Khayal 25

Page 1




‫• الكالم الإن�شائى ال ي�صنع نقدا مثلما القوافى وحدها ال ت�صنع �شعرا !!‬ ‫وا�ستغن عمن �شئتَ تكن نظريه ‪ ,‬و�أح�سن �إىل من �شئتَ تكن �أمريه ‪ (..‬الفيل�سوف‬ ‫• احتج �إىل من �شئتَ تكن �أ�سريه ‪ِ v ,‬‬ ‫الإمام على بن �أبى طالب )‬ ‫•يارب ن ِّور طريقنا ‪ ...‬فقد زاد ال�ضباب و�ضللنا الطريق ‪ ...‬ون�أى املرف�أ وتالطمت الأم��واج ‪ ...‬فوفق اللهم‬ ‫صلوات في املخل�صني واملحبني لهذا الوطن؛ كى ينقذوه من الغرق ‪ ،‬وارحمنا من املتاجرين مب�صر ودينها ‪ ،‬فال�شعب امل�صرى امل�ؤمن‬ ‫طريق النور منذ اخلليقة لي�س فى حاجة �إىل دين بقدر حاجته املا�سة �إىل تنمية اقت�صاده‪ ،‬وال يوجد داع لل�صراعات الدينية‬ ‫التى ما �أن تدخل بلداً �إال وحترقه ‪ ...‬كما يذكر لنا التاريخ ‪!!..‬‬ ‫• الأوانى الفارغة �أعلى �صوت ًا دائما ‪.‬‬ ‫• يعتقد البع�ض خط�أ �أن كرثة املعار�ض ميكن �أن ت�صنع فنان ًا‪� ،‬أو �أن كرثة الكتابة ميكن �أن ت�صنع ناقد ًا !!‬ ‫• لي�س عيبا �أن تكتب‪ ،‬و�أن تعرت�ض ومتلأ الدنيا �صراخا‪ ،‬ولكن العيب �أن تتغري املواقف والآراء املدونة على �صفحات‬ ‫اجلرائد‪ ..‬للأ�سف مثل تغيري املالب�س !!‬ ‫• لقد �سعدت جد ًا مبا قاله د‪ .‬ح�سني خالد وزير التعليم العاىل‪ ،‬فى كلمته فى افتتاح امل�ؤمتر الذى يناق�ش م�ستقبل‬ ‫اللغة العربية‪ ،‬م�ؤكد ًا �أن امل�شكلة تكمن فى قدراتنا الإبداعية التى هبطت �إىل �أدنى م�ستوياتها‪ ،‬واحلل مرهون بعودة‬ ‫الإبداع �إىل ذروة اهتماماتنا‪.‬‬ ‫�سور جمرى العيون‬ ‫�سعدت جد ًا باهتمام د‪ .‬عبد القوى خليفة حمافظ القاهرة‪ ،‬فى حواره مع د‪.‬‬ ‫�شاكر عبد احلميد وزير الثقافة‪ ،‬ب�صورة ونظافة �سور جمرى العيون‪ ،‬هذا الأثر‬ ‫التاريخى‪ .‬وقد �سبق �أن كتبنا حتقيق ًا م�صور ًا عن هذا املو�ضوع فى جملة اخليال‬ ‫فى العدد (الرابع ع�شر)‪ ،‬ونتمنى �أن تتعاون وزارة الثقافة مع حمافظة القاهرة فى‬ ‫ا�ستغالل هذا الأثر الهام؛ كى يكون مزار ًا �سياحي ًا جمي ًال ونظيف ًا !!‬ ‫حلم متحف‬ ‫يجمع كل‬ ‫اللوحات التي‬ ‫أبدعت إبان‬ ‫إنشاء السد‬

‫متحف ر�سوم ال�سد العاىل‬ ‫فى حوار فنى مع الزميل الناقد �أ�سامه عفيفى‪ ،‬ت�ساءلنا ‪:‬ملاذا ال يتم جمع‬ ‫الر�سوم واللوحات التى نفذها الفنانون امل�صريون فى القرن املا�ضى �إبان �إن�شاء‬ ‫م�شروع ال�سد العاىل ؟ذل��ك ال��ذى واكبه م�شروع فنى م��واز‪ ،‬وهو �سفر الفنانني‬ ‫امل�صريني �إىل �أ�سوان ؛لت�سجيل مراحل �إن�شاء ال�سد العاىل ‪ ...‬وقد فكرنا فى طرح‬ ‫هذه الفكرة على د‪� .‬صالح املليجي رئي�س قطاع الفنون الت�شكيلية‪ ،‬ممث ًال لوزارة‬ ‫الثقافة‪ ،‬للبحث عن تلك الر�سوم وجمعها؛ كى ي�ضمها متحف‪ ،‬يقام خ�صي�ص ًا‬ ‫لهذا الغر�ض فى مدينة �أ�سوان‪ ،‬بالتعاون مع حمافظة �أ�سوان ‪ ،‬وذلك حتى ال نرتك‬ ‫تاريخنا احلديث يندثر دون توثيق !‬

‫‪ibrahimghazala@yahoo.com‬‬


‫عالمــــــــات‬

‫الخيال أصبحت‬ ‫وهلل الحمد‬ ‫قبلة الطامعين‬ ‫والحاقدين !‬

‫الطامعون فى اخليال !!‬ ‫‪ ...‬بعد �أن تبو�أت جملة اخليال مكانتها فى احلياة الثقافية والت�شكيلية كرث الطامعون فى اال�ستحواذ عليها‪،‬‬ ‫واحلقيقة �أن العمل فى جملة اخليال هو نوع من التطوع من �أجل تقدمي خدمة‬ ‫باعتبارها مغنم ًا ي�سعون �إىل اقتنا�صه‪v ،‬‬ ‫للفن والفنانني‪ ،‬ولي�س هناك من مك�سب وراء ذلك �سوى �إمياننا ب�أهمية �أن يكون هناك مطبوعة تهتم وتتابع احلياة‬ ‫الت�شكيلية والفن فى م�صر‪ ،‬وكذلك على ال�صعيد الدويل‪ ،‬ونحن ن�أمل �أن تكون جملة اخليال جملة دولية‪ ،‬ي�ستفيد بها‬ ‫القارئ امل�صرى والعربى والأجنبى �أي�ض ًا‪ ،‬وهذا ما يدعونا ملحاولة �إ�ضافة بع�ض املواد باللغة الإجنليزية‪ ،‬حيث يعي�ش‬ ‫فى م�صر عدة ماليني يحتاجون �أي�ض ًا لالطالع على احلياة الفنية‪ ،‬ونتمنى م�ستقب ًال �أن تكون هناك جملة باللغة‬ ‫الإجنليزية‪ ،‬تتابع الأن�شطة الفنية فى م�صر‪ ،‬وت�سلط ال�ضوء على الفنانني امل�صريني حتى يح�صلوا على ال�شهرة التى‬ ‫ي�ستحقونها‪ ،‬مثلما يحدث مع الفنانني فى معظم الدول الأوربية والأجنبية‪.‬‬ ‫ونحن نقول للذين ي�ؤرقهم جناح جملة اخليال‪ :‬نحن ل�سنا فى حالة �صراع مع �أحد‪ ،‬واحلمد هلل �أنه لي�س لدينا‬ ‫�آفة احلقد هذه‪ ،‬وهذا ف�ضل من اهلل‪ ،‬ونتمنى من اهلل �أن ميد اجلميع و�إيانا بطاقة املحبة والت�سامح والتغا�ضى من‬ ‫�أجل ال�صالح العام‪ ،‬وقد علمتنا الأيام �أن ال �شيء يدوم على حاله‪ ,‬فكم من ملوك �أزيلوا من فوق عرو�شهم و�أُهينوا من‬ ‫بعد عزهم‪ ،‬ولن يبقى �سوى التاريخ‪ ،‬و�أقول للطامعني ‪ :‬من يرد منكم �أن يعمل معنا فى جملة اخليال‪ ،‬و�أن ي�ساعدنا فى‬ ‫تطوير هذا الإ�صدار ‪ ،‬ف�أه ًال به و�سه ًال ‪ ،‬واملجلة لي�ست حكر ًا على �أحد‪.‬‬ ‫�سمبوزيوم تلم�سان الدوىل ‪ ..‬على غرار �سمبوزيوم الأق�صر‬ ‫فى �أثناء تواجدنا فى مدينة تلم�سان باجلزائر (ح�سن عبد الفتاح – حممد طراوى – �أ�سامة عفيفى – �إبراهيم‬ ‫غزالة ) ذهبنا للم�شاركة فى احتفاالت الدولة بتلم�سان عا�صمة للثقافة الإ�سالمية‪ ،‬وذلك فى �إطار م�شروعنا لر�سم‬ ‫�أهم املدن والبالد العربية‪ ،‬فى �إطار تفعيل دور الفن الت�شكيلى فى الوطن العربي‪ ،‬وبامل�صادفة كان معنا الكتاب الأخري‬ ‫مللتقى الأق�صر الدويل‪ ،‬وعندلقائنا مبدير الثقافة بتلم�سان �أهديته الن�سخة‪ ،‬ثم فاج�أنا بعد يومني ب�أنه يريد �أن‬ ‫يجتمع بنا لأمر هام‪ ،‬و�إذا به يخربنا �أنه قرر ـ مع امل�سئولني ـ تنظيم ملتقى دوىل لفن الت�صوير على غرار ملتقى‬ ‫الأق�صر‪ ،‬و�أنه �سيبد�أ دورته الأوىل فى ‪ 2013‬م‪ ،‬و�س�ألنا عن تفا�صيل تنظيم امللتقى‪ ،‬كما طلب الئحة ملتقى الأق�صر‬ ‫‪ ..‬فكان هذا �أهم ما �أ�سعدنا فى الرحلة‪� ..‬أن ترى �أثر ًا للن�شاط الذى تقدمه‪ ،‬فهذا ما نتمناه جميع ًا‪.‬‬

‫الفنانون‬ ‫التشكيليون‬ ‫في حاجة‬ ‫للتواصل‬ ‫العميق فيما‬

‫ملتقيات الفنانني‬ ‫نحن فى حاجة ما�سة �إىل �إيجاد و�سيلة ـ �أو و�سائل ـ لإعادة �صياغة احلركة الت�شكيلية امل�صرية‪ ،‬ور�أب ال�صدع‬ ‫بني الفنانني بع�ضهم البع�ض‪ ،‬وكذلك النقاد فيما بينهم تارة‪ ،‬وبينهم وبني الفنانني تارة �أخرى !!‬ ‫فقد الحظت �أن الفنانني امل�صريني الذين مت دعوتهم مللتقى الأق�صر الدوىل مل يلتق بع�ضهم البع�ض منذ عدة‬ ‫�سعداء جد ًا ب�أن يلتقوا ويعملوا‬ ‫�سنوات‪ ،‬فانده�شت ‪ ،‬رغم �أنهم يقيمون فى املدينة نف�سها‪ ،‬والبلدة ذاتها‪ ،‬وكانوا‬ ‫ً‬ ‫ويتناق�شوا فى ق�ضايا احلياة والفن‪ ،‬وقد �أدركت �أننا نفتقد كثري ًا منا�سبات �أو ملتقيات الفنانني والنقاد‪ ،‬حيث يناق�شون‬ ‫همومهم‪ ،‬ويبحثون �سبل حت�سني ظروفهم احلياتية والعملية‪ ،‬وكيف يتم االرتقاء باملجتمع من خالل تفعيل دور الفن‪.‬‬ ‫�إن الفنانني يحتاجون �إىل ناد يرتادونه مع عائالتهم و�أطفالهم ‪ ..‬ويحتاجون �إىل توطيد �أوا�صر التوا�صل فيما بينهم‬ ‫حتى يتم التخفيف من حدة اجلفوة‪ ،‬وحتى ال يعي�شون فى جزر منعزلة‪ ،‬يعانون االكتئاب والإح�سا�س بالغربة‪� ،‬إننى‬ ‫�أعرف بع�ض الفنانني الذين طعنوا فى ال�سن‪ ،‬وي�ستجدون ال�س�ؤال دون جميب !!‬ ‫�أيها الفنانون والنقاد رفق ًا ب�أنف�سكم‪ ،‬وانزلوا من �أبراجكم العاجية‪ ،‬ومزيد ًا من التوا�ضع‪ ،‬ومزيد ًا من احلب‪ ،‬فماذا‬ ‫يفيدك �أن تكون �أعظم فنان فى الدنيا و�أنت تعانى الغربة وتفتقد املحبة ؟؟‪..‬‬



‫رئي�س جمل�س الإدارة‬ ‫�سعد عبد الرحمن‬ ‫�أمني عام الن�شر‬ ‫حممد �أبو املجد‬ ‫مدير الن�شر‬ ‫�صبحى مو�سى‬ ‫رئي�س التحرير‬ ‫د‪�.‬إبراهيم غزاله‬ ‫مديرالتحرير‬ ‫�سيد هويدى‬ ‫مديرالتحريرالتنفيذى‬ ‫�أمين هالل‬ ‫امل�ست�شار الفني‬ ‫حممد الطراوى‬ ‫هيئة التحرير‬ ‫�صالح بي�صار‬ ‫�أمين حامد‬ ‫وليد الدرمللى‬ ‫فينو�س ف�ؤاد‬ ‫الدي�سك املركزى‬ ‫د‪ .‬حربى طلعت‬ ‫كمبيوتر جرافيك‬ ‫حممد خمتار‬ ‫رنـــــــــا �أ�شرف‬

‫صبرى منصور ‪ ..‬فنان العدد‬

‫‪6‬‬

‫اكتشاف لوحة جديدة لفان جوخ‬

‫‪14‬‬

‫قصر السكاكيني باشا‬

‫‪16‬‬

‫القناطر الخيرية‬

‫‪20‬‬

‫عرض كتاب (التفضيل الجمالى)‬

‫‪26‬‬

‫المرأة فى المسرح المصرى‬

‫‪30‬‬

‫سمبوزيم أسوان الدولى للنحت‬

‫‪34‬‬

‫فيلم االنفصال‬

‫‪38‬‬

‫معرض للفنان مصطفى الرزاز‬

‫‪40‬‬

‫سيناء قبلة المبدعين‬

‫‪48‬‬

‫متحف محمود خليل‬

‫‪54‬‬

‫جولة المعارض‬

‫‪57‬‬

‫صالون الجيزة للفن التشكيلى‬

‫‪76‬‬

‫هيئة قصور الثقافة تحتفل بعيد األم‬

‫‪80‬‬

‫قصة صورة‬

‫‪84‬‬

‫فارس النهر‬

‫‪86‬‬

‫مهرجان األقصر للسينما اإلفريقية‬

‫‪88‬‬

‫معارك فكرية نحتية‬

‫‪90‬‬

‫عبد الوهاب عبد المحسن‬

‫‪94‬‬

‫مصر تشارك فى الورشة الدولية فى الهند‬

‫‪98‬‬

‫تدوير القمامة مشروع جمالى‬

‫‪100‬‬

‫مهرجان القاهرة الدولى لسينما األطفال‬

‫‪104‬‬

‫‪www.Facebook.com/khayal.art‬‬ ‫‪Email: alkhayal_art@hotmail.com‬‬ ‫الآراء الواردة باملقاالت ُت َع رِّب عن ر�أى �أ�صحابها‬ ‫السنة الثانية ‪ -‬العدد الخامس والعشرون ‪ -‬إبريل ‪ 2012‬و لي�ست بال�ضرورة ُت َع رِّب عن ر�أى املجلة‬


‫‪v‬‬

‫أبريل ‪2012‬‬

‫‪7‬‬


‫فنان العدد‬

‫صبرى منصور‬ ‫و الواقعية السحرية‬

‫كانت القرية امل�صرية فى الأربعينيات من القرن املا�ضى بات�ساع‬ ‫الدلتا‪ ،‬وط��ول ال��وادى‪ ،‬حالة درامية خا�صة ‪ ..‬بتلك امل�شاهد وال�صور‬ ‫والأحداث الليلية ‪ ..‬والتى ت�سبغها الظلمة الدام�سة‪ ،‬واللياىل القمرية مبا‬ ‫جت�سد من �إيحاءات تنتمى ملا فوق الواقع‪ ،‬تتعانق فيها امل�أ�ساة وامللهاة‬ ‫خا�صة‪ ،‬ومل تكن م�ضاءة فى ذلك الوقت بالكهرباء ‪.‬‬ ‫الفنان �صربى من�صور ‪..‬رغ��م درا�سته بالفنون اجلميلة بالقاهرة‪،‬‬ ‫و�سان فرناندو ب�أ�سبانيا‪ ،‬ورغم تزاحم ال�صور الب�صرية بالقاهرة ومدريد‬ ‫ومع ثقافته الت�شكيلية ‪�..‬إال �أن عامله ـ هذا العامل الذى ينتمى للواقعية‬ ‫ال�سحرية ـ جاء ا�ستح�ضارا لتلك ال�صور‪ ،‬وامل�شاهد التى عا�شها بريف‬ ‫قريته ال�صغرية‪ ،‬مبحافظة املنوفية‪ ،‬فى فرتة مل تتجاوز الأرب��ع �سنوات‬ ‫الأوىل من طفولته‪ ،‬حيث انتقلت الأ��س��رة بعد ذل��ك �إىل طنطا‪ ،‬والتى‬ ‫اختزنها العقل الباطن‪ ،‬وظلت حبي�سة الال�شعور‪.‬‬ ‫فى مر�سمه بالزمالك �أم��ام كلية الرتبية الفنية‪ ،‬التقيناه‪ ،‬وان�ساب‬ ‫احلديث و�سط لوحاته ‪ ..‬وكان هذا احلوار ‪.‬‬ ‫‪v‬‬

‫‪6‬‬

‫�صالح بي�صار‬

‫بني الأزرق والرمادى ‪.‬‬ ‫فى قرية �صغرية خ�ضراء تنتمى لريف املنوفية كان مولدى عام ‪1943‬‬ ‫‪..‬فى ذلك الوقت من الأربعينيات‪ ،‬مل تكن العالقات فى الريف قد تغريت‬ ‫كما هو حادث الآن ‪..‬العلى م�ستوى التطور‪ ،‬والعلى طبيعة القيم والتقاليد‬ ‫والتما�سك ‪..‬كانت‬ ‫من العالقات االجتماعية التى كان ُي�شهد لها بالرتابط‬ ‫ُ‬ ‫القرية فى ذلك الوقت قطعة من الإن�سانية ‪ ..‬وعلى امل�ستوى الب�صرى‬ ‫كانت ن�ش�أتى و�سط البيوت والأرا�ضى الطينية التى حتمل ال�شكل البدائى‪،‬‬ ‫والذى يعد امتدادا وا�ستمرارا لأيام الفراعنة ‪..‬وهنا مازلت �أتذكر ـ رغم‬ ‫�أن وجودنا بالقرية مل ي�ستمر �سوى �أربع �سنوات من بداية مولدى ـ تلك‬ ‫الثالثية من الألوان بدء ًا من الرمادى بدرجاته املتمثل فى البيوت التى‬ ‫حتت�ضن بع�ضها البع�ض‪ ،‬والأزرق بدرجاته املتمثل فى الأف��ق‪ ،‬ودرج��ات‬ ‫الأخ�ضر كما فى املزروعات مع النخيل وال�شجر ‪..‬‬ ‫ومل يكن هناك بالقرية فى ذلك الوقت كهرباء ‪..‬فقط �إ�ضاءة قمرية‬ ‫لها �سحر �ضوء القمر بكل الظالل التى يلقيها على الأ�شياء‪ ،‬وتلك العتامة‬


‫تلقائى‪ ،‬بطريقة غري واقعية‪ ،‬تخرج عن املو�ضوع‬ ‫الأكادميى ‪�..‬إىل طابع فيه �إيحاءات فوق الطبيعة‪،‬‬ ‫�أى مب�لام��ح �سرييالية ‪ ..‬فوجئت ب�أ�ستاذ ا�سمه‬ ‫حامد ن��دا‪ ،‬ي�شاهد م�شروعات الطلبة ‪ ..‬كانت له‬ ‫هالة �أ�سطورية‪ ،‬ورغم �أننى مل �أكن �أعرفه فقد كان‬ ‫�أ�ستاذا بالفنون بالإ�سكندرية فى ذلك الوقت‪ ،‬وجاء‬ ‫فى زيارة للكلية ‪ ..‬وجدته واقف ًا خلفى ‪ ..‬وباهتمام‬ ‫كبري �أ�شاد بال�صورة‪ ،‬ومل يكتف بهذا بل عندما خرج‬ ‫من الأتيليه ع��اد ب�صحبة �أ�ساتذة الق�سم لرييهم‬ ‫مار�سمتُ ‪..‬وكان هذا اكت�شاف ًا ل�شخ�صيتى‪ ،‬اكت�شاف ًا‬ ‫ذاتي ًا هز فى �أ�شياء كثرية‪ ،‬و�أكد ثقتى بنف�سى‪.‬‬

‫وماذا عن عالقتك بعبد الهادى اجلزار فى‬ ‫ذلك الوقت ؟‬ ‫بخ�صو�ص اجل��زار ‪ ..‬كنت �أت��اب��ع �أعماله فى‬ ‫املعار�ض‪ ،‬و�أعجب بها بدرجة كبرية‪ ،‬وكانت تثري فى‬ ‫الده�شة خا�صة‪ ،‬وقد انتقلت الأ�سرة �إىل طنطا‪ ،‬و�أنا‬ ‫فى اخلام�سة من عمرى ‪..‬وكان مولد ال�سيد البدوى ـ‬ ‫قبل تنظيمه ـ فيه بدائية كبرية‪ ،‬وفظيعة وروح درامية‬ ‫كانت مثار ده�شتى وت�أملى ‪ ..‬وقد وجدت هذا لدى‬ ‫اجلزار فى �أعماله ‪ ..‬وفى ال�سنة الثالثة عندما بد�أت‬ ‫�أتفوق‪ ،‬وكان ترتيبى الأول بد�أ يهتم بى‪ ،‬وا�ستمرت‬ ‫عالقتى به‪ ،‬وهو الذى �أ�شار على ب�أن �أقدم م�شروع‬

‫البكالويو�س �أو التخرج حول ال��زار‪ ،‬وك��ان يتباهى‬ ‫ب�أعماىل خا�صة‪ ،‬وكانت هناك مناف�سة بينه وبني‬ ‫ندا ‪..‬وعندما انتابه املر�ض فى عام ‪ 1965‬و�أ�صابه‬ ‫الوهن ‪ ..‬فى ذلك الوقت كان قد �أجنز لوحة «قناة‬ ‫ال�سوي�س» فى �صورة �صغرية «ا�سكيز» – ‪40 × 20‬‬ ‫– قدمه ىل‪ ،‬وطلب منى �أن �أنفذه‪ ،‬وبعد �أن انتهيت‬ ‫منه �أع�ج��ب ب��ه‪ ،‬ومل ي�ضف �شيئا �سوى و�شم على‬ ‫�أحد الأذرع ‪ ..‬وللأ�سف رحل فى هذا العام‪ ،‬وكنت‬ ‫قد ر�أيت �أعماله‪ ،‬و�أثارت ده�شتى من قبل �أن �أراه‪،‬‬ ‫وتخيلته �شخ�صا غريبا‪ ،‬وت�صرفاته غريبة‪ ،‬ولكن‬ ‫عندما التقيت به‪ ،‬فوجئت ب�شخ�صية طيبة ودودة ‪.‬‬ ‫‪v‬‬

‫أبريل ‪2012‬‬

‫‪9‬‬


‫امل�ضيئة ‪..‬ه��ذا مع �صمت الليل ‪..‬ال�ك��ل يهجع فى‬ ‫�سكون ت��ام‪ ،‬وه��ذا العامل ال�سحرى جذبنى كطفل‪،‬‬ ‫و�إذا �أ�ضفنا املو�ضوع نف�سه ‪ :‬الروح الغام�ضة‪ ،‬احلالة‬ ‫ال�سحرية لليل فى و�سط اجلو ال�صامت والرمادى‬ ‫اخلابى ‪ ..‬النخيل �أره عالي ًا‪ ،‬ممتد ًا فى الأفق بتيجانه‬ ‫املروحية‪ ،‬له �سحر مع الليل فى القرية ‪..‬هكذا كانت‬ ‫احلياة فى الريف �إىل �أن انتقلت الأ�سرة �إىل طنطا‬ ‫مبحافظة الغربية ‪.‬‬ ‫وق��د ظلت ه��ذه العنا�صر والأ� �ش �ك��ال حبي�سة‬ ‫بداخلى‪� ،‬إىل �أن ظهرت لت�شكل عاملى ‪.‬‬ ‫بني الفل�سفة والفنون‪.‬‬ ‫‪v‬‬

‫‪8‬‬

‫وماذا عن اختيارك لكلية الفنون اجلميلة ؟‬ ‫�أنا طبع ًا عندما و�صلت للثانوية العامة‪ ،‬كان على‬ ‫�أن �أحدد هدفى ‪ ..‬وكنت م�شدودا ل�شيئني ح�سمهما‬ ‫االختيار النهائى ‪ ..‬كنت �أح��ب ال�ف��ن‪ ،‬كما �أح��ب‬ ‫الأدب ‪..‬واخرتت فى البداية �أن �أدر�س الفل�سفة مع‬ ‫اال�ستمرار فى الأدب‪ ،‬وقلت ‪� :‬إما فنون جميلة‪� ،‬أو‬ ‫�آداب ق�سم فل�سفة‪ ،‬جامعة عني �شم�س ‪.‬‬ ‫وك��ان التقدمي للفنون اجلميلة واالخ�ت�ب��ارات‬ ‫بعد التن�سيق ‪..‬دخ �ل��ت االخ�ت�ب��ار وجن�ح��ت فيه ‪..‬‬ ‫كان ترتيبى رقم ‪ .. 60‬ورغم هذا اجنذبت للكلية‬ ‫ب�شكل كبري ‪ ..‬جذبنى املظهر العام ‪� :‬شكل الطلبة‬

‫والبالطى املبقعة ب��الأل��وان والذقون عند البع�ض‪،‬‬ ‫والتماثيل املوزعة بفناء الكلية‪ ،‬واالتيليهات ‪..‬هذا‬ ‫اجلو �سحرنى‪� ،‬ساعتها قررت وب�شكل قاطع االلتحاق‬ ‫بالفنون اجلميلة من هذا املنظر املوجود هناك ‪.‬‬ ‫وبداية الدرا�سة ؟‬ ‫فى ال�سنوات الأوىل فى �إعدادى‪ ،‬و�أوىل‪ ،‬مل �أكن‬ ‫طالب ًا متفوق ًا ‪ ..‬كنت طالب ًا عادي ًا‪ ..‬ولكن كنت مهتما‬ ‫جد ًا �أن �أتقدم وعندى �إ�صرار‪ ،‬وكنت �أتابع املعار�ض‬ ‫والندوات‪ ،‬و�أعمل ب�شكل كبري‪ ،‬وكانت نقطة التغيري‬ ‫فى ال�سنة الثانية‪ ،‬وهى نقطة حتول فى حياتى ‪ ..‬كنت‬ ‫�أقوم مب�شروع طبيعة �صامتة‪ ،‬وجاءت العنا�صرب�شكل‬


‫‪v‬‬

‫أبريل ‪2012‬‬

‫‪11‬‬


‫وعالقتك بندا‪ ،‬والفرق بينه وبني اجلزارفى‬ ‫العامل ال�شعبى ؟‬ ‫ن��دا ك��ان ي �ق��وم ب��ال�ت��دري����س ف��ى كلية الفنون‬ ‫بالإ�سكندرية منذ افتتاحها عام ‪� 1957‬إىل �أن انتقل‬ ‫�إىل القاهرة ‪ ..‬وفى �أول معر�ض ر�أيته له فى القاهرة‬ ‫‪..‬من الوهلة الأوىل مل يعجبنى‪ ،‬ولكن بت�أمل عامله‬ ‫اكت�شفت �أن ردود فعلى مل تكن م�ضبوطة ‪..‬واكت�شفت‬ ‫�أي�ضا �أنه من �أهم الفنانني امل�صريني‪ ،‬وله تركيبة‬ ‫خا�صة ج��د ًا وم�صرية ج ��د ًا‪ ،‬وت ��أث��ره باحل�ضارة‬ ‫الغربية قليل ‪ ..‬اجلزار فيه قليل من ع�صر النه�صة‬ ‫وقليل من املدار�س احلديثة‪ ،‬رغم خ�صو�صية عامله ‪..‬‬ ‫ندا قدم فنا م�ستقال جدا‪ ،‬مع قدرته ال�ضخمة على‬ ‫الت�شكيل‪ ،‬فهو يعك�س فى �أعماله �صياغة ت�شكيلية فذة‬ ‫‪ ..‬و�أنا �أت�صور �أن امل�ضمون عند اجلزار �أقوى‪ ،‬بينما‬ ‫العك�س الت�شكيل عند ندا �أقوى ‪.‬‬ ‫وي�ضيف ‪ :‬ولقد قمت بتنظيم �أول معر�ض كبري‬ ‫ل�ل�ج��زار‪،‬ك��ان ذل��ك بقاعة ع��اي��دة �أي���وب‪ ،‬ومت فيه‬ ‫التعريف ب�أعماله للجمهور‪ ،‬و اقتناء ع��دد �ضخم‬ ‫منها‪ ،‬مثل لوحة «�آدم وح��واء» التى اقتنتها �سيدة‬ ‫�أمل��ان �ي��ة‪ ..‬ك��ان ذل��ك ف��ى منت�صف الثمانينيات «‬ ‫‪..»1985‬كما قمت بالتقدمي لكتاب كري�ستني رو�سيون‬ ‫«عبد الهادى اجلزار» الذى �صدر عام ‪. 1989‬‬ ‫وف��ى احلقيقة اهتمامى ب��اجل��زار وف��اء لقامة‬ ‫كبرية من قامات الفن امل�صرى‪ ،‬و�أحد الرموز الكبار‬ ‫فى الفن املعا�صر مع ندا ‪.‬‬ ‫�أول لوحة وع��امل القرية امل�صرية الذى‬ ‫ميتد ب�إمياءاته فى �أعمالك ؟‪.‬‬ ‫عندما اكتملت جتربة تكوين الوعى فى بداية‬ ‫الثمانينيات‪ ،‬يعنى بعد حواىل ‪ 40‬عاما‪ ،‬ا�سرتجعت‬ ‫م�شاهداتى للقرية فى الطفولة الأوىل‪ ،‬ومت ذلك‬ ‫بطريقة عفوية ‪..‬وال ميكن �أن �أن���س��ى �أول لوحة‬ ‫ر�سمتها جت�سيدا لهذه احلالة‪ ،‬كنت �ألعب على الورق‬ ‫‪ ..‬جمرد تخطيطات بدون هدف ‪ ..‬ر�سمت بيت من‬ ‫دورين‪ ،‬عبارة عن مربع ب�أب�سط الأ�شكال الهند�سية‪،‬‬ ‫فيه ف�ت�ح��ات‪ ،‬ب��داخ��ل الفتحات �أن��ا���س ‪..‬ت��ذك��رت‬ ‫احلوار الذى كان يدور �أمام البيوت من الفالحات‬ ‫مع ال�سيدة اجلال�سة على عتبة الباب‪ ،‬وحتولت �إىل‬ ‫�إمياءات ‪ ..‬فى هذه املرحلة كان هناك وعى ثقافى‪،‬‬ ‫كان عندى ‪� 35‬سنة‪ ،‬ورجعت من �أ�سبانيا ‪ ..‬ر�أيت‬ ‫�أ�شياء كثرية ‪ ..‬ولكن الن�ضوج لي�س جمرد جتربة‪،‬‬ ‫و�إمن��ا حتميلها ب�إ�سقاطات معا�صرة ‪ ..‬كان هدفى‬ ‫من ت�سجيل ه��ذه املرحلة فيه حالة من الده�شة‪،‬‬ ‫خا�صة وامل�صريون كانوا يئنون من الفقر والغيبيات‪،‬‬ ‫وانتظار املجهول املخل�ص ‪� ..‬أ�صبحت امل�س�ألة حماولة‬ ‫‪v‬‬

‫‪10‬‬

‫فى ال�صياغة الت�شكيلية وربطها بالفن امل�صرى‬ ‫القدمي دون اللجوء للمنظور‪ ،‬والرتتيب الت�شكيلى‬ ‫القائم على ال�ت��وازن��ات ‪..‬ف�ق��ط حم��اول��ة االهتمام‬ ‫بالعن�صر الهند�سى مع الأ�شكال الع�ضوية ‪ ..‬و هذه‬ ‫الفرتة اعتربتها كنز ًا فني ًا‪ ،‬لأن ه��ذه املرحلة من‬ ‫حياة امل�صريني مل يتطرق �إليها �أحد ‪..‬خا�صة وكنت‬ ‫�أرى القرية بالن�سبة للفنانني جمرد مثري ب�صرى‪،‬‬ ‫ظهر فى �إط��ار ت�سجيل احلياة اليومية‪ ،‬مثل ملء‬ ‫اجلرار واحل�صاد والعمل فى احلقل‪ ،‬وكانت كل هذه‬ ‫الأعمال جمرد مناظرنهارية فى �ضوء ال�شم�س ‪..‬‬ ‫�أنا ر�أيت اجلانب الآخر ‪ ..‬جانب الليل‪ ،‬ليل القرية‬ ‫مبا يحتوى من معان وغمو�ض و�صوفية‪ ،‬ومن �إيحاء‬ ‫بعامل خفى ‪..‬و�أن��ا طفل كنت م�شدودا �إليه خا�صة‬ ‫والقمر من العنا�صر الوا�ضحة فى الليل الريفى‪،‬‬ ‫وكان بالن�سبة ىل م�صدر ده�شة‪ ،‬هذا الكائن املعلق‬ ‫فى ال�سماء‪ ،‬وال��ذى يتحرك ‪ ..‬فيه هم�س وغمو�ض‬ ‫وفيه خفوت و�إ�شراق‪ ،‬هذا مع تغيري �شكله من الهالل‬ ‫للمحاق للبدرالكامل ‪..‬‬ ‫وم�ع��ه امل ��ر�أة وال�ت��ى تعد ف��ى ال��ري��ف عن�صر ًا‬ ‫�أ�سا�سي ًا ‪ ..‬هى �سيدة احلياة ‪ ..‬فهى البيت والوطن‬ ‫وهى الأ�سرة ‪ ..‬انطلقتُ فى هذه املرحلة‪ ،‬و�أخذت‬ ‫�أعرب عنها من جوانب كثرية‪ ،‬ووقتها قال البع�ض ‪:‬‬ ‫«جمرد تكرار»‪ ..‬ولكنى مل �ألتفت ‪ ..‬فقد كان لدى‬ ‫�إح�سا�س ب�أننى �أمتلك كنزا‪ ،‬وعلى �أن �أحافظ عليه‬ ‫‪ ...‬على �أن �أحافظ على تعميق هذا العامل‪ ،‬وفى هذه‬ ‫الفرتة قدمت ثالث لوحات للقرية بعنوان « قريتنا‬ ‫فى الليل»‪ ،‬تنوعت من اللوحة البانورامية للم�شهد‬ ‫هناك‪� ،‬إىل م�شهد �آخر ملجموعة من البيوت‪ ،‬وحتى‬ ‫اللوحة الثالثة لبيت ريفى‪ ،‬وقد ح�صلت عنهم على‬ ‫جائزة ال�شراع الذهبى من الكويت ‪.‬‬ ‫والفنان �صربى من�صور �أ�ستاذ الت�صوير والعميد‬ ‫الأ�سبق للفنون اجلميلة ‪..‬كانت ر�سالته لنيل درجة‬ ‫املاج�ستريعام ‪ 1972‬ح��ول «نحو ت�صوير م�صرى‬ ‫معا�صر»‪ ،‬كما ح�صل على الأ�ستاذية فى الر�سم من‬ ‫كلية �سان فرناندومبدريد عام ‪. 1978‬‬ ‫م���اذا ع��ن ف�ترة ال��درا���س��ة ب�أ�سبانيا‪ ،‬وهل‬ ‫�أ�ضافت �إىل عاملك ؟‪.‬‬ ‫ف�ترة �أ�سبانيا ك��ان��ت بالن�سبة ىل ت�ع��رف عن‬ ‫قرب بالفن الأ�سبانى العظيم‪ ،‬من خالل املتاحف ‪:‬‬ ‫جويا وفال�سكيز واملعا�صرين ‪ :‬بيكا�سو وداىل ومريو‬ ‫‪..‬كانت الأرب��ع �سنوات التى ق�ضيتها هناك حماولة‬ ‫ال�ستيعاب الفن الت�شكيلى الأوروب��ى املعا�صر على‬ ‫امل�ستوى ال�شخ�صى ‪ ..‬كانت فرتة ت�أمل و�إنتاج قليل‬ ‫‪� ..‬أن��ا م�سافر من م�صر �إىل هناك مبالمح �شبه‬

‫�شخ�صية مكتملة‪ ،‬ومل �أ�ستكمل جتربتى فى �أ�سبانيا‪،‬‬ ‫وكان انبهارى فقط باملتاحف واملعار�ض‪ ،‬و الدرا�سة‬ ‫جتارب فى املنظر‪ ،‬وجتارب فى الر�سم واجلرافيك‬ ‫‪ . .‬وقد �سافرت وكنت �أع��رف هدفى‪ ،‬كما حددت‬ ‫اجتاهى ‪..‬هذا االجتاه غري الواقعى‪ ،‬والذى مييل �إىل‬ ‫الإيحاء بالغام�ض واملجهول ‪ ..‬وجو درامى م�شحون‬ ‫من خالل مفردات �إن�سانية ‪..‬كما اكت�شفت التعبري‬ ‫عن القرية امل�صرية ب�أ�سلوبى ‪.‬‬ ‫وا�ستمرت العوامل الغام�ضة‪ ،‬واجلو الأ�سطورى‬ ‫من خالل عنا�صر القرية امل�صرية فى الثمانينيات‬ ‫والت�سعينيات ‪..‬بعد ذلك زرت الأق�صر ‪ ..‬بهرتنى‬ ‫احل�ضارة الفرعونية ‪ ..‬هناك زرت املعابد والقبور‬ ‫والرب الغربى ‪..‬اجنذبت لهذا العامل‪ ،‬ومت التزاوج‬ ‫والتلقيح بني القرية والفن الفرعونى كما فى لوحة‬ ‫«ترانيم م�صرية» ‪.‬‬ ‫و�صربى من�صور له �صور �شخ�صية متثل امتدادا‬ ‫لعامله من بينها بورتريه المر�أة �أطلق عليه «الأمرية»‬ ‫ت�أكيدا الحرتامه للمر�أة‪ ،‬و�آخر ل�صبى ر�سمه بنف�س‬ ‫الإح�سا�س يقول عنه ‪:‬هو �صبى من القاهرة ‪..‬كان‬ ‫يحمل نظرة حزينة‪ ،‬وك��ل هوايته م�شاهدة �أف�لام‬ ‫فريد �شوقى ‪..‬ر�سمته دون �أن �أتخلى عن نظرته‬ ‫احلزينة ‪.‬‬ ‫هو والت�صوير اجلدارى‬ ‫و�صربى من�صور مع عامله الدرامى فى الت�صوير‬ ‫امل���ص��رى املعا�صر �شكل م�ساحة مت�سعة‪ ،‬وذات‬ ‫خ�صو�صية ف��ى الت�صوير اجل���دارى «ام �ت��دت فى‬ ‫جداريتني ب�صحيفة الأه��رام‪� ،‬إحداهما بطول مرت‬ ‫ون�صف‪ ،‬وعر�ض ‪ 12‬مرت ‪،‬والثانية بطول ‪3‬ون�صف‪،‬‬ ‫وعر�ض ‪ 2‬ون�صف مرت‪ ،‬وجدارية باجلامعة الكندية‬ ‫بالقاهرة ‪6×4‬مرت ‪،‬وجدارية �أخرى بجامعة حلوان‬ ‫بامتداد ‪ 27×7‬مرت»‪ ،‬وهو يقول حول مفهومه لهذا‬ ‫الفن‪:‬‬ ‫الت�صوير اجلدارى له عالقة مبا�شرة بالنا�س‬ ‫وهى عالقة م�ؤثرة ‪ ..‬كما تختلف عن الأعمال التى‬ ‫تعر�ض فى القاعات املغلقة‪ ،‬ومن خالل هذا املفهوم‬ ‫ح��اول��ت �أن �أرت �ق��ى ب��ه ف��ى ت�شكيل ج��دي��د‪ ،‬و�إي�ح��اء‬ ‫م�صرى‪ ،‬ولغة ب�صرية‪ ،‬تعمد �إىل �إحياء بع�ض الرموز‬ ‫الفرعونية القدمية‪ ،‬كنوع من التوا�صل احل�ضارى‬ ‫والت�أكيد على املعنى احلقيقى للحداثة والأ�صالة‬ ‫‪..‬خا�صة وهو فن مقروء‪ ..‬يلتقى مبا�شرة باجلمهور‬ ‫العري�ض الوا�سع ‪.‬‬ ‫وم��اذا عن ر�أي��ك فى امل�ستوى الفنى لل�شباب‬ ‫امل�صرى حاليا ؟ ‪.‬‬ ‫حركة ال�شباب ف��ى الفن ‪� ..‬أرى هناك رغبة‬


‫من ال��رج��ال والن�ساء‪ ،‬لكن بعد �أن ي�ضفى عليها‬ ‫بتعبرييته الرمزية �آفاقا جديدة وخمتلفة‪ ،‬تخرج‬ ‫بها من طابعها امل��ادى �إىل �أ�شكال �أخ��رى نورانية‪،‬‬ ‫تت�صل بالروح امل�صرية‪ ،‬وتلتقى مع العامل الداخلى‬ ‫للإن�سان ومايحمل من مكنونات‪ ،‬ومايعتمل بداخله‬ ‫من اخلوف من املجهول‪ ،‬واالن�شغال بالقوى الغيبية ‪.‬‬ ‫وفى �أعماله تتحول املر�أة ـ التى تعد �أ�صل الأ�شياء‬ ‫وه��ى طائرة‪ ،‬فى الف�ضاء‪ ،‬وحملقة‪ ،‬مثل ح�صانه‬ ‫الطائر ـ �إىل كائن �أ�سطورى‪ ،‬تلتقى مع ماكنا ن�سمع‪،‬‬ ‫وم��ا كانت توحى ب��ه الظلمة م��ن جت�سيد للنداهة‬ ‫التى تت�صل بتلك القوى غري املرئية « والتى جتعل‬ ‫الأب��واب ت�صرع وت�صطفق ‪ ..‬تفتح وتغلق فجاة مع‬

‫تلك الأ�صوات التى تبعث جت�سد �سيمفونية الطبيعة‬ ‫بالريف» ‪.‬‬ ‫و�إذا كان عامل من�صور ميثل حالة من ال�صفاء‬ ‫وال�ت��أل��ق ال�صوفى والغمو�ض ال�شاعرى ب�أ�ضوائه‬ ‫الأثريية النورانية‪ ،‬من الأزرق امل�شوب بالأخ�ضر مع‬ ‫الأبي�ض‪ ،‬والذى يجعل العنا�صر تخف كثافتها ‪..‬فهو‬ ‫فيما يت�صل ب��ال��روح عميق الأغ��وار ‪،‬وق��د تزاوجت‬ ‫فيه روح الإن�سان املعا�صر بالريف امل�صرى‪ ،‬مع روح‬ ‫امل�صرى القدمي‪ ،‬خا�صة بعد زيارته للأق�صر ‪..‬كما‬ ‫امتزج الإيقاع املادى مبا يوحى به ال�شكل الهند�سى‬ ‫برمزية املعبد‪ ،‬مع تلك العنا�صر الريفية‪ ..‬كل هذا‬ ‫فى ح�ضرة الهالل الذى ي�ؤكد �سحر الأ�شياء‪ ،‬وي�ضفى‬

‫عليها م�ساحات من امل�شاعر الهام�سة ‪.‬‬ ‫ورغ� ��م ق�ي�م��ة م��اك �ت��ب ح���ول جت��رب��ة الإب � ��داع‬ ‫عند �صربى من�صور‪ ،‬و�صلتها بالقرية امل�صرية‬ ‫وال�سرييالية الرمزية وال��درام��ا العنيفة‪ ،‬وال��روح‬ ‫والبدن ‪�..‬إال�أن ��ه من خ�لال حوارنا معه‪ ،‬قد �أ�ضاء‬ ‫الكثري والكثري‪ ،‬خا�صة وهو املبدع‪ ،‬و�أ�ستاذ الفنون‬ ‫والناقد ‪ ..‬يرى الأ�شياء بعني الت�شكيل والتعبري‪ ،‬مثلما‬ ‫يراها بعني املت�أمل واملثقف ‪.‬‬ ‫حتية �إىل �صربى من�صور الفنان‪ ،‬والإن�سان بعمق‬ ‫لغته الت�شكيلية ال�شاعرة‪ ،‬وماقدم من �أعمال تنتمى‬ ‫للواقعية ال�سحرية ‪.‬‬

‫‪v‬‬

‫أبريل ‪2012‬‬

‫‪13‬‬


‫عارمة فى مواكبة االجتاهات الغربية‪ ،‬وهذا املو�ضوع‬ ‫�أرى كمتذوق �إننى ال�أ�ستطيع �أن �أتوا�صل معه ‪ ..‬ففيه‬ ‫غربة‪ ،‬والي�شعرنى باالنتماء ‪..‬وهناك �أعمال لل�شباب‬ ‫�شبيهة بالأعمال الغربية‪ ،‬وممكن تتفوق عليها ‪..‬‬ ‫ولكنها تفتقد للأ�صالة واخل�صو�صية امل�صرية‪،‬‬ ‫فهى تنزع للتقليد �أكرث من االبتكار والإبداع ‪ ..‬وفى‬ ‫ت�صورى �أنه �إذا كان هناك منوذج متفوق‪�« :‬أ�ضرب‬ ‫له تعظيم �سالم»‪..‬ولكن ال�أحاول �أن �أحاكيه �أو �أكرره‬ ‫فالأ�صل فى الإبداع �إ�ضافة روح و�شخ�صية‪ ،‬وب�صمة‬ ‫تدل على املكان وال�تراث والتاريخ‪ ،‬وال��روح العامة‬ ‫للبلد ‪..‬للأ�سف الرغبة فى العاملية م�سيطرة‪ ،‬ولكن‬ ‫مبفهوم خاطىء‪ ،‬والب��د �أن تكون �أعمالنا امل�صرية‬

‫‪v‬‬

‫‪12‬‬

‫دعوة للتميز واالختالف والتجاوز ‪.‬‬ ‫وماذا عن الفن والثورة ؟‬ ‫احلقيقة الت�أثري ال�ف��ورى ال�سريع يظل دائما‬ ‫�سطحى ومفتعل وم�صنوع‪ ،‬وعلى الفنان �أن يعرب عن‬ ‫مايحدث حني تكتمل الر�ؤية بداخله ‪..‬يعنى لو عملت‬ ‫عم ًال بت�أثري الثورة‪ ،‬وب�شكل �سريع‪� ،‬سوف �أبدو دعائيا‬ ‫‪ ..‬و�أنا على امل�ستوى ال�شخ�صى �سعيد جدا بالثورة‪،‬‬ ‫وقد كتبت من قبل ‪ 25‬يناير �أن م�صر البد �أن يحدث‬ ‫بها تغيري‪ ،‬فقد و�صلنا �إىل درجة �صعبة ت�ستع�صى‬ ‫على الفهم واال�ستيعاب ‪ ..‬كتبت «م�صر بتموت» ‪.‬‬ ‫الثورة �أحيت فى نفو�سنا الأم��ل‪ ،‬ول��و �أن هذه‬ ‫الفرتة التى منر بها حاليا حمبطة‪ ،‬وقتلت الأم��ل‬

‫ولكنى متفائل ‪.‬‬ ‫‪ ..‬وعامله‬ ‫على عك�س ماقدم لفنانني من �أعمال م�صرية‬ ‫عديدة حول القرية امل�صرية ‪ ..‬تظل �أعمال �صربى‬ ‫من�صور ذات خ�صو�صية وح �ي��وي��ة‪ ،‬خ��ا��ص��ة وق��د‬ ‫توحدت وامتزجت بدراميتهاال�شديدة بعمق الروح‬ ‫الدرامية التى كانت عليها القرية من قبل ‪..‬خا�صة‬ ‫فيما كانت تبيت عليه من �صور و�أح ��داث يزينها‬ ‫اخليال ‪ ..‬تكتنفها الظلمة وال�ضوء الهام�س ‪ ..‬وهى‬ ‫�أعمال تنتمى لل�سرييالية �أو مافوق الواقع املادى ‪..‬‬ ‫ي�ستح�ضر فيها العنا�صر الريفية من النخيل وال�شجر‬ ‫والطائر واحل���ص��ان‪ ،‬والبيت م��ع �إمي ��اءات الب�شر‬


‫‪v‬‬

‫أبريل ‪2012‬‬

‫‪15‬‬


‫اكتشاف لوحة جديدة لفان جوخ‬ ‫ليلى جناتى‬ ‫ ت�سع �سنوات متر قبل حتديد هوية اللوحة‬‫ متكن الباحثون من ت�أكيد هوية را�سم اللوحة با�ستخدام نوع‬‫جديد من �أ�شعة �إك�س‬ ‫مت م�ؤخرا �إزاحة ال�ستار عن الغمو�ض الذى �أحاط ب�إحدى لوحات فان‬ ‫جوخ‪ ،‬حيث راودت مالكها ال�شكوك ل�سنوات طويلة حول �أ�صالتها‪ ،‬حتى‬ ‫متكن فريق من الباحثني من عدة جماالت من ح�سم الق�ضية والت�أكيد �أن‬ ‫اللوحة ر�سمها فان جوخ بال منازع‪ .‬ا�ستخدم الباحثون نوع جديد من �أ�شعة‬ ‫�إك�س مت من خاللها لي�س فقط حتليل اللوحة املر�سومة بدقة �شديدة بل‬ ‫الك�شف عن وحتليل لوحة‬ ‫�أخرى مر�سومة حتت‬ ‫اللوحة مو�ضع البحث‪.‬‬ ‫وهنا ت�أكدت هوية اللوحة‬ ‫ملجموعة‬ ‫و�أ�ضيفت‬ ‫لوحات فان جوخ فى‬ ‫متحف كروالر موالر‬ ‫وبد�أ عر�ضها من ‪20‬‬ ‫مار�س ‪ 2012‬با�سمها‬ ‫ورود و�أزهار املرج طبيعة‬ ‫�صامتة‪.‬‬ ‫ظهرت اللوحة عند‬ ‫عر�ضها فى �أحد املزادات‬ ‫عام ‪ 1920‬و�شراء بع�ض‬ ‫�آل كروالر ل ‪ 26‬لوحة‬ ‫لفان جوخ من �أ�صل ‪48‬‬ ‫لوحة عر�ضت باملزاد‪،‬‬ ‫ومل تكن لوحة ورود املرج من بني ما �أ�شرتاه كروالر‪ .‬بقيت اللوحة �ضمن‬ ‫املجموعات اخلا�صة للبع�ض‪ ،‬حتى ا�شرتاها متحف كروالر موالر عام‬ ‫‪ 1974‬مب�ساعدة م�ؤ�س�سة رميربانت و�صندوق الأمري برينارد‪ .‬و�صفت �أمينة‬ ‫املتحف �آنذاك �إلني جو�ستون اللوحة ب�أنها عمل رائع وا�ستثنائى؛ من حيث‬ ‫�ضخامة حجم اللوحة‪ ،‬ووفرة الورود املر�سومة ب�ألوانها الغنية الناعمة‪،‬‬ ‫والأ�سلوب الأكادميى املتميز للر�سام‪� .‬إال �أن اللوحة �أحاطت بها ال�شكوك‬ ‫منذ البداية حيث �أنها غري مم�ضية‪ ،‬كما �أن حجمها الكبري �شكك فى كونها‬ ‫لفان جوخ فلوحاته الباري�سية للورود طبيعة �صامتة كانت �أ�صغر حجما‪ .‬كما‬ ‫ت�شككت اللجنة املكونة من متحف كروالر موالر ملناق�شة هوية اللوحة عام‬ ‫‪ 2003‬فى �أ�صالتها للأ�سباب املذكورة �إىل جانب وفرة الورود فى مقدمة‬ ‫اللوحة وهو ما يخالف الأ�سلوب املميز لفان جوخ فى ر�سم الورود مما �أدى‬

‫‪v‬‬

‫‪14‬‬

‫ال�ستبعادها من كاتالوج لوحات فان جوخ لذلك العام رغم بقاء اللوحة‬ ‫�ضمن جمموعة املتحف‪.‬‬ ‫وللوحة الورود ق�صة تبد�أ عام ‪ 1886‬عندما در�س فان جوخ فى كلية الفنون‬ ‫اجلميلة ب�أنتريب فى يناير من نف�س العام‪ ،‬وطلب منه كجزء من املنهج‬ ‫الدرا�سى ر�سم م�صارعني على لوحة كبرية‪ ،‬وهو ما قام به وكتب لأخيه فى‬ ‫باري�س بهذا املعنى‪ .‬كما تبني �أن مقا�س اللوحة ‪ 80×100‬هو املقا�س‬ ‫النموذجى لر�سم الأج�سام فى �أكادميية �أنتريب‪ .‬عندما ذهب فان جوخ‬ ‫للحياة فى باري�س مع �أخيه فى فرباير ‪� 1886‬أخذ لوحة امل�صارعني معه‪،‬‬ ‫وبعدها بعدة �أ�شهر ر�سم فوقها‬ ‫دون ك�شت اللوحة االوىل‬ ‫�أو تغطيتها بطبقة لون كما‬ ‫كان يفعل فى ذلك الوقت‪.‬‬ ‫وتعود كرثة الورود املر�سومة‬ ‫ووفرتها حلجم اللوحة من‬ ‫ناحية‪ ،‬ول�ضرورة تغطية ج�سم‬ ‫امل�صارع من ناحية �أخرى‪ .‬كما‬ ‫تبني �أي�ضا �أن املوديلز فى‬ ‫�أنتريب كانوا يقفون ن�صف‬ ‫عرايا لر�سم �أج�سامهم على‬ ‫خالف ما كان يجرى فى بقية‬ ‫�أوروبا‪� .‬أما العن�صر احلا�سم‬ ‫فى حتديد �أ�صالة اللوحة فتم‬ ‫عن طريق ا�ستخدام الأ�شعة‬ ‫اجلديدة ب�إ�سم «امل�سح وا�سع‬ ‫النطاق ب�أ�شعة �إك�س والقيا�س‬ ‫الطيفى الإ�ست�شعاعي» التى متكن الباحثون من خاللها الك�شف عن هذه‬ ‫اللوحة للم�صارعني حتت �صورة الورود‪ ،‬ومتكن من خاللها حتليل دقيق‬ ‫للألوان امل�ستخدمة التى تتم�شى مع باليتة �ألوان فان جوخ فى هذه الفرتة‪،‬‬ ‫بالإ�ضافة لتحليل دقيق ل�ضربة فر�شاة فان جوخ الذى �أ�صبح من املمكن‬ ‫ر�ؤيتها بو�ضوح من خالل هذه الأ�شعة‪.‬‬ ‫تكون فريق الباحثني من جمموعة من تى يو ديلف (‪) TU Delf‬‬ ‫وجامعة �أنتريب‪ ،‬املركز الأملانى الألكرتونى دى اى ا�س واى من هامبورج‪،‬‬ ‫متحف فان جوخ‪ ،‬ومتحف كروالر موالر‪ .‬و�سي�صدر كتاب قريبا با�سم ترميم‬ ‫وردة طبيعة �صامتة فى متحف كروالر موالر و�ضياع لوحة من �أنتريب لفان‬ ‫جوخ يحكى ق�صة البحث والعثور على هذه اللوحة التى ت�أخذ مكانها الآن‬ ‫بني لوحات فان جوخ فى متحف كروالر موالر‪.‬‬


‫‪v‬‬

‫أبريل ‪2012‬‬

‫‪17‬‬


‫ كيف يتحول هذا األثر العظيم إلى مقر إدارى؟!‬‫‪ -‬هل يتحول القصر إلى متحف أو مركز ثقافى؟!‬

‫أنقذوا هذا األثر‬ ‫قصر السكاكينى باشا بالظاهر‬ ‫ح�سن احللوجي‬

‫‪v‬‬

‫‪16‬‬


‫�إهمال الآث��ار‪ ،‬على الرغم من �أن ترميمها ا�ستثمار‬ ‫م�ضمون للذائقة امل�صرية‪ ،‬وللدخل القومي‪.‬‬ ‫فالق�صر حتفة معمارية نادرة‪..‬بناه ال�سكاكينى‬ ‫حتت �إ�شراف املكتب اال�ست�شارى العاملى فى روم��ا –‬ ‫وقت حفر قناة ال�سوي�س‪-‬وهو منوذج بديع لفن الروكوكو‬ ‫وه��و ف��ن �أوروب���ى يتميز باالر�ستقراطية والفخامة‪،‬‬ ‫فالركوكو تعنى بالفرن�سية ال�صدفة �أو املحارة‪..‬لذا‬ ‫جتد فن الركوكو ميتاز بالزخارف املت�شابكة‪ ،‬وهو فن‬ ‫دل على رفاهية الطبقة الأر�ستقراطية فى الع�صور‬ ‫الو�سطى ب�أوروبا‪.‬‬ ‫ويتكون الق�صر من خم�سة طوابق ‪..‬تعلوه قباب‬ ‫خم��روط �ي��ة‪ ،‬وي��زي �ن��ه ن�ح��و ث�لاث�م��ائ��ة مت �ث��ال متنوعة‬ ‫ومتقنة‪� ،‬أحدها لل�سكاكينى نف�سه‪..‬ونق�ش ال�سكاكينى‬ ‫ح��روف ا�سمه على واج�ه��ات الق�صر وعلى بوابته‪..‬‬ ‫�شاهدتُ نافورة جفت من املياه‪ ،‬يطل عليها عدد من‬ ‫الأ�سود‪،‬و�شاهدتُ حيوانني م�شوهني فى املدخل امل�ؤدى‬ ‫ل�سلم الق�صر‪..‬و�شاهدتُ قواعد لتماثيل غري موجودة‪..‬‬ ‫و�شاهدتُ �أعمدة تكاد ت�سقط لو مل يتم �إنقاذها‪�،‬أما‬ ‫التحف التى بداخله فاهلل وحده يعلم �أين اختفت ‪.‬‬ ‫ال �أحد مير من هذا املكان �إال ويلفت الق�صر نظره‪..‬‬ ‫وت�ستطيع �أن ترى الق�صر من �أية امتداد من �شوارعه‬ ‫التى يطل عليها باعتباره مركزا لها‪ ،‬وت�ستطيع �أن تدور‬ ‫حوله دورة دائرية كاملة لت�شاهد كافة جهاته و�أن��ت‬ ‫بال�شارع‪،‬وهى ميزة ال تتوفر للكثري من الق�صور الأثرية‬ ‫بالقاهرة‪.‬‬ ‫م��ن ي���ش��اه��د ك��م الأت ��رب ��ة ع �ل��ى ج � ��دران ق�صر‬ ‫ال�سكاكيني‪ ،‬من ي�شاهد متاثيله امل�شوهة وواجهاته‬ ‫املحطمة‪ ،‬ونوافذه امله�شمة‪ ،‬يرثى حلاله‪ ،‬وقد ذل الزمن‬ ‫تاريخه‪..‬لو �أننا نفكر جديا فى �إزالة القبح عن �شوارعنا‬ ‫الهتممنا مبثل هذا املكان الذى غطاه ال�شجر والباعة‬ ‫اجلائلني والإهمال‪..‬‬ ‫ذهبت ل�س�ؤال �أح��د �أ�صحاب املحالت املطلة على‬ ‫الق�صر‪ ،‬فلم يعرف عن الق�صر �سوى ا�سمه‪..‬و�أنه من‬ ‫زمان هكذا‪�..‬أحد الأطفال مر بنا ونحن نلتقط ال�صور‬ ‫للق�صر فقال ىل ‪ « :‬هوه فيه حاجة ؟» فقلت له‪:‬الق�صر‬ ‫عاجبني‪..‬فنظر ىل بدون اهتمام وان�صرف‪..‬ليت الآثار‬ ‫تعلم �أن وجود ق�صر ال�سكاكينى فى منطقة الظاهر هو‬ ‫متنف�س جماىل وثقافى لأهل الظاهر ‪ ،‬وحماولة لإنقاذ‬ ‫ال�شارع امل�صرى من غزو القبح‪.‬‬

‫‪v‬‬

‫أبريل ‪2012‬‬

‫‪19‬‬


‫كيف ي�صان تاريخ اجلمال فى م�صر‪،‬وقد �أم�سى‬ ‫القبح قاعدة‪..‬كيف نطلب ممن يجهل الإح�سا�س‬ ‫باجلمال �أن يكون حافظ ًا له‪ ،‬واجلمال الذى �أعنيه‬ ‫لي�س جما ًال ترفي ًا‪،‬بل هو جمال ممزوج بهوية وتاريخ‬ ‫م�صر‪ ،‬فق�صور م�صر التاريخية لي�ست فقط �شاهدا‬ ‫على مالمح اجلمال املعمارى فى هذه الفرتة‪ ،‬بل‬ ‫حتكى �أي�ضا تاريخ وطن‪ ،‬وتاريخ مرحلة من مراحل‬ ‫م�صر‪،‬ت�شهد الق�صور التاريخية فى م�صر على هوية‬ ‫الوطن وعلى عالقات الب�شر فيها‪ ،‬وت�شهد على �أحداث‬ ‫متت فى ه��ذه الأم��اك��ن‪ ،‬وعلى �أف��راد ماتوا وتركوا‬ ‫ملمحا يعرب عنهم �أو �أحداثا �شاركوا فيها‪..‬الق�صر‬ ‫املعنى باحلديث هنا هو ق�صر ال�سكاكينى با�شا‪� ،‬أو‬ ‫حبيب جربائيل �أن�ط��وان (‪،)1923-1840‬و� �س �م��ى‬ ‫بال�سكاكينى ن�سبة لوالده الذى كان يعمل فى �صناعة‬ ‫الأ�سلحة البي�ضاء‪..‬و�صل حبيب من دم�شق �إىل م�صر‬ ‫وعمره نحو �ستة ع�شر عاما ‪..‬وجمع ثروته من العمل‬ ‫فى املقاوالت‪ ،‬وله دور بارز فى حفر قناة ال�سوي�س‪،‬‬ ‫وكان مقربا من اخلديوي‪..‬وقد ا�شرتى الأر�ض املقام‬ ‫عليها هذا الق�صر‪ ،‬وكانت املنطقة عبارة عن بركة‬ ‫مياه‪ ،‬قام ال�سكاكينى بتجفيفها و�أقام الق�صر فى‬ ‫و�سطها ‪،‬فى قلب ميدان تتفرع منه ثمانية �شوارع‬ ‫رئي�سية‪..‬وحني ذهبت مل�شاهدة الق�صر وجدت �أن‬ ‫امليدان يحمل ا�سم ميدان ال�سكاكينى القائم فى حى‬ ‫الظاهر‪،‬ورمبا حمى وجود الق�صر كميدان من �أن‬ ‫تت�صل به �أية عقارات �أو تطوله �أيادى الطامعني رغم‬ ‫حماوالت بيعه فى املزاد العلنى عام‪ ،1982‬وت�صدى‬ ‫للبيع العديد من اجلهات ف�ضم للآثار بقرار جمل�س‬ ‫ال��وزراء رق��م‪ 1691‬عام ‪.1981‬ول�ي��ت النظر للآثار‬ ‫والبيوت اجلميلة القدمية يخرج من دائ��رة الطمع‬ ‫واحل�سابات العقارية ل�سعر املرت و �سوق ال�سما�سرة‪،‬‬ ‫فثقافة هدمها وحتويلها لأب ��راج �سكنية ه��و جهل‬ ‫مقيم‪ ،‬يتحمل م�سئوليته املجتمع ب�أكمله‪.‬‬ ‫قبل هذا التاريخ تربع �أحد �أحفاد ال�سكاكيني‪-‬‬ ‫وك��ان طبيبا‪ -‬بن�صيبه ل��وزارة ال�صحة ‪ ،‬ف�أقيم به‬ ‫عام‪1961‬متحف للتثقيف ال�صحي‪..‬وم�ؤخرا بعد‬ ‫�ضمه للآثار �أ�صبح ق�صر ال�سكاكينى مقرا �إداري��ا‬ ‫ملنطقة �آثار و�سط القاهرة‪�.‬أى �أنه حتول ملكان �إدارى‬ ‫ملجموعة من املوظفني‪..‬وليت هذا �أنقذه‪..‬فلم يكن‬ ‫هذا �سوى �شاهد �أكرث ق�سوة على جتاهل قطاع الآثار‬ ‫لإعادة ترميمه و�إحيائه‪ .‬وي�ؤ�سفنى القول �إن املبالغ‬ ‫التى تنفق على الآثار‪ ،‬تهتم بنوعية �آثار على ح�ساب‬ ‫�أخ��رى‪..‬وق�ط��اع الآث��ار نف�سه يحمل تركة ثقيلة من‬ ‫‪v‬‬

‫‪18‬‬


‫ المشروع الذى كاد يؤدى مرتين إلى خسارة مصر أهرامها الثالثة ‪.‬‬‫‏ ‪ -‬‏المسيو‏ ‏بارو‏‪ :‬‏إن‏ ‏هذه‏ ‏أول‏ ‏مرة‏ ‏أقيمت‏ ‏فيها‏ ‏قناطر‏ ‏كبري‏ ‏من‏ ‏هذا‏‬ ‫‏النوع‏ ‏علي‏ ‏نهر‏ ‏كبير‏‪.‬‏‬ ‫ المسيو‏ ‏شيلو‏ ‏ ‏‪ :‬‏إن‏ ‏مشروع‏ ‏القناطر‏ ‏الخيرية‏ ‏يعد‏ ‏في‏ ‏ذلك‏ ‏العهد‏ ‏أكبر‏‬‫‏أعمال‏ ‏الري‏ ‏في‏ ‏العالم‏ ‏قاطبة‪.‬‬

‫‪v‬‬

‫أبريل ‪2012‬‬

‫‪21‬‬


‫القناطر الخيرية‬ ‫كيف يتم استغاللها سياحيا‬

‫‪v‬‬

‫‪20‬‬


‫تعد قناطر حممد علي‪� ،‬أو القناطر اخلريية ‪ -‬التى يرجع ف�ضل �إن�شائها �إىل‬ ‫حممد على با�شا‪ ،‬م�ؤ�س�س م�صر احلديثة الذى و�ضع حجر �أ�سا�سها فى �إبريل عام ‪- 1843‬‬ ‫مبحافظة القليوبية‪ ،‬من �أجمل البقاع اخل�ضراء على �أر�ض م�صر‪ ،‬فهى تقع عند قمة الدلتا‬ ‫على م�سافة ‪ 22‬كيلومرتا من قلب القاهرة‪ ،‬ويق�صدها �سنويا ما ال يقل عن ثالثة ماليني‬ ‫من ال�سائحني والزائرين من كل بقاع العامل‪ ،‬وتزداد �أهميتها فى الأعياد واملنا�سبات‪،‬‬ ‫وقد زاد من �أهميتها �أنها ملتقى فرعى النيل دمياط ور�شيد‪ .‬وتقع على م�ساحة خم�سمائة‬ ‫فدان‪ ،‬جميعها تطل على النيل مبا�شرة‪ ،‬وقد �أمر حممد على بتخ�صي�ص جزء كبري من‬ ‫هذه امل�ساحة لإقامة حدائ ‏ق ‏على‏ ‏منط‏ ‏املنتزهات‏ ‏واحلدائق‏ ‏الأوربية‏‪ ،‬‏مزودة‏ ‏بالأ�شجار‏‬ ‫‏النادر ‏ة ‏الت ‏ي ‏جلبه ‏ا ‏من‏ ‏خمتلف‏ ‏�أنحا ‏ء ‏العامل‏‪ ,‬‏و�أُطلق‏ ‏عليها‏ ‏عند‏ ‏افتتاحها‏ ‏�أعظم‏ ‏حدائق‏‬ ‫‏ال�شرق‏‪ ,‬وكان الهدف الأ�سا�س فى ذلك الوقت من �إقامتها �أن حتجز بواباتها مياه النيل‬ ‫الزائدة‪ ،‬حتى ال حتدث في�ضانات تغرق معها الأرا�ضى الزراعية‪ ،‬ومن ثم يتم توزيعها‬ ‫فيما بعد عرب الرياحات الثالثة ‪،‬التوفيقى واملنوفى والبحريي‪ ،‬لت�صل �إىل جميع �أرا�ضى‬ ‫الدلتا‪ ،‬والتى تعتمد اعتمادا �أ�سا�سيا على مياه النيل فى عمليات الري‪.‬‬ ‫‏ ‏ وق��د كانت ‏القناطر‏ ‏يف‏ ‏بدء‏ ‏الأمر‏ ‏‏تعرف‏ ‏بالقناطر‏ ‏املجيدية‏ ‏اخلريية‪،‬‏ ‏ن�سبة‏‬ ‫ث ‏كانت‏ ‏ت�سمي‏ ‏امل�شروعات‏ ‏الكربى‏ ‏با�سم‏‬ ‫يل ‏ال�سلطا ‏ن ‏عبد املجيد �سلطان تركيا‏‪ ،‬‏حي ‏‬ ‫‏�إ ‏‬ ‫يل‏القناطر‏‏اخلريية‏ الذى �أ�صبح ا�سمها منذ‬ ‫ت‏�إ ‏‬ ‫‏ال�سلطان‪،‬‏‏واختز ‏ل‏اال�س ‏م‏مع‏‏مرور‏‏الوق ‏‬ ‫عام ‪ 1914‬ميالدي‪ ،‬وكلمة القناطر معناها الكباري‪ ،‬وت�ضم بوابات قناطر النيل فرع‬ ‫دمياط ‪ 71‬فتحة‪ ،‬من بينها ‪ 20‬فتحة مغلقة‪ ،‬و‪ 49‬فتحة ل�سريان املياه‪ ،‬عر�ض كل منها‬ ‫خم�سة �أمتار‪ ،‬وعدد فتحتني عر�ض كل منهما ‪ 5.5‬مرت‪ ،‬ويوجد بها هوي�س واحد رئي�س‬ ‫ب�أبعاد ‪ 8.65 X 12‬مرت‪� ،‬أما عر�ض الطريق فوق القناطر فيبلغ ‪ 8.65‬مرت‪ ،‬وي�ستخدمه‬ ‫املارة والزائرون وال�سيارات العابرة‪� .‬أما قناطر فرع ر�شيد‪ ،‬فتتكون من ‪ 61‬فتحة‪ ،‬منها‬ ‫‪ 59‬فتحة عر�ض كل منها خم�سة �أمتار‪ ،‬وفتحتني عر�ض كل منهما ‪ 5.5‬مرت‪ ،‬كما يوجد بها‬ ‫عدد ‪ 2‬هوي�س‪ ،‬ب�أبعاد ‪ 8.65 X 12‬مرت‪� ،‬أما العر�ض الكلى للطريق فوق القناطر في�صل‬ ‫�إىل ‪ 8.65‬مرت‪ ،‬وي�ستخدمه املارة‪ ،‬وكذلك ال�سيارات �أي�ضا‪ .‬وفى ‪� 30‬أغ�سط�س ‪- 1868‬‬ ‫فى عهد اخلديوى �إ�سماعيل‪ -‬مت افتتاح القناطر‪ ،‬ولكن قبل هذا االفتتاح بعام واحد‪،‬‬

‫‪v‬‬

‫أبريل ‪2012‬‬

‫‪23‬‬


v

22


‫ظهر خلل فى بع�ض عيون القناطر اخلريية ب�سبب �ضغط املياه‪ ،‬فوجه اخلديوى �إ�سماعيل‬ ‫عنايته �إىل عالج هذا اخللل‪ ،‬وعهد بذلك �إىل كبار املهند�سني فى ع�صره‪ ،‬وهم‪ :‬موجيل‬ ‫بك (وكان قد غادر م�صر �إىل فرن�سا بعد �أن �أمت م�شروع القناطر فى عهد �سعيد با�شا )‪،‬‬ ‫وبهجت با�شا‪ ،‬ومظهر با�شا‪ ،‬ثم امل�سرت فولر املهند�س الإجنليزى ‪ .‬وبعد االفتتاح قيل عنها‬ ‫�إنها �أعجوبة فنية و�أثرية‪ ،‬فهى حتفة معمارية و�سد من النوع املفتوح ‪.‬‬ ‫وفى �أواخر �أكتوبر ‪ 1936‬مت و�ضع حجر الأ�سا�س لإقامة قناطر جديدة �سميت بقناطر‬ ‫حممد علي‪ ،‬نظرا لأن القناطر املجيدية اخلريية مل تكن كافية لتحمل زيادة املياه من‬ ‫ناحية‪ ،‬ولتخفيف العبء عن الأهو�سة القدمية التى بد�أت تعترب من الآثار‪ ،‬لينتهى العمل‬ ‫بها فى عام ‪ ،1939‬و�أ�صبحت القناطر اجلديدة �أو قناطر حممد على امتدادا للقناطر‬ ‫القدمية‪ .‬فقناطر دمياط اجلديدة تتكون من ‪ 34‬فتحة‪ ،‬عر�ض كل منها ‪� 8‬أمتار‪ ،‬وهوي�س‬ ‫املالحة بعر�ض ‪ 12‬مرتا وبطول ‪ 80‬مرتا‪ ،‬ويتم فتح الأهو�سة فى مواعيد حمددة لعبور‬ ‫مراكب النقل البحرى املحملة بالب�ضائع‪� ،‬أما قناطر ر�شيد اجلديدة فتتكون من ‪ 46‬فتحة‪،‬‬ ‫عر�ض كل منها ‪� 8‬أمتار‪ ،‬وهوي�س للمالحة بعر�ض ‪12‬مرتا وبطول ‪ 80‬مرتا‪.‬‬ ‫وقد عهد حممد على عند تفكريه فى م�شروع القناطر املجيدية اخلريية للمهند�س‬ ‫الفرن�سى‏امل�سيو‏‏لينان‏‏د ‏ي‏بلفون‏‪،‬‏ الذى واجه �صعوبة‏جلب‏‏الأحجار‏‏الالزمة‏‏للبناء‏‪ .‬ففكر‬ ‫يف ‏ا�ستخدام‏ ‏�أحجار‏ ‏الأهراما ‏ت ‏لبناء‏ ‏القناطر‪،‬‏ ‏نظرا‏ ‏لعدم‏ ‏�إدراكه‏ ‏لأهمية‏‬ ‫‏حمم ‏د ‏علي‏ ‏ ‏‬ ‫‏الأهراما ‏ت ‏التاريخي ‏ة ‏مبا‏ ‏حتويه‏ ‏من‏ ‏�أحجا ‏ر ‏تتحدث‏ ‏عن‏ ‏عمق‏ ‏احل�ضارة‏ ‏امل�صرية‏‪ ,‬لكن‬ ‫لينان الذى يدرك قيمة الأهرامات رف�ض ذلك‪ ،‬متعلال ‏بالتكلفة‏ ‏الباهظة‏ ‏من‏ ‏نقل‏ ‏�أحجار‏‬ ‫‏الأهرامات‏‪ ,‬‏مقرتح ‏ا ‏جلب‏ ‏الأحجار‏ ‏من‏ ‏حماجر‏ ‏طرة‏ ‏فوافق‏ ‏حممد‏ ‏علي‏‪ ,‬وقد تكرر الأمر‬ ‫نف�سه فى عهد اخلديوى �سعيد‏‏با�ش ‏ا‏الذي‏‏�أحيا‏‏م�شروع‏‏القناطر‏‏م ‏ن‏جديد‪،‬‏‏غري‏‏�أنه‏‏اختلف‏‬ ‫ف ‏حممد‏ ‏علي‏ ‏مع‏ ‏لينان‏ ‏حول‏ ‏جلب‏ ‏الأحجار‏ ‏الالزمة‏ ‏لتكميل‏‬ ‫‏مع‏ ‏املهند�س موجل‏ ‏كما‏ ‏اختل ‏‬ ‫‏عم ‏ل ‏القناطر‏‪ ,‬‏فقا ‏ل ‏�سعيد‏ ‏با�شا‏ ‏يف‏ ‏�إ�شارة‏ ‏للأهرامات‪:‬‏ ‏�أنا‏ ‏ ‏ال ‏�أدر ‏ي ‏ما‏ ‏الفائدة‏ ‏من‏ ‏وجود‏‬ ‫ب‏واهدمها ‏‪،‬‏وا�ستخدم‏‏�أحجارها‏‏يف‏‏�إمتام‏‏عمل‏‬ ‫ك‏اجلبا ‏ل‏م ‏ن‏ال�صخور‏‏املر�صو�صة‏‪,‬‏فاذه ‏‬ ‫‏تل ‏‬ ‫‏القناطر‏‪.‬‏لكن موجل رف�ض وجلب الأحجار من حماجر طرة وقد‏‏�أُن�شئ‏‏لهذا‏‏الغر�ض‏‏خط‏‬ ‫‏لل�سكة‏‏احلديدية ‏‪،‬‏يبد�أ‏‏من‏‏اجلبل‏‏وينته ‏ي‏عند‏‏نهر‏‏الني ‏ل‪.‬‏‬ ‫وت�ضم القناطر �أهم املعامل التاريخية وال�سياحية‪ ،‬كمتحف الرى الذى يحكى من‬ ‫خالل املج�سمات و�سائل الرى البدائية منذ عهد الفراعنة‪ ،‬الذين كانوا يعتمدون على‬ ‫الزراعة كم�صدر للرزق ب�شكل �أ�سا�س خالل حياتهم اليومية‪ .‬ويوجد باملتحف جم�سم لأهم‬ ‫م�شروع قومى للرى �أقيم بعد ثورة يوليو فى م�صر‪ ،‬وهو م�شروع ال�سد العايل‪ ،‬كذلك هناك‬ ‫جم�سمات جلميع الكبارى املقامة على النيل‪ ،‬ويحكى م�شروع ال�صوت وال�ضوء بلغات عدة‬ ‫تاريخ الرى فى م�صر على مدار الع�صور‪ ،‬منذ عهد قدماء امل�صريني‪ .‬وهناك معهد بحوث‬ ‫الهيدروليكا والطمي‪ ،‬وحمطة بحوث الب�ساتني‪ ،‬وحمطة بحوث الأ�سماك‪ ،‬وحمطة النباتات‬ ‫العطرية‪ ،‬ومركز تدريب الب�ساتني‪ ،‬وحمطة بحوث الدواجن‪ ،‬ومركز التنمية الإدارية‪� .‬أما‬ ‫عن املقد�سات الدينية‪ ،‬فيوجد امل�سجد القدمي ببا�سو�س‪ ،‬وامل�سجد الكبري بقرية �أبو الغيط‬ ‫‪ ،‬وكني�سة مار جرج�س ب�سندبي�س‪.‬‬

‫‪v‬‬

‫أبريل ‪2012‬‬

‫‪25‬‬


v

24


‫ج��دا وحتى املرتجم منها من لغات �أخ��رى‬ ‫�أقل‪ ،‬وهذا يجعل �أى قارئ مهتم بهذا املجال‬ ‫يبدى �سعادة بالغة عند العثور على �أح��د‬ ‫امل�ؤلفات‪� ،‬أو حتى املرتجمات التى تتعامل‬ ‫مع ه��ذا اجلانب املهم وال�ضرورى للتعامل‬ ‫مع اجلمال فى الفن والآداب‪ .‬ومع اهتمام‬ ‫الكاتب بذكر الأ� �ص��ول التاريخية لفل�سفة‬ ‫الإب��داع والتف�ضيل اجلماىل �إال �أن الدرا�سة‬ ‫ال تعد درا�سة تاريخية لتطور مفهوم و�أدوات‬ ‫التعاطى مع علم اجلماليات فقط ‪ ،‬و�إمن��ا‬ ‫ه��ى مبثابة التعمق ف��ى النف�س‪ ،‬ك��ى ن�صل‬ ‫�إىل احل��دود الق�صوى من املتعة واالنت�شاء‬ ‫بالطبيعة والكون و�أنف�سنا‪ ،‬والت�أمل اجلماىل‬ ‫والتطهر مما ي�صيب النف�س الب�شرية جراء‬ ‫تراكمات �صد�أ احلياة اليومية ‪.‬‬ ‫وم��ن �أه��م �أف �ك��ار ال�ك�ت��اب ف�ك��رة ت�أثري‬ ‫العوامل االجتماعية والثقافية فى عن�صر‬ ‫التف�ضيل اجل�م��ايل‪ ،‬فما يف�ضله �شعب قد‬ ‫يرف�ضه �آخ ��ر‪ ،‬وم��ا يقبله النا�س ف��ى فرتة‬ ‫حمددة قد يكون عن�صرا من عنا�صر النفور‬ ‫فى فرتة �أخرى‪ ،‬وي�ضرب الكاتب مثاال على‬ ‫ذل��ك بلوحة «ع���ش��اء على الع�شب» للفنان‬ ‫الفرن�سى مانيه‪ ،‬فعندما عر�ضت اللوحة‬ ‫�أول م��رة فى �صالون الراف�ضني فى باري�س‬ ‫‪،‬كانت هدفا للنقد وال�سخرية والقهقهة من‬ ‫امل�شاهدين ‪ .‬وفى العام نف�سه ‪ 1863 ,‬عر�ضت‬ ‫ل��وح��ة « م��ول��د فينو�س « للفنان �ألك�سندر‬ ‫ك��اب��ان�ي��ل‪ ،‬وح� ��ازت ا�ستح�سان اجل�م�ه��ور ‪,‬‬ ‫واقتناها امللك نابليون الثالث ‪� .‬أما اليوم ف�إن‬ ‫لوحة « مانيه « هذه تعد �أحد الكنوز الفنية‬ ‫القومية ف��ى فرن�سا ‪ ,‬وحت�ظ��ى ب��الإع�ج��اب‬ ‫الكبري ‪ ,‬بينما تقبع لوحة كابانيل ‪ ,‬تلك ‪ ,‬فى‬ ‫�إح��دى زواي��ا متحف اللوفر مهجورة ومهملة‬ ‫من جانب النقاد وم�ؤرخى الفن ‪.‬‬ ‫وق��د خ�ص�ص امل��ؤل��ف الف�صل الأول –‬ ‫وه��و من وجهة نظرنا �أه��م ف�صول الكتاب‬ ‫لذا نوليه بالعناية لت�ضمنه الفكرة الأ�سا�سية‬ ‫للكتاب – للجمال ومفاهيمه‪ .‬وا�ستعر�ض من‬ ‫خالله بع�ض املفاهيم واملقوالت عن اجلمال‬ ‫فى الفرتة اليونانية والتى كانت تدور معظمها‬

‫حول الإدراك احل�سى �أو احل�س اجلماىل عن‬ ‫طريق احلوا�س �أو االن�سجام بني الأ�شياء‪� ،‬أو‬ ‫ربطه ب��الأخ�لاق واخل�ير وال�شر فى حماولة‬ ‫للإجابة على �س�ؤال‪« :‬ما اجلمال؟»‪ .‬وي�شري‬ ‫امل�ؤلف �إىل �أن �أوىل ال�صياغات املنتظمة هى‬ ‫تلك التى قدمها «ب�يرك» عام ‪1775‬م حول‬ ‫اجلمال حني قال ب�أنه «االنفعال الذى يجي�ش‬ ‫فى �صدورنا»‪ .‬وي�صف امل�ؤلف احلالة اجلمالية‬ ‫م ��ؤك��دا �أن اجل �م��ال لي�س متعلقا بال�شكل‬ ‫املنف�صل �أو املنعزل عن م�ضمونه‪ ،‬لكنه يتعلق‬ ‫بالرتكيب اخلا�ص للم�ستويات املتنوعة من‬ ‫املعنى والت�أثري ال�شامل‪ ،‬والإح�سا�س ال�شامل‬ ‫باحلياة فى ت�ألقها وتدفقها الدائمني‪� .‬أما فى‬ ‫تعريف علم اجلمال معجميا‪ ،‬يرى امل�ؤلف �أن‬ ‫تعريف قامو�س «ويب�سرت» لعلم اجلمال هو‬ ‫�أكرث دقة من بع�ض التعاريف الأخ��رى‪ ،‬وهو‬ ‫« املجال ال��ذى يتعامل مع و�صف الظواهر‬ ‫الفنية واخل�برة اجلمالية وتف�سريها»‪ .‬لكن‬ ‫املفهوم ال��ذى يف�ضله امل��ؤل��ف عن م�صطلح‬ ‫علم اجلمال هو ذلك املفهوم امل�ستنبط من‬ ‫نظرية الفيل�سوف «بريد�سلي» وال��ذى يرى‬ ‫�أن علم جمال هو علم بينى تقوم من خالله‬ ‫فروع معرفية عدة – كل بطريقته ومناهجه‬ ‫ومفاهيمه اخلا�صة – بدرا�سة تلك املنطقة‬ ‫امل�شرتكة املتعلقة ب��اخل�برة �أو اال�ستجابة‬ ‫اجلمالية‪ ،‬بكل ما ت�شتمل عليه هذه اخلربة‬ ‫�أو اال�ستجابة من جوانب ح�سية و�إدراك�ي��ة‬ ‫وانفعالية ومعرفية واجتماعية‪.‬‬ ‫ون�ظ��را الرت�ب��اط علم اجل�م��ال بالفنون‬ ‫والآداب ارتباطا قويا‪ ،‬ف�إن امل�ؤلف �سعى �إىل‬ ‫ا�ستق�صاء مفاهيم الفنون عرب تاريخ تطور‬ ‫ر�ؤية الفن ومفهومه‪ ،‬فهو يرى �أن جمال العمل‬ ‫الفنى ال يكمن – كما �أ�شار «جومربيت�ش» –‬ ‫فى جمال مو�ضوعه‪ ،‬بل فى جمال �أ�سلوب‬ ‫التعبري عن هذا املو�ضوع‪ .‬وي�ضيف فى تعريف‬ ‫الفن‪� :‬أنه لي�س هناك ما مينع من �أن تكون‬ ‫عالقتى باملو�ضوع اجلماىل عموما‪ ،‬والفنى‬ ‫خ�صو�صا‪ ،‬لي�ست من قبيل «الكل �أوال �شيء»‬ ‫�أى �أن تكون عالقتنا باملو�ضوعات اجلميلة‬ ‫عموما‪ ،‬والفنية خ�صو�صا‪ ،‬عالقة منزهة‬ ‫‪v‬‬

‫أبريل ‪2012‬‬

‫‪27‬‬


‫عرض كتاب‬

‫د�أبت جملة اخليال منذ �صدورها على ا�ستعرا�ض بع�ض الكتب التى تتعلق بالفكر وما ينتظمه من‬ ‫�أفرع املعرفة املختلفة‪ ،‬ت�أ�صيال ملفهوم الثقافة املتجددة املي�سرة لقارئ املجلة العزيز‪ ،‬وكان من �ضمن‬ ‫الكتب التى مت ا�ستعرا�ضها كتاب « الفن والغرابة ‪ -‬مقدِّ مة فى جتليات الغريب فى الفن واحلياة» ال�صادر‬ ‫�ضمن م�شروع مكتبة الأ�سرة ‪ 2010‬التى ت�صدر عن الهيئة امل�صرية العامة للكتاب ‪ ،‬فى �إطار �سل�سلة‬ ‫الفنون‪ ،‬وقد مت عر�ض الكتاب فى العددين ال�ساد�س ع�شر والثامن ع�شر ‪ ،‬وقد كان من ف�ألنا احل�سن �أن‬ ‫الدكتور �شاكر عبد احلميد توىل بعد ا�ستعرا�ضه مبا�شرة من�صب الأمني العام للمجل�س الأعلى للثقافة‪،‬‬ ‫ثم ما لب�س �أن توىل من�صب وزارة الثقافة‪ ،‬وم�ؤخرا فاز دكتور �شاكر عبد احلميد بجائزة ال�شيخ زايد‬ ‫عد بحق درا�سة نقدية عميقة‬ ‫للفنون‪ ،‬فى دورتها ال�ساد�سة للعام ‪ 2012 - 2011‬عن هذا الكتاب الذى ُي ُّ‬ ‫الرثاء ملفهوم الغرابة فى الفن والأدب‪ ،‬وجلملة النظريات التى عاجلت نزعة الغرابة التى ت�أثر بها‬ ‫الفن بني الواقع امل�ألوف واملبتكر الغريب‪.‬‬ ‫ونحن فى هذا العدد ي�سعدنا �أن ن�ستعر�ض كتابا �آخر للدكتور �شاكر عبد احلميد وهو كتاب ( التف�ضيل‬ ‫اجلمايل‪ :‬درا�سة فى �سيكولوجية التذوق الفنى )‪ ،‬والذى �صدر �ضمن �سل�سلة عامل املعرفة عام ‪2000‬‬ ‫‪ .‬ويقع الكتاب فى ‪� 481‬صفحة من القطع املتو�سط �آملني �أن ن�ساهم فى تقدمي زهرة فكرية نا�ضجة عن‬ ‫فل�سفة الإبداع واجلمال ‪.‬و�سيجد القارئ العزيز الأ�سباب الفنية واملو�ضوعية الدافعة ال�ستعرا�ض ذلك‬ ‫العمل فى ثنايا العر�ض ‪.‬‬

‫د‪ .‬حربى طلعت‬

‫التفضيل الجمالي‬ ‫دراسة فى سيكولوجية التذوق الفني‬ ‫جاء بناء كتاب ( التف�ضيل اجلماىل ‪ :‬درا�سة فى �سيكولوجية‬ ‫التذوق الفنى ) من خالل تقدمي وثالثة ع�شر ف�صال ‪،‬حملت‬ ‫عناوين خمتلفة مثل ‪:‬اجلمال ومفاهيمه‪ ،‬ونظريات فل�سفية‬ ‫اهتمت بالتف�ضيل اجل�م��اىل ‪،‬والتحليل النف�سى والتف�ضيل‬ ‫اجلماىل ‪،‬ونظرية اجل�شطلت والإدراك اجلماىل ‪،‬واجلماليات‬ ‫التجريبية‪ ،‬واجلماليات املعرفية ‪،‬وارتقاء التف�ضيل اجلماىل‬ ‫لدى الأطفال ‪،‬والتف�ضيل اجلماىل والفن الت�شكيلى ‪،‬والتف�ضيل‬ ‫اجلماىل واملو�سيقى ‪،‬والتف�ضيل اجلماىل والأدب ‪،‬وجماليات‬ ‫التلقى وفنون الأداء ‪،‬واجلماليات البيئية ‪،‬والتف�ضيل اجلماىل‬ ‫– ر�ؤية للم�ستقبل ‪،‬مع ملحق ال�صور‪،‬والهوام�ش‪.‬‬ ‫وت�أتى �أهمية هذا الكتاب من كونه مرجعا مهما ملن �أراد �أن‬ ‫ينمى الواقع اجلماىل لدى �شعب من ال�شعوب‪� ،‬أو �أمة من الأمم‪،‬‬ ‫كما �أنه ي�ستطيع �أن يف�سر نظريات الإبداع املختلفة فى تعلقها‬ ‫بالنف�س الإن�سانية‪ ،‬ويطبقها على الكثري من نواحى الإب��داع‬ ‫الفنية املختلفة كال�سينما والأدب والفن الت�شكيلى واملو�سيقى ‪.‬‬ ‫�إ�ضافة �إىل �أن هذه الدرا�سة تتخذ من علم النف�س �أ�سا�سا لها‬ ‫للبحث فى عالقة اجلمال الفنى باملتلقي‪ ،‬ومدى ت�أثري احلالة‬ ‫النف�سية فى تلقى الفن وت�أثري الفن فى احلالة النف�سية للملتقني‪،‬‬ ‫لأن عملية التف�ضيل اجلماىل هى عملية و�سطى تتدخل فى عملية‬ ‫التذوق جميعا‪� ،‬سواء تلك التى ميار�سها املتذوق املتمهل التى‬ ‫يقوم بها ع�شاق الفن عند ر�ؤيتهم ل�شكل جماىل ما‪� ،‬أو عملية‬

‫‪v‬‬

‫‪26‬‬

‫التذوق العابر التى يقوم بها املتلقى �أثناء ممار�سته حلياته‬ ‫اليومية‪ ،‬ولذا فهى درا�سة تعترب جديدة وجديرة بالإ�شادة حيث‬ ‫تهتم كذلك بدرا�سة اجلوانب املختلفة من خربة التذوق الفنى‬ ‫ب�شكل خا�ص فى عملية التف�ضيل اجلماىل ‪.‬‬ ‫كما ي�ستعر�ض الكتاب بعمق وا�ضح – مع ي�سر �أ�سلوبى‬ ‫يالئم طائفة كبرية من القراء – اخللفية التاريخية لالهتمام‬ ‫مبو�ضوع التف�ضيل اجلماىل ‪ ،‬خا�صة جانب الفال�سفة وعلماء‬ ‫النف�س وي�ع� ّرف الكتاب باملفاهيم الأ�سا�سية فى املجال مثل‬ ‫مفاهيم ‪ :‬الفن ‪ ،‬واجلمال ‪ ،‬والتذوق الفنى ‪ ،‬والتف�ضيل اجلماىل‬ ‫‪ ،‬والقيم اجلمالية ‪ ،‬والرموز ‪ ،‬والتعبري ‪ /‬الأ�سلوب‪ ،‬ثم يحدد‬ ‫�أهم املكونات املو�ضوعية فى عملية التف�ضيل اجلماىل مثل اخلط‬ ‫واللون والكلمة وال�شكل والنغمة‪ ،‬وي�ستعر�ض الكتاب النظريات‬ ‫ال�سيكولوجية الأ�سا�سية املف�سرة للتف�ضيل اجلمايل‪ ،‬كما يهتم‬ ‫ب�شكل خا�ص بارتقاء عمليات التف�ضيل لدى الأطفال‪ ،‬كذلك‬ ‫يتناول الكتاب مو�ضوع جماليات البيئة فيما يتعلق منها ب�شكل‬ ‫املبانى وال�شوارع والبيوت فى احل�ضارات القدمية واحلديثة ‪.‬‬ ‫مب��ا يعنى �أن ه��ذا الكتاب ي�صلح لأن يكون دليال مهما‬ ‫للتطوير الذى تن�شده م�صر فى الوجدان وال�سلوك مع ال�شكل‬ ‫اجلماىل للأماكن املختلفة ‪ .‬وت��أت��ى �أهميته كذلك من �سده‬ ‫النق�ص الوا�ضح فى تلك النوعية من الدرا�سات‪ ،‬حيث �إن الكتب‬ ‫والأبحاث العربية املتعلقة باجلماليات فى الآداب والفنون‪ ،‬قليلة‬


‫تون ولون‬

‫حامد سعيد ومدرسة الفن‬ ‫والحياة “ ‪”3‬‬

‫جاءت درا�سات حامد �سعيد ب�أكادميية “اوزنفان‬ ‫“تعبريا عن قناعات بداخله من البداية‪ ،‬وهو الذى‬ ‫ي�ؤكد �أن الطبيعة وماتوحى به وماتعطيه بالن�سبة‬ ‫لنا �أم ك�برى وحمبوبة �أث�ي�رة‪ ،‬ن�سعد بها ونعرتف‬ ‫بف�ضلها وننت�شى بو�صلها‪ ،‬هى الروح الكربى تتجلى‬ ‫ف��ى املا�ضى واحلا�ضر وامل�ستقبل ‪ ..‬وط��وال فرتة‬ ‫درا�سته بلندن ‪ ..‬مل يغب الفن امل�صرى القدمي حلظة‬ ‫واحدة عن عينيه وفكره‪ ،‬فكان يت�أمل ويدر�س النحت‬ ‫امل�صرى باملتحف الربيطانى‪ ،‬وميتلىء بلوحات بريو‬ ‫ديلال فران�شي�سكا باملتحف الأهلى ويعقد املقارنات‬ ‫هنا وهناك لي�س من حيث الأ�سلوب والطراز فقط‬ ‫ولكن فى الفكر واحل�س والقيمة من خالل هذا الفرح‬ ‫الإن�سانى ال��ذى ي�شعه متثال امللكة زوج��ة رم�سي�س‬ ‫الثانى باملتحف الربيطانى‪ ،‬ومات�شعه فتيات بريو فى‬ ‫لوحات امليالد والعماد ‪.‬‬ ‫ويعود حامد �سعيد �إىل م�صر ‪ ..‬يعود �إىل �شجرة‬ ‫النبق ويبدع من وح��ى ال�شجرة وهي�أتها وحلا�ؤها‬ ‫بالقلم الر�صا�ص عوامل من ت�أمالته ‪..‬تت�شكل على‬ ‫�سطح اللوحة فى مالحم من اخلاليا والتجاويف‬ ‫‪ ..‬متثل ع�صارة احلياة‪ ،‬حيث يتعانق ال�ضياء مع‬ ‫الظالم كالليل والنهار وتك�شف الطبيعة عن قوتها‬ ‫وحنانها و�سحرها فى جتليات و �إ�شراقات التنتهى ‪.‬‬ ‫ومع درا�ساته الفنية وقراءاته بد�أ دوره كمعلم‬ ‫للفنون مبعهد الرتبية العاىل للمعلمني‪ ،‬ثم �سافر‬ ‫�إىل �أ�سوان للتدري�س مبدر�ستها الثانوية بناء على‬ ‫رغبة منه �أبداها للم�س�ؤلني فى وزارة املعارف ويعود‬ ‫لين�ضم �إىل �أ�سرة التدري�س مبدر�سة الفنون اجلميلة‬ ‫العليا‪ ،‬ويقدم اقرتاحا بتدري�س الفن بنظام املرا�سم‬ ‫احلرة ويعمل به حيث يقام له مر�سم و�آخر للفنان‬ ‫�أحمد �صربى والفنان عبد ال�ق��ادر رزق ‪ ..‬بعدها‬ ‫يتجه من القاهرة �إىل الأق�صر لي�شرف على البعثة‬ ‫الداخلية ملدر�سة الفنون اجلميلة فى مر�سم الأق�صر‬ ‫‪ ..‬هناك ميتلىء بعبقرية ال��زم��ان وامل �ك��ان ‪..‬م��ن‬ ‫الرب الغربى للنيل حيث وادى امللوك ووادى امللكات‬ ‫والطبيعة التى متتد بال حدود ‪..‬و�صفاء ال�صحراء‬ ‫واجلبل وال�صخر ‪.‬‬ ‫وهذا ماجعله يقول ‪� “ :‬إننى �أدي��ن لهذا املكان‬

‫ببنائى النف�سى و�سعادتى عن طريق ت�أملى العملى‬ ‫والفنى بالقلم الر�صا�ص مما الي�سهل حتديده �أو‬ ‫الإ�شارة �إليه ولكنى �أحاول �أن �أثبت من ذلك العطاء‬ ‫الفيا�ض ‪� :‬إننى تعلمت كيف تفجر الطبيعة الفن بغري‬ ‫حدود‪ ،‬وكم هى غنية بالبناء املعنوى تلك ال�صخور‬ ‫‪ ..‬كم هى غنية وحا�ضنة بالقلب املتفتح لها ‪ ..‬كم‬

‫هى رائعة تلك النف�س امل�صرية القدمية فى ح�سن‬ ‫اختيارها لهذا املوقع ولغريه التى حتفل بها البالد‬ ‫ونغفل عنها “ ‪.‬‬ ‫وع��اد ح��ام��د �سعيد اىل ال�ق��اه��رة ع��ام ‪1942‬‬ ‫وانتقل فى خيمة بكفر ال�شرفا من �ضاحية املرج‬ ‫و�سط النخيل وم��روج احل�ق��ول اخل�ضراء و�صفاء‬ ‫ال�سماء لي�ؤكد ب�أن احل�ضارة امل�صرية بد�أت بالزراعة‬ ‫‪..‬ومع نهاية العام ي�صمم له �صديقه املهند�س ح�سن‬ ‫فتحى وفى نف�س املكان بيته “ بيت الفن واحلياة “‪.‬‬ ‫ويبد�أ فى ن�شر دعوته ‪ “ :‬نحن نف�ضل الأ�صي�ص‬ ‫على الإناء ‪ ..‬نريد الأ�صي�ص رمزا للوعى الذى ينمو‬

‫�صالح بي�صار‬

‫فيه النبات ليزدهر ويثمر ‪.‬‬ ‫�إن ال�ت�راث احلقيقى لي�س ه��و الأح��ج��ار وال‬ ‫الن�صو�ص ‪ ..‬ولكنه الإدراك املكت�شف من خالل‬ ‫الأعمال وقيمته �أن يرثى احلا�ضر وي�سهم فى �صنع‬ ‫امل�ستقبل “‪.‬‬ ‫من هذه االفكار ظهرت جماعة الفن واحلياة‬ ‫من تالميذه عام ‪، 1946‬واعتمدت على ت�أمل النظام‬ ‫الطبيعى واحرتام التقاليد الفنية والقومية القدمية‬ ‫وج��اء معر�ض اجلماعة ال��ذى �أقيم بلندن م�ؤكدا‬ ‫مدى عالقة الفنان بالطبيعة‪ ،‬كما جاء فى عناوين‬ ‫الأع�م��ال ‪ ”:‬الأر���ض الياب�سة الن �سعيد – نباتات‬ ‫و�صخور لفيكتور كامل – لوت�س حلنفى عبد املجيد‬ ‫– القاهرة املقطم ملجيد جرج�س – �أمومة لأنور عبد‬ ‫املوىل – ماء ونبات ملحمود عفيفى – �ضريح ونبات‬ ‫حلامد حميدة – طيبة �صخرة م��ن وادى املكان‬ ‫حلامد �سعيد “ ‪.‬‬ ‫وك��ان تعليق الناقد العاملى هربرت ري��د حول‬ ‫الأع �م��ال ‪ “ :‬ك��ان �أول ان�ط�ب��اع ع�ن��دى �أن ه ��ؤالء‬ ‫الفنانني على خالف امل�ألوف يعملون خارج حميط‬ ‫ت�أثري بيكا�سو وخارج اللغط الذى ي�صحب �أعماله ‪..‬‬ ‫هم فنانون �أمناء وهى �صفة نادرة فى هذا الع�صر ‪.‬‬ ‫�أن �سر القوة املحيطة فى ه��ذه الأع�م��ال �أنها‬ ‫لي�ست جمرد ممار�سة فنية للفن فقط‪ ،‬و�إمنا ورائها‬ ‫فكر فل�سفى‪ ،‬و�إننى حني �أريد �أن ز�شرح هذا الفكر‬ ‫�أقول كلمة وليم بليك ال�شاعر والفنان واملت�صوف فى‬ ‫�شعره ‪� :‬أن نرى العامل فى حفنة من الرمل ‪ ..‬كالم‬ ‫بليك ه��ذا هو �أق��رب �شىء يف�سر الفل�سفة املبنية‬ ‫عليها �أعمال هذه املدر�سة” ‪.‬‬ ‫وف��ى ع��ام ‪ 1969‬ب��د�أ مركز الفن واحل�ي��اة فى‬ ‫هذا املكان البديع بق�صر املان�سرتىل ‪ ..‬اختار حامد‬ ‫�سعيد �أن تنطلق دعوته من هذه الب�ؤرة احل�ضارية‬ ‫من ملتقى منف وم�صر امل�سيحية‪ ،‬وف�سطاط م�صر‬ ‫الإ�سالمية وقاهرة الع�صر احلديث‪ ،‬وفى هذا املكان‬ ‫الأثري فوق مقيا�س النيل ي�ستعيد الوجدان �أ�صالته‬ ‫وي�صبح مرة �أخرى تعبريا روحيا عن مغاليق الكون‬ ‫املادى املحيط من زرع وماء و�صحراء وهواء‪.‬‬ ‫‪v‬‬

‫أبريل ‪2012‬‬

‫‪29‬‬


‫عن الغر�ض فقط‪ ،‬ثم ت�ستبعد حاالت �أو �أنواع وبخا�صة فى الرتاجيديا وال�شعر الرتاجيدي‪ ،‬قائال‪�« :‬إن حكم اجلمال �أو ال��ذوق ينبغى �أن‬ ‫العالقات الأخ ��رى معها‪ .‬وي��ؤك��د امل��ؤل��ف على تعمل على ت�أجيج االنفعاالت القوية‪ ،‬وت�ضلل يكون �شيئا عاما و�صادقا بال�ضرورة بالن�سبة لكل‬ ‫العالقة التى بيننا – متلقني – والأعمال الفنية الباحث عن احلقيقة فتبعده عنها‪ ،‬ف�إن �أر�سطو الب�شر‪ ،‬ف�إن الأ�سا�س اخلا�ص به البد �أن يكون‬ ‫– الإب ��داع – لي�ست عالقة واح��دة فقط هى قال �إن الفنون عموما لها قيمتها العالية‪ ،‬لأنها متطابقا لدى جميع الب�شر‪ ،‬لكنه �أ�شار �أي�ضا �إىل‬ ‫العالقة اجلمالية‪� ،‬أو عالقة اال�ستمتاع والت�أمل ت�صحح النقائ�ص املوجودة فى الطبيعة‪ ،‬و�أن �أن املعرفة هى فقط القابلة للتو�صيل‪ ،‬ومن ثم‬ ‫على م�سافة معينة فقط‪ ،‬بل هى فى جوهرها‪ ،‬الدراما والرتاجيديا خ�صو�صا لها �أهميتها لأن ف�إن ال�شيء الوحيد �أو اجلانب الوحيد فى اخلربة‬ ‫عالقة موقفية تعتمد على «طبيعة التفاعل»‪ ،‬لها �إ�سهامها الإيجابى فى التطهر من االنفعاالت الذى ميكن �أن نفرت�ض �أنه م�شرتك �أو عام بني‬ ‫بيننا وبني العمل الفنى فى «موقف معني»‪ ،‬وهذه ال�سلبية املتطرفة‪ ،‬ومن ثم تقوم بدور �أخالقى جميع الب�شر‪ ،‬هو ال�شكل‪ ،‬ولي�س الإح�سا�سات‬ ‫خا�صية ال تعمل �ضد الفن بل تعمل معه‪ ،‬وكلما �إيجابى ‪ .‬وفى الع�صور الو�سطى حتول االهتمام بالتمثيالت العقلية‪ .‬وق��د نظر «هيجل» �إىل‬ ‫كان العمل الفنى ق��ادرا على الن�شاط والت�أثري من الق�ضايا امليتافيزيقية �إىل الق�ضايا املنطقية الفن باعتباره حمدودا نتيجة للطبيعة احل�سية‬ ‫فى مواقف متعددة‪ ،‬تعددت تف�سرياته وت�أويالته وال�لاه��وت�ي��ة بفعل ال�ت��أث�ير ال�ط��اغ��ى للكني�سة اخلا�صة بو�سائطه‪ .‬فهو فى ر�أيه غري قادر على‬ ‫وم�ستوياته‪ ،‬وك��ان ه��ذا العمل �أك�ثر خ�صوبة حينئذ‪ ،‬و�أ�صبحت الأف�ك��ار اجلوهرية متعلقة النهو�ض �أو الو�صول �إىل الإدراك الكامل للوعى‬ ‫بامل�شكالت الدينية‪ ،‬بينما �صارت ق�ضايا الفن الذاتى او الروح‪ .‬والفن هو �أحد الأ�شكال الكلية‬ ‫وثراء‪.‬‬ ‫وق��د �أرج ��ع امل ��ؤل��ف ا�ستخدامه مل�صطلح ق�ضايا فرعية‪ ،‬وتناق�ش فى �ضوء الت�صورات للعقل‪� ،‬أو هى غايته الق�صوى‪ ،‬وما الفن �سوى‬ ‫«التف�ضيل اجلمايل» ملا للإن�سان من دور ب�شكل الدينية فقط‪ .‬وحافظ «جلميل» على مكانته خطوة �سابقة فى طريق العقل نحو احلقيقة وكل‬ ‫�إرادى �أو ال�إرادى باختيارات جمالية فى حياته لكنه كان حماطا بهالة من القدا�سة‪ ،‬وقطعت ما يعرفه الإن�سان – فى ر�أى «�شوبنهور» – يكمن‬ ‫داخ ��ل وع �ي��ه‪ ،‬ه��ذا على الرغم‬ ‫ال �ي��وم �ي��ة وال �ع �م �ل �ي��ة‪ .‬وي� ��رى �أن‬ ‫مما قد يفرت�ض من وجود ذات‬ ‫التف�ضيل اجلماىل هو نوع االجتاه‬ ‫أى‬ ‫تستطيع‬ ‫ال‬ ‫البصرى‬ ‫التعبير‬ ‫ازدهار‬ ‫دون‬ ‫من‬ ‫(‬ ‫عارفة‪ ،‬وثوابت خالدة‪ ،‬خلف هذا‬ ‫ال��ذى يتمثل ف��ى ن��زع��ة �سلوكية‬ ‫ثقافة أن تنشط على نحو إبداعى ) « رود لف أرنهايم»‬ ‫التدفق للخربة‪.‬‬ ‫عامة لدى املرء جتعله يحب‪�( ،‬أو‬ ‫ويواىل امل�ؤلف الدكتور �شاكر‬ ‫يقبل على �أو ينجذب نحو) فئة‬ ‫معينة من �أعمال الفن دون غريها‪ .‬وهو ي�شري كل �صالته القدمية بالفن‪ ،‬ومت �إح�لال �صالت عبد احلميد ف�صول كتابه متنقال بني نظريات‬ ‫عموما �إىل �أن عملية ال�ت��ذوق وم��ا ي�صاحبها جديدة بدال منها تربطه على نحو وثيق باملقد�س التحليل النف�سى والتف�ضيل اجلماىل ‪ ،‬عار�ضا‬ ‫من ح�سا�سية و�أحكام جمالية وتف�ضيل جماىل الديني‪ .‬حيث ربط القدي�س توما الأكوينى بني بعد ذلك لأهم تلك النظريات ب�شكل عام �إىل �أن‬ ‫عملية تتغري مت�أثرة باخلربة �سواء على م�ستوى اجلمال واحل��ب واالمي��ان‪ .‬وا�ستعر�ض الكتاب ي�صل �إىل عملية الرتبية اجلمالية منذ الطفولة‬ ‫الفرد‪� ،‬أو على م�ستوى اجلماعة‪ ،‬و�أن هذا التغري �آراء بع�ض الفال�سفة املنظرين للفن وجمالياته ك�أ�سا�س خللق �أجيال واعية بالفن ومتذوقة له‪،‬‬ ‫قد يكون نحو الأف�ضل‪� ،‬أو نحو الأ�سو�أ اعتمادا والذى كان �أحدهم «هيوم» الذى �أ�شار �إىل �أن ويخل�ص بعد ذلك امل�ؤلف �إىل تخ�صي�ص �أبواب‬ ‫على النماذج اجلمالية التى يتعر�ض املرء لها‪ ،‬العديد من خرباتنا ميكن اختزالها �إىل ترابطات منفردة لعالقة التف�ضيل اجلماىل الذى يحدثنا‬ ‫واعتمادا على الأذواق ال�سائدة فى املجتمع‪ ،‬خا�صة بني �أفكار ب�سيطة‪ ،‬و�أن خرباتنا ال�سابقة عنه بالآداب والفنون من خالل الف�صول املختلفة‬ ‫وع�ل��ى عمليات �أخ ��رى ك�ث�يرة بع�ضها ت��رب��وي‪ ،‬تلعب دورا مهما فى عمليات الرتابط هذه‪ ،‬و�أن ال�سابق ذكرها ‪ .‬ويعترب هذا الكتاب‪ ،‬كما �أ�شرنا‬ ‫وبع�ضها اجتماعي‪ ،‬وبع�ضها �إعالمي‪ .‬وميكن امليول الأخالقية تقوم على �أ�سا�س مبادئ خا�صة فى البداية‪� ،‬إ�ضافة �إىل املكتبة العربية التى‬ ‫تفتقر �إىل ه��ذه النوعية من ال��درا��س��ات التى‬ ‫تعريف اخلربة اجلمالية على �أنها حالة معينة بالتعاطف واالنفعاالت املوجهة نحو الآخرين‪.‬‬ ‫ومتثلت اخلطوة العظيمة لكانط‪ ،‬مقارنة نحن فى �أ�شد احلاجة �إليها فى زمن ا�شتد فيه‬ ‫م��ن االن��دم��اج م��ع مثري �أو مو�ضوع ج�م��ايل‪ ،‬ال‬ ‫ل�سبب �إال موا�صلة التفاعل معه‪ ،‬نتيجة ما ن�شعر بال�سابقني عليه �أو املعا�صرين له‪ ،‬فى �أنه ذهب القبح‪ ،‬وغطى على كل �شيء‪ ،‬حتى الأدوات التى‬ ‫به من متعة واكت�شاف وارتياح �أو قلق‪ ،‬بت�أثري من �إىل ما وراء التحليل الإمبرييقى للإح�سا�س ن�ستخدمها يوميا �أ�صبحت تفتقر �إىل اب�سط‬ ‫اجل�م��ايل‪ ،‬متجها نحو التحديد اخلا�ص لعلم قواعد اجل�م��ال؛ نظرا ل�سيطرة اال�ستهالكية‬ ‫هذا التفاعل‪.‬‬ ‫وتطرق الكتاب �إىل �أن االهتمام املنظم اجلمال‪ ،‬باعتباره جماال خا�صا للخربة الإن�سانية واملادية على منتجها الذى ال يهدف �إال للربح‬ ‫بالفن واجل �م��ال ي�ع��ود �إىل ب��داي��ات الفل�سفة مياثل فى �أهميته وتكامله املجالني اخلا�صني ال�سريع ‪،‬وامل�ستهلك الذى يبدو فى معظمه باحثا‬ ‫اليونانية عامة‪ ،‬واىل �أفالطون و�أر�سطو خا�صة‪ .‬بالعقل النظرى والعقل العملى (�أى املجال عن �إر�ضاء قدرته على االمتالك قبل البحث عن‬ ‫فبينما �أكد �أفالطون على �أن املحاكاة الفنية‪ ،‬املعرفى واملجال الأخالقي)‪ .‬وقد جادل «كانط» قدرة على اال�ستمتاع اجلماىل مبا ي�شرتيه‪.‬‬ ‫‪v‬‬

‫‪28‬‬


‫ملمح ًا متنوع ًا‪ ،‬لأمناط خمتلفة ل�صورة املر�أة‪.‬‬ ‫وم�صدرا ث ًّر ومتجددا لكثريمن خمتلف الق�ضايا‬ ‫‪(.‬فكانت البداية مبرحلة الوعى التنويرى التى‬ ‫ت�أثرت فيه ب�أوروبا فى مطلع القرن التا�سع ع�شر‪،‬‬ ‫فجاءت �صورة املر�أة كرمز لتحريرالأر�ض فى كتابات‬ ‫�أفكار مثقفني تعرفوا على ح�ضارة الغرب مثال‬ ‫الكاتب الرتكى �أحمد �شدياق (‪.)1888- 1802‬‬ ‫وقداختلفت �آراء الباحثني حول توقيت ال�صحوة‪،‬‬ ‫وخروج املر�أة امل�صرية من احلرملك ‪ .‬حيث ت�شري‬ ‫«�شهيدة الباز» فى درا�سة حول احلركة الن�سائية‬ ‫فى م�صر‪ ،‬فتقول‪� :‬إن املرحلة الأوىل بد�أت مبرحلة‬ ‫بناء م�صر احلديثة والن�ضال �ضد اال�ستعمار ‪ ..‬وقد‬ ‫متيزت هذه املرحلة التى اعتربت بداية حقيقية‬ ‫للع�صر التنويرى‪ ،‬والتى بد�أت فى م�صر بعهد حممد‬ ‫على ‪1848 1805‬م‪ .‬بثالثة �أطوار �أ�سا�سية‪� ،‬ساهمت‬ ‫فى تغيري و�ضع املر�أة‪ ،‬والنظرة‬ ‫املختلفة لر�ؤية املجتمع لدورها‪،‬‬ ‫وقد متثلت هذه العوامل فى ثالث‬ ‫نقاط هى ‪ -1 :‬تبنى حممد على‬ ‫الدولة احلديثة التى ت�ضارع‬ ‫الدولة الأوروبية‪ -2 .‬االنفتاح‬ ‫على احل�ضارة الغربية بت�أثري‬ ‫احلملة الفرن�سية و�إر�سال البعثات‬ ‫للخارج‪ ،‬والت�أثر بالفكر التنويرى‬ ‫ال�سائد فى الغرب‪ -3 .‬حركة‬ ‫الإ�صالح الدينى التى بد�أها ال�شيخ‬ ‫ح�سن العطار‪ ،‬ثم تلميذه رفاعة‬ ‫الطهطاوى ‪ ،1873 -1801‬الذى‬ ‫مزج بني الإ�صالح الدينى واالنفتاح‬ ‫على احل�ضارة الغربية‪ .‬وا�ستمر‬ ‫على نهجه «جمال الدين الأفغانى»‬ ‫و�أي�ض ًاال�شيخ «حممد عبده»‪ .‬وقا�سم‬ ‫�أمني ‪186‬م‪1908 .‬م‪ .‬وقد ُ�شغل‬ ‫رفاعة الطهطاوى بق�ضية التعليم وهى �أول خطوات‬ ‫التحرر فكتب «املر�شد الأمني لرتبية البنات والبنني»‬ ‫فى �سبعينيات القرن التا�سع ع�شر‪ ،‬حتى تطورت‬ ‫الدعوة لعمل املر�أة املُن ِتج ل ِأجل نف�سها وجمتمعها‪،‬‬ ‫وقد انعك�س ذلك على امل�سرح امل�صرى ب�شكل طفيف‬ ‫منذ بدياته فى كتابات يعقوب �صنوع التى ا�ستمد‬ ‫بذورها من الرتاث والواقع امل�صرى‪ ،‬الذى مل‬ ‫يكن م�سموح ًا فيه بظهوراملر�أة على خ�شبة امل�سرح‪.‬‬ ‫وتعترب م�سرحية «دخول احلمام م�ش زى خروجه»‬ ‫لإبراهيم رمزى التى كتبت ‪1915‬م‪ ،‬من البدايات‬ ‫التى ُ‬ ‫وظفت فيها املر�أة كرمز مل�صر فيما قبل ثورة‬

‫‪ .1919‬وما قبل ثورة ‪1952‬م فى امل�سرح امليلودرامى‬ ‫احلديث‪ ،‬والذى ا�ستمدها من منبت �صنوع وعمل بها‬ ‫على تطوير الرتاث ب�شك ًال فني ًا ‪،‬وحتى �أواخر القرن‬ ‫الع�شرين‪ ،‬ومع دخول مرحلة الن�ضج احل�ضارى‪ ،‬مل‬ ‫تكن املر�أة م�شاركة فى اال�شتغال بامل�سرح وال�سبب‬ ‫�أن املر�أة العربية امل�سلمة‪ ،‬مل تكن قد �أ�س ًفرت بعد‪،‬‬ ‫وفوق هذا ف�إن العرف االجتماعى مل يكن ي�سمح حتى‬ ‫للمر�أة غري امل�سلمة باعتالء امل�سرح وهو العرف الذى‬ ‫كان ينظر �إىل فن التمثيل على �أنه بدعه‪ ،‬ويرمق من‬ ‫ين�شغلون بة بعني الإزدراء‪ ،‬ويعتربهم من اخلارجني‬ ‫على اخللق الطيب‪ .‬فلم تكن تقبل لهم �شهادة فى‬ ‫املحاكم‪ ،‬وهكذا ا�ستمر الرجال ا َملرد فيما عدا‬ ‫الندرة يقومون بالأدوار الن�سائية حتى �أواخر القرن‬ ‫املا�ضى ثم �إ�ستقدم �أ�صحاب الفرق التمثيلية فى‬ ‫م�صر �سيدات م�سيحيات و�إ�سرائيليات من ال�شام‬

‫ودربوهن على الأداء التمثيلى فقمن ب�أدوار الن�ساء‬ ‫بدال من الرجال)‪.‬‬ ‫وتعود هذة النظرة ل�صورة” املر�أة املمثلة فوق خ�شبة‬ ‫امل�سرح امل�صرى‪� .‬إىل الع�صور القدمية التى تتماهى‬ ‫فى النظرة للممثالت فوق خ�شبة امل�سرح الرومانى‪،‬‬ ‫اللواتى ُ�شبهن بالغوانى ل ُقبولهن ال�صعود �إىل خ�شبة‬ ‫امل�سرح وذلك فى بداياتة؛ العرتا�ض الكني�سة‬ ‫و�إ�شكالية اخللط بني الفن والدين فى احل�ضارة‬ ‫امل�صرية والرومانية القدمية مع ًا‪ .‬وبخا�صة فن‬ ‫التمثيل باعتباره فن الهزل والت�سلية‪ .‬كان ذلك‬ ‫فى القرن الرابع ع�شر‪� ،‬إال �أن النظرة ذاتها كانت‬

‫ومازالت �سائدة فى امل�سرح امل�صرى حتى �أواخر‬ ‫القرن الع�شرين ‪ .‬ون�ست�شهد فى جريدة امل�ؤيد عام‬ ‫‪1906‬م وب�إم�ضاء ناقد جمهول وذلك كما يقول‬ ‫الناقد «�أحمد بهجت» ‪�:‬إن هذا الناقد قد الحظ‬ ‫�أن االجواق الن�سائية التى حت�ضر مل�شاهدة التمثيل‬ ‫تدخل من باب املُ ِ​ِخدرات من الن�ساء ‪ ..‬نظر ًا ملا حوله‬ ‫من احلانات وبيوت الغجر‪ ،‬كما �أ�ضيف �أن اخلدم‬ ‫الذين يقومون بخدمة الن�ساء هم من الرجال وهذا‬ ‫ال يليق �أبدا‪ ،‬بل هذا هو ما يحمل كثريا من الرجال‬ ‫امل�صريني �أرباب العائالت على اعتبار ذهاب ن�سائهم‬ ‫�إىل هذا املجتمع �شائنا معيبا‪ .‬وي�ستطرد الناقد‬ ‫�أحمد بهجت‪ .‬فى املو�ضوع نف�سه �أن ال�سيدة «مرمي‬ ‫�سماط» والتى كتبت فى جريدة الأهرام ‪1915‬م فى‬ ‫باب النقد امل�سرحى تقول ‪�:‬إنه انتقل اجلوق �إىل دار‬ ‫التمثيل العربى با�سم ال�شيخ �سالمة حجازى‪ ،‬وانتقل‬ ‫معه العمل ال�صالح واجلد والن�شاط‪،‬‬ ‫فلم مي�ض كبري زمن حتى كانت دار‬ ‫التمثيل العربى مهبطا للآداب ومنبعا‬ ‫لل�سرور‪ .‬تق�صد مرتعا هائال لق�صاد‬ ‫التهذيب العملى‪ ،‬وموردا لع�شاق‬ ‫الطبيعة واجلمال ‪،‬و�إن كان قد اتهمها‬ ‫بع�ضهم ب�أنها فوق ذلك ب�أنها دار‬ ‫خالعة وجمانة ودعارة ‪ ،‬بيد �أنهم مل‬ ‫يح�سنوا الظن بها‪ ،‬بل حكموا عليها‬ ‫مبا �شهدوه عليها من مظاهر خداعة‬ ‫ومن تربج الغانيات اللواتى �شغفن‬ ‫حب ًا بالتمثيل و�شهوده‪ .‬مما يدعونا‬ ‫لأن نرى �أن و�ضع املر�أة �سوا ًء ممثلة‬ ‫على خ�شبة امل�سرح‪� ،‬أو امر�أة ذهبت‬ ‫مل�شاهدته ‪،‬كانت مو�ضع �شك وريبة‪.‬‬ ‫لقد تبلورت الق�ضايا احليوية‬ ‫للمر�أة التى بد�أت منذ مطلع القرن‬ ‫الع�شرين‪ ،‬وهى امل�ساواة الكاملة بني‬ ‫املر�أة والرجل‪ ،‬وتبنى ق�ضايا تخ�ص الن�ساء من كل‬ ‫الطبقات حلقوق العامالت فى امل�ساواة مع العمال‪،‬‬ ‫وحقهن فى �إجازات الو�ضع ب�أجر‪ ،‬كما طالبت بتعديل‬ ‫قانون الأحوال ال�شخ�صية‪ ،‬حيث كان دخول املر�أة �إىل‬ ‫اجلامعة فى عام ‪ ،1928‬فالتحقت فتاة واحدة بكلية‬ ‫الهند�سة والزراعة عام ‪ .1945‬من هذا املنطلق كانت‬ ‫فرتة الأربيعينيات فرتة خ�صبة فى حركة الن�ضال‬ ‫للمر�أة امل�صرية جتاه حقوقها والبداية ل�صعودها‪،‬‬ ‫وعلى التوازى دعمت موقفها بالتعليم والعمل مع ًا‪( .‬‬ ‫ولقد لعبت التنظيمات االجتماعية وال�صحافة دور ًا‬ ‫كبريا فى اليقظة احلما�سية لدى املر�أة امل�صرية‪،‬‬ ‫‪v‬‬

‫أبريل ‪2012‬‬

‫‪31‬‬


‫مقال‬

‫المرأة فى المسرح المصرى‬ ‫‪ ..‬بين الكسوف والخسوف‪!!..‬‬ ‫ترتبط فاعلية دور املر�أة فى امل�سرح بكافة جماالت العمل فى احلياة‪ ،‬ملا‬ ‫حتمله من ق�ضايا عديدة مت�شابكة اجتماعي ًا وفكري ًا وفني ًَا فى املجتمع‪،‬‬ ‫فالق�ضية لي�ست ق�ضية املر�أة كجن�س �أو نوع‪ ،‬و�إمنا هى حماولة للبحث‬ ‫حول كيفية �إعمال هذا الكم املهمل «املر�أة» كجزء اليتجز�أ من املجتمع‪.‬‬ ‫الذى تردت فيه �صورة املر�أة فى الآونة الأخرية �إثر تردى عامل الثقافة‪.‬‬ ‫حيث تنامت فى ظله دعاوى االرتداد بدعوى احلفاظ على املر�أة‪،‬‬ ‫باخللط بني ن�سقى الدين والدنيا‪ ،‬ي�أتى ذلك االرتداد ونحن على‬ ‫�أعتاب مرحلة جديدة من تاريخ العامل الذى انهارت فية حقائق كانت‬ ‫ثابتة‪ ،‬مبا فى مناهج التحليل‬ ‫واملفاهيم امل�ستخدمة �أي�ض ًا‪ .‬كما‬ ‫انهارت كثري من الأ�ساليب التى‬ ‫ارتكزت �إىل التناق�ض احلدى‬ ‫بني ال�شىء ونقي�ضه‪ .‬والآن وقد‬ ‫دخل العامل ثورته الثالثة‪ ،‬ثورة‬ ‫املعلومات واالت�صاالت‪ ،‬ونحن‬ ‫مازلنا فى حيز التفكري الذكورى‬ ‫املادى للقيم العامة‪ ،‬مما يحدد‬ ‫مركز القيمة وال�سلطة والقول‬ ‫وامللكية بالذكورة‪ ،‬بينما املر�أة‬ ‫ت�صبح على الهام�ش‪ ،‬وهو نف�س‬ ‫املبد�أ الذى تقوم علية العن�صرية‪،‬‬ ‫�إذ تعترب عرف ًا وثقافة �سائدة‬ ‫للمعيار واملركز؛ مما مينح املركز‬ ‫�سلطات معنوية وفاعلة‪ ،‬بينما يفر�ض على الهام�ش التبعية‪ .‬من‬ ‫هذا املنطلق ومن خالل الإ�شكالية االنفعالية بني الأنثوى والذكورى‬ ‫تكون م�ستوى العالقة املتناق�ضة مابني احلياة واملوت‪ ،‬والرغبة من‬ ‫�أجل البحث عن املجهول‪ .‬هذا املجهول الذى جعل املر�أة امل�صرية ما‬ ‫زالت تعانى فى جمتمعنا من العديد من املتناق�ضات وااللتبا�س فى‬ ‫املفهومات‪ ،‬بني خطاب يحاكى الأ�صالة ب�شكل نه�ضوى‪ ،‬يتما�شى مع‬ ‫ق�ضايا املر�أة فى الع�صر احلديث واملعا�صر‪ ..‬وكذلك خطاب يحاكى‬ ‫العقل بغ�ض النظرعن النوع �أو اجلن�س �أو اللون �أو العرق �أو الدين ؛‬ ‫بعيد ًا عن لغة القهر وخطورة الإ�شكالية املتمركزة حول ق�ضية املر�أة‬ ‫وتعقداتها ال�سيكولوجية فى الذهنية الإ�سالمية والعربية للرجل‪،‬‬ ‫هذا الآمر الذى جعل املر�أة تخ�ضع فى هذه الأونة الراهنة لكثري‬ ‫من الإخفاقات التى جعلتها مازالت تبحث عن دور لها فى املجتمع‪،‬‬

‫‪v‬‬

‫‪30‬‬

‫الفنانة ‪� :‬أمينة �سامل‬

‫نتيجة موروثات لإرث �أرثناه‪ ،‬لأفكار مغلوطة حالت بينها وبني‬ ‫�صورتها اجلديدة التى ظلت �سنوات طويلة تنا�ضل من �أجلها منظمات‬ ‫احلركة الن�سائية امل�صرية‪ ،‬والتى اكت�سبتهن عقب ثورة ‪1919‬م‪،‬‬ ‫وثورة ‪ 23‬يوليو ‪1952‬م‪ .‬والآن تتعر�ض م�سار حركة الن�ضال الن�سائية‬ ‫امل�صرية حلركة املد واجلزر التى تت�أرجح فى ظل حتمية متغريات‬ ‫جذرية م�ضطربة اجتماعي ًا واقت�صادي ًا وثقافي ًا و�سيا�سي ًا عقب ثورة‬ ‫‪ 25‬يناير ‪ .2011‬والتى رمبا تدفع بالأ�صداف واجلواهر واللآىلء‬ ‫الثمينة لي�صنع منها تيجان للن�ساء امل�صريات‪ ،‬فيحتفظن بحريتهن‬ ‫فى االختيارعرباالحتفاظ‬ ‫مبكانتهن‪ ،‬فى القدرة‬ ‫على اتخاذ القرار لتفعيل‬ ‫امل�شروعة‪،‬‬ ‫حقوقهن‬ ‫واملن�صرمة بني الأخذ‬ ‫والعطاء‪ ،‬ورمبا يرتبك‬ ‫امل�سار بزيادة الت�صحري‬ ‫للثقافة ال�سائدة فى‬ ‫املجتمعى‪،‬‬ ‫الالوعى‬ ‫الذى يدفع بالأحجار‬ ‫َ‬ ‫ليقذف الن�ساء امل�صريات‬ ‫باجلمرات على اعتبار �أنها‬ ‫ن�صرية ال�شيطان الذى‬ ‫�أخرج �آدم من اجلنه‪،‬‬ ‫فيكون االرتباك والتخفى‬ ‫�إثر َ�س ّجان �أ�صم �أعمى‪ ،‬يلفظ على يديه البحر الهائج برباكني وحمم‬ ‫حترق عقول مبدعة‪ ،‬وتن�ساق وراءه دعوات بالتنديد حلرية املر�أة‪،‬‬ ‫فتنح�سر زرقة مياه النيل‪ ،‬وجتف الأر�ض‪ ،‬فيموت الع�شب الأخ�ضر‬ ‫حلرية االرتواء خلطاب يحاكى العقل بد ًال من خطاب يحاكى اجل�سد‪،‬‬ ‫ويعود املجتمع امل�صرى �إىل ع�صور الظالم والتخلف واال�ستبداد‬ ‫القهرى الأوحد الذى تهاوت فيه الثقافة فتهاوى املجتمع‪.‬‬ ‫لقد ارتبطت ق�ضايا املر�أة بظروف الع�صر و�أحداثه ارتباط ًا وثيق ًا‪،‬‬ ‫خا�صة فى املجتمعات احلديثة واملعا�صرة‪ ،‬بق�ضايا جمتمعية �سارت‬ ‫بالتوازى مع ق�ضايا التحرر الكربى للوطن‪ ،‬ف�أ�صبحت رمز ًا فى �أعمال‬ ‫�أدبية حملية وعربية و�أوربية‪ .‬حيث يت�ضح ذلك فى الدار�س للآدب‬ ‫عند �أى �أمة من الأمم‪ .‬طرح ًا مغاير ًا للمر�أة فى امل�سرح القدمي‪،‬‬ ‫باختالف ح�ضاراته �شرق ًا وغرب ًا؛ مما جعل من هذه الأطروحات‬


‫تلك املرحلة املتخلفة ‪ ،‬خا�صة و�أن بدايات القرن‬ ‫الع�شرين جاءت حاملة معها الدعوة �إىل نه�ضة‬ ‫م�صرعلى امل�ستويات كافة‪� ،‬سيا�سي ًا واقت�صاديا‬ ‫وثقافيا‪ .‬ومثلما هو احلال مع معظم امل�شاريع‬ ‫النه�ضوية الكربى‪ ،‬حني ي�سعى املجتمع �إىل بعث‬ ‫عوامل النه�ضة كافة‪ ،‬وجدت املر�أة امل�صرية نف�سها‬ ‫وقد خفت قب�ضة املجتمع عليها‪ ،‬تاركا لنخبة من‬ ‫ن�ساء م�صر التعبري عن �أنف�سهن وم�ساهمتهن فى‬ ‫نه�ضة م�صر‪ .‬ولعل م�ساهمة املر�أة فى وجة االحتالل‬ ‫الإجنليزى وخلعها احلجاب‪ ،‬متمثلة فى هدى‬ ‫�شعراوى‪ ،‬يحمل رمزية ارتباط ق�ضية نه�ضة الوطن‬ ‫بنه�ضة املر�أة امل�صرية؛ مما يجعلنى �أت�ساءللماذا‬ ‫اليعود م�سرح ال�ستينيات من جديد؟ وهذة النه�ضة‬ ‫امل�سرحية التى ُكللت فيها �صورة املر�أة من قبل‬ ‫املبدعني الكتاب واملخرجيني والأدباء وال�شعراء‬ ‫�ضمن منظومة م�شروع نه�ضوى يحمل بداخله‬ ‫العديد من الدالالت والرموز ل�صورة املر�أة ب�إعالء‬ ‫ثقافة املجتمع ‪،‬واقرتان ق�ضية املر�أة بق�ضايا الوطن‬ ‫الكربى‪ ،‬ال�ستعادة هذا احليز املنتهك الآيل لل�سقوط‬ ‫غري املهيب املر�أة امل�صرية و�صورتها املذرية لكونها‬ ‫كائن �أنثوى ال عقل له‪ .‬ولذا ف�إن عدم وجود عامل‬

‫الثقافة ي�ؤثر ب�شكل �سلبى على �صورة املر�أة التى كانت‬ ‫قد بد�أت فى الن�صوع �إىل حد كبريفى عامل امل�سرح‬ ‫عقب ثورة يوليو‪ 1952‬م‪� ،‬إال �إنها �سرعان ما عادت‬ ‫بعد نك�سة ‪1967‬م لظاهرة الك�سوف واخل�سوف‬ ‫ومنذ نهاية ال�سبعينيات والتى تزامن معها االنفتاح‬ ‫االقت�صادى لظهور طائفة طفيلية‪ ،‬امتلكت من املال‬ ‫الكثري دون االهتمام بعامل الثقافة‪� ،‬أو االنتماء �إىل‬ ‫اجلذور‪ ،‬بد�أت لغة احلديث عن املادة ب�شكل �شره‬ ‫على كل امل�ستويات‪ ،‬واندثرت التقاليد والآعراف‬ ‫واملثل العليا للقيم اجلمالية فى املجتمع امل�صرى‪،‬‬ ‫فكانت بداية اخلنوع واخل�ضوع للباعة اجلائلني‬ ‫واملتاجرين لل�صعود املتهاوى با�ستخدام املر�أة‬ ‫كج�سد فى امليديا الإعالمية ب�شكل �سيء ومهني‪ ،‬وفى‬ ‫كافة مناحى احلياة حتى �أ�صبح �أيقونة الو�صول فى‬ ‫العمل على ح�ساب كرامتهن و�أج�سادهن املباعة �سلف ًا‬ ‫الكتمال املنقو�ص فى الرجل واملر�أة على حد �سواء‪،‬‬ ‫مما دعا اجلماعات الإ�سالمية املت�شددة للمناداة‬ ‫بالعودة للبيت‪ ،‬للخوف من ج�سد املر�أة ب�صفة‬ ‫عامة‪ ،‬فاحتجبت كثريات وراء النقاب و�أ�سدلن‬ ‫ال�ستارعلى عقولهن‪ ،‬بد ًال من حماولة التفكري‬ ‫فى �إثبات وجودهن ب�صورة مغايرة بااللتفات �إىل‬

‫العقل بد ًال من اجل�سد‪ ،‬فكان االغرتاب ال للج�سد‬ ‫بل لكونها امر�أة مكانها البيت والرجل خارجه‪،‬‬ ‫ف�أ�صبحت هى ال�ساكن وهو املتحرك‪ ،‬مما جعلها‬ ‫ت�صبح حائ ًال بينها وبني �صورتها كى تعي�ش فى‬ ‫جمتمع مفتوح تخ�شى فيه الآخرالتى �سلمته بيديها‬ ‫تغيري �صورتها‪ .‬وفق مفاهيمه‪ ،‬حتى باتت هى الآنا‬ ‫وهى الآخر‪ ،‬فتهاوت قيمة العامل الثقافى و�أ�صبحن‬ ‫نعانى التحيزفى العمل للذكورة‪ ،‬مما �أدى �إىل تراجع‬ ‫دوراملر�أة ب�شكل عام‪ ،‬والفنانة املثقفة ب�شكل خا�ص‬ ‫كنجمة �سينمائية وم�سرحية لأن العامل املادى‬ ‫�أ�صبح هو ال�سائد ال عامل الثقافة‪ .‬فغابت املر�أة‬ ‫فى م�سرح ال�سعينيات والثمانينيات والت�سعينيات‬ ‫عن املبدعني‪ ،‬كما كانت من قبل رمز ًا لق�ضايا‬ ‫كربى ترتبط ارتباط ًا وثيق ًا بق�ضايا الوطن وذلك‬ ‫الندثاردورالدولة وانح�سارعامل الثقافة الذى �أدى‬ ‫�إىل ظهور عبادة التفكري ال�صنمى من جديد‪ ،‬بد ًال‬ ‫من املحاولة الت�ساع ب�ؤرة النور فى القلب والعقل مع ًا‪،‬‬ ‫من هنا كان الرتدى للقيم الأخالقية فى املجتمع‬ ‫امل�صرى‪ ،‬وبالتاىل فى امل�سرح كنتاج جمتمعى قائم‬ ‫على املر�أة والرجل مع ًا ‪.‬‬ ‫‪v‬‬

‫أبريل ‪2012‬‬

‫‪33‬‬


‫وذلك ب�صدور جمالت‪« :‬النه�ضة الن�سائية» التى‬ ‫كانت حتررها ليلى �أحمد فى عام ‪1921‬م ‪،‬وكذلك‬ ‫«املر�أة امل�صرية» التى كانت حتررها بل�سم عبداهلل‬ ‫�سنة ‪ ،1922‬و�أي�ض ًا (روزاليو�سف) لفاطمة اليو�سف‬ ‫‪ .1925‬و «امل�صرية» التى �أ�صدرتها هدى �شعراوى‬ ‫بالفرن�سية مابني عامى ‪ .1940 -1925‬ودعمتها‬ ‫مبجلة اللغة العربية �سنة ‪1937‬م‪.‬‬ ‫واعتربت هذه املجالت الن�سائية م�صدر ًا هائ ًال‬ ‫لر�صد حركات املجتمع امل�صرى حتى نهاية‬ ‫احلرب العاملية الثانية‪ ،‬حيث �شملت كم ًا من‬ ‫التفا�صيل اخلا�صة باحلياة االجتماعية وبالطبع‬ ‫الق�ضاياالن�سائية‪ ،‬ومن �أهم هذه الق�ضايا حماربة‬ ‫العادات االجتماعية املتخلفة كالزار ‪،‬واملبالغة فى‬ ‫الأفراح وامل�آمت‪ .‬وق�ضايا تعليم املر�أة‪ ،‬والإحجام‬ ‫عن خروج املر�أة للعمل ‪ ،‬وعدم م�شاركتها فى احلياة‬ ‫العامة‪ ،‬و�أي�ض ًا فى جمال ال�سيا�سة‪ ،‬وانعكا�سات‬ ‫ذلك عليها ثقافي ًا واجتماعي ًا واقت�صادي ًا‪ ،‬خا�صة‬ ‫بعد �أن خلعت املر�أة احلجاب‪ .‬ومن هنا وعند‬ ‫افتتاح �أول برملان م�صرى بعد اال�ستقالل عام‬ ‫‪1924‬م ‪،‬مبقت�ضى ت�صريح ‪28‬فرباير عام ‪،1922‬‬ ‫ود�ستور ‪1923‬م(الذى مل يكن يدرج اجلن�س �ضمن‬ ‫املحظورات التى ال يجوز التمييز على �أ�سا�سها)‪ .‬فلقد‬ ‫جتمعت الن�ساء �أمام املجل�س مطالبني بامل�ساواة فيما‬ ‫بني اجلن�سيني بالتعليم‪ ،‬وامتدت هذه الإ�سهامات‬ ‫�إىل املطالبة ب�إن�شاء االحتاد الن�سائى العربى عام‬ ‫‪1944‬م‪ ،‬والذى ُعر�ضت فية ق�ضية البغاء والرقيق‬ ‫فى م�صر‪ ،‬لتحقيق برامج الإ�صالح االجتماعى‪ .‬ثم‬ ‫انتقلت احلركة الن�سائية بعد ذلك ملرحلة جديد‬ ‫ترتبط بتاريخ م�صر املعا�صر‪ ،‬و�صورة جديدة للمر�أة‬ ‫بعد ثورة ‪1952‬م) ‪ ،‬وفى ظل املتغريات االجتماعية‬ ‫تولد احلداثة‪ ،‬وكما يقول التاريخ �أن احلداثة العربية‬ ‫كانت فرع ًا من فروع احلداثة الأوروبية‪ .‬فقد كان‬ ‫للأحداث التى �سبقت احلرب العاملية الثانية والتى‬ ‫مهدت له‪ ،‬وخ�صو�ص ًا احلرب الأهلية الإ�سبانية‬ ‫التى انتهت بانت�صار القوى الفا�شية �سنة ‪1939‬م‬ ‫�صدى قوى فى م�صر بالذات‪ .‬فم�صركانت مهي�أة‬ ‫مبوقعها لأن تكون هدفا مبا�شر ًا من �أهداف املحور‪.‬‬ ‫حيث كان فى م�صر جاليات �أجنبية كثرية العدد‪،‬‬ ‫عظيمة الرثاء‪ .‬كان من بينهم يهود وجن�سيات �أخرى‬ ‫خمتلفة‪ ،‬فكان طبيعي ًا �أن يتجمعوا‪ ،‬و�أن يتدار�سوا‬ ‫موقفهم‪ ،‬و�أن يحاولوا القيام بعمل ثقافى �إعالمى‬ ‫ي�ضم �شملهم‪ ،‬ويقرب بني �أفكارهم‪ ،‬ويجتذب �إىل‬ ‫التعاطف معهم من ميكن اجتذابه من املثقفني‬ ‫الوطنني ‪ ،‬وقد جنح ه�ؤالء فى اجتذاب فئة �صغرية‬ ‫‪v‬‬

‫‪32‬‬

‫منهم‪ ،‬وال �سيما طلبة اجلامعات والفنانني والأدباء‬ ‫ال�شبان‪ .‬كان املثقفون يحاولون �أن يرطنوا بالفرن�سية‬ ‫املهم�شة‪ ،‬كما كان املثقفون الأجانب يحاولون �أن‬ ‫يرطنوا بالعربية املهم�شة ‪.‬وكانت املارك�سية قا�سما‬ ‫م�شرتكا بني بع�ض هذه اجلماعات‪� ،‬أورمبا معظمها‪،‬‬ ‫ولعلها كانت بو�صفها نظرية �سيا�سية عاملية‪ .‬ومن‬ ‫هذا املزيج الثورى يكون احلداثى العربى الذى يظل‬ ‫يقف �ضد اجلمود والتخلف‪ ،‬وفى ح�ضوره الغربى‬ ‫يقف �ضد الر�أ�سمالية‪� ،‬أو هكذا يكون اخلطر فى‬ ‫بيئته العربية وعند قرائه العرب‪ ،‬ي�أتيه من كونه غري‬ ‫مفهوم‪ ،‬فهو فى نهاية الأمر‪ ،‬جزء من موقف عاملى‬ ‫ُملتب�س‪( ،‬وفى هذا املعرتك من الظرف التاريخى‬ ‫امللتب�س وفى ظل املواقف املت�شابكة يكون اخلطاب‬ ‫الثقافى الذى يربط بني تخلف املر�أة وتخلف‬ ‫املجتمع‪ ،‬وبني م�شروع حت�سني و�ضع املر�أة وحتديث‬ ‫املجتمع ‪.‬فلقد ارتبط مفهوم املجتمع احلديث‬ ‫ب�شكل املجتمعات الغربية القائمة بالفعل‪ .‬حيث جاء‬ ‫المفاهيم المغلوطة بين خطاب‬ ‫يحاكى العقل وآخر يحاكى الجسد‬ ‫مفهوم احلداثة حمم ًال بدالالت ومفاهيم ثقافية‬ ‫ومعطيات فكرية تعك�س التوجهات واالنحيازات‬ ‫الغربية املنتجة للمفهوم‪ .‬ومن �أهم االنحيازات‬ ‫الفكرية التى ت�ضمنها مفهوم احلداثة ‪ ،‬افرتا�ض �أن‬ ‫النموذج الغربى للتقدم هو النموذج الأوحد واملمكن‪،‬‬ ‫وافرتا�ض �أن املجتمعات غري الغربية متخلفة‬ ‫بال�ضرورة عن املجتمعات الغربية‪ ،‬ومن ثمة هناك‬ ‫تعار�ض حتمى بني احلداثة والرتاث‪ .‬ولقد تبنى رواد‬ ‫النه�ضة الأوائل �أمثال»رفاعة الطهطاوى» و»على‬ ‫مبارك» االفرتا�ضات الأولية للحداثة‪ ،‬فى حني رف�ض‬ ‫التيار املحافظ منهم النموذج الغربى‪.‬‬ ‫واجلدير بالذكر �أن كليهما ر�ضى مبعطيات احلداثة‪،‬‬ ‫ولكنهم اختلفوا حول �أ�شكال الرف�ض �أو القبول‪.‬‬ ‫من هنا كان معرتك امل�أزق احل�ضارى‪ ،‬خا�صة مع منو‬ ‫احلركة القومية املناه�ضة لال�ستعماروممار�ساته‬ ‫الهمجية للبالد امل�ستعمرة‪ ،‬وا�صطدامها بق�ضايا‬ ‫التحررمن اال�ستعمار‪ ،‬والتبا�س حول املوقف العام‬ ‫واخلا�ص من ق�ضايا تخ�ص املر�أة‪ ،‬هذه الق�ضايا التى‬ ‫تُعترب تعبري ًا �ضمني ًا عن موقف �سيا�سى واجتماعى‬ ‫جتاه م�شروع التحديث وبناء الدولة احلديثة‪ ،‬التى‬ ‫متنع الف�صل التع�سفى بني العام واخلا�ص‪ ،‬بل تعطى‬ ‫مرونة احلدود بينهما‪ ،‬باحت�ضان الرتاث وتبنى‬ ‫احلا�ضر‪ ،‬للنهو�ض مبكانة املر�أة كجز�أ اليتجز�أ من‬

‫املجتمع احلديث واملعا�صر‪.‬‬ ‫من هذا املنطلق افتتح الباب �أمام املر�أة الفنانة ب�شكل‬ ‫�أكرث ات�ساع ًا فى ت�شجيعهن على الظهور ب�شخ�صيتها‬ ‫ك�أداء لدورها امل�سرحى‪ .‬وبدل من التقم�ص بقناع‬ ‫الرجل للم�شاركة فى التمثيل‪ .‬فجاءت منرية‬ ‫املهدية‪1915‬م وكثريات للفن مثل روزاليو�سف‪،‬‬ ‫وت�شجعن من جئن بعدها من املمثالت على اقتفاء‬ ‫�أثرهن‪ ،‬فجاءت بعدهن �أمينة رزق ‪1923‬م التى‬ ‫بد�أت فى البداية مع فرقة رم�سي�س‪ ،‬وفاطمة ر�شدي‪،‬‬ ‫هذاوقد �سبق �إ�سناد دور املر�أة �إىل ممثلني رجال‬ ‫من قبل فى امل�سرح الأفريقى والإليزابيثى وامل�سرح‬ ‫الدينى فى الع�صور الو�سطى‪ ،‬حيث يتنكر الرجال‬ ‫فى �أثواب الن�ساء‪ ،‬ويتحدثون ب�صوتهن وهو ما حدث‬ ‫فى امل�سرح امل�صرى‪ ،‬والعك�س فى بداياته لتماهية‬ ‫ببدايات امل�سرح الأوروبى القدمي؛ مما ي�ؤكد على‬ ‫�أن احلقائق التاريخية وكما تقول الدكتورة «�سامية‬ ‫حبيب» ت�ضعنا �أمام �صورة للم�سرح امل�صرى تتوا�صل‬ ‫مع بدايات هذا الفن فى كل الثقافات تقريب ًا‪� . .‬إال‬ ‫�أن الت�أرجح هو ال�سمة ال�سائدة للنظرة املتغرية‬ ‫لعامل املر�أة فى املجتمعات العربية واملجتمع امل�صرى‬ ‫ب�صفة خا�صة‪ ،‬وبالتاىل يكون نتاج هذا املجتمع على‬ ‫خ�شبة امل�سرح معادي ًا ومتناق�ضا مع الواقع وهذا لي�س‬ ‫بغريب على املجتمعات العربيه‪ ،‬على عك�س ال�شعوب‬ ‫الأوروبية ‪.‬‬ ‫ومن هذا املنطلق بد�أ اهتمام الدولة بامل�سرح‬ ‫امل�صرى ومتويله‪ ،‬وبالتحديد فى نهاية الأربيعينيات‬ ‫وبداية اخلم�سينيات ‪1940‬م‪ ،‬حيث كانت الواجهة‬ ‫هى الفرقة القومية‪َ ،‬‬ ‫ف�شرع فى تقدمي م�سرحية‬ ‫«ال�ست هدى» لل�شاعر �أحمد �شوقى‪ ،‬و�أخرجها فتوح‬ ‫ن�شاطى فاختار املمثل ف�ؤاد �شفيق؛ ليقوم بدور ال�ست‬ ‫هدى على امل�سرح �إال �أن الدكتور طه ح�سني‪ .‬وقد‬ ‫كان �صاحبهما فى ذلك الوقت ا�ستنكر ذلك‪،‬ولكن‬ ‫�أ�صر املخرج فتوح ن�شاطى‪ ،‬وبرر ذلك ب�أن التقاليد‬ ‫امل�سرحية فى كل الأزمنة‪ ،‬وفى كل البلدان ت�سمح‬ ‫بتوزيع �أدوار الن�ساء على ممثلني �أتقنوا متثيل هذه‬ ‫ال�شخ�صيات‪ ،‬وبخا�صة الهزليات ‪.‬ويذكر �أن فى‬ ‫الوقت نف�سه كان املخرج فتوح ن�شاطى عائد ًا من‬ ‫بعثته التى �أوفدته �إليها الدولة منذعام ‪� 1937‬إىل‬ ‫فرن�سا؛ لدرا�سة فن الإخراج امل�سرحى ‪�،‬إال �أن فتوح‬ ‫ن�شاطى عندما عاد وفكر فى الإخراج اختار ف�ؤاد‬ ‫�شفيق لي�ؤدى دور «ال�ست هدى»‪ ،‬مربر ًا ذلك ب�أنه مل‬ ‫يكن هناك ممثالت لت�ؤدى هذا الدور‪ ،‬وكان ذلك فى‬ ‫عام ‪1940‬م‪ ،‬ويقول �سعد �أرد�ش‪ :‬لقد كان ت�صرف‬ ‫يدعو �إىل الده�شة‪ ،‬بعد �أن جتاوز امل�سرح امل�صرى‬


‫�أما الفنانون امل�صريون هم �أكرم املجدوب‪ ،‬وحوريه ال�سيد‪ ،‬وحممد‬ ‫زياده‪ ،‬وحممد عبد اهلل ‪ ...‬وفنانو الور�شة عالء عبد احلميد وكمال‬ ‫الفقى ومرمي فرهام‪.‬‬ ‫�أف��رز ه���ؤالء املبدعون �أعما ًال �أث��ارت ده�شة وعني من �شاهدها‬ ‫بداية من م�سئوىل املحافظة‪ ،‬و�صوال �إىل املواطن الب�سيط ‪ ..‬وهو‬ ‫ما يدل على �أن ال�سيمبوزيوم �أ�صبح له مكانة هامة و�أ�سا�سية بعد ما‬ ‫ارتبط ا�سمه ب�أ�سوان وارتبطت �أ�سوان به ‪.‬‬ ‫فعلى مرار ‪ 17‬عاما هى عمر هذا امللتقى �أفرزت �أعمال بلغت ‪400‬‬ ‫عمل فنى تقريبا‪ ،‬احت�ضن معظمها املتحف املفتوح املقام على قمة‬ ‫ه�ضبة املدينة ال�سمراء‪ ،‬والباقى انت�شر فى امليادين العامة‪ ،‬و�أمام‬ ‫املكتبات الثقافية‪ ،‬لتخاطب كافة �أل��وان و�أطياف ال�شعب امل�صرى‬ ‫ولأهمية هذا امللتقى �أعلنت وزارة ال�سياحة ر�سميا و�ضعه على‬ ‫خريطتها ال�سياحية‪ ،‬ليكون مق�صدا لل�سائح الغربى والعربى ‪.‬‬ ‫ومن هنا يعد �سيمبوزيوم �أٍ�سوان الدوىل �أحد �أهم مفاتيح ال�سر‬

‫‪v‬‬

‫أبريل ‪2012‬‬

‫‪35‬‬


‫ملتقى دولى‬

‫صندوق التنمية الثقافية يواصل نجاحاته فى‬

‫سمبوزيم‬ ‫أسوان الدولى للنحت‬

‫وليد الدرمللى‬

‫�أً�صبح �سيمبوزيوم �أ�سوان الدوىل للنحت �أحد اهم الفاعليات الثقافية والأن�شطة الهامة التى تخ�ضع لألية‬ ‫�صندوق التنمية الثقافية برئا�سة املهند�س حممد �أبو �سعده ‪ ،‬ففى دورته ال�سابعة ع�شر التى �أ�سدل ال�ستائر‬ ‫عليها فى الثالث من مار�س املا�ضى‪ ،‬كان الفن هو الذى يتحدث خماطبا عني املتلقى من خالل �أعمال نحتية‬ ‫قدمها الفنانون امل�شاركون العرب والأجانب وامل�صريون‪ ،‬منهم الفنان الكوبى او�سكار كومنادور‪ ،‬والبلغارى‬ ‫كامن تانيف‪ ،‬والإ�سبانى ميجيل اي�سال ‪.‬‬

‫‪v‬‬

‫‪34‬‬


‫‪v‬‬

‫أبريل ‪2012‬‬

‫‪37‬‬


‫التى ميتلكها �صندوق التنمية الثقافية‪ ،‬والتى بها تفتح‬ ‫الأبواب املو�صدة ليمر منها كافة الفنانني‪ ،‬ب�ألوانهم و�أطيافهم‬ ‫ليعانق بع�ضهم البع�ض‪ ،‬فكريا وفنيا وثقافيا ‪.‬‬ ‫و�أمام هذا احلدث الفنى ودور�صندوق التنمية الثقافية‬ ‫ال��ذى بات هاما وملحا فى تلك املرحلة الفارقة‪ ،‬جند من‬ ‫يريدون �إخماد تلك ال�شعلة‪� ،‬ساعني وراء م�صاحلهم ال�شخ�صية‬ ‫�ضاربني م�صلحة الثقافة والفن عر�ض احلائط‪ ،‬رغم �أنهم‬ ‫من �صنع وزارة الثقافة و�صندوق التنمية‪ ،‬فلوال هاتان‬ ‫اجلهتان ملا كان لهم وجود‪ ،‬ال هم وال �أعمالهم التى ال يعرف‬ ‫�أحد عنها �شيئا ‪،‬واليوم وهم خارج منظومة العمل الثقافى‬ ‫جندهم يعار�ضون ويتهمون ويرمون زمالئهم باحلجارة بعدما‬ ‫اعتقدوا �أن كان لهم دور ثقافى فى املرحلة الفائتة ‪.‬‬ ‫قلمى �أرفع من �أن يذكر �أ�سمائهم‪ ،‬فر�سالتى املهنية جتربنى‬ ‫للحديث عن ما هو �أهم و�أبقى‪ ،‬وهى الثقافة لأننا جميعا‬ ‫فى النهاية زائلون وتبقى م�صر وثقافتها مرفوعة الهامة‬ ‫‪v‬‬

‫‪36‬‬

‫ب�أ�شخا�ص وفنانني قادرين على تقدمي ودعم الفن احلقيقى‬ ‫للمجتمع ‪.‬‬ ‫و�أع��ود و�أوك��د �أننا فى احتياج ملنافذ عديدة فى حجم‬ ‫�صندوق التنمية الثقافية‪ ،‬لتكون عونا وبيتا ملن هم �أ�صحاب‬ ‫الر�سالة الفنية احلقيقية‪ ،‬بعدما ت�شعبت �أن�شطته من خالل‬ ‫منافذ عدة مثل مراكز الإبداع وموقع ال�سينما الإلكرتونى‬ ‫وبيت العود وغريها من الأن�شطة التى ال ح�صر لها‪ ،‬والتى‬ ‫تخدم وتقدم �أجيال فنية من خمتلف الأعمار والأطياف ‪.‬‬ ‫فهذا ال�صندوق يحتاج ال�ستقاللية وميزانية منف�صلة‬ ‫�ش�أنه �ش�أن �أى قطاع �آخر و�أق�صد هنا �أن ي�صبح قطاعا ثقافيا‬ ‫وهو ما �أنا�شد به وزير الثقافة الدكتور �شاكر عبد احلميد ‪.‬‬ ‫و�أخريا �أجمل ما فى ملتقى �أ�سوان الدوىل �أنه �أهدى دورته‬ ‫لروح الفنان �صالح مرعى‪� ،‬أحد زهم م�ؤ�س�سيه ومبدعيه الذى‬ ‫رحل وترك عاملنا بعد �أن �أ�سهم باحلياة الثقافية بالعديد من‬ ‫�أعماله التى متثل ج�سرا للتوا�صل بني خمتلف املجتمعات ‪.‬‬


‫ف�إنها توافق على الطالق وتذهب �إىل بيت �أبيها كى‬ ‫تنتظر الورقة الر�سمية للطالق من �أجل �أن تهاجر‬ ‫دون �أن ترتاجع عن موقفها حتى لو �أدى ذلك �إىل �أن‬ ‫تتنازل للزوج عن ابنتها التى تبلغ من العمر �إحدى‬ ‫ع�شرة �سنة‪.‬و�أمام خلو املنزل من الزوجة �سيمني‬ ‫ف�إن العجوز يحتاج �إىل عون �أنثوى ‪،‬وي�ستعني باملر�أة‬ ‫را�ضية التى تت�صرف ب�شكل مريب فهى تخفى عن‬ ‫زوجها �أنها تعمل فى بيت يعي�ش فيه رج��ل �أع��زب‬ ‫‪.‬كما �أن�ه��ا تت�صل برجل دي��ن م��ن �أج��ل �أن تعرف‬ ‫�شرعية �أن ت��راع��ى رج�لا مري�ضا ف��وق ال�سبعني ‪,‬‬ ‫وهذه املر�أة حامل لكن احلمل اليظهر �أ�سفل ال�شادور‬ ‫‪ .‬والغريب �أن �أي��ام العمل التى مار�ستها را�ضية‬ ‫قليلة العدد‪ ،‬لكنها تك�شف عن متاعب كثرية منها‬ ‫ا�ضطرار را�ضية �أن تغادر البيت م��رارا فى �أوقات‬ ‫عملها الر�سمى‪ ،‬ب�سبب �سوف نعرفه تباعا فهى‬ ‫تتعر�ض حلادث �سيارة �سي�ؤدى �إىل �إجها�ضها وهى‬ ‫التى �ستدعى �أن نادر قد دفع بها و�أ�سقطها من فوق‬ ‫ال�سلم‪ ،‬وذلك فى جل�سة املحاكمة التى �سيتم فيها‬ ‫�إلقاء التهم على اجلميع‪� ،‬أى �أن اتهما �سوف يطال نادر‬ ‫و�أي�ضا املدعى زوج را�ضية‪ ،‬و�أي�ضا را�ضية التى جتيد‬ ‫الكذب �أحيانا لكنها ماتلبث �أن تعرتف باحلقيقة‪.‬‬ ‫‪ ‬عبقرية الفيلم ه��و ذل��ك احل��وار امل�سرحى ال��ذى‬ ‫ي��دور ب�ين الأب �ط��ال ف��ى �أم��اك��ن متعددة م��ن بينها‬ ‫ق��اع��ة املحكمة حيث �إن ه�ن��اك �أك�ث�ر م��ن حمكمة‬ ‫يذهب �إليها الأب �ط��ال‪ .‬وف��ى �أث �ن��اء الأزم���ات تعود‬ ‫ال��زوج��ة �إىل البيت لبع�ض ال��وق��ت وتنقذ �سمعة‬ ‫را�ضية من االتهام ب�سرقة �أم��وال البيت وهى تدفع‬ ‫ن�ق��ود التعوي�ض م��ن ح��ر م��ال�ه��ا‪ ،‬ورغ��م ذل��ك ف ��إن‬ ‫االنف�صال يحدث بني الزوجني فى نهاية الأحداث‬ ‫‪ ‬نعود م��رة �أخ��رى �إىل املو�ضوع االجتماعى ال��ذى‬ ‫يناق�شه الفيلم ‪،‬فمن يتابع ال�سينما الإيرانية من‬ ‫خالل �أفالمها �أيا كانت اجلهة املنتجة ف�إن املو�ضوع‬ ‫االجتماعى وحكى التفا�صيل عما ي��دور فى حميط‬ ‫الأ�سرة يجعل اجلوائز تنتظرهذه الأفالم بقوة فى‬ ‫املهرجانات الدولية ‪.‬والغريب �أن فيلم « االنف�صال»‬ ‫ال��ذى قوبل باحتفاء �شديد فى ب�لاده عقب عر�ضه‬ ‫الأول فى مهرجان الفجر‪ ،‬قد قوبل ف��وزه بجائزة‬ ‫�أو��س�ك��ار �أح�سن فيلم �أجنبى بفتور �شديد داخ��ل‬ ‫�إيرن نف�سها‪ ،‬ف�أرج�أوا االحتفال بالفيلم‪ ,‬وفى م�صر‬ ‫منعت بع�ض اجلهات عر�ضه ب��ادع��اء �أن��ه �سين�شر‬ ‫ال�شيعية فى م�صر‪ ،‬بنف�س املنطق �إننا لوعر�ضنا‬ ‫�أفالما هندية ف�سوف نن�شر ال�سيخية فى م�صر ‪.‬‬ ‫‪v‬‬

‫أبريل ‪2012‬‬

‫‪39‬‬


‫ســـــينما‬

‫فيلم االنفصال‬

‫نال هذا الفيلم عددا كبريا من اجلوائز منذ �أن عر�ض لأول مرة فى مهرجان‬ ‫الفجر ال�سينمائى الإيرانى ف��ى فرباير من العام املا�ضى‪ ،‬ال�أت�صور �أب��دا �أى‬ ‫فيلما ب�أى لغة فى ال�سنوات الع�شر املا�ضية قد نالها على الأقل من ناحية العدد‬ ‫وذلك فى مهرجانات �سينمائية عاملية‪ ،‬واحتفاالت حملية‪ ،‬منها اجلائزة الكربى‬ ‫فى مهرجان برلني عام ‪، 2011‬ومهرجانات �أخ��رى مثل بوال و�سيدنى وملبورن‬ ‫ودوريان وبريفان‪ ،‬لدرجة �أن موقع الويكبيديا قد عد هذه اجلوائز مبا يزيد عن‬ ‫ال�ستني مبا فيها جائزة �أح�سن فيلم �أجنبى فى حفالت الأو�سكار لعام ‪2012‬‬ ‫‪ ‬وهذه الظاهرة مل حت��دث من قبل لأى فيلم‪ ،‬خا�صة فى ال�سينما الإيرانية ‪.‬‬ ‫واحلقيقة �أن هذا الفيلم يلفت النظر �إىل املزيج املده�ش الذى تت�سم به ال�سينما‬ ‫الإيطالية فى كافة �أعمارها‪ ,‬فهى �أفالم اجتماعية بنت البيئة التى تعرب �سواء‬ ‫قبل الثورة �أو بعدها‪ ،‬فالفيلم االجتماعى املق�صود فى ال�سينما الإيرانية يدور‬ ‫غالبا فى حميط الأ��س��رة الإي��ران�ي��ة‪ ،‬حيث يعي�ش �أنا�س نف�س النمط احلياتى‬ ‫‪v‬‬

‫‪38‬‬

‫حممود قا�سم‬

‫لنا جميعا ف��ى ال�شرق ��س��واء كنا م�سلمني �أم �أق�ب��اط م��ن ال�سنة �أم ال�شيعة‪.‬‬ ‫ففيلم االنف�صال الذى كتبه و�أنتجه و�أخرجه �أ�صغر فرهادى اليتعدى �أن تدور‬ ‫�أحداثه فى غرفة �صغرية ب�إحدى املحاكم بالإ�ضافة �إىل البيت الذى ي�سكن فيه االبن‬ ‫نادر مع ابنته و�أبيه امل�صاب بداء الزهامير‪ ,‬وذلك بالإ�ضافة اىل بيت هدايت زوج‬ ‫اخلادمة التى �أجه�ضت عندما �سقطت فوق ال�سلم‪ ،‬وبرواية �أخرى �ضربتها �سيارة‬ ‫قبل الأحداث اجل�سام فى بيت نادر بليلة واحدة‪� .‬أهمية الفيلم هو التفا�صيل الدقيقة‬ ‫التى �سبقت وحلقت بنادر عقب �أن قام بتعنيفاملربية را�ضية �أنها تركت �أباه وغادرت‬ ‫البيت وقامت �أثناء املغادرة بربط العجوز الذى جتاوز ال�سبعني‪ ،‬ف�سقط فوق الأر�ض‬ ‫احلكاية كما بد�أ تلخ�ص فى �أن الزوجة �سيمني تقدمت بطلب هجرة خارج �إيران‬ ‫بعد �أن �شعرت باختناق �شديد نتيجة للظروف االجتماعية وال�سيا�سية فى ايران‬ ‫وهذه الفر�صة الأخرية للهجرة واال �سوف يتم الغاء الهجرة ‪ ,‬واحلكاية ان الزوج‬ ‫نادر اليريد ال�سفر ب�سبب رعايته لأبيه املري�ض و�أمام �إ�صرار‪ ‬الزوجة على الهجرة‬


‫‪v‬‬

‫أبريل ‪2012‬‬

‫‪41‬‬


‫معارض‬

‫«كناسة الدكان»عند بيكاسو‬ ‫معرض للفنان مصطفى الرزاز‬

‫يقدم م�صطفى الرزاز معر�ضه الأخري(كنا�سة الدكان)‪...‬كناية عن‬ ‫�أعمال مل يتمها‪ ،‬وكانت موجودة عنده باملر�سم‪ ،‬وانتهى منها ليعر�ضها‬ ‫لنا حتت هذه اال�سم‪...‬واحلقيقه �أن اال�سم لي�س له عالقة من قريب �أو‬ ‫من بعيد مبا يقدمه لنا ال��رزاز فى معر�ضه هذا �إال �إذا كان ا�سما على‬ ‫�سبيل الفكاهة والتندر‪...‬ف�إذا كانت هذه الروعة هى كنا�سة الدكان‬ ‫فكيف احلال بالدكان ذاته؟!‬ ‫�أن �أعمال الرزاز ت�ضعنا �أمام فنان فذ ومتفرد‪...‬غزير الإنتاج‪...‬‬ ‫يحمل فنه م�صرية �شديدة تك�سو كل �أعماله‪ ،‬وبالرغم من ذلك فهذه‬ ‫الأعمال ال�شديدة امل�صرية تطوف بنا كل اجتاهات املدار�س الفنية فتارة‬ ‫نراه �سرياليا و�أخرى تعبرييا‪...‬مرة رمزية و�أخرى تكعيبة‪...‬ينتقل بني‬ ‫كل املدار�س واالجتاهات وفى كل مرة يظل هو م�صطفى الرزاز فكريا‬ ‫وت�شكيليا وه��ذا ما ال ميكن �أن يتم لفنان �إال بعد وعى ثقافى وفنى ال‬ ‫يقدر عليه �إال قلة من كبار الفنانني‪...‬ف�أغلب الفنانني يركن �إىل اجتاه‬ ‫فنى واح��د ال يغادره‪ ،‬و�أحيانا يح�صر نف�سه داخ��ل م�ساحة �ضيقة من‬

‫‪v‬‬

‫‪40‬‬

‫د‪.‬با�سم فا�ضل‬

‫ه��ذه االجت��اه حتت م�سمى الأ�سلوب �أو التميز �أو الب�صمة‪...‬مل يكتف‬ ‫الرزاز فقط بارتياده لكل هذا الزخم ال�ضخم من املدار�س واالجتاهات‬ ‫احلديثة وجماالت التعبري الفنى املختلفة من نحت وت�صوير وجرافيك‬ ‫ور�سم‪...‬الخ‪ .‬ف�إذا بعينه الواعية يطوف على تاريخ م�صر الفنى يدر�سه‬ ‫ويح�سه وي�ستوعبه ثم يعود لي�ضمنه فى �أعماله ال كتيمات �شعبية �أو تراث‬ ‫منقول و�إمنا ي�ستوعب هذا الرتاث متاما ويخرجه لنا كامتداد طبيعى‬ ‫لهذا الرتاث‪ ،‬وك�أنه مل يتوقف يوما‪...‬ولهذا جند هذه احل�شد من احل�س‬ ‫والعبق الفرعونى و ال�شعبى والإ�سالمى والقبطى والنوبى وحتى الإفريقى‬ ‫فى تداخل مل يفقد الرزاز معه �سيطرته على مفرداته �أمام �سطوة الرتاث‬ ‫و�أي�ضا دون �أن يفقد هذا ال�تراث تدفقه و�أ�صالته‪ ,‬ولهذا �أرى �أن عني‬ ‫الرزاز قد اختزلت هذا كله ثم قامت «بفلرتته» لتخرج لنا فنا خا�صا به‬ ‫ال تخطئه عني‪.‬‬ ‫�إن ال�سمة الالفتة والتى اعتربها املدخل الرئي�سى لفن الرزاز هى‬ ‫�إح�سا�سه القوى والأ�سا�سى بالعمل الفنى كت�صميم‪...‬حتى ميكننا �أن ن�ؤكد‬


‫فى ت�صميمه �سواء ك��ان ذل��ك اخل��ط ميثل الفراغ‬ ‫اخلارجى املحيط بالعمل �أو الداخلى املح�صور داخل‬ ‫العمل �أو حتى تلك اخلطوط التى جت�سم التفا�صيل‬ ‫الداخلية للعمل‪.‬‬ ‫لقد متيز ال ��رزاز ف��ى ه��ذا ال�ف��رع م��ن النحت‬ ‫وال ��ذى يختلف ع��ن النحت املج�سم وع��ن النحت‬ ‫البارز �أي�ضا‪...‬وليقطع فى هذا املجال �شوطا كبريا‬ ‫من الإخال�ص والنجاح واملعاجلة الفنية والت�شكيلية‪,‬‬ ‫حتى �أرى �أن��ه لأ�صبح عالمة مميزة وهامة كربى‬ ‫لهذا ال�شكل من الأ�شكال الفنية‪ ,‬لين�ضم �إىل العديد‬

‫من الفنانني العامليني الذين ا�شتهروا بهذا ال�شكل‬ ‫فى الفن ومن �أ�شهرهم‪ :‬فرانتا بيل�سكي‪� -‬سو�سنو‪-‬‬ ‫بريو ترا فاجليني‪ -‬هرنى موور‪ -‬فينت‪...‬وغريهم‪,‬‬ ‫وان كانت جتربة ال��رزاز تتميز بالرثاء والت�أ�صيل‬ ‫واال�ستمرارية وه��و م��ا يجعلنا نطرح ت�سا�ؤال عن‬ ‫مدى �صدق ومعيارية و�آلية تقدمي الفنانني العامليني‬ ‫وت�سجيلهم‪...‬وبعيدا عن نظرية امل��ؤام��رة جند �أن‬ ‫الواقع املعا�ش يجعلنا نرى �أنه دائما يتم االحتفاء‬ ‫ب�أولئك الذين ين�ساقون مع تيار التقليد والإتباع ويتم‬ ‫جتاهل متعمد �إىل من يقدمون فنونهم باحرتافية‬

‫و�صدق‪...‬ال �أحت��دث عن م�صر فقط و�إمن��ا �أحتدث‬ ‫عن اجتاه عاملى يروج لعوملة من طرف واحد‪ ,‬ذات‬ ‫ثقافة واحدة‪ ,‬ور�ؤية واحدة ولي�س �أدل على ما �أعنيه‬ ‫�إال �إ�سقاط هربرت ريد عميد نقاد الفن فى �أوروبا‬ ‫خالل القرن الع�شرين املتعمد لرواد احلركة الفنية‬ ‫املك�سيكية احلديثة‪ :‬دييجو ريفريا‪-‬جوزيه اورو�سكو‪-‬‬ ‫الفارو �سيكيوو�س‪..‬من حركة الفن احلديث واحلداثة‬ ‫بحجة �أن فنهم ال يعي�ش وفقا لر�ؤية الع�صر‪.‬‬

‫‪v‬‬

‫أبريل ‪2012‬‬

‫‪43‬‬


‫�أننا �أمام فنان م�صمم فى املقام الأول وان املجاالت‬ ‫املختلفة لإبداعاته كانت و�سيطا لت�صميماته‪ ,‬فلقد‬ ‫م��ار���س النحت واجل��راف�ي��ك والت�صوير م��ن خالل‬ ‫�أن�ه��ا ت�صميمات وان ه��ذه ال �ف��روع تتيح ل��ه تنفيذ‬ ‫ت�صميماته ب�أ�ساليب و�أ�شكال خمتلفة‪..‬ولعل هذه ما‬ ‫يربر لنا ظهور عديد من الت�صميمات املت�شابهة �إىل‬ ‫حد بعيد مرة يعاجلها الفنان ت�صويرا و�أخرى نحتا‬ ‫والثالثة كجرافيك‪...‬وفى كل الأحوال عالج الفنان‬ ‫عمله بنجاح وفهم ووع��ى كبريين لت�صميمه وفقا‬ ‫للمجال ال��ذى عرب من خالله‪...‬فتوزيع امل�ساحات‬ ‫‪v‬‬

‫‪42‬‬

‫والألوان والإ�ضافة واحلذف والتفريغ والكتل وعالقة‬ ‫اخلطوط تنب�أ ب�أننا �أمام م�صمم واع مبتطلبات جناح‬ ‫عمله ومتيزه كما نرى فى عمله الفار�س فبالرغم‬ ‫من تقارب الت�صميم �إال �أن املعاجلة املختلفة ما‬ ‫بني النحت والت�صوير قد جعلت لكل منهما مذاقا‬ ‫خمتلفا فريدا مع �أنهما ينبعان من نف�س البوتقة‪.‬‬ ‫�إن ال�سمة املميزة �أي�ضا والغالبة فى فن م�صطفى‬ ‫ال ��رزاز ه��ى اهتمامه ال�شديد بعن�صر اخل��ط فى‬ ‫�أعماله‪ ,‬ف�أعماله ميكن تتبع اخلطوط فيها ب�سهولة‬ ‫و�أي�ضا حتويلها �إىل لوحات مر�سومة باخلط فقط‬

‫وهذا ما يو�ضح لنا �إىل �أى مدى يهتم الرزاز باخلط‬ ‫فى عمله كعن�صر �أ�سا�سى من عنا�صر الت�صميم‪...‬‬ ‫رمبا يعود ذلك �إىل ال�تراث الفنى امل�صرى املمتد‬ ‫الطويل‪ .‬فمن الي�سري الإح�سا�س بالطابع اخلطى‬ ‫لفنوننا الفرعونيه وال�شعبية والإ�سالمية �سواء كانت‬ ‫نحتا �أم نحتا ج��داري��ا �أم ت�صويرا ملونا بينما ال‬ ‫جند نف�س هذا الإح�سا�س اخلطى وا�ضحا فى الفن‬ ‫اليونانى �أو الرومانى مثال‪ .‬ان غرام م�صطفى الرزاز‬ ‫باخلط قد جعله يتجه ويخل�ص ويتميز فى النحت‬ ‫املج�سم ذو البعدين‪�...‬إذ يعتمد �أ�سا�سا على اخلط‬


‫“ ذكرى “‬

‫حفيدة أمير الشعراء‬

‫معرض يحتفى بالفنان الكبير عبدالهادى الجزار‬ ‫افتتح بقاعة �أبعاد مبتحف الفن‬ ‫امل�صرى احلديث معر�ض ًا بعنوان «‬ ‫ذك��رى « �إحيا ًء لذكرى ميالد املبدع‬ ‫الراحل عبد الهادى اجلزار وح�ضره‬ ‫لفيف من حمبى الفنون الت�شكيلية‬ ‫ورج� ��ال الأع �م��ال‪ ‬وال �� �س �ي��دة‪ /‬ليلى‬ ‫عفت‪ ‬حرم الفنان الراحل و�أبنائه‪ .‬‬ ‫و�صرح د‪� .‬صالح املليجى رئي�س‬ ‫قطاع الفنون الت�شكيلية �أن املعر�ض‬ ‫ي�أتى فى �إط��ار �سيا�سة تكرمي رموز‬ ‫ورواد احل��رك��ة الت�شكيلية امل�صرية‬ ‫الذين �شاركوا ب�إبداعهم فى ر�سم‬ ‫م�لام��ح ح��رك��ة ال�ن�ه���ض��ة الثقافية‬ ‫والفنية امل�صرية فى القرن املا�ضي‪،‬‬ ‫ومن بني ه�ؤالء الراحل العظيم الفنان‬ ‫عبد الهادى اجل��زار ال��ذى ُيعد �أحد‬ ‫�أهم العالمات البارزة فى تاريخ الفن‬ ‫امل�صرى املعا�صر ب�إنتاجه اخلالد‬ ‫رف �ي��ع امل���س�ت��وى ع�بر ب��ه ع��ن البيئة‬ ‫ال�شعبية وتفاعل مع �أحداث وطنه فى‬ ‫ع�صره ب�أ�سلوب حتليلى نف�سى عميق‬ ‫جعلت من عمره الق�صري فرتة هامة وم�ضيئة فى �سجل الإبداع واملبدعني‪ .‬وتقول �سلوى حمدى مدير متحف‬ ‫الفن امل�صرى احلديث‪� ‬أن العر�ض ي�أتى فى ذكرى ميالد الفنان الذى ولد فى ‪ 14‬مار�س ‪ 1925‬وتوفى فى ‪7‬‬ ‫عمر يناهز واحد و�أربعون عام ًا‪ ،‬ويتميز املعر�ض بتقدمي �أعمال تُعر�ض لأول مرة للفنان‬ ‫مار�س ‪ 1966‬عن ٍ‬ ‫عبد الهادى اجلزار حيث �سيتم عر�ض ‪ 35‬عم ًال فني ًا منهم ع�شرة �أعمال من مقتنيات املتحف وخم�سة وع�شرون‬ ‫عم ًال فني ًا من مقتنيات �أ�سرة الفنان التى مل تُعر�ض من قبل‪ ،‬وت�ضيف‪� ‬سماح كمال مديرة قاعة �أبعاد‪� ‬أن‪ ‬فكرة‬ ‫هذا املعر�ض تُ�ساعد فى �إلقاء ال�ضوء على �أعمال هذا الفنان القدير ومدى تعلقه بوجدان ال�شعب‪ ‬وقلقه من‬ ‫خالل �أعمال فنية رائعة‪ ‬خلدها تاريخ الفن ‪ ..‬ويقام على هام�ش املعر�ض ندوة فنية يعر�ضها الفنان الدكتور‬ ‫م�صطفى الزاز ويناق�ش فيها ال�سرية الذاتية للفنان وحتليال لبع�ض اعماله التى تعر�ض الول مرة‪.‬‬

‫معرض رأفت منصور باإلسكندرية‬ ‫افتتح ا‪.‬د‪� .‬صالح املليجى رئي�س قطاع الفنون الت�شكيلية عدد‬ ‫من املعار�ض الفنية املتنوعة‪ ،‬والتى ا�ست�ضافتها قاعات العر�ض‬ ‫مبركز حممود �سعيد للمتاحف بالإ�سكندرية‪ .‬فى جمال النحت‬ ‫في�أتى معر�ض الفنان ر�أفت من�صور بعنوان “ ن�سمات اجلنوب ‪..‬‬ ‫التفتيت والرتكيب فى ال�شكل النحتي” ‪.‬‬

‫ال تتحدث العربية‬

‫يقول �شوقى ‬ ‫مل تزل ليلى بعينى طفلة ‬ ‫ ‬ ‫مل تزد عن �أم�س �إال �إ�صبع ًا‬ ‫ ‬ ‫زارت م�صر فى الأيام القليلة املا�ضية ال�سيدة‪/‬‬ ‫ليلى الدمردا�ش حفيدة ال�شاعر العظيم‪� /‬أحمد‬ ‫�شوقى �أمري ال�شعراء وب�صحبتها ابنتها �أمينة‪،‬‬ ‫وتعترب ليلى هى احلفيدة الثالثة لأمري ال�شعراء‬ ‫حيث �إنها ابنة ال�سيدة نعمة اهلل ريا�ض ابنة‬ ‫ال�سيدة خديجة ريا�ض ابنة �أمينة �أحمد �شوقي‪.‬‬ ‫وقد حر�صت على زيارة متحف �أحمد �شوقى‬ ‫و�أبدت �إعجابها ال�شديد مب�ستوى املتحف من‬ ‫حيث العر�ض والتن�سيق واحلفاظ على الرتاث‬ ‫العظيم لأمري ال�شعراء‪ ،‬وعلى املقتنيات خا�صة‬ ‫لوحات جدتها خديجة ريا�ض التى تُعر�ض‬ ‫باملتحف ‪ 21‬لوحة فنية من �أعمالها‪ ،‬وكذلك‬ ‫�أ�ساليب الرتميم املتبعة خا�صة و�أن والدتها كانت‬ ‫من كبار املرممني‪ ،‬وفى نهاية الزيارة قامت‬ ‫بكتابة كلمة �شكر فى �سجل الزيارات اخلا�ص‬ ‫باملتحف‪ ،‬كما حر�صت ال�سيدة ليلى الدمردا�ش‬ ‫على زيارة متحف الفن امل�صرى احلديث وذلك‬ ‫مل�شاهدة �أعمال جدتها خديجة ريا�ض و�أبدت‬ ‫�إعجابها ال�شديد بحركة الفن الت�شكيلى امل�صرى‬ ‫وب�أ�سلوب العر�ض الفنى داخل متحف الفن‬ ‫امل�صرى احلديث‪.‬‬

‫ر�أفت من�صور‬ ‫‪v‬‬

‫أبريل ‪2012‬‬

‫‪45‬‬


‫ألول مرة فى مصر ‪ ...‬ملتقى دولى بالجهود الذاتية خارج إطار المؤسسات الحكومية‬

‫ملتقى بصمات الفنانيين التشكيليين العربى األول‬ ‫كتبت فينو�س ف�ؤاد‬

‫أخبـــــــــــــارهم‬ ‫‪v‬‬

‫‪44‬‬

‫من منطلق الإح�سا�س بامل�سئولية‬ ‫جتاه الوطن ‪ ،‬وتفاع ًال مع الأحداث‬ ‫ال�سيا�سية التى مرت بها م�صر فى‬ ‫العام املا�ضى والتى �أثرت فى �أعداد‬ ‫الوفود ال�سياحية �إىل م�صر ‪ ،‬طرح‬ ‫ال�ف�ن��ان "وحيد البلقا�سى" فكرة‬ ‫ج��دي��دة تعيد �إىل م�صر مكانتها‬ ‫وريادتها كم�صدر ومركز هام جلميع‬ ‫�أن��واع الفنون ‪ .‬وهى فكرة ا�ست�ضافة ا‪ .‬وحيد البلقا�سي‬ ‫�أعمال فنانني ت�شكيليني من ‪ 17‬دولة‬ ‫عربية �شقيقة من خالل تنظيم ملتقى يعيد لغة احلوار التى‬ ‫توقفت بني الدول العربية خا�صة بعد الأزمات ال�سيا�سية التى‬ ‫تعر�ضت لها معظم تلك الدول فى ال�سنوات الأخ�يرة‪ ،‬نتيجة‬ ‫لثورتها على �أنظمة احلكم بها ‪.‬كما يهدف امللتقى �أي�ض ًا �إىل‬ ‫توثيق �أوا�صر العالقات الإن�سانية والفنية بني الفنانني‪.‬‬ ‫‪ ‬وظلت الفكرة مقيدة بالظروف االقت�صادية التى متر بها‬ ‫البالد حالي ًا ‪ ،‬ومن هنا كان الإ�صرار على تنفيذ الفكرة دون‬ ‫الإثقال فى طلب �أى دعم مادى من �أى جهة حكومية �أو غري‬ ‫حكومية ‪ ،‬وقد كان احلل فى " االكتفاء الذاتى " ليكون هذا‬ ‫امللتقى منوذج ًا للإ�صرار يحتذى به فى امل�ستقبل ‪.‬‬ ‫‪ ‬وقد بد�أت الفكرة تدخل حيز التنفيذ باختيار القوم�سيري‬ ‫العام واملنظم للملتقى الفنان والناقد وحيد البلقا�سى للجنة‬ ‫العليا للملتقى‪ ،‬والتى ت�ضم جمموعة من الفنانني والنقاد‪ ،‬وهم‬ ‫الفنان "د‪.‬ال�سيد القما�ش" رئي�س امللتقى ملا له من قيمة فنية‬ ‫كبرية على م�ستوى العامل العربى‪ ،‬والقوم�سيري الثانى الفنان‬ ‫"عالء �صبح" ‪ ،‬والفنان اليمنى "حميد الأكوع" ممث ًال لفنانى‬ ‫الدول العربية والناقدة" د‪ .‬فينو�س ف�ؤاد" ‪،‬و الأ�ستاذ "حممد‬ ‫عبد العلى"‪.‬‬ ‫‪ ‬وقد �شهدت فكرة امللتقى عند طرحها �إقبا ًال �شديد ًا من‬ ‫قبل فنانى م�صر و الدول العربية الذين رحبوا مببد�أ االكتفاء‬ ‫ال��ذات��ى ال��ذى يحتاج �إىل قناعة ت��ام��ة بالفكرة والقائمني‬ ‫على تنفيذها ‪ .‬وبعد جهود م�ضنية من فنانني ع�شقوا م�صر‬ ‫و�أخل�صوا لها يظهر امللتقى على ال�ساحة الثقافية امل�صرية ‪،‬‬ ‫والذى �ستقام فاعلياته فى القاهرة فى الفرتة من ‪ 25‬مار�س‬ ‫و حتى ‪� 2‬أبريل القادم ‪.‬‬ ‫‪ ‬ولأول مرة وبجهود �شخ�صية دون رعاية من م�ؤ�س�سة �أو‬

‫وزارة ي�شارك فى امللتقى فنانى‬ ‫‪ 17‬دولة عربية وهم ‪ :‬ال�سعودية‬ ‫– اليمن – اجلزائر – ليبيا –‬ ‫املغرب – ال�سودان – البحرين‬ ‫– الكويت – تون�س – �سلطنة‬ ‫عمان –العراق – فل�سطني –‬ ‫الأردن – �سوريا – �ألأم��ارات‬ ‫– ل �ب �ن��ان – م �� �ص��ر‪ .‬حيث‬ ‫د‪� .‬سيد القما�ش يجتمع ‪ 252‬فنان وفنانة من‬ ‫الأج�ي��ال املختلفة ممن تفاعلوا‬ ‫مع موروثهم ال�شعبى الذى ت�ؤكد هويتهم الفنية ‪ .‬واجلديد فى‬ ‫امللتقى �أنه �سيتم �إفتتاح فعالياته فى ‪ 6‬قاعات عر�ض كربى فى‬ ‫قلب القاهرة على النحو التاىل ‪ :‬يوم الأحد ‪ 25‬مار�س ال�ساعة‬ ‫ال�سابعة م�ساءا يفتتح معاىل وزي��ر الثقافة"د ‪�.‬شاكر عبد‬ ‫احلميد" قاعات عر�ض مركز �شبابيك باملقطم‪ .‬بينما يفتتح‬ ‫" د‪ .‬عماد ابو غازي" و املهند�س "حممد ال�صاوي" فى نف�س‬ ‫اليوم فى الواحدة ظهر ًا معر�ض �ساقية ال�صاوى فى الزمالك‪.‬‬ ‫وفى يوم االثنني ‪26‬مار�س ال�ساعة الواحدة ظهرا يفتتح‬ ‫القن�صل العام ل�سفارة اليمن الأ�ستاذ "على العطايف" قاعة‬ ‫عر�ض املركز الثقافى اليمنى باملنيل‪ .‬بينما يفتتح "د ‪.‬حمدى‬ ‫�أبو املعاطي" نقيب الفنانيني الت�شكيليني قاعة املر�سم "فان‬ ‫جوخ" بالهرم فى ال�ساعة ال�سابعة م�ساءا من نف�س اليوم ‪.‬‬ ‫وفى يوم الثالثاء ‪27‬مار�س ال�ساعة الواحدة ظهرا تفتتح‬ ‫"د ‪�.‬إينا�س عبد الدامي" رئي�س دار الأوبرا امل�صرية معر�ض‬ ‫قاعة "دروب" بجاردن �سيتى ‪ .‬بينما يفتتح "�أ‪ .‬ح�سام ن�صار"‬ ‫رئي�س العالقات اخلارجية ب��وزارة الثقافة قاعة" قرطبة"‬ ‫باملهند�سني فى ال�سابعة م�ساء ًا ‪.‬‬ ‫كما ينفرد امللتقى لأول م��رة مب�شاركة �أع�م��ال جمموعة‬ ‫من كبار الرواد الراحليني تقدير ًا لدورهم فى �إثراء احلركة‬ ‫الت�شكيلية امل�صرية والعربية منهم الفنان" �صالح طاهر"‬ ‫‪،‬والفنان "ح�سني بيكار" ‪،‬والفنان "�صربى راغب" ‪،‬والفنان‬ ‫"�شاكر املعداوي" والفنان "حممود مو�سى" من م�صر ‪،‬‬ ‫والفنان "م�أمون البو�شي" (�سوريا) وذلك فى قاعة "دروب"‬ ‫‪ .‬كما تعر�ض فى قاعة "قرطبة" جمموعة �أخ��رى من �أعمال‬ ‫الراحلني من ال��رواد وهم الفنان "حممد رزق" ‪ ،‬والفنان"‬ ‫كامل م�صطفى" ‪ ،‬والفنان "عبد العزيز دروي�ش" ‪.‬‬


‫فعاليات‬

‫ملتقى الفخار الدولى‬ ‫بكلية الفنون الجميلة المنيا‬

‫بد�أت فعاليات الدورة الثانية ع�شر مللتقى الفخار‬ ‫الدوىل والذى تقيمه الهيئة العامة لق�صور الثقافة‬ ‫برئا�سة ال�شاعر �سعد عبد الرحمن‪ ،‬وتنظمه الإدارة‬ ‫العامة للفنون الت�شكيلية واحلرف البيئية التابع‬ ‫للإدارة املركـزية لل�شـئون الفنيـة بكلية الفنون‬ ‫اجلميلة بجامعة املنيا‪ ،‬والذى ا�ستمر حتى ‪25‬‬ ‫مار�س‪ ،‬مب�شـاركة الفنان الدكتور خالد �سراج الدين‬ ‫املدر�س بق�سم اخلزف بكلية الفنون التطبيقية‬ ‫“جامعة حلـوان” قومي�سـري ًا للملتقى و�أربع فنانني‬ ‫�أكادمييني وممار�سني كمحرتفني م�صريني فى‬ ‫جمال اخلزف والفخار‪ ،‬وهم د‪� .‬أيـمن على جودة‪،‬‬ ‫د‪.‬عادل هـارون‪ ،‬د‪�.‬ضياء الدين داود‪ ،‬ود‪ .‬مروة‬ ‫زكريا‪.‬‬

‫كما ي�شارك �سبعة فنانني عامليني فى جمال اخلزف‬ ‫وهم اخلزاف الأ�سبانى العاملى “رافا برييز”‬ ‫والذى ي�شارك فى امللتقى لأول مرة‪ ،‬كما يعد من‬ ‫�أ�شهر فنانى العامل فى فن اخلزف‪�“ ،‬إجنر �سدر‬ ‫جرين” ال�سويد‪“ ،‬باربارا موير”ـ املانيا‪“ ،‬اميرة‬ ‫فيزولو” تركيا‪“ ،‬بيتول �أيتبه” تركيا‪�“ ،‬سارة بن‬ ‫عطيه” تون�س‪“ ،‬نيكى كونينج�س” هولندا‪ ،‬وكذلك‬ ‫ثالثة فنانني م�صريني فى جمال الت�صوير والنحت‬ ‫والتجهيز فى الفراغ وهم د‪ .‬عادل ثروت‪ ،‬د‪ .‬كرمي‬ ‫القريطى‪ ،‬ود‪ .‬حممد حممود �شكرى مب�صاحبة‬ ‫م�صور وخمرج امللتقى الفنان حم�سن جودة ليقوم‬ ‫بتوثيق امللتقى وعمل فيلم وثائقى يعر�ض فى ختام‬ ‫امللتقى‪.‬وعلى هام�ش امللتقى نظمت ندوة فى جمال‬

‫اخلزف يوم ‪ 24‬مار�س‪ ،‬حا�ضرت فيها د‪.‬زينب‬ ‫�سامل‪ ،‬ود‪� .‬إيهاب عبداهلل‪ ،‬ود‪ .‬يا�سر منجى‬ ‫بالإ�ضافة لتنظيم رحلتني للمناطق ال�سياحية‬ ‫واملتاحف مبحافظة املنيا وما يجاورها‪ ،‬ومت دعوة‬ ‫كل من �أ‪.‬د‪ .‬فرغلى عبداحلفيظ‪ ،‬و�أ‪.‬د‪.‬م�صطفى‬ ‫عبداملعطى‪ ،‬و�أ‪.‬د‪� .‬أحمد نوار‪ ،‬و�أ‪.‬د‪� .‬أحمد جماهد‬ ‫ك�ضيوف �شرف للملتقى‪.‬‬ ‫واختتم امللتقى ب�إقامة معر�ض ختامى لأعمال‬ ‫الفنانيني امل�شاركيني فى �أحد قاعات عر�ض جامعة‬ ‫املنيا‪ ،‬وكذلك �أحد قاعات العر�ض بالقاهرة‪ ،‬وقدمت‬ ‫�شهادات تقدير باللغة العربية والإجنليزية للفنانيني‬ ‫امل�شاركني فى اخلتام ‪.‬‬ ‫‪v‬‬

‫أبريل ‪2012‬‬

‫‪47‬‬


‫برتوكول تعاون بين قصور الثقافة ومكتبة اإلسكندرية‬

‫أخبـــــــــــــار‬ ‫قصور الثقافة‬

‫ُوقع يوم اخلمي�س ‪ 8‬مار�س ‪ 2012‬برتوكول تعاون بني الهيئة‬ ‫العامة لق�صور الثقافة برئا�سة ال�شاعر �سعد عبد الرحمن‬ ‫ومكتبة الإ�سكندرية برئا�سة د‪� .‬إ�سماعيل �سراج الدين والذى‬ ‫�أناب عنه د‪ .‬خالد عزب مدير �إدارة امل�شروعات اخلا�صة‬ ‫باملكتبة‪ ،‬وذلك فى �إطار حر�ص الطرفني على �إعادة م�صر‬ ‫�إىل طريق التقدم واالزدهار ب�إيقاظ روح البحث العلمى وعودة‬ ‫الإبداع الفنى والأدبى‪ .‬حوت �أهم بنود الربوتوكول �أن يتعاون‬ ‫الطرفان فى �إطالق مبادرة �سنوية تهدف �إىل تنمية احلياة‬ ‫الثقافية امل�صرية‪ ،‬ف�ضال عن التعاون فى تنظيم امل�ؤمترات‬ ‫الثقافية والفنية والأدبية مبختلف ربوع م�صر‪ ،‬و�أن يتعاونا فى‬

‫جمال ن�شر الثقافة العلمية وتكنولوجيا املعلومات‪ ،‬بالإ�ضافة‬ ‫�إىل قيام املكتبة بعقد دورات تدريبية للعاملني بهيئة ق�صور‬ ‫الثقافة فى جمال علوم املكتبات واملعلومات واملكتبات وعلوم‬ ‫احلا�ساب الآىل واللغات‪� ،‬إىل جانب فتح �أبواب املكتبة جمان ًا‬ ‫لرواد الأندية العلمية واملواقع الثقافية التابعة للهيئة العامة‬ ‫لق�صور الثقافة‪.‬‬ ‫�شهد توقيع الربتوكول الكاتب �أحمد زحام نائب رئي�س الهيئة‪،‬‬ ‫وال�شاعر حممد ابو املجد رئي�س الإدارة املركزية لل�شئون‬ ‫الثقافية‪ ،‬والناقدة د‪.‬زينب الع�سال مدير عام �إدارة املواهب‬ ‫بالهيئة‬

‫«أحفاد أخناتون»‬ ‫دراسة نقدية بالهيئة العامة لقصور الثقافة‬ ‫حتت رعاية ال�شاعر �سعد عبد الرحمن رئي�س الهيئة العامة لق�صور‬ ‫الثقافة‪� ،‬صدر حديث ًا عن �سل�سلة كتابات نقدية كتاب “�أحفاد �أخناتون”‬ ‫حلقة مفقودة فى الق�صيدة العربية للكاتب د‪� .‬شعيب خلف‪ ،‬يتناول فيها ر�صد‬ ‫عدد من �شعراء املنيا الذين عا�شوا منذ �أواخر القرن التا�سع ع�شر وحتى‬ ‫الآن‪ ،‬ممن كتبوا الق�صيدة العربية بجميع �أ�شكالها ‪ :‬العمودية والتفعلية‬ ‫والنرث وهم جميع ًا �إن كانت جتمعهم خ�صائ�ص م�شرتكة‪ ،‬فالوعى بطبيعة‬ ‫الإبداع ت�أبى �إال �أن متنح كل واحد منهم خ�صو�صية �إبداعية جتعله يقف على‬ ‫م�سافة من �صاحبه‪ ،‬فالكثري �أ�صحاب ثقافات متعددة‪ ،‬وجت��ارب متنوعة‪،‬‬ ‫جاءت ق�صائدهم ترجمان ًا لثقافتهم‪ ،‬و�ساحة لإلتقاء جتاربهم‪ ،‬وم�صدر بوح‬ ‫لأفكارهم وميولهم‬

‫‪v‬‬

‫‪46‬‬


‫ـــــــــــى مصر فى عهد الثورة ؟؟‬ ‫م�صطفى بكري‬

‫‪v‬‬

‫أبريل ‪2012‬‬

‫‪49‬‬


‫هل تصبح سيناء قبلة مبدعــــــــــــــ‬

‫‪v‬‬

‫‪48‬‬


‫‪v‬‬

‫أبريل ‪2012‬‬

‫‪51‬‬


‫�سيناء الأر�ض املقد�سة من ثرى م�صر الأم ‪...‬‬ ‫عبق التاريخ ومهبط الر�ساالت ‪� ..‬أر���ض امل�ستقبل‬ ‫امل�صرى ‪ ..‬عا�شت ط��وي� ً‬ ‫لا م��ن العزلة والتهمي�ش‬ ‫واالحتالل الإ�سرائيلى البغي�ض ‪ ..‬وعادت �سيناء �إىل‬ ‫�أح�ضان الوطن الأم م�صر بعد انت�صاراتنا املاجدة‬ ‫فى معركة التاريخ معركة �أكتوبر ال��ذى حقق فيها‬ ‫جي�ش م�صر البا�سل �أروع �صور البطولة والفداء‬ ‫والت�ضحية ب��الأرواح وال��دم من �أجل حترير الأر�ض‬ ‫و�إعادة الكرامة والعزة ل�شعب م�صر البطل وال�شعوب‬ ‫العربية جمعاء ‪.‬‬ ‫و��س�ي�ن��اء متتلك ث� ��روات م�صر االق�ت���ص��ادي��ة‬ ‫الواعدة مثل التعدين من خامات “الأ�سمنت والفحم‬ ‫والفو�سفات واملنجنيز والكربيت والبرتول والغاز”‬ ‫ومتتلك ث��روة هائلة من �أج��ود �أن��واع الأ�سماك فى‬ ‫العامل فى البحر الأبي�ض املتو�سط والبحر الأحمر‬ ‫وبحرية ال�بردوي��ل العاملية ‪� ..‬أم��ا ال�ثروة الزراعية‬ ‫فى ال�شمال ذات ال�شهرة العاملية مثل “الكانتلوب‬ ‫واخلوخ والزيتون والتفاح والبلح” والرثوة القومية‬ ‫من “القمح وال�شعري والذرة” وريها املو�سمى عن‬ ‫‪v‬‬

‫‪50‬‬

‫طريق الأمطار الغزيرة ومن �سد الروافعة والوديان‬ ‫الكثرية اململوئة “ بالهدابات” واملخزون اجلوفى من‬ ‫املياه ‪�.‬أما ال�سياحة فى ال�شمال وو�سط وجنوب �سيناء‬ ‫فهى رافد اقت�صادى هام وخا�صة �سياحة ال�سفارى‬ ‫والغط�س والغو�ص حيث الأ�سماك امللونة ُ‬ ‫وال�شعب‬ ‫امل��رج��ان�ي��ة الكثيفة اخل�لاب��ة و��س�ي��اح��ة ال�سفارى‬ ‫واملناطق التاريخية والدينية واال�ست�شفاء بالنباتات‬ ‫الطبية الطبيعية املوجودة فى وديان وجبال �سيناء‪.‬‬ ‫وامل�شروع القومى لتنمية �سيناء بروافده الـ ‪18‬‬ ‫وحتى عام ‪� 2017‬سيحقق توطني ‪ 3‬مليون م�صرى‬ ‫مبدع ومنتج فى �سيناء لتحقيق حائط ال�صد الب�شرى‬ ‫�أمام �أى عدوان �أو التفكري فيه‪.‬‬ ‫هذه املقدمة وجدتها واجبة لتكون خط ًا موازي ًا‬ ‫للإبداع وبناء الإن�سان امل�صرى اجلديد على �أر�ض‬ ‫�سيناء ال��واع��دة حل��ل م�شاكل م�صر االقت�صادية‬ ‫واالنفجار ال�سكانى‪ ،‬وحل م�شكلة امل�شاكل البطالة‬ ‫والت�صدير للخارج للح�صول على العملة ال�صعبة‬ ‫‪ ..‬وبجانب ه��ذا �سيناء �أر���ض مقد�سة ذك��رت فى‬ ‫القر�آن العظيم ‪( ..‬وحباها ) اهلل باملناظر اخلالبة‬

‫النادرة ‪ ..‬زرقة البحر وفريوزية ال�سماء ال�صافية‬ ‫واملناخ الرائع وعدم التلوث البيئى‪ ،‬و�شموخ غابات‬ ‫النخيل بتيجانه اخل�ضراء وب�ساتني الزيتون رمز‬ ‫ال�سالم وال�شواطئ الذهبية والفرود الرملية عازفة‬ ‫مو�سيقى ال�صحراء واجل�ب��ال ال�شاهقة ب�ألوانها‬ ‫البنية والبنف�سجية والزرقاء والبحريات الطبيعية‬ ‫واملحميات فى منطقة (الذرانيق) التى ت�ست�ضيف‬ ‫طيور العامل الهاربة من �شتاء �أورب��ا حيث الديفء‬ ‫(وال�ك�لاء)‪ ،‬وبحرية ر�أ���س حممد فى اجلنوب هذا‬ ‫بخالف طيور النور�س وال�سمان وال�صقور والغزالن‬ ‫بعيون (املها) والأ�سماك امللونة وال�شعب املرجانية‬ ‫وحياة البادية وحفالت ال�سامر و�سباقات الهجن‬ ‫الأ��ص�ي�ل��ة وت��رب�ي��ة اجل �ي��اد العربية ن��وا��ص��ى اخلري‬ ‫وامل���س��اح��ات ال���ص�ف��راء م��ن ال���ص�ح��ارى وال��ودي��ان‬ ‫اململوءة بالنباتات الطبية الطبيعية ذات الرائحة‬ ‫العطرية بجانب القالع التاريخية مثل قلعة �سليمان‬ ‫فى العري�ش‪ ،‬وقلعة نخل فى نخل وهى قالع تركية من‬ ‫�أيام الدولة العثمانية ‪ ..‬وطريق العائلة املقد�سة وهى‬ ‫راكبة (اتيه) من قارة من ال�شام �إىل م�صر ال�سالم‬


‫‪v‬‬

‫أبريل ‪2012‬‬

‫‪53‬‬


‫عرب �سيناء وطريقة عمرو ابن العا�ص “موكب النور”‬ ‫لتحرير م�صر من بط�ش الرومان عرب �سيناء ومعبد‬ ‫(�سرابيط) اخلادم الفرعونى فى جنوب �سيناء ودير‬ ‫�سانت كاترين وجبل مو�سى الذى كلم فيه اهلل �سبحانه‬ ‫وتعاىل مو�سى علية ال�سالم ‪،‬وعيون مو�سى والكثري من‬ ‫ال�شواهد التاريخية ‪ ..‬هذا بخالف العادات والتقاليد‬ ‫العربية اال�صيلة لقبائل وعائالت �سيناء والرثوة الهائلة‬ ‫النادرة ل�صناعة الثوب ال�سيناوى وم�شغوالت (االبدة‬ ‫واحل��زز) و�صناعة الكليم (املرقوم) التى متيزت به‬ ‫�سيناء عامليا‪ ،‬واك�س�سوارات اجلمال مثل (اخلربج‬ ‫والنبيط واملوركه)‪( ،‬والفر�ضه والد�سن) وم�شغوالت‬ ‫الف�ضة والفريوز والربقع ال�سيناوى الذى يعترب (زينه و‬ ‫خزينه )‪ ،‬حيث ت�ضع الأ�سرة البدوية ثروتها من عمالت‬ ‫ذهبية وف�ضية لتزين الربقع وعندما حتتاج الأ�سرة تبيع‬ ‫من هذه العمالت‪.‬‬ ‫وال�ق���ض��اء ال�ع��رف��ى ��ص�م��ام الأم� ��ان ب�ين القبائل‬ ‫والعائالت فى هذه املناطق املرتامية الأط��راف‪ ،‬حيث‬ ‫�إن م�ساحة �سيناء ‪� 63‬ألف مرت مربع يقطن فيه �أقل من‬ ‫مليون �شخ�ص ‪.‬‬ ‫وبعد الثورة املباركة ‪ 25‬يناير ‪ 2011‬نظرت الدولة‬ ‫�إىل �سيناء كم�شروع قومى مل�صر كلها‪ ،‬ومطلوب �أن‬ ‫يوازى امل�شروعات االقت�صادية العمالقة املقرر �إقامتها‬ ‫وااله�ت�م��ام ب��الأب��داع على ه��ذه الأر� ��ض املقد�سة مثل‬ ‫�صناعة ال�سينما وت�صوير الأفالم وامل�سل�سالت وكرثة‬ ‫اال�ستوديوهات ودور العر�ض ‪ ..‬وامل���س��ارح والفنون‬ ‫ال�شعبية وق�صور الثقافة واملنتديات العلمية ‪ ..‬والفنون‬ ‫الت�شكيلية �أنت�شار على الإب���داع وامل��را��س��م وال��ور���ش‬ ‫الفنية املحلية والقومية والدولية واملعار�ض الت�شكيلية‬ ‫واالهتمام بالت�سويق و�إقامة ال�صروح العلمية الفنية‬ ‫وخلق �أجيال جديدة من الفنانني‪ ،‬مع االهتمام برواد‬ ‫الفن من �أبناء �سيناء واالهتمام بتجميل املدن والقرى‬ ‫وكرثة املتاحف وخا�صة �إن �سيناء تتمتع بالطرق احلديثة‬ ‫واالت�صاالت احلديثة والفنادق والقرى ال�سياحية التى‬ ‫تالئم كل الدخول واملوا�صالت مثل الطائرات حيث بها‬ ‫مطارات دولية وموانئ بحرية واملفرو�ض �أن تكون هناك‬ ‫خطة قومية ثقافية ت�شرتك فيها كل �أجهزة الدولة وعلى‬ ‫ر�أ�سها وزارة الثقافة للأبداع على هذه الأر���ض التى‬ ‫عانت كثري ًا وتعوي�ضها الكثري مما فات ولتكون �سيناء‬ ‫قبلة الإبداع الفنى فى عهد الثورة ‪.‬‬

‫‪v‬‬

‫‪52‬‬


‫رئي�س حزب الوفد عام ‪ ، 1937‬وكانت وزارة الزراعة‬ ‫تعترب من �أهم الوزارات‪.‬‬ ‫�أما دوره فى احلركة الفنية فيرتكز فى �أنه كان‬ ‫ميثل احلكومة فى �إدارة وتوجيه الفنون اجلميلة ‪00‬‬ ‫فعندما �أن �� �ش ��أ “ ف� ��ؤاد ع�ب��د امل�ل��ك “ جمعية‬ ‫حميى الفنون اجلميلة عام ‪ 1923‬فى “ دار الفنون‬ ‫وال�صنائع امل�صرية “ ‪ ،‬دعا الأمري يو�سف كمال –‬ ‫وهو الأم�ير ال��ذى �أن�ش�أ على نفقته مدر�سة الفنون‬ ‫اجلميلة امل�صرية ع��ام ‪ – 1908‬لرئا�ستها وتوىل‬ ‫حممد حممود خليل بك من�صب ال�سكرتري العام ‪00‬‬ ‫وفى عام ‪ 1924‬تنحى الأمري يو�سف كمال عن رئا�سة‬ ‫اجلمعية ليتوالها “ حممد حممود خليل بك “ ‪ ،‬وكان‬ ‫لهذه اجلمعية دور رئي�سى فى احلياة الثقافية ي�شبه‬ ‫دور وزارة الثقافة فيما بعد ‪ ،‬وقد ظل خليل بك رئي�س ًا‬ ‫لهذه اجلمعية حتى ‪ 00 1952‬ومن خالل موقعه هذا‬ ‫بد�أ عام ‪ 1925‬فى جمع �أوىل لوحات “ متحف الفن‬ ‫احلديث “ الذى خ�ص�ص له مبنى م�ستقل بعد ذلك‬ ‫‪ ،‬وقد كان رئي�س ًا للجنة اال�ست�شارية للفنون اجلميلة‬ ‫عند �إن�شائها عام ‪ 1927‬وكان ن�شاطها مدعم من‬ ‫ميزانية وزارة املعارف العمومية ‪0‬‬ ‫وف��ى ع��ام ‪ 1928‬ا�ستطاع �أن يقنع امللك ف��ؤاد‬ ‫ب�ضرورة �إيقامة متحف للفن احلديث ‪ ،‬فعهد �إليه‬ ‫امللك بهذه املهمة ‪ ،‬فكان ي�سافر �إىل فرن�سا القتناء‬ ‫اللوحات للمتحف ب�صحبة �سفرينا هناك مع مدير‬ ‫الفنون اجلميلة بوزارة املعارف ‪ 0‬وقد �أقيم املتحف‬ ‫فى ب��ادئ الأم��ر بق�صر تيجران ب�شارع ( �إبراهيم‬ ‫با�شا ) ‪ ،‬ثم انتقل �إىل ق�صر مو�صريى ب�شارع ف�ؤاد‬ ‫عام ‪ 1930‬ثم �إىل ق�صر الب�ستان عام ‪ ، 1935‬ثم‬ ‫ق�صر الكونت زغيب بجوار ق�صر هدى هامن �شعراوى‬ ‫الإ�سالمى الطراز ‪ ،‬حتى هدمت مبانى الق�صرين‬ ‫خالل توىل الدكتور عبد القادر حامت وزارة الثقافة‬ ‫والأعالم فى مطلع ال�ستينيات ‪0‬‬ ‫وي��ذك��ر ملحمد حممود خليل �أن��ه ك��ان امل�سئول‬ ‫الأول عن اجلناح امل�صرى فى معر�ض باري�س الدوىل‬ ‫للفنون الذى �أقيم عام ‪ ، 1937‬وكان يعترب من �أهم‬ ‫الأح��داث الفنية فى العامل ‪ ،‬فلوال “ حممد حممود‬ ‫خليل “ ملا كان مل�صر وجود فى هذا املعر�ض ‪ ،‬فهو‬ ‫الذى رتب م�شاركتنا بعد �أن �أقنع امللك ال�شاب فاروق‬ ‫– الذى مل يكن قد ق�ضى �إال عام واحد على توليه‬ ‫عر�ش م�صر – بالأهمية احل�ضارية لوجود م�صر‬ ‫فى هذا املحفل الفنى الدوىل ‪ 0‬وقد �شارك امللك فى‬ ‫حفالت �إفتاح هذا املعر�ض العاملى ‪0‬‬ ‫وح�ين �آل��ت جمموعة حممد حممود خليل �إىل‬ ‫الدولة عام ‪ 1960‬ا�ستعانت وزارة الثقافة مبو�صريى‬

‫حممد حممود خليل‬

‫مدام اميلى زوجة حممد حممود خليل‬

‫‪v‬‬

‫أبريل ‪2012‬‬

‫‪55‬‬


‫متاحف‬

‫متحف‬ ‫محمود خليل للفن األوربى‬ ‫‪ ..‬بدون كتالوج !!‬ ‫كرثت االحاديث عن (متحف حممد حممود خليل وحرمة باجليزة‬ ‫) خا�صة بعد �سرقة لوحة �أزهار اخل�شخا�ش بعد متزيقها فى رم�ضان‬ ‫الفائت خالل ان�شغال الأمناء واحلرا�س بال�صالة ظهر ًا ‪00‬‬ ‫ورغم تردد ا�سم املتحف فى �أجهزة الإعالم بكرثة �إال �أن �أعداد ًا‬ ‫حمدودة من املثقفني يعرفون حقيقته‬ ‫وهو �أنه متحف “ �إميلني “ زوجة حممود خليل الفرن�سية و�أنها‬ ‫هى التى �أهدته للدولة كى ال حت�صل �ضرتها على �شيء من‬ ‫املرياث‪ ،‬وهى التى طلبت فى و�صيتها �إطالق ا�سم‬ ‫“ متحف حممد حممود خليل وزوجته “‬ ‫على الق�صر وحمتوياته النادرة‪0‬‬ ‫وقالئل هم الذين يعرفون �أن‬ ‫املتحف بدون كتالوج منذ انتقاله‬ ‫�إىل مقرة الأ�صلى باجليزة بعد‬ ‫غربتة ف��ى ال��زم��ال��ك ط��وال‬ ‫ف�ترة حكم �أن��ور ال�سادات‪،‬‬ ‫وال�سنوات الطاردة للثقافة‬ ‫التى ت�شرد وخاللها جنوم‬ ‫الثقافة امل�صرية فى لندن‬ ‫وب��اري ����س ب�ع��د �إح� ��راق دار‬ ‫الأوب� � ��را ‪ 00‬ورغ� ��م وج��ود‬ ‫كتالوج �شامل لأعمال النحت‬ ‫والت�صوير منذ عام ‪� 1994‬إال �أنه‬ ‫مل يطبع حتى اليوم وقد �شاركت‬ ‫فى و�ضعه مع اخلبري الفنى الدكتور‬ ‫مينا �صاروفيم ومل ي�صدر لأ��س�ب��اب ال‬ ‫نعلمها‪ ،‬بينما �صدرت مطبوعات عديدة عن‬ ‫املركز القومى للفنون‪ ،‬ثم عن قطاع الفنون اجلميلة ‪،‬‬ ‫فاخرة الطباعة ومل يكن من بينها كتالوج هذا املتحف العاملى الذى‬ ‫تفخر به م�صر‪.‬‬ ‫ميثل هذا املتحف ثانى متحف للفن الأوربى احلديث فى ال�شرق‬ ‫العربى وفى م�صر بعد “ متحف اجلزيرة للفنون الأوروبية – وهو‬ ‫قيد التجديد – كالهما ي�ضم �أكرب و�أثمن جمموعات الفن الغربى‬ ‫خالل القرنني الثامن ع�شر والتا�سع ع�شر ‪ 00‬ويتميز متحفنا هذا ب�أنه‬

‫‪v‬‬

‫‪54‬‬

‫�صبحى ال�شاروين‬

‫ي�ضم جمموعة متوافقة مع مزاج �أ�صحابها الأ�صليني بينما “متحف‬ ‫اجلزيرة “ جتتمع فيه عدة جمموعات متنوعة الذوق ‪0‬‬ ‫ميثل هذا املتحف اليوم املدر�سة �أو امل�ؤ�س�سة الثقافية املفتوحة‬ ‫للجمهور وع�شاق الفن الأوربى ودار�سيه ‪ ،‬ملا يحتويه من روائع الأعمال‬ ‫الفنية لأ�ساتذة الفن العامليني ‪0‬‬ ‫حممد حممود خليل وحرمه‪:‬‬ ‫كان املليونري حممد حممود خليل ( بك ) من ال�شخ�صيات‬ ‫العامة ذات الأث��ر العميق فى حركة الفنون اجلميلة‬ ‫امل���ص��ري��ة ط ��وال ال��رب��ع ال �ث��ان��ى م��ن ال�ق��رن‬ ‫الع�شرين ‪ .‬ول��د ف��ى �أ� �س��رة عريقة عام‬ ‫‪ ، 1877‬و��س��اف��ر ل��درا� �س��ة ال��زراع��ة‬ ‫بفرن�سا عام ‪ 1901‬لريعى �أمالك‬ ‫�أ�سرته بعد عودته طبق ًا لتقاليد‬ ‫العائالت التى متتلك �أرا�ضى‬ ‫زراع �ي��ة وا��س�ع��ة ‪ 00‬وه�ن��اك‬ ‫حتول �إىل درا�سة القانون فى‬ ‫جامعة “ ال�سوربون “ ‪0‬‬ ‫ف��ى ع ��ام ‪ 1903‬التقى‬ ‫راق �� �ص��ة ال �ب��ال �ي��ة وامل�م�ث�ل��ة‬ ‫امل �غ �م��ورة ال �ت��ى ك��ان��ت ت��در���س‬ ‫املو�سيقى مبعهد الكون�سرفتوار‬ ‫بباري�س ‪ .‬وق��د ا�شتهرت با�سم “‬ ‫زورو “ بينما ا�سمها احلقيقى هو‬ ‫الآن���س��ة “ اميلني هيكتور لو�س” وقد‬ ‫تزوجها فى القاهرة فى نف�س العام ‪ .‬وكانت‬ ‫تالزمه فى جميع رحالته الأوربية ‪ 00‬خا�صة �أنها‬ ‫هى التى �أثارت اهتمامه الكبري بالفنون عامة وفن الر�سم‬ ‫ب�صفة خا�صة وكثري ًا ما يذكر ا�سمها كم�شرتيه لبع�ض مقتنيات هذه‬ ‫املجموعة التى ي�ضمها املتحف ‪0‬‬ ‫عمل بعد عودته وكي ًال ملجل�س ال�شيوخ ( وهو �أحد جمل�س الربملان‬ ‫امل�صرى قبل عام ‪00 ) 1952‬‬ ‫وقد توىل من�صب رئي�س جمل�س ال�شيوخ من عام ‪ 1930‬حتى ‪1942‬‬ ‫‪ ،‬كما �شغل من�صب وزير الزراعة فى وزارة م�صطفى النحا�س با�شا‬


‫ايمن حامد‬

‫جـــولة المعــــارض‬ ‫‪v‬‬

‫أبريل ‪2012‬‬

‫‪57‬‬


‫�ضمن اللجنة التى قامت بجرد حمتويات الق�صر‬ ‫وتو�صيفها باعتبار �أنه كان �شارك فى �شهرتها ‪ ،‬وكان‬ ‫ي�ستعد فى ذل��ك الوقت لل�سفر �إىل اخل��ارج ب�شكل‬ ‫دائم كما �أت�ضح فيما بعد ‪ ،‬وقد �أ�شرتط عليه‬ ‫د ‪ 0‬ثروت عكا�شة – وزير الثقافة وقتها ‪� 00‬أن‬ ‫ي�شارك فى عملية اجل��رد وي�ضع �أول دليل للوحات‬ ‫املتحف ومتاثيله قبل مغادرته البالد ‪0‬‬ ‫تاريخ الق�صــر‬ ‫مبنى املتحف �أقامه فى بداية القرن الع�شرين‬ ‫�أحد �أفراد عائلة �سوار�س التى كان لها ن�شاط كبري‬ ‫ف��ى جم��ال البنوك والأع �م��ال مثل امل��وا��ص�لات بني‬ ‫احياء القاهرة وغريها ‪0‬‬ ‫�أما الطراز الذى �ساد املبنى فهو‬ ‫ط��راز “ �أر ن��وق��و “ وه��و ط��راز ظهر‬ ‫ف��ى فرن�سا خ�لال ال��رب��ع الأخ�ي�ر من‬ ‫القرن التا�سع ع�شر ثم عم كل �أورب��ا‬ ‫‪ ،‬ويتمثل ه��ذا ال �ط��راز ف��ى الواجهة‬ ‫ال�شرقية املطلة على النيل ذات الهيكل‬ ‫املعدنى والزجاجى ال��ذى يعلو مدخل‬ ‫الق�صر ‪ 00‬هذا بالإ�ضافة �إىل النافذة‬ ‫ال�ضخمة م��ن ال��زج��اج امل�ل��ون امل�ؤلف‬ ‫بالر�صا�ص وهذه النافذة تعدو ال�سلم‬ ‫الداخلى للق�صر ‪ 0‬مل ي��رزق �صاحب‬ ‫الق�صر ب�أطفال لهذا انتقلت ملكية‬ ‫الق�صر ح�سب و�صية “ روفائيل مناحم‬ ‫�سوار�س “ �إىل ابنة زوجته‬ ‫من زواج �سابق ‪ ،‬وذلك بعد وفاته‬ ‫عام ‪ ، 1909‬ثم بيع الق�صر �إىل �أحد‬ ‫�أفراد العائلة امللكية عام ‪� ، 1925‬إىل‬ ‫�أن �أ�شرتاه فى الأربعينيات “ �سعادة‬ ‫حممد حممود خليل بك “ ليهبه بعد‬ ‫وفاته �إىل زوجته الفرن�سية “ �إميلني‬ ‫لو�س “ التى �أو�صت بتحويله �إىل متحف‬ ‫تديره الدولة ‪0‬‬ ‫وق��د وه��ب الق�صر بكل حمتوياته‬ ‫من اثاث وحتف مع جزء من الأر�ض املحيطة به �إىل‬ ‫زوجته الفرن�سية �إميلني بعقد ر�سمى م�سجل فى ‪19‬‬ ‫مايو عام ‪� ، 1947‬أى قبل وفاته ب�ست �سنوات ‪0‬‬ ‫وقد كان هذا الت�صرف فى ملكية الق�صر الكائن‬ ‫برقم ‪� 1‬شارع كافور باجليزة والبالغ م�ساحته حواىل‬ ‫‪� 8‬آالف مرت مربع هو الت�صرف الرابع فى ملكية‬ ‫الق�صر ‪0‬‬ ‫مقتنيات املتحف‬ ‫‪v‬‬

‫‪56‬‬

‫تعترب جمموعة “ حممد حممود خليل وحرمه “‬ ‫واحدة من �أكرب املجموعات الفنية فى ال�شرق ‪ ،‬مبا‬ ‫ت�ضمه من �أعمال رائعة ولوحات تنت�سب لأى فنانني‬ ‫عظماء ق��ادوا حركة الفنون اجلميلة فى �أورب��ا –‬ ‫خ�صو�ص ًا فى فرن�سا – خالل الن�صف الثانى من‬ ‫القرن التا�سع ع�شر ‪0‬‬ ‫ت�ل��ك ال �ف�ترة ال �ت��ى ��ش�ه��دت ع�ل��ى اي ��دى ه���ؤالء‬ ‫امل�شاهري ميالد اجتاهات ومدار�س فنية كانت تعترب‬ ‫فى ذلك احلني ث��ورة على التقاليد الفنية العاملية‬ ‫ال�سائدة ‪0‬‬ ‫كذلك مهدت تلك االجتاهات اجلديدة الطريق‬

‫لفنون القرن الع�شرين ومدار�سه املتعددة ‪ 00‬و�إذا‬ ‫كانت الغالبية العظمى من لوحات املتحف تنتمى �إىل‬ ‫فنانني ت�أثريني ‪ 0‬من الرواد ‪ ،‬ف�أن باملتحف مناذج‬ ‫من ابدع فنانى “ الباربيزون “ الذين مهدوا مليالد‬ ‫الت�أثرية عندما خ��رج��وا م��ن مرا�سمهم لري�سموا‬ ‫فى الهواء الطلق ‪ 000‬ولكى تكون جمموعة لوحات‬ ‫الت�صوير باملتحف معربة عن تلك الفرتة الهامة‬ ‫باجتاهاتها املختلفة جند لوحات لفنانني ينتمون‬

‫مل��دار���س فنية �أخ ��رى تعترب “ م��ا بعد الت�أثرية “‬ ‫ونالت �شهرة وا�سعة فى وقتها مثل �أعمال للفنان “‬ ‫�إدجارديجا “ و�أخرى للفنان “ تولوز لوتريك “ حتمل‬ ‫�سمات بداية املر�سة التعبريية ‪ 00‬بالإ�ضافة �إىل‬ ‫رومان�سية “ديالكروا “ �إىل جانب واقعية “ ميليه‬ ‫“ وكال�سيكية “ فينت هالرت “ ‪� 00‬أما امل�ست�شرقون‬ ‫�أمثال “ فورمنتان “ و “بري�شري” و “ماريالت”‬ ‫و” جربييل بي�سي” فلهم لوحات تعرب عن ع�شقهم‬ ‫مل�صر وانبهارهم بال�شرق ‪0‬‬ ‫وت�ضم جمموعة املتحف عدد ًا كبري ًا من الغازات‬ ‫و�أعمال اخلزف وال�صينى والبور�سلني ذات �أحجام‬ ‫خمتلفة ف ��إىل جانب املنتجات ال�صينية‬ ‫واليابانية والرتكية ي�ضم املتحف ع��دد ًا‬ ‫من الفازات الفرن�سية ال�شهرية املنتجة فى‬ ‫�سيفر ‪0‬‬ ‫ل��وح��ات خ��رج��ت و�أخ����رى �أ�ضيفت‬ ‫للمجموعة‪:‬‬ ‫ف��ى �أب��ري��ل ع��ام ‪� 1952‬أه ��دى حممد‬ ‫حم�م��ود خليل جمموعة ل��وح��ات لفنانني‬ ‫م�ست�شرقني �إىل متحف الفنون اجلميلة‬ ‫بالإ�سكندرية ( كان يعرف با�سم متحف‬ ‫ف��اروق الأول للفنون اجلميلة وتتكون تلك‬ ‫املجموعة من ‪ 24‬لوحة زيتية مع ‪ 12‬ر�سم ًا ‪0‬‬ ‫ك��ذل��ك �أه� ��دى حم�م��د حم �م��ود خليل‬ ‫ع��دد ‪ 16‬لوحة لفنانني م�ست�شرقني �إىل‬ ‫نادى حممد على بالقاهرة وما زالت تلك‬ ‫اللوحات معرو�ضة به حتى الآن ‪0‬‬ ‫وفى يوليو ‪ 1964‬قامت وزارة الثقافة‬ ‫باقتناء ‪ 12‬لوحة مببلغ ‪ 500‬جنية من ورثة‬ ‫ال�سيدة “ �إميلني فيكتور لو�س “ كذلك‬ ‫ا�ستقبل املتحف على �سبيل الإه��داء لوحة‬ ‫“ املدينة “ للفنان حممود �سعيد (التجربة‬ ‫امل�صفرة ) ‪ ،‬وكذلك �صورة ال�سيدة �إملني‬ ‫فيكتور لو�س التى ر�سمها الفنان مو�ستاكى‬ ‫فى �إطار �صفقة �شراء االثنى ع�شر لوحة من‬ ‫ورثة حممد حممود خليل وزوجته ‪ 0‬وفى عام ‪1979‬‬ ‫�أهدى الرئي�س الراحل �أنور ال�سادات لوحة ت�صور”‬ ‫�صيد اجلامو�س الوح�شى “ للفنان “ روبنز “ �إىل‬ ‫املتحف ‪ 00‬و�أعلن �أن الإهداء لتعوي�ض املتحف عن‬ ‫لوحة “ رمت و�أزهار اخل�شخا�ش “ للفنان ف�أن جوخ‬ ‫التى �سرقت من املتحف ليله ‪ 5‬يونيو عام ‪ 1978‬ومل‬ ‫تكن قد �أعيدت حتى هذا التاريخ ‪0‬‬


‫حروفيات الكاليجراف العربى فى‬ ‫تشكيالت ال نهائية‪ ،‬و كأنها تحتضن‬ ‫الكون بأكمله ‪,‬فى تخريجات جديدة‬ ‫تتفاعل مع عناصر الحياة و تتحول‬ ‫إلى مفردات وعناصر الحياة اليومية‬ ‫و مايستخدمه اإلن��س��ان ك��أدوات‬ ‫حياتية‪ ،‬فتظهر فى شكل كالقارب‬ ‫و البحار و المسطحات الخضراء و‬ ‫قد تضيف هذه االبتكارات لجماليات‬ ‫الخط العربى‪ ،‬لتتحول رلى التجريد‬ ‫المطلق لتسمو فوق سطح العالم‬ ‫ال��م��ادى إل��ى المطلق الالنهائى‬ ‫وهنا يزداد رحابة آفاق الخط العربى‬ ‫لتدخل إلى عالم سرمدى أزلى فريد‬ ‫كما تندمج حضارة الخط العربى مع‬ ‫ثقافات ال��دول األخ��رى كحروفيات‬ ‫و أرق���ام اللغة االنجليزية كنوع‬ ‫من التالحم و التواصل و التالقى‬ ‫و ال��ت��ف��اع��ل ب��ي��ن ال��ل��غ��ة العربية‬ ‫الساحرة مع لغات العالم األخ��رى ‪.‬‬ ‫واص��ل ه��ذا الفنان القدير مختزال‬ ‫س��ي��رة ح��ي��ات��ه ال��ف��ن��ي��ة الطويلة‬ ‫ف��ى ه��ذا ال��م��ع��رض‪ ،‬محافظا على‬ ‫ه��وي��ت��ه و ت��راث��ه ال��ف��ن��ى‪ ،‬هاضما‬ ‫الموروث العربى اإلسالمى جيدا ‪.‬‬ ‫منطلقا إلى آفاق تشكيلية معانقا‬ ‫للخط العربى و دالالته التشكيلية‬ ‫وال��روح��ان��ي��ة ال��ت��ى ت��م��س شغاف‬ ‫القلوب ‪.‬‬

‫‪v‬‬

‫أبريل ‪2012‬‬

‫‪59‬‬


‫الفنان أ‪.‬د‪.‬محمد طه حسين‬

‫يقدم بحثًا فى جماليات الخط العربى‬

‫‪v‬‬

‫‪58‬‬


‫‪v‬‬

‫أبريل ‪2012‬‬

‫‪61‬‬


‫باريس فرغلى‬

‫‪v‬‬

‫صاحب تكنيك خاص ‪،‬وقدرة على تسجيل الحركة والمشاعر الوجدانية‪ ،‬أسلوب يجمع بين التجريد‬ ‫والتشخيص معًا فى مزيج عجيب‪ ،‬يعشق خامة ‪ Oil Bar‬أو قلم (لوح) األلوان الزيتية‪ ،‬وهذه الخامة‬ ‫لألسف غير متوفرة باألسواق المصرية‪ ،‬برع الفنان فى استخدام هذه الخامة وأصبحت« عمود فقرى»‬ ‫فى غالبية لوحاته‪ ،‬ال تستقيم اللوحة بدونه‪ ،‬تتيح هذه الخامة للفنان المرونة والسرعة إلنهاء اللوحة‬ ‫أو االسكتش‪ ..‬هنا فى هذا المعرض سجل انطباعاته وخلجاته عن مظاهر الحياة اليومية فى المجتمع‬ ‫الباريسى‪ ..‬تسكع العشاق والمحبين فى أرجاء المدينة الساحرة ذات الطراز المعمارى العتيق والبديع‪،‬‬ ‫يمتلك الفنان قدرة هائلة على توظيف األلوان لدالالت درامية وجمالية‪ ،‬وتسجيل حالة إنسانية مفعمة‬ ‫بسيل من المشاعر الوجدانية‪ ،‬وبحرفية الصنايعى« األسطى» الماهر استطاع تضفير المساحات‬ ‫اللونية مع خطوط ‪ Oil Bar‬فى تكوينات فريدة‪.‬‬ ‫كما يمتلك قدرة هائلة لقوانين الهدم والبناء وتكسير قواعد المنظور والنسب من خالل المبالغة‬ ‫فى تصغير وتكبير الشخوص فى ذات اللوحة!‬ ‫‪60‬‬


‫محسن عطيه‬ ‫أعمال فنية بطعم الربيع‬ ‫فى قاعة اكسترا بالزمالك أقام‬ ‫الفنان والناقد التشكيلى د‪ .‬محسن‬ ‫عطية معرضًا يضم أخ��ر إبداعاته‬ ‫التشكيلية‪ ،‬وحينما نشاهد أعماله‬ ‫نشعر بطاقة كامنة هائلة توشك‬ ‫على االنفجار أو انفجرت بالفعل‪،‬كما‬ ‫تتميز أعماله بشحذ وتكثيف لونى‬ ‫من خالله نتأمل كائنات وشخوص‬ ‫إنسانية ضمن المشهد الكلي‪،‬وقد‬ ‫استطاع الفنان توظيف خامات‬ ‫ع��دي��دة‪ ،‬ميكس م��ي��دي��ا‪ ،‬وأش��ي��اء‬ ‫ب��ارزة من مخلفات وبقايا صناعية‬ ‫أو ذات أص���ول بيولوجية‪ ،‬تعتبر‬ ‫«األلوان» وتفاعالتها البصرية لدى‬ ‫الملتقى هو العنصر «البطل» فى‬ ‫لوحات الفنان‪ ،‬فاأللوان هنا تجسد‬ ‫معانى ودالالت الطاقة الكامنة‬ ‫التى تتفجر من اللوحات‪ ،‬بمعنى لو‬ ‫طبعت لوحاته فى جريدة باألبيض‬ ‫واألسود ‪ -‬غير ملونة‪ -‬فلن نستطيع‬ ‫استشعار تلك الطاقات‪ ،‬الجدير‬ ‫بالذكر أن الفنان ناقد تشكيلى له‬ ‫العديد من الكتب فى قضايا النقد‬ ‫التشكيلى واشكالياته وتجالياته‪.‬‬

‫‪v‬‬

‫أبريل ‪2012‬‬

‫‪63‬‬


v

62


‫‪v‬‬

‫أبريل ‪2012‬‬

‫‪65‬‬


‫مصطفى عبد الوهاب‬ ‫بأتيليه القاهرة‬

‫‪v‬‬

‫حركه ديناميكية هائلة‪ ،‬طاقة كامنة تنطلق بقوة من أرجاء لوحته شفافية وصفاء لونى فريد ‪ ..‬نهايات‬ ‫تكويناته مفتوحة حره تنطلق بنا إلى آفاق رحبة‪ ،‬وكأنها تحتضن الكون بأسره‪ ،‬وتعود بنا إلى الطبيعة األم‬ ‫بآفاقها الشديدة االتساع والثراء‪ ،‬تدفعنا إلى التأمل والتدبر والتفكير فى هذا الكون البديع ‪ ...‬فسبحانه‬ ‫الخالق الذى أبدع كل الكائنات فى جمال ال نهائى من فضاء وكواكب وفضاءات فسيحة‪ ،‬ويعود بنا الفنان‬ ‫مصطفى عبد الوهاب إلى أدق الكائنات الصغيرة الصخور وقطرات الماء‪ ،‬ويتغلغل بنظرته الثاقبة إلى أدق‬ ‫مكوناتها بالتحليل والتجريد وإعادة الصياغة !‬ ‫يمتلك الفنان بالته ألوان يصعب وصفها ‪،‬فهى تجمع النقيضين الوقار والبهجة‪ ،‬المرح واالنقباض‪ ،‬الفرح‬ ‫والمرح مع الحزن والصمت!‪.‬‬ ‫‪64‬‬


‫مريم عبد الوهاب‬ ‫بأتيليه القاهرة‬ ‫فنانة تشق طريقها تحاول‬ ‫االب��ت��ع��اد ع��ن ع��ب��اءة أبيها‪ ،‬لقد‬ ‫ن��ش��أت وت��رع��رع��ت ف��ى كنف هذا‬ ‫الفنان القدير العاشق للكون‬ ‫والطبيعة الرحبة‪ ،‬قدمت مريم‬ ‫بتجربتها التشكيلية داخل نفس‬ ‫الفلك أال وهو النهل من المشهد‬ ‫العام للكون‪ ،‬تصارع األم��واج فى‬ ‫البحار والصخور وبقايا النشاط‬ ‫السكانى وال��ح��ض��ارات الغابرة‪،‬‬ ‫قدمت تلك التجربة من منظورها‬ ‫ال��خ��اص وتقنيتها ال��م��غ��اي��رة‪،‬‬ ‫وتمتلك أيضًا رؤية تجريدية خاصة‪،‬‬ ‫بها وتكوينات مفتوحة األطراف‬ ‫‪ endless‬مفعمة بعناصر مفردات‬ ‫الطبيعة‪ ،‬كأفرع األشجار الجافة‬ ‫والصخور والجبال ‪ ...‬أعمالها تقترب‬ ‫من محاولة أنسنة الجماد‪ ،‬فنشعر‬ ‫وكأن الجبال تتصارع وتتفاعل فيما‬ ‫بينها‪ .‬أو أم��واج البحر الهائجة‬ ‫تتصارع مع الصخور وبقية عناصر‬ ‫الطبيعة فى لحظات تموج بالحركة‬ ‫الديناميكية‪ ،‬لم تحاول الفنانة‬ ‫تناول الطبيعة فى لحظات هدوء‬ ‫أو سكون‪ ،‬ربما لتعكس «صراعات‬ ‫اإلنسان ولكن بأسلوب تجريدى‬ ‫فيظهر أمامنا عناصر الطبيعة‬ ‫تتفاعل وتحتك ببعضها البعض‪.‬‬ ‫ل��وح��ات م��ري��م ت��دع��و إل���ى شحذ‬ ‫وشحن ذهن المتلقى إلى أقصى‬ ‫درجة‪.‬‬ ‫‪v‬‬

‫أبريل ‪2012‬‬

‫‪67‬‬


v

66


‫‪v‬‬

‫أبريل ‪2012‬‬

‫‪69‬‬


‫جاذبية سري‬ ‫أقامت الفنانة جاذبية سرى معرضها الجديد بقاعة الزمالك‪ ،‬وضم المعرض ‪ 13‬لوحة فنية جديدة « زيت‬ ‫على توال « وهو المعرض الشخصى الحادى والسبعين فى مسيرة جاذبية سرى الفنية ‪.‬‬ ‫المعرض جاء فى ظل مصر الثورة‪ ،‬والتى ظلت تراود مخيلة الفنانة جاذبية سرى طيلة تجاربها الفنية‬ ‫السابقة والحالية ‪ ،‬وأيضا من خالل تفاعلها الواعى مع الظروف االجتماعية والسياسية والثقافية والتى‬ ‫مر بها الوطن ‪ ،‬وقدرتها المتميزة على مالمسة تلك الظروف واستيعابها لتقدم من خاللها إبداعا فنيا‬ ‫يليق بقيمة هذا الوطن ‪ ،‬ومعظم لوحات المعرض الجديد تعبر عن قيمة الوطن وتتماشى مع المتغيرات التى‬ ‫تحدث فيه اآلن ‪.‬‬ ‫معرض جاذبية سرى هذا العام يؤكد قدرتها على االختزال بطريقة تدل على النضج الفنى حيث تختزل‬ ‫األشكال والوجوه وتنأى عن التفاصيل فى لوحات المعرض‪ ،‬فضال عن االستخدام المبهر لأللوان‪.‬‬ ‫جدير بالذكر أن جاذبية سرى تعمل بالفن التشكيلى منذ الخمسينات‪ ،‬وتعد واحدة من أبرز فنانات الجيل‬ ‫الثانى فى تاريخ الفن التشكيلى المصرى المعاصر ‪ ،‬وشاركت فى العديد من المعارض داخل مصر وخارجها‬ ‫وحصلت على العديد من الجوائز المحلية والعالمية‪ ،‬ومقتنياتها لدى الكثير من الجهات بالداخل والخارج‪.‬‬ ‫‪v‬‬

‫‪68‬‬


‫‪v‬‬

‫أبريل ‪2012‬‬

‫‪71‬‬


‫تجليات سمراء الجنوب‬

‫ميرفت شاذلي‬

‫‪v‬‬

‫دفء البيئة ‪ ...‬نقاء الجو‪ ...‬الشمس الساطعة ‪ ...‬رحابة األفق ‪...‬بساطة الحياة وقناعتها ‪ ،‬إنها النوبة أقصى‬ ‫جنوب مصر ‪ ،‬معنا فنانة شابة تألقت وسط ‪ :‬بيئة احتضنتها بحنو ودعة وهدهدتها برقة فأضفت على‬ ‫شخصيتها ووجدانها قدرا بديعا من المخزون الجمالى والموروث الثر ‪.‬‬ ‫الخالصة أن “ البطل “ هنا هو بيئة أسوان ‪ ،‬ميرفت تخرجت فى كلية الفنون الجميلة القاهرة تصوير ‪1992‬‬ ‫حصلت على ماجستير موضوعه “أثر البيئة النوبية على أعمال الفنانين المصريين المعاصرين “ ‪ ،‬والدكتوراه‬ ‫و موضوعها “ التصوير المصرى المعاصر بين التراث والتحديث من ‪ ، ”2000 – 1970‬تريد الفنانة أن تقدم للجمهور‬ ‫رسالة من خالل معرضها ‪،‬وهى الوصول إلى فن مصرى معاصر صاحب القيم الحضارية التراثية غاية فى القيمة‬ ‫والرقى ( مصرى قديم ‪ -‬قبطى – إسالمى ‪ -‬شعبى ) الشخصية‪ ،‬واستخدمت خامتى الزيت و الباستيل “‬ ‫َ‬ ‫وخصوصا مشاكل المرحلة األخيرة ‪ ،‬أكثر ما يلفت االنتباه فى‬ ‫اهتمت بإبراز المشاعر المتعلقة بالمرأة‪،‬‬ ‫معرضها نظرة العين الثاقبة فى جميع شخوصها ‪ ...‬فالعين مرآه النفس ‪ ...‬نظرة العين ترسمها بشكل أكاديمى‬ ‫( كالسيكى ) لتفصح عن المكنون بشكل صريح ‪ ،‬كما تتناول المفردات فى الحياة النوبية و تلخيص لرموز معانى‬ ‫الخوف أو األلم مثل الثعبان أو حيوانات متوحشة كالنمر أو األسد‪.‬‬ ‫‪70‬‬


‫�أ�ساطري وحكايات‬

‫حممد عرابى‬

‫من الطني والنار‬ ‫اميمة ال�شافعى‬

‫‪v‬‬

‫أبريل ‪2012‬‬

‫‪73‬‬


‫أساطير وحكايات من األقصر‬ ‫محمد عرابى ‪ -‬اميمه الشافعى‬ ‫على أوتار نغم عمنا « عبد الهادى الجزار» رائد ومؤسس المدرسة التعبيرية المصرية‪ ،‬قدم الفنان‬ ‫د‪ .‬محمد عرابى عميد كلية الفنون الجميلة باألقصر معرضه‪ ،‬بقاعة خان المغربى ‪ ،‬استخدم « عرابى‬ ‫» مفردات وحكاوى وأساطير الحياة الشعبية‪ ،‬وهى خامة شديدة السخاء واالتساع تجليات عديدة‪،‬‬ ‫وموضوع أثيرى يعشقه الجميع من كافة طبقات المجتمع‪ ،‬ويلهب خيال عشاق الفنون بالعالم أجمع وال‬ ‫سيما كل ُمغرد بخصوصية المجتمع المصرى ‪ ،‬استخدم عرابى مفردات العمارة الشعبية وشكل المسجد ‪،‬‬ ‫السحلية‪،‬الحصان مجنح برأس امرأة ‪ .‬إنه يقدم طابع شعبى أسطورى خرافى مشحون برموز عديدة أشبه‬ ‫بحدوتة شعبية طويلة‪ ،‬أو عمل ملحمى يحكى سير األجداد وبطوالتهم‪ ،‬نساء تتشح بأغطية رأس بيضاء‪،‬‬ ‫سخاء لونى وثراء بالته الوانه تضفى دالالت درامية على مشهد اللوحة‪.‬‬

‫‪v‬‬

‫‪72‬‬


‫‪v‬‬

‫أبريل ‪2012‬‬

‫‪75‬‬


‫زينب منهى – جالل المسري‬ ‫قدمت الزميلة الفنانة « زينب منهى » فى معرضها بقاعة المكتبة الموسيقية باألوبرا لوحة استخدمت خامة‬ ‫الزيت ورسمت موضوعها األثيري‪ ،‬وهو الزهور والمسطحات الخضراء‪ ،‬سواء باقة زهور أو المنظر الطبيعى بأسلوب‬ ‫شديد الرومانسية فى طابع «تأثيري» ‪ ،‬ونحن فى زمن فى أمس االحتياج لقدر من الهدوء النفسى والعودة للطبيعة‬ ‫األم العذراء‪ ،‬وهذا ما حاولت تحقيقه بعزوبة !‬ ‫وبالقاعة العلوية قدم الفنان « جالل المسري» – تصوير ضوئى – معرضه‪ ،‬واستعرضت عدساته مشاهد من الحياة‬ ‫اليومية والنشاط السكانى‪ ،‬مركزا على أدق خلجات ومشاعر النفس البشرية‪ ،‬وحول الكائنات الصامتة إلى حالة‬ ‫أنسنة‪ ،‬واستطاعت كاميراته وبأسلوب كالسيكى ابتعد عن الجرافيك كمبيوتر‪ ،‬والصور المركبة المصطنعة الوصول‬ ‫إلى مشاعر نفسية إنسانية بديعة‪ ،‬تجلت فى لوحة فتاة منقبة تومئ برأسها ألسفل‪ ،‬ولها نظرة عين تحمل جيش‬ ‫المشاعر واألحاسيس‪ ،‬وأعتقد أن هذه اللوحة للفتاة المنتقبة تستحق جائزة كبرى ‪.‬‬ ‫وعلى هامش المعرض أقام الفنان د ‪ .‬السيد القماش ندوة فى مساء الخميس ‪ 15‬مارس ‪ 2012‬بعنوان “ الريشة‬ ‫والكاميرا عالقة مباشرة “ تناولت الندوة قراءة نقدية تحليلية ألعمال زينب منهى‪ ،‬وجالل مسرى‪ ،‬وشرح بأسلوب‬ ‫علمى شيق التعريف بأقدم كاميرا إالهية وريشة إنسانية فى التاريخ ‪ ،‬أال وهى العين البشرية واألصابع واليد البشرية‬ ‫‪ ،‬واستعرض “ القماش “ تاريخ الريشة ( الفراشاة ) منذ عصور ما قبل التدوين‪ ،‬وحتى القرن العشرين ‪ ،‬كما تناول ارتباط‬ ‫الريشة والكاميرا بعالقة الضوء وتحليله‪.‬‬

‫‪v‬‬

‫‪74‬‬


‫�شروق عيد‬ ‫‪v‬‬

‫أبريل ‪2012‬‬

‫‪77‬‬


‫أحداثث فنية‬

‫صالون الجيزة األول‬ ‫للفن التشكيلى بقصر ثقافة الجيزة‬

‫ظهرت بعد ثورة ‪ 25‬يناير روح فنية جديدة‪ ،‬وطاقة‬ ‫تعبريية هائلة انعك�ست على طروحات الت�شكيليني �سواء‬ ‫مب�صر �أو خارجها ور�صدت» اخليال» بال�صورة والكلمة‬ ‫مبعر�ض م��ن تلك الأ���ص��داء ل��دى الفنانني الأج��ان��ب‬ ‫مبختلف دول العامل ‪ ،‬و�أي�ضا ظهر فكر ت�شكيلى جديد‬ ‫يلفظ ال�شللية واملجاالت لأ�شخا�ص بعينهم‪ ،‬بينما يظل‬ ‫ال�سواد الأعظم من الت�شكيلني يعاين من تكتم الإعالن‬ ‫عن املعار�ض اجلماعية التى تنظمها امل�ؤ�س�سة الثقافية‬ ‫امل�صرية املتمثلة فى قطاعات وزارة الثقافة املعنية ‪،‬‬ ‫حتى �أ�صبح اجلو العام خانقا ‪� ،‬أما بعد ثورة ‪ 25‬فظهر‬ ‫فكر جديد ‪ ،‬جند �إحدى �صوره فى �صالون اجليزة الأول‬ ‫‪ ،‬حيث مت الإعالن بو�ضوح لكل من يرغب فى امل�شاركة‬ ‫ومل يتم �إق�صاء �أو قمع �أحدا ‪ ،‬وهنا �شاركت الأجيال‬ ‫كلها كبارا و�صغارا من الفنانني املحرتفني امل�شهورين‬

‫‪v‬‬

‫‪76‬‬

‫والتلقائيني والفطريني ‪ ،‬وي�شكل ال�صالون مائدة �ضخمة‬ ‫ت�ضم �صندوق الإبداع الت�شكيلى ‪.‬‬ ‫نبعت فكرة �صالون اجليزة من الفنان الدكتور “‬ ‫عماد الهوارى “ ‪،‬وت�أتى مبنا�سبة عيد اجليزة القومى‬ ‫الذى يقام فى ‪ 13‬مار�س من كل عام ‪ ،‬عر�ض الهوارى‬ ‫فكرته على الأ�ستاذ عبده الزراع‪ ،‬والأ�ستاذ �أحمد ر�شاد‬ ‫مدير ق�صر ثقافة اجليزة‪ ،‬وحتم�سا للفكرة ‪ ،‬وتكفل‬ ‫الفنانون امل�شاركون بتكاليف �إقامه املعر�ض من دروع‬ ‫و�شهادات التقدير ‪ ،‬وفتحت هيئة ق�صور الثقافة القاعة‬ ‫جمانا لإقامة ال�صالون ‪.‬‬ ‫مت ا�ست�ضافة �ضيوف ال�شرف الفنان د ‪� .‬أحمد عبد‬ ‫العزيز فى جمال النحت ‪ ،‬والفنان د ‪ .‬ال�سيد القما�ش‬ ‫‪ ،‬والفنانه د ‪� .‬سلوى ر���ش��دى‪ ،‬والفنان الناقد وحيد‬ ‫البلقا�سى‪ ،‬ومن ال�شباب �أحمد بيومى والفنان ال�شاب‬


‫نهال �سيد‬

‫اليمن وتون�س‪ ،‬وكانت هناك جن�سيات‬ ‫عربية �أخ��رى ترغب فى اال�شرتاك‬ ‫ومل ي�ستطيعوا لت�أخرهم فى تقدمي‬ ‫�أعمالهم !‬ ‫متيز عمل الفنان “ عبد الوهاب‬ ‫عراقى “ بتنوع اخلامات ميك�س كيديا‬ ‫‪ ،‬و“ نيفني حامد “ ر�سم ‪ ،‬ومم��دوح‬ ‫القطورى ت�صوير ‪،‬وع�بر عن البيئة‬ ‫الريفية ب���أ���س��ل��وب ب��دي��ع ‪ ،‬والفنان‬ ‫الإ�سماعيالوى حممد النادى با�ستيل‬ ‫‪ ،‬و�إمي��ان �سالم وهى من الإ�سماعيلية‬ ‫�أي�ضا ر�سم ب�أحبار الرابيدو ‪ ،‬والفنان‬ ‫حممد �سليمان ت�صوير معربا عن ثورة‬ ‫‪ 25‬يناير ‪ ،‬ق��دم الفنان �أمي��ن حامد‬ ‫ل��وح��ة م��ن م��ع��ر���ض��ه الأخ��ي�ر “ على‬ ‫اجلانب اليونانى من فكرى “ تعرب عن‬ ‫ت��ع��دد الأق��ن��ع��ة واحل���االت املزاجية‬ ‫للإن�سان الواحد ! اجلدير بالذكر هو‬ ‫م�شاركة كل فنان بعمل واح��د نظرا‬ ‫ل��ع��دد الفنانني الغفري امل�����ش��ارك فى‬ ‫ال�صالون‪.‬‬

‫رانيا الكومي‬ ‫‪v‬‬

‫أبريل ‪2012‬‬

‫‪79‬‬


‫حممد �شافعي‬

‫امين حامد‬ ‫‪v‬‬

‫‪78‬‬

‫اليمنى “ حميد االكوع “ ‪ ،‬والقوم�سيري العام الفنان عماد‬ ‫الهوارى ‪ ،‬ومن�سق ال�صالون الفنانة فدوى عطية ‪� ،‬شارك فى‬ ‫هذا ال�صالون مائة وع�شر فنانا وفنانة من خمتلف الأعمار‬ ‫واالجتاهات واملدار�س الفنية املختلفة ‪ ،‬فى جماالت النحت‬ ‫والر�سم والت�صوير واخلزف والت�صوير ال�ضوئى ‪ ،‬مت تكرمي‬ ‫�ضيوف ال�شرف ال�سالف ذكرهم ب��دروع و�شهادات تقدير‬ ‫‪ ،‬كما مت تكرمي جميع الفنانني امل�شاركني ب�شهادة تقدير‬ ‫وميدالية ال�صالون ت�شجيعا لهم على الإب��داع والتطوير ‪،‬‬ ‫ونظري النجاح الكبري لهذا ال�صالون قررت الهيئة �إدراجه‬ ‫�ضمن �أن�شطتها ال�سنوية باالتفاق مع قوم�سيري ال�صالون ‪،‬‬ ‫ومن الفنانني امل�شاركني الفنان ح�سن �شبط نحت خ�شبى‪،‬‬ ‫وامتاز عمله بان�سيابية وا�ستغالل نعومة وملو�سة اخلامة‪،‬‬ ‫ومن خامة خ�شب ال�سر�سوع ‪� “ ،‬أحمد غوبيه “ فى جمال‬ ‫الت�صوير ال�ضوئى‪ ،‬وقدم البيئة ال�شعبية الب�سيطة املهم�شة‬ ‫‪ ،‬و“ جمال وطنى “ ت�صوير زيتى مقهى �شعبى ب�أ�سلوب تلقائى‬ ‫‪ ،‬ود ‪� .‬شريين خريى ت�صوير زيتى جتريدى �أ�ستاذ ت�صوير‬ ‫كليةتربية نوعية عني �شم�س ‪ ،‬ود ‪ .‬عبري عبد اهلل �أ�ستاذ‬ ‫خزف تربية نوعية �أ�شمون‪ ،‬كما �شارك فنانون من خمتلف‬ ‫املحافظات ‪ “ ،‬عماد �أبو جرين “ �أ�سيوط – ر�سم ‪ ،‬و�شارك‬ ‫فنانون من حمافظات دمياط – كفر ال�شيخ – �إ�سكندرية –‬ ‫الإ�سماعيلية – املنيا – البحرية‪ ،‬وكما �شاركت فنانات من‬


‫مما جعل العديد م��ن الحضور‬ ‫يجهش بالبكاء من شدة التأثر‬ ‫والتفاعل واالنسجام مع أداء‬ ‫أطفال مصر‪ ،‬خاصة عندما غنى‬ ‫أحد األطفال أغنية «الشهيد»‬ ‫يناجى أم��ه أال تبكى « ه��ؤالء‬ ‫ال��ورود الباسقة هم ‪ .....‬رجال‬ ‫ون��س��اء مصر ال��ق��ادم��ون ممن‬ ‫يحملون األمل والحلم ولجدارة‪،‬‬ ‫األطفال نجد لزاما علينا أن نذكر‬ ‫أس��م��اء جميع السوليست ‪« :‬‬ ‫مصر هى أمى « أداء سارة مراد‬ ‫‪ « ،‬أمى ثم أمى « رضوى جمال –‬ ‫حازم محمد – أحمد مراد – خالد‬ ‫محمد – شيرى هشام ‪ “ ،‬ست‬ ‫الحبايب “ أمنية مصطفى ‪“ ،‬‬

‫‪v‬‬

‫أبريل ‪2012‬‬

‫‪81‬‬


‫فعاليات ثقافية‬

‫هيئة قصور الثقافة‬ ‫تحتفل بعيد األم‬ ‫بمناسبة االحتفال بعيد األم أقامت الهيئة العامة لقصور الثقافة أمسية غنائية بديعة‪،‬‬ ‫أحيتها الفرق المختلفة بقصر ثقافة الجيزة ‪،‬وقد حرص على حضورها الشاعر سعد عبد الرحمن‬ ‫رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة لقصور الثقافة ‪ ،‬كما حرص على صعود المنصة واالندماج مع‬ ‫األطفال وغنى معهم «يا أغلى اسم فى الوجود يا مصر»‬ ‫مما بدد حدة االكتئاب ‪،‬وأضفى على الجميع مسحة من الراحة والسرور واالنشراح‪.‬‬ ‫تألق األطفال فى أغانيهم البديعة ‪ ،‬واستطاع أطفال مصر تجديد األمل والحب والتفاؤل؛‬

‫‪v‬‬

‫‪80‬‬


‫‪v‬‬

‫أبريل ‪2012‬‬

‫‪83‬‬


‫كان وأن “ أداء المجموعة وعددها حوالى خمسون طفل وطفلة ‪ “ ،‬أحسن قلب “ أدهم عثمان – إسراء حسن ‪ “ ،‬طاطا “‬ ‫المجموعة ‪ “ ،‬بسبوسة “ مريم يحى – حبيبة يحى ‪ “ ،‬يا مصر أنا منك “ رضا عنتر ‪ “ ،‬الثقة بالنفس “ آية تيمور – رحمة‬ ‫محمد “ حبيبتى “ المجموعة ‪ “ ،‬يا بالدى “ للطفل المعجزة يوسف محمد فرج ‪ ،‬الذى أثار دهشة وإعجاب الحضور‪ ،‬يذكرنا‬ ‫بالطفل العبقرى فرحات فى أفالم عبد الحليم حافظ‪ ،‬فيعيد إلينا زمن الفن الجميل وأخيرا اعتلى الشاعر سعد عبد‬ ‫الرحمن محتضنا أطفال مصر وغنى مع جميع األطفال على المنصة وجمهور الحضور « أغلى اسم فى الوجود « وتناوب‬ ‫أداء السوليست األطفال ليلى سامح – أدهم محمد – أسماء محمد فى ترديد مقاطع لهذه األنشودةالبديعة‪.‬‬ ‫يجدر بالذكر قيادة المايسترو الفنان جمال مصطفى ‪ ،‬والمشرف العام للفرقة الفنان أحمد إبراهيم مدير عام‬ ‫اإلدارة العامة للموسيقى بالهيئة‪ ،‬الذى ذكر لنا أن قوام فرقة الكورال يفوق الخمسين طفالً وطفلة ‪....‬‬ ‫أخيرا يبقى البطل الحقيقى “ أطفال مصر “ ‪ ،‬كنا نعتقد أننا نبهجهم بهذه األمسية ولكن فى حقيقة األمر هم من‬ ‫أبهجونا نحن الكبار ‪،‬وجددوا داخلنا األمل والحلم ‪،‬طالما هؤالء األطفال موجودين فمصر لن تموت ‪.‬‬ ‫كورال األطفال يعد أحد إنجازات الهيئة العامة لقصور الثقافة التى نفخر بوجودها‪ ،‬فليس الهدف منها فقط‬ ‫رعاية المواهب الناشئة‪ ،‬بل األمر يتعدى ذلك بكثير‪ ،‬فبها تفجر الطاقات وتشحذ همم المجتمع المصرى‪ ،‬ونفتح آفاق‬ ‫عريضة لمستقبل مشرق عقب ثورة ‪ 25‬يناير‪ ،‬بها نستشرق المستقبل وننهض باألمة بأثرها لنقتل داخلنا اليأس‬ ‫واإلحباط وفقدان األمل ‪...‬‬ ‫هنا مع هؤالء األطفال وأمثالهم من الموهبين فى كافة مجاالت اإلبداع الثقافى والفنى والفكرى والعلمى نشق‬ ‫طريق الغد‪ ،‬طريق الحياة الرغدة التى ُحرمت منها مصر سنوات طوال فقدت فيها ريادة الشرق األوسط والعالم‬ ‫العربي‪ ،‬فآن األوان أن نستعيد تلك األمجاد بل ونمضى قدما نحو تبؤ المكانة الالئقة الجديدة بشعب السبعة آالف عام‬ ‫من الحضارة‪ ،‬متذكرين شهادة مفكرى وعلماء العالم أمثال “جيمس برستيد” فى كتابه “فجر الضمير”الذى يؤكد فيه‬ ‫عراقة مصر التى مهدت الطريق أمام حضارات العالم‪ ،‬وأسست وخلقت “علم األخالق” وشكلت “الضمير اإلنساني”‬ ‫ولذا كان “فجر الضمير” شهادة عالمية دامغة ال تقبل التشكيك‪ .‬قبلة حب نطبعها على جبين أطفال الكورال لهيئة‬ ‫قصور الثقافة فى ذكرى ست الحبايب !‬ ‫‪v‬‬

‫‪82‬‬


‫ال��ذى من �أجله قدمت �إىل حمطة ال�سكة احلديد‬ ‫‪� ،‬س�ألت فى حينها عن امل�سئول عن قاعة ال�سكة‬ ‫احل��دي��د‪ ،‬ق��ال��وا ىل �إن �إدارة ه��ذه القاعة ف��ى يد‬ ‫الأ�ستاذ الفنان كمال يكنور‪� ،‬س�ألت عن مكان وجوده‬ ‫وقبل �أن �أذهب �إليه �أ�شار �أحدهم وقال ىل ( �شايف‬ ‫�صورة جمال دى !هو وال�سد العاىل ) قلت ( �أيوه )‬ ‫قال ىل ( �أنها من �أعمال يكنور ) كان عم ًال قوي ًا يبني‬ ‫قوة العمل ودق��ة الفنان واحرتامه للمو�ضوع الذى‬ ‫يتناوله بقيمته الفنية العالية‪.‬‬ ‫ذهبت �إىل الفنان فى مكتبه فى ال��دور الثانى‬ ‫وقابلته بكل جر�أة وقلت له ( �أنا عايز �أعمل معر�ض‬ ‫فى نف�س القاعة ) نظر �إىل بده�شة ومل يعلق بكلمة‬ ‫واحدة‪ ،‬غري �أنه قال ىل ب�أدب وت�صرف خلوق (‬ ‫وماله هات �أعمالك و�أنا �أتفرج عليها ) وبالفعل‬ ‫اتفقنا على ذلك‪ ،‬رجعت �إليه بعد ثالثة �أيام‬ ‫م��ن االت �ف��اق و�أن ��ا �أح �م��ل ف��ى ي��دى ك��وم��ة من‬ ‫الأوراق الكان�سون والفربيانو‪ ،‬كنت قد ر�سمتها‬ ‫بالألوان الزيتية على الورق‪ ،‬نظر �إىل الفنان‬ ‫يكنور وقال ( يابنى فني الأعمال ) قلت له (‬ ‫هى دى ) نظر �إىل وهو يتفح�ص تلك الأعمال‬ ‫وق��ال ىل ( ب�ص يابنى �أعمالك الزال��ت فى‬ ‫طور التدريب وغري مكتملة ومن غري براويز )‬ ‫حاولت ب�إحلاح �شديد �إقناعه ولكنى مل �أجنح‬ ‫فى ذلك‪ ،‬فذهبت عنه وتركته ولكن لدى ذلك‬ ‫الإ�صرارب�إقناع نف�سى �أننى �س�أقيم معر�ض ًا‬ ‫و�سوف يراه النا�س‪ ،‬ولو كان ذلك املعر�ض فى‬ ‫ال�شارع رددت ذلك �أكرث من مرة‬ ‫ذهبت �إىل ميدان رم�سي�س تارك ًا املحطة‬ ‫جل�ست على منت �أعتاب متثال امللك الواقف‬ ‫بجالل نظرت �إليه ونظرت �إىل �صفحة املاء‬ ‫املقابلة له من نافورة التمثال حيث كان منظر ًا‬ ‫رائع ًا عندما �أتابع تدفق خرير املاء فى �شكل‬ ‫قو�س منحن ي�صب فى بركة النافورة ‪.‬‬ ‫وق�ف��ز �إىل زه�ن��ى ت�ل��ك ال�ف�ك��رة ال��رائ�ع��ة‬ ‫�أن �أعر�ض �أعماىل فى ذلك امليدان‪ ،‬وبالفعل كان‬ ‫ال�ي��وم الثانى ه��و ي��وم التنفيذ وق�ف��ت على اجلهة‬ ‫الغربية من بركة املاء ومعى �سدابات من اخل�شب‬ ‫بطول ‪� 150‬سم فى عر�ض ‪� 2‬سم‪ ،‬قمت بغرزها فى‬ ‫�أر�ضية امليدان املك�سوة بالنجيلة اخل�ضراء ومررت‬ ‫عرب ه��ذه ال�سدابات حبل طويل ي�صل �إىل ع�شرة‬ ‫�أمتار وم�شابك قمت بو�ضعها على �أعماىل لتثبيتها‬ ‫على احلبل‪ ،‬والتف كثري من النا�س و�شعرت بن�شوة‬ ‫واع�ت��زاز وج��ال فى خاطرى �أن �أذه��ب �إىل الفنان‬ ‫يكنور لأخ�بره مبا فعلت‪ ،‬ولكن مل يتم ذل��ك حيث‬

‫فاجئنى اثنان من �أف��راد ال�شرطة قام االثنان على‬ ‫�ضربى وتقطيع �أع�م��اىل‪ ،‬و�أم�سكا بى حتى وجدت‬ ‫نف�سى فى ق�سم الأزبكية‪ ،‬وانتظرت لقدوم �ضابط‬ ‫املباحث‪ ،‬والذى طل على ب�شكله و�شاربه الكثيف وقال‬ ‫للع�سكرى ( هات الواد ده ) وقال ( �أنت �أيه يابنى �أيه‬ ‫اىل عملته �أنت عاملى فنان وتعر�ضلى فى ال�شوارع )‬ ‫مل يدرك بجهله وقلة خربته بالفن وعدم احرتامه له‬ ‫�أن جميع دول العامل بعوا�صمها �أن ر�ؤ�ساء بلدياتها‬ ‫يتمنون على جميع الفنانني عندهم �أن يعر�ضوا فى‬ ‫كل �شوارع عوا�صمهم‪ ،‬عرفت ذل��ك بعد ف�ترة من‬ ‫الزمن الت�صاىل بالعامل اخلارجى وزيارته �أن الفن‬ ‫له قيمة فى الدول املتح�ضرة لي�ست الغنية فقط بل‬

‫وحتى فى دول فقرية فى �أمريكا الالتينية يجد الفن‬ ‫مكان ًا هام ًا فى مو�ضع خارطتها االجتماعية ولكن‬ ‫البا�شا وقتها يرى �أن مافعلته كان خمالف ًا لقانون‬ ‫ال�شارع ‪.‬‬ ‫�أكمل لكم �أن �ضابط املباحث ذلك ا�سرت�سل فى‬ ‫كالمه ب�أننى �أخط�أت وهو قادر على فعل الكثري فى‪،‬‬ ‫وقام على توبيخى‪ ،‬فتبادر �إىل ذهنى للخروج من‬ ‫ذلك امل��أزق �أن يكون الأ�ستاذ �سعد الدين وهبه هو‬ ‫( خاىل ) ‪،‬قال ىل �ضابط املباحث ( ملا هو خالك‬ ‫بتعر�ض ليه فى ال�شوارع ) مل �أعلق على ذلك �سوى‬

‫�أنه قال ىل (�أن كان كالمك �صحيح يظهر الآن )‬ ‫فقد قام باالت�صال بوزارة الثقافة ليتحقق من الأمر‪.‬‬ ‫فى وقتها دارت فى ر�أ�سى �أ�شياء كثرية رمبا‬ ‫يكون الأ�ستاذ �سعد الدين وهبه غري موجود‪ ،‬ورمبا‬ ‫ينكر معرفته بى غري �أن �ضابط املباحث بعد ذلك‬ ‫االت�صال قال ىل ميكنك �أن تذهب الآن فقد �أبلغنى‬ ‫�سعد بيه �أن تذهب �إليه‪ ،‬خرجت من ق�سم البولي�س‬ ‫و�أنا �أجر نف�سى وهى مثقلة بالتعب وحتمل م�سئولية‬ ‫االدعاء رمبا يجرعلى ذلك متاعب جمة‪.‬‬ ‫�أوال ال �أعرف مكان مكتب الأ�ستاذ �سعد الدين‬ ‫وهبه‪ ،‬ثاني ًا ماذا �أقول له‪ ،‬ففكرت فى االن�سحاب من‬ ‫�شئ ي�أخذنى نحو حب‬ ‫هذا امل�أزق‪ ،‬ولكن كان هناك ٍ‬ ‫الفن وتقديرى ل��ذات��ى‪ ،‬و�إ� �ص��رارى فقررت‬ ‫ال��ذه��اب بعد ال���س��ؤال ع��ن مكتبه وعرفت‬ ‫�أن مكتبه ك��ان فى �شارع امل�ساحة بالدقى‬ ‫وحاولت مقابلته وجنحت‪ ،‬قابلنى وقال ىل (‬ ‫�أيوه يابنى خري فى �أيه ) قلت له ( �سعادتك‬ ‫اللى كان عندى م�شكلة فى ق�سم الأزبكية‬ ‫ب�سبب معر�ض عملته فى ال�شارع ) �ضحك‬ ‫الأ�ستاذ �سعد الدين وهبه وقال ىل ( واهلل‬ ‫ب��راف��وا عليك ) وا�سرت�سل فى حديثه عن‬ ‫الفنانني وق�صور الثقافة و�أهمية العر�ض‬ ‫للفنانني فى ق�صور الثقافة‪ ،‬وكنت منتظر ًا‬ ‫فى ذلك كله �أن يقول ىل �أن �أعر�ض فى �أحد‬ ‫تـلك الق�صور‪ ،‬وفع ًال حدث ذلك ب�أنه ات�صل‬ ‫بالأ�ستاذ حممد الطبالوى مدير ق�صر ثقافة‬ ‫جاردن �سيتى‪� 4 ،‬ش ال�سالمليك‪ ،‬والذى هو‬ ‫ن��ادى ال�سينما الآن ‪،‬وطلب منى �أن �أذهب‬ ‫لل�سيد مدير الق�صر ليحدد ىل ميعاد ب�إقامة‬ ‫معر�ض ىل‪ ،‬وطلبت وقتها من الأ�ستاذ الكبري‬ ‫ب�أن يفتتح هذا املعر�ض‪ ،‬وحدث بالفعل وتلك‬ ‫ال�صورة هى ال�شاهد على تلك املرحلة التى‬ ‫كانت زاخرة برموز مل تكن لتمر علينا مرور‬ ‫ال�ك��رام‪ ،‬بل حفرت فى ذاكرتنا م�ساحات‬ ‫للت�أمل وحبا للقيمة‪ ،‬ممثلة فى �شاب كان ي�سعى فقد‬ ‫حتول الآن ل�شيخ ميد يده ل�شاب �آخر ي�سعى‬ ‫«و�أن لي�س للأن�سان اال ما�سعى»‬ ‫تلك رموز مرت علينا من فنانني وكتاب وعلماء‬ ‫ومو�سيقني‪ ،‬ومازالوا ي�ساهمون فى بناء �صرح الوطن‬ ‫ل�يرمم��وا م��اب��دى على ج�سده م��ن �شحوب و�شروخ‬ ‫وحفر لتبقى رموزنا‪ ،‬وليبقى كل واح��د و�ضع لبنة‬ ‫حقيقة فى �صرح هذا الوطن ‪.‬‬ ‫‪v‬‬

‫أبريل ‪2012‬‬

‫‪85‬‬


‫قصة صورة‬ ‫مقال‬

‫من ميدان رمسيس إلى قصر ثقافة جاردن سيتي‬ ‫عبد الرحيم �شاهني‬ ‫ذلك الفتى الواقف بجانب الأديب الكبري واملفكرالأ�ستاذ ‪� /‬سعد‬ ‫الدين وهبه‪ ،‬وكيل �أول وزارة الثقافة فى وقتها‪ ،‬وحتى �أن رحل عن‬ ‫عاملنا �إبان الوزير ال�سابق ‪ /‬فاروق ح�سنى ‪،‬‬ ‫هو �أنا ذا ‪.....‬‬ ‫ك�ن��ت �أب �ل��غ ف��ى حينها‬ ‫الثانى والع�شرين من العمر‬ ‫طالب ًا فى كلية الفنون متابع ًا‬ ‫ج �ي��د ًا للحركة الت�شكيلية‬ ‫امل���ص��ري��ة ف��ى ت�ل��ك ال�ف�ترة‬ ‫وحتى ماقبلها‪ ،‬عرفت عن‬ ‫الفن الكثري‪ ،‬عرفت تاريخه‬ ‫ومكوناته وكنهه واقرتبت‬ ‫كثريا نحو تعريفاته‪ ،‬وقر�أت‬ ‫فى فل�سفته‪ ،‬عرفت كثري ًا‬ ‫ع��ن ع�صر النه�ضة‪ ،‬وعن‬ ‫تاريخ الفن املعا�صر بداي ًة‬ ‫من (ب��ول �سيزان ) وحتى‬ ‫( م��ار� �س �ي��ل دي �� �ش��ام��ب )‬ ‫عرفت كثري ًا عن احلداثة‬ ‫وم�شاكلها‪ ،‬وعن ر�ؤى �أخرى‬ ‫دعت اىل االن�شقاق عليها‪،‬‬ ‫فكانت دع��وات مبكرة فى‬ ‫الن�صف الأول م��ن القرن‬ ‫ال �ع �� �ش��ري��ن‪ ،‬ك��ان��ت ت��دع��وا‬ ‫ل�ل�ح��ري��ة ف��ى ال�ت�ع�ب�ير و�أن‬ ‫تتجاوز تلك الدعوات مراحل احلداثة �إىل عوامل �أكرث تغري ًا فى �أ�شكال‬ ‫الفن ومكوناته‪ ،‬وقامت تلك الدعوات �أي�ض ًا �إىل �ضرب كل قوالب‬ ‫احلداثة ال�سائدة حينها ‪ ,‬عرفت ذلك كله فى تلك الفرتة من العمر‬ ‫كنت تواق ًا لزيارة املعار�ض املقامة فى قاعة باب اللوق وفى قاعة مبنى‬ ‫االحت��اد اال�شرتاكى على النيل‪ ،‬اهتممت بكل هذا على الرغم �أننى‬ ‫مل �أنتهى من درا�ستى بعد فى كلية الفنون‪ ،‬وكان لدى هذا الإ�صرار‬ ‫ال�شديد على �أن �أقدم نف�سى جلمهور الفن فى فرتة كانت م�صر مليئة‬ ‫بفنانيها الكبار �أمثال ( حامد ندا ‪ ،‬وعبد الهادى اجلزار‪ ،‬والذى رحل‬ ‫فى وقت مبكر‪ ،‬والفنان حامد عوي�س‪ ،‬وحامد عبداهلل‪ ،‬والفنانة �إجنى‬ ‫افالطون وحتية حليم والفنان راغب عياد ) وكثري ًا كثري ًا‪.‬‬ ‫فى حينها على الرغم من �صغر �سنى مل �أك��ن خجو ًال �أن �أقدم‬

‫‪v‬‬

‫‪84‬‬

‫نف�سى و�سط ه�ؤالء العظماء‪ ،‬فقد كان لدى ماهو حبي�س فى داخلى‬ ‫لكى �أقدمه فى �شكل مو�ضوعات �أقرب �إىل املفاهيم اال�ستبطانية والتى‬ ‫مت�س النف�س من الداخل‪ ،‬فلم ي�شغلنى ماهو �أيدلوجى �أو فنون تقوم‬ ‫على الزخرفة والت�سطيح‪ ،‬كنت‬ ‫مت�أثر ًا بالواقعية ال�سحرية والتى‬ ‫وردت ف��ى كتابات ( ماركيز –‬ ‫وب��ورخ�ي����س ) وه� ��ؤالء ك��ان��وا من‬ ‫جن��وم كتاب الواقعية ال�سحرية‬ ‫فى �أمريكا الالتينية‪ ،‬وجاء ت�أثري‬ ‫ال��واق�ع�ي��ة ال�سحرية ع�ل��ى فنون‬ ‫مثل امل�سرح وال�سينما والكتابات‬ ‫الأدب� �ي ��ة وال�ت���ص��وي��ر ال���ض��وئ��ى‪،‬‬ ‫والفن الت�شكيلى كانت هذه الفنون‬ ‫متزامنة مع فنون �أخرى مت�أثرة‬ ‫بفل�سفة العبث �أمثال �سارتر فى‬ ‫فرن�سا و من �أ�شهر �أعماله الذباب‬ ‫ال �ك��را� �س��ى امل��و��س�ي�ق�ي��ة‪،‬وت��وف�ي��ق‬ ‫احل�ك�ي��م ف��ى م���ص��ر م��ن �أ��ش�ه��ر‬ ‫�أعماله العبثية ياطالع ال�شجرة ‪.‬‬ ‫ك ��ان ذل ��ك ت��داف �ع � ًا ث�ق��اف�ي� ًا‬ ‫حدث فى م�صر فى تلك املرحلة‬ ‫ف�ح���ض��رت ال�ك�ث�ير م��ن امل �ع��ارك‬ ‫الثقافية على مقاهى م�صر مثل‬ ‫مقاهى ( ري�ش – �إيزافت�ش –‬ ‫على بابا ) وغريها الكثري‪ ،‬فكنت‬ ‫م�شغو ًال بكل ذلك‪ ،‬وفى يوم �ساقتنى قدامى �إىل حمطة ال�سكة احلديد‬ ‫ال�ستقبال �أحد �أقاربى القادمني من ال�صعيد‪ ،‬و�أذا بي �أجدين دخلت‬ ‫بطريق اخلط�أ �إىل قاعة فن ت�شكيلى يف حمطة م�صر‪ ،‬ك��ان ذلك‬ ‫املعر�ض الذى �أقيم وفيه من الفنانني الكبار �أمثال النحات امل�صرى‬ ‫الرائع جمال ال�سجيى‪ ،‬وعبد احلميد الدواخلى ب�أعماله الفخارية‬ ‫الرائعة‪ ،‬و�صالح عبد الكرمي ب�أعماله التى ن�سجت من احلديد القوى‬ ‫ومن �أ�شهر تلك الأعمال ال�ضفدعة‪� ،‬شاهدت لوحات بيكار وكمال‬ ‫يكنور‪ ،‬و�سيد عبد الر�سول‪ ،‬واحل�سني فوزى وعزت م�صطفى والبنانى‬ ‫و�سعد اخلادم والن�شار والأرن�ؤطى‪ ،‬ر�أيتهم جميع ًا و�أذكرهم جميعهم‬ ‫فهم فى ذاكرتى ماحييت فلماذا ن�سيناهم ؟‬ ‫�شاهدت هذا املعر�ض �أ�شبعنى كثري ًا وتغذيت مبا ر�أيت ون�سيت‬


‫بال�سبب قبل �أن تتعرف �أكرث على عوامل ال�سجينى‬ ‫الفنية‪ ،‬ومدى ارتباطها الوثيق بحركة جمتمعه‪.‬‬ ‫تقرتب الكامريا ببطء من متثال تختاره بعناية‬ ‫من بني �أكوام املعرو�ضات‪� ،‬إنه �سيد دروي�ش يتكىء‬ ‫على عوده املطرز بالورود واحلمائم‪ ،‬ووجهه ين�ضح‬ ‫بكثري من ت�أمل‪ ،‬وك�أن ال�سجينى التقطه فى حلظة‬ ‫ا�صطياده للحن جديد ‪.‬‬ ‫التمثال �سي�صحبنا بنف�سه �إىل الزمن الذى‬ ‫كان‪ ،‬فعرب جرافيك متقن يطري التمثال حملقا فوق‬ ‫�صور فوتوغرافية وم�شاهد فيلمية لأح��داث ثورة‬ ‫‪،1919‬ت�ؤطرها جملة حلنية‪ ،‬هى تنويعة على حلن‬ ‫عبد الوهاب الأ�شهر واملالئم « خايف �أقول اللى فى‬ ‫قلبى‪. ».‬‬ ‫ومن التاريخ يعود جمال قا�سم مرة �أخرى �إىل‬ ‫الواقع ‪�..‬إىل بيت ال�سجينى ‪ .‬لتختار الكامريا بعد‬ ‫جولة مت�أنية كعادتها متثاال �آخ��ر‪� ،‬إن��ه وجه الرائد‬ ‫توفيق احلكيم الذى �سينقلنا �إىل �أجوائه كما نقلنا‬ ‫�سيد دروي�ش ‪ .‬لكن جمال قا�سم يختار هذه املرة‬ ‫�أن تقف ر�أ�س توفيق احلكيم النحا�سية على خلفية‬ ‫م�شهد مقتطع بعناية م��ن فيلم توفيق �صالح «‬ ‫يوميات نائب فى الأري��اف» املبنى فى الأ�صل عن‬ ‫رواي ��ة احلكيم ‪�� .‬ص��وت بطل الفيلم م��ن خ��ارج‬ ‫الكادر ي�أتى‪ ،‬وك��أن الذى تنطقه هى تلك الر�أ�س‬ ‫النحا�سية حيث تقول‪�« :‬إن الأم��وال تنفق ب�سخاء‬ ‫على التافه من الأم ��ور‪� ...‬أم��ا �إذا طلبت لإقامة‬ ‫العدل �أو حت�سني حال ال�شعب ف�إنها ت�صبح عزيزة‬ ‫و�شحيحة‪ ،‬ذلك �أن العدل وال�شعب كلمات مل يزل‬ ‫معناها غام�ضا عن العقول فى هذا البلد‪22 ...‬‬ ‫�أكتوبر �سنة ‪.»1935‬‬ ‫وك��أن قا�سم بهذا امل�شهد ميهد لقرية �أخرى‬ ‫ب��د�أت تت�شكل بعقول �أخ��رى ك��ان ال�شعب والعدل‬ ‫يعنيان لها الكثري‪� .‬إنها عقول مابعد ثورة يوليو ‪،‬‬ ‫وهنا �سي�صحبنا قا�سم فى جولة مت�أملة ملنحوتات‬ ‫ال�سجينى اخلا�صة بالقرية امل�صرية بعد الثورة‪،‬‬ ‫بل �إن حلن �سامى احلفناوى �سيتحرر من حزنه‬ ‫و�سي�صبح �أكرث فرحا ‪.‬ليكتمل تف�سري جمال قا�سم‬ ‫ال��ذى ي��رى �أن جمال ال�سجينى مثله كمثل �سيد‬ ‫دروي�ش ‪ ،‬كان الأول م�ؤذن ثورة ‪ ، 19‬وكان الأخري‬ ‫م�ؤرخ ثورة يوليو الذى �سجل �أحداثها فى منحوتات‬ ‫ال يبليها الزمن‪.‬‬ ‫وفى نقلة ذكية ت�ؤكد مايريد من معنى �سيعود‬ ‫قا�سم �إىل البيت ( هو دوما يعود �إليه ) لن�شاهد‬ ‫االب��ن جم��د يقف ب ��إج�لال ب �ج��وار مت�ث��ال �ضخم‬ ‫للزعيم جمال عبد النا�صر ‪ ،‬مي�سحه بحنان وهو‬

‫يقول « ذكرياته جميلة ه��ذا التمثال ‪� ...‬أب��ى كان‬ ‫يحبه كثريا ‪ ....‬كان من املفرو�ض �أن يتو�سط ميدان‬ ‫التحرير ‪ ...‬التمثال فيه كل مقومات النحت»‪.‬‬ ‫لن تكتفى كامريا جمال قا�سم بو�صف ال�سجينى‬ ‫االبن للتمثال ‪ ،‬بل �ست�شرع فى ت�أمله باقرتاب وابتعاد‬ ‫يك�شفان التفا�صيل ‪ ..‬ج�سد عبد النا�صر ال�ضخم‬ ‫ينبت ك�شجرة من و�سط فئات ال�شعب ( ف�لاح ‪..‬‬ ‫عامل ‪ ..‬طالب ‪ ..‬جندى ‪ ..‬امر�أة ‪ ..‬رجل ‪ ) ..‬وكل‬ ‫منهم ميد يده بوردة يهديها �صدر الزعيم‪.‬‬ ‫وكعادة جمال قا�سم �سيجعل التمثال يحلق على‬ ‫خلفية زمنه ال��ذى وىل ‪ ،‬فهاهو يطري ف��وق ح�شود‬ ‫ال�شعب امل�صرى التى تتدفق ل�ترى وتبايع وتفرح‬ ‫بابنها الذى حقق كثريا من �أحالمها‪ .‬بل �إن حلن‬ ‫�سامى احل�ف�ن��اوى �سينطق بالكلمات لأول م��رة «‬ ‫بالدى ‪ ..‬بالدى ‪ ..‬لك حبى وف�ؤادى ‪ ...‬الثورة �أمنا ‪..‬‬ ‫الثورة �أمنا ‪ ..‬يا م�صر عامل يا بدر كامل ‪ ...‬يام�صر‬ ‫جندى ‪ ...‬يا م�صر فالح ‪ ...‬حى على الفالح ‪ ...‬حى‬ ‫على الفالح «‪.‬‬ ‫لكن وو�سط هذا االنت�شاء يفاجئنا قا�سم ب�إظالم‬

‫ال�شا�شة لثوان‪ ،‬نتابع بعدها �سقوط عملة نحا�سية‬ ‫حتمل وجه الزعيم فتخطف رناتها القلب ‪ ...‬لقد‬ ‫مات نا�صر �إذن ‪.‬‬ ‫ال�ك��ام�يرا ت�ع��ود حزينة �إىل بيت ال�سجينى ‪،‬‬ ‫دخولها �أكرث توترا ‪ ،‬وحلن �سامى احلفناوى يتخلى‬ ‫عن �صحبتها ليرتكها مل�ؤثر �صوتى يزيد �إح�سا�سنا‬ ‫بالرتقب املنذر باخلطر ‪ .‬تقرتب الكامريا �أكرث من‬ ‫مطروقة نحا�سية معلقة على �صدر احلائط‪� ،‬إنها‬ ‫لفالح م�صرى عفى ‪ ،‬يحاول اجتثاث �شجرة خبيثة‬ ‫تتزين بالأفاعى والثعابني وجنمة داود‪ ..‬الكامريا‬ ‫تركز �أكرث على قدم الفالح لرنى عروقها النافرة‬ ‫وج��زء م��ن ج��ذع ال�شجرة مك�سور‪ .‬لعلها منحوتة‬ ‫ال�سجينى ملا بعد النك�سة‪ ،‬فهو كغريه من �أبناء جيله‬ ‫مل تك�سره الهزمية وراهن على ن�صر �آمن �أنه �سي�أتى‬ ‫على ه��ذا امل�ن��وال �سي�ستمر �إي�ق��اع فيلم جمال‬ ‫قا�سم‪ ،‬يحدده توازن بني دخول وخروج ‪ ..‬دخول �إىل‬ ‫البيت وخ��روج �إىل النيل‪ ...‬ومابينهما ا�ستعرا�ض‬ ‫مل�ن�ح��وت��ات ومت��اث�ي��ل وم �ط��روق��ات ت�سجل حلظات‬ ‫انت�صار م�صر وامل�صريني‪ ،‬و تزيد من غ�ضبك على‬ ‫دول��ة (ال��ردة ) التى ماتزال تتعنت فى تخ�صي�ص‬ ‫متحف خا�ص لل�سجينى‪.‬‬ ‫قبيل نهاية فيلمه ‪ ،‬وات�ساقا مع الهدف الذى‬ ‫بات مك�شوفا الآن‪� ،‬سيفاجئنا جمال قا�سم ب�سر عن‬ ‫كيفية موت ال�سجينى ‪ ،‬فها هو يخط على ال�شا�شة‬ ‫خربا ( �أ�صر �أن ي�صيغه بحيادية م�شابهة حليادية‬ ‫خرب البداية ) يقول ‪..« :‬فى ‪ 22‬نوفمرب ‪ 1977‬توفى‬ ‫جمال ال�سجينى فى �إ�سبانيا جراء �أزمة قلبية داهمته‬ ‫قبلها بيومني عندما �شاهد على �شا�شات التلفزيون‬ ‫الرئي�س ال�سادات يزور القد�س» !‬ ‫بل �إن جمال قا�سم ي�صر �أن ي�أتى هذا امل�شهد‬ ‫عقب م�شاهد ت�صور منحوتات ال�سجينى امل�ؤرخة‬ ‫النت�صار �أكتوبر والتى عر�ضها كعادته حملقة فوق‬ ‫م�شاهد �أر�شيفية حية للحرب ‪ ،‬بل ويعر�ض خربه‬ ‫املدعى للحيادية على �صورة جلمال ال�سجينى بوجه‬ ‫غا�ضب ويدين تعت�صران قطعة طني‪.‬‬ ‫فى ختام فيلمه يعود جمال قا�سم �إىل النيل ‪،‬‬ ‫وب�أ�سلوبه املعتمد ط��وال الفيلم ي�صنع باجلرافيك‬ ‫احتفالية نيلية بتماثيل ال�سجينى التى تتابع �أمامك‬ ‫على �صفحة النهر وك�أنها تبعث من جديد‪ ،‬ليرتكك‬ ‫تت�أمل وتعى معنى عنوان فيلمه « فار�س النهر»‪....‬‬ ‫فهل مازلت تت�ساءل عن الأ�سباب ‪� ...‬أم �أنك �ستت�س�أل‬ ‫مع �صانع الفيلم‪� « :‬إىل متى �سي�ستهني من يحكموننا‬ ‫بتاريخ �صناع جمد هذا البلد»؟‬ ‫‪v‬‬

‫أبريل ‪2012‬‬

‫‪87‬‬


‫مقال‬

‫‪»....‬فارس النهر «‬

‫حممد الروبى‬

‫مرثية سينمائيةعن الفنان جمال السجينى‬

‫مل يكن ال�سجينى جمنونا حني ق��رر �إلقاء منحوتاتة فى النهر ‪،‬‬ ‫وكذلك مل يكن باحثا عن �شهرة ح�صل عليها بالفعل ال فى الأو�ساط‬ ‫امل�صرية والعربية فح�سب ‪ ،‬بل وفى الأو�ساط العاملية �أي�ضا ‪� .‬إذن ملاذا‬ ‫قرر هذا العبقرى �أن يلقى بع�ضا من روحه فى النيل‪ ،‬و�سط ده�شة املارة‬ ‫و�صراخهم؟‬ ‫كان هذا ال�س�ؤال هو هاج�س جمال قا�سم‪ ،‬حني �شرع فى �صنع فيلمه‬ ‫« فار�س النهر ‪ ..‬جمال ال�سجينى» ‪ ..‬لكنه برباعة فنان ي�ؤمن ب�أن �إثارة‬ ‫الأ�سئلة ال الإجابة عنها هى الأج��در بعمل الفنان ‪� ،‬سين�أى بنف�سه عن‬ ‫ادعاء احلكمة‪ ،‬و �سيدعوك �أنت – كم�شاهد – لتكون �شريكه فى حماولة‬ ‫الإجابة‪.‬‬ ‫من النيل يبد�أ جمال قا�سم ‪ ...‬تت�أمل الكامريا �شريان احلياة من‬ ‫زاوية �أقرب �إىل بيت ال�سجينى‪� ،‬أو بالأحرى �أقرب �إىل املوقع الذى التهم‬ ‫منحوتات الفنان اليائ�س‪.‬مبزج رقيق ( �سيكون �أ�سلوبا طوال الفيلم )‬ ‫ننتقل �إىل �صورة فوتوغرافية مب�ساحة ال�شا�شة جلمال ال�سجينى واقفا‬ ‫يت�أمل النهر ‪ ،‬وعلى جانب منها تتالحق ح��روف تخط خ�بر ًا م�صاغا‬ ‫بحيادية يقول‪ « :‬فى عام ‪1969‬وف��ى م�شهد عبثى قام املثال املعروف‬ ‫جمال ال�سجينى ب�إلقاء متاثيله فى النيل» حيادية اخلرب ال تنفى عنه‬ ‫الإدها�ش وبل وتثري الت�سا�ؤل املنطقى ‪..‬ملاذا؟‬

‫‪v‬‬

‫‪86‬‬

‫وقبل �أن تفيق من ده�شتك �سيطالعك امل�شهد التاىل مبا�شرة لالبن‬ ‫« جمد ال�سجينى» يقف فى املكان نف�سه بالزاوية نف�سها‪ ،‬بل نكاد نقول‬ ‫باملالب�س ذاتها ( القمي�ص الأبي�ض والبنطال الأ�سود والنظارة ال�سوداء)‬ ‫يت�أمل هو الآخر النيل‪ ،‬لكن بنظرة �أكرثحزنا ت�ؤكدها كلماته فى م�شهد‬ ‫تال مبا�شرة‪ ،‬حيث يقول‪ « :‬فى يوم كهذا ‪ ،‬وفى املكان نف�سه تقريبا قال‬ ‫ىل �أبى ‪ ..‬هيا �سنلقى متاثيل �أبيك فى النيل» تقدمي جيد ل�شخ�ص هو‬ ‫الأقرب �إىل عوامل جمال ال�سجينى‪ ،‬ومربرا لوجوده طوال الوقت كدليل‬ ‫رحلتك داخل هذه العوامل‪.‬‬ ‫بعد�سة �أقرب �إىل عني ال�سمكة‪ ،‬وعلى خلفية جملة مو�سيقية ابتدعها‬ ‫باقتدار الفنان �سامى احلفناوى‪ ،‬تقرتب الكامريا من الباب الذى فتحه‬ ‫االبن للتو ‪ ،‬تدخل بحذر وتهيب يزدادان حني تطالع �أعمال الفنان املكتظ‬ ‫بها املكان( متاثيل ولوحات ومطروقات و�أوان) م�صفوفة فى كل ركن‬ ‫وممر وعلى الأرفف واحلوائط و درجات ال�سلم الداخلى ‪.‬‬ ‫حركة الكامريا ت�شيع فى نف�سك �إح�سا�سا بجالل املكان ومعرو�ضاته‪،‬‬ ‫بل تكاد ت�شعر بحريتها �أى من هذه الأعمال تختار لتقرتب منها �أكرث‪.‬‬ ‫واللحن الأ�سا�سى يزيدك �شجنا‪ ،‬فيزداد �س�ؤالك �إحلاحا ‪ :‬كيف لفنان‬ ‫له كل هذا الإنتاج وكل هذا التنوع �أن تطاوعه نف�سه على �إلقاء بع�ضا من‬ ‫�أبنائه فى النيل؟ لكن جمال قا�سم لن يهديك الإجابة ‪ ،‬ولن يدعك تهن�أ‬


‫لرت�سيخ ون�شر مفهوم ال�شخ�صية الأفريقية الواحدة‬ ‫قدميا وحديثا ‪.‬‬ ‫وم��ن الإي�ج�ب�ي��ات �أي���ض��ا �أن��ه ك�شف لنا الوجه‬ ‫احلقيقي‪ ‬لبع�ض النجوم امل�صريني‪ ،‬ممن دعاهم‬ ‫املهرجان للم�شاركة فى فعالياته‪ ،‬وهم ليلى علوى‬ ‫وي�سرا وحممد العدل‪ ،‬وخالد ولبلبه وهانى �سالمة‬ ‫وحم�م��ود حميدة‪ ،‬وجم��دى �أح�م��د على وجميعهم‬ ‫خالفوا برنامج االفتتاح‪ ،‬وتركوا اجلزء الثانى منه‬ ‫واجت�ه��وا للفندق املقمني فيه‪ ،‬دون اع�ت��ذار لوزير‬ ‫الثقافة �أو حمافظ الأق�صر اللذين اجتها لقاعة‬ ‫امل�ؤمترات ؛حل�ضور فيلم االفتتاح مع باقى النجوم‬ ‫الأف��ارق��ة‪ ،‬امللتزمني وامل�ق��دري�ين لقيمة املهرجان‬ ‫والقائمني عليه‪ ،‬بعك�س جنومنا ال��ذي��ن �صدعونا‬ ‫ب�شعارات وهمية‪ ،‬ب�أنهم يرحبون ويدعمون الفن‬ ‫الأفريقي‪ ،‬فالدعم �أيها ال�سادة لي�س بال�شو الإعالمى‬ ‫الذى بحثتم عنه فى حفل االفتتاح‪ ،‬ناهيك عن كم‬ ‫االعتذارات من جنوم م�صر‪ ،‬بعد ت�أكيدهم احل�ضور‬ ‫ومت اتخاذ كافه �إج��راءات و�صولهم وت�سكينهم مثل‬ ‫خالد النبوى‪ ،‬وعمرو عبد اجلليل‪ ،‬وب�شرى وغريهم‬ ‫ممن يدعون �أنهم قادرون على دعم الفن العربي‪.‬‬ ‫�أما �أبرز �سلبيات املهرجان فهى م�س�أله التنظيم‬ ‫التى بها حتيى �أو متيت مهرجان‪ ،‬فلقد ارت�سمت‬ ‫مالمح ع��دم التنظيم م��ن اللحظه الأوىل ف��ى كل‬ ‫�شيء‪ ،‬وفو�ضوية العمل هى التى كانت تقود املهرجان‬ ‫فلم نر �إال موظفى وزارة الثقافة هم من يحاول‬ ‫ال�سيطرة على امل�شاكل والعمل على حلها و�سط غياب‬

‫تام ملنظمى املهرجان‪.‬‬ ‫�سلبية �أخرى هامة وهى �أن وزارة الثقافة تركت‬ ‫املهرجان دون الإ�شراف عليه‪ ،‬واكتفت بدور امل�شاهد‬ ‫رغم دعمها للمهرجان مببلغ مليون و�سبعمائة �ألف‬ ‫جنيه ‪.‬‬ ‫بالإ�ضافة �إىل دعم وزارتى ال�سياحة والطريان‬ ‫فميزانية املهرجان بلغت اثنني مليون وت�سعمائة‬ ‫جنيه‪ ،‬مت �إنفاق جزء منها عل ترفيه بع�ض الفنانني‬ ‫امل�صريني‪ ،‬ممن متت دعوتهم بدون �أى داع‪.‬‬ ‫وب��دال من �أن حتت�ضن وزارة الثقافة املهرحان‬ ‫كان العك�س‪ ،‬وهو ما �أ�ضعف مهمتها‪ ،‬و�أعطى القوة‬ ‫مل��ن ال مي�ل�ك��ون اخل�ب�رة ال�ك��اف�ي��ة لإدارة م�ث��ل ه��ذا‬ ‫املهرجان من الناحية الإدارية‪ ،‬كما �أن هناك �أفالم‬ ‫�أفريقية �شاركت �ضعيفة من �إنتاج العام املا�ضى‪،‬‬ ‫وهو دليل �أن الإعداد لهذا املهرجان مل ي�أخذ الوقت‬ ‫الكافى‪.‬‬ ‫ال�سلبية الأخطر هي النظر من �أدارة املهرجان‬ ‫للإعالميني املرافقني للمهرجان‪ ،‬ب�أنهم �أقل �ش�أنا‬ ‫من الفنانني‪ ،‬فلذا يجب‪� ‬إقامتهم فى م�ستوى �أقل‬ ‫من م�ستوى �إقامة الفنانني املدعوين‪ ،‬ممن كانوا‬ ‫خمتبئني فى م�سكنهم‪ ،‬حتى مغادرتهم �إىل القاهرة‬ ‫وكانت حجة الإدارة �أنه ال توجد �إمكانية حجز للعدد‬ ‫ب�أكمله ‪ ,‬فلماذا ال يكون الت�سكني بالعك�س؟ ورغم‬ ‫ت�أكيد وزارة ال�سياحة �أن ن�سبة �إ�شغال فنادق الأق�صر‬ ‫ال تتعدى ‪ ،% 18‬وللأ�سف �إن الإعالميني فوجئوا‬ ‫بالأمر الواقع‪ ،‬وكفانا ال�شماعة التى ت�ستند �إليها �إدارة‬

‫�أي‪ ‬مهرجان‪ ،‬وهى �أنها‪ ‬ال��دورة الأوىل‪ ،‬والأخطاء‬ ‫واردة‪ ،‬ما ذكرناه من‪� ‬أخطاء �سهل تداركها وحموها‬ ‫قبل بداية احلدث‪ ،‬وهذا �أمر طبيعى للمبتدئني‪ ،‬فما‬ ‫بالنا كما قيل �إن �إدارة املهرجان خربة طويلة‪ ،‬هذا‬ ‫املهرجان لن يحقق النجاح املطلوب ليكون مناف�سا‬ ‫قويا لباقى املهرجانات الأفريقية الأخرى �إال‪ ‬ب�شرط‬ ‫�أن ي�ؤل ل��وزارة الثقافة بالكامل‪ ،‬ولي�ست جمرد راع‬ ‫وم�شاهد فقط‪ ،‬و�أن تخف�ض‪ ‬وزارة الطريان �أ�سعار‬ ‫تذاكرها‪ ،‬حتى يت�سنى للمهرجان دعوة �أكرب عدد‬ ‫ممكن من النجوم‪ ،‬خا�صة �أنهم قادمني من دول‬ ‫ت�صل فيها �سعر التذكرة �إىل ‪� 18‬أل��ف جنيه‪ ،‬و�أن‬ ‫تدعم وزارة ال�سياحة املهرجان بتخفي�ض �أ�سعار‬ ‫الفنادق ال�ست�ضافة �أك�بر ع��دد ممكن من النجوم‬ ‫الأفارقة وامل�صريني املحرتمني املقدرين لقيمة هذا‬ ‫املهرجان ‪.‬‬ ‫وهنا‪ ‬يكون‪ ‬املهرجان ذا طابع دائ��م منتظم‪،‬‬ ‫وي�ضم ممثلى الدول الأفريقية املختلفة من منتجني‬ ‫وخم��رج�ين وك�ت��اب وروائ�ي�ن و�سينمائيني وم�ؤلفني‬ ‫وغريهم من �صناع ال�سينما وامل�سرح؛ للعمل معا‬ ‫لالرتقاء بالفن الأفريقى ون�شر ثقافتنا فى جميع‬ ‫انحاء املعمورة ‪ .‬وحتى نعيد من جديد زمن الزعيم‬ ‫عبد النا�صر الذى كان يعي�ش فيه امل�صريون ق�ضايا‬ ‫التحرر الأفريقى من اال�ستعمار باعتبارها ق�ضية‬ ‫م�صرية‪ .‬‬

‫‪v‬‬

‫أبريل ‪2012‬‬

‫‪89‬‬


‫مهرجانات‬

‫مهرجان األقصر للسينما األفريقية‬ ‫إيجابيات ‪ -‬سلبيات‬

‫�أ�سدل الثالثاء ‪ 29‬فرباير ال�ستار على فعاليات مهرجان الأق�صر‬ ‫لل�سينما الأفريقية الأول‪ ،‬الذى ا�ستمر على مدار ت�سعة �أيام والذى قدم‬ ‫‪ 93‬فيلم �أفريقيا من ‪ 30‬دولة‪ ،‬كانت فيها الأق�صر حافلة بالفن الأفريقى‬ ‫ال��ذى غ��اب عنا منذ �سنني‪ ،‬وبالطبع نريد بقاء ه��ذا املهرجان حيا‬ ‫مزدهرا‪ ،‬ب�شرط النظر �إليه من قرب‪ ،‬لر�ؤية جميع جوانبه ومعرفة ما‬ ‫فى هذه الدورة من �إيجابيات و�سلبيات‪ ،‬تلك التى قد ال يراها القائمون‬ ‫عليه‪ ،‬بحكم زنهم يغ�ضون �أب�صارهم عن ال�سلبيات‪ ،‬خادعني �أنف�سهم‬ ‫ومن حولهم‪.‬‬ ‫علينا �أن نعرف �أوال �أن ميزانيه املهرجان ترتاوح ما بني ‪� 7‬إىل ‪9‬‬ ‫مليون جنيه ‪ ،‬وهى ميزانية بالطبع �ضخمة على مهرجان وليد‪ ،‬فاقد‬ ‫للهوية والتنظيم واخل�برة‪� ،‬ساهم فى امليزانية كل من وزارة الثقافة‬ ‫�صاحبة الن�صيب الأكرب‪ ،‬ووزارة ال�سياحة ووزارة الطريان‪ ،‬وحمافظة‬ ‫الأق�صر‪.‬‬ ‫و�سنتطرق �أوال‪ ,‬لإيجبيات‪ ‬املهرجان‪ ،‬ومن �أهمها �إقامة مثل هذا‬ ‫املتلقى الفريد على �أر���ض م�صرية‪ ،‬وقد �شهد م�شاركة نحو ‪ 30‬دو لة‬ ‫�أفريقية‪ .‬فال �شك �أن املهرجان �ساهم ب�شكل ملحوظ فى دعم وتطوير‬

‫‪v‬‬

‫‪88‬‬

‫ن�سرين حجاج‬

‫�أوا�صر العالقات الثقافية واالجتماعية بني �شعوب �أفريقيا بع�ضها‬ ‫البع�ض‪ .‬خا�صه و�أن فعاليات املهرجان جاءت متزامنة مع التطورات‬ ‫الإيجابية التى �شهدتها القارة خالل ال�سنوات الأخرية‪� ،‬سواء من امتداد‬ ‫الدميقراطية وجناح ثورتني �سلميتني فى م�صر وتون�س‪ ،‬وتر�سيخ قيم‬ ‫ومبادئ احلكم الدميقراطى فى العديد من الدول الأفريقية‪.‬‬ ‫وك��ذل��ك �ساهم املهرجان ف��ى ن�شر الأف �ك��ار ال�ب�ن��اءة‪ ،‬واخل�برات‬ ‫املرتاكمة‪ ،‬وحتقيق التوا�صل بني ال�شعوب الأفريقية اجتماعيا وثقافيا‪.‬‬ ‫فم�صر عرب التاريخ كانت وال زالت نقطة التقاء الثقافات‪ ،‬والعقائد فى‬ ‫قارتها الأفريقية‪ ،‬ولعل ‪ 25‬مايو ‪ 1963‬كان �شاهدا على العمل الأفريقى‬ ‫امل�شرتك ب�إن�شاء منظمة الوحدة الأفريقية‪ ،‬التى وفرت ل�شعوب القارة‬ ‫الإط��ار الداعم جلهودها الرامية لتحقيق طموحاتها امل�شروعة فى‬ ‫اال�ستقالل‪ ،‬ومناه�ضة التمييز العن�صرى‪ ،‬والبناء والتنمية ‪.‬‬ ‫و�إذا نظرنا لهذه الدورة الأوىل ملهرجان الأق�صر لل�سينما الأفريقية‬ ‫جن��ده يوفر فر�صة لنا جميعا‪ ،‬يجب ا�ستثمارها وتطويرها ل�صالح‬ ‫�شعوبنا ‪،‬حيث �إن تبادل الثقافات هى مدخلنا للرتابط واالنتماء‪ ،‬وتنبع‬ ‫�أهمية هذا املهرجان من كونه بوتقة �صهر ثقافى �أفريقى‪ ،‬ومنطلق‬


‫الثورة ‪ ..‬والثورة امل�ضادة‬ ‫وك�م��ا ف�ضح ال �ع�لاوى ه� ��ؤالء الفا�سدين فقد‬ ‫حذر من املرتب�صني بالثورة‪� ،‬أو الثورة امل�ضادة كما‬ ‫�صورهم وهم يختفون خلف اجلدران ال تظهر منهم‬ ‫�سوى �أ�صابعهم التى يريدون بها حتريك الأحداث �أو‬ ‫تغيري دفة الثورة‪ ،‬وينتظرون حلظة االنق�ضا�ض على‬ ‫مكت�سبات الثورة‪.‬‬ ‫ولأن��ه ال يقوم بعمل �أى متثال �إال �إذا كان لديه‬ ‫ما يريد التعبري عنه‪ ،‬فهو ال ميار�س الفن كى يكون‬ ‫فنان ًا‪ ،‬و�إمنا لأن التعبري هو قوة قاهرة ت�ضغط عليه‬ ‫تخرج مثل االنفجار وال ي�ستطيع منعها‪ ،‬تخرج نتيجة‬ ‫تفاعل يحدث �أو �أحداث معينة م�ؤثرة‪ ،‬ترتاكم حتى‬ ‫ت�صل �إىل ال��ذروة فتخرج فى �شكل فنى معربة عن‬ ‫تلك ال �ق��وة‪ .‬و�أع �م��ال��ه كلها نتيجة م�ع��ان��اة فكرية‬ ‫و�شعورية‪ ،‬فهو يت�أثر مبا يحدث من حوله حتى لو‬ ‫كانت �أحداث عاملية ولي�ست حملية‪.‬‬ ‫وفى عمله الذى �شبه بتمثال اخلما�سني العظيم‬ ‫لنحات م�صر الأول “حممود خمتار”‪� ،‬إال �أن فى هذا‬ ‫الت�شبيه نوع من الت�سرع فى ربط العملني مبفهوم‬ ‫مقاومة الرياح‪ ،‬حتى ولو كانت الرياح رمزية‪ .‬نرى‬ ‫اخلما�سني عند “خمتار” يقاوم ت�أثري الرياح‪� ،‬أما‬ ‫فى عمل “العالوى” ف�إنه فى حالة بحث عن �ضوء‬ ‫�أو �أم��ل فى ظ��روف و�أج��واء مظلمة وخانقة‪ ،‬بحث‬ ‫عن م�ستقبل ال دليل على وج��وده بالن�سبة ل��ه‪ ،‬فال‬ ‫الر�ؤية �أو التنف�س �أو ال�سمع �أو التعبري بالكلمة مباح‪.‬‬ ‫فالظلم والقهر وقتل امل�ستقبل والق�ضاء على الأمل‬ ‫فى التغيري‪ ،‬كل هذا ي�صعب التعبري عنه فى النحت‬ ‫دون اللجوء �إىل املفردات املعتادة فى الأعمال الفنية‬ ‫التقليدية من �سال�سل وقيود وط�أط�أة‪...‬‬ ‫معاناة فكرية‬ ‫ليتحول العمل النحتى عند “العالوى” �إىل كتاب‬ ‫�أدبى يعرب عن معان �إن�سانية رفيعة‪ ،‬لت�صبح الرموز‬ ‫حا�شدة موزعة فى التكوين النحتى لت�صنع التوازن‬ ‫والإيقاع‪ ..‬وتو�صل فى النهاية املعنى املراد‪� .‬أما فى‬ ‫ه��ذا العمل فقد مت التكثيف والرتكيز والتلخي�ص‬ ‫لكل معانى الظلم والقهر والرغبة فى البحث رغم‬ ‫ذلك عن امل�ستقبل الذى مل تظهر له �أى بادرة بعد‪.‬‬ ‫�إن ال�غ�لاالت الكثيفة ه��ى التى ت�ق��اوم‪ ،‬وه��ى التى‬ ‫ترمز للقهر والظلم واملنع من التقدم �إىل امل�ستقبل‪.‬‬ ‫الغالالت هى رمز ملعانى غري منظورة كثرية تت�آمر‬ ‫على حياة الإن�سان‪ ،‬حياة الوطن‪.‬‬ ‫ك�م��ا � �ص��ور امل�ترب���ص�ين �أي �� ً��ض��ا ف��ى ع�م��ل �آخ��ر‬ ‫ا�سماه “جبل اجلليد” الذى ظهر منه ن�صف وجه‬ ‫املرتب�صني و�أطراف الأ�صابع ول�شدة خطورته وقف‬

‫‪v‬‬

‫أبريل ‪2012‬‬

‫‪91‬‬


‫معارض‬

‫معارك فكرية ‪ -‬نحتية‬

‫بين العالوى وباسم فاضل‬

‫بقاعة احل�سني فوزى مبركز اجلزيرة للفنون معر�ض للنحات الكبري‬ ‫“حممد العالوى”‪ ،‬الذى مل يلج�أ �إىل تقليد الفن امل�صرى القدمي حني‬ ‫ا�ستقى منه روحه اخلال�صة وعبريه الفواح‪ .‬ف�أ�سلوب العالوى قد اعتمد‬ ‫على االختيار الواعى واملح�سوب من ناحية‪ .‬والب�ساطة والتلقائية من‬ ‫ناحية �أخرى‪ .‬وهو يعي�ش فى اختياره �صدق جتربة الفنان ونقاءها من‬ ‫�شوائب التقليد واالبتداع‪ .‬مبلور ًا فى نهاية الأمر �أ�سلوب ًا خا�ص ًا يجمع‬ ‫بني ال�شكل الواقعى والتجريدى والرمزى فى ن�سيج متقن‪ .‬العالوى من‬ ‫بني الفنانني الذين ينتمون �إىل االجتاه امل�سمى التعبريية الرمزية من‬ ‫خالل ا�ستلهام �أ�شكال ومالمح ل�شخو�ص وعنا�صر �آتية من الطبيعة‬ ‫ملخ�صة املالمح‪ ...‬النحت لديه عمل تركيب بنائى قائم على تعدد‬ ‫العنا�صر وو�ضوحها مع ًا فى تراكيب مليئة بالفراغات البينية وال�سطوح‬ ‫احلا�ضرة واجلدران ال�شاهقة وال�شخو�ص املتعددة‪.‬‬ ‫ا�ستقراء الأحداث‬ ‫الفنان النحات الكبري د‪“ .‬حممد العالوى” واحد من كبار الفنانني‬ ‫الت�شكيليني الذين ر�صدوا واقع م�صر قبل ثورة ‪ 25‬يناير و� ً‬ ‫أي�ضا ا�ستقر�أ‬

‫‪v‬‬

‫‪90‬‬

‫د‪� .‬إينا�س ح�سني‬

‫الأح��داث الالحقة لهذه الثورة العظيمة فى العديد من �أعماله‬ ‫النحتية التى ت�شهد بعبقرية هذا الفنان الذى مل ينف�صل حلظة عن‬ ‫جمتمعه‪ ،‬وحمل هموم وطنه و�سجلها فى �إبداعاته‪ ،‬ومنها ن�ست�شف‬ ‫مدى و�ضوح الرمز فى �أعماله والذى يكاد ينطق وي�صرخ ويوقظ‬ ‫النائمني ويفيق الغافلني‪.‬‬ ‫من هذه الأعمال نختار بع�ضها و�أولها‪ :‬متثال لثالثة “قوالب‬ ‫ب�شرية” تكتم �أياديها فمها‪ ،‬ولكنها حتاول رف�ض هذا التكميم واملنع‬ ‫من الكالم‪ ،‬ب�أن ترفع رجلها الي�سرى فى وجوه امل�شاهدين‪ ،‬كنوع من‬ ‫االعرتا�ض ال�ساخر على الديكتاتورية التى منعتها من النطق رغم‬ ‫ما ت�سمعه وت�شاهده‪ ،‬فتعطلت لغة احلوا�س‪ ،‬ومل تخرج الكلمات لكن‬ ‫االعرتا�ض على الأو�ضاع مازال قائ ًما كما �صوره الفنان!‬ ‫والعمل الثانى ي�صور الرحاية التى يجل�س عليها �أربعة �أ�شخا�ص‬ ‫ر�ؤو�سهم مط�أط�أة‪ ،‬والتعبري ال��ذى ي�صل �إىل امل�شاهد هو �أنهم‬ ‫يت�آمرون ويهم�سون‪ .‬كيف يطحنون الفقراء فى الرحاية وميت�صون‬ ‫دماءهم‪� ،‬إنهم ع�صابة الفا�سدين واملحتكرين‪�.‬ص�ص‬


‫‪v‬‬

‫أبريل ‪2012‬‬

‫‪93‬‬


‫فوق جمجمته طائر �شيطانى يو�سو�س له حتى ينق�ض بفعلته الآثمة‪.‬‬ ‫دماء فرعونية‬ ‫وهو يرى �أن النحت هو الر�سم فى الفراغ‪ ،‬بحيث جتتمع كل اخلطوط لتكون فى‬ ‫النهاية �شك ًال جم�سم ًا‪ ،‬وعند التحاقه بكلية الفنون كان حلمه هو الت�صوير الزيتي‪،‬‬ ‫وفى مرحلة ال�سنة الإعدادى وهى �سنة عامة يدر�س فيها الطالب كل التخ�ص�صات‬ ‫لي�ستقر فى النهاية على ما يحب ويتقن؛ فى هذه ال�سنة وجد �أنه ي�شتاق جد ًا ليوم‬ ‫حما�ضرة النحت وك�أنه فى انتظار حبيب‪ ،‬وهذا رغم حبه للت�صوير ولكنه وجد‬ ‫نف�سه �أكرث عندما يعرب عن طريق النحت‪ ،‬فالنحت فى الفنون الت�شكيلية مثل‬ ‫ال�شعر فى فنون الأدب؛ فهو ما قل ودل فى بالغة وجمال‪.‬‬ ‫وهكذا نرى فى �أعماله ثرا ًءا فني ًا مينح للناظر الأمل فى قدرته على �إثراء‬ ‫احلياة الت�شكيلية امل�صرية بدماء فرعونية‪ ،‬عرب ب�صدق عن ذاته ك�إن�سان �أو ًال‬ ‫وم�صرى ي�ؤر�شف جتربته كفرد من �أفراد الكرة الأر�ضية ثاني ًا‪.‬‬ ‫�أبي�ض و�أخ�ضر‬ ‫�أما الطرف الثانى فى املعركة الفكرية جند �أعمال الفنان الدكتور “با�سم‬ ‫فا�ضل” والتى تعر�ض بقاعة “كمال خليفة” مبركز اجلزيرة للفنون‪ ،‬مثلت جزء ًا‬ ‫من الإنتاج الرث لهذا الفنان خالل رحلته فى عامل الفن‪ ..‬تنوعت �أعمال هذا‬ ‫املعر�ض بني قطع النحت والنحت البارز والنحت الغائر على جدران احلوائط‪،‬‬ ‫كانت الألوان ترتاوح بني الأبي�ض والأخ�ضر‪ ،‬غلبت على تلك التكوينات الت�صويرية‪،‬‬ ‫وك�أن مفردات تلك اللوحات قد �أ�ضحت �أبطا ًال مل�سرحية تتحرك فى كل اجتاه‪.‬‬ ‫�أعماله ي�شكل بها �أبجدية الب�صرية اخل�صو�صية‪ ..‬وت�أتى هذه القوة من‬ ‫حتكمه الكامل فى التعامل مع اللوحة حيث تتداخل الأ�شكال والأفكار‪ .‬منحوتاته‬ ‫ذات طابع م�سرحى روائى بالرغم من حبكتها الفنية وتكوينها املتكامل‪ ،‬واتخاذ‬ ‫�أبطالها �صفات معمارية‪ ،‬فهم يلعبون دور ًا جمالي ًا ت�سوده اخلطوط الر�أ�سية‬ ‫والأفقية‪ ،‬مما ي�سفر عن �إح�سا�س بالر�سوخ والدميومة وال�صرحية حني نتطلع �إىل‬ ‫�أحد الأعمال‪ ،‬يخيل �إلينا �أنه يرتفع �إىل �سبعة �أمتار �أو �أكرث بينما هو فى الواقع قد‬ ‫ال يزيد على املرت ارتفاع ًا‪.‬‬ ‫فى لوحات “با�سم” ندرك امللم�س ناعم ًا‪ ..‬لنجده فى لوحاته متنوع وب�أحجام‬ ‫كبرية و�صغرية ك�أن الفكرة تنك�شف مع �صغر احلجم �أو كربه وتزداد ح�ضور ًا‪..‬‬ ‫وهذا ما الحظته‪ ،‬رغم �أنها نف�س مفردات لوحاته‪ ،‬نف�س العامل‪ ..‬نف�س زاوية تقدمي‬ ‫امل�شهد‪.‬‬ ‫طابع م�سرحى روائي‬ ‫وقد �أحدثت تقنية البارز ـ الغائر (الريليف) �أخذ ملفرداته �إىل عمق ثالث‬ ‫ملمو�س موجب �أو �سالب بينما �أدركنا العمق �أو البعد الثالث فى لوحاته �إيحائي ًا‪.‬‬ ‫الفنان مولع ب�إحداث الت�أثريات الب�صرية التى يولدها �إيهام ًا تركيب �أ�شكال‬ ‫على م�سطحات متتالية �إىل داخل اللوحة ولها تتال �أخر عر�ض حيث ال�صورة �أو‬ ‫امل�شهد ال ي�ؤلف مو�ضوع ًا متكام ًال بحد ذاته بل هو جزء م�أخوذ من ن�سيج فى حالة‬ ‫م�سار عر�ض من ميني �إىل ي�سار اللوحة �أو العك�س والتى كما ذكرت دون �أن يرتك‬ ‫عنا�صره �سجينة �أو متقولبة فى امل�شهد داخل اللوحة وهذا االمتداد الب�صرى الذى‬ ‫ي�ساعد امل�شاهد �أن يتخيل امتدادات اللوحة طو ًال عرب �سرده الأفقى وعمق ًا عرب‬ ‫عدة م�ستويات متتالية و�أحيان ًا متداخلة‪.‬‬ ‫‪v‬‬

‫‪92‬‬


‫‪v‬‬

‫أبريل ‪2012‬‬

‫‪95‬‬


‫فى معرضه الجديد‬

‫عبد الوهاب عبد المحسن‬ ‫يحلق بين األرض والسماء‬ ‫‪v‬‬

‫‪94‬‬


‫‪v‬‬

‫أبريل ‪2012‬‬

‫‪97‬‬


‫يقيم الفنان عبد الوهاب عبد المحسن‬ ‫معرضه الجديد (بقاعه الهناجر )‪ ،‬والذى‬ ‫يستلهم فيه بحيرة البرلس؛ ليقدم لنا‬ ‫تجربة فريدة‪ ،‬تجمع بين المنظر الطبيعى‬ ‫والمدرسة التجريدية‪ ،‬وهو يذكرنا بتجربة‬ ‫(كاندينسكي)‪ ،‬حيث عاش فى منطقة‬ ‫( م��ورن��او)‪ ،‬وال��ت��ى تبعد ح��وال��ى مائة‬ ‫كيلومتر عن مدينة (ميونخ) األلمانية‬ ‫تلك المنطقة التى عاشت فيها الفنانة‬ ‫جابرييل مونته‪ ،‬وقد ألهمتهما المنطقة‬ ‫بتنوعها الجغرافى والطبيعى بما سميت‬ ‫بعد بالمدرسة التجريدية‪ ،‬والرائع هنا‬ ‫والمهم فى أعمال الفنان عبد الوهاب‬ ‫عبد المحسن‪ ،‬أنه يستلهم أعماله من‬ ‫الطبيعة‪ ،‬وم��ن ذات��ه‪ ،‬وليس ت��ردي��دا أو‬ ‫اقتباسا أو تناصا مع فنانين آخرين‪ ،‬وهذا‬ ‫هو األهم بالنسبة لتجربة أى فنان‪ ،‬أن‬ ‫تكون تجربة حقيقية وأصلية‪ ،‬وقد تناول‬ ‫كثيرون من الفنانين البحيرات المصرية‪،‬‬ ‫مثل بحيرة المنزلة‪ ،‬وبحيرة البرلس‪ ،‬منهم‬ ‫الفنان حسن عبد الفتاح‪ ،‬وعبد العال‬ ‫حسن‪ ،‬ومحمد الطراوى‪ ،‬وإذا كان هؤالء‬ ‫قد تناولوا المشهد الطبيعى للبحيرات‬ ‫بطريقة أكثر التزاما بقوانين المنظر‬ ‫الطبيعى‪ ،‬إال أن عبد الوهاب يختلف فى‬ ‫تناوله ورؤيته فى التعامل مع المنظر‬ ‫حيث يحلق فى المنطقة الوسطى بين‬ ‫الواقع والخيال‪ ،‬أو بين الرؤية الطبيعية‬ ‫والرؤية التجريدية‪ ،‬كما يختلف عنهم‬ ‫أيضا فى التناول اللونى‪ ،‬فنرى االقتصاد‬ ‫اللونى فى أعمال الفنان‪ ،‬ولعله استغنى‬ ‫عن ذلك بالتنويع فى استخدام الخطوط‬ ‫والمساحات‪ ،‬والتنقيط والتهشير‪ ،‬ما‬ ‫أعطى إحساسا موسيقيا ألعماله فتتحول‬ ‫اللوحات إلى مقطوعات موسيقية‪ ،‬ونرى‬ ‫فضاء البحيرة المنبسط‪ ،‬ونسمع حفيف‬ ‫البوص النابت رأسيا على مسطح البحيرة‬ ‫األفقى؛ كى يصنع اتزانا بصريا تشكيليا‬ ‫اقتنصه الفنان بعينه‪ ،‬ومشاعره ليقدمه‬ ‫لنا فى أعماله الفنية ‪.‬‬ ‫‪v‬‬

‫‪96‬‬


‫خريية كثرية‪ ،‬منها الإ�شراف على الأطفال‬ ‫وتعليمهم فى دول العامل الفقرية ‪.‬‬ ‫وف���ى ال���ي���وم ال��ث��ال��ث ق���دم ك���ل ف��ن��ان‬ ‫�أعماله من خالل داتا�شو‪ ،‬وناق�ش �أعماله‬ ‫الت�شكيلية �أمام الباقني امل�شاركني بالور�شة‬ ‫‪ ،‬وهنا �ألقى الفنان امل�صرى ال��رزاز ورقة‬ ‫عمل بحثية‪ ،‬اهتم بها جميع امل�شاركني‪،‬‬ ‫وطلبوا االحتفاظ بهذه الورقة البحثية؛‬ ‫لتطرح ف��ى املحافل ال��دول��ي��ة‪ ،‬وتتلخ�ص‬ ‫الكلمة فى �إثارة خم�سة حماور هامة هى ‪:‬‬ ‫�إ�شكالية ت�صادم وحدة املعايري النقدية مع‬ ‫م�ضامني التجربة الإن�سانية والإبداعية‬ ‫عند الفنان؛ الختالف وتوجهات كل منهم‬ ‫على حدة ‪.‬واختالط “ م�سارات الفكر فى‬ ‫الفن” مع معطيات احل�ضارة احلديثة‪،‬حتى‬ ‫تاهت الأوىل عن م�سارها من فرط الثانية‪.‬‬ ‫و�أ���ص��ب��ح ال��ف��ن م�����ش��اع�� ًا ل��ك��ل �إن�����س��ان‬ ‫بفعل �آل��ي��ات النقد وتوجهاته والتطور‬ ‫التكنولوجى الالحمدود‪.‬‬ ‫والطغيان احلقيقى للمادة ‪ ..‬لتغيب‬ ‫الروح عن الفن والناجت الإن�ساين‪ ،‬ال �أنكر‬ ‫�ش�أن املادة و�أهميتها قدر ما لها من انعكا�سات‬ ‫�ضارة و�آثار مرتدية على الوجدان الب�شرى‬ ‫ف���ى ع���دم ات��زان��ه��ا م���ع ع��م��ق احل�����ض��ارة‬ ‫الإن�سانية‪.‬‬ ‫الآن من امل�ؤكد �أن الإن�سان فى خطر‬ ‫يداهمه فى كل مكان‪ ،‬وال يقوى الفن على‬ ‫املجابهة‪ ،‬واعتقادى هنا �أن��ه قد ال يقوى‬ ‫على البقاء‪.‬‬ ‫انتهت املحاور اخلم�سة التى فجرها “‬ ‫الرزاز” فى ه��ذا امللتقى ال���دويل‪ ،‬و�سوف‬ ‫يقيم معر�ض ًا لتجربة رحلته �إىل الهند‬ ‫وذلك مبركز موالنا �آزاد الثقافى “املركز‬ ‫الثقافى الهندي”بالقاهرة !‬ ‫‪v‬‬

‫أبريل ‪2012‬‬

‫‪99‬‬


‫ملتقيات فنية‬

‫فنانان مصريان‬ ‫يشاركان فى ورشة عمل تشكيلية دولية فى الهند‬

‫تت�سابق الآن معظم دول العامل على تنظيم امللتقيات‬ ‫الفنية الت�شكيلية؛ ملا لها من �أثر �إيجابى فى تفعيل دور‬ ‫الفن الت�شكيلى ف��ى احل��ي��اة املعا�صرة‪ ،‬ونحن ف��ى �أم�س‬ ‫احلاجة للحذو نحو ذلك الطريق فى م�صر‪ ،‬حتى نواكب‬ ‫الن�شاط الفنى الدوىل‪ ،‬حيث ز�صبحت امللتقيات تركز على‬ ‫التوا�صل ال�شخ�صى بني الفنانني‪ ،‬بد ً‬ ‫ال من جمرد تبادل‬ ‫لأعمال الفن وحدها‪.‬‬ ‫وقد �شارك الفنانان امل�صريان «رفقى ال��رزاز» و»هيام‬ ‫عبد الباقي» ف��ى تلك الور�شة الدولية التى نظمتها‬ ‫م�ؤ�س�سة ‪ tellus art‬ال�سويدية‪ ،‬حيث دعت �أربعني دولة‬ ‫‪v‬‬

‫‪98‬‬

‫من كافة �أنحاء العامل‪ ،‬وذلك فى الفرتة من ‪ 18‬فرباير‬ ‫‪� 2012‬إىل ‪ 28‬فرباير ‪ 2012‬مبنطقة قريبة من جبال‬ ‫الهمااليا ‪-‬الهند و�سط طبيعة خالبة‪ ،‬من �أ�شجار النخيل‬ ‫وال�شالالت والغابات املفتوحة املنب�سطة مل�ساحات هائلة‪،‬‬ ‫بد�أت فعاليات الور�شة بتعارف فناين ‪ 40‬دولة م�شاركة‬ ‫منها دولة �أمريكا ال�شمالية‪ ،‬وال�سويد‪ ،‬وكوريا‪ ،‬و�أملانيا‬ ‫وفرن�سا‪ ،‬والهند‪ ،‬وقطر‪ ،‬وال�سعودية‪ ،‬والعراق‪ ،‬وفى اليوم‬ ‫التاىل بد�أت ور�شة العمل ب�إنتاج عملني لكل فنان‪ ،‬و�سوف‬ ‫تقيم بهم امل�ؤ�س�سة ال�سويدية م��زاد ًا علنيا لطرح نتاج‬ ‫الأعمال الفنية للبيع ل�صالح امل�ؤ�س�سة التى تتبنى �أعما ً‬ ‫ال‬


‫ي�صبح �أك�ثر ليونة‪ ،‬ث��م يو�ضع على م�صفاة‬ ‫فى �شكل م�ستطيل‪ ،‬ثم يو�ضع على قطع من‬ ‫القما�ش حتى يجف؛ وهى عملية ت�ستغرق يوما‪.‬‬ ‫ينتج من الورق �شتى املنتجات الورقية ك�أكيا�س‬ ‫الهدايا وكروت املعايدات‪ ،‬والألبومات‪.‬‬ ‫مركز ت��دوي��ر القمامة م�ؤ�س�سة �ضخمة‬ ‫لتحويل القبح �إىل ج�م��ال‪ ،‬وتعليم عائالت‬ ‫عاملي القمامة ‪،‬وتوفري الرعاية ال�صحية لهم‬ ‫وه��و �أح��د �أه��م الأن�شطة لهيئة احلفاظ على‬ ‫البيئة‪ .‬نتمنى �أن يتم اال�ستفادة من املخلفات‬ ‫الزراعية بنف�س هذا الأ�سلوب بدال من حرقها‬ ‫والت�سبب فى تكوين ال�سحابة ال�سوداء‪ ،‬كما‬ ‫نتمنى �أن تت�ضاعف ل��وري��ات وع �م��ال جمع‬ ‫القمامة حتى ت�صبح �شوارع املحرو�سة خالية‬ ‫م��ن القمامة ‪ ،‬ففى النهاية ت��دوي��ر القمامة‬ ‫منجم لت�صنيع منتجات ي�ق��ل ثمنها على‬ ‫مثيالتها املنتجة ب��دون ت��دوي��ر‪ ،‬وه��و فر�صة‬ ‫ال�ستخدام ما يتم التخل�ص منه ب�شكل يفيد‬ ‫اجلميع‪.‬‬

‫‪v‬‬

‫أبريل ‪2012‬‬

‫‪101‬‬


‫تحقيقات‬

‫تدوير القمامة‬ ‫منجم لتحويل القبح إلى جمال‬ ‫هل يأتى يوم نرى فيه شوارع المحروسة بال قمامة‪،‬‬ ‫ومصربال سحابة سوداء؟‬

‫مبنطقة الزبالني باملقطم‪ ،‬وعلى مد الب�صر‪،‬ال ميكنك ر�ؤية �أى‬ ‫�شىء �سوى القمامة التى حتيط باملكان من كل جانب‪ ،‬وبينما تفرغ‬ ‫اللوريات حمولتها من القمامة فى �أكيا�س �ضخمة‪ ،‬وين�شغل بع�ض عمال‬ ‫القمامة فى فرزالقمامة‪ ،‬والبع�ض يحمل على ظهره جمموعة كبرية‬ ‫من الكراتني‪ ،‬يلعب �أبناء عمال القمامة فى املوقع املمتلىء بالقمامة‬ ‫من كل �صوب وحدب‪.‬‬ ‫و�سط ه��ذا امل�شهد يتواجد املقر الرئي�سى لهيئة احلفاظ على‬ ‫البيئة؛ وقد ن�ش�أت عام ‪ 1985‬كم�ؤ�س�سة لت�صنيع ال�سماد‪ ،‬و�أ�صبحت‬ ‫اليوم مركزا لت�صنيع العديد من املنتجات التى تدر عائدا ماديا ‪�،‬إىل‬ ‫جانب كونها موقعا يحيل القبح �إىل جمال‪.‬‬ ‫فاليوم تنتج ال�سجاجيد وال�شنط املغزولة‪ ،‬والأغطية املخيطة‬ ‫برتقيع �أ�شكال ووحدات من الأقم�شة املنقو�شة واملزرك�شة على املنتج‬ ‫ب�شكل جماىل‪.‬‬ ‫كما توفرالهيئة التعليم‪ ،‬والرعاية ال�صحية‪ ،‬وتقوم بحمالت‬ ‫لزيادة الوعى ال�صحى للعاملني‪ ،‬كما يوجد لها فرعان �آخران بطرة‬ ‫والقطامية‪.‬‬ ‫عمال القمامة �أ�صال جماعة من �صغار الفالحني نزحو من‬

‫‪v‬‬

‫‪100‬‬

‫باربارا ندا‬

‫ال�صعيد للقاهرة عام ‪ 1940‬بحثا عن ظروف عمل �أف�ضل‪ ،‬اختلطوا‬ ‫بجماعات من الواحة البحرية العاملني بجمع القمامة‪ ،‬ومبعاونتهم‬ ‫�أ�صبح جمع القمامة مهنتهم‪ ،‬وم�صدر دخلهم الوحيد‪ .‬وهم يجمعون‬ ‫‪ %40‬من القمامة فى م�صر‪ ،‬ويتم تدوير ‪ %85‬منها وهى ن�سبة عالية‬ ‫للغاية �إذا ما قورنت مبا يتم تدويره بالدول الغربية‪.‬‬ ‫�أحد �أهم �أهداف الهيئة هى تقدمي العون للزبالني‪ ،‬خا�صة املر�أة‬ ‫بتوفري فر�ص عمل تدر عائدا ماديا‪ ،‬من خالل تدوير القمامة‪ .‬تعمل‬ ‫خم�س ع�شرة ام��ر�أة فى الأق�سام املختلفة ك�إنتاج عنا�صر خميطة‬ ‫ومزينة برتقيع وحدات زخرفية عليها‪ ،‬والغزل‪ ،‬و�إنتاج الورق‪ ،‬بينما‬ ‫تعمل ‪ 200‬امر�أة من منازلهن‪ .‬يتم تدريب العامالت ملدة ثالثة �أ�شهر‬ ‫تتعلم فيها القراءة والكتابة‪ ،‬وحرفة �صنع املنتجات اليدوية‪ ،‬بعدها‬ ‫تعمل الن�ساء من منازلها‪ ،‬وحت�ضر مرة �أو مرتني فى الأ�سبوع ملكان‬ ‫العمل‪ .‬ومن منتجاتهن؛ اللعب‪ ،‬والدمى‪ ،‬و�أغطية ال�سرير‪،‬وت�ستخدم‬ ‫فيها بقايا الأقم�شة من م�صانع املالب�س اجلاهزة‪ .‬كما يتم ت�صنيع‬ ‫الورق من خملفات الورق لل�شركات الكربى‪ ،‬حيث ت�ستخرج الدبابي�س‬ ‫من ال��ورق �أوال‪ ،‬ثم يقطع ال��ورق‪ ،‬ثم يو�ضع فى حو�ض به مياه حتى‬ ‫ي�صبح مادة لدنة‪ ،‬وقتها يو�ضع فى حو�ض �آخر مبزيد من املياه حتى‬


WHERE UGLINESS TURNS INTO BEAUTY AND THE ILLITERATE BECOME ARTISANS

Garbage in every direction you look! That is what differentiates this area in Mukattam from any other lower class Cairene district. Besides the usual tiny coffee shops, mosks, barbers, supermarkets and bakeries the street image is determined by passing trucks, one after the other, loaded with huge garbage bags almost half the size of a car. A man is carrying big piles of carton on his back. Garages are stuffed with waste. The children of the Zabbaleen – which means garbage collectors – populating this quarter play amidst rubbish while their older family members sort the items in front of their feet. In the midst of this the headquarters of the Association for the Protection of the Environment, A.P.E., is located. The establishment of a compost plant in 1985 was the start of everything. By now the association comprises of various income generating programs such v

103

2012 ‫أبريل‬

as patchwork, rug and bag weaving and paper crafts. Further education and health care is provided through A.P.E. and health awareness campaigns are given. A.P.E. has two other branches in Tora and Katameya. The Zabbaleen originate from Upper Egypt and migrated to Cairo in the 1940’s, poor farmers looking for a better future. Their group mixed with people from the Western Desert Oasis, already involved in collecting waste, and started cooperating with them. Garbage collecting, sorting and recycling is their core source of income. The Zabbaleen by now collect at least 40% of all the waste in Cairo. 85% of such garbage is recycled, which percentage is immensely high compared to western countries. One of the main targets of A.P.E. is to help the garbage collectors, and especially the women, to find innovative ways to support the environment by recycling the waste and thereby generating income and


thus helping themselves. Within A.P.E. Madam Na’ama is responsible for the Patchwork Department. She explains most of the people working in this and the Weaving and Paper crafts Departments, are women. The staff consists of 15 ladies and there are some 200 women working from their homes. “The women in the area did not know how to read and write,” Madam Na’ama explains. “They used to work mainly in separation of garbage. A.P.E. wanted to educate them and was able to do so by offering them a job at the association. Each woman receives a 3 months training, during which she learns to read and write as well as to make handcraft works.” After the three months training is over the women continue working from home and come to the association once or twice a week. “The patchwork can easily be done from home,” Meryem completes the talk of Madam Na’ama. She is one of the ladies working in the Patchwork Department. “The weaving however needs a loom. The association provides this equipment at low price to the women. Those that cannot afford one work from here.” One of Meryems tasks is to do proposals for new designs and patterns. “When they are approved we teach all the women to work with them. The women take a salary according to their production.” The products are on display in A.P.E.’s on site store and are sold to shops in Zamalek and Maadi. “We also participate in exhibitions and fairs organized at places like the

German School, Britisch School, CSA, CAC. And we export to New York,” Meryem sums up. The tissues used for the patchwork are remainders from factories producing readymade garments. “Like BTM or Mobaco for example,” Meryem says. “The materials are bought from these factories at a very low price. If we would not buy them they would be thrown away.” A colleague of Meryem’s, Saada, shows a big envelope with small carton pieces, all in the same rectangular shape and in the same small size. “Women use these as

example to cut pieces of tissue, so that all become the same size. These are used to make a bedcover of a multitude of patches.” The women show the end result, with a wave of rectangular pieces of tissue in various blue, beige and green shades. Several other bedcovers are on display. There is a children’s bedcover with animal images in bright colors. Another has a simple yet charming pattern of flowers. Likewise pillowcases are produced, wall cloths, kitchen wants, aprons, bags, travel bags and blankets. All have cheerful and colorful designs. There is a wooden frame with an image of a port with small

ships out of pieces of tissue. Little patchwork animal-toys are among the products as also puppets for puppet theatres, rollercoasters and even Christmas socks to be hung at the fireplace and children books. Who walks around in the store will soon be enchanted by the variety of it all. Leftovers of tissue are used as well for the weaving of carpets and bags. Strips of tissue of various lengths are turned into various types of rugs, wallets, placemats, bath rugs and bags in diverse color combinations. Tissue is gathered according to its color and then inserted between the thread and woven together. There are rugs having ends of tissue sticking out which has a cheerful effect. They sometimes appear in one color or using different shades of the same. At times tissue of various colors is grouped together in a random looking way, which has a playful result. Another flat type of carpet is woven mostly in multiple color combinations. This way of working is also used for bags and wallets and bath and placemats. Four women are working in the workshop today. Two of them are still quite young, Angy of 13 and Mary of 14. These girls stopped going to school as they were obliged to earn a living. “I went to school until the age of 12,” Angy explains. “Then I started to work for A.P.E. I like my work, because it is nice to learn and create something beautiful. During the working hours we receive classes and continue our education. I am good at learning!” v

102


‫‪ ،‬ووليد كمال مدير المهرجان‪.‬‬ ‫وقد ش��ارك فى مهرجان هذا العام ‪ 68‬دول��ة عربية‬ ‫وأجنبية ‪،‬بمايقارب من ‪ 351‬فيلمًا روائيًا وسينمائيا‬ ‫ومتحركًا ‪ ،‬وكانت اليونان هي ضيف شرف الدورة هذا‬ ‫العام ‪.‬‬

‫الفلسطينى رشيد مشهراوى ‪ ،‬و د ‪ .‬أوجينى تريفزا «‬ ‫اليونان « ‪ ،‬ونيلسون شين ‪ ،‬والفنان الراحل على مهيب‬ ‫وتسلمها ابن أخيه على سعد مهيب ‪.‬‬ ‫وأكد د ‪ .‬شاكر عبد الحميد فى كلمته أن هذه الدورة‬ ‫تفتح أحضانها إلى كل العالم أطفاال وكبارا ورجاال ونساء‬

‫تضمنت مراسم االحتفال افتتاح معرض منتجات‬

‫فى ظل ظروف دقيقة‪ ،‬يمر بها وطننا الغالى مصر ‪ ،‬وقال‬

‫خيرية‪ ،‬وورش فنية وسوق الفيلم ‪ ،‬إلى جانب تقديم‬

‫‪ :‬قد كان من الشجاعة بمكان ‪ ،‬منا ومنكم ‪ ،‬أن نقيم هذه‬

‫لجان التحكيم‪ ،‬وفقرة فنية لها عالقة بفن السينما وعرض‬

‫ال��دورة ‪ ،‬كما أقيمت ال��دورة الثالثة واألربعين لمعرض‬

‫فيديو كليب عن شعار المهرجان ‪ ،‬كما تضمنت االحتفالية‬

‫القاهرة الدولى للكتاب فى يناير الماضى ‪ ،‬والدورة‬

‫البدء بالسالم الجمهورى‪ ،‬والوقوف دقيقة حداد على‬

‫األولى لمهرجان األقصر للسينما اإلفريقية بعد ذلك ‪،‬‬

‫أرواح شهداء ثورة يناير‪ ،‬وعلى روح قداسة البابا شنودة‬

‫وبدافع من المسئولية وبطاقة الحب لهؤالء الصغار كان‬

‫بابا اإلسكندرية و بطريرك الكرازة المرقسية‪ ،‬وكذلك‬

‫البد من إقامة هذا المهرجان فى عالم يموج بدعوات‬

‫شهداء أطفال بلجيكا ‪ ،‬ثم قام د ‪ .‬شاكر عبد الحميد‬

‫التحرر وربيع عربى ‪ ،‬يعطى دالالت مباشرة للجميع بأن‬

‫‪،‬ونادية الخولى‪ ،‬بإهداء دروع المهرجان للمكرمين فى‬

‫األجيال القادمة ستغير وجه العالم‪ ،‬وستحول مجرى‬

‫هذه الدورة ‪ ،‬وهم الفنان هانى رمزى ‪ ،‬والفنانة حنان‬

‫التاريخ أيضا ‪ ،‬وأن هذه األجيال الجديدة المبدعة الواعدة‬

‫ت��رك وتسلمها ابنها يوسف خالد خطاب ‪ ،‬والفنان‬

‫الصاعدة قد امتلكت ناصية العلم والتكنولوجيا ‪،‬‬

‫كريم عبد العزيز‪ ،‬وتسلمها الفنان وائل عالء ‪ ،‬والمخرج‬

‫واستطاعت أن تفلت أيضا من براثن التصلب والجمود‬ ‫‪v‬‬

‫أبريل ‪2012‬‬

‫‪105‬‬


‫دقيقة حداد على شهداء ثورة يناير وعلى روح قداسة البابا شنودة‬ ‫مهرجانات دولية‬

‫وزير الثقافة يشهد انطالق فعاليات‬

‫الدورة الحادية والعشرين لمهرجان‬ ‫القاهرة الدولى لسينما األطفال‬

‫�أمين هالل‬

‫( عالم األطفال يتغير )‬ ‫عد�سة �صالح �سعيد‬

‫‪v‬‬

‫‪104‬‬

‫ف��ى وس��ط ج��و ي��س��وده البهجة وال��س��رور‪،‬‬

‫المسرح الكبير بدار األوبرا ‪ ،‬ترأس المهرجان د‪.‬‬

‫وحضور المئات من األطفال‪ ،‬وحشد كبير من‬

‫نادية الخولى رئيس المركز القومى لثقافة‬

‫محبى سينما األطفال الذين م�لأوا المسرح‪،‬‬

‫الطفل ‪ ،‬بحضور د ‪ .‬سعيد توفيق األمين العام‬

‫انطلقت فعاليات ال��ش��رارة األول��ى لمهرجان‬

‫للمجلس األعلى للثقافة ‪ ،‬وحسن خالف رئيس‬

‫القاهرة الدولى لسينما األطفال فى دورته‬

‫قطاع مكتب وزير الثقافة‪ ،‬والمهندس محمد‬

‫الحادية والعشرين ‪ ،‬التى افتتاحها د ‪ .‬شاكر‬

‫أبو سعدة رئيس صندوق التنمية الثقافية‪ ،‬ود‬

‫عبد الحميد وزي��ر الثقافة ‪ ،‬وراف��ق��ه د ‪ .‬عبد‬

‫‪ .‬إيناس عبد الدايم رئيس دار األوبرا المصرية ‪،‬‬

‫القوى خليفة محافظ القاهرة‪ ،‬وذل��ك على‬

‫ومرفت مرسى األمين العام المساعد للمهرجان‬


‫‪v‬‬

‫أبريل ‪2012‬‬

‫‪107‬‬


‫واالعتيادية وأن تنطلق إل��ى آف��اق التحرر والعبقرية‬

‫هؤالء األطفال لكل أنحاء العالم‪ ،‬بمثابة رسالة سالم من‬

‫واإلبداع ‪ ،‬مشيرا إلى أن شعار هذه الدورة قد جاء « عالم‬

‫األطفال للكبار ولمصر» اليوم لكم وغدا لنا “ وأن البد‬

‫األطفال يتغير « بمثابة رسالة من أطفال مصر األحرار إلى‬

‫للجميع أن يدرك بأن هؤالء الصغار هم سواعد األمم‪ ،‬وهم‬

‫كل أرجاء الدنيا‪ ،‬بأن عالم الصغار يتغير‪ ،‬بل وأن العالم‬

‫من سيأتى عليهم الدور فى تحمل حرية األوطان والعبور‬

‫سيتغير من أجلهم ‪ ،‬كما أوضح عبد الحميد أن الفنون‬

‫به نحو مستقبل أفضل‪ ،‬وفى ختام كلمتها وجهت الشكر‬

‫هى مصدر المتعة واإلثارة العقلية‪ ،‬كما أنها تزودنا برؤى‬

‫للدكتور عماد أبو غازى وزير الثقافة السابق‪ ،‬ألنه أول‬

‫جديدة متجددة للمجتمع والحياة ‪ ،‬وأنها وسائل لإلبداع‬

‫من أخذ المبادرة إلقامة المهرجان ‪ ،‬كما وجهت الشكر‬

‫وتحقيق الذات والتواصل مع اآلخرين‪ ،‬ووسيلة الفنان‬

‫للدكتور شاكر عبد الحميد الذى لواله ما استطاع هذا‬

‫للتفكير البصرى ‪ ،‬كما يقول أرنهايم « محاولة التعبير عن‬

‫المهرجان أن يحقق هذا النجاح ‪.‬‬

‫العالم « من خالل لغة الشكل والصورة ‪.‬‬ ‫وقالت د‪ .‬نادية الخولى رئيس المهرجان‪ :‬لقد تغيرت‬

‫واختتم حفل االفتتاح بعرض الفيلم الهولندى “‬ ‫فوكشيه الساحرة الصغيرة “‬

‫إدارة المهرجان هذا العام ليكون القائم بالتنظيم ألول‬

‫كما شهد د ‪ .‬شاكر عبد الحميد ‪ ،‬و خليفة بن على بن‬

‫مرة هو المركز القومى لثقافة الطفل‪ ،‬التابع لوزارة‬

‫عيسى الحارثى سفير سلطنة ُعمان فى مصر حفل تخريج‬

‫الثقافة‪ ،‬األمر الذى يجعلنا فخورين بإهداء هذه الدورة‬

‫الطلبة العمانيين الدارسين بالجامعات المصرية على‬

‫ل��روح الثورة المصرية وشهدائها األب��رار ‪ ،‬وهى تفتح‬

‫المسرح الصغير بدار األوبرا المصرية ‪ ،‬إلى جانب افتتاح‬

‫أحضانها للجميع فى ظل عالم تجتاحه أم��واج عاصفه‪،‬‬

‫معرض « اإلجادة الجماعية « لمجموعة متميزة من الفنانين‬

‫وه��ا هم أطفالنا يفتحون أحضانهم إل��ى كل األم��م‪،‬‬

‫العمانيين ‪ ،‬وفى الختام قام سفير سلطنة عمان بتكريم‬

‫رافعين شعار عالم األطفال يتغير‪ ،‬لتكون رسالة من‬

‫د ‪ .‬شاكر عبد الحميد بإهدائه درع السلطنة ‪.‬‬

‫‪v‬‬

‫‪106‬‬


‫�إ�ضاءة‬

‫أزمة جمال تعادل‪..‬أزمة رغيف الخبز‬

‫قد يت�صور البع�ض �أنه لي�س هناك عالقة بني قيم‬ ‫اجلمال والذوق فى املجتمع‪ ،‬ورغيف اخلبز‪ ،‬بل قد‬ ‫يتع�صب نفر منا ويقول‪ :‬هى ناق�صة‪� ،‬إ�ضافة ق�ضية‬ ‫جديدة و�أزم��ة‪ ،‬اعتقاد ًا ب�أن ق�ضايا الفن واجلمال‬ ‫ت��رف‪ ،‬ال يليق بتعرثنا‪ ،‬ف��ى ت��وف�ير لقمة العي�ش‪،‬‬ ‫وق�سوة الظرف ووط�أة ال�ضغوط‪ ،‬التى تدفع البع�ض‬ ‫�إىل اال�ست�سالم‪ ،‬ملفهوم يف�صل ق�ضايا اجلمال عن‬ ‫مرتد‪ ،‬وي�صبح كل �شيء قاب ًال للت�أجيل‪ ،‬بدوافع‬ ‫واقع ٍ‬ ‫غ��ري��زة ال�ب�ق��اء‪ ،‬ل��درج��ة �أن�ن��ا اعتدنا القبح‪ .‬وقد‬ ‫يت�صور البع�ض �أن ق�ضايا اجلمال‪ ،‬هى ما يخ�ص‬ ‫اللوحة والتمثال من م�شاكل‪ ،‬لكن احلقيقة �أنها‬ ‫بداية الطريق‪ ،‬فق�ضايا اجلمال وفل�سفته وغاياته‪،‬‬ ‫و�أهدافه‪ ،‬هى ق�ضية وجود املوجودات‪ ،‬نف�سها فى‬ ‫�شتى مناحى احلياة‪ ،‬من منتجات وعمارة و�سيارات‪،‬‬ ‫ومالب�س‪ ،‬و�أواين املطبخ‪.‬‬ ‫بعد �أك�ثر من م��رور مائة عام على �إن�شاء كلية‬ ‫الفنون اجلميلة فى (‪ ،)1908‬هل جنح الفنانون‬ ‫الت�شكيليون فى جعل الفن الب�صرى �أحد املكونات‬ ‫الأ�سا�سية‪ ،‬فى ثقافة الأمة‪ ،‬فى بلد تاريخه وم�صدر‬ ‫ثرائه الثقافى ت�شكيلى‪.‬‬ ‫�أظن �أن العك�س حدث‪ ،‬فقد خرجت الثقافة من‬ ‫ح�سابات القوى ال�سيا�سية‪ ،‬والنا�س‪ ،‬ل�صالح �سطوة‬ ‫االقت�صاد‪ ،‬على الرغم من �صعوبة تقدم �أى �أمة �إال‬ ‫بوجود �إب��داع‪ ،‬ونزعة نقدية و�آليات مراجعة وفرز‪،‬‬ ‫وحتليل خلطوات التقدم‪.‬‬ ‫فعلى الرغم من ات�ساع قاعدة امل�شاركة لدى‬ ‫ع��دد كبري ج��دا مما يطلق عليهم فنانون؛ ف�أغلب‬ ‫امل�شاركات فى املعار�ض �سواء جماعية �أو فردية ال‬ ‫ترقى مل�ستوى الإبداع‪.‬‬ ‫امل�شهد الثانى غياب حركة نقدية‪ ،‬ومطبوعات‬ ‫متخ�ص�صة‪ ،‬ت �ق��وم ب�ع�م�ل�ي��ات ال �ف��رز وال�ت�ق�ي�ي��م‪،‬‬ ‫وامل��راج�ع��ة‪ ،‬وت�ضع املعايري‪ ،‬وتربط التواجد على‬ ‫ال�ساحة بقيم نقدية‪ ،‬و كل �أط��راف العملية الفنية‬ ‫�سواء الر�سمية �أو الأهلية �أو الأكادميية‪ ،‬ت�شرتك فى‬ ‫�أ�سباب غياب النقد‪ ،‬كمفهوم وكواقع‪.‬‬ ‫تراجعت الطبقة الو�سطى فى امل�شاركة الفاعلة‪،‬‬ ‫فى احلياة الثقافية والفنية‪ ،‬فقد خلت بيوت الطبقة‬ ‫الو�سطى‪ ،‬م��ن �أى مظهر جماىل �أ�صيل‪ ،‬وب�سبب‬

‫اقت�صادى مل يعد ي�ج��ر�أ �أح��د م��ن �أف ��راد الطبقة‬ ‫الو�سطى‪ ،‬على اقتناء لوحة �أو متثال‪ ،‬بعد �أن مت‬ ‫�إفقارها عن عمد‪.‬‬ ‫التفتيت هو عنوان املرحلة‪ ،‬ففى واحد من �أهم‬ ‫مالمح امل�شهد الت�شكيلى الآن ـ وك�أنه توافق جمانى‬ ‫مع �أه��داف العوملة ـ نلمح االنق�سامات الطائفية‪،‬‬ ‫ظاهرة بعد �أن كنا قد جتاوزنا‪ ،‬التفرقة بني عطاء‬ ‫الفنانني‪ ،‬ب�سبب االنتماء الأكادميي‪� ،‬أو املنهجية‪� ،‬أو‬ ‫الأيدلوجية‪ ،‬والفي�صل هو الإبداع والعطاء‪ ،‬ال فرق‬ ‫بني فنان من كلية الفنون اجلميلة‪ ،‬و�آخر من �أبناء‬ ‫كلية الرتبية الفنية‪� ،‬أو من الفنون التطبيقية‪.‬‬ ‫وملمح �آخر فى امل�شهد‪ ،‬وهو حماولة التفوق من‬ ‫تيار يتمثل فى الرتبية الفنية‪ ،‬على ما ي�سمى بتيار‬ ‫الفنون اجلميلة من ناحية التواجد‪ ،‬حيث بذل �أبناء‬ ‫الرتبية الفنية جهدا كبريا فى هذا الهدف باعتبار‬ ‫�أن ال�ساحة الثقافية هى الإف��راز الطبيعى للحياة‬ ‫الفنية‪ ،‬وال�ساحة طبعا ممثلة فى املعار�ض والإعالم‬ ‫وجلان التحكيم وال�سفريات للخارج‪ ،‬ومتثيل م�صر‬ ‫ودخ��ول امل�سابقات‪ ،‬واحل�صول على اجلوائز‪ ،‬هذا‬ ‫فى الوقت الذى تراجعت فيه كلية الفنون اجلميلة‬ ‫و�أبنائها عن املناف�سة؛ فالتغريات التى حدثت فى‬ ‫املجتمع �أدت �إىل �أن �أبناء الفنون اجلميلة اتخذوا‬ ‫م���س��ارات �أخ ��رى‪ ،‬حتقق لهم ال �ت��وا ُءم والع�صرية‬ ‫بغر�ض مواكبة التحوالت التى حدثت فى املجتمع‪،‬‬ ‫فى اجتاه �آخر بعيد عن الإب��داع اخلال�ص‪ ،‬ل�صالح‬ ‫البحث عن لقمة العي�ش‪ ،‬بينما ت�صدى لهذا الدور‬ ‫و�سعى �إىل املقدمة �أبناء كلية الرتبية الفنية‪ ،‬فيما‬ ‫اكتفى �أبناء كلية الفنون التطبيقية‪ ،‬بالتغريد خارج‬ ‫ال�سرب‪ ،‬وف�شل اجلميع فى طرح ر�ؤى وقيم جمالية‬ ‫ميكن غر�سها فى املجتمع‪ ،‬فى معادلة تت�شابه مع ما‬ ‫قدمته مدر�سة الباوهاو�س الأملانية فى ع�شرينيات‬ ‫القرن املا�ضي ‪ ،‬عندما دعت �إىل وحدة الفنون من‬ ‫ر�سم وعمارة‪ ،‬ونحت ل�صالح منتجات ي��ذوب فيها‬ ‫الفرق بني الفنان واحلرفى‪.‬‬ ‫ظلت الدولة تدعم الثقافة منذ ثورة يوليو‪� ،‬إىل‬ ‫�أن اجتهت ال�سيا�سات من منت�صف ال�سبعينيات‪ ،‬نحو‬ ‫�آليات ال�سوق من عر�ض وطلب‪ ،‬لذا ظهرت م�ؤ�س�سات‬ ‫فنية توازى فى عملها ون�شاطها وقدراتها وكفاءاتها‬

‫�سيد هويدى‬ ‫امل�ؤ�س�سة الر�سمية‪ ،‬لتحقيق متطلبات اخل�صخ�صة‪،‬‬ ‫وول��دت هذه الكيانات قوية‪ ،‬لتناف�س قطاع الفنون‬ ‫الت�شكيلية‪ ،‬فالالعب القدمي مل يعد وح��ده ‪ ،‬على‬ ‫ال�ساحة‪ ،‬فظهرت القاعات اخلا�صة لعر�ض الفنون‪،‬‬ ‫واملراكز الثقافية �سواء م�صرية �أو �أجنبية بهدف‬ ‫اال�شرتاك فى ر�سم خريطة امل�شهد الت�شكيلى فى‬ ‫م�صر‪ ،‬واختلطت الر�ؤى‪ ،‬بل �أ�صبح امل�شهد عبثيا‪.‬‬ ‫ك�م��ا �أن ال�ف�ن��ان�ين جت��اه �ل��وا ال �ن �ق��اد ور�ؤاه� ��م‬ ‫النقدية فيما يقدمون م��ن مطبوعات‪ ،‬ت�صاحب‬ ‫�إقامة معار�ضهم‪ ،‬وك�أنهم يخافون النقد ويتحا�شوه‪،‬‬ ‫وارتاحوا‪ ،‬لعدم وج��وده باعتباره كا�شفا‪ ،‬للعورات‪،‬‬ ‫واجل �م��ود وع��دم وج��ود خ�ي��ال‪ ،‬ر��ص��دا حلالة الفن‬ ‫الآن الذى يقف حملك �سر‪ ،‬على عك�س طبيعة الفن‬ ‫الإبداعية والتقدمية‪ ،‬التى ت�ضيف با�ستمرار للواقع‬ ‫اجلديد وامل�ؤثر‪ ،‬م�ست�شرفة للم�ستقبل‪ ،‬وبالتاىل من‬ ‫املفرت�ض �أن يواكب النقد هذه امل�سرية‪ ،‬حتى يقوم‬ ‫بدوره‪.‬‬ ‫ك�م��ا دخ �ل��ت ال�صحافة والإع �ل��ام ف��ى قف�ص‬ ‫االتهام‪ ،‬با�ستثناءات قليلة‪ ،‬ب�سبب غياب الدور امل�ؤثر‬ ‫التنويرى‪ ،‬وكذلك التليفزيون �أي�ضا؛ لأنه حتى يومنا‬ ‫هذا مل يقدم برناجما واح��دا نقديا حتليليا لأحد‬ ‫مكونات الثقافة امل�صرية وهو الفن الت�شكيلي‪ ،‬يكون‬ ‫م�سئو ًال عن مادته العملية �أحد النقاد الكبار‪ ،‬فلو‬ ‫عندنا �سمة ح�ضارية معينة‪ ،‬ف�سنكون بلد ًا ت�شكيلي ًا‪،‬‬ ‫ف�أجدادنا هم �أول من بنى ح�ضارة ت�شكيلية‪� ،‬صمدت‬ ‫لأنها لها �صفة اخللود‪ ،‬من ر�ؤية ت�شكيلية �صائبة‪� .‬إذا‬ ‫كنا نعي�ش �أزمة فى توفري رغيف عي�ش �صالح‪ ،‬فنحن‬ ‫نعي�ش �أزمة جمال‪ ،‬اعتاد فيها املواطن على القبح‪،‬‬ ‫نتيجة جتنيد طاقات املجتمع‪ ،‬لكل ما هو هام�شى‬ ‫وظاهر‪ ،‬وعابر‪ ،‬وا�ستهالكي‪ ،‬غرائزي‪ ،‬وترفيهى ‪.‬‬ ‫غاب اليقني فى احلياة الفنية والنقدية‪ ،‬فلم‬ ‫تعد هناك ق�ضية ميكن �أن يتبناها �أح ��د‪� ،‬سواء‬ ‫ق�ضية فكرية �أو جمتمعية‪ ،‬و�ضاعت فكرة الن�ضال‬ ‫والكفاح من �أجل تغيري مفهوم �سلبى‪� ،‬أو الدفاع عن‬ ‫فكرة التقدم‪ ،‬وتنازل الكل ل�صالح امل�صالح الذاتية‬ ‫اخلا�صة‪ ،‬و�أ�صبحت احل�سابات تتلخ�ص يف ‪ :‬كم‬ ‫أ�صيب من مكا�سب ؟‪.‬‬ ‫� ُ‬

‫‪v‬‬

‫‪108‬‬

‫‪Hewadyako@yahoo.com‬‬




Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.