Khayal 26

Page 1


‫جوبالن للوحة «محمود سعيد ‪ -‬بنات بحري» تنفيذ الفنان محمد عمار‬



‫من واجب المثقفين‬ ‫ف��ى مصر االهتمام‬ ‫أوال ب��م��ح��و أم��ي��ة‬ ‫المجتمع‬ ‫إن النقد علم وليس‬ ‫مجرد موهبة‬

‫أي��ه��ا المتأسلمون‬ ‫رفقــــا بالــمصريين‬ ‫المسلمين‬

‫ال��م��س��ؤل ال��ج��اه��ل‬ ‫أش������د ض��������ررا م��ن‬ ‫المسؤل الفاسد‬

‫قصـــــر الفنـــــون‬ ‫وبيـــت جحــــــــــا‬

‫• الأمية تعطيل لن�صف املجتمع‪ ،‬واملثقفون‪ v‬يجب �أن يهتموا مبحو الأمية فى م�صر‪ ،‬لأن حمو الأمية �سوف يدفع باحلركة الثقافية‬ ‫�إىل ال�ضعف‪ ..‬هل يعقل �أن ن�صف املجتمع ( حواىل ‪ 40‬مليون ) ال يقر�ؤون وال يكتبون ‪ ..‬معقول ؟! �إن هذا �شيء خميف‪ ،‬وينذر بخطر‬ ‫كبري! كيف �ستتقدم م�صر وبها ‪ 40‬مليون �أمى ؟! �أربعون مليون �أمى ال يقر�ؤون وال يكتبون‪ ،‬و�أي�ض ًا ال ي�ستخدمون الإنرتنت‪ ،‬وال يقر�ؤون‬ ‫جرائد �أو كتب !! كيف يكون هناك حركه ثقافية �إذن بحجم ال�شعب امل�صري؟!‬ ‫• قلنا و�سنظل نقول‪� :‬إن النقد علم ولي�س جمرد موهبة لغوية �أو �إن�شائية‪ ،‬و�إال لأ�صبح كل ال�شعراء وعلماء اللغة نقاد ًا !!‬ ‫�إن الناقد البد �أن يكون دار�س ًا للفن الذى ينقده‪ ،‬بالإ�ضافة �إىل درا�سته للفل�سفة‪ ،‬وعلم اجلمال‪ ،‬كما يجب �أن يتاح له زيارة العديد‬ ‫من املتاحف واملعار�ض على م�ستوى العامل‪ ،‬كذلك البد له �أن يجيد �إحدى اللغات الأجنبية ( ال �سيما �إذا كان هذا الناقد عربيا) حتى‬ ‫ي�ستطيع �أن يقر�أ املراجع �أو بع�ضها بلغتها الأم؛ نظر ًا ل�صعوبة ترجمة امل�صطلحات واملعانى فى معظم الأحيان‪ ،‬وحتى ي�ستطيع �أن يتحاور‬ ‫مع الفنانني حينما يلتقى فنانني غري م�صريني �أو عرب ‪ ..‬و�إن جاز �أال يكون كل ذلك مهم ًا بالن�سبة للفنان‪ ،‬فهو حتم ًا و�ضرورى بالن�سبة‬ ‫للناقد‪ ،‬فالنقد لي�س وجهة نظر و�إال �أ�صبحنا جميع ًا نقاد ًا !!‬ ‫• �أيها امل�سلمون ـ املت�أ�سلمون ـ رفق ًا بال�شعب امل�صرى الطيب امل�سامل الغلبان النبيل املكافح‪ ،‬ترفقوا بهذا ال�شعب و�أنتم تعدون‬ ‫العدة لأ�سلمة امل�صريني مرة �أخرى بعد �أن كان قد �أ�سلموا منذ �أكرث من ‪ 1400‬عام ًا ومل يرتدّوا حتى ُت�أ�سلموهم من جديد‪ ،‬وتفر�ضوا‬ ‫عليهم تطبيق �شرع اهلل‪ ،‬وك�أنهم خارجون عن �شرع اهلل ‪� ..‬أيها الأحباب من الأحزاب الدينية‪� ،‬إن ال�شعب امل�صرى ي�صلى وي�صوم ويحج‬ ‫البيت احلرام فماذا تريدون �أكرث ؟! و�إذا كنتم تعتقدون �أنكم �أكرث �إميان ًا من الذين حكمونا �سنوات طويلة‪ ،‬وملئوا حياتنا ف�ساد ًا‪ ،‬ف�أنتم‬ ‫خمطئون‪ ،‬لأنهم جميع ًا كانوا ي�صومون وي�صلون ويحجون البيت احلرام كل عام‪ ،‬وي�سرقون ال�شعب كل يوم‪ ..‬فقط مل يكونوا ملتحني!!‬ ‫• لقد �سعدت جد ًا بخرب اعتزام اململكة ال�سعودية �إلغاء نظام الكفيل؛ لأنه مل يكن يتما�شى مطلق ًا مع ر�سالة نبينا حممد �صلى‬ ‫اهلل عليه و�سلم‪ ،‬والتى حرمت نظام العبودية �إال هلل‪.‬‬ ‫• �إن اجلاهل �إذا توىل من�صبا يكون �أثر وجوده �أ�سو�أ كثريا من �أثر الف�ساد‪ ،‬فالف�ساد �سرقة ما هو موجود‪ ،‬واجلهل‬ ‫�إهدار ما هو موجود‪ ،‬ومنع ما يحتمل وجوده ‪ ،‬الف�ساد م�صادرة احلا�ضر‪ ،‬واجلهل م�صادرة احلا�ضر وامل�ستقبل معاً ‪.‬‬ ‫(�أحمد امل�سلمانى فى كتابه ‪ -‬م�صر الكربى)‬ ‫ق�صر الفنون ؟!‬ ‫كلما ذهبت �إىل ق�صر الفنون مل�شاهدة �أحد املعار�ض‪ ،‬كلما تعجبت‪ ،‬وت�ساءلت‬ ‫عن هذا العبقرى الذى ق�سم هذا الفراغ الداخلى بهذا ال�شكل الذى الينطبق‬ ‫عليه �سوى �أنه مثل (بيت جحا) ‪،‬و هذا الفراغ الكبري جدا الميكن لفنان �أو‬ ‫اثنني �أن يعر�ضوا فيه‪� ،‬سواء منفردين �أو جمتمعني (مثلما كان يحدث فى جممع‬ ‫الفنون)؛ لأنه ال يوجد قاعة واحدة ت�صلح لعر�ض فني‪ ،‬ولهذا فاملكان ال ي�صلح‬ ‫�إال للعرو�ض الكبرية التى تعلق فيها اللوحات ع�شوائي ًا ملجرد ملئ اجل��دران و‬ ‫املمرات و الدهاليز !! و بذلك نكون قد خ�سرنا فر�صة كبرية لعرو�ض الكثري من‬ ‫الفنانني‪ ،‬و�أعتقد �أنه من الواجب الآن �أن نفكر فى �إعادة �صياغة معمارية �أكرث‬ ‫مالئمة من العرو�ض‪ ،‬و�أكرث تنظيم ًا للفراغ الداخلى للق�صر‪.‬‬

‫‪ibrahimghazala@yahoo.com‬‬


‫عالمــــــــات‬ ‫‪v‬طبائع االستبداد فى مصر‬

‫لم يكن بناء المصريين‬ ‫لألهرامات يوما من‬ ‫قبيل السخرة‬

‫ل�����م ت����ع����رف م��ص��ر‬ ‫ن��ظ��ام العبيد وك��ان‬ ‫العمال الذين يبنون‬ ‫األهرامات من األحرار‬

‫انده�شت جد ًا وا�ست�أت حينما �شاهدت هذا الفيلم الوثائقى اجليد فى قناة اجلزيرة «م�صر طبائع اال�ستبداد»‪ ،‬لأنه ذكر فى بداية‬ ‫الفيلم حينما تعر�ض للأهرامات �أنها كانت رمز ًا لال�ستبداد ‪ ,‬وهذا يجعلنا فى حاجة �إىل مراجعة التاريخ املكتوب عن الفراعنة‪� ,‬أو‬ ‫التاريخ املتواتر لدى العامة‪ ,‬فالفراعنة مل يكونوا م�ستبدين‪ ,‬بل هم �صنعوا �أعظم و�أجمل دولة فى التاريخ‪ ,‬وفى ع�صرهم ازدهرت‬ ‫العلوم والفنون كما مل يحدث من قبل فى التاريخ‪ ,‬وال من بعد حتى الآن‪ ,‬فالفنون امل�صرية القدمية‪ ,‬وبع�ض علومها‪ ,‬ي�ستع�صى على‬ ‫الإن�سان والعلماء فى الع�صر احلديث‪ ،‬فكيف ي�أتى �أحد ويتطوع بكل ب�ساطة ويقول على رمز و�إجناز من �أهم �إجنازات الب�شرية‪ ,‬و�أعجب‬ ‫بناء حجرى على كوكب الأر�ض‪� :‬إنه كان رمز ًا لال�ستبداد !!‬ ‫نحن فى م�صر الآن نحتاج �إىل �إعادة النظر فى التعامل مع الفن والآثار والتاريخ‪ ،‬فنحن يجب �أن نفيق من الغيبوبة احل�ضارية‪،‬‬ ‫ونفهم �أننا يجب �أن ن�ستثمر ون�ستغل الرثوة الرتاثية والتاريخية التى لدينا‪ ،‬ويجب �أن يكون هناك تعاون وثيق ودائم بني وزارة الثقافة‬ ‫والآثار وال�سياحة‪ ،‬و�أن يكون هناك جلنة �أو هيئة ت�ضم خرباء من الوزارات الثالثة؛ كى ي�صنعوا خطة لكيفية ا�ستثمار �أهم و�أغلى �شيء‬ ‫متلكه م�صر‪ ،‬وهو تاريخ م�صر وتراثها احل�ضارى والفني‪.‬‬ ‫وحل�سن احلظ وجدت عندى هذا الكتاب الرائع (طيبة �أو ن�ش�أة �إمرباطورية)‪ ،‬وهو من ت�أليف (كلري اللويت)‪ ،‬وترجمة (ماهر‬ ‫جويجاتي)‪ ،‬ومن �إ�صدارات املجل�س الأعلى للثقافة‪ ،‬ووجدته يتعر�ض لنف�س النقطة فى �صفحة ‪ 29‬حيث يقول‪ ( :‬ولي�س من ال�صواب‬ ‫فى �شيء �أن نتحدث ‪ -‬على غرار ما قاله بع�ض ال ُكتاب الذين ينتمون �إىل احل�ضارتني اليونانية والرومانية‬ ‫القدميتني ‪ -‬عن اجلموع الفقرية من العبيد الذين ُي�ضربون �ضرب ًا بال�سياط‪ ،‬ويعملون ق�سر ًا فى خدمة ملك طاغية!‬ ‫هذه ال�صورة ال تعك�س الظروف التى كان فى ظلها بناء الأهرامات‪� ,‬سواء على ال�صعيد املادى �أو ال�صعيد الروحي؛‬ ‫فلم تعرف م�صر نظام العبيد‪ .‬وكان علينا �أن ننتظر طوي ًال حتى نرى �أ�سرى احلرب فى عهود الحقة ي�ستخدمون‬ ‫أيد عاملة م�ستعبدة‪� .‬إن العمال الذين كانوا َي�سحبون بوا�سطة احلبال الزالقات التى و�ضعت عليها كتل احلجر‬ ‫ك� ٍ‬ ‫اجلريى امل�صقولة بكل عناية‪ ،‬كانوا من العمال الأحرار‪ ،‬وقد وقع عليهم االختيار للعمل لفرتات حمددة‪ ،‬ويقدم‬ ‫لهم ولذويهم الطعام طوال مدة عملهم‪ ،‬كما كانوا �أحيان ًا من اجلنود‪ ،‬فمازلنا نقر�أ على بع�ض كتل �أحجار هرم‬ ‫خوفو الوحدات الع�سكرية التى كانوا ينتمون �إليها‪� ،‬أما ال�سياط فال وجود لها �إال فى �أفالم هوليود‪ ،‬حتى �أ�صبحت‬ ‫من �ضروريات هذا الإنتاج ال�سينمائى ال�ضخم‪ ،‬و�أخري ًا ف�إن ه�ؤالء الرجال يعملون من �أجل حتقيق م�صائر امللك‬ ‫الأبدية‪ ،‬فقد كان العمل الذى ينجزونه يحقق لهم فى الوقت نف�سه م�صريهم اخلا�ص‪ ،‬ويبدو كما لو �أن ال�شعب‬ ‫امل�صرى قد انقاد على ما يعتقد فى �أعقاب العاهل امللكى �إىل الفوز بحياة �شاملة بعد املوت‪ ،‬حياة جماعية جمهولة‬ ‫�أ�سماء �أفرادها‪ ،‬ومن ال�ضرورى على الدوام �أن ُنعيد و�ضع الوقائع والأفكار فى ال�سياق املادى والروحى لع�صرها‪،‬‬ ‫وال ي�صح �أبد ًا �أن نح�شرها فى �إطار مفاهيم حديثة‪� ،‬سواء كانت �سيا�سية �أم غريها‪ ،‬ففى هذه الأزمنة القدمية‬ ‫عندما كان الكون ب�أ�سره بطاقاته وقدراته كيانات م�ؤلهة‪ ،‬وعندما كان امللوك �آلهة‪ ،‬كان بناء هرم فى نظر العامل‬ ‫امل�صرى ال يختلف عن احلافز الروحى الذى حرك حرفيى الع�صور الو�سطى‪ ،‬عندما قاموا بت�شييد كني�سة نوتردام‬ ‫‪ notre- dame‬فى قلب باري�س)‪.‬‬



‫رئي�س جمل�س الإدارة‬ ‫�سعد عبد الرحمن‬ ‫�أمني عام الن�شر‬ ‫حممد �أبو املجد‬ ‫مدير الن�شر‬ ‫�صبحى مو�سى‬ ‫رئي�س التحرير‬ ‫د‪�.‬إبراهيم غزاله‬ ‫مديرالتحريرالتنفيذى‬ ‫�أمين هالل‬ ‫امل�ست�شار الفني‬ ‫حممد الطراوى‬ ‫هيئة التحرير‬ ‫�أمين حامد‬ ‫وليد الدرمللى‬ ‫فينو�س ف�ؤاد‬ ‫الدي�سك املركزى‬ ‫د‪ .‬حربى طلعت‬ ‫كمبيوتر جرافيك‬ ‫حممد خمتار‬ ‫رن ـ ـ ـ ــا �أ�شرف‬

‫عايدة عبد الكريم ‪ ..‬فنان العدد‬

‫‪6‬‬

‫الربيع فى حديقة األورمان‬

‫‪12‬‬

‫الخيال في مقدونيا‬

‫‪18‬‬

‫عجيبة كونية بتلمسان‬

‫‪28‬‬

‫الولع بالشرق‬

‫‪34‬‬

‫مراسم سيوة‬

‫‪38‬‬

‫عرض كتاب ‪ ..‬االنتخاب الثقافى‬

‫‪46‬‬

‫محمد حجى ‪ ..‬يرسم ليبيا‬

‫‪52‬‬

‫مؤتمر الفن وثقافة اآلخر بالمنيا‬

‫‪58‬‬

‫برنارد رايس والجرافيك المصرى‬

‫‪64‬‬

‫فيلم أماديوس‬

‫‪66‬‬

‫أسبانيا فى متحف الفن الحديث‬

‫‪68‬‬

‫موسيقار التحريك األفريقى‬

‫‪74‬‬

‫احتفاالت يوم اليتيم‬

‫‪78‬‬

‫ملف المعارض‬

‫‪81‬‬

‫سيد عبد الرسول‬

‫‪98‬‬

‫بحيرة البجع‬

‫‪104‬‬

‫‪Facebook.com/khayal.art‬‬ ‫‪alkhayal_art@hotmail.com‬‬

‫السنةالثالثة ‪ -‬العدد السادس والعشرون ‪ -‬مايو ‪2012‬‬

‫الآراء الواردة باملقاالت ُت َع رِّب عن ر�أى �أ�صحابها‬ ‫و لي�ست بال�ضرورة ُت َع رِّب عن ر�أى املجلة‬


‫الكرمي كان لنا معها هذا احلوار‪:‬‬ ‫ ماذا عن ن�ش�أتك وطفولتك؟‬‫منذ طفولتى كنت قليلة احلركة‪ ،‬ال �ألعب كثري ًا مثل بقية الأطفال كنت �أهوى‬ ‫الفن منذ طفولتي‪ .‬ولأن وال��دى كان يعمل بالق�ضاء‪ ،‬لذا ارتبطت منذ طفولتى‬ ‫بالرتحال والتنقل من بلد �إىل بلد فى جميع �أنحاء م�صر‪ .‬ورغم التنقل والرتحال‬ ‫امل�ستمر �إال �أن ذلك كان له ت�أثري �إيجابي‪ ،‬حيث دفعنى �إىل الت�أمل فى الطبيعة‪ ،‬وهو‬ ‫ما جعل الفن له دور كبري فى حياتي‪.‬‬ ‫ح�صلت على ال�شهادة االبتدائية مرتني‪ ،‬الأوىل باللغة العربية‪ ،‬والثانية باللغة‬ ‫الفرن�سية‪ ،‬وذلك حلر�ص والدى على تعليم �أبنائه اللغات‪ ،‬ثم �أكملت بعد ذلك‬

‫تعليمى باللغة الفرن�سية �إىل �أن التحقت باملعهد العاىل ملعلمات الفنون اجلميلة‪،‬‬ ‫وفى العام الأخ�ير من درا�ستي‪ ،‬قام املعهد بعمل معر�ض‪ ،‬حيث حازت القطعة‬ ‫النحتية اخلا�صة بى على �إعجاب ال�صحفيني والنقاد‪.‬‬ ‫تخرجت وتخ�ص�صت فى فن النحت الذى كنت �أع�شقه رغم حبى ال�شديد‬ ‫للر�سم‪ ،‬حيث �أي�ض ًا مار�ست الر�سم ‪ :‬تكبري ال�صور منذ ال�صغر‪ .‬ومت تر�شيحى‬ ‫من قبل الكلية لبعثة �إىل �إجنلرتا‪ ،‬ولكن قوبل هذا الأمر بالرف�ض ال�شديد من قبل‬ ‫والدي‪ .‬وبعد ذلك مت تعيينى معيدة بالكلية‪ ،‬ثم تقدمت �إىل م�سابقة خمتار وهى‬ ‫من امل�سابقات املهمة فى احلقل الفني‪ ،‬وفزت باجلائزة الثانية مرتني على التوايل‪.‬‬ ‫فى املرة الأوىل كان مو�ضوع املعر�ض عن حرب فل�سطني‪ ،‬وقد ر�شحت �آنذاك للفوز‬ ‫‪v‬‬

‫‪7‬‬


‫فنان العدد‬

‫ حصلت على الشهادة االبتدائية مرتين‪ ،‬األولى باللغة العربية والثانية‬‫باللغة الفرنسية‪.‬‬ ‫ كان أملى أن أكون «مايكل أنجلو» مصر ‪.‬‬‫ زوجى ترك مدرسة مفتوحة لها حوائط‪.‬‬‫ قررت أن أكون أمًا لمائة طفل كل عام‪.‬‬‫‪ -‬ال يوجد إنسان يخلو من الموهبة‪ ،‬ويجب أال نسخر من إنتاج الطفل الفنى‪.‬‬

‫د‪�.‬إينا�س ح�سنى‬

‫عايدة عبد الكريم‬ ‫‪ ..‬أول ٌّ‬ ‫مثالة مصرية‬

‫د‪ .‬عايدة عبد الكرمي فنانة من نوع خا�ص جد ًا‪ ،‬فعلى الرغم من‬ ‫�أن بدايتها كانت مع فن النحت �إال �أنها اجتهت بعد ذلك �إىل اخلزف‬ ‫ال��ذى ت�ألقت فيه على امل�ستويني الإب��داع��ى والعلمي‪ .‬ثم �أ�صبحت‬ ‫متار�س «التعبري املج�سم» بخامات خمتلف ٍة‪ ،‬وهاهى فى معر�ضها‬ ‫اجلديد تقدم �أعما ًال فنية من النحت الزجاجى‪ ،‬وكذلك مزج احللى‬ ‫بالزجاج؛ لتكمل امل�سرية التى بد�أها زوجها الراحل زكريا اخلنانى‬ ‫عام ‪.1965‬‬ ‫ت�شغل حالي ًا وظيفة �أ�ستاذ النحت غري املتفرغ بكلية الرتبية الفنية‬ ‫جامعة حلوان‪ ،‬وح�صلت على �أعلى الدرجات العلمية فى تخ�ص�صها‬ ‫‪v‬‬

‫‪6‬‬

‫من اجلامعة الكاثوليكية فى وا�شنطن‪ ،‬و�أكادميية الفنون اجلميلة فى‬ ‫بوداب�ست‪ ،‬والتحقت بدورة علمية عن �أ�س�س علم اجلمال من جامعة‬ ‫نيويورك‪ ،‬بالإ�ضافة �إىل ح�صولها على العديد من اجلوائز فى النحت‬ ‫اخلزفى‪ ،‬وميداليات التقدير من جهات عديدة فى م�صر وخارجها‬ ‫وهكذا تعترب �أول �سيدة م�صرية تخ�ص�صت فى النحت‪ ،‬وت�شارك فى‬ ‫احلركة الفنية امل�صرية ‪ ..‬والتى �سبق لها �إقامة معار�ض لأعمالها‬ ‫منذ ال�ستينيات فى م�صر وخارجها (االحت��اد ال�سوفييتى ـ �أملانيا ـ‬ ‫املجر ـ فرن�سا ـ �سوي�سرا ـ النم�سا) ‪.‬‬ ‫وب�ين ج��دران املتحف اخلا�ص بـزكريا اخلنانى‪ ،‬وعايدة عبد‬


‫ال��وط��ن‪ .‬فكرت فى ت��رك زينب فى املجر فى تلك‬ ‫امل�ؤ�س�سة‪ ،‬ولكنى اكت�شفت �أن زينب لها �أحا�سي�س‬ ‫ومتعلقة ب��ي‪ ،‬وك��ان امل��وق��ف �صعب ًا للغاية‪ ،‬ولكنى‬ ‫قررت ا�صطحاب زينب معى �إىل م�صر‪ .‬وفى م�صر‬ ‫وجدت من ي�ساعدنى فى رعايتها‪ .‬فزينب التى يبلغ‬ ‫عمرهاالآن �أربعة و�أربعني عام ًا متثل بالن�سبة ىل‬ ‫«بركة البيت وروحه» لقد خلقها اهلل‪ ،‬وعلى رعايتها‪،‬‬ ‫و�أن��ا ال �أ�ستطيع �أن �أتخيل حياتى من دونها‪ ،‬فقد‬ ‫�أ�ضاف وجودها فى حياتى الإح�سا�س بالأمومة نظر ًا‬ ‫حلالتها‪ .‬كانت طفلة من دون مطالب‪ ،‬لذلك �أتيحت‬ ‫لنا الفر�صة �أنا وزوجى كى نعمل �أكرث‪ .‬وفى الوقت‬ ‫الذى كان زوجى يخجل من اخلروج بها‪ ،‬كنت �أ�صر‬ ‫على ا�صطحابها معي‪.‬‬ ‫ ماذا عن ر�سالتك للأطفال؟‬‫قررت �أن �أكون �أم ًا ملئة طفل كل عام‪ ،‬حيث كنت‬ ‫�أقوم بتدريب الأطفال واكت�شاف مواهبهم الفنية من‬ ‫خالل ور�شة عمل فى متحف «خمتار»‪ ،‬حيث كنت‬ ‫ع�ضو ًا فى جمل�س �إدارة هذا املتحف �آن��ذاك‪ ،‬ولكن‬ ‫مع الأ�سف �أغلق املتحف ب�سبب �أعمال مرتو الأنفاق‬ ‫فى ذلك الوقت‪ .‬وكنا منذ �سنوات كثرية قبل الإغالق‬ ‫�أول من خ�ص�ص ور�شة للطفل داخ��ل املتحف‪ .‬كنا‬ ‫ن�ستقبل مئة طفل كل عام‪ ،‬وكان عملى مع الأطفال‬ ‫ه��و النحت باعتباره الأ���س��ا���س ف��ى تعليم �أى فن‪،‬‬ ‫وكذلك الر�سم بالقلم‪.‬‬ ‫ الب��د �أن البدايات الأوىل ملمار�ستك‬‫النحت �أحاطتها بع�ض الظروف‪ ..‬حدثينا‬ ‫عنها؟‬ ‫اختيارى للنحت نابع من طبيعتى منذ طفولتى‬ ‫�أحب عمل املج�سمات والت�شكيل‪ ..‬كنت �أبنى بيوت ًا‬ ‫و�ألعب بالعرائ�س التى كنت �أقوم بتنفيذها من القطن‬ ‫وكذلك بخامات �أخ��رى‪ .‬ر�أي��ت النحت واملج�سمات‬ ‫و�أنا �صغرية وتعلقت بهما‪ ..‬وعندما بد�أت الدرا�سة‬ ‫فى املعهد زرت املتحف امل�صرى �أول مرة هز كيانى‬ ‫وت�أكد النحت بداخلي‪ ..‬فاملتحف غني‪ ..‬متنوع به كل‬ ‫الأن��واع التى تخ�ص احلياة‪ ..‬م�صادر كثرية للر�ؤية‬ ‫ولال�ستنباط‪.‬‬ ‫مل يعار�ض �أهلى عند اختيارى لق�سم النحت‬ ‫لأنهم �أدرك���وا �أن النحت مهم بالن�سبة ىل و�أننى‬ ‫مقتنعة به‪.‬‬ ‫ ت��رت��ب��ط ك��ل��م��ة ال�����ص��ع��وب��ة بالنحت‬‫أيك ؟‬ ‫دائ ًما‪ ..‬ما ر� ِ‬ ‫ كل متخ�ص�ص واحد فى النحت يقابله ‪� 10‬أو‬‫‪ 20‬فى جماالت الفن الأخرى‪.‬‬ ‫ال�صعوبة لي�ست فى التقنية‪� ..‬أى واحد ممكن �أن‬

‫‪v‬‬

‫‪9‬‬


‫باجلائزة الأوىل ولكنى مل �أنلها‪ ،‬وفزت بالثانية‪ .‬وقال ىل‬ ‫لفزت‬ ‫�أح��د �أع�ضاء جلنة التحكيم ‪« :‬لو مل تكونى بنت ًا‪ِ ،‬‬ ‫باجلائزة الأوىل»‪ .‬وتوالت املعار�ض بعد ذلك‪ ،‬فقد كر�ست‬ ‫كل وقتى للفن‪ ,‬وكان �أملى �أن �أكون «مايكل �أجنلو» م�صر‪.‬‬ ‫لك؟‬ ‫ هل جتربة الزواج متثل عائق ًا بالن�سبة ِ‬‫جتربة ال��زواج تعود �إىل خم�سني عام ًا م�ضت‪ ،‬حيث‬ ‫�أعجب بى �ضابط باجلي�ش يهوى الفن �أثناء جتواله فى‬ ‫�أحد معار�ضي‪ .‬وتعرفت �إليه عن طريق �أحد �أقاربي‪ .‬وفى‬ ‫�أول لقاء عر�ض على فكرة الزواج ب�شرط �أال �أعمل ولكنى‬ ‫رف�ضت‪ .‬وك��ان ه��ذا ال�ضابط هو الفنان زكريا اخلنانى‬ ‫ال��ذى عر�ض على ال��زواج مرة �أخ��رى‪ ،‬بعدها تقابلنا فى‬ ‫املتحف امل�صرى فاكت�شفت بداخله فنان ًا ‪،‬وعلمت �أن والده‬ ‫كان مفت�ش �آثار‪ ،‬وكان موجود ًا وقت اكت�شاف مقربة توت‬ ‫عنخ �آمون فى الأق�صر‪.‬‬ ‫�أقنعت زوجى بعد الزواج با�ستمرارى فى العمل‪ ،‬وفعلت‬ ‫كل ما بو�سعى كى ال �أق�صر فى �أى واجب من واجباتى نحو‬ ‫زوجى �أو بيتي‪ ،‬و�سرنا مع ًا على طريق الفن‪ ،‬و�سافرنا �إىل‬ ‫�أوروب���ا ثم �إىل �أمريكا حيث التحقت هناك باجلامعة‪،‬‬ ‫وقمت بعمل درا�سة حول اخلزف والنحت‪ ،‬كما قمنا بزيارة‬ ‫العديد من املتاحف‪.‬‬ ‫وعند عودتنا من اخلارج �أح�ضرنا معنا فرن ًا �صغريا‪ً،‬‬ ‫وبد�أت �أنا وزوجى القيام ببع�ض التجارب فى مطبخ منزلنا‬ ‫ال�صغري فى الدقي‪ ،‬حتى تو�صلنا �إىل �شيء �أطلقنا عليه‬ ‫«العجينة امل�صرية»‪ .‬وبعد جمهود كبري تو�صلنا �إىل نتائج‬ ‫مبهرة من منتجات اخلزف واحللي‪ .‬بعد ذلك‪ ،‬بد�أ اهتمام‬ ‫زوجى بنوع �آخر من الفنون وهو فن الزجاج‪ ،‬الذى �أ�صبح‬ ‫بعد ذلك رائد ًا فيه‪.‬‬ ‫ ماذا عن �أمومتك؟‬‫طيلة ف�ت�رة زواج����ي‪ ،‬ك��ان��ت ىل �سبع جت���ارب حمل‬ ‫و�إجها�ض‪ ،‬كانت �أخر جتربة حمل ىل عام ‪ ،1962‬ا�ستمر‬ ‫احلمل �ستة �أ�شهر وع�شرة �أيام فقط‪ ،‬ثم جاءت ابنتى زينب‬ ‫التى و�ضعت فى جهاز احل�ضانة‪ ،‬مل يكن فمها قد اكتمل‪،‬‬ ‫وطوال ثمانية �أ�شهر مل �أكن �أعلم �أن لديها �ضمور ًا فى خاليا‬ ‫املخ‪ .‬و�أنها معاقة ب�شكل كامل (�أى ج�سماني ًا وذهني ًا) ذهبت‬ ‫بها �إىل الطبيب ف�صارحنى بحقيقة حالتها‪ .‬وقال ىل ب�شكل‬ ‫جارح‪« :‬يا �ستى روحى هاتيلك واحدة ثانية»‪ ،‬ولكن مل ت�أت‬ ‫الثانية‪ .‬منذ ذلك احلني �أدركت حجم امل�شكلة‪ ،‬ومررت بعد‬ ‫ذلك ب�أزمات وحتديات كثرية‪ .‬فلم يكن متاح ًا فى م�صر‬ ‫وقتها مراكز لت�أهيل املعاقني‪.‬‬ ‫ث��م ج��اءت ىل منحة �إىل امل��ج��ر‪ .‬وبالطبع ج��اء معى‬ ‫زوج���ى وزي��ن��ب‪ ،‬وه��ن��اك �أحل��ق��ت زي��ن��ب مب�ؤ�س�سة كبرية‬ ‫ل��ذوى االحتياجات اخل��ا���ص��ة‪ .‬وتفرغت لدرا�ستى التى‬ ‫متت معادلتها بالدكتوراه‪ ،‬وعندما جاء وقت العودة �إىل‬

‫‪v‬‬

‫‪8‬‬


v

11


‫يتعلم التقنية باملمار�سة واجلهد‪ ..‬فال�صانع والفاعل‬ ‫ينحت احلجر‪ ..‬ولكن املهم الفكر‪ ..‬الإح�سا�س‪..‬‬ ‫الأ�سلوب‪ ..‬احل�س‪ ..‬يختلف من �شخ�ص لآخر‪ ..‬من‬ ‫فنان لآخ��ر‪ ..‬يتوقف على م��دى ح�سا�سيته لكل ما‬ ‫هو حميط به وثقافته وت�أمله للطبيعة؛ لأنها م�صدر‬ ‫�أ�سا�سى ل��ل��ر�ؤي��ة لي�س بال�ضرورى تقليدها ولكن‬ ‫ن�ستقى منها قوانينها‪ ..‬ال�صعوبة فى اجلمع بني كل‬ ‫هذه الأ�شياء‪.‬‬ ‫ ما هى ال�صعوبات التى تقابل النحات؟‬‫بداية مكان ي�شتغل فيه‪ ..‬لأن خاماته لي�ست‬ ‫م�سطحات ولكن جم�سمات طينية‪ ..‬جب�س‪ ..‬حجر‪..‬‬ ‫خ�شب‪ ..‬يحتاج �إىل عمل قوالب‪� ..‬صب‪ ..‬فال�صعوبة‬ ‫ف��ى احل��ي��ز ال���ذى يحتاجه النحات وه��ى م��ن �أه��م‬ ‫ال�صعوبات التى تقابله �أن يجد مكان ًا يعمل فيه‪..‬‬ ‫و�أي�ض ًا اخلامات غالية ويجب �أن يكون لها موا�صفات‬ ‫وك��ذل��ك نقلها مكلف ج���د ًا‪ ..‬فعند عمل �أى متثال‬ ‫يحتاج �إىل مكان وتكلفة‪ ..‬وال يوجد مقتني‪ ..‬حيث‬ ‫�أنه من النادر �أو القليل من يرغب فى �شراء �أو اقتناء‬ ‫القطع النحتية‪.‬‬ ‫فالفنان ال��راح��ل جمال ال�سجينى ك��ان يرمى‬ ‫متاثيله فى النيل لعدم توفر مكان لو�ضعها فيه‪ ..‬وال‬ ‫يجد من يقتنيها‪.‬‬ ‫ ما �أهم املحطات فى حياتك؟‬‫�أوىل املحطات كانت اخلزف عام ‪ 1954‬حينما‬ ‫�سافرت �إىل �أمريكا‪ ،‬حيث قمت بدرا�سة اخلزف‪،‬‬ ‫وعند عودتى �أدخلت درا�سة اخل��زف حيث �إنها مل‬ ‫تكن �ضمن درا���س��ة املعهد العاىل ملعلمات الفنون‬ ‫اجلميلة‪ ،‬وكانت خطوة جديدة فى تدري�س اخلزف‬ ‫ك�أ�س�س وكناحية �أكادميية‪.‬‬ ‫�أم��ا املحطة الثانية حينما �سافرت �إىل املجر‬ ‫للدرا�سات العليا ع��ام ‪ ،1970‬حيث كانت مرحلة‬ ‫مهمة امتزج (اندمج) اجلانب ال�صويف‪ ..‬الروحانى‬ ‫مع النحت واخلزف‪ ،‬بد�أت بعمل لوحات‪ ..‬جداريات‬ ‫حتتوى على �آيات قر�آنية‪ ..‬احلج‪ ..‬العمرة‪ ..‬جتربة‬ ‫جديدة من خالل لوحات من النحت اخلزفى ي�ضم‬ ‫اللون وال�شكل‪.‬‬ ‫واملحطة الثالثة كانت بعد وف��اة زوج��ى الفنان‬ ‫زكريا اخلنانى عام ‪ ،2000‬وكانت ا�ستمرار ًا لعطائه‬ ‫فى ت�شكيل الزجاج حراري ًا‪ ،‬حيث بد�أت �أ�ستفيد من‬ ‫التقنية التى تو�صل �إليها ب�أعمال جديدة وبر�ؤية‬ ‫ج��دي��دة خا�صة ب��ى على م��دى ال�سنوات اخلم�س‪،‬‬ ‫بحيث ك��ل ع��ام �أق���وم بتقدمي اع�ت�راف مب��ا قدمه‬ ‫وا�ستمرار ًا مل�سريته �أع��م��ا ًال جديدة من الزجاج‪..‬‬ ‫�أول �سنة كان مو�ضوع «الفراغ»‪ ..‬ثانى �سنة مو�ضوع‬ ‫‪v‬‬

‫‪10‬‬

‫«الفن واحل��ي��اة»‪ ..‬ثالث �سنة «ملن يحب ال�سالم»‪..‬‬ ‫رابع �سنة «زه��رة – وردة»‪� ..‬أما اخلام�سة �أى هذا‬ ‫العام مو�ضوعها «م��داخ�لات وح���وارات ال��زج��اج‪..‬‬ ‫ت�شكيالت نحتية وحلي‪ .‬كل �سنة طريقة خمتلفة عن‬ ‫العام ال�سابق‪� ..‬إ�ضافة �شاملة من التقنية واحل�س‪..‬‬ ‫�شمولية ما بني التقنية‪ ..‬ال�شكل‪ ..‬اخلط‪ ..‬الفراغ‪..‬‬ ‫اللون‪ ..‬امللم�س‪ ..‬وكل �شكل خمتلف عن الآخر‪.‬‬ ‫ ما مدى ت�أثرك ب�أعمال زوجك الفنان‬‫الراحل زكريا اخلنانى فيما يخت�ص بالنحت‬ ‫الزجاجي؟‬ ‫اهتممت فى املقام الأول بال�شكل والكتلة بغ�ض‬ ‫النظر عن املو�ضوع الفني‪ .‬ف�إذا نظرنا �إىل ال�شكل فى‬ ‫�أعمال الفنان الراحل زكريا اخلنانى جند �أنها حتمل‬ ‫�سمات �شخ�صية خمتلفة من حيث املعاجلة الفنية‪.‬‬ ‫حيث �أهم ما مييزنى هو توظيف «الفراغ الداخلي»‬ ‫للعمل الفنى لي�ؤدى دور ًا �أ�سا�سي ًا فى التكوين‪ ،‬فيدخل‬ ‫فى حوار جماىل مع «الفراغ اخلارجي» الذى يحيط‬ ‫بالكتلة‪.‬‬ ‫و�إذا كانت اخلطوط فى فن النحت هى التى‬ ‫حتدد احليز الذى ت�شغله الكتلة فى الفراغ‪ ،‬وهى ما‬ ‫يطلق عليها «اخلطوط اخلارجية»‪ ،‬وهذه اخلطوط‬ ‫فى �أعماىل تتميز بالتنوع بني اخلطوط امل�ستقيمة‬ ‫التى تكون زواي��ا ح��ادة �أو قائمة‪ ،‬واخلطوط اللينة‬ ‫املنحنية التى تعطى �إيحاء باحلركة‪ ،‬فتخرج الكتلة‬ ‫من حالة ال�سكون «املرئية» وتدخل بها فى حالة‬ ‫احلركة «املفرت�ضة»‪ ،‬فت�ضيف للعمل الفنى نب�ض‬ ‫احلياة وخا�صة �إذا كان العمل النحتى ي�صور امر�أة‬ ‫فى و�ضع حركى ميثل حالة «ال�سري» كما نرى فى �أحد‬ ‫الأعمال‪ .‬وي�ؤكد هذا املعنى العر�ض فى مكان مفتوح‬ ‫نرى فيه فرا�شة زجاجية معلقة بني الأغ�صان فى‬ ‫جت�سيد حلالة الطريان‪.‬‬ ‫ هل للخامات امل�ستخدمة دور مهم فى‬‫�إبراز موهبة الفنان؟‬ ‫�أكيد كل خامة لها �إمكانياتها ولها خ�صو�صيتها‬ ‫ولها �سلوكها ولها تعبريها‪ ..‬الفنان يف�ضل خامة عن‬ ‫الأخرى تكون و�سيلته للتعبري‪ .‬فلي�ست كل خامة ت�ؤدى‬ ‫غر�ض اخلامة الأخرى �أو ت�صبح بدي ًال عن الأخرى‪..‬‬ ‫فكل خامة لها خ�صو�صيتها من اللون‪ ..‬امللم�س‪..‬‬ ‫احل�س‪ ..‬فاخل�شب مث ًال يرتك بطبيعته حتى ال ت�ضيع‬ ‫�سمارته وطبيعته وحيويته‪ ..‬ف���إذا مت دهنه يفقد‬ ‫قيمته‪� ..‬أى قيمة اخلامة نف�سها‪ .‬ولكن ميكن تغطيه‬ ‫خامة كاحلديد بلون و�أي�ض ًا خامة اجلب�س قابلة‬ ‫للتغطية‪ ..‬وكل خامة ت�أخذ حقها الطبيعي‪.‬‬ ‫�أم��ا ال��زج��اج‪� ..‬شفافيته ج��زء �أ�سا�سى فيه‪..‬‬

‫اللون يبني جماليات �أك�ثر‪ ..‬اللعب بامللم�س واخلط‬ ‫وامل�سطحات ميكن �أن يدخل فى م��واد �أو خامات‬ ‫�أخرى‪.‬‬ ‫ كيف يرثى الفنان الت�شكيلى جتربته؟‬‫باالطالع على ما يجرى فى عامل تخ�ص�صه �أو‬ ‫عامل الفن ب�شكل عام‪ ..‬لأن كل واحد يوحى للآخر‬ ‫تفتح �آفاق جديدة وفكر جديد‪ ..‬الر�ؤية تعمل خلق‬ ‫جديد‪� ..‬إىل جانب عدم ن�سيانه �أ�صوله‪ ..‬يكون دائم‬ ‫الت�أمل مبا يحيط به من �أحداث ومواقف طبيعية‪� ..‬أن‬ ‫يكون متفتح‪ ..‬حوا�سه حية حتى ي�ستطيع اال�ستقبال‬ ‫والإر�سال‪ ..‬ح�سا�سية لكل ما حوله‪.‬‬ ‫ هناك من ي��رى �أن الفنان الت�شكيلى‬‫يعي�ش ف��ى ب���رج ع��اج��ى ب��ع��ي��د ًا ع��ن هموم‬ ‫أيك؟‬ ‫جمتمعه‪ ..‬ما ر� ِ‬ ‫الفنان ي�صنع عامله‪ ..‬طبيعته �أن ي�صنع عامله‬ ‫اخلا�ص‪ ..‬اخليال عنده �أ�سا�سى ل�صنع عامله اخلا�ص‪.‬‬ ‫الفنان �أك�ثر ح�سا�سية فهو يت�أثر ويتفاعل مع‬ ‫الأح����داث م��ن ح��ول��ه‪ ،‬ول��ك��ن ميكن �أال ي�شارك �إال‬ ‫بعمل‪ ..‬فيخيل �أنه يعي�ش فى برجه العاجى‪ ،‬ولكن ال‬ ‫فهو ي�صنع عاملا خا�صا به‪.‬‬ ‫ هل �أخذت احلركة الت�شكيلية حقها فى‬‫و�سائل الإعالم (امل�سموع واملقروء واملرئي)؟‬ ‫الإعالم ال يغطى الفن الت�شكيلى بال�شكل الذى‬ ‫يحتاجه‪ ..‬برغم كل ما تبذله و�سائل الإع�لام من‬ ‫كاف‪.‬‬ ‫جهد ولكن لي�س ٍ‬ ‫ الفن الت�شكيلى مهم�ش ف��ى م�صر مل‬‫ي�أخذ حظه من اجلماهريية‪ ..‬ما تعليقك؟‬ ‫حالي ًا �أ�صبح له جمهوره‪ ..‬لأن��ه يوجد فنانون‬ ‫ت�شكيليون كثريون‪ ..‬ولكن الن�سبة بعيدة ج��د ًا بني‬ ‫اجلمهور وال��ف��ن��ان‪ ..‬حالي ًا الفنانون ب���الآالف فى‬ ‫زي��ادة‪ ..‬فهناك �إقبال على الفرجة‪ ،‬و�أحيان ًا على‬ ‫االقتناء‪ .‬ولكن مازالت الن�سبة بعيدة لأن عدد ال�شعب‬ ‫كبري‪ .‬هذا الع�صر متفتح للفنون‪ ..‬هناك تفهم ووعى‬ ‫بقيمة الفن الت�شكيلي‪ ..‬ع�صر ذهبى بالن�سبة للفن‪.‬‬ ‫ و�أخري ًا ما اجلديد فى �أعمال الفنانة‬‫عايدة عبد الكرمي؟‬ ‫�أع��م��ال نحتية‪ ..‬تكوينات م��ن ال��زج��اج فيها‬ ‫ال�شكل‪ ..‬اخلط‪ ..‬الفراغ‪ ..‬اللون‪ ..‬امللم�س‪ ..‬التعبري‪..‬‬ ‫الر�ؤية اخلا�صة‪.‬‬ ‫احللى يجمع ما بني اخلزف والزجاج فى �أ�شكال‬ ‫لها اجلانب الوظيفى واجلمايل‪ ..‬تكوينات خمتلفة‪..‬‬ ‫حرية لت�شكيل الزجاج ب�ألوانه و�شفافيته و�أ�شكاله‪..‬‬ ‫وفيها التنوع واالختالف‪.‬‬


‫ــــــــان للزهور والنباتات‬

‫ـــــــــــــهرجان فنى وثقافى‬

‫امين هالل‬


‫آدى الربيع عاد من تانى‬

‫معرض األورمــــــــــ‬

‫هل يتحول إلى مـــــــ‬

‫‪v‬‬

‫‪12‬‬



‫�أ�صبح معر�ض الأورمان للزهور والنباتات‬ ‫ح��دث��ا �سنوي ًا ننتظره جميع ًا ف��ى مقدم‬ ‫الربيع‪ ،‬حيث يذهب ع�شاق الورد والنباتات‬ ‫لال�ستمتاع وم�شاهدة �شتى �أ�شكال و�أل��وان‬ ‫ال��ورود التى تدخل ال�سعادة على �أرواحهم‬ ‫املجهدة ‪ ،‬وتلك فل�سفة اخلالق العظيم الذى‬ ‫خلق كل هذا الكم من اجلمال الذى يجلب‬ ‫ال�سعادة للب�شر‪.‬‬ ‫فقد ب���د�أت منذ �أي���ام �أوىل الطقو�س‬ ‫الر�سمية لف�صل الربيع ف��ى م�صر وذل��ك‬ ‫بافتتاح معر�ض زه��ور الربيع ال��ذى يكمل‬ ‫دورت��ه ال��ـ‪ 89‬هذا العام‪ ،‬وذلك فى حديقة‬ ‫«الأورم���ان» التاريخية والتى �أن�شئت منذ‬ ‫�أك�ث�ر م��ن ‪ 100‬ع���ام‪ ،‬كن�سخة م��ن حديقة‬ ‫بولونيا فى فرن�سا التى فنت بها اخلديوى‬ ‫«�إ�سماعيل» حاكم م�صر ف��ى ذل��ك الوقت‪،‬‬ ‫و�أ�صبحت منذ ع�شرات ال�سنني مقر �سنوى‬ ‫لالحتفال بالربيع‪ ،‬وي�شارك فى املعر�ض هذا‬ ‫العام ‪ 300‬عار�ض‪.‬‬ ‫وي��ت��م��ي��ز م��ع��ر���ض ه���ذا ال���ع���ام مب���زارع‬ ‫متخ�ص�صة فى زراع��ة نبات ال�صبار‪ ،‬والتى‬ ‫ت��ق��دم ن��ب��ات��ات ���ص��ب��ار خمتلفة الأ���ش��ك��ال‬ ‫واالل����وان‪ ،‬وبع�ضها يتجاوز عمرها املائة‬ ‫عام‪ ،‬وي�صل عدد �أنواع ال�صبار املوجودة فى‬ ‫املعر�ض �إىل ‪ %70‬من نباتات ال�صباراملوجودة‬ ‫على م�ستوى العامل‪ ،‬هذا باال�ضافة �إىل نخبة‬ ‫من زه��ور القطف ونباتات الظل املختلفة‬ ‫والتى تتما�شى مع �أحدث التكنولوجيات فى‬ ‫جم��ال زراع���ة‪ ،‬كل ه��ذا �إىل جانب نباتات‬ ‫احلديقة نف�سها والتى ت�شمل ‪ 84‬ن��وع من‬ ‫الأ�شجار املعمرة النادرة ‪ 98‬نوعا من ال�صبار‪،‬‬ ‫و‪� 33‬صنفا من النخيل ‪ ،‬وي�صل عمر بع�ض‬ ‫ه��ذه الأ���ش��ج��ار م��ن النخيل وال�صبار �إىل‬ ‫‪ 125‬عام ًا‪ ،‬وهى �أنواع نادرة وال تقدر بثمن‬ ‫لندرة �أن��واع��ه��ا‪ ،‬ه��ذا بالإ�ضافة �إىل بنك‬ ‫معلومات احلديقة «املع�شبة»‪ ،‬والتى ت�ضم‬ ‫من��اذج م��ن النباتات مرتبة ب ��أح��دث نظم‬ ‫الت�صنيف‪،‬وهناك �شتالت الزهور املختلفة‬ ‫الأ�شكال والألوان‪.‬‬ ‫ومتيز مهرجان هذا العام بتوافد جمهور‬ ‫‪v‬‬

‫‪14‬‬



‫املعر�ض من كل �أنحاء القاهرة‪ ،‬فقد تعود‬ ‫اجلمهور على ميعاد املعر�ض‪ ،‬وال��ذى يبد�أ‬ ‫قبل عيد �شم الن�سيم ب�شهر تقريبا‪ ،‬حيث‬ ‫يجده جمهور املعر�ض فر�صة للتمتع ب�إبداع‬ ‫و�سحر و�ألوان الربيع فى الزهور والنباتات‬ ‫املختلفة‪ ،‬وتكون فر�صة للمخت�صني لالطالع‬ ‫على �أف��ك��ار مبتكرة ف��ى �أ���س��ال��ي��ب تن�سيق‬ ‫احل��دائ��ق وع��ر���ض ال��زه��ور مبعر�ض زه��ور‬ ‫الربيع‪ ،‬بالإ�ضافة �إىل وجود عدد كبري من‬ ‫منتجى م�ستلزمات الإنتاج من �أوان للزراعة‬ ‫مت��ي��زت ب���الأل���وان والأ���ش��ك��ال اجل��دي��دة‪،‬‬ ‫والتى تعر�ض لأول مرة‪ ،‬كما يقدم منتجو‬ ‫امل�سطحات اخل�ضراء �سابقة التجهيز �أنواع ًا‬ ‫جديدة تتحمل اجلفاف وامللوحة‪،‬بالإ�ضافة‬ ‫�إىل �إن معر�ض زهور الربيع هذا العام قدم‬ ‫�أ�شجار الفاكهة القزمية‪ ،‬والتى تو�ضع فى‬ ‫�أ�ص�ص وهى مثمرة‪ ،‬وكذلك �شتالت �أ�شجار‬ ‫الفواكه املختلفة‪ ،‬وتعترب �إ�ضافة جدية‬ ‫ال���س��ت��خ��دام �أ���ش��ج��ار الفاكهة ف��ى تن�سيق‬ ‫احلدائق العامة �أو املنزلية‪.‬‬ ‫كما ح��وى املعر�ض ك��ل ل���وازم ال��زراع��ة‬ ‫من معدات و�آالت زراعية‪ ،‬و�أ�صي�ص الزرع‬ ‫البال�ستيكى واخل���زف���ى‪ ،‬ب��الإ���ض��اف��ة �إىل‬ ‫الأ�سمدة وبع�ض �أعمال الديكور (النوافري‬ ‫و�شالالت املياة )‪.‬‬ ‫واخليال ترى �أن هذا املعر�ض ميكن �أن‬ ‫يتحول �إىل ح��دث ثقافى فنى ل��و تعاون‬ ‫منظمو املعر�ض ب��وزارة الزراعة وحمافظة‬ ‫اجليزة مع وزارة الثقافة‪ ،‬ممثلة فى هيئة‬ ‫ق�صور الثقافة‪ ،‬وقطاع الفنون الت�شكيلية ‪،‬‬ ‫فق�صور الثقافة ميكن �أن تنظم �أن�شطة فنية‬ ‫م�سائية فى موقع املعر�ض ‪ ،‬وكذلك يقوم‬ ‫قطاع الفنون الت�شكيلية بعمل ور���ش فنية‬ ‫�أثناء فرتة املعر�ض للفنانني الذين يحبون‬ ‫ر�سم ال��زه��ور والنباتات‪ ،‬وم��ن املمكن عمل‬ ‫م�سابقة للت�صوير الفوتوغرافى �أي�ضا ‪،‬ويتم‬ ‫عمل معر�ض كبري فى نهاية احلدث‪ ،‬وبذلك‬ ‫نكون جميعا قد ا�ستفدنا من هذا املعر�ض‬ ‫ال�سنوى اجلميل‪ ،‬الباعث على الأمل واملحبة‬ ‫والتفا�ؤل‪.‬‬ ‫‪v‬‬

‫‪16‬‬


‫ـــــندر األكبر‬

‫ملف مصور‬

‫ــــــى مقدونيا‬

‫د‪.‬ابراهيم غزالة‬


‫(الخيال) فـــــــ‬

‫بلد اإلسكــــــ‬

‫‪v‬‬

‫‪18‬‬


‫تنتشر المساجد ف��ى مدينة‬ ‫سكوبى‪ ،‬وتسمع األذان م��ع كل‬ ‫صالة‪ ،‬فتشعر أنك فى القاهرة أو‬ ‫دمشق‪.‬‬

‫‪v‬‬

‫‪21‬‬


‫من الملفت لزائر مدينة سكوبى‬ ‫أن ي��رى م��آذن المساجد‪ ،‬ويسمع‬ ‫اآلذان خ��م��س م���رات ف��ى ال��ي��وم‪،‬‬ ‫فيشعر وكأنه فى القاهرة‪ ،‬أو جدة‬ ‫أو دم��ش��ق!! وم��ن المدهش أيضًا‬ ‫أن المساجد تمتلئ بالمصلين مع‬ ‫كل أذان!؟ كما أن المساجد تظل‬ ‫مفتوحة مضيئة وممتلئة بالمصلين‬ ‫فى ليالى رمضان حتى أذان الفجر‪،‬‬ ‫وهذا يثير قضية مهمة‪ ،‬وهى كيفية‬ ‫التواصل مع هؤالء‪ ،‬والتعاون معهم‬ ‫على المستوى الثقافى ‪.‬‬

‫‪v‬‬

‫‪20‬‬


‫بحث سبل التعاون بين مصر ومقدونيا‬

‫لقد كانت سعادتى بالغة حينما شاهدت خبر لقاء‬ ‫وزير الثقافة المصرى وسفير دولة مقدونيا‪ ،‬نظرًا ألننى‬ ‫ذهبت إلى دولة مقدونيا فى الصيف الماضى للمشاركة‬ ‫فى ملتقى سكوبى للفنون‪ ،‬وقد انبهرت بتلك المدينة‬ ‫التاريخية‪ ،‬ودولة اإلسكندر األكبر‪...‬‬ ‫وحينما ذهبت إلى هناك شعرت أننى فى بلد أنتمى‬ ‫إليها بشكل أو بآخر‪ ..‬كما أن مقدونيا تقع مالصقة‬ ‫أللبانيا ‪،‬تلك المدينة التى جاء منها محمد على مؤسس‬ ‫مصر الحديثة‪ ،‬إن تلك البقعة لنا معها تاريخ من الحنين‪،‬‬ ‫وعلينا أن نحيي هذه العالقات التاريخية ُ‬ ‫ونعمل على‬ ‫تنميتها‪..‬‬ ‫ومن هنا رأيت أهمية هذا اللقاء بين وزير الثقافة‬ ‫المصرى والسفير األلبانى‪ ،‬ونتمنى أن يتم بدء خطوات‬ ‫فورية للتعاون الثقافى‪ ،‬أو حتى التجارى واالقتصادى‬

‫بين البلدين‪ ..‬والخيال قد بدأت تواجدها بالفعل فى‬ ‫البدء فى ه��ذا االتجاه منذ العام الماضي‪..‬وقد كان‬ ‫ذلك من خالل المشاركة فى ملتقى (سكوبي) ‪-‬عاصمة‬ ‫مقدونيا‪ -‬للفنون الذى تنظمه بلدية سكوبى مع جمعية‬ ‫الفنون التشكيلية هناك ‪،‬و بدعم من فندق آركا حيث إن‬ ‫الفنادق الكبيرة فى معظم دول أوروبا تقوم باستضافة‬ ‫الملتقيات الفنية‪ ،‬كنوع من التعاون الثقافى و الدعائى‬ ‫المتبادل‪ ،‬ونحن نتمنى أن تقوم الفنادق و القرى‬ ‫السياحية فى مصر بمثل ه��ذا ال��دور ‪،‬ف�لا تظل وزارة‬ ‫الثقافة وحدها هى الداعمة للفن بل الفنادق و رجال‬ ‫األعمال‪ ،‬و كذالك بعض األغنياء من المبدعين الذين‬ ‫يتبرعون بجزء من ثرواتهم لتكون وقفًا للفن أو يوقفون‬ ‫البعض منها للصرف على جوائز الفنانين ‪.‬‬ ‫‪v‬‬

‫‪23‬‬


‫األماكن التاريخية يتم ترميمها وإعادة توظيفها واستغاللها سياحيًا‬ ‫‪v‬‬

‫‪22‬‬


‫الفنانون �أثناء العمل فى ملتقى �سكوبى‬ ‫و قد قامت بتن�سيق املعر�ض و تغطيته الفنانة تانيا بالك (‪)tanja balac‬‬

‫‪v‬‬

‫‪25‬‬


‫‪ ...‬وحفل ختام ملتقى سكوبى الدولى للتصوير‬

‫حمافظ مدينة �سكوبى يتفقد املعر�ض اخلتامى مللتقى �سكوبى الدوىل‬

‫راعى امللتقى‬

‫راعية امللتقى‬

‫وسوف يظل اإلبداع التشكيلى على مر العصور وفى حاضرنا المعاصر لغة عالمية‪ ،‬تؤكد العالقات الدولية‪ ،‬وتنقل‬ ‫الحضارة وثقافات الشعوب ‪..‬هذا على الرغم من تجاهل رجال السياسة لمعنى الفن‪ ،‬معتقدين أن السياسة وحدها‬ ‫من الممكن أن تصنع العالقات الدولية‪ ،‬وتؤصل المحبة بين الشعوب‪ ،‬ولقد كان ملتقى سكوبى الدولى للتصوير‬ ‫صورة حقيقية لدور الفن‪ ،‬والتآخى بين دول العالم‪.‬‬ ‫‪v‬‬

‫‪24‬‬


‫ت���م���ث���ال اإلس����ك����ن����در األك���ب���ر‬ ‫المقدونى‪ ،‬ويعد اإلسكندر األكبر‬ ‫المقدونى أح��د ملوك مقدونيا‬ ‫اإلغ���ري���ق‪ ،‬وم���ن أش��ه��ر ال��ق��ادة‬ ‫العسكريين والفاتحين عبر التاريخ‪.‬‬ ‫ُول���د ف��ى م��دي��ن��ة پ��ي�لا ق��راب��ة‬ ‫سنة ‪ 356‬ق‪.‬م‪ ،‬وتتلمذ على يد‬ ‫ال��ف��ي��ل��س��وف وال��ع��ال��م الشهير‬ ‫أرسطو حتى بلغ ربيعه السادس‬ ‫ع��ش��ر‪ .‬وب��ح��ل��ول ع��ام��ه الثالثين‪،‬‬ ‫كان قد أسس إح��دى أكبر وأعظم‬ ‫اإلمبراطوريات التى عرفها العالم‬ ‫القديم‪ ،‬والتى امتدت من سواحل‬ ‫البحر األي��ون��ى غ��ر ًب��ا‪ ،‬وص���والً إلى‬ ‫سلسلة جبال الهيمااليا شر ًقا‪.‬‬ ‫فى مدينة سكوت تلك وجدنا‬ ‫إع��ادة الترميم والبناء بها على‬ ‫ق���دم وس����اق‪ ،‬ك��أن��ه ح���دث ه��ام‬ ‫هناك!!»‪..‬يرتفع تمثال اإلسكندر‬ ‫هذا التمثال الضخم ‪-‬على قاعدة‬‫دائرية؛ مما يؤكد شخصيته بمالمح‬ ‫القوة واالنطالق‪ ،‬والتى تؤكد روح‬ ‫القائد والفاتح ‪.‬‬

‫‪v‬‬

‫‪27‬‬


‫وم��ن الملفت ف��ى مدينة‬ ‫س��ك��وب��ى وش���وارع���ه���ا‪ ،‬أن��ك‬ ‫تلتقى وجهًا لوجه مع الفن فى‬ ‫كل شارع وركن وزقاق من خالل‬ ‫تلك التماثيل التى تحمل روح‬ ‫الماضى ف��ى بعضها‪ ،‬ونبض‬ ‫الحاضر فى البعض اآلخر ‪..‬مما‬ ‫يشكل حالة من الحوار الدائم‬ ‫والمزاح بين البشر من المارة‬ ‫والتماثيل المسكونة بسحر‬ ‫الفن‪ ،‬والتى تعكس شخصية‬ ‫أهل المدينة وتاريخها‪ ،‬البشر‬ ‫والتماثيل‪.‬‬

‫‪v‬‬

‫‪26‬‬


‫ــــــــيبة كونية على األرض‬ ‫حتقيقات اخليال من اجلزائر‬

‫كانت مفاجأة مدهشة تفوق خيالنا حين أخذنا المرافقون لنا ‪ -‬من وزارة‬ ‫الثقافة ‪ -‬إلى هذه المغارة العجيبة بدرجة ال توصف ‪ ..‬إنها شئ مذهل ‪ ..‬بل‬ ‫يكفى أن تشد الرحال إلى تلمسان لمشاهدة هذا الكهف المعجزة الفنية‬ ‫الطبيعية!!‬


‫مغارة بنى عاد بتلمسان عجــــــ‬

‫‪v‬‬

‫‪28‬‬



‫من الأقوال امل�أثورة التى يرددها معظم‬

‫واللوحات الطبيعية واملناظر اخلالبة؛ مما‬

‫ف��ى ال��ع��امل‪ ،‬وب��ه��رت ال��ك��ث�ير م��ن امل ��ؤرخ�ين‬

‫زائرى مدينة تلم�سان فى غرب اجلزائر‪« :‬من‬

‫يجعل الزائر لهذه املغارة ‪ -‬والتى هى بعمق‬

‫امل�شاهري‪ ،‬من مثل ‪:‬عبد الرحمن بن خلدون‪،‬‬

‫زار عا�صمة الزيانيني فقد اكت�شف املعامل‪ ،‬و‬

‫‪ 57‬مرتا على طول ‪ 700‬مرت‪ ،‬وبدرجة حرارة‬

‫وابن �أبى زرع‪ ،‬كما �سلبت لب بع�ض ال�شعراء‬

‫من زار مغارة بنى عاد فيها فقد جال العامل»‬

‫ثابتة طوال العام‪ ،‬بحدود ‪ 13‬درجة فى كل‬

‫خا�صة ابن خفاجة‪ ،‬وابن اخلمي�س‪ ،‬وغريهم‬

‫‪.‬وامل��ع��روف �أن تلم�سان ه��ى م��ن �أه���م مدن‬

‫الف�صول – ي�شعر وك�أنه انتقل �إىل عامل من‬

‫من الذين مروا على هذا املتحف الطبيعى‬

‫املغرب العربي‪ ،‬وكانت عا�صمة ململكة عربية‬

‫الأحالم ال ميت للواقع املعي�ش ب�صلة‪ ،‬فيعي�ش‬

‫الذى ع ّمر لأكرث من ‪� 1800‬سنة‪ ،‬وكان من‬

‫حتت حكم �ساللة عبد الودود �أو الزيانيني‬

‫فا�صل م��ن ال���ر�ؤى واخل��ي��االت‪ ،‬ت��أخ��ذه فى‬

‫اكت�شاف الأمازيغ فى القرن الأول �أو الثانى‬

‫فى القرون الو�سطى‪ ،‬ومن هنا �سميت عا�صمة‬

‫جوفها‪ ،‬وتظل توحى له ب�أ�ساطري وحكايات‬

‫قبل امليالد ح�سب اختالف الروايات التى‬

‫ال��زي��ان��ي�ين‪� ،‬أم���ا ع��ن م��غ��ارة بنى ع��اد فهى‬

‫ومواقف وم�شاهد وردي��ة‪ ،‬الأم��ر ال��ذى قد‬

‫تداولها العلماء و الباحثون عرب الزمن‪،‬‬

‫مغارة طبيعية‪ ،‬لكن جمالها يفوق الو�صف‪،‬‬

‫ي�صيبه ب�صدمة عندما يخرج من املغارة‪،‬‬

‫ليتخذوا منها م�سكنا �آمنا لهم وق�صورا مللوكهم‬

‫فقد عملت فيها يد الطبيعة ك�أعظم فنان‬

‫ويعود لأر�ض الواقع ‪.‬‬

‫وزعمائهم ‪.‬وهناك باملغارة قاعة الواحة‬

‫�شامل ا�ستطاع �أن يبدع التماثيل الكل�سية‬ ‫‪v‬‬

‫‪30‬‬

‫وقد �صنفت املغارة كثانى �أكرب املغارات‬

‫التى ي�صل لها الزائر عرب م�سلك �ضيق مت‬



‫تهيئته للراجلني‪ ،‬وه���ذه القاعة �سميت‬ ‫بالواحة نظرا لأنها �أ�شبه ما تكون بواحة فى‬ ‫ال�صحراء‪ ،‬حيث جتد من خالل تكويناتها‬ ‫ما ي�شبه النخيل بظالله يعانق بع�ضه بع�ضا‪،‬‬ ‫ويلتف مكونا حديقة من النخيل اجلميل‬ ‫الذى تكّون من ال�صخور الكل�سية العجيبة‪،‬‬ ‫وقد ارت�سمت فوقها �أ�شكال غريبة وعجيبة‬ ‫يف�سرها كل ح�سب خميلته و�إدراكه‪ ،‬وهناك‬ ‫قاعة ال�سيوف فى �أ�سفل مغارة بنى عاد‪،‬‬ ‫و�سميت كذلك للعدد الكبري من ال�صخور‬ ‫ال���ن���وازل ال��ت��ى ت�شبه ال�����س��ي��وف العربية‬ ‫البي�ضاء‪ ،‬واملقدر عددها بع�شرات الآالف‬ ‫من خمتلف الأحجام‪ ،‬وت�سمى هذه القاعة‬ ‫الف�سيحة كذلك بقاعة املجاهدين‪ ،‬حيث‬ ‫ك��ان يتخذ منها الثوار اجلزائريون ملج�أ‬ ‫يهربون �إليه من ثقب �صغري كان ي�ؤدى �إىل‬ ‫�سفح اجلبل‪ ،‬و بعد اكت�شاف الأمر من طرف‬ ‫اال�ستعمار الفرن�سى �سنة ‪ 1957‬مت تدمري‬ ‫ذلك الثقب بوا�سطة الديناميت‪ ،‬مما �أدى‬ ‫�إىل ردمه وبقيت �آثار اجلرمية بادية �إىل‬ ‫اليوم‪ ،‬و تت�سرب مياه الأمطار املت�ساقطة‬ ‫�إىل ج��وف الأر���ض و�إىل �أ�سفل مغارة بنى‬ ‫عاد‪ ،‬و ال�شيء املميز بهذا اجلزء من املغارة‬ ‫هو تواجد متثال جلندى يحمل بندقية‬ ‫بيده لكن هذا التمثال من نحت الطبيعة‬ ‫و لي�س الإن�����س��ان‪ .‬وب�ين قاعتى «ال�سيوف»‬ ‫و«املجاهدين» اللتني تخلدان م�آثر الذاكرة‬ ‫اجلزائرية العريقة‪ ،‬تنت�صب ثالثة الروائع‬ ‫فى هذه املغارة الوا�سعة الأرجاء‪ ،‬هى جدار‬ ‫�أبي�ض م ّلون كالرخام ميكن للمرء �أن ينقر‬ ‫عليه بعمود خ�شبي‪ ،‬فتنبعث منه نوتات‬ ‫مو�سيقية نخالها م�ضاهية للنغم الإفريقى‬ ‫الذائع ال�صيت فى القارة ال�سمراء‪.‬‬ ‫‪v‬‬

‫‪32‬‬


‫ـــــــد فنانى أوروبا‬

‫�أحمد جمال‬


‫الولع بالشرق عنـــــــــ‬

‫‪v‬‬

‫‪34‬‬


‫�سوق الربتقال فى البليدة ‪Marché d‪›oranges à Blidah‬-‬‬ ‫وا�صطحبته عرب ممرات املنزل كى ي�صلوا �إىل حى احلرمي‪ ،‬حيث كانوا‬ ‫يغزلون الكتان وهم مت�شحون باحلرير‪ ،‬وفى هذه اللحظة غزا جمال‬ ‫تلك الن�ساء و�أطفالهن ظالم عينيه‪ ،‬و�إذا به ي�صيح قائ ًال « هذا رائع‬ ‫وجميل �إننى �أتخيل كما لو �أننى فى ع�صر هومريو�س‪ ،‬الن�ساء تعتنى‬ ‫ب�صغارها وتنتج من الكتان �أ�شكا ًال بديعة �إنها امل��ر�أة كما يجب �أن‬ ‫تكون»‪.‬‬ ‫ويطل علينا هيرنى �إيفنبول ذلك ال�شاب البليجيكى الأملعى الذى‬ ‫مات بعد ‪ ٢٧‬ربيع ًا الذى �سافر للجزائر‪ ،‬وكان قد در�س فى �أتيليه‬ ‫جو�ستاف موروفى بباري�س ‪،‬حيث كان �صديق ًا لهرنى ماتي�س هناك‪،‬‬ ‫وق��رر �أن يهجر امل��دن ذات العيون القبيحة‪ ،‬وا�ستقر به املقام فى‬ ‫(البليدة) على حدود جبال الأطل�سى‪.‬‬ ‫وجند (�إيفينبول) �أكرث من (رينوار ) يهتم مبو�ضوعات �شرقية‬ ‫بحتة ت�ستبعد �أدن��ى ظهور للم�ستعمر كما فعل فى لوحة « �سوق‬

‫ال�برت��ق��ال ف��ى البليدة ‪Marché d‪›oranges à Blidah‬ -‬‬ ‫وذكريات �إيفنيبول فى املغرب العربى موثقة فى اخلطابات التى كان‬ ‫يبعث بها لأبيه �إدموند‪ ،‬و�صارت مكتملة اليوم بال�صور‪.‬‬ ‫�أما بالن�سبة لكاندن�سكى فله �إنتاج فنى �أكرث غزارة �إذا ما قورن‬ ‫برينوار ‪�-‬أكرث من ثالثني ر�سمة‪ -‬بخامة التيمربا ‪،‬و�أعمال زيتية‬ ‫على الطريقة االنطباعية‪ ،‬و‪ ١٣٠‬لوحة جمموعة ومرتبة فى �ألبوم‬ ‫واحد‪ ،‬فقد �أم�ضى كاندن�سكى فى تون�س �أكرث من ثالثة �أ�شهر خالل‬ ‫فرتة �سفره التى ا�ستمرت لثالث �سنوات‪ ،‬زار خاللها ( �سيدى بو�سعيد‪-‬‬ ‫�سو�سة‪ -‬القريوان)‪ ،‬و�أجنز خاللها بع�ض الأعمال املهمة مثل «مدينة‬ ‫عربي ‬ة ‪.» ‪ville Arabe-‬‬ ‫ويبدو �أن��ه لي�س فقط ال�شرق فنان ًا كما يقول « د‪ .‬زكى جنيب‬ ‫حممود» ولكنه �أي�ض ًا ت�سبب فى جعل الغرب فنان ًا �أي�ض ًا‪ ،‬وفتح له �آفاق ًا‬ ‫جديدة‪.‬‬ ‫‪v‬‬

‫‪37‬‬


‫‪»Femmes d‪’A‬‬ ‫ن�ساء اجلزائر فى منزلهم – ‪‬ lger dans leur appartement‬‬ ‫(فى الفرتة الزمنية للوي�س الرابع ع�شر كنا �إغريق ًا‪� ،‬أما الآن‬ ‫فنحن م�شارقة مولوعون بال�شرق) كان هذا تعبري الأديب الفرن�سى‬ ‫املخ�ضرم «فيكتور هوجو» عن ت�أثري ال�شرق على �أوروب��ا فى القرن‬ ‫ً‬ ‫خا�صة على فنانيها‪ ،‬وبعد �سهولة املوا�صالت ووجود‬ ‫التا�سع ع�شر‪،‬‬ ‫م�صالح �سيا�سية لأوروبا فى دول ال�شرق‪� ،‬سافر كثري من الفنانني �إىل‬ ‫هناك‪ ،‬حيث الروعة والألوان اجلديدة ‪.‬‬ ‫وجند من ه�ؤالء الفنانني عى �سبيل املثال ال احل�صر ديالكروا‪،‬‬ ‫�أدول���ف �سيل‪� ،‬إدوب���ن ل��وردوف��ي��ك‪ ،‬ج�يروم‪ .‬ري��ن��وار و كاندني�سكى‪،‬‬ ‫جون �سنغر �سارجنت‪،‬ليوبونا‪�،‬ألبريجوبى‪،‬يعقوب‪ ،‬جند �أن ك ًال منهم‬ ‫نقل وا�ستلهم ال�شرق فى �أعماله‪ ،‬منهم من كان حامل ًا‪ ،‬ومنهم من كان‬ ‫�أكرث واقعية‪ ،‬مما يجعلنا حقيقة �أمام ظاهرة ت�سمى الولع بال�شرق‬ ‫وهى ظاهرة جديرة بالبحث والدرا�سة‪ ،‬لي�س لرثائها فقط ولكن‬ ‫كل من الفنان واملتلقى فى �آن واحد‪ ،‬وجلمعها بني‬ ‫ال�ستثارتها خليال ٍ‬ ‫‪v‬‬

‫‪36‬‬

‫متعة اال�ستك�شاف اجلغرافى واجلماىل‪.‬‬ ‫حينما ميم �أوجني ديالكروا وجهه �شطر املغرب مل يكن يعلم ماذا‬ ‫�سري�سم بالتحديد‪ ،‬ومل يكن يدرى �أن الولع باملغرب �سي�سيطر على‬ ‫قلبه‪ ،‬ثم ميتد بعد ذلك لفر�شاته‪ ،‬وهو قد قدَ م مع بعثه دبلوما�سية‬ ‫فرن�سيه‪ ،‬و�أبدع لوحته عن طنجة‪ ،‬ومن �شدة �إعجابه باملغرب وطبيعته َا‬ ‫ال�ساحرة قال « ال �أ�ستطيع �أن �أعرب لكم عما يجي�ش بخاطرى �إال �إذا‬ ‫كان قلبى ميتلك مفردات اللغة» ‪ .‬وقبل الرحيل نهائي ًا �إىل فرن�سا‬ ‫ق�ضى دى الكروا ومرافقوه ثالثة �أيام فى مدينة اجلزائر‪ ،‬وهنا عا�ش‬ ‫ديالكروا خربة عميقة متخ�ض عنها عمله ال�شهري « ن�ساء اجلزائر فى‬ ‫‪،»Femmes d‪’A‬‬ ‫منزلهم – ‪‬ lger dans leur appartement‬‬ ‫وبف�ضل ال�سيد بويريل امل�سئول عن ميناء اجلزائر متكن ديالكروا من‬ ‫اقتنا�ص تلك الفر�صة النادرة لغربى �أن يزور منز ًال فى اجلزائر‪ ،‬مبا‬ ‫فيه من غرف احلرمي‪ ،‬وقد احتفت به مديرة املنزل‪ ،‬و�أكرمت وفادته‬


‫ــــم ســيوه‬ ‫فينو�س ف�ؤاد‬


‫مراســــــ‬

‫‪v‬‬

‫‪38‬‬


‫يا�سر حممد جاد‬ ‫‪v‬‬

‫‪41‬‬


‫فى احتفالية كبرية افتتح ال�شاعر �سعد عبد الرحمن‪ ،‬ود‪� .‬صالح املليجى معر�ض مرا�سم �سيوه‪ ،‬هذا امل�شروع املهم‬

‫فرقة الفنون الشعبية التى شاركت فى حفل افتتاح معرض مراسم سيوه‬

‫الواحة هى مكان منخف�ض فى ال�صحراء‪ ،‬بها عيون و�أبار و�أ�شجار تعك�س‬ ‫جمال الطبيعة و�سحرها ‪ ،‬وتوجد فى م�صر خم�سة واح��ات هى ‪ :‬الواحات‬ ‫الداخلة ‪،‬الواحات اخلارجة ‪،‬والفرافرة ‪ ،‬والواحات البحرية و هي تابعة‬ ‫ملحافظة ال��وادى اجلديد ‪،‬وواح��ة �سيوه التابعة ملحافظة مر�سى مطروح ‪.‬‬ ‫وت�شتهر �أغلب هذه الواحات بالآثار النادرة ‪ .‬كما �أن املالب�س والأزياء والعمارة‬ ‫واملبانى الب�سيطة واحلياة فى تلك الواحة التى يغلب عليها الطابع الفطرى‬ ‫البدائى ‪،‬كلها عوامل م�ساعدة وحمفزة على الإب��داع الفنى ‪ ،‬كما �أن «واحة‬ ‫�سيوة» هى جزء مميز من �أر�ض م�صر له �أهمية خا�صة ‪.‬‬ ‫ لذا تقدم الهيئة العامة لق�صور الثقافة بالتعاون مع قطاع الفنون‬ ‫‪v‬‬

‫‪40‬‬

‫الت�شكيلية والإدارة العامة للفنون الت�شكيلية‪ ،‬والفنون البيئية‪ ،‬منحة �سنوية‬ ‫تُقدم ملجموعات من الفنانني بالتناوب كل عام؛ للتعرف عن قرب على البيئة‬ ‫الرتاثية مبنطقة �سيوه التى تتميز بنوع خا�ص من الفن‪ ،‬تفر�ضه طبيعة البيئة‬ ‫التى تنتمى �إىل الواحات ذات الطقو�س اخلا�صة ‪ .‬حيث �أقيم م�ؤخر ًا املعر�ض‬ ‫ال�سنوى « مرا�سم �سيوه» الذى �ضم �أعمال الفنانني احلا�صلني على املنحة‬ ‫ال�سنوية للهيئة العامة لق�صور الثقافة بتلك الواحة ال�ساحرة‪ ،‬وهم ‪ 19‬فنانا‬ ‫وفنانة ‪� (:‬أحالم فكرى – �أحمد عبا�س وهب – �أ�سماء �أحمد �سعيد – �أ�سماء‬ ‫الد�سوقى – �أمانى زهران – �أمل من�سى ال�سيد – �أمين هالل – حنان ال�شيخ‬ ‫– زينب حممد �سامل – �سمري حممود عبد الف�ضيل – �شاكر الإدري�س –‬


‫طابعها املميز؛ ليحقق الراحة احلرارية الداخلية‬ ‫للإن�سان‪ ،‬حيث ا�ستخدمت اخلامات البيئية وكذا‬ ‫�شكل الفتحات والفراغات والأل��وان امل�ستخدمة‪،‬‬ ‫و �شكل التغطيات؛ مما �أ ّث��ر و�أث��رى طابع عمارة‬ ‫ال�صحراء والعمارة البيئية ‪ .‬فنتيجة لالرتفاع‬ ‫ال�����ش��دي��د ل���درج���ات احل�����رارة ب��ال��واح��ات؛ �أدى‬ ‫ذلك �إىل �صغر حجم الفتحات‪ ،‬كما �أن اخلامة‬ ‫امل�ستخدمة فى البناء هى الطني التى ال ت�سمح‬ ‫�أي�ضا بعمل فتحات مت�سعة؛ مما يقلل من انتقال‬ ‫احل���رارة م��ن اخل���ارج �إىل ال��داخ��ل والعك�س مع‬ ‫حركة الهواء ‪.‬و التغطية �أي�ضا بالقبوات ال�صغرية‬ ‫و�أن�صاف القباب تعمل على حتقيق راحة حرارية‬ ‫داخ���ل امل��ب��ن��ى‪ ،‬حيث يتم تعر�ض �إح���دى جهتى‬ ‫القبو لل�شم�س‪� ،‬أما اجلهة الأخ��رى فغري معر�ضة‬ ‫مما يعمل على حركة الهواء وانتقاله من اجلزء‬ ‫ال�ساخن �إىل البارد‪ ،‬ويعمل على تخفي�ض درجة‬ ‫احلرارة داخل الفراغ‪� ،‬أما اخلامات امل�ستخدمة‬ ‫فى البناء �أدت �إىل �إلغاء الزوايا القائمة باملبنى‬ ‫من اخلارج‪ ،‬وميلها للداخل نتيجة حلركة الرمال‬ ‫التى ت����ؤدى �إىل نحت م��واد البناء نتيجة حمل‬ ‫الرياح للرمال مبنطقة الواحات‪.‬‬ ‫وه��ذا ما ر�صده ه���ؤالء الفنانون‪ ،‬فغلب على‬ ‫معظم �أعمالهم ا�ستخدام ط��اب��ع ال��ع��م��ارة فى‬ ‫�سيوه كمو�ضوع �أ�سا�س وحيوى بها ‪،‬ومنهم «يون�س‬ ‫ح�سن يون�س» ال��ذى عرب عن �أمن��اط العمارة فى‬ ‫�سيوه ب�أ�سلوب مبتكر يعتمد على الأل��وان املبهجة‬ ‫وال�ساخنة واحليوية التى ت�ؤكد �سطوع ال�شم�س على‬ ‫املنطقة ‪ ،‬كما �أكدت لوحاته التلقائية فى البناء ‪،‬‬ ‫وكذلك البناء على املرتفعات ‪.‬‬ ‫بينما ا�ستخدم «يا�سر ج��اد» درج��ات اللون‬ ‫الأ�صفر وال��ل��ون البنى «الطينى» لر�سم �أمن��اط‬ ‫�أخ��رى من العمارة فى �سيوه‪ ،‬ذلك النمط الذى‬ ‫يعتمد على بع�ض املرتفعات التى ت�شبه امل���آذن‬ ‫وال��ت��ى متيز العمارة الدينية هناك (امل�ساجد‬ ‫والأديرة) ‪ ،‬بينما ا�ستخدمت «جناح �صدقى» نف�س‬ ‫املجموعة اللونية ولكن مع �إ�ضافة اللون الأزرق‬ ‫ال�صافى فى ال�سماء؛ مما �أعطى بعد ًا جمالي ًا �آخر‬ ‫للمكان‪ ،‬كما بالغت فى جت�سيد الع�شوائية فى بناء‬ ‫املنازل‪ ،‬فبدت ك�أنها قالع �أثرية ح�صينة حت�صن‬ ‫�سكانها من حرارة اجلو خارج تلك البيوت‪.‬‬ ‫تبعهم فى ذلك «�أحمد عبا�س» الذى �سجل فى‬ ‫لوحاته �أ�شكال ال�شوارع واحل��ارات والبيوت ذات‬

‫�أمين هالل‬ ‫‪v‬‬

‫‪43‬‬


‫�أ�سماء الد�سوقى‬

‫�أمين هالل‬ ‫‪v‬‬

‫‪42‬‬

‫�شيماء حم��م��ود – ط���ارق ال�شيخ – ع��م��اد عبد‬ ‫الوهاب – عواطف �صالح – مهنى يا�ؤد – جناح‬ ‫�صدقى – هانى رزق – يا�سر جاد)‪.‬‬ ‫حيث ت��ن��اول��ت «�أم��ان��ى زه����ران» ال�شخ�صية‬ ‫امل�����ص��ري��ة ال�ثري��ة ف��ى ���س��ي��وة واه��ت��م��ت بتو�ضيح‬ ‫مالحمها اخلا�صة التى متيز �سكان تلك املنطقة‬ ‫ع��ن غ�يره��م م��ن �سكان ب��اق��ى امل��ن��اط��ق وال��ق��رى‬ ‫امل�صرية ‪ ،‬حيث اكت�ست وجوههم بال�سمرة ذات‬ ‫احليوية التى تعرب ع��ن �سطوع ال�شم�س معظم‬ ‫�شهور العام ‪ ،‬ولكنها مل تكتف فقط با�ستخدام‬ ‫مالمح ال��وج��وه للتعبري ع��ن مالمح الهوية ‪،‬بل‬ ‫�أ�ضافت �إىل تلك اللوحات �سمات ومالمح الفنون‬ ‫ال�شعبية فى �سيوه‪ ،‬والتى تعتمد فى معظمها على‬ ‫ا�ستخدام جريد النخل فى �صناعة ال�سالل اليدوية‬ ‫ذات الأل���وان املبهجة ‪ .‬وق��د �أب��دع��ت الفنانة فى‬ ‫توزيع م�ساحات ال�ضوء داخل لوحاتها‪ ،‬فاكت�ست‬ ‫بالواقعية ال�شديدة ‪.‬‬ ‫بينما ا�ستلهم «هانى رزق» من احلياة الفطرية‬ ‫والبدائية �أ�سلوب ًا للوحاته التى اعتمدت على‬ ‫الأ���س��ل��وب الفطرى والتلقائى ف��ى التعبري ‪ ،‬كما‬ ‫�أك��د على الهوية امل�صرية فى �أعماله من خالل‬ ‫ا�ستخدام �أحد �أهم �سمات الفن امل�صرى القدمي‬ ‫وه��ى تق�سيم اللوحة �إىل ع��دة م�ستويات تو�ضح‬ ‫كل منها حالة معينة ‪ ،‬كما ا�ستخدم الزخارف‬ ‫ال�شعبية فى خلفيات لوحاته التى �شكلت �أي�ض ًا‬ ‫تو�ضيح �أمن��اط احلياة والعمارة فى �سيوه‪ .‬وقد‬ ‫متيزت �أعماله بنعومة الألوان وان�سيابية اخلطوط‬ ‫مبا يتنا�سب مع �أ�سلوب املعاجلة اخلا�ص به ‪ .‬كما‬ ‫ا�ستخدم فى �إحدى لوحاته الكليم ال�سيوى الذى‬ ‫مييز فرا�ش تلك املنطقة ب�ألوانه الزاهية كخلفية‬ ‫و�أر�ضية ثرية بالألوان املبهجة ‪ .‬كما ظهر بو�ضوح‬ ‫تكراره ال�ستخدام �أ�شكال النخيل التى ت�شتهر به‬ ‫الواحات امل�صرية مبعاجلات خمتلفة فى جميع‬ ‫�أع��م��ال��ه‪��� ،‬س��واء ب�����ص��ورة واق��ع��ي��ة �أو زخ��رف��ي��ة �أو‬ ‫جتريدية‪.‬‬ ‫و تتميز ال�صحراء امل�صرية بطابع خا�ص‬ ‫وم��ن��اخ خ��ا���ص‪ ،‬حيث �إن م�صر تقع ف��ى املنطقة‬ ‫احل���ارة �شبه اجل��اف��ة‪ ،‬وب��ال��ت��اىل ت���أث��رت عمارة‬ ‫ال�صحراء بالعوامل الطبيعية البيئية والظروف‬ ‫املناخية‪ ،‬وك��ذا م��واد البناء امل�ستخدمة كنتيجة‬ ‫للتفاعل مع البيئة و املكان والزمان‪ ،‬ف���أدى ذلك‬ ‫�إىل �أن �أ�صبحت املبانى نابعة من البيئة‪ ،‬ولها‬


‫الأنظار �إىل ما يخفيه هذا املكان من جمال � ّآخاذ‪.‬‬ ‫كما ُيعد هذا املعر�ض �أحد الإ�سهامات الهامة فى‬ ‫دعم ال�سياحة امل�صرية الداخلية حيث يقوم ب�إلقاء‬ ‫ال�ضوء على البقاع ال�ساحرة من �أر�ض م�صر من‬ ‫خالل ر�ؤي��ة فنية خا�صة من فنانني من خمتلف‬ ‫الأجيال‪ ،‬يقدموا �أعما ًال فنية على م�ستوى رفيع‬ ‫تر�صد �أجواء واحة �سيوه اخلالبة وت�سجل عادات‬ ‫وتقاليد �أهلها الرتاثية وت���ؤرخ لكنوزها الطبيعية‬ ‫والتاريخية‪.‬‬ ‫وقد توجهت ب�س�ؤال �إىل بع�ض احلا�صلني على‬ ‫املنحة ومنهم الفنان «�أمين هالل»‪ :‬ف�س�ألته عن‬ ‫�أهمية املنحة بالن�سبة له؟‬ ‫�سعدت كثري ًا بتجربة �سيوه ‪ ،‬حيث كانت مهمه‬ ‫ج��د ًا بالن�سبة ىل‪ ،‬حيث �أع��ادت��ن��ى �إىل احلركة‬ ‫الفنية م��رة �أخ��رى بعد مقاطعة دام��ت �أك�ثر من‬ ‫ع�شر�سنوات‪.‬‬ ‫ هل ذهبت �إىل �سيوه من قبل ؟‬‫ال ‪ ،‬ف�أنا مل �أذهب �إىل �سيوه من قبل قط على‬ ‫الرغم من �أننى فنان م�صرى ‪ .‬ملاذا ؟ لأن منطقة‬ ‫الواحات بالكامل مهملة فني ًا نظر ًا لبعدها عن‬ ‫دائرة ال�ضوء ‪.‬‬ ‫ م��ا م���دى ت���أث��رك بالبيئة ف��ى �سيوه‬‫وتفاعلك معها؟‬ ‫ما �أن ذهبت �إىل هناك حتى تفرغت للر�سم‬ ‫هم ىل �إال ت�سجيل كل كبرية‪،‬‬ ‫ملدة ع�شرة�أيام‪ ،‬ال ّ‬ ‫و�صغرية فى تلك البيئة ال�صحراوية اجلرداء ‪.‬‬ ‫ ما الذى لفت نظرك فى �سيوه؟‬‫احلياة البدوية اجلافة ‪ ،‬والرمال ‪،‬و البيوت‬ ‫القدمية ‪،‬والعادات و التقاليد البدوية ‪.‬‬ ‫ ما هى �أمنياتك فى امل�ستقبل؟‬‫�أمتنى من وزارة الثقافة �أن تكرثمن هذه‬ ‫املنح التى بدورها تعيد �شحن ذاكرة الفنان ليبدع‬ ‫من جديد‪ ،‬و ذلك لأن الفنان كالإ�سفنجة ميت�ص‬ ‫ال�صور الفنية لفرتات طويلة‪ ،‬ثم يقوم بتفريغ كل‬ ‫ذل��ك على م�ساحات بي�ضاء‪ ،‬و�إال من �أي��ن ي�أتى‬ ‫الفنان بجديد؟ �إن الأف��ك��ار بالفعل ال ت�أتى من‬ ‫فراغ‪.‬‬ ‫�أقيم املعر�ض فى الفرتة من ‪ 27‬مار�س حتى‬ ‫‪� 5‬إبريل‪ 2012‬برعاية د‪� .‬شاكر عبداحلميد وزير‬ ‫الثقافة‪ ،‬وافتتحه د‪� .‬صالح املليجى رئي�س قطاع‬ ‫الفنون الت�شكيلية‪ ،‬وال�شاعر �سعد عبدالرحمن‬ ‫رئي�س الهيئة العامة لق�صور الثقافة ‪.‬‬

‫�أمانى زهران‬

‫عماد عبد الوهاب‬ ‫‪v‬‬

‫‪45‬‬


‫�شاكر الأدري�سى‬

‫الفتحات ال�ضيقة والأ�سقف املغطاة ب�سعف النخيل‬ ‫ف��ى تكوين غلب عليه اللونني الأ���ص��ف��ر والبنى‬ ‫بدرجاتهما‪ ،‬مع تو�ضيح الإيقاع فى �شكل وطول‬ ‫املبانى‪.‬‬ ‫بينما ر�صدت «�أح�لام فكرى» �شكل املنازل‬ ‫البدائية ولكن مبعاجلة لونية جديدة غلب عليها‬ ‫الأل��وان ال�ساخنة ت�أكيدا ل�سرعة الإيقاع احلاىل‬ ‫ف��ى تلك ال��واح��ة اجلميلة‪ ،‬ومالحقتها للركب‬ ‫احل�����ض��ارى‪ ،‬حيث ظ��ه��رت الأق��م��ار ال�صناعية‬ ‫و�أطباق «الد�ش» تعلو �أ�سطح تلك املنازل فى كناية‬ ‫عن غزو التعليم والتطور ل�سيوه‪ ،‬حيث مزجت بني‬ ‫الطرز احلديثة والقدمية فى املبانى املعمارية ‪.‬‬ ‫فى حني ر�صدت «�أ�سماء الد�سوقى» �أبواب ونوافذ‬ ‫‪v‬‬

‫‪44‬‬

‫تلك البيوت وطرزها الزخرفية واملعمارية عن‬ ‫ق��رب‪ ،‬وك�أننا نراها حتت عد�سة جمهر ‪ ،‬فبدت‬ ‫الزخارف دقيقة والأل��وان قوية ‪ ،‬كما ا�ستطاعت‬ ‫�أن تقرب �إلينا الإح�سا�س ب��اخل��ام��ات الرملية‬ ‫واخل�شبية امل�ستخدمة فى البناء على الرغم من‬ ‫رقة اخلامة التى ت�ستخدمها فى التعبري عن ذلك‬ ‫وهى خامة الألوان املائية ذات الطبيعة ال�شفافة‬ ‫الناعمة‪.‬‬ ‫كما متيزت �أعمال «مهنى ي��ا�ؤد» بالتكوينات‬ ‫اجل��دي��دة وال�تراك��ي��ب ال�ثري��ة ال��ت��ى م��زج��ت بني‬ ‫�سمات املبانى والعمارة والبيئة‪ ،‬و�أمن��اط احلياة‬ ‫فى لوحات متيزت بالديناميكية واحليوية‪ ،‬والتى‬ ‫يظهر بها ال�شق االبتكارى والبعد عن التقليد‬

‫ب�صورة كبرية ‪� .‬إن هذا املعر�ض ال�سنوى �أ�صبح‬ ‫�أح���د ال��ع�لام��ات املميزة على �أج��ن��دة الأن�شطة‬ ‫الثقافية والفنية‪ ،‬وي�ؤكد دوم ًا على التعاون املثمر‬ ‫وال��ب��ن��اء ب�ين قطاعات وهيئات وزارة الثقافة‪،‬‬ ‫كما �أن فى م�صر العديد من املناطق ال�ساحرة‬ ‫والعبقرية التى تتميز برثاء بيئى ملهم للفنانني‬ ‫من بينها واحة �سيوه التى متثل كنز ًا فني ًا ثري ًا‪.‬‬ ‫وتتمثل هذه املنحة فى �إر�سال �أف��واج من �شباب‬ ‫الفنانني احلا�صلني على املنحة ال�سنوية للهيئة‬ ‫العامة لق�صور الثقافة با�ست�ضافتهم ملدة �أ�سبوعني‬ ‫بتلك الواحة ال�ساحرة‪ ،‬لينهلوا من نبعها الفنى‬ ‫الفريد‪.‬كما �أن رونق ودفئ هذه الواحة الن�ضرة‬ ‫جعل �إقامة هذه املرا�سم بها �سنوي ًا �ضرورة لتوجيه‬


‫فى احلياة الواقعية مثل الفن �أو الدين �سيكون معقدا‬ ‫بدرجة مهولة ‪ ،‬وي�شتمل على كثري من املحددات‬ ‫املجهولة التى ال جدوى منها ‪.‬‬ ‫وتتبلور فكرة االنتخاب عند �أج�نر وغ�يره من‬ ‫علماء االجتماع حول مفهوم املناف�سة بني الأفكار �أو‬ ‫احلوادث �أو الأ�شخا�ص �أو الطبيعة ‪ ،‬ثم الو�صول �إىل‬ ‫ال�صورة املثلى واالختيار للأف�ضل والأ�صلح‪ ،‬ذلك‬ ‫االختيار الذى قد يكون طبيعيا مثل بقاء الكائنات‬ ‫القوية على قيد احلياة ‪ ،‬وم��وت الأ�ضعف �أو يكون‬ ‫باختيار الإن�سان مثل اختيار الأ�صلح لتمثيل احلياة‬ ‫ال�سيا�سية ‪ ،‬ويجعل الكاتب حا�صل كل مناف�سة يعترب‬ ‫انتخابا كما يحدث فى االقت�صاد ‪ ،‬وهو ما ي�صدق‬ ‫على االنتخابات الدميقراطية ‪ ،‬ذلك �أن كل انتخاب‬ ‫ميثل حدثا انتخابيا �أى عملية انتقاء بني عنا�صر‬ ‫متباينة ‪ ،‬وم��ن ث��م ي��غ��دو ���ض��روري��ا حتليل معايري‬ ‫االنتخاب بغية الو�صول �إىل حتليل علمى لعملية تطور‬ ‫جمتمع دميقراطى ‪.‬‬ ‫وي�ؤكد امل�ؤلف �أن التطويريني فى القرن ال‪19‬‬ ‫حتدثوا عن التميز بني الوراثة الع�ضوية واالجتماعية‪،‬‬ ‫لأنهم مل يكونوا على علم بقوانني «مندل» فى الوراثة‪،‬‬ ‫كما كان مبد�أ البقاء للأ�صلح يعنى عندهم �أن التطور‬ ‫يعتمد على �أقوى الأفراد الذين ينت�صرون على من‬ ‫هم �أ�ضعف ‪ ،‬واع��ت�بروا ه��ذه عملية طبيعية ‪ ،‬ومن‬ ‫ثم مل مييزوا بني التطور والتقدم ‪ ،‬وكانت النتيجة‬ ‫املنطقية لهذه الفل�سفة القول مببد�أ �سيا�سة حرية‬ ‫العمل ‪ ،‬حيث ال�سيادة حق للقوى الأعظم‪ ،‬وجتلت‬ ‫النزعة العرقية فى �أق�صى �صورها تطرفا عند من‬ ‫ي�سمون الداروينيون االجتماعيون الذين اعتقدوا �أن‬ ‫�ساللتهم وثقافاتهم هما الأ�سمى قيا�سا �إىل �ساللة‬ ‫وثقافة الآخرين جميعا ‪ ،‬وترتب على هذا �إميانهم‬ ‫ب���أن حقهم وواج��ب��ه��م غ��زو ال��ع��امل كله و�إخ�ضاعه‬ ‫مل�شيئتهم ‪.‬‬ ‫بينما �أ�سا�س االنتخاب الثقايف‪ ،‬يرجع �إىل �أن‬ ‫التطور الثقافى �أ�سرع من التطور الوراثى اجلينى‬ ‫نظرا لتوافر ما ي�سمى بـ «طاقة التكيف» �أى القدرة‬ ‫على التكيف‪ ،‬ولي�ست التكيف نف�سه‪ ،‬بالإ�ضافة �إىل‬ ‫�أن الإن�سان يتميز فى جمال الثقافة مبا يعرف ب‬ ‫«ال�سلوك اجلمعي»‪ ،‬نظرا لال�ستعداد الطبيعى عند‬ ‫الإن�سان على التعاون والعمل اجلمعى ‪ ،‬بل وت�صنيف‬ ‫الب�شر الآخ��ري��ن ح�سب جماعتهم‪ ،‬وه��و ما ي�سمى‬ ‫بالعرقية �أو االثنية‪ .‬ويتم التعبري عن هذا االنتماء‬ ‫ع��ن طريق الو�شم �أو اللغة والطقو�س وال�شعائر‬ ‫الدينية‪ ،‬وه��ذا ال�شعور نف�سه‪ ،‬له دور �أ�سا�سى فى‬ ‫عملية االنتخاب الثقايف‪ .‬وي�ضرب امل���ؤل��ف �أمثلة‬

‫موثقة ت�برز االنتقال الثقافى عند احل��ي��وان‪ ،‬ففى‬ ‫عام ‪1953‬م اكت�شف الباحثون ق��ردا يابانيا يغ�سل‬ ‫الرمل العالق بالبطاطا با�ستخدام املاء‪ ،‬ثم ي�أكلها‪.‬‬ ‫بعد �أربع �سنوات كانت ‪%18‬من جماعة كبار القردة‬ ‫تقلده‪ ،‬بينما ‪%79‬من �شباب القردة تعلموا التقنية‬ ‫�أي�ضا‪ .‬وغريها من الأمثلة‪ .‬كما �أن متابعة الطيور‬ ‫وبع�ض احليوانات الأخرى ك�شفت عن �أمثلة ايجابية‬ ‫لالنتخاب الثقافى بالتقليد واملحاكاة والتعلم‪ .‬ويرى‬ ‫الكاتب �أن فكرة النظرية موجودة منذ عام ‪1867‬م‪،‬‬ ‫�إال التطبيقات عليها كانت فى درا�سة ظواهر العامل‬ ‫الواقعي‪ .‬مثال ذلك �أن حما�صيل جديدة تعطى غلة‬

‫�أف�ضل عن �سابقتها‪ ،‬وهى (عنده) نتيجة مبتذلة‪،‬‬ ‫فال �ضرورة ل�صياغة نظرية حمكمة لتف�سري تلك‬ ‫احلقيقة املالحظة من اجلميع‪� ،‬أو لتف�سري ما هو‬ ‫وا�ضح �سلفا‪.‬‬ ‫ومل ت��ك��ن ن��ظ��ري��ة االن��ت��خ��اب ال��ث��ق��اف��ى مبحثا‬ ‫م�ستقال‪ ،‬ولكنها ك��ان��ت مو�ضوع بحث م��ن جانب‬ ‫علماء ف��ى ف���روع علمية ع��دي��دة وخمتلفة ‪ ،‬منها‬ ‫الفل�سفة واالقت�صاد وعلم االجتماع واالنرثوبولوجيا‬ ‫وعلم النف�س االجتماعى وعلم اللغة والبيولوجيا‬ ‫االجتماعية وغريها ‪ ،‬و�أدت فجوات االت�صال ال�شديد‬ ‫بني العلوم املختلفة و�إهمال البحث فى �أدبيات العلوم‬ ‫�إىل ن�سيان ذات الأفكار التى يقدمها الباحثون ‪،‬‬ ‫و�إع���ادة ابتكارها م��رات عديدة دون حتقيق تقدم‬ ‫كبري ‪ .‬ويخفق علماء كثريون فى االعرتاف بالفوارق‬ ‫الأ�سا�سية بني االنتخاب الوراثى واالنتخاب الثقافى‬

‫‪ .‬و�أح��دث التطورات متثله مدر�سة املبحث امليمى‬ ‫التى مل تعد مبحثا علميا م�ضبوطا وحمكما �ش�أنها‬ ‫فى ذلك �ش�أن البيولوجيا االجتماعية ‪ ،‬وكثريا ما‬ ‫كان افتقار املبحث امليمى �إىل الدقة وال�صقل مو�ضع‬ ‫ا�ستهجان ‪ ،‬بيد �أن ليونة هذا الإط��ار الفكرى رمبا‬ ‫ت�ساعد على جت�سيد الهوة م�ستقبال بني البيولوجيا‬ ‫والعلوم الإن�سانية ‪ .‬وكثريا ما قيل فيما يتعلق بنظرية‬ ‫االنتخاب الثقافى �أن املعرفة تراكمية و�أنها ملفارقة‬ ‫يتعذر ت�صديقها �أن نعرف �أن هذه النظرية ذاتها‬ ‫انحرفت كثريا جدا عن هذا املبد�أ عند النظر �إليها‬ ‫باعتبارها م�س�ألة واقعية فى تاريخ الأفكار ‪.‬‬ ‫ويتناول الكاتب فكرة االنتخاب الثقافى مطبقا‬ ‫لها على الدين‪ ،‬وكيف انتقل من �أفكار مبهمة و�صور‬ ‫غريبة �إىل التوحيد ‪ ،‬حيث كان ال�شرط الأول لظهور‬ ‫التطور الثقافى فى الأزم��ن��ة الأوىل هو وج��ود �آلية‬ ‫تكاثر فعالة ‪ ،‬وك��ان املطلوب هو حامل للمعلومات‬ ‫ميكنه نقل تعليمات حتكمية مطلقة من جيل �إىل‬ ‫جيل ‪ ،‬حتى ي�صبح بديال كف�ؤا عن اجلينة ومن هنا‬ ‫ن�ش�أ الدين ‪ .‬وميثل الدين �صورة بدائية من �صور‬ ‫تنظيم املجتمع واخلطوة الأوىل التى تعلو املنظومة‬ ‫الرتاتبية الهرمية فى �سلم احليوانات االجتماعى‬ ‫‪ .‬وكانت ال�شعوب البدائية ت�ؤمن ب��الأرواح �أكرث من‬ ‫الأرب��اب‪ ،‬ومل يقت�صر دور الدين فقط على تقدمي‬ ‫نظرة �إىل العامل و�صورة �إدراكية عن الزمان واملكان‬ ‫‪ ،‬و�إمنا حتكم فى العالقة بني ال�صياد وطريدته ‪ .‬ومل‬ ‫يحدث �أن ن�ش�أ دين دفعة واحدة بكل عنا�صره ‪ ،‬ذلك‬ ‫�أن جميع ديانات العامل القدمية حتتوى على �سمات‬ ‫من ديانات �سابقة عليها ‪ ،‬وجند �آثار التوفيقية فيها‬ ‫جميعا ‪ ،‬ولقد كان كل م�ؤ�س�س لدين ما يحيط علما‬ ‫بالكثري م��ن ال��دي��ان��ات املختلفة ‪ ،‬و�ضمن ر�سالته‬ ‫عنا�صر من العديد من الديانات القائمة �أو ال�سابقة‪.‬‬ ‫ويقدم الكاتب تف�سريا منطقيا لثقافة العداء من‬ ‫الإ�سرائيليني جتاه الفل�سطينيني ‪ ،‬والقتل الوح�شى‬ ‫بحقهم حتى اليوم ‪ ،‬وذلك فى �سياق حتليله للفرق‬ ‫بني �آليتني لالنتخاب الثقافى فى املجتمعات الب�شرية‬ ‫ميكن �أن تنتج منطني م��ن املنتجات الثقافية‪( :‬‬ ‫الثقافة الريجالية ‪ ،regal culture‬امل�ستبدة‬ ‫كونها تن�ش�أ من حالة حروب خارجية دائمة وتو�سعية‬ ‫و(�أخ��ط��ار جمعية �أخ����رى)‪ .‬والثقافة الكاليبتية‬ ‫(‪ kalyptic culture‬التى ال حتكمها نزاعات‬ ‫خارجية بل يكون االهتمام بالإنفاق على الداخل‬ ‫وتنمية ح��ري��ة ال��ف��رد ه��ى امل��وج��ه الرئي�س‪ .‬وذل��ك‬ ‫يالحظ عند التطبيق الكامل للنمط الريجاىل فى‬ ‫خمتلف �أديان التوحيد‪.‬‬ ‫‪v‬‬

‫‪47‬‬


‫عرض كتاب‬

‫يتناول أجنر فوج كل ما يخص نظرية االنتخاب الثقافى فى كتابه الشيق ‪،‬‬ ‫حيث يعرض لتلك النظرية عرضا شامال ‪ ،‬بما فى ذلك تاريخ النظرية ‪ ،‬ومدارس‬ ‫الفكر المختلفة المعنية بالقضية ‪ ،‬ويتضمن عرضا شيقا لجوهر عمليات التفاعل‬ ‫واالنتخاب الثقافى ‪ ،‬وتطور ذلك فى التاريخ ‪ ،‬وما اقترن به من معارك فكرية ‪،‬‬ ‫وما طرحته المعارك من القضايا ‪ ،‬وآليات االنتخاب المختلفة ‪.‬‬

‫د‪ .‬حربى طلعت‬

‫كتاب « االنتخاب الثقافي»‬ ‫يدعم نظرية االنتخاب الديمقراطى للوصول لألصلح‬ ‫تعنى نظرية االنتخاب الطبيعى لعامل الطبيعة الربيطانى ت�شارل�س‬ ‫داروي��ن عملية حتدث فى الكون‪ ،‬وبوا�سطتها تبقى الكائنات الأكرث‬ ‫تكي ًفا مع بيئاتها على قيد احلياة ‪ -‬وقد �أطلق على هذه العملية البقاء‬ ‫للأ�صلح‪ -‬حيث اعتقد داروي��ن �أن النباتات واحليوانات قد ن�ش�أت‬ ‫تدريجيا من �أ�سالفها القليلة امل�شرتكة بوا�سطة االنتخاب الطبيعي‪.‬‬ ‫وهذا االعتقاد مبنى على �أ�سا�س �أن بع�ض ال�صغار متوت مبك ًرا قبل‬ ‫الأوان ؛ لأن هناك م�صد ًرا حم��دودًا من الغذاء واملاء وال�ضروريات‬ ‫الأخرى للحياة جلميع الكائنات‪ ،‬لذا تتناف�س هذه الكائنات وتت�صارع‬ ‫للح�صول على �ضروريات البقاء‪ .‬كما تكافح � ً‬ ‫أي�ضا لدفع الأخطار التى‬ ‫تدمرها‪ .‬ونتيجة لذلك تعي�ش الأف��راد ذات ال�صفات املالئمة للبقاء‬ ‫ودفع الأخطار ‪ ،‬بينما متوت الأفراد ذات ال�صفات غري املالئمة وغري‬ ‫القادرة على احل�صول على �ضروريات البقاء �أو دفع الأخطار‪ .‬وقد‬ ‫اعتقد ـ داروين ـ �أن جميع �أنواع الكائنات قد ا�ستمرت بهذه الطريقة‬ ‫بعد ح�صول التنا�سل‪.‬‬ ‫وا�ستلهاما لهذه النظرية فى ال�ش�أن الإن�سانى ‪ ،‬وجانب علم‬ ‫االجتماع ‪ ،‬وعلى خطاها ظهرت نظرية االنتخاب الثقافى التى تتخذ‬ ‫مادتها بدال من اجلينات فى النظرية الطبيعية ‪ ،‬العنا�صر الثقافية‬ ‫‪ ،‬تلك التى متثل من خالل الهيكل االجتماعى ‪ ،‬والتقاليد والدين‬ ‫والطقو�س ‪ ،‬والفن واملعايري والأخالقيات والأيديولوجيات‪ ،‬والأفكار‬ ‫واالبتكارات واملعارف الخ ‪ .‬وقد تناول هذه النظرية بالبحث والدرا�سة‬ ‫كتاب « االنتخاب الثقافى « ت�أليف �أجرن فوج ‪� ،‬أ�ستاذ الأنرثوبولوجيا فى‬ ‫جامعة كوبنهاجن ‪ ،‬وترجمه �شوقى جالل ‪ ،‬و�صدر الكتاب عن املجل�س‬ ‫الأعلى للثقافة �ضمن امل�شروع القومى للرتجمة ‪ ،‬فى عدده ‪ 609‬الطبعة‬ ‫الأوىل ‪ ،‬فيما يقرب من ‪� 400‬صفحة من القطع الكبري ‪ .‬وتنظر تلك‬ ‫النظرية �إىل العنا�صر الثقافية باعتبار �أنها متاثل اجلينات ‪ ،‬مبعنى‬ ‫�إمكانية تكاثرها من جيل �إىل جيل ‪ ،‬و�أن تتغري خالل هذه العملية‬ ‫‪ ،‬وميكن لثقافة ما �أن تتطور لأن عنا�صر ثقافية بذاتها مهي�أة �أكرث‬ ‫من غريها لالنت�شار والتكاثر ‪ ،‬الأمر الذى ميثل الأنواع التى تتطور؛‬ ‫لأن �أف��راد النوع تتوافر لديها �سمات معينة ‪ ،‬جتعلها �أك�ثر مالءمة‬ ‫من غريها للتكاثر ‪ ،‬ومن ثم نقل هذه ال�سمات �إىل ذريتها ‪ .‬وتهتم‬ ‫نظرية االنتخاب الثقافى بالإجابة عن ال�س�ؤال الهام وهو‪ :‬ملاذا ثقافات‬

‫‪v‬‬

‫‪46‬‬

‫�أو عنا�صر ثقافية بعينها تنت�شر وتذيع ‪ ،‬رمبا على ح�ساب ثقافات �أو‬ ‫عنا�صر ثقافية �أخرى والتى يكون م�آلها االندثار ؟ ‪.‬‬ ‫على �أن هناك فروقا وا�ضحة بني االنتخاب الطبيعى واالنتخاب‬ ‫الثقافى ‪ ،‬ف���إذا كانت الوراثة اجلينية تنتقل فقط من الأبوين �إىل‬ ‫الأبناء‪ ،‬فان الرتاث الثقافى ينتقل فى كل االجتاهات حتى بني �شعوب‬ ‫ال عالقة بينهم ‪ .‬والتطور الثقافى �أ�سرع كثريا من التطور الوراثى‬ ‫اجلينى ‪ ،‬وقد هي�أ هذا ميزة مهولة على احليوانات الأخرى من حيث‬ ‫القدرة على التكيف ‪.‬‬ ‫فنظرية االنتخاب الثقافى هى نظرية عن ظواهر ميكن �أن تنت�شر‬ ‫داخل جمتمع ما ‪ ،‬مثل ال�شعرية الدينية �أو �أ�سلوب فى الفن �أو طريقة‬ ‫فى ال�صيد ‪ ،‬وت�شتمل النظرية على ثالثة عمليات �أ�سا�سية ‪� :‬أوال �أن‬ ‫تن�ش�أ الظاهرة ‪ ،‬وهذا هو ما ي�سمى التجديد �أو الإب��داع‪ ،‬ثانيا ميكن‬ ‫�أن تنت�شر الظاهرة من �إن�سان �إىل �آخ��ر‪� ،‬أو من جماعة من الب�شر‬ ‫�إىل جماعة �أخ��رى‪ ،‬وهذا ما ي�سمى التكاثر �أو النقل �أو املحاكاة �أو‬ ‫االنت�شار ‪ ،‬وثالث العمليات الأ�سا�سية فى النظرية هى االنتخاب �أى‬ ‫�آلية �أو عامل ي�ؤثر فى مدى انت�شار الظاهرة من حيث الكرثة �أو القلة‬ ‫‪ ،‬و�أو�ضح �أنواع االختيار هو االختيار الواعى من جانب الب�شر ‪ .‬وجدير‬ ‫باملالحظة �أن هذا النموذج من االنتخاب الثقافى ي�شبه كثريا جدا‬ ‫نظرية ت�شارل�س داروي��ن عن االنتخاب الطبيعى ‪ ،‬ذلك �أن العمليات‬ ‫الثالثة الأ�سا�سية هى نف�سها تباين وتكاثر وانتخاب ‪ ،‬والفارق هو �أن‬ ‫نظرية داروين تتناول الوراثة اجلينية ‪ ،‬بينما تتناول نظرية االنتخاب‬ ‫الثقافى الوراثة الثقافية ‪ ،‬وهناك فوارق مثل �أن التكاثر الثقافى ال‬ ‫يرتبط لزوما بالتكاثر الب�شرى ‪ .‬ورغم وجود نظرية االنتخاب الثقافى‬ ‫منذ عام ‪� 1867‬إال �أن هذه النظرية وحتى عهد قريب جدا نادرا ما‬ ‫طبقها الباحثون على درا�سة ظواهر العامل الواقعى ‪.‬‬ ‫ومن امل�ستحيل �صياغة منوذج ريا�ضى كلى �شامل وي�صف �أية عملية‬ ‫انتخاب ثقافى كما هو احلال فى نظرية االنتخاب الطبيعى ‪ ،‬ذلك �أن‬ ‫كال من �آلية االبتكار و�آلية التكاثر و�آلية االنتخاب ووحدة االنتخاب‬ ‫رهن ظاهرة نوعية مو�ضوع درا�سة ‪ ،‬واملالحظ �أن غالبية الظواهر‬ ‫الثقافية تخ�ضع لعديد من �آليات االنتخاب التى تتفاعل جميعها مع‬ ‫بع�ضها البع�ض ؛ ولهذا ف�إن منوذجا ريا�ضيا حمكما للظاهرة الثقافية‬


‫�أن تظل فى خانة املتلقى والتابع ‪ ،‬ف�أن�ش�أ ناجى ـ رحمة‬ ‫اهلل عليه ـ مر�سم الأق�صر مبنزل على عبد الر�سول‬ ‫بالرب الغربى‪ ،‬وكان تابعا ملدر�سة الفنون اجلميلة ‪،‬‬ ‫الذى �أفرز عالمات مهمة م�ضيئة فى حركة الفنون‬ ‫الت�شكيلية امل�صرية‪ ،‬كان لها �أثرها الإيجابى رغم‬ ‫�أنها كانت �إجابات فردية مل يكتب لها قدر منا�سب‬ ‫من الرتاكم و اال�ستمرارية ‪� ،‬إال �أنها �ساهمت مع ما‬ ‫جاء به اجليل الأول من �أفكار و توجهات نحو ت�أ�سي�س‬ ‫مالمح مدر�سة م�صرية‪ ،‬متتلك �أ�سباب اخل�صو�صية‬ ‫و احلداثة ‪ ،‬و مع بدايات االنهيار والتف�سخ و االرتباك‬ ‫تخلت كلية الفنون اجلميلة عن مر�سم الأق�صر‪،‬‬ ‫وانهار م�شروع وطنى مهم على عتبة اجلهل ‪� ،‬أعتقد‬ ‫�أن كل من كان فى موقع امل�س�ؤولية �شارك فى اغتيال‬ ‫الروح امل�صرية الناه�ضة حينها و�أهدر جمهود �أجيال‬ ‫‪ ،‬و ب��د�أت القطيعة مع اجل��ذور مرة �أخ��رى‪ ،‬وتوالت‬ ‫ال�ضربات كلما �أو�شك الإلت�آم باجلذور ‪ ،‬و قال من‬ ‫قال من الكهنة التقدميني املب�شرين بالقطيعة فى‬ ‫حمفل ثقافى هام فيما معناه ‪« :‬فلندو�س على القدمي‬

‫باحلذاء» �أو الأق��دام ‪ ،‬ال بالدقة �إمن��ا كان الدو�س‬ ‫على القدمي ‪ ،‬والأه���م �أن اجلمع الغفري �صفق له‬ ‫و�سار على دربه الكثري ‪ ...‬و فى غيبوبة �أخرى تخلت‬ ‫الأكادمييات عن درا�سة الفنون امل�صرية القدمية �إال‬ ‫قلي ًال ‪ ،‬و تعمقنا فى نفق اللهث وراء التجربة الغربية‬ ‫وو�صلنا فيه الذروة‪ ،‬و مل يتبق �سوى م�شروع مرا�سم‬ ‫الأق�صر الذى تبنته الهيئة العامة لق�صور الثقافة‬

‫هو ال�ضوء فى �آخ��ر النفق‪ ،‬رغ��م ما ك��ان عليه من‬ ‫حتفظات فى الر�ؤية و التطبيق‪.‬‬ ‫و فى حلظة �إفاقة ال ندرى هويتها �سوى ذلك‬ ‫النداء احلتمى نداء الر�أ�س للج�سد الذى �أنع�ش �إرادة‬ ‫الو�صل‪ ،‬فتم �إن�شاء كلية الفنون اجلميلة بالأق�صر‬ ‫عام ‪ 1996‬تقريبا‪ ....‬و مع بداية ‪ 1997‬بد�أ تزايد‬ ‫انتباه �أ�ساتذة الفنون اجلميلة‪ ،‬ونخبة من الفنانني‬ ‫واحلاملني مبدر�سة م�صرية خال�صة ‪ ،‬وبعد جمهودات‬ ‫م�ضنية بد�أ يظهر للوجود م�شروع م�صر فى عيون‬ ‫م�صرية‪ ،‬تبنته �أي�ض ًا الهيئة العامة لق�صور الثقافة‬ ‫وت�أ�صل مع الوفود املتنوعة �ضرورة و�أهمية الأق�صر‬ ‫كنبع من منابع الإلهام اخل�صب الذى يخ�صب جتربة‬ ‫كل من يقرتب منه ‪ ،‬ومع الوقت و�أ�صوات احلاملني‬ ‫ات�سعت رقعة م��ن انتبهوا لأهمية �إح��ي��اء مرا�سم‬ ‫الأق�صر ‪ ،‬ون��ادى الزمالء و الأ�ساتذة الذين كان‬ ‫ينظر �إليهم ‪ -‬من قبل الذين ن�صبوا �أنف�سهم على‬ ‫منرب احلداثة و التحديث‪ -‬باعتبارهم �أ�صحاب ر�ؤى‬ ‫وو�سائط تقليدية؛ لأنهم يكنون احرتاما لفن الر�سم‬ ‫‪v‬‬

‫‪49‬‬


‫سمبوزيوم‬

‫إن سمبوزيم التصوير باألقصر يعد نموذجًا للتعاون بين مؤسسات الدولة لتكامل‬ ‫أنشطتها‪ ،‬فهو يساهم فى مسار تعليم الفنون بصورة منقطعة النظير‪ ،‬كما‬ ‫يساهم فى وضع مصر على خريطة حركة الفن العالمية ‪ ،‬و أن مشروع مراسم األقصر‬ ‫من المشروعات الهامة لمصر ثقافيا و سياحيا و فكريا و تعليما‪ ،‬يجب أن نتكاتف نحن‬ ‫أصحاب المصلحة األولى ‪ -‬الفنانين التشكيليين ‪ -‬إلنجازه وخاصة بعد أن كشفت لنا‬ ‫الثورة عن الصدع الكبير الذى يشق المجتمع المصرى ‪ ،‬فالحل الوحيد أمامنا هو سرعة‬ ‫إعادة بلورة التعليم‪ ،‬و توجيه األنشطة الفنية و اإلبداعية نحو تعزيز التنمية الثقافية‬ ‫لمجتمعنا ‪ ،‬والنظر إلى الفنون عامة باعتبارها ضرورة اجتماعية و تعليمية و تثقيفية‬ ‫واقتصادية‪ ،‬و ليست من دروب الرفاهية أو الترف‪.‬‬

‫حممد عرابى‬

‫فى رحاب المدينة الملهمة تتجلى اإلنسانية‬ ‫فنانة أمريكية شاركت فى سمبوزيم األقصر للعام الثانى‬

‫تحضر مع تالمذتها كى يتعلموا الفن فى األقصر‬

‫الأق�صر مدينة عاملية مل تغب عنها احلياة منذ �آالف ال�سنني‪،‬‬ ‫وو�صفت على مر التاريخ ب���أروع‬ ‫بهرت الرحالة و كل من دخلها ‪ِ ...‬‬ ‫و�أجمل الأو�صاف التى مل حتظ بها �أى مدينة �أخرى فى العامل ‪ ،‬كل‬ ‫من �أنعم اهلل عليه بقب�س من املعرفة يعرف قدرها اجلليل ‪ ،‬ملا ال ؟!!!‬ ‫وهى املدينة التى متتلك �إرثا لتجربة �إن�سانية فريدة عميقة بقيمها‬ ‫الفكرية و الثقافية و الروحية‪� ،‬أبدعت كنوزا فنية ال مثيل لها على‬ ‫الإطالق ‪ ،‬يكون من الذكاء النفعى و الروحى العمل ب�شتى ال�سبل و كل‬ ‫الطاقات الإيجابية على �إحيائه و ن�شره و تفعيله فى املجتمع الإن�سانى‬ ‫�أجمع ‪ ،‬وذلك ل�صياغة �صورة جديدة ملجتمع �إن�سانى يتجاوز حدوده‬ ‫اجلغرافية و الأيديولوجية والإثنية ‪ -‬التى ق�سمت ال�شعوب واجلماعات‬ ‫‪v‬‬

‫‪48‬‬

‫– حيث ي�صري العدل و امل�ساواة والتعاي�ش و ال�سالم والتكاف�ؤ ‪.‬‬ ‫بب�ساطة �شديدة الأق�صر متتلك �أه��م مدر�سة للعمارة والفنون‬ ‫والعلوم الإن�سانية �ستظل ملهمة و معلمة للعامل‪ ،‬ونحن الآن و فى الألفية‬ ‫الثالثة‪ ،‬وبعد ثورة �إن�سانية رفيعة امل�ستوى‪ ،‬ا�ستوعبت كل امللل و النحل‬ ‫والطوائف ‪ ،‬فذابت احلدود املفتعلة بني امل�صريني‪ ،‬و ظهروا فى �أروع‬ ‫م�شهد مبيدان التحرير جماعة واحدة‪ ،‬ي�ؤمنون بالوحدة و التنوع‪.‬‬ ‫مع بداية ثورة ‪ ، 1919‬وبعد تخرج اجليل الأول من مدر�سة الفنون‬ ‫اجلميلة انتبه امل�صور اجلليل حممد ناجى لأهمية الأق�صر كمدر�سة‬ ‫للفنون ‪ ...‬لها �ضرورة حتمية لت�أ�سي�س حركة فنية متفردة بروافدها‬ ‫التاريخية و املعا�صرة ‪ ،‬فتكون �إ�ضافة حلركة احلداثة العاملية بد ًال من‬


v

51


‫الفنانة جوليا فى زيارة مل�سجد ابن طولون مع طالبها‬ ‫و التلوين �أى الت�صوير ‪ ،‬كما يكنون احرتاما للمكان‬ ‫و الزمان ومو�ضوعات فنية م�ستدامة التف�ضيل على‬ ‫مدار م�سرية الإن�سانية و�إبداعاتها الفنية ‪.‬‬ ‫ب��د�أت فكرة �إح��ي��اء مرا�سم الأق�صر ب�صيغة‬ ‫ج��دي��دة ت��ت��ج��اوز البعد املحلى �إىل �آف���اق عاملية‪،‬‬ ‫وو�ضعت لها الئحة مل�شروع طموح يحيل املرا�سم �إىل‬ ‫مدر�سة �أو �أكادميية للفنون دولية ‪ ،‬و تبنى �صندوق‬ ‫التنمية الثقافية املو�ضوع‪ ،‬و كذلك حمافظة الأق�صر‪،‬‬ ‫ووظهرت بع�ضا من فعالياته للنور ومنها‪� :‬سمبوزيوم‬ ‫الأق�صر الدوىل للت�صوير‪ ،‬الذى نرى �أنه ت�أخر كثريا‬ ‫وعرب دوراته بد�أ ي�ضع يده على �صيغ جديدة للحوار‬ ‫بني م�صر برثائها الأق�صرى مع العامل ‪ ،‬وبالتكامل‬ ‫مع جناحات �سمبوزيوم النحت ب�أ�سوان بد�أت م�صر‬ ‫تتبو�أ مكانتها كمعلم‪ ،‬و ملهم حلركة الفن العاملية‪،‬‬ ‫كما بد�أ امل�صريون يتفاعلون مع ما ميلكون من �إرث‬ ‫ويدركون �أهمية جتربتهم الإن�سانية ‪ ،‬التى �أبدعت‬ ‫ذلك الإرث العظيم من الفنون الب�صرية‪ ،‬ب�أبعادها‬ ‫املختلفة من عمارة‪ ،‬و ت�صوير و ر�سم ونحت وما‬ ‫يتمتع بهم من قيم مرجعية ملهمة لالبتكار و التميز‬ ‫والعطاء امل�ستدام‪.‬‬ ‫ف��ه��ل ل��ن��ا �أن نفكر ف��ى ال��ت��ط��وي��ر و التجويد‬ ‫والتح�سني‪ ،‬وط��رح ال��ر�ؤى و الآليات اجلديدة التى‬ ‫ت�ساعدنا على ا�ستثمار ما لدينا من ث��روات الفكر‬ ‫و الإب��داع ل�صاحلنا و �صالح الإن�سانية ‪� ....‬أم نظل‬ ‫‪v‬‬

‫‪50‬‬

‫غارقني فى ال�شخ�صنة‪ ،‬ون�ضرب و نهدر ما لدينا من‬ ‫�أفكار ‪ ....‬و فى هذا الإطار �أذكركم و نف�سى ب�أننا‬ ‫كنا منتلك �أول �أو ثانى �أقدم بيناىل للفن احلديث فى‬ ‫العامل ‪ ،‬و هو بيناىل الإ�سكندرية لدول البحر الأبي�ض‬ ‫املتو�سط ‪� ،‬أين هو الآن على خريطة فعاليات الثقافة و‬ ‫الفنون الدولية ؟! ‪....‬وعلى �صدى �سمبوزمي الأق�صر‬ ‫تتوا�صل �أجيال الفنانني امل�صريني و تنتقل اخلربات‪،‬‬ ‫و ينفتح �شبابنا امل�صرى متمثال فى طالب الفنون‬ ‫اجلميلة بالأق�صر و�آخرين على تلك اخلربات املحلية‬ ‫و الدولية فى ح�ضرة املعلم الأكرب طيبة التى �صاغها‬ ‫الفنان و املبدع امل�صرى القدمي‪ ،‬مع جتليات الطبيعة‬ ‫وعبقرية املكان ‪ ،‬وعلى ال�صدى �أي�ضا تن�ش�أ فكرة‬ ‫ت�صيغ �آلية‪ ،‬ت�شق دربا من دروب التوا�صل فى ح�ضرة‬ ‫املعلم – الأق�صر‪ -‬تتمثل فى ور�شة عمل انعقدت‬ ‫لعامها الثانى بني طالب من فنون الأق�صر و طالب‬ ‫من كلية وليام‪ ،‬وهى ثانى �أهم كلية بالواليات املتحدة‬ ‫الأمريكية‪ ،‬وحتت �إ�شراف �أ�ستاذ م�صرى و �أ�ستاذة‬ ‫�أمريكية كانت قد حظيت بامل�شاركة فى �أحد دورات‬ ‫ال�سمبوزيوم وهى جوليا ليمون ‪ ،‬ه�ؤالء الطالب من‬ ‫اجلانبني �سي�شكلون جزءا من م�ستقبل تتوا�صل فيه‬ ‫ثقافتني‪ ،‬و ميثلون ج�سورا جديدة بلغتها الع�صرية‪،‬‬ ‫قوامها التكاف�ؤ و امل�شاركة و التعاون واالنفتاح على‬ ‫ثقافة الآخر عرب الفن الذى ي�ضعنا بكل راحة �ضمري‬ ‫فى موقف املعلم ‪� ،‬أثمرت هذه الور�شة هذا العام‬

‫بعد ما مت من تدريبات تقنية وحما�ضرات عن عمل‬ ‫فنى جماعى‪ ،‬يعك�س تفاعلهم مع الثورة امل�صرية‬ ‫اجلديدة ‪ ،‬التى �ألهمت العامل وم��ن �آث��اره��ا حركة‬ ‫�إكيوباى وول �إ�سرتيت بنيويورك ‪ ،‬هذه الور�شة كان‬ ‫املعلم فيها من الطالب ن�شطاء الثورة بالكلية الذين‬ ‫جتلت �إ�سهاماتهم اجلرافيتية على جدران الأق�صر‬ ‫و القاهرة ورب��وع ال�صعيد ‪ ،‬احلقيقة ال ميكن �أن‬ ‫�أ�صف مدى الده�شة واالنبهار التى بدت على طالب‬ ‫و طالبات وليامز مب�صر و امل�صريني و فنونهم‬ ‫القدمية و احلديثة‪ ،‬و�أداء طالبنا و طالباتنا بالكلية‬ ‫عامة و امل�شاركني خا�صة ‪ ...‬و�أترك ىل و لكم تخيل‬ ‫مدى الإفادة لنا و للعامل �أجمع مع ات�ساع دائرة هذا‬ ‫النوع من �صيغ التوا�صل‪ ،‬وتطور �أ�شكاله وا�ستدامته ‪،‬‬ ‫وذلك على امل�ستوى االقت�صادى متمثال فى الدعاية‬ ‫ال�سياحية ‪ ،‬و الوجدانى ‪ ،‬و الثقافى ‪ ،‬و العلمى وغريه‬ ‫من الأبعاد التى تتعلق بالتنمية الثقافية ‪.‬‬ ‫وىل �أن �أخ��ت��م ه��ذه ال�صفحة ب�صفتى عميدا‬ ‫و�أ�ستاذا للفن‪ ،‬بالإعالن عن امتنانى وتقديرى لكل‬ ‫من �ساهم فى حتقيق هذا امل�شروع الذى جتلت �آثاره‬ ‫الإيجابية على طالب و خريجى الكلية ‪ ،‬و �أ�صبح‬ ‫م�صدرا مهما من م�صادر التعلم باالنفتاح على‬ ‫جتارب الفنانني و ر�ؤاهم املتنوعة‪.‬‬


‫املطبوع ‪..‬عا�ش حجى فى ليبيا فى الفرتة من ‪� 1974‬إىل‬ ‫‪ 1977‬وتعرف عن قرب على هذا ال�شعب العربى املميز‬ ‫و تنقل خ�لال امل�ساحات املرتامية هناك م��ا ب�ين امل��دن‬ ‫و ال��ري��ف وم��ن ال�صحراء �إىل ال��ت�لال كما توقف كثريا‬ ‫عند الر�سوم ال�صخرية بالكهوف للإن�سان فى الع�صر‬ ‫احلجرى التى اكت�شفت فى ه�ضبة «التا�سيلى» وهى الر�سوم‬ ‫التى يرجع تاريخها �إىل ع�شرة �آالف ع��ام قبل امليالد‪.‬‬ ‫كما تابع حجى تفاعل �أبناء املجتمع الليبى فى الأ�سواق‬ ‫واملوالد واملقاهى واحلوانيت‪ ..‬والبيوت وكل �صور احلياة‪.‬‬ ‫وال��ك��ت��اب ال���ذى تعر�ض اخل��ي��ال بع�ضا م��ن لوحاته‬ ‫ميثل تلخي�صا حقيقيا ل�شعب عربى وقد طبع حتى الآن‬ ‫فى طبعتني ‪ ..‬الأوىل ب�إيطاليا وطبع منه ‪� 25‬ألف ن�سخة‬ ‫والطبعة الثانية فى ا�سبانيا وطبع منه ‪� 10‬آالف ن�سخة ‪.‬‬ ‫واملتابع لأعمال الفنان الكبري حممد حجى �سوف يجد‬ ‫�أن ر�سومه ب�شكل عام بها خا�صية مميزة ‪ ,‬وهى الرتكيز‬ ‫على امللم�س ‪ ,‬فك�أنه يحول ثنائية الظل والنور التى تتفاعل‬ ‫معها عيوننا �إىل ثنائية �أخرى هى ثنائية اخل�شونة والنعومة‬ ‫‪..‬فيبدو �أنه يتعمد �أن يتعامل مع يديك �أكرث من عينيك‬ ‫فينقلك مبا�شرة �إىل داخل لوحاته وعامله الت�شكيلى فاعال‬ ‫ومتفاعال بدال من �أن تقف خارجها م�شاهدا ومتفرجا‪.‬‬ ‫ومن الالفت للنظر �أن �أكرث اللوحات فى كتاب ر�سوم‬ ‫من ليبيا قد نفذها حجى با�ستخدام �أل��وان الفلوما�سرت‬ ‫وهى �ألوان حمدودة االمكانيات‪ ،‬حيث ي�صعب �أحيانا تنفيذ‬ ‫الظالل والدرجات اللونية بها‪ ،‬ورغم ذلك فقد ظهرت لنا‬ ‫هذه اللوحات كدرا�سات ت�شكيلية متكاملة ‪.‬‬ ‫وتتمنى اخليال تكرار هذه التجربة الفريدة للفنان‬ ‫الكبريحممد حجى التى خل�ص من خاللها �شخ�صية وطن‬ ‫بالكامل ‪ ,‬فلماذا الن��رى كتبا �أخ��رى لري�شات �أخ��رى من‬ ‫كل البلدان العربية حيث تتنوع الثقافات وتختلف البيئات‬ ‫ولكننا فى النهاية �سن�ستطيع �أن نتفاعل وبقوة مع املنتج‬ ‫الفنى وت�صبح الكتب الت�شكيلية حماولة �أكرث عمقا لفهم‬ ‫واقعنا العربى وو�سيلة �أخرى من و�سائل توا�صل ال�شعوب‬ ‫وفهمها لبع�ضها البع�ض ب�شكل �أكرث عمقا ووعيا ومتيزا‪.‬‬ ‫م��ن �أع��م��ال ال��ف��ن��ان ال��ك��ب�ير حم��م��د حجى‪:‬‬ ‫ ���ش��م��ال مي�ين ‪ 1977‬الطبعة الأوىل تون�س‬‫الطبعة ال��ث��ان��ي��ة ب��ع��ن��وان ال��ع��ار ‪ 2010‬م�صر‬ ‫ ر�سوم من ليبيا ‪ 1984‬الطبعة الأوىل ليبيا‬‫ال����ط����ب����ع����ة ال����ث����ان����ي����ة ‪ 2000‬ت���ون�������س‬ ‫ �أحالم فرتة النقاهة ( جملة ن�صف الدنيا ) ‪2000‬‬‫‪ -‬ر�سام يقر�أ القر�آن ( مل يطبع بعد ) ‪1984‬‬

‫‪v‬‬

‫‪53‬‬


‫فنون دولية‬

‫محمد حجي‬ ‫رسوم من ليبيا ‪ ..‬ريشة ترسم وطن‬

‫م�صطفى الهندى‬

‫ا�ستطاع الفنان الكبري حممد حجى �أن يلخ�ص لنا وطنا فى كتاب‬ ‫من خالل جتربته الفريدة واملميزة وهى كتابه ‪ :‬ر�سوم من ليبيا ‪..‬‬ ‫وحتتفى جملة اخليال بهذة التجربة رغم مرور ع�شرات الأعوام‬ ‫على مرورها لعدة �أ�سباب‪ :‬فكتاب ر�سوم من ليبيا من التجارب القليلة‬ ‫جدا على امل�ستوى العربى الذى ح ّول املعر�ض الت�شكيلى من جدران‬ ‫املعار�ض والقاعات �إىل �صفحات الكتاب املطبوع ‪.‬‬ ‫كما يعرب الكتاب عن بيئة جمتمع عربى مميز‪ ،‬وهو املجتمع الليبى‬ ‫فى ال�سبعينيات من خالل درا�سات ت�شكيلية للفنان تر�صد العنا�صر‬ ‫البيئية واملجتمعية املختلفة ‪ ,‬ف�نرى البيوت وامل��داخ��ل وامل�ساجد‬ ‫واملالب�س واالحتفاالت ‪ ,‬الرجال والن�ساء والأطفال ‪ ,‬البحر وال�صحراء‬ ‫حيث يتجلى �أمامنا عن�صرا الثقافة املادية واملعنوية للمجتمع فى مزج‬

‫‪v‬‬

‫‪52‬‬

‫فريد‪ ,‬ف�أعمال الفنان حممد حجى لي�ست ك�أعمال امل�ست�شرقني التى‬ ‫تنظر �إىل املجتمع ال�شرقى بعيون غربية غريبة ‪ ,‬ولكنها عيون �شرقية‬ ‫�أي�ضا ‪ ..‬ولكن �أ�ضيف �إليها وعى الفنان بذاته وجمتمعه و�إدراكه للحظة‬ ‫الراهنة‪.‬‬ ‫حجى ‪ ..‬اب��ن الريف امل�صرى بقرية �سندوب بالدقهلية اختار‬ ‫منذ بداية حياته الفنية �أن يتجه للر�سم ال�صحفى ليلتحم مع واقعه‬ ‫وي�صل ب�شكل �أ�سرع �إىل �أبناء قريته من خالل «جورنال �سندوب» ‪..‬‬ ‫ثم وقبل تخرجه فى كلية الفنون اجليملة ي�شارك فى ت�أ�سي�س «جملة‬ ‫املن�صورة» وهى �أحد التجارب املميزة فى ال�صحافه الإقليمية ثم �أكمل‬ ‫جتربته فى عامل الر�سوم ال�صحفية مع روزاليو�سف و�صباح اخلري ‪..‬‬ ‫�إىل �أن اجته منذ بداية ال�سبعينيات �إىل تقدمي الفن من خالل الكتاب‬


‫تحت شعار «مفيش مستحيل دا حلم جيل»‬ ‫قصور الثقافة تحتفل بمرور خمسمائة عام‬ ‫على إنشاء سور مجرى العيون‬

‫حتت رعاية د‪� .‬شاكر عبد احلميد وزير الثقافة‪ ،‬وانطالق ًا من حر�ص الهيئة‬ ‫العامة لق�صور الثقافة برئا�سة ال�شاعر �سعد عبد الرحمن للحفاظ على الهوية‬ ‫الثقافية امل�صرية‪ ،‬واحلفاظ على الرتاث‪ ،‬وبعد دقها ناقو�س اخلطر ملا يتعر�ض‬ ‫له �سور جمرى العيون من ت�شويه‪ ،‬ت�ستعد الهيئة العامة لق�صور الثقافة لإقامة‬ ‫مهرجان ثقافى فنى مبنا�سبة مرور خم�سمائة عام على �إن�شاء �سور جمرى العيون‬ ‫وذلك بالتعاون مع ت�سعة ع�شر وزارة وهيئة‪ ،‬وهم ‪« :‬البيئة‪ ،‬ال�سياحة‪ ،‬الآث��ار‪،‬‬ ‫ال�صحة‪ ،‬التنمية املحلية‪ ،‬ال��رى وامل���وارد املائية‪ ،‬الأوق���اف‪ ،‬الرتبية والتعليم‪،‬‬ ‫املجل�س القومى لل�شباب‪ ،‬حمافظة القاهرة‪� ،‬صندوق التنمية الثقافية‪ ،‬ال�صندوق‬ ‫الإجتماعى للتنمية‪ ،‬الهيئة العامة للإ�ستعالمات‪ ،‬الهيئة العامة ملحو الأمية‬ ‫وتعليم الكبار‪ ،‬جهاز التن�سيق احل�ضارى‪ ،‬الهالل الأحمر امل�صرى‪ ،‬االحتاد العام‬

‫للجمعيات الأهلية‪ ،‬جامعة القاهرة‪� ،‬سيدارى لل�شراكة املائية امل�صرية»‪.‬‬ ‫وقد قام ال�شاعر �سعد عبد الرحمن رئي�س الهيئة يرافقة بع�ض قياداتها‬ ‫والفنان الت�شكيلى نبيل �أحمد �صاحب فكرة االحتفال واملن�سق وامل�شرف العام له‬ ‫بتفقد موقع �سور جمرى العيون؛ للوقوف على االحتياجات املطلوبة للمهرجان‬ ‫واملطلوب تنفيذه من اجلهات امل�شاركة به‪.‬‬ ‫وقد ُعقد اجتماع مبركز الأزم��ات التابع للهيئة العامة لق�صور الثقافة يوم‬ ‫اخلمي�س ‪� 12‬إبريل املا�ضي‪ ،‬ح�ضره رئي�س الهيئة وقياداتها‪ ،‬وم�س�ؤلني من اجلهات‬ ‫امل�شاركة فى املهرجان؛ لو�ضع ت�صور مبدئى ومقرتحات التنفيذ وخطواته كل‬ ‫ح�سب اخت�صا�صه‪.‬‬

‫افتتاح الدورة الـ‪ 12‬لمؤتمر أدباء‬ ‫القاهرة وشمال الصعيد‬ ‫حتت رعاية د‪� .‬شاكر عبد احلميد وزير الثقافة‪ ،‬افتتح ال�شاعر �سعد عبد الرحمن رئي�س‬ ‫الهيئة العامة لق�صور الثقافة فعاليات الدورة الثانية ع�شر من م�ؤمتر �أدباء �إقليم القاهرة‬ ‫الكربى و�شمال ال�صعيد الثقافى‪ ،‬الذى يحمل عنوان «جتليات ثورة ‪ 25‬يناير فى الإبداع‬ ‫الثقايف»‪ ،‬بح�ضور �أ‪.‬د �أحمد �شم�س الدين احلجاجى رئي�س امل�ؤمتر‪ ،‬وعبد العليم �إ�سماعيل‬ ‫�أم�ين ع��ام امل���ؤمت��ر‪ ،‬وح�سن اخل��وىل رئي�س الإقليم‪ ،‬وع��دد من قيادات الهيئة ولفيف من‬ ‫الإعالمني‪.‬بد�أ امل�ؤمتر بتفقد معر�ض للفن الت�شكيليى بقاعة اخليال ومعر�ض كتاب لأحداث‬ ‫�إ�صدارات الهيئة‪.‬‬ ‫وفى كلمته وجه ال�شاعر �سعد عبد الرحمن التهنئة لأدباء الإقليم بانعقاد هذه الدورة‪،‬‬ ‫كما وجه ال�شكر لأمانة امل�ؤمتر لأختيار عنوان امل�ؤمتر «جتليات ثورة ‪ 25‬يناير فى الإبداع‬ ‫الثقايف» الذى ي�ؤكد التوا�صل بني مو�ضوعات امل�ؤمترات الإقلمية وامل�ؤمتر العام لأدباء م�صر‬ ‫الذى حمل عنوان «�سقوط ن�ص اال�ستبداد»‪ ،‬و�أ�شار عبد الرحمن �إىل �أن الثورة امل�صرية متر‬ ‫الآن ب�أزمة‪ ،‬و�أن هناك قوى م�ضادة حتاول �إجها�ضها ‪ ،‬م�ؤكدا �أن هذه اللحظة التاريخية‬ ‫تطلب منا التواجد بني النا�س ولي�س االنف�صال عنهم‪ ،‬وهذا هو م�أزق امل�ؤمترات الأدبية‪،‬‬

‫وطالب ب�ضرورة البحث عن �صيغة حقيقة لتفعيل هذه امل�ؤمترات لتكون بني‬ ‫اجلماهري ولي�س داخل الغرف املغلقة‪.‬‬ ‫وفى ختام االفتتاح كرم ال�شاعر �سعد عبد الرحمن كل من �أ‪.‬د �أحمد‬ ‫�شم�س الدين رئي�س امل�ؤمتر‪ ،‬والأدي��ب م�صطفى عبد الباقى «الفيوم» ‪،‬‬ ‫والأ�ستاذة وجيهة عبد الرحمن �أمني عام الإقليم ب�إهدائهم درع الهيئة‪.‬‬ ‫‪v‬‬

‫‪55‬‬


‫وزير الثقافة يفتتح متحف‬ ‫شوقى بعد التطوير‬

‫أخبـــــــــــــار‬ ‫قصور الثقافة‬

‫‪v‬‬

‫‪54‬‬

‫افتتح ا‪.‬د‪� .‬شاكر عبد احلميد وزير الثقافة‪ ،‬وا‪.‬د‪� .‬صالح‬ ‫املليجى رئي�س قطاع الفنون الت�شكيلية‪ ،‬متحف �أمري ال�شعراء‬ ‫�أح���م���د ���ش��وق��ى ي���وم ‪� 24‬إب��ري��ل‬ ‫ال�سابق‪ ،‬بح�ضور الأ�ستاذ �أحمد‬ ‫عبدالفتاح رئي�س الإدارة املركزية‬ ‫للمتاحف واملعار�ض‪ ،‬ولفيف من‬ ‫ال�شعراء والأدب����اء واجل��م��ه��ور ‪،‬‬ ‫و�صاحب االفتتاح فقرات غنائية‬ ‫لأ���ش��ه��ر م��ا �أل���ف �أم�ي�ر ال�شعراء‬ ‫�أح��م��د �شوقى‪ ،‬وتغنى بها كبار‬ ‫املطربني‪.‬‬ ‫و���ص��رح د‪��� .‬ص�لاح املليجى‬ ‫�أن االفتتاح ي�أتى مواكب ًا لذكرى تتويج ال�شاعر العظيم الراحل‬ ‫�أحمد �شوقى بلقب �أمري ال�شعراء فى ‪� 29‬إبريل عام‪ ،1927‬وكان‬ ‫�ضمن جمموعة املتاحف القومية والفنية التى �شملتها خطة‬ ‫التطوير والتحديث بهدف حماية تراث م�صر الثقافى والفني‪،‬‬ ‫عدد منها مثل متحف ح�سني‬ ‫وقد انتهى القطاع بالفعل من تطوير ٍ‬ ‫�صبحى‪ ،‬ومتحف اخلط العربى بالإ�سكندرية‪ ،‬ومتحف طه ح�سني‬ ‫بالهرم‪ ،‬ومتحف حممود خمتار باجلزيرة‪ ،‬وجميعها على �أجندة‬

‫االفتتاحات قريب ًا‪ ،‬بالإ�ضافة �إىل متحف الن�صر ببور�سعيد‪،‬‬ ‫والذى مت ت�أجيل افتتاحه م�ؤقت ًا نظر ًا مل�ستجدات الأحداث التى‬ ‫يعلمها اجلميع‪.‬‬ ‫ج��دي��ر ب��ال��ذك��ر �أن متحف‬ ‫�أح��م��د �شوقى «ك��رم��ة ب��ن هانئ»‬ ‫وهو اال�سم املف�ضل للمنزل لدى‬ ‫�أم�ي�ر ال�����ش��ع��راء‪ ،‬ح��ي��ث ك���ان من‬ ‫�أ�شد املعجبني بال�شاعر العبا�سى‬ ‫ال��ع��ظ��ي��م احل�������س���ن ب����ن ه��ان��ئ‬ ‫(النوا�سي)‪ ،‬هو فى الأ�صل منزله‬ ‫الذى حتول بقرار جمهورى رقم‬ ‫‪ 549‬ب��ت��اري��خ ‪ 3‬م���اي���و‪� 1972‬إىل‬ ‫متحف �أمري ال�شعراء �أحمد �شوقى‪ ،‬وهو �أحد املتاحف القومية‬ ‫التابعة لقطاع الفنون الت�شكيلية‪ ،‬وي�ضم مقتنيات العائلة الكرمية‬ ‫من �أثاث وم�سودات �أ�شعار �شوقى والأو�سمة والنيا�شني والهدايا‬ ‫ومالب�س الت�شريفة اخلا�صة به‪ ،‬بجانب جمموعة من اللوحات‬ ‫الزيتية والتحف وال�صور الفوتوغرافية اخلا�صة به وب�أ�سرته‬ ‫و�أقاربه‪ ،‬وبع�ض �أ�صدقائه‪ ،‬وكذلك بع�ض ال�شخ�صيات الهامة‪.‬‬

‫نقل الخبرات المصرية فى مجال‬ ‫المتاحف لدولة ألبانيا‬ ‫فى �إطار التعاون الثقافى بني جمهورية م�صر العربية ودولة‬ ‫�ألبانيا‪ ،‬قرر �أ‪.‬د‪� .‬شاكر عبد احلميد وزير الثقافة �سفر كل من‬ ‫�أحمد عبدالفتاح رئي�س الإدارة املركزية للمتاحف واملعار�ض بقطاع‬ ‫الفنون الت�شكيلية‪ ،‬و�إلهام �صالح الدين اخلبرية فى جمال املتاحف‬ ‫ب��وزارة الآث��ار �إىل �ألبانيا‪ ،‬لنقل اخل�برات امل�صرية فى حتديث‬ ‫املتاحف‪ ،‬وح�سن �إدارتها للجانب الألبانى‪ ،‬وذلك خالل الفرتة من‬ ‫‪� 16‬إىل ‪� 20‬إبريل املا�ضي‪.‬‬ ‫ً‬ ‫وي�أتى هذا التعاون تعزيزا للعالقات التاريخية بني البلدين‪،‬‬ ‫وت�أكيد ًا على ري��ادة و�أهمية ال��دور امل�صرى فى جمال الثقافة‬ ‫�شاكر عبد احلميد‬ ‫�صالح املليجي‬ ‫وزير الثقافة‬ ‫والفنون العامليني‪ ،‬فى خطوة تُعد ج�سر ًا للتوا�صل والتكامل بني رئي�س قطاع الفنون الت�شكيلية‬ ‫اخل�برات الفنية املختلفة‪ ،‬وت�ثرى م�ساحة العالقات امل�صرية‬ ‫املتميزة بالعامل اخلارجي‪.‬‬ ‫و�أ�ضاف �أ‪.‬د‪� .‬صالح املليجى رئي�س قطاع الفنون الت�شكيلية �أن ا�ستعانة اجلانب الألبانى باخلربات امل�صرية �إمنا هو ت�أكيد لدعم‬ ‫�أوا�صر ال�صداقة فى هذا املجال احليوى الهام املرتبط باحلفاظ على الرثوات والكنوز الأثرية والفنية للدولة‪ ،‬و�أهمية وقيمة امل�ؤ�س�سات‬ ‫امل�صرية وخرباتها العريقة و�أياديها املدربة‪ ،‬وهو ر�سالة راقية يوجهها اجلانب امل�صرى للخارج مفادها �أن م�صر �ستظل دوم ًا جزء ًا هام ًا‬ ‫من التاريخ احل�ضارى والإن�سانى العاملى وم�شارك ًا فى نه�ضته واحلفاظ عليه‪.‬‬


‫ثورة سماح كمال بأتيليه القاهرة‬ ‫افتُتح ب�أتيليه القاهرة �أح��دث معار�ض الفنانة‬ ‫�سماح كمال حتت عنوان «ثورتي» بح�ضور د‪ .‬حمدى‬ ‫�أب��وامل��ع��اط��ى نقيب الت�شكيليني‪ ،‬وال��ف��ن��ان الكبري‬ ‫د‪ .‬ال�سيد القما�ش‪ ،‬ولفيف م��ن الفنانني والنقاد‬ ‫واجلمهور‪.‬‬ ‫متيزت �أعمال الفنانة �سماح كمال حالوة ب�صدق‬ ‫الأح�سا�س الفنى وعذوبته‪ ،‬الذى �أنعك�س على ثراء‬ ‫الفكر والر�ؤية التى تتميز بهما الفنانة‪ ،‬والتى دائم ًا‬ ‫ما تت�ألق عندما تُخرج اللوحة عن �صمتها لتخاطب‬ ‫وجدان وم�شاعر املتلقى فى حوار فنى راق لتنقل �إليه‬ ‫ب�إح�سا�س �أنثوى متفرد م�شاعر التمرد على الواقع‪،‬‬ ‫و�أحا�سي�س الغ�ضب واحل���زن جت��اه مظاهر القهر‬ ‫والظلم والفقر والإهانة وال�ضعف التى عانى منها‬

‫ال�شعب امل�صرى طيلة عقود م�ضت‪ ،‬دون �أن تغفل‬ ‫تطلعات امل�ستقبل وطموحاته بعيون الفنان الباحث‬ ‫دائم ًا عن الأمل‪.‬‬ ‫وو�صفت الفنانة �سماح كمال احل��ال��ة الفنية‬ ‫التى �سيطرت عليها �أثناء تنفيذ جمموعة الأعمال‬ ‫املعرو�ضة ‪« :‬الثورة �أثرت فينا جميع ًا �سواء بال�سلب‬ ‫�أو الإيجاب ‪ ..‬وخا�صة اجليل ال��ذى �أنتمى �إليه ‪..‬‬ ‫جيل ما بعد ن�صر حرب �أكتوبر ‪ ..‬جيل مل ي ِع�ش حياة‬ ‫احل��روب ‪ ..‬ولكنه د ُِم�� َر من داخله ‪ ..‬ك�أنه مر بكل‬ ‫احلروب ‪ُ ..‬مت�سائلة هل تكفى ثـورة واحدة للتخ ُل�ص‬ ‫من كل هذه الأحا�سي�س املريرة التى عا�شها �شعب‬ ‫لأكرث من ثالثني عام ًا ؟؟!!»‪.‬‬

‫“ مصر فوق الجميع “‬ ‫معرض للفنان رمزي مصطفى‬ ‫حتت رعاية د‪� .‬شاكر عبد احلميد وزير الثقافة‪،‬‬ ‫افتتح ا‪.‬د‪��� .‬ص�لاح املليجي‪ ‬رئي�س ق��ط��اع الفنون‬ ‫الت�شكيلية معر�ض « م�صر ف��وق اجلميع» للفنان‬ ‫رم���زي م�صطفى ال���ذي ا�ست�ضافته ق��اع��ة الباب‬ ‫مبتحف الفن امل�صري احلديث ( �ساحة دار الأوبرا‬ ‫)يوم ‪ 26‬من ال�شهر ال�سابق‪ ،‬ويقول د‪� .‬صالح املليجي‬ ‫�أن املعر�ض ُيعد محُ اولة جادة و�صادقة من فنان كبري‬ ‫ومبدع هو رمزي م�صطفى لإيجاد ت�صميم مبتكر‬ ‫لن�صب تذكاري تخليد ًا لثورة ‪ 25‬يناير و�شهدائها‪،‬‬ ‫بجانب جمموعة متميزة من اللوحات التي تدعو‬ ‫بح�س وطني �أ�صيل ملعاين الوحدة والت�ضامن ال�شعبي‬ ‫ب�أطيافه وفئاته و�ألوانه املختلفة يف �إطار نداء واحد‬ ‫هو م�صر فوق اجلميع‪.‬‬ ‫وع��ن معر�ضه �صرح الفنان رم��زي م�صطفى‪:‬‬ ‫«�أن املعر�ض �إ�ضافة �إىل معار�ضي ال�سابقة التي‬ ‫دعوت فيها �إىل �ضرورة التغيري والتطور نحو الأف�ضل‬ ‫مل�صر وامل�����ص��ري�ين‪ ،‬ه��و دع���وة �إىل ت��ق��دمي ���ص��ورة‬ ‫ت�شكيلية م�سطحة وجم�سمة لثورة ‪ 25‬يناير نتيجة‬ ‫للمعاي�شة وامل�شاركة وامل�شاهدة الكاملة للأحداث ‪..‬‬ ‫ودعوة للبعد عن حب الذات وعباءة الفرد والعودة‬ ‫�إىل روح بناء ال�سد العايل وروح العبور والإنت�صار‬ ‫حيث التجمع والوحدة و�إعطاء م�صر حقها الذي‬ ‫ت�ستحق‪.».‬‬

‫�ضم املعر�ض معرو�ضات من �أعمال الت�صوير‬ ‫كبرية احلجم منها ‪ 4‬لوحات مقا�س ‪2.5‬م × ‪2.5‬م‬ ‫‪ ،‬و‪ 11‬لوحة مقا�س ‪1‬م × ‪2‬م بجانب ‪� 4‬صروح ي�صل‬ ‫طولها �إىل ‪3.75‬م جزء منها من اخل�شب والآخر‬ ‫من احلديد التي �إ�ستلهم خاللها الفنان روح الفنان‬ ‫امل�صري القدمي ب�إعتبار امل�سلة من �أجمل الأ�شكال‬ ‫املعمارية يف تاريخ الإن�سان‪.‬‬ ‫الفنان رمزي ال�سيد م�صطفى مواليد الدقهلية‬ ‫‪ ،1926‬در���س بالفنون التطبيقية وباملعهد العايل‬ ‫احلكومي للخزف بفالن�سيا – �إيطاليا‪ ،‬وب�أكادميية‬ ‫الفنون الإيطالية ببولونيا‪ ،‬وبالكلية امللكية للفنون‬ ‫بلندن‪ ،‬ومعهد الأبحاث للخزف بفرن�سا‪ ،‬وبالعديد‬ ‫من الكليات يف براغ ومو�سكو و�أمريكا ويعمل حالي ًا‬ ‫�أ�ستاذ ًا متفرغ ًا ب�أكادينية الفنون مب�صر‪� ..‬أق��ام‬ ‫العديد م��ن امل��ع��ار���ض اخلا�صة واجلماعية ومثل‬ ‫م�صر يف العديد من املعار�ض الدولية‪ ،‬كما له الكثري‬ ‫من الأبحاث والإ�سهامات يف جمال امل�سرح والفن‬ ‫الت�شكيلي‪ ..‬وح�صد خ�لال م�شواره الفني الطويل‬ ‫العديد من اجلوائز والتكرميات منها جائزة امللك‬ ‫ف���ؤاد للعلوم والفنون‪ ،‬وجائزة اخلديوي �إ�سماعيل‬ ‫للفنون‪ ،‬جائزة الدولة الت�شجيعية يف فن النحت‪،‬‬ ‫و�سام العلوم والفنون من الطبقة الأوىل وغريها‬ ‫الكثري يزخر به تاريخه الفني الكبري‪..‬‬ ‫‪v‬‬

‫‪57‬‬


‫الفنان محمود الببالوى‬

‫أخبـــــــــــــارهم‬ ‫‪v‬‬

‫‪56‬‬

‫حتت رعايه قطاع الفنون الت�شكيلية و املركز الثقافى‬ ‫الرو�سى بالدقي‪ ،‬افتتح امل�ست�شار الإعالمى الرو�سى و الفنان‬ ‫جمال قطب معر�ض الفنان الت�شكيلى حممود الببالوي‪،‬‬ ‫والذى ي�ضم ‪ 50‬لوحة ت�صوير زيتي‪ ،‬و ح�ضر االفتتاح الفنان‬ ‫حم�سن �شعالن‪ ،‬و الفنان طارق الكومي‪ ،‬و نخبة من كبار‬ ‫الفنانني‪ ،‬و حمبى الفن الت�شكيلي‪ ،‬و ك��ان املعر�ض حتت‬ ‫عنوان الوحدة الوطنية و �إبداعات لونية‪.‬‬

‫أع���ض���اء أس����رة مجلة‬ ‫الخيال يهنئون أعضاءأسرة‬ ‫مجلة (المجلة) على صدور‬ ‫العدد األول والصادرة عن‬ ‫هيئة ال��ك��ت��اب‪ ،‬ومبروك‬ ‫ل��ل��دك��ت��ور أح��م��د مجاهد‬ ‫رئ��ي��س ه��ي��ئ��ة ال��ك��ت��اب‪،‬‬ ‫واألستاذ أسامة عفيفى‬ ‫رئيس التحرير‪.‬‬


‫الإقليم‪ ،‬وال�شاعر �سعد عبد الرحمن رئي�س الهيئة العامة‬ ‫لق�صور الثقافة وبرئا�سة الدكتور �أحمد �صقر عميد الكلية‪،‬‬ ‫والدكتور �أحمد و�صيف وكيل الكلية ومقرر عام امل�ؤمتر‪.‬‬ ‫وق������د �أك�������د ال����دك����ت����ور ����ش���ري���ف ف����ى ك��ل��م��ت��ه �أن‬ ‫‪:‬ع����ن����وان امل�����ؤمت����ر ج����اء مم���ي���زا ل���ه���ذه امل���رح���ل���ة ال��ت��ي‬ ‫مت��ر ب��ه��ا م�����ص��ر؛ ل��ي��ق��دم ك��ل م��ن��ا الآخ�����ر‪ ..‬ف��ال��ك��ل يهتم‬ ‫بهذا الوطن‪ ،‬وم�صر بحاجة لكل الأف��ك��ار والآراء‪ ،‬وكل‬ ‫اجلهود املختلفة‪ ،‬خا�صة بعد ث��ورة ‪ 25‬من يناير‪ ،‬التى‬ ‫�أظهرت العديد من الفنون على �أر�ض ميدان التحريرمن‬ ‫ر�سومات على الأر����ض واجل���دران‪ ،‬وفنون تعبريية تعرب‬ ‫عن الثقافات املتنوعة ل�شباب و�شيوخ الثورة امل�صرية ‪.‬‬ ‫و امل�ؤمتر يعد الأول للكلية حتت رعاية عميدها اجلديد‬ ‫واملنتخب الفنان ال�شاب الدكتور �أحمد رجب �صقر‪ ،‬بعد‬ ‫ث��ورة اخلام�س والع�شرين من يناير‪ ،‬وه��و �أك�بر م�ؤمتر‬ ‫للكلية منذ �إن�شائها‪ ،‬وذل��ك م��ن حيث‪ ‬ع��دد الأب��ح��اث‬ ‫املقدمة‪ ،‬حيث و�صل عدد امل�شاركني‪ 130‬باحثا‪ ..‬وكان فى‬ ‫ال�سابق التتعدى الأبحاث ال�ستني بحثا ‪ ..‬وقد واكب امل�ؤمتر‬ ‫جمموعة من الفاعليات الفنية ‪:‬ملتقى اخل��زف ال��دوىل‬ ‫ومعر�ض الطباعة الدوىل لطلبة الكليات الفنية فى العامل‬ ‫‪ ..‬ومعر�ض �شخبط �شخابيط ‪.‬‬ ‫نحن والآخر ‪ ..‬و�آفاق الإبداع‬ ‫و مفهوم «الآخ��ر» كما يقول د‪� .‬صقر عميد الكلية ‪:‬‬ ‫عن�صر �أ�سا�سى فى ت�أكيد هوية الفرد مبا ي�شكل دوره وقيمه‬ ‫ومنهج حياته مع ماحوله من ب�شر دون متييز فى اجلن�س‬ ‫�أو الدين �أوال�سيا�سة‪ ،‬وحتى امل�سائل العرقية ‪ ..‬وهو تفاعل‬ ‫بيئى يقود �إىل الوحدة ‪..‬وحدة الإن�سانية مع التعدد والتنوع‬ ‫والرثاء‪ ..‬كما ي�ؤكد اخل�صو�صية التى تلتقى فى النهاية مع‬ ‫العاملية ‪..‬وميثل الدميوقراطية فى �أرقى �صورها ‪.‬‬ ‫ومن هنا يبدر ت�سا�ؤلنا ‪:‬كيف يرانا الآخر؟ وكيف نراه‬ ‫هو ؟‬ ‫�س�ؤال �أجابت عنه م�صر و العامل بالأم�س القريب‬ ‫�أثناء ثورة ‪ 25‬يناير ‪..‬فقد قامت تلك الثورة املجيدة بعد‬ ‫�أن وحدت املجتمع امل�صرى بكل طوائفه و�أجياله‪ ،‬وحملت‬ ‫�شعار «م�سلم م�سيحى �إي��د واح��دة ‪ ..‬ق��ر�آن �إجنيل �إيد‬ ‫واحدة»‪ ،‬كما توحدت عليها كل اجتاهات و�أفكار املجتمع ‪.‬‬ ‫وج��اء �صداها فى كل �أنحاء العامل على اعتبار �أنها‬ ‫واحدة من �أعظم الثورات احلديثة‪ ،‬و�أعظم ثورة فى العقد‬ ‫الثانى من الألفية الثالثة ‪ ..‬فمن منا ين�سى تعليق �شبكة‬ ‫ال�سى �إن �إن ‪ :‬لأول مرة نرى �شعب ًا يقوم بثورة ثم ينظف‬ ‫ال�شوارع بعدها‪.‬‬ ‫وي�ضيف د‪� .‬صقر ‪ :‬والكاتب الربيطانى ال�شهريروبرت‬ ‫في�سك له مقال بعنوان «رحيل طاغية ون�شوة �شعب‪ ،‬ن�شر‬ ‫ب�صحيفة «الإندبندنت»‪ :‬هب امل�صريون ونف�ضوا عنهم‬ ‫خوفهم‪ ،‬وطردوا الرجل الذى يحبه الغرب ويعتربه زعيما‬

‫‪v‬‬

‫‪59‬‬


‫مؤتمرات‬

‫فى كلية الفنون الجميلة بالمنيا‬

‫“الفن وثقافة اآلخر“ وملتقى الفخـار‬

‫�صالح بي�صار‬

‫ومعـرض الطباعة الدولـى للطلبـة‬

‫كانت حمافظة املنيا عرو�س �صعيد م�صر‪ ،‬والتى تبعد عن‬ ‫القاهرة ‪ 241‬كيلومرت‪ ،‬منذ �أيام قدماء امل�صريني حمافظة لها تاريخ‬ ‫يعد م�صدر �إلهام لكثري من املبدعني والفنانني واملثقفني‪ ،‬تتحاكى‬ ‫بها �آثارها التى ت�ألقت على ج��دران املعابد‬ ‫املوجودة فى مقابر بنى ح�سن وتل العمارنة‬ ‫والأ�شمونيني ‪ ،‬والتى تعك�س مدى �شغف �أبناء‬ ‫ه��ذا الإق��ل��ي��م وغ�ي�ره م��ن حم��اف��ط��ات م�صر‬ ‫بالفن والفنون ‪.‬‬ ‫وتعد كلية الفنون اجلميلة باملنيا ثالث‬ ‫كلية ف��ن��ون جميلة �أن�شئت ف��ى م�صر ‪،‬بعد‬ ‫كليتى ال��ف��ن��ون اجلميلة ب��ال��ق��اه��رة‪ ،‬وكلية‬ ‫الفنون اجلميلة بالإ�سكندرية ‪ ،‬وق��د ب��د�أت‬ ‫الدرا�سة فيها عام ‪ ، 1983‬مبلحق مبنى كلية‬

‫‪v‬‬

‫‪58‬‬

‫العلوم‪ ،‬وفى عام ‪ 1990‬مت االنتهاء من �إن�شاء املبنى اخلا�ص بها‪،‬‬ ‫وافتتحت الدرا�سة فيه ‪ ..‬ومنذ ت�أ�سي�سها حتر�ص دائما على مواكبة‬ ‫التطور والتحديث فى العملية التعليمية ‪ ..‬لذا جند بها �أق�سام التوجد‬ ‫بالكليات الأخرى املناظرة ‪.‬‬ ‫وبفنون املنيا متحف فى الفن احلديث‪،‬‬ ‫يعترب ثانى �أكرب متحف على م�ستوى جامعات‬ ‫العامل بعد اليابان‪ ،‬و�أول متحف بال�شرق‬ ‫الأو�سط ‪ ..‬وي�ضم �أكرث من �ألف عمل فنى فى‬ ‫النحت والت�صوير والر�سم واجلرافيك ‪.‬‬ ‫ج���اء م���ؤمت��ر الكلية ه��ذا ال��ع��ام حتت‬ ‫ع��ن��وان « ال��ف��ن وث��ق��اف��ة الآخ����ر» ‪..‬افتتحه‬ ‫الدكتور حممد �أحمد �شريف رئي�س جامعة‬ ‫املنيا‪ ،‬واللواء �سراج الدين الروبى حمافظ‬


‫بعد �أن �شارك فى ملتقى الفخار ‪ ..‬رحل فج�أة رحمه اهلل‪ ،‬وكان متثاله‬ ‫اخلزفى «بورتريه «ج�سد فيه وجه �شخ�ص مغم�ض العينني مازال داخل‬ ‫الفرن ‪ ..‬يحمل ح�سا ميتافيزيقيا كونيا‪ ،‬يعك�س ملعنى احلياة واملوت‬ ‫وامليالد ‪ ..‬وكما يقول عنه الفنان �ضياء ‪ »:‬ما�أذكره للفنان �أ�شرف هو‬ ‫حبه للمعرفة والتجاوب مع الآخرين فى رد فعله لعمل ب�سيط يحمل‬ ‫دالالت و�إيحاءات تعبريية‪ ،‬كما يحمل تلخي�صا �شديدا للوجه ‪ ..‬فى‬ ‫جتريد على م�ستويني ر�أ�سى و�أفقى ميتد الوجه بينهما ‪.‬‬ ‫والفنان ال�شاب مواليد �أ��س��وان ‪، 1967‬وح�صل على بكالوري�س‬ ‫الفنون اجلميلة ق�سم النحت‪ ،‬و�شارك فى �صالون ال�شباب الثانى ‪1990‬‬ ‫والثالث والرابع واخلام�س �إىل ال�صالون الثانى ع�شر ‪ 2000‬وح�صل‬ ‫على اجلائزة الثانية فى �صالون ال�شباب الثالث ‪،‬وجائزة ت�شجيعية من‬ ‫ال�صالون الرابع وجائزة ت�س�شجيعية فى م�سابقة املثال حممود خمتار‬ ‫‪،1990‬وامليدالية الف�ضية واملركز الثانى فى م�سابقة «مت�شانكا»اليابانية‬ ‫لتجميل �أحد ميادين كنزاو باليابان نوفمرب ‪. 2007‬‬ ‫معر�ض دوىل‬ ‫وقد نظمت كلية الفنون اجلميلة‪ -‬جامعة املنيا املعر�ض الدوىل‬ ‫ال�سنوى الأول للأعمال الطباعية ال�صغرية للطلبة‪ ،‬والذى يعد حدثا‬ ‫فنيا دوليا بالغ الأهمية ت�ست�ضيفة م�صر ‪ .‬وهو ميثل فر�صة جيدة‬ ‫لالحتكاك الفنى ‪ ‬و الثقافى بني طلبة فن اجلرافيك امل�صريني و‬ ‫الأجانب من خمتلف دول العامل ‪،‬قدموا ‪ 150‬عمال فنى‪ ،‬مب�شاركة‬ ‫�أكرث من ‪ 90‬فنانا ‪،‬ميثلون ‪ 17‬دولة هى ‪ :‬م�صر‪� -‬أمريكا‪� -‬إجنلرتا ‪-‬‬ ‫فرن�سا ‪-‬الهند ‪ -‬اليونان ‪ -‬ا�سرتاليا ‪ -‬كو�ستاريكا ‪ -‬بورتوريكو ‪-‬كندا‬ ‫�إيرلندا ‪ -‬كوريا ‪-‬ا�سكتلندا ‪� -‬سنغافورا ‪ -‬فينزوال ‪� -‬أملانيا ‪� -‬سلوفكيا‬‫‪ . .‬وقد جمعت الأعمال فى تنوع وثراء بني اجتاهات عديدة من الواقعية‬ ‫والتعبريية و الرمزية �إىل الإيقاع الهند�سى‪ ،‬واجلمع بني الهند�سى‬ ‫والع�ضوى ‪..‬واملعر�ض �سوف ي�ستمر ملدة عام مب�صر ‪،‬حيث من املحتمل‬ ‫�أن يطوف بكليات الفنون ملدة �شهر بكل كلية‪..‬وقام بالإ�شرف والإعداد‬ ‫والتن�سيق على هذا احلدث‪ ‬الفنان الدكتور وائل عبد ال�صبور املدر�س‬ ‫بق�سم اجلرافيك بالكلية‪ ،‬ومعه نخبة من �شبا ب الباحثني من الق�سم ‪.‬‬ ‫�شخبط �شخابيط‬ ‫وجاء معر�ض» �شخبط �شخابيط « للفنانة ال�صغرية مرام م�صطفى»‬ ‫خم�س �سنوات « �صورة حقيقية ملعنى املوهبة‪ ،‬فقد قدمت �أعماال‬ ‫ت�صويرية ت�شهد على عمق التعبري والت�شكيل‪ ،‬جتاوزت من خاللها تلك‬ ‫ال�سن ال�صغرية‪ ،‬وفى نف�س الوقت مل تفقد الروح التلقائية فى �أعمالها‬ ‫التى تنوعت ب�ألوان الفلوما�سرت والزيت والبا�ستيل‪ ،‬مع اللوحات التى‬ ‫ر�سمتها عن طريق الكمبيوتر وبنف�س الإيقاع مع ا�ستخدام الأل��وان‬ ‫املركبة‪ ،‬والتى قدمتها باقتدار مثل البرتوىل والوردى والأ�صفر الداكن‬ ‫« االوكر « والأخ�ضر الزيتى‪ ،‬والزيتونى كل هذا فى طالقة تعبريية ‪.‬‬ ‫وق��د ر�سمت الفنانة ال�صغرية عاملا غنائيا ي�شدو ب�سحر اللون‬ ‫وال�شخو�ص الإن�سانية التى �أبدعتها من خالل عالقتها ال�شخ�صية بها‪،‬‬ ‫وقد تفاعلت معها ‪.‬‬ ‫ر�سمت مرام ‪ :‬بابا وماما و�شقيقها مريو‪ ،‬وثالثة من �صديقاتها فى‬ ‫�إيقاعات خمتلفة‪ ،‬مع قطها الذى تتحاور معه فى �أوقات الفراغ ‪.‬‬ ‫‪v‬‬

‫‪61‬‬


‫معتدال‪ ..‬وال ميكن �أن نن�سى جريدة «ديلى تليجراف الربيطانية» التى قالت‬ ‫‪« :‬قوة ال�شعب ت�صنع التاريخ فى م�صر»‪� ..‬أو قول باراك �أوباما معلقا على‬ ‫�شباب التحرير «يـجب �أن نربى �أبـناءنا لي�صبحوا ك�شباب م�صر»‪.‬‬ ‫�إن تلك ال�شهادات ال�سابقة �أعادت لل�شعب امل�صرى الكثري من �صورته‬ ‫احلقيقية �أمام نف�سه‪ ،‬و�أمام الآخر ‪،‬و�أجمع العامل من �شرقه و غربه على‬ ‫تلك الر�ؤية ‪.‬‬ ‫و ر�ؤى «الآخر» تتعدد فى جميع املجاالت‪ ،‬ومتتد فى الفن والثقافة ‪� .‬أما‬ ‫�س�ؤال «كيف يرانا الآخر وكيف نراه؟»‪..‬من خالل الإبداع الت�شكيلى ف�سوف‬ ‫يجيب عليه كوكبة من الباحثني الذين ج��ا�ؤوا �إلينا ‪� ..‬إىل كلية الفنون‬ ‫اجلميلة باملنيا‪ ،‬م�شاركني ب�أبحاثهم التى ولأول مرة فى تاريخ م�ؤمترات‬ ‫الكلية تزيد على ‪ 130‬بحثا من كليات الفنون اجلميلة والتطبيقية والرتبية‬ ‫الفنية‪ ،‬والرتبية النوعية فى ربوع املحرو�سة‬ ‫ملتقى اخلزف الدوىل‬ ‫وجاءت �أوىل فاعليت امل�ؤمتر ملتقى الفخار الدوىل الثانى ع�شر ‪،‬والذى‬ ‫يدعو نخبة من �أهم فنانى اخلزف فى العامل‪.‬‬ ‫امللتقى حتت رعاية جامعة املنيا‪ ،‬كلية الفنون اجلميلة ‪ ،‬والهيئة‬ ‫العامة لق�صور الثقافة‪ ،‬متمثلة فى وزارة الثقافة ‪ ..‬والتى قدمت دعما‬ ‫ماديا ومعنويا كبريا للم�ؤمتر‪ ،‬وتربعت للكلية بعدد ‪ 1200‬كتاب من �أهم‬ ‫مطبوعات املجل�س الأعلى للثقافة ‪.‬‬ ‫يقول الفنان د‪� .‬ضياء الدين داوود ‪« :‬امللتقى يعد فكرة غري م�سبوقة‬ ‫فى اختيار مكان يختلف عن امللتقيات ال�سابقة‪� ،‬أو ماي�سمى فى اخلزف‬ ‫«بالفاخورة» من خالل التعاون بني احلرفى والفنان بغر�ض �إلقاء ال�ضوء‬ ‫على �أهمية احلرفة فى املجتمع من خالل هذا احلوار املتبادل بني الفنان‬ ‫الأكادميى بر�ؤيته الفنية والعلمية ‪،‬وخربة احلرفى وفطرية �أدائه الفنى ‪.‬‬ ‫وهذا احلوار يتلخ�ص فى ن�شاط فنى ي�ستوحى الفنان من خالله الأ‬ ‫عمال ال�شعبية للحرفى‪ ،‬وطبيعة املكان‪ ،‬ونوعية الطينة امل�ستخدمة فى‬ ‫الت�شكيل و�أ�ساليب الإنتاج �أو احلريق امل�ستخدم فى عملية الإبداع ‪.‬‬ ‫وقد �أكد امل�ؤمتر ا�ستفادة الفنانني امل�صريني من خالل ر�ؤيتهم وتفاعلهم‬ ‫مع الفنانني الأجانب �أو مانطلق عليه اخلربة الفنية عن قرب ولي�س بر�ؤية‬ ‫العمل الفنى فى قاعة العر�ض‪ ،‬وتعميق هذه الر�ؤية من خالل مايعن من‬ ‫م�شاكل حلظية‪ ،‬تتغري ح�سب املوقف والت�صرف‪ ،‬و�إيجاد احللول الإيجابية ‪.‬‬ ‫وي�ضيف الفنان �ضياء ‪� :‬شارك من الفنانني الأجانب �سبعة فنانني‬ ‫من �إ�سبانيا وتركيا و�أملانيا وهولندا وال�سويد ‪ ..‬من بينهم الفنان العاملى‬ ‫الإ�سبانى راف ب�يرز‪ ،‬وهو فنان وخ��زاف عاملى حقيقى‪ ،‬كما �أن الفنانة‬ ‫ال�سويدية ابخر حا�صلة على العديد من اجلوائز العاملية ‪.‬‬ ‫و�شارك من الفنانني امل�صريني ‪ :‬د‪.‬خالد �سراح وعادل هارون ود‪� .‬ضياء‬ ‫الدين داود و د‪ .‬مروة زكريا وهيثم هماية ‪ ..‬كما �شارك العديد من �أع�ضاء‬ ‫هيئة التدري�س بكلية الفنون اجلميلة باملنيا‪ ،‬من بينهم الفنان د‪� .‬أ�شرف‬ ‫ال�صادق‪.‬‬ ‫وال�شك �أنه من عوامل �إجناح هذا امللتقى الدور احلقيقى للفنان د‪.‬‬ ‫�أحمد رجب �صقر عميد الكلية فى توفري جميع الإمكانيات وتذليل امل�شاكل‬ ‫‪ ..‬كل هذا على �أر�ض ق�سم اخلزف ‪.‬‬ ‫وبكل احلزن الذى �شملنا جميعا مع �أبناء الكلية وال�سادة ال�ضيوف‬ ‫امل�شاركني رحل الفنان الدكتور �أ�شرف ال�صادق املدر�س بق�سم النحت‪،‬‬

‫‪v‬‬

‫‪60‬‬


‫وفى بحث د‪ .‬تهامى حممود تهامى « الر�سوم‬ ‫املتحركة كلغة تعبري عن الآخ��ر» ‪ ..‬يو�ضح �أهمية‬ ‫الر�سوم املتحركة كفن ت�شكيلى ثقافى‪ ،‬واعتبارها‬ ‫لغة ثقافية بني ال�شعوب‪ ،‬تعتمد على كل املفردات‬ ‫من حيث ال�صورة وال�صوت والكلمات ‪،‬وه��ى لغة‬ ‫جامعة تخاطب العقل والقلب والثقافة‪ ،‬وت�ؤثر فيهم‪،‬‬ ‫و الر�سوم املتحركة كلغة تعبريية م�ؤثرة فى �سلوك‬ ‫ا ّالخر‪ ،‬و�صورة ا ّالخر امل�شوهة التى ت�صدر لنا عن‬ ‫طريق الأفالم امل�ستوردة واملدبلجة من ا ّالخر‪ .‬كما‬ ‫يت�ضح لنا �ضرورة �إنتاج افالم ر�سوم متحركة حتمل‬ ‫قيم وعادات وثقافة املجتمع ‪.‬‬ ‫وفى حماولة من �أجل طرق جديدة �أكرث جاذبية‬ ‫لتدري�س الفنون قدمت د‪ .‬هديل نظمى بحثا بعنوان‬ ‫“ جدلية العالقة بني الن�ص الأدبى والقيم الت�شكيلية‬ ‫كممار�سة �إبداعيية فى تدري�س الفنون‪� ،‬أ�شارت فيه‬ ‫�إىل ‪� :‬أهمية ا�ستيعاب لتجارب �أعمق فى البحث عن‬ ‫اللغة الت�شكيلية‪..‬‬ ‫وكان هذا املقرتح فى التدري�س قد و�ضح �أهمية‬ ‫ربط الطالب مبمار�سة العملية التعليمية‪ ،‬و لي�س‬ ‫فقط ق�صرهم على دور املتلقى فى تدري�س الفنون‬ ‫ك�أحد النتائج الهامة التى تو�صى الدرا�سة التطبيقية‬ ‫بتفعيلها‪ ،‬و�إدراجها فى طرق تدري�س الفنون اجلميلة‬ ‫مب�صر‪.‬‬ ‫وحول» الفنون الب�صرية املعا�صرة بني اجلماليات‬ ‫الفنية واملالحقات ال�سيا�سية «‪..‬قدمت د‪ .‬رمب ح�سن‬ ‫بحثا �أ�شارت فيه �إىل ظهور �أ�شكال التغيري الثقافى‬ ‫فى جميع القنوات الثقافية العاملية مع مطلع القرن‬ ‫الع�شرين‪ ،‬وكذلك مع انتهاء احلرب العاملية الثانية‪،‬‬ ‫وب���د�أت مفاهيم العامل تتغري نحو الثقافة ب�شكل‬ ‫عام و�أ�صبحت تتغري جميع القوانني ال�شرعية التى‬ ‫تقوم ب�سن الت�شريعات ال�سيا�سية فى العامل �أجمع‪ ،‬و‬ ‫الثقافة بالطبع لن تكون �أبعد عن هذا التغري بكثري‬ ‫‪،‬فهى الأق��رب و هى القناة ال�شرعية الوحيدة التى‬ ‫من خاللها ميكن عمل الكثري ل�سحق ال�شعوب وهى‬ ‫تغري الهوايات ‪،‬و تغري املفاهيم املجتمعية من خالل‬ ‫تغري الثقافات فى كثري من الدول ‪،‬ومع هذا بد�أ ي�أخذ‬ ‫فى الظهور كلمة و مبد�أ التعددية الثقافية التى متثل‬ ‫حمور البداية لغزو الثقافات �سيا�سيا على كثري من‬ ‫امل�ستويات‪ ،‬وفى عدد كبري من البلدان‪ ،‬ومن هنا‬ ‫ب��د�أت نار احل��روب الثقافية ت�شتعل‪ ،‬ومن هنا نرى‬ ‫العديد من �أ�شكال الفنون الب�صرية تغريت من منهج‬ ‫جماىل ب�صرى متنوع �إىل قوالب فكرية ذات م�ضمون‬ ‫�سيا�سى بحت ‪.‬‬ ‫وانتقلت بع�ض الأب��ح��اث �إىل ال��ف��ن ف��ى حياة‬

‫الإن�سان املعا�صر كمافى بحث د‪ .‬نهى عبد ال�سالم‬ ‫�إبراهيم « �أث��ر ثقافة العوملة على الهوية امل�صرية‬ ‫لفن �صناعة الأث��اث فى م�صر « وهى تقدم حلوال‬ ‫�إيجابية ملواجهة الآثار ال�سلبية امللمو�سة لذلك ‪..‬من‬ ‫خالل ترجمة الت�صميمات الوافدة‪ ،‬وانتقاء املنا�سب‬ ‫منها للذوق امل�صرى بهدف االرتقاء به‪ ،‬وا�ستبعاد‬ ‫اخلطوط الغربية والتى تنافى ال��راح��ة الب�صرية‬ ‫والتو�صل خلطوط جديدة تعك�س الهوية امل�صرية ‪.‬‬ ‫ويعد بحث د‪ .‬مها حممود �إبراهيم « العمارة‬ ‫الرقمية وظاهرة االغرتاب فى الت�صميم الداخلى‪،‬‬ ‫من بني الأبحاث التى تف�سر ظاهرة االغ�تراب فى‬ ‫املجتمعات احلديثة‪ ،‬فيما يتعلق بالعمارة ‪..‬ذلك لأن‬ ‫الع�صر املعلوماتى كما تقول كان له بالغ الأثرعلى‬ ‫�سرعة التطور التكنولوجى املتالحق‪ ،‬بحيث �إنه �أ�صبح‬ ‫جزءا الميكن �إغفال ت�أثريه على العمارة والت�صميم‪،‬‬ ‫و�أ�صبحت تلك التقنيات من �أدوات امل�صمم ل�صياغة‬

‫فكر معني فى العملية الت�صميمية‪ ،‬وحقيقة الأمر �أن‬ ‫الثورة الرقمية �أفرزت عمارة غري م�سبوقة‪ ،‬متثلت‬ ‫ف��ى اجت��اه��ات معمارية معا�صرة‪ ،‬وه��ى ت���ؤك��د �أن‬ ‫�إجنازات املعماريني امل�صريني فى جانب كبري منها‬ ‫ال ارتباط لها بالرتاث احل�ضارى مل�صر‪ ،‬وهم يعربون‬ ‫عما �أ�صابهم من اغرتاب فر�ضوه على �أنف�سهم بعد‬ ‫�أن رف�ضوا فكر ح�سن فتحى‪ ،‬وتنكروا لر�سالته‪،‬‬ ‫ومت�سحوا باملعماريني الأجانب ‪.‬‬ ‫‪ ..‬وب��ع��د‪ ،‬تلك ك��ان��ت بع�ض مل��ح��ات م��ن بع�ض‬ ‫الأبحاث التى قدمت مب�ؤمتر « الفن وثقافة الآخر‬ ‫« وه��ى قليل من كثري‪ ،‬عالج العديد من الق�ضايا‬ ‫الفنية امللحة فى ع�صرنا‪ ،‬هذا الع�صر امل�ضطرب‪،‬‬ ‫والذى �شهد العديد من املتغريات املتالحقة والتطور‬ ‫التكنولوجى الهائل ‪.‬‬

‫‪v‬‬

‫‪63‬‬


‫وال �شك �أن �أع �م��ال الفنانة ال�صغرية‬ ‫متثل م�ساحة ت�أخذنا �إىل دنيا من ال�صفاء‬ ‫بطزاجتها التلقائية‪ ،‬وجر�أتها اللونية ‪..‬وقد‬ ‫ر�سمت نف�سها غا�ضبة فى �إح��دى اللوحات‬ ‫‪،‬وذلك لأن �أحد املقربني �إليها �أثار �أع�صابها‬ ‫كما تقول بتعبريها ‪.‬‬ ‫وم� ��رام م�ت�ف��وق��ة ف��ى درا� �س �ت �ه��ا‪ ،‬وذات‬ ‫�شخ�صية قوية كما يقول والدها �أ�ستاذ النحت‬ ‫بالكلية ‪ ،‬ووالدتها د‪ .‬جيهان الأ�ستاذ امل�ساعد‬ ‫بق�سم الت�صوير بالكلية �أي�ضا ‪..‬وه��ى كما‬ ‫يقوالن ت�أخذ طريقا خا�صا فى الر�سم‪ ،‬بعيدا‬ ‫عن امل�ؤثرات اخلارجية‪� ،‬أو النقل من مناذج‪،‬‬ ‫وال يتدخل فى ر�سومها �أحد ‪.‬‬ ‫حتية �إىل الفنانة ال�صغرية بعمق موهبتها‬ ‫الكبرية ‪.‬‬

‫‪v‬‬

‫‪62‬‬

‫الفن وثقافة الآخر‬ ‫وف���ى امل����ؤمت���ر ن��وق�����ش��ت ال��ع��دي��د م��ن الأب��ح��اث‬ ‫املقدمة‪ ،‬وتكونت جلنة جل�سات امل�ؤمتر من اال�ساتذة‬ ‫‪:‬د‪� .‬أحمد نوار – د‪ .‬وفاء م�سلم – د‪ .‬حممد جاهني‬ ‫– د‪� .‬أحمد خليل – د‪ .‬حمدى عبد اهلل – د‪ .‬خالد‬ ‫�سليم – د‪ .‬حامت احللو د‪� .‬صباح عبد الفتاح ‪.‬‬ ‫ودارت الأب��ح��اث ح��ول ال��ف��ن وث��ق��اف��ة الآخ���ر‪،‬‬ ‫وعالقة ذل��ك بالرتاث والعوملة‪ ،‬وتنوع الفنون من‬ ‫اجت��اه��ات احل��داث��ة‪ ،‬ومابعد احل��داث��ة‪ ،‬مثلما نرى‬ ‫فى خمتلف الفنون و التى �أكدتها الو�سائط املتعددة‬ ‫‪،‬و�أنظمة الديجيتال ‪.‬‬ ‫وق��د �ألقى الدكتور �أحمد حمدى عبد احلميد‬ ‫ال�ضوء فى بحثه على التقنيات احلديثة امل�ستخدمة‬ ‫ف��ى الت�صميمات اجلرافيكية‪ ،‬ال��ت��ى حت��ت��وى على‬ ‫التيبوغرافيا « الطبعة الفنية « و�أث���ر التقنيات‬

‫الرقمية على تلك الت�صميمات‪ ،‬وعر�ض لتقنيات‬ ‫الطباعة احلديثة‪ ،‬وتاريخ الطبعة الفنية‪ ،‬و�أثرها‬ ‫على املطبوعات ‪.‬‬ ‫وق���دم د‪ .‬ه�شام تهامى ال��ع��دوى للمحاوالات‬ ‫ال��ع��دي��دة للنحاتني ال��ق��دام��ى واملعا�صرين الذين‬ ‫ا�ستلهموا التجربة ال�شعرية الأ�سطورية لل�شاعر»‬ ‫�أوفيد «�صاحب امللحمة ال�شعرية « م�سخ الكائنات «‬ ‫مبا يعد ترجمة لأفكاره املكتوبة �شعراباللغة الالتينية‬ ‫�إىل لغة عاملية هى لغة النحت ‪.‬‬ ‫و�أ�شارت الدكتورة رانية احل�صرى �إىل �أهمية‬ ‫ال��ع�لاق��ة امل��ت��ب��ادل��ة ب�ين امل����ادة ال��ك�لام��ي��ة‪ ،‬وامل���ادة‬ ‫املر�سومة فى الكتاب الفرن�سى عرب عدة قرون من‬ ‫ع�صر النه�ضة وحتى القرن التا�سع ع�شر ‪.‬‬ ‫وفى بحث د‪� .‬شوقى الد�سوقى عر�ض لل�صورة‬ ‫الفنية حلرية التعبري وعالقتها بحقوق الإن�سان فى‬ ‫الر�سوم ال�ساخرة‪ ،‬على اعتبار �أن تلك الر�سوم تعد‬ ‫فن حقوق الإن�سان الذى ينمو ويزدهر ويرتعرع فى‬ ‫مناخ خ�صب من حرية التعبري ‪.‬‬ ‫وحول الطبعة الفنية وعالقتها بالقيم الت�شكيلية‬ ‫والإب��ه��ار الب�صرى ي��رى الدكتورحممد نبيل عبد‬ ‫ال�����س�لام �أن ن��ه��اي��ات ال��ق��رن الع�شرين وب��داي��ات‬ ‫القرن احلادى والع�شرين‪ ،‬قد �شهدت تطورا هائال‬ ‫ف��ى تقنيات الطبعة الفنية‪ ،‬فقد ظهرت تقنيات‬ ‫الطباعةالرقمية‪ ،‬و�أخ��ذت فى التطور التكنولوجى‬ ‫املتالحق حتى مكنت الفنان من ا�ستخدامها فى‬ ‫�أع��م��ال الطبعة الفنية‪� ،‬إىل جانب تطور تقنيات‬ ‫الطبعة الفنية ال��ت��ق��ل��ي��دي��ة‪ ،‬م��ن ح��ي��ث اخل��ام��ات‬ ‫امل�ستحدثة‪ ،‬وظهور طرق م�ستحدثة جديدة كطباعة‬ ‫الليتوغراف غري املائية ‪.‬‬ ‫ويت�ساءل الباحث د‪ .‬مدحت ال�سعودى عن مدى‬ ‫ت�أثري الفنون التفاعلية فى تطوير الفكر الفنى‪،‬‬ ‫والت�أكيد على وحدة الفنون ب�صريا و�سمعيا‪ ،‬ومدى‬ ‫ت�أثريها وهل ميكن م�ساهمة فن الفيديو فى �إعادة‬ ‫�صياعة الر�ؤية امل�سرحية‪ ،‬ب�صورة كاملة �أك�ثر من‬ ‫ا�ستخدامه كمجرد ت�أثري ب�صرى ‪.‬‬ ‫وف��ى بحث د‪ .‬حنان عبد العظيم تفرت�ض �أن‬ ‫الأع��م��ال الت�شكيلية ميكن توظيفها ف��ى �إب��داع��ات‬ ‫فيلمية فى �شكل �أفالم متحركة‪ ،‬با�ستخدام الو�سائط‬ ‫التكنولوجية احلديثة ‪.‬‬ ‫�أما د‪� .‬إينا�س �أحمد حماد فت�ؤكد توظيف الر�سوم‬ ‫ال�شعبية فى جدارية الطفل كمدخل لتنمية الثقافة‬ ‫الب�صرية لديه‪ ،‬وت�أ�صيل الهوية امل�صرية‪ ،‬وذلك من‬ ‫�أجل رقع م�ستوى التذوق والإدراك اجلماىل للطفل‪،‬‬ ‫وتدعيم �سلوكه الإيجابى نحو جمتمعه ‪.‬‬


‫ال�صور الفوتوغرافية النادرة و�صور ًا لأعمال فنية‪،‬‬ ‫بلغ جمموعها ثمانية وثمانني �صورة‪ ،‬من بينها خم�س‬ ‫و�أرب��ع��ون �صورة ت َ‬ ‫ُن�شر للمرة الأوىل‪ ،‬لنك�شف من‬ ‫خاللها النقاب عن ال�سريتني احلياتية والفنية لهذا‬ ‫الرائد الفذ‪ ،‬م�ستعر�ضني �إياها بالت�أريخ والتوثيق‬ ‫والتحليل النقدي‪.‬‬ ‫ونزعم �أن هذه املحاولة تردم هوة التناق�ض‬ ‫القائم بني �أهمية هذا الفنان الرائد الذي برز يف‬ ‫جم��االت �شتى‪ ،‬وب�ين التجاهل الكبري ال��ذي لقيته‬ ‫�سريته يف م�صر – وبخا�صة ب�ين �صفوف فناين‬ ‫اجلرافيك والباحثني يف �ش�أنه – طوال فرتة زمنية‬ ‫امتدت حوايل خم�سة و�ستني عام ًا!! ظل فيها «راي�س»‬ ‫جمهو ًال متام ًا يف م�صر منذ رحيله عنها �إىل �إجنلرتا‬ ‫عام ‪ ،1948‬وحتى بدء حماولتنا البحثية هذه لنعيد‬ ‫�إليه بع�ض ًا من التقدير الذي ي�ستحقه‪.‬‬ ‫وق��د حاولنا يف �سياق ه��ذه ال��درا���س��ة حتليل‬ ‫�أعمال عدد من �أبناء اجليل الأول من اجلرافيكيني‬ ‫امل�صريني‪ ،‬ممن ت�أثروا ب�أ�سلوب “راي�س” الفني‪،‬‬ ‫حماولني �إلقاء �ضوء جديد على الفرتة الت�أ�سي�سية‬ ‫ل��ه��ذا ال��ف��ن‪ ،‬ق��د ي��ك��ون م��ن ���ش���أن��ه��ا تف�سري بع�ض‬ ‫الظواهر التي ارتبطت بالطابع الأ�سلوبي خلريجي‬ ‫ق�سم اجلرافيك القاهري زمن ًا لي�س بالقليل‪ ،‬كما‬

‫�أننا نزعم �أن الدرا�سة �ستزيح ال�ستار للمرة الأوىل‬ ‫عن بع�ض اجل��وان��ب املجهولة يف عالقة “راي�س”‬ ‫بالتاريخ الثقايف وال�سيا�سي مل�صر؛ منها دوره يف‬ ‫الك�شف التاريخي ع��ن واح���دة م��ن �أ�شهر املقابر‬ ‫امل�صرية القدمية وترميم كنوزها‪ ،‬ودوره بني �صفوف‬ ‫الن�شطاء ال�سيا�سيني الإجنليز على �أر�ض م�صر يف‬ ‫�أثناء احلرب العاملية الثانية‪ ،‬وبخا�صة يف ال�صراع‬ ‫الذي دار بني عمالء النازية وخاليا ال�شيوعيني من‬ ‫�أن�صار “تروت�سكي”‪.‬‬ ‫و�أح�سب �أن ق��ارئ ه��ذا الكتاب �سي�ست�شعر‬ ‫– �ضمن ما قد جتي�ش به نف�سه خالل القراءة –‬ ‫فداحة الظلم الذي وقع على هذا الرجل العظيم‪،‬‬ ‫وع َ��ظ��م الق�صور ال��ذي ط��ال حركة التوثيق لتاريخ‬ ‫ِ‬ ‫الفن امل�صري احلديث‪ ،‬حني �أ�سقطت من ح�ساباتها‬ ‫“برنارد راي�س”‪ ،‬وتغافلت ع��ن دوره التاريخي‬ ‫ال��ذي �أداه على �أر���ض م�صر‪ ،‬ويا له من دور يحار‬ ‫املرء يف حتديد �سر عظمته؛ �أيكون ملا بذله يف تعليم‬ ‫وتن�شئة روادن��ا من اجلرافيكيني الأوائ��ل‪ ،‬وتلقينهم‬ ‫�أ�سرار الطبعة الفنية و�أ�صول فنها؟ �أم تراه ماث ًال‬ ‫يف ما بذله من جهد وخ�برة يف �سبيل �إع���ادة �أحد‬ ‫�أهم كنوزنا الفرعونية العظيمة لرونقه القدمي؟ و�إن‬ ‫كان هذا �ش�أن “راي�س” الفنان‪ ،‬فما بالنا مبا �أداه‬

‫“راي�س” ال�سيا�سي من جهود يف حلبة ال�صراع‪ ،‬من‬ ‫�أج��ل حتقيق التوازن الثقايف بني ممثلي الأط��راف‬ ‫املتناحرة على �أر���ض م�صر خالل احل��رب العاملية‬ ‫الثانية؟‬ ‫الظن الغالب عندي �أن القارئ – �سواء كانت‬ ‫مالمح �شخ�صية “راي�س” من النوع الذي يروق له‬ ‫�أو العك�س‪ ،‬و�سواء مل�ست �أعمال “راي�س” يف نف�سه‬ ‫وتر االهتزاز للجمال �أم مل تلم�س – لن ميلك �إال‬ ‫�أن ي�ست�شعر غ�صة الأ�سف لهذا الرجل الكبري الذي‬ ‫هدرت �سريته عقود ًا‪ ،‬ليظل جمهو ًال ولتظل �سريته‬ ‫�أُ ِ‬ ‫و�أعماله يف طوايا الن�سيان‪ ،‬حتى بني �أبنائه من‬ ‫خريجي الق�سم الذي لواله ما ت�أ�س�س‪.‬‬ ‫وللقارئ الكرمي �أق��ول‪� :‬إن هذه الغ�صة التي‬ ‫ت�ست�شعرها هي بعينها التي ظلت تعتمل يف نف�سي‬ ‫��ارم لإ�صدار هذا‬ ‫�سنني ع��دد ًا‪ ،‬لتتحول �إىل داف ٍ��ع ع ٍ‬ ‫الكتاب‪ ،‬ال��ذي �أمتنى �أن يكون قد حقق ما �أ ّملته‬ ‫فيه‪ ،‬ف�أزاح ال�ستار عن ال�صورة النا�صعة التي طاملا‬ ‫حجبتها �أ�ستار التغافل والن�سيان‪ ،‬ليتيح لنا �أن نتفر�س‬ ‫�سوي ًا يف املالمح الق�سيمة لـ”برنارد راي�س”‪ ...‬الأب‬ ‫املجهول للجرافيك امل�صري‪.‬‬

‫‪v‬‬

‫‪65‬‬


‫دراسات‬

‫«برنارد رايس‪ ،‬األب المجهول‬ ‫للجرافيك المصري»‬ ‫هناك �سري ٌة جمهول ٌة لواحد من �أهم الأ�ساتذة الأوائل يف «مدر�سة‬ ‫الفنون اجلميلة العليا» (كلية الفنون اجلميلة بالقاهرة حالي ًا)‪ ،‬وهو‬ ‫من �أفذاذ الفنانني الذين �أُ ْل ِق َي ْت عليهم �أ�ستار كثيفة من التجاهل يف‬ ‫كافة مراجع تاريخ احلركة الت�شكيلية امل�صرية‪ ،‬وبخا�صة مراجع تاريخ‬ ‫فن اجلرافيك العربي‪� ،‬إىل احلد الذي ال نكاد نعرث معه يف �سريته‬ ‫املبت�سرة ‪ -‬التي ترد ملام ًا يف بع�ض تلك املراجع ‪� -‬إال على اال�سم فقط‪،‬‬ ‫بل ودون �أن يكون م�شفوع ًا حتى ب�إثبات تاريخ امليالد �أو الوفاة!! على‬ ‫الرغم من كونه واحد ًا من فناين بريطانيا امل�ؤ ّثرين يف تطور الطباعة‬ ‫الفنية البارزة خالل الن�صف الأول من القرن الع�شرين‪ ،‬وكان له ف�ضل‬ ‫ترميم �أحد �أهم �آثارنا امل�صرية القدمية و�أ�شهرها‪� ،‬إ�ضافة لن�شاطه‬ ‫ال�سيا�سي املهم داخ��ل م�صر خ�لال احل��رب العاملية الثانية‪ ،‬ودوره‬ ‫التاريخي يف ا�ستكمال معامل مدر�سة الفنون اجلميلة القاهرية‪ ،‬وتعليم‬ ‫�أبرز رواد فن اجلرافيك امل�صريني من اجليل الأول‪ ،‬ويف مقدمتهم‪:‬‬ ‫«نحميا �سعد» و «عبد اهلل جوهر»‪.‬‬ ‫�إنه «برنارد راي�س»‪ ،‬ذلك احلفار الإجنليزي املعلم‪ ،‬الذي تجُ مع‬ ‫كافة امل�صادر اخلا�صة بتاريخ فن اجلرافيك امل�صري على كونه الرجل‬ ‫الذي �أ�س�س ق�سم احلفر (اجلرافيك حالي ًا) بكلية الفنون اجلميلة‬ ‫بالقاهرة فيما بني عامي ‪ 1933‬و‪ ،1934‬متولي ًا تعليم �أ�سرار احلفر‬ ‫والطباعة لعدد من طالب الكلية‪ ،‬الذين �سرعان ما ا�ضطلعوا بت�أ�سي�س‬ ‫املدر�سة امل�صرية احلديثة يف فن اجلرافيك‪ ،‬ثم ال نعرث بعد هذا يف‬ ‫� ّأي من هذه امل�صادر على �أكرث من ذلك!! فال وجود لن�صو�ص موثقة‬ ‫ت���ؤرخ للفرتة التي عا�شها هذا الرجل يف م�صر خالل قيامه مبهمته‬ ‫التاريخية‪ ،‬وال وجود لنماذج من �أعماله – بل وال حتى �صور لها ‪-‬‬ ‫ن�ستطيع منها تكوين فكرة عن �أ�سلوبه الفني �أو اجتاهه‪ ،‬ليظل كل ما‬ ‫نعرفه عن «راي�س» هو �أنه ذلك الرجل الإجنليزي (املجهول)‪ ،‬الذي‬ ‫ظهر يف كلية الفنون القاهرية (فج�أة) لين�شئ فيها ق�سم ًا �إ�ضافي ًا‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ويد�شن جم��ا ًال جديد ًا من جم��االت الفن يف م�صر‪ ،‬وي�ؤ�س�س جي ًال‬ ‫من احلفارين الأقوياء‪ ،‬ثم (يختفي) من حيث �أت��ى!! ولتظل �أجيال‬ ‫الدار�سني والباحثني يف تاريخ اجلرافيك امل�صري تردد دون انقطاع‪:‬‬ ‫�أن «احل�سني فوزي» (‪ )1999 -1905‬عمل بالق�سم الذي �أ�س�سه «برنارد‬ ‫راي�س»‪ ،‬و�أن «نحميا �سعد» (‪ )1945 -1912‬تعلم على يد «برنارد‬ ‫راي�س»‪ ،‬و�أن «عبد اهلل جوهر» (‪ )2006 -1916‬تعلم كذلك على يد‬ ‫«برنارد راي�س»‪ ،‬و�أن ق�سم اجلرافيك بكلية الفنون اجلميلة بالقاهرة‬

‫‪v‬‬

‫‪64‬‬

‫د‪ .‬يا�سر منجي‬

‫ت�أ�س�س على يد «برنارد راي�س»‪ ،‬دون �أن ي�سفر ذلك عن حماولة بحثية‬ ‫واحدة ت�ستهدف معرفة من يكون هذا الـ «برنارد راي�س»؟!!‬ ‫وعلى هذا فقد ن�ش�أت احلاجة لإعادة تكوين �سرية هذا الفنان‬ ‫ال��رائ��د امل��ه��م‪� ،‬صاحب الف�ضل يف �إدخ���ال فنون اجلرافيك �ضمن‬ ‫املنظومة الأكادميية للفنون اجلميلة يف م�صر‪ ،‬وبناء �صورة وا�ضحة‬ ‫املعامل ل�شخ�صيته وفنه‪ ،‬وحماولة ترتيب مالمح الفرتة التي ق�ضاها‬ ‫يف م�صر‪ ،‬م�ؤ�س�س ًا ومع ّلم ًا‪ ،‬ومربي ًا جليل كامل من الرواد امل�شار �إليهم‬ ‫بالبنان يف م�ضمار فنون اجلرافيك امل�صري‪ ،‬وذلك من خالل �إ�صدار‬ ‫كتاب عنه‪ ،‬ا�ستغرقت الرحلة البحثية جلمع مادته قرابة ما يزيد على‬ ‫الأربع �سنوات‪.‬‬ ‫وكان الدافع الأول لهذه املحاولة التوثيقية اال�ستعادية – �إىل‬ ‫جانب ما يتمتع الرجل به من �أهمية تاريخية – هو حماولة تخلي�ص‬ ‫�سريته الرثية مما ظل ل�صيق ًا بها عقود ًا طويلة من غمو�ض‪ ،‬وا�ستدراك‬ ‫ما �شابها من ق�صور معيب ونق�صان فادح‪ ،‬تقع م�س�ؤوليته يف املقام‬ ‫الأول على عواتق املت�صدين للبحث التاريخي والدرا�سة النقدية يف‬ ‫م�ضمار اجلرافيك‪ ،‬وبخا�ص ٍة منهم �أجيال الباحثني الذين تخرجوا‬ ‫يف الق�سم الذي �أ�س�سه هو بنف�سه‪ ،‬والذي يت�شرف كاتب هذه ال�سطور‬ ‫بكونه واحد ًا من �أبنائه وع�ضو ًا من �أع�ضاء هيئته التدري�سية‪.‬‬ ‫وقد ا�ستعنت يف ا�ستكمال مادة الكتاب بعدد من امل�صادر الفنية‬ ‫والوثائقية الأ�صلية‪ ،‬من بينها وثائق حمفوظة يف �أر�شيف «جامعة‬ ‫جال�سجو»‪ ،‬وبيانات و�صور �أعمال من حمفوظات «املجل�س الثقايف‬ ‫الربيطاين»‪ ،‬وبيانات من �أر�شيف «املتحف الربيطاين»‪ ،‬و�صور �أعمال‬ ‫من مقتنيات احلفار الإجنليزي املعا�صر «جوردون كالرك»‪ ،‬و�صور من‬ ‫جمموعة «جوناثان بلوند» اجلرافيكية‪ ،‬وبيانات و�صور من �سجالت‬ ‫ري‬ ‫�صالة «كري�ستي» للمزادات بلندن‪ .‬وقد جت ّمع من ح�صيلة ذلك كث ٌ‬ ‫من املواد العلمية الق ّيمة وال�صور النادرة‪ ،‬التي توثق بع�ض �أهم �أعمال‬ ‫«راي�س» و�أحداث حياته‪.‬‬ ‫ويف �إطار هذا اجلهد البحثي والتوثيقي مت التعاون مع «املجل�س‬ ‫الثقايف الربيطاين» ‪ The British Council‬بالقاهرة يف‬ ‫م�شروع �إعادة �إحياء ذكرى “برنارد راي�س” وتوثيق �سريته و�أعماله‪،‬‬ ‫لإ�صدار كتاب – حتت الطبع حالي ًا ‪ -‬بعنوان “برنارد راي�س‪ ،‬الأب‬ ‫املجهول للجرافيك امل�صري”‪ ،‬وتي�سري ن�شره بدعم من “املجل�س‬ ‫الثقايف الربيطاين”‪ ،‬مت�ضمن ًا ق�سم ًا خا�ص ًا يحتوي على جمموعة من‬


‫�سالريى وحدهم �أم��ام النوتات املو�سيقية‪.‬‬ ‫لكن التاريخ �أبقى لنا موت�سارت‪ ،‬ومل يعد‬ ‫العامل ي�سمع عن �سالريى ومو�سيقاه الذى‬ ‫مات مع غله وجرميته‪ ،‬حيث ظل يعمل على‬ ‫�إفناء خ�صمه الذى يهدد مكانته وينجح فى‬ ‫ذلك فعال‪.‬‬ ‫‪ ‬ي�صور لنا الفيلم �أن هناك جرمية قتل‬ ‫متعمدة ارتكبها �سالريى‪ ،‬و�أن ه��ذا اجلرم‬ ‫الذى اقرتفه ظل يطارده ل�سنوات طويلة ‪.‬‬ ‫فال�سماء مل ترحم املوظف الر�سمى ومنحته‬ ‫ال�شيخوخة ‪.‬فطارده الندم ال�شديد وظلت‬ ‫مو�سيقى و�أوبريتات موت�سارت ترتمن وتعزف‬ ‫و َ‬ ‫متثل �أثناء حياة �سالريى‪ ،‬و�أي�ضا حتى الآن‪،‬‬ ‫وطوال حياة الب�شرية‪ ،‬بينما مات‪� ‬سالريى‬ ‫�إىل الأب��د حتى ق��ام بيرت �شافر ب�إحيائه‬ ‫فى م�سرحيته التى ميكن قراءتها‪ ‬باللغة‬ ‫العربية‪ ،‬فقد �صدرت فى ع��ام ‪ 1986‬عن‬ ‫�سل�سلة رواي���ات الهالل من ترجمة �شوقى‬ ‫فهيم‪.‬‬ ‫ت����رى ك���م م���ن ���س��ال�يرى ت��خ��ل�����ص��وا من‬

‫اماديو�س فى كافة جماالت الإبداع الب�شرى‬ ‫فى م�صر!!‪� ،‬إذا �أردت �أن تت�أكد فتابع �سري‬ ‫املوظفني الذين ج��اء فى �سريهم الذاتية‬ ‫�أنهم كانوا من كبار املوظفني الذين يح�صلون‬

‫على اجلوائز الر�سمية‪ ،‬ويتمتعون بالوظائف‬ ‫الكربى‪ ،‬وكثريون منهم كانوا ينتقلون بني‬ ‫الوظائف‪ ،‬بل �إن بع�ضهم ك��ان له �أك�ثر من‬ ‫خم�س ع�شرة وظيفة كربى‪ ،‬ومتلأ �أخبارهم‬ ‫ال�صحف‪ ‬وو�سائل الإع�لام‪ ،‬حتى �إذا تركوا‬ ‫ه��ذه ال��وظ��ائ��ف وخ�يرات��ه��ا دخ��ل��وا دوائ��ر‬ ‫الظالم‪ ,‬و�سوف يك�شف التاريخ عن جرائمهم‬ ‫ف��ى ح��ق املبدعني ‪ .‬و���س��وف جن��د كتابا من‬ ‫طراز بيرت �شافر يك�شف عنهم النقاب‪ ‬بعد‬ ‫فوات الآوان‬ ‫‪� ‬سوف يبقى وجه �سالريى امللئ بالعجز‬ ‫و�ضعف املوهبة ماثال �أم��ام الأع�ين بوجه‬ ‫املمثل موراى �إبراهام الذى ج�سد �شخ�صية‬ ‫�سالريى‪ ،‬وح�صل عن دوره فى ه��ذا الفيلم‬ ‫على جائزة �أح�سن ممثل م�ساعد‪ ،‬و�أعتقد �أن‬ ‫املخرج فورمان قد تعمد �أن يختار �إبراهام‬ ‫�أك�ث�ر موهبة م��ن املمثل ت��وم هال�س ال��ذى‬ ‫ج�سد �أماديو�س‪ ،‬كى ي�ؤكد �أن بطل الفيلم هو‬ ‫�سالريى‪ ،‬ولي�س موت�سارت ‪،‬وقد جنح فى هذا‬ ‫فعال‪.‬‬ ‫‪v‬‬

‫‪67‬‬


‫سينما‬

‫ مات «ساليرى» إلى األبد بينما يمأل «موتسارت» العالم بموسيقاه‪.‬‬‫ سيظل الموهوبون يعانون حقد العجزة إلى األبد‪.‬‬‫ « ساليرى » حاصل على ثمانية جوائز أوسكار وأكثر من ثالثين جائزة أخرى‬‫ولم يترك أثرًا يذكر أكثر من حقده‬ ‫‪ -‬الجوائز أبدًا ال تصنع مجدًا للفنان ‪ ..‬فقط موهبته‪.‬‬

‫حممود قا�سم‬

‫أماديوس‬

‫‪ ‬يختلف فيلم «�أماديو�س» مليلو�ش فورمان ‪ 1984‬عن �أى‬ ‫�سرية ذاتية مكتوبة عن �شخ�صية �شهرية‪ ،‬فنحن هنا ل�سنا‬ ‫�أم��ام‪� ‬سرية خا�صة ح��ول املو�سيقار فولفجاجن �أماديو�س‬ ‫موت�سارت بقدر مانحن �أمام �سرية ذاتية حول حياة املو�سيقار‬ ‫�سالريى الذى �شعر بالفارق ال�شديد الذى يف�صل موهبته‬ ‫اخلارقة باعتباره املو�سيقار الر�سمى ل�صاحب اجلاللة‪،‬‬ ‫�أى الناطق با�سم املو�سيقى التى ت�صدح فى �أنحاء النم�سا‬ ‫فى �أواخر القرن الثامن ع�شر‪� .‬سالريى الر�سمى هذا الذى‬ ‫يتعامل مع الإب��داع املو�سيقى ك�أنه وظيفة حكومية تتبع‬ ‫الأمري يكت�شف فج�أة �أن �شابا �صغري ي�سمى �أماديو�س يتمتع‬ ‫مبواهب �أكرث خرقا مما يتمتع املوظف الر�سمى بدرجات‬ ‫ك��ب�يرة‪ ،‬وذل��ك مثل ان��ط�لاق الفر�س �إىل ج��وار �سلحفاة‪,‬‬ ‫ف�سالريى فى �أح��د م�شاهد الفيلم احلا�صل على ثمانية‬ ‫جوائز �أو�سكار بالإ�ضافة �إىل �أكرث من ثالثني جائزة �أخرى‬ ‫يبدو عاجزا عن ا�ستيعاب �أحلان موت�سارت ال�شاب‪ ،‬ويكت�شف‬ ‫‪v‬‬

‫‪66‬‬

‫الفارق الهائل بينه وبني الوافد اجلديد الذى كان ي�ؤلف‬ ‫ال�سيمفونيات وهو فى �سن اخلام�سة من العمر‪ ،‬حتى �إذا �صار‬ ‫�شابا ف�إنه بكل تلقائية يلحن ب�إيقاعه الذي‪ ‬الميكن �أن يلحق‬ ‫به �أحد‪ .‬هذا الفيلم امل�أخوذ عن م�سرحية لكاتب موهوب‬ ‫هو بيرت �شافر الذى �أبهرنا مب�سرحية جدلية �أخرى هي‪« ‬‬ ‫احل�صان «يقدم لنا�سرية ذاتية للرجلني معا‪ ،‬هما �سالريى‬ ‫املخ�ضرم فى احلياة واملو�سيقى معا‪ ،‬وموت�سارت ال�شاب‬ ‫الذى وهبته ال�سماء تلقائية وموهبة متدفقة مل متنحها‬ ‫لي�س‪ ‬فقط �إىل املو�سيقار الر�سمى‪ ،‬بل مئات الذين جند‬ ‫�أ�سمائهم فى مو�سوعات املو�سيقيني فى كل الع�صور‪ .‬ونحن‬ ‫�أي�ضا �أم��ام �سرية‪ ‬ذاتية ملا ميكن �أن يعتمل فى قلوب كافة‬ ‫املوظفني الر�سميني �أ�صحاب القرارات الذين ي�صطدمون‬ ‫فى طرقهم مبوهوبني من طراز موت�سارت‪ ،‬فيتوقفون عن‬ ‫الإب��داع اجلديد‪ ،‬وي�صبح كل همهم هو �أن يقتلوا املوهوب‬ ‫وموهبته‪ ،‬ويحرموا الب�شرية منه من �أجل �أن يظل �أمثال‬


‫ـــــــــــــــــــــانيا يعبرون عن ‪..‬‬

‫ــــــات و التنوع‬

‫فينو�س ف�ؤاد‬


‫فنانون من أسـبــــــــــ‬

‫الثقافـــــــــــ‬

‫الفنانون المشاركون‬ ‫يحيى يو�سف رم�ضان‪ -‬مو�سى روخا�س كابيثودو‪ -‬تيموتيو ديباث‬ ‫روثا�س‪� -‬أوخينيو رامو�س الباريث‪ -‬خوان لوبي�س نونيو‪ -‬فران�سي�سكوا‬ ‫بايادوليد كارريتريو‪ -‬خو�سا انخيل‪� -‬سونيا كا�سريو الثارو‪ -‬ماري�سا ريفريا‬ ‫مارتني‪ -‬خو�سى لوي�س البيث رومريال‪ -‬انتونيو كانكا �سريرانو‪ -‬جابرئيل‬ ‫مارتة�س دي��اث‪ -‬خوان مانيول مونيوث‪ -‬دانييل دوران روم�يرو‪ -‬مانيول‬ ‫مونتانيا رويث‪ -‬ا�سابيل �سان�شي�س اجنيته‪ -‬انا �سبو�ش ريدوندو‪� -‬سيلفيا‬ ‫بالثكيث‪� -‬سريخيو ديلجادو – خابري �سيبييا مونيوث‬

‫‪v‬‬

‫‪68‬‬


v

71


‫«ال كاربا» وامل�ؤ�س�سات الأهلية ‪:‬‬ ‫تعد امل�ؤ�س�سات الأهلية هى �أحد الآليات الهامة‬ ‫لتحقيق ال�سيا�سيات الثقافية ل��ل��دول ‪ ،‬ودع��ام��ة‬ ‫�أ�سا�سية الميكن �إغفالها مهما تقدمت ال��دول ‪ ،‬و‬ ‫«ال ك��ارب��ا» (– ‪Artistas de la carpa‬‬ ‫‪ )careadores de getafe‬ه��ى جمعية‬ ‫�أهلية �أ�سبانية لفنانى حمافظة “خيتايف” التى‬ ‫تهدف ف��ى �أعمالها وفعالياتها �إىل ن�شر وترويج‬ ‫�أع��م��ال فنانيها على جميع الأ���ص��ع��دة وف��ى جميع‬ ‫املجاالت وفى جميع �أنحاء العامل ‪ ،‬وذلك عن طريق‬ ‫اختيار عناوين حمددة مل�شروعات ثقافية ت�ساهم فى‬ ‫حتقيق هدف واحد‪� ،‬أال وهو ن�شر الفن على امل�ستوى‬ ‫اجلماهريي‪ .‬و حتقيق مبد�أ «الفن للجميع»‪ ،‬وكذلك‬ ‫�إتاحة الفر�صة للموهوبني ملمار�سة الفن‪ ،‬وكذلك‬ ‫�إتاحة الفر�صة لغريهم لتذوقه‪.‬‬ ‫وف��ى �إط���ار خطة حتقيق تلك الأه���داف كانت‬ ‫زي��ارة جمموعة من الفنانني الأ�سبان ملجموعة من‬ ‫ال��دول منها «م�صر» لعر�ض انطباعاتهم عن هذا‬ ‫‪v‬‬

‫‪70‬‬

‫البلد الأ�سطورى «كما ي�صفه الأ�سبانيون» من خالل‬ ‫ثقافتهم النظرية وال��ق��راءات املختلفة عنها عرب‬ ‫الو�سائط املتعددة ‪ ،‬على �أن يلى ذلك زياة تفقدية‬ ‫ملعامل م�صر على الواقع ملعرفة حقيقة انطباعاتهم‬ ‫عنها و�إ�ضافة انطباعات جديدة ‪ .‬وقد مت ذلك من‬ ‫خالل برنامج التبادل الثقافى الذى �أبرمته جمعية‬ ‫“ال كاربا” مع الأ�ستاذ «ح�سام ن�صار» رئي�س قطاع‬ ‫العالقات الثقافية اخلارجية بوزارة الثقافة‪ ،‬والذى‬ ‫ين�ص على �أن يتم �إر���س��ال جمموعة من الفنانني‬ ‫امل�صريني �إىل �أ�سبانيا لت�سجيل انطباعاتهم اخليالية‬ ‫والواقعية عن هذا البلد «قبل وبعد الزيارة» ‪ .‬حيث‬ ‫تتم ا�ست�ضافتهم وع��ر���ض �أعمالهم ف��ى حمافظة‬ ‫«خيتايف» الأ�سبانية ‪.‬‬ ‫الثقافات ‪..‬الألفية ‪ ..‬التنوع ‪:‬‬ ‫وي�أتى هذا املعر�ض الذى احت�ضنته قاعة �أبعاد‬ ‫مبتحف ال��ف��ن امل�����ص��رى احل��دي��ث ب��ع��ن��وان��ه املثري‬ ‫(ال��ث��ق��اف��ات ‪..‬الأل��ف��ي��ة ‪ ..‬ال��ت��ن��وع) حتقيق ًا لهدف‬ ‫نقل الر�سالة الثقافية من خالل تكوين انطباعات‬

‫م�سبقة لـ ‪ 30‬فنان ًا �أ�سباني ًا قاموا بالتعبري عن تلك‬ ‫االنطباعات مبختلف و�سائل التعبري ‪ ،‬والتى امتد‬ ‫بع�ضها �إىل تكبري ال��ك��روت ال�بري��دي��ة التى حتمل‬ ‫�صور ًا للمعامل ال�سياحية امل�صرية‪ ،‬و�إ�ضافة مل�سات‬ ‫حية عليها تفيد التعبري عن �إح�سا�سهم ال�شخ�صى‬ ‫باختالف ما ق��ر�أه ه���ؤالء الفنانون عن م�صر وما‬ ‫�شاهدوه فى كروت الربيد‪.‬‬ ‫اخللفية التاريخية والإبداع ‪:‬‬ ‫وق��د ظهر بالفعل م��ن خ�لال �أع��م��ال��ه��م �شدة‬ ‫ت�أثرهم بقراءاتهم ع��ن م�صر‪ ،‬وعمق ح�ضارتها‬ ‫امل�صرية القدمية‪ ،‬ومن��و العديد م��ن احل�ضارات‬ ‫على �أر�ضها ‪،‬وقد بدا ذلك وا�ضح ًا فى �إبداع �أعمال‬ ‫مبتكرة مثل ل��وح��ة «نفرتيتى �أج��م��ل اجلميالت»‬ ‫«لأوجينيو رامو الفاريز ‪Eugenio Ramos‬‬ ‫‪ ”Alvarez‬وال���ذى م��زج فيها ب�ين ع��دد من‬ ‫املعامل ال�سياحية امل�صرية‪ ،‬وهى الأهرامات ور�أ�س‬ ‫نفرتيتى و الزخارف ال�شعبية والرموز الفرعونية‬ ‫وف��ن اخليامية برتكيب مبتكر وجديد ي�ؤكد عمق‬


v

73


‫ثقافة الفنان و�إملامه ب�أنواع الفنون املختلفة التى‬ ‫حتت�ضنها م�صر ‪.‬‬ ‫وظهر ذلك �أي�ض ًا فى لوحة «قدا�سة الإن�سان عند‬ ‫الإن�سان» للفنان “تيموتيو دياز روثا�س ‪Timoteo‬‬ ‫‪ ”Diez Rozas‬والذى مزج �أي�ض ًا بني �شكل‬ ‫الهرم ومتثال �أبى الهول و�أ�شكال العمارة املختلفة‬ ‫ف��ى م�صر ‪،‬م��ث��ل ال��ع��م��ارة الإ���س�لام��ي��ة والقبطية‬ ‫واحلديثة‪ ،‬كما �أ�ضاف �أي�ضا ر�سوم مب�سطة ل�شكل‬ ‫الفالحات امل�صريات كما ا�ستخدم �أي�ض ًا درجات‬ ‫اللون الربتقاىل ال�ساخن فى اجلانب ال�شرقى من‬ ‫العمل لت�أكيد �أن م�صر بلد احل�ضارة‪ ،‬و�شم�س ال�شرق‬ ‫بينما قام بالرمز �إىل مياه النيل بامل�ساحة الزرقاء‬ ‫الوا�سعة التى ا�ستخدمها كخلفية للجزء‬ ‫الأك�ب�ر م��ن اللوحة وال��ت��ى ا�ستخدمها‬ ‫للعبري عن معانى مزدوجة وهى �صفاء‬ ‫مياه النيل و�صفاء �سماء م�صر ‪ ،‬حيث‬ ‫عرب عن ماء النيل ب�صوة غري مبا�شرة‬ ‫م��ن خ�لال انعكا�س ���ص��ورة متثال �أب��ى‬ ‫الهول والأهرامات على مياهه ال�صافية‬ ‫‪ ،‬بينما ا�ستغل نف�س امل�ساحة لإ�ضافة‬ ‫مل�سات بي�ضاء ت��وح��ى ب�صفاء �سماء‬ ‫م�صر ونقاءها ‪.‬‬ ‫ب��ي��ن��م��ا ج���اء ع��م��ل “خوان لوبيز‬ ‫ن��ون��ي��و ‪ ”Juan Lopez‬ب��ع��ن��وان‬ ‫“لقاء احل�ضارات” حيث مزج فيه بني احل�ضارات‬ ‫امل�صرية القدمية والإغريقية والرومانية من خالل‬ ‫تداخل �أ�شكال الر�سوم اجلدارية التى تغطى جدران‬ ‫امل��ع��اب��د امل�����ص��ري��ة‪ ،‬م��ع ���ص��ور التماثيل الرومانية‬ ‫والإغريقية كرمز لتداخل فنون البحر املتو�سط‬ ‫وتداخل احل�ضارات وامتزاجها على �أر���ض م�صر‪،‬‬ ‫كما �أ�ضاف الفنان طباعة مب�سطة باللون الأ�سود‬ ‫ل�شكل ب��رج �إيفل كرمز لالحتالل الفرن�سى مل�صر‬ ‫على الرغم من ق�صر مدته ‪ ،‬ومل ين�س �إ�ضافة �صورة‬ ‫الإن�سان الآىل “الروبوت” وهو يحلق فى منت�صف‬ ‫ال��وح��ة كرمز لتطور م�صر العلمى ‪ .‬وف��ى اللوحة‬ ‫تراكب �إبتكارى رائع �إعتمد على “الكوالج” ‪.‬‬ ‫بينما ر�سم “خو�سى لوي�س البيث‪Jose Luis‬‬ ‫‪ Lopez‬لوحة بعنوان “روح فى حجر” مزج فيها‬ ‫بني �إجتاهات الفنون املعا�صرة وخا�صة التجريدية‬ ‫‪v‬‬

‫‪72‬‬

‫والرمزية فى قالب جديد ‪ ،‬حيث جعل من قلب اللوحة‬ ‫مركز ًا للإ�شعاع احل�ضاى والثقافى على العامل من‬ ‫خ�لال ر�سم مثلث خطى رم��ز ًا للأهرامات يحيط‬ ‫به �أن�صاف دوائر تخرج منها خطط ًا مت�شعبة رمز ًا‬ ‫لل�شم�س ‪ ،‬وقد جاء عنوان العمل “روح فى حجر”‬ ‫من خالل ر�سمه ل�شخ�صيتان حموريتان على جانبى‬ ‫العمل يرتديان املالب�س الفرعونية رم��ز ًا للتماثيل‬ ‫احلجرية والتوابيت الفرعونية بينما حملت وجوههم‬ ‫املالمح �إن�سانية واقعية حية ومعا�صرة ‪ .‬بينما ظهر‬ ‫الهرم فى �صورة جتريدية فى خلفية العمل كرمز‬ ‫هند�سى لإتزان العامل بوجود م�صر على اخلريطة‪.‬‬ ‫بينما جاءت لوحة “املحفل الرومانى” للفنان‬

‫“دافيد دي��اث ‪ ”David Diazg‬لتعرب عن‬ ‫ت�أثر الفنان مبا قر�أه عن �آثار احل�ضارة الرومانية‬ ‫املوجودة فى م�صر وخا�صة فى مدينة الإ�سكندرية ‪،‬‬ ‫وبالتاىل ظهر فى لوحته الت�أثر والتزاوج والدمج بني‬ ‫احل�ضارة الرومانية واحل�ضارات الالحقة لها ‪.‬‬ ‫ك���م���ا ع��ب��رت “�سونيا ك����اث��ي�رو «‪Sonia‬‬ ‫‪ Casero‬فى لوحتها “الأرا�ضى عن انطباعها‬ ‫عن م�صر من خالل ر�ؤية جوية مل�صر التى �شاهدتها‬ ‫لأول مرة من نافذة الطائرة التى عربت بها فوق‬ ‫م�صر‪ ،‬فر�أت �صحاريها حتت�ضن وديانها و�أرا�ضيها‬ ‫اخل�����ض��راء ف��ى م�شهد ب��دي��ع ع�برت عنه ب�أ�سلوب‬ ‫جتريدى رائ��ع‪ ،‬متتزج فيه درج��ات الأل���وان البنية‬ ‫وال�صفراء باللون الأخ�ضر الزرعى‪.‬‬ ‫احللم والواقع ‪:‬‬ ‫�شكل املعر�ض رحلة حاملة م�شبعة بالأحا�سي�س‬

‫التى �أثرتها اخل�ب�رات ال�شخ�صية لفنانيه‪ ،‬وك��ان‬ ‫م��و���ض��وع��ه ج��دي��د و���ش��ي��ق ح��ي��ث عك�ست الأع��م��ال‬ ‫املعرو�ضة م��دى التقارب بني الثقافات من خالل‬ ‫الأ���ش��ك��ال والأل����وان واخل��ط��وط ف��ى ف�ضاء ال حتده‬ ‫احل��واج��ز فكان الإح��ت��ك��اك الفنى ه��و لغة تخطت‬ ‫حدود الكلمات ف�أ�صبح ج�سر التوا�صل بني اخلربات‬ ‫الفنية املختلفة‪ ،‬كما ك�شفت الأع��م��ال املعرو�ضة‬ ‫وعناوينها ع��ن وع��ى و �إدراك الفنانني للحقوق‬ ‫الثقافية وللتعاي�ش ال�سلمى بني الثقافات املختلفة‬ ‫والتى ت�ضفى ال�شخ�صية والرثاء وت�ؤكد هوية ال�شعوب‬ ‫والأج��ن��ا���س‪ ،‬وال�لاف��ت للإنتباه ه��و م�شاركة فنان‬ ‫م�صرى واحد باملعر�ض هو د‪ .‬يحيى يو�سف رم�ضان‬ ‫وه��و �أ�ستاذ بجامعة مور�سيا الأ�سبانية‬ ‫وقومي�سري املعر�ض فهو من كان حلقة‬ ‫الو�صل بني اجلمعية واحللم ومراحل‬ ‫حتقيقه على �أر�ض الواقع‪.‬‬ ‫ال�����ع��ل��اق�����ات ال���ث���ق���اف���ي���ة‬ ‫اخلارجية‪:‬‬ ‫ويعد هذا املعر�ض باكورة ملجموعة‬ ‫من الفعاليات الثقافية والفنية فى �إطار‬ ‫ت��ع��اون مثمر ب�ين اجل��ان��ب�ين امل�صرى‬ ‫والأ�سبانى‪ ،‬والتى �سيكون من �ضمنها‬ ‫�إق��ام��ة ور����ش فنية لفنانني م�صريني‬ ‫و�أ�سبانيني‪ ،‬ي�صحبها �إق��ام��ة عرو�ض‬ ‫لفرقة الفنون ال�شعبية الأ�سبانية بالقاهرة ك�أحد‬ ‫�سبل ال��ت��ب��ادل الثقافى ب�ين ال��دول��ت�ين‪ ،‬وق��د افتتح‬ ‫املعر�ض د‪� .‬شاكر عبد احلميد وزي��ر الثقافة‪ ،‬و‬ ‫د‪.‬عبد القوى خليفة حمافظ القاهرة ‪،‬و د‪� .‬صالح‬ ‫املليجي رئي�س قطاع الفنون الت�شكيلية ‪ ،‬و الأ�ستاذ‬ ‫ح�����س��ام ن�����ص��ار رئ��ي�����س ق��ط��اع ال��ع�لاق��ات الثقافية‬ ‫اخلارجية ‪ ،‬و فيدل �سينداجورتا كامبيللو �سفري دولة‬ ‫�أ�سبانيا بالقاهرة‪ .‬و خوان �سولري �إ�سبياوبا جاييو‬ ‫عمدة مدينة “خيتايف”‪ ،‬وال�سيد موي�سي�س روخا�س‬ ‫كابيثودو رئي�س جمعية مبدعى خيتافى “ ال كاربا “‪.‬‬ ‫وفى النهاية �أمتنى �أن نكرث من مثل هذه اللقاءات‬ ‫فى املرحلة احلالية ؛لنتمكن من معرفة انطباعات‬ ‫ال��ع��امل ع��ن م�صر و�شعبها‪ ،‬لنتمكن م��ن ت�صحيح‬ ‫املفاهيم اخلاطئة‪ ،‬وحت�سني ال�صورة امل�ستقبلية‬ ‫مل�صر من �أجل غد م�شرق‪.‬‬


‫وحقيقة مل يكن ه��ن��اك �أى ���ش��يء ميكن ت�سميته‬ ‫بال�سينما الأف��ري��ق��ي��ة ال�����س��وداء قبل اال�ستقالل‪،‬‬ ‫فال�سينما الوطنية الأفريقية قد ولدت بال�ضبط فى‬ ‫وقت الوطنيات الأفريقية نف�سه‪.‬‬ ‫على �أن جمال الر�سوم املتحركة كان فى �سياق‬ ‫مواكب لتلك احلركة ال�سينمائية‪ ..‬فبع�ض املراجع‬ ‫ترجح ب�أن �أول فيلم مت تنفيذه فى جنوب �أفريقيا‪،‬‬ ‫ك��ان فيلم الر�سوم املتحركة “حلم الفنان” عام‬ ‫‪ 1916‬للمخرج الأمريكى هارولد �شو ‪Harold‬‬ ‫‪ )1926-1876( Shaw‬الذى بد�أ حياته كممثل‬ ‫فى �أفالم �أدي�سون الرائدة‪ .‬بينما حماوالت الإخوة‬ ‫فرنكل ‪ ،Frenkel‬املهاجرين الرو�س‪ ،‬فى م�صر‬ ‫فى ثالثينيات القرن الع�شرين‪ ،‬تعد �أوىل التجارب‬ ‫فى �شمال �أفريقيا وال�شرق الأو�سط قاطبة بفيلمهم‬ ‫الأول “ماركو القرد” ع���ام ‪،1935‬و”مفي�ش‬ ‫فايدة”‪.1936‬وهى التجربة التى انقطعت بهجرة‬ ‫عائلة فرنكل �إىل فرن�سا‪.‬‬ ‫على �أن املحاوالت الأوىل لإنتاج ر�سوم متحركة‬ ‫بوا�سطة �أفارقة‪ ،‬قد ت�أخرت لأواخ��ر اخلم�سينيات‬ ‫ومطلع ال�ستينيات مع جتارب الأخوين على وح�سام‬

‫مهيب فى م�صر‪ ،‬وكذلك حممد عرام فى اجلزائر‬ ‫وم�صطفى احل�سن فى النيجر‪.‬وكلهم فنانني رواد‬ ‫ذوى �أ�صل �إفريقي‪� ،‬أنتجوا �أفالمهم مبجهود ذاتى‬ ‫كلي ًا‪.‬‬ ‫ت��ب��ع ه�����ؤالء ال��ع��دي��د م��ن امل���ح���اوالت ال��ف��ردي��ة‪،‬‬ ‫والتى مل جتد العون الر�سمي‪ ،‬فعكفت على املجهود‬ ‫الذاتى واملعونات الأوروب��ي��ة‪ .‬بل �أن بع�ض الفنانني‬ ‫الأفارقة هاجر �إىل اخلارج‪ ،‬م�ستقر ًا هناك‪ ،‬ولكنه‬ ‫مازال ينفذ �أفالمه بتلك امل�سحة الإفريقية املغرقة‬ ‫فى املحلية‪ ،‬كما فى �أعمال الكونغوىل جان مي�شيل‬ ‫كيبوت�شى الذى هاجر �إىل بلجيكا‪ ،‬و �سيليا �سوادوجو‬ ‫من بوركينافا�سو فى كندا وغريهم‪.‬‬ ‫وليام كنرتيدج‪ :‬الزجنى الأبي�ض !‬ ‫ولكن التجربة اال�ستثنائية تبدو هناك‪ ،‬عند‬ ‫�أق�صى اجلنوب‪..‬مع واحد من ه�ؤالء “املت�أفرقني”‬ ‫الذى زحف �أجداده �إىل جنوب �إفريقيا فى احلقبة‬ ‫اال�ستعمارية فى �أواخ��ر القرن التا�سع ع�شر و�أوائل‬ ‫القرن الع�شرين‪.‬‬ ‫�إن��������ه ول�����ي�����ام ك����ن��ت�ري����دج ‪William‬‬ ‫‪ Kentridge‬املولود فى جوهان�سربج (‪)1955‬‬

‫اجل��ن��وب �إف��ري��ق��ى الأب��ي�����ض‪ ،‬وال���ذى در����س الفنون‬ ‫اجلميلة فى جنوب �إفريقيا‪ ،‬وامل�سرح فى باري�س‪،‬‬ ‫قبل �أن يكت�شف ف�شله كممثل ‪ ،‬ويغري م�سريته لفن‬ ‫التحريك‪ ،‬لي�صبح واحد من �أ�شهر فنانى �إفريقيا‬ ‫الت�شكيليني على م�ستوى العامل!‬ ‫طوال حياته الفنية‪ ،‬انتقل كنرتيدج بني الر�سم‬ ‫وال�سينما وامل�سرح ‪ ،‬ولكن تركيزه الأ�سا�سى ال يزال‬ ‫الر�سم‪ ،‬ور�ؤي��ت��ه للم�سرح وال�سينما العمل بو�صفه‬ ‫النموذج املو�سع لر�سومه‪ .‬ولكنه اكت�سبت اعرتافا‬ ‫دولي ًا وا�سع ًا ب�أفالمه الق�صرية املتحركة املر�سومة‬ ‫بالفحم‪.‬‬ ‫ف��ى ع��ام ‪� ، 1989‬أخ���رج ك��ن�تري��دج �أول فيلم‬ ‫حتريك بعنوان “جوهان�سربج ‪ ،‬ثانى �أعظم مدينة‬ ‫بعد باري�س” ‪ ،‬فى �سل�سلة ر�سومات من �أجل العر�ض‬ ‫املتحفي‪ .‬تلك ال�سل�سلة التى �سوف ي�ستخدم فيها‬ ‫تقنية �سوف ت�صبح �سمة من ال�سمات املميزة لفنه‪،‬‬ ‫وهى ر�سومات الفحم املتعاقبة ‪ ،‬ودائما على نف�س‬ ‫الورقة‪ ،‬خالفا لتقنية الر�سوم املتحركة التقليدية‬ ‫التى يتم ر�سمها فى كل حركة على ورقة منف�صلة‪.‬‬ ‫وبهذه الطريقة ‪ ،‬جاء �أفالم كنرتيدج حمافظة‬

‫‪v‬‬

‫‪75‬‬


‫دراسات‬

‫موسيقار التحريك األفريقي‬ ‫وليام كنتريدج‬ ‫يعرف الكثري من النا�س معلومات عديدة عن الر�سوم املتحركة‬ ‫كفن وترفيه‪ ،‬ن�ش�أ قبل ‪ 120‬عام ًا ‪،‬و انت�شر بف�ضل فنانني رواد مثل‬ ‫والت ديزين‪ ،‬الذى �سحر ال�صغار والكبار ب�أفالمه الق�صرية والطويلة‬ ‫التى تناولت ق�ص�ص ًا طاملا رددتها اجلدات بكل لغات العامل‪ ،‬ف�أ�ضحت‬ ‫كق�ص�ص النوم ‪ Lullabies‬للجميع‪ .‬ت�شدهم وتبهرهم‪ ،‬حتى تعلقوا‬ ‫بها‪ ،‬وال ي�ستقيم مرحهم �إال بالفرجة عليها‪.‬‬ ‫يعرف بع�ض النا�س عن ما �أ�سهمت به هوليود فى دفع هذا الفن‬ ‫لي�صبح �صناعة جتنى امل�لاي�ين ع�بر ال��ع��امل‪ ،‬حتى ارتبطت الر�سوم‬ ‫املتحركة بهوليود ووالت ديزين‪ ،‬و�صار ديزنى عنوان ًا لفن التحريك ‪ ،‬وال‬ ‫�أحد ي�ضاهى بريق ا�سمه فى هذا امليدان‪.‬‬ ‫بينما يعرف القليل من‬ ‫النا�س �أن الر�سوم املتحركة‬ ‫ك���ان���ت م����وج����ودة ف���ى ب�لاد‬ ‫�أخ���رى‪ ،‬حتى قبل ال��والي��ات‬ ‫املتحدة ‪ ،‬فى فرن�سا مث ًال‪،‬‬ ‫ح���ي���ث ب��������د�أت ال���ت���ج���ارب‬ ‫الأوىل ل���ف���ن ال��ت��ح��ري��ك‬ ‫�أواخ������ر ال��ث��م��ان��ي��ن��ي��ات من‬ ‫القرن التا�سع ع�شر‪ ،‬وتلتها‬ ‫حم������اوالت ف���ى ب��ري��ط��ان��ي��ا‬ ‫وغ�يره��ا‪� ،‬إىل �أن انت�شرت‬ ‫التجارب ع�بر ب�لاد عديدة‬ ‫ف���ى �أوروب�������ا والأم��ري��ك��ت�ين‬ ‫و�أ�سيا‪.‬‬ ‫ولكن ما هو إسهام‬ ‫أفريقيا ف��ى عالم‬ ‫الرسوم املتحركة؟‬ ‫يعلم القليل من املتخ�ص�صني عن �إ�سهامات القارة الأفريقية فى‬ ‫ميدان فن التحريك‪ ..‬تلك القارة التى عانت من ويالت احلروب والفقر‬ ‫واملجاعات‪ ،‬واال�ستعمار القا�سى طويل امل��دى‪ ،‬الذى تعمد �إغ��راق تلك‬ ‫الأر�ض فى ظالم اجلهل والبدائية لتظل مرتبطة به و فى عوز �إليه �إىل‬ ‫الأبد‪.‬‬ ‫ولكن �أبت �أجيال من �أبناء تلك القارة ال�سمراء �إال �أن ي�سعوا للحاق‬ ‫بركب احل�ضارة‪� ،‬إن مل يكن بالعلم والتقدم‪ ،‬فبالفن‪ ،‬وهو اللغة الأكرث‬

‫‪v‬‬

‫‪74‬‬

‫د‪ .‬حممد غزالة‬

‫ثراء ومتيز ًا لأفريقيا عن غريها من القارات‪ .‬وال ن�ستثنى من ذلك �أي ًا‬ ‫من �أبناء القارة �سواء من ال�شمال �أو اجلنوب‪ ،‬البي�ض و ال�سمر‪ ،‬العرب‬ ‫و العجم‪.‬‬ ‫و�صلت �آالت ال�سينما ب��اك��ر ًا �إىل ال��ق��ارة ف��ى ‪ ،1896‬ف��ى عرو�ض‬ ‫باجلزائر وتون�س والإ�سكندرية وجوهان�سربج قادمة مع م�صورى خمرتع‬ ‫ال�سينما لوميري ‪ Lumière‬الذين جابوا القارة لت�صوير معاملها‬ ‫وعر�ض �أفالمهم على جمهور‪ ،‬مل يعوزه ال�شغف بهذا االخرتاع اجلديد‪:‬‬ ‫ال�سينما!‬ ‫بينما توا�صلت رحالت م�صوريى لوميري‪ ،‬كان م�ستعمرى �أفريقيا‬ ‫الأجانب ي�ستمتعون بت�صوير م�ستعمراتهم فى �أجواء �ساحرة غريبة‪ ،‬تعج‬ ‫برحالت ال�سفارى والغابات‬ ‫واحل�����ي�����وان�����ات‪ ،‬وق��ط��ع��ان‬ ‫الأفارقة الكادحني فى حقول‬ ‫امل�ستعمر‪ ،‬لبالد ال يبدو �أن‬ ‫لديها ثقافة �أو ت��اري��خ‪ ،‬بل‬ ‫حياة همجية كما فى �أفالم‬ ‫طرزان!‬ ‫وف��ى تلك الأث��ن��اء‪ ،‬ب��د�أ‬ ‫زم�����رة م���ن �أب���ن���اء ال���ق���ارة‬ ‫يتلم�سون ب��اك��ر ًا حماولتهم‬ ‫ل�صناعة �أفالمهم مبعاونة‬ ‫ال����واف����دي����ن الأوروب�����ي��ي��ن‪،‬‬ ‫فكانت حم��اوالت فى م�صر‬ ‫وت��ون�����س ت��ع��د ال���رائ���دة فى‬ ‫ذل���ك امل��ج��ال‪ .‬ح��ي��ث ب��رزت‬ ‫ال�����ص��ن��اع��ة ال�����س��ي��ن��م��ائ��ي��ة‬ ‫امل�صرية مع حماوالت حممد‬ ‫كرمي فى الإ�سكندرية ل�صنع �أفالم م�صرية الطابع فى عام ‪ .1917‬بينما‬ ‫ن�شئت ال�سينما التون�سية فى الع�شرينات مع �أعمال الرائد �ألبري �سمانة‬ ‫ال�شيخلي‪ .‬بينما فى م�ستعمرات �أفريقيا ال�سوداء كان من “املحرم” على‬ ‫الزنوج الت�صوير ال�سينمائى بقوة القانون‪ ،‬لكونها �أداة من �أدوات التعبري‬ ‫عن الذات!‬ ‫ولكن ال�سينما فى �أفريقيا ال�سوداء ول��دت الحق ًا فى �إط��ار عملية‬ ‫التجديد الثقافى ما بعد اال�ستعمارى فى ال�ستينيات من القرن الع�شرين‪،‬‬


‫ك�شخ�ص ق��ادم م��ن جنوب �أفريقيا ‪ ،‬الأم���ة التى‬ ‫�أ�صبح �سكانها الأ���ص��ل��ي��ون مواطنني م��ن ال��درج��ة‬ ‫الثانية فى ظل نظام الف�صل العن�صرى الذى فر�ضه‬ ‫الأوروب��ي��ون‪ -‬ال��ذى �ألغى م���ؤخ��را‪ -‬كنرتيدج نف�سه‬ ‫من �أ�صل �أوروب���ى ‪ ،‬وعلى ه��ذا النحو لديه موقف‬ ‫فريد‪ ،‬كمراقب خارجي‪ .‬حيث كان والداه ميار�سون‬ ‫املحاماة ‪،‬وكانا م�شهوران بالدفاع عن �ضحايا نظام‬ ‫الف�صل العن�صرى ‪ ،‬مما �أعطى كنرتيدج القدرة‬ ‫على تربئة نف�سه بع�ض ال�شيء عن الفظائع التى‬ ‫ارتكبت‪ .‬وهو ما يحدو بنا ل�ضرورة ق��راءة �أعماله‬ ‫فى �ضوء درا�سة للتاريخ ال�سيا�سى و االجتماعى فى‬ ‫جنوب �إفريقيا فى احلقبة اال�ستعمارية وما بعدها‪.‬‬ ‫يعترب كنرتيدج امتدادا للمدر�سة التعبريية ؛ ففى‬ ‫كثري من الأحيان يوحى ال�شكل بامل�ضمون ‪ ،‬والعك�س‬ ‫بالعك�س‪ .‬كما ي�ؤدى التالعب بالتكوين‪ ،‬والو�سيط‪،‬‬ ‫�إىل لعب دور جوهرى فى املعنى العام واملو�ضوع‬ ‫فى عمل فنى معني‪ .‬مما يتوجب على املرء ا�ستخدام‬ ‫با�ستجاباته الغريزية وكذلك مهارات التكهن فى‬ ‫�إيجاد مقا�صد �أعمال كنرتيدج ‪.‬حيث الكثري من‬ ‫املحتوى الفعلى يك�شف القليل بغمو�ض‪ ،‬من خالل‬ ‫�صورة قامتة من الوهلة الأوىل‪ ،‬وخلق انطباع يوحى‬ ‫بحالة من ال�ضعف والوهن‪.‬‬ ‫كانت جوانب الظلم االجتماعى التى ظهرت على‬ ‫مر ال�سنني فى جنوب �أفريقيا‪ ،‬مادة د�سمة لأعمال‬

‫ك��ن�تري��دج‪ .‬ففيلمه” كا�سبريز تقع ف��ى احلب” ‪،‬‬ ‫الذى عر�ض فى متحف املرتوبوليتان ‪ ،‬والذى ي�صور‬ ‫ر�ؤو�س ًا فى �صناديق‪ ،‬ال يده�ش امل�شاهد الأمريكى‬ ‫العادي‪ ،‬ولكن امل�شاهد من جنوب �إفريقيا يعرف‬ ‫�أن ‪ Casspir‬هى و�سيلة ت�ستخدم لإخماد �أعمال‬ ‫ال�شغب ‪ ،‬وه��ى ن��وع م��ن دب��اب��ات مراقبة احل�شود‪.‬‬ ‫فال�صندوق ‪� ،‬إذن ‪ ،‬هو ‪ Casspir‬والر�ؤو�س هم‬ ‫املحتجني الذين قتلوا فى �أعمال ال�شغب واملظاهرات‬ ‫�ضد العن�صرية‪ ،‬والأ�شخا�ص الذين مت “�إخمادهم”‬ ‫فى �سبيل حفظ النظام!‪.‬‬ ‫كتب كنرتيدج عن �أعماله ‪“ :‬ر�سوماتى ال تبد�أ ‘‬ ‫ب�شكل جميل’ ‪ ،‬فهدفى هو �سيطرة اليد على العقل‪،‬‬ ‫ب��دال م��ن ت��رك العقل يقود ال��ي��د‪“ .‬يجب �أن يكون‬ ‫ال�شكل ممث ًال ل�شيء هناك فى هذا العامل‪ ،‬ولي�س من‬ ‫ال�ضرورى �أن يكون الر�سم دقيقا‪ ،‬ولكن يجب �أن ينم‬ ‫عن ت�أمل‪ ،‬ولي�س ما هو جمرد وغام�ض‪ ،‬مثل عاطفة‬ ‫عابرة‪”.‬‬ ‫وجهة نظره ال�سيا�سية ظهرت �أي�ضا فى �إخراجه‬ ‫للأوبرا‪ ،‬التى ت�شتمل على عدة م�ستويات‪ :‬الإخراج‬ ‫امل�����س��رح��ي‪� ،‬أف��ل�ام ال��ت��ح��ري��ك وال��دم��ى املج�سمة‪.‬‬ ‫فقد قام كنرتيدج ب�إخراج �أوب��را ‪Il ritorno‬‬ ‫‪( d’Ulisse in patria‬ملونتيفريدي) ‪،‬و‬ ‫�أوب��را ‪( Die Zauberflöte‬مل��وزار) والأن��ف‬ ‫(�شو�ستاكوفيت�ش)‪ .‬كما ق��دم عر�ضا ق�صري ًا مع‬

‫امل��ل��ح��ن ال��ف��رن�����س��ى ‪François Sarhan‬‬ ‫بعنوان” برقيات من الأنف”‪.‬‬ ‫منذ �أن �شارك كنرتيدج فى املعر�ض العا�شر‬ ‫‪ Dokumenta‬فى كا�سل‪� /‬أملانيا (‪،)1997‬‬ ‫وتظهر �أعماله منفردة‪ .‬حيث عر�ضت فى متحف‬ ‫الفن احلديث (نيويورك) ومتحف الفن املعا�صر‬ ‫(�سان دييغو)‪ .‬وج��ال معر�ضه فى ع��دد كبري من‬ ‫امل��دن فى ‪ 1999-1998‬مثل بر�شلونة‪ ،‬بروك�سل‪،‬‬ ‫لندن وميونيخ ومر�سيليا‪ .‬كما عر�ضت �أفالمه فى‬ ‫م��ه��رج��ان ك��ان ‪-2004-‬وه�����و م��ن فنانى الر�سوم‬ ‫املتحركة القالئل فى العامل الذى ال تعر�ض �أفالمه‬ ‫فى املهرجانات ولكن فى املتاحف الفنية!‬ ‫وف��ى مايو ‪ 2002‬ح�صل كنرتيدج على درج��ة‬ ‫الدكتوراه الفخرية فى الفنون اجلميلة من معهد‬ ‫والي��ة ماريالند للفن املعا�صر ف��ى بالتيمور‪ .‬كما‬ ‫ح�صد العديد من اجلوائز العاملية والتى كان �أخرها‬ ‫جائزة كيوتو اليابانية‪ -‬املعادلة جلائزة نوبل‪ -‬فى‬ ‫نوفمرب‪، 2010‬للإجناز مدى احلياة بقيمة �أكرث من‬ ‫ن�صف املليون دوالر !‬ ‫وليام كنرتيدج ال يزال متجذر ًا فى جوهان�سربج‪،‬‬ ‫حيث ال يزال يعي�ش �إىل اليوم هناك مع زوجته وثالثة‬ ‫�أطفال‪ .‬وهو و�إن مل يكن �أفريقي ًا‪-‬من حيث ال�شكل‬ ‫واجلذور‪ -‬فهو ال يزال يرفع ا�سم �إفريقيا‪ ،‬مفتخر ًا‬ ‫بانتمائه لهذه الأر�ض امللهمة!‬ ‫‪v‬‬

‫‪77‬‬


‫على �آث��ار الر�سوم ال�سابقة‪� .‬صور متحركة تتعامل‬ ‫مع مو�ضوعات �سيا�سية واجتماعية من خالل وجهة‬ ‫نظر ذاتية بحتة ‪ ،‬حيث يعكف كنرتيدج على �إدخال‬ ‫�صورته ال�شخ�صية فى معظم �أفالمه‪.‬‬ ‫دفع املحتوى ال�سيا�سى و تقنيات العمل الفريدة‬ ‫من نوعها كنرتيدج �إىل املرتبة الأوىل فى ال�ساحة‬ ‫الفنية فى جنوب �أفريقيا وال��ع��امل‪ .‬وتعد �أعماله‬ ‫الفنية م��ن ب�ين الأك�ث�ر رواج���ا وتكلفة ف��ى جنوب‬ ‫�أفريقيا‪ :‬فرغم �أن معظم ر�سومه املباعة بالفحم‬ ‫الأ�سود‪� ،‬إال �أنه مطلوبة وب�أعلى الأ�سعار‪.‬و حيث �إن‬ ‫عمله م��ع واح���دة م��ن �أك�ثر تقنيات التعبري الفنى‬ ‫تقييد ًا وحمدودية ‪ ،‬وذلك با�ستخدام الفحم فقط‬ ‫ومل�سة من اللون الأزرق �أو الأحمر الطبا�شريى ‪ ،‬فقد‬ ‫جعله قادر على �إب��داع �أفالم ًا متحركة ذات �أبعاد‬ ‫مذهله‪.‬‬ ‫وال يخفى �أنه كان مغرق ًا فى احلميمة مع مدينته‬ ‫التى ق�ضى فيها ك��ل حياته‪ ،‬وال��ت��ى ك��ان ي�صر �أن‬ ‫يقحمها فى كل مو�ضوعات �أف�لام��ه‪ .‬فى حني انه‬ ‫مل ي�صور جوهان�سربج على �أنها مدينة مت�شددة �أو‬ ‫قمعية لل�سود ‪ ،‬ومل ي�ؤكد ال�صورة اخلالبة حلياة‬ ‫البي�ض خالل نظام الف�صل العن�صري‪ ،‬ولكنه قدم‬ ‫ب��دال م��ن ذل��ك املدينة التى تعانى م��ن ازدواج��ي��ة‬ ‫اجتماعية وثقافية‪.‬‬ ‫ف��ى �سل�سلة م��ن ت�سعة �أف�ل�ام ق�صرية ‪ ،‬قدم‬ ‫‪v‬‬

‫‪76‬‬

‫كنرتيدج �شخ�صيتان‪� :‬سوهو اك�شتاين ‪,‬و فيليك�س‬ ‫تيتلباوم‪ .‬ه��ات��ان ال�شخ�صيتان ت�صوران �صراعا‬ ‫عاطفي ًا و�سيا�سي ًا‪ ،‬يعك�س حياة الكثريين فى جنوب‬ ‫�أفريقيا فى حقبة ما قبل الدميقراطية‪.‬‬ ‫فى مذكرة متهيدية لفيلمه “فيليك�س فى املنفى”‬ ‫‪ ،‬كتب كنرتيدج ‪“ ،‬بنف�س الطريقة التى يقوم فيها‬ ‫الإن�سان بتقطيع �أو�صال عالقته مع املا�ضي‪ ،‬هناك‬ ‫عملية طبيعية فى البيئة من خالل الت�آكل ‪ ،‬والنمو ‪،‬‬ ‫والتحول‪ ،‬وهو ما ي�ؤثر فى حياة الب�شر‪ .‬وفى جنوب‬ ‫�أفريقيا هذه العملية لها �أبعاد �أخ��رى‪ ،‬فم�صطلح‬ ‫‘جنوب �أفريقيا اجلديدة’ –�أى ما بعد الف�صل‬ ‫العن�صري‪ -‬هو �أقرب ما يكون بر�سم لوحة جديدة‬ ‫على �أ�سا�س لوحة قدمية‪ ،‬العملية الطبيعية لتغييب‬ ‫املا�ضي‪ ،‬والتطبيع من الأ�شياء اجلديدة‪.‬‬ ‫لي�س فقط ف��ى فيلمه “فيليك�س ف��ى املنفى”‬ ‫ولكن فى جميع �أعماله املتحركة �سوف جتد مفاهيم‬ ‫“الوقت” و”التغري” من موا�ضيعه الرئي�سية‪ .‬انه‬ ‫ينقل تلك املفاهيم من خالل تقنية الر�سم واملحو‬ ‫ب�أقالم الفحم‪ ،‬والتى تتناق�ض مع الر�سوم املتحركة‬ ‫التقليدية‪ ،‬التى هى فى احلقيقة �سل�سلة من ال�صور‬ ‫املر�سومة‪.‬‬ ‫�إن تقنية كنرتيدج تعتمد على ر�سم اللوحة‬ ‫الرئي�سية ‪ ،‬ثم ميحو بع�ض املناطق منها ‪ ،‬ثم يعيد‬ ‫ر�سم تلك الأج���زاء املمحوة على م�سافة خمتلفة‪،‬‬

‫وبالتاىل خلق اللوحة ال��ت��ايل‪ .‬وبالتاىل فانه قادر‬ ‫على �إن�شاء العديد من الأطر كما يريد‪ ،‬معتمد ًا على‬ ‫اللوحة املفتاحية الأ�صلية عن طريق حمو �أج��زاء‬ ‫�صغرية‪.‬بينما ت��ظ��ل �آث���ار م��ا مت حم��وه��ا وا�ضحة‬ ‫للم�شاهد ‪ ،‬كما لو كانت احلركة تتوالد ‪ ،‬حمدثة‬ ‫ال�شعور بتال�شى الذاكرة �أو مب��رور الزمن ‪ ،‬تارك ًا‬ ‫وراءه �آثار يتم ت�صويرها‪.‬‬ ‫ف��ى ه���ذه الأف��ل��ام ال��ت�����س��ع��ة ال��ت��ى ت��ت��ب��ع حياة‬ ‫�سوهو اك�شتاين ‪ ،‬يتعر�ض كنرتيدج حلياة الفرد‬ ‫واملجتمع املعا�صر فى جنوب �إفريقيا‪ .‬وما حتكمهم‬ ‫م��ن �صراعات ب�ين املعتقدات الفردية الفو�ضوية‬ ‫وال�برج��وازي��ة‪ .‬وم��رة �أخ��رى �إ���ش��ارة �إىل ازدواج��ي��ة‬ ‫الرجل ‪ ،‬م�شرية �إىل فكرة الثورة االجتماعية من‬ ‫خ�ل�ال ال��ت��دم�ير “ب�شاعرية” للمبانى وامل��ن��اظ��ر‬ ‫الطبيعية‪.‬‬ ‫ي�ؤكد كنرتيدج �أنه بالرغم من �أن عمله ال يركز‬ ‫على الف�صل العن�صرى ب�صورة مبا�شرة وعلنية‬ ‫‪ ،‬ولكن بدال من ذلك ي�ؤكد على احلالة املعا�صرة‬ ‫فى جوهان�سربج‪ .‬يقول كنرتيدج ‪� :‬إن فنى يعر�ض‬ ‫الغمو�ض والتناق�ض ‪ ،‬واحل��رك��ات غ�ير املكتملة‬ ‫والنهايات غري م�ؤكد” ‪ .‬فالتقنية تلهمك ما ال يقال‪،‬‬ ‫وتخربك مبا مت قمعه �أو ن�سيانه‪ ،‬حيث ميكنك �أن‬ ‫تراه ب�سهولة‪.‬‬ ‫تعتمد �أعمال كنرتيدج ب�شكل كبري على ال�سياق‬


‫فقط جمرد تقليد و�إمنا �إ�شعارهم بعدم الوحدة‪،‬‬ ‫والديفء‪ ،‬و�أنهم ف�صيل مهم فى املجتمع‪ ،‬ورعايتهم‬ ‫واجب وطنى ولي�س جمرد �أداء واجب‪ ،‬فهم بحق‬ ‫جزء ال يتجز�أ منا‪.‬‬ ‫ح�ضر االحتفالية اللواء �سيد اجلمل م�ساعد‬ ‫وزير الداخلية ل�شرطة البيئة وامل�سطحات املائية‪،‬‬ ‫والعميد حممد البيطار مدير النادى �شرطة البيئة‬ ‫وامل�سطحات املائية‪ ،‬والعقيد طارق اجلارحى مدير‬ ‫مكتب م�ساعد الوزير‪ ،‬والعقيد حممد الع�شماوى‬ ‫رئي�س العالقات العامة ب���الإدارة العامة ل�شرطة‬ ‫البيئة وامل�سطحات املائية‪ ،‬وع��دد من ال��ل��واءات‬ ‫واملجندين‪ ،‬ورجال الإعالم‪.‬‬ ‫و�أ����ش���ار ال��ل��واء �سيد اجل��م��ل �أن دور وزارة‬ ‫الداخلية ميتد جلميع مظاهر ون��واح��ى احلياة‬ ‫ب�صفة عامة وال يقت�صر على العمل الأمنى وحفظ‬ ‫الأمن والنظام ‪.‬‬ ‫و�أك���د �أن ام��ت��داد العمل ال�شرطى وتفاعله‬ ‫فى النواحى املجتمعية هو توا�صل �إيجابى وهام‬ ‫فى نواحى احلياة وم��ن ال�ضرورى الت�أكيد عليه‬ ‫وممار�سته بجدية خالل الفرتة احلالية‪ ،‬لأنه ينتج‬ ‫ويفرز �إيجابيات كثرية تنعك�س وتتوا�صل مع العمل‬ ‫الأ�سا�سى والر�سالة الأمنية بوزارة الداخلية ومن‬ ‫هنا ي�أتى ت�أكيد وزير الداخلية‪ ،‬و م�ساعد �أول وزير‬ ‫الداخلية للأمن االقت�صادى اللواء ماهر حافظ‬ ‫على ت�أكيد مفهوم هذه الر�سالة بتفعيل االحتفال‬ ‫بيوم اليتيم من خالل الإدارة ‪..‬‬ ‫و�أو���ض��ح اجلمل �أن جميع الأدي���ان ال�سماوية‬ ‫�أكدت على الرتاحم والتوا�صل بني خمتلف الفئات‬ ‫املجتمعية‪ ،‬وخا�صة ال�شرائح التى قد تكون فى‬ ‫حاجة ما�سة مل�ساعدتها ‪،‬وخا�صة الأطفال فهم من‬ ‫�أوىل هذه النماذج والتى يجب �أن يحر�ص املجتمع‬ ‫على تن�ش�أتها ن�ش�أة �صاحلة‪ ،‬ينعك�س م��ردود هذه‬ ‫الن�ش�أة على املجتمع ككل ‪،‬وذلك يو�ضح وجود قطاع‬ ‫كامل وهو قطاع الأمن االجتماعى و�إدارات خا�صة‬ ‫بالرعاية الالحقة ‪،‬وهذا الدور هو من �ضمن �أدوار‬ ‫وزارة الداخلية بحر�صها على �أن تن�ش�أ الأجيال‬ ‫�صاحلة ليعود نفعها على املجتمع ككل‪.‬‬ ‫و�أخ���ي��را ا���ص��ط��ف الأط����ف����ال ف���ى ت��اب��وري��ن‬ ‫بنني وبنات لأخ��ذ هداياهم من الإدارة العامة‬ ‫للم�سطحات املائية‪ ،‬و�شنطة املالب�س‪ ،‬والتى �سلمها‬ ‫لهم م�ساعد وزي��ر الداخلية اللواء �سيد اجلمل ‪،‬‬ ‫مما �أ�شعر الأطفال بال�سعادة واالهتمام ‪.‬‬

‫ال�شرطة ت�ست�ضيفهم احتفا ًال بهم‬


‫نشاط الهيئة‬

‫احتفاالت قصور الثقافة‬ ‫بيوم اليتيم‬

‫ن�سرين حجاج‬

‫نادية م�صطفى ت�شارك اليتامى فرحتهم‬

‫ابت�سامة ناق�صة‪ ،‬وفرحة م�ؤقتة‪� ...‬أمل ودموع‪ ،‬تختلط بفرحة ر�سمها‬ ‫القائمون على �شرطة البيئة وامل�سطحات املائية‪ ،‬و�إقليم القاهرة‬ ‫الكربى الثقايف‪ ،‬برئا�سة ح�سن �سعيد اخل��ويل‪ ،‬التابع للهيئة العامة‬ ‫لق�صور الثقافة‪ ،‬على �شفاه اليتامى‪ ،‬فى يوم اليتيم‪ ،‬وذلك احتفاال بيوم‬ ‫اليتيم الذى �أقامه الإقليم لأيتام جمعية الرتاحم والعطاء و�سط ح�ضور‬ ‫من �شرطة البيئة وامل�سطحات‪ ،‬وعدد من فناين م�صر ‪ ،‬على ر�أ�سهم‬ ‫املبدعة نادية م�صطفي‪.‬‬ ‫بد�أ اليوم برحلة نيلية من القرية الفرعونية‪ ،‬وانتهى بنادى “�سيلفر‬ ‫نايل” التابع ل�شرطة امل�سطحات التى ا�ست�ضافت الفاعلية ب�أكملها ‪،‬‬ ‫الفنانة نادية م�صطفى وب�صوتها الدافئ �شدت ب�أجمل الأغنيات التى‬ ‫تفاعل معها الأطفال‪ ،‬ليمل�ؤوا االحتفالية فرحة‪ ،‬وت�ؤكد الفنانة نادية‬ ‫‪v‬‬

‫‪78‬‬

‫�أن م�شاركتها فى هذا اليوم �أمر لوجه اهلل‪ ،‬ولأنها حتب اليتامى التى‬ ‫يعت�صر قلبها عند ر�ؤيتهم‪ ،‬و�أرادت من خالل م�شاركتها ر�سم االبت�سامة‬ ‫على وجوههم‪ .‬وقد ا�ستمر احلفل فى فقراته بعد غناء الفنانة نادية‬ ‫التى �أتبعها فرقة التحطيب اخلا�صة بهيئة ق�صور الثقافة‪ ،‬ثم عرائ�س‬ ‫�شو و�أرجوز و�ساحر‪ ،‬بعدها كانت ا�سرتاحة الغداء الذى �أقامها النادى‬ ‫للأطفال‪ ،‬ثم تتابعت فقرات احلفل بالتنورة والدى جى وور�شة الر�سم‬ ‫ثم غنت الفنانة “�ستونه” �أغنيتها ال�شهرية �شوكوالتة مع م�صاحبة‬ ‫رق�ص فرقة التحطيب ‪.‬‬ ‫تعترب اح��ت��ف��االت هيئة ق�صور الثقافة باليتيم حم��اول��ة لر�سم‬ ‫االبت�سامة على وجوههم‪ ،‬بل وحماولة لتعوي�ضهم عما ينق�صهم من‬ ‫حنان ورعاية �أو�صت بها الأدي��ان ال�سماوية املختلفة‪ ،‬فامل�س�ألة لي�ست‬


‫�أيمن حامد‬

‫جـــولة المعــــارض‬

‫‪v‬‬

‫‪81‬‬


‫كما �أقام ق�صر ثقافة اجليزة �أي�ض ًا ‪ :‬احتفالية عيد‬ ‫اليتيم مب�شاركة فرقة ق�صور الثقافة للأطفال والتى قدمت‬ ‫باقة غنائية من �أغانى الزمن اجلميل منها �أغنية الفنانة‬ ‫الكبرية �شادية «م�صر هى �أم��ي» التى قدمتها الطفلة‬ ‫�سارة م��راد والتى امتازت بحالة من التمكن فى تقدمي‬ ‫الأغنية جاءت دلي ًال على اجلميل املو�سيقية التى حتملها‬ ‫الأغنية ‪..‬و�أي�ض ًا �أغنية «يا حبيبتى يا م�صر» التى قدمتها‬ ‫الطفلة �أمنية‪ ،‬كما ت�ضمن احلفل العديد من الأغانى‬ ‫اخلفيفة مثل « طاطا» من احلان الفنان �أحمد �إبراهيم‬ ‫و»ب�سبو�سة» التى قدمتها ال�شقيقتني مرمي وحبيبة وكعادته‬ ‫دائم ًا ا�ستطاع الطفل يو�سف �أن يخطف قلوب احل�ضور‬ ‫ب�أغنيته « يا بالدي» التى اعتاد على تقدميها فى حفالت‬ ‫الفرقة املتكررة وكانت مفاج�أة احلفل م�شاركة املطرب‬ ‫الكبري عالء عبد اخلالق « اليتامى فى يومهم» وقدم ثالثة‬ ‫�أغانى مع �أع�ضاء فرقة الثقافة‪ ،‬وهى « يا رب» و «حبيبتي»‬ ‫و�أختتم احلفل ب�أغنية يا احلى «ا�سم فى الوجود» مب�شاركة‬ ‫عالء واملطربني الواعدين �أدهم �أحمد �إبراهيم‪ ،‬و�إ�سراء‬ ‫وليلى بعدها ا�سدل ال�ستار على احتفالية هى الأهم فى‬ ‫حياة كل م�صرى وهى �أن يوم اليتيم الذى جاء عدد كبري‬ ‫منهم حل�ضور احلفل الكبري ويظل اليتيم �شاغلى مكان فى‬ ‫قلوب امل�صريني وتظل هيئة ق�صور الثقافة الداعم الأول‬ ‫والأوحد للثقافة ورعاية �أجيال فنية متتالية‪.‬‬ ‫‪v‬‬

‫‪80‬‬



‫محمد عبله‬ ‫الطريق إلى التحرير‬ ‫«ضجيج فوضى فقر قمامة” كل هذا مرفوض صرخة أو صيحة مدوية يطلقها الفنان احتجاجًا لما‬ ‫أصاب المجتمع المصري من تردي‪ ،‬حقًا مصر تستحق وضعًا أفضل من هذا بكثير‪ ،‬ونأمل الكثير جدًا‬ ‫بعد ثورة ‪ 25‬يناير‪ ،‬حيث يتبوأ فكر جديد ‪،‬وعقل مستنير ‪،‬وروحًا خالقة تسود المجتمع ‪ ..‬غلب أسلوب‬ ‫البيان الصحفي على المعرض‪ ،‬وكأنه أليستريشن أو فن الرسم الصحفي الشارح لمحتوى الحدث‬ ‫بوضوح وصراحة‪ ،‬متجنبًا الغموض أو اإلبهام أو التحوير ‪.‬‬ ‫ال تخلو اللوحات من لهجة السخرية والتهكم التي نراها لصيقة بفن الكاريكاتير الصحفي أيضًا‪،‬‬ ‫إنها رغبة ورجاء ملح ودعوة صريحة للنهوض بالمجتمع المصري حيث اتجه الفنان إلى المباشرة‬ ‫الصريحة للتعبير الفني‪.‬‬

‫‪v‬‬

‫‪82‬‬



‫عماد رزق‬ ‫التشخيص الحنين إلى الكالسيكية‬ ‫عماد رزق وتسجيل مظاهر الحياة اليومية لدى البسطاء والمهمشين‬ ‫الحس الرومانسي‪ ،‬تجليات العذوبة سواء في األلوان أو في عذوبة المالمح والتصرفات اإلنسانية‬ ‫بين البشر‪ ،‬العشق الواضح “للتأثيرية”‪ ،‬أنه االنبهار اللوني وعشق الحياة بألوانها الدافئة الفرحة‬ ‫المرحة‪ ،‬ال مجال هنا لالقتضاب أو الكأبة فاأللوان هنا ترقص‪ ،‬حركة ودبيب الحياة باألسواق الشعبية‬ ‫عشق االماكن الشعبية المتاخمة لآلثار الفاطمة العتيقة‪.‬‬ ‫تجليات األنوثة‪ ،‬استعراض مفاتن جسد الفتاة في األحياء الشعبية‪ ،‬حيث الصدر الناهد والسواعد‬ ‫القوية الناعمة أي تجمع بين أنوثة الفتاة وقوة العضالت الناجمة عن العمل والكد اليومي وراء لقمة‬ ‫العيش‪ ،‬أو خدمة األسرة بالمنزل‪ ...‬تتوالى المواضيع الشعبية مثل “الدعاء” واالبتهال إلى اهلل تعالى‬ ‫‪“ ...‬جلسة تسامر” بين رجال بسطاء في راحة قصيرة بعد يوم عمل مضن‪.‬‬ ‫‪v‬‬

‫‪84‬‬



‫محمد عمار‬ ‫جوبالنقاعة صالح طاهر ‪ -‬األوبرا‬ ‫على أنغام سيمفونيات رائدنا العظيم “ محمود سعيد” تأتي لوحات الفنان محمد عمار لفن جوبالن الذي‬ ‫نشأ وترعرع من أسرة جوبالت الفرنسية التي شقت طريقها إلى الشهرة بفرنسا كلها‪ ،‬من خالل اقتناء‬ ‫وتشجيع ملك فرنسا لفنهم؛ مما جعل تلك األسرة تكتسب شهرة كاسحة ليس بفرنسا وحدها بل بالعالم‬ ‫أجمع‪ ،‬إن أساس الفن كسائر معظم الفنون المعاصرة يعود الفضل فيها للمصريين القدماء كأول من قدم هذا‬ ‫الفن للبشرية‪.‬‬ ‫تحويل اللوحة إلى سجادة حائطية بنفس التفاصيل واأللوان مستفيدًا من ملمس سطح الجوبالن‪.‬‬ ‫ولكن لماذا اختار محمود سعيد بالذات؟‬ ‫وجد فيه إبداعات الظل والنور وعشق التعبير عن الشعبيات وبنات بحري وبنات البلد‪« ،‬رقصة التنورة‬ ‫الصوفية الشهيرة‪ ،‬المصلون في المسجد” يصنع لوحة الجوبالن من الحرير أو الصوف ويستحسن أن يستعين‬ ‫الفنان بالخيوط البيضاء ويقوم بصباغتها وفقا لرغبته الفنية‪ ...‬وتستغرق تنفيذ اللوحة وقتًا طويالً جدًا قد‬ ‫يمتد إلى عدة شهور لصباغتها ربما ينجز في العام الواحد لوحتين فقط‪.‬‬ ‫‪v‬‬

‫‪86‬‬



‫سامح إسماعيل‬ ‫بمركز مختار الثقافى‬ ‫قدم معرضه بقاعتي نهضة مصر وإيزيس بمركز محمود مختار ‪ ،‬العائلة اللونية ذات خصوصية شديدة تخص كل‬ ‫لوحة بذاتها فال ألوان معينة تسيطر على المعرض برمته بل كل لوحة لها ما يميزها وفقا لمقدار دراما اللوحة‪.‬‬ ‫يقول د‪ .‬صالح المليجي عن سامح أنه من شباب الفنانين الذين استطاعوا أن يرسموا ألنفسهم حاضرًا يشع وهجا‬ ‫وتألقا يوما بعد يوم‪ ،‬فرشاته مفعمة بالطاقة دائما ما تتفجر إبداعًا على سطح أعماله تكتسي صدى الرؤى وعمقها‬ ‫ممتزجه بقوة اللون ورونقه‪ ،‬محاورة األلوان ونثر الحروف والتحرر من كل قيد واالنطالق في آفاق الحرية‪ ،‬وكأنه يطير‬ ‫في الصدى بال جناحين‪ ،‬نافضا رماد االعتياد والفظا المصطلحات الركيكة التي تثار بالمجتمع المصري اآلن مثل تخوين‪،‬‬ ‫عمالة‪ ،‬إقصاء‪ ،‬تمييز‪ ،‬ففكرة المعرض تقوم على رؤية استشرافية للمستقبل المشرق الواعد لمصر وهذا المستقبل‬ ‫لن يتأتى إال بالعمل الجاد الصادق فقط وإيثار روح المجتمع بأكمله فوق المصالح الحزبية الضيقة أو الخاصة بالذات‬ ‫‪ ...‬إنه االنطالق بحرية وتحرر نحو المستقبل ‪ ...‬هنا تخلى عن حروفياته الشهيرة جزئيا التي اشتغل عليها طوال حياته‬ ‫الفنية‪ ،‬ولكن ال يزال يكن العشق الدفين للكاليجراف العربي مسيطرا عليه وال تزال لوحاته تتغنى بالحروف العربية‬ ‫ليس بأشعار صوفية فقط كما في معارضه السابقة بل امتزجت هنا بمكونات الحياة اليومية واندمجت مع شعر‬ ‫فتاة مرحة تقف في وضع يجمع بين الراحة والتحرر واالنطالق في آن واحد‪.‬‬ ‫‪v‬‬

‫‪88‬‬



‫محمد الصياد‬ ‫نحت خشبى‬ ‫تطويع خامة الخشب بسالسة بين أنامله لتتحول إلى جسد بشري‪ ،‬أو جسد طائر أو امرأة‬ ‫عارية‪ ،‬ويقدم بكثرة تلك الملوسة والنعومة بقسوة وعنف‪ ،‬فيغرز عدة أوتادا أو سلسلة مسامير‬ ‫شديدة الغلظة والعنف‪ ،‬ألوانها شديدة القتامة بل سوداء تخترق جسد الطائر العاري األعزل‬ ‫المجوف المجرد المسالم‪ ،‬أو تخترق ما يشبه الجسد األنثوي العاري الغض البض (والتعبير يبتعد‬ ‫عن التشخيص ويقترب رويدا من التجريد ) ‪.‬‬ ‫قام بخلق حالة التضاد العنيف بين ملوسة الخشب الناعمة ذات األلوان الشاهقة التي تقترب‬ ‫من لون بشرة اإلنسان األبيض‪ ،‬وبين عنف ووطأة وسواد المسامير المغروسة فيه نوعا من اإلفاقة‬ ‫والتضاد العنيف الذي ال يرحم‪.‬‬ ‫إنها مواجهة حادة لتشعرنا بأن المنتج الفني ال يبتعد عن اسمه « الصياد »‬ ‫الجسد العاري من تيمة فينوس « العصر الحجري « حيث اختفاء أو ضعف األط��راف والتركيز‬ ‫والتضخيم لمناطق األنوثة والخصوبة‪ ،‬وهي سمات المرأة المتكاملة التي تنجب جيشا من األبناء‪.‬‬ ‫هكذا كانت نظرة الرجل البدائي للمرأة التي تلبي حاجات الجسد وتأتي باألبناء الكثيرين مما‬ ‫تدعو للمباهاة بكثرة العشيرة‪.‬‬ ‫‪v‬‬

‫‪90‬‬



‫كريم القريطى‬ ‫جاليرى المســــــــــار‬ ‫تحت عنوان العجل الذهبي قدم الفنان معرضه الذي يجسد حاالت االستقطاب – عالقة الدين‬ ‫بالسياسة‪ ،‬وحالة عدم الفهم والتخبط وغموض المستقبل‪ ،‬فمصر إلى أين تتجه وهل سينجح فريق‬ ‫ما بفرض سيطرته عنوه على المجتمع بأسره؟‬ ‫اللوحات تأتي في حالة التمثال حيث تأخذ شكل الصرحية البنائية‪ ،‬يجسد لحظة صمت‪ ...‬وجوم‪...‬‬ ‫ترقب‪ ...‬انتظار ممل قاتل‪ ...‬الصبر ُقبيل الوشوك على االنفجار‪...‬إنها حاالت إنسانية شديدة الوطأة‪...‬‬ ‫تحوي جرعات من األلم واألمل والصبر الشديد ال تستطيع أن تمر سريعا أمام تلك األعمال ‪...‬إنها تجعلك‬ ‫تتسمر مكانك طويالً لتحاول سبر غورها والولوج في طيات أسرارها الكامنة‪.‬‬ ‫الكرسي وما يخط عليه من حكاوي مطولة ورجالن عاريان‪ ،‬أحدهما ينصرف مدبرًا واآلخر يتطلع‬ ‫للكرسي ويفكر في الجلوس واعتالئه ‪ ،‬ذلك الكرسي السحري الذي أقام بالد وأنهك بالد أخرى!‬

‫‪v‬‬

‫‪92‬‬


v

95


‫حليم مكرم‬ ‫أتيليه القاهرة‬ ‫نحت معدني االشتغال على الحديد الخردة في عالم الشعبيات الثري‪ ،‬بل البالغ االتساع‬ ‫والرحابة المبالغة الكاريكاتورية والمرتبطة عضويًا « بالحس الشعبي» من حيث الرغبة في التهكم‬ ‫والسخرية واإليجاز‪ ،‬قدم العديد من عناصر ومفردات العالم الشعبي مثل لعبة «التحطيب»‬ ‫و»المسحراتي» و»المرأة الشعبية»‪ ،‬تمسك قدرة الفول بيدها فوق رأسها وباليد األخرى تحمل‬ ‫طفلها‪ ،‬استخدم في جميع أعماله ملمس سطح خشن يتالئم مع شظف وخشونة الحياة اليومية‬ ‫الجافة ألبناء الطبقة الشعبية الكادحة‪.‬‬ ‫«النسر» الفارد لجناحيه‪ ،‬مرفرفا فاهرًا منقاره وكأنه يصرخ بقوة لحظة تجلي للطائر الجارح‬ ‫العمالق اتخذته العديد من الدول شعارًا قوميًا لها كمصر والواليات المتحدة االمريكية ‪،‬وجاء‬ ‫ذكره في العديد من األغاني العالمية‪ ،‬ولذا أتى شكل النسر مزهوًا بذاته‪ ،‬وبنفس حالة الزهو ‪،‬‬ ‫قدم «شيخ البلد وولده» يسير مختاال فرحا بنفسه بعظمة وخيالء‪.‬‬ ‫‪v‬‬

‫‪94‬‬


v

97


‫عماد لمعى‬ ‫قدم الفنان عماد لمعي معرضه بقاعة عرض كلية التربية الفنية الزمالك تحت مسمى أيقونات الثورة متبعا اتجاه‬ ‫الترانسفانجارديا التعبيرية‬ ‫يحاول الفنان أن يعبر عن المشاعر اإلنسانية تجاه ما سجلته ثورة ‪ 25‬يناير من منظور قبطي بحت‪ ،‬ومستوحيا من‬ ‫األشعار الصوفية للبابا شنودة ‪« :‬يا صديقي لست أدري ما أنا ‪ ،‬أو تدري أنت لم أنت هنا ‪ ،‬أنت مثلي تائه في غربة‬ ‫وجميع الناس أيضًا مثلنا‪ ،‬نحن ضيفان نقضي فترة‪ ،‬ثم نمضي حيث يأتي يومنا”‬ ‫وتعبر األشعار عن زوال الدنيا وفناء البشر بعد حين‪ ،‬ونحن نتجول في الحياة غرباء عرايا‪ ،‬قليلي الحيلة‪ ،‬فيجب أن ننبذ‬ ‫الزيف والكبر والخيالء‪ ،‬استخدم الفنان خامة التمبرا كوسيط تعبيري يبلور تلك األبيات الشعرية المتصوفة الزاهدة‪،‬‬ ‫وتفرض التمبرا ( المصنوعة من األكاسيد الطبيعية الترابية المخلوطة مع صفار البيض والخل) مجموعة لونية تمتاز‬ ‫بالهارموني ودفء اللون‪ ،‬حاول تجسيد الفكر المصري القديم “ الكا» ‪ :‬القرينة أو الجسد “ البا” الروح والتي كانت‬ ‫ترسم علي شكل جسم طائر‪ ،‬والروح تأخذ لدى “عماد” شكل “ السمكة” لما فيها من رمزية عالية ألن السمكة رمز‬ ‫للسيد المسيح‪ ،‬وألن مجمل حروف “ سمكة” باللغة القبطية هي نفس حروف السيد المسيح‪ ،‬والسمكة هي الكائن‬ ‫الوحيد الذي يتكاثر باالتصال الجسدي بين الذكر وااألنثى العذراء‪ ،‬فهي رمز للعذرية والطهارة‪ ،‬كما قدم “الخروف”‬ ‫كرمز للتضحية والفداء‪.‬‬ ‫‪v‬‬

‫‪96‬‬


‫�صوروا هذا املخلوق البديع ب�أعداد ال تتج�أوز �أ�صابع‬ ‫اليد الواحدة‪ ،‬بينما �سيد عبد الر�سول‪ ،‬اتخذ من‬ ‫احل�صان‪� ،‬أيقونة �شحن بها لوحاته ب�أعداد غفرية‪،‬‬ ‫على نحو ف��ري��د‪ ،‬ل��درج��ة �أن��ه ف��ى �إح���دى اللوحات‬ ‫و�صل عدد اخليول فيها �إىل �أكرث من �ستني ح�صانا‪،‬‬ ‫ليك�شف عن قدرة فى الت�شكيل‪.‬‬ ‫لقاء اجلغرافيا والتاريخ‬ ‫ف��ى ال��وق��ت ال��ذى انطلقت فيه �صيحات ث��ورة‬ ‫‪ ،1919‬مطالبة باال�ستقالل والعدالة والد�ستور‪،‬‬ ‫وفيما كان حممود خمتار ي�ستعد لتقدمي متثاله نه�ضة‬ ‫م�صر �إىل �صالون باري�س‪ ،‬بعد �أن �أطلع عليه الزعيم‬ ‫�سعد زغلول‪ ،‬فى �أثناء وجوده بعا�صمة النور‪ ،‬بهدف‬ ‫املفاو�ضات من �أجل اال�ستقالل‪ ،‬كانت �أ�سرة الطفل‬ ‫«�سيد عبد الر�سول» ت�ستعد لفطامه‪ ،‬فى العام ‪1917‬‬ ‫بجوار (بــاب الفتوح) و�سوق الليمون والزيتون‪ ،‬حيث‬ ‫راق��ب فى �صباه مواكب الطرق ال�صوفية‪ ،‬وت�سلل‬ ‫�إىل م�سامعه �سرية «عنرتة» و «�أبو زيد الهالىل»‪ ،‬و‬ ‫«الظاهر بيرب�س» بل �ألهبت خياله املالحم ال�شعبية‪،‬‬ ‫وت�شبعت روح��ه مبظاهر الطق�س ال�شعبي‪ ،‬وامتلأ‬ ‫وجدانه ب�أحلان خالد الذكر «�سيد دروي�ش»‪ ،‬وتعرف‬ ‫على �أفكار �أحمد لطفى ال�سيد‪ ،‬و�أ�شعار �أمري ال�شعراء‬ ‫احمد �شوقي‪ ،‬واجن��ذب �إىل �شعر حافظ �إبراهيم‪،‬‬ ‫وعاي�ش حما�س النا�س وهتافاتهم فى املظاهرات‪،‬‬ ‫لقد فتح عينيه ووعيه على فرتة من �أن�ضج فرتات‬ ‫م�صر �سيا�س ًيا واجتماعيا‪ ،‬زمن اكتتب فيه النا�س‬ ‫لعمل متثال نه�ضة م�صر للمثال خالد الذكر حممود‬ ‫خمتار‪.‬‬ ‫ل��ق��د ك��ان��ت ج����دران ح���ارة اجل��وان��ي��ة م�سرحا‬ ‫لر�سوم ال�صبى �سيد عبد الر�سول ط��وال الوقت ‪،‬‬ ‫متخذا اجل���دران �سواء فى البيت �أو فى ال�شارع‪،‬‬ ‫م�سطحا �صاحلا للر�سم فى �أى وقت‪ ،‬للدرجة التى‬ ‫جعلته ي�سري فى ال�شارع بجانبه‪ ،‬ملتفتا �إىل الر�سوم‬ ‫التى ر�سمها على اجل��دران‪ ،‬ومراقبة الر�سوم على‬ ‫اجل��دران‪ ،‬فر�سم املراكب و�سفر احلجاج‪ ،‬و�شاهد‬ ‫البنات التى تلعب احلجلة‪ ،‬فيما د�أب �شيخ الكتاب‬ ‫دائما على معاقبته ب�سبب ر�سمه �أثناء الدر�س‪.‬‬ ‫لكن �أكرث ما �سحره هو ر�ؤيته للألوان الطازجة‬ ‫ال��ت��ى تن�ساب على اجل����دران‪� ،‬أث��ن��اء عمل الفنان‬ ‫ال�����ش��ع��ب��ي‪ ،‬ف���أخ��ذت��ه ط��ري��ق��ة ر���س��م��ه‪ ،‬ال��ت��ى جتعل‬ ‫القطارات ف��وق الطائرات ومداخنها‪ ..‬تتجه �إىل‬ ‫ال�سماء وم��ع ق��دوم املولد النبوى ال�شريف‪ ،‬كانت‬ ‫عرو�سة امل��ول��د واحل�صان احل�ل��أوة تطل م��ن فوق‬ ‫الرفوف اخل�شبية فى ال�سرادقات‪� ،‬أك�ثر ما ي�شغل‬ ‫عقل وفكر ابن اجلمالية �سيد عبد الر�سول‪.‬‬


‫دراسات نقدية‬

‫ نظرات فى فن وحياة نجم الستينيات الشامل‪.‬‬‫ سيد عبد الرسول واللقاء مع تراث مصر اإلنسانى والحضاري‪.‬‬‫ ابن الطحان يتخذ من جدران حارة الجوانية مرسمه الخاص‪.‬‬‫‪ -‬الخزف على طريقة منهج التصوير‪.‬‬

‫�سيد هويدي‬

‫«سيد عبد الرسول»‬

‫�سيد عبد الر�سول ( ‪ )1995-1917‬جنم من جنوم ال�ستينيات‬ ‫فى الفن احلقيقى الذى يبيح ل�صاحبه حمل لقب «فنان»‪ ،‬ولي�س الفن‬ ‫الزائف ال��ذى ت�صنعه ميديا �إعالمية مغر�ضة‪ ،‬لأه��داف م�شبوهة‪،‬‬ ‫فهو فنان يحمل �شمولية ور�ؤية الفن‪ ،‬وتكامل عنا�صره ب�صورة ت�ؤدى‬ ‫ما يريده الفنان من التعبري عما يجي�ش ب�صدره وعقله‪ ،‬م�ستلهما‬ ‫الطابع ال�شعبي‪ ،‬ومعربا عن احلياة الريفية وروح امل�صرى الأ�صيل‬ ‫على اختالف ح�ضاراته ‪ ،‬بداية من ال�صدى الفرعونى ومرورا بالفن‬ ‫القبطى والإ�سالمي‪ ،‬جامعا كل ذلك بعني القطة بيئتها املحيطة‪ ،‬ويد‬ ‫تخرج مدخالت العني ب�أ�سلوب دقيق رقيق مميز‪ ،‬تك�سوها اللمحة‬ ‫الرتاثية مع الألوان الهادئة امل�ستخدمة فى الفن ال�شعبى ‪ ،‬مما جعل‬ ‫�أ�سلوبه عالمة مميزة يظهر فيه الت�أثر ب�أ�ستاذه راغب عياد‪ ،‬وبالفن‬ ‫الفرعوين‪ ،‬مبجرد �أن تطالع �أي��ة لوحة من لوحاته يتج�سد �أمامك‬ ‫عنا�صر الر�ؤية للم�شهد ال�ضارب فى جذور طني وادى النيل وال�صحراء‬ ‫املهجورة‪ ،‬لدرجة �أنك ال تخطئ انتمائه‪ ،‬فر�شاقة اخلط التى منحها‬ ‫�سيد عبد الر�سول للفتيات فى لوحاته ال تقل عن جمال ج�سد املر�أة‬ ‫لدى نحات م�صر الأول حممود خمتار (‪ ، )1934-1881‬تلك التى‬ ‫ت�أتى امتدادا لأ�سلوب �أجداده الفراعنة‪.‬‬ ‫‪v‬‬

‫‪98‬‬

‫يتميز �إب���داع �سيد عبد ال��ر���س��ول‪ ،‬بالقدرة النافذة على ر�ؤي��ة‬ ‫العنا�صر الأ�سا�سية الب�صرية للأمة ككل‪ ،‬و�إعادة �صياغتها على نحو‬ ‫مده�ش‪ ،‬يختزل فيه التفا�صيل ل�صالح �شكل متما�سك‪ ،‬متناغما مع‬ ‫�إيقاع و�إدراك الفنان ال�شرقى للطبيعة‪ ،‬ذلك الإدراك الكلى وال�شموىل‬ ‫الذى تتكاتف فيه الأجزاء وتتالءم معا لت�شكل تواجدا ون�سقا هند�سيا‬ ‫متكامال‪.‬‬ ‫حترر �سيد عبد الر�سول من التعلق �أو االنبهار باملدار�س الفنية‬ ‫الغربية‪ ،‬التى �شغلت النا�س والنقاد طوال القرن الع�شرين‪ ،‬ل�صالح فن‬ ‫نابع من ن�سيجنا االجتماعي‪ ،‬فقد جعل من احل�صان �أيقونة جمالية‪،‬‬ ‫كما احتفى بالقوام املم�شوق حلامالت اجل��رار والأواين‪ ،‬وال�سالل‪،‬‬ ‫ور�سم بخطوط من ذهب وف�ضة املراكب ال�شراعية وال�صيادين ‪ ،‬ون�سج‬ ‫على نول الفنان ال�شعبى فى حبه لقلة ال�شرب ‪ ،‬و�إبريق ال�سبوع‪ ،‬و�أعاد‬ ‫�صياغة عرو�سة املولد التى يعد �أول من قدمها كعن�صر ب�صرى م�صرى‬ ‫�شديد اخل�صو�صية‪.‬‬ ‫و�إذا كان احل�صان قد حظى باهتمام واحتفاء الفنانني على مدار‬ ‫التاريخ‪ ،‬وت�سابقوا فى ر�سم جمال بدن احل�صان الفاتن‪� ،‬إال �أن �أغلب‬ ‫الفنانني �صوروا احل�صان فى اللوحات وحيدً ا‪� ،‬أو على �أق�صى تقدير‪،‬‬


v

101


‫وك��ان يقف طويلاً �أم��ام دور احلجاج ليت�أمل �صورة‬ ‫املحمل املر�سومة فوق اجلدران باهتمام كبري‪ ،‬لقد كانت‬ ‫تلك الر�سوم البدائية ال�ساذجة تبهره‪ ،‬فتمنى لو �أ�صبح‬ ‫فى غم�ضة عني فى مركز املعلم (طلبة النقا�ش)‪ ،‬مي�سك‬ ‫الفر�شاة ويغم�سها ف��ى الأ���ص��ب��اغ ال�صفراء واحل��م��راء‬ ‫واخل�ضراء‪ ،‬ويلون احلوائط ويزينها بال�صور والنقو�ش‪.‬‬ ‫وعندما التحق بق�سم ال�صناعات الزخرفية‪� ،‬أم�سك‬ ‫ولأول مرة فى حياته بالفر�شاة ‪ ..‬و�أح�س ال�صبى ب�سعادة‬ ‫ال ح��د لها بدخوله ع��امل الأل����وان‪ .‬ث��م حملته ق��دم��اه من‬ ‫حوارى اجلماليةالرطبة العتيقة �إىل �شوارع (ق�صر النيل)‬ ‫و(�شريف) و(�سليمان) الأنيقة‪ .‬و�سمع عن معار�ض تعر�ض‬ ‫فيها ال�صور واللوحات‪ ،‬ف�أ�سرع مل�شاهدتها‪ .‬وا�صطدم‬ ‫الفنان ال�شاب بعوامل جديدة مل يكن يعلم عنها �شي ًئا‪،‬‬ ‫وتك�شفت له �آفاق وا�سعة �أثارت فى قلبه طوف�أنا من الأمانى‬ ‫والرغبات‪.‬‬ ‫العزف من مقام ال�صبا‬ ‫ا�ستمد «�سيد» ر�ؤاه من ر�شاقة الفنان ال�شعبى فى‬ ‫اً‬ ‫احتفال بقدوم احلجيج‪،‬‬ ‫تلوينه للجداريات فى احل��ارة‪،‬‬ ‫فقد جاءت لوحاته كمن يعزف على �آلة ال�سنج (الهارب‬ ‫حال ًيا) الفرعونية القدمية‪ ،‬لكن من مقام ال�صبا الذى‬ ‫يثري فينا ال�شجن والت�أمل‪ ،‬فقد اتخذت ع�صا التحطيب فى‬ ‫لوحة (رق�صة اخليل) � اً‬ ‫أ�شكال متعددة ومتب�أينة‪ ،‬وخمتلفة‬ ‫فى �أي��دى الفر�سان ب�شكل ال ي�شى باحلركة فقط‪ ،‬ولكن‬ ‫ب�إيقاع مو�سيقى يتناغم مع حركة كل ح�صان على حده‪،‬‬ ‫�إن املت�أمل حلركة ع�صا التحطيب فى لوحاته‪ ،‬ال يجد‬ ‫�صعوبة فى كونها تتجاوز دورها فى الواقع‪ ،‬ل�صالح تناغم‬ ‫جديد‪ ،‬وك�أنها ع�صا املاي�سرتو‪ ،‬يوجه بها العازفني‪ ،‬فعلى‬ ‫الرغم من �أنها �أق��ل العنا�صر الب�صرية‪ ،‬فى اللوحة من‬ ‫حيث الأهمية قيا�سا‪ ،‬بوجود الفر�سان واخليول‪� ،‬إال �أنها‬ ‫اتخذت لنف�سها دورا حم��وري��ا‪ ،‬فى توجيه النظر داخل‬ ‫اللوحة‪ .‬مل يكتف « �سيد عبد الر�سول» بدرا�سة الفن فى‬ ‫واح��د م��ن �أع���رق املعاهد العليا (ل��ي��ون��اردو دافين�شي)‬ ‫الإيط�إىل بالقاهرة ‪ ،‬وااللتحاق بق�سم الدرا�سات احلرة‬ ‫فى كلية الفنون اجلميلة ملدة �أرب��ع �سنوات‪ ،‬بل اجته �إىل‬ ‫�أكادميية روما‪ ،‬حيث تعرف على املدار�س الفنية احلديثة‪،‬‬ ‫واحتك بالتيارات واالجتاهات الأوروبية بكل ما حتمله من‬ ‫�شطط وجتاوز‪ ،‬ومع ذلك ا�ستمد عنا�صر عامله الفنى و�شتى‬ ‫مناحى احلياة ال�شعبية‪،‬‬ ‫لقاء التلميذ بالأ�ستاذ‬ ‫التقى « �سيد عبد الر�سـول» مع �أ�ستاذه «راغب عياد»‬ ‫(‪1892‬ـ‪� )1982‬أح��د فنانى الرعيل الأول ف��ى اختياره‬ ‫لت�صوير احلياة ال�شعبية كمو�ضوع �أثري‪ ،‬وا�ستلهم ك ُل منهما‬ ‫روح الفن امل�صرى القدمي‪ ،‬ف�إذا كان راغب عياد ا�ستعار‬ ‫تعدد امل�ستويات الأفقية من امل�صرى القدمي‪ ،‬فقد توحد‬ ‫‪v‬‬

‫‪100‬‬


v

103


‫�سيد عبد الر�سول مع ال�سكون ال��ذى يغلف ر�سوم‬ ‫الفراعنة‪ ،‬فى الوقت ال��ذى ا�ستمد القوة واحلركة‬ ‫من توزيع العنا�صر على م�سطح لوحاته على نحو‬ ‫فريد يتنوع معه التناول‪ ،‬فمرة ت�أتى احلركة من‬ ‫تكتل العنا�صر وتوزيعها على ف�ضاء اللوحة‪ ،‬بخربة‬ ‫معمارى يخطط ملدينة حيوية‪ ،‬وم��رة �أخ��رى نرى‬ ‫احلركة فى التحرر الن�سبي‪ ،‬من ال�سكون اخلالد‬ ‫لأ�سلوب الفراعنة‪ ،‬حركة �أ�شبة ب�صوت ناي‪ ،‬و�إيقاع‬ ‫ربابة‪.‬‬ ‫وقف « �سيد عبد الر�سول « فى املنطقة الفا�صلة‬ ‫بني عفوية الفنان ال�شعبى الذى ي�سجل الواقع ب�شكل‬ ‫خ��ي���إىل خ��ال م��ن املنطق‪ ،‬وعقلية �إع���ادة �صياغة‬ ‫عامل املوجودات بر�ؤى مدركة واعية ت�ستند لقواعد‬ ‫و�أ�س�س وقوانني جمالية تفرزها الأكادمييات‪ ،‬فعلى‬ ‫الرغم من �أن��ه ا�ستفاد من ال�صور التى اختزنتها‬ ‫ذاكرته من ال�صغر‪ ،‬وتعامله املبا�شر مع الر�سوم على‬ ‫احل�صري‪ ،‬والق�ش امللون‪ ،‬والكليم واملفار�ش والب�سط‬ ‫املن�سوجة‪� ،‬إال �أنه اجته نحو ن�سج عامل خا�ص اتخذت‬ ‫فيه الأ���ش��ك��ال �سمتًا ج��دي��دً ا يجمع ب�ين التعبريية‬ ‫والرمزية التى تعك�س معنى يبدو ً‬ ‫ب�سيطا لكنه يك�شف‬ ‫‪v‬‬

‫‪102‬‬

‫للمت�أمل دالالت عميقة‪ .‬جل���أ «عبد الر�سول» �إىل‬ ‫�إح��داث �سطح خ�شن متوتر متعدد املالم�س‪ ،‬وك�أنه‬ ‫طبقات حل�ضارات مرتاكمة من فرعونية‪ ،‬وقبطية‬ ‫و�إ�سالمية‪� ،‬سطح يت�سم باخل�شونة‪ ،‬لكنها اخل�شونة‬ ‫التى ت��ت�لاءم م��ع طبيعة املو�ضوع ال��ذى ا�ستطالت‬ ‫�أ�شكاله و�شخو�صه بن�سب جمالية وتلخي�ص واع‬ ‫يك�شف عن ح�سا�سية ورق��ة لتقرتب من منطلقات‬ ‫الفنان امل�صرى القدمي‪ ،‬و�إيقاع اجلداريات القدمية‬ ‫التى تخلد احلركة الكامنة فى �سكونها الأبدي‪� ،‬أما‬ ‫�ألوانه بالأزرق الفريوزى والأحمر الداكن والبنيات‬ ‫فجاءت تعب ًريا �صاد ًقا عن تنوع م�شاربه التى جتعل‬ ‫م��ن النيل م�����ص��د ًرا للحياة‪ ،‬وال�����ص��ح��راء ع��ن��و�أ ًن��ا‬ ‫لل�صفاء‪ ،‬والأ�شكال ال�شعبية م�صد ًرا للإلهام‪.‬‬ ‫�سيد عبد الر�سول اخلزاف‬ ‫مل يقت�صر �إ�سهام «�سيد عبد ال��ر���س��ول» على‬ ‫الت�صوير الذى برع فيه‪ ،‬بل اجته �إىل اخلزف لكن‬ ‫بنف�س منهج الت�صوير‪ ،‬حيث ج�سد من وحى الأ�شكال‬ ‫ال�شعبية والرتاثية ر�ؤاه اخلزفية البديعة‪ ،‬ففى عمله‬ ‫اخلزفى ينت�صب الديك رافعا ر�أ�سه فت�شعر ك�أنه‬ ‫يزلزل الفراغ ب�صوته‪ ،‬فيما اتخذ �شكل �أبريق ال�سبوع‬

‫(االحتفال مبرور �أ�سبوع على ميالد طفل) �سبيلاً‬ ‫لتحوير �شكل خزفى جديد‪ ،‬كما �أعاد �صياغة خطوط‬ ‫القلة من خالل البحث عن قيم جمالية جديدة لهذا‬ ‫العن�صر الرتاثى اخلالد‪.‬‬ ‫فيما قام الفنان �سيد عبد الر�سول بالتدري�س‬ ‫مب��در���س��ة ال��ف��ن��ون اجل��م��ي��ل��ة الإي��ط��ال��ي��ة (م��ع��ه��د‬ ‫دافين�شى)‪ ،‬ورئا�سة ق�سم الت�صوير بها‪ ،‬و�شاركه‬ ‫فى هذه املهمة‪ ،‬من �أع�ضاء هيئة التدري�س‪ ،‬الفنانني‬ ‫زك��ري��ا ال��زي��ن��ي‪ ،‬ح�سني اجل��ب��اىل‪ ،‬وغ�يره��م‪ ،‬تلك‬ ‫�أغلقت هذه املدر�سة ‪ ،1976‬ومازالت حتمل ذكرى‬ ‫طيبة‪.‬‬ ‫�سيد عبد ال��ر���س��ول‪� ..‬أح��د �أب��رز فنانى القرن‬ ‫الع�شرين‪ ،‬لي�س لأن��ه �أول فنان ح�صل على و�سام‬ ‫العلوم والفنون من الزعيم «جمال عبد النا�صر»‪،‬‬ ‫بعد ح�صوله على جائزة الدولة الت�شجيعية فى العام‬ ‫‪ ،1958‬ك�أول فنان يح�صل عليها � ً‬ ‫أي�ضا �أو لأنه جمع‬ ‫بني الإب��داع الفنى بقيمه اخلالدة‪ ،‬والعلم بقواعده‬ ‫الن�سبية‪ ،‬فقد نقل بود وحب خرباته العلمية والعملية‬ ‫والفنية‪ ،‬من خ�لال عمله بتدري�س الفن‪ ،‬لأجيال‬ ‫جنوما الآن‪.‬‬ ‫عديدة من الفنانني �أ�صبحوا ً‬


‫على مدار خمسة أيام قدمت دار األوبرا المصرية على المسرح‬ ‫الكبير رائعة تشايكوفسكي بحيرة البجع‪ ،‬هذا العرض الذي‬ ‫يتمتع بشعبية جماهيرية كبيرة على مستوى العالم‪ ،‬ولهذا‬ ‫الباليه الذي يتكون من أربعة قصص شهيرة ‪ ،‬حيث أنه أول تجربة‬ ‫لتشايكوفسكي لكتابة باليه كبير ‪،‬والذي جاء بناء على تكليف‬ ‫مديري مسرح أوبرا موسكو‪.‬‬ ‫‪v‬‬

‫‪105‬‬


‫رائعة تشايكوفسكى‬

‫بحـيرة البجـع‬ ‫بدار األوبــرا المصرية‬ ‫شروق أبو ضيف‬

‫‪v‬‬

‫‪104‬‬


‫منه‪ ،‬ي�شعر «�سيجفريد» باحلزن ويتمنى التمكن من‬ ‫اال�ستمرار يف حياة اللهو وامل��رح مع �أ�صدقائه �إىل‬ ‫الأب��د‪ ،‬وفج�أة ي�سمع الأم�ير �أغنية حزينة ملجموعة‬ ‫من البجعات الطائرة فيتبعهن �إىل البحرية وهنا‬ ‫ي�سدل ال�ستار على الف�صل الأول ليزداد �شوق املتلقي‬ ‫ب��الأح��داث ‪،‬ث��م ي�أتي الف�صل الثاين ف�نرى �شاطئ‬ ‫البحرية حيث يرى الأم�ير بجعة ال تلبث �أن تتحول‬ ‫�إىل فتاة جميلة فهي �أودي��ت التي ‪ ،‬يخلب جمالها‬ ‫لهب الأم�ير فيخربها مب�شاعره الفيا�ضة نحوها‪،‬‬ ‫وتف�ضي «�أوديت» له ب�سرها وهو �أن ال�ساحر ال�شرير‬ ‫قد �سحرها هي و�صديقاتها فال ي�ستطعن �أن يعدن‬ ‫�إىل حالتهن الب�شرية �إال يف الليل فقط ولكن ال�شيء‬ ‫الوحيد الذي يبطل مفعول هذا ال�ساحر حب �صادق‬ ‫من �شاب‪ ،‬ويق�سم الأمري �أن يكون خمل�ص ًا يف حبه‬ ‫«لأوديت» حتى يخل�صها من هذا ال�سحر‪.‬‬ ‫وعند الفجر تودع «�أودي��ت الأم�ير «�سيجفريد»‬ ‫وتطري مع �صديقاتها‪.‬‬

‫وي�أتي الف�صل الثالث مت�شابك ًا بالأحداث املثرية‬ ‫التي تبهر عني امل�شاهد ففي قلعة امللكة الأم يقام‬ ‫احلفل الراق�ص‪ ،‬ويظهر بني ال�ضيوف �أمريات من‬ ‫خمتلف املناطق حيث �سيختار الأمري عرو�سه‪ ،‬ولكن‬ ‫الأم�ير «�سيجفريد» مل يظهر بعد‪ ،‬ينتاب ال�ضيوف‬ ‫بع�ض احلرج لغياب الأم�ير ثم يظهر‪�« ،‬سيجفريد»‬ ‫ولكن يبدو �أنه ال يزال م�شغو ًال بذكرياته وال يلتفت‬ ‫�إىل جمال الأم�يرات احلا�ضرات حتى ال يخالف‬ ‫ق�سمه «لأوديت»‪.‬‬ ‫يدخل «روت��ب��ارت» ال�ساحر ال�شرير ومعه ابنته‬ ‫«اوديليا» اجلميلة التي ت�شبه �إىل حد كبري «�أوديت»‬ ‫حبيبة الأم��ي�ر‪ ،‬خم��دوع��ا بال�شبه ال��ك��ب�ير‪ ،‬وحتت‬ ‫ت�أثري ال�سحر ي�أخذ الأمري يد «اوديليا» ويق�سم لها‬ ‫بالإخال�ص مرة ثانية ويختارها عرو�سا له‪ ،‬يبتهج‬ ‫ال�ساحر ال�شرير بانت�صاره «ف�أوديت» �ستبقى الآن هي‬ ‫و�صديقاتها بجعات �إىل الأبد‪.‬‬ ‫وهنا يختفي ال�ساحر ومعه «اودي��ل��ي��ا» �شبيهة‬

‫«�أودي����ت» وم��ن خ�لال ن��اف��ذة القلعة حتلق البجعة‬ ‫البي�ضاء ويكت�شف الأمري احلقيقة فيذهب م�سرع ًا‬ ‫�إىل بحرية البجع‪.‬‬ ‫وهناك وعلى �شاطئ البحرية‪ ،‬يجد «�أودي��ت»‬ ‫وهي تخرب �صديقاتها بعدم �إخال�ص «�سيجفريد»‬ ‫لها‪ ،‬و�أنهن �سيبقني بجعات �إىل الأبد‪ ،‬ولن يتخل�صن‬ ‫من لعنة ال�ساحر ال�شرير‪ ،‬ويحاول «�سيجفريد» طلب‬ ‫العفو‪ ،‬ويقرر ال�ساحر �أن يتخل�ص من الأمري ويبد�أ‬ ‫«�سيجفريد» يف قتال «روتبارت» �إىل �أن يقتله وعندئذ‬ ‫ينظر كل من الأم�ير «�سيجفريد» و «�أودي���ت» �إىل‬ ‫�شروق ال�شم�س وحتيطهما الفتيات بعد غياب ال�سحر‬ ‫عنهن‪.‬‬ ‫وي�سدل ال�ستار على رائ��ع��ة م��ن روائ���ع الباليه‬ ‫الكال�سيكي التي قدمته فرقة �أوب��را القاهرة �أمام‬ ‫ت�صفيق متوا�صل للجمهور الذي يحظى به العر�ض‬ ‫ال��ذي يتميز ب�إعجاب وتقدير و�إع��ج��اب اجلماهري‬ ‫�أينما ومتى عر�ض‪.‬‬

‫‪v‬‬

‫‪107‬‬


‫�أ�سعد هذا التكليف ت�شايكوف�سكي كثري ًا وذلك‬ ‫الحتياجه الكبري للمال‪ ،‬ورغبته يف طرق هذا املجال‬ ‫ال��ذي كانت له فيه جتربة مبكرة عام ‪�، 1871‬ألف‬ ‫فيها باليه �صغري للأطفال الهواة بنف�س العنوان‪،‬‬ ‫ا�ستخدم منه بع�ض الفقرات املو�سيقية و�أ�شهرها‬ ‫حلن البجع ال�شهري يف نهاية الف�صل الأول‪.‬‬ ‫�أمت ت�شايكوف�سكي كتابه الباليه يف �أبريل ‪1876‬‬ ‫ومل يحقق العر�ض الأول على امل�سرح البول�شوي عام‬ ‫‪ 1877‬جناح ًا حقيقيا‪ ،‬حيث مل يعتد الراق�صون‬ ‫واجلمهور على طبيعة مو�سيقى ت�شايكوف�سكي ذات‬ ‫احليوية الإيقاعية التي تتطلب حتكما كبريا يف‬ ‫احلركة‪ ،‬وقد �أ�سهم ت�صميم جوليو�س را�سينجري‬ ‫للعر�ض الأول �أي�ضا يف عدم النجاح‪.‬‬ ‫ل��ذا فقد تعر�ض الباليه لكثري م��ن املراجعة‬ ‫�سواء لت�صميم الرق�صات �أو املو�سيقى التي ال يزال‬ ‫�أ�شهرها الن�سخة التي قدمها ماريو�س بيتيبا وليف‬ ‫�إيفانوف على م�سرح مارين�سكى ب�سانت بيرت�سبورج‬

‫‪v‬‬

‫‪106‬‬

‫عام ‪، 1895‬والتي راجع فيها ريكاردو دريجو (مدير‬ ‫املو�سيقى مل�سارح �سانت بيرت�سبورج)‪.‬‬ ‫وتت�سم مو�سيقى ال��ع��ر���ض ب��اجل��م��ال اللحني‬ ‫وال�شحنة التعبريية العالية‪ ،‬وه��ي ت�ستهل مبقدمة‬ ‫ن�سمع يف بدايتها حل��ن غنائي تعزفه الأوب����را ثم‬ ‫يتناقله ال��ك�لاري��ن��ت ليحمل �أ���ص��داء حل��ن البجع‬ ‫ال�شهري يف نهاية الف�صل الأول ‪ ،‬يتميز الق�سم‬ ‫الأو���س��ط بنب�ضاته امل��ت��وت��رة التي ت�سمع م��ن �آالت‬ ‫الرتومبون وبعد فقرة مطولة ن�سمع فيها �إعادة للحن‬ ‫الأول ت�ؤديع الرتومبيت ثم �آالت الت�شيللو والتي ت�سمع‬ ‫يف خلفيتها دقات التيمبانى‪.‬‬ ‫وم��ن �أ�شهر ف��ق��رات الباليه التي ت�سحر �أذن‬ ‫املتلقي حلن البجعة ال�شهري يف م�ستهل الف�صل‬ ‫الثاين‪ ،‬والذي تناوله ت�شايكوف�سكي كلحن دال يرمز‬ ‫ل�شخ�صية البطلة �أوديت وهي يف هيئة البجعة وهو‬ ‫حلن �ساحر ت�ؤديه الأوب��را مع م�صاحبة الهارب مع‬ ‫�أ�صوات الرتعيد من الوتريات‪.‬‬

‫�أم���ا ال��رق�����ص��ات ال��ت��ي ت�ضمنها ال��ع��ر���ض فهي‬ ‫الرق�صة الرباعية للبجعات ال�صغرية يف الف�صل‬ ‫ال��ث��اين‪ ،‬وه��ي م��ن �أ�شهر الرق�صات الرباعية يف‬ ‫ريربتوار الباليه الكال�سيكي بلحنها الرقيق الذي‬ ‫ت�ؤديه �آالت النفخ اخل�شبي‪ ،‬والرق�صة الثنائية من‬ ‫الف�صل الثالث‪ ،‬والتي تظهر فيها «�أودي��ل��ي��ا» ابنة‬ ‫ال�ساحر يف ف�ستان �أ�سود متنكرة يف �شكل �أودي��ت‬ ‫لتخدع الأم�ير حتى يعلن لها عن حبه وال ت�ستطيع‬ ‫�أوديت التحرر من ال�سحر والعودة ل�شكلها الإن�ساين‬ ‫مرة �أخرى‪.‬‬ ‫م��ع الف�صل الأول‪ ،‬جن��د الأم�ي�ر «�سيجفريد»‬ ‫يق�ضي وق��ت��ا طيبا م��ع �أ���ص��دق��ائ��ه باحلديقة �أم��ام‬ ‫القلعة‪ ،‬ميرحون ويرق�صون‪ ،‬تظهر امللكة الأم «والدة‬ ‫�سيجفريد» لتعلن للجميع �أن��ه �سيكون هناك حف ًال‬ ‫كبري ًا غ��د ًا ليختار الأم�ير عرو�س ًا له لبلوغه ال�سن‬ ‫القانونية‪ ،‬وتقدم له بع�ض العرائ�س لكي يختار منهن‪،‬‬ ‫ولكن الأمري يف�شل يف االختيار فتخرج امللكة غا�ضبة‬


‫تون ولون‬ ‫حامد سعيد ومدرسة الفن والحياة “ ‪”4‬‬ ‫ك��ل ���ش��ىء ك��ان ي���أخ��ذ ب��ه��اءه ورون��ق��ه ‪� ..‬سابحا فى‬ ‫ال�ضوء مفعما بالنور ‪ ..‬فى ال�ساعة الثانية ع�شرة من‬ ‫ظهر كل �أربعاء ‪ ..‬وال�شم�س فى قمة توهجها تعامدا على‬ ‫الأر���ض ‪ ..‬هنا تت�شابك الأ�شجار وتتعانق �أغ�صانها فى‬ ‫جمال ع�شوائى بديع ‪ ..‬ت�شكل تلك التعري�شة‬ ‫الطبيعية وحيث تتخللها الأ�شعة احل��ارة ‪..‬‬ ‫ت�سقط على املكان متناثرة كالقطع الذهبية‬ ‫مبا فى ذلك �سطح البحرية اخل�ضراء والتى‬ ‫�أخ��ذت لونها انعكا�سا ملا حولها من نباتات‬ ‫وزروع و�أ�شجار ونخيل وبو�ص و�صبار ‪ ..‬متوج‬ ‫بالأ�سماك ال�صغرية املرحة ‪ ..‬ويتحلق حولها‬ ‫فى �شكل دائرى كرا�سى ومنا�ضد من جريد‬ ‫النخيل فى ت�شكيالت زرابي�سكية تعك�س روح‬ ‫ال�شرق الفنان ‪.‬‬ ‫ه��ن��ا ف��ى ح��دي��ق��ة ح��ام��د �سعيد املفكر‬ ‫والفيل�سوف وف��ى بيته الطينى ك��ان يجل�س‬ ‫و�سط �أ�صدقائه وحمبيه من �أع�ضاء جماعة‬ ‫الفن واحلياة بعد �أن انتقلت دعوته �إىل هذا‬ ‫املكان من كفر ال�شرفا «�ضاحية املرج»‪.‬‬ ‫ك��ان��ت ظ���روف العمل حت��ول ف��ى �أح��ي��ان‬ ‫ك��ث�يرة دون مواظبتى على ح�ضور حديث‬ ‫الأرب��ع��اء ‪ ..‬وم��ن هنا كنت �أزوره ف��ى �أي��ام‬ ‫اجل��م��ع ‪ ..‬وق��د ك��ان لقائى الأخ�ي�ر ب��ه يوم‬ ‫اجلمعة ال�سابق لرحيله ب�أيام ‪ ..‬ذهبت �إليه‬ ‫فى العا�شرة �صباحا كالعادة ‪ ..‬كان جال�سا‬ ‫ب��اخل��ارج قى عباءة زيتية ب�أخ�ضر �شاحب‬ ‫ورداء �سماوى بلون الأفق ‪ .‬وعادة كان اللقاء‬ ‫ي��دور ح��ول كتاب ‪ ..‬ه��و يقول و�أن���ا �أ�ستمع ‪..‬ق���ال ‪ :‬فى‬ ‫القاعة الكربى على املن�ضدة ال�صغرية كتاب كبري باللغة‬ ‫الفرن�سية ‪ ..‬عندما ذهبت �إىل هناك ‪ ..‬كان «كتاب املوتى‬ ‫عند الفراعنة» ‪ ..‬حلظتها �شعرت �أنها النهاية ‪.‬‬ ‫قال ‪� :‬أهمية هذا الكتاب �أنه يجمع ن�صو�ص برديات‬ ‫فرعونية م�سجل عليها �أخبار تاريخية تو�ضح عمق الوعى‬ ‫الدينى عند الفراعنة الأقدمني ‪ ..‬جزء مهم من تاريخ‬ ‫القلب امل�صرى امل�ؤمن بوجود اهلل واملقدر خري التقدير‬ ‫الفنى للتعبري عن ملحات من �أخبار هذا القلب الفرعونى‬ ‫الذى عا�ش قبل هذ الع�صر ب�آالف ال�سنني ‪.‬‬ ‫‪v‬‬

‫‪108‬‬

‫و�أ�شار اىل �صورة بالكتاب ‪ ”:‬رمز الإله ي�أخذ امللك‬ ‫ويقدمه لقا�ضى املحكمة الأخرية ‪ ..‬رمز الأخالق واملثل‬ ‫العليا “ ‪.‬‬ ‫فجاة قال ‪�:‬ألي�ست معجزة �أن �أعي�ش حتى ‪ 98‬عاما ؟ ‪..‬‬

‫و�أ�ضاف ‪ :‬عموما الكون كله معجزات ‪ ..‬حني �أغم�ض عينى‬ ‫و�أنظر بداخلى يزداد انبهارى بالعقل الب�شرى وت�أخذنى‬ ‫هزة فرح عرفانا بف�ضل اهلل �صاحب الأمر كله ‪.‬‬ ‫و�أخ��ذ ي�شرح ب��ردي��ات كتاب امل��وت��ى وقبل �أن يطوى‬ ‫�صفحات الكتاب ‪ ..‬ق��ال فى هم�س ‪ :‬هنا فى بيت الفن‬ ‫واحل��ي��اة كتب قيمة ‪ ..‬و�أه��م هدية �أهديها �إىل �صديق‬ ‫عزيز كتاب �أعجبنى ‪ ..‬ولو ت�أملت التماثيل بالداخل �ستجد‬ ‫�أنها كلها واقفة على قواعد عبارة عن �صناديق حم�شوة‬ ‫بالكتب‪.‬‬ ‫وتهلل وجهه مرددا ‪ :‬كن ابن من �شئت واكت�سب �أدبا‬

‫�صالح بي�صار‬

‫‪..‬يغنيك م�ضمونه عن الن�سب ‪ ..‬و�أ�ضاف ‪ :‬ر�أيت �أن �أهدى‬ ‫كل جرة قلم �إىل الدولة تعبريا عن عرفان بالنعمة التى‬ ‫�أنعم اهلل على بها ‪.‬‬ ‫فى هذا اليوم احلزين كنت كلما هممت باالن�صراف‬ ‫يربت على يدى ويرف�ض �أن �أرحل ‪.‬‬ ‫تناولنا �سويا الغذاء مثل كل زيارة ‪..‬‬ ‫وان�صرفت فى اخلام�سة م�ساء و�سط دموع‬ ‫ان�سابت بال �أ�سباب ظاهرة ‪.‬‬ ‫وف��ى ال��ي��وم ال��ت��اىل ات�صلت تليفونيا‬ ‫لالطمئنان عليه ‪ ..‬قالت الأ�ستاذة �إح�سان‬ ‫زوج��ت��ه ‪ :‬احل��م��د هلل �أف�ضل وحدثنى هو‬ ‫ثالث كلمات ‪ ..‬كيف حالك ‪..‬مب�سوط !!‪.‬‬ ‫فى العا�شرة من م�ساء ال�سبت وكما‬ ‫قالت ال�سيدة زوجته ‪ :‬كنا يوميا نتناق�ش‬ ‫حول لقاء الأ�صدقاء ‪ ..‬قال ‪�:‬أري��د غطاء‬ ‫‪� ..‬أح�����ض��رت بطانية �أ���ش��ار راف�ضا وق��ال‬ ‫‪:‬ال ‪..‬م�لاءة بي�ضاء ‪� ..‬سحبها حتى وجهه‬ ‫‪ ..‬وعندما بد�أت �أحادثه قال ‪ :‬يا �إح�سان‬ ‫�أنا الآن �أم��وت ‪ ..‬وكانت هذه �آخر كلماته‬ ‫ورحل حامد �سعيد بعد �أن ترك ثروة فكرية‬ ‫�ضخمة امتدت فى ع�شرات الكتب منها ‪:‬‬ ‫الفن املعا�صر –بناء الإن�سان والطفل –‬ ‫�أ�سا�سيات ال�شخ�صية امل�صرية – الفنون‬ ‫الإ���س�لام��ي��ة – م�����ص��ر وال���ق���رن احل���ادى‬ ‫والع�شرين ‪.‬‬ ‫وم��ئ��ات ال�ساعات ال�صوتية امل�سجلة‬ ‫والف�ضل ي��ع��ود ل��زوج��ت��ه الفنانة الراحلة‬ ‫ال�سيدة �إح�سان خليل رفيقة م�شواره التى عكفت طوال‬ ‫رحلتها معه على جمع �أعماله وتنظيمها‪ ،‬بالإ�ضافة �إىل‬ ‫مذكراته التى كتبتها فى جزئني حتت الن�شر بعنوان‬ ‫«ال�سرية وال�سريرة» النعرف �أين هما الآن ‪.‬‬ ‫كل مانرجوه من وزارة الثقافة طبع �أعماله الكاملة‬ ‫لقيمتها الفنية والفكرية ‪ ..‬و�إق��ام��ة متثال له باحلجم‬ ‫الطبيعى يو�ضع داخ��ل �إح��دى احل��دائ��ق العامة الكربى‬ ‫بالقاهرة �أو �أم��ام �أح��د املتاحف امل�صرية حتى تتوا�صل‬ ‫فكرة الطبيعة والرتاث ‪.‬‬ ‫�سالم على حامد �سعيد املفكر والفنان ‪.‬‬




Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.