التحكيم مل�شاريع �أعمال ال�سنة �أ�صعب يوم‬ ‫بالن�سبة لريا�ض كما ل��و كانت اللوحة ق��د دخلت‬ ‫العناية املركزة لإجراء عملية جراحية لها ‪ ...‬كان‬ ‫يجل�س فى �صمت وترقب وقلق �شديد ‪ ....‬وكانت‬ ‫النتيجة �أما مر�ضية في�ستعيد �أنفا�سه �أو غري مر�ضية‬

‫ويظهر عليه احلزن ال�شديد لدرجة �أنه كان يبكى‬ ‫�أح �ي��ان � ًا‪ .‬وف��ى الفرقة الثانية ت�صوير ب��د�أ يظهر‬ ‫ال�صراع بينه وبني الزميل �صربى من�صور بو�ضوح‬ ‫ت��ام مل يكن م��ن ذى ق�ب��ل‪ ...‬رغ��م كوننا جمموعة‬ ‫مت�آلفة وعلى ات�صال تام �أنا و�صربى وريا�ض وح�سن‬ ‫عبد الفتاح ون��ذي��ر نبعة وع�ب��د امل�ع��ز �سالمة كان‬ ‫ريا�ض مقل فى اال�شرتاك فى رحالت الكلية �سوى‬ ‫رحلة الأق�صر و �أ�سوان‪ ،‬واال�شرتاك فى مهرجانات‬ ‫الثورة ببور�سعيد‪ ..‬وكنت �أنا وريا�ض وزكريا الزينى‬ ‫م�ساعدين للأ�ستاذ دروي�ش فى مهرجان ‪ 23‬يوليو‬ ‫وكان ريا�ض فى منتهى ال�سعادة اثناء العمل فى هذه‬ ‫املهرجانات كتدريب على الأعمال الكبرية والكت�ساب‬ ‫خربة وبالذات مع الأ�ستاذ دروي�ش رغم قلة احلافز‬ ‫امل���ادى‪ ...‬لأن��ه مل يكن بكرم الأ��س�ت��اذ البنانى �أو‬ ‫الأ�ستاذ عا�صم الذى كان كرمي ًا جد ًا لدرجة �أنه كان‬ ‫ي�شرتى لنا الأك��ل بكميات كبرية على �سبيل املثال‬ ‫اجلبنة الرومى بالقر�ص الكبري وكذلك الفالمنك‪،‬‬ ‫كان ريا�ض �شاطر فى �شراء الأ�شياء ومهتم ًا مبظهره‬ ‫و�شراء �أغلى �أنواع املالب�س‪ ...‬لدرجة �أننى �أخربته‬ ‫مبحالت فى �شارع ف�ؤاد ( كليرب وكيزك ) واحلذاء‬ ‫بها ثمنه ‪ 99‬قر�ش فكان ي�ضحك وي�شرتى احلذاء‬ ‫بثالثة جنيهات‪.‬‬ ‫كان ريا�ض بداخله ابن بلد ويحمل ابن ذوات‬ ‫لدرجه �أن��ه فى ي��وم من الأي��ام �أخ�برن��ى عن عربة‬ ‫ك�شرى فى ب��اب اللوق وبالفعل ذهبت معه و�أكلنا‬ ‫ك�شرى مل �آكل مثله من قبل كان ريا�ض متخ�ص�ص‬ ‫فى الأكالت ال�شعبية وبالذات حلمة الر�أ�س وال�سمني‬ ‫لدى عربة �أخ��رى فى �شارع املحطة باجليزة حيث‬ ‫الزحام والإقبال ال�شديد عليه‪.‬‬ ‫وكان ي�ؤمن باحل�سد‪ ...‬حري�ص جد ًا فى التعامل‬ ‫‪ ..‬ال يعطى �أو يبح ما داخله ب�سهولة �إال ملن يثق به‬ ‫وير�ضى عنه ورغم ذلك ال يبيح �إال بالقليل والغري‬ ‫مهم �أي�ضا‪.‬‬ ‫كان ريا�ض محُ ب لأعماىل بالكلية ويقول ىل �أنت‬ ‫�سوف ت�صبح فنان ذو �ش�أن كبري رغ��م نظرتى له‬ ‫وتفوقه وده�شتى لإتقانه اللوحة ومدى الدرا�سة بها‬ ‫وكان ريا�ض ذو مهارة فى مادة الفر�سك “الت�صوير‬ ‫اجلداري” على عك�سى رغبتى التى كانت تتجه نحو‬ ‫املنظر الطبيعى وك��ان ريا�ض يجل�س بجانبى فى‬ ‫املناظر ب�إعجاب من القلب لدرجة �أنه بكى فى يوم‬ ‫االمتحان مل��ادة املناظر اخلارجية مبنطقة القلعة‬ ‫ف�أثناء رجوعنا ب�سيارات الأجرة كانت اللوحات على‬


‫امين حامد‬

‫رمضان كريم مع الفن التشكيلى‬

‫ويهل علينا ي�أتى فى موعده من كل عام ‪..‬حانيا كالندى ‪..‬هام�سا كال�سحر بفيو�ضاته ونفحاته الروحانية‪..‬‬ ‫�شهر رم�ضان هذا ال�شهر الكرمي‪.‬‬ ‫وهكذا �أجد لزاما �أن ا�ستهل ال�شهر الف�ضيل بهذه العبارة التقليدية ال�شهرية «كل عام واجلميع بخري»‬ ‫نعم طاملا لنا عادات وتقاليد ترتبط ب�شعائر الدين ونتم�سك بها ونلتزم بطقو�سها مهما تطور املجتمع وهى‬ ‫التى ت�ؤكد فينا الأ�صالة واالنتماء وت�ؤكد اي�ضا روح املحبة وال�سالم ‪.‬‬ ‫فانو�س رم�ضان ‪ ...‬الكنافة ‪ ..‬القطايف ‪..‬اخل�شاف ‪ ..‬املك�سرات وارتباطها بالت�سايل والت�سامر والتزاور‪،‬‬ ‫وهنا ال يعدو الأمر م�أكوالت ترتبط باملعدة بل جوانب اجتماعية عظيمة من تراحم وترابط جمتمعي ي�ؤكدها‬ ‫احلر�ص على الإفطار اجلماعي الذى ي�ضم العائلة الكربى بكامل �أفرادها �أو مائدة الرحمن التي ت�ضم‬ ‫القا�صي والداين ‪ ...‬الغريب والقريب ‪ ...‬الغني والفقري ‪ ...‬امل�سافر واملقيم ‪ ...‬الكبري وال�صغري ‪ ...‬لقد ذابت‬ ‫الفوارق االجتماعية وان�صهرت يف �شهر التوبة واملغفرة والعتق من النار‪.‬‬ ‫ولنبد�أ اجلولة مع م�شاعر الت�شكيليني وكيف عربوا بري�شتهم عن �شهر رم�ضان الكرمي‪.‬من بداية اجليل‬ ‫االول من الرواد �إىل �أحدث �أجيال الفن ‪.‬‬

‫‪v‬‬

‫‪87‬‬


‫فكرة‬

‫الحرف اليدوية ومفهوم‬ ‫التصنيع الثقافى‬

‫اقيم مبركز اجلزيرة للفنون بالزمالك �سوق‬ ‫احل��رف التقليدية يف ال�ف�ترة م��ن ‪8-16 : 7-30‬‬ ‫‪ 2012‬حتت ا�شراف قطاع الفنون الت�شكيلية وكان‬‫هذا اللقاء مع د‪�.‬صالح املليجي رئي�س قطاع الفنون‬ ‫الت�شكيلية ح��ول ه��ذا امل��و��ض��وع ف �ق��ال‪ -:‬مت دع��وة‬ ‫جميع اجلمعيات االهلية املعروفة بالقاهرة‬ ‫مثل جمعية ا�صالة وجمعية اوت��اد (امل�ؤ�س�سة‬ ‫التنموية لل�سيدات امل�صريات للعمل احلر )‬ ‫والإدارة املركزية ملراكز الإنتاج الفني‪ -‬مركز‬ ‫الفن واحلياة ‪-‬الإدارة العامة للبحوث الرتاثية‬ ‫–دار الن�سجيات املر�سمة وتلك الإدراة ن�ش�أت‬ ‫للحفاظ علي الرتاث وذلك من خالل املدربني‬ ‫املحرتفني واملخ�ضرمني يف احل��رف اليدوية‬ ‫وي�ت��م علي يديهم ت��دري��ت ف��رق ج��دي��دة من‬ ‫الأطفال بهدف املحافظة علي ال�صنعة وبالفعل‬ ‫�أتت ثمارها يف �شغل اخليامية املعرو�ض حالي ًا‬ ‫باملعر�ض و عند النظر ايل �أعمالهم ت�شعر‬ ‫بحرفية وتدريب جيد ‪ .‬وذلك بالرغم من مرور‬ ‫ثالثة �أ�شهر فقط علي تدريبهم والعائد املادي‬ ‫من هذه املعار�ض �سوف يتم توريده ايل وزارة‬ ‫املالية وبذلك نكون قد �أ�سهمنا يف رد جزء‬ ‫ولو ب�سيط من امليزانيات التي ت�صرف �سنويا‬ ‫للحرف وكذلك دربنا ورفعنا كفاءة جيل جديد‬ ‫من احلرفيني بالإ�ضافة �أن��ه ال يوجد لدينا‬ ‫قانون ميكننا من الإ�ستفادة املبا�شرة بالعائد‬ ‫املادي لهذه املنتجات‪..‬‬ ‫وكذلك �أنتجنا عدد من الكتب و�صندوق‬ ‫التنمية الثقافية ي�شرف علي بيعها والعائد منها جزء‬ ‫لل�صندوق والباقي لوزارة املالية ‪.‬‬ ‫وهذه الكتب مثل ‪ -‬ال�سنابل امل�ضيئة ‪ -‬متاحفنا‬ ‫درا�سات نقدية ‪ -‬والنقد الإبداعي باال�ضافة ايل‬‫كتب الفنانيني مثل ‪ -‬ادم حنني – نزيل مدكور‪-‬‬ ‫�صبحي جرج�س باال�ضافة انة مت هذا العام ت�سجيل‬ ‫هذة الكتب احلديثة برقم �إيداع دويل بحيث ميكنها‬ ‫ان تتداول خارج م�صر مثلها مثل اى مطبوعة دولية ‪.‬‬ ‫‪v‬‬

‫‪86‬‬

‫وعند �س�ؤالة عند خطة م�ستقبلية لرتجمة هذه‬ ‫الكتب ايل االجنليزية �أج ��اب‪� :‬إن�ن��ا نتمني ذلك‬ ‫و�سيحدث م�ستقبال ولكن الأه��م عندي الأن ن�شر‬ ‫الثقافة الفنية بني طالب الكليات الفنية املخت�ص�صة‬ ‫علي االق��ل ‪،‬وتعريفهم ب��رواد احل��رك��ة الت�شكيلية‬

‫امل�صرية ومهما تقدم العلم وا�صبح االنرتنت هو‬ ‫البديل عن الكتاب اال ان معلومة الكتاب تعلق بذهنك‬ ‫اكرث النك بذلت جمهود وبحثت وق��رات واحتفظت‬ ‫بالكتاب ون�شاءت مع الكتاب عالقة حميمة دائمة‬ ‫ملحبي القراءة‪.‬وعن دور القطاع يف �صناعة فنان‬ ‫ت�شكيلي جديد ‪.‬قال قدمنا جمموعة من الفنانني‬ ‫ال�شباب مبركز �سعد زغ�ل��ول واالن ب�صدد �إقامة‬ ‫معر�ض للطالب اخلريجني اجل��دد و تعد هذه اول‬

‫�أمين هالل‬

‫خط يف حياه الفنان‬ ‫ع��ن راي��ه يف اق��ام��ة امل�ع��ار���ض اخل��ا��ص��ه مثل‬‫بينايل العرب ‪�،‬صالون القطع ال�صغرية اخلا�ص �أيل‬ ‫�أخره ‪ .‬وقال �أنه �ضد هذا الت�صرف وهذا التك�سب‬ ‫من الفنانيني الت�شكيليني‬ ‫ه��ل يف م�ق��درور القطاع الت�صدى ملثل‬‫هذه الأن�شطة اخلارجية ‪� .‬أج��اب �أن القطاع‬ ‫لي�س يف مقدورة ذلك لأنه لي�س جهة رقابية‬ ‫وتلك اخلطوة من حق النقابة فقط الإعرتا�ض‬ ‫عليها وم�ساءلت من يقدمون عليها‪.‬‬ ‫* ويف لقاء مع اال�ستاذ احمد عبد الفتاح‬ ‫رئي�س االدارة املركزية والإ�ستف�سار منه عن‬ ‫موعد الإنتهاء العمل مبتحف زكريا اخلناين‬ ‫ف�أجاب ‪� :‬إن التو�سعات ت�أتي تباع ًا وقد �أو�شكنا‬ ‫علي الإنتهاء خالل ثالث �أ�شهر علي الأكرث‬ ‫و�سيظل املتحف ب�إ�شراف من د‪.‬عايدة عبد‬ ‫الكرمي والإداري لقطاع الفنون الت�شكيلية‬ ‫وعن �س�ؤاله عن متحف اجلزيرة ‪� :‬أجاب اننا‬ ‫انتهينا م��ن املرحلة االويل والثانية وكانت‬ ‫املباين امللحقة واملخازن والأن وقد مت ت�سليم‬ ‫املرحلة الثالثة لل�شركة وتعد هذه اهم مرحلة ‪.‬‬ ‫وم ��ن خ�ل�ال اجل� ��دول ال��زم �ن��ي للتنفيذ‬ ‫�سيتم الأنتهاء من االعمال ( ان�شاء اهلل )‬ ‫خالل �سنتني علي االكرث وبعد ذلك يتم اجراء‬ ‫ترتيبات ل�سيناريو العر�ض املتحفى ‪.‬‬ ‫وعن متحف الفن امل�صري احلديث قال‬‫انه يحتاج ايل ترميم ولكن ال ميكن ان يتم �إغالقه‬ ‫بالكامل ومت الأتفاق علي التطوير علي مراحل فالأن‬ ‫نعمل علي جزء الأمن وهذا عمل غري ظاهر للعيان‬ ‫ولكنه مهم جدا وبعد ذلك الأ�ضاءة ثم ال�صحي �إيل‬ ‫اخرة ‪.‬‬ ‫ملاذا ال يتم اال�ستعانة برجال االعمال‬‫هذا امر وارد وهناك جهات تعمل علي ذلك يف‬ ‫بائع الفول للفنان عادل ح�سنى‬ ‫القطاع ‪.‬‬ ‫‪aymanhelal99@yahoo.com‬‬


‫محمود سعيد‬

‫الدراويش‬

‫الفنان العمالق حممود �سعيد يتحفنا كعادته‬ ‫بعدة قيم فنية وفل�سفية بديعة‪ ،‬لعلني ا�ستطيع �أن‬ ‫اوجز بع�ضها هنا‪.‬‬ ‫«الظل والنور» �أو ما نطلق عليه نحن الت�شكيليون‬ ‫(بقعة ال�ضوء) لرتفع من قيمة دراما امل�شهد فتظهر‬ ‫ال��وق��ار وال�سكينة وال�سمو وال��زه��د والتبتل و�إنكار‬ ‫الذات والتذلل للذات “ال ُعلى”‪ ،‬وتبدو هنا الإ�ضاءة‬ ‫وك�أنها تنبع من داخل الدراوي�ش‪ « ،‬التكوين» املتداخل‬ ‫واملعتمد على الدائرة‪ ،‬والدائرة يف فل�سفتها ال نهائية‬ ‫فلي�س لها نقطة بداية وال نقطة نهاية‪ ...‬فعل مت�صل‬ ‫وذكر هلل ال نهائي ال ينقطع وال يفنى مع فناء اجل�سد‬ ‫‪ ...‬فتظل الروح تردد الذكر والت�سابيح‪ ،‬التكوين هنا‬ ‫يولد الإح�سا�س باحلركة الديناميكية امل�ستمرة فهل‬ ‫اطراف اجلالليب تبدو كالرتو�س املع�شقة تدور معا‬ ‫يف منظومة حركية �شديدة الدقة‪� ،‬أم هي «مروحيات»‬ ‫ت�صعد بالراق�ص �إىل الأعلى فيطري يف ف�ضاء الكون‬ ‫متوحد ًا مع الأفكار‪ ،‬ال�صف اخللفي حيث �سل�سلة‬ ‫الأعمدة والآرج��ات والنوافذ مت�صلة ميين ًا وي�سار ًا‬ ‫وتنتهي ح��دود اللوحة ميينا وي�سارا وهي م�ستمرة‬ ‫لتعطي الإح�سا�س باال�ستمرار الالنهائي لتتم�شى مع‬ ‫فعل الأذك��ار والت�سابيح التي ال تنتهي وال تقف عند‬ ‫وقت معني ‪ “ ! ...‬الألوان” جتمع الأل��وان الباردة‬ ‫والدافئة مع ًا لتعطي التباديل والتوافيق داللة ومغذى‬ ‫بني الليل والنهار‪ ،‬الذكر واالنثى ‪ ...‬املوت واحلياة‬ ‫‪ ...‬ال�شهوات والزهد فيها ‪ ...‬الغرائز والرتفع عنها‬ ‫‪� ...‬أنها ال�شيء ونقي�ضه يف تكامل وتوا�صل وهكذا‬ ‫تبدو رحلة احلياة !‬

‫‪v‬‬

‫العدد التاسع والعشرون ‪ -‬أغسطس ‪2012‬‬

‫‪89‬‬


‫جورج البهجوري‬

‫المساجد في األحياء الشعبية‬

‫�أعتمد على اخلطوط لتحديد الكتل املعمارية‬ ‫وال�شخو�ص وامل�ساحات‪ ..‬خطوط البهجوري كعادته‬ ‫هي خط واحد مت�صل‪ ،‬ما �أن ي�ضع يده على اللوحة‬ ‫البي�ضاء بالقلم الأ� �س��ود ال ي�ترك ال��ورق��ة �إال وقد‬ ‫�أكتمل التكوين متام ًا كامل�سرحية من ف�صل واحد‬ ‫�أو كالق�صة الق�صرية ‪ ..‬ال ميكن �أن نرتكها ثم نعود‬ ‫لنكملها يف وقت الحق ‪� ...‬أنه “ فعل فني” متوا�صل‬ ‫ال ينقطع ‪ ...‬ول�ك��ي ي ��زداد العمل الفني متا�سكا‬ ‫تت�شابك وتتقاطع اخلطوط وكثري ًا ما تتداخل فت�شعر‬ ‫بالدفء واحلميمية التي ن�ست�شعرها يف احل��واري‬ ‫ال�ضيقة املكتظة بال�سكان واملباين والدكاكني وهنا‬ ‫جند امل�شهد برمته‪ ،‬م�ساجد �شعبية كثرية متال�صقة‬ ‫يحت�ضن بع�ضها البع�ض يف ت�آلف‪ ،‬قال يل البهجوري‬ ‫‪ :‬ق�ضيت ن�صف حياتي يف باري�س وه�ن��اك افتقر‬ ‫ب�شدة ل�شكل امل�أذنة ول��ذا عندما �أع��ود مل�صر اركز‬ ‫ب�صري عليها و�أر�سمها كثري ًا ‪ ...‬لأن امل�أذنة ابتكار‬ ‫عبقري �أفرزته العمارة الإ�سالمية يت�سم بال�شموخ‬ ‫وال�سمو والرفعة ويربط الأر�ض بال�سماء‪� ،‬أنه منوذج‬ ‫معماري للر�شاقة وات�صال الأر�ض بال�سماء‪ ،‬ا�ستخدم‬ ‫البهجوري هنا عائلة لونية �ساخنة ل ُي�شعرنا بالدفء‬ ‫واحلميمية وتوهج امل�شاعر‪.‬‬ ‫�ألي�ست هذه اللوحة منوذج حي للوحدة الوطنية‬ ‫‪ ..‬بال ت ّكلف �أو تز ّيد �أو افت ّعال‪.‬‬ ‫‪v‬‬

‫‪88‬‬


‫لفظ الجاللة‬ ‫رمزي مصطفى‬ ‫اللوحة تبدو كجزئيني مت�صلني ومن املمكن عر�ض كل جزء مبفرده ولكن مع تال�صقهما يزداد‬ ‫املعنى ت�أكيد ًا وهو ترديد ال نهائي للفظ اجلاللة «اهلل»‪ ،‬مل يهتم الفنان بجمال احلروفيات �أو دقة‬ ‫�أطراف اخلطوط بل جعلها �أ�شبه ب�أن يغم�س الإن�سان �إبهامه يف ُعلبة الألوان ويخط ب�أ�صبعه اللفظ‬ ‫اجلليل كنوع من التماهي والذوبان الكامل وتنامي ال�شعور بال�ض�آلة �أمام ما يخطه بيده‪.‬‬ ‫والرتكيز على كتابة اخلطوط بعائلة اللون الأحمر بدرجاته بينما الأر�ضية ترتاوح بني االخ�ضر‬ ‫والأزرق والرتكواز واملوف و�أهتم برتديد كل لون منهم هنا وهناك يف توازن لوين حتى ال ن�شعر بتكتل‬ ‫لون ما يف جهة معينة باللوحة فتبدو يف النهاية عمل ال نهائي �أي بال بداية �أو نهاية متاما كفعل‬ ‫الت�سابيح والأذكار فالكون كله ال ينقطع عنها‪.‬‬ ‫‪v‬‬

‫العدد التاسع والعشرون ‪ -‬أغسطس ‪2012‬‬

‫‪91‬‬


‫القاهرة الفاطمية‬ ‫عصام طه‬ ‫يع�شق فن البورتوريه‬ ‫والقاهرة الفاطمية‬ ‫ينتمي �إىل املدر�سة‬ ‫ال �ت ��أث�يري��ة وم�ع�ن��ى ذل��ك‬ ‫يحتفى بانعكا�س ا�شعة‬ ‫ال �� �ش �م ����س ع �ل��ى م�ظ��اه��ر‬ ‫احل��ي��اة ال �ي��وم �ي��ة‪ ،‬م��ول��ع‬ ‫بت�سجيل الأحياء ال�شعبية‬ ‫وامل�ساجد العتيقة والأ�سبلة‬ ‫والكتاتيب والتكايا والأيوانات وال�شفخانات والأ�ضرحة ‪ ...‬مما يجعلنا ن�ستن�شق‬ ‫رائحة الزمان ونتخيل انف�سنا ُعدنا �إىل املا�ضي ع��دة ق��رون ‪ ...‬الفاطميون‪،‬‬ ‫والإخ�شيديون‪ ،‬املماليك‪ ،‬العثمانيون ‪� ...‬إل��خ �أج��واء وع��وامل حبلى بالذكريات‬ ‫والأح ��داث التاريخية الكربى وم��ا يحاك حولها من �سري الأب �ط��ال واحل��روب‬ ‫‪v‬‬

‫‪90‬‬

‫وم� ��ؤام ��رات وب �ط��والت‬ ‫وع �ن�تري��ات‪� ،‬أن��ه عامل‬ ‫� �ش��دي��د ال� �ث��راء الآن‬ ‫مي� �ت ��زج ه� ��ذا ال �ع��امل‬ ‫بفقر الأحياء واال�شياء‬ ‫وازدح� � � � � ��ام ال �ب �� �ش��ر‬ ‫املهم�شني وك��ل ه��ذا ال‬ ‫مينع �أن نرى خفة ظل‬ ‫ه�ؤالء الب�شر الكادحني‬ ‫وح�ضور روح الفكاهة لديهم ‪ ..‬رمبا ال يعرب الفنان مبا�شرة عند تلك امل�شاعر ولكن‬ ‫تبدو وا�ضحة جلية يف وجدانه عندما يهم مم�سكا بفر�شاته ليعرب عن تلك الأمكنة‬ ‫املُفعمة باحليوية واحلركة ودبيب احلياة التي ال تهد�أ ‪ ...‬ي�ستخدم الوان دافئة‬ ‫متتلئ باحليوية والكثافة لتتم�شى مع روح امل�شهد‪.‬‬


‫مائدة الرحمن‬ ‫عــمر عبد الظاهر‬ ‫�إح��دى جتليات املدر�سة التعبريية امل�صرية التي �أ�س�سها‬ ‫عمنا الكبري عبد الهادي اجلزار ‪ ..‬براعة التكوين حيث ميوج‬ ‫باحلركة وتداخل العنا�صر ‪ ..‬امللتحي يف و�ضع جانبي يرفع القلة‬ ‫بكلتا يديه ليحت�سي جرعة ماء بارد‪ ،‬الرجل يف املقدمة يف و�ضع‬ ‫جانبي �أي�ض ًا ولكن ينظر للجهة الأخرى ي�سار ًا منهمك ًا يف تناول‬ ‫لقمة و�آخر يلتهم فخذ دجاجة بنهم‪ ،‬بينما الرجالن يف �أق�صى‬ ‫اليمني و�أق�صى الي�سار متتد يدهما لتتقابل هل لتت�صافح �أم‬ ‫للت�سابق على الفوز بن�صيب �أكرب من الدجاجة التي يظهر جزء‬ ‫منها من بني اذرع الرجل يف مقدمة اللوحة‪ ،‬يبدو الرجالن على‬ ‫و�شك التعارك من �أجل الفوز بالدجاجة كاملة فتبدو مالمح‬ ‫الرتب�ص والتحفز واالنق�ضا�ض‪.‬‬ ‫‪ ...‬ما �أجمل التعبري ال�صادق عن م�شاعر الطبقات الكادحة‬

‫املهم�شة التي تعي�ش دوما يف اجلانب املظلم من املجتمع ‪ ...‬يبدو‬ ‫وك�أننا ال نتذكرهم �إال يف �شهر رم�ضان‪ ،‬ا�ستحوذ الرجل يف ميني‬ ‫اللوحة على رغيف خبز كامل واحت�ضنه وقربه ل�صدره وامتدت‬ ‫يده الأخ��رى ملحاولة الفوز بالدجاجة بينما ترقد ال�سمكة يف‬ ‫ي�سار امل�شهد وقد التهمت بالكامل فلم يتبقى منها �سوى �سل�سلة‬ ‫العظام والر�أ�س والذيل دون تفتت فتبدو مثل م�شاهد الكاريكاتري‬ ‫عندما تلتهم القطط ال�سمكة فتنزع اللحم منها متاما وتبقى‬ ‫على الهيكل العظمي كامال‪ ،‬ر�أ�س و�سل�سلة عظمية ذيل‪� ،‬ألوان‬ ‫حمراء �ساخنة ت�سيطر على اللوحة تلطف الأجواء قليال اللون‬ ‫الأزرق يف ثياب الرجال اخلم�س والكرا�سي والأطباق ‪� ،‬أهم ما‬ ‫مييز العمل الفني هنا التعبري واحلركة واالنفعال‪.‬‬ ‫‪v‬‬

‫العدد التاسع والعشرون ‪ -‬أغسطس ‪2012‬‬

‫‪93‬‬


‫الفطائر‬ ‫عادل حسني‬ ‫قبيل �ساعة الإف�ط��ار تنهمك رب��ات البيوت يف‬ ‫�صنع مائدة الإفطار ال�شهية اللذيذة وتتفنن الن�ساء‬ ‫يف ذلك ويبذلن جهود ًا جبارة �أنه نوع من الت�ضحية‬ ‫من �أج��ل ا�سعاد �أف��راد الأ�سرة بكاملها‪ ،‬هنا يبدو‬ ‫االن�سجام واالن��دم��اج الكامل يف العمل فتتال�شى‬ ‫مالمح ال��وج��ه يف و�ضع جانبي (ب��روف�ي��ل) ليكون‬ ‫تركيز عني امل�شاهد على الفعل ولي�س مالمح وجه‬ ‫ال�سيدة �أو جمال ج�سدها ‪ ..‬ل ِيظهر الفنان معنى‬ ‫تفاين ال�سيدة يف تقدمي فطائر �شهية ينتظرها �أفراد‬ ‫الأ�سرة ال�صائمون بلهفة‪ .‬ونظري �أن يقدم الفنان‬ ‫هذا الإح�سا�س ال�سالف ذكره مل يهتم باملنظور �أو‬ ‫الن�سب وا�ستعا�ض عنها بالأ�شكال الدائرية املكتظة‬ ‫‪v‬‬

‫‪92‬‬

‫ا�ستدارة اطراف الطبلية وال�صينية والن�شابة و�أذرع‬ ‫ال�سيدة وردائها ور�أ�سها‪ ،‬امللمح الغريب الذي مل �أجد‬ ‫له مربر ًا يف اللوحة هو اخللفية الذهبية‪ .‬لوحة «بائع‬ ‫الفول» ت�سري على نف�س امل�سار ال�سابق حيث يجعل‬ ‫البطل هو «احلدث» ولي�س ال�شخ�ص الوحيد الظاهر‬ ‫باللوحة‪ ،‬فالتلهف �إىل طبق الفول الذي ي�ستحيل �أن‬ ‫تخلو مائدة �سحور منه يدفع البائع لل�صياح ب�أعلى‬ ‫�صوته مناديا « اللوز»‪..‬كما الفنان ع��ادل ح�سنى‬ ‫ي�صل الرتاثى باحلديث حني ي�ستخدم الكوالج فى‬ ‫بع�ض اعماله ‪..‬حت��دي��دا ي�ستخدم ق�صا�صات من‬ ‫اخليامية مثلما ن��رى ف��ى لوحة «ال�سامر» ولوحة‬ ‫«الفرح» وغريها ‪.‬‬


‫يوسف سيدا‬

‫الكنفاني‬ ‫ن�ف��ذ ه��ذا ال�ع�م��ل ع��ام ‪� 1960‬أي م�ن��ذ اثنني‬ ‫وخم�سون عاما‪ ،‬وال ت��زال ه��ذه ال�صورة النمطية‬ ‫ل�صانع الكنافة موجوده ولكنها للأ�سف قليلة جد ًا‬ ‫حيث ا�ستبدلت بامليكنة لتحل مكان ه��ذا امل�شهد‬ ‫التقليدي البديع لإحدى املهن اليدوية التي تتعر�ض‬ ‫لالنقرا�ض‪ ،‬كما انقر�ضت بالفعل �صناعات يدوية‬ ‫عديدة مثل �صانع القباقيب والطرابي�ش و ُمبي�ض‬ ‫النحا�س و�صناعة احل�صري‪.‬‬ ‫تكوين اللوحة جميل حيث حتتل طاولة الكنافة‬

‫ثلث اللوحة وتت�صدر املقدمة لتُ�صبح بطل اللوحة‬ ‫بال منازع وكذلك قدر العجني‪ ،‬بينما يقف ال�صانع‬ ‫متحفز ًا يعلو مالحمه الرتكيز ال�شديد واالنهماك‬ ‫حمافظ ًا على م�صدر رزق��ه‪ ،‬بينما يقف الطفل‬ ‫يراقبه ويت�أمل كافة حركاته باهتمام وا�ضح بينما‬ ‫تقف ال�سيدة يف ح��ال��ة ان�ت�ظ��ار ه��ادئ��ة وي �ب��دو يف‬ ‫اخللفية على م�سافة بعيدة �سيدات و�أطفالهن ي ُقمن‬ ‫بالت�سوق اللوحة هنا تنتمي للمدر�سة التعبريية‬ ‫امل�صرية اي�ض ًا‪.‬‬ ‫العدد التاسع والعشرون ‪ -‬أغسطس ‪2012‬‬

‫‪v‬‬

‫‪95‬‬


‫المبتهل‬

‫وديع المهدي‬ ‫املبتهل جال�سا يرفع يديه مم�سكا بال�سبحة بكلتا‬ ‫يديه ينظر للأعلى يف هدوء و�سكينة‪ ،‬وهنا فنان �آخر‬ ‫ينتمي للتيار التعبريي‪ ،‬ونالحظ ا�ستطالة �أع�ضاء‬ ‫اجل�سم‪ ،‬خلفية اللوحة والأر�ضية يلعبان دور ًا هام ًا يف‬ ‫ابراز دراما اللوحة وت�ؤدي عائلة الألوان الدافئة نف�س‬ ‫الأمر‪ ،‬نلحظ وجود طابع زخريف يف اخللفية تداخل‬ ‫ال�شباك م��ع ا ُ‬ ‫حلليات املعمارية و�أ��ش�ك��ال العمارة‬ ‫الإ�سالمية املجردة وكذلك يت�ضح الطابع الزخريف‬ ‫يف �سجادة ال�صالة وتكرث التفا�صيل يف اخللفية‬ ‫والأر��ض�ي��ة كمقابل للب�ساطة ال�شديدة يف َ ملب�س‬ ‫وعمامة املُبتهل يف لون يقرتب من اللون الأبي�ض‪.‬‬ ‫‪v‬‬

‫‪94‬‬


‫صفحة فن‬ ‫هذه ال�صفحة مفتوحة لكل‬ ‫الآراء فى الفن والفكر والثقافة‬

‫فى دولة املجر وعلى بعد ‪ 240‬كيلومرت تقريبا‬ ‫من العا�صمة بوداب�ست وفى �إحدى القرى ال�صغرية‬ ‫�أن�ش�أ ثالث من الأ�صدقاء (م�ستعمرة لودفيج الدولية‬ ‫للفنون) و�سميت با�سم لودفيج الفنان الوحيد بينهم‬ ‫ام��ا الأث�ن��ان فهما من متذوفى الفنون وعمال من‬ ‫قبل فى م�ؤ�س�سات دبلوما�سية لبالدهم وامل�ستعمرة‬ ‫�أن�شئت فى عام ‪ 1999‬ببيت يحتوى على �صالة كبرية‬ ‫جمهزة بالإ�ضاءة اجليدة وطاوالت للعمل وحمامات‬ ‫فى نهاية ال�صالة ثم مطعم يت�سع ل‪ 40‬فردا يوحى‬ ‫بجو عائلى وتزين جدرانه ببع�ضا من نتاج الور�ش‬ ‫ال�سابقة لفنانني من دول خمتلفة‪ .‬فى �إحدى �أطرافه‬ ‫م�سرح �صغري حيث يتحول املكان ليال اىل مقر ندوات‬ ‫الفنانني ال�ضيوف بعر�ض افالم او �صور لتجاربهم‬ ‫الفنية املختلفة ثم يبد�أ بعدها يوميا حفال مو�سيقيا‬ ‫يعزف فيه �أرب�ع��ة فنانني جمريني م��ن امل�شاركني‬ ‫بالور�شة يجيدون العزف على اجليتار والدرامز‪..‬‬ ‫وال مانع من ح�ضور عازف ماهر ملو�سيقى اجلاز من‬ ‫يوم اىل �آخر مما ي�ضفى على املكان �أج��واء مرحة‬ ‫مفعمة بالدعابة‪.‬‬ ‫بعد عدة �سنوات مت التو�سع ب�إن�شاء �أربعة منازل‬ ‫خ�شبية بنيت فى الفناء‪ ،‬والتى هى مبثابة الفندق‬ ‫حيث حتتوى على كل و�سائل املعي�شة و يحيط بها‬ ‫الفناء ميتللئ ب�أ�شجار الفاكهة �أكرثها من �أ�شجار‬ ‫ال�ك��رز التى مت�لاء احلديقة ب��أن��واع��ة امل�ت�ع��ددة ‪..‬‬ ‫ونباتات الزينة فى جمموعة من �أجمل �أنواع الورود‬ ‫�شكال ورائحة ‪ ،‬وبركة من املياه فى جانب احلديقة‬ ‫وال�ت��ى �ساهمت ف��ى خلق بيئة ملهـمة للمـ�شاركني‬ ‫واحل�ضــــــــــــــور ‪ ..‬وامل�ستعمـــرة مبدر�ستها للفنون‬ ‫احلرة التى �أ�ضيفت للمكان‪ ،‬مهمة للغاية بالن�سبة‬ ‫للم�شاركني من الفنانني املحليني والأجانب كو�سيلة‬ ‫ملعرفة االجتاهات العاملية والأمن��اط املوجودة بكل‬ ‫بلد ‪ ،‬وه��ى بجانب ا�ستقبالها للأ�شخا�ص الذين‬ ‫يرغبون فى تنظيم دورات الفنون الإب��داع�ي��ة فى‬ ‫�أوقات فراغهم بحيث يح�ضرون خاماتهم و�أدواتهم‬ ‫م��ع توفري �سبل املعي�شة م��ن طعام و��ش��راب وذل��ك‬ ‫‪v‬‬

‫‪96‬‬

‫المـجــــــــر ‪2012‬‬ ‫وورشة للفنون‬ ‫ف��ى ب��رام��ج معدة م��ن قبل بح�ضور اح��د الفنانني‬ ‫املحرتفني للقيام بها‪ .‬هذه الدورات الفنية مفتوحة‬ ‫جلميع امل�ؤهلني م�سبقا �أو الهواة‪ .‬والربامج عادة ما‬ ‫تكون مدة خم�سة �أيام‪ ،‬ولكن �أي�ضا هنا كا�ست�ضاقة‬ ‫لعطلة نهاية الأ� �س �ب��وع ل�ل�أ��س��ر والأف� ��راد املحبني‬ ‫ل�ل�أج��واء الفنية ‪.‬و امل�شاركون بالطبع ي�سددون‬

‫ر�سوم للم�شاركة‪ .‬هناك �أي�ضا دورات طويلة املدى‬ ‫متتد لأ�سابيع والتى بطبيعة احلال ت�ؤدى �إىل فنانني‬ ‫حمرتفني ‪ ...‬والتى دع��ى لها �صاحب ه��ذا املقال‬ ‫لعمل ور�شة عمل‪..‬وفى الور�شه رقم ‪ 20‬لهذا العام‬ ‫�شاركت مع ‪ 41‬فنانا من �أنحاء العامل ‪�،‬أملانيا ‪ ،‬م�صر‬ ‫‪ ،‬بلغاريا ‪ ،‬النم�سا ‪ ،‬كرواتيا ‪ ،‬رو�سيا البي�ضاء‪،‬‬ ‫بلجيكا ‪� ،‬إيطاليا ‪ ،‬املجر ‪ ،‬رومانيا ‪� ،‬أ�سبانيا ‪ ..‬هذا‬ ‫وقد �أنتجت �أعماال ت�صويرية جديدة بتقنيات ب�سيطة‬ ‫وه��ى ا�ستخدام ال��رم��ل الأب�ي����ض «رم�ل��ه العجمي»‬ ‫والتى �أح�ضرها من �شاطى ال�ساحل ال�شماىل كل‬ ‫عام اثناء ق�ضاءالأجازة ال�صيفية ‪ ،‬على �أثر ذلك‬ ‫دعتنى م�ؤ�س�سة لودفيج لإقامة ور�شة عمل تعليمية‬ ‫ملجموعة م��ن الفنانني املجريني ال�شباب ال�شتاء‬

‫د‪� .‬أحمد �صقر‬ ‫عميد فنون املنيا‬ ‫ال�ق��ادم ‪ ،‬وع��ادة ما تدعو ه��ذه امل�ستعمرة الفنية‬ ‫فنانني ا�صحاب �أ�ساليب وتقنيات متفردة لنقل هذة‬ ‫التقنيات للفنانني ال�شباب والهواة املرتددين على‬ ‫املكان‪ .‬وذلك من عدة دول ‪..‬‬ ‫نتيجة لزيارات رئي�س هذة امل�ؤ�س�سة لعديد من‬ ‫البلدان وور�ش العمل ا لدولية �أ�سفرت عن عالقات‬ ‫تعاون كبرية مع �شركاء من نف�س النهج من حيث‬ ‫االه�ت�م��ام بالفن املعا�صر ف��ى �أمل��ان�ي��ا و�سلوفاكيا‬ ‫وكرواتيا و�أنحاء �أوروبا عموما‪.‬‬ ‫وقد يت�ساءل البع�ض ما الفائدة من هذة الور�ش؟‬ ‫لقد �أج��اب حمافظ الإقليم فى ه��ذة املنطقة‬ ‫التى تنتمى �إليها القرية وهى �سيدة مثقفة ثقافة‬ ‫رفيعة ان ذلك املكان قد �أ�شاع �أج��واء حياة ثقافية‬ ‫فى القرى املحيطة بها‪ .‬ف�سعت املحافظة لتمهيد‬ ‫ال�ط��رق وت��وف�ير و�سائل امل��وا��ص�لات لي�سهل كثريا‬ ‫على الركاب �سواء امل�ستوى املحلى �أ و عرب احلدود‬ ‫القريبة من املكان ‪.‬اي�ضا تو�سيع التعاون والعالقات‬ ‫بني امل�ؤ�س�سات وتطوير وتفعيل املجتمعات املحلية‪.‬‬ ‫فالفنانني �أهم من �أثر على البيئة املحيطة‪� ،‬سواء فى‬ ‫الداخل واخل��ارج ‪ .‬فكثريا من النا�س ا�شرتوا بيوتا‬ ‫بجوار تلك امل�ستعمرة الفنية كم�صيف وخا�صة من‬ ‫اوروب��ا الغربية ‪ ,‬ا�صبح عدد �أكرب من النا�س �أكرث‬ ‫�إيجابية فى املنطقة‪ ،‬اكت�سب املكان �سمعة طيبة من‬ ‫الزوار‪� .‬أى �أن املكان انتع�ش �سياحيابعد �سنوات من‬ ‫الإ�صرار على النجاح ‪.‬‬ ‫بت�أملى لهذة التجربة �أجد �أننا �أحوج مانكون �إىل‬ ‫تطبيق مثل هذه الأفكار �سواء فى �إحدى املنتجعات‬ ‫اخل�ضراء القريبة من الوادى �أو منطقة �صحراوية‬ ‫�أي�ضا تكون بها خدمات �أو بع�ضا من القرى الريفية‬ ‫اجلديدة فى املجتمعات الزراعية اجلديدة قد �أكون‬ ‫حاملا ولكن لي�س هناك م�ستحيل بعد ثورة ‪ 25‬ينابر‬ ‫العظيمة و�أعتقد �أن هيئة ق�صور الثقافة ب�إداراتها‬ ‫الواعية وبتعاون م�ؤ�س�سات املحافظات واملحليات‬ ‫ورجال الأعمال امل�ستنريبن منهم ميكنهم القيام مبا‬ ‫هو �أعظم من ذلك ‪.‬‬




Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.