مجلة المستقل-العدد الواحد وعشرون

Page 1

‫تحت ظالل‬ ‫الكونتيــــــسة‬ ‫السنة األولى ‪ -‬العدد الواحد والعشرون ‪ -‬األحد ‪ 28‬يونيو ‪2015‬‬ ‫سياسية أسبوعية شاملة‬

‫مح ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاصرة اإلره ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاب‬ ‫أصحاب الفيل في البيت األبيض‬

‫«الفنطازيا الجهاديّة»‬ ‫بين ليبيا وتونس!‬ ‫إيرادا‬

‫خصصة لذو‬

‫يا‬ ‫الحت‬ ‫ياجا‬

‫ت‬

‫صة‬ ‫لخا‬ ‫ا‬

‫عد‬

‫خصصة لذوي ا‬ ‫دم‬ ‫الحت‬

‫ي‬ ‫اجا‬

‫ت‬

‫إيرا‬ ‫د‬ ‫ا‬ ‫ال‬ ‫ت‬ ‫لذ عدد مخ هذا‬ ‫ص‬ ‫وي‬ ‫االحتي صة‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫لخاصة جات‬

‫دم‬ ‫عد‬ ‫ل‬

‫صة‬ ‫لخا‬ ‫ا‬

‫ته‬ ‫ذا ا‬

‫إيرا‬

‫دا ت‬

‫هذا‬

‫ال‬


‫‪02‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪21‬‬ ‫‪ 28‬يونيو ‪2015‬‬


‫‪03‬‬

‫‪‎‬داعشيات‬

‫األحد ـ العدد ‪21‬‬ ‫‪ 28‬يونيو ‪2015‬‬


‫‪04‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪21‬‬ ‫‪ 28‬يونيو ‪2015‬‬

‫احملتويات‬

‫‪www.almostaqil.com‬‬

‫‪21‬‬

‫في هذا العدد‬

‫سياسية أسبوعية شاملة‬

‫رئيس مجلس اإلدارة‬

‫حسن طاطاناگي‬ ‫رئيس التحرير‬ ‫عبداملنعم احملجوب‬ ‫مدير التحرير‬

‫حسن الفيتوري‬ ‫املدير الفني‬

‫سامح الكاشف‬

‫هيئة التحرير‬ ‫مرمي عبدالله‬ ‫إياد بن علي‬ ‫علي خويلد‬ ‫منصور عمارة‬ ‫عبداحلكيم الورفلي‬ ‫الشؤون اإلدارية‬

‫طارق مصباح علي‬ ‫تصدر عن‪:‬‬

‫املنظمة الليبية للصحافة‬ ‫وحيادية املعلومات‬ ‫تنفيذ‪:‬‬ ‫دار تانيت للنشر والدراسات‬

‫تعبر آراء الكتّ اب بالضرورة عن وجهة‬ ‫ال ّ‬ ‫نظر املجلة‬

‫‪06‬‬ ‫‪08‬‬ ‫‪18‬‬ ‫‪22‬‬ ‫‪28‬‬ ‫‪36‬‬

‫محاصرة اإلرهاب‬

‫ليبيا بني تونس ومصر متثّ ل اآلن مصدر ًا للقلق الدائم بحكم‬ ‫عدم استقرارها‪ ...‬األستاذ حسن طاطاناكي في مقاله‬ ‫األسبوعي يرى أن ثمة إمكانية ألن ينشأ تنسيق وتعاون بني‬ ‫الشقيقات الثالث للقضاء على ظاهرة اإلرهاب‪.‬‬

‫ليبيا في صحافة األسبوع‬

‫مازالت أزمة «احلل السياسي» في ليبيا تستأثر باهتمام‬ ‫الصحافة العربية والعاملية‪ ،‬في هذا العدد نستعرض أهم‬ ‫التقارير والتحاليل التي تناولت القضية الليبية من زوايا‬ ‫مختلفة‪.‬‬ ‫ ‬

‫فنطازيا جهادية‬

‫حول ضبط خلية تتكون من ‪ 7‬أشخاص من ذوي‬ ‫الفكر التكفيري‪ ،‬خالل محاولتهم التسلل إلى‬ ‫ليبيا لاللتحاق باملجموعات اإلرهابية‪ ...‬كيف‬ ‫ميكن االستفادة من جتربة تونس في اخلروج من‬ ‫تداعيات الربيع العربي بأقل اخلسائر؟‪.‬‬

‫الصواب والخطأ في التحوالت السياسية‬

‫سوف تنتهي والية املجلس قريب ًا‪ ،‬وسوف يلتحق‬ ‫باملؤمتر الوطني العام‪ ،‬ويصبحان مجلس ًا ومؤمتر ًا‬ ‫منتهيا الوالية والصالحية‪ ..‬لقد آن األوان ألن نقوم‬ ‫مبراجعة وطنية لنكتشف الصواب وخلطأ في جتربتنا‪.‬‬

‫حكايات من زمن فبراير‬

‫في هذا اجلزء يواصل عضو املجلس االنتقالي‬ ‫مر‬ ‫السابق (مختار اجلدال) سرد تفاصيل دقيقة ّ‬ ‫بها في تنقله إبان الثورة من منطقة اجلبل الغربي‬ ‫والعجيالت ثم إلى تونس ومنها إلى القاهرة‪ ،‬فالعودة‬ ‫غرب ًا إلى طبرق‪.‬‬

‫أصحاب الفيل يعودون إلى البيت البيض‬ ‫يرى الكاتب أن إبراهام لنكولن لم يكن محرر ًا‬ ‫للعبيد‪ ،‬وإمنا استخدمهم لكسب حربه ضد‬ ‫الواليات املنفصلة‪ ،‬كما يتوقع تصدر السياسة‬ ‫الريغانية للمشهد األمريكي مع فوز اجلمهوريني‬ ‫بانتخابات الرئاسة‪.‬‬

‫املكتب الرئيسي ‪ -‬طبرق‪ :‬املكتب اإلعالمي مبجلس النواب‪ .‬هاتف‪ - 0925242135 – 0925783941 :‬مكتب القاهرة ‪ -‬مساكن شيراتون‪،‬‬ ‫مربع ‪ ،1177‬عمارة ‪ ،3‬مقابل األكادميية العربية للعلوم والتكنولوجيا‪ ،‬هاتف‪ - 0222679219 :‬مكتب طرابلس‪ :‬زاوية الدهماني‪ ،‬بالقرب من وزارة‬ ‫اخلارجية ‪ -‬مكتب تونس‪ :‬الفاييت‪ 35 ،‬نهج مصر‪ ،‬تونس‪ ،‬هاتف‪ - 21902022 :‬مكتب املغرب‪ 69 :‬شارع الوحدة االفريقية‪ ،‬هاتف‪662869513 :‬‬


‫‪42‬‬ ‫‪48‬‬ ‫‪58‬‬ ‫‪66‬‬ ‫‪76‬‬ ‫‪86‬‬

‫على باب المندب‬

‫لم يكن استقرار اليمن في حقبة علي عبدالله‬ ‫صالح استقراراً‪ ..‬كان حقبة مليئة بالدماء‬ ‫والتخلف والقمع وما يعيشه اليمن اليوم ليس سوى‬ ‫نتيجة كان يجب أن يصل إليها اليمن ألنها النهاية‬ ‫احلتمية ملساره السياسي املبني على الديكتاتورية‬ ‫والتخلّف‪.‬‬

‫في مضافة عاقل اللكمة‬

‫ما بني الشخصي والتاريخي يحاول الكاتب براء اخلطيب‬ ‫املزاوجة بني االثنني في سرده ملذكراته عن حرب اليمن‪..‬‬ ‫في هذه احللقة ثمة تفاصيل مثيرة ينقلها الكاتب على‬ ‫لسان مضيفه ‪ ‬الشيخ العزي حول امللكة بلقيس‪ ،‬وحول‬ ‫سيف بن ذي يزن‪.‬‬

‫التقليد واالصالح‪ ...‬وزمن األمّة‬

‫حول دعوة رضوان السيد إلى إعادة قراءة املوروث الديني ونبذ‬ ‫دعوات القطيعة معه وتأهيل املؤسسة الدينية التقليدية ورد‬ ‫االعتبار للجماعة بصفتها املسؤولة عن حتديد ثوابت الدين‬ ‫ومواجهة دعاوى احلركات اإلحيائية الفصامية‪.‬‬

‫مذكرات هنري إس‪ .‬فيالر‬

‫اجلزء الثالث من مذكرات أول سفير أمريكي في ليبيا‪،‬‬ ‫عندما انصب اهتمام الواليات املتحدة األمريكية بشكل‬ ‫كبير على استثماراتها في قاعدة هويلس‪ ..‬بينما كان لكل‬ ‫من بريطانيا وإيطاليا وفرنسا أجنداتها املختلفة‪.‬‬

‫تحت ظالل الكونتيسة‬

‫القصر الذي أقامت فيه زوجة احلاكم اإليطالي‬ ‫فولبي هو املكان الذي عقدت فيه اجتماعات اآلباء‬ ‫املؤسسيني الستقالل ليبيا‪ ..‬مكان مفعم بالذكريات‬ ‫يقف شاهد ًا على تاريخنا‪.‬‬

‫تقنية‬

‫يبحث العديد من املستخدمون عن أفضل احلواسيب‬ ‫اللوحية لشرائها ألغراض وأسباب مختلفة‪،‬‬ ‫نتعرف هنا على ما يتوفر في األسواق من حواسيب‬ ‫لوحية مختلفة‪ ،‬األمر الذي قد يسبب احليرة لدى‬ ‫املستخدم‪.‬‬

‫على سطح األرض‬

‫‪98‬‬

‫كتب كولومبس في يومياته‪ :‬كلما‬ ‫توغلنا عثرنا على رجال بعني‬ ‫واحدة وآخرين بفك كلب‪ ..‬رأينا‬ ‫ثالث جنيات بحرية خارج البحر‬ ‫غير أنهن لم تكن جميالت بقدر ما‬ ‫نصفهن عادة‪ ..‬إنه جزء من رؤية‬ ‫الغرابة واالختالف في اآلخر‪.‬‬


‫‪06‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪21‬‬ ‫‪ 28‬يونيو ‪2015‬‬

‫ليبيا أو ًال ‪..‬ودائما‬

‫بقلم‪ :‬حسن طاطاناكي‬

‫ليبيا بين شقيقتيها‪:‬‬

‫محاصرة اإلرهاب‬ ‫ال�ت�ك�ف�ي��ر ّي��ون اخل���وارج وج ��دوا ف��ي ليبيا بيئة خصبة بسبب‬ ‫األزم ��ات املتفاقمة ال�ت��ي يعاني منها الشعب الليبي منذ أن‬ ‫التحق هذا البلد بثورات الربيع العربي الطويل‪ ،‬وذلك بعد أن‬ ‫اشتعل فتيل الثورات في تونس أوالً ثم في مصر‪.‬‬ ‫ليبيا بني جارتيها هاتني مت ّثل اآلن مصدراً للقلق الدائم بحكم‬ ‫عدم استقرارها وما يعتمل فيها بشكل يومي من تداعيات لم‬ ‫حدتها احل��وار ال��ذي يجري خارجها ومن أطراف‬ ‫يخفّف من ّ‬ ‫ال مت ّثل الشعب الليبي بأكمله‪ .‬أي إن اإلشكاليات التي تدور‬ ‫على األرض ما زال��ت حت��دث مبعزل عن احل��وار ال��ذي يهدف‬ ‫ظاهرياً إلى ح ّل هذه اإلشكاليات‪ ،‬بينما هو في احلقيقة يجري‬ ‫ف��ي إط��ار تسويات سياسية ومحاصصة جزئية ب�ين العبني‬ ‫سياسيني واجتماعيني مت اختيارهم اعتباطياً ودون العودة إلى‬ ‫الشعب الليبي‪.‬‬ ‫إن إش�ك��ال�ي��ات األزم ��ة الليبية وال �ت��ي أص�ب�ح��ت مت� ّث��ل ت�ه��دي��داً‬ ‫إقليمياً للجميع سوف متت ّد إلى اجلوار ما لم يت ّم حلّها نهائياً‪،‬‬ ‫كما أن��ه ال ميكن ح� ّل ه��ذه اإلشكاليات دون أن يتم التنسيق‬ ‫بني الدول الثالث ملنع امتداد آثارها وتداعياتها‪ ،‬وحملاصرتها‬ ‫وتقليل أضرارها‪ ،‬وجتفيف مصادرها‪ ،‬والعمل التدريجي على‬ ‫القضاء عليها‪ ،‬س��واء على محيط ليبيا‪ ،‬أي من خارجها من‬ ‫خالل املراقبة الدائمة حلدودها الشرقية والغربية‪ ،‬واجلنوبية‬ ‫ضمناً‪ ،‬أو ف��ي داخلها م��ن خ�لال دع��م احل��رب ض��د اإلره��اب‬ ‫يتقدم صفوفها اآلن اجليش الليبي بتآزر شعبي كبير‪،‬‬ ‫التي‬ ‫ّ‬ ‫في انتظار تفعيل جميع وحداته العسكرية من خالل تسليح‬

‫اجليش‪ ،‬وإيقاف القرار القاصر والغريب بعدم تسليحه‪.‬‬ ‫التنسيق بني الدول الثالث هو احل ّل الوحيد ملنع انتشار ظاهرة‬ ‫اإلره� ��اب م��ن ليبيا إل��ى ج��ارت�ي�ه��ا ت��ون��س وم �ص��ر‪ ،‬ول �ك��ن ه��ذا‬ ‫التنسيق قد يسير في طريق خاطئ إذا ما مت تنفيذه خارج‬ ‫إطاره الرسمي‪ ،‬أي باالعتراف باملم ّثل الشرعي الوحيد للدولة‬ ‫الليبية‪ ،‬ال باالعتراف بسلطة األمر الواقع‪.‬‬ ‫لقد تراجعت تونس عن االنسياق الكامل وراء الشكل اخلادع‬ ‫للسلطة في ليبيا من خالل التنسيق مع حكومة األمر الواقع‪،‬‬ ‫فتونس أوالً وأخيراً هي جزء من املنظومة العاملية التي اعترفت‬ ‫(وتعترف) بالسلطة الشرعية التي اتفق عليها الليبيون في‬ ‫ان�ت�خ��اب��ات ش�ه��ده��ا ال�ع��ال��م وأق��رت �ه��ا األمم امل �ت �ح��دة‪ ،‬وه��و ما‬ ‫أ ّدى منذ ال�ب��داي��ة إل��ى اع�ت��راف دول العالم مبجلس ال�ن��واب‪،‬‬ ‫واحلكومة املؤقتة املنبثقة عنه‪ ،‬وبعبارة أخ��رى‪ ..‬ف��إن اجلزء‬ ‫الغربي من ليبيا‪ ،‬أي احلدود الشرقية لتونس‪ ،‬كان حتى وقت‬ ‫قريب امتداداً لنفوذ حكومة األمر الواقع في طرابلس‪ ،‬ولكن‬ ‫ترتيبات ه��ذا ال��وض��ع آخ��ذة ف��ي التغ ّير‪ ،‬بحيث ص��ار اجلميع‬ ‫يرون اآلن انسحاب القوى الداعمة حلكومة األمر الواقع‪ ،‬في‬ ‫مقابل امتداد سيطرة القوات املنتسبة للجيش الليبي والداعمة‬ ‫للشرعية‪ ،‬باإلضافة إلى تأييد كامل من القبائل املتواجدة في‬ ‫هذه املنطقة‪ ،‬أي أن تغ ّير عامل السيطرة هنا قد يتغ ّير بني‬ ‫حلظة وأخ��رى‪ ،‬األم��ر ال��ذي يجعل الوقوف وراء سلطة األمر‬ ‫الواقع محض عبث ال جدوى منه‪.‬‬ ‫لقد فعلت تونس خيراً بتر ّويها في اتخاذها ال�ق��رار النهائي‬


‫ت��ون��س وال��ق��اه��رة ه��م��ا ال��رك��ي��زت��ان اللتان‬ ‫ال غنى عنهما لطرابلس لكي تستطيع‬ ‫أن ت��ق��ف ف���ي وج����ه ظ���اه���رة ال��ت��ك��ف��ي��ري�ين‬ ‫واخل��وارج الذين وطئوا ترابها واستباحوا‬ ‫دماء شعبها‪.‬‬ ‫العمق االستراتيجي واإلقليمي لطرابلس‬ ‫ي��رت��ب��ط ب��ش��ب��ك��ة ج��غ��راف��ي��ة وس��ي��اس��ي��ة‬ ‫م��ت��ص��ل��ة‪ ،‬وأول������ى ح��ل��ق��ات ه����ذه ال��ش��ب��ك��ة‬ ‫���وي���ة ه���ي ت���ون���س وال����ق����اه����رة‪ ..‬وإذا‬ ‫احل���ي ّ‬ ‫انتُ زعت ليبيا من عمقها االستراتيجي‬ ‫مهب الريح‪.‬‬ ‫أصبحت في ّ‬

‫بشأن موقفها الرسمي من ليبيا‪ ..‬فاألمر متداخل إل��ى ح ّد‬ ‫بعيد بني الضرورة السياسية واالجتماعية واالقتصادية‪ ،‬كما‬ ‫أن احل��راك اليومي م��ن وإل��ى ليبيا وت��ون��س ق��د زاد م��ن حالة‬ ‫عدم اليقني التي اتّسمت بها احلكومة التونسية إزاء املوقف‬ ‫من طرابلس منذ أسابيع‪ ..‬لكن هذه التح ّوالت – آخر األمر –‬ ‫ليست ذات بال بالنسبة للعالقات املتم ّيزة بني الشعبني الليبي‬ ‫والتونسي التي لن تؤثر فيها تب ّدالت املوقف السياسي الطارئة‬ ‫أو املستجدات العاجلة التي ستذهب مع الريح بينما سيبقى‬ ‫الشعبان كما ك��ان��ا دائ �م �اً متم ّيزيْن بروابطهما وعالقاتهما‬ ‫الدائمة‪.‬‬ ‫لقد كان األمر مختلفاً بشكل كبير بالنسبة ملصر التي اتخذت‬ ‫منذ البداية موقفاً ثابتاً ال يتغ ّير وهو دعم الشرعية واإلقرار‬ ‫باملم ّثل الشرعي املنتخَ ب‪ ،‬فمج ّرد املفاضلة بني حكومتني أو‬ ‫سلطتني في ليبيا كان يعني بالنسبة ملصر احتمال التشكيك‬ ‫في اختيارات الشعب الليبي‪ ،‬وهو األمر الذي ال تريد احلكومة‬ ‫املصرية أن تنتهجه حرصاً منها على وحدة ليبيا وعم ً‬ ‫ال على‬ ‫تأكيد أمنها واستقرارها‪.‬‬ ‫إن ليبيا إذا انتُزعت من عمقها االستراتيجي س��وف تصبح‬ ‫مهب ال��ري��ح‪ .‬والعمق االستراتيجي واإلقليمي لطرابلس‬ ‫في‬ ‫ّ‬ ‫يرتبط بشبكة جغرافية وسياسية متصلة‪ ،‬وأولى حلقاتها هي‬ ‫تونس والقاهرة‪ ..‬رمبا ننظر إلى العواصم األوروبية باعتبارها‬ ‫طرفاً شمالياً لهذا العمق‪ ،‬وإلى عواصم الصحراء اإلفريقية‬ ‫باعتبارها طرفاً جنوبياً‪ ..‬لكن ما ال شك فيه هو أن تونس‬

‫والقاهرة هما الركيزتان اللتان ال غنى عنهما لطرابلس لكي‬ ‫تستطيع أن ت�ق��ف ف��ي وج��ه األع��اص�ي��ر ال�ت��ي ت��واج�ه�ه��ا‪ ،‬وف��ي‬ ‫مقدمة ه��ذه األعاصير ظ��اه��رة التكفيريني واخل ��وارج الذين‬ ‫وطئوا ترابها واستباحوا دماء شعبها‪.‬‬ ‫وب�ق��در م��ا تستطيع ليبيا بالتنسيق م��ع تونس ومصر ضمان‬ ‫م �ح��اص��رة ظ��اه��رة اإلره� ��اب ف��ي م�ح�ي�ط�ه��ا ال��وط �ن��ي وال�ع�م��ل‬ ‫بجد ّية للقضاء عليها والتخلّص من آث��اره��ا البغيضة‪ ،‬بقدر‬ ‫ما يكون بإمكان تونس ومصر أيضاً من خالل هذا التنسيق‬ ‫االستراتيجي أن تضمنا حتصني حدودهما والسيطرة الفعلية‬ ‫عليها ومنع ظاهرة اإلرهاب من االنتشار شرقاً وغرباً‪.‬‬ ‫نؤكد أن مثل ه��ذه ال��رؤي��ة بقدر م��ا ه��ي تلقائية ومتّفق على‬ ‫ضرورتها بشكل ع��ام فإنها أحياناً أبعد م��ا تكون ع��ن أرض‬ ‫ال��واق��ع‪ ..‬وذل��ك بسبب االن�س�ي��اق وراء ال �ت �ح � ّوالت السياسية‬ ‫الطارئة وع��دم االنتباه إل��ى الثوابت التي جتمع الشعوب في‬ ‫تطلعاتها من أجل احلرية واالستقرار والتق ّدم‪.‬‬ ‫إن ال�ه��وي��ة السياسية لليبيا ه��ي ام �ت��داد لهويتها اجلغرافية‬ ‫والتاريخية واالجتماعية وهو ما يضعها في قارب واحد‪ ،‬كما‬ ‫يقال‪ ،‬مع جارتيها وشقيقتيها تونس ومصر‪ ،‬وال بديل بالتالي‬ ‫للشقيقات الثالث من أن يتّحدن في ه��ذا الوقت احل��رج من‬ ‫بينهن هو خطر ظاهرة‬ ‫أجل مواجهة خطر مشترك ال يفرق‬ ‫ّ‬ ‫العمليات اإلره��اب�ي��ة التي تنفذها اجل�م��اع��ات التكفير ّية في‬ ‫تنسق أطيافها‬ ‫ال��دول ال�ث�لاث‪ ،‬وه��ي جماعات ق��د ثبت أنها ّ‬ ‫وفروعها وإن اختلفت أسماؤها أو تع ّدد قادتها وأمراؤها‪.‬‬


‫‪08‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪21‬‬ ‫‪ 28‬يونيو ‪2015‬‬

‫ليبيا في صحافة األسبوع‬

‫ليبيا‪ :‬مفتاح الحل السياسي في يد «البدوُقراطية»‬ ‫احلياة ـ رشيد خشانة ‪:‬‬ ‫تع ّثرت ُمجدداً ج��والت احملادثات بني وف��دي البرملانني الليبيني‬ ‫املتنافسني‪ ،‬مثلما انتهى اجتماعان في اجلزائر ملمثلي «األحزاب»‬ ‫الليبية من دون نتائج‪ .‬واألرجح أن مفتاح احلل في أيدي رؤساء‬ ‫القبائل أكثر مما هو بأيدي السياسيني الذين ال يستندون إلى‬ ‫قاعدة اجتماعية‪ .‬وك��ان الفتاً أن رؤس��اء القبائل عقدوا أخيراً‬ ‫اجتماعاً في تونس وآخر في القاهرة حتقق من خاللهما مقدار‬ ‫كبير من التوافق‪ .‬وما زالت املؤشرات تدل على أن العنصر القبلي‬ ‫مهم جداً في حل كثير من اإلشكاالت السياسية‪ ،‬بدليل أن قيادات‬ ‫من «فجر ليبيا» فتحت أخيراً حواراً سرياً مع ُعتاة النظام السابق‬ ‫املسجونني‪ ،‬ومن بينهم قائد جهاز املخابرات عبدالله السنوسي‬ ‫ورئيس جهاز األمن الداخلي أبو زيد دوردة‪ ،‬من أجل التأثير في‬ ‫موقف قبيلتيهما اللتني ما زالتا تناصران النظام السابق‪ .‬ويخشى‬ ‫الليبيون م��ن ت�ك��رار السيناريو ال�ع��راق��ي بعد م �ح��اوالت تنظيم‬ ‫«داعش» استمالة رموز نظام القذافي‪.‬‬ ‫وبعدما جت��اه��ل امل��وف��د األمم��ي إل��ى ليبيا ب��رن��اردي�ن��و ل�ي��ون هذا‬ ‫الواقع فترة طويلة‪ ،‬عاد أخيراً للوعي بأهميته‪ ،‬فأدرك احلاجة‬ ‫إل��ى عنصرين أساسيني في فهم بنية البلد‪ ،‬أوالهما أن «ليبيا‬ ‫بلد يُ��دار من خالل منوذج قبلي»‪ ،‬وثانيهما أن «أربعة عقود من‬ ‫االستبداد املطلق حتت نظام القذافي جعلت البلد يفتقر إلى‬ ‫ثقافة الدميوقراطية»‪ .‬هذا يعني أن ليون أهدر وقتاً ثميناً منذ‬ ‫تسميته في منصبه احلالي‪ ،‬في آب (أغسطس) املاضي‪ ،‬لكي‬ ‫يكتشف العجلة من جديد‪ .‬واألرجح أنه كان يحلل الواقع الليبي‬ ‫بعيون اإلسباني الذي عاش بَل َ ُدهُ جتربة انتقال عسيرة ودقيقة‬ ‫من ديكتاتورية فرانكو إلى امللكية الدستورية‪ .‬ورمبا كان يُفتش‬ ‫وسط النُّخب الليبية التي تع ّرف إليها‪ ،‬عن نسخة محلية من رئيس‬ ‫الوزراء الوسطي أدولفو سواريز (‪ ،)1981 - 1976‬الذي كان له‬ ‫دور حاسم في وضع دستور ‪ 1978‬وقيادة املرحلة االنتقالية في‬ ‫إسبانيا على أساس التوافقات‪.‬‬ ‫ال يوجد في ليبيا صنو للزعيم الشيوعي سانتياغو كاريلو وال‬ ‫للزعيم الفاشي مانويل فراغا إريبان‪ ،‬فعلى عكس إسبانيا ما زالت‬ ‫الكيانات السياسية في ليبيا غضة و ُمتمحورة حول أشخاص غير‬ ‫معروفني‪ ،‬فيما ظل النفوذ االجتماعي والسياسي ُمتمركزاً بني‬ ‫أيدي شيوخ القبائل‪ .‬ولو سعى ليون منذ البدء إلى استثمار نفوذ‬ ‫الزعامات القبلية‪ ،‬من دون إهمال الكيانات السياسية‪ ،‬لكان قطع‬ ‫مسافة ُمعتبرة في إنضاج شروط املصاحلة‪ .‬فالتجربة السياسية‬ ‫في ليبيا يافعة ومش ّوهة بسبب التداخل بني ق��ادة امليليشيات‬ ‫املسلحة ورؤساء األحزاب‪ ،‬وهو ما جعل املواطن ال يثق بالكيانات‬ ‫السياسية املنتشرة بالعشرات مثل الفطريات‪ .‬واستطراداً لم يثق‬ ‫حتى بالعملية االنتخابية مثلما أظهر ذلك ضعف اإلقبال على‬ ‫صناديق االقتراع في االنتخابات البرملانية األخيرة‪ ،‬إذ لم يتجاوز‬ ‫عدد املقترعني ‪ 630‬ألف ناخب من أصل ‪ 3.5‬مليون لهم حق‬ ‫التصويت‪ ،‬ومن أصل ‪ 6.5‬مليون ساكن‪ ،‬أي أن حجم املقترعني‬

‫شيوخ القبائل ‪ ..‬وهاجس املصاحلة الوطنية‬

‫لم يصل إلى ‪ 10‬في املئة من السكان‪ .‬ولذاك النفور أسباب عدة‬ ‫في مقدمها‪ ،‬ضعف الثقافة الدميوقراطية بحكم أربعة عقود من‬ ‫التجريف والتجفيف‪.‬‬ ‫في مقابل ضعف املؤسسة السياسية‪ ،‬ال بل تغييبها طيلة حكم‬ ‫القذافي املديد‪ ،‬حافظت املؤسسة القبلية على موقعها احملوري‪،‬‬ ‫واجتهد هو ليُبقي عليها رأس جسر مع املجتمع‪ .‬من هنا‪ ،‬فإن‬ ‫ال�ظ��واه��ر ال�ت��ي ت�ب��دو فولكلورية‪ ،‬أس��وة ب��اإلص��رار على اإلق��ام��ة‬ ‫في اخليمة حيثما سافر‪ ،‬كانت في احلقيقة رسالة إلى القبائل‬ ‫إلشعارها بأن السلطة لم تُغيره وأنه ما زال محافظاً على انتمائه‬ ‫لها‪ .‬رسمياً لم يتقلّد القذافي أي منصب في الدولة فهو «القائد»‬ ‫(يُترجم الغربيون هذا املصطلح خطأ بـ‪ Le Guide‬بينما األصح‬ ‫ترجمته بـ‪ ،)Leader‬كما ال يوجد في نظامه «اجلماهيري» برملان‬ ‫وال رئيس وال وزارات وال أحزاب‪ ،‬فنحن أمام غياب تام للدولة‪ ،‬أو‬ ‫ما يُعرف بـ‪ .le non état‬وعمل القذافي وزمالؤه املتحدرون من‬ ‫أسر بدوية في «مجلس قيادة الثورة» على إبعاد احلضر من القيادة‬ ‫منذ بواكير السبعينات‪ ،‬فالبدوي ال يفهم معنى احلدود والقانون‬ ‫الوضعي واالجتماع العمراني‪ ،‬وهو يتهرب عادة من املدينة‪ ،‬وال يثق‬ ‫إال في بدوي مثله‪ .‬بهذا العقل أدار القذافي شؤون ليبيا وكان هو‬ ‫ّ‬ ‫امل ُ ّ‬ ‫فحظر األحزاب والحق عناصر‬ ‫نظر لنظامه طيلة املرحلة األولى‪،‬‬ ‫النقابات وشنق الطالب متهيداً إلقامة «النظام اجلماهيري» في‬ ‫‪ .1977‬بهذا املعنى يُعتبر النظام السياسي في ليبيا منطاً مختلفاً‬ ‫عن التصنيفات املتداولة في العلوم السياسية أو في علم االجتماع‬ ‫السياسي‪ ،‬ألنه يقوم على رفض االجتماع احلضري ومعاودة إنتاج‬ ‫البداوة‪ ،‬ما يجعلنا بإزاء نظام بد ُوقراطي أو ‪.Bédouinocratie‬‬ ‫ومن الدالئل التي تؤكد أن هذا النظام ما زال فعاالً أن الوساطات‬


‫السياسية بعد إطاحة القذافي أخفقت حتى اآلن في اجتراح‬ ‫مصاحلات بني قبائل متنابذة ومدن متصارعة‪ ،‬فيما توفقت في‬ ‫ذلك الزعامات القبلية‪ .‬فعلى سبيل املثل جرت أخيراً عملية تبادل‬ ‫لألسرى واحملتجزين بني مناطق مختلفة في غرب ليبيا من جهة‪،‬‬ ‫وضواحي العاصمة طرابلس من جهة ثانية‪ .‬ورعى الهالل األحمر‬ ‫الليبي عملية التبادل األخ�ي��رة بني ال��زاوي��ة من جهة وورشفانة‬ ‫والزنتان والرجبان من جهة أخ��رى‪ .‬وأطلق مبوجب العملية ‪54‬‬ ‫أسيراً من الزاوية‪ .‬كما أطلقت الزاوية عدداً مماث ً‬ ‫ال من األسرى‬ ‫بعضهم احتجز لفترة سبعة أشهر‪ ،‬أي منذ تصاعد القتال في‬ ‫ضواحي طرابلس بني املقاتلني التابعني لـ «فجر ليبيا» وآخرين من‬ ‫«جيش القبائل» والزنتان املوالني لـ «عملية الكرامة» بقيادة خليفة‬ ‫حفتر‪ .‬وهذا ما يؤكد أن الواقع القبلي ما زال اليوم حجر الزاوية‬ ‫في املنظومة املجتمعية الليبية‪ ،‬فالدولة غائبة متاماً من مناطق‬ ‫اجلنوب حيث تسيطر قبيلتا التبو والطوارق املتصارعتان على‬ ‫شبكات التهريب وجتارة السالح‪ .‬ومتكن رئيس احلكومة املوقتة‬ ‫احلالية عبدالله الثني في األيام األخيرة من جمع شيوخ القبيلتني‬ ‫وأعيانهما في مدينة البيضاء للوصول إلى مصاحلة تُعيد األمور‬ ‫إلى وضعها الطبيعي في اجلنوب‪.‬‬ ‫يختلف ه��ذا امل �س��ار ع��ن م�س��ار ال��وس��اط��ة األمم �ي��ة ال�ت��ي دفعت‬ ‫أطراف األزمة الليبية إلى اتفاق على تشكيل حكومة موحدة في‬ ‫إطار سقف زمني محدود‪ ،‬وحضتها في الوقت نفسه على إقرار‬ ‫مسودة االتفاق املقترح من األمم املتحدة‪ .‬لكن‪ ،‬ك��ان أج��دى لو‬ ‫سعى املوفد األممي لعرض األمر على شيوخ القبائل الرئيسية‬ ‫ألن حتصيل دعمها كفيل بإضفاء الشرعية املجتمعية على تلك‬ ‫احلكومة‪ ،‬بخاصة في ظل املتغيرات األخيرة داخل «فجر ليبيا»‪.‬‬ ‫وفي مقدم تلك املتغيرات اخلالف الذي نشب بني مكونات «فجر‬ ‫ليبيا»‪ ،‬والذي أدى إلى خروج بعض الفصائل املسلحة من عباءتها‪،‬‬ ‫مبا فيها بعض كتائب مصراتة التي تُعتبر املعقل األهم لـ «فجر‬ ‫وجه الغرميان أي اجليش الليبي‬ ‫ليبيا»‪ .‬ومن غير املستبعد أن يُ ّ‬ ‫و «فجر ليبيا» أسلحتهما إلى عدوهما املشترك «تنظيم الدولة‬ ‫اإلسالمية» الذي يسعى لالستحواذ على املناطق النفطية وتوسيع‬ ‫مراكز نفوذه‪ ،‬بخاصة نحو طرابلس وبنغازي‪.‬‬ ‫وكان التنظــيم أعلن في (فبراير) املاضي عن قيام «والية فزان»‬ ‫(جنوب) بزعامة أبو طلحة التونسي‪ ،‬الذي نفّذ مقاتلون تابعون له‬ ‫عمليات إرهابية في منطقتي اجلفرة وسرت‪ ،‬بينها هجوم على‬ ‫حقل املبروك النفطي والسيطرة على منطقة النوفلية وقتل جنود‬ ‫ليبيني في بوابة سوكنة‪.‬‬ ‫بني جهود املصاحلة جلمع كلمة القبائل والوساطة األممية حلمل‬ ‫األط��راف املتحاربة على اعتماد مسودة اتفاق‪ ،‬ميكن أن تسير‬ ‫ليبيا على طريق االنتقال نحو بناء دولة دميوقراطية للمرة األولى‬ ‫منذ أكثر من ستة عقود‪ ،‬فدستور ‪ 1951‬حظر تعدد األحزاب‪،‬‬ ‫فيما اعتبر نظام اجلماهيرية أن «الدميوقراطية أكبر كذبة في‬ ‫التاريخ»‪ .‬أما اليوم فهناك فرصة إلى إيجاد مؤسسات سياسية‬ ‫متلك قوة اإلقناع واإلخضاع لسيادة الدولة‪.‬‬

‫سيرغي إيفانوف‬

‫الكرملين‪ :‬الغرب صنع بيده‬ ‫قضية المهاجرين بإشعال‬ ‫النزاعات في ليبيا وسوريا‬ ‫روسيا اليوم ‪:‬‬ ‫أعلن سيرغي إيفانوف رئيس الديوان الرئاسي الروسي أن‬ ‫دول الغرب صنعت بأيديها أزمة املهاجرين احلالية عن طريق‬ ‫إشعالها الصراعات في ليبيا وسوريا‪.‬‬ ‫وق��ال إيفانوف ف��ي حديث م��ع صحيفة «فايننشال تاميز»‬ ‫البريطانية‪« :‬ب ��دأوا بشن ال �غ��ارات على ليبيا وه��اه��م في‬ ‫االحتاد األوروبي يتساءلون‪ :‬ماذا علينا أن نعمل مع الجئينا؟‬ ‫إنكم صنعتم املشكلة بأنفسكم وصنعتموها بأيديكم‪ .‬إنكم‬ ‫حولتم ليبيا إلى صومال أخرى وأنتم اآلن تندهشون من تدفق‬ ‫املهاجرين من هناك‪ .‬وهل يوجد هنا سبب للدهشة كان يجب‬ ‫التنبؤ بذلك»‪.‬‬ ‫كما تطرق إيفانوف إلى الوضع في سوريا حيث يتواجد حاليا‬ ‫الكثير من الالجئني والنازحني‪ ،‬وأشار إلى أن الوضع ال يزال‬ ‫يخرج عن السيطرة ولذلك فإنه «قبل فعل شيء يجب التفكير‬ ‫وليس التلويح بعصى التظاهر بنشر الدميقراطية‪ ،‬فهذا أمر‬ ‫خطير جدا»‪.‬‬


‫‪10‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪21‬‬ ‫‪ 28‬يونيو ‪2015‬‬

‫ليبيا في صحافة األسبوع‬

‫لعبة الحياة والموت‪:‬‬ ‫مقامرة الهجرة إلى أوروبا عبر ليبيا‬ ‫دويتشه فيله ‪:‬‬ ‫قصص الالجئني القادمني ألوروب��ا عن طريق ليبيا يشيب لها‬ ‫الشعر‪ .‬بعضهم ينجح‪ ،‬وكثيرون يفشلون في اجتياز البحر املتوسط‬ ‫أو اخلروج من زنازين اجلماعات املسلحة في ليبيا‪ .‬أحمد الجئ‬ ‫سوري جنح في النهاية في الوصول ألملانيا ويروى قصته‪.‬‬ ‫إنها لعبة حظ‪ ،‬أو لعبة حياة أو موت‪« ،‬إما أن تنجح في الهرب أو‬ ‫أن تخسر كل أموالك»‪ ،‬يقول أحمد‪ ،‬الذي لم ينجح في الوصول‬ ‫إل��ى أوروب��ا في محاولته األول��ى‪ .‬إن��ه ال يجد الكلمات املناسبة‬ ‫للتعبير عن التجربة‪ ،‬التي خاضها حني رأى امل��وت بعينيه؛ لكن‬ ‫الالجئ السوري الشاب جنح في الفرار من ليبيا في محاولته‬ ‫الثانية ويعيش اليوم في أملانيا‪.‬‬ ‫في عام ‪ 2013‬ف ّر أحمد من احلرب األهلية في سوريا إلى ليبيا‪.‬‬ ‫واس� �ت� �غ ��رق األم���ر‬ ‫س �ن��ة ك��ام �ل��ة حتى‬ ‫جن��ح ف��ي ال��وص��ول‬ ‫إلى سواحل أوروبا‬ ‫ومنها إل��ى أملانيا‪.‬‬ ‫ان�ط�ل��ق م��ن مدينة‬ ‫زوارة ال�س��اح�ل�ي��ة‬ ‫الليبية وجن��ح في‬ ‫م�ح��اول�ت��ه ال�ث��ان�ي��ة‪،‬‬ ‫وه�� � � ��ذا ال ش� ��يء‬ ‫مقارنة بالالجئني‬ ‫اآلخ� ��ري� ��ن‪ ،‬ال��ذي��ن‬ ‫يحاولون الفرار من‬ ‫ليبيا ع��دة م��رات‪.‬‬ ‫ي � � �ق� � ��ول أح� � �م � ��د‪:‬‬ ‫«ف ��ي امل���رة األول ��ى‬ ‫انتظرنا ‪ 25‬يوماً‬ ‫لعبور البحر املتوسط‪ .‬وكان املهربون يبررون التأخير في كل يوم‬ ‫بسبب جديد‪ .‬كان الطعام الذي أعطوه لنا يكفي بالكاد للبقاء على‬ ‫احلياة أما املاء فكان شحيحا‪ ،‬وأما املراحيض ‪.»...‬‬ ‫وذات يوم‪ ،‬وفي منتصف الليل‪ ،‬طلب املهربون من الالجئني الصعود‬ ‫إلى القارب‪ .‬وبدأ الالجئون يعاونون بعضهم البعض‪ ،‬وحمل أحمد‬ ‫طفلة في الرابعة من عمرها على كتفه‪ ،‬لالنتقال من قارب صغير‬ ‫إلى قارب أكبر‪ .‬كان عدد الالجئني حوالي ‪ 150‬شخصاً وجميعهم‬ ‫من سوريا‪ .‬أما على القارب الكبير‪ ،‬فوصل العدد إلى حوالي ‪450‬‬ ‫شخصا‪ ،‬ج��اءت بهم ق��وارب املهربني الصغيرة من ع��دة موانئ‪.‬‬ ‫ويحكي أحمد‪« :‬قال لنا املهرب إن القارب جيد وعدد الالجئني‬ ‫قليل‪ ،‬وإن كل شيء ُمؤ َّمن ال تخافوا‪ ،‬فكل شيء منظم ومخطط له‬

‫بطريقة جيدة»‪ .‬ويتابع الالجئ السوري‪« :‬لكن حني وصلنا القارب‬ ‫الكبير اكتشفنا أن كل تطميناته كانت محض أكاذيب»‪.‬‬ ‫ويقول أحمد‪ ،‬إن بعض الالجئني أرادوا العودة إلى الشاطئ‪ ،‬ألنهم‬ ‫خافوا‪ ،‬لكنهم منعوا من العودة وأجبرهم املهربون على الصعود إلى‬ ‫القارب الكبير وإال سيكون مصيرهم املوت‪ .‬وعن ذلك تقول ساره‬ ‫خان من املفوضية العليا لالجئني التابعة لألمم املتحدة‪« :‬تقوم‬ ‫شبكات تهريب كبيرة بزج الناس في القوارب والسفن‪ ،‬حتى ولو‬ ‫غيروا رأيهم وعدلوا عن الهجرة‪ .‬يُ ْج َبر الناس على الصعود إلى‬ ‫املراكب وال يوجد شبكات إلعادتهم إلى اليابسة»‪.‬‬ ‫كثيرون يغنمون من جتارة التهريب في ليبيا‪ .‬يطلب املهرب بني ‪600‬‬ ‫إلى ‪ 1000‬دوالر على الرحلة من ليبيا إلى إيطاليا‪ ،‬وهي أرخص‬ ‫طريق للوصول إلى أوروبا‪ .‬أما في دول أخرى‪ ،‬فيدفع الالجئون‬ ‫مبالغ أكبر‪ .‬ويعتمد املبلغ الذي يدفعه الالجئ على بلده األصلية‪:‬‬ ‫السوريون يدفعون‬ ‫أكثر من األفارقة‪.‬‬ ‫وي �ط �ل��ب امل �ه��رب��ون‬ ‫املبلغ قبل الشروع‬ ‫في الرحلة‪ ،‬وطبعاً‬ ‫ب� � ��دون ض��م��ان��ات‬ ‫ب � ��ال � ��وص � ��ول إل� ��ى‬ ‫أوروب ��ا‪ ،‬وع��ن ذلك‬ ‫يقول أحمد‪« :‬هذه‬ ‫ف��رص �ت��ك‪ ،‬إم ��ا أن‬ ‫تنجح أو ال‪ ،‬األمر‬ ‫ك �ل��ه ي �ع �ت �م��د ع�ل��ى‬ ‫احلظ»‪.‬‬ ‫احل ��ظ ل��م يحالف‬ ‫أحمد في احملاولة‬ ‫مهاجرون محشورون في مركب صغير األول� � � ��ى‪ ،‬ف��ق��د مت‬ ‫إي � �ق� ��اف ال � �ق� ��ارب‬ ‫وإعادته إلى ليبيا‪ .‬وظل أحمد وباقي الالجئني محجوزين ملدة‬ ‫خمسة أيام من قبل ميليشيات مسلحة‪ .‬لم يعاملوا معاملة سيئة‬ ‫ولم يعذبوا‪ ،‬لكن كان على أحمد أن يعد بأن ال يحاول الهجرة مرة‬ ‫ثانية‪ ،‬وأطلقوا سراحه‪.‬‬ ‫وبعيد إط�لاق س��راح��ه اتصل مبهرب جديد ودف��ع أل��ف دوالر‬ ‫أخرى‪ ،‬وجلس ينتظر مع مئات املهاجرين اآلخرين رحلة عبور‬ ‫املتوسط‪ .‬ومن حسن حظه أن خفر السواحل اإليطاليني عثروا‬ ‫على ال�ق��ارب ه��ذه امل��رة‪ .‬ول��دى سؤاله إن ك��ان سينصح زوجته‬ ‫بسلوك ه��ذا ال�ط��ري��ق ل�ل��وص��ول إل��ى أمل��ان�ي��ا‪ ،‬ق��ال أح�م��د‪« :‬لقد‬ ‫حتملت مشقة ه��ذا املسار كي أساعدها بالوصول إل��ى أملانيا‬ ‫بشكل شرعي وبدون تهريب»‪.‬‬


‫وزير الدفاع الفرنسي‪:‬‬

‫التدخل‬ ‫العسكري في‬ ‫ليبيا ‪ 2011‬كان‬ ‫ً‬ ‫فادحا‬ ‫خطأ‬ ‫البوابة نيوز ‪:‬‬ ‫أكد وزير الدفاع الفرنسي جان‬ ‫ايف لودريان‪ ،‬أن بالده ارتكبت‬ ‫خطأ كبيرا بتدخلها العسكري‬ ‫في ليبيا عام ‪.2011‬‬ ‫وأض� � � � ��اف «ل � � � ��ودري � � � ��ان» ف��ي‬ ‫ت �ص��ري �ح��ات ص �ح �ف �ي��ة األح ��د‬ ‫املاضي ‪ :‬أن التدخل العسكري‬ ‫ف��ي ليبيا جعل ال��وض��ع معقدا‬ ‫وخلق أزم��ة عصية على احلل‪،‬‬ ‫وادخل ليبيا في نفق أسود منذ‬ ‫أربع سنوات‪.‬‬ ‫وع��اب وزي��ر ال��دف��اع الفرنسي‪،‬‬ ‫ع �ل��ى ب �ل��اده ع� ��دم ت��ق��دمي أي��ة‬ ‫م�ب��ادرات تقدم حلوال سياسية‬ ‫ل�لأزم��ة الليبية‪ ،‬واع�ت�ب��ر وزي��ر‬ ‫الدفاع الفرنسي سيطرة داعش‬ ‫على ‪ 200‬كيلو متر من الساحل‬ ‫الليبي خطراً قد ميسخ الدولة‬ ‫ال �ل �ي �ب �ي��ة‪ ،‬وي� �ه ��دد أم� ��ن ال� ��دول‬ ‫األوروب � �ي� ��ة ج��ن��وب امل �ت��وس��ط‪،‬‬ ‫وأع �ل��ن ل ��ودري ��ان‪ ،‬أن ب�ل�اده ال‬ ‫مت �ل��ك أي���ة أدل� ��ة ت �ف �ي��د مبقتل‬ ‫اإلره���اب���ي اجل���زائ���ري م�خ�ت��ار‬ ‫بلمختار‪ ،‬إثر الغارة اجلوية التي‬ ‫قامت بها أمريكا‪ ،‬واستهدفت‬ ‫جت�م�ع��ا ل�ل�ج�م��اع��ات اإلره��اب �ي��ة‬ ‫في مدينة أجدابيا شرق ليبيا‪،‬‬ ‫وت� ��داول� ��ت ب �ع��ده��ا أخ� �ب ��ار عن‬ ‫مقتل بلمختار‪ ،‬الذي كان هدف‬ ‫العملية العسكرية األمريكية‪.‬‬

‫وزير الدفاع الفرنسي‬

‫مشهد من طرابلس املدينة‬

‫رمضان ليبيا‪« ..‬ظالم وحر وحرب»‬ ‫بوابة الوفد ‪:‬‬ ‫رمضان هذا العام ليس كسابقيه بالنسبة لليبيني‪ ،‬الذين يعيشون في ظل معارك متواصلة بني‬ ‫األط��راف املتنازعة على إدارة البالد‪ ،‬أثرت سلبا على البنية التحتية للكهرباء وأدت النقطاع‬ ‫اخلدمة لنحو ‪ 12‬ساعة يومياً‪ ،‬فض ً‬ ‫ال عن درجة حرارة اجلو التي تصل إلى ‪ 40‬درجة مئوية في‬ ‫املدن و‪ 50‬في بعض املناطق الصحراوية‪.‬‬ ‫وجتري في عدة مدن ليبية ال سيما أكبرها معارك بني كتائب مسلحة منذ نهاية العام املاضي‬ ‫‪ 2014‬في تنافس بينها للسيطرة على جزء أكبر من البالد‪ ،‬فيما يتخلل ذلك تساقط القذائف‬ ‫الصاروخية على منازل ملدنيني‪ ،‬تسببت في مقتل و إصابة العشرات منهم‪.‬‬ ‫نوري بالروين رئيس املؤسسة الوطنية للنفط الليبية‪ ،‬قال «كنا نأمل أن تتوقف احلرب في شهر‬ ‫رمضان املبارك‪ ،‬ولكن ذلك لم يحصل‪ ،‬فنحن نصوم ونفطر على أصوات املدافع والقصف‪ ،‬إضافة‬ ‫لألخبار املفجعة عن مقتل أصدقاء أو أبناء أو أقارب خالل تلك املعارك»‪.‬‬ ‫وأشار إلى أن «تلك املعارك املستمرة جعلت من عودة آالف األهالي الذين يعيشون داخل مقرات‬ ‫النزوح إلي بيوتهم في رمضان أمرا مستحيال»‪.‬‬ ‫أما املواطنة الليبية فتحية سعيد‪ ،‬من مدينة بنغازي ثاني أكبر املدن الليبية فتحدثت قائلة «نصوم‬ ‫حتت اخلوف من سقوط القذائف كما حدث في حي اجلردينة‪ ،‬حيث سقطت قذائف داخل‬ ‫احلي السكني دون أن تودي بحياة أحد»‪.‬‬ ‫وتابعت «لم نعد منيز بني صوت األلعاب النارية التي يطلقها األطفال في رمضان‪ ،‬و بني أصوات‬ ‫القذائف‪ ،‬فكالهما مستمر طول الليل والنهار‪ ،‬وكذلك يستمر اخلوف»‪.‬‬ ‫واتفق معها ناجي التومي‪ ،‬وهو أيضا من بنغازي قائ ً‬ ‫ال «هنا لم نشعر بشهر رمضان كما العادة‪،‬‬ ‫فكل األماكن التي كنا نتجمع فيها خالل هذا الشهر مثل منطقة سوق احلوت تشهد األن معارك‪،‬‬ ‫إضافة النحصار كل األس��واق في مكان واح��د بعد انتقالها من وس��ط البالد بسبب املعارك‬ ‫إلى منطقة بودزيرة شرقي املدينة‪ ،‬وهو أمر يجعل من الذهاب هناك مستحيل بسبب الزحام‬ ‫الشديد»‪.‬‬ ‫وأضاف التومي «هناك أيضا إغالق بعض الشوارع الرئيسية في املدينة‪ ،‬وهو األمر الذي جعل‬ ‫التنقل يزداد صعوبة خالل الشهر الفضيل‪ ،‬ناهيك عن كثرة التوقيفات األمنية»‪.‬‬ ‫املواطن طارق رجب من العاصمة طرابلس لفت بدوره إلى أن «انقطاع الكهرباء لفترات طويلة‬ ‫يجعل من الصوم هذا العام صعب جدا‪ ،‬خاصة في ظل عدم إمكانية تشغيل املكيفات التي ميكن‬ ‫أن تخفف من وطأة احلر»‪.‬‬ ‫وكانت الشركة العامة للكهرباء الليبية (حكومية) أرجعت خالل بيان لها األسبوع قبل املاضي‬ ‫املاضي العجز احلاصل في إنتاج التيار الكهربائي للمعارك املسلحة اجلارية في عدد من املدن‬ ‫شرق وغرب البالد‪ ،‬مشيرة إلى أن «االستهالك احلالي للكهرباء في ليبيا يفوق ما تنتجه محطات‬ ‫توليد الطاقة الكهربائية في مختلف أرجاء البالد‪ ،‬نظرا إلى فصل دوائر نقل الطاقة الكهربائية‬ ‫في عدد من املدن بسبب االشتباكات الدائرة في بعض املناطق»‪.‬‬ ‫أما وليد أبوبكر فقد حتدث عن طول فترة الصيام خالل اليوم الواحد قائال «نحن نصوم من‬ ‫الساعة الثالثة والنصف فجرا وحتى الساعة الثامنة مساء‪ ،‬أي ‪ 16‬ساعة ونصف تقريباً»‪.‬‬ ‫و أردف‪ :‬طول ساعات الصوم واحلر الشديد جدا واخلوف من تساقط القذائف في أي وقت‬ ‫وانقطاع التيار الكهربائي كلها أمور جتعل الصوم هذا العام في ليبيا غاية في القسوه‪.‬‬


‫‪12‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪21‬‬ ‫‪ 28‬يونيو ‪2015‬‬

‫ليبيا في صحافة األسبوع‬

‫ميلشيات فجر ليبيا تهدد تونس بسبب برنامج تلفزيوني ساخر‬ ‫مجلس النواب يعفي فريقه االستشاري لحوار األمم المتحدة‬ ‫الشرق األوسط ـ خالد محمود ‪:‬‬ ‫رغم إعالن تونس أنها قررت رسميا غلق قنصليتها في العاصمة‬ ‫الليبية طرابلس‪ ،‬إثر انتهاء أزمة خطف موظفيها هناك‪ ،‬عادت‬ ‫ميلشيات «فجر ليبيا» لتتوعد تونس بسبب برنامج تلفزيوني‬ ‫تونسي يسخر من الليبيني‪.‬‬ ‫وقالت غرفة عمليات فجر ليبيا عبر صفحتها الرسمية على‬ ‫موقع التواصل االجتماعي فيسبوك‪ ،‬في رسالة تهديد واضحة‬ ‫إلى اإلعالم التونسي والسلطات التونسية «إن استمر األمر على‬ ‫ما هو عليه من إهانات متعمدة لليبيا وأبطالها‪ ،‬فال تثريب علينا‬ ‫إن عاملنا رعاياكم باملثل»‪ .‬وأضافت‪« :‬أن يصل األمر إلى التطاول‬ ‫على ث��وار مصراتة‪ ،‬فهذا لن مير م��رور الكرام‪ ،‬والبادئ أظلم»‪.‬‬ ‫وكانت الغرفة تشير بهذا التهديد إلى حلقة مت بثها مساء أول‬ ‫من أمس في برنامج الكاميرا اخلفية‪ ،‬أحد البرامج التلفزيونية‬ ‫الساخرة في تونس‪ ،‬حيث يظهر صحافي ليبي ينتمي إلى مدينة‬ ‫مصراتة‪ ،‬وهو يتبرأ من مهنته بعد ظهور خاطف ملثم لطائرة في‬ ‫تونس‪.‬‬ ‫وكان وزير اخلارجية التونسي الطيب البكوش أعلن أن احلكومة‬ ‫التونسية قررت إغالق قنصليتها بالعاصمة الليبية‪ ،‬وإع��ادة كل‬ ‫الطاقم إلى تونس بعد أن اقتحم مسلحون القنصلية قبل أسبوع‬ ‫وخطفوا عشرة موظفني‪.‬‬ ‫وق��ال البكوش للصحافيني ف��ي مطار العوينة العسكري عقب‬ ‫استقبال ط��اق��م القنصلية ال��ذي��ن أط�ل��ق سراحهم «ب�ع��د عملية‬ ‫االختطاف قررنا غلق القنصلية في طرابلس وإعادة كل الطاقم‬ ‫املتكون من ‪ 23‬فردا»‪.‬‬ ‫وأضاف‪« :‬قررنا إغالق القنصلية في طرابلس ألنهم غير قادرين‬ ‫على توفير احلماية‬ ‫ل �ط��اق �م �ن��اوم��ا دام��ت‬ ‫اجل�م��اع��ات املسلحة‬ ‫ال ي ��ردع� �ه ��ا ق��ان��ون‬ ‫هناك»‪.‬‬ ‫ودع � � ��ا ال �ت��ون �س �ي�ين‬ ‫امل �ق �ي �م�ين ف ��ي ليبيا‬ ‫إلى العودة على وجه‬ ‫السرعة إل��ى تونس‪،‬‬ ‫مضيفا‪« :‬ن��دع��و إلى‬ ‫ع� � ��دم ال� �س� �ف ��ر إل ��ى‬ ‫ه� �ن ��اك ون� ��دع� ��و ك��ل‬ ‫التونسيني ف��ي ليبيا‬ ‫إل ��ى ال��ع��ودة بسرعة‬ ‫ألنه ال ميكن أن نقبل‬ ‫أي مساومات»‪.‬‬ ‫وأف � � ��رج ع� ��ن ج�م�ي��ع‬

‫الدبلوماسيني العشرة وعادوا إلى تونس بعد أن وافقت محكمة‬ ‫تونسية على ترحيل وليد القليب وهو ليبي محتجز في تونس بتهم‬ ‫تتصل باإلرهاب واخلطف‪ .‬ووص��ل إلى مطار العوينة على منت‬ ‫طائرة عسكرية عدد من طاقم القنصلية بينما اختار عدد آخر‬ ‫العودة إلى أهله مباشرة من معبر رأس اجلدير عند وصولهم‪.‬‬ ‫وقال جمال السايبي وهو من بني أعضاء الطاقم الذين اختطفوا‬ ‫في ليبيا لوكالة روي�ت��رز «لقد خطفتنا جماعة مسلحة يقودها‬ ‫شقيق وليد القليب املعتقل في تونس ولقينا معاملة سيئة في األول‬ ‫لكن عندما تأكدوا أن القليب سيطلق سراحه تغيرت املعاملة»‪.‬‬ ‫وتونس واحدة من الدول القليلة التي كان لها وجود دبلوماسي في‬ ‫طرابلس منذ سيطرت ميليشيات «فجر ليبيا» على العاصمة مما‬ ‫اضطر احلكومة املعترف بها دوليا إلى االنتقال لشرق البالد حيث‬ ‫متارس عملها حاليا‪.‬‬ ‫وكان مسلحون قد خطفوا دبلوماسيني ورعايا مصريني وأردنيني‬ ‫وتونسيني فيما سبق‪ .‬وغادر معظم الدبلوماسيني البالد بعد أن‬ ‫سيطر فجر ليبيا على طرابلس‪.‬‬ ‫وكان مسلحون ليبيون قد اقتحموا في ‪ 12‬يونيو اجلاري القنصلية‬ ‫التونسية في طرابلس‪ ،‬واحتجزوا ‪ 10‬من أفراد طاقمها‪ ،‬وذلك‬ ‫للمطالبة ب��إط�لاق س��راح ول�ي��د القليب ال��ذي سبق أن اعتقلته‬ ‫السلطات التونسية لالشتباه في ضلوعه في أعمال إرهابية‪ .‬وإثر‬ ‫اعتقاله في ‪ 17‬مايو املاضي مبطار تونس قرطاج‪ ،‬أصدر قاضي‬ ‫التحقيق باحملكمة االبتدائية بتونس بطاقة إيداع بالسجن ضد‬ ‫القليب بتهمة «االنضمام إلى تنظيم إرهابي»‪.‬‬ ‫إلى ذلك‪ ،‬أكدت وكالة األنباء الرسمية الليبية أن رئاسة مجلس‬ ‫النواب الليبي أعفت الفريق االستشاري املساند للجنة جلسات‬ ‫احلوار الذي ترعاه بعثة األمم املتحدة لدى ليبيا‪.‬‬ ‫وأوض�ح��ت أن القرار‬ ‫الرسمي بإعفاء هذا‬ ‫الفريق لم يتضمن أي‬ ‫أسباب‪ ،‬لكنها أشارت‬ ‫في املقابل إلى الهجوم‬ ‫ال� �ل ��اذع ال� � ��ذي ش�ن��ه‬ ‫عضو مجلس النواب‬ ‫وعضو جلنة احل��وار‬ ‫الدكتور أبو بكر بعيرة‬ ‫ف� ��ي ك �ل �م �ت��ه م��ؤخ��را‬ ‫أم ��ام امل�ج�ل��س مبقره‬ ‫امل���ؤق���ت ف���ي م��دي�ن��ة‬ ‫طبرق بأقصى الشرق‬ ‫الليبي‪ ،‬حيث اعتبر أنه‬ ‫ال توجد أي فائدة من‬ ‫ال �ف��ري��ق س �ـ��وى زي ��ادة‬ ‫اإلرباك والتشويش‪.‬‬

‫مقاتلون من مليشيا فجر ليبيا ‪ ..‬أرشيفية‬


‫تؤمن‬ ‫تونس ّ‬ ‫حدودها مع‬ ‫ليبيا بنشر أكثر من‬ ‫‪ 15000‬جندي‬ ‫جريدة املدينة ـ كمال الكافي‬ ‫حتس ًبا من سعي التنظيم اإلرهابي لتنفيذ‬ ‫عمليات استعراضية‪ ،‬والتحضير ملواجهة‬ ‫عمليات ن��زوح واسعة ملئات اإلرهابيني‬ ‫التونسيني م��ن ال �ع��راق وس��وري��ا وليبيا‪،‬‬ ‫الى تونس‪ .‬اتخذت املؤسسة العسكرية‬ ‫التونسية كامل االحتياطات الالزمة بنشر‬ ‫أك�ث��ر م��ن ‪ 15000‬عسكري سيقومون‬ ‫بتأمني كامل الشريط احل��دودي الرابط‬ ‫واملمتد على حوالى ‪500‬‬ ‫بني تونس وليبيا‬ ‫ّ‬ ‫ك�ل��م‪ ،‬وسيتم تعزيز ال�ت��واج��د العسكري‬ ‫�دع�م�ين‬ ‫ل �ي �ت �ج��اوز ‪ 15‬أل ��ف ع �س �ك��ري م� ّ‬ ‫مبعدات متطورة ملراقبة احل��دود سيما‬ ‫خ�لال س��اع��ات الليل‪ ،‬وم��ع غطاء ج� ّوي‬ ‫على م��دار اليوم بالتنسيق مع اجلزائر‬ ‫ومصر و«توسيع» رقعة املناطق العسكرية‬ ‫امل �غ �ل �ق��ة‪ .‬وت ��أت ��ي ه� ��ذه االس� �ت� �ع ��دادات‬ ‫الس�ت�ك�م��ال ك��ام��ل م�خ�ط�ط��ات املؤسسة‬ ‫العسكرية حلماية ال��دول��ة خ�لال الفترة‬ ‫املقبلة التي ستشهد اض�ط��راب��ات أكبر‬ ‫إقليميا‪ .‬في ظل فشل الفرقاء الليبيني‬ ‫وانتهاء مهمة املبعوث األممي برناردينو‬ ‫ليون املكلف بالوساطة قبل فتح الباب‬ ‫آليا أم��ام املرحلة الثانية التي متثل في‬ ‫«التدخّ ل العسكري» الذي يت ّم «التسخني»‬ ‫ل��ه م��ن خ�ل�ال ل �ق��اءات احتضنتها ع� ّ�دة‬ ‫عواصم عرب ّية وأوروبية مؤخ ًرا‪.‬‬

‫عناصر من حرس احلدود التونسي‬

‫وزير خارجية تونس يعلن عن غلق قنصلية بالده في طرابلس‬

‫اللدغ في ليبيا‬ ‫العرب ـ فيصل البعطوط‬

‫انتهت أزمة اختطاف الدبلوماسيني التونسيني في ليبيا بسالم‪ ،‬وعاد جميعهم إلى عائالتهم‬ ‫مقسمني بالثالثة أنهم لن يعودوا إلى ذلك املكان الذي قضوا فيه آخر عشرة أيام قبل حتريرهم‬ ‫بني احلياة واملوت‪ ..‬ومتاهيا مع الشعور التونسي العام باخلوف وبقلة احليلة‪ ،‬أعلن وزير اخلارجية‬ ‫التونسي عن إغالق قنصلية بالده بطرابلس‪ ،‬ودعا مواطنيه إلى سرعة مغادرة البلد الذي اختارته‬ ‫اجلغرافيا جارا لتونس ومصدرا لوجع دماغ مزمن‪..‬‬ ‫أزمة الدبلوماسيني الرهائن األخيرة لم تكن سوى حلقة في سلسلة طويلة من التعقيدات األمنية‬ ‫التي رانت على العالقات التونسية الليبية منذ زمن حكم القذافي‪ ..‬والتي بلغت ذروتها في فجر‬ ‫األحد ‪ 27‬يناير من سنة ‪ ،1980‬عندما توغلت مجموعة مسلحة في مدينة قفصة‪ ،‬تبني الحقا‬ ‫أنها كانت مدعومة من العقيد معمر القذافي شخصيا‪ ،‬حملاولة قلب نظام بورقيبة‪ ،‬وإعالن حكومة‬ ‫مؤقتة في انتظار دعم لوجيستي وعسكري كان جاهزا على بوابات احلدود اجلنوبية لتونس‪ ..‬ولوال‬ ‫وقفة كل من اجلزائر وفرنسا احلينية إلى جانب بورقيبة لنال منه العقيد «الشاب» ثأره الذي ظل‬ ‫ينشده منذ ما يعرف بخطاب «الباملاريوم» في سنة ‪ ،1972‬والذي رفع منسوب العداء بني الرجلني‪..‬‬ ‫ومنذ ذلك اليوم جرت حتت جسر عالقات البلدين مياه كثيرة‪ ،‬قليلها ه��ادئ وكثيرها هادر‪.‬‬ ‫وأصبحت «اجلماهيرية العربية الليبية العظمى» شرا ال بد من التعاطي معه باعتبار حكم قانون‬ ‫اجلغرافيا‪ ،‬ليس تونسيا فقط وإمنا إقليميا ودوليا‪ ،‬حتى حاق املكر السيئ بأهله‪ ،‬وأصبح نظام‬ ‫القذافي منبوذا من العالم ومحاصرا من اجلميع‪ ،‬ولم يُطل في عمره إال الرئة الغربية التي تنفس‬ ‫منها على مدى سنوات طوال بفضل غض طرف رئيس تونس األسبق زين العابدين بن علي عن‬ ‫عمليات خرق احلصار الدولي على ليبيا‪ ،‬وغض طرف العالم عن ذلك ألسباب كثيرها اقتصادي‪..‬‬ ‫لم يدم «هناء بال» التونسيني طويال بعد ‪ 2011‬حتى عندما غاب عن املشهد كل من القذافي وبن‬ ‫علي‪ ،‬وأخذ تاريخ البلدين منعرجا آخر خا َل البعض لوهلة أنه سيمكن اجلارين من عالقة طبيعية‬ ‫باعتبارهما قاما بثورتني تتشابهان في األهداف‪ ،‬وإن اختلفت وسائلهما‪ ..‬إال أن السقوط األمني‬ ‫املدوي‪ ،‬والتشرذم السياسي في ليبيا‪ ،‬أطاحا بكل النبوءات املتفائلة‪ ،‬ووجدت احلكومات التونسية‬ ‫املتعاقبة بعد ‪ 14‬يناير ‪ 2011‬نفسها في مواجهة مأزق خارجي جدي‪ ،‬إلى جانب املآزق الداخلية‬ ‫التي تعيشها‪ .‬وأيقن اجلميع حينئذ أال وجود لتونس املستقرة بدون استقرار في ليبيا‪..‬‬ ‫في األثناء كان احلنق الشعبي التونسي يبلغ مستويات غير مقبولة سياسيا‪ ،‬من دعوة إلى إغالق‬ ‫احلدود‪ ،‬إلى أخرى لطرد أكثر من مليون ونصف ليبي الجئ في تونس‪ ،‬مرورا بالدعوة لالنتصار‬ ‫في النزاع العسكري والسياسي الليبي إلى طرف دون آخر‪ .‬لكن األداء الرسمي التونسي كان حذرا‬ ‫ومتوازنا في عمومه‪ ،‬إلى أن قررت احلكومة التونسية يوم اجلمعة قبل املاضي إغالق قنصليتها‬ ‫في طرابلس بعد حادث الدبلوماسيني الرهائن‪ ،‬وبالنتيجة انقطاع الصالت الرسمية بينها وبني‬ ‫«حكومة طرابلس» إلى أن يأتي ما يخالف ذلك‪ ..‬وهو قرار مر‪ ،‬يعكس قلقا دوليا متزايدا‪ ،‬أكثر منه‬ ‫حيرة تونسية منفردة في التعامل مع امللف الليبي‪..‬‬ ‫يظهر ذلك جليا من اللهجة املتصاعدة احلدة التي أصبحت تصبغ بيانات مجلس األمن الدولي‪،‬‬ ‫وآخرها الذي يشير بوضوح شديد إلى «استعداد جلنة العقوبات لفرض عقوبات على أولئك الذين‬ ‫يهددون السالم واالستقرار واألمن في ليبيا‪ ،‬أو يعرقلون أو يقوضون إمتام انتقالها السياسي‬ ‫بنجاح»‪ ..‬قد يبدو ذلك «كالما ساكتا» بالتعبير السوداني الشهير‪ ،‬لكن البيانات األممية األولى‬ ‫الصادرة في وجه القذافي كانت حتمل املضمون نفسه‪ ،‬إال أنه ف ّوت على نفسه فرصة فهمها‬ ‫فحدث له ما حدث‪ ..‬وجميع من يتوجه إليهم بيان مجلس األمن األخير كانوا شهود عيان على‬ ‫الذي حدث‪ ،‬كما جميعهم مؤمنون ال يرضون أن يُلدغوا من نفس اجلحر مرتني!‬


‫‪14‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪21‬‬ ‫‪ 28‬يونيو ‪2015‬‬

‫ليبيا في صحافة األسبوع‬ ‫ماذا يجري خلف القضبان؟‬

‫منظمة حقوقية‪:‬‬

‫انتشار االعتقال التعسفي والتعذيب في شرق ليبيا‬

‫رويترز ‪:‬‬ ‫قالت منظمة هيومن رايتس ووت��ش حلقوق االن�س��ان ي��وم االرب�ع��اء إن‬ ‫احلكومة املعترف بها دوليا في ليبيا وقواتها نفذت عمليات اعتقال‬ ‫تعسفي وتعذيب على نطاق واسع في سجون في شرق البالد‪.‬‬ ‫وبعد أربع سنوات من سقوط معمر القذافي تشهد ليبيا اضطرابات‬ ‫في وجود حكومتني متوازيتني ‪ -‬املعترف بها التي تعمل في شرق البالد‬ ‫واملوازية التي سيطرت على طرابلس وتقاتل في عدة جبهات‪.‬‬ ‫وفي تقرير نشر االربعاء قبل املاضي قالت هيومن رايتس ووتش ومقرها‬ ‫نيويورك أنه في يناير كانون الثاني وابريل نيسان ‪ 2015‬متكنت من‬ ‫الوصول إلى منشآت اعتقال في البيضاء وبنغازي اللتني يسيطر عليهما‬ ‫اجليش الليبي ووزارتا العدل والداخلية وانها استجوبت ‪ 73‬معتقال كال‬ ‫على حدة بدون وجود احلراس‪.‬‬ ‫وذك��ر التقرير «ق��ال العديد من املعتقلني ان احملققني أجبروهم حتت‬

‫وطأة التعذيب على (االعتراف) بجرائم خطيرة‪».‬‬ ‫وق��ال التقرير إن املعتقلني وصفوا انتهاكات اخ��رى من بينها االفتقار‬ ‫لعملية مناسبة وندرة الرعاية الصحية وعدم ابالغ العائالت باعتقالهم‬ ‫واالحوال املتردية‪.‬‬ ‫واحل ��راس ف��ي سجن الكويفية ف��ي بنغازي وسجن آخ��ر ف��ي البيضاء‬ ‫رفضوا جميع املزاعم‪.‬‬ ‫وقالوا في بيان إن مزاعم التعذيب واملعاملة السيئة التي وردت في تقرير‬ ‫هيومن رايتس ووتش غير صحيحة على االطالق‪.‬‬ ‫وأض��اف��وا انهم ي��دع��ون وس��ائ��ل االع�ل�ام ل��زي��ارة السجون واالل�ت�ق��اء مع‬ ‫املعتقلني وكتابة تقارير وتقييم الوضع‪.‬‬ ‫وفقا للتقرير قال املعتقلون انهم تعرضوا للضرب بأنابيب بالستيكية‬ ‫وكابالت كهربائية وسالسل أو عصي‪ ،‬كما أبلغ املعتقلون عن التعرض‬ ‫لصدمات كهربائية والتعليق لفترات طويلة وادخال اجسام في فتحات‬ ‫اجلسم واحلبس االنفرادي واحلرمان من الطعام واملنشآت الصحية‪.‬‬

‫ليبيا تقرر مراجعة حسابات سفارتها في مصر‬

‫صدى البلد ‪:‬‬ ‫أعلن املكتب اإلعالمي لديوان احملاسبة التابع ملجلس النواب الليبي اليوم‬ ‫األحد‪ ،‬عن تشكيل جلنة للقيام مبراجعة حسابات السفارة الليبية في‬ ‫القاهرة ‪.‬‬ ‫وقال مدير املكتب اإلعالمي لديوان احملاسبة الليبي إن رئيس الديوان‬ ‫عمر عبد ربه صالح أصدر قرا ًرا بتشكيل جلنة مهمتها فحص ومراجعة‬ ‫حسابات السفارة الليبية بالقاهرة‪ ،‬وامللحقيات والقنصلية باإلسكندرية‬ ‫ومراجعة ملف جلان اجلرحى والنازحني‪.‬‬ ‫رئيسا‪،‬‬ ‫الضاوي‬ ‫سالم‬ ‫اجلليل‬ ‫عبد‬ ‫وأشار إلى أن اللجنة تتكون من جبريل‬ ‫ً‬ ‫وعضوية عوض علي الطيف عبد الله‪ ،‬ومحسن علي عيسى عبد اجلواد‪،‬‬ ‫وعمر عبد العزيز حمد بولبيض‪.‬‬


‫«جزار داعش» يهرب إلى ليبيا بعد كشف هويته‬ ‫أعلن مسؤولو االستخبارات األمريكية أن عضو تنظيم «داعش»‬ ‫اإلره��اب��ي «محمد إم��وازي» املعروف بـ»اجلهادي ج��ون» و»ج��زار‬ ‫داع� ��ش»‪ ،‬ق��د مت�ك��ن م��ن ال �ف��رار إل��ى ليبيا‪ ،‬ب�ع��د م�ع��رف��ة هويته‬ ‫احلقيقية‪.‬‬ ‫وقال املسؤولون‪ :‬إن جون اختفى في اللحظة التي مت فيها حتديد‬ ‫هويته‪ ،‬ونشر سيرته الذاتية‪ ،‬وأنه اللندني ذو الـ‪ 26‬عا ًما‪ ،‬الذي‬ ‫كان يرتدي قبعة البيسبول‪ ،‬حسبما ورد في صحيفة «إكسبرس»‬ ‫البريطانية‪.‬‬ ‫وأض��اف��وا أن��ه ل��م يظهر ف��ي أي فيديو منذ آخ��ر مقطع ل��ه وهو‬

‫يذبح الرهينة الياباني‪ ،‬كينجي جوتو‪ ،‬في يناير‪ ،‬األمر الذي جعل‬ ‫الكثيرون يعتقدون أن��ه أصيب أو قتل ف��ي غ��ارة ج��وي��ة‪ ،‬إال أن‬ ‫املصادر أكدت أنه تسلل خارج البالد‪.‬‬ ‫وأف��اد مصدر من وكالة االستخبارات التابعة للمملكة املتحدة‬ ‫«‪ - »MI5‬رفض الكشف عن هويته ‪ -‬أن هذه خطوة تكتيكية من‬ ‫داعش إلبعاد إموازي عن األضواء‪.‬‬ ‫وأضاف أنه رغم استهداف جون بضربات جوية‪ ،‬إال أنه لم يتم‬ ‫تأكيد إصابته في أي منها‪ ،‬مشي ًرا إلى أنه مبراقبة االتصاالت‬ ‫اتضح أن إموازي موجود في ليبيا‪.‬‬

‫دواعش يستعرضون أمام الكاميرا‬


‫‪16‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪21‬‬ ‫‪ 28‬يونيو ‪2015‬‬

‫ليبيا في صحافة األسبوع‬

‫قائد قوات «أفريكوم» يحذر المغرب والجزائر‬ ‫من «دواعش ليبيا»‬ ‫موقع العالم اإلخباري ‪:‬‬ ‫أقر اجلنرال ديفيد رودريغيز قائد القوات‬ ‫األميركية ف��ي إفريقيا (أف��ري �ك��وم)‪ ،‬بأن‬ ‫جماعة «داعش» في ليبيا أصبحت تشكل‬ ‫خطراً حقيقياً على دول شمال إفريقيا‪،‬‬ ‫مضيفاً ب��أن ك�لا م��ن امل �غ��رب واجل��زائ��ر‬ ‫وت��ون��س‪ ،‬أصبحت تشكل اخل��ط األمامي‬ ‫للدفاع ومواجهة تنامي نفوذ هذه اجلماعة‬ ‫االرهابية في ليبيا‪.‬‬ ‫وعبر اجل �ن��رال األم�ي��رك��ي ع��ن أسفه من‬ ‫قدرة «داعش» على بسط سيطرتها على‬ ‫مناطق واسعة في ليبيا وجتنيد املقاتلني‬ ‫لصاحلها‪ ،‬ما أصبح يضع منطقة شمال‬ ‫إفريقيا أمام حتد أمني حقيقي‪ ،‬مضيفا‬ ‫ب ��أن ع ��دم ت��وص��ل ال �ف��رق��اء السياسيني‬ ‫الليبيني إلى حل سياسي توافقي‪ ،‬يساهم‬ ‫في تعاظم قوة «داعش» في ليبيا‪.‬‬ ‫ووعد العسكري األميركي بأن يعمل على‬ ‫تكوين جيش ليبي وطني‪« ،‬إال أن غياب‬ ‫ح�ك��وم��ة وح ��دة وط�ن�ي��ة يجعل م��ن األم��ر‬ ‫صعبا»‪ ،‬وذلك لغياب جهة تتمتع بالشرعية‬ ‫للحديث باسم الليبيني إل��ى ح��دود اآلن‪،‬‬ ‫م �ش��ددا ف��ي ال��وق��ت ذات ��ه على أن ق��وات‬ ‫أفريكوم تتوفر على مخططات لتأسيس‬ ‫ج�ي��ش ليبي «ل �ك��ن ال��ظ��روف احل��ال �ي��ة ال‬ ‫تسمح بذلك خصوصا وأننا أمام العديد‬ ‫من اجلماعات املقاتلة في ليبيا»‪.‬‬ ‫وك �ش��ف ق��ائ��دة ق� ��وات «أف ��ري� �ك ��وم» على‬ ‫أن بلده تشتغل م��ع دول شمال إفريقيا‬ ‫م��ن أج��ل تكوين ق��وات تكون ق��ادرة على‬ ‫مواجهة «داع ��ش»‪« ..‬التي استطاعت أن‬ ‫تتجاوز العراق وسوريا وتصل إلى ليبيا»‪،‬‬ ‫م �س �ت �ط��ردا ب ��أن ال��ه��دف األس ��اس ��ي من‬ ‫التعاون مع دول شمال إفريقيا هو احلد‬ ‫من قوة «داعش» ومنع تدفق املقاتلني إلى‬ ‫ليبيا‪ ،‬وضمان تأمني ال��دول القريبة من‬ ‫ليبيا من أي تهديدات إرهابية‪.‬‬ ‫ونفى اجلنرال األميركي أن تكون قوات‬ ‫«أف ��ري� �ك ��وم» ت �ت��دخ��ل ف ��ي ش� ��ؤون ال���دول‬ ‫اإلف��ري �ق �ي��ة‪« ،‬وإمن � ��ا ه��دف �ن��ا ه��و ت�ك��وي��ن‬

‫اجلنرال ديفيد رودريغيز‬

‫العسكريني وأن يتم حل املشاكل اإلفريقية‬ ‫من طرف اإلفريقيني دون تدخل منا»‪.‬‬ ‫حتذيرات اجلنرال األميركي من النفوذ‬ ‫امل �ت �ن��ام��ي ج �م��اع��ة «داع� � ��ش» ف ��ي ليبيا‬ ‫وتأثيرها على أم��ن دول شمال إفريقيا‪،‬‬ ‫تأتي بعد أن أقدمت هذه اجلماعة على‬ ‫مجموعة من العمليات اإلرهابية في ليبيا‪،‬‬ ‫إضافة إل��ى هجومه على مقر القنصلية‬ ‫املغربية والقنصلية التونسية بطرابلس‪.‬‬ ‫وت �ع �ي��د ت �ص��ري �ح��ات امل� �س ��ؤول األم �ي��رك��ي‬ ‫إلى األذه��ان‪ ،‬الوثائق السرية للمخابرات‬

‫ال �ع �س �ك��ري��ة اإلي� �ط ��ال� �ي ��ة امل� �ن� �ش ��ورة ف��ي‬ ‫الصحيفة اإليطالية «إيسبريسو»‪ ،‬والتي‬ ‫ت�ت�ح��دث ع��ن وج ��ود ت �خ��وف ل��دى أج�ه��زة‬ ‫امل�خ��اب��رات األوروب �ي��ة م��ن إمكانية إع��ادة‬ ‫سيناريو «هجمات ‪ 11‬سبتمبر»‪.‬‬ ‫وذل� ��ك ب �ع��د أن ح�ص�ل��ت ع �ل��ى معطيات‬ ‫تفيد بوقوف «دواعش ليبيا» وراء تدريب‬ ‫م�ق��ات�ل�ين م �غ��ارب��ة ع �ل��ى ت�ن�ف�ي��ذ هجمات‬ ‫ان �ت �ح��اري��ة ب��اس�ت�ع�م��ال ط��ائ��رات م��دن�ي��ة‪،‬‬ ‫وأكدت الوثائق اإليطالية أن الدول القريبة‬ ‫من ليبيا هي األكثر تعرضا للهجوم‪.‬‬


‫جرمية داعش الشنيعة ‪ ..‬أرشيفية‬

‫تحول الوشم من رمز ديني إلى لعنة‬

‫هكذا تعرف داعش على ضحاياه األقباط في ليبيا‬

‫موقع إيالف‪:‬‬ ‫يواظب املصريون األقباط منذ القدم على رسم الوشوم الدينية على‬ ‫أجسادهم التي تدل على هويتهم منذ القدم‪ ،‬ويعتبرونها نوعاً من البركة‬ ‫واإلميان‪ ،‬كما يعتبره البعض داللة على االنتماء الديني الشديد‪.‬‬ ‫ويقول تقرير تلفزيوني لشبكة ‪ CNN‬األميركية إن تنظيم «داع��ش»‬ ‫املتطرف استطاع التعرف على ضحاياه من العمال املصريني األقباط‬ ‫في ليبيا عن طريق الوشوم املرسومة على أجسادهم‪ ،‬والتي تعكس رموزًا‬ ‫عن الديانة املسيحية‪.‬‬ ‫رمز للفخر‬ ‫ويرصد التقرير إقبال األقباط في مصر على رسم الوشوم على أيديهم‪،‬‬ ‫فمنهم من يرسم الصليب أو اسمي السيد املسيح عليه السالم والسيدة‬ ‫مرمي عليها السالم‪.‬‬

‫ويقول رس��ام ال��وش��وم املصري مجدي إن��ه يعمل في ه��ذا املجال منذ‬ ‫‪ 20‬عا ًما‪ ،‬ويتقاضى عشرة جنيهات لقاء الوشم‪ ،‬ويضيف» أن الصليب‬ ‫بالنسبة لألقباط أمر في غاية األهمية ويجب أن يرسم على أجسادنا‪،‬‬ ‫لكن قبل ذلك يجب أن يكون في قلوبنا»‪ ،‬ومشي ًرا إلى اتساع ظاهرة‬ ‫ال��وش��وم في مصر بحيث باتت تتخذ أش�ك��االً فنية إل��ى جانب الرموز‬ ‫الدينية‪ .‬وب ��دوره‪ ،‬يؤكد ش��اب مصري قبطي رس��م على جسده للمرة‬ ‫اخلامسة‪ ،‬أن الوشم يساعده على إظهار رموزه الدينية بفخر‪.‬‬ ‫يعد أقباط مصر من أقدم الفرق املسيحية في الشرق األوسط‪ ،‬إذ تعود‬ ‫ظروف إحداث الكنيسة القبطية إلى ما يُعرف برحلة العائلة املقدسة‬ ‫إلى مصر‪ .‬ورغم الصعوبات اليومية التي تواجهها هذه الطائفة‪ ،‬والتي‬ ‫دفعت بعدد هام من أعضائها إلى الهجرة إلى أميركا الشمالية‪ ،‬ال يزال‬ ‫األقباط ميثلون أهم أقلية في مصر إذ تتراوح نسبتهم بني ‪ 10%‬حسب‬ ‫األرقام الرسمية‪ ،‬و‪ % 17‬حسب الكنيسة‪.‬‬

‫«العدل» ترد على مغالطات «رايتس ووتش» بمذكرة قانونية‬ ‫بوابة الوسط ‪:‬‬ ‫قالت وكيلة حقوق اإلن�س��ان ب��وزارة العدل في احلكومة الليبية‬ ‫املوقتة سحر بانون‪ ،‬إ َّن الوزارة بصدد تقدمي مذكرة قانونية في‬ ‫حق مبعوث َّ‬ ‫منظمة «هيومني رايتس ووتش»‪ ،‬لدى احملامي العام ملا‬ ‫اعتبرته مغالطات وردت في التقرير الذي نشرته َّ‬ ‫املنظمة األسبوع‬ ‫ووجهت فيه انتقادات واسعة للحكومة الليبية املؤقتة‬ ‫قبل املاضي َّ‬ ‫حول أوضاع املعتقلني في السجون التابعة لها‪.‬‬ ‫وجهت‬ ‫وكشفت وكيلة حقوق اإلنسان بوزارة العدل أ ّنَها هي َمن َّ‬ ‫َّ‬ ‫املنظمة دعوة الزيارة وو َّفرت‬ ‫إلى‬ ‫ملبعوثتها ظ���روف جن��اح �ه��ا مبا‬ ‫ف��ي ذل ��ك حت��رك�ه��ا حت��ت حماية‬ ‫اجليش‪.‬‬ ‫وأضافت في تصريح إلى «بوابة‬ ‫ال ��وس ��ط» إ َّن ال � � ��وزارة س�ت��وج��ه‬ ‫كتا ًبا شديد اللهجة إل��ى رئاسة‬ ‫املنظمة‪ ،‬تنذرها فيه ب��أ ّنَ�ه��ا لن‬ ‫ت�ت�ع��اون مستقب ً‬ ‫ال م��ع مندوبيها‬ ‫الذين أعدوا التقرير املذكور أمام‬ ‫تعمدهم عدم ذكر احلقائق‪ ،‬كما‬ ‫َّ‬ ‫منظمة‬ ‫ستطلب تغيير مبعوثة‬ ‫«هيومني رايتس ووتش» املسؤولة‬ ‫ع��ن إع���داد ال�ت�ق��ري��ر ب�ع��د أن مت‬

‫متكينها ومبساعدة الوزارة من زيارة اجلهات التي أرادت زيارتها‬ ‫ومقابلة َمن رغبت في مقابلته‪.‬‬ ‫اتهامات باطلة‬ ‫وكانت «رايتس ووتش» قالت في تقريرها إ ّنَها «حصلت في يناير وأبريل‬ ‫‪ 2015‬على وصول نادر من نوعه إلى مقرات االحتجاز في البيضاء‬ ‫وبنغازي التي يسيطر عليها اجليش الليبي ووزارتا العدل والداخلية»‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫املنظمة خالل ثالثة‬ ‫وردت بانون‪« :‬كانت هناك زيارتان ملبعوثة‬ ‫أش �ه��ر ون �ص��ف ال �ش �ه��ر‪ ،‬و َّ‬ ‫مت� ��ت ال��زي��ارة مب��راف �ق��ة رئ �ي��س جهاز‬ ‫الشرطة القضائية ساب ًقا العقيد‬ ‫ع��ب��دال��س�ل�ام ال �ص �غ �ي��ر بسجن‬ ‫ق��رن��ادة‪ ،‬وك��ان��ت ال��زي��ارة الثانية‬ ‫ل �ل �س �ج��ن ال��ع��س��ك��ري ب��ق��رن��ادة‬ ‫بحضور آمر السجن عقيد جنيب‬ ‫بالط‪ ،‬كما زارت املبعوثة سجن‬ ‫ال�ك��وي�ف�ي��ة وك ��ل ذل ��ك مب�س��اع��دة‬ ‫وزارة العدل الليبية»‪.‬‬ ‫وأوض � �ح� ��ت أ َّن ال � � � ��وزارة متلك‬ ‫امل��راس�لات التي تض َّمنت الدعوة‬ ‫ل �ل��زي��ارة وال�� ��ردود عليها‪ ،‬وص��ور‬ ‫التصريح الذي ُسـ ِلّم ملبعوثة منظمة‬ ‫«ه�ي��وم�ين راي �ت��س ووت���ش» ل��زي��ارة‬ ‫السجون‪.‬‬

‫هل كذبت هيومن رايتس في تقريرها ؟‬


‫‪18‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪21‬‬ ‫‪ 28‬يونيو ‪2015‬‬

‫شؤون ليبية‬

‫األمن التونسي يفرّغ خلية تكفــــــــــ‬

‫الفنظازيا الجهادية‬ ‫بين تونس وليبيا‬

‫مصير ليبيا يرتبط باستقرار وق��وة جارتيها‪ :‬مصر‬ ‫وتونس‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫نتاج‬ ‫اإلطرادي ليس وليد اللحظة‪ ،‬أو هو‬ ‫هذه التناسب‬ ‫ٌ‬ ‫التفاعالت السياسية احلديثة‪ ،‬بل هو ارتباط عضوي‬ ‫بني هذه الدول الثالث التي ال تعيش إحداها مبعزل‬ ‫عن األخريني‪ ،‬سواء كان ذلك من الناحية السياسية‪،‬‬ ‫أو االقتصادية‪ ،‬واالجتماعية بالطبع‪ .‬طالعتنا األنباء‬ ‫ف��ي األي���ام امل��اض�ين ب��أن ال��وح��دات احل��دودي��ة بإقليم‬ ‫احل���رس ال��وط��ن��ي ب��والي��ة م��دن�ين التونسية‪ ،‬متكنت‬ ‫م��ن ض��ب��ط خلية ت��ت��ك��ون م��ن ‪ 7‬أش��خ��اص م��ن ذوي‬ ‫الفكر التكفيري‪ ،‬خالل محاولتهم التسلل إلى ليبيا‬ ‫لاللتحاق باملجموعات اإلرهابية الناشطة هناك‪.‬‬ ‫وذكرت الداخلية التونسية في بيان لها أنه مت إحالة‬ ‫املجموعة املذكورة على الوحدة الوطنية لألبحاث في‬ ‫جرائم اإلرهاب للحرس الوطني بالعوينة‪ ،‬وذلك قبل‬ ‫إحالتهم إلى النيابة العمومية باحملكمة االبتدائية‬ ‫بتونس‪.‬‬

‫عبدالناصر محجوب‬


‫ــــــــــــيرية تستهدف طرابلس‪:‬‬

‫ماذا ميكن أن تقدم تونس حملاصرة داعش ليبيا؟‬


‫‪20‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪21‬‬ ‫‪ 28‬يونيو ‪2015‬‬

‫شؤون ليبية‬

‫وكانت احلكومة التونسية قد حذرت مراراً من محاوالت إثارة‬ ‫الفتنة ب��اجل�ن��وب وإض �ع��اف ه��ذه املنطقة ال�ت��ي تعتبر ح��زام�اً‬ ‫حدودياً مع ليبيا‪ ،‬موضحاً أن إضعاف اجلنوب التونسي يسهل‬ ‫عملية دخول اإلرهابيني املتربصني باألمن القومي لبالده ومن‬ ‫بينهم زعيم تنظيم ما يسمى بتنظيم الدولة أبو بكر البغدادي‪،‬‬ ‫و كذلك يفتح املجال أمام تنظيم داعش اإلرهابي املتمركز في‬ ‫ليبيا‪ ،‬وفق تعبيره‪.‬‬ ‫مرضية‬ ‫ظاهرة‬ ‫ّ‬ ‫توحد األنظمة‬ ‫هذا القلق «الرسمي» هو جزء من حالة قلق عامة ّ‬ ‫السياسية وشعوبها على موقف واحد إزاء هذه الظاهرة‪ ،‬فتد ّفق‬ ‫التكفيريني متواصل بني ليبيا وتونس من جهة‪ ،‬وليبيا ومصر‬ ‫من جهة أخ��رى‪ ،‬وإجماالً فإن هذه الطائفة تتسلّل بني حدود‬ ‫الدول العربية دون حتديد‪ ،‬فمشروعها االنقالبي يطال جميع‬ ‫األنظمة العربية دون استثناء‪ ،‬وبالرغم من دعواها اإلسالمية‬ ‫ّ‬ ‫يستشف منا الرأي العام فكرة «الوحدة اإلسالمية» التي‬ ‫التي‬ ‫ُق ّدمت بصيغ عديدة على مدى خمسني عاماً‪ ،‬إال أنها ال تعمل‬ ‫اآلن إال من خالل هدف واحد هو استهداف األنظمة العربية‬ ‫إلح�لال ب��دائ��ل أخ��رى مجهولة ال ميكن وصفها إال بالتخلّف‬ ‫واجلهل ور ّد البلدان العربية إلى تضاعيف املاضي السحيق في‬ ‫حتن إلى عصر ذهبي لم يكن موجوداً‬ ‫إطار نوستاجليا مرض ّية‬ ‫ّ‬ ‫على اإلطالق‪.‬‬ ‫لن نتع ّمق كثيراً في حتليل األسباب السيكولوجية لهذه الظاهرة‪،‬‬ ‫فتلك مرحلة قد نصل إليها جميعاً عندما نر ّكز جهودنا على‬ ‫«معاجلة» هؤالء املرضى‪ ..‬ولكننا معن ّيون اآلن بأساليب وطرق‬ ‫م��واج�ه��ة ه��ذه ال�ظ��اه��رة وإي�ق��اف�ه��ا عند ح� ّ�ده��ا‪ ،‬وب�ت��ر تناميها‬ ‫وتفاقمها في الدول العربية‪.‬‬ ‫الربيع املسموم‬ ‫الربيع العربي ال��ذي ُول��د في تونس لم يترعرع وينشأ بشطل‬ ‫طبيعي‪ ،‬لقد حت�� ّول بعد حلظاته األول ��ى إل��ى مسخ م�ش��ؤوم‪،‬‬ ‫تعتمل فيه االاللفوضى واالقتتال والفتنة واالنتقام من الرموز‬ ‫الوطنية‪ ،‬وكانت مق ّدمة هذا التح ّول غير الطبيعي هم اإلخوان‬ ‫املسلمني الذين يشتركون مع التكفيريني في اإلصرار على تقدمي‬ ‫مسائل العقيدة على كل ضرورة من ضرورات احلياة‪ ،‬وهو فهم‬ ‫حد ذاتها‪ ،‬ونتيجته األول��ى هي‬ ‫مصطنع لضرورة العقيدة في ّ‬ ‫التط ّرف والتز ّمت وحتويل اإلسالم إلى نوع من التملّك النفسي‬ ‫�وح��د ذه��ان��ي يصيب صاحبه‬ ‫‪ Obsession‬ال��ذي ي�ق��ود إل��ى ت� ّ‬ ‫بفوبيا مزمنة إزاء الواقع حتول تدريجياً إلى كره شديد له وحقد‬ ‫عليه ورغبة في تدميره‪.‬‬ ‫لقد حت� ّول ربيع تونس على يدي تنظيم اإلخ��وان – بقصد أو‬ ‫بدونه – إلى ربيع سلفي ترهيبي‪ ،‬أما في دول الربيع األخرى‬ ‫تفجرت بعد أحداث الثورة في تونس فإنه قد حت ّول كذلك‬ ‫التي ّ‬ ‫ّ‬ ‫عمدي‬ ‫مبخطط واض��ح اخل �ط��وات والتفاصيل‪ ،‬فهو م�ش��روع‬ ‫ّ‬ ‫إلسقاط األنظمة العربي احلالية‪ ،‬دون االهتمام مبا إذا كانت‬ ‫ه��ذه األنظمة هي نتاج التحوالت الشعبية العارمة‪ ،‬أم كانت‬ ‫امتداداً ملرحلة الديكتاتوريات السابقة‪.‬‬ ‫فنطازيا جهادية‬ ‫متحجر‬ ‫ال �ب��دي��ل ال ��ذي ت�ط��رح��ه اجل �م��اع��ات التكفيرية ب��دي��ل‬ ‫ّ‬

‫شارع احلبيب مسرح احلوار السياسي في تونس‬

‫التكفيريون في حركة مستمرة بني ليبيا وتونس ومصر‬ ‫وحجري باملعنيني‪ ،‬أي مبعنى التط ّرف والتز ّمت‪ ،‬ومبعنى انتمائه‬ ‫ينصب نفسه‬ ‫إلى عصر حجري قدمي‪ ..‬كل «جهادي» يستطيع أن ّ‬ ‫يحتج‬ ‫التي‬ ‫قاضياً وجالداً‪ ،‬ويستطيع أن يقيم محكمته اخلاصة‬ ‫ّ‬ ‫فيها مبا وصل إلى عقله املريض من ا ّدعاءات لكي يبيح لنفسه‬ ‫ح ّز الرؤوس والقتل واحلرق والبتر‪ ،‬ويعلّل جرائمه هذه بفتاوى‬ ‫تعطي له «إجازة» االنتهاك والتسلّط الظالم‪ ،‬واملب ّرر دائماً هو‬ ‫ن�ص��رة اإلس�ل�ام وإق��ام��ة ال��دول��ة اإلس�لام�ي��ة ال�ت��ي حتكم أرض‬ ‫اإلسالم شرقاً وغرباً‪.‬‬ ‫هذه الفنطازيا اجلهادية هي التي تضع اآلن جميع العرب أمام‬ ‫خطر واحد محدق بهم‪.‬‬ ‫ميكننا أن نقول الكثير ع��ن نشأة ه��ذه اجل�م��اع��ات‪ ،‬ومصادر‬ ‫�ب فيها‪ ..‬وك��ل ذل��ك ال‬ ‫متويلها‪ ،‬واملصلحة النهائية ال�ت��ي ت�ص� ّ‬ ‫عالقة له على اإلط�لاق بالعرب واملسلمني‪ ..‬ولكننا اآلن أمام‬ ‫جبهة إذا استم ّرت مفتوحة أكثر من ذلك فإنها ستقود حتماً‬ ‫إلى انهيار الدولة وتالشيها من اخلارطة السياسية لتصبح ليبيا‬ ‫ع��دة دوي�لات (ث�لاث أو أرب��ع)‪ ..‬وتنتهي إل��ى األب��د إمكانية أن‬ ‫يجني الليبيون فع ً‬ ‫ال ثمرة انخراطهم في ثورات الربيع العربي‪..‬‬ ‫ذل��ك الربيع ال��ذي ب��ات مسموماً بفعل اإلخ ��وان والتكفيريني‬ ‫واخلوارجالذين وف��دوا من كل ف� ّ�ج عميق لكي يشعلوا األرض‬ ‫حتت أقدام الليبيني ويح ّولوا بالدهم إلى بيئة طاردة أكثر مما‬ ‫كانت عليه في أي وقت مضى‪.‬‬ ‫اإلخوان‪ ..‬الراعي الرسمي لإلرهاب‬ ‫لقد م ّهد تنظيم اإلخ��وان الطريق أم��ام اجلماعات اجلهادية‬ ‫التكفيرية التي تقوم بعمليات التخريب واالعتداءات واجلرائم‬ ‫بل قام هذا التنظيم بتشكيل ميليشيا قمعية خاصة به‪ ،‬لكي‬ ‫يستغلها في حماية نفوذه وسلطته وقمع املعارضة‪ ،‬وإقصاء كل‬ ‫مناهض لتسييس اإلسالم وتفريغه من محتواه اإلمياني‪.‬‬ ‫إن تنظيم اإلخ��وان لم يستوعب جوهر الثورة وقيمتها‪ ،‬وحاد‬ ‫وأجج التجاذبات السياسية‬ ‫بالثورة عن مسارها الدميقراطي‪ّ ،‬‬ ‫بشكل عدائي‪ ،‬وأضفى طابعاً من العنف والتواطؤ من التكفيريني‬ ‫في جميع مراحل جتربته السياسية القصيرة ليتح ّول بذلك إلى‬ ‫الراعي الرسمي لإلرهاب‪ ،‬ليس في ليبيا فحسب‪ ،‬بل في منطقة‬ ‫الساحل والصحراء‪.‬‬


‫التجربة التونسية حصرت الصراع في دائرة النخب‬ ‫على مستوى النخبة دون السماح لها باالنتشار في الشارع‪ ..‬أما‬ ‫لقد كان اإلخ��وان أم��ام فرصة تاريخية مت ّكنهم من االنخراط‬ ‫ليبيا فإنها على العكس من ذلك إذ لم تثق األطياف السياسية‬ ‫في العمل السياسي الدميقراطي‪ ،‬ولكن ما أن أتيحت لهم هذه‬ ‫في بعضها البعض‪ ،‬ومت تعميم ونشر الصراعات على مستوى‬ ‫الفرصة حتى فضلوا أن يقلبوا ظهر املجن‪ ،‬وحولوا ليبيا – كما‬ ‫الشارع فانخرطت فيه القبائل والقرى‪ ،‬أما النخبة التي كان من‬ ‫كانوا قد حولوا تونس ومصر قبل ذل��ك – إل��ى ب��ؤرة لإلرهاب‬ ‫املفترض أن تقوم بدور قيادي‬ ‫ق��ادرة على أن حتتضن جميع‬ ‫ع�ل��ى أث �ن��اء ال�ف�ت��رة االنتقالية‬ ‫األطياف التكفيرية املريضة‪.‬‬ ‫فقد أصبحت جزءا من مشهد‬ ‫إن �ن��ا إذا ق�م�ن��ا ب��امل �ق��ارن��ة بني‬ ‫تأجيج األحقاد والضغائن بني‬ ‫جت��رب��ة ال�ت�ن�ظ�ي��م ف��ي ك��ل من‬ ‫ل �ي �ب �ي��ا وت� ��ون� ��س س � ��وف جن��د البد من حصر الصراع في إطاره السياسي ثم حصر‬ ‫األط��راف‪ ،‬وفشلت في انتهاج‬ ‫أس�ل��وب احل ��وار الدميقراطي‬ ‫أن� ��ه ل ��م ي��ق��دم خ �ل�ال ال �ف �ت��رة‬ ‫الصراع السياسي في إطار النخبة‬ ‫ال � � � � ��ذي ي� �س� �ت� �ط� �ي���ع ح��ص��ر‬ ‫االنتقالية غير خيبة اآلم��ال‬ ‫ال�ص��راع على مستوى الرموز‬ ‫وال ��رك ��ود االق �ت �ص��ادي وتعثر‬ ‫ال�س�ي��اس�ي��ة‪ ..‬ه��ذا ف�ض� ً‬ ‫لا عن‬ ‫النمو والتنمية‪ ،‬بسبب سياسة‬ ‫ّ‬ ‫تدفق التكفيريني متواصل بني ليبيا وتونس من جهة‬ ‫ك��ارث��ة ان �ت �ش��ار ال �س�لاح ال��ذي‬ ‫الع�ق�لان�ي��ة ال �ت��ي حت��ال�ف��ت مع‬ ‫حول ليبيا إلى جبهة مفتوحة‬ ‫اجلماعات السلفية التكفيرية‪،‬‬ ‫وبني ليبيا ومصر من جهة أخرى‬ ‫على ال ��دوام حل��رب متواصلة‬ ‫وأن��ش��أت ميليشيات مت��ارس‬ ‫يخوضها اجلميع ضد اجلميع‪.‬‬ ‫القتل واإلره ��اب لكي تتش ّبث‬ ‫باحلكم بأساليب استبداد ّية‬ ‫الربيع العربي أصبح ربيع ًا مسموم ًا‬ ‫اخلروج من املتاهة‬ ‫غير دميقراطية‪.‬‬ ‫طريق اخلروج من املتاهة التي‬ ‫عود على بدء‪..‬‬ ‫وض��ع الليبيون فيها أنفسهم‬ ‫نعود إلى شأن الهموم املشتركة تونس جتاوزت محنتها بالكثير من التفاؤل والثقة في‬ ‫ل �ي �س��ت م �س �ت �ح �ي �ل��ة‪ ..‬ول�ك�ن�ه��ا‬ ‫بني ليبيا وتونس‪.‬‬ ‫إن ال �ش �ع��ب ال �ت��ون �س��ي شعب أبنائها وحصر الصراع السياسي في النخبة دون السماح حت �ت��اج م��ن اجل�م�ي��ع إل��ى ق��در‬ ‫ك ��اف م��ن ال �ث �ق��ة ف��ي ال�ن�ف��س‪،‬‬ ‫منفتح على احلضارة العربية‬ ‫له باالنتشار في الشارع‬ ‫وقدرة على الرغبة في احلل‪.‬‬ ‫يرض أن يتقوقع‬ ‫واإلنسانية‪ ،‬لم َ‬ ‫يجب أوالً حصر الصراع في‬ ‫وينكفئ في ظ ّل نظام أخواني‬ ‫إط� ��اره ال �س �ي��اس��ي‪ ،‬ث��م حصر‬ ‫سلفي يض ّيق احلريات‪ ،‬ويق ّيد‬ ‫الصراع السياسي على مستوى‬ ‫امل �ف �ك��ري��ن وامل �ث �ق �ف�ين‪ ،‬ومي�ن��ع‬ ‫النخبة والرموز‪ ..‬هذا هو اإلط��ار العام للخروج من األزم��ة‪ ،‬أما‬ ‫االنفتاح والتجديد في مظاهر احلياة الشخص ّية واالجتماع ّية‪،‬‬ ‫اآللية التي يجب الوصول بها إلى ذلك فإنها الشقّ األسهل في‬ ‫ومييل إلى احلياة في ظل نظام سياسي دميقراطي منفتح على‬ ‫املسألة إذا ما تو ّفرت الرغبة في الوصول إلى حل لدى أطراف‬ ‫اآلخر‪ ،‬مبا يسهم في تق ّدم املجتمع وازدهاره‪.‬‏‬ ‫الصراع‪ ..‬إنه بشكل أو بآخر االقتداء بالتجربة التونسية التي‬ ‫لقد جت ��اوزت ت��ون��س محنتها بالكثير م��ن ال�ت�ف��اؤل والثقة في‬ ‫ح ّولت أجيج الربيع إلى خريف هادئ‪.‬‬ ‫أبنائها وحصر ال�ص��راع السياسي والتجاذبات األيديولوجية‬


‫‪22‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪21‬‬ ‫‪ 28‬يونيو ‪2015‬‬

‫شؤون ليبية‬

‫مراجعات ليبية‪:‬‬

‫الصواب والخطأ في التحـــــ‬


‫نظامية‪.‬‬ ‫ما زالت ليبيا تشهد تداعيات سياسية غير‬ ‫ّ‬ ‫وي�����ؤدي ه���ذا احل�����راك وم���ا ي��ت��ض��م��ن��ه م���ن ت��ط��ورات‬ ‫واعتماالت مفاجئة إلى نتائج قد ال تكون متوقعة في‬ ‫أغلب األحيان‪ ،‬ويتولد عنها عنف غير مسبوق تزيده‬ ‫اض��ط��رام� ًا تلك التشكيالت املسلحة املسطرة على‬ ‫األرض‪ ،‬بينما ي��رى العالم مزيد ًا من تشريد ون��زوح‬ ‫وهجرة الليبيني‪ ،‬باإلضافة إلى دمار املؤسسات العامة‬ ‫كاملطار واملقرات احلكومية والبنية األساسية احليوية‪،‬‬ ‫وانهيار اخل��دم��ات وعلى رأس��ه��ا املؤسسات الصحية‬ ‫واملستشفيات وامل��دارس واجلامعات‪ ..‬باختصار وقوع‬ ‫ليبيا على حافة االنهيار‪.‬‬ ‫إن عملية التحول السياسي التي خ��اض الليبيون‬ ‫غمارها يجب أن تخضع من طرف اجلميع ملراجعات‬ ‫جادة تتوخى اخلروج من هذه األزمات املتفاقمة التي‬ ‫تبدو بال نهاية‪.‬‬

‫خالد بشير‬

‫ــــــــوالت السياسية في ليبيا‬


‫‪24‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪21‬‬ ‫‪ 28‬يونيو ‪2015‬‬

‫شؤون ليبية‬

‫إن األزمة الليبية في الوقت احلالي ته ّدد منطقة شمال إفريقيا‬ ‫وما جاورها عبر التصرف غير املشروع في األسلحة وتزايد‬ ‫التطرف والفوضى‪.‬‬ ‫لقد ك��ان األم�ين ال�ع��ام ل�لأمم املتحدة ق��د ت�ن��اول ف��ي أك�ث��ر من‬ ‫مناسبة هذا الوضع املزري‪ ،‬باحثاً عن ح ّل يشاركه فيه اآلخرون‪:‬‬ ‫« نهجنا يجب أن يرسخ مبادئ عدم التدخل في الشئون الداخلية‬ ‫لليبيا‪ ،‬واحترام سيادتها الوطنية‪ .‬كما أنه ال يوجد مكان للعنف‬ ‫في عملية التحول السياسي‪ .‬ويتعني معاجلة املخاوف من خالل‬ ‫احلوار السياسي اجلامع مبا في ذلك مع املوجودين في طبرق‬ ‫ومصراته وطرابلس وبنغازي وغيرها‪ .‬سيشكل ه��ذا أس��اس‬ ‫اتفاق األطراف على نزع السالح واالندماج مع القوات املسلحة‬ ‫التابعة للدولة»‪ .‬كانت هذا هو فحوى الطرح األممي في البداية‪،‬‬ ‫إال ان��ه من الناحية العملية قد دخ��ل في س��رداب مظلم يقود‬ ‫فعالياته برناردينو ليون الذي أصبح ال يعرف على وجه اليقني‬ ‫أين ستقوده خطواته بني تفاصيل املسألة الليبية وهي تفاصيل‬ ‫متشعبة وغامضة‪.‬‬ ‫احلوار من منظور املؤمتر الوطني‬ ‫بني رفض وقبول أ ّكد املؤمتر الوطني املنتهي الوالية والصالحية‬ ‫على احل��ل املوضوعي والشامل وامل�ت��وازن في ليبيا دون إقحام‬ ‫أفكار تعد ناسفة جلهود احلوار واللجوء إلى ثوابت‬ ‫يقول أنه طالب بها بعثة األمم املتحدة للدعم في ليبيا تتمثل في‬ ‫إعادة النظر في آليات العمل وطريقة دعم املسار السياسي في‬ ‫ليبيا والوقوف على مسافة واحدة من جميع األطراف‪.‬‬ ‫وم��ع استمرار حلقات ه��ذه السلسلة من احل��وار عير املتكافئ‬ ‫يحاول ليون اخلروج بتوصية عامة ترضى جميع األطراف دون‬ ‫جدوى‪ .‬ولكنه كالعادة يخرج «بتفاؤل غير مفهوم وابتسامة غير‬ ‫مبررة‪ ..‬لكي يُصرح أن مسودة االتفاق السياسي بني األطراف‬ ‫املتنازعة في ليبيا على وشك االنتهاء»‪.‬‬ ‫لقد ص ّرح أكثر من مرة بأن االتفاقية شهدت إجماع على أكثر‬ ‫من ‪ 80%‬من بنودها‪ ،‬وأن األط��راف املشاركة ستعود إلى ليبيا‬ ‫للتشاور مع اجلهات التي ميثلونها ثم يعودون لطاولة احلوار مرة‬ ‫أخرى وبشكل نهائي‪.‬‬ ‫ه��ذه الكلمات – مث ً‬ ‫ال – نُقلت عنه مباشرة بعد انتهاء جلسة‬ ‫الصخيرات‪ ،‬ولكن وفي غضون ‪ 24‬ساعة قام املؤمتر الوطني‬ ‫«حكم احملكمة‬ ‫بإعالن رفضه التام ألن مسودة احلوار التي تتجاهل ُ‬ ‫ال ُعليا في طرابلس بحل مجلس النواب في طبرق»‪ .‬بل وطالب‬ ‫املؤمتر بتغيير األسباني برناردينو ليون نظراً النحيازه ملجلس‬ ‫ال�ن��واب وغياب املوضوعية عن األداء السياسي والدبلوماسي‬ ‫للمبعوث األممي‪.‬‬ ‫على الطرف اآلخر قام أيضاً مجلس النواب بإبداء عدم قناعته‬ ‫باملسودة وبنودها التي تنقص م��ن شرعيته‪ ،‬كما ه� ّ�دد بتعليق‬ ‫مشاركته في احلوار ككل في حال استمرت ميليشيات فجر ليبيا‬ ‫في تصفية مؤيدي شرعية مجلس النواب القاطنني في طرابلس‪.‬‬ ‫احلوار من منظور برناردينو ليون‬ ‫أثناء ج��والت لم يكن السجال العسكري بني األط��راف يتوقف‬

‫حفتر‪ ..‬منع السلّح يعرقل بناء اجليش‬

‫حكومة الغويل ‪ ..‬صدى في وادي االخوان‬

‫سوف تنتهي والية املجلس قريب ًا‪ ،‬وسوف يلتحق‬ ‫باملؤمتر الوطني العام‪ ،‬ويصبحان مجلس ًا ومؤمتر ًا‬ ‫منتهيا الوالية والصالحية‬ ‫التشريد والنزوح والهجرة ودمار املؤسسات السيادية‬ ‫وتفريغ البنية األساسية وانهيار اخلدمات العامة‪..‬‬ ‫ذلك يعني انهيار الدولة في ليبيا‬ ‫تهدد منطقة شمال إفريقيا‬ ‫األزمة الليبية أصبحت ّ‬ ‫عبر التصرف غير املشروع في األسلحة وتزايد‬ ‫التطرف والفوضى‬


‫ولو مؤقتاً‪ ،‬وبالرغم من كل ذلك‪ ،‬يستمر ليون في إبداء تفاؤله‬ ‫غير النهائي أم��ام مجلس األم��ن‪ ،‬وعموماً فإن هذا األداء من‬ ‫برناردينو ليون ليس بغريب عن أداء منظمة األمم املتحدة في‬ ‫كل أزمات الشرق األوسط السياسية‪.‬‬ ‫ولكي يكون ليون قادراً على فتح املزيد من االحتماالت واقتراح‬ ‫املزيد من املشاريع قام بعد اجلولة األول��ى من احل��وار باتخاذ‬ ‫ق ��رار ب�ت��وس�ي��ع دائ���رة امل �ش��ارك�ين‪ ،‬وض��م ش�خ�ص�ي��ات سياسية‬ ‫مستقلة وبعض قيادات التشكيالت العسكرية‪ ،‬وقيادات أخرى‬ ‫دينية وقبلية واجتماعية‪ ،‬ضمن محور واح��د ير ّكز عليه هو‬ ‫التوصل حلكومة توافقية بني طبرق وطرابلس‪ ..‬تنهي األزمة‪.‬‬ ‫إن ما يبدو غائباً عن إدراك األمم املتحدة – من خالل مبعوثها‬ ‫إلى ليبيا – هو أن احلوار السياسي الذي ترعاه األمم املتحدة‬ ‫منذ العام املاضي يتعامل إل��ى اآلن مع أح��د أع��راض املشكلة‬ ‫وليس مع جذورها‪ .‬فمنذ اجلولة األولى للحوار السياسي الليبي‬ ‫في مدينة غدامس في ديسمبر ‪ 2014‬والتركيز ُمنصب بشكل‬ ‫كامل على تقريب وجهات النظر بني طرفي النزاع في الشرق‬ ‫وال �غ��رب‪ ،‬وال�ع�م��ل على ال�ت��وص��ل حلكومة م��وح��دة وم�ك��ون��ة من‬ ‫الطرفني‪ .‬وجاء بعد ذلك حوار جنيف في يناير ‪ 2015‬والذي‬ ‫رف��ض امل��ؤمت��ر الوطني أن يحضر فعالياته ‪ ،‬ث��م غ��دام��س في‬ ‫‪ 2‬فبراير ‪ ،2015‬ثم جولة ح��وار الرباط في م��ارس‪ ،‬ثم حوار‬ ‫الصخيرات‪.‬‬ ‫ومبعنى آخر‪ ،‬األمم املتحدة ترى أن األزمة احلقيقية في ليبيا‬

‫مجلس األن‪ ..‬جميع اخليارات صعبة ومحتملة‬ ‫هي أزمة تعدد السيادة ووجود أكثر من شرعية في البالد‪ ،‬وأن‬ ‫احلل يكمن في خلق توافق سياسي بني الكيانان املتصارعان في‬ ‫الشرق والغرب‪ ،‬ولكن ما يبدو غائباً عن األمم املتحدة‪ ،‬أن الواقع‬ ‫السياسي احلالي في ليبيا لن يسمح لهذه احلكومة التوافقية‬ ‫مبمارسة سيادة حقيقية على أرض الواقع في حال تشكيلها بعد‬ ‫كل هذا اجلهد املُضني في احلوار السياسي‪.‬‬ ‫احلوار من منظور «احلكومتني»‬ ‫املعطيات على أرض الواقع تقول أن احلكومة املكلفة من املجلس‬ ‫في طبرق وحكومة األمر الواقع في طرابلس لم تكن إحداهما‬ ‫قادرة يوماً ما على السيطرة بشكل كامل على األوضاع األمنية‬ ‫والسياسية داخل الرقعة اجلغرافية التي تتحكم فيها‪ ،‬كما أن‬ ‫احلكومتان ال يوجد لديهما قدرة على التخلص من امليليشيات‬ ‫والتشكيالت املسلحة التي متأل ليبيا وتُعد املشكلة الرئيسية‬ ‫املُسببة لألزمة احلالية‪.‬‬ ‫احلكومتان مستمرتان على نهج احلكومات التي سبقتهم من‬ ‫خالل احلفاظ على هيكل غير رسمي من التواصل والتعامل‬ ‫وال�ت�ن��ازالت ب�ين احلكومة كمؤسسة شرعية وب�ين التشكيالت‬ ‫املُسلحة كأمر واقع ال ميكن تفاديه‪.‬‬ ‫ك�م��ا ت��دل امل�ع�ط�ي��ات أي �ض �اً ع�ل��ى ع��دم ق ��درة احل�ك��وم�ت��ان على‬ ‫السيطرة الكاملة على األذرع العسكرية التي متثلهم‪ ،‬فيظل‬ ‫هناك الكثير من التباين والتناقض بني التصريحات احلكومية‬


‫‪26‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪21‬‬ ‫‪ 28‬يونيو ‪2015‬‬

‫شؤون ليبية‬

‫ليون‪ ..‬شبه أعمى في سرداب مظلم‬ ‫والسياسية وبني األداء العسكري امليداني‪ ،‬فال حكومة طبرق‬ ‫ق ��ادرة على السيطرة الكاملة على اجل�ي��ش ال��وط�ن��ي الليبي‪،‬‬ ‫وال حكومة األم��ر ال��واق��ع في طرابلس ق��ادرة على كبح جماح‬ ‫ميليشيات فجر ليبيا‪ .‬وفي نفس الوقت‪ ،‬يظهر يوماً بعد يوم‬ ‫حجم اخلالف واالنشقاق املتزايد داخل كل كيان من الكيانان‬ ‫الرئيسيان في الشرق والغرب‪ ،‬كما لم تُبد أي من احلكومتني‬ ‫ال�ق��درة على مواجهة حت��دي��ات أمنية جسيمة كصعود النفوذ‬ ‫العسكري لتنظيم الدولة اإلسالمية (داعش)‪.‬‬ ‫ونتيجة هذه الضحالة في التأثير على املوقف السياسي العام‬ ‫ميكننا أن نخلص هنا إلى أن احلكومتني هما في حالة انتظار‬ ‫ع ّما تسفر عنه فعاليات احل��وار أكثر مما هما ق��ادرت��ان على‬ ‫املساهمة في توجيهه أو التأثير على مساره‪.‬‬ ‫احلوار من منظور مجلس النواب‬ ‫مجلس النواب يرى مسألة احل��وار مبشكل مختلف متاماً عن‬ ‫الطرفني السابقني‪ .‬إنه ينظر أوالً إلى متهيد األرضية للجلوس‬ ‫على ط��اول��ة احل ��وار حتى النهاية وذل��ك م��ن خ�لال االع�ت��راف‬ ‫بشرعيته السياسية والنظر حلكم احملكمة ال ُعليا بطرابلس على‬ ‫أنه حكم صدر حتت تهديد سالح ميليشيات فجر ليبيا للهيئة‬ ‫القضائية للمحكمة‪.‬‬ ‫هذا املطلب لم يتحقق حتى اآلن‪ ،‬كما ال يبدو أنه سيتحقق في‬ ‫القريب العاجل‪ ،‬طاملا ان أط��راف األزم��ة جميعاً‪ ،‬مبا في ذلك‬ ‫التشكيالت املسلحة‪ ،‬ما زال��ت حتت ّل احل ّيز ال��ذي تفرض من‬ ‫خالله نفوذها وهيمنتها‪ .‬بالرغم من هذه الصعوبات القاتلة‪..‬‬

‫عقيلة صالح‪ ..‬االعتراف أوال لكي نواصل احلوار‬

‫متابعة السجال العسكري تكشف أنه يتزايد يوم ًا‬ ‫بعد يوم‬ ‫الطرح األممي دخل في سرداب مظلم يقود فعالياته‬ ‫برناردينو ليون وهو شبه أعمى‬ ‫ما يبدو غائب ًا عن إدراك األمم املتحدة هو أن احلوار‬ ‫السياسي يتعامل مع أعراض املشكلة وليس مع‬ ‫جذورها‬ ‫في خضم املوقف ا ُملعقد لألزمة لم يعد أحد مهتم ًا‬ ‫مبا يريده الليبيون أنفسهم‬


‫التصرف غير املشروع في األسلحة وتزايد التطرف والفوضى‬ ‫يواصل املجلس بني تأييد ورفض مشاركته في جلسات احلوار‬ ‫لهدف واحد فقط‪ ،‬أال وهو‪ :‬عدم اخلروج من هذا «املولد» بال‬ ‫حصة‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫احلوار من منظور الشعب الليبي‪.‬‬ ‫في خضم ه��ذا املوقف املُعقد‪ ،‬لم يعد أح��د مهتماً مبا يريده‬ ‫الليبيون أنفسهم‪.‬‬ ‫الليبيون – في زم��ن سياسي قد يبدو طبيعياً للوهلة األول��ى‬ ‫– ك��ان��وا ق��د اخ �ت��اروا أع�ض��اء مجلس ال �ن��واب ليمثلوا السلطة‬ ‫التشريعية القادرة على رسم مسار إعادة بناء الدولة وإنقاذ ما‬ ‫ميكن بعد مواقع ضارية خرجوا منها بأقل عدد من اخلسائر‪...‬‬ ‫كانوا يعتقدون أن ذلك هو «ح ّد السو» كما يقولون‪ ،‬ولم يكونوا‬ ‫يعرفون أن بداية الكارثة قد ال حت في األفق‪ ،‬وأن ما مت حتى‬ ‫تلك اللحظة لم يكن سوى تدريب لهم من األقدار لكي يدخلوا‬ ‫بوابة اجلحيم‪.‬‬ ‫الليبيون غير معنيني بتفاصيل احل��وار أو مبؤهالت أعضائه‬ ‫أو بهم أص� ً‬ ‫لا‪ ..‬إنهم يتعلّقون اآلن بقشة ألنهم ال يعثرون على‬ ‫شيء يتمسكون به في خضم ما يحدث على أرض الواقع‪ .‬وإذا‬ ‫م��ا ج��رى استفتاء ع��ام ف��إن أول��ى نتائجه املتوقعة ه��ي إجماع‬ ‫الليبيني على اخلروج من األزمة كيفما كان‪ .‬أما النتيجة الثانية‬ ‫املتوقعة فهي أن الغالبية العظمى منهم سيص ّرون على أن يتم‬ ‫ذل��ك بطريقة دستورية من خ�لال املؤسسة الشرعية الوحيدة‬ ‫التي متثلهم أمام العالم وهي مجلس النواب‪.‬‬ ‫سوف تنتهي والية املجلس قريباً‪ ،‬وسوف يلتحق باملؤمتر الوطني‬ ‫العام‪ ،‬ويصبحان مجلساً ومؤمتراً منتهيا الوالية والصالحية‪..‬‬ ‫إن الليبيني في واقع األمر يحتاجون في هذه املرحلة إلى ح ّل‬

‫جذري حاسم‪ ،‬لكن احلل اجلذري الذي توقع الكثيرون أن يأتي‬ ‫من اجليش الليبي أصبح بطيئاً وغير مؤ ّكد‪ ..‬لم يتبق إذن سوى‬ ‫خضوع ليبيا إل��ى ن��وع من الوصاية املؤقتة من األمم املتحدة‬ ‫لفترة انتقالية هي ثالثة أشهر يتم فيها إع��ادة ترتيب األمور‬ ‫من الصفر‪.‬‬ ‫قد يبدو هذا حلماً أو قراءة خيالية للواقع‪ ،‬ولكن والية املجلس‬ ‫سيفضل الليبيون‬ ‫قد حانت نهايتها‪ ..‬ولسوف نرى آنذاك أي ح ّل‬ ‫ّ‬ ‫اللجوء إليه‪.‬‬ ‫ختاماً‪..‬‬ ‫إن ال��واق��ع السياسي ف��ي ليبيا يختلف ك��ث��ي��ر ًا عن‬ ‫م��ا نشهده على ط���اوالت ح��وار األمم املتحدة‪ ،‬وإذا‬ ‫كانت هناك نية صادقة لدى األمم املتحدة للتوصل‬ ‫لتسوية سياسية في ليبيا فمن الضروري أن تبدأ في‬ ‫التركيز على ج��ذور املشكلة املتمثلة في السيطرة‬ ‫على التشكيالت املسلحة‪ ،‬وإع��ادة إحياء االقتصاد‬ ‫الليبي‪ ،‬والعمل على خلق مؤسسات أمنية وعسكرية‬ ‫ق��ادرة على استيعاب شباب امليليشيات والتشكيالت‬ ‫املسلحة املتعددة واستخدامهم لصناعة نخبة أمنية‬ ‫ج��دي��دة داخ���ل ليبيا‪ .‬وق��ب��ل ك��ل ذل���ك‪ ..‬ال��ع��ودة إلى‬ ‫الشعب الليبي نفسه باستفتائه أو إج��راء استشارة‬ ‫��رر م���ن خ�لال��ه��ا خ���ط���وات احل��ل‬ ‫ش��ع��ب��ي��ة ع���ام���ة ي���ق� ّ‬ ‫وخطوطه العامة كما يراها‪ .‬احلل باختصار ال ميكن‬ ‫مير على الناخبني‪،‬‬ ‫أن يكون شرعي ًا ومشروع ًا ما لم‬ ‫ّ‬ ‫أي الشعب الليبي‪ ،‬صاحب املصلحة احلقيقية في ما‬ ‫يحدث في بالده‪.‬‬


‫‪28‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪21‬‬ ‫‪ 28‬يونيو ‪2015‬‬

‫قال الشاهد‪..‬‬


‫اا‬ ‫ا‬ ‫حكايات‬ ‫من زمن‬ ‫فبراير‬

‫«سيرة ذاتية»‬ ‫(الجزء السادس)‬ ‫عندما خرجت من مدينتي قاصد ًا مدينة الثورة‬ ‫بنغازي لم يدر بخلدي أن أصبح عضو ًا في املجلس‬ ‫الوطني االنتقالي أو أن اصطدم بجماعة اإلخوان‬ ‫املسلمني وأك��ت��ش��ف م��ؤام��رات��ه��م م��ب��ك��راً‪ ،‬وعندما‬ ‫صرخت عبر وسائل االع�لام منبه ًا ملا يجري‪ ،‬لم‬ ‫يسمعني أحد فقد كانت الناس منتشيه بانتصار‬ ‫الثورة وعندما أستفاق البعض كانت الواقعة قد‬ ‫وسرقت الثورة‪...‬‬ ‫استحكمت ُ‬

‫املختار اجلدال‬


‫‪30‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪21‬‬ ‫‪ 28‬يونيو ‪2015‬‬

‫قال الشاهد‪..‬‬

‫دخ��ل احللفاء من اجلبهة الشرقية إل��ى إقليم برقة‬ ‫ونظرا للدور ال��ذي ق��ام به اجليش السنوسي ووع��ود‬ ‫اإلجنليز مبنح برقة استقاللها متى وضعت احلرب‬ ‫أوزارها وانتصر احللفاء‪ ،‬لذا فقد أوفت دول احللفاء‬ ‫بذلك وأعلنت إم��ارة برقة‪ ..‬الدولة العربية الثامنة‬ ‫آنذاك وبقيادة األمير إدريس السنوسي‪.‬‬ ‫نحن أبناء شعب واحد‪ ،‬ودين واحد‪ ،‬وال خالف بيننا‪..‬‬ ‫وق��د انتشرت في البداية دع��وة إلقامة نظام الدولة‬ ‫البسيطة لتي تقوم على أسس ال مركزية تتوزع فيها‬ ‫دوائ��ر الدولة على كل األقاليم وتتوزع ث��روات البالد‬ ‫بالتساوي على كل جهات الدولة دون متييز أو تهميش‬ ‫أو إق��ص��اء‪ ..‬وأن ينظر إل��ى اجلميع نظرة واح���دة ال‬ ‫تختلف من مكان إلى آخر‪ ..‬لنقيم معا دولة القانون‬ ‫واملؤسسات‪ ..‬الدولة الليبية احلرة‪.‬‬

‫ُك�ل��ف ح��ام��د بترتيب إقامتي بفندق الفضيل ونقلتني سيارة‬ ‫إلى بنغازي في اليوم التالي‪ ،‬وفي فندق الفضيل تعرفت على‬ ‫شخصيات ج��دي��دة ألتقي بها ألول م��رة وه��م كثر سآتي على‬ ‫ذكرهم في مواضيع أخرى‪.‬‬ ‫وصلت بنغازي ظهر اجلمعة كانت الطريق م��ن البيضاء إلى‬ ‫بنغازي مكتظة بالسيارات وبوابات التفتيش‪ ،‬ولكن لم يعترض‬ ‫طريقنا أي أمر يستحق الذكر‪ ،‬فالرجال في البوابات يتحدثوا‬ ‫إلينا باحترام يطلبون أوراقنا الثبوتية ثم يشيرون إلينا مبواصلة‬ ‫السير‪.‬‬ ‫توجهت إلى ساحة التحرير (ميدان احملكمة) وكم كانت فرحة‬ ‫الشهيد عبدالسالم املسماري كبيرة عندما التقيته باحملكمة‬ ‫م�س��اء اجل�م�ع��ة‪ .‬أدخ�ل�ن��ي مكتبه وك�ت��ب من��وذج انضمامي إلى‬ ‫االئ�ت�لاف بخط ي��ده وبعد قليل جهز ط��ارق بطاقة العضوية‪،‬‬ ‫وسلمها لي عبدالسالم وقال لي هذه لكي ال يعترضك أحد‪.‬‬ ‫كان الشعور وأنا ألتقي «شباب احملكمة» شعوراً ال مثيل له‪ ،‬وكأني‬ ‫أعرفهم منذ زم��ن بالرغم من أنني ال أع��رف إال عبدالسالم‪،‬‬ ‫أمضيت ذلك املساء باحملكمة وخرجت على املنصة فألقيت كلمة‬ ‫مقتضبة شرحت فيها كيف تسير األحداث في املنطقة الغربية‪،‬‬ ‫وأرتفع الهتاف «أرفع راسك فوق أنت ليبي حر»‪.‬‬ ‫ال �ن �ش��وة ب��االن �ت �ص��ارات امل�ت��ول�ي��ة ك��ان��ت ش �ع��ار امل�ن�ص��ة وم �ي��دان‬ ‫احملكمة‪ ،‬ومن هناك إلى خيمة قبيلة العجيالت في بنغازي التي‬ ‫أعدت بالساحة ويلتقي فيها أبناء القبيلة للتعبير عن انضمامهم‬ ‫وتأيدهم للثورة‪ .‬كثيرون كانوا يلتقون هنا‪ ..‬موسى ابوغميقة‬ ‫أبوعجيلة الساكت‪ ،‬وعدد آخر كبير يطبخون الفاصوليا ويعدون‬ ‫الشاي ويوزعونه على الساحة‪.‬‬

‫فندق الفضيل ك��ان املنتدى السياسي للمهتمني بشأن الثورة‬ ‫واجلبهات من كل حدب وصوب‪ ..‬يلتقون ويشكلون رأياً عاماً‪،‬‬ ‫عندما دخلت نظر نحوي اجلميع تقريباً بارتياب‪ ،‬ترى من هو‬ ‫هذا القادم اجلديد‪ ،‬وهذا الوجه غير املآلوف؟ جلست لوحدي‬ ‫أول األم��ر‪ ،‬ولكن فرج بوكر لم يسمح بذلك‪ ،‬قال لي‪« :‬تعال يا‬ ‫بوصاحب قمعز يالنا»‪.‬‬ ‫انتقلت إلى الطاولة التي يجلس عليها فرج بوكر وأحمد الزنتاني‬ ‫وآخرين‪ ،‬وبدأ التحقيق‪ :‬من وين وملن؟ أمتى وصلت؟ كيف األمور؟‬ ‫يسألون عن كل شيء‪ ..‬ودخل في النقاش شخص يجلس على‬ ‫طاولة مجاورة بالرغم من انهماكه في العمل على الكمبيوتر‪.‬‬ ‫إبراهيم هديه انطلق صوته وهو يقوم من مكانه ليقول‪ :‬أنشاء‬ ‫الله أنت مختار اجلدال! العجيلي! نظرت إليه مستغرباً أن أجد‬ ‫أح��داً يعرفني‪ ،‬قال لي‪ :‬يا راج��ل أنا أن��دور فيك مبعوثلك من‬ ‫مانشستر‪ ،‬ق��ال ه��ذا الكالم بسرعة ب��رق لم تكن تتناسب مع‬ ‫ضخامة جسمه‪.‬‬ ‫بدأت رحلتي مع إبراهيم منذ ذلك اليوم‪ .‬كنا نلتقي يومياً تقريباً‪.‬‬ ‫صباحاً ومساء‪ .‬وكثيراً ما أنال منه بعض الشفقة‪ ،‬فيصحبني‬ ‫إلى بيت والدته التي كانت مبدعة في صنع «الشرمولة»‪ ..‬الوجبة‬ ‫املفضلة في صيف عام ‪2011‬م‪.‬‬ ‫إبراهيم خرج من ليبيا مطارداً من نظام القذافي‪ ،‬وعاش في‬ ‫سوريا‪ ،‬ثم أنتقل ليقيم في مانشستر‪ ،‬وعاد إلى ليبيا يوم ‪22‬‬ ‫فبراير ليساهم في الثورة‪ ،‬وهو ذو عقلية متفتحة‪.‬‬ ‫عندما غ��ادر مانشستر أوص��اه بعض األص��دق��اء باالتصال بي‬ ‫ألنهم يعرفون أنني البد وأن أكون ضمن ركب الثورة‪.‬‬ ‫وب��رف�ق��ة إب��راه �ي��م وال��دك �ت��ور محمد امل�ف�ت��ي وخ��ال��د الترجمان‬ ‫والدكتورة هناء القالل أنشأنا جمعية تهتم باملصاحلة الوطنية‪،‬‬ ‫ولكنها لم تستمر طوي ً‬ ‫ال بالرغم من اجلهد املبذول من األعضاء‬ ‫وخاصة الدكتورة هناء القالل‪.‬‬ ‫اشتغلنا على موضوع املصاحلة منذ منتصف ‪2011‬م‪ ،‬ووضعنا‬ ‫برنامج عمل لتفعيل موضوع املصاحلة‪ ،‬ورتبنا زي��ارات لبعض‬


‫الشخصيات العربية التي كنا نعتقد أن لها تأثير في املشهد‬ ‫والواقع الليبي‪.‬‬ ‫ذه�ب��ت إل��ى مصر ‪2011 /6 /15‬م وق��اب�ل��ت ال��دك�ت��ور عزمي‬ ‫ب �ش��ارة(*) ك��أح��د الشخصيات املقترحة ل�ه��ذا ال�ب��رن��ام��ج‪ .‬في‬ ‫املقابلة سألني دكتور عزمي‪ ..‬أنت تتبع أي فريق؟ جرس إنذار‬ ‫مبكر!! قلت له في ليبيا فريقني فقط‪ ،‬فقال أعرف‪ ،‬ولكن هناك‬ ‫مجموعة ف��رق ض��د ال�ق��ذاف��ي‪ ،‬وأردف هناك اإلخ��وان وهناك‬ ‫القاعدة املقاتلة وهناك الفدراليني‪ ..‬أجبته ياه كل هذا اآلن في‬ ‫مواجهة القذافي‪ ..‬سكت برهة ثم أجبته‪ :‬أنا ليبي فقط‪ ،‬وال‬ ‫أعرف ه��ؤالء‪ ..‬قال لي أذاً اتفقنا أنتظر دعوتكم‪ ..‬ال يفوتني‬ ‫أن أذكر أن املقابلة متت مبساعدة عبداملنعم الهوني وصفوت‬ ‫الزيات‪.‬‬ ‫في الفضيل أيضاً التقيت املقدم أحمد ال��زاوي ال��ذي دعاني‬ ‫الج�ت�م��اع يعقد مب�ق��ر ال �ل��واء األول م�ش��اة ف��ي ب�ن�غ��ازي لغرض‬ ‫تنظيم املجلس العسكري باملنطقة الغربية‪ ،‬وق��د حضرت كل‬ ‫االجتماعات التي عقدت بحضور سالم قنيدي والعديد من‬ ‫ضباط املنطقة الغربية‪.‬‬ ‫ون �ت��ج ع��ن ذل��ك تشكيل امل�ج�ل��س ال�ع�س�ك��ري امل��وح��د باملنطقة‬ ‫الغربية بعد جهد مضني في التوفيق بني مختلف التوجهات‬ ‫وكانت جلهود أم��ر ال�ل��واء العقيد حامد باخلير وأم��ر القوات‬ ‫البرية العقيد خليفة بلقاسم حفتر‪ ،‬ال��دور األب��رز في تشكيل‬ ‫املجلس‪ ،‬ومت تكليفي مبهمة املنسق بني املجلس العسكري املوحد‬ ‫واملجالس احمللية باملنطقة الغربية‪.‬‬ ‫ف��ي ه��ذه األث �ن��اء وص��ل إل��ى ب�ن�غ��ازي ع��دد م��ن ش �ب��اب منطقة‬ ‫العجيالت الذين يرغبون في االلتحاق باجلبهات‪ ،‬وعند تواصلهم‬ ‫مع اجلهات العسكرية كانت تلك اجلهات تتصل بي للتعريف‬ ‫بهؤالء وكنت أقوم بالتعرف عليهم وأرسلهم إلى التدريب مبقر‬ ‫الثانوية الفنية‪.‬‬ ‫وم��ن خ�لال إبراهيم هديه التقيت عبدالهادي‪ ،‬وه��و ش��اب من‬ ‫أصول مصراتية يقع عمره بني الشباب والطفولة‪ ،‬لكن حديثه‬

‫معي يدل على اكتسابه رجولة فكرية مبكرة وهذا ليس غريباً‪.‬‬ ‫ت��رك عبدالهادي ّق � َدح مقاعد ال��دراس��ة في جامعة مانشستر‬ ‫املدنية تخصص هندسة وهو يجيد القليل من اللغة العربية وال‬ ‫يعرف من ليبيا إال اسمها أو ما تناقلته وكاالت األنباء واإلذاعات‬ ‫عنها‪ .‬وصل بنغازي عبر بوابة احلدود املصرية‪.‬‬ ‫التقيته في الفندق وهو يحدثني عن رغبته السفر إلى مصراتة‬ ‫للمشاركة في الدفاع عنها‪ .‬م ّر في طريقه على مدن وقرى قال‬ ‫أنه لم يشاهد مثلها في حياته وهي أروع مما شاهده في حياته‬ ‫وحتدث عن ساحل منطقة البردي التي أعجب بها جداً ومقابر‬ ‫احلرب العاملية الثانية ومدن درنة وشحات والبيضاء واملرج‪.‬‬ ‫سألته عن ماذا يستطيع أن يفعل في مصراتة؟ رد بجدية وحزم‬ ‫وظهر اإلصرار واالستغراب على مح ّياه وعينيه وبعربية ركيكة‪:‬‬ ‫كيف‪ ..‬كيف أنا أستطيع أن أفعل كل شيء من املمكن أن أساعد‬ ‫في تضميد اجل��راح‪ ،‬أساعد في نقلهم‪ ،‬أسهر على راحتهم‪،‬‬ ‫أساعدهم في تناول طعامهم‪ ،‬أغسل مالبسهم‪ ،‬أنظف الشوارع‪،‬‬ ‫أعمل أي شيء يحتاجه الثوار حتى أن أقاتل معهم فلن أتردد‬ ‫أبداً‪ ..‬املهم أن نقضي على الطاغية القذافي الذي حرمني من‬ ‫أن أرى تسعة من عماتي يعشن في مصراتة‪ ،‬ولم أره��م طيلة‬ ‫حياتي إال في الصور‪ ..‬فأنا بحاجة إلى أن أسلم عليهن وأن‬ ‫أقبلهن أن أملسهن على األقل فأنا أشعر بأن عواطفي لم تكتمل‬ ‫طاملا أني لم أراهم‪ ،‬فالصور وحدها ال تكمل املشهد‪.‬‬ ‫حواري مع عبدالهادي لم يكتمل بعد عندما أخبره أحد الزمالء‬ ‫بأن جرافة ستغادر بعد قليل إلى مصراتة‪ ..‬خرج مسرعاً نحو‬ ‫امليناء دون أن يحزم حقائبه وحتى دون أن يودعنا وقال‪ ..‬وأخيراً‬ ‫سوف أتلمس أخوات أبي‪ ..‬أو التحق بالثوار‪ ..‬أما أنت فسألتقي‬ ‫بك بعد أن نتخلص من هذا الطاغية‪.‬‬ ‫ومن خالل إبراهيم أيضاً التقيت ديفيد قورمي وهو شخصية‬ ‫أمريكية جاء ليعمل على موضوع املصاحلة بعد انتهاء احلرب‪،‬‬ ‫وق��د ساهم في إقامة العديد من ورش العمل مبدينة بنغازي‬ ‫حضرت بعض منها‪.‬‬


‫‪32‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪21‬‬ ‫‪ 28‬يونيو ‪2015‬‬

‫قال الشاهد‪..‬‬

‫محاضرة في بنغازي‪..‬‬ ‫سمحت لي الظروف بإلقاء محاضرة بالتنسيق مع ائتالف ‪17‬‬ ‫فبراير في قاعة جمعية الدعوة اإلسالمية وتلخصت في اآلتي‪:‬‬ ‫عندما ظهرت فكرة إقامة دول��ة اململكة الليبية املتحدة بنظام‬ ‫ح �ك��م ف ��درال ��ي ح�ت�م�ت��ه ظ���روف امل��رح �ل��ة ف��ي م�ن�ت�ص��ف ال �ق��رن‬ ‫العشرين‪ ،‬فقد كانت البالد قد خرجت للتو من كونها ميدان‬ ‫ملعارك احل��رب العاملية الثانية وخ��روج إيطاليا مهزومة فيها‬ ‫وباشر العالم املنتصر في تقسيم تركة وأمالك الدولة االيطالية‪.‬‬ ‫وبالنظر إلى أن احللفاء دخلوا من اجلبهة الشرقية إلى أقليم‬ ‫برقة ونظرا للدور الذي قام به اجليش السنوسي بقيادة األمير‬ ‫إدري ��س ووع ��ود اإلجن�ل�ي��ز مبنح ب��رق��ة استقاللها متى وضعت‬ ‫احلرب أوزاره��ا وانتصر احللفاء‪ ،‬لذا فقد أوفت دول احللفاء‬ ‫بذلك وأعلنت إمارة برقة الدولة العربية الثامنة آنذاك وبقيادة‬ ‫األمير إدريس السنوسي‪.‬‬ ‫وف��ي ح�ين أع�ل��ن اس�ت�ق�لال ب��رق��ة بقيت امل�ن��اط��ق الغربية حتت‬ ‫س�ل�ط��ة اإلدارة االجن �ل �ي��زي��ة وامل �ن��اط��ق اجل�ن��وب�ي��ة حت��ت سلطة‬ ‫اإلدارة الفرنسية وعند إع�لان استقالل ليبيا انظمت املناطق‬ ‫اجلنوبية والغربية ألم��ارة برقة املستقلة وك��ان لزاماً أن ينشأ‬ ‫نظام فيدرالي ألسباب اقتصادية حيث أن إقليم برقة كان غنياً‬ ‫باملوارد االقتصادية املتوفرة آن��ذاك من قمح وشعير وأراض��ي‬ ‫خصبة للمراعي‪ ،‬وهو األمر الذي جعل أعداد كبيرة من سكان‬ ‫املناطق الغربية واجلنوبية تهاجر إلى إقليم برقة خالل سنتي‬ ‫‪ 1947‬و‪ 1948‬م طلبا للرزق واملعيشة خاصة وأن اإلقليمني‬ ‫اجلنوبي والغربي كانا يعانيان من الفقر واجل�ف��اف وسيطرة‬ ‫اإلدارتني االجنليزية والفرنسية‪.‬‬ ‫وعمل املهاجرين في جتميع مخلفات احل��رب العاملية الثانية‬ ‫خاصة في منطقة طبرق كما أشتغل بعضا منهم في التجارة‬ ‫واألعمال الزراعية والرعوية‪.‬‬

‫وقامت دولة اململكة على احتاد فيدرالي يضم ثالث واليات في‬ ‫كل والية حكومة خاصة بالوالية وحكومة مركزية لعموم اململكة‬ ‫واستمر هذا النظام حتى عام ‪1963‬م عندما أعلن إلغاء النظام‬ ‫الفيدرالي وإقامة اململكة الليبية بنظام الدولة البسيطة‪.‬‬ ‫تتعالى اآلن أصوات تنادي بالعودة إلى النظام الفيدرالي خاصة‬ ‫في املنطقة الشرقية من ليبيا مع إن الدولة الليبية استمرت‬ ‫موحدة طيلة خمسون عاماً وهذا األمر متى مت وفقا لرغبات‬ ‫األغلبية فمن املفترض احترامه وعدم معارضته ولكن ليعرض‬ ‫على السكان في استفتاء على نظام احلكم والشكل العام للدولة‬ ‫الذي يرغبه الناس‪.‬‬ ‫لكني هنا البد لي من القول إن االحتادات الفيدرالية تقوم على‬ ‫أسس اقتصادية وحاجة إقليم ألخ��ر‪ ،‬أما في التجربة الليبية‬ ‫وفي هذا الوقت ليس من املفيد املناداة بنظام فيدرالي نظراً‬ ‫خلصوصية املرحلة أوال ثم للتداخل ال��ذي ح��دث خ�لال فترة‬ ‫اخلمسني سنة األخيرة التداخل في نسيج املجتمع الليبي املوحد‬ ‫والذي توحد في مواجهة قمع النظام وتوحد في إزاحة سلطة‬ ‫نظام جثم على صدور الليبيني جميعا وهمش وأقصى الليبيني‬ ‫جميعاً دون استثناء فقد عانى أهل الغرب مثلما كان عليه أهل‬ ‫الشرق واجلنوب واكتوى بنار النظام كل سكان ليبيا‪.‬‬ ‫والدعوة اآلن إلقامة نظام الدولة البسيطة تقوم على أسس ال‬ ‫مركزية تتوزع فيها دوائ��ر الدولة على كل األقاليم وأن تتوزع‬ ‫ث��روات البالد بالتساوي على كل جهات الدولة دون متييز أو‬ ‫تهميش أو إقصاء وأن ينظر إلى اجلميع نظرة واحدة ال تختلف‬ ‫من مكان إلى آخر لنقيم معا دولة القانون واملؤسسات الدولة‬ ‫الليبية احل��رة فنحن أبناء شعب واح��د ودي��ن واح��د وال خالف‬ ‫بيننا‪ ..‬ولن نعود للقيود‬ ‫مجموعة العمل الوطني‪..‬‬ ‫تشكلت مجموعة العمل الوطني في شهر يونيو ببنغازي بعكس‬


‫ما ورد في صفحة املجموعة على الفيس بوك من أنها «أسست‬ ‫منذ شهر أبريل لعام ‪ ،2011‬كمؤسسة داعمة للقرار السياسي‬ ‫واستشارية لرئيس املجلس الوطني االنتقالي للعمل مع منظومة‬ ‫م��ؤس�س��ات املجتمع امل��دن��ي»‪ ،‬ك�ن��ا مجموعة نلتقي ف��ي فندق‬ ‫الفضيل نتبادل اآلراء ح��ول الوضع في ليبيا وم��ا يحدث في‬ ‫املجلس الوطني االنتقالي خاصة بعد انضمام مجموعة اإلخوان‬ ‫املسلمني وكيف بدأت بوصلة املجلس تتجه نحو سيطرة اإلخوان‪.‬‬ ‫ال�ت�ق�ي�ن��ا ف��ي االج �ت �م��اع األول ب�ف�ن��دق تيبستي م�ج�م��وع��ة من‬ ‫الشخصيات أول األمر ثم التحق بناء عدد آخر حضر في أول‬ ‫اجتماع ط��ل م��ن ‪ :‬محمد ب��وك��ر‪ ،‬محسن ونيس كمال حذيفة‪،‬‬ ‫‪ ،‬م �ن �ص��ور ال��ف��رج��ان��ي‪ ،‬م��ص��دق ب��وك��ر‪،‬‬ ‫مختار اجلدال ‬ ‫ابراهيم الصويعي‪ ،‬عبدالوهاب الزاوي‪ ،‬خالد الترجمان‪.‬‬ ‫ق��ررن��ا ف��ي االجتماع العمل على اط�لاق ه��ذه املجموعة حتت‬ ‫أسم مجموعة العمل الوطني‪ ،‬وحت��دد مهمة املجموعة بالعمل‬ ‫على تقدمي الدعم السياسي للمكتب الرئاسي للمجلس الوطني‬ ‫االنتقالي كذلك تقرر السفر إلى البيضاء لعقد اجتماع مع بعض‬ ‫الشخصيات التي طلبت االنضمام للمجموعة‪ .‬ثم انضم إلينا كل‬ ‫من‪ :‬مسعود ام��راوة‪ ،‬حسن التواتي‪ ،‬فتحي مذكور‪ ،‬عبداملجيد‬ ‫سيف النصر‪ ،‬علي االح��رش‪ ،‬فخري االط��رش محمد استيته‪،‬‬ ‫مفتاح بارود‪ .‬وآخرين‪.‬‬ ‫وك��ان��ت االج�ت�م��اع��ات تعقد ف��ي ق��اع��ة بفندق تيبستي‪ ،‬وبعض‬ ‫األحيان في أماكن أخرى حسب الظروف‪ ،‬حتى اتخذنا مقراً‬ ‫مبستشفى يضم ‪ 1200‬سرير‪.‬‬ ‫عندما تشكلت ه��ذه املجموعة ك��ان هدفها مساعدة املجلس‬ ‫الوطني االنتقالي وقد عقدنا اجتماعاً مع املستشار مصطفى‬ ‫عبداجلليل وشرحنا ل��ه العديد م��ن املقترحات‪ ،‬وك��ان الرجل‬ ‫صراحة متفهماً جداً حيث طلب منا تكليف عدد خمس أشخاص‬ ‫من املجموعة للعمل ب��إدارة املجلس‪ ،‬وقد قمنا بتكليف محسن‬

‫ونيس للعمل ب��إدارة املجلس أوالً ثم مت تكليف خالد الترجمان‬ ‫مبهمة أمني سر املجلس‪.‬‬ ‫ب��ال��رغ��م م��ن ت�ل��ك اإلج � ��راءات ال �ت��ي ق��ام ب�ه��ا امل�س�ت�ش��ار إال إن‬ ‫املجموعة لم تلق ذلك القبول من قبل أعضاء املجلس االنتقالي‬ ‫فقد كانت جماعة اإلخ��وان تعمل وف��ق منهج متفق عليه وهو‬ ‫إقصاء كل من يحاول االقتراب من املجلس‪.‬‬ ‫منذ بداية انضمام جماعة اإلخوان املسلمني للمجلس الوطني‬ ‫االنتقالي تكون مب��وازاة ذلك فريق الدعم كحكومة ظل موازية‬ ‫للمكتب التنفيذي وهيئة استشارية ألعضائهم ف��ي املجلس‬ ‫االنتقالي كانت تتكون م��ن مجموعة م��ن ال�ق�ي��ادات اإلخوانية‬ ‫كان من بينهم محمود الفطيسي وسليم بيت املال وعمر الناكوع‬ ‫وكانوا يضعون اخلطط واملقترحات ويقدمونها بشكل جاهز من‬ ‫بينها فكرة اإلعالن الدستوري واحلرس الوطني وغيرها‪.‬‬ ‫هامش‬ ‫(*) ع��زم��ي ب��ش��ارة مفكر وأك��ادمي��ي ون��اش��ط وكاتب‬ ‫سياسي وروائ����ي فلسطيني ق��وم��ي ع��رب��ي م��ن عرب‬ ‫‪ 48‬وقائد التجمع الوطني الدميقراطي ومؤسسه‬ ‫في إسرائيل ونائب سابق في الكنيست اإلسرائيلي‬ ‫عن حزب التجمع الوطني الدميقراطي ومدير عام‬ ‫املركز العربي لألبحاث ودراس��ة السياسات‪ .‬كان أبرز‬ ‫األعضاء العرب في البرملان‪ ،‬وج��رت ع��دة محاوالت‬ ‫لنزع حصانته البرملانية‪ ،‬وجهت له تهمة «مساعدة‬ ‫العدو في زمن احل��رب» وك��ان املقصود دعم املقاومة‬ ‫اللبنانية خالل حرب لبنان ‪ ،2006‬كما وجهت له عدة‬ ‫مرات تهمة التحريض على التظاهر خالل االنتفاضة‬ ‫ّ‬ ‫الثانية من مواليد ‪ 22‬متوز ‪ 1956‬في مدينة الناصرة‬ ‫وحامل لدرجة دكتوراه في الفلسفة‪ .‬‬


‫‪34‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪21‬‬ ‫‪ 28‬يونيو ‪2015‬‬

‫براح‬

‫الحرب‪ ..‬موت يفضى إلــــــــ‬ ‫خديجة بسيكري‬ ‫يتبادر إلى أذهاننا عندما نتحدث عن احلروب‪ :‬الدمار واملوت‪..‬‬ ‫اجليوش‪ ..‬والقذائف‪ ،‬ومن ثم حتملنا التفاصيل إلى أمهات الشهداء‬ ‫والضحايا وزوجاتهم‪ ،‬أبنائهم اليتامى‪ ..‬تفاصيل حزنهم وفقدهم‬ ‫وتداعيات غيابهم عن حياة أسرهم‪ ..‬معاناة األرام��ل ‪ ‬وتشريد‬ ‫األبناء وأنني الثكالى‪ ..‬وكسر اآلباء بغياب سندهم في احلياة‪.‬‬ ‫لكن هناك نساء يفتتهن األلم في مغاور اخلجل والعيب والسر‪..‬‬ ‫تأكل قلوبهن الوجيعة ويحرق شبابهن احلزن على أحبابهن‪.‬‬ ‫فتيات بعمر ال��ورد لسن بأمهات ولسن بزوجات وال شقيقات‪..‬‬ ‫إنهن شقائق الروح احلبيبات اللواتي ال يلتفت إليهن أحد!!‬ ‫ال يذكرهن الناعي وال يحتضنهن املعزّي وال تنهال دموعهن جهاراً‬ ‫فينزوين في ملح ال��دم��وع وح�ي��دات يطوين ذكرياتهن الصغيرة‬ ‫وكلمات العشق التي لم تنضج‪ ..‬ووعود الهوى الراحلة مع أحبتهن‪.‬‬ ‫أحالمهن ببيوت آمنة وأطفال مي�لأون احلياة صخباً ورح�لات‬ ‫ومغامرات تنطوي كلها في خبر نعى على شاشة التلفاز ضمن‬ ‫قائمة املوت أو خبر غبي يطالعهن على صفحات الفيس‪.‬‬ ‫ك�ل�م��ات ف��ي أس�ط��ر تقتلع مب�ن��اج��ل ال�ف�ق��د ك��ل زه ��ور حدائقهن‬ ‫وحكايات عشقهن‪.‬‬ ‫حبيبات ال أحد يلتفت إليهن‪ ..‬ملا يطالعنا أبدا بيان رسمي لنعى‬ ‫الشهداء بتعزية للحبيبات أو مواساتهن!!‬ ‫ل��م تخرج حبيبة ب��اب بيتها وت�خ��رج مولولة م��ودع��ة لغد رسمته‬ ‫فتركها ومضى دون حتى أن تودعه الوداع األخير‪.‬‬ ‫فتى تربطه عالقة حب جميلة رفضها األهل العتبارات اجتماعية‬ ‫أو ما شابه‪ ..‬ذهب إلى القتال بقلب مكسور وحنني حلبيب فارقه‬ ‫قبل الفراق‪ ..‬لم يضمها إليه لم يلتفت إليها واعدا إياها بالعودة‪..‬‬ ‫لم يف بوعوده‪ ..‬لم يزرع في حقلها زهوره‪.‬‬ ‫مضى مهزومة فيه احلياة وخذلته احلياة عاد جثمانأ بكته أمه‬ ‫ولولت شقيقاته وحدها احلبيبة تتلوى في هجير الشوق واحلسرة‪..‬‬ ‫ينفرد بها الفقد يكوى قلبها وال يد متسد جرحها‪ ..‬أخبرتنى‬ ‫إحدى شقيقاته كيف أنها تفتح مكبر هاتفها ‪ ‬لها لتتشارك العويل‬

‫مع أسرته عبر األثير وتنوح في صمت حتى ال يطالها االستهجان‬ ‫واللوم‪ ..‬موت يفضى إلى موت ومازال احلبل على اجلرار‪.‬‬ ‫وطن ال يحتفى بعشاقه كيف سيبنى دياره وكيف ستتفتح أزاهيره‬ ‫وتسطع شمسه بال وجل‪.‬‬ ‫ترى هل ستفتح املؤسسات األهلية أبوابها لدعم هؤالء الفتيات‬ ‫أس��وة ب��األم�ه��ات وال��زوج��ات وك��ل م��ن طالتهم احل��رب بويالتها‬ ‫وبشاعتها ‪ ‬هل ستدعم قلوبهن الوجلى وأرواحهن املكسورة‪.‬‬ ‫ت��رى ه��ل سيكون ضمن برنامج املنظمات العاملة على الدعم‬ ‫النفسي مساحة لدعم فتيات كسرت احلرب آمالهن ودمر الغياب‬ ‫دروب�ه��ن املرسومة لغد يكن فيه زوج��ات وأم�ه��ات وف��اع�لات في‬ ‫املجتمع‪..‬‬ ‫ألم نتأمل ولو قلي ً‬ ‫ال فى نفسياتهن املنهكة كيف ستؤدى دورها‬ ‫التربوي والوظيفي واملهني في بناء املجتمع الذي يحتاج إلى كافة‬ ‫االمكانيات للنهوض به بعد أن يتخطى مرحلة االقتتال الرهيبة‪.‬‬ ‫احلرب لعنة األوطان وموقد الفنت واللهيب الذي تذوى في أعمار‬ ‫شبابنا وتتحطم فيها مهجتنا وتتلون بسواده بهجتنا‪.‬‬ ‫احل��رب ستنتهي حتما ولكن تداعياتها وإره��اص��ات�ه��ا وظاللها‬ ‫الكئيبة تلقى بها على حياتنا‪ ..‬لذا علينا أن نتداعى لتدعيم بعضنا‬ ‫ونتكافل حتى ال نسقط في مهاوي اليأس‪ ..‬احلرب ال جناة منها‬ ‫تطالنا جميعاً‪ ،‬ولكن احلبيبات املكلومات اللواتى ال يضعهن أحد‬ ‫في قائمة اهتماماته هن أيضاً إمكانيات لها مهامها في احلياة‬ ‫وبناء الوطن جندهن في كافة املجاالت ‪ ‬في املدارس والوظائف‬ ‫في املستشفيات واإلدارات‪ ،‬نطالبهن بالعطاء ونتجاهل أن نعطى‬ ‫لهن حلظة مشاركة ألحزانهن حتى متنى قلوبهن بالشفاء ويعدن‬ ‫مليادين احلياة بقاماتهن املمشوقة وخطواتهن الواثقة‪.‬‬ ‫لكل احل�ب�ي�ب��ات‪ ...‬أق��دم ت �ع��ازي��ي‪ ...‬لشبابهن‪ ...‬لرسائلهن‪...‬‬ ‫لذكرياتهن‪ ...‬لدموعهن املنسكبة في قلوبهن‪ ...‬معكن قلبي وقلب‬ ‫كل محب‪ ...‬فما أصعب الفراق والفقد واألصعب منه أن ال نقول‬ ‫ألحبابنا وداعاً‪.‬‬


‫ــــــــى موت‬


‫‪36‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪21‬‬ ‫‪ 28‬يونيو ‪2015‬‬

‫شؤون دولية‬

‫أصحاب الفيـــــل‬

‫يعودون إلى البيـــــــــ‬


‫أمركة العالم سياسي ًا تتم بخطى متسارعة‪ ,‬ويطمح ساسة‬ ‫كثر ومفكرون مبختلف دول العالم إل��ي استيراد منظومة‬ ‫السياسة األمريكية‪ ,‬وتطبيقها ببلدانهم بذات امليكانيزم‪!..‬‬ ‫«لنترك الشعب يحكم» شعار انتخابي حمله «أندرو جاكسون‪/‬‬ ‫الرئيس األمريكي السابع» أثناء ترشحه النتخابات الرئاسة‬ ‫األمريكية «‪ ,»1828‬أث���ار ب��ه موجة م��ن السخرية والتهكم‬ ‫من قبل منافسه اجلمهوري « جون كوينسي ادامز»’‪,‬فألصق‬ ‫«جاكسون» الشعار على ظهر حمار رم��ادي وأطلقه ليجول‬ ‫ش����وارع امل���دن وال��ق��رى األم��ري��ك��ي��ة‪ ,‬وت��ف��اع��ل��ت م��ع��ه اجل��م��وع‬ ‫وان��ت��خ��ب��ت��ه‪,‬ف��أص��ب��ح أول رئ��ي��س أم��ري��ك��ي ينتمي للعائالت‬ ‫الفقيرة‪ ,‬وظلت حادثة احلمار تعبر األزمان حتى حولها رسام‬ ‫الكاريكاتير السياسي «توماس ناست‪ « 1902-1840 /‬إلي‬ ‫شعار يعبر عن الدميقراطيني في موقف ساخر حلمار أسود‬ ‫عنيد ونحيف ميثل «الدميقراطيني» يصارع فيل بدين وكسول‬ ‫ميثل «اجلمهوريني» مبجلة هاربر األسبوعية سنة «‪,»1870‬‬ ‫وقد حتول ذاك الفيل البدين إلي شعار للحزب اجلمهوري‬ ‫األمريكي الذي تأسس سنة «‪»1854‬ضمن أزمة حترير الرقيق‬ ‫واالنفصال التي شهدتها الواليات املتحدة األمريكية أثناء‬ ‫انتخاب أبراهام لنكولن للرئاسة‪!..‬‬

‫عبد الواحد حركات‬

‫ــــت األبيض‬


‫‪38‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪21‬‬ ‫‪ 28‬يونيو ‪2015‬‬

‫شؤون دولية‬

‫وتبنوا في بداياتهم مناصرة قضايا حترير الرقيق‪ ,‬ومجابهة‬ ‫وضع «أبراهام لنكولن» وزمالؤه خارطة مسير وسياسة احلزب‬ ‫االنفصال الذي هدد الواليات املتحدة األمريكية‪ ,‬وأزمها لعقدين‬ ‫اجلمهوري‪ ,‬والتفت على فيل اجلمهوريني جموع كثيرة حينما‬ ‫شهدت خ�لال ح��رب مسلحة بني ال��والي��ات‪ ,‬وتعتبر ه��ذه الفترة‬ ‫كانت والي��ات اجلنوب تنفصل واح��دة تلو أخ��رى‪ ,‬وفشل مؤمتر‬ ‫انطالقة أولى للواليات املتحدة األمريكية كقوة عظمى‪ ,‬سرعان‬ ‫ال�س�لام املنعقد بواشنطن «‪ ,»1861‬وب ��دأت تعلو ف��ي السماء‬ ‫ما فرضت وجودها إلي جوار اململكة املتحدة التي بدأت تضمحل‬ ‫األمريكية صرخات احلرب‪ ,‬وشرعت الواليات في شراء األسلحة‬ ‫وتخسر مستعمراتها في آسيا وإفريقيا وأمريكا الالتينية‪!!..‬‬ ‫وتدريب مليشياتها خلوض احلرب’ وفور بدء احلرب بني الواليات‬ ‫يضم احلزب اجلمهوري احملافظني املاليني واالجتماعيني واجلدد‬ ‫املنفصلة من جهة وبني الواليات املتحدة من جهة أخ��رى‪ ,‬أعلن‬ ‫واملعتدلني‪ ,‬ويجمع بتوجهاته سلوك احملافظني االجتماعي املشوب‬ ‫الرئيس أبراهام لنكولن عن تشكيل جيش من املتطوعني‪ ,‬ولكسب‬ ‫باملعتقدات الدينية وتوجهات الليبراليني الساعيني لتحقيق التفوق‬ ‫امل�ع��رك��ة وض�م��ان ازدي ��اد ع��دد املتطوعني أع�ل��ن لنكولن حترير‬ ‫امل��ادي حليازة السلطة واحتكارها‪ ,‬وقد حاز اجلمهوريون على‬ ‫الرقيق في عشر والي��ات جنوبية منفصلة عن سلطة الواليات‬ ‫رئاسة الواليات املتحدة األمريكية «‪ »19‬فترة رئاسية‪ ,‬وقد حدث‬ ‫املتحدة األمريكية‪ ,‬وقد استخدم لنكولن إع�لان حترير الرقيق‬ ‫أثناء تولي اجلمهوريني للرئاسة أح��داث كثيرة زلزلت الواليات‬ ‫في األغراض العسكرية‪ ,‬إذ كان يسعى بإعالن التحرير زعزعة‬ ‫املتحدة األمريكية‪ ,‬لعل أشهرها فضيحة ووترجيت التي حدث‬ ‫األوض��اع في ال��والي��ات املنفصلة‪ ,‬كما عمل على جتنيد السود‬ ‫أث �ن��اء رئ��اس��ة اجل �م �ه��وري ري �ت �ش��ارد ن�ي�ك�س��ون ال��رئ�ي��س السابع‬ ‫احملررين وضمهم إلي القوات التي تخوض املعارك باسم االحتاد‬ ‫والثالثيني للواليات املتحدة األمريكية‪ ,‬حينها نصبت أجهزة‬ ‫ضد ال��والي��ات املنفصلة‪ ,‬وق��د انضم أكثر من «‪ »50000‬أسود‬ ‫تنصت ف��ي مقر احل��زب الدميقراطي مببنى ووت��رج�ي��ت‪ ,‬وبعد‬ ‫إلي قوات لنكولن‪ ,‬وكان هؤالء السود وراء عودة االحتاد وسبب‬ ‫اك�ت�ش��اف�ه��ا وج �ه��ت االت �ه��ام��ات‬ ‫انتهاء احلرب األمريكية‪ ,‬وصار‬ ‫إل���ي ال��رئ �ي��س ن �ي �ك �س��ون‪ ,‬مما‬ ‫أس� �ل ��وب ل �ن �ك��ول��ن ف ��ي حتقيق‬ ‫اضطره حتت تهديد الكونغرس‬ ‫أهدافه السياسية طابع مميز‬ ‫ل�لاس�ت�ق��ال��ة م��ن م�ن�ص�ب��ه سنة‬ ‫ل�ل�س�ي��ا‬ ‫بعده‪!..‬س��ات اجل �م �ه��وري�ين من أندرو جاكسون يهزم منافسه اجلمهوري جون‬ ‫«‪ ,»1974‬وافقد اجلمهوريني‬ ‫خ�م�س��ة م �ق��اع��د ب��ال�ك��ون�غ��رس‬ ‫حت ��وي ��ل ال� �س ��ود امل�س�ت�ع�ب��دي��ن‬ ‫حمار رمادي‬ ‫أدامز‬ ‫بشعار يلصقه على ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫و‪ 49‬مقعدا مبجلس ال�ن��واب‪,‬‬ ‫ف��ي أم��ري�ك��ا إل��ي وق ��ود ح��رب‪,‬‬ ‫وأدت الفضيحة إل��ي إخضاع‬ ‫ومقايضة حتررهم من العبودية‬ ‫احل�م�لات االنتخابية للرقابة‬ ‫ب �ب �ق��اء االحت � ��اد ح �ي �ل��ة جنسة‬ ‫إبراهام لنكولن يعلن حترير الرقيق‬ ‫ال �ف �ي��درال �ي��ة‪ ,‬وات� �خ ��اذ ت��داب�ي��ر‬ ‫ارتكبها أبراهام لنكولن لهزمية‬ ‫ويستخدمهم في األغراض العسكرية حتى‬ ‫ح���ازم���ة ب� �ش ��أن ال� �ع ��دي ��د م��ن‬ ‫أع ��دائ ��ه‪,‬إذ ل��م ت�ك��ن ل��ه سلطة‬ ‫موظفي الرئيس ومستشاريه‪,‬‬ ‫حقيقية على الواليات املنفصلة‬ ‫يكسب حربه ضد الواليات املنفصلة‬ ‫وأل� �ق ��ت ب��ظ�ل�ال س�� ��وداء على‬ ‫وال يعد ق��رار حترير الرقيق‪,‬‬ ‫احل��زب وسياساته ل��دى عموم‬ ‫الذي أص��دره بشأنها أكثر من‬ ‫أصحاب الفيل يتجهزون حلملة االنتخابات‬ ‫األمريكيني‪!..‬‬ ‫خدعة سياسية إليقاع الهزمية‬ ‫يعتقد اجلمهوريون األمريكيون‬ ‫بتلك ال��والي��ات‪ ,‬فقد استطاع‬ ‫الرئاسية بقمصان حتمل اسم رونالد ريغان‬ ‫أن رون� ��ال� ��د ري� �غ ��ان م ��ن أه��م‬ ‫لنكولن بهذا القرار السياسي‬ ‫رؤس���اء أم��ري �ك��ا‪ ,‬وي �ع��دون��ه قد‬ ‫حت ��ري ��ك ال� �س���ود وال� � ��زج ب�ه��م‬ ‫ج���دد ان �ط�لاق��ة اجل �م �ه��وري�ين‬ ‫ف��ي أت��ون احل ��رب‪ ,‬وجتنيدهم‬ ‫وص �ح��ح س �ي��اس��ات ال ��والي ��ات‬ ‫بأعداد كبيرة خل��وض احلرب‬ ‫املتحدة األمريكية التي عبث‬ ‫إل��ي ج��ان�ب��ه‪ ,‬مم��ا دع��م موقف‬ ‫بها سلفه الدميقراطي «جيمي كارتر»‪ ,‬وإفصاح ريغان عن نواياه‬ ‫ق��وات��ه ووف��ر لها فرصة اكبر لالنتصار‪ ,‬وف��رض سلطتها دون‬ ‫وأه��داف��ه جعله محط إعجاب اجلمهوريني معتنقي العنصرية‬ ‫احلاجة إل��ي أي ت�ن��ازالت سياسية‪ ,‬ومنحه التفوق بعدما أيقن‬ ‫اخلفية‪ ,‬فاإلستراتيجية التي اعتمدها ريغان في إعادة املناطق‬ ‫ب�ع�ج��زه ع��ن إخ �ض��اع ال�ك��ون�ف��درال�ي�ين االن�ف�ص��ال�ي�ين ال��راف�ض�ين‬ ‫التي خسرتها ال��والي��ات املتحدة في أمريكا الالتينية وإفريقيا‬ ‫لسلطات االحتاد‪!..‬‬ ‫باستخدام القوة‪ ,‬وجناحه في احتالل بنما ونيكاراغوا وتشيلي‬ ‫يعد أبراهام لنكولن من املؤسسني لسياسات احلزب اجلمهوري‪,‬‬ ‫ودخ��ول القوات األمريكية إل��ي إثيوبيا وان�غ��وال‪ ,‬وسعيه لتفكيك‬ ‫وم��ن رواد قافلة أص�ح��اب الفيل اليمينيني احملافظني‪ ,‬وكانت‬ ‫حلف وارس��و واحل��د من السيطرة السوفييتية‪ ,‬ومتهيده لدعم‬ ‫لفترتي رئاسته بزمن احلرب واالنفصال مزايا عديدة حشدت‬ ‫اإلس�لام �ي�ين ف��ي أف�غ��ان�س�ت��ان حمل��ارب��ة ال�س��وف�ي�ي��ت‪ ,‬ومناصرته‬ ‫التأييد الشعبي للجمهوريني‪ ,‬وأسست لهم خارطة سياسية ذات‬ ‫الصريحة إلسرائيل عبر التهديد املباشر للدول العربية وقصف‬ ‫مبادئ محددة منذ انطالقته‪ ,‬فاجلمهوريون ميتازون بسياسات‬ ‫ليبيا‪ ,‬وفرض القيود على مصر والسودان ونشر القوات األمريكية‬ ‫احملافظة على البنى االجتماعية‪ ,‬ويساندون دافعي الضرائب‬


‫البحرية ف��ي البحر األب�ي��ض املتوسط واحمل�ي��ط ال �ه��ادي‪ ,‬شكل‬ ‫بأنظار األمريكيني نهضة كبيرة للقوة األمريكية‪ ,‬مما جعله رمزاً‬ ‫من رموز احلزب اجلمهوري ومثاالً يحتذى بسياساته ونهجه‪!..‬‬ ‫اآلن ‪ ..‬يتجهز أصحاب الفيل خلوض حملة االنتخابات الرئاسية‬ ‫للعام «‪ »2016‬بقمصان حتمل اس��م رون��ال��د ري �غ��ان‪ ,‬وي �ن��ادون‬ ‫مجتمعني بإحياء شعاراته وجتديد الدعوة إلحالل السالم بالقوة‪,‬‬ ‫فقد أحمل��ت م�ص��ادر عديد على ترشح مجموعة م��ن احل��زب‬ ‫اجلمهوري خلوض االنتخابات الرئاسية‪ ,‬ويشكلون جميعاً واجهة‬ ‫املال والسلطة في اكبر الواليات األمريكية‪ ,‬وهم « ماركو روبيو‪-‬‬ ‫كريس كريستي ‪ -‬بول ريان ‪ -‬تيد كروز ‪ -‬ريك سانتورم ‪-‬راند‬ ‫بول ‪ -‬ريك بيري ‪ -‬ميت رومني ‪ -‬جيب ب��وش»‪ ,‬ويشير رئيس‬ ‫احل��زب اجلمهوري «رينس بريبيوس» على توفر فرصة كبرى‬ ‫لفوز احلزب اجلمهوري باالنتخابات الرئاسية املقبلة نظراً لتعثر‬ ‫سياسات الرئيس الدميقراطي «باراك أوباما»‪ ,‬وتعدد الشبهات‬ ‫حول تصرفات املرشحة الدميقراطية «هيالري كلينتون»‪ ,‬وإخفاق‬ ‫أوب��ام��ا في ال��وف��اء بعهوده و إح��داث تغيير واض��ح وفعال داخل‬ ‫أمريكا‪ ,‬وتدني االقتصاد األمريكي وتراجع دور الواليات املتحدة‬ ‫األمريكية في العالم‪!..‬‬ ‫ينتقد اجلمهوريون بشدة سياسات أوباما ويوجهون له أصابع‬ ‫االتهام بإضعاف الهيمنة األمريكية في العالم‪ ,‬وينادون باتخاذ‬ ‫سياسة خارجية منفتحة على العالم‪ ,‬وغير متسامحة أو متهادنة‬ ‫مع األعداء الذين يهددون املصالح األمريكية في العالم‪ ,‬ويوجهون‬ ‫األنظار األمريكية إلي ضرورة بناء القوة األمريكية واستخدامها‪,‬‬ ‫واحلد من سياسات االنفتاح على الصني وروسيا ملا تشكالنه من‬ ‫خطر على الواليات املتحدة من الناحيتني االقتصادية والعسكرية‪,‬‬ ‫كما ينادي اجلمهوريون بزيادة اإلنفاق العسكري ودعم ميزانية‬ ‫الدفاع لتأمني مصالح أمريكا‪!..‬‬ ‫يحوز املرشح اجلمهوري «جيب بوش» على اهتمام غير األمريكيني‪,‬‬ ‫ويظن البعض أنه املرشح األكثر قرباً من البيت األبيض‪ ,‬بسبب‬ ‫دعم اللوبي الصهيوني لعائلة بوش‪ ,‬وانحياز جنراالت أمريكا إلي‬ ‫سياسات أخيه بوش ‪ ,‬التي متيزت باالستخدام املفرط للقوة‪ ,‬كما انه‬ ‫يشكل امتداد لفترة رئاسة البوشني «األب واالبن»‪ ,‬غير أن وصوله‬ ‫للرئاسة سيشكل أزمة بالنسبة للعالم وملنطقة الشرق األوسط‪,‬‬ ‫فاملخاوف التي يثيرها وصوله للرئاسة تتمثل في جتديد احلرب‬ ‫الصليبية التي أعلنها «جورج دبليو بوش»‪ ,‬ويتخوف الفرنسيون من‬ ‫حدوث انقسام باالحتاد األوروبي حال تغير السياسات اخلارجية‬ ‫األمريكية واستخدامها للقوة في املنطقة‪ ,‬في حني ستلجأ اململكة‬ ‫املتحدة إلي االنفصال عن االحتاد األوروب��ي ملنع اقتصادها من‬ ‫االنهيار نتيجة تعثر اإلصالح في العديد من الدول األوروبية‪,‬‬ ‫وظهور رفض شعبي لسياسات التقشف ووج��ود مشكالت أمنية‬ ‫تهدد فرنسا وايطاليا وتبعث على القلق في اليونان واسبانيا‪!..‬‬ ‫وصول اجلمهوريني للرئاسة بات مؤكداً داخل أمريكا‪ ,‬وبدأت‬ ‫مشاريع أوباما تنكمش أمام ضغط اجلمهوريني وحتريكهم للرأي‬ ‫العام األمريكي‪ ,‬كما أن ظهور أحداث عنصرية في أمريكا يعتبر‬ ‫م��ؤش��راً خ�ط��راً يؤكد فشل سياسات أوب��ام��ا الداخلية‪ ,‬ويدعم‬ ‫اجلمهوريني بشكل مباشر ويضمن لهم فوز ساحق باالنتخابات‬ ‫الرئاسية القادمة ‪!..‬‬

‫ووترغيت أسقطت نيكسون‬

‫لنكولن ‪ ..‬محرر أم محتال ؟‬

‫جيب بوش ‪ ..‬املرشح األوفر حظ ًا‬


‫‪40‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪21‬‬ ‫‪ 28‬يونيو ‪2015‬‬

‫قبل أن أنسى‬

‫أال يذكركم هذا بشئ؟‬ ‫الصديق بودوارة‬ ‫هارون الرشيد‪ ،‬واخلالفة العباسية في متام صحتها‪ ،‬واألموال‬ ‫جتري‪ ،‬واحلياة رغد‪ ،‬والتفاصيل هي كل ما يشغل البال‪ ،‬والترف‬ ‫عنوان كبير يلقي بأضوائه املبهرة على وجه احلياة في بغداد‪،‬‬ ‫حاضرة اخلالفة ورمانة امليزان وحلم الفقير ومتعة الثري ومدينة‬ ‫املدائن قاطب ًة‪.‬‬ ‫تلك هي احلقبة الزمنية ملا سأحدثكم عنه‪.‬‬ ‫من املهم أن نعرف ال��زم��ن‪ ،‬ألن��ه يتغير‪ ،‬وبتغيره تشحب وج��وه‪،‬‬ ‫وتتلون أخ��رى بالوردي البهيج‪ ،‬وتندثر م��دن‪ ،‬وتنهض أخ��رى من‬ ‫سباتها الطويل‪.‬‬ ‫تلك األي��ام‪ ،‬كانت مواسم شعر ولغة وأدب لبغداد‪ ،‬لكنها كانت‬ ‫موسم عشق طويل للخليفة هارون الرشيد‪ ،‬فلم يكن من العار أن‬ ‫يعشق اخللفاء‪ ،‬ولم يكن من العار أن تستولي جارية على قصر‬ ‫ملك‪ ،‬بال جيوش مدربة‪ ،‬وال حرس رئاسي مدجج‪.‬‬ ‫تلك األيام‪ ،‬كانت مواسم عشق الرشيد جلاريته السمراء « خالصة‬ ‫«‪ ،‬وهي جارية نالت الكثير من الصفحات‪ ،‬وأسالت الكثير من‬ ‫احلبر في كتب التراث القدمية‪ ،‬التي لم يكن كهنة الدين قد لوثوها‬ ‫بعد بطقوسهم اخلرافية املوغلة في الغرابة والتطرف معاً‪.‬‬ ‫كانت للرشيد جاريته‪ ،‬وكان لبغداد شاعرها‪ ،‬وإذا كانت «خالصة»‬ ‫جارية الرشيد‪ ،‬فإن «أبا نواس» كان شاعر بغداد‪ ،‬والثروة القومية‬ ‫لعروس عواصم العالم في ذلك الوقت‪.‬‬ ‫ك��ان للعشق رأس��ان إذاً‪ ،‬لكن اجلسد ك��ان واح ��داً‪ ،‬لذلك كانت‬ ‫املواجهة أمراً محتوماً ال مهرب منه‪ ،‬واذا وقعت املواجهة‪ ،‬استلزم‬ ‫املوقف عق ً‬ ‫ال مبستوى احل��دث‪ ،‬وهنا بالذات يكمن معنى هذه‬ ‫املقالة‪ ،‬وهنا بالذات تكمن القضية الشائكة‪ ،‬أن يكون احلدث‬ ‫كبيراً‪ ،‬لكن أبطاله صغار إلى ٍ‬ ‫حد ال يُصدق‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ٍ‬ ‫هذا ما نعانيه اآلن‪ ،‬فكيف ميكن أن نتحدث معا عن جارية وملك‬ ‫وطن وساسة ومجتمع‬ ‫وشاعر‪ ،‬بينما قضية القضايا تكمن في ٍ‬ ‫دولي؟‬ ‫لنطرق اآلن باب خليفة املسلمني لعلنا نعثر على جواب‪.‬‬ ‫إن «أبانواس» يقصد مجلس ه��ارون الرشيد كعادته‪ ،‬يحمل بني‬ ‫طيات صدره قصيد ًة جديدة‪ ،‬وحماساً متقداً‪ ،‬ويتلهف للدخول‬

‫على الرشيد‪ ،‬لكنه يفاجأ مبا لم يكن في احلسبان‪.‬‬ ‫كانت « خالصة» حتتل مكانه في املجلس‪ ،‬وكان «الرشيد» قد أمر‬ ‫أن ال يدخل عليه أحد ما دام��ت معه «خالصة»‪ ،‬وفي غفلة من‬ ‫عني الرقيب امللكي يلمح «أبو نواس» خليفة املسلمني وهو يضع‬ ‫عقداً من اللؤلؤ اخلالص على جيد «خالصة» القامت‪ ،‬فيضطرم في‬ ‫صدره الغضب‪ ،‬وتنطق شاعريته الفذة ٍ‬ ‫ببيت مفخخ رمبا ينسف‬ ‫في طريقه كل شيء‪.‬‬ ‫إن «أبا نواس» ينصرف غاضباً‪ ،‬وفي طريق انصرافه يكتب بيتاً‬ ‫من الشعر على أحد أعمدة ال��رواق املفضي إلى خ��ارج املجلس‬ ‫امللكي‪ ،‬إن��ه يكتب ذل��ك البيت ال��ذي سيكون فاحتة حديثنا عن‬ ‫الساسة الصغار والقضية الكبيرة ‪:‬‬ ‫« لقد ضاع شعري على بابكم‪ ..‬كما ضاع د ٌر على خالصة «‬ ‫هكذا إذن‪ ،‬يصاب الشاعر املفوه بخيبة أمل عظيمة وهو يرى‬ ‫قصيدته تًهان وتُهمل‪ ،‬وتستبدل ٍ‬ ‫بعقد من اللؤلؤ يفقد جماله على‬ ‫جيد جارية سمراء‪ ،‬بل ويبدي رأيه متعرضاً إلى معشوقة اخلليفة‬ ‫شخصياً‪ ،‬ويقول بال خجل إنها قبيحة‪ ،‬بحيث أن عقداً ثميناً من‬ ‫اللؤلؤ يضيع جماله وينتهي مبجرد أن يالمس جيدها القبيح‪.‬‬ ‫منشور «سياسي» بامتياز‪ ،‬وقضية «سب وقذف» في الذات امللكية‬ ‫املبجلة‪ ،‬ومشروع إع��دام مؤكد‪ ،‬وبدلة حمراء ال يتمنى ارتدائها‬ ‫أحد‪.‬‬ ‫أال يذكركم هذا بشئ‪.‬؟‬ ‫وينصرف «أبو نواس»‪ ،‬محبطاً حانقاً‪ ،‬لكن جهاز املخابرات امللكية‬ ‫ال يعترف مبشاعر الشعراء‪ ،‬وال يعنيه في شئ أن يتألق عقد‬ ‫من اللؤلؤ على جيد جارية‪ ،‬إن جهاز املخابرات الرشيد ال يهتم‬ ‫سوى بضرورات األمن الوطني للسيد صاحب العرش‪ ،‬وال يرى في‬ ‫معشوقة امللك إال معشوقة لرعايا امللك‪ ،‬وإذا ما حاد أحد الرعايا‬ ‫عن درب الطاعة فعصا اجلهاز جاهزة‪ ،‬وما على املخطئ سوى أن‬ ‫يتحمل جريرة اخلطأ‪.‬‬ ‫أال يذكركم هذا بشئ؟‬ ‫يتفطن جهاز املخابرات ملا حدث‪ ،‬وينقل الوشاة إلى هارون الرشيد‬ ‫أن أحد شعرائه قد جتاوز احلد وكتب منشوراً سياسياً يسئ إلى‬


‫جارية امللك اخلاصة‪ ،‬بل ويستهزئ بها أيضاً‪ ،‬أحياناً تكون الذات‬ ‫امللكية جزءاً من جسد جارية‪.‬‬ ‫يُنقل اخلبر إلى الرشيد فيبلغ به الغضب مبلغه‪ ،‬ويصدر أمراً‬ ‫ملكياً ال يُرد باستدعاء أبي نواس لكي ميثل أمامه على الفور‪.‬‬ ‫وبأسرع من ملح البصر يكون حرس امللك على باب الشاعر‪ ،‬ويتم‬ ‫اقتياده إلى حيث مجلس امللك‪ ،‬ثم يُترك هناك بانتظار السماح‬ ‫له بالدخول‪.‬‬ ‫هنا‪ ،‬يتدبر «أبو نواس» أمره‪ ،‬إنه يعرف على وجه اليقني جرميته‪،‬‬ ‫وي��درك أن مجلس األم��ن لن ينقذه اآلن‪ ،‬وال التحالف الدولي‪،‬‬ ‫وال جامعة الدول‪ ،‬إنه يحتاج فقط إلى سرعة بديهته‪ ،‬وإلى قوة‬ ‫شخصيته‪ ،‬وإلى احلسم في اتخاذ القرار‪.‬‬ ‫باختصار‪ ،‬ما سينقذ «أبي نواس» هو فقط أن يكون كبيراً‪ ،‬ألن‬ ‫التحدي كبير‪ .‬وأن يتسلح بنفاذ البصيرة لكي ال يفقد البصر‪.‬‬ ‫فهل يذكركم هذا بشئ‪.‬؟‬ ‫إنه يخطو على مهل‪ ،‬يتلفت مين ًة ويسرة فال يرى عني الرقيب‪،‬‬ ‫ويتقدم نحو البيت الذي كتبه فيمحو بعضا من حرف العني ليتحول‬ ‫إلى همزة‪ ،‬ثم يدخل إلى املجلس متسلحاً بالهدوء والثقة معاً‪.‬‬ ‫إن «أبا نواس» يكبر مع التحدي‪ ،‬ويقرر فجأة أنه لن يكون صغيراً‬ ‫فيما تكبر من حوله القضية‪ ،‬لهذا كتب التاريخ قصته بعد ألف‬ ‫عام من حدوثها‪.‬‬ ‫غيره‪ ،‬لم يفعلوا ذلك‪ ،‬فعلوا العكس‪ ،‬كانوا صغاراً والوطن كبير‪،‬‬ ‫لهذا لن يكتب قصتهم أح��د‪ ،‬وسيكتفي الناس بلعنهم كل مطلع‬ ‫صباح‪ ،‬إلى أن تنتهي كل الصباحات في هذه الدنيا الفانية‪.‬‬ ‫أال يذكركم هذا بشئ؟‬ ‫يدخل أبو نواس مجلس اخلليفة‪ ،‬ويجابه باحلجة الدامغة ‪:‬‬ ‫ــ كيف تستهزئ بخالصة؟ أال تعرف من هي يا أبانواس؟‬ ‫سؤال مبذاق املوت‪ ،‬وسيف متأهب ينتظر اإلذن‪ ،‬وعالقة قدمية‬ ‫بني هذه األمة وبني سيوف تتلهف دائماً لقطع الرقاب‪.‬‬ ‫ويجيب «أبو نواس»‪ ،‬والتاريخ يكتب معه ‪:‬‬ ‫ــ لم أكتب إال ما يسر موالي‪ ،‬ويرفع من شأن خالصة‪ ،‬لكن الوشاة‬ ‫ال يريدون إال أن يسيل الدم وتقطع الرقاب‪ ،‬لقد كتبت ياموالي ‪:‬‬

‫« لقد ضاء شعري على بابكم‪ ..‬كما ضاء د ٌر على خالصة «‬ ‫إن «الرشيد» ليس غراً لتنطلي عليه احليلة‪ ،‬لكنه رأى أن تنطلي‪.‬‬ ‫و»الرشيد» لم يكن ساذجاً لتقنعه احلجة‪ ،‬لكنه رأى أن يقتنع‪.‬‬ ‫رمبا ألنه اكتشف ابتكاراً في املعاجلة‪ ،‬وبصير ًة حتلى بها خيال‬ ‫شاعر‪ ،‬فرأى أن يكافئ املجتهد بالعفو‪.‬‬ ‫نحتاج أحياناً إلى االبتكار لنصنع احلل‪ ،‬وإلى قوة الشخصية لنعالج‬ ‫ضعف املوقف‪ ،‬وإلى شجاعة الطرح لنتالفى مأزق ما نحن فيه‪.‬‬ ‫فهل يذكركم هذا بشئ؟‬ ‫أحجمت عامداً متعمداً عن التصريح‪ ،‬وفضلت أن يكون التلميح‬ ‫بصيرتي هذه املرة‪ ،‬لعلنا نصل بعد متاهة الفوضى هذه إلى يقني‪،‬‬ ‫ولعلنا نتوصل بعد ف��راغ ما نحن فيه إلى ق��رار‪ ،‬ولعل الساسة‬ ‫الصغار جداً يدركون أن الوطن من الكبر بحيث ال يناسب قاماتهم‬ ‫القصيرة‪ ،‬وأن «أبا نواس» لم يخرج من مأزقه لو لم يتعملق فجأة‪،‬‬ ‫حتى وإن ظل عقد اللؤلؤ معتماً على جيد «خالصة «!!‬


‫‪42‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪21‬‬ ‫‪ 28‬يونيو ‪2015‬‬

‫شؤون عربية‬

‫على باب المندب‪:‬‬

‫اليمن يخرج من متاهـــــــ‬


‫مغامرة احلوثيني‪ ..‬الوجه البشع للثورة‬

‫استقرار اليمن في حقبة علي عبدالله صالح لم‬ ‫يكن استقرار ًا فهي حقبة مليئة بالدماء والتخلف‬ ‫والقمع وما يعيشه اليمن اليوم ليس سوى نتيجة‬ ‫ك���ان ي��ج��ب أن ي��ص��ل إل��ي��ه��ا ال��ي��م��ن ألن��ه��ا ال��ن��ه��اي��ة‬ ‫احلتمية ملساره السياسي املبني على الديكتاتورية‬ ‫والتخلّف‪.‬‬

‫إعداد‪ :‬أحمد الساعدي‬ ‫(‪)1‬‬

‫ــــــة الحوثيين!‬

‫هناك من يبدي بعض التأسف على ضياع حكم مبارك ملصر‪،‬‬ ‫أو حكم القذافي لليبيا‪ ،‬أو حكم علي عبدالله صالح لليمن‪..‬‬ ‫لكنه ينسى أن استمرار هؤالء في القبض بيد من حديد على‬ ‫مقاليد األمور كان يعني استمرار طغمة عائلية صغيرة تتحكم‬ ‫في مقدرات البالد وتقود شعبه إما إلى السجون وفي أحسن‬ ‫األحوال إلى البؤس‪.‬‬ ‫إن ما حدث في اليمن أو مصر أو ليبيا أو ما يحدث في سورية‬ ‫ليس سوى بلوغ اخلراب مداه الذي يتوجب انهياره‪.‬‬ ‫م��ن يبكون على ه��ذه األنظمة أو يتأسفون على استقرارها‬ ‫الزائف ال ميلكون القدرة على النظر إلى املستقبل وليس لديهم‬ ‫القدرة على حتمل أعباء اإلصالح وأثمانه أو أن يكونوا أصحاب‬ ‫مصالح‪.‬‬ ‫إن ما نراه اليوم من جتاذبات وطرح املستعصي من القضايا يعني‬ ‫أن شعوبه في الطريق الصحيح‪ .‬ال ميكن أن تعمر بيتا جديدا‬ ‫على أنقاض خراب متراكم في ساعة‪ .‬عندما تنظر إلى تاريخ‬ ‫الشعوب الناجحة سترى أن جيال أو جيلني دفعا ثمن التقدم‪.‬‬ ‫ومن الصعب التكهن اآلن مبشروع تقسيم اليمن إلى أقاليم أو‬ ‫مقاطعات‪ .‬لكن احملاولة أفضل من اجلمود واالستمرار في حالة‬ ‫امل��وات التي ال تتوقف عن التنامي‪ .‬طاملا أنه ال يتوفر مشروع‬ ‫يُجمع عليه الشعب اليمني لتطوير حالته الراهنة فاألولى أن‬ ‫يأخذ اليمن بتجارب الشعوب األخرى‪ .‬كلنا يتمنى أن تكون اليمن‬ ‫مثل كندا أو سويسرا أو أمريكا ولكن ال أحد نظر إلى جتارب‬ ‫هذه الشعوب وكيف حققت استقرارها وتقدمها‪ .‬اخلطوة األولى‬ ‫نحو اإلصالح هي اإلطاحة باألوهام واألحالم املستحيلة‪.‬‬ ‫اليمن منقسم بطبيعته وفكرة املقاطعات ليس سوى اعتراف‬ ‫بهذا التقسيم ومن ثم التعامل معه صراحة أي العمل على األرض‬


‫‪44‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪21‬‬ ‫‪ 28‬يونيو ‪2015‬‬

‫شؤون عربية‬

‫من الصعب التكهن اآلن مبشروع تقسيم اليمن‬ ‫إلى أقاليم أو مقاطعات‬ ‫احلوار يشكل حلظة فارقة في تاريخ اليمن‬ ‫اخلطوة األولى نحو اإلصالح هي اإلطاحة‬ ‫باألوهام واألحالم املستحيلة‬

‫عودة صالح تؤدي إلى انقسام اليمن بعد أن قام بتوحيده‬

‫ال بناء على األكاذيب اجلميلة‪.‬‬ ‫إن جتربة ش��يء جديد خير من البقاء في دوام��ة األوه ��ام‪ .‬ومن‬ ‫حسن حظ اليمنيني ان شعوبا كثيرة جربت هذه الفكرة وحققت‬ ‫جناحات كبيرة‪ .‬من حق الزيدي أن يكون زيدياً ومن حق احلضرمي‬ ‫ان يكون حضرمياً وكالهما يبقى على مينيته وعروبته وإسالمه‬ ‫بالطريقة التي يراها هو ال بالطريقة التي متليها الشعارات املستهلكة‬ ‫وأصحاب املشاريع الوهمية‪.‬‬ ‫لكي ال نذهب بعيدا لنا في جتربة اإلم��ارات العربية خير منوذج‬ ‫للتعايش بني تنويعات الشعب الواحد كل في حدود إمكاناته وإمياناته‬ ‫ونظامه الداخلي‪.‬‬ ‫الوحدة الكاملة بالقوة كما أجنزها علي عبدالله صالح لم تورث لليمن‬

‫سوى صدام حسني أو القذافي أو عائلة األسد بنسختها اليمنية‪.‬‬ ‫وحتى في الشركات التجارية ال ميكن االستمرار إذا ك��ان طريق‬ ‫التدهور هو الطريق الوحيد املتوفر‪ .‬أي جتربة جديدة في البالد‬ ‫التعيسة يجب تشجيعها فلن يخسر اليمن إذا اخذ بهذه التجربة‬ ‫سوى جموده املزمن‪ .‬طريق اإلصالح ليس نزهة‪ .‬طريق طويل مليء‬ ‫بالدموع‪ .‬أبارك لليمنيني هذه اخلطوة الشجاعة لعلنا نشهد ذلك‬ ‫اليوم العظيم الذي تتعلم فيه الشعوب العربية الفاشلة من اليمن‪.‬‬ ‫(‪)2‬‬ ‫يتفق جميع املتتبعني للشأن اليمني على ان ما تعرض له هذا البلد‬


‫خ�لال السنتني املاضيتني ك��ان مبثابة ه��زة قوية اح��دث��ت تغييرا‬ ‫جوهريا في البنيان السياسي والثقافي واالجتماعي فقد برزت الى‬ ‫السطح العديد من االصطفافات الفئوية والقبلية واإليديولوجية‬ ‫واحلزبية كما ظهرت تيارات وقوى جديدة لم تكن يوما طرفا في‬ ‫املعادلة السياسية حيث بدا بعضها نشطا في كسب رضى العامة‬ ‫واحلصول على صكوك بركاتها بصرف النظر عن فرائض اللحظة‬ ‫التاريخية ومقتضياتها وصلب استحقاقاتها والظرفيات الصعبة التي‬ ‫مير بها اليمن ومؤمتر احلوار الذي دخل مرحلته االخيرة ويفترض‬ ‫ان يخرج بعد عدة ايام مبواجهات املرحلة القادمة ومحددات العقد‬ ‫االجتماعي الذي سيتوافق عليه اليمنيني‪.‬‬ ‫طبعا الكل ينتظر اليوم ما سينتهي إليه مؤمتر احلوار املستمر منذ‬

‫‪ 18‬م��ارس املاضي وما ستخرج به اللجان التسع التي يتكون منها‬ ‫هذا املؤمتر من حلول لقضيتي اجلنوب وصعدة وبالذات في ظل‬ ‫اخلالفات احملتدمة بشأنهما وتبرز هنا ع��دة مؤشرات اساسية‬ ‫جتعل أي تفكير خ��ارج املصلحة الوطنية يؤثر سلبا على جتربة‬ ‫احلوار التي ال شك وأنها قد مثلت فرصة تاريخية نادرة لليمن إن‬ ‫لم تشكل حلظة فارقة في تاريخ هذا البلد ليس لكونها قد حظيت‬ ‫بدعم واسناد اقليمي ودولي غير مسبوق وإمنا ألنها املرة االولى التي‬ ‫تلتقي فيها كافة اطياف املجتمع اليمني في حوار مجتمعي شامل‬ ‫لم يستثن احدا مبا في ذلك احلوثيني واحلراك اجلنوبي والطائفة‬ ‫اليهودية (وفئة املهمشني) مما يعني معه ان أي نكوص عن هذا‬ ‫احلوار سيفقد اليمن اجلاذبية التي بناها من خالل هذا النموذج‬


‫‪46‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪21‬‬ ‫‪ 28‬يونيو ‪2015‬‬

‫شؤون عربية‬

‫املتفرد في املنطقة‪.‬‬ ‫ولذلك فان مثل هذه اللحظة املفصلية التي مير بها اليمن هي من‬ ‫تستدعي اعلى منسوب من التماسك بني جميع تلك النخب التي‬ ‫يتعني عليها االدراك ان أي مسعى الفتعال ازمات جديدة تعاكس‬ ‫خط االصالح واالستقرار سيكون مرفوضا من املجتمعني االقليمي‬ ‫وال��دول��ي اللذين تقتضي مصلحتهما وج��ود مين مستقر ومعافى‬ ‫م��ن الفوضى والعنف واالن �ف�لات االم�ن��ي والسياسي وك��ل عوامل‬ ‫االضطراب التي قد حتوله الى دولة فاشلة تتقاذفها قوى اإلرهاب‬ ‫التي طاملا حاولت االمساك بزمام االمور في هذا البلد والهيمنة عليه‬ ‫وجعله نقطة انطالق لتمرير اجندتها في املمرات املائية التي يطل‬ ‫عليها اليمن بصورة مباشرة كمضيق باب املندب الذي يعد من اهم‬ ‫املعابر املائية في العالم والذي مير عبره جزء اساسي من صادرات‬ ‫وواردات العالم النفطية والتجارية وبحكم هذا املوقع االستراتيجي‬ ‫الذي يتبوأه اليمن فان أية محاولة لتعويق التسوية السياسية وإفشال‬ ‫مؤمتر احلوار ستكون مدانة اقليميا ودوليا‪.‬‬ ‫وإذا ما كان احلوار باليمن قد جنح في انهاء القطيعة بني الفرقاء‬ ‫وحتقيق التقارب فيما حول العديد من القضايا التي كانت محل‬ ‫جدل وخ�لاف اال ان هذا التقارب قد فشل حتى االن في احراز‬ ‫أي تقدم يذكر بشأن شكل ال��دول��ة اجل��دي��دة ومسألتي اجلنوب‬ ‫وصعدة إذ انه ورغم اتفاق كافة االطراف على االنتقال الى النظام‬ ‫الفيدرالي ودولة احتادية من عدة اقاليم جند في املقابل ان مؤمتر‬ ‫احلوار قد انقسم عموديا الى فريقني فاحلراك اجلنوبي واحلزب‬ ‫االشتراكي ومعهما احلوثيون يصرون على دولة احتادية من اقليمني‬ ‫على اساس شمال وجنوب عن اقليمني يتشكالن على اساس شمال‬ ‫وجنوب يرفض حزب املؤمتر الشعبي العام الذي يتزعمه الرئيس‬ ‫السابق علي عبدالله صالح ومعه حزب االصالح واحلزب الوحدوي‬ ‫الناصري وعدة مكونات اخرى هذه الصيغة التي يعتبرونها مقدمة‬ ‫النفصال جنوب اليمن عن شماله وتطرح فيدرالية من خمسة اقاليم‬

‫على احلدود اليمنية السعودية‬

‫تقارب الفرقاء فشل حتى اآلن في إحراز أي‬ ‫تقدم يذكر بشأن شكل الدولة اجلديدة‬ ‫فرص العودة إلى الوراء باتت غير ممكنة‬ ‫على اإلطالق‬


‫متداخلة وبني هذا وذاك تبرز مكونات اخرى في الشمال واجلنوب‬ ‫منها من يدعو الى فك االرتباط بني الشطرين والعودة الى ما قبل‬ ‫وحدة عام ‪1990‬م فيما يطالب اخرون باإلبقاء على شكل الدولة‬ ‫كما هي حاليا‪.‬‬ ‫(‪)3‬‬ ‫كثيرون راهنوا على فشل احلوار في اليمن‪ ..‬وكثيرون شككوا في‬ ‫ق��درة اليمنيني على اجتياز أصعب مرحلة م��روا بها في تاريخهم‬ ‫احلديث‪ ..‬بل إن ثمة من لم يصدق أو يستوعب إلى اآلن أن الفرقاء‬ ‫الذين كانوا حتى األم��س القريب يتواجهون بالبنادق وكافة أنواع‬ ‫األسلحة في شوارع صنعاء وغيرها من املدن اليمنية بإمكانهم أن‬ ‫يعودوا في أي حلظة من اللحظات إلى ج��ادة الصواب ويفسحوا‬ ‫مساحة أوسع لصوت العقل بعد‬ ‫إن كادت تلك املساحة تتالشى‬ ‫وسط صخب املواقف املنفعلة‬ ‫واألصوات املتشنجة التي سعت‬ ‫إلى االنزالق باألطراف املتقابلة‬ ‫نحو االنتحار اجلماعي‪.‬‬ ‫وأك��اد أج��زم أن كل من سيطر‬ ‫عليهم اإلحساس بالتشاؤم حيال‬ ‫املنحى ال��ذى يتجه إليه اليمن‬ ‫بعد عاصفة الربيع العربي الذي‬ ‫ض��رب�ت��ه ب �ق��وة وع���دد م��ن دول‬ ‫املنطقة البد وانهم قد فوجئوا‬ ‫وهم يرون أطراف الصراع في‬ ‫اليمن الذي قيل عنه آنذاك إنه‬ ‫الذي يسير في طريق الصومال‬

‫بحكم طبيعته القبلية وانتشار السالح فيه بأكثر من عدد سكانه‬ ‫تضع بنادقها في الدواليب وتسير بإصرار يثير اإلعجاب نحو احلوار‬ ‫واجللوس على طاولته جنباً إلى جنب وكتفاً إلى كتف وعق ً‬ ‫ال إلى‬ ‫عقل وقلباً إلى قلب من أجل بحث املشكالت واملعضالت التي يعاني‬ ‫منها وطنها واخلروج بخارطة طريق للمستقبل الذي ينشده اليمنيون‬ ‫بعيداً عن دورات العنف واالحتراب التي ظلت تختصر أعمارهم‬ ‫وأرزاقهم واستقرارهم وريعان شبابهم املوزعني على أبواب الهجرة‬ ‫الواسعة في أصقاع املعمورة طلباً للرزق واألمن والهروب من طقوس‬ ‫اخلوف واإلحباط اليومي واملوسمي‪.‬‬ ‫وإذا ما ك��ان اليمنيون بهذه املسلكية احلضارية قد متيزوا عن‬ ‫أشقائهم في دول الربيع العربي وخصوصاً تلك التي مازالت متوج‬ ‫فوق أرضية مضطربة وقدموا مثاالً للتغيير السياسي يستحق أن‬ ‫يحتذى به فما يبدو ان املطلوب حالياً منهم وهم يجلسون على‬ ‫مائدة التفاوض لتقرير مصير‬ ‫وح� ��دة ب�ل�اده��م ه��و اإلدراك‬ ‫ال��واع��ي وامل �س �ئ��ول ان ف��رص‬ ‫ال �ع��ودة إل��ى ال���وراء ب��ات��ت غير‬ ‫مم �ك �ن��ة ع �ل��ى اإلط� �ل��اق وان ��ه‬ ‫وم ��ال ��م ت �ف��ض ن �ت��ائ��ج احل���وار‬ ‫ن �ه��اي��ة ال �ش �ه��ر اجل� � ��اري إل��ى‬ ‫وثيقة حتافظ عن الوحدة وان‬ ‫بصيغة جديدة فان ذلك هو من‬ ‫سيعطي مبرراً لتفاقم األمور‬ ‫على النحو الذي شهدته اليمن‬ ‫ص�ي��ف ع ��ام ‪1994‬م لتصبح‬ ‫احلرب األهلية هي املعبر إلى‬ ‫الكارثة التي لن يكون بوسع أي‬ ‫طرف أن يتحمل مسئوليتها‪.‬‬


‫‪48‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪21‬‬ ‫‪ 28‬يونيو ‪2015‬‬

‫شنو اجلو‬

‫دائرة المذلة وزمن النكسة والحرب في اليمن (‪)10‬‬

‫في مضافة عاقل اللكمة‪:‬‬

‫التاريخ يعود مع بلقيـــــــ‬ ‫براء الخطيب‬

‫إنا أعطيناك النهر والطمي والبلهاريسيا‪ ,‬واملصابيح والنار والظالم‪,‬‬ ‫والبارات واخلمر والسكارى‪ ,‬واألرض املسافرة والريح واملوت احملتم‪ ,‬إنا‬ ‫حملناك الرؤيا فاصبر وال تبتئس‪ ,‬فأركبناك املوج املنطلق‪ ,‬وأجنحة النار‬ ‫والسنوات والزمن‪ ,‬وداعا لألطفال واألشجار واألحجار‪ ,‬وداعا للوطن‬ ‫الذي للموت أرسلك فآثرت الرحيل والهرب‪ ،‬ولن يكون قبرك فيه‪ ،‬تترك‬ ‫اآلن كل األسماء والوشوم‪ ,‬املسوخ‪ ,‬املوتى‪ ,‬الكالم‪ ,‬اجلنون‪ ,‬الصمت‪,‬‬ ‫العراء‪ ,‬فاهرب وانتظر‪ ,‬وجاور املوت ورفاق الطريق اجلدد‪.‬‬ ‫كم كنت أود أن أبدأ اللية بحكاية‬ ‫ال��رق �ي��ب «إك���رام���ي ج���اد ال���رب»‬ ‫حكيمدار جماعة اإلشارة امللحقة‬ ‫على سريتنا والذي عرفه اجلميع‬ ‫من دفتر األوامر الذي قرأه عريف‬ ‫اإلدارة في طابور الصباح وعرفته‬ ‫أنا في طريقي إلى دار «رض��وان‬ ‫العزي»‪ ،‬وهي حكاية من أغرب ما‬ ‫ح��دث لنا في اليمن‪ ،‬فقد عرف‬ ‫اجلميع وتناقلوا خبر اختطاف‬ ‫ال��رق �ي��ب «إك ��رام ��ي ج ��اد ال ��رب»‬ ‫وم �ع��ه اجل�ن��دي�ين «ن� ��ادر ش��وق��ي»‬ ‫الطبال‪ ،‬و»سمير الطوبجي»‪ ،‬وقد‬ ‫عرفت فيما بعد بعودة اجلنديني‬ ‫«ن��ادر ش��وق��ي» الطبال‪ ،‬و»سمير‬ ‫ال �ط��وب �ج��ي» واخ��ت��ف��اء ال��رق �ي��ب‬ ‫«إك��رام��ي ج��اد ال ��رب» حكيمدار‬ ‫ج�م��اع��ة اإلش � ��ارة امل�ل�ح�ق��ة على‬

‫سريتنا دون أن يجدوا جثته‪ ،‬فقد اختفى كل أثر له ونبه علينا الصول‬ ‫«عبد اللطيف» بعدم احلديث مطلقا عن اختفائه‪ ،‬ولكني سوف أرجئ‬ ‫احلديث عن هذه احلكاية اآلن ألتابع وصولي لدار «رضوان العزي»‪:‬‬ ‫كدت أن أسبح في بحر اخلياالت املضمخة بخدر بخار القات املتصاعد‬ ‫في يافوخي عندما استبطأت اللذة في «الساعة السليمانية»‪ ،‬إنها‬ ‫الساعة احلاسمة التي يسحب القات فيها صاحبه إلى التوهج في املخ‬ ‫والروح‪ ،‬تلك الساعة‪ ،‬اللحظات‪ ،‬التي البد وأن يصلني بخار القات إليها‪،‬‬ ‫وهاجمني وجه كلي «ركس» الذي‬ ‫تركته خلفي فوق سطح بيتنا ببوزه‬ ‫الطويل املمتد شبرا حتت جبهته‬ ‫بالشامة البيضاء في منتصفها‪،‬‬ ‫أحسست ب�ل��زوج��ة ل�ع��اب الكلب‬ ‫بني أصابعي فمسحت ي��دي في‬ ‫م�لاب�س��ي وك �ث��رت كمية اللعاب‬ ‫املختلطة برحيق القات في فمي‪،‬‬ ‫ف �ق��رب��ت ك ��م ردائ� � ��ي م ��ن ف�م��ي‪،‬‬ ‫وف�ت�ح��ت م��ا ب�ين شفتي ودف�ع��ت‬ ‫بعضا من اللعاب مبقدمة لساني؛‬ ‫فانساب اللعاب خارجا من فمي‬ ‫ليشربه نسيج كم ردائ��ي‪ ،‬عرفت‬ ‫ف ��ي ه� ��ذه ال �ل �ح �ظ��ات أن� ��ي كنت‬ ‫أجلس في «غرفة املقيل» لواحدة‬ ‫م��ن أه��م ال��دور ف��ي قرية «حبيل‬ ‫اجللب» التي هي من أهم القرى‬ ‫في احليمة الداخلية في زراع��ة‬

‫اختفى الرقيب إكرامي جاد الرب حكيمدار‬ ‫جماعة اإلشارة امللحقة على سريتنا دون أن‬ ‫يجدوا جثته ‪ ..‬ون ّبه علينا الصول عبد اللطيف‬ ‫بعدم احلديث مطلق ًا عن إختفائه‬ ‫وداع ًا للوطن الذي للموت أرسلك فآثرت الرحيل‬ ‫والهرب ولن يكون قبرك فيه‬


‫ــــــس وسيف بن ذي يزن‬ ‫تصوير لقدوم بلقيس على امللكة مع اخلدم واحلاشية خلفها‬

‫صورة معبرة عن بلقيس‬

‫القات‪ ،‬كانت شجيرات القات التي يتراوح طولها بني مترين وخمسة‬ ‫أمتار بلونها األخضر البني يشوبه القليل من احلمرة‪ ،‬متأل أركان الغرفة‬ ‫أمام الشيخ «العزي البكاري» وأبنائه وضيوفهم من نفس العائلة أو من‬ ‫العائالت األخرى‪ ،‬حيث وضعت األواني املمتلئة باملاء البارد كما كانت‬ ‫هناك األكواب املترعة مبشروبات النعناع واجلو املسكر واللوز‪ ،‬وشاي‬ ‫الزجنبيل بالليمون‪ ،‬واحلليب العدني بجوزة الطيب اإليرانية‪ ،‬وكذلك‬

‫فناجني القهوة اليمنية‪ ،‬وبدأ الشيخ «العزي البكاري» يحكي‪ ،‬لكنه أبدى‬ ‫مالحظة سبقت احلكاية بأن اجلميع سمعوا منه هذه احلكايات قبل‬ ‫اآلن‪ ،‬لكنه سوف يحكيها ‪ -‬اآلن‪ -‬تكرميا لي ألن ما سوف أسمعه منه‬ ‫هو حقيقة ما حدث كما أنني لن أسمعه من أي أحد غيره‪ ،‬إنها حكاية‬ ‫اليمن التي حفرت في وجداني والتي لم تستطع األعوام حذفها وبقيت‬ ‫حتى هذه اللحظة أسمع في أذني صوت «الشيخ العزي» وهو يحكيها كما‬ ‫حكاها ليلتها بصوته املشبع ببخار القات عندما كدت أنا أسبح في نشوة‬ ‫الساعة السليمانية للمرة األولى في حياتي‪:‬‬ ‫»سوف أحكي لكم الليلة عن «بلقيس»‪ ،‬ملكة سبأ‪ ،‬بلقيس‪ :‬وردة اليمن‪،‬‬‫في قصرها سكنت كل العصافير التي تركت اجلنة لتسكن عندها‪،‬‬ ‫املرأة التي عشقها الرجال وامللوك واألنبياء‪ ،‬حتى امللك «ذو األذعار»‬ ‫الذي أقسم على حرقها كما حرقت قلبه عشقا‪ ،‬فحرق الزرع واحلجر‬ ‫والقصور القدمية فاشتعلت «سبأ» بنار جيش «ذي األذع��ار» فاحترق‬ ‫البشر واحلجر‪ ،‬فخرجت عليه «بلقيس» وأسكرته من ريقها خمرا‬ ‫ولم تعطه جسدها واستعصت عليه روحها‪ ،‬فخرجت عليه بخنجرها‬ ‫املسموم الذي نقعته في سم من أشجار أرض اليمن‪ ،‬أحكي لكم الليلة عن‬ ‫«بلقيس» اليمن‪ ،‬فهي «بلقيس» وهي اليمن وهي «ماكيدا اجلعزية» كما‬ ‫يسميها األحباش من ساللة أبرهة األشرم والتي هي «نيكوال» كما سمعت‬ ‫بأذني من اليوناني صاحب اخلمارة في صنعاء‪ ،‬والتي هي «املرأة» كما‬ ‫ذكرها الهدهد اللئيم جاسوس نبي الله «سليمان» فال تندهشوا فلألنبياء‬ ‫جواسيس على الرعية‪ ،‬حيث قال الهدهد لنبي الله سليمان‪« :‬إني وجدت‬ ‫امرأة متلكهم وأوتيت من كل شيء ولها عرش عظيم‪ ،‬وجدتها وقومها‬ ‫يسجدون للشمس من دون الله وزين لهم الشيطان أعمالهم فصدهم عن‬ ‫السبيل فهم ال يهتدون»‪ ،‬وأرسل لها نبي الله «سليمان احلكيم» بالهدهد‬ ‫ليدعوها للتوحيد‪ ،‬فعرفت أنها احلرب‪ ،‬وأنتم تعرفون ما هي احلرب‬


‫‪50‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪21‬‬ ‫‪ 28‬يونيو ‪2015‬‬

‫شنو اجلو‬

‫تصوير فارسي بعد اإلسالم لبلقيس‬

‫التي حترق األرض والبيوت والبشر واحلجر‪ ،‬ففكرت «بلقيس» في أن‬ ‫أفضل حل التقاء شره هو إرسال هدية له‪ ،‬فأرسلت له هدية عظيمة‬ ‫ولكن نبي الله رفضها مع أن األنبياء ال يرفضون هدايا الرعية‪ ،‬وأصر‬ ‫نبي الله على إرسال جيش لها‪ ،‬وتعجب رسل «بلقيس» من حجم مملكة‬ ‫«سليمان» وجنوده من اإلنس الذين يخدمونه واجلن الذين يسخرهم ليل‬ ‫نهار ولبون له كل أوامره‪ ،‬واحليوانات التي حتدثه ويحدثها فيسمع منها‬ ‫وتسمع منه وحتمله فوق ظهورها ألي مكان هو وجيوشه‪ ،‬والطيور التي‬ ‫تطير فوق ال��رؤوس تصب نارا من مناقيرها فتحرق البشر واحلجر‪،‬‬ ‫لكن «بلقيس» نوت أن تذهب إلى مملكته حتى تتوصل معه إلى حل قبل‬ ‫تطور األمور فيشتعل احلريق‪ ،‬وبعد وصولها تفاجأت بأن عرش ملكها‬ ‫الذي كانت جتلس عليه عنده‪ ،‬ولم تكن تعرف أن اجلن قد حملوا عرشها‬ ‫ووصلوا به إلى نبي الله قبل أن يرتد إليه طرفه‪ ،‬ولكن نبي الله «سليمان»‬ ‫كان قد جهز مللكة «سبأ» مفاجأة أخرى‪ :‬قصرا من البللور فوق املاء‪،‬‬ ‫ولكن القصر ظهر لها كأنه جلة فلما قال لها نبي الله «ادخلي الصرح يا‬ ‫ملكة سبأ»‪ ،‬حسبت «بلقيس» أنها‬ ‫ستخوض اللجة»‪.‬‬ ‫بصق الشيخ «ال �ع��زي ال�ب�ك��اري»‬ ‫بعض لعابه عندما شعر أن الكرة‬ ‫السحرية التي خزنها في اجلانب‬ ‫األمين من فمه قد انتفخت حتت‬ ‫صدغه ثم جرع جرعة من «احلو»‬ ‫املسكر‪ ،‬تبعها بجرعة من شراب‬ ‫«النعنع» البارد‪ ،‬بدا االهتمام البالغ‬ ‫ع�ل��ى م�لام��ح ك��ل اجل��ال�س�ين في‬ ‫«املقيل» انتظارا ملا س��وف يقوله‬ ‫«ع��اق��ل ال�ل�ك�م��ة»‪ ،‬وع ��دل الشيخ‬ ‫«العزي البكاري» من جلسته‪ ،‬فبعد‬ ‫أن كان يستند على املسند بكوع‬ ‫ذراع��ه األمي��ن غير استناده على‬ ‫املسند بكوع ذراعه األيسر‪ ،‬وأدار‬ ‫نظراته ميسح بها وج��وه اجلميع‬ ‫إل��ى أن ت��وق��ف ع �ن��دي‪ ،‬فشعرت‬

‫برعدة في جسدي‪ ،‬وكما لو كان الشيخ «العزي البكاري» يوجه حديثه‬ ‫لي فقال‪:‬‬ ‫»سوف يسألني بعضكم عن معنى كلمة جلة‪ ،‬لذلك فإني أنا من حفظ‬‫كتاب الله أقول لكم أن معنى كلمة جلة سوف تفهمونه لو فهمتم معنى‬ ‫عبارة «بحر جلِ ي «‪ ،‬أنها تعني البحر العميق الكثير املاء‪ ،‬و»جلة البحر»‬ ‫تعني معظم البحر العميق ويكون معني كالم نبي الله مللكة سبأ هو‪:‬‬ ‫ادخلي القصر العظيم الفخم‪ ،‬فلما رأت امللكة «بلقيس» ذلك القصر ظنته‬ ‫جلة ماء كثير عميق‪ ،‬فكشفت عن ساقيها لتخوض فيه‪ ،‬فقال لها نبي الله‬ ‫«سليمان» أنه قصر أملس من الزجاج الصافي فقالت ملكة سبأ‪« :‬رب‬ ‫إني ظلمت نفسي بالشرك‪ ،‬وتبعت سليمان واعتنقت دينه»‪ ،‬نعم كشفت‬ ‫«بلقيس» يا رجال عن ساقيها اجلميلتني‪ ،‬فلما متت املفاجأة كشف لها‬ ‫«سليمان» عن سرها‪ ،‬فأعلنت امللكة إميانها بالله‪ ،‬وآمن كذلك كل من كان‬ ‫معها من أبناء شعبها‪ ،‬وأنا أقول لكم الليلة سرا عن حقيقة اسم جدتنا‬ ‫امللكة‪« :‬بلقيس» في حقيقة األمر اسمان جعال اسما واحدا كما يقول‬ ‫الواحد منكم «حضرموت»‪ ،‬وذلك‬ ‫أن «بلقيس» ملا ملكت امللك بعد‬ ‫أبيها «الهدهاد» ق��ال بعض أهل‬ ‫«حمير» لبعضهم البعض‪ :‬ما سيرة‬ ‫هذه امللكة من سيرة أبيها ؟ فقالوا‬ ‫ب �ل �ه �ج �ت �ه��م‪ :‬ب �ل �ق �ي��س‪ ،‬وم �ع �ن��اه��ا‬ ‫بالقياس فسميت بلقيس‪ ،‬فتنسب‬ ‫أم �ن��ا امل�ل�ك��ة إل ��ى «ال �ه��ده��اد» بن‬ ‫«شرحبيل» من «بني يعفر» نعم‬ ‫حسب و‬ ‫كانت أمنا «بلقيس» سليلة‬ ‫ٍ‬ ‫ن�س��ب‪ ،‬فأبوها ك��ان ملكاً‪ ،‬و قد‬ ‫ورثت امللك بوالية منه؛ ألن ملك‬ ‫القدرة لم يرزقه بأبناء بنني‪ ،‬لكن‬ ‫أش��راف وعلية قومها استنكروا‬ ‫توليها العرش وقابلوا هذا األمر‬ ‫باالزدراء و االستياء‪ ،‬فكيف تتولى‬ ‫زم��ام األم��ور في مملكتهم ام��رأة‪،‬‬ ‫أل�ي��س منهم رج�� ٌل رش�ي��د؟ فكان‬

‫أني كنت أجلس في‬ ‫عرفت في هذه اللحظات ّ‬ ‫غرقة «املقيل» لواحدة من أهم الدور في قرية‬ ‫حبيل اجللب‬

‫إنها حكاية اليمن التي حفرت في وجداني‬ ‫وبقيت حتى هذه اللحظة أسمع في أذني صوت‬ ‫الشيخ العزي‬


‫سجود امللكة بلقيس للحاجز اخلشبي‬

‫التشتت بينهم‪ ،‬فأثار التشتت الطمع في قلوب ملوك املمالك لالستيالء‬ ‫على مملكة سبأ‪ ،‬ومنهم امللك «عمرو بن أبرهة» امللقب باسم «ذي‬ ‫األذعار»‪ ،‬فحشر «ذو األذعار» جنده و توجه ناحية مملكة سبأ لالستيالء‬ ‫عليها وعلى ملكتها أمي وأمكم «بلقيس»‪ ،‬التي علمت مبا في نفس «ذي‬ ‫األذع��ار» عندما بدأ يشعل احلريق‪ ،‬فخشيت «بلقيس» على نفسها‪،‬‬ ‫واستخفت في ثياب أعرابي والذت بالفرار‪ ،‬وعم الفساد أرجاء مملكتها‬ ‫فقررت التخلص من «ذي األذعار»‪ ،‬فدخلت عليه ذات يوم في قصره و‬ ‫ظلت تسقيه اخلمر وهو يظنها تسامره‪ ،‬وعندما بلغ اخلمر منه مبلغه‪،‬‬ ‫استلت سكيناً و ذبحته بها‪ ،‬وازدهر زمن حكم «بلقيس» ململكة سبأ أميا‬ ‫ازدهار‪ ،‬واستقرت البالد أميا استقرار‪ ،‬ومتتع أهل اليمن بالرخاء حتى‬ ‫أن القات كان يوزع على الناس باملجان و ازدهرت احلضارة والعمران‪،‬‬ ‫كما حاربت «بلقيس» األع��داء ووط��دت أرك��ان ملكها بالعدل وساست‬ ‫قومها باحلكمة‪ ،‬وهي من ذكر اسمها في القرآن الكرمي‪ ،‬فهي صاحبة‬ ‫الصرح امل ُ َمرد من قوارير وذات القصة املشهورة مع النبي سليمان بن داود‬ ‫ عليه السالم ‪ -‬في سورة النمل‪،‬‬‫وق��د ك��ان قومها يعبدون األج��رام‬ ‫السماوية وجرم الشمس على وجه‬ ‫اخلصوص‪ ،‬و كانوا يتقربون إليها‬ ‫بالقرابني‪ ،‬و يسجدون لها من دون‬ ‫الله‪ ،‬وهذا ما لفت انتباه الهدهد‬ ‫اللئيم الذي كان قد بعثه نبي الله‬ ‫«سليمان» ليبحث عن ٍ‬ ‫مورد للماء‬ ‫ليشرب اجل �ن��ود‪ ،‬و بعد الوعيد‬ ‫الذي كان قد توعده سليمان إياه‬ ‫لتأخره عليه بأن يعذبه إن لم يأت‬ ‫بعذر مقبول‪ ،‬فعاد الهدهد و عذره‬ ‫ٍ‬ ‫معه قائال‪« :‬أحطت مبا لم حتط‬ ‫به و جئتك من سبأ بنبأ يقني»‪،‬‬ ‫فقد وجد الهدهد أن أهل «سبأ»‬ ‫على ال��رغ��م مم��ا آت��اه��م الله من‬ ‫النعم إال أنهم يسجدون للشمس‬ ‫من دون الله‪ ،‬فما كان من نبي الله‬

‫«سليمان» املعروف بكمال عقله وسعة حكمته إال أن يتحرى صدق كالم‬ ‫الهدهد اللئيم‪ ،‬فقال له‪« :‬سننظر أصدقت أم كنت من الكاذبني»‪ ،‬وأرسل‬ ‫إلى بلقيس ملكة «سبأ» بكتاب يدعوها هي وقومها إلى طاعة الله ورسوله‬ ‫واإلنابة واإلذعان‪ ،‬وأن يأتوه مسلمني خاضعني حلكمه وسلطانه‪ ،‬فكتب‬ ‫لهم‪« :‬إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم‪ ،‬أال تعلوا علي وأتوني‬ ‫مسلمني»‪ ،‬وق��رأت بلقيس الكتاب وكانت حينها جالسة على سرير‬ ‫مملكتها املزخرف باجلواهر والآللئ والذهب مما يسلب األلباب ويذهب‬ ‫باملنطق‪ ،‬فجمعت وزراءها وعلية قومها‪ ،‬وشاورتهم في أمر هذا الكتاب‪،‬‬ ‫وأنا أقول لكم أنه في ذلك الوقت كانت مملكة «سبأ» تشهد من القوة ما‬ ‫يجعل املمالك األخرى تخشاها‪ ،‬و حتسب لها ألف حساب‪ ،‬فكان رأي‬ ‫ٍ‬ ‫شديد «‪ ،‬فأشاروا عليها باحلرب‬ ‫وزرائها «نحن أولوا قوةٍ و أولوا بأس‬ ‫والقوة حتى ال يحرقهم «سليمان» كما سبق وأن أحرقهم «ذو األذعار»‪ ،‬إال‬ ‫أن بلقيس صاحبة العلم واحلكمة والبصيرة ارتأت رأياً مخالفاً لرأيهم‪،‬‬ ‫فهي تعلم بفطرتها السليمة وحسن رأيها ورجاحة عقلها أن « امللوك إذا‬ ‫دخلوا قري ًة أفسدوها وجعلوا أعزة‬ ‫أه �ل �ه��ا أذل� ��ة وك ��ذل ��ك ي �ف �ع �ل��ون»‪،‬‬ ‫وبصرت هي مبا لم يبصروا به‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫بهدية‬ ‫ورأت أن ترسل إلى سليمان‬ ‫مع علية قومها‪ ،‬عله يلني أو يغير‬ ‫رأيه‪ ،‬منتظرةٌ مبا يرجع املرسلون‪،‬‬ ‫ولكن «سليمان» رد عليهم برد قوي‬ ‫ومتوعداً إياهم بالوعيد الشديد‬ ‫قائ ً‬ ‫ال‪« :‬أمتدونني مبال فما آتاني‬ ‫ال �ل��ه خ �ي��ر مم ��ا آت� �ك ��م‪ ،‬ب ��ل أن�ت��م‬ ‫بهديتكم تفرحون»‪ ،‬عندها أيقنت‬ ‫بلقيس ب �ق��وة س�ل�ي�م��ان وعظمة‬ ‫سلطانه‪ ،‬وأنه ال ريب نبي من عند‬ ‫الله‪ ،‬فجمعت حرسها وجنودها‬ ‫واجت �ه��ت إل ��ى ال �ش��ام ح�ي��ث ك��ان‬ ‫«سليمان»‪ ،‬وحدث ما حكيته لكم‬ ‫بينها وبني «سليمان» فأسلمت مع‬ ‫نبي الله «سليمان» لله رب العاملني‪،‬‬

‫هي بلقيس ‪ ..‬وهي اليمن ‪ ..‬هي ماكيدا اجلعزية‬ ‫كما يسميها األحباش ‪ ..‬وهي نيكوال كما ينطقها‬ ‫اخلمارة في صنعاء‬ ‫اليوناني صاحب ّ‬ ‫أيقنت بلقيس بقوة سليمان وعظمة سلطانه‬ ‫فجمعت حرسها وجنودها وأجتهت إلى الشام‬ ‫معلنة إميانها برب العاملني‬


‫‪52‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪21‬‬ ‫‪ 28‬يونيو ‪2015‬‬

‫شنو اجلو‬

‫«سيف» وأذه��ب ريحهم‪ ،‬ومتلك على اليمن بأمر من «ك�س��رى» على‬ ‫أما عن «سيف بن ذي يزن» فأنا أقول لكم أنه هو «أبو مرة» وهو ملك‬ ‫فريضة يؤديها له كل عام‪ ،‬وأبقى «كسرى» نائبا فارسيا عنه في جماعة‬ ‫ميني حميري وهو من طرد األحباش من بالدنا ‪ ،‬وتولى امللك فيها وهو‬ ‫من الفرس في اليمن‪ ،‬وجاءت وفود العرب إلى «سيف بن ذي يزن» لتهنئته‬ ‫«سيف» بن «ذي يزن بن عافر بن أسلم بن زيد»‪ ،‬من أذواء حمير‪ ،‬وأنتم‬ ‫بامللك‪ ،‬وفيهم وفد من «قريش» فيه «عبد املطلب»‪ ،‬فأكرم وفادتهم‪،‬‬ ‫تعرفون أن «األذواء» هم الرؤساء في اليمن ال��ذي كان سعيدا‪ ،‬وكان‬ ‫وأجزل لهم العطايا‪ ،‬و قيل أن «سيف» دخل احلبشة‪ ،‬فأمعن في أهلها‬ ‫«األذواء» يسكنون «احملافد» وأنتم تعرفون «احملافد» التي هي قصور‬ ‫تقتي ً‬ ‫ال‪ ،‬واسترق جماعة من الرجال األحباش فأخصاهم وجعلهم ميشون‬ ‫مجتمعه يقيم في أحدها شيخ أو أمير‪ ،‬في هذا الزمان الذي كانت فيه‬ ‫بني يديه ويتقدمون مواكبه‪ ،‬و قيل قتله هؤالء الرجال غدراً في غفلة منه‬ ‫اليمن هي أم الدنيا‪ ،‬وعلى صدق ما أقوله لكم تشهد قصور ومحافد‬ ‫عن مراقبتهم‪ ،‬فلما عرف بذلك نائب «كسرى» على اليمن ركب إليهم‪،‬‬ ‫ومخاليف «غمدان»‪ ،‬و»ص��رواح ظفار»‪ ،‬و»شبام»‪ ،‬و»ري��ام»‪ ،‬و»براقش»‪،‬‬ ‫وقتلهم‪ ،‬ثم جاءه كتاب «كسرى» أن يقتل كل األحباش‪ ،‬وكل من انتسب‬ ‫و»شبوة»‪ ،‬ولو جلست هنا ألعدد لكم قصور أذوائنا فسوف تنتهي الليلة‬ ‫إليهم في اليمن‪ ،‬ففعل‪ ،‬وتولى على اليمن‪ ،‬وبعدها صار احلكم للفرس‪،‬‬ ‫قبل أن أنتهي من ذكر أسمائها‪ ،‬فهي اليمن السعيد التي سميت باليمن‬ ‫فزالت دولة العرب‪ ،‬ولم تقم مللوك حمير قائمة بعدها‪ ،‬و‏قد يقول أحدكم‬ ‫ألنها على ميني الكعبة‪ ،‬ونحن عرب اليمن أبناء «يعرب بن قحطان» وهو‬ ‫في نفسه أن الشيخ «العزي البكاري» قد متكن منه القات فدخل في‬ ‫اجلد األخير من أجداد «سيف بن ذي يزن»‪ ،‬وقد تشعبت قبائل «قحطان»‬ ‫الساعة السليمانية‪ ،‬ومع أن األمر كذلك لكن دعوني أفصل لكم أكثر هذا‬ ‫وتعددت عشائرهم‪ ،‬ثم ابنه «يشجب بن يعرب» ثم بعده ابنه «عبد شمس»‬ ‫القول فأقول لكم أن «سيف» كان قد تربى مع أمه في حجر «أبرهة‬ ‫وهو «سبأ» ال��ذي خلف عدة أوالد هم «حمير» و»كهالن» ومن بطون‬ ‫احلبشي» وهو يحسب أنه ابنه‪ ،‬فسبه ذات مرة ولد ألبرهة وسب أباه‬ ‫«حمير» هم «قضاعة» ومن بطون «كهالن» هم «األزد» و»ط��ي»‪ ،‬ومن‬ ‫فسأل أمه عن أبيه فأعلمته خبره بعد مراجعة بينهما فأقام حتى مات‬ ‫سلسال هؤالء كان «سيف بن ذي يزن» الذي ولد ألم من اجلن‪ ،‬فأرضعته‬ ‫«أبرهة» وابنه «يكسوم» ثم سار إلى الروم فلم يجد عند ملكهم ما يحب‬ ‫أم��ه اجلنية من لنب اجل��ن وصاحب سيادة في كل ق��وم اجل��ن‪ ،‬وكان‬ ‫ملوافقته احلبشة في الدين فعاد إلى كسرى فاعترضه يو ًما وقد ركب‬ ‫األحباش قد حكموا اليمن السعيد فترة طويلة من ال��زم��ان‪ ،‬فطغوا‬ ‫فقال ل ‏ه‏‪ :‬إن لي عندك ميرا ًثا فدعا به كسرى ملا نزل فقال ل ‏ه‏‪ :‬من أنت‬ ‫وجتبروا‪ ،‬وأرهقوا أهل البالد‪ ،‬فخرج «سيف بن ذي يزن» إلى قيصر‬ ‫وم��ا ميراثك قا ‏ل‏‪ :‬أن��ا بن الشيخ‬ ‫الروم ليرجوه أن يكف يد األحباش‬ ‫ال�ي�م��ان��ي ال���ذي وع��دت��ه النصرة‬ ‫عن اليمن‪ ،‬ويولي عليها من يشاء‬ ‫فمات ببابك فتلك العدة حق لي‬ ‫من الروم‪ ،‬فأجابه قيصر الروم بأن‬ ‫وميراث‏‪ ،‬فرق «كسرى» له وقال ل ‏ه‏‪:‬‬ ‫األح� �ب ��اش ع �ل��ى دي ��ن ال �ن �ص��ارى‬ ‫ب�ع��دت ب�ل�ادك عنا وق��ل خيرها‬ ‫كالروم‪ ،‬فعاد «سيف» ووف��د على‬ ‫واملسلك إليها وع � ٌر ولست أغرر‬ ‫«النعمان ب��ن امل�ن��ذر» عامل بالد‬ ‫بجيشي‏‪ ،.‬وأم��ر ل��ه مب��ال فخرج‬ ‫«ف� ��ارس» على «احل��ي��رة»‪ ،‬فشكا‬ ‫وج �ع��ل ينثر ال ��دراه ��م فانتهبها‬ ‫إل�ي��ه‪ ،‬واستمهله «النعمان» حتى‬ ‫ال�ن��اس فسمع كسرى فسأله ما‬ ‫وفادته على «كسرى»‪ ،‬فلما وفد‬ ‫حمله على ذل��ك فقا ‏ل‏‪ :‬ل��م آتك‬ ‫قدمه إليه‪ ،‬وأخبره مبسألته‪ ،‬فقال‬ ‫ل��ل��م��ال وإمن� � ��ا ج �ئ �ت��ك ل �ل��رج��ال‬ ‫«كسرى» عن أرض اليمن إمنا هي‬ ‫ولتمنعني من ال��ذل وال�ه��وان وإن‬ ‫أرض ش��اة وبعير‪ ،‬وال حاجة لنا‬ ‫ج� �ب ��ال ب�ل�ادن ��ا ذه� ��ب وفضة‏‪،.‬‬ ‫بها‪ ،‬وأعطى «سيف بن ذي يزن»‬ ‫فأعجب كسرى بقوله وقا ‏ل‏‪ :‬يظن‬ ‫بعض الدنانير فنثرها «سيف»‪،‬‬ ‫رسم من وحي حكاية بلقيس بريشة اإليطالي رفائيل املسكني أن��ه أع��رف ب�ب�لاده مني‬ ‫وق ��ال‪« :‬إمن��ا جبال ب�ل�ادي ذهب‬ ‫واستشار وزراءه في توجيه اجلند‬ ‫وفضة»‪ ،‬فشاور «كسرى» رجاله‬ ‫معه فقال له «موبذان موبذ»‏‏‪ :‬أيها‬ ‫في األم��ر‪ ،‬فأشاروا عليه بإرسال‬ ‫امللك إن لهذا الغالم ح ًقا بنزوعه‬ ‫السجناء الذين سجنوا التهامهم‬ ‫إليك وموت أبيه ببابك وما تقدم‬ ‫بالقتل واجلرائم للقتال مع «سيف‬ ‫من عدته بالنصرة وفي سجونك‬ ‫بن ذي يزن»‪ ،‬فإن هلكوا‪ ،‬كان ذلك‬ ‫رج ��ال ذوو جن��دة وب ��أس فلو أن‬ ‫م��ا ي��ري��ده «ك �س��رى»‪ ،‬وإن ظفروا‬ ‫امل�ل��ك وجههم معه ف��إن أص��اب��وا‬ ‫باليمن من األحباش انضمت والية‬ ‫ظف ًرا كان للملك وإن هلكوا فقد‬ ‫جديدة إلى أعمال «فارس»‪ ،‬فعمل‬ ‫استراح وأراح أهل مملكته منهم‏‪،‬‬ ‫«ك �س��رى» ب��امل �ش��ورة‪ ،‬وأرس� ��ل مع‬ ‫فقال كسر ‏ى‏‪ :‬ه��ذا الرأي‏‪ ،‬فأمر‬ ‫«س �ي��ف» ج�ي�ش�اً م��ن احملكومني‬ ‫مب ��ن ف ��ي ال �س �ج��ون ف��أح �ض��روا‬ ‫بالقتل‪ ،‬ف�ن��زل «س �ي��ف» باليمن‪،‬‬ ‫فكانوا ثمامنائة فق ّود عليهم قائدًا‬ ‫وج �م��ع م��ن ق��وم��ه م��ن اس�ت�ط��اع‬ ‫من أساورته يقال له «وهرز» وقي ‏ل‏‪:‬‬ ‫جمعهم‪ ،‬فخرج إليه «مسروق بن‬ ‫بل كان من أهل السجون سخط‬ ‫أبرهة» في مائة ألف من األحباش‪،‬‬ ‫عليه «ك �س��رى» حل ��دث فحبسه‬ ‫وم� ��ن أوب�� ��اش ال �ي �م��ن‪ ،‬فهزمهم‬

‫األذواء هم الرؤساء في اليمن الذي كان سعيد ًا ‪..‬‬ ‫وكانوا يسكنون «احملافد»‬

‫تقرر أن يؤدي اجلنود املصريون امتحانات الثانوية‬ ‫العامة في املدرسة األحمدية لكن القيادة العامة‬ ‫غ ّيرت املكان من تعز إلى صنعاء!‬


‫معبد بران أو عرش بلقيس‬

‫بوابة الفردوس‪ ،‬أحد أعمال لورنزو جبرتي‬

‫وكان يعدله بألف أسوار وأمر بحملهم في ثماني سفن فركبوا البحر‬ ‫فغرقت سفينتان وخرجوا بساحل «حضرموت» وحلق بابن ذي يزن بشر‬ ‫كثيرون‪ ،‬وسار إليهم «مسروق» في مائة ألف من «احلبشة» و»حمير»‬ ‫واألع��راب وجعل «وه��رز» البحر وراء ظهره وأح��رق السفن لئال يطمع‬ ‫أصحابه في النجاة وأحرق كل ما معهم من زاد وكسوة إال ما أكلوا وما‬ ‫على أبدانهم وقال ألصحاب ‏ه‏‪ :‬إمنا أحرقت ذلك لئال يأخذه احلبشة إن‬ ‫ظفروا بكم وإن نحن ظفرنا بهم فسنأخذ أضعافه فإن كنتم تقاتلون معي‬ ‫وتصبروني أعلمتموني ذلك وإن كنتم ال تفعلون اعتمدت على سيفي حتى‬ ‫يخرج من ظهري فانظروا ما حالكم إذا فعل رئيسكم هذا بنفسه‏‪ ،‬قالو‏ا‏‪:‬‬ ‫بل نقاتل معك حتى منوت أو نظفر‏‪ ،‬وقال لسيف بن ذي يز ‏ن‏‪ :‬ما عندك‬ ‫قا ‏ل‏‪ :‬ما شئت من رجل عربي وسيف عربي ثم اجعل رجلي مع رجلك‬ ‫حتى منوت جميعا أو نظفر جميعا‏‪ ،‬قا ‏ل‏‪ :‬أنصفت‏‪ ،‬فجمع إليه «سيف» من‬ ‫استطاع من قومه فكان أول من حلقه «السكاسك» من كندة‏‪ ،‬وسمع بهم‬ ‫«مسروق» بن «أبرهة» فجمع إليه جنده فعبأ «وهرز» أصحابه وأمرهم أن‬ ‫يوتروا قسيهم وقا ‏ل‏‪ :‬إذا أمرتكم بالرمي فارموا رش ًقا‏‪،‬‏وأقبل مسروق في‬ ‫جمع ال يرى طرفاه وهو على فيل وعلى رأسه تاج وبني عينيه ياقوتة‬ ‫حمراء مثل البيضة ال يرى دون الظفر شيء‪ ،‬وكان وهرز كل بصره فقا ‏ل‏‪:‬‬ ‫فرسا فقالو‏ا‏‪ :‬ركب‬ ‫أروني عظيمهم‏‪ ،‬فقالو‏ا‏‪ :‬هذا صاحب الفيل ثم ركب ً‬

‫فرسا ثم انتقل إلى بغلة فقالو‏ا‏‪ :‬ركب بغلة‏‪ ،‬فقال وهر ‏ز‏‪ :‬ذل وذل ملكه‏‪،‬‬ ‫وقال وهر ‏ز‏‪ :‬ارفعوا لي حاجبي وكانا قد سقطا على عينيه من الكبر‬ ‫فرفعوهما له بعصابة ثم جعل نشابة في كبد قوسه وقا ‏ل‏‪ :‬أشيروا إلى‬ ‫مسروق فأشاروا إليه فقال له ‏م‏‪ :‬سأرميه فإن رأيتم أصحابه وقو ًفا لم‬ ‫يتحركوا فاثبتوا حتى أؤذنكم فإني قد أخطأت الرجل وإن رأيتموهم قد‬ ‫استداروا‪ ،‬فقد أصبته فاحملوا عليهم‏‪ ،‬ثم رماه فأصاب السهم بني عينيه‬ ‫ورمى أصحابه فقتل مسروق وجماعة من أصحابه‪ ،‬ومات «أنوشروان»‬ ‫وهو على اليمن فعزله ابنه «هرمز‏» وها أنا أقول لكم أن نسب «سيف»‬ ‫هو «سيف بن ذي يزن بن ذي أصبح بن مالك بن زيد بن سهل بن عمرو‬ ‫بن أبرهة بن احلارث بن قيس بن صفي بن حمير بن سبأ بن يشجب بن‬ ‫يعرب بن قحطان»‪ ،‬ولقد كان القائد احلبشي «أبرهة األشرم» قد غزا‬ ‫اليمن انتقاما ملا تعرض له أصحاب األخدود من عذاب على يد امللك «ذو‬ ‫نواس» ملك اليمن اليهودي ولقد استمرت احلرب عامني حتى انتحر «ذو‬ ‫نواس» عند يأسه من النصر على اجليش احلبشي وكان «أبرهة» أشرم‬ ‫احلاجب واألنف والشفة وعندما رأى «أبرهة» إقبال العرب على احلج‬ ‫إلى مكة املكرمة أراد أن يصرفهم عنها ويأتوا حاجني إلى الكنيسة‬ ‫«القليس» التي شيدها فأحسن بنيانها وزينها وزخرفها بكل أن��واع‬ ‫الزخارف والرخام والفسيفساء وسار ومعه الفيل ليهدم الكعبة وملا وجهوا‬ ‫الفيل إلى مكة املكرمة أبى وبرك ورفض دخولها فضربوه ليقوم فأبى‬ ‫ولكن عندما وجهو ِه إلى اليمن هب وقام ليهرول مسرعا للرجوع إلى‬ ‫اليمن‪ ،‬ثم أرسل الله تعالى عليهم طيرا أبابيل حتمل حجارة من سجيل‬ ‫وترميهم بها ال تصيب أحدا من األحباش إال هلك وأصيب أبرهة» في‬ ‫جسده ومات ثم خلفه ابنه «يكسوم» وبعده أخوه «مسروق» وهو أخر‬ ‫ملوك احلبشة الذي هزمه امللك املظفر «سيف» وأصبح «القليس» الذي‬ ‫بناه أبرهة يبابا‪ ،‬وامللك «سيف بن ذي يزن» يا رجال هو من امللوك العرب‬ ‫اليمانيني ودهاتهم وهو جد «السيوف» و»آل سيف» و»بني أبو سيف»‬ ‫ولعائله «آل سيف» الكرمية وإلخوانهم األمجاد ومواقف مشرفة في‬ ‫ساحات اجلهاد ومعامع احل��روب فقد حاربوا في صفوف املسلمني‬ ‫لنصره الدين احلنيف العتيد وكذلك في الفتوحات اإلسالمية‪ ،‬فجدودهم‬ ‫ومنهم سيد حمير «عفير بن زرع��ه» صديق اخلليفة «عبد امللك بن‬ ‫مروان» األموي الذى كان سيد أبناء اليمن في الشام»‪.‬‬ ‫كان «رض��وان العزي» قد دربني في م��رات سابقة على تخير األوراق‬ ‫الرطبة من شجرة القات الصاحلة للمضغ فهناك ما ميضغ وما ال ميضغ‬ ‫من األوراق‪ ،‬تابعت حلظتها ما كان يدور بني املوجودين من أحاديث‬ ‫عن أحوالهم وأحوال الناس لكن بعد مرور مدة من الوقت بدأت أشعر‬ ‫بالرغبة في االنسحاب إلى داخل كهف الذكريات فتأكدت أن «الساعة‬ ‫إلي وجه أمي‪:‬‬ ‫السليمانية» قد حلت فقررت االستسالم التام لها فتسلل ّ‬ ‫متضاحكا‪ ،‬صامتا كما لو كان يأتي من عالم شديد السكينة‪ ،‬يزيح بخار‬ ‫النشوة‪ -‬اآلن‪ -‬وجه أمي ليحل مكانه وجه «ركس»‪ ،‬مرة أخرى يهاجمني‬ ‫وجه الكلب األليف‪ ،‬الذي سرعان ما يتداخل فيه وجه «شدوى»‪ ،‬النشوة‬ ‫املختلطة بالشبق هي الوقود املمتع في حلظات اشتعال نسيم نار نشوة‬ ‫«الساعة السليمانية»‪ ،‬خيل أليه أنه يستمع إلى بعض ضيوف «عاقل‬ ‫القرية» وهم يتحدثون عن اختطاف رج��ال اإلم��ام البدر لثالثة جنود‬ ‫مصريني بعد قتل تسعة من اجلنود املصريني اآلخرين وهروب رجال‬ ‫اإلمام إلى قرية «املواسك» لكنه سرعان ما عاد إلى نفسه ليذكرها بأن‬ ‫جلنة االمتحان تنتظره غدا صباحا في مدرسة «األيتام الثانوية» في‬ ‫«صنعاء» بعد أن كان قد تقرر أن يؤدي اجلنود املصريون امتحانات‬ ‫الثانوية العامة في «املدرسة األحمدية» في «تعز» لكن غيرت القيادة‬ ‫العامة مكان االمتحانات من «تعز» إلى «صنعاء»‪.‬‬


‫‪54‬‬

‫سلسلة‬

‫كتـــاب‬

‫األحد ـ العدد ‪21‬‬ ‫‪20‬‬ ‫‪ 21‬يونيو ‪2015‬‬ ‫‪28‬‬

‫حوار‬

‫‪3‬‬

‫‪4‬‬

‫‪5‬‬

‫‪1‬‬

‫‪2‬‬

‫‪9‬‬

‫‪10‬‬

‫‪6‬‬

‫‪7‬‬

‫‪8‬‬

‫‪15‬‬

‫‪11‬‬

‫‪12‬‬

‫‪13‬‬

‫‪14‬‬

‫‪20‬‬

‫‪16‬‬

‫‪17‬‬

‫‪18‬‬

‫‪19‬‬


‫‪21‬‬

‫مع هذا العدد‪:‬‬

‫كتاب‬ ‫«ليبيا أو ً‬ ‫ال ‪..‬ودائم ًا»‬ ‫(مقاالت)‬

‫حسن طاطاناكي‬


‫‪56‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪21‬‬ ‫‪ 28‬يونيو ‪2015‬‬

‫ثقافة‬

‫الحداد يحتفل‬ ‫بـ«ضمير»‬ ‫احتفل الكاتب الليبي فوزي احلداد األسبوع املاضي بصدور مجموعته‬ ‫القصصية اجل��دي��دة «ضمير مستعمل للبيع»‪ ،‬ع��ن دار «ال ��دار» للنشر‬ ‫والتوزيع‪ ،‬وذلك في قاعة املكتبة باملبنى اليوناني في اجلامعة األميركية ـ‬ ‫‪ 28‬شارع التحرير ـ باب اللوق‪ ،‬بالقاهرة‪.‬‬

‫مالوف تونس ُيطرب باريس‬

‫نشأت جمعية املالوف التونسي سنة ‪ ،2012‬ثم ترعرعت وكبرت‬ ‫بسرعة‪ ،‬لتكون رمزا للتراث العربي التونسي وهويته وموسيقاه‬ ‫األص �ي �ل��ة‪ ،‬وم�ن�ف�ت�ح��ة ف��ي ال��وق��ت ن�ف�س��ه ع �ل��ى ب�ق�ي��ة ال�ث�ق��اف��ات‬ ‫واحل �ض��ارات‪ ،‬فاملوسيقى هي لغة كونية ال تعترف باجلغرافيا‬ ‫واحلدود‪.‬‬ ‫جتمع ه��ذه الكوكبة موسيقيني ومثقفني تونسيني مقيمني في‬ ‫فرنسا‪ ،‬نذكر منهم الفنان فوزي بن طارة‪ ،‬واإلعالمي عبداللطيف‬ ‫الشريف‪ ،‬والفنان أحمد رضا عباس الذي أصبح في ما بعد أول‬ ‫رئيس جلمعية مالوف تونس بباريس‪ ،‬وبدأ باالجتهاد والعمل على‬

‫حتقيق ه��ذا احللم على أرض الواقع رغ��م الصعوبات الكثيرة‪.‬‬ ‫وفضال عن أحمد رضا عباس الرئيس تضم اجلمعية نخبة من‬ ‫الكفاءات املوسيقية التونسية املقيمة في فرنسا‪ ،‬وقد جتمعوا‬ ‫كلهم حول حب املوسيقى األصيلة‪.‬‬ ‫ب��دأت الفرقة بحفل ب��دار ت��ون��س ف��ي احل��ي اجلامعي بباريس‬ ‫بحضور الفنان التونسي زياد غرسة‪ ،‬وثم أقيم حفل هام أحيته‬ ‫الفرقة مبعهد العالم العربي بباريس منذ فترة قصيرة‪ ،‬ويعتبر هذا‬ ‫احلفل هو التدسني احلقيقي ملسار «مالوف تونس» التي نتوقع لها‬ ‫أن حتتل ح ّيزاً مشرقاً في مشهد الفن العربي املهاجر‪.‬‬


‫خلود الفالح‬

‫ّ‬ ‫الحساس والساذج‬ ‫الروائي‬ ‫يطرح األسئلة‬

‫واقع اللغة‬ ‫بين التعددية‬ ‫والتنمية‬ ‫أص� ��در «االئ� �ت�ل�اف ال��وط �ن��ي م��ن أج ��ل اللغة‬ ‫ال�ع��رب�ي��ة» ك�ت��اب امل��ؤمت��ر ال��وط�ن��ي األول للغة‬ ‫العربية ال ��ذي تضمن أش�غ��ال��ه‪ ،‬وال ��ذي نُ ّظم‬ ‫اح�ت�ف��ا ًء باليوم العاملي للغة العربية‪ ،‬وحتت‬ ‫شعار «نحو استراتيجية وطنية للنهوض باللغة‬ ‫ال�ع��رب�ي��ة»‪ ،‬ي��وم��ي ‪ 25‬ــــ‪ 26‬ديسمبر ‪2013‬‬ ‫في موضوع «واق��ع اللغة العربية باملغرب بني‬ ‫التعددية والتنمية»‪ ،‬وذلك تكرميا للعالم اللغوي‬ ‫الراحل أحمد األخضر غزال‪ .‬ويتضمن الكتاب‬ ‫أع �م��ال امل��ؤمت��ر ال ��ذي مت�ي��ز مب �ش��ارك��ة نخبة‬ ‫املغرب من أساتذة وسياسيني ومثقفني‪.‬‬

‫ضمن منشورات اجلمل صدرت الترجمة العربية لكتاب «الروائي احلساس والساذج»‬ ‫للروائي التركي أورهان باموك‪ ،‬ترجمة العراقية ميادة خليل التي قالت‪« :‬بكل بساطة‪،‬‬ ‫أعجبني الكتاب جداً‪ .‬وبدأت في ترجمته‪ .‬لغة الكتاب بسيطة وغير متكلفة‪ ،‬وتقدم‬ ‫معلومات كثيرة ج��داً عن الرواية بطريقة مختلفة وبسهولة‪ .‬لم تكن مغامرة‪ .‬كانت‬ ‫متعة‪ ،‬وأضافت‪« :‬الكتاب موجه لقارئ وكاتب الرواية (محاضرات نورتون‪ ،‬جامعة‬ ‫هارفرد ‪ )2009‬من خالل جتربة الكاتب الشخصية كقارئ وروائي‪ ،‬يضيء على جتارب‬ ‫الروائيني الذين تأثر بهم مثل تولستوي‪ ،‬ستاندل‪ ،‬بروست‪ ،‬مان‪ ،‬ديستوفسكي وغيرهم‪.‬‬ ‫اع�ت�م��د ال�ك�ت��اب ع�ل��ى ف�ك��رة م�ق��ال شيلر ال�ش�ه�ي��ر(ع��ن الشعر‬ ‫الساذج واحلساس) الذي تناول فيه الفرق بني الشاعر الساذج‬ ‫واحلساس أو العاطفي‪ ،‬الذي تأثر به باموك في شبابه‪ .‬يطرح‬ ‫الكتاب أسئلة ذهنية ويجيب عنها ب��األض��اف��ة إل��ى قصص‬ ‫وجتارب شخصية مر بها الروائي باموك»‪.‬‬ ‫وهل مليادة خليل معايير محددة الختيار موضوع ما للترجمة؟‬ ‫فكان رده��ا‪ :‬املعيار الوحيد بالنسبة لي هو أن أحب املادة‬ ‫كقارئة‪ .‬وأوضحت‪ :‬الترجمة محاورة بني الكاتب (املتحدث‬ ‫بلغته) واملترجم (املصغي بلغته) هي فك رموز اللغة‪ ،‬نقل‬ ‫النص من لغة الى لغة‪ ،‬وصياغة اجلملة بشكل مفهوم‪.‬‬ ‫وبهذا ــ برأيي ــ املترجم ال يتحول بترجمة النص إلى‬ ‫«املتحدث» أو الكاتب‪ .‬لذلك أنا «ال اتفلسف» كثيراً في‬ ‫لغة الترجمة‪ ،‬أو أقرأ النص وافهم معناه فأصيغ جمله‬ ‫«بأسلوبي» الشخصي ألخرج بنص آخر متاماً‪.‬أحاول‬ ‫قدر استطاعتي احلفاظ على شخصية وثقافة وروح‬ ‫الكاتب وأسلوبه‪ ،‬وهذا صعب جداً‪.‬‬ ‫أنا آسف‬ ‫يقول الشاعر قاسم حداد الترجمة خيانة ذهبية وتعتبر املترجمة ميادة خليل الترجمة‬ ‫ليست خيانة للنص األصلي‪ .‬الترجمة اجليدة على األقل‪ .‬الترجمة عمل شاق جداً‪،‬‬ ‫واملترجم يقرأ اجلملة الواحدة بأشكال مختلفة ومن زوايا مختلفة ليصل إلى جملة‬ ‫ترضيه ويقتنع أنها البديل عن اجلملة األصلية‪ .‬اختتم ردي بكالم املترجم هوارد‬ ‫غولدبالت مترجم كتب الروائي الصيني مو يان‪ :‬أنت ال تخون امللحن عندما تعزف‬ ‫معزوفته مرة أخرى بآلة أخرى‪ .‬عندما تترجم نصاً أنت تأخذ هذه اللغة وتغ ّيرها إلى‬ ‫لغتك‪ .‬ليست سرقة‪ ،‬لكنني آخذها وأفعل شيئاً رهيباً لها‪ .‬هذه هي الطريقة الوحيدة‬ ‫التي أمتكن فيها من جعل النص متاحاً لآلخرين‪ .‬املترجمون دائماً يعتذرون‪ .‬نحن‬ ‫نقضي حياتنا في قول‪ :‬أنا آسف‪.‬‬ ‫وتضيف‪« :‬املترجم ليس منافس للمؤلف‪ ،‬سيخسر املنافسة بالتأكيد‪ .‬املترجم يتحقق‬ ‫هدفه عند ترجمة الكتاب مع شرطاألمانة للنص األصلي‪ ،‬والكاتب األصلي‪ ،‬وبالتالي‬ ‫«النجم» سيظل هو املؤلف‪ .‬من حق املترجم طبعاً أن يُذكر اسمه مع الترجمة‪ ،‬ويفتخر‬ ‫مبجهوده‪ .‬وهنا مالحظة أود أن أذكرها‪ :‬في الكتب املترجمة للغات أجنبية‪ ،‬ال يُكتب‬ ‫اسم املترجم على غالف الكتاب‪ ،‬اسم املترجم يضعوه مع معلومات الكتاب في الصفحة‬ ‫األولى أو الثانية»‪.‬‬


‫‪58‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪21‬‬ ‫‪ 28‬يونيو ‪2015‬‬

‫ثقافة‬

‫التقليد واإلصالح‪ ..‬وتغير زمن األمة‬ ‫دعا الدكتور رض��وان السيد‪ ،‬إلى إع��ادة ق��راءة امل��وروث الديني‪ ،‬ونبذ‬ ‫دعوات القطيعة معه‪ ،‬كما دعا إلى تأهيل املؤسسة الدينية التقليدية‬ ‫ورد االعتبار للجماعة بصفتها املسؤولة عن حتديد ثوابت الدين وصمام‬ ‫أمان أمامي دعاوى احلركات اإلحيائية الفصامية‪.‬‬ ‫وقد أكد املفكر اللبناني املختص في الفلسفة والفكر اإلسالمي‪ ،‬في‬ ‫بداية محاضرته‪ ،‬التي ألقاها في إطار فعاليات صالون جدل الثقافي‬ ‫مبؤسسة مؤمنون بال حدود بالرباط‪ ،‬يوم السبت ‪ 13‬يونيو‪ ،‬على أهمية‬ ‫املوضوع الذي احتل جزءا ليس باليسير من انشغاالته خالل السنوات‬ ‫اخلمس املاضية‪ ،‬وه��ي انشغاالت متحورت عموما‪ ،‬ح��ول أطروحة‬ ‫اإلصالح الديني؛ إذ شكلت سنة ‪ ،2010‬يذكر السيد‪ ،‬حلظة حاسمة‬ ‫في منحى تفكيره‪ ،‬من خالل إعادة قراءة أعمال فقيدي الفكر العربي‬ ‫خالل هذه السنة‪ ،‬محمد عابد اجلابري ومحمد أركون‪ ،‬اللذين عرفا‬ ‫بأهمية إجنازاتهما في دراسة التراث‪.‬‬ ‫فاملفكران الكبيران‪ ،‬على‬ ‫ال� ��رغ� ��م م� ��ن االخ� �ت�ل�اف‬ ‫ال� ��واض� ��ح ب �ي �ن �ه �م��ا ع�ل��ى‬ ‫مستوى املنهج واأله��داف‬ ‫وطرائق الكتابة كانا األكثر‬ ‫ق��راءة في العالم العربي‪،‬‬ ‫ورغ��م دع��وة اجلابري إلى‬ ‫التجديد من الداخل عبر‬ ‫تثوير ال �ت��راث ف��ي مقابل‬ ‫دعوة أرك��ون إلى التجديد‬ ‫من اخل��ارج عبر القطيعة‬ ‫معه‪ ،‬فإنهما يتفقان في‬ ‫جعل املوروث الديني موضوع اجتهاداتهما‪.‬‬ ‫وفي مقابل هذين النموذجني الفكريني البارزين‪ ،‬يطرح السيد رؤيته‬ ‫حول املوروث الديني عبر دراسة «انسدادات» الثقافة العربية اإلسالمية‬ ‫خالل ق��رون أفضت‪ ،‬بحسبه‪ ،‬إلى ظهور تيار ديني يدعو إلى جتاوز‬ ‫التقليد‪ ،‬وهو تيار انقسم إلى اجتاهني‪ :‬األول سلفي أراد تصحيح مسار‬ ‫العقيدة غير أن وج��ود دول��ة لهم باحلجاز جعلتهم ال يكترثون بزوال‬ ‫اخلالفة التي كانت أصال تعارض دعوتهم‪ .‬أما الثاني‪ ،‬فإصالحي أراد‬ ‫حتقيق النهضة عبر االستفادة من الغرب‪ ،‬وهو اجتاه جنح بفعل نضاالت‬ ‫نصف قرن ضد التقليد في إحداث تصدع في جداره وانبثاق موجات‬ ‫اإلحيائيني‪ ،‬والتي تبلورت في شكل حركات طرحت مسألة الشرعية‬ ‫الدينية‪ ،‬واعتبرت الدولة واملجتمع معا فاقدين لها بسبب عامل سيادة‬ ‫النموذج الغربي وقيام الدولة الوطنية‪.‬‬ ‫إن هذا التيار بحسب احملاضر‪ ،‬الذي سماه باالجتاه اإلحيائي الفصامي‬ ‫اجلديد‪ ،‬أدى إلى انفصال املسلمني عن الهند مببرر أن ال والية للمسلم‬ ‫على غير املسلم‪ ،‬وأن الهند قد حتولت إلى بالد كفر‪ ،‬فيما عكف اإلخوان‬ ‫املسلمون في مصر على إعطاء مضامني جديدة للشريعة‪ ،‬التي لم تكن‬ ‫تعني سوى الدين نفسه‪ ،‬وبالتالي تطوير أطروحتهم حول احلاكمية‪.‬‬ ‫كما توقف الدكتور السيد عند فشل ال��دول��ة الوطنية في بناء دولة‬ ‫املؤسسات وفقدها لدعم الشعب‪ ،‬مما جنم عنه انبثاق التنظيمات‬

‫السرية العسكرية وصيرورة السلفية إلى أيديولوجية مقاتلة باسم الدين‪،‬‬ ‫فانتهى األمر إلى ما وصفه ب»االنشقاق الديني»‪ ،‬حيث جتسدت بوادر‬ ‫ذات االنشقاق في ضرب العقيدة األشعرية من طرف كل من العلمانيني‪،‬‬ ‫باعتبارها غير عقالنية ومن طرف السلفيني‪ ،‬باعتبارها منحرفة عن‬ ‫الدين‪ ،‬كما ضربت اجلماعة أيضا باسم احلاكمية وتطبيق الشريعة‪،‬‬ ‫حتى صار غالبية املسلمني في هذا التصور خارجني عن اإلسالم‪ ،‬وهو‬ ‫نفس االنشقاق أيضا حصل على املستوى الشيعي بانتشار مقولة والية‬ ‫الفقيه‪ ،‬كمقابل للحاكمية عند السنة‪ ،‬مما أدى إلى تطور سلبي في فقه‬ ‫الدين وفقه العيش‪.‬‬ ‫إن العناصر االنشقاقية‪ ،‬يقول األستاذ السيد‪ ،‬صارت شديدة الفعالية‪،‬‬ ‫حتى فقدت ثوابت الدين اإلجماع حولها‪ ،‬وصار اإلس�لام الفعال هو‬ ‫املقاتل‪ .‬غير أن��ه استهجن دع��وة غالبية املفكرين إل��ى اخل�لاص من‬ ‫املوروث وإحداث القطيعة معه للتخلص من هذه احلركات اإلحيائية‪،‬‬ ‫لتوهمهم ارت �ب��اط احلركة‬ ‫اإلحيائية ب��ال�ت��راث‪ ،‬بينما‬ ‫اإلح� �ي ��ائ� �ي ��ون ‪-‬ك��أق �ل �ي��ات‬ ‫نخبوية طهورية وخالصية‪-‬‬ ‫ك��ان��وا ف��ي حقيقتهم ضد‬ ‫املوروث‪.‬‬ ‫ك �م��ا رد امل��خ��اض احل��ال��ي‬ ‫في العالم العربي إلى ثالثة‬ ‫ع��وام��ل‪ ،‬تتمثل ف��ي فشل‬ ‫ال ��دول ��ة ال��وط �ن �ي��ة‪ ،‬وب� ��روز‬ ‫احل ��رك ��ات اإلح �ي��ائ �ي��ة‪ ،‬ثم‬ ‫فشل السياسات الوطنية‬ ‫والدولية في نشر االستقرار والتماسك االجتماعي‪ .‬لذلك‪ ،‬يشدد‪ ،‬السيد‪،‬‬ ‫على ضرورة تسكني الدين وطمأنة اجلمهور عبر االهتمام باملؤسسات‬ ‫الدينية‪ ،‬لتتمكن بالقيام من مهامها التقليدية في وحدة العقيدة والعبادة‬ ‫والفتوى والتعليم الديني واإلرشاد العام‪ .‬وكذا رد االعتبار للجماعة‪ ،‬ألنها‬ ‫هي التي حتدد ثوابت الدين‪ ،‬بينما تبقى املؤسسات عبارة عن هيئات لها‬ ‫وظائف تنظيمية للدين‪ ،‬مذكرا بدورها في تخريج شيوخ كبار كانت لهم‬ ‫مواقف في رفض تسييس الدين‪ ،‬ورفض وجود دولة دينية في اإلسالم‬ ‫والدعوة إلى إعمال النظر املقاصدي في الشريعة‪ .‬كما شدد في نفس‬ ‫السياق‪ ،‬على مهمة املثقفني في إعادة قراءة املوروث الديني‪ ،‬أو مبعنى‬ ‫آخر التقليد‪ ،‬الذي ليس شيئا آخر سوى تاريخنا‪.‬‬ ‫كما فند دعاوى القطيعة مع التراث مستعرضا‪ ،‬في السياق ذاته‪ ،‬ما‬ ‫ذكره رفاعة الطهطاوي عن أحد علماء املالكية‪ ،‬املسمى عبد السالم‬ ‫التواتي‪ ،‬الذي حرر رسالة يثبت فيها كروية األرض ختمها بالقول‪ ،‬إن‬ ‫شكل األرض‪ ،‬كيفما كان‪ ،‬ال عالقة له بديننا‪ .‬وبناء على ذلك‪ ،‬حرر‬ ‫السيد‪ ،‬دعوته في ختام احملاضرة إلى إحداث القطيعة في الوعي وليس‬ ‫في الواقع‪ ،‬بدليل أن غالبية املسلمني دخلوا العصر دون طرح السؤال‪،‬‬ ‫وهو ما وعاه‪ ،‬يردف السيد‪ ،‬كل من الطهطاوي وخير الدين التونسي‬ ‫وغيرهما من خالل إميانهما بأال قطيعة إال على مستوى الوعي بالواقع‬ ‫واختالالته‪.‬‬


‫المجتمع المدني‪ :‬النظرية والممارسة‬ ‫أصدر املركز العربي لألبحاث ودراس��ة السياسات ضمن سلسلة ترجمان التي تشرف‬ ‫عليها وحدة ترجمة الكتب في املركز‪ ،‬ترجمة عبد الرحمن عبد القادر شاهني لكتاب‬ ‫املجتمع املدني‪ :‬النظرية واملمارسة‪ ،‬للكاتب مايكل إدواردز‪ .‬ويقع الكتاب الذي صدر في‬ ‫نسخته األصلية ‪ Civil society‬أول م ّرة في ‪ ،2004‬في ‪ 224‬صفحة من القطع الكبير‪،‬‬ ‫وه��ذا الكتاب ليس كتا ًبا نظر ًيا‪ ،‬وال هو عن نظرية املجتمع املدني‪ ،‬ولكن هو محاولة‬ ‫لتوضيح السبل التي أ ّدت إلى تش ّوش النظرية وسوء التطبيق في املمارسة‪ ،‬عن طريق جولة‬ ‫سريعة في النظرية نفسها‪.‬‬ ‫يقدم الكتاب مزيد من الوضوح حول األفكار املتعلقة باملجتمع املدني في إطار نقدي‬ ‫ّ‬ ‫صارم‪ ،‬يدعو إلى التخلّي عن األحكام التعميمية اخلادعة‪ ،‬واحللول السحرية‪ ،‬واألدوية‬ ‫املعدة لعالج جميع األمراض‪ .‬وهذا الكتاب ال ينشد اإلجماع في الرأي (وهو أمر‬ ‫الناجعة ّ‬ ‫من املستحيل أصلاً حتقيقه في النقاش حول املجتمع املدني)‪ ،‬بل يرمي إلى مزيد من‬ ‫أساسا ملداولة أفضل في‬ ‫الوضوح‪ ،‬ويحدو املؤلّف األمل في أن تكون هذه الدرجة العالية‬ ‫ً‬ ‫املستقبل‪.‬‬ ‫اشتمل الكتاب على ستة فصول؛ ق ّدم الفصل األول «مقدمة‪ ،‬ما الفكرة العظيمة؟» نبذة‬ ‫مختصرة إلى حد ما عن تاريخ فكرة املجتمع املدني‪ ،‬مب ّينا أنّ املجتمع املدني «كان وال‬ ‫يزال نقطة انطالق مرجعية للفالسفة منذ العصور القدمية في نضالهم من أجل فهم‬ ‫قضايا العصر الكبيرة‪ :‬طبيعة املجتمع الصالح‪ ،‬وحقوق املواطنني ومسؤولياتهم‪ ،‬وممارسة‬ ‫السياسة واحلكومة»‪.‬‬ ‫وير ّكز الفصل الثاني «املجتمع املدني بوصفه حياة مجتمعية ترابطية» على املجتمع املدني‬ ‫بصفته جز ًءا من املجتمع‪ ،‬متميزًا عن الدول واألسواق‪ ،‬واملجتمع املدني الذي يشار إليه‬ ‫بالقطاع «الثالث» أو «غير احلكومي» يض ّم بهذا‬ ‫املعنى ك ّل اجلمعيات وشبكات الترابط بني العائلة‬ ‫وال��دول��ة‪ ،‬والتي تكون فيها العضوية والفعاليات‬ ‫«تطوعية»‪.‬‬ ‫ويوضح املؤلّف في الفصل الثالث «املجتمع املدني‬ ‫ّ‬ ‫بوصفه املجتمع الصالح»‪ ،‬أنّ الصالت بني مجتمع‬ ‫مدني قوي (يقاس بنظام بيئي ترابطي صحي)‬ ‫ومجتمع يكون قو ًّيا ومدن ًّيا (يع ّرف بأنه املجتمع‬ ‫يعده أغلبية مواطنيه مجتم ًعا «ص��ا ً‬ ‫حل��ا»)‬ ‫ال��ذي ّ‬ ‫صالت معقدة وعارضة‪.‬‬ ‫ويتحدث الفصل الرابع «املجتمع املدني بوصفه‬ ‫ّ‬ ‫امل�ج��ال ال �ع��ام» ع��ن نظرية «امل �ج��ال ال �ع��ام»‪ ،‬وعن‬ ‫األخطار التي تتهدد هذا املجال‪ ،‬وعن العالقة بينه‬ ‫وبني املجتمع املدني‪.‬‬ ‫كما يناقش الفصل اخلامس «جمعية ‪ -‬حل لغز‬ ‫املجتمع املدني» ع��د ًدا من امل��دارس الرئيسة املتعلقة باملجتمع املدني‪ ،‬والتي من بينها‬ ‫مدرسة الثقافة املدنية ومدرسة الترابطية املقارنة‪.‬‬ ‫موضحا أنّ اإلجابة عن سؤال‬ ‫فيما يختتم الكتاب بالفصل السادس «ما الذي يجب عمله؟»‬ ‫ً‬ ‫بهذا احلجم تعتمد على ماهية املجتمع املدني املطلوب‪.‬‬ ‫املؤلّف مايكل إدواردز زميل باحث أول في مركز دميوس لألبحاث والدراسات في نيويورك‪،‬‬ ‫وباحث أول وأستاذ زائر في معهد بروكس لدراسة الفقر في العالم‪ ،‬بجامعة مانشتسر‪.‬‬ ‫املترجم عبد الرحمن عبد القادر شاهني ولد في بلدة حلحول الفلسطينية (قرب اخلليل)‬ ‫عام ‪ ،1936‬حصل على الدكتوراه في اللغة اإلنكليزية وآدابها‪ ،‬ثم عمل في قسم اللغة‬ ‫اإلنكليزية في اجلامعة األردنية أستا ًذا لألدب اإلنكليزي احلديث‪ ،‬وترجم العديد من‬ ‫الكتب من العربية إلى اإلنكليزية‪ ،‬توفي في تشرين األول‪ /‬أكتوبر ‪.2014‬‬

‫النمو السكاني‬ ‫في الخليج‬ ‫ومتطلبات التنمية‬ ‫يشتمل كتاب النمو السكاني ومتطلبات التنمية‬ ‫في دول مجلس التعاون اخلليجي للكاتب محمود‬ ‫مراد على ‪ 120‬صفح ًة من القطع الكبير‪ ،‬وهو‬ ‫ي��درس واق��ع ال�س�ك��ان ف��ي دول مجلس التعاون‬ ‫لدول اخلليج العربية‪ ،‬وتوزيعهم‪ ،‬والقوة العاملة‪،‬‬ ‫والبطالة والسيما البطالة اجلندرية‪ ،‬وعالقة ذلك‬ ‫كلّه مبستويات التعليم‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ملحوظا في السالسل‬ ‫وقد أظهرت الدراسة من ًّوا‬ ‫وخصوصا في‬ ‫املتعلقة باحلراك السكاني كلّها‪،‬‬ ‫ً‬ ‫أمد احلياة عند الوالدة بالنسبة إلى املرأة‪ ،‬وب ّينت‬ ‫وجود فجوة جندرية في القوة العاملة من جهة‪،‬‬ ‫وتأ ّثر البطالة باملستوى التعليمي لكال اجلنسني‬ ‫في كل دول��ة من دول مجلس التعاون اخلليجي‬ ‫من جهة أخرى‪ .‬كما بحثت الدراسة العالقة بني‬ ‫الناجت احمللي اإلجمالي ونصيب الفرد في القوة‬ ‫العاملة‪ ،‬ومعدالت النمو السنوي لكليهما‪ .‬وأكد‬ ‫الكتاب أنّ القوة العاملة ستبلغ نحو ‪ 31‬مليون‬ ‫عامل عام ‪ ،2020‬بعد أن كانت نحو ‪ 22‬مليو ًنا‬ ‫عام ‪ .2012‬أ ّما الناجت احمللي‪ ،‬فهو سيترفع إلى‬ ‫أكثر من ثالثة تريليونات دوالر؛ ما يجعل نصيب‬ ‫الفرد من هذا الناجت يصل إلى ‪ 105‬آالف دوالر‪،‬‬ ‫في حني ستستقر البطالة على معدل ‪ 3‬في املئة‬ ‫تقري ًبا‪ ،‬وهذه األرقام شديدة األهمية؛ فحتى أكثر‬ ‫املجتمعات الصناعية الغربية تق ّ ُد ًما لم تصل إليها‪.‬‬ ‫وامل ��ؤل ��ف م �ح �م��ود م� ��راد أك ��ادمي ��ي ل�ب�ن��ان��ي ح��از‬ ‫املاجستير في الرياضيات التطبيقية من جامعة‬ ‫ب��اري��س السابعة ع��ام ‪ ،1984‬ث � ّم ال��دك�ت��وراه من‬ ‫اجل��ام�ع��ة نفسها ع��ام ‪ ،1987‬وه��و متخصص‬ ‫ب��االق �ت �ص��اد ال �ق �ي��اس��ي‪ .‬وق� ��د ع �م��ل ف ��ي حقل‬ ‫التدريس اجلامعي في جامعة باريس‪ ،‬ثم أستا ًذا‬ ‫ف��ي االق�ت�ص��اد القياسي وال�ط��رائ��ق الك ّمية في‬ ‫اجل��ام�ع��ة اللبنانية‪ .‬وه��و ذو خ�ب��رة واس �ع��ة في‬ ‫دراسة السالسل الزمنية وحتليلها‪ ،‬وال سيما في‬ ‫االقتصاد والعلوم املالية واالجتماعية‪.‬‬


‫‪60‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪21‬‬ ‫‪ 28‬يونيو ‪2015‬‬

‫حق األربعاء‬

‫رز حار جداً‬ ‫محمد عقيلة العمامي‬ ‫السوشي الشهيرة‪ ،‬واالندونيسيون يعدون ال��رز أطباقا متنوعة‬ ‫يقول التاريخ أن الرز زرع للمرة األول��ى منذ ‪ 7000‬سنة‪ .‬حدث‬ ‫يسمونها وليمة «الريجستافل» ‪ ‬لقد وص��ل ال��رز إل��ى مكونات‬ ‫ذلك في الصني‪ ،‬ومن أوائ��ل محاصيله ُرشق عروسان بحبيبات‬ ‫احللويات كالكستاردا والبودجن‪ ..‬واحمللبية‪ .‬ولكن في ليبيا وإن‬ ‫منه كمباركة‪ ،‬ليمنحهما اخلصب ويرزقا بأطفال بعدد حبيبات‬ ‫كنا نعد منه وجبات كثيرة متنوعة‪ ،‬كاملبوخ‪ ،‬ورز اخللطة‪ ،‬ورز‬ ‫الرز‪ ،‬ثم انتشرت هذه العادة‪ ،‬وانتقلت من الصني إلى الهند‪ ،‬ثم إلى‬ ‫بالو‪ ،‬ونحتاجه حلشو العصبان والبراك واحملشي! ‪ ‬إ ّال أن أساس‬ ‫الشرق األدنى ومن بعده األوسط‪ ،‬ويبدوا أنها عادة فعالة‪ ،‬فليس‬ ‫استخدام ال��رز في ليبيا هو ال��رز اجل��اري بالقديد! وهو الطبق‬ ‫هناك سكانا في العالم يعادلون الصني في تعدادها! إنهم كالرز‬ ‫الذي كنا نعده ‪ -‬عندما كان فالحوا الواحات يزرعون الطماطم‪،‬‬ ‫غير أن من الرز ثالثة أنواع‪ :‬الطويلة والقصيرة واملتوسطة‪ ،‬فيما‬ ‫من دون أن يعرفوا أن البترول أسفل جذور نباتاتهم بشبرين أو‬ ‫يكون الصينيون مقاس واحدا!‬ ‫ثالثة!‪ -‬كان الناس يعدونه أحيانا إفطارا في الصباح وأحيانا‬ ‫ولعله‪ ،‬وبسبب تعداد الصني‪ ،‬املتوقع له أن يصل هذه السنة إلى‬ ‫وجبة غداء‪ ،‬وبالتأكيد وجبة عشاء في ليالي الشتاء التي لم تكن‬ ‫مليار و‪ 400‬مليون!! فليس هناك أنسب من الرز إلطعامهم‪ ،‬فكيلو‬ ‫حزينة جدا! أيام دولة القذافي كان الرز من أساسيات توريدات‬ ‫الرز الواحد يتضاعف حجمه ثالث مرات ويكفى كوجبة لثالثني‬ ‫هيئات التموين‪ ،‬وق��د رأي�ن��ا منه أن��واع��ا متعددة‪ ،‬بعدد شطارة‬ ‫شخص‪ ،‬والصينيون يتناولون ال��رز كما هو مسلوق في امل��اء مع‬ ‫سماسرة األرز في ذلك الوقت‪ ،‬وك��ان إن‬ ‫ف�ص��وص ث��وم ن�ي��ة‪ ،‬وم��ن اح�ت��رام�ه��م للرز‪،‬‬ ‫نقص يسبب مشكلة حقيقية خصوصا في‬ ‫يسمون وجبة الطعام مهما كانت مكوناتها‬ ‫شرق ليبيا‪ ،‬وانتشر قوال أيام مشاكلنا مع‬ ‫«رز» وال�ه�ن��ود ي�ع��دون منه وج�ب��ة ال�ك��اري‪،‬‬ ‫أمريكا‪ ،‬عندما ظهر مصطلح‪« :‬ط��ز في‬ ‫والطليان الريزوتو ‪ -‬أو الرز املعجن كما‬ ‫نسميه نحن في ليبيا ‪ - ‬بكل شيء تقريباً‪ ،‬ل��م يعد بيننا وب�ين النفط مقابل ال��غ��ذاء أمريكا» فانتشرت قصائد وأقول شعبية‬ ‫واالسبان الباييال‪ ،‬واالسم حتريف لكلمة سوى جلسة أو اثنتني من جلسات مجلس ع��ن «ال �ط��ز» لعل أش�ه��ره��ا‪ « :‬تقولوا طز‬ ‫«البقية» فأيام بذخ املسلمني في األندلس األمن! السيد ليوني أعلن أن بنك ليبيا على وتريدوا رز»‪.‬‬ ‫حافة اإلف�ل�اس‪ ،‬وال��دول��ة الليبية ستنهار‪،‬‬ ‫كانت الوالئم تُقام كل يوم وليلة من حلوم وداع��ش سيطرت على نقطة استراتيجية ولكن‪ ،‬ملاذا أحكى لكم عن الرز؟‬ ‫ألن��ه‪ ،‬كما يبدو لي‪ ،‬أننا سنعود للقيود‪..‬‬ ‫الضأن والبقر والدجاج واألسماك‪ ،‬ولكل أال وهي سرت!‪.‬‬ ‫وج�ب��ة مكوناتها م��ن ال �ل��وز وال��زب�ي��ب وما والغرب الذي حذر من مؤامراته الكثير من لقيود ال ��رز‪ ،‬فلم يعد بيننا وب�ين النفط‬ ‫يبقي م��ن ه��ذه األط �ب��اق يجمع ويخلط املراقبني‪ ،‬الذين نُ وهوا أنه يسعى لسيطرة مقابل الغذاء س��وى جلسة أو اثنتني من‬ ‫ومي�ن��ح ل�ل�ف�ق��راء‪ ،‬يعني ت�ك��ون وج�ب��ة ال��رز ال��ب��ن��ك ال��دول��ي ع��ل��ى م��ق��درات ال��ب�لاد‪ ،‬ظل جلسات مجلس األمن! السيد ليوني أعلن‬ ‫مبختلف أن��واع اللحوم‪ ،‬واللوز‪ ،‬والزبيب‪ ،‬ب��إص��رار عجيب ي��رف��ض رف���ع احل��ظ��ر على أن بنك ليبيا على حافة اإلفالس‪ ،‬والدولة‬ ‫وطبعا الزعفران‪ ،‬فصار الطبق اسبانيا‪ ،‬تسليح اجليش الليبي املنضبط متاما حتت الليبية ستنهار ‪ ،‬وداع��ش سيطرت على‬ ‫الشرعية املعترف بها دول��ي�� ًا‪ ،‬فيما تواصل‬ ‫حتى اليوم! وفي اخلليج يعدون من الرز دول���ت�ي�ن أو ث��ل�اث ف���ي ت��س��ل��ي��ح امل��ل��ي��ش��ي��ات نقطة استراتيجية اال وهي سرت‪ ،‬فسرت‬ ‫وضواحيها وقاعدتها اجلوية ومطارها‬ ‫«امل �ن �س��ف وال �ك �ب �س��ة»‪ ،‬وف ��ي ش ��رق أورب ��ا املتطرفة التي تسببت في خراب البالد‪.‬‬ ‫وبالتأكيد امليناء صارت في قبضتها !‪.‬‬ ‫يعدون منه القوالش‪ ،‬وهو إلى حد كبير‬ ‫والغرب الذي حذر من مؤامراته الكثير من‬ ‫طبق يشبه ال��رز الليبي امل�ب��وخ ولكن من‬ ‫املراقبني‪ ،‬الذين نُوهوا أنه يسعى لسيطرة‬ ‫دون القرع‪ ،‬وفي اليابان يعدون منه وجبة‬


‫البنك الدولي على مقدرات البالد ‪ ،‬ظل بإصرار عجيب يرفض‬ ‫رفع احلظر على تسليح اجليش الليبي املنضبط ‪ ‬متاما ‪ ‬حتت‬ ‫الشرعية املعترف بها دوليا‪ ،‬فيما تواصل دولتني أو ث�لاث في‬ ‫تسليح املليشيات املتطرفة ألتي تسببت في خراب البالد ‪ ،‬والتي‬ ‫ستنتهى إما كتبع للدواعش‪ ،‬أو مجرد رؤوس‪ ،‬أو رمم ‪ ‬معلقة على‬ ‫أسوار معسكراتهم !‬ ‫ليس ل��دى م��ا أق��ول��ه أكثر م��ن ض��رورة توفير «أزي���ار» للقديد‪..‬‬ ‫وعصبان الشمس‪ ،‬ألنه يصعب على الغرب أن يوفرهما لنا مثلما‬ ‫سيوفر ال��رز‪ ،‬علما بأنني رأي��ت ف��ي جنوب أفريقيا ‪ ‬حلم بقر‬ ‫مقدد ولكن تنقصه نكهة بهاراتنا وبضعة إضافات تقوم الطبيعة‬ ‫بتوفيرها‪ ..‬الذباب على وجه اخلصوص !‬


‫‪62‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪21‬‬ ‫‪ 28‬يونيو ‪2015‬‬

‫ثقافة‬

‫يقول املثل‪« :‬أبرع من حكاء طبرقي»‬ ‫نعم‪ ..‬فالكتاب التاسع عشر الصادر عن مجلة املستقل الصادرة عن املنظمة الليبية للصحافة‬ ‫وحيادية املعلومات كان كتاب «سطوة الكالب» للقاص الليبي عوض الشاعري ابن مدينة طبرق‬ ‫والذي سبق ان صدرت له مجموعة قصصية بعنوان «طقوس العتمة»‪ ،‬ورغم أن عوض الشاعري‬ ‫غزير االنتاج ومواظب على الكتابة إال أنه كسول في النشر والزالت أدراج مكتبه مقفلة علي‬ ‫الكثير من املخطوطات سواء كانت في مجال القصة القصيرة أو الرواية أو الشعر‪.‬‬

‫سالم مصطفى‬

‫كتاب‬

‫سطوة الكالب‬

‫نهايات مع ّلقة للسخرية من مرارة الواقع‬ ‫املجموعة القصصية سطوة الكالب التي‬ ‫نحن ب�ص��دد عرضها ال�ي��وم اح�ت��وت على‬ ‫ع�ش��ري��ن ق�ص��ة ضمتها ‪ 83‬ص�ف�ح��ة من‬ ‫القطع املتوسط وق��د اتخذت اسمها من‬ ‫اسم إحدى القصص الواردة باملجموعة وإن‬ ‫كنت حتى هنا أق��ول أن اختيار االس��م لم‬ ‫يأتي اعتباطياً‪ ،‬بل إن الكلب يرد ذكره في‬

‫أكثر من قصة من قصص املجموعة‪ ،‬مع‬ ‫مالحظة أن الكلب يرد كرمز سلبي بغيض‬ ‫�ج��رد م��ن أي صفة حميدة‪ ،‬حيث يركز‬ ‫م� ّ‬ ‫الشاعري كثيراً على اظهار الكلب كمرادف‬ ‫للطمع واجلهل والعنجهية والتسلط‪ ،‬ويظهر‬ ‫ذل��ك واض �ح �اً ف��ي قصة «فوبيا النباح»‪..‬‬ ‫وي �ظ �ه��ر ل �ن��ا م ��ن م �ط��ال �ع��ة ق �ص��ص مثل‬

‫(أصوات ـ سطوة الكالب ـ الكالب والذئب‬ ‫ـ فوبيا النباح) أن الشاعري يوجه نقده الى‬ ‫املجتمع الذي يتحكم فيه أنذاله (الكالب)‬ ‫مبقاليد األمور في غياب فرسانه‪.‬‬ ‫ح�ظ�ي��ت امل �ج �م��وع��ة ال�ق�ص�ص�ي��ة (س �ط��وة‬ ‫الكالب) بتقدمي رائع وطويل للكاتب والناقد‬ ‫الليبي فوزي احلداد ـ أستاذ األدب والنقد‬ ‫بكلية التربية بجامعة عمر املختار طبرق ـ‬ ‫والتي متيل إلى أن تكون مدخ ً‬ ‫ال لدراسة‬ ‫نقدية مطولة عن أدب الشاعري ما فيها‬ ‫م�ج�م��وع�ت��ه ال�ق�ص�ص�ي��ة االول� ��ى «ط �ق��وس‬ ‫ال �ع �ت �م��ة» وه ��و م��ا أش� ��ار ل��ه احل � ��داد في‬ ‫مقدمته‪.‬‬ ‫املقدمة نفسها عمل فني يستوجب القراءة‬ ‫وتفتح لك بعض االبواب املغلقة في قصص‬ ‫الشاعري وتساعدك على فهمها‪.‬‬ ‫يقول فوزي احلداد في مقدمة الكتاب‪« :‬في‬ ‫سرد الشاعري دفق من االحساس الغامر‪،‬‬ ‫يأخذك كما حلن بيانو ناعم ينساب‪ ،‬ثم‬ ‫يتركك فجأة في حالة من الوحشة والوجد‪،‬‬ ‫ح��اث �اً ذه�ن��ك ع�ل��ى االت �ق��اد والتفكير في‬ ‫النهايات اجلميلة املعلقة» ص‪.8‬‬ ‫ويقول أيضا‪« :‬قصص الشاعري مدهشة‬ ‫التصميم رائ�ق��ة البناء حتمل على ال��دوام‬ ‫حكمة ما‪ ،‬جتدها معلقة على أطراف احلكي‬


‫دون وعظ مباشر آو نضج فج‪ ».‬ص‪.9‬‬ ‫الش��ك أن ع��وض الشاعري حكاء متمكن‬ ‫ك�م��ا ي �ق��ول امل �ث��ل ال ��ذي استهللنا ب��ه ه��ذا‬ ‫العرض حيث مي��زج بسالسة ونعومة بني‬ ‫تقنيات القصة القصيرة وأساليب احلكاية‬ ‫ويستدعي األس �ط��ورة وامل�خ�ي��ال الشعبي‬ ‫بحرفية عالية ليوظفهم في قصصه دون‬ ‫أن يقع ف��ي مجال جاذبيتهم مم��ا يجعله‬ ‫محافظا على موقعه كقاص يعرف متاما‬ ‫كيف يتعامل مع األساطير واألمثال‪ ..‬رغم‬ ‫إن��ك جت��د نفسك أث �ن��اء ق���راءة مجموعة‬ ‫«سطوة الكالب» أن بعض القصص كأنها‬ ‫ق��د خ��رج��ت م��ن ك�ت��اب كليلة ودم �ن��ة آلبن‬ ‫املقفع او من قصص ألف ليلة وليلة فهناك‬ ‫حيوانات تتكلم وجنيات تعزف املوسيقى‬ ‫وغ ��رب ��ان ت�ن�ع��ق ك ��ل ذل���ك دون ان تفقد‬ ‫القصص طزاجتها وحداثتها‪.‬‬ ‫ك �م��ا ات��ك��أ ع� ��وض ال��ش��اع��ري ف ��ي بعض‬ ‫قصصه على إعادة إنتاج بعض احلكايات‬ ‫الشعبية واالم��ث��ال الليبية امل �ت��داول��ة في‬ ‫املجتمع البدوي مثل «ال تضرب كلبا‪ ،‬قبل‬ ‫أن تعرف صاحبه» في قصة سطوة الكالب‬ ‫و»والله يا لية‪ ..‬مانك بال بلية» في قصة‬ ‫الكالب والذئب و»زينك بلد‪ ..‬لوال حمد!!»‬

‫في القصة التي حملت نفس االسم و»أبرع‬ ‫من حكاء طبرقي» في حكاية اسمها طبرق‪.‬‬ ‫ول �ع��ب ال �ش��اع��ري أي �ض��ا ع�ل��ى امل �ف��ارق��ات‬ ‫الساخرة مثلما ف��ي قصة «ال��ول��د الغبي»‬ ‫و»زينك بلد‪ ..‬لوال حمد» وقصة «القرار»‪.‬‬ ‫أو قصة «فكرة» وهي قصة قصيرة جدا‬ ‫نوردها هنا كما هي‪..‬‬ ‫(كلما ألصق صورته االنتخابية على جدار‬ ‫مزقها أحد اخلبثاء الذين وصل بهم األمر‬ ‫إل��ى إزال��ة كل ص��ورة وإلصاقها بصناديق‬ ‫القمامة أو على أغطية امل�ج��اري ف��ي كل‬ ‫شوارع املدينة؛ أخيراً قرر أن يضع الصورة‬ ‫على مؤخرة سيارته ويتجول بحذر وهو‬ ‫يلتفت للخلف مخافة أن يعبث بها أحدهم)‬ ‫ص‪.75‬‬ ‫وه�ن��ا تتجلى سخرية ال�ش��اع��ري العميقة‬ ‫وال �ت��ي ح���اول تخفيفها ب��إدخ��ال م��ؤخ��رة‬ ‫السيارة في املوضوع معنى أن القصد أنه‬ ‫الصق صورته على مؤخرته مع خوفه من‬ ‫العبث بها‪.‬‬ ‫وهذه القصة مبا فيها من سخرية إال أنها‬ ‫تزخر بواقعية شديدة وه��و أم��ر لم تخلو‬ ‫منه قصص الشاعري املعبرة عن الواقع‬ ‫والتي جتعلك من خاللها تشعر ان شخوص‬

‫قصصه هم اشخاص تعرفهم ورمبا التقيت‬ ‫بهم في الشارع دون ان تدري مثل شخصية‬ ‫الكواكبي في قصة «الكواكبي» أو سيد‬ ‫املدينة في قصة «سيد املدينة» وكما في‬ ‫قصة الطريد وكل شخوص قصة «محطة»‬ ‫ويقول فوزي احل��داد عن ذلك في مقدمة‬ ‫الكتاب‪« :‬أحيانا يغوص الشاعر في الواقع‬ ‫ويشكله بكل خشونته في شخصيات واقعية‬ ‫ميكن ان تلتقيها أمامك في أي مكان‪ ،‬معبرا‬ ‫بصدق عن التزام حقيقي مباهية الواقعية‪،‬‬ ‫التي كثيرا مايخلطها بالسحرية‪ ،‬فتأتي‬ ‫شخوصه من��اذج وارف��ة الظالل تستطيب‬ ‫رؤيتها مهما كانت حياتها غائمة»‪ .‬ص‪.9‬‬ ‫قصة «احلاجة» جتسد هذا الواقعية املريرة‬ ‫ال �ت��ي تتسم ب �ه��ا ش �خ��وص ال �ش��اع��ري‪...‬‬ ‫كتب الشاعري (ف��ي بداية زواجهما كان‬ ‫يصطحبها ب�ك��ام��ل ت�ب��رج�ه��ا ف��ي ش ��وارع‬ ‫مدينتنا بكل ثقة الشباب واندفاعة الصحة‬ ‫واحليوية‪ ...‬وحينما تقدم بهما العمر‪...‬‬ ‫وفقدت بريق جمالها‪ ..‬وضعت اخلمار على‬ ‫وجهها واحتلت مكانها في املقعد االمامي‬ ‫للسيارة مستمتعة بعبارته الوحيدة حني‬ ‫يلتقي بأحد أصدقائه القدامى في السوق‪:‬‬ ‫سلم على احلاجة)‪ .‬ص‪. 39‬‬ ‫املجموعة القصصية «سطوة الكالب» تشي‬ ‫بسعة اط�ل�اع الكاتب وثقافته واهتمامه‬ ‫بالتراث العربي عامة وامل ��وروث الشعبي‬ ‫الليبي بشكل خ��اص وك��ذل��ك متاهيه مع‬ ‫حالة مجتمعه املترنح بني البداوة والتمدن‬ ‫وتظهر احساسه العالي باملكان وه��و هنا‬ ‫طبرق‪ .‬كما أن املجموعة ليس كبيرة من‬ ‫حيث احلجم وتعداد القصص وان كانت‬ ‫زاخ� ��رة ب��االف �ك��ار واالس �ق��اط��ات وباملتعة‬ ‫أي �ض��ا‪ ،‬وق��د كتبت بلغة مثقفة وشفافة‬ ‫تصلك دون تكلف وال فلسفة مبالغ بها‪.‬‬ ‫لذلك فهي بحاجة للقراءة واالستمتاع بها‬ ‫أكثر من حاجتها للعرض مني واحلديث‬ ‫لكم عنها‪ ..‬وان كنت لست أش��ك ف��ي أن‬ ‫الناقد والدارس آلدب الشاعري او للقصة‬ ‫القصيرة في ليبيا سيجد فيها الكثير من‬ ‫االض��اف��ة ملعجم القصة القصيرة الليبية‬ ‫ال� ��ذي ي �ب �ش��ر مب�س�ت�ق�ب��ل واع� ��د ع �ل��ى يد‬ ‫مجموعة من القاصصني الشباب ومنهم‬ ‫عوض الشاعري‪.‬‬ ‫والله من وراء القصد‬


‫‪64‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪21‬‬ ‫‪ 28‬يونيو ‪2015‬‬

‫متابعة فنية‬

‫«أستاذ ورئيس قسم» بطولة عادل إمام‬

‫كرنفال الدراما العربيـــــــــــ‬ ‫تنوعت مشاريع وع��روض الفضائيات العربية في شهر رمضان‬ ‫املبارك لتح ّوله إلى كرنفال فني كان ينتظره املشاهدون ليخرجوا‬ ‫معه من أج��واء الرتابة والتقليدية املسيطرة على معظم فصول‬ ‫السنة‪.‬‬ ‫بعض العروض كان ناجحاً بامتياز‪ ..‬بعضها كان عادياً‪ ..‬وبعضها‬ ‫اآلخر ال ميكن وصفه إال بالفشل وخيبة األمل‪.‬‬ ‫فضلت الشبكة البرامجية للتلفزة أعدت ‪ -‬مع األخذ‬ ‫في اجلزائر ّ‬ ‫في احلسبان جتارب السنوات املاضية وواقع املشهد التلفزيوني‬ ‫الوطني واجلهوي ‪ -‬مجموعة متنوعة من مضامني ذات نوعية‬ ‫تقنية و فنية منتجة محليا في معظمها‪.‬‬ ‫وتبث كل قناة من مجموع القنوات اخلمس حسب طابعها ومهامها‬ ‫برامج موجهة لتلبية ذوق وتطلعات اجلمهور املختلفة‪ ،‬وتوزع هذه‬ ‫القنوات اخلمس مواردها اخلاصة بالبرامج حسب تصور مدروس‬ ‫يسمح لها بتعزيز مكانتها التنافسية على الساحة الوطنية‪.‬‬ ‫خ�لال ه��ذا الشهر الفضيل تبث القناتان األرضية واجلزائرية‬ ‫الثالثة في إطار مشترك نفس البرنامج بني الساعة الـ‪ 5‬مساء‬ ‫والعاشرة لي ً‬ ‫ال‪ ،‬كما تبث التلفزة الوطنية عشرات البرامج الوطنية‬ ‫من مختلف األنواع و األحجام منها ‪ 18‬سلسلة ومسلس ً‬ ‫ال جزائرياً‪،‬‬ ‫مبا يش ّكل في املجموع ‪ 400‬حلقة مرئية‪.‬‬ ‫وتضم برامج املؤسسة العمومية للتلفزيون أيضا أربعة أفالم‬ ‫جزائرية وث�لاث مسلسالت عربية ب��ارزة منها «ال�ع��راب» و ‪12‬‬ ‫فيلماً سينمائياً و‪ 4‬سلسالت من الكاميرا اخلفية وحصص خاصة‬ ‫بالطبخ ومنوعات وموسيقى وحصص ثقافية ودينية إضافة إلى‬ ‫مسابقات تلفزيونية تتوج مبنح جوائز قيمة‪.‬‬ ‫في تونس بدأت اإلذاعة التونسية بعرض إنتاجها من املسلسالت‪،‬‬ ‫وتبثّ بشكل رئيسي وعرض أ ّولي على أثير اإلذاعة الوطنية‪ ،‬ثم‬ ‫في بقية احملطات اإلقليمية‪.‬‬ ‫من ه��ذه املسلسالت مسلسل «مصابيح ال�ه��دى»‪ ،‬وه��ي سلسلة‬ ‫درامية دينية‪ ،‬للمخرج محمد علي بلحارث‪ ،‬وهي من إنها ثالثني‬ ‫حلقة‪ ،‬م��دة احللقة ‪ 15‬دق�ي�ق��ة‪ ،‬ي�ت� ّم فيها التعريف ب�ع��دد من‬ ‫الصحابة والسابقني باإلسالم وسيرهم‪.‬‬

‫�ان‪ ،‬وه��و مسلسل‬ ‫بلحارث ق��ام أيضاً ب��إخ��راج مسلسل إذاع��ي ث� ٍ‬ ‫«سقاية احلفصية»‪ ،‬وه��و درام��ا تاريخية جت��ري أحداثها إبان‬ ‫احلكم احلفصي بتونس‪ ،‬وبالتحديد إبان حكم السلطان أبو فارس‬ ‫عبد العزيز ‪ 1430 – 1395‬ميالدي‪ ،‬وقد شارك فى أداء هذا‬ ‫العمل‪ ،‬ال��ذي يتك ّون من ثالثني حلقة‪ ،‬أكثر من واح��د وعشرين‬ ‫ممث ً‬ ‫ال مشهوراً منهم املمثالن صالح اجلدي وعبد الغني بن طارة‬ ‫واملمثلة عزيزة بولبيار‪.‬‬ ‫اإلذاع ��ة التونسية‪ ،‬وإض��اف��ة إلن�ت��اج األع�م��ال ال��درام�ي��ة الدينية‬ ‫والتاريخية لشهر رمضان‪ ،‬أنتجت أيضاً سلسلة هزلية اجتماعية‬ ‫عنوانها «النوري الي��ت»‪ ،‬للمخرج لطفي العكرمي‪ ،‬وهي سلسلة‬ ‫هزلية تعالج في ك� ّل حلقة من حلقاتها الثالثني موضوعاً من‬ ‫املواضيع االجتماعية‪ ،‬التي يعيشها املجتمع التونسي من خالل‬ ‫شخصية النوري وعائلته املك ّونة من ثمانية شخصيات‪ ،‬تقطن‬ ‫جميعها في منزل واحد‪.‬‬ ‫وم��ن أب��رز األعمال االذاع�ي��ة مسلسل «الدغباجي»‪ ،‬الشخصية‬ ‫التونسية الشهيرة التي قاومت االستعمار‪ ،‬وتغنّى بها التونسيون‬ ‫في أغانيهم الشعبية‪ ..‬ما أعاد لإلذاعة التونسية بريقها وأضفى‬ ‫على «استوديو ‪ »7‬اخلاص باألعمال الدرامية نشاطاً مبهجاً‪.‬‬ ‫الفضائيات العربية في شهر رمضان حتيط بها متاهة مربكة‬ ‫تواجه عشاق الدراما‪ ،‬حيث يتم اآلن عرض ‪ 35‬مسلس ً‬ ‫ال تستمر‬ ‫طوال أيام وليالي الشهر الفضيل‪.‬‬ ‫املسلسل الذي يحظى بصدارة اهتمامات املشاهدين هو «أستاذ‬ ‫ورئ �ي��س ق�س��م» م��ن بطولة ع ��ادل إم ��ام‪ ،‬وأح �م��د ب��دي��ر‪ ،‬وجن��وى‬ ‫إبراهيم‪ ،‬وأحمد راتب‪ ،‬ويعرض حصرياً على قناة ‪ MBC‬مصر‪.‬‬ ‫مسلسل هيفاء وهبي وخالد النبوي «مرمي» يذاع حصرياً على‬ ‫قناة «النهار»‪ ،‬بينما يذاع مسلسلها الثاني «مولد وصاحبه غايب»‬ ‫من بطولة حسن ال��رداد‪ ،‬وفيفي عبده‪ ،‬ومحمد لطفي‪ ،‬وباسم‬ ‫س�م��رة‪ ،‬ومحمد ك��رمي‪ ،‬ومحمد أب��و داوود‪ ،‬على قناة «احل�ي��اة»‬ ‫حصرياً‪.‬‬ ‫اجل��زء اخلامس من مسلسل «الكبير أوي» للنجم أحمد مكي‬ ‫يذاع حصرياً على قناة ‪ ،CBC‬التي اشترت أيضا حقوق البث‬


‫مسلسل «حارة اليهود»‬

‫مسلسل «أوراق التوت»‬

‫ـــــــــة شهر في رمضان‬ ‫احلصري ألول جتربة للمطربة شيرين عبد الوهاب «طريقي»‪.‬‬ ‫مسلسل «ذهاب وعودة» للنجوم أحمد السقا‪ ،‬ومجدي كامل‪ ،‬وإجني‬ ‫املقدم‪ ،‬وفريال يوسف‪ ،‬سيتم عرضه حصرياً على قناة ‪MBC‬‬ ‫مصر‪ ،‬أيضا‪ ،‬بينما عشاق النجم ك��رمي عبدالعزيز «وش تاني»‬ ‫سيمكنهم املتابعة حصرياً على قناة «احلياة» واملسلسل من بطولة‬ ‫وحسني فهمي‪ ،‬ومحمد لطفي‪ ،‬ومنة فضالي‪ ،‬ومحمد العزابي‪ ،‬ومن‬ ‫تأليف وإنتاج وإخراج وائل عبدالله‪ ،‬وسيتم عرضه‪.‬‬ ‫النجمة نيللي كرمي بات لها جمهورها فى رمضان وعملها اجلديد‬ ‫«حتت السيطرة» سيعرض على قنوات ‪ ،ten‬و»دبي» و»احلياة» والـ‬ ‫‪ ،CBC‬و»القاهرة والناس»‪ ،‬و»احملور» والتليفزيون املصري‪.‬‬ ‫مسلسل «حارة اليهود» من بطولة منة شلبي‪ ،‬يعرض على قنوات‬ ‫«احلياة» و‪ ten‬والـ‪ CBC‬و»القاهرة والناس»‪ ،‬والتليفزيون املصري‪،‬‬ ‫و»دبي»‪ ،‬بينما يعرض مسلسل «العهد»من بطولة آسر ياسني‪ ،‬وغادة‬ ‫عادل‪ ،‬وآينت عامر‪ ،‬وصبري فواز‪ ،‬ووليد فواز‪ ،‬وشيرين رضا‪ ،‬وصبا‬ ‫مبارك‪ ،‬وأروى جودة‪ ،‬وهنا شيحة‪ ،‬حصرياً على قناة «النهار»‪.‬‬ ‫مسلسل نيكول سابا وشريف منير «ألف ليلة وليلة» يعرض حصرياً‬ ‫على قناة ‪ MBC‬العامة‪ ،‬بينما س ّوقت مى عز الدين بطولتها‬ ‫املطلقة الثانية «حالة عشق» ويذاع على قنوات «النهار»‪ ،‬و»احلياة»‪،‬‬ ‫و»أبوظبي»‪ ،‬وقناة ‪ art‬حكايات‪.‬‬ ‫مسلسل «الصعلوك» للنجم خالد الصاوي يذاع على التليفزيون‬ ‫املصري‪ ،‬و»النهار» و‪ art‬حكايات‪ ،‬بينما يقتصر عرض مسلسل‬ ‫«لهفة» من بطولة دنيا سمير غ��امن‪ ،‬وسمير غ��امن‪ ،‬وعلي ربيع‪،‬‬ ‫ومحمد س�لام‪ ،‬وسامي مغاوري‪ ،‬على قناة «احلياة»‪ ،‬والتلفزيون‬ ‫املصري فقط‪.‬‬ ‫مسلسل «بني السريات» للنجم باسم سمرة يذاع على التليفزيون‬ ‫املصري‪ ،‬وقناة «احلياة» وقناة ‪ ،CBC‬بينما يعرض مسلسل «بعد‬ ‫البداية» للنجمة درة والنجوم طارق لطفي‪ ،‬وفاروق الفيشاوي‪ ،‬ودرة‪،‬‬ ‫وخالد سليم‪ ،‬وروجينا‪ ،‬ومحمود اجل�ن��دي‪ ،‬على قناتي «النهار»‬ ‫و»درمي»‪.‬‬ ‫أحدث بطوالت النجمة رانيا يوسف وزينة مسلسل «أرض النعام»‬ ‫ي��ذاع حصريا على قناة ‪ ten‬التى تعرض أيضا مسلسل «ظرف‬

‫أسود» من بطولة عمرو يوسف‪ ،‬ودرة‪ ،‬باملشاركة مع التليفزيون‬ ‫املصري‪.‬‬ ‫مسلسل «حق ميت» للنجم الشاب حسن ال��رداد‪ ،‬وصبا مبارك‪،‬‬ ‫وإميي سمير غامن‪ ،‬يذاع حصرياً على قناة «احلياة»‪ ،‬بينما يقتصر‬ ‫عرض مسلسل «موالنا العاشق»ملصطفى شعبان على قناة ‪MBC‬‬ ‫مصر‪ ،‬التى أخ��ذت حقوق البث احلصري أيضا ملسلسل «ولي‬ ‫العهد» للنجوم ح�م��ادة ه�لال‪ ،‬ول��وس��ي‪ ،‬وان�ت�ص��ار‪ ،‬وع�لا غ��امن‪،‬‬ ‫وياسر جالل‪ ،‬وهبة مجدي‪ ،‬ومي سليم‪ ،‬ورمي البارودي‪.‬‬ ‫جديد النجمة غادة عبد الرازق «الكابوس»‪ ،‬يذاع على قناة ‪CBC‬‬ ‫حصرياً‪ ،‬ومعه مسلسل»يا أنا يا أنتي» من بطولة سمية اخلشاب‪،‬‬ ‫وفيفي عبده‪ ،‬بينما أستقر مسلسل «الوسواس»من بطولة تيم حسن‪،‬‬ ‫ونضال الشافعي‪ ،‬وزينة‪ ،‬وهبة مجدي‪ ،‬ومدحت تيخا‪ ،‬ومحمد‬ ‫عبداحلافظ‪ ،‬وسوسن بدر‪ ،‬وعالء مرسي‪،‬على قناة «احلياة» فقط ‪.‬‬ ‫مسلسل «أوراق التوت» للنجوم الكبار كمال أبو ري��ة‪ ،‬وصابرين‪،‬‬ ‫وسميحة أي ��وب‪ ،‬وي��وس��ف ش�ع�ب��ان‪ ،‬وص �ف��اء س�ل�ط��ان‪ ،‬ي ��ذاع على‬ ‫التليفزيون املصري‪ ،‬و»احلياة»‪ ،‬و»ص��دى البلد» و»احمل��ور»‪ ،‬بينما‬ ‫ي��ذاع سيت ك��وم «مل��ا تامر س��اب شوقية» من بطولة مي كساب‪،‬‬ ‫ونضال الشافعي‪ ،‬وإجني وجدان‪ ،‬وإدوارد‪ ،‬وإنعام سالوسة‪ ،‬ورجاء‬ ‫اجلداوي‪ ،‬ولطفي لبيب‪ ،‬قناة ‪ TEN‬حصرياً‪.‬‬ ‫«لعبة إبليس» املسلسل اجلديد للنجوم يوسف الشريف‪ ،‬وشيري‬ ‫ع ��ادل‪ ،‬ومحمد ري ��اض‪ ،‬ومت�ي��م ع �ب��ده‪ ،‬وف��ري��ال ي��وس��ف‪ ،‬وأم�ي��رة‬ ‫العايدي‪ ،‬ي��ذاع حصرياً على قناة «احل�ي��اة»‪ ،‬بينما ي��ذاع مسلسل‬ ‫«حواري بوخارست» للنجوم الشابا أمير كرارة‪ ،‬ومي سليم‪ ،‬وعال‬ ‫غامن‪ ،‬وأحمد سالمة‪ ،‬وأحمد حامت‪ ،‬ودينا‪ ،‬وسارة سالمة‪ ،‬وميسرة‪،‬‬ ‫على قنوات «روتانا مصرية»‪ ،‬و»النهار»‪ ،‬و»درمي»‪.‬‬ ‫املسلسل الكوميدي «زوجة مفروسة أوي» للنجمة داليا البحيرى‬ ‫يذاع على قناة «احلياة»‪ ،‬التى تعرض أيضا «مملكة يوسف املغربي»‬ ‫للنجوم مصطفى فهمي‪ ،‬ومنذر رياحنة‪ ،‬وعال فهمي‪ ،‬وأنوشكا‪،‬‬ ‫وأح�م��د عبدالعزيز‪ ،‬وأح�م��د س�لام��ة‪ ،‬وه��ال��ة ص��دق��ي‪ ،‬ومحمود‬ ‫اجلندي‪ ،‬باملشاركة مع قنوات التليفزيون املصري‪ ،‬و»احل�ي��اة»‪،‬‬ ‫و»النهار»‪ ،‬و»أبوظبي»‪.‬‬


‫‪66‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪21‬‬ ‫‪ 28‬يونيو ‪2015‬‬

‫مذكرات ليبيا‬

‫إن نظرة سريعة للخريطة تبينّ األهمية اإلستراتيجية التي تتمتع بها ليبيا؛ قيمة لوالها ملا كان هناك اهتمام‬ ‫بظهور مملكة عربية في شمال أفريقية‪ .‬ووراء البحر من جهة الشمال تقبع جزيرة صقل ّ َية‪ ،‬وشبه اجلزيرة‬ ‫اإليطالية‪ ،‬واليونان‪ .‬وم��ن احل��دود الشرقية جند مصر وقناة السويس‪ ،‬أم��ا من الغرب فهنالك املستعمرات‬ ‫الفرنسية‪ :‬تونس واجلزائر‪ .‬أما املستعمرات الفرنسية في غرب أفريقية وأفريقية اإلستوائية اخلاضعة لفرنسا‪،‬‬ ‫والسودان فهي تالمس احمليط اجلنوبي‪.‬‬

‫ترجمة‪ :‬عثمان اجلبالي املثلوثي‬

‫مذكرات «هنـــــــــــ‬ ‫‪ ..‬أول سفير أمريكي في ليبيا‬


‫فزان أسقطت احللم الفرنسي في الصحراء‬

‫ــــــــــري إس‪ .‬فيالر»‬ ‫(الجزء الثالث)‬


‫‪68‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪21‬‬ ‫‪ 28‬يونيو ‪2015‬‬

‫مذكرات ليبيا‬

‫الوصاية على طرابلس بني إيطاليا وروسيا وأمريكا‬ ‫ليس من الصعب إدراك سبب اهتمام مختلف القوى العظمى‬ ‫بهذه املنطقة التي تبلغ مساحتها نحو ‪ 680,000‬مي ً‬ ‫ال مربعاً من‬ ‫الصحاري التي ال يسكنها سوى نحو مليون نسمة ونيف‪ .‬ومن‬ ‫وجهة النظر البريطانية‪ ،‬فإن ليبيا توفر ميداناً مناسباً إلنشاء‬ ‫قاعدة عسكرية‪ ،‬وهو أمر بات ذا أهمية بالغة منذ فقدان كبرى‬ ‫القواعد العسكرية في قناة السويس‪ .‬أما بالنسبة للفرنسيني‬ ‫فإنها ت��و ّف��ر حلقة وص��ل ف��ي سلسلة امل��واص�لات ب�ين منطقة‬ ‫البحر األبيض املتوسط وآسيا الوسطى؛ كما أنها مصدر لتنامي‬ ‫الشعور الوطني‪ ،‬إذ إن التونسيني‪ ،‬الذين ما يزالون يرزحون‬ ‫حتت احلماية الفرنسية‪ ،‬يعتبرون أنفسهم مؤهلني متاماً لتسيير‬ ‫شئونهم بأنفسهم مثلهم م�ث��ل الليبيني ج�ي��ران�ه��م‪ .‬وبالنسبة‬ ‫لإليطاليني‪ ،‬ف��إن ليبيا تذ ّكرهم مبغامرة استعمارية مشئومة‬ ‫ونقطة تواصل مستمـرة مع وطن أم سابق‪ .‬ومصر تنظـر إلى‬ ‫ليبيا بكل العناية التي من املتوقع لرئيس اجلامعة العربية الذي‬ ‫ع�ّي�نّ نفسه بنفسه أ ْن يُبديها جت��اه دول��ة عربية ج��دي��دة ذات‬ ‫استقالل كامل‪ .‬أما تركيا – حصن الدفاع الغربي في البحر‬ ‫األبيض املتوسط‪ ،‬ومبوجب احتاللها السابق املتجذر بعمق في‬ ‫ليبيا – وأسبانيا التي تسعى لتوطيد الصداقة مع العرب فكانتا‬ ‫تتفرجان على املشهد بتركيز كبير‪.‬‬ ‫أما الواليات املتحدة (األمريكية) فهي مهت ّمة بشكل كبير بقدر‬ ‫ليبيا بسبب اهتمامها مببدأ تقرير املصير‪ ،‬ودعمها الستقالل‬ ‫ليبيا في األمم املتحدة‪ ،‬وكذلك بسبب استثمارها في قاعدة‬ ‫هويلس ‪ Wheelus Field‬وفي مشاريع أقل أهمية في أماكن‬ ‫أخرى من البالد‪ .‬وحتى عام ‪ ،1955‬لم يكن لروسيا السوفيتية‬ ‫عالقة مباشرة بهذه ال��دول��ة العربية‪ ،‬بالرغم م��ن أن املوقف‬ ‫احلذر الذي كانت موسكو ترقب من خالله ما متثله ليبيا من‬ ‫إمكانيات إستراتيجية بات واضحاً ال لبس فيه‪ .‬وفي عام ‪1955‬‬ ‫أعلنت احلكومة الليبية إقامة عالقات دبلوماسية مع االحتاد‬ ‫السوفييتي مبوجب اتفاق مت التوصل إليه بني السفير الليبي‬

‫كان الطريق إلى االستقالل محفوف ًا بالكثير من‬ ‫الريبة والغموض وكان ميالد دولة برقة حرة مفاجأة‬ ‫يتنبأ بها أحد‬ ‫لم ّ‬ ‫الس ّلوم وطبرق ورأس بومبة ودرنة وبارشي وإجدابيا‬ ‫متكررة في القتال املرير‬ ‫والغيلة وسرت كانت رهانات ّ‬ ‫للسيطرة على الصحراء القاحلة‬ ‫ليبيا توفر ميدان ًا مناسب ًا إلنشاء قاعدة عسكرية‬

‫ونظيره السوفيتي في القاهرة‪ .‬وسيمثل هذا التدخل املفاجئ‬ ‫ألنف اجلمل السوفييتي في اخليمة الليبية تعقيدات مستقبلية‪.‬‬ ‫وليس على املرء إال أن يتذكر اجلبهة املتقلبة للصحراء الغربية‬ ‫حتى يدرك أهمية ليبيا في احلرب العاملية الثانية‪.‬‬ ‫وانطالقاً من قواعدها القائمة في ليبيا منذ أمد بعيد‪ ،‬وفى‬ ‫سبتمبر ‪1940‬ـ أي بعد مضى ثالثة أشهر من دخ��ول إيطاليا‬ ‫توغلت القوات الفاشية نحو ستني مي ً‬ ‫احلرب‪ّ ،‬‬ ‫ال في األراضي‬ ‫املصرية‪ .‬ول��و احتلّت القاهرة وسيطرت على القناة في هذه‬ ‫الغزوة األولى‪ ،‬ل ُكتب تاريخ احلرب بشكل مختلف‪ .‬ولم يتم تالفي‬


‫إدري‬

‫«اخلطة األمريكية» كانت تدعو إلدارة مباشرة للبالد‬ ‫من طرف األمم املتحدة وتقليص إمكانية ِالنّزاعات‬ ‫القومية‬ ‫بالنسبة لإليطاليني فإن ليبيا ّ‬ ‫تذكرهم مبغامرة‬ ‫استعمارية مشئومة ونقطة تواصل مستمـرة مع وطن أم‬ ‫سابق‬ ‫اقترح الفرنسيون أن تعود منطقة طرابلس إلى إيطاليا‬ ‫مبوجب وصاية إيطالية‬ ‫اخلطر ال��ذي ك��ان يته ّدد معقل احللفاء ف��ي مصر إال عندما‬ ‫بدأ اجلنرال برنارد مونتغومري ‪Bernard Montgomery‬‬ ‫زحفه املشهدي م��ن العلمني ف��ي ‪ 23‬أكتوبر ‪ ،1942‬ملطاردة‬ ‫آل��ة احمل��ور عبر الواجهة الليبية متاماً‪ ،‬وكانت القفار الرملية‬ ‫على ط��ول ساحل البحر األبيض املتوسط ساحة قتال جلبت‬ ‫شهرة خالدة للجيش الثامن البريطاني وكذلك لفيلق أفريقيا‬ ‫بقيادة إيرفن رومل ‪Erwin Rommel‬ـ ثعلب الصحراء‪ ،‬في‬ ‫السلّوم وطبرق ورأس بومبة ودرن��ة وبارشي وإجدابيا والغيلة‬ ‫وسرت‪ ،‬وكانت كلّها رهانات متك ّررة في القتال املرير للسيطرة‬

‫على الصحراء القاحلة‪ .‬وكانت طرابلس والزاوية وأخيراً زوارة‪،‬‬ ‫آخر نقاط وق��وف األمل��ان واإليطاليني في التقهقر ال��ذي ّ‬ ‫حطم‬ ‫الرقم القياسي الذي ّ‬ ‫خط في نهاية املطاف قدرهم‪ ،‬كما كانت‬ ‫اخلطوط الرئيسة بينما كانت الطائرات املقنبلة حت��وم جيئة‬ ‫وذهاباً على طول الساحل‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ومن اجلنوب أيضاً‪ ،‬كان املوقع اإلستراتيجي لليبيا جل ّيا فيما‬ ‫ض ٍن‬ ‫أصبح يس ّمى حرب تنقّل؛ فمن بحيرة تشاد‪ ،‬وبعد زحف ُم ْ‬ ‫مدهش عبر طرق القوافـل املهجورة فاجأت القوات الفرنسية‬ ‫ب�ق�ي��ادة ال �ل��واء ج��اك ليكليرك ‪ Jacques Leclerc‬ال��رب��اط‬ ‫األمامي اإليطالي بمِ ُ ْرزُق وسحق احلامية املوجودة هنالم وبذلك‬ ‫سددت للقوات اإليطالية ضربة قاتلة‪ .‬ولم يُض ِ ّيع ليكليرك وقتا‬ ‫ّ‬ ‫كثيراً الستغالل انتصاره‪ .‬وما أن رفع الراية ثالثية األلوان على‬ ‫الواحات األخرى في املنطقة‪ ،‬والتي كانت حتميها بضعة حصون‬ ‫قليلة‪ ،‬حتى كان في موقع لقفل الدائرة مع البريطانيني والقضاء‬ ‫على آخر آثار سيطرة اإليطاليني على التراب الليبي‪.‬‬ ‫وجد البريطانيون والفرنسيون أنفسهم احملتلّني واألوصياء معاً‬ ‫على قطعة من تراب العدو تبلغ مساحتها مساحة والية تكساس‬ ‫مرتني ونصف‪.‬‬ ‫إ ّال أنّ البريطانيني هم من ك��ان على عاتقهم امله ّمة الرئيسة‬ ‫لتنظيم هذه الرقعة الكبيرة‪ ،‬واستغالل موقعها أحسن استغالل‬ ‫لصالح بقية احلرب‪ ،‬ولتولّي الدور األكبر في الترتيب حلصولها‬ ‫على استقاللها في نهاية املطاف‪.‬‬ ‫وتنقسم ليبيا إلى ثالث مناطق‪:‬‬ ‫ منطقة طرابلس ال �غ��رب‪ ،‬ومساحتها نحو ‪ 106,500‬ميل‬‫مر ّبع‪ ،‬وعدد سكانها نحو ‪ 770,500‬نسمة‪.‬‬ ‫ وبرقة‪ ،‬حيث وقع معظم القتال‪ ،‬ومساحتها ‪ 330,000‬ميل‬‫مربع‪ ،‬وعدد سكانها ‪ 280,000‬نسمة‪.‬‬ ‫ ومنطقة فزّان‪ ،‬وهي املنطقة القاحلة التي غزاها الفرنسيون‬‫ومساحتها ‪ 243,500‬ميل مر ّبع وعدد سكانها نحو ‪39,500‬‬


‫‪70‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪21‬‬ ‫‪ 28‬يونيو ‪2015‬‬

‫مذكرات ليبيا‬

‫مونتغمري في ليبيا‬ ‫نسمة‪.‬‬ ‫وفي انتظار قرار نهائي من املنتصرين بشأن مستقبل املقاطعات‬ ‫ال �ث�لاث‪ ،‬بقيت السلطات البريطانية حتكم منطقة طرابلس‬ ‫وبرقة‪ ،‬بينما حكم الفرنسيون فزّان‪.‬‬ ‫وقبل نهاية القتال بشهور عديدة‪ ،‬بدأ اجلدل يزداد ح ّدة بشأن‬ ‫الوضع األفضل ملستعمرة ليبيا‪ .‬ولم يظهر سوى تصريح واحد‬ ‫ليشير‪ ،‬بشكل غامض‪ ،‬إلى ما كان في ذهن البريطانيني حول‬ ‫قدم وزير اخلارجية‬ ‫هيئة األشياء القادمة‪ .‬وفي ‪ 8‬يناير ‪ّ ،1942‬‬ ‫أنتوني إيدن ‪ Anthony Eden‬البيان التاريخي في مجلس‬ ‫النواب ب��أن رج��ال قبيلة السنوسي من برقة‪ ،‬والذين اشتغلوا‬ ‫بحماس إلى جانب القوات البريطانية «لن يقعوا بأي حال من‬ ‫األحوال ثانية حتت الهيمنة اإليطالية» وكان هذا إعالناً جريئاً‪،‬‬ ‫باعتبار أن احل��رب لم حتسم بعد‪ ،‬ول��م يكن لذلك معنى كبير‬ ‫حتى أعلنت مدافع مونتغومري التقدم األخير عبر ساحل برقة‬ ‫امل��زروع باأللغام‪ .‬ولكن في هذا املوعد كان هنالك ميالد دولة‬ ‫برقة حرة والتي كان مقدراً لها أن تكون جزءا من أرض ورثها‬ ‫كل الليبيني‪ .‬لم يكن أحد يتن ّبأ مبثل هذه النتيجة‪ ،‬حيث كان‬ ‫الطريق إلى االستقالل محفوفاً بالكثير من الريبة والغموض‪.‬‬ ‫إال أنه في احلقيقة كان اإلشارة التي أطلقها الهجوم الذي ُش ّن‬ ‫من العلمني قد ّ‬ ‫بشر مبيالد دولة جديدة متاماً‪ ،‬املثيرة لتكالب‬ ‫اإلستراتيجية‪.‬‬ ‫مت النظر ف��ي مشكلة الشكل (ال�س�ي��اس��ي) النهائي لليبيا من‬ ‫ع��دة زواي ��ا قبل نهاية احل��رب العاملية ال�ث��ان�ي��ة‪ ،‬ول�ك��ن عندما‬ ‫ب��دأ م�ف�ه��وم ال��وص��اي��ة ‪ trusteeship‬يُ�ن��اق��ش ك�ب��دي��ل لنظام‬ ‫االنتداب ‪ mandate‬ال��ذي فرضته عصبة األمم وفي عالقة‬ ‫مع منظمة األمم املتحدة املزمع إنشاؤها‪ ،‬حازت املسألة على‬ ‫دف��ع ج��دي��د‪ .‬وق��د ُطلب مني ف��ي ذل��ك ال��وق��ت أن أك��ون رئيساً‬ ‫للجنة فرعية استُحدثت في وزارة اخلارجية للنظر في مستقبل‬ ‫املستعمرات اإليطالية‪ ،‬وتعمل كجزء من جلنة عمل عامة غير‬

‫مهتمة بشكل كبير‬ ‫كانت الواليات املتحدة األمريكية ّ‬ ‫بقدر ليبيا بسبب استثمارها في قاعدة هويلس‬ ‫ومشاريع أخرى في البالد‬ ‫م ّثل التدخل املفاجئ ألنف اجلمل السوفييتي في‬ ‫اخليمة الليبية تعقيدات كبيرة‬

‫رسمية تهتم مبشاكل املناطق التابعـة ‪ .Dependant‬ومهما‬ ‫كانت املقترحات التي أثيرت من أجل الدراسة اجلادة‪ ،‬كان من‬ ‫الواضح منذ الوهلة األول��ى أن أي حل نهائي ودائ��م سيتطلّب‬ ‫موافقة القوى العظمى األرب��ع التي كانت حتمل وزر احل��رب‪:‬‬ ‫وهي الواليات املتحدة األمريكية‪ ،‬واململكة املتّحدة‪ ،‬وفرنسا‪،‬‬ ‫واالحتاد السوفييتي‪.‬‬ ‫ومع حلول عام ‪ ،1945‬ملـا انعقد مؤمتر بوتسدام ‪Potsdam‬‬ ‫‪ Conference‬لم يتم االتفاق فيما بني تلك ال��دول إال بشأن‬ ‫نقطة واحدة‪ ،‬إن معاهدة السالم مع إيطاليا يجب أ ْن تتض ّمن‬ ‫بنداً تقوم إيطاليا مبوجبه «بالتخلّي عن كل حقوقها وسندات‬ ‫ملكيتها للمستعمرات اإلي�ط��ال�ي��ة ف��ي أف��ري�ق�ي��ة‪ ،‬م�ث��ل ليبيا‪،‬‬ ‫وأريتريا‪ ،‬وأرض الصومال احملتلّـة من طرفها»؛ وقد ألغى هذا‬ ‫اإلعالن التاريخي بالتخلي الذي ض ّمن كما ينبغي في املادة ‪23‬‬


‫بشير السعداوي واألمير إدريس السنوسي‬

‫توغّ لت القوات الفاشية نحو ستني مي ًال في األراضي‬ ‫املصرية ولو احت ّلت القاهرة وسيطرت على القناة‬ ‫ُلكتب تاريخ احلرب بشكل مختلف‬ ‫لم يتوانَ البريطانيون في اإلشارة إلى مصلحتهم في‬ ‫وصاية بريطانية على منطقة شحات‬

‫من املعاهدة أية إمكانية من أ ْن تبقى خريطة شرق أفريقيـة على‬ ‫حالها كما رسمها اإليطاليون منذ سنـوات خلت(‪ .)1‬وكصيغـة‬ ‫جديدة من نظام االن�ت��داب ال��ذي متارسه ال ُعصبة‪ ،‬ف��إن خطة‬ ‫األمم املتحدة للوصاية تبـدو للكثيرين استجابة مناسبة لليبيا‪،‬‬ ‫وكانت الصعوبـة في التوصل إلى اتفاق مع احلكومات األخرى‬ ‫بشأن الوصاية‪ ،‬ولدى اجتماعهم في لندن في سبتمبر من عام‬ ‫‪ ،1945‬عقد مجلس وزراء اخلارجية املمثلني لألربع الكبار دورة‬ ‫نقاش لم تُفض إلى شيء‪ ،‬كان فيها املقترح يتلو املقترض املقابل‬ ‫ليصل في نهاية املطاف إلى طريق مسدود بعد ثالثة سنوات‪،‬‬ ‫وملساعدتهم على تسوية املسألة العويصة‪ِ ،‬‬ ‫أرسلت في نوفمبر‬ ‫تقصي حقائق مك ّونة من القوى األربع الكبار إلى‬ ‫‪ 1947‬جلنة ّ‬ ‫قدمت كل من‬ ‫املستعمرات اإليطالية السابقة؛ وبعد حوالي سنة ّ‬ ‫تلك القوى األربع تقارير منفصلة ومتناقضة‪ ،‬عن كل مقاطعة‪،‬‬

‫مفصلة عن الظروف السياسية واالجتماعية‬ ‫وقد ُجمعت بيانات‬ ‫ّ‬ ‫واالقتصادية في كل أرج��اء ليبيا‪ ،‬ولكن مع اختالف كبير في‬ ‫اآلراء فيما يتعلّق باحلقائـق‪:‬‬ ‫‪ 1‬لم جتر أية محاولة في تلك املرحلة التخاذ قرار بشأن الوضع‬‫النهائي لألراضي التي كانت تخضع للحكم اإليطالي‪ .‬وحتت‬ ‫امللحق ‪ 11‬من معاهدة السالم مع إيطاليا حتاشت احلكومات‬ ‫املنتصرة األربع ببراعة املوضوع العسير من خالل االتفاق فقط‬ ‫حول حتديد املسألة في غضون عام واحد من دخول املعاهدة‬ ‫حيز التنفيذ‪ ،‬وفي حال فشلهم في ذلك‪ ،‬اتفقوا باإلجماع على‬ ‫إحالة املسألة إلى اجلمعية العامة لألمم املتحدة‪ .‬و ّ‬ ‫مت التوقيع‬ ‫على معاهدة السالم التي أبرمت مع إيطاليا في ‪ 10‬فبراير‬ ‫‪ ،1947‬و ّ‬ ‫مت املصادقة عليها في ‪ 15‬سبتمبر ‪ ،1947‬وقد بدأ‬ ‫احتساب مهلة العام من التاريخ األخير بعد أن ّ‬ ‫التوصل إليها‪.‬‬ ‫مت‬ ‫ّ‬ ‫ولـ ّما استُنفـدت كل التغييرات في موضوع الوصاية‪ ،‬اتّفق وزراء‬ ‫اخلارجية الذين تعبوا من القضية على أن ال يتفقوا‪ ،‬ومبوجب‬ ‫بنود معاهـدة السالم مع إيطاليا‪ ،‬تركوا املسألـة تسقط على‬ ‫عاتق اجلمعية العامة لألمم املتحدة التي التقت في باريس في‬ ‫‪ 21‬سبتمبر من عام ‪.1948‬‬ ‫م� ّرت أكثر من ست سنوات منذ أ ْن وج��دت ليبيا نفسها حتت‬ ‫احلكم العسكري البريطاني والفرنسي‪ ،‬وما تزال القوات احملتلة‬ ‫للبالد ال تعلم كم ستبقى هنالك‪ .‬وكان املبدأ املوجه للمتفاوضني‬ ‫خ�لال تلك ال�ف�ت��رة‪ ،‬حسب م��ا أع�ل��ن عنه ف��ي امللحق ‪ 11‬من‬ ‫املعاهدة اإليطالية هو «آمال السكان ورفاهيتهم ومصالح السلم‬ ‫واألمن»‪ .‬وكان من الواضح خالل كل املناقشات أن االعتبارات‬ ‫السياسية الكبرى (السالم واألمن) قد لعبت هي بدورها دوراً‬ ‫هاماً في اختالف مواقف ال��دول الكبرى فيما يتعلق «بآمال‬ ‫السكان ورفاهيتهم»‪.‬‬ ‫ألسباب أمنية‪ ،‬لم يتوا َن البريطانيون في اإلشارة إلى مصلحتهم‬ ‫في وصاية بريطانية على منطقة شحات‪ .‬واقترح الفرنسيون أن‬


‫‪72‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪21‬‬ ‫‪ 28‬يونيو ‪2015‬‬

‫مذكرات ليبيا‬

‫تعود منطقة طرابلس إلى إيطاليا مبوجب وصاية إيطالية‪ ،‬في‬ ‫حني اقترح السوفييت وصاية سوفييتية على منطقة طرابلس‪،‬‬ ‫وه ��و م��ا س�ي�ض��ع ال� ��روس ف��ي وس ��ط م�ن�ط�ق��ة ال �ب �ح��ر األب �ي��ض‬ ‫املتوسط اإلستراتيجية‪ .‬وأعلن اإليطاليون أنهم حتّ��رروا من‬ ‫الفاش ّية‪ ،‬و ُدفِ ُعوا من اخلطوط اجلانبية على أن يُعهد إليطاليا‬ ‫بالوصاية على مستعمراتها السابقة حتت إشراف األمم املتّحدة‬ ‫ووصايتها‪ .‬أما بالنسبة لفزّن فقد ُذكرت الوصاية الفرنسية‪.‬‬ ‫ومن خالل دراسة مك ّثفة ومط ّولة قامت بها جلنة فرعية تابعة‬ ‫ل��وزارة اخلارجية انبثق مقترح أطلق عليه «اخلطة األمريكية»‬ ‫وه��ي ت��دع��و إلدارة م�ب��اش��رة ل�ل�ب�لاد م��ن ط��رف األمم املتحدة‬

‫نفسها‪ .‬ولإلفالت‪ ،‬أو على األق��ل لتقليص‪ ،‬إمكانية ال ِنّزاعات‬ ‫القومية‪ ،‬سيتم تعيني حاكم من دول��ة محايدة‪ ،‬حيث سيتلقّى‬ ‫املساعدة باملشورة والنصح من مجلس السبعة ‪Council of‬‬ ‫‪ Seven‬ممثلني ع��ن ال��والي��ات املتحدة األمريكية‪ ،‬وبريطانيا‬ ‫العظمى‪ ،‬وفرنسا‪ ،‬وروسيا السوفييتية‪ ،‬وإيطاليا‪ ،‬وممثل أوروبي‬ ‫وآخ��ر عربي مقيمني في ليبيا تختارهما احلكومات اخلمس‪.‬‬ ‫وبعد عشر سنوات‪ ،‬سيكون باإلمكان منح البالد استقاللها‪.‬‬ ‫في مرحلة ما‪ ،‬كانت الفكرة املقدمة هي أن الوصاية األمريكية‬ ‫قد تكون مقبولة على طرابلس‪ .‬وقد توفرت عدة مبررات لدعم‬ ‫هذا املقترح‪ .‬فقد بينت احل��رب بشكل كبير مصالح الواليات‬


‫احلرب العاملية الثانية صنعت مستقبل دولة ليبيا‬ ‫املتحدة األمنية في شمال أفريقية‪ ،‬وغ��رب أفريقية‪ ،‬ومنطقة‬ ‫البحر األبيض املتوسط‪ ،‬هذا بغض النظر عن املناطق النفطية‬ ‫في الشرق األوسط غير البعيدة‪ .‬كانت هنالك خلفية تاريخية‬ ‫للحرب ضد القراصنة البربريني‪ .‬وق��د ك��ان للواليات املتحدة‬ ‫األمريكية مشاركة ه��ام��ة ف��ي تنظيم األمم املتحدة ومجلس‬ ‫وصايتها وق��د دع��ت علناً إل��ى مبدأ احلكم املستنير للشعوب‬ ‫التابعة‪ ،‬مثلما يتضح ذل��ك ف��ي إدارة املستعمرات األمريكية‬ ‫واملمتلكات مثل جزر الفلبني‪ .‬وبالتالي سيكون من املناسب جداً‪،‬‬ ‫لو أن الواليات املتحدة تولّت نصيباً من العبء واملسئولية في‬ ‫إدارة منطقة في أفريقية‪ ,‬و في نهاية املطاف كانت الفكرة‬

‫كالتالي حيث تأخذ اإلدارة األمريكية لطرابلس املقاطعة من‬ ‫ال�س�ي��اس��ة األوروب� �ي ��ة‪ ،‬وه ��ذا سيبقى دوم� �اً م �ص��دراً محتم ً‬ ‫ال‬ ‫للصراع‪ ،‬وسيكون من دون شك أمراً مفض ً‬ ‫ال من طرف سكان‬ ‫منطقة طرابلس أنفسهم‪ ،‬ألنهم ال يُلصقون أية خطط إمبريالية‬ ‫بالواليات املتحدة األمريكية‪.‬‬ ‫وبالرغم من جاذبية هذا الطرح في بعض األوساط‪ ،‬فقد فشل‬ ‫في استقطاب دعم جدي‪ .‬كما أن استعداد الكونغرس للقبول‬ ‫مبثل هذا االلتزام اخلارجي (ما وراء البحار) ال��ذي لم يسبق‬ ‫له مثيل‪ ،‬يبدو أم��راً مشكوكاً فيه تقريباً ألن الواليات املتحدة‬ ‫األمريكية كانت قد رفضت على إث��ر احلـرب العاملية األول��ى‬


‫‪74‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪21‬‬ ‫‪ 28‬يونيو ‪2015‬‬

‫مذكرات ليبيا‬

‫ك��ان وج��ود ق��ي��ادة األم��ي��ر إدري���س‪ ،‬الزعيم السنوسي‪،‬‬ ‫بشكل منفصل ومستقل التعبير األف��ض��ل ع��ن فئة‬ ‫من أهالي برقة‪ .‬وق��د أقنعهم مبعوثون من منطقة‬ ‫ط��راب��ل��س ب��أن امل��ك��اس��ب ال��ت��ي سيجنونها م��ن خالل‬ ‫ال��وح��دة م��ع املقاطعتني األخ��ري�ين ستكون أكثر من‬ ‫يتعدى سكانها ‪ 300,000‬نسمة‪.‬‬ ‫مكاسب دولة ضئيلة ال‬ ‫ّ‬ ‫وملصاحلتهم حول فكرة الوحدة مع أبناء عمومتهم‬ ‫في منطقة طرابلس‪ُ ،‬وعدوا بحكومة فدرالية‪ ،‬حتكم‬ ‫فيها األسرة السنوسية كامل ليبيا‪.‬‬

‫القبول باالنتـداب على أي ج��زء من اإلمبراطورية العثمانية‪.‬‬ ‫وكون ذلك االهتمام املمنوح ملنطقة طرابلس كان في محلّه‪ ،‬بات‬ ‫يتضح اآلن في احلجم املدهش والنمو املتزايد لقاعدة القوات‬ ‫اجلوية األمريكية املتمركزة في طرابلس اليوم‪.‬‬ ‫وإن بدت املسألة معقدة في السابق‪ ،‬فإن املشاورات التي بلغت‬ ‫ذروتها في جلسات األمم املتحدة عام ‪ 1949‬كانت أكثر تورطاً‬ ‫وإطناباً من ذي قبل‪ .‬والقضية لم يتم تناولها في جدول األعمال‬ ‫بباريس‪ ،‬ومت نقلها إلى االجتماع الالحق‪ ،‬الذي انعقد في «ليك‬ ‫سكسيس» ‪ .Lake Success‬وخالل الفترة الفاصلة‪ ،‬أُتيحت‬ ‫لكل أعضاء األمم املتحدة‪ ،‬بدالً من األربع الكبار فقط‪ ،‬الفرصة‬ ‫املفضلة‪ .‬وكانت النتيجة أن تفاقمت وجهات‬ ‫إلع��داد حلولهم‬ ‫ّ‬ ‫النظر املتضاربة في العدد واملتزايدة احلدة وظهر في امللتقى(‪)1‬‬ ‫وفد ممثل إليطاليا‪ ،‬وأيضا متحدثون ليبيون أنفسهم‪ .‬وفي أوج‬ ‫النقاش‪ ،‬اتّضح أن وزيرى اخلارجية البريطاني واإليطالي قد‬ ‫اتفقا سرياً ح��ول مقترح توضع مبوجبه منطقة شحات حتت‬ ‫الوصاية البريطانية‪ ،‬ومنطقة طرابلس حتت الوصاية اإليطالية‪،‬‬ ‫ومنطقة ف��زان حت��ت ال��وص��اي��ة ال�ف��رن�س� ّي��ة‪ .‬وق��د تسببت هذه‬ ‫امل��ؤام��رة الدبلوماسية‪ ،‬ال�ت��ي ب��ات��ت تُ�ع��رف ب��اس��م «خ� ّ‬ ‫�ط��ة بيفن‬ ‫س �ف��ورزا» ‪ Bevin-Sforza Plan‬ف��ي صيحة احتجاج بني‬

‫الدول «املناهضة لالستعمار»‪ ،‬مما تسبب في مظاهرات عارمة‬ ‫السنة الالحقة‪.‬‬ ‫في منطقة طرابلس ّ‬ ‫أجلت بالفعل النقاش حتى ّ‬ ‫وكما لو أنه نفذ صبرها من عجزها عن إيجاد حل مغاير‪ ،‬صوتت‬ ‫اجلمعية العامة في ‪ 21‬نوفمبر من عام ‪ ،1949‬بنسبة ‪ 48‬صوتاً‬ ‫مقابل صوت واح��د‪ ،‬وامتناع ‪ 9‬عن التصويت‪ ،‬لفائدة منح ليبيا‬ ‫حريتها كبلد مستقل ذى سيادة كاملة «في أقرب وقت ممكن وفي‬ ‫كل األح��وال في أجل أقصاه ‪ 1‬يناير ‪ .»1952‬لقد كانت الفترة‬ ‫الزمنية الفاصلة بطبيعة احل��ال ضرورية بالنسبة لليبيني حتى‬ ‫يتعلموا بعض األمور عن تصريف شئونهم‪.‬‬ ‫‪ 3‬ك��ان وج��ود ق�ي��ادة األم�ي��ر إدري ��س‪ ،‬الزعيم السنوسي‪ ،‬بشكل‬‫منفصل ومستقل التعبير األفضل عن فئة من أهالي برقة‪ .‬وقد‬ ‫أقنعهم مبعوثون من منطقة طرابلس بأن املكاسب التي سيجنونها‬ ‫من خالل الوحدة مع املقاطعتني األخريني ستكون أكثر من مكاسب‬ ‫دولة ضئيلة ال يتع ّدى سكانها ‪ 300,000‬نسمة‪ .‬وملصاحلتهم حول‬ ‫فكرة ال��وح��دة مع أبناء عمومتهم في منطقة طرابلس‪ُ ،‬وع��دوا‬ ‫بحكومة فدرالية‪ ،‬حتكم فيها األسرة السنوسية كامل ليبيا‪ ،‬حكماً‬ ‫ذاتياً (بإدارة ذاتية)‪ ،‬و ّ‬ ‫مت الشروع في العمل ّية مباشرة حتت نفوذ‬ ‫أدريان بيلت ‪( Adrian Pelt‬وتوجيهه) الذي ع ّينته األمم املتّحدة‬ ‫للمنصب‪ .‬وستُذكر السنتان الالحقتان دوم��اً على أنهما فترة‬


‫اقترح السوفييت وصاية سوفييتية على منطقة‬ ‫طرابلس وهو ما وضعهم في قلب منطقة البحر‬ ‫األبيض املتوسط اإلستراتيجية‬

‫االنتقال احلرجة‪ ،‬حيث مت وضع املقدرة اخلفية لليبيني حلكم‬ ‫ّ‬ ‫احملك‪ ،‬و ُوجد تبرير قيام دولة جديدة‪.‬‬ ‫أنفسهم بأنفسهم على‬ ‫وبعد كل الصعوبات التي لقيتها القوى العظمى في التوصل إلى‬ ‫حل متفق عليه‪ ،‬بدا للكثيرين أن االستقالل التام هو املالذ األخير‪،‬‬ ‫وأنه ضرورة وجتربة ميكن لكل واحد تقريبا أن يؤيدها ويتنفس‬ ‫وحدت األمة العربية جهودها مع الكتلة السوفييتية‬ ‫الصعداء‪ .‬وقد ّ‬ ‫للضغط بهذا االجتاه‪ ،‬ولكن من منطلقات مختلفة‪ ،‬فالعرب لكونهم‬ ‫يفضلون ظهور دولة عربية شقيقة‪ ،‬أما السوفييت فألن العقيدة‬ ‫الشيوعية تسعى بشكل ظاهري لتخليص كل الشعوب التابعة من‬ ‫قبضة احلكم االستعماري‪ .‬وكان البريطانيون سعداء لتخلصهم‬ ‫من أعبائهم اإلدارية الثقيلة‪ ،‬بالرغم من أنهم كانوا يتوقون للتورط‬ ‫مالـياً‪ .‬أما الواليات املتحدة األمريك ّية‪ ،‬وباحترامها املعتاد للحرية‬ ‫واالستقالل‪ ،‬فكانت في طليعة املؤ ّيدين لالقتراح‪ .‬فرنسا فقط‬ ‫لم تكن راغبة في أن ت��رى الظهور املفاجئ لدولة مستقلة على‬ ‫تخوم شعوب عربية أخ��رى ذات ميول قومية ف��ي املستعمرات‬

‫الفرنسية في شمال أفريقية‪ .‬واجلدير باملالحظة أنه لو أن ليبيا‬ ‫مرت حتت أي شكل من وصاية األمم املتحدة‪ ،‬لكان من املستحيل‬ ‫على املنطقة أن تلعب دوراً في ترتيبات الدفاع عن العالم احلر؛‬ ‫فت َْحت نظام وصاية األمم املتحدة‪ ،‬ال ميكن حلاكم منطقة حتت‬ ‫الوصاية أن يقبل بإقامة قواعد عسكرية؛ إال في حال «وصاية‬ ‫إستراتيج ّية»‪ ،‬مثل الوصاية التي متتعت بها ال��والي��ات املتحدة‬ ‫األمريكية في اجلزر اليابانية السابقة في احمليط الهادي حيث‬ ‫كانت التحصينات مسموحاً بها‪ ،‬و«الوصاية اإلستراتيجية» تخضع‬ ‫للڤيتو (ح��قّ النقض) في مجلس األم��ن‪ .‬وكدولة مستقلة‪ ،‬لليبيا‬ ‫مطلق احلرية في إبرام املعاهدات أو االتفاقيات مع الدول الغربية‬ ‫التي تسعى للدفاع عن البحر األبيض املتوسط وشمال أفريقية‪.‬‬ ‫وهذا بالضبط ما كان االحتاد السوفييتي يخشاه فع ً‬ ‫ال وما فعلته‬ ‫ليبيا من بعد‪ .‬فالقطاع اإلستراتيجي للشواطئ األفريقية الذي‬ ‫أثبت أهميته في حرب اآلليات امليكانيكية في الصحراء قد أصبح‬ ‫مستق ً‬ ‫ال كميدان له نفس األهمية في عصر الطيران‪.‬‬


‫‪76‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪21‬‬ ‫‪ 28‬يونيو ‪2015‬‬

‫أمكنة لها تاريخ‬


‫الكونتيسة‪..‬‬ ‫فصل من المدونة الليبية‬

‫ل���م ي��ك��ن اخ��ت��ي��ار ال��ك��ون��ت (ج��وزب��ي‬ ‫فولبي) الوالي اإليطالي لطرابلس‬ ‫ما بعد احتالل ‪1911‬م ملكان إقامته‬ ‫اختيار ًا عبثياً‪ ،‬فيبدو أنه كان منساق ًا‬ ‫وراء رغ��ب��ات زوج��ت��ه الكونتيسة ذات‬ ‫االهتمامات االستشراقية‪ ،‬الفنانة‬ ‫واملثقفة ذات األص��ل األرستقراطي‬ ‫�د ع��ل��ى ه���ذا مكتبتها‬ ‫ال��رف��ي��ع‪ ..‬ش��ه� َ‬ ‫العظيمة ال��ت��ي مت االس��ت��ف��ادة منها‬ ‫الح��ق � ًا بعد ه��زمي��ة احمل���ور وانتصار‬ ‫احللفاء للتأريخ للعهد االستعماري‬ ‫اإليطالي لليبيا‪ ،‬إضافة إلى هوسها‬ ‫بكل ما هو مشرقي‪..‬‬ ‫ل��ذا ك��ان املكان ال��ذي اختاره الكونت‬ ‫مستقر ًا ل��ه ه��و القصر نفسه ال��ذي‬ ‫أن��ش��أه القرمانلليني ف��ي عهد على‬ ‫ب��اش��ا القرمانللي ف��ي ع��م��ق ساحل‬ ‫املنشية وال��ذي فرضت ض��رورة بناؤه‬ ‫ال��ع�لاق��ة ذات ال���ط���راد امل��س��ت��ع��ر بني‬ ‫أه��ال��ي املنشية واألس���رة القرمانلية‬ ‫كحلفاء حين ًا وكمتمردين حين ًا آخر‪.‬‬

‫زكريا العنقودي‬


‫‪78‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪21‬‬ ‫‪ 28‬يونيو ‪2015‬‬

‫أمكنة لها تاريخ‬

‫القصر ال�ق��دمي وال ��ذي مت إع �م��اره على ال �ط��راز اإلس�لام��ي أو‬ ‫بتحديد أكثر على الطراز التركي اإلسالمي وبتصرف قرمانلي‬ ‫كان يقع وسط مزرعة محاطة (بسواني) أهالي املنشية (يتر ّدد‬ ‫إل��ى اآلن أن��ه ملك لعائلة طرابلسية عريقة ال�ق��دم لقبها أبو‬ ‫دلغوسة) يبدو أنه أغرى الكونتيسة فولبي وزوجها املهووسني‬ ‫باملعمار واخلضار‪ ،‬فأكمال بناء القصر على نفس الطراز‪ ،‬مع‬ ‫إضافة ملسة إيطالية طفيفة فرضتها الضرورة العصرية ملنتصف‬ ‫العشرينات من القرن املاضي‪ ،‬لذا لم يكن هذا اإلنشاء نشازاً‬ ‫وسط تلك البيئة اخلضراء حينها‪ ،‬احملاطة بالنخيل وسواني‬ ‫الفالحني الليبيني املشهورون بزراعة اخلضار وأوراق التبغ‪.‬‬ ‫اهتمت الكونتيسة بالقصر وباحلديقة احمل��اط��ة ب��ه فجمعت‬ ‫بالقصر العديد من املقتنيات احمللية الليبية إضافة إلى العديد‬ ‫من املقتنى األثري الروماني‪ ،‬زد على ذلك مجموعه نفيسة من‬ ‫مشترياتها من كل أنحاء العالم (فقد كانت مهووسة بالسفر‬ ‫وجمع كل مقتنى أثري من أي مكان حتل به) كانت تلك املقتنيات‬ ‫يشهد لها بالقيمة امل��ادي��ة والثقافية العظيمة‪ .‬أم��ا احلديقة‬ ‫(والتي ذهبت في عرفنا إلى اآلن نحن جيران السيدة فولبي‬ ‫باسم الكونتيسة) فقد جعلتها مشت ً‬ ‫ال لكل أن��واع ورود وزهور‬ ‫وأشجار العالم والتي استخرجت بذورها من حقيبة سفرها‪..‬‬ ‫مستعينة ببئر املاء ذي السالفتني (الطرابلسيتني) والذي جعلته‬

‫بعد هزمية احملور عقدت اجتماعات اآلباء‬ ‫املؤسسيني الستقالل ليبيا حتت ظالل‬ ‫شجيرات الكونتيسة التي بدأت باالنتعاش‬ ‫من جديد‬ ‫قصر فولبي القدمي مت إعماره على الطراز‬ ‫اإلسالمي وكان يقع وسط مزرعة محاطة‬ ‫ويتردد إلى اآلن أنه‬ ‫ببساتني أهالي املنشية‬ ‫ّ‬ ‫ملك لعائلة طرابلسية عريقة القدم لقبها‬ ‫أبو دلغوسة‬


‫اهتمت الكونتيسة بالقصر وباحلديقة‬ ‫احملاطة به فجمعت بالقصر العديد‬ ‫من املقتنيات احمللية الليبية إضافة إلى‬ ‫العديد من املقتنى األثري الروماني‬ ‫لم يتجاوز فولبي مهمته كحاكم‬ ‫لطرابلس عشر سنوات ألنه كان‬ ‫محسوب ًا على زمن إيطالي آخر هو زمن‬ ‫امللكية‪ ..‬أو ما قبل الفاشية‬

‫وسيلتها لصنع ك��ل تلك اجل� ّن��ة مستعينة بخبرة أه��ال��ي احلي‬ ‫وصفار واخضرار وبرتقال‬ ‫وإشرافها لتجعلها روضة من حمرة َ‬ ‫تليق مبستقرها األخير هي وسعادة الكونت ومنتهى ترحالهما‬ ‫حول العالم‪.‬‬ ‫كانت احلديقة التي جتلس فيها ك��ل ليلة حت��ت القمر لتكمل‬ ‫زينتها على إح��دى الكراسي اخلشبية املنتشرة حتت حجارة‬ ‫قصرها ال��ذي يطل علينا ببياضه الثلجي مشعاً م��ن خالل‬ ‫أقواسه وقبابه مبا يفيض من دفق نوره‪ ،‬أما ما تبقى من خبايا‬ ‫جماله (ال يوجد من ميلك بذاكرته صورة مكتملة لهذا البهاء‬ ‫والذي ال تتجاوز مساحته الهكتارين) فيسمح مبروه ما تفرق من‬ ‫خصالت شجيراتها أو من خالل ما تس ّرب إلينا خلسة نتيجة‬ ‫لشرود غصن مارق من انضباط أجمة من تلك األجمات التي‬ ‫حتيط بكل املكان في انضباط حرس إمبراطوري قدمي‪ ..‬حرس‬ ‫من أص��ل نبيل يقف كمالك ح��ارس لهيبة ذاك املكان ويكمل‬ ‫صورة سطوته‪.‬‬ ‫كان هذا التناغم واجلدل الرفيع والذي يدور همساً كل ليلة ما‬ ‫بني القصر وتوأمه احلديقة هما متعة ح ّينا‪ ..‬ما سمي الحقاً‬ ‫بـ(شارع سيدي خليفة) ومصدر فخارنا‪ ..‬كان ربيعنا ميتد طوال‬ ‫العام‪ ،‬وفي كل يوم لنا عطر مختلف‪ ،‬فلزهور تلك الشجيرات‬ ‫عطر لكل وردة ولون وموسم‪ ،‬وكان لبعضها موسمان‪ ،‬أما بعضها‬


‫‪80‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪21‬‬ ‫‪ 28‬يونيو ‪2015‬‬

‫أمكنة لها تاريخ‬

‫تناغم وجدل رفيع يدور همس ًا كل ليلة ما‬ ‫بني القصر وتوأمه احلديقة‬ ‫انتصرت ليبيا وعادت إلى ممشى التاريخ‬ ‫كأول مملكة دستورية دميقراطية باملنطقة‪،‬‬ ‫وعادت الكونتيسة لترتفع أغصانها من‬ ‫جديد‬

‫فكأن بذورها سقطت من اجلنة‪ .‬فقد كانت مزهرة طوال العام‪،‬‬ ‫أما (مسك الليل) ففي وسط كل هذا هو ما تبقى من زجاجة‬ ‫ّ‬ ‫العطار‪ ..‬كل هذا زاد من ميزان ح ّينا ورفع‬ ‫العطر على منضدة‬ ‫من عياره كذا مثقال‪.‬‬ ‫لم يطل مقام اجلنرال باملكان كثيراً فقد كان مثق ً‬ ‫ال باخلسائر‬ ‫من ضربات املجاهدين املوجعة‪ ،‬لذا لم يتجاوز مهمته كحاكم‬ ‫ل�ط��راب�ل��س ال�ع�ش��ر س �ن��وات (م ��ن ‪ 1922‬إل ��ى ‪ ،) 1933‬ومب��ا‬ ‫أن��ه ك��ان محسوباً على زم��ن إيطالي اخ��ر (م��ا قبل الفاشية)‬ ‫يقدم للفاشية ما حتلم به من أمجاد فقد آن له الرحيل‬ ‫ول��م ّ‬ ‫مثق ً‬ ‫ال ب��اخل�ي�ب��ات‪ .‬باملقابل ك��ان حلم الكونتيسة باالستقرار‬ ‫ً‬ ‫يسقط صريعا بجنّة أحالمها في بلد هفت لها نبضات قلبها‬ ‫األرستقراطي املفعم بالرومانسية واملتعب من كثرة الترحال‬ ‫والرغبة في االستقرار‪ ،‬خاصة وأن القصر لتوه وصل ملرحلة‬ ‫الكمال‪ ،‬ووصلت الشجيرات ومشاتل الورد لقمة عطائها‪ ،‬لكنه‬ ‫التاريخ وض��رورات��ه‪ ..‬كان قدرها أن تكون (كسكارليت) سعفة‬ ‫في مهب الريح واألقدار املفجعة التي توالت بعد ذلك‪ ،‬فالتاريخ‬


‫كان ينسج أمراً آخر للمكان وألهله ولليبيا كلها‪ ،‬بل ولكل العالم‪،‬‬ ‫فغادرت السيدة فولبي منتهى أحالمها‪ ،‬وتركت جنتها‪ ،‬لكنها‬ ‫أخ��ذت معها محبة أه��ل احل��ي ال��ذي��ن كانت لتوها ق��د جنحت‬ ‫في ربط صالتها بهم‪ ..‬أولئك ز ّراع التبغ والبرسيم واخلضار‬ ‫واملتجذرة نخالتهم باألرض من ألف عام وإلى ألف عام قادمة‬ ‫(الزالت بعض تلك النخالت تقف شامخة باحلي إلى وقتنا هذا‬ ‫غصباً عن كل متغيرات التاريخ ومحركاته التي مر بها العالم كله‬ ‫واملكان من قبل تلك الفترة إلى اآلن‪ ،‬فجذورها ب��األرض أكثر‬ ‫ثباتاً من احلبر في كتب التاريخ)‪.‬‬ ‫كان العالم مقب ً‬ ‫ال على حقبة جديدة‪ ،‬فقد اتخذ موسليني خطوة‬ ‫أخرى بالفاشية وأحالمها خاصة بعد صعود جنم هتلر بأملانيا‪،‬‬ ‫وب��دأ العالم يكتب س�ط��وراً مل��وت ل��م يشهد ل��ه مثي ً‬ ‫ال متثل في‬ ‫حرب عاملية ثانية لم تن ُج منها بقعة بهذا العالم‪ ،‬حتى ليبيا كتب‬ ‫عليها أن تكون طرفاً بهذه املجزرة‪ .‬أما الكونتيسة وقصرها‬ ‫فقد دخلتا لسبات استمر حتى ع��ام ‪ ،1944‬وك��ان املنسدل‬ ‫من أغصانهما ب��دون اهتمام أو رعاية عبر أس��وار القصر ال‬

‫يدل على حزنها بقدر داللته على مقاومتها وتشبثها بحياتها‪،‬‬ ‫وكان موسم البرتقال وموسم النخيل هما اإلشارة األكثر تأثيراً‬ ‫ألهل احلي لكونها باقية معهم‪ ،‬ولم تخذلهم في سنوات جوعهم‬ ‫وج�ف��اف حقولهم (ف��احل��رب ق��د ص��ادرت ك��ل ش��ي‪ ،‬أم��ا أثمان‬ ‫أقواتهم فقد فاقت قدراتهم وقدرات عطاء سوانيهم وجداولها‬ ‫الصغيرة) لذا كانت سالل البرتقال وعراجني النخالت‪ ،‬والتي‬ ‫كانوا يقفزون السور جلمعها واقتسامها‪ ،‬هي سبب تشبثهم‬ ‫باملكان وعدم الرحيل‪ ،‬كما فعل القليل منهم حني أجبره اجلوع‬ ‫على بيع أراضيه لبعض املرابني اليهود (جاء في سجل بلدية‬ ‫طرابلس ملئة عام الصادر سنة ‪ 1970‬عن األحوال االقتصادية‬ ‫زمن احلرب أن النقود فقدت قيمتها إلى اخلمس وكانت أسعار‬ ‫السوق السوداء تفوق الوصف وزادت الضرائب ولم تزد األجور‬ ‫وخلت املتاجر من السلع)‪ ..‬وقد حدث وجنحوا فع ً‬ ‫ال ومبساعدة‬ ‫جنائن الكونتيسة ف��ي جت��اوز مرحلة احل��رب وال �ع��ودة ملعترك‬ ‫احلياة من جديد‪.‬‬ ‫بعد هزمية احملور كتب املشيرقي في كتابه (ذكريات نصف قرن‬


‫‪82‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪21‬‬ ‫‪ 28‬يونيو ‪2015‬‬

‫أمكنة لها تاريخ‬

‫من األح��داث االجتماعية والسياسية في ليبيا) أن كثيراً من‬ ‫اجتماعات اآلباء املؤسسيني لالستقالل بطرابلس دارت حتت‬ ‫ظالل شجيرات الكونتيسة والتي ب��دأت باالنتعاش من جديد‬ ‫وكأنها تنتصر لنفسها بعودة السلم للعالم‪ ،‬بل األحرى بعودتها‬ ‫كمحور رئيس للمتغيرات التاريخية بليبيا والتي ك��ان بدايتها‬ ‫بنشر ظاللها إلى اجتماعات رجاالت االستقالل‪.‬‬ ‫انتصرت ليبيا وع��ادت ملمشى التاريخ ك��أول مملكة دستورية‬ ‫دميقراطية باملنطقة‪ ،‬وع��ادت الكونتيسة لترتفع أغصانها من‬ ‫جديد‪ ..‬كذلك رفعت خصالت شجيراتها لتظهر للعيان بتالت‬ ‫ورودها ولتشارك اجلميع شذاها وعطرها‪ ،‬لكن هذه املرة قد‬ ‫حدث ما أدمع تلك البتالت فقد بدأت تخسر ما يحيط بها من‬ ‫امتداد خلضار ساحل املنشية‪ ،‬فال مشتل لسلطة وال حوض‬

‫للنعناع وال عطر حتت السواقي وال تبغ يتدلي على اخليوط‬ ‫املعقودة بسيقان النخيل والذي ‪ -‬بدوره ‪ -‬لم ترحمه هذه النهاية‬ ‫التي انتهى إليها ذاك األفق األخضر الذي كان يحيط مبعصمها‬ ‫فيجعل من بياض قصرها وسوره مجرد تفصيل من صورة كاملة‬ ‫لكون من جمال قوامه خضار وتبغ ونخيل يتوسطه إكليل من‬ ‫بياض القصر وما اختارت الكونتيسة فولبي من زه��ور العالم‬ ‫ومختاراتها إضافة لسحر لون البرتقال‪.‬‬ ‫تغير احمليط فها هو العالم يتغير مرة أخرى‪ ...‬فرائحة النفط‬ ‫التي فاحت بعد احلرب أبعدت عنها جيرانها أصحاب احلقول‬ ‫واملزارع وسواقي املاء وجذبت للمكان سكانه اجلدد من مغامرين‬ ‫سكنوا بيوت الصفيح ويعودون إليها بثياب مضمخة بزيت أسود‬ ‫ال يخلو من رائحة امل��وت‪ ،‬وآخرين من موظفني وعاملني بكل‬


‫املجاالت جاؤوا من كل ليبيا ليعكروا عليها ما اعتادته من دعة‬ ‫وه��دوء‪ ..‬تركها جيرانها الفالحني الذين بادلتهم لعقود العسر‬ ‫وامليسرة‪ ،‬فمنهم من تخلى عن ش��ذى عطرها واتبعوا رائحة‬ ‫النفط العفنة وباع سوانيه ومزارعه ورحل‪ ،‬ومن بقى منهم حلق‬ ‫بركب غيره والتحق بالوظيفة أو التجارة مكتفياً ببيع بعض من‬ ‫أراض �ي��ه‪ ..‬كانت املدينة تفرض شروطها بقسوة على األرض‬ ‫وعلى األفئدة‪.‬‬ ‫غ��ادرت اجلنانات والسواقي جيرتها‪ ،‬لكنها باملقابل اكتسبت‬ ‫ج �ي��ران �اً ج� ��دداً‪ ..‬ع�ن��ده��ا ف�ق��ط اك�ت�س��ب احل��ي اس�م��ه اجل��دي��د‬ ‫(وتخلى عن كونه امتداداً لساحل املنشية) صار باسمه احلالي‬ ‫(س�ي��دي خليفة) مبحوريه ش��ارع البي وش��ارع ال��زاوي��ة اللذان‬ ‫استمرا باسميهما ب��دون تعديالت‪ ..‬كانت طرابلس تعلن عن‬

‫نفسها بحلتها اجل��دي��دة كعاصمة عصرية ف��ي ع��ال��م م��ا بعد‬ ‫احلرب فانتشرت أبجديات العصر على األرض مبقابل خسرت‬ ‫في اندحار شبه كلي لساحل املنشية األخضر فرسمت نفسها‬ ‫في ثوبها العصري كمربعات من خرسانة واسمنت وأشرطة‬ ‫امتدت كمتاهات تخللتها خطوط سوداء اكتسبت لنفسها اسم‬ ‫الشوارع واألزقة‪.‬‬ ‫وحده شارعنا تفرد بذاك القصر املهيب وتلك الواحة اخلضراء‬ ‫التي تتوسطها (الكونتيسة) والتي لن تبخل على جيرانها اجلدد‬ ‫بعطرها وش��داه��ا وبرتقالها ورط��ب نخيلها‪ .‬ارت�ض��ت بواقعها‬ ‫اجل��دي��د ول��م تبادلهم قسوتهم على محيطها‪ ،‬فهي ل��م تسقط‬ ‫من الفضاء‪ ،‬بل هي كانت هناك لضرورات أقرها عليها التاريخ‬ ‫ٍ‬ ‫بدعة لواقعها وجليرانها اجلدد والذين كونوا عالقة‬ ‫فاستكانت‬


‫‪84‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪21‬‬ ‫‪ 28‬يونيو ‪2015‬‬

‫أمكنة لها تاريخ‬

‫بالعجوز اإليطالية اجلديدة التي أقامت باملكان‪ ،‬والتي تلبستها‬ ‫بدورها روح الكونتيسة (فولبي) والتي لم يغادر ذكرها كما أثرها‬ ‫ذاك��رة امل�ك��ان‪ ،‬فاستعانت ببعض رج��ال احل��ي للعمل معها على‬ ‫االهتمام بالشجيرات وكل تفاصيل املكان‪ ،‬فكان من نصيب عمي‬ ‫القيلوشي االهتمام مبشاتل الورد والشجيرات وبستان البرتقال‪،‬‬ ‫وأخذ عمي محمد املجريسي على عاتقه رعاية النخالت‪ .‬كان‬ ‫يصل إلى أعالها بجسده اخلشن (بالوصلة) فينظف جريدها‬ ‫ويرمي من عنقها ما ترسب من س��واد وبقايا املوسم املاضي‪،‬‬ ‫ويقوم بتلقيحها مرتني متتاليتني كل عام‪ ،‬وحني تكتنز العراجني‬ ‫يلفها حول ذاك العنق‪ ،‬فتدلى كأقراط ضخمة من ذهب حول‬ ‫ج��ذع النخالت‪ ،‬وح�ين يحل القطاف يقوم بصعود آخ��ر املوسم‬ ‫لينزل ما تدلى على عاتقها من تلك العراجني‪ .‬عادت الكونتيسة‬ ‫إلى مجدها القدمي‪ ،‬وبالتالي لعطائها الالمحدود‪ ،‬بفضل تلك‬ ‫العجوز‪ ،‬فتقسم املوسم على ثالث حصص لعمي محمد واحدة‪،‬‬ ‫وحصة لها‪ ،‬وحصة لكل جيرانها‪ ..‬وباملقابل بادلها اجليران الود‬ ‫فكانوا يدعونها في مناسباتهم فتشاركهم فرحهم بعض األحيان‬ ‫وف��ي مناسباتهم يرسلون لها األط�ف��ال بحصتها م��ن م��أدب��ة كل‬ ‫مناسبة أو موسم عيد‪ ،‬ول��م يطل األم��ر لتجد نفسها مع بعض‬ ‫احملافظة على اخلجل األوربي من ضمن نسيجهم االجتماعي‪..‬‬ ‫أما األطفال فقد جعلتهم جزءا من زهور احلديقة‪ ،‬لذا كان الباب‬ ‫احلديدي الضخم مفتوحاً الستقبالهم طيلة أطراف النهار‪.‬‬ ‫الكونتيسة ليست مجرد (شجر وحجر ورخ��ام) بل ظرف مكان‬ ‫وزم��ان‪ ،‬بالتالي شاه ٌد وط� ٌ‬ ‫�رف في كل األح��داث التي م��رت بها‬ ‫البالد‪ ،‬وه��ي وإن كانت تعيش في تلك الدعة وذاك الوئام في‬ ‫تلك احلقبة بني أواخر اخلمسينات وأوئل الستينات إال أنها تعلم‬ ‫جيداً ومن أول تاريخها حني بناها أمير قرمانلي فا ّ ٌر من غضب‬ ‫أبيه ليتحصن بأحالفه من أهالي املنشية إن��ه مقدر عليها أن‬ ‫تكون طرفاً بكل األح��داث التي مرت وستمر بها البالد‪ ..‬فقد‬ ‫كانت هناك مبرحلة االحتالل االيطالي وعلى موائدها العظيمة‬ ‫وضعت اخلرائط أمام الكونت فولبي وخطط للكثير من املعارك‬ ‫ضد املجاهدين‪ ..‬بعد ذل��ك م��رت على حربني عامليتني وحتت‬ ‫ظاللها دار الكثير من حوارات اآلباء حول االستقالل‪ ..‬حتى عند‬ ‫ق��دوم النفط وكأنه توقف حتت أسوارها‪ ،‬لذا وإن كان اجلمال‬ ‫والعطر والشذى سماتها لكن القلق من القوادم كان روحها التي ال‬ ‫يشاركها فيه حتى بئرها اخلاص ذي السالفتني رفيق بدايتها حني‬ ‫وضع أساسها األول‪ ..‬رغم هذا لم تتوقف عن العطاء ومشاركة‬ ‫اجليران عطرها وشذاها‪ ،‬ومشاركتهم أتراحهم وأفراحهم‪ ،‬وكم‬ ‫كانت تطرب لصوت املالوف األندلسي والطقس الغنائي اجلمعي‬ ‫لألهالي وهم يرددون قصائده في ذكرى مولد النبي أو بخميس‬ ‫الزفاف بأعراس املدينة وهو يصعد محاذياً أسوارها حتى تهتز‬ ‫لصوت غيطته وطاراته أغصان شجيراتها‪ ..‬شجيراتها التي لم‬ ‫تكن بغافلة عن مراقبة األف��ق حيث تتكون العواصف والسحب‬ ‫فوق البحر وتتشكل القادمات من أعاصير التاريخ‪ ..‬وقد أثبتت‬ ‫السنون القادمة أن قلق الكونتيسة لم يكن بأضغاث أحالم بقدر‬ ‫ما كان قراءة مسبقة وواقعية للتاريخ‪ .‬وألحداث الحقات عانت‬ ‫ليبيا من ويالتها الكثير ودفعت ألجل أن تتجاوزها من دم أوالدها‬ ‫ودمع أمهاتهن الكثير أيضاً‪.‬‬



‫‪86‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪21‬‬ ‫‪ 28‬يونيو ‪2015‬‬

‫تقنية‬

‫إعداد‪ :‬امرؤ القيس‬

‫لوحية‬ ‫أفضل حواسيب‬ ‫ّ‬ ‫يمكن شراءها حتى الوقت الراهن‬ ‫يبحث العديد من املستخدمون عن أفضل احل��واس��ب اللوحية‬ ‫لشرائها ألغراض وأسباب مختلفة‪ ،‬وتتوفر في األسواق العديد‬ ‫من احلواسب اللوحية من مختلف الشركات‪ ،‬مما يسبب احليرة‬ ‫لدى املستخدم‪.‬‬ ‫وفيما يلي قائمة بأفضل حواسب لوحية متوفرة في األسواق‪:‬‬ ‫احلواسب اللوحية ذات احلجم الكبير‪:‬‬

‫آيباد آير ‪2‬‬ ‫احلاسب اللوحي الرئيسي واألحدث لدى شركة آبل‪ ،‬حيث يقدم‬ ‫شاشة بقياس ‪ 9.7‬إنش‪ ،‬كما أنه يأتي بهيكل متميز يبلغ سمكه‬ ‫‪ 6.1‬ملم‪ ،‬كما يعمل مبعالج‪ Apple A8X‬مع تقنية ‪ 64‬بِت‪.‬‬ ‫ويأتي احلاسب اللوحي مع كاميرا خلفية بدقة ‪ 8‬ميجابيكسل‬ ‫قادرة على تسجيل فيديو بدقة ‪ 1080p‬وتسجيل فيديو باحلركة‬ ‫البطيئة‪ ،‬كما أن الكاميرا األمامية تصور فيديو بدقة ‪،720p‬‬ ‫ويوفر احلاسب اللوحي تقنية البصمة املتوفرة في هواتف آيفون‬ ‫من قبل ذلك ‪.Touch ID‬‬ ‫ويتوفر حاسب آيباد آير ‪ 2‬بسعات تخزين ‪ 16‬جيجابايت‪ ،‬و‪64‬‬ ‫جيجابايت‪ ،‬و‪ 128‬جيجابايت‪ ،‬بأسعار ت�ب��دأ م��ن ‪ 499‬دوالر‬ ‫أمريكي‪.‬‬ ‫نيكسوس ‪9‬‬ ‫يعتبر احلاسب اللوحي «نيكسوس ‪ Nexus9 »9‬احلاسب اللوحي‬ ‫األحدث من شركة جوجل‪ ،‬والذي مت تصنيعه من الشركة التايوانية‬ ‫«إتش تي سي»‪ ،‬لكنه مدعوم برمجياً مباشر ًة من جوجل‪ ،‬حيث‬ ‫توفر له التحديثات بشكل سريع ودوري‪ ،‬ويكون اجلهاز من أوائل‬ ‫األجهزة التي حتصل على إصدار أندرويد اجلديد‪.‬‬ ‫ويأتي احلاسب اللوحي بشاشة بقياس ‪ 8.9‬إنش بدقة ‪،QHD‬‬ ‫ومعالج شركة إنفيديا األحدث ‪ Tegra K1‬بتردد ‪ 3.2‬جيجاهرتز‪،‬‬

‫وذاك��رة عشوائية بحجم ‪ 2‬جيجابايت‪ ،‬ويقدم احلاسب اللوحي‬ ‫كاميرا خلفية بدقة ‪ 8‬ميجابيكسل‪ ،‬وأخ��رى أمامية بدقة ‪1.6‬‬ ‫ميجابيكسل‪.‬‬ ‫ويأتي احلاسب اللوحي ببطارية بسعة ‪ 6700‬مللي أمبير‪ ،‬ويأتي‬ ‫بسماعتني من نوع ستريو في اجلهة األمامية من اجلهاز‪ ،‬ويأتي‬ ‫احلاسب اللوحي بسمك يبلغ ‪ 7.9‬ملم‪.‬‬ ‫ويتوفر احل��اس��ب اللوحي ب��األل��وان األب�ي��ض واألس ��ود والرملي‪،‬‬ ‫ويتوفر في األسواق بأسعار تبدأ من ‪ 399‬دوالر أمريكي‪.‬‬

‫جالكسي تاب إس ‪10.5‬‬ ‫يعد احلاسب اللوحي «جالكسي تاب إس ‪Galaxy Tab »10.5‬‬ ‫‪ S 10.5‬ه��و احل��اس��ب ال�ل��وح��ي األق ��وى م��ن ش��رك��ة س��ام�س��وجن‪،‬‬ ‫المتالكه مواصفات قوية‪ ،‬وشاشة متميزة‪.‬‬ ‫وميتلك احلاسب اللوحي “جالكسي تاب إس ‪ 10.5″‬شاشة من‬ ‫ن��وع “سوبر أموليد” بقياس ‪ 10.5‬إن��ش بدقة ‪2560X1600‬‬ ‫بيكسل‪ ،‬مع معالج “إكسينوس ‪ Exynos 5 5″‬ثماني النواة من‬ ‫سامسوجن‪ ،‬أو “سنابدراجون ‪ 800″‬من كوالكوم‪ ،‬حسب املنطقة‬ ‫اجلغرافية‪.‬‬ ‫ويقدم اجلهاز كاميرا خلفية بدقة ‪ 8‬ميجابيكسل‪ ،‬وأخرى أمامية‬


‫بدقة ‪ 2.1‬ميجابيكسل‪ ،‬ويوفر ذاكرة تخزين داخلية ‪ 16‬جيجابايت‬ ‫أو ‪ 32‬جيجابايت مع دعم ملنفذ شريحة خارجية‪ ،‬وذاكرة عشوائية‬ ‫بحجم ‪ 3‬جيجابايت‪ ،‬مع بطارية بسعة ‪ 7900‬مللي أمبير‪.‬‬ ‫ويتوفر حاسب “جالكسي تاب إس ‪10.5″‬بأسعار تبدأ من ‪500‬‬ ‫دوالر أمريكي‪.‬‬

‫وكاميرا خلفية بدقة ‪ 5‬ميجابيكسل‪ ،‬ويعمل مبعالج آب��ل ‪،A7‬‬ ‫ويوفر مساحة تخزين داخلية ‪ 16‬أو ‪ 64‬أو ‪ 128‬جيجابايت‪ ،‬مع‬ ‫ذاكرة عشوائية ‪ 1‬جيجابايت‪.‬‬ ‫ويتوفر اجلهاز في األس��واق ب��األل��وان الفضي وال��رم��ادي الغامق‬ ‫والذهبي‪ ،‬بأسعار تبدأ من ‪ 399.99‬دوالر أمريكي‪.‬‬

‫إكسبريا ِزد ‪ 2‬تابلت‬ ‫احلاسب اللوحي “إكسبريا زِ د ‪ 2‬تابلت” ‪Xperia Z2 Tablet‬‬ ‫هو احلاسب اللوحي األقوى من سوني املتوفر في األسواق‪ ،‬حيث‬ ‫يقدم احلاسب شاشة بقياس ‪ 10.1‬إنش بدقة ‪ FullHD‬من نوع‬ ‫‪ ،Triluminos‬ويعمل مبعالج من شركة كوالكوم “سنابدراجون‬ ‫‪ 801″‬رباعي النواة بتردد ‪ 3.2‬جيجاهرتز‪.‬‬ ‫ويأتي احلاسب مع كاميرا خلفية بدقة ‪ 8.1‬ميجابيكسل‪ ،‬وأخرى‬ ‫أمامية بدقة ‪ 2.2‬ميجابيكسل‪ ،‬ويحمل بطارية بسعة ‪ 6000‬مللي‬ ‫أمبير‪ ،‬كما أن��ه يأتي في هيكل نحيف‪ ،‬حيث يبلغ سمكه ‪6.4‬‬ ‫ملم فقط‪ ،‬ويبغ وزنه ‪ 429‬جرام لنسخة ‪ Wi-Fi‬و ‪ 439‬لنسخة‬ ‫‪ .LTE‬ويتوفر احلاسب اللوحي في األس��واق باللونني األبيض‬ ‫واألسود‪ ،‬ويقاوم احلاسب املياه مبعياري ‪ IP55‬و ‪ ،IP58‬ومتوفر‬ ‫في األسواق بأسعار تبدأ من ‪.499.99$‬‬

‫إكسبريا ِزد ‪ 3‬تابلت كومباكت‬ ‫يعد احلاسب اللوحي “إكسبريا زِ د ‪ 3‬تابلت كومباكت” ‪Xperia Z3‬‬ ‫‪ ،Tablet Compact‬هو احلاسب اللوحي األول الذي تنتجه الشركة‬ ‫باحلجم الصغير‪ .‬ويأتي احلاسب بشاشة بقياس ‪ 8.0‬إنش بدقة‬ ‫‪ ،1080p‬مع معالج “سنابدراجون ‪ 801″‬بتردد ‪ 2.5‬جيجاهرتز‪ ،‬مع‬ ‫املعالج الرسومي ‪ ،Adreno 300‬ويوفر مساحة تخزين داخلية تبلغ‬ ‫‪ 16‬جيجابايت‪ ،‬وذاكرة عشوائية بحجم ‪ 3‬جيجابايت‪.‬‬ ‫ويقدم اجلهاز كاميرا خلفية بدقة ‪ 8.1‬ميجابيسكل‪ ،‬وأخرى أمامية‬ ‫بدقة ‪ 2.2‬ميجابيكسل‪ ،‬ويأتي ببطارية بسعة ‪ 4500‬مللي أمبير‪ ،‬كما‬ ‫أنه مقاوم للمياه مبعياري ‪ IP65‬و ‪ ،IP68‬ويبلغ سمكه ‪ 6.4‬ملم‪،‬‬ ‫ويصل وزنه إلى ‪ 270‬جرام‪ ،‬وتذكر سوني أن هذا احلاسب اللوحي‬ ‫هو أنحف وأخف حاسب لوحي مقاوم للمياه في العالم‪.‬‬ ‫ويتوفر في األسواق بأسعار تبدأ من ‪ 499.99‬دوالر أمريكي‪.‬‬

‫احلواسب اللوحية ذات احلجم الصغير‪:‬‬ ‫آيباد ميني ‪3‬‬ ‫يعد احلاسب اللوحي “آيباد ميني ‪ iPad Mini 3 3″‬احلاسب‬ ‫اللوحي األحدث من آبل بحجم صغير‪ ،‬حيث يقد مميزات جديدة‬ ‫مقارن ًة باجليل السابق منه‪.‬‬ ‫ويأتي احلاسب اللوحي بشاشة بقياس ‪ 7.9‬إنش من نوع ريتينا‪،‬‬

‫جالكسي تاب إس ‪8.4‬‬ ‫يعتبر احلاسب اللوحي “جالكسي تاب إس ‪Galaxy Tab S 8.4″‬‬ ‫‪ ،8.4‬حاسب قوي من سامسوجن بحجم صغير‪ ،‬ومواصفات جيدة‪.‬‬ ‫ويقدم احلاسب اللوحي شاشة من نوع “سوبر أموليد” بقياس ‪8.4‬‬ ‫إنش بدقة‪ 1600×2560‬بيكسل‪ ،‬مع معالج سامسوجن “إكسينوس‬ ‫‪ Exynos 5 5″‬ثماني النواة‪ ،‬أو معالج “سنابدراجون ‪ 800″‬من‬ ‫كوالكوم‪ ،‬حسب املنطقة اجلغرافية‪.‬‬ ‫ويوفر احلاسب اللوحي ‪ 16‬أو ‪ 32‬جيجابايت من مساحة التخزين‬ ‫الداخلية‪ ،‬مع ذاك��رة عشوائية بحجم ‪3‬‬ ‫جيجابايت‪ ،‬مع دعم ملنفذ ذاكرة خارجية‪،‬‬ ‫ويقدم كاميرا خلفية بدقة ‪ 8‬ميجابيكسل‪،‬‬ ‫وأخ��رى أمامية بدقة ‪ 2.1‬ميجابيكسل‪،‬‬ ‫وبطارية بسعة ‪ 4900‬مللي أمبير‪.‬‬ ‫وي�ت��وف��ر احل��اس��ب ال�ل��وح��ي ف��ي األس ��واق‬ ‫بأسعار تبدأ من ‪ 400‬دوالر أمريكي‪.‬‬


‫‪88‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪21‬‬ ‫‪ 28‬يونيو ‪2015‬‬

‫تقنية‬

‫مايكروسوفت تتراجع عن وعدها‬ ‫ّ‬ ‫مفعلة مجان ًا للمختبرين‬ ‫بمنح نسخة ويندوز ‪10‬‬ ‫حذفت مايكروسوفت جملة من تدوينة لها كانت قد نشرتها على‬ ‫موقع ويندوز الرسمي‪ ،‬خاصة مبنح نسخة ويندوز ‪ 10‬النهائية‬ ‫مجانا ملُختبري النظام احلالي عبر برنامج “ويندوز إنسايدر”‬ ‫‪.Windows Insider Program‬‬ ‫وكانت مايكروسوفت قد قالت في النسخة األول��ى من التدوينة‬ ‫“طاملا تستخدم النسخة التجريبية من نظام ويندوز ‪ ،10‬ومتصل‬ ‫مع حساب مايكروسوفت‪ ،‬ستستقبل اإلصدار النهائي من ويندوز‬ ‫‪ ،10‬وستبقى النسخة مفعلة”‪.‬‬ ‫وق� ��ام� ��ت م��اي��ك��روس��وف��ت‬ ‫ب �ح��ذف ج�م�ل��ة “وستبقى‬ ‫ال� �ن� �س� �خ ��ة مفعلة” ف��ي‬ ‫حتديث للتدوينة التي كتبها‬ ‫جابرئيل أوي��ل‪ ،‬مدير عام‬ ‫الهندسة في فريق تطوير‬ ‫أنظمة التشغيل بالشركة‪.‬‬ ‫وأحل� � � � �ق � � � ��ت م �ل�اح � �ظ� ��ة‬ ‫بالتدوينة‪ ،‬عقب حتديثها‪،‬‬ ‫ق��ال أوي��ل فيها “من املهم‬ ‫معرفة أن فقط األشخاص‬ ‫ال��ذي��ن يعملون حاليا على‬ ‫نسخة أصلية من ويندوز ‪7‬‬ ‫أو ويندوز ‪ 8.1‬سيستطيعون‬ ‫التحديث إلى ويندوز ‪ 10‬كجزء من عرض التحديث املجاني”‪.‬‬ ‫ويزيد التحديث اجلديد للتدوينة غموض موقف املشتركني في‬ ‫برنامج “ويندوز إنسايدر”‪ ،‬ممن هم ال ميلكوا نسخة أصلية‬ ‫سابقة لنظام ويندوز‪ ،‬من التحديث املجاني إلى النسخة النهائية‬ ‫من نظام ويندوز ‪ 10‬حني طرحها يوم التاسع والعشرين من يوليو‬ ‫القادم‪.‬‬

‫هذا‪ ،‬وعلى الرغم ما كتبه في حتديث التدوينة‪ ،‬إال أن أويل أشار‬ ‫بعد ذلك‪ ،‬في تغريدة على حسابه الرسمي على شبكة تويتر‪ ،‬إلى‬ ‫أن مختبري ويندوز ‪ 10‬احلاليني ضمن برنامج “ويندوز إنسايدر”‬ ‫سيستطيعون التحديث إلى اإلصدار النهائي‪ ،‬دون توضيح ما إذا‬ ‫كانت ستعتبر النسخة التي سيعملوا عليها أصلية أم أل‪.‬‬ ‫وك��ان متحدث رس�م��ي ب��اس��م مايكروسوفت أوض��ح ف��ي م��ارس‬ ‫املاضي أن النسخ املقرصنة احملدثة إلى إصدار ويندوز ‪ 10‬لن يتم‬ ‫اعتبارها أصلية بعد الترقية‪ ،‬وستظل ُمعلمة بأنها نسخة مقرصنة‪،‬‬ ‫‪ ،non-genuine‬بأجهزة‬ ‫املستخدمني‪.‬‬ ‫وأض��اف املتحدث الرسمي‬ ‫ح �ي �ن �ه��ا أن ت� �ل ��ك ال �ن �س��خ‬ ‫امل �ق��رص �ن��ة س �ت �ظ��ل ك��ذل��ك‬ ‫م�ف�ت�ق��دة ل �ك��اف��ة امل �م �ي��زات‬ ‫اخلاصة بالدعم الفني الذي‬ ‫ستقدمه مايكروسوفت أو‬ ‫ش��رك��ائ�ه��ا إل��ى مستخدمي‬ ‫اإلص� � � � ��دار اجل � ��دي � ��د م��ن‬ ‫ويندوز‪.‬‬ ‫يذكر أن إمكانية التسجيل‬ ‫ف��ي ب��رن��ام��ج ‪Windows‬‬ ‫‪Insider‬‬ ‫‪Program‬‬ ‫متاحة مجاناً عبر الرابط التالي‪،insider.windows.com ،‬‬ ‫عبر ح�س��اب مايكروسوفت ُم�ف�ع��ل‪ ،‬وه��و التسجيل ال��ذي يتيح‬ ‫للمستخدم فيما بعد حتميل ملف نسخة جتريبية من ويندوز ‪10‬‬ ‫بصيغة ‪ ،ISO‬من الرابط التالي ‪،http://goo.gl/9rLTSn‬‬ ‫والذي يستطيع تثبيته على اسطوانة ‪ DVD‬أو ذاكرة فالش ومن‬ ‫ثم استخدامه لتنصيب النسخة على جهازه‪.‬‬


‫الصين تطور تقنيات اللتحام المركبات الفضائية‬ ‫قام علماء صينيني بتصنيع التكنولوجيا الالزمة لتنفيذ مهام التحام‬ ‫بني مركبات فضائية‪ ،‬من خالل ابتكار منظومة توجيه جتعل هذه‬ ‫العملية أكثر ك�ف��اءة وأم�ن��ا‪ ،‬حسب م��ا قالت وك��ال��ة أن�ب��اء الصني‬ ‫اجلديدة (شينخوا)‪،‬‬ ‫االثنني‪.‬‬ ‫ون � �ق � �ل� ��ت ال� ��وك� ��ال� ��ة‬ ‫ع� � ��ن األك � ��ادمي� � �ي � ��ة‬ ‫ال �ص �ي �ن �ي��ة ل�ل�ف�ض��اء‬ ‫ق��ول �ه��ا إن منظومة‬ ‫ال �ت��وج �ي��ه ال�ص�ي�ن�ي��ة‬ ‫اجلديدة ستستخدم‬ ‫ف� ��ي ث���ان���ي م�خ�ت�ب��ر‬ ‫فضائي م ��داري هو‬ ‫(تيانغوجن‪ )-2‬وفي‬ ‫امل��خ��ت��ب��ر ال��ق��م��ري‬ ‫(تشانغ‪ )-5‬وأخيرا‬ ‫في محطة فضائية‬ ‫م �س �ت��دمي��ة م��أه��ول��ة‬ ‫مقررة‪.‬‬ ‫وتعتزم الصني إط�لاق املختبر الفضائي امل��داري (تيانغوجن‪)-2‬‬ ‫العام املقبل‪ ،‬وسترسل املختبر القمري (تشانغ‪ )-5‬جلمع عينات‬ ‫من القمر وال�ع��ودة إل��ى األرض ع��ام ‪ 2017‬تقريبا‪ ،‬أم��ا احملطة‬ ‫الفضائية املأهولة الدائمة فستطلق عام ‪. 2022‬‬

‫وقال جوجن دي جو‪ ،‬مصمم منظومة التوجيه اجلديدة‪ ،‬لشينخوا‬ ‫إنها ستكون «عينا مهمة بالنسبة إلى أي مركبة فضائية تالحق‬ ‫أخ��رى تبعد عنها مئات اآلالف من الكيلومترات لتنفيذ التحام‬ ‫ت��ام‪ ،‬األم��ر يشبه أن‬ ‫ت�س�ل��ك اخل �ي��ط في‬ ‫سم االبرة»‪.‬‬ ‫ول��م يلحق البرنامج‬ ‫ال �ف �ض��ائ��ي الصيني‬ ‫ب�ع��د ب��رك��ب نظيريه‬ ‫األميركي والروسي‪،‬‬ ‫ل�ك�ن��ه ي �ح��رز تقدما‬ ‫ملموسا‪.‬‬ ‫وقالت أجهزة إعالم‬ ‫صينية إن البرنامج‬ ‫ينقصه إت�ق��ان مهام‬ ‫إط� �ل� ��اق م ��رك� �ب ��ات‬ ‫ش� �ح���ن ف� �ض ��ائ� �ي ��ة‪،‬‬ ‫وإع� � � � � � ��ادة ت� ��زوي� ��د‬ ‫مركبات شحن بالوقود في الفضاء‪ ،‬وإع��ادة تدوير الهواء واملاء‬ ‫الستخدامهما في مهام فضائية مأهولة مطولة‪.‬‬ ‫وق��ال يوهان ديترتيش ‪-‬فويرنر‪ ،‬الرئيس املقبل لوكالة الفضاء‬ ‫األوروب�ي��ة‪ ،‬في مقابلة في اآلون��ة االخيرة إنه يجب فتح محطة‬ ‫الفضاء الدولية أمام رواد فضاء من الهند والصني‪.‬‬


‫‪90‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪21‬‬ ‫‪ 28‬يونيو ‪2015‬‬

‫رياضة‬

‫على وقع كوبا أميركا ‪2015‬‬

‫نيمار يضع المحللين في التسلل‬ ‫‪ ..‬وميسي بات دون منافس‬ ‫في العدد املاضي ك��ان محور ب��اب الرياضة الالعب البرازيلي‬ ‫الشاب نيمار دا سيلفا‪ ،‬ورمب��ا كان مبررا أن��ذاك وضع العنوان‬ ‫االستهاللي الذي أشار إلى تطلع الالعب إلى الظفر بكوبا أميركا‬ ‫وجائزة كرة الفيفا الذهبية‪،‬بالقياس إلى م��ردود الالعب امللفت‬ ‫هذا العام وحصوله على الثالثية « بطولة الدوري األسباني وكأس‬ ‫امللك‪ ،‬وبطولة أوروبا» وكانت معظم توقعات احملللني تشير إلى أن‬ ‫نيمار في طريقه إلى اقتناص كوبا أميركا بعد األداء املبهر في‬ ‫املباراة األولى أمام بيرو‪ ،‬وأن الفراشة كما كان يلقب في البرازيل‪،‬‬ ‫بات املنافس األول للبرغوث األرجنتيني ليونيل ميسي‪.‬‬ ‫كان الصحفيون بعد موقعة البيرو يشيرون في كتاباتهم إلى أن‬ ‫الفيفا ستصبح في موقف محرج‪ ،‬وستضع نفسها أمام اخليار‬ ‫الصعب في حال فوز نيمار بكوبا أميركا‪ ،‬ألنه سيصبح عنذئذ‬ ‫متفوقا على ميسي في عدد البطوالت ‪.‬‬ ‫لكن نيمار بسذاجته وطيشه نزع اإلحراج عن الفيفا عندما منح‬ ‫نفسه بطاقة حمراء مجانية في نهاية مباراة منتخب بالده مع‬ ‫كولومبيا‪ ،‬كانت عقوبتها أرب��ع مباريات‪ ،‬ما يعني خروجه من‬ ‫سباق البطولة‪ ،‬باملقابل بات املجال مفتوحا أمام البرغوث للفوز‬ ‫باجلائزة الذهبية للمرة اخلامسة‪،‬‬

‫نيمار قد يحزم حقائبه ويعود إل��ى البرازيل بعدما أك��د مدربه‬ ‫املكدوم دونغا أن اخليار له في البقاء أو الرحيل‪ ،‬فيما سيكسو‬ ‫احل��زن كامال وج��وه البرازيليني إذا ما أخفق فريقهم في عبور‬ ‫األدوار املتقدمة للوصول إلى النهائي ‪.‬‬ ‫هل سيتجاوز فريق دونقا نكبة نيمار وميضي في طريق الكأس؟‬ ‫سؤال بات يقلق كل برازيلي مازال إلى اليوم لم يُ َ‬ ‫شف من اجلرح‬ ‫الغائر الذي سببته الهزمية املذلة أمام األملان في املونديال السابق‪.‬‬ ‫احل��ال قد ينطبق على فريق التانغو ال��ذي يتطلع مشجعوه إلى‬ ‫الفوز بكوبا أميركا بعد انتظار دام ‪ 22‬عاما‪ .‬خاصة وأن منتخبهم‬ ‫دخ��ل البطولة احلالية وه��و ف��ي أمت اجلهوزية مدعوما بأمهر‬ ‫احملترفني في أوروبا‪.‬‬ ‫لكن كرة القدم التي توصف غالبا في أدبيات الرياضة باللعبة‬ ‫املجنونة لها أسرارها ومفاجأتها التي جتعل من التوقعات مجرد‬ ‫كالم عابر إذا ما عانقت كرة طائشة شباك الفريق العتيد في‬ ‫الوقت احلرج‪.‬‬ ‫لذا كانت الصحف األرجنتينية متخوفة على مصير فريقها بعد‬ ‫مباراة جامايكا‪ ،‬فرغم فوز التانغو بهدف يتيم وتصدره ملجموعته‬ ‫إال أن هجومه لم يستطع طوال تسعني دقيقة فك عقدة الفريق‬


‫الوقوع في الفخ مجددا‬

‫األخطاء تقود منتخبنا‬ ‫إلى الخسارة الثانية‬

‫الضعيف‪ ،‬األم��ر ال��ذي جعل تلك الصحف تقلل من قيمة الفوز‬ ‫وتضع فريقها في خانة «املدين» ال الدائن‪ ،‬فاجلامايكيون كانوا‬ ‫في موقع الدفاع طيلة زمن املباراة‪ ،‬ول��وال الهفوة الدفاعية في‬ ‫مراقبة املهاجم هيجواين لرمبا خرجوا بنتيجة التعادل ‪.‬‬ ‫ميسي ال��ذي احتفل بوصوله في لقاء جامايكا ن��ادي املائة مع‬ ‫املنتخب اشتكى م��ن اإلره ��اق وقلة امل�س��اح��ات أم��ام مهاجمي‬ ‫التانغو بعدما ف��رض اجلامايكيون أسلوب لعب دفاعي بحت‬ ‫وصل إلى قفل كافة املساحات أمام مرماهم بغابة من السيقان‪.‬‬ ‫هل سيتمكن ميسي ورفاقه من فك عقدة دفاع املنطقة أو فخ‬ ‫املساحات املغلقة‪ ،‬ويواصلون عروضهم في البطولة أم انهم‬ ‫سيصطدمون بأحد الفرق التي جتيد الدفاع‪ ،‬وتعرف كيف حتيل‬ ‫الهجمة املرتدة إلى هدف في الوقت القاتل‪ ..‬سؤال تفرض علينا‬ ‫ظروف الطباعة والنقل تأجيل اإلجابة عليه في العدد القادم ‪.‬‬ ‫الثالثاء هو املوعد املقرر والدائم للدفع بالعدد إلى املطبعة‪ ،‬لذا‬ ‫لن يكون متاحا أمامنا في هذا العدد مالحقة نتائج املنتخبات‬ ‫املترشحة للدور الربع النهائي‪ ،‬لكن سيكون لنا بالتأكيد وقفة‬ ‫حتليلية لتلك املباريات في العدد رقم ‪. 22‬‬

‫ف��از منتخبنا على نظيره التونسي في تصفيات الشان‬ ‫بهدف مؤيد القريتلي‪ ،‬فارتفعت وتيرة املديح لالعبني‬ ‫واملدرب‪ ،‬وامتد « التفاؤل العاطفي» عند البعض إلى حد‬ ‫اإليهام بأن نتيجة املباراة التالية مع املغرب ستذهب إلى‬ ‫جيب املنتخب الوطني‪ ،‬وكان مبررهم أن الفريق املغربي‪،‬‬ ‫وف��ق��ا ل��ل��وائ��ح املنظمة للبطولة‪ ،‬س��ي��خ��وض ال��ل��ق��اء دون‬ ‫العبيه احملترفني‪ ،‬ف��ي ح�ين سيدخل منتخبنا امل��ب��اراة‬ ‫معززا بكتيبة الفريق األول التي كانت ندا قويا للمغاربة‬ ‫في املباراة األول��ى بأغادير ضمن تصفيات الكان‪ ،‬وخرج‬ ‫ف��اق��دا نتيجة اللقاء ب��ه��دف يتيم بعد أن ضيع فرصة‬ ‫الهدف التاريخية في الدقائق األخيرة ‪.‬‬ ‫األح��د املاضي خسر منتخبنا الوطني بنتيجة ثقيلة‬ ‫أمام محليي املغرب‪ ،‬وتوارى أولئك املزمرين واملطبلني عن‬ ‫األنظار تاركني لهواة النقد واجللد الفرصة كاملة في رمي‬ ‫املنتخب وجهازه الفني بأقذع األوصاف وتوجيه االتهامات‬ ‫باجلملة على كل من له عالقة باملنتخب‪ ،‬وترآى لهم أنه‬ ‫كان سببا في خروج الفريق بذاك املظهر املهني ‪ .‬في العدد‬ ‫املاضي هناك من وجه لنا اللوم‪ ،‬واعتبر كلماتنا في حق‬ ‫املنتخب بعد مباراته األولى نوعا من التجني والتحامل‬ ‫فريق حت��دى الظروف الصعبة‪ ،‬وق��دم مباراة تليق‬ ‫على‬ ‫ٍ‬ ‫بالكبار‪ ،‬وكاد أن يخطف التعادل في الوقت الضائع‪ ،‬وال‬ ‫ن��دري كيف تسلل ه��ذا املعنى إل��ى أول��ئ��ك الالئمني‪ ،‬فما‬ ‫قصدناه لم يكن سوى حتذيرا من فخ التطبيل الذي إذا‬ ‫ما وقعنا في شراكه‪ ،‬فقد حتجب عن عيوننا احلقيقة‪،‬‬ ‫وتستمر األخطاء في غيها دون جلم أو محاولة للتصحيح‪.‬‬ ‫من هنا كانت الضرورة تقتضي تسليط الكشاف على تلك‬ ‫األخطاء الفنية حتى نلتفت إليها ونعمل على تفاديها في‬ ‫اللقاءات القادمة ‪ .‬تلك األخطاء التي حدثت في مباراة‬ ‫األحد تكاد تكون هي ذات األخطاء التي وقعت في املباراة‬ ‫األولى‪ ،‬واخلطة التي اعتمدها املدرب هي ذاتها مع حتوير‬ ‫بسيط ف��ي أس��ل��وب اللعب ال���ذي ل��م ينحصر ف��ي ال��دف��اع‬ ‫فقط‪ ،‬وإمنا ترك لالعبني بعض احلرية في االندفاع إلى‬ ‫األمام و التقدم نحو مرمى اخلصم ‪ .‬لكن هفوات فريقنا‬ ‫عرف منتخب املغرب للمحليني كيف يستغلها ويترجمها‬ ‫إلى ثالثة أهداف في حني أكتفى منتخبهم للمحترفني‬ ‫باستغالل هفوة واحدة وترجمها إلى هدف يتيم حصد‬ ‫به ثالثة نقاط هامة في تصفيات الكان‪.‬‬

‫تشكيلة املنتخب الوطني للمحليني التي لعبت املباراة‬ ‫األولى مع تونس‬


‫‪92‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪21‬‬ ‫‪ 28‬يونيو ‪2015‬‬

‫رياضة‬

‫الكحول تنهي‬ ‫مسيرته الكروية‪..‬‬ ‫وحياته أيضا‬

‫المراوغ العبقري‬ ‫كانت حياته رمب��ا أشبه بحكاية ذل��ك النحات املجنون ال��ذي استيقظ‬ ‫مبكرا على صوت موهبته الفريدة‪ ،‬فسارع إلى جلب الصخر من الوادي‬ ‫البعيد‪ ،‬واتخذ ركنا قصيا بعيدا عن أنظار الناس شارعا بإزميله في‬ ‫استخراج حتفة فنية ناطقة من الصخر األص��م‪ ،‬وعندما أجن��ز عمله‬ ‫املبهر دع��ا الناس للفرجة‪ ،‬واالستمتاع بجماليات عمله‪ ،‬لكنه في عزّ‬ ‫الشهرة واالنبهار بلمساته أخرج الفأس وحطم منحوتته تاركا فائضا من‬ ‫احلسرة واحلزن في عيون املتابعني لفنه‪.‬‬


‫حكاية ذل��ك النحات املجنون تنطبق متاما‬ ‫على اإلي��رل �ن��دي ال�ف��ذ ج ��ورج بيست ال��ذي‬ ‫اكتشف موهبة استثنائية في قدميه فعمد‬ ‫إل��ى تنميتها واستغاللها بسرعة حتى بات‬ ‫في زمن قياسي أشهر مراوغ على املالعب‬ ‫األورب�ي��ة‪ ،‬ود ّون اسمه في القائمة الذهبية‬ ‫للشياطني احل�م��ر‪ ،‬ب��ل ك��ان النجم األوح��د‬ ‫في مانشستر يونايتد الذي استطاع أن يعيد‬ ‫الفريق إل��ى الواجهة األوروب �ي��ة بعد حادث‬ ‫الطائرة امل��روع في اخلمسينات ووف��اة أبرز‬ ‫جنومه‪ ،‬وباملقابل سارع إلى حتطيم ما بناه‪،‬‬ ‫ودخل طوعا حياة املجون والسقوط موقعا‬ ‫نهايته كالعب استثنائي وهو دون الثالثني ‪.‬‬ ‫املغرمون بفنه ال �ك��روي‪ ،‬وه��م كثر‪ ،‬مازالوا‬ ‫أسيري ذلك السؤال الصادم‪:‬‬ ‫مل ��اذا تخلى بيست ع��ن معشوقته األول��ى‬ ‫بسهولة‪ ،‬وسلك الطريق اخلطأ الذي أوصله‬ ‫إلى املرض‪ ،‬ومن ثم املوت؟‬ ‫مل��اذا ت��رك امل��راوغ��ة‪ ،‬والتالعب باملدافعني‪،‬‬ ‫وش �غ��ف امل�ع�ج�ب�ين بفنه ال��ك��روي ال��رف�ي��ع‪،‬‬ ‫والشهرة الكبيرة التي ك��ان يحسده عليها‬ ‫الكثيرون‪ ،‬مفضال اللجوء إلى سقط املتاع‪،‬‬ ‫واالستسالم إلى الشهوات الرخيصة‪.‬‬ ‫الالعب الساخر‬ ‫«لو ُولدت قبيحاً‪ ،‬ملا كنتم سمعتم باسم بيليه»‬ ‫من بني كل العبارات الشهيرة جلورج بيست‪،‬‬ ‫جتسد هذه العبارة ما يعتمل‬ ‫وهي كثيرة‪ ،‬قد َ‬ ‫داخ��ل ه��ذا النجم الكبير‪ .‬قد تكون معظم‬

‫أحاديثه ساخرة‪ ،‬لكن األيرلندي الفذ كان‬ ‫يدرك مدى براعته‪ ،‬وكانت مقارنته بأي العب‬ ‫آخر صعبة عندما يكون في أفضل حاالته‪.‬‬ ‫كان الالعب الراحل ماهراً‪ ،‬سريعاً وشجاعاً‬ ‫فأصبح أسطورة في نادي مانشستر يونايتد‪،‬‬ ‫ومن شاهده في ع�زّه يص ّر أن ال مثيل له‪.‬‬ ‫حتى بيليه نفسه وصف صبي بلفاست بأنه‬

‫عندما يكون في أفضل حاالته‬ ‫العب آخر‬ ‫تصعب مقارنته بأي ٍ‬ ‫بيليه يصف بيست بأنه أفضل‬ ‫العب شاهده في حياته‬ ‫قام بارتداء حذاء رياضي‬ ‫إجنليزي في قدمه اليمنى‬ ‫وحذاء كبير في اليسرى‬ ‫لتقويتها‬

‫أفضل العب شاهده في حياته‪.‬‬ ‫كان بيست ي��درك عن قصد أو غير قصد‬ ‫السؤال الشهير الذي رافق مسيرته املضطربة‬ ‫«ماذا لو؟»‪ .‬كيف ميكن أن يكون خالفاً لذلك‪،‬‬ ‫بعد أن ترك الالعب الرائع وصاحب املوهبة‬ ‫اخلارقة ملعب أولد ترافورد وكرة القدم وهو‬ ‫بعمر السابعة والعشرين؟ أو عندما اشتهر‬ ‫بعروضه الرائعة داخل امللعب أو بتجاوزاته‬ ‫امللفته خارجه‬ ‫ويتذ ّكر الالعب بعد سنوات الحقة‪ُ « :‬ولدت‬ ‫مع موهبة عظيمة‪ ،‬وأحياناً يأتي مع ذلك‬ ‫نزعة مد ّمرة‪ .‬وكما كنت أري��د التغلّب على‬ ‫اجلميع عندما ألعب‪ ،‬أردت أيضا التف ّوق على‬ ‫اجلميع خارج امللعب‪ ».‬ال يجب أن ننسى أنه‬ ‫قبل انتقاله من جنم الصفحات األخيرة إلى‬ ‫األولى‪ ،‬ليحصل على لقب» البيتل اخلامس‪»،‬‬ ‫كانت كرة القدم عشقه األول‪.‬‬ ‫ف��ي ال��واق��ع‪ ،‬م��ارس اللعبة بتفان واجتهاد‬ ‫لدرجة الهوس في صغره‪ ،‬فقام بارتداء حذاء‬ ‫رياضي اجنليزي في قدمه اليمنى وحذاء‬ ‫كبير ف��ي اليسرى لتقويتها‪ .‬م��ارس اللعبة‬ ‫بثقة‪ ،‬ووصل إلى مبتغاه عندما حمله كشاف‬ ‫مانشستر يونايتد املخضرم بوب بيشوب في‬ ‫م�ب��اراة للفتيان في بلفاست‪ ،‬فكان األخير‬ ‫م��ذه��والً‪ .‬كانت برقية بيشوب إل��ى املدير‬ ‫الفني السير مات بازبي بسيطة‪« :‬لقد وجدت‬ ‫لك عبقرياً‪».‬‬ ‫ً‬ ‫هذا اخلبر كان ميكن أن يعتبر مشكوكا في‬ ‫صحته في أولد ترافورد‪ ،‬لكن جميع الشكوك‬


‫‪94‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪21‬‬ ‫‪ 28‬يونيو ‪2015‬‬

‫رياضة‬

‫أزي��ل��ت ع �ن��دم��ا وص ��ل ب�ي�س��ت (‪ 15‬سنة)‬ ‫خلوض جتارب ملدة أسبوعني عام ‪.1961‬‬ ‫متلكه اليأس بسبب حنينه إلى الوطن‪ ،‬وبقي‬ ‫يومني فقط وأص ّر على العودة إلى بلفاست‪،‬‬ ‫لكن بازبي كان قد رأى ما يكفي فاعتبر أن‬ ‫مهمة إقناع اليافع بالعودة مهمة شخصية له‪.‬‬ ‫خ�لال سنتني‪ ،‬وبعد أربعة أشهر فقط من‬ ‫بلوغه السابعة عشرة‪ ،‬استه ّل بيست مشواره‬ ‫مع فريق يونايتد األ ّول ضد ويست بروميتش‬ ‫أل��ب��ي��ون‪ ،‬م �ق��دم �اً أداء وص �ف �ت��ه صحيفة‬ ‫«مانشستر إيفنينج ن �ي��وز» ب��أن��ه «موهبة‬ ‫طبيعية» وبأنه يتمتع بالـ»أسلوب»‪.‬‬ ‫رافقت هذه األوص��اف بيست في السنوات‬ ‫التالية‪ ،‬وإلى جانب بوبي تشارلتون ودنيس‬ ‫ل��و‪ ،‬شكل مثلثاً هجومياً سمح للشياطني‬ ‫احل�م��ر بالسيطرة على ال �ك��رة االجنليزية‬ ‫والقارة األوروبية‪ .‬وصفه دينيس لو بـ»الالعب‬ ‫الكامل»‪ ،‬وبعمر احلادية والعشرين فقط كان‬ ‫قد وصل إلى القمة‪ .‬في عام ‪ ،1968‬أحرز‬ ‫يونايتد لقب بطولة أوروب ��ا لألندية‪ ،‬ون��ال‬ ‫سجل في كل دور وتألق وصوالً‬ ‫بيست الذي ّ‬ ‫إلى النهائي‪ ،‬الكرة الذهبية ألفضل العب في‬ ‫القارة‪.‬‬ ‫لكن املأساة التي وقعت‪ ،‬هي أن هذا الالعب‬ ‫املم ّيز والنجم الصاعد بدأ مسيرة الهبوط‬ ‫الفنية بسرعة مخيفة‪ .‬لم يتأخر باإلنتقال إلى‬ ‫األعمال التجارية‪ ،‬فقام بافتتاح حانات ليلية‬ ‫ومتاجر لألزياء‪ .‬سيطرت حياة األضواء على‬ ‫مسيرته ووقع في فخ اإلدمان على الكحول‬ ‫واملقامرة ومعاشرة النساء‪ ،‬ما أفقد صبر‬ ‫مسؤولي النادي الذين كانوا يدفعون راتبه‪.‬‬ ‫وف��ي وق��ت رف��ض فيه تشارلتون وغيره من‬ ‫العبي أولد ترافورد علناً سلوك بيست خارج‬ ‫امللعب‪ ،‬كان بازبي يحمي العبه املفضل‪ ،‬وملرة‬ ‫ك��ان ه��ذا التساهل م�ب��رراً في ظل املوهبة‬ ‫الكبيرة التي كان بيست يتمتع فيها‪ .‬لكن هذا‬ ‫األمر لم يستم ّر طويال‪.‬‬ ‫أُحبط بيست لعجز يونايتد عن استبدال‬ ‫جن ��وم ف��ري��ق ‪ ،1968‬ف �ع��اد إل��ى‬ ‫احل��ان��ات وامل�لاه��ي الليلية‪ ،‬ولم‬ ‫تعد غياباته غير املص ّرح بها قابلة‬ ‫لألعذار‪.‬‬ ‫ش � ّك��ل وص� ��ول امل � ��درب اجل��دي��د‬ ‫ط��وم��ي دوه��رت��ي امل��واج �ه��ة التي‬ ‫انتهت بالتخلي عن بيست‪ ،‬وحتى‬ ‫أن بازبي الذي حت ّول إلى منصب‬ ‫إداري آن� ��ذاك‪ ،‬ق��ال للصحافة‪:‬‬ ‫«ن��ري��د أن يتوقف ع��ن إزعاجنا‪.‬‬ ‫لقد نفذ صبرنا‪ ».‬أعلن دوهرتي‬

‫بيست الكهل‬

‫هدنة قصيرة سمحت له بالعودة في السنة‬ ‫التالية‪ ،‬لكن املواجهة وقعت م�ج��دداً وكان‬ ‫الفراق نهائياً هذه املرة حيث اعتزل بيست‬ ‫بعمر السابعة والعشرين لعبة كرة القدم‪.‬‬ ‫لم يبق ب��دون ن��اد لفترة طويلة‪ ،‬فانتقل من‬ ‫مسرح األح�ل�ام إل��ى جنوب أفريقيا حيث‬ ‫لعب مع فريق يدعى «جويش جيلد‪ ».‬بدأت‬ ‫مسيرته باإلنحدار على رغم متتعه باملوهبة‪،‬‬

‫استهل مشواره مع فريق يونايتد‬ ‫األول ضد ويست بروميتش وهو‬ ‫في السابعة عشرة‬ ‫شكّ ل مع بوبي تشارلتون‬ ‫ودنيس لو مثلث ًا هجوميا سمح‬ ‫للشياطني احلمر بالسيطرة‬ ‫على الكرة اإلجنليزية‬

‫فأصبح كثير الترحال وتنقل بني عدة أندية‬ ‫ف��ي مناطق متفرقة م��ن العالم مثل ك��ورك‬ ‫وسان خوسيه وبريسبان وبورمنوث‪.‬‬ ‫كانت الناس متش ّوقة لرؤية الساحر القدمي‬ ‫ل��درج��ة أن اجلماهير طالبت بضمه إلى‬ ‫تشكيلة ايرلندا الشمالية املشاركة في كأس‬ ‫العالم أسبانيا ‪ 1982‬وهو بعمر السادسة‬ ‫والثالثني‪.‬‬ ‫حصلت مقارنات كثيرة بني بيست والعبني‬ ‫آخرين ‪ ،‬وأح��د األمثلة على ذلك ما حدث‬ ‫ف��ي ملعب أول��د ت��راف��ورد عندما ن��ال راي��ن‬ ‫جيجز لقب «ج��ورج بيست اجلديد»‪ .‬سارع‬ ‫السير أليكس فيرجيسون الذي كان في ذلك‬ ‫الوقت مدربا للمان بنفي املقارنة بالقول ‪« :‬لن‬ ‫يكون أبداً مثل بيست‪ .‬ال أحد سيكون مثله‪.».‬‬ ‫موهبةفطرية‬ ‫ولــد جورج بيست لعائلة بروتستانتية إيرلندية‬ ‫شمالية فقيرة جداً ببلفاست العاصمة يوم‬ ‫‪22‬مايو ‪1946‬‬ ‫ك��ان يلعب ب��ال�ك��رة وه��و ل��م ي�ت�ج��اوز سن‬ ‫السادسة‪ ،‬و أكتشف كل من حوله املوهبة‬ ‫الفطرية التي تشي بوصوله إلى النجومية في‬ ‫زمن قريب‪ ،‬وهذا ما حدث بعدما شاهده (‬ ‫القس اإليرلندي الشهير وقتها بوب ) وأصر‬ ‫علي إرس��ال��ه لفريق مانشيستر‬ ‫يونايتد ‪.‬‬ ‫كان الرجل يعلم احلالة املزرية التي‬ ‫مير بها الشياطني احلمرأنذاك‪،‬‬ ‫فلم يرسله إلي ليفربول مث ً‬ ‫ال ألنه‬ ‫كان يعلم أن مكان العبه سيكون‬ ‫محجوزأ للكثير من النجوم الذين‬ ‫كان يعمر بهم الفريق اللندني‪ .‬لقد‬ ‫قرر إرساله للمان ألن على رأس‬ ‫إدارت��ه الفنية صديقه الشخصي‬ ‫مات باسبي الذي سيقرأ عبارته‬ ‫مع فولهام‬


‫« بيست منقذ مانشستر يونايتد» بعناية‬ ‫لكن‪ ،‬لألسف‪ ،‬مسؤولي فريق املان لم يعيروا‬ ‫الفتى بست أي اهتمام و تركوه علي دكة‬ ‫االحتياطي‪ ،‬حتي مل الالعب و ع��اد الي‬ ‫أرض و ط�ن��ه ببلفاست‪ ،‬وسببت ل��ه هذه‬ ‫احلادثة صدمة كبيرة للغاية ‪.‬‬ ‫حت��رك أب��وه و بعث برسالة للمان يونايتد‬ ‫ي �ه��دده��م ب��أن��ه س �ي �ح��رض ج �م �ه��ور امل ��ان‬ ‫ببلفاست علي مقاطعة مباريات الفريق في‬ ‫أي مكان بأوروبا ‪!..‬‬ ‫عاد جورج بيست الي مانشيستر من جديد‬ ‫لكي يلقي بعض االهتمام بعدما فرض نفسه‬ ‫علي الفريق و كان وقتها لم يكمل السابعة‬ ‫عشر من عمرهُ‪.‬‬ ‫تالعب بجميع العبي مان يونايتد في الكثير‬ ‫من التمرينات و عمد علي إثبات نفسه لكي‬ ‫يلفت اهتمام اجلميع وكان له ما أراد حني‬ ‫أشركه املدرب (باسبي) بالتشكيل االساسي‬ ‫أمام بيرمنج هام سيتي ليكون أصغر العب‬ ‫بتاريخ ال���دوري مانشيستر يونايتد يلعب‬ ‫بالدوري األجنليزي ‪,‬‬ ‫ج� ��اءت م� �ب ��اراة تشيلسي م��وس��م ‪1964‬‬ ‫_‪ 1965‬لكي تشهد مولد جنم بازغ‪ ،‬وقد‬ ‫قدم بست أدا ًء مبهرا جعل كل من في امللعب‬ ‫يصفق له بحرارة ويشيد مبراوغاته امللفتة ‪،‬‬ ‫ولم متض بعدها أسابيع قليلة حتى بات هو‬ ‫جنم الشباك األول باملان يونايتد‪.‬‬ ‫«ذا بيست»‬ ‫ك��ان ((ذا بيست)) في كل ش��يء لم تعجبه‬ ‫أن �ص��اف احل �ل��ول ‪ ,‬و ل��م ت�ش��ده ال �ظ�لال و‬ ‫الوقوف خلف أكتاف األفضل ‪ ..‬كان يجب‬ ‫أن يكون األفضل ‪..‬في كل شيء‪.‬‬ ‫ك��ان أب��رز الع��ب صاعد ع��ام ‪ , 1963‬كان‬ ‫متميزاً حتى في وج��ود عمالقة مثل بوبي‬ ‫تشارلتون و دينيس لو في مانشيستر يونايتيد‬ ‫‪ ...‬كان أفضل العب في اوربا عام ‪ 1968‬و‬ ‫أيضاً األفضل في اجنلترا في ذلك العام ‪ .‬لكنه‬ ‫ك��ان أيضاً (أف�ض��ل) من احتسى‬ ‫الكحول بشراهة ‪( ,‬أفضل) من‬ ‫غاص في ملذات حياة األضواء و‬ ‫الشهرة ‪ ,‬و هو في نفسه قال ((‬ ‫كان على أن أكون رقم واحد دائماً‬ ‫‪ ..‬في كل شيء )) ‪ ,‬لم تعجبه أي‬ ‫فتاة و أي سيدة ‪ ...‬كانت عالقاته‬ ‫و صداقاته ال تنقطع مع ملكات‬ ‫جمال العالم ‪.‬‬ ‫إدم��ان��ه ال�ك�ح��ول ل��م يكن مجرد‬ ‫عشق ملشروب ‪ ,‬ينتهي بانتهاء لذة‬ ‫الكرة تعشق قدميه‬

‫اللحظة ‪ ..‬كان الكحول مالزماً له دائماً وأبداً‬ ‫‪ ,‬و كأنه الهواء ال��ذي يستنشقه ‪ ,‬فكم مرة‬ ‫ذهب تدريبات فريقه و هو ثمل ‪ ,‬و في كم‬ ‫مناسبة ُعوقب من ناديه‪ ،‬بسبب تقاعسه في‬ ‫التدريبات‪ ،‬و كم مرة وبخ و عوقب و سجن‬ ‫لقيادته سيارته ثم ً‬ ‫ال و اعتدائه على رجال‬ ‫األمن و أفراد من العامة ‪.‬‬ ‫التضحيةاملجانية‬ ‫ضحى بيست بسهولة مبوهبته التي ابهرت‬

‫قاد مانشستر يونايتد للفوز‬ ‫ببطولة أوروبا واستحق الكرة‬ ‫الذهبية ألفضل العب في القارة‬ ‫املدرب طوني دوهرتي واجه‬ ‫بيست املدمن وكان السبب في‬ ‫خروج الالعب من املان يونايتد‬

‫العالم واستسلم للذة اخلمر الى درج��ة انه‬ ‫بعد خضوعه جلراحة زرع كبد جديد أنقذت‬ ‫حياته عام ‪ 2002‬بعد التهاب كبده االصلي‬ ‫بسبب الكحول ‪ ,‬خرج يحتفل بنجاح العملية‬ ‫‪ ..‬مبشروب كحولي فاخر ‪.‬‬ ‫لم يضح بيست مبسيرته الكروية فقط ‪,‬‬ ‫بل فقد عائلته و أسرته ‪ ,‬فزوجتاه أدركتا‬ ‫ان ال فائدة في إقناعه بالعالج من إدمان‬ ‫الكحول ‪ ,‬فهجرتاه‪ ،‬حتى أن ابنه من زوجته‬ ‫األولى ‪ ,‬كالوم لم يره إال في املناسبات ‪ ,‬و‬ ‫باتت الكاميرات تالحقه في كل مرة يقع‬ ‫مشروب في يده ‪..‬ضريبة يدفعها بسبب‬ ‫سمعة أبيه ‪.‬‬ ‫ك��ان بيست يسخر من منتقديه ومطالبيه‬ ‫بالتعقل ف��ي احتساء اخل�م��ر ‪ ,‬و ق��ال في‬ ‫إح��دى املناسبات (( نعم أحتسي الكحول‬ ‫ولكن ليس دائماً ‪ ...‬فأنا ال أشرب عندما‬ ‫أكون نائماً)) ‪.‬‬ ‫كانت موهبته الكروية غير عادية ‪ ,‬لم يكن لها‬ ‫مثيل في زمانه و بني أجياله ‪ ..‬كان ماكراً ‪,‬‬ ‫و مراوغاً رائعاً ‪ ,‬و هدافاً متميزاً ‪ ..‬كان ((‬ ‫ذا بسيت )) ‪ ,‬لكنه عملياً انهى هذه املوهبة‬ ‫الفريدة بيده عندما رح��ل من مانشيستر‬ ‫يونايتيد و هو في الثامنة و العشرين من‬ ‫ـ((هاو))‬ ‫العمر ‪ ,‬عام ‪ , 1974‬بعدها لعب ك‬ ‫ٍ‬ ‫مع ‪ 11‬فريقاً مختلفاً بينها فولهام‬ ‫و هبيرنيان و ‪ 3‬فرق أمريكية ‪.‬‬ ‫ف��ي إح��دى مباريات مانشيستر‬ ‫يونايتيد ضد ويست بروميتش في‬ ‫ال��دوري استوقفه مدافع األخير‬ ‫ج��راه��ام وي�ل�ي��ام��ز ف��ي منتصف‬ ‫املباراة و قال له (( إبق من دون‬ ‫حركة دقيقة واح��دة حتى أنظر‬ ‫إلى و جهك )) فاستغرب بيست‬ ‫من هذا الطلب و سأله ((ملاذا؟))‬ ‫فرد املدافع (( ألن كل ما أراه منك‬


‫‪96‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪21‬‬ ‫‪ 28‬يونيو ‪2015‬‬

‫رياضة‬

‫هو ظهرك و يختفي أمامي بسرعة )) ‪.‬‬ ‫وص��ف م��ات بازبي املدير الشهير ملانشيتر‬ ‫يونايتد في إحدى املناسبات املوهبة بست‬ ‫قائ ً‬ ‫ال ((بإمكانه استخدام كلتي رجليه بحرية‬ ‫و يسر ‪ ,‬و أحيانا يبدو أنه ميلك ست أقدام‬ ‫)) ‪.‬‬ ‫في عام ‪ ,1969‬بعد عام على تتويج فريقه‬ ‫بط ً‬ ‫ال ألورب��ا ‪ ,‬و تتويجه أفضل الع��ب في‬ ‫ً‬ ‫أوربا و إجنلترا ‪ ,‬علق ساخرا على مطالبات‬ ‫الكثيرين بضبط أسلوب حياته قبل فوات‬ ‫األوان بقوله (( أقلعت عن احتساء الكحول‬ ‫ب�ش��راه��ة و م�لاح�ق��ة ال�ف�ت�ي��ات اجلميالت‬ ‫‪ ..‬ك��ان��ت أس ��وأ ‪ 20‬دقيقة ف��ي حياتي ))‬ ‫عندما كان قاب قوسني أو أدنى من املوت‬ ‫ع��ام ‪ 2000‬و بعدما تعافى مؤقتاً ق��ال ((‬ ‫عندما أم��وت امتنى أن يتذكرني اجلميع‬ ‫بأنني أعظم موهبة كروية ‪ ..‬لن يتكلموا عن‬ ‫الكحول و احلسناوات و السيارات السريعة ‪,‬‬ ‫سيتحدثون عن موهبتي الكروية فقط )) ‪.‬‬ ‫محطاتوسجالت‬ ‫‪ : 1946‬ولد في ‪ 22‬مايو في بلفاست‬ ‫‪ : 1963‬خ ��اض أول م� �ب ��اراة رس �م �ي��ة مع‬ ‫مانشيستر ضد ويست بروميتش‬ ‫‪ : 1964‬خاض أول مباراة دولية مع ايرلندا‬ ‫ضد ويلز‬ ‫‪ : 1966‬نعت بلقب (( آل بيتيل )) أو عضو‬ ‫فرقة البيتيل اخلامس ‪ ,‬بعد تقدميه عرضاً‬ ‫رائعاً ضد بينفيكا في (( ستاديوم أوف اليت‬ ‫)) في لشبونة ‪ : 1968 .‬سجل أحد األهداف‬ ‫األربعة التي توجت مانشيستر بط ً‬ ‫ال ألوربا‬ ‫بعد ال �ف��وز على بنفيكا ‪ 1-4‬ف��ي امل �ب��اراة‬ ‫النهائية ‪ .‬و فاز بالكرة الذهبية الفضل العب‬ ‫في اوربا‪.‬‬ ‫‪ : 1970‬سجل ‪ 6‬أهداف ضد نورثهاميتون‬ ‫ضمن الدور الثالث من كأس إجنلترا ‪ ,‬حيث‬ ‫فاز مانشيستر ‪2-8‬‬ ‫‪ : 1972‬أعلن اعتزاله‬ ‫‪ : 1973‬ع��اد إل��ى امل�لاع��ب بعد‬ ‫تصفية اخلالفات مع مدربه في‬ ‫مانشيستر تومي دوهرتي ‪ ,‬قبل‬ ‫أن يتجدد اخلالف و يعلن اعتزاله‬ ‫‪ : 1975‬االحت� ��اد ال��دول��ي لكرة‬ ‫القدم أوقفه عن املشاركة الدولية‬ ‫لكنه عاد عن قراره بعد يوم واحد‬ ‫‪ .‬لعب لستوكبورت كاونتي قبل ان‬ ‫يلتحق بلوس اجن�ل��وس أزت�ي��ك و‬ ‫لعب أيضاً لكورك سيلتيك‬ ‫‪ : 1976‬لعب ‪ 42‬مباراة لفولهام‬

‫مرعب احلراس‬

‫‪ : 1977‬لعب مباراته الـ‪ 37‬و االخيرة ملنتخب‬ ‫ايرلندا الشمالية ‪.‬‬ ‫‪ : 1978‬الفيفا تدخل ثانية و توقفه عن اللعب‬ ‫سنة بطلب من االحتاد االجنليزي للعبة بعد‬ ‫خ�لاف على عقده مع فولهام ‪ ,‬وتخفيض‬ ‫عقوبة االيقاف إلى ‪ 6‬اشهر ‪.‬‬ ‫‪ : 1979‬لعب فترة بسيطة في اسكتلندا مع‬ ‫هبيرنيان ‪.‬‬ ‫‪ : 1980‬التحق بفريق سان خوزيه أيرثكويكس‬ ‫األمريكي‪ ،‬و خضع للعالج من إدمان الكحول‬

‫خضع لزراعة كبد جديد‬ ‫بسبب الكحول ‪ ..‬وخرج من‬ ‫املشفى محتفال بنجاح العملية‬ ‫مبشروب كحولي فاخر !‬ ‫مات بازبي‪ :‬بإمكان بيست‬ ‫استخدام كلتي رجليه بحرية‬ ‫ويسر ‪ ..‬وأحيان ًا يبدو أنه ميلك‬ ‫ست أقدام‬

‫‪ :1981‬والدة ابنه كالوم‬ ‫‪ : 1982‬أشهر إفالسه‬ ‫‪ : 1983‬ل �ع��ب ‪ 5‬م �ب��اري��ات ل �ب��ورمن��وث ‪,‬‬ ‫و اخل��ام �س��ة ك��ان��ت األخ��ي��رة ف��ي مسيرته‬ ‫اإلحترافية عن ‪ 37‬عاماً ‪.‬‬ ‫‪ : 1984‬حكم عليه بالسجن ‪ 12‬اسبوعاً‬ ‫بسبب قيادته سيارته ثم ً‬ ‫ال و اعتدائه على‬ ‫رجل الشرطة ‪ ,‬أمضي منها ‪ 8‬اسابيع فقط‬ ‫في السجن ‪ ,‬أعلن طالقه رسمياً من زوجته ‪.‬‬ ‫ال كروياً تلفزيونياً‬ ‫‪ : 1985‬عمل محل ً‬ ‫‪ : 1990‬أث��ار اجل��دل والسخط بعدما ظهر‬ ‫ثم ً‬ ‫ال في برنامج ح��واري في هيئة اإلذاع��ة‬ ‫البريطانية (بي بي سي ) ‪ ,‬حيث كان يصرخ و‬ ‫يشتم من غير حساب ‪.‬‬ ‫‪ : 1995‬تزوج أليكس بيرسي ‪.‬‬ ‫‪ :1999‬ك��ان في امل��درج��ات يشاهد مباراة‬ ‫مانشيستر ضد بايرن ميونيخ و في الدقائق‬ ‫األخ �ي��رة م��ن امل �ب��اراة ك��ان��ت النتيجة تقدم‬ ‫بايرميونيخ ‪ 0-1‬فخرج من امللعب قبل نهاية‬ ‫املباراة لتفادي الزحام فأخذ تاكسي و عند‬ ‫ركوبه للتاكسي سمع ضجة في امللعب فأمر‬ ‫السائق بالتوجه إل��ى أق��رب فندق ملشاهدة‬ ‫امل �ب��ارة ف��وج��ده��ا ‪ 2‬ـ ‪ 1‬ملانشيستر ‪ ,‬ولم‬ ‫يستطع ال�ع��ودة إل��ى امللعب ففقد ما سماه‬ ‫(فرصة العمر)‬ ‫‪ : 2002‬خضع لعملية زرع الكبد‬ ‫‪ : 2003‬قبض عليه بعد حادثة اعتداء في‬ ‫فندق في مقاطعة ساري ‪ ,‬انفصل عن زوجته‬ ‫بسبب إدمانه الكحول‬ ‫‪ :2004‬أوقف عن قيادة السيارات ‪ 20‬شهراً‬ ‫بعد اعترافه قيادة السيارة ثم ً‬ ‫ال ‪,‬‬ ‫و طالقه رسمياً من زوجته أليكس‬ ‫‪ : 2005‬دخل املستشفى بعد فشل‬ ‫كلوي‬ ‫‪ 2005-11-25‬في الساعة ‪ 12‬و‬ ‫‪ 55‬دقيقة أعلنت و فاته‬ ‫مسيرته الكروية ‪:‬‬ ‫‪ : 1974 1963‬مانشيستر‬‫يونايتيد ( ‪ 466‬م�ب��اراة و ‪178‬‬ ‫هدفاً )‬ ‫‪ : 1975‬ستوكبورت كاونتي ( ‪3‬‬ ‫مراوغاته أربكت اخلصوم‬


‫مباريات وهدفان)‬ ‫‪ : 1976‬لوس اجنلوس أزتيك األمريكي (‪24‬‬ ‫مباراة و ‪ 15‬هدفاً)‬ ‫‪ :1977-1976‬فولهام (‪ 37‬مباراة و‪ 8‬أهداف)‬ ‫‪ :1977‬لوس اجنلوس أزتيك (‪ 12‬مباراة وهدف)‬ ‫‪ 1977‬فولهام (‪ 10‬مباريات و هدفان)‬ ‫‪ : 1978‬لوس اجنلوس ازتيكس (‪ 12‬مباراة‬ ‫وهدف)‬ ‫‪ :1979‬فورت لودرديل (‪ 14‬مباراة و‪ 5‬أهداف)‬ ‫‪ : 1980-1979‬هيبرنيان االسكوتلندي (‪16‬‬ ‫مباراة و‪ 3‬أهداف)‬ ‫‪ :1980‬فورت لودرديل (‪ 19‬مباراة وهدفان)‬ ‫‪ :1980‬هبيرنيان (‪ 6‬مباريات)‬ ‫‪ :1982-1981‬س ��ان خ��وزي��ه إيرثكويك‬ ‫األمريكي (‪ 56‬مباراة و ‪ 21‬هدف)‬ ‫‪ :1983‬بورمنوث االجنليزي (‪ 5‬مباريات)‬ ‫‪ :1983‬بريزبن ليونز االسترالي (‪ 4‬مباريات)‬ ‫من أفضل مبارياته ‪:‬‬ ‫التاريخ ‪ 9 :‬مارس ‪1966‬‬ ‫املكان ‪ :‬استاديوم أوف اليت في لشبونة‬ ‫املناسبة ‪ :‬اياب ربع نهائي ابطال اوربا‬ ‫النتيجةالنهائية‪ :‬بينفيكا‪ 1-‬مانشيستر‪5‬‬ ‫ل�ي�ل��ة م �ي�ل�اد األس � �ط� ��ورة ‪ .‬ع �ن��دم��ا ت��وج��ه‬ ‫مانشيستر ال��ى لشبونة ملواجهة بنفيكا ‪,‬‬ ‫خطط ملواجهة ح��ذرة للحفاظ على تقدمه‬ ‫في الذهب ‪ 2-3‬و لكن بيست لم يقرأ هذا‬ ‫السيناريو و لم يلتزم به ففي غضون ‪10‬‬ ‫دقائق سجل بست هدفني األول بالرأس و‬ ‫الثاني من جري بالكرة من منتصف امللعب‬ ‫تاركاً أكثر من مدافع يلهث خلفه ليقود فريقه‬ ‫الى الفوز الكبير بخمسة اهداف ‪ .‬بعد نهاية‬ ‫املباراة قال مدريب مانشيستر مات بازبي ((‬ ‫كانت خطتنا ان نكون حذرين لكن يبدو أن‬ ‫أحداً مأل أذني جورج بست بقطع قطن ))‬ ‫التاريخ ‪ 29 :‬مايو ‪1968‬‬ ‫املكان ‪ :‬ستاد وميبلي في لندن‬ ‫املناسبة ‪ :‬املباراة النهائية لكأس أبطال أوربا‬ ‫النتيجة النهائية ‪ :‬بنفيكا‪ 1-‬مانشيستر‪4‬‬ ‫عاني بينفيكا مرة اخرى من مهارات بست‬ ‫بعد ان ظغط بنفيكا على مرمى مانشيستر‬ ‫يونايايد في االشواط االضافية وبعد تشتيتة‬ ‫دفاعية و صلت الى قدم بست في منتص‬ ‫امللعب و ك��أن��ه أع�ل��ن ب��داي��ة س�ب��اق اجل��ري‬ ‫وسحب جميع الفريق حتى املدافع االخير و‬ ‫هو احلارس و احرز بالتأكيد الهدف ‪ .‬وبعد‬ ‫نهاية املباراة قال بست كنت امتنى ان ارفع‬

‫ماذا قالوا عنه ‪:‬‬

‫مع بيليه في أمريكا‬

‫((رمبا أفضل العب كرة قدم في جيله متتع مبوهبة طبيعية ‪ ..‬أحد أعظم الكرووين‬ ‫الذين أجنبتهم بريطانيا في تاريخها )) ‪ ,,,‬رئيس الوزراء البريطاني توني بلير‬ ‫((رمب��ا أعظم موهبة تلعب في أول��د ترافورد ‪ ..‬أشك أن نرى موهبة مماثلة لكن إذا‬ ‫حدث أمتنى ان تكون في هذا النادي ‪ ..‬ترك لنا ماليني الذكريات اجلميلة )) ‪ ,,,‬أليكس‬ ‫فيرجسون‬ ‫(( من املؤسف أن قليلني يعلمون كم ك��ان بست انسان ًا رائع ًا )) ‪ ,,,,‬زميله السابق في‬ ‫مانشيستر بوبي تشاؤلتون‬ ‫(( أكثر مايدهشني في مسيرته انه توقف و هو في ‪ 28‬من العمر ‪ ,‬و ذرورة الالعب في‬ ‫املالعب بني ‪ 28‬الى ‪ 32‬عام ًا ‪ ,‬ال تستيط تصديق أن يعتزل العب في هذه السن ‪ ,‬إنه‬ ‫مثيل تيري هنري يتوقف عن اللعب االن )) ‪ ,,,,‬أرسن فينجر‬ ‫((بست هو احد أفضل الالعبني الذين م��روا في تاريخ اللعبة‪ ,‬وكنت اشعر بالفخر‬ ‫ألنني ارت��دي��ت الرقم ‪ 7‬في مانشستر ال��ذي حمله بست لفترة طويلة في صفوف‬ ‫النادي)) ‪ ,,,,,‬بيكهام‬ ‫(( لقد خسر عالم كرة القدم العبا من الصعب أن يتكرر‪ ,‬وأنا شخصيا خسرت صديقا‬ ‫رائعا‪ ،‬في هذه األوق��ات نستطيع أن نتذكر أهمية هذا الشخص للكرة البريطانية‬ ‫والكرة العاملية‪ ,‬لقد كان رائعا ))‪ ،،،،‬البرتغالي الشهير اوزيبيو الذي خسر فريقه بنفيكا املباراة‬ ‫النهائية الشهيرة ضد مانشستر ‪4-1‬‬ ‫(( كان جورج بست ملهمي عندما كنت صغيرا‪ ,‬وكان يقوم بأشياء مثيرة عندما تكون‬ ‫الكرة في حوزته‪ .‬وأض��اف» في الواقع أعتقد بأن وجه الشبه كبير بيني وبينه‪،‬كنا‬ ‫العبني جنيد املراوغة بشكل رائع ونقدم حلظات ساحرة في امللعب)) ‪ ,,,,‬ماردونا‬

‫الكرة و اسجلها بالرأس و لكنه لم يجرؤ على‬ ‫املغامرة ‪.‬‬ ‫وي �ق��ول امل ��درب األسكتلندي‪« :‬ج ��ورج كان‬ ‫فريداً‪ ،‬أفضل موهبة أجنبتها مالعب كرة‬ ‫القدم‪ .‬ب��دون أي ش��ك! كانوا يعتقدون في‬ ‫أول��د ترافورد أنه ميلك كاحلني مزدوجني‪.‬‬ ‫أتتذكرون كيف كان يلتف ‪ 180‬درجة على‬ ‫نفسه ب��ال��دوران على كاحليه؟ كما اجتاح‬ ‫امل��داف �ع�ين‪ ،‬وه ��ذا م��ا س��اع��ده على تفادي‬ ‫اإلص ��اب ��ات‪ ،‬ألن��ه ل��م ي�ك��ن ق��وي البنية كي‬ ‫يتعرض لإلصابة من قبل أخصامه‪».‬‬ ‫استم ّرت املأساة ولم يتوقف بيست عن إيذاء‬

‫نفسه‪ .‬وعلى رغم حصوله على فرصة ثانية‬ ‫من خالل عملية زرع كبد عام ‪ ،2000‬استم ّر‬ ‫ف��ي ال �ش��رب‪ ،‬وف��ي غ�ض��ون خمس سنوات‬ ‫وصلت رحلة التدمير الذاتي إلى نهايتها‪ .‬كان‬ ‫بعمر التاسعة واخلمسني فقط لدى وفاته‪.‬‬ ‫أصيب كثيرون باإلحباط‪ ،‬وغضب آخرون‪،‬‬ ‫لكن التقدير خ ّيم في ذك��رى أح��د عظماء‬ ‫اللعبة احلقيقيني‪.‬‬ ‫وبالنسبة لعشاقه‪ ،‬ال ميكن مقارنته بأحد‪.‬‬ ‫رفرفت الفتة على طريق جنازته في بلفاست‬ ‫كتب عليها‪« :‬م��ارادون��ا ج ّيد‪ ،‬بيليه أفضل‪،‬‬ ‫جورج بيست (األفضل)‪».‬‬


‫‪98‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪21‬‬ ‫‪ 28‬يونيو ‪2015‬‬

‫على سطح األرض‬

‫من هنا إلى هيرودوت‬ ‫(‪)2 – 2‬‬ ‫عبدالمنعم المحجوب‬ ‫توجه ما كان لتمايزه‬ ‫بد ًءا باإلغريق ثم الرومان ميكننا العثور على ّ‬ ‫ّ‬ ‫يخف إال متأخراً‪ .‬إن هيرودوت (‪ 424 - 484‬ق‪.‬م) على سبيل‬ ‫أن‬ ‫املثال‪ ،‬قد وصف مدينة في شمال أفريقيا بأن أهلها جميعاً من‬ ‫السحرة‪ ،‬وعنه نقل بيليني األكبر (‪79 - 23‬م) أن سكان جبال‬ ‫األطلس منحدرون إلى ما دون اإلنسانية‪ ،‬وأنهم محرومون متاماً‬ ‫من التفاهم عن طريق الكالم ألنهم ال صوت لهم‪ ،‬وأن هناك شعباً‬ ‫يزحف بدالً من أن ميشي‪ ،‬وآخرين ال رؤوس لهم وأفواههم وعيونهم‬ ‫ملتصقة بصدورهم‪ ،‬وغيرهم ممن ال يرون أحالماً في منامهم‪.‬‬ ‫وهو وصف يطابق ما «رآه» كولومبس‪« ،‬فمثله مثل غيره‪ ،‬ال يرى إال‬ ‫ما يعتقده‪ ،‬ومبا أنه يؤمن بالسيكلوب وجنيات البحر كتب في يومياته‪:‬‬ ‫كلما توغلنا عثرنا على رجال بعني واحدة وآخرين بفك كلب‪ ..‬ثالث‬ ‫جنيات بحرية خارج البحر‬ ‫غير أنهن لم تكن جميالت‬ ‫ب �ق��در م��ا نصفهن ع ��ادة»‬ ‫إن «ب�لاد العميان» واح��دة‬ ‫م��ن اآلالف م��ن ال��رواي��ات‬ ‫ال�ت��ي ت��دي��ن ب��وج��وده��ا إلى‬ ‫املؤرخني األوائل؛ لقد ح ّدد‬ ‫هيرودوت وبليني منذ البدء‬ ‫املسار الطويل نفسه الذي‬ ‫ستُصنع عبره صورة اآلخر‬ ‫ف ��ي احل� �ض���ارة ال �غ��رب �ي��ة‪،‬‬ ‫وم�� ��ازال م �ف �ه��وم اآلخ��ري��ة‬ ‫�رس��ب ض�م�ن�ي�اً تفاصيل‬ ‫ي� ّ‬ ‫من هذه الصورة املن ّمطة‪،‬‬ ‫ل�ي��س ف�ق��ط ف��ي ال��دراس��ة‬ ‫األنثروبولوجية والتوصيف‬ ‫اإلث�ن��وغ��راف��ي‪ ،‬ب��ل أن هذه‬ ‫التفاصيل تطفو دائماً في التنظيرات الغربية حلالة العالم الراهنة‬ ‫ال تأسيسياً‬ ‫واملستقبلية‪ ،‬ما يدفعنا ببعض احلرص إلى اعتبارها شك ً‬ ‫لكل خطاب حول العالم والتاريخ على القاعدة األصولية نفسها‪:‬‬ ‫«نحن بصدد العالم» سواء تعلق األمر بنظرية في الفكر السياسي أو‬ ‫برواية في اخليال العلمي‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫انفك يتنامى «في كل مكان تقريباً باخلطوط القائمة‬ ‫إن وعياً ما‬ ‫بني الثقافات‪ ،‬باالنقسامات والفروق التي ال تسمح بتمييز ثقافة عن‬ ‫أخرى فحسب‪ ،‬بل مت ّكننا أيضاً من أن نرى املدى الذي تش ّكل فيه‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫أريحية فيما‬ ‫بنيات صنعها البشر من السلطة واالنخراط‪،‬‬ ‫الثقافات‬ ‫تشتمل عليه‪ ،‬وتض ّمه إليها‪ ،‬ومتنحه املصداقية‪ ،‬لكنها أق ّل أريحية‬

‫فيما تقصيه وحتط من قدره» ‪.‬‬ ‫في «نهاية التاريخ واإلنسان األخير» يتبنى فوكوياما صورة عالم‬ ‫ثنائي منقسم إلى «نحن» و«هم»‪ ،‬وهو يقود مناقشته بأمثلة عابرة‬ ‫للتاريخ لتكريس ه��ذه الثنائية أوالً‪ ،‬وللوصول‪،‬ثانياً‪ ،‬إل��ى نتيجة‬ ‫أساسية (تبدو كمعطاة في نفس ال��وق��ت)‪ :‬تاريخ العالم سوف‬ ‫يصل إل��ى نهايته احلتمية‪ ،‬ف��ي ن��وع م��ن االك�ت�ف��اء األيديولوجي‬ ‫نهائي‬ ‫بتعميم من��وذج الدميوقراطية الرأسمالية احل��رة كشكل‬ ‫ّ‬ ‫أخير للبحث عن أفضل سبل احلكم‪ ،‬إن��ه يرسم تاريخاً خطياً‬ ‫مح ّدد النهاية‪ ،‬يتصاعد فيه التقدم االجتماعي والسياسي إلى‬ ‫موحد‪ ،‬بشكل يصادر فيه إجنازات‬ ‫غاية أخيرة في مسار تراكمي ّ‬ ‫اآلخرين وجتاربهم ورؤاهم‪ ،‬بل وحقهم في «الكرامة» ‪Thymus‬‬ ‫ال �ت��ي ال مي �ك��ن أن ت�ك��ون‬ ‫جز ًءا طبيعياً في تكوينهم‪،‬‬ ‫ب � ��ل ع��ل��ي��ه��م اك��ت��س��اب��ه��ا‬ ‫م � ��ن خ �ل ��ال االع� � �ت � ��راف‬ ‫بالدميوقراطية الليبرالية‪.‬‬ ‫«ه��م» هنا كيانات مج ّردة‬ ‫ليست ق ��ادرة على متثيل‬ ‫وجودها اخلاص‪ ،‬أو إنتاج‬ ‫معنى خاص بها‪ ،‬وال حق‬ ‫لها بالتالي في االختالف‬ ‫سياسياً وثقافياً وقيمياً‪،‬‬ ‫كما أن سيرها ل��ن يكون‬ ‫طوعاً الختيار االنضمام‬ ‫إل��ى‪« :‬نحن» الذين أصبح‬ ‫أس� �ل ��وب� �ن ��ا ف� ��ي ال� �ت� �ط ��ور‬ ‫منوذجاً حياً وملزماً لبقية‬ ‫ال� �ع ��ال ��م‪« ،‬ن� �ح���ن» ال��ذي��ن‬ ‫ونوجه التاريخ في املسار‬ ‫نصوغ املعنى الوحيد للحياة واملستقبل‬ ‫ّ‬ ‫الذي اخترنا وإلى النهاية التي نعرف‪.‬‬ ‫إن «ه ��م» ي��وص�ف��ون ب�ـ«م�س�ت�ب��دي��ن»‪« ،‬ت��وت��ال �ي �ت��اري�ين»‪« ،‬ف��اش�ي�ين»‪،‬‬ ‫«منحرفني»‪ ،‬وال يتردد فوكوياما في تبني خلع صفات أخرى عليهم‬ ‫مثل «الوضاعة»‪« ،‬القبول بالتفاهة» و«السفه األخالقي»‪ .‬إن صدى‬ ‫من املاضي السحيق مازال قادراً على اختراق املستقبل السحيق‪،‬‬ ‫ونستطيع أن نلتقط بوضوح عبارات هيرودوت وبيليني القائلة‪« :‬ال‬ ‫صوت لهم‪ ،‬ال يرون أحالماً في منامهم»‪ ،‬لنسقطها على اخلطاب‬ ‫الثنائي الذي ّ‬ ‫ينظم عمل «نهاية التاريخ»‪ .‬أكثر من ألفي سنة تفصل‬ ‫بينهما‪ ،‬ولكن القليل فقط‪ ،‬كما يبدو‪ ،‬قد تغير في هذا الشأن‪.‬‬



‫‪100‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪21‬‬ ‫‪ 28‬يونيو ‪2015‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.