حال القدس 2015: قراءة في مسار الأحداث والمآلات

‫ﻗﺮاءة ﻓﻲ ﻣﺴﺎر ا ﺣﺪاث واﻟﻤﺂﻻت‬

‫التﻘﺮيﺮ الﺴﻨوي‬ ‫ﺣال الﻘﺪس ‪2015‬‬ ‫ﻗﺮاءة ﻓي ﻣﺴار األﺣﺪاث والمﺂالت‬ ‫انتفاضة القدس مستمرة واالحتالل يعزز من إجراءاته العقابية‬ ‫ّ‬ ‫وحيضر ملوجة اعتداءات على األقصى‬ ‫إليقافها‬

‫إدارة األبحاث والمﻌﻠوﻣات‬ ‫ﻣﺆﺳﺴﺔ الﻘﺪس الﺪوليﺔ‬ ‫آذار‪/‬ﻣارس ‪2016‬‬ ‫‪1‬‬

‫حال القدس ‪2015‬‬

‫© مجيع احلقوق حمفوظة‬ ‫الطبعة األوىل‬ ‫‪ 2016‬م – ‪ 1437‬هـ‬ ‫بريوت – لبنان‬

‫ال جيوز نشر أي جزء من هذا الكتاب‪ ،‬أو اختزان مادته بطريقة االسرتجاع‪ ،‬أو نقله على أي حنو أو‬ ‫بأي طريقة‪ ،‬سواء كانت إلكرتونية‪ ،‬أو ميكانيكية‪ ،‬أو بالتصوير‪ ،‬أو بالتسجيل‪ ،‬أو خالف ذلك‪ ،‬إال‬ ‫مبوافقة كتابية مسبقة من الناشر‪.‬‬

‫مؤسسة القدس الدولية‬ ‫تلفـون ‪+ 961 1 751725‬‬ ‫تلفاكس ‪+ 961 1 751726‬‬ ‫بريد إلكرتوني‪info@alquds-online.org :‬‬ ‫املوقع‪www.alquds-online.org :‬‬

‫‪ 2‬مؤسسـة القدس الدولية‬

‫قراءة في مسار األحداث والمآالت‬

‫المحتويات‬ ‫املقدمة ‪4 ........................................................................................................‬‬ ‫بني يدي التقرير ‪6 ............................................................................................‬‬ ‫خالصات التقرير‪9.. ...................................................................................‬‬ ‫انفوجراف التقرير ‪18 .......................................................................................‬‬

‫أو ً‬ ‫ال‪ :‬املسجد األقصى ‪20 ....................................................................................‬‬ ‫ثان ًيا‪ :‬تطور مشروع التهويد يف القدس خالل عام ‪27 ........................................ 2015‬‬ ‫ثال ًثا‪ :‬االستيطان يف القدس‪ :‬االحتالل متمسك بـ "الثوابت" ‪30 .................................‬‬ ‫راب ًعا‪ :‬انتفاضة القدس ‪34 ..................................................................................‬‬ ‫خامسا‪ :‬املشهد اإلسرائيلي ‪48 .............................................................................‬‬ ‫ً‬ ‫سادسا‪ :‬التفاعل مع القدس على املستوى العربي واإلسالمي ‪57 .................................‬‬ ‫ً‬ ‫‪ .1‬املستوى الفلسطيين ‪57 ............................................................................‬‬ ‫‪ .2‬األردن ‪64 ...............................................................................................‬‬ ‫‪ .3‬الدول العربية واإلسالمية األخرى ‪66 ...........................................................‬‬ ‫ساب ًعا‪ :‬مواقف الالعبني الدوليني ‪69 .....................................................................‬‬ ‫‪ .1‬الواليات املتحدة ‪69 .................................................................................‬‬ ‫‪ .2‬االحتاد األوروبي ‪73 .................................................................................‬‬ ‫ثام ًنا‪ :‬أبرز االجتاهات املتوقعة عام ‪76 .......................................................... 2016‬‬ ‫ال ّتوصيات ‪78 ..................................................................................................‬‬ ‫‪3‬‬

‫حال القدس ‪2015‬‬

‫حال القدس ‪2015‬‬

‫قراءة يف مسار األحداث واملآالت‬ ‫ّ‬ ‫وحيضر ملوجة‬ ‫انتفاضة القدس مستمرة واالحتالل يعزز من إجراءاته العقابية إليقافها‬ ‫اعتداءات على األقصى‬

‫املقدّمة‬ ‫ّ‬ ‫السنوي "حال القدس ‪ "2015‬وقفة مع القدس يف أبرز األحداث اليت عصفت‬ ‫التقرير‬ ‫بها خالل عام ‪ ،2015‬ونظرة إىل املستقبل يف حماولة الستشراف مسارات التطورات على‬ ‫الصعد‪ .‬وال شك يف ّ‬ ‫أن حال القدس أعقد وأصعب من أن يُو ّثق بتقرير واحد لكثرة‬ ‫خمتلف ُّ‬ ‫األحداث واحليثيات‪ ،‬ولكننا يف تقريرنا نسعى إىل وضع املتابعني واملهتمني وص ّناع القرار‬ ‫يف صورة موجزة لواقع القدس واالحتماالت املستقبلية‪ ،‬عسى أن يُشكل ذلك داف ًعا ّ‬ ‫لكل‬ ‫غيور على املدينة املقدسة وأهلها الصامدين املهددين باالقتالع والطرد‪ ،‬فيفكر يف تقديم‬ ‫ما يسعه فعله نصرة لقضية القدس واملسجد األقصى املبارك‪.‬‬ ‫وقد تصدرت انتفاضة القدس املشهد يف املدينة احملتلة‪ ،‬وحاولنا يف تقريرنا قراءتها ليس‬ ‫من زاوية أعداد الشهداء الفلسطينيني‪ ،‬والقتلى اإلسرائيليني فقط‪ ،‬إمنا بوصفها حد ًثا‬ ‫احتالل جتاوز‬ ‫جتاوز حدود التوقع حيمل يف أشكاله ومضامينه رسائل االنفجار يف وج ِه‬ ‫ٍ‬

‫عاما‪.‬‬ ‫إطبا ُقه على األرض الفلسطينية‪ ،‬وخنا ُقه لإلنسان الفلسطيين الـ ‪ً 67‬‬

‫"إسرائيل" بدت أكثر انكشا ًفا‪ ،‬وظهرت بصورتها العاجزة عن وقف انتفاضة القدس‪ ،‬وصورة‬ ‫تناقضاتها ومشاكلها الداخلية بني األحزاب السياسية من جهة‪ ،‬وبني املستويني األمين‬ ‫والسياسي من جهة أخرى‪.‬‬ ‫‪ 4‬مؤسسـة القدس الدولية‬

‫قراءة في مسار األحداث والمآالت‬

‫ً‬ ‫وعوضا عن استثمار‬ ‫مل تتلقف الدول العربية واإلسالمية حلظة ضعف "إسرائيل" وختبطها‪،‬‬ ‫كما غري مسبوق (بعد عام ‪ 2002‬على األقل‪ ،‬وهو‬ ‫إجنازات انتفاضة القدس‪ ،‬رصد التقرير ًّ‬ ‫تاريخ تقديم املبادرة العربية للسالم) من األخبار اليت تتحدث عن تقاطع مصاحل بني بعض‬ ‫الدول العربية واإلسالمية واالحتالل اإلسرائيلي‪ ،‬والتقدم باجتاه تطبيع العالقات حملاربة‬ ‫العدو املشرتك املتمثل بـ"اإلرهاب" و"اخلطر النووي اإليراني"‪ ،‬واستم ّر عزف االحتالل‬ ‫اإلسرائيلي على هذه االسطوانة بهدف ّ‬ ‫بث الفرقة بني الدول العربية واإلسالمية‪ .‬ومل تكن‬ ‫السلطة الفلسطينية بأفضل ً‬ ‫حال من الدول العربية واإلسالمية‪ ،‬واستم ّر رهانها على خيار‬ ‫ً‬ ‫املفاوضات كخيار وحيد لنيل احلقوق ُمقدِّم ًة التنسيق األمين ً‬ ‫متواصل على حسن‬ ‫دليل‬

‫نيتها‪ ،‬ورفضها "للعنف"‪ ،‬ورغبتها اجلادة بتحقيق "السالم" عازل ًة نفسها عن موجة اإلرهاب‬

‫اإلسرائيلي الذي يستهدف األرض واإلنسان يف فلسطني‪ ،‬وعن إرادة الشعب الفلسطيين‬ ‫الذي حسم خياره برفض املفاوضات‪ ،‬واختار طريق االنتفاضة‪.‬‬ ‫الفصائل الفلسطينية كانت أمام "اختبار االنتفاضة"‪ ،‬ورغم أنها ترى يف االنتفاضة السلوك‬ ‫ّ‬ ‫حمتل ضد حمتليه‪ ،‬وترى أن بيئة االنتفاضة هي البيئة األنسب إلعادة‬ ‫الطبيعي لشعب‬ ‫بناء بُناها التنظيمية‪ ،‬إال أنها ال تزال يف موقع احلائر الذي يدعو إىل دعم االنتفاضة‪،‬‬ ‫ويرغب باملشاركة فيها وتطويرها‪ ،‬ولكنه يف الوقت نفسه مل ميتلك أدوات عملية كافية‬ ‫خت ّولنا املطابقة بني القول والفعل‪.‬‬ ‫هذا التقرير فرصة ّ‬ ‫لكل من تهمه قضية القدس ليعيد قراءة األحداث فيها‪ ،‬وينظر يف‬ ‫مآالت األمور‪ ،‬ويضع اخلطط العملية املناسبة لينتقل من موقع املراقب إىل موقع العامل‬ ‫من أجل رفع الظلم عن القدس وأهلها ومقدساتها‪.‬‬ ‫ ‬

‫ ‬

‫احملرر‬ ‫هشام يعقوب‬ ‫‪5‬‬

‫حال القدس ‪2015‬‬

‫بني يدي التقرير‬ ‫كانت انتفاضة القدس‪ ،‬اليت انطلقت على خلفية تصاعد االعتداءات اإلسرائيلية على‬ ‫املسجد األقصى‪ ،‬التطور األبرز الذي متيز به عام ‪ 2015‬حيث وجهت االنتفاضة عدة‬ ‫تعب‬ ‫رسائل منها‪ :‬رفض االعتداءات اإلسرائيلية على األقصى مبظاهرها املختلفة اليت ّ‬ ‫عن مساعي االحتالل إىل تهويد األقصى والسيطرة عليه‪ ،‬والرفض الشعيب ملسار املفاوضات‬ ‫فالصراع‬ ‫الذي أثبت عبث ّيته‪ ،‬وفوق ذلك ك ّله رفض االحتالل وما ي ّتصل به ويتف ّرع عنه‪ّ .‬‬ ‫صراعا على حتقيق الرفاه‬ ‫الذي يتصدّره الفلسطينيون اليوم يف مواجهة اإلسرائيلي ليس‬ ‫ً‬ ‫أو األمن يف ّ‬ ‫ظل االحتالل‪ ،‬وال هو صراع لتقاسم األقصى مع االحتالل ليأذن للمسلمني‬ ‫ّ‬ ‫ليمن االحتالل‬ ‫والصراع ليس كذلك‬ ‫بالصالة فيه "بسالم وأمان ومن دون استفزاز"‪ّ ،‬‬ ‫على الفلسطينيني ببعض التسهيالت على حواجز التفتيش‪ ،‬أو ليسمح هلم بالعمل يف‬ ‫الداخل الفلسطيين احملتل عام ‪ ،1948‬بل هو صراع على األرض واحلق‪ ،‬واإلنسان واملقدّس‪.‬‬ ‫واالنتفاضة بتفاصيلها ومشاهدها اليومية ّ‬ ‫أكدت هذه املعاني لتكون‪ ،‬كما هبة أبو خضري‬ ‫عام ‪ 2014‬وقبلها انتفاضة األقصى عام ‪ 2000‬وما قبلها من مظاهر مقارعة االحتالل‬ ‫معلما آخر على طريق حترير األرض وإنهاء االحتالل‪.‬‬ ‫ومقاومته‪ً ،‬‬ ‫انتفاضة القدس اليت تفجرت يف تشرين أول‪/‬أكتوبر ‪ 2015‬مهّد هلا مسلسل التهويد‬ ‫املستمر الذي يسعى االحتالل من خالله إىل إحكام قبضته على األراضي الفلسطينية‬ ‫خيصها االحتالل مبشاريع التهويد بهدف ضمان التفوق‬ ‫احملتلة‪ ،‬ومنها القدس اليت‬ ‫ّ‬ ‫العددي لليهود مقارنة بالفلسطينيني‪ ،‬وإعطاء املدينة طاب ًعا يهوديًا يطمس طابعها العربي‬ ‫ً‬ ‫متهيدا لبناء "املعبد"‪ .‬وقد صعد االحتالل‬ ‫واإلسالمي‪ ،‬والسيطرة على املسجد األقصى‬ ‫من اعتداءاته على األقصى‪ ،‬واستهدف بشكل خاص املرابطني واملرابطات للقضاء على‬ ‫صمودهم ملا يشكلونه من رافعة أساسية للتصدي لالقتحامات وعرقلتها‪ .‬وبدت املساعي‬ ‫‪ 6‬مؤسسـة القدس الدولية‬

‫قراءة في مسار األحداث والمآالت‬

‫اإلسرائيلية واضحة لتثبيت التقسيم الزمين للمسجد مع احتجاز املسلمني خارجه يف‬ ‫أوقات االقتحامات‪ ،‬وكذلك عودة االقتحامات السياسية يف متوز‪/‬يوليو ‪ ،2015‬وإقرار‬ ‫احلكومة مبلغ ‪ 100‬مليون شيكل (حوالي ‪ 26‬مليون دوالر) لتمويل "مجعية احملافظة‬ ‫على إرث احلائط الغربي" وأنفاق احلائط الغربي يف السنوات اخلمس املقبلة مع ما يعنيه‬ ‫ذلك من دعم حكومي لتهويد األقصى‪ .‬ومع التهويد الديين‪ ،‬مل تتوقف حماوالت التهويد‬ ‫الدميغرايف مع استمرار البناء االستيطاني‪ ،‬وهدم منازل املقدسيني‪ ،‬وسحب بطاقات اهلوية‬ ‫الزرقاء (اإلقامة الدائمة)‪ ،‬وغري ذلك من السياسات اليت يتبعها االحتالل‪.‬‬ ‫املوقف الفلسطيين ال ّرمسي حيال القدس عام ‪ 2015‬مل جيلب جديدًا‪ ،‬وهو يعكس حالة‬ ‫عجز وتقصري وسعي وراء التفاوض مع االحتالل‪ ،‬تارة بشروط وطو ًرا من دون شروط‪،‬‬ ‫باإلضافة إىل ك ّم من التصرحيات اليت حتمل تهديدات فارغة بوقف التنسيق األمين مع‬ ‫االحتالل وتفعيل املقاومة القانونية يف حمكمة اجلنايات الدولية‪ ،‬ليتأكد أن السلطة‬ ‫بعيدا عن مصلحة الفلسطينيني ومن دون ّ‬ ‫حتاول أن حتافظ على وجودها ً‬ ‫أي مسعى‬ ‫الستثمار احلراك الشعيب كعامل قوة يف مواجهة االحتالل‪ .‬أما الفصائل فإنها كررت‬ ‫خطاب السلطة وإن بطرق خمتلفة مع تسجيل عدم ختليها عن املقاومة وحماولتها دفع‬ ‫االنتفاضة إىل األمام وفق ما تسمح به ظروف كل فصيل وإمكاناته‪.‬‬ ‫مزيدا من ّ‬ ‫وسجلت القدس ً‬ ‫التاجع يف بورصة املوقف العربي واإلسالمي‪ ،‬وفاقم من حالة‬ ‫تغي س ّلم األولويات بعد االنشغال بالثورات‬ ‫االنشغال عن القضية الفلسطينية‬ ‫ً‬ ‫عموما ّ‬ ‫العربية وارتداداتها من دون أن يعين ذلك ّ‬ ‫أن فلسطني كانت على رأس قائمة االهتمام‬ ‫العربي واإلسالمي الرمسي قبل ذلك‪ .‬وهكذا غابت أي خطة لدعم القدس واألقصى‬ ‫واملقدسيني باستثناء بيانات جوفاء كادت تسقط القضية الفلسطينية من دائرتها‪ .‬ومل‬ ‫‪7‬‬

‫حال القدس ‪2015‬‬

‫تقتصر احلالة العربية واإلسالمية على هذا الرتاجع خالل عام ‪ 2015‬حيث تزايد احلديث‬ ‫عن تقارب عربي إسالمي مع دولة االحتالل كانت "إسرائيل" تروج له بشدة حتت عنوان‬ ‫"التحالف اإلسرائيلي مع دول عربية وإسالمية ملواجهة اإلرهاب واخلطر اإليراني"‪.‬‬ ‫دولة االحتالل اليت انشغلت بداية العام بانتخابات "الكنيست" املبكرة ومنع توقيع االتفاق‬ ‫النووي اإليراني مع الدول الست انشغلت يف آخر العام بانتفاضة القدس وحماولة القضاء‬ ‫عليها‪ .‬وبني هذا وذاك‪ ،‬ومع كشف مسؤولني إسرائيليني عن تقارب مع دول عربية‬ ‫وإسالمية وعدم اخلوف من مهامجة جيوش عربية لـ "إسرائيل" كان احلديث مستم ًرا عن‬ ‫خطر أنفاق غزة وعن خماوف من اخرتاق احلدود الشمالية‪ ،‬ومع نهاية عام ‪ 2015‬كانت‬ ‫"إسرائيل" قد بدأت بإنشاء جدار ‪ -‬أو ما تسميه بالسياج األمين‪ -‬على احلدود مع جارتها‬ ‫األردن‪ ،‬ليضاف إىل السياج املقام على احلدود مع سيناء‪ ،‬ومع اجلوالن السوري احملتل‪،‬‬ ‫لتؤمن‬ ‫وكذلك إىل اجلدار العازل يف الضفة الغربية احملتلة املقام على احلدود مع غزة ّ‬

‫وجودها الطارئ‪ ،‬وال يبدو أ ّنها ستنجح يف ذلك‪.‬‬

‫إ ًذا‪ ،‬اجتمع على املقدس ّيني يف عام ‪ 2015‬االحتالل من الداخل‪ ،‬ومن اخلارج الصمت‬ ‫والتخاذل العربي واإلسالمي بعد إعادة ترتيب األولويات يف املنطقة وانفتاح بعض الدول‬ ‫على العالقات معها‪ ،‬سواء بشكل سري أو علين‪ ،‬ومل يظهر أي حترك جدي لدعم القدس‬ ‫كما انتهى عام ‪ 2015‬واالحتالل ال يزال مينع عددًا من املرابطني واملرابطات الذين وضع‬ ‫أمساءهم ضمن "قائمة سوداء" من دخول األقصى‪ ،‬ويستعد للمزيد من والتصعيد ضد‬ ‫اإلنسان واألرض واملقدسات‪ .‬إال ّ‬ ‫أن استمرار انتفاضة القدس ودخوهلا شهرها السادس‬ ‫ّ‬ ‫وتؤكد عدم متاهيه مع‬ ‫حتى تاريخ إعداد هذا التقرير تعكس نبض الشارع الفلسطيين‬ ‫االحتالل أو تساوقه مع حالة ال ّتشتت العربي واإلسالمي باإلضافة إىل رفضه ملا ألزمت‬ ‫السلطة به نفسها ليعيد رسم خارطة الطريق إىل القدس واألقصى‪.‬‬ ‫‪ 8‬مؤسسـة القدس الدولية‬

‫ﻗﺮاءة ﻓﻲ ﻣﺴﺎر ا ﺣﺪاث واﻟﻤﺂﻻت‬

‫ﺧﻼصات‬ ‫التﻘﺮيﺮ الﺴﻨوي‬ ‫ﺣال الﻘﺪس ‪2015‬‬ ‫ﻳﺘﻨـــﺎول اﻟﺘﻘﺮﻳـــﺮ أﺑـــﺮز ا ﺣـــﺪاث اﻟﺘـــﻲ ﺟـــﺮت ﻓـــﻲ اﻟﻘـــﺪس ﺧـــﻼل ﻋـــﺎم‬ ‫‪ ،2015‬وﻳﺤـــﺎول اﺳﺘﺸـــﺮاف اﻟﻤـــﺂﻻت واﻟﺘﻄـــﻮرات ﺧـــﻼل ﻋـــﺎم ‪ 2016‬ﻣـــﻊ‬ ‫ﺗﻘﺪﻳـــﻢ اﻟﺘﻮﺻﻴـــﺎت اﻟﻤﻨﺎﺳـــﺒﺔ ﻟﻠﺠﻬـــﺎت اﻟﻤﻌﻨﻴـــﺔ‪.‬‬

‫المﺴﺠﺪ األﻗﺼﻰ‬ ‫ثان‪/‬نوفمب‬ ‫توقفت االقتحامات السياسية لألقصى بني شهري تشرين ٍ‬ ‫‪ 2014‬ومتوز‪/‬يوليو ‪ ،2015‬ثم عادت بالتزامن مع "ذكرى خراب املعبد"‬ ‫عب اقتحامات واسعة للمسجد تقدّمها عضو "الكنيست" أوري أرئيل يف‬ ‫‪.2015/7/26‬‬ ‫ص ّعد االحتالل من حدة االعتداءات على األقصى واملرابطني فيه‪ ،‬وأصدر‬ ‫امسا من املرابطات ممنوعات من‬ ‫قائم ًة "سوداء" ضمت أكثر من ‪ً 60‬‬ ‫دخول األقصى‪.‬‬ ‫أصدر وزير جيش االحتالل موشيه يعلون قرا ًرا يف ‪ ،2015/9/8‬اعتب فيه‬ ‫ما أمساه تنظيمي املرابطني واملرابطات جمموعة خارجة عن القانون‪.‬‬ ‫أصدرت احلكومة اإلسرائيلية يف ‪ 2015/11/17‬قرار حظر احلركة‬ ‫اإلسالمية‪-‬اجلناح الشمالي بذريعة التحريض ضد االحتالل‪ ،‬مع حظر‬ ‫مؤسساتها‪ ،‬والقرار يف سياق استهداف األقصى عب جتفيف مصادر‬ ‫الدعم البشري للرباط وحلقات العلم‪.‬‬ ‫‪9‬‬

‫ﺣﺎل اﻟﻘﺪس ‪2015‬‬

‫يف حماولة لوأد انتفاضة القدس‪ ،‬أعلن برعاية وزير اخلارجية‬ ‫األمريكي كريي يف ‪ ،10/24‬عن اتفاق بني امللك األردني عبد اهلل‬ ‫الثاني ورئيس وزراء االحتالل نتنياهو‪ ،‬يقضي برتكيب كامريات يف‬ ‫األقصى لـ "مراقبة مس ّبيب االستفزاز" يف املسجد وقد س ّوق االتفاق‬ ‫للتعريف اإلسرائيلي ملصطلح "الوضع القائم"‪.‬‬ ‫بعد تأجج االنتفاضة أصدر االحتالل قرا ًرا يف ‪ 10/7‬مبنع الوزراء‬ ‫وأعضاء "الكنيست" من دخول األقصى‪ ،‬ثم أوضح الح ًقا أن قراره يطال‬ ‫كل أعضاء "الكنيست" اليهود والعرب‪.‬‬ ‫أظهرت أرقام شرطة االحتالل ّ‬ ‫بأن االقتحامات يف ‪ 2015‬كانت أقل‬ ‫مقارنة بالعام السابق‪ ،‬بنسبة منخفضة‪ ،‬وأن عدد املقتحمني من اليهود‬ ‫ال سيما املتدينني‪ ،‬اخنفض مقارنة بعام ‪.2014‬‬

‫تﻄور ﻣﺸﺮوع التﻬويﺪ ﻓي‬ ‫الﻘﺪس ﺧﻼل ‪2015‬‬ ‫أقدم االحتالل على سحب بطاقات‬ ‫اهلوية الزرقاء من ‪ 107‬مقدسيني يف‬ ‫عام ‪ ،2014‬فيما وصل عدد اهلويات‬ ‫املسحوبة بني عامي ‪ 1967‬و ‪ 2013‬إىل‬ ‫‪ 14,309‬بطاقة‪.‬‬ ‫يعاني املسيحيون يف القدس من سياسات االحتالل اهلادفة لدفعهم لرتك املدينة‪.‬‬ ‫وقد بلغ عدد املسيحيني ‪ 12,400‬يف أواخر عام ‪ 2014‬يف حني كان عددهم حوالي‬ ‫‪ 60‬أل ًفا عام ‪.1979‬‬ ‫استمر مسلسل االعتداء على املقدسات املسيحية يف القدس‪ ،‬ومن ذلك إحراق‬ ‫الكنائس ككنيسة الطابغة يف ‪ ،2015/6/18‬وعمد املستوطنون إىل كتابة عبارات‬ ‫عنصرية حترض على املسيحيني‪.‬‬ ‫قام االحتالل بتضييق اخلناق على احملتفلني بعيد الفصح‪ ،‬حيث نصبت شرطة‬ ‫االحتالل مئات احلواجز واملتاريس احلديدية عند مجيع مداخل البلدة القدمية‬ ‫والطرقات املؤدية إىل كنيسة القيامة‪.‬‬ ‫‪ 10‬ﻣﺆﺳﺴـﺔ اﻟﻘﺪس اﻟﺪوﻟﻴﺔ‬

‫ﻗﺮاءة ﻓﻲ ﻣﺴﺎر ا ﺣﺪاث واﻟﻤﺂﻻت‬

‫بلغ عدد حاالت االعتقال ‪ ،2260‬وأصدر االحتالل ‪ 33‬قرا ًرا باالعتقال اإلداري ضد‬ ‫مقدسيني من بينهم ‪ 4‬أطفال‪.‬‬ ‫شكلت شرطة االحتالل "وحدة مالحقة راشقي احلجارة والزجاجات احلارقة"‪،‬‬ ‫العتقال املقدس ّيني وال ّتحقيق معهم‪ .‬كما قام االحتالل بـ "أسر" جثامني الشهداء‪،‬‬ ‫الذين قتلهم بعد اندالع انتفاضة القدس‪ ،‬وقد بلغ عدد جثامني املقدسيني‬ ‫احملتجزة بنهاية العام ‪.16‬‬ ‫هدم االحتالل ‪ 539‬مبنى ميلكه فلسطينيون يف الضفة الغربية‪ ،‬مبا فيها شرق‬ ‫القدس‪ ،‬فيما بلغ عدد منازل منفذي العمليات الفردية اليت هدمها االحتالل منذ‬ ‫اندالع االنتفاضة ‪ 26‬منز ً‬ ‫ال‪.‬‬

‫االﺳتيﻄان ﻓي الﻘﺪس‬ ‫ازداد عدد املستوطنني بالضفة الغربية‪ ،‬مبا فيها شرق القدس‪ ،‬بنسبة ‪ % 55‬خالل‬ ‫خالل السنوات السبع اليت توىل خالهلا نتنياهو رئاسة احلكومة‪ ،‬منذ عام ‪.2009‬‬ ‫بينت املعلومات ختصيص شركات إسرائيلية نسبة من أرباحها السنوية لدعم‬ ‫االستيطان‪ .‬وهي صور ٌة لتضافر كل مكونات دولة االحتالل يف دعم االستيطان‪.‬‬

‫حظيت املستوطنات بدعم مالي كبري من مجعيات ومنظمات أمريكية "خريية"‪،‬‬ ‫جتاوزت ‪ 220‬مليون دوالر بني عامي ‪ 2009‬و‪ ،2013‬ملصلحة املستوطنات واألنشطة‬ ‫االستيطانية‪.‬‬ ‫شهد عام ‪ 2015‬مزيدًا من ال ّتوسع والتمدد للجمعيات االستيطانية بهدف خلق‬ ‫بؤر استيطانية يف القدس‪ ،‬حيث نفذت الكثري من احلفريات وإسكان عائالت يهودية‬ ‫يف األحياء العربية‪.‬‬ ‫‪11‬‬

‫ﺣﺎل اﻟﻘﺪس ‪2015‬‬

‫اﻧتﻔاﺿﺔ الﻘﺪس‬ ‫استمر احلراك الشعيب منذ بداية عام ‪ ،2015‬ما‬ ‫شكل األرضية الفعلية لتجدد احلراك بفاعلية‬ ‫يف تشرين أول‪/‬أكتوبر‪ ،‬مع ازدياد لعمليات إلقاء‬ ‫الزجاجات احلارقة واحلجارة حيث وصلت يف‬ ‫شهر أيلول‪/‬سبتمب إىل ‪ 68‬عملية‪.‬‬

‫شكلت عملية "بيت فوريك" يف ‪،2015/10/1‬‬ ‫أوىل عمليات االنتفاضة‪ ،‬حيث قام مقاومون‬ ‫ْ‬ ‫مستوطنني قرب مستوطنة "إيتمار" وقد‬ ‫بقتل‬ ‫ساهمت العملية يف رفع حجم وتأثري االنتفاضة‪.‬‬

‫اعتبت عمليتا الشهيد مهند احلليب يف‬ ‫ْ‬ ‫احلدثني‬ ‫‪ ،10/3‬والشهيد فادي علون يف ‪،10/4‬‬ ‫الدافعني لالنتفاضة‪ ،‬وأبرزتا ً‬ ‫ْ‬ ‫جيال جديدًا يسعى‬ ‫لكسر منظومة االحتالل‪.‬‬

‫عاما‪ ،‬كما شكلت‬ ‫تراوحت أعمار املشاركني يف عمليات االنتفاضة بني الـ ‪ 12‬والـ ‪ً 55‬‬ ‫عاما حنو ‪ %80‬من جممل منفذي العمليات‪.‬‬ ‫الشرحية العمرية من عمر ‪ 12‬حتى ‪ً 28‬‬

‫حاول االحتالل السيطرة على االنتفاضة يف وسائل التواصل‪ ،‬فشكلت وزارة اخلارجية‬ ‫متخصصا يف مراقبة اإلنرتنت‪ ،‬ورصد "أي مقطع أو منشور حيرض‬ ‫طاقما‬ ‫اإلسرائيلية‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫على تنفيذ عمليات"‪.‬‬

‫اعتقل االحتالل ‪130‬‬ ‫فلسطينيا بسبب "نشاطهم عب مواقع التواصل االجتماعي"‪،‬‬ ‫ًّ‬ ‫‪ 40‬منهم من القدس ُحكم بعضهم لفرتات متفاوتة‪ ،،‬كما ُقدمت لوائح اتهام ضد ‪27‬‬ ‫ريا بتهمة "التحريض"‪.‬‬ ‫أس ً‬ ‫أمام تطور االنتفاضة وانتشارها‪ ،‬اختذ االحتالل تدابري أش ّد قسوة‪ ،‬فقام بنشر ‪3000‬‬ ‫عنصر من الشرطة وحرس احلدود يف أحياء القدس‪ ،‬وفرض غرامات على راشقي‬ ‫احلجارة تصل لـ ‪ 3‬آالف دوالر‪ ،‬مع السماح للشرطة بإطالق النار بشكل مباشر‪.‬‬ ‫‪ 12‬ﻣﺆﺳﺴـﺔ اﻟﻘﺪس اﻟﺪوﻟﻴﺔ‬

‫ﻗﺮاءة ﻓﻲ ﻣﺴﺎر ا ﺣﺪاث واﻟﻤﺂﻻت‬

‫ّ‬ ‫ضرر يف املباني‬ ‫وظف االحتالل تفجري منازل منفذي العمليات‪ ،‬ليحدث أكب ٍ‬ ‫احمليطة وتعميم العقوبة قدر اإلمكان‪ ،‬كما كان يغلق املنطقة بشكل كامل‪،‬‬ ‫ويفرض إجراءات تعسفية حبق السكان‪.‬‬ ‫مع ازدياد العمليات اليت استهدفت الباصات أعاد االحتالل تفعيل وحدة "حراسة‬ ‫وسائل النقل العام"‪ ،‬بعد ‪ 9‬سنوات من تفكيكها‪ ،‬حيث نشر مئات احلراس يف‬ ‫الباصات وحمطات االنتظار‪.‬‬

‫المﺸﻬﺪ اﻹﺳﺮاﺋيﻠي‬ ‫بعد االنتخابات اإلسرائيلية شكل نتنياهو حكومة مستندة إىل أغلبية هشة‪ ،‬حيث‬ ‫حازت ‪ 61‬صو ًتا يف "الكنيست"‪ ،‬وهي ذات طابع مييين صرف‪ ،‬تض ّم ‪ 5‬أحزاب‪ ،‬من‬ ‫بينها "الليكود" و"البيت اليهودي"‪.‬‬ ‫حالة القلق اليت تعيشها دولة االحتالل من إمكان ّية حدوث اخرتاقات حدوديّة‪،‬‬ ‫دفعها إىل إحاطة نفسها باألسوار واجلدران‪ ،‬فصادقت يف حزيران‪/‬يونيو على‬ ‫إقامة سور على احلدود مع األردن بكلفة إمجالية تبلغ ‪ 3‬مليار شيكل واعتبته من‬ ‫مقتضيات "األمن الوطين"‪.‬‬ ‫أظهرت استطالعات ّ‬ ‫بأن ‪ % 73‬من اإلسرائيليني غري راضني عن أداء وسياسات‬ ‫نتنياهو بعد انتفاضة القدس‪ ،‬مع أن شعبيته مل تتأثر سل ًبا على خلفية احلرب‬ ‫على غزة عام ‪.2014‬‬ ‫قررت احلكومة اإلسرائيلية يف ‪ 5/19‬تنفيذ عدد من املشاريع اليت تهدف إىل تعزيز‬ ‫املدينة احملتلة اقتصاديًا‪ ،‬باإلضافة إىل خطة إلصالح البنية التحتية يف القدس‬ ‫ّ‬ ‫احملتل عب افتتاح مركز لل ّزوّار يف املكان عام‬ ‫السياحة إىل حائط الباق‬ ‫وتشجيع ّ‬ ‫‪.2017‬‬ ‫‪13‬‬

‫ﺣﺎل اﻟﻘﺪس ‪2015‬‬

‫الﺴﻠﻄﺔ الﻔﻠﺴﻄيﻨ ﹼيﺔ‬ ‫ﹼ‬ ‫ص ّرح الرئيس حممود عباس قبل أسبوعني من‬ ‫انتخابات "الكنيست" بأ ّنه "مستع ّد للتفاوض‬ ‫أي طرف منتخب" مؤكدًا ّ‬ ‫مع ّ‬ ‫أن "من جاء‬ ‫على رأس السلطة باسم الشعب اإلسرائيلي‬ ‫حنن نعتبه الشريك ونتفاوض معه‪ ،‬أيًّا‬ ‫كان هذا الرجل وأيًّا كانت سياساته"‪.‬‬ ‫استعداد السلطة الدائم للتفاوض مل يتأثر‬ ‫باستمرار تهويد القدس وال باالقتحامات‬ ‫واالعتداءات املستمرة على األقصى‪.‬‬ ‫بعد انضمام دولة فلسطني حملكمة اجلنايات الدولية‪ ،‬مل تقدّم أي ملف هلا‪ ،‬وال تزال‬ ‫السلطة تتحدث عن "ملفات سوف تقدّم"‪ ،‬مما يؤكد عدم جلوء السلطة إىل املسار‬ ‫القانوني ملواجهة االحتالل‪.‬‬ ‫شهدت األشهر الثالثة األخرية من عام ‪ً 2015‬‬ ‫مزيدا من التنسيق األمين‪ ،‬حتى شهد‬ ‫لألجهزة األمنية الفلسطينية قادة يف استخبارات وجيش االحتالل بالتعاون املثمر‬ ‫الذي أدّى إىل إحباط ‪ 200‬عملية‪.‬‬

‫الﻔﺼاﺋﻞ الﻔﻠﺴﻄيﻨيﺔ‬ ‫مع عودة اقتحامات األقصى العنيفة‪ ،‬بدأ تفاعل‬ ‫الفصائل أكثر اقرتابًا ومالمس ًة للواقع‪ ،‬حيث‬ ‫دعت للتصدي للمستوطنني وقوات االحتالل‬ ‫بكل السبل املتاحة‪ .‬كما أن تصرحياتها بدت‬ ‫متضخمة باملقارنة مع سلوكها امليداني‪.‬‬ ‫شكلت انتفاضة القدس االمتحان األصعب للفصائل الفلسطينية‪ ،‬فعلى الرغم من‬ ‫تبين الفصائل لعدد من منفذي العمليات‪ ،‬إال أنها بقيت يف اإلطار الفردي مبعزل عن‬ ‫القرار الفصائلي املنظم‪.‬‬ ‫‪ 14‬ﻣﺆﺳﺴـﺔ اﻟﻘﺪس اﻟﺪوﻟﻴﺔ‬

‫ﻗﺮاءة ﻓﻲ ﻣﺴﺎر ا ﺣﺪاث واﻟﻤﺂﻻت‬

‫األردن‬ ‫أعاد األردن يف ‪ 2/2‬السفري األردني إىل‬ ‫"تل أبيب" بعد ما استدعاه يف تشرين‬ ‫ثان‪/‬نوفمب ‪ 2014‬على خلفية إغالق‬ ‫ٍ‬ ‫االحتالل املسجد األقصى بوجه املسلمني‪،‬‬ ‫قرار إعادة السفري األردني استند إىل ّ‬ ‫أن‬ ‫"إسرائيل اختذت خطوات لتخفيف التوتر‬ ‫يف األقصى"‪.‬‬ ‫قدّم األردن مشروع قرار يف أيلول‪/‬سبتمب ملناقشته يف جملس األمن ّ‬ ‫لكن مسودة‬ ‫بالسماح للمسلمني بالصالة يف األقصى‬ ‫القرار جاءت ضمن دائرة مطالبة االحتالل ّ‬ ‫و"ال ّتع ّبد بسلم وهدوء"‪.‬‬ ‫متمسك باستعادة إدارة السياحة يف األقصى بشكل‬ ‫كشفت مصادر بأن األردن‬ ‫ّ‬ ‫كامل وف ًقا ملا كان األمر عليه قبل انتفاضة األقصى‪ ،‬إذ كان البنامج بيد‬ ‫األوقاف اإلسالمية‪ ،‬حبيث يسمح بدخول غري املسلمني من خالل إدارة األوقاف ومن‬ ‫دون احلاجة إىل ّ‬ ‫اخلاصة اإلسرائيل ّية‪.‬‬ ‫الشرطة والق ّوات‬ ‫ّ‬

‫الﺪول الﻌﺮبيﺔ واﻹﺳﻼﻣيﺔ‬ ‫مل تقدّم الدول العربية واإلسالمية بشكل عام أي جديد‬ ‫جتاه القدس واألقصى بل ّ‬ ‫إن الفتور هو الصبغة العامة‬ ‫للموقف الرمسي العربي واإلسالمي يف ّ‬ ‫ظل إعادة ترتيب‬ ‫األولويات‪ ،‬وسعي بعض الدول للتطبيع مع االحتالل‪.‬‬ ‫كانت احملاولة العربية واإلسالمية العمل ّية لل ّتضامن‬ ‫مع القدس واألقصى‪ ،‬عب قرع باب خمت َلف على دخوله‬ ‫بني أطياف األمة‪ ،‬وهو زيارة املسجد والقدس حتت‬ ‫االحتالل اإلسرائيلي‪ .‬مع عرض هذه ال ّزيارات بأنها‬ ‫الطريقة األوىل لدعم املقدسيني‪.‬‬ ‫‪15‬‬

‫ﺣﺎل اﻟﻘﺪس ‪2015‬‬

‫الواليات المتحﺪة‬

‫االتحاد األوروبي‬

‫استم ّر ال ّتوتر بني نتنياهو والرئيس‬ ‫األمريكي باراك أوباما عام ‪2015‬‬ ‫على خلفية موقف نتنياهو من‬ ‫االتفاق النووي اإليراني وحماولته‬ ‫عرقلة توقيع االتفاق‪.‬‬ ‫عقب االعتداءات اإلسرائيلية على‬ ‫األقصى واندالع انتفاضة القدس‪،‬‬ ‫أبدت الواليات املتحدة قلقها من‬ ‫تدحرج األوضاع‪ .‬وقد تدخلت لوقف‬ ‫"التوتر"‪ ،‬ومت االتفاق بني اجلانبني‬ ‫األردني واإلسرائيلي برعاية أمريكية‪،‬‬ ‫بوضع كامريات مراقبة يف األقصى‪،‬‬ ‫لاللتفاف على انتفاضة القدس ومنع‬ ‫متدد املقاومة‪.‬‬

‫أق ّرت املفوضية األوروبية‪ ،‬يف ‪11/11‬‬

‫قرار وسم منتجات املستوطنات‪ ،‬من‬ ‫باب إعالم املستهلك بأصل البضائع‬ ‫املعروضة عليه وليس من باب‬ ‫العقوبات أو املقاطعة لـ "إسرائيل"‪.‬‬ ‫شهد عام ‪ 2015‬بعض األزمات‬ ‫الدبلوماسية بني بعض دول االحتاد‬ ‫و"إسرائيل" على خلفية عدم‬ ‫االعرتاف بسيادة "إسرائيل" على شرق‬ ‫القدس حيث ألغى عدد من املسؤولني‬ ‫األوروبيني زيارتهم لالحتالل بسبب‬ ‫عقد اللقاءات الرمسية مع مسؤولني‬ ‫يف دولة االحتالل يف شرق القدس‪.‬‬

‫المﺂالت‬ ‫‪ 1‬انتفاضة القدس مرشحة لالستمرار خالل عام ‪ ،2016‬بصرف النظر عن وترية‬ ‫العمليات‪.‬‬ ‫‪ 2‬مضي االحتالل يف مشاريع تهويد القدس واألقصى يف ظل رصد املوازنات هلذا‬ ‫اهلدف واستمرار احلديث إسرائيل ًيا عن القدس املوحدة عاصمة للدولة العبية‪.‬‬ ‫‪ 3‬عودة حماوالت االحتالل احملمومة لتقسيم األقصى‪ ،‬يف ظل احلصار املفروض على‬ ‫الرباط‪.‬‬ ‫‪ 4‬ضعف إمكانية عودة املفوضات بني الطرفني الفلسطيين واإلسرائيلي‪ ،‬على ضوء‬ ‫انشغال الواليات املتحدة باالنتخابات الرئاسية‪.‬‬ ‫‪ 16‬ﻣﺆﺳﺴـﺔ اﻟﻘﺪس اﻟﺪوﻟﻴﺔ‬

‫قراءة في مسار األحداث والمآالت‬

‫التوصيات‬

‫السلطة الفلسطينية‪:‬‬

‫وقف ال ّتنسيق األمين مع االحتالل‪ ،‬والعمل على دعم االنتفاضة‪ ،‬مع االستفادة من‬ ‫عضوية حمكمة اجلنايات الدولية‪.‬‬

‫الفصائل والقوى الفلسطينية‪:‬‬

‫العمل على استمرار االنتفاضة‪ ،‬وتفعيل اجلهود اجلماهريية واإلعالمية لدعم‬ ‫القدس واملقدسيني‪ ،‬إضاف ًة لتأسيس شبكة أمان اجتماعية ومالية لتعويض‬ ‫الشهداء واألسرى عن ما يسببه االحتالل هلم من خسائر معنوية ومادية‪.‬‬

‫األردن‪:‬‬

‫دعم حراس األقصى واملرابطني واملرابطات‪ .‬ودعم املؤسسات األردنية الشعبية اليت‬ ‫حتمل على عاتقها مسؤولية الدفاع عن القدس واألقصى‪.‬‬

‫شباب انتفاضة القدس‪:‬‬

‫ابتكار الوسائل املتنوعة يف العمليات ضد االحتالل‪ .‬وإجياد قيادة ميدانية تدير‬ ‫سرا أو عل ًنا‪.‬‬ ‫شؤون االنتفاضة بالطريقة املناسبة‪ًّ ،‬‬

‫الدول العربية واإلسالمية‪:‬‬

‫دعم القدس واملقدسيني واملقدسات واالنتفاضة‪ .‬ووقف التقارب والتطبيع مع‬ ‫االحتالل‪ .‬وعدم تقديم أي غطاء للمفاوضات مع االحتالل اإلسرائيلي‪.‬‬

‫اهليئات واملنظمات العربية واإلسالمية‪:‬‬

‫التضامن مع الشعب الفلسطيين‪ ،‬وتقديم الدعم املادي واملعنوي‪ .‬والضغط على‬ ‫احلكومات العربية واإلسالمية للقيام بدورها جتاه القدس وقضية فلسطني‪.‬‬ ‫واعتماد اخلطاب الوحدوي الذي تشكل القدس أهم ركائزه‪.‬‬

‫‪17‬‬

‫ﺣﺎل اﻟﻘﺪس ‪2015‬‬

‫اﻧﻔﻮﺟﺮاف‬ ‫ﺗﻘﺮﻳﺮ ﺣﺎل اﻟﻘﺪس اﻟﺴﻨﻮي ‪2015‬‬ ‫اﻗﺘﺤﻢ ا ﻗﺼﻰ‬ ‫ﺧﻼل ﻫﺬا اﻟﻌﺎم‬

‫‪10,766‬‬

‫ﻣﺴﺘﻮﻃﻨً ﺎ وﺟﻨﺪ ًّﻳﺎ‬ ‫إﺳﺮاﺋﻴﻠﻴﺎ‬ ‫ًّ‬

‫ّ‬ ‫ﻳﺸﻜﻞ اﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻴﻮن‬

‫‪% 37‬‬

‫‪% 75,4‬‬

‫‪% 83,9‬‬

‫ﻣﻨﻬﻢ ﺗﺤﺖ ﺧﻂ اﻟﻔﻘﺮ‬

‫ﻣﻦ ا ﻃﻔﺎل‬

‫ﺳﺠﻠﺖ اﻟﻘﺪس "ﻫﺠﺮة ﺳﻠﺒﻴﺔ" ﺑﻴﻦ اﻟﻤﺴﺘﻮﻃﻨﻴﻦ‬

‫ﻣﻦ ﺳﻜﺎن اﻟﻘﺪس‬

‫ﻋﺎم ‪ 2014‬ﺑﻠﻐﺖ ﻧﺤﻮ ‪6740‬‬

‫ﻣﺴﺘﻮﻃﻨً ﺎ‪.‬‬

‫ﻓﻴﻤﺎ ﻛﺎن ﻋﺪدﻫﻢ‬ ‫ﻋﺎم ‪ 1979‬ﺣﻮاﻟﻲ‬

‫‪60,000‬‬

‫ﻋﺎم ‪ 2014‬ﺑﻠﻎ ﻋﺪد‬ ‫اﻟﻤﺴﻴﺤﻴﻴﻦ ﻧﺤﻮ‬ ‫‪ 18‬ﻣﺆﺳﺴـﺔ اﻟﻘﺪس اﻟﺪوﻟﻴﺔ‬

‫‪12,400‬‬

‫ﺑﻠﻎ ﻋﺪد ﺣﺎﻻت اﻻﻋﺘﻘﺎل‬ ‫ﺑﻴﻦ اﻟﻤﻘﺪﺳﻴﻴﻦ‬

‫‪2260‬‬

‫ﺣﺎﻟﺔ‬

‫ﺗﺠ‬ ‫ا ‬ ‫ﻟﻼ‬

‫أد‬ ‫ﻟﻤ‬ ‫‪0‬‬ ‫و‬ ‫اﻟ‬

‫ﻗﺮاءة ﻓﻲ ﻣﺴﺎر ا ﺣﺪاث واﻟﻤﺂﻻت‬

‫أﺻﺪر اﻻﺣﺘﻼل‬

‫أﻋﺎد اﻻﺣﺘﻼل اﻋﺘﻘﺎل‬

‫‪7‬‬

‫‪33‬‬

‫أﺳﺮى ﻣﻘﺪﺳﻴﻴﻦ‬ ‫ﻣﻦ ا ﺳﺮى اﻟﻤﺤﺮرﻳﻦ‬ ‫ﻓﻲ ﺻﻔﻘﺔ "وﻓﺎء ا ﺣﺮار"‬

‫ﻗﺮا ًرا ﺑﺎﻻﻋﺘﻘﺎل ا داري‬ ‫ﺿﺪ ﻣﻘﺪﺳﻴﻴﻦ ﻣﻦ‬

‫ﺑﻴﻨﻬﻢ ‪4‬‬

‫أﻃﻔﺎل‬ ‫ﺗﻢ ﺑﻨﺎء‬

‫‪1,800‬‬ ‫ﺗﺠﺎوز اﻟﺪﻋﻢ‬ ‫ا ﻣﺮﻳﻜﻲ "اﻟﺨﻴﺮي"‬ ‫ﻟﻼﺳﺘﻴﻄﺎن‬

‫‪% 50‬‬

‫‪% 71‬‬

‫ﻫﺪم اﻻﺣﺘﻼل‬

‫‪$‬‬

‫‪$‬‬ ‫‪$‬‬

‫‪$‬‬

‫‪539‬‬

‫ﻣﺒﻨـــﻰ ﻳﻤﻠﻜﻪ ﻓﻠﺴـــﻄﻴﻨﻴﻮن ﻓﻲ‬ ‫اﻟﻀﻔـــﺔ اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ‪ ،‬ﺑﻤﺎ ﻓﻴﻬﺎ ﺷـــﺮق‬ ‫اﻟﻘﺪس‪.‬‬

‫وﺣﺪة اﺳـــﺘﻴﻄﺎﻧﻴﺔ ﺟﺪﻳﺪة‬ ‫ﻓﻲ اﻟﻀﻔﺔ‪ ،‬وﺷـــﻬﺪ ﻧﺸـــﺮ‬ ‫ﻋﻄـــﺎءات ﻟــــ ‪ 1143‬وﺣـــﺪة‬ ‫ﻣﻨﻬﺎ ‪ 583‬ﻓﻲ ﺷﺮق اﻟﻘﺪس‬

‫ﻫﺪم اﻻﺣﺘﻼل‬

‫‪26‬‬

‫ﻣﻨﺰ ًﻻ ﻓﻲ اﻟﻀﻔﺔ ﺑﻤﺎ ﻓﻴﻬﺎ ﺷﺮق اﻟﻘﺪس‪،‬‬ ‫ﻟﻤﻨﻔﺬي اﻟﻌﻤﻠﻴﺎت اﻟﻔﺮدﻳﺔ‪ ،‬ﻣﻨﺬ اﻧﺪﻻع‬ ‫اﻻﻧﺘﻔﺎﺿﺔ ﺣﺘﻰ ﻧﻬﺎﻳﺔ ‪.2015‬‬

‫‪$ 220,000,000‬‬ ‫ﺑﻴﻦ ﻋﺎﻣﻲ ‪ 2009‬و‪2013‬‬

‫ّ‬ ‫ﻣﻨﻔﺬي اﻟﻌﻤﻠﻴﺎت اﻟﻔﺮدﻳﺔ‬ ‫ﻣﻦ‬

‫‪77‬‬

‫ﻋﺎﻣﺎ‬ ‫أﻋﻤﺎرﻫﻢ أﻗﻞ ﻣﻦ ‪ً 20‬‬

‫ﻣﻨﻬﻢ دون اﻟـ ‪25‬‬

‫‪52‬‬

‫ﻋﺎﻣﺎ‬ ‫ً‬

‫‪25‬‬

‫‪%‬‬

‫‪%‬‬

‫‪%‬‬

‫أﺻﻴﺐ‬ ‫ﺣﻮاﻟﻲ‬ ‫أدت اﻻﻧﺘﻔﺎﺿـــﺔ ﺧـــﻼل ‪2015‬‬ ‫إﺳـــﺮاﺋﻴﻠﻴﺎ‪ ،‬وأﺻﻴﺐ‬ ‫ﻟﻤﻘﺘﻞ ‪25‬‬ ‫ً‬ ‫‪ 280‬آﺧـــﺮون‪ 8 ،‬ﻣﻨﻬـــﻢ ﻗﺘﻠﻮا‬ ‫وأﺻﻴﺐ ‪ 60‬آﺧـــﺮون ﻓﻲ ﻣﺪﻳﻨﺔ‬ ‫اﻟﻘﺪس اﻟﻤﺤﺘﻠﺔ وﺣﺪﻫﺎ‪.‬‬

‫‪8,000‬‬ ‫‪1500‬‬

‫إﺳـــﺮاﺋﻴﻠﻲ ﺑﻴﻨﻬﻢ‬ ‫ﻓـــﻲ اﻟﻘـــﺪس وﺣﺪﻫـــﺎ‪،‬‬ ‫ﺑﺎﻟﺼﺪﻣﺔ اﻟﻨﻔﺴـــﻴﺔ واﻟﺨﻮف‬ ‫اﻟﺸـــﺪﻳﺪ ﺧـــﻼل أﺷـــﻬﺮ‬ ‫اﻻﻧﺘﻔﺎﺿﺔ اﻟﺜﻼﺛﺔ ﺧﻼل ‪.2015‬‬

‫ﻳﺸﻌﺮون‬ ‫ﺗﺎم‬ ‫ﺑﺎﻧﻌﺪام ّ‬ ‫ﻟ»ﻣﻦ‪.‬‬ ‫ﻻ ﻳﺸﻌﺮون ﺑﺄﻣﻦ ﻛﺒﻴﺮ"‬ ‫ﻣﻦ ا ﺳﺮاﺋﻴﻠﻴﻴﻦ‬ ‫ﻳﺸﻌﺮون ﺑﺎﻧﻌﺪام ا ﻣﻦ‬

‫‪19‬‬

‫ﺣﺎل اﻟﻘﺪس ‪2015‬‬

‫أو ً‬ ‫ال‪ :‬املسجد األقصى‪:‬‬

‫مت ّكن االحتالل من تسييل اهل ّبة الشعب ّية عام ‪2014‬‬

‫(ه ّبة أبو خضري) عب مجلة إجراءات‪ ،‬يضاف هلا‬ ‫االجتماع الثالثي الذي عقد يف عمان يف تشرين‬ ‫ثان‪/‬نوفمب والذي حضره كل من وزير اخلارجية‬ ‫ٍ‬ ‫األمريكي جون كريي‪ ،‬وامللك األردني عبد اهلل‬ ‫الثاني‪ ،‬ورئيس حكومة االحتالل بنيامني نتنياهو‪،‬‬ ‫حيث جرى االتفاق على منع االقتحامات السياسية‬ ‫اليت تعين بشكل أو بآخر التبين الرمسي لالقتحامات‬ ‫وبناء "املعبد"‪ .‬وبالفعل‪ ،‬فقد توقفت االقتحامات‬ ‫ثان‪/‬نوفمب حتى شهر‬ ‫السياسية لألقصى منذ تشرين ٍ‬

‫ص ّعد االحتالل من وترية‬ ‫استهدافه للمسجد األقصى‬ ‫عام ‪ 2015‬مع خطوات بدا‬ ‫معها يقرتب أكثر باجتاه فرض‬ ‫التقسيم الزمين ّ‬ ‫فركز على‬ ‫جتفيف روافد دعم املسجد‪،‬‬ ‫ال سيما العنصر البشري‪ ،‬من‬ ‫خالل التصويب على املرابطني‬ ‫واملرابطات وتقييد دخوهلم إىل‬ ‫املسجد وتصنيفهم باجملموعة‬ ‫اخلارجة عن القانون باإلضافة‬ ‫إىل استمرار احلفريات والبناء‬ ‫التهويدي أسفل األقصى ويف‬ ‫حميطه‬

‫متوز‪/‬يوليو ‪ 2015‬حيث عادت بالتزامن مع "ذكرى‬ ‫خراب املعبد" واقتحامات واسعة للمسجد تقدّمها عضو "الكنيست" أوري أرئيل ("البيت‬

‫اليهودي")‪ .‬إال ّ‬ ‫أن اهلدوء النسيب الذي أعقب هذا "االنضباط" اإلسرائيلي‪ ،‬وهو انضباط‬ ‫حمصن مبوقف سياسي عربي حاسم‪ ،‬أغرى اإلسرائيلي بالعودة إىل التصعيد فعادت‬ ‫غري‬ ‫ّ‬ ‫االقتحامات السياسية مع سلسلة من اإلجراءات اليت ال تفيد إال اجتاه االحتالل حنو‬ ‫سيناريو التقسيم الزمين للمسجد وإحكام السيطرة عليه‪ .‬وقد شكلت جمموعة هذه‬ ‫اإلجراءات وصور االعتداءات اليومية على املصلني واقتياد املرابطات إىل مراكز الشرطة‬ ‫وقودًا لتحرك شعيب متجدد رسم باألمحر‪ ،‬مرة أخرى‪ً ،‬‬ ‫خطا يدافع عن األقصى واملقدسات‪.‬‬

‫‪ 20‬ﻣﺆﺳﺴـﺔ اﻟﻘﺪس اﻟﺪوﻟﻴﺔ‬

‫قراءة في مسار األحداث والمآالت‬

‫األقصى يف قلب االستهداف‬ ‫ضبط االحتالل وترية االقتحامات‬ ‫السياسية منذ أواخر عام ‪ 2014‬وف ًقا‬ ‫ملا فرضته ضرورات "عدم استفزاز"‬ ‫ً‬ ‫اجتاها فعل ًيا‬ ‫يتلمسون‬ ‫املسلمني الذين ّ‬ ‫لدى االحتالل إلنفاذ مشاريعه على‬ ‫األرض‪ ،‬ال سيما منها مشروع التقسيم‬ ‫الزمين لألقصى‪ .‬وكان االتفاق‬

‫أرئيل يف األقصى يف رأس السنة العربية ‪2015‬‬

‫ثان‪/‬‬ ‫الثالثي يف عمان يف تشرين ٍ‬

‫نوفمرب ‪ 2014‬أقنع نتنياهو بضرورة كبح اهلجمة على األقصى لكيال تؤدي إىل انفجار‬ ‫الوضع يف وجهه من دون التمكن من السيطرة على الوضع‪ ،‬فكان التعميم الذي أرسله إىل‬ ‫رئيس "الكنيست" بضرورة أن يتوقف النواب عن اقتحام األقصى‪ ،‬وهو ما كان باستثناءات‬

‫ثان‪/‬نوفمرب ‪ 2014‬مع اقتحامات ن ّفذها موشيه فيجلني وتسييب‬ ‫حمدودة يف تشرين ٍ‬ ‫حوتوفلي (ليكود) وأوري أرئيل (البيت اليهودي)‪ .‬ويف هذا الوقت مل تتوقف اقتحامات‬ ‫املستوطنني‪ ،‬باستثناء منعها من قبل شرطة االحتالل يف العشر األواخر من شهر رمضان‬ ‫وأيام عيد الفطر‪.‬‬ ‫لكن احلكومة اإلسرائيلية ال تستطيع "مراعاة الفلسطينيني" إىل ما ال نهاية‪ ،‬ال سيما‬ ‫مع حالة التململ والشكوى يف أوساط "منظمات املعبد" وأعضاء "الكنيست" الداعمني‬ ‫هلم واليت تثريها حاالت منع شرطة االحتالل لليهود من اقتحام األقصى‪ .‬وهكذا‪ ،‬كانت‬ ‫"مرحلة التهدئة" مبثابة اخلطوة اليت َ‬ ‫خطتها احلكومة إىل الوراء لتقفز من بعدها خطوات‬ ‫واضحا أنها خطوات حنو تثبيت تقسيم األقصى زمن ًيا‪ .‬فكانت‬ ‫كبرية إىل األمام كان‬ ‫ً‬ ‫‪21‬‬

‫حال القدس ‪2015‬‬

‫عودة االقتحامات السياسية مع "ذكرى خراب املعبد" يف ‪ 2015/7/26‬حيث تقدم أرئيل‬ ‫اقتحامات املستوطنني ثم عاد ليقتحم املسجد ثانية يف ‪ 2015/9/13‬ضمن االحتفال مبا‬ ‫يسمى رأس السنة العربية وليت ّوج اقتحامه بنشر شريط له على شبكة اإلنرتنت يدعو فيه‬ ‫اليهود إىل "الصعود إىل جبل املعبد والصالة فيه"‪ .‬ومل يكن هذا االقتحام إال بداية لتصعيد‬ ‫مسعور يف االعتداءات على األقصى وأهله وروّاده فسرعان ما أصدر االحتالل "قائمة سوداء"‬ ‫ّ‬ ‫كلهن ممنوعات من دخول‬ ‫امسا‬ ‫بأمساء ‪ 25‬مرابطة تطورت الح ًقا لتضم أكثر من ‪ً 60‬‬ ‫صباحا‬ ‫األقصى‪ .‬وقد منع االحتالل النساء من دخول املسجد ما بني السابعة والنصف‬ ‫ً‬ ‫واحلادية عشرة ظه ًرا أي بالتزامن مع اقتحامات املستوطنني‪ ،‬فيما نساء "القائمة السوداء"‬ ‫ممنوعات من الدخول إىل ما بعد فرتة االقتحامات الثانية‪ ،‬أي إىل الثانية والنصف عص ًرا‪.‬‬ ‫وبالتوازي مع هذا القرار‪ ،‬كانت شرطة االحتالل تعتدي بالضرب على املرابطات عند أبواب‬ ‫ّ‬ ‫بعضهن إىل مركز الشرطة للتحقيق‪ ،‬كما تزايدت إجراءات التضييق‬ ‫املسجد‪ ،‬وتقتاد‬ ‫تتضمن ال ّتفتيش واحتجاز اهلويّات إىل‬ ‫على الداخلني إىل املسجد وإخضاعهم إلجراءات‬ ‫ّ‬ ‫حني خروجهم من املسجد ضمن مشهد يقول االحتالل من خالله إن األمر له‪.‬‬ ‫كما ه ّربت احلكومة اإلسرائيلية يف ‪ 2015/11/17‬قرا ًرا حبظر احلركة اإلسالمية‪-‬‬ ‫اجلناح الشمالي بذريعة التحريض ضد االحتالل‪ ،‬مع حظر مؤسساتها‪ ،‬وهي يف جزء‬ ‫ّ‬ ‫وبغض النظر عن ّ‬ ‫أي تربيرات ساقها االحتالل يف‬ ‫منها تتوىل رفد الرباط يف األقصى‪.‬‬ ‫هذا السياق ّ‬ ‫فإن القرار ال ميكن فصله عن مشروع استهداف األقصى عرب جتفيف مصادر‬ ‫الدعم البشري الذي يعتمد يف جزء منه على الرباط وحلقات العلم وحماوالت االستفراد‬ ‫باملسجد من دون ّ‬ ‫أي عرقلة‪.‬‬

‫‪ 22‬مؤسسـة القدس الدولية‬

‫قراءة في مسار األحداث والمآالت‬

‫األقصى وانتفاضة القدس‬ ‫بعد اندالع انتفاضة القدس اليت‬ ‫أججها االحتالل ومتاديه يف االعتداء‬ ‫ّ‬ ‫على األقصى كان ال بد من حماولة‬ ‫مشابهة التفاق عمان ‪ 2014‬الذي‬ ‫التأم لبحث "سبل منع التوتر يف‬ ‫القدس"‪ .‬وهكذا جمددًا‪ ،‬خرج من‬ ‫حتت عباءة وزير اخلارجية األمريكي‬

‫االحتالل مينع الفلسطينيني من دخول األقصى فيصلون‬ ‫عند أبوابه‬

‫جون كريي اتفاق بني األردن ودولة االحتالل يف ‪ 2015/10/24‬يقضي برتكيب كامريات‬ ‫لـ "مراقبة مس ّبيب االستفزاز" يف املسجد ويس ّوق التعريف اإلسرائيلي ملصطلح "الوضع‬ ‫القائم"‪.‬‬ ‫لكن بصرف النظر عن تفاصيل هذا االتفاق ودالالته ّ‬ ‫فإن األقصى ش ّكل مرة أخرى خالل‬ ‫عقود االحتالل يف فلسطني سب ًبا أساس ًيا يف إشعال احلراك الشعيب‪ ،‬فعرقل مشروع‬ ‫التقسيم الزمين والتفرد باألقصى الذي جي ّند االحتالل أدواته لتحقيقه‪ .‬وكما يف اهل ّبة‬ ‫السابقة‪ّ ،‬‬ ‫فإن نتنياهو حرص على تأكيد التزامه بالوضع القائم ونفى أي نية لتقسيم‬ ‫املسجد‪ ،‬كما أصدر قرا ًرا يف ‪ 2015/10/7‬يأمر الشرطة مبنع الوزراء وأعضاء "الكنيست"‬ ‫اليهود من دخول املسجد‪ ،‬ثم أوضح أن قراره يطال كل أعضاء "الكنيست" بعد اعرتاض‬ ‫عدد من النواب اليهود وتهديدهم باالستقالة من االئتالف احلكومي‪.‬‬ ‫تعاطي االحتالل مع انتفاضة القدس أظهر حرصه على عدم املساس بقواعد التهويد‬ ‫األساسية فاستمرت االقتحامات خالل األشهر الثالثة األخرية من عام ‪ ،2015‬أي بالتزامن‬ ‫مع احلراك الشعيب‪ ،‬وسجلت‬ ‫ارتفاعا بالتزامن مع "عيد األنوار" ما بني ‪ 6‬و‪ 14‬كانون‬ ‫ً‬ ‫‪23‬‬

‫حال القدس ‪2015‬‬

‫أن أرقام شرطة االحتالل أظهرت ّ‬ ‫أول‪/‬ديسمرب‪ ،‬إال ّ‬ ‫أن االقتحامات كانت أقل مقارنة‬ ‫بالعام السابق‪ ،‬وإن بنسبة منخفضة‪ .‬ووفق تقرير نشرته صحيفة "ماكور ريشون" ّ‬ ‫فإن‬

‫عدد املقتحمني من اليهود‪ ،‬ال سيما املتدينني منهم‪ ،‬احندر مقارنة بعام ‪ 2014‬نظ ًرا إىل أن‬ ‫الشرطة قيدت الوجود اليهودي يف املكان حيث كان اليهود "ينتظرون يف صف طويل ثم‬

‫ينتهي بهم األمر إىل منع دخوهلم"‪ .‬وقال التقرير إنه مع انتهاء عام ‪ 2015‬كانت الشرطة‬ ‫اإلسرائيلية تسمح بدخول ‪ 15‬يهوديًا متدي ًنا فقط ضمن ‪ 4‬ساعات يوم ًيا حص ًرا على مدى‬

‫‪ 5‬أيام يف األسبوع‪ .‬كما ب ّينت األرقام أن عدد الزائرين من غري املسلمني (ومن غري اليهود)‬ ‫تد ّنى باملقارنة مع األعوام السابقة على الرغم من أن عدد السياح الذين زاروا دولة االحتالل‬ ‫عام ‪ 2015‬حافظ على معدله مقارنة باألعوام السابقة‪ ،‬األمر الذي قد يد ّلل على ابتعاد‬ ‫إما بسبب الرغبة يف جتنب زيارته يف هذه الوضع املشتعل أو لتجنب‬ ‫السياح عن األقصى ّ‬

‫اإلجراءات اليت اختذتها الشرطة قبل السماح بدخول األقصى‪.‬‬ ‫اقتحامات اليهود لألقصى‬ ‫‪2015-2009‬‬

‫‪ 24‬مؤسسـة القدس الدولية‬

‫قراءة في مسار األحداث والمآالت‬

‫لقد ألزمت انتفاضة القدس شرطة االحتالل بفرض قيود على اليهود والتدقيق يف‬ ‫حماوالتهم أداء الصالة يف األقصى‪ ،‬فأشارت أرقام إسرائيل ّية كشف عنها ناشطو "املعبد"‬ ‫إىل ارتفاع حاالت االعتقال اليت طالت اليهود حيث جتاوزت ‪ 80‬حالة عام ‪ 2015‬يف حني‬ ‫ّ‬ ‫الصالة يف األقصى‪.‬‬ ‫السابقة كانت تشهد ‪ 50‬حالة يف املعدّل بسبب تأدية ّ‬ ‫السنوات ّ‬ ‫أن ّ‬ ‫والشرطة اليت تراقب األوضاع من كثب وتدرك مركزية األقصى يف أي تطور لألحداث‬ ‫حتاول أن تضبط عوامل االستفزاز وتعزهلا‪ ،‬على الرغم من ال ّتململ الذي ينشأ يف أوساط‬ ‫اليهود ج ّراء تقييد دخوهلم إىل األقصى‪.‬‬ ‫من أبرز التطورات املتعلقة باألقصى خالل عام ‪2015‬‬ ‫التاريخ‬

‫التطور‪/‬مظهر االعتداء‬

‫‪2015/5/6‬‬

‫عناصر من خمابرات االحتالل يقتحمون املصليات املسقوفة لألقصى وجيرون‬ ‫جولة "استكشافية" فيها برفقة أحد ضباط االحتالل‬

‫‪2015/5/19‬‬

‫‪2015/6/17‬‬

‫‪2015/6/16‬‬

‫االحتالل يعيد فتح خمفر الشرطة الواقع يف "اخللوة اجلنبالطية" يف حميط‬ ‫صحن قبة الصخرة الشمالي بشكل رمسي بعد إحراقه من قبل شبان فلسطينيني‬ ‫العام املاضي ردًّا على اقتحامات الشرطة واملستوطنني‪.‬‬ ‫عقدت جمموعات طالبية ميينية تعمل بالتوازي اىل جانب "منظمات املعبد"‬ ‫منتدى سياس ًيا حول قضية "صلوات" اليهود يف األقصى‪ ،‬مبشاركة عضو‬ ‫"الكنيست" ينون ماجال (البيت اليهودي) وداني عطار (املعسكر الصهيوني)‬ ‫واملتطرف يهودا غليك إىل جانب سكرتري حركة "السالم اآلن"‪ ،‬وسط مشاركة‬ ‫فاعلة من أنصار منظمة "إم ترتسو" الطالبية الصهيونية يف "جامعة تل أبيب"‪.‬‬ ‫تقدم وزير السياحة يف حكومة االحتالل ياريف ليفن باقرتاح إىل وزير الثقافة‬ ‫نفتالي بينت يقضي بأن تتضمن الرحالت املدرسية زيارة إلزامية إىل ‪" 10‬مواقع‬ ‫أثرية" وتتضمن قائمة ليفن حائط الرباق‪ ،‬و"مدينة داود"‪ ،‬واملسجد اإلبراهيمي‪.‬‬ ‫وكتب ليفن على صفحته على موقع "فيسبوك" أن من شأن الزيارات أن "تعزز‬ ‫الرتابط بينن شبابنا وتراثنا القومي"‪.‬‬

‫‪25‬‬

‫حال القدس ‪2015‬‬

‫‪2015/7/26‬‬

‫‪2015/8/24‬‬

‫‪2015/9/8‬‬

‫‪2015/9/15‬‬

‫‪2015/10/14‬‬

‫‪2015/10/26‬‬

‫‪2015/12/15‬‬

‫اقتحمت قوات االحتالل األقصى وحاصرت املصلى القبلي وأطلقت قنابل الصوت‬ ‫بداخله وبني املعتكفني‪ ،‬كما أخرجت حراس األقصى من املسجد ومنعت موظفي‬ ‫األوقاف من دخوله‪ ،‬فيما اقتحم عضو "الكنيست" أوري أرئيل املسجد حبماية من‬ ‫قوات االحتالل ‪.‬‬ ‫أوعز وزير األمن الداخلي جلعاد أردان إىل وزير األمن موشيه يعلون حبظر‬ ‫نشاطات "تنظيمات عربية تعمل على إثارة الشغب والقالقل يف جبل املعبد من‬ ‫خالل مطاردة الزوار اليهود واالعتداء والتحريض عليهم"‪ ،‬وتوعد ببذل كل ما‬ ‫بوسعه إلخراج هذا التنظيمات عن القانون‪.‬‬ ‫أصدر وزير جيش االحتالل موشيه يعلون قرا ًرا اعترب فيه ما أمساه تنظيمي‬ ‫املرابطني واملرابطات جمموعة خارجة عن القانون‪ ،‬واتهم املرابطني واملرابطات بـ‬ ‫"التورط يف حتريض خطري ضد السياح والزائرين يف جبل املعبد‪ ،‬األمر الذي يؤدي‬ ‫إىل العنف وتهديد احلياة"‪.‬‬ ‫قوات االحتالل تقتحم األقصى مدججة بالسالح وتقتحم املصلى القبلي وتصل‬ ‫إىل احملراب ومنرب نور الدين زنكي (منرب صالح الدين) وتطلق قنابل الصوت‬ ‫والغاز والرصاص املطاطي على املعتكفني داخله‪.‬‬ ‫صادقت حمكمة االحتالل املركزية يف القدس على انتقال صالحية إدارة القصور‬ ‫األموية (يع ّرفها االحتالل على أنها "حديقة قومية") جنوب األقصى إىل مجعية‬ ‫"العاد" االستيطانية‪.‬‬ ‫عضو "الكنيست" ونائبة وزير خارجية االحتالل تسييب حوتوفلي تصرح يف برنامج‬ ‫تلفزيوني يبث على القناة الثانية العربية أنها حتلم برؤية العلم اإلسرائيلي‬ ‫يرفرف يف األقصى‪.‬‬ ‫شرطة االحتالل تسمح ليهودا عتصيون‪ ،‬خمطط ومهندس تفجري قبة الصخرة‪،‬‬ ‫باقتحام األقصى بعد أن أبطلت حمكمة االحتالل املركزية قرار حمكمة الصلح‬ ‫يوما معتربة أنه "بإمكان اليهود أن يرفعوا أيديهم إىل‬ ‫بإبعاده عن املسجد ملدة ‪ً 15‬‬ ‫السماء أثناء وجودهم يف األقصى"‪.‬‬

‫‪ 26‬مؤسسـة القدس الدولية‬

‫قراءة في مسار األحداث والمآالت‬

‫ثان ًيا‪ :‬تط ّور مشروع ال ّتهويد يف القدس خالل عام ‪2015‬‬ ‫استمرت دولة االحتالل خالل العام‬ ‫املاضي يف سياسات التهويد واستهداف‬ ‫املقدسيني‪ ،‬ضمن خمططها إلحكام‬ ‫سيطرتها على القدس بشطريها‬ ‫الشرقي والغربي‪ ،‬حيث يظل هدفها‬ ‫أن تكون القدس املوحدة عاصمة هلا‪،‬‬ ‫وتسعى إىل حتقيق ذلك عرب زيادة‬

‫االحتالل ينصب احلواجز يف البلدة القدمية ويعرقل وصول‬ ‫املسيحيني إىل كنيسة القيامة‬

‫عدد املستوطنني اليهود وتعزيز املستوطنات والتضييق على املقدسيني ومحلهم على ترك‬ ‫مدينتهم فال تتوقف سياساتها عند سحب اهلويات وهدم املنازل واالعتقاالت واإلفقار‪ ،‬بل‬ ‫تتعداها إىل حماولة اجتذاب املقدسيني للتماهي مع سياساتها تارة عرب ما تسميه إغراءات‬ ‫وتسهيالت‪.‬‬ ‫‪ .1‬يش ّكل الفلسطينيون ‪ % 37‬من سكان القدس‪ ،‬ويعيش ‪ % 75,4‬منهم حتت خط الفقر‪،‬‬ ‫منهم ‪ % 83,9‬من األطفال‪.‬‬ ‫‪ .2‬وفق أرقام "مجع ّية حقوق املواطن يف إسرائيل" املنشورة يف أيار‪/‬مايو ‪ ،2015‬أقدم‬ ‫االحتالل على سحب بطاقات اإلقامة الدائمة من ‪ 107‬مقدسيني يف عام ‪ ،2014‬فيما بلغ‬ ‫عدد اهلويات املسحوبة بني عامي ‪ 1967‬و ‪ ،2013‬وف ًقا للجمعية‪.14,309 ،‬‬ ‫‪ .3‬يعاني املسيحيون يف القدس‪ ،‬كما املسلمون‪ ،‬من االحتالل وسياساته اليت تهدف إىل‬ ‫دفعهم إىل ترك املدينة‪ .‬وقد بلغ عدد املسيحيني يف أواخر عام ‪ ،2014‬وفق دائرة اإلحصاء‬ ‫املركزية اإلسرائيلية‪ 12,400 ،‬يف حني كان عددهم حوالي ‪ 60‬أل ًفا عام ‪ .1979‬وقد‬ ‫‪27‬‬

‫حال القدس ‪2015‬‬

‫ظهر أثر سياسات االحتالل بشكل خاص يف ما يتعلق باملسيحيني يف البلدة القدمية‪،‬‬ ‫وحتديدًا يف احلي املسيحي الذي شهد إغالق العديد من احملال التجارية ألسباب تتعلق‬ ‫بشكل خاص بالضرائب اليت يفرضها االحتالل على املقدسيني واليت غال ًبا ما ترتاكم إىل‬

‫حد ال يستطيعون معه دفعها‪ .‬وشهد عام ‪ 2015‬استمرار مسلسل االعتداء على املقدسات‬ ‫املسيحية يف القدس ومن ذلك إحراق الكنائس ككنيسة الطابغة (أو كنيسة اخلبز‬ ‫والسمك) التابعة للكنيسة الكاثوليكية يف ‪ ،2015/6/18‬فيما عثر يف املكان على عبارات‬ ‫خطت بالعربية تدعو إىل "القضاء على الوثنيني"‪ .‬وال يأتي االعتداء على الكنائس من‬ ‫دعما من جهات تعترب أن إحراق الكنائس ورد يف التوراة حيث أعلن زعيم‬ ‫فراغ بل إن وراءه ً‬ ‫منظمة "الهافا" اإلرهابية اليهودية بنتسي جوبشتاين خالل مؤمتر يف احلي االستيطاني‬

‫"ولفنسون" يف القدس يف آب‪/‬أغسطس ‪ 2015‬عن تأييده إلحراق الكنائس على اعتبار‬ ‫أن األمر "وارد يف التوراة"‪ .‬كما دعا جوبشتاين يف كانون أول‪/‬ديسمرب ‪ 2015‬إىل حظر‬ ‫االحتفال بأعياد امليالد واص ًفا العرب املسيحيني يف "إسرائيل" بأنهم "مصاصو دماء" وأنه‬ ‫"يتوجب طردهم من البالد"‪ .‬ويف نيسان‪/‬أبريل ‪ ،2015‬وضمن سياسة االحتالل كل عام‪،‬‬ ‫عمد االحتالل إىل تضييق القيود على املسيحيني احملتفلني بعيد الفصح حيث نصبت‬ ‫شرطة االحتالل مئات احلواجز واملتاريس احلديدية عند مجيع مداخل البلدة القدمية‬ ‫والطرقات املؤدية إىل كنيسة القيامة كافة‪ ،‬حبجة تأمني احتفاالت املسيحيني‪.‬‬ ‫‪ .4‬املعتقلون واألسرى و"اجلثامني األسرى"‪ :‬بلغ عدد حاالت االعتقال عام ‪ ،2015‬وفق‬ ‫جلنة أهالي األسرى واملعتقلني املقدسيني‪ 2260 ،‬فيما أصدر االحتالل ‪ 33‬قرا ًرا باالعتقال‬

‫اإلداري ضد مقدسيني من بينهم ‪ 4‬أطفال‪ .‬وأعادت سلطات االحتالل العام املاضي اعتقال‬ ‫‪ 7‬أسرى مقدسيني من األسرى احملررين يف صفقة "وفاء األحرار"‪ ،‬كما أ ّنها تستمر يف إبعاد‬ ‫نواب القدس الثالثة (حممد أبو طري‪ ،‬وأمحد عطون‪ ،‬وحممد طوطح) ووزيرها السابق‬ ‫(خالد أبو عرفة) عن املدينة‪ .‬وكان التوزيع اجلغرايف لالعتقاالت يف القدس عام ‪2015‬‬ ‫على الشكل اآلتي‪:‬‬ ‫‪ 28‬مؤسسـة القدس الدولية‬

‫قراءة في مسار األحداث والمآالت‬

‫التوزيع اجلغرايف لالعتقاالت‬ ‫يف القدس عام ‪2015‬‬

‫وك ّثفت سلطات االحتالل من عمليات االعتقال يف القدس بعد اندالع احلراك الشعيب‬ ‫سجل شهر تشرين أول‪/‬أكتوبر أعلى نسبة اعتقاالت‪ ،‬كما شكلت شرطة‬ ‫يف القدس حيث ّ‬ ‫االحتالل "وحدة مالحقة راشقي احلجارة والزجاجات احلارقة"‪ ،‬العتقال املقدس ّيني‬ ‫وال ّتحقيق معهم‪ .‬وص ّعدت من عمليات االعتقال بسبب منشورات على وسائل التواصل‬ ‫االجتماعي‪.‬‬ ‫واعتمد االحتالل كذلك "أسر" جثامني شهداء قتلهم بعد اندالع انتفاضة القدس‪ ،‬وقد‬ ‫بلغ عدد جثامني املقدسيني احملتجزة بنهاية العام ‪.16‬‬ ‫‪ .5‬احلبس املنزلي‪ :‬اعتمدت سلطات االحتالل سياسة احلبس املنزلي بشكل كبري خالل‬ ‫العام املاضي حيث أصدر االحتالل ‪ 65‬قرا ًرا باحلبس املنزلي حبق أطفال من القدس‬ ‫احملتلة وفق مركز أسرى فلسطني للدراسات‪.‬‬ ‫‪ .6‬هدم املنازل واملنشآت وتشريد املقدسيني‪ :‬هدم االحتالل ‪ 539‬مبنى ميلكه فلسطينيون‬ ‫يف الضفة الغربية‪ ،‬مبا فيها شرق القدس‪ ،‬عام ‪ 2015‬وف ًقا ملكتب تنسيق الشؤون اإلنسانية‬ ‫‪29‬‬

‫ﺣﺎل اﻟﻘﺪس ‪2015‬‬

‫يف األراضي الفلسطينية احملتلة (أوتشا) فيما بلغ عدد منازل منفذي العمليات الفردية‬ ‫اليت هدمها االحتالل منذ اندالع انتفاضة القدس يف تشرين أول‪/‬أكتوبر حتى نهاية عام‬ ‫‪ ،2015‬وف ًقا جلمعية "بتسليم"‪ 26 ،‬منز ً‬ ‫ال يف الضفة‪ ،‬مبا فيها شرق القدس‪.‬‬

‫ثال ًثا‪ :‬االستيطان يف القدس‪ :‬االحتالل متمسك بـ "الثوابت"‬ ‫ّ‬ ‫بشر نتنياهو باستمرار سياسة االستيطان عشية‬

‫العامة املبكرة اليت أجريت‬ ‫االستعداد لالنتخابات‬ ‫ّ‬ ‫يف دولة االحتالل يف ‪ ،2015/3/27‬وصرح خالل زيارة‬ ‫انتخابية إىل مستوطنة "حار حوما" أ ّنه وأعضاء‬ ‫"الليكود" لن يسمحوا مطل ًقا بتقسيم القدس وذلك‬ ‫عب بناء املزيد من الوحدات يف املستوطنات‪ ،‬أي العمل‬ ‫ضمن سياسة تثبيت احلقائق على األرض مبا جيعل‬ ‫األراضي اليت ابتلعها االستيطان و"اجملتمعات" اليت‬ ‫شكلها املستوطنون واحلياة اليت أنشأوها غري قابلة‬ ‫لتغيريها‪ ،‬وهو ما سينتج أغلبية يهودية يف شرق‬

‫تعهّد نتنياهو عشية انتخابات‬ ‫"الكنيست" املبكرة بأ ّنه وأعضاء‬ ‫"الليكود" لن يسمحوا مطل ًقا‬ ‫بتقسيم القدس وذلك عب تعزيز‬ ‫البناء االستيطاني‪ ،‬وشهد عام‬ ‫‪ 2015‬البدء يف بناء ‪ 1800‬وحدة‬ ‫استيطانية جديدة يف الضفة‪ ،‬ونشر‬ ‫عطاءات لـ ‪ 1143‬وحدة منها ‪583‬‬ ‫يف شرق القدس‪ ،‬فيما تضاعف عدد‬ ‫املستوطنني يف الضفة‪ ،‬مبا فيها‬ ‫شرق القدس‪ ،‬حبوالي ‪ % 55‬منذ‬ ‫عام ‪ 2009‬حتى عام ‪2015‬‬

‫القدس يساعد دولة االحتالل على عدم االستجابة‬ ‫حتى لـ "حل الدولتني"‪ ،‬والذي يقضي ّ‬ ‫بأن "القدس الشرقية عاصمة لدولة فلسطني"‪.‬‬ ‫هذا اإلعالن الذي أطلقه نتنياهو عشية االنتخابات التشريعية مل يكن جمرد دعاية‬ ‫انتخابية إذ ّ‬ ‫إن االستيطان هو ركن من النظام االستعماري اإلحاللي االحتاللي الذي‬ ‫تقوم عليه "إسرائيل" كوسيلة لزيادة عدد اليهود يف فلسطني احملتلة وطرد الفلسطينيني‬ ‫من أرضهم‪ .‬وبالفعل مل يتوقف االستيطان‪ ،‬سواء جلهة بناء وحدات جديدة أو املصادقة على‬ ‫‪ 30‬ﻣﺆﺳﺴـﺔ اﻟﻘﺪس اﻟﺪوﻟﻴﺔ‬

‫قراءة في مسار األحداث والمآالت‬

‫وحدات جديدة أو طرح عطاءات استيطانية‪ ،‬طوال عام ‪ ،2015‬وكانت سلطات االحتالل‬ ‫حريصة بشكل خاص على أال يتوقف النشاط االستيطاني بعد اندالع انتفاضة القدس‬ ‫حيث إن وقف البناء االستيطاني حتت ضغط اهلبة سيجعل من املمكن محل "إسرائيل" على‬ ‫وقف االستيطان إن متكنت األطراف الدولية من مجع اجلانبني الفلسطيين واإلسرائيلي‬ ‫على طاولة املفاوضات على أمل إنعاش "حل الدولتني"‪.‬‬

‫تزايد االستيطان خالل السنوات السبع املاضية‪:‬‬ ‫بالعموم‪ ،‬زاد عدد املستوطنني بالضفة الغربية‪ ،‬مبا فيها شرق القدس‪ ،‬بنسبة ‪ % 55‬منذ‬ ‫عام ‪ ،2009‬أي خالل السنوات السبع اليت توىل خالهلا نتنياهو رئاسة احلكومة‪ .‬فوف ًقا‬ ‫ألرقام دائرة اإلحصاء املركزية بلغ عدد املستوطنني يف الضفة عام ‪( 2008‬من دون البؤر‬ ‫االستيطانية) ‪ 260,000‬مقابل ‪ 400,000‬عام ‪ 2015‬يضاف إليهم ‪ 220,000‬مستوطن‬ ‫يف مستوطنات شرق القدس‪ .‬ويعكس هذا الرقم زيادة تقدر بـ ‪ % 6,5‬وتأتي هذه الزيادة يف‬ ‫الوقت الذي زاد فيه عدد السكان يف دولة االحتالل خالل السنوات السبع ‪ %13‬أي بواقع‬ ‫‪ %1,8‬حسب تقرير احمللل االقتصادي يف "يديعوت أحرونوت"‪ ،‬سيفر بلوتسكر‪ .‬وهذا يعين‬ ‫وفق بلوتسكر‪ ،‬أن نسبة الزيادة يف املستوطنات كانت ‪ 4‬أضعاف نسبة زيادة اليهود يف دولة‬ ‫االحتالل‪ ،‬كما أنها ضعفا نسبة الزيادة بني الفلسطينيني‪.‬‬ ‫ووف ًقا حلركة "السالم اآلن" اإلسرائيلية املناهضة لالستيطان فقد شهد عام ‪ 2015‬البدء‬ ‫يف بناء ‪ 1800‬وحدة استيطانية جديدة يف الضفة‪ ،‬وعلى الرغم من اإلعالن عن جتميد‬ ‫املناقصات‪ ،‬فإن العام املاضي شهد نشر عطاءات لـ ‪ 1143‬وحدة منها ‪ 583‬يف شرق القدس‪،‬‬ ‫واألمر ذاته على مستوى التخطيط حيث إنه وعلى الرغم من إعالن جتميد التخطيط‬ ‫فقد صادقت جلنة التخطيط العليا على إيداع خمططات ‪ 348‬وحدة استيطانية جديدة‪.‬‬ ‫‪31‬‬

‫حال القدس ‪2015‬‬

‫معطيات االستيطان يف شرق القدس يف عهد حكومات نتنياهو‬ ‫‪2015 - 2009‬‬

‫البدء ببناء وحدات استيطانية جديدة‬

‫العطاءات‬

‫اجلمع ّيات االستيطان ّية تتمدّد يف القدس بدعم حكومي‪ ،‬واالستيطان يع ّززه دع ٌم من‬ ‫مجع ّيات "خريية" أمريكية‬ ‫تتضافر يف دعم االستيطان كل مكونات دولة االحتالل من احلكومة إىل الشركات‬ ‫واجلمعيات اململوكة من القطاع اخلاص والعام على حد سواء حيث ختصص شركات‬ ‫إسرائيلية نسبة من أرباحها السنوية لدعم االستيطان‪ .‬وبينت األرقام اليت نشرتها "هآرتس"‬ ‫يف كانون أول‪/‬ديسمرب ‪ 2015‬عن مبالغ كبرية دفعتها شركات إسرائيلية خمتلفة منها‬ ‫ما يعمل يف جمال الصناعات الغذائية ومنها ما يعمل يف جمال االتصاالت والتنقيب عن‬ ‫الغاز لدعم املستوطنات واملشاريع االستيطانية خالل العقد املاضي ومن ذلك دعم من‬ ‫شركات إسرائيلية للمدرسة الدينية "عطريت يوروشاالييم" يف احلي اإلسالمي بالقدس‪.‬‬ ‫كما استفادت مجعية "العاد" االستيطانية عام ‪ 2005‬من دعم قدّمته ‪،Elbit Ultrasound‬‬

‫وهي شركة مص ّنعة للتجهيزات الطبية‪ ،‬بقيمة ‪ 87‬ألف شيكل‪ ،‬و"العاد" مجعية ميينية‬ ‫متطرفة تدعم احلفريات واالستيطان يف سلوان بشرق القدس‪.‬‬ ‫‪ 32‬مؤسسـة القدس الدولية‬

‫قراءة في مسار األحداث والمآالت‬

‫وباإلضافة إىل هذا الدعم الذي تؤمنه الشركات اإلسرائيلية‪ ،‬حتظى املستوطنات بدعم‬ ‫مالي "كريم" من مجعيات ومنظمات أمريكية "خريية" على مدى السنوات املاضية‪.‬‬ ‫وأظهر تقرير نشرته "هآرتس" يف كانون أول‪/‬ديسمرب ‪ 2015‬تفاصيل أرقام تربعت بها‬ ‫مجعيات أمريكية ملصلحة املستوطنات واألنشطة االستيطانية يف الضفة الغربية‪ ،‬مبا‬ ‫فيها مستوطنات القدس‪ ،‬جتاوزت ‪ 220‬مليون دوالر بني عامي ‪ 2009‬و‪ ،2013‬وهو دعم‬ ‫مستمر‪ .‬وقد تقدم مواطنون أمريكيون يف كانون أول‪/‬ديسمرب ‪ 2015‬بدعوى يف احملاكم‬ ‫األمريكية ضد وزارة اخلزانة األمريكية بتهمة إتاحة اجملال لنقل تربعات معفاة من‬ ‫الضرائب من منظمات غري حكومية إىل املستوطنات‪.‬‬ ‫ومع الدعم احلكومي لالستيطان‪ ،‬فقد شهد عام ‪ً 2015‬‬ ‫مزيدا من ال ّتوسع والتمدد جلمعييت‬ ‫"العاد" و"عطريت كوهنيم" االستيطانيتني بهدف خلق بؤر استيطانية يف القدس‪ ،‬ال سيما‬ ‫يف البلدة القدمية ويف حميط األقصى‪ .‬باإلضافة إىل تطوير املركز التهويدي "مدينة‬ ‫داود" يف سلوان الذي تديره مجعية "العاد"‪ ،‬وقد نفذت الكثري من احلفريات وغريت معامل‬ ‫احلي وأسكنت فيه ما يزيد على ‪ 100‬عائلة يهودية‪ ،‬أي ما يقارب عدد العائالت املقدسية‪.‬‬ ‫وقد احتلت مجعية "العاد" يف ‪ 2015/3/18‬مبنى مكو ًنا من ‪ 4‬شقق تعود ملقدسيني واملبنى‬ ‫له أهمية اسرتاتيجية بالنسبة إىل اجلمعية نظ ًرا لقربه من "احلديقة األثرية" املسماة‬ ‫"مدينة داود" يف سلوان ومن عدد من املنازل اليت احتلتها اجلمعية يف وقت سابق‪ .‬وكانت‬ ‫حمكمة الصلح اإلسرائيلية رفضت يف ‪ 2015/1/25‬إصدار حكم بإخالء ‪ 27‬شقة موزعة‬ ‫على ‪ 7‬بنايات يف سلوان احتلها مستوطنون يف ‪ 2014/9/29‬بعدما سيطرت عليها مجعية‬ ‫"العاد" عرب شرائها بواسطة شركات أجنبية (وهمية) عرب وسطاء فلسطينيني‪ .‬وقد رحبت‬ ‫"العاد" بقرار احملكمة مؤكدة أ ّنها ستستم ّر يف تعزيز الوجود اليهودي يف القدس القدمية‪.‬‬ ‫كما صادقت احملكمة املركزية يف القدس يف ‪ 2015/10/14‬على االتفاق املعقود بني‬ ‫‪33‬‬

‫ﺣﺎل اﻟﻘﺪس ‪2015‬‬

‫مجعية "العاد" و"شركة تطوير احلي اليهودي يف البلدة القدمية يف القدس" حبيث تنتقل‬ ‫صالحية تشغيل منطقة القصور األموية جنوب األقصى إىل "العاد" اليت تدير ً‬ ‫أيضا "مدينة‬ ‫داود" يف سلوان‪ ،‬األمر الذي يعين ترسيخ سيطرتها على منطقة جنوب املسجد‪.‬‬ ‫وكما "العاد" فإن مجعية "عطريت كوهنيم" سطت على املزيد من بيوت املقدسيني يف‬ ‫سلوان يف شهري أيلول‪/‬سبتمب وتشرين أول‪/‬أكتوبر ‪ ،2015‬كما و ّزعت اجلمعية يف‬ ‫كانون أول‪/‬ديسمب ‪ 2015‬قرارات إخالء ألربع عائالت مقدسية تسكن عقبة اخلالدية‬ ‫قرب املسجد األقصى‪ ،‬األمر الذي ينب� باملزيد من اإلخالءات إن أجازتها احملكمة يف املرحلة‬ ‫القادمة‪.‬‬ ‫ومع مالحظة الدعم احلكومي واستمراره‪ ،‬ميكن القول ّ‬ ‫إن حالة التمدد االستيطاني‬ ‫ستستمر مبا هي جزء ثابت من العقيدة الصهيونية‪ ،‬ومبا يقدم هلا من مقومات الصمود‬ ‫واالستمرار‪ ،‬غال ًبا بدعم من احلكومة وحتت رعايتها ونظرها‪ ،‬باإلضافة إىل دعم جهات‬ ‫إسرائيلية أو خارجية على حد سواء‪.‬‬

‫راب ًعا‪ :‬انتفاضة القدس‪ :‬ثورة السكني تثأر لألقصى واالحتالل يرتبص بها‬ ‫مجر احلراك حتت رماد التسهيالت‬

‫شكلت هبة أبو خضري اليت انطلقت بعد إحراق‬ ‫الفتى املقدسي حممد أبو خضري يف ‪2014/7/4‬‬ ‫رافع ًة للحراك يف مدينة القدس‪ ،‬وقد استطاعت إعادة‬ ‫الفاعلية للعمل املقاوم يف وجه االحتالل‪ ،‬كما شكلت‬ ‫عب أنساقها املختلفة وعلى رأسها العمليات الفردية‬ ‫أدا ًة فاعلة إلرهاق االحتالل واستنزافه‪ .‬كما كان‬ ‫لتطور شكل العمليات أث ٌر مهم يف صانع القرار لدى‬ ‫خصوصا مع عدم قدرة أذرعه األمنية التنبؤ‬ ‫االحتالل‪،‬‬ ‫ً‬ ‫بزمان هذه العمليات ومكانها نتيج ًة لفردية القرار‬

‫‪ 34‬ﻣﺆﺳﺴـﺔ اﻟﻘﺪس اﻟﺪوﻟﻴﺔ‬

‫استطاعت هبة أبو خضري إعادة‬ ‫الفاعلية للعمل املقاوم يف وجه‬ ‫االحتالل‪ ،‬كما شكلت عب أنساقها‬ ‫املختلفة وعلى رأسها العمليات الفردية‬ ‫أدا ًة فاعلة الستنزاف االحتالل‪ ،‬وعلى‬ ‫الرغم من اإلجراءات اإلسرائيلية‬ ‫وغريها من الوسائل اليت تبنتها أطراف‬ ‫خمتلفة إلجهاض احلراك‪ ،‬مل يتوقف‬ ‫احلراك الشعيب نهائ ًيا بل استمر ولو‬ ‫بوترية أقل منذ بداية عام ‪ ،2015‬ما‬ ‫شكل األرضية الفعلية لتجدد احلراك‬ ‫يف تشرين أول‪/‬أكتوبر ‪2015‬‬

‫قراءة في مسار األحداث والمآالت‬

‫والتنفيذ‪ ،‬وبعد استطاعة االحتالل حرف املشهد حنو قطاع غزة عرب العدوان الذي شنته‬ ‫على القطاع يف ‪ ،2014/7/7‬وتقديم االحتالل لبعض التنازالت ملواجهة احلراك احلاصل‬

‫يف املدينة احملتلة‪ ،‬وعلى رأسها قرار منع أعضاء الكنيست من اقتحام األقصى والذي طبق‬

‫ابتدا ًء من ‪ ،2014/11/1‬جنح االحتالل عرب مروحة هذه اإلجراءات من احل ّد من فاعلية‬

‫اهل ّبة‪ ،‬وضمن مرحل ًيا عدم تطورها وامتدادها ألماكن أخرى خارج القدس‪.‬‬

‫مل يتوقف احلراك الشعيب بفعل اإلجراءات اإلسرائيلية وغريها من الوسائل اليت تبنتها‬

‫أطراف خمتلفة إلجهاض احلراك‪ ،‬بل استمرت بوترية أقل ومنذ بداية عام ‪ ،2015‬ما شكل‬

‫رصد للتقرير األمين‬ ‫األرضية الفعلية لتجدد احلراك يف تشرين أول‪ /‬أكتوبر ‪ ،2015‬ففي ٍ‬

‫الذي يصدره جهاز األمن العام اإلسرائيلي "الشاباك" بشكل شهري‪ ،‬مشل املدة من شهر‬ ‫كانون ثان‪/‬يناير حتى شهر أيلول‪ /‬سبتمرب ‪ ،2015‬يؤكد عرب معطيات االحتالل بأن‬

‫عمليات املقاومة مل تتوقف‪ ،‬مع سيطرة عمليات إلقاء الزجاجات احلارقة واحلجارة على‬

‫مشهد العمل املقاوم‪.‬‬ ‫تطور عمليات احلراك الشعيب يف القدس والضفة يف األشهر التسعة األوىل‬ ‫من عام ‪ 2015‬حبسب معطيات "الشاباك"‬

‫القدس‬

‫جممل الضفة‬

‫‪35‬‬

‫حال القدس ‪2015‬‬

‫عدم توقف احلراك الشعيب وعمليات املقاومة حتى يف األشهر اليت قدمت فيها سلطات‬ ‫االحتالل تنازالت و"تسهيالت" للفلسطينيني‪ ،‬يعطي صورة واضحة الداللة على استمرار‬ ‫العمل املقاوم يف القدس‪ ،‬كما يؤشر تفاعل هذه املعطيات مع ارتفاع اهلجمة اليت طالت‬ ‫ٌ‬ ‫عامل لرفع احلراك‪ ،‬قاد ٌر على تفجري الساحة يف‬ ‫املسجد األقصى املبارك‪ ،‬وكون املسجد‬

‫وجه االحتالل فيما بعد‪ ،‬وقد ارتفعت وترية العمليات يف الشهرين اللذين سبقا انطالق‬

‫انتفاضة القدس‪ ،‬ففي شهر آب‪/‬اغسطس حدث يف القدس أكثر من ‪ 50‬عملية بني إلقاء‬ ‫حجارة وإلقاء زجاجات حارقة‪ ،‬ووصلت يف شهر أيلول‪/‬سبتمرب إىل ‪ 68‬عملية‪.‬‬

‫ومفجرها‬ ‫املسجد األقصى حم ّرك االنتفاضة‬ ‫ّ‬ ‫وخصوصا يف املدينة احملتلة‪ ،‬األثر‬ ‫كان للعمليات الفردية‪ ،‬ورفع كثافتها خالل العام‬ ‫ً‬ ‫البالغ يف تطور احلراك من جديد بالشكل واملساحة والتأثري‪ .‬ففي املسجد األقصى املبارك‬ ‫استمر منع االحتالل لالقتحامات السياسية حتى يوم ‪ 2015/7/26‬مع االحتفال بـ "ذكرى‬ ‫خراب املعبد"‪ ،‬حيث اقتحم عضو "الكنيست" ووزير الزراعة أوري أريئل من حزب "البيت‬ ‫اليهودي" املسجد األقصى‪ ،‬ليتبع ذلك سلسل ٌة ممتدة من التصعيد يف األقصى والقدس‪،‬‬ ‫حيث قامت قوات االحتالل حبمالت اعتقال واقتحامات شبه يومية لألحياء املقدسية كما‬ ‫نفذت سلطات االحتالل عمليات تنكيل واعتداءات جسيمة حبق املرابطني واملرابطات يف‬ ‫األقصى‪ .‬وقد شكلت هذه اخلطوات املتصاعدة فتيل االشتعال‪ .‬كما ساهم تعامل االحتالل‬ ‫الوحشي لوقف احلراك من جهة‪ ،‬وتصاعد العمليات الفردية واملواجهات من جهة أخرى‪ ،‬يف‬ ‫حتويل العمل املقاوم‪ ،‬من هب ٍة حمدود ٍة يف القدس إىل انتفاضة ممتدة‪.‬‬ ‫ويف استقراء لعوامل تفجر االنتفاضة‪ ،‬شكلت عودة االعتداءات على املسجد األقصى عامل‬ ‫التفجري املباشر النتفاضة القدس‪ ،‬فبعد فرتة اهلدوء النسيب يف شهر رمضان واحلفاظ‬ ‫على وترية متدنية من االقتحامات‪ ،‬عادت بشدة تزام ًنا مع ما يسمى ذكرى "خراب املعبد"‬ ‫‪ 36‬مؤسسـة القدس الدولية‬

‫قراءة في مسار األحداث والمآالت‬

‫وإطالق "منظمات املعبد" الدعوات القتحام األقصى‪ ،‬وبدأ تصاعد االقتحامات منذ‬ ‫‪ ،2015/7/22‬وكان أشدها يف ‪ 2015/7/26‬حيث شهد األقصى مواجهات عنيفة بني قوات‬ ‫أمنيا‪ ،‬وقيامهم‬ ‫االحتالل واملرابطني على إثر اقتحامه من قبل ‪ 323‬مستوط ًنا وعنص ًرا ًّ‬ ‫بتدنيس املصلى القبلي واالعتداء على املصلني وحراس املسجد‪.‬‬ ‫هذا التصعيد الكبري يف االعتداء على املسجد واستهداف حالة الرباط باالعتقال واإلبعاد‪،‬‬ ‫تبعه مباشر ًة ارتكاب عدد من املستوطنني جرمية بشعة‪ ،‬متثلت حبرق منزل عائلة الدوابشة‬ ‫يف دوما بنابلس يف ‪ ،2015/7/31‬واليت أدت إىل استشهاد الرضيع علي ومن ثم تويف أبواه‬ ‫يف املشفى‪ .‬يضاف إىل هذا الفعل اإلجرامي البشع متابعة االحتالل حماوالته القضاء‬ ‫على حالة الرباط يف األقصى‪ ،‬وتطور االستهداف من االعتقال املتكرر واإلبعاد إىل اعتبار‬ ‫املرابطني واملرابطات مجاعات خارجة عن القانون‪ ،‬عرب قرار أصدره وزير اجليش موشيه‬ ‫يعلون يف ‪ .2015/9/8‬وقد ترجم االحتالل هذا القرار عمل ًيا عرب رفعه من حدة االقتحامات‬ ‫على غرار اقتحام األقصى يف ‪ ،2015/9/13‬واالعتداء اجلسدي على املرابطات‪ ،‬واحتجاز‬ ‫عدد كبري من املصلني يف املسجد القبلي‪ ،‬األمر الذي اعتربه متابعون مقدم ًة لتقسيم‬ ‫املسجد األقصى زمان ًيا ومكان ًيا‪ ،‬بعد جناح االحتالل تكريس االقتحامات كأمر واقع خالل‬ ‫الفرتات الصباحية‪.‬‬ ‫هذه اهلجمة الشرسة خالل الشهر التاسع من عام ‪ ،2015‬واليت متثلت مبحاولة إخراج‬ ‫املرابطني من معادلة الدفاع عن األقصى واالقتحامات الوحشية‪ ،‬وعمليات التصفية‬ ‫اجلسدية اليت طالت ًّ‬ ‫كل من ضياء التالمحة وهديل اهلشلمون يف ‪ ،2015/9/22‬وأمحد‬ ‫خطاطبة يف ‪ ،2015/9/24‬أدت الشتعال انتفاضة القدس وهي أسباب مباشرة تراكمت مع‬ ‫أسباب أخرى على رأسها وجود االحتالل‪ ،‬وعدم حتقيق العملية السياسية ألي تقدم يذكر‪،‬‬ ‫‪37‬‬

‫ﺣﺎل اﻟﻘﺪس ‪2015‬‬

‫إضاف ًة لسياسة التهويد الديين والسكاني املفروضة يف القدس والضفة‪ ،‬كل ذلك جعل‬ ‫االنتفاضة رأس جبل اجلليد الذي ظهر مع بداية شهر تشرين أول‪/‬أكتوبر ‪.2015‬‬

‫طالئع االنتفاضة من خارج أسوار القدس‬ ‫اعتبت عملية الشهيد مهند احلليب يف البلدة‬ ‫القدمية يف القدس يف ‪ 2015/10/3‬الشرارة األوىل‬ ‫لالنتفاضة‪ ،‬ومع أهمية هذه العملية لوقوعها يف‬ ‫البلدة القدمية وعلى مقربة من املسجد األقصى‪،‬‬ ‫لكنها ُسبقت بعملية ال تقل عنها أهمي ًة‪ ،‬ساهمت‬ ‫يف رفع حجم وتأثري االنتفاضة‪ ،‬وهي عملية "بيت‬ ‫فوريك" اليت حدثت يف ‪ ،2015/10/1‬حيث قام‬ ‫ْ‬ ‫مستوطنني قرب مستوطنة "إيتمار"‬ ‫مقاومون بقتل‬ ‫يف منطقة نابلس‪ ،‬وتكمن أهمية هذه العملية يف‬

‫شكلت عملية "بيت فوريك" يف‬ ‫‪ ،2015/10/1‬رافع ًة حلجم وتأثري‬ ‫االنتفاضة‪ ،‬من حيث التوقيت‬ ‫خصوصا أنها أتت بعد خطاب‬ ‫ً‬ ‫الرئيس حممود عباس أمام األمم‬ ‫املتحدة‪ ،‬كما قدمت مؤش ًرا عن‬ ‫حماولة الفصائل االخنراط‬ ‫املبكر يف االنتفاضة‪ ،‬على الرغم‬ ‫من الظروف اليت تعيق العمل‬ ‫الفصائلي يف القدس والضفة‬

‫عدة جوانب‪ ،‬أوهلا أنها حصلت بعد حنو ‪ 24‬ساعة‬ ‫من خطاب الرئيس الفلسطيين حممود عباس أمام اجلمعية العامة لألمم املتحدة‪ ،‬واليت‬ ‫تتحمل‬ ‫قال فيها "ال ُميكننا االستمرار يف االلتزام بهذه االتفاقيات‪ ،‬وعلى إسرائيل أن‬ ‫ّ‬ ‫مسؤولياتها كافة كسلطة احتالل"‪ ،‬ومع أن عباس مل يشر لوقف التنسيق األمين فقد‬

‫جاءت العملية كاختبار حقيقي للسلطة‪ ،‬وعن كيفية تعاملها مع االنتفاضة‪ ،‬وهل من‬ ‫املمكن أن تتحول لسلطة مقاومة‪ ،‬أم ّ‬ ‫تظل رهينة االلتزام بالتنسيق األمين مع االحتالل‪،‬‬ ‫ومل تنجح السلطة يف اإلجابة عن هذه التساؤالت حتى حلظة كتابة هذه السطور‪.‬‬

‫‪ 38‬ﻣﺆﺳﺴـﺔ اﻟﻘﺪس اﻟﺪوﻟﻴﺔ‬

‫قراءة في مسار األحداث والمآالت‬

‫ويكمن اجلانب الثاني ألهمية عملية "بيت فوريك"‪ ،‬يف مدى تأثري ما جيري يف القدس‬ ‫ومتدد هذه األحداث خلارجها‪ ،‬وإعطاء صورة مبكرة النتقال احلراك ألجزاء خمتلفة‬ ‫من األراضي الفلسطينية‪ ،‬كما ميكن اإلضافة بأن العملية جرت يف منطقة استيطانية‬ ‫بامتياز وبعد أسبوع من تنفيذ العملية أعلن االحتالل إلقاء القبض على املنفذين‪ ،‬ونشر‬ ‫بأن اخللية كانت مكون ًة من مخسة أفراد وهي تابع ٌة حلركة محاس‪ ،‬وحبسب "الشاباك"‬ ‫فإن اخللية قامت باإلعداد املسبق للعملية عرب مراقبة الشارع وتأمني التغطية الالزمة‬ ‫للهروب‪ ،‬وهو مؤشر مهم ً‬ ‫جدا عن حماولة الفصائل االخنراط املبكر يف االنتفاضة‪ ،‬على‬ ‫عموما‪.‬‬ ‫الرغم من الظروف اليت تعيق العمل الفصائلي املنظم يف القدس والضفة‬ ‫ً‬

‫شباب االنتفاضة جيل املقاومة اجلديد‬ ‫عاما) يف ‪ ،2015/10/3‬والشهيد فادي علون (‪19‬‬ ‫شكلت عمليتا الشهيد مهند احلليب (‪ً 19‬‬

‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫الدافعي لالنتفاضة‪ ،‬حيث برزت صورة لدور الشباب يف‬ ‫احلدثي‬ ‫عاما) يف ‪،2015/10/4‬‬ ‫ً‬ ‫هذه االنتفاضة‪ ،‬كما أظهرت العمليتان أن حداثة السن والطابع "الشبابي" للشهيدين‪ ،‬مل‬ ‫كاحبا للقيام مبثل هذه العمليات‪ ،‬وهي صورة منطية عن جيل ّ‬ ‫ظن االحتالل‬ ‫يكونا معيا ًرا‬ ‫ً‬ ‫انه استطاع تغيري قناعاته‪ ،‬ودفعه حنو االندماج يف منظومته‪ ،‬ولكن هذه النظرية بدت غري‬ ‫صحيحة البتة‪ .‬ففي دراسة إحصائية أجراها مركز القدس لدراسات الشأن اإلسرائيلي‬ ‫والفلسطيين‪ ،‬لعدد العمليات وحماوالت تنفيذ عمليات ضد االحتالل اإلسرائيلي نشرت‬ ‫يف ‪ ،2016/2/25‬أظهرت الدراسة بأن أعمار املشاركني يف العمليات تراوحت بني الـ ‪12‬‬

‫عاما‪ ،‬شكلت‬ ‫عاما‪ ،‬وأوضح املركز أن الشرحية العمرية من عمر ‪ 12‬حتى ‪ً 28‬‬ ‫عاما والـ ‪ً 55‬‬ ‫ً‬ ‫حنو ‪ % 80‬من جممل العمليات املنفذة‪ .‬ومن اإلحصائيات الدالة بأن الشباب هم روح هذه‬ ‫االنتفاضة‪ ،‬التقرير الصادر عن جهاز األمن العام اإلسرائيلي "الشاباك"‪ ،‬يظهر من خالله‬ ‫‪39‬‬

‫حال القدس ‪2015‬‬

‫بأن نصف من ّفذي العمليات ممن ّ‬ ‫عاما‪ ،‬وبأن ‪ % 71‬من منفذي‬ ‫تقل أعمارهم عن العشرين ً‬ ‫عاما‪.‬‬ ‫العمليات كانوا دون سن ‪ً 25‬‬ ‫رسم بياني يظهر نسبة منفذي العمليات الفردية‬ ‫عاما‬ ‫بني الـ ‪ 12‬والـ ‪ً 28‬‬

‫‪%20‬‬

‫رسم بياني يظهر نسبة منفذي العمليات الفردية‬ ‫عاما حبسب جهاز "الشاباك"‬ ‫ما دون الـ ‪ً 25‬‬

‫‪%29‬‬

‫‪%80‬‬

‫فئات عمرية أكرب‬

‫‪%71‬‬ ‫عاما‬ ‫بني الـ ‪ 12‬والـ ‪ً 28‬‬

‫فئات عمرية أكرب‬

‫عاما‬ ‫دون الـ ‪ً 25‬‬

‫ومل يظهر أثر الشباب يف حجم العمليات‬ ‫ونسبها فقط‪ ،‬بل ظهرت من خالل‬ ‫استخدام شبان االنتفاضة لوسائل‬ ‫ال ّتواصل االجتماعي منص ًة للتعبري‬ ‫عن رأيهم وعن نظرتهم ملستجدات‬ ‫األحداث‪ ،‬كما كانت املنصة اليت‬ ‫أرسل منها الشهداء رسائلهم األخرية‬ ‫على غرار الشهيدين احلليب وعلون‪،‬‬

‫منشور للشهيد مهند احلليب‪ ،‬والتفاعل الكبري معه‬ ‫باإلعجاب واملشاركة‬

‫ووصية الشهيد بهاء عليان قبل عام من‬

‫ً‬ ‫ريا من قبل النشطاء‪.‬‬ ‫استشهاده (استشهد يف ‪ ،)2015/10/13‬واليت القت‬ ‫تفاعل كب ً‬ ‫واستطاع الناشطون توثيق اعتداءات االحتالل‪ ،‬وساهم انتشار صور ومشاهد القتل والتنكيل‬ ‫جبثث الشهداء‪ ،‬وترك اجلرحى ينزفون حتى املوت من دون تقديم أي مساعدة طبية هلم‪،‬‬ ‫‪ 40‬مؤسسـة القدس الدولية‬

‫قراءة في مسار األحداث والمآالت‬

‫ً‬ ‫حمركا للشباب يف القدس والضفة لالخنراط‬ ‫بتأجيج االنتفاضة‪ ،‬وجعل "الثأر" اإلجيابي‬ ‫أكثر يف العمليات‪ ،‬ونتيجة لالنتشار الكبري هلذه الوسائل ّ‬ ‫وظفها الشباب إلجياد حالة‬ ‫من التواصل واحلشد للمواجهات‪ ،‬إضاف ًة لتبادل اخلربات العملية من صنع الزجاجات‬ ‫احلارقة إىل طرق العالج والوقاية من الغازات املسيلة للدموع وغريها‪.‬‬ ‫هذه املساحة من التواصل يف فضاءات مواقع التواصل اليت استفادت منها االنتفاضة‪،‬‬ ‫ويف حماولة لسيطرة االحتالل عليها‪ ،‬أق ّر سلسل ًة من اإلجراءات ملراقبة وسائل التواصل‬ ‫االجتماعي‪ ،‬للح ّد من آثارها‪ .‬فقد ذكرت صحيفة "معاريف" العربية يف ‪،2015/11/30‬‬

‫أن وزارة اخلارجية اإلسرائيلية قررت تشكيل طاقم متخصص يف اإلنرتنت‪ ،‬ملراقبة شبكات‬ ‫التواصل االجتماعي لرصد "أي مقطع أو منشور حيرض على تنفيذ عمليات ضد‬ ‫إسرائيل"‪ ،‬ومن مهام هذا الفريق إعداد "قاموس مصطلحات"‪ ،‬يتضمن كلمات مفتاحية‬ ‫"سكني ويهود‪ "..‬وغريها سواء باللغة العربية أو لغات أخرى‪ ،‬من أجل تسريع العثور عليها عرب‬ ‫اإلنرتنت ومراقبة حمتوى املنشورات اليت تتضمن هذه العبارات‪.‬‬ ‫هذا االهتمام االستخباراتي من جانب االحتالل بـ "فيسبوك" وغريه من منصات التواصل‪،‬‬ ‫انعكس عرب محالت االعتقال اليت استهدفت الناشطني يف القدس والضفة الغربية‪،‬‬ ‫وأصبحت لوائح االتهام اإلسرائيلية تتضمن تهم التحريض على العنف عرب املواقع‬ ‫تقرير هليئة شؤون األسرى واحملررين اعتقل االحتالل ‪130‬‬ ‫اإللكرتونية‪ .‬ووفق‬ ‫فلسطينيا‬ ‫ًّ‬ ‫ٍ‬ ‫خالل العام املاضي بسبب "نشاطهم عرب مواقع التواصل االجتماعي"‪ ،‬كما ُقدمت لوائح‬

‫ريا بتهمة "التحريض"‪ .‬وبلغ عدد املعتقلني بهذه التهمة من أبناء مدينة‬ ‫اتهام ضد ‪ 27‬أس ً‬ ‫ريا أدين بعضهم لفرتات متفاوتة‪ ،‬فيما فرض االحتالل على آخرين احلبس‬ ‫القدس ‪ 40‬أس ً‬ ‫املنزلي‪ ،‬ومنعهم من استخدام األجهزة الذكية‪ ،‬أو الدخول إىل حساباتهم عرب مواقع‬ ‫خصوصا بعد‬ ‫التواصل‪ .‬وقد أشار حقوقيون إىل جناح االحتالل جزئ ًيا بسياسة كم األفواه‪،‬‬ ‫ً‬ ‫‪41‬‬

‫حال القدس ‪2015‬‬

‫أن طالت االعتقاالت فتيات من القدس واألراضي احملتلة عام ‪ .1948‬وبأن هذه االعتقاالت‬ ‫نتاج عمل فرق التجسس اإللكرتوني التابعة ألجهزة االحتالل‪.‬‬

‫تغ ّول االحتالل يف مواجهة االنتفاضة‬ ‫استطاعت العمليات الفردية وقيادة‬ ‫الشباب لالنتفاضة‪ ،‬تشكيل مساتها األبرز‬ ‫خالل األشهر الثالث األخرية من عام‬ ‫‪ ،2015‬وأمام تطور االنتفاضة واتساع رقعة‬ ‫انتشارها‪ ،‬اختذ االحتالل تدابري أش ّد ً‬ ‫تغول‬

‫وقسوة‪ ،‬وبدأ بتطبيق إجراءات متعددة‬

‫ومتتالية‪ ،‬يهدف من خالهلا إىل احل ّد‬

‫صورة أرشيفية‪ :‬أحد جنود االحتالل حيمل سالح‬ ‫القناصة "روجر" خالل إحدى املواجهات‬

‫من مساحة االنتفاضة وحصارها بأقل قدر‬

‫ممكن من اخلسائر‪ ،‬حيث عمد االحتالل لنشر حوالي ‪ 3000‬عنصر من الشرطة وحرس‬

‫احلدود يف أحياء مدينة القدس‪ ،‬وحتويل البلدة القدمية لثكنة عسكرية‪ ،‬ملواجهة تصاعد‬ ‫االنتفاضة‪.‬‬

‫هذا احلشد العسكري الكبري مل يكن قاد ًرا على مواجهة احلراك املتنامي‪ ،‬فقرر االحتالل‬

‫رفع إجراءاته العقابية حبق الشبان املنتفضني‪ ،‬ففي ‪ 2015/9/23‬أقر اجمللس الوزاري‬

‫املصغر "الكابينت" خطة الختاذ "تدابري وإجراءات عقابية أكثر صرامة" ضد احملتجني‬ ‫باحلجارة واأللعاب النارية واملولوتوف بالضفة والقدس احملتلتني‪ ،‬حيث أعطت اإلذن‬

‫للشرطة بإطالق النار من سالح "روجر" على راشقي احلجارة‪ ،‬كما أقر "الكابينت" فرض‬ ‫غرامات مالية باهظة على عائالت القاصرين الذين يتم اعتقاهلم‪ ،‬إضاف ًة لسجن من‬

‫عاما وفرض غرامات عليهم‪ .‬وتابع االحتالل من إجراءاته‬ ‫تبلغ أعمارهم بني ‪ 14‬و ‪ً 18‬‬

‫لوقف عمليات رشق احلجارة‪ ،‬حيث صادق "الكنيست" يف ‪ 2015/11/2‬على مشروع قانون‬

‫‪ 42‬مؤسسـة القدس الدولية‬

‫قراءة في مسار األحداث والمآالت‬

‫خمصصات اجتماع ّية من ذوي الطفل املدان برشق احلجارة‪ ،‬كما يفرض‬ ‫يتضمن سحب‬ ‫ّ‬ ‫غرامة مالية على أهل الطفل املتهم تصل لـ ‪ 10‬آالف شيكل (‪ 3‬آالف دوالر)‪.‬‬

‫تصعيد العقوبات على راشقي احلجارة والزجاجات احلارقة‪ ،‬أتى بالتوازي مع إجراءات أخرى‬ ‫لعزل األحياء املقدسية‪ ،‬ففي ‪ 2015/10/18‬قامت شرطة االحتالل بتشييد جدار أمسنيت يف‬ ‫كحاجز ملنع شباب االنتفاضة من رشق مستوطنة "أرمون هنتسيف" باحلجارة‬ ‫جبل املكرب‪،‬‬ ‫ٍ‬

‫والزجاجات احلارقة‪ ،‬ولكن االحتالل أوقف العمل به نتيجة لالنتقادات الكبرية اليت طالته‪.‬‬ ‫وما لبث أن أعاد االحتالل تقسيم البلدة القدمية‪ ،‬عرب إقامة املكعبات األمسنتية والسواتر‬ ‫الرتابية اليت وصل عددها لـ ‪ 38‬حتى ‪ 2015/10/21‬ومشلت ‪ 17‬نقطة تفتيش‪ ،‬و‪ 20‬مكع ًبا‬

‫أمسنت ًيا‪ ،‬وسات ًرا تراب ًيا واحدًا‪ .‬وأمام تصاعد هجمات املقاومة على حمطات احلافالت يف‬

‫القدس‪ ،‬أمر نتنياهو يف ‪ 2015/12/14‬بوضع حواجز أمسنتية يف مئات حمطات احلافالت‬ ‫عاما) من‬ ‫يف القدس احملتلة بعد ساعات من عملية دهس قام بها عبد احملسن حسونه (‪ً 21‬‬ ‫سكان بلدة بيت حنينا يف القدس احملتلة‪ ،‬واليت أدت إىل إصابة ‪ 14‬مستوط ًنا‪.‬‬

‫هدم منازل ّ‬ ‫الشهداء سياسة قمع ودليل فشل‬

‫مل يكن إلقاء احلجارة هو العمل املقاوم األبرز يف االنتفاضة فقط‪ ،‬فقد كانت العمليات‬

‫شيوعا‪ ،‬حتى أطلقت عليها تسمية‬ ‫الفردية وعلى رأسها الطعن والدهس هي األكثر‬ ‫ً‬ ‫انتفاضة السكاكني إىل جانب انتفاضة القدس‪ ،‬وكما كان تعامل االحتالل مع األوىل‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫متغول‪ ،‬فقد حاول االحتالل تطبيق إجراءات كثرية للحد من هذه العمليات‬ ‫تعامل قاس ًيا‬

‫وحلمل رسائل متعددة‪ ،‬وكان أوهلا عمليات القتل املباشرة ملنفذي العمليات حيث أشارت‬ ‫إحصائيات بأن ثلثي الشهداء الفلسطينيني هم من منفذي العمليات الفردية‪ ،‬ولكن‬ ‫االحتالل مل يكتف بقتل منفذي العمليات فقد حاول إرسال رسائل رعب وإخضاع عرب‬ ‫ً‬ ‫وصول‬ ‫إجراءات تستهدف ذوي الشهداء من االعتقال والتفتيش التعسفي ملنازهلم‪،‬‬ ‫لعمليات هدم وتفجري هذه املنازل‪.‬‬ ‫‪43‬‬

‫ﺣﺎل اﻟﻘﺪس ‪2015‬‬

‫بدأ االحتالل بهذه اإلجراءات قبل اشتداد االنتفاضة‪،‬‬ ‫فقد قامت قواته يف ‪ 2015/7/1‬بصب منزل الشهيد‬ ‫عدي أبو مجل بالباطون املسلح بعدما أغلقته‬ ‫باحلديد‪ ،‬وكانت احملكمة اإلسرائيلية العليا قد‬ ‫صادقت يف ‪ 2014/12/31‬على قرار يقضي بهدم‬ ‫منازل ‪ 4‬شهداء مقدسيني‪ ،‬بتهمة ارتكابهم عمليات‬ ‫يف املدينة‪ ،‬وتنفيذهم عمليات خالل هبة أبو خضري يف‬ ‫نهاية عام ‪ .2014‬ثم عاد طرح هذا اإلجراء "العقابي"‬ ‫يف جلسة "الكابينت" املنعقدة يف ‪ ،2015/10/5‬حيث‬ ‫طلب نتنياهو من وزيرة القضاء أيليت شاكيد‬ ‫تسهيل إجراءات هدم منازل الفلسطينيني ممن‬ ‫ينفذون عمليات ضد االحتالل‪ ،‬يف حني طالب وزير‬

‫مل يكتف االحتالل بقتل منفذي‬ ‫العمليات الفردية‪ ،‬فقد حاول إرسال‬ ‫رسائل رعب وإخضاع‪ ،‬عب إجراءات‬ ‫تستهدف ذوي الشهداء من االعتقال‬ ‫ً‬ ‫وصوال‬ ‫والتفتيش التعسفي ملنازهلم‪،‬‬ ‫لعمليات هدم وتفجري هذه املنازل‪.‬‬ ‫بدأت سلطات االحتالل بهذا اإلجراء‬ ‫يف ‪ 2015/7/1‬مع صب منزل‬ ‫الشهيد عدي أبو مجل بالباطون‬ ‫املسلح‪.‬‬ ‫وظف االحتالل تفجري املنزل‪،‬‬ ‫ليس إليذاء عائلة الشهيد فقط‪،‬‬ ‫ضرر يف املباني‬ ‫بل ليحدث أكب ٍ‬ ‫احمليطة به‪ ،‬وتعميم العقوبة بأكب‬ ‫قدر ممكن‬

‫الرتبية والتعليم نفتالي بينت بالبناء يف املستوطنات‬ ‫عقب كل عملية ينف ّذها فلسطينيون‪.‬‬ ‫ريا‪ ،‬ففي‬ ‫بعد هذا التحريض الرمسي مل ينتظر منزل الشهيد غسان أبو مجل كث ً‬ ‫‪ 2015/10/7‬قامت قوات االحتالل بتفجري منزله الكائن يف جبل املكب جنوب القدس‬ ‫احملتلة‪ ،‬وقد أحدث التفجري دما ًرا ً‬ ‫هائال يف ستة منازل يف حي عائلة أبو مجل‪ ،‬وشردت‬ ‫‪ 7‬عائالت تضم أكثر من ‪30‬‬ ‫شخصا‪ ،‬وسبق التفجري حتطيم كل أثاث املنزل لكي ال‬ ‫ً‬

‫تستطيع األسرة استعماله‪ ،‬يف حال استطاعت إخراجه‪ .‬وقد دأب االحتالل على القيام‬ ‫بهذه العمليات وسط حشد ضخم من الشرطة والقوات اخلاصة بهدف إيصال رسائل‬ ‫التحذير واخلوف لعوائل الشهداء‪ ،‬بهدف احليلولة من تكرارها الح ًقا‪ ،‬وهو ما حصل يف‬ ‫‪ 44‬ﻣﺆﺳﺴـﺔ اﻟﻘﺪس اﻟﺪوﻟﻴﺔ‬

‫قراءة في مسار األحداث والمآالت‬

‫‪ 2015/12/2‬عندما اقتحمت قوات كبرية خميم شعفاط مشال القدس احملتلة‪ ،‬وأغلقت‬ ‫تاما من جهة منطقيت شعفاط وعناتا‪ ،‬ومنعت املواطنني من الدخول‬ ‫مداخل املخيم إغال ًقا ً‬ ‫إليه أو اخلروج منه‪ ،‬ثم قامت بتفخيخ وتفجري منزل الشهيد إبراهيم العكاري‪ ،‬الذي أشعل‬

‫موجة غضب واشتباكات يف املخيم‪.‬‬ ‫وأصبح االحتالل يوظف تفجري املنزل‪ ،‬ليس إليذاء عائلة الشهيد فقط‪ ،‬بل ليحدث أكرب‬ ‫ضرر يف املباني احمليطة به‪ ،‬وتعميم العقوبة بأكرب قدر ممكن‪ .‬وتعاني أسر الشهداء من‬ ‫ٍ‬

‫اعتداءات كثرية تبدأ من التفتيش املتكرر ملنزل العائلة وختريب األثاث واملمتلكات اخلاصة‪،‬‬ ‫خصوصا والد املن ّفذ وإخوته‪ ،‬وما يرافق‬ ‫كما يتم استدعاء العائلة للتحقيق بشكل متكرر‬ ‫ً‬

‫ذلك من إهانات نفسية وبدن ّية‪ ،‬إضاف ًة لتأخر تسليم االحتالل جلثامني الشهداء واحتفاظه‬ ‫ببعضها لفرتات طويلة‪.‬‬

‫االنتفاضة تقلق االحتالل‪ ،‬وتضرب بعض مفاصله‬ ‫على الرغم من حشد االحتالل خمتلف‬ ‫قدراته األمنية واالستخباراتية مل‬ ‫يستطع احل ّد من العمليات الفردية‪،‬‬ ‫ومع جتدد االنتفاضة املستمرة‪،‬‬ ‫استطاعت التأثري على عد ٍد من‬ ‫قطاعات االحتالل املهمة‪ .‬فعلى‬ ‫قوات االحتالل تغلق مداخل األحياء املقدسية‬ ‫الصعيد السياحي‪ ،‬أثرت االنتفاضة‬ ‫باملكعبات األمسنتية‬ ‫ومنذ شهرها األول على السياحة‬ ‫خصوصا يف مدينة القدس احملتلة‪ ،‬حيث سجلت جممعات التسوق واحملال التجارية‬ ‫ً‬ ‫ريا‪ ،‬إضافة لرتاجع جممل األنشطة السياحية يف املناطق احملتلة‪ ،‬وأظهرت‬ ‫تراج ًعا كب ً‬ ‫معطيات رمسية أن السياحة يف القدس تراجعت منذ بداية الشهر األول من االنتفاضة‬ ‫بنسبة ‪.% 50‬‬ ‫‪45‬‬

‫حال القدس ‪2015‬‬

‫هذا الرتاجع يف القطاع السياحي انسحب خالل أشهر االنتفاضة الالحقة‪ ،‬فقد نشرت‬ ‫أرقاما عن تراجع يف هذا‬ ‫صحيفة "معاريف" العربية تقري ًرا يف نهاية عام ‪ ،2015‬تضمن ً‬ ‫القطاع‪ ،‬حيث فرضت بعض املؤسسات السياحية إجازات اجباريّة للعاملني‪ ،‬وبعضها قام‬ ‫بتسريح عدد من املوظفني‪ ،‬وذلك بسبب اخلسائر املادية‪ ،‬ووصلت نسبة الرتاجع يف فنادق‬ ‫الشطر الغربي من القدس لـ ‪ % 15‬مقارن ًة مع أرقام عام ‪ .2014‬وأشارت معطيات "احتاد‬ ‫مجعيات الفنادق" يف الدولة العربية‪ ،‬إىل أن األزمة احلالية أخطر مما كان عليه الوضع‬ ‫خالل فرتة العدوان على قطاع عزة األمر الذي دفع وزارة املالية بالتعاون مع بلدية االحتالل‬ ‫وما يسمى بوزارة "شؤون القدس"‪ ،‬لتقديم مساعدات مالية للجهات املتضررة من قطاع‬ ‫السياحة‪.‬‬ ‫ومع ازدياد العمليات النوعية اليت تطال احلافالت العامة اإلسرائيلية وحمطات االنتظار‪،‬‬ ‫أعاد االحتالل تفعيل وحدة "حراسة وسائل النقل العام"‪ ،‬وقالت صحيفة "يديعوت أحرونوت"‬ ‫بأن إعادة تفعيل الوحدة أتى بعد ‪ 9‬سنوات من تفكيكها‪ ،‬حيث سيتم نشر عشرات احلراس‬ ‫يف الباصات وحمطات االنتظار‪ ،‬وأعطي عناصر الوحدة صالحيات تفتيش الركاب‬ ‫وأمتعتهم‪ ،‬وكذلك املارة‪ .‬كما مت تسيري دوريات خاصة على مسارات طرق املواصالت‬ ‫العامة خالل ساعات عمل الباصات‪ ،‬إضاف ًة لتفعيل نشاطات سريّة حلماية الباصات‪ .‬وهذا‬ ‫يعكس خوف األوساط األمنية لدى االحتالل‪ ،‬من تطور عمليات الطعن والدهس‪ ،‬إىل‬ ‫عمليات استشهادية أو عبوات متفجرة على غرار االنتفاضة السابقة‪.‬‬ ‫جانب آخر من تأثري االنتفاضة على االحتالل‪ ،‬قدرة املنفذين على إيقاع ضحايا يف صفوف‬ ‫جنود االحتالل ومستوطنيه‪ ،‬فاستنادًا إىل معطيات شرطة االحتالل‪ ،‬أدت االنتفاضة‬ ‫ملقتل ‪ 25‬إسرائيل ًيا خالل ثالثة أشهر من عمر االنتفاضة‪ ،‬وأصيب ‪ 280‬آخرون‪ 8 ،‬منهم‬ ‫قتلوا وأصيب ‪ 60‬آخرون يف مدينة القدس احملتلة وحدها‪ .‬هذه الفاعلية اليت متتعت بها‬ ‫رعب كبرية‪،‬‬ ‫االنتفاضة من ناحية اإلثخان يف صفوف االحتالل‪ ،‬أصاب املستوطنني حبالة ٍ‬ ‫‪ 46‬مؤسسـة القدس الدولية‬

‫قراءة في مسار األحداث والمآالت‬

‫تسبب بها عدم إدراك متى ومن‬ ‫سينفذ العملية القادمة‪ ،‬وأصبحت‬ ‫إصابة املستوطنني باحلاالت النفسية‬ ‫خالل االنتفاضة حال ًة مستشرية‪،‬‬ ‫ففي إحصا ٍء رمسي صادر عن‬ ‫"الرابطة اإلسرائيلية لعالج الصدمات‬ ‫النفسية"‪ ،‬أظهر أن ‪ 8‬آالف إسرائيلي‬ ‫تفعيل وحدة "حراسة وسائل النقل العام"‬ ‫بينهم ‪ 1500‬يف القدس وحدها‪،‬‬ ‫أصيبوا بالصدمة النفسية واخلوف الشديد خالل أشهر االنتفاضة الثالثة خالل ‪،2015‬‬ ‫قتيل أو مصاب يف صفوف االحتالل هناك‬ ‫كما كشفت هذه اإلحصائية بأن مقابل كل ٍ‬ ‫‪ 27‬إصابة بالصدمة واهللع حباج ٍة للعالج‪ ،‬ومن املفارقات اليت ذكرها التقرير‪ ،‬بأن عددًا‬ ‫ريا من هذه اإلصابات وقعت بعد مشاهدة العمليات على "التلفاز" ومل يكن املصابون‬ ‫كب ً‬ ‫موجودين يف أماكن العمليات‪.‬‬ ‫أول إلنهاء االحتالل‪ ،‬كما أعادت‬ ‫استطاعت انتفاضة القدس‪ ،‬تثبيت املقاومة كخيار ٍ‬ ‫املسجد األقصى مبا يعانيه من مشاريع التقسيم والتحكم إىل واجهة االهتمام‪ ،‬فهو من‬ ‫أطلق من باحاته الشرارة األوىل لالنتفاضة‪ ،‬ودفع شباب القدس والضفة واألراضي احملتلة‬ ‫عام ‪ 1948‬للثأر ملا يتعرض له من اعتداءات وانتهاكات‪ .‬هذه القدرات الشبابية اليت‬ ‫استطاعت صبغ االنتفاضة‪ ،‬أبرزت دور اجليل املقاوم اجلديد الذي كسر حاجز اخلوف‪،‬‬ ‫وأعاد صور االلتحام املباشر مع جنود االحتالل‪ ،‬يف صور ٍة نادرة من البطولة والشجاعة‬ ‫دائما ال يعرف سوى منطق القوة‪ ،‬قام حبشد كل طاقاته‬ ‫املطلقة‪ .‬وكما كان االحتالل ً‬ ‫واستحضار عقوباته الوحشية‪ ،‬لوأد االنتفاضة واحل ّد من آثارها‪ ،‬عرب القتل وهدم املنازل‬ ‫ومحالت االعتقال والتنكيل‪ ،‬ولكنه ما استطاع حتى اآلن االنتصار يف معركة الوعي‪،‬‬ ‫فقضايا القدس وفلسطني ظلت األولوية الرافعة الستمرار العمل املقاوم‪.‬‬ ‫‪47‬‬

‫ﺣﺎل اﻟﻘﺪس ‪2015‬‬

‫هذه الفاعلية والقدرة على التأثري يف قطاعات االحتالل‪ ،‬ستدفع حنو استمرار االنتفاضة‬ ‫خالل عام ‪ ،2016‬وكما كانت اعتداءات االحتالل يف األقصى والقدس واخلليل وبيت‬ ‫ً‬ ‫حمركا داف ًعا للعمليات الفردية‪ ،‬فإن عدم تراجع االحتالل عن مشاريعه‬ ‫حلم وغريها‪،‬‬

‫ٌ‬ ‫كفيل يف استمرار العمليات واملواجهات‪ ،‬يف استجاب ٍة طبيعية للواقع املأزوم‬ ‫التهويدية‬

‫الذي يعيشه الفلسطيين‪ ،‬مع تفاوت يف زخم االنتفاضة بني شهر وآخر‪ ،‬فهي جتسيد‬ ‫لطبيعة احلراك غري املنظم والفردي يف جممل عملياته‪.‬‬

‫خامسا‪ :‬املشهد اإلسرائيلي‬ ‫ً‬ ‫ُشغلت دولة االحتالل خالل عام ‪ 2015‬بتطورين توزعا‬ ‫على طريف العام فكانت انتخابات "الكنيست" والتحضري‬ ‫هلا ومن ثم تشكيل احلكومة يف النصف األول من العام‬ ‫ومن بعد ذلك انتفاضة القدس اليت تفاعلت إرهاصاتها‬ ‫بشكل واضح يف النصف اآلخر منه‪.‬‬ ‫نتنياهو‪ ،‬الذي دفع يف أواخر عام ‪ 2014‬باجتاه إجراء‬ ‫انتخابات "كنيست" مب ّكرة بعد اخلالفات مع وزيري‬ ‫املال يائري لبيد والقضاء تسييب ليفين وإقالتهما‪،‬‬ ‫فاز بأكب عدد من املقاعد على الرغم من أرقام‬ ‫االستطالعات اليت كانت تشري إىل احتماالت‬ ‫تراجعه‪ .‬هذا الفوز م ّكن نتنياهو من تشكيل حكومته‬

‫كانت انتخابات "الكنيست" املبكرة‬ ‫وانتفاضة القدس التطورين‬ ‫األبرز اللذين انشغلت بهما دولة‬ ‫االحتالل عام ‪ 2015‬باإلضافة إىل‬ ‫القلق من االتفاق النووي اإليراني‬ ‫مع جمموعة الست واستمرار حفر‬ ‫األنفاق وتطويرها يف غزة ويف غمار‬ ‫هذه املخاوف ومصادر القلق كان‬ ‫مسؤولون إسرائيليون يتحدثون‬ ‫عن عالقات وتقارب مع "دول‬ ‫عربية وإسالمية" جتمعها مع دولة‬ ‫االحتالل "مصاحل مشرتكة"‬

‫الرابعة لكنه مل جيعل تشكيل احلكومة أم ًرا سه ً‬ ‫ال حيث كان عليه الدخول يف جوالت من‬ ‫املفاوضات مع األحزاب املختلفة ّ‬ ‫ختطت الشهر بعد تكليفه من قبل رئيس الدولة بتشكيلها‪.‬‬

‫كما ّ‬ ‫أن األغلبية اليت استندت إليها احلكومة هي أغلبية هشة حيث حازت ‪ 61‬صو ًتا يف‬ ‫‪ 48‬ﻣﺆﺳﺴـﺔ اﻟﻘﺪس اﻟﺪوﻟﻴﺔ‬

‫قراءة في مسار األحداث والمآالت‬

‫"الكنيست"‪ ،‬من دون أن يعين ذلك حتمية فرط عقدها أو شللها‪ ،‬وكانت النتيجة حكومة‬ ‫ميينية صرفة تض ّم ‪ 5‬أحزاب هي "الليكود"‪ ،‬و"كلنا" (أسسه موشيه كحلون بعد انشقاقه‬ ‫عن "الليكود")‪ ،‬و"البيت اليهودي" (يتزعمه نفتالي بينت)‪ ،‬وحزبا "شاس" و"يهودت هتوراة"‬ ‫(كالهما من األحزاب احلريدية الدينية)‪ ،‬يف حني ّ‬ ‫أن احلكومة السابقة ضمت أحزابًا‬

‫تصنف من اليسار‪/‬الوسط وفق التقسيم احلزبي املعمول به يف دولة االحتالل‪ ،‬ولك ّنها‬ ‫بطبيعة احلال ال يع ّول عليها إلحداث أي فرق يف القضية الفلسطينية حيث إنها ت ّتفق يف‬ ‫أطر السياسات العامة مع اليمني‪.‬‬ ‫املقاعد يف‬ ‫"كنيست"‬

‫احلزب‪/‬التحالف‬

‫يتزعمه‬ ‫ّ‬

‫"الليكود"‬

‫بنيامني‬ ‫نتنياهو‬

‫"املعسكر الصهيوني"‬ ‫(حتالف حزبي العمل‬ ‫واحلركة)‬

‫يتسحاق هرتسوغ‬

‫‪24‬‬

‫‪2015‬‬ ‫‪30‬‬

‫"كنيست"‬

‫‪2013‬‬ ‫‪18‬‬

‫‪-/+‬‬

‫املقاعد يف‬ ‫احلكومة‬

‫‪12+‬‬

‫‪11‬‬

‫‪21‬‬

‫‪3+‬‬

‫‪-‬‬

‫القائمة املوحدة (حتالف‬ ‫األحزاب العربية)‬

‫أمين عودة‬

‫‪13‬‬

‫(من دون‬ ‫حتالف)‬

‫‪2+‬‬

‫‪-‬‬

‫"هناك مستقبل"‬

‫يائري لبيد‬

‫‪11‬‬

‫‪19‬‬

‫‪8-‬‬

‫‪-‬‬

‫"كلنا"‬

‫موشيه كحلون‬

‫‪10‬‬

‫‪-‬‬

‫جديد‬

‫‪3‬‬

‫"البيت اليهودي"‬

‫نفتالي بينت‬

‫‪8‬‬

‫‪12‬‬

‫‪4-‬‬

‫‪3‬‬

‫"شاس"‬

‫أرييه درعي‬

‫‪7‬‬

‫‪11‬‬

‫‪4-‬‬

‫‪2‬‬

‫"إسرائيل بيتنا"‬ ‫"يهودت هتوراة"‬ ‫"مرييتس "‬

‫أفيغدور ليربمان‬ ‫يعقوف ليتسمان‬ ‫زهافا غلؤون‬

‫‪6‬‬

‫‪13‬‬

‫‪7-‬‬

‫‪-‬‬

‫‪6‬‬

‫‪7‬‬

‫‪1-‬‬

‫‪1‬‬

‫‪5‬‬

‫‪6‬‬

‫‪1-‬‬

‫‪-‬‬

‫‪11‬‬

‫‪49‬‬

‫حال القدس ‪2015‬‬

‫وبالنظر إىل مكونات احلكومة احلالية‪ ،‬فإن أيًا من أعضائها إما يعارض إقامة دولة‬ ‫فلسطينية أو أقله ال يكرتث إلقامتها‪ .‬وحديث نتنياهو يف أول اجتماع باحلكومة يف‬ ‫‪ 2015/5/15‬عن االستمرار يف دعم حل دبلوماسي كان سبقه تصريح له يف مقابلة ملوقع‬ ‫‪ nrg‬يف ‪ ،2015/3/15‬أي قبل يومني من االنتخابات‪ ،‬أنه يف حال انتخابه جمددًا فلن تقوم‬ ‫أن نتنياهو عاد وأعلن التزامه ّ‬ ‫دولة فلسطينية‪ .‬وعلى ال ّرغم من ّ‬ ‫حبل الدّولتني بعد تشكيل‬ ‫لكن الواضح ّ‬ ‫احلكومة ّ‬ ‫أن ما يعلنه ال يعدو كونه من باب املراوغة السياس ّية اليت تطيل أمد‬ ‫وجوده يف احلكومة اعتمادًا فقط على إدارة الصراع وليس ح ّله طاملا أن احلكومة قادرة على‬ ‫حتمل هذه املراوحة‪ ،‬ال سيما أن الوضع على اجلانب الفلسطيين –حتديدًا السلطة‪ ،‬ساهم يف‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫هامشا أكرب يف فرض شروطه وسياساته على الفلسطينيني إىل أن اندلعت‬ ‫إعطاء االحتالل‬ ‫انتفاضة القدس اليت كسرت معادلة األمن حتت االحتالل‪ .‬وال شك يف ّ‬ ‫أن هذا املوقف‬ ‫اإلسرائيلي يضع الكرة يف امللعب الفلسطيين حيث إنه من الواضح ّ‬ ‫أن حماوالت اسرتضاء‬ ‫االحتالل ليمن على الفلسطينيني ببعض دولة لن تثمر إال مزيدًا من سنوات االحتالل‪.‬‬ ‫ش ّكل "اخلطر اإليراني" اهل ّم األكرب لدولة االحتالل خالل عام ‪ 2015‬كواحد من املخاطر‬ ‫اخلارجية اليت قدمها نتنياهو كأولوية جيب التصدي هلا‪ ،‬ال سيما مع اجتاه السداسية‬ ‫الدولية إىل إبرام اتفاق نووي مع إيران‪ .‬وعلى الرغم من احملاوالت اإلسرائيلية احلثيثة‬ ‫اليت قادها نتنياهو يف األمم املتحدة أو يف الكونغرس األمريكي إال ّ‬ ‫أن الرياح الدولية مل‬ ‫جتر وفق مشتهى اجلانب اإلسرائيلي حيث ّ‬ ‫مت ال ّتوصل إىل تفاهم حول الربنامج النووي‬ ‫ِ‬ ‫اإليراني يف ‪ 2015/4/2‬على أن يت ّم إجنازه يف ‪ ،2015/6/30‬وهو ما ّ‬ ‫مت بالفعل‪.‬‬

‫يرض سلطات االحتالل دفعها إىل اللعب على وتر االتفاق‬ ‫التطور يف امللف النووي الذي مل ِ‬ ‫بني القوى الدولية وإيران ملغازلة "دول س ّن ّية تلتقي معنا يف املوقف من اخلطر اإليراني"‪،‬‬

‫‪ 50‬مؤسسـة القدس الدولية‬

‫قراءة في مسار األحداث والمآالت‬

‫وفق تصرحيات نتنياهو‪ .‬ومن ضمن ذلك تركيز مسؤولني إسرائيليني على احلديث عن‬ ‫لقاءات مع مسؤولني عرب "ليس بني دوهلم وإسرائيل اتفاقيات سالم"‪ ،‬وكذلك الدعوة إىل‬ ‫تشكيل حتالفات ميكن من خالهلا ليس فقط تشكيل جبهة واحدة ضد "العد ّو املشرتك"‬ ‫بل كذلك التمهيد لتوسيع العالقات بني هذه الدول واالحتالل وإعطاؤها طاب ًعا علن ًيا‬ ‫حبيث تكتسب شرعيتها من ضرورات تفرضها "الظروف املوضوعية"‪ .‬ويأتي يف هذا السياق‬ ‫ما كشفته اإلذاعة العربية يف أيار‪/‬مايو ‪ 2015‬عن لقاء يف عمان مجع مسؤولني عربًا من‬ ‫دول "ال تقيم عالقات دبلوماسية مع إسرائيل" مبسؤولني إسرائيليني مبشاركة دبلوماسيني‬ ‫من الواليات املتحدة واالحتاد األوروبي حيث قالت اإلذاعة إن املسؤولني العرب أبدوا رغبتهم‬ ‫يف دفع التعاون األمين بني "دول عربية سنية" و"إسرائيل"‪ .‬ويف مقابلة مع "واشنطن بوست"‬ ‫يف حزيران‪/‬يونيو‪ ،‬اعترب وزير جيش االحتالل موشيه يعلون ّ‬ ‫أن "هناك معسكر العرب السنة‬ ‫حيث إلسرائيل مصاحل مشرتكة مع السنة"‪ ،‬وأشار إىل ّ‬ ‫أن "إيران عد ّو مشرتك‪ ...‬فإذا كان‬

‫فإن ّ‬ ‫لدينا األعداء ذاتهم‪ ،‬إىل جانب مصاحل مشرتكة‪ّ ،‬‬ ‫مثة ح ّي ًزا لل ّتعاون"‪.‬‬

‫وبغض النظر عن مدى صحة هذه األخبار كون مصدرها من وسائل اإلعالم اإلسرائيلية‪،‬‬ ‫إال أن اإلشارة املتكررة إىل "دول سنية" ختتزن الكثري من اإلشارات إىل حرص دولة االحتالل‬ ‫على وضع العرب مقابل الفرس والسنة مقابل الشيعة لضمان استمرار حالة التشرذم اليت‬ ‫تبقي "إسرائيل" يف مأمن طاملا أ ّنها مستثناة من دائرة العداء العربية‪.‬‬ ‫بأن العرب املنشغلني عنها أص ً‬ ‫وعلى الرغم من اقتناع "إسرائيل" ّ‬ ‫ال لن خيوضوا أي حرب‬ ‫ضدها بعد انشغاهلم باألزمات يف سوريا واليمن والعراق والبحرين ومصر وليبيا وغريها‪،‬‬ ‫حيث قال وزير اجليش يعلون يف حزيران‪/‬يونيو مبؤمتر "هرتسيليا" إنه "ال خوف من‬ ‫غزو اجليوش العربية إلسرائيل"‪ ،‬إال أ ّنها ال تزال ترتقب خطر اندالع حرب على اجلبهة‬ ‫‪51‬‬

‫حال القدس ‪2015‬‬

‫الشمالية مع حزب اهلل يف لبنان‪ ،‬أو اجلنوبية مع محاس يف قطاع غزة حيث تشكل األنفاق‬ ‫كابوسا لالحتالل‪ ،‬كما ّ‬ ‫تأكد يف املؤمتر السنوي لتحديد املخاطر االسرتاتيجية الذي‬ ‫ً‬ ‫ثان‪/‬يناير ‪.2016‬‬ ‫عقده معهد أحباث مركز األمن القومي يف كانون ٍ‬ ‫إ ًذا‪ ،‬حالة القلق اليت تعيشها دولة‬ ‫االحتالل من إمكان ّية حدوث اخرتاقات‬ ‫حدوديّة من قبل كيانات غري دولتية‪،‬‬ ‫دفعها إىل إحاطة نفسها باألسوار‬ ‫واجلدران‪ ،‬فصادقت يف حزيران‪/‬يونيو‬ ‫‪ 2015‬على إقامة سور على احلدود مع‬

‫مقطع من "اجلدار األمين" مع احلدود األردنية‬

‫األردن بكلفة إمجالية ‪ 3‬مليار شيكل‬ ‫(أكثر من ‪ 750‬مليون دوالر) حيث قال نتنياهو إن اجلدار هو من مقتضيات "األمن‬ ‫الوطين"‪ ،‬وأنه يضاف إىل "اجلدار الذي بنيناه على طول احلدود مع سيناء ومنعنا من‬ ‫خالله دخول املهاجرين‪ ،‬وكذلك اجلماعات اإلرهابية؛ وإىل اجلدار الذي بنيناه على‬ ‫حدود اجلوالن"‪ .‬ومع مالحظة ّ‬ ‫أن دولة االحتالل باتت مط ّوقة باجلدران من اجلهات كافة‪،‬‬ ‫وأ ّنها تقيم جدا ًرا مع غزة وجدا ًرا يف الضفة مبا فيها القدس‪ ،‬ألسباب تقول إنها أمنية‪،‬‬ ‫فهي تؤكد أنها غريبة عن نسيج املنطقة وهي ً‬ ‫أيضا غريبة داخل حدود كيانها‪ ،‬وهي إن‬ ‫استطاعت أن تتآلف مع األنظمة السياسية إال أ ّنها تظل ملفوظة على املستوى الشعيب‬ ‫غاصب ألرض فلسطني واألراضي العربية األخرى‪.‬‬ ‫كيان‬ ‫الذي ال يراها سوى‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ومع تر ّقب خماطر إيران واالخرتاقات احلدوديّة وأنفاق محاس والسعي لعزهلا ومواجهتها‪،‬‬ ‫كان على االحتالل مواجهة انتفاضة القدس وحالة انعدام األمن اليت كانت من أبرز‬ ‫وأه ّم ارتداداتها على الشارع اإلسرائيلي‪ .‬وحاولت سلطات االحتالل التعامل مع هذا‬ ‫‪ 52‬مؤسسـة القدس الدولية‬

‫قراءة في مسار األحداث والمآالت‬

‫اخلطر فقللت من أهميته بادئ األمر ومتسكت بتسميته "موجة عنف" جيب ّ‬ ‫ختطيها من‬ ‫واضحا حالة‬ ‫دون تقديم "تنازالت" سياسية ريثما تفقد مق ّوماتها الذاتية وتتالشى‪ ،‬وكان‬ ‫ً‬ ‫العجز اليت اعرتت سلطات االحتالل يف وقف العمليات الفردية اليت تتخطى قدرة أجهزة‬ ‫االستخبارات واألمن على كشفها مسب ًقا إلحباطها‪ ،‬وقد تطرق البند املتعلق بانتفاضة‬ ‫القدس للحراك الذي بدأ يف القدس ثم انتقل إىل الضفة وإىل الداخل الفلسطيين احملتل‬ ‫كما غزة احملاصرة اليت شاركت مبا أمكن من قلب احلصار‪ .‬وساهمت االنتفاضة يف‬ ‫انكشاف احلكومة اإلسرائيلي على اهلشاشة اليت ُشكلت على أساسها فظهرت اخلالفات بني‬ ‫مكوناتها على خلفية عدم القدرة على احملافظة على أمن اإلسرائيليني‪ ،‬وقاد نفتالي بينت‪،‬‬ ‫زعيم "البيت اليهودي"‪ ،‬اهلجوم على نتنياهو العاجز كما ظهرت اخلالفات بني املستويني‬ ‫السياسي واألمين حول آليات مواجهة "العنف الفلسطيين" وإمخاده‪.‬‬ ‫شعب ًيا‪ ،‬انتهى عام ‪ 2015‬على شعور اإلسرائيليني بفقدان األمن حيث أظهر استطالع نشرته‬ ‫صحيفتا "معاريف" و"جريوزاليم بوست" يف ‪ّ 2015/12/6‬‬ ‫أن ‪ % 77‬من املستطلعة آراؤهم‬ ‫يشعرون بانعدام األمن‪ ،‬بينهم ‪" % 52‬ال يشعرون بأمن كبري" و‪" % 25‬يشعرون بانعدام‬ ‫تا ّم لألمن‪ .‬كما ّ‬ ‫استطالعا للقناة العربية الثانية نشرت نتائجه يف ‪2015/10/10‬‬ ‫أن‬ ‫ً‬ ‫أظهر ّ‬ ‫أن اإلسرائيليني غري راضني عن نتنياهو بعد انتفاضة القدس وأعلن ‪ % 73‬من‬ ‫املستطلعة آراؤهم أنهم غري راضني عن أدائه وسياساته بعد اندالع االنتفاضة‪ .‬ووفق ‪22‬‬

‫‪ %‬من املستطلعني‪ ،‬فإن أفيغدور ليربمان ("إسرائيل بيتنا") هو األكثر أهلية للتعامل مع‬ ‫الشؤون األمنية مقابل ‪ %17‬اختاروا نفتالي بينت ("البيت اليهودي") يف حني حل نتنياهو‬ ‫علما أن شعبية نتنياهو مل تتأثر سل ًبا على خلفية احلرب على غزة عام‬ ‫ثال ًثا بنسبة ‪ً .% 15‬‬ ‫ارتفاعا يف تلك الفرتة‪.‬‬ ‫‪ 2014‬بل شهدت‬ ‫ً‬ ‫‪53‬‬

‫حال القدس ‪2015‬‬

‫والسلطة‬ ‫أما يف ما يتع ّلق باملوقف اإلسرائيلي من إجراء مفاوضات بني "إسرائيل" ّ‬ ‫السالم" الذي جيريه "معهد إسرائيل للدّميقراطية"‬ ‫الفلسطينية‪ ،‬فأظهر استطالع "مؤشر ّ‬ ‫السؤال‬ ‫ثان‪/‬نوفمرب ‪( 2015‬مع مقارنة بنتائج االستطالع حول ّ‬ ‫ال ّنتائج اآلتية لشهر تشرين ٍ‬ ‫ذاته عامي ‪ 2014‬و‪:)2016‬‬

‫كانون ثان‪/‬يناير‬

‫أيلول‪/‬سبتمرب‬

‫‪2016‬‬

‫‪2014‬‬

‫‪)2015/12/1-11/30‬‬

‫(‪)2016/1/28-26‬‬

‫(‪)2014/9/18-16‬‬

‫مؤيّد بشدة‬

‫‪% 30,6‬‬

‫‪%31,8‬‬

‫‪%31,3‬‬

‫مؤيد‬

‫‪%31,2‬‬

‫‪%30,0‬‬

‫‪%26,0‬‬

‫معارض‬

‫‪%17,4‬‬

‫‪%16,5‬‬

‫‪%14,3‬‬

‫‪%15,7‬‬

‫‪%16,3‬‬

‫‪%23,2‬‬

‫‪% 5,0‬‬

‫‪%5,3‬‬

‫‪%5,3‬‬

‫تشرين ثان‪/‬نوفمرب ‪2015‬‬

‫(االستطالع ما بني‬

‫معارض‬ ‫بشدة‬ ‫ال أعرف‪/‬ال‬ ‫إجابة‬

‫خيص القدس حتديدًا‪ ،‬ويف وقت أعلن فيه نتنياهو خالل االحتفال بالذكرى الـ ‪48‬‬ ‫ويف ما ّ‬

‫الستكمال احتالل القدس ّ‬ ‫دائما حتت السيادة‬ ‫أن "القدس لن تقسم جمددًا‪ ،‬وستبقى ً‬ ‫اإلسرائيلية"‪ ،‬أظهر استطالع أجري يف أيار‪/‬مايو ونشرت نتائجه يف ‪ّ 2015/5/18‬‬ ‫أن‬ ‫للسلطة‬ ‫‪ % 50‬من اجلمهور اإلسرائيلي يوافقون على تقسيم القدس وإعطاء األحياء العرب ّية ّ‬ ‫الفلسطين ّية كما ّ‬ ‫أن حوالي ‪ 25‬من املستط َلعني ال ميانعون تسليم احل ّيني اإلسالمي‬ ‫السلطة‪ .‬وكان استطالع نشر يف "معاريف" العربية‬ ‫واملسيحي يف البلدة القدمية إىل ّ‬ ‫يف ‪ 2015/5/17‬أظهر ّ‬ ‫أن ‪ % 92‬من اإلسرائيليني اليهود يعتربون القدس عاصمة للدولة‬ ‫‪ 54‬مؤسسـة القدس الدولية‬

‫قراءة في مسار األحداث والمآالت‬

‫العربية يف حيني يطالب ‪ % 8‬منهم احلكومة بأن تنظر يف اعتماد "تل أبيب" عاصمة‪ .‬ومع‬ ‫أن االستطالعني سابقان على انتفاضة القدس‪ّ ،‬‬ ‫مالحظة ّ‬ ‫استطالعا نشرته "معاريف"‬ ‫فإن‬ ‫ً‬ ‫يف ‪ ،2015/10/14‬أي بعد االنتفاضة‪ ،‬أظهر أن ‪ % 66‬من اإلسرائيليني يقولون ّ‬ ‫إن األحياء‬ ‫الفلسطينية يف القدس ينبغي أال تكون جز ًءا منها‪.‬‬ ‫تغي موقف الرأي العام اإلسرائيلي جتاه‬ ‫ال شك يف أن هذه األرقام تشري بوضوح إىل إمكانية ّ‬ ‫قضايا مفصلية كقضية "اعتبار القدس املوحدة عاصمة اسرائيل" وقد كان لالنتفاضة‬ ‫التأثري الكبري يف هذا التغيري‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫واالتاهات يف الرأي العام اإلسرائيلي‪ ،‬ال تزال اهلجرة تسجل‬ ‫ومع هذه االستطالعات‬

‫معد ً‬ ‫ال سلب ًيا يف القدس كما أظهرت أرقام دائرة اإلحصاء املركزية اإلسرائيلية الصادرة‬ ‫عام ‪ .2016‬ووفق هذه األرقام‪ ،‬سجلت القدس "هجرة سلبية" عام ‪ 2014‬بلغت ‪ ،6740‬ففي‬ ‫شخصا فقد تركها ‪17,091‬‬ ‫حني انتقل إىل املدينة ‪10,351‬‬ ‫شخصا باملقابل‪ ،‬معظمهم من‬ ‫ً‬ ‫ً‬

‫الشباب‪ .‬وتلت "أشدود" جنوب "إسرائيل" القدس مبعدّل اهلجرة السلبية حيث بلغ ‪،2280‬‬ ‫والسبب األرجح يف ذلك هو الصواريخ اليت أطلقتها املقاومة على جنوب "إسرائيل" خالل‬ ‫العدوان على غزة ذلك العام‪ .‬ويشكل استمرار اهلجرة السلبية ذريعة للمطالبة باملزيد من‬ ‫البناء يف املستوطنات للتخفيف من "أزمة السكن" عرب متكني املزيد من اليهود من شراء‬ ‫وحدات استيطانية يف القدس والعيش فيها‪ .‬وال شك يف أن انتفاضة القدس دخلت بقوة‬ ‫ضمن عوامل تشجيع اهلجرة العكسية اإلسرائيلية من القدس‪ ،‬وهو ما يرجح ظهوره يف‬ ‫أرقام اهلجرة لعام ‪.2015‬‬

‫‪55‬‬

‫حال القدس ‪2015‬‬

‫معدالت اهلجرة لعام ‪ 2014‬من وإىل القدس ومناطق أخرى يف فلسطني احملتلة‬ ‫الوافدون‬

‫املغادرون‬

‫‪-/+‬‬

‫القدس‬

‫‪10,351‬‬

‫‪17,091‬‬

‫‪6740-‬‬

‫أشدود‬

‫‪3,627‬‬

‫‪5,907‬‬

‫‪2,280-‬‬

‫حيفا‬

‫‪7,708‬‬

‫‪8,855‬‬

‫‪1147-‬‬

‫تل أبيب‬

‫‪20,519‬‬

‫‪21,449‬‬

‫‪930-‬‬

‫ومبوازاة ذلك ك ّله‪ّ ،‬‬ ‫فإن املستوى السياسي يع ّد الستقبال الذكرى اخلمسني الستكمال‬ ‫احتالل القدس واملصا ِدفة عام ‪ 2017‬مبجموعة من الفعاليات واملشاريع اليت ستنفذ بني‬ ‫عامي ‪ 2016‬و‪ 2020‬وتهدف إىل "تعزيز مكانة القدس كعاصمة إلسرائيل"‪ .‬وهلذه الغاية‬ ‫فقد قررت احلكومة يف االجتماع املعقود يف ‪ 2015/5/19‬تنفيذ عدد من املشاريع اليت تهدف‬ ‫إىل تعزيز املدينة اقتصاديًا باإلضافة إىل خطة إلصالح البنية التحتية يف القدس وتشجيع‬ ‫ّ‬ ‫احملتل عرب افتتاح مركز لل ّزوّار يف املكان عام ‪ ،2017‬ومتابعة‬ ‫السياحة إىل حائط الرباق‬ ‫ّ‬ ‫أعمال احلفر يف املنطقة‪ .‬وق ّررت احلكومة تنظيم فعاليات عام ‪ 2017‬يف جماالت السياحة‪،‬‬

‫والتعليم‪ ،‬والثقافة‪ ،‬والرياضة‪ .‬ومع هذه االستعدادات والتجهيزات فإ ّنه من املمكن القول‬ ‫إن دولة االحتالل لن تتخلى عن مشروع ال ّتهويد يف القدس وستدفع ّ‬ ‫ّ‬ ‫باتاه املزيد من‬ ‫السلبية وتثبيت اليهود يف املدينة‪ ،‬باإلضافة إىل سياساتها‬ ‫االستيطان لل ّتخفيف من اهلجرة ّ‬ ‫العامة يف محل املقدس ّيني على املغادرة لتعديل امليزان الدميغرايف ملصلحة اليهود‪.‬‬ ‫ّ‬

‫‪ 56‬مؤسسـة القدس الدولية‬

‫ﻗﺮاءة ﻓﻲ ﻣﺴﺎر ا ﺣﺪاث واﻟﻤﺂﻻت‬

‫سادسا‪ :‬التفاعل مع القدس على املستوى العربي واإلسالمي‬ ‫ً‬ ‫‪ .1‬املستوى الفلسطيين‪:‬‬

‫ّ‬ ‫ومنظمة التحرير‪:‬‬ ‫السلطة الفلسطين ّية‬ ‫أ‪ّ .‬‬ ‫السلطة الفلسطينية خالل عام‬ ‫مل يكن موقف ّ‬ ‫‪ 2015‬فار ًقا عن املواقف اليت راكمتها السلطة‬

‫منذ إنشائها يف اتفاق أوسلو عام ‪ 1993‬وارتضائها‬ ‫بعزهلا وإقصائها عن القدس‪ .‬ومع عدم وجود‬ ‫السلطة على األرض يف القدس وإغالق االحتالل‬ ‫املؤسسات ال ّتابعة هلا ليجب املقدس ّيني على اللجوء‬ ‫ّ‬ ‫مؤسساته تبدو السلطة قد متاهت مع حالة‬ ‫إىل ّ‬ ‫اإلقصاء حيث ال تستحضر القدس يف خطابها إال‬ ‫كجزء من الزمة "إقامة دولة فلسطني على حدود‬ ‫عام ‪ 1967‬وعاصمتها القدس ّ‬ ‫الشرقية"‪ .‬وكما‬

‫تبدو السلطة الفلسطينية منسجمة‬ ‫مع اتفاق أوسلو إىل أبعد حد حيث‬ ‫يزداد بعدها عن القدس اليت ال‬ ‫ترد يف خطابها إال عندما تشري‬ ‫إىل اجلزء الشرقي منها لتسميه‬ ‫عاصمة للدولة الفلسطينية املوعودة‪،‬‬ ‫كما تزداد متس ًكا بالتنسيق األمين‬ ‫مع االحتالل لضمان بقائها فيما‬ ‫تتالحق وعودها مبقاضاة االحتالل‬ ‫أمام حمكمة اجلنايات الدولية من‬ ‫دون أي اجتاه إىل تفعيل هذا املسار‬

‫كان حال السلطة وموقفها قبل انتفاضة القدس ّ‬ ‫فإن‬ ‫ريا بعد اندالع االنتفاضة حيث مل َتب ُد السلطة معنية بالوقوف وراء‬ ‫يتغري كث ً‬ ‫األمر مل ّ‬ ‫احلراك الشعيب ودعمه‪ ،‬مبا فيه من عناصر قوة ميكن استثمارها يف القدس واألقصى‪،‬‬ ‫بقدر ما كانت حتاول أن تقدّم نفسها للجانب اإلسرائيلي والدولي على أ ّنها البديل األسلم‬ ‫من "العنف الفلسطيين"‪.‬‬

‫‪57‬‬

‫حال القدس ‪2015‬‬

‫ع ّباس متمسك باملفاوضات كخيار وحيد‬ ‫على ال ّرغم من فشل مسار املفاوضات الذي تأكد مرة أخرى عام ‪ 2014‬مع مفاوضات األشهر‬

‫التسع ومت ّكن االحتالل من مترير خططه على طاولة املفاوضات من حيث االستمرار يف‬

‫االستيطان إىل جانب أمور أخرى‪ ،‬إال أن رئيس السلطة الفلسطينية حممود عباس ال يزال‬ ‫يسعى وراء التفاوض مع اإلسرائيلي كخيار حياول أن يظهر من خالله على أنه شريك‬ ‫ّ‬ ‫وكقشة يتعلق بها لضمان عدم انهيار السلطة‪ .‬فص ّرح يف افتتاح اجتماع‬ ‫يف "السالم"‬ ‫اجمللس املركزي ملنظمة التحرير يف ‪ 2015/3/4‬قبل أسبوعني من انتخابات "الكنيست"‪،‬‬ ‫أي طرف منتخب" مؤكدًا ّ‬ ‫بأ ّنه "مستع ّد للتفاوض مع ّ‬ ‫أن "من جاء على رأس السلطة باسم‬ ‫الشعب اإلسرائيلي حنن نعتربه الشريك ونتفاوض معه‪ ،‬أيًّا كان هذا الرجل وأيًّا كانت‬ ‫سياساته‪ .‬ثم عاد ّ‬ ‫وأكد يف نيسان‪/‬أبريل أ ّنه مستعد للتفاوض مع نتنياهو‪ ،‬كمم ّثل‬ ‫للشعب اإلسرائيلي‪ ،‬من دون شروط مسبقة‪.‬‬ ‫وهذا االستعداد الدائم للتفاوض مل يتأثر باستمرار تهويد القدس وال باالقتحامات‬ ‫واالعتداءات املستمرة على األقصى‪ ،‬وال مبجريات مفاوضات عام ‪ 2014-2013‬اليت ذهب‬ ‫إليها عباس بعد التخلي عن شرط وقف االستيطان وخرج منها نتنياهو وقد صادق على‬ ‫السلطة من ال ّتصدي هلا‪.‬‬ ‫عدد من املشاريع االستيطانية من دون أن تتم ّكن ّ‬ ‫سياسة عباس يف مواجهة "إسرائيل"‪ :‬خطوات مؤجلة بشكل دائم‬ ‫قال حممود عباس يف كلمته يف ‪ 2015/9/30‬أمام اجلمعية العامة لألمم املتحدة يف دورتها‬ ‫الـسبعني ّ‬ ‫إن الفلسطينيني لن يكونوا ملزمني باتفاقية أوسلو ما مل يتلقوا محاية دولية‬ ‫يف وجه "إسرائيل"‪ ،‬وقال ّ‬ ‫إن هذه اال ّتفاق ّية حتتاج إىل حتديث لك ّنها لن تستمر يف حال‬ ‫االلتزام بها من جانب واحد‪ .‬وطالب "إسرائيل" بإنهاء االحتالل والقبول بدولة فلسطين ّية‬ ‫‪ 58‬مؤسسـة القدس الدولية‬

‫قراءة في مسار األحداث والمآالت‬

‫ّ‬ ‫"ألن الوضع احلالي غري قابل لالستمرار وسوف نبدأ يف تنفيذ اإلعالن عن وقف التزاماتنا‬ ‫املوقعة ّ‬ ‫بكل السبل السلمية والقانونية‪ ،‬ولن نلجأ إىل العنف"‪ .‬وعدم اللجوء إىل العنف عند‬ ‫عباس يعين عدم مقاومة االحتالل بل مهادنته والتوعد باملزيد من اخلطوات اليت مل تر ّ‬ ‫أي‬ ‫منها سبي ً‬ ‫ال إىل التنفيذ‪.‬‬ ‫وال خيتلف األمر يف ما يتع ّلق مبحكمة اجلنايات الدولية‪ ،‬ففي ‪ 2015/4/1‬أعلنت احملكمة‬ ‫السلطة قدّمت طلب انضمام دولة‬ ‫عن انضمام دولة فلسطني بشكل رمسي إليها وكانت ّ‬ ‫ثان‪/‬يناير ‪ .2015‬ومع ذلك‪ّ ،‬‬ ‫فإن أي ملف مل يقدّم وال‬ ‫فلسطني إىل احملكمة يف كانون ٍ‬ ‫تزال السلطة تتحدث عن "ملفات سوف تقدّم" وأخرى يتم إعدادها‪ ،‬وهذا ما درجت على‬

‫إعالنه خالل السنوات املاضية بانتظار أن تصبح عض ًوا يف احملكمة‪ .‬وعلى الرغم من احلديث‬ ‫عن إحالة ملفات إىل املدعية العامة إال ّ‬ ‫أن عدم إنشاء دائرة متهيدية يف احملكمة باسم حالة‬ ‫فلسطني يثبت عدم التقدّم‪ ،‬أقله بشكل رمسي‪ّ ،‬‬ ‫بأي ملف ميكن أن يؤكد جلوء السلطة إىل‬ ‫املسار القانوني ملواجهة االحتالل‪.‬‬ ‫ال ّتنسيق األمين‬ ‫يف ‪ 2015/3/5‬ق ّرر اجمللس املركزي ملنظمة التحرير الفلسطينية‪ ،‬خالل انعقاد الدورة‬ ‫العادية السابعة والعشرين للمجلس‪ ،‬وقف التنسيق األمين مع االحتالل‪ّ .‬‬ ‫لكن انتهاكات‬ ‫االحتالل واعتداءاته على الفلسطينيني واستمراره يف مشاريع تهويد القدس ومساعيه إىل‬ ‫السيطرة على املقدسات‪ ،‬ال سيما األقصى‪ ،‬مل تقنع عباس بضرورة وقف التنسيق بل ّ‬ ‫إن‬ ‫األشهر الثالثة األخرية من عام ‪ 2015‬شهدت مزيدًا منه حتى شهد لعباس قادة االستخبارات‬ ‫وا ّ‬ ‫جليش بالتعاون املثمر الذي أدّى إىل إحباط عمل ّيات أق ّر ماجد فرج‪ ،‬رئيس جهاز خمابرات‬ ‫السلطة‪ ،‬بأ ّنها جتاوزت ‪ 200‬عملية‪.‬‬ ‫ّ‬

‫‪59‬‬

‫ﺣﺎل اﻟﻘﺪس ‪2015‬‬

‫هذا اجلانب املظلم من "شخصية" السلطة واملنسحب على أجهزتها األمنية خرقه اخنراط‬ ‫ضابط املخابرات مازن عريبة‪ ،‬وهو ابن أخت "كبري املفاوضني" صائب عريقات‪ ،‬يف انتفاضة‬ ‫القدس عب تنفيذ عملية إطالق نار جتاه قوات االحتالل يف القدس يف ‪ 2015/12/3‬قتلته‬ ‫قوات االحتالل على أثرها‪ .‬وقد وصفت جملة "ديفنس نيوز" األمريكية يف ‪2016/1/18‬‬

‫تنفيذ العمل ّية من قبل عريبة للعملية الذي "كرس مهنته يف احتواء العنف من خالل‬ ‫ال ّتنسيق مع قوات األمن اإلسرائيلية" على أ ّنها نوع من الفشل ّ‬ ‫الشخصي لعريقات‪ .‬وهذه‬ ‫احلالة‪ ،‬وإن كانت فريدة خالل عام ‪ ،2015‬إال أنها خرق لقاعدة ك ّرستها السلطة عب‬ ‫تسخري سالح أجهزتها خلدمة االحتالل وأمنه‪.‬‬

‫ب‪ .‬الفصائل الفلسطينية‪ :‬بني تضاؤل الدور وامتحان االنتفاضة‬ ‫الدور املرتاجع مع بداية ‪2015‬‬

‫سجل تفاعل الفصائل مع قضايا القدس واملقدسات‬ ‫ً‬ ‫تراج ًعا‬ ‫ملحوظا مع بداية عام ‪ ،2015‬حيث عاد‬

‫دورهم للتضاؤل من جديد‪ ،‬من حيث مساحة التأثري‬ ‫اليت تتمتع بها‪ ،‬نتيج ًة للحصار املفروض عليها‬

‫وضمور بنيتها التنظيمية يف املناطق احملتلة‪ ،‬ومع‬ ‫تسجيل الفصائل ملواقف متقدمة وصلت لتبين بعض‬ ‫منفذي العلميات الفردية خالل هبة أبو خضري‪ ،‬عادت‬ ‫الفصائل لنمط التفاعل الرتيب مع املدينة احملتلة‪،‬‬ ‫عب مواكبة األحداث املستجدة والطارئة‪ ،‬بإصدار‬ ‫البيانات بُعيد اجلرائم واالعتداءات اليت يرتكبها‬ ‫االحتالل حبق املسجد األقصى واملقدسيني‪.‬‬ ‫‪ 60‬ﻣﺆﺳﺴـﺔ اﻟﻘﺪس اﻟﺪوﻟﻴﺔ‬

‫أشارت الفصائل يف متابعتها‬ ‫العتداءات االحتالل على األقصى‪،‬‬ ‫لكون املسجد املبارك "جوهر‬ ‫الصراع"‪ ،‬واإلشادة الدائمة بدور‬ ‫املرابطني واملرابطات يف محاية‬ ‫األقصى‪ ،‬وبأن العمليات واملواجهات‬ ‫ٌ‬ ‫دليل على متسك أهل القدس‬ ‫مبقاومة االحتالل‪ ،‬مع قصور واضح‬ ‫يف توجيه الرسائل وبناء الوسائل‬ ‫العملية للمواجهة‬

‫قراءة في مسار األحداث والمآالت‬

‫تابعت الفصائل استمرار االحتالل باالقتحامات شبه اليومية لألقصى‪ ،‬وأشارت بتصرحياتها‬ ‫الرمسية لكون األقصى "جوهر الصراع" مع االحتالل‪ ،‬كما كانت اإلشادة الدائمة بدور‬ ‫املرابطني واملرابطات يف محاية املسجد والوقوف يف وجه خمططات احملتل‪ .‬كما تابعت‬ ‫تأكيد‬ ‫الفصائل العمليات واملواجهات اليت جرت يف القدس وإعالن دعمها الكامل هلا‪ ،‬يف‬ ‫ٍ‬ ‫مستمر بأن املواجهة هي اليت سوف تقضي على االحتالل‪ ،‬وبأن أهل القدس "متمسكون‬ ‫خبيار املقاومة"‪ .‬ورغم أهمية هذا اخلطاب يف إبقاء القدس واألقصى حمور اهتمام‬ ‫للفصائل‪ ،‬إال أن تلك الدعوات تبقى عامة‪ ،‬وهي تكرار لدعوة الدول العربية واإلسالمية‬ ‫للدفاع عن األقصى وبذل اجلهود حلمايته بكل الوسائل املتاحة‪ ،‬ومتا ٍه مع خطاب السلطة‬ ‫يف إلقاء اللوم على اآلخرين ً‬ ‫دول وأفرادًا‪ ،‬كما تبعد توجيه البوصلة حنو الدول املعنية‬

‫بواقع اإلشراف على األقصى‪ ،‬مع تغييب واضح للوسائل العملية لتطبيق الدعم املراد‪ ،‬وهي‬ ‫مسة مشرتكة ألبرز الفصائل الفلسطينية وعلى رأسها حركتا فتح ومحاس‪.‬‬ ‫الفصائل وبوادر االنفجار املرتقب‬ ‫مل متر األشهر اليت سبقت االنتفاضة‬ ‫عجا ًفا‪ ،‬بل تصاعدت فيها العمليات‬ ‫واملواجهات ولو مل تتخذ صورة االنفجار‬ ‫الكامل‪ ،‬ويشري مراقبون لدور الفصائل‬ ‫يف تصعيد هذا احلراك‪ ،‬عرب احلشد‬ ‫للفعاليات الشعبية وتنظيم مظاهرات‬ ‫االنتصار للمسجد األقصى خالل أيام‬ ‫تظاهرة يف رام اهلل نصرة للقدس واألقصى‬ ‫اجلمع خاص ًة‪ ،‬واحلراك الطالبي يف‬ ‫اجلامعات الفلسطينية‪ ،‬ومل يكن للفصائل مصلح ٌة يف سبغ هذه الفعاليات اليت تصل حل ّد‬ ‫بشكل كامل‪ ،‬نظ ًرا للحمالت اليت تعرضت هلا إن‬ ‫التماس املباشر مع االحتالل بصبغتها‬ ‫ٍ‬ ‫‪61‬‬

‫حال القدس ‪2015‬‬

‫من قبل قوات االحتالل‪ ،‬أو عرب األمن الفلسطيين الذي ساهم يف قمع وإنهاء العديد من‬ ‫التظاهرات والفعاليات‪.‬‬ ‫ومع عودة االقتحامات العنيفة يف ‪ 2015/7/22‬ومن ثم تزام ًنا مع األعياد العربية يف‬ ‫‪ ،2015/7/26‬وعودة السياسيني اإلسرائيليني القتحام األقصى مع العشرات من املستوطنني‬ ‫والعناصر األمنية‪ ،‬وارتفاع أصوات التحذير من تقسيم املسجد األقصى زمان ًيا ومكان ًيا‪،‬‬

‫عبت فصائل املقاومة عن اخلطر احملدق باملسجد األقصى‪ ،‬وبدأ تفاعل الفصائل أكثر‬ ‫ّ‬ ‫اقرتابًا ومالمس ًة للواقع‪ ،‬حيث دعت للتصدي للمستوطنني وقوات االحتالل بكل السبل‬ ‫املتاحة‪ .‬ومع غياب السلطة عن أداء دورها أصبح تشكيل "قيادة وطنية يف مدينة القدس"‬ ‫حاج ًة ملحة‪ ،‬مع دعوة أهالي الضفة االنتصار للقدس واألقصى‪.‬‬ ‫هذه احملاولة الستعادة الفاعلية لدى الفصائل‪ ،‬وتوقع انفجار األوضاع يف القدس بنا ًء‬ ‫على رفع االحتالل من اعتداءاته‪ ،‬أتت يف وقت تدحرجت فيه األحداث بشكل سريع حنو‬ ‫االنتفاضة من جديد‪ ،‬مما أعاد تسليط الضوء على قدرة الفصائل استعادة زمام املبادرة‬ ‫وبعث العمل املقاوم املنظم يف املناطق احملتلة‪ ،‬يف مواجهة االحتالل وأذرعه األمنية‪ ،‬وعن‬ ‫قدرتها يف قيادة االنتفاضة بشكل علين أو ّ‬ ‫سري‪.‬‬ ‫انتفاضة القدس االمتحان الصعب للفصائل‬

‫شكلت انتفاضة القدس التطور األبرز خالل عام ‪ ،2015‬كما كانت االمتحان األصعب‬ ‫خصوصا يف الضفة الغربية والقدس احملتلتني‪ ،‬اليت تعرضت فيهما‬ ‫للفصائل الفلسطينية‬ ‫ً‬ ‫الفصائل على مدى السنوات السابقة حلمالت تهدف للقضاء على قواعدها التنظيمية‪،‬‬ ‫وعلى رأسها حركتا محاس واجلهاد‪ ،‬ومع ذلك شكلت عملية "بيت فوريك" اليت حدثت‬ ‫مهما فهي العملية األوىل يف االنتفاضة‪ ،‬وقد وجه االحتالل‬ ‫يف ‪ ،2015/10/1‬منعط ًفا ً‬ ‫االتهام حلركة محاس‪.‬‬ ‫‪ 62‬مؤسسـة القدس الدولية‬

‫قراءة في مسار األحداث والمآالت‬

‫ومع أن العملية أتت من خارج القدس‪ ،‬فقد سجلت صور ًة مهمة حملاولة الفصائل االخنراط‬ ‫يف العمل املقاوم بشكل مبكر يف االنتفاضة‪ ،‬ومما حيسب يف سجل الفصائل نقطة إجيابية‬ ‫أخرى يف مرحلة االنطالق هذه‪ ،‬وهي عدم تبين محاس مباشرة هلذه اخللية وبوقوفها‬ ‫خلف العملية اليت أدت ملقتل مستوطنني‪ ،‬أظهر ابتعاد الفصائل منذ البداية عن تصدر‬ ‫املشهد‪ ،‬مما ساهم الح ًقا يف حمافظة االنتفاضة على طابعها الشعيب والفردي‪ ،‬األمر الذي‬ ‫انعكس على االحتالل ً‬ ‫فشل يف تطويق االنتفاضة واحل ّد من العمليات مبختلف أنساقها‪،‬‬ ‫على الرغم من قيام القوات اإلسرائيلية حبمالت اعتقال متكررة وتطبيق إجراءات قمعية‬ ‫متزايدة‪ ،‬فاإلطار القيادي لالنتفاضة مل يكن فصائل ًيا باملعنى التنظيمي السابق‪ ،‬وقدمت‬ ‫حال ًة من املرونة العالية الرافعة للعمل املقاوم‪.‬‬

‫هذه السمة الفردية ملنفذي العمليات مع االنتماء الفصائلي‪ ،‬ظهر جمددًا مع الشهيد‬ ‫مهند احلليب الذي استشهد يف ‪ ،2015/10/3‬وهو من أوائل منفذي العلميات يف القدس‬ ‫احملتلة‪ ،‬وقد باركت حركة اجلهاد اإلسالمي العملية‪ ،‬وتبنت الشهيد احلليب يف بيان هلا‬ ‫بأنه أحد كوادرها‪ ،‬معترب ًة العملية "أنها تطور نوعي للمقاومة الفلسطينية ورد طبيعي‬ ‫على جرائم العدو ضد شعبنا ومقدساتنا"‪ ،‬ويرجع مراقبون عودة تبين منفذي العمليات‬ ‫جمددًا‪ ،‬كون املنفذين من أبناء الفصائل ولكن قيامهم بهذه العمليات بقرار فردي‪ ،‬من‬ ‫دون أوامر مباشرة من قيادة الفصائل‪.‬‬ ‫وأمام حمدودية تبين الفصائل للعمليات الفردية‪ ،‬واإلبقاء على الطابع الشعيب لالنتفاضة‪،‬‬ ‫واضحا‬ ‫واخنراط كوادر التنظيمات يف هذه احلالة الشعبية‪ ،‬أظهرت االنتفاضة تباي ًنا‬ ‫ً‬ ‫بني كوادر حركة فتح وقيادتها‪ ،‬وازدواجية قيادة حركة فتح والسلطة بشخص الرئيس‬ ‫الفلسطيين حممود عباس‪ ،‬حيث يصر األخري على عدم التصعيد واحلرص على التنسيق‬ ‫األمين مع االحتالل‪ ،‬وحصر رؤية التغيري يف خيار املفاوضات‪ .‬ولكن املعطيات عن كوادر‬ ‫‪63‬‬

‫حال القدس ‪2015‬‬

‫حركة فتح أظهرت وجهة نظر أخرى‪ ،‬حيث أصدرت شبيبة فتح بيا ًنا عربت فيه عن‬ ‫استمرارها باالنتفاضة‪ ،‬وهدفها من هذا احلراك الذي "هو احلرية واخلالص النهائي من‬ ‫االحتالل"‪ ،‬ووصل األمر ببعض قيادات حركة فتح لوصف التنسيق األمين بأنه "جرمية‬ ‫وأن الواقع جتاوز مرحلة التنسيق"‪ .‬هذا السقف املرتفع الداعم لالنتفاضة واملشارك يف‬ ‫خصوصا‪،‬‬ ‫فعالياتها‪ ،‬يعطي تصو ًرا عن اخلالف الكبري بني إرادة الشارع الفلسطيين والشباب‬ ‫ً‬ ‫وبني مشاريع السلطة ومسارها‪ ،‬وهو جيل مل يقدم له مسار املفاوضات والتنسيق األمين أي‬ ‫هامش من التقدم والتغيري‪ ،‬يف ظل إبقاء االحتالل على سياسة االعتداء على املقدسات‪،‬‬ ‫ٍ‬

‫ومصادرة حقوق للفلسطينيني يف القدس أو الضفة الغربية‪.‬‬

‫وأمام جتربة الفصائل خالل ثالثة أشهر من عمر االنتفاضة يف عام ‪ ،2015‬جيب عليها‬ ‫االستثمار يف رفد احلراك الشعيب‪ ،‬عرب دعم الفعاليات واملظاهرات اجلماهريية واملواجهات‬ ‫عند نقاط التماس وعلى احلواجز األمنية‪ ،‬اليت تشتت جهود االحتالل وتبقيه يف حالة‬ ‫دائمة من االستنفار‪ ،‬مع إمكانها تقديم البيئة املالئمة للقيام بعمليات فردية "نوعية" يف‬ ‫عمق املناطق احملتلة‪ ،‬واليت تساهم يف تعزيز معادلة الرعب‪ ،‬وجعل العمليات الفردية أكثر‬ ‫ريا وأشد وطأة‪.‬‬ ‫تأث ً‬

‫‪ .2‬األردن‪:‬‬ ‫مسمى‬ ‫شارك األردن يف أواخر عام ‪ 2014‬يف إمخاد اهل ّبة الشعبية (هبة أبو خضري) حتت ّ‬ ‫"منع أسباب التوتر يف القدس" حيث جرت سلسلة من االتصاالت توجت باجتماع يف عمان‬ ‫ثان‪/‬نوفمرب باجتماع مجع ك ً‬ ‫ال من ملك األردن عبد اهلل الثاني‪ ،‬ورئيس حكومة‬ ‫يف تشرين ٍ‬

‫االحتالل‪ ،‬ووزير اخلارجية األمريكي جون كريي‪ .‬وعاد إىل لعب الدور ذاته يف عام ‪2015‬‬

‫بعد اندالع انتفاضة القدس والسعي إىل "احتواء الوضع" و"تنفيس التوتر" لينتهي األمر‬ ‫‪ 64‬مؤسسـة القدس الدولية‬

‫قراءة في مسار األحداث والمآالت‬

‫باتفاق برعاية كريي يقضي برتكيب كامريات مراقبة يف األقصى‪ .‬ويف ظل استمرار‬ ‫خصوصا األقصى‪ ،‬يبدو األردن عال ًقا بني فكي‬ ‫االعتداءات اإلسرائيلية على املقدسات‪،‬‬ ‫ً‬ ‫كماشة‪ ،‬فهو من جهة ال يستطيع اإلكثار من انتقاد املمارسات اإلسرائيلية لكيال يبدو‬ ‫ً‬ ‫فاقدا للسيطرة ونظ ًرا العتقاد األردن أنه حباجة إىل "إسرائيل" يف هذا الظرف الذي متر‬ ‫السكوت على االقتحامات االستفزازية‬ ‫فيه املنطقة‪ ،‬كما أ ّنه من جهة أخرى ال يستطيع ّ‬ ‫لألقصى ملا يشكل ذلك من إحراج له‪.‬‬ ‫ثان‪/‬‬ ‫وقد أعاد األردن يف ‪ 2015/2/2‬السفري األردني إىل "تل أبيب" بعد أن استدعاه يف تشرين ٍ‬ ‫نوفمرب ‪ 2014‬على خلفية إغالق االحتالل املسجد األقصى بوجه املسلمني عقب إطالق النار‬

‫على احلاخام يهودا غليك الداعي إىل توسيع اقتحامات األقصى والسماح لليهود بالصالة‬ ‫فيه حبرية‪ .‬وقال األردن ّ‬ ‫إن اهلدف من اخلطوة هو إرسال رسالة إىل "إسرائيل" حول مدى‬ ‫خطورة الوضع‪ .‬قرار إعادة السفري األردني استند إىل ّ‬ ‫أن "إسرائيل اختذت خطوات لتخفيف‬ ‫صحة ذلك‪ّ ،‬إل ّ‬ ‫أن تصاعد االعتداءات واالقتحامات ابتداء‬ ‫التوتر يف األقصى"‪ .‬وعلى فرض ّ‬ ‫من ذكرى "خراب املعبد" يف متوز‪/‬يوليو ‪ 2015‬وإجراءات تكريس تقسيم املسجد وال ّتفرد‬ ‫به مل يتبعها ّ‬ ‫أي إجراءات أردنية على مستوى العالقات الدبلوماسية ال جلهة طرد السفري‬ ‫اإلسرائيلي وال استدعاء السفري األردني من "تل أبيب"‪ .‬إال أن اإلعالم حتدّث عن رفض امللك‬ ‫األردني الرد على االتصاالت اهلاتفية من نتنياهو إىل أن كان اتفاق الكامريات الذي "أنقذ‬ ‫العالقة األردنية‪-‬اإلسرائيلية" وف ًقا لصحيفة "هآرتس"‪.‬‬ ‫تعب عن جدية يف التعاطي مع االعتداءات اإلسرائيلية‪ ،‬قدّم‬ ‫ويف حماولة الختاذ خطوة ّ‬ ‫األردن مشروع قرار يف أيلول‪/‬سبتمرب ‪ 2015‬ملناقشته يف جملس األمن ّ‬ ‫لكن مسودة القرار‬ ‫بالسماح للمسلمني بالصالة يف األقصى وال ّتع ّبد بسلم‬ ‫وقعت يف دائرة مطالبة االحتالل ّ‬ ‫‪65‬‬

‫ﺣﺎل اﻟﻘﺪس ‪2015‬‬

‫وهدوء‪ ،‬ومن دون أعمال عنف واستفزاز؛ وهو األمر الذي يك ّرس الوضع القائم الذي حياول‬ ‫وحجم دورها‪.‬‬ ‫االحتالل تثبيته منذ انتفاضة األقصى عندما أقصى األوقاف عن املسجد ّ‬ ‫وكان تقرير جملموعة األزمات الدولية صادر يف حزيران‪/‬يونيو ‪ 2015‬أشار إىل تصرحيات‬ ‫مسؤولني أردنيني لنظرائهم اإلسرائيليني حول إمكانية استعادة الوضع كما كان قبل‬ ‫عام ‪ 2000‬إن منعت "إسرائيل" اليهود املتدينني واجلنود باللباس العسكري من دخول‬ ‫األقصى‪ .‬وهو األمر الذي ّ‬ ‫أكدته مصادر أردنية جلريدة الرأي األردنية الصادرة يف عمان‬ ‫متمسك باستعادة إدارة السياحة يف األقصى بشكل‬ ‫(‪ )2015/10/22‬بالقول إن األردن‬ ‫ّ‬ ‫كامل وف ًقا ملا كان األمر عليه قبل انتفاضة األقصى إذ كان البنامج بيد األوقاف‬ ‫اإلسالمية حبيث يسمح بدخول غري املسلمني من خالل إدارة األوقاف ومن دون احلاجة إىل‬ ‫ّ‬ ‫اخلاصة اإلسرائيل ّية‪.‬‬ ‫الشرطة والق ّوات‬ ‫ّ‬

‫‪ .3‬الدول العربية واإلسالمية األخرى‬ ‫مل تقدّم الدول العربية واإلسالمية بشكل عام أي‬ ‫جديد جتاه القدس واألقصى بل ّ‬ ‫إن الفتور هو‬ ‫الصبغة العامة للموقف الرمسي العربي واإلسالمي‬ ‫يف ّ‬ ‫ظل إعادة ترتيب األولويات‪ ،‬مع العلم أن القضية‬ ‫الفلسطينية قبل بدء ما مسي بالثورات العربية مل‬ ‫تكن تلقى االهتمام الكايف على املستوى الرمسي‪.‬‬ ‫وباإلضافة إىل ضعف املوقف وعدم مالمسته احلد‬ ‫األدنى مما ينبغي تقدميه لدعم القدس واملقدسيني‬ ‫يف وجه االحتالل وغياب أي احتضان النتفاضة‬ ‫القدس فإن العام املنصرم شهد تزايد احلديث عن عالقات تطبيع ّية بني "إسرائيل" من جهة‬ ‫مل تشكل االعتداءات اإلسرائيلية‬ ‫على األقصى أي دافع ملوقف حازم‬ ‫من الدول العربية واإلسالمية‬ ‫كما أن التقارب مع االحتالل بات‬ ‫يتجاوز الغرف املغلقة حتى أن صور‬ ‫اللقاءات واملصافحات مع مسؤولني‬ ‫إسرائيليني أصبحت تتداول من دون‬ ‫إحراجا ألصحابها‬ ‫أن تشكل‬ ‫ً‬

‫ودول عربية وإسالمية من جهة أخرى حتت مسميات التطبيع والتنسيق والتعاون األمين‪.‬‬ ‫‪ 66‬ﻣﺆﺳﺴـﺔ اﻟﻘﺪس اﻟﺪوﻟﻴﺔ‬

‫قراءة في مسار األحداث والمآالت‬

‫السادسة والعشرون (املنعقدة يف ‪ 2015/3/29-28‬يف شرم الشيخ مبصر)‬ ‫ّ‬ ‫فالقمة العرب ّية ّ‬

‫اختتمت بإعالن شرم ّ‬ ‫الشيخ الذي ّ‬ ‫أكد التضامن العربي يف ال ّتعامل مع ال ّتطورات يف‬ ‫املنطقة وجاء خل ًوا من أي إشارة إىل فلسطني‪ .‬وقرر اجملتمعون اعتماد مبدأ إنشاء قوة‬ ‫عسكرية عربية تشارك فيها الدول بشكل اختياري‪ .‬وتضطلع القوة‪ ،‬وفق القرار‪" ،‬مبهام‬ ‫التدخل العسكري السريع وما تكلف به من مهام أخرى ملواجهة التحديات اليت تهدد أمن‬ ‫ً‬ ‫تهديدا مباش ًرا لألمن القومي‬ ‫وسالمة أي من الدول األعضاء وسيادتها الوطنية‪ ،‬وتشكل‬ ‫العربي‪ ،‬مبا فيها تهديدات التنظيمات اإلرهابية بنا ًء على طلب من الدولة املعنية"‪ .‬ومل‬ ‫يشر اإلعالن إىل دولة االحتالل كأوىل التحديات اليت تهدد أمن وسالمة الدول األعضاء‬ ‫إذ ال تزال الدول العربية متمسكة بـ "مبادرة السالم" اليت طرحت يف قمة بريوت عام ‪.2002‬‬

‫ث ّم كان اجتماع وزراء خارجية الدول العربية يف القاهرة يف ‪ ،2015/9/13‬وكانت قوات‬ ‫االحتالل اقتحمت األقصى فج ًرا قبل االجتماع ووصلت قواتها إىل منرب صالح الدين‪.‬‬ ‫وقال بيان وزراء اخلارجية "نشجب بشدة هذا التج ّرؤ اإلسرائيلي على املسجد األقصى‪،‬‬ ‫ونشدد على ضرورة التصدي ملثل هذه األعمال العدوانية بكل الطرق املتوافقة مع القانون‬ ‫الدولي وآليات العدالة الدولية حتى ترتدع سلطات االحتالل اإلسرائيلي عن مثل هذه‬ ‫النوايا واألعمال"‪ .‬لكن الشجب الشديد كان سقف املوقف وبه "تصدت" الدول العربية‬ ‫هلذه األعمال العدوانية وردعت االحتالل‪.‬‬ ‫أما احملاولة العمل ّية لل ّتضامن مع القدس واألقصى فقد كانت عرب قرع باب خمت َلف على‬ ‫ّ‬ ‫دخوله بني أطياف األمة‪ ،‬وهو زيارة املسجد والقدس حتت االحتالل اإلسرائيلي‪ .‬فأمني‬ ‫عام منظمة التعاون اإلسالمي إياد مدني الذي دخل القدس وزار األقصى يف ‪2015/1/5‬‬

‫بال ّتنسيق مع االحتالل دعا إىل زيارة القدس ّ‬ ‫لفك احلصار عن املدينة والتأكيد أ ّنها‬

‫مقدما هذه ال ّزيارة على أنها الطريقة األوىل لدعم املقدسيني‪.‬‬ ‫عاصمة الدولة الفلسطينية‪،‬‬ ‫ً‬

‫‪67‬‬

‫حال القدس ‪2015‬‬

‫وك ّرست مصر العام الفائت لدعم احلصار اإلسرائيلي على غ ّزة وتشديده عرب إغراق‬ ‫األنفاق باملياه من جهة والتقشف يف فتح معرب رفح ليكابد الفلسطينيون على مدار العام‬ ‫معاناة االنتظار على املعرب‪ .‬وعلى الرغم من تعنت االحتالل حيال الفلسطينيني وتصعيده‬ ‫وترية التهويد يف األقصى وزيادة اعتداءاته على املسجد األقصى فإن القاهرة شهدت يف‬ ‫‪ 2015/9/9‬إعادة فتح السفارة اإلسرائيلية بعد ‪ 4‬سنوات من إغالقها بعد أن اقتحمها‬ ‫متظاهرون يف ‪ 2011/9/10‬ما محل الدبلوماسيني وعائالتهم إىل مغادرة القاهرة‪ .‬وعلى‬ ‫الرغم من أن مقر السفارة اجلديد هو منزل السفري اإلسرائيلي مع فريق عمل أصغر‬ ‫مما كان عليه ساب ًقا (ما يعين استمرار اهلاجس األمين) وأن القاهرة رفضت أي اقرتاح‬ ‫إسرائيلي حول مقر جديد للسفارة إال أن ذلك ال ينفي حالة التقارب بني اجلانبني املصري‬ ‫ّ‬ ‫تتجل فقط يف "التعاون والتنسيق" بني اجليش واملخابرات يف البلدين بل‬ ‫واإلسرائيلي مل‬ ‫كذلك يف تصرحيات حول ضرورة "توسيع السالم ليشمل دو ً‬ ‫ال عربية أخرى" كما قال‬ ‫الرئيس املصري عبد الفتاح السيسي يف مقابلة مع أسوشيتد برس يف ‪ 2015/9/26‬على‬ ‫هامش الدورة السبعني لألمم املتحدة‪.‬‬ ‫وكان الف ًتا خالل العام املاضي قيام البابا تواضروس الثاني بزيارة القدس يف ‪2015/11/26‬‬

‫بررها بأنها "تأدية لواجب إنساني"‪ ،‬وهو تشييع األنبا أبراهام مطران القدس والشرق األدنى‪.‬‬ ‫عاما حيث كان اجملمع املقدس قرر يف‬ ‫زيارة بابا األقباط إىل القدس هي األوىل منذ ‪ً 53‬‬ ‫جلسته بتاريخ ‪ 1980/3/26‬منع سفر املسيحيني للحج يف األراضي املقدسة عقب اتفاقية‬ ‫كامب ديفيد‪ .‬وقد أثارت الزيارة اليت متت عرب "تل أبيب" جد ً‬ ‫ال حول داللتها يف هذا الوقت‬ ‫وما إذا كانت كس ًرا لقرار اجملمع املقدّس وتطبي ًعا دين ًيا أم تساو ًقا مع النظام يف التقارب‬ ‫مع "إسرائيل"‪.‬‬ ‫‪ 68‬مؤسسـة القدس الدولية‬

‫ﻗﺮاءة ﻓﻲ ﻣﺴﺎر ا ﺣﺪاث واﻟﻤﺂﻻت‬

‫وهكذا‪ ،‬ال يقف املستوى الرمسي العربي واإلسالمي عند ح ّد العجز والتقاعس عن نصرة‬ ‫القدس واألقصى بل مي ّد لالحتالل يدًا من سالم وأخرى من استسالم ليتلقف االحتالل‬ ‫ذلك إشارات يتقدّم يف ظ ّلها يف مشاريع ال ّتهويد اليت تطال القدس واملسجد األقصى‪.‬‬

‫ساب ًعا‪ :‬مواقف الالعبني الدوليني‬ ‫‪ .1‬الواليات امل ّتحدة‬ ‫استم ّر ال ّتوتر بني نتنياهو والرئيس األمريكي‬ ‫باراك أوباما عام ‪ 2015‬على خلفية موقف‬ ‫نتنياهو من االتفاق النووي اإليراني وحماولته‬ ‫عرقلة توقيع االتفاق‪ ،‬وزادت وترية التوتر بعد‬ ‫إلقاء نتنياهو خطابًا يف الكونغرس يف آذار‪/‬مارس‬ ‫بدعوة من رئيس جملس النواب جون بينر من دون‬ ‫موافقة مسبقة من البيت األبيض النتقاد التقارب‬ ‫األمريكي اإليراني‪ .‬وإىل جانب االختالف على‬ ‫النووي اإليراني‪ ،‬كانت القض ّية الفلسطينية‬ ‫سب ًبا ملزيد من االفرتاق بني أوباما ونتنياهو‪،‬‬ ‫ومتسكه بالبناء‬ ‫ال س ّيما بسبب تعنت األخري‬ ‫ّ‬ ‫االستيطاني‪ .‬لكن على الرغم مما بدا أنه خالف‬ ‫وافرتاق بني أوباما ونتنياهو فقد التقى الرجالن‬

‫مل تؤثر العالقة املتشنجة بني أوباما‬ ‫ونتنياهو يف الدعم األمريكي‬ ‫لدولة االحتالل أو حتى يف االحنياز‬ ‫األمريكي للسياسات اإلسرائيلية يف‬ ‫فلسطني على قاعدة "حق إسرائيل‬ ‫وواجبها يف أن حتمي نفسها" وفيما‬ ‫تستمر اإلدارة يف إدانة االستيطان‬ ‫تستمر املنظمات واجلمعيات‬ ‫"اخلريية" األمريكية يف دعم‬ ‫االستيطان مببالغ سنوية معفاة من‬ ‫الضرائب كما ّ‬ ‫أن الرعاية األمريكية‬ ‫لالتفاق حول األقصى يف تشرين أول‪/‬‬ ‫أكتوبر كان من باب احلرص على‬ ‫عدم تفجر األوضاع يف وجه "إسرائيل"‬ ‫وليس من باب االنتصار للحق‬ ‫الفلسطيين‬

‫يف ‪ 2015/11/9‬للتباحث يف مسألة جتديد االتفاق على الدعم العسكري لـ "إسرائيل"‪.‬‬ ‫وخالل اللقاء أعرب أوباما عن تضامنه مع "إسرائيل" إزاء "العنف" يف الضفة الغربية وقال‬ ‫إنه "يدين بأقسى العبارات العنف الفلسطيين ضد اإلسرائيليني األبرياء" مؤكدًا أنه‬ ‫‪69‬‬

‫حال القدس ‪2015‬‬

‫"ليس ح ًقا إلسرائيل‪ ،‬بل هو واجب عليها ً‬ ‫أيضا أن حتمي نفسها"‪ .‬وهو التصريح الذي‬ ‫يعكس احنياز اإلدارة األمريك ّية إىل "إسرائيل" اليت يشكل احتالهلا لألراضي الفلسطينية‬ ‫وسياساتها السبب األساس يف انتهاج الفلسطينيني خيار االنتفاضة‪.‬‬ ‫وعقب االعتداءات اإلسرائيلية على األقصى واندالع انتفاضة القدس اليت اكتسبت ً‬ ‫زمخا‬ ‫بسبب هذه االعتداءات‪ ،‬أبدت الواليات املتحدة قلقها من تدحرج األوضاع‪ .‬وكما تدخلت‬ ‫الواليات املتحدة يف نهاية عام ‪ 2014‬لبحث سبل إحباط ه ّبة الشهيد أبو خضري حتت‬ ‫شعار وقف التوتر يف القدس‪ ،‬فقد تدخلت عام ‪ً 2015‬‬ ‫أيضا لوقف "التوتر"‪ ،‬وكان من‬ ‫نتيجة تدخلها اتفاق بني اجلانبني األردني واإلسرائيلي يقضي بوضع كامريات مراقبة‬ ‫يف األقصى‪ .‬وميكن القول إن اهلدف األمريكي من االتفاق كان االلتفاف على انتفاضة‬ ‫القدس ومنع متدد املقاومة و التح ّرك الفلسطيين ضد االحتالل‪.‬‬ ‫وبعد قرار احملكمة العليا األمريكي يف آذار‪/‬مارس رفض تسجيل "إسرائيل" يف خانة مكان‬ ‫الوالدة على جوازات سفر اإلسرائيليني املولودين يف القدس (قضية ‪Zivotovsky vs.‬‬

‫‪ ،)Kerry‬طالب عدد من أعضاء الكونغرس الرئيس أوباما باستعمال صالحياته التنفيذية‬ ‫كي يعلن القدس عاصمة لـ "إسرائيل"‪ ،‬واعترب النائب اجلمهوري تيد فرانكس أ ّنه "مبا‬ ‫أن الرئيس أوباما ال يعكس الصوت املوحد لألمريكيني بأن القدس عاصمة إسرائيل فهو‬ ‫بذلك يضع الكونغرس يف موقف حرج ليثبت للعامل من هم حلفاؤنا"‪ .‬وقال فرانكس‬ ‫ّ‬ ‫إن "أوباما خدع الناخبني عندما حتدث عن دعمه للقدس املوحدة"‪ ،‬ودعا فرانكس البيت‬ ‫األبيض إىل "خطوة جريئة يعرتف من خالهلا بالقدس عاصمة إلسرائيل وينقل السفارة‬ ‫األمريكية إليها"‪ .‬ولكن ميكن القول إن الثابت يف مواقف مرشحي الرئاسة األمريكية‬ ‫خبصوص القدس‪ ،‬ال سيما بعد صدور قرار نقل السفارة األمريكية عام ‪ ،1995‬هي‬ ‫‪ 70‬مؤسسـة القدس الدولية‬

‫قراءة في مسار األحداث والمآالت‬

‫مواقف انتخابية لطمأنة الناخبني اليهود وكسب دعم اللوبي اليهودي يف الواليات‬ ‫املتحدة‪ .‬لكن أي رئيس‪ ،‬أقله إىل هذا الوقت‪ ،‬يدرك أن قرار نقل السفارة‪ ،‬مبا يعنيه من‬ ‫اعرتاف أمريكي باحتالل عام ‪ ،1967‬ليس ممك ًنا من الناحية العملية‪ ،‬حتى إن جتاوز أي‬ ‫مرشح إجراء تأجيل تطبيق القرار خالل عهده وقرر املضي يف نقل السفارة مبا يعنيه من‬ ‫اعرتاف بالسيادة اإلسرائيلية على كامل القدس اليت ال يعرتف القانون الدولي بأي سيادة‬ ‫إسرائيلية عليها‪.‬‬ ‫وعاد إىل الواجهة عام ‪ 2015‬احلديث عن الدّعم األمريكي لالستيطان من قبل "مجعيات‬ ‫ومنظمات خريية" حيث كشف تقرير لصحيفة "هآرتس" حول الدعم خالل عام ‪2015‬‬

‫عن متويل أمريكي لالستيطان بطرق التفافية ووفق ال ّتقرير فقد بلغ التمويل حوالي‬

‫‪ 220‬مليون دوالر ما بني عامي ‪ 2009‬و ‪ 2013‬جرى حتويله من حوالي ‪ 50‬منظمة‬ ‫ومجعية‪ .‬ويت ّم حتويل هذه األموال‪ ،‬وهي معفاة من الضرائب كونها من مجع ّيات خريية‪،‬‬ ‫إىل البناء واملدارس الدينية والتعليم يف املستوطنات‪ ،‬وكذلك شراء منازل الفلسطينيني‬

‫يف ّ‬ ‫الضفة الغربية‪ ،‬مبا فيها القدس‪ ،‬ولدعم عائالت إسرائيليني أدينوا بأعمال إرهابية ضد‬ ‫الفلسطينيني‪ .‬وأشار ال ّتقرير إىل أن اجلمعيات األمريكية تعمل على مجع التربعات‬ ‫ملصلحة االستيطان ثم حتوهلا إىل مجعيات إسرائيلية غري رحبية ومن ثم تقوم هذه‬ ‫األخرية بدفع هذه األموال لتمويل مشاريع يف مستوطنات القدس ومناطق الضفة احملتلة‪.‬‬ ‫هذا التمويل األمريكي لالستيطان "من حتت الطاولة" يناقض اخلطاب الرمسي‬ ‫األمريكي الذي تتواىل اإلدارات األمريكية على إعالن رفضها له باعتباره خمال ًفا‬ ‫للقانون الدولي ومعط ً‬ ‫ال حلل الدولتني الذي تتبناه الواليات املتحدة‪ .‬وقد تقدم عدد من‬ ‫املواطنني األمريكيني يف ‪ 2015/12/21‬بدعوى ملقاضاة وزارة اخلزانة األمريكية بسبب‬ ‫هذا التمويل ملساهمته بشكل مباشر يف خرق القوانني األمريكية والقانون الدولي‪،‬‬ ‫‪71‬‬

‫حال القدس ‪2015‬‬

‫وخالفت السياسة األمريكية اخلارجية‪ ،‬كما ساهمت يف الكثري من اجلرائم واالعتداءات‬ ‫اليت استهدفت الفلسطينيني‪ .‬وال يسعى املدعون إىل حكم يقضي فقط بأن تلغي وزارة‬ ‫اخلزانة اإلعفاء الضرييب الذي تتمتع به هذه املنظمات بل ً‬ ‫أيضا أن تسرتد اخلزانة مئات‬

‫املاليني من الدوالرات اليت "تربعت" بها هذه ّ‬ ‫املنظمات ملصلحة املستوطنات‪ .‬ووفق الدعوى‪،‬‬ ‫فإن هذه اجلمعيات تعمل وفق أجندة تسعى إىل ختليص الضفة الغربية مبا فيها شرق‬ ‫القدس من أي وجود غري يهودي‪ ،‬وقد جنحت يف ذلك – حسب الدعوى – بسبب إهمال‬ ‫اخلزانة وفشلها يف مراقبة ومنع نشاطاتها اجلرمية لألعوام الثالثني األخرية على األقل‪.‬‬ ‫وحيث ّ‬ ‫ثان‪/‬نوفمرب‬ ‫إن الواليات املتحدة على عتبة االستعداد النتخابات رئاسية يف تشرين ٍ‬ ‫فإن السباق إىل البيت األبيض ال ب ّد من أن مي ّر بالقدس‪ ،‬ما يعين ّ‬ ‫‪ّ 2016‬‬ ‫أن القدس املوحدة‬

‫ونقل السفارة ستكون جز ًءا من الدعاية االنتخابية للمرشحني وإحدى وسائلهم جلذب‬ ‫الدعم واألصوات‪.‬‬ ‫وعلى أي حال‪ ،‬فإن أوباما الذي تنتهي واليته هذا العام مل يتمكن من إحداث خرق يف امللف‬ ‫الفلسطيين‪ ،‬وإذ هو يستعد ملغادرة البيت األبيض فال ميكن التعويل على األشهر املتبقية‬ ‫من واليته يف ظل احلديث عن استعداده لطرح يأمل من خالله أن يتمكن الرئيس القادم‬ ‫من املضي يف "حل الدولتني"‪ .‬وعلى أي حال‪ّ ،‬‬ ‫فإن اخلالف بني نتنياهو وأوباما مل يؤثر يف‬ ‫الدعم العسكري واملساعدة السنوية اليت تتلقاها دولة االحتالل حيث مت االتفاق مؤخ ًرا‬ ‫على زيادة الدعم العسكري من ‪ 3.1‬مليار دوالر إىل ‪ 4‬مليار دوالر سنويًا‪ .‬وبشكل عام‪ ،‬ليس‬ ‫من املتوقع أن تغري الواليات املتحدة موقفها من "إسرائيل" أو توقف دعمها هلا‪ ،‬وكل ما‬ ‫تستطيع اإلدارة العتيدة فعله هو حماولة منع "تصعيد التوتر يف القدس" كي ال تنفجر يف‬ ‫وجه االحتالل‪ ،‬كما أن الرتكيز سيكون على إعادة الطرفني إىل املفاوضات من باب إدارة‬ ‫الصراع من دون الغوص يف سياسة احلل‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫‪ 72‬مؤسسـة القدس الدولية‬

‫ﻗﺮاءة ﻓﻲ ﻣﺴﺎر ا ﺣﺪاث واﻟﻤﺂﻻت‬

‫‪ّ .2‬‬ ‫االحتاد األوروبي‬ ‫ينطلق ّ‬ ‫الصراع‬ ‫االحتاد األوروبي يف موقفه من ّ‬ ‫العربي اإلسرائيلي من احلرص على أن يكون له دور‬ ‫يف املنطقة وعلى ضرورة إنهاء الصراع املستمر منذ‬ ‫عقود‪ ،‬ويستند االحتاد يف رؤيته ومبادراته إىل "حل‬ ‫الدولتني" حيث "تنشأ دولة فلسطينية على حدود عام‬ ‫‪ 1967‬وعاصمتها القدس الشرقية"‪ ،‬وحتاول الدول‬ ‫األوروبية‪ ،‬ضمن مظلة االحتاد‪ ،‬عزل العوامل اليت‬ ‫تعرقل هذا احلل‪ .‬وحاول ّ‬ ‫االحتاد األوروبي التقدم‬

‫يستند االحتاد األوروبي يف مقاربته‬ ‫للقضية الفلسطينية إىل مبدأ "حل‬ ‫الدولتني" وهو حياول عزل العوامل‬ ‫اليت ميكن أن تعرقل هذا احلل كما‬ ‫يعمل على إحياء مسار املفاوضات‬ ‫لكسر اجلمود على هذا املسار وقد‬ ‫شهد عام ‪ 2015‬تشنج العالقة بني‬ ‫دول أوروبية ودولة االحتالل على‬ ‫خفية مرتبطة برفض لقاء مسؤولني‬ ‫إسرائيليني يف شرق القدس وكذلك‬ ‫تفعيل قرار وسم منتجات املستوطنات‬

‫أكثر ّ‬ ‫باجتاه ّ‬ ‫الضغط على "إسرائيل" واخلروج من‬ ‫حالة اجلمود يف ّ‬ ‫امللف الفلسطيين واالحتالل‪ .‬ولذلك فقد أق ّرت املفوضية األوروبية‪ ،‬وهي‬ ‫الذراع التنفيذية لالحتاد األوروبي‪ ،‬يف ‪ 2015/11/11‬قرار وسم منتجات املستوطنات‪ ،‬من‬ ‫باب إعالم املستهلك بأصل البضائع املعروضة عليه (وليس من باب العقوبات أو املقاطعة‬ ‫لـ "إسرائيل")‪ .‬ويستورد االحتاد من دولة االحتالل سنويًا مبا يقارب ‪ 32.2‬مليار دوالر فيما‬ ‫بلغ حجم ما استورده يف عام ‪ 2014‬حوالي ‪ 14‬مليار دوالر وال يتجاوز حجم السلع املستوردة‬ ‫من املستوطنات ‪ % 1,5‬من املنتجات اإلسرائيل ّية املصدّرة إىل دول االحتاد‪ .‬وعلى هذا‪ ،‬فإن‬ ‫وسم املنتجات‪ ،‬وعلى فرض اختيار املستهلك األوروبي مقاطعتها‪ ،‬لن يكون له أثر كبري‬ ‫على الصعيد االقتصادي‪ ،‬ولكن يبقى للقرار قيمة معنوية على اعتبار أ ّنه خطوة عملية يف‬ ‫إطار ما تشدّد أوروبا على أ ّنه خمالفة للقانون الدولي‪.‬‬ ‫‪73‬‬

‫حال القدس ‪2015‬‬

‫القرار األوروبي مل يعجب "إسرائيل" اليت وصفته باخلطوة التعسفية‪ ،‬فأعلنت وزارة‬ ‫اخلارجية اإلسرائيلية يف ‪ 2015/11/29‬عن ّ‬ ‫االتاه إىل إعادة النظر يف املدى الذي ستسمح‬

‫"إسرائيل" به للتدخل األوروبي يف قضايا تتعلق بالعملية السياسية مع الفلسطينيني‪.‬‬ ‫كما ّ‬ ‫وجهت يف ‪ 2015/11/11‬تقري ًعا إىل سفري‬ ‫أن وزارة اخلارجية اإلسرائيلية كانت ّ‬ ‫االحتاد األوروبي إىل "إسرائيل" الرس فابورغ أندرسن‪ ،‬على خلف ّية قرار االحتاد كما أبلغته‬ ‫بإلغاء سلسلة من االستشارات الدبلوماسية حول حقوق اإلنسان واملنظمات الدولية اليت‬

‫ً‬ ‫خمططا عقدها بني الطرفني‪.‬‬ ‫كان‬

‫وشهد عام ‪ 2015‬بعض األزمات الدبلوماسية بني بعض دول االحتاد و"إسرائيل" على خلفية‬ ‫املوقف من شرق القدس إذ إن املوقف األوروبي مييل إىل عدم االعرتاف بسيادة "إسرائيل"‬ ‫على شرق القدس‪ .‬ويف هذا اإلطار‪ ،‬ألغى نائب املستشار النمساوي‪ ،‬راينهولد ميرتهلنر‪،‬‬ ‫زيارته إىل دولة االحتالل بعدما أصر وزير العلوم اإلسرائيلي أوفري أكونيس (ليكود) أن‬ ‫يت ّم اللقاء مبكتبه يف الشيخ جراح حتت طائلة رفض لقاء املسؤول النمساوي‪ ،‬فق ّرر األخري‬ ‫إلغاء الزيارة‪ .‬كما ألغى وزير اخلارجية البلجيكي ديديه رايندرس‪ ،‬زيارة إىل دولة االحتالل‬ ‫بعدما أعلن نتنياهو بصفته وزي ًرا للخارجية رفضه لقاء الوزير البلجيكي على خلفية قرار‬ ‫االحتاد األوروبي وسم منتجات املستوطنات‪.‬‬ ‫االعتداءات اإلسرائيلية على املسجد األقصى‪ ،‬ال سيما يف أيلول‪/‬سبتمرب‪ ،‬قابلها االحتاد‬ ‫بدعوة األطراف إىل اهلدوء والتحذير من أي "استفزاز"‪ ،‬وإىل احملافظة على الوضع القائم‪.‬‬ ‫واعتربت املفوضية األوروبية أ ّنه من املهم أن "ميارس األطراف اهلدوء وضبط النفس‬ ‫واالحرتام الكامل لألماكن املقدّسة"‪.‬‬ ‫ويف ال ّتقرير السنوي الصادر عن بعثات االحتاد األوروبي يف القدس ورام اهلل لعام ‪2014‬‬

‫والذي مت تسريبه يف آذار‪/‬مارس ‪ ،2015‬دعا القناصل دوهلم إىل تفعيل قرار وسم منتجات‬ ‫‪ 74‬مؤسسـة القدس الدولية‬

‫قراءة في مسار األحداث والمآالت‬

‫املستوطنات‪ ،‬وإىل مواصلة دعم وتطوير وتنسيق االسرتاتيجية الفلسطينية اخلاصة بشرق‬ ‫القدس‪ ،‬وممارسة ّ‬ ‫الضغوط إلعادة فتح املؤسسات الفلسطينية املغلقة فيها باإلضافة إىل‬ ‫العديد من التوصيات األخرى‪ .‬ويف اجلانب املرتبط بـ "اهلوية الدينية والثقافية"‪ ،‬أوصى‬ ‫ال ّتقرير بدعم احلوار بني األديان يف القدس وتشجيعه‪ ،‬واالحرتام املتبادل لألماكن‬ ‫ال ّتارخي ّية والثقافية املرتبطة باألديان اإلبراهيمية واحرتام األماكن املقدسة اخلاصة‬ ‫ً‬ ‫حتديدا دعا القناصل إىل "احملافظة على سالمة احلرم‬ ‫بهذه األديان‪ .‬ويف املسجد األقصى‬ ‫الشريف‪/‬جبل املعبد واحملافظة على الوضع القائم فيه"‪.‬‬ ‫حياول ّ‬ ‫االتاد األوروبي ودوله إثبات ترمجة عمل ّية لاللتزام بـ "حل الدولتني" ويدفعون‬ ‫باجتاه تطبيقه مع تأكيد االلتزام برفض احتالل عام ‪ 1967‬ومن ذلك شرق القدس‪،‬‬ ‫كما ينظر االحتاد إىل املسجد األقصى على أ ّنه مصدر للقلق واالنفجار‪ .‬وعلى الرغم من‬ ‫االندفاعة األوروب ّية باجتاه وسم منتجات املستوطنات‪ ،‬على حمدودية أثره يف حجم التبادل‬ ‫األوروبي اإلسرائيلي‪ ،‬فإن القرار لن يكون له أثر كبري ما مل يقرتن بإجراءات وخطوات‬ ‫أوروبية إضاف ّية وأخرى فلسطينية تسعى إلنهاء االحتالل وتضع ً‬ ‫حدا لالنتهاكات‬ ‫اإلسرائيلية للقانون الدولي‪.‬‬

‫‪75‬‬

‫حال القدس ‪2015‬‬

‫ثام ًنا‪ :‬أبرز ّ‬ ‫االتاهات احملتملة لعام ‪2016‬‬

‫ال ّ‬ ‫شك يف ّ‬ ‫أن انتفاضة القدس متكنت – ولو بشكل مؤقت – من إحباط مشروع تقسيم‬

‫األقصى زمن ًيا‪ ،‬وأنها أثبتت أن معادلة األمن حتت االحتالل ال ميكن أن تستقيم‪ ،‬وأن استمرار‬ ‫االحتالل لن جيلب اهلدوء لإلسرائيلي‪ .‬وال ّ‬ ‫أيضا يف ّ‬ ‫شك ً‬ ‫أن االحتالل مل يتم ّكن من بيع‬ ‫الفلسطينيني وهم العيش بـ "سالم" يف ظل ما يسميه تسهيالت ال تعدو كونها تعمية على‬ ‫حقوقهم اليت يأمل االحتالل يف ابتالعها‪ ،‬ال س ّيما حقهم يف حترير أرضهم ومقدساتهم‪.‬‬

‫وبينما جيتهد االحتالل يف تهويد القدس من جهة واالنقضاض على احلراك الفلسطيين‬ ‫من جهة أخرى ّ‬ ‫فإن الدول العربية واإلسالمية تغيب عن دعم القدس واملقدسيني‪ ،‬كما أ ّنها‬ ‫تغيب بشكل أكرب عن دعم انتفاضة القدس على الرغم مما ميكن أن تشكله االنتفاضة من‬ ‫رافعة للفلسطينيني يف وجه االحتالل‪.‬‬ ‫وميكن من خالل تت ّبع مسار ال ّتطورات خالل العام املاضي‪ ،‬ومالحظة سلوك خمتلف‬ ‫األطراف املعنية بالقضية الفلسطينية ّ‬ ‫تبي املسارات اآلتية خالل عام ‪:2016‬‬ ‫‪ .1‬يسعى االحتالل عرب منظومة من اإلجراءات والتدابري "الردعية" و"العقابية" كما‬ ‫يسميها‪ ،‬إىل القضاء على انتفاضة القدس كما ّ‬ ‫أن السلطة الفلسطينية متمسكة بالتنسيق‬ ‫ّ‬

‫األمين فيما رئيسها يكرر تعهداته بعدم السماح بتطور االنتفاضة أو "إطالق رصاصة واحدة"‬ ‫يف الضفة الغربية‪ .‬لكن على الرغم من ذلك‪ ،‬فقد متكن الشباب الفلسطيين من اخرتاق‬ ‫اإلجراءات املفروضة من االحتالل والسلطة ومل متنعه إجراءات االحتالل حبق منفذي‬ ‫العمليات‪ ،‬ومنها القتل الفوري ومعاقبة عوائل الشهداء‪ ،‬من تنفيذ املزيد من العمليات‬ ‫حيث دخلت االنتفاضة شهرها السادس‪ .‬وبناء على ذلك‪ ،‬ميكن القول ّ‬ ‫إن انتفاضة القدس‬ ‫مرشحة لالستمرار خالل عام ‪ ،2016‬بصرف النظر عن وترية عمليات الطعن والدهس‬ ‫اليت تتأثر مبدى القدرة على جتاوز إجراءات االحتالل األمنية واحلواجز وغريها‪ .‬كما ّ‬ ‫أن‬

‫اإلجراءات ذاتها اليت تفرض ً‬ ‫مزيدا من التضييق على الفلسطينيني‪ ،‬واستمرار االعتداءات‬ ‫اإلسرائيلية على األقصى‪ ،‬واخلالفات بني مكونات احلكومة اإلسرائيلية وبني املستوى‬

‫‪ 76‬مؤسسـة القدس الدولية‬

‫قراءة في مسار األحداث والمآالت‬

‫األمين والسياسي حول االنتفاضة‪ ،‬وكذلك استمرار انسداد األفق السياسي كلها ميكن‬ ‫أن تش ّكل عام ً‬ ‫ال داف ًعا للفلسطينيني لالستمرار يف مقاومة االحتالل ومقارعته‪ .‬وبالنظر‬

‫إىل نوعية العمليات اليت ينفذها الشباب الفلسطيين ضد جنود االحتالل ومستوطنيه‪،‬‬ ‫فإنه من املتوقع أن تدفع نسبة عمليات إطالق النار وتلك اليت هلا طابع عسكري‪.‬‬ ‫‪ .2‬مع إعداد االحتالل الحتفاالت يوبيلية يف الذكرى اخلمسني الستكمال احتالل‬ ‫القدس (أي ما يسميه االحتالل ذكرى توحيد القدس) واإلعالن عن رصد ما يزيد على‬ ‫‪ 100‬مليون شيكل لتهويد احلائط الغربي وجنوب األقصى‪ّ ،‬‬ ‫فإن مشاريع تهويد القدس‬ ‫واألقصى مرجحة لالستمرار والتصاعد يف ظل استمرار احلديث عن القدس املوحدة‬ ‫وإعالن وزير الثقافة اإلسرائيلي نفتالي بينت ّ‬ ‫أن العام الدراسي القادم سيكون حتت شعار‬ ‫"القدس املوحدة"‪.‬‬ ‫‪ .3‬يشكل األقصى رك ًنا أساس ًيا يف مشروع التهويد الديين‪ ،‬ومن املتوقع عودة االقتحامات‬ ‫املرجح أن تعود احملاوالت‬ ‫بشكل متصاعد‪ ،‬ال سيما يف موسم األعياد اليهودية‪ ،‬كما من ّ‬ ‫احملمومة لتقسيم األقصى‪ .‬وسيكون لالحتالل هامش أكرب يف التحرك على هذا الصعيد‬ ‫حيث ستتبلور آثار حظر احلركة اإلسالمية‪-‬اجلناح الشمالي يف األراضي احملتلة عام‬ ‫‪ 1948‬ودور القرار يف تراجع الرباط يف األقصى‪ .‬كما ّ‬ ‫خصوصا‬ ‫أن منطقة جنوب األقصى‪،‬‬ ‫ً‬ ‫سلوان‪ ،‬مرجحة لتشهد مزيدًا من التهويد سواء عرب مشاريع األبنية التوراتية اليت ستقام‬ ‫يف الناحية اجلنوبية من املسجد أو توسع اجلمعيات االستيطانية اليت حتظى بالدعم‬ ‫واملباركة من اجلهات احلكومية يف دولة االحتالل‪.‬‬ ‫‪ .4‬على الرغم من أمنيات السلطة الفلسطينية يف العودة إىل املفاوضات وإبداء استعدادها‬ ‫للتفاوض مع من "ميثل الشعب اإلسرائيلي"‪ ،‬وكذلك حماوالت دول االحتاد األوروبي‬ ‫دفع الطرفني اإلسرائيلي والفلسطيين إىل طاولة املفاوضات يبدو هذا األمر غري مرجح‬ ‫هذا العام‪ ،‬ال سيما مع انشغال الواليات املتحدة باالنتخابات الرئاسية‪ ،‬وإن حضرت القضية‬ ‫الفلسطينية يف الدعاية االنتخابية ملرشحي الرئاسة األمريكية‪.‬‬ ‫‪77‬‬

‫حال القدس ‪2015‬‬

‫التوصيات‬ ‫السلطة الفلسطينية‪:‬‬ ‫‪ .1‬وقف ال ّتنسيق األمين مع االحتالل‪ ،‬أو العمل وفق خطة متهد لوقف التنسيق الذي‬ ‫يرقى إىل درجة التواطؤ مع االحتالل ضد املصلحة الفلسطينية وإن حاولت السلطة‬ ‫الرتويج له على أنه ملصلحة الفلسطينيني أنفسهم‪.‬‬ ‫‪ .2‬يش ّكل احلراك الشعيب عنصر قوة ميكن السلطة أن تستفيد منه للضغط على االحتالل‪،‬‬ ‫وحري بالسلطة أن تدعم االنتفاضة كعامل ميكن االستفادة منه كورقة قوة بد ً‬ ‫ال من‬ ‫السعي إىل طمأنة االحتالل واخلوف على مصاحله‪.‬‬ ‫‪ .3‬االستفادة من العضوية يف حمكمة اجلنايات الدولية وحتريك املسار القانوني بشكل‬ ‫فعلي إلجبار االحتالل على خوض معركة قانونية لن خيرج منها منتص ًرا‪.‬‬

‫الفصائل والقوى الفلسطينية‪:‬‬ ‫‪ .1‬استحضار القدس ك َه ّم وليس من باب اخلطاب والدعاية‬ ‫‪ .2‬السعي إىل استمرار االنتفاضة من دون احلاجة إىل أن يقود احلراك هذا الفصيل أو‬ ‫ذاك‪ ،‬وأن تدرك الفصائل أن االنتفاضة هي ملصلحة الشعب الفلسطيين وليست ليسجل‬ ‫فصيل ً‬ ‫نقاطا على أي فصيل آخر‪.‬‬ ‫ودعما للقدس واملقدسيني‪.‬‬ ‫‪ .3‬تفعيل اجلهود اجلماهريية واإلعالمية للضخ يف االنتفاضة ً‬ ‫‪ .4‬تشكيل جلان دعم لعوائل شهداء انتفاضة القدس‪ ،‬والعمل على تأسيس شبكة أمان‬ ‫اجتماعية ومالية لتعويض الشهداء واألسرى عن ما يسببه االحتالل هلم من خسائر‬ ‫معنوية ومادية‪.‬‬ ‫‪ .5‬العمل اجلاد إلنهاء االنقسام‪ ،‬وترميم البيت الداخلي الفلسطيين‪.‬‬ ‫‪ .6‬العمل السريع على جتاوز تداعيات حظر احلركة اإلسالمية – اجلناح الشمالي ورفد‬ ‫حركة الرباط يف األقصى‪.‬‬ ‫‪ 78‬مؤسسـة القدس الدولية‬

‫قراءة في مسار األحداث والمآالت‬

‫األردن‪:‬‬

‫‪ .1‬التجاوب مع الشارع األردني خاصة والعربي عامة لرفض التطبيع مع االحتالل‪.‬‬ ‫‪ .2‬دعم حراس األقصى واملرابطني واملرابطات‪.‬‬ ‫‪ .3‬دعم املؤسسات األردنية الشعبية اليت حتمل على عاتقها مسؤولية الدفاع عن القدس‬ ‫واألقصى‪ ،‬ودفعها لتقوم بدور التواصل والتحفيز مع اهليئات العربية واإلسالمية‬ ‫والدولية‪.‬‬

‫شباب انتفاضة القدس‪:‬‬

‫‪ .1‬ابتكار الوسائل املتنوعة يف العمليات ضد االحتالل‪.‬‬

‫سرا أو عل ًنا‪.‬‬ ‫‪ .2‬العمل على إجياد قيادة ميدانية تدير شؤون االنتفاضة بالطريقة املناسبة‪ًّ ،‬‬ ‫‪ .3‬استثمار شبكات التواصل االجتماعي لكشف جرائم االحتالل‪ ،‬وبث الرعب بني صفوفه‪.‬‬

‫الدول العربية واإلسالمية‪:‬‬ ‫‪ .1‬دعم القدس واملقدسيني واملقدسات‪.‬‬ ‫‪ .2‬دعم االنتفاضة وعوائل الشهداء واألسرى‪.‬‬ ‫‪ .3‬وقف التساوق والتقارب والتطبيع مع االحتالل‪.‬‬ ‫‪ .4‬تطبيق قرارات جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون اإلسالمي يف تأسيس صناديق‬ ‫دعم للقدس واألقصى‪.‬‬ ‫‪ .5‬تفعيل جلنة القدس املنبثقة عن منظمة التعاون اإلسالمي‪.‬‬ ‫‪ .6‬عدم تقديم أي غطاء للمفاوضات مع االحتالل اإلسرائيلي‪ ،‬والعمل على متكني اجملتمع‬ ‫الفلسطيين لالستقالل باقتصاده وإدارة شؤونه‪.‬‬

‫‪79‬‬

‫حال القدس ‪2015‬‬

‫اهليئات واملنظمات العربية واإلسالمية‪:‬‬ ‫‪ .1‬التضامن مع الشعب الفلسطيين بكل الوسائل املمكنة‪ ،‬وتقديم الدعم املادي واملعنوي‪.‬‬ ‫‪ .2‬الضغط على احلكومات العربية واإلسالمية للقيام بدورها جتاه القدس وقضية‬ ‫فلسطني‪.‬‬ ‫‪ .3‬اعتماد اخلطاب الوحدوي الذي تشكل القدس أهم ركائزه‪ ،‬والعمل على اخلروج من‬ ‫اخلالفات اليت جعلت القدس يف أدنى سلم األولويات‪.‬‬

‫‪ 80‬مؤسسـة القدس الدولية‬