Khayal 31

Page 1



‫حلظة العبور العظيم ‪ -‬ت�شكيل جم�سم من بانورما ‪� 6‬أكتوبر‬


‫‪v‬‬

‫متثال العبور‪ -‬للفنان جمال ال�سجينى‬

‫ج���س���د ال��ف��ن��ان‬ ‫ال��س��ج��ي��ن��ى م��ص��ر‬ ‫بهيئة امرأة بوشاح‬ ‫يتطاير ف��ى الهواء‬ ‫أشبه بمظلة لهؤالء‬ ‫ال��ج��ن��ود ال��ب��واس��ل‬ ‫لحظة العبور العظيم‬ ‫إلى النصر‪..‬‬

‫والطيور التى تعد رموز ًا للغة امل�صرى القدمي‪ ..‬وك�أنها جتدد‬ ‫�سرية االنت�صارات امل�صرية منذ فجر التاريخ‪ ..‬و�إذا ت�أملنا‬ ‫الكتابات نطالع تلك املعانى التى توحى بقوة العزمية والن�صر‬ ‫والب�سالة امل�صرية وبطولة اجلنود‪ ..‬كما تت�ألق اخلطوط على‬ ‫حواف اللوحة �أ�شبه ب�إطار يزينها‪.‬‬ ‫ال�سجينى والعبور‬ ‫ومي�ث��ل «ج�م��ال ال�سجيني» ال��رائ��د ال�ث��ان��ى لفن النحت‬ ‫امل�صرى بعد «خمتار»‪ ..‬و�إذا كانت ال�شرارة الأوىل للإبداع‬ ‫الت�شكيلى املج�سم والتى �أطلقها مثال م�صر «خمتار» قد امتدت‬ ‫من البحث فى جذور م�صر القدمية وا�ستلهام البيئة امل�صرية‬ ‫مع امل�ؤثرات الغربية من الفن الأوروبي‪� ..‬إال �أن ال�شرارة الثانية‬ ‫متمثلة فى �إبداع «ال�سجيني» امتدت مع كل هذا �إىل ا�ستلهام‬ ‫الطراز الإ�سالمى والعمارة الريفية الفطرية والفن ال�شعبي‪..‬‬ ‫خلع «ال�سجيني» على عرو�سة امل��ول��د م�لام��ح م�صر‪..‬‬ ‫و�أ�صبحت بطلة مميزة فى �أعماله �صورها حتتفل بليلة زفافها‬ ‫فى موكب احل�ضارة راكبة ف��وق ظهر داب��ة يحيط بر�أ�سها‬ ‫ال�شامخ مروحة م�ستديرة كتلك التى حتيط بعرو�سة املولد‪..‬‬ ‫وفى �أكتوبر العظيم‪ ..‬جاء متثاله «العبور» والذى يقف حالي ًا‬ ‫فى مدخل بنى �سويف‪ ..‬فالحة عمالقة �شاخمة فيها مالمح‬ ‫م�صر بكل قوتها وحنانها وطيبتها وهدوئها‪ ..‬مت�سك بيدها‬

‫غ�صن الزيتون وتفرد الأخرى ترحب بالقادمني‪� ..‬أما متثال‬ ‫الفنان «ال�سجيني» «العبور» فيمثل م�ساحة عميقة فى النحت‬ ‫امل�صرى احل��دي��ث‪ ..‬وق��د �شكله الفنان «ال�سجيني» ببالغة‬ ‫فى الرمز‪ ..‬ج�سد فيه م�صر بهيئة امر�أة بو�شاح يتطاير فى‬ ‫الهواء �أ�شبه مبظلة له�ؤالء اجلنود البوا�سل والذين ي�شقون‬ ‫املياه حلظة العبور من الهزمية �إىل الن�صر‪ ..‬واملر�أة هنا ت�شري‬ ‫بيديها �إىل العامل �أجمع‪ ..‬تتحدث عن نف�سها وعن ا�ستعادة‬ ‫الكرامة‪ ..‬يداها مفرودتان تخرج على الت�شكيل وت�ساهم فى‬ ‫حيوية الإيقاع مع البارز والغائر من تلك النغمات التى متوج‬ ‫بها ال�سطوح النحتية مع الفراغات التى تتفاعل مع ال�ضوء مما‬ ‫يخفف من كثافة الكتلة‪.‬‬ ‫وقد حول «ال�سجيني» رقائق النحا�س �إىل �أغنيات مرئية‬ ‫كما ف��ى مطروقاته النحا�سية ال��رم��زي��ة البليغة «احل��ري��ة»‬ ‫و«�شجرة امل�صري» و«النيل» الذى �صوره فى هيئة حكيم ميتد‬ ‫بطول اللوحة‪ ..‬واحلرب وال�سالم‪ ..‬وكلها �أعمال تغنى للحياة‬ ‫والإن�سان فى م�صر والعامل‪.‬‬ ‫حتية �إىل �أكتوبر العظيم يوم الن�صر و�سالم على �أبنائنا‬ ‫�شهداء الوطن و�إىل كل مل�سة ت�ألقت وعربت �إىل �آفاق البطولة‬ ‫واال�ستب�سال �أعمال ج�سدت بالنحت والت�صوير روح م�صر‬ ‫وعمق م�صر وخلودها على مر الأزمان‪.‬‬ ‫رئي�س التحرير‬


‫أكتـوبـر العظيـم‬ ‫بلمسة التصوير و النحت‬

‫ليس أجمل من لوحة‬ ‫الفنان «ح��ام��د ن��دا»‬ ‫«ال��م��ن��ت��ص��ر» وال��ت��ى‬ ‫تعد ملحمة تشكيلية‬ ‫ب��دي��ع��ة ت��غ��ن��ى لنصر‬ ‫أكتوبر‬

‫ذاب���������ت ال�����ح�����روف‬ ‫والكلمات مع الجنود‬ ‫وال��ط��ي��ور ال��ت��ى تعد‬ ‫رم���وزًا للغة المصرى‬ ‫ال��ق��دي��م‪ ..‬ف��ى لوحة‬ ‫«‪6‬أك��ت��وب��ر» للفنان‬ ‫«ي�����وس�����ف م��ح��م��د‬ ‫سيدة»‬ ‫ِ‬

‫�سوف يظل ال�ساد�س من �أكتوبر من عام ‪ 1973‬عالمة من الأب والأم والأبناء‪ ..‬كتب على ج�سده «املنت�صر» وخلفه‬ ‫‪v‬‬ ‫فارقة فى تاريخ م�صر احلديثة بعد �أن عرب اجلي�ش امل�صرى رج��ل وام ��ر�أة «�آدم وح��واء» حمفوفان بكتابات تغنى لن�صر‬ ‫الهزمية وحتطمت الأ�سطورة عند الظهر فى ال�ساعة الثانية‪� ..‬أكتوبر نقر�أ فيها‪ :‬الرئي�س ال�سادات والن�صر واجلي�ش امل�صرى‬ ‫�أ�سطورة الآلة الع�سكرية الإ�سرائيلية على يد جنودنا الأبطال و�أفريقيا والأمة العربية‪ ..‬وفى خلفية اللوحة ذات الأفق الأزرق‬ ‫وقيادة الرئي�س «ال�سادات» بطل احلرب وال�سالم‪ ..‬وفى هذا الهادئ تطل �شم�س فى الأفق عالمة على النور والنهار اجلديد‬ ‫�أكرب ت�أكيد على قوة الإرادة والعزمية امل�صرية‪ ..‬وحالي ًا يدر�س وكائن بعينني مفتوحتني من فرط النور والتوهج مع العتاد‬ ‫�أكتوبر العظيم فى �أك�بر الأك��ادمي�ي��ات الع�سكرية بالعامل‪ ..‬والذخرية من الدبابات وفى هذا ت�أكيد على االنت�صار من‬ ‫و�سوف نظل نحتفى به كل عام‪ ..‬ونحتفى بجي�شنا البطل‪.‬‬ ‫�إ�شراق وبداية يوم جديد م�سكون بالأمل‪..‬‬ ‫ولقد كان الإبداع الت�شكيلى امل�صرى �سباق ًا فى التعبري‬ ‫احلروف و�شموخ اجلنود‬ ‫عن هذا احلدث الذى �أثر فى وجدان الأمة و�أعاد لها ثقتها‪..‬‬ ‫ومتتد �أعمال الفنان «يو�سف ِ�سيدة» بطول رحلته الفنية‬ ‫ً‬ ‫والذى �أذهل العامل �أجمع‪ ..‬فكانت تلك املالحم التى خرجت التى اقرتبت من اخلم�سني عاما مبراحل ثالث ما بني التعبريية‬ ‫من الطابع الت�سجيلى �إىل معنى الفن‪ ..‬فى تعبريية تليق مب�صر ال�شعبية والتى تلتقى مع �سحر الإيقاع ال�شرقى لـ «ماتي�س»‬ ‫الن�صر والكرامة‪.‬‬ ‫وطزاجة الألوان عند «را�ؤول دويف»‪ ،‬كما تذكرنا خ�شونة �سطوحه‬ ‫املنت�صر‪ ..‬و«ندا»‬ ‫ ‬ ‫الأرابي�سكية خا�صة فى �أعماله الأوىل بـ «جورج رووه» هذا مع‬ ‫يعد الفنان «حامد ن��دا» عالمة‬ ‫احلروفية العربية �أو الت�شكيلية احلروفية‬ ‫التى حقق من خاللها ن�سق ًا فريد ًا خا�صاً‬ ‫ب ��ارزة ف��ى ت��اري��خ احل��رك��ة الت�شكيلية‬ ‫امل �ع��ا� �ص��رة‪ ..‬وه��و م��ن رواد االجت��اه‬ ‫يرتبط مبعنى الهوية واحلداثة‪ ..‬مع مرحلته‬ ‫الرمزى فى ت�صوير احلياة ال�شعبية‪..‬‬ ‫الرقمية التى ا�ست�شرف فيها امل�ستقبل وعك�س‬ ‫وم� ��ن �أوائ� � ��ل ال �ب��اح �ث�ين ف ��ى ج ��ذور‬ ‫من خالل �سطوحه الت�صويرية ملا يحدث الآن‬ ‫من طغيان الع�صر الرقمى وما ن�شهده حالياً‬ ‫احل�ضارة امل�صرية‪ ..‬وتنتمى �أعماله‬ ‫من �أنظمة الديجيتال وقد جعل للرقم كياناً‬ ‫�إىل �أعمق �أعماق الإن�سان ال�شعبي‪..‬‬ ‫ك��ل ه��ذا ف��ى لغة �سريالية حتلق فى‬ ‫جديد ًا فى حواره مع كائناته وعنا�صره‪.‬‬ ‫�آفاق احلداثة‪ ..‬ومن هنا تعك�س لوحاته‬ ‫وفى �أكتوبر العظيم‪ ..‬نرد له جز ًء من‬ ‫ال�صيغة احلقيقية ملعنى الأ��ص��ال��ة‬ ‫قيمته الفنية خا�صة ول��ه لوحة م��ن �أجمل‬ ‫واملعا�صرة واملوروث والوافد والرتاثى‬ ‫لوحاته حول ن�صر ال�ساد�س من �أكتوبر تهتف‬ ‫واحلداثي‪.‬‬ ‫فيها احلروف والكلمات مع �أبطال م�صر من‬ ‫�أكتوبر للفنان يو�سف �سيده‬ ‫وهو ي�ستخدم احل��روف العربية‬ ‫جنودنا البوا�سل‪.‬‬ ‫ك�شكل جمايل‪ ..‬نراها فى بع�ض لوحاته وقد ر�سمها بطريقة‬ ‫ولقد ج��اءت �أع�م��ال الفنان «يو�سف حممد �سيدة» من‬ ‫حمرفة فبدت كما لو �أنه يعالج �شك ًال �إن�ساني ًا مما �أ�ضفى عليها خالل املزج بني احلروف والكلمات وبني الأطياف والعنا�صر‬ ‫غمو�ض ًا وت�شويق ًا‪.‬‬ ‫الت�شخي�صية‪ ..‬لغة ت�شكيلية ج��دي��دة‪ ..‬ي�سمو فيها احلرف‬ ‫وقد ازدهرت �ألوان «ندا» وت�ألقت كما لو �أن ال�شم�س قد ويبتهل وينثنى معانق ًا الرموز وال�شخو�ص‪ ..‬بالإ�ضافة �إىل هذا‬ ‫�أ�شرقت فيها وانتقل من �ألوانه الداكنة فى مراحله الأوىل �إىل املزج الرمزى من عنا�صر الفن امل�صرى القدمي‪ ..‬ت�أكيد ًا على‬ ‫�أخرى �أكرث بهجة وت�ألق ًا كما �أ�صبحت العنا�صر عموم ًا �أكرث توا�صل احل�ضارة امل�صرية‪.‬‬ ‫خفة ور�شاقة تكاد تطري من فرط خفتها‪.‬‬ ‫وقد قدم «�سيدة» لوحته حول ن�صر �أكتوبر والتى تعد‬ ‫ولي�س �أجمل من لوحته «املنت�صر» والتى تعد ملحمة واح ��دة م��ن �أج�م��ل �أع�م��ال��ه فجعلها �أغنية ل��روح��ه الوطنية‬ ‫ت�شكيلية بديعة �صور من خاللها جواد ًا متتطيه �أ�سرة م�صرية وا�شتياقه للن�صر‪ ..‬فذابت احل��روف والكلمات مع اجلنود‬


‫منظر ريفى‪ -‬للفنان «كاميل بي�سارو»‪1903-1830 «-‬‬


‫للفنون الب�صرية‬ ‫�أ�س�سها د‪�.‬إبراهيم غزالة‬

‫رئي�س جمل�س الإدارة‬ ‫�سعد عبد الرحمن‬ ‫�أمني عام الن�شر‬ ‫حممد �أبو املجد‬ ‫مدير الن�شر‬ ‫�صبحى مو�سى‬ ‫رئي�س التحرير‬ ‫�صالح بي�صار‬ ‫مديرالتحريرالتنفيذى‬ ‫�أمين هالل‬ ‫امل�ست�شار الفني‬ ‫حممد الطراوى‬ ‫هيئة التحرير‬ ‫�أمين حامد‬ ‫وليد الدرمللى‬ ‫كمبيوتر جرافيك‬ ‫حممد خمتار‬ ‫رنـــــــــا �أ�شرف‬

‫ملتقى الفخار الدولى ال‪12‬‬

‫‪6‬‬

‫الهيلوجراف و سيمفونيه التصوير‬

‫‪10‬‬

‫مسجد الرفاعي‬

‫‪12‬‬

‫إبداعات الشباب‬

‫‪18‬‬

‫حوار مع الفنان سامى رافع‬

‫‪20‬‬

‫فرشاة اطفالنا تحاكى حب الوطن‬

‫‪26‬‬

‫فيلم الرسالة‬

‫‪28‬‬

‫عبد الوهاب مرسى فنان العدد‬

‫‪32‬‬

‫متحف التراث السيناوى بالعريش‬

‫‪38‬‬

‫رانيا فؤاد والفن باليابان‬

‫‪42‬‬

‫جماليات الفن العربى‬

‫‪46‬‬

‫الطريق إلى سينما أكتوبر‬

‫‪48‬‬

‫الفنان فاروق وهبة‬

‫‪54‬‬

‫محمود شكرى بين الفن والرياضة‬

‫‪58‬‬

‫زهور زكريا الزينى‬

‫‪66‬‬

‫حوار مع مثال من أسيوط‬

‫‪70‬‬

‫رحلة الحج فى عيون الفنانين‬

‫‪74‬‬

‫حياة النفوس واحدة من رائدات الفن‬

‫‪78‬‬

‫جويا ‪ ..‬العبث و الصحوة و حرب التحرير‬

‫‪82‬‬

‫المعرض األول لمجموعة فن الرؤية‬

‫‪86‬‬

‫جولة المعارض‬

‫‪90‬‬

‫‪Facebook.com/khayal.art‬‬ ‫‪alkhayal_art@hotmail.com‬‬ ‫السنةالثالثة ‪ -‬العدد الحادى و الثالثون ‪-‬أكتوبر ‪2012‬‬

‫الآراء الواردة باملقاالت ُت َع رِّب عن ر�أى �أ�صحابها‬ ‫و لي�ست بال�ضرورة ُت َع رِّب عن ر�أى املجلة‬


‫ولي�س غريب ًا على الهيئة العامة لق�صور الثقافة‬ ‫فى ظل قيادتها الواعية �أن تتبنى فل�سفة اخل�صو�صية‬ ‫فى ظل الفي�ض العوملى‪ ،‬و�أن يحيل هذا اجلهاز �إىل‬ ‫قاعدة مواجهة ولي�س �أعمق من مواجهة تقوم على‬ ‫فكرة التفاعل الإي�ج��اب��ى وا�ستح�ضار عنا�صرها‬ ‫ال��ذات�ي��ة �إىل �ساحة ه��ذا التفاعل ب��وع��ى ورع��اي��ة‬ ‫واحت�ضان وم�سئولية متفردة لن�شر الوعى ب�أهمية‬ ‫الفخار كفن وحرفة و��ض��رورة حياتية للمحافظة‬ ‫عليها وتنميتها وتطويرها ك�أحد ال�سبل العملية فى‬ ‫املحافظة على حرفة الفخار من االندثار‪.‬‬ ‫من هذا املنطلق بعثت فكرة ملتقى الفخار على‬ ‫يد فنان كبري عا�شق لفن اخلزف امل�صري‪ ،‬ويعمل‬ ‫بد�أب من �أجل رقى هذا الفن اجلميل �إىل �أن يلعب‬ ‫دور ًا بارز ًا فى التيار الثقافى الفنى هذا الفنان هو‬ ‫اخلزاف‪ /‬حميى الدين ح�سني‪ ..‬والذى و�ضع اللبنة‬ ‫الأوىل وت��واله��ا بالرعاية حتى �أ�صبح كيان با�سق‬ ‫ي�ستفيد بثمارها وظاللها احلركة الفنية امل�صرية‪.‬‬ ‫تلك نقطة البداية لفكرة ملتقى الفخار الأوىل‬ ‫والتى جمعت الفنان اخلزاف‪ /‬حميى الدين ح�سني‬ ‫والأ�ستاذ‪ /‬م�صطفى ال��رزاز رئي�س الهيئة العامة‬ ‫لق�صور الثقافة ف��ى ذل��ك ال��وق��ت (‪1999‬م) على‬ ‫�إقامة ور�شة فنية للفخار فى بيئة حقيقية ميتزج فيها‬ ‫الفن الأكادميى مع التقنية ال�شعبية التلقائية‪.‬‬ ‫لذا مل يكن من قبيل امل�صادفة اختيار الفنان‬ ‫«حميى ال��دي��ن ح�سني» مدينة قنا لإق��ام��ة ال��دورة‬ ‫الأوىل مللتقى الفخار‪ ،‬بل لكونها �إحدى قالع �صناعة‬ ‫الفخار ال�شعبى مب�صر ومل��ا متثله ذل��ك من مغزى‬ ‫ثقافى لو�ضع منطقة جنوب الوادى فى ب�ؤرة ال�ضوء‬ ‫كمركز ح�ضارى ميكن �أن ي�ق��دم الكثري للثقافة‬ ‫امل�صرية املعا�صرة‪ ،‬وهى من �أهم املناطق ال�صناعية‬ ‫حلرفة الفخار منذ ع�صر ما قبل الأ�سرات وخا�صة‬ ‫ح�ضارة نقادة الأوىل والثانية وحتى اليوم وما نراه‬ ‫ف��ى م��راك��ز �إن�ت��اج الفخار ال�شعبى داخ��ل قنا مثل‬ ‫(املحرو�سة‪ -‬الرتام�سا‪ -‬حجازة قبلى‪ -‬جراجو�س)‬ ‫وكانت ر�ؤية الفنان «حميى الدين ح�سني» تتجه �إىل‬ ‫�شباب اخلزافني الواعدين‪ ،‬والذين لهم م�شاركات‬ ‫عديدة فى كثري من الفاعليات ك�صالون ال�شباب‬ ‫وبيناىل اخلزف الدوىل بالقاهرة فى ذلك الوقت‪.‬‬ ‫ف ��أح��د الأه� ��داف الأ��س��ا��س�ي��ة م��ن وراء �إق��ام��ة‬ ‫ملتقى ال�ف�خ��ار يكمن ف��ى حم��اول��ة احل �ف��اظ على‬ ‫امل��وروث ال�شعبى الأ�صيل والت�أكيد على ا�ستمرارية‬ ‫هذا العطاء فى �ضوء توا�صل وتبادل اخلربات بني‬ ‫‪v‬‬

‫العدد الحادي و الثالثون ‪ -‬أكتوبر ‪2012‬‬

‫‪7‬‬


‫ملتقى الفخار الدولى الـ‪ 12‬بمركز الجزيرة‬ ‫فنون أصيلة‬

‫مالمح األصالة‬ ‫والحداثة فى فن مصرى أصيل‬

‫د‪� .‬ضياء الدين داوود‬

‫ال�شاعر �سعد عبد الرحمن ود‪� .‬صالح املليجى من داخل معر�ض ملتقى الفخار مبركز اجلزيرة‬

‫افتتح ال�شاعر �سعد عبدالرحمن رئي�س الهيئة العامة لق�صور الثقافة ب�إ�شراف الفنان خالد �سراج ملا له من خربات كبرية حملية ودولية وهو‬ ‫ود‪�.‬صالح املليجى رئي�س قطاع الفنون الت�شكيلية معر�ض ملتقى الفخار �أحد الأ�سماء املعروفة فى هذا املجال مما �ساهم فى ا�ستقطاب جمموعة‬ ‫الدوىل الـ ‪ 12‬بقاعات عر�ض مركز اجلزيرة للفنون بالزمالك مب�شاركة متميزة من فنانى اخلزف الدوليني‪ ،‬كما �أثنى فى نف�س الوقت على كم‬ ‫نخبة من مبدعى فن اخلزف والفخار من كل من تركيا وال�سويد و�أملانيا الدعم الهائل الذى وفرته الهيئة العامة لق�صور الثقافة تقدير ًا منها‬ ‫و�إ�سبانيا وتون�س وهولندا وم�صر‪ ،‬و�شهد حفل االفتتاح ح�ضور ح�شد من خل�صو�صية م�صر بني باقى دول العامل فى هذا الفن الذى و�ضعنا اللبنة‬ ‫الأوىل له بداي ًة من �سماته البدائية‬ ‫الفنانني واجلمهور فى مقدمتهم‬ ‫ً‬ ‫مرورا ب�إ�سهامات عظيمة فى تاريخ‬ ‫د‪�.‬شاكر عبداحلميد وزير الثقافة‬ ‫عروس اإلبداع التشكيلى‬ ‫تطوره وحتى وقتنا احلا�ضر‪.‬‬ ‫ال�سابق‪ ،‬ود‪.‬خالد �سراج قومي�سري‬ ‫بهيئة قصور الثقافة‬ ‫وج��دي��ر ب��ال��ذك��ر �أن ��ه ق��د �سبق‬ ‫ال��دورة‪ ،‬ود‪�.‬إينا�س ح�سنى مدير‬ ‫ع��ر���ض ه��ذا امللتقى ال ��دوىل بكلية‬ ‫املركز والفنان هيثم عبداحلفيظ‬ ‫مدير عام الفنون الت�شكيلية بهيئة ق�صور الثقافة ود‪�.‬أحمد رجب عميد الفنون اجلميلة جامعة املنيا خالل �شهر مار�س املا�ضي‪ ،‬كما ُيعد ملتقى‬ ‫الفخار �أه��م حدث ثقافى وفنى لع�شاق وفنانى اخل��زف تنظمه �سنوي ًا‬ ‫كلية فنون جميلة املنيا‪.‬‬ ‫و�صرح ال�شاعر �سعد عبدالرحمن �أن املعر�ض ي�أتى فى �إطار التعاون الإدارة العامة للفنون الت�شكيلية واحلرف البيئية بالهيئة العامة لق�صور‬ ‫الدائم واملثمر بني الهيئة وقطاع الفنون الت�شكيلية‪ ،‬م�شري ًا �إىل �أن جناح الثقافة‪.‬‬ ‫الفخار فن وحرفة‬ ‫ومتيز هذا امللتقى عام ًا بعد عام هو نتيجة متوقعة ملا توليه الهيئة من‬ ‫وف��ى احلقيقة �إن الأف�ك��ار اخلالقة وامل�شروعات الثقافية املبدعة‬ ‫اهتمام كبري بهذا الفن امل�صرى الأ�صيل والذى ُيعد �أحد امل�أثورات املادية‬ ‫كال�شعالت املنرية املت�أججة التى ال يجب �أن ي�ؤدى التهاون فى رعايتها‬ ‫لفنوننا ال�شعبية ووجه ًا من وجوه الهوية امل�صرية الأ�صيلة‪.‬‬ ‫كما �أعرب د‪�.‬صالح املليجى عن �سعادته مب�ستوى امل�شاركة والتنظيم وا�ستمرارها �إىل انطفاء جزوتها‪.‬‬

‫‪v‬‬

‫‪6‬‬


‫وج ��اءت ال� ��دورة ال�ع��ا��ش��رة م��ن امللتقى والتى‬ ‫ا��س�ن��دت �إىل د‪.‬ع� ��ادل ه���ارون مبحافظة ال ��وادى‬ ‫اجلديد مبدينة اخلارجة تبحث عن نوعية طفلتها‬ ‫ال�شهرية ذات املظهر اللونى ال�ضارب �إىل احلمرة‬ ‫وهى �إحدى القيم اجلمالية الكامنة فى طفلة الوادى‬ ‫اجلديد‪ ،‬ومع هذه الدورة حملت تيمة قيمة «النخلة»‬ ‫كعن�صر جماىل بحث عنه الفنانني امل�شاركني فى‬ ‫التعبري عنها ملا حتملها من معانى عديدة‪ ،‬و�صاحب‬ ‫هذه الدورة م�شاركة من �أهم امل�صورين املحرتفني‬ ‫حتمل روح � ًا �إبداعية خمتلفة فى تعبريهم الأول‬ ‫مع خامة الطني‪ ،‬كما ميثل امللتقى فى هذه الدورة‬ ‫املحاولة الأوىل لتحويله �إىل ملتقى دوىل وذلك من‬ ‫خ�لال ا�ست�ضافة الفنانة الرتكية «�شرين كو�شك»‬ ‫والتى تعاي�شت مع الفنانني امل�صريني فى البحث عن‬ ‫الآخر ور�ؤية الآخر لنا ولفنوننا وح�ضارتنا بل وتراثنا‬ ‫ال�شعبي‪.‬‬ ‫وك �ع��ادة امللتقى ف��ى بحثه ع��ن �أح ��د ال��رواف��د‬ ‫الهامة على مر التاريخ فى �صناعة الفخار ال�شعبى‬ ‫كانت حمافظة الفيوم والتى احت�ضنت هذا احلدث‬ ‫الثقافى الفنى ملا متثله ه��ذه املحافظة من تاريخ‬ ‫عريق وم��راك��ز متعددة ل�صناعة الفخار وخا�صة‬ ‫الأح �ج��ام الكبرية ل��ذا ك��ان اختيار منطقة «ك��وم‬ ‫�أو�شيم» وب�إ�شراف الفنان «عادل العجمي» قوم�سيري‬ ‫الدورة احلادية ع�شر والذى قام بدعوة (‪ )5‬فنانني‬ ‫خزافني و(‪ )5‬فنانني نحاتني و(‪ )5‬فنانني م�صورين‬ ‫و(‪ )5‬فنانني من العرب والأج��ان��ب‪ ،‬لذا متثل هذه‬ ‫ال��دورة ال�سابقة الأوىل فى حتويلة �أو �إنتقاله من‬ ‫املحلية �إىل الدولية‪.‬‬ ‫وهى حماولة البحث عن تبادل اخلربة الفنية‬ ‫والتقنية بني جموع الفنانني واحلرفيني من الناحية‬ ‫الأخرى‪.‬‬ ‫بينما ج��اءت ال ��دورة الأخ�ي�رة مللتقى الفخار‬ ‫الدوىل والذى حت ّمل م�سئوليته د‪.‬خالد �سراج عودة‬ ‫�إىل اخلزف واجلانب الإن�سانى له‪ ،‬بل �أنها جاءت‬ ‫حتمل عنوان ك�سر تقاليد امللتقيات ال�سابقة عن‬ ‫عمد‪ ،‬ب��دء ًا من اختيار مكان �إقامتها داخ��ل كلية‬ ‫الفنون اجلميلة مبحافظة املنيا‪ ،‬واقت�صارها على‬ ‫م�شاركة الفنانني اخلزافني املحرتفني دون اللجوء‬ ‫�إىل احلرفيني‪ ،‬نعم ج��اءت خمالفة ملا قبلها لأنها‬ ‫حملت عنوان �أو تيمة «اخل��زف» اخل��زف كو�سيط‬ ‫تعبريى وذلك من خالل ر�ؤية اخلزافني �أو العا�شقني‬ ‫للخزف وم��ن ق�ضوا عمرهم فى فن اخل��زف‪ ،‬لذا‬

‫كان اختيار الفنانني امل�شاركني �سواء من الأجانب‬ ‫�أو امل�صريني من املحرتفني وهو ما �أعطى ال�صورة‬ ‫احلقيقية ملفهوم ور�شة اخلزف الدولية‪.‬‬ ‫كما �أ�ضيف �سابقة �أوىل فى امللتقيات وهو �أن‬ ‫يقوم جميع الفنانني بتنفيذ �أعمالهم الفنية واالنتهاء‬ ‫منها كاملة حتى مرحلة التلوين واحلريق و�إقامة‬ ‫املعر�ض الفنى فى نهاية اليوم اخلتامى للملتقى‪،‬‬ ‫وهو فى حد ذاته جتربة جديدة ملعنى القيمة الفنية‬ ‫كخطوة �أوىل قبل الكم وذلك فى االرتقاء مب�ستوى‬ ‫امللتقى كحدث دويل‪.‬‬

‫على مر الدورات ال�سابقة مللتقى الفخار تعددت‬ ‫مراحله وجت��ارب��ه منها الإيجابى وال�سلبي‪ ،‬ولكن‬ ‫احلقيقة �أن كل عام مير يزيد من ر�صيده �صالب ًة‬ ‫وعمق ًا فى �أهدافه وال �أبالغ فى احلديث �أن ملتقى‬ ‫الفخار اليوم و�ضع �أقدامه ناحية العاملية و�أ�صبح‬ ‫وعالمة م�شرقة على خريطة الن�شاط الثقافى الفنى‬ ‫امل�صرى بالهيئة العامة لق�صور الثقافة‪ ،‬ك�أحد‬ ‫الظواهر الفنية املميزة للن�شاط الإبداعى فى جمال‬ ‫اخلزف وذلك بف�ضل وعزمية من قاموا بت�أ�سي�سه �أو‬ ‫القائمني بالعمل على تطويره‪.‬‬

‫العدد الحادي و الثالثون ‪ -‬أكتوبر ‪2012‬‬

‫‪v‬‬

‫‪9‬‬


‫الفنانني ال�شباب وطموحاتهم و�إبداعاتهم الفنية‬ ‫وب�ين احل��رف�ي�ين امل �ه��رة ال��ذي��ن يحملون الأ��ص��ال��ة‬ ‫امل�صرية العريقة وتت�سع ح��دود امل�شاركة بينهم‬ ‫فى جوانب عديدة‪ ،‬ال تتوقف عند ا�ستلهام الفنان‬ ‫م�صادر �أعماله من منتجات فخارية �شعبية ب�صورة‬ ‫مبا�شرة‪.‬‬ ‫تلك املقومات الأ�سا�سية التى ُبنى عليها ملتقى‬ ‫الفخار (ال�ف�ن��ان اخل ��زاف‪ ،‬احل ��ريف‪ ،‬ال�ف��اخ��ورة)‬ ‫ه��ذه العنا�صر الثالثة ُت�ع��د مبثابة مثلث تتكامل‬ ‫�أركانه الثالثة وتتوافق وتتفاعل بني مبدعني �شباب‪،‬‬ ‫�أنظارهم و�أمالهم تتجه �إىل امل�ستقبل وحوا�سهم‬ ‫وعقولهم متلى ثقافة �أك��ادمي �ي��ة وط ��روح ثقافية‬ ‫�إبداعية معا�صرة وبني عنا�صر �إبداعية �شعبية ذات‬ ‫تركيب ثقافى ميتد توا�صله الإن�سانى الإبداعى �إىل‬ ‫�آالف ال�سنني‪.‬‬ ‫تلك هى اخلطوط العري�ضة التى �سار على نهجها‬ ‫ملتقى الفخار بقنا ملدة ‪ 6‬دورات متتالية والتى تُعد‬ ‫مبثابة املرحلة الأوىل من مراحل تطور ملتقى الفخار‬ ‫وتوهجه وت�أكيد جدارة وجوده‪ ،‬بينما متثل املرحلة‬ ‫الثانية فى ملتقى الفخار الدورة ال�سابعة والثامنة‪،‬‬ ‫وذلك من خالل دعم الهيئة العامة لق�صور الثقافة‬ ‫ل�ل�أج�ي��ال ال�شابة ال�صاعدة ودف�ع�ه��م �إىل العمل‬ ‫الإيجابى املثمر‪ ،‬وتزويده بالثقة والت�أكيد على �أهمية‬ ‫دوره داخل احلركة الثقافية الفنية‪ ،‬وذلك باختيار‬ ‫�أح��د الفنانني ال�شباب كقوم�سيري مللتقى الفخار‬ ‫ال�سابع بقنا وهو كاتب هذه ال�سطور رغبة فى جتديد‬ ‫الدماء وتوا�صل الأجيال وهو ما �أثمر عن و�ضع ر�ؤية‬ ‫موازية لفاعليات امللتقى التقليدية وذلك بامل�ساهمة‬ ‫ف��ى تنفيذ عمل فنى جماعى للفنانني امل�شاركني‬ ‫بامللتقى داخ��ل حديقة ق�صر ثقافة قنا‪ ،‬رغبة فى‬ ‫�أن ميتد �أث��ر ه��ذا امللتقى على املجتمع وخروجه‬ ‫من داخ��ل ج��دران الإط��ار ال�ضيق للعر�ض املتحفى‬ ‫للأعمال الفنية والبحث عن قاعدة عري�ضة للتفاعل‬ ‫مع الإبداعات الفنية فى البيئة اخلارجية‪.‬‬ ‫وا�ستمرار ًا لوجود ال�شباب كان اختيار د‪.‬عادل‬ ‫هارون قوم�سيري ملتقى الفخار الثامن بقنا والذى‬ ‫�سعى �إىل ت�أكيد فكرة ن�شر الوعى اجلماىل بني �أفراد‬ ‫املجتمع وذلك عن طريق �أهمية تقدير العمل اليدوى‬ ‫للفخار ال�شعبى و�إك�سابهم مهارات وتقنيات اخلزف‬ ‫من خالل تواجد الفنانني ال�شباب وم�شاركتهم فى‬ ‫الربامج الثقافية والور�ش امل�سائية بق�صر ثقافة قنا‬ ‫والتى ا�ستفاد منها اجلمهور بجميع فئاته العمرية‪.‬‬ ‫‪v‬‬

‫‪8‬‬

‫واملرحلة الثالثة من تطور ملتقى الفخار بد�أت‬ ‫من ال��دورة التا�سعة انتها ًء ب��ال��دورة احلالية لهذا‬ ‫العام وهو ملتقى الفخار الثانى ع�شر‪ ،‬فبعد ثمانى‬ ‫دورات مت�صلة �أقيمت مبحافظة قنا جاءت الدورة‬ ‫التا�سعة للت�أكيد على دور ملتقى الفخار فى ك�شفه‬ ‫عن مراكز الفخار العديدة املنت�شرة بربوع م�صر‪،‬‬ ‫والبحث عن روافد ثرية تفتح الطريق �أمام الفنانني‬ ‫لأعمالهم الفنية املعربة عن الفخار ال�شعبي‪ ،‬لذا‬ ‫كانت قبلة ملتقى الفخار هذه الدورة بقرية (�أ�شمون‬ ‫جري�س) التابعة ملحافظة املنوفية ويرجع ذلك �إىل‬

‫خ�صو�صيتها �سواء من الناحية الثقافية �أو اجلمالية‬ ‫والتى ا�شتهرت مبنتجات ذات طابع خا�ص يطلق‬ ‫عليه (الفخار الأ�سود) والناجت من �أ�سلوب احلريق‬ ‫امل�ستخدم فى �أفرانها البلدية‪.‬‬ ‫كما جاءت هذه ال��دورة حتمل تيمة خا�صة بها‬ ‫وه��و «احل��رف��ى» وت�سليط ال�ضوء عليه م��ن خالل‬ ‫اختيار جمموعة م��ن احلرفيني تهدف ف��ى املقام‬ ‫الأول �إىل تطوير وحتديث الأ�ساليب امل�ستخدمة فى‬ ‫العملية الإنتاجية وحت�سني جودة املنتجات دون تغيري‬ ‫فى هوية احلرف ال�شعبية‪.‬‬


‫�إىل م�سافات بعيدة دون �أن تفقد قوتها حيث و�صلت‬ ‫بع�ض الأحزمة �إىل القمر‪.‬‬ ‫و ُين�سب �إن�شاء الت�صميم الأ�سا�سى لليزر �إىل‬ ‫ع��دد م��ن الأ�شخا�ص منهم الفيزيائى الأمريكى‬ ‫«�آرث��ر �شاولو» والفيزيائيان الرو�سيان «�ألك�سندر‬ ‫بروخروف» و»نيكوالى با�سوف» واملخرتع الأمريكى‬ ‫«جوردون جولد»‪.‬‬ ‫وقد بنى الفيزيائى الأمريكى «ثيودور ماميان»‬ ‫�أول ليزر فى عام ‪ 1960‬ومنذ �أوائل �سبعينيات القرن‬ ‫الع�شرين ح��دث تقدم هائل فى تقنيات الليزرات‬ ‫وا�ستخداماتها‪ ،‬واليوم وبف�ضل �سعة نقل املعلومات‬ ‫الهائلة للألياف الب�صرية ينفتح ع�صر جديد فى‬ ‫جم��االت الرتويح املنزىل واالت�صاالت وتكنولوجيا‬ ‫امليديا احلديثة‪ ..‬والباحثون على اقتناع ب�أن �أكرث‬ ‫ا�ستخدامات الليزر �إثارة وثورية مل يحن �أوانها بعد‪.‬‬ ‫وي�ستخدم �ضوء الليزر فى تطبيقات متنوعة‬ ‫نظر ًا ملا يتميز به‪ ،‬فبع�ض �أنواع الليزر ي�ستخدم فى‬ ‫املو�سيقى وق��راءة �شفرات الأ�سعار ْ‬ ‫وقطع الفلزات‬ ‫وحلمها ونقل املعلومات‪ ،‬وبالإ�ضافة �إىل ذلك توجه‬

‫الليزرات ال�صواريخ �إىل �أهدافها وتعالج العيون‬ ‫وتنتج ع��رو��ض� ًا �ضوئية م�ث�يرة‪ ،‬كما ت�ستخدم فى‬ ‫�إن�شاء جدران و�أ�سقف املبانى وفى طباعة الوثائق‪..‬‬ ‫وتتفاوت الليزرات فى احلجم حيث يبلغ طول نوع من‬ ‫الليزر طول ميدان كرة القدم بينما ال يزيد حجم‬ ‫نوع �آخر عن حجم حبة امللح!!‪ ..‬كما ي�ستخدم الليزر‬ ‫�أي�ض ًا فى �أح��دث عرو�ض الفنون الب�صرية خا�صة‬ ‫وهو يعد �أنقى �ضوء عرفه الإن�سان‪ .‬وهكذا فعندما‬ ‫يلتقى �شعاعا ليزر ي��و ِّل��دان �شبكة ت� ُ‬ ‫�داخ��ل معقدة‬ ‫وميكن ت�سجيل هذه ال�شبكة على لوحة ت�صوير وهذا‬ ‫الت�سجيل هو ما ي�سمى بـ «الهولوجراف» الذى يبدو‬ ‫من �أكرب �إجنازات العلم احلديث والتكنولوجيا حيث‬ ‫ميتلك خا�صية فريدة متكنها من �إعادة تكوين �صورة‬ ‫الأج�سام الأ�صلية ب�أبعادها الثالثة بدرجة عالية‬ ‫جد ًا‪.‬‬ ‫املج�سم عن الت�صوير‬ ‫ويختلف �أ�سا�س ًا الت�صوير ّ‬ ‫التقليدى ب� ��أن الت�سجيل لي�س ف��ى ك�ث��اف��ة امل��ادة‬ ‫احل�سا�سة لل�ضوء فح�سب ب��ل �أي���ض� ًا ف��ى التحول‬ ‫�إىل حزمة م��ن امل��وج��ات ال�ضوئية التى ت�صطدم‬

‫باجل�سم املراد ت�سجيله فتخطط املوجات ال�ضوئية‬ ‫حاملة املعلومات الكاملة عن تخطيط ثالثى الأبعاد‬ ‫املج�سم يعتمد على ت�سجيل‬ ‫للج�سم‪ ..‬فالت�صوير‬ ‫ّ‬ ‫ت�سجل فى لوح‬ ‫�سعة موجة اجل�سم وطورها حيث ّ‬ ‫معني ي�سمى «ه��ول��وغ��رام» بحيث �إذا �أ��ض��يء ف�إنه‬ ‫يكون بالإمكان �إعادة تكوين �صدر املوجة‪ ،‬وبالتاىل‬ ‫ف ��إن ال�صورة تتكون فى الف�ضاء الثالثى الأبعاد‬ ‫ولي�س على ورقة كالت�صوير العادى كما �أن ال�صورة‬ ‫املعرو�ضة ال ميكن متييزها عن اجل�سم الأ�صلى �أبد ًا‪.‬‬ ‫تاريخ‬ ‫جذور هذه التقنية يعود �إىل العام ‪ 1947‬عندما‬ ‫مت التو�صل للت�صوير الهولوجرافى من قبل العامل‬ ‫«ديني�س جابور» با�ستخدام تقنية الليزر‪ ..‬وقد جنح‬ ‫فى عر�ض �صور جم�سمة بو�ضوح وعمق واقعى بعدها‬ ‫توالت التجارب فعر�ض �أول هولوجرام ل�شخ�ص فى‬ ‫العام ‪ ،1967‬وفى العام ‪ 1972‬متكن العامل «لويد‬ ‫كروز» من �صناعة �أول هولوجرام يجمع بني ال�صور‬ ‫املج�سمة ثالثية الأب �ع��اد وال�سينما ج��راف��ى ذات‬ ‫البعدين‪.‬‬

‫‪v‬‬

‫العدد الحادي و الثالثون ‪ -‬أكتوبر ‪2012‬‬

‫‪11‬‬


‫فنون حداثية‬

‫عناق الفن و العلم‬

‫الهيلوجراف‬ ‫وسيمفونية التصوير المجسم بالليزر‬

‫ال�شك �أنه وبطول تاريخ الب�شرية ال ينف�صل الفن عن العلم‪ ..‬وعلى هذا‬ ‫يبدو التفاعل بينهما بامتداد العقود‪ ..‬فكالهما يحتاج �إىل تخيل وت�صور من‬ ‫�أجل ما ي�سمى بالإبداع احلقيقي‪ ،‬وفى الفن احلديث تبدو النزعة العلمية‬ ‫ب�شكل �أك�بر عن �أى ع�صر م�ضى مثلما نرى فى الفن احلركى وفن اخلداع‬ ‫الب�صرى والت�صوير الرقمى وفن الهيلوجراف‪ ..‬والذى يعد من �أكرب �إجنازات‬ ‫العلم احلديث والتكنولوجيا التى متتلك خا�صية فريدة متكنها من �إع��ادة‬ ‫تكوين �صورة الأج�سام الأ�صلية ب�أبعادها الثالثة بدرجة عالية جد ًا‪ ..‬وكلمة‬ ‫«هولوجرايف» �أ�صلها يونانى م�شتق من كلمة «هولو�س» �أى «كل» و «جرافو» �أى‬

‫‪v‬‬

‫‪10‬‬

‫د‪.‬لطفية النادى‬ ‫عاملة الليزر‬

‫املج�سم»‪.‬‬ ‫«الكتابة» مبعنى «�سجل ال�صورة الكامل» �أو «فن الت�صوير ّ‬ ‫وهذا يحدث عن طريق �أ�شعة الليزر والذى يعد �أداة تنتج حزمة �ضوئية‬ ‫رفيعة جد ًا وقوية‪.‬‬ ‫وبع�ض الأحزمة رفيعة ب�شكل متناهى لدرجة �أنها قادرة على ثقب مائتى‬ ‫حفرة فوق نقطة فى حجم ر�أ�س الدبو�س‪ ..‬وب�سبب �إمكانية تركيز �أ�شعة الليزر‬ ‫�إىل هذا احلد من الدقة ف�إن هذه الأ�شعة تكون قوية حتى �أن بع�ض الأحزمة‬ ‫ على �سبيل املثال‪ -‬ت�ستطيع اخ�تراق املا�س وهو �أ�صلب مادة فى الطبيعة‪،‬‬‫وبع�ضها ي�ستطيع �إحداث تفاعل نووى �صغري‪ ،‬وميكن �أي�ض ًا نقل حزمة الليزر‬


‫ــــــــــــرفاعى‬ ‫ــــــــــى فى زمن الملوك‬

‫د‪ .‬هالة �أحمد زكى‬

‫ال ميكن اعتبار م�سجد الرفاعى الذى ُبنى فى بر املحرو�سة منذ ما يزيد عن مائة عام �إال حتفة فنية‬ ‫كا�شفة حلقيقة مهمة‪ ..‬وهى �أن الفن الإ�سالمى مل يكن ابن زمن بعينه‪ .‬فاملعمار الإ�سالمى واخلط العربى‬ ‫واملقرن�صات والتفا�صيل الر�صينة واجلميلة التى تك�شف الكثري من �أعماق �شخ�صية الفنان امل�سلم املحب لدينه‬ ‫مل تكن تخ�ص ذلك الع�صر الذى بد�أ بدخول القائد عمرو بن العا�ص �إىل بر م�صر وانتهى ببداية الدولة‬ ‫احلديثة فى زمن حكم حممد علي‪ .‬فهناك حقيقة تاريخية تقول �أنه لي�س هناك فوا�صل قاطعة تف�صل بني‬ ‫تاريخ و�آخر �أو حقبة وغريها من احلقب‪ ،‬فال ميكن بح�سابات الورق والقلم �أن نعترب ع�صر ًا قد بد�أ فى مقابل‬ ‫�آخر قد انتهى‪ .‬ولهذا ا�ستمرت الكثري من الفنون الناب�ضة فى �أر�ض املحرو�سة ومنذ عهد الفراعنة‪.‬‬

‫‪v‬‬

‫العدد الحادي و الثالثون ‪ -‬أكتوبر ‪2012‬‬

‫‪13‬‬


‫مسجد الــــــــــــ‬ ‫رائعة الفن اإلسالمــــــــــ‬

‫‪v‬‬

‫‪12‬‬


‫‪v‬‬

‫العدد الحادي و الثالثون ‪ -‬أكتوبر ‪2012‬‬

‫‪15‬‬


‫ولهذا ال جند م�ستغرب فى �أن اخل��ط العربى‬ ‫وال�ع�م��ارة الإ��س�لام�ي��ة اع�ت�برت ف�ن��ون ت�ستمد روح‬ ‫احلياة �إىل يومنا هذا ل�سبب ي�ضاف �إىل كل ما �سبق‬ ‫وهى قدرتها الكبرية على ا�ستيعاب املتغريات فى‬ ‫فنون العمارة‪.‬‬ ‫ولهذا مل يكن م�سجد الرفاعى الذى بد�أ �إن�شا�ؤه‬ ‫فى زمن اخلديو �إ�سماعيل �إال تكملة لع�صر العمارة‬ ‫اململوكية ال�ضخمة التى كانت ت�سيطر على منطقة‬ ‫القلعة فى �صورة م�سجد ال�سلطان ح�سن املواجه‬ ‫مل�سجد الرفاعى وال��ذى يعترب �أع�ظ��م م�سجد فى‬ ‫التاريخ اململوكى بالإ�ضافة �إىل معمار القلعة نف�سه‬ ‫الذى يغلب عليه الطابع الع�سكرى الأيوبى القريب‬ ‫�إىل ح��د كبري م��ن ال�ع�م��ارة اململوكية ال�ت��ى ول��دت‬ ‫�ضخمة معربة عن �أبناء �آ�سيا الو�سطى والقوقاز‬ ‫الذين دخلوا م�صر كجنود مل يلبثوا �إال �أن انقلبوا مع‬ ‫الزمن حكام ًا عندما واتتهم الفر�صة‪.‬‬ ‫وهكذا بد�أت �سرية هذا امل�سجد العمالق الذى‬ ‫يبدو وك�أنه م�سجد مملوكى عتيق رغم �إن�شاءه فى‬ ‫ع�صر اخلديو �إ�سماعيل وبتفوي�ض كامل من والدته‬ ‫‪v‬‬

‫‪14‬‬

‫خو�شيار هامن قادين زوجة القائد �إبراهيم با�شا بن‬ ‫حممد على الكبري التى �أرادت �أن جتعل من زاوية‬ ‫ب�سيطة ت�ضم رفات ال�شيخني الأن�صارى والرفاعى‬ ‫مكان ًا ال�ستقبال رفاتها ورفات عائلتها‪.‬‬ ‫فهذه البقعة املباركة ت�ستحق �أن يقام فيها بنا ًء‬ ‫جمالي ًا يناف�س فى جماله م�سجد ال�سلطان ح�سن‬ ‫وه��ى م�ساحة تبحث عمن ي�ستحقها‪ ،‬والأه ��م �أن‬ ‫جتد املعمارى الفنان الذى ي�ستطيع �أن يقوم بهذه‬ ‫املهمة والذى تتو�سم فيه املوهبة والإخال�ص ال�شديد‬ ‫والقدرة على حتويل �أمنيتها �إىل حقيقة‪.‬‬ ‫ولهذا اختارت املعمارى ح�سني با�شا فهمى ليقوم‬ ‫بهذه املهمة‪ ،‬فاملفهوم لدى الوالدة با�شا �أنه مهند�س‬ ‫ناجح ي�شغل من�صب وكيل وزارة الأوق ��اف ولديه‬ ‫معرفة كبرية بتاريخ امل�ساجد الإ�سالمية‪.‬‬ ‫فلم يكن و�ضع ت�صميم لهذا امل�سجد بالأمر‬ ‫امل�ستغرب و�إن كان هذا ال يعنى �أن ت�صميمه قد قبل‬ ‫بكافة تفا�صيله دون �إدخال تعديالت وفق ًا ملالحظات‬ ‫الوالدة با�شا‪.‬‬ ‫�إال �أن الغريب �أن امل�سجد وقبل �أن يكتمل كان قد‬

‫ا�ستقبل رفاة الوالدة با�شا‪ ،‬ويقال �أي�ض ًا والعهدة على‬ ‫بع�ض الكتب التاريخية �أن اخلديو �إ�سماعيل نف�سه قد‬ ‫وافته املنية ودفن بامل�سجد قبل �أن يكتمل بنيانه‪.‬‬ ‫وعندما ت��وىل اخل��دي��و توفيق احل�ك��م مل يجد‬ ‫فى نف�سه رغبة كبرية لإكمال هذه العمل املعمارى‬ ‫ال�ضخم بالرغم من كونه ي�ضم رفاة جدته ووالده‪،‬‬ ‫فقد اختار اخلديو توفيق ولأ�سباب نف�سية بحتة �أن‬ ‫يبحث عن مكان �آخر ي�ضم رفاته بعيد ًا عن والده‬ ‫الذى كان يعتقد �أنه يف�ضل عليه �أخيه ح�سني فى كل‬ ‫�شيء‪ ،‬فذهب �إىل م�ساحة �أخرى من �أ�صول القاهرة‬ ‫املعزية وبنى قبة �أفندينا التى تعترب الأجمل والأرقى‬ ‫معماري ًا ب�شرق �صحراء املماليك فى بداية القرن‬ ‫الرابع ع�شر الهجرى وانتهى العمل بها فى عام‏‪1311‬‏‬ ‫هجري ًا �أو فى بداية عام‏‪ 1312‬على وجه التقريب‪،‬‬ ‫وق��د بقيت ك��ل ه��ذه ال�سنوات �شاخمة ف��ى مكانها‬ ‫ورمز ًا لع�صر بعيد كان يحتفى بالق�صور والفخامة‬ ‫التى متيزت بها القاهرة احلديثة‏‪.‬‬ ‫فكما يبدو �أن الفكرة كانت خمتلفة لدى اخلديو‬ ‫توفيق الذى اختار ملرقده الأخري مكان ًا خمتلف ًا عن‬


‫دق �ش�أنها»‪.‬‬ ‫فهذه الواجهة متحدية فى �شموخ الواثق دون‬ ‫مباالة‪ ،‬فلي�ست هذه التحفة املو�سيقية جمرد ت�آلف‬ ‫بني عدد حمدود من النغمات �أو ربط بني جمموعة‬ ‫حم��دودة من الأحل��ان فح�سب‪ ،‬بل �إنها �شيء يفوق‬ ‫ذلك كله‪ ،‬وبف�ضل جاذبية التوافق الهارمونى و�سحر‬ ‫ال�ت��وزي��ع الأورك �� �س�تراىل يرتفع العمل ككل واح��د‬ ‫�إىل ذروة التعبري الفني‪ ،‬فبالن�سبة لهذه الواجهة‬ ‫فيتو�سطها مدخل ي�ؤدى �إىل مكان ال�صالة و�ضريح‬ ‫ال�شيخ �أبو ال�شباك‪.‬‬ ‫ويوجد �أمامه �سلم رخامى حيث من املالحظ‬ ‫�أن الرخام يلعب دور ًا كبري ًا فى منح امل�سجد جما ًال‬ ‫ورونق ًا وت�ف��رد ًا‪� ،‬أم��ا الن�ص الإن�شائى املوجود فهو‬ ‫لقوله تعاىل‪�« :‬إنا فتحنا لك فتح ًا مبين ًا ليغفر اهلل‬ ‫لك ما تقدم من ذنبك وما ت�أخر ويهديك �صراط ًا‬ ‫م�ستقيم ًا»‪ ،‬ويوجد بامل�سجد �أك�ثر من م�أذنة‪ ،‬ففى‬ ‫ال��واج�ه��ة اجلنوبية الغربية ت��وج��د م��أذن�ت��ان على‬ ‫الطراز اململوكى ال تختلف تفا�صيلها‪ ،‬وبينهما قبة‬ ‫تعرف بقبة ال�شيخ يحيى الأن�صاري‪.‬‬ ‫�أم��ا العمارة الداخلية فهى عبارة عن درك��اة‬ ‫م�ستطيلة كما ي�صفها املعماريون فر�شت �أر�ضيتها‬ ‫ببالطات حجرية وغ�ط��ت ب�سقف خ�شبى مذهب‬ ‫يتو�سطه �شكل جنمى حتيط به زخارف نباتية‪ ،‬وت�ؤدى‬

‫هذه الدركاة �إىل بيت �صالة مربع �أر�ضيته من بالط‬ ‫حجري‪ ،‬وينق�سم هذا البيت بدوره �إىل ثالثة �أروقة‬ ‫�أكربها الذى يقع فى منطقة الو�سط‪ ،‬ويوجد �شريط‬ ‫كتابى بخط الن�سخ تعلن انتهاء العمل بامل�سجد فى‬ ‫ع�صر اخلديو عبا�س حلمى الثاين‪ ،‬ويوجد باجلدار‬ ‫اجلنوبى ال�شرقى لبيت ال�صالة حم��راب رخامى‬ ‫جموف تعلوه �آيات قر�آنية لقوله تعاىل‪�« :‬إن فى خلق‬ ‫�ات‬ ‫ال�سماوات والأر���ض واختالف الليل والنهار لآي� ٍ‬ ‫�وم ي��ؤم�ن��ون»‪ ،‬وعلى مي�ين امل�ح��راب يوجد منرب‬ ‫ل�ق� ٍ‬ ‫خ�شبى مطعم بال�سن والأبنو�س وخ�شب اللوز وباب‬ ‫ذو م�صراعني خ�شبيني مزخرف بزخارف هند�سية‬ ‫�إ�سالمية وكتب عليه «�إن اهلل ومالئكته ي�صلون على‬ ‫النبى يا �أيها الذين �آمنوا �ص ّلوا عليه و�سلموا ت�سليم ًا»‪.‬‬ ‫وبالن�سبة للرواق الثانى لبيت ال�صالة فيوجد‬ ‫دك��ة رخامية حتملها �أرب�ع��ة �أع�م��دة ونق�شت عليها‬ ‫�أي�ض ًا �آيات قر�آنية ن�صها‪�« :‬إن الذين �آمنوا وعملوا‬ ‫ال�صاحلات �إ ّنا ال ن�ضيع �أجر من �أح�سن عم ًال»‪ ،‬كما‬ ‫يوجد كر�سى م�صحف من اخل�شب املطعم بال�سن‬ ‫والأبنو�س واخل�شب ويو�ضع امل�صحف مفتوح ًا لقراءة‬ ‫�سورة الكهف قبل �صالة اجلمعة‪.‬‬ ‫وهناك م�سالك خا�صة داخل امل�سجد للو�صول‬ ‫�إىل قبة ال�شيخ الأن�صارى و�ضريح ال�شيخ على �أبو‬ ‫ال�شباك و�ضريح اخلديو �إ�سماعيل ووالدته من خالل‬ ‫الباب الواقع على ي�سار الداخل من مدخل الواجهة‬ ‫ال�شمالية ال�شرقية للجامع‪� ،‬أما الغرفة التى دفنت‬ ‫فيها زوجات اخلديو �إ�سماعيل فيتم الدخول �إليها‬ ‫من غرفة دفن اخلديو‪.‬‬ ‫وهناك �أكرث من غرفة دفن �أخرى منها غرفة‬ ‫دف��ن ال�سلطان ح�سني كامل وزوج �ت��ه ملك ه��امن‪،‬‬ ‫وغرفة دفن �أوالد اخلديو �إ�سماعيل خلف غرفة دفن‬ ‫والدهم وجدتهم‪ ،‬وفى امل�سجد مدفون �أي�ض ًا الأمري‬ ‫حلمى والأمري جمال الدين والأمرية زينب والأمرية‬ ‫توحيدة‪.‬‬ ‫وتعد غرفة دفن امللك فاروق قاعة لكبار الزوار‬ ‫ويظهر بو�ضوح ت�أثري الرخام وكذلك الأمر بالن�سبة‬ ‫للملك ف�ؤاد الأول وفريال هامن‪� ،‬أما �أروع الغرف فهى‬ ‫غرفة دفن حممد ر�ضا بهلوى (�شاه �إي��ران) و�آخر‬ ‫ملوك الأ�سرة البهلوية قبل انت�صار الثورة الإ�سالمية‬ ‫فى نهاية ال�سبعينيات والذى اختار م�صر املحرو�سة‬ ‫مرف�أ �أخ�ير له‪ ،‬وغرفة الدفن يغلب على �أر�ضيتها‬ ‫الإلب�سرت الأخ�ضر ويوجد تركيبة رخامية �ضخمة‬ ‫فوق القرب وقد ك�سيت الأر�ضية واجل��دران ب�أفخر‬

‫�أنواع الرخام امل�ستورد‪.‬‬ ‫وميكن لعينيك �أن ت�ست�شعر اجلمال عندما تتوه‬ ‫و�سط �آالف الزهور التى تو�ضع على القرب فى نهاية‬ ‫يوليو عندما تقوم «ال�شاهبانو فرح ديبا» زوجة �شاه‬ ‫�إيران الراحل بزيارة قربه فى الذكرى ال�سنوية فى‬ ‫نهاية يوليو من كل عام �أو فى االحتفال بعيد النريوز‬ ‫�أو عيد بداية التقومي الإي��ران��ى ال��ذى يعلن بداية‬ ‫ال�سنة الإيرانية اجلديدة فى الواحد والع�شرين من‬ ‫مار�س من كل عام‪.‬‬ ‫فاحلقيقة والواقع ال��ذى تفر�ضه احلياة يقول‬ ‫�أن م�سجد الرفاعى �صاحب �أكرث من حكاية وق�صة‬ ‫عا�شت داخله‪ ،‬فالق�صة ال تتعلق فقط به�ؤالء امللوك‬ ‫الذين دفنوا فى رحابه وال بع�صر بعينه وال مبن‬ ‫قاموا ببناء هذا ال�صرح اجلماىل الكبري‪ ،‬ولكنها‬ ‫تكمن فى �أهل احلى بل واملكان نف�سه الذى �شهد كل‬ ‫ه�ؤالء ب�شر ًا يروحون ويجيئون وي�سعدون وي�صدمون‪.‬‬ ‫فكل �شرب من �أر�ض م�صر املحرو�سة �شاهد على‬ ‫ب�شر و�إجنازات رمبا ال يعرفه مكان �آخر فى العامل‪..‬‬ ‫وهذه هى العبقرية‪ ..‬عبقرية م�صر‪.‬‬ ‫‪v‬‬

‫العدد الحادي و الثالثون ‪ -‬أكتوبر ‪2012‬‬

‫‪17‬‬


‫مكان والده‪ ،‬فاقتنع ببناء قبة تعترب �أجمل مقربة فى‬ ‫العامل‪ ،‬بعد تاج حمل الذى حتكى عنه كل املو�سوعات‬ ‫الأثرية والتاريخية فى الدنيا‏‪.‬‬ ‫ولهذا ال ي�ستطيع الب�صر �أن يخـطئ جمالها‪،‬‏‬ ‫فيمكن لأى م��ار على طريق الأوت��و� �س�تراد بجانب‬ ‫منطقة من�ش�أة نا�صر �أن يلحظها و�أن ي�ستوقفه هذا‬ ‫املبنى �صاحب الواجهة ال�ضخمة التى تختبئ وراء‬ ‫الكثري من الأ�شجار والأبواب احلديدية‪.‬‬ ‫وهكذا و�أمام هذا املنطق مل يجد اخلديو عبا�س‬ ‫حلمى الثانى بعدهما �إال العودة �إىل نف�س حلم الوالدة‬ ‫با�شا فا�ستعان بهرت�س با�شا امل�سئول عن جلنة حفظ‬ ‫الآث��ار العربية ال�ستكمال هذا العمل ال�ضخم الذى‬ ‫انتهى منه عام‪.1911‬‬ ‫وي��ذك��ر د‪.‬ع��ا��ص��م رزق ف��ى مو�سوعة «�أطل�س‬ ‫العمارة الإ�سالمية والقبطية بالقاهرة» �أن املوقع‬ ‫ذات��ه ك��ان ي�ضم ف��ى الأ��ص��ل م�سجد فاطمى قدمي‬ ‫�أطلق عليه ا�سم «م�سجد الذخرية» وهو يعود �إىل‬ ‫ذخرية امللك جعفر �صاحب ال�شرطة وواىل القاهرة‬ ‫وحمت�سبها فى عهد اخلليفة الفاطمى الآمر ب�أحكام‬ ‫اهلل قبل �أن ت�صبح زاوي��ة بها قبة ال�شيخ على �أبو‬ ‫�شبال �أحد �أحفاد ال�شيخ الرفاعى الذى عا�ش وتُوفى‬ ‫‪v‬‬

‫‪16‬‬

‫فى بدايات الع�صر الأيوبي‪.‬‬ ‫وت�ب�ل��غ م���س��اح��ة امل���س�ج��د �سبعة �آالف و�ستة‬ ‫وخ�م���س��ون م�ت�ر ًا م��رب �ع � ًا وه ��و ع �ب��ارة ع��ن كتلتني‬ ‫معماريتني �ضخمتني بارتفاع واحد من ثالث جهات‬ ‫�شمالية وجنوبية و�شرقية وتبدو اجلهة الغربية هى‬ ‫الأكرث ارتفاع ًا يتو�سطها املدخل امللكى ذو املطلعني‬ ‫الرخاميني‪.‬‬ ‫وهناك �أربع واجهات �أحدهما تطل على مدر�سة‬ ‫ال�سلطان ح�سن التى ميكن اعتبارها حتفة معمارية‬ ‫قلما جتود بها الأيام‪ ،‬ولهذا فقد كان الدكتور ثروت‬ ‫عكا�شة موفق ًا عندما قال فى كتابه «القيم اجلمالية‬ ‫للعمارة الإ�سالمية»‪.‬‬ ‫م��ا �أ� �ص��دق «ج��ا��س�ت��ون ف�ي�ي��ت» ح�ين وق��ف فى‬ ‫نف�س املوقع و�أخذ يردد وهو ينقل الب�صر بني قلعة‬ ‫حممد على ومدر�سة ال�سلطان ح�سن‪�« :‬إن من يت�أمل‬ ‫البناءين تبدو القلعة فى عينه جاثمة ت�ستعد للوثوب‬ ‫واالنق�ضا�ض‪ ،‬على حني تبدو املدر�سة هادئة �سامقة‬ ‫متعالية ترنو للقلعة‪� ،‬إننا ال منلك جتاه هذا الأثر‬ ‫الفريد �إال �أن نح�س �أننا نحيا �سيمفونية كاملة‪،‬‬ ‫ا�شرتك فيها الأورك�سرتا بكافة عنا�صره فى عناية‬ ‫ودقة بالغتني‪ ،‬وب�إح�سا�س مرهف مدرك للفروق مهما‬


‫كما يوجد فى لوحاته ت�صوير ًا ملجموعة من‬ ‫الوجوه امل�صرية التى نعاي�شها وتعرب بعمق عن جانب‬ ‫من احلياة اليومية للمواطن امل�صري‪ ،‬وجند �أي�ض ًا‬ ‫متثي ًال للمدينة املتوترة املتحركة بر�ؤية فنية خا�صة‬ ‫وبتقنيات خمتلفة بني الت�شكيل الفنى با�ستخدام‬ ‫الألوان والأقالم وب�إ�ضافة �صور ًا فوتوغرافية وكوالج‪.‬‬ ‫وقد �أقام املكتب الثقافى امل�صرى بروما معر�ض ًا‬ ‫خا�ص ًا للفنان عادل م�صطفى‪� ،‬ضم املعر�ض ‪ ٢٠‬لوحة‬ ‫منفذة بخامات خمتلفة من كوالج و�أل��وان �أكريلك‬ ‫و�أق�لام ملونة‪ ،‬ويقول الفنان عن جتربة املعر�ض‪:‬‬ ‫«�أثناء �إقدامى على �إقامة معر�ض ًا خا�ص ًا ب�إيطاليا‬ ‫مهد ع�صر النه�ضة والتقدم الفنى والثقايف‪� ..‬شعرت‬ ‫بنوع من الريبة والقلق‪ ،‬ولكن �سرعان ما فارقنى‬ ‫هذا ال�شعور عندما ا�سرتجعت وتذكرت ما لأ�صولنا‬ ‫و�أجدادنا الفراعنة من �أجماد و�سبق ح�ضارى عظيم‬ ‫وما لرتاثنا العربى الإ�سالمى من زهو معرفى فى‬ ‫جميع املجاالت‪ ،‬و�أن جيناتى الوراثية حتمل قدر ًا‬ ‫م��ن ه��ذا امل�ج��د‪ ،‬م��ا جعلنى �أ�شعر بنوع م��ن الثقة‬ ‫بالنف�س‪ ،‬وتذكرت �أي�ض ًا عاملية الفن ولغة ال�شكل‬ ‫و�أن الفن له دور كبري فى التقريب بني احل�ضارات‬ ‫وال�شعوب املختلفة فهو �سفري للإن�سانية‪ ..‬زادتنى‬ ‫هذه اخلواطر ثقة وت�صميم ًا على �إقامة املعر�ض‪»..‬‬ ‫كما �أنه ع�ضو بنقابة الفنانني الت�شكيلني وع�ضو‬ ‫جماعة الفنانني والكتاب‪ ،‬و�شارك فى احلركة الفنية‬ ‫امل�صرية م��ن خ�لال العديد م��ن املعار�ض املحلية‬ ‫والدولية‪ ،‬وح�صل على العديد من اجلوائز‪ :‬جائزة‬ ‫�أوىل ت�صوير مبعر�ض فنون بال حدود بكلية الفنون‬ ‫اجلميلة بالإ�سكندرية �سنة ‪ ،2000‬وجائزة جلنة‬ ‫التحكيم ب�صالون ال�شباب ال�سابع ع�شر‪ ،‬وجائزة‬ ‫ت�شجيعية ب�صالون �شباب الأتيليه العا�شر‪ ،‬وجائزة‬ ‫�أوىل ت�صوير �صالون حممد ر�شيد الأول �سنة ‪.2008‬‬

‫‪v‬‬

‫العدد الحادي و الثالثون ‪ -‬أكتوبر ‪2012‬‬

‫‪19‬‬


‫الفنان الشاب عادل مصطفى‬ ‫إبداعات الشباب‬

‫وحوار الحضارة المصرية القديمة‬ ‫والحياة المعاصرة‬

‫كتبت رنا ا�شرف ‪:‬‬ ‫الفنان عادل م�صطفى ال�صعيدى من مواليد ‪ ،1980‬حا�صل على‬ ‫بكالوريو�س الفنون اجلميلة ق�سم ت�صوير جامعة الإ�سكندرية‪ ،‬وحا�صل‬ ‫على درجة املاج�ستري فى الفنون اجلميلة‪ ،‬ويعمل مدر�س م�ساعد بق�سم‬ ‫الت�صوير بكلية الفنون اجلميلة جامعة الإ�سكندرية‪.‬‬ ‫وتعتمد جتربته ب�شكل �أ�سا�سى على املثري الفني‪ ،‬ففى بع�ض‬ ‫الأحيان يكون املثري ب�سيط ًا متوا�ضع ًا و�أحيان ًا يكون عميق ًا معقد ًا‪،‬‬ ‫وك�ث�ير ًا م��ا ي�ترك لنف�سه م�ساحة م��ن احل��ري��ة مل�صادفة ه��ذا املثري‬ ‫املن�شود‪.‬‬

‫‪v‬‬

‫‪18‬‬

‫وتتنوع مو�ضوعات اللوحات لدى الفنان تبع ًا لتنوع املثري‪ ،‬ففى‬ ‫�إح��دى لوحاته مزج الفنان بني ن�صو�ص �شعرية لل�شاعر ال�سكندرى‬ ‫«�سامى عقل» وذلك باملزج بني الكلمة املقروءة باخلط العربى ‪ -‬دون‬ ‫التقيد بقواعد فى الكتابة‪ -‬وبني �شكل الكالم نف�سه وما توحيه من‬ ‫دالالت فى لغة ال�شكل بالإ�ضافة للم�ضمون الأدب��ى للكلمات واللوحة‬ ‫منفذة بخامات خمتلفة من الكوالج و�ألوان الأكريلك والأقالم امللونة‬ ‫وف��ى لوحة �أخ��رى ق��ام الفنان باملزج بني رم��ز من رم��وز احل�ضارة‬ ‫امل�صرية القدمية فقد ا�ستخدم الهرم وبني رمز احلياة املعا�صرة‬ ‫واملدينة ال�صاخبة من املركبات والب�شر‪.‬‬


‫التقت اخليال بالدكتور «�سامى راف��ع» �أ�ستاذ‬ ‫العمارة الداخلية بالفنون اجلميلة ‪ -‬جامعة حلوان‪..‬‬ ‫وكان هذا احلديث‪..‬‬ ‫فنون العراق‬ ‫�أحيان ًا مير الإن�سان بحاالت من امل�صادفات �أو‬ ‫احلظوظ قد تكون �سيئة وقد تكون �سعيدة‪ ..‬وت�صبح‬ ‫عالقة فى حياته ط��وال العمر وه��ذا ما حدث يل‪..‬‬ ‫ففى ظ�ه�يرة ي��وم ك��ان��ت زوج�ت��ى الأوىل م��ع طفلنا‬ ‫«�سامي» خ��ارج امل�ن��زل فحاولت �أن �أ�ستفيد بهذا‬ ‫الهدوء ال��ذى خيم على املنزل و�أردت �أن ا�ستمتع‬ ‫بذلك ال�سكون‪ ..‬ففتحت التليفزيون وكانت ن�شرة‬ ‫الأخبار ومن �ضمنها �أن (الوفد الأجنبى الزائر فى‬ ‫بغداد �سي�ضع �إكلي ًال من الزهور على قرب اجلندى‬ ‫املجهول)‪ ،‬هزنى هذا اخلرب لأن العراق مل ي�شرتك‬ ‫فى حرب �أكتوبر ‪ ،1973‬وهنا ا�ستجمعت كل حوا�سى‬ ‫و�أردت �أن �أرى هذا الن�صب فوجدته عبارة عن قو�س‬ ‫�أول��ه و�أخ��ره مرتبطان فى قاعدة �أر�ضية ويرتفع‬ ‫بحواىل ‪ 5‬مرت‪ ،‬وبالرجوع �إىل ما تعلمناه من الأ�ستاذ‬ ‫«�أبو �صالح الألفي» �أ�ستاذ مادة تاريخ الفن فى ال�سنة‬ ‫الأوىل فى الكلية امللكية للفنون اجلميلة‪� ..‬أن فنون‬ ‫منطقة ما بني النهرين فى العراق ت�شتهر با�ستعمال‬ ‫املواد الطينية املحروقة فى الأفران وا�ستغاللها فى‬ ‫الإن�شاءات املعمارية ل�سهولة عمل الأقوا�س‪ ،‬ولهذا‬ ‫ظهرت الأق��وا���س والأق�ب�ي��ة وال�ق�ب��وات ف��ى العمارة‬ ‫العراقية القدمية‪ ،‬وكان من نتائجها �إي��وان ك�سرى‬ ‫القدمي وغريه‪ ،‬وبعد �أن �شد انتباهى هذا الربط من‬ ‫تاريخ العمارة وبني هذا املن�ش�أ ال�صغري الذى ر�أيته‬ ‫فى التليفزيون �س�ألت نف�سي‪« :‬ماذا ميكن �أن يكون‬ ‫�شكل ت�صميم الن�صب التذكارى للجندى املجهول‬ ‫فى م�صر �إذا طلب عمله وكيف يكون مرتبط ًا بتاريخ‬ ‫م�صر البنائى الفرعونى الذى كان عماده �أحجار ًا‬ ‫مقطوعة من اجلبال ولي�س طوب ًا حمروق فى الأفران‬ ‫كما هو احلال فى العراق؟»‪.‬‬ ‫ال��ن�����ص��ب ال��ت��ذك��ارى وال���ه���رم‪ ..‬ومل���اذا‬ ‫ج��اء التفكري ح��ول الهرم كن�صب للجندى‬ ‫املجهول؟!‬ ‫كان هذا هو �أول بداية ملعركة ت�صميم الن�صب‬ ‫ال �ت��ذك��ارى للجندى امل�ج�ه��ول‪ ،‬وك ��ان ال �ه��رم ي��دور‬ ‫ب�شكل بعيد فى فكرى مرتجم ًا لفكرة ا�ستعماله لأنه‬ ‫�أك�بر مقربة فى تاريخ الب�شرية وف��ى نف�س الوقت‬ ‫يعترب �إحدى عجائب الدنيا ال�سبع‪ ،‬وقد ظهرت فى‬ ‫خياىل مبادئ حل مل�شكلة ت�صميم الن�صب فى �إطار‬

‫الفنان �سامى رافع مع الرئي�س ال�سادات فى منا�سبة ت�صميمه للن�صب التذكارى‬

‫عام و�أن يكون هو املحور الأ�سا�سى فى الت�صميم‬ ‫وا�ستبعدت فكرة هل يكون الن�صب مطابق ًا للهرم‬ ‫الفرعونى ب�شكله الأ�صلى امل�صمت �أو ًال‪ ،‬وملا كانت‬ ‫مراحل ت�صميماتى فى املجاالت الأخرى كت�صميم‬ ‫الديكورات امل�سرحية �أو �أغلفة الكتب �أو الإعالنات‬ ‫الفنية وغريها حتل ب�سهولة فقد �أرج�أت التفكري فيها‬ ‫حالي ًا على �أمل �أنى �س�أ�صل �إىل حلول �أخرى كالعادة‬ ‫فيما بعد‪� ..‬أغلقت جهاز التليفزيون وبد�أت فى عمل‬ ‫اال�سكت�شات‪.‬‬ ‫م�سابقة اجل��ن��دى امل��ج��ه��ول وحكاية‬ ‫اال�شرتاك فى م�سابقة الت�صميم؟!‬ ‫وب ��د�أت ف��ى الر�سم منطلق ًا م��ن خ�لال الفكر‬

‫التاريخى لربط احل�ضارة الفرعونية باحل�ضارة‬ ‫العربية ف��ى �شكل جديد م��ع ا�ستغالل الفراغات‬ ‫امل��وج��ودة ف��ى مركز الن�صب لت�سهيل نفاذ �أ�شعة‬ ‫ال�شم�س منها لكى تتوافق هذه العنا�صر مع بع�ضها‬ ‫فى النهاية واحتفظت بهذه اال�ستك�شات الأولية‪،‬‬ ‫وب�ع��د �أرب �ع��ة �أ��ش�ه��ر وج ��دت �إع�ل�ان � ًا ع��ن م�سابقة‬ ‫لت�صميم ن�صب تذكارى للجندى املجهول عن طريق‬ ‫وزارة الإ�سكان‪ ،‬تقدم لهذه امل�سابقة ما يقرب من‬ ‫‪ 150‬فنان ًا م�صور ًا ونحات ًا ومعماري ًا جمتمعني مع‬ ‫بع�ض وفى ح��االت �أخ��رى ف��رادى‪ ،‬وكنت من �ضمن‬ ‫الفنانني ال�ف��رادى‪ ،‬وك��ان من �شروط امل�سابقة �أن‬ ‫يكون الن�صب فى حديقة احلرية املال�صقة لنادى‬ ‫‪v‬‬

‫العدد الحادي و الثالثون ‪ -‬أكتوبر ‪2012‬‬

‫‪21‬‬


‫الفنان «سامى رافع» فى حوار مع الخيال‬

‫أسماء شهداء أكتوبر‬ ‫على‬ ‫نصب‬ ‫الجندى‬ ‫المجهول!!‬

‫�صالح بي�صار‬

‫«�سامى رافع» فنان �شامل ميتد عامله الت�شكيلى بالإبداع الرفيع من ت�صميم‬ ‫ديكور امل�سرح والأوبرا والباليه �إىل الت�صوير الزيتى وطوابع الربيد والعمالت‬ ‫التذكارية مع املل�صقات اجلدارية وال�شعارات وحتى فن اخلزف والنحت و�أفالم‬ ‫الكرتون ‪ ..‬وقد ت�ألقت ب�صمته بال�سحر واجلمال من ال�شارع �إىل امليدان ‪ ..‬فهو‬ ‫�صاحب الن�صب التذكارى للجندى املجهول وهو مبثابة هرم م�صر الرابع واملقام‬ ‫بارتفاع ‪ 32‬مرت مبا يوازى بناية من ع�شرة طوابق وهو ن�صف ارتفاع الهرم الأ�صغر‪.‬‬ ‫‪v‬‬

‫‪20‬‬


‫�إحدى زوايا الن�صب التذكارى تظهر جمال الت�شكيل‬

‫على ج�سم الن�صب ك��ان هناك ع��دة �آراء خمتلفة‬ ‫منها عمل علب م��ن اخل�شب متثل ال�ف��راغ��ات بني‬ ‫احل��روف وتنزع بعد �صب اخلر�سانة بعد �أن جتف‬ ‫فتظهر الكتابات مرتفعة ‪�10‬سم عن ج�سم الن�صب‪،‬‬ ‫وعندما يجتمع �أكرث من ‪� 5‬أ�شخا�ص عادة ال ي�سمع‬ ‫بع�ضهم البع�ض �أثناء النقا�ش‪ ،‬وهذا كان حالنا فى‬ ‫ذلك االجتماع الذى كان ي�ضم ‪� 10‬أ�شخا�ص‪ ،‬و�صدفة‬ ‫�سمعت �أحد املهند�سني يقول عن حل مل�شكلة تك�سري‬ ‫اخلر�سانة ملد كابالت الكهرباء داخ��ل اخلر�سانة‬ ‫حتى ال تظهر على ال�سطح وذلك من خالل ا�ستعمال‬ ‫خ��ام��ة اال��س�تري�ب��ور وه��ى م ��ادة رغ��وي��ة ا�سفنجية‬ ‫القوام خفيفة ال��وزن �أثناء �صب اخلر�سانة وميكن‬ ‫ا�ستخراجها ب�سهولة من اخلر�سانة و�إلغائها ثم متد‬ ‫الكابالت الكهربائية مكانها بدون �أى عناء‪ ،‬وقد تعلم‬

‫املهند�س ذلك فى �أملانيا �أثناء التدريب على بناء‬ ‫الكباري‪ ،‬مل ي�سمع �أحد ًا من املجتمعني هذا الكالم‬ ‫ولكنى م�صادفة ا�ستوعبته‪ ،‬واطم�أننت �إىل هذا احلل‬ ‫ال�سريع لإظهار احل��روف الهجائية للكتابات �أثناء‬ ‫�صب اخلر�سانة‪ ،‬ومت تنفيذها بنجاح كبري‪.‬‬ ‫وما زال يتحدث‪..‬‬ ‫�أما امل�شكلة الأخرى التى اختلفنا فيها هى كيفية‬ ‫تالقى الأرب ��ع ج��دران ف��ى ال�ف��راغ ف��ى نقطة ثابتة‬ ‫على ارتفاع ‪ 32‬مرت ًا من �سطح الأر���ض‪ ..‬فاقرتحوا‬ ‫ا�ستعمال نظرية الزاوية وتكرارها كلما ارتفعنا فى‬ ‫البناء ولكنى رف�ضتها وا�ستعملت طريقة �أخرى كنت‬ ‫قد تعلمتها للتغلب على مثل هذه امل�شاكل �أثناء تنفيذ‬ ‫الديكورات املج�سمة على خ�شبة امل�سرح‪ ..‬وقد حازت‬ ‫على القبول ومت املوافقة على ا�ستعمالها وظهرت‬

‫النتيجة بدرجة عالية من الدقة ومل يحدث �أى خلل‬ ‫فى هذه امل�شكلة‪.‬‬ ‫اللقاء بالرئي�س ال�سادات‪..‬‬ ‫ك��ان العمل م�ستمر ًا ط��وال ال�ي��وم وف��ى بع�ض‬ ‫الأوق � ��ات ا��س�ت�ل��زم الأم� ��ر �أن ت �ك��ون ه �ن��اك بع�ض‬ ‫التح�ضريات التى يجب �أن تنفذ فى اليوم التاىل‬ ‫فكان من ال�ضرورى �أن يلتزم بع�ض العمال العمل‬ ‫طوال الليل حتى ال�صباح‪ ..‬هذا فى الأيام العادية‬ ‫�أما فى ال�شهر الأخري قبل االفتتاح فكانت �ساعات‬ ‫العمل م�ستمرة ‪� 24‬ساعة‪.‬‬ ‫وكيف مت اللقاء بالرئي�س ال�سادات؟‬ ‫وفى يوم من الأيام الأخرية فى رم�ضان ح�ضر‬ ‫الوزير «عثمان» للموقع و�س�ألني‪�« :‬إيه ر�أيك‪ ..‬حتب‬ ‫ت��روح لل�سيد �أن��ور ال�سادات رئي�س اجلمهورية فى‬

‫العدد الحادي و الثالثون ‪ -‬أكتوبر ‪2012‬‬

‫‪v‬‬

‫‪23‬‬


‫�صورة للن�صب التذكارى �أثناء �أحد العرو�ض الع�سكرية‬

‫القاهرة فى جزيرة الزمالك ومن ح�سن حظى كنت‬ ‫ذاهب ًا �إىل النم�سا لق�ضاء ب�ضعة �أ�سابيع عند عائلة‬ ‫زوجتى ف�أخذت معى �شروط امل�سابقة لكى ابد�أ فى‬ ‫حت�ضريها وت�سليمها‪.‬‬ ‫جل��ن��ة ال��ت��ح��ك��ي��م‪ ..‬وم���ا �أذاع���ت���ه جلنة‬ ‫التحكيم؟‬ ‫بعد خم�سة �أ�شهر‪ ..‬وفى ليلة كنت قد انتهيت من‬ ‫ت�صنيع �أربعة �أ�شكال جم�سمة �صغرية للهرم خمتلفة‬ ‫الزوايا فى القاعدة وعر�ضتها على الأ�سرة فى امل�ساء‬ ‫حتى �أ�ستعني بر�ؤية عني املتفرج باختيار �أح�سنها‬ ‫وف��ى نهاية الليلة ا�ستتب الأم��ر على اختيار �شكل‬ ‫معني وكان هو االختيار الأوىل ىل قبل ذلك‪ ،‬عدت‬ ‫�إىل القاهرة وطلبت من �أحد الطالب �أن ي�ساعدنى‬ ‫ف��ى تنفيذ ال�شكل املج�سم (امل��اك�ي��ت)‪ ،‬وانعقدت‬ ‫جلنة التحكيم املكونة م��ن ال�سيد ال��دك�ت��ور وزي��ر‬ ‫ال�سياحة ورئي�س ق�سم العمارة فى كلية الهند�سة‬ ‫جامعة القاهرة �سابق ًا ال�سيد «�إب��راه�ي��م جنيب»‬ ‫وع�ضوية ال�سادة النقاد والفنانني واملهند�سني «بدر‬ ‫الدين �أبو غازى وح�سني بيكار وعبداحلميد حمدى‬ ‫ود‪.‬مهند�س م�صطفى احلفناوى ومهند�س جمال‬ ‫ال��دي��ن ع�ب��دال��رح�م��ن وم�ه�ن��د���س مي�شيل روف��ائ�ي��ل‬ ‫‪v‬‬

‫‪22‬‬

‫ومهند�س كمال �شهيب»‪ ،‬وكانت نتيجة التحكيم �أنى‬ ‫فزت باجلائزة الأوىل وقدرها «‪3000‬جنيه» وكان‬ ‫عدد امل�شاريع املقدمة (‪ )75‬م�شروع ًا‪ ،‬وملا ذهبت‬ ‫ال�ستالم املبلغ �س�ألت امل�سئول فى وزارة الإ�سكان �إذا‬ ‫كان هناك �أمل لتنفيذ امل�شروع ومتى؟ �ضحك وقال‬ ‫يل‪�« :‬أنت بت�صدق �إن امل�شروع �سينفذ»‪!!..‬‬ ‫ي�ضيف �أ�ستاذ العمارة الداخلية‪:‬‬ ‫طلب منى ال�صديق الفنان «مكرم حنني» �أن‬ ‫�أمده بال�صور للم�شروع لن�شرها فى جريدة الأهرام‪،‬‬ ‫فى تلك الأثناء كان الرئي�س ال�سادات فى �أ�سوان مع‬ ‫وزير خارجية �أمريكا «هرنى كي�سنجر» للتباحث فى‬ ‫فر�ص ال�سالم بعد احلرب‪ ،‬وهنا لعب احلظ دوره‪،‬‬ ‫ور�أى ال�سادات �صورة الن�صب فى جريدة الأهرام‬ ‫فطلب وزي��ر الإ�سكان «عثمان �أحمد عثمان» على‬ ‫التليفون و�أمره بتنفيذ امل�شروع ليكون فى مدينة ن�صر‬ ‫�أمام املن�صة على �أن يفتتح يوم ‪� 6‬أكتوبر القادم مع‬ ‫العر�ض الع�سكري‪.‬‬ ‫وتداعيات الأحداث بعد ذلك؟‬ ‫عام ‪ 1975‬وفى اليوم التاىل جاءنى فى البيت‬ ‫اثنني ال �أعرفهما و�س�ألوين‪ :‬هل �أنت «�سامى رافع»؟‬ ‫قلت‪« :‬ن�ع��م»‪ ..‬فقالوا‪�« :‬أن��ت مطلوب للح�ضور فى‬

‫وزارة الإ�سكان حا ًال»‪� ،‬س�ألت نف�سي‪« :‬هل �سيكون هذا‬ ‫اللقاء بخ�صو�ص الن�صب التذكاري؟! �أو ا�سرتجاع‬ ‫قيمة مبلغ ‪3000‬جنيه نتيجة خط�أ م��ا؟!»‪ ،‬وقد كان‬ ‫فع ًال حول الن�صب‪ ،‬قال الوزير «عثمان �أحمد عثمان»‬ ‫�أن الرئي�س يريد تنفيذ امل�شروع فى مدينة ن�صر‬ ‫و�سيفتتحه بعد خم�سة �أ�شهر �أثناء العر�ض الع�سكرى‬ ‫‪ 1975‬قلت‪« :‬هذا غري ممكن لأن الوقت غري كافى»‪،‬‬ ‫�ضحك الوزير وق��ال‪« :‬امل�شروع �سينفذه املقاولون‬ ‫العرب»‪.‬‬ ‫بني اخلر�سانة واملوزاييك‪..‬‬ ‫بد�أ العمل بلقاءات حت�ضريية بينى وبني جمموعة‬ ‫من مهند�سى املقاولون العرب‪ ،‬ول�شد ما �أزعجنى فى‬ ‫النقا�ش �أنهم كانوا يريدون تغطية اجل�سم الأ�سا�سى‬ ‫للن�صب اخلر�سانى مبواد �أخ��رى مثل املوزاييك �أو‬ ‫الرخام �أو القي�شانى �أو احلجر ال�صناعي‪ ،‬قلت‪�« :‬إن‬ ‫جميع هذه املواد قابلة للت�شقق وعر�ضة لالنف�صال‬ ‫عن ج�سم الن�صب وحتتاج �إىل �أدوات رافعة لعمل‬ ‫ال�صيانة امل�ستمرة وبذلك ين�شغل املكان وي�صبح‬ ‫غري قابل ال�ستقبال �أى �ضيف من �أى دولة �أجنبية‬ ‫لي�ضع �إكلي ًال من الزهور على قرب اجلندى املجهول‪،‬‬ ‫انظروا �إىل امل�سلة احلديثة املوجودة فى بور�سعيد‬ ‫�إن�ه��ا ف��ى غاية التلف ب�سقوط كثري م��ن الك�سوات‬ ‫الرخامية من على �سطحها ومل يتم ترميمها خالل‬ ‫‪� 6‬سنوات طيلة ذهابى �إىل بور�سعيد كل عام»‪ ،‬كما‬ ‫�أخربتهم �أن��ى ر�أي��ت م��رك��ز ًا ثقافي ًا حديث البناء‬ ‫و�ضخم بالإ�سمنت امل�سلح وبدون �أى تغطية ب�أى مادة‬ ‫�أخ��رى وذل��ك فى ري��ف النم�سا فلماذا ال نلج�أ �إىل‬ ‫تنفيذ مثل هذه التجارب احلديثة؟!‪ ،‬اعرت�ضوا على‬ ‫هذا الر�أى وقالوا‪�« :‬إن ال�سيد الرئي�س �سيفتتح هذا‬ ‫الن�صب» وت�ساءلت‪« :‬هل مادة اخلر�سانة املك�شوفة‬ ‫غري م�ستحبة فى ا�ستقبال ال�سيد الرئي�س؟»‪ ..‬وبعد‬ ‫ذلك �أرج�أنا اجتماعنا و�أجلناه �إىل الأ�سبوع التايل‪،‬‬ ‫وزادت �سعادتى لكى ا�ستغل ذلك الوقت لأجمع الكتب‬ ‫التى ت�ساعد على حتقيق ر�أيى فى م�س�ألة اخلر�سانة‪،‬‬ ‫وف��ى االجتماع ح�ضرت ومعى جمموعة من الكتب‬ ‫التى حتقق ر�أيى فى املناق�شة‪ ،‬ول�شد ما كانت ده�شتى‬ ‫�أنهم بد�أوا النقا�ش باملوافقة اجلماعية على ر�أيى فى‬ ‫مو�ضوع اخلر�سانة‪.‬‬ ‫الكتابات وحل املعوقات وكيف مت تنفيذ‬ ‫الكتابات اخلا�صة ب�أ�سماء ال�شهداء على‬ ‫ج�سم الن�صب؟!‬ ‫وملا تطرقنا �إىل مو�ضوع كيفية تنفيذ الكتابات‬


‫�إ�ضاءة‬

‫السياحة الفنية‬ ‫فى الوقت الذى عزت فيه فر�ص التحقق �أمام‬ ‫الفنانني‪� ،‬سواء اجتماعي ًا �أو اقت�صادي ًا لأ�سباب‬ ‫كثرية منها عدم وجود �سوق للأعمال الفنية ي�سمح‬ ‫ببيع و�شراء الأعمال الفنية �سواء بهدف جماىل �أو‬ ‫بهدف ا�ستثمارى خا�صة بعد �أن �أ�صبحت جدران‬ ‫الطبقة الو�سطى خالية م��ن �أى مظهر جمال‪،‬‬ ‫وفى ظل الأل��وان القامتة للبطالة كم�شكلة عامة‬ ‫يعانى منها املجتمع ككل‪ ،‬ون�ظ��ر ًا ل�ن��درة فر�ص‬ ‫العمل املتاحة ف��ى �سوق عمل مرتبك م��ن رحم‬ ‫هذا الواقع‪ ..‬ظهرت ظاهرة جديدة ت�سللت �إىل‬ ‫العوا�صم واملدن‪.‬‬ ‫ظاهرة تنا�سب زم��ن الع�شوائية والفهلوة‪..‬‬ ‫ت�ل��ك ال �ظ��اه��رة ال�ت��ى ق�ف��زت �إىل �سطح احل�ي��اة‬ ‫الفنية العربية من باب الفن �إىل ف�ضاء ال�سياحة‬ ‫وال��رح��رح��ة‪ ،‬فقد د�أب بع�ض املنتمني املتعلقني‬ ‫مبجال الفن الب�صرى ال�سعى وراء �إقامة ور�ش‬ ‫فنية وملتقيات وفعاليات يرتب لها على عجل‬ ‫ويتم الدعوة �إليها عرب و�سائل االت�صال احلديثة‬ ‫وم �� �س��ارات ال�ت��وا��ص��ل االج�ت�م��اع��ى االل�ك�ترون�ي��ة‪،‬‬ ‫ظاهرة تدعوك �إىل التوج�س من مقا�صد �أ�صحابها‬ ‫وممار�ساتهم فى وق��ت ا�ستقال فيه البع�ض من‬ ‫املواطنة ل�صالح قفزة فى الفراغ‪ ،‬فى وقت قفز فيه‬ ‫ال�شباب �إىل املجهول �أو البحر‪ ،‬جاءت تلك الظاهرة‬ ‫كابنة ملناخ فاقد للر�ؤية والتوجه‪ ،‬يعانى من فراغ‬ ‫ثقافى فى ظل تراجع امل�ؤ�س�سات الر�سمية حيث‬ ‫ُ�ضربت الثقافة فى مقتل بعد �أن �أغلقت الدوائر‬ ‫ل�صالح منتفعني واختيار املنا�صب القيادية فى‬ ‫الغرف املغلقة وتعليمات من الأمن وغياب النخبة‬ ‫املثقفة وان ��زالق البع�ض ف��ى دهاليز واق��ع يدعو‬ ‫�إىل االنحراف والتخلى والكمون والتعاىل والعزلة‬ ‫واحللول الفردية وال�شخ�صنة لدرجة الت�شرذم‪.‬‬ ‫فعرب �صفحات التوا�صل االجتماعى االفرتا�ضية‬

‫والربيد الإلكرتونى طارت دعوة الفنانني للم�شاركة‬ ‫فى تلك امللتقيات والور�ش واملهرجانات التى جتمع‬ ‫الفنانني من �شتات ال رابط بينهم وال �سابق معرفة‪،‬‬ ‫يجمعهم ه��ا ٍو �أو حمرتف نظري ا�شرتاك يتداخل‬ ‫فيه مقت�ضيات الفن مع ال�سياحة على نحو خمل‪،‬‬ ‫فقد روى �أح��د الفنانني الذين �شاركوا فى تلك‬ ‫املنا�سبات �أن منظم الور�شة جل ��أ �إىل مفار�ش‬ ‫الأ�سرة فى الفندق امل�ضيف للحدث ليحول قما�شها‬ ‫�إىل لوحات م�شدودة للر�سم عليها توفري ًا للنفقات‪،‬‬ ‫بينما جلب الألوان من حمل بيع �أدوات منزلية‪ ،‬وقد‬ ‫جتمع ل َّدى العديد من �شكاوى الفنانني امل�شاركني‬ ‫فى تلك امللتقيات بعد تبنى بع�ض الفنانني �إقامة‬ ‫تلك الفعاليات والأن�شطة بهدف اقت�صادي‪ ،‬لكن‬ ‫فى ثوب فنى وتعددت تلك املمار�سات والأ�سماء‬ ‫امل�شرفة عليها وت�شابهت وت��أرج�ح��ت ب�ين اجلد‬ ‫وال �ه��زل‪ ،‬فيما ا�شتكت �إح��دى الفنانات م��ن �أن‬ ‫لوحتها فى الور�شة عبث بها جمهول فى ظالم‬ ‫الليل داخل �أروقة الفندق موقع احلدث‪.‬‬ ‫ل �ك��ن امل��ده ����ش �أن ت �ل��ك ال �ظ��اه��رة جن��ده��ا‬ ‫عط�شى الخ�ت�ي��ار ع�ن��اوي��ن �ضخمة رن��ان��ة طنانة‬ ‫لأح ��داث �صغرية‪ ،‬وت�شرتك ك��ل ه��ذه املنا�سبات‬ ‫فى هذا االمتياز الكبري!!‪ ،‬فيما يت�شابه املنظمون‬ ‫الر�سميون فى ال�شكل‪ ،‬فتجدهم يت�صدرون امل�شهد‬ ‫وفى �أيديهم �شهادات تقدير ودروع وميداليات لكل‬ ‫امل�شاركني فيما ي�شبه فرح �سيدنا العمدة‪.‬‬ ‫هذه بع�ض من مالمح الظاهرة و�إن كان لها‬ ‫�أ�صل فهى قد ت�أتى امتداد ًا للفاعليات التى كانت‬ ‫تطمح لها الدولة فى �شكل بيناليات ومعار�ض دولية‬ ‫وتوقف �أغلبها رمبا ب�سبب الغيبوبة الطويلة التى‬ ‫دخلت فيها الدولة الرخوة �أو �سوء الإدارة �أو �شح‬ ‫املوارد‪.‬‬ ‫فهل هى �أحد �سبل �أكل العي�ش �أم ن�شاط متجاوز‬

‫�سيد هويدى‬

‫للأطر �أم �أنه ن�شاط ظاهره ثقافى وباطنه العذاب‪.‬‬ ‫وال�شك فى �أن الظاهرة لها جوانبها الإيجابية‬ ‫خ��ا� �ص��ة ف��ى اجل��ان��ب ال� ��ذى ت��دع��م ف �ي��ه ن�شاط‬ ‫كال�سياحة و�إتاحة الفر�ص �أمام الإ�سهام فى ثراء‬ ‫التبادل الثقافى بني فنانى املنطقة العربية والعامل‬ ‫وجتاوز احلدود ال�سيا�سية حيث يتاح عبور الفنانني‬ ‫ببيئاتهم �إىل ف�ضاء امللتقيات وتذوب بع�ضها من‬ ‫غربة العادات والتقاليد ل�صالح التفاعل والتالقى‬ ‫وتبادل اخلربات‪.‬‬ ‫وعلى الرغم من �أن اجلوانب الإيجابية التى‬ ‫تنطوى عليها تلك الأن�شطة الد�ؤوبة �إال �أن �أغلب‬ ‫املنظمني يتحدثون با�سم الدولة ويتبنوا توجهات‬ ‫مغلوطة لها‪ ،‬وينجح البع�ض فى اللعب فى جينات‬ ‫الإعالم بالرتويج امل�ضلل الذى يفوق حجم احلدث‬ ‫والهدف منه والقدرة التنظيمية‪ ..‬ف�أحدهم كان‬ ‫ي��روج لثقافة ال�سالم مث ًال فى وقت كان الأع��داء‬ ‫يدقون طبول احل��رب والق�صف املمنهج والظلم‬ ‫املزمن‪.‬‬ ‫وه��و الأم���ر ال ��ذى �أث���ار حفيظة امل�ؤ�س�سات‬ ‫�سواء الر�سمية �أو الأهلية‪ ،‬فقد �شعرت امل�ؤ�س�سات‬ ‫الر�سمية باخلجل فتحفظت‪ ،‬بينما �أفاقت نقابة‬ ‫الفنانني الت�شكيليني من غيبوبتها ودخلت على‬ ‫اخل��ط عرب خطابات تهديد ووعيد ملنظمى تلك‬ ‫امللتقيات‪ ،‬وا�ستعدت لن�صب امل�شانق لهم مما‬ ‫دفع �أحد منظمى تلك امللتقيات �إىل متزيق بطاقة‬ ‫ع�ضوية النقابة فى م�شهد دراماتيكى �أمام فريق‬ ‫التليفزيون امل�صري‪.‬‬ ‫بينما الأج� ��دى دف ��ع ال��راغ �ب�ين للعمل �إىل‬ ‫العمل وفق �ضوابط وقواعد مرعية وميثاق يحدد‬ ‫ال��واج �ب��ات واالل �ت��زام��ات لأن��ه م��ن ال�صعب منع‬ ‫�أن�شطة يقوم بها الأفراد فى ظل تراجع دور الدولة‬ ‫فى املجتمع‪.‬‬

‫العدد الحادي و الثالثون ‪ -‬أكتوبر ‪2012‬‬

‫‪v‬‬

‫‪25‬‬


‫منزله؟» فوافقت‪ ،‬و�أ�ضاف‪« :‬وكذلك �س�أدعو ال�سادة‬ ‫م�صممى الن�صب التذكارى ملدينة بور�سعيد» الذى‬ ‫كان مزمع �إقامته فى مكان متثال دلي�سب�س الذى‬ ‫فجر بوا�سطة الن�شطاء �أثناء حرب العدوان الثالثى‬ ‫‪ 1956‬ليكون حمور الأح��ادي��ث م�شرتك ومو�ضوعه‬ ‫(الن�صب التذكارية)‪ ،‬وفى نهاية احلديث ذكرنى‬ ‫بعدم ن�سيان �إح�ضار �ألبوم ال�صور اخلا�ص مبراحل‬ ‫العمل فى الن�صب والذى ر�آه معى قبل ذلك‪ ،‬وكانت‬ ‫اجلل�سة فى غاية الهدوء وكنا �أربعة‪ :‬الفنان «�صالح‬ ‫عبدالكرمي والفنان جمال ال�سجينى والفنان من�صور‬ ‫فرج و�أنا»‪ ،‬وقام ال�سيد الوزير بتقدمينا لل�سيد رئي�س‬ ‫اجلمهورية ثم طلب منى �أن �أق��وم ب�شرح تف�صيلى‬ ‫لل�سيد الرئي�س عن خطوات العمل فى الن�صب والذى‬ ‫كان على و�شك االنتهاء من بنائه‪ ،‬وفى �أثناء �شرحى‬ ‫لعملية �إظهار �أ�سماء ال�شهداء باخلر�سانة وذلك‬ ‫�أثناء �صبها لكى ت�صبح جزء مت�صل باحلائط وتكون‬ ‫غري قابل لالنف�صال وال ميكن ف�صلها عن ج�سم‬ ‫الن�صب قاطعنى ال�سيد الرئي�س وق��ال‪« :‬ا�شرحلى‬ ‫احل�ت��ة دى ت� ��اين‪ »..‬وب�ع��د �إع� ��ادة �شرحها ظهرت‬ ‫عالمات الإعجاب فى عينيه ونظر �إىل ال�سيد الوزير‬ ‫الذى قال له‪« :‬يا �سيادة الرئي�س احنا بنعمل عمل‬ ‫غري تقليدى ومل يحدث ذلك من قبل فى م�صر»‪.‬‬ ‫وك�ن��ت ق��د اخ�ت�رت �أ��س�م��اء ال�شهداء بحيث ال‬ ‫يكون هناك فراغ ًا فى منت�صفه حتى �أحافظ على‬ ‫تال�صق بع�ضها ببع�ض لينتج �إيقاع منتظم فى �سطور‬ ‫الأ�سماء حتى يرثى الر�ؤية الت�شكيلية نتيجة تكرار‬ ‫ه��ذا الإي �ق��اع‪ ،‬وق��د ا�ستقر الت�صميم على اختيار‬ ‫(‪ )71‬ا�سم ًا منق�سمني على وجهني وت�ك��رروا على‬ ‫الثالث واجهات الأخرى مع اختالف ترتيبهم حتى‬ ‫ال ميل املتفرج من التكرار‪ ،‬وكانت الأ�سماء م�شرتكة‬ ‫بني امل�سلم وامل�سيحى و�أ�سماء �أخ��رى تبني �صاحبه‬ ‫�أنه من مدن متعددة مثل الإ�سكندرانى وال�سوي�سى‬ ‫والأ�سيوطى وهكذا‪.‬‬ ‫وق�صة �إزالة ال�شعلة؟‬ ‫وقبل االفتتاح بب�ضعة �أيام ح�ضر وزير احلربية‬ ‫ال �ف��ري��ق «ع�ب��دال�غ�ن��ى اجل�م���ص��ي» ل�لاط�لاع على‬ ‫التجهيزات النهائية فانتهزت الفر�صة لوجوده وقلت‬ ‫له‪�« :‬إن وجود �شعلة ي�شعلها رئي�س اجلمهورية الفتتاح‬ ‫ق�بر اجل�ن��دى املجهول لي�ست م��ن �شعائرنا‪ ،‬فهى‬ ‫موجودة فى البلدان الأوربية فقط حيث يقاد ال�شمع‬ ‫فى الكنائ�س �أما ال�شعلة ومفهومها فهى من مكونات‬ ‫االحتفال بالألعاب الريا�ضية الأوملبية الدولية‪ ،‬ولهذا‬ ‫‪v‬‬

‫‪24‬‬

‫درا�سة �سريعة بالفحم حول فكرة الن�صب‬

‫هناك فرق بني مفهوم كل منهما» فقال‪« :‬موافق على‬ ‫فكرتك ويجب �إزال��ة هذه ال�شعلة التى �ستغذى عن‬ ‫طريق �أنابيب غاز �أ�سفل الن�صب التى اعتربها قنابل‬ ‫موقوتة وخطرة فى هذا املكان و�س�أت�صل بالريا�سة‬ ‫غد ًا ملناق�شة هذا ال�ش�أن و�أخربكم بالنتيجة»‪ ،‬ولكن‬ ‫للأ�سف جاء اخلرب على عك�س ما �أردت��ه لأن وجود‬ ‫ال�شعلة جاء ذك��ره فى البيان الرئا�سى للجمهورية‬ ‫قبل ذل��ك وال ي�صح تعديله‪ ،‬وبعد م��رور ‪ 37‬عام ًا‬ ‫الزالت ال�شعلة موجودة حتى الآن‪.‬‬ ‫وكيف متت معاجلة تربة مدينة ن�صر؟‬ ‫�أخربونى املهند�سني الإن�شائيني ل�شركة املقاولني‬ ‫العرب �أن تربة مدينة ن�صر مكونة من طفلة بن�سبة‬ ‫كبرية ومن عواقب هذه الطفلة �أنها تتمدد ويزيد‬ ‫حجمها عندما ي�صل �إليها ماء وبذلك يتحطم �أى‬ ‫مبنى عليها‪ ،‬ولذلك حر�صت على عدم �إن�شاء �أى‬ ‫�أماكن لتخزين املياه و�إلغاء النافورات حول الن�صب‪،‬‬ ‫ولكنى فوجئت بعد خم�س �سنوات بظهور نافورتني‬ ‫ميني وي�سار الن�صب ومل ُي�ستعمال حتى الآن‪ ..‬و�أمتنى‬ ‫�أال �أراهما بعد ذلك‪.‬‬ ‫و�أط��رف املواقف اخلا�صة بالن�صب بعد‬ ‫افتتاحه؟‬

‫وبعد �أن مت البناء ال��ذى ا�ستمر خم�سة �أ�شهر‬ ‫وجدت �أنه يجب �أن �آخذ ق�سط ًا من الراحة ومكثت‬ ‫فى املنزل قرابة ع�شرة �أيام ا�سرتجع ما فقدته من‬ ‫وزن‪ ،‬ثم �أخذت الكامريا وذهبت �إىل الن�صب لألتقط‬ ‫بع�ض ال�صور التذكارية فى هدوء‪ ..‬وفج�أة ر�أيت �أحد‬ ‫اجلنود يظهر ىل حام ًال بندقيته وم�صوبها جتاهى‬ ‫قائ ًال وب�صوت مرتفع‪« :‬قف من �أنت؟ كلمة ال�سر؟»‬ ‫وات���ض��ح �أن��ه �أح��د احل��را���س ف��ى املنطقة‪ ،‬حاولت‬ ‫�أن �أ�شرح له من �أن��ا م�شري ًا �إىل اللوحة التذكارية‬ ‫املوجود ا�سمى فيها فاقتنع �أخري ًا بعد �أن ر�أى حتقيق‬ ‫�شخ�صيتي‪.‬‬ ‫ومع الن�صب التذكارى للجندى املجهول والذى‬ ‫يقف ��ش��اخم� ًا ح��ال�ي� ًا ي��ؤك��د عظمة م�صر وعظمة‬ ‫انت�صار �أكتوبر واجلندى امل�صري‪ ..‬يعد الت�صميم‬ ‫اجلماىل ملحطات م�ترو الأن�ف��اق «املرحلة الثانية»‬ ‫من �أه��م �أعمال الفنان «�سامى راف��ع» والتى ت�ؤكد‬ ‫على عالقة الفن باجلماهري وكيفية االرتقاء بالذوق‬ ‫العام وفى نف�س الوقت النزول �إىل رجل ال�شارع بفهم‬ ‫ورقى ووعى ح�ضاري‪.‬‬ ‫حتية �إىل «�سامى رافع» الفنان والإن�سان بعمق‬ ‫قوة التعبري و�سحر الفن فى �أعماله‪.‬‬


‫فمن اجلائز �أن تكون فى االخ�تراع �أو الهند�سة �أو‬ ‫الغناء وغريها من املواهب التى تدفع ب�أى جمتمع‬ ‫للأمام‪ ،‬ولذا من هذا املنطلق ومبنا�سبة هذا احلدث‬ ‫التى ترعاه الثقافة اجلماهريية نطالب مب�شروع‬ ‫رعاية املواهب ترعاه وزارات الثقافة والبحث العلمى‬ ‫والتعليم و�أن ال يقت�صر بحث تلك ال ��وزارات على‬ ‫العا�صمة فقط بل هناك كوادر ومواهب مدفونة فى‬ ‫�أنحاء الأقاليم و�صعيد م�صر تبحث عمن يلتقطها‪،‬‬ ‫ولعل جتربة الثقافة اجلماهريية فى االجت��اه �إىل‬ ‫اجل�ن��وب و��ض��واح��ى ال�ق��اه��رة خ�ير دل�ي��ل مل��ن يريد‬ ‫�صناعة جيل بل و�أجيال من �أطفال و�شباب م�صر‬ ‫يحملون راية ا�ستكمال احل�ضارة امل�صرية التى تعتلى‬ ‫م�صر منذ �أك�ثر من ‪� 7‬آالف ع��ام فاملتلقى الزائر‬ ‫للمعر�ض ي�ستمتع ال �شك باللوحات املر�سومة ولكن‬ ‫الأه��م منها احل�س املهنى والفطرى لدى �أ�صحاب‬ ‫تلك الأعمال التى عربت عن كل �أحا�سي�س املجتمع‬ ‫امل�صرى الذى �أ�صبح فى حاجة ما�سة لكل فرد يعي�ش‬ ‫فيه‪.‬‬ ‫و�أخ��ي��ر ًا ول�ي����س �آخ � ��ر ًا م��ا ت �ق��وم ب��ه الثقافة‬ ‫اجلماهريية دور البد �أن تلعبه كافة القطاعات املعنية‬ ‫من �أجل دعم �أ�صحاب املواهب ل�صناعة ج�سر من‬ ‫التوا�صل بيننا وبني العامل املتقدم‪ ،‬ويتواكب افتتاح‬ ‫الدورة و�إقامة املعر�ض مع بداية العام الدرا�سى وهى‬ ‫ر�سالة بالغة ت�ؤكد على �أهمية فن الر�سم ودرا�سته‬ ‫فى جميع املراحل و�أال تكون ح�ص�ص الر�سم �ضحية‬ ‫ممن ال يقدرون وال يعرفون قيمة الر�سم فى حياة‬ ‫الأمم‪.‬‬

‫�أمرية عاطف حممد‬

‫يا�سمني �أحمد عبد ال�شافى‬

‫ميادة حممد عبد الواحد‬

‫�أ�سامة مدحت حممد‬ ‫العدد الحادي و الثالثون ‪ -‬أكتوبر ‪2012‬‬

‫‪v‬‬

‫‪27‬‬


‫معرض أطفال‬

‫برعاية قصور الثقافة‬ ‫فرشاة أطفالنا تحاكى حب الوطن‬

‫ن�سرين حجاج‬

‫الأ�ستاذ حممد �أبو املجد رئي�س الإدارة املركزية لل�شئون الثقافية مع �إحدى املوهوبات الفائزات‬

‫ب�أناملهم الرقيقة ر�سموا لوحاتهم وب�ب�راءة �أعينهم ك�شفوا عن‬ ‫�أحالمهم التى �صنعتها ثورة ‪25‬يناير هم جيل امل�ستقبل �أطفالنا الذين‬ ‫احتوتهم ق�صور الثقافة حتت رعاية ال�شاعر �سعد عبدالرحمن لي�شاركوا‬ ‫فى الدورة الأوىل مل�سابقة «�صالون الأطفال» الذى ينظمه �أتوبي�س الفن‬ ‫اجلميل التابع ل�ل�إدارة املركزية للدرا�سات والبحوث برئا�سة ال�شاعر‬ ‫م�سعود �شومان‪ ..‬والذى افتتحه حممد �أبو املجد رئي�س الإدارة املركزية‬ ‫لل�شئون الثقافية‪ ،‬تراوحت �أعمارهم بني العا�شرة والرابعة ع�شر‪ ،‬ورغم‬ ‫�أعمارهم ال�صغرية �إال �أن موهبتهم كبرية عربت عنها �أعمالهم ما بني‬ ‫لوحات وجم�سمات حكت الثورة وعك�ست للأذهان امل�ستقبل‪.‬‬ ‫فمن �أبرز الأعمال التى تلتقطها العني لوحة الفنانة «�أمرية عاطف‬ ‫«من مواليد البحرية عام ‪ 1996‬حملت اللوحة ر�سالة الوحدة امل�صرية‬ ‫بني امل�سلم وامل�سيحي‪� ،‬أما لوحة «ميادة حممد عبدالواحد» مواليد ‪1999‬‬ ‫عربت عن القوة فى �ضمة الكف ال��ذى نبت من �أر���ض خ�صبة جمعت‬ ‫جذورها من (عي�ش‪ -‬حرية‪ -‬عدالة اجتماعية‪ -‬وم�ساواة)‪.‬‬ ‫�أم��ا الفنان ال�صغري «�أ�سامة مدحت» فقد عرب عمله عن ميدان‬ ‫ين�س الطفل رغم حداثة عمره‬ ‫التحرير وهو حمت�شد مبليونية الثورة ومل َ‬

‫‪v‬‬

‫‪26‬‬

‫تفا�صيل ميدان التحرير من مبانى ونخيل و�سيارات الأمن املركزى الذى‬ ‫كان يحا�صر الثوار‪.‬‬ ‫وت�أتى الفنانة «ب�سمة حممد» بلوحاتها لتقول لنا �أن �أر���ض م�صر‬ ‫حتمل اخلري وال�سالم والعفة واحلرية وذلك عندما ج�سدت وجه املر�أة‬ ‫امل�صرية بنقابها ومعها جنودنا الأبطال وهم يرفعون علم م�صر على‬ ‫رمال �سيناء تنظر �إليهم حمامة ال�سالم‪ ،‬وتلك اللوحة تثبت مدى البعد‬ ‫الب�صرى للفنانة ومدى امتالكها حب جترفه م�شاعرها لهذا الوطن‪.‬‬ ‫فما ذكرناه هو جزء ب�سيط من معر�ض �ضم �أك�ثر من ‪ 700‬عمل‬ ‫للرباعم ال�صغرية م��واه��ب م�صر اجل��دي��دة مم��ن �أثبتوا للجميع �أن‬ ‫م�صر تكتظ باملواهب فى كافة املجاالت واحلدث ال يقل �أهمية عن �أى‬ ‫واج��ب وطنى لأنهم ميثلون دروع ب�شرية للدفاع عن الوطن بالثقافة‪،‬‬ ‫ذلك ال�سالح الذى �أ�صبح و�سيلة كل العامل املتقدم فلن تكون نه�ضة �إال‬ ‫بالثقافة بكافة �أ�شكالها‪ ،‬ف�إقامة مثل هذا املعر�ض ت�أكيد على دور و�أهمية‬ ‫ق�صور الثقافة فى خدمة الثقافة ورعاية الأجيال‪ ،‬فالبحث عن املواهب ال‬ ‫�شك �أنها مهمة �صعبة فالتنقيب عنها يحتاج �شهور بل و�سنوات‪ ،‬وعندما‬ ‫نتحدث هنا عن املوهبة لي�ست بال�ضرورة �أن تكون قا�صرة على الر�سم‬


‫ر�أ�سهم «عبداهلل غيث»‪.‬‬ ‫وك��ان «العقاد» يقوم ب��إخ��راج الن�سختني فى‬ ‫نف�س الآن‪ ..‬ي�ستح�ضر «كوين» و�أبطاله الأجانب‬ ‫كى ي�ؤدوا امل�شهد وفى الديكور نف�سه يقوم الفريق‬ ‫العربى بالعمل‪.‬‬ ‫ا�ستعان امل�خ��رج ب��أرب�ع��ة م��ن �أ�شهر الأدب ��اء‬ ‫الذين لهم كتابات �إبداعية فى تاريخ الر�سالة‬ ‫املحمدية هم «عبداحلميد جودة ال�سحار» و»توفيق‬ ‫احل�ك�ي��م» و»ع�ب��دال��رح�م��ن ال���ش��رق��اوي» و»حممد‬ ‫على ماهر»‪� ،‬أما الن�سخة الإجنليزية فقد �شارك‬ ‫فيها واح��د من �أب��رز كتاب ال�سيناريو هو «هارى‬ ‫كريج»‪� ،‬أما امل�ست�شار الدينى للفيلم فهو ف�ضيلة‬ ‫ال�شيخ «ع�ب��داهلل العاليلي» ولعل ه��ذا ه��و �سبب‬ ‫الغ�ضب عليه لأنه رمبا مل يخرت ا�سم ًا من امل�ؤ�س�سة‬ ‫الدينية فى م�صر حيث �أنه حاول عمل توازن بني‬ ‫القوميات‪ ،‬ورغم �أن م�صر مل ت�شارك فى الإنتاج‬ ‫ف�إن قرابة ‪ %80‬من املمثلني فى الفيلم كانوا من‬ ‫م�صر والباقون توزعوا من �سوريا ولبنان واملغرب‬ ‫وتون�س وليبيا وغريها من البالد العربية‪� ،‬أما‬ ‫الن�سخة الإجنليزية فلم تكن هناك توازنات لدى‬ ‫املخرج مثلما فعل فى الن�سخة العربية‪.‬‬ ‫وع �ن��دم��ا اخ �ت��ار «ال �ع �ق��اد» ط��اق��م العاملني‬ ‫ف��ى الفيلم و�ضع عينيه على الأف���ض��ل‪ ..‬فبعيد ًا‬ ‫ع��ن التمثيل ف ��إن��ه �أراد مل�ك��ان��ة الفيلم الفنية‬ ‫واجل�م��اه�يري��ة �أن ت���ض��ارع �أع �م��ال «داف �ي��د لني»‬ ‫فا�ستعان بامل�ؤلف املو�سيقى «موري�س جار» الذى‬ ‫و��ض��ع املو�سيقى لأف�ل�ام �شهرية مثل «ل��وران����س‬ ‫العرب» و»دك�ت��ور زيفاجو»‪ ،‬كما ا�ستعان ب�أف�ضل‬ ‫مدير ت�صوير هو «ج��اك هلديارد» احلائز على‬ ‫جائزة �أو�سكار عن فيلم «ج�سر على نهر كواى»‪،‬‬ ‫و�أف�ضل م�صمم مالب�س هو «فلي�س دولنت»‪ ،‬وهكذا‬ ‫فى خمتلف اخلدمات الإنتاجية‪ ،‬والفنيني ميثلون‬ ‫ت�سع وع�شرين جن�سية‪ ،‬وقد عمل طاقم الفيلم فى‬ ‫�أهم �أفالم ال�ستينيات وال�سبعينيات مثل «كاباريه»‬ ‫و»كروميل» و»اخلرطوم» ومنهم «اندروما مارتون»‬ ‫ال��ذى �أخ��رج فيلم «وا �إ�سالماه» وه��و هنا من�سق‬ ‫�إنتاج‪.‬‬ ‫وح���س��ب دف�ت�ر الفيلم ال ��ذى ط�ب��ع ف��ى اللغة‬ ‫العربية ف�إنه قد واف��ق على ال�سيناريو ثالثة من‬ ‫كبار علماء الأزهر ال�شريف امل�سئولني بعد جل�سات‬ ‫طويلة م�ضنية دون ت�سمية �أ�صحاب هذه الأ�سماء‪.‬‬

‫مل�صق فيلم الر�سالة‬

‫‪v‬‬

‫العدد الحادي و الثالثون ‪ -‬أكتوبر ‪2012‬‬

‫‪29‬‬


‫فيلم «الرسالة»‬ ‫رسالة السينما إلى العالم حول اإلسالم‬ ‫المنع ‪ ..‬والعرض ‪ ..‬والبقاء‬ ‫ ‬

‫ترى كم م�سلم فى العامل �شاهد فيلم «الر�سالة»‬ ‫لـ «م�صطفى العقاد» عام ‪ 1977‬حني طرح للعر�ض‬ ‫فى قاعات ال�سينما؟‬ ‫ال توجد �إح�صاءت موثقة من�شورة عن �إيرادات‬ ‫الفيلم بطبعتيه الإجن�ل�ي��زي��ة �أو ال�ع��رب�ي��ة‪ ،‬وقد‬ ‫كانت نية خمرجه تقدمي �صورة من تاريخ البعثة‬ ‫املحمدية �إىل امل�شاهد العربى والعاملى ب�شكل راقٍ‬ ‫وجذاب م�صنوع على الطريقة التى يحبها النا�س‪،‬‬ ‫فح�شد كافة �إمكاناته وكانت التجربة جيدة على‬ ‫‪v‬‬

‫‪28‬‬

‫امل�ستوى الفنى‪.‬‬ ‫�أك��اد �أق��ول �إن ع��دد ال��ذي��ن �شاهدوا الفيلم‬ ‫خا�صة فى العامل العربى قليلون للغاية وال�سبب‬ ‫هو وقوف امل�ؤ�س�سات الر�سمية الدينية �ضد عر�ض‬ ‫الفيلم جتاري ًا لأ�سباب فندت �آنذاك‪ ،‬ومنع الفيلم‬ ‫من العر�ض فى بالد عديدة على ر�أ�سها م�صر و�إن‬ ‫كان امل�شاهد اللبنانى قد ر�آه والغريب �أن نف�س‬ ‫امل�ؤ�س�سات الر�سمية قامت بال�سماح بعر�ضه بعد‬ ‫قرابة ربع قرن وكانت القنوات ذوات الر�أ�سماىل‬

‫حممود قا�سم‬

‫ال���س�ع��ودى خا�صة (روت��ان��ا) ق��د ب ��د�أت بعر�ضه‬ ‫دون �أى مراجعة من م�ؤ�س�سات‪ ،‬وفيما بعد وعلى‬ ‫ا�ستحياء بد�أت القنوات امل�صرية فى عر�ضه‪.‬‬ ‫ك��ان��ت ال�ف�ك��رة الأ��س��ا��س�ي��ة ع�ن��د «م�صطفى‬ ‫العقاد» هى �أن يقدم للم�شاهدين فيلم ًا �ضخم‬ ‫الإنتاج تتوىل بع�ض الدول العربية متويله‪ ،‬يتحدث‬ ‫�إىل الغرب بلغته و�أي�ض ًا �إىل ال�شرق بلغته‪ ،‬مثل‬ ‫«�أنطونى كوين» و»�إي��ري��ن بابا�س»‪ ،‬والثانى �ضم‬ ‫�أ�سماء ممثلني ع��رب �أغلبهم من م�صر‪ ،‬وعلى‬


‫الوليد» �سيف اهلل امل�سلول‪ ،‬و»عمار بن يا�سر» الذى‬ ‫�شاهدنا ق�صته فى «فجر الإ�سالم» عام ‪،1951‬‬ ‫و�أي�ض ًا �شخ�صيات �أخرى م�سموح بتج�سيدها فني ًا‬ ‫مثل «�أبو طالب» و»�أبو �سفيان» وكانت ال�شخ�صية‬ ‫الأ�سا�سية التى مل ي�سبق م�شاهدتها هى «حمزة‬ ‫بن عبداملطلب» ال��ذى ج�سده «عبداهلل غيث» ثم‬ ‫غرميته «هند» زوجة «�أبى �سفيان»‪.‬‬ ‫ال�سيناريو املكتوب لفيلم «الر�سالة» يختلف‬ ‫بع�ض ال�شيء عن الأف�لام امل�صرية التى حتدثت‬ ‫ع��ن البعثة امل�ح�م��دي��ة وم�ن�ه��ا «ف �ج��ر الإ� �س�لام»‬ ‫و»ال�شيماء» و»هجرة الر�سول» فى �أن��ه عمل حول‬ ‫الر�سالة ي�ضم �أغلب الأحداث الرئي�سية فى البعثة‬ ‫املحمدية منذ بدايتها حينما �أعلن الر�سول �صلى‬ ‫اهلل عليه و�سلم لأهل قري�ش ب�أنه ر�سول اهلل �أتى‬ ‫�إليهم مب�شر ًا ونذير ًا‪.‬‬ ‫هو فيلم �أحداث تاريخية مرتبطة بالبعثة مبا‬ ‫فيها من �أ�شخا�ص وقد تعمد الفيلم عدم ت�صوير‬ ‫لقطة من الفيلم‬

‫ال�شخ�صيات التى ترى الرقابة الدينية عدم ظهور‬ ‫من ميثلهم على ال�شا�شة ابتدا ًء بالر�سول نف�سه‬ ‫ثم �أب��و بكر وعمر وعثمان وعلى بن �أب��ى طالب‬ ‫وغريهم‪.‬‬ ‫وعليه‪ ..‬ف�إن ال�شخ�صيات الرئي�سية فى الفيلم‬ ‫مل تكن متثل ال�شخ�صيات الأ�سا�سية فى الر�سالة‬ ‫نف�سها ومن �أهم �أبطال الفيلم هناك «�أبو �سفيان‬ ‫وزوج �ت��ه هند وب�ل�ال وح �م��زة ب��ن عبداملطلب»‪،‬‬ ‫بالإ�ضافة �إىل امل�شركني ومنهم «�أبو جهل و�أبو لهب‬ ‫وغريهما»‪ ..‬وقد تتبع الفيلم املعارك الكربى بني‬ ‫امل�سلمني وامل�شركني من �أهل قري�ش وحدث الهجرة‬ ‫حتى مت فتح مكة‪.‬‬ ‫�أراد «ال�ع�ق��اد» �أن ير�سل �إىل ال�ع��امل ر�سالة‬ ‫يحدثهم فيها عن الإ�سالم‪ ،‬ول��ذا جاء فى بداية‬ ‫الفيلم «�أن الر�سول الذى ا�صطفاه ربه ليحمله ما‬ ‫ال تطيقه اجلبال لأج ّل قدر ًا و�أبعد من �أن يظهر‬ ‫ب�صورته �أو ينطق ب�صوته �إن�سان‪ ..‬لذلك لن يظهر‬

‫الر�سول الكرمي ال �صورة وال �صوت ًا وال ظ ًال طوال‬ ‫�أحداث الفيلم»‪.‬‬ ‫وقد حتدث «�أمين احلكيم» عن عالقة الرقابة‬ ‫بالفليم �سواء دور امل�ؤ�س�سات الدينية �أو رقابة وزارة‬ ‫الثقافة فى كتاب �صدر م�ؤخر ًا حتت عنوان «الفن‬ ‫احل��رام» م�شري ًا �أن «م�صطفى العقاد» قد �أقام‬ ‫دعوى ق�ضائية اخت�صم فيها جهات املنع مطالب ًا‬ ‫مبعرفة الأ�سباب احلقيقية التى جتعلها «تغتال»‬ ‫فيلم ًا يخلو من املوانع الرقابية‪ ،‬و�أ�شار «احلكيم»‬ ‫�أن املحطات تبث الفيلم دون �إذن من الأزه��ر �أو‬ ‫الرقابة فى حني �أن الدعوى الق�ضائية املطالبة‬ ‫ب�إباحة هذا العر�ض التزال منظورة حتى الآن وبعد‬ ‫رحيل «م�صطفى العقاد» فى هجوم �إرهابى م�سلح‬ ‫فجره مع ابنته ال�شابة ك�أمنا هو يدفع ثمن حبه‬ ‫لدينه ولر�سول اهلل و�أنه عمل دوم ًا على �أن يتعرف‬ ‫الغرب والكثري من امل�سلمني على �صورة الإ�سالم‬ ‫امل�شرقة‪.‬‬

‫الفنان �أنطونى كوين فى الن�سخة الإجنليزية من الفيلم‬

‫‪v‬‬

‫العدد الحادي و الثالثون ‪ -‬أكتوبر ‪2012‬‬

‫‪31‬‬


‫وال�ن���س�خ��ة ال�ع��رب�ي��ة مل ت�ع��ر���ض ف��ى ال�ع��امل‬ ‫الإ� �س�لام��ى ب �ن��ا ًء على رف����ض امل�ؤ�س�سة الدينية‬ ‫وخا�صة فى البالد العربية كما �أ�شرنا‪� ،‬أما «حممد‬ ‫عبدالويل» فقد كتب مقا ًال ن�شرته جملة احلوادث‬ ‫اللبنانية حول الن�سخة الأجنبية قال فى بدايتها‬ ‫ي�صف الإقبال على م�شاهدة الفيلم ما ننقله هنا‬ ‫بالتف�صيل‪�« :‬شارع �أوك�سفورد» هو �أحد �أكرب �شوارع‬ ‫لندن التجارية وهو الأكرث �شهرة والأعظم جاذبية‬ ‫لكل ال�سائحني والوافدين �إىل عا�صمة ال�ضباب‬ ‫وندر �أن مير �إن�سان فى «�شارع �أوك�سفورد» بدون‬ ‫�أن يتب�ضع �أو يحمل هدية‪ ،‬وفى منت�صف ال�شارع‬ ‫تنت�صب داران للعر�ض لهما باب خارجى واحد‬ ‫ولكنهما منف�صالن فى الداخل‪.‬‬ ‫على واج�ه��ة ال��داري��ن �إع�ل�ان كبري باللغتني‬ ‫العربية والإجنليزية ويقول «الر�سالة» ويقف على‬ ‫ال�ب��اب جلهة ��ش��ارع �أوك���س�ف��ورد �شاب �إجنليزى‬ ‫املالمح متو�سط الطول ي�س�أل ال��رواد �أيهما يريد‬

‫م�شاهدته‪ ،‬الن�سخة العربية �أم الن�سخة الأجنبية‪،‬‬ ‫فكل دار تعر�ض ن�سخة واخ�ترن��ا زميلى «غ�سان‬ ‫زكريا» و�أنا �أن ن�شاهد الن�سخة الإجنليزية‪.‬‬ ‫ح�سبما يقول الكاتب‪ »:‬ف�إنه فى داخل ال�صالة‬ ‫فوجئت مب��ا مل �أك��ن �أتوقعه ف�ع� ً‬ ‫لا‪ ..‬ح�ضور من‬ ‫خمتلف جن�سيات الكرة الأر�ضية‪ ..‬وكنت �أتوقع �أن‬ ‫�أرى عربي ًا و�إيراني ًا وباك�ستاني ًا‪ ،‬ولكن مل �أح�سب‬ ‫ح�ساب ًا لأى رجل عربى على ب�شرته وداخل عينيه‬ ‫مالمح اال�سكتلنديني‪ ،‬ومل �أتخيل �أن ال�صينى‬ ‫والتايالندى والإندوني�سى وال اليابانى والكوري‪ ،‬وال‬ ‫الأعمق عراقة من ال�شعوب الأجنلو‪� -‬سك�سونية‪ ،‬وال‬ ‫الزجنى القادم جميع ًا بني احل�ضور‪ ،‬هم جميع ًا‬ ‫يريدون معرفة �أ�صول وجذور الر�سالة الإ�سالمية»‪.‬‬ ‫ومن املهم �أن نقتب�س من هذا املقال ما يتفق‬ ‫ور�ؤي�ت�ن��ا للمقارنة ب�ين م�شاهدة ال�ع��رب للفيلم‬ ‫وم��ا ع�شناه ف��ى �شهر �سبتمرب امل��ا��ض��ي‪« :‬ق��ر�أت‬ ‫عن مقاطعة دور ال�سينما العربية للفيلم وقلت‬

‫الفنان عبد اهلل غيث فى الن�سخة العربية من الفيلم‬

‫‪v‬‬

‫‪30‬‬

‫فى نف�سى‪ :‬البد و�أن فيه ما ي�سيء �إىل الإ�سالم‬ ‫فكر ًا وم�ضمون ًا ور�سالة �إىل الب�شر كافة‪ ..‬و�إال ملا‬ ‫كانت املقاطعة وعلى طريقة حماربة الب�ضائع‬ ‫الإ�سرائيلية»‪.‬‬ ‫وف��ى م �ك��ان �آخ ��ر م��ن م�ق��ال��ه ي �ق��ول «حممد‬ ‫عبداملوىل»‪� :‬أنه «حدثنى بع�ض الأ�صحاب واملقيمني‬ ‫فى العا�صمة الربيطانية ب�أن «بع�ض» امل�سلمني قد‬ ‫ه��ددوا بن�سف ا�ستوديو «‪ »1‬وا�ستوديو «‪� »2‬إن مل‬ ‫يتوقف عن عر�ض فيلم الر�سالة‪.‬‬ ‫الغريب �أن��ه بعد رب��ع ق��رن م��ن ه��ذا التاريخ‬ ‫عر�ض الفيلم فى املحطات التليفزيونية العربية‬ ‫وامل�صرية خا�صة فى املنا�سبات الدينية وال ميكن‬ ‫التعرف على ع��دد م�شاهديه فى ه��ذه املحطات‬ ‫باللغتني وعما �إذا كان النا�س يجل�سون مل�شاهدته‬ ‫كام ًال �أم �أن الغالبية ترى فيما قدمه الفيلم �صورة‬ ‫مكررة ملا �شاهدناه فى �أفالم م�صرية عديدة عن‬ ‫«ب�لال بن رب��اح» م��ؤذن الر�سول‪ ،‬وعن «خالد بن‬


‫‪v‬‬

‫العدد الحادي و الثالثون ‪ -‬أكتوبر ‪2012‬‬

‫‪33‬‬


‫فنان العدد‬

‫عبد الوهاب مرسى‬ ‫بين األصالة والتفرد‬ ‫كن نفسك وال تقلد الغرب‬

‫�أمين حامد‬

‫عبد الوهاب مر�سى‬

‫بد�أ يتح�س�س طريقه فى متاهات الفن بده�شة وحذر‪ ،‬ملأ رئتيه‬ ‫ب�شذى الفن امل�صرى القدمي‪ ،‬و�ساعده على ذلك �أقداره التى �ساقته‬ ‫للعمل فى م�صلحة ت�سجيل الآثار ليعاي�ش الر�سوم الفرعونية وتكون‬ ‫زاده اليومى ويت�سرب تدريجي ًا �إىل خاليا روحه وعقله‪ ..‬ميتلك �أ�سلوبا‬ ‫متفرد ًا ي�سهل متييزه عن الآخرين ب�سهولة حتى لو مل يوقع على لوحته‪،‬‬ ‫يع�شق «التجريد» رمبا وجد فيه طريق البحث عن «جوهر» الأ�شياء‬ ‫و�أ�صلها �أو وجد فى « التجريد» رحلة البحث عن احلقيقة‪.‬‬ ‫‪v‬‬

‫‪32‬‬

‫عبد الوهاب مر�سي‬ ‫امليالد ‪ 1931/2/23‬بال�شرقية‪� ،‬أراد درا�سة الطب واجته لدرا�سة‬ ‫ال�صيدلة ملا فيها من تراكيب‪ ،‬در�س الفنون اجلميلة «الت�صوير»‪ ،‬ع�شق‬ ‫�أعمال بيكار‪ ،‬وتخرج �سنة «‪»1957‬‬ ‫يقول عنه كمال املالخ‪:‬‬ ‫�إن عبد الوهاب مر�سى و�ألوانه التى ي�سكبها عن طريق احلفر‬ ‫والت�صوير �أغلب الأم��ر‪ ،‬تعك�س م�صر بكل فرتات تاريخها ال�ضارب‬


‫الت�أثري املزاوجة بني «ال�تراث» و»املعا�صرة» مبنهج‬ ‫وا�سلوب متفرد والتفرد معناه �إيجاد �أ�سلوب متميز‬ ‫ال مقابل له فى الداخل واخل��ارج وه��ذا هو مفهوم‬ ‫االبتكار احلقيقي‪ ،‬فكل فنان البد �أن يكون له �أ�سلوب‬ ‫ومنهج متميز و ُمغاير للفنانني الآخرين‪ ،‬وقد �أ�شاد‬ ‫الكثري م��ن النقاد امل�صريني ب�أعماىل لتفردها‪،‬‬ ‫وبع�ض النقاد الأجانب تناولوا هذه الأعمال مبفهوم‬ ‫التفرد واخل�صو�صية �أى انها �أعمال خا�صة بى تنتمى‬ ‫�إىل ا�سمى «مر�سي» �أى عمل ال مقابل له ‪.‬‬ ‫ ما �أول معر�ض وما ذكرياتك عنه ؟‬‫�أول معر�ض ىل ك��ان ف��ى ق��اع��ة متحف هدى‬ ‫�شعراوى متحف الفن احلديث ‪ ،1961‬وك��ان مقام‬ ‫بجوار �سينما ق�صر النيل قبل ميدان التحرير ومت‬ ‫ه��دم ه��ذا ال�ب�ن��اء‪ ،‬وح�صلت على ج��ائ��زة �صالون‬ ‫القاهرة ع��ام ‪ ، 1967 ، 1965 ، 1963‬وقبل ذلك‬ ‫ح�صلت على ج��ائ��زة ال�ف��ن وال �ث��ورة ‪ 1958‬وك��ان‬ ‫املعر�ض فى الأ�سكندرية و�أخذت املركز الثانى وكان‬ ‫املركز الأول حلامد عوي�س وتوالت املعار�ض التى‬ ‫و�صل ع��دده��ا �أك�ثر م��ن‪ 25‬م�ع��ر���ض‪..‬و�آخ��ر جائزة‬ ‫ح�صلت عليها جائزة بيناىل بر�شلونة الدوىل متفوق ًا‬ ‫على ‪ 32‬فنان عاملي‬ ‫ ما املراحل الفنية التى خ�ضتها ؟‬‫التعبريية ‪ -‬التجريدية ‪ -‬التجريدية الو�سطى‬ ‫ثم التجريدية الرمزية امل�صرية وحققت من خاللها‬ ‫املزاوجة بني الرتاث واملعا�صرة‪ ،‬ومن خالل �أعماىل‬ ‫حققت اجلديد فى �أعمال احلفر وقمت ب�أعمال حفر‬ ‫على ال�شمع وهو �شيء جديد ف�أنا �أبحث عن اجلديد‬ ‫دوما‪� ،‬أعمل قالب من ال�شمع و�أر�سم عليه ثم احفره‬ ‫غائر وب��ارز ث��م �أق��وم بفرد احل�بر ب��ال��رول و�أطبع‬ ‫ال��ورق‪ ،‬وخامة ال�شمع �سهلة احلفر بالتوازى بني‬ ‫اللوحة الطباعية احلفر وادخل فيها �ألوان مبختلف‬ ‫اخلامات زيت – �أكلرييلك – �ألوان �أحبار طباعة ‪..‬‬ ‫وهذا كله يعود ملوهبة الفنان‪.‬‬ ‫ما ر�أيك فى الفن الت�شكيلى امل�صرى الآن ؟‬ ‫�أنا معار�ض ملا يحدث ب�سبب �إ�شاعة التغريبيه‬ ‫�أى االجتاه �إىل الغرب‪ ،‬وا�ستخدام التجريد ب�أ�سلوب‬ ‫نقل الغرب فى �إبداعاتهم الفنية وهذا يتعار�ض مع‬ ‫الفنان وعمله اخلا�ص به لأن الفن ر�ؤية خا�صة بذات‬ ‫الفنان وحده ي�ستفيد من الآخر الفائدة التى ت�ؤكد‬ ‫ذاته وال تلغى �شخ�صيته الفنية‪ ،‬فالفن تعبري ذاتى‬ ‫ولي�س تعبري بذوات الآخرين‪.‬‬ ‫ما ر�أيك فى اجتاهات الفن العاىل الآن ؟‬

‫‪v‬‬

‫العدد الحادي و الثالثون ‪ -‬أكتوبر ‪2012‬‬

‫‪35‬‬


‫فى القدم مع الزمان وقبله‪� ،‬إنه ذلك املزيج العجيب‬ ‫ال�ساحر الأخاذ مع عبق املا�ضى وتراثه مهما اختلفت‬ ‫مراحله‪� ،‬إن فن عبد الوهاب مر�سى يعك�س فى �إطار‬ ‫م��ن ان�صهار الفن وف�ترات��ه التاريخية ف��ى بوتقة‬ ‫لوحاته ‪ :‬تراث ًا فكري ًا فني ًا م�صري ًا خال�ص ًا‪.‬‬ ‫كمال اجلويلي‬ ‫�أعماله متثل ملمح ًا متميز ًا فى حركتنا الت�شكيلية‬ ‫املعا�صرة منذ �أكرث من �أربعني عام ًا‬ ‫ا�ستلهم كم�صور مبدع معطيات الفن امل�صرى‬ ‫و�أب��رزت معاجلاته الفنية مو�سيقية العالقات على‬ ‫م�سطح اللوحة الت�صويرية �أو تكوينات العمل الفنى‬ ‫املتما�سكة املحبوكة على الرغم من تركيزه على‬ ‫ال ُبعدين ولي�س على البعد الثالث فالتج�سيم عنده‬ ‫�إيهامى ي�ؤكد ث��راءه الإب��داع��ى ومقدرته التعبريية‬ ‫من خالل القيم اجلمالية و�شاعرية احل�س وثراء‬ ‫امل�لام����س و�إره��اف �ه��ا وت ��أث��ره ب��روح ال�ف��ن امل�صرى‬ ‫القدمي‪ .‬فقد ا�ستطاع «مر�سي» بغري افتعال �أن يحل‬ ‫مع نف�سه حماولة املحلية امل�صرية وا�ستلهام اجلذور‬ ‫حمافظ ًا على حيوية �إبداعاته و�إ�شراقاته اللونية‬ ‫والتكوينية ومقدرته على �إ�شاعة احل�س اجلماىل‬ ‫لدى املتلقي‪.‬‬ ‫خمتار العطار‬ ‫متكن مر�سى بلوحاته املختلفة الأ�ساليب من �أن‬ ‫ي�صل بفن الر�سم امللون فى م�صر �إىل م�ستوى ال�شعر‬ ‫املعا�صر واملو�سيقى م�ساهم ًا بذلك فى ت�أ�سي�س ما‬ ‫ي�صطلح‪ ،‬ون�سميه «الواقعية امل�صرية اجلديدة» التى‬ ‫جتمع بني االنتماء ال�شكلى وامل�ضمون الإن�ساين‪،‬‬ ‫فموهبته املتوهجة �أ�ضفت على �أعماله طابع ًا غريب ًا‬ ‫مثري ًا وجذاب ًا ال تخط�أه العني‪.‬‬ ‫ح�سني بيكار‬ ‫عرفته ي�صعد �سلم النجومية لكى ي�صبح واحداً‬ ‫من �أب��رز فنانى ال�سبعينيات وم��ا بعدها ب�أ�سلوبه‬ ‫املتفرد الذى مل يتنازل عن �أ�صالته فى �أى مرحلة‬ ‫من مراحل �إب��داع��ه املتوا�صل‪ ..‬لقد ب��د�أ بالتحرر‬ ‫من النمطية التقليدية وت�ستقر فيه امل�سحة الأ�صلية‬ ‫واملذاق امل�صرى الذى يتوائم مع الع�صر مقرتب ًا �أكرث‬ ‫و�أكرث من التجريدية التى نفذها بنكهة هريوغليفية‬ ‫غ�ير ُمقلدة م�ستخدم ًا عن�صر ال��زم��ن ف��ى ن�سيج‬ ‫وملم�س ول��ون لوحته للإيحاء بالقدم حتى تبلورت‬ ‫�شخ�صيته متام ًا و�صار �أح��د �أع�لام فن الت�صوير‬ ‫امل�صرى املعا�صر الذى يهدف �إىل حتقيق الأ�صالة‬ ‫واملعا�صرة والإفادة من الرتاث دون افتعال �أو ت�شنج‬ ‫‪v‬‬

‫‪34‬‬

‫بنف�س البالغة التى يتحدث بها من خالل عجائب‬ ‫الألوان‪.‬‬ ‫ت��وج�ه��ت جم�ل��ة اخل �ي��ال �إىل ال�ف�ن��ان ال�ق��دي��ر‪،‬‬ ‫وف��ى منزله بحى �شربا القاهرة العتيق ب��د�أ حوار‬ ‫الذكريات ويقول عبد الوهاب مر�سى عن نف�سه‪:‬‬ ‫�أن��ا مواليد فاقو�س �شرقية وجل�ست بها عمرى كله‬ ‫ومل �أ�ستقر فى القاهرة �إال فى �سنة ‪ ،1952‬ا�شعر‬ ‫بالريف دائما بجماله وقد انعك�س على فكرى وخياىل‬ ‫و�سلوكى كنت متواجدا مع العزلة عن حميطى �أت�أمل‬ ‫و�أفكر فى ب�ساطة احلياة الريفية التى انعك�ست على‬ ‫خياىل وتفكريي‪ ،‬بها التجريد وهو ما يعنى التب�سيط‬ ‫والتلخي�ص �إىل �شيء معلوم‪ ،‬وهذا يعنى التلخي�ص‬

‫لل�شكل وامل�ضمون مع ًا‪.‬‬ ‫خالل تخرجى كنت �أ�سعى لإيجاد نهج و�أ�سلوب‬ ‫متميز لأعماىل وحتقق فى خالل ال�سنة الثالثة بالكلية‬ ‫ق�سم ت�صوير‪� ،‬أ�ساتذتى ح�سني بيكار وعبد العزيز‬ ‫دروي�ش وعبد الهادى اجلزار‪ ،‬كان م�شروع التخرج‬ ‫عن احلرب وال�سالم نظرا حلرب ‪ 1956‬والعدوان‬ ‫الثالثى و�أث ��رت ك�ث�ير ًا على العديد م��ن الفنانني‬ ‫و�أعمالهم وانعك�س ه��ذا على م�شروعى اخلا�ص‬ ‫بالتخرج‪ ،‬كان يحكم ا�سلوبى املنهج التعبريى وبعد‬ ‫تخرجى التحقت مبركز ت�سجيل الآثار وخالل عملى‬ ‫باملركز ت�أثرت بالفن امل�صرى القدمي وانعك�س هذا‬ ‫الت�أثري على �أعماىل الفنية وحققت من خالل هذا‬


‫«التزاوج بني النحت والت�صوير با�ستخدام الرمل»‬ ‫فلي�س هناك �أ��س�ل��وب معني ب��ل الب��د م��ن التجريد‬ ‫وال�ت�ج��ري��د دوم��ا ‪ ..‬وه��ذه ه��ى الطبيعة الب�شرية‬ ‫للفنان‪� ..‬أنا فنان وليد قدرى ل�ست وليد ذاتي‪ ،‬وقد‬ ‫قلت كلمتى و�أنا مقتنع بها و�أ�سلم �أمرى �إىل اهلل‪.،‬‬ ‫امل��ال يذهب ويجئ والقيمة باقية ال ت��زول ول��ذا �أنا‬ ‫�أحافظ على �أعماىل وال �أفرط فيها‪ ،‬هناك عا�شق‬ ‫االقتناء واالقتناء جاء معهم لع�شقهم للقيمة‪.‬‬ ‫البيت الأبي�ض اختار عملني ىل اقتناء وملك‬ ‫�أ�سبانيا اقتنى عمال ىل وو�ضعه فى املتحف امللكي‪،‬‬ ‫و�أ�شياء كثرية جد ًا‪�..‬أنا قلت كلمتى نحن �صفريات‬

‫فى الزمن القادم‪ ،‬رمبا ت�أتى �أجيال بيننا تعطينا‬ ‫قدرنا وت�شعر بقيمتنا‪�.‬أتنمى �أن نخل�ص لوطننا �أكرث‬ ‫باقي والنف�س‬ ‫من الإخ�لا���ص لأنف�سنا لأن الوطن ً‬ ‫متوت‪.‬‬ ‫اللوحة الفنية معى مثل املقطوعة املو�سيقية‬ ‫فهناك �سيمفونية وهناك كون�شرتو وهناك �سوناتا كل‬ ‫مقطوعه لها نغماتها و�إيقاعاتها ومذاقها اخلا�ص‪،‬‬ ‫وكل عمل له مركزيته ومن كل مركز ت�شع عنا�صر‬ ‫وكل عمل له معناه وعظمة العمل فى غمو�ضه ‪ ..‬كل‬ ‫عمل له �أك�ثر من معنى و�أك�ثر من فكر والفكر فى‬ ‫وجدان الفنان‪.‬‬

‫ال ن�شعر بالتكرار هناك ن�سيج مت�صل ولكن لكل‬ ‫عمل ذاتيته له تكوينه له فل�سفته فلي�س هناك ت�شابه‬ ‫�أو تكرار‪.‬‬ ‫فيقول عبد العزيز دروي�ش مع الدكتور ثروت‬ ‫عكا�شه ‪:‬احنا فنانني زيك‪ ،‬فرد ثروت عكا�شة ولكن‬ ‫هناك عبد الوهاب مر�سى واحد فقط !‬ ‫هل من ابنائك من اجته للفن الت�شكيلى ؟‬ ‫دي ولدان ه�شام ‪� 50‬سنة فنون م�سرحية وظل‬ ‫َل ّ‬ ‫فى النم�سا ‪� 18‬سنة والآن يقتنى لوحات ‪.‬‬ ‫وخالد ‪ 47‬عام ويعمل فى جمال الكمبيوتر‪.‬‬

‫‪v‬‬

‫العدد الحادي و الثالثون ‪ -‬أكتوبر ‪2012‬‬

‫‪37‬‬


‫كلها تعرب عن منهجها وواقعها وحياتها فالدول‬ ‫الأوروب�ي��ة املتحدة تختلف فى منهجها عن بع�ضها‬ ‫لأن لكل دولة �أر�ضها وتاريخها ومنهجها‪ ،‬وال ميكن‬ ‫للإن�سان الذى له تاريخ و�أ�صالة وح�ضارة �أن ينهج‬ ‫منهج دول �أخ��ري‪ ،‬وف��ى الآخ��ر ال�صراع هو �صراع‬ ‫ح�ضارى بني �أمريكا و�أوروب��ا وبني ال�شرق وب�صفة‬ ‫خا�صة م�صر‪ ،‬لأن م�صر �أم احل�ضارات ‪ ...‬لقد‬ ‫ح��اول ال�ك�ث�يرون ف��ى م�صر نهج �أ��س�ل��وب املدر�سة‬ ‫الت�أثريية الأوربية عام ‪� 1961‬أخذت �أنا منهج مغاير‬ ‫باتخاذ اللون الواحد بدرجاته وعنا�صره امل�صرية‬ ‫املميزة وهذه كانت ثورة فنية‪.‬‬

‫‪v‬‬

‫‪36‬‬

‫كيف ترى التعبري الفنى فى لوحاتك ؟‬ ‫التعبري الفنى البد �أن ميتزج بال�صفة اجلمالية‪،‬‬ ‫فالقبح �صفة تتعار�ض مع ال�صفة اجلمالية يجب‬ ‫االب �ت �ع��اد ع�ن�ه��ا‪ ،‬وف ��ى ال�ن�ه��اي��ة ت �ع��ددت الأ� �ش �ك��ال‬ ‫والأ�ساليب والفن واحد ‪ ..‬فن ي�شع من الداخل �أما‬ ‫�أن تت�آلف معه وحتبه �أو تلفظه‪.‬‬ ‫مب تن�صح الفنانني ال�شباب ؟‬ ‫�أن يكونوا �أنف�سهم وال يتبعوا �أه��واء الآخرين‬ ‫فيما يبدونه من �آراء و�أفكار تتعار�ض مع الإب��داع‬ ‫الذاتى للفنان‪ ،‬لأن الفن �إبداع «ذاتي» البد �أن ينبع‬ ‫من ال��ذات ولي�س من الآخرين‪ ،‬وفى النهاية ه�ؤالء‬

‫الذين ُيقلدون الغرب ‪ ...‬هل ه�ؤالء فنانون م�صريون‬ ‫�أم غربيون ؟ البد �أن نحمل �صفاتنا وجذورنا ‪...‬‬ ‫هذه هى اخلال�صة و�أه��م �شيء �أن��ت فنان م�صرى‬ ‫و�ضع حتت هذه الكلمة مليون خط‪ ،‬لو غريت ذاتك‬ ‫وان�سلخت عن ح�ضارتك ف�أنت ال وج��ود ل��ك‪� ،‬أنت‬ ‫ال �شيء !الفن تعبري ذات��ى ��ص��ادق‪ ،‬ول��و نقلته عن‬ ‫الآخرون ف�أنت كاذب‪.‬‬ ‫ما اخلامات امل�ستخدمة فى �أعمالك و َ‬ ‫مل‬ ‫تطرقت �إليها ؟‬ ‫ا�ستخدمت الرمل كخامة و�سيطة لإب��داع فن‬ ‫جديد‪،‬بيكار قال على ‪:‬لقد �أوجد عبد الوهاب مر�سى‬


‫ولقد هم�شت �سيناء خالل عقود عدة وبعد ثورة ‪23‬يوليو‪ 1952‬وكان‬ ‫امل�صريون ال يدخلون �سيناء �إال بت�صريح و�إذن م�سبق‪ ،‬ولكن قامت ثورة‬ ‫‪25‬يناير لتنقذ �سيناء من التهمي�ش ولتعيد لهذه الأر�ض املباركة ن�ضارة‬ ‫تاريخها الغنى بالرتاث املتنوع فى كل احلرف والفنون البدوية‪ ،‬ومع عودة‬ ‫�سيناء فى نهاية ‪ 1980‬تردد على �أ�سواق مدينة العري�ش ورفح وال�شيخ زويد‬ ‫بع�ض التجار واملهتمني بالرتاث الذين قاموا ب�شراء كل ما بتلك الأ�سواق‬ ‫من املنتجات وال�صناعات احلرفية من حلى الذهب والف�ضة واملن�سوجات‬ ‫من الأكلمة والثوب البدوى بل كان ه�ؤالء التجار ينتقلون لأ�سواق القرى‬ ‫والنجوع فى و�سط �سيناء ومل يتبق �إال النماذج القليلة للإبداع وكانت هذه‬ ‫النماذج التى اختفت من �سيناء مبثابة املوروث ال�شعبى الأ�صيل‪.‬‬ ‫�إن ا�سم �سيناء هو الأق��دم عبادة فى ال�شرق الأدن��ى وه��ى عبادة‬ ‫الإله �سني �إله القمر‪ ،‬وقد حظيت �سيناء بالتقدي�س والإجالل فى الكتب‬ ‫ال�سماوية وورد ا�سمها مف�ص ًال فى �سفر اخلروج وفى كتابات امل�سيحيني‬ ‫الأوائ��ل‪ ،‬كما ورد ذكر �سيناء فى القر�آن الكرمي �أكرث من مرة‪ ،‬و�سجل‬ ‫الفراعنة ا�سم �سيناء فى �آثارهم املكتوبة منذ الألف الثالث قبل امليالد‪.‬‬ ‫ومن �سيناء عربت قوات من املتطوعني �إىل فل�سطني للم�شاركة فى‬ ‫رد اخلطر ال�صهيوين‪ ،‬كما �شهدت �سيناء فى حرب ‪ 1973‬تقدم القوات‬ ‫امل�سلحة امل�صرية ملقاومة العدوان الإ�سرائيلى على �سيناء‪ ،‬واليوم بعد‬ ‫ثورة ‪25‬يناير تنظر الدولة نظرة جادة لتعمري �سيناء واحلفاظ عليها من‬ ‫كل الطامعني واحلفاظ على تراثها الذى ي�ؤكد �شخ�صيتها‪.‬‬ ‫وبف�ضل اهلل وجهود جمموعة من املتطوعني من �شباب �سيناء‬ ‫للحفاظ على ت��راث �سيناء حيال ه��ذه ال�ضجة ال�شر�سة وخ��وف� ًا على‬ ‫اختفائها ا�ستطاع ه ��ؤالء ال�شباب جتميع واقتناء ما تبقى من الرتاث‬ ‫وبف�ضل تربع بع�ض الأ�سر والعائالت مت �إن�شاء متحف الرتاث ال�سيناوى‬ ‫مبدينة العري�ش بجوار مبنى املحافظة اجلديد‪.‬‬ ‫ومت تكوين جمعية با�سم «متحف الرتاث ال�سيناوي» ويهدف العر�ض‬ ‫املتحفى خالله �إىل ا�ستعرا�ض تاريخ �سيناء عرب الع�صور القدمية عن‬ ‫طريق عر�ض قطع �أثرية نادرة مت اختيارها من �آثار وادى النيل التى تربز‬ ‫الأهمية التاريخية لـ «�سيناء» ومن بني هذه القطع متثال «امللك رم�سي�س»‬ ‫و»�أيقونة قبطية» ت��ؤرخ لهروب العائلة املقد�سة �إىل م�صر وبها �صورة‬ ‫ال�سيدة العذراء وهى حتمل ال�سيد امل�سيح فتلك الأيقونة ال نظري لها فى‬ ‫العامل كله‪.‬‬ ‫كما يجمع املتحف فى داخله م�شغوالت من احللى م�صنعة من الف�ضة‬ ‫وم�شغوالت من اخل�شب وجذوع الأ�شجار وم�شغوالت من الفخار وم�شغوالت‬ ‫من الن�سيج من الأكلمة والثوب البدوي‪ ،‬وي�ضم �أي�ض ًا مناذج عبارة عن‬ ‫بانوراما لرعى الغنم والإبل وكذلك بانوراما للعادات والأفراح ال�سيناوية‬ ‫البدوية من زفة العرو�سة واحلنة العراي�شى وغريها من التقاليد ال�شعبية‬ ‫ال�سيناوية‪.‬‬ ‫ومن بني الآث��ار املعرو�ضة �أي�ض ًا ك�سوة الكعبة امل�شرفة ف�ض ًال عن‬ ‫�آثار �أخرى ا�سرتدتها م�صر من الكيان ال�صهيونى فى العام ‪ 1993‬من‬ ‫بينها لوحات جدارية و�أدوات كانت ت�ستخدم فى املناجم ور�ؤو�س ال�سهام‬ ‫و�شواهد قبور و�أوان فخارية حم�لاة بال�صدف وال�سرياميك‪ ،‬ويوجد‬ ‫‪v‬‬

‫العدد الحادي و الثالثون ‪ -‬أكتوبر ‪2012‬‬

‫‪39‬‬


‫تـــراث‬

‫كنوز اإلبداع فى أرض الفيروز‬

‫متحف التراث السيناوى بالعريش‬

‫د‪.‬فاروق ناجى‬

‫لقد ات�ضح لنا ب�شكل جلى �أننا ال ن�ستطيع �أن ننقطع �أو ننف�صل عن تراثنا‪ ،‬فالرتاث كائن حي‪ ..‬كما ات�ضح �أن الرتاث وفق‬ ‫املعايري والتقاليد الفنية هو �أحد م�صادر الر�ؤية ولي�س مب�ستغرب �أن يكون تراث �سيناء هو �أحد حلقات الفن فى تراثنا امل�صرى ذى‬ ‫احل�ضارة املتعددة‪.‬‬ ‫ولوقت قريب مل نكن نرى تراثنا ومع بداية القرن الع�شرين ر�أينا تراثنا من خالل جتارب الآخرين من رواد الفن املعا�صر وكانت‬ ‫الأ�سباب عديدة ومنها �أن اال�ستعمار كان حري�ص على بقائنا وعلى عيوننا غ�شاوة فع�شنا فرتة انبهار بالأحداث والتكنولوجيا مثل‬ ‫الثورة الفرن�سية‪ -‬الآلة الكاتبة‪ -‬التليفون الال�سلكي‪ -‬التليفزيون‪ -‬الطائرة‪ -‬الذرة‪ -‬الأقمار ال�صناعية‪ -‬الغوا�صات‪ -‬ال�صواريخ‬ ‫وغريها من الأحداث‪.‬‬ ‫‪v‬‬

‫‪38‬‬


‫بعد حادث االعتداء والسطو على بيت الفنان الرائد (يوسف‬ ‫كامل) بالمطرية ‪ ..‬كتب حفيده «مجد جمال السجينى» ابن‬ ‫المثال الكبير «للخيال» هذه الكلمات النابعة من القلب‪..‬‬

‫جدى «يوسف كامل» وبيت الفن‬

‫جمد جمال ال�سجينى‬

‫«حاملة الزهور» و الفنان «جمال ال�سجينى» بلم�سة «املثال يو�سف كامل»‬ ‫جدى «يو�سف كامل» واحد من رموز اجليل الأول‬ ‫فى الإب��داع الت�شكيلى امل�صري‪ ..‬هذا اجليل الذى‬ ‫التحق ب�أول مدر�سة للفنون اجلميلة‪� ..‬أن�شاها الأمري‬ ‫«يو�سف كمال» على نفقته اخلا�صة عام ‪ ..1908‬وكان‬ ‫زمي ًال ملثاىل م�صر «خمتار» و «راغب عياد» و «حممد‬ ‫ح�سن» و «�أحمد �صربي»‪.‬‬ ‫ع�شق اخل�ضرة‪ ..‬مثلما ع�شق �أهله ونا�سه �أبناء‬ ‫م�صر من الفالحني والفالحات ومن هنا بنى بيته‬ ‫باملطرية �أي��ام �أن كانت بقعة خ�ضراء يانعة تفي�ض‬ ‫باخلري والنور والإ�شراق بعيد ًا عما نحن فيه حالي ًا‬ ‫من زح��ام و�ضجيج‪ ..‬وك��ان جريانه من الفالحني‬ ‫والفالحات ي�أتون �إليه ومعهم حيواناتهم وطيورهم‬ ‫الأليفة وكم خلدهم فى لوحاته بلم�سته الت�أثريية‬ ‫امل�شرقة التى غم�سها فى نور م�صر و�سحر م�صر‪.‬‬ ‫مل �أكن �أت�صور �أو �أحلم �أننى فى يوم من الأيام‬ ‫لن �أ�ستطيع الدخول �إىل مكاين‪� ..‬إىل �أ�صويل‪� ..‬إىل‬

‫بيت جدى الفنان العظيم «يو�سف كامل»‪.‬‬ ‫ه��ذا البيت ال��ذى ط��امل��ا لعبت ف��ى حديقته‪..‬‬ ‫ت�سلقت �سالمله‪ ..‬راقبت ج��دى وه��و ير�سم‪ ..‬وهو‬ ‫يبدع‪ ..‬وت�أملته وهو يبت�سم لنا ويحنو علينا بعد �أن‬ ‫يكون قد انتهى من �إح��دى لوحاته وو�ضع توقيعه‬ ‫عليها وكلها لوحات تغنى مل�صر وت�شدو ب�سحر ريفها‬ ‫مثلما ت�شدو بقاهرتها الفاطمية‪ ..‬جت�سد النور الذى‬ ‫ال ينتهى من الكوى واملنافذ والدروب وتكتب التاريخ‬ ‫باللون ال�صداح ونوافري الظالل والأ�ضواء‪.‬‬ ‫كم لعبت مع �أوالد و�شباب عائلتي‪ ..‬وكم وقفت‬ ‫وجل�ست وت�أملت كل ما فيه من ف��ن‪ ..‬من لوحات‬ ‫ور�سوم ودرا�سات وا�سكت�شات تربت عينى عليها‪..‬‬ ‫ك��ان ي��وم ف�سحتى م��ع �أم��ى و �أب��ى �إىل بيت جدى‬ ‫باملطرية ي��وم ع�ي��د‪ ..‬ي��وم ان�ط�لاق وف��رح وم��رح‪..‬‬ ‫ويوم ثقافة وفن‪ ..‬يوم فيه كل ما هو جميل و�أ�صيل‬ ‫وحقيقي‪.‬‬

‫الآن نحن ممنوعون من دخوله بعد �أن ا�ستوىل‬ ‫عليه الل�صو�ص وا�ستولوا على لوحات جدى �أي�ض ًا‪.‬‬ ‫�أنا�شد �أنا «جمد ال�سجيني» حفيد املرحوم الفنان‬ ‫العظيم «يو�سف كامل» �أن��ا وعائلتي‪ ،‬كل الفنانني‬ ‫واملثقفني امل�صريني وتالميذ و�أبناء «يو�سف كامل» �أن‬ ‫يت�صدوا له�ؤالء الل�صو�ص الذين ا�ستولوا على منزل‬ ‫جدى «بيت الفن» وعلى �أعماله الفنية اخلالدة التى‬ ‫هى جزء �أ�سا�سى من تراث وتراب م�صرنا احلبيبة‬ ‫و�أن تقوم وزارة الثقافة بدورها املتوقع بالدفاع عن‬ ‫ت��راث ه��ذه الأر� ��ض‪ ..‬ووزارة الداخلية ب�إيجابيتها‬ ‫جتاه الت�صدى للبلطجة وجمابهة التعدى على حقوق‬ ‫الغري لتعود هيبة الوطن وهيبة امل�صريني‪.‬‬ ‫رحم اهلل جدى الأ�ستاذ «يو�سف كامل» الفنان‬ ‫العظيم و�أعان اهلل كل م�سئول للعمل على عودة احلق‬ ‫لأ�صحاب احلق‪.‬‬

‫العدد الحادى و الثالثون ‪ -‬أكتوبر ‪2012‬‬

‫‪v‬‬

‫‪41‬‬


‫باملتحف �أي�ض ًا ق�سم للفخار يعر�ض ‪ 500‬قطعة من‬ ‫الأوانى تعك�س مراحل تطور �صناعة الفخار‪ ،‬وي�ضم‬ ‫املتحف بانوراما للمدينة ال�سيناوية وللبيت العراي�شى‬ ‫وللبيت البدوى امل�صنع من �شعر الإبل والغنم‪.‬‬ ‫ويجرنا املتحف �إىل الن�سق الذى تتميز به املدينة‬ ‫ال�سيناوية والبيت العراي�شى بالطابع الإ�سالمى‬ ‫و�صممت لتتنا�سب مع تغريات املناخ‪ ،‬ومتيزت املدينة‬ ‫القدمية ب�شوارعها ال�ضيقة وارتفاع �أ�سوار بيوتها‪.‬‬ ‫ومل يتبق من املدينة القدمية �إال بقايا من البيوت‬ ‫املهدمة واملهجورة وجن��د بع�ض البيوت وال�شوارع‬ ‫ال�ضيقة وبداخل �أ�سوارها مت �إن�شاء مبانى حديثة من‬ ‫اخلر�سانة امل�سلحة‪.‬‬ ‫وال �ب �ي��ت ال�ع��راي���ش��ى ال �ق��دمي ك ��ان م�ب�ن��ى من‬ ‫الطوب اللنب حيث تتوفر من وادى العري�ش وكثري‬ ‫من املحاجر‪ ،‬وجند البيوت والأ��س��وار العالية كلها‬ ‫‪v‬‬

‫‪40‬‬

‫متقاربة فى ال�شكل واملظهر اخلارجي‪ ،‬كلها بالطوب‬ ‫اللنب وارتفاعاتها واحدة ال تفرقة بني غنى وفقري‪،‬‬ ‫وي�شمل البيت م��ن ال��داخ��ل �صحن كبري مك�شوف‬ ‫للف�ضاء وجميع غرف البيت فى اجلزء اجلنوبى من‬ ‫ال�صحن وتطل على الواجهة البحرية و�أمام الغرف‬ ‫جزء م�سقوف يحمى الغرف من ح��رارة ال�شم�س‪،‬‬ ‫ويحتوى ال�صحن على الأ�شجار ذات الروائح الذكية‬ ‫مثل الليمون وال�لارجن والتني والزيتون واليا�سمني‬ ‫والورد والفل والريحان‪ ،‬ويتميز ال�صحن ب�أنه يك�شف‬ ‫ال�سماء‪ ،‬فالإن�سان فى �سيناء يرتبط بال�سماء ويرى‬ ‫القمر والنجوم وال�شروق والغروب‪ ،‬والأ�سوار العالية‬ ‫توفر الظل وحتمى البيت من ال��ري��اح التى حتمل‬ ‫الرمال فى مو�سم اخلما�سني من كل عام‪.‬‬ ‫لكن م��ا ي�ح��دث الآن ف��ى �سيناء رغ��م ات�ساع‬ ‫الأر� ��ض‪� ..‬أن��ه يتم بناء ع�م��ارات �سكنية بال هوية‬

‫تراها فى كل املحافظات مب�صر رغم اختالف املناخ‬ ‫وطبيعة الأر�ض واملكان‪.‬‬ ‫ونحن ندعو �إىل �أن تعود العمارة ال�سيناوية �إىل‬ ‫�سابق عهدها لتميزها وقيمتها الت�شكيلية ون�أمل فى‬ ‫�شباب م�صر �شباب ‪25‬يناير �أن يبنى �سيناء من‬ ‫جديد بر�ؤية جديدة يراعى فيها كل الظروف من‬ ‫مناخ وطبيعة للمكان‪ ،‬ونحافظ على تراثها وحرفها‬ ‫ال�شعبية املرتبطة بالأر�ض وبالإن�سان‪ ،‬وهى و�سيلتنا‬ ‫لالنتماء للوطن وموقف �ضد ما يدعى بالعوملة وخلف‬ ‫ثقافة عاملية حتمى الهوية واالن�ت�م��اء‪ ..‬فعلينا �أن‬ ‫نحمى تراثنا وحرفنا من االندثار ون�أمل �أن متتد يد‬ ‫الدولة للحفاظ على تراث �سيناء‪..‬‬ ‫ون�ح��ن ن��دع��و �شباب م�صر و�أب �ن��اءه��ا م��ن كل‬ ‫الأجيال لزيارة هذا املتحف القومى الذى يعك�س روح‬ ‫�سيناء �أر�ض الفريوز‪.‬‬


‫اليابان هي�أ ىل فر�صة التعرف على هذا املذهب عن‬ ‫قرب‪ ،‬ولأنى �أردت �أن �أدر�س الطرق التى ميكن بها‬ ‫التعامل مع الثقافات التقليدية والقيم اجلمالية‬ ‫امل��رت�ب�ط��ة ب��ال�ت�راث ك�م��دخ��ل خل�ل��ق �أع��م��ال فنية‬ ‫معا�صرة‪ ،‬فى ب��ادئ الأم��ر اخ�ترت تطبيق املو�ضوع‬ ‫ف��ى �أوروب� ��ا و�أم��ري�ك��ا لأن ت ��أث�يره وا��ض��ح ف��ى فرتة‬ ‫اخلم�سينيات وال�ستينيات ولأن املراجع متوفرة‪ ،‬ثم‬ ‫تغري الأمر بعد ذلك لأنى وجدت �أن هذا املذهب له‬ ‫ت�أثري وا�ضح فى الفن اليابانى املعا�صر‪ ،‬و»الزن» فى‬ ‫الأ�سا�س م�شتق من البوذية وقد و�صل اليابان من‬ ‫الهند بعد مروره على ال�صني واختالطه باملدر�ستني‬ ‫�سحة‬ ‫الطاوية والكونف�شيو�سية‪ ،‬ومن هنا كانت له ِم َ‬ ‫فل�سفية �أكرث منها دينية‪ ،‬وكان للمذهب جمالياته‬ ‫التى تغلغلت فى �شتى �أ�شكال الفنون واملمار�سات‬ ‫احلياتية و�أثرت فى �شخ�صية الإن�سان اليابانى �إىل‬ ‫حد كبري‪ ،‬وقد �أعجبت بر�ؤية هذا املذهب وجمالياته‬ ‫منذ زمن‪� ..‬أى من قبل ذهابى �إىل اليابان‪ ،‬و�شعرت‬ ‫�أنه ي�صور ىل قيم ًا �أعرفها وي�ست�سيغها عقلي‪ ،‬وقد‬ ‫�سبقنى فى اجنذابى ه��ذا كما ذك��رت العديد من‬ ‫الفنانني احلداثيني واملعا�صرين فى �شتى �أنحاء‬ ‫العامل‪ ،‬فكان لذلك �أثره على �أعمالهم‪ ،‬وكان مو�ضوع‬ ‫ر�سالة ال��دك�ت��وراه «ارجت�ل�ات على منط فن ال��زن»‬ ‫�سجلته قبل �سفرى لليابان والفكرة فى هذا املو�ضوع‬

‫هى البحث عن ت�أويالت معا�صرة على فنون الزن»‪.‬‬ ‫ ماذا عن جتربتك الفنية فى اليابان؟‬‫جتربتى مع اليابان ا�ستمرت ث�لاث �سنوات‪..‬‬ ‫وتنق�سم �إىل جز�أين كالهما يعود الف�ضل فيه �إىل‬ ‫م�ساندة املكتب الثقافى اليابانى بالقاهرة والذى‬ ‫ب��د�أت عالقتى به تتطور مع بداية رحلتى فى تعلم‬ ‫اللغة‪ ،‬اجلزء الأول كان �سنة ‪ 2007‬فى �إطار برنامج‬ ‫«�سفينة �شباب العامل ‪»Ship For World Youth‬‬ ‫�أث�ن��اء دورت��ه التا�سعة ع�شر وه��و برنامج للتبادل‬ ‫الثقافى بني ال�شعوب تدعمه حكومة اليابان بالتعاون‬ ‫مع جامعة الأمم املتحدة‪ ،‬والربنامج فى الأ�سا�س‬ ‫يوفر ل�شباب العامل فر�صة فريدة وهى التعرف على‬

‫فى العدد القادم بهجورى يكتب من‬ ‫باري�س عن رجائى وني�س‬

‫الثقافة اليابانية من خ�لال التعاي�ش مع �أفرادها‬ ‫على منت �سفينة ملدة كانت ت�صل وقتها �إىل ثالثة‬ ‫�أ�شهر‪ ،‬وح�صلت على خطاب موافقة من كلية الفنون‬ ‫اجلميلة �سنة ‪ 2009‬وذهبت �إىل جامعة «ت�سوكوبا»‬ ‫وب��د�أت كور�س املاج�ستري ودرا�سة عملية �أكادميية‬ ‫م�صحوبة بالبحث الذى ذكرته �سابق ًا‪.‬‬ ‫ حدثينا عن معار�ضك الفنية باليابان‬‫وم�صر؟‬ ‫م��ن املعار�ض التى تقدمت بها معر�ض ي�ضم‬ ‫جمموعة م��ن ال�ل��وح��ات ال�ت��ى ح��اول��ت بها «جت��اوز‬ ‫مالمح الوجه الب�شرى للتعبري عن العامل اخلا�ص‬ ‫الذى يحتفظ به كل منا بداخله»‪ ،‬ومع كل بورتريه‬ ‫كنت �أ�شعر ببداية مغامرة ملحاولة اكت�شاف الآخر‬ ‫والتعبري عن كل جتربة مبا يتنا�سب معها من عنا�صر‬ ‫وحلول ت�شكيلية‪.‬‬ ‫ثم تراءت ىل الفكرة �أول مرة عندما كنت �أر�سم‬ ‫عرو�سة يابانية تقليدية تقف فى �صندوقها الزجاجى‬ ‫ال�شفاف‪ ،‬ظللت �أر�سمها لأكرث من �شهرين‪ ..‬اتطلع‬ ‫�إليها ب�شكل يومى حتى �شعرت �أن�ن��ى وه��ى كالنا‬ ‫يقف بداخل املر�سم ولكن العرو�س حتتفظ لنف�سها‬ ‫مبكان �أ�صغر‪ ..‬مكان خا�ص فى نف�س املر�سم ذلك‬ ‫الفراغ الكبري الذى يجمعنا‪ ،‬تتواجد من خالله معى‬ ‫ومع الآخرين و�شعرت �أننا نحن الب�شر ن�سلك نف�س‬ ‫‪v‬‬

‫العدد الحادي و الثالثون ‪ -‬أكتوبر ‪2012‬‬

‫‪43‬‬


‫فنون آسيوية‬

‫ حكمة مصورة من القرن السابع عشر على ضريح «توشوغو»‬‫باليابان بفكر جديد فى أعمال الفنانة «رانيا فؤاد»‪.‬‬ ‫ ّ‬‫«فتح مخك تتحدى اختالف اللغة واختالف الثقافات»‪.‬‬ ‫‪« -‬جيزو على الجدار» رؤية مصرية من األساطير اليونانية‪.‬‬

‫الفنانة «رانيا فؤاد»‪..‬‬

‫�سوزان عبد الواحد‬

‫والفن باليابانى‬

‫ا�ستطاعت الفنانة «رانيا ف ��ؤاد» القيام بتداعيات بعيدة لأفكار‬ ‫معينة لتجعل لنف�سها اجت��اه معني متيل فيه لنوع من التفرد‪ ..‬كما‬ ‫�أدركت الروابط اخلفية بني الأ�شياء‪ ..‬فاخللق الفنى يتبدى فى مدى‬ ‫ال�سهولة والي�سر التى ت�شعر بها �أثناء ن�شاطها الفنى الإبداعى وبخا�صة‬ ‫عندما تقوم بعملية �إعادة ترتيب العنا�صر ال�سابقة من جتاربها الفنية‬ ‫فى �صياغات جديدة‪ ..‬وقد تخرجت من كلية الفنون اجلميلة جامعة‬ ‫حلوان �سنة ‪ 1998‬من ق�سم الت�صوير‪ ،‬و�شغلت وظيفة مدر�س م�ساعد‬ ‫‪ ،2005‬كما �شاركت فى العديد من املعار�ض اخلا�صة واجلماعية داخل‬ ‫م�صر وخارجها منذ تخرجها حتى الآن‪ ،‬وتقول‪« :‬فى م�شروع التخرج‬ ‫مل تكن املفاهيم والأفكار التى �أبنى عليها �أغلب �أعماىل الآن قد تبلورت‬ ‫�إال �أن حر�صى على الذهاب �إىل م�سرح العرائ�س والر�سم بداخله فى‬ ‫نف�س الغرفة التى يعمل بها �صانعو وحمركو املاريونت القدامى �أمر‬ ‫عك�س اهتمامى املبكر بعن�صر املعاي�شة‪ ..‬غري �أن اهتمامى وا�ستمتاعى‬ ‫‪v‬‬

‫‪42‬‬

‫مبراحل وخطوات �إنتاج العمل فاقت وال تزال تفوق اهتمامى ب�شكله‬ ‫النهائي»‪.‬‬ ‫وجاءت ر�سالة املاج�ستري حول «تبدل املفاهيم مع بداية القرن‬ ‫الع�شرين وت�أثريه على ا�ستخدام الفنان ملفرداته الت�شكيلية» وو�ضحت‬ ‫ذلك بعمل درا�سة مقارنة بني جتربتني متوازيتني الأوىل لـ «بيكا�سو»‬ ‫والثانية لـ «ماتي�س» وك� ً‬ ‫لا منهما ا�ستعان بثقافات خمتلفة‪ ،‬ف��الأول‬ ‫ا�ستعان بالفن الأفريقى والثانى ا�ستعان بالفن الأ�سيوي‪ ،‬وقد ا�ستعانت‬ ‫بهذه ال�سمات كنموذج لتبدل املفاهيم فى فرتة معينة ب�أوروبا متتد ما‬ ‫بني العقد الأول والعقد الثانى من القرن الع�شرين وت�أثري ذلك على‬ ‫طريقة ا�ستخدام الفنان ملفرداته الت�شكيلية‪.‬‬ ‫�أما مو�ضوع ر�سالة املاج�ستري الثانية املقدمة جلامعة «ت�سوكوبا»‬ ‫فى اليابان فكانت حول «درا�سة جماليات مذهب «الزن» وت�أثريه على‬ ‫الفن املعا�صر»‪ ،‬وتقول‪« :‬اخرتت مو�ضوع هذا البحث لأن وجودى فى‬


‫يوم ًا فى حياتى لتبقى �أعماىل على جدرانهم ر�سالة‬ ‫من غريب لغريب‪� ،‬إن�سان لإن�سان تتحدى اختالف‬ ‫اللغة واختالف الثقافات‪.‬‬ ‫هل يتطور الفن ب�شكل �سريع من وجهة‬ ‫نظرك فى اليابان عن م�صر؟ وه��ل هناك‬ ‫تن�سيقات من الدولة وامل�ؤ�س�سات التى ترعى‬ ‫الفن مل�سابقات ي�شارك فيها ال�شباب؟‬ ‫الفن احلديث فى اليابان من بداية القرن حتى‬ ‫ال�ستينيات �شعرت به مماثل �أو على قدم امل�ساواة مع‬ ‫نظريه فى م�صر ولكن بالن�سبة للفن املعا�صر �أظن‬ ‫�أن ظروف اليابان االقت�صادية والثقافية التى منت‬ ‫منذ ال�سبعينيات جعلتها قادرة على االنخراط مع‬ ‫احلركات املعا�صرة فى �أمريكا و�أوروب��ا وجماراتها‬ ‫«كن ّد �إيجابي» ال ك ُم�ستق ِبل كما ظللنا نفعل فى م�صر‬ ‫طوي ًال ن�ستك�شف الغرب من خ�لال نافذة �ضيقة‪،‬‬ ‫والآن ومنذ عدة �سنوات امتدت الر�ؤية ولكن من‬ ‫خالل م�ؤ�س�سات فنية ال ترينا من الفن املعا�صر �إال‬

‫ما تختاره هى و�أظنه �أكرث رحابة‪.‬‬ ‫ف��ى ال�ي��اب��ان كافة ال ��ر�ؤى واالجت��اه��ات الفنية‬ ‫تحُ �ترم وتُقدر طاملا كانت متقنة ومنفذة عن علم‬ ‫�أو فكر �أ�صيل‪� ،‬أما فى م�صر فالفنانني اجلدد مع‬ ‫اطالعهم على بع�ض اجلوانب املعا�صرة دون غريها‬ ‫ي�صبحون مبرور الوقت متع�صبني متعالني يق�صون‬ ‫عن ال�ساحة الفنية من مل مياثلهم فى الفكر وفى‬ ‫هذا على ما �أظن بع�ض ال�ضرر‪.‬‬ ‫و�أمتنى �أن نتعمق فى درا�سة الفن القدمي منه‬ ‫واحل��دي��ث واملعا�صر فينتج ع��ن ه��ذا التعمق ر�ؤى‬ ‫�صادقة متعددة يتفاعل معها املتلقى ب�شكل �صادق‬ ‫ي�ؤثر فيها وت�ؤثر فيه‪.‬‬ ‫ هل �أعمالك و�أل��وان��ك ا�ست�شعر فيها‬‫اجلمهور ت��أث��ره��ا ب��الأ���س��ل��وب اليابانى �أم‬ ‫اختلفت عنها؟‬ ‫�إننى اهتممت بتعلم بع�ض تقنياتهم ف�أخذت‬ ‫درو�س ًا فى «النيهوجنا» وهى �أ�سلوب الت�صوير على‬

‫الطريقة اليابانية با�ستخدام الأ��ص�ب��اغ املعدنية‬ ‫الطبيعية و�أن��واع الغراء املختلفة على ورق الوا�شى‬ ‫«‪ »washi‬وال�ت��زم��ت ب�خ�ط��وات ال��ر��س��م وق��واع��د‬ ‫التقنية الأ�سا�سية ولكنى ر�سمت بالطريقة التى‬ ‫�أعرفها فكان لعملى ب�شهادة الأ�ساتذة طابع خا�ص‬ ‫خمتلف على الأقل عن بقية الزمالء اليابانيني الذين‬ ‫مار�سوا معى الر�سم فى نف�س الف�صل‪.‬‬ ‫ حدثينا عن �إق��ب��ال اجلمهور العادى‬‫واملتخ�ص�صني فى الفنون حل�ضور املعار�ض‬ ‫وزي���ارة املتاحف ف��ى ال��ي��اب��ان؟ وبالن�سبة‬ ‫للمعار�ض هل تت�شابه مع نظريها فى م�صر‬ ‫ب ��أن اجلمهور يختفى من اليوم الثانى من‬ ‫االفتتاح؟‬ ‫من �أك�ثر الأ�شياء التى بهرتنى فى اليابان هو‬ ‫�أن ال�شعب اليابانى العادى على وعى كبري بالفن‪،‬‬ ‫حيث �أجد �إقبال غري عادى فى كل مرة على زيارة‬ ‫املتاحف‪ ،‬وبالتاىل مل تكن �صدفة حينما �أرى طوابري‬ ‫كبرية �أم��ام املتاحف وامل�ع��ار���ض مليئة باجلمهور‬ ‫ب�شكل م�ستمر‪ ،‬وهذا يدل على ولع ال�شعب اليابانى‬ ‫بالفن‪ ،‬ومل يكن الإقبال على نوع معني من الفنون‬ ‫ولكن ينطبق على �أعمال الرومانى القدمي والع�صور‬ ‫الو�سطى وع�صر النه�ضة والقرن ‪ 17‬والقرن ‪18‬‬ ‫والفن احلديث واملعا�صر‪ ..‬فالإقبال واحد‪ ،‬و�أعتقد‬ ‫�أن ه��ذا حب ع��ام للفن‪ ،‬فاملتاحف �أ�سا�س لكل ما‬ ‫ق��ر�أوه فى الكتب واملعار�ض فيها ا�ستك�شاف جديد‬ ‫لر�ؤى خمتلفة للفنانني‪.‬‬ ‫ ه��ل ف��ى ق��راءت��ك ل�ل��أدب وال�شعر فى‬‫ال��ث��ق��اف��ة ال��ي��اب��ان��ي��ة ت ��أث�ير ع��ل��ى �إن��ت��اج��ك‬ ‫للأعمال الفنية؟ وهل هناك هدف فى كل‬ ‫مرة وراء هذه القراءات؟‬ ‫فى قراءاتى لأعمال الأدب وال�شعر لن �أحدد‬ ‫�أنه من خالل قراءتى لهذا املو�ضوع �أن �أنتج عم ًال‬ ‫فني ًا‪ ،‬احلكاية تراكمية‪� ،‬أعي�ش احل�ي��اة العادية‪،‬‬ ‫وممار�ستى لكل ما هو حويل‪� ،‬سوا ًء ب�أن �أذهب �إليها‬ ‫�أو ت�أتى وتظل بداخلى الأحا�سي�س وفج�أة ك ًال يجتمع‬ ‫مع بع�ضه البع�ض ويدخل فى �أعمايل‪ ،‬فال توجد نية‬ ‫مبا�شرة �أن �أبنى عمل على �شيء واح��د‪ ،‬فهذا نفى‬ ‫�أن �أقر�أ ثم �أقوم بعمل بعدها‪ ،‬لأنها حالة ي�صل فيها‬ ‫الفنان �إىل �أن��ه ي�ستح�ضر �إدراك ��ه وم�شاعره ككل‬ ‫ويح�س بحقيقة التجربة متغلغلة حني جت�سيدها فى‬ ‫�أعماله الفنية ب�شكل مبا�شر‪.‬‬ ‫‪v‬‬

‫العدد الحادي و الثالثون ‪ -‬أكتوبر ‪2012‬‬

‫‪45‬‬


‫ال�سلوك‪ ..‬ن�صطحب �أينما ذهبنا ‪ -‬عاملنا اخلا�ص‪-‬‬ ‫�صندوقنا ال�شفاف ال��ذى نطل ع�بره على الآخ��ر‪،‬‬ ‫وب��د�أت فى تطوير الفكرة حتى خرجت فى �صورة‬ ‫الأعمال املعرو�ضة‪.‬‬ ‫ثم معر�ض بعنوان «�أن تــــرى» مت عر�ضه مبتحف‬ ‫«ت�سوكوبا» للفنون اجلميلة فى فرباير ‪ ،2012‬اخرتت‬ ‫فيه موتيفة القرود الثالثة التى يعرفها اليابانيون‬ ‫جيد ًا لأبنى على �أ�سا�سها العمل‪ ،‬فمنذ قدمي الزمن‬ ‫ميكن العثور على �شكل القرد فى لوحات «ال�سومي‪-‬‬ ‫�إي»‪ ،‬وفى اليابان القرد كموتيف ا�ستخدم للتعبري‬ ‫عن حالة ذهنية بالأخ�ص حالة عدم الرتكيز الذى‬ ‫يعانى منها الذهن والقلق والتوتر والرتدد بني فكرة‬ ‫و�أخ� ��رى‪ ..‬وم��ن هنا ك��ان م�صطلح «�شني �إن» فى‬ ‫البوذية‪ ،‬كذلك فى مكان يدعى «ني ّكو» �أحد املزارات‬ ‫ال�سياحية املعروفة فى اليابان يوجد حفر خ�شبى‬ ‫على بوابة �ضريح «تو�شوغو» لثالثة قرود «قرد ي�سد‬ ‫�أذنيه وقرد يخفى عينيه وقرد ي�سد فمه» �أى الأ�شكال‬ ‫الثالثة املعروفة لنا جميع ًا بـ (ال �أ�سمع‪ ،‬ال �أرى‪ ،‬ال‬ ‫�أتكلم) مبا لها من بعد �سيا�سى ي�شري �إىل اجلبناء‬ ‫الذين ي�ؤثرون ال�سالمة فيتجنبون مواجهة الف�ساد‬ ‫با�صطناع اجل�ه��ل‪ ،‬واحلقيقة �أن موتيفة القرود‬ ‫‪v‬‬

‫‪44‬‬

‫الثالثة كان وال يزال لها معنى خمتلف فى ال�صني‬ ‫واليابان‪ .‬وبالن�سبة لل�شخ�ص اليابانى يقول‪�« :‬إن‬ ‫�أردت �أن ت�ستقيم حياتك فال ت�ستمع‪ ،‬وال تنظر‪ ،‬وال‬ ‫تتحدث �إال لف�ضائل الطاو»‪ ،‬وملا كان للطاو جمموعة‬ ‫من املبادئ �أ�س�سها فيل�سوف �صينى هو «الوت�سو»‬ ‫فيمكن القول �أن املوتيفة فى اليابان لها ُبعد �أخالقى‬ ‫�أكرث منه �سيا�سى وهى بب�ساطة دعوة لعدم التمرد‬ ‫على قواعد الطاو‪.‬‬ ‫والعمل الفنى مكون من ثالثة �أج��زاء‪ :‬اجلزء‬ ‫الأمين والأي�سر يحتوى على مقاطع من بطاقة بريدية‬ ‫قدمية بالتحديد ��ص��ورة ال�ق��رد ال��ذى ي�سد �أذنيه‬ ‫والقرد ال��ذى يغطى فمه والنباتات املحفورة على‬ ‫واجهة �ضريح «تو�شوغو» فى مواجهة العمل فيتعرف‬ ‫امل�شاهد اليابانى على املوتيفة فى احلال لأنها جزء‬ ‫من موروثه الثقايف‪ ،‬ويتوقع وجود القرد الثالث ولكنه‬ ‫يدرك �أن �شيء ما قد تغري و�أن امل�ألوف فيها مل يعد‬ ‫م�ألوف ًا‪ .‬وفى اجلزء الأو�سط ر�سمت القرد ينظر �إىل‬ ‫احل�ضور مبلء عينيه‪ ،‬ويطفو بر�أ�سه على ن�صو�ص‬ ‫مكتوبة باللغة العربية اقتطعتها عن ق�صد من رواية‬ ‫«الزينى بركات» للكاتب جمال الغيطاين‪ .‬الرواية‬ ‫حتكى عن «م�صر فى عهد املماليك» فبالت�أكيد كنت‬

‫�أفكر فى حال امل�صريني و�أح��داث البالد فى ‪2011‬‬ ‫و‪ ..2012‬وا�ستعرت موتيفة من اليابان �أر�سم بها‬ ‫حكمة �شعب �آخر قرر �أن يرى و�أن يتمرد‪..‬‬ ‫معر�ض �آخر بعنوان «فتّح خمك» وهذه جمموعة‬ ‫من الأعمال �أنتجتها عقب زلزال ‪ 11‬مار�س ‪ 2011‬فى‬ ‫اليابان وقتما حدثت كوارث تتعلق بانفجار املفاعالت‬ ‫النووية فى مدينة فوكو�شيما‪ ..‬ان�ضممت �إىل جماعة‬ ‫ج��وال��ة م��ن الفنانني �أطلقوا على جماعتهم ا�سم‬ ‫«حركة الفنانني لأجل اليابان» وذلك فور قدومهم‬ ‫�إىل مدينة «ت�سوكوبا» وفكرت فى �أن �أ�ساهم فى‬ ‫م�ساندة الأماكن املت�ضررة ولو بالر�سم‪ ،‬وميكن لأى‬ ‫�شخ�ص امل�شاركة فيها‪ ،‬كنت �أ�شعر بالقلق ي�سرى بني‬ ‫النا�س يت�شككون فى املعلومات التى يبثها الإعالم‬ ‫بخ�صو�ص ن�سبة التلوث النووى فى املاء وفى الهواء‪،‬‬ ‫حيث انعدام الثقة وغيام الر�ؤية‪ ،‬خوف العامة من‬ ‫�أن ي�ضحى بهم ال�سيا�سيون للإبقاء على منا�صبهم‬ ‫واحلفاظ على ال�سلطة‪ ،‬و�ضع لي�س بالغريب‪� ..‬أعرفه‬ ‫متام ًا فى بالدي‪ ،‬فمع �أن الأ�سباب كانت خمتلفة �إال‬ ‫�أن القلق واحد‪ ،‬وعلى �ضوء هذا وفى �إطار فعاليات‬ ‫احلركة ر�سمت جمموعة من الأعمال بعنوان «فتّح‬ ‫خمك» اقتناها بع�ض اليابانيني الذين مل ولن �أقابلهم‬


‫ففى ال�صورة الهند�سية الإ�شعاعية على �سبيل املثال‬ ‫نرى �صورة الكون فى ن�سيج مت�شابك بقوة ليعطى‬ ‫معنى وحدة الوجود فى ذروته املتمثلة باخلالق هو‬ ‫الأول والآخر فاخليوط جترى بحركة جاذبة ونابذة‬ ‫تنطلق من �أ�شكال جنمة �أولية ذات معان روحانية‬ ‫وفل�سفية فى �آن واحد �أما فى ال�صورة النباتية جترى‬ ‫ال�صيغة مكررة �أو متطورة ال نهاية لها وال بداية‪،‬‬ ‫فهى ت�سعى �إىل توحيد اخلالق فى ت�سبيح م�ستمر �أو‬ ‫فى ذكر دائم ال�سم اهلل ولهذا ف�إن «الرق�ش» عمل‬ ‫ر�صني وجاد �إىل �أبعد احلدود وعلى الرقا�ش �أن يتجه‬ ‫فى كل حوا�سه وكيانه الوجدانى �إىل اهلل �إ�ضافة �إىل‬ ‫ذلك يقوم الرق�ش الهند�سى على فكرة �سرمدية ‪-‬‬ ‫�سرمدية الن�سيج الومي�ضي‪ ،-‬و�أن اهلل �سيد الكون هو‬ ‫م�صدر هذه ال�سرمدية ويتمثل برمز �صوفى وكثري ًا‬ ‫ما ميثل هذا الت�صور على �شكل جنمة �سدا�سية �أو‬ ‫ثمانية �أو خما�سية �أو من م�ضاعفات هذه الأ�شكال‪،‬‬ ‫ويبدو من هذا �أن التجريد الأ�صيل فى الفن العربى‬ ‫الإ�سالمى خمتلف عن التجريد املعا�صر فى �شكله‬

‫كما فى م�ضمونه‪ ،‬فالتجريد فى الرق�ش العربى‬ ‫هو تعبري عما هو روح��اين‪ ،‬كما تكلم عن جمالية‬ ‫اخلط العربى وبني �أنه قد يخرج �أحيان ًا عن �أ�صوله‬ ‫وقواعده لكى ي�صبح زخرفة بحد ذاته وهى عملية‬ ‫حتوير طوعى للخط حيث تبدو الكتابة املقروءة وقد‬ ‫�أ�صبحت رق�ش ًا وقد نرى اخلط وقد �أ�صبح �صيغة‬ ‫جديدة دون �أن تكون الكتابة هى املق�صود بذاتها‬ ‫و�أمثلة ذلك تبدو على القطع الأثرية املحفوظة فى‬ ‫دور الآثار الإ�سالمية مما يجعل الرق�ش العربى يعرب‬ ‫ب�صدق عن ترابط �إن�سانى اجتماعى ففيه يتالقى‬ ‫هدف الفنان مع الإدراك احل�سى ومع املادة‪..‬‏‬ ‫امل�ؤلف‬ ‫ي �ع��د ال��دك �ت��ور «ع �ف �ي��ف ب�ه�ن���س��ي» م��ن �أ��ش�ه��ر‬ ‫املنظرين للفن العربى الإ��س�لام��ى وكتابة تاريخ‬ ‫احل�ضارة الإ�سالمية‪ ،‬وه��و من مواليد دم�شق فى‬ ‫�سوريا ‪ 1928‬وحا�صل على دكتوراه الدولة من جامعة‬ ‫باري�س ع��ام ‪ ،1964‬و�شغل منا�صب عديدة منها‪:‬‬ ‫مدير الفنون اجلميلة بوزارة الثقافة ونقيب الفنون‬

‫اجلميلة واملدير العام للآثار واملتاحف فى �سورية‬ ‫و�أ�ستاذ حما�ضر فى جامعة دم�شق و�ساهم بت�أ�سي�س‬ ‫م�ؤ�س�سات واحت��ادات ونقابات ومتاحف عديدة فى‬ ‫�سورية وال �ع��امل الإ��س�لام��ى وحا�ضر ف��ى �أك�ثر من‬ ‫ثالثني جامعة عاملية وح�صل على ثالثة ع�شر و�سام ًا‬ ‫عاملي ًا والعديد من اجلوائز‪ ،‬وكرم من قبل جهات‬ ‫حملية وعربية ودول�ي��ة‪ ،‬وجت��اوزت م�ؤلفاته باللغة‬ ‫العربية ال�سبعني كتاب ًا وجملد ًا ب��د�أ رحلة ن�شرها‬ ‫العام ‪ 1960‬وال ت��زال م�ستمرة حتى الآن �إ�ضافة‬ ‫�إىل �أربع وع�شرين كتاب ًا ب�أكرث من لغة �أجنبية منها‪:‬‬ ‫الفرن�سية والإجنليزية والأملانية والإ�سبانية‪ ،‬وجميع‬ ‫هذه امل�ؤلفات تدور حول الفنون الت�شكيلية والعمارة‬ ‫والآث��ار فى �سورية وال��وط��ن العربى وال�ع��امل خالل‬ ‫مراحلها التاريخية املختلفة منها‪ :‬الفن عرب التاريخ‪،‬‬ ‫ق�ضايا الفن‪� ،‬أثر العرب فى الفن احلديث‪ ،‬الأ�س�س‬ ‫النظرية للفن العربى واال�ست�شراق‪ ،‬العمارة العربية‪،‬‬ ‫معجم العمارة والفن‪ ،‬علم اجلمال عند �أبى حيان‬ ‫التوحيدي‪ ،‬الفن والثورة‪ ...‬وغريها‪.‬‬

‫‪v‬‬

‫العدد الحادي و الثالثون ‪ -‬أكتوبر ‪2012‬‬

‫‪47‬‬


‫الدكتور عفيف بهنسى‬ ‫عرض كتاب‬

‫وجمالية الفن العربى‬ ‫لي�س ثمة �شك �أن الفنون هى املهارات التى يبدعها الإن�سا ‏ن ويتو�سل‬ ‫بها �إىل التجديد والرتقيق والتنمية للملكات والطاقات الإن�ساني ‏ة لت�صبح‬ ‫احلياة �أكرث جما ًال‪ ،‬عندما تتفتح قنوات االت�صال بني النف�س الإن�سانية‬ ‫وبني �آيات اجلمال التى خلقها اهلل وبثها فى هذا الوجود‪..‬‬ ‫وفى كتابه (جمالية الفن العربي) يرى الدكتور «عفيف بهن�سي»‬ ‫�أن الوظيفة الأ�سا�سية للفن هى الداللة الفكرية �أو الأدب�ي��ة‪ ،‬وبهذا‬ ‫املعنى ي�صبح الفن لغة ت�شكيلية لأفكار عامة‪ ،‬ولكن الفن العربى يبدو‬ ‫على النقي�ض متحرر ًا من ه��ذه الوظيفة م�ستق ًال ب��ذات��ه‪ ،‬و�أن الفن‬ ‫الذى �أفرزته الأمة العربية عرب تاريخها هو فن عربى ذو �صفة قومية‬ ‫ح�ضارية م�ستقلة حتدد �أ�صوله الأوىل وتو�ضح امتداداته وت�أثرياته‪ ،‬كما‬ ‫تو�ضح التداخالت والت�أثريات احل�ضارية الأخرى التى متثلها واندجمت‬ ‫فى �شخ�صيته‪.‬‬ ‫ويرى الدكتور «عفيف» �أن كلمة عربى هى النعت‬ ‫الأف�ضل لتحديد �صفة ه��ذا الفن القومية ويق�صد‬ ‫بهذا ربطه بح�ضارة عريقة ما زلنا نكت�شف �أبعادها‬ ‫فى �أعماق التاريخ على حد تعبريه‪ ،‬وه��ذه احل�ضارة‬ ‫ذات �شخ�صية موحدة بلغتها وجغرافيتها وميكن نعتها‬ ‫كما يقول الدكتور «بهن�سي» با�سم «العربية» ن�سبة‬ ‫�إىل «عربي» وهى تعنى باللهجات القدمية الأكادية‬ ‫والعمورية «�ساكن البادية»‪.‬‬ ‫كما �أ�شار �إىل �أن الفن الت�شكيلى فى الغرب لي�س‬ ‫ال�صورة الوحيدة امل�شروعة للفن ولي�س هو مقيا�س‬ ‫الفنون كلها ولي�س هو الفن العاملى و�أن انت�شاره �إمنا مت‬ ‫تبع ًا النت�شار النفوذ الغربى �أو انت�شار �أ�ساليب التعليم‬ ‫الغربية‪.‬‬ ‫و�أكد �أن الفن العربى الإ�سالمى لي�س فن ًا متخلف ًا عن مفهوم الفن‬ ‫الت�شكيلى و�أن الإ�سالم مل مينع الفن �أو يحرمه كما �شاع فى �أو�ساط‬ ‫بع�ض اجلامدين من �أبناء هذا الدين ولكنه حافظ على ال�شخ�صية‬ ‫الفنية القومية‪.‬‬ ‫فن الت�صوير العربي‬ ‫يرى الدكتور بهن�سى �إن قوانني الوجود املادى للأ�شياء التى يحكمها‬ ‫فى الغرب املنظور وعلوم �أخ��رى يقابلها ل��دى العرب قوانني روحية‬ ‫يحكمها مفهوم الوجود الأزىل «اهلل» ومفهوم فناء الأ�شياء وعالقتها‬ ‫بالوجود الأزيل‪ ،‬ويقول‪ :‬فى الفن �إذا جاز لنا �أن نتحدث عن �أ�شعة‬ ‫�إ�سقاط ف�إننا فى الفن العربى على العك�س نرى نقاط �إ�شعاع تنت�شر فى‬ ‫�أنحاء اللوحة كلها‪ ..‬فك�أمنا الأ�شياء ذاتها هى م�صدر الر�ؤية»‪.‬‬

‫‪v‬‬

‫‪46‬‬

‫حممد �سيد بركة‬

‫ويبني �أن الت�صوير العربى مهما كان نوعه ومن �أى ع�صر كان مل‬ ‫يعتمد فى ت�أليفه على �أى عن�صر من عنا�صر املنظور اخلطى فال وجود‬ ‫خلط �أفق معني وال حتديد لزاوية ر�ؤية‪ ،‬كما ال حمل لنقطة هروب بل �إن‬ ‫كل عن�صر من عنا�صر �صورة ما يقع على خط �أفق خا�ص‪ ،‬ومع �أن الفن‬ ‫العربى فى بدايته ت�أثر بالفنون القائمة قبل الإ�سالم واملت�أثرة بالتعاليم‬ ‫الإغريقية التى متجد املحاكاة وت�ؤكد �أهمية القانون العلمى فى العمل‬ ‫الفنى ف�إن الفنان العربى ا�ستمر بعد الإ�سالم حمتفظ ًا بطابعه الروحى‬ ‫القدمي منذ بداية ظهور الفن العربى فى الألف الثالث قبل امليالد وقد‬ ‫جتلى هذا بطابع ر�سم الأ�شخا�ص والأ�شكال وفق منظور خا�ص �أطلق‬ ‫عليه ا�سم املنظور الروحي‪.‬‬ ‫ويخو�ض الدكتور «عفيف بهن�سي» فى كتابه فى مفهوم اجلمالية‬ ‫العربية وفى مراحل تكوينها مو�ضح ًا �أهمية املرحلة التلقائية فى تكوين‬ ‫جمالية ال�صورة و�صو ًال �إىل بدايات تكون الثقافة‬ ‫الفنية التى خ�ضعت لت�أثري التيارات الفنية واحلداثة‬ ‫العاملية رج��وع� ًا �إىل الأ��ص��ال��ة ف��ى حم��اوالت ج��ادة‬ ‫�سبقها اال�ست�شراق الفنى وم�ؤثراته التعليمية‪.‬‬ ‫هذا ويق�سم «بهن�سي» كتابه �إىل ف�صول ع�شرة‬ ‫ف�ص ًال يت�ضمن مو�ضوعات على غاية من الأهمية‬ ‫ف��ى جم��ال جمالية الفن العربى وامل�لام��ح الأوىل‬ ‫لفن الت�صوير العربى والنحت وكذلك تكون العمارة‬ ‫العربية و�أ�س�سها اجلمالية بطريقة فكرية غنية‬ ‫بال�شواهد والأفكار الفل�سفية التى ت�ضيء للمهتمني‬ ‫واملخت�صني على ال�سواء طريق ًا �أو جانب ًا مهم ًا فى‬ ‫عملية فهم الفن كعملية �إبداعية تخت�ص مبحور هام‬ ‫فيما ينتجه الب�شر من منتجات روحية تربجمها �أدواتهم املادية على‬ ‫�شكل �صياغة جمالية من جماليات احلياة الإن�سانية‪..‬‬ ‫الرق�ش فن العرب الأول‬ ‫وم��ن تلك املو�ضوعات التى يحتويها الكتاب نقر�أ عن «الرق�ش‬ ‫العربي» «الأراب�ي���س��ك» �أو «ال��زخ��رف��ة» مبين ًا �أن فن الرق�ش العربى‬ ‫انت�شر حممو ًال على جدران العمارة وعلى �صفحات املخطوطات وعلى‬ ‫�سطوح الأوانى املنقولة‪ ،‬وهو فن �إبداعى حم�صور بال�شكلني الهند�سى‬ ‫والنباتي‪ ،‬فهو هند�سى عندما تبدو ال�صورة على �شكل �أ�شعة ت�صدر‬ ‫عن مركز حمدد‪ ،‬على �شكل ومي�ض متناوب‪ ،‬وي�سمى فى هذه احلالة‬ ‫«الرق�ش اخليط» �أو تكون م�ستوحاة من الأزهار والأوراق على �شكل �صيغ‬ ‫متنا�سخة مكررة ب�صورة �أفقية وي�سمى هذا «الرق�ش الزمى �أو النباتي»‬ ‫وهذا الرق�ش عادة ما تكون فى �شكله خلفية روحية تقوم على الوجد‬


‫وغادر �إ�سماعيل «م�ست�شفى املجانني» بعد ع�شرة‬ ‫�أي ��ام‪ ،‬و�إن ظ��ل يعي�ش حمنته م��ع امللك بينه وبني‬ ‫نف�سه‪ ،‬وال يجر�ؤ �أن يذكرها �أمام �أحد‪ ،‬ملا انطوت‬ ‫عليه من ذكريات �أليمة‪ ،‬وخ�شية معاودة التنكيل به‪،‬‬ ‫وظل الأم��ر على هذا النحو حتى ا�ستيقظت م�صر‬ ‫على ما حدث فى ‪23‬يوليو‪.1952‬‬ ‫تلقى «� ُ��س�م�ع��ة» �أن �ب��اء حت��رك اجلي�ش بفرحة‬ ‫غامرة‪ ،‬غري �أن��ه �شعر �أي�ض ًا ب��أن القدر قد انتقم‬ ‫له‪ ،‬وفكر فى طريقة ي�شارك بها اجلي�ش وال�شعب‬ ‫الفرحة‪.‬‬ ‫وكان قد انتهى للتو من ت�صوير فيلم «الل�ص‬ ‫ال�شريف» الذى �شاركته البطولة فيه «�شادية» و»لوال‬ ‫�صدقي» فاتفق مع املخرج «ح�م��ادة عبدالوهاب»‬ ‫وكاتب ال�سيناريو «على الزرقاين» على �إرجاء عر�ض‬ ‫الفيلم و�إ�ضافة م�شهد يقدم فيه مونولوج ًا يعرب عن‬ ‫�إع�لان م�ساندته للجي�ش وفرحة ال�شعب بالثورة‪،‬‬ ‫و�ص ّور مونولوج «ع�شرين مليون وزيادة» وهو يغنى فى‬ ‫ال�شارع بني النا�س تعبري ًا عن فرحة ال�شعب بالثورة‪.‬‬ ‫يكتف ب��ذل��ك‪ ،‬فبعد‬ ‫غ�ير �أن «�إ��س�م��اع�ي��ل» مل ِ‬ ‫حواىل �شهر قدم «ا�سكت�ش الثورة» مب�شاركة الفنانة‬ ‫«�شادية» فى فيلم «حظك هذا الأ�سبوع» الذى كان‬ ‫من بني جمموعة �أفالم قدمها «يا�سني» خالل عام‬ ‫‪ ،1953‬وبعد �أن كان ي�شارك فى بداياته ب�أداء الدور‬ ‫الثانى �أو ال�سنيد �سرعان ما �أ�صبح «يا�سني» بعد‬ ‫الثورة النجم الأول والأغلى‪ ،‬وقدّم فى العام التاىل‬ ‫للثورة ‪ 17‬فيلم ًا وزادت جنوميته عام ‪ 1954‬ليقدّم‬ ‫‪ 18‬فيلم ًا جميعها بطوالت مطلقة!‪ ،‬وفى هذا العام‬ ‫ن�ش�أت ظاهرة «�إ�سماعيل يا�سني فى ‪ »...‬عندما �أطلق‬ ‫املخرج «يو�سف معلوف» ا�ستغال ًال لرواج الفنان ا�سم‬ ‫«مغامرات �إ�سماعيل ي�س» على �أحد �أفالمه بالرغم‬ ‫من �أن بطولة الفيلم كانت لـ «كمال ال�شناوي» «فتى‬ ‫ال�شا�شة الأول» (وفق ما كان يطلق عليه �آن��ذاك)‪،‬‬ ‫ورغ ��م �أن ��ه ك��ان ي�ق��دم ب �ط��والت مطلقة فلم يجد‬ ‫«ال�شناوي» كما مل جتد «�شادية» دلوعة ال�سينما‬ ‫امل�صرية وبطلة الفيلم غ�ضا�ضة فى �أن يت�صدر ا�سم‬ ‫«�إ�سماعيل» «الأفي�ش»‪ ،‬ولفت ذلك �أنظار املنتجني‬ ‫واملخرجني فقدم «ح�سن ال�صيفي» فى العام نف�سه‬ ‫فيلم «عفريتة �إ�سماعيل ي�س» وت��وال��ت بعد ذلك‬ ‫�سل�سلة �أفالم «�إ�سماعيل يا�سني فى ‪.»...‬‬ ‫وف��ى ع��ام ‪ 1955‬وف��ى ف ��ورة احل�م��ا��س��ة �شعر‬ ‫«يا�سني» بوجوب امل�شاركة فى تعزيز الإجنازات التى‬ ‫حققتها الثورة فف ّكر فى تقدمي فيلم عن اجلي�ش‪..‬‬

‫‪v‬‬

‫العدد الحادي و الثالثون ‪ -‬أكتوبر ‪2012‬‬

‫‪49‬‬


‫السينما العالمية‬

‫والطريق إلى سينما أكتوبر‬

‫د‪ .‬حممد فتحي‬

‫فى عام ‪ُ 1950‬دعى «�إ�سماعيل يا�سني» لإلقاء بع�ض مونولوجاته فى حفل خريى ل�صالح جمعية‬ ‫«مربة حممد علي» فى «ملهى الأوبرج»‪ ،‬يومها �أوعز «امللك فاروق» �إىل �أحد رجاله بدعوة «�إ�سماعيل»‬ ‫�إىل اال�سرتاحة امللكية للت�سرية عنهم‪ ..‬وبادر امللك «�إ�سماعيل» وهو يقف بني يديه متوتر ًا‪ :‬اّ‬ ‫«يل يا‬ ‫�إ�سماعيل �سم ّعنا نكتة جديدة»‪ ،‬ومن فرط االرتباك بد�أ «�إ�سماعيل» النكتة قائ ًال‪« :‬مرة واحد جمنون‬ ‫زى جاللتك كده»! ف�صرخ امللك غا�ضب ًا‪�« :‬إنت بتقول �إيه يا جمنون؟!»‪� ..‬أدرك «�إ�سماعيل» املوقف فما‬ ‫كان منه �إال �أن �سقط متظاهر ًا بالإغماء‪ ،‬وغادر امللك غا�ضب ًا ملتابعة بقية احلفل‪ ،‬و�إن ظل بع�ض احلر�س‬ ‫حول «�إ�سماعيل» انتظار ًا لتنفيذ عقاب امللك‪ ،‬وعمل «يو�سف ر�شاد» ‪ -‬طبيب امللك اخلا�ص‪ -‬على تدارك‬ ‫املوقف قائ ًال‪�« :‬إن �إ�سماعيل مري�ض‪ ..‬ت�صيبه حاالت من �ضعف الذاكرة وفقد الإدراك‪ ..‬وهو فى حاجة‬ ‫لأن يق�ضى فرتة حتت الرقابة الطبية ملعاجلة هذه احلالة»‪ ،‬ف�أمر امللك ب�إيداعه «م�ست�شفى الأمرا�ض‬ ‫الع�صبية والنف�سية»‪ ،‬و�صدرت ال�صحف فى اليوم التاىل م�شيدة بالعطف امللكى الكرمي على «يا�سني»‬ ‫الذى عاوده مر�ض ال�صرع �أثناء احلفل اخلريى ف�أمر امللك بعالجه على نفقته اخلا�صة‪.‬‬ ‫‪v‬‬

‫‪48‬‬


‫فى م�صلحة املجارى فى �إ�شارة وا�ضحة للمواطن‬ ‫امل�صرى الذى يحلم بالعبور من الوحل العفن �إىل‬ ‫‪ ،...‬ونرى فى «الر�صا�صة ال تزال فى جيبي» حيث‬ ‫ينتقد �سيا�سات القهر التى جت�سدت فى اغت�صاب‬ ‫من اغت�صبوا ال�سلطة بطلة الفيلم ‪ -‬رمز الوطن‬ ‫�أو ال�شعب‪ -‬التى تظل فى انتظار عودة احلبيب من‬ ‫اجلبهة ليعيد لها حريتها وكرامتها‪ ،‬وال يخيب البطل‬ ‫ظنها‪ ،‬فهو مازال يحتفظ بر�صا�صة فى جيبه بعد �أن‬ ‫حقق الن�صر �ضد العدو اخلارجى‪.‬‬ ‫ورغ� � ��م م ��وج ��ة م �� �س �ل �� �س�لات اجل��ا� �س��و� �س �ي��ة‬

‫واال��س�ت�خ�ب��ارات م��ن «ر�أف ��ت ال�ه�ج��ان» و»دم ��وع فى‬ ‫عيون وقحة» �إىل «عابد كرمان» و»ال�صفعة» مرور ًا‬ ‫ب�أفالم «ال�صعود �إىل الهاوية» و»الطريق �إىل �إيالت»‬ ‫و‪ ...‬التى حاولت �أن ت�صور اجلهد والعلم و‪ ...‬الذى‬ ‫اعتمدت احلرب عليه‪.‬‬ ‫ورغ��م حم ��اوالت متقدمة مثل �أف�ل�ام «توفيق‬ ‫�صالح» و»�صالح �أبو �سيف» (املتمردون واملخدوعون‬ ‫والقاهرة ‪ )...68‬وجيل ال�سينما اجلديدة ونخ�ص‬ ‫بالذكر من نتاجه فيلم «على عبداخلالق» «�أغنية‬ ‫على املمر» الأقرب �إىل �أفالم احلرب العاملية الثانية‬

‫التى ال تركز على العمليات الع�سكريه بقدر ما تركز‬ ‫على امل�شاعر الإن�سانية‪ ،‬وفيلم «عاطف الطيب»‬ ‫«�سواق الأوتوبي�س» حيث نرى احلال ال�صعب الذى‬ ‫بات يعي�شها �أبطال احلرب بعد �سنوات من الن�صر‬ ‫ال��ذى �سرقه املنتفعون واالنفتاحيون والفا�سدون‪.‬‬ ‫ومن قبل هذه الأف�لام ومن بعدها الرباعية التى‬ ‫ع��ال��ج فيها «ي��و��س��ف ��ش��اه�ين» ال�ه��زمي��ة وانطلقت‬ ‫بفيلم «الأر�ض» الذى جاء ت�أثري دعوته �إىل التم�سك‬ ‫بالأر�ض ‪ -‬بعد الهزمية‪ -‬مهو ًال‪ ،‬فحاول فى رباعيته‬ ‫ب�ع��د الإط �ل�ال ع�ل��ى ج ��ذور ال �� �ص��راع االجتماعى‬

‫العدد الحادي و الثالثون ‪ -‬أكتوبر ‪2012‬‬

‫‪v‬‬

‫‪51‬‬


‫كتب «عبداملنعم ال�سباعي» ق�صة و�سيناريو وحوار‬ ‫فيلم «�إ�سماعيل يا�سني فى اجلي�ش» و�أخرجه «فطني‬ ‫عبدالوهاب» وهما فى الأ�صل من �ضباط اجلي�ش‬ ‫امل���ص��ري‪ ،‬ووج��ه «�إ�سماعيل يا�سني» ال��دع��وة �إىل‬ ‫«عبدالنا�صر» الذى ح�ضر العر�ض الأول للفيلم فى‬ ‫رفقة �أع�ضاء جمل�س قيادة الثورة و�ضحك «نا�صر»‬ ‫كثري ًا‪ ..‬ومما يقال �أن «يا�سني» قدم �سل�سلة �أفالمه‬ ‫ال�شهرية ع��ن �أ�سلحة اجلي�ش امل�صرى بتعليمات‬ ‫مبا�شرة من «نا�صر» الذى �شعر �أن النا�س �ستحب‬ ‫اجلي�ش وت�ت�ط��وع فيه ع�بر ف�ن��ان خفيف ال�ظ��ل له‬ ‫‪v‬‬

‫‪50‬‬

‫جنومية «يا�سني»‪.‬‬ ‫وذات م�ساء �أقيم حفل فى «حديقة الأندل�س»‬ ‫قدم خالله «يا�سني» منولوجاته �أمام جمل�س قيادة‬ ‫الثورة ولقى مونولوج «ع�شرين مليون وزيادة» جناح ًا‬ ‫كبري ًا‪ ،‬فاقرتب منه «�أبو ال�سعود الإبياري» مبادر ًا‪:‬‬ ‫«عندك كل ال�شعبية دى و��س��اك��ت؟!» ف��رد يا�سني‪:‬‬ ‫« م�ش فاهم! يعنى �أعمل �إيه؟! ما �أنا ب�أغنى �أهو»‪،‬‬ ‫فقال له «�أب��و ال�سعود»‪« :‬لقد بات لك ا�سم ًا كبري ًا‬ ‫وعيب �أال يكون فى م�صر غري م�سرح كوميدى واحد‬ ‫ا�سمه «م�سرح الريحاين» ليه ما يكون�ش عندك فرقة‬

‫م�سرحية؟!»‪ ،‬واختمر امل�شروع مع ظ��روف املناخ‬ ‫الثقافى واالجتماعى ال�سائد وا�ستطاع «وجيه �أباظة»‬ ‫ �أحد ال�ضباط الأحرار‪ -‬تذليل امل�شكلة التى تقف‬‫فى طريق الفرقة ب�إقناع «�سوىل بيانكو» �صاحب دار‬ ‫«�سينما ميامي» بتحويلها �إىل م�سرح‏‪،‬‏ وهكذا قدم‬ ‫«�إ�سماعيل يا�سني» م�ساهمته فى امل�سرح الكوميدى‬ ‫امل�صرى عرب فرقته التى ظلت تعمل على مدى ‪12‬‬ ‫عام ًا (حتى عام ‪ )1966‬قدمت خاللها ما يزيد على‬ ‫خم�سني م�سرحية‪ ،‬ان�شغلت نخبة كبار النجوم فى‬ ‫تقدميها!‬ ‫وميكن �أن ن�صل من هذا املدخل الطويل الدال‬ ‫�إىل �صلب مو�ضوع معاجلتنا عن �سينما وفن حرب‬ ‫�أكتوبر عرب بديهيات من قبيل �أن احلرب مو�ضوع‬ ‫�سينمائى بامتياز‪ ،‬فهى تنطوى على جرعة عالية‬ ‫من الدراما وال�صراع اللذين تتنامى قيمتهما مع‬ ‫امل�شهدية �أو التج�سيد الب�صرى الذى تتمتع به‪ ،‬لهذا‬ ‫كانت احلرب مو�ضوع ًا �أث�ير ًا لل�سينما منذ ت�شكلها‬ ‫على النحو الذى نعرفه اليوم فى �إبداع «ديفيد وورك‬ ‫جريفيث» فيلم «التع�صب» وفيلم «مولد �أم��ة» وفى‬ ‫�إب��داع «�سريجى �إيزن�شتني» «امل��درع��ة بوتيومكن»‪،‬‬ ‫ومنذ ذل��ك احل�ين �صارت احل��رب تيمة �سينمائية‬ ‫�أ�سا�سية‪ ،‬وق��د بلغ جت�سيد ال�سينما للحرب ذرى‬ ‫عالية مع احلرب العاملية الثانية وحرب فيتنام حيث‬ ‫مل ترتك ال�سينما العاملية �شاردة �أو واردة دون �أن‬ ‫حتللها وتناق�شها بتقنية عالية ووعى خمرتق‪...‬‬ ‫لكن ال�سينما العربية مل تقدم حتى اليوم ما‬ ‫يتنا�سب مع قيمة حرب �أكتوبر‪� ..‬إذ يبدو �أن هناك‬ ‫من �أراد �أن تكون حروبنا ب�إجنازاتها وما ينبغى �أن‬ ‫يرتتب عليها ‪ -‬مبا فى ذلك من �ضرورات مثل تعمري‬ ‫�سيناء‪ -‬حروب ًا مع وقف التنفيذ بتهمي�ش تناولها‬ ‫طمع ًا فى تكري�س تخلف الأمة وتفتيتها وتر�سيبها فى‬ ‫قاع املنطقة‪.‬‬ ‫ذل��ك �أن ��ه رغ��م درر فنية ج�سدتها الأف�ل�ام‬ ‫الت�سجيلية الوثائقية عن حرب �أكتوبر مثل‪« :‬جيو�ش‬ ‫ال�شم�س» رائ �ع��ة «� �ش��ادى عبدال�سالم» و»ج��ري��دة‬ ‫ال �� �ص �ب��اح» ل�ل�م�خ��رج «ع��اط��ف ال �ط �ي��ب» و»��ص��ائ��د‬ ‫ال��دب��اب��ات» للمخرج «خ�يرى ب���ش��ارة» ال��ذى اختار‬ ‫املجند «عبدالعاطي» لكتابة تاريخ احلرب من خالله‬ ‫كفرد ب�سيط من ال�شعب‪...‬‬ ‫ورغم انطواء بع�ض الروائيات على رمز نافذ مل‬ ‫يخل من نقد �إجتماعى قا�سى كما نرى فى «بدور»‬ ‫الذى ي�سعى بطله املتعلم للتخل�ص من عمله كغطا�س‬


‫�إن كثري ًا من املثقفني الكبار �أهملوا حرب‬ ‫�أكتوبر نكاية فى �شخ�ص �أن��ور ال�سادات الذى كان‬ ‫ي��رى �أن�ه��م دائ�م��ى الهجوم عليه‪ ،‬فبادلهم ذراي��ة‬ ‫بذراية‪.‬‬ ‫�إن ه��ذه النوعية من الأف�لام ال جم��ال لها فى‬ ‫مرحلة الهوان القومي‪ ،‬لأنها ت�ستدعى م�شروع ًا مل‬ ‫يعد موجود ًا‪ ،‬ولأن املواطن العربى املطلوب �صياغة‬ ‫نظرته ه��و امل��واط��ن ال�سلبى جت��اه ق�ضايا الوطن‬ ‫والأمة‪.‬‬ ‫وعلى النحو ال�سابق ف�إن هناك �أ�سباب كثرية‬ ‫للعجز ال�سينمائى عن جت�سيد جوهر حرب �أكتوبر‬ ‫جت�سيد ًا حقيقي ًا‪ ..‬لكن ال�سبب املحورى اجلوهرى‬ ‫هو �أنه بات هناك تناق�ض بني من �أرادوا التعتيم على‬ ‫ن�صر �أكتوبر للإبقاء على تخلفنا‪ ،‬والق�ضية املحورية‬ ‫التى جرت حروبنا فى �إطارها‪ ،‬وهى ق�ضية تنمية‬ ‫ونه�ضة جمتمعنا حتى ن�ساهم فى عمارة دنيانا‬ ‫م�ساهمة حقيقية‪.‬‬ ‫ولي�سمح ىل ال �ق��ارئ حتى �أو� �ض��ح الأم ��ر ب��أن‬ ‫�أعود �إىل رف�ض �صندوق النقد الدوىل لتمويل ال�سد‬

‫العايل‪ ..‬لقد كانت الق�ضية هى بحثنا عن النه�ضة‬ ‫التى ي�ستحيل �أن تقوم �إال على التنمية‪ ،‬وكان ال�سد‬ ‫العاىل م�صدر املياه والكهرباء التى نحتاجها فى‬ ‫حينه للنمو ال��زراع��ى وال�صناعي‪ ،‬ومل يكن ذلك‬ ‫ير�ضى من يريدون الإبقاء على تخلفنا وتر�سيبنا فى‬ ‫قاع املنطقة‪ ..‬ولهذا مل يكتفوا ب�سحب متويل ال�سد‬ ‫العاىل والقول ب�أنه يفر�ض على ال�شعب امل�صرى‬ ‫تقدمي ت�ضحيات كبرية ملا يقرب من ‪� 12‬سنة‪ ،‬ومل‬ ‫يكتفوا بحرب ‪ ،1956‬ب��ل بيتوا هدفهم‪ ،‬ومل��ا �شد‬ ‫ال�شعب الأحزمة على البطون وبنى ال�سد وبات ي�ستعد‬ ‫جلنى ثمار جهده والتغلب على تخلفه‪ ،‬خططوا‬ ‫لتوجيه �ضربة قاتلة �إليه عام ‪ 1967‬حلرمانه من‬ ‫حتقيق حلمه فى التنمية والنه�ضة‪« :‬م�صانع كربى‪،‬‬ ‫مزارع خ�صراء‪ ،‬متاثيل رخام على الرتعة و�أوبرا»‪..‬‬ ‫�إن ه��ذا ه��و امل�غ��زى الكلى للحروب التى خا�ضها‬ ‫ويخو�ضها �شعبنا‪ ..‬وهذا ما يدفع �إىل �أن ن�أمل اليوم‬ ‫وبعد ثورة ‪25‬يناير من �أن ن�شد اخلطى على طريق‬ ‫التقدم والتنمية والنه�ضة وتعمري �سيناء من جديد‬ ‫حتى نكون فى الطريق �إىل �سينما �أكتوبر احلقيقية‪..‬‬

‫ال�سينما التى تعالج معركتنا حتى فى جزئياتها‬ ‫ومظاهرها ال�سلبية‪ ،‬فى �إط��ار ر�ؤي��ة كلية �صحيحة‬ ‫حترتم عقل النا�س وتنمى وعيهم ووجدانهم‪ ..‬ر�ؤية‬ ‫جدلية تخا�صم التجارة وال�سذاجة وال نقول تنفيذ‬ ‫خمططات تكري�س تفتيت الأم��ة وتر�سيبها فى قاع‬ ‫املنطقة‪.‬‬ ‫بقيت �إ�شارة �إىل �أن ما هدفنا �إليه من مدخلنا‬ ‫هو �أن يكون «�إ�سماعيل يا�سني» مثا ًال لهدر الإمكانية‬ ‫حيث جند �أنف�سنا فى نهاية املطاف �أمام �إمكانات‬ ‫عبقرية ت�ستنزف فى �أع�م��ال �أق��رب �إىل التهريج‬ ‫وال�سذاجة‪ ،‬بينما ك��ان مبقدور «يا�سني» ومبقدور‬ ‫الإمكانات الوفاء مبا هو �أكرث قيمة وعمق ًا ‪ -‬ولنا فى‬ ‫«�شارىل �شابلن» �أ�سوة ح�سنة‪ -‬لو وجدت الظروف‬ ‫التى توظف قدراته الهائلة التى تعززت باحل�ضور‬ ‫والقبول والكاريزما الطاغية وذل��ك فى م�ضامني‬ ‫وق�ي��م �إن�سانية رفيعة امل�ستوى مب��ا ف��ى ذل��ك عن‬ ‫احل��رب واجلي�ش‪ ،‬ولعل «�إن�سان غلبان» (‪)1954‬‬ ‫امل�أخوذ عن «�أ�ضواء املدينة» لـ «�شارىل �شابلن» الذى‬ ‫�أخرجه «حلمى رفلة» دليل على ذلك‪.‬‬

‫العدد الحادي و الثالثون ‪ -‬أكتوبر ‪2012‬‬

‫‪v‬‬

‫‪53‬‬


‫للهزمية (الأر���ض) التطرق �إىل ازدواجية املثقف‬ ‫العربى وانف�صامه (االختيار) و�إىل الف�ساد كواحد‬ ‫من م�سببات الهزمية (الع�صفور) مع الإ�شارة �إىل‬ ‫ال�صراط املت�أرجح بني االنهيار والأمل فى م�ستقبل‬ ‫جديد (عودة االبن ال�ضال)‪.‬‬ ‫رغم كل ما �سبق وقفت ال�سينما العربية عاجزة‬ ‫عن التعبري عن القيمة الكاملة ملا حدث فى �أكتوبر‬ ‫لأن �أغلب الأف�لام ‪ -‬بعيد ًا عن اال�ستثناءات التى‬ ‫�أ�شرنا �إىل بع�ضها‪ -‬تراوحت بني ق�ص�ص درامية‬ ‫عادية تظهر فيها احلرب ك�ضيف �شرف لن يحدث‬ ‫فرق ًا م��ؤث��ر ًا �إذا �شوهدت ب��دون الأج��زاء اخلا�صة‬ ‫بها‪� ،‬إذ وجد منتجوها �أنه ال مانع من ح�شر م�شاهد‬ ‫احل��رب (على طريقة �إ�سماعيل يا�سني) لإ�ضفاء‬ ‫بع�ض القيمة وال ��رواج عليها‪ ،‬وب�ين �أع�م��ال تقدم‬ ‫�صورة �ساذجة بلهاء غري وا�ضعة فى االعتبار احرتام‬ ‫عقول النا�س ووعيهم ك�أن تقوم «جنمة اجلماهري»‬ ‫باخرتاق وحدات جي�ش الدفاع الإ�سرائيلى وت�صوير‬ ‫بع�ض الوثائق وامل�ستندات ب�شكل �ساذج ومبالغ فيه‪،‬‬ ‫وك��أمن��ا قررنا �أن نق�صر انت�صارنا على الدراما‬ ‫‪v‬‬

‫‪52‬‬

‫وحدها‪ .‬لقد ظلت درامتنا على عهدها وعلى طريقة‬ ‫«ر�أف��ت الهجان» ال ت�صور �أى �صراع حقيقى فهى‬ ‫لي�ست �إال �ضربات متالحقة من اجلانب امل�صرى‬ ‫الأذكى والأقوى والأ�شجع دائم ًا فى مواجهة خ�صم‬ ‫خانع وم�ست�سلم وال ميلك �أن يفعل �أى �شيء �إزاء‬ ‫خ�سائره �سوى البكاء وال�ع��وي��ل‪ ،‬وه��ذا هواملنطق‬ ‫الالدرامى ال��ردىء الذى يف�سد الفن وي�ضعف من‬ ‫قيمة االنت�صار وي�صيب العمل فى مقتل ويحيله‬ ‫دائم ًا �إىل من�شورات م�ضللة‪.‬‬ ‫ورغ ��م وج��اه��ة م��ا ي�ساق م��ن �أ� �س �ب��اب للعجز‬ ‫ال�سينمائى عن جت�سيد جوهر حرب �أكتوبر جت�سيد ًا‬ ‫حقيقي ًا مثل‪:‬‬ ‫�أن معظم الأف�لام التى مت �إنتاجها بعد يونيو‬ ‫‪ 1967‬كانت ت�ستهدف ب�شكل �أ�سا�سى تغييب وعى‬ ‫ال�شعب لعله ين�سى ما حدث‪ ،‬وال يغاىل فى املطالبة‬ ‫بحرب ال�ستعادة الأر�ض‪.‬‬ ‫�أن ال�ف�ترة التى �أعقبت ح��رب �أكتوبر حفلت‬ ‫بطوفان من الأف�لام التافهة التى ال يقل ت�أثريها‬ ‫الغيبوبى عن ت�آثري الأف�لام التى �أعقبت النك�سة‪،‬‬

‫والهدف هذه املرة هو تغييب وعى ال�شعب فال يطالب‬ ‫بح�صاد نتائج احلرب‪ ،‬وملا كان من «ال�ضروري» �أن‬ ‫تتطرق ال�سينما �إىل جت�سيد الن�صر‪ ،‬فقد مت ذلك‬ ‫ب�شكل دعائى فج فى الأغلب الأع��م‪ ،‬وذلك ناهيك‬ ‫عن ال�صراع بني النا�صريني وال�ساداتيني الذين‬ ‫ن�سب كل منهم الف�ضل فى االنت�صار �إىل زعيمه‪،‬‬ ‫فر�أى البع�ض �أن ال�سادات مل يفعل �شيئ ًا �سوى تنفيذ‬ ‫ما �سبق وخطط له عبدالنا�صر و�أن��ه مل يكن �سوى‬ ‫�سارق الفرح‪ ،‬ور�أى البع�ض الآخر �أن البطل الأوحد‬ ‫للن�صر هو ال�سادات‪...‬‬ ‫�أن ال�سينما وج��دت نف�سها �أم��ام م��أزق مزدوج‬ ‫�أبعدها عن تناول �صحيح حلرب �أكتوبر‪ ،‬متثل فى‬ ‫االنفتاح االقت�صادى الذى �أنهى دور القطاع العام‬ ‫فى الإن�ت��اج ال�سينمائي‪ ،‬مما دف��ع بالتاجر املنتج‬ ‫�إىل البحث عن الأف�لام التى �ستعود عليه بالربح‬ ‫ال�سريع وبالتاىل ابتعد عن الأفالم الوطنية‪ ،‬وذلك‬ ‫�إىل جوار ما ر�أيناه على اجلانب الآخر من اغت�صاب‬ ‫املنتفعني واالنفتاحيني والفا�سدين للن�صر (�سواق‬ ‫الأوتوبي�س)‪.‬‬


‫‪v‬‬

‫العدد الحادي و الثالثون ‪ -‬أكتوبر ‪2012‬‬

‫‪55‬‬


‫فن معاصر‬

‫الفنان فاروق وهبة‬

‫من التجريد المطلق ‪ ..‬إلى إيقاظ التراث‬

‫اليوم وقد اندفع العامل خ��ارج ح��دود الكوكب‪،‬‬ ‫حم �ل �ق�ين م�ترب �ع�ين ف ��ى ال �ف �� �ض��اء‪ ،‬وق���د حملتنا‬ ‫التكنولوجيا ونقلتنا �إىل ما هو �أبعد من ذلك‪ ،‬حتى‬ ‫�أ�صبح اخليال مفتوح ًا �أم��ام املبدعني من الفنانني‬

‫‪v‬‬

‫‪54‬‬

‫خا�صة �أن الفنان بطبيعته فى حركة م�ستمرة‪ ،‬باحث ًا‬ ‫عن كل ما هو جديد‪ ،‬مدفوع ًا بحاجته �إىل املزيد �أو‬ ‫مدفوع ًا بحب اال�ستطالع واملعرفة حتى يتعرف على‬ ‫ذاته وقدراته‪.‬‬

‫ح�سن عثمان‬

‫�أ��س��وق ه��ذه املقدمة بعد �أن �شاهدت معر�ض‬ ‫الفنان د‪ .‬ف��اروق وهبة ال��ذى �أقيم بقاعة الهناجر‬ ‫ب�أر�ض الأوبرا امل�صرية‪.‬‬ ‫�ضم املعر�ض �أك�ثر م��ن ‪ 40‬لوحة م��ن االجت��اه‬ ‫التجريدى وبع�ض تكوينات �أو جم�سمات فى اجتاه‬ ‫االن�ستلي�شن �أو العمل التجميعى ‪ ..‬ال��ذى ي�ستلهم‬ ‫املومياء امل�صرية القدمية ب�أ�سرارها و�أثرها الذى‬ ‫ربطنا بتاريخ �أجدادنا امل�صريني‪.‬‬ ‫بهذه املج�سمات القدمية احلديثة ج��د ًا �أراد‬ ‫الفنان ف��اروق وهبة �أن يهم�س فى �أذن املتلقى ب�أن‬ ‫الوقت قد حان للبحث عن «خال�ص» ذلك اخلال�ص‬ ‫الذى يتمثل فى العودة �إىل الذات واالبتعاد عن كل‬ ‫ما هو دخيل علينا وال��ذى يهدف �إىل متويع الهوية‬ ‫والدفع بنا �إىل االعرتاف بتبعيتنا للتيارات الوافدة‬ ‫�سواء من �أمريكا �أو �أوروبا‪.‬‬ ‫وال���س��ؤال ال��ذى تطرحه �أع�م��ال الفنان ف��اروق‬ ‫وهبة «�أي��ن نحن من الإب��داع املعرب عن واقعنا» ؟‪،‬‬ ‫«وما هو موقع الفنان امل�صرى من خريطة الإب��داع‬ ‫املتجدد على م�ستوى ال�شرق والغرب» ؟‬ ‫وه� �ن ��ا �أذك � � ��ر م��ق��ول��ة ج� � ��اءت ع��ل��ى ل �� �س��ان‬ ‫«موفي�ستوفيليب�س فى فاو�ست جيبيته»‪« :‬تظن �أنك‬ ‫ت�شق طريقك‪ ،‬واحلقيقة هى �أن��ك �أن��ت ال��ذى يتم‬ ‫دفعه»‪.‬‬ ‫بالعودة �إىل الأعمال الفنية التى �ضمها املعر�ض‬ ‫نقف طوي ًال �أمام �أكرث من ‪ 40‬لوحة متيزت بنظرة‬ ‫ثاقبة �أ��س�ت�ط��اع �أن ينقى ل��وح��ات��ه وتكويناته من‬ ‫الثانويات التى قد ت�شغل العني عن الهدف الذى‬ ‫�أراد الفنان �أن يحققه فالتكوينات الب�سيطة الرتكيب‬ ‫بليغة املحتوى‪.‬‬ ‫�إن عني فاروق وهبة ماهرة قادرة على الغربلة‬ ‫واالنتقاء بحيث تفرد ب�أ�سلوب يقوم على االبتكار‬ ‫الذاتى والتو�صل �إىل تلخي�ص املو�ضوع الذى يعالج‬ ‫املوقف الإن�سانى من العامل اخلارجى ال��ذى ميثل‬


‫ماذا بعد تطوير المبنى ‪..‬؟‬

‫وا�ستطاع الفنان فاروق وهبة �أن يقيم لل�شباب‬ ‫من هواة الفن بالإ�سكندرية ومن طلبة كلية الفنون‬ ‫بالإ�سكندرية مدر�سة جتريبية حديثة مار�س فيها‬ ‫ال�شباب الإب ��داع فى جم��ال التجريد مع ا�ستبدال‬ ‫اخل��ام��ات التقليدية امل�ألوفة فى لوحات الفنانني‬ ‫ب�خ��ام��ات ج��دي��دة م��ن �أ� �س�لاك و�أوراق وق�ط��ع من‬ ‫القما�ش‪ ،‬وق��د ظهر بجالء ن�شاط ه ��ؤالء ال�شباب‬ ‫املبدعني فى �صالون ال�شباب الذى كان يقام كل عام‬ ‫فى القاهرة وكانت جت��ارب ه ��ؤالء ال�شباب ت�شكل‬ ‫جانب ًا هام ًا فى ه��ذا ال�صالون َمل ال ؟ وق��د ح��ازوا‬ ‫على جوائز التفوق فى ال�سنوات املتتالية وتعر�ضوا‬ ‫ملقاومة م�ستمرة من بع�ض نقاد الفن الذين مازالوا‬ ‫متم�سكني بالأ�شكال التقليدية للفن الت�شكيلي‪.‬‬ ‫وعندما تتحدث عن اجلانب الآخر من العر�ض‬

‫نقف طوي ًال �أمام هذه النقلة الكبرية من التجريد‬ ‫فى اللوحة �إىل العمل املركب �أو التجهيز فى الفراغ‬ ‫م�ستخدما ت�شكيالت متثل �أو ت�ستوحى ال�تراث‬ ‫امل�صرى القدمي من املومياء امل�صرية �إىل الهرم‬ ‫وعالقتهما بالتكنولوجيا احلديثة وع�ل��وم الكون‬ ‫وتكنولوجيا الف�ضاء‪.‬‬ ‫بقدر ما �إ�ستلهم الرتاث امل�صرى القدمي بقدر‬ ‫ما ربط بني القيم الرتاثية والقيم العلمية احلديثة‬ ‫حتقيق ًا لتقدمي افكاره وخربته الفنية و�أحا�سي�سه فى‬ ‫�أحدث الأ�شكال الفنية م�ستهدف ًا ما بعد احلداثة فى‬ ‫قالب جتريدي‪.‬‬ ‫حتية �إىل الفنان فاروق وهبة ‪.‬‬ ‫ ‬

‫ال �شك �أن تطوير منطقة الهناجر فى‬ ‫�أر���ض الأوب ��را امل�صرية ّغ�ير ��ص��ورة املكان‬ ‫و�ساهم فى توفري اخلدمات من قاعة عر�ض‬ ‫وم�سرح وكافيرتيا ‪ ..‬التطوير املعمارى حقق‬ ‫الهدف املرجو للنهو�ض بالثقافة ‪ ..‬فاملكان‬ ‫جميل بكل املقايي�س‪ ،‬وق��د ال يعلم ال�شباب‬ ‫املرتدد على قاعة وم�سرح الهناجر �أن اال�سم‬ ‫�أطلق على املكان بحكم �أن املبنى القدمي مل‬ ‫يكن خم�ص�ص ًا للن�شاط الثقافى بل كان مبنى‬ ‫�أقرب �إىل مبنى الهناجر املخ�ص�ص ل�صيانة‬ ‫الطائرات حيث كانت �أر���ض املعار�ض جزء‬ ‫من ن�شاط املحتل الإجنليزى قبل قيام ثورة‬ ‫‪ 23‬يوليو ‪ 1952‬وبقيام الثورة حتولت الأر�ض‬ ‫�إىل مكان للمعار�ض ال��زراع�ي��ة والتجارية‬ ‫للت�سويق للمنتجات امل�صرية ودغم االقت�صاد‬ ‫امل�صري‪.‬‬ ‫ث��م ق��ام��ت وزارة ال �ث �ق��اف��ة امل���ص��ري��ة‬ ‫بالدعوة لتخ�صي�ص هذه املنطقة مببانيها‬ ‫للن�شاط ال�ث�ق��اف��ى ف��أق�ي�م��ت الأوب � ��را‪ ،‬ثم‬ ‫خ�ص�صت ��س��راى ‪ 3‬ملتحف الفن احلديث‬ ‫وخ�ص�ص مدخل الأر���ض للن�شاط املو�سيقى‬ ‫وهكذا �أ�صبح املوقع من �أهم املواقع الثقافية‬ ‫فى القاهرة ثم مت هدم مبنى القطن ليقام‬ ‫مكانه مبنى للإنتاج الثقافى واملجل�س الأعلى‬ ‫للثقافة‪.‬‬ ‫�أرجو �أن تدب احلياة فى قاعة الهناجر‬ ‫للفن الت�شكيلى بتعيني مدير لقاعة العر�ض‬ ‫ي�ستطيع �أن يقدم املعار�ض بال�شكل الالئق‪،‬‬ ‫وق��د الح�ظ��ت �أن الن�شاط امل�سرحى يلج�أ‬ ‫�أحيان ًا �إىل ا�ستخدام القاعة للتدريب على‬ ‫الرق�ص والتمثيل ومينع زوار املعر�ض من‬ ‫الدخول بحجة �أن القاعة م�شغولة بن�شاط‬ ‫�آخ ��ر وق��د ح��دث ه��ذا معى خ�لال معر�ض‬ ‫فنانى الأق�صر‪.‬‬ ‫ف��ى ه��ذه اللحظة ت��ذك��رت ال ��دور ال��ذى‬ ‫قامت به الدكتورة هدى و�صفى فى تنظيم‬ ‫املعار�ض فى الهناجر والعناية بامل�سرح �إىل‬ ‫جانب الربنامج الثقافى للقاعة وللمكان‬ ‫ب�شكل عام‪.‬‬ ‫‪v‬‬

‫العدد الحادي و الثالثون ‪ -‬أكتوبر ‪2012‬‬

‫‪57‬‬


‫ورغ��م �أن االجت��اه التجريدى ب�شقيه الهند�سى‬ ‫م�ساحة بي�ضاء‪ ،‬وف��ى �أح��د ج��وان��ب ال�ل��وح��ة قطع ال��زوار باخلط الوا�ضح «�أن��ا م�ش فاهم حاجة» فى‬ ‫حمدودة من الورق �أو ال�سلك �أو القما�ش متما�سكة نف�س الوقت مل توفر القاعة للزائرين م�سئو ًال ي�شرح والتعبريى ظهر من �سنوات طويلة �إال �أن الثقافة‬ ‫مرتابطة وك�أنه يريد �أن يعرب عن موقف الإن�سان �أو يو�ضح ملن يريد املعرفة فالقاعة خالية �إال �أن الفنية التى تنري الطريق لطالب املعرفة مازالت‬ ‫ال�صمت حتى الكتالوج مل يقدم تو�ضيح ًا للم�شاهد بعيدة عن القاعدة العري�ضة من اجلمهور‪.‬‬ ‫وحريته فى عامل مرتامى ال طعم له وال رائحة‪.‬‬ ‫كما �أن كتالوج املعر�ض الذى كان متوفر ًا بالقاعة‬ ‫ا�ستخدم عدة و�سائط من خامات خمتلفة �شكل ك��ان على ال�ف�ن��ان ف ��اروق اال��س�ت��اذ بكلية الفنون‬ ‫وه��و ي��وح��ى با�ستلهام ال�ت�راث امل�صرى‬ ‫منها متا�سك اخلطوط وامل�ساحات دون‬ ‫على‬ ‫��ادرة‬ ‫�‬ ‫ق‬ ‫�رة‬ ‫�‬ ‫�اه‬ ‫�‬ ‫م‬ ‫وهبة‬ ‫��اروق‬ ‫�‬ ‫ف‬ ‫عين‬ ‫إن‬ ‫القدمي برموزه مل يت�ضمن كلمة �أو لوحة‬ ‫الإغراق فى مزيج من الألوان التى حتمل‬ ‫الغربلة واالنتقاء بحيث تفرد بأسلوب يقوم على‬ ‫عن رحلة الفنان فى الإب ��داع وق��د ب��د�أت‬ ‫تفا�صيل هو لي�س فى حاجة �إليها‪.‬‬ ‫ب�إجادة من الر�سم والت�صوير بالأ�سلوب‬ ‫هذه التكوينات املجردة التى ظهرت‬ ‫االبتكار الذاتى والتوصل إلى تلخيص الموضوع‬ ‫الأك��ادمي��ى ث��م ب ��د�أت رح�ل��ة م��ن التمرد‬ ‫ع�ل��ى ال���س�ط��وح البي�ضاء مت�ث��ل ل�غ��ة قد‬ ‫الذى يعالج الموقف اإلنسانى‪.‬‬ ‫والتجاوز ملا هو م�ألوف جلمهور امل�شاهدين‬ ‫ال ي�ستطيع بع�ض امل�ترددي��ن على هذا‬ ‫ثم تبنى االجت��اه امليتافيزيقى حتى تبنيت‬ ‫املعر�ض الو�صول �إىل �أفكار الفنان �أو حل‬ ‫رموز هذه اللغة والدليل على ذلك ما �سجله بع�ض بالإ�سكندرية �أن يقدم للم�شاهد كلمة ت�شري �إىل االجتاه التجريدى الذى يعرب عن لغة جديدة امتزج‬ ‫فيها العلم بالفن‪.‬‬ ‫زوار املعر�ض فى دف�تر ال��زي��ارات حيث كتب �أحد االجتاه التجريدى الذى يقوم عليه العر�ض‪.‬‬ ‫‪v‬‬

‫‪56‬‬


‫دروع ومتاثيل وجم�سمات عديدة �أبدعها الفنان حممد �شكرى فى املنا�سبات امل�صرية الوطنية والقومية‬ ‫العدد الحادي و الثالثون ‪ -‬أكتوبر ‪2012‬‬

‫‪v‬‬

‫‪59‬‬


‫تشكيل مجسم‬

‫ رفع األثقال رياضة تحتاج إلى قوة لكنها ال تقل عقالنية عن الباليه‬‫‪ -‬فن الميدالية فن خاص ‪ ..‬تعلمته من رواده وعلي رأسهم «جمال السجيني»‬

‫صاحب النصب التذكارى «الحرب والسالم»‬

‫محمود شكرى‪ :‬سر نصر أكتوبر فى إيمان‬ ‫الجندى المصرى بقضيته‬

‫هو فنان بدرجة حمارب‪ ،‬ريا�ضى بدرجة بطل‪ ،‬مزج بني �ألعاب القوى ورفع‬ ‫الأثقال وبني �أرقى �أنواع الفنون‪ ..‬يتعامل مع اجلرانيت والبازلت كما يتعامل مع‬ ‫احلديد والأثقال‪ ،‬لكنه يحمل قلب حمارب عا�ش النك�سة وحارب حتى و�صل �إىل‬ ‫العبور‪ ..‬مل يرتك �أر�ض �سيناء حتى بعد حتريرها ليزينها ب�أعماله الفنية‪ ..‬هو‬ ‫الفنان والريا�ضى د‪.‬حممود �شكرى الذى �أبحرنا معه فى بحر ذكرياته عن الفن‬ ‫والريا�ضة والأهم عن «�أكتوبر»‪.‬‬ ‫• ريا�ضة رفع الأثقال ريا�ضة قد تبدو «عنيفة» بينما الفن‬ ‫الت�شكيلى فن «رقيق» للغاية فكيف جمعت بينهما؟‬ ‫ من الوهلة الأوىل قد تبدو ريا�ضة رفع الأثقال ريا�ضة عنيفة �أو �صعبة‪ ،‬لكنها‬‫فى احلقيقة هى ريا�ضة تخ�ضع ملكونات ‪a‬ج�سمانية وعقلية ونف�سية قد ت�صل �إىل‬ ‫نف�س مكونات «راق�ص الباليه»‪ ،‬مبعنى �أن «الرباع»‪� ،‬أو العب رفع الأثقال يرفع وزن‬ ‫‪ 200‬كيلو على �سبيل املثال‪ ..‬قد ال ي�ستطيع رجل قوى البنيان رفعه لكن الالعب‬ ‫يرفعه لأن هناك نوعا من القواعد الفنية وامليكانيكية يتبعها الالعب‪ ،‬وهذا ما‬ ‫جعل الأرقام القيا�سية لرفع الأثقال يتم ك�سرها يوميا‪ ،‬كذلك هو راق�ص الباليه‬ ‫يتبع القواعد امليكانكية جل�سمه حتى يتمكن من �أداء حركاته مهما كانت معقدة‬ ‫ومركبة‪ ،‬فالأمر يحتاج فقط لـ«االتزان»‪ ،‬وهذا يثبت �أن رفع الأثقال ريا�ضة عقلية‬ ‫�أكرث منها ريا�ضة ع�ضلية‪ ..‬رفع الأثقال لي�ست لعبة فقط للرباعني بل لكل من‬ ‫يحتاج �إىل لياقة‪ ،‬راق�ص‪ ..‬ريا�ضي‪ ..‬العب‪ ..‬فنان ا�ستعرا�ضي‪ ،‬ومن هنا ي�أتى‬ ‫الرتابط بني الريا�ضة والفن‪ ..‬والفنان نف�سه يحتاج لبع�ض القوة مثل «النحات»‬ ‫�إذا مل ميتلك قوة بدنية ال ي�ستطيع التعامل مع كتلة البازلت �أو اجلرانيت �أو حتى‬ ‫احلجر الذى ينحته‪ ،‬والريا�ضى كذلك �إذا مل يقم بعملية �إبداعية �أثناء ممار�سة‬ ‫الريا�ضة �سي�صبح �أ�شبه باجلماد‪ .‬وعلى جانب �آخر �ستجدين �أن مالب�س الريا�ضيني‬ ‫بها بعد فنى كبري ف�إذا كانت اللعبة حتتاج مللعب �أخ�ضر فال يرتدى الالعب نف�س‬ ‫اللون حتى ال يحدث نوع من التداخل الب�صرى لدى جمهور امل�شاهدين‪ ..‬وهكذا‪.‬‬ ‫• لن ن�س�أل �أيهما �أقرب لك «الفن» �أم «الريا�ضة»‪ ..‬لكن �إىل �أى‬ ‫منهما تلج�أ �أكرث؟‬ ‫ فى احلقيقة �أنا فى الفن والريا�ضة مثل «الأوانى امل�ستطرقة» ما �أن �أغيب‬‫عن �أحدهما بع�ض الوقت �إال و�أجد نف�سى فى حالة وح�شة �شديدة للغاية‪ ،‬ولذلك‬ ‫�إذا ما راقبت �أعماىل فى االثنني �ستجدينها متقاربة لأن االثنني بينهما حالة‬ ‫ع�شق‪ ،‬فالفن يحفزنى للعمل الريا�ضي‪ ،‬والريا�ضى يدفعنى للعمل الفني‪ ،‬الأمر‬ ‫بالن�سبة ىل قد يختلف عن غريى لأننى مار�ست االثنني وعملت فيهما من النقطة‬ ‫�صفر و�صلت فيها �إىل �أعلى الدرجات‪.‬‬ ‫‪v‬‬

‫‪58‬‬

‫�سهى على رجب‬

‫• هل ت�ستطيع �أن ت�أخذ قرارا باالبتعاد نهائيا عن �أحدهما �أو‬ ‫كالهما بعد �أن و�صلت �إىل �أعلى الدرجات؟‬ ‫ بالت�أكيد ال‪ ..‬لكن علينا �أن نعرتف �أن «ال�سن له حكم» فمثال فى الريا�ضة‬‫كنت العب رفع �أثقال �أما الآن ف�أنا �أعمل فى التحكيم والإ�شراف على الدورات‬ ‫الأوليمبية‪ ،‬كذلك فى الفن مل تعد لدى القدرة‪ ،‬كما كنت من �سنوات للتعامل مع‬ ‫اخلامات ال�صعبة كاجلرانيت مثال‪ ،‬ومن هنا �أبحث عن خامة �أخرى �أقل �صعوبة‪،‬‬ ‫لأننى �أعلم �أن االبتعاد نهائيا عن هذا �أو ذاك �شبه م�ستحيل لكن �أوفر البدائل‬ ‫املنا�سبة واملتاحة‪.‬‬ ‫• «فن امليدالية» فن خا�ص جدا مل يدخله الكثريون وقد برعت‬ ‫فيه‪ ..‬فلماذا اخرتته وكيف تعاملت معه؟‬ ‫ البد �أن �أرجع الف�ضل لأ�صحابه‪ ،‬فال�سبب الرئي�سى لتوجهى لفن امليدالية‬‫هو املرحوم «جمال ال�سجينى»‪ ،‬وهو من الرعيل الأوىل فى هذا الفن‪ ،‬و�صاحب‬ ‫�أياد بي�ضاء فى ت�صميم فن امليدالية‪ ،‬و�أنا عا�شق خا�ص لهذا الفنان وكنت ومازلت‬ ‫اعتربه نربا�س ًا يل‪ ،‬وح�ين ر�أيته وه��و ي�صمم امليداليات ق��ررت و�أن��ا فى ال�سنة‬ ‫الأخرية بكلية الفنون التطبيقية �أن �أقوم ب�صنع ميدالية‪ -‬مل تكن مطلوبة درا�سيا‬ ‫ والقت هذه امليدالية ا�ستح�سانا من �أ�ساتذتى وزمالئي‪ ،‬وتطور هذا العمل حني‬‫كنت �ضابطا فى القوات امل�سلحة‪ ،‬حيث خدمت فى القوات امل�سلحة امل�صرية‬ ‫ك�ضابط احتياط‪ ،‬وطلب منى ذلك الوقت �أن �أ�صنع ميدالية‪ ،‬وكانت هذه هى �أوىل‬ ‫ميدالياتى «العملية»‪ ،‬وكان ذلك فى �أواخر عام ‪ ،1970‬وكانت عن الزعيم الراحل‬ ‫جمال عبدالنا�صر‪ ،‬كنوع من الوفاء له عقب وفاته مبا�شرة‪ ،‬واحلقيقة �أنه كان‬ ‫عمال جيدا لأننى كنت �أحب «نا�صر» ولأننى فى الأ�صل نحات‪ ،‬وكان للميدالية‬ ‫وقع طيب فى نفو�س القادة الع�سكريني فى ذلك الوقت حتى �أنهم �أ�صروا �أن �أنفذ‬ ‫امليدالية بنف�سى ومن هنا جاء ع�شقى لفن امليدالية‪ ،‬وقررت اتقانها ودرا�ستها‬ ‫جيدا مما دفعنى �إىل �أن �أ�سافر �إىل دول متخ�ص�صة فى هذا الفن فى �سن مبكرة‬ ‫مثل �إيطاليا واجنلرتا‪.‬‬ ‫• وبعد �سفرك �إىل هذه الدول كيف تعاملت مع فن امليدالية‬ ‫بعد عودتك �إىل م�صر؟‬ ‫ لقد تتلمذت على �أي��دى فنانني عظام فى م�صر منهم‪ :‬جمال اجل�سينى‬‫و�صالح عبدالكرمي ومن�صور ف��رج‪ ،‬فع�شقت فن امليدالية �أك�ثر واحرتمته �أكرث‬ ‫فقررت �أن اعتمد على نف�سى ف��ى �أن �أ�سافر هنا وهناك و�أفت�ش فى كل ما‬ ‫يخ�ص هذا الفن الراقي‪ ،‬وفى الدول املتقدمة وجدت �أن لكل م�صنع من م�صانع‬ ‫امليداليات جمموعة من الفنانني والنحاتني مثل هرنى مور ‪ -‬وبيكا�سو وغريهما‬


‫‪v‬‬

‫العدد الحادي و الثالثون ‪ -‬أكتوبر ‪2012‬‬

‫‪61‬‬


‫من امل�صورين الذين يتم نقل �صورهم للميدالية‪ ،‬وقد‬ ‫نقلت هذه الفكرة �إىل زمالئى الفنانني امل�صورين‬ ‫والنحاتني فى م�صر‪� ،‬أن كل م�صور ميكنه ت�صوير‬ ‫ميدالية املهم «الرغبة» فى ذلك‪.‬‬ ‫• وماذا عن الدروع واملج�سمات والن�صب‬ ‫التذكارية؟‬ ‫ فى ال��دول الأوروب�ي��ة فن امليدالية جنبا �إىل‬‫جنب مع فن «الأو��س�ك��ار» �أو املج�سمات والتماثيل‬ ‫التذكارية التى يتم اهدا�ؤها فى املنا�سبات املختلفة‪،‬‬ ‫وه��ذا ال�ف��ن وج��دت فيه حتقيقا لبع�ض خياالتى‬ ‫و�أحالمى وطموحاتى الفنية‪ ،‬وقد ا�ستفدت منه على‬ ‫امل�ستويني الفنى وامل��ادى كثريا‪ ،‬وح�صلت على عدة‬ ‫جوائز حملية ودولية فى هذا الفن‪.‬‬ ‫• فى حياة كل فنان وريا�ضى حمطات‬ ‫م��ه��م��ة غ�ي�رت جم���رى ح��ي��ات��ه‪ ..‬ف��م��ا تلك‬ ‫املحطات فى حياة «حممود �شكري»؟‬ ‫ �أوىل هذه املحطات هى حمطة «فن امليدالية»‪،‬‬‫وحتديدا مع �أول معر�ض ىل فى فن امليدالية‪ ،‬وكان‬ ‫ذلك بعد وف��اة الفنان «جمال ال�سجيني» ب�شهرين‬ ‫فقط‪ ،‬و�أثناء �إقامة املعر�ض فوجئت مبقال �صحفى‬ ‫بقلم الفنان ال��رائ��ع ح�سني بيكار‪ ،‬ك��ان الأ�ستاذ‬ ‫بيكار يكتب فى ذلك الوقت عمودا �أ�سبوعيا‪ -‬كل‬ ‫جمعة ‪ -‬حتت عنوان «ظالل و�ألوان»‪ ،‬ووجدت �صورة‬ ‫مليدالية و�صورة للراحل ال�سجينى وعنوان العمود‬ ‫بهرنى وف��اج���أين‪ ،‬ف��ن امل�ي��دال�ي��ة ل��ن مي��وت بوفاة‬ ‫املبدع «ال�سجيني» وكتب فى املقال �أن هناك �شابا‬ ‫�صغريا فنانا حقيقيا فى فن امليدالية يقيم معر�ضا‬ ‫بقاعة «ال �� �س�لام» وه��ى ق��اع��ة متحف «اجل��زي��رة»‬ ‫الآن‪ ،‬وقد �أ�سعدنى كثريا هذا املقال حتى �أنه حول‬ ‫جمرى حياتى الفنية‪ ،‬لأن ح�سني بيكار فنان وناقد‬ ‫و�إن�سان خمتلف وخلوق ومبدع‪ ،‬ومل يكن الأ�ستاذ‬ ‫بيكار يعرفنى وفوجئت به ي��زور املعر�ض بعد ن�شر‬ ‫ه��ذا امل�ق��ال فاقرتبت منه و�سلمت عليه و�شكرته‬ ‫ف�س�ألنى «من �أنت»؟ «ف�أخربته �أننى �صاحب املعر�ض‬ ‫فاحت�ضننى بقوة وظللت �أتوا�صل معه حتى وفاته‪.‬‬ ‫• وماذا عن حمطة «‪� 6‬أكتوبر ‪..»1973‬‬ ‫و�أنت واحد ممن �شاركوا فى ن�صر �أكتوبر؟‬ ‫ فى احلقيقة هى املحطة التالية والأكرث �أهمية‬‫فى حياتي‪ ،‬لقد ع�شت النك�سة فى ‪ 1967‬وكنت طالبا‬ ‫فى الكلية وع�شت كذلك حرب اال�ستنزاف �أثناء فرتة‬ ‫خدمتى فى القوات امل�سلحة منذ عام ‪ 1970‬وحتى‬ ‫‪v‬‬

‫‪60‬‬

‫ن�صر �أكتوبر وما بعده‪ ،‬ور�أي��ت �أن البطل احلقيقى‬ ‫فى هذا التحول من الهزمية �إىل الن�صر والعبور هو‬ ‫«�إميان اجلندى امل�صرى بق�ضيته» وال �شيء �آخر غري‬ ‫ذلك‪.‬‬ ‫• وكيف عربت عن ذلك على امل�ستوى‬ ‫الفني؟‬ ‫ كنت قد �أ�صبت بوعكة �صحية فى عظام ال�ساق‬‫وطلب منى الطبيب �أن �أظل ملدة �أ�سبوع جال�سا و�أمدد‬ ‫�ساقى �أمامي‪ ،‬مل �أ�ستطع حتمل �أن �أظل جال�سا بهذه‬ ‫ال�صورة‪ ،‬كان بداخلى دافع قوى �أن �أعمل‪ ،‬فقمت‬ ‫بعمل ا�سكت�ش مل �أك ��ن �أع ��رف م�لاحم��ه حتديدا‬ ‫لكنه ال�لاوع��ى ال��ذى ي�ح��رك ال�ف�ن��ان‪ ،‬وب���د�أت فى‬ ‫التنفيذ فخرج متثال �صغري حواىل «‪� 40‬سم» وكان‬ ‫التمثال عبارة عن «حم��ارب»‪ ،‬هذا املحارب ر�أ�سه‬ ‫�صغري وج�سده كله عبارة عن «درع» �ساقاه قويتان‬ ‫وق�صريتان وبال ظهر والعمود فقري‪ ،‬ظهره عبارة‬ ‫عن قلب ورئتني! و�س�ألت نف�سى «ما ه��ذا»؟ فكانت‬ ‫الإجابة �أن هذا خم��زون �إن�سانى ملا ر�صدته طوال‬ ‫�سنوات خدمتى فى القوات امل�سلحة‪ ،‬وما ر�صدته من‬ ‫�إميان وعظمة اجلندى امل�صري‪.‬‬ ‫• ما م�صري هذا املج�سم؟‬ ‫ ال�صديق الفنان ح�سن عثمان كان �سكرتري‬‫النقابة الت�شكيليني فى �أواخ��ر ال�سبعينيات ور�أى‬ ‫التمثال و�س�ألنى م��اذا �س�أفعل بهذا التمثال وما‬ ‫ا�سمه؟ فقلت له مل �أحدد موقفى بعد لكننى �سميته‬ ‫«امل��ح��ارب»‪ ،‬ف�ضحك وق��ال ىل ب��ل «ال�ل��ى ل��ه ظهر‬ ‫مين�ضرب�ش على بطنه»‪ ،‬ف�ضحكت وقلت له �إن هناك‬ ‫بيناىل فى جابروفو ي�سمى بيناىل «الفنون ال�ساخرة»‬ ‫ويكون فى كل الفنون �سينما ‪ -‬كاريكاتري‪ -‬م�سرح ‪-‬‬ ‫ت�صوير‪ -‬نحت‪ ،‬وما قلته هذا �ساخر «اللى له ظهر‬ ‫مين�ضرب�ش على بطنه» لكن التمثال لي�س �ساخرا‪،‬‬ ‫و�أخ� ��ذت ال �ق��رار و�أر� �س �ل��ت التمثال �إىل البيناىل‬ ‫وفوجئت �أنهم �أر�سلوا ىل دع��وة وت��ذاك��ر الطريان‬ ‫و�سافرت وح�ضرت البيناىل وكانت املفاج�أة الأكرب‬ ‫وهى �أننى فزت باجلائزة الكربى على م�ستوى كل‬ ‫الفروع الفنية امل�شاركة فى البينايل!‬ ‫و�أين هذا التمثال الآن؟‬ ‫ فى متحف جابروفو الآن‪ ..‬وهذا �شيء ي�سعدنى‬‫كثريا �أن يكون املحارب امل�صرى له هذه احلفاوة‪.‬‬ ‫• ذك��رت �أن من �أه��م حمطات حياتك‬ ‫«ح��رب �أكتوبر» ونحن نحتفل ه��ذه الأي��ام‬

‫ب���ال���ذك���رى ال�����س��اب��ع��ة وال���ث�ل�اث�ي�ن حل��رب‬ ‫�أكتوبر‪ ..‬فما �شعورك؟‬ ‫ ما �إن يذكر �أمامى كلمة «�أكتوبر» �إال ويق�شعر‬‫بدنى و�أ�ستح�ضر ح��رب �أكتوبر املجيدة وال ت�أكد‬ ‫�أن داخ��ل الإن�سان امل�صرى مكنون ال ي��رى بالعني‬ ‫املجردة! �أنا مل �أكن �أتخيل وال �أتوقع �أننا �سنعري قناة‬ ‫ال�سوي�س و�أنا كنت هناك على �شط القنال‪ ،‬ومل �أكن‬ ‫�أتوقع �أننا �سننت�صر على قوة ال تقهر على امل�ستوى‬ ‫الإعالمى والع�سكرى من حيث العدة والتجهيزات‪،‬‬ ‫لكننى اكت�شفت �أن اجل�ن��دى امل�صرى منجم من‬ ‫الذهب اخلال�ص ب�إميانه وعزميته واقتناعه التام‬ ‫بق�ضية وطنه «م�صر»‪ ،‬وحب الوطن فى اعتقادى‬ ‫خلق داخل اجلندى امل�صرى بالفطرة من عند اهلل‬ ‫�سبحانه وتعايل‪ ،‬لقد عا�صرت القوات امل�سلحة فى‬ ‫�أعلى حاالت التحول «من» «�إيل» بال قبلية وال نزاعات‬ ‫وال م�صالح‪ ،‬ك��ان اجلميع يحمل روح��ه على كفه‪،‬‬ ‫حرب �أكتوبر علمتنى �أن��ه ال م�ستحيل على الأر���ض‬ ‫مادام الإميان موجودا وهذا يجعلنا نقارن بني حالنا‬ ‫فى �أكتوبر ‪ 1973‬وفى يناير ‪ ،2011‬فى �أكتوبر كان‬ ‫اجلميع يتفق على هدف واحد �أما الآن فالأنانية هى‬ ‫امل�سيطرة على املوقف‪ ،‬والت�شتت فى ال�شارع امل�صرى‬ ‫م�صدره تعدد الأهداف فكل يغنى على لياله!‬ ‫• و�أخ�ي�را م��ا ه��ى املحطة الثالثة فى‬ ‫حياتك؟‬ ‫ حم �ط��ة «ال �ن �ح��ت امل��ي��دان��ى» �أو «ال�ن���ص��ب‬‫التذكارى» فقد ج��اءت فى مرحلة متقدمة وقمت‬ ‫بعمل الكثري من التماثيل التى متثل النحت امليدانى‬ ‫وه��و ف��ن ��ش��اق ج��دا ومم�ت��ع ف��ى ذات ال��وق��ت‪ ،‬وقد‬ ‫ح�صلت على العديد من اجلوائز عن النحت امليدانى‬ ‫والن�صب التذكارى‪.‬‬ ‫• �أى الأع��م��ال امليدانية �أق���رب �إىل‬ ‫قلبك؟‬ ‫ هناك عمالن �أعتز بهما ج��دا لكونهما من‬‫الروح امل�صرية‪ ،‬الأول هو ن�صب فى حمافظة �أ�سيوط‬ ‫ا�سمه «احلرب وال�سالم»‪ ،‬والثانى فى مدينة ال�سالم‬ ‫�شرم ال�شيخ وه��و ن�صب ت��ذك��ارى ل�شهداء ح��ادث‬ ‫طائرة «فال�ش �إن» الفرن�سية التى �سقطت فى �شرم‬ ‫ال�شيخ‪ ،‬وفى هذا العمل حاولت تو�صيل فكرة كيف‬ ‫يكون للأعمال الفنية ال�صرحية تفاعل مع العوامل‬ ‫اجلوية‪ ،‬وقد مت اختيار ت�صميمى لهذا الن�صب من‬ ‫بني ع�شرين ت�صميما تقدم بها فنانون من م�صر‬ ‫وفرن�سا‪.‬‬


‫مستقبل الثقافة فى صالون الشرق األول بالمنصورة‬ ‫وأنشطة متنوعة بالمنوفية‬ ‫وحت��ت رع��اي��ة رئي�س الهيئة ال�ع��ام��ة لق�صور‬ ‫الثقافة‪ ،‬بالتعاون مع ثقافة القرية بالهيئة نظم‬ ‫فرع ثقافة املنوفية التابع لإقليم غرب وو�سط الدلتا‬ ‫الثقافى برئا�سة حم�م��ود ط��ري��ه احتفالية اليوم‬ ‫الواحد ببيت ثقافة ال�شهداء‪ ,‬وت�ضمنت االحتفالية‬ ‫م��ع حما�ضرة بعنوان «املجتمع امل��دن��ى ودورة فى‬ ‫التنمية» �ألقاها ه�شام القا�ضى‪ ،‬و�أم�سية �شعرية‬ ‫ل�شعراء املنوفية‪� ,‬إ�ضافة �إىل �إقامة حفل فنى لفرقة‬ ‫املنوفية ل�ل��آالت ال�شعبية وت�ق��دمي فقرة «مواهب‬ ‫و�إبداعات من القرية»‪.‬‬

‫كما افتتحت حتت رعاية وزي��ر الثقافة ال��دورة‬ ‫الأوىل ل�صالون ال�شرق الثقافى التابع القليم �شرق‬ ‫الدلتا بـرئا�سة الكاتب امل�سرحى حممد عبد احلافظ‬ ‫نا�صف وذل ��ك بق�صر ثقافة امل�ن���ص��ورة‪ ،‬ت�ضمن‬ ‫ال�صالون ن��دوة مركزية ح��ول «التنمية الب�شرية‬ ‫وم�ستقبل الثقافة» خلبري التنمية الب�شرية حممد‬ ‫ح�سني بحر‪ ،‬ول�ق��اء م��ع ال�شاعر الكبري فريد �أب��و‬ ‫�سعـدة‪ ،‬وعـر�ض فنى لتخت مو�سيقى عـربية بقيادة‬ ‫املاي�سرتو �أحمد زكى عارف‪ ،‬وعلى هام�ش ال�صالون‬ ‫يقام معر�ض فن ت�شكيلى للفنانة مريا تاج الدين‬ ‫بعنوان «وجوه ال�شهداء»‪.‬‬

‫معرض فنون غير تقليدية بمركز طلعت حرب الثقافى‬

‫اف�ت�ت��ح م��رك��ز ط�ل�ع��ت ح ��رب ال�ث�ق��اف��ى ال�ت��اب��ع‬ ‫ل�صندوق التنمية الثقافية معر�ض للفنون غري‬ ‫التقليدية (البات�ش وورك‪ -‬الت�شكيل بال�سلك‪-‬‬ ‫الديكوباج �شارك فى املعر�ض الفنان جالل جمعة‬ ‫(ت�شكيل بال�سلك) والفنانة فريال عبا�س (بات�ش‬ ‫وورك)الفنانة امانى زكريا (ديكوباج) والفنان‬ ‫التلقائى عبداملنعم (ت�شكيل بال�سلك وامل�ع��ادن)‬ ‫يهدف املعر�ض لإلقاء ال�ضوء على هذه الفنون والتى‬ ‫تعتمد فى املقام الأول على ا�ستخدام خامات ب�سيطة‬ ‫لتنفيذ �أعمال �إبداعية وفنية راقية‪ ،‬كما يتيح املركز‬ ‫الفر�صه لتعليم هذه الفنون من خالل ور�ش تدريبية‬ ‫يقيمها حتت �إ�شراف ه�ؤالء الفنانني‪.‬‬ ‫ً‬ ‫والفنان جالل جمعة يبدع �أعماال فنية متميزة‬

‫من خالل الت�شكيل بال�سلك مراع ًيا الن�سب والت�شريح‬ ‫ومعرب ًا عن احلركة حمدث ًا مو�سيقى راقية نابعة‬ ‫من كل عمل‪ ،‬وهو حا�صل على بكالوريو�س الفنون‬ ‫التطبيقية ق�سم الأث��اث والت�صميم الداخلى �شعبة‬ ‫ديكور له الكثري من املعار�ض الداخلية واخلارجية‪.‬‬ ‫�أم��ا الفنانة فريال عــبا�س فقد تخرجت من‬ ‫كلية الفنون اجلميلة تخ�ص�صت فى الأعمال الفنية‬ ‫بجميع �أن��واع�ه��ا ولكنها رك��زت جهدها ف��ى تنفيذ‬ ‫لوحات منها الر�سم على احلرير ولوحات البات�ش‬ ‫وورك واحل�ف��ر على اخل�شب واحل ��رق على اجللد‬ ‫اخلام وت�صميم وتنفيذ العرائ�س ب�أنواعها‪ .‬وتقوم‬ ‫ب��إع��ادة �صياغة بقايا قطع القما�ش ال�صغرية فى‬ ‫�أ�شكال فنية واال�ستفادة منها فى عمل تابلوهات‬

‫ومفرو�شات واملالب�س بكل �أنواعها‬ ‫والفنانة �أم�ـ��ان��ى زكريـا حـامد حا�صلة على‬ ‫بكالوريو�س جت��ارة ق�سم حما�سبة‪ -‬دب�ل��وم االدب‬ ‫الفرن�سي‪ -‬دورات تدريبة ف��ى ف��ن الديكوباج �أو‬ ‫الت�صوير املج�سم‪� ،‬أق��ام��ت العديد م��ن املعار�ض‬ ‫اخلا�صة واجلماعية فى كل من (الأوبرا – اجلامعة‬ ‫الأملانية – ال�سفارة الأمريكية – م�سرح اجلمهورية‬ ‫– �ساقية ال�صاوى – نادى ال�صيد)‪.‬‬ ‫�أم��ا عبد املنعم ال��دم��ردا���ش فهو فنان تلقائى‬ ‫بد�أ جتربته منذ �سنوات فى ا�ستغالل بقايا ال�سلك‬ ‫فى عمل تكوينات �إبداعيه جم�سمة جديدة ‪� .‬شارك‬ ‫فى العديد من املعار�ض اجلماعية بالإ�ضافة �إىل‬ ‫املعار�ض اخلا�صة ب�ساقية ال�صاوى ‪ -‬قبة الغورى‪.‬‬

‫العدد الحادي و الثالثون ‪ -‬أكتوبر ‪2012‬‬

‫‪v‬‬

‫‪63‬‬


‫عرب وعبد الرحمن يفتتحا قصر ثقافة بنها‬

‫أخبـــــــــــــار‬ ‫قصور الثقافة‬

‫افتتح د‪ .‬حممد �صابر عرب وزي��ر الثقافة وال�شاعر �سعد‬ ‫عبد الرحمن رئي�س الهيئة العامة لق�صور الثقافة ق�صر ثقافة‬ ‫بنها بعد انتهاء �أعمال التطوير به‪ ،‬وذلك بح�ضور اللواء حممد‬ ‫الكيكى �سكرتري عام حمافظ القليوبية نائبـ ًا عن اللـواء عـادل‬ ‫زايد حمافظ القليوبية واملهند�س �أحمد ع�صمت رئي�س جمل�س‬ ‫مدينة بنها ود‪ .‬حممد ر�ضا ال�شينى نائب رئي�س الهيئة والكاتب‬ ‫يو�سف القعيد وقيادات ال��وزارة والهيئة واملحافظة ولفيف من‬ ‫ال�صحفيني والإعالميني‪.‬‬ ‫ب��د�أت فعاليات االفتتاح با�ستقبال فرقة �شبني القناطر‬ ‫للآالت ال�شعبية وفرقة التنورة لل�ضيوف بالطبل واملزمار البلدى‪،‬‬ ‫تال ذلك �إزاحة ال�ستار عن لوحة افتتاح الق�صر‪ ،‬كما مت عر�ض‬ ‫فيلم ت�سجيلى ملدة ثمانى دقائق عن ق�صر ثقافة بنها بعد تطويره‪،‬‬ ‫والذى �أُن�شئ عام ‪ 1966‬ومت جتديده لأول مرة عام ‪ ،1994‬وقد‬ ‫�أُقيم الق�صر على م�ساحة ‪ 2225‬م‪ 2‬منها م�ساحة ‪ 400‬م‪� 2‬أُقيم‬ ‫عليها ق�صر ثقافة للطفل وبلغت تكلفة �أعمال التطوير بالق�صر‬

‫مناقشة سبل تطوير قصور الثقافة‬ ‫و فى �إط��ار �سيا�سة التوا�صل امل�ستمر مع قطاعات وزارة‬ ‫الثقافة‪ ،‬عقد د‪ .‬حممد �صابر عرب �إجتماع ًا بقيادات الهيئة‬ ‫العامة لق�صور الثقافة برئا�سة ال�شاعر �سعد عبد الرحمن لبحث‬ ‫�سبل تطوير �أداء الهيئة مبا يتنا�سب مع امل�سئولية التى �أُلقت عليها‬ ‫عقب ثورة اخلام�س والع�شرين من يناير املجيدة حتى تتمكن من‬ ‫تو�صيل املنتج الثقافى والفنى لكافة طوائف ال�شعب امل�صرى فى‬ ‫كافة الأقاليم مبا متلكه من امكانيات ب�شرية ومراكز ثقافية‬ ‫منت�شرة بقرى وجنوع م�صر‪.‬‬ ‫و�صرح عماد فتحى مدير عام الإعالم بالهيئة �أن االجتماع‬ ‫تناول بحث طرق زيادة الدخل املادى للعاملني بالهيئة من حيث‬

‫‪v‬‬

‫‪62‬‬

‫مبلغ ‪ 24‬مليون جنيه‪� ،‬أعقب ذلك تفقد احل�ضور للق�صر حيث‬ ‫�شاهدوا قاعة التدريب على الفنون ال�شعبية ونادى املر�أة وقاعة‬ ‫تكنولوجيا املعلومات واملو�سيقى وقاعة املر�سم وانتهوا بتفقد‬ ‫مكتبة الق�صر‪.‬‬ ‫و�أك��د د‪� .‬صابر عرب على �أن الق�صر ميثل وزارة الثقافة‬ ‫وي ��ؤدى وظيفتها بكافة قطاعاتها وو�صف افتتاح الق�صر ب�أنه‬ ‫مبثابة عر�س ثقافى للجمهور مبحافظة القليوبية كما متنى �أن‬ ‫يتوا�صل هذا اجلمهور مع الق�صر‪ ،‬تال ذلك تفقد ق�صر ثقافة‬ ‫الطفل امللحق بالق�صر مبا ي�شمل من مكتبة ونادى الهوايات كما‬ ‫�شاهدوا بع�ض الرق�صات والأغانى للأطفال‪.‬‬ ‫وف��ى نهاية اجلولة افتتح ال��وزي��ر و رئي�س الهيئة معر�ض‬ ‫فن ت�شكيلى لع�شرين من فنانى حمافظة القليوبية احتوى على‬ ‫�أربعني لوحة بواقع لوحتني لكل فنان مر�سومة ب�ألوان البا�ستيل‬ ‫والأكوريل وقد �أثنوا على املعر�ض مبا يحويه من قيم فنية‪.‬‬

‫مكاف�أت نهاية اخلدمة وبدل طبيعة العمل �أ�سوة بقطاعات �أخرى‬ ‫بالوزارة‪ ،‬وكذا بحث �آلية توفري الدعم املاىل ملوزانة الهيئة حتى‬ ‫تتمكن من �إخراج �أن�شطتها على �أكمل وجه واالرتقاء بامل�ستوى‬ ‫التدريبى للعاملني و�إع��ادة النظر فى هيكلة العمالة وا�ستثمار‬ ‫العمالة الزائدة و�إع��ادة ت�أهيلهم فى التخ�ص�صات التى متثل‬ ‫عجز فى الكوادر‪.‬‬ ‫كما تطرق الإجتماع �إىل ت�أمني املواقع الثقافية �ضد �أخطار‬ ‫احلريق‪ ،‬وتوفري املخ�ص�صات املالية لإن�شاء مقر الهيئة اجلديد‬ ‫ب�أر�ض ال�سامر‪ ،‬كذلك النظر فى ت�شكيل جمل�س �أمناء للمواقع‬ ‫الثقافية‪.‬‬


‫«رسالة العصا»‬ ‫معرض أسترالى بمركز مختار الثقافى‬

‫كما �أقيم مبركز حممود خمتار الثقافى معر�ض‬ ‫«ر��س��ال��ة الع�صا» ‪ ..‬ه��وي��ة ال�سكان الأ�صليني فى‬ ‫�أ�سرتاليا احلديثة وال��ذى �إفتتح بح�ضور ال�سيد د‪.‬‬ ‫رالف كينج ال�سفري الأ�سرتاىل بالقاهرة‪ ،‬و رئي�س‬ ‫قطاع الفنون الت�شكيلية‪ ،‬و�صاحب االفتتاح فقرة‬ ‫ا�ستعرا�ضية متميزة قدمتها فرقة النوبة للفنون‬ ‫ال�شعبية‪� ،‬ضم امل�ع��ر���ض خم �ت��ارات م��ن الأع �م��ال‬ ‫الفنية التى �أبدعها ‪ 11‬فنان من �سكان �أ�سرتاليا‬ ‫الأ�صليني تعك�س ‪ 25‬عام ًا من التطورات االجتماعية‬

‫وال�سيا�سية والثقافية فى‬ ‫�أ�� �س�ت�رال� �ي���ا‪ ،‬وحت ��ر� ��ص‬ ‫ع �ل��ى ت��و��ص�ي��ل امل�ف��اه�ي��م‬ ‫ال �� �ص �ح �ي �ح��ة ع� ��ن ه��ذه‬ ‫القارة البعيدة وما مرت‬ ‫ب��ه م��ن م��راح��ل تاريخية‬ ‫خمتلفة‪ .‬ي ��أت��ى املعر�ض‬ ‫فى �إطار العالقات الثقافية بني البلدين و�سبل دعم‬ ‫التوا�صل واحلوار الثقافى واحل�ضارى بني اجلانبني‪،‬‬

‫كما ي�ساعد على تقوية وتعميق العالقة بني ال�شعبني‬ ‫ومعرفة كل منهما بالآخر‪.‬‬

‫مختارات الفن المصرى والسعودى «بمعرض المكان» بجدة‬ ‫ي�ستهل �أتيليه جدة للفنون اجلميلة ن�شاطه هذا املو�سم مبعر�ض املكان الذى‬ ‫يجمع بني �سبعة فنانني �سعوديني و�سبعة فنانني م�صريني املعر�ض والفنانون‬ ‫ال�سعودييون هم طه ال�صبان وفهد احلجيالن وعبداهلل حما�س وعبداهلل �إدري�س‬ ‫و�شاليمار �شربتلى وحنان باحمدان وم�شاعل الكليب والفنانون امل�صريون هم‬ ‫�شاكر املعداوى وح�سن را�شد وح�سن ال�شرق وعماد رزق وعلى ح�سان ونيفني‬ ‫الرفاعى وحم�سن ابو العزم‬ ‫عن املعر�ض يقول ه�شام قنديل �صاحب فكرة املعر�ض‪ :‬اخرتنا فى �أتيليه جدة‬ ‫للفنون اجلميلة �أن نبد�أ باملكان وان نحتفى باملكانة �أي�ضا فقد اخرتنا هذه املرة ‪14‬‬ ‫فنانا يقدموت �أعماال متباينة االجتاهات واملنابع وامل�شارب لكنها تلتقى فى املكان‬ ‫‪،‬هنا �سنلتقى مع �أعمال خمتارة بعناية ومنتقاه ب�أكرب درجة ممكنة من الدقة مبا‬ ‫يعك�س ت�أتثري املكان فى �أعمال الفنانني امل�شاركني‪.‬‬ ‫وي�ضيف ه�شام قنديل �أن هناك عالقة حميمية وع�شق غريزى بني الإن�سان‬ ‫وم�سقط ر�أ�سه ولأن الفنان الت�شكيلى يتمتع بقدر عال جدا من احل�سا�سية املجتمعية‬ ‫والفكرية ف�إن ت�أثري املكان قد يكون �أكرث و�ضوحا وجتليا عن غريه‪.‬‬

‫‪v‬‬

‫العدد الحادي و الثالثون ‪ -‬أكتوبر ‪2012‬‬

‫‪65‬‬


‫أمسية فنية رائعة فى إحتفال متحف محمد ناجى‬ ‫بختام ورشة «مبايعة أوزوريس»‬

‫أخبـــــــــــــارهم‬ ‫‪v‬‬

‫‪64‬‬

‫و�سط �أجواء فنية رائعة تنوعت بها املواهب واملجاالت‪ ،‬احتفل‬ ‫متحف حممد ناجى بالهرم بنتاج الور�شة الفنية التى �أقيمت‬ ‫برعاية د‪� .‬صالح املليجى رئي�س قطاع الفنون الت�شكيلية خالل‬ ‫الأجازة ال�صيفية حتت عنوان «مبايعة �أوزوري�س» وذلك م�ساء يوم‬ ‫اخلمي�س املا�ضى بح�ضور �أحمد عبدالفتاح رئي�س الإدارة املركزية‬ ‫للمتاحف واملعار�ض ولفيف من اجلمهور ورواد املتحف‪.‬‬ ‫متيزت االحتفالية بتنوع املعرو�ض الفنى الذى قدمه الأطفال‬ ‫امل�شرتكني بالور�شة والذين بلغ عددهم ‪ 36‬طفل ما بني معر�ض‬ ‫فنى ت�ضمن عر�ض جداريات �صاغوا من خاللها مراحل خمتلفة‬ ‫من تاريخ م�صر عرب خمتلف الع�صور‪ ،‬وكان املردود الفنى رفيع‬ ‫امل�ستوى �أبرز مدى ت�شبعهم وا�ستيعابهم لربنامج الور�شة وحتقيق‬

‫�أهدافها فى تنمية مواهبهم الفنية ورعايتها‪.‬‬ ‫كما ت�ضمن برنامج احلفل عر�ض م�سرحى من ت�أليف و�أداء‬ ‫جمموعة الأطفال امل�شاركني تناول ال�صعوبات والتحديات التى‬ ‫تواجه املجتمع امل�صرى عرب عن ر�ؤيتهم لها ومعاي�شتهم اليومية‬ ‫للمناخ ال�سيا�سى و�أظهر مدى �إدراكهم ووعيهم بهموم الوطن‬ ‫وق�ضاياه‪ ،‬وقد القى العر�ض �إعجاب وت�شجيع جمهور العر�ض الذى‬ ‫�أكد على جناح التجربة و�أهمية تكرارها ك�أحد مكت�سبات ال�شعب‬ ‫امل�صرى وحقه فى مناق�شة ق�ضاياه على كافة امل�ستويات ال�سيما‬ ‫الأطفال �أمل وم�ستقبل م�صر لغر�س جذور االنتماء وامل�سئولية بهم‬ ‫منذ ال�صغر‪.‬‬

‫جناح مصرى متميز ببينالى فيسنيا للعمارة‬ ‫ا�ستطاع اجلناح امل�صرى امل�شارك ببيناىل فين�سيا للعمارة‬ ‫الثالث ع�شر ب�إيطاليا �أن يربز ك�أحد �أجمل الأعمال التى نالت‬ ‫�إعجاب اجلمهور وحر�ص على متابعتها‪ ،‬وذلك بف�ضل امل�شروع‬ ‫املتميز لقومي�سيري اجل �ن��اح فى‬ ‫هذه الدورة املهند�س جمال عامر‬ ‫و طارق املر م�ساعد القوم�سري وهو‬ ‫امل�شروع الذى القى الدعم الكامل‬ ‫من قبل وزارة الثقافة بقطاعاتها‬ ‫امل�خ�ت�ل�ف��ة ف��ى م�ق��دم�ت�ه��ا ال�ف�ن��ون‬ ‫الت�شكيلية وجميع اجلهات املعنية‬ ‫ح�ي��ث ��س�خ��رت ك��اف��ة الإم �ك��ان��ات‬ ‫املادية والفنية لتنفيذه والإنتهاء‬ ‫منه فى وقت قيا�سى مل يتعد �أ�سبوع‬

‫وقد �شهد افتتاح اجلناح الوزير املفو�ض عالء ر�شدى نائب ًا عن‬ ‫�سفري جمهورية م�صر العربية ب�إيطاليا‪.‬‬ ‫ويقول جمال عامر �أن امل�شروع ا�ستلهم من مفاهيم احلركة‬ ‫وال��دوران وال�صعود تلك املبادئ‬ ‫الأ�� �س ��ا�� �س� �ي ��ة ل��ل��ك��ون واحل� �ي ��اة‬ ‫واحل���ض��ارات الب�شرية ب��دء ًا من‬ ‫ح��رك��ة امل �ج��رات وال �ك��واك��ب مبا‬ ‫فى ذل��ك الأر���ض و��ص��و ًال حلركة‬ ‫الإل �ك�ترون �ي��ات ف��ى ال� ��ذرة‪ ،‬وهى‬ ‫حركة متثل بت�سارعها وتتابعها‬ ‫احل� �ي ��اة ت �ت��وال��د وت �ت �ع��اق��ب بها‬ ‫الأجيال جيل وراء جيل‪ ،‬ومفرداته‬ ‫امل�صرية الأ�صيلة‪.‬‬


‫ون�شاطاته الفنية خ�لال تلك الفرتة‪ ،‬وبعد انتهاء‬ ‫درا�سته هناك در���س فن املوزاييك ‪ Mosaic‬فى‬ ‫�أك��ادمي�ي��ة رافينا ‪ Ravenna‬ال�شهرية وك��ان �أول‬ ‫م�صرى يدر�س هذا النوع من الفن‪.‬‬ ‫خالل تواجده فى فين�سيا قابل «عمر النجدي»‬ ‫حيث ك��ان ي��در���س معه‪ ،‬ث��م ان�ضم �إليهم الزميل‬ ‫الراحل «كمال ال�سراج» و�أ�صبح «زكريا» م�شهور ًا‬ ‫بفيني�سيا حيث كان ا�سم «زكريا» متداو ًال فى �إيطاليا‬ ‫ن�سبة �إىل ال�ق��د���س ‪ San Zaccaraia‬وف��ى تلك‬ ‫الفرتة كانت هناك خطوط مالحية بني الإ�سكندرية‬ ‫وفيني�سيا وكان كثري من الأدب��اء والفنانني يذهبون‬ ‫�إىل فيني�سيا‪ ،‬وق��د قابل �أثناء وج��وده فى �إيطاليا‬ ‫الأديب الكبري «�أني�س من�صور» والفنان «كرم مطاوع»‬ ‫وغريهم‪ ،‬وقد �أحب «زكريا» فتاة �إيطالية حب ًا عميق ًا‬ ‫ولكنها فج�أة تزوجت من �شاب �آخر �إيطاىل فحزن‬ ‫حزن ًا عميق ًا و�ساعده «كمال ال�سراج» فى اخلروج من‬ ‫تلك الأزمة‪ ،‬ثم تعافى �سريع ًا وتزوج من فتاة �إيطالية‬ ‫�أخرى ورزقا بـ «ندا و�سارة ويحيى»‪ ،‬و�أ�صبح «زكريا»‬ ‫حديث الو�سط الفنى بزواجه وب�أ�سلوب حياته‪ ،‬حيث‬ ‫كان ي�ستخدم الدراجة «الب�سكلتة» كو�سيلة موا�صالته‬ ‫للح�ضور �إىل الكلية �أو ح�ضور املعار�ض الفنية‪ ،‬وكان‬ ‫الفنان «جمال ال�سجيني» يحذو حذو «زكريا» فى‬ ‫احل�ضور للكلية بالدراجة‪.‬‬ ‫كانت �أعمال «زكريا» خالل فرتة البعثة مبهرة‬ ‫بالن�سبة للجميع حيث ر�سم مناظر من فيني�سيا‬ ‫من منظور «عني الطائر» ب�شكل �أقرب �إىل التجريد‬ ‫وب�ساطة فى الأداء و�ألوان نقية �شفافة‪ ،‬وكان الأزرق‬ ‫وال��وردى والأ��س��ود هى الأل��وان املف�ضلة له فى تلك‬ ‫املرحلة‪ ،‬وكانت تلك جتربة ثرية من حيث املعادل‬ ‫املو�ضوعى وتلخي�صه لكثري من الأ�شكال وبعيد ًا عن‬ ‫البعد الثالث‪ ،‬وا�ستطاع �أن ميزج انبهاره بالعمارة‬ ‫الأوروبية مع موروثه الثقافى من الفنون املعمارية‬ ‫الإ�سالمية‪� ،‬إىل جانب و�ضوح الر�ؤية احلديثة للواقع‬ ‫املعا�ش مع تناغم حركة اللون والتعبري عن الدراما‬ ‫الناجتة من ا�ستعمال الأ�سود والأزرق‪ ،‬وكانت �أعماله‬ ‫التى نفذها ف��ى رافينا باملوزاييك جتربة فريدة‬ ‫بالن�سبة لزمالئه ولقد ا�ستفدنا كثري ًا بتجربته فى‬ ‫�إن�شاء �شعبة الت�صوير اجلدارى بالكلية‪.‬‬ ‫�إن حركة الفن الت�شكيلى فى نهاية ال�ستينيات‬ ‫وب �ع��د ح��رب ‪ 1967‬ت��رك��ت ح��ال��ة م��ن ال��رغ�ب��ة فى‬ ‫الهروب بعيد ًا عن �أ�سباب الهزمية‪ ،‬واجته «زكريا»‬ ‫الزينى نحو التعاي�ش مع مفردات الفن ال�شعبى وهى‬

‫باقة زهور‬ ‫بني الهند�سى و الع�ضوى‬

‫«العرو�سة احلالوة» وك ّون لنف�سه عرو�سة مبقايي�س‬ ‫خا�صة و�ألوان �شفافة �أقرب �إىل �ألوان البا�ستيل مع‬ ‫جت�سيد �شكل ‪ Form‬ح��دي��ث‪ ،‬وج��دي��ر بالذكر �أن‬ ‫الفنان الإيطاىل كامبيللى ‪ Cambelli‬كان له بع�ض‬ ‫الت�أثري على كل من «�سيد عبدالر�سول» و «زكريا‬ ‫الزيني» و�إحقاق ًا للحق ف�إن كامبيللى قد ت�أثر ببع�ض‬ ‫الت�أثريات ال�شرقية‪.‬‬ ‫�صندوق الزبالة‬ ‫كانت جمموعة «�صندوق الزبالة» من التجارب‬ ‫الفنية التى �أث��رت على م�سرية الزينى حيث قام‬

‫بتج�سيد �صندوق القمامة الرمادى اللون وو�ضع فوق‬ ‫ال�صندوق �صور فوتوغرافية لأ�شخا�ص وعندما يقف‬ ‫املتلقى �أمام العمل الفنى يرى �صورته فى �صندوق‬ ‫القمامة‪ ،‬وك�أنه �أراد �أن ندرك جميع ًا �أننا �شركاء فى‬ ‫نك�سة الوطن‪.‬‬ ‫فى تلك املرحلة ر�سم الفنان �أي�ض ًا علب ال�سلمون‬ ‫الفارغة و�أ�صبحت بذلك هى البطل الرئي�سى فى‬ ‫العمل الفني‪ ،‬وقد حاول �أن يج�سد بواقعية �شديدة‬ ‫ال�شكل وال�ك�ت��اب��ات املطبوعة على تلك النفايات‬ ‫و�أ�صبحت هى العن�صر الرئي�سى والبطل فى العمل‬

‫العدد الحادي و الثالثون ‪ -‬أكتوبر ‪2012‬‬

‫‪v‬‬

‫‪67‬‬


‫ت�شكيل جتريدى فى �إيقاع هند�سى‬

‫حكايات وذكريات الفن‬

‫زهور زكريا الزينى ‪ ..‬وبانوراما ‪ 6‬أكتوبر‬ ‫تعرفت عليه ف��ى م�ي��دان ال�سيدة زينب عند‬ ‫موقف �أوتوبي�س رقم (‪ )13‬حيث يبد�أ خط ال�سري من‬ ‫ميدان ال�سيدة وحتى الزمالك‪ ،‬وكان ذلك فى بداية‬ ‫العام الدرا�سى فى ‪ ،1955‬كان طويل القامة ذو �أنف‬ ‫قوقازى و�شعر مموج كثيف ونظارات طبية‪ ،‬و بادر‬ ‫ب�س�ؤاىل «�أنت رايح فنون جميلة» فقلت له «نعم»‪ ،‬ثم‬ ‫ركبنا الأوتوبي�س وانطلقنا �إىل عامل الفن‪.‬‬ ‫�أثناء الدرا�سة كان مرح ًا خفيف الظل ويبدو‬ ‫للوهلة الأوىل �أك�ث�ر خ�ب�رة ف��ى جم��ال الت�صوير‬ ‫والنحت‪ ،‬و�أث�ن��اء الدرا�سة بق�سم الت�صوير ب��د�أت‬ ‫‪v‬‬

‫‪66‬‬

‫مالمح ال�شخ�صية الفنية تظهر بو�ضوح‪ ،‬حيث كان‬ ‫ي�سكن فى �شارع خريت امل�ؤدى �إىل ميدان الظوغلي‪،‬‬ ‫وك��ان ذلك احلى مليء باحليوية ال�شعبية واملبانى‬ ‫الإ�سالمية الأثرية‪ ،‬كما �أن مولد ال�سيدة زينب فى‬ ‫ذلك الوقت كان حدث ًا مهيب ًا ي�أتى �إليه النا�س من‬ ‫ال�صعيد ليذكروا اهلل فى جماعات‪ ،‬وكانت الفنون‬ ‫ال�شعبية حتتل جانب ًا كبري ًا من املوالد بالإ�ضافة �إىل‬ ‫بع�ض الألعاب ال�شهرية مثل «ن�شن مظبوط تك�سب»‬ ‫و «�شجيع ال�سيما» وال�سريك و «امل��ر�أة الكهربائية»‬ ‫واملواويل ال�شعبية وخيام الراق�صات‪.‬‬

‫د‪�:‬أحمد نبيل‬

‫كان هذا هو العامل الذى �شكل الر�ؤية الفنية‬ ‫لـ «زكريا الزيني» و»عبد الهادى اجل��زار» و «حامد‬ ‫ندا» وكثريون �آخرون كان الواقع �أكرث �سريالية من‬ ‫�أعمالهم‪ ،‬وكان م�شروع تخرج «زكريا الزيني» عبارة‬ ‫عن م�شاهد من موالد ال�سيدة زينب وقد نال عنه‬ ‫درجة االمتياز فى عام ‪.1960‬‬ ‫ثم ُعني معيد ًا بق�سم الت�صوير ثم �سافر �إىل‬ ‫�إيطاليا فى بعثة درا�سية مبدينة فيني�سيا ‪Venice‬‬ ‫وك �ن��ا ن�ت��اب��ع �أخ� �ب ��اره ورح�ل�ات��ه م��ن خ�ل�ال بع�ض‬ ‫املرا�سالت التى كانت حتتوى على �صور لأعماله‬


‫عرو�سة من الطقو�س ال�شعبية‬ ‫«فازت بجائزة بيناىل‬ ‫اال�سكندرية الدوىل فى‬ ‫الت�صوير»‬

‫ك��ان الفنان «زك��ري��ا» يعي�ش حياة الفنان فى‬ ‫حياته اخلا�صة مثل بيكا�سو ‪ Picasso‬و�سلفادور‬ ‫داىل ‪ Dali‬وغريهم‪ ،‬وكان مرتبط ًا بتالميذه ب�شكل‬ ‫كبري وكانت مكتبته مفتوحة لطالبه وزمالئه‪ ،‬وكان‬ ‫يجيد اللغة الإيطالية وكان ق� ً‬ ‫�ارئ جيد ًا للكثري من‬ ‫كتب الفقه الإ�سالمي‪ ،‬فقد كان متدين ًا وثيق ال�صلة‬ ‫ب��اهلل من الداخل لكنه علمانى املظهر‪ ،‬ك��رمي �إىل‬ ‫درجة البذخ ودود وعطوف وفى �أحد الأيام �أخربنى‬ ‫«عاوز �ألف جنيه �أنا ا�شرتكت لك فى النادى الأهلي»‪،‬‬ ‫وكان �ضد البريوقراطية وذلك عندما توىل من�صب‬ ‫رئا�سة الق�سم ووكيل الكلية‪ ،‬وكان عا�شق ًا للت�صوير‬ ‫ال�ف��وت��وغ��راف��ى بكامريته الرو�سية ال�صنع زنيت‬ ‫‪.Zenit‬‬

‫كان من امل�ؤ�س�سني الرئي�سيني ل�شعبة الت�صوير‬ ‫اجلدارى حيث كان وا�سع املعرفة بالتقنيات احلديثة‬ ‫وقد مترد على درا�سة املرا�سم فى الكلية‪ ،‬فخرجنا‬ ‫�سوي ًا �إىل الطبيعة ومناطق النحا�سني والأح�ي��اء‬ ‫ال�شعبية واملنيب حيث �صناعة املراكب‪ ،‬مما �أ�ضاف‬ ‫كثري ًا لطالب تلك املرحلة مثل تو�سيع زاوية الر�ؤية‬ ‫الفنية والإح�سا�س بحركة ال�شارع وحركة ال�ضوء‬ ‫املتغري واملنظور اللونى والأي ��دى العاملة ورائحة‬ ‫املكان وال��زم��ان‪ ،‬وك��ان حمب ًا للرحالت وقد ذهبنا‬ ‫�سوي ًا ومعنا الفنان «ممدوح عمار» �إىل ال�شيخ زويد‬ ‫ورفح امل�صرية والعري�ش وكانت جتربة ثرية وممتعة‪.‬‬ ‫رحم اهلل الفنان الكبري وامل�صور حتى النخاع‪.‬‬ ‫‪v‬‬

‫العدد الحادي و الثالثون ‪ -‬أكتوبر ‪2012‬‬

‫‪69‬‬


‫كره و زهور‬

‫الفني‪ ،‬كما قام بتق�سيم �سطح اللوحة �إىل مربعات‬ ‫جت�سد فكرة االنف�صال والتباعد وع��دم التوافق‪،‬‬ ‫وفى مرحلة �أخرى اهتم «زكريا» باجلانب ال�سيا�سى‬ ‫املتمثل فى العرو�سة الورق التى تو�ضع فى الأحجية‬ ‫امل�ستعملة فى ال�سحر وال�شعوذة‪ ،‬وق��د ر�سم عدة‬ ‫عرائ�س من ال��ورق على خلفية �سوداء و�أطلق ا�سم‬ ‫«الزعيم» على تلك املجموعة وكان يقول �أن الزعيم‬ ‫حتركه جمموعة من اخليوط الرفيعة‪.‬‬ ‫جمموعة الزار‬ ‫كان املنزل ال��ذى ي�سكن فيه الفنان فى �شارع‬ ‫خريت يقام فيه زار كل يوم ثالثاء فى البهو الداخلى‬ ‫وكنت �أنا والزميل الفنان «�شعبان م�شعل» نحر�ص‬ ‫على ح�ضور ال��زار �أ�سبوعي ًا وكانت ال�سيدات فى‬ ‫‪v‬‬

‫‪68‬‬

‫منتهى الأناقة وذلك قبل الدخول فى حلبة الزار‪،‬‬ ‫ومع ارتفاع �صوت املو�سيقى ال�صاخبة ذات الطابع‬ ‫الأفريقى و «املعزة �أم رجل واحدة» والديك الأخ�ضر‬ ‫وعازفى الطبول من الرجال ذوى ال�شعر الطويل‬ ‫وال��دخ��ان ال��ذى مي�ل�أ املكان فيتغري احل��ال �سريع ًا‬ ‫وي�صبح الكل من عفاريت جهنم‪ ،‬املهم عاد «زكريا»‬ ‫لذكرياته عن تلك املرحلة ور�سم جمموعة هائلة من‬ ‫الراق�صات البدينات ذوات ال�شعر املنكو�ش واملنديل‬ ‫«�أب��و �أوي��ة» وهن يرق�صن ب�شكل تعبريى فوق موقد‬ ‫النار وهنا �أ�صبحت الكثافة فى منتهى الثقل وك�أن‬ ‫الأر�ض تهتز من حتت �أقدامهن‪.‬‬ ‫مرحلة املنظر من القاهرة الفاطمية‬ ‫ك��ان يع�شق ح ��وارى اجلمالية وخ��ان اخلليلى‬

‫وال ��دروب ال�ضيقة وامل�شربيات وعنا�صر العمارة‬ ‫الإ�سالمية وحركة الظل والنور‪ ،‬و�أهم ما ميز تلك‬ ‫املرحلة الكثافة اللونية فى مناطق ال�ضوء حيث يقوم‬ ‫ب�إعداد اللون بكثافة ثم ي�ضعه فى مناطق ال�ضوء‪،‬‬ ‫وم��ن امل�ع��روف �أك��ادمي�ي� ًا �أن مناطق الظالل يجب‬ ‫�أن يكون اللون خفيف حتى ال يعك�س ال�ضوء ويبقى‬ ‫اللون ال��وردى هو امل�سيطر على م�ساحات ال�ضوء‬ ‫وكان «زكريا» يعود لر�سم املنظر كلما كان يحتاج �إىل‬ ‫ال�سيولة النقدية‪.‬‬ ‫مرحلة الزهور‬ ‫يعد الفنان «زكريا الزيني» �صاحب ر�ؤية خا�صة‬ ‫جد ًا فى تعامله مع الزهور والنباتات ب�شكل خا�ص‪،‬‬ ‫ومتيزت تلك املرحلة بتب�سيط الأ�شكال �إىل �أق�صى‬ ‫درجة‪ ،‬وقد حطم نظرية املنظور الهند�سى واحرتم‬ ‫م�سطح اللوحة دون خ��داع ب�صرى واعتمد ب�شكل‬ ‫�أ�سا�سى على حركة �أوراق الزهرة وت�أثريها اللوين‪،‬‬ ‫وكانت م�ساحات تلك املرحلة �صغرية �إىل حد ما‬ ‫وكانت زهور فان جوخ ‪ Van Gogh‬تفي�ض باحليوية‬ ‫والتعبريية والكثافة اللونية ومل�سات الفر�شاة املحملة‬ ‫بالعبقرية الت�صويرية‪ ،‬وكانت زهور «زكريا» ت�شكل‬ ‫اجتاه ًا �آخر به قدر كبري من الرومان�سية فى احلركة‬ ‫وال�ل��ون والأداء الب�سيط ال��ذى ات�سم بالأ�ستاذية‬ ‫الت�صويرية‪.‬‬ ‫در�س «زكريا» فن الف�سيف�ساء فى �إيطاليا كما‬ ‫�سبق و�أ� �ش��رت وك��ان��ت �أعماله التى نفذها مذهلة‬ ‫وكانت تعرب عن �أحدث ما و�صل �إليه ذلك النوع من‬ ‫الفن فى �أوروبا‪ ،‬وقد قمنا �سوي ًا بتنفيذ جدارية فى‬ ‫مبنى بانوراما ال�ساد�س من �أكتوبر والتى جت�سد‬ ‫القائد الأعلى للقوات امل�سلحة الرئي�س ال�سادات‬ ‫مع ق��ادة الأف��رع مثل املدفعية والطريان والبحرية‬ ‫والدفاع اجل��وى وك��ان ال�سادات ينظر �إىل خريطة‬ ‫م�صر‪ ،‬وقد حاولنا �أن جن�سد املالمح ال�شخ�صية‬ ‫لكل قائد مع الرتكيز ال�شديد على االنتباه ملا يدور‬ ‫م��ن ح��وار وك��ان��ت امل�ساحة ح��واىل ‪24‬م�تر م�سطح‬ ‫وقد ا�شرتك فى هذا العمل الفنان «زكريا الزيني»‬ ‫والفنان ال��راح��ل «مم��دوح عمار» و»ري��ا���ض �سعيد»‬ ‫و»�أحمد نبيل» وجمموعة من �شباب �شعبة الت�صوير‬ ‫اجلدارى كما ت�شاركنا فى تنفيذ اللوحات اجلدارية‬ ‫فى حمطة ال�سادات (التحرير) وك��ان العمل من‬ ‫ت�صميم الفنان الكبري «�صالح عبدالكرمي» ومتثل‬ ‫اللوحات م�شاهد من �أ�شهر اللوحات الفرعونية‪.‬‬ ‫اجلوانب ال�شخ�صية‬


‫الفنان ممدوح الكوك‬

‫‪v‬‬

‫العدد الحادي و الثالثون ‪ -‬أكتوبر ‪2012‬‬

‫‪71‬‬


‫فنانى األقاليم‬

‫ممدوح الكوك‬ ‫«شرح العمل الفنى يفقده معناه»‬

‫فن النحت من الفنون القدمية ق��دم الإن�سان‬ ‫فهو �أق��دم من فن الت�صوير مث ًال فالإن�سان �أق��در‬ ‫على التعبري النحتى ع��ن التعبري بالر�سم‪ ،‬وفن‬ ‫النحت يتعامل مع املج�سمات الثالثية الأبعاد على‬ ‫العك�س م��ن الر�سم والت�صوير ال��ذى يتعامل مع‬ ‫الأب �ع��اد الثنائية وميكننا �أن جن��د من��اذج النحت‬ ‫فى احل�ضارات القدمية باختالف �أ�شكاله ومنها‬ ‫احل�ضارات الفرعونية والرومانية واليونانية التى‬ ‫جن��د فيها ف��ن النحت م��ن �أك�ث�ر الفنون انت�شار ًا‬ ‫وت�ع�ب�ير ًا ع��ن اجل��و املحيط م��ع اخ �ت�لاف الغر�ض‬ ‫من ا�ستخدام هذا الفن وعادة كان املق�صود منها‬ ‫النواحى الدينية للتعبري عن الآلهة املختلفة اخلا�صة‬ ‫بهم‪ .‬و�أي���ض� ًا جن��د انت�شار ف��ن النحت ف��ى ع�صر‬ ‫النه�ضة والباروك ووج��ود نحاتني عظام‪ ،‬و�إن كان‬ ‫ا�ستخدام فن النحت فى ع�صورنا احلالية الغر�ض‬ ‫منه �أ�سا�س ًا الإبداع الفنى وتو�صيل ر�سالة معينة �إىل‬ ‫اجلمهور باختالف الأ�سلوب امل�ستخدم فيه �سوا ًء كان‬ ‫التجريدى �أو الهند�سى �أو الأكادميى ‪� ..‬إىل �آخره من‬ ‫مدار�س الفن احلديثة‪.‬‬ ‫«مم� ��دوح حم�م��د ��س�ل�ط��ان ال� �ك ��وك» و�شهرته‬ ‫«مم��دوح ال�ك��وك» من الفنانني الذين مل تبهرهم‬ ‫�أ� �ض��واء املدينة و�آث��ر احل�ي��اة ف��ى ه��دوء بعيد ًا عن‬ ‫ال�صخب وت�ضارب امل�صالح والطاحونة الدائرة‬ ‫بالعا�صمة‪ ،‬فاتخذ من حمافظة �أ�سيوط �ش ّباك ًا يطل‬ ‫منه على ما يحدث من تغريات فى العامل �أجمع وهو‬ ‫لي�س الفنان الوحيد الذى فعل ذلك فقد �سبقه �إىل‬ ‫ذلك فنان الأكوريل (الألوان املائية) العظيم «بخيت‬ ‫ف��راج» وامل�صور «�سعد زغلول» والنحات «من�صور‬ ‫املن�سي» وقد �سبقهم لفرتة «هبة عنايت» ثم «عدىل‬ ‫رزق اهلل» ثم «على �إ�سماعيل» ثم «ح�سن خليفة»‪.‬‬ ‫ متى بد�أت رحلتك مع الت�شكيل؟‬‫من الطبيعى �أن الأطفال جميع ًا يحبون الر�سم‬ ‫ف��ى امل��راح��ل الأوىل م��ن �أع�م��اره��م و�أن ��ا �شخ�صي ًا‬ ‫‪v‬‬

‫‪70‬‬

‫كنت �أر�سم الأ�ساتذة ب�شكل كاريكاتريى على ظهر‬ ‫ال�ك��را��س��ات وك��ان ذل��ك �سبب ًا ف��ى �إث��اب�ت��ى �أح�ي��ان� ًا‬ ‫ومعاقبتى �أحيان ًا �أخرى‪� ،‬أما النحت فلم �أعلم عنه‬ ‫�شيء �إال ف��ى كلية الفنون اجلميلة‪ ،‬وف��ى املرحلة‬ ‫الثانوية ك��ان م��در���س الر�سم يهتم ب��ى �شخ�صي ًا‬ ‫وي�شجعنى ومعجب جد ًا بر�سوماتى‪.‬‬ ‫وعن مرحلة الدرا�سة اجلامعية يقول‪:‬‬ ‫�أن ��ا م��ن �أول دف �ع��ة ت�خ��رج��ت ف��ى ف �ن��ون املنيا‬

‫�أمين هالل‬

‫وكان وقتها جدول الدرا�سة يومني ت�صوير ويومني‬ ‫جرافيك‪� ،‬أم��ا النحت فهو يوم عملى وك��ان الفنان‬ ‫«�شريف عبد البديع» �أ�ستاذ النحت‪ ،‬وكذلك الدكتور‬ ‫«م�أمون ال�شيخ» وب��د�أت ميوىل تظهر فى النحت‪..‬‬ ‫وفى نهاية ال�سنة الإع��دادى بالكلية كتبت الثالث‬ ‫رغبات نحت‪.‬‬ ‫وعن �أول معر�ض‬ ‫يقول الكوك �أن �أول معر�ض لنا عندما كنت‬ ‫فى ال�سنة الثانية بالكلية وك��ان معر�ض ًا م�شرتك ًا‬ ‫مع الفنان «�إي�ه��اب الأ�سيوطي» و»خم�ت��ار النادي»‬ ‫وبالت�شاور مع الدكتور «م�أمون ال�شيخ» وقام بحجز‬ ‫قاعة ب�أتيليه القاهرة با�سمه �شخ�صي ًا حيث �أننا‬ ‫مازلنا طالب وال يجوز لنا حجز قاعة فى الأتيليه‪،‬‬ ‫�أقمنا معر�ض ًا ب�أتيليه القاهرة وفى هذه الأثناء كان‬ ‫هناك معر�ض ًا للفنانني الرواد بالإ�سكندرية‪« ،‬مرمي‬ ‫عبدالعليم» جرافيك و»�أحمد �شيحا» ت�صوير و»�أحمد‬ ‫عبد ال��وه��اب» نحت‪ ،‬وك��ان �سيفتتح املعر�ض لهم‬ ‫الأدي��ب «يو�سف �إدري�س» وال�صحفى «كمال املالخ»‬ ‫وبامل�صادفة افتتحوا معر�ضنا �أي�ض ًا‪.‬‬ ‫وق��د ح�ضر املعر�ض بال�صدفة الناقد «ح�سن‬ ‫عثمان» و�أ�شاد بالأعمال ما عدا قطعة واحدة و�إذا‬ ‫به يقول �أن هذه القطعة (واقعة) و�إذا بى �أنادى على‬ ‫خمتار «هات الكاراتني ع�شان نلم ال�شغل ومن�شي»‬ ‫ولكن مت��ت مناق�شة جميلة ع��ن احل��رك��ة املتواترة‬ ‫(املعلقة) بالقطعة التى علق عليها و�إذا به يبت�سم‬ ‫وكتب لنا كلمة جميلة بدفرت اال�ستقبال وتنب�أ لنا‬ ‫مب�ستقبل باهر وكيف �أن �أع�م��اىل تتميز باجلر�أة‬ ‫والقلق والبحث بني الكتلة والفراغ‪.‬‬ ‫م�شروع التخرج‬ ‫م�شروع التخرج اخلا�ص بى كان مو�ضوع نحتى‬ ‫يعرب عن ت�أثري دور اجلامعة فى املجتمع وعملت متثال‬ ‫قال عنه دكتور «جاهني» �أنه «�أميل �إىل الأمومة»‪.‬‬ ‫‪ -‬هل �ساهمت الكلية فى �إثراء احلركة‬


‫ب�إ�سبانيا وذهبت للفنان «عبدالقادر خمتار» لطلب‬ ‫اال�ستمارة و�إذا به يتفاج�أ بطلبى باعتبار �أنى �شاب‬ ‫�صغري وحني مل يجد معى حل من كرثة �إحلاحى عليه‬ ‫�أعطانى اال�ستمارة من منطلق «خد الورقة وام�شي»‪.‬‬ ‫وب��ال�ف�ع��ل مت��ت م�شاركتى ول�ك��ن ال�ط��ري��ف �أن‬ ‫العمل كان م�شروع من الفرقة الأوىل بالكلية و�أنهيته‬ ‫ب�صورة نهائية وك��ان الفنان «عبدالقادر خمتار»‬ ‫يقوم بفزر الأعمال‪ ..‬وقال �أنت وعبداملنعم احليوان‬ ‫�شغلكم هي�سافر واخلوف �إن �أنت اللى تك�سب‪ .‬ولكن‬ ‫للأ�سف حدثت م�شكلة من يتحمل م�صاريف ال�شحن‬ ‫هل القطاع �أم النقابة �أم الفنان؟ وبذلك ت�أخر و�صول‬ ‫الأعمال فى املوعد املحدد للجنة التحكيم واقت�صرت‬ ‫امل�شاركة بالن�سبة لنا ك�ضيوف �شرف‪.‬‬ ‫ال�صالون الأول لفنان الأقاليم ‪1997‬‬ ‫ك��ان م��ن الفعاليات املهمة التى جتمع فنانى‬ ‫الأقاليم وقد �شاركت فى �إح��دى دورات بعملني وال‬ ‫�أعلم �إذا كان مازال م�ستمر ًا �إىل الآن �أم توقف كما‬ ‫توقفت �أ�شياء كثرية‪.‬‬ ‫املعر�ض القومي‬ ‫�شاركت فى دورات عديدة وح�صلت على ميدالية‬ ‫املعر�ض ف��ى ال ��دورة الثانية ول�ك��ن م��ا يعيب هذه‬ ‫الفعاليات رغم االهتمام بها �إىل �أعلى درجة هو عدم‬ ‫ال�شفافية فى االختيار وال يعلم �أحد الأ�س�س والقواعد‬ ‫التى يتم االختيار على �أ�سا�سها و�أعتقد �أنها تبنى‬ ‫على الأهواء ال�شخ�صية‪.‬‬ ‫ كيفية امل�شاركة فى ديكور امل�سرح؟‬‫مت ذلك عن طريق الأ�صدقاء بحكم االهتمام‬ ‫بالفن واهتمامى بامل�سرح‪ ،‬كنت �أق��وم بعمل �أقنعة‬ ‫م�سرحية «حلم ليلة �صيف» و�أول م�سرحية مت تنفيذها‬ ‫كانت «عفو ًا ممنوع الت�صوير» للكاتب دكتور «ه�شام‬ ‫ال�سالمونى» و�إخراج «ح�سن الوزير» وح�صلت على‬ ‫اجل��ائ��زة الثالثة ث��م م�سرحية «هاملت ي�ستيقظ‬ ‫مت�أخر ًا» لـ «ممدوح عدوان» وهذه فزت عنها بجائزة‬ ‫املركز الثانى‪.‬‬ ‫من املظاهر التى �أرف�ضها عن افتتاح معر�ض‬ ‫هو م�صاحبة الفنان لل�ضيف (مفتتح ال�صالون)‬ ‫و�شرحه للأعمال الفنية ك ًال على حدا وذلك يقلل من‬ ‫حجم التفاعل بني العمل الفنى واملتلقى وهذا ينفى‬ ‫عن الفن احلديث �أهم �سمة من �سماته وهى قدرته‬ ‫على التعامل مع خمتلف الثقافات والر�ؤى‪.‬‬

‫االديب يو�سف ادري�س يت�أمل �أعمال الكوك‬

‫‪v‬‬

‫العدد الحادي و الثالثون ‪ -‬أكتوبر ‪2012‬‬

‫‪73‬‬


‫الفنية العقلية وتنمية املجتمع؟‬ ‫رغم وجود ال�سلبيات �إال �أن الكلية توفر املناخ‬ ‫اجليد ل�ل�إب��داع وه��ذا توقف كثري ًا على الأ�ساتذة‬ ‫القائمني على عملية التدري�س وكان ما ي�ؤثر فى دائم ًا‬ ‫هو حتديد عنوان العمل الفنى �أو فر�ض مو�ضوع معني‬ ‫على الطالب دون النظر �إىل حبهم لهذا املو�ضوع‬ ‫ومثال ذلك طلب منا ذات مرة م�شروع ا�سمه «دور‬ ‫ال�شباب فى املجتمع» ومر �أكرث من �أ�سبوع ومل �أجد‬ ‫ما يعرب عن هذا ولكن فى النهاية اهتديت �إىل فكرة‬ ‫القت �إعجاب �أ�ساتذتى ولكن يختلف الدور املنوط‬ ‫به كلية الرتبية النوعية وهو تخريج مدر�س للرتبية‬ ‫الفنية و�إذا كان هناك �شاب �أو فتاة لديهم قدرات‬ ‫خ��ارق��ة ت�ؤهله لي�صبح فنان مبدع وه��ذه �شريحة‬ ‫�صغرية وه��ذا ع��ادى لأن��ه غري مطلوب �أن تكون كل‬ ‫الدفعات فنانني لكن املجتمع فى حاجة �إىل الفنانني‬ ‫لكل منهم‪.‬‬ ‫و�إىل املدر�سني وهناك �ضرورة ٍ‬ ‫ �أهم التحوالت فى حياتك الفنية؟‬‫ف��ى ب��داي��ة احل��ي��اة ال�ف�ن�ي��ة ك��ان��ت امل �ح��اك��اة‬ ‫واال�ستغراق فى التفا�صيل هى الأ�سا�س ولكن الفن‬ ‫امل�صرى القدمي له وجه نظر �أخرى من حيث التوا�ؤم‬ ‫بني الفكرة واخلامة وهوية التخ�ص�ص والبعد عن‬ ‫اال�ستغراق فى التفا�صيل جلوهر الفكرة وكذلك‬ ‫املوائمة بني حاالت الإبداع اخلال�ص التى تعرب عن‬ ‫ذاتية الفنان وم�شاركته بفنه فى احلياة االجتماعية‬ ‫وهذه النقطة هى �أ�سا�س االحتكاك باملجتمع وق�ضايا‬ ‫الع�صر‪.‬‬ ‫ ماهى حكاية الفنان الطنطاوى؟‬‫�سببها م���ش��ارك�ت��ى ف��ى م �ع��ر���ض م��ع ال�ف�ن��ان‬ ‫«م���ص�ط�ف��ى م���ش�ع��ل» رح �م��ة اهلل ع�ل�ي��ه ف��ى قاعة‬ ‫«بورتريه» وهو من طنطا ف�شاركته اللقب‪.‬‬ ‫ م��ا ر�أي���ك مب��رك��زي��ة ال��ف��ن بالقاهرة‬‫والبعد عن الأقاليم؟‬ ‫طبيعى �أن تكون العا�صمة هى عني الأح��داث‬ ‫ولكن الفارق الن�سبى بني الأقاليم والعا�صمة جنده‬ ‫فى اجتاهات احلركة الفنية ولو �أن فنانو القاهرة‬ ‫يعودون �إىل حمافظاتهم لكان �أف�ضل لهم وخري مثال‬ ‫لذلك‪ :‬ال�سيد عبده �سليم‪ ،‬وعبدالوهاب عبداملح�سن‬ ‫من كفر ال�شيخ وبدوى �سعفان من ال�شرقية‪.‬‬ ‫ وم��اذا عن بيناىل بر�شلونة ب�إ�سبانيا‬‫‪1992‬؟‬ ‫هذا البيناىل مل يكن فى خاطرى على الإطالق‬ ‫ولكن وجدت �إع�لان بالنقابة للم�شاركة فى بيناىل‬ ‫‪v‬‬

‫‪72‬‬


‫‪v‬‬

‫العدد الحادي و الثالثون ‪ -‬أكتوبر ‪2012‬‬

‫‪75‬‬


‫فن تلقائى‬

‫وثقتها جدران المنازل البسيطة‬

‫رحلة الحج فى عيون الفنانين‬

‫فري�ضة احلج �أحد �أهم الفرائ�ض التى فر�ضها اهلل على امل�سلمني ملن‬ ‫ا�ستطاع �إليه �سبي ًال و�أدائها ميثل فرحة بالغة مل�ؤديها و�أ�سرته التى تودعه‬ ‫وت�ستقبله بزفة طبل بلدى بل وت�ستعني بفنان من القرية التابع لها احلاج‬ ‫ويطلق عليه خطاط لعمل ر�سومات على جدارن منزل احلاج حتمل ا�سمه‬ ‫وتاريخ الفري�ضة و�صور تعبرييه للكعبة وامل�سجد النبوى وو�سيلة ال�سفر التى‬ ‫ا�ستقلها احلاج �سواء كانت طائرة �أو باخرة �أو �أتوبي�س وتظل الر�سوم تك�سى‬ ‫جداران املنزل �إىل �أن ي�شاء اهلل‪.‬‬ ‫تك�شف هذه الر�سومات عن �إب��داع الفنان الذى ر�سمها والذى يتفنن‬ ‫فى نق�شها ليكون ر�سام القرية الأول‪ ،‬وع��ادة ت�سجيل رحلة احل��ج لها‬

‫‪v‬‬

‫‪74‬‬

‫وليد الدرملى‬

‫تاريخ‪ ‬ذكرها العديد من الكتب منها كتاب «ر�سومات احلج»‪ ‬الذى �أ�صدره‬ ‫املركز القومى للرتجمة م�ؤخر ًا وقد حرره «�أفون تيل» وت�صوير «�آن باركر»‬ ‫عام ‪ 1945‬وترجمه «ح�سن عبد ربه امل�صري» جمع الكتاب العديد من‬ ‫ال�صور التى �سجلت رحلة احلج على املنازل‪.‬‬ ‫وقد‪ ‬بد�أت‪ ‬فى م�صر بر�سم بع�ض الرموز قبل نحو مائة عام وفى ذلك‬ ‫الوقت كانت الر�سومات تغطى م�ساحات �صغرية من �أعاىل �أو مداخل البيوت‬ ‫والطرقات الحظها‪ ‬العالمة «جى �إبريز» م�ؤلف كتاب «م�صر و�صف ًا تاريخي ًا‬ ‫وت�صويري ًا» الذى ن�شره عام ‪ 1878‬ووجد «�أيبريز»‪ ‬بع�ض الر�سومات البدائية‬ ‫فوق مداخل عدد من البيوت املتوا�ضعة ت�صور اجلمل �أو ال�سفينة البخارية‬


‫عرب ال�صور املطبوعة على البطاقات الربيدية وعلى‬ ‫مغلفات كتيبات �أدل��ة ال�سائحني الفخمة املزخرفة‬ ‫وم�ؤخر ًا على ورق الربدى كان لها ت�أثري مبا�شر وغري‬ ‫م �ب��ا� �ش��ر ع �ل��ى ر� �س��وم��ات‬ ‫احل��ج‪ ،‬ي�ضاف �إىل ذلك‬ ‫قيام التليفزيون امل�صرى‬ ‫بتغطية مرا�سم احلج من‬ ‫مكة وال�شعائر املقد�سة‬ ‫الأخ� � ��رى ل �ع��دة � �س��اع��ات‬ ‫ي��وم�ي� ًا ط ��وال ف�ت�رة احل��ج‬ ‫��س��اع��د ع�ل��ى ج�ع��ل ��ص��ورة‬ ‫الكعبة امل�شرقة ومظاهر‬ ‫منا�سك �أداء الفري�ضة‬ ‫الأخ� � ��رى �أم� � ��ر ًا م ��أل��وف � ًا‬ ‫وملمو�س ًا لدى الكافة‪.‬‬ ‫وي�ؤكد كبار ال�سن من‬ ‫امل�صريني �أن�ه��م �شاهدوا‬ ‫ر�سومات احلج التى تزين‬ ‫البيوت فى مقتبل عمرهم‬ ‫و�أن �ه��ا تكاثرت منذ ذلك‬

‫احلني‪ ،‬واقت�صرت �آنذاك ر�سومات احلج على نقو�ش‬ ‫ب�سيطة ال تتعدى ا�سم احلاج وتاريخ �أدائه للفري�ضة‬ ‫وفى بع�ض الأحيان كان الر�سام ي�ضيف �آيات قر�آنية‬

‫منا�سبة يخطها ب�أحرف كبرية فى م�ساحات خالية‬ ‫من �أية ر�سومات فوق واجهة البيت‪ ،‬وهذا كان يكفى‬ ‫فى حد ذاته لإعالم العامة �أن «حاج ًا» ي�سكن هذه‬ ‫ال �ب �ن��اي��ة‪ ،‬وم ��ن املحتمل‬ ‫�أن ي �ك��ون ب�ع����ض �أف� ��راد‬ ‫الأ�سرة واحد من احلجاج‬ ‫املجهولني قد �أ�ضاف �أول‬ ‫ر�سم بدائى �إىل الزخرفة‬ ‫ال�سطحية بق�صد الإ�شارة‬ ‫�إىل رح�ل��ة مكة املقد�سة‬ ‫باعتبار �أن ال�صور توفر‬ ‫املعلومات ملن ال ي�ستطيع‬ ‫ق��راءة النقو�ش املكتوبة‪،‬‬ ‫ل��ذل��ك ي ��رى ال�ب�ع����ض �أن‬ ‫�إ��ض��اف��ة ال���ص��ور الزيتية‬ ‫لر�سومات احل��ج بغر�ض‬ ‫تعزيز فكرة ال�سفر �إىل‬ ‫مكة متثل البداية اجلادة‬ ‫لفن ر�سومات احلج‪.‬‬ ‫‪v‬‬

‫العدد الحادي و الثالثون ‪ -‬أكتوبر ‪2012‬‬

‫‪77‬‬


‫التى ا�ستخدامها �أ�صحاب البيت فى ال�سفينة �إىل‬ ‫مكة خمرتقني ال�صحراء �أو عابرين البحر الأحمر‬ ‫لأداء فري�ضة احلج‪ ،‬وبعد �أكرث من خم�سني عام ًا من‬ ‫هذا التاريخ علق «�إميل لود» فى كتابه «النيل» الذى‬ ‫�صدر عام ‪ 1930‬على هذه الر�سومات قائ ًال‪ :‬هنا‬ ‫�أحدهم ير�سم جمل بائ�س و�إىل جانبه خط �سكك‬ ‫حديدية ولكنه لي�س ذل��ك القطار الأبي�ض ال��ذى‬ ‫يراه �أربع مرات كل يوم مار ًا ب�سرعة �شديدة بجوار‬ ‫جمرى نهر النيل لأن الر�سم يعرب عن منوذج قطار‬ ‫بالغ القدم‪ ،‬رمبا يكون �أبوه قد ا�ستقله عندما �سافر‬ ‫منذ �سنوات طويلة لأداء فري�ضة احلج‪.‬‬ ‫ونرى �أن مناذج الر�سومات ال�شعبية املعا�صرة‬ ‫البالغة الروعة والتى يتتابع ظهورها ب�أعداد متزايدة‬ ‫كل عام ترجع فقط �إىل �أجيال معدودة من الفنانني‪،‬‬ ‫لذلك نالحظ �أن بيوت احلجاج التى ميكن التعرف‬ ‫عليها من الر�سومات الب�سيطة التى متيزها مل يعد‬ ‫فيها مكان ال للر�سومات املتوا�ضعة وال للجمل البائ�س‬ ‫وال لغريهما مما جاد به‪ ‬قلم م�ؤلف كتاب «النيل»‪.‬‬ ‫ر�سومات احلج‬ ‫ولذا ال ي�ستطيع �أحد �أن يحدد بال�ضبط متى وال‬ ‫‪v‬‬

‫‪76‬‬

‫من �أين �أتى هذا العرف لأول مرة‪ ..‬لكن من امل�ؤكد‬ ‫�أن �أحدهم جاء‪ ‬بالفكرة فعمل على تطويرها ومن‬

‫ثم حتولت �إىل فن �شعبي‪ ،‬وعلى الرغم من ذلك‬ ‫ف�إن هناك بع�ض الآراء التى ترى �أن هذا الفن غري‬ ‫املعتاد قد حفز عليه الأتراك �إبان وقوع م�صر حتت‬ ‫حكم �إمرباطوريتهم العثمانية‪ ،‬يقابلها وجهة نظر‬ ‫تاريخية ترجح �أن تزيني بيوت م�صر بالر�سومات فن‬ ‫متتد جذوره فى حلقات تاريخها املمتدة �إىل ما قبل‬ ‫التاريخ‪.‬‬ ‫ي�ؤكد ذلك اكت�شاف‪ ‬ر�سومات الكهوف ونقو�ش‬ ‫ال�صخور والعديد من الأدلة الأثرية التى ت�شري �إىل‬ ‫بع�ض الر�سوم الدينية‪ ،‬والتى وجدت فوق واجهات‬ ‫عدد حمدود للغاية من الرتاث املعمارى الفرعوين‪،‬‬ ‫�أما خالل فرتة حكم املمالك امل�صرية املبكرة فقد‬ ‫امتازت املقابر امللكية بغزارة الر�سمات الداخلية‬ ‫التى تزينها بالأ�شكال الهريوغليفية وباملناظر التى‬ ‫تعرب عن احلياة اليومية‪� ..‬إىل جانب ذلك حر�ص‬ ‫النوبيون من �سكان جنوب ال��وادى منذ القدم على‬ ‫تد�شني‪ ‬ر�سومات احل��ج التى ن��راه��ا حولنا اليوم‬ ‫حتمل فى طياتها م�ؤ�شرات ودالئ��ل ه��ذه ال�شهرة‪،‬‬ ‫ومن املده�ش �أن �إعادة ن�سخ فنون املقابر الفرعونية‬ ‫التى انت�شرت على نطاق وا�سع فى كل �أنحاء م�صر‬


‫وابتدائى ومدر�سة الأمرية فوزية حيث عرفت كيف‬ ‫يكون بناء الإن�سان – من خالل ا�شرتاكها فى حفالت‬ ‫املدر�سة و�أن�شطتها املختلفة من رق�ص توقيعى فى‬ ‫حفالت الأوبرا من الأن�شطة الفنية وكانت الأمريات‬ ‫يح�ضرن هذه احلفالت فى املدر�سة لت�شجيع املواهب‬ ‫عند الطالبات – وعند زيارة الأمرية فوزية للمدر�سة‬ ‫امل�سماة با�سمها ر�سمت الفنانة حياة النفو�س فى‬ ‫ذلك الوقت �صورة للأمرية فوزية و�شاه �إيران عند‬ ‫زواج�ه�م��ا وه��ى ��ص��ورة بالفحم ب�ه��ذه املنا�سبة –‬ ‫وكانت مديرة املدر�سة ال�سيدة الفا�ضلة �إن�صاف‬ ‫�سرى حرم من�صور با�شا فهمى حيث كانت املدر�سة‬ ‫فى عهدها �شعلة من الن�شاط ويرجع لها الف�ضل فى‬ ‫تنمية مواهب الطالبات فى خمتلف فروع الفن من‬ ‫ريا�ضة وعلوم و�أدب وخالفه وقد ح�صلت الفنانة فى‬ ‫عهدها على جائزة ال�شوقيات (الأج��زاء الثالثة)‬ ‫لأمري ال�شعراء �أحمد �شوقى من خالل م�سابقة فى‬ ‫ال�شعر كما �أن لأ�ستاذها فى اللغة العربية الف�ضل فى‬ ‫�أن جعلها تتقن حفظ املحفوظات وك��ان ي�شرح لها‬

‫باقتدار وله ف�ضل كبري على تنمية موهبتها بالإ�ضافة‬ ‫�إىل ذلك كان �أخيها الأكرب له �أكرب الأثر فى م�سريتها‬ ‫الفنية وكان ع�ضو ًا بارز ًا و�شخ�صية قوية فى حزب‬ ‫الوفد ويقود مظاهرات كبرية �ضد االحتالل مبدر�سة‬ ‫التوفيقية الثانوية ويقتنى �أمهات الكتب لعمالقة‬ ‫الفكر والأدب والفن و�أي�ض ًا الوالد كان ي�شرتك فى‬ ‫خدمات املدر�سة وكانت موهبته كبرية فى الأدب‬ ‫واحل���س��اب وي�شغل من�صب رئي�س قلم مب�صلحة‬ ‫الأم�لاك املقررة فى ذلك الوقت وله ت��ذوق خا�ص‬ ‫فى اختيار الألوان والإك�س�سوارات التى يقتنيها عند‬ ‫زيارته لفل�سطني �سنوي ًا �أم��ا الوالدة فكانت تختار‬ ‫لها �أفخر الثياب و�أجملها حل�ضور حفالت الأمريات‬ ‫ب��الأوب��را لتجعلها مثل العرائ�س من خالل تعاملها‬ ‫مع م�صممى �أزي��اء فرن�سيني والذين كانت تتعامل‬ ‫معهم �سيدة الغناء �أم كلثوم مما جعل �إدارة املدر�سة‬ ‫ت�شركها فى احلفالت املدر�سية من متثيل وريا�ضة‬ ‫وهوايات الر�سم بالذات وعند نهاية ال�شهادة الثانوية‬ ‫حثها �أ�ساتذة الر�سم باملدر�سة الأ�ستاذة ‪ :‬عزيزة‬

‫يو�سف على االلتحاق باملعهد العاىل للفنون اجلميلة‬ ‫ب�ب��والق لتفوقها ف��ى م��ادة الر�سم ف��ى ه��ذا املناخ‬ ‫الأ�سرى الثقافى الفنى الرتبوى ن�ش�أت حياة النفو�س‬ ‫هى وزينب عبده فكانت فى الإجازة ال�صيفية تر�سم‬ ‫�صور �شخ�صية لأق��ارب�ه��ا و�أ�صدقائها ولأخ��وات�ه��ا‬ ‫ال�صغار فى تلك املرحلة املفعمة باحلركة واحليوية‬ ‫والن�شاط بد�أت الفنانة حياة النفو�س ت�أكيد موهبتها‬ ‫املت�أ�صلة فى الفن فالتقت باملعهد ب�أ�ساتذة رائدات‬ ‫على ر�أ�سهن الفنانة القديرة زينب عبده عميدة‬ ‫املعهد والفنانة الإجنليزية القديرة مدام (رايرن)‬ ‫والفنانة �أي�ض ًا القديرة الإجنليزية مدام (راي�س)‬ ‫وم�سز (ع�ي��اد) وي��رج��ع لهن الف�ضل ف��ى توجيهها‬ ‫وتعليمها تقنيات ال�ف��ن وق�ي�م��ه ح�ت��ى ا�ستطاعت‬ ‫�أن ت�سخر فر�شتها و�أل��وان�ه��ا باقتدار للتعبري عن‬ ‫مو�ضوعاتها املتمثلة فى الطبيعة امل�صرية من الريف‬ ‫امل�صرى والوجوه ال�سمراء ونهر النيل العظيم الذى‬ ‫كان له �أثر كبري فى �إبداعاتها الفنية وكذلك الأماكن‬ ‫التاريخية العتيقة م�ستخدمه خمتلف اخلامات مثل‬

‫در�س فى الت�صوير‬

‫‪v‬‬

‫العدد الحادي و الثالثون ‪ -‬أكتوبر ‪2012‬‬

‫‪79‬‬


‫الفنانة فايزة مرقص شاركت فى إخراج البرنامج الشهير «جولة الفنون» مع‬ ‫اإلعالمية شيرويت شافعى ‪ ..‬كما أخرجت العديد من البرامج الثقافية للتليفزيون‬ ‫المصرى ‪ ..‬من بينها « فن وإبداع وكل الفنون» وهىشقيقة الفنانة حياة النفوس‬ ‫التى تعد احدى رائدات اإلبداع ‪..‬‬

‫فايزة مرق�ص‬

‫أختى حياة النفوس واحدة من رائدات الفن‪.‬‬ ‫تخرجت حياة النفو�س ع��ام ‪ 1946‬من املعهد‬ ‫العاىل للفنون اجلميلة وكرمها امللك فاروق‪.‬‬ ‫ح�صلت على دبلوم �شرف من بيناىل فين�سيا‬ ‫«‪.»1954‬‬ ‫بعث لها الرئي�س ال�سادات بربقية �شكر على‬ ‫تنمية الوعى بني طالبات القاهرة الثانوية ال�صناعية‬ ‫ولبث الروح الوطنية بينهم‪.‬‬ ‫ح�ي��اة النفو�س ميخائيل مرق�س واح ��دة من‬ ‫رائدات الفن فى م�صر‪ ،‬تخرجت فى �سنة ‪1946‬من‬

‫املعهد العاىل للمعلمات ق�سم (فنون جميلة) الق�سم‬ ‫املهنى فى القاهرة‪ ،‬خم�س �سنوات ‪ ..‬كانت من �أوائل‬ ‫املتفوقني على الدفعة وح�صلت على دبلوم مع �أجازه‬ ‫التدري�س من املعهد – وقد ك ّرمها امللك فاروق بهذه‬ ‫املنا�سبة ف�أر�سل لها (دع��وة) بالتوجه �إىل ق�صر‬ ‫املنتزه بالإ�سكندرية حل�ضور حفل �شاى هناك حيث‬ ‫�سلمها �شهادة بذلك فى مايو �سنة من نف�س العام‪.‬‬ ‫بداية الن�ش�أة الفنية‬ ‫التحقت حياة النفو�س مبدر�سة عبا�س رو�ضة‬ ‫منظر بحري‬

‫‪v‬‬

‫‪78‬‬


‫القاهرة الثانوية ال�صناعية الفنية للبنات باملنيل‬ ‫حتى نهاية اخلدمة‪.‬‬ ‫اجلوائز التى ح�صلت عليها‬ ‫ح�صلت الفنانة على دبلوم �شرف من بيناىل‬ ‫فيني�سيا ب�إيطاليا ومنحت �شهادة تقدير فى عيد‬ ‫العلم للتفوق فى جمال الإنتاج و�سنة ‪ 56‬ا�شرتكت‬ ‫فى املعر�ض الرو�سى مب�ساعدة �شقيقها الأكرب بلوحة‬ ‫بنت النيل �أل ��وان زيتية على قما�ش وح��ازت على‬ ‫جائزة ذهبية ثالثة من احت��اد ال�صناعات (غرفة‬ ‫�صناعة الن�سيج) ومنحت �شهادة تقدير امتياز فى‬ ‫عيد العلم الختيارها مدر�سة مثالية للتعليم الفنى‬ ‫على م�ستوى القاهرة كما منحت �أي�ض ًا �شهادة تقدير‬ ‫امتياز من االحتاد اال�شرتاكى العربى فى عيد العلم‬ ‫و�سنة ‪1977‬و�أثناء �إدارتها ملدر�سة القاهرة الثانوية‬ ‫ال�صناعية للبنات بعث لها الرئي�س ال�سادات برقية‬ ‫�شكر على تنمية ال��وع��ى ال�ق��وم��ى ب�ين الطالبات‬ ‫وم�شاركتهن م��ن خ�لال تهنئتهم للجنود بكروت‬ ‫معايدة �أر�سلوها مبنا�سبة معاهدة ال�سالم بني م�صر‬ ‫و�إ�سرائيل خلدمة الوطن العزيز و�أي�ض ًا برقية �شكر‬ ‫من ال�سيدة جيهان ال�سادات لبث ال��روح الوطنية‬ ‫حيث ا�ستطاعت �أن تغر�س القيم الفنية والرتبوية‬ ‫للنهو�ض مب�ستوى امل�سئولية العملية والثقافية والفنية‬ ‫وقد قامت الفنانة برحالت متعددة �إىل �أوروبا �أهمها‬ ‫تركيا وفارنا التى كانت تزورها �سنوي ًا ور�سمت العديد‬ ‫من �أ�صدقائها و�أحبائها هناك‪ ،‬وكانت تعر�ضها فى‬ ‫الفندق التى تقيم فيه وتهديهم هذه ال�صور و�سجلت‬ ‫ال�ع��دي��د م��ن م�ع��امل دول البحر الأب�ي����ض كقرب�ص‬ ‫و�إيطاليا و�إ�سبانيا واليونان ورومانيا وفرن�سا ودول‬ ‫البحر الأبي�ض عموم ًا ورحالتها الداخلية بالبحر‬ ‫الأحمر و�شرم ال�شيخ و�أ�سوان‪.‬‬ ‫وحتت يدى مئات اللوحات ل�شقيقتى ‪ ..‬تركتها‬ ‫ب�ع��د �أن رح�ل��ت ع��ن ع��امل�ن��ا ف��ى م��اي��و ‪� 2006‬شهر‬ ‫م��ول��ده��ا‪ ..‬وه��ى �أع �م��ال متعددة الأ�ساليب تتميز‬ ‫بتعبريية عالية وخ�صو�صية �شديدة ونظر ًا لأنه لي�س‬ ‫لنا من �أبناء ف�أننى �أمتنى من وزير الثقافة الإن�سان‬ ‫د‪ .‬حممد �صابر ع��رب والفنان د‪� .‬صالح املليجى‬ ‫رئي�س قطاع الفنون الت�شكيلية �أن يتم اقتناء تلك‬ ‫الأعمال لتو�ضع فى ركن من �أرك��ان �أح��د املتاحف‬ ‫القومية حتى ميكن احلفاظ عليها وي�ستمتع بر�ؤيتها‬ ‫�أجيال الفن خا�صة ال�شباب ليتوا�صل الإبداع‪.‬‬ ‫منظر ملقهى �أوروبى‬ ‫‪v‬‬

‫العدد الحادي و الثالثون ‪ -‬أكتوبر ‪2012‬‬

‫‪81‬‬


‫الزيت والأكواريل واحلرب ال�شينى والبا�ستيل و�أقالم‬ ‫الر�صا�ص �إىل �أخره‪.‬‬ ‫وبدءا من عام ‪ 1973 : 1946‬تدرجت فى وظائف‬ ‫التدري�س بوزارة الرتبية والتعليم‪.‬‬ ‫وق��د عينت ف��ى امل��دار���س ال�ث��ان��وي��ة للمعلمات‬ ‫ك�م��در��س��ة ر��س��م وال�ترب �ي��ة الفنية ف��ى حمافظات‬ ‫القاهرة مثل بنها الثانوية بنات ثم نقلت ملدر�سة‬ ‫املعلمات مدر�سة ر�سم وتربية فنية‪.‬‬ ‫زيارتها لقبيلة ّ‬ ‫الب�شارية‬ ‫وانتقلت بعد ذلك �إىل �شركة �سكر عبود ب�أبى‬ ‫قرقا�ص بعد زواجها وعينت مدر�سة ر�سم مبدر�سة‬ ‫�أبو قرقا�ص الإعدادية ثم انتقلت �إىل مدر�سة املنيا‬ ‫الثانوية بنات مع الإ�شراف على مدر�سة املعلمات‬ ‫هناك وا�شرتكت ب�أعمال الطالبات باملنيا فى معر�ض‬

‫ب�سوي�سرا وقامت بت�صميم نادى ال�سينما ال�صيفى‬ ‫واملكتبة الثقافية الفنية ل�شركة ال�سكر ل�شغل �أوقات‬ ‫ف��راغ ��س�ي��دات امل��وظ�ف�ين بال�شركة وق��ام��ت �أي�ض ًا‬ ‫بت�صميم عمل فنى مركب لنادى ال�سينما بال�شركة‬ ‫عبارة عن �شرائح زجاجية تعرب عن حياة الفالحني‬ ‫على �ضفاف النيل العظيم والطبيعة اخلالبة التى‬ ‫حتيط به ب�ألوان زيتية‪.‬‬ ‫وقد قامت برحلة جلنوب ال��وادى على احلدود‬ ‫امل�صرية ال�سودانية و�ألتقت بقبائل ّ‬ ‫الب�شارية وقامت‬ ‫بر�سم وجوه لثالثة رجال من القبيلة وهى تعترب من‬ ‫معامل القبائل القدمية املميزة بالنوبة حني كانت‬ ‫ب�صحبة ال�سيدة الف�ضلى الرائدة الن�سائية الأ�ستاذة‬ ‫فاطمة عنان التى يرجع لها الف�ضل فى الت�صريح‬ ‫ب��زي��ارة ه��ذه القبيلة امل�ح�ظ��ور زي��ارت�ه��ا ف��ى ذلك‬

‫الوقت وا�شرتكت �أي�ض ًا فى رحلة نيلية لل�سودان حتى‬ ‫اخلرطوم ور�سمت هناك معامل هذه املدينة‪.‬‬ ‫ح�صلت حياة النفو�س على تدريب مدر�سات‬ ‫�أوائ��ل للر�سم �أ�شرفت على املجهود احلربى على‬ ‫م�ستوى مدار�س مديرية املنيا (�أثناء ت�أميم قناة‬ ‫ال�سوي�س) ور�سمت ر�سوم خمتلفة تعرب عن هذه‬ ‫املنا�سبة �أث�ن��اء خ��روج امل�ستعمر من القناة و�سنة‬ ‫‪1960‬تركت الأ�سرة �شركة �سكر عبود وانتقلت �إىل‬ ‫القاهرة حيث عينت ناظرة ملدر�سة قوي�سنا الثانوية‬ ‫بنات ب�شبني الكوم ويح�سب لها ت�أ�سي�س املدر�سة‬ ‫مبعاونة الآب��اء وهيئة التدري�س �أي�ض ًا حيث �أقامت‬ ‫مهرجان كبري ي�ضم معر�ض فنون ت�شكيلية وقومية‬ ‫ومتثيل وم���س��رح وري��ا��ض��ة وخ�لاف��ه م��ن الأن�شطة‬ ‫الأخ���رى وك ��ان �آخ ��ر من�صب لها م��دي��رة مدر�سة‬

‫منظر ريفى‬ ‫‪v‬‬

‫‪80‬‬


‫وبني كل هذه املراحل والأحداث واملتناق�ضات‪،‬‬ ‫نرى «جويا» وقد �أبت عبقريته �إال �أن يبدع فن ًا خالد ًا‬ ‫يعترب – حتى ال�ي��وم‪ -‬مث ًال يحتذى ب��ه كبطل من‬ ‫�أبطال ع�صره! وكما ع ّرفه املفكر ال�شهري «رايلى فور»‬ ‫ب�أن الفنان البطل هو الذى يتفاعل وينفعل ب�أحداث‬ ‫�شعبه ويرتجم �أحا�سي�س مواطنيه و�آمالهم فى فن‬ ‫هادف �صادق يخلد فى تاريخهم كرتاث مهيب!!‬ ‫امتدت حياة «جويا» من عام ‪ 1746‬حتى عام‬ ‫‪� ،1828‬أى �أنه عا�صر فرتة تاريخية فارقة فى تاريخ‬ ‫�إ�سبانيا‪ ..‬ف�شهد حروبها وما كانت تعانيه من حماكم‬ ‫التفتي�ش و�سيطرة الع�صابات و�شعوذة ال�سحرة‬ ‫وحتكم رجال الدين فى كل مقدرات احلياة!‬ ‫ولد فى قرية «فوندتيود�س» بجوار «�ساراجو�سا»‬ ‫ب�إقليم �أراجون ب�إ�سبانيا فى مار�س من عام ‪،1746‬‬ ‫ون�ش�أ مولع ًا بفن الر�سم حتى كانت الأوراق والألوان‬ ‫ال تفارقه فى ليله �أو نهاره‪ ،‬وما �أن و�صل �إىل ال�سابعة‬ ‫ع�شر من عمره حتى ترك قريته ليذهب �إىل «مدريد»‬ ‫�سري ًا على الأقدام عندما علم مب�سابقة �أعلنت عنها‬ ‫�أكادميية «�سان فرناندو» لقبول املوهوبني فى الفن‬ ‫النت�سابهم �إىل مراحلها الدرا�سية‪ .‬ولكن الفنان‬ ‫ال�صغري يف�شل فى االمتحان لأنه مل ي�ألف من قبل‬ ‫مثل هذه النظم الأكادميية‪ ،‬وب�إ�صرار وثقة بالنف�س‬ ‫ا�ستقر فى العا�صمة ليوا�صل العمل على حتقيق حلمه‬ ‫الكبري‪ ،‬ف�أخذ يجوب املرا�سم اخلا�صة ويتعرف على‬ ‫العديد من الفنانني وي�ستزيد من فهم التقنيات‬ ‫املختلفة التى متيز ك� ً‬ ‫لا منهم‪ ..‬و�ساقته املقادير‬ ‫ليتعرف على فنان له �سمعته الفنية ومكانته املرموقة‬ ‫فى «مدريد» هو الفنان «بايو ‪ ،»Baio‬و�سرعان ما‬ ‫ت�آلف االثنان وتوطدت �صداقتهما رغم فارق ال�سن‬ ‫وامل�ك��ان��ة االجتماعية بينهما! ولعل �أك�ثر م��ا جمع‬ ‫بينهما هو ذات الهدف الذى كان ي�صبو �إليه معظم‬ ‫الفنانني �آنذاك وهو العمل فى الق�صر امللكي‪ ،‬وقد‬ ‫ع��رف عن البالط �أن��ه ك��ان ي�ستقطب النابغني فى‬ ‫الفن لتنفيذ متطلبات الأ�سرة املالكة‪..‬‬ ‫وفى هذه الأثناء ا�ستطاع «جويا» �أن يح�صل‬ ‫على منحة درا�سية فى �إيطاليا بني روائع عبقريات‬ ‫ع�صر النه�ضة الإيطاىل فى روما وفلورن�س‪ ،‬وعندما‬ ‫عاد الفنان �إىل «مدريد» وجد �أن �أ�ستاذه و�صديقه‬ ‫«بايو» قد �أ�صبح من ر�سامى البالط امللكي‪ ..‬فازداد‬ ‫حما�سه و�ضاعف من مرانه وا�ستعرا�ض مواهبه حتى‬ ‫ا�شتهر بني العائالت املو�سرة وكبار ال�شخ�صيات فى‬ ‫العا�صمة‪ ..‬و�سرعان ما �أعلن عن االحتفال بزواج‬

‫لوحة الفتاة و الأبريق‬

‫«جويا» من �شقيقة �صديقه الفاتنة «جوزيفا بايو»‪،‬‬ ‫وب�ه��ذه امل�صاهرة دع��م ال�ف�ن��ان م��ن مكانته‪ ،‬كما‬ ‫كانت منفذ ًا ممهد ًا �إىل البالط! وتب�سم له احلظ‬ ‫فوقع عليه االختيار لعمل ت�صميمات مبتكرة مل�صنع‬ ‫ال�سجاد فى الق�صر امللكي‪ ،‬وك��ان مناف�س ًا مل�صنع‬ ‫«جوبالن» الفرن�سي‪.‬‬ ‫ف�أدخل «جويا» �أفكار ًا واجتاهات جديدة خالف ًا‬ ‫ملا كان �سائد ًا من ر�سم احلوريات وامليثولوجيات‬ ‫الإغريقية و�أج��واء الروكوكو الرومان�سية‪ ،‬وبدلها‬ ‫مب �ن��اظ��ر م ��أل��وف��ة م��ن ح �ي��اة ال���ش�ع��ب الإ� �س �ب��ان��ى‬ ‫كم�صارعة الثريان والأعياد واالحتفاالت الوطنية‬ ‫ومظاهر املرح والطرب العائلية‪ ،‬وظل يبدع فى هذا‬ ‫النهج املحلى حتى �سطع جنمه على مدى �سبعة ع�شر‬ ‫عام ًا ق�ضاها فى �أرج��اء البالط امللكى وفى ق�صره‬

‫الفخم الذى ا�شرتاه ف�صار منتدي ًا للعظماء والقادة‬ ‫واحل�سناوات وكلهم يتوددون للفنان �آملني �أن يحظوا‬ ‫بر�سم �صورهم (‪ )Portraits‬وهم يعلمون جيد ًا‬ ‫�أنها �ستخلد فى املتاحف �أو فى كتب تاريخ الفن �أو فى‬ ‫تراث وق�صور العائالت النبيلة‪ ..‬وي�ضيق هذا املجال‬ ‫ل�سرد مغامرات الفنان وعالقاته الغرامية مع �أجمل‬ ‫جميالت الأر�ستقراطية فى جمتمعه!‬ ‫وفا�ض ك�أ�س ال�شهرة والرثاء‬ ‫وتدفق الذهب عليه بال ح��دود‪ ،‬وبالغ احلظ‬ ‫فى حماباته فانتُخب بالإجماع ع�ضو ًا بالأكادميية‬ ‫الإ�سبانية العريقة ثم مدير ًا لها بعد ذلك‪ ،‬وما �أن‬ ‫بلغ الأرب�ع�ين حتى ح�صل على لقب «ر��س��ام امللك»‬ ‫وبذلك �أ�صبح متاح ًا له �أن ير�سم امللك وعائلته‪ ،‬و�أن‬ ‫ي�شهد ويرى ر�أى العني الكثري من اخلبايا والأ�سرار‬ ‫‪v‬‬

‫العدد الحادي و الثالثون ‪ -‬أكتوبر ‪2012‬‬

‫‪83‬‬


‫لوحة الثالث من مايو‬

‫جــويـــا‬

‫العبث والصحوة وحرب التحرير‬ ‫كان ال�صراع على ال�سلطة بني ملك �إ�سبانيا «�شارل الرابع» وزوجته «ماريا‬ ‫لويزا» و�أك�بر �أبنائهما «فرديناند» على �أ�شده وات�سعت هوة ال�شقاق بني �أمراء‬ ‫البالط امللكى فى وقت كانت قوات اجلي�ش الفرن�سى تع�سكر داخل �إ�سبانيا بحجة‬ ‫�أن «نابليون» يريد �أن يزحف نحو الربتغال عن طريق البالد الإ�سبانية‪ ..‬و�آثر‬ ‫«�شارل» �أن يتنازل عن احلكم البنه «فرديناند» جتنب ًا لتفكك الأ�سرة املالكة‪ ،‬وظن‬ ‫«فرديناند» �أن «نابليون» �سينا�صره ويدعم حكمه‪ ،‬ولكن «نابليون» الذى كان يطمح‬ ‫�إىل ال�سيطرة على �إ�سبانيا وعلى �أوروبا كلها قد وجدها فر�صة �سانحة فانتزع التاج‬ ‫لنف�سه بعد �أن دعم �أتباعه وجيو�شه فى العا�صمة «مدريد» وباقى املدن الهامة فى‬ ‫�إقليم �إ�سبانيا‪.‬‬ ‫وهنا بد�أت مرحلة جديدة من التمرد والع�صيان منطلقة من العا�صمة ودارت‬ ‫حرب املقاومة فى ربوع البالد‪ ..‬واختار «نابليون» �شقيقه «جوزيف بونابرت» ليكون‬ ‫حاكم ًا على �إ�سبانيا‪ ..‬حتى كان يوم الثانى من مايو عام ‪ 1808‬وقد عمت ال�شائعات‬ ‫ب�أن «نابليون» قب�ض على �أفراد العائلة املالكة و�أعدمهم جميع ًا! فزحف الآالف من‬ ‫املواطنني �إىل ق�صر احلكم لكى يت�أكدوا من حدوث هذه امل�أ�ساة املروعة‪ ..‬و�أخذوا‬ ‫فى الهجوم على الغزاة بالع�صى وال�سكاكني واحلجارة والأيدى العارية!‬ ‫‪v‬‬

‫‪82‬‬

‫جمال قطب‬

‫فا�ستلهم فنان �إ�سبانيا الأ�شهر «فران�سي�سكو جويا» �أحداث هذه الواقعة فى‬ ‫لوحته البانورامية الرائعة «الثانى من مايو» عرب فيها عن مقاومة ال�شعب �ضد‬ ‫الفر�سان الأتراك الذين جندهم الفرن�سيون بقيادة «اجلرنال مورا ‪»Murat‬‬ ‫فكانت مبثابة غ�ضبة عارمة و�صرخة مدوية لإعالن الكفاح �ضد الغزاة! وهنا عمت‬ ‫�شهرة الفنان وجتلت م�شاعره الوطنية ال�صادقة‪ ،‬خالف ًا ملا عرف عنه من قبل ب�أنه‬ ‫العابث املتهور الغارق فى مغامراته وف�ضائحه الغرامية!‬ ‫نعود �إىل البداية‬ ‫وعلى الرغم من تباين مراحل حياة «جويا» الطويلة الزاخرة بالتناق�ضات‪،‬‬ ‫�إال �أنه ظل مرتبط ًا بوطنه فى خ�ضم هذا الكم الهائل من احل��روب والأح��داث‬ ‫والفواجع! �ساقته املقادير �إىل حياة الرفاهية فى الق�صر امللكى و�سواء �أكان ينعم‬ ‫بال�شهرة وال�ثراء واحلياة الأر�ستقراطية‪� ..‬أو ارت�ضى لنف�سه �أن ينزل �إىل قاع‬ ‫املدينة فى �أجواء ال�ضياع وظالم اجلهل والتخلف‪� ..‬أو نراه تارة وهو منغم�س فى‬ ‫اللهو واملبارزة وم�صارعة الثريان واملغامرات الن�سائية املجنونة‪ ..‬وتارة �أخرى وهو‬ ‫يعانى ال�صمم واعتالل ال�صحة حتت وط�أة املر�ض الع�ضال الذى �أ�صابه بالعجز‬ ‫وال�شلل والي�أ�س واالكتئاب‪..‬‬


‫لوحة املاجا ‪( -‬زوجة الكونت دى �ألبا)‬

‫وه�ن��ا‪ ..‬وف��ى ه��ذه املرحلة امل�شحونة بالت�أمل‬ ‫وال�شجن وث��ورة الغ�ضب ح ّلت على البالد م�أ�ساة‬ ‫امل��ذاب��ح ال�ف��رن���س�ي��ة ال �ت��ى ع � ّرف �ن��اه��ا ف��ى مقدمة‬ ‫ا�ستعرا�ضنا هذا‪ ..‬وعمت البالد روح املقاومة وحرب‬ ‫التحرير على مدى �ستة �أعوام كاملة‪ ..‬اجته «جويا»‬ ‫ي�ستجمع �شتات قواه لي�سجل �أروع لوحاته التاريخية‬ ‫«الثانى من مايو» و»الثالث من مايو» والعديد من‬ ‫الأعمال التى حتكى �أجواء القهر واال�ستبداد والقتل‬ ‫والطغيان‪ ..‬لوحات تفوح منها رائحة الدم و�أ�شالء‬ ‫ال�ضحايا املتناثرة فى كل الأرجاء!‬ ‫وفى تلك الظروف الع�صيبة تراكمت الأحزان‬ ‫وامل�آ�سى فوق ر�أ�س الفنان حيث ماتت زوجته رفيقة‬ ‫عمره و�أجم� ��اده‪ ..‬وك��ان ف��ى ال�سبعني م��ن عمره‪..‬‬ ‫واه��ن ال�صحة �سجني ال�صمت حمطم القلب ال‬ ‫يجد متنف�س ًا ل��ه �إال ب��الإغ��راق ف��ى ر��س��م لوحاته‬ ‫وجمابهة احل�ي��اة وح��ده ف��ى عزلة وان �ط��واء‪ ،‬فباع‬ ‫ق�صره ومقتنياته وجترد من مظاهر الأبهة والرثاء‪..‬‬ ‫وا�شرتى بيت ًا �صغري ًا بعيد ًا عن املدينة ُعرف با�سم‬ ‫«الكونيتا دل �سوردو» �أى بيت الأ�صم‪ ،‬وعلى جدرانه‬

‫تفجرت قريحته فر�سم ل��وح��ات تعبريية مت�شحة‬ ‫بال�سواد والقتامة عرفت با�سم «الر�سوم ال�سوداء»‪.‬‬ ‫النهاية‬ ‫و�صل الفنان �إىل درج��ة الزهد فى كل �شيء‬ ‫حتى فى احلياة ذاتها‪ ..‬ون�صحه خل�صا�ؤه ب�أن ي�سافر‬ ‫�إىل فرن�سا التى ازده��رت �آن��ذاك بح�شود املبدعني‬ ‫واملفكرين‪ ،‬و�صارت منتدي ًا �إبداعي ًا للعبقريات من‬ ‫ك��ل �أرج ��اء ال��دن�ي��ا‪ ..‬فطلب «ج��وي��ا» م��ن ال�سلطات‬ ‫ال�سماح له بال�سفر �إىل فرن�سا‪ ،‬وا�ستقر فى مدينة‬ ‫«ب��وردو» ثم انتقل �إىل باري�س يتح�س�س خطاه وهو‬ ‫معتل ال�صحة كليل الب�صر حتى لفظ هناك �آخر‬ ‫�أنفا�سه فى ال�ساد�س ع�شر من �إبريل عام ‪.1828‬‬ ‫مواقف و�آراء‬ ‫قال «جويا»‪« :‬يتحدث الأ�ساتذة عن اخلطوط‬ ‫والأل � ��وان‪ ..‬ولكنى ال �أرى خطوط ًا وال �أل��وان � ًا فى‬ ‫الطبيعة‪ ..‬بل �أ�ضواء وظال ًال فح�سب»!!‬ ‫لنا �أن نعلم �أن هذه الر�ؤية قد حتققت بو�ضوح‬ ‫فى املدر�سة الت�أثريية عندما تقدمت علوم ال�ضوء‬ ‫وحتليل �ضوء ال�شم�س وانتهجها ال�ت��أث�يري��ون بعد‬

‫ن�صف قرن من رحيل «جويا»!!‬ ‫ولكى ي�سهم بفنه فى ثورة بالده وحرب التحرير‬ ‫جل��أ فى تعبرييته العبقرية خمرتق ًا ح��دود الواقع‬ ‫وامل��زج ب�ين امللمو�س واملح�سو�س واحل�ل��م واخليال‬ ‫وع��امل املجهول‪� ،‬ألي�ست ه��ذه هى ال�سريالية التى‬ ‫ظهرت بعد وفاته بنحو مائة عام‪� ،‬أى بعد احلرب‬ ‫العاملية الأوىل بعدة �سنوات فى �أوائ��ل الع�شرينيات‬ ‫من القرن الع�شرين وبالتحديد عام ‪1924‬؟!‬ ‫وم��ن امل��واق��ف التاريخية ال�شهرية ف��ى حياة‬ ‫«جويا» �أنه اتُهم باخليانة لتورطه فى بقائه ر�سام ًا‬ ‫للق�صر امللكى حتت حكم «جوزيف بونابرت»‪ ،‬وقبوله‬ ‫�أو�سمة منحه �إياها تكرمي ًا له‪ ..‬وهذا حدث حميرّ‬ ‫�إذا ما �أح�صينا مواقفه الوطنية و�أعماله التى �ألهبت‬ ‫حما�س ال�شعب الإ�سبانى ومقاومته �ضد االحتالل‬ ‫الفرن�سي‪ .‬وبعد �أن رحل الغزو ا�ستدعى «فرديناند‬ ‫ال�سابع» «جويا» �إىل جمل�سه فى ح�ضور حا�شيته‪،‬‬ ‫وقال له‪�« :‬إنك يا «جويا» ت�ستحق النفي‪ ،‬بل الإعدام‬ ‫��ش�ن�ق� ًا‪ ..‬ولكننا نعفو ع�ن��ك ون�ح�ف��ظ ل��ك مكانك‬ ‫ومكانتك لأنك فنان �إ�سبانيا العظيم»!‬

‫العدد الحادي و الثالثون ‪ -‬أكتوبر ‪2012‬‬

‫‪v‬‬

‫‪85‬‬


‫لوحة الثانى من مايو‬

‫وال�ن��زوات امللكية التى حتجبها الأ��س��وار والأ�ستار‬ ‫املخملية عن عيون ال�شعب‪ ،‬و�أ�صبح «جويا» مرافق ًا‬ ‫وم�صاحب ًا للأ�سرة يراها جلية حتت بريق لآلئ التاج‬ ‫املت�ألقة! و�شرب الك�أ�س حتى الثمالة!‬ ‫ال�صحوة‬ ‫ً‬ ‫�إننا دائما ن�صاب بالفتور عندما نحقق كل‬ ‫�أمانينا! وهكذا ر�أينا «جويا» وقد فرتت عزميته‪..‬‬ ‫لقد حقق كل ما متناه‪ ،‬بل ت�سامت �أمنياته لرتقى �إىل‬ ‫ما فوق الواقع واملعقول! وفج�أة قرر فى وقفة مع فكره‬ ‫وم�ساءلة مع نف�سه �أن يكتفى بهذا القدر من الرتف‬ ‫امل�سرف فى عطائه من اال�ستمتاع والنفاق وحب‬ ‫ال��ذات بينما ال�شعب غ��ارق حتى �أذنيه فى ظلمات‬ ‫اجل�ه��ل ورع��ب الت�سلط وحم��اك��م التفتي�ش ودج��ل‬ ‫ال�سحرة وامل�شعوذين و�سطوة رجال الدين الذين بلغ‬ ‫عددهم �أكرث من مائة �ألف فى «مدريد» وحدها!‬ ‫وف��ى انطوائية و�سكون ووح��دة موح�شة �أخذ‬ ‫ي�ستعر�ض حياته كفنان و�إن�سان �صاحب م�سئولية‬ ‫ور�سالة‪ ..‬فا�ست�صرخ �ضمريه‪� :‬أي��ن هو من الفنان‬ ‫البطل الذى يجب �أن يكون فى قومه كما ع ّرفه «رايلى‬ ‫‪v‬‬

‫‪84‬‬

‫فور»؟!‬

‫وحتولت ُم�ساءلة نف�سه �إىل هموم وجدانية‬ ‫و�أث �ق��ال نف�سية مل يق َو ج�سده املنهك على حملها‬ ‫حتى �أ�صيب باملر�ض والهزال‪ ،‬وتفاقمت م�ضاعفاته‬ ‫ف�أ�صابته ب�شلل ن�صفى فى اجلانب الأمي��ن �أرق��ده‬ ‫طوال عام ‪ ،1793‬ومل يحدثنا التاريخ عن نوع هذا‬ ‫املر�ض الع�ضال ال��ذى �أفقده حا�سة ال�سمع متام ًا‬ ‫لي�صبح �سجني ال�صمت مثل «بيتهوفن» يخاطب‬ ‫الآخ��ري��ن بالإ�شارة �أو الكتابة‪ ..‬ويقول «كلود روا»‬ ‫الناقد الفرن�سى ال�شهري فى كتابه عن حياة «جويا»‪:‬‬ ‫«�إن هذه الفرتة القامتة الكئيبة من حياته جعلته‬ ‫ي�ستهني باحلياة وينتظر املوت فى كل حني وارت�سمت‬ ‫�أمام ب�صريته ت�سا�ؤالت مفزعة‪ :‬ماذا يبقى للإن�سان‬ ‫بعد موته �سوى حقيقة ما �أجنزه فى حياته؟!»‪.‬‬ ‫وهنا انتف�ض الفنان العليل فى �صحوة مفاجئة‪،‬‬ ‫وعمل جاهد ًا حتى حترر من �أغالل الي�أ�س والعجز‪،‬‬ ‫وحتامل على نف�سه وق��رر �أن ينزل �إىل قاع املدينة‬ ‫ليعاي�ش حياة الب�سطاء واملعدمني ول�يرى ال�سحرة‬ ‫وهم ميار�سون طقو�سهم وين�شرون خرافاتهم بني‬

‫العمال والفالحني املكدودين‪ ،‬ولكى ي�شهد جماعات‬ ‫املحكوم عليهم بالإعدام وهم ي�ساقون �إىل امليادين‬ ‫ليعدموا عالنية و�سط احتفاالت همجية �صاخبة‬ ‫ت�ضيع و�سطها �صرخاتهم و�أ ّناتهم الواهنة!!‬ ‫اليقظة وم�سئولية الر�سالة‬ ‫وه�ك��ذا ب��د�أ «ج��وي��ا» مرحلة ج��دي��دة م��ن فنه‬ ‫العبقرى اخل��ال��د‪ ..‬مرحلة التعبري عن تناق�ضات‬ ‫املجتمع الإ�سباين‪ ،‬فلج�أ �إىل �أ�سلوب كاريكاتورى‬ ‫�ساخر يبعث على االبت�سامة ثم يت�سلل مبا يحمله من‬ ‫معانى وت�أمالت �إىل دخيلة النف�س لتدعو ب�صريته �إىل‬ ‫التفكري واحلكم بالإدانة واالتهام‪ ..‬ومتادى الفنان‬ ‫فراح يجهر بر�أيه فى العائلة املالكة ورجال الكني�سة‬ ‫وذوى النفوذ وق��ادة احل��روب وخنوع امل�ست�ضعفني!‬ ‫وظ�ه��رت جمموعته الفنية التى ر�سمها فيما بني‬ ‫عامى ‪ 1796‬و‪ 1799‬بعنوان «ال �ن��زوات» وعددها‬ ‫اثنان وثمانون لوحة مت��زج بني اجلانب الأخالقى‬ ‫بواقعه املفزع الأليم واجلانب اخلياىل (الأقرب �إىل‬ ‫ال�سريالية) الزاخر بالأ�شباح واملخلوقات الأ�سطورية‬ ‫املرعبة!‬


‫غنى عنها للم�صور املبدع‪ ،‬والب�ساطة و�أهميتها وكيفية حتقيقها‪.‬‬ ‫كما قامت املجموعة �أي�ض ًا خ�لال الدرا�سة والتدريب بالتعمق فى‬ ‫فهم مفردات اللغة الب�صرية مثل الفكرة والر�سالة «‪ »Concept‬املراد‬ ‫تقدميها‪ ،‬وكيفية حتقيق الرتابط فى اجلملة الب�صرية وكيفية �إظهار البطل‬ ‫و�إخفاء عنا�صر الت�شتت‪ ،‬وكذلك در�سوا التكوين وعنا�صره املختلفة واالتزان‬ ‫الب�صرى ب�أنواعه املتعددة‪ ،‬كما در�سوا �أي�ض ًا معانى اخلطوط والأ�شكال‬ ‫الهند�سية املختلفة وكيفية توظيفها لتحقيق وحدة املعنى وتوظيف الإح�سا�س‬ ‫باحلركة خلدمة امل�ضمون‪.‬‬ ‫ويظل ال�شق الأق��وى والأع�م��ق وال��ذى �أظهر نتائج خمتلفة عن باقى‬ ‫جمموعات امل�صورين هو درا�سة تلك املجموعة لأ�سا�سيات النقد الفنى‬ ‫وقواعد التقييم ودرا�ستهم �أي�ض ًا لعلم وفل�سفة ت�أثري الأل��وان وعنا�صرها‬ ‫على العقل الواعى والالواعى للإن�سان‪ ،‬ودرا�سة املنظور وكيفية التحكم فى‬ ‫عنا�صره اخلم�س لإخ�ضاعه للر�سالة الب�صرية ومتى و�أين وكيف وملاذا نك�سر‬ ‫قواعد اللغة الب�صرية وارتباط اللغة الب�صرية وت�أثريها فى احلوا�س الأخرى‪.‬‬ ‫لذا يعترب معر�ض «خارج ال�صندوق» �أو «‪ »Out‬ملجموعة «فن الر�ؤية»‬ ‫معر�ض ًا فى غاية الأهمية فى املرحلة احلالية‪ ،‬فعلى الرغم من �أنه معر�ض‬ ‫خا�ص بالت�صوير الفوتوغرافى �إال �أن��ه معر�ض خ��ارج ال�سرب‪ ،‬قدم فنون‬ ‫وتقنيات الت�صوير الفوتوغرافى بتقنيات جديدة خمتلفة عن التقنيات‬ ‫التقليدية امل�ستخدمة فى الت�صوير الفوتوغرافى ال�شائع والتى تقرتب من‬ ‫فنون ما بعد احلداثة التى تبحث وتهتم بالفكرة �أو امل�ضمون‪ ،‬واالختالف‬ ‫يكمن فى البداية العك�سية للتدريب حيث بد�أت �أو ًال بدرا�سة فل�سفة الألوان‬ ‫ودالالت �ه��ا‪ ،‬ب��ل وت�ف��اع�لات الأل���وان وال�ط��اق��ات الناجتة عنها‪ ،‬ث��م درا�سة‬ ‫امل�صطلحات الفنية وكيفية تف�سريها وتطبيقها عملي ًا‪ ،‬ثم التدريب على‬ ‫املمار�سة و�أخري ًا وهو الأهم التدريب على كيفية الإلقاء اجلماعى وممار�سة‬ ‫النقد الفنى العلمى والتقييم‪.‬‬ ‫ويظل اجلديد فى هذا املعر�ض وهذه املجموعة هو بحثهم عن املفهوم‬ ‫ال��ذى يريدون حتقيقه �أو ًال من خالل الت�صوير‪ ،‬ثم البحث عن العنا�صر‬ ‫التى ت�ساعد على تو�صيل هذا املفهوم للمتلقي‪ ،‬ثم البحث فى طبيعة الألوان‬ ‫وطاقاتها ال�ستخدامها فى و�ضع ال�سيناريو وتفا�صيل ال�صورة �أو بالأحرى‬ ‫التجهيز القائم فى الفراغ املعد للت�صوير‪ ،‬وتظل ه��ذه املجموعة رائ��دة‬ ‫فى البحث عن التوازن بني حتقيق املفهوم وجمال ال�شكل وفل�سفة الألوان‬ ‫والعنا�صر مع ًا مما ي�ؤكد تفردهم وريادتهم لهذا املجال فى م�صر‪.‬‬ ‫هذه التوليفة البديعة من املبدعني ال تتوقف عند هذا احلد بل حتاول‬ ‫ا�ستخدام الفراغ املوجود داخل ال�صورة �أو الذى �أ�صبح عم ًال فني ًا واعي ًا‬ ‫للو�صول �إىل توليد طاقة �إيجابية لدى املتلقى واملبدع على حد ال�سواء‪ ،‬مما‬ ‫ينحى بفكر املجموعة نحو التطوير الذاتى �أو حماولة الو�صول �إىل الأف�ضل‬ ‫للعنا�صر الب�شرية القائمة بالعمل الفنى واملتلقني له �أي�ض ًا‪ ،‬حيث يتم العمل‬ ‫داخ��ل �إط��ار جماعى م��ن خ�لال تق�سيم جمموعة العمل �إىل جمموعات‬ ‫�صغرية‪ ،‬تهدف فى جمموعها �إىل تنمية الب�شر والأف��راد وهو هدف عاملى‬ ‫نبيل مل ي�ستغل الفن لتحقيقه من قبل فى م�صر على الإطالق‪ ،‬كما �أنه حتقيق‬ ‫لنظرية �أن الفن و�سيلة تنفي�سية وعالجية تهدف �إىل اتزان الأفراد املتلقني‬ ‫واملمار�سني له‪ ،‬فهم جمموعة تنظر �إىل اجلانب امل�شرق فى احلياة وحتاول‬ ‫‪v‬‬

‫العدد الحادي و الثالثون ‪ -‬أكتوبر ‪2012‬‬

‫‪87‬‬


‫فوتوغرافيا‬

‫المعرض األول لـمجموعة فن الرؤية‬

‫«بكرة أحلى» و «التحدى»‬ ‫فى ثــــورة مصـــــــــر‬

‫على ال��رغ��م م��ن املكانة الكبرية ال�ت��ى ح�ظ� َ�ي بها ف��ن الت�صوير‬ ‫الفوتوغرافى فى ال�سنوات الأخ�ي�رة من اهتمام يرجع �إىل التطور‬ ‫التكنولوجى الهائل فى �آالت الت�صوير وكذلك توفر الكامريات فى معظم‬ ‫التليفونات املحمولة‪� ،‬إال �أنه اقت�صر وحتدد فى ا�ستخدام ال�صورة فى‬ ‫�إطار املفهوم ال�سطحى املبا�شر للت�صوير واملقت�صر على ت�سجيل الواقع‬ ‫ب�صورة مبا�شرة مع ا�ستخدام بع�ض املعاجلات اجلرافيكية با�ستخدام‬ ‫برامج وتقنيات الكمبيوتر‪.‬‬ ‫وفى ظل �سيادة املفهوم التوثيقى للت�صوير ال�ضوئى ظهرت جمموعة‬ ‫من هواة الت�صوير الفوتوغرافى من �شرائح عمرية وثقافية خمتلفة‬ ‫�أطلقت على نف�سها ا�سم جمموعة «فن الر�ؤية»(‪)Art Of Seeing‬‬ ‫وبداية من حيث اختيار اال�سم فهو معرب عن هدف املجموعة‪ ،‬فهى‬ ‫تهدف �إىل االرتقاء بالثقافة الب�صرية وبفن ر�ؤية الأ�شياء وذلك باعتبار‬ ‫�أن كل �شيء جميل �إذا نظرنا �إليه كما ينبغى �أو بالأحرى علينا �أن جنتهد‬

‫‪v‬‬

‫‪86‬‬

‫فينو�س ف�ؤاد‬

‫لرنى الأ�شياء جميلة‪ ،‬قامت هذه املجموعة كمرحلة �أوىل فى التدريب‬ ‫بدرا�سة قواعد اللغة الب�صرية ومفرداتها واجتمعوا على هدف نبيل هو‬ ‫�أن ي�ساهموا فى معركة امل�ستقبل م�ستخدمني �سالحى الفن واجلمال ‪.‬‬ ‫قامت املجموعة ب�صقل موهبتها بدرا�سة وافية عن فن الفوتوغرافيا‬ ‫والفرق بني الفوتوغرافيا كفن والتقاط ال�صور اليومية الت�سجيلية‬ ‫«‪ »Snap Shooting‬وط��رق و�أ�ساليب الر�سم بال�ضوء‪ ،‬وكذلك‬ ‫معرفة الفروق اخلم�س الأ�سا�سية بني ر�ؤي��ة عني الإن�سان والكامريا‪،‬‬ ‫كما تعمقوا �أي�ض ًا فى درا�سة �أ�سا�سيات التكنيك والتحكم فى الكامريا‬ ‫والإ�ضاءة وكذلك �أنواع الكامريات والعد�سات ومبادئ علم الب�صريات‬ ‫وامل�صطلحات املختلفة وطرق تثبيت الكامريا ومنع االهتزاز والإ�ضاءة‬ ‫و�أ�ساليب التحكم بها‪« :‬ال�شدة‪ -‬اللون‪ -‬احل��دة‪ -‬االنت�شار» وتقنيات‬ ‫التعري�ض والتعوي�ض‪ ،‬وعمق الر�ؤية �أو امل�شهد‪ ،‬و�أنواع ودرجات معاجلة‬ ‫ال�صور با�ستخدام مفردات اللغة الب�صرية ومو�ضوعات �أخرى كثرية ال‬


‫‪v‬‬

‫العدد الحادي و الثالثون ‪ -‬أكتوبر ‪2012‬‬

‫‪89‬‬


‫االحتفاء به لت�صبح �أكرث فرح ًا فيو ّلد ذلك بداخلهم‬ ‫طاقة �إيجابية و�أم ًال يكرب كلما اجتمعوا على الإبداع‪،‬‬ ‫فيتحول الأم��ل �إىل حلم يتحدى الظلمة وي�أمل فى‬ ‫م�ستقبل �أف�ضل‪.‬‬ ‫ومن �أبرز اللوحات املعرو�ضة لوحة «نور» التى‬ ‫تتعمق فى مفهوم الإميان باهلل و�أن العالقة الإميانية‬ ‫هى عالقة نورانية خ��ارج ح��دود الب�شر بني العبد‬ ‫وربه‪ ،‬تلك العالقة التى تبعث الطم�أنينة �إىل النف�س‪،‬‬ ‫وق��د مت التعبري م��ن خ�لال ال�صورة ب�إظهار ف��رار‬ ‫الإن�سان من ظلمة احلياة �إىل اهلل فيبعث له اهلل نور ًا‬ ‫يحيط به ويحميه‪ ،‬كما �أن الإ��ض��اءة املرتكزة على‬ ‫حم��راب امل�سجد تظهر تلك ال��زخ��ارف الإ�سالمية‬ ‫ب�ألوانها وتركيباتها البديعة التى �أثبتت الدرا�سات‬ ‫وجود عالقات ديناميكية بينها تبعث على الراحة‬ ‫وال�سكون‪.‬‬ ‫�أما مفهوم املعرفة فقد مت معاجلته من خالل‬ ‫�صورتان‪ :‬الأوىل تظهر بها جمموعة من الكتب تعتلى‬ ‫�سلم ًا خ�شبي ًا رم��ز ًا لل�صعود �إىل القمم بالدرا�سة‬ ‫والعلم‪ ،‬ويت�أكد املعنى من خالل اختيار الفراغ داخل‬ ‫العمل حيث ظهر ال�ضوء �ساقط ًا على جمموعة الكتب‬ ‫مظلم ًا فى اجلزء اخلاىل كداللة على �أن الكتاب هو‬ ‫الطريق الأمثل للتنوير والتقدم‪.‬‬ ‫كما ظهر �أي�ض ًا نف�س املفهوم فى �صورة «بكرة‬ ‫�أحلى» التى ج�سدت احلياة فى �شكل �سلك ًا �شائك ًا‬ ‫به العديد من العقبات والعقد التى تواجه الإن�سان‪،‬‬ ‫بينما ظهر فى نهاية الطريق كتاب ًا معلق ًا يرتكز‬ ‫حوله ال�ضوء رمز ًا للمعرفة التى ت�ساهم بقوة فى حل‬ ‫�أعظم امل�شكالت و�أقواها‪ ،‬وقد ظهرت ال�صورة ب�شكل‬ ‫مبتكر وملخ�ص للمفهوم الذى تعرب عنه ال�صورة‪.‬‬ ‫وتعترب ��ص��ورة «ال�ت�ح��دي» م��ن �أق ��وى الأع�م��ال‬ ‫املعرو�ضة والتى تناولت فكرة حتدى ال�شعب حلكم‬ ‫الع�سكر وانت�صار ال�شعب ف��ى النهاية‪ ،‬وق��د متت‬ ‫معاجلة مفهوم التحدى عن طريق ظهور ح�صان لعبة‬ ‫ال�شطرجن الأبي�ض يقف وحيد ًا فى مواجهة جمموعة‬ ‫الع�ساكر ذوى اللون الأ�سود‪ ،‬بينما مت �إظهار عن�صر‬ ‫احل�صان وت�سليط ال�ضوء عليه بقوة‪ ،‬ومت حتييد لون‬ ‫الع�سكر وا�ستخدام عن�صر الت�شوي�ش كناية عن بداية‬ ‫اختفائهم من امل�شهد ال�سيا�سي‪� ،‬أما اخللفية فقد‬ ‫ظهرت منق�سمة �إىل اللونني الأحمر والأبي�ض‪ ،‬وقد‬ ‫ظهر اللون الأحمر مب�ساحة �أكرب وقد احتل اجلزء‬ ‫الأعلى من ال�صورة رمز ًا لكرثة الدماء التى �سالت‬ ‫فى الثورة بينما يبد�أ اللون الأبي�ض فى �إزاحة تلك‬ ‫‪v‬‬

‫‪88‬‬

‫املرحلة ببطء من �أ�سفل �إىل �أعلى رم��ز ًا لثقل تلك‬ ‫املرحلة‪ ،‬ومت ا�ستخدام �ألوان العلم امل�صرى فقط فى‬ ‫ال�صورة ت�أكيد ًا على مت�سك امل�صريني بهويتهم‪.‬‬ ‫ثم يت�أكد �أي�ض ًا مفهوم التالحم بني كافة طوائف‬ ‫ال�شعب امل�صرى فى الثورة امل�صرية من خالل �صورة‬ ‫«مع ًا» التى تظهر التوحد فى الهدف واالجتاه ملجموعة‬ ‫من الأيادى امللونة ب�ألوان خمتلفة متنوعة ‪ ،‬و�صورة‬ ‫«احتاد» التى ت�ؤكد نف�س املفهوم عن طريق ت�شابك‬ ‫جمموعة من الأ�صابع تختلف فى الألوان وتتحد فى‬ ‫الهدف والتفكري ويت�أكد ذلك املعنى من خالل توحيد‬ ‫لون �سالميات الأ�صابع الأوىل وت�شابكها فى �صورة‬ ‫�أقوا�س تدل على الديناميكية واحلركة‪.‬‬ ‫�أعتقد �أن �أهم �أ�سباب النجاح لتلك املجموعة‬ ‫يرجع �إىل �سببني‪ :‬الأول �أنها جمموعة يجمعها احلب‬ ‫والإيثار والفكر والأم��ل الذى نن�شده لأهلنا ووطننا‬ ‫و�أط�ف��ال�ن��ا‪ ،‬وال�ث��ان��ى ه��و وع��ى امل ��درب و�سعة �أفقه‬ ‫وات�ساع مداركه وهو الفنان املبدع حممد �إ�سماعيل‬ ‫ذل��ك الطبيب ال�شاب ال��ذى تخرج من كلية الطب‬ ‫بالإ�سكندرية عام ‪ ،1996‬وبد�أ كم�صور ها ِو فى عام‬ ‫‪ 1989‬و��ش��ارك منذ ذل��ك احل�ين ف��ى �أك�ثر م��ن ‪50‬‬ ‫معر�ض حملى ودويل‪ ،‬وح�صل على جمموعة من‬ ‫اجلوائز وال�شهادات فى الت�صوير الفوتوغرايف‪ ،‬ثم‬ ‫عمل كم�صور حمرتف منذ عام ‪ ،2000‬وع�ضو فى‬ ‫العديد من املنظمات واجلمعيات الفنية‪ ،‬ومدرب‬ ‫معتمد من املركز الإقليمى للتدريب بالقاهرة ومن‬ ‫جامعة ‪ Irvine‬بكاليفورنيا عام ‪ ،2002‬وممار�س‬ ‫معتمد للعالج بالطاقة والربجمة اللغوية الع�صبية‬ ‫ثم �أ�س�س مركز «فن الر�ؤية ‪»Art of Seeing‬‬ ‫عام ‪.2008‬‬ ‫وفى النهاية �أمتنى �أن يظهر فى م�صر العديد‬ ‫والعديد من تلك املجموعات ذات ال��ر�ؤى والأفكار‬ ‫اجل��دي��دة ال�ت��ى �ست�ساهم ب�ق��وة ف��ى جت��دي��د حركة‬ ‫الفنون الت�شكيلية وتقريبها من الو�صول �إىل العاملية‪،‬‬ ‫فمثل هذه املجموعة �ستكون حلقة الو�صل املفقودة‬ ‫بني حركة الت�أريخ والتوثيق لفنون التجهيز فى الفراغ‬ ‫املعد ومفهوم العمل ذات��ه‪ ،‬فت�صوير تلك يفقدها‬ ‫م�ضمونها من خالل الت�صوير اخلاطئ لها‪ ،‬ووجود‬ ‫جمموعة متخ�ص�صة مثل ه�ؤالء امل�صورين يعتمدون‬ ‫فى عملهم على �إظهار املفهوم والرتكيز عليه مما‬ ‫ال �شك فيه �أنهم �سي�صبحون �أقدر من يقوم بتوثيق‬ ‫وت�صوير تلك الأعمال‪.‬‬


‫جولة المعارض‬

‫لندن فى امل�ساء ‪ -‬با�ستيل ‪ -‬هالة �شافعى‬

‫‪v‬‬

‫‪91‬‬


‫رحيل فنانة من القاهرة‬ ‫وفنــــــــــان من األقــــــــــاليم‬ ‫رحلت الفنانة ال�شابة (�آم��ال قناوي) بعد رحلة ق�صرية وعميقة عن عمر‬ ‫يناهز ‪ 38‬عام ًا قدمت فيها �أعما ًال مفعمة بالتوهج ج�سدت مب�شاعرها و�أحا�سي�سها‬ ‫احللم املجه�ض عند حواء وهى �أعمال طليعية تنتمى لفن املر�أة �أو «الفيمينيزم‬ ‫�آرت» لي�س باملعنى ال�ضيق ولكن تتميز برحابة فى الفكر وخ�صو�صية فى الأداء‬ ‫والتعبري‪ ..‬متتد ب�أفكار حول واقع احلياة واملوت والزواج وامليالد ب�أ�شكال عديدة‬ ‫من فنون الفيديو بتعبريية فى الر�سوم والأعمال الفنية املركبة وفن الأداء‪.‬‬ ‫وتبدو �شفافية �شخ�صية (�آمال) من خالل �أحاديثها االعرتافية التى تعك�س‬ ‫�شخ�صيتها الفنية وعالقة ذلك بالإبداع‪ ..‬تقول‪« :‬رمبا �أملك قلب ًا يخفق ويعمل‬ ‫بانتظام‪ ..‬ولكننى ال �أ�ستطيع �أن �أ�ؤك��د �أننى حية‪ ،‬عندما �أبحث داخ��ل نف�سي‪،‬‬ ‫�أب�صر ذات� ًا لها وجود م�ستقل حتوى جمموع ًة من القوانني التى حتكم اجل�سد‬ ‫وت�سيطر عليه بو�صفه وجود ًا مادي ًا‪ ..‬ومع ذلك‪ ،‬ف�إن وجود الذات ال يتطابق مع‬ ‫ا�ستقالليتها‪ ..‬ومن هنا ي�أتى �سعيى املتوا�صل لتحديد عالقتى بالوجود والعدم»‪.‬‬ ‫وفى بيناىل القاهرة الدوىل فازت الفنانة الراحلة (�آمال قناوي) باجلائزة‬ ‫الكربى فى دورته الثانية ع�شرة ومن خالل هذا العمل الذى قدمته «املطبخ» يت�أكد‬ ‫وعيها ال�شديد ور�ؤيتها البليغة فيما يتعلق بهموم امل��ر�أة املعا�صرة‪ ،‬وقد قدمت‬ ‫مطبخ ًا كام ًال فى ركن من القاعة‪ ،‬مع ركن �آخر يحت�شد ب�أ�ص�ص الزرع وقف�ص‬ ‫للع�صافري ومرايا و�أ�ضواء نيون وثالث قنوات فيديو تبث �صور ًا �إلكرتونية توحى‬ ‫بالعجز وما تعانى امل��ر�أة من عقبات فى املجتمعات احلديثة ب��د ًء من الرتبية‬ ‫الأوىل‪ ..‬العر�ض م�سكون باملرايا التى جتعل امل�شاهد يتوحد معه‪ ،‬فهو عر�ض‬ ‫تفاعلى ي�صدمنا ويده�شنا‪ ،‬ونتوحد معه ونفكر ون�س�أل‪ :‬هل تتغري النظرة �إىل املر�أة‬ ‫فى الألفية الثالثة؟‬ ‫�أقامت الفنانة (�آمال قناوي) العديد من املعار�ض الفردية من بينها معر�ض‬ ‫فى م�ؤ�س�سة «دارة الفنون» فى الأردن‪ ،‬وفى م�صر معر�ض «فراغ» بجالريى كرمي‬ ‫فران�سي�س للفن املعا�صر ومعر�ض «جنة مفخخة» فى جالريى م�شربية ومعر�ض‬ ‫«الرحلة» فى جالريى «تاون هاو�س» للفنون املعا�صرة‪ ،‬كما �شاركت فى بيناليات‬ ‫عاملية‪ ،‬ومنها بيناىل مو�سكو الثانى وبيناىل ال�شارقة الدوىل وبيناىل «دكارت»‬ ‫ال�سابع للفنون الأفريقية املعا�صرة فى ال�سنغال وبيناىل الإ�سكندرية الثالث‬ ‫والع�شرون‪.‬‬ ‫وفى ال�شهر املا�ضى رحل الفنان (حمب عزيز) وهو فنان ينتمى �إىل حمافظة‬ ‫املنوفية �شغلته ق�ضايا وطنه وتن�شئة جيل مهتم بالفن ‪..‬تخرج فناننا من الفنون‬ ‫اجلميلة عام ‪ 1975‬وا�شتغل بالتدري�س مدر�س ًا وموجه ًا ملادة الرتبية الفنية بجانب‬ ‫ن�شاطه الإبداعى الذى ترجمه فى لوحات فنية عك�س فيها املعامل والأماكن التى‬ ‫عاي�شها خا�صة قريته «�شنوان» التى ف�ضل البقاء بها طوال حياته‪ ..‬وكان ي�شارك‬ ‫فى املعار�ض التى �أقامها ق�صر ثقافة �شبني الكوم فى املنا�سبات القومية املختلفة‪.‬‬ ‫و�شارك «حمب» فى العديد من ور�ش العمل كموجه ومدرب للملتحقني بها‬ ‫كا�شف ًا عن اجلانب التعبريى واملهارى والتقنى الذى متيز به وعمل على غر�سه‬ ‫فى الآخرين كما ان�ضم �إىل القوافل الثقافية التى نظمتها الهيئة العامة لق�صور‬ ‫‪v‬‬

‫‪90‬‬

‫الفنانة الراحلة �آمال قناوى‬

‫لوحة للفنان الراحل حمب عزيز‬

‫الثقافة باملنوفية مع مركز الدرا�سات الوطنية ب�شبني الكوم مما كان له دور كبري‬ ‫فى اكت�شاف املواهب فى جمال الفنون الت�شكيلية من �أبناء القرى واملدن التى‬ ‫زارتها تلك القوافل وعمل مع فرقة م�سرح الأراج��وز التابعة لق�صر ثقافة �شبني‬ ‫الكوم فى �إب��راز اجلانب اجلماىل للعرائ�س والعادات ال�سليمة وت�أكيد االنتماء‬ ‫للوطن‪.‬‬ ‫حتية �إىل روح (�آمال قناوي) و(حمب عزيز)‪ ..‬بعمق ما قدما من �إبداع‪.‬‬ ‫«اخليال»‬ ‫ ‬


‫عبد الوهاب عبد المحسن‬ ‫االلتحام بالطبيعة‬ ‫قاعة كمبنسكى النيل ‪ -‬جاليرى فن بالزمالك‬

‫الأر�ض البكر ‪ ..‬العذراء اخلام ‪....‬م�سطحات‬ ‫خ�ضراء منب�سطة ‪....‬ه��دوء ‪� ....‬سكينة ‪ ....‬حياة‬ ‫رقيقة للكائنات احلية ال�صغرية التى ال تعكر �صفو‬ ‫امل�شهد العام م�شاهد انح�سار املاء على رقعة الأر�ض‬ ‫احل�شائ�ش الربية تنمو بغزارة وحرية وترتاق�ص‬ ‫بليونة هنا وهناك �صفاء امل�شهد نف�سيا �أكده �صفاء‬ ‫الألوان ورقتها الأع�شاب والوريقات اجلافة‪ ..‬يتجه‬ ‫امل�شهد حثيثا نحو التجريد و التجريد هنا �شكلى‬ ‫وفل�سفى‪.‬‬ ‫ال�شكلى ف��ى اخ�ت���ص��ار ال�ت�ف��ا��ص�ي��ل الدقيقة‬ ‫والهوام�ش والزيادات حفاظا على �أ�صل ال�شكل �أما‬ ‫التجريد الفل�سفى فهو حماولة ت�سجيل امل�شهد العام‬ ‫يبدو �أحيانا من �أعلى وك�أنك فى مروحية �أى �أنك‬ ‫ترى من منظور عني ال�صقر و�أحيانا جتد امل�شهد‬ ‫�شديد القرب وااللت�صاق بالأر�ض فيبدو الأمر من‬ ‫منظور كعني النملة وهنا تبدو احل�شائ�ش والأع�شاب‬ ‫ع �م�لاق��ة وك ��أن �ه��ا ن��اط �ح��ات ��س�ح��اب ه��ذا احل�س‬ ‫املنظورى ال�شديد التباين مينع الإح�سا�س بالرتابة‬ ‫�أو امللل ويفاجئنا باجلديد دفعا من خالل النقالت‬ ‫الفجائية ‪.‬مما ينقلنا ذهنيا من م�ستوى فكرى �إىل‬ ‫م�ستوى فكرى �آخر ‪.‬‬ ‫ف�شتَّان بني التحليق فى �أعاىل ال�سماء (منظور‬ ‫عني ال�صقر) وااللت�صاق ب��الأر���ض (منظور عني‬ ‫النملة)‪.‬‬ ‫�أ�ضفت درا�سته لفن اجلرافيك احل�س الرهيف‬ ‫للخط وبالتبعية ما ت�شكله اخلطوط املتتالية واملتكررة‬ ‫من مالم�س �أ�سطح خمتلفة ‪.‬‬

‫‪v‬‬

‫العدد الحادي و الثالثون ‪ -‬أكتوبر ‪2012‬‬

‫‪93‬‬


‫عشق الباستل‬ ‫هالة شافعى‬

‫‪v‬‬

‫عودة �إىل زمن الفن اجلميل ‪� ..‬إىل « الكال�سيكيات» ‪� ..‬إىل «الطبيعة ال�صامتة مع خامة «البا�ستل» التى هجرها الفنانون و�أ�صبحت من الفنون �شبه‬ ‫املنقر�ضة ‪.‬‬ ‫يتلق درا�سة فنية‬ ‫تقدم هاله �شافعى باكورة معار�ضها فى قاعة الباب ‪ ،‬ورغم �أنها تندرج حتت ت�صنيف «الفنان التلقائي» �أى الفنان املثقف الذى مل ِ‬ ‫�أكادميية‪�،‬إال �أنها تخطت كل احلواجز وو�صلت �إىل درجة الفنان املحرتف‪ ،‬تتلمذت على يد الفنان جمد ال�سجينى ابن الفنان العمالق جمال ال�سجينى‬ ‫فى مر�سمه واهتمت بالقراءة والتعليم الذاتى والتوا�صل مع اجلمعية امللكية الربيطانية لفن البا�ستل‪ ،‬واجلمعية الأمريكية لفن البا�ستل ولديها خربة‬ ‫جيدة جد ًا عن خامة البا�ستل واملاركات العاملية و�أين ُي�صنع البا�ستل «يدوي ًا» على �أيدى �أمهر فنانى �أمريكا‪.‬‬ ‫يت�سم انتاجها باالنبهار بالطبيعة وب�سحر الألوان ودفئها وبهجتها وانعكا�س �ضوء ال�شم�س البديع على املوجودات فى احلياة اليومية فلديها ع�شق‬ ‫خا�ص للمدر�سة الت�أثريية‪ ،‬توىل عناية خا�صة مبلم�س ال�سطح والته�شريات القوية اجلريئة بعيدا عن «الت�سييح» ب�أ�صبع الإبهام لتنعيم ال�شكل اخلارجى‬ ‫واحتفظت فى ثنايا العمل بلون الأر�ضية الورقية‪ ،‬كما �أنها ال تقوم مطلقا بر�ش اللوحة بعد االنتهاء منها بالبخاخ املثبت (‪ )Fix TiF‬للحفاظ على ن�ضارة‬ ‫الألوان وزهوتها‪ .‬الطبيعة ال�صامتة معها مفعمة باحليوية والبهجة واحلركة الدينامية‪.‬‬ ‫‪92‬‬


‫�شم�س القرنفلى‬

‫معرض ثالثة فى واحد‬ ‫قدم الفنانون معر�ض ًا ثالثي ًا للفنانني �أقيم بقاعة خان‬ ‫املغربى بالزمالك‬ ‫�شم�س القرنفلى‬ ‫ن�ح��ات ل��دي��ه ن��زع��ة اجل�م��ع ب�ين «التعبريية والتجريد»‬ ‫الأ�شكال واخلطوط اخلارجية وب�صفة خا�صة احلواف جندها‬ ‫حانية ناعمة‪ ،‬يكد كثري ًا من �أجل الو�صول لل�شكل اجلماىل‬ ‫االن�سيابى و�أي�ض ًا ال�شكل االبتكارى وال يتخلى مطلق ًا عن �إثارة‬ ‫الده�شة للمتلقى ليحتفظ دوما بن�ضارة التلقى‬ ‫�سامل �صالح‬ ‫�أح��د جتليات التعبريية امل�صرية ال�صحيحة املفعمة‬ ‫باحلركة واحليوية فتكويناته ال تعرف مطلقا ال��رك��وز �أو‬ ‫ال�صمت و�إمنا حركة ديناميكية كجزء من قوامي�س الكون فكل‬ ‫�شيء حولنا يتحرك‪ ،‬يع�شق دوما قانون الهدم والبناء و�إعادة‬ ‫�صياغة امل��وج��ودات فى الطبيعة رغم «و�ضوح وق��وة» �ألوانه‬ ‫وثراء البالتة ‪� ،‬إال �أنه �أحيان ًا يجنح نحو ال�ضبابية والإبهام‬ ‫لتعلو دراما اللوحة‪.‬‬ ‫حممد الطراوي‬ ‫عرفناه دوما من ع�شاق املائيات وميتلك بها تقنية خا�صة‬ ‫ومر بعدة مراحل فى رحلته عرب املائيات وتعبري ًا �أي�ض ًا عن‬ ‫امل�سطحات املائية البحار والأنهار والبحريات ‪ ...‬ثم اجته‬ ‫م�ؤخر ًا نحو الت�صوير وبنف�س احل�س الرقراق ال�شفاف الذى‬ ‫نراه فى مائياته �أتت لوحاته الزيتية‪.‬‬ ‫�شخو�ص �صريحة ��ش��دي��دة اال�ستطالة ت ��أخ��ذ �شموخ‬ ‫امل�صرى القدمي و�صالبة الفالح امل�صرى الأ�صيل ميتلك ح�س‬ ‫جتريدى يقف فى مرحلة و�سطية بني التجريد والت�شخي�ص‪.‬‬

‫حممد الطراوي‬

‫�سامل �صالح‬ ‫‪v‬‬

‫العدد الحادي و الثالثون ‪ -‬أكتوبر ‪2012‬‬

‫‪95‬‬


‫طاهر عبد العظيم‬

‫�إيهاب الأ�سيوطى‬

‫معرض الزهور‬ ‫قاعة فان جوخ‬

‫افتتح الفنان طه قرنى معر�ض ًا جماعي ًا عن الزهور بقاعة فان‬ ‫جوخ بالهرم للفنان �إيهاب الأ�سيوطى‪� ,‬شارك فى املعر�ض كوكبة كبرية‬ ‫من �أجيال كبار و�شباب بلغ عددهم ‪ 40‬فنانا وفنانة منهم (�أحمد‬ ‫�سليم ـ �سمري عبد الف�ضيل ـ كمال عبده ـ حممود الببالوى ـ ممدوح‬ ‫قطورى ـ �إيهاب الأ�سيوطى ـ مدحت احلناوى ـ �سيد �سعد الدين ـ طاهر‬ ‫عبد العظيم) وه ��ؤالء من �أجيال الكبار‪� ,‬أم��ا من �أجيال ال�شباب‬ ‫(مريفت �شاذىل ـ فاتن طو�سون ـ نورهان عادل ـ لينا �أ�سامة ـ مهنى‬ ‫ياو�ؤد ـ مروة جمدى ـ دعاء فاروق ـ مى �أبو العيون �أما �ضيوف ال�شرف‬ ‫من تون�س �سعاد الروينى ـ فاتن ال�صفايحى‪ ..‬املعر�ض �إطاللة م�شرقة‬ ‫ب�أمل والتفا�ؤل‪ ,‬مملوء مب�شاعر متباينة بني احل��زن والفرح الغامر‬ ‫انتهت برحيل املخلوع وجناح �أوىل عتبات الدميقراطية ب�أول جتربة‬ ‫حقيقية لإنتخاب رئي�س للجمهورية و�إ�سدال ال�ستار متاما عن احلكم‬ ‫الع�سكرى ليتفرغ جي�شنا العظيم حلماية الوطن ‪ ..‬م�شاعر رائعة لعل‬ ‫خري تعبري عنها بهجة الزهور و�ألوانها املبهرة رمز التفا�ؤل والتجدد‬ ‫والأمل وا�شراقة �شم�س احلرية‪.‬‬ ‫‪v‬‬

‫‪94‬‬

‫كمال عبده‬



‫صفحة فن‬ ‫هذه ال�صفحة مفتوحة لكل‬ ‫الآراء فى الفن والفكر والثقافة‬

‫أقمشة المفروشات إضافة‬ ‫بصرية للديكور المنزلى‬

‫عند ال�شروع فى ت�أثيث غرفة ما داخ��ل املنزل‬ ‫ف�إنه من املهم حتديد طبيعة اجلو العام لهذه الغرفة‬ ‫م��ن حيث كونها غ��رف��ة �إ��س�ت�خ��دام ع��ادى �أوغ��رف��ة‬ ‫�إ�ستخدام ر�سمى مع حتديد نوعية الن�شاط الذى‬ ‫�سيقوم ب��ه الإن���س��ان داخ��ل ه��ذه ال�غ��رف��ة‪ ،‬وحتديد‬ ‫موا�صفات الإن�سان ال��ذى �سوف يعي�ش �أو ميار�س‬ ‫ن�شاطه داخلها‪ 0‬فى غرفة املعي�شة مثال يجب �أن‬ ‫ي�سود جو من الراحة وال�ضيافة والت�سلية‪ ،‬وفى غرفة‬ ‫النوم يجب �أن تتوافر عنا�صر الهدوء واال�سرتخاء ‪،‬‬ ‫وفى غرفة الأطفال يجب �أن تكون العنا�صر حمققة‬ ‫للمرح والبهجة‪.‬‬ ‫خ�لال الأع��وام القليلة ال�سابقة لوحظ مزيدا‬ ‫من الإهتمام ب�شراء م�ف��ردات املنزل من �أقم�شة‬ ‫ال�ستائر ومفرو�شات الأر�ضية ومكمالت الديكور‬ ‫ليح�صل امل�ستهلك على منزل متميز يجمع بني اللون‬ ‫والت�صميم اجلذاب للأقم�شة امل�ستخدمة مما يعترب‬ ‫ثورة حديثة فى نظرة وموقف الإن�سان من ال�سعى‬ ‫لتحقيق املتعة الب�صرية داخل املنزل‪.‬‬ ‫منذ ح��واىل خم�سني عاما ك��ان هناك �سيطرة‬ ‫لبع�ض الطرز والت�صميمات وبع�ض الألوان التقليدية‬ ‫عند اختيار �أقم�شة الأثاث واملفرو�شات‪ ،‬فقد كانت‬ ‫الأق �ط��ان واحل��راي��ر م��ن ال �ل��ون البنى والزيتونى‬ ‫والأحمر الداكن هى الألوان ذات ال�سيطرة فى جميع‬ ‫�أقم�شة املنزل لقناعة امل�ستهلك مبقاومة هذه الألوان‬ ‫لعوامل االت�ساخ وحتملها لظروف الإ�ستعمال‪ ،‬وقد‬ ‫�أ�صبح اختيار هذه الأل��وان من الثقافات املتوارثة‬ ‫ل�ل�أج�ي��ال التالية‪ .‬لقد ت�غ�يرت ه��ذه املفاهيم فى‬ ‫الع�صر احلديث لتلقى بظاللها على توجهات ال�سوق‬ ‫وامل�ستهلك‪ ،‬حيث �أتاحت الر�ؤية اجلديدة املتطورة‬ ‫�إ�ستخدام جميع الألوان بالحدود مثل الأزرق الرباق‬ ‫والأخ�ضر الزاهى والربتقاىل والأ�صفر ورمبا جميع‬ ‫�أل���وان ال�ط�ي��ف‪ .‬ك��ان لظهور الأل �ي��اف ال�صناعية‬ ‫ت ��أث�ير وا� �ض��ح على التغري ال ��ذى ظهر ف��ى ال��ذوق‬ ‫العام لإمكانية احل�صول منها على ع��دد النهائى‬ ‫من الأل��وان والظالل املتعددة مع درج��ات اللمعان‬ ‫‪v‬‬

‫‪96‬‬

‫واملالم�س املختلفة مع ما حتمله من خوا�ص مقاومة‬ ‫االت�ساخ و�سهولة العناية والتنظيف بالإ�ضافة �إىل‬ ‫تقنيات التجهيز املتنوعة‪.‬‬ ‫ع�ن��د ال�ت�ف�ك�ير ف��ى ت ��أث �ي��ث امل �ن��زل ف ��إن��ه من‬ ‫املنا�سب �أن يتوافر ل��دى الإن���س��ان ح��د �أدن ��ى من‬ ‫املعرفة بطرز الأث��اث ونوعيات الأقم�شة املختلفة‬ ‫حتى ي�ستطيع �أن ي�صل �إىل جمموعة متنا�سقة من‬ ‫املفردات التى تخدم الغر�ض املطلوب لكل غرفة‪.‬‬ ‫فلي�س من املفرت�ض �أن يقوم الإن�سان باختيار جميع‬ ‫قطع الأث��اث و�أقم�شة املفرو�شات من �إجت��اه معني‬ ‫ليحقق ط��رازا بعينه‪ ،‬و�إمن��ا البد �أن يحقق التوافق‬ ‫ال��ذى يعطى ال�شعور العام بالإرتياح بجو املنزل‪.‬‬

‫�إن كثريا من امل�ستهلكني يتجهون حاليا �إىل حتقيق‬ ‫روح الع�صر احلديث و�سمات املعا�صرة عند �إختيار‬ ‫�أقم�شة التنجيد واملفرو�شات‪ ،‬ولكن ذل��ك ال مينع‬ ‫من �إ�ضافة بع�ض العنا�صر �أو الأقم�شة من الطرز‬ ‫القدمية ب�شرط عدم حدوث تنافر �أو عدم تنا�سق‬ ‫مع هذه العنا�صر‪ .‬عندما نتجول بني الطرز الأكرث‬ ‫�شهرة و�إنت�شارا ف�إننا جند على �سبيل املثال الطراز‬ ‫الإيطاىل ال��ذى تتميز �أقم�شته بالت�صميمات ذات‬ ‫امل�ساحات الكبرية ذات اخلطوط املنحنية الر�شيقة‬ ‫والتى حتتوى على مناظر الزهور البارزة واملو�ضوعة‬ ‫داخ��ل الفازات �أو ال�سالل مع عنا�صر متنوعة من‬ ‫نباتات وزه��ور اخلر�شوف �أو الأنانا�س وق��د كانت‬ ‫الأقم�شة منفذة ب�أ�سلوب الربوكيد �أو الدام�سك مع‬

‫د‪.‬حممد �صربى‬

‫�سيادة اللون الأخ�ضر والأحمر الداكن والكرميى‬ ‫وذل ��ك بجانب ال��ذه�ب��ى‪ .‬وع�ن��د الإن �ت �ق��ال للطراز‬ ‫الفرن�سى جند �أنه احتوى على عدة مراحل متيزت‬ ‫كل مرحلة ب�سمات خمتلفة‪ ،‬فقد متيز طراز لوي�س‬ ‫الرابع ع�شر مب�ساحات كبرية من الزهور وال�سالل‬ ‫والري�ش مع �إ�ستخدام �ألوان الأزرق والأحمر والأخ�ضر‬ ‫الداكن و�أحيانا الأ�صفر والوردى بينما �إت�سم طراز‬ ‫لوي�س اخلام�س ع�شر بالزخارف الرقيقة الناعمة‬ ‫مع ملحات من الزخارف ال�صينية التى حتتوى على‬ ‫الزهور الطبيعية مع لفائف الأغ�صان كما متيزت‬ ‫�أقم�شة طراز لوي�س ال�ساد�س ع�شر مبناظر الطبيعة‬ ‫والرعى مع وجود الدوائر املت�شابكة بالإ�ضافة �إىل‬ ‫ظهور الأدوات املو�سيقية كعنا�صر �إ�ضافية‪ .‬و�إحتوى‬ ‫الطراز الإجنليزى �أي�ضا على عدد من املراحل مثل‬ ‫طراز امللكة �آن الذى متيز بالأقم�شة ذات الزخارف‬ ‫الدقيقة واملنفذة ب�أ�سلوب الإم�برودري��ة مع وجود‬ ‫بع�ض مالمح من الفنون ال�صينية والهندية‪� ،‬أما‬ ‫طراز امللك جورج فقد متيزت �أقم�شته با�ستخدام‬ ‫الت�صميمات ذات الأق�لام وال�شرائط من ال�ساتان‬ ‫واحلرير الرقيق املنفذة ب�أ�سلوب الربوكيد واملواريه‬ ‫مع �سيادة الألوان الر�صينة مثل الرمادى مع الأزرق‬ ‫والأبي�ض‪.‬‬ ‫�إننا ال ن�ستطيع �أن نتنا�سى الطرز الإ�سالمية‬ ‫�أو العربية التى تنوعت على مر الع�صور الإ�سالمية‬ ‫واختلفت ب�إختالف الأق �ط��ار‪ ،‬حيث ابتكر العرب‬ ‫كثريا من الأ�ساليب الن�سجية والتقنيات املبتكرة‬ ‫واملتميزة‪ ،‬وقد �سادت ب�صفة عامة فى هذه املراحل‬ ‫�أقم�شة املخمل والقطيفة من �ألوان الأحمر الداكن‬ ‫بدرجاته‪ .‬عندما نتناول االجت��اه احلديث جند �أنه‬ ‫يدعو �إىل الب�ساطة فى الت�صميم مع �إحالل اخلطوط‬ ‫امل�ستقيمة والأ�شكال الهند�سية بدال من التفريعات‬ ‫الزخرفية مع التوجه لإ�ستخدام الأل��وان الفاحتة‬ ‫والرباقة مع �إ�ستخدام الرتاكيب الن�سجية الب�سيطة‬ ‫والأقم�شة االقت�صادية و�سيادة فكرة التغيري والتبديل‬ ‫على فرتات زمنية ق�صرية‪.‬‬



Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.