أوراق تاريخية 1
2
أوراق تاريخية بحوث ومقاالت ي التاريخ اللي
مختار ّ الجدال
كتاب املستقل )(4 3
أوراق تاريخية بحوث ومقاالت ي التاريخ اللي تأليف: ّ مختار الجدال ** الطبعة ٔالاو ى ف ﺮاير – 2015 جميع الحقوق محفوظة ** كتاب املستقل مجلة أسبوعية سياسية شاملة
4
مقدمة ً إن الباحث التاري ي ي ي تماما أن ثمة فرق ب ّ ن ما يم كتابة التاريخ عن كتابة ٔالاعمدة ي الصحف اليومية .والذي يختار ٔالاو ى ال مناص له من ٕالاذعان لصرامة البحث العلم ،وما يقتضيه من موضوعية، وحيادية ،وتوثيق ،فالبحث العلم ال يحتمل املنهجية العابرة ال ال تخدم البحث العلم وال التاريخ ،وال كات ا ي ء. الكتابة التاريخية لو لم تتمتع بمصداقية الرواية التاريخية لألحداث ال تسرد ع ﺮها وتبتعد عن التكرار غ ﺮ امل ﺮر لألحداث ،تكون تلك الكتابة بعيدة عن الواقع الذي عايشته تلك الوقائع التاريخية ال بصدد التحدث ع ا. البد وان ترافق ذلك مصداقية تاريخية دون شطب أو حذف أو انحياز لف ﺮة معينة من صفحات التاريخ اللي امل ي باألحداث وان تدون ٔالاحداث التاريخية لتتمكن ٔالاجيال املختلفة من ٕالاطالع وٕالاملام بتاريخ هذا البلد. ً فاإلطالع ع ى تاريخ ٕالاباء ؤالاجداد بعيدا عن التح غ ﺮ امل ﺮر لف ﺮة زمنية بعي ا وشطب ف ﺮات أخرى من تاريخنا وإهمالها والقفز فوقها دون النظر إل ا مهما كانت ٔالاسباب أو يراها البعض مظلمة أو سيئة عندها نفقد مصداقية كتابة التاريخ. والنظر إ ى تاريخنا ي جميع ف ﺮاته ومن جميع جوانبه يحتاج منا إ ى 5
التأمل فيه بمصداقية دون انحياز وهذا يمنحنا الثقة ي اقتحام ً املستقبل دون خوف منه انطالقا من محاولة إصالح ما وقع فيه غ ﺮنا من أخطاء. فهذا البلد الذي شهد عصور مختلفة خالل ف ﺮات التاريخ وشهد حضارات مختلفة حري بناء أن ندعو لكتابة تاريخه بمصداقية وأن يكتب بأقالم أبنائه ال ان يكتبه آخرون فمعظم صفحات تاريخنا كتبت بأقالم ً غ ﺮ ليبية وال ا م أحد هنا بعدم املصداقية ولكن تاريخ البلدان دائما يكتبه أبنا ا املخلص ن. وتعج بالدنا بالكث ﺮ من املؤرخ ن ٔالاكفاء الذين ينتظر م م هذا الوطن املساهمة ي كتابة تاريخه وبجميع ف ﺮاته التاريخية املوغلة ي القدم ولكن هذا يتأتى بتوفر أدوات البحث التاري ي . فالتاريخ ال يصنع نفسه بنفسه وال يكتب تاريخ حياته بخط يدﻩ ولكن ً يكتبه رجال عظام ويصنعه رجال أعظم ،والتاريخ ال يملك قلما وقرطاسا وال يحفظ كلمات وال أشعار ولكن الذين يمسكون باألقالم والصحف هم الرجال الذين يصنعون التاريخ ويكتبونه بعظيم أعمالهم أو خبيث أفعالهم نعم ما يسطرون أو بئس ما يفعلون. والتاريخ هو وحدﻩ الشاهد ع ى ما يصنعه الرجال ..وهو الذي يحفظ كل ٔالاسرار وال ﺊ يفوته أو يغيب عنه أو يعوقه أو يوقف تدفق تيارﻩ الجارف الذي ال يعرف إال كلمت ن الحق والحقيقة. فالتاريخ ال يعرف الريا أو الزيف والتملق أو النفاق ،ففي س ﺮته ومسارﻩ وخطواته الواثقة مانع وحازم ال راد لكلماته وال م هنا من هو ً ً صانع التاريخ ملكا كان أو سلطانا أو داعية أو هاديا أو مرشدا جالسا ع ى ً كرﺳ السلطة أو راعيا للغنم ال يملك من حال الدنيا إال عصاته وأغنامه. 6
والتاريخ ال يفرق ب ن أحد م م إال بما قدم وبما أضاف وبما ترك من بصمات خ ﺮ أو علم ينتفع به أو تراث تفخر به ٕالانسانية كلها من بعدﻩ وما أعظم س ﺮ ٔالابطال الذين يتباها م التاريخ ويتحدث ع م وما أجمل وما أعظم أن يكون البطل واحد منا يعاني مثلنا ويتألم ويأكل لقمة عيشه ويحلم ويفرح بالقليل وير بما قسم له ي هذﻩ الغابة ال نعيش ف ا يفرح مرة ويتمزق مرات ،وعندما يجد الجد ينتفض ً ويتحرك ويخرج إ ى الدنيا بوصفه واحدا من صناع التاريخ.
7
8
موقف صحيفة الحقيقة الليبية من الحرب العربية ٕالاسرائيلية عام 1967 صدر ي ليبيا العديد من الصحف ي بداية ستينيات القرن العشرين، ع ﺮت تلك الصحف عن آراء وتوجهات كتا ا ومحرر ا ي معارضة الحكومة. وكانت صحيفة الحقيقة ال صدرت بمدينة بنغازي صحيفة أهلية ً ً ً أصدر ا عائلة الهوني ،انتهجت نهجا وطنيا وقوميا مما أكس ا شعبية كب ﺮة من القراء واملتتبع ن ،حيث استقطبت عدد من الكتاب ،وكان للصحيفة مواقف واضحة من القضايا ذات البعد الوط )املح ي( والقومي. وبالنظر إ ى تلك الف ﺮة ال حدثت ف ا الحرب العربية ٕالاسرائيلية عام ،1967وبرزت ف ا الصحف كوسيلة إعالم تنقل أخبار املعارك معتمدة ع ى مراسل ا وما تقوم به من تحليل لألوضاع ال تجري ي دول تربطها مع ليبيا حدود جغرافية. تمتعت صحيفة الحقيقة باهتمام أوساط املثقف ن واملهتم ن ي ليبيا ً ً خاصة وإن الصحيفة كانت تنتهج نهجا مؤيدا للقضية الفلسطينية ً ومعاديا للدول الغربية ال دعمت إسرائيل وتحتفظ بقواعد عسكرية 9
ع ى ٔالارا الليبية. وقع اختيار الباحث ع ى هذا املوضوع ألنه جدير بالدراسة ،حيث إنه لم تتصدى له أي دراسة علمية محددة سلطت الضوء ع ى دور الصحافة ي مرحلة تعد من أخطر املراحل ال تعرض لها تاريخ العرب املعاصر. ً اعتمد الباحث ي إعداد هذا البحث ع ى املنهج التاري ي ،محلال مواقف الصحيفة واتجاها ا .وقد تضمن البحث باإلضافة إ ى هذﻩ ً املقدمة ،تمهيدا سلط الضوء ع ى تاريخ الصحافة الليبية وبدايا ا. ومبحث تناول تأسيس الصحيفة ومواقفها من القضية الفلسطينية وكيف تناولت أخبار الحرب العربية ٕالاسرائيلية عام .1967 استخدم الباحث ي هذا البحت أعداد من صحيفة الحقيقة خالل الف ﺮة وال وقعت ب ن يدي واملثبت قائم ا ي اية هذﻩ البحث ،كما ً استفاد كث ﺮا من كتاب زيت القناديل ملؤلفه سالم حس ن الكب الذي صدر عام 2006عن دار الفضيل وهو عبارة عن س ﺮة ملدير تحرير الحقيقة رشاد البش ﺮ الهوني ونصوصه ومقاالته ال نشرت بالحقيقة ي أوقات مختلفة. تمهيد: ّ الليبية تاريخ طويل وعريق ،ففي العهد العثماني للتجربة الصحفية الثاني صدرت عام 1866م أول صحيفة أطلق عل ا "طرابلس الغرب" ّ ّ مكونة من ورقت نٔ ،الاو ى باللغة العربية والثانية باللغة ال ﺮكية).(1 ّ الخاصة، و ي يونيو 1897م ،صدرت صحيفة "ال ﺮ ي" ّأول الصحف و ي ال شغل الشيخ َ مح ّمد البوص ﺮي منصب رئاسة تحريرها وإدار ا، ً ً ّ كامالّ ، ثم توقفت ٔالاسبوعية ي الصدور عاما واستمرت هذﻩ الصحيفة 10
لتعود من جديد ي عام 1908م بعد إعالن الدستور العثماني) ،(2حيث رفعت القيود عن إصدار الصحف ومنحها حرية الكلمة ،صدر ي الوالية ً العديد من الصحف الوطنية ،ال احتضنت أقالما مثقفة تاقت إ ى البوح بمكنونا ا ،وكان من أبرز همومها التعليم وال ﺮبية ،فأفردت لهما صفحات الصدارة وتناول ما ٔالاقالم ي ش الزوايا).(3 جاءت مرحلة الاستعمار ٕالايطا ي 1911م ،فتوقفت كافة الصحف وحلت محلها مجموعة من الصحف ٕالايطالية ح عام 1919م ،حينما ّ تم التوصل إ ي اتفاقات هدنة ،سواني بن يادم ي طرابلس وتالﻩ اتفاق هذين الاتفاق ن استعاد املجتمع بعض "الرجمة" ي برقة* ،وبمقت ً ّ ّ والصحافية وصدرت مجموعة التعليمية أنفاسه نسبيا ،فنشطت الحركة من الصحف م ا" ،اللواء الطرابلﺴ ،الرقيب ،الوطن ،البالغ ").(4 اثر تو ي الحزب الفاشس الحكم ي إيطاليا عام 1922م ،انتكست ّ ٔالاوضاع ي البالد ،حيث منع الفاشيون الصحف ال ّ وطنية ،ولم ي ﺮكوا إال ً ً ً عددا قليال م ا ليكون لسان حالهم وانشأوا صحفا جديدة لخدمة أهدافهم).(5 واستمرت سيطرة ٕالايطالي ن ع ى الصحافة ح هزيم م ي الحرب العاملية الثانية ع ى يد الحلفاء عام 1943م وانسحا م من البالد ،ومع بداية مرحلة حكم ٕالادارة ٕالانجل ية ،تأسست صحف ومجالت ،أسهمت ً ي الدفاع عن القضية الوطنية ونشطت ي خدمة املجتمع وكان لها تأث ﺮا ً مجديا ي الحياة الصحفية والثقافية).(6 منذ الاستقالل ي ديسم ﺮ 1951م ،أصبحت ليبيا دولة ملكية ،امللك ً ً ف ا هو املصدر الرئيﺴ للقيادة السياسية ،إ ى جانب كونه زعيما روحيا للحركة السنوسية الدينية ويستمد سلطته الشرعية من الوالء التقليدي 11
للحركة ومن نشاطه الدبلوماﺳ خالل الحرب العاملية الثانية ،ال نتج ع ا الاع ﺮاف به كأم ﺮ ع ى املناطق البدوية ي إقليم برقة مركز انتشار ً وقوة الحركة السنوسية وتم القبول به مؤقتا ألسباب سياسية ي املدن ً الكب ﺮة ال كانت أك ﺮ تأثرا بالتيارات القومية).(7 وكغ ﺮها من دول العالم الثالث أرتبطت نشأة الصحافة ي ليبيا بنمو النخبة الوطنية أو الطالئع ال تصدرت لقيادة الحركة الوطنية وال تبلور نشاطها ي شكل تنظيمات حزبية وكانت بمثابة تجسيد الكتمال الحركات الوطنية من الناحية التنظيمية وقدر ا ع ى مواجهة السلطات )(8 الاستعمارية بأجهز ا السياسية ومثلما شاع ي بلدان الشرق ٔالاوسط نمط من ٔالاحزاب لم يزد عن كونه جماعات من داخل النخبة املسيطرة يربطه الوالء لقائد محدد ويكفي مرسوم حكومي للقضاء عليه) (9وهو ما حدث ي ليبيا غداة أول انتخابات أجريت عام 1952م حيث تم الغاء ٔالاحزاب. ساد الفراغ ي التعب ﺮ السياﺳ والثقا ي املح ي ي البالد ح أصبح ظاهرة عامة وساد الفقر والتخلف وشرع ي بناء مؤسسات الدولة ً ووجدت ليبيا الدولة املستقلة حديثا نفسها مرة أخرى تحكم من قبل القوى الغربية بصورة أو بأخرى ،ذلك أن الدول الغربية الثالثة ال نجحت ي الوصول إ ى عقد إتفاقيات عسكرية وسياسية وإقتصادية مع ّ الحكومة الليبية سمحت بموج ا بقاء تواجد كل من بريطانيا ،فرنسا ّ وأمريكا ع ى ال ﺮاب اللي ).(10 ّأما ي امليدان الاجتما ي فقد كانت الصورة قاتمة ،ففي سنة 1952م جرت دراسة ي ليبيا من قبل هيئة ٔالامم املتحدة تضمنت العبارة التالية ّ " إن ليبيا تعت ﺮ مثاال للفقر املدقع ،فمعظم السكان الليبي ن كانوا 12
يعيشون ع ى جزء صغ ﺮ من املناطق املزروعة املقدرة ب %1من املساحة ٕالاجمالية).(11 ً التعليم الابتدائي نشأ ليبيا من قبل بعض الرواد الذين كانت لهم ً مساهمة فعالة ي نشأته والتعليم ٕالاعدادي والثانوي كان مصريا ي مناهجه ومعلميه ،أما الجامعة الليبية فقد ضمت ي نشأ ا ٔالاو ى خالصة كبار ٔالاساتذة من الجامعات املصرية).(12 فجرت أحداث العدوان الثالثي ع ى مصر عام 1956م ٔالاوضاع الداخلية ي ليبيا ،وعمت البالد فو عارمة وقامت مظاهرات تع ﺮ عن الغليان الشع ي بعض املناطق من ليبيا ،رافق ذلك تحول مصر إ ى الاتجاﻩ القومي العربي ،كان للصحافة املصرية دورها البارز ي مواكبة الحركة السياسية والتعب ﺮ ع ا وتصل إ ى ليبيا كتابات كبار كتا ا وكان ً ٕالاقبال عل ا كب ﺮا ومن أبرز معالم ثقافة العصر وأو ى املحطات ال يتوقف عندها الطالب واملثقف ن من أبناء البالد).(13 وحول تدهور ٔالاوضاع بليبيا ي هذﻩ الف ﺮة ،فإن البعض يرجع سبب ذلك إ ى أن الحكومة الليبية لم تقف موقفا مشرفا ضد هذا العدوان، بل أننا نجد الحكومة املصرية قد وجهت أصابع الا ام إ ى الحكومة الليبية بأ ا فتحت قاعدة خلفية للهجمات ع ى مصر ،ب ﺮكها أراض ا مفتوحة للقواعد العسكرية).(14 مع اكتشاف النفط ونتيجة للتحوالت ال شهدها الاقتصاد اللي ، الذي أحدث تغي ﺮات جوهرية ي البنية الاجتماعية ،كما أدى إ ى توسع ً ً الفرص التعليمية ،مما أحدث تقدما واضحا ومؤثرا ،حيث برزت فئات ي املجتمع لها طموحات ومطالب جديدة ،لك ا ي نفس الوقت أدت إ ى زيادة عمق التناقضات الاجتماعية).(15 13
أنتج التعليم وعودة املهاجرين والاختالط بمجتمعات أخرى نخبة متعلمة ،كما خلقت صناعة النفط طبقة عمالية أحست بالغربة لتدخل الحكومة ي نشاطها النقابي ،وانتشر هذا ٕالاحساس والشعور ،ب ن الطلبة ً وأفراد القوات املسلحة وخرج جيال إ ى الحياة الاجتماعية والسياسية ً )(16 متحمسا للقيام بدورﻩ ي املجتمع وظهر بعض املثقف ن الذين لم يتجاوزوا حدود الكتابة أو الخطابة إ ى العمل التنظيم الحزبي ،برغم انتماءا م السياسية ال يظهرو ا ك ﺮف فكري ،و مفاتيح للجدل و الحوار ولم تر ى إ ى منهج يستدعيه صراع طبقي بمكوناته ٕالانتاجية الرأسمالية. تأسيس صحيفة الحقيقة: خالل الف ﺮة ال تنحصر ب ن عامي 1952و1972م ،صدرت ي ليبيا 25صحيفة مستقلة باللغة العربية وعشر صحف باللغت ن ٕالانجل ية وٕالايطالية ويمكن إرجاع هذا ال ايد ي عدد الصحف ،إ ى اكتشاف النفط الذي أدى إ ى زيادة ٕالانفاق الحكومي ،السيما ي مجال التعليم ونتج عن ذلك ،زيادة عدد املتعلم ن مما ساعد ع ى نمو الصحف).(17 ولقد سيطرت الحكومة ع ى الصحافة من خالل املساعدة املالية، ال كانت تقدم ي شكل قروض واش ﺮاكات وإعالنات وإعانات مالية مباشرة ،كذلك لجأت إ ى مصادرة الصحف ال تنتقد سياسا ا وإ ى عدم منح تراخيص إلصدار الصحف ومحاكمة مالكي ومحرري هذﻩ الصحف وعرقلة طباع ا ي املطابع الحكومية ).(18 ي هذا املناخ السياﺳ والاقتصادي والاجتما ي والثقا ي ،أسس َ مح ّمد البش ﺮ الهوني* صحيفة الحقيقة* ي 7مارس 1964م ،أسبوعية ً أول ٔالامر ،ثم أصبح شقيقه رشاد الهوني* شريكا ي ملكي ا و مدير لتحرير 14
ً الصحيفة اعتبارا من 7مارس 1966م ،عندها تطورت الصحيفة، فامتلكت مطبعة خاصة انتقلت إل ا ،وشرعت ي الصدور اليومي ،وقد ً ّ شكل هذا التطور مدرسة جديدة ي الصحافة الليبية ،إخراجا وأسلوبا وفكرة ،استندت إ ى واقع املدرسة التقليدية ي الصحافة الليبية ّ وطورته) (19كما اش رت بأسلو ا الساخر ي تناول واستفادت منه الحكومة والتعريف بمساؤها. ً برزت مدرسة الحقيقة بكتا ا وقرا ا ،الذين خلقت معهم تواصال ً واضحا ،وأصبحت القراءة بفضلها عادة يومية) ،(20لتتحول إ ى مؤسسة ً ّ صحفية ح مطلع عام 1972م ،عندما أصدرت محكمة الشعب حكما بإيقاف الصحيفة. ّ ّ لقد مثل جيل كتاب الحقيقة بانتما م لتيار التجديد والتطور ي ٔالاسلوب ،والعمل الصحفي ،خصوصية شهد ا الصحيفة طوال ف ﺮة صدورها ،وبصمت ٔالافق الثقا ي ببصمات مهمة ظلت تأث ﺮا ا لدى الكث ﺮين واستفادوا م ا ،وكان إلنتشارها الدور الكب ﺮ ي الحياة الثقافية ً ً ً عموما ،وظلت إمتدادا رائعا لجهود وطنية سابقة أداها جملة من الرجال املخلص ن املؤسس ن ملهنة الصحافة ي ليبيا. وقد صدر عن الصحيفة ي عامها الرابع يومية باللغة الانجل ية تحت اسم ذي ليبيان تايمز أواخر عام 1967وتو ى رشاد الهوني رئاسة تحريرها. كتب ي صحيفة الحقيقة بعض ﱠ ّ الليبي ن القالئل الذين الكتاب ً ّ الوطنية ،والدعوة إ ى بناء حاولوا ،ومنذ وقت مبكر جدا ،تعميق مفهوم ّ ّ الليبية ،وتأصيل القيم املم ة لها وهدف من وراء هذا الشخصية التوجه ،تعزيز قيم الانتماء إ ى الوطن ،حيث لم يكن هدفهم من وراء ّ العربي وٕالاسالمي أو بقصد الدعوة إ ى ذلك ،عزل ليبيا عن املحيط 15
ً الانعزال ّية أو الانسالخ عن العروبة وٕالاسالم ،بل كان يرى بأن مزيدا من ّ ّ املحلية ،تع املزيد من العاملية).(21 لم تقتصر أقالم املثقف ن ع ى بث آراءهم ومق ﺮحا م ع ى الاهتمام بالتعليم باإلصالح والنقد ،بل حفلت صفحات الصحف بعشرات املقاالت والقصائد ي ش أنواع ٓالاداب ،وكان املشتغلون بالصحافة من شريحة مم ة ،وقد كان م م علماء وشعراء وساسة لهم اح ﺮامهم وتقديرهم ي املجتمع ،كان من أبرزهم ،الصادق الن وم* الذي نشر العديد من املقاالت والدراسات بالصحيفة. املوقف من القضية الفلسطينية: لم يختلف خطاب الصحيفة عن خطاب با ي الصحف الليبية الحكومية ؤالاهلية فقد كان الاتجاﻩ العام لتوجهات الصحف ينصب حول الدعوة لدعم القضية الفلسطينية. بمناسبة خطاب العرش أشادت الصحيفة بسياسات الحكومة الخارجية ع ى أساس استقاللية التفك ﺮ والاتجاﻩ ودعم قضايا التحرر والسالم ومساندة الجامعة العربية وٕالايمان بقضية فلسط ن وضرورة تخليص هذا الجزء من الوطن العربي املغتصب من الاحتالل).(22 وح ن تذكر الصحيفة بالفخر والاع از الجيش اللي ويؤيد ما أولته الحكومة من عناية ليكون ي مستوى الوطن الحر و ي مستوى املسئولية ً ً امللقاة ع ى عاتقه وطالبت بأن يكون مدربا ع ى أحسن ٔالاساليب مزودا ً بأحدث ٔالاسلحة مدعما بخ ﺮة شباب الوطن. وملعالجة ٔالاوضاع الداخلية ي البالد ،اهتمت الحقيقة بكافة ً املؤتمرات ال أقيمت ي املدن الليبية تأييدا للقضية الفلسطينية )(23 بمناسبة مرور ثمانية عشرة عاما ع ى احتالل فلسط ن عام 1948م 16
ون ت السكان إ ى موضوع استغالل التجار واملرابون للمحنة ورفع أسعار املواد الغذائية بسبب الحرب ،حيث الحظت إقبالهم ع ى شراء املواد الغذائية ٔالامر الذي سبب الارتفاع ي ٔالاسعار).(24 دعت الصحيفة إ ى ضرورة الوقوف مع الشعب الفلسطي واعت ﺮت ً املعركة معركة مص ﺮ مش ﺮك ،ففي مقال -نشرته ردا ع ى قيام املجلس الصهيوني ٔالامريكي بدعوة الرئيس ٔالامريكي جونسون إ ى تأكيد تعهدات أمريكا بمساعدة إسرائيل -كتبت " بدون أي تحفظات ودون الحاجة إ ى كث ﺮ من التفس ﺮ تمت ئ مشاعر الشعب اللي وحكومته بكل حماس القضايا العربية وتزخر بكل نبض تواق إ ى يوم املعركة الذي يعيد إ ى الفلسطي ديارﻩ وإ ى ٔالامة العربية أرضها").(25 أما موضوع القواعد ٔالاجنبية فقد راقبت الصحيفة تصريحات كبار املسئول ن ونشرت كل ما يتعلق بموضوع القواعد ون ت إ ى مراقب ا واتخاذ كافة الخطوات الالزمة لتحييدها ومنع استخدامها ملساعدة إسرائيل أو الاعتداء ع ى أي بلد عربي) (26وطالبت بإعادة النظر ي موضوع القواعد ٔالاجنبية والعالقات مع أمريكا وبريطانيا ون ت إ ى حقيقة ال يمكن إنكارها متمثلة ي استحالة القضاء ع ى إسرائيل ما دامت بريطانيا وأمريكا تملكان مرافق عسكرية فعالة ي املنطقة).(27 نقلت صحيفة الحقيقة أخبارها ال سبقت املعركة من وسائل ٕالاعالم املصرية ٕالاذاعية والصحافية ،واعت ﺮت استعداد العرب للمعركة قد بعث ارتعاشة املوت ي أوصال الدولة الع ﺮية ال اعت ﺮ ا وصمة عار ي جب ن القرن العشرين).(28 و ي إطار تحف الحماسة القومية داخل أوساط املجتمع اللي ، تحدثت الصحيفة بأنه باإلضافة إ ى روابط العروبة والقومية ال تجمعنا 17
بفلسط ن ،وجود نسب قوي ب ن ليبيا وفلسط ن منذ أربع ٓالاف سنة ).(29 وعقب الحرب أصيبت الحقيقة بالخيبة ال أصابت املواطن العربي وكانت الحقيقة واضحة ي فضح ما حدث لألمة العربية بدون تحفظ واعت ﺮت رجال ٔالاعالم الذين أتبعوا سلوك بائس لتلميع ٔالاوضاع املزرية لألمة العربية ي هزيم ا واعت ﺮت قصيدة هوامش ع ى دف ﺮ النكسة* هتاف من ٔالاعماق ضد الواقع العربي. وكتب الصادق الن وم بعد معركة 5يونيه يلوم العالم الذي أحتفل بسقوط مدينة القدس" ،عندما رقص القساوسة عراة ي الشوارع ودقت نواقيس الكنائس وتعرت أوروبا البدائية تحمل صلبا ا وأيقونة العذراء").(30 وتوقع الكاتب إن أمريكا وبريطانيا ي ال خسرت الحرب ،فإسرائيل ً ً قد تكون حققت نصرا عسكريا ي أرض العرب تحت حماية فعالة من بريطانيا وأمريكا ال عملت ضد مصالحهما ي الوطن العربي ،الذي يقع وسط الطريق بي ما وب ن معظم أصدقا ما وأعدا ما ي الشرق ٔالاوسط وتستطيع بوسائل املقاطعة السلمية وحدها أن تلحق باقتصاديا ما ً ً ضررا ائيا ال شفاء منه ).(31 وكتب رشاد الهوني ،عن أوروبا ال يتم التعامل معها وينفق عل ا ببذخ وتس لك منتجا ا ي " الك و افت ،الزالت ح هذا اليوم تف ﺮك ٔالاخبار الكاذبة وتزيف اللقطات املشوهة وتواصل ي إصرار وعزم رسال ا ي تشويه وجودنا ،واملواطن العربي ي الدول العربية ال يعرف عن هذا النشاط املعادي له شيئا" ).(32 ومن واجب ٕالاعالم ي هذﻩ الف ﺮة بالذات " أن ينقل أكاذيب أوروبا للمواطن الذي يصيبه التشويه ح يمكنه أن يربي حصيلة من الحقد، 18
ليواجه أعداءﻩ ومن حق املواطن أن يعرف ما يقال عنه وما يناله من تشويه وما يواجهه من عداء ،أما أن يظل معزوال عن نشاط أعدائه فهذا هو تكرار الخطأ الذي بدأنا به عالج قضيتنا والذي انتﻬ بنا إ ي النكسة").(33 لقد تجمع العالم حول إسرائيل وانفض من حول العرب بعد العدوان وعندما توقفت املعركة ،بسبب الدعاية الصهيونية املنظمة ال منعت عن العرب ،ح املبادرات ٕالانسانية ال تقدم للمهزوم ي الحروب، حيث لم تصل للبلدان العربية معاونه واحدة من أي دوله واعت ﺮت إن الدعاية العربية للقضية كانت مواجهة للداخل طيلة عشرون عاما).(34 خاتمة: هكذا نجد إن صحيفة الحقيقة ،قد ولدت ي وسط ثقا ي عانى من ويالت الاستعمار ٔالاجن الذي سيطر ع ى ٔالارض الليبية ،ثم تقلص ذلك الاستعمار العسكري إ ي قواعد واستعمار اقتصادي لشركات النفط ال سيطرت ع ى املقدرات الاقتصادية. و ي وسط ثقا ي متنوع الاتجاهات الفكرية والسياسية ،قادم من بيئات مختلفة و ي مناخ سياﺳ مضطرب نتيجة تلك التنوعات ،فكانت هناك سيطرت القيادات القبلية والدينية ع ى السلطة وظهور جماعات تنادي بالقومية وأخرى تحمل أيدلوجيات مختلفة ،فظهرت الحقيقة ليبية الاتجاﻩ ،همها الوحيد مصلحة ليبيا الوطن والدولة والشعب الذي ينتم لهذﻩ الرقعة ال يطلق عل ا ليبيا وقد تعاملت الحقيقة مع حرب العرب ضد إسرائيل لتعكس وجهة نظر املثقف ن الليبي ن حول ٕالاعداد للحرب والحرب وما وصلت إليه نتيج ا. ً ً وقد نهجت الصحيفة نهجا مستقال بعد هزيمة يونيه وان ﺮى كتا ا ي 19
تحليل أسباب الهزيمةٔ ،الامر الذي جعلها تتعرض إليقاف صدورها ٔالاسبو ي بقرار من وزير ٔالاعالم آنذاك الذي أمر بوقف طباعة الصحيفة بمطابع الحكومة. انتقدت الصحيفة موقف الحكومة الضعيف ،مما جعلها ي موقف ال تحسد عليه ،أمام تأمر ٔالاصدقاء ؤالاعداء وأستغله ممن يقفون خلف بعض الشعارات. ***
هوامش: -1عبدالعزيز سعيد الصوي ي ،بدايات الصحافة الليبية ،الدار الجماه ﺮية للنشر والتوزيع وٕالاعالن ،مصراته -ليبيا ،ص . 61 -2املرجع نفسه ،ص.117 -3محمد الكوني بالحاج ،التحديث العثماني ي والية طرابلس الغرب ،منشورات جامعة السابع من ابريل ،ص .77 * تم توقيع صلح بن يادم ي 21ابريل 1919واتفاق الرجمة ي 25أكتوبر ،1920 للمزيد انظر ،محمد فؤاد شكري ،ميالد دولة ليبيا الحديثة ،مطبعة الاعتماد، القاهرة ،1957 ،ص.556-524 -4محمود َ ّ مح ّمد الناكوع ،الصحافة ٔالادبية ي ليبيا ،تاريخ حافل من النجاح ّ اللندنية الصادرة بتاريخ 29يونيه 2006م. وٕالاخفاق ،صحيفة القدس -5عبدالعزيز سعيد الصوي ي ،بدايات الصحافة الليبية ،املرجع السابق ،ص.210 -6ع ي مصطفى املصراتي ،صحافة ليبيا ي نصف قرن ،الدار الجماه ﺮية للنشر ً والتوزيع ،مصراته – ليبيا2000 ،م ،ص ،256وينظر أيضا ،أحمد القالل – سنوات الحرب و ٕالادارة العسكرية ال ﺮيطانية ى برقة – 2003 -ص .165 -7محمد زا ي املغ ﺮبي ،الدولة واملجتمع املدني ي ليبيا ،إصدارات عراج ن،2006 ، ص.25 -8عواطف عبدالرحمن ،قضايا التبعية ٕالاعالمية والثقافية ي العالم الثالث ،سلسلة 20
عالم املعرفة ،املجلس الوط للثقافة والفنون وٓالاداب ،78الكويت ،ص .15 -9عواطف عبدالرحمن ،املرجع السابق ،ص .103 -10مصطفى فوزي السراج ،ذكريات وخواطر ،مركز جهاد الليبي ن للدراسات التاريخية ،طرابلس ،2005 ،ص .439-438 -11مصطفى أحمد بن حليم ،صفحات مطوية من تاريخ ليبيا السياﺳ ،مطابع ٔالاهرام التجارية ،مصر1992 ،م ،ص.155-154 -12الهادي مصطفى أبولقمة ،لقاء أجراﻩ الباحث ،بتاريخ .2009/9/24 -13سالم الكب ،زيت القناديل ،املرجع السابق ،ص.99 -14مصطفي أحمد بن حليم ،املرجع السابق ،ص .479-478 -15محمد زا ي املغ ﺮبي ،الدولة واملجتمع املدني ي ليبيا ،املرجع السابق ،ص.26 -16املرجع نفسه ،ص.27 -17محمد زا ي املغ ﺮبي ،املجتمع املدني والتحول الديمقراطي ي ليبيا ،موقع منتدى ليبيا للتنمية البشرية والسياسية 14 ،ف ﺮاير .www.libyaforum.org ،2004 -18محمد زا ي املغ ﺮبي ،املرجع نفسه. * محمد بش ﺮ الهوني :صحفي لي أسس صحيفة الحقيقة مع شقيقه رشاد ي 7 مارس /آذار 1964م ،وكانت الحقيقة ح اية ف ﺮاير 1966م مملوكة له وحدﻩ ،ثم ً ً أصبح رشاد شريكا ي ملكي ا اعتبارا من 7مارس 1966م. * ي سنة ،1919أثناء ف ﺮة ٕالاحتالل ٕالايطا ي ،صدرت ي مدينة بنغازي أول صحيفة، حملت أسم الحقيقة وكانت تطبع ي مطبعة أنشئت لهذا الغرض بشارع زوارﻩ ،وظلت ً تصدر أسبوعيا ملدة أربع سنوات تقريبا ،وبتحرير جان أولم يعاونه بعض أبناء املدينة ،وقد نشرت بعض أخبارها ومقاال ا بالعامية ،مراعاة ملستوى ثقافة الناس السائدة ،أسماء ٔالاسطى ،الصحافة الليبية ..دراسة حصرية تحليلية وببليوغرافيا 2003 – 1866م ،إصدارات مجلس الثقافة العام ،ص.119 * رشاد بش ﺮ الهوني :ولد ي طنطا بمصر يوم 31ديسم ﺮ 1937م .عمل بإذاعة بنغازي، ً ّ ّ الليبية مسجال لكلية الاقتصاد والتجارة. الاتحادية ،والجامعة ومصلحة املطبوعات فازت ّأول قصصه )ٔالارض( ال نشرها ي أواخر الخمسينيات بجائرة أدبية رفيعة. ّ الصحفية وإدارة العمل الصحفي ،نشر كتب رشاد الهوني الشعر ،والقصة ،واملقالة 21
ّ صحفية ،وقصص قص ﺮة ،وشعر ي جريدة رشاد الهوني معظم إنتاجه من مقاالت الحقيقة ،وحرر بابه ٔالاسبو ي )من يوم ليوم( ،باإلضافة إ ى منصب مدير تحرير ً ّ الصحيفة الذي شغله ح مطلع عام 1972م .أصدرت )محكمة الشعب( حكما بإيقاف الصحيفة وغادر البالد ي عام 1973م ،وبقى ي منفاﻩ ح عام 1988م .تنقل خالل هذﻩ ٔالاعوام ب ن ب ﺮوت ولندن والقاهرة ،وأسس ي لندن صحيفة " العرب" ،ومجلة " الغد " ،وأصدر بالتعاون مع صديقه الكاتب :الصادق الن وم عن دار الشورى سلسلة " مكتبة ي كل بيت " تضمنت :وطننا ،عاملنا ،صحراؤنا ،أطفالنا ،وطعامنا. تو ي رشاد الهوني يوم السبت املوافق 2أكتوبر 1993م ودفن بمق ﺮة الهواري جنوب مدينة بنغازي ،ملزيد من املعلومات والتفاصيل راجع ،سالم حس ن الكب ،زيت القناديل ،رشاد الهوني ،س ﺮة ونصوص ،دار ومكتبة الفضيل2006 ،م .ص 15وما بعدها -19سالم حس ن الكب ،املرجع السابق ،ص 36. -20املرجع نفسه ،ص37. -21افتتاحية الحقيقة ي عددها ٔالاول بتاريخ 07مارس .1964 * الصادق رجب الن وم :ولد ي مدينة بنغازي عام .1937درس جميع مراحل التعليم ا إ ى أن انتقل إ ي الجامعة الليبية ،وتحديدا بكلية ٓالاداب وال ﺮبية -قسم اللغة العربية ،وتخرج م ا عام 1961وكان ينشر املقاالت ي جريدة بنغازي ب ن عامي -1958 ً 1959ومن ثم ُع ن معيدا ي كلية ٓالاداب. ﱠ أعد أطروحة الدكتوراﻩ ي " ٔالاديان املقارنة" بإشراف الدكتورة بنت الشاطئ جامعة القاهرة ،وانتقل بعدها إ ى أملانيا ،وأتم أطروحته ي جامعة ميونيخ بإشراف مجموعة من املستشرق ن ٔالاملان ،ونال الدكتوراﻩ بامتياز .تابع دراسته ي جامعة أريزونا ي الواليات املتحدة ٔالامريكية. ُ تو ي ي جنيف يوم 15نوفم ﺮ 1994ودفن بمسقط رأسه مدينة بنغازي يوم 20 نوفم ﺮ ،1994كتب لصحيفة الحقيقة مع بداية الصدور اليومي. -22افتتاحية الحقيقة ،العدد ،463السنة الرابعة 6 ،مايو 1967م. -23الحقيقة ،العدد ،472بتاريخ 16مايو .1967 22
-24افتتاحية الحقيقة ،العدد ،481السنة الرابعة 27 ،مايو .1967 -25الحقيقة ،العدد ،478بتاريخ 23مايو .1967 -26الحقيقة ،العدد ،489بتاريخ 5يونيه .1967 -27الحقيقة العدد ،512بتاريخ 20يوليو .1967 -28سالم الكب ،زيت القناديل ،رشاد الهوني -س ﺮة ونصوص ،املرجع السابق.447 ، -29الحقيقة ،العدد ،472بتاريخ 16مايو ،1967ص.6 * -هوامش ع ى دف ﺮ النكسة ،قصيدة للشاعر نزار قباني. -30سالم الكب ،املرجع السابق ،ص.377 -31املرجع نفسه ،ص.378 -32نفسه ،ص.378 -33مقال للكاتب رشاد الهوني بعنوان " بصاق ع ى طريق النصر" 1967أنظر سالم الكب ،املرجع السابق ،ص .420 -34مقال للكاتب رشاد الهوني ،بعنوان " من كان يصدق هذا " 1967ينظر سالم الكب املرجع السابق ،ص .369 املصادر واملراجع -1أحمد القالل – سنوات الحرب و ٕالادارة العسكرية ال ﺮيطانية ى برقة.2003 - -2الهادي مصطفى أبولقمة ،لقاء أجراﻩ الباحث ،بتاريخ .2009/9/24 -3أسماء ٔالاسطى ،الصحافة الليبية ..دراسة حصرية تحليلية وببليوغرافيا – 1866 2003م ،إصدارات مجلس الثقافة العام. -4سالم حس ن الكب ،زيت القناديل ،رشاد الهوني -س ﺮة ونصوص ،دار ومكتبة الفضيل2006 ،م. -5عبدالعزيز سعيد الصوي ي ،بدايات الصحافة الليبية ،الدار الجماه ﺮية للنشر والتوزيع وٕالاعالن ،مصراته -ليبيا. -6عواطف عبدالرحمن ،قضايا التبعية ٕالاعالمية والثقافية ي العالم الثالث ،سلسلة عالم املعرفة ،املجلس الوط للثقافة والفنون وٓالاداب ،78الكويت. -7ع ي مصطفى املصراتي ،صحافة ليبيا ي نصف قرن ،الدار الجماه ﺮية للنشر 23
والتوزيع ،مصراته – ليبيا2000 ،م. -8محمد الكوني بالحاج ،التحديث العثماني ي والية طرابلس الغرب ،منشورات جامعة السابع من ابريل. -9محمود َ ّ مح ّمد الناكوع ،الصحافة ٔالادبية ي ليبيا ،تاريخ حافل من النجاح ّ اللندنية الصادرة بتاريخ 29يونيه 2006م. وٕالاخفاق ،صحيفة القدس -10محمد زا ي املغ ﺮبي ،املجتمع املدني والتحول الديمقراطي ي ليبيا ،موقع منتدى ليبيا للتنمية البشرية والسياسية 14 ،ف ﺮاير .www.libyaforum.org ،2004 -11محمد زا ي املغ ﺮبي ،الدولة واملجتمع املدني ي ليبيا ،إصدارات عراج ن.2006 ، -12محمد فؤاد شكري ،ميالد دولة ليبيا الحديثة ،مطبعة الاعتماد ،القاهرة.1957 ، -13مصطفى أحمد بن حليم ،صفحات مطوية من تاريخ ليبيا السياﺳ ،مطابع ٔالاهرام التجارية ،مصر1992 ،م. -14مصطفى فوزي السراج ،ذكريات وخواطر ،مركز جهاد الليبي ن للدراسات التاريخية ،طرابلس.2005 ، -15الحقيقة ي عددها ٔالاول ،السنة ٔالاو ى 07 ،مارس .1964 -16الحقيقة ،العدد ،463السنة الرابعة ،بتاريخ 6مايو .1967 -17الحقيقة ،العدد ،472السنة الرابعة ،بتاريخ 16مايو .1967 -18الحقيقة ،العدد ،478السنة الرابعة ،بتاريخ 23مايو .1967 -19الحقيقة ،العدد ،481السنة الرابعة ،بتاريخ 27مايو .1967 -20الحقيقة ،العدد ،489السنة الرابعة ،بتاريخ 05يونيه .1967 -21الحقيقة العدد ،512السنة الرابعة ،بتاريخ 20يوليو .1967
24
تنظيم تجارة القوافل بوالية طرابلس الغرب تمهيد: تشكلت شبكات عديدة للمواصالت ،وأسست مراكز تجارية ي الصحراء ،و ي البلدان الواقعة فيما وراء الصحراء تستقبل منتجات بالد السودان ،وتعيد تصديرها إ ى املدن املطلة ع ي البحر املتوسط ،وال بدورها تصدر تلك املنتجات ،وتستقبل املنتجات ٔالاوربية املوجهة الس الك الصحراء. ً ونظرا ملوقع والية طرابلس الغرب الجغرا ي املناسب ،توفرت عدة عوامل ساعدت ع ى تذليل الصعوبات أمام القوافل العابرة للصحراء، ً فساحل البحر الابيض املتوسط عند خليج السدرة يعرج كث ﺮا إ ى ً الداخل مقربا املسافة ب ن سواحله) (1والبالد ٕالافريقية الواقعة فيما وراء الصحراء ،كما أن الواحات وٓالابار املنتشرة ع ى طول الطرق املؤدية إ ى الجنوب ،ساعدت ع ى ربط طر ي الصحراء الشما ي والجنوبي ،وسهل قطع املسافة إ ى وسط القارة ٕالافريقية. ً ً ً وقد كان لهذﻩ الطرق دورا كب ﺮا ومم ا ي الربط ب ن املدن الصحراوية واملناطق الساحلية ،مما جعلها مزدهرة لف ﺮات طويلة ،وأدت إ ى انتعاش 25
الحياة ي الواحات ،واملدن الصحراوية ال كانت تتوقف عندها القوافل للراحة و ال ود باملؤن من أسواقها ،واستبدال الجمال املتعبة بأخرى قادرة ع ى استكمال املسافة ونقل ٔالاحمال ؤالاغراض ب ن املناطق (2).وقد تضطر القافلة للمكوث ي مكان ما مدة طويلة لسبب من ٔالاسباب، كمرض قائدها أو بعض رجالها ،أو التأخ ﺮ ي وصول البضائع املراد نقلها، أو ركود سوق البيع لبعض السلع. ً وطرق القوافل ال تخ ﺮق الصحراء التس ﺮ دائما ي خط مستقيم، بل ي خاضعة للحاجة إ ى التعريج ع ى نقاط املياﻩ واملرور بالواحات ،كما تلتوى بسبب الظروف الطبوغرافية لتدور بالجبال وتتجنب الوديان).(3 وتقع الطرق الصحراوية تحت ضرورة الترحم مثل نقص املياﻩ وتشابه الصحراوية و ى غ ﺮ قابلة للتغ ﺮ أو املساحات الشاسعة من ٔالارا التقص ﺮ ،ويستدل ع ى تتبع ٔالاثر ي بعض ٔالاحيان بتل صغ ﺮ أو شج ﺮة وحيدة أو كومة من ٔالاحجار ي الصحراء ،وم حاد املسافر عن ذلك ٔالاثر أو فاته أن يلحظه ،فقد يتيه ويظل الطريق ،ومع ذلك املوت املحقق).(4 وقد يكون نضوب ماء بﺌﺮ أو كساد تجارة سوق ما ع ى طريق القافلة معناﻩ ضرورة التحول عن تلك الطريق ،ؤالامر كذلك م أختل ٔالامن، وأصبحت القوافل تواجه خطر ال ب والسلب والاعتداء ع ى حياة التجار. ً ويوفر مرشدوا القوافل مصدرا للعلف ع ى الطرق املقفرة ،ال ال أثر ا ألي نبات ،وذلك ب ﺮكهم كمية من العلف ي كل محطة يقفون عندها ح يتس لهم ال ود ا عند العودة ،إذ ال يجرؤ أحد ع ى النيل م ا ع ى اعتبار أ ا من املحرمة ع ى غ ﺮ أهلها ،وكانت تخبأ بعناية ح يعاد استغاللها من قبل أصحا ا الذين يعرفون وحدهم أماك ا ،وهو ليس 26
ُ باألمر الغريب السيما إذا عرف أن الكث ﺮ من ٓالابار يلجأ إ ى طمس معاملها، ح تظل ي مأمن من استغاللها من قبل الغ ﺮ).(5 وملا كانت بعض الطرق مش ﺮكة الاتجاﻩ ،فإن بعض القوافل املتجهة إ ى مركز ما ،تش ﺮك مع غ ﺮها من القوافل املتجهة إ ى مراكز أخرى ى مسافات تزيد عن مس ﺮة تلك القافلة أو تنقص ،وقد تلتقي بقوافل أخرى لتنظم إل ا ،أو لتسلك مرحلة معينة من الطريق فقط ،أو تلتقي لغرض التبادل التجاري ي بعض مراكز التوقف للراحة أو استبدال الجمال، ويكون اللقاء ي مراكز معروفة وأوقات محددة معروفة لدى مس ﺮي القوافل ،ح يضمنوا اللقاء ويتم تبادل البضائع املعدة للبيع).(6 تنظيم القوافل التجارية: كان تنظيم القوافل التجارية العابرة للصحراء ي العادة يقوم به التجار واملواطنون ،حيث اش رت بعض البيوت التجارية) (7ي تنسيق تسي ﺮ القوافل التجارية ونقل سلعها وبضائعها إ ى أماكن تصريفها ،ويتم الاتفاق ع ى ٔالامور الخاصة بالقوافل فيما ب ن املواطن ن والتجار وتلك البيوت ،بعقد الصفقات التجارية وتنظيم القوافل).(8 وتوكل قيادة القافلة إ ى شخص متمرس بأصول التجارة وعبور الصحراء ولديه الخ ﺮة الكافية ،ويش ﺮط ي قائد القافلة املشرف ،أن ً ً يكون صاحب أمالك أو عقارات لتكون رهنا أو ضمانا للبضائع ال يؤتمن عل ا ،ويلقب قائد القافلة بـ"شيخ القافلة" ) (9أو "قافلة با " )باللغة ال ﺮكية() ،(10وتكون له كافة الصالحيات أثناء الرحلة ،و ي مراكز تواجد القافلة ى ٔالاسواق ،وقد أعفت القوان ن ؤالاعراف العثمانية قادة ً القوافل من دفع الضرائب تشجيعا لهذﻩ الشريحة من املجتمع ).(11 وكان التجار يش ﺮكون ى تنظيم القوافل باملال الالزم والبضائع، 27
ويوكلون مهمة الاشراف ع ى القافلة التجارية لشخص مسلم يثقون فيه، وعادة ماكان ألصحاب البضائع واملؤسسات التجارية عربية أو ودية وكالء تجاريون ومكاتب فرعية ي أسواق الواحات الليبية الداخلية أو اسواق ماوراء الصحراء ).(11 ً وملا كانت معظم البضائع املتجهة من أسواق طرابلس جنوبا تخضع لنظام املقايضة ،فإن املشرف ن ع ى القوافل التجارية كانوا يحددون لها ً أسعار أع ى من أسعارها ى طرابلس ،تحسبا ملواجهة التكاليف الاضافية مثل أجرة النقل والضرائب ،ومخاطر الطريق ،وكانت ٔالارباح بعد التسويق تقسم مناصفة ب ن التجار أصحاب البضائع ،وب ن املشرف ن عل ا).(13 وكان قسم من التجار يسافر مع القافلة ،أما الباقون فيسلمون بضائعهم إ ى وكال م تحت إشراف رئيس القافلة ،ويتم تسجيل البضائع ي سجالت خاصة ويكتب ى السجالت نوع البضاعة وعددها وراسمالها) ،(14وتوضع بضاعة كل تاجر ى "عديلة") (15خاصة به يوضع بداخلها ورقة يكتب ف ا ماتحتويه العديلة) (16و ى مطابقة ملا تم تسجيله ى سجل البضائع العام ،وإذا حدث أى خالف بالنقص أو بالزيادة تراجع ً السجالت املوجودة عند مرس ي البضائع تحسبا لحل هذا الخالف. ونورد هنا نموذج من ٔالاوراق ال توضع ى العديلة واملطابقة ملا ي السجالت التجارية الخاصة "الحمد هلل قائمة العدل املباركة انشاء ﷲ، و ى لع ي بن الحاج محمد بن رشيد داخل ف ا اثنان وتسعون ورق حرير )(19 أحمر ومقطع) (17خام ،وخرواط) (18ذرع نصف قنطار وثالثة كواغط أسماوي) (20قطف) ،(21وثالثة كواغط ري) ،(22وخمسة صناديق ملاع ،وربط أبار ف ا عشرون ألف وتسعة آالف روانداد) (23وزوج كواغط ،وأربعة عشر شكاك)(24خرز سماوى ،والحفيظ ﷲ" أواسط ربيع الثاني 1281ه 1862 28
بل ٔالابار ف ا خمسة وعشرون الف أبارى صح من كاتبه عفى ﷲ عنه أم ن خرجنا منه نصف قنطار خرز زر ي ،صح من كاتبه عفى ﷲ عنه أم ن ،وزودنا ف ا نصف قنطار خرز ري ،صح من كاتبه عفى ﷲ عنه أم ن").(25 و ي ورقة أخرى: "الحمد هلل ،بيان ما ى العدله ،و ى لعمنا سيدى محمد الصغ ﺮ بن الحاج محمد الث محمد محمد الصغ ﺮ بن الحاج حيدا ،م ا مائت ن ربط حرير ،مع عشرين قالب سكر ،مع تسعة برانس ملف كبار ألوان، مع سبعة ألف مرجاني رقيق مع شالف ،طه يس والحفيظ ﷲ ،أواخر رجب 1281ه .(26) 1862 وهكذ فان تنظيم القافلة وإستالم البضائع ،كان يمر بمجموعة من الاجراءات من تسليم واستالم وعدد للبضائع ،وإذا ماوقع أى خطأ ى التسجيل أو ى العدد فيتم استدراك ذلك من قبل الكاتب نفسه مثل ماورد ى الوثيقة ٔالاو ي. ً وقد كان مألوفا أن تكون تجارة القوافل ب ن أيدى التجار ً الغدامسي ن ،حيث انتقل بعضهم إ ى مدينة طرابلس ،وأسسوا بيوتا تجارية اش رت بعالقا ا التجارية الواسعة باملناطق الصحراوية وماورا ا ،لزمن طويل ،ولكن ى العقود ٔالاخ ﺮة انخرط ى مجال التجارة ً عددا من أهل طرابلس املقيم ن ا من العرب وال ود وكان لهم ممثلون ووكالء يقومون بالعمل ى غدامس وغات ومرزق و ى بعض املراكز ى السودان) (27وحدث تعاون ب ن البيوت الطرابلسية والغدامسية ،وبعضهم كان له ارتباط مع البيوتات ال ودية ي طرابلس ،وم ا :بيت أربيب، وحنونه ال تستورد البضائع الاوربية ،بالتعاون مع شركات ى مالطا 29
وليفرنو بايطاليا).(28 ً وكان كبار تجار طرابلس يمتلكون بيوتا تجارية ،تعمل لحسا م الخاص وتس ﺮ قوافل خاصة ا ،ومن ب ن هوالء التجار أفراد من الجاليات ٔالاوربية وال ودية مثل قافلة "راخه بن نسيم" ،وقافلة مسالته ال تؤجر لل ودى "معتوق املالطي" املشهور بالدباش ،وهذﻩ القوافل كانت تتعامل مع بالد السودان الغربي).(29 وكانت من املهام ٔالاساسية للبيت التجاري :تحديد الربح والخسارة بعد ً عودة القافلة ،علما بأن قادة القوافل كانوا ي ربون من تحمل مسؤولية الخسارة الناجمة عن ظروف غ ﺮ طبيعية ،أى ى حالة السلب والسطو أو ً الحرب ،ولكن قائد القافلة يعت ﺮ مسؤوال عن البضائع ال كان يستلمها ً ً من تجار أخرين لحسا م ألنه أصبح مكلفا برد قيم ا نقدا أو مقايضة مع أرباحها ،وذلك بعد خصم أتعابه ويالحظ أن القوافل التجارية الكب ﺮة كان ينظم إل ا بعض ٔالاشخاص أصحاب ٔالاموال القليلة ليتمتعوا بحماي ا، وهم يخضعون الرشادات قائد القافلة ).(30 ّأما حجم القافلة وعدد جمالها ،قد يختلف من قافلة إ ى أخرى، فهناك قوافل متوسطة الحجم يتجاوز عدد جمالها مائة جمل ،وقوافل كب ﺮة ي ﺮاوح عدد جمالها ب ن ألف ن وثالثة ٓالاف جمل ،ففي عام 1873 ً بلغ عدد جمال إحدى القوافل ستة عشرألف جمال وكان من املألوف أن ً أك ﺮ القوافل حجما ى تلك املتجهة ألداء فريضة الحج).(31 أما أجور النقل فﻬ باهضة ،ويتفق بشأ ا قبل انطالق القافلة ،وقد نقل بوريمان) (32صورة عن العقبات ال واجهته عند إنضمامه للقافلة ال اصطح ا واملتجهة من جالو ا ى مرزق ى 28أبريل 1862حيث أورد: ً ً "لم يكن تأم ن الجمال للرحلة أمرا سهال بسبب املبالغة ى أجرة 30
النقل ال كانت باهضة وبالرغم من ٕالاتفاق مع "املجابرة" أصحاب الجمال ع ى أسعار النقل وتحرير عقد بيننا ودفع نصف قيمة ٔالاجرة ً مقدما ،فإ م لم يل موا بالعقد ولم يستطيع محرر العقد إلزامهم بما تم ٕالاتفاق عليه").(33 وعن أسعار تأج ﺮ الجمال ى الرحالت ،فإن أجرة الجمل الواحد من ً طرابلس ا ى غات يدفع 15محبوب) (34ومن غات إ ى طرابلس 15رياال ً ً ً غاتيا) (35ومن غات إ ى غدامس من 9إ ى 11رياال غاتيا ،ومن غات إ ى ً ً مرزق من 5إ ى 6رياال غاتيا ،ومن غات إ ى كانو يدفع عن الحمل البالغ وزنه 2.5قنطار 32.5بوط ﺮ ،أو عن القنطار الواحد من 50.000إ ى " 55.000كاورى") (36تدفع ى كانو ،ومن غدامس إ ى غات يدفع عن حمل الجمل البالغ 3.5قنطار ،من 2.5إ ى 3محبوب ،ومن غدامس إ ى توات يدفع عن حمل واحد مبلغ 24بوخمسة ،و أما من طرابلس إ ى غدامس فيدفع من 7إ ى 8محبوب) (37وحمولة الجمل ى املسافات البعيدة تحسب ع ى أساس 150كيلو غرام).(38 وكان أها ي والية طرابلس الغرب يسيطرون ع ى طرق النقل ع ﺮ أراض م السيما املتجهة من الشمال إ ى الجنوب والعكس ،كال حسب منطقته ،حيث يسيطر عربان الشاطئ ع ى قوافل تجارة الصحراء إ ى مرزق وغات وم ا إ ى برنو وكانو ،ويح ﺮف أغل م مهنة الجمالة ويتولون نقل البضائع ب ن طرابلس ومراكز تجارة الصحراء ،بإستثناء طريق غدامس فيتو ى "املقارحة" هذﻩ املهمة ) (39ويتو ى عرب ورفلة السيطرة ع ى طريق القوافل املتجهة ا ى سوكنة ثم مرزق ،أما املجابرة فيسيطرون ع ى طريق بنغازي واداى ع ﺮ جالو واوجلة والكفرة ،أما الطريق ب ن غات وبالد السودان فتقوم قبائل "كيل تن الكوم" بتأج ﺮ الجمال ،بينما التؤجر 31
ى العادة الجمال إ ى برنو ،لبعد املسافة والن التجار ٔالاغنياء يمتلكون ً جماال خاصة م ).(40 وقبل وصول القافلة إ ى أحد ٔالاسواق الكب ﺮة ،يتم إبالغ نبأ وصولها، ً ً ً وذلك بايفاد شخص يمتطى جوادا أو مهريا سريعا ،والهدف من ذلك إعطاء مهلة لتجار ذلك السوق ل ﺮتيب بضائعهم وسلعهم وتجه ما ً ً يرغبون ى تسويقه نقدا أو مقايضة ،وغالبا ماتمكث القافلة ى السوق مدة يحددها قائد القافلة تتناسب مع حجمها وما تحمله من بضائع ،وما ً تتطلع إليه من تعامل تجارى بيعا أو شراء).(41 وتستقبل القافلة لدى وصولها إ ى املدن أو املراكز العمرانية باالفراح والدعوات بسالمة الوصول ،بعد إجتياز تلك املسافات الطويلة ع ﺮ الصحراء ال الحدود لها ،وتس ﺮ الجمال ببطء مثقلة ماتحمله من بضائع).(42 ّ وتودع القافلة عند مغادر ا للمدن أو املراكز العمرانية ي الصحراء بالدعوات بسفر ميمون ووصول سالم ،ويصاحب القافلة عدد كب ﺮ من السكان إ ى مسافات محدودة ،وبرقصات جيادهم وإطالق ٔالاع ﺮة النارية ً من بنادقهم) (43تحية وداع واظهارا للشعور الطيب نحو أفراد القافلة. أما قوافل الحجاج وعند اق ﺮا ا من املدن واملراكز العمرانية ،يستعد الحجاج بطبولهم ويرفعون ٔالاعالم الخضراء ،ويستقبلها السكان بال ليل ً وزغاريد النسوة وترقص الخيول وتقفز طربا ح تدخل املدينة).(44 أهم وسائل املواصالت: ً أوجد ظهور الجمل ،كوسيلة للمواصالت ،فرصا مثالية لتعم ﺮ الصحراء واستغالل مواردها الطبيعية وجعلها منطقة عبور للتجارة ب ن ً ً البحر املتوسط وادغال افريقيا ،فالجمل كان عامال مهما ي تحس ن 32
الظروف املعيشية والاتصال والتبادل التجارى والثقا ي والاجتما ي ب ن مختلف أطراف الصحراء ،وبدون هذا الحيوان ٔالاليف ،كان من املحتم أن تظل الواحات مغلقة ع ى نفسها وسط الصحراء ،محرومة من كل اتصال خار ي ،لذلك تتوقف حياة أهل الصحراء ع ى هذا الحيوان الذى الحركة والعيش لهم بدونه ،وحياة الجمل ى ٔالاخرى متوقفة ع ى ٔالانسان فهو الذى يع به ويرعاﻩ ويسقيه ويوجهه إ ى املر ى وأماكن العشب ى مختلف املواسم ،ويمكن القول بأن ٔالابل ال تستعمل ى قطع الطرق الصحراوية باتت ت ى املصطلحات املستعملة ى مخاطب ا ي مختلف املناسبات كح ا ع ى السرعة أوالوقوف أوالجلوس وما إ ى ذلك).(45 وقد أنتشر الجمل ي أفريقيا عن طريق باب املندب إ ى الحبشة وم ا إ ى مصر ع ﺮ ر النيل ،وم ا إ ى برقة وفزان ،ثم أنتشر حينما ظهرت أهميته ٔالاقتصادية والعسكرية يوم طلب القائد الروماني "رومانوس" من أهل "لبدة" سنة 393أن يوفروا له أربعة آالف جمل لكي تساهم ي نقل املؤنة ا ى جيشه).(46 ً ً ً كان الجمل يمثل موردا اقتصاديا مهما للرجل الصحراوي ،فهو كما ً أشار القرآن الكريم ينتفع بل ن الناقة ،ويلبس ثيابا مصنوعة من وبر ٔالابل ،ويستعمل الجمل ى نقل ٔالامتعة ومختلف أنواع البضائع وللركوب، و ى عالقات التبادل التجاري بصفة خاصة ،وبفضل التطور أصبح من املمكن نقل البضائع واملنتجات ب ن أية منطقة وأخرى ي الصحراء نفسها ،وب ن الصحراء واملناطق الواقعة ع ى حوافها).(47 وتس ﺮ ٕالابل صابرة التك ﺮث باملصاعب وتقلبات الطبيعة ،وتنظر ملن حولها نظرة هادئة تصو ا يمنة ويسرة وكأ ا تلقى بنظرها الفلسفي هذا 33
ً عل م درسا ي التجلد والقناعة والص ﺮ وتحمل مشاق أسفار الصحراء، فﻬ تس ﺮ بثبات وبطء ،ى الظروف العادية ،فيمكن للراكب أن يأكل ويقرأ ويكتب بل وينام ع ى ظهر جمله الا ى حاالت الصعود والهبوط فتتحول إ ى كائنات تفقد م ة الثبات والهدوء ،ويحل الخطر محل الوداعة ؤالامان).(48 وتعد ٕالابل من الحيوانات ال ال دأ بالها بالوقوف ى مكان أو البقاء ى منطقة محددة ،ح مع اف ﺮاض توفر العلف املحبب لد ا ،إذ ستظل تسرح من مكان ألخر وألميال عديدة بعد فك عقالها ،وتخليصها مما يعلق ا من طفيليات ظاهرة وهو مايواظب أصحا ا ع ى القيام به بعد الوصول إ ى أي بﺌﺮ).(49 وكانت لوالية طرابلس ثروة كب ﺮة من ٕالابل ،ى سنة 1903أك ﺮ من 300ألف رأس من ٕالابل ،دون أن نضع ى الحساب الدواب ال يمتلكها التوارق) (50الذين يعيشون ي املناطق الصحراوية و ى خارج نطاق الرقابة الحكومية") ،(51ولإلبل خصال عدة تجعلها أفضل الحيوانات املستخدمة ي النقل ع ﺮ الصحراء وم ا):(52 -1أن الجمل يص ﺮ ع ى العطش أليام عدة تصل إ ى سبعة أو ثمانية أيام. -2تستطيع ٕالابل العودة إ ى املكان الذى آلفته بدون دليل أو حادي. كما تستعمل حيوانات أخرى ترافق القوافل ولكن باعداد محدودة ومن هذﻩ الحيوانات ،الخيل والحم ﺮ).(53 زاد القوافل التجارية: ً كان زاد رجال القوافل يتكون عادة من مواد جافة مهيأة سلفا كدقيق القمح والشع ﺮ ،والكسكﺴ ،والبصل الجاف ،وشحم الضان ،وزيت 34
الزيتون ،والزبدة والخ اليابس ،واللحم املجفف "القديد" وكذلك ً الدشيشة ويحمل املسافر مع القوافل طعاما يسم الزميطة وهذﻩ ٔالاكلة تتضح اهمي ا ح ن يندر الوقود أو املاء ويعز الوقت. ً وعندما يشرع املسافر ى رحلته ،يحمل مقدارا من الدقيق والكسكﺴ والبصل وشحم الضأن والزيت والزبد ،والوجبة العادية ى العصيدة).(54 ً ً ً وح ن يعز الحطب ،فإن نفايات الجمال تصبح بديال طيبا وتعطي نارا متوهجة وتصنع حفرة صغ ﺮة ويوضع ا ثالث حجرات تحمل الوعاء ً النحاﺳ ،ويعد الكسكﺴ أو البازين ،وح ن تعز النار فإن قليال من الزميطة يضاف ال ا قليل من ماء وزيت يمكن أن تكون وجبة شهية).(55 ويتكون طعام العشاء ي بعض ٔالاوقات من التمر والل ن ،كما تجمع "الكمأة" وتشرح وتجفف وتستعمل كغذاء جيد لرجال القوافل).(56 وكان املاء يحمل ى العادة ع ى ظهور الجمال ،ويحمل الجمل الواحد ستة قرب) (57تتد ى كل ثالثة م ا ي ناحية ،وتزن القربة و ى مألى حوا ى ً خمس ن رطال ،وح ن تتوقع القافلة أال تجد ماء ألربعة أو خمسة أيام فإن قربة ماء تضاف ا ى حمولة الجمل).(58 حماية القوافل التجارية: كانت القوافل التجارية تتعرض ملشاكل عديدة أهمها تلك الناجمة عن ٕالاضطرابات السياسية وعمليات السلب وال ب ال تقوم ا ً جماعات أو قبائل إتخذت من هذﻩ العمليات مصدرا للرزق ،وم م بعض البدو الرحل والتوارق امللثم ن ،والشعانبة ،والتبو .وأوالد سليمان ،الذين ً ينتشرون جماعات ع ى طول الطريق إ ى إقليم برنو) ،(59وكث ﺮا ما تعرضت بعض القوافل التجارية للهالك ،وفقدان ٔالاموال ناهيك عن املتاعب ؤالاهوال ،وقد عانت الحركة التجارية من الاضطرابات والقالقل ال 35
سبب ا لها هذﻩ الجماعات. وقد تعرضت بعض القوافل للسلب وال ب ،فتذكر وثيقة ،أن شعانبة الكيعه من أرض توات التقوا بقافلة ى الكريب قادمة من طرابلس، وقتلوا أربعة اشخاص من الزنتان ،وجرحوا اثن ن واخذوا م م أربعة عشر ً بع ﺮا ،ولك م تركوا أبل الغدامسية والبالغ عددها ستون بع ﺮ) ،(45وتقول وثيقة أخرى ،أن شخص من هقار يد ى محمد بن ابراهيم أخ ﺮ عن خمسة عشر مهري من أهل أزجر غار عل م هقار ى حوا ى مائ مهري ووثيقة أخرى تقول :بإن الاشقياء من ورغمة غاروا ع ى غدامس ح ً وصلوا "الحيوط" ى ثمان ن فارسا بقيادة شخص يد ى سالم زنقاح وقد ً استولوا ع ى اثن ن وثالث ن بع ﺮا من وراء السور ،كما استولوا ع ى سبعة من العبيد ب ن ذكور وإناث).(60 و ي احدى الوثائق ،يشكو أها ى مدينة غدامس من عدم وجود حكام رسمي ن ا م الناس وينفذون الاحكام ،كما يشكون من عدم وجود جندرمة يحفظون الراحة وعدد الجندرمة ى غدامس ثالثة أشخاص فقط ،وهم من الجبل الغربى ،و يعملون أمور التليق ،وبدون أمر الحكومة ،ويطلبون الاهتمام بامورهم وحل مشاكلهم).(61 ووثيقة أخرى تحتوى تقرير يطلب فيه مقدمه تشكيل ضابطة هجانه، لحفظ ٔالامن وتنفيذ مطالب الدولة ى منطقة فزان ال يبدو أن ٔالامن ف ا غ ﺮمستتب).(62 وبتاريخ 3شوال 1329ه وجه قائم مقام الزاوية برقية ا ى قائد الجندرمة تحمل رقم ،169/280يعلمه بأن عدد الجندرمة املوجودين لديه ليس بالعدد الكا ى لتأم ن السكينة ،واليكفى ح لجمع ٔالابل ،وأن ً لديه خمسة وعشرين جنديا وهذا العدد اليكفى الداء واجب الحراسة).(63 36
كما تش ﺮ وثيقة أخرى يأمر الحاكم ال ﺮكي ف ا بتطبيق نظام املرور، القا يمنع تنقل ٔالافراد ى انحاء الوالية أو خروجهم م ا بدون تذكرة ً ً مرور) ،(64أيضا ال يخفى دور عبء الطبيعة ع ى القوافل التجارية بشرا ً وحيوانا نتيجة لشح املياﻩ ،وزحف الرمال ى بعض املناطق ،وهو أمر يتطلب ضرورة وجود دليل وقائد حاذق للتغلب ع ى مشاكل الطبيعة وٕالانسان. ومن الاجراءات ال تنظم حماية القوافل التجارية ).(65 -1تسليح رجال القافلة باألسلحة الالزمة لصد العدوان وارغام املعتدين بدفع تعويض عما أحدثوﻩ من خسارة أو ضرر. -2تجنيد رجال أشداء محارب ن ذوى إنتماءات قبلية مختلفة ملرافقة القافلة وحماي ا. -3الحرص ع ى أن تكون ٔالاسواق واملراكز التجارية مفتوحة أمام القوافل التجارية وتعاملها ،بإعطاء ضرائب نقدية أو عينية لزعماء القبائل من أصحاب النفوذ. -4تكليف بعض العائالت ومشائخ القبائل الصحراوية ،بمهمة تنظيم بعض الجماعات املوالية لها لحراسة القوافل التجارية والدفاع ع ا ح تضمن سالمة الوصول ،و ى املقابل تتو ى هذﻩ القوافل دفع منح وامتيازات ماليه لهؤالء الزعماء املعني ن. -5تعي ن ادالء مخلص ن ،أهل دراية واسعة بمسالك الطرق ،واماكن ً تواجد املياﻩ فضال عن تفادى مناطق العصابات ،وقطاع الطرق ،ومعرفة كيفية كسر شوك م. وقد كانت القوافل الذاهبة إ ى بالد ماوراء الصحراء ،تلتقي لغرض ٔالامن من أخطار الطريق ،وعندما تأزمت أوضاع طرابلس الغرب خارج 37
ٔالايالة وداخلها اضطرت القوافل إ ى الس ﺮ تحت إشراف وضمان الحكومة القائمة ف ا آنذاك ،ح ال تتعرض للخطر).(66 وحسمت الحكومة املوقف ،بأن خصصت العساكر لحماية القوافل، وكان الباشا نفسه يوافق ع ى منح بيانات رسمية كتعريفة إدارية ورسمية للقافلة تعتمد أثناء الطريق ،وقد تحمل رسائل من الباشا مباشرة إ ى الحاكم املتعامل معه ح يضمن هو بدورﻩ سالمة وأمن هذﻩ التجارة وسبلها ،أو يتم إبرام إتفاق ب ن تجار البلدان ؤالاقطار املجاورة ،وقد يتعدى ٔالامر إ ى رفع ٔالاها ى دعواهم إ ى السلطان العثمانى ،عن طريق السلم الادارى املعروف انذاك ،ليوافق ع ى الشكوى ،وتبلغ إ ى السلطان لينظر ٔالامر).(67 وكانت ٕالادارة العثمانية ى طرابلس الغرب تفرض مقابل توف ﺮ ٔالامن ً لتجارة القوافل شروطا وإجراءات ومبالغ مالية ،م ا منحة الجند الحارس وضرائب تجارية أخرى ،وكان ٔالاها ى يؤدون هذﻩ الضرائب وبا ى التكاليف ً دون تردد ح ولو أضرت ببعضهم ،وكانت تتحمل ذلك فضا للمشكالت).(68 وقد حرصت سلطات العهد العثماني الثاني ع ى توطيد عالقا ا ً بحكام املناطق الصحراوية وماورا ا ،وذلك تأمينا لطرق القوافل التجارية ً ودعما للعالقات الاقتصادية ب ن الوالية وتلك الجهات ،وهذا تؤيدﻩ وثيقة تفيد أن وا ي والية طرابلس الغرب ،أحمد راسم 1896-1882بادر ب نئة ً هاشم بن عمر الكانم بتوليه الحكم ى برنو مبديا له دوام الود والصداقة والتعاون الذي يكفل تأم ن طرق القوافل وازدهار التبادل التجاري ب ن الطرف ن).(69 وكشفت وثيقة أخرى عن مدى رغبة حكام املناطق الصحراوية ى 38
توف ﺮ أمن الطريق وحماية املسافرين ،ح ولو كانوا من الرحالة واملستكشف ن املسيح ن و ى هذا الخصوص أكد الشيخ عمر الكانم سلطان برنو ى رسالة وجهها له السلطان محمد الشريف سلطان واداى بشأن الال ام بحماية الرحالة "ناختيجال" وفق منطق قواعد شرعنا الطاهر ومراعاة عهد الذمي).(70 بعد عام 1842عند اية انتفاضة عبدالجليل ،خيم الهدوء النس ع ى أغلب الواحات ي الدواخل ،مما ساعد ع ى توف ﺮ إمكانية مرور القوافل ،بمناطق والية طرابلس الغرب ،ووجدت التجارة طريقها إ ى املناطق الداخلية ،بعد أن كانت منحصرة ي ذلك الوقت باملناطق الساحلية).(71 و ى سنة 1851أنشئت بطرابلس املحكمة التجارية املختلطة ،ويختار ثالثة من قضا ا من ٔالاوربي ن املقيم ن بطرابلس بواسطة قناصلهم، وعدد مماثل من القضاة العرب ،ويراسها "شيخ البلد").(72 وح ن صدر قانون التجارة سنة 1860نص الفصل الثاني منه ع ى إنشاء املحاكم التجارية) (73ي مراكز الواليات ،وتتكون كل محكمة من مجلس ن أحدهما للنظر ي الدعاوى ال تتعلق باألمور التجارية ال ﺮية، والثاني بأمور التجارة البحرية ،ويتألف كل مجلس من رئيس وعضوين دائم ن ،وأربعة أعضاء مؤقت ن ولكل م م صوت واحد ،ويع ن الرئيس ؤالاعضاء الدائمون من قبل السلطان العثماني ،أما ٔالاعضاء املؤقتون فينتخ م التجار ي املنطقة ال توجد ف ا املحكمة. وكانت هذﻩ املحاكم تنظر ي ال اعات ال تنشأ ب ن التجار من جراء )(74 املعامالت التجارية ،من عقود وديون وبيع وشراء وتعهدات وص ﺮفة وتصدر قرارا ا بأغلبية ٔالاصوات ،وتجرى املحاكمات ف ا بصورة علنية أو 39
سرية وتكون أحكامها قطعية وغ ﺮ قابلة لالستئناف ي الاحكام ال اليزيد قيمة الحكم ف ا عن خمسة آالف قرش ،أما مازاد ع ى هذا املبلغ، ً فيكون الحكم قابال لالستئناف لدى محكمة الاستئناف التجارية العليا ي العاصمة العثمانية).(75 الخاتمة: وهكذا نجد ان حركة التجارة وطرق نقلها ي الوالية قد خضع ملجموعة من النظم ال وفرت سبل نجاحها وممارس ا وقد كان لهذا الاهتمام والتنظيم أثرﻩ ي زيادة حجم التعامل مع املناطق الافريقة فيما وراء الصحراء وكذلك دول اوربا ع ى الشاطئ الشما ي من املتوسط ،كما كان لهذﻩ التجارة اثرها السل ع ى الوالية بحيث لفت ازدهار التجارة انظار الدول الاستعمارية ال ركزت أهتمامها ع ى الوالية وتجار ا. *** الهوامش: -1أحمد الياس حس ن "طرق التجارة " ،الصحراء الك ﺮى ،مركز جهاد الليبي ن للدراسات التاريخية ،طرابلس ،1979 ،ص211. -2أحمد سعيد الفيتوري ،ليبيا وتجارة القوافلٕ ،الادارة العامة لآلثار ،طرابلس، ،1972ص16. -3اسماعيل العربي ،الصحراء الك ﺮى وشواط ا ،املؤسسة الوطنية للكتاب ،الجزائر، ،1983ص60. -4املرجع نفسه ،ص61.- 60 -5جيمس ريتشاردسن ،ترحال ي الصحراء ،ت .الهادي مصطفي ابولقمة ،منشورات جامعة قاريونس ،بنغازي ،1993ص401. - 6خديجة باع ى الشريف) ،طريقة تقويم القوافل الغدامسية للسلع والبضائع(، مجلة البحوث التاريخية ،مركزجهادالليبي ن للدراسات التاريخية ،السنة العاشرة، 40
العدد ٔالاول ،طرابلس ،يناير1988م ،ص.99-98 -7من البيوت التجارية ي مدينة طرابلس ،بيت عائلة " قنابة "ال كانت ع ى عالقة بمدينة " زندر " ،و ي مدينة غدامس بيت "الث " الذى كان له فرع ي طرابلس وآخر ي تمبكتو ،و ي مدينة غات ،بيت تجارى يمتلكه الحاج محمد الاسود الذى يقيم والدﻩ ي طرابلس ،وله سبعة أبناء يزاولون التجارة ي بالد السودان ينظر: ،Calico Caravans The Tripoli- Kano Trade After1880 ،Marion Johnson I(1976)P.110 ،Vol.XVII ،Jaurnal of African History -8تيس ﺮ بن موﺳ ،املجتمع العربي اللي ي العهد العثماني الثاني ،الدار العربية للكتاب ،ليبيا تونس ،1988 ،ص164. -9أنتوني ج .كاكيا ،ليبيا خالل الاحتالل العثماني الثاني ،1911 -1835مكتبة الفرجاني ،طرابلس1975 ،م ،ص137. -10تيس ﺮ بن موﺳ ،املرجع السابق ،ص164. -11عقيل محمد ال ﺮبار ،دراسات ي تاريخ ليبيا الحديث ،منشورات ،ELGAمالطا، 1996ص57. -12أنتوني.ج .كاكيا ،املرجع السابق ،ص137. -13أنتوني.ج .كاكيا ،املرجع السابق ،ص138. -14خديجة باع ى الشريف ،املرجع السابق ،ص104. َ ْ -15العديلة :حمل أو حمولة – مفردها ِع ْد ُل :نصف الحمل ،وصيغة الجمع :أعدال، ينظر :الطاهر أحمد الزاوى ،مختار القاموس ،الدار العربية للكتاب ،ليبيا –تونس، 1980م ،ص410. -16بش ﺮقاسم يوشع ،وثائق غدامس ،مركز جهاد الليبي ن للدراسات التاريخية، طرابلس ،1995 ،ص.292 -17مقطع :وحدة قياس قماش. -18خرواط :حقيبة قماشية طويلة توضع ا البضائع. -19كواغط :جمع كاغط والكاغط ورق مقوى تحفظ به ٔالاشياء. -20سماوي :لون قريب من ٔالازرق. -21قطف :نوع من القماش. 41
-22ري :نوع من القماش. -23راونداد :أو غ ﺮ معروف العدد. -24شكاك :جمع شك و ي كلمة عامية تدل ع ى العدد. -25بش ﺮ قاسم يوشع ،وثائق غدامس ،ص292. -26املرجع نفسه ،ص 292. -27سلفاتور بونو ) ،تجارة طرابلس ع ﺮ الصحراء ي العقد ٔالاول من القرن العشرين( مجلة البحوث التاريخية ،مركز جهاد الليبي ن للدراسات التاريخية ،السنة الثالثة، العدد ٔالاول ،طرابلس1981 ،م ،ص84. -28رجب نص ﺮالابيض ،مدينة مرزق وتجارة القوافل الصحراوية خالل القرن التاسع عشر ،منشورات مركز جهاد الليبي ن للدراسات التاريخية ،طرابلس ،1998 ،ص213 -29خليفة محمد الاحول ،الجالية ال ودية بوالية طرابلس الغرب من 1864م - 1911م ،رسالة ماجست ﺮ غ ﺮ منشورة ،كلية ال ﺮبية ،جامعة الفاتح _ طرابلس، 1985م ،ص 275. -30رجب نص ﺮالابيض ،املرجع السابق ،ص 232. -31تيس ﺮ بن موﺳ ،املرجع السابق ،ص164 ً ً -32مورت بوريمان :قام برحلة انطالقا من بنغازي ،عام 1862م ،باحثا عن الرحالة الاملاني "فوغل" ووصل ا ى مرزق ،ووصل ا ى واداى وفشل ي محاولته الاو ى ،ثم عاود املحاولة مرة أخرى ولكنه لقى نفس مص ﺮ فوغل .للمزيد ينظر :انتونى.ج .كاكيا ،املرجع السابق ،ص169. Voyages et Explorions 1860-1863 ،Beurmann Karl Moritz von -33 .St.Illide1973 -34املحبوب :عملة ذهبية ضر ت ى عهد السلطان سليم ٔالاول "926-918ه / "1520-1512وأطلق عل ا زر محبوب "أى الذهب املحبوب" وظل هذا النوع من ً النقود يتداول بديال للدنان ﺮ العربية وسجل عليه أسماء سالط ن آل عثمان منذ عهد سليم ..وقد شاع استعمال هذا النوع من النقود ي كل الواليات العربية ال استو ى ً ً عل ا العثمانيون وكانت قيمته تساوي 37.5قرشا صاغا :للمزيد انظر عبدالرحمن فهم محمد ،النقود العربية ماض ا وحاضرها " ،املؤسسة املصرية العامة للتأليف 42
وال ﺮجمة والطباعة والنشر ،القاهرة ،1964 ،ص117.-116 َ ً - 35الريال الغاتي يساوي 2.4ماركا املانيا. - 36كاورى :نقود نسبت ا ى كاور 1 ،اس ﺮلي يساوي 14000كاوري ،للمزيد انظر: مصطفي عبدﷲ بعيو ،املختار ي مراجع تاريخ ليبيا ،ج ،2املرجع السابق ،ص213. -37عماد غانم ،الدواخل الليبية ي مجموعة دراسات الرحالة الاملاني غوتلوب اولف كراوزﻩ ،منشورات مركز جهاد الليب ن للدراسات التاريخية ،طرابلس ،1998 ،ص131. -38املرجع نفسه ،الصفحة نفسها. -39جون ليون ،من طرابلس ا ى فزان ،ترجمة مصطفي جودة ،الدار العربية للكتاب، ليبيا تونس ،1976ص 55. -40عماد غانم ،املرجع السابق ،ص131. -41رجب نص ﺮالابيض ،املرجع السابق ،ص232. -42احمد صد ي الدجاني ،ليبيا قبيل الاحتالل الايطا ي ،املطبعة الفنية الحديثة، القاهرة ،1971 ،ص265. -43مابل لومس تود ،أسرار طرابلس ،مكتبة الفرجاني ،طرابلس ،1968 ،ص154. -44فريدريك هورنمان ،رحلتان ع ﺮ ليبيا ،مكتبة الفرجاني ،طرابلس،1974 ، ص106.-105 -45جيمس ريتشاردسن ،املرجع السابق ،ص300. -46يوسف أبوشنبٕ ،الابل ي دنيا العرب ،تنفيذ دار الوسيم للخدمات الطباعية، دمشق ،1992 ،ص18 -47اسماعيل العربي ،املرجع السابق ،ص44. -48جيمس ريتشاردسن ،املرجع السابق ،ص299. -49املرجع نفسه ،ص282. -50يمتلك التوارق نوع من ٔالابل تسم املهاري ،وهو اسرع من الجمل العادي ،وأرجله اطول ،ويقطع مسافة اليوم ي وقت اسرع من الجمل العادي ،فعندما يولد املهارى ً يظل جاثما ع ى الارض مدة من الزمن قد تكون اسبوع أو ثمانية ايام أو تسعة، ً فيسم عندها ) اسبو ي أو ثموني ،أو تسو ي( وعدد الايام ال يبقها املهارى باركا ع ى الارض يستطيع قطعها ي يوم واحد .سعيد املصري الزوي ،مقابلة مع الباحث بتاريخ: 43
،2002 :10 :20بمدينة اجدابيا. -51فرانسيشكوكورو ،ليبيا أثناء العهد العثماني الثاني ،تعريب خليفه محمد التليﺴ ،املنشأة العامة للنشر والتوزيع والاعالن ،طرابلس ،ط ،1984 ،2ص115. -52صادق مؤيد العظم ،رحلة ي الصحراء الك ﺮى بأفريقيا ،ترجمه عن العثمانية عبدالكريم أبوشويرب ،مركز جهاد الليبي ن للدراسات التاريخية ،طرابلس ،1998 ،ص 93. -53سعيد املصري الزوي ،مقابلة مع الباحث ،بتاريخ ،2002 :10 :20اجدابيا. -54فريدريك هورنمان ،املرجع السابق ،ص29. -55املرجع نفسه ،ص74. -56جون فرنسيس ليون ،من طرابلس ا ى فزان 1822-1818 ،ترجمة مصطفي جودة، الدار العربية للكتاب ،ليبيا تونس ،1976 ،ص72. -57محمد سعيد القشاط ،التوارق عرب الصحراء الك ﺮى ،مطابع اديتار ،ايطاليا، ط2ن1989م ،ص76. -58جيمس ريتشاردسن ،املرجع السابق ،ص 518. -59بش ﺮقاسم يوشع ،وثائق غدامس ،وثيقة رقم ،32بتاريخ 10ذو القعدة 1298ه ،1880ص101. -60املرجع نفسه ،وثيقة رقم ) ،43د.ت( ص 120. -61بش ﺮ قاسم يوشع ،وثائق غدامس ،...وثيقة رقم ) ،29د.ت(ص 96.-95 -62دار املحفوظات التاريخية ،طرابلس ،وال س ﺮمز لها الحقا ب )د .م .ت.ط () ، ملف ٔالامن ( وثيقة رقم /51م1. )-63د .م .ت .ط( ) ،ملف ٔالامن ( وثيقة غ ﺮ مصنفة. )-64د .م .ت .ط ( ) ،ملف ٔالامن ( وثيقة غ ﺮ مصنفة. )-65د .م .ت .ط( ) ،ملف ٔالامن ( وثيقة غ ﺮ مصنفة. -66رجب نص ﺮالابيض ،املرجع السابق ،ص 237. -67خديجة باع ى الشريف ،املرجع السابق ،ص101.-99 -68املرجع نفسه ،ص101. -69املرجع نفسه ،ص102. 44
-70أحمد صد ى الدجاني ،وثائق تاريخ ليبياالحديث ،الوثائق العثمانية-1881 ، ،1911ترجمة عبدالسالم أدهم ،دار صادر ،ب ﺮوت ،1974 ،ص50. -71رجب نص ﺮ الابيض ،املرجع السابق ،ص239. -72إتورى روﺳ ،املرجع السابق ،ص 375. -73املرجع نفسه ،ص 377. -74حسن الفقية حسن ،اليوميات الليبية ،تحقيق محمد الاسطى وعمار جحيدر، ج ،1منشورات مركز جهاد الليبي ن للدراسات التاريخية ،طرابلس ،1984ص -350 351. -75كامل ع ي الويبه ،الادارة العثمانية ي والية طرابلس الغرب ) 1911-1842رسالة ماجست ﺮ غ ﺮ منشورة ،اتحاد املؤرخ ن العرب ،معهد التاريخ العربي وال ﺮاث العلم للدراسات العليا ،بغداد ،2002ص77. -76املرجع نفسه ،ص.78
45
46
الطرق الصوفية و مقاومة ٕالاستعمار مقدمة: يعت ﺮ النصف الثاني من القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين ف ﺮة من أعنف ف ﺮات التسابق املحموم ب ن الدول الاستعمارية ٔالاوربية، من أجل السيطرة ع ى الوطن العربي ،فتحولت املنطقة العربية إ ى ً مسرح للصراع الاستعماري ،خصوصا وإن الدولة العثمانية ال كانت تسيطر ع ى معظم ٔالارا العربية ،قد أصا ا الضعف وال ﺮهل ولم تعد قادرة ع ى حماية شعوب املنطقة. تحت هذﻩ الظروف و ي خضم الصراع ونتيجة الفراغ ي القيادة، احتلت الطرق الصوفية مكان الصدارة ي مواجهة القوى الاستعمارية ال كان هدفها السيطرة ع ى تركة الدولة العثمانية. ومثلما كان للصوفية دور كب ﺮ ي انتشار ٕالاسالم ،الذي نشروﻩ فكرا وسلوكا ،بالقدوة الحسنة ال أقاموها ب ن الناس ،وحاولوا نشر العدل وحرضوا عليه وقاوموا الظلم ،وساووا ب ن الظلم والكفر ،قاوموا الاستعمار الذي ربطوا بينه وب ن الكفر والظلم ،وألجل ذلك تعلقت قلوب ً أتباعهم بمحب م ،إال أن البعض رأى إن بعضا م م كانوا مصانع ن لالستعمار وصنايع له ،وتأتي س ﺮ أئمة الصوفية لتحكي عن مالحم املقاومة والرفض أك ﺮ مما تروي مظاهر الخضوع والخنوع. 47
احتلت الطرق الصوفية موقعا مهم ي تاريخنا العربي وٕالاسالمي ي مقاومة العدوان ،فالصوفيون هم الذين قاوموا الاستعمار الصلي الايطا ي والفرنﺴ وٕالانجل ي ،لقد كان شيوخ الصوفية من وراء حشد املريدين وتحريضهم ع ى قتال الصليبي ن ي حط ن و ي دمياط و ي املنصورة وقتال التتار ي ع ن جالوت) ،(1و ي السودان والصومال وليبيا. غ ﺮ إن ي هذﻩ الورقة سوف أحاول تسليط الضوء ع ى بعض الطرق الصوفية ال كان لها دور ي مقاومة الاستعمار خاصة ي منطقة أفريقيا العربية ،حيث كان لبعض الطرق الصوفية – القادرية ً ً والسنوسية واملهدية والتيجانية -دورا كب ﺮا ي قيادة املقاومة من خالل ٔالاتباع واملريدين وتأث ﺮهم ي العامة. لم يقتصر دور الزوايا الصوفية ع ى تحفيظ القران ودراسة الفقه وتالوة ٔالاوراد ،بل تحولت ي مواجهة املستعمر إ ى مقر ومأوى للمجاهدين ي لون من معي ا القوة املعنوية ال أعان م ع ى آدا دورهم الجهادي، فكان رؤساء ومشايخ وأتباع الزوايا ي الطالئع ٔالاو ى ملواجهة العدوان ).(2 تباين موقف الطرق الصوفية من الجهاد ومقاومة الاستعمار ،فساد التذبذب والاضطراب فيما بي ا ،فالطريقة التيجانية* – حالة الجزائر- أعلنت الجهاد ضد الاستعمار الفرنﺴ ،ثم سرعان ما تخلت عن هذا الدور وهادنت الفرنسي ن).(3 الحركة املهدية ي السودان – ي ٔالاصل قادرية* -أشعلت ثورة بقيادة محمد أحمد عبدﷲ عام 1881للتخلص من الحكم ال ﺮكي املصري و ي أول ثورة إسالمية ي تاريخ الحركة الوطنية السودانية ،عندما اشتبكت مع القوات املصرية ي 12أغسطس 1881م* -فيما عرف -بمعركة جزيرة آبا وال ع ى أثرها لقب زعيم الحركة "باملهدي" وعندما وصل النفوذ 48
الانجل ي للسودان ي أعقاب احتالل مصر عام 1882م ،كانت الحركة املهدية قد ثبتت أقدامها وأصبح أتباعها نحو 4000مقاتل ،توالت انتصارات الحركة املهدية ي عدة مواجهات مع القوات املصرية خالل عامي 1882-1881م هذﻩ املعارك أدت إ ى انتشار الحركة املهدية ي أنحاء السودان).(4 ي نوفم ﺮ 1883م كانت معركة شيكان ال عجلت بعزل حامية الخرطوم وبحر الغزال ،حاولت بريطانيا التدخل ملساندة القوات املصرية، قاد الحملة الج ﺮال غوردن إلنقاذ تلك القوات ولكنه م زيمة ولقي مصرعه ي 26يناير 1885م ودخل املهدي إ ى مدينة الخرطوم ال جعلها عاصمة دولته ،ح تو ي ي يونيو 1885م ).(5 تو ى أمر الحركة نائبه عبدﷲ التعاي الذي أكمل الصراع مع القوات الانجل ية واملصرية بقيادة كتش ﺮ ح مصرعه عام 1898م أدى مقتله ال يار حكومة الحركة املهدية ي السودان أمام تطور أسلحة املستعمر).(6 ي ليبيا كانت الحركة السنوسية* قد ظهرت ي منتصف القرن التاسع عشر بقيادة محمد بن ع ى السنوﺳ ثم خلفه ابنه محمد املهدي ،الذي دفعه التوسع ٔالاوربي خاصة الفرنﺴ ي تشاد واس دافه للزوايا السنوسية ،ببداية التدريب العسكري وشراء السالح ملواجهته ،فباشر معهد الجغبوب والزوايا ي تدريب القبائل ع ى حمل السالح والرماية).(7 ً كان هدفه من مواجهة الفرنسي ن منعهم من التوغل شماال و ديد مركز الحركة ي الكفرة والجغبوب ،ي عام 1890كان بحوزة السنوسي ن 600بندقية و ي عام 1899م حاول أحمد الشريف السنوﺳ – الذي ظهر كقائد للحركة بعد وفاة 49
عمه محمد املهدي -حاول شراء السالح من مصر وكنوع من التقرب الايطا ي للسنوسية واستغالل الصراع الفرنﺴ السنوﺳ قام السف ﺮ ٕالايطا ي ي مصر بإهداء بعض ٔالاسلحة ال احمد الشريف عام .(8)1905 وعندما بدأ التمهيد الايطا ي للغزو ،أطلق شيخ الطريقة السنوسية حملة توعية قام ا ضد الغزو القادم لألمة من قبل ٔالاوروبي ن ،وتنظيم الزوايا ،وتعبئة ٔالانصار؛ بغرس الثقة ي دي م وعقيد م والثقة بقياد م. وحدت الطريقة السنوسية جهودها مع السلطة العثمانية ي مواجهة العدوان الايطا ي وجرت العديد من املعارك املش ﺮكة ،خاصة ي شرق ليبيا خالل سنة 1912ال ي اي ا وقعت اتفاقية أو ،سحبت ع ى أثرها القوات والضباط ٔالاتراك. قامت الطريقة السنوسية ي منطقة الجبل ٔالاخضر بتنظيم حركة ٔالادوار وأدت زوايا الحركة الدور املنوط ا ي التعبئة والتوجيه املعنوي وقيادة معارك الجهاد – حالة أحمد الشريف – عمر املختار – يوسف بورحيل وغ ﺮهم –).(9 ي الصومال اش رت العديد من الطرق الصوفية أبرزها الطريقة القادرية) (10ؤالاحمدية) (11والصالحية) ،(12وأقدمها الطريقة القادرية ال وصلت الصومال ي القرن السادس عشر. انتشرت الطريقة القادرية ي أنحاء الصومال مستخدمة وجوﻩ الحياة مثل التجارة والتعليم وال ﺮبية ،وكان نفوذها الكب ﺮ قد تزامن مع مطلع القرن العشرين حيث برز لها رواد جدد ومن ب ن أتباع القادرية ظهرت الصالحية. )(13 أعلن محمد عبدﷲ حس ن شيخ الطريقة الصالحية ،ثورته ال ناصرها وأيدها الشعب الصوما ي بأكمله وكان اعتمادﻩ ع ى ٔالاسلحة 50
التقليدية القليلة من سيوف ورماح وأسلحة نارية عتيقة من البنادق، ومن الواضح إن هذا الشيخ الثائر كان يتمتع بثقافة ومعرفة وإملام بما يجري ي الوطن العربي والعالم ٕالاسالمي بشكل عام .ويتضح ذلك ي ٔالاسلوب الذي اتبعه الست اض الشعب الصوما ي وتحريضه ضد املستعمر ٔالاجن ودفعه لي ض ويثور ضدﻩ. فقد بدأ بطبع بيانات ومنشورات ورسائل ،يقوم بإرسالها وتوزيعها ع ى زعماء القبائل واملشايخ والفقهاء ؤالاعيان الصومالي ن .كما كان يقوم بتوزيعها لعامة الشعب الصوما ي .و ي كل ذلك كان يحث الجميع ملقاومة الاستعمار ٔالاجن . ي تلك البيانات كان يضرب املثل بمقاومة ٔالام ﺮ عبدالكريم الخطابي ضد فرنسا ومقاومة السنوسي ن ضد ايطاليا ي طرابلس الغرب وبرقة. وثورة سلطان باشا ٔالاطرش ي الديار الشامية ضد فرنسا ويش ﺮ ي رسائله وبياناته لثورة ٔالامام محمد أحمد املهدي ي السودان ضد الانجل ).(14 ي سنة 1906م أف شيخ الطريقة الصالحية محمد صالح – وهو املقيم ي مكة آنذاك – أعلن خروج الشيخ محمد عبدﷲ حسن ع ى تعاليم الطريقة الصالحية ووصفه بأنه أصبح مارقا وخارجا عن ٕالاسالم) (15استفاد الاستعمار الانجل ي من هذﻩ الفتوى ،حيث كانوا دفون لتنف ﺮ الشعب الصوما ي وأبعادﻩ عن الثورة وعن قائدها ملعرف م بتمسك الشعب الصوما ي بمقاومة الاحتالل الانجل ي وٕالايطا ي والفرنﺴ . وقد تو ي الشيخ محمد عبدﷲ حسن الذي أطلق عليه مهدي الصومال ي عام 1921م دون أن يتمكن من تحقيق الهدف ؤالامل الذي 51
ثار وعاش من اجله وهو تحرير بالدﻩ من الاستعمار).(16 من خالل البحث ي الطرق الصوفية السابقة نالحظ: -1إن الطرق الصوفية ال ظهرت ي الوطن العربي خاصة واجهت الاستعمار ٔالاوربي كافة ولم تتأخر أي م ا ي التحريض ع ى املواجهة والدعوة لها ي سبيل حماية الدين. -2مصطلح النصر أو الاستشهاد سيطر ع ى كل قيادات الحركات الصوفية ي مواجهة الغزو الاستعماري وتقدم قياد ا الصفوف. -3أدت الطرق الصوفية ي عصر الاستعمار سد الفراغ الذي كان ً سائدا نتيجة الجهل املنتشر ب ن العامة ومارست تلك الطرق السياج الذي يحم م من ٔالافكار الثقافية الغربية ال حاولت اخ ﺮاق الصرح العقائدي. -4مثل خطاب املقاومة )الجهاد( -الذي مارسته الطرق الصوفية – ً ً مثل لدى الشعوب العربية الاسالمية عامال أساسيا ي التعبئة الجماعية من أجل البناء والتجديد وتجاوز قابلية الاستعمار وثقافته).(17 -5اتضح من خالل البحث بأن الطرق الصوفية ليست فقط ما ينصرف إليه الذهن ألول وهلة الزهد والعزلة والتقشف والعزوف عن ً ً مطالب الدنيا ،بل كانت عنصرا فاعال وايجابيا ي إدارة دفة الحياة. -6شهدت الطرق الصوفية صراع ب ن زعاما ا نتيجة تدخل القوى الاستعمارية مثلما حدث ب ن شيخ الطريقة الصالحية املقيم ي مكة وقائدها امليداني. -7يتضح املام شيوخ الطرق الصوفية بما كان يجري حولهم من أحداث ي عصرهم و ي بلدان مختلفة من العالم ٕالاسالمي. *** 52
الهوامش:
-1قمر الدين محمد فضل ﷲ ،التواصل العربي اللي السوداني والبعد التاري ي والسياﺳ للهوية السودانية ،التواصل الحضاري اللي السوداني ع ﺮ العصور، تحرير ،محمود أحمد الديك ،منشورات مركز جهاد الليبي ن. -2انظر تاريخ الشيخ أحمد الدرديري شيخ الطريقة الخلوتية وتاريخ الشيخ عبدﷲ الشرقاوي شيخ الطريقة الشاذلية وتاريخ الشيخ السادات والشيخ عمر مكرم والشيخ أحمد بن السنباطي وكل هؤالء صوفيون من مصر. ً -3محمود أحمد الديك ،أثر الدين ي حركة الجهاد ي إفريقيا" ليبيا نموذجا" مجلة الجامعة ٔالاسمرية ،العدد السادس ،السنة الثالثة ،2006 ،ص.226 * الطريقة التيجانية :تنسب الطريقة إ ى مؤسسها أحمد بن محمد التيجاني الذي ولد عام 1737ميالدية املوافق 1150هجرية بقرية ع ن ما ال كانت ع ى قدر كب ﺮ من ٔالاهمية العلمية ،ذات بيئة مفعمة بالعلم والورع باعتبارها مركزا للمعرفة والوالية والصالح منذ تأسيسها .نشأ ب ن أبويه الصالح ن نشأة صالحة ،انتقل أحمد التيجاني إ ى بلد ٔالابيض ي ناحية الصحراء حيث زاوية الشيخ الصديقي الشه ﺮ سيدي عبد القادر بن محمد ٔالابيض املعروف بسيدي الشيخ .فاختارها م ال وقرارا وانقطع ف ا للعبادة والتدريس وٕالافادة ملدة خمس سنوات ،ثم ارتحل إ ى تلمسان ،مدينة الجدار، ثم غادرها عام 1772ميالدية. * الطريقة القادرية ي أحد الطرق الصوفية ،تنتسب إ ى عبد القادر الجيالني ) 471ه 561ه( ،وينتشر أتباعها اليوم ي بالد الشام و العراق و مصر وشرق أفريقيا .وقد كانلرجالها ٔالاثر الكب ﺮ ي نشر ٕالاسالم ي قارة أفريقيا و آسيا ،و ي الوقوف ي وجه املد ٔالاوروبي. -4وقفت الطريقة التيجانية إ ى جانب الاستعمار الفرنﺴ ي الجزائر وحاربت ٔالام ﺮ عبدالقادر الجزائري للمزيد ينظر ،مجلة ٔالافكار ،مجلة علمية ثقافية أصدر ا الجمعية الليبية ال ﺮكية للصداقة والثقافة ،العدد 20السنة الرابعة يناير،1959 ص.9 * يذكر الطوير ي بحثه املنشور بندوة التواصل ص ،342إن املعركة ٔالاو ى كانت ي 12 53
أغسطس 1882والثانية ي 9ديسم ﺮ 1881وهذا ربما يكون خطأ مطب ي أو إنه غ ﺮ مقصود .الدراسات التاريخية ،2006 ،ص362. -5أحمد اليأس حس ن ،دور الصوفية ي املجتمعات ٔالافريقية جنوب الصحراء -15 " 19السودان أنموذج" مجلة الجامعة ٔالاسمرية ،العدد السادس ،السنة الثالثة، ،2006ص323-320 -6محمد أمحمد الطوير ،أضواء ع ى دور الحركة الصوفية ي مقاومة الغزو ٔالاوربي ع ى ليبيا والسودان ،التواصل الحضاري اللي السوداني ع ﺮ العصور ،املرجع السابق ،ص.343 ُ * أسسها الشيخ محمد بن ع ي السنوﺳ )1859 1787م( الذي ولد ي مستغانم بالجزائر ،ونشأ ي بيت علم ُوت ً قى .وعندما بلغ سن الرشد تابع دراسته ي جامعة مسجد القروي ن باملغرب ،ثم أخذ يجول ي البالد العربية فزار تونس وليبيا ومصر والحجاز واليمن ثم رجع إ ى مكة وأسس ف ا أول زاوية ملا ُع ِرف فيما بعد بالطريقة السنوسية .وله نحو أربع ن كتابا ورسالة م ا :الدرر السنية ي أخبار الساللة ٕالادريسية وإيقاظ الوسنان ي العمل بالحديث والقرآن. -7أحمد صد ي الدجاني ،الحركة السنوسية نشأ ا ونموها ي القرن التاسع عشر، دار لبنان للطباعة والنشر1967 ،م ،ص 195وما بعدها. --8أحمد صد ي الدجاني ،الحركة السنوسية نشأ ا ونموها ،املرجع السابق ،ص 195. -9محمد فؤاد شكري ،السنوسية دين ودولة ،دار الفكر العربي ،القاهرة 1948م. -10أول من أدخل الطريقة القادرية ي الصومال هو الشريف ابوبكر عبدﷲ العيدروس املتو ى ) (1503ونشرها ي هرر ح أصبحت الطريقة الرسمية املعتمدة لدى أمرا ا وساهمت الحركة التجارية ب ن الصومال والجزيرة العربية إ ى انتشارها. -11تنتسب الطريقة ٔالاحمدية إ ى الشيخ أحمد بن إدريس الفاﺳ 1837 – 1760 وكان الشيخ أحمد الفاﺳ دف إ ى إنعاش الطريقة الصوفية وكانت جهودﻩ موجهة إ ى أفريقيا ي الدرجة ٔالاو ي وأرسل الشيخ أحمد بن إدريس دعاة إ ى منطقة قرن أفريقيا عام 1817م وأرسل الشيخ عبدالرحمن إ ى الصومال .وينتشر أتباع الطريقة ٔالاحمدية ي جنوب الصومال ومن العلماء الذين قاموا بنشرها ي الصومال الشيخ 54
حسن معلم ع ي م م 1917ي مركا ويعت ﺮ الشيخ ع ي م أبرز من نشر الطريقة ٔالاحمدية ي الصومال. - 12فرع من الطريقة املعروفة ي الصومال باسم الطريقة ٔالاحمدية ويسم مؤسس الطريقة الصالحية الشيخ محمد بن صالح تو ي سنة 1918م اش رت الطريقة بالنشاط الدي وبالدور البارز حيث شاركت بفاعلية ي الكفاح الصوما ي ضد الاستعمار ودخلت ي أول مرة بواسطة الشيخ محمد جوليد )ت (1918الذي أسس قرية بصرة قرب مدينة جوهر ،ومن روادها الشيخ ع ي ن ﺮوبي الذي أسس جماعة قرب مدينة بارط ﺮﻩ ونشر الطريقة ع ي ضفاف ر جوبا. -13السيد محمد عبدﷲ حسن ،ولد عام 1856م ي قرية فوب فردوت ،كان وراء انتشار الطريقة الصالحية ي أرجاء الصومال ،وبلغ أتباع الطريقة الصالحية ال كان يقودها البطل ما يقارب 5000نفرا معهم أسرهم وأوالدهم ،وكانت معهم عد م وخيولهم وحم ﺮ وماشي م من ٔالابقار ؤالاغنام وٕالابل ،وكانوا يعيشون ي البوادي، وذلك وسط عام 1899م. -14فاديه عبدالعزيز القطعاني ،دور الطريقة الصالحية ي مقاومة الاستعمار الغربي ي الصومال ،مجلة الجامعة ٔالاسمرية ،العدد السادس ،السنة الثالثة،2006 ، ص260. -15املرجع السابق ،ص 262. -16فاديه عبدالعزيز القطعاني ،دور الطريقة الصالحية ي مقاومة الاستعمار الغربي ي الصومال ،مجلة الجامعة ٔالاسمرية ،املرجع السابق ،ص 264. ً -17محمود احمد الديك ،أثر الدين ي حركة الجهاد ي إفريقيا" ليبيا نموذجا" مجلة الجامعة ٔالاسمرية املرجع السابق ،ص.231
55
56
املرابطية ي مجتمع طرابلس الغرب ي العهد القرمان ي 1835 -1711م مقدمة: يحاول البحث تسليط الضوء ع ى ٔالاولياء والصالح ن واملرابطية ي مجتمع طرابلس الغرب ،وعالق م مع الوالة ي عهد الدولة القرمانلية )1835 -1711م( وسياسة القرمانلي ن تجاههم. إن البحث ي هذا املوضوع ،ومحاولة ٕالاجابة ع ى إشكالية ٔالاهمية ال تمتع ا ٔالاولياء والصالح ن ،والقوة ال يستمدو ا للسيطرة ع ى املجتمع ،واستغالل ذلك من قبل القرمانليون لتوطيد حكمهم ي طرابلس الغرب ،وملعالجة هذﻩ ٕالاشكاليات من الضرورة ٕالاجابة ع ى التساؤالت التالية: أثر الثقافة الصوفية ع ى مجتمع طرابلس الغرب ؟ وما هو الدورالذي يتمتع به الفقهاء ي مجتمع طرابلس الغرب ؟ وكيف كان أثر ٔالاولياء والصالح ن ي بلورة عقيدة املجتمع الصوفية ؟ وما ي الثقافة الدينية ال كانت تسيطر ع ى ٔالاسرة القرمانلية؟ وما دور فقهاء الصوفية ي التعجيل با يار الدولة القرمانلية؟ تم استخدام مجموعة من املصادر ال تناولت بشكل أو بآخر هذا املوضوع ،السيما املعاصرة م ا للف ﺮة القرمانلية ،وأهمها- : )*(
57
كتاب التذكار فيمن ملك طرابلس ومن كان ا من ٔالاخيار ،للمؤرخ: أبوعبدﷲ محمد بن خليل بن غلبون الطرابلﺴ ،ويعد الكتاب من املصادر ٔالاساسية ال أرخت لف ﺮة حكم القرمانلي ن. والكتاب عبارة عن رصد للعالقة ب ن املجتمع والسلطة خالل القرن الثامن عشر .حيث نقل لنا ما توفر له ي زمنه من أخبار ومعلومات وما ُ أمكنه ٕالاطالع عليه وما وصله ممن سبقه ،وقد ألف الكتاب بناء ع ى طلب الوا ي أحمد باشا القرمان ي من الشيخ محمد بن خليل بن غلبون، تأليف تاريخ مدينة طرابلس يكون شرحا لقصيدة أحمد بن عبدالدائم ٔالانصاري ،فقام ابن غلبون بذلك وسم تاريخه ) التذكار فيمن ملك طرابلس ومن كان ا من ٔالاخيار( ،وتناول فيه ٔالاحداث ال مرت ا طرابلس الغرب ب ن الفتح ٕالاسالمي وح ثالثينات القرن الثامن عشر، وكان آخر عام ذكرﻩ ي تاريخه هو عام 1732م وضم الكتاب أيضا ترجمة للعديد من الشخصيات العلمية ؤالادبية. ً كان سبب تأليف الكتاب هو أن وزيرا مغربيا مر بطرابلس حاجا حوا ي عام 1289ي والية يوسف بن طاهر ال ﺮبو ي الذي تو ى الحكم بعد وفاة محمد بن عيﺴ الهنتاتي سنة ) 684ه( 1285م و ي الف ﺮة ال اضطربت ا ٔالاحوال بتونس وأستبد ي طرابلس. " كان ي لسانه فصل ك ﺮ امتحانه والتعرض له بسببه ،حيث أو بعض الوشاة ،ذوي الغايات ،به للوا ي أحمد باشا القرمان ي ،باني الجامع املعروف بطرابلس ،بان الجامع مب من مال حرام وع ى أرض مغتصبة، فأمر أحمد باشا بقتله فقتل شهيدا").(1 ويأتي كتابا املؤرخ أحمد النائب ٔالانصاري :امل ل العذب ي تاريخ طرابلس الغرب؛ و نفحات النسرين والريحان فيمن كان ي طرابلس من 58
ٔالاعيان ،ي ٔالاهمية لقرب مؤلفهما من ف ﺮة الحكم القرمان ي ،كما إن الكتاب ن يؤرخان لحكام طرابلس الغرب ومشايخها خالل الف ﺮة املعنية بالبحث. وجاء كتاب شارل ف ﺮو ،الحوليات الليبية منذ الفتح العربي ح الغزو ٕالايطا ي ليقدم وجهة النظر الغربية عن ٕالايالة القرمانلية . الثقافة الدينية السائدة وتأث ﺮها ع ى مجتمع ٕالايالة:تأثرت الثقافة الدينية ي مجتمع الدولة العثمانية منذ تأسيسها ي مطلع القرن الرابع عشر امليالدي كإحدى إمارات التخوم ،حيث كانت العالقة ب ن الحاكم واملحكوم ن تجري ي إطار من البداوة ،وحيث استند ً السالط ن ٔالاوائل ع ى ٕالاسالم الصو ي متمثال ي عدد من املتصوفة والدراويش* الذين سيطرت أفكارهم وأرا م ع ى املنطقة).(2 ً ً وقد مثلت الطرق الصوفية والاعتقادات الشعبية عنصرا رئيسيا ي حياة املجتمع العثماني و ي تفك ﺮ النخبة املثقفة العثمانية ،ففي بواك ﺮ تكوين الدولة استندت السلطة الحاكمة ع ى الفكر ٕالاسالمي الصو ي وع ى عدد من الشيوخ والدراويش وفقهاء املتصوفة ) ،(3فتبوأ مشايخ الطرق والفقهاء مكانة رفيعة ،وتمتعوا بشعبية كب ﺮة؛ حيث هيمنت طرقهم الصوفية ع ى الحياة الروحية وسط املجتمع العثمانئ ،الامر الذي جعل السالط ن يحاولون احتواءهم بال ﺮغيب أو ال ﺮهيب. فتقلد العديد من أتباع تلك الطرق بعض املناصب الدينية ي الدولة ً العثمانية ،فضال عن تقريب السالط ن والوالة لهم ،ومثال ع ى ذلك، ً ً سيطرة شيوخ الطريقة البكتاشية)*( ال كان لها دورا كب ﺮا ي انتشار ٕالاسالم ب ن السكان املسيحي ن ي البلقان ع ى جنود ٕالانكشارية) ،(4حيث بارك شيوخ هذﻩ الطريقة فرقة الجيش الجديدة )يكيجري( فهم الذين 59
أطلقوا عل م أسم هذﻩ الفرقة ،وإيمانا بكراما م دعوا لهم بالخ ﺮ والظفر).(5 ومع توسع الدولة العثمانية انتشرت الطرق الصوفية ي واليا ا ،و أستغل ٔالاتراك ٔالافكار السياسية والدينية السائدة ي البلدان ال أصبحت جزء من الدولة العثمانية ي تثبيت أقدامهم هناك ،حيث ً أصبحت قاعدة ألم ﺮاطوري م فضال عما كانت تعاني مناطقه من ضعف وانحطاط ).(6 و طرابلس الغرب ال أصبحت تحت الحكم العثماني املباشر منذ عام1551م ،وح عام 1711م عندما أستطاع أحد أبناء الكولوغلية* ويد ى أحمد باشا القرمان ي) (7السيطرة ع ى مقاليد الحكم ي طرابلس ً مرسيا دعائم دولة بحكم وراثي شبه مستقل عن الدولة العثمانية، واستمر ٔالامر هكذا ح عودة الحكم العثماني املباشر عام 1835م. ي العهد العثماني ٔالاول ظهر ي مجتمع طرابلس الغرب فئة تكونت من مجموعات واسعة ،من الشرفاء واملتصوفة والعلماء والخطباء واملفتي ن وغ ﺮهم ممن يملكون رأسمال ثقا ي يعتمدون ي معاشهم عليه. وتنقسم هذﻩ املجموعات إ ى فئت ن الفئة ٔالاو ى ملكت ثروة املعرفة و ي مقدم ا يأتي ٔالاشراف الذين يعود نس م إ ى آل البيت ،وهم يملكون ً ثروة متجددة ال تنضب ،حيث خول لهم الشرف حقوقا واسعة لدى الحاكم والسكان).(8 والفئة الثانية ملكت ال ﺮوة الروحية وم م ٔالاولياء املتصوفون واملرابطون والقائم ن ع ى الزوايا* وشيوخها وكتبة التعاويذ ؤالاحجبة وقراء الكف وضاربوا خط الرمل والتقازة ،ويكتسبون رموزهم من خالل الكرامات ال أضفت عل م نوع من القدسية وكلما تعددت أرتفع مقام 60
الو ي أو املرابط ونال م لة عالية لدى الجميع ).(9 تم عهد ٕالايالة القرمانلية باهتمام ملحوظ ،بالفقهاء ؤالاولياء والصالح ن ،وتقري م والتودد إل م ،فقد ك ﺮ الاعتقاد باألولياء والصالح ن الستغالل نفوذهم ي تدخل هؤالء ي الكث ﺮ من ٔالاحيان لحماية الناس والدفاع ع م بجرأة ،وبحكم كو م مؤثرين عند الحكام وب ن عامة الناس) (10و ي دئة بعض الانتفاضات والثورات وإقرار السلم الاجتما ي. لذا نما نفوذ املرابطية وأصحاب الطرق الصوفية ،ب ن طبقات ً املجتمع ،السيما ي ٔالارياف وأطراف املدن)*( ،وكث ﺮا ما استخدمهم الوالة القرمانليون لفض ال اعات ب ن القبائل ،وحل الكث ﺮ من املشاكل ً وتحريض العامة للدفاع ع م .وباملقابل كث ﺮا ما تخوف رجال الدولة من غض م إذا ما أزعجوهم بسياسا م ،لذلك كان الكث ﺮ م م يعفى من الضرائب ،وزوايا املرابطية حم ال تدخل تحت نفوذ الدولة ال ل ء إال لكو ا تحت إدار م ،وكث ﺮا ما تمتنع الرعية عن الاستكانة والاطمئنان لحاكم أو وا ي ح يتبينوا موقفة من الزوايا واملرابطية).(11 وكلمة مرابط جاءت من الرباط أو املرابطة ع ى الثغور ي أطراف الدولة ٕالاسالمية ،ويرجع تاريخ تأسيس أول رباط ي طرابلس الغرب سنة )180ه 796م ( إ ى أم ﺮ أفريقية هرثمة بن أع ن الهاشم ).(12 وتواصل بناء الرباطات ع ى هيئة سلسلة متقاربة تمتد من طرابلس ً ً غربا إ ى ٕالاسكندرية شرقا (13) ،ومن سواحل املتوسط إ ى املحيط ً ٔالاطلﺴ مخ ﺮقة الصحراء الك ﺮى لتقدم كافة الخدمات للقوافل التجارية ي الصحراء وكذلك للقبائل الرحل ،وال ال يفصل بي ا إال بضع كيلوم ﺮات ،واستمرت ع ى حالها مأهولة باملجاهدين املرابط ن واملتصوفة 61
من الزهاد تؤدي واج ا الحربي ،ومع قدوم ٔالاتراك العثماني ن إ ى طرابلس الغرب (14) ،تولوا املهام ال كانت منوطة بالرباطات ،فتحولت إ ى زوايا لتؤدي دور التعليم ي املنطقة) ،(15وساهمت هذﻩ الزوايا بدور كب ﺮ ي استقطاب املزيد من السكان الرحل لالستقرار ا بصورة دائمة مما أهلهم لالنضمام إ ى املجتمع املستقر).(16 وللمرابط ن -أو املرابطية -بصمات ع ى أرض طرابلس الغرب ،فقبور الصالح ن م م أصبحت أضرحة أولياء ،وحولها تكونت تكتالت سكانية أدت إ ى استيطا م بصفة دائمة ،وقامت حولهم املدن والقرى ،كما سميت بعض املدن بأسماء ساكن ا من املرابطة ؤالاولياء والصالح ن، مثل مدينة بنغازي نسبة إ ى سيدي غازي) (17وتكونت مدينة زلي ن ع ى ضريح سيدي عبدالسالم ٔالاسمر) (18ومدينة العجيالت ع ى ضريح سيدي محمد حركات ) أبوعجيلة() (19ومدينة الزاوية الغربية) (20ال سميت نسبة إ ى زاوية أوالد سنان ،ولك ﺮة ما ا من زوايا ،وقامت مدينة ً البيضاء) (21ع ى الزاوية السنوسية بالجبل ٔالاخضر ،وكث ﺮا ما كانت هذﻩ ٔالاضرحة واملزارات تعج بالدراويش وباملستج ﺮين ا مما يتعرضون إليه من أهوال).(22 وتذكر اليوميات الليبية الكث ﺮ من الحوادث ال استجار ا العامة ً بأضرحة املرابطية ؤالاولياء هروبا من السلطة ومالحق ا لهم ع ى جرائم اق ﺮفوها ،خاصة ضري ي سيدي املارغ وسيدي الصيد).(23 والجدير باملالحظة إن جميع ٔالاضرحة واملقامات تحتوي ع ى نفس املحتويات ،وال تختلف ي البناء أو ي موجودا ا ،فالبناء تتوسطه قبة، وداخل البناء ق ﺮ الو ي أو املرابط والق ﺮ يوضع فوقه صندوق مغطى بقماش أخضر مرسوم عليه نجمة وهالل).(24 62
ويلتقي حول تلك املقامات رجال الطرق الصوفية ،أما الدراويش فيؤدون خدمات عديدة ملقام الو ي الصالح ويستأثرون بما يقدمه املعتقدون الزائرون من صدقات وهبات. آلفت القبائل البدوية خالل القرون الوسطى رؤية علماء الدين والفقهاء ،وكان للتدين والزهد ومعرفة القراءة والكتابة وٕالاتيان ً باملعجزات ،أثرا كب ﺮ ي تكوين عقيدة البسطاء الذين ارتبطت لد م تلك املعرفة بالتبحر ي الدين والعلم ،والرجل العالم ي اعتقادهم هو من يشفي أبنا م من ٔالامراض بكتابة ٔالاحجبة والتمائم ،ويص ي م صالة الاستسقاء ،في ل املطر ،ويعلمهم القراءة والكتابة وحفظ القرآن الكريم ،ويقوم بدور الحكم ي حل منازعا م .لذا تبوءا املرابطية ؤالاولياء )(25 مكانة رفيعة وسط املجتمع البدوي وبلغ من تأث ﺮ املرابطية ؤالاولياء والدراويش ي املجتمع اللي إ ى درجة الاعتقاد ف م بأ م يستطيعون مساعد م ي قضاء حوائجهم ،ف ﺮاهم يت ﺮكون بق ﺮ الو ي ويتوددون إليه ،ويصل اعتقاد البسطاء إ ى تقبيل الضريح ،لتحقيق مطال م وتيس ﺮ أمورهم ي ٔالابناء وكسب الرزق ،ونيل ال ﺮكة) .(26وتوجد بطرابلس العديد من املزارات ال اختفت بسبب تداول الحكام ع ى املدينة).(27 ً وشاع ب ن العامة تسمية أبنا م بأسماء املرابط ن وفاءا م م بالنذور ال قطعوها ع ى أنفسهم حينما دعوا عند مرقد املرابط باالستجابة لحوائجهم ،سواء كان ذلك بشفاء مرضاهم أو إنجاب الذكور وحماي م من املوت أو إرجاعهم بعد غيبة طويلة .ومن أسماء الصالح ن واملرابط ن الشائعة ي طرابلس الغرب ،وال أصبحت ألقاب لعدد من العائالت، املرابط ،الشريف ،الدرويش ،املجذوب ،العيساوي ،املدني ،الدوكا ي، 63
ابوعجيلة ،الفيتوري ،املحجوب ،الزروق ،الشي ئ ،الاسمر … ،الخ).(28 وينقل لنا أحد الرحالة الذي مر بطرابلس الغرب عام 1819م ما شاهدﻩ خالل الاحتفال حيث يقول" استمرت الاحتفاالت ثالثة أيام، بمراسم همجية ،وحماس من املشارك ن الهبه املرابط الكب ﺮ ،ويس ﺮ املخبولون ي املوكب ،وترى نظرات الدهشة ي عيو م ،وخالل س ﺮهم يواك م الحراس والتابعون").(29 ويواصل الرحالة مشاهداته عندما أراد أن يصبح مرابط فيقول" أرسلت ي طلب أحد أك ﺮ املرابط ن شهرة بحجة رغب ي أن أصبح صاحبنا يقوم بالطقوس ويتمتم ،وب ن الح ن وٓالاخر مرابط ،وم يبصق ع ى يدي ويرش بفمه ماء الورد ع ى وجﻬ ،ثم صب املاء ي قنينة ،وأمرني بان اشر ا ي يوم محدد").(30 وشهدت ي منتصف القرن التاسع عشر ،بعض الزوايا والطرق الصوفية أنحراف بعض أتباعها عن دورهم الذي تكونت من أجله تلك الزاوية أو الطريقة لتتحول إ ى أماكن للشعودة وارتكاب بعض ٔالاعمال الغريبة عن ٕالاسالم الطر ي نفسه).(31 الوالة القرمانليون واملرابطية: بالغ الوالة القرمانليون ي تعظيم العلماء املرابطية وإكرامهم وفرضوا لهم ي العطاء ،وتشريفهم وإعفا م من الضرائب ،ح نرى الوا ي أحمد ً باشا القرمان ي ،تم كث ﺮا بتقري م إليه ،وأهتم بزيارة ٔالاولياء وقبور املرابط ن ،إ ى حد إنه خاطب عماله ي املدن باح ﺮامهم ومن الذ م)،(32 ورا ى جانب الدين فزاد الاهتمام بتحصيل العلم وسافر عدد من الطالب لتلقي العلم ي مختلف البلدان) (33م م الشيخ أبوعبدﷲ محمد بن مصطفى املاعزي)(34؛ والشيخ أبي عبدﷲ محمد بن العربي) (35الذي مدح 64
الوا ي أحمد باشا القرمان ي بقوله: نجي ــب ،حس ــيب ،ع ــا ي الق ــدر ،أروع
أدي ـ ـ ـ ــب ،أري ـ ـ ـ ــب ،فاض ـ ـ ـ ــل ،متعف ـ ـ ـ ــف أق ـ ـ ـ ــول ألص ـ ـ ـ ــحابي عل ـ ـ ـ ــيكم بأحم ـ ـ ـ ــد
أف ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاد فج ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاد بالحي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاد املن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــوع ً وأبكـ ـ ـ ـ ـ ــى جريـ ـ ـ ـ ـ ــا بالشكاسـ ـ ـ ـ ـ ــة مولـ ـ ـ ـ ـ ــع
فكمأضـحكاملحـزون)مـن نقـش اسـمه(
وقد طلب ابن غلبون) (36التدخل عندما مثل ب ن يدي الوا ي أحمد باشا بعد أن خاطبه عامل مصراتة بغلظة بقوله: س ـ ــيدي نص ـ ــرة الض ـ ــعيف وغ ـ ــوث للفق ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ﺮ إذا الظل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــوم قـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــالﻩ كيف يخ العناء من يخشاﻩ أحم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــد بيت ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــك املك ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــرم ع ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــز م ـ ـ ـ ــن ن ـ ـ ـ ــوال وأن تكف ـ ـ ـ ــوا ع ـ ـ ـ ــداﻩ يرت ـ ـ ـ ـ ــى نص ـ ـ ـ ـ ـرة وغرفـ ـ ـ ـ ــة فضـ ـ ـ ـ ــل ً )(37 من ـ ــه دوم ـ ــا ب ـ ــدعوة م ـ ــا نس ـ ــاﻩ خ ـ ـ ــادم العل ـ ـ ــم ـ ـ ــي جن ـ ـ ــاب ٔالام ـ ـ ــﺮ ونتيجة ٔالامطار ال هطلت بغزارة وأهلكت املوا ،وخربت البيوت وهدمت زاوية ابن غلبون بمصراتة ،قام أحمد باشا بإعادة بنا ا ،وبناء مسجد محمود خازن دار)*( ،كما أعاد بناء زاوية أبي الحسن ع ي بن الصادق بساحل آل حامد) (38ويذكر إن أوقاف أحمد الزروق) (39كانت قد تقاسمها القائمون عل ا فأعادها وأهتم ا) ،(40وقام ببناء زاوية املاعزي ً باملنشية ،وأيضا ببناء أوقاف بمدينة طرابلس يذهب ريعها للمساجد والزوايا) (41كما قام ببناء جامع بجانب مقام سيدي املارغ الذي كان يوسف باشا يح ﺮمه ويقدسه).(42 ونجح أحمد باشا ي استمالة املرابط سيدي الصيد) (43إ ى جانبه ليقنع أرملة خليل بك ٔالارناؤطي ال استجارت بحرمة مزارﻩ ،بعد أن عجزت عن رد أحمد باشا الذي كان يالحقها لي وجها بعد مقتل زوجها، 65
والذي تعت ﺮﻩ املحرض ع ى ذلك. ً ونظرا ملا يتمتع به هذا املرابط من حضوة وقبول لدى العامة نجح ي ً إقناعها بالزواج من أحمد باشا مدعيا بأنه قد استقرا النجوم ال أنبأته بأ ا ستصبح زوجة داي طرابلس وإ ا ستنجب منه ذرية من ٔالامراء. ً و ي املقابل كان سيدي الصيد نفسه هدفا لشهوات أحمد باشا عندما طلبه أن يرسل معه أبنته الجميلة إ ى القلعة ،ع ى أن يغدق عليه من ٔالاموال والهدايا ما لم يرﻩ من قبل ،غ ﺮ إن سيدي الصيد جعل أبنته )(44 تتجرع السم وأرسلها إليه وعند وصولها فارقت الحياة و ي عهد الداي ع ي باشا القرمان ي )1207 -1167ه1792 -1753 /م( لجاء إ ى املرابطية من أوالد أبوسيف لحل ال اع ب ن قبائل أوالد سليمان والفرجان عام 1767م ،والذي عجز عن التدخل لحله باستخدام قوته العسكرية) ،(45وطلب تدخل سيدي الصيد عند وقوع نزاع عنيف ب ن رمضان أغا ٔالادغم حاكم مصراته والشيخ سيف النصر ) ،(46والذي وفق ي التدخل وحل ال اع. ويذكر الرحالة الورثيالني ،إن ع ي باشا القرمان ي كان يتقرب إ ى ٔالاولياء والصالح ن و تم باملرابط ن وشيوخ الزوايا).(47 و ي سنة 1795م خرج أحمد بك لناحية تاجوراء لزيارة ٔالاولياء كاملعتاد فانتفضت ٔالاها ي بتحريض من شقيقه يوسف فهرب إ ى مصراتة وم ا إ ى مالطا ثم عاد إ ى درنة فيما بعد).(48 واضطر يوسف باشا )1249 -1211ه 1833 -1796 /م( أن يقحم املرابطية للفصل ي نزاع وقع ي منطقة الجبل الغربي سنة 1828م، والتدخل ل دئة الناس ملا لهم من اح ﺮام وسلطان رو ي لد م ،فما كان منه إال أن طلب من شيوخ قبيلة أوالد بوسيف املرابط ن التدخل ل دئة 66
الناس ملا لهم من حضوة وسلطان رو ي عندهم ،ولحل املشكلة ال أدت ي ال اية إ ى حقن دماء العباد وإنقاذ البالد من الدمار الفساد ،ولو ً ً مؤقتا ،بتعي ن غومة بن خليفة املحمودي شيخا ع ى الجبل وقبيلة املحاميد )بيت النوير( بعد مقتل أخيه بالقاسم ،وأعطاﻩ كافة الصالحيات ي التصرف باسم الوا ي ي هذﻩ املنطقة).(49 وأراد يوسف باشا أن تكون له حضوة عند كبار العلماء وشيوخ الطرق الصوفية ،العتقادﻩ بقوة هؤالء الرجال واتقاء شرهم ،وممن اتصل م يوسف باشا من أعالم الصوفية السيد محمد ظافر املدني، صاحب الطريقة املدنية) ،(50املعروفة عندما رأى فيه الهيبة والاستقامة، فقربه يوسف باشا إليه بعد استقبال كريم حافل ،وأبدى ال امه الكامل باعتقادات الشيخ ،مما أوغر صدور نظرائه من علماء وشيوخ البالط الذين سرعان ما قلبوا يوسف باشا عليه).(51 وقال ألحد خواصه " :إن يوسف باشا لن يفلح بعد ٓالان ،فإن شجرته انقلعت من عروقها .وعلق ع ى هذﻩ الحادثة أحمد النائب ي امل ل العذب ،فكتب يقول :وقد كان ٔالامر كما ذكر ،ففي أقرب وقت اختل نظامه وقامت عليه القيامة ،وندم ولم تنفعه الندامة". وفرض يوسف باشا ع ى سكان املنشية ضريبة بعد أن كانوا معفي ن م ا ،وعندما رفضوا أستد ى املشائخ وطلب م م إقناع السكان ،غ ﺮ أن املشائخ توجهوا إ ى ضريح سيدي الصيد ،واستجاروا به ،فعلم الباشا ً بذلك ونظرا ملكانة هذا املرابط تراجع عن مطالب م بتلك الضريبة)،(52 وأعطى عهد باألمان إ ى بعض املرابط ن ومنع التدخل ي حرما م ،أو ان اكها ،أو مضايقة من كان ا إال بقصد الزيارة وطلب صالح الدعوات ).(53 67
كان من ب ن مصروفات يوسف باشا ال كانت سببا ي عجزﻩ املا ي ما كان يتكرم به من ٔالاموال للمرابطية ؤالاولياء الصالح ن الذي كان يرى إنه من املفيد الاحتفاظ بتأييدهم ومبارك م له).(54 وعندما تو ى ع ى باشا)1251 -1249ه1835 -1833 /م( السلطة كتب ً خطابا موجها إ ى سكان ٕالايالة يطال م فيه الخضوع لسلطتة ،وإنه ع ى استعداد لالجتماع م ي إحدى الزوايا ال يختارو ا للتصالح فيما بي م ).(55 الخالصة: من هنا يتضح لنا عمق انتشار الثقافة الصوفية والدروشة وسط مجتمع إيالة طرابلس الغرب ،من خالل تأثر املجتمع بما كان للرباطات من دور ي الدفاع عن حم ٕالاسالم تلك الرباطات ال تحولت مع مرور ً الزمن إ ى زوايا لتعليم القرآن الكريم ،ونظرا لظهور أولئك ٔالاولياء والصالح ن والدراويش من تلك الزوايا ال تتمتع بقدسية ي ثقافة مجتمع إيالة طرابلس الغرب ،ودعو م للناس بالزهد ي الحياة والاقتناع باملوجودٔ ،الامر الذي تناغم هذا مع متطلبات الوالة ي إبقاء الحال ع ى ما هو عليه وعدم التفك ﺮ ي التطور أو إدخال طرق وأفكار جديدة لتطوير واقع الحياةٔ ،الامر الذي أستغله الوالة العثماني ن ،ثم والة العهد القرمان ي ي توطيد أركان حكمهم ي كث ﺮ من ٔالاحيان ،و ي استقرار ٔالاوضاع باإليالة ،باستخدامهم لحل ال اعات ب ن القبائل ،وحل الكث ﺮ من املشاكل. ً ويمكن القول إن تأث ﺮ أولئك املرابطية ال يزال قائما ح وقتنا الحاضر بالرغم انتشار العلم وثقدم املجتمع ،فتأث ﺮهم ي ليبيا ،يظهر من 68
خالل أسماء املدن وبعض ٔالاحياء السكانية ،والشوارع. الهوامش.
* أشتق أسم املرابط – املرابطون ،املرابطية – من الرباط ،ي ذلك اختلف املؤرخون والنحاة فيما تعنيه كلمة "املرابط ن" مع إجماعهم واتفاقهم ع ى مرجعية التسمية ي الكتاب والسنة وقدسي ا ٕالاسالمية وما لها من وقار وإجالل ي تاريخ املغرب ٕالاسالمي.و ي القرآن الكريم جاء ذكر املرابطون والرباط ي ٓالاية الكريمة ال تحث ع ى الرباط ملا فيه من أجر عظيم ي قوله تعا ى :يأ ا الذين أمنوا اص ﺮوا وصابروا ورابطوا واتقوا ﷲ لعلكم تفلحون)سورة آل عمران ٓالاية ،(200و ي ٓالاية :وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل)سورة ٔالانفال ٓالاية ،(60أي جماعات الخيل، داللة ع ى القوة ي ذلك العصر.وقد تعدد مع وأصل كلمة "رباط" ،والرباط :معسكر صغ ﺮ محصن انتشر ع ى حدود الدولة ٕالاسالمية وع ى طرق القوافل الصحراوية أن ﺊ لتأم ن الحدود ،وتحول مع مرور الوقت إ ى سكن للفقهاء والغرباء والعلماء، يحمل ي الشرق أسم )الخانقاﻩ( الفارسية ٔالاصل ،للمزيد ينظر ،ن.إ.بروش ن ،تاريخ ليبيا من اية القرن التاسع عشر ح عام 1969م ،منشورات مركز جهاد الليبي ن ً للدراسات التاريخية ،سلسلة الدراسات امل ﺮجمة2005 ،11م ،ص 42؛ وينظر أيضا: محمد الكوني بالحاج ،التعليم ي مدينة طرابلس الغرب ي العهد العثماني الثاني، مركز جهاد الليبي ن للدراسات التاريخية2000 ،م ،ص 28وما بعدها. * الفقهاء :فقيه العلم بال ء .وفهمه .والفطنة .وغلب ع ى علم الدين لشرفه .وفقه ً فهو فقيه .وتفقهه – فهمه .وفقهه تفق ا – علمه ،وهو مصطلح يطلق ع ى رجال الدين املسلم ن ،للمزيد الطاهر أحمد الزاوي ،مختار الصحاح ،الدار العربية للكتاب، 1981م ص.482 * الدراويش :مفردها درويش ،وهو الفق ﺮ الزاهد ي الصوفية ،للمزيد القاموس املحيط ،القاموس الغ . http: //lexicons.sakhr.com/SearchResults.aspx ، -1أحمد النائب ٔالانصاري ،نفحات النسرين والريحان فيمن كان ي طرابلس من ٔالاعيان ،دار الفرجاني للنشر والتوزيع ،القاهرة1994 ،م ،ص143. -2احمد بشار اوجاق ،الحياة الدينية والفكرية ،الدولة العثمانية تاريخ وحضارة، 69
إكمال الدين إحسان أوغ ي ،ترجمة صالح سعداوى ،املجلد الثاني ،استانبول، 1999م ،ص157. -3املرجع السابق ،ص.169 * البكتاشية ،مؤسسها حا ي بكتاش ،بعد أن دشن مراحل والد ا ٔالاو ى إبدال موﺳ أحد دراويش الحيدرية ) القلندرية( ،والطريقة البكتاشية طريقة صوفية علوية مليئة بالهرطقات والانحرافات ترجع إ ى)القرن 8ه( القرن الرابع عشر ميالدي ،ولكن سيطرت عل ا الدولة ي إطار "ٕالاسالم داخل املؤسسات ،وارتبطت هذﻩ الطريقة ً ً ارتباطا وثيقا بالقصر وبالتا ي باالنكشارية ،للمزيد ينظر ،أكمال الدين أحسان أوغ ى، تاريخ الدولة العثمانية تاريخ وحضارة ،املرجع السابق ،ص 178وما بعدها؛ والسائح ع ي حس ن ،ملحات من تاريخ التصوف وتاريخه ،منشورات كلية الدعوة ٕالاسالمية، ط ،1997 ،2ص322؛ و زكريا سليمان بيومي ،الطرق الصوفية ب ن الساسة والسياسة ي مصر املعاصرة ) ،(1983-1903مصر1990 ،م ،ص 41.-39 -4خليل اينالجيك ،تاريخ الدولة العثمانية من النشؤ إ ى الانحدار ،ترجمة ،محمد ٔالارناؤوط ،دار املدار ٕالاسالمي ،ب ﺮوت لبنان2002 ،م ،ص.297 -5أحمد النائب ٔالانصاري ،امل ل العذب ي تاريخ طرابلس الغرب ،مكتبة الفرجاني، طرابلس الغرب ،ليبيا ،د.ت ،ص 334. -6عزيز سامح ال ﺮٔ ،الاتراك العثمانيون ي إفريقيا الشمالية ،ترجمة ،محمود ع ي عامر ،دار ال ضة العربية ،ب ﺮوت ،لبنان1989 ،م ،ص.108 * الكولوغلية ،ومفردها كرغ ي .و ي تسمية تركية وتع ابن الجندي أو العسكري ،أي ن محصلة الزواج الشر ي ب ن العساكر الانكشارية الوافدين من مناطق مختلفة من الدولة العثمانية ،أوربية كانت أو أسيوية ،والنساء املحليات العربيات أو ال ﺮبريات ،أو الجواري أو السبايا املسيحيات ٔالاصل ،للمزيد ينظر ،انريكو دي أغسطي ،سكان ليبيا ]طرابلس[ ،تعريب خليفة التليﺴ ،دار العربية للكتاب ،ليبيا1978 ،م ،.ص 43. -7القرمان ي ،قدم جد القرمانلي ن – الذي كان مجرد نوتي بحار من مواليد مدينة قرمان باألناضول -إ ى طرابلس ي زمن والية درغوت باشا 1565-1553م ،وكشأن ً غ ﺮﻩ من املغامرين ٔالاتراك تملك بستانا بضاحية املنشية بطرابلس واستقر فيه، وتزوج من إحدى النساء العربيات ،وتوارثت ساللة ذلك البحار من أب إ ى ابن اسم 70
جدهم امللقب بالقرمان ي ،واستمروا ي مصاهرة العرب ،وام ج دمهم م ،وبعد ً م قرن من الزمان أصبح لهم من أصلهم ال ﺮكي إال اللقب فقط ،ونظرا الرتباطهم بوشائج املصاهرة مع الطرابلسي ن ،جعل أهل البالد ينظرون إل م ع ى أ م من أصل عربي ،وقد تبوأ العديد م م مناصب مرموقة أثناء العهد العثماني ٔالاول ،وتحصل يوسف القرمان ي ع ى منصب أرفع وهو" باش – أغا" لجميع فرسان الساحل واملنشية ،ثم خلفه ابنه أحمد الذي أصبح مؤسس ٔالاسرة القرمانلية .للمزيد ينظر، عمر ع ى ابن إسماعيل ،ا يار ٔالاسرة القرمانلية ي ليبيا 1835-1795م ،مكتبة الفرجاني طرابلس1966 ،م ،ص 32وما بعدها. * الزوايا ،ي عبارة عن مساجد ومدارس ومساكن للعامل ن ومأوى للفقراء والسابلة، وكذلك مخازن للمؤن والسلع .وأصبحت الزاوية أهم رك ة لقوة الحركة الصوفية ً ً ً ً ً ً ً وانتشارها وصقل أتباعها صقال روحانيا منهجيا وحركيا ،وأحيانا عسكريا جادا .وهذا كله يصب ي نفس املفهوم ،أي الرباط ،وذلك لسد الثغور والذود عن بيضة ٕالاسالم، و الانتساب إ ى أهل الدين وخاصته أن كان ذلك عن طريق عالقة الدم ،مثل انتسا م لذرية العلوي ن أو الصحابة ،أو ٔالاولياء الصالح ن من املسلم ن العباد ً الزهاد ،أو كان ذلك بارتباطهم بتحالفات ووالءات مع غ ﺮهم من القبائل ٔالاك ﺮ حجما ً وشأنا ،أحمد صد ي الدجاني ،الحركة السنوسية نشأ ا و نمؤها ي القرن 19م، الناشر غ ﺮ معروف ،مصر1988 ،م.ص.240 -8عيﺴ رمضان القبالوي ،بدايات التخلف ي الوطن العربي ،أمثلة تطبيقية من ليبيا ،منشورات مركز جهاد الليبي ن للدراسات التاريخية2005 ،م ،ص 371 -9املرجع نفسه ،ص.371 * ال يمكن للقوة أو القانون من السيطرة أو إخضاع القبائل البدوية ،لذلك كان من الصعب تحقيق نفوذ الدولة العثمانية ي مضارب القبائل ال كانت تتمتع بأك ﺮ قوة من مراكز املدن ،فلم تكن قبائل البدو تخ الدولة فهم ال يحتاجون لدوائر الحكومة ،وبالتا ي استخدمت الدولة العثمانية رجال الدين لالتصال بتلك القبائل لح ا ع ى اح ﺮام الدولة وتحصيل الضرائب. -10أحمد النائب ٔالانصاري ،امل ل العذب ي تاريخ طرابلس الغرب ،املرجع السابق، ص 255. 71
-11ع ي حس ن النمر ،ابن غلبون وكتابه التذكار ،دراسة مقارنة ي تاريخ ليبيا الحديث ،منشورات مركز جهاد الليبي ن للدراسات التاريخية ،2008 ،ص 440. -12الطاهر أحمد الزاوي -معجم البلدان الليبية ،مكتبة النور ،طرابلس -ليبيا، 1968م ،ص .57 ،53 -13تيس ﺮ بن موﺳ ،املجتمع العربي اللي ي العهد العثماني الثاني ،الدار العربية للكتاب ،ليبيا -تونس1988 ،م ،ص .78 -14صالح املزي ،ليبيا منذ الفتح ح الخالفة الفاطمية ،جامعة قاريونس ،ليبيا، 1994م ،ص 257.-256 -15املرجع نفسه ،ص .257 -16تيس ﺮ بن موﺳ ،املرجع السابق ،ص 79. ً -17ب غازي ،كانت قديما تد ي ) برنيق ( ،ثم أستوط ا رجل صالح يعرف بسيدي غازي سنة 1450م ،وتو ي ا ودفن بمق ﺮة سيدي خريبيش ،وسميت بأسمه ،للمزيد ينظر ،الطاهر أحمد الزاوي ،معجم البلدان الليبية ،املرجع السابق ،ص64. -18عبد السالم ٔالاسمر أشهر أعالم الصوفية ي ليبيا ،ولد الشيخ عام 880)1475ه(م وتو ي عام 981) 1573ه(م ،ويوجد بمدينة زلي ن ،ولقب ٔالاسمر اكتسبه من السمر ي التفكر ي آيات ﷲ تعا ى ،وإ ى اسمه )عبد السالم( تنسب الطريقة السالمية ،قطع الشيخ رحلة طويلة مضنية ي طلب التحصيل العلم والبحث ي العلوم ٕالاسالمية ،ل خاللها من زاد املعرفة ،والتقى بكبار العلماء وجاب ً عمرﻩ كله ي طلب العلم ،وتحفيظ القرآن الكريم، كث ﺮا من املدن الليبية ،وق وتدريس العلوم ٕالاسالمية ،والتأليف وهو الذي كان السبب ٔالاول ي شهرة العديد من الصالح ن وإجازة العلماء ي ليبيا ،وقد أوردت قصيدته )السلسلة الذهبية( ذكر بعضهم ،للمزيد ينظر ،أحمد النائب ٔالانصاري ،امل ل العذب ي تاريخ طرابلس الغرب ،ص222؛ تيس ﺮ بن موﺳ ،املرجع السابق ،ص.87-86 -19العجيالت :جاء ذكر املنطقة ي كتاب معجم البلدان الليبية باسم ) أبي عجيلة ( يقول الطاهر الزاوي" ،هو بلد كب ﺮ غرب الزاوية بنحو 35كيلو م ﺮ ،ويوجد به و ي أسمه ) أمحمد حركات ( ،ولقبه أبو عجيلة ع ى صيغة تصغ ﺮ ٔالان من العجول ،تو ي سنة 789ه 1387م ،ويذكر إ ا مركز حكومي به أرا خصبة كث ﺮة ومدارس و ضة 72
ثقافية" ،للمزيد ،ينظر ،الطاهر أحمد الزاوي ،معجم البلدان الليبية ،املرجع السابق، ص17. -20الزاوية الغربية ،توجد ا العديد من الزوايا ،مثل زاوية أوالد سهيل ،وزاوية أوالد سنان للمزيد أنظر ،أحمد النائب ٔالانصاري ،نفحات النسرين والريحان فيمن كان ي طرابلس من ٔالاعيان ،املصدر السابق ،ص 167كذلك ينظر ،الطاهر أحمد الزاوي، معجم البلدان الليبية ،املرجع السابق ،ص151.-150 -21البيضاء ،تأسست ع ى زاوية السنوسية ٔالاو ى ،كان املكان يعرف بدنقرة ،وسميت البيضاء أل ا كانت البناء ٔالابيض الوحيد ي منطقة شاسعة من ٕالاقليم وظلت املنطقة تعرف بالزاوية البيضاء إ ى أن غلب عل ا أسم البيضاء ،بعد الحرب العاملية الثانية ،للمزيد ينظر ،الطاهر أحمد الزاوي ،معجم البلدان الليبية ،املرجع السابق، ص73. -22شارل ف ﺮو ،الحوليات الليبية منذ الفتح العربي ح الغزو ٕالايطا ي ترجمة محمد الوا ي ،منشورات جامعة قاريونس ،ليبيا ،ط1994 ،3م ،ص36. -23عمار جحيدر ،اليوميات الليبية ،الجزء ٔالاول ،مركز جهاد الليبي ن للدراسات التاريخية ،طرابلس ،2001 ،اليومية رقم.1511 -1331 -586 : -24عبدالجليل الطاهر ،املجتمع اللي ،دراسات اجتماعية وأن ﺮوبولوجية، منشورات مكتبة صيدا-ب ﺮوت 1969م ،ص169.-168 -25عبدالجليل الطاهر ،املرجع نفسه ،ص308. -26نفسه ،ص183. -27ع ى فهم خشيم ،الحاجية من ثالثة رحالت ي البالد الليبية ،دار مكتبة الفكر، طرابلس ،1974 ،ص144. -28فرج عبدالعزيز نجم ،القبيلة وٕالاسالم والدولة ،مكتبة الدعوة باألزهر ،القاهرة، ،2005ص 148. -29جون فرنسيس ليون ،من طرابلس إ ى فزان ،1818الدار العربية للكتاب ،ليبيا – تونس1976 ،م ،ص 14. -30املرجع نفسه ،ص15. -31سالم الابيض ،مجتمع القبيلة ،البناء الاجتما ي وتحوالته ي تونس ،دراسة ي 73
قبيلة عكارة ،املطبعة املغاربية للطباعة والنشر2006 ،م ،ص240. -32أبوعبدﷲ محمد بن خليل غلبون الطرابلﺴ ،تاريخ طرابلس الغرب املسم التذكار فيمن ملك طرابلس ومن كان ا من ٔالاخيار ،تحقيق الطاهر أحمد الزاوي، املطبعة السلفية ،القاهرة1349 ،ه )1930م( ،ص199. -33املصدر نفسه ،ص201. -34أبوعبدﷲ محمد بن مصطفى املاعزي ،أحد أبناء قبائل الكورغلية ،سافر إ ى مصر وتفقه ي علم النحو ،وعلم الكالم ،والحديث والتفس ﺮ ،والتقى بمكة الشيخ أكرم الهندي ،والشيخ أبا الحسن السندي ،مؤسس زاوية املاعزي باملنشية ي عهد أحمد باشا القرمان ي للمزيد ينظر ،أبوعبدﷲ محمد بن خليل غلبون الطرابلﺴ ، املصدر السابق ،ص.202 -35الشيخ محمد بن العربي ولد بمدينة طرابلس ونشأ ا تلقى تعلمه عن أفاضل املدينة ثم أرتحل إ ى مصر وتلقى ف ا علوم زمانه ،للمزيد ينظر أحمد النائب ٔالانصاري ،امل ل العذب ،املصدر السابق ،ص ،307وأبو عبدﷲ محمد بن خليل غلبون الطرابلﺴ ،املصدر نفسه ،ص205. -36ابن غلبون ،هو أبي عبدﷲ محمد بن خليل بن أحمد بن عبدالرحمن بن غلبون ً ً ً ً الطرابلﺴ ،من علماء طرابلس’ فق ا فاضال واسع العلم مؤلفا صوفيا واعظا ،من القائل ن بالحق ،ألف التذكار فيمن ملك طرابلس من ٔالاخيار ،للمزيد ينظر ،أحمد النائب ٔالانصاري ،نفحات النسرين والريحان فيمن كان ي طرابلس من ٔالاعيان، املصدر السابق ،ص143. -37أبوعبدﷲ محمد بن خليل غلبون الطرابلﺴ ،املصدر نفسه ،ص208 * محمود خازندار ،علجا من علوج ٔالاتراك أسلم وحسن إسالمه وب املص ى سنة 1091ه1680 -م ،ومسجد سليمان داي املعروف بصفر داي يقع غربي الزندانة الك ﺮى بحومة اوألد نوير ،ومسجد قصر أحمد بمصراتة ،للمزيد ينظر ،الطاهر أحمد الزاوي ،معجم البلدان الليبية ،املرجع السابق ،ص76. -38أبوعبدﷲ محمد بن خليل غلبون الطرابلﺴ ،املصدر نفسه.173 ، ً -39احمد الزروق ،ولد ي محرم سنة 846ه 1442م وأسمه كامال ،شهاب الدين أبوالعباس أحمد بن أحمد بن محمد بن عيﺴ ال ﺮنﺴ الفاﺳ ولقب زروق ورثه عن 74
جدﻩ الذي كان أزرق العين ن ،له زاوية تعرف بزاوية الزروق بمصراته ،للمزيد ينظر، ع ي فهم خشيم ،أحمد زروق والزروقية ،دراسة حياة وفكر ومذهب وطريقة ،املنشأة ً الشعبية للنشر والتوزيع وٕالاعالن ،ط1980 ،2م ،ص 21وما بعدها ،ينظر أيضا، الطاهر أحمد الزاوي ،أعالم ليبيا ،مؤسسة الفرجاني ،طرابلس -ليبيا ،ط1971 ،2م، ص .84-83 -40أبوعبدﷲ محمد بن خليل غلبون الطرابلﺴ ،املصدر نفسه ،ص.202 -41نفسه ،ص210. -42سيدي أحمد املارغ ،يوجد ضريحه بساحل طرابلس ،وقد تمتع هذا الضريح باح ﺮام يوسف باشا وتقديسه ،ح أصبح مالذ للفارين من السلطة ،للمزيد ينظر، اليوميات الليبية ،ص . 340 -43املرابط سيدي الصيد ،هو محمد الصيد اليحياوي ،تو ي سنة 1050ه 1640م، له عدة كرامات ،وله خلف من بعدﻩ ،له مقام يزار بالهنش ﺮ قرب مدينة طرابلس، وتمتع مقامه بحرم آمن وكان مالذ للفارين ،للمزيد ينظر ،أحمد النائب ٔالانصاري، امل ل العذب ي تاريخ طرابلس الغرب ، ،املصدر السابق ،ص 252-251؛ و حسن الفقيه حسن ،اليوميات الليبية ،مركز جهاد الليبي ن للدراسات التاريخية ،ص540. -44شارل ف ﺮو ،املرجع السابق ،ص 303-302 -45شارل ف ﺮو ،املرجع السابق ،ص 324 -46نفسه ،ص 331. -47ناصرالدين سعيدوني ،ليبيا كما وصفها رحالة جزائري ،مجلة البحوث التاريخية، مركز جهاد الليبي ن للدراسات التاريخية ،العدد ٔالاول السنة الرابعة ،يناير 1982م، ص.119 -48أحمد النائب ٔالانصاري ،امل ل العذب ،املصدر السابق ،ص 328. -49أتوري روﺳ ،املصدر نفسه ص 399. -50املدنية :نسبة إ ى السيد محمد بن حسن بن حمزة بن ظافر املدني ،ولد باملدينة املنورة سنة )1194ه(1780م ،وتو ي ودفن بمدينة مصراتة سنة)1263ه( 1846م. ومازالت ذريته من صلبه تقيم بمدينة مصراتة حول زاويته الشه ﺮة .والشيخ أك ﺮ مؤسﺴ الطرق الصوفية ُعرف بمواجهته الحكام ،وخاصة يوسف باشا القرمان ي، 75
للمزبد ينظر :الطاهر أحمد الزاوي .أعالم ليبيا .املرجع السابق .ص .361 -360 -51أحمد النائب ٔالانصاري ،امل ل العذب ،املصدر السابق ،ص371.-370 -52شارل ف ﺮو ،املرجع السابق ،ص423. -53عمر ع ي بن إسماعيل ،سقوط الدولة القرمانلية ي ليبيا 1835-1795م ،رسالة ماجست ﺮ غ ﺮ منشورة ،كلية ٓالاداب ،جامعة ع ن شمس ،القاهرة1966 ،م ،ص418. -54شارل ف ﺮو ،املرجع السابق ،ص415. -55نفسه ،ص .426
76
جامع املجابرة)*( ودورﻩ ي املشهد ٕالاجتما ي والسياﺳ والثقا ي يتوسط جامع املجابرة قرية القصبات بمدينة مسالته* ال ورد ذكرها ي املصادر الرومانية باسم مسفي ) (Misfeو ي محطة ع ى الطريق الرومانية ب ن لبدة الك ﺮى ) (Leptis Magnaوترهونه) ،(1كما إن املدينة اكتسبت خالل ف ﺮات من التاريخ أهمية خاصة حيث تحولت ي بعض السنوات إ ى محطة هامة لقوافل الحجيج كلما تأزمت ٔالاوضاع ع ى الطريق الساح ي املحاذي للبحر املتوسط. تش ر املدينة بقلع ا ال تعرف بالقصبة ويرجح بعض املؤرخ ن إ ى إ ا بنيت من قبل ٔالاسبان ي القرن السادس عشر غ ﺮ إن أغلب املصادر ال تش ﺮ إ ى قيام ٔالاسبان ببناء أي قالع خارج سور مدينة طرابلس " الحصار") ،(2ي الوقت الذي تؤكد فيه إن أعداد كب ﺮة من سكا ا انتقلوا لإلقامة بمسالته منذ وصول القوات الاسبانية) (3ويتضح ذلك من خالل الاطالع ع ى إحصائيات سكان مسالته الوافدين إل ا من أماكن مختلفة).(4 تش ر مدينة مسالته بك ﺮة زوايا تحفيظ القران الكريم غ ﺮ إن أشهر وأقدم هذﻩ الزوايا زاوية سيدي الدوكا ي ال أسسها الشيخ عبد ﷲ 77
الدوكا ي بقرية زعفران وال طلب ف ا العلم بعض املشائخ املعروف ن ي املشهد الثقا ي الدي ي ليبيا ،مثل الشيخ أحمد زروق* والشيخ عبد السالم ٔالاسمر* الذي تتلمذ ع ى الشيخ عبد الواحد بن محمد الدوكا ي*. وتحتوي مسالته ع ى العديد من مقامات ٔالاولياء والصالح ن ورد ذكرهم ي كتاب ٕالاشارات لبعض ما بطرابلس الغرب من املزارات ملؤلفه عبدالسالم بن عثمان الفيتوري ،وقد عدد املؤلف الكث ﺮ من مناقب وكرامات أولئك ٔالاولياء).(5 لم يع ﺮ الباحث ع ى تاريخ محدد إلنشاء الجامع إال أنه كان قد تعرض للسقوط بعد أن حل باملنطقة وباء قاتل ذهب ضحيته أعداد كب ﺮة من سكان املدينة بحيث أصبح بعد سقوطه يقال " ال ي عقبه الوباء كمله جامع املجابرة". ومن يطلع ع ى تاريخ ٔالاوبئة الفتاكة ال أصيبت ا البالد وأودت بحياة الكث ﺮ من البشر يجد إن أخطرها كان الطاعون الذي أنتشر عام 1785م وعاد بعد مئة عام ي اية القرن التاسع عشر).(6 ً كما أصيبت البالد بالعديد من ٔالاوبئة ٔالاخرى وال تعت ﺮ أشد فتكا من الطاعون و ي ف ﺮات مختلفة من التاريخ الحديث ،غ ﺮ إنه من الثابت إن أحد ٔالامراض الفتاكة قد أصيب به سكان منطقة مسالته وتالﻩ وقوع الجامع ع ى املصل ن وفقدت املنطقة نتيجة ذلك العديد من سكان املنطقة. لعل املتمعن ي قراءة الاسم الذي أطلق ع ى الجامع " املجابرة " يضع ً ً تساؤال رئيسيا ملاذا سم ذا الاسم ؟ فقبيلة ي املجابرة أحدى القبائل ال تسكن واحة جالوا وقد اش رت هذﻩ القبيلة بام ا ا تجارة القوافل ب ن املركز العمرانية ي الصحراء الك ﺮى واملدن الساحلية ع ى البحر 78
املتوسط. وبما أن مسالته محطة مهمة ع ى طريق قوافل الحج الشما ي و ي املدينة ال تزخر بالعديد من الزوايا واملقامات فال يستبعد الباحث ،قيام بعض من تجار املجابرة ببناء هذا الصرح الدي ع ى طريق الحجيج يرتادﻩ الحجاج والتجار واملسافرين لالس ﺮاحة وتأدية الواجبات الدينية. وقد ذكر ٔالاستاذ أحمد الدجاني ي كتابه "طرابلس الغرب ي العهد العثماني" أن املجابرة هم وسيلة نقل وتبادل التجارة ب ن السودان وتشاد ي الجنوب و أوروبا ي الشمال ومصر ي الشرق وشمال أفريقيا ي الغرب).(7 الباروني* يعلن نفسه وا ي وقومندان الوالية: وقعت الدولة العثمانية اتفاقية أو لوزان مع إيطاليا وغادر الوا ي العثماني املكلف من قبل السلطان العثماني ي طرابلس الغرب ،ووقع الاختيار ع ى املجاهد سليمان الباروني ليعي ن وا ي وقومندان الوالية. أختار سليمان الباروني مدينة مسالته وبالتحديد جامع املجابرة ا ليعلن عن توليه السلطة ي والية طرابلس الغرب وإعالن دولة طرابلس الغرب وصك عملة عرفت " بالبارونيات " وقاد حركات الجهاد باملنطقة الغربية من ليبيا أو ما يعرف بوالية طرابلس الغرب).(8 و ي عام 1916م اختارها سليمان الباروني لعقد اجتماع املصالحة الذي عقد لحل مشكلة الصراع وتم فيه توقيع الصلح وال ادن ب ن ترهونة ومصراته برعاية سليمان الباروني بصفته وا ي وقومندان الوالية. الجمهورية الطرابلسية: عندما وصل خ ﺮ هزيمة الدولة العثمانية عن طريق الالسلكي ا ى مصراته و بالتا ي توقف دعم السلطان العثماني للمجاهدين الليبي ن ضد 79
الاحتالل الايطا ي وع ى اثر الاجتماع الذي ضم املجاهد رمضان السويح ي والشيخ سليمان باشا الباروني ؤالام ﺮ عثمان فؤاد ممثل الخالفة الاسالمية العثمانية ومناقشة ٔالامر الذي وصل من الحكومة العثمانية والذي كان يتضمن مغادرة ٔالام ﺮ عثمان باشا ومن معه من الضباط العثماني ن تنفيدا لشروط معاهدة "مندروس" و ارسال غواصة لنقل ٔالام ﺮ).(9 وملا كان رمضان السويح ي مؤسس حكومة مصراته ال أثبتت نجاح ى إدارة وتصريف شؤون الحرب والسلم منذ 5أغسطس 1915وبالتا ي كانت فكرة إنشاء كيان يضم الوطن بالكامل وسد الفراغ الذي سيحدث نتيجة تخ ي الدولة العثمانية عن مواصلة الدعم للمجاهدين ،تم الاتفاق ع ى عقد اجتماع بمدينة مسالته فوجهت الدعوة ا ى مؤتمر عام يحضرﻩ كل زعماء واعيان طرابلس الغرب. عقد الاجتماع التاري ي يوم 16نوفم ﺮ 1918بمدينة مسالته بجامع املجابرة وتم الاتفاق ع ى إعالن الاستقالل من جانب واحد اى دون الرجوع ا ى الدولة املحتلة إيطالية وإعالن الجمهورية الطرابلسية).(10 وتم انتخاب مجلس رئاﺳ تكون من الشيخ سليمان الباروني ،الشيخ احمد بك املريض ،املجاهد رمضان السويح ي و املجاهد عبد الن بالخ ﺮ وتم انتخاب مجلس شورى الجمهورية من أربعة وعشرون عضوا ممثل ن كافة مناطق الجمهورية الطرابلسية وتم اختيار رئيس ن لهذا املجلس الشيخ سوف املحمودي والشيخ يح الباروني).(11 كما تم انتخاب مجلس شر ي من أربع علماء وهم الشيخ عمر امليساوى الشيخ الزروق بوخريص ،الشيخ محمد ٕالامام ،السيخ مختار الشكشوكى كما تم اختيار اللواء عبد القادر الغناى من الزاوية الغربية 80
قائدا عام للجيش وتم اختيار الهادي كعبار رئيسا لديوان املالية. تكون مجلس شورى الجمهورية من كل من :الشيخ عبد الصمد النعاس ،عضوا ،من ترهونة .الحاج مفتاح ال ﺮكي ،عضوا ،من مسالته. الشيخ ع ى بن رحاب ،عضوا من فماطة ،الحاج محمد بن خليفة ،عضوا من الساحل ،عبدالسالم الجدايم ،عضوا من زلي ن ،الحاج ع ي املنقوش ،عضوا من مصراتة ،محمد املنتصر ،عضوا عن سرت ،مفتاح التايب ،عضوا من ورفله .السيد محمد بن بش ﺮ ،عضوا أوالد أبي سيف، عبد الرحمن بركان ،عضوا من مرزق فزان ،محمد بن أحمد الفايدي، عضوا من الشاطئ ،الشيخ الحبيب عز الدين ،عضوا من غدامس، إبراهيم أبي ٔالاحباس ،عضوا من الجبل ،الحاج محمد فكي ،عضوا من الرجبان ،الشيخ أحمد البدوي ،عضوا من الزنتان ،سالم ال ﺮشو ، عضوا من يفرن ،الشيخ شطيبة ،عضوا غريان ،ع ي بن تنتوش ،عضوا من ورشفانة ،عبد الرحمن شالبي ،عضوا من الزاوية ،ع ي شالبي، عضوا النوا ي ٔالاربعة ،عبيدة املحجوبي ،عضوا عن صرمان والعجيالت).(12 وقبل أن ينصرف الحاضرون من املسجد أقسم جميعا يم ن الوالء وٕالاخالص للجمهورية ،وتأكيدا لليم ن وضعوا أيد م ع ى املصحف الشريف .وهذا نص اليم ن" :أقسم باهلل العظيم قابضا بيدي ع ى هذا القرآن الكريم أن أجعل نفﺴ وما ي فداء لوط وحكوم الجمهورية الطرابلسية ،وأن أكون لعدوها عدوا ولصديقها صديقا ،ولقانو ا الشر ي مطيعا").(13 ثم اصدر مجلس الجمهورية البيان التا ي " ى تمام الساعة الرابعة والنصف من يوم السبت املبارك الثالث عشر شهر صفر 1337ه املوافق 81
16نوفم ﺮ 1918قررت ٔالامة الطرابلسية تتويج استقاللها بإعالن حكوم ا الجمهورية باتفاق آراء علما ا وأعيا ا ورؤساء املجاهدين املح ﺮم ن الذين اجتمعوا من كل أنحاء البالد. إن ٔالامة الطرابلسية تعت ﺮ نفسها حائزة الستقاللها الذي اكتسبته بدماء أبنا ا وقو ا منذ سبع سني ن ،وسعيدة بالوصول ا ى هذﻩ الغاية ال ى اشرف ما تصل إل ا ٔالامم ،وت أبنا ا بتمام نجاحها واتحادهم ع ى الثبات التام ى الدفاع عن وط م وحكوم م الجمهورية الجديدة" والتوفيق بيد ﷲ تعا ى وحدﻩ).(14 حزب املؤتمر الوط : بدأ واضحا لليبي ن أنه هناك اتجاﻩ من قبل الدول الك ﺮى املنتصرة ى الحرب ع ى فرض وصاية دولية من خالل ٔالامم املتحدة ثم تبلور هذا الاتجاﻩ ا ى تقسيم الوصايا ب ن بريطانيا وفرنسا وإيطاليا بوجهها الجديد بعد سقوط الحكم الفاشس كنتيجة للحرب العاملية الثانية .ثم تتطور الصراع من أجل الوصاية ع ى ليبيا وشمل دوال أخرى تطمح ى الوصاية أيضا ع ى ليبيا مثل مصر والاتحاد السوفي ) آنذاك( والواليات املتحدة كما هناك رأيا بوصاية الجامعة العربية ع ى ليبيا).(15 وأمام هذا التنافس الشديد ب ن كل هذا ٔالاطراف جعل من املستحيل ى الوصول ا ى أتفاق يحسم مسألة الوصايا ع ى ليبيا ومن أجل ذلك تمت أحالة املسألة الليبية من قبل ٔالاربع الكبار الواليات املتحدة وبريطانيا والاتحاد السوفي وفرنسا ى سبتم ﺮ 1948ع ى ٔالامم املتحدة وبدأت مناقشة املسألة الليبية ى أبريل ،1949ولم يغب عن الليبي ن أهمية هذا الصراع ولذلك عزموا ع ى أن يكونوا قريبا من الحدث وقد حضروا تلك الدورة بوفدين أحدهما يمثل برقة ووفد آخر يمثل 82
طرابلس).(16 و ى هذﻩ ٔالاثناء ظهر مشروع بيفن سفورزا وهو أتفاق سرى كان قد جرى ب ن وزير خارجية بريطانيا أرنست بيفن ووزير خارجية ايطاليا كارلو سفورزا وفيه تم الاتفاق ب ن الدولت ن ى أن ليبيا تحصل ع ى استقاللها بعد عشر سنوات ع ى أن توضع أقاليم ليبيا الثالث خالل هذﻩ الف ﺮة تحت وصاية دولية تتو ى بريطانيا الوصاية ع ى برقة وتتو ى ايطاليا بموج ا أدارة طرابلس وتتو ى فرنسا أدارة فزان .وقدم املشروع لألمم املتحدة للتصويت عليه أمام الجمعية العامة ى 17مايو 1949ولتمرريه كان يتطلب موافقة ثل ٔالاعضاء الحاضرين وعددهم 58دولة .وهنا تجلت أهمية وجود الليبي ن ى قلب الحدث ومراقب م وتفاعلهم مع التطورات السريعة والصفقات امل ﺮمة ى أروقة ٔالامم املتحدة).(17 وبداء الليبيون ى ممارسة اللعبة السياسية ع ى املستوى الدو ي بحذق بعد أن أيقنوا أنه يجب عل م تفويت الفرصة ع ى اى مشروع جديد وأن يستبقوا الحدث ويضعوا املجتمع الدو ي أمام واقع جديد تحددﻩ ٕالارادة الوطنية. ي هذﻩ ٔالاثناء وجه املرحوم بش ﺮ السعداوي الدعوة لزعماء منطقة طرابلس لعقد اجتماع بمدينة مسالته ح يتحول الشعور الوط الذي ً ً غمر البالد إ ى شكال سياسيا ولتصبح الشعارات ال صارت ع ى كل لسان لتوثق ي هذا الاجتماع يحضرﻩ زعماء مختلف املناطق ،ووقع ً ً اختيارﻩ ع ى جامع املجابرة مقرا لعقد املؤتمر تيمنا ذﻩ املدينة وهذا املسجد لتوحيد الكلمة).(18 وعقد الاجتماع ي 1949 :08 :21م وأستمر ثالثة أيام وسط حماسة ً ً أها ي مسالته الذين رأوا ي املؤتمر شرفا كب ﺮا لهم باستضافة وجهاء 83
البالد ي هذا الاجتماع السياﺳ التاري ي. أستقبل املرحوم بش ﺮ السعداوي خالل أيام إنعقاد املؤتمر زعماء املنطقة ووفود وشخصيات جاءت من مختلف املدن ؤالارياف والبادية ال وفدت إ ى مدينة مسالته معلنة تأييدها للمؤتمر ومبادئه ).(19 الخالصة: من خالل ما سبق يتأكد أهمية منطقة مسالته وموقعها الجغرا ي الذي يتوسط الجزء الغربي من ليبيا وإمكانيا ا املادية والروحية ال توفرت لها ،فيبدو إن الحالة الاقتصادية لسكا ا ٔالامر الذي جعل من استضافة زعماء البالد عام 1918م وكذلك الفعاليات السياسية ووفود ُ املناطق عام 1949م أمرا ي متناول املنطقة. كما إن وجود زاوية الدوكا ي ال درس ا أغلب رموز الثقافة الدينية باملناطق املجاورة منح املدينة إمكانيات دينية روحية وقدسية لم تتوفر ي مدينة أخرى. باإلضافة إ ى ذلك كانت مسالته ي ف ﺮات من تاريخ الجهاد ضد ٕالاحتالل ٕالايطا ي تمثل عاصمة الجهاد ي غرب ليبيا خاصة عندما أتخذها املجاهد رمضان السويح ي مقر القيادة العسكرية لحركة الجهاد. شهد جامع املغاربة خطبة سليمان الباروني ال أعلن ف ا توليه أمرالوالية وقومندا ا. أحتضن جامع املجابرة مفاوضات الصلح ي ال اع ب ن منطقترهونة ومصراته عام 1916برعاية سليمان الباروني. شهدت مسالته تأسيس الجمهورية الطرابلسية ال أعلنت ف ا ي 16نوفم ﺮ سنة 1918م بجامع املجابرة كما شهدت املنطقة انعقاد مؤتمر الزعامات الوطنية ى جامع84
املجابرة بتاريخ 1949 :08 :21م تيمنا باملكان الذي أسست فيه الجمهورية الطرابلسية ي نوفم ﺮ سنة .1918وهناك تقرر دمج الهيئة مع ٔالاحزاب الطرابلسية الخمسة ،تحت اسم املؤتمر الوط برئاسة بش ﺮ السعداوي. الهوامش:
* املجابرة :قبيلة ليبية تنتم للجبارنة السعادى يعود أصلهم ا ى حمد بن ج ﺮيل بن برغوث بن ذئاب وسعدة ،كانت هذﻩ القبيلة تقيم ي برقة ثم انتقلت منذ قرن ن ا ى مناطق جالو واوجلة والكفرة ي شرق ليبيا للمزيد ينظر ،محمد عبدالرازق مناع، ٔالانساب العربية ي ليبيا ،ص.154 * مسالته :أصل تسمية مدينة مسالته محل خالف و هناك عدة آراء حوله م ا أن الاسم هو تحريف لكلمة مسالت )جمع مسلة( إذ تحتوي املنطقة ع ى قرابة 22قصبة وهو بناء عمودي يشبه املسلة إ ى حد ما .وترجح أقوال أخرى أن الاسم له عالقة بكون املدينة مركز مهم لزراعة أشجار الزيتون فكلمة مسالته باللغة ال ﺮبرية ي اسم ألحد أنواع الزيتون .وتقول آراء أخرى بأن أصل الاسم من السلت أي سلت الزيتون وامليم ي بداية الكلمة ي اختصار "أم" التعريف ي العربية الحم ﺮية ال تقابل أل التعريف ي اللغة العربية. -1لبدة الك ﺮى :مدينة من مدن الشمال ٔالافريقي السابقة ،وتقع ع ى ساحل البحر املتوسط عند مصب وادي لبدﻩ الذي يكون مرفأ طبيعيا ع ى بعد 3كيلوم ﺮات شر ي مدينة الخمس ،ال تبعد 120كم شرق مدينة طرابلس ،املدينة كانت من أبرز مدن الشمال ٕالافريقي ي عصر ٕالام ﺮاطورية الرومانية و ي مصنفة من قبل اليونسكو ضمن قائمة مواقع ال ﺮاث العالم ي ليبيا منذ العام . ar.wikipedia.org/wiki.1982 * ترهونة مدينة تقع إ ى الجنوب الشر ي من مدينة طرابلس بمسافة 88كم ،وتبدأ حدودها الجغرافية من منطقة "وادي فم ملغة" غربا إ ى "بركات " الواقعة جغرافيا ي غرب مسالته ال تحد ترهونة شرقا .ثم من "سوق الجمعة"املصابحة" شماال إ ى وادى "أوكرﻩ املزاوغة ومرغنه" الذي يحد ب وليد جنوبا .تتبع مدينة ترهونة شعبية ترهونة ومسالتة سابقا وشعبية املرقب حاليا .وترتفع عن مستوى سطح البحر 398 85
م ﺮ. ar.wikipedia.org/wiki . -2حسن الفقيه حسن ،اليوميات الليبية ،تحقيق ،محمد ٔالاسطى وعمار جحيدر، مركز جهاد الليبي ن للدراسات التاريخية ،طرابلس ،ج2001 ،1م ،ص119. -3احتل ٔالاسبان طرابلس سنة )1510م( وظلوا يحكمو ا ح سنة )1530م( عندما منحها شارل الخامس إم ﺮاطور ٕالام ﺮاطورية الرومانية لفرسان القديس يوحنا الذين صاروا يعرفون ي ذلك الوقت بفرسان مالطا ،ابن غلبون ،التذكار ،ط،1967 ،2 مكتبة النور طرابلس ،ص136-104 -4ه ﺮيكو دي أغسطي ،سكان ليبيا ،ترجمة خليفة التليﺴ ،ج ،1الدار العربية للكتاب ،طرابلس ،ص .155 ّ * أحمد زروق :أحمد بن أحمد بن محمد بن عيﺴ ال ﺮنﺴ الفاﺳ املعروف بزروق ً ) 846ه 899 -ه( ولد بفاس باملغرب سنة 846ه ،مات أبوﻩ وهو رضيع فنشأ يتيما ُ وتو ى جدﻩ ألمه تربيته ،وكانت أمه تعرف بالزهد والتقوى والصالحّ .زروق هو لقب جدﻩ الذي كان بعينه زرقة ،فقالواّ :زروق ومن ثم أطلقت ع ى ذريته من بعدﻩ ،كان مالكي املذهب حيث قرأ رسالة ابن أبي زيد الق ﺮواني ي فقه املالكية ع ى الشيخ عبد ً ً ً ﷲ الفخار وع ى السبطي بحثا وتحقيقا ،وكان محبا للتصوف فأخذ الطريقة ع ى يد ّ املسلك عبد ﷲ املكي وأخذ عن محمد بن القاسم القوري وغ ﺮﻩ .وتو ي بمدينة الشيخ ِ مصراتة سنة 899ه .للمزيد ينظر محمد عبد القادر نصار ،دارة الكرزة للنشر والتوزيع ،مصر الجديدة ،الطبعة ٔالاو ى 2007 -5عبدالسالم بن عثمان الفيتوري ،كتاب ٕالاشارات لبعض ما بطرابلس الغرب من املزارات ،مطبعة النجاح ،طرابلس ،ص.106 ّ * عبد السالم ٔالاسمر بن سليم الفيتوري ٕالادريﺴ الحس .يعد من أهم علماء ودعاة ٕالاسالم ي القرن العاشر الهجري فهو من فقهاء املالكية وعالم ي العقيدة ومن أبرز مشائخ ال ﺮبية والسلوك ع ى منهج أئمة التصوف .وأحد أهم ركائز الحركة العلمية والدعوية ي املغرب ٕالاسالمّ . تضمن منهجه الدعوي وٕالاصال ي الاهتمام بمختلف ً ً طبقات املجتمع ولم ينحصر ي الطبقة املتعلمةٔ ،الامر الذي جعله قائدا روحيا وبمثابة حجر زاوية لرسوخ ٕالاسالم ي املغرب ٕالاسالمي ،وبعد م خمسة قرون ع ى وفاته فإن أثرﻩ ال يزال واضحا ومؤثرا ع ى الصعيدين العلم والاجتما ي للمزيد 86
ينظر ،القطب ٔالانوار عبد السالم ٔالاسمر /الشيخ ٔالاستاذ أحمد القطعاني. * عبد الواحد محمد الدوكا ي ،من فقهاء املالكية ،ومن أبرزهم باملغرب ٕالاسالمي ي القرن العاشر الهجري ..انتفع بعلمه الكث ﺮون خاصة ي ليبيا وتونس ،وكان ً مفتيا ع ى ً ساعيا املذاهب ٔالاربعة ،ولم يكتف بالعلوم الشرعية ،بل سلك أيضا منهج التصوف، بذلك إ ى العمل بوصية ٕالامام مالك الداعية إ ى الجمع ب ن التصوف والفقه ،وكان ً ّ شديدا ع ى املمارسات الخاطئة لبعض املتصوفة ،من رفاقه العالمة املالكي أحمد زروق ،ومن أبرز تالمذته عبد السالم ٔالاسمر ،وال تزال زاويته بمدينة مسالته بغرب ليبيا بعد قرابة خمسة قرون من وفاة الدوكا ي تعمل ع ى تدريس القرآن والعلوم ٕالاسالمية للمزيد ينظر دار ٕالايمان :التصوف الصحيح ،من أعالم التصوف. -6شارل ف ﺮو ،الحوليات الليبية ،ترجمة عبدالكريم الوا ي ،املنشأة العامة للنشر والتوزيع وٕالاعالن ،ط ،2طرابلس1983 ،م ،ص 459. -7أحمد صد ي الدجاني ،طرابلس الغرب ي أواخر العهد العثماني الثاني -1882 1911م ،املطبعة الفنية الحديثة ،القاهرة1971 ،م . * سليمان باشا الباروني ولد سنة 1287ه1870/م ي مدينة جادو "فساطو" بليبيا، حارب ٕالايطالي ن وكان من أهم السياسي ن الليبي ن ي تلك الف ﺮة حيث كان عضوا ي مجلس املبعوثان العثماني "مجلس النواب" وتحصل ع ى رتبة البكوية وكانت له عدة مبادرات ي ليبيا م ا طباعة عملة سماها البارونية وتأسيس جمهورية ي منطقة طرابلس تحت اسم الجمهورية الطرابلسية .كما أسس املدرسة البارونية بمدينة يفرن وأسس بمصر عام 1906م "مطبعة ٔالازهار البارونية" و ي عام 1908م أصدر جريدته ال أسماها "ٔالاسد ٕالاسالمي" رجع إ ى ليبيا وقاد معارك الجهاد ضد الغزو الايطا ي من ً الف ﺮة 1911م ح 1916م ح ن ع ن واليا ع ى ليبيا ة تحصل من السلطان العثماني ع ى البشوية .اع ل العمل السياﺳ سنة 1919م بعد اع ﺮاف إيطاليا املزيف بالحكومة الوطنية الليبية.و ي عام 1922م أج ﺮته السلطات ٕالايطالية ع ى مغادرة طرابلس ح ن قاوم محاولة بعض الليبي ن اللجوء إ ى الاستسالم ورفض صلح بن ادم وأصر ع ى مواصلة الجهاد .فتنقل ب ن تركيا وفرنسا محاوال العودة إ ى أرض الوطن ولكنه منع ،واستقر به املقام ي سلطنة عمان سنة 1924حيث عمل مستشارا" لدى ٕالامام محمد بن عبد ﷲ الخلي ي إمام ُعمان وظل ا ح وفاته عام 1940م ي الهند 87
أثناء رحلة عالجية من مرض املاالريا. -8مصطفى ع ي هويدي ،الجمهورية الطرابلسية ،مركز جهاد الليبي ن للدراسات التاريخية ،طرابلس ،ص75. -9مصطفى ع ي هويدي ،املرجع السابق. -10مصطفى فوزي السراج ،ذكريات وخواطر ،مركز جهاد الليبي ن للدراسات التاريخية ،طرابلس ،2005 ،ص 361. -360 -11الطاهر أحمد الزاوي ،جهاد ٔالابطال ي طرابلس الغرب ،دار الفتح ،ب ﺮوت ،ط،3 1973م ،ص325. -12محمد فؤاد شكري ،ميالد دولة ليبيا الحديثة ،مطبعة ٕالاعتماد ،القاهرة، 1957م ،ص522. -13محمد فؤاد شكري ، ،املرجع السابق ،ص 529. -14مصطفى ع ي هويدي ،املرجع السابق. -15محمد فؤاد شكري ،املرجع السابق ،ص1024. -16مصطفى فوزي السراج ،املرجع السابق ،ص 360. -17مصطفى فوزي السراج ،املرجع السابق ،ص 361. -18مصطفى فوزي السراج ،املرجع السابق ،نفس الصفحة. -19مصطفى فوزي السراج ،املرجع السابق ،ص .361 املصادر واملراجع. -1ابن غلبون ،التذكار ،ط ،1967 ،2مكتبة النور طرابلس ،ص136-104 -2أحمد القطعاني ،القطب ٔالانوار عبد السالم ٔالاسمر /الشيخ ٔالاستاذ أحمد القطعاني. -3أحمد صد ي الدجاني ،طرابلس الغرب ي أواخر العهد العثماني الثاني -1882 1911م ،املطبعة الفنية الحديثة ،القاهرة1971 ،م . -4الطاهر أحمد الزاوي ،جهاد ٔالابطال ي طرابلس الغرب ،دار الفتح ،ب ﺮوت ،ط،3 1973م ،ص325. -5حسن الفقيه حسن ،اليوميات الليبية ،تحقيق ،محمد ٔالاسطى وعمار جحيدر، مركز جهاد الليبي ن للدراسات التاريخية ،طرابلس ،ج2001 ،1م. 88
-6شارل ف ﺮو ،الحوليات الليبية ،ترجمة عبدالكريم الوا ي ،املنشأة العامة للنشر والتوزيع وٕالاعالن ،ط ،2طرابلس1983 ،م ،ص 459. -7عبدالسالم بن عثمان الفيتوري ،كتاب ٕالاشارات لبعض ما بطرابلس الغرب من املزارات ،مطبعة النجاح ،طرابلس. -8محمد عبد القادر نصار ،دارة الكرزة للنشر والتوزيع ،مصر الجديدة ،الطبعة ٔالاو ى 2007 -9محمد عبدالرازق مناعٔ ،الانساب العربية ي ليبيا ،شركة مطابع املختار للطباعة والنشر ،طٕ ،2الاسكندرية1991 ،م. -10مصطفى فوزي السراج ،ذكريات وخواطر ،مركز جهاد الليبي ن للدراسات التاريخية ،طرابلس2005. ، -11مصطفى ع ي هويدي ،الجمهورية الطرابلسية ،مركز جهاد الليبي ن للدراسات التاريخية ،طرابلس ،ص75. -12ه ﺮيكو دي أغسطي ،سكان ليبيا ،ترجمة خليفة التليﺴ ،ج ،1الدار العربية للكتاب ،طرابلس. . http: //ar.wikipedia.org/wiki -13 . http: //ar.wikipedia.org/wiki -14
89
90
الخمس وتأث ﺮها ي تكوين شخصية الزعيم بش ﺮ السعداوي 1911 – 1884م كان للنضال السياﺳ دورا كب ﺮا ي التعريف بقضايا ليبيا لدى ٔالاوساط العربية والدولية خالل ف ﺮات نضال الشعب اللي ضد الاستعمار وذلك من خالل اللجان والهيئات ال شكلها الليبيون ي الداخل والخارج ،فقد ساهم رجال السياسة ي فضح أساليب الاستعمار أمام الراى العام العربي والدو ي ،بعقد الندوات واملؤتمرات فضال عن ذلك الكتابة ي الصحف واملجالت للتعريف بقضي م ٔالامر الذي اكسب القضية تأييدا كب ﺮا ع ى مختلف الصعد. تتناول هذﻩ الورقة مرحلة من تاريخ ليبيا الحديث ع ﺮ البحث ي تاريخ شخصية املناضل بش ﺮ السعداوي الذي تو ى مهمة كاتب تحريرات الخمس* خالل عام 1909-1908م و ي أول وظيفة يكلف ا وبدايات التكوين السياﺳ لهذﻩ الشخصية ،ال كان لها دور مهم ي تاريخ ليبيا السياﺳ فيما بعد. يعد بش ﺮ إبراهيم السعداوي ) (1957-1884أحد ابرز رجال السياسة الذين بذلوا كل ما ي وسعهم ي سبيل ليبيا ،إذ تقلد العديد من املناصب 91
ٕالادارية املختلفة ي أواخر العهد العثماني الثاني وكانت له مواقف واضحة من سياسة التغلغل الايطا ي السلم ي البالد ،كما شارك ي املرحلة ٔالاو ى للجهاد السيما ي معركة املرقب عام 1912م. تحاول هذﻩ الورقة تسليط الضوء ع ى دور مدينة الخمس ي تكوين شخصية الزعيم بش ﺮ السعداوي السياﺳ واملثقف*الذي ولد باملدينة وتلقى تعليمه ا ثم ع ن للعمل ي دوائر الدولة العثمانية ي عديد املناصب ٕالادارية. ولد عام 1884م ،حفظ القرآن الكريم ثم التحق باملدرسة الرشدية باملدينة) ،(1وكان من الطالب املتفوق ن ف ا وتخرج م ا عام ،1904عينته ً الحكومة العثمانية كاتب تحريرات ،فمفتشا ع ى ٔالاعشار ودوائر النفوس، ً و ى عام ،1908ع ن كاتبا أوال ملجلس ٕالادارة بالخمس ،ارتقى بعدها ي ً الوظائف ٕالادارية فتم تعيينه مديرا للتحريرات ي مدينة طرابلس عام ً ،1909ثم ع ن ي عهد متصرف الخمس شفيق بك قائمقاما لساحل ٔالاحامد قرب الخمس) (2بعد أن عرف ي السعداوي زعامته الواضحة ي قومه. ً ً مما ال شك فيه أن للبيئة أثرا هاما ي تكوين شخصية كل فرد من أفراد املجتمع ونموﻩ ،فباإلضافة إ ى الفطرة والوراثة واملحيط الاجتما ي والثقافة ،يأتي دور البيئة بما ف ا من تأث ﺮات سياسية واقتصادية وثقافية أو طبيعية ّ تطبع الشخصية بطابع متم . ِ ً كان للتنوع البيﺌ املحيط بمدينة الخمس دورا ي تكوين شخصية بش ﺮ السعداوي ،فساحل البحر وقمة املرقب وعبق التاريخ ي مدينة لبدﻩ العظيمة ،و شجرتي الزيتون والنخل ،اجتمعت لتشكل الدافع لديه للتفك ﺮ فيما حوله ،فجميعها تحفز ع ى التفك ﺮ وصقل املوهبة. 92
بداية التكوين الثقا ي كان ع ﺮ ٓالارث الذي تركه جدﻩ إبراهيم - القا بمحكمة الخمس ٕ -الارث الذي تمثل ي مكتبة زاخرة بكتب الدين ً ؤالادب والعلوم ٔالاخرى ،وصار وهو شابا ي مقتبل العمر وبفضل هذﻩ ال ﺮوة العلمية كث ﺮ الاطالع ،حيث بحث ي الفقه املالكي وكتب التفس ﺮ وعلم التوحيد والنحو ،وقرأ ي غزوات الن )صلعم( ،وقرأ كتاب " مروج الذهب " للمسعودي ،وزاد ولوعه وحبه بالقراءة وصار إقباله ع ى ً املطالعة ي ٔالادب والتاريخ ملحوظا ،وأك ﺮ املثابرة عل ا .و ى املرحلة ٔالاو ى من حياته طالع مقاالت صحفية لجريدتي " املؤيد" و" اللواء " املصريت ن، وقد تأثر أيضا بكتاب عبدالرحمن الكواك ،طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد ،وكان تأث ﺮﻩ ي أنه يوافقه ي كراهيته لالستبداد ،كان ينظم الشعر واش ﺮك ي عدد من الصحف العربية وال ﺮكية ،وكان يسهر الليا ي ي قراء ا ،ومن الصحف ال ﺮكية ال اش ﺮك ف ا" ،صباح"" ،إقدام"، "طن ن"" ،تصوير أفكار"" ،حريت" وغ ﺮها. ومن الصحف العربيةٕ" ،الاقبال" الب ﺮوتية"" ،الاتحاد العثماني"، "املفيد"" ،العهد"" ،املقتبس"" ،الحضارة"" ،القبس"" ،املؤيد"" ،املنار"، "اللواء" ،و ى من صحف الشام ومصر ،فضال عن الصحف املحلية مثل: " ال ﺮ ي"" ،املرصاد" " ،الكشاف". ً أظهر السعداوي تفوقا ي دراسته الرشدية وكان ملعلم املدرسة حقي ً شيناس* آنذاك دورا ي صقل موهبته وتفوقه ،مما جعله ي ا ي عام ن ونصف ،وقد اهتمام معلمه حقي كب ﺮ بالسعداوي ورفاقه بمدينة ً ً الخمس ال شهدت آنذاك حراكا ثقافيا. رافق ذلك مالزمته للشيخ حسن الشاعر* الذي نشأت بي ما صالت ود وصداقة متينة ،كان لها دور مم ي حياته ،فقد تعلم منه الص ﺮ 93
ً والهدوء والوداعة وحسن املعشر) ،(3فنشاء السعداوي متدينا ولكنه ً مثقفا ثقافة حديثة).(4 عززت قراءته الشعور بالعزة الاسالمية ون ته إ ى ميادين الفكر خاصة ُ ً تلك القراءات ال تناولت الوطن والقومية وٕالاسالم وحملته فكرا يقظا للمحافظة ع ى الوطن ،وتبلور لديه الشعور بالقومية الوطنية ي الحدود ال فرضها النظام السياﺳ القائم ي واليات الدولة العثمانية ،تفتح ذهنه إ ى آفاق جديدة ي العلم واملعرفة وتاقت نفسه إ ى فهم أسباب التقدم ٕالاجتما ي الذي يمكن أن ير ى به العالم ٕالاسالمي وي ض بفضله).(5 شهدت الف ﺮة إعادة إقرار الدستور عام 1908فرصة مهمة ي ميدان التحديث ،إذ أسهم ي خلق وسط جديد ،تفاعل مع دعوات ٕالاصالح والتحديث ال أطلق ا النخبة املثقفة ،ال طرحت وجهات نظر متباينة ً ً حول مسألة التحديث سعيا نحو تقدم املجتمع عموما وكان السعداوي ضمن تلك النخبة ال نادت باإلصالح العثماني ،حيث أقام جمعية سرية بمدينة الخمس رفقة صديقه عبدالرحمن الزقل ي وبعض من أصدقا م املقرب ن ،وذلك للمناداة باإلصالح ٕالاداري ) الالمركزي( والخالفة العربية )(6 وسياسة الاتحادي ن كان بش ﺮ السعداوي مثل غ ﺮﻩ من املثقف ن الذين اعتقدوا إن صدور ً الدستور العثماني ينﻬ عهدا من الكبت والحجر ع ى الحريات ،فسارعوا إ ى املطالبة بطرد بعض املوظف ن ٔالاتراك الذين عرفوا بالكسل وٕالاهمال. ونشر مقال ي جريدة الكشاف) (7ال كانت تصدر بمدينة طرابلس ،ناقش فيه مساوئ الاستمرار ي إجراء التحقيقات واملحاكمات باللغة ال ﺮكية، لشعورﻩ بوقوع تحريف ي صور الوقائع أثناء ال ﺮجمة ).(8 94
شارك السعداوي ي الاحتفاالت ال أقيمت بمناسبة إعالن الدستور وأرتجل قصيدة قال ف ا: بش ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـراكم لق ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــد زال الك ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــدر فلتـ ــنعمن نفوسـ ــكم فـ ــاليوم قـ ــد باالتح ـ ـ ـ ـ ــاد واملس ـ ـ ـ ـ ــاواة أبش ـ ـ ـ ـ ــروا وغ ـ ــدا بدس ـ ــتور أس ـ ــاس حكمن ـ ــا
والــدهر عــن وجــه العدالــة قــد ســفر ضــاءت شــموس املجــد مــن فلــق الغــرر فلق ـ ــد س ـ ــنا ٕالاس ـ ــالم وان ـ ــدثر الك ـ ــدر م ـ ــن بع ـ ــد م ـ ــا ق ـ ــد ك ـ ــان ك ـ ـ م ـ ــدخر
ي هذﻩ ٔالاثناء وصل إ ى الخمس ٔالاستاذ توفيق سلهب) (9الذي شغل منصب رئيس أول محكمة ابتدائية نظامية بمدينة الخمس ،وهو من الشخصيات ال كان لها تأث ﺮ سياﺳ عميق ع ى شخصية بش ﺮ السعداوي السياسية. فاستبداد الاتحادي ن بالسلطة وظهور فكرة املركزية بدعوة التغلب ع ى فكرة انفصال بعض الواليات وتغليب العنصر ال ﺮكي ع ى با ي أجناس الشعوب ال تتكون م ا الدولة العثمانية بما ي ذلك الشعوب العربية ،جعل من السعداوي يعيد التفك ﺮ ي موضوع دولة الخالفة. لقد تنبه السعداوي إ ى خطر أطماع إيطاليا ي طرابلس الغرب عن طريق املتصرف العثماني رشيد بك وهو طبيب شركﺴ ومن كبار الاتحادي ن الذي وضح أخطار فتح فرع لبنك روما وإن مهمة هذا البنك الحقيقية نشر الدعاية ٕالايطالية والتجسس ع ى أحول البالد. وكتب السعداوي ورفاقه إ ى النواب ي ال ﺮملان العثماني ي ٔالاستانة 95
ين ون عن متصرفية الخمس ،عندما وصلت البعثة ٕالايطالية ال رأسها الكونت سفورزا وقابله بش ﺮ السعداوي فضح خالل املقابلة الغرض الذي جاءات من أجله البعثة ،فاجأت توقعات السعداوي الكونت سفورزا الذي حاول تلطيف الجو).(10 ولكن قام السعداوي أثناء وجود البعثة ٕالايطالية بعقد أول مؤتمر عرفته البالد للبحث ي قضية ٔالاطماع ٕالايطالية وتنبيه ٔالامة إ ى خطر الغزو ٕالايطا ي ،وتحريضهم ع ى الاستعداد للجهاد ،قرر املشاركون ي املؤتمر منع التعامل مع بنك روما وعدم بيع ٔالارا لهذا البنك ومقاطعة السفينة ٕالايطالية التابعة للبنك وال تصل إ ى الخمس كل شهر واستبدالها بسفينة عثمانية. وكان من أهم قرارات املؤتمر مطالبة السلطات العثمانية بإصدار مرسوم بتجنيد الطرابلسي ن بسرعة واستبقاء ٔالاسلحة عند ٔالاها ي ومقاطعة املدارس ٕالايطالية ال كانت أحداها بمدينة الخمس).(11 شارك بش ﺮ السعداوي ي الدفاع عن تراب الوطن خالل الف ﺮة ال سبقت توقيع معاهدة أو عام 1912م ،فالخمس كانت من املواقع الهامة ع ى الساحل اللي ال بادر ٕالايطالي ن باحتاللها منذ املراحل ٔالاو ى للغزو ولك ا عجزت عن ذلك أول ٔالامر ،فبالرغم من وصول السفن ً الحربية ي يوم 20سبتم ﺮ 1911إال إن حصارا أستمر إ ى 21أكتوبر بعد أن قصفت الساحل ع ى ف ﺮات متقطعة ).(12 كان السعداوي ي تلك ٓالاونة مكلف بمهمة قائمقام ) ساحل آل ً حامد( وقد أتخذ منه مركزا له يرسل منه الدعوة إ ى القبائل ويح م ع ى الجهاد ،واحتشدت أعداد كب ﺮة من املجاهدين عند الساحل ،وأرسل املجاهدون برقية إ ى الدولة العثمانية يحتجون ع ى العدوان ٕالايطا ي، 96
ً ويؤكدون بحقهم ي الدفاع ،بعد أن تلقوا إنذارا من القوات ٕالايطالية الغازية).(13 قاد حركة املقاومة بداية ٔالامر ي الخمس خليل بك الذي قاد القوات العثمانية واملجاهدين وتحصنوا ي املرقب ولكن تلك القوات لم تستطيع ً الصمود طويال بعد أن حاولوا الدفاع من هجوم ٕالايطالي ن ي أواخر يناير 1912واستمرت مقاوم م ح 28ف ﺮاير ،عاد املجاهدون للهجوم ع ى القوات ٕالايطالية ي املرقب ي 12يونيه عندما اقتحموا تحصينات ٕالايطالي ن وكبدوا العدو خسائر فادحة).(14 ي 26يونيه أرسل بش ﺮ السعداوي رسالة إ ى شقيقة نوري يصف ف ا أحدى املعارك ال أشتبك ف ا املجاهدين مع القوات ٕالايطالية وقد ً ً وصف ف ا املعركة وصفا دقيقا. وفو ئ املجاهدون ي الخمس بقرار تركيا إبرام الصلح عندما وصل رسول يحمل فرمان موقع من محمد رشاد موجه إ ى سكان طرابلس وبرقة ،يبلغهم فيه استحالة ارسال املساعدات بعد قيام إيطاليا بالسيطرة ع ى مدن السواحل. وألسبابه الخاصة قرر السعداوي الهجرة إ ى استانبول رفقة شقيقة نوري بعد أن أقنعه بذلك ي نوفم ﺮ 1912م ،ساهم ي املهجر ي الدفاع عن قضية بالدﻩ استمرت ح عودته عام 1918م. الخاتمة: من ذلك نخلص إ ى ٔالاتي: -1ولد بش ﺮ السعداوي ي مدينة الخمس ال أستنشق أول نسمة هواء م ا وتعلم ف ا أو ي خطواته ،عاش ف ا سنوات طفولته ٔالاو ى ب ن 97
رفاقه ي الكتاب وتعلم القران الكريم. ً -2كان واضحا تأث ﺮ البيئة ال تشكلت من البحر والجبل وٓالاثار والزيتون والنخيل وال قل ما تجدها مجتمعة ي بيئة ما. -3كانت مدينة الخمس البيئة ال تكون ف ا بش ﺮ السعداوي املثقف والسياﺳ واملجاهد. -4التقى ف ا بالشخصيات املهمة ي شبابه وال كان لها ٔالاثر الكب ﺮ ي تشكيل شخصيته فيما بعد. -5درس ي املدرسة الرشدية بالخمس وتعلم ف ا فنون الكتابة واللغة. -6ي الخمس كانت خطواته ٔالاو ى ي مجال الوظيفة الحكومية ً العثمانية كاتب تحريرات ،فمفتشا ع ى ٔالاعشار ودوائر النفوس ،و ى عام ً ً ،1908ع ن كاتبا أوال ملجلس ٕالادارة بالخمس ،ومديرا للتحريرات. *** الهوامش : * تقع مدينة الخمس شرق مدينة طرابلس بحوا ي 120كم ،و ي مدينه تاريخيه يرجع تأسيسها للعهد الفينيقي أو قبل ذلك ،وقد قام الرومان بتطوير مدينة لبدﻩ التاريخية ح صارت عاصمة لشمال أفريقيا ي عهد ٕالام ﺮاطور سبتيموس سيف ﺮوس .أما مدينه الخمس الحديثة ف ﺮجح إ ا تأسست منذ 400سنه تقريبا وذلك ي العهد ال ﺮكي ،ويدل ع ى ذلك وجود بعض املعالم ي املدينة ال لم دم. * دأب دارسو التاريخ الثقا ي لطرابلس الغرب ع ى الدمج ب ن فئت ن مختلفت ن ً مضمونا ،وهما املثقف العصري واملثقف التقليدي ،و ي ذلك عدم الوضوح ووضع ً ٔالامور ي غ ﺮ نصا ا ،فع ى سبيل املثال ال يصح أن نصف معلما ً◌ ي مدرسة ما ع ى أنه مثقف ملجرد أنه يقوم بالعملية التعليمية ،وينسحب هذا ٔالامر ع ى فئات عديدة من املجتمع كاألطباء واملحام ن وغ ﺮهم ،فاملثقف إذن هو ذلك الشخص الذي وصل 98
ً إ ى درجة من ٕالادراك والانفتاح جعلته يختار تخصصا ويتبلور لديه موقف خاص من ً ً املجتمع والدولة ،ووفقا لذلك فإن كل مثقف هو بالضرورة ينب ي أن يكون متعلما ً◌، ً لكن ليس كل متعلم هو بالضرورة مثقفا. -1تأسست املدارس الرشدية ي عهد الوا ي أحمد عزت باشا ،1860 -1857فكانت واحدﻩ ي طرابلس وأخرى ي بنغازي حيث يلتحق الطالب باملدارس الرشدية بعد إتمام املرحلة الابتدائية ،وكانت املدارس الرشدية عسكرية ي بداي ا وتابعة للقيادة العسكرية ي مركز الوالية وكان معلموها من ضباط حامية الوالية .أما طلب ا ً فيقيمون بالقسم الداخ ي ،ويمنحون الكتب وٕالاقامة مجانا .ثم أن ﺊ قسم آخر للطلبة الخارج ن حيث كان ع ى الطالب إن يقيم مع ذويه أو احد أقاربه. إما منهج الدراسة ي املدرسة الرشدية فهو مقسم ع ى أربع سنوات دراسية وال يوجد اختالف يذكر ب ن منهج التعليم ي املدارس الرشدية املدنية والعسكرية فالشعبتان يدرسان نفس املنهج مع إضافة بعض مواد التدريب العسكرية .واملنهج يشمل ع ى نحو عربي ،قواعد فارﺳ ،إمالء تركي ،اللغة الفرنسية ،تاريخ إسالمي ،حساب، الرسم ،جغرافيا ،أصول مسك الدفاتر ،مختصر الهندسة ،نحو تركي ،أدب ،دين، حسن خط تركي ،حسن خط فرنﺴ .محمد الكوني بالحاج ،التعليم ي والية طرابلس الغرب ي العهد العثماني الثاني ،مركز جهاد الليبي ن للدراسات التاريخية1999 ،م، ص46. -2محمد فؤاد شكري ،ميالد دولة ليبيا الحديثة ،ج ،1مطبعة الاعتماد ،القاهرة 1957م ،ص 399ومابعدها. * حقي شيناس ،معلم تركي أنتدب للتدريس باملدرسة الرشدية بالخمس ي بواك ﺮ ً القرن العشرين ،كان مثقفا وهو من مدينة )ريزﻩ( ي إقليم ) الزستان( ع ى ساحل البحر ٔالاسود الجنوبي ،التحق بعضوية جمعية لنشر العلم ي واليات الدولة العثمانية ،يتق العديد من اللغات ٔالاجنبية مثل الفرنسية وٕالانجل ية ؤالاملانية والعربية تخرج من دار املعلم ن ثم درس بمدرسة الحقوق باألستانة ،كان يؤمن بضرورة تنشئة أك ﺮ عدد من التالميذ لخدمة الدولة العثمانية ،للمزيد أنظر ،محمد فؤاد شكري ،املرجع السابق ،ص.398 * حسن الشاعر ،من دم ور ي البح ﺮة بمصر ،كان ممن يحفظون القرآن بالقراءات 99
السبع ،وصل إ ى الخمس عام 1898م وأقام ي ضيافة آل السعداوي ح تو ي عام ً 1911م ،كان الشيخ راوية وأديبا رافقه بش ﺮ كث ﺮا وتعلم منه ،للمزيد أنظر محمد فؤاد شكري املرجع السابق ،ص.399 -3محمد فؤاد شكري ،ميالد دولة ليبيا الحديثة ،املرجع السابق ،ص400. -4وصف هشام شرابي فئة رجال الدين ي الوطن العربي بالفئة املغلقة ،راجع هشام شرابي ،املثقفون العرب والغرب ،دار ال ار للنشر ،ب ﺮوت ،1971 ،ص 26. -5الطاهر أحمد الزاوي ،أعالم ليبيا ،مكتبة الفرجاني ،طرابلس ،1961 ،ص .112 -6محمد فؤاد شكري ،مرجع سابق ،ص 388وما بعدها. -7جريدة الكشاف ،صدرت عام 1908م أسسها محمد بك النائب ٔالانصاري و ي جريدة أسبوعية تصدر كل يوم أربعاء باللغة العربية ع ى عكس ما كان ينوي مؤسسها من إ ا ستكون يومية مصورة بعدة لغات ،أستطاع أن يسخرها لخدمة أهل البالد وساهمت ي أثراء الحركة الثقافية ،للمزيد ينظر ،عبدالعزيز سعيد الصوي ي ،بدايات الصحافة الليبية 1922-1866م ،الدار الجماه ﺮية للنشر والتوزيع وٕالاعالن ،مصراته، 1989م ،ص 135. -8محمد فؤاد شكري ،املرجع السابق ،ص388 -9توفيق سلهب ،سوري ترجع أصوله إ ى مدينة طرابلس الشام ،كان من دعاة ٕالاصالح العثماني ومتأثر بأفكار الصحافة السورية ي تلك الف ﺮة. -10محمد فؤاد شكري ،املرجع السابق ،ص428. -11محمد فؤاد شكري ،السنوسية دين ودولة ،دار الفكر املصري ،1948 ،ص122. -12خليفة التليﺴ ،معجم معارك الجهاد ،دار الثقافة ،ب ﺮوت ،1973 ،ص223. -13محمد فؤاد شكري ،ميالد دولة ليبيا الحديثة ،املرجع السابق ،ص431. -14املرجع السابق ،ص.432
املصادر واملراجع:
-1الطاهر أحمد الزاوي ،أعالم ليبيا ،مكتبة الفرجاني ،طرابلس1961. ، -2محمد الكوني بالحاج ،التعليم ي والية طرابلس الغرب ي العهد العثماني الثاني، مركز جهاد الليبي ن للدراسات التاريخية1999 ،م. 100
-3محمد فؤاد شكري ،ميالد دولة ليبيا الحديثة ،ج ،1مطبعة الاعتماد ،القاهرة 1957م -4محمد فؤاد شكري ،السنوسية دين ودولة ،دار الفكر املصري1948. ، -5خليفة محمد التليﺴ ،معجم معارك الجهاد ،دار الثقافة ،ب ﺮوت ،1973 ،ص 223. -6وصف هشام شرابي فئة رجال الدين ي الوطن العربي بالفئة املغلقة ،راجع هشام شرابي ،املثقفون العرب والغرب ،دار ال ار للنشر ،ب ﺮوت1971 ، -7عبدالعزيز سعيد الصوي ي ،بدايات الصحافة الليبية 1922-1866م ،الدار الجماه ﺮية للنشر والتوزيع وٕالاعالن ،مصراته1989 ،م
101
102
بش ﺮ السعداوي ً ً ً كاتبا ومخرجا مسرحيا ُعرف املسرح ي ليبيا منذ أقدم العصور ،فاملسارح ٔالاثرية املوجودة ً حاليا ي أغلب املدن ٔالاثرية القديمة ،كص ﺮاتة ،ولبدة ،وقورينا ،أك ﺮ دليل ع ى ازدهار املسرح .وتأثر املجتمع اللي بوجود تلك املسارح. ودخل املسرح إ ى البالد ي العصر الحديث خاصة خالل حكم الدولة العثمانية ع ﺮ نوعان من ٔالاعمال ٔالادبية ،أولهما عملية التمثيل ع ى خشبة املسرح ،والثاني النص املسر ي نفسه ،كما وجد إ ى جانب ذلك فن" القراقوز" ،وهو من ٔالاعمال الاستعراضية. وكانت الفرق الفنية واملسرحية سواء املحلية ،أو القادمة من الخارج ًّ تقدم فنا ع ى مسرح تم إنشاؤﻩ ي عهد الوا ي عثمان باشا الساقز ي ) (1672 – 1650عام 1654الذي يقع بشارع سوق ال ﺮك رقم ،122وله مدخل آخر بسوق الحرير رقم ،26وتتسع قاعته لحوا ي 500كرﺳ ، وشرفة ،وبه مدرج يسع 300كرﺳ . إ ى جانب ذلك يوجد مسرح " أمبوراخ " الكائن بزنقة الحمري قرب مدرسة عثمان باشا بمحلة باب البحر ،وكذلك مسرح سوق ال ﺮك بزنقة م ران الذي قدمت فيه فرقة طرب بتاريخ 1908 03 05قادمة من 103
ٕالاسكندرية عن طريق البحر أغلب عروضها الفنية الغنائية ،وعرفت ي ٔالاوساط الفنية بطرابلس باسم فرقة املطربة ) ط ﺮﻩ ( ،وكانت تقيم حفال ا ي فندق " القرق " بسوق ال ﺮك وراء مصنع البارود القديم، ً ويكون حضورها ي املدينة موسما للغناء ،وإقامة الحفالت الفنية. انضم إل ا بعض الشبان املهتم ن بالفن بطرابلس ملساعد ا ع ى ً املسرح ،حيث بقيت هذﻩ الفرقة مدة طويلة بطرابلس والقت إقباال ً ً شديدا ،وسمح لها أيضا بإحياء حفالت ٔالاعراس ،وقد حفظ ع ا كث ﺮ من ٔالادوار ؤالاغاني ال كانت ترددها ،فأصبحوا هم بدورهم يرددو ا ي الاحتفاالت الفنية بعد سفر الفرقة. و ِقدمت عام 1908فرقة من مصر للتمثيل برئاسة سليمان القردا ي، ً وقامت بجولة مسرحية ي الوالية ّ وقدمت عروضا مسرحية ي الفضاءات. ً وتضامنا مع مقاطع البوسنة والهرسك ال قامت الدولة النمساوية بضمها إل ا ،قام العمال بميناء طرابلس البحري باإلضراب ،وعدم تفريغ البواخر النمساوية الراسية بامليناء ،ومقاطعة بضائعها ،و ي اثر ذلك قامت فرقة التمثيل العربي بطرابلس ال كانت برئاسة املحامي محمد قدري رئيس تحرير صحيفة " تعميم حريت " ،بعرض مسرحية ) شهداء الحرية ( ،وقدمت مداخيل عرض هذﻩ املسرحية لتغطية أجور العمال ً بامليناء ،وتعويضا لألضرار املادية ال لحقت العمال نتيجة توقفهم عن العمل. أما رواية صالح الدين ،ورواية ) حمدان ( ال تمثل شهامة العرب ي َ َ أبﻬ مناظرها فق ْد ت ﱠم عرضها من إحدى الفرق املصرية ال زارت الوالية، ورواية "وطن" قامت بعرضها الفرقة املسرحية بطرابلس بمناسبة قدوم ّ الطرادة الحربية الدنماركية ) هايمدان ( للوالية ،وكان ع ى مت ا ٔالام ﺮ ) 104
ً أوسل ( من العائلة املالكة للدنمارك ،إكراما لهؤالء الضيوف ،وحضرها جمع من القناصل ٔالاجانب ،وأعضاء الحكومة ،وجمع غف ﺮ من ٔالاها ي، وقبل رفع الستارة تقدم املحامي محمد قدري بخطبة رحب ف ا ٍ بالضيوف ،ووضح ي خطابه استعداد املسلم ن للر ي العق ي ،وأ م أقرب الشعوب إ ى حسن املعاملة ،وأبعد ٔالامم عن التعصب ٔالاعم ،وأن كل ما يرم م به أعداؤهم من ٔالاوصاف الذميمة إنما كان من تأث ﺮات إدارة الاستبداد ،إذ كانت التقارير الكاذبة ال اية لها ،وكان ٕالانسان ال يأمن ع ى نفسه وماله لحظة. وبعدها جرى رفع الستارة ،وتمثيل الرواية فأجاد املمثلون ،ونالوا استحسان الحاضرين ،وإعجا م ،وكان من ضمن فصول املسرحية ً فداء ي سبيل نيل فاجعة انتحار أحد املسجون ن حيث قدم نفسه الحرية. زار مدينة طرابلس عدد من أبرز الفنان ن العرب ،وأغلب هؤالء الفنان ن كانوا ي الطليعة ،أو القمة من حيث املقام الذي كانوا يمثلونه ي عالم املوسيقى والطرب ،وفن التمثيل ،والغناء العربي ،وقوبل هؤالء بما يستحقونه من الحفاوة والتكريم من جميع ٔالاها ي ،وأقام لهم بعض هواة ً احتفاء بزيار م. الفن ؤالادباء ،الوالئم والحفالت ً تناول أحد املثقف ن ي صحيفة " ال ﺮ ي " مقاال عن املسرح أو فن التشخيص كما يسميه نقاد تلك الف ﺮة ،أظهر فيه الكاتب سعة إطالعه، ً ومعرفة بتاريخ املسرح ونشأته من لدن اليوناني ن ،وقدم لقرائه عرضا ً تاريخيا أجمل فيه أطوار نمو الحركة املسرحية ،ثم تعرض لهيكل املسرحية ،وتصاعد عقدة الصراع أو ما يسميه التشوق املتدرج ،إ ى غ ﺮ ذلك من ٔالاصول الفنية للبناء املسر ي ،وبالرغم من هذا العرض الجميل 105
فإن الكاتب يسجل لنا بكل أمانة بأن هذا الفن" غ ﺮ موجود ي قطرنا إال ً نادرا ،ولم يكن له شأن عندنا بسبب استعمال اللغة ٔالاجنبية" ،لكن مهمة شبيبتنا الذين جاهدوا لكسر أبواب املحافظة ع ى العادات كيفما تكون وقد توفقوا ي استعماله باللغة العربية وأن طالعه يبشرنا بنتائجه املادية ؤالادبية. إن تمثيل الروايات ع ى املسارح أعظم درس ترتقي به ٔالامة إ ى ً ً أوج الكمال ،ويكفي شاهدا ع ى ذلك إصالح الشعب ٕالانكل ي تماما بما كتبه ) شكسب ﺮ( من الروايات ،إذ به تتج ى التأمالت ،وتظهر الفضيلة عن الرذيلة أمام مرأى الع ن. وإ ى جانب املسرح ظهرت الخيالة "السينما" ي الوالية عام 1910عند إنشاء دور عرض بدائية بسيطة بواسطة بعض ٔالاجانب ،حيث تعرض بعض ٔالاشرطة ٔالاجنبية الصامتة املستوردة ،وكان ذلك بعد اخ ﺮاع وظهور الخيالة ي العالم بسنوات قالئل ،ولعل أول دار عرض ) سينما توغراف ( كانت بباب البحر بمدينة طرابلس باملدينة القديمة ،وقام ٕالايطاليون دمها ،وإزال ا فور احتاللهم للوالية عام 1911م. غ ﺮ إن ٕالايطالي ن أنشاؤا عدد من الفرق الفنية املسرحية ال كانت تقدم عروضها باللغة ٕالايطالية وأنظم إل ا بعض الشباب الليبي ن من ً ً وعيا ّ فنيا موجودا بمدينة طرابلس وبعض املدن الليبية خالل ذلك ً كان ً ً ً ٔالاخرى ،وإن ملكات ومواهب وتذوقا للفنون كان ظاهرا وموجودا. وإ ى جانب أحمد قنابة وابراهيم الاسطى عمر ومحمد عبدالهادي رواد املسرح اللي ومقدمة الرعيل ٔالاول من رجاالت املسرح ي ليبيا نجد كاتب ً ومخرج مسرحيا عرف قيمة ودور املسرح فاستغلة أستغالال أمثل ي التوعية وٕالارشاد. 106
مسرحية ضة ٕالاسالم تعت ﺮ مسرحية ضة ٕالاسالم أول مسرحية للكاتب والسياﺳ املجاهد اللي بش ﺮ السعداوي ال ألفها وأخرجها وعرضت عام 1916م بمدينة ينبع البحر باململكة العربية السعودية حيث تذكر املصادر التاريخية قصة املسرحية ال قصد م ا مؤلفها إيصال فكرة أن يكف سكان ينبع البحر البالغ عددهم حوا ي الخمس ن ألف نسمة والواقعة ع ى طريق الحج إ ى مكة أن يكفوا عن ال ﺮصد للحجاج والاعتداء عل م بسل م وقتلهم وقطع طريقهم إ ى الحج وقصد م ا تعريف الحجازي ن بأن هناك أقوام آخرين من العرب واملسلم ن لهم تاريخ ولهم أمان م القومية وقع أك ﺮهم تحت تأث ﺮ الحكم ٔالاجن وفقدوا حري م. أخرج بش ﺮ السعداوي مسرحيته وأش ﺮك ي تمثيلها مع تالميذ مدرسة ينبع البحر جماعة من قوات الدرك الشامي ن والذين لم يكن التمثيل غريبا عل م واستغرقت املسرحية ثالث ساعات وقد د ي لحضور العرض ٔالاول مشايخ البدو ي املنطقة وبلغ عدد الحضور حوا ي مائتان وخمس ن. بدأت املسرحية برفع الستارة عن الفصل ٔالاول وظهر ع ى املسرح نفر من البدو يتباحثون فيما بي م ي رسم خطة لل ﺮبص بالحجاج خالل موسم الحج املقبل وسل م واقتسام الغنائم والطريقة ال يتم ا ذلك ويمر م أحد تالميذ املدرسة ولكن البدو يستمرون ي نقاشهم فال يسع التلميذ إال أن يطيل الاستماع إ ى ما يقولون ليعرف الغرض من اجتماعهم ومباحثا م وعندما يتعرف ع ى غرضهم ال ي ﺮدد ي أن ي اهم عن التآمر ع ى حجاج بيت ﷲ الحرام ألن ذلك فعل ال يأتيه مسلم يعرف حقيقة دينه .ويتأثر املتآمرون بما يسديه لهم التلميذ من نصائح ويطلبون منه املزيد ولكنه عليه أن ينصرف الستذكار دروسه فيعدهم بالعودة 107
إل م.. وترفع الستارة عن الفصل الثاني من املسرحية ويعود التلميذ إ ى جماعة البدو ليتم حديثه معهم فيتحدث إل م والكل ينصتون ونجد إن الكالم قد أنتقل من مجرد النصح وٕالارشاد إ ى عقد مقارنة ب ن الحال الذي عليه الحجازيون آنذاك أي هؤالء البدو املتآمرين أنفسهم من حيث إ م محررون من كل سيطرة أجنبية عل م فال نفوذ لحكومة غ ﺮ إسالمية تن ع م م حريا م وت ددهم ي عقائدهم وب ن ما يعانيه غ ﺮهم من ً الشعوب العربية وٕالاسالمية ال يرون أقواما م م يحضرون للحج كل موسم من ذل الاستعباد والرضوخ للمستعمر ومن هؤالء أهل الهند والبلقان ومصر وطرابلس وتونس والجزائر... ً ويريد املتآمرون أن يعرفوا شيئا عن هذﻩ ٔالامم ال أدركوا إن ثمة روابط متينة تربطهم ا بالرغم من إ م غرباء ع م ولم يجدوا أية غضاضة ي الاعتداء عل م لسل م وقتلهم تلك ي روابط ٕالاخاء ٕالاسالمي. ثم يأتي الفصل الثالث حيث كان موسم الحج قد حل ف ﺮى نفس املتآمرين قد كفوا عن قطع الطريق ع ى حجاج بيت ﷲ ثم استطاعوا بمعونة التلميذ الذي أثمر إرشادﻩ لهم أن يدعوا لعقد مؤتمر يضم ممثل ن ً عن ٔالاقوام الذين سمعوا م وعرفوا شيئا ع م وأرادوا ٓالان أن ً يستوثقوا مما عرفوﻩ من هؤالء املمثل ن أنفسهم ،فينعقد املؤتمر فعال ويقف كل مندوب أو عضو من أعضاء هذا املؤتمر ليشرح حال بالدﻩ فالطرابلﺴ يقول إنه إنما جاء من ميدان القتال الن أهل طرابلس الغرب لم يلقوا السالح بعد بل ال يزالون يجاهدون ضد املستعمر ٕالايطا ي ويتكلم التونﺴ والجزائري عن الاستعمار الفرنﺴ ي بالدهم ويتبع هؤالء بقية 108
املندوب ن ح إذا جاء دور املصري تكلم عن احتالل ٕالانجل لبالدﻩ ثم أنشد قصيدة حافظ إبراهيم ال كانت قد نشرت عام 1902تحت عنوان ) حسرة ع ى فائت ( وال يقول مطلعها. ل ــم يب ـ َـق ـ ﺊ م ــن ال ــدنيا بأي ــدينا
إال بقيـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة دمـ ـ ـ ـ ـ ـ ــع ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي مآقين ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا
و ـ ـ ـ ــي يم ـ ـ ـ ـ ن العـ ـ ـ ــال كنـ ـ ـ ــا رياحينـ ـ ـ ــا كنـا قـالدة جيــد الـدهر فانفرطــت وهكذا كانت مسرحية ضة ٕالاسالم. *** الهوامش:
* لعبة القراقوز كانت منتشرة ي آسيا ي القرن السابع عشر بدأت بخيال الظل، وتطور الظل بما يعرف عند العثماني ن بالقراقوز ،وهذﻩ اللعبة تمتاز عن خيال الظل بأن الشخوص الالعبة ،أو املحركة ي من الدمى يحركها الالعب خلف الستار ) وأول من اخ ﺮع لعبة القراقوز درويش قدم من بالد العجم ي عهد السلطان أورخان ) (1329اسم الشيخ )كش ﺮي( املدفون ي مدين بريوس ،مع قراقوز ي لغة العثماني ن )أسود الع ن( ،وإليه تنسب اللعبة ألنه الشخصية الرئيسة ف ا ،ال ً تتلوها شخصية )حا ي وان( ،وعادة يغ بال ﺮكية ،أو العربية ،وأحيانا باللهجة املحلية ،عرفته الوالية عن طريق الفن ال ﺮكي ،وبخاصة ي شهر رمضان ،فكان يعرض بمحل ي سوق ال ﺮك باملدينة القديمة بطرابلس ،ملزيد من التفصيل انظر :ع ي مصطفى املصراتي ،الصالت ب ن ليبيا وتركيا التاريخية. مابل تود ،أسرار طرابلس محمد الكوني الحاج .التحديث ي والية طرابلس الغرب رواية وطن تأليف نامق كمال ) ( 1888 1840ولد ي عائلة أرستقراطية تو ى إدارةتحرير " تصوير أفكار " بعد هجرة صاح ا إبراهيم شناﺳ عام 1865إ ى فرنسا ،هاجر هو كذلك إ ى أوروبا بعد تطبيق الخناق عليه ،وع ى املجلة عام ،1867وتنقل ما ب ن العواصم ٔالاوروبية لندن باريس فيينا ثالث سنوات ،ينشر ي الجرائد املعارضة، 109
ويدرس القانون والاقتصاد ،وي ﺮجم لل ﺮكية بعض املؤلفات الفرنسية ،عاد إ ى استانبول عام ،1871وواصل نشاطه السابق ثم عرض مسرحية بعنوان " وطن " ً وال كانت سببا ي اعتقاله ،ونفيه إ ى ق ﺮص مدة ثالث سنوات ) (1876 1873عاد إ ى استانبول ،وساهم ي صياغة دستور عام ،1876ولكن كان من نتائج انقالب السلطان عبدالحميد الثاني ع ى الدستور امتحان هذا الف من جديد فق بقية حياته إما ي الاعتقال ،أو النفي ،ألف روايات تاريخية ،وترجم بعض كتابات روسو، ومنتسكيو ،وبالكون ،وفولت ﺮ ،وكدروسيه إ ى اللغة ال ﺮكية. " ال ﺮ ي " ،العدد 11 ) ،86ذي القعدة 1326ه( .1908 ع ى الرا ي ،تاريخ املسرح ي الوطن العربي يعد بش ﺮ إبراهيم السعداوى ) (1957-1884أحد ابرز رجال السياسة الذين بذلواكل ما ي وسعهم ي سبيل ليبيا ،إذ تقلد العديد من املناصب ٕالادارية املختلفة ي أواخر العهد العثماني الثاني وكانت له مواقف واضحة من سياسة التغلغل الايطا ى السلم ي البالد ،كما شارك ي املرحلة ٔالاو ى للجهاد السيما ي معركة املرقب عام ،1912ثم خرج من الوالية ا ى استانبول بعد عقد معاهدة او لوزان ب ن الحكومة ال ﺮكية والحكومة الايطالية ي 10اكتوبر ،1912حيث عينته الحكومة العثمانية قائمقام ي منطقة طرابزون ب ﺮكيا ،ثم قائمقام ي ينبع بالحجاز ،وشهد ا ثورة الشريف حس ن عام .1916ثم ع ن قائمقام ي اوآخر الحرب العاملية ٔالاو ى ي قضاء جزين بلبنان .ثم عاد إ ى ليبيا عام .1922ليقوم بمهمة حل بعض ال اعات ب ن بعض القبائل وتسوية الخالفات لتوحيد الجهود ي مواجهة العدو الايطا ي .ثم شارك مؤتمر سرت مندوبا عن " هئية الاصالح " ي والية طرابلس الغرب لدى حكومة أجدابيا. و ى عام .1924هاجر بش ﺮ السعداوى إ ى بالد الشام ليساهم ي تأسيس اللجنة الطرابلسية ال ﺮقاوية للدفاع عن طرابلس وبرقة ثم أصبح رئيسا لها عام 1928 واستمر ح عام .1936كان له خالل هذﻩ املرحلة نشاطا متم ا تمثل ي حضورﻩ املؤتمر الاسالمى ي القدس عام .1931حيث عرض فيه قضية ليبيا ع ى املؤتمرين. ونظرا ملا يتمتع به بش ﺮ السعداوى من حنكة وسياسة تم استدعائه من قبل امللك عبد العزيز أل سعود ليكون مستشارا له واستمر ي عمله ي السعودية ح عام 1943وعندما هزمت ايطاليا ي الحرب العاملية الثانية عاد السعداوى ليبدأ نشاطه 110
من اجل املطالبة بأستقالل ليبيا و ى عام 1947أسس " هيئة تحرير ليبيا" ي القاهرة وحظي بدعم من الجامعة العربية وعاد ي عام 1949إ ى ارض الوطن للمساهمة ي الوقوف مع أبناء وطنه ضد املخططات الاستعمارية ال تدعوا لتقسيم ليبيا فأسس " املؤتمر الوط " الذى كان يع ﺮ عن رغبة الشعب اللي ي وحدة بالدﻩ. وبعد حصول ليبيا ع ى استقاللها شارك السعداوى ي انتخابات عام 1952كرئيس ً لحزب املؤتمر الوط ،ونظرا ملا كان يتمتع به السعداوى من دعم شع نتيجة الرائه ً الوطنية الوحدوية نفي ا ى مصر وظل منفيا ح وفاته عام 1957وتم اعادة رفاته ا ى أرض الوطن بعد عام .1969 محمد فؤاد شكري ،ميالد دولة ليبيا الحديثة -محمد فؤاد شكري ،ميالد دولة ليبيا الحديثة
111
112
الطرق الصوفية ي مقاومة ٕالاستعمار ً الطريقة السنوسية أنموذجا مقدمة: يعت ﺮ النصف الثاني من القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين ف ﺮة من أعنف ف ﺮات التسابق املحموم ب ن الدول الاستعمارية ٔالاوربية، من أجل السيطرة ع ى الوطن العربي ،فتحولت املنطقة العربية إ ى ً مسرح للصراع الاستعماري ،خصوصا وإن الدولة العثمانية ال كانت تسيطر ع ى معظم ٔالارا العربية ،قد أصا ا نوع من الضعف بسبب اتساع رقع ا وٕالاخفاقات السياسية والعسكرية ال منيت ا وظهور بعض الحركات الانفصالية ي بعض الواليات العثمانية والعديد من ٔالاسباب ٔالاخرى).(1 و ي ظل هذﻩ الظروف ،احتلت الطرق الصوفية مرتبة متقدمة ي مواجهة القوى الاستعمارية ال كان هدفها السيطرة ع ى تركة الدولة العثمانية. ومثلما كان للصوفية دور كب ﺮ ي نشر ٕالاسالم ،الذي نشروﻩ فكرا وسلوكا ،بالقدوة الحسنة ال أقاموها ب ن الناس ،بنشرهم للعدل والتحريض عليه ومقاومة الظلم والكفر ،وربطهم ب ن الاستعمار وب ن 113
الكفر والظلم ،ألجل ذلك تعلقت قلوب أتباعهم ومريد م بمحب م وتأتي س ﺮ أئمة الصوفية لتحكي عن مالحم املقاومة والرفض أك ﺮ مما تروي مظاهر الخضوع والخنوع. غ ﺮ إن ي هذﻩ الورقة ال ينطلق موضوعها من خالل فرضية تقول " إن الحركة السنوسية كطريقة صوفية كان لها دور ي مقاومة الاستعمار الفرنﺴ ي منطقة أفريقيا جنوب الصحراء ،كما كان لها دور ي مقاومة الغزو ٕالايطا ي لوالية طرابلس الغرب وبرقة". ولتجيب ع ى إشكالية تتلخص ي كيف كانت مواجهة الطريقة السنوسية لالستعمار الفرنﺴ ي جنوب الصحراء؟ ثم ما الدور الذي قام به أتباع هذﻩ الطريقة ي مواجهة الغزو الايطا ي لليبيا ؟ لم يقتصر دور الزوايا الصوفية ع ى تحفيظ القران ودراسة الفقه وتالوة ٔالاوراد ،بل تحولت ي مواجهة املستعمر إ ى مقر ومأوى للمجاهدين ي لون من معي ا القوة املعنوية ال أعان م ع ى آدا دورهم الجهادي، فكان رؤساء ومشايخ وأتباع الزوايا ي الطالئع ٔالاو ى ملواجهة العدوان ).(2 الطريقة السنوسية ومقاومة الاستعمار: أسس الطريقة الشيخ محمد بن ع ي السنوﺳ )1859 1787م( الذي ُولد ي مستغانم بالجزائر ،ونشأ ي بيت علم ُوت ً قى .وعندما بلغ سن الرشد تابع دراسته ي جامعة مسجد القروي ن باملغرب ،ثم أخذ يجول ي البالد العربية فزار تونس وليبيا ومصر والحجاز واليمن ثم رجع إ ى مكة وأسس ف ا أول زاوية ملا ُع ِرف فيما بعد بالطريقة السنوسية .وله نحو أربع ن كتابا ورسالة م ا :الدرر السنية ي أخبار الساللة ٕالادريسية وإيقاظ الوسنان ي العمل بالحديث والقرآن).(3 خلفه ي مشيخة الطريقة ابنه الشيخ محمد املهدي السنوﺳ )1844 114
ً 1902م() (4وعمرﻩ اثنا عشر عاما .وبعد وفاته تو ى ابن أخيه الشيخأحمد الشريف السنوﺳ )1933-1873م() (5الذي شارك ي مقاومة الغزو ٕالايطا ي لطرابلس الغرب خالل املرحلة ٔالاو ى).(6 توجست السلطات العثمانية الخوف أول ٔالامر من الطريقة السنوسية وانتشارها ب ن الناس ي منطقة الجبل ٔالاخضر ،خاصة عندما أنشئت الطريقة أول زواياها ي مرحل ا ٔالاو ى وعندما شعر شيخ الطريقة بالخطر أنتقل إ ى واحة الجغوب " ليع ل مواطن الحكومات ولتكون له حرية العمل ي تطبيق أفكارﻩ") .(7وعند وفاة مؤسس الطريقة وتو ي محمد املهدي نقل مركز الدعوة إ ى واحة الكفرة ي ابريل 1895م لعدة أسباب أهمها ،عمارة تلك ٔالاماكن من الصحراء والاق ﺮاب من السودان والابتعاد عن املأمورين الذين ينقبون ويتحرون عن السالح ي الزوايا ).(8 كان مؤسس الطريقة السنوسية يرى ي ضعف دولة الخالفة العثمانية وعدم تمك ا من الدفاع عن الجزائر وإتاح ا الفرصة إلقامة حكومة مستبدة ي مصر ،لذا أصبح -ي رأيه -الحاجة ملحة إ ى وجود مصلح ن يقومون بالدعوة إ ى الدين القويم ،كما يرى إن تشتت كلمة ً ً املسلم ن وتفرقهم شيعا وأحزابا ،ثم ركو م إ ى الاستبداد ي الرأي وتفضيل أنواع الحكومات املطلقة ،خمول علماء املسلم ن وتقاعدهم وتقاعد حكوما م عن نشر التعليم ب ن جميع الطبقات وتعلم الصنائع وتعميمها لسد حاجات الناس ،والتدرب ع ى استعمال السالح وتحبيب الفروسية لقلوب العامة).(9 باملقابل فأن الحكومة العثمانية قررت أن تكسب السنوﺳ لصفها، ً خصوصا بعد أن قدم للقبائل خدماته ي مجال الدعوة ،والتعليم، وٕالارشاد ،وعالج ظاهرة خروج القبائل عن الدولة ،فكانت القبائل تقبل 115
نصائحه ويطيعون العثماني ن ً بناء ع ى توج اته ،لذلك تركت الدولة الدواخل ي يد الطريقة السنوسية ،وبدأت الطريقة تق ﺮب من سياسة ً الخالفة العثمانية وقام السنوﺳ بإرسال مندوبا عن الطريقة السنوسية إ ى استانبول وقام ذﻩ املهمة الشيخ عبدالرحيم املحبوب شيخ زاوية بنغازي حيث قابل السلطان عبداملجيد وحصل منه ع ى "فرمان" عام 1856م يعفى أمالك الزوايا من الضرائب ويسمح لها بجباية ٔالاموال من أتباعها ،فعالقة السنوﺳ بالدولة كانت طيبة وحسنة طول إقامته ٔالاو ى ي برقة .ثم سافر الشيخ أبو القاسم العيساوي من طرابلس إ ى استانبول وحصل ع ى "فرمان" آخر من السلطان عبدالعزيز يؤكد الفرمان ٔالاول، وآتى به إ ى حاكم طرابلس).(10 غضت الدولة العثمانية الطرف عن الطريقة السنوسية ،سواء عن طريق باشاوا ا ي والية طرابلس ،أو السالط ن العثماني ن ي استانبول، فقد استطاع أن يغ ﺮ من وجهة نظر الدولة العثمانية تجاﻩ دعوته ،وقد نظر السنوﺳ إ ى دولة الخالفة ،كواقع موجود ال تسمح الظروف بتغي ﺮﻩ، بل كان من الصواب العمل ع ى الحفاظ عليه وعدم الاصطدام به ،لذلك جعل عالقته ا طيبة .أما الدولة العثمانية فكانت ترى ي الحركة بعض الفوائد استطاعت تحقيقها ،كما أن الحكام العثماني ن اقتنعوا أن السنوﺳ لم يكن يطمع ي الخالفة وقد حرص السلطان عبدالحميد ع ى ً )(11 ً تقوية الحركة السنوسية ودعمها ماديا ،ومعنويا . أستقر املهدي ي واحة الكفرة وأخذ يرسل البعثات الاستكشافية ي الصحراء ،ويشرف ع ى حفر ٓالابار ،وتفقد الطرق املوصلة ا ى وسط السودان الغربي ،وكانت تلك الاستعدادات تجري ي جو من الكتمان 116
الشديد ،ثم أنتقل ا ى زاوية قرو ،ليشرف بنفسه ع ى تنظيم املقاومة، ملواجهة القوات الفرنسية الزاحفة نحو بح ﺮة تشاد).(12 كانت فرنسا تراقب تحركات الحركة السنوسية ،وتستعد ملعركة ً فاصلة معها ،وخصوصا بعد أن استطاعت القضاء ع ى مملكة رابح بن الزب ﺮ وهزمته ي معركة لختة ثم قتله ي عام 1900م وخضعت لهم سلطنته وباتوا ددون كانم وكان محمد املهدي قد أرسل محمد ال ﺮاني ً ا ى كانم فب زاوية ي ب ﺮ العال ي ،وأخذ يجمع جيوشا من قبائل التبو، والتوارق وأوالد سليمان ،والزوية ،واملجابرة ملواجهة الزحف الفرنﺴ ).(13 حيث مهد الفرنسي ن ملواجهة السنوسي ن بحرب دعائية مركزة ي جرائدهم قصد تأليب الرأي العام ٔالاوربي ضد السنوسية ،زاعم ن معادا ا للنصرانية ومقاوم ا للتبش ﺮ الصلي واعت ﺮوا الطريقة بأ ا تشكل خطر ع ى وجودهم ي شمال أفريقيا).(14 تقدم الفرنسيون نحو كانم ي حملة مجهزة باألسلحة واملعدات الحديثة ،واستعد السنوسيون ملالقا م فوضعوا حامية كب ﺮة ي بﺌﺮ عال ي ،واشتبكت الحملة ي معركة أتباع الحركة السنوسية ،وكان النصر حليف املدافع ن برئاسة الشيخ محمد ال ﺮاني الساعدي).(15 فارتدت الحملة الفرنسية خائبة بعد أن تركت املوتى والجر ى واملعدات ي ميدان املعركة ،كما استشهد عدد غ ﺮ قليل من بي م، الشيخ عبدﷲ بن موﺳ فريطيس ،ووصل الخ ﺮ ا ى محمد املهدي، فأرسل نجدة ملعاونة املجاهدين واستأنف الفرنسيون زحفهم مرة أخرى، وكان عدد شهداء املعركة الثانية مائة شهيد ،من بي م كل من الشيوخ؛ غيث سيف النصر) ،(16ابوبكر قويط ن ،يونس بدر ،السنوﺳ خ ﺮﷲ وشقيقه عبدﷲ. 117
ي اليوم التا ي من هذﻩ املعركة زحف الفرنسيون بعدد كب ﺮ من الجيش تعززﻩ قوات احتياطية ،فاشتبكت مع املجاهدين ي معركة نتج ع ا انسحاب املجاهدين ،واحتالل القوات املعادية ملركز بﺌﺮ عال ي ،و ي هذﻩ ٔالاثناء وصلت نجدة من املجاهدين يقودها محمد عقيلة ،واشتبكت بالقوات الفرنسية خارج بﺌﺮ عال ي وكانت معركة دامية ،فر عدد قليل من الفرنسي ن ا ى بﺌﺮ عال ي ثم قرر القائد السنوﺳ مالحق م ،حاول بعض املجاهدين إقناعه بال ﺮيث ،غ ﺮ انه صمم ع ى تحرير منطقة بﺌﺮ عال ي من القوات الفرنسية أو أن يموت هناك ،وتم الهجوم بروح جهادية عالية، واستشهد قائد القوات السنوسية ،واضطر املجاهدون تحت وابل الرصاص لالنسحاب ،ي هذﻩ ٔالاثناء وصل خ ﺮ وفاة محمد املهدي وتو ي قيادة الحركة السنوسية ابن أخيه احمد الشريف).(17 استمر احمد الشريف ع ى نهج شيخ الحركة السنوسية ،فواصل الجهاد ضد الاستعمار الفرنﺴ ،ونشر الدعوة الاسالمية ي منطقة السودان ٔالاوسط ،واتخذ من الكفرة عاصمة للحركة السنوسية وأناب عنه محمد الس إلدارة أمور الجهاد ،وشرع ي تشكيل ج ة إسالمية، ضد الغزو الفرنﺴ الزاحف من جنوب تشاد ا ى شرقها وشمالها ،فقام باالتصال بسلطان واداي "داود مرة" سنة 1903م ،وأقنعه بسحب اع ﺮاف واداي بالحماية الفرنسية ع ى كانم ،وباقرمي واستجاب السلطان داود لذلك وسحب اع ﺮافه بالحماية الفرنسية) ،(18واتصل بالسلطان ع ى دينار "سلطان دارفور" الذي أعلن توحيد جهود املسلم ن ضد الغزو الصلي ٔالاوروبي ،رأى احمد الشريف أن التوسع الفرنﺴ ي الصحراء ً ً ٔالافريقية يعت ﺮ ديدا مباشرا لحركته الاسالمية ،ولتجارة القوافل ال كانت تدعم بمردودا ا الاقتصادية نظام الزوايا السنوسية ي تلك 118
املناطق).(19 كان الصراع ب ن فرنسا والحركة السنوسية ي تشاد ع ى أشدﻩ ،وتم السنوسيون ي جهادهم بقدر م ع ى الكر والفر ،وكانت قبائل الصحراء، والقبائل الليبية تتمحور حول قيادة الحركة السنوسية ،وبدأت قبائل ً توارق النيجر تتجه شرقا لاللتحاق ،بحركة الجهاد ،ولم تقع ي النيجر أي حوادث تذكر ح بداية عام 1903م عندما بدأ الفرنسيون يزحفون نحو الشمال ،واندلعت املعارك ال كان خلفها أتباع الحركة السنوسية ،وكان من أشهر قادة الحركة السنوسية ،محمد كاوصن) (20ومحمد عبدﷲ الس ) (21وعمر املختار) (22الذي شارك ي الجهاد ضد الفرنسي ن ي تشاد، ثم قاد حركة الجهاد ضد الغزو الايطا ي. ً ً إن جهود الحركة السنوسية كانت أك ﺮ وضوحا وأعمق أثرا ي س ﺮ الجهاد ضد إيطاليا ي برقة ،فعندما وصل ٔالاسطول الايطا ي ،وباشر ي قصف املدن الليبية الساحلية ،جمع احمد الشريف ،الشيوخ والعلماء بالزوايا السنوسية ،وعرض عل م ٔالامر واستشارهم ،وشعر بوجود رأي ً يتجه نحو عدم مواجهة ٕالايطالي ن نظرا لعدم التكافؤ ي القوة معهم ،غ ﺮ أن أحمد الشريف قال لهم "وﷲ نحار م ولو وحدي بعصاتي هذﻩ")،(23 كانت قوة ٕالايمان تحرك احمد الشريف ،نحو الجهاد ولذلك رفض الخنوع والاستسالم للمحتل مهما كانت قوته ،ووصلت أوامر احمد الشريف ا ى رؤساء الزوايا والشيوخ ،ؤالاعيان التابع ن للحركة ي طرابلس وما حولها ،يأمرهم بأن ال ي اونوا وأن يستميتوا ي قتال العدو املهاجم ومن هؤالء ،مصطفى احمد الهوني شيخ زاوية هون ،حامد بركات الشريف شيخ زاوية سوكنه ،محمد ع ي ٔالاشهب شيخ زاوية "واو" فزان، عبدﷲ الس شيخ زاوية مزدة ،عبدالوهاب العيساوي شيخ زاوية 119
طرابلس ،محمد ع ي بن الشفيع شيخ زاوية سرت ،كما كتب ا ى زعماء القبائل يح م ع ى الالتحاق بالجهاد).(24 ب ن عامي 1924م1925 ،م كانت منطقة الجبل ٔالاخضر قد شهدت مناوشات عدة ومعارك دامية ،ووسع املجاهدون نشاطهم العسكري ي املنطقة وظهر عمر املختار كقائد بارع يتقن أساليب الحرب ويتمتع بنفوذ كب ﺮ ب ن القبائل وأخذ أبناء القبائل ينضمون ا ى صفوف املجاهدين وبادرت القبائل بإمداد املجاهدين بما يحتاجون من مؤن وعتاد وأسلحة، وكان لقبائل العبيد ،وال ﺮاعصة ،والحاسة والدرسة والعواق ﺮ وأوالد الشيخ والعوامة ،والشهيبات واملنفى واملسام ﺮ أك ﺮ نصيب ي حركة الجهاد. وكان املعسكر الذي يتواجد فيه عمر املختار هو مركز الرئاسة العامة ومقر القائد العام وهو النواة ٔالاو ى وحجر ٔالاساس ملعسكرات الجبل ٔالاخضر ،حيث كان عمر املختار يلقب بنائب الوكيل العام ،أما السيد يوسف بورحيل فيعرف بوكيل النائب وهكذا فقد تم تنظيم الجهاز الذي يشرف ع ى هذﻩ املنطقة الواسعة وال تشمل منطقة الجبل ٔالاخضر، بتشكيل املحاكم الشرعية والصلحية وإدارة مالية املحاسبة ،ؤالارزاق وجباية الزكاة الشرعية والخمس من الغنائم واستمر التعاون ب ن معسكرات املنطقة وفروعها وأخذت تقوم بمقاومة العدو وشن الغارات ً عليه ي معاقله؛ كما كانت تتصدى لزحفه عل ا ،فتهجم حينا ،وتنسحب ً حينا آخر حسب ظروف الحرب)(25وكانت القبائل تتعاون مع قائد حركة الجهاد ،فتمدﻩ بالرجال واملؤن واملعلومات كان زعماء القبائل التابعة للحركة السنوسية يجمعون ٔالاعشار والزكاة ويقدمو ا إ ى حركة الجهاد بالرغم من وجود الكث ﺮ م م تحت السلطات 120
ً ٕالايطالية ،وخصوصا من كان ي املدن كبنغازي ،واملرج ،ودرنة ،وط ﺮق وغ ﺮها ،وكانت وسائل مد املجاهدين بأموال الزكاة ؤالاعشار تتم ي غاية السرية ،حيث عجزت املخابرات ٕالايطالية عن اكتشاف اللجان الخاصة بالدعم املا ي للمجاهدين ،ومن وقع ي أيدي السلطات ٕالايطالية كانت ً ً عقوبته ٕالاعدام وكانت الغنائم تمثل مصدرا مهما لتمويل حركة الجهاد ي ف ﺮة عمر املختار ،ومعظم الغنائم تم الحصول عل ا ي املعارك ال تمكن ف ا املجاهدون من هزيمة ٕالايطالي ن مثل معركة الرحيبة ي مارس )(26 1927م استحدثت الطريقة السنوسية نظام ٔالادوار ،حيث يتم تكليف أفراد القبائل بتوزيع العمل فيما بي م ،فتخرج مجموعة للقتال ويكلف آخرين بواجبات الزراعة والر ي وتوف ﺮ التموين وتم نظام ٔالادوار باآلتي- : -1يل م كل دور بتوف ﺮ التموين الالزم ألفرادﻩ ،فهم باإلضافة إ ى اش ﺮاكهم ي الجهاد يشكلون عش ﺮة م ﺮابطة ،كما يوجد بالدور أشخاص مكلفون بجباية الزكاة وجمع ٔالاعشار. -2يقوم كل دور بتعويض الشهداء من املقاتل ن بآخرين من قبائلهم ً وهكذا ال يتأثر الدور كث ﺮا لفقد الشهداء ،فبعد كل معركة يتم حصر الشهداء وإ ى أي القبائل ينتمون ثم يرسل إ ى كل قبيلة العدد الذي يجب أن تعوضه عن شهدا ا ،وإذا لم تجد العدد املطلوب تدفع لقيادة الجهاد مقابل ما ي عن كل شهيد. -3تتبارى مجموعات القبائل ي تقديم البطوالت والتضحيات ح ال تكون موضع سخرية أمام بقية القبائل ،وكان املجاهد اللي يغضب ً ً غضبا شديدا ويحزن إذا فاته الاش ﺮاك ي إحدى املعارك أو تخلف ع ا ً لسبب من ٔالاسباب ،فالعامل الدي كان مؤثرا ب ن أفراد القبائل. 121
-4ع ى كل دور توف ﺮ الحماية الالزمة لذويه عن طريق الدوريات، والرباطات ال تراقب تحركات القوات ٕالايطالية أو أية تحركات غ ﺮ عادية ملعرف م بمسالك املنطقة ودرو ا وأماكن املياﻩ ا ،فعندما يحل الدور بمنطقة ما يضع دورية ي كل اتجاﻩ ل ﺮاقب وضع القوات ٕالايطالية ي ً تلك املنطقة وتغطى أخبار تحركا ا للمجاهدين أوال بأول ح يكونوا ع ى علم باتجاﻩ وتحركات العدو ،وح ن يلتقي أفراد الدورية باألعداء يطلقون ثالث أطالقات التنبيه وعند سماع تلك ٕالاطالقات يستعد الجميع ملالقاة ٔالاعداء ي الجهة ال سمع م ا اطالق الرصاص. كما تقوم دوريات أخرى تعرف باسم "الرباط" بمراقبة ٕالايطالي ن ي مراكزهم ال يحتلو ا للحصول ع ى معلومات عن تحركا م عن طريق ً ٔالاها ي املوجودين داخل تلك املدن ،وكث ﺮا ما يتعرض بعض هؤالء ٔالاها ي بسبب تعاو م مع املجاهدين لعقوبة ٕالاعدام ،كما حدث مع سليمان بن سعيد العر ي الذي أدانته املحاكم ٕالايطالية بالتعاون مع املجاهدين ً وحكمت عليه باإلعدام ،فأعدم شنقا).(27 كان نظام ٔالادوار يقوم ع ى أساس قب ي ويعت ﺮ الدور وحدة عسكرية وإدارية ،واجتماعية يرأسها قائمقام ،وتتمثل فيه السلطة ٕالادارية والعسكرية يساعدﻩ "قائد" أو أك ﺮ حسب حجم الدور والقبائل املنضوية تحته. وقد استخدم عمر املختار النظام العسكري العثماني ،فباإلضافة إ ى القائمقام هناك الرتب ٓالاتية - :بكبا -يوزبا -مالزم أول -مالزم ثاني -كوجك ضابط "ضابط صغ ﺮ" باش شاوش -شاوش -أمبا . وكانت ال ﺮقيات تتم ع ى أسس ميدانية بناء ع ى ما يقدمه الشخص من أعمال وبطوالت ي ميادين املعارك واملواقف الدقيقة ،إذ يرفع إ ى 122
عمر املختار تقرير من الرئيس املباشر بشرح الحالة ال استحق عل ا املع ال ﺮقية ،ويصدر بذلك أمر كتابي من عمر املختار ع ى بقية املجاهدين).(28 وكان هناك مجلس أع ى يرأسه عمر املختار يتكون من :يوسف بورحيل ،حس ن الجويفي ،الفضيل بوعمر ،محمد السركﺴ ،موﺳ غيضان ،محمد مازق ،محمد العلواني ،جربوع سويكر ،قطيط الحاﺳ ، رواق درمان و ي حالة غياب عمر املختار يرأس املجلس يوسف بورحيل).(29 وكان لكل من ٔالادوار مجلس يتكون من مشائخ القبائل وأعيا ا من املعروف ن بالحكمة وسداد الرأي :ومهمة هذا املجلس استشارية وهو ي حالة انعقاد دائم ملواجهة الطوارئ والاسهام ي حل املشاكل ال قد تحدث بالدور).(30 لقد شهد قرسياني لعمر املختار بأنه قائد عسكري له القدرة ع ى تغي ﺮ خططه وتطوير أساليبه القتالية مع ما يتم مع املراحل ال يخوضها ح أن عدوﻩ اع ﺮف بذلك فقال" :بالرغم من أبعاد النواجع والسكان الخاضع ن لحكمنا يستمر عمر املختار ي املقاومة بشدة ويالحق قواتنا ي كل مكان". ً ً وقال أيضا" :عمر املختار قبل كل ء لن يسلم أبدا الن طريقته ي القتال ليست كالقادة ٓالاخرين فهو بطل ي إفساد الخطط وسرعت التنقل بحيث ال يمكن تحديد موقعه لتسديد الضربات له ولجنودﻩ...، عمر املختار يكافح ...ا ى أبعد حد لدرجة العجز ثم يغ ﺮ خطته ويس ى ً ً دائما للحصول ع ى أي تقدم مهما كان ضئيال بحيث يتمكن من رفع ً ً ً ً ﷲ أمرا كان مفعوال وهنا الروح العسكرية ماديا ومعنويا ح يق 123
يسلم امرﻩ هلل كمسلم مخلص لدينه").(31 وصف الفرنسيون أتباع الحركة السنوسية بأ م أشد صالبة من الحجر الصلد .واستدل العالمة محمد رشيد رضا ع ى صدق الطريقة السنوسية بما كانت تقوم به فرنسا من عداوة ومحاربة لهذﻩ الطريقة ا ى الصوفية ال أقضت مضاجعها ،ولم تكتم فرنسا رغب ا ي القضاء ع ى شيخ السنوسية واستئصال قوته. وامتدح محمد رشيد رضا) (32هذﻩ الطريقة بقوله" :استطاعت دولة فرنسا إفساد بأس جميع الطرائق املتصوفة ي افريقية واستمالة شيوخها بالرشوة إال الطريقة السنوسية" خاصة ي مرحلة املواجهة ب ن الفرنسي ن والسنوسي ن ي تشاد. الخاتمة: يتضح البعد الجهادي عند شيوخ الطريقة السنوسية ،خالل الحملة الاستعمارية الفرنسية ع ى السودان ٔالاوسط ي تشاد والغزو ٕالايطا ي لليبيا ،خاصة ي منطقة الجبل ٔالاخضر ،حيث اشرفوا ع ى تنظيم مواجهة املستعمر من خالل تنظيم الزوايا ،وتعبئة ٔالانصار؛ بغرس الثقة ي دي م وعقيد م والثقة بقياد م. ويتضح ذلك من خالل ٓالاتي: إن الطريقة السنوسية لم تكن طريقة عبادة فحسب وإنما ساهمتبقدر كب ﺮ ي مواجهة الاستعمار الفرنﺴ وٕالايطا ي ي منطقة الشمال ٔالافريقي. ساهمت ي تنظيم حركة الجهاد ضد الغزو الايطا ي ع ى ليبيا خاصةي منطقة الجبل ٔالاخضر. أشرفت الطريقة السنوسية من خالل شيوخها ع ى حركة الجهاد124
فجمعت ٔالاتباع واملريدين وقامت بتدري م وتموي م. خاض شيوخ الطريقة خاصة أحمد الشريف وعمر املختار معاركضارية ضد الاحتالل الايطا ي ي منطقة الجبل ٔالاخضر. ً كون عمر املختار جيشا من املجاهدين وأتباع الطريقة السنوسيةونظمه وفق ٔالادوار ومنحه رتب عسكرية منظمه استقاها من النظام العسكري العثماني. *** الهوامش:
-1انظر الدولة العثمانية تاريخ وحضارة ،إشراف وتقديم إكمال الدين أحسان أوغ ي، املجلد الثاني ،استانبول ،1999ص 436وما بعدها. ً -2محمود أحمد الديك ،أثر الدين ي حركة الجهاد ي إفريقيا" ليبيا نموذجا" مجلة الجامعة ٔالاسمرية ،العدد السادس ،السنة الثالثة ،2006 ،ص226. -3احمد صد ي الدجاني ،الحركة السنوسية نشأ ا ونموها ي القرن التاسع عشر، ً دار لبنان للطباعة والنشر ،ب ﺮوت لبنان .1967 ،وانظر أيضا ،محمد فؤاد شكري، السنوسية دين ودولة ،دار الفكر العربي1948 ،م. -4هو محمد املهدي بن محمد بن ع ي السنوﺳ ولد ي بلدة ) مسه( بالجبل ٔالاخضر ي ليبيا ،بالقرب من زاوية البيضاء ،ي شهر ذي القعدة عام 1260ه ،املوافق نوفم ﺮ 1844م ،أحمد صد ي الدجاني ،الحركة السنوسية ،املرجع السابق ،ص169. -5أحمد الشريف ،ولد بواحة الجغبوب سنة 1873م ،أنكب منذ طفولته ع ى القراءة والتحصيل ،وحفظ القرآن الكريم ي سن مبكرة ،تربى رحمه ﷲ ي حجر والدﻩ محمد الشريف وحينما بلغ السادسة من عمرﻩ دخل تحت كنف عمه محمد املهدي ،فأهتم ب ﺮبيته ،واشرف عمه ع ى تعلميه وتحفيظه للقرآن الكريم ،للمزيد انظر :أعالم ليبيا ،الطاهر الزاوي ،ص51. -6مصطفي هويدي ،الحركة الوطنية شرق ليبيا، -7محمد فؤاد شكري ،السنوسية دين ودولة ،ص 26 125
-8املرجع السابق ،ص.17 -9احمد صد ي الدجاني ،املرجع السابق ،ص216 -10السابق ،ص 111. -11املرجع نفسه ،ص.228 ،225 -12نفسه ،ص229. -13ال ﺮاني الساعدي :هو من كبار العلماء املتفقه ن ي الشريعة ،من قبيلة زوية أسس زاوية شر ي السلوم ،بمصر عرفت باسمه إ ى ٓالان سيدي ال ﺮاني ثم انتقل إ ى الجنوب ،حيث قاد الجهاد ي الصحراء الك ﺮى ،ضد الغزو الفرنﺴ ،ومن كبار قادة املجاهدين ي مناطق كانم وشمال تشاد ،دخل إ ى الصحراء الك ﺮى من الكفرة، ً ً جهاديا ألحق بالفرنسي ن ّ عدة هزائم ،اع ﺮف الفرنسيون له واستطاع أن يقوم بدورا بال ﺮاعة ،وإجادة التنظيم ،واستطاع أن يصدهم ي )ع ن كلك( ،ال تو ى تنظيم املجاهدين ا ،واستشهد عام 1907م ي معاركه ضد فرنسا ،انظر :جهاد الليبي ن ضد فرنسا ،ص..223 ،222 -14غيث عبدالجليل سيف النصر :هو شيخ قبيلة أوالد سليمان الليبية واملتواجدة ي منطقة كانم ،اصطدم مع الفرنسي ن ساعة وصولهم للمنطقة 1899م ،ونشبت بينه وبي م معارك طاحنة ،قاد غيث الجهاد ّ ضد الفرنسي ن ،وحطم التقدم الفرنﺴ ي بﺌﺮ العال ي ي معركة 1899/11/22م ،وهزم القوة الزاحفة ،كما نشبت معركة أخرى يوم 4يناير 1900م بقيادة غيث ضد الفرنسي ن ،انظر :جهاد الليبي ن ضد فرنسا ،ص226 -15انظر :محمد فؤاد شكري ،السنوسية دين ودولة ،ص.73 -16أحمد الدجاني ،الحركة السنوسية ،ص112. -17محمد فؤاد شكري ،السنوسية دين ودولة102. ، -18انظر :العالقات الليبية التشادية ،سعيد عبدالرحمن ،مركز دراسات الجهاد، 1983م ،ص -19 .86مصطفي هويدي ،الحركة الوطنية شرق ليبيا ،ص.23 -20محمد كاوصن :ولد ي بلدة )مرقو( عام ،1880ينتم ا ى قبيلة )إيكزكزن( إحدى القبائل الشريفة ي سلطنة والليمدان وإل ا تنتﻬ رئاس ا ،قاد حركة الجهاد ضد ً فرنسا ي النيجر ي الحرب العاملية ٔالاو ى وأب ى ً بالء عظيما ،وقد عاش أحداث الجهاد 126
منذ اصطدام توارق شمال النيجر ضد فرنسا عام 1901م ،وهاجر ضمن قبائل التوارق نحو الشرق ،حيث استقر )بقورو( وانضم للطريقة السنوسية وكان ضمن املجاهدين ي هجومهم ع ى )وشنكال( ي نوفم ﺮ ي ع ن )كلك( ،وكان من ضمن املستول ن ع ى املوقع الفرنﺴ التابع لسرية الهجانة ي كانم بقيادة املالزم )موتوت(. -21محمد عبدﷲ الس :من قيادات الحركة السنوسية ال قادت حركة الجهاد ضد فرنسا ي تشاد ولد بمزدة سنة 1268ه املوافق 1851م ،من أسرة تنتم للعباس بن عبداملطلب ،جاء جدها ٔالاول من املدينة املنورة ونزل بواد قرب بلدة سنار بالسودان، فسم الوادي باسمه ) وادي مدني ( .انتقل والدﻩ إ ى مكة حيث درس الفقه وعلوم الدين ع ى يد الشيخ أحمد بن إدريس حيث التقى هناك بالشيخ محمد بن ع ي السنوﺳ ،والذي عاد برفقته إ ى ليبيا واش ﺮكا ي تأسيس الزوايا لتعليم القرآن، وعلوم الدين ،حيث شرع الشيخ السنوﺳ بتكوين زواياﻩ بالجبل ٔالاخضر ،و ي املناطق الشرقية من ليبيا ،وبدأ الشيخ عبدﷲ الس ي تأسيس زواياﻩ ي غرب ليبيا حيث أسس زوايا ي غدامس ،ومزدة ،والحرابة ،ومصراته وغ ﺮها. وملا تو ي الشيخ عبدﷲ سنة 1296ه تو ى ابنه إدارة الزوايا وتأسيس زوايا أخرى ً ً حيث أسس زاوية غريان ،والقلعة ،والعمامرة ،والرحيبات وكان رجال مباركا س ى إ ى إخماد الكث ﺮ من الف ن ب ن القبائل ،وعندما عاد شقيقه عبدالسالم من الكفرة بعد أن أنﻬ تحصيله العلم ،ف ﺮك له أمر الزوايا وذهب إ ى الكفرة ملالقاة الشيخ محمد املهدي السنوﺳ والاش ﺮاك ي مواجهة الفرنسي ن ي تشاد. -22عمر املختار :ولد الشيخ الشهيد سنة 1862م بقرية ج ور بمنطقة دفنة بشرق البطنان القريبة من الحدود املصرية .وتربى تربية البدو ي مضارب قبيلة ) املنفه(. ً وقبيلته هذﻩ من قبائل املرابط ن املعروفة تاريخيا برباطها ع ى ثغور دار ٕالاسالم وحمايته تو ي والدﻩ وهو صغ ﺮ السن حيث وافته املنية عندما كان ي طريقه إ ى مكة املكرمة بصحبة زوجته ،فكفله الشيخ حمد الغرياني الذي رباﻩ ي ظل تعاليم الطريقة السنوسية. -23الفوائد الجليلة ي تاريخ العائلة السنوسية ،عبدالقادر بن امللك بن ع ي ،مطبعة دار الجزائر العربية ،دمشق ،عام 1956م.23/1. -24برقة العربية أمس واليوم ،محمد الطيب ٔالاشهب ،مطبعة الهواري ،شارع محمد 127
ع ي ،مصر ،.ص.292 -25محمد الطيب ٔالاشهب ،عمر املختار ،سلسلة أبطال الجهاد والسياسة ي ليبيا، ص.6 -26عمر املختار ،املرجع السابق ،ص.70 -27عمر املختار نشأته وجهادﻩ من 1862م ا ى 1931م دراسات ي حركة الجهاد اللي ،أعمال الندوة العلمية ال عقدها مركز دراسة جهاد الليبي ن ضد الغزو الايطا ي بمناسبة الذكرى الخمس ن الستشهاد عمر املختار ،إشراف الدكتور عقيل محمد ال ﺮبار ،كلية ٓالاداب وال ﺮبية -جامعة قاريونس ،.ص.83 ،82 -28عمر املختار نشأته وحياته ،املرجع السابق ،ص.105 -29محمد ٔالاشهب ،برقة العربية ،املرجع السابق ،ص.425 -30رود لفو غراسياني ،برقة الهادئة ،ترجمة إبراهيم سالم بن عامر ،دار مكتبة ٔالاندلس ،الطبعة الثالثة ،يناير 1980م ،ص.102 -31خليفة محمد التليﺴ ،معجم معارك الجهاد ي ليبيا 1911م1931-م ،ط ،3دار الثقافة ،ب ﺮوت1973 ،م ،ص.79 -32محمد رشيد بن ع ي رضا ولد سنة 1865ي قرية "القلمون بلبنان" ،و ي قرية تقع ع ى شاطئ البحر املتوسط وتبعد عن طرابلس الشام بنحو ثالثة أميال ،وتو ي ً ً بمصر ي 22أغسطس 1935م ،يعت ﺮ مفكرا إسالميا من رواد ٕالاصالح ٕالاسالمي الذين ظهروا مطلع القرن العشرين .وباإلضافة إ ى ذلك ،كان صحفيا وكاتبا وأديبا لغويا .هو أحد تالميذ الشيخ محمد عبدﻩ .أسس مجلة املنار ع ى نمط مجلة "العروة الوثقى" ال أسسها ٕالامام محمد عبدﻩ ،ويعت ﺮ ٔالامام املجدد حسن البنا أك ﺮ من تأثر بالشيخ رشيد رضا.
املصادر واملراجع:
-1احمد صد ي الدجاني ،الحركة السنوسية نشأ ا ونموها ي القرن التاسع عشر، دار لبنان للطباعة والنشر ،ب ﺮوت لبنان.1967 ، -2الطاهر الزاوي ،أعالم ليبيا ،مطبعة الفرجاني ،ط ،2طرابلس1971 ،م. 128
-3خليفة محمد التليﺴ ،معجم معارك الجهاد ي ليبيا 1911م1931-م ،ط ،3دار الثقافة ،ب ﺮوت1973 ،م. -4سعيد عبدالرحمن الحنديري ،العالقات الليبية التشادية ،منشورات مركز دراسات جهاد الليبي ن ضد الغزو الايطا ي1983 ،م -5عبدالقادر بن امللك بن ع ي ،الفوائد الجليلة ي تاريخ العائلة السنوسية ، ،مطبعة دار الجزائر العربية ،دمشق ،عام .1956 -6عقيل محمد ال ﺮبار ،عمر املختار نشأته وجهادﻩ من 1862م ا ى 1931م دراسات ي حركة الجهاد اللي ،أعمال الندوة العلمية ال عقدها مركز دراسة جهاد الليبي ن ضد الغزو الايطا ي بمناسبة الذكرى الخمس ن الستشهاد عمر املختار ،كلية ٓالاداب وال ﺮبية -جامعة قاريونس. -7رودلفو غراسياني ،برقة الهادئة ،ترجمة إبراهيم سالم بن عامر ،دار مكتبة ٔالاندلس ،الطبعة الثالثة ،يناير 1980م. -8محمد الطيب ٔالاشهب ،برقة العربية أمس واليوم ، ،مطبعة الهواري ،شارع محمد ع ي ،مصر.. -9محمد الطيب ٔالاشهب ،عمر املختار ،سلسلة أبطال الجهاد والسياسة ي ليبيا. -10محمد سعيد القشاط ،جهاد الليبي ن ضد فرنسا ي الصحراء الك ﺮى1988 ،م. -11محمد فؤاد شكري ،السنوسية دين ودولة ،دار الفكر العربي1948 ،م. -12مصطفي ع ي هويدي ،الحركة الوطنية ي شرق ليبيا ، ،منشورات مركز دراسات جهاد الليبي ن ضد الغزو الايطا ي ،طرابلس1988 ،م. -13مجلة الجامعة ٔالاسمرية ،العدد السادس ،السنة الثالثة.2006 ،
129
130
العالقة ب ن غدامس و تمبكتو*
ً الرحالة الانجل ي ألكسندر لينج نموذجا قتل الرحالة الاسكتلندي الرائد الكسندر جوردون لينج* عام 1826م ي ظروف غامضة بالقرب من تمبكتو ،املدينة ال كان ينظر إل ا ع ى إ ا مدينة ثرية وذات معمار عظيم ،غ ﺮ إن مقتل لينج بدل تلك الصورة ال ُرسمت ع ا لدى املكتشف ن الانجل ع ى ٔالاقل. ولكن قبل أن يصل هذا الرحالة إ ى تمبكتو كان ي غدامس ال ً وصلها من طرابلس الغرب مجهزا بحماية من الباشا وقنصل انجل ﺮا ف ا السيد ورانجتون* الذي تزوج لينج من ابنته ،وبعد زواجه بيوم ن غادر إ ى غدامس ال وصلها بعد أن ع ﺮ طريق طويل -عن طريق الشاطئ - ً مبتعدا عما كان يجري من صراع بمنطقة جبل نفوسة ،ويصف الرحالة ً ً مدينة غدامس وصفا دقيقا. نحن لسنا بصدد البحث ي موضوع وصفه ملدينة غدامس ،أو تقديم استئناف ضد حكم صدر ي حق وزير خارجية طرابلس الغرب آنذاك السيد حسونة الدغيس* الذي أ مه القنصل الانجل ي وارنجتون بالعمل لصالح قنصل فرنسا روسو* للحصول ع ى وثائق الرحالة الانجل ي ،علما بأن الرحالة ٔالاملاني بارث الذي كشف لنا فيما بعد عن 131
ظروف مقتل لينج ،كما أمدنا لي بمعلومات عن النتيجة ال آلت إل ا أوراق الرحالة الانجل ي ،وهذﻩ الورقة تجيب ع ى السؤال التا ي :ملاذا عاد إ ى مدينة غدامس ليع ﺮ م ا إ ى تمبكتو؟. ولإلجابة ع ى السؤال البد من أن نعرف إن مدينة غدامس تقع ع ى ً الحافة الغربية للحمادة الحمراء ،فﻬ أق مدن الواحات الليبية ُبعدا من ناحية الغرب ،وأقصاها ي اتجاﻩ الشمال وتلتقي عندها الحدود الليبية التونسية والجزائرية. ً ونظرا ألهمية موقعها جعلت البعض يطلق عل ا اسم "بوابة ً ً الصحراء") (1فﻬ املع ﺮ املفضل للقادم من الصحراء قديما وحديثا و ى ً املحطة الرئيسية ألها ي املدن الساحلية ،استعدادا للتوغل ي الصحراء ً الك ﺮى واجتيازها باتجاﻩ الجنوب سعيا وراء التجارة واملغامرة. وتدل ٓالاثار املوجودة بالواحة ع ى تعاقب الحضارات ع ى املوقع ً الحا ي للمدينة من ف ﺮة ما قبل التاريخ "الجرمنت" مرورا بالعهد الروماني، و ى العصور الوسطى ،أصبحت غدامس مثل بقية مدن شمال أفريقيا ضمن الدولة العربية ٕالاسالمية ي منتصف القرن السابع امليالدي ثم تحت نفوذ الدولة العثمانية).(2 وغدامس كانت تد ى عند الرومان سيداموس " "Cydamusوقد ع ﺮ املنقبون ف ا ع ى نقوش يونانية والتينية ،تش ﺮ إ ى أن الرومان كانوا يحتفظون بحامية عسكرية ف ا ،وكذلك تدل ٔالانقاض وٓالاثار ع ى أن غدامس كانت قاعدة للنفوذ القرطا ي) (3وقبل الفتح ٕالاسالمي كانت ً غدامس ،سجونا للكاهنة* ال كانت تحكم أفريقيا الشمالية).(4 بدأت الرحلة إ ى تمبكتو عن طريق ب وليد وم ا إ ى الشاطئ والدوران إ ى غدامس و ي البوابة ال انطلقت م ا الرحلة إ ى تمبكتو، 132
رافق الرحالة الشيخ باباني* وهو نائب يوسف باشا ي غدامس وهذا يع إن الباشا قد أوكل إ ى نائبة مرافقة وحماية الرحالة وتذليل الصعاب ح يصل إ ى تمبكتو. ً يرافقهم أيضا محمد أبوغوله وهو الشخص املسؤل عن كل ما يتعلق بالرحلة والذي لم تعجب ممارساته لينج خالل الرحلة إ ى غدامس ،حيث مالبث أن سرحه بعد وصولهم بحجة تخفيض حجم القافلة وعاد بوغولة إ ى طرابلس يرافقه ثالثة من سائقي الجمال. غادر الرحالة غدامس ي قافلة تكونت من ست جمال ،يرافقه الشيخ باباني وشخص آخر يد ى حطيطه ي صباح الثامن عشر من أكتوبر ،1825وصلت القافلة إ ى ع ن صالح ي الثالث عشر من ديسم ﺮ، ً واستقبله حشد كب ﺮ من سكان ع ن صالح ،الذين وجهوا إليه سيال من ٔالاسئلة عما وصلهم عنه من غدامس من حكايات سبقته إ ى هناك).(5 فشكله ٔالابيض وبندقيته الحديثة ال تطلق رصاص بدون الزناد ّ املصون ،سبقت شهر ا وصولة إ ى ع ن صالح والنار ال يطلقها ي السماء وال تشتعل ي املاء ،كل ذلك كان من ثقافة العصر ال تم ا العامة وسط الصحراء وال نقل ا قوافلهم من غدامس ورغم بعد املسافة فأن القوافل التجارية كانت تحمل ٔالاخبار بالسرعة ذا ا ال تقطعها تلك القوافل. ً ً وصل الرحالة إ ي تمبكتو وأستقبل استقباال وديا من جانب زعما ا ً ومكث ا عدة أسابيع وتعرف تماما ع ى املدينة ،ي ظل توفر ٔالامن ولكنه عندما قرر أن يغادر املدينة إ ى كبارى تعرض له قطاع الطرق. عندما وصل خ ﺮ مقتل الرحالة اتصل وارنجتون بيوسف باشا وطلب منه استدعاء الغدامسية املقيم ن بطرابلس ،فوجدوا خمسة أشخاص 133
فقط اقتحموا بي م وسجلوا ما كان يوجد ا من أشياء ،وصادروا ما وجدوا من نقود وتركوا با ي البضاعة وأودعوهم السجن ،ثم أطلق سراحهم من قبل شيخ البالد بعد أن قاموا بدفع مبلغ ما ي ضمان، واستقبلهم الدغيس ي بيته).(6 أرسل الباشا الشيخ ع ي املجراب إ ى غدامس للتحقيق وتق الحقائق وعاد بعد أن أحضر معه كل من الشيخ القا والحاج محمد الث والحض ﺮي ومجموعة أخرى من أهل غدامس ،حيث أستقبلهم الباشا وأع ﺮف الحض ﺮي أمام الباشا بأنه سلم أوراق الرحالة إ ى حسونة الدغيس ،حضر التحقيق الشيخ أحمد أبوطبل والشيخ بن غلبون ومحمد بن العالم. ومحمد الوا أرسل ي مارس 1827رسالة إ ى الباشا يعلمه بمقتل لينج ي تمبكتو من قبل قبائل الفالن* عندما عرف بوجودﻩ ف ا ،وأوراقه ً حرقت بعد مقتله خوفا من السحر ،ولكن تجار مدينة غدامس وقاض ا أدلوا بشهاد م أمام باشا طرابلس والقنصل ورانجتون بأن تلك ٔالاوراق ً قد وصلت فعال ليد وزير خارجية الباشا بالرغم من العالقة التجارية الوطيدة ال كانت تربط عائلة الدغيس بغدامس. ً ونظرا للعالقات املم ة ال كانت تربط حسونة الدغيس مع تجار من غدامسٔ ،الامر الذي جعله يتعرض لال ام ليس من قبل ورانجتون ً فحسب بل كان هدفا لوزير مالية الباشا محمد بيت املال الذي لم ي ﺮك مناسبة للنيل منه لدى الباشا. من ذلك كله يتضح أهمية غدامس كقاعدة حضارية تنطلق م ا الرحالت إ ى إفريقيا كما نتب ن العالقة الثقافية ال ربطت غدامس باملناطق ٔالافريقية فيما وراء الصحراء فيما يخص تبادل ٔالاخبار 134
واملعلومات. تمبكتو ،تقع مدينة تمبكتو ي الشمال الشر ي من جمهورية النيجر ً ً ً الحالية وقد أعطاها موقعها مركزا حيويا واس ﺮاتيجيا ذا أهمية بالغة ي املجال ن الاقتصادي والحضاري ،و ي ملتقي طرق القوافل ،كانت تعرف بمدينة الرمال الفضية "العجيبة" و ى نقطة وصل ب ن شمال أفريقيا وأفريقيا فيما وراء الصحراء. وكلمة تمبكتو ي تحريف لكلمة من أصل طار ي :ت ن بكتو تع موقع بكتو " حيث كان رجال الطوارق ي ﺮكون أمتع م الثقيلة ي حراسة امرأة عجوز اسمها " بكتو " وبعد أن كانت عبارة عن مخيم متواضع تحولت إ ى قرية لتصبح ي بداية القرن الخامس عشر امليالدي مدينة يسك ا ٓالاف من البشر. ويعود تاريخ تأسيسها إ ى القرن الخامس الهجري 1080م وقد شهدت انتشار ٕالاسالم ب ن القبائل الوثنية ،بعد أن وفدت ع ى املدينة جماعات من تجار طرابلس والقاهرة وفأس والق ﺮوان. وقد بنيت منازل تمبكتو عند تأسيسها من أكواخ وعشش مسقوفة بحشائش الصحراء ،وما لبثت أن اتسع عمرا ا وتحسنت منازلها ال أصبحت محاطة بأسوار ،ثم ب ا جامع سنكرى الذي تحول بعد ذلك إ ى جامعة للدراسة والبحوث العلمية لطالب العلم من كل بقاع شمال ووسط أفريقيا. وينقسم سكان تمبكتو إ ى قسم ن :سكان الشمال ،وهم رجال القوافل والرعاة ،وأصلهم من العرب والطوارق ،أما القسم الثاني فهم السكان ٔالاصلي ن وينتمون ألصل "سنغاى" وتمثل الزراعة والتجارة والصناعة اليدوية جل نشاطهم وقد ارتبطت عادات أها ي تمبكتو ،من 135
حيث الفن املعماري والتقاليد ٔالاخرى بالشمال ٕالافريقي ،فكانت بيو م بنفس الطراز املعماري ،وكذلك املساجد واملحالت التجارية. ً ً ً ً وقد أدت التجارة دورا هاما ي ازدهار املدينة اقتصاديا وحضاريا، تتوافد عل ا الناس من كل حدب وصوب ،وخاصة من الشمال ٕالافريقي ً ع ﺮ الصحراء الك ﺮى ال لم تكن حاجزا لتدفق مظاهر الحضارة ب ن شمال القارة وجنو ا وغر ا ،بل كانت املؤثرات الثقافية والفكرية تتسرب من الشمال العربي إ ى البلدان ٔالافريقية فيما وراء الصحراء ومن بي ا ً تمبكتو ال ازدهرت ثقافيا متأثرة بالتيارات الفكرية والحضارية الوافدة إل ا) ،(7وبرز ف ا طائفة من العلماء ٔالاجالء أمثال القا محمود كعت صاحب تاريخ الفتاش ،الذي يفخر بأنه من مواليد مدينة تمبكتو ،وكان اتصال مدينة طرابلس الغرب بعاصمة الصحراء الك ﺮى تمبكتو يتم عن طريق مدينة غدامس حيث كانت القوافل التجارية تتخذ طريقها انطالقا من طرابلس إ ى غدامس وم ا إ ى ع ن صالح وتوات بالجنوب الجزائري ثم ً إ ى تمبكتو ،ويصل املدينة من مختلف الجهات سنويا ماب ن 50إ ى 60 ألف جمل وانخفض هذا الرقم إ ى 14ألف جمل ي اية القرن التاسع عشر بعد احتالل فرنسا للمنطقة عام 1900م ،ثم انخفض هذا العدد ً ً تدريجيا ح كاد ينقطع ائيا ي بداية القرن العشرين. *** هوامش: -1للمزيد ينظر ،محمد عبدالرحمن سواملية ،تمبكتو جوهرة تغمرها الرمال ،مطبعة املتوسط ،ب ﺮوت – 1986م ،ص ،47والهادي امل ﺮوك الدا ي ،مملكة ما ي ٕالاسالمية، مطابع الوحدة العربية ،الزاوية ،ط1999 ،2م ،ص95. -2إسماعيل العربي ،الصحراء الك ﺮى ،ص.136 136
-3جيمس رتشارد سن ،ترحال ي الصحراء ،ص.273 -4منصور محمد البابور ،غدامس التحضر والقاعدة الاقتصادية ،منشورات جامعة قاريونس ،بنغازي1995 ،م ،ص .30 * الكاهنة :امرأة بربرية ذات صول وسلطان ع ى ال ﺮبر يقال لها داهية بنت ماتيه بن تيغان ملكة جبال أوراس ،اح ﺮفت السحر والكهانة و ى من قبيلة جراوة – من زناته – القبيلة املشهورة.للمزيد من التفصيل ينظر ،ادوارد ريا ،املغرب العربي ي القرن التاسع عشر ،ترجمة ،مصطفي محمد جودة ،مراجعة عثمان الكعاك ،طرابلس ،دار مكتبة الفكر1968 ،م ،.ص 88. -5ابراهيم ابوالقاسم )) ،التجارة ب ن غدامس وتونس ى القرن التاسع عشر(( ،املجلة التاريخية العربية للدراسات العثمانية ،منشورات التميم للبحث العلم واملعلومات، تونس ،العدد 21سبتم ﺮ 2000م ص.17 * ولد الكسندر جوردون لينج ي السابع والعشرين من ديسم ﺮ عام ،1794أس ل ً ً حياته مديرا ملدرسة ي مدينة نيوكاسل ،ثم عاد ليعمل مساعدا البيه ي أدن ﺮة، ً التحق عام 1811بالجيش متطوعا ،ثم سافر مع الجيش إ ى بربادوس حيث كان يعمل خاله ج ﺮيل جوردون عقيد ي الجيش ،وهو الذي أمن له رتبة مالزم ي سالح املدفعية ،أنتقل بعد سنت ن إ ى لواء جزر الهند الغربية ،وتوجه إ ى جمايكا ولكنه أصبح غ ﺮ صالح للجيش عندما أصيب ي كبدﻩ فرجع إ ى بيته بنصف راتب ،ولكن ر ي إ ى رتبة مالزم أول عام 1919وأعيد للخدمه مع لوائه ي س ﺮاليون. ً * جورج هانمر ورانجتون ،تو ى مهام قنصل انجل ﺮا بطرابلس عام ،1814لعب دورا ً بارزا ي توجيه دفة السياسة ي والية طرابلس الغرب وأن يفرض نفسه ع ى يوسف ً ً باشا ،كان ﺳ ﺊ الطبع مشاكس مياال إ ى حب الظهور وفخامة املظهر كان متحمسا لجعل طرابلس قاعدة ملشروع الكشف الجغرا ي ي أفريقيا الوسطى ،ربطته عالقة مم ة مع محمد بيت املال وزير مالية الباشا ،وكانت عالقته بروسو قنصل فرنسا قلقة إ ى حد كب ﺮ بسبب ا لتنافس السياﺳ ب ن انجل ﺮا وفرنسا رغبة م ما ي التفوق والاستحواذ ع ى يوسف باشا للمزيد ينظر ،عمار جحيدر ،اليوميات الليبية ،ج،1 مركز جهاد الليبي ن للدراسات التاريخية ،2001 ،ص. 269 * حسونة الدغيس .ولد بطرابلس الغرب ،تعلم ع ى يد الشيخ أحمد بن أبي طبل ) 137
الطبو ي ( سافر إ ى أوربا وأطلع ع ى ثقاف ا وأتقن اللغة الفرنسية وأطلع ع ى خفايا السياسة وخ ﺮ طبيع ا ح عد الشخصية ٔالاو ى ال حاولت أن تنقل لنا صورة جديدة عن الغرب ي الربع ٔالاول من القرن التاسع عشر ي أقرب إ ى الحقيقة ً ومخالفة تماما ملا قدمه ٓالاخرون ،وصف بأنه أعجوبة من الفهم والثقافة واملدنية، جعله إسماعيل كما ي ع ى رأس حزب ٔالاها ي ي طرابلس الغرب بالرغم من أصوله ال ﺮكية ي مقابل حزب الكراغلة الذي كان ي ﺮأسه محمد بيت املال ،غادر إ ى تونس ع ى ظهر باخرة أمريكية بعد ا امه بتسليم أوراق الرحالة الانجل ي إ ى قنصل فرنسا ثم إ ى فاس وم ا إ ى لندن ليعرض شكايته ع ى مجلس العموم ال ﺮيطاني ي بالدﻩ ً ولكنه لم يجد أذنا صاغية ،وأعتقد أنه تجاوز واقعه الشخ ف ﺮجم كتاب يبحث ي الحقوق املدنية من الفرنسية إ ى العربية .وعندما تعرضت الجزائر لالحتالل الفرنﺴ تعاون مع حمدان خوجه الجزائري ي الدفاع عن القضية الجزائرية وترجم كتاب املرآة الذي ألفه خوجه من العربية إ ى الفرنسية لكي يتمكن الفرنسي ن من الاطالع عليه ،غادر إ ى استانبول عندما عادت طرابلس إ ى الحكم العثماني املباشر حيث رأس تحرير جريدة تقويم الوقائع ال كانت تصدر باللغة الفرنسية كما قدم عدة تقارير سياسية عن أوضاع واتجاهات السياسة ٔالاوربية ،حمل حسونة الدغيس ً آنذاك أفكارا إنسانية تعارضت مع أفكار ٓالاخرين خاصة ي شأن تجارة الرقيق ع ﺮ والية طرابلس إ ى أوروبا وقد أتضح ذلك عندما حط به الرحال ي باريس ال أصدر ا مؤلفة )كراسة ي تجارة الرقيق بأفريقيا( ال ترجمت عام 1822م إ ى ٕالانجل ية، بعد أن عكف ع ى تأليفها بالفرنسية ي فرنسا ،ليكون أول كاتب لي ُ ،يصدر كتابا مدونا بلغة أجنبية ي عقر أوروبا .وقد ع ﺮ ي هذا الكتاب عن معارضته الشديدة للعبودية الرائجة ي أفريقيا عموما وبلدﻩ خصوصا ،مقرا ي ذات الوقت بصعوبة مقاوم ا ،فضال عن إلغا ا ،ذلك لتعقد الوضع الاجتما ي والثقا ي املنبثقة ع ما. وخالصة رأيه ي التخلص من العبودية ،يكمن ي تأييد الحشد من ٔالامم ٔالاوروبية ؛ إليقاع نوع من الضغط ع ى الحكومات ال ﺮبرية ي املنطقة ،توازيا مع توسيع التجارة مع هذﻩ الدول لرفع الوفرة الاقتصادية ،وفتح قنوات التفاوض مع القراصنة، ومنحهم مكافآت مجزية ي مقابل التخ ي عن أعمال القرصنة. -6رحلة ورسائل الكسندر جوردون لينج ،نقله للعربية ،دار الفرجاني ،طرابلس ليبيا، 138
،1974ص338. -7عمار جحيدر ،اليوميات الليبية ،ص414-413 * الفالن ،مجموعة من القبائل ٔالافريقية انتشرت بصورة كب ﺮة ومكثفة ع ى امتداد ً ً إقليم السافانا من املحيط ٔالاطلﺴ غربا إ ى أثيوبيا ع ى سواحل البحر ٔالاحمر شرقا ً ً ومن منطقة شبه الصحراء شماال إ ى املنطقة الاستوائية جنوبا وتتجمع مجموعات من هذﻩ القبائل ي حوض السنغال وغامبيا والنيجر وموريتانيا وغينيا وس ﺮاليون وما ي وبوركينا فاسو وبن ن ونيج ﺮيا وتشاد ،وعرفت قبائل الفوالن بعدة تسميات ففي املصادر العربية ذكروا ،الفوالني ،فاللة ،فل ،فالنة ،أما املصادر الانجل ية فقد ذكر م ،فوالتي ،وجاء ذكرهم باملصادر الفرنسية ،بول للمزيد ينظر الهادي امل ﺮوك الدا ي ،قبائل الفالن ،الشركة العامة للورق والطباعة ،2003 ،ص 7وما بعدها كما ينظر ٔالام ن أبومنقة محمد ،صوتيات لغات الشعوب ٕالاسالمية ي أفريقيا ،منشورات املنظمة ٕالاسالمية لل ﺮبية والعلوم والثقافة – أسيسيكو ،1999 ،ص 18وما بعدها.
139
140
قراءة ي كتاب:
"الجذور الاجتماعية للدولة الحديثة ي ليبيا" للدكتور املولدي ٔالاحمر الكتاب ي ٔالاصل عبارة عن أطروحة دكتوراﻩ دولة قدمت لكلية العلوم ٕالانسانية والاجتماعية ،قسم علم الاجتماع بالجامعة التونسية، وأج ت سنة 2008م بأشراف الدكتور عبدالوهاب بوحديبة ،وطبع ضمن سلسلة أطروحات الدكتوراﻩ من قبل مركز دراسات الوحدة العربية – ب ﺮوت ،وحمل رقم .78 احتوى ع ى 462صفحة وقسم الكتاب إ ى مقدمة وتسع فصول وخاتمة وألحق بثبت للمصادر واملراجع ال عاد إل ا املؤلف تنوعت ب ن عربية وأجنبية كتبت بلغات مختلفة م ا الفرنسية والانجل ية والايطالية. ي الفصل ٔالاول تناول املدخل النظري لدراسته والفرضية الرئيسية واملفاهيم ٔالاساسية ،كما ناقش مشاكل البحث. أما الفصل الثاني الذي عنونه ليبيا ي القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين خصصه لدراسة السكان ومواردهم وأنشط م ي "القرصنة والغصب" والرموز الثقافية والسياسية. 141
الفصل الثالث عرض فيه املجموعة الزعامية البدوية املحاربة ،تكلم عن املجموعة وتكوينا ا ومعضل ا السيوسولجية وخص عبدالجليل سيف النصر وغومة املحمودي. ي الفصل الرابع تناول العنصر الطر ي ي التاريخ الاجتما ي والسياﺳ املغاربي املجموعة الزعامية الدينية الطرقية وخص السنوسية وزعام ا ل ﺮقة ومركزي ا واملجموعات البدوية. الفصل الخامس أفردﻩ للزعامة العسكرية الب ﺮوقراطية الحضرية، تشكيل الدولة القرمانلية ومؤسسا ا وأزم ا والحرب ٔالاهلية بي ا واملجموعات البدوية و اية الدولة. أما الفصل السادس تناول فيه ٕالاصالحات العثمانية والبناء الزعامي للظاهرة السياسية ،الفرد واملجموعة واملؤسسات الجديدة ،الزعامة والسلطة الب ﺮوقراطية وبناء املجموعة السياسية الحضرية. الفصل السابع خصصه لدراسة مرحلة الاحتالل الايطا ي ،مقاومة املحتل والتحالفات الطرابلسية والدفاع عن الزعامة ،كما تناول تحوالت الزعامة الطرقية ي برقة" تحول السنوسية من مشيخة إ ى إمارة". ي الفصل الثامن ناقش احتكار إنتاج الزعامة و اية املجموعة املحاربة والبناء الزعامي للمجموعة السياسية الحزبية ،دولة الاستقالل وفرصة تحديث النسق السياﺳ الزعامي. ي الفصل ٔالاخ ﺮ وهو التاسع حاول املقارنة بالحالة املغربية ي شخص السلطان الشريف ٔالامام وامللك وتشكل الدولة املغربية الحديثة. ملخص فرضية الكتاب: تتلخص الفرضية الرئيسية ،ال حاول الكاتب مناقش ا ،وال تقوم ع ى فكرة مفادها أن نشأة ما يسم "الدولة الحديثة" ي ليبيا خالل 142
القرن التاسع عشر والنصف ٔالاول من القرن العشرين ،جرت وفق ما كان يحدث من تغ ّ ﺮات ي الشروط الاجتماعية املادية م ا والذهنية ال يرتبط ا الفاعلون الاجتماعيون و يبنون ع ى أساسها املجموعات السياسية ال يمارسون من خاللها نشاطهم السياﺳ بمختلف أبعادﻩ. وهذا يع أنه بقدر ما تتوسع و تتغ ﺮ شروط صناعة املجموعة السياسية ال ي عماد الفعل السياﺳ ،يحدث توسع و تغ ﺮ ي بنية الظاهرة السياسية بحد ذا ا ،و بالتا ي ي بلورة ما نسميه عناصر الحداثة السياسية. يخلص الكاتب ا ى أن الظاهرة السياسية ي بناء زعامي ،ويقصد بذلك أن تشكل املجموعات ،ال ي عماد النشاط السياﺳ ،يجري ً غالبا وفق مبادئ تقوم ع ى بروز الزعيم ،الذي يعمل بدورﻩ ع ى تمت ن العالقة بمجموعة ٔالاتباع ؤالاحالف والزبائن واملغلوب ن ال يقودها .ي ً ً الحالة املغاربية ،عموما والليبية خصوصا ،تنافس ع ى بناء الظاهرة السياسية ثالثة أصناف من الزعامات :الزعامة البدوية املحاربة، والزعامة الدينية الطرقية ي البادية ،والزعامة العسكرية الب ﺮوقراطية ي املدينة. ً يرى املؤلف إن موضوع الحداثة السياسية موضوع معقد جدا.. وهناك العديد من املفاهيم واملداخل للموضوع.هناك مفهوم املؤرخ ن ومفهوم رجال القانون ومفهوم علماء الاجتماع ومفهوم علماء السياسة ومفهوم هذين ٔالاخ ﺮين متقارب ن. بالنسبة للمؤرخ ن ٔالاوربي ن يرون إن الحداثة السياسية ي أوربا ظهرت مع قيام الدولة الحديثة ال يعتقدون أ ا بدأت ي التبلور تقريبا منذ القرني ن الثاني والثالث عشر ميالدي ،واستمرت ي التطور ح 143
الثورات السياسية ي العصر الحديث. املؤرخون ي املغرب العربي ،والتونسي ن ع ى وجه التحديد ،يعتقدون إن الحداثة السياسية بدأت ي تونس و ليبيا و الجزائر منذ م ئ العثمانيون حيث قاموا ببناء دولة ثابتة و أوقفوا س ﺮورة التاريخ وفق املنظور الخلدوني ..لقد قلب العثمانيون املعادلة ع ى املستوى العسكري، ً ً عندما استخدموا البارود وأدخلوا أشياء جديدة فتكونت شيئا فشيئا نواة ب ﺮوقراطية ارتكزت عل ا الدولة. أما من املفهوم القانوني تتبلور الحداثة السياسية عندما تنشأ قوان ن تنظم العالقات السياسية ،فيتحول الفرد بموج ا من ساكن أو رعية إ ى مواطن شريك ي إدارة الشؤون العامة و لديه الوسائل القانونية ،أي السلمية ،ال تسمح له بمراقبة الكيفية ال تدار ا هذﻩ العملية ،طبقا ملرجعيات متفق عل ا ،م ا أسبقية مصالح املجموعة املتمثلة ي الشعب ع ى مصالح الفرد. من وجهة النظر السيوسولجية يرى املؤلف إ ا تحاول أن تجمع ب ن هذﻩ العناصر ،أل ا ال ترى القانون واملجتمع والاقتصاد ع ى أ م يمثلون فضاءات متوازية .و من ثم فﻬ ال تستطيع أن تتحدث عن الحداثة السياسية دون ٕالاقرار بوجود عالقة جديدة ب ن الحاكم واملحكوم ،ف ا تحرر من الروابط الضيقة ال تدار عادة من خاللها العالقات الجماعية ،املبنية ع ى القرابة و الج ﺮة و الصحبة و مختلف الانتماءات املحلية ،و ف ا توجه أخال ي و قانوني نحو إعطاء التغ ﺮات الاجتماعية املتولدة عن ٔالانشطة الاقتصادية و الثقافية الجديدة حضها ي بناء املرجعيات السياسية .لذلك عندما تفكر بشكل حداثي فأنك تغ ﺮ من ً مفهومك لآلخرٓ .الاخر الذي لم يعد من وجهة النظر السياسية أخا أو جارا 144
أو صديقا أو زبونا ،بل ٓالاخر الشريك السياﺳ والتقسيم الاجتما ي للعمل ً ي العصر الحديث غ ﺮ من عالقات ٕالانتاج وفتح مجاال لألفراد كي يتحرروا من عالقا م التقليدية ع ى مستوى الكسب والرزق .وغ ﺮ من الشروط ٔالاولية للروابط الاجتماعية .فأصبحت لديك مساحات أوسع للحركة و النشاط ،فع ى سبيل املثال لم تعد حماية النفس و ٔالامالك و غ ﺮ ذلك تجري ي إطار اللحمة أو العرش أو الزاوية .و إنما ي إطار الدولة املبنية ع ى فكرة السيادة و الشرعية ،عندما يصبح ٔالافراد ي حماية الدولة وليس ي حماية مجموعات تعمل بمفهوم " أنا وأ ي ع ى ابن عم .وأنا وأبن عم ع ى الغريب تتآكل املرجعيات الضيقة .يصبح هناك دولة، وهناك أفراد شركاء ي إدارة الشؤون العامة وفق قوان ن ووثائق من نوع الدستور ،تنظم هذﻩ العمليات وتثبت مقومات اللعبة بحيث يمكن التنبؤ بسلوك ٓالاخرين ،املواطن ن الشركاء وعند ذلك يمكنك أن تخطط للمستقبل متحررا من الال يق ن السياﺳ ودون خوف. واملفهوم املركزي هو املجموعة السياسية وكيف تتشكل املجموعات ويرى إنه من خالل قراءته للتاريخ اللي انتﻬ إ ى استنتاج مفادﻩ أن هناك ثالثة نماذج من بناء املجموعة السياسية ي ليبيا.. فأما أن تكون بدوية محاربة وكمثال ع ى ذلك ،غومة املحمودي و عبدالجليل سف النصر .لقد تخطت شهر م ٔالافق و بنوا ع ى املستوى املح ي أحالفا تجاوزت املجموعة الضيقة ،تجاوزت املحاميد وأوالد سليمان ولكن السؤال كيف تحولت هذﻩ العائالت ي ٔالاصل إ ى مجموعات منتجة للزعماء وكيف توسعت عالقا ا ؟ ما ي شرعي ا؟ يرى إ ا مسألة ي غاية التعقيد ولكن باختصار أن املجموعة البدوية املحاربة لد ا صعوبات كب ﺮة ،بسبب تركيب ا الاجتماعية و مرجعيا ا الثقافية ،ي 145
بناء نظرية للدولة قائمة ع ى أسس ثابتة. النموذج الزعامي الثاني تمثله املجموعة العسكرية الب ﺮوقراطية الحضرية ال مثل ا تاريخيا املجموعة القرمانلية .فهذﻩ املجموعة تشكلت من عسكري ن و نواة ب ﺮوقراطية ،ولك م سياسيا كانوا يتصرفون بشكل يشبه إ ى حد كب ﺮ البدو ،فهم لم يجدوا حال سلميا النتقال السلطة من ً جيل إ ى جيل ،ولم يكونوا قادرين اقتصاديا ع ى اخ ﺮاق النسيج الاجتما ي والوصول إ ى املوارد بطرق سلمية تقوم ع ى شرعية محددة. لقد كانت الدولة تقوم بافتكاك ٔالارزاق مثلما تقوم بذلك املجموعات البدوية ،و الوثائق ال تصف ذلك ي متناول الجميع...لكن هذا ال يمكن أن يحدث وفق مفهوم املواطنة ورؤية ٓالاخر بمنظور الحداثة السياسية بأن يكون لك شركاء سياسيون و أن تكون قوان ن العمل الذي يق السياﺳ معلومة ومستقلة عن مصالح ٔالافراد. أما النموذج الثالث هو نموذج املجموعة الزعامية الطرقية و قد جسدته تجريبيا السنوسية .ومن خصائص الزعامة الطرقية أ ا تقوم ع ى مشيخة الطريقة و ال ﺮكة وهما رأس مال ال يمكن لألتباع التشكيك ف ما و ال يمكن منافسة الزعيم عل ما .و من ثم فإن هذﻩ الزعامة قد اخ ﺮقت النسيج الاجتما ي دون عنف و أسست للهرمية الاجتماعية و السياسية. ولكن السنوسية دخلت القرن العشرين و ي خارج مفهوم الحداثة، لذلك فإ ا عندما انخرطت ي مقاومة الاستعمار لم يكن لزعما ا مفهوم الوطن بمحتواﻩ الحديث .لقد كانوا يتصرفون كسنوسي ن ،أي كمسلم ن طرقي ن رأوا أن من واج م الدفاع عن ٔالارض و العرض و الدين .لكن خصائصهم السوسيولوجية ساعد م من خالل تعاملهم مع الانجل و 146
ٕالايطالي ن ع ى التأقلم مع السياق السياﺳ الجديد و اكتساب بعض عناصر الحداثة ،ع ﺮ ع ا بوضوح إدريس السنوﺳ ي رسالته الشه ﺮة إ ى أحمد الشريف قبيل مغادرته البالد. مفهوم الوطن عند الليبي ن كان ضعيفا و هذا ليس ألن الليبي ن لم يدافعوا عن بالدهم ضد الاحتالل ٕالايطا ي ،بل إ م و الجزائري ن أك ﺮ من دفع الغا ي و النفيس ي سبيل ذلك ،ولكن ألن تاريخهم الاجتما ي و استمرار الحضور العثماني املباشر ي بالدهم ح ف ﺮة متأخرة نسبيا شوش عندهم فكرة الوطن ،فدافعوا عن بالدهم بشكل مشتت مما زاد من دراما تاريخهم النضا ي .ولم تبدأ هذﻩ الفكرة بالتبلور الحقيقي ي ٔالاذهان و ي السلوك وبشكل عم ي إال مع حركة التحرير ي ٔالاربعينيات. ويرى إنه يجب التفريق ب ن حركة املقاومة ضد الغزو ٕالايطا ي و حركة املقاومة ال تبلورت بعيد الحرب العاملية الثانية ،فكل ء مختلف: السياق املح ي و الدو ئ ،الادواتٔ ،الافق السياﺳ .ي الف ﺮة ٔالاو ى كان النضال دفاعا عن النفس أك ﺮ منه بناء لوطن ،أما ي الف ﺮة الثانية فقد كان الرهان هو بناء ما ع ﺮ عنه بعد ذلك القويري ،املفكر املتم ،بعبارة "مع الكيان" .وكمثال ع ى ذلك موقف بش ﺮ السعداوي – الذي كانت تجربته تشبه إ ى حد ما تجربة بعض زعماء املغرب و تونس ومصر -من مسألة القبول بإدريس السنوﺳ ملكا ع ى ليبيا :من الناحية الشخصية لم يكن السعداوي يحب إدريس السنوﺳ و ربما أنه كان يفكر ي نفسه أيضا ،و لكن من الناحية السياسية تصرف كسياﺳ حديث يمتلك مفهوم الوطن ،وفكر بمبدأ أن مصلحة الوطن ي ٔالاو ى ،والوطن عندﻩ كان كل ليبيا. إن ظهور الجمهورية الطرابلسية كان حدثا تاريخيا مهما ،لكن ال 147
يمكن أن يكون لجمهورية أربعة رؤساء متساوين ي املسؤولية و الصالحيات هذا مستحيل ،بل أن هناك م م من كان ال يعرف مع ً الجمهورية أساسا ،باستثناء فرحات الزاوي ألنه درس الحقوق ي فرنسا و ربما سليمان الباروني بسبب خ ﺮته ي مجلس املبعوثان ،لم يكن أحد يفهم الفكرة و خلفيا ا .فبعد إعالن الجمهورية بقرابة ثالث سنوات فقط هلك أحد أعضا ا و هو رمضان السويح ي ي محاولة إقصاء عضو آخر ف ا هو عبد الن بن خ ﺮ ألسباب تتعلق بانخراطهما املغرق ي املشاكل املحلية ،بينما مفهوم الوطن يحرر السياسيون من ذلك . عبدالقادر الغناي قائد جيش الجمهورية قال إ م ال يفهمون مع الجمهورية ،كان ال بد من وجود إرث فكري مح ي أو اطالع جيد ع ى أفكار من هذا القبيل. ي اية الحرب العاملية الثانية ظهرت مجموعات سياسية ،تلك املجموعات كانت وطنيه وكانت تريد تحرير البالد وكل الجهود ال بذلت ي طرابلس أو برقة كانت من أجل تحرير الوطن ،ليس هناك أي شك ي هذﻩ القضية ،ولكن الليبي ن الذين أسسوا ٔالاحزاب لم يتجاوزوا املبدأ الزعامي ي التجربة السياسية.. ً والبناء الزعامي هو الذي يكون فيه الزعيم منفلتا من أدوات املراقبة السياسية بحيث يستطيع اتخاذ املواقف دون الرجوع الفع ي للمؤسسة... وهؤالء القادة تصرفوا كما لو إ م نقلوا املجموعة البدوية املحاربة أو املجموعة الطرقية إ ى ٕالاطار الحزبي .لذلك صعب تكوين أحزاب لها إشهار كب ﺮ وتظم عددا كب ﺮا من ٔالاتباع .كان الواحد م ا ينسلخ من ٓالاخر أل م لم يقبلوا بالهرمية ي القيادة كما لم يقبلوا أيضا بمبدأ الديمقراطية داخل ٔالاحزاب ،وهذا عطل عمل حركة التحرير. 148
ح السنوﺳ عندما وصل إ ى السلطة – وح قبل ذلك ي برقة- أعاد تشكيل املجموعة باملفهوم التقليدي وأوقف ٔالاحزاب ومنع ٓالاخرين - خاصة الذين رفضوا الاندماج ي منظومته -من النشاط .لم يمنحهم أي فرصة ومنع املجتمع من إنتاج الطاقات السياسية املستقلة عن إرادته و رؤيته لألشياء. نقد الكتاب: ّ حلل الكتاب ي مجمله الجذور السياسية للسلطة ي ليبيا خالل الف ﺮة موضوع الدراسة. ولكن املؤلف وقع ي بعض ٔالاخطاء خاصة عندما أعت ﺮ القرصنة والغصب من نشاطات املجتمع اللي ومورد رئيﺴ للسكان فال أعتقد إن ً الليبي ن اش ﺮكوا جميعا ي هذا النشاط. الفصل الثالث تناول املجموعة الزعامية البدوية املحاربة ،وتكوينا ا ومعضل ا السيوسولجية وخص عبدالجليل سيف النصر وغومة املحمودي ،وال أعتقد إن هؤالء كانت لهم مشكلة نفسيه قاد م إ ى معاداة الدولة العثمانية أو القرمانلية. الفصل الخامس أفردﻩ للزعامة العسكرية الب ﺮوقراطية الحضرية، الدولة القرمانلية ومؤسسا ا وأزم ا والحرب ٔالاهلية بي ا واملجموعات البدوية و اية الدولة ،فالصراع ب ن الجانب ن لم يرق إ ى املعارضة لنظام الحكم وإنما كان يخص موضوع دفع الضرائب من عدمه. الفصل السابع خصصه لدراسة مرحلة الاحتالل الايطا ي ،مقاومة املحتل والتحالفات الطرابلسية والدفاع عن الزعامة ،كما تناول تحوالت الزعامة الطرقية ي برقة" تحول السنوسية من مشيخة إ ى إمارة " املجتمع اللي تكوينه قب ي خالل ف ﺮة الدراسة .وال ﺮكيب القب ي يعتمد 149
ً ً أساسا ع ى الصراع ع ى املاء والكالء وهناك أساسا من لم يعرف إن إيطاليا كانت غازية. ي الفصل الثامن ناقش احتكار إنتاج الزعامة و اية املجموعة املحاربة والبناء الزعامي للمجموعة السياسية الحزبية ،دولة الاستقالل وفرصة تحديث النسق السياﺳ الزعامي. ي الفصل ٔالاخ ﺮ وهو التاسع حاول املقارنة بالحالة املغربية ي شخص السلطان الشريف ٔالامام وامللك وتشكل الدولة املغربية الحديثة ،أعتقد إن ٔالامر مختلف ي الحالة الليبية ،فالدولة العثمانية سمحت امش من الثقافة ي اية القرن التاسع عشر استفاد منه بعض من أفراد املجتمع ً ً خاصة أبناء العشائر فتكونت طبقة واعية سياسيا وثقافيا ي من قاد حركة النضال ضد الاحتالل السياﺳ . الكتاب ي مجمله يضيف الجديد للمكتبة الليبية والعربية.
150
قراءة ي كتاب ال ﺮاث والحداثة للدكتور محمد عابد الجابري يحتوي الكتاب ع ى مقدمة وثالث أقسام ،أوضح املؤلف ي مقدمته بأن الكتاب عبارة عن مجموعة من الدراسات واملناقشات ،أنجزت ي أوقات متباعدة وتناولت موضوعات مختلفة ولك ا تدور حول مسألة رئيسية واحدة ي مسألة املنهج والرؤية ي الدراسات ال ﺮاثية وقد تم ترتيب املواضيع ع ى أساس نوع العالقة فيما بي ا ،يقع الكتاب ي 376 صفحة وصدرت الطبعة ٔالاو ى ال ب ن يدينا سنة 1991م عن املركز الثقا ي العربي ،ب ﺮوت. مع اية ستينيات القرن العشرين ّ تحررت معظم البالد العربية من العربية ال كان سيطرة الاستعمار ،بعد أن تم إجالءﻩ عن ٔالارا يسيطر عل ا ،لكنه ترك أثارﻩ باقية داخل بعض املجتمعات ،متمثلة ي أفكار املدنية الغربية ال أ رت أبصارهم وأخذت اهتماما م ،فصاغ م بصياغ ا وطبع م بطابعها وحمل م ع ى التنكر إ ى أصولهم ومباد م وحضار م وترا م ،فجهل البعض م م ماض م وغفلوا عن مباد م وأصبحت قلو م خواء من أصول الدين وحقيقته ودعوته ،مما فتح ً ً الباب مشرعا أمام بعض الحركات والظواهر ،ال ظهرت لسد فراغا ي 151
الفكر كان له تأث ﺮﻩ السل ع ى املجتمع العربي عامة. مارست هزيمة العرب ي حرب عام 1967ع ى مسار الفكر العربي التعمق ي جذور وبيئات بواك ﺮ ال ضة العربية وبالتا ي جذور املثقف ن العرب وتأث ﺮ ذلك ع ى فكرهم الذي يعتقد إنه كان له الدور الكب ﺮ ي ً ً تكوين الفكر العربي ي التاريخ املعاصر ،وهو ما يعتقد أيضا إنه كان سببا ً مباشرا وراء ما تعرض له العرب من هزائم متكررة. إن الو ي بالهزيمة ليس مجرد و ي فكري أو نظري ،وإنما هو إحساس شخ ناتج عن واقع تحقق الهزيمة ي املمارسة الشخصية للحياة. يحاول الكاتب تقديم إطارا فكريا ملعالجة الواقع الاجتما ي والتاري ي معالجة نقدية للتاريخ الذي يعتقد إنه تكون من مجموعة من ٔالاساط ﺮ والحكايات عندما كان املجتمع الضعيف بحاجة إ ى تاريخ أمجاد وبطوالت ،وإلخراج املجتمع العربي من حاضرﻩ الذي يعيشه. ومن أهم ما واجهته املجتمعات العربية ٕالاسالمية ،مشكلة التوفيق ب ن الدين ومتطلبات الفكر والحياة املعاصرين. من هنا برزت مقولتان هما ال ﺮاث والحداثة أو ٔالاصالة واملعاصرة، فال ﺮاث هو كل ما هو حاضر فينا أو معنا من املا ،سواء ماضينا أم ما غ ﺮنا ،سواء القريب منه أم البعيد. أما مصطلح الحداثة ،فله جذر متأصل ي تراثنا اللغوي ،فابن منظور ي لسان العرب يقول :حدث :الحديث :نقيض القديم والحدوث: ً نقيض القدامة ..فهو ُمحدث وحديث وحدث ال ء يحدث :حدوثا وحداثة ،ورجل حدث السن وحدي ا :ب ّ ن الحداثة والحدوثة و ي قاموس املنجد ي اللغة ،الحداثة من ٔالامر :أوله وابتداؤﻩ. أما ي املفهوم الحا ي فإن الحداثة تع :حركة اجتماعية تستفيد من 152
املوروث ٕالايجابي كله وتحاول توظيفه ي دينامكية مستمرة لتطوير املجتمع بكل فئاته وطبقاته وقواﻩ الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية وٕالادارية والعسكرية وغ ﺮها. فمفهوم الحداثة أو التحديث الشمو ي للمجتمع يحمل ي طياته ً التجديد الدائم انطالقا من العناصر ٕالايجابية والفاعلة ي املجتمع ً نفسه ،لذا ال يمكن للحداثة أن تكون تقليدا أو استعارة من الغ ﺮ ،لك ا ً ً و ي الوقت نفسه ال يمكن أن تكون انغالقا ع ى الذات ورفضا لآلخر تحت ستار الحفاظ ع ى نقاوة الهوية ؤالاصالة، ف ﺮزت إ ى الوجود ثالثة تيارات ي مع ﺮك الصراع ب ن ال ﺮاث والحداثة: التيار املتمسك بال ﺮاث :اعتقد هذا التيار بأنه باإلمكان العيش يإطار التقليد الضيق املوروث عن السلف ،بغلق ٔالابواب ي وجه أمواج الحضارة الغربية وثقاف ا املندفعة ي كل اتجاﻩ ،وهو ما يجعلهم يعيشون الحاضر بعقلية املا . ّ التيار املتغرب :خيل إ ى أصحابه أن ٔالازمة قابلة للحل من خاللقبول الحضارة الغربية بجميع أبعادها ومتطلبا ا ومستلزما ا بما ي ذلك ُ ثقافة الحداثة ال تختصر بتحقيق التقدم والتحرر ع ﺮ التنكر لكل ماض م و قطع الصلة به ،و ي هذا السياق اعتقدوا بأن ال ﺮاث عقبة ً كأداء يجب تجاوزها لك م عجزوا عمليا عن أداء دور يذكر أمام الواقع املاثل ي املجتمع ولم يتمكنوا ي أي وقت من الحصول ع ى موطئ قدم ي مجتمع ي ي ال ﺮاث ويأنس به ويحافظ عليه وهذا جعلهم يعيشون أغراب ي املجتمع املحيط م. التيار ٕالاصال ي :وهم القلة القليلة الذين يضعون ٔالامور موضعها153
ويعرفون م ة املدنية الغربية وسبقها وتقدمها ي مجاالت العلم املادي وما عليه ،فهم يرون بأع ن نافذة أن الحضارة الغربية إذا كان لها سبقها ي العلوم املادية فليس ٔالامر كذلك ي العلوم ٕالانسانية ،فلقد جهلت هذﻩ الحضارة ٕالانسان والجانب الرو ي فيه ،ولم تستطع أن تقدم إليه ما يسعدﻩ ،فقد فرضت عليه الطابع املنظومي ع ى كل ء ي حياته مما ً ّ أفقدﻩ خصوصيته ككائن حر ،ولم تقدم إليه ما يزيدﻩ إال ضياعا وح ﺮة ً وتأخرا ي م ان ٕالانسانية ،وهكذا فاملدنية الغربية ال تؤخذ بكل ما ف ا فﻬ ليست ع ى حق ي كل ما تدعو إليه.. لقد اتسم منهج التيار ٕالاصال ي بالدعوة إ ى املفاعلة واملزاوجة ب ن ً رؤى ٕالاسالم العامة وواقع الحياة املعاصرة ح ال يبقى ٕالانسان غريبا عن نفسه وفطرته ال ترفعها مفاهيم ٕالاسالم القيمة ،كما ال يعيش ً املسلم غربة حقيقية عن عصرﻩ فينغمس كليا ي ثقافات العصر املختلفة. إن منهج هذا التيار يدعو إ ى الاستفادة من منجزات العصر املتنوعة ال تنسجم وحركة ٕالاسالم ي الحياة ع ى اعتبار أن ٕالاسالم مشروع حضاري مستقل يقبل بكل صحيح ويرفض كل انحراف. وانطلق هذا التيار ٕالاصال ي ي عمله وفق مبدأين: ٔالاول :هو العودة إ ى الذات وإحياء الهوية الثقافية التاريخية وٕالاسالمية لألمة العربية. الثاني :التعامل ٕالايجابي مع معطيات التمدن البشري و ي الوقت ذاته اتخاذ الحيطة والحذر ي مقابل نزعة الغرب التوسعية وتوجهه الاستعماري وانحرافه الفكري والاجتما ي. يرى الجابري أن الدارس ن لل ﺮاث ،الجدد و القدامى ،قد تعاطوا معه 154
بصورة جزئية يغيب ف ا ال ﺮابط املعر ي الذي يعطي وحدة البنية املعرفية لل ﺮاث ٕالاسالمي ،ففرقوا ب ن أنواع الفلسفات السائدة داخل املجتمع ،من يوناني وهندي وفارﺳ وغ ﺮﻩٔ ،الامر الذي أدى إ ى تفكيك وحدة الفكر الفلسفي العربي إ ى أجزاء متناثرة ولم يقفوا عند هذا الحد بل وصلوا إ ى حد تفكيك وحدة املعارف الفلسفية والتفريق ب ن الفقه وعلم الكالم ؤالاصول ،مع العلم أن العالم ي ذلك الزمان كان يجمع ي ذاته جميع املعارف الرائجة آنذاك ،فهو الفقيه و ٔالاصو ي واملتكلم ،لهذا فدراسة ال ﺮاث العربي ما زالت تخضع لهذﻩ الرؤية الجزئية العازلة الال علمية ،فما زلنا ننظر إ ى الفقه والفلسفة والنحو ؤالادب والحديث ً والتفس ﺮ بوصفها علوما لكل م ا كيانه املستقل تمام الاستقالل. ومن خالل هذﻩ النظرة املوجزة يتب ن أن الجابري يحث ع ى وحدة الب الفكرية لل ﺮاث العربي ٕالاسالمي والذي تكون الشمولية نتيجته الحتمية وهو يحاول است اض البعد املعر ي ي الثقافة ٕالاسالمية وتحريكه. وهذا يستلزم تحديد طبيعة ال ﺮاث الذي يجب أن نتعامل معه، وكذلك طريقة إنتاجه ،لذلك كانت ٓالالة املنتجة لل ﺮاث ي املحرك الحقيقي له و ي الفاعل الذي استطاع أن يب ٔالاسس املعرفية داخل الثقافة ٕالاسالمية. حدد الجابري البعد الشمو ي لل ﺮاث ٕالاسالمي ثم بنية العقل العربي وتكوين العقل العربي ،ليستنطق ٓالاليات املنتجة لل ﺮاث ومن ثم تجاوزها إ ى العمل من أجل إيجاد ٓالاليات املنتجة لألفكار ال ٔالافكار نفسها ،حيث نالحظ أن الجابري م ب ن أداة الفكر و ي مجموعة من املبادئ واملفاهيم ال تؤسس للفكر ،وب ن محتوى الفكر و ي مضام ن هذا الفكر ،وهكذا 155
يتضح أنه حاول أن يؤسس نظرة إ ى العقل العربي بوصفه أداة لإلنتاج النظري ،صنع ا ثقافة معينة لها خصوصي ا ي الثقافة العربية. أراد الجابري الخوض ي غمار ال ﺮاث ليحدد معامله و التفاعالت الثقافية و الفكرية املتمثلة ي املادة التاريخية وكذلك ٓالاليات املنتجة لها، من أجل إعادة البناء الحضاري بآليات أصلية أنتج ا الثقافة العربية و ٕالاسالمية نفسها ،وذلك من أجل الوصول إ ى نتائج سليمة ،تكون داعية إلعادة الو ي الثقا ي داخل حقل العقل العربي ،و إخراجه من ٔالازمة الحضارية ال يعيش ف ا ،والاعتماد ع ى مجموعة من ٓالاليات من أجل قراءة ال ﺮاث ،تتمثل ي آلية تخصيص العقل والتعامل العق ي مع ال ﺮاث، والال ام إ ى حد أق بالبعد العق ي العلم ي قراءة معطيات ال ﺮاث. يرى الجابري أنه عند استعمال عبارة العقل العربي ال تستعمل من منظور علم يتب النظرة العلمية املعاصرة للعقل و ال ام التصور العلم ي أق مراتبه ،فالحضور العق ي كان من ب ن ٓالاليات ال حاول ا الجابري استنطاق ال ﺮاث وتحريك خباياﻩ املعرفية .و آلية املقابلة أي الداللة ع ى وجود شيئ ن وجبت املقارنة بي ما ،تقابل شيئ ن متوافق ن ي ما بي ما ،وتسم هذﻩ املطابقة ،أما مقابلة ال ء بما يخالفه تسم املعارضة ،ثم آلية التقسيم و ي إحداث تقسيم لألنظمة املعرفية داخل ال ﺮاث ،وتحديد املجال الخاص لكل م ا ،وتتمثل هذﻩ ٔالانظمة ي ال ﺮهان أي التفك ﺮ العق ي والفلسفي فالبيان يع علم الكالم ويتناول الفقه، ٔالاصول و العرفان أي التفك ﺮ العرفاني ذو الطبيعة الصوفية و آلية املماثلة. دعا إليجاد آلية مستقلة لها وجود من صميم ال ﺮاث ٕالاسالمي ،وذلك من أجل دراسته ،كما أستخدم وسائل ذات أبعاد عقالنية ،مثل آلية 156
القطيعة املعرفية ،وكذلك مجموعة وسائل إيديولوجية. وحدد ما يقصدﻩ بمع "العقل" باعتبارﻩ أداة ٕالانتاج النظري أو منظومة القواعد للنشاط الذه املستخلصة من ثقافة خاصة ،وهو يرى أن العقل العربي قد تكون ووضعت أسسه ٔالاو ي وال ائية واملستمرة خالل "عصر التدوين" منذ أواخر الدولة ٔالاموية ،وهو العصر الذي تم فيه جمع ٔالاحاديث النبوية ،ووضع تفاس ﺮ القرآن ،وما تال ذلك من بدء كتابة التاريخ ٕالاسالمي ،وأسس علم النحو ،وقواعد الفقه ،وعلم الكالم، وتشكيل املذاهب والفرق ٕالاسالمية ،فهو نقطة البداية لتكوين النظام املعر ي للثقافة العربية فيه اكتمل التكوين ،ولم يتغ ﺮ منذ ذلك الوقت ومازال سائدا ي ثقافتنا ح اليوم ،وهو ٕالاطار املرج ي للعقل العربي، وع ى هذا فأن بنية الثقافة العربية ذات زمن واحد ،زمن راكد يعيشه ٕالانسان العربي اليوم مثلما عاشه أجدادﻩ ي القرون املاضية. ويصنف العلوم العربية ي ثالث مجموعات- : ي -علوم البيان :من نحو ،وفقه ،وكالم ،وبالغة ،ويطلق عل ا أسم "املعقول الدي ". علوم العرفان :ال تضم التصوف ،والفكر الشي ي والتفس ﺮالباط للقرآن ،والفلسفة ٕالاشرافية ،والسحر والتنجيم ،ويطلق عل ا أسم " أالمعقول العق ي". علوم ال ﺮهان :ال تضم املنطق والطبيعة والرياضيات وامليتاف يقا،ويطلق عل ا أسم "املعقول العق ي". وقد آثار قضيت نٔ :الاو ي ي :ملاذا انتﻬ ٓالامر بالعقل البياني العربي إ ى هذﻩ الوضعية ،لقد فسر الجابري أن ذلك يرجع الحتقار التجربة فالعقل البياني العربي لم يكن يقبل بطبيعته بالتجربة ،واكتفى بالنصوص 157
يستنبط م ا القواعد ؤالاحكام ،وتوقفت العلوم العربية ٕالاسالمية ألن البحث ف ا كان دف خدمة الدين ولم يكن درسا للطبيعة واكتشاف قواني ا ،فوفقا للنصوص كانت الطبيعة معطى إلﻬ مس ﺮة بفعل خالقها وال دخل لإلنسان ي ص ﺮور ا وال ضرورة ملعرفة قواني ا ،وهكذا انتﻬ كل ء ي مرحلة التدوين ،وانغلقت الدائرة وأصبحت الحركة ف ا تكرس التكرار ي تفس ﺮ قوان ن الطبيعة ،فصار الزمن ف ا زمنا مكررا معادا. القضية الثانية :أن تقن ن العقل العربي لم يأت نتيجة لتطور منتجاته ،أو من خالل العمل الاجتما ي املنتج ،ألن الازدهار الحضاري العربي تحقق بفعل الاقتصاد الري ي ،أما فيما يتعلق بعلوم ال ﺮهان، فأ ا كانت مرتبطة بالنسق ٔالارسطي ،الذي يقوم ع ى مركزية ٔالارض وثبا ا ودوران الكواكب حولها ،والذي تحول إ ى منظومة ميتاف يقية، وما كان يمكن الخروج عل ا إال بكسرها كما تم ي أوروبا من خالل ثورة العلم الحديث ،وهذا لم يحدث ولم يكن من املمكن أن يحدث ي الثقافة العربية ٕالاسالمية بسبب تأث ﺮ الخليفة وأم ﺮ املؤمن ن ونزع م الدينية ال أدت إ ى تكف ﺮ بعض علماء الطبيعة. و ي علم الفقه يكون الاهتمام منصبا بشكل أساﺳ ع ى اللفظ، ونفس ٔالامر داخل علوم الكالم فالحوار الذي دار حول مشكلة خلق القرآن تبلور حول الفصل ب ن معاني ٔالالفاظ باعتبارها حروفا تلفظ باللسان ،وب ن معاني هذﻩ ٔالالفاظ ،ويخلص إ ى أنه لم يكن هناك اهتمام بعالقة اللغة بالفكر وال أي اهتمام بدور اللغة ي عملية التفك ﺮ ،كان ذلك بسبب انشغال العقل العربي بالنصوص وليس بالوقائع. ي الثقافة العربية لم يتم الاع ﺮاف ا بنفس الصورة ،ألن السلطة 158
املرجعية الدينية لم تكن ي حاجة إل ا ،حيث كان لها عقلها البياني الخاص ا ،ورغم تقدم العرب ي عديد من العلوم كالفلك والرياضيات والكيمياء ،إال أن الهدف ٔالاساﺳ لكل ذلك كان لخدمة الدين أو لتحقيق بعض التصورات العملية ،فالتقدم ي علوم الفلك كان دف تحديد مواعيد الصالة واتجاﻩ القبلة ،والتقدم ي الرياضيات كان دف لضبط عملية تقسيم املواريث ..وهكذا ،وكانت اغلب املمارسات التجريبية ي الكيمياء دف تحويل املعادن البخسة إ ى املعدن الثم ن ،أو الحصول ع ى ماء الحياة ،فلم يتم تفعيل هذا التقدم العلم ي تحس ن مستوى الحرف ولم يستثمر ي ترقية الصناعات ،حيث أن النشاط التجاري كان هو العمل ٔالاساﺳ للعرب ،ولم يدخل العلم ي صراع مع الدين كما حدث ي أوروبا ،حيث توقف العلم العربي أمام سطوة الثقافة الدينية ال كانت ترى أن كل ما تم اكتشافه من حقائق علمية وما سيتم اكتشافه ي املستقبل موجود داخل النص ،وهكذا لم يساهم التقدم العلم العربي ي تكوين بنية العقل العربي ،فلم يكن الصراع ي الثقافة العربية ٕالاسالمية من أجل هدم تصور للكون وبناء تصور آخر ،وإنما كان الصراع ي العالم العربي صراعا أيديولوجيا سياسيا بصورة مباشرة. يرى الجابري أن خيالنا الاجتما ي العربي هو الصرح الخيا ي املحمل برأس مالنا من املآثر والبطوالت وأنواع املعاناة ،الصرح الذي يسكنه عدد كب ﺮ من رموز املا مثل امرئ القيس وحاتم الطائي وعمر بن الخطاب وخالد بن الوليد وهارون الرشيد وألف ليلة وليلة وصالح الدين ؤالاولياء الصالح ن وأبي زيد الهال ي وجمال عبد الناصر ،إضافة إ ى رموز الحاضر مثل املارد العربي والغد املنشود. وهكذا يمكن تلمس أن العقل السياﺳ كممارسة وكايدولوجيا ،يجد 159
مرجعيته ي الخيال الاجتما ي وليس ي النظام املعر ي ،فهذا املخيال هو مجال اكتساب القناعات الذي تسود فيه حاالت ٔالايمان والاعتقاد ،وهو الذي يعطى لاليدولوجيا السياسية ي ف ﺮة تاريخية بني ا الالشعورية. و ي إطار املقارنة ب ن التطورات السياسية ي أوروبا ،حيث قامت دولة املؤسسات ال تستمد شرعي ا من إرادة الشعب وتع ﺮ عن املصلحة العامة نتيجة عملية تاريخية أسفرت عن ظهور مجال جديد هو املجال السياﺳ نجد استمرار دولة الطاغية ومصلحة القبيلة وجمود الحراك السياﺳ هو السائد ي املجتمعات العربية. وملزيد من الوضوح يش ﺮ الجابري إ ى أن ما يم النظام الرأسما ي أنه يجعل املجتمع الذي يقوم فيه ينقسم انقساما واضحا إ ى بنيت ن :بنية تحتية تمثل القاعدة الاقتصادية ال تشكل الصناعة عمودها الفقري، وبنية فوقية قوامها أجهزة الدولة ومؤسسا ا وٕالايديولوجية املرتبطة ا. أما املجتمعات ال لم تتطور ٔالاوضاع ف ا إ ى مرحلة الرأسمالية، فﻬ ال تعرف التمايز ب ن البنيت ن ،بل الغالب ف ا هو تداخل عناصرها بصورة تجعل املجتمع برمته عبارة عن بنية كلية واحدة ،إ ا السمة ال تم مجتمعات ما قبل الرأسمالية. يرى الجابري أن هذا الفارق يستحق التوقف عندﻩ وتوضيحه ،ليس بسبب أن املجتمع العربي القديم والحديث ينتم إ ى هذا النوع من املجتمعات ،بل أيضا ألن طرح العالقة ب ن الفكر والواقع سيبقى طرحا غ ﺮ مفيد إذا لم يكن قائما ع ى تصور واضح لوضعية املجتمع. ويرى الجابري أن العودة البن خلدون تفيدنا ي فهم الواقع حيث أنه قدم ثالثة مفاهيم ،ي السلوك العشائري ،التطرف الدي ،والاقتصاد الري ي ،وظفها ي قراءته للتجربة الحضارية العربية ٕالاسالمية ي عهدﻩ، 160
لتوظيفها توظيفا جديدا يستجيب ملشاغلنا الفكرية املعاصرة ،ويمكن صياغة هذﻩ املفاهيم أو املحددات لقراءة التاريخ السياﺳ العربي بواسط ا :القبيلة ،الغنيمة ،العقيدة. فالقبيلة :طريقة ي الحكم أو السلوك السياﺳ أو الاجتما ي يعتمد ع ى ذوى القربى ،بدل الاعتماد ،ع ى ذوى الخ ﺮة واملقدرة ممن يتمتعون بثقة الناس أو يكون لهم تمثيل سياﺳ نتاج انتخابات ديمقراطية حرة، ليس املقصود مجرد قرابة الدم ،بل القرابات ذات الشحنة العصبية مثل الانتماء ملدينة أو جهة أو طائفة أو حزب. والغنيمة ،ال تقوم بدور العامل الاقتصادي ي املجتمعات ال تعتمد ع ى الخراج والريع وليس ع ى العالقات ٕالانتاجية ،واملقصود هنا جميع ما كانت الدولة ي ٕالاسالم تأخذﻩ من املسلم ن وغ ﺮهم كجباية، من يء -غنائم الغزو والحروب ،وجزية -ما يفرض ع ى غ ﺮ املسلم ن من ضرائب وخراج -الضرائب املفروضة ع ى ٔالارض املفتوحة ،فالغنيمة ما يفرضه الغالب ع ى املغلوب من إتاوات وضرائب دائمة أو مؤقتة ،سواء كان الغالب أم ﺮا أم قبيلة أم دولة. أما العقيدة فليس املقصود ا مضمونا معينا ع ى شكل دين مو ى أو أيديولوجيا ،وإنما مفعول ع ى صعيد الاعتقاد والتمذهب ،أنه املنطق الذي يحرك الجماعة ليس ع ى أسس معرفية ،بل ع ى رموز تؤسس ٕالايمان والاعتقاد ،فاإلنسان يؤمن بمعزل عن الاستدالل وعن اتخاذ القرار وقد يتساهل فيما يخص املعرفة ولكنه ال يقبل أن تمس عقيدته، قد يض ى بحياته من أجل معتقدﻩ ولكنه ال يستشهد من أجل إقامة الدليل ع ى صحة قضية معرفية ،وهذا ناتج عن تأث ﺮ رموز الدين املتمسكة بال ﺮاث. 161
املهم ي كل عقيدة ،ليس ما تقررﻩ من حقائق ومعرفة ،بل قو ا وقدر ا ع ى تحريك ٔالافراد والجماعات وتأط ﺮهم داخل القبيلة الروحية من هنا الارتباط العضوي ب ن العقيدة وب ن الفعل الاجتما ي والسياﺳ . "القبيلة" و"الغنيمة" و"العقيدة" مفاهيم حكمت العقل السياﺳ العربي ي املا ومازالت تحكمه بصورة أو بأخرى ي الحاضر ،والنتيجة إحباطات ونكسات فتحت الباب لعودة املكبوت ،وهكذا عادت العشائرية والطائفية والتطرف الدي والعقائدي لتسود الساحة العربية ،ليجعل حاضرنا مشا ا ملاضينا ،فأصبحت "القبيلة" محركا للسياسة ،و"الريع" جوهر الاقتصاد ،و"العقيدة" دافعا للفعل وت ﺮيرا للقمع. ويخلص الجابري من هذا الاستعراض الذي يعت ﺮ تتويجا ملشروعه النقدي للعقل العربي إ ى تحديد املطلوب ي ٓالاتي: -1أن تتحول "القبيلة" ي مجتمعنا إ ى ال قبيلة :إ ى تنظيم مدني سياﺳ اجتما ي ،من خالل بناء مجتمع التمايز يكون فيه واضح. -2استبدال "الغنيمة" إ ى اقتصاد "ضريبة" أي تحويل الاقتصاد الري ي إ ى اقتصاد إنتا ي. -3أن تتحول "العقيدة" إ ى مجرد رأي ،فبدال من التفك ﺮ املذه الطائفي املتعصب الذي يد ي امتالك الحقيقة ،يجب فسح املجال لحرية التفك ﺮ والاختالف والتحرر من سلطة الجماعة املغلقة ،وبالتا ي التعامل بعقل اج ادي نقدي. إن بقاء الواقع السياﺳ العربي ع ى ما هو عليه من ال ﺮكيب أو دخوله مرحلة الهرم ليس أمرا حتميا ،فاإلصالح ممكن دوما ،ألن الشؤون ٕالانسانية إرادية فاإلصالح مسألة أرادة ،بل مسألة وجود أو عدم وجود قرار سياﺳ . 162
حول الهوية مدخل كتاب "صراع الهوية ب ن ٔالانا وٓالاخر " ملؤلفه :سالم الحداد ً سوف أحاول ي هذﻩ القراءة أن أرسم خطوطا ال تبدو عريضة ،ولك ا واضحة حول الهوية وهو املدخل الذي اتخذﻩ مؤلف الكتاب :سالم الحداد والذي عنونه "صراع الهوية ب ن ٔالانا وٓالاخر". ُ فالهوية تعرف :ع ى أ ا مجموعة من ٔالافكار متعددة الجوانب تربط ٔالافراد والجماعات فيما بي ا ،بمكونات ثابتة وتتكون من البيئة والتاريخ املش ﺮك والدين والثقافة والقيم والتقاليد. والهوية ظاهرة إنسانية مالزمة للكائن البشري ،ولدالل ا البد من التمي ب ن َ الهوية) بفتح الهاء( ُ والهوية )بضم الهاء( فاألو ى من هوى وي وتع السقوط ،و ي البﺌﺮ العميقة ،أما الثانية فليست مشتقة من فعل، بل تعود إ ى الجذر "هو" و ي مصطلح حديث نسبيا وقد أخذ دالالت عدة ،أك ﺮها داللة هو ما نسميه "بطاقة تعريف الهوية" ال تعرف بأهم سمات الشخصية من حيث الاسم والوالدة واملهنة والجنسية وع ى املستوى اللغوي تع "الحقيقة املطلقة املشتملة ع ى الحقائق " وهو تعريف أقرب إ ى املعاني الصوفية.أما " ي ٔالادبيات املعاصرة :مطابقة 163
ال ء لنفسه أو ملثله ،و ي حقيقة ال ء -أو الشخص -املطلقة املشتملة ع ى صفاته الجوهرية ال تم ﻩ عن غ ﺮﻩ وتسم أيضا وحدة الذات "واستنادا إ ى هذا التعريف فإن هوية أي أمة تع السمات الجوهرية أو القواسم املش ﺮكة ال تتمايز ا عن غ ﺮها من ٔالامم. وتأسيسا ع ى هذﻩ املقاربة ،تع ّ ﺮ الهوية عن خاصية املطابقة أي مطابقة ال ء لنفسه أو ملثيله ،وبالتا ي فالهوية الثقافية ألي شعب ي القدر الثابت والجوهري واملش ﺮك من السمات والقسمات العامة ال تم حضارته عن غ ﺮها من الحضارات. ومن الخطاء أن نتصور شعبا بدون هوية ،فقد أثبتت الدراسات السوسيولوجية من أن لكل جماعة أو أمة مجموعة من الخصائص واملم ات الاجتماعية والنفسية واملعيشية والتاريخية املتماثلة ال تع ّ ﺮ عن كيان ينصهر فيه قوم منسجمون ومتشا ون بتأث ﺮ هذﻩ الخصائص وامل ات ال تجمعهم. فالشعور القومي ذاته ،هو عبارة عن إحساس ٕالانسان بالهوية والانتماء ،وإحساسه بأنه ليس مجرد فرد نكرة ،وإنما يش ﺮك مع عدد كب ﺮ من أفراد الجماعة ي عدد من املعطيات واملكونات ؤالاهداف، وينتم إ ى ثقافة مركبة من جملة من املعاي ﺮ والرموز والصور .و ي حالة انعدام شعور الفرد ويته نتيجة عوامل داخلية وخارجية ،يتولد لديه ما يمكن أن تسميه بأزمة الهوية ال تفرز بدورها أزمة و ي ،تؤدي إ ى ضياع الهوية ائيا ،فينتﻬ بذلك وجودﻩ. وتتجسد مقومات الهوية ي عنصرين ع ى ٔالاقل :هما اللغة والثقافة، فاللغة ي مخزون ثقا ي ومعر ي ألية مجموعة بشرية ،و ي أداة تواصل ب ن أفرادها ،وكما كانت اللغة العربية لغة املوروث الحضاري لألمة 164
العربية ع ﺮ مس ﺮ ا يجب أن تكون اللغة ال ا تلج عالم الحداثة ،فأهم ٕالابداعات ي العالم تمت باللغات الوطنية لغة الاستبطان املعر ي والتمثل الحضاري. أما الثقافة فﻬ جملة ما اكتسبته أي مجموعة من البشر ع ﺮ تاريخها الطويل من عادات وقيم وما ترسب ي نفوس أفرادها من أحاسيس، وتشمل الفنون والفلسفة وٓالاداب ،وأهم مكون للثقافة هو الدين ملا له من سلطة ع ى الفكر والشعور.وقد لعب ٕالاسالم بالنسبة لألمة العربية دورا سياسيا وحضاريا بل إنه كان سبب وجودها وتحررها ووحد ا. فعند ب وغ شمس ٕالاسالم خرجت ٔالامة العربية من الوجود بالقوة إ ى الوجود بالفعل من مجتمع القبيلة إ ى مجتمع الدولة ال أخذت ع ى عاتقها فتح ٔالامصار العربية وتوحيدها ،وكانت الرسالة املحمدية منطلقا لتأسيس حضارة جديدة كيفت رؤية ٔالاجيال وسلوكها .وانطالقا من هذا الرصيد الحضاري بكل أبعادﻩ فإن ٕالاسالم بالنسبة للعربي وإن كان غ ﺮ مسلم مسيحيا أو ملحدا ظاهرة مالزمة لوجودﻩ ولشخصيته وليست قيمة إضافية كما هو الحال بالنسبة للفرس وال ﺮك ؤالافغان ،لذا ال سبيل للفصل ب ن ٕالاسالم والعروبة. إن التمسك بالهوية يطرح عدة إشكاالت كانت محل جدل حول ماهي ا ومقوما ا ووظيف ا .وقد اخ الها مؤلف الكتاب ي هذﻩ التساؤالت :هل الهوية ثابتة أو متحولة ؟ثم هل ي عامل دفع إ ى ٔالامام أم شد إ ى الوراء ؟ فما الثابت واملتحول ي الهوية ؟ هل ي قيد ي الزمان يكبل ٔالاجيال؟ هل ي عنصر جامد تتعطل دونه الحركة ؟ هل ي قطب يراوح مكانه وتدور ٔالامة ي مسارﻩ الدائري ؟ أم أ ا حركة وتغ ّ ﺮ ي الزمان ي اتجاﻩ التطور حيث تس ﺮ حركة التاريخ ؟ 165
يمكن تقسيم املوجودات ي الكون إ ى نوع ن: موجودات طبيعية ثابتة :و ي ال قامت ُبني ا ع ى التوازن وحرص ٕالانسان ع ى حماي ا وتوظيفها لخدمته والاستفادة م ا دون أن يخل ذا التوازن ،ونرى العديد من الكوارث الطبيعية مثل الزالزل والفيضانات ال بدأت تضرب الكرة ٔالارضية بعنف و دد الوجود ٕالانساني خاصة إذا صدقت تنبؤات العلماء بذوبان الثلوج القطبية ال ستغمر العديد من املناطق ٓالاهلة .كل ذلك سيكون نتيجة اختالل عناصر الطبيعة بعد أن تعاظمت درجة التلوث ال سب ا ارتفاع نسبة ثاني أكسيد الفحم املتصاعد ي الجو نتيجة عملية الاح ﺮاق .فالطبيعة حينئذ قامت ع ى ثبات التوازن.لكن املوجودات املتعلقة بفعل ٕالانسان متحولة بل متطورة بتطورﻩ. موجودات متحولة و ي ال صنعها ٕالانسان بما ي ذلك املعارف من علوم وفلسفة وقيم ونظم سياسية ومنظمات وتنظيمات ومؤسسات، ح يحفظ وجودﻩ ،ويطور حياته ،والهوية توهم بالثبات ،ولك ا ي الحقيقة متحولة ومتطورة ي اتجاﻩ تحرير ٕالانسان من كل أشكال الاستعباد السياسية والاقتصادية والاجتماعية ،حيث أنه محكوم عليه بأن يس ﺮ ي اتجاﻩ التاريخ .وتقوم حركة الهوية ع ى التناقض ب ن ما هو كائن وما يجب أن يكون ،ب ن املوجود واملنشود .وكل تناقض البد أن يولد صراعا وكل صراع البد أن يفرز تحوال غالبا ما يكون ي صالح ٕالانسان. تختلف معرفة ٔالانا باآلخر باختالف الحوار فيما بي ما فقد يكون ً ً ً ً حوارا هادئا أداته الكلمة الهادفة واملسئولة وقد يكون حوارا ساخنا أدواته الحديد والنار ونتيجة كل حوار حتمية ومعروفة. إن نقد الذات ومحاسب ا يمكن لنا أن نمتلك املعرفة بذاتنا وباآلخر 166
ومن خالل املعرفة النقدية الحاصلة نكتسب الثقة بأنفسنا وبغيا ا ستعبدنا الغرور ويعمينا الزهو ولن نكون قادرين ع ى مجا ة ٓالاخر. ومعرفتنا باآلخر ي مجملها انطباعية أمالها إحساس متناقض ب ن العداوة والان ار ،أما معرفة ٓالاخر بناء فﻬ معقلنة أمل ا غاية نفعية رسمت ضمن أهداف اس ﺮاتيجيه ،فالشعور بالعداوة مع ٓالاخر تمازجت فيه العواطف الدينية والوطنية والقومية والحضارية وتراوح ب ن الشعور باالع از وٕالاحساس بالظلم وقد عرفنا الغرب ،أما قوة غالبة لنا أو ً مغلوبة إلينا ونادرا ما ندرك أسباب هذﻩ الغلبة ،فالشعور العدائي عطل بص ﺮتنا ولم نتب ن سر قوة الغرب ال تكمن ي سمو ٕالانسان ونزوله امل لة الجديرة به. ونبه املؤلف إ ى إن الخطر الكب ﺮ ي سياسة ٕالاقصاء والهيمنة والتعسف ،فالهوية العربية ٕالاسالمية ليست مجرد انتماء للما بل ي تأسيس للمستقبل للمحافظة ع ى النسيج الاجتما ي باح ﺮام الذات البشرية بكل مقومات الذات دون ٕالانقاص من الوحدة ال ﺮابية وأهمية العروبة وٕالاسالم. وقد تسأل املؤلف ي اية هذا الفصل عن عالقتنا باآلخر هل ي عالقة تواصل أم عالقة قطعية ؟ من خالل ذلك ثبت أن: الهوية تتغ ﺮ حسب حركة التاريخ و ي اتجاﻩ التطور و ي ليست ثابتة بلمتحولة ومتحركة ومتطور. ً التحول ي الهوية ال يكون معزوال عن التفاعالت الداخلية والتأث ﺮاتالخارجية ي حياة كل مجتمع. الدين والقومية عنصران متالزمان ي تكوين الهوية ،فالبعد القومي167
لإلنسان ال يمكن أن مش الجانب الرو ي ،وباملقابل ليس للدين وسيلة الن يحل محل البعد القومي. معرفة ٓالاخر عن قرب ومعاملته باملثل وبالشكل الذي عرفنا به وسيلةفاعلة للحفاظ ع ى الهوية.
168
أوٕ ..الاضراب
ناو – شرماك
ي الثامن من مارس من سنة 1908خرجت ٓالاالف من النساء العامالت ي مصانع النسيج للتظاهر ي شوارع مدينة نيويورك وهن يحملن قطعا من الخ اليابس وباقات من الورود ي خطوة رمزية لها دالل ا واخ ﺮن لحرك ن الاحتجاجية تلك شعار "خ وورود" .طالبت املس ﺮة بتخفيض ساعات العمل ووقف تشغيل ٔالاطفال ومنح النساء حق الاق ﺮاع. شكلت ُمظاهرات الخ والورود بداية تشكل حركة نسوية متحمسة داخل الواليات املتحدة خصوصا بعد انضمام نساء من الطبقة املتوسطة إ ى موجة املطالبة باملساواة وٕالانصاف رفعن شعارات تطالب بالحقوق السياسية وع ى رأسها الحق ي الانتخاب ،وكان اسم تلك الحركة )سوفراجيستس( وتعود جذورها النضالية إ ى ف ﺮات النضال ضد العبودية من أجل ان اع حق ٔالامريكي ن السود ي الحرية والانعتاق من العبودية. وبدأ الاحتفال بالثامن من مارس كيوم املرأة ٔالامريكية تخليدا لخروج مظاهرات نيويورك سنة 1909وقد ساهمت النساء ٔالامريكيات ي دفع الدول ٔالاوربية إ ى تخصيص الثامن من مارس كيوم للمرأة وذلك ي مؤتمر كوب اغن بالدانمارك الذي استضاف مندوبات من سبعة عشر 169
دولة وقد تب اق ﺮاح الوفد ٔالامريكي بتخصيص يوم واحد ي السنة لالحتفال باملرأة ع ى الصعيد العالم بعد نجاح التجربة داخل الواليات املتحدة. غ ﺮ أن تخصيص يوم الثامن من مارس كعيد عالم للمرأة لم يتم إال بعد ذلك بسنوات طويلة حيث لم توافق منظمة ٔالامم املتحدة ع ى تب تلك املناسبة إال سنة 1977عندما أصدرت املنظمة الدولية قرارا يدعو دول العالم إ ى اعتماد الثامن من مارس لالحتفال بيوم املرأة العالم . لو إن نساء مرزق توفرت لهم التغطية ٕالاعالمية لكان من املمكن أن تحتفل النساء ي العالم قبل ذلك بكث ﺮ فاإلضراب عن العمل كان من العادات السائدة ب ن نساء مرزق ي بداية القرن العشرين كسالح للدفاع ً عن حقوقهن وشرفهن ويسم ٕالاضراب عندهم ناو أو شرماك نظرا لسيطرة النساء ع ى السوق ي مرزق. فإذا عامل رجل امرأة معاملة تمس من شرفها أو أي من حقوقها يقوم جميع نساء السوق بالتوقف عن العمل ي الحال وذلك احتجاجا ع ى ذلك ً ويعقدن اجتماع من فورهم عند الرئيسة "الشيخة" ويعتصمن عندها ح يرد إل ا حقها باعتذار املﺴ إل ا. ففي ٔالامكنة ال يلتقي ف ا النساء والرجال ي ٔالاسواق أو ع ى موارد ً املياﻩ قد يحدث وإن يعامل رجل امرأة ترى ف ا تحق ﺮا أو إهانة فتقوم املرأة بإطالق زغروتة طويلة وتتجه إ ى شيخة النساء عندها تقوم الشيخة ً بدعوة النساء وفق زغروتة أيضا ولك ا مم ة. تستجيب النساء املنتميات للطبقة الثانية واملوجودات ي السوق للنداء ويجتمعن حول الشيخة ساعات تمتد ي بعض ٔالاحيان إ ى يوم كامل أو يوم ن يقضي ا ي الغناء وإطالق ٔالاناشيد الخاصة بالناو 170
"ٕالاضراب" ويمتنعن عن ٔالاكل. عندما يتوقف العمل ي السوق والبيوت والبسات ن يتضرر اقتصاد ً مرزق الذي يعتمد أساسا ع ى التجارة ال تمارسها النساء فقد يتعرض السكان للجوع وهنا يبادر الرجال للتوسط لحل ٔالازمة و ي كث ﺮ ٔالاحيان تتدخل الحكومة. يتم تكليف وكيل للمد ي عليه ويدخل ي مفاوضات مع شيخة النساء وتفرض غرامة ع ى املد ى عليه وتقدر هذﻩ الغرامة حسب حالته املادية وليس بقيمة الجرم الذي قام به فيدفع املد ى عليه املبلغ املحكوم به فتش ﺮي الشيخة باذلك املبلغ بعض العطور والزيت لدهن الشعر وتوزعه ع ى النساء ترضية لهن وتدعوهن ملباشرة عملهن. أما الرجال الذين يقومون بالوساطة ي حل هذﻩ املنازعات ويح ﺮمون رأي النساء تصبح لهم مكانة كب ﺮة عندهن فيوصفو م أوالد النأو. يتحدث عبدالقادر جامي* عن حادثه وقعت حيث إن أحد وجهاء ً مرزق أهان امرأة من قرية "حﺴ حجيل" إحدى ضوا ي مرزق وعقابا ع ى تجاسرﻩ اجتمعت نساء القرية وأنزلوﻩ من دابته وجردوﻩ من ثيابه وأوثقوا يديه ورجليه ودخلوا به املدينة وهو عريان وقد تأثر بعد ذلك ً واحتجب ي بيته خجال ملدة عدة أشهر. *** الهوامش:
ً * كانت البداية لالحتفال بيوم املرأة العالم ي سنة 1857م تخليدا لخروج آالف من النساء لالحتجاج ي شوارع مدينة نيويورك ع ى الظروف الال إنسانية ال كانت تعاني م ا النساء العامالت و يج ﺮن ع ى العمل تح ا ونجحت املرأة ي دفع املسئول ن السياسي ن إ ى طرح مشكلة املرأة العاملة وتم تشكيل أول نقابة نسائية لعامالت 171
النسيج ي أمريكا بعد سنت ن من تلك املس ﺮة الاحتجاجية. * عبدالقادر جامي :عبد القادر جامي 1949 –1878م ،ضابط تركي من ٔالاحرار املثقف ن ،كان منفيا ي صحراء فزان و عمل ي سلك ٕالادارة ي غات و مرزق و ً ً طرابلس أربعة عشر عاما .عام 1908انتخب نائبا عن فزان ي مجلس املبعوثات العثماني ،قام برحلة من طرابلس إ ي مرزق و الصحراء الك ﺮى و وضعها عام 1906ي كتاب بعنوان )من طرابلس الغرب إ ي الصحراء الك ﺮى( صدر هذا الكتاب عن دار املصراتي ،عام 1974 عبد القادر جامى الذى قطع الطريق من طرابلس إ ى مرزق وغات اك ﺮ من مرة وأقام ى مرزق و ى غات كقائد لحامي ا سنوات فهو ليس من الرحالة العابرين لقد سافر إ ى فزان ى رحلته الاو ى سنة 1906م وبقى متنقال ماب ن غات ومرزق وغ ﺮهما من واحات فزان إ ى مابعد ً الاحتالل الايطإ ى لطرابلس اى ح أوائل 1912م .وهو يعطينا وصفا ً كامال ملدينة مرزق والحياة ف ا ى السنوات الاو ى من هذا القرن. * ي عام 1909أضرمت الن ﺮان ي أجساد 72عاملة من النسوة من قبل مالك مصنع نسيج نتيجة إضرا ن عن العمل حيث أحرق بالكامل مع العامالت اللواتي شكلن إضرابا.
172
جريدة »أبوقشة« الهزلية تجسيد لحرية إصدار الصحافة
قبل قرن من الزمان تجسدت حرية الصحافة ي ليبيا بإصدار جريدة أبوقشة ال أصدرها الصحفي التونﺴ ٔالاصل محمد الهاشم املكي وكانت الجريدة هزلية ناقدة لنظام الحكم ال ﺮكي أنذاك. ولد محمد الهاشم بن عثمان بن أبى القاسم بن مكي الزبيدي بمدينة توزر التونسية عام ،1881نشأ وترعرع ي بيت من بيوتات العلم واملعرفة ،فوالدﻩ كان من علماء جامع الزيتونة ،و ى بيته مكتبة حوت أمهات الكتب ي ش صنوف املعرفة وما يشبع م الصغ ﺮ الذي فو نفسه إ ى ٕالاطالع ومعرفة ما حوت هذﻩ الكتب من الخبايا ،و ى تونس العاصمة أكمل حفظ القرآن الكريم ،وتلقى دراسة العلوم الحديثة بمعهد ابن خلدون )الجمعية الخلدونية( وارتقى ي سلم التعليم ح نال 173
ً ً شهادة ي الهندسة التطبيقية فأصبح عاملا ملما بجوانب من املعرفة النظرية والتطبيقية ،وتعلم اللغة الفرنسية ليطل م ا ع ى زاوية ٓالاداب ٔالاوربية ،هذﻩ الروافد مجتمعة كونت ٔالاديب الساخر الجاد الذي كان ً يتقد حماسا ً◌ لصنع ء ألمته ،فأسس ي تونس مجلة "ٕالاسالم" عام ،1908غ ﺮ أن السلطات الفرنسية ي تونس سرعان ما أوقف ا إثر صدور عددها ٔالاول ،لكن ذلك لم يثنه عن عزمه الصحفي فأصدر صحيفة ً ً ساخرة اختار لها اسما ممعنا ً◌ ي السخرية ،هو "أبوقشة " عام ،1908 ال تع القرد باللهجة الشعبية ي تونس ،فهذﻩ التسمية تدل ع ى مراد صاح ا من حيث السخرية ،غ ﺮ أن السلطات الفرنسية أوقفت الصحيفة ،فغادر تونس واتجه إ ى طرابلس الغرب ،وأعاد إصدار الصحيفة ،وم ا كانت له صوالت وجوالت ،وصراع مع نظرائه الصحفي ن ،وبعد الغزو ٕالايطا ي للوالية عام ،1911خرج من الوالية ً واستقر به املقام ي جزيرة " جاوﻩ " باندونيسيا ،وعمل بالتدريس حينا ً◌، ثم أصدر جريدة عربية هناك تد ى " بورو بودرو " أشبع ا رغبته الصحفية ،ولم يتوقف عند هذا الحد ،فأسس مدرسة لتعليم اللغة العربية وأدى ا رسالة سامية تجاﻩ قومه ودينه. وللمكي أسلوب رص ن إذا كان جادا ،لكنه كان يطعم مقاالته ب ء من العامية ،وهو يجيد فن الغمز واللمز ،مما ين ﺊ عن شخصية مستفزة ،ميالة إ ى الجدل واملنافسة ي أحيان كث ﺮة ،وقد نجح ي بناء قاعدة شعبية تؤيدﻩ ي معاركه ٔالادبية وغ ﺮ ٔالادبية. وهكذا قدر ملحمد الهاشم املكي أن يق حياته ب ن ٔالاسفار ،وعمل ع ى متون الرواحل يحمل قلم الصحفي ،وروح ٔالاديب ح وفاته ي املهجر ي اندونيسيا عام .1944 174
ْ من التاريخ السيد كاروفلو* حاكم جزيرة اوستيكا تظل الرحلة إ ى املنفى مليئة باألسرار والطالسم ،ال البد لها من أن تتكشف يوم وسيظل املنفى قضية معلقة ي أعناق ٔالاجيال من الايطالي ن والليبي ن للوصول إ ى الكشف ال ائي عن هذﻩ املأساة بكل ً جوان ا ،فاإلنسانية ليس لها وطن مع ن تنمو به وإنما ي موجودة دائما ي صور الرحمة ووط ا قلوب بعض البشر الذين ينسون أنفسهم ويؤدون واج م ٕالانساني ح ع ى حساب أوطا م وشعو م. علينا أيضا أن نستعيد املشهد ي أرض املنفى ي تلك الجزر املهجورة و الخالية من السكان ومن ب ن تلك الجزر أوستيكا ي سيشيليا وال كانت تد ى استيودس ذكرى للمنفي ن من قرطاجة الذين تم نف م ي القرن الرابع قبل امليالد ليموتوا جوعا وأطلق عل ا الرومان اوستيكا ومعناها الالتي ٔالارض املحروقة لك ﺮة ٔالاحجار السوداء عل ا. فبالرغم من التودد الذي أبداﻩ ٕالايطاليون إ ى الليبي ن ،ومخاطب م باسم الدين ،والتأكيد ع ى اح ﺮامهم الشرائع والتقاليد الدينية، ومحافظ م ع ى الحقوق والحريات الشخصية واملدنية ،والتلويح باآلمال العريضة ال تعقدها إيطاليا ملستقبل ليبيا ي ظل ض ا ،والنعيم الذي 175
ينتظر الليبي ن ي كنف السيادة ٕالايطالية ،إ ى غ ﺮ ذلك من وسائل الخداع والوعود الكاذبة ..ففي الوقت الذي كان قائد الحملة يصدر هذﻩ التصريحات كان جنودﻩ يرتكبون أبشع املذابح ،ويق ﺮفون أفظع الجرائم ضد أها ي البالد من املواطن ن العزل.
وثيقة رقم 42
نقل م سفن غ ﺮ معدة أصال لنقل البشر وبال م ﺮر أو جرم اق ﺮفوﻩ وقامت بتكديسهم ي قاع السفن فوق بعضهم البعض دون اح ﺮام لكرامة ٕالانسان ومات العديد م م ي عرض البحر قبل الوصول إ ى الجزر النائية واملهجورة وقام الجنود بإلقاء جثث املوتى ي البحر دون تسجيل أسما م أو معرفة هويا م. وتنقل لنا كالوديا موفا الباحثة ٕالايطالية صورة مأسوية عن النظرة ٕالايطالية تجاﻩ املنفي ن الليبي ن من خالل تقرير ّ قدمه املسئولون ي أحد 176
املعتقالت لرئيسهم بقولهم :إن لدينا جمهرة تضم نحو 1500متوحش، أك ﺮ من كو م بشرا ع ى الدوام متوجس ن كاذب ن مستعدين للخيانة، إ م دائما قذرون تنبعث م م رائحة نتنة. غ ﺮ إن عديد املنفي ن كتبوا عن إيطالي ن ليسوا من نفس الجنس الذي كان ينظر للعرب نظرة عداء وتوجس بل حملوا ي قلو م الرحمة والشفقة من خالل معامل م الحسنة للمنفي ن ي جزيرة اوستيكا ،ففي مايو 1916كتب املنفيون الليبي ن رسالة شكر وتقدير للسيد كاروفلو ملا أبداﻩ معهم من معاملة لطيفة وبذل الجهد ي توف ﺮ ما استطاع أن يحصل عليه من ملبس ومأكل ومسكن وفرش وغطاء)(1 ً ُ ووقوفه املستمر معهم ليال و ارا وجدارته ي التآلف ب ن العنصرين ٕالايطا ي والعربي ومعرفته لطبائعهم ووصل م ٔالامر ملخاطبة وا ي بال ﺮمو للمطالبة بمكافئته ع ي هذﻩ الخدمة ٕالانسانية وإبقاءﻩ ي عمله املكلف به عندما أشيع بأن الحكومة قد عزلته بسبب املنافع الشخصية لبعض الذين يستهجنون صنيعه للعرب. مما جعلهم يعيشون ي بحبوحة العيش والراحة وتحسن أحوالهم عما كانوا عليه ي جزيرة بونزﻩ ويرجعون فضل ذلك لإليطا ي كاروفلو مدير الجزيرة وما ينقصهم إال العودة ألرض الوطن العزيز. *** هوامش -1وثيقة رقم 42كن كتاب رسائل املنفي ن مركز جهاد الليبي ن للدراسات التاريخية. -2وثيقة رقم 43كن كتاب رسائل املنفي ن مركز جهاد الليبي ن للدراسات التاريخية.
177
178
هل يمكن تزوير التاريخ؟! ً ﱠ قدم الدكتور "قاسم عبدﻩ قاسم" بحثا يناقش فيه مشكلة تزوير التاريخ ،وتحت عنوان :هل يمكن تزوير التاريخ؟ يرى الباحث أن هذا السؤال ّ بحد ذاته ُي ِث ﺮ العديد من ٔالاسئلة حول املقصود بالتاريخ ،ثم ُيب ِّ ن ِ أن هناك ثالثة مستويات ملع مصطلح التاريخ ،و ي: ﱠ ُ ٔالاول :الداللة ع ى ُم ْج َمل النشاط ٕالانساني ي املا برمته. ً والثاني :النظر إ ى التاريخ باعتبارﻩ سجال للحوادث ي تتابعها الزم . ً ونظاما در ً ً والثالث :اعتبار التاريخ ً تعليميا ،و ي هذا املستوى اسيا و علما ًّ ً ّ املؤرخ ،أي محاولة وصف املا يصبح التاريخ مصطلحا دالا ع ى حرفة ِ وتفس ﺮﻩ من خالل قراءة ٔالاحداث التاريخية وإعادة قراء ا مرات ومرات لخدمة الحاضر واستشراف املستقبل ،ومن َث ّم يرى الباحث أن هنا َي ُ كمن ً ما يسميه البعض "تزوير التاريخ" ُويب ِّ ن أن ال وير ال يكون تزويرا ُ ّ لألحداث ،وإنما هو قراءة منحازة لهذﻩ ٔالاحداث؛ تركز ع ى بعضها و ُ ْ ِمل شأن البعض ٓالاخر ،ويش ﺮ إ ى أن القراءة املنحازة للتاريخ ال يمكن اعتبارها من أنماط الدراسة التاريخية؛ فالدراسة بطبيع ا بحث عن َ الحقيقة ،والبحث عن الحقيقة يع ُ الب ْع َد عن الانحياز والهوى ،ومن ث ﱠم فإن جميع عمليات ال وير ال عرفها التاريخ كانت ذات أغراض سياسية منحازة. 179
إن كلمة "التاريخ" ال تحمل مع اصطالحيا محددا اتفق عليه املتخصصون ،كما أ ا ال تحمل مع لغويا واحدا يمكن أن يتصورﻩ الفكر عند سماعها ،فع ى مستوى اللغة قد تع كلمة "التاريخ" تعريف الوقت ،أو إ ا قد تع عملية مرور الزمن وما حصل فيه من أحداث، ً وقد تع أيضا لحظة فارقة ي الزمن بسبب أهمي ا. فالدراسة التاريخية باتت معقدﻩ ومركبه بدرجة تكاد يصعب معها محاولة الوصول ا ى مصطلح يحظى باملوافقة من الجميع ،فهناك من يرى إن التاريخ سجل للما ،ولكن دراسة التاريخ ليست ي دراسة املا بحد ذاته ،وإنما تنصب ع ى دراسة مس ﺮة ٕالانسان ي هذا املا ،ويع هذا اعتبار "التاريخ" سجال للما من حيث ارتباطه باإلنسان. وإذا نظرنا ا ى محاوالت تعريف كلمة "التاريخ" ال ساقها املؤرخون وفالسفة التاريخ ي كل ٔالازمنة و ي جميع الثقافات وجدنا اتفاقا ع ى أن تطور مس ﺮة البشر ي املا هو موضوع التاريخ ،ولكن هذا الاتفاق ذاته يخلق مشكالت أخرى ،إذ إن هناك ثالثة مستويات ملع مصطلح التاريخ ،وهذﻩ املستويات يمكن تلخيصها ع ى النحو التا ي: يغلب ع ى استخدام هذا املصطلح مع الداللة ع ى مجملالنشاط ٕالانساني ي املا برمته ،وهذا املستوى ال يدل إال ع ى عملية التتابع الزم لوجود ٕالانسان ع ى سطح هذا الكوكب ونشاطه وأحواله ي أثناء ذلك ،وهنا يص ﺮ كل فعل إنساني تاريخيا بالضرورة ويع هذا املستوى أن "التاريخ" يشبه را يتدفق من املنبع ا ى املصب حامال كل التفاصيل ،ومن املؤكد أن التاريخ ،عند هذا املستوى من املع الاصطال ي ،ال يمكن تزويرﻩ بأي حال من ٔالاحوال ،ذلك أن ٔالاحداث، كب ﺮها وصغ ﺮها قد وقعت بالفعل وصارت تاريخا ي ذمة املا ،بحيث 180
ال يمكن اعتاد ا والعبث ا. أما الاستخدام الثاني ملصطلح "التاريخ" وهو أك ﺮ شيوعا منالاستخدام ٔالاول ،فهو ذلك الذي ينظر ا ى التاريخ باعتبارﻩ سجال للحوادث ي تتابعها الزم ،وليس باعتبار أنه الحوادث نفسها ،كما ي الحال ي الاستخدام ٔالاول وهذا املستوى الثاني ينطوي ي الواقع ع ى مستوي ن فرعي ن: أ -التاريخ من حيث هدفه :محاولة معرفة كل ما فعله ٕالانسان ي ً وكل ٔالافكار ال أنتجها العقل ٕالانساني حول نشاطه :ت ﺮيرا أو املا تفس ﺮا ،ورصدا أو دراسة. وهنا أيضا ال يمكن أن تصل يد املزورين ،فالرغبة ي املعرفة تتناقص تناقصا واضحا وموضوعيا مع الدوافع ا ى ال وير. ب -التاريخ من حيث موضوعه :يمكن اعتبارﻩ سجال لألحداث ال وقعت داخل إطار الو ي ٕالانساني منذ بداية الوجود ٕالانساني ،واكتسبت بعدا حضاريا بسبب صيغ ا الجماعية ،و ي هذا الصدد أيضا يبقى ال وير بعيدا عن سجل الحوادث التاريخية. -3وهناك استخدام ثالث ملصطلح "التاريخ" باعتبارﻩ علما ،ونظاما دراسيا وتعليميا ،وهنا يصبح "التاريخ" مصطلحا دالا ع ى حرفة املؤرخ، أي محاولة وصف املا وتفس ﺮﻩ من خالل قراءة ٔالاحداث التاريخية، وإعادة قراء ا مرات ومرات لخدمة الحاضر واستشراف املستقبل. هنا يقع ما يسميه البعض "تزوير" التاريخ ،ومن املهم أن نالحظ هنا إن "ال وير" ال يكون تزويرا لألحداث ،وإنما هو قراءة "منحازة" لهذﻩ ٔالاحداث تركز ع ى بعضها و مل شأن البعض ٔالاخر ،ذلك أن الحوادث التاريخية تقع مرة واحدة ،ولكن تتم قراء ا عدة مرات ي ما يسميه 181
البعض كتابة التاريخ والواقع أ ا قراءة وليست كتابة ،فإذا كان املقصود تسجيل أحداث التاريخ ،فإن ذلك أيضا يحدث مرة واحدة عندما يقع الحدث ،أو تحدث الظاهرة التاريخية وتسجل من خالل روايات معاصرة وشهود العيان ،أو من الوثائق العامة والخاصة ،أو باالستعانة باآلثار .وما ا ى ذلك من املصادر التاريخية ولكن محاولة اس ﺮداد الحدث من ذمة املا تتم من خالل قراءة هذﻩ املصادر ،وهو ما يع ي التحليل ٔالاخ ﺮ إعادة قراءة التاريخ ال كتابته ،فالكتابة التاريخية ليست عملية إنشائية إبداعية ،وإنما ي ي الواقع قراءة تتم مرة بعد املرة تلبية الحتياجات الحاضر ،و ي هذﻩ القراءة قد يحدث ما يسميه البعض "تزوير" التاريخ. ّ ثم ُيركز ع ى القراءة ال ودية املنحازة للتاريخُ ،ويب ِّ ن أ ا ذات غرض سياﺳ منذ بداي ا ،وطوال عمر الحركة الصهيونية ،كما كانت دف إ ى ت ﺮير قيام الدولة ال ودية ع ى أرض شعب آخر هو الشعب الفلسطي . ويرى الباحث أن النموذج الصهيوني املنحاز ليس هو النموذج الوحيد؛ فهناك سوابق تاريخية كث ﺮة ي استخدام التاريخ بقصد الدعاية ْ السياسيةُ .ويث ِبت الباحث أنه من الصعب تزوير الرواية التاريخية أو القصة التاريخية أو ﱠ الس ْرد التاري ي ذاته من خالل القراءة املنحازة ال ال َْ ّ الجادة. تل َبث أن ت اوى أمام القراءة ّ يعرج الباحث ع ى التفرقة ب ن نوع ن من الوثائق العامة وهما: ثم ِ الوثيقة القانونية :ويقصد ا ﱠ كل نص مكتوب أو ُم َد ّون يشتمل ع ى َ ﱡ تصرف قانوني أو واقعة قانونية ت ّم تدوينه لحفظ حق من الحقوق أو إلثبات حالة من الحاالت. والوثيقة ٕالادارية :ويقصد ا املكاتبات ؤالاوامر والتقارير الناتجة عن العمل اليومي ملؤسسات املجتمع ،سواء كانت مؤسسات حكومية أو 182
ّ أهلية .ويركز ع ى أن أخطر قراءة أيديولوجية منحازة للتاريخ عامة تتم ٓالان ي أوساط عديدة داخل الواليات املتحدة ٔالامريكية تقوم ع ى فكرة عد "برنارد لويس" هو الذي ّ صدام الحضا اتُ ،وي ّ قدم الصورة الصادمة ر ِ ْ عن ٕالاسالم واملسلم ن ي كتابه »ٔالاصول ٕالاسالمية« الذي كان ي أص ِله ً ُْ ُ صورة ُم ﱠنقحة تحت عنوان محاضرة أل ِق َيت سنة 1990م ،ثم نشرت ي ٍ »جذور الهياج ٕالاسالمي« ،و ي قراءة أيديولوجية منحازة ليست ناجمة عن ندرة املعلومات أو نقص التمي ،وإنما ي ُ وقصد دافع سياﺳ نتاج ٍ ٍ ً ً لتاريخ تزويرا للتاريخ ،بل اختالقا أيديولو ي ،وهذا ما يعت ﺮﻩ الباحث ليس ٍ ّ لم ُيوجد قط. ّ و ي اية البحث يؤكد الباحث أن تزوير التاريخ مستحيل ،أما ّ ً القراءات املنحازة فﻬ ليست تاريخا ،وإنما ي تزييف للو ي وٕالادراك...
183
184
حوار مع أ .د .الهادي مصطفى أبولقمة ولد بمدينة الزاوية الغربية ودرس ا سنوات دراسته ي املرحلة الابتدائية وٕالاعدادية ونال الثانوية من مدرسة طرابلس الثانوية أوفد إ ى مصر لدراسة القانون ،ولكن القدر أرد غ ﺮ ذلك فدرس الجغرافيا ،أوفد إ ى انجل ﺮا ونال املاجست ﺮ من جامعة درم وعاد إ ى أرض الوطن ليجد رئيس الجامعة الليبية ي انتظارﻩ ليعينه عضو هيأة تدريس بالجامعة الليبية الفتية آنذاك ثم مالبث أن عاد من جديد إ ى رحاب جامعة درم الذي منحته الدكتوراﻩ و ي زمن قياﺳ وألول مرة ي تاريخ الجامعة عاد إ ى ليبيا ليمارس مهامه كعضو لهيأة التدريس بالجامعة. ً عمل وكيال للجامعة الليبية ما ب ن عامي 1973 -1969م ثم شغل ً منصب رئيسا لجامعة بنغازي بعد انقسامها عن طرابلس ح سنة 1976 ً ً ف و ي تلك ٔالاثناء كان أيضا رئيسا للجنة ٕالادارية للمدينة الجامعية الجديدة ببنغازي. ً عمل مستشا ًا للهيئة القومية للبحث العلم ّ لعدة سنوات وعضوا ر باللجنة ٕالادارية ملصلحة املساحة وأمينا ملركز البحوث والدراسات العليا ً بجامعة السابع من إبريل وهو ٓالان منسقا للدراسات العليا بقسم ً ً الجغرافيا بجامعة السابع من أبريل ،وكذلك رئيسا فخريا للجمعية الجغرافية الليبية. 185
أشرف ع ى عشرين رسالة ماجست ﺮ ورسالة دكتوراﻩ واحدة ،كما عمل بالتدريس بمعهد الدراسات العربية التابع للجامعة العربية بالقاهرة خالل سنة )1974 /1973ف. املث ﺮ ي هذا الرجل إنه ح ٓالان وبالرغم من تقدمه ي السن يدخل مكتبة عند الساعة السابعة صباحا وقبل الجميع ويغادرﻩ بعد الجميع. ي البداية نرحب بك ع ى صفحات صحيفة قورينا ونحب أننتعرف ع ى شخصية ٔالاستاذ الدكتور الهادي أبولقمة من خالل مرحلة الطفولة ومرحلة الدراسة ٔالاو ى؟ ولدت عام 1934م بالزاوية ي أسرة تم بتحصيل العلم فوالديً ً ً كان متعلم تعليما دينيا وأ ي محمد كان معلما للغة ٕالانجل ية فكان الجو ٔالاسري مهيئا للحث ع ى طلب العلم ومتابعته. درست الابتدائية بمدرسة الزاوية ٕالايطالية عندما تم فتح فرع ي املدرسة للتعليم باللغة العربية بعد أن كانت املدرسة لاليطالي ن فقط وتحصلت ع ى الشهادة الابتدائية عام 1947ف الدفعة الثانية وقد شهدت هذﻩ املرحلة بدايات تكوين ثقاف املتأثرة بما كان يدور ي سوق الزاوية الذي كان يشهد املظاهرات ضد ٕالانجل والتململ الذي عرفه املجتمع تلك الف ﺮة من موضوع استبدال الاستعمار الايطا ي باالنجل ي وكث ﺮا ما تابعت هذﻩ املظاهرات خاصة أيام ٔالاسواق بمدينة الزاوية الغربية )الاثن ن والخميس(. أين كانت مرحلة الدراسة الثانوية وكيف؟ التحقت بدراسة شهادة الثقافة العامة عندما فتحت مدرسة الزاويةالثانوية وكنا حريص ن ع ى تعلم كل ﺊ وشغوف ن للتعلم وهذا يرجع إ ى الواقع الذي كان يحرك فينا شعور وإحساس بأننا ي حاجة إ ى التعليم 186
ي وجود ٕالايطالي ن الذين نراهم يسيطرون ع ى املحالت ونرى الجنود ٕالايطالي ن وهم يرتادون هذﻩ املحالت ومنظر السيارات الايطالية ثم الانجل ية و ي تجوب الشوارع. كذلك كانت ممارسات ٕالانجل رغم ما يدعونه من ديمقراطية إال إ م ً يعملون دائما إ ى جانب مصالحهم وقد شهدت ذلك خالل الثورة ضد ال ود فاالنجل كانوا يبحثون عن م ﺮر لتهج ﺮ ال ود إ ى فلسط ن .وهنا أقول بأنه لم تكن هناك نظرة معادية لل ود ي املجتمع ولكن ٕالانجل افتعلوا تلك الثورة ال قتل ف ا عدد كب ﺮ من الجانب ن. فكانت هناك روح التحدي وأن الوطن بحاجة إ ى كفاءات متعلمة وبدأ يتحرك فينا هذا الشعور خاصة ي مرحلة الدراسة الثانوية وربما لم يكن عددنا كب ﺮ ولكن املدرسة كانت الوحيدة ي غرب طرابلس وتضم طالب من مختلف املناطق الغربية أي إ ا تضم النخبة املتعلمة. درست السنة ٔالاو ى الثانوي بالزاوية ثم انتقلت الستكمال دراس ي السنة الثانية والثالثة والرابعة الثانوي بمدرسة طرابلس الثانوية لعدم وجود العدد الكا ي من الطالب لفتح فصول بمدرسة الزاوية وهناك تكونت عندي فكرة أخرى ع ى مجتمع املدينة وكانت أقامتنا بالقسم الداخ ي. كان مدير املدرسة الثانوية آنذاك ٔالاستاذ الفاضل عبدﷲ الشريف ودرست ع ى أساتذة أجالء أكن لهم كل الاح ﺮام والتقدير وكان لهم دورهم الكب ﺮ ي تنمية قدراتي مثل ٔالاستاذ القدير املرحوم محمد مسعود فشيكه ي مادة التاريخ واملرحوم الهادي عرفة والشيخ الطاهر سبيطة ؤالاستاذ بش ﺮ الطوي ؤالاستاذ الطاهر البش وكان من رفاق الدراسة ي هذﻩ املرحلة عبدالحكيم البش املحامي ومحمد البش وعبدالسالم 187
أرحومة وجمعه الاربش والصادق ابوعرقوب هؤالء كانوا زمالئي من الزاوية أما ي طرابلس فكونت صداقات مع زمالء الدراسة وكان من بي م ع ي بيالة وسليمان قرادة من الجبل الغربي وكامل املقهور وإبراهيم الغويل وبش ﺮ النجار. ً و ي اية املرحلة الثانوية )شهادة الثقافة العامة( كان لزاما علينا أن نجري الامتحان ال ائي ي مدينة بنغازي بوالية برقة أمام لجنة الامتحانات ً مكلفة من مصر حيث إن املناهج آنذاك مطابقة تماما ملا كان يدرس باملدارس املصرية والتقينا هناك بطالب من مختلف أنحاء ليبيا كانت ً الامتحانات وٕالاقامة بمدرسة ٔالام ﺮ كنا أربع ن طالبا تقريبا وتكونت لنا صداقات مع مختلف الطالب الذي التقيناهم. وجدنا بنغازي و ي متأثرة بما جرى فوقها من معارك خالل الحرب ً العاملية الثانية وكان لهذا أيضا تأث ﺮ علينا وشعور بمعاناة املجتمع اللي وأن الحرب كانت شاملة وأثرت ع ى البالد بكاملها. أقام طالب بنغازي حفل تعارف لطالب طرابلس والزاوية ومصراته ودرنة وتعرفت ع ى عدد من الطالب الذين التقي م كان من بي م املرحوم أحمد أبورحيل املحامي واملهندس حسن الشاعري وعبداملو ى دغمان واملحامي رجب املاجري وعدد آخر من شخصيات املجتمع فيما بعد ال تحضرني أسما م. ماذا عن مرحلة الدراسة الجامعية؟ انقضت الامتحانات وبعد حصو ي ع ى التوج ية سافرت إ ى إيطالياللدراسة بجامعة نابو ي وأجريت أمتحان القبول وقبلت لدراسة القانون ً غ ﺮ إن الدولة الليبية أصدرت قرارا بإيفادنا للدراسة بجامعة القاهرة وأخ ﺮني والدي بضرورة العودة لاللتحاق بالدراسة بالقاهرة بعد أن تأكد 188
بتوجيﻬ لدراسة القانون ففضلت العودة والسفر إ ى مصر لدراسة القانون ي دولة عربية ع ى ٔالاقل. ً وسافرت إ ى مصر وكانت صدمة ي عندما وجدت أسم موجها لكلية ً ٓالاداب وليس الحقوق وهذا طبعا تم بتدخل من أحد ٔالاشخاص الذي لم يكن يرغب أن أدرس الحقوق ألمر ي نفسه. ً تأثرت كث ﺮا وغضبت ولم ألتحق بالدراسة وأصبحت أطوي شوارع ً القاهرة مدة سبعة أشهر تقريبا ح قبل الامتحانات ال ائية بشهر، عندها التحقت بمقاعد الدراسة بناء ع ى نصائح أصدقائي واخ ﺮت قسم الجغرافيا ألني وجدته ٔالاقرب مليو ي وقد ساعدت الجامعة عن ف ﺮة غيابي وتفوقت ع ى زمالئي واستمرت السنوات ٔالاربع وحصلت ع ى الليسانس عام 1957م. كان زمالئي من الطلبة الليبي ن الذين التحقوا بقسم الجغرافيا املرحوم د .مختار بورو ،الذي تو ى منصب "محافظ طرابلس" بعد قيام الثورة و د .محمود الخوجة ..أما الطالب الليبي ن ي جامعة القاهرة فكان ً عددهم كب ﺮا وكان من بي م عبد الحكيم البش )درس حقوق( وعبد السالم رحومة )درس معهد معلم ن( وجمعة ٔالاربش )هندسة( واملرحوم ع ي وريث. ي مصر ومع وصولنا كانت الثورة ف ا حديثة العهد وتكونت لدينا ثقافة أخرى تختلف عما كنا نعيشه ي ليبيا فبدأت تؤثر فينا ٔالافكار القومية من خالل الصحف وٕالاذاعة وأصدقاء الدراسة من املصري ن. وكان للقائنا بأعضاء مجلس قيادة الثورة املصرية والرئيس جمال عبدالناصر ع ى مائدة ٕالافطار بنادي الضباط ي أول رمضان لنا ي القاهرة بالغ ٔالاثر وتكون لدينا شعور بأننا ي دائرة اهتمام القيادة 189
املصرية باعتبارنا أول بعثة لطلبة ليبي ن موفدين من قبل الحكومة الليبية بعد الاستقالل. ودرست ي جامعة القاهرة خالل دراس الجامعية ع ى يد أساتذة أجالء كان من بي م د .جمال حمدان ود .إبراهيم رزقانة. عدت إ ى ليبيا عام 1957م أحمل شهادة الليسانس ي الجغرافيا وأحمل معها أفكار ي القومية العربية وأحمل ثقافة اكتسب ا من خالل إقام ي القاهرة وهذا ما أنطبق ع ى بقية الزمالء ي تلك الف ﺮة. وبمجرد عودتنا قررت الحكومة الليبية إيفادنا الستكمال دراستنا ً ً حيث نظرت إلينا الحكومة يومها ع ى إننا شباب يحمل فكرا قوميا أو بعض ٔالافكار ٔالاخرى وعملت ع ى إقصائنا وذلك بتعجيل إيفادنا للدراسة بالخارج خاصة وإن العالقة مع مصر قد ساءت بعد أحداث العدوان الثالثي ع ى مصر حيث تفجرت ٔالاوضاع الداخلية ي ليبيا ،ووصل ٔالامر إ ى درجة أن عمت البالد فو عارمة وقامت مظاهرات تع ﺮ عن الغليان الشع ي بعض املناطق من ليبيا. وحول تدهور ٔالاوضاع بليبيا ي هذﻩ الف ﺮة ،فإن البعض يذكر ويرجع سبب ذلك إ ى أن الحكومة الليبية لم تقف موقفا مشرفا ضد هذا العدوان ،بل أننا نجد الحكومة املصرية كانت قد وجهت أصابع الا ام إ ى الحكومة الليبية بأ ا كانت قد فتحت قاعدة خلفية للهجمات ع ى مصر، وذلك ب ﺮك أراض ا مفتوحة للقواعد العسكرية ال ﺮيطانية. فان يت إ ى بريطانيا وتحديدا بجامعة دارم إلكمال دراس بالجغرافيا كان ذلك ي نفس السنة ال تخرجنا ف ا ) 57و (58وما حصل م ي من إحباط ي بداية إلتحا ي بجامعة القاهرة ّ تحول إ ى دافع وحافز عند دراس العليا أل ا مرحلة جديدة. 190
ويوم سفري التقيت أحد الضباط الانجل بالصدفة ي مقﻬ يديرﻩ إيطا ي بمدينة الزاوية وأخ ﺮني بأن زوجته مسافرة ع ى نفس الطائرة ً مساء اليوم وفعال التقيت زوجة الضابط الانجل ي مع صديقا ا ع ى الطائرة وعندما دخلت الطائرة أجواء لندن واق ﺮبت من الهبوط وشاهدنا من الجو ٔالاضواء صرخت أحدى صديقات تلك الزوجة – الحمد هلل عودة إ ى الحضارة – شعرت هنا باألهانة وكانت أول صدمة نفسية من العالم الغربي الذي سألجه. ومرحلة الدراسة ي انجل ﺮا ؟ي لندن وأنا الشاب الريفي الذي عاش ي أسرة بمنطقة زراعية وتأثر ً بأفكار القومية ي القاهرة وكيف سيواجه املجتمع الغربي شاعرا بأهانة ً ً اللقاء ٔالاول مع هذﻩ املدينة ،عملت جهدا خارقا للعادة ..إن صحت ً ً العبارة..وأ يت رسالة املاجست ﺮ خالل سنت ن فقط ..كان زمنا ً◌ قياسيا ب ن زمالئي ٕالانجل وحصلت ع ى الدرجة العلمية ي يوليو 1960م وكان ً زميالي مختار بورو ومحمود الخوجة أيضا يدرسان بنفس الجامعة ،وقد ً ّ سافرنا أيضا ع ى م ن طائرة واحدة إال أ ما تأخرا بعض الوقت إلتمام رسالت ما. ً تقرر أن ندرس املاجست ﺮ بجامعة دارم ونظرا للتكوين الجيد للغة ً الانجل ية ي مرحل الدراسة املختلفة لم نحتاج كث ﺮا إ ى دراسة اللغة كان ً رئيس القسم ي الجامعة يعمل باإلضافة إ ى عمله مستشارا للملكة للشؤون الليبية وقد لفت انتباهه إ ى إن لغ جيدة وأفضل الجميع وأستغرب بأن من الريف وأتقن الانجل ية. ً ونصح أنه بإمكاني صقل لغ قليال من خالل عالق بالشارع الانجل ي إذ إنه هذا ما كان ينقص حسب اعتقادﻩ وتم تعي ن السيد د. 191
كالرك كمشرف للدراسة وهذا ينسب إليه أول مؤلف عن جغرافيا السكان. واخ ﺮت موضوع دراسة الجغرافيا البشرية بالشريط الساح ي اللي وكانت حدود الدراسة منطقة غرب طرابلس وتتبعت هذا الشريط خطوة ً خطوة س ﺮا ٔالاقدام لدراسة جغرافية املنطقة حيث قمت بنقد ٔالاوضاع القائمة آنذاك ي محاولة إلصالح الوضع القائم إ ى ٔالافضل ي مختلف نوا ي الحياة التعليم والصحة والزراعة والطرق وأوصيت بإنشاء مصفاة ً النفط الحالية ونصحت بانشاءها ي املوقع املقامة عليه نظرا لحاجة املنطقة بالرغم من إن ليبيا كانت حديثة العهد باكتشاف النفط. معيد بالجامعة الليبية؟ أ يت دراسة املاجست ﺮ وعدت إ ى ليبيا عام 1960م وبمجرد عودتيزارني الشيخ عبدالجواد الفريطيس رئيس الجامعة الليبية ي بي بمدينة ً الزاوية وتناول م ي طعام الغذاء وطلب م رسميا الالتحاق للعمل بالجامعة ع ى وظيفة معيد للعام الجام ي 61/60بمرتب قدرﻩ 63جنيه. كان عميد كلية ٓالاداب أ.د نصرالدين ٔالاسد وهو فلسطي تو ى فيما بعد وزير التعليم العا ي ي اململكة ٔالاردنية وكان من زمالئي أعضاء هيأة التدريس املرحوم د .عمر التومي الشيباني ود .محمد إبراهيم حسن ود. عبدالعزيز طريح شرف. وجدت الجامعة تحت تأث ﺮ روح القومية العربية وأفكار عبدالناصر وأغلب الطالب من خارج مدينة بنغازي ومقيم ن بالقسم الداخ ي وبقيت ملدة سنت ن )ّ (1962 -1960 أدرس الطلبة و ي هذﻩ ٔالاثناء كنت ع ى اتصال بجامعة دارم ،وكانت الجامعة تقدر ي جهدي ..وبالتا ي بمجرد ُ تقدمي لدراسة الدكتوراﻩ قبلت. 192
فقد قررت أن يكون موضوع أطروح لم أترك الوقت يم للدكتوراﻩ ي جغرافية املدن عن مدينة بنغازي وقمت خالل تلك الف ﺮة بإجراء الدراسة الحقلية للمدينة من أعمال التصوير لشوارع املدينة ومبان ا وٕالاحصاء واملسح الكامل وكل ما توقعت أن احتاج إليه الستكمال متطلبات ٔالاطروحة. وعند زيارة ٔالاستاذ كالرك املشرف ي رسالة املاجست ﺮ إ ى الجامعة الليبية نصح بإيفادي إ ى دراسة الدكتوراﻩ ووافقت الجامعة ع ى إيفادي إ ى نفس الجامعة وتحت أشراف ٔالاستاذ نفسه. وكما حدث ي املاجست ﺮ حصل ي الدكتوراﻩ "فالحد ٔالادنى ثالثة سنوات للدكتوراﻩ وأنا أتمم ا خالل سنت ن فقط ..كان ذلك يحتاج إ ى إذن خاص من الجامعة ي مثل هذﻩ الحاالت ،كان الاج اد وسيل وناقشت ي يوليو 1964م هذا لم يكن يسمح به إال بإذن خاص من مجلس الجامعة. عدت من بريطانيا وجدت رئيس الجامعة وقد أصبح ٔالاستاذ عبداملو ى دغمان ووجدت الجامعة تشكل قلعة كب ﺮة للقومي ن العرب املتأثرين بفكر عبدالناصر وحكومة ليبيا آنذاك كانت تعت ﺮ الجامعة مؤسسة مهمة ل ضة املجتمع. أغلب أعضاء هيأة التدريس من مصر وهناك بعض ٔالاساتذة الزائرين كانوا يأتوا من أر ى الجامعات ٔالاوربية إللقاء املحاضرات املختلفة. كانت الجامعة تعج بمجموعة كب ﺮة من الطلبة الذين أصبحوا متم ين فيما بعد و من بي م محمود شمام و رجب الحصادي ورجب بودبوس والصادق الن وم . ما ي املناصب ال تقلد ا بعد عودتك؟193
ً لم أقبل أي منصب إداري ي الجامعة ألني أعت ﺮ نفﺴ أكاديميا،وبعد قيام الثورة ي ليبيا عام 1969م كلف املرحوم الدكتور عمر التومي الشيباني برئاسة الجامعة الليبية وتم تكليفي بمهمة وكيل الجامعة وكان من اختصا ٔالاشراف ع ى املدينة الجامعية الجديدة ال وقع عقدها ي السنة ال سبقت الثورة ،وتابعت عملية البناء من بداية ٕالانشاء ح استلمته ي عام 1976م ووصلت تكلفة إنشاءﻩ عشرين مليون دينار، وكانت الجامعة ٔالاو ى ي شمال إفريقيا والشرق ٔالاوسط.و ي نفس العام تركت العمل ٕالاداري وتفرغت للعمل ٔالاكاديم . قمت ب ﺮجمة عدد كب ﺮ من املؤلفات حول ليبيا كيف ترى ال ﺮجمة ؟لك لم أكن أعرف إن لغات العالم ٔالاخرى تحتوي كم هائل من املعلومات ال كتبت عن تراث وتاريخ ليبيا ،فقمت ب ﺮجمة كل ما وقع ب ن يدي أثناء دراس وما رأيت به فائدة لآلخرين ،وأعت ﺮ كل كتاب الفته أو ً قمت ب ﺮجمته وكائنه مولودا جديد ي عائل ،ولكل كتاب قصة ي حياتي. والحقيقة أمرض عندما ال أقراء كتاب أو أقوم ب ﺮجمته وكانت القراءة جزء من حياتي اليومية . كيف ترى مشكلة املياﻩ ي ليبيا؟ املياﻩ ي ليبيا مشكلة كب ﺮة ولبدا لنا من أن نب حياتنا ع ى أساسعدم توفر املياﻩ بالكميات ال يمكننا من خاللها أن نكون مجتمع زرا ي إال ي حدود إمكانيات بسيطة ،كان الليبي ن قد أقاموا زراعة بسيطة تعتمد ع ى املياﻩ السطحية ال ألف الناس تعويض نقص مياهها ً ً بتعميقها أحيانا أو إيقاف السحب م ا لبعض الوقت انتظارا لعودة املنسوب إ ى سابق مستواﻩ ومن ثمة إعادة الكرة ح يتم ري مزروعا م من بعض الخضر والبقوليات إ ى جانب بعض محاصيل العلف أو عن 194
طرق استغالل مياﻩ العيون املحدودة العدد واملبع ﺮة التوزيع ي زراعة محاصيل مشا ة مع الفارق ي حجم املساحة. وهذا املوضوع كشفت حقيقته منذ بداية الاستيطان الزرا ي الاستعماري الايطا ي فقد و ى الايطالي ن بأن ليبيا لم تكن كما تصوروا أي من املمكن إقامة زراعة مروية واسعة وقد اختاروا املناطق ال كانت ا كميات من املياﻩ الارتوازية مثل طمينة بمصراتة وأقاموا عل ا زراعة بطريقة ت ﺮيد املياﻩ. أما بالنسبة للمياﻩ ي الطبقات القريبة فهذﻩ تم است افها بعد وصول الكهرباء وال كانت كسيف ذو حدين وقيام املواطيني ن بإقامة مزارع غ ﺮ منظمة ي املناطق الرعوية خصوصا سهل الجفارة ،الذي يعتمد حوضه ع ى تجميع املياﻩ من كميات ٔالامطار ال تسقط خالل فصل الشتاء و ي أيضا كميات بسيطة وال تكفي لتعويض الكمية املست فة. وهذا ما يحدث ٓالان ي منطقة الجبل ٔالاخضر سيعرضه لخطر بيﺌ قادم حيث يتم است اف كميات املياﻩ بحفر آبار ارتوازية واستخراج املياﻩ لزراعة كميات محدودة من الخضروات .وينطبق هذا ع ى الواحات. ً طبعا باإلضافة إ ى إنه ي كل املدن الليبية يتم تعويض املياﻩ السطحية بمياﻩ املجاري لعدم وضع حلول ملشكلة الصرف الص ي وهذا خطر يواجه سكان املدن وسيظهر خطرﻩ ع ى املجتمع خالل ٔالاجيال القادمة. بالنسبة لل ر الصنا ي وبما إنه مخزون املياﻩ ال يتم استغاللها غ ﺮ متجدد وهذا املخزون قابل للنضوب وهناك بعض ٓالابار مستوى الهبوط ً السنوي ف ا كب ﺮ جدا ولبدا من النظر للموضوع بشكل اس ﺮاتي ي وماذا سن ﺮك لألجيال القادمة ؟ ويمكن إقامة زراعة محدودة ع ى مياﻩ ال ر و ي 195
ً ٔالاماكن املؤهلة زراعيا والخصبة لكي يتم أنتاج وف ﺮ ي ضو اس الك مياﻩ مق ن. كان من املمكن استخدام مياﻩ ال ر ي تنمية مناطق الجنوب ولكن ٓالان حدث العكس سي ﺮك سكان الجنوب مناطقهم متتبع ن املياﻩ ي الشمال وهذا سيحدث خلل ي السكان فراغ ي الجنوب وتضخم سكاني ي الشمال ع ى حساب ٔالارض ال كنا نتصور إ ا صالحة للزراعة. وكان من املمكن توف ﺮ املياﻩ لسكان الشمال بإنتاج مياﻩ التحلية وهو ما تم العودة إليه ٓالان وإنشاء العديد من محطات التحلية ع ى طول الساحل. كيف تقيم الجغرافي ن الليبي ن من ناحية ٕالانتاج العلمي؟ً د .سعد القزيري من أفضل الجغرافي ن الليبي ن إنتاجا علميا . ما املؤلفات ال قمت ب ﺮجم ا؟وقدم ي قائمة باملؤلفات ال ترجمها: -1أخبار الحملة العسكرية ٔالاو ى 1968 :ف. -2بنغازي ع ﺮ العصور )باللغة ٕالانجل ية( 1985 ،72 ،68 :ف. -3دراسات ليبية "الجزء ٔالاول" 1968ف :ثالث طبعات. -4مشروع الاستيطان ال ودي ي برقة 1975 :ف مكتبة قورينا. -5خريطة الطرق ي ليبيا 1976 :ف ،الشركة العامة للنشر والتوزيع )عدة طبعات( ..و ي أول خريطة للطرق ي ليبيا. -6من بالد العالم :بداية السبعينات. -7مدينة طرابلس بمدخل ا الغربي والشر ي1980 :ف ،املنشأة الشعبية للتوزيع وٕالاعالن. -8السلفيوم ال ﺮوة املفقودة 1985 :ف ،منشورات جامعة قاريونس. 196
ٔ -9الاطلس التعليم 1985 :ف ،أمانة التعليم. -10تجارة الذهب وسكان املغرب الكب ﺮ1988 :ف ،منشورات جامعة قاريونس. -11منظمة ٔالاوبك 1991 :ف. -12أزهار من قورينا1992 :ف ،منشورات جامعة قاريونس. -13الانفجار السكاني 1993 :ف ،منشورات جامعة 7إبريل. -14ترحال ي الصحراء 1993 :ف ،منشورات جامعة قاريونس. -15مدخل إ ى الصحراء 1993 :ف ،منشورات جامعة قاريونس. -16الجغرافيا البحرية1994 :ف ،عدة طبعات )مقرر جام ي(. -17الجماه ﺮية دراسة ي الجغرافيا 1995 :ف ،الدار الجماه ﺮية. ٔ -18الاخوان بيت والساحل اللي 1996 :ف ،منشورات جامعة قاريونس. -19الساحل اللي 1997 :ف. -20دراسات ليبية )الجزء الثاني( 1998 :ف. -21الاستيطان ٕالايطا ي ي ليبيا :التسعينات ،مركز جهاد الليبي ن. -22مصطلحات ونصوص جغرافية2002 :ف ،دار شموع الثقافة. *** )*( نشر هذا الحوار بجريدة قورينا 2008م
197
املحتويات مقدمة 1موقف صحيفة الحقيقة الليبية من الحرب العربية ٕالاسرائيلية عام .......................... 1967 2تنظيم تجارة القوافل بوالية طرابلس الغرب ....................... 3الطرق الصوفية و مقاومة ٕالاستعمار .................................. 4املرابطية ي مجتمع طرابلس الغرب ي العهد القرمان ي 1835 -1711م ....................................... -5جامع املجابرة ودورﻩ ي املشهد ٕالاجتما ي والسياﺳ والثقا ي ................... -6الخمس وتأث ﺮها ي تكوين شخصية الزعيم بش ﺮ السعداوي )1911 – 1884م( ...................................... ً ً ً -7بش ﺮ السعداوي كاتبا ومخرجا مسرحيا ............................... -8الطرق الصوفية ي مقاومة ٕالاستعمار ً الطريقة السنوسية أنموذجا ................................................ -9العالقة ب ن غدامس و تمبكتو ً الرحالة الانجل ي ألكسندر لينج نموذجا ............................ -10قراءة ي كتاب : الجذور الاجتماعية للدولة الحديثة ي ليبيا للدكتور املولدي ٔالاحمر ........................................................ 198
5 9 25 47 57 77 91 103 113 131
141
-11 -12
-13 -14 -15 -16 -17
قراءة ي كتاب ال ﺮاث والحداثة للدكتور محمد عابد الجابري ............................................... حول الهوية مدخل كتاب "صراع الهوية ب ن ٔالانا وٓالاخر " ملؤلفه :سالم الحداد ............................................................. ناو – شرماك أوٕ ..الاضراب ............................................... جريدة »أبوقشة« الهزلية تجسيد لحرية إصدار الصحافة ........................................... ْ من التاريخ ..السيد كاروفلو حاكم جزيرة اوستيكا ............... هل يمكن تزوير التاريخ؟! ..................................................... حوار مع أ .د .الهادي مصطفى أبولقمة ................................
199
151
163 169 173 175 179 185