1
أنور غن املوسوي
العامل الشعرية العربية الاكمةل
األعمال الشعرية العربية الكاملة أنور غين املوسوي دار اقواس للنشر الطبعة الثالثة 2020
المحتويات المحتويات 1............................... ................................ املقدمة 3.................................... ................................ اجلزء األول قصائد 2014و ما قبلها 5......................................... املوت و احلياة 6.......................... ................................ حكاايت 52 ............................. ................................ رسومات 96 ............................. ................................ اجلزء الثاين قصائد 104 .............. ................................ 2015 كتاابت النصف االول من 104 .................................... 2015 التجريدية 105 ....................... ................................ الكتابة احلرة 112 ..................... ................................ التعبريية 132 ......................... ................................ التقليلية 149 ......................... ................................ كتاابت النصف الثاين من 157 .................................... 2015
1
اجلزء الثالث :قصائد 219 ............. ................................ 2016 التعبريية 219 ............................ ................................ البوليفونية 230 .......................... ................................ التبادلية 233 ............................ ................................ التجريدية 236 ........................... ................................ التجلياتية 247 ........................... ................................ املستقلبية 251 ........................... ................................ الفسيفسائية 254 ........................ ................................ احلرة 257 ........................ ................................ الكتابة ّ الكتابة املتموجة 293 ..................... ................................ التعبريية القاموسية 296 ................... ................................ العبارات ثالثية االبعاد 300 ............... ................................ ميتاشعر 308 ............................ ................................ التقليلية 312 ............................ ................................ املؤلف 319 ................................. ................................
2
املقدمة
بسم هللا الرمحن الرحيم و احلمد هلل رب العاملني والصالة على خري خلقه حممد واله الطيبني. منذ أن اجتهت كليا للكتابة الشعرية ابللغة االجنليزية يف مطلع ( ) 2017و تركت الكتابة الشعرية ابللغة العربية كنت أفكر ان امجع كتاابيت الشعرية يف كتاب جامع جيمع اجملموعات الشعرية االربع ( لغات ،1لغات ،2لغات ،3لغات )4اليت كتبتها بنسخ هنائية بني الفرتة ( )2014-2016فكان هذا الكتاب جامعا ملا كتبته ابللغة العربية اصال و ليس مرتمجا عن اللغة االجنليزية .و لقد قمت هنا جبمع النصوص من دون تغيري او تعديل و قسمته على ثالثة اجزاء: االول :قصائد 2014و ما قبلها . الثاين :قصائد .2015 الثالث :قصائد .2016 3
و مجيع هذه القصائد قد كتبت ابسلوب السرد التعبريي و ان مجيع مفاهيم و افكار و نظرايت و اسلوبيات السرد التعبريي قد بينته تفصيال يف كتايب " التعبري االديب" ابجزائه اخلمسة و غريه من الكتب.
4
اجلزء األول قصائد 2014و ما قبلها
املوت و احلياة () 1997-2003 حكاايت ()2014 رسومات ()2003
5
املوت و احلياة
6
القسم االول :املوت الفصل األول
أانشيد الشتاء تغرق يف الضباب ،ترتك يف ذاكرة الشوارع نشوة ،فأجتمد يف حلمي كشجرة ال تُنسى .زواايه الباردة حتفل ابلصمت ّ
ٍ غاب قدمية . *
الصوت ينحين ،يتالشى يف الفضاء العريض .ليس للكلمة إال أن تسقط يف الوحل .السفن البائسة خترتق أُذين .تلك األزاهري السرمدي ّ ،تورثه األجيال و احللم . تبتعد ،تتقيّأ األمل ّ * حكاايت احلضارة تغرق يف احمليط .قيل حىت مياه البحر ،مبا فيها من أساور و تواريخ قد إلتقمها الذابب يف حلظة آسارة ،فصارت معدته ينابيع دافئة . 7
*
قلب العامل يتقاعد كأرملة .ال مكان حللم اإلنسان .ال دفء و تعري ساقيها ،تنحين خجلة فما يف ال نشيد .سنابل القمح ّ رؤوسها سوى اهلواء الثقيل .أجل ،للمغيب ألف أغنية ،ال يعرف عنها الفالحون شيئا. * السنني ترجتف ،قد أكل قشرهتا األطفال ،فلم يبق لإلنسان فسحة تسع إبتسامته .كال ،من الكذب جداً إهتام اجلسد آباثم فحب القمر غري حمتاج لدم الطبيعة . اإلنسانية ّ ، * ليس يل أال أن أحتضر .و ليس للحضارة الغالية أال أن تسأم كل قطرة صفراء يف احمليط .للشمس إشراقة جتعل الشجر قصائد ساكنة ال تعرف شيئا عن اخللود .هكذا تكذب احلضارة ، 8
تتكاثر يف أوردة غادرهتا االجراس ،تتمدد شارعا قدميا ،أثلجه قلّة السائرين . * هناك االبتسامة ابردة .ترجتف كنعامة تكاثر رأسها حتت االرض ، يف أذنيها ينبت الشوك و اجلياع .الدماء متأل السواقي ،تلتهم عروق األشجار ،فيتالشى احللم كبقرة هزيلة .كال ،قلب الفالح ال يعرف الكذب . * املدينة تسعل ،تتقيّأ اجلمال ،تصنع من لعب االطفال بنادق وأجساداً معتمة .النساء تستطيل ،تنتفخ ابلصوت .احلضارة تسعل ،تبتدع اتريخ الدموع ،كال اجلمال شيء اخر . * كل شيء يدور بال رمحة ،حىت األزهار أصبحت شاحبة ، يتفجر األرصفة تتقيّأ املوتى ،خالاي رأسها تع ّفنت ،يف أحضاهنا ّ الشيطان كقنبلة – هناك و بربود – يقتل الشمس .
9
الفصل الثاين
عيناي ميلؤمها الرتاب .أُذاني خترتقهما احلضارة الناعسة .أكاد ال أعرف كيف يتاح هذا اهلواء لرئيت . * السيول ما عادت تكفي لتضع ح ّداً هلذا العامل السقيم .جسده شاحب كعصاة ال حراك فيها ،ليس هناك سوى زحف جنوين حنو الظالم الرهيب . * أجل ،ال ب ّد من املوت اجلديد .هكذا أخرج من خامتي شبحاً للسالم .أجلد ظهر اجملرة ابلصوت العتيد . *
10
الوداين ختتنق ابلنمل ،تنطوي كمائدة للجياع ،تتك ّدس أجسادهم رمالً رخيصاً ،يردم شقوق الشيخوخة يف وجه احلضارة الغاربة . *
اجملرة ،لكي ال يقال أ ّن اإلنسان ال أجل ،الفشل إرث هذه ّ يعرف شيئاً عن اخللود ،و لكي ال أ ّدعي أ ّن احلياة قد تقاعدت يف موسم البذار ،سأخرج بقرة هزيلة متأل األرض ابلنداء ،و ال تدع للمكان فرصة للرحيل ،هكذا تنشطر الكلمة ،كنجمة تسبح يف النهر . * العامل يصغر ،عظامه تلتهمها الروائح الكريهة .كال الروح إبتسامة للجمال ّ ،أما هذه احلضارة فما هي اال مدينة للموت . *
11
العمر جداول قاسية ،متلؤها العصافري ابألُغنية ،تعلّم اإلنسان احلب و احلياة ،أان ال أنكر هبجة املدينة ،و ال أنسى ألواهنا ّ الزاهية على زجاج عدسيت لكن ما تراه من الدموع ،يكفي ألن يصمت اإلنسان قليالً .
الفصل الثالث
زنبقة البحر حينما تبزغ أراها ،رغم أنين أانم على وسادة عمياء . كم قد ح ّدثين القادمون عن الفضاءات البعيدة ،لكين دومنا وجع نسيت حكااييت و جلست يف الزاوية كعارف كبري . * السنني ترجتف قد أكل قشرهتا األطفال .مل يبق لإلنسان فسحة تسع ابتسامته ،هؤالء اجلامثون قد جعلوا من الليل فاكهة غارقة يف النسيم ،لكنها ال تزال معتمة . * 12
التل عن أجماده العظيمة ،و عندما أنسى أسئلة عندما يتخلى ّ لطفوليت ،حينها ميكنك أن تتصور كم هي ضيّقة فضاءات رغبيت .
* القمح و الزهور رائدان عظيمان ،يصنعان من طرق املوت غاابت تسحر العيون .كيف السبيل ؟ و ما هنالك سوى طيور جتمدت منذ شتاء بعيد . قد ّ * يطل من النافذة دون مق ّدمات جيدة . هذا هو العامل اجلديد ّ ، تتبعثر حكاايته السمراء بني أغصان الكرم ،كأجنحة بال وطن أو حنني .عند الساقية هناك تنتظرين ابتسامة ريفية قلبها الداكن ال تغريت الزهور ،و ماء النهر أصبح يعرف العشق .أجل لقد ّ
هزيالّ ال يتسع إلنتظارات الكادحني . *
13
ملن تقطف األزهار ؟ و ملن تشعل الشموع ؟ املوج حطّم كل فراشة تذوب يف حنينها اىل نسمات الغروب الساحرة .الطرق واهية تدور دومنا رجوع .أصابعي و نداءايت ال تكفي ألجد نقاط بداييت . * قص الصمت يتوسع يف نسمات بشريت .يهذي كنوارس حبرية ّ املساء اجنحتها .فال مساء عالية و ال ساحل حبيب .سأختلّى عن فكرة اخللود و احلياة السعيدة .فهذا العامل ال يبق للبهجة ظالّ حينما يتحدث عن رغباته احلبيبة . * بدااييت شاحبة .قد استنزف ثياهبا الشتاء .أصابعي تب ّخرت ، كل حضارة ، أطاح هبا احلطّابون كأغصان ختتبئ بني وريقاهتا ّ ال أح ّدث أبسرارها العظيمة . *
14
كل محامة هتمس كل حكاية ممكنة و ّ إ ّن الطبيعة ابرعة يف إطالق ّ يف أُذين ،ختربين عن ذلك الطوفان الذي سرق أعشاش الطيور ، فلم يبق سوى بشريت الداكنة ،و عربة سحريّة حنو الضياع . * رغم أ ّن الضفادع نقيّة ،أال أهنّا تعشق املياه اآلسنة .و رغم أ ّن تلون وجنيت املساء ،اال أنين ال أجد مسامعي ّتواقة هتافاهتا ّ لغنائها العظيم
* سأسقط يف البئر ،فلوحاهتا ختلو من األمساك و اللؤلؤ ، كل موت ،و إغتصاب للخليج .فينام جائعاً أجل الآللئ رسالة ّ على رصيفه الذهيب .
* تلك املستنقعات املتم ّددة كعذارى و سط الظهرية فوق ظهري ، تلك األيدي ذات األصابع الطويلة جداً ـ تقطفين كأوراق اخلريف بكل و ّد . 15
بكل رقصة ساحرة . مرحى أيّها اخلليج السعيد ،فالغروب ممتلئ ّ *
القدس تتثاءب ،تربز من بني أضالعها مجاجم الطفولة املسروفة ، مرحى إبتسمي أيتها العواصم اجلليدية ،إيتها العصور .الليل يسري على ذراعني من إسفلت ،و أان تلك احلجارة القدمية يف رحم االرض ،أُختم شجرياهتا بكل سعال مرير .أسناين لوحة مر للجمال ،و شفيت املتساقطة يف واحة الشوق حكاية ٍ شيخ ّ يوماً بقرييت . * إقرتيب ،إقرتيب أيّتها األهازيج ،أيّتها األشالء اليت أعرفها ،ها أان أتوقّف كاملوت .عواصمي يلتهمها اجلراد ،و فمي يذيب كل قارب غريب .مرحى مرحى إبتسمي أيتها احلرية . * 16
تغين الضفادع كل شجرية ساكنة فوق أغصاهنا ّ لقد أهنت الظهرية ّ
اهلزيلة ,هكذا أخرج خريفيا كالشقوق اخلشنة فوق أيدي
الفالحني . *
الفصل الرابع
ها أان أحيا ألرى العامل اجلديد ،ما عدت طفالً .يف فضاءات كل كوكب ينزف ابلسالح .هناك -يف العتمة -يعطي الغروب ّ
الربود أحفاده دروساً يف إشعال الطبيعة . *
كل الرايح شاحبة .األسلحة ختنق ذاكريت ،تقتحم املكان ، أبدي للجياع . توّزعين رسائل عشق ّ *
17
اجملرة ، األقالم ال ترغب بكتابة شيء ،فاجلمال هرب خارج ّ يبحث عن عاشقني جدد .العامل خيتبئ يف قارورة قدمية ،حىت االعياد ، ما عادت تطلق اهلواء اجلديد . * أان ال أستغرب كل هذا االمل العريض ،فقد تعلمت األسباب الكافية . الرغبة جتعل من اجلمال مركبة ،ليس هلا اال ان تصطدم جبوانب الطريق فتحيا . راينة كما جيب .أنت هناك ال جتد لألشجار ّ ظالً ،لقد كانت ّ تعرف ، قلب اإلنسان مدينة من اجلليد ،و ذاكرة توقد يف إعماقه الرعد و السحاب . *
18
هناك تنكمش الشوارع ،تطفو يف مساء الصخب كمرضى تدوسهم األقدام .االطفال يتكاثرون يف اآلابر حبثاً عن أسطورة قدمية .حينها كنت طفال ،فاملاضي أطاللة عريضة يعلمين التخفي ,أذاني ثقيلتان كاجلبل ،ال جتد فيهما شيئا من الرحيق . * مواسم اخلصب ما عادت متتلك ثياابً تستقبل هبا املطر ،لقد أي خلود تعرف أوصد الربد أبواب أفئدهتا ،مفاصلها هتذي ّ ، عيون االنسان الوقحة .خري للتأريخ ان يسال األرصفة متاع سيل قد رمى به الربد اىل جانب عتيق . * العامل مشس جائعة .كل ما جييده إشعال الفتيل فيغرق البحر يف الدموع .أجل ،ما زال السيل حيمل ذلك املعىن العظيم ،رغم أنين اصبحت مقتنعا أن اخلرافة تستطيع ان تسكن البيوت املريضة كمركبة حديثة . *
19
تتصور غربة األرواح اليت تتعثّر يف كال ،أنت ال ميكنك ان ّ الطريق .البعد أيسر املكان ،و كما ترى ،ما هلذا االنسان اال احلكاايت الشاحبة .اان ال أستغرب كل ذلك الربود يف وجوه االشياء .أعضائي تنشطر كحبّات الرّز ،ختتبئ خلف ابتسامة الليل العريضة ،تتمدد كالوهم يف احلقول ،إهنا جذابة و فياضة ،إهنا مبهرة . * يف ذلك الفضاء العريض ،الذي ال أنسى ،ال يبقى لإلنسان قارب يسع أطفاالً خيرجون من الفرات ،جباههم السمر قد رسم النهر عليها كثباانً من الرمل الرفيع ،إنين أتذكرها كما جيب . * ليس صعباً أن ينزل االنسان من السماء ،و ليس صعباً أن يقف كشجرة قدمية تنتظر البهجة و املوت .أصوات الليل تثخن شرايني االنسان ،فال يسري اخلجل اىل دمه .ها أان أرى الطائف تتكاثر يف املكان ،تدمي جبني النور الرفيع ،فتغرق اجملرة ابلعارفني . 20
الفصل اخلامس
الغروب يعبث برؤوس االطفال ،ينثرهم يف احلقل فراشات حاملة ،فرتتدي األشجار قبّعاهتا الناعسة .توقفي ،توقفي ،أيّتها األقدام . أيّتها التعاويذ امليّتة ،فروح االنسان ال حتيا دون صبية يلعبون يف الوحل .
* جترين بنظراهتا ،خيمة قاصية أان ،و مناضل ال زالت االشياء ّ يفتخر بنفسه ،أجل أان الوحيد الذي يعرف معىن احلرب ،ألنّين أحت ّدث عنها بصدق . *
21
تغري وجه املاء ،و كذلك احلرب ،تصنع من القلب العاصفة ّ
أبداي للعابرين فال يبقى للوداين سوى صدور اجلبلي عشقا ّ شمة و أصداء . مه ّ *
احلرب لون قامت للفجر و غناء يسرق قداسة الدموع ،إهنّا حكاية كل ساحل مظلم .أجل ،العيد و مسراء ال تو ّدع أسرارها اال يف ّ
احلرب ،كالمهما يعزف حلن طيور مهاجرة ،قد انم بني أجنحتها
صوت الشمس الدافئ. * للحرب رقصة جهنميّة خبّأهتا يف جبيين منذ عهود ،بني أطالهلا سيقان أطفال عارية ،و فوق مياهها كل زورق يبحث عن شراع . أنت مل تكن حاضرا بداعة مشهدها االخري . * 22
تطن لقد عاد اجلنود ،لقد عاد اجلنود ،و عواصم أغنييت ّ كبعوضة حنيفة ،تبتلع الضجيج و األسئلة .لقد عاد اجلنود ، تئن كالثلج ،قبّعاهتم تتيه يف الطرقات ،كعذارى قبّل مفاصلهم ّ جباههن اخلريف . *
ها أان امسع األساطري ،اليت تنزل من هناك ،هكذا سأعود و شفتاي مدينة غفت على أرصفتها تالل غيّـ َر مالحمها املساء ، تغوص يف رماهلا حكاايت جنود سعيدة . * اجملرة كل هكذا أخرج من بني األدغال فجراً جديدا يهدي ّ شيخوخة تعرفها السنني ،هكذا أنزل اىل النهر بقرة تعشق النذور تغرد يف راسها الظالل الغاربة . ّ ،
23
القسم الثاين :االرض
الفصل األول
يعجبين لون الفجر ،ميال رئيت أبنفاس الثائرين ، 24
فأتالشى يف عشق احلريّة ،عندها ال يبقى للكلمة الصفراء فسحة على شفيت .
*
عيناي أمحلهما فوق ظهري ،و يداي أصنع منهما قارابً يفيض ابلعائدين .إنتظري أيّتها االفياء ،أنتظري أيّتها الفصول فقليب ال يزال خ ّفاقا رغم هذا العامل اجلريح .
*
إليك اي سيد الكونني ألف سالم من عاشق غريب ،و للفجر أغنية خضراء من يديك ابتساماهتا .إليك و شفتاي تذوابن يف قلب الزمن الرخامي ،هكذا يذكرين الفجر بكل دفء . *
25
اهلم الكبري ،صويت متحجر وسط مدن تفيض ابلنجوم اي صاحب ّ وجنيت كسنابل ضائعة تبحث عن سائرين . ،تتيه انوارها فوق ّ
* اليك و انت شاطئ فسيح ،ما عادت تلك القلوب جتيد سفرا اليه .إهنّا االشراقة اليت تنتزع احلدود داخلي ، فال يبقى مين سوى صوت يتجاوز احلرية و املكان . * يداك أرامها ،متسح عن جبيين غبار انتظار غريب . ترفعين بداية تصافح أمطارها .فتعلن االرض بدابة موسم النماء . *
26
أليك كل فراشة تتمدد فوق أزهار ذاكريت كآللئ حبرية انعسة . تتفجر يف السماء و عيناك حتفظ هبجيت حينما كل ابتسامة ّ يكثر الغبار ،أيّتها األرض اجلحود ،اي عواصم اجلليد ،إنتظري ، إنتظري النصر .
الفصل الثاين
سأنتهي يف عشق هذي األرض كفراشة مبهورة بني الغصون ، فوق رأسها اتج من السنن .هكذا أخرج من بني شقوقها حلما ذاب فوق شراعيه صياد قدمي ،تصافحين سنابل القمح . *
27
جتمع حول انرها مفاصلي تغفو بني جفون املساء ،ألواهنا خيمة ّ فتية يضحكون متسح رؤوسهم أايدي الريح و املطر .
* هكذا يتمدد املساء فوق رصيف ذاكريت ،يلثم شفاه األشجار ، كعاشق عاد قبل عام اىل الوطن . *
تتجمد كالعنرب يف واحات هذي األرض ،إصابع الشمس إوّزايت ّ تعبث بشعري كل صباح ،توّزعين رسائل عشق آسرة ،فينام بني ضحكات سطورها أطفال قرييت . * 28
أجل ،مقاهي احللة تكفيين ،تصنع من أطرايف طائرة ورقية يلعب هبا صبية يف اجلامعني ،ـجل هكذا أتالشى ابقة وردة لعاشق أسطوري ،يف جيبه مدينة من الطيور و الشجر ،ينثرها فوق رؤوس الغابرين ألواان من خبور جديت . *
هكذا اخرج فراشة واسعة العينني ،يتناثر فوق جناحيها صبية حاملون ،هتمس يف آذاهنم عصافري الصباح ( :.إ ّن القمر نزل البارحة عند الفرات ،و قبّل جباه الشوارع و الساكنني) ،أجل
هكذا يشرق الفرات و سط الظهرية خيلق السنني ،فتذوب على
ضفتيه أصوات الشيوخ النحاسية ( فرات مل تزل تراتيلنا خضراء يف السحر) . *
29
فرات اي سيد الصخور ،حتت ثيابك ختتبئ كل طفلة اذهلها ضوء الرعد يف املساء ،و صوت ّامها يذوب ( :ا ّن الفرات سيشرب الرعود ) ،فتغفو الطفلة فيك اي فرات ،و اغفو كعارف يعيش يف مغارة يف القمر .
الفصل الثالث
30
عراق ،قبلة احلرية على جبينك أنشودة توقض السائرين ،يف كربالء حزن اخللود و يف سامراء كل مشس واعدة ،و على دجلة ابب السماء العريض .أجل األرض جتدب دون دم أو دموع . *
أجل ساذوب يف حبّك كاالعياد يف بلدي ،دومنا بطئ أو عبارة مؤجلة ،فاحلرية ال تعرف األانشيد احلاملة ،ال ب ّد من يد و ابتداء .ال بد من حسني حييىي العامل الغريق .يشق قلب الزمن الرخامي .يضرب يف الصخر حىت يشرق االمل الذي ال انسى تلفيت مبهورا فوق راحتيه . * سانتهي يف حب دجلة و الفرات ،فكالمها يدان طاملا تالشيت يف عشقهما الرفيع .هي ذي بداييت حنو السماوات اليت اعرفها ، املليئة بكل دفء ،هي ذي حكااييت تتساقط كشالل يقبّل جباه
الثائرين .اجل هكذا اتعلم االنشودة احلمراء ،هكذا تبتسم السماء لعاشقيها ،و تشرق من هناك من يديك . 31
*
أجل االرض و املاء و اهلواء و السماء يل .من بغداد تشرق السنابل أبلف ضوء ،و من كربالء ألف دم الف يفور .فاتبعثر يف أزقّتها محامة غرقت وسط الظهرية يف الفرات . *
اي سيد السحاب و املطر ،و كل حريّة محراء ال تعرف الذبول ، يشق انتظاهرها خجل عريض ،فتنتهي يف حنينها اليك عروسا
ذاب يف احالمها املوت و الزمن. * اي سيد احلرية احلمراء اي حسني ،يف جنانك يشرق العاشقون كشجريات ندية يلثم شفاهها الصباح .و بني كفيك ختتفي النجوم و االساطري كظل جليدي نزل ذات يوم مع املطر .
32
الفصل الرابع
الظل الشفيف تنحين االغنية ،تقبل االرصفة ،جتعل من يف ّ افئدة الشيوخ موانئء للذكرى و حروب . *
اسطورية ذات شة ،تتناثر يف املكان ،كساحرة كلمايت تبحر ه ّ ّ كل جمد بال حدود ،حينها ميكنك ان تتصور هناايهتا املؤملة ،رغم ّ ما ارى .ال بد اين سامتلك الشروح الكافية .ال بد اين ساخجل
كثريا و اعتذر لكل خنلة و خيمة قاصية . *
33
يف املساء اجتمع جيشا اسطوراي الغرق يف احمليط ،عندها أهتم سأبتسم كراهب يعرف الكثري .سأخرج زنبقة شاحبة ال ّ ابلشمس و اخللود . *
ثيايب تتبعثر يف املكان ،كبيوت قرية قدمية .اخليبة تتخلل أغنييت ،القدس تسقط يف غيابة اجلب ،يوسف يبحث عن سيّارة جدد ،هناك يف قرارة البئر سيشرق اجلمال .
*
34
أين ال أعرف لقد تركت النجوم ااثرا فضيعة على حلمي .لوال ّ أين ال أفهم الكثري مما يتفجر يف شيئا عن اتريخ الشعوب ،لوال ّ راسي لكنت حتما و دون تردد ،صخرة برية تنبت ابلزهر . *
سيناء تراتيل شائكة .ضفائرها نسمة تتيه فيها االمساك .أبواهبا فتجمدت سيقاهنا كالصنوبر يف الشمال العالية قد سرقها النمل ّ ،
.
*
قلب مكة قد ابيضت عينها من احلزن ،فلتايت الرمال القاسية ، تورث جبيين قطعة حلوى .احلرية ال تعرف الشفاه الباردة ،ال ب ّد من يد و ابتداء . * 35
االايم ختتبئ ،و رغم مضالهتا العريضة ،اال ا ّن املطر المس ّ بشريت الندية ،فخرجت فوق حقوهلا طحلبا عقيما و أعمى .منذ عصور و أان أحبر يف سواقي ذاكريت ،بقااي ذلك احلطام الرهيب . *
الليل حياة مؤجلة ،و وعد اسطوري ابخللود ،تفيض القسوة من اذنيه ،الليل مدينة احللم ورغم اهنا شاحبة اال ان فيها زقاقا يسع اجلماهري . القسم الثالث :احلياة
الفصل األول
36
سأذوب يف قصائدي كنعامة بلّل أحالمها املطر .سأتالشى يف فاحلب عامل غريب يتم ّدد فوق الطرقات ، شقوق هذه االرض ، ّ يسرق رغبيت و ابتساميت اليافعة.
*
املسافات الواسعة يف ذاكريت قد مجّدها نزيف الشوارع و الساكنني .املركبات الباردة ال تعرف شيئا عن اجلمال . * إنين أعرف أشياء ال أفهمها ،إقرتب ايّها الصوت ،امنحين فرصة كافية .لغيت تنشطر كأوصال شهيد مثخن ابجلراح ،الغربة أين أنتمي اىل اجيال قادمة ،فدماي قد خبّأهتما يف تقتلين ،أشعر ّ متحف قدمي ،رأسي خيرتق صخور االرض ،يتالشى يف سرعة
الكلمة ،كعاشق جير الضوء خلفه فال يكون . *
37
حب للكلمة الف جناح ميلؤين ابخلوف .كيف السبيل ألن أرى ؟ ّ األرض ال يكفي ،ال ب ّد من اجملانية الكاملة .أجل ،حينما يصبح للزمن جناح يرجتف ،و للمكان قدم متشي ،عندها سامجع أنفاسي ،كباقة ورد تبتسم للغد القريب .هنا تتجمد الكلمة حتتاج اىل شعر اخر ،اىل جسد يرجتف . *
دمي رسالة ابردة .األشواك تتخللين .جراحي تتكاثر يف حقول اللغة كخيمة بدو قاسية .ما زلت أحفل ابلنقص .اللغة تبحث عن حبارة جدد ،كال ،الشمس ما عادت تكفي رمزا للحرية . البعد يكبلين ،ما زلت ملتصقا ابالرض ،كلمايت تشعر ابلربد ، اطرايف تتجمد كقطارات يقطنها مسافرون من ثلج ،أنين حجل جدا .
38
*
بكل قسوة ممكنة .ها أان انتظر .فليأيت ،ليأيت ها أان اتغذى ّ للحب ذاكرة ال تعرف الدموع ،و املوت الزمن الذي ال أنسى . ّ
.ها أان اتعلم رغبة األشياء .وجه املاء مرآة كل معرفة .
*
كظل حيطّم مملكة منل عظيمة . هكذا يفرتس جسدي االرض ّ وحيد كاحلجارة أان ،احلجب تصنع من حنجريت مركبة ال تصلح لشيء ،لست نقيا كما جيب ،مفاصلي شبكة صيادين يف حبرية قتلها امللح صويت يتكاثر يف الرمل كصنم اسطوري يتخلل بشرة اجليل اجلديد .
39
*
املوج الصعب سأعرف رغبته .هبجة االزاهري سأعرفها ساصمت لعلي أتذ ّكر شيئا سأنتظر كشجرة أرز تفيض ابلعائدين.
*
ركبتاي أثقلهما الصدأ .جبيين يلتصق ابالرض الفرحة تتجاوزين. كم خيجلين هذا النقص .أنين أهتيّأ مبا أمتلك إمنحين فرصة كاملة فأان سيل من االعتذار و النداء .
40
*
ها أان اتعلم األغنية ،عيناي لن تسقط اثنية ،يدي لن هتذي .هذا عهد و احتفال .
* اين أكثر نضجا ،أسيل فوق الظالم كالندى .ال اآلن اشعر ّ اين حبجة ّ كل هذا ّ أترك انفذة للشمس لغيت تصفع وجه األرضّ . عاشق للجمال ،و ابحث عظيم .
*
41
ها اان اتساقط بصمت و غربة كاملة .كلمايت ترقد يف أكفان من الرايح و مالمح وجهي مؤجلة .لست مضطرا ان أرى القمر كالعاشقني ،فأان ال زلت أمسع أخبارا عن أانس ذابت يف أحالمهم مدن ابمسة .من هنا ،تعلّمت كيف أحبر هالال يعلن بداية الشهر اجلديد .
الفصل الثاين
كلمات الرب امل هبيج ،اببه الواسعة ال تفتح اال ابحلب .اين اكاد اتالشى كالنعامة يف خجلي .ارى ااثر حبك على وجه الزمن ينابيع تفيض ابلثائرين ،يف اوانيك ينزل القمر كل مساء ،فيلعب به االطفال حىت تغفو عيوهنم ،بعيد كاحلجارة اان ال ماء و ال زهور .كلماتك كاألعياد تلبسين الثياب اجلديدة .
42
* حينما يتصفحين قربك احلبيب ،ككتاب رث ،امتلئ رعبا ، هكذا هتبين احلياة الصادقة .ـ االمل الوحيد . * شكرا للربيع يعلمين ثورة احلياة يف اغصان اجلماهري اليابسة ، شعبان شهر املطر ميال االرض ابلعهد اجلديد ،فيه تفتح االشراقة جفنيها ،لست وحيدا العامل يصغي ،يصرب يف الصخر حد القرار ،يشق بذر انتظاره ضياء يف رحم الكون ،فال ينتهي سرور االرص ،اجل يف كربالء نلتقي بال دموع . *
الفصل الثالث
43
الندى يتجول يف الشوارع كالباعة و االطفال ،يقص عليهم كل حكاية مفرحة ،كل مساء خيرتق اورديت ،جيعل من ذاكريت عصافري تردد نشيدها القدمي . * لغيت ليلة عيد ابردة ،دومنا خجل سكنت قلب الشمس ، تساقطت ورقا مصفرا دون عناء ،بتلقائية كاملة هكذا اراين سرااب امحل يف جييب حلوى و وعود . * ساغوص يف اعماق االرض عسى ان جيدين هواة ينقبون . ساصمت عسى ان تسمع الفوضى صويت .هكذا اتعلم كتابة التاريخ اجلديد ،حيث ال اعرف املاء اال خال جيفف دم اورديت ، يضع احلب يف جيبه ككمثرى مظلمة ،شيدت العصافري يف ثقوب عظامها اعشاشها االمنة . *
44
اان اخر ما كنت احبث عنه ،ها قد تعلمت ان استدير بال حدود ،مدينة اان بال منار يناطح السماء ،اجلس وسط التل ليس لشيء سوى اعتداء على الطبيعة .مرحى مرحى ايتها الكلمات البائسة .
الفصل الرابع
لست ظال المتلك كل ذلك التاريخ العظيم .اطرايف تدفأ هبا احلطابون .اللغة اقفلت دكاكني هبجيت ،جعلت مين شبحا اسطوراي قد غادرته رغبة احلياة .
45
* ها اان ارى اعشاش الطيور ،حتملها مركبات ال تنتهي ،اجل للطيور قلب عامر بكل حكاية حبيبة . * اللغة مسامري صدئة ،ال تعرف شيئا عن احلضارة ،عيوهنا اوراق من املطر ،تصنع من قلقها عكازا متعبا قدماه غائراتن يف الوحل .يف احضان هذه البهجة االسرة اكاد ال اميز وجه االرض عن اجزاء من كتفي اتبجح اهنا راقية .اجل ال بد اين سأمتلك كلمات البحر حينما احتدث عن االشراقة داخلي . * فمي يتلفت وسط الكلمات .احلرية تتدفق من اذين كالنمل . انين اتالشى يف سرعة الكلمة كعاشق جير الضوء خلفه فال يكون .ما عدت قادرا على ان استحم يف الفرات ،ان اجد يف دمي مركبة احبر هبا حنو الشمس . *
46
سأذوب يف املي كأنشودة فالح ينبت بني القمح .حقيبيت تفيض ابلسائرين ،ليس يل سوى ركبتني اتلمس هبما وجه االرض .ليس يل سوى شوك يلتهم مفاصلي ،ينثين حول حلمي كبائعة لنب ابرد يف صباحات الشتاء . * هكذا اكون قد تعلمت الكثري .حينما يصبح الشعر اثرا ،و حينما تنكر الكلمات شاعرها ،فاعلم انك تنظر اىل ليلة عرس تفيض ابجلفاف .اجل انك ترى ما ارى انه احتفال ،انه التلقائية الكاملة .اجل انك ترى ما ارى كل شيء يغين كل شيء يريد .
الفصل اخلامس لست مضطرا ان اهذي كقصبة يصنع الظالم من راسها قبقااب ورداي لزابئن محامات احللة القدمية .ها اان اتفجر كينبوع ماء اسن ،القلق يلتهم اصابعي ،يصنع من اغنييت ازمنة مثقلة ابلصدأ ـ هي اخر من يتحدث عن احلرية و اجلمال . 47
* صويت ليس حضاراي كما جيب ،ليس لشيء ،سوى ان كلمايت تتساقط بغرابة كاملة .املساء يفيض من اذين كقطار خيرتق حلم االشياء ،لكي اكون حضاراي كما جيب ،ال بد ان يذوب الظالم يف دمي ،و ان اصبح كالثراي بال امل بال رجوع .تبا مىت تنتهي هذه الفصول ،فتبدا احلياة .
الفصل السادس
اليك ايتها االهنار النازلة حنو اجلنوب ،حنو عامل يغرق ابلثلج ، انين الستغرب البتسامات الشتاء ،كيف اودعت يف حقائبك اسرارها ؟ 48
* انتظري انتظري ايتها الفصول ،فاقدام الزمن العريضة تتعثر بكل ابتسامة انعسة ،و كل وريقة قد احرق هناايهتا املطر ـ انين اراها و امسع نداءاهتا الشفيفة . * ايتها النذور ،ايتها النذور ،اال تعثرين على املي احلزين ،على جسدي الغريب ،فها اان ذا شالل طويل من احلكاايت الداكنة ، رسائل الزمن اجلديد ،احلرية اجلديدة . * اقرتيب اقرتيب ايتها االشالء اليت اعرفها ،ما عدت اجيد الغرق يف عشق احلرية ،ها اان اتوقف كالثلج ،عواصمي يلتهمها الغبار ، و فمي يغتصبه كل قارب غريب ،مرحى مرحى ابتسمي ايتها احلرية . *
49
الفصل السابع
اان ارى هذه الساقية ،الين رايت ساقية قبلها اان احبر ابلوان يف فضاء هذه الورود ،الين عظامي آتكلت قبل عام ،و ازدهر الصدأ يف احالمها . * اان امسع هذا الصوت ،الين مسعت صوات قبله .اان اتلمس وجه الشتاء ،الين صفعت جبني العنف داخلي ،كراهب نزل يف سلة مع املطر .
* 50
اان ا شم رائحة احلضارة امليتة ،الين مشمت رائحة احلرب قبلها . اان امتلك عواصم اجلمال ،الن اصابعي حتتضن قلب االرض كجذور سدرة بيتنا القدمي . * انت خترج من لون هذه الكلمة ،النك دخلت يف لون كلمة قبلها .انت تطارد حنني الفراشات النك كنت حاضرا بداعة الغروب . * انت تعيش هذا العشق ،النك ولدت يف عشق قبله .انت تسري يف جمرة من االلوان ،و حولك البهجة يف ذهول ،الن ركبتيك غابتان من قصب ،محلت اليها الرايح فالحا اسطوراي سقاها بدمعه الربيء . * انت حينما تقوم يف الصباح ،اكذوبة انعسة اجلفون ،مرااي من القمح بقبعاهتا و ثياهبا املزخرفة .
51
* اان حجارة صماء ،تشرق يف حلظة سحرية ،لبلبل اهلزار يف حكاايت جديت الشتائية اآلسرة معانقا مهسات اللون و الشوق املتجمد يف رئيت كمقاتل عظيم .
حكاايت
52
فصل 1 يف هذا القلب ازدحم االرث العميق .هنا حيكي الصدق كل ما ميكن ،لطاملا دعوان الريح ان تتن ّفس ان تتعرف على وجوه اال زاهري ،انه الوعد ،حيث كل ما ال ميكن تصوره ،ابدا ليس ومها ،انه اجلمال النازل ابكرا يصافح الصبية يف الطرقات . نعم حيث تتجلى ،حيث تتالشى مجيع تلك الوجوه الزائفة ،ابدا ليست البشاعة حقيقة ،و لن تكون ،مهما حاولوا ،اال ترى اهنم دوما يف زوال ،لقد سرقوا ،قتلوا ،مل يرتكوا شيئا . عجبا من اين هلم هذا القلب القاسي ،امل يعلموا ان املساءات دافئة ،و ان احلقول هلا نشيدها الرفيع ،كيف يكون كل هذا البعد ؟ اان ال افهم حقا ،اال تراها ،تنزل يف كل حلظة ،يداها انعمتان ،تزرع الرايحني ،كيف اذن يريدوهنا بشعة ؟ اميكن ملن يزرع الرايحني ان يكون بشعا؟ كيف هلم ان يكذبوا كل هذا الكذب ؟ 53
روح االنسان عامل مجيل ،مجيل جدا ،كم احببته و كم امنت به ،اليس هي من تزرع الرايحني؟ اليست هي ؟ اجل تقدم ،ايها املريد ،تعال حنوي حنو عامل ال يعرف الكذب .
فصل 2 عجبا هلذه الغيوم املتسارعة ،كل تلك االوراق اخربتنا الكثري و الكثري ،لقد تعلمنا و تعلمنا ،و يف مناسبات عدة ،اال اننا ال زلنا مهجيني نتلذذ بقهر االنسان . اليس التواضع ابتسامة رائعة ،اليس الينابيع صافية دوما ،و املساءات احلنونة رقيقة دوما ،اذن كيف ميكنك ان تكون حجراي و ان تصفع وجه الزمن و املدنية ،و هتني و حتتقر ،ايها البدائي اي عبء على ثقافات الشعوب ،و زاوية عمياء تتباهى مبجموعة كبرية من املعلومات الرائعة اليت تكدست و مل تثمر بل مل تنبت شجرهتا اصال ،نعم يكفينا اانس احبوا املعرفة و ازهرت و امثرت يف قلوهبم ،يكفينا هؤالء . 54
فصل3
الوصااي ،املنارات ،احلقول احلمراء ،األصوات ،ترسم على وجه الزمن يداً حديديّة ش ّفافة ،و صادقة ،حيث يرتنّح الفكر،
الطفولة تضحك ،شيء ال ميكن تصوره ،و ال ميكن تصديقه ،
حىت الغاابت اليت مرران هبا ،و ذلك املنزل ،أجل و الضوء فوق اين أتذكر جدا ،و أيضا تلك القبّة اليت يف البحر ،والربد ، اجلبل ّ تنس انطحة السحاب تلك ، نعم الربد ،اي جلمال البحر ،و ال َ أيضا ،و حمطّة القطار ،عجباً كيف ال أكون عاشقا ،و كيف ال أرى كل هذه البهجة ّ ،اهنم حياولون سرقة كل شيء ،لكنّين لست عاجزا ،انت تعرف ،حنن أانس غارقون يف العشق لذلك لن منوت ،حنن منشي منذ أزمان بعيدة من دون أرجل و ال تتصور أجنحة و فوق ذلك يرموان ابحلجارة ،عجبا اي للغباء كيف ّ أنّك تستطيع أن تُوقِف من ميشي دون أرجل أو جناح ،اصغي أنصت لعلك تعرف ،عجبا كم أحببت أن أحيا بسالم ،أال تتفق معي ؟ ،أذن ملاذا تنهمر من عينيك دموع التماسيح ،ملاذا أنت هكذا ،ملاذا ؟ 55
فصل 4
تتفجر كأسراب سأعود ،و ذلك األمل الذي ال أنسى .املياه ّ
الطيور ،كاخلفافيش ،ال مساء و ال جنوم ،ال شيء سوى أمل غريب ،دمع غريب ،موت غريب . أجل حينما تبكي حقول العنرب ،و احلكاايت السوداء ،و تلك اللوحة الرائعة للفنان الغارق يف نفسه ،وحينما أصحو وسط الطوفان ال أفهم شيئا ،أدار بني االيدي ،لعبة خالدة كوجه الشمس ،و حينما أر ّدد أانشيد النصر ،و االبتسامات ،حينها تشرق وحديت احلزينة .
56
فصل 5 انه اجاد ان يكون مطلقا ،لطاملا احب ذلك ،حينما متر امام عينيه تلك االصوات يتلمسها ،من الغريب انه يعرفها بدقة ، بدقة كبرية ،اجل ميكنك ان تتصور ،ميكنك ان ترى . فعال صدقت ما عادت االدعاءات تنطلي علينا ،اجلمال ارث االنسانية الواسع ،اما هؤالء و اعين هؤالء قد غرقوا ،و كلنا يعلم اهنم يف عامل كسول من االكاذيب ،و االدعاءات ،اضف اىل ذلك اهنم منبوذون . اي للسخرية ،ال احد يريدهم و ال ينصت هلم ،هؤالء و اعين هؤالء ،مساكني فعال ،شيدوا ألنفسهم سجنا ،سنوات و سنوات انفقوها و بعجل و بتواصل ألجل ان يغتالوا حريتهم اي للعمى اي للسخرية ،لقد شيدوا هلم كهفا مظلما ،اضافة اىل ذلك فهو بعيد ،و ليته يرى . اجل صدقت ما عادت حكاايهتم تنطلي علينا ،ماذا يف جيوهبم ،جرب ،فالتجريب اساس العلمية املعاصرة ،جرب ، لن جتد سوى الطبقية ،و االوهام ،و طبعا العقد النفسية ،و 57
احلقد املريض ،بصراحة بدأت اشك يف صدق نواايهم ،و بدأت اعلم اهنم ال يرون شيئا ،هؤالء ،و اعين هؤالء ،املساكني .
فصل 6 لطاملا كذبت علينا ،
لطاملا جمدت احلداثة الغابرة ،لكن اال
ترى كل تلك البشاعات ،اعتداءات ،اكاذيب ،استغالل ،عبودية ،استباحات ،تزييف . كال حنن االن احرار ،اجملرة كلها صارت تعرف احلقيقة ،لن ختدعنا اثنية ،لسنا ساذجني كما كنا .لقد تغريت االهنار و االشجار و االبتسامات ،ارادهتا صلبة و سعيها حنو احلرية ال رجعة فيه . اجل عرفت االنسانية جتاوز الزمان و املكان ،عرفت الفن املبهر ،جواهر االشياء رأيناها ،اهنا تتجلى ،ال جمال للوهم بعد االن ،كل ما حدثتموان عنه من سحر ما عاد جيذبنا ،كل ما سطرمتوه من اساطري عرفنا اهنا خياالت و اكاذيب ،جمرد انطواء و فشل ذريع . 58
اجل ،الكل االن حيب بعلم ،و يكتب بعلم ،انه عصران ،لن تسرقوه منا أبكاذيبكم ،و هذايانتكم السطحية . اجل لن تكذبوا علينا اثنية ،ال ميكنكم ذلك .لن جتروان اىل كهفكم ،و وحدتكم الفاشلة ،
لن جتروان ،لن توقفوا
البشرية ،نعم حنن نرى بوضوح
،نعم انه عصران ،لن
نعيش يف املاضي الذي تريدون ،الذي تعيشون فيه ،ابدا لن حيصل ذلك . منذ والدتكم يف السجن ،عرفنا انكم ستموتون فيه ، ،ال احد يراكم ،ابقوا يف وحدتكم ،يكذب بعضكم على بعض ، ميجد بعضكم بعضا ،لكن اين انتم ،انتم يف عامل الالشيء ،انتم مساكني .
59
فصل 7 ليتها امنحت ،ليتها تصري اكثر وضوحا ،دوما ضبابية ،ختدع ، تنشر كلمات احلب و السالم ،و يف قلبها الشر املقيم ،لكن العارفني -أبصواهتم الصادقة و ايديهم العميقة – يشقون اقنعتها ،حيطمون اساور الوهم ،فينتزعون االفعى ،املتلونة ، بقفازيها احلديديني ،و وجهها احلديدي ،و رقصتها احلديدية . نعم ساصري هواء براي ،ادور بال تعب ،اخرتق مساماهتا ،و مجيع نوافذها الزجاجية ،و اتعلم حكاايهتا العميقة ،حتما اين سأنتصر ،انه وعد انه احتفال .
فصل 8
60
اليس مجيال ان حتيا اىل زمن ميلؤك عشقا ،انين اصري اكثر شفافية ،انين متخم ،وابتسم ،هنا امن و طمأنينة ،تتجاوز كل شيء . اال تشعر ان كثريا من تلك النجوم قد هبطت ،مل يبق سوى شيء قليل لكي يشرق . نعم اعرف ذلك .و اعرف ايضا اهنا ابمسة ،االرواح العميقة . اذن مد يدك صافح االعماق ،جتاوز البشاعة ،جتاوز الكسل الغريب . نعم اين سأعمل بوصيتك انه حقيقة ،تصور لو اان جلسنا يف بيوتنا ،و ال نتكلم معهم ماذا سيكون املصري ،نعم املصري املصري ،لوال انه مسالة مصري ،ملا تكلمت معك .
61
فصل 9 عيدها رؤوس اجلياع املرتبني . الضوء خافت اان ال ارى بوضوح ،سأحدثك يف وقت اخر. قال -واهلواء العذب يداعب نظارته -امل اخربك عن الدهشة ؟ هنا عينات كثرية تصلح الن نضعها يف احللقة القادمة . اوه شيء جيد ،هل الصحراء قاحلة ؟ نعم حىت ان هنا كثريا من النبااتت اليابسة و الطيور امليتة و اجلياع ،تعرف مل يبق منهم سوى اجللد و العظم ،كثريون قد ماتوا . اوه يبدو انه سيكون عمال مدهشا ،لفد بذلت جهدا ،املدير سيسعد بذلك . اجل لكن الطعام هنا ال يكفي ،بل ال يوجد هنا طعام اصال ، ما جلبناه معنا نفذ
62
اوه اذن ارجع سنعود اىل هناك مرة اخرى . اجل فالناس هنا جباع و االرض قاحلة .
فصل 10 قال اجلسر ذو الطابقني النهارات صافية . قال اجلسر ذو الثالث طوابق الغيم سببه الغربة . قال اجلسر الصغري اي ذو الطابق الواحد اننا نسلم على املارة اننا حنب اهلدوء. احننت انطحة السحاب اليت رايتها يف مومباي ،على ساحل البحر ،تبسمت اهنا حكيمة كما قالوا . و فجأة اهنمرت طائرات بال طيار اهنا زايرة تفقدية . االحتاد االلكرتوين ايضا كان حاضرا ،الكل ينعم ابلدفء .
63
اي للفرحة ،اي للمكان املسكني ،املتالشي .حتما كان االفق رائعا ،و حتما اجملاالت و الرسومات عظيمة ،لقد اقتحمت البسمة كل شيء ،كل هنار.
فصل 11 قال له أجب ،الست كنت معهم؟ طبعا انت لك احلرية الكاملة يف اال جتيب ،ألنك حمكوم عليك سلفا ،لكن تذكر ،حنن نعرف كل شيء .نعم حقوقك حمفوظة ،واكرر حنن نعرف كل شيء ، االماكن ،املكاملات ،لدينا اقمار صناعية كما تعلم ،حنن نعمل جبد على حفظ أمن الناس ،و اسرارهم .كل شيء يتم بسرية كاملة ،حنن امناء جدا .لذلك نعرف عنك كل شيء . قال الرجل احلر احملكوم عليه سلفا :أم تقولوا اان يف زمن حقوق االنسان و اخلصوصيات احملرتمة .أمل ختربين انت ان هذا العامل
64
سيكون واحة هبجة ،وان االقمار الصناعية و االنرتنت ليس للتجسس بل ألجل اخذ صور مجيلة للمجرة و كررت انه ليس للتنصت طبعا ,أمل يقولوا اننا سنحيا يف عوامل بيضاء ،أم يقولو ذلك ،اذن ملاذا كل هذه الغربة ،و كل هذه احلمرة ؟ اين تلك البياضات ،رمبا نفذت االقمشة. قال بصوت مرتفع :ان يف اهلند و الصني ايدي عاملة رخيصة، اعمل هناك مصانعا لتنقية فكرك .كل هذه الرايضيات والفيزايء ،كلها لديك لكن كل ذلك ال جيعلك ترى ،شيء غريب حقا .
فصل 12 لقد تراكمت السنني ،و ذلك العزف االعمى حيطم كل شيء ، القارورة العمياء ،الشالالت العمياء . لطاملا شرب هذا الظالم سنيننا . اال ترى اهنم ينزفون ؟ حبات القمح ال حتلم بشيء ،عجبا اال ترى ؟ ال شيء سوى النزيف اي للشعب املقهور.
65
اين اردتك ان تعلم اين كلما هبت رايح خالبة ،و كلمات رأيت االبتسامات العميقة ،و اخليالء العميق ،و الالمباالة ،و االقدام اليت تسحق شراييين ،و تعبث بدمي ،كلما رأيت ذلك ايقنت انه اخلراب .اي للشعب الذي سرقوا ابتسامته .
فصل 13 لقد ذهبوا بعيدا ،مزقوا جسدي اخلالد ،مرحى مرحى للتمزيق اخلالد ،العبث اخلالد ،احلطام اخلالد ،مث اجيء بعد كل احلكاايت البهيجة ارش اانء الكرامة ابلبخور و التعاويذ ،و
66
ادعي اين كومة من االفتخارات ،من النعاس يف يوم شتائي ابهت ،هكذا نتعلم احلكاايت البهيجة .
فصل 14 ما عاد كافيا صوت احلب الذي يكذب ،و صوت النبل الذي يكذب ،و صوت اهلمس احلنون الكاذب ،ما عاد صاحلا للحياة ،لقد عرفت كل شيء ،اخربتين املساءات و ايدي احلطابني ابألسرار املمكنة ،ابالكاذيب املمكنة ،حينما اتعلم وجوه اخلديعة ،و اتعلم كيف اغوص يف قرارة اخللود بال امل ،و حينما اتقلب مسكة برية ذات اجنحة انعمة ،حينها يكون القمر بدرا .
فصل 15 67
لقد سالته فعال ؟ هل تعرف هذا الصوت ؟ فلم جيب جيل أبكمله اين سالته فعال ؟ من اين أييت هذا الضوء ؟ فلم جيب اتريخ أبكمله و سالته ايضا ،اما آن لك ان تتخلى عن عشقك للدماء ،عامل أبكمله و لقد سالته ،حينما مررت به يوما ،من اين الطريق ؟ فلم جيب كون ابكمله .
68
فصل 16 ايتها الفصول ،اليك وجوه غري مالحمها الغروب . ايتها العذاابت ،ايتها العذاابت ،اليك كل شهقة وعنفوان .ما عادت يدي تتلمس النهارات ،و ال عادت النجوم الغريبة أتسر املكان .الست انت من اخربين عن النصر العظيم ؟ الست انت ؟
69
فصل 17 حينما عدت مل اجد تلك االهازيج ،و مل اجد حبرية االوزات الناعسة ،مرحى مرحى ابتسمي ايتها احلرية .
فصل 18 لقد مهست من هناك . اين جتد حكايتك ؟ نعم الورود البنفسجية انعسة .ودروب العائدين و املرااي تفيض ابلتعاريف املمكنة ،ابحلرايت املمكنة . لكن الطيور تعرف ،و االهنار االسطورية ايضا تعرف . اجل ،ان تلك اللحظة اليت نعرفها حتتاج اىل ابتسامة و دفء . 70
فصل 19 اال تستطيع ان تردد معي ،فانين ال زلت اغرق يف حبار الشوق ، و ادعي احلب السعيد ،انين ال زلت ادعي ،ال زلت اتشبث بقطاران الذي التقينا فيه ،مع انين اعلم ان الوان الظل ،و اصوات الرؤية ،ال تغفو اال جبانب ذلك الفضاء الفسيح .
71
فصل 20 اهنم حيتفلون ،يقولون قد اكتفينا .وهذا شيء غريب ،ألننا نعلم ان تلك االايدي و االصوات و كل ما ميكن ان ينزل يف الصباح الباكر من تلك الشرفة ،ليس له اال ان مير على ابئع الزهور .
فصل 21 حينما تعلمنا الضحكات ،و حينما غقت اضواء القمر بني جفوننا ،و حينما تلمست وجه الصوت الغريب ،كانت املركبات متر بسرعة ابردة .
72
عجبا ،كيف ميكننك ان اتصور ذلك ،و ان تعدد ما قالته الغمامة لك يوما ،و ما ال تفهم ،كيف ميكنك ذلك ؟
فصل 22
73
حنوي ايتها االالم الغريبة ،حنو املياه احلديدية ايتها التوهجات البنية . حنو سيجارة ذلك الشيخ السرمدي ،املتلثم بيشماغه كل صباح . حنو الكؤوس الغارقة يف التسبيح و الصلوات. ايتها املسافات الرفيعة ،حنو الصدر املهشم املختصر للتواريخ ، و االفتخارات . ايتها احلرايت ايتها االحتفاالت الكاملة ،حنو وريقات دافئة و عزف من السحاب و املطر .حنو كل العواصم اجلالسة يف حديقة فالح قد سافر بعد عصر النداءات و الثورات اجلليدية . اتعرف كم هو مجيل ان تعمد اىل مجيع الطرقات فتصنع منها طائرة غري مألوفة تتكاثر كاملوت ،حنو جسد النهار و الشوارع و االقدام .
74
فصل 23 لطاملا سرت وحيدا متلفتا بني الكواكب البعيدة ،هناك االزهار بنية متيل قليال اىل الصفرة ،كنياق العرب القدامى ،عندما تنظر امامك ترى قالئد رائعة ،و ابتسامات مفقودة ،لن جتدها هنا مهما حاولت ،و لو ادرت راسك قليال ستجد مغارات و متاهات مظلمة خميفة ،لن جترأ على دخوهلا ،اضافة اىل اننا مشغولون جدا ابلزمن الذي حيصد انفاسنا ،فاحرتس و كن حذرا فان لكل قدم تضعها على ارض ذلك العامل اجلديد تكلف االنسانية حضارات كاملة ،فعال انه زمن مكثف خيتصر أبايمه السنني الطوال ،و الغريب ان صديقي أييت و خيطب خطبة عصماء ميجد فيها التاريخ و ال يرتك جماال للمكان .
75
فصل 24 الصخب الغريب يرتاقص كأشعة الشمس فوق ماء تتالعب به الرايح ،يستخرج من جوف املكان صرخات احتفالية بعيون حزينة ،انين ارى الشحوب الذي يعرتيها اين اشعر ابملها الصاخب الغريب ،خلف تلك الفضاءات اخلشبية احلمراء ، الصلدة جدا من االنتظار ،اين اراها تلك القطارات الناعسة ، خترتق فضاء سجنها الطويل ،أبجنحتها املسائية ،فتحيا االبتسامة املفقودة و هتدا تلك االرواح ،و يهدأ كل ذلك الصخب ،شيء غريب جدا اليس كذلك .
76
فصل 25 أال تتفق معي ،أ ّن تلك الصخرة امللونّة ،اليت ألقتها أشجار السدر يف حفل مهيب ،كانت صامتة بعض الشيء ؟ ،أمل تر كم كانت تتميع ؟ أليس من الغريب لصخرة أن تكون بكل تلك الالمباالة ؟ 77
اي أخي حىت الغزالن ليست كذلك ،انّنا حنونون فعالً ،وال نريد ان نكسر قلب أحد ،الصداع غري مسموح به ،ألسنا سياسيني كبار و رواداً للحرية ؟ نعم كلنا حيب التسامح الذي يزين الفجر ،حىت احلضارة الغريبة ليست سيئة يف كل مالحمها ، ففيها شالالت و رسوم تفيد كثرياً يف صنع الزجاج املنتشرة يف الطوابق الثالث من بناية احلريّة . تعال و أنظر ،لنع ّد ّأايم العشق ،و الصدود ،آه مىت ينتهي أين سأمل من عصر الصدود؟ من السخافة جدا أن تتصور ّ العشق ،مهما حالوا و مهما محلت تلك الشاحنات العابرة للقارات من زيف و حقد .لقد أخربوين اهنم يعدون الع ّدة لقتل كل القوارب و مراتديها ،ألجل احداث هزات ارضية جتعلين أصمت ،إال انّه ليس مشرفا ابدا أن أجلس فوق التل و يدي تعبث ابلنصر و حلوى النسيم ،و أنت بعيد هكذا ،ليتك تفهم تكف عن االحبار حنو قدميك ،ارفع ملرة واحدة ،ليتك ّ ولو ّ رأسك قليال ،فان السماء مجيلة ،أنظر ايل.
78
فصل 26
مل يرتك ساحة عامة ،وال شجرة و ال زمنا رماداي اال و حتدث فيها عن اجمادان ،لطاملا قلت له ان يتحرر من العشق ،فانه ما عاد يرى ،لقد اخربته يف ذلك املساء ،و كنت جادا فعال ان النهاايت الوردية من عبث الوعود الرباقة اليت ترتبع السخرية ، يف احلقيقة هو كان يعرف ،نعم اان ال انكر اين رايته يف اعياد كثرية يلبس ثيااب ملهمة ،لن اختلى عنه فاان اؤمن به ،اليس هو صنوي و اخي ،أ ليست هذه التماثيل تدور بال رمحة ،اجل عشقه املدمر املفروض جعله كالذاببة بال وزن ،و بال حراك ، تصور حىت مباراة الديكة غادرهتا نكهة احلرية ،شيء ملفت للنظر فعال ،قالوا ان االبواب القدمية اليت فشل املعماري االهبى يف اصالحها كانت سببا يف تدفق كل تلك املياه االسنة و 79
العذاابت ،رمبا على ذلك املعماري ان يراجع اسس ثورته .فما نرى يف غليانه سوى الربيق.
فصل 27
االلوان ،االلوان ،االلوان ،االلوان ،حكاية و فضاء ،امل تسمع ؟ كيف لك ان تتعمق يف روح هذا الوحل و هذا الربود ؟ أ كل هذه البهجة ألجل احلرب و القتل ؟ عجبا لكل هذا االتقان ،هلذه الصروح و الربوج و الكالم املنمق ،أ كل هذا ألجل احلرب و القتل ؟ اه ايتها السماء احلنون ،اعمى اان ال استطيع ان ارى ،الرواء يدان انعمتات .عندما استيقظ يف الصباح ،اصوات للموت ، عندما اشاهد االبتسامات ،وجوه للموت ،املوت ،املوت . 80
عندما اتكلم عن احللم ،قطارات للموت خترتق اذين . اه ايتها االسارير ،ايتها القصص الغاربة ،هذه طيور مبهجة ،و امساك ،و ازاهري ،ايها العامل الغريب ،مىت سأنتهي منك ،ليتين اعلم .
فصل 28 لعلها تريد ان تسالك شيئا ،انين ارى اطراف زواايها خجلة ، اوراق تتساقط هنا و هناك ،و ثلوج ،اهنا تفيض ابلثلوج . لقد اخربهتم مجيعا اننا ال نرى هكذا شيء اال بواسطة االقمار االصطناعية او الشبكة العنكبوتية ،او االكثر من ذلك ،اال ترى ان فمها يسع اجملرة ،و يدها تعبث بكل شيء ،تعيد ترتيب التاريخ ،املهم ،ليس هذا موضوعنا سنتحدث يف ذلك الحقا ،لنرجع حلديثنا ،نعم الثلوج تسرح شعرها ،اي هلا من مدينة انعسة ،هذه ليست شيخوخة ،كيف وهي مل تبصر النور بعد
81
؟ و رغم ما قيل عن جمدها العظيم ،و االمسيات معسولة احللب ،عيناها ال زالت تتلفت ،تلك الطيور البنية تتيه كنفس بريئة يف مساءاهتا الصغرية ،عندما كنت طفال تذكرت ما حيصل االن ،كانت االالم تنهمر كاملطر ،و كانت هي مدفونة حتت الرتاب ،نعم و اي له من تراب ،انتظر قليال ،لعلها تريد تن ختربك شيئا ملاذا ال تصغي اال يهمك امر الرتاب الذي على وجهك ،من سيعرف ؟ من سيكتشف؟ ،اليس هلذا االمل هناية ؟ عجبا ماذا ميكنك ان تصف؟ ،من سيجيد اعتناق تلك احلروف ، حكاية العدالة ،و املدن االمنة ،حىت الذائب تتخلى عن غربتها ،و تنام الطرقات كتماثيل من ثلج ،ليتين احيا ألرى الزمن الرفيع ،القارئ الرفبع .
فصل 29 حقول ترتدي الشتاء و سنابل بيضاء بصوت جهوري ، و يدك ،تلك ،تصافحين وسط الدهشة ،لقد انتهى القلق ، فيأيت الصوت ،التارخيي الرهيب ،أ هكذا تكون االمال ؟ 82
حينما نتذكر تلك املساحات املتموجة ،ميالان الضحك ،و احلنني ،نعم ان ذاكرتنا ملهمة ،فهي مليئة ابلنريان و الدموع ، رمبا ذلك سيجذب اصدقاءان يف ( بوتز ) و السيدة كريك *. فتنوي اجمليء اىل هنا ،و االحبار يف هذه الذاكرة ،و التزود من حبر االهلام هذا ،ومل ال ؟ ،فنحن ميكن ان نكون كتاب جيدين ،و حبجوم استثنائية ، اليست هذه دماؤان تسيل بال حزن ؟ السنا نقتل بدم ابرد و سط احتفاالت راس السنة ؟ اجل ميكننا ان نكون كتاب جيدين ،نزرع القمح و نشرتي عكازا لتدفئة اخلريف ، لقد سئمت هؤالء التجار و اهل البضائع الرخيصة ، حيملون الينا عيوان فرحة ،اال متل من هذا االستعباد ؟ اما تشعر ابخلجل ؟ املراة اليت ال جتيد الطبخ ال يرغب هبا اهل القرية ، و االكالت اجلاهزة ليست حال موفقا ، 83
ليتك تصغي ،ال بد من احلرية ،ال بد من ابتداء ،و صرخة رفيعة توقظ النيام . . ( بوتز) اي صفحة ( ) poetsيف قوقل بلس للشعر ابللغة االنكليزية ،و سيد كريك ( ( R G Kirkاملشرف على الصفحة .
فصل 30 بلدي ،خضراء انعسة على راحتيك الرباكني . و اجلبال ،اجلبال ،اجلبال ،ليست وعرة كما يقولون ، يرتاكض هناك الصبية فوق الوداين ـ فوق بساط طائر طويل بني رؤوس اجلبال . تصور حقول خضراء و ال زال اجلراد يعبث ببلدي ،يفصل الثياب ،يضحك ،وجوه شوهها الغروب ،وجوه الظالم االعمى
84
،انظر االساور تتدحرج حنو الساقية ،حنو النخيل ،حنو الفضاءات الداكنة . اين ارى صورة ،نعم اهنا صورة ،او طائر ،او خيمة بدوية فوق رؤوس اجلبال ،ترعد فوق رؤوس اجلبال ،و يف ذلك اليوم العاصف يف ذلك االفق الداكن ،الشالالت الشالالت خترج رؤوسها خوفا من املطر ،تتلفت و ال هتتم بشيء ،تلك الشالالت ،تلك الشالالت ميلؤها الزهو ،تغرقين ،فينحي وجه املاء يتقوس يتعاىل مث يسقط بقوة ،ما من احد هنا سوى اجلبال و االشجار الداكنة ،و تلك الشالالت و
تلك
الفضاءات الباردة ،لقد اشرقت الشمس ،انين اشعر ابلدفء .
فصل 31 اليك ايهتا اخلالدة مجيع آلصروح و االبتسامات املمكنة و اانشيد املطر البهية اليك ،مرمي ،كل الفضاءات اليت طاملا عشقها العارفون كل يد بيضاء تشق قلب الزمن الرمادي حينما تفجرت
اسارير 85
الصباحات
و
انزوى
الظل
يف
الغارق
الضباب
حينما تساقطت اقنعة الظالم اجلامث فوق صدر احلرية حينها وراحت انه ايتها
عرفت
ان
اجنحة املسيح
للشمس النور
عبد
االايم
هللا
الناصع
البهي
وجهها
تضاحك
اايمها
العامرة
يرسل
بشاراته
اخلالدة
ايتها
البامسة
االسارير
امحد سيهزم وجوه الزيف و العتمة بكل كلمة حب حتطم جبال الوهم
حيىي
اخلضرة
يف
ربوع
االرض
القاحلة
و يعلم املعمورة حكاايت احلكمة و النور ابلسالم ابلسالم ابلسالم
86
فصل 32 هنر معلق جبدائل الفردوس ( )1خيتصر تواريخ هذي االرض انه املرآة الصافية اليت طاملا رات فيه احلرية و جهها نعم انه سيد املياه ( )3هنر يصنع عقول عاشقيه فتعانق اخللود و جيرى حبا يف شرايني ساكنيه ( )2و تتبسم على اببه وجوه الشفاء ()4 جربائيل املقدس ( )5بيده العالية شق جدائله النقية و حكى قصة االبدية يف عينيه البامستني اي ترى هل رايت يف عمرك هنرا جيثم على ركبتيه فيحطم اوهام الغروبيني والنه يفيض حبا و معرفة حقدوا عليه و انبتوا يف جسده الطاهر كل سهم كئيب فسالت من مسامات بشرته كالكواكب السيارة انفاس الثائرين اي ترى هل رايت يف عمرك هنرا يسري يف قوافل املؤمنني ( )6يسكنه شيخ املاء ( )7و يفيض بكنز من ذهب ( )8حيصد القمح و جيلس حتت الظل يقص على االطفال اغنيات قدمية و يتعطر ابملسك 87
كل ليلة ( )9فتتلون السماء بعبقه الرفيع وخيرب الزمن انه سيد النار و النور ( )10غري مكرتث ابلعمى املتوسد لذلك الغباء الغريب من انفاسه يتناثر التاريخ هنا و هناك و هناك حىت انك لن جتد بقعة على االرض اال و كان قلبها من صنع يديه الكرميتني اي ترى هكذا هنر ابدع قانون املدنية حبكاايته املوغلة يف النور و امليزوبوتوميا ( )11اليت اعلنت عرس اجملموعة الشمسية ( ) 12هنر يقف اخللق طوابري مبهورين امام اخلطوط العريضة اليت رمسها على وجه التاريخ وتنحين االايم امامه خبشوع اي ترى هل يقبلين هكذا هنر عاشقا بدائيا حيمل يف يديه حلمه املتصاغر الكؤود *** -1
اشارة اىل خرب ان الفرات من اهنار اجلنة
-2
اشارة اىل خرب ان الفرات سيد املياه يف الدنيا و االخرة
-3
اشارة اىل خرب ان يف الفرات شفاء
-4
اشارة اىل خرب ان من شرب من الفرات صار حمبا
88
-5
اشارة اىل ان الفرات و دجلة و النيل قد شقها جربائيل
-6
اشارة اىل اخلرب الذي يقول ان هنر الفرات من النهرين املؤمنني
-7
اشارة اىل خرب ان ملكا ينزل كل ليلة يطرح املسك يف الفرات
-8
اشارة اىل اخلرب الذي يقول ان ملك املاء جتسد يف موجة من ماء الفرات
-9
اشارة اىل اخلرب الذي يقول ان الفرات ينحسر عن كنز من ذهب
-10
اشارة اىل خرب ان يف الفرات نور و انر
-11
بالد ما بني النهرين () Mesopotamia
-12
اشارة اىل االحباث اليت دلت على ان اهل سومر قد عرفوا اجملموعة الشمسة و رمسوها .
89
فصل 33
90
حينما خرجا مبكرا لصيد اجنم اخللود كانت ازاهري السوسن انعسة و اجلو ممطرا و ذلك العجوز الذي مرران به اايم الصبا الذي كان يتوسد الربد حدثهما و اشار أبصابعه الصلدة اىل عني الشمس و مها ،كعادهتما ال يلتفتان ،و كعاهتما كاان حنو قدميهما ينظران مىت يعلمان ان اخلوف لون من الوان احلب ؟ و ان البعد حكاية صادقة عن القرب الرفيع ؟ فحينما تتكاثر ضحكات الوهم و تغاريد الطحلب و حينما تغفو انفاس النور حينها يعلم اجلميع ان املوت قد اكل شهيق االرض و ان مجيع االخبار اليت نقلها البحارة مل تكن وفية .عجبا ،للمسري االعمى ايها التاريخ البين امل ختربمها ان احلقيقة هنا يف مدن كلمايت امل ختربمها ان بوابة اخللود هنا بني يدي امل ختربمها بذلك ؟
فصل 34 91
العيد يتكئ على كرسيه الرفيع جيثم على ركبتني من ثلج . يقص علينا مآثر االجداد البامسة يصافح ازقة مدين احلبيبة .اببل و طيبة و شرفيت النيل العظيم .العيد وجه براق للفجر لطاملا ابدع معرفة السحر يف القلوب املتجمدة من يديه البامستني جرت تلك احلضارات البعيدة .اال ترى كل تلك املنارات و اصوات اخللود .اال ترى خطواتنا الندبة تلك وازاهري السوسن و قصائد العاشقني يف قرييت تغرق يف احالمها يف حلظة اسرة .تودع يف الفجر انفاس الثائرين فأتساقط مطرا يضاحك الشتاء اجل ،كم كانت خطواتنا ندية لطاملا حدثتين عن هبجة الشرق اليت ال انسى عن حكاايت الفرات وسيناء و القدس اجلريح عن امل اوهن ركبيت التاريخ الرفيع لطاملا حدثتين بكل ذلك
92
فصل 35 كم قد حدثتين املساءات الشفيفة اليت ال تنسى و وجوه الغد اليت التقيتها يف املراكب السومرية يف عصر ما قبل التاريخ املبحرة حنو الشمس كان وجهك الرفيع و صوتك الرفيع و املتنيب و السياب و رامبو ( )1و احللة و زهري الشيخ ( )2و جبار الكواز ( )3و بغداد و احسان الشماع ()4
و النجف و
السبزواري ( )5وانت حاضر دوما و البيت العراقي التونسي ( )6وعالء االديب ( )7و عيسى ابو راغب ( )8و ميكانزما اجلمال ( )9و مسرت دنكن ( )10و عهود الومض (ها اان اتعلم االغنية عيناي لن تسقط اثنية يدي لن هتذي هذا عهد و احتفال )11( ).و ذلك الضوء البين املتوسد حلقول لطاملا كنت اطري فراشة فوق مدهنا البامسة ( دوما هناك شيء يستحق الشكر )( )12اجل دوما هناك شيء يستحق الشكر .
93
هذا النص تعبري عن شكري لكل هؤالء و غريهم من كان هلم الفضل علي مبناسبة حلول السنة اجلديدة . 2014\12\31
املتنيب و السياب و رامبو :من أتثرت هبم يف كتابة الشعر زهري الشيخ :طبيب اختصاص جراحة عراقي من اببل معروف ، عايل الثقافة و االدبية وتدربت معه يف الطب قد شجعين كثري على الفكر و االدب . جبار الكواز :شاعر و اديب عراقي معروف كان رئيسا الحتاد و كتاب اببل حينما كنت شااب صغري اتردد على االحتاد ،وهو اليوم رئيس لالحتاد . احسان الشماع :طبيب اختصاص امراض كلى كان املشرف على البورد العراقي يف زمن دراسيت . السبزواري :السيد علي السبزواري استاذي يف الفقه و االصول . 94
البيت العراقي التونسي :هو البيت الثقايف العراقي التونسي املتخصص ابألدب و الثقافة وهو اول مؤسسة ادبية انتمي اليها . عالء اديب :شاعر و انقد عراقي فذ و صديق واخ وهو رئيس البيت الثقايف العراقي التونسي عيسى ابو راغب :شاعر و كاتب فلسطيين يف جملة اجملسرة االدبية الثقافية اليت نشرت شعر و مقاالت يل . فكرة استثنائية عن الظاهرة اجلمالية و االستجابة اجلمالية اعمل عليها يف مقاالت نقدية . مسرت دنكن ( ) mister Duncanصاحب سلسلة مسرت دنكن لتعلم االجنليزية املمتعة املعروفة على شكل فديو و اليت استفدت منها كثرا . -11مقطع مقتبس من قصيديت ( املوت و احلياة او ومضات ) -12مقولة عالقة يف ذهين ال ادري اين قراهتا.
95
رسومات
96
القسم االول
افق احدب ،فوق ظهره اعمدة سوداء صلدة ،امامها اانس جالسون ذوو اقدام واسعة ،تدوس اشالء مهشمة . او : القدس اغنية تغتصب حتت الشمس ،مرحى ،مرحى فلتبتسم االنسانية و ضمريها العظيم .
بناية شاهقة ،امامها رجل اجوف طويل ،احدى قدميه تعلو سلة نفاايت قد جتمع فيها ثلثي سكان االرض . او :
97
هكذا يف العامل البعيد ،ينزل انسان من السماء ،و بقية االرض طحلب رخيص .كال ال جمال هناك للحب و اجلمال .
حقل واسع من الزهور يتجاوز املشهد و االطار ،يف الزاوية البعيدة بئر تغرق يف الوحدة ،يتجمع يف قعرها املظلم اكوام من العظام و احللي . او : صدور الثائرين جنائن معلقة ابلعرش ،ختتبئ يف فجوات الزمن ، اتركة املكان لكل فناء هبيج .
فضاء فضي ،خترتقه خطوط افقية من الالهناية ،تتجاوز طريف املشهد
،ال ترتك من املكان اال مربعات محراء متزامحة يف
اجلانب القريب . او : 98
احلرية فراشة انعسة ،ال تعشق اال كل زهرة ابمسة ،او كل موت ينثر حياة بال حدود .
مساحات عريضة سوداء ،تنهض أبيد و ارجل حديدية ،قمتها املربعة صلدة جدا . او : احلضارة تنتفخ يف اهلواء الطلق ،تدنو من شالالت ذات ابتسامات عريضة ال تنجب .
فضاء رملي واسع ،ذو حركة ملفتة ،تغطيه طبقة من الرايح الثقيلة ،هناك يف اجلانب البعيد ،اشالء متساقطة ،وهنا اعمدة ذات الوان صافية . او : سيكون لألصوات ابتهاج مل تر مثله من قبل ،حينما حتدث خيانة عظمي . 99
بناية واطئة ،يبزغ من جوانبها نتوءات مستطيلة ،فتبدو كتاج رث يتجمع فوق سطحه كثبان من القش . او : من احملزن اين اردد اغنيات قدمية ،هكذا هكذا تتوقف االنسانية ،هكذا اان تتجمد . القسم الثاين -1 جنوم ضاحكة وعلى اجلانب االمين أبعلى للزاوية حركة كثيفة لنيازك بعيدة و هنا يف اجلناب القريب من املشهد موجة جمنونة داكنة او انكم ايها الغروبيون لن ختتصروا هذا الشعب
-2 100
حقول شاحبة ،و يف االعلى مشس بعيون كثرية ابكية و هناك يف اجلانب
االمين
جرة
ريفية
جمروحة
و
دم
يسيل
االعياد و راس السنة و وحلمي املتجمد ال تكفي البتسم .
***
-3 صور دمار كبري التقطها مصور مواكب لألحداث و وزعها حسب التواريخ ،و عيون ابكية ألمهات و اطفال ،وهنا يف اجلانب االخر ذراع كبري اكرب من العامل تصد احقاد الظالم حينما ينشدون حلنهم االخري ،رمبا سيشعر أبمل رؤوس الداببيس على بشرته احلديدية ،من الغريب ان يعتقدوا اهنم قادرون على 101
ان حيطموا
قلبه الفضي
هبذا الدمار الشنيع.
-4
شجريات برتقال وفالح مبالبسه الريفية ،يزيل االدغال ،وشاة صغرية جالسة تقضم العشب و تنظر اليه حبب او الصباحات الندية تضاحك فراشاهتا احلاملة و ضفائر البحرية املتأللئة تتمايل هبدوء جذاب معلنة هبجة احلياة -5
خطوط مسيكة مقوسة ،تتقاطع ابنتقائية ،تكون اشكال نصب طويل ،ثوار و سجناء و صرخات و ملك جامث وزير و عبودية طغيان واانس طائرون و حاملون ،و مغفلون . او 102
الظالم ال أيخذ منك شيء ،هو ال يستطيع ذلك ،انت من يعطيه
،
عصر
فيبزغ
الظالم
.
-6 لوحة سوداء ،على طول وسطها خط من االشكال املستطيلة املتجاورة املتوترة املتموجة بيضاء من هذا اجلانب اىل هذا اجلانب و تتدخل معها مبوازاة هلا خط مماثل بلون امحر . او احلياة اغنية للفجر و النعامات ،اهنا ترحتل وسط الظل ،و سط االمواج ،فال يبقى منها شيء سوى احلقيقة سوى احلب .
103
اجلزء الثاين قصائد 2015 كتاابت النصف االول من 2015
-1
التجريدية
-2
الكتابة احلرة
-3
التعبريية
-4
التقليلية
104
التجريدية
105
الشرفة
حنو الشرفة الناعسة ،حنو عيون الشتاء ،حيث يتساقط الشوق كاملساءات ،يتخ ّفى خلف السكون ،خلف صوت الغيم ،يبين شا بطعم الذيول . عّ
106
الظالل تلك الظالل ،ترنو حنو ابحة الصمت ،هناك خلف البين ،حيث أنفاس الصقيع تر ّدد غربة الفجر. ستارة الوهج ّ من تلك الزاوية ،تتصاعد أرواح الضباب اخلضراء ،مبتهجة ابلنسيم .
107
( صباحات بنيّة ) كل جسد متعب ،يف أّيتها الصباحات البنية ،تعايل حنوي ،إليك ّ
هناايته شيء من الرحيق.
اليست املغارات وردية و صافية؟ امل تكن شعبا مرجانية تتهادى حنو فضاء واسع ؟ النرجس ،السماوات ،املطر ّبري ،أعوام من األسى القرنفلي. اي للحنني اي للحنني .يرتاقص كجدول انعس ،حيث القطط البنفسجية ترتّل صلواهتا االخرية .الكون كان يقضاً و ّتواقا و اجملد يتعلّم الرؤية .اه لسماءٌ ال تكاد تريد شيئا من البوح.
"أرواح فضية"
108
العذاابت ،العذاابت ،القضبان ،األصابع الصفراء ،العمى املرير. تعج ابللون املسروق ،بكل اللون .لكن التنهدات احلمراء ّ ، هناك ،خلف الضوء ،أرواح برتاتيل اخلضرة الرباقة ،بقلوب فضيّة ،تتناثر حتت االمل بطعم كالقضبان ،كالعذاابت.
رقراق .اجل احلرية براقة
اهنّا تصغي ،تلك االرواح الفضية ،جتيد ع ّد أصوات الضوء ، تصنع منها واحة و جسرا .هي ليست انعمة ،كما أ ّن هلا هديرا الظل ،تصنع مشسا و حكاية ،و تعيد بلون النخل .تقف وسط ّ
كوكبا و نبةً.
املر ،تتمايل ،تتأرجح ،تتعثر ابملياه إهنّا آسرة ،و فرحة رغم األمل ّ الشقيّة ،حيث األمساك الورديّة تتقافز هنا و هناك ،أجل كان
النهر عاشقا.
مرحى ،مرحى اي للسعادة .اي للحربة.
109
( الواحة )
بني يدي الغروب جيلس األقحوان ،كمسافر على بساط اهلمس ،يراقص النسيم . مرآةً ورديّةً كان وجه املاء ،بعذوبة غريبة تداعبها أيدي الريح . كالطفولة اللذيذة أهبرين لون الشمس .
الرملي ، الرمال تعزف أحلاهنا املقرمشة ،و خيول البادية بعبقها ّ خترتق صوت الزمن احلامل .وهناك ،حنو الواحة ،حنو شجرة البلّوط ،صبيةٌ يلعبون ،و فراشات انعسة ،قد بلّل ثياهبا املساء . اللماعة كم قد أسرتين ترانيم األغصان ،و أوراقها ذات العيون ّ ،و الطيور ،أجل الطيور
أتسر املكان أبلواهنا الزاهية و سحرها األ ّخاذ . ظل شجرة تنشد للنسيم . آه كم ّ أحب رائحة الصيف ،و ّ 110
( أمل )
آالمي زاهية ،كأعياد رأس السنة ،تذهب كل صباح اىل دراجة وكلباّ ،لعلها تصل اىل أبعد الد ّكان اجملاور لبلديت ،لتشرتي ّ نقطة من بشريت الناعسة .
حينها كنت هناك فوق تلك الشجرة ،نعم تلك ،ذات األشواك املصفرة ،أم ّد يدي حنو سحابة واهية ،كنت حينها أبتسم ،اي ّ للغرابة .
اجملرة حبثا عنك ،أيّها األمل العريض قدمي ،ومها جتوابن ّ لقد رأيت ّ مدور كحبّة عنب ،هناك أان و أنت و شجرة .هناك يف زمن ّ السحري ،كنّا أغنية من البلّوط ،هنايةُ مؤكدة .نسافر بقاربنا ّ
املر ،أان و أنت ثلج ،كنّا بساطاّ فتّاان ،أان و أنت ،أيّها األمل ّ هبجةٌ ال تنطفئ .اي للسعادة ،اي لفرحيت التعسة . 111
الكتابة احلرة
112
شجرة الالزورد
أيتها النبتة الصخرية املغمورة يف تبغ الثلج ،اي شجرة الالزورد السريّة امللفوفة بشالالت جبال ماشو ( ، )1حيث الينابيع ّ للكون ،و شهقة يف خافقي الشمس تعشق تراب بلدة مسراء بلّلها النسيم .
113
تطل علينا جبناحك األبيض اي من هناك ،من َ روحك املورقة ّ ،
عراق ،هتدي البسيطة حكاية نور ،بلون شال صبيّة جتمع البلح من خنيالت بستاهنا الصغري. أان ال أستغرب أبدا تلك احلدقات ،و تلك املسافات اليت جتتازها ُرَكب احلفاة .أان ال أستغرب املوت و األمل و أبتسامات الزمن املتساقطة يف ابحتك كتماثيل من مشع ،و أغنيات خمملية لعاشق قد ذاب قبل عام يف وريقات املطر . أجل ،هكذا ينحين جربوت األرض اليباب ،و هباؤها املبثوث يف الصدور اخلاوية ،حنو آاثر هبائك العتيد .حنو أغصان العقيق ضة . األمحر و الرجل العقرب يسقيها مباء من ف ّ هكذا ترمسين عصفورا بنيّا ،متنحين قبلة حناسية ،فأحلّق غارقا فيك كمركبة فضائيّة رأت وجها جديدا للقمر . أمل يعلمين صيفك األمسر قراءة الندى ؟ أمل تصفع وجهي رمالك الرباق ؟ الساخنة ؟ أمل يغسل الفرات املق ّدس زوااي حلمي ّ مرا لقالدة الضوء . ُ فصرت سعفة و زاجال ،وصوات ّ
114
مستوحى من اشجار الالزورد و العقيق االمحر يف جبال ماشو اليت حيرسها رجال العقرب املذكورة يف اللوح التاسع من ملحمة جلجامش .
115
البحرية
شى يف أزقّة املساء ،ميسح فوق رؤوس من هناك من طلل يتم ّ اجلذوع اخلاوية ،عيناه الكبرياتن حبرية جبع هتفهفها الريح ،لقد راينة ،كانت أغنية . المست روحي عذوبةُ صوهتا اهلادر ،كانت ّ لقد قالت يل أ ّن الطرقات ،و الشبابيك ،و تلك الشجرة مؤجلة ،لقد ح ّدثتين هبمس ،أجل ،جزر املصفرة ، ،أساور ّ ّ الزمن متخمة ابلطيور ،كانت النوارس مبهجة ،من الغريب ان لوهنا األزرق ما عاد ينشد كالسابق .ما عدت أجيد السفر ّبرا ، ال أريد فرصة اثنية ،أيها الفضاء الفسيح خذين اليك .
خذين اليك ،اي صديقي ،يداك انعمتان كالبحرية ،كاجلبنة ، بعيين هاتني أنت اي مرآة الفقراء ،و ألواهنم الزاهية ،لقد رأيتهم ّ 116
يستحمون حتت الشمس ،نعم اي لقلبها القاسي ،اي ،كانوا ّ لعينيها املغمضتني .تلك ،أايمنا الغارقة يف السكون .
املرخيي صديقي ّ
فواحا ،كفتيات رايان و ّ حيايت بسيطة ،هي ليست عنباً شتائيا ّ ،
معبد إنليل ،ا ّمنا حيايت مترة مسراء ،مليء قلبها ابلرمل ّ ،اان
املرخيي ،مبركبة صنعت من اتذ ّكر جيدا حينما نزل هبا صديقي ّ 117
خشب ابب انكيدو الشهري ،اليت أتى هبا الينا من غاايت األرز . لقد أخربته ،انّين معجب ابلطريقة اليت بنيت هبا البيوت هناك ، اذ ال سقوف و ال أحقاد . املرخييّون ليس مثلنا ،فقلوهبم معل ّقة ابلسماء ،حىت أ ّن صديقي اخربين عن أسالفه ،أ ّهنم احتلّوا الفردوس يوما ،و هنلوا من عسلها املضيء .كانوا خيرجون يف الصباح الباكر يبحثون عن عمال البناء يف ابب الدفء ،كفراشات شتائية تغفو بني يدي ّ املشهد و اجلامعني . خالبة ،فمثال أتذ ّكر جيدا ذلك لقد كانت األوقات ساحرة و ّ املرخيي ابلوانه الزاهية ،كأنّك تنظر اىل حفل هندي الزقاق ّ مزخرف ،و ما لفت انتباهي أكثر ذلك الرجل اجلالس وسط ملونة األغصان ،و على رأسه قبّعة من ثلج ،حيكي أشجار ّ للصبية قصصا فردوسيّة ،حينها علمت أنّنا لسنا الوحيدين
أصحاب أتريخ وحضارة ،لقد سألت عن عمره فقيل أ ّن عمره
مليون سنة ،لك ّن الغريب انّه كان مفعما ابلشباب ،و سألت أيضا عن امسه ،فاجابين صديقي حينها ،لقد كان أمسه قريبا لكين نسيته اآلن ،أذ قد أدهشتين تلك من أمساء الصينيني ّ ، 118
اللحظات اليت جلسنا ،أان وهو ومجاعة من الشباب أصحاب املاليني سنة ،عند ابئع الرقّي ،كنّا نقهقه بصوت مرتفع .
الفتاة
119
اي حلظّها السعيد ،تلك السوسنة ،كانت غارقة يف كتاب قدمي يتح ّدث عن جزر املرجان ،اليت رأهتا عيناي ،حيث العامل قش ،و يبتهج .كنت حينها أرى على األعمى ،يرتدي قبّعة من ّ جبهته آالم االنسانية .
لقد رأت يف تلك الصفحات طغيان األرضيني ،مل يتعلّموا من صديقي فضاءات املرأة الرحبة ،هناك يف بلده املريّخ ،السماء تتدحرج كصبية يتدفؤون ابحلبّ ،يكرعون عبق الزهر الكوين آسر ملعان ،عيوهنم من نسل خيول سليمان الساحرة ،أه كم هو ٌ
الرباقة .هناك الطيور أكثر أمنا ،تضاحك احلقيقة بعيدة رموشها ّ عن زيف مدينيت وشحوهبا الليلي .أجل،حينما غادرت الظبيات
تصور كم ذلك الساحل الوردي ،كانت أجنحتها بنفسجيّة ّ ، ّ كنت مندهشا ؟ لقد حدثين عن اإلميان ابملرأة ،عن البيوت العالية اليت تبنيها النساء هناك ،كأعشاش اللقلق حرة و عالية ،تفيض ابلفرصة تتوهج كأعياد رأس السنة . النقية ،و عند املساء ،قال أهنّا ّ صدقت هنا أمل هتجي أحرف أمسي ،أجل ّ عندها ما عدت أجيد ّ االنسانية ،هنا يقولون ،و أنّنا ّأمة جميدة ،أ ّن الوقاحة تعشعش 120
يف أدمغة البعيدين ،إذن ملاذا صارت أرواح الصينينب أكثر صفاء و طمأنينية ؟ ،وتلك النوارس اليت حطّت على أرض القمر ،و أخذت يل صورة مجيلة من املريّخ و اجملرات البعيدة ،كيف لثمت
جباههم و أعرضت عن وجوهنا العارفة؟
أه أيّتها املساءات ،أيّتها الفصول ،أيّتها احلجب الوامهة ،يف الرباقة ،تنزعني من ك ّفيك مدن شوهاء ،و أكاذيب السراب ّ
الوردي مفاتن اخلشوع ،تُعلّمي صوهتا حبّة الغرابن قلب الفتاة ّ السود ،كم بعيدة أنت ونداءاتك العليلة ،رّمبا سأعود يوم اىل ابلثراي اليت حت ّدثت عنها مدن الزعفران ،ابإلرث املق ّدس ، ّ أكف من احلقيقة. السماء ،فهي ال تغفو اال على ّ كل يوم آه كم هي بعيدة الرسومات و األانشيد اليت خترتق ذاكريت ّ
،كم أان غارق يف سجين الدامي املضحك ،ليتك رأيت لونه
الرقراق ،إنّه جذاب و كاذب و عدمي الضمري ،حيث يقتل صوت الزهر ليس لشيء اال أل ّن أاب هلب الزال يتح ّكم خبرافايت ، ك ّفه العريضة حتجب عين لون الشمس ،ال تعلّموهن الكتابة ، أبقوهن لوحات مزخرفة تزيّن البيوت العنكبوتية ،غارقات يف أيها الكاذب القبيح ،أيّها األعمى ما رأيتك الغياب املرير ،اال ّ 121
يوما تلبس ثوب ضياء ،ما رأيتك يوما تنحين على زهرة تسقيها ماء ،مألت زواايك العتمة الدامية ،أاي من سبتك وحشية الظالم و ألسنة الزيف العظيم . كن شجاعا ،هل ترى ذلك اجلدار؟ الذي ختتبئ خلفه مجيع الضبابيات و الرمادايت الغريبة ،إضرب نَـ َفسك األعمى به ، لعل حقولك البيضاء تكشف عن لعل رئتاك تتعلّم هواء جديدا ّ ،
األم ضي ،هناك حيث حت ّ قلبها الف ّ ط أسرار اخلليقة و الكتاب ّ
.هناك لن جتد حلكاايتك و بطوالتك ذكراً .
أان من هناك ،أمحل على ظهري قربة من نور ،تطري يب خيول من أيل ، ثلج ،و يد حنونة تفيض ابألمل العريض .ليتك تصغي ّ ليتك ختلع عنك ثوب العبوديّة و قناعك البائس ،كن شجاعا ، تعال حنوي ،حنو صوت غريب .
شة ،و عن الوجه اآلخر أخربك عن األوراق الزرقاء املتوح ّ للشمس ،كان شاحبا كسنابل القمح يف أرضك الغارقة يف الشيخوخة ،كم قد ح ّدثين األسالف عن األحالم و املستقبل السعيد ،اال أنّك أيّها اجلنس الظلوم ،الزلت اتئها بعيدا ،إقرتب
،كن حمبّا فهنا يف قليب ورد وضوء.
122
أيّها املرائي ،لقد علِمت السماء ماءك اآلسن ،فصرخت ألجل الفتاة ،وأنت هنا قابع كشجرة صنوبر بريّة ،تدير وجهك بكل لون ،أمل تعلم أ ّن الغصن بعيدا عن الدفء ،كاحلرابء ّ تتلون ّ األجرد اليابس الذي تتشبّث به قد أحرقته نسائم الصباح.
ليتين مل أكن ،ليتين كنت صبّارا مات من الظمأ ،من القهر يف صحراء قاحلة مل يزرها القطر منذ االالف السنني .فهذا العامل كل يوم املرائي مل يرتك يل شيئا ،لقد عشعش يف عقله الظالم ّ ، ترتشف غيماته أروقة العتمة ،فكان مطرها بال حياة .الزرزور الذي رأيته عند النهر جييد بناء أسرة خري منهم ،لقد رأيته يكلّم زوجته احلبيبة بكل و ّد ،و يسأل بنته عما يدور يف خلدها من أحالم ،ليت هؤالء الغارقني ذوي األدمغة العريضة تعلّموا شيئا من ذلك الزرزور احلكيم . أيّها البائس ذق مرارة نبتتك العقيمة ،ستتح ّدث العصافري املبثوثة
كالضوء يف أشجار السدر النقية عن بؤسك الغريب ،أمل تسمع
زقزقاهتا ؟ أمل تفهم ما تقول ؟ إهنّا ختربين أنّك عبء و أنّك جنس بكل سوء و تشكوك اىل اإلله القدير عسى أن تعيس ،ستذكرك ّ
123
تنتصف منك فتاة احلقل و الرغبة املكبوتة وحقيبة طفلة مألى شمتها ابلقهر ذات يوم. ابالحالم كنت قد ه ّ املر أيّها التعس ،اي حفيد جنيّات الشر ،أنظر اىل هذه الكأس ّ ة ،كأس الضياع و األرضني املوحشة ،منها ش ِربت زواايك عنوان جمدها الزائف ،و يف بِركتها الطحلبية تعلّمت الغروب .أان ال أنسى حينما رأيت ّرسك يغرق يف مياهها االخطبوطية كصنم رمادي كاحل ،كان يذوب يف عامل من اإلسفلت .مث ها أنت ذا مغربا ،إبسم خترج إلينا يف زمن املوت من القبور السفلية أشعثا ّ
تقص جدائل تلميذة خرجت اىل صفها ابمسة. السماء ّ
اال أيّها الصنم اإلسفليت ،اي وريث اليباب ،أبعد قناعك املزيّف املنمق ،إن كنت شهرت سيفك الصدئ عنها ،وجهك اآلخر ّ حماراب مطر السماء و الوصااي الغالية ،إبسم احلريّة ،تدعوا بكل اخلمر و دروس التيه و اخلواء أمساك الفرات ألن تنتفخ ّ نيب االنسانية املقدام ،أبعد أنفاسك الضحلة عن ّ الرباقة ،كأنك ّ قلبها الفردوسي ،دع حجاهبا املضيء يطري هبا اىل عوامل النور ،انّه براقها الرفيع ،دعها تبحر حنو جزر احلقيقة و العشق األمسى ،
124
املشوه عن عينيها اجلميلتني ،فشجرة اللوز ال ميكن أبعد وجهك ّ أن تشعر ابلدفء بعيدا عن إيدي السماء احلنونة .
النقي ،دعها جتوب كظبيات بيضاء دع املالئكة تصافح وجهها ّ يف حقول اجلنان العذبة ،ليتك رأيت الرايحني و حبّات العنب و فواحة تتطاير حوهلا يف حلقات رقيقة ال تعرف الذبول أانشيد نبتة ّ
.
أعين على ذلك الصوت املنّمق ،الغارق يف اي أيّها النقاء الكبري ّ التيه ، ،اي أيّها النقاء الكبري كن مشعة يف قلب الفتاة الصغرية ، لرتى وجه النور يف هذا العامل املرائي .
125
العنرب
الكوثري على اجلانب األمين من الالهناية ،و ذلك النهر ّ الفردوس ،و الدرب املق ّدسة اليت إختضنت أقدام اهلجرة اىل طيبة ،و البيداء اليت حلّ فيها ركب احلسني ،و ُّ شق البحر يسميه العراقيون عنرباً. كل ذلك ّ الذي سار فيه موسى ّ ، عصفور الغابة األصفر ذو البقع البيضاء الباهتة ،و زهرة اجلوري ،و بطوالت ثورة العشرين ،و قصائد الشمس ،و ّ 126
املسورة كلها يسميها العراقيون املتنيب كلها و بويب ،و أوروك ّ عنرباً . مرة يضعون على جبينه حبّة عنرب ،مث كل ما يراه العراقيون أول ّ ً
جتد له الطبيعة إمسا آخر ّ ،إهنم يعشقون عطره األ ّخاذ ،يذوبون فيه اىل ما ال هناية ،غريبون عن هذه األرض البائسة ،ال يعرفون اال العطاء ،ال يزرعون و ال حيصدون و ال أيكلون غري الطيب . طارت يب ظل شجرة هناك ،سرق ْتين ، ْ ذات يوم جلست حتت ّ اىل موطنها األصلي ،اىل كوكب العنرب ،حيث القلوب البيضاء ،هناك جدائل العروس و عطرها و مركبتها و خيوهلا حىت عجلتها ،حىت احملتفلون ،البيت ،احلقل ،عصافريه الرباقة ، املركبات احلديثة ،حىت حيطان املدارس و احلدائق العامة ،و مدرسو الصفوف االبتدائية كلّهم من العنرب األبيض . هناك ال ترى شيئا اال وعليه آاثر البياض ،لديهم مائدة طوهلا مآت الكيلومرتات ،و مسرية مليونيه حيصدون هبا الصدأ و الظلمة فيشرقون كحقل مساوي .ليتك رأيتها مللئت دهشة و انبهارا . 127
رجاهلم و نساؤهم و صبيتهم و لعبهم سيل هادر من الشعر الكوين ،يف كوكب العنرب الكل شعراء ،حىت وليدهم يف ساعاته االوىل يقول الشعر ،لقد مررت مبقهى هلم ،فرأيت صورة طفل يف السادسة من عمره ،قلت ،من هذا ؟ قالوا هذا عنربٌ العظيم املتنيب ،فسألت صديقي من هو هذا العظيم ؟ قال هذه صورة ّ وهو صغري ،إمسه احلقيقي (عنرب ) ،أال ترون أنكم تنادونه ( أاب
الطيب ) ؟
بنت الصباح
(ميتاشعر)
128
يعج لقد أخربتين الفصول ،أ ّن الشعر ورد ابسم ،كزفاف هندي ّ ابأللوان الزاهية ،ليتك رأيت عربة العريس املزخرفة ،و حصانه الغارق يف األلوان ،لقد كان احملتفلون حوله كأزاهري الصيف اليت حب ماسيّة مزخرفة رمستها طفلة حاملة ،وهي جتمع سالل ّ حتملها ظهر فرس من نسل الرباق املق ّدس ،و تبعث ابلذهب ّ ،
هبا كل صباح حنو مشال البسيطة ،فتمتلئ أهنارها ابلنور الذهيب سر لروحه و حكاية من ّ اللماع ،رّمبا عني األنسان ال تراه ،النّه ّ
شجرة سيناء بداايهتا .
أجل هكذا أخربتين الفصول احلكيمة ،أ ّن القصيدة بنت الصباح ،حينما يتن ّفس أذوب يف رئتيه كمقاتل قدمي ،أُحبر السريّة . كالضوء حنو واحات الثلج ،هناك حيث الينابيع ّ لقد قالت يل :إ ّن القصيدة حكاية بريّة تغفو بني جفوهنا عصافري
امللونة ،كانت حينها الشمس انعسة ،و نبتة اجملرة ،و ببغاواهتا ّ ّ الباقالء ال تزال ذابلة من الربد ،ليتك مشمت روحها األرجوانية
الواثبة . ّ
129
رحلة
حتما سيكون هلا احتفال ،و يكون هلا هنارات تلثم وجه احلقول ، و يكون هلا اسم ،تلك ،ضحكاتنا املؤجلة . لقد أهدتين بلسما و زاي اسطوراي مل خيطر ببال احد ،حىت احملاربني القدامى و اجلالسني يف املقهى الشتوي ،اي لعظمة تلك البهجة ،اي أللواهنا احمللقة حنو جزر من بلور . اتلمس العبري املتساقط يف االزقة النيلية من احياان كثرية اان ّ شى من دون عكاز و ال قبعة من الشمس ،حيث املساء يتم ّ القش ،عجبا اال ترى كثرة الفراشات يف اايمنا هذه ؟ اال ترى انين احب ان اخربك عن امور كثرية ،ألنين بدأت أشعر هبمسات الضوء.
130
سأحكي لك عن لون نسيته جدائل العروس الغارقة يف احلناء ،و عن زورق صنعه جدي قبل رحلته الكبرية حنو الربود الكوين ،اان مل اكن حينها افهم الكثري ،كنت حينها امحل يف يدي تفاحة محراء و كان قميصي خيتبئ حتت سعفات خنلة بيتنا القدمي ،آه ليتك رأيت النسيم ،ليتك رأيت ذلك. عجبا اي للغربة احلبيبة ،يرتمن يف زوااي املي طائر السنونو ،و هنر رقراق حيملين اىل مدينة الزنبق العائمة ،لقد رايتها هناك ،اعين الالهناية ،يف يدها اليمىن امساء اشجار الصنوبر و اخليزران ،كانت تلمع ،و يف يدها االخرى رأيت روحا بيضاء ،بلون هلب مشعة خافت ،أظنها روحك انت اي صديقي.
131
التعبريية
132
ليلة ابردة
ِ يف إحدى الليايل الباردة ،ضيّ ِ فتاهت عت العربة قرطها ، الشواطئ ،و س ّك َاهنا األصليون . كنت ضيفا ثقيال على ذلك البستاين الذي رأينه عند أان حينها ُ منحدر ِ ات الشمس . لقد كانت ليلةً ابردة فعال ،عمرها يتجاوز ستة آالف سنة .إهنّا حتب السواد .أظنّك اآلن حتب ارتداء الثياب احلمراء ،و أيضا ّ ّ كل هذه الدماء و هذا الظالم . َ عرفت تفسري ّ أجلب من بستان حاولت أن ُحب أن أخربك شيئا ،لقد اآلن أ ُّ ُ َ حاولت فعال ، ذلك العجوز زهرةً و كوخا و ليلة جديدة ،لقد ُ اال أ ّن تلك الليلة الباردة كانت مسيكة ،وتغطّيها قشور صخرية ، مراً جداً . مراً ّ ، و األدهى من ذلك كله أ ّن قلبها كان ّ 133
( النهر) ط على جسدي تسمع روح النهر و صوتَه أال الدافئ ؟ و هو خي ّ ُ َ مقيم منذ آالف السنني فوق حكاايت اللو ّن ،بينما العطش ٌ
الغروب ،ليته مل يكن غروابً ،و مل حلمها ُ رموش اببل .لقد أهنك َ
تغين هناك ، يكن ذئبا ،فاملكاو يبين أعشاشه هناك ،والوانه ّ ط بعيدا عن أرضنا ،بينما البصرة تغرق يف النحيب ،آه اي ش ّ
العرب ،أيّها العاشق السماوي ،ذلك اجلنني االسود يف رحم األرض ،جيلب الغرابن ،مع عقود من الدموع . عجباً كم هي زاهية ألوان الفجر الذي سرقوه ،وكم أخربتين اجملرات البعيدة عروس النهر عن األصداف اليت محلها ج ّدي من ّ ظل شجرة أغرق يف النسيم ،كان ،كنت حينها جالساً حتت ّ االحتفال حينها كبرياً ،والسيّدة ذات البشرة البيضاء ،اليت
134
ترمم املزهرايت اليت جتاوزت السبعني ،ذات اخلمار األبيض ّ لعوب تتخ ّفى بني شطآن الفرات. أظافرها بسمةٌ ُ كسرت َ أيّها النهر احلبيب علّمين شهقة صباحيّة ،ونسمة برد ،علّمين الثراي عن وجهاً بنيّا يشبه خدود العراق ،أيّها النهر أمل ختربك ّ لكل شوقها البارد؟ فرسائل العشق حبّات رمل رخيص ،عجبا ّ هذا الصمت .حينها مل تكن قدماي تتمايالن كجدائل طفلة
كنت حاضراً هبجت عادت قبل عام من روضة األمل َ ، ليتك َ حكاايهتم النبيلة و أسرار أيديهم الربيئة لقد قتلوين بقسوهتم املعهودة ،وعصبوا عني دجلة و رموا به يف الثلج .عشتار مل حتضر و ال ثورها اجملنّح .كنت حينها كالطري املذبوح يف جييب عمارة شاهقة تقطنها أشباح معتمة و أطفال غبار الصيف البارد ،ليتك يعلبون يف الزقاق ،قد كحل جبينَهم ُ
كنت حاضراً أيّها العامل األعمى ،فانك جتيد الرقص على جراح املتعبني .
135
( راعي الغنم )
كم متنيّت ان أكون راعي ٍ ظل شجرة غنم ،أغر ُق دومنا ٍ رجوع يف ّ ٍ ابرد يف ظهرية صيف لذيذة .هناك ،تصافحين حكاايت الفجر ،اليت تعرفها .وحينما تبزغ الشمس أراها ،و أيضا ضحكات الغروب تلك الشطآن الزاهية .هناك ،حنو الصوت الشفيف ، عيناي ال تنتظر اال أغنيّات أبقار ج ّديت .أجل ،حىت طني النهر له
أغنيته احملبّبة ،أجل هكذا ،بعيدا عنك ،أيتها املدينة البائسة .اىل مىت أخربيين ؟ اىل مىت تبقني واقفة كابتساماتك الشاحبة ؟ اىل مىت تبقني عجوزاً تفيض ابلغاربني ؟ ترتدين ثياب البشاعة مصاصو الدماء ،ال حيبّون أصابع الشمس . امللونّة اوالدك ّ ، ليتك تنظرين اىل املرآة .ايتها املدينة امليّتة ،مىت تفيقني ؟
136
إيل ،تعايل حنوي ،حنو صدري ،فهاهنا عامل غريب من تعايل ّ إيل أيّها الغروب السقيم . إيل ّ ، املياه العذبة و النشيد ّ .
( الب ّقال )
اللماعة كفتاة سومريّة شاخمة تقطر عسالّ و صفاء برتقالتك ّ كشالالت ساحر عطرها األ ّخاذ .عنبك الشتائي رقراق وابرد ّ ٌ ّ شرقي يذوب يف احلنني بيخال وهادئ جداً و هامس كشاعر ً ليتك رأيت قلبه الوهلان اببتسامات الصيف الساحرة عنبك
الشتائي الش ّفاف حكاية ال تنتهي يذ ّكرين ببيوت الفردوس الزاهية كظل شجرة يف حقول الفالحني القدامى حينها انّه ابرد الطعم ّ 137
كان ج ّدي يتفقد سنابل القمح على فرسه البيضاء كان الوقت حينها عصرا وكنت أجلس بني عينيها كفراشة جنوبيّة تتوضأ الرباقة تلملم حاجياتك ّ كل صباح ابلفرات .آه اهنّا قطرات املطر ُ
اببلي و جزمتك السوداء تداعب وجه االرض النديّةكأنّك جندي ّ عانق غاابت األرز بنب يديه تغفو حبّات البطيخ األمحر الشتائيّة. تقول ّأمي انّه رقّي مصري و القصص و احلكاايت يف هذا الشأن
تفوق اخليال لكنّها فعال هديّة اسكندرانية رائعة يف هذا اليوم الشتائي الباسم.
( القطار )
138
جاري العزيز إيل صويت و حقيبيت و َ أيّتها املدينة الناعسة أعيدي ّ
الرمادي أقدامي الفتيّة .أرحيي دمك طه َر طينها وساقية لطاملا ّ ّ الوردي ذلك القطار الغارق يف أتريخ الدموع أما علميت أ ّن بريق ّ معدنه قد أراق دمي وعجالته غليظة القلب قد حطّمت أضالع الفقراء و سرقت حقول املاس النديّة انّه مل يرتك خلفه سوى أرملة تبكي و أطفال جوع و يرد .أيّها القطار األعمى أما تبصر
درابً أخرى درب حمبّة بدل هذا الركام الفظيع إ ّن أش ّد ما يؤسفين
علمي متأخراً أ ّن أول جرمية كربى اقرتفها االنسان كان ذلك القطار التعيس .
139
( ينابيع)
الربي يلعب عند هناية الزقاق منذ أعوام ابهتة ،منذ أن كان الورد ّ
الظل ،لقد ،و يتسلّق خب ّفة ابهرة َ اجلبال اليت زارهتا عصافري ّ كمجرة تتعرف على وجهي ،كانت ّ رأيتها يف األمس جرداء ،مل ّ غادرها الثلج ،تتيه ينابيعها يف أوهام الكدرة و الضباب .
اي للينابيع املسكينة ،لقد أرهقتها أغنيات ارجتافاهتا البنيّة ،اي كل هذا السهاد ؟ و السماء لقلبلها احملطّم ،كيف له أن ّ يتحمل ّ
شط شعرها كطائر ورشان يعبث أبحالم فالح قدمي . ال تزال مت ّ آه أيتها الينابيع ،اي روح دجلة و املساءات ،عودي اىل صدري ، ،تعلّمي من أملي شيئا من الصفاء ،هذي اانشيد الضوء ، ايل ،فههنا واحة خذي منها جدوال و قارورة ملح ،تعايل ،تعال ّ
غنّاء ،و رايحني ،و صخرة مساويّة كعنزة جدي تصنع من جدائل الشمس لبنا ،و خبورا ،و عصافري .
140
سفر
سأغفو قليال فقلد أهدتين العصافري أنشودة الفجر اخلالدة .أجل أحب السفر كثريا ،بل ال أحبّه أحب زقزقة العصافري .أان ال ّ أان ّ مطلقا ،و اجلزر اليت حدثتين عنها جنوم الرباري ما عادت عيين تتألأل شوقا لرؤيتها ،فلقد مليء قليب حزان . سأخرج مع الليلك املبلل بقطرات الندى اىل احلقل ابكرا ،أمجع حكاايت الظل ،فالشتاء شهر مر ،حيصد آخر حبّة ادخرهتا جديت لتدفّئ هبا األايم . سأنظر اىل وجه الزمن بربود ،فكل ما رأيناه يف ساعات الصباح الندية هو بعض احلكاية ،هناك خلف الشبح األسطوري أغنية 141
أيسرين احلنني اليها ،ال شيء هناك سوى أزاهري نور و وداين من هبجة . شط شعر السعادة املخملية ، هناك فراشات الربيع بكل أنوثتها مت ّ و االضواء خافتة ،هناك خاف السفر احلبيب تنتظرين بداييت املؤجلة .
إنتظار
األايم ،سالم لعينيك ، سالم إليك أيّها اإلنتظار املبثوث يف زنبقة ّ تتلمس زوااي الوجد يف زمن األيدي الباردة .أليس يل لقلوب ّ 142
ألست الثراي ؟ حفنة من قمح و زهرة ف ّ ُ ضية لطاملا ح ّدثتين عنها ّ ألست كل الصنوبري املم ّدد كموتى قدامى وسط الظهرية ؟ ذلك ُ ّ املر يف شفيت ألوان السواد ؟ ذلك اإليغال ّ
أجل ،هكذا يبقى وجودي حلنا غريبا ،و تبقى أنت هبجة مؤجلة ،نعم من هناك من أمل تشظّى ،من متيّم يرنو أليك ، كنت بريقا . يتلمس ألوان صوتك الشفيف ،من هناك ُ يعرفك ّ ، آه لك أيّها البعد ،آه لنهر من شوق ،من بسمة راحلة .و األايم الباردة عناقيد وهم يف رحم البسيطة ،ال جتيد شيئا هذا ّ
سوى البحث عن الظمأ ،عن أشهر خاوية ،ليتها رأت حبّة صويت ،فأان ذلك البلوط الساكن يف حلم الفردوس ،أان كل إرتعاش
أظن ذلك . مر ،ال أظنّك سرتاه يف وقت قريب .ال ّ انعس و ّ
دجلة القرمزي
143
الظل كهماسات القمح يف ساعات الفجر سأجوب زوااي ّ البين االوىل ،سأنذر زورقي و جزري املتوهجة ،وقميص االفق ّ لغد هبيج ،سأهدي شواطئ دجلة أغنية ما مسع هبا قط ،أمحلها
فوق كتفي مع بقااي اخليزران ،و أكتب إمسي يف املوتى ابكراً أل ّن النهار ابت خميفاً . التل لقد رأيت الشمس يف خيمتها القاصية ،أجلستين على ّ اين أحبرت بغرابة يف آليلء مهسها . األبيض ،كنت مذهوال حىت ّ كانت زجاجية تنعم ابحلكمة .كانت تشبه اىل ح ّد بعيد السلحفاة املتوردة اليت أكل قشرهتا أطفال قرييت. لقد ح ّدثتين عن البيوت الفارهة اليت بناها القدامى يف أزقتها . قالت يل ا ّن دجلة مل يعد بلونه الرباق ،لقد صار قرمزاي ،فتلك الزهور اليت سفحت على ضفيت سبايكر ،مألت روحه محرة ،اي للطهارة املغدروة ،اي للعامل املرائي. إقرتب إقرتب ،ايّها العامل املرائي ،فاان تلك الشهب املتساقطة
التهجي ، يف ابحات الفردوس ،من هنا بدأت الفراشات تعلم ّ من هنا يف سبايكر إرتدت االايم ثواب مسفوحا للحقيقة ،اآلن اظن اهنا ال تزال غارقة يف العمى . أرين عيو َن الضباب ،ال ّ 144
إقرتب ،إقرتب ،إمسع صوات .
( محّى)
أيّتها النوارس البعيدة ،أيّها البحر املتالطم ،كيف اقتحمت زوااي حلمي و عواملي املغلقة . احلمى الغريبة .يدي تذوب يف حرارهتا هذا اهلذاين .آه أيّتها ّ لمس اآلسرة .و أان من يقف هناك هبذا الصداع الرهيب .أتَ ّ
حرارة بشريت ،اهنّا تكاد تتالشى .زائرة رشيقة ،ال تعرف
اجملاملة ،جتلس على طاولة جفوين ،تعبث بعواصم تفكريي و خيااليت هتديين نوارس و حبراً مهجياً ال يسعين شيء ،العامل يصغر ،يصري سريرا و ارجتافا قاهراً .أه أيّتها احلمى احلبيبة ،من أين
كل هذا العشق الغريب ؟ جسدي يفرتس كل هذا النقاء ؟ و ّ لك ّ 145
قليب أبمله األعمى جسدي هذا صار اتبعا صغريا لألمرية اآلسرة .وحينما أنظر اىل وجهك الباسم ،الغارق يف الكربايء ،أتذ ّكر حكاايت النور ،اهنّا جند محيدة ،و خالص العليل .
( سني ليقي اونيين)
لقد احببت الطني ،النه يذكرين بيديك العظيمتني ،و صرت احس ابلزهو ،حينما ارى اسرااب من الوافدين على اببك بالوعي ّ السر العظيم .عجبا كم يطلبون شيئا من الرحيق ،وانت صاحب ّ
قد حتدثنا عن تالشي الزمان و املكان ،وها انت تعجنهما
إبصبعيك يف طينتك الندية و قصبتك املورقة دوما ،فكان لوحك هو الالهناية .تطل علينا حنن البدائيون يف عصرايتك البابلية الدافئة ،من شرفات اسوار اورك اليت تلمع ابلنحاس ،و يف
146
يديك قدح شاي عراقي عسلي كعيين مالك ميرح يف الربية مع ظبيات انكيدو .اجل اعرف ،انت تريده شااي قليل السكر ، ألنك انت احلكيم الذي خرب االمور و عرف االسرار ،يداك غلبتا الشيخوخة و املوت .اجل اعرف انت تنظر الينا و تبتسم ،فانت ( هو الذي رأى ) •
سني ليقي اونيين :الكاتب البابلي الذي نسخ ملحمة جلجامش .
( العامل املرائي )
عرف احلقيقة ،و صار جيالس نداءات منذ أن رأهتا عيناه َ ، حبب الشمس .حينها مل يكن هناك الزنبق و الصنوبر و يلهج ّ جوالة و شجرة .لقد ظل ،و مل تكن هناك مشس ،فقط مجاعات ّ ّ
عاد ذات يوم اىل األبدية ،حي ّدثها عن وجه مشرق ،هو يعرفه . 147
آه أيّتها البحار البعيدة ،إبعثي يل قاراب من حناس ،سأكون حينها
ألوح بيدي لفجر جديد . عند الشاطئ ّ ،
ليتها ر ِ أتك عيون املرائي الوقحة ،وهو يقتل آخر زنبقة عشقتها قلوب الدمع. مرة ،لكل طحلب رخيص يقف هناك فوق ّ املنصة ،يفتح بركة ّ ،و بشاعة ي ّد ّعي أهنّا أحفاد الضوء . ليتك رأيته وهو خيربين عند الفجر و يف الظهرية و يف املساء ،أ ّن َ بركته واحة غنّاء ،و أ ّن فيها أمساكا ملونة و أقواس قزح ،لقد كنز العرب القدمي ،و كثريُ من قال أ ّن يف جانبها الشرقي ّ املعتق الذي تركه الفراعنة قبل أن يسافروا حنو طيبة . الذهب ّ آه منك أيّها املرائي ،اي من نزل الينا من مغارات الزيف ،اي من
تقتل أطفال قرييت ،و تذحبين كخروف رخيص ،مث أتيت و جتلس
التل و تقول :قال هللا و قالت السماء ،و أخربتين فوق ّ حورايت البحر و جنيّات الشعر .توّزع بطاقات الوهم و عناوين
السراب ،كأننا مل نشاهد أفالما هندية من قبل ،وال مدينة
سندابد اليت أنشاءها حبّارة على ظهر حوت عظيم . 148
آه أيّها الكون املرائي ،أما ترى العراق ،أما ترى أوراقك اخلرفة
ملون ابلزيف املرير ،و قتل ابرع للشمس .أال تعلم أنين ،دم ّ
يغرد ، حينما أم ّد يدي حنو الفجر ،وعلى كتفي صوت و هنر ّ راينة من جبال نور ،حينها حينها ستتدحرج احلقيقة صخرةً ّ ستحرقك أنفاسها الفضيّة و يلتهمك مالئكتها البارعون .
التقليلية
149
أقنعة
أخربتين ّأمي أن أتسلّق اجلبل و حينما و صلت منتصف الطريق وجدت رجال يف كوخ و بني يديه أقنعة بشعة .قلت له ملَ أنت هنا ؟
قال :لقد طردين القبح من مدينتكم و هذا األقنعة
كل مجيل لريتديها فال يطرد منها مثلي . ابعث هبا اىل ّ
150
ِ املر املركب ّ
أين وضعت حقيبيت و جدويل و بسميت املشرقة كلّ ما اتذ ّكره ّ عند تلك الصخرة اليت نسيت مكاهنا . و كيف يل أن أتذ ّكرها مع كل هذا الدمار ؟ املر . ص ّدقين لو كان يل اخليار ،ألخرتت غري هذا املركب ّ 151
( الوجه املفقود)
اهنا تقف هناك حتت تلك الشجرة مرتدية السواد تنادي : ايل وجهي .أايمنا املسكينة. أعيدوا ّ 152
اخلراب
لقد تراكمت السنني ،و ذلك العزف االعمى حيطم كل شيء ، القارورة
العمياء
،
الشالالت
العمياء
.
لطاملا شرب هذا الظالم سينيننا .اال ترى اهنم ينزفون ،حبات القمح ال حتلم بشيء ،عجبا اال ترى ؟ ال شيء سوى النزيف اي املقهور.
للشعب
اين اردتك ان تعلم اين كلما هبت رايح خالبة ،و كلمات رأيت االبتسامات العميقة ،و اخليالء العميق ،و الالمباالة ،و االقدام اليت تسحق شراييين ،و تعبث بدمي ،كلما رأيت ذلك ايقنت انه اخلراب .
153
اي للشعب الذي سرقوا ابتسامته .
( رماد )
اهلواء النقي حييي الرئة العطشى ،يرسم مقدمه البسمةَ على وجهها .اهلواء النقي ،كالرجل احلر ،اندر و غريب .ال شيء هنا سوى الرماد .
154
(احلطب التعس )
هو جيلس هناك ،على كرسيّه يطالع يف كتاب عن احلريّة ،و ينعم بضوء انر حنن حطبها .يل لنا من حطب تعس .
( الشعر)
155
تلمس يديك الباردتني و أحبر ببصرك سأعلّمك كتابة الشعر ّ . حنو األعماق مث مت ،هكذا ببساطة شديدة و اعثر على مدينة ثلجيّة .هناك أشعل انراً ،و تدفّأ قليالً مثّ أخرج رأسك من اخليمة
أنظر حولك جيداً ،سرتى ابتسامات الصبّار حينها تكون قد كتبت ّأول قصيدة لك إ ّن الشعر حلظة موت .
( الشعلة )
مر كالشتاء ،يلعب يف الساقية املنسيّة .تلك الفضاءات حنيين ّ
املورقة النديّة ،أ ترينها؟ أان ابلكاد أمسع صوهتا ،ايّتها الشعلة العطشى ،تعايل ،فهنا واحة و خبور .أنفاسك الفضيّة أتسر متزق حلم الوطن ابلصدق ،و البكاء . املكان ّ ،
156
ايّتها الشعلة الغريبة ،اىل مىت أمحل مهّك الغريب ؟ صوتك الغريب ،حكايتك الغريبة .
كتاابت النصف الثاين من 2015
ض ّي عامل ف ّ ( قصيدة نثر بلغة جتريدية بوليفونية فسيفسائية )
157
أشعة الشمس و خيوط احلرير ،كان حي ّدثين كان ابرعاً يف مجع ّ
ضة ،اي للنقاء الغريب .لقد قال يل :إ ّن عن النهر و شجرة الف ّ الكلمة كالشمس ليس هلا اال أ ّن تكون نقية ،ليس هلا اال أ ّن تكون كما جيب ،بيضاء تفيض ابلسائرين . قصة الفجر احلزين ،و تلك وسط ذلك السرور ،حكى يل ّ
بيدي هاتني ،بينما تلك العيون املورقة ،لقد ملستُ رمو َشها ّ تغين بربود ،كم هي سعيدة أبقدامها احلافية ،لقد السحب ّ
مسعت صوهتا البعيد ،كل ما جتيده لون ابهت و أعمى . ُ
الندي ،هي ليست من الظباء ضة طيبة كالعنرب قال يل إ ّن الف ّ ّ تتوهم ،فأجدادان الغالني ذوو االجنحة الطويلة أحضروها كما ّ من جزر بعيدة حينما نزلوا قبل املساء .قال وهو يبتسم :أان لكن تلك أتذ ّكر ذلك جيداً .كنت أعلم أنه ال يكذب أبدا ّ .
158
العيون ما عادت ترى بريقه الفاتن ،مل تعد تستطيع أن ترفع طرفها حنو جنومه اخلضراء . إلتفت أان مل أتكلم ،لكنّين يف واقع األمر أردت أن أساله شيئا . َ نطقت و قلت له إيل قائال :أين أجد صخرة و خبوراً ؟ حينها ُ ّ لقد رأيتهم يصفعون وجه الزمن األعمى ،لقد رأيتهم ينثرون ضة يف األرض اليباب .ليتك رأيتها كانت ترتاقص مع الريح الف ّ يف وداين بللها املطر .أجل كم هو مبهج أن ترى السرور على جفون احلقول النديّة ،لقد كانت فضية كما جيب .بعد ذلك ضية ، ضي ،أرواح ف ّ أشرت حنو العمق و قلت له :هنا هنر ف ّ ُ ضي .لقد أذهلتُه فعالً حىت صار ير ّدد :اي هلذا العامل صوت ف ّ
ضي .و أخذ يرمق األفق كقارب وحيد عند الغروب ،كان الف ّ
يشعر بذلك بقوة .شيء غريب فعالً .
الشجرة الصامتة
159
هناك ،و سط فوضى الرايح ،كانت الشجرة الصامتة حتكي حتب حتب ان ترى احلديقة نظيفة و ّ لنفسها قصة الصفاء ،اهنا ّ ان تغلق الشبابيك و الستائر ،فأوراقها املائلة للصفرة ساخنة ال تعرف اهلدوء ،تتطاير مع كل ريح ،انه امر متعب بال شك . احلب حتب ان حتطّ على ذلك الغصن ابلذات ّ ، كانت العصافري ّ شيء ال ميكن فهمه ،فتتساقط أوراقها و ريش العصافري املشاكسة ،انه امر متعب لتلك الشجرة املثقلة أبعباء الزمن ، ، فتضطر ان تنزل من اغصاهنا لتنظف احلديقة من االوراق و الريش ،ما خيلفه لعب العصافري و عبث الرايح . ليتك رأيت أصابعها النحيفة ،و الفراشات الغارقة يف الزرقة ، كيف تبتهج بصوهتا احلنون ،لقد رأيتها متشي على املاء كالنسيم ،كصويت الذي نسيته عند بدااييت املؤجلة . هي ال حتب النوم ،رمبا كان ذلك وصية اجدادها الذين عاصروا نسور اجلبال ،لكنها كانت حتلم ،فاحللم ارث هذه اجملرة ،و كثريا ما تتذكر اجلدران اليت تصنعها االهنار النازلة من الشمال ، ألجل الصيف اجلاف ،تلك اجلدران بلوهنا البين املائل للسواد تشبه اىل ح ّد كبري وجه اغصاهنا يف زمن الشيخوخة املنهكة . 160
( الربكة اجلرحية )
قصيدة ثالثية االبعاد ( قصيدة متعددة االصوات ( بوليفونية تعبريية )*
املر يف كلمات غريبة ،ذلك ظل اان و مرآة شاحبة ،أنثر أمله ّ ّ النحيل الذي تدمي الصخور ركبتيه ،لقد اعتاد السري عليهما حنو الربكة اجلرحية .
يف الطريق تلقاه األعمدة احلجرية القدمية ،
مروا من هناك ،و ايضا عن االرواح اليت مألت حت ّدثه عن الذين ّ
أعماق الربكة ابلنداء و األغنيات الشجيّة ،و عن صندوقها تدون جراحها ، اخلشيب ،الذي خترجه كل مساء و حبربها االمحر ّ ما فعلته أيدي أبنائها الغالني .
لقد كان ذلك النحيل كثري االبتسام ،ال يهتّم كثريا للنزيف يتوسل عطف العامل الواسع اليومي من قلبه و ركبيه ،ال يريد أن ّ 161
تطل من تلك التلّة على و ال كلماته احلماسية .ليتك تراه و انت ّ
كذب العيون الباردة ،تقول يف نفسك :اي لشعره األشعث ،اي
لثيابه الرثة ،ايها القارئ اي أان ،مىت ترى جراح ركبتيه و قلبه اليائس ؟
البوليفونية ( ) polyphonicمصطلح ابتكره ابختني يف االدب ،اساسا ملعاجلة العمل الروائي استقاه من فن املوسيقى ، التعمق جند و اساسها تعدد االصوات املتجلية يف النص .عند ّ ان للبوليفونية بعدين يف النص ،بعد رؤيوي و بعد اسلويب ،البعد الرؤيوي يدعو اىل حترير النص من رؤية املؤلف و سلطته فتتعدد الرؤى و االفكار و االيدولوجيات و تطرح بشكل حر و حيادي ،اما البعد االسلويب فيتمثل بتعدد اساليب التعبري و الشخوص بل حىت االجناس االدبية يف النص الواحد . من الواضح ان الفهم البوليفوين للنص مياشي عصر العوملة و ما بعد احلداثة و الدعوة اىل احلرايت الواسعة و الدميقراطيات 162
الشعبية ،فيكون النص انعكاسا هلذا اجلو و الفكر السائد .و قد يعتقد ان االسلوب البوليفوين يتعارض مع التعبريية اليت تعكس الفهم العميق للمؤلف لالشياء و رؤيته املتميزة جتاه العامل ،وهذا ال يتناسب مع احليادية الرؤيوية و تعددها ،اال انه ميكن فهم الكتابة على مستويني مستوى بنائي و مستوى قصدي ،فتكون البوليفونية و تعدد االصوات و الرؤى يف مستوى البناء ،بينما تكون رؤية املؤلف اخلفية التعبريية يف مستوى القصد تتجسد بشكل عامل احيائي و رمزي لكلمات النص و بناءاته و رؤاه و اصواته املتعددة . هذا و من الظاهر ان البوليفونية حتتاج اىل حد ما اىل السرد ، وهذا يعين انه يف الشعر يكون من خصائص السردية التعبريية لقصيدة ما بعد احلداثة ،و ال تناسب كثريا الشعر التصويري للقصيدة احلرة .كما ان تعدد االصوات و الرؤى كما انه ميكن ان يتحقق بتعدد الشخوص و تعابريهم ،فانه ميكن ان يتحقق ابسلوب تداخل االصوات ،ابن تطرح رؤية الغري على لسان املتكلم او ان يعطى نعت يناسب رؤية االخر و ليس املتكلم . فمثال يف قصيد املوت و احلياة الطويلة للدكتور انور غين املوسوي مقطع جاء فيه 163
( ليس يل أال أن أحتضر .و ليس للحضارة الغالية أال أن تسأم كل قطرة صفراء يف احمليط .للشمس إشراقة جتعل الشجر قصائد ساكنة ال تعرف شيئا عن اخللود .هكذا تكذب احلضارة ، تتكاثر يف أوردة غادرهتا االجراس ،تتمدد شارعا قدميا ،أثلجه قلّة السائرين ).
بينما يكثر انور غين يف تلك القصيدة من وصف احلضارة ابمليتة و الغاربة جنده يصفها هنا ابلغالية ( و ليس للحضارة الغالية أال أن تسأم كل قطرة صفراء يف احمليط ). و ال ريب ان احلضارة ليست غالية عنده و امنا غالية عند االخر ،و هبذا جتلى صوت االخر و رؤيته بكالم املتكلم و تعبريه وها تداخل صويت مت بشخصية واحدة . مث يقول ( للشمس إشراقة جتعل الشجر قصائد ساكنة ال تعرف شيئا عن اخللود ).يف النظر النوعي الذي تتبناه كل ذات حيب االشراق و النور ،و امنا هذه نظرة من ال يرغب ابلنور و احلرية اي انه 164
صوت االخر اال انه جاء بلسان املؤلف ،و الذي يصرح بعد ذلك ان هذا القول هو قول احلضارة الكاذبة و مريديها ( هكذا تكذب احلضارة ) وهنا يف نص ( الربكة اجلرحية ) ايضا يستخدم التداخل الصويت يف عبارة (ما فعلته أيدي أبنائها الغالني ) .اذ ال ريب ان النظرة النوعية و منها نظرة املؤلف اىل هؤالء االبناء الذين جيرحون امهم عرب بصفة ( الغالني ) وهذا يعكس اهنم قساة و خطاؤون ،لكنه ّ
حتن على أوالدها رغم قسوهتم و خطأهم . نظرة الربكة األم اليت ّ و كذلك يف عبارة (ايها القارئ اي أان ،مىت ترى جراح ركبتيه و
قلبه اليائس ؟ ) فان الذات ال ترى نفسها هكذا و امنا هذا صوت االخر النوعي الذي يلوم ( اان ) املتكلم و القارئ ، جتل لرؤية االخر بلسان املتكلم وهذا تعدد صويت طرح فيكون ّ بشخصية واحدة فيكون تداخال صوتيا .
165
البين ) ( القنفذ ّ
لت ،مل البين ،لقد ذُ ِه َ حينما رآين أخذ يبتسم ،ذلك القنفذ ّ أتوقّع منه هكذا وضوح ،فاألشياء البنيّة عميقة . ضة ،قد ورثها من أجداده كان مسّاكاً ماهرا ،لديه شبكة من ف ّ كل ما يفعله ،أنه القدامى ،لكنّه أخربين أنّه ال ّ حيب السمك ،و ّ
ضة ،و يرميها اىل اجلانب اآلخر من النهر ، يصبغ األمساك ابلف ّ
حيب الشمس .لقد حيب الغروب و ّ حيث تغرب الشمس ،كان ّ أخربين أ ّن الشمس عند الغروب تصري قريبة من النهر ،فتلتقط
األمساك كما يفعل الدببة . لقد أدخلين بيته العامر ،كان جحراً ،اي له من جحر ابرد ، الرتاب ِ رطب ،له جريان ودودون ،و انعمون كأوراق الليمون ، 166
لقد أجلسين على طاولة قدمية مصنوعة من عظام اهلدهد ،كان جييد السحر ،إنه ساحر ماهر ،له زوجة و أطفال سحرة ،يف مين ،ألنين أرتدي ثياابً براقة ،قالوا يل كن بنيّاً البداية سخروا ّ حولوين اىل مسكة فّضية ذات جناحني رشيقني ، عميقا ،بعدها ّ مث رموا يب اىل الض ّفة األخرى ،حيث مغرب الشمس ،كنت مبتهجاً رغم أنين ال أحب السمك و ال الغروب .أجل لطاملا لكن مل خيطر ببايل يوما أين ُ حلمت أين أطري يف فضاء غريب ْ ، ضية للشمس . سأكون وجبة طعام ف ّ
167
كرنفال مشسي
قصيدة متعددة االصوات بوليفونية ،ثالثية االبعاد .
حارة مستعرة كأزهارها النارية .لطاملا ح ّدثتين عن هنا القلوب ّ روحها الذائبة يف عشق الظهرية السمراء و عن احلرية النضرة و هي متشط شعرها الناري و سط هتافات اجلماهري امللتهبة ،حىت متر الفتيات هناك يف جزيرة الشمس ّ هلن الفتة وصوت .حينما ّ من ركنهن امللتهب تعرف انك يف جزيرة الشمس .على بعد 168
امتار انرية من الطاولة امللتهبة اليت جنلس حوهلا كان هناك العب ماهر جذاب ،جييد اشعال احلرائق ،لذلك فهم يتهافتون عليه كاجلراد .اي حلبّهم الكبري للنار و احلياة احملروقة .الغريب وان مل اين رأيت لسانه و يديه مشدودة حببال خفية اىل يكن غريبا جدا ّ كوكب الثلج ،حيث جمموعات ثلجية ضخمة ليس هلم شغل سوى حتريك هذا الالعب احلارق و اشعال احلرائق هنا .لقد رأيت دماءهم الباردة و قهقهاهتم املنتشية كلما اشتعل حريق يف جزيرتنا الشمسية .فجأءة رأيت من حويل من الشمسيني يهرولون مسرعني فرحني ،و األطفال ينادون :مرحى مرحى ، لقد حان موعد اشعال جديد .
أصوات
أان فالح قدمي ،ال أرى صوريت اال على وجه املاء ،هناك يف ساقيتنا احلبيبة .لقد كانت صغرية بقدر حلمي الربيء ،حتدثين عن وجه آخر للشمس ،حينها كنت طفال أذوب يف ألوان 169
الفراشات ،و أعد اغصان الريح برفق .اي للصفاء الذي سرقوه ،لقد أخذوا غصن زيتونتنا الناعم ،صنعوا منه قذيفة و موات ،مث أخربوين أنين جمرم خطري أزرع الزيتون . أجل ،هكذا بال كلل سأر ّدد أغنيات الطيور ،انظر هل ترى يف حكاايهتا ومها؟ لن آبه لوجه العامل الوقح ،لقد مألوا الفضاء كذاب ،قالوا :لنا اقدام حناسية ،انظر هل ترى هناك شيئا غري اخلواء ؟ ،اي للمدنية العوراء . مىت ستتعلم البسيطة صوت الزهر؟ ها أان امسعه يردد :لن جتد حر ،أعشق رائحة الريح املوحشة مكاان يف مسامايت ،فأان طائر ّ
أحب أن تلفح مشس الظهرية وجهي ،رمبا ألن أيب الطني و ّ زرعين مع حبّة قمح يف بستاننا الصغري .
حب أمساء ّ
170
حنو شالالت تسبح بنشيد الفجر ،هناك عند تلة البسمة اليافعة أيت اشراقة اليانبيع ،كانت شجرة ،كانت هنرا ،كانت أغنية ،ر َ وضعت يدها الناعمة فوق رأسي متر وسط ترانيم النسيم ،حينما َ ّ تالشيت كالفراغ ،دومنا رجوع ،مبتهجا هكذا كحكاايت أطفال الصباح .ألسيت طيور السنونو تنشد للشمس يف حنينها االليف ،اليس ذلك اهلندي االمسر يعشق فيله احلنون ،الست ِ انت من جاء هبم اىل هنا ،اي حلظة الشروق .هذه الورود هنا و هناك ، أمساء حب حول بيتنا الصغري ،أترينها تتناثر مبتهجة هنا وهناك َ ،
و مجال.
171
الظالم هذا أان ،وسط الرمال خيال كسيح ،و صوت بال نكهة . أحبث يف حقلي عن كل نبتة مجيلة و مثرة اينعة ،ليس لشيء اال ألحرقها حبقدي الصحراوي و رغبة غريبة جاءت من بعيد ،هذا أان إرث حضارة عمياء أحبث عن احلقيقة ،ليس لشيء اال ألشوه عبريها و أدفنها حتت الرتاب .أطفايل ينتشرون كالنمل ، التل حيدثون عن السماء و يلبسون ثيااب بيضاء ،جيلسون فوق ّ تعريهم الريح ،ال جتد سوى العدل يف البسيطة ،و حينما ّ
مسوخاً و قلواب سوداء و أفواه تقطر ابلدماء .
ايها الظالم املرير لقد سرقت ورديت .يف بغداد إيد من عمى شم القلب اجلريح و يف صنعاء دماء تسيل .فاين أجد دار هت ّ السالم و جنات عدن و خبور .يدك القاسية جاءت من هناك ، من حبار من ثلج ،و قلوب من صخر ،و ابتسامات شاحبة . 172
لقد أجادوا الدموع الكاذبة و الكلمات املنمقة ،لقد أجادوا قتلي وسط الظهرية .سرقوا دمشق ،و ضعوا مجاهلا الفتّان يف بكل برود اىل سرب موحل .كل ذلك حقيبة عمياء ،و رموها ّ
حبجة انين ثور جمنح و ان برج اببل مزق طبقة االوزون و انين
سبب سقوط أثنا .
(العمياء ) لغة املرااي و النص الفسيفسائي البدلة العمياء ،القبعة العمياء ،النداءات العمياء تلتهم املكان ،تبين يف قلبه انشودة نصر سوداء ،لقد أسرت جداول قرييت ، مل يبق يف حلمها شيء من الرحيق .انظر اىل ذلك الوجه الكاحل ،اي للحضارة التعسة تتعثر بكل شيء ،يداها سائبتان حتطم كل شيء ،الشوارع خاوية ،كأهنا خريف قدمي .ليتها تعي شيئا ، هذه احلضارة العمياء ،ليتها تتعلم أغنية أخرى ،العمى أيسر املكان ال يدع للبالبل صوات .لقد زرعت يف حديقيت كل شوكة و 173
كل أمل فضيع ،لقد أهدتين حكاايت مرة ،أخربتين أين سفر مؤجل ،و أن الدفء شيء من السراب .اي للحضارة العمياء .
·
لغة املرااي و النص الفسيفسائي
عنصر املشاهدة الواحد امامنا ،اذا اختلفت زاوية الرؤية اليه اختلف شكله ،هكذا هي املعاين و االحاسيس ،و لو اعتربان األلفظ نواقل للمعىن و االحساس ،و ان للتعبري زوااي ،فان طرح الفكرة ذاهتا برتاكيب لفظية خمتلفة ميكن من القول اننا نظران للشيء الواحد من زوااي متعددة ،و من هذه احليثية ميكن وصف النص ابنه متعدد الزوااي ،اال انه لو نظران اىل الرتاكيب فيما بينها فاان سنراها تركيبة فسيفسائية يكون كل تركيب بشكل مرآة لذاك
174
ميكن وصف هذه اللغة بلغة املرااي و وصف النص ابلنص الفسيفسائي . ماذا تعين لغة املرااي كتعبري لغة املرااي تعبري مغاير للمألوف يف اللغة وعند اهلها ،حيث ان الراسخ يف اللغة و عند مستعمليها ان لكل نقطة معنوية تعبري لفظي واحد هو االكثر تشخيصا و تعبريا عنها ،ما تفعله لغة املرااي هو االنطالق من معىن واحد و بوحدات لفظية متعددة ، مبعىن اخر ان نص املرااي او الفسيفسائي يعين وحدة املعىن و تعدد اللفظ خبالف النص املفتوح الذي يكون بوحدة اللفظ و تعدد املعىن ،فيكون لدينا يف النص الفسيفسائي تناص داخل النص ،اي تناص بني وحدات النص نفسه و ليس بني نصوص خمتلفة . فائدة لغة املرااي جتل اكرب للفكرة و املعىن حتقق لغة املرااي و النص الفيسفسائي ّ املقصود كما انه يرسخه و يعمقه يف نفس املتلقي .الفائدة الثانية
175
ان تعدد صور الفكرة حيقق احلركة ،لذلك يكون النص حركيا بدل سكونه وهي بذلك تشابه املستقبلية يف الرسم . خماطر لغة املرااي نتيجة لتقليب الفكرة و طرحها يف اكثر من صورة ال بد من توفري عناصر االدهاش االقناع و االضافة ،و اال اصبح يف النص زايدات و ترهالت ،طبعا ميكن التغلب على ذلك بتنويع االسلوب ودرجة الرمزية و االنسيابية و ارجاع الوحدات الكالمية اىل نقطة واحدة ليكون يف الرتكيب املغاير اضافة . فسسيفسائية نص ( العمياء ) ولغة املرااي فيه يف نص ( العمياء ) املتقدم ميكن متييز اربع وحدات تركيبية فقراتية -1البدلة العمياء ،القبعة العمياء ،النداءات العمياء تلتهم املكان ،تبين يف قلبه انشودة نصر سوداء ،قد أسرت جداول قرييت ،مل يبق يف حلمها شيء من الرحيق .
176
-2انظر اىل ذلك الوجه الكاحل ،اي حلضارهتا التعسة تتعثر بكل شيء ،يداها سائبتان حتطم كل شيء مجيل ،الشوارع خاوية ،كأهنا خريف قدمي . -3ليتها تعي شيئا هذه احلضارة العمياء ،ليتها تتعلم اغنية اخرى ،العمى أيسر املكان ال يدع للبالبل صوات . -4لقد زرعت يف حديقيت كل شوكة و كل امل فضيع ،لقد اهدتين حكاايت مرة ،اخربتين اين سفر مؤجل ،وان الدفء شيء من السراب .اي للحضارة العمياء .
لو الحظنا فان كل واحدة من هذه الفقرات او الوحدات الكالمية الرتكيبية املتقدمة تشري اىل فكرة واحدة و تنطلق من فكرة واحدة ،وهو ذم احلضارة املعاصرة و حالتها التعسة و ااثرها السيئة ،فلدينا تراكيب كالمية خمتلفة منطلقة من نقطة معنوية و فكرية واحدة ،اهنا تعمل على التأكيد و الرتسيخ ،و بذلك تتجلى الفكرة و تتجذر عميقا يف النفس ،كما ان الرتاكيب تلك ستكون بشكل مرااي خمتلفة لشيء واحدة ،و تكون وحدات 177
تناص فيما بينها فيتحقق التناص يف داخل النص الواحد ،كما ان النظر اىل النص من خارج سيتحقق النص الفسيفسائي املرآيت .
الرمال نص جتريدي
حينما عدت اىل يدي الناعسة و جدهتا حقوال برية تبحر يف تلوح للوهج القامت .اي للفجيعة اهلدوء كفراشات الربيع .كانت ّ
بعيين هاتني وهي تذوب يف طرقات بال ،لقد رأيتها ّ عيين بال رمحة .هكذا تذوب كنجمة نكهة .كانت تذوب أمام ّ 178
مسراء بلّلها املطر .اآلن بدأت أعرف كم هو ٍ قاس وجهك الودود ذو االبتسامة العريضة . ط أيتها األايم الشاحبة ،وجهك الباسم ينسل من بني يدي كق ّ ّ ثقيل ،اي ألوراقه املتساقطة يف عمى أيسر املكان .أان ال أنكر هبجة األعياد اهلندية و ألواهنا الفرحة .أان ال أنكر عمق ًمن
صنع مصريه بيده .أان فقط أريد أن أقول شيئا :ما هكذا رأيت
الرايح احلنونة وهي حتملين حنو رمال بنيّة .حينها كنت طفالً
أغرق يف النسيم .
سأعود مع العصافري أع ّد اشجار اخلريف ،ليتك تتذكر عطرها الندي ،و تلك الرمال ،ليتك تعلم ا ّن قلب اخلريف من رمل ، و أنه بساط سحري يعشق القمر .أتراك جتيد السري على ركيتني عاريتني ؟ أتراك جتيد لفظ االمساء الباسلة ؟ أمل تعلم أنين هنا منذ عصور ،منذ أن التقيت بك يف مرآة صدئة .اي للضوء الرباق ،اي للنقاء الذي حتدثين عنها اجلنيات الطيبة .
179
التمر العظيم
كان الوقت فجرا – أنت تعرف يف الفجر يكون للنخل طعم آخر
مر للسراب . -حينها مل أميّز ألوان السعف عن وجه ّ
كانت السماء متطر ،املطر هنا يف مدينيت فقد عذريته ،ما عاد جذااب ،لقد أضاع بدلته اليت اشرتيتها له قبل الغروب .أنظر اىل يدي اهنا فارغة ،لقد وضعوا املطر يف سالل قاسية و أخذوه اىل هناك ،بعيدا عنا .أنظر اىل النخل ،هناك ما عاد بلونه الفتّان ، حتب التمر ،من منّا ال حيبه ،حنن حتب النخل مثلي ،و ّ أظنك ّ أبناء التمر ،اليوم أصبحنا حفاة ،حينما نتسامر خيربين صديقي يقول :كانت أمي حتكي لنا عن شيء امسه التمر ،يقال أنه أكرب من الشمس له عيون عسلية ،كان جيلس يف حدائقنا و يبتسم ، ليس الغريب انه جيلس هناك وهو بذلك احلجم العظيم ،الغريب ألمي العظيمة . أ ّن أمي تقول أهنا كانت حتمله بني يديها ،اي ّ
180
العيد املسكني
دوما جيلس هناك ،على ذلك الغصن ابلذات ،ذلك العيد ذو الساقني الطويلتني .له حذاء قدمي يذكرين ابلعصور الغابرة ، مسكني ذلك العيد ،مل يعد جييد االبتسام ،لقد رحل فمه مع الطيور ،حىت لونه الصاخب ،الذي مييل اىل ألوان قوس قزح قد أكلته األشواك ،و بنت شجرياهتا الصخرية على وجنتيه قالعها الشاهقة .اي ترى كيف يل بعد اليوم أن أرى عينيه العسليتني ؟ حينما أنظر اىل أوالده بثياهبم الرثة و مركبته الصدئة ،أعلم انّه ما عاد قادرا على دفع اجيار شقته املتهالكة يف مبين األرواح املتعبة .
181
الكأس
سأعود يوما ،أمشي فوق بساط البهجة كأروع حكاية للنجوم
البعيدة ،أطل من مر ٍ كبة براقة كلون الريح ،يف يدي مرااي ابمسة ّ و حديقة غنّاء .أال ترى ضحكات العنرب أتسر قلوب العاشقني
؟ أان أرى ذلك بوضوح .سأعود حتما ،و لوطين وجه ِ نضر بسام ،وللفرات عينان كحليتان و ثياب زاهية كاليت يرتديها ّ عريس هندي .أال تسمع الكرنفاالت اليت تسبح يف مياهه الصاخبة ؟ أان أمسع ذلك بقوة ،و أحس هبا قريبة مين ،أقرب من حرويف هذه .أجل سأعود ،و لشعيب أماس مضيئة و
هنارات رقيقة كحبات العنب ،لن جتد حينها أثراً هلذا الرماد ،وال املرة و القلوب احلجرية ،لقد ذهبت كلها تبحث هلذه الظالل ّ عن زوااي مظلمة تتنفس فيها بداايت غروهبا املفرح .حينها ،ال 182
شيء سوى حكاايت الضوء البهيجة ،أال ترى الشمس عذبة كالنسيم ،جتلس كل يوم عند بداية ذلك الزقاق ؟ كان الوقت عصرا ،غريب أنك ال ترى ذلك ؟ أان ال أقول هذا ألنين واهم كبري ،أان أقول ذلك ألنين أراه ،أجل أان أراه بقوة ،ألننا شعب مظلوم ،شرب من كأس الصرب كثريا .
املدينة قصيدة بوليفونية
املدينة كائن غريب ،كقبعات الصينيني القدامى تغطّي كل شيء الربي ،ال أتيت على شيء اال التهمته ،حىت ،اهنا ذلك اجلراد ّ حليب اطفالنا و ابتساماهتم اليافعة ،هل تراها ابقت شيئا ؟ لقد جعلت من زهرة اخلليج امساكا وردية ميتة .اهنا أيجوج و مأجوج تلف كحل ،لقد رأيتها تشرب ماء البحر يف حلظة آسرة ّ . 183
مر ،تضعه يف فوهة مدفع فرح ،و تصوبه حنو البوادي بورق ّ قلب صنعاء و بغداد . املدينة قاسية ،كأشواك اشجار ايبسة ،ال ساحل هلا و ال ازهار ، قلبها احلديدي حنيف كشجرة املوز لكنه من ساللة افاعي الغاابت السوداء ،أتيت على حلم االنسان فتشقه نصيفني ط يف النوم و تستشهد ،فال يظل له نكهة ،مث تدعى اهنا كانت تغ ّ بشخري ازيل ليمامات الغروب . ليتين مل اعرفها و مل تعرفين .لقد مألت قليب قيحا .
العامل املرائي االنسان دمعة فرح و جنني نور هلذه األرض .سقط من أعلي اجلبال يف ليلة مقمرة ليكون زهرة يف ساحة هذا الكون الفسيح . رمبا عيونك ال ترى ذلك .و رمبا ال ترى ايضا ا ّن اقنعة صحاريك من ثلج ،و ان ابتساماهتا الكاذبة ميتة .ايها العامل املرائي .انظر اىل سواقي آالمنا و أحالمنا ،اهنا تنهل من تلك الواحة اليت ال تعرف بقاايك عنها شيئا . 184
جلست فيها حتت تلك الشجرة ، علمت منذ اللحظة اليت لقد ُ ُ أيت كيف ا ّن السماء انشدت هنرا و منذ تلك اللحظة اليت ر ُ هضبة .أجل لقد علمت منذ تلك اللحظة ا ّن ظاللك ال جتيد عزفا ،و ا ّن لسانك كثبان رمل . يكي فنا هذه السالل النقية ،يكفينا اان جنيد حكاايت الضوء ، كوة تطل على وجه براق و اان نتنفس العشق بعمق ،و اان منتلك ّ لغاابت األرز .و انت جتلس يف زاويتك املظلمة يف وهم ابهت
تلوح لزورق ،و مرآة ،و ما ال طعم له و ال رائحة ّ . تظن انك ّ
يف أرضك سوى الطحلب و ال يف جبينك سوى العتمة .كم انت واهم و مسكني ايها العامل املرائي .
185
( النساء )
الطرقات ذات القشور امللساء قد بعثرت أزهاري األرجوانية هنا و هناك .هكذا وجدته حي ّدث نفسه ،ذلك الغصن الذي قد التهم اليباس قلبه احلجري .لقد جلست حتت ظله أعد حقول الوهم اليت سرقت سنني عمر حاملة مكبلة أبسوار الضباب . لقد كان حنوان فرغم يباسه املرير فقد تساقطت اوراقه فوق رأسي كثلوج أعياد امليالد ،لقد حدثين عن تلك السجون اليت تعصر قلب الفتاة اللماع .قال يل هكذا تركت النساء يف قريتنا حيملن على رؤوسهن غربة االايم و مياه البئر امللونة دومنا كلمة شكر . الشيء الغريب انين ال زلت امتلك قدمني ابسلتني و ال زلت أرى كلمات ذوي الثياب الرباقة ،و جتار اجلسد ختفق كالزبد العايل .اهنم يقولون ان العفة لوح مظلم و كهف قدمي ،لكنك ترى ،اهنا الوجه املبثوث يف عمق اخلليقة و الساكن يف قلب حبريات النور اليت نزلت يف سالل وردية ذات صباح .انك ترى 186
بوضوح اهنا تعرف ،و لديها عني واسعة ،اهنم يريدوهنا ثيااب براقة لقلب رخيص .لكنها تعلم اهنا اغلى من ذلك و اهنا ليست جمرد صوت و ال جمرد صخرة على الطريق
.نعم اان
مثلك أرى الوهم يف أفواه سرقت و حرفت االرث النقي . يقصرون حلم املرأة ابسم السماء و ما يف جيبوهم سوى اخلواء .لكين مسعت النور انه بريء من كل هذا ،ليتك تصغي يوما انه صوت صادق و حنون . هكذا اسري وسط حقول الزمرد املتحجرة ،لقد ملئ قليب حزان اكف عن ،مىت استطيع ان اشم نسيم اجملرة هبدوء ،و ان ّ الوقوف فوق تلة اخليبات .لقد سئمت صوت البعد ،ال بد من ابواب تبصر ،ألرى التاج فوق رأس امرأة و أرى حكماء البسيطة يتعلمون من عاملة عصرهم طرق احلقيقة و السالم .
187
الينابيع السرية ( الرمزية التعبريية)*
ألو َن رموش أحب القراءة و أجد املتعة يف أن ّ منذ الطفولة واان ّ أظن أنين قارئ ابرع ،أعرف ما الشمس بلون ساحر .كنت ّ
ختفي النجوم و الكائنات الضوئية اليت تقطن الكواكب البعيدة .
كنت أذوب يف صفحات الفجر البامسة ،أضع أهنار املساء يف سلّة كبرية أوسع من البحر الذي رأيناها ذان يوم .إنين ممنت ل ذلك فعال ،فللبحار أنشودة مبهرة ،أجلس عند ابهبا كسمكة بدأت أشعر بعبق ينابيعها يتخلّل مل تتناول افطارها بعد .هكذا ُ مسامايت و ينفذ عميقا يف ذاكريت ،عيناها تزداد ملعاان مع كل فراشة أعثر عليها يف احلقول اهلادئة .اي لروعة الفراشات املسكونة ابلثلج ،ترسم يل طرقاً أجتول فيها شبحاً منسياً .أان أرى ضوءها اخلافت و ينابيعها السرية ،هناك يف مكاهنا الغريب 188
.كانت بشرهتا فضيّة و طريّة كوجه القمر ،لقد قطعت يل وعداً أن تريين بواابهتا الناعسة ،لطاملا حدثتين عن النقاء الغريب ،
متر لكن كما ترى أان اآلن أجلس وسط الظالل أع ّد صورها اليت ّ عيين يف عامل فسيح من السراب .أجل أان هنا يف هذا أمام ّ اجلسد الصخري ال أقوى على احلراك ،كم أشعر ابلعجز ، شيء خمجل فعال ،مىت أعثر على جناح و ضوء ،مىت أجد النقاء الذي حدثتين عنها.
*الرمزية التعبريي هي الكتابة بطريقة املدرسة التعبريية ،ابن ينطلق كل شيء يف النص من داخل املؤلف و بواطنه و تصوراته . التعبريات و الرؤى و شكل العامل و حمور الكالم كلها يتمركز على ما يف داخل املؤلف فال يرى القارء االشياء اال وفق ما يراه املؤلف ،ان التعبريية ابتداع جديد لالشياء اهنا طرح خالق و اضافة متميزة بفهم خاص و شكل خاص و صور واوضاع 189
وعالقات خاص ومبتكرة بني االشياء ،ان الفردية الطاغية على الرؤية جتعل اجلو العام يف عامل كامل من االنزايح و اجملاز و الرمزية لذلك يكون من اجليد ان تتسم الكتابة التعبريية ابلوضوح و التداولية الهنا من دوهنما ستنتج النص املنغلق بسبب رمزيتها العالية .
( ٍ أيد عالية ) 190
ٍ أيد تصافح املوت ،تقبّل الرمال ،تصفع وجه الظلمة ـ لينام طفل و حتلم فتاة
تقليلية
حلم القصيدة
191
-ميتاشعر
من هناك ،من الينابيع السرية للكون ،سني ليقي اونيين راى كل شيء ،و رات معه القصيدة شجرة الالزورد ،وهي ترفع راسها لرتى هباء جلجامش. و حنو االمل احلبيب ،و ابواب اجلنون جلس قيس عند تلك الصخرة الندية ،يسال ظبيات القاع عن لياله ،يف حلم للقصيدة. مث تعالت يداه ،ختطان على وجه الزمن حكاية عنفوان ،اخليل و الليل تعرفه ،و تلك البيداء املورقة ،لقد كان هلا يف حلم ايب الطيب حسنا بغري تطرية ،حبرف نفيس غريب. ومن سرير املطر اطل بويب ،يرسم على وجه القصيدة حكاية الفضاء الرحب ،فرتبعت يد السياب املنهكة حرية اللغة ،و صوهتا الباهر. اجل لقد صدمت و ذهلت و سقطت اىل االرض مغشيا عليها ، حينما انثال رامبو يف هذايانت ،و حقائق ابدية .مث جلست 192
سلحفاهتا املغامرة وسط الطريق حتلم ابلكوخ الصغريالذي راه رسل ادسن يف الغابة. رمبا رايتها تغفو عند طوفان احلضارة الغاربة ،يف حكاايت املوت واحلياة ،هناك عند الشجرة الصامتة و القنفذ البين حلمت بوجه كما النسيم .
( حياة ) لغة جتريدية *
حياة هادئة
ذلك النهر رقيق كتفاحة ،تعيش حتت جناحيه املدينة هبدوء ،و ترتاقص اإلوزات فوق مائه كأغنيات الشمس .طيور احلقل 193
تستحم فوق مراجيحه بكل هبجة .أوراق الشجر أبلواهنا الزاهية ّ الندي متأل املكان أبغنيات صباحية قد بللها النسيم .كم ّ
الظل يهب الربكة أدهشين اهلواء الف ّ ضي ،كان يتنقل بني أنفاس ّ أحالما بطعم اللؤلؤ .
حياة صاخبة يئن كعصفورة صفراء أهنكها املطر .حيكي أملا ّبراقاً ذا الصدى ّ عينني واسعتني ختجل من نشيجهما غيوم مساء ابكية .لقد محل املر .هنا فوق إيل شهقة خريفيّة معبأة ابملوت و احلنني ،اي للحنني ّ ّ هذا النبض و يف مياه شرايينه البنفسجية تكون الوعود .هنا حتت
هذه اخليمة القاصية حكاايت عظيمة للرمال .
اللغة التجريدية تعتمد على وظيفة نقل االحساس ( الداللة الشعورية للكالم ) أكثر من احلكاية و نقل املعىن ( ،الداللة املعنوية ) املعروفة.
194
زقزقة العصافري
سأغفو قليال ،فلقد أهدتين زقزقة العصافري انشودة الفجر اليانعة . أحب السفر كثريا ،بل ال أحبّه أان أحب زقزقة العصافري ،أان ال ّ اطالقا .و اجلزر اليت حدثتين عنها جنوم الربية ما عادت تتألأل عيين لرؤيتها .فلقد ملئ قليب حزان . سأخرج مع الطيور املبللة بقطرات الندى اىل احلقل ابكرا ،امجع مر ، حكاايت الظل ،و ما نسيته الفراشات ،فالشتاء شهر ّ حيصد آخر حبة ا ّدخرهتا جديت لتدفّئ هبا االايم .
195
شط شعرها السعادة ،خلف احالم خمملية ،و هناك فراشات مت ّ اضواء خافتة ،هناك خلف السفر احلبيب تنتظرين بداييت املؤجلة .
( عصري صيفي ) قصيدة بوليفونية متعددة األصوات
مرة وطين يقف هناك حاسر الرأس كعصري صيفي ،وسط أرض ّ يزرع قمحا وصمتاً .يداه متعبتان ،أان أمسع صوته بوضوح ينشد وقربات احلقل أ ّن هنا عشبة و ماء .لكنك كما ترى ما للربيع ّ
من عشبة و ال ماء .العيون العظيمة ذات الرموش الطويلة كلها قد اصطفت كفرقة موسيقية ،أبفواه جذابة حبجم السنني الزاهية
،مل تبق من جسده أثراً ،اي لوطين املسكني. 196
الظل خانته أعواد اخلشب ،و حينما نظر اىل حينما اتّكأ على ّ وجهه يف النهر ،غطّى مياهه جبلباب خشن كليلة شتاء ابردة . حىت الطيور راحت تبتعد حاملة حقائبها على ظهرها فرحة كتالميذ ذاهبني اىل املدرسة .اي للغرابة ترتك غيوم القمح و تتساقط كفراشات حاملة بني يدي أرض تصنع من ريشها وسادة . شى مزهوا فوق عجبا هلذا العامل كيف أتقن سرقة دمي ،يتم ّ خشبة املسرح على أربعة أرجل ،ينادى بصوت جهوري رائع أ ّن العدل كوكب انعس وأ ّن
احلرية لوحة فريدة ملقاتل قدمي .
ضة يف زواايها دموع الريح و أطفال خيربين أ ّن املساء حكاية غ ّ من ثلج .هكذا أقتل بربود ،رأسي حتت الرمل كنعامة الصيادين مرة مدهوشا السمر .أقف هناك كعصري صيفي وسط أرض ّ لرباعة اجلميع .
( عمق ) نص فسيفسائي جتريدي 197
ٍ عاصف ال يصلين منه سوى اهلمس ، السكون جفن انعس هلواء كضجيج الشمس وصوت هليبها ،ال يصلين منه سوى نسمة ضوء ،اال تشعر بذلك ؟ رحلت كمركبة غريبة حنو العمق ،حنو مرآة أرتين عاملا براقا لقد ُ جلنيات الربيع و فراشاته انعسة اجلفون ،كل هذا ما كان ليكون لوال صخب رهيب يرتبع أغصان حكااييت الباردة . أنظر ايل ،أان أقف هناك كطائر قطيب ،ال أنتظر شيئا ،فلقد الندي اهدتين الرمال العاصفة وردة محراء ابمسة ،لقد مأل عبقها ّ مسامايت و زوااي روحي املسافرة .انظر ايل يدي ،اهنا حتتفل ، أان واثق انك تشعر بذلك . هامش الفسسيفسائية ترتكز على الرتادف التعبريي ،اي جمموعة تعابري يف نص واحد متميز عن بعضها اال اهنا تنطلق من فكرة حمورية و تشابه تعبريي كبري ،حمققة حالة تشبه الرتادف اللظي و تكون تعابري النص و مجله و فقراته 198
بشكل مرااي متجاورة تعكس
صورة عميقة و فكرة موحدة ،و تكون التعابري متجهة حنو تلك الفكرة و القضية و الصورة العميقة املوحدة كما تتجه ازهار الشمس حنوها يف كل حني . و التجريدية ترتكز على استعمال اللغة و االلفاظ بشكل تعبريي غري معهود ،اي ليس ألجل نقل املعىن و توصيل الفكرة و احلكاية ،و امنا لنقل االحساس و الشعور ،و جعل املشاعر و االحاسيس هي ما يتجلى اباللفظ و ليس املعاين و املغزى ، كتكون االلفاظ و اجلمل كالوان اجملردة من دون تشكل حماكايت اي بشكل الوان يف لوحة جتريدية تعتمد يف اتثريها على االحساس و الشعور و ليس احملاكاة و املعىن .ال مشكلة أبدا يف ان تصبح االفاظ و اجلمل هبذا املستوى من التجريد ،و لقد جنحت جتارب عاملية و جتارب يل خاصة يف ذلك . هنا جتربة جديدة و معقدة ،وهي كيف ميكن حتقيق نص جتريد و االفاظ ال حتكي و ال تبني و امنا تنقل االحساس ،و يف ذات الوقت يكون فسيفسائيا ،وهو نص يعتمد على الرتادف التعبريي .و اجلواب ميكن تبينه من خالل حقيقة
ان الرتادف
الفسيفسائي غري منحصر يف الرتادف املعنوي و الفكري و 199
احلكائي ،كما ان التعبري األدب ال ينحصر بذلك بل لدينا التعبري التجريدي و الذي حيقق نظاما تعبرياي شعوالاي احساسيا كما حتقق اللغة احلكائية نظاما تعبرياي معنواي حكائيا .و كما ان الرتادف الفسيفسائي يكون بني التعبري املعربة عن فكرة و حكاية واحدة يف الرتادف املعنوي فاهنا تكون معربة عن احساس و شعور واحد يف الرتادف التجريدي ،فتكون لغة املرااي هنا مرااي الحساس و شعور واحدة يتجسد يف التعابري و يتجلى يف املرااي . لو الحظنا النص اعاله ( عمق ) جند ان كل فقرة تنقل و جتسد احساسا و شعورا واضحا و جند ايضا ان االحاسيس و املشاعر اليت تتجسد يف الفقرات متقاربة و تنمتمي اىل جمال احساسي واحد .ان الفسيفسائية التجريدية تبني و بشكل صريح انه كما ان هناك حقوال داللية و معنوية يف اللغة فان فيها حقوال شعورية و احساسية .كما اننا سنكون امام وحدة نصية و ايقاعية و تناغمية جديدة و عميقة هي الوحدة االحساسية الشعورية كما هو ظاهر يف النص اعاله .
200
قصائد تقليلية
(الطيور) روح الطيور انعمة هلا صوت بطعم البهارات اهلندية لكنها يف تغرد. الصياح تُلِبس الفجر ثوبه و أتتينا كمالئكة ّ َ
(اخلريف) عيين عصفورا .اخلريف عظيم الرمال حتتفل يف اخلريف تصنع من ّ
رمادي جدا هنا النه يشبه روح االنسان ّ ،
201
* (االعياد) االعياد شجرة لوز تلعب يف احلقل مع الفراشات ،تتطاير خب ّفة كأم. أحس أهنا تضمه ّ مع النسيم .حينما تنحين على طفل ّ أين هي اآلن ؟
* (جندي) لقد عاد اجلنود،.يف خوذاهتم أحالم الصبااي .األهازيج حتصد ارواحهم .ابتسمي ايتها الثلوج ،فاان جندي فتكت به روحك القاسية * مر ) ( عشب ّ
202
املر .األبرايء حتصدهم النريان عاملنا غريب ،نعشق فيها العشب ّ .عرس بغداد صار دموعا و جنة عدن يباب . * ( وقفة ) سأقف هناك وحيدا ،أعلن الرباءة من مرااي الوحل ،و حينما تسمع يب األفاعى ،حينها أكون قد أكملت شرفيت اجلميلة و صرت ذاكرة قاتلة.
قصيدة من كلمة واحدة
جتريد
203
............ هامش بقلم د أنور غين املوسوي
مع كون هكذا قصيدة ( أي قصيدة الكلمة الواحدة ) من النص املفتوح بال شك فانه ميكن رد قصيدة الكلمة الواحدة اىل اللغة التجريدية واليت تعتمد على نقل االحساس والشعور والتجربة االنسانية ابأللفاظ بدل االعتماد على الدالالت واملعاين واالفادة الكالمية .وعلى كل حال ميكن السؤال ما الفرق بني نص متكون من ست كلمات يولد زمخا دالليا وفكراي وشعوراي معينا وقصيدة متكونة من كلمة واحدة تتجاوز يف زمخها الرمزي والفكري والشعوري ما كان لذلك النص املكون من ست كلمات (.أنور املوسوي . )2015 يف الويكيبيداي ا ّن آرام سوراين ) (Aram Saroyan الشاعر و الروائي االمريكي املولود سنة 1943قد ارتبط امسه ابعماله التقليلية الكاملة ،و عمله الشهري قصيدة الكلمة 204
الواحدة
يف ، 1965و ايضا قصيدة
( ) lighght
احلرف الواحدة حبرف ( ) mاملكتوب ابربعة ارجل .و اليت دخلت يف مقياس غيتيش
كأقصر قصيدة يف العامل
( . ) Wikipedia تقول اين دايل يف خريف ، 1965كتب شاعر عمره 22عاما امسه ارام سوراين سبعة حروف لتكون اكثر قصيدة مثرية للجدل عرب التأريخ .ان كلمة ( ) lighghtابخلطأ امالئيا امنا هي عنصر مشاهدة و ليس قراءة ،فال توجد عملية قراءة هنا ( . ) Ian Daly 200 ا قول ان فكرة التقليلية الكاملة حىت تصل احلرف الواحدة حمققة لغاايت التقليلية و منتهاها بال شك ،اال ان جتميع حروف او حرف من دون االحالة على معىن او احساس منقول و عدم االعتماد على الوظيفة اللغوية للفظة فاهنا خترج عن كوهنا عمال ادبيا ،و تصبح شيئا بصراي لوحة او حنو ذلك .مبعىن آخر ان ارام سورايم مل يكتب قصيدة و امنا عمال بصراي سواء يف عمله ) ) lighghtاو احلرف ) ) mابالربعة ارجل .و مثل ذلك ما كان من تلوين و تغيري اشكال احلروف او وضع الكلمة 205
وسط لوحة او رسم كلها لوحات و ليست قصائد الهنا ليست أداب فاالدب حييل على معىن و احساس منقول و هذا خبالف تلك االعمال فاهنا تبدع و توجد االحساس و ال تنقله و تعتمد على امور بصرية و ليس وظيفة اللغة . ان العمل اللغوي مهما بلغ من التجريد فانه بنقل اىل القارئ االحساس املرتبط ابللغة و الرتاكمات و التجربة االنسانية املرتبطة ابلكلمات .بل ال بد من ان تنقل الكلمة االحساس و التجربة االنسانية ،مبعىن آخر ال ميكن ان تكون الكلمة قصيدة اال ان تكون ذات معىن ومعتمدة على الوظيفة اللغوية و ليس شيء آخر من العوامل البصرية .و خري مثال على قصيدة الكلمة الواحدة هي قصيدة ديفد آر سالفت David R ) ( ) Slavittبال ّأم) . One word poem David R Slavitt Motherless
206
يف تعليق ملنشور الكادميية الشعر االمرييكة
(
(
Academy of American Poets على قصيدة ديفيد سالفت هذه تبني الزخم الشعوري و الداليل لكلمة ( بال ّأم) (( ان فقدان االم امر صعب ومأساوي،
ورمبا ان هذه الكلمة هي اكثر الكلمات حزان وتعاسة لدى الشاعر واراد ان ينقل االحاسيس هبا اىل القارئpoets ( .
. ) orgمن هنا يكون ظاهرا اعتبار اعتماد وظيفة اللفظة اللغوي يف حتقيق ادبية الكلمة و حتقيق نظام القصيدة لكي يصح ان توصف اهنا قصيدة من كلمة واحدة .
قصائد من كلمة واحدة 00000000000000000 207
كن
000000000000000000
جتريد
000000000000000000
نثروشعر
0000000000000000000000 أوروك 208
00000000000000000000000
حلظة
0000000000000000000
صوت
000000000000000000
جتل ٍّ
209
000000000000000
نصوص تقليلية يف العيد
)(1 لقد رايته يف ثياب رثة ،ذلك العيد الذي سرقوا ابتسامته. )(2 210
تصافحين يد العيد ،اي لربودهتا الشاحبة ،لقد مهس يف أذين : أال
ترى
يراق
دمي
يف
الساقية
؟
)(3 كنت اعد النجوم كحامل اسطوري ،انتظر وجه العيد ،و حينما أتى ادهشتين مرارة بكائه ،ليتك كنت حاضرا فداحة أمله ،كان أسري
املأجورة.
اخلفافيش
)(4 لقد اجلسوه يف بركة مظلمة ،مع الطحالب الرخيصة ،لكي اراه ال بد أن امر يف ذلك النفق املعتم ،مسكني هو العيد يف بلدي.
هايكو جتريدي
211
-1النص االول
الشجرة يف ضياع تسري بقدم واحدة ابتسامات احلروب
-2النص الثاين جراحي زهور دمعة جذابة للربيع انياب احلضارة
* اهلايكو معروف شكال و مضموان ،وهو من اقدم الكتاابت التقليلية ،بتكونه من سبعة عشر مقطعا ابلياابنية يف ثالث سطور
212
( مخسة ،سبعة ،مخسة) و أبلفاظ بسيطة و مأخوذة من الطبيعة تعبريا عن مشاعر عميقة .و من الواضح ان هكذا قصيدة منوذجية متعذرة عربيا الختالف طبيعة اللغة ،لذلك ميكن احملافظة على ثالثة اسطر قصرية مع كون السطر الوسط اطوهلا ، و اعتماد تصوير شعري مكثف و تقليلي . * التجريدية يف التعبري و اللغة هو استعما اللغة يف نقل االحساس و الشعور و ليس احلكاية ،فتتخلى االلفاظ عن وظيفة نقل املعىن اىل نقل االحساس املصاحب له كمركز للتعبري ،فريى القارئ االحاسيس و املشاعر املنقولة اكثر مما يرى املعاين .
213
( وجدانيات ) * لغة تقليلية ()1 ( الدفء ) احلياة فارغة من دون حرارة قلب ،فاذا علّمك أهلك الربود ،فتعلم أنت الدفء .
()2 ( القصيدة ) هتزك القصيدة ،فاعلم أنك أمام ورقة ميتة ،وال تصدق ما أذا مل ّ
يقال عنها . ()3
214
( غربة) يئن ،و صوت حبجم الصباح ،لعدت اىل غربيت لوال قلب ّ استنشق ما تبقى من الرحيق .
()4 ( سر ) لقد عربت حبور الصوت بقارب من ريح ،تطلعت اىل احلقل ساعة انشاده أغنياته ، حينها صافحتين ارواح ال اح ّدث هبا ،كم اان ممنت لذلك. ()5 (عجز ) مزدمحة هي شالالت الصيف ،اهلمت اضلعي خفقة ال تنسى ،رطمت راسي أبحجارها ،انين اشعر ابلعجز ،ملاذا ريح الصبا اكثر وداعة و سلما ؟ 215
()6 ( العيد املهاجر)
اهلم ننتظرك . حنن هنا جنلس حتت غيوم ّ لقد مللنا الشرب من اهنار احلزن . هنا شعب مهجور . اتوسل اليك ،كفاك هجرا . اان ّ ()7 ( حزن ) كيف يل ان افرح بك ،و دمائي متأل السواقي كشالالت اسطورية لقد جتلببت ثوب احلزن ،منذ ان رأيت عيون بلدي ابكية .
216
()8 (فسيفسائية ) وجد صواتً ،فصار هنرا . وجد ضوء ،فصار زهرة . وجد أمالً ،فصار حكاية .
( وهم ) أرض اجدادان الغوايل تلة كبرية جتر ضفائر الشمس بعنف . 217
تصبغ وجنيت احلقل ابلسواد مث جتلس فوق حبار محراء ،و بكل سكينة تقول :ان الرب قد اخربين بذلك اي للوهم الكبري .
218
اجلزء الثالث :قصائد 2016
التعبريية
العصافري
219
كل تلك الغيوم و الظلمة ،و رغم إختفاء البساطة خلف رغم ّ
أحب لون السماء ،و أحب فضاءها الرحب األفق ،فأان ال ُ زلت ّ
الذي يشعرك أبنّك ورقة خفيفة حتملها الريح .السماء رغم لوهنا املتقلّب تعشق األشياء البسيطة ،تنحين و هبدوء لتمسح على أحب صوت العصافري عند الفجر ،إهنّا رأس عصفور مبلّل .أان ّ
تعطي السماء نكهة منعشة ،و جتعلك ترى نفسك أكثر وضوحاً. هكذا أردت دوما أن أعيش ببساطة ،كورقة يف هنر ،أمشي يف أزقة مدينيت يداعب أعماقي النسيم .لقد بدأت أشعر ابمللل،
الضوضاء تسرق كل شيء ،اي للمدينة اخلراب .العصافريُ قليلة هذه االايم يف حيّنا .كنت أحاول أن أزرع شجرة من ذلك النوع
الذي يزهر يف الشتاء ،لكي ال تشعر العصافري ابلغربة ،و مبعىن
أدق كي ال أشعر أان ابلغربة فوطين صار لونه غريباً .لقد أخربتين القوارب اهلاربة ،كانت هتمس العصافري أهنا ملّت اجللوس منتظرة َ
مثلك اي يف أذين :إ ّن الرتبة هنا صار لوهنا أمحر كشفاه نيسان .أان َ بدأت أستع ّد لكل احتمال .نعم ،العصافري ال تكذب، صديقي ُ إهنّا خملوقات جليدية غريبة و صادقة ،يشعرك نشيدها ابلوفاء. القصيدة ُكتبت ابسلوب السرد التعبريي أي السرد املمانع للسرد و الذي منه تنبثق الغنائية و الشعر. 220
أرواح رماديَّةٌ ٌ
منذ نعومة أظفاري وأان أحبث عن وجهي الذي سرقته احلروب .أان عاما ابن احلرب ،عُجنت ذاكريت برقصاهتا القاسية .منذ أربعني ً
املر ،وال أعرف شيئًا عن شالّالت وأان ال أستنشق إالّ الدُّخان َّ مؤجلةٌ ،ال أعرف شيئا عن اقي حيايت َّ (دهتيان)* .أان رجل عر ٌّ ملونةً وال ثوب أحالمي قصريٌ ،ال أريد قبَّعةً َّ بُ ، اجلمال واحلُ ّ السحاب اليت رأيتها ساعةً مذهَّبةً ،وال أريد أن أسكن انطحات َّ َ يعود ماءُ الفرات على ساحل البحر يف مومباي .ك ُّل ما أريده أن َ نقيًّا بال ٍ اببل املُ َّ هشمة .وأن تغادر دماء وأن ُ َ القذائف أضالع َ عسوقة ٍ ٍ الصباح .ليتك أعيش بني ُوَريْقات الباقالّء ك ُد اتئهة تغازل َّ َ شتاء ،ختربُه َّأهنا بنت هذه تقف ابسقةً أمام جحيم ال ِّ رأيتَها وهي ُ ٍ وجهها وسط تنام يف احلقل بال وجه ،لقد سرقوا َ االرض .إهنّا مثلي ُ الظَّهريةَّ . ضا ،غريبان أان وهي وسط عيون الباقالء إبنةُ احلرب أي ً َّ الرماد ،فصران أرواحا رماديَّةً الظالم الوقحة ،ال جيمعُنا سوى َّ ً
طائرة.
221
الصني وأكرب شالّل يف شالل دهتيان أحد أمجل ّ الشالالت يف ّ الصني واآلخر يف فيتنام شرق آسيا ،يقع نصفه يف ّ
إشراقة البئر عامل غريب ،اعتادت السكون ،حىت مياهها تعلمت الصمت ،رمبا لكي تتمكن من أن ترى روح األرض فالسكون هو املركبة اليت متتطيها األرواح يف رحالهتا النقية .أنظر اىل هذه املدينة مبركباهتا الضوضائية و صخبها اجلنوين حتملنا اىل مكان 222
بعيد و أعمى ،كيف ميكننا ان نرى؟ كيف ميكننا االحبار عميقا؟ ال يكفي ماء اجلداول ألن نتذكر ،و ال اخلضرة النظرة ،ال ب ّد من العتمة و السكون .هناك فقط -حيث الشمس العميقة و حيث الصخب العميق -تضيء الروح فتكون اشراقتها.
نيسان سأنتهي عند أبواب املساء سنبلة عطشى ،أجوب الوداين حبثا عن حلم كسيح .شجرة لوز أان و هبجة مسروقة لعيد من سراب. أحنين بوجه الصباحات صوات من ثلج ،أع ّد قرابني العصور من أرواح قرييت الربيئة. هكذا أعود شجرة صفراء هتمس يف أذن نيسان بكل برود. األطفال يف نيسان طائرات ورقية فوق السطوح ،و أطفال قرييت يتمددون جثثا رمادية تسقي دماؤهم األرض اجلحود .أيتها النهارات ،أيتها االصداء ،اقرتيب ،اقرتيب ،فهنا جرح حبجم أانشيد
223
صماء على ضفاف الفرات ال تعرف اجملرة .ليتين كنت صخرة ّ ّ غري النسيم.
مزامري على أعتاب السكون جتلس أحالمي الشاحبة ،تر ّدد أغنياهتا القدمية .مزمارها السحري ختيط بظالله ثواب لألايم .و أان ذلك الشبح األسطوري ،أقف هناك فوق رأسها أنتظر هجوع شالالت املوت .أان أرى الصخر و الشجر ،و أرى ايضا غربة قاتلة. عيناي من بلّور أزرق يتناثر يف مساء مكسور اجلناح .إنين غريب ،صويت القادم من األقاصي ،يزحف بني االدغال على حب .أتلفت كحمامة اتئهة ،ال ركبتيه .دماؤه تسيل هنراً من ّ شيء هنا سوى اخلواء .لقد رحلت الطيور ،و مزامري االجداد سرقها الظالم .أان ذلك العامل التائه بال رمحة ،جيويب فارغة و ذاكريت حقول من ضياع . 224
اهلدهد
الغبار .غبار معتم هو الصباح ،و حينما أم ّد يدي يصفع وجهها ُ
كل هذا اجلفاف و الشالالت ّ جاف كروح االنسان .أ ليس غريبا ّ هلا صوت يوقظ املوتى الذين غادروا املدينة منذ عقود .
كل هذا اجلفاف ؟ و الطيور مصنوعة من األغنية . أ ليس غريبا ّ
اهلدهد مل يعد ميرح يف حديقتنا ،لقد غادر اىل عامل أكثر دفء و
حناان .اننّا صحراويون ،قلوبنا من الرمل فكيف للهدهد العارف ان يسكن بيننا . ا ّن أكثر ما يشغلين و سط هذا الركام من القتل و الدماء هم روادهم و لس لديهم عظم السحرة املساكني ،كيف سيبهرون ّ هدهد ؟ لكنّنا مجيعا مبهورون ابلسحرة اجلدد ّ ،اهنم يبهروننا بصناعة املوت و سرقة النسيم ،و قتل كل ابتسامتنا و كل هدهد أييت بسالل احلقيقة من األراضي البعيدة .
225
اخلندق
ما زلت أرتدي القبعة اليت أهدتين إايها الفصول القرمزية ،و ما التل ال أحلم بغري الشمس ،كفراشة بلل زلت أجلس وسط ّ تعلمت السري و أان أحبث عن جناحها املطر .هكذا أان ،منذ أن ُ
ٍ وجه لوطين ،لقد سرقوه مراراً ،كأنه ليس هلذا العامل من شغل
سوى صنع سالل ذهبية من دمي .إهنم أخالقيون جداً حىت أ ّن عيوهنم الواسعة ال ترى استغااثت النهر الربيء .أجل ّإهنم وطنيون جدا حىت أ ّن هذه االرض احلنون ال تعرف وجوههم . يتلونون مع الفصول ،أال تتفق معي أ ّن االشياء تتغري ألواهنا من ّ حني ألخر ؟ اخلندق و اىل وقت ليس ببعيد كان حكاية مق ّدسة 226
،و اليوم خندقهم يقطع أوصايل .أان أعرفهم ،ليس ألين عارف كبري ،و إ ّمنا أل ّن أمساءهم هبجة الربيع وأل ّن وجوههم ندية ،لكن املر الذي يفرحهم أ ّن خلف املرااي أصابع ابردة و خلف الشيء ّ
الزهور قلوب قاتلة ،أان أعرفهم بصدق ،فهذا دمي يسيل وسط
ابتساماهتم و عناوين أخبارهم الشيّقة .
عيد غريب العيد شيء رقيق جداً ،تعلّمناه كما تعلمنا محل حقائبنا .إنّه انعم كبشرة حلم صيفي يصنع منّا فراشات للربيع .كم كنت سعيداً حينما رأيت قلبه الدافئ .لقد أهبرتين شالالته الوحيدة ،كانت هادئة كضفرية فتاة تلعب يف حديقة من الزهور البيضاء .ذلك تلمسنا ك ّفيه الناعستني ،إنّين أراه العيد الذي ممران به يوماً ،و ّ
بوضوح وهو يزرع حقله حبكاايت بلّلت جبينها قطرات املطر. ذلك العيد القادم من مدن بعيدة .لقد رأيته مبعطفه احلريري يتلفت وسط الشارع كرجل غريب ،حييي ابئع الزهور .يسيل يف 227
أوردتنا كرسالة عشق ،فيطري بنا اىل جزر من ثلج .كم كنت وامهاً حينما ظننت أنّه إوزة مهاجرة.
قصيدة حب بقوة ،فأان اختصار كوين لعشق ال يعرف احلب ّ سأكتب عن ّ عين يف املسارات ،اي مكانه اال الفلكيون اجلدد .اهنم يبحثون ّ
للغرابة كيف ميكنهم رؤييت و أان كوكب جليدي قد ذوبته الرايح ؟
منذ ذلك احلني و أان أتالشى يف هنر من الدموع ،كل ما أجيده أين أنزل كل يوم من ينابيع شديدة الربيق حنو واد ضبايب ال يعرف شيئا عن احلكاايت .رسائلي ال تُقرأ ،و سنيين شيء ال ميكن كل شيء هنا ّ تصوره ،اهنّا جمرد ذكرى من زمن األضواء املطفأة ّ ،
يدور كعجلة اتئهة ،و أان تلك الشجرة الغريبة ،أقف هناك و
على رأسي اتج من شوق ،أتطلّع اىل الطريق عسى أن أتيتَ ولو
لكل هذا الشوق ،أبكي ألنين بشكل غيمة .انين أبكي كل يوم ّ أتيه يف عاملك الفسيح .إنين أبكي بقوة ألنين سعيد جداً بك. 228
جندي أيتها النهارات ،أيتها الطيور احلاملة ،إنتظري انتظري ،فهذا قليب مر ،و عيناه بقااي ال زال يتعثّر فوق السفوح ،قدماه من ثلج ّ حبثت طويالً يف صوت حناسي يبحث عن شيء من النسيم .لقد ُ حبثت يف لوين الرمادي ،و كل مكان تصل اليه أصابعي القصرية ُ ، حبثت أيضا يف عروقي اخلفية فلم أجد صورةً جلندي .رمبا أنين ُ ملوث ح ّد العمى .ال ب ّد ان أعثر على نقائي لكي أرى صورة حر .انين آسف ذلك اجلندي الذي أعرفه ،الذي يتوق ملوت ّ االن فعال ،ألنين مل أمتكن من ذلك ،فأان أعلم ا ّن للحياة كل يوم ابتسامة ال ميكن رؤيتها اال هبذا املوت .أان أقف هنا ّ كطائر اجلزر البعيدة .أقف غريباً أصغي لذلك الصوت؛ صوت كل يوم عسى قليب .أجل أان اقف هنا أنتظر عودة روحي النقية؛ ّ أن أموت كجندي.
229
البوليفونية
230
األعمى
أان من هناك ،من مدن الثلج ،مسافر رملي ،يف قليب صوت ماء. أتعثّر يف حبور حريى ،ال تسرتيح إال عند كل شاطئ ينشد أغنيات قصة قدمية .أان جمرد ذكرى جاءتنا من جهة بعيدة ،حتكي لنا ّ
الغياب .إهنّا ما زالت تعيش يف أوراق مرتبة ،و ما زالت تنظر يف
املرأة بغرابة .كانت دوماً تقول يل أ ّن اهلباء شيء غريب يومهنا ابحلقيقة ،إال أننا حينما خنلد اىل النوم نراه بوضوح ،و نواجهه وجها لوجه ،فيحكي لنا قصصه الباردة .أال ترى هذا املكان ضيّتني يضيق على أنفاسنا ،يصنع منها طابوراً طويالً من بيديه الف ّ
صخور حتلم بطرقات ابهتة .و هذا الزمان كم هو شاحب و ُح ّر ، يتطاير من دون رجعة ،إنّه يقهقه ساخراً من عيوننا اجلاحظة .أان
لست وامهاً كبرياً ،لكنين أشعر ابلعمى لذلك جتدين أدور يف الغابة كل زهرة فريدة ال يراه سوى األعمى ،و كلّما عثرت أحبث عن ّ 231
على واحدة تقول يل :اي رجل الرمل ؛ أحياان لكي ترى بوضوح، عليك أن تكون أعمى .إنين أمسع صوهتا و أراها بقليب ألنين رجل أعمى.
* البوليفونية :هي تعدد األصوات يف النص فال يطغى صوت املؤلف بل تظهر اصوات اخرى كشخصيات و كياانت يف النص هلا صوت و ارادة و رؤية .
بستان كشمريي أيها السعداء ،إ ّن الشعر أصابع ضوء ،ينزل يف املساء كفالح قدمي ،عيناه من الالزورد .لقد أخربين أن للشمس ضفريتني طويلتني ،خترج مع الفجر إىل بستان جدها العامر ،إنه و إىل حد كبري يشبه جنائن كشمري األ ّخاذة .هناك الوجوه صافية ، 232
تذ ّكرين ابألسالف .التفاح أبيض براق كاللؤلؤ ،ليتك رأيته وهو يتدثر بفرش من حرير ،ليتك رأيت أهنارها الرقيقة لقد كانت انعمة كقلوب البصريني . حر ال لقد أوصاين أن أترك السواحل األرجوانية ،فالبحر طائر ّ يعيش يف هذا العامل الذليل .كان يتكلم هبدوء ،و أان أصغي ،مث غلبين البكاء ،لقد أخربين أ ّن العراق شقيق الشمس ،كان خرباً غريباً و مدهشاً .أين إذن بساتني أجدادان الغوايل ؟ و أين جنائن كشمري العامرة ؟
التبادلية
ظل كسيح سردية تعبريية ؛ لغة تبادلية
233
دمي الرخيص -وريث وريقات اخلريف املغربة – يدور حول اب مظلم ،فصارت شبحاً من نفسه ّ كقربة قد سرق بيضاهتا سر ٌ
كل يوم ،ببدلته ذكرى ال تعرف النسيم .إنّه جيلس أمامي ّ الكاحلة وهو يتنفس الصعداء ،لقد أعيته األسفار البعيدة ،و
جاء أخرياً ليسرتيح .عجباً كيف لعيد قد خطفت األحزان هبجته أن يسرتيح .لقد أخرجوا روحه شعرة شعرة فصار ابهتا .مياه الظل الكسيح ، هنره العذبة شربتها العيون الوقحة .و أان ذلك ّ أقف وسط احلكاايت النديّة زجاجاً شاحباً ال تعرف يده الوفاء .، ليتين عدت اىل قرييت قبل موسم احلصاد ،ليتين تعلمت شيئا من دفء هذي األرض .فهنا وسط هذا القلب صحراء ابردة و
ٍ كل يوم .أجل هذا أان صخور من اسفلت ،أُقتَ ُل أمام عينيها ّ القش كسياسي عظيم ال وجهٌ قامت للصبح ،أَخرج من كومة ّ احلب و اخلجل .كل ما أجيده االختباء أعرف شيئا عن أساطري ّ
ط أليف خلف أوهامي ،خلف ربيع سرقت الشيخوخة بشرته كق ّ النظرة .هذا هو عاملي لوحة فاخرة من اخليبات ،و مدينة كبرية من الوعود .يبدو أنين ال أرى األشياء كما جيب .مبعىن آخر يبدو أنين عي ٌد ابئس و أعمى .
234
اللغة التبادلية هي حالة تداخل االصوات و الرؤى و االرادات ، فيتلبّس املتكلم حال االخر و وضعه و يتلبّس االخر حال املكتلم و تطلعاته ،و دائما تكون هناك قرائن و اشارات للمراد اجل ّدي و الفعلي من الوصف و الوضع .و هنا يف هذا النص ( االعمى ) يتلبس املتكلم حاالت و اوضاع االخر من جمتمع و افراد و توجهات و ارادات عاملية .ان تداخل االحوال و االصوات ينطلق من فكرة ( وحدة العامل ) كنظام أتثري ،فأي ضرر او خلل او نقص يصيب اي جهة يف العامل فانه يصيب ابقي اجزاء اباثره و أتثرياهتا .و كل اذى يصيب شعبا من الشعوب فان مردوده السليب االين و املستقبلي سيصيب مجيع شعوب االرض ،و حالة اخلراب اليت تصيب الدول املستضعفة يف هذا الوضع العاملي الظامل فان له مردودا سلبيا على الدور اليت تعمل على ذلك .و من هنا و كما بينا يف مقالنا ( من االمن الثومي اىل االمن العاملي ) ابن من اخلطأ تصور حتقيق أمن او مكاسب للدول الكربى على حساب الدول الصغرية و قهرها حبجة األمن القومي ،و ال بد من التحول حنو فكرة األمن العاملي ال ّن سلب أمن أية دولة هو سلب ألمن غريها فال أمن أبدا مع االخالل
235
أبمن الدول االخرى ،بل ال ب ّد من السعي أن تكون مجيع دول األرض و شعوهبا على مستوى مقبول من األمن .
و يف قصيدة ( البحث عن اوروك ) يف فصل ( العبارات ثالثية االبعاد ) لغة تبادلية ايضا .
التجريدية
236
اللغة التجريدية :اهتمام أقل ابملعىن و اهتمام اكرب مباوراء املفردات من زخم شعوري فيبىن النص من وحدات شعورية و ليس معنوية. التجريدية شعور عميق ابالشياء و احتاد هبا و ادراكها بشكلخمتلف و ايصال ذلك كله اىل املتلقي فال يرى سوى الشعور .
مدينة الزهور *
أان ،تلك احلكاية العابرة .أتنفس وجه املاء و أحنين بكل حب حنو أرصفيت الباردة ،فالغربة شجرة قرمزية متأل ذاكرهتا األشباح . حينما تتساقط أغنيتها على كتفي – يف تلك الصحراء املظلمة – مر ،و أن املدينة الزهرية اليت مررت هبا يوما أعلم أن الرمل رفيق ّ
صنعتها قلوب قرمزية ساحرة .أجل اي صديقي ،هكذا أجدين 237
غارقا يف ضفاف ألواهنا الناعسة ،أتلفت بني أغصاهنا صبيا نزل كانت األصوات ابهتة تتخفى خلف
ابكرا مع املطر .
الشجريات كعروس ريفية حتلم هبمجية املساء .ليتك رأيت البحار األغصان الندية و هي تتمايل حول الطرقات ،و ذلك ّ
اهلندي جيوب بنا العوامل البعيدة .أان ال أنسى ابتساماهتا الصاخبة
و حبات العنب الشفيفة . * مدينة الزهور :مدينة طبيعية صغرية كلها زهور تقع يف مدينة أمحد
أابد
يف
اهلند
صحراء
238
زرهتا
عام
2007
الرمال الداكنة هلا وجه كوجه الغروب ّ ،براق و أعمى .ختتبئ خلف أوهامها كفراشة بنيّة ال تعرف شيئا عن الشمس ،توّزع أزهار املوت يف الطرقات ،عسى أن يعثر عليها سيارة جدد .
أجل أنين صحراء قدمية ،تركين أساليف وحيدا وسط حكاايت مرا للتائهني ،و أنفاسه الليل ،اهلواء اجلاف أصنع منه لبنا ّ الربونزية اصنع منها هنرا من عسل كاذب . التل ،أردد اغنيات أجل ،هكذا أان ،رمال حنسة ،أجلس فوق ّ قدمية .مرحى مرحى جلسد ش ّفاف ليس له صوت و ال أسم ،
اّنه أان ،رجل عريب أنبت وسط الصحراء بروحي املاحلة ، قميصي ال وجه له .أان تلك الصحراء املقيتة الكارهة لنفسها ، أقدامي سافرت مع املساء كنخلة أختمتها رائحة الدماء ،و ابغت أحالمها املطر ،فهي جتلس يف الزاوية حيايت مهملة كقطّة ْ منذ قرون تنتظر الفجر اجلديد .
239
الصيف
غريب جدا هذا املساء ،يتطاير كاحللم ،يرتدي قبعته النارية و يعلم فتيان قرييت عشق الشمس .اهنم ينزلون بسرعة مذهلة ،أان ال أكاد أراهم .اهنم أبناء الشمس ،و الشمس شيء ال ميكن رؤيته .اهنم بطعم الصيف ،و انت تعلم ؛ الصيف ال يعرف النوم .انه شيء جمنون ال استطيع ان اراه .صدقت االشياء اجملنونة يصعب رؤيتها .حينها كنت أعيش حرا يف واد تقطنه اشباح متطايرة .كنت شيئا قدميا ال أرى الكلمات امللتهبة . االشياء امللتهبة أيضا يصعب رؤيتها .أنت ال ميكنك أن تتصور وهج ذلك الوادي .أشجاره صفراء كحلمي .كانت صفراء جدا لكنين أراها بقليب .أجل حلم االنسان واد ملتهب ال يعرف عنه العاشقون شيئا .انه كشرفات أوروك النحاسية ،اليت شيدها احلكماء السبعة .أجل حلمي قدمي كأوروك لكنه ابرد ال يشبه الصيف .
240
أشجار
هذه املدينة اجلحود ،تتكلم ببطء ،ليس حياء أل ّن ثياهبا قصرية ،بل أل ّن حقيبتها قد أثقلتها الدماء .منذ أن رأيتها و أان ال زلت الربيّة، أبكي مبرارة .أبكي على أشجاري الغالية ،فاان رجل من ّ أعرف صوت احليواانت لكنين لست نقيّا مثلها .فالدببة ليست
خشنة و ال بنيّة بل هي ابلوانت رقيقة و وردية ،و البومة ليست ضي ترى به احلقيقة ،ليتك عمياء و ال حنسة ،بل هلا قلب ف ّ
تعلم كم هي ودودة ،كانت حت ّدثين عن قصص األسالف .أان االن بال جذور ،و ال مأوى .كنت أسكن يف كوخ دافئ فوق شجرة ،كنت أضحك يف الصباح ،و كنت كثرياً ما اجلس 241
ابنشراح عند بركة ما عدت أتذ ّكر امسها ،فلقد صفعتين هذه املدينة بيديها القاسيتني و أنستين كل شيء مجيل .لقد نسيت لوين و صويت .أان اآلن رجل أخرس بال لون و بال صوت و ال حكاية .أان اآلن رجل حزين جداً ال أعرف شيئاً عن الربيع و ال أتذ ّكر أشجاري احلبيبة .
شيء عدمي
الرباق حيتضن االوزات الناعسة ،يذهب هبن اىل شالالت املاء ّ تفيض دفء .هناك حيث تقف الصخور الناعمة كعذارى شتائية حتمل سالل فاكهة ملونة .اذا اردت ان تراين يوما فستجدين شبحا اطري فوق اجنحة الفراشات امحل يف جييب هنرا و فالحا و اغناما بنية .انين صوت املاء حينما ينزل يف زوااي
242
ااملدينة يطرق ابواب االحالم ،فتشرق اضواء الشبابيك يف ليلة شتائية كأهنا عيد منسي قد عاد اىل بيته قبل املساء .هكذا اان ، عاشق قدمي اجتمد يف بركة االنتظار ،و بكل هبجة استقي من مائها كل حكاية تبعثرين يف الفضاء شبحا عذاب ال يرى .هكذا اان ال أرى نفسي و ال اعرف مكاهنا ،و كل ما اتذكره اين اشعر ابلوان غريبة حتتضنين بكل حب ،لذلك فاان شيء ال ميوت . اذا اردت ان تعثر علي فستجدين عند كل حلظة آسرة و عند صوت املاء و عند الشبابيك املضاءة و عند كل صخرة مترح قرهبا اغنام فالح قدمي ،و ايضا احبث عين عند ضحكات اطفال يلعبون يف الساقية .ألين و بكل بساطة شيء عدمي.
رجل رملي
بشريت جافة كوجه اخلريف ،ليس بسبب حرارة الصيف ،و امنا أمر على ألنين فقدت آخر قطرة ماء من جسدي .فأنين كل يوم ّ 243
ابئع احلزن فأتربع اليه مبا لدي من دموع .و أيضا هناك أسباب عثرت لكل هذا اجلفاف يف روحي؛ أمهها أنين شيء غريب ْ أخرى ّ
كنت عليه االايم مستلقياً فوق جزيرة خاسرة قد هجرها أهلهاُ . حينها كومة رمل .و ليس هذا هو الشيء الغريب فعال ،بل الغريب أنين حينها كنت أستطيع احلركة و مل أعلم أنين رجل رملي ،لكن األن و أان أتكلم اليك؛ أشعر أين رجل من رمل ال أي شيء .و أشعر أنين جاف جدا و مصنوع من املوت. أجيد ّ ضية .إهنا ال أترى تلك السعادة ،إهنا تلمع كلؤلؤة يف خيمة ف ّ رحل به املوت عن مدن اخلراب ،لذلك فقليب ترضى اال بقلب َ هذا مليء ابلسعادة؛ و ذلك ألنين رجل ميت يتحدث إليك .
244
شتاء (عمل جتليايت )* بقوة و كأنّه إنّه ف ّ ضي كحلمي ،هذا الشتاء الذي ُ بدأت أشعر به ّ غرقت أخرياً يف هنر انعم مصنوع من قصيدة هادئة .رمبا ألنين ُ عثرت على حقل رطب يف زوااي ألوان ساحرة .و رمبا ألنين ُ حلمه املسائي فتيان حفاة مصنوعون من النسيم ،يتقافزون فوق أيت الغروب احلشائش كسناجب تتلفت بني االغصان .ليتك ر َ ُ يف عيوهنم البامسة ،كانت تنشد أغنية شفافة كتلميذة ذهب هبا كنت حينها ورقة خضراء بلّلها الصباح اىل مدرستها القريبةُ . املطر.
النص حماولة يف النص التجليايت وهو من ( الفن * هذا ّ التجليايت ) الذي حتدثت عنه قدميا (مقاالت يف فن التجلي يف موق ع كتاابت انور غين املوسوي ) ،وهو العمل العابر ملواد الفنون فيختلط الرسم ابملوسيقى ابلكتابة ابلسينما ،حيث 245
يتشكل العمل يف حقيقة األمر من عناصر غري مادية ،بل من وحدات مجالية و شعورية ،و تكون االفكار و املعاين يف الكتابة مثال وسائط و وسائل البراز تلك املكوانت غري اللغوية املتجلية . و يعتمد صدق النص على مقدار جتلي تلك العناصر االحساسية و اجلمالية و طغياهنا و استحواذها على املكان بدال من املعاين و االفكار فتكون االفكار و املعاين امورا اثنوية و هامشية ألجل جتلي تلك املكوانت وهو من فن التجريد كما ال خيفى .و لقد كانت لنا حماوالت يف هذا الصدد منها قصيدة ( الواحة ) ،اال انين أرى أ ّن هذا العمل هو انضجها من حيث جتلّي العناصر الشعورية و اجلمالية و طغياهنا و استحواذها على املكان و على القارئ .و تكمن صعوبة املعرفة بتحقيق العمل التجليايت لغاايته هو احلاجة اىل احليادية التامة يف القراءة من قبل املؤلف ،أي ان يتجرد املؤلف عن موقع مؤلفيته و يكون يف مقع القارئ الغريب عن النص ،وهذا عمل صعب ،و لرمبا يكون االستقراء طريقا آخر الختبار هذا العمل و جديته اال انه وسيلة غري متيسرة و غري حيادية يف هذا الزمن .
246
التجلياتية صباح شتوي ( التجلياتية )
صباح شتوي
247
انين و ابعتباري تلميذا مبتدائ أخرج كالعادة اىل بستان ج ّدي كحكاية مبللة ،اال انين اآلن اصبحت رقيقا جدا كقشرة بصل، حىت أنين أستطيع رؤية تلك السمكة النائمة يف قاع حميط غريب، لقد صرت شفافا ال ميكن ألحد رؤييت ،حىت أان وهذا شيء غريب لكنه دافئ .أجل الدفء شيء مبهج ،يذكرين يف هذا الصباح الشتوي مبفاصلي اليت تغين لعصفور أكاد أرى روحه تعلمت صوهتا يف الفرتة الشفافة بوضوح .اهنا تشبه رحيا قد ُ االخرية .انه شيء ساحر و كل ما ميكنين أن أخربك به أهنا مشرقة و ّبراقة تلمع كزهرة نرجس خرجت ّتواً من بركة انعسة .أجل الربكة ليست مثلي ،اهنا مدللة ال تصحو ابكراً ،لكنين أشعر هبا بقوة .ماؤها شيء الذع كمرآة قدمية ال تكذب ،انه ميزق بشريت مرا ،ألنه و ببساطة اىل مدن صامتة ،يزرعين يف الطرقات صقيعاً ّ
كعيين ،لذلك – و ألنين تلميذ مبتدئ -فكل ما يصلك مين ابرد ّ هو بقااي صوت يتعثر.
• الكتابة التجلياتية من الكتابة التجريبية اليت ليس هلا مرجعيات فلسفية واضحة ،لكن ما ادركه منها ان كل شيء يطلب 248
التجلي ،برغبته ابحلضور و التأثري ،فكل ما يف الكون يرغب يف احلضور و التأثري ،و ميكن ان نقول ان هذه الغريزة املشرتكة بني مجيع املوجودات .لذلك فاللحظة الزمنية من وجودان هي حالة جتل لعدد ال متناه من االشياء ،و هذا هو سبب ثراء حلظات حياتنا البسيطة .ال حيتاج االنسان اال اىل االصغاء للموجودات و ان ينتبه اىل كل شيء حوله يف كل حلظة .هذا لشعور القوي ابالشياء يساعد كثريا على ادراك رغبة االشياء ابلتجلي او ادراك التجلي الفعلي .و من هنا ففي حالة الكتابة التجلياتية تتجه النفس او الكاتب اىل عامل اعمق من الشعور و االحساس ،انه يتجه اىل عامل الروح املليء ابلعالقات و احلقائق الالواعية و املعقدة .ان التجلياتية انعتاق كامل من سلطة الوعي و النفعية و التوصيلية ،و احبار عميق جدا يف عامل اكثر حقيقية و اكثر نقاء اال انه اكثر تعقيدا و اقل وضوحا .و ألجل حتقيق الكتابة التجلياتية ال بد من توفري لغة و كتابة مناسبة هلا تتوافق مع البعد العميق املتجاوز للوعي .ان مجالية التجلياتية تكمن يف اهنا تتجاوز حالة افتعال اخليال و اجملاز .و امنا هي تتكلم عن امور حقيقية اال انه ال ميكن الكالم عنها اال بلغة خيالية و جمازية .فاذا كانت التعبريية شعورا ابلذات و التجريدية شعورا ابللغة مع فناء 249
الذات ،فان التجلياتية شعور ابالشياء و فناء للذات و اللغة .و اذا مل ترتجم التجربة التجلياتية بلغة جتريدية فاهنا ستصبح تصوفا وهو وان كان شيئا متميزا اال انه ال يكون شيئا جديدا ككتابة فنية .و ألن الكتابة هي انعكاس امني و صادق لالفكار فال بد من ادراك البعد التجليايت للغة كما يدرك البعد التجليايت لالفكار و هنا تكمن صعوبة التجلياتية ،الن توارد االفكارو انيثاهلا و هذاينية وسرايلية الكتابة ليس امرا صعبا ،امنا تكمن الصعوبة يف اللغة اليت جيب ان تكتب هبا فمن جهة احملاكاة الصادقة لعامل الروح فان عمق الروح و خفائها حيتاج اىل ادراك خاص ،و من جهة اكتشاف البعد التجليايت للغة فان اللغة التجلياتية اكثر تعقيدا من الرمزية و اجملازية و هذا هو االمر الصعب لقلة التجربة فيه النه يتطلب احتاد وعي الكاتب مع وعي املوجودات و على قدر ذلك االحتاد ميكن التعبري عن رغبتها يف احلضور و الفاعلية وهو معين التجلي .و تكمن امهية التجلياتية اهنا جتعل االنسان يدرك ثراء اللحظة الوجودية وهذا مصدر اهلام ال متناه للكاتب بسبب ال تناهي املوجودات اىل تتجلى او ترغب ان تتجلى يف تلك اللحظة الزمنية .حبيث ميكن الكتابة عن اللحظة الواحدة بشكل ال متناه حسب قوة االدراك ابالشياء املتجلية او اليت 250
ترغب يف التجلي يف تلك اللحظة ,كما ان هذا الشعور التجليايت حيقق السالم الداخلي لالنسان و السالم مع املوجودات . درجات الكتابة التعبريية شعور ابالشياء و اللغة و الذات التجريدية شعور ابالشياء و اللغة و فناء الذات التجلياتية شعور ابالشياء و فناء للغة و الذات
املستقلبية
مسكة قصيدة نثر مستقبلية *
251
أظنين رأيت آاثرها الضبابية ،تلك السمكة القابعة يف القاع املظلم ،تتظاهر ابلقانعة الكاملة يف عامل صامت .إهنا كشعيب اجلريح ،جيري يف عروقها نسيم الفالحني و أتسر أفكارها مهجية حيل الغروب الربابرة السوداء .خترج ابكراً لتصطاد حلماً ،فال ّ ت الكلمات إال و حبة القمح تشاور ألرضها من بعيد .لقد نسيَ ْ
اجملرة ،و حينما و نسيَ ْ ت ثوهبا البهيج .يف رئتيها تتجمع أحالم ّ
احلب تتورد وجنتاها و تتقلب وسط مياه البحر فرتى ترتعش من ّ
شيئا من شبح الشمس ،و أان تلك القضبان الوامهة ،أحتطّم رث تلتهمه الرايح .هناك تتنفس وجه حتت قدميها كشراع ّ النهار و يلتمع قلب املاء فريتدي حلته الرباقة ،اي لعينيه الزرقاوين .إنين أراها حتكي لنا زمن الظالم الغابر ،و خترج من متاهات العتمة بصوت يتألأل .أجل اي صديقي إهنا تلك السمكة اليت تتبخرت فوق سطح البحر كعروس هندية رائعة األلوان .إهنا هي فعالً ،تتقافز فوق املاء كفرحة عيد غارقة يف فرش النور . املستقبلية مذهب فين يعتمد احلركة الواضحة و الشديدة داخل العمل الفين و ميكن جتسيدها كتابيا خبلق زمن و أتريخ داخل النص و تنقالت ظاهرة فيه ،و لقد كان الشاعر القدير عادل قاسم قد سبق وكتب هبذا االسلوب نصه ( سالمل البحر ) .يف 252
قصيدة ( السمكة ) نرى مستوايت واضحة من القاموسية املفرداتية و الرتاكيب و الرؤية ،فمن القاع املظلم و الظن و البؤس اىل شيء من الشمس و تنفس احلرية و النهار و تشكل الصوت مث اىل كمال النور و احلياة املزدهية و التأللؤ .كما ان اللغة التبادلية حاضرة يف عبارة (و أان تلك القضبان الوامهة ، رث) فاهنا وان كانت بلسان امل ْتكلم أحتطم حتت قدميها كشراع ّ اال اهنا وصف للمجتمع و العامل . رجل ميت قصيدة مستقبلية *.
أان لست شالال عظيما و ال ورقة ربيعية ،بل أان رجل ميت أزحف على األرض الشاحبة كنهر ثقيل و أتفجر بال رمحة كربكان مر يوما بسواحل كل شارع قد ّ صاخب .على ظهري أمحل ّ مومباي .من روحي الباهتة تعلّم البحر م ّده اجلامح .هكذا أان منذ أن عرفت املوت و أان أطري بال اجنحة ؛ يف جييب قطارات تشع كثياب الصينيني امللونة .أنت غريبة .اهنا تتلوى كاعصار ،و ّ 253
ال ميكنك أن ترى وجهها املبهر ،ألنك لست ميتا مثلي .اهنا ترتاقص على البحر ،و تغطي و جهه ابلواهنا الساحرة .أان أراها كل يوم و أمسع شدوها ،ألنين رجل ميت .
* املستقبلية هي جتسيد احلركة يف العمل الفين و املستقبلية يف الكتابة هو جتلي حركة املكوانت النصية داخله .
الفسيفسائية
( أمل ابرد ) إنين أقف هناك -حتت الزمن -أرتطم بكل صخرة على جانيب الطريق .حيايت مشس داكنة ،أتعب ركبتيها اخلواء ،و مألت جبينها جراحات ابردة .تنتظرين املرااي املهشمة ،تنثر جسدي يف الفضاء الرحب حرواب مقدسة ترتاقص سيقاهنا فوق عواصمي 254
كأغصان الذرة الندية .هكذا أتساقط شالالً سندسياً ال جييد مت البكاء .أتالشى يف حنيين كمسافر من ثلج ،قد ه ّ ش ْ أضالعه حكاايت العابرين. أجل هذا أان حلم أرض حنون ،حينما أحيا بكل عنف و حينما أغرق يف أملي ح ّد النخاع تلتهمين الظهرية القاسية ،و أعلم حينها أ ّن األرض احلبيبة تذرف دمعاً ابهتاً بلون الغروب .
الفسيفسائية هي ان تتلون العبارة يف جانب منها بلون متقارب و يكون بينها مشرتك واضح غري الوحدة املوضوعية
تشرتك به
عرضيا افقيا و ليس طوليا و عموداي .فتكون كل عبارة مرآة لغريها يف النص ،و قد تكون تلك املرآتية معنوية فيكون لدينا تناص داخلي وهذه هي ( الفسيفسائية املعنوية ) ،و قد تكون شعورية فيكون لدينا بناء فسيفسائي شعوري وراء النص حيس و ينعكس بواسطة العبارات لكن ليس ابملعىن بل ابلزخم الشعوري وهذه هي ( الفسيفسائية التجريدية ) ،و قد تكون الفسيفسائية و املرآتية ابمور اخرى كأن تكون ابلفكرة و الرؤية فتكون لدينا ( فسيفسائية تعبريية ) او تكون ابالسلوب فتكون لدينا ( 255
فسيفسائية اسلوبية ) و قد تكون املرآتية و االشرتاك ابلتأثريية اجلمالية و االهبارية فتكون لدينا ( فسيفسائية مجالية أتثريية )
إرث اي للخيبة ،بعد كل ذلك الدفء الذي غمرتين به شالالت كسيح للحرب .أان ؛ وريث الضوء ،ال أجدين سوى ظل ٍ الضحكات اخلضراء ،هذا قليب أنظر اليه ،هل ترى فيه شيئا سوى اجلفاف ؟ هذا أنيين خيرتقين كأقدام الغزاة اليت رمست وجهي الصدئ .أان تلك اجلثّة اليت تعصف هبا محى املوت ،أستلقي غريباً وسط الطرق احلافية ،ال يعرفين سوى الربد .روحي املظلمة صنعت ال أرى منها سوى هذا األنني ،ثيايب ّ مزقتها احلكاايت َ ،
منها قيداً راثًّ يكبّل جزري الضائعة .هذا أان كتلة ميتة ال أحلم بشيء .أساليف أورثوين اجلنون .إنين -و بفضلهم -كومة بقااي
مظلمة ،ميتطيين شبحها حصاانً أعمى ال أجيد سوى االرتطام بكل خنلة يسيل من مثراهتا عسل من نسيم .و أان ال أرى كل ّ 256
ذلك البهاء ،ال أرى سوى حجر يدمي قدمي و جذع ٍ يشج قاس ّ رأسي ،و حكاايت أجدادي الذين أخربوين مبا رأوا حينما غطّسوا رؤوسهم يف مياه كدرة .
احلرة الكتابة ّ
االنشودة احلمراء .
شط شعر املر بيديها الشفيفتني .مت ّ لقد رأيتُها ،وهي هت ّ شم الزمن ّ الفجر ،و تضع قبلتها املضيئة فوق جباه السائرين .من هناك من كربالء تشرق قطارات الندى ،حتيي االرض املوات .انين أرى زلت أتلفت ظالهلا تش ّق قلب الزمن الرخامي ،تصنع منه أمال ال ُ مبهورا على راحتيه .أجل هكذا أتعلّم األنشودة احلمراء ،و هكذا 257
كل زهرة ال تعرف تبتسم السماء لعاشقيها ،تنثر فوق رؤوسهم ّ الذبول .و أنت فوق سحاب القلوب اي سيّد احلريّة احلمراء اي
حسني ،يشرق يف جنانك العاشقون كشجريات نديّة يلثم شفاهها
الصباح .و بني كفيك ختتفي النجوم كصوت جليدي نزل ذات
يوم مع املطر.
الزهراء
منذ زمن بعيد و أان أنظم بل ّّورات احلقيقة ،أصنع منها قالدة لإلنسانية .منذ زمن بعيد وأان أنشد تراتيل مساء صافية ،منذ زمن بعيد و أان نداء غريب و حلن غريب .
258
حينها كانت زنبقةُ نور ،و بسمة تنعش قلب الرمحة ،من عبق بتول ،مألت واحات املعرفة بضياء الفردوس طينتها ،زهراءٌ ٌ ضي غفت أ ّخاذ و أنشودة مطر .علياء ،حتت كسائها الف ّ الطيين ،تناثرت أسارير اخلليقة أسرار امللكوت ،و يف زوااي بيتها ّ
.لقد رأيت البيت الطيين ،رأيته ذات مرة ببئره اليت تسقي
عطاشى احلقيقة ،كانت أحجاره من ايقوت جملّلة ابألنوار و السالم الكبري. أشم عبق ليتين كنت حبّة شعري حتت رحى ذلك البيت ّ ، تتطهر روحي من القلوب املعلّقة ابلسماء السابعة ،عسى أن ّ الصدأ و املَُّرير .ليتين كنت طحينا يف كسرة خبز مألت عامل السائل و احملروم ،ثالثة أايم إختصرت أتريخ الكون ،ثالثة أايم فاضت ابلالهناية ،بفضاء عريض . اي سيدة الكونني ،اي سيدة الرمحة الكبرية ،من ك ّفيك الكرميتني يولد الضياء ،و من وصاايك العليّة كانت ألف قصيدة نور ،و ألف ألف نداء.اي سيدة الينابيع الغارقة يف الضوء و النهارات العظيمة ،حنوك تتجه أانشيد الع ّفة و احلياء الرفيع ،و من خلف حجاابت الوقار ،كانت مشس تنري الطريق .من تلك 259
الفواحة و الكوة من ذلك البيت الطيين ،خرجت الرايحني ّ ّ أرواح املعرفة البيضاء .كان عمر الكون مثانية عشر ربيعا ، يفيض ابلنور ،مثانية عشر ربيعا صمدت حكاايت احلقيقة فوق سطح األرض الكؤود قبل أن تغتاهلا أيدي اخلراب ،مثانية عشر كنت أنت ،و ليس غريك أيتها الروح املقدسة . أعين ليتها رأتك عبون الزمن الناعسة ،أه أيّها النقاء الكبري ّ ، ميرغ وجهي غبار عسى أن أكون حجارة على جانيب الطريق ّ ، أقدام خيول املركبات الرفيعة ،علّين أحيا اىل زمن االنتظار ،و لو كنبة صحراوية ايبسة تتنفس وهج احلقيقة و تنعم بنور متر يب الشموس البهية .هنا حيث القالع الفياضة ابألسارير ّ ، ط الرباقة على أجنحة املالئكة ،لقد رأيتها حت ّ ضحكات الغد ّ
اي ، كاللقالق الكبرية ،تتم ّدد بني الفراتني ،على جبل آذر ّ يفيض ابخلضرة ،حيث الشجرة الزيتونية ،مشكا ة الصباح الربدي العائم يف فضاءات خالبة ،هناك تتطاير القاهر لليل .و ّ
اإلهلي يف قلوب معلقة ابلفردوس ،فتنبعث بني ترانيم العشق ّ خافقي رغبة للنداء ،أفيقي ايتها األرض الكؤود .
260
أيّتها االنسانية الصماء ،أما آن لك أن تنظري اىل سفينة النجاة سئمت هبجتُك الغياب ،وجهك شاحب يرجتف ،مل ،لقد ْ
تسعفه ثياب روما احلمراء ،و ستارة املسرح القرمزي ،جتوبني يف
الظل ،خلف قهقهات الزيف ،و خلف احلكاايت وداين ّ الباهتة ،اي للوداعة القاتلة ،اي ألسنان احملبّة وهي ختطف أنفاس الزهر بعناوين ّبراقة ،ال حتمل رؤوسها سوى اخلواء.
أه أيتها األرض الكؤود ،مىت تك ّفني عن إحراق بيوت الفردوس ؟ ،تغتالني بقع النور يف قميصك املظلم ؟أنظري اىل كفيّك ،اىل
حقول القمح السوداء احملرتقة ،اىل الغرابء اليت أتسر سطوح
البهجة ،تنعق بكل صوت مرير ،األهنار تيبّس قلبها ، األشجار جرداء يف موسم البِذار ،األبقار هزيلة ،و األغنام ال تلد ،ال زهر و ال عصافري تزقزق ،و الذهب األسود يف رمحك ، خرج إبنا عاقا أكل هبجتك و اندى على خفافيش الظالم الصفراء .اي لتعاستك املريرة .أيتها االرض الكؤود مىت ترين سفينة نوح ،مىت تتسلقني سلّم احلياة ،حنو الفجر حنو عامل فسيح .
261
لو أنّك تعلمت شيئا من حكمة الريح العائمة فوف ضفاف النهر األرجواين ،لو أنّك أخذت شيئا من أوراق احلقيقة املودعة يف قلب العصور ،لو أنّك رأيت أغصان شجرة السدر املقدسة ، كأم حنون . وهي ّ تتدىل ّ آه منك أيتها األرض العرجاء ،أقدامك غارقة يف وحل الغروب ، متهرئ يغرق يف التمردات ّ الواثبة ،وعن قميص ّ ختربينين عن ّ الشحوب السخيف .و كأنين مل أكن أمتشى قرب جدول السنونو ،حيث األرانب و النعامات .ختربينين عن لون أخر .كنت حينها للشمس ،كأنين مل أكن حاضرا والدهتا البديعة ُ أسبّح للقدرة العظيمة . أيتها العرجاء ،هنا يف هذا البيت الربيعي اململوء ابخلضرة و السوسن الكرمي ،هنا يف هذا البيت الذي رأته عيناك يوم أُعطيت
ِ نسيت كتبتك النازلة من قلب الفردوس كتاب األبدية ،لقد
ِ نسيت و كلمات السماء ،عجبا كيف مل تعد حتكي لك ،لقد قصةَ النور ؟!! كيف اجلنيّات الصاحلة و ذلك الزقاق املتبجح ّ ّ أهنّا مل تعد جتيد احلقيقة ،و ال حكاايت احلياة ؟!!
262
سرية إبراهيم اخلليل عليه السالم
حينما نظر اىل الشمس رأى ،و حينما قابل القمر يف ساحات الفكر أيضا إستطاع أن يرى ،و حينما وطئت قدماه الرتاب و الرماد و عظام الراحلني إيضا رأى ،دخل يف هلب اجلاهلني مطمئنّاً ومتّكالً ،لقد أاثر إّستغراب املالئكة فاستحق أن يكون للعلي القدير . خليالً ّ حينها صنع نورا ،و بيديه بىن البيت العتيق ،هناك حيث هاجر تصنع أتريخ االنسان .و إمساعيل حيفر زمزم للقادمني. لقد حطّم حلم الشيطان ،جعله جذاذاً ،من هناك من تلك تعرى مل يعد قادرا على خداع االنسان . اللحظة إبليس ّ
263
الكل اليوم يعيش يف حببوحة عطائه ،إنّه العظيم الذي أانر ّ للبشرية طريق احلقيقة ،و أحىي شرائع أدم و نوح ،فكان اإلمام حبق .انه حافظ الشريعة و حاميها لسانه ما نطق بكذب و تتوهم سرااب ،على االستقامة عاش و مضى و سيّداً يف عينه مل ّ جنّة الفردوس يكون ،و على هنجه اىل يوم القيامة سادة النور و
ورثة الكتاب . مبارك هو يف الدنيا و اآلخرة ،كثّـ َر القدير نسله ،ومن كان األنبياء و األوصياء ،و يف اآلخرة حيشر ّأمةً وحده إتّه العظيم ، إبراهيم اخلليل .
264
سرية اخللود
آدم سيد اخللود ،يف البدء كان يف جنّة اخللد ،و ملا وسوس له حل الفناء يف جسده لكنّه بقي خالدا رغم حماوالت الشيطان ّ التطور ، .و سيكون آدم سيّد الشيطان مبحيه بنظرايت ّ
احلياة اآلخرة .
القوي اخللود آسر ،إنّه اإلرث املفقود للبشريّة طلبه جلجامش ّ ،أراد أن يقهر الفناء ،و حينما وصل اىل العارف ،قال له السري ، إنّك ال تطيق ،فأحلّ جلجامش ،فدله على مكانه ّ وجد جلجامش العشبة الغريبة و يف الطريق سرق الثعبان خلود جلجامش . مث طلبه نسر ،قائال اريد أن يكون يل متثال يعبد كما اليب يعوق لكن الرايح هشمته كقصبة ايبسة . ،فجعله من شجرة اخلالف ّ ، 265
أطل إطاللة و حينما ّ مترد املتنيب على لغة زمانه ،كان قد ّ السر ،و مثله السيّاب ،فطلبهما اخللود ،رّمبا ليس على ّ حيتل ابملستطاع تكرار ما حصل ،فالزمن بدأ يشيخ و الفناء ّ املكان ،لكن من اجليد أن يسعى اإلنسان .كما أ ّن هناك ما هو أكثر صدقا ،احلياة االخرى ؛ إرث آدم الثمني .
شعبان شهر املطر
اىل سيّد الصرب االمام الظاهر الذي ال تراه القلوب الشاحبة. شعبان شهر املطر ،من كفيّه يفيض الضوء فيغسل وجه الزمن املر ،أ ّن ها هنا خالص بطعم اخللود .و ها هنا شعبان بلون ّ
األهنار النقيّة ،نبحر إليك فيه ،و الريح مركبنا الرفيع ،و هذه أحزاننا املتساقطة من جبال الثلج ،نعلم أهنّا أمام انظريك . إنّنا نشعر بقلبك احلزين ،و رغم اجلراح و رغم الغدر و رغم القتل ،فإننا نلتقي هنا يف ابحتك احلنونة ،هنا يف شعبان نلتقي
بال دموع . 266
يتحمل السنني ،و الوجوه اي سيّد النور ،عجبت لقلبك كيف ّ اجلاحدة .عجبت لصربك كيف يوغل يف قلب األمل و يستخرج شرااب طيّبا للعاشقني . أال يكفينا أنّك تنظر إلينا بعينك احلنونة و قلبك املعتصر أملا ، أال يكفينا أنّنا نشعر أبنفاسك بيننا ،تداري الطفل و الشيخ و الغريب .هذه األسفار و الطرقات و البعيدون عن أهلهم ،كلها حتدثّنا عنك ،و حنن نعلم أنك رفيق ودود . إنّين حينما أحتدث عنك أشعر ابلزهو ،فاألمل الذي يفيض به ذكرك شيء خمتلف ،و احللم الذي حيمله أمسك شيء خمتلف ،و العلم الذي ندركه فيك شيء خمتلف ،و الصرب الذي رأيناه فيك شيء خمتلف . عجبا لكل هذا الظهور ،و القلوب الشاحبة ال تراك ،و عجبا لكل هذا احلضور و االماكن الباردة تفتقدك ،لقد امتألان بوجودك ح ّد الذهول ،و صار الشوق يبكينا لش ّدة قربك ،
267
املتفرد أيّها الظاهر النقي .احلاضر الذي نذوب شوقا اليه إنّك ّ
.
التل أر ّدد أانشيد الصرب ،و الشوق ،و سأقف هناك ،فوق ّ أاندي على االايم ،اال تعايل تعلّمي من رجل الصرب ،ممن احلب من القرب ،تعايل تعلّمي حيجزه الرفق من البوح و مينعه ّ أيتها البشرية الضائعة كيف يكون الصرب و االشتياق . سأقف هناك كشجرة حتاكي الريح ،و تناغم الشمس ،و تعلم الغيوم كيف يكون لون احلقيقة ،و تعلّم هذا العامل األعمى و القلوب املغربة ،كيف يكون صوت الطمأنينة البامسة . سأقف هنا يف شعبان و سط القلوب امللهوف أر ّدد نشيد الشمس :شعبان شهر املطر ،ذات يوم سنلتقي فيه بال دموع .
روح بيضاء
268
،و تكثر من
ّأمي شالل ضوء ،جتيد صناعة بيارق اخللود اللون األخضر ،رّمبا ألهنّا ابنة العنرب و النخيل ،و جتيد أيضا
املقدسة .هي كثرية تنور جدهتا ّ صناعة التنّور الطيين ،تقول إنّه ّ تبسمت ففاضت ربوع البسيطة أبلوان زاهية اإلبتسام ،ذات يوم ّ
و أهدتين عروسا بروح بيضاء ،رافقتين حكاايت الزمن العريضة املكحل ابلصفصاف ،و الرايح الداكنة ،و ،املليئة ابملطر ّ حتملتها الكتب اليت مألت البيت و االنفاس و الليايل ّ املسهدة ّ ، حتملت حكاايت احلياة و معي ،أجل ّإهنا املرأة الشرقيّة اليت ّ لوهنا الغريب .
لقد إختصرت بكفيّها قصائد الدفء ،و قطفت من حقول اجملرة سنني عديدة ،حينها كانت الصرب سالل ّ حب ،تكفي ّ لألايم ،عميقة كالنعناع ،نظرت بعينيها اىل بعيد ، تصنع لوحة ّ فكانت هنا جدوال و نوارس كاليت رأيتها يف بوميب .
إهنّا بنكهة الشرق الساحرة ،كعمق التواريخ تصنع بكفيّها عاملا متأله اخليام .تنادي على البهجة أبنَ ههنا واحة و ِدالل ، الوردي ال تفارق البيت الصغري . فكانت القهوة بعبقها ّ
269
العريب) ( ّ
رمال و ط النيل و الفرات ،فكانت هنا القلوب ٌ جربائيل خ ّ نسيم ،و كانت األغنيات ( ح ّفال معسولة احللب) ( ، )1و كانت الفراشات أسد و منر . رغم الضباب ،نعم أان عريب ،و رغم احلزن و األمل العريض ، نعم أان عريب ،و رغم موت العامل األعمى ،فإ ّن يف زوااي أملي نورا خمبّأ و ترانيم تعرفها الفصول الشاحبة . أزقة النجف رساالت معلّقة ابلفردوس ،و من طيبة محلنا أعباء اجملرة فكنّا القدس و كنّا قرابن العصور ،و من صحراء تونس ّ الرمادي الضوء ( ،يده يد أسد ،و ظفره أسود علّمنا الزمن ّ
نستل من قلب الزمن عبق اخليمة و زعفران خملب نسر)(، )2 ّ املائدة . أحببنا البحر ،فكانت األندلس ،و أحببنا عيون السحر ضي ، فكانت السند و خبارى و كابل ،لوال وردة يف ساحلنا الف ّ ملا عرفت جنوم روما حكاايت النور . 270
حينما أجلس وسط اخلليقة ،فأان ابن ابراهيم و امساعيل و عبد املطلب ،أييت ّأمة وحده ،عليه سيماء األنبياء ( . )3أيخذ صوته بيدي فأبصر .
نعم أان عريب صحراوي كمكة و سيناء و رقراق كبغداد ،وجهي فردوسي حكاايت العشق و رسام أمسر ،ينهل من كأس كلوحة ّ ّ ي ،ومن زواي مدن البلّور ،من أعماق السالم اسالمي حمم ّد ّ النور ثيايب و وأزهاري الزاهية .
اجملرة ،أان وسط اخلليقة وصوت الشهود عريب كالكعبة وسط ّ أان ّ و ترانيم الراثء ،نعم أان األمل العريض ،و اجلرح املغدور ،نعم ا ّن لكين سأسري حافياً حىت أطرق السور ّ رث ،و الثياب ّ ممزقة ّ ،
شمة ،وأضرب رأسي حبائط احلقيقة ابب الزمن األعمى بيدي امله ّ فأصحو ،فلقد سئمت دماء الوهم ،و شعارات اللصوص ابسم أمحد و السماء ،سأعمل من يدي واحة للطيور ،أعلّمها تتحرر من ثياب النزف الرباقة انشودة املطر و البكاء ،عسى أن ّ
،فهنا يف هذا القلب وجه الشمس و عشبة اخللود ،هنا يف هذا
عز ،و نداء و أنتظار . القلب ،بيت و أغنية ،حكاية ّ
271
من قصيدة ( السيف اصدق انباء من الكتب ) اليب متام ملحمة جلجامش اللوح السابع ترمجة د انور غين املوسوي حديث شريف يف عبد املطلب رضوان هللا تعاىل عليه .
( العمالقة )
ط يف موطن أمان .الرمال هناك ،و العواصف عصفور رأى ،ح ّ حل قريبة ،اال أ ّن قلبه فاض ابألسكينة ،ال لشيء اال ألنّه ّ ضيفا على العمالقة ،على من ركلوا الزمن األعمى أبقدام من صخر .هم أبناء التمر ،
272
هم العراقيّون ،بشرتهم مسراء بلون األرض املق ّدسة ،قلوهبم كأهنم أبطال بدر . معلّقة ابلفردوس ّ
(
)
سومريّون
جتاوز وجودهم رجال الضوء ،ينزلون من قلب الشمس كبارا َ كحمصة ال اجملرة ،ينظرون اىل االرض من هناك ،فتبدو صغرية ّ ّ . السعيدة أك ّفهم راحة تسد ضيّة ّاهنم صرخة البالد ،من حتت أقدامهم تبزغ أنفاس اخللود الف ّ بكل الزهر ،يتحايلون لكشف وجه ،طوابري طويلة كالنهر ّ ، املوت
احلبيب
.
أيّها أقبل ، املوت اي طفليت ال تبكي ،أان هنا ،أان العراق ،صدري لك وقاء ، هذا دمي يف قارورة النور ،أطرق ابب املوت ،أال مىت جتيب ؟
273
جنويب أمسر ، ط العرب ، اب طفليت ال حتزين ،أان هنا ،أان ش ّ ّ كلون طني سومر ،أملح كصقور صحراء العراق . اي طفليت لن يصلك حقدهم ،سأطري بك كسحاابت غضب آشوري ،فأان ثور جمنّح ال يعرف املهادنة . رب السماء هكذا ،ال أعرف اال احلق هذه هي طينيت ،خلقين ّ ،
أسنان
فكرهتين
العدم
الشر ّ و الظالم
امللوثة .
سفن كرهت حضاريت ُ أجل ،هذه هي طينيت معجونة ببخور النقيّات الطيّبات ،اي طفلة تكريت ،ال تقلقي فأان هنا ،أان العراق .
جراويّة أيب الكردي ،و سآتيهم سآتيهم من الشمال وعلى رأسي ّ من اجلنوب ،و على رأسي مشاغ احلضارات ،وسآتيهم من الغرب
و على رأسي غرتيت و العقال ،وسآتيهم من الشرق محماً بركانية مدن
من
.
الربتقال
اي طفلة تكريت ،ال حتزين ،ومتتعي بنسمات الصيف ،فأان هنا أمسر
يعشق
اانشيد
املوت
.
سومري ّ سنحصد أعواد الظالم ،كما حصد جلجامش غاابت األرز ، وسنقتل وحشيتهم ،كما قتل أنكيدو مخبااب الوحش ،اي طفليت 274
تكريت ال تقلقي فصدري لك وقاء ،ألنّين أنت ،ألنّين العراق .
عنرب الكوثري على اجلانب األمين من الالهناية ،و ذلك النهر ّ الفردوس ،و الدرب املق ّدسة اليت إختضنت أقدام اهلجرة اىل طيبة ،و البيداء اليت حلّ فيها ركب احلسني ،و ش ّق البحر يسميه العراقيون طيباً . كل ذلك ّ الذي سار فيه موسى ّ ، عصفور الغابة األصفر ذو البقع البيضاء الباهتة ،و زهرة اجلوري ،و بطوالت ثورة العشرين ،و قصائد الشمس ،و ّ املسورة كلها يسميها العراقيون املتنيب كلها و بويب ،و أوروك ّ
عنرباً .
مرة يضعون على جبينه حبّة رّز ،مث كل ما يراه العراقيون أول ّ ً جتد له الطبيعة إمسا آخر ّ ،إهنم يعشقون عطره األ ّخاذ ،يذوبون فيه اىل ما ال هناية ،غريبون عن هذه األرض البائسة ،ال
275
يعرفون اال العطاء ،ال يزرعون و ال حيصدون و ال أيكلون اال طيبا ،لوانً نقيا أاتان مع الصباحات من قلب الفردوس . طارت يب ظل شجرة هناك ،سرق ْتين ، ْ ذات يوم جلست حتت ّ اىل موطنها األصلي ،اىل كوكب العنرب ،حيث القلوب البيضاء ،هناك جدائل العروس و عطرها و مركبتها و خيوهلا حىت عجلتها ،حىت احملتفلون ،البيت ،احلقل ،عصافريه الرباقة ، املركبات احلديثة ،حىت حيطان املدارس و احلدائق العامة ،و مدرسو الصفوف االبتدائية كلّهم من العنرب األبيض . هناك ال ترى شيئا اال وعليه آاثر البياض ،لديهم مائدة طوهلا مآت الكيلومرتات ،و مسرية مليونيه حيصدون هبا الصدأ و الظلمة فيشرقون كحقل مساوي .ليتك رأيتها مللئت دهشة و انبهارا . رجاهلم و نساؤهم و صبيتهم و لعبهم سيل هادر من الشعر الكوين ،يف كوكب العنرب الكل شعراء ،حىت وليدهم يف ساعاته االوىل يقول الشعر ،لقد مررت مبقهى هلم ،فرأيت صورة طفل يف السادسة من عمره ،قلت ،من هذا ؟ قالوا هذا عنربٌ العظيم املتنيب ،فسألت صديقي من هو هذا العظيم ؟ قال هذه صورة ّ 276
وهو صغري ،إمسه احلقيقي (عنرب ) ،أال ترون أنكم تنادونه ( أاب الطيب ) ؟
البريق
ح بيدي اىل جاران القدمي ،و هو جيمع العسل يف حقل ُلو ُ حينما أ ّ دوي الصفصاف ،و حوله حنالت ايفعة بعمر الورد ،تذوب يف ّ رقصاهتا كأغنيات األشباح الفضيّة اليت تقطن هالة زحل
البنفسجيّة حينها كنت أبتسم و كان الصفصاف أملساً كبشرة ِ البائسة قاصدا قطارات الصقيع ، ع قبل قليل حبيبته عاشق و ّد َ ذوب الثلج حنو السويد ،يطلب شيئا من رحيق املوت .لقد ّ كف اندلة قلبه وصار كاسفنجة مطبخ قدمي ،تعصرها بال رمحة ّ 277
تورمت قدماه ،الصقيع أكل نشوهتا ،ليتك مل مطعم بدينة .لقد ّ
حل به العطش ،اهنّا مل تر مشس العراق ترها كانت ذابلة كمسافر ّ
منذ عام ،أجل فنحن العراقيون أمساك الشمس ،ال نعرف العيش من دون هليبها اللذيذ ،و يصيبنا العطش ان غابت قبل األوان .
نعم هكذا حنن العراقيون ننساب بني مسمات اجملد حبريّة كاملة ، خنرتق جسد التواريخ كشعاع ساحر ،نصفع وجه الزمن األعمى
حنرر زجاجة عينيه من و نستل من زواايه الظلمة و القبح ّ ، ّ الوهم ،و هناك فوق تالل صدره ننصب بريق عشق و نبين أور كل عصر . ّ اهلندي احلارق .حينما نعم هكذا حنن أنفاسنا فضيّة ،كالفلفل ّ نضحك ،كقصب اهلَور اهلادر ،نضحك بصوت مرتفع ،و حينما نبكي ،كأشجار عالية ،نبكي بصوت مرتفع أيضا ،
كأنّنا قصيدة نثر عاصفة ،صنعتها أانقة جلجامش وذراع انكيدو الربيّة ،يف يوم رملي يضاحك تباشري الصباح ،جيلس فوق أسوار أوروك يرقب الفجر الالمع . أسطوري أيسر املكان ،أال أجل هكذا صوت الفجر كساحر ّ تستظل حتت ترى شالالت الضوء تفيض من كفيّه الناعستني ، ّ 278
عتبات بِريغ ّأمي األخضر ،وهي متسح به وجه الزمن العليل ، متوردا ،حبكاايت حني أتكله األالم و اهلذايانت ،فيعود صحيحاً ّ أهنار الضوء وهم يقلّمون أغصان الظالم و اخلطيئة ،يصنعون
منها شجرة لرأس السنة ،فيجتمع الناس حوهلا يضحكون و تعلم الفصول و زوااي الزمن ا ّن الكعبة بسمة رقيقة و حكاية بريق للسالم .
*بريغ :بكسر الباء ،هو اللهجة العراقية لبريق .
اجلحيم
أفيقي أيتها األرض الكؤود ،تعلّمي من سالل اجلحيم املرتاقصة كأضواء بركة قرمزية فوق أشالء اليمن السعيد .أجلسي هناك روحك امليتة يف الزاوية ،حتت الشمس عسى أ ْن يغسل شعاعُها َ
279
،حيث الطائرات األسطوريّة اليت مل أرها من قبل ،ترسل نسائم املوت اىل ضحكات القات احلاملة .
للحب الكبري ،مث أييت صديقي التعس ،يتح ّدث يل عن اي ّ الوجد الشفيف ،و كأنه ال يرى بيته احملرتق ،و ال جثته بين يف املتفحمة ،و ال يرى أخاه الصغري ينحر كخروف ّ الساحة العامة ،ليس لشيء اال أل ّن يف عينيه أثراً من حضارة غاربة .اال أيها لغافل التعس ،ال مكان ألغنيات الوجد يف زمن اجلحيم ؟ فمن هناك من قلبك املفتون كانت عاصفة و كان اجلحيم .انر محقاء قدمية أحرقت بقريت و عنزيت ،ألبستين ثوب املرار ،و أملاً عريضا يفيض ابخلسارات . أيتها النار الرخيصة اي ذَنَب املدن الضاحكة ،مىت ترتكيين أغفو حرريين من هبدوء وسط حبّات البقل و أغصان التني االبيض ؟ ّ
سبايت الشتوي كضفدع بركة آسنة مررت هبا يوما يف صيف أ ّخاذ حرري ،أيتها الدمى ّ ،حرري مدن البحر من امللح املريض ّ ، يدي و قهويت و مسكا صنعته األبدية الراقدة يف الرمل . اي مدن اجلحيم ،اي فتيات املعبد األخري ،شوارعي تفيض لكل هذا الربود ،أيعقل أنك أتيت من ابألشالء ّ امللونة ،عجباً ّ 280
جمرة الثلج ؟ حيث تُق ّدم الدماء يف أواين الذهب الكبرية ،و ّ اجلماجم البنيّة تتيه يف قدور من إسفلت ،مع شيء من البطاطا
و الكوكاكوال ،لقد رأيتها هناك ،يف عامل اجلحيم الثلجي ،
األقدام ال ترضى ابلسري اال على جسد اإلنسان و حلمه املقهور ،اي لإلنسانية ،اي لألمن البنفسجي ،اي للشرعية الرفيعة.
( الفتاة )
اي حلظّها السعيد ،تلك السوسنة ،كانت غارقة يف كتاب قدمي يتح ّدث عن جزر املرجان ،اليت رأهتا عيناي ،حيث العامل
281
قش ،و يبتهج .كنت حينها أرى على األعمى ،يرتدي قبّعة من ّ جبهته آالم االنسانية .
لقد رأت يف تلك الصفحات طغيان األرضيني ،مل يتعلّموا من صديقي فضاءات املرأة الرحبة ،هناك يف بلده املريّخ ،السماء تتدحرج كصبية يتدفؤون ابحلبّ ،يكرعون عبق الزهر الكوين آسر ملعان ،عيوهنم من نسل خيول سليمان الساحرة ،أه كم هو ٌ
الرباقة .هناك الطيور أكثر أمنا ،تضاحك احلقيقة بعيدة رموشها ّ عن زيف مدينيت وشحوهبا الليلي .أجل،حينما غادرت الظبيات
تصور كم ذلك الساحل الوردي ،كانت أجنحتها بنفسجيّة ّ ، ّ كنت مندهشا ؟ لقد حدثين عن اإلميان ابملرأة ،عن البيوت العالية اليت تبنيها النساء هناك ،كأعشاش اللقلق حرة و عالية ،تفيض ابلفرصة تتوهج كأعياد رأس السنة . النقية ،و عند املساء ،قال أهنّا ّ صدقت هنا أمل هتجي أحرف أمسي ،أجل ّ عندها ما عدت أجيد ّ االنسانية ،هنا يقولون ،و أنّنا ّأمة جميدة ،أ ّن الوقاحة تعشعش
يف أدمغة البعيدين ،إذن ملاذا صارت أرواح الصينينب أكثر صفاء
و طمأنينية ؟ ،وتلك النوارس اليت حطّت على أرض القمر ،و 282
أخذت يل صورة مجيلة من املريّخ و اجملرات البعيدة ،كيف لثمت جباههم و أعرضت عن وجوهنا العارفة؟
أه أيّتها املساءات ،أيّتها الفصول ،أيّتها احلجب الوامهة ،يف الرباقة ،تنزعني من ك ّفيك مدن شوهاء ،و أكاذيب السراب ّ
الوردي مفاتن اخلشوع ،تُعلّمي صوهتا حبّة الغرابن قلب الفتاة ّ السود ،كم بعيدة أنت ونداءاتك العليلة ،رّمبا سأعود يوم اىل
ابلثراي اليت حت ّدثت عنها مدن الزعفران ،ابإلرث املق ّدس ، ّ أكف من احلقيقة. السماء ،فهي ال تغفو اال على ّ كل يوم آه كم هي بعيدة الرسومات و األانشيد اليت خترتق ذاكريت ّ
،كم أان غارق يف سجين الدامي املضحك ،ليتك رأيت لونه
الرقراق ،إنّه جذاب و كاذب و عدمي الضمري ،حيث يقتل صوت الزهر ليس لشيء اال أل ّن أاب هلب الزال يتح ّكم خبرافايت ، ك ّفه العريضة حتجب عين لون الشمس ،ال تعلّموهن الكتابة ، أبقوهن لوحات مزخرفة تزيّن البيوت العنكبوتية ،غارقات يف أيها الكاذب القبيح ،أيّها األعمى ما رأيتك الغياب املرير ،اال ّ يوما تلبس ثوب ضياء ،ما رأيتك يوما تنحين على زهرة تسقيها
283
ماء ،مألت زواايك العتمة الدامية ،أاي من سبتك وحشية الظالم و ألسنة الزيف العظيم . كن شجاعا ،هل ترى ذلك اجلدار؟ الذي ختتبئ خلفه مجيع الضبابيات و الرمادايت الغريبة ،إضرب نَـ َفسك األعمى به ، لعل حقولك البيضاء تكشف عن لعل رئتاك تتعلّم هواء جديدا ّ ،
األم ضي ،هناك حيث حت ّ قلبها الف ّ ط أسرار اخلليقة و الكتاب ّ .هناك لن جتد حلكاايتك و بطوالتك ذكراً . أان من هناك ،أمحل على ظهري قربة من نور ،تطري يب خيول من أيل ، ثلج ،و يد حنونة تفيض ابألمل العريض .ليتك تصغي ّ ليتك ختلع عنك ثوب العبوديّة و قناعك البائس ،كن شجاعا ، تعال حنوي ،حنو صوت غريب .
شة ،و عن الوجه اآلخر أخربك عن األوراق الزرقاء املتوح ّ للشمس ،كان شاحبا كسنابل القمح يف أرضك الغارقة يف الشيخوخة ،كم قد ح ّدثين األسالف عن األحالم و املستقبل السعيد ،اال أنّك أيّها اجلنس الظلوم ،الزلت اتئها بعيدا ،إقرتب
،كن حمبّا فهنا يف قليب ورد وضوء.
284
أيّها املرائي ،لقد علِمت السماء ماءك اآلسن ،فصرخت ألجل الفتاة ،وأنت هنا قابع كشجرة صنوبر بريّة ،تدير وجهك بكل لون ،أمل تعلم أ ّن الغصن بعيدا عن الدفء ،كاحلرابء تت ّ لون ّ
األجرد اليابس الذي تتشبّث به قد أحرقته نسائم الصباح.
ليتين مل أكن ،ليتين كنت صبّارا مات من الظمأ ،من القهر يف صحراء قاحلة مل يزرها القطر منذ االالف السنني .فهذا العامل كل يوم املرائي مل يرتك يل شيئا ،لقد عشعش يف عقله الظالم ّ ، ترتشف غيماته أروقة العتمة ،فكان مطرها بال حياة .الزرزور الذي رأيته عند النهر جييد بناء أسرة خري منهم ،لقد رأيته يكلّم زوجته احلبيبة بكل و ّد ،و يسأل بنته عما يدور يف خلدها من أحالم ،ليت هؤالء الغارقني ذوي األدمغة العريضة تعلّموا شيئا من ذلك الزرزور احلكيم . أيّها البائس ذق مرارة نبتتك العقيمة ،ستتح ّدث العصافري املبثوثة
كالضوء يف أشجار السدر النقية عن بؤسك الغريب ،أمل تسمع
زقزقاهتا ؟ أمل تفهم ما تقول ؟ إهنّا ختربين أنّك عبء و أنّك جنس بكل سوء و تشكوك اىل اإلله القدير عسى أن تعيس ،ستذكرك ّ
285
تنتصف منك فتاة احلقل و الرغبة املكبوتة وحقيبة طفلة مألى شمتها ابلقهر ذات يوم. ابالحالم كنت قد ه ّ املر أيّها التعس ،اي حفيد جنيّات الشر ،أنظر اىل هذه الكأس ّ ة ،كأس الضياع و األرضني املوحشة ،منها ش ِربت زواايك عنوان جمدها الزائف ،و يف بِركتها الطحلبية تعلّمت الغروب .أان ال أنسى حينما رأيت ّرسك يغرق يف مياهها االخطبوطية كصنم رمادي كاحل ،كان يذوب يف عامل من اإلسفلت .مث ها أنت ذا مغربا ،إبسم خترج إلينا يف زمن املوت من القبور السفلية أشعثا ّ تقص جدائل تلميذة خرجت اىل صفها ابمسة. السماء ّ
اال أيّها الصنم اإلسفليت ،اي وريث اليباب ،أبعد قناعك املزيّف املنمق ،إن كنت شهرت سيفك الصدئ عنها ،وجهك اآلخر ّ حماراب مطر السماء و الوصااي الغالية ،إبسم احلريّة ،تدعوا بكل اخلمر و دروس التيه و اخلواء أمساك الفرات ألن تنتفخ ّ
نيب االنسانية املقدام ،أبعد أنفاسك الضحلة عن ّ الرباقة ،كأنك ّ قلبها الفردوسي ،دع حجاهبا املضيء يطري هبا اىل عوامل النور ،انّه براقها الرفيع ،دعها تبحر حنو جزر احلقيقة و العشق األمسى ،
286
املشوه عن عينيها اجلميلتني ،فشجرة اللوز ال ميكن أبعد وجهك ّ أن تشعر ابلدفء بعيدا عن إيدي السماء احلنونة .
النقي ،دعها جتوب كظبيات بيضاء دع املالئكة تصافح وجهها ّ يف حقول اجلنان العذبة ،ليتك رأيت الرايحني و حبّات العنب و فواحة تتطاير حوهلا يف حلقات رقيقة ال تعرف الذبول أانشيد نبتة ّ
.
أعين على ذلك الصوت املنّمق ،الغارق يف اي أيّها النقاء الكبري ّ
التيه ، ،اي أيّها النقاء الكبري كن مشعة يف قلب الفتاة الصغرية ، لرتى وجه النور يف هذا العامل املرائي .
( ّأم األرض )
287
صخرة أان ،لن تنال جدائلي حكاايت السراب .حنو صدري املنفى ،تشرق وجهي شم ترنو نسائم الفجر .هنا ،من امله ّ ّ ّ دوامة حزين تتيه أيدي لوحة للعودة ّ راينة كعنب اخلليل .هنا ،يف ّ الضياع .
لطلما قتلوا صويت برماح ملونّة ،و أبابريق مسمومة مزخرفة ر ّشوا الصخري على أزهاري الذبول ،لكنّين أان القدس ،رسالة القدر ّ ،يف جييب جبال من األمل و الصرخة احلزينة .أجري كشالالت حب و حزن و كربايء . قدمية ،تزرع يف قلب الصبية وداين ّ الوردي ،يطرق ابب اخللد ُ ،حيضر الشمس زيتونةً من صويت ّ بيسان ،يقول للزمن األعمى ،هذي احلقيقة فمىت تشرتي عينا و ضمريا ؟ مىت أتخذ من يدي كومة نور لرتى بشاعة سكينتك متزق خاصريت اجلميلة . اليت ّ إطع ّين مىت تفيق ؟ أيها الزمن الرمادي ،أيها اجلناح املريض َ ، خبذالنك و ومهك العابر ،فأان من جنس مالئكة الفردوس ال أعرف املوت .
288
الرباقة ،أنتظري حبّة صويت ،و عنفوان إنتظريين أيتها الطيور ّ فإين قد سئمت النحيب ،و من حويل أبناء أيب جتلببوا الناصرة ّ ، مرا لطاملا أدهش عيون اجلفاء . بشرًة ملساء ،و بروداً ّ اجلب ،قليب ّتورم من وجه الغياب ، لقد مللت األقامة يف غيابة ّ
هل من عني تعيين ،فأهنار البسيطة تعو ّدت أن تتسوق املياه من جفوين ،عجبا لكل هذا النكران ،و أان ّأم األرض ،مىت ما
ج ّفت أدمعي أصاب حكاايهتم العطش ،و راحوا يبحثون يف دفاتري عن مسلسل جديد ألملي العريض .
( سني ليقي اونيين)
لقد احببت الطني ،النه يذكرين بيديك العظيمتني ، و صرت وبالوعي احس ابلزهو ،حينما ارى اسرااب من الوافدين على اببك يطلبون شيئا من الرحيق ،وانت صاحب
289
السر
.
العظيم
عجبا كم قد حتدثنا عن تالشي الزمان و املكان ،وها انت تعجنهما إبصبعيك يف طينتك الندية و قصبتك املورقة دوما ، فكان
لوحك
هو
الالهناية
.
تطل علينا حنن البدائيون يف عصرايتك البابلية الدافئة ،من شرفات اسوار اورك اليت تلمع كالنحاس ،و يف يديك قدح شاي عراقي عسلي كعيين مالك ميرح يف الربية مع ظبيات انكيدو . اجل اعرف ،انت تريده شااي قليل السكر ،ألنك انت احلكيم الذي خرب االمور و عرف االسرار ،يداك غلبتا الشيخوخة و .
املوت
اجل اعرف انت تنظر الينا و تبتسم ،فانت ( هو الذي رأى )
سني ليقي اونيين :الكاتب البابلي الذي نسخ ملحمة جلجامش .
290
أمساء اليست االمساء آخر شيء اودعته فينا امنا االرض ؟ امل يكن املدى مثلي ،يئن؟ صدقين لوال هذا القلب الصخري الب ّكاء ،ولوال صوت حبجم ابتسامة الصباح لعدت اىل الزعالن استنشق ما تبقى من الرحيق
... زهرة وسط سيل من الرمال املتموجة ،كاهنا راع قد غرق يف اخلليج تعد انفاس الشوق واحدا واحدا ،تلوذ بتوسالت الصفا و املروة 291
مىت جتيء؟ مىت حتكي لنا حكاية النصر العظيم؟ ... لقد عربت ذات يوم بقارب من الرايح مجيع اشكال الصمت ، تطلعت اىل وجه احلقل ساعة انشاده اغنيانه احلبيبة ،حينها صافحتين ارواح املسافرين و اهدتين كنوز حبار االنوار ،كم اان ممنت لذلك. ......... مزدمحة هي و براقة تلك الدرب اليت تنزل منها شالالت الصيف الوردية اهلمت اضلعي خفقة ال تنسى ،رطمت راسي البارد ابحجار من الصنوبر انين اشعر ابلعجز ملاذا اهل موميب اكثر وداعة و سلما؟ ..............
292
هامش الزعالن هنري صغري يف ريف مدبنة احللة . حبار االنوار كتاب يف احلديث مشهور .
الكتابة املتموجة
زايرة
293
لقد زرته ابكرا ،كانت السماء مورقة كعادهتا ،و الشهب ال تريد ان تتوقف ،ال تريد هلذا االنسان ان يفرح ،فالفرحة مركب صعب .حينما طرقت الباب خرجت نعامات أبذانب طويلة ، كانت ملونة و تضحك سرا .هناك ،عند االبواب ،يتربع االنسان بشيء من كرامته ،لكن و بكل صراحة – حينما و قفت حتت ظل تلك الشجرة -كنت أشعر ابلزهو .لقد َعلِم أنين اصحب معي فكرة مذهلة ،حىت االطفال يف الساحة االمامية علموا ذلك .و يف الواقع الكل يعلم اال بعض اجلزر ميزق الستار ، القابعة خلف الستار القدمي .كان إبمكانه ان ّ
فضي أعرفه جيدا حيمل زهورا و خبورا من لكن هنالك صوت ّ ب عطر مبهر ،و انه املستقبل خيربين عن االسرار ،خيربين ا ّن احلُ ّ رفيق االنسان الذي ال خيطئ .لقد اخربين عن شيء كجوهرة
البحر ال يدركه سوى حبّار عشق البحر منذ عصور .كان فاتنا و غريبا ،نعم الغرابة شيء مثني يف زمن أعمى .انه جيلس خلف
املطر ،هناك .لقد رأيته يفتح الباب ،مل استطع اال ان ألقي التحية عليه و أخربه عن النخلة و عن العوامل اليت تعوم خلف الكلمات .يف احلقيقة مل أجده مهتما ،كان مشغوال ابلنظر اىل
294
ايل قائال :اان ال أرى نفسي يف احالمكم ، املرآة ،مث التفت ّ سأرحل خارج اجملرة أحبث عن حبّارة جدد .
صوت حزين بكل هدوء .يف جدوهلا قرييت صغرية كت ّفاحة تغفو يف املساء ّ الصغري الشوارع ابقات ٍ يعزفن وهم ابسلة .هناك ،النساء َ
التل ابنتظار العيد الذي سرقته الرايح .و الضوء ، َ جيلسن وسط ّ ظل عاجز أان وريث سني ليقي ال أجيد شيئا سوى احلكاية ،إنّين ّ
أي سوق تباع الشموع .ليتك ترى و كسيح ،ليتين أعلم يف ّ األفق ،كان لونه وردايً و عطرا ،يفيض ابحللم ،نعم املرأة أكثر لكن حول خيمتها ظلمة حجرية ورثناها من حلما من شاعر ْ ، أجدادان الغالني . مغربة هناك يف قرييت ،ركام من عيون جاحدة ،و بقااي فكرة ّ
أحبرت يوماً يف قارب احلقيقة قش ال تنفع لشيء .لقد ُ ككومة ّ وجدت يف جزرها امساّ لتلك األصوات اليت تتبجح ابلتعاليم فما ُ وجدت تلك العيون الضبابية .عجبا كيف استطاعوا سرقة ،و ال ُ 295
إرثنا اجلميل ،لقد أخربتين اجلزر البيضاء أ ّن روح املرأة من ساللة الضوء و أ ّن حكاايهتا عالية ،بينما حنن نفيض ابملرااي اليت ال ترى سوى وصااي مزورة ،كم حنن غارقون يف العمى .هناك يف قرييت ، ال جتد أشجار الالزورد و الياقوت اليت أهبرت جلجامش ،بل مشوه كالليل املريض . ستجد يدين غارقتني يف الثلج ،و صواتً ّ إنّين حزين جداّ ،أال ميكنك أن تشعر بذلك .
التعبريية القاموسية
فالح إنين فالح قدمي ،أعرف رائحة هذه األرض ،وال أرى صوريت اال على وجه املاء .أنبت بني البقل كفراشة تعشق الصباح .تعال 296
انظر اىل الفرات؛ انّه عذب وصاف ال يعرف حقدا .لقد نزل اوي تغطّي وجهه الينا ذات صباح برداء ّ بين و عقال كفارس صحر ّ الرمال .و أحدثك أيضا عن أوروك ،هي ليست مدينة انعسة، فجدراهنا من النحاس و قد شيّد احلكماء السبعة أسسها .تعال كفي ،اهنما خشنتان جدا ،كأهنما بشرة خنلة متطر عسالً انظر اىل ّ فوق رؤوس العنرب الشفيف ،لذلك ليس غريباً أن جتد الظالم
جالساً هناك ،يف تلك الزاوية ،بثوبه اجلليدي يقتل أطفالنا.
ازهار السحاب مهست من هناك ؛ اين جتد حكايتك ؟ االزهار البنفسجية اهنا َ انئمة ،و دروب املرااي تالحق االشجار البيضاء .الطيور و النهر االسطوري يعرف تلك اللحظة اليت حتتاج اىل ابتسامة و دفء .
297
زلت اغرق يف شوق البحر .و ال زلت متعلقا بذلك القطار اان ال ُ حيث التقينا ابلظالل امللونة و تلك االصوات الناعسة جبانب الفضاء الواسع . اهنم يقولون ا ّن الوان النهر و فراشات الصباح نزلت من تلك الشرفة .نعم حنن نعلم اهنا عليها ان تقبل عيون ابئع الزهور . الظالل امللونة اخربتين حينما نتعلم الضحكة العميقة و حينما ينام القمر بني جفوننا ،يف ذلك الوقت سنعرف قبلة جديدة .و سنرى ازهار السحاب .هل ميكنك ان تتصور تلك االزهار ؟ هل ميكنك ان تتوقع ماذا ستخربان الغيوم . إنفجار
الصوت األرجواين للحزن ،ورغم ثوب املوت أان أراك رغم هذا ّ
الزاهي ،فأان ما زلت استطيع أن أراك .ال تقلق إنين أراك ،على ّ
تتأمالن الوجه سريرك الوفري ،حتلم ابلغد غري آبه ابملوت ،وعيناك ّ
القبيح هلذا العامل األعمى ،عامل ننت يفيض بشاعة ،يسرق دمي
298
وأطفايل وفتياين اجلميلني ،وحيرق بلديت ،ومدرسيت وسياريت الصغرية . أان أراك خترج من خاصرة االنفجار شيئًا ال ينكسر ،شيئًا يذ ّكرين كل صباح أ ّن ابلقصب ،يذ ّكرين جبدَّيت .لقد اعتادت أن ختربين َّ وخنجرا جدي ًدا وحق ًدا جدي ًدا قد غرزوه يف انفجارا جدي ًدا ً ً ضا عن األطفال وعن ال ِّدماء ،وأان خاصرتك البهيّة ،وختربين أي ً ابلصخب كشمس أعلم أنَّك وطن يفيض ابل ّدماء ،ويفيض َّ الظّهرية وكشط احللة واإلوّزات فيه متأل النّفوس ابلضَّجيج. فأطرب لصوهتا العايل كفراشة صغرية ترى َّ الصباح َّ ألول وهلة .مثّ شبح حبرا من عشق ،فأان عاشق أسطوري ،أان بقااي ٍ ٌّ أعود إليك ً خالد وحكاية منسيّ ٍة قد عادت إىل حديقة ج ِّدها ابمسةً قبل َّدي وردائي َّ توي املتهرئ أنفذ الش ّ املساء .هكذا أعود بصميت الن ّ
املتفحمة وقليب ِ اىل بشريت املتفحمة وسيَّاريت ِ هنرا ّ ّ املتفحم ،فأجدك ً طويال جدًّا بعدد النجوم وبعدد الذين جاؤوان من حقول القمح ً
صنعت منها سفينتك الباهرة ،الباهرة جدًّا. وبعدد اجلراح اليت َ
299
العبارات ثالثية االبعاد
( البحث عن أوروك )
لقد أخربتين املساءات الرمادية عن أحجيّة مق ّدسة جتلس بني األطفال تعلّمهم حكاايت الضوء .أان لست واثقاً من األهنار و 300
الينابيع ،قال ذلك وهو غارق يف حريته وسط ذلك اجلمع األسطوري .
قالوا بصوت فاخر :نعم هذه أيدينا تباركك ،
لتكن هنا أسوار حناسيّة ،و لتكن أوروك اثنية . قصيت الباهرة .كان الوقت يع ّد هكذا حيكي اللّون احلالك ّ
أصابعه بشراهة كبرية .إنّين أراه ،هناك عند الزاوية خيتلي
أبحالمه العظيمة ،حي ّدثين عن لون آخر للغروب .عجباً ،هذه أزقّة مدينيت اجلليدية ،تكرب كسيقان الصنوبر بال معىن . الرباقة ،تعصف أبوصايل يف ليلة عيد ،متنحين اي هلذه الرايح ّ بكل عنف .أان تلك الشجرة اللوزية القدمية .دمي يبتسم أغنيتها ّ يف الساقية ،كعصفور جييد لغة اخللود .أخرج رأسي من حتت
األرض فأرى اجملرة ،هناك حيث يلعب الفتية أبوهامهم اليابسة . هل ترى اي صديقي ؟ ليتك ختربين أين ميكنين أن أعثر على حياة أخرى . هذه زنبقة و أمنية و جسر أرجواين .ليس أمراً غريباً أن أكون أتلمس وجه األرض بكل هدوء . شجرة .و ليس أمراً غريباً أن ّ
يعشعش يف رأسي سرب طويل من الطيور امللونة .إصغي جيداً ، أتصور مجاله األ ّخاذ . اي لصوهتا الشجي .أان ال ميكنين أن ّ ّ 301
البين حسناً ،ليجلس املستمعون ،و لتكن قيامة احلقيقة .احلقل ّ ال يعرف الكذب ،و ذلك الرعد ما عاد يسرق قلوب الفتيات احلاملات .إننا شعب املاء ،ننمو يف قلب األرض الصخرية الالزود .شعرها من ضة نديّة قد عاد هبا الصيّادون من حبار ّ كف ّ أشعة الشمس .اي هلذا البهاء الغريب .
هامش كمي ) درجات جتلّي العناصر الفنية ( نقد ّ الكمي ، البحث يف درجات جتلّي العناصر الفنية هو من النقد ّ وهو مدخل اىل علم النقد ،و يعتمد على االستقراء و االحصاء ،و تتبع جتلي العنصر املبحوث يف النص يف كل وحدة تعبريية و امهها ( االسنادات و اجلمل ) ومعتمد على املعارف العرفية و التجلي قد تكون ضعيفة ان كان الواقعية اجلليّة .و درجة ّ التجلي يف أقل من ( )30%من وحدات النص ،و متوسط ( )%-7-30و قوي (اكثر من . )%70و يكون االسلوب طاغيا ان جتاوز ( ) 85%من وحدات النص . 302
اجلهة االوىل :االحصاء. النص مت ّكون من ( )5فقرات بـ ( ) 18سطراً ،و من ()21 مجلة .و ما يقارب من ( ) 60إسناداً ،و ( )250كلمة ، موجهة . ( ) 30كلمة منها مركزية و ( )50كلمة ّ
اجلهة الثانية :التجنيس درجة جتلّي شعر سردي ( سردية تعبريية ) ، )85%( :درجة جتلّي نثروشعرية ( اجلمل و الفقرات) ، )90%( :درجة جتلّي قصيدة نثر حرة ، )90% ( :درجة جتلي قصيدة نثر كتلة واحدة (صفر ، )%درجة جتلّي شعر ايقاعي ( :صفر ، )%درجة جتلي شعرية صورية ( ( )50%الشعرية الصورية مع النثروشعرية حيقق اللغة املتموجة وهي من خصائص قصيدة النثر العربية . درجة جتلّي القص ، )10% ( :درجة جتلّي الدراما، )20%( : درجة جتلّي اخلطابة ، )10%( :درجة جتلّي اخلاطرة . )10%( :
303
درجة جتلّي النص املفتوح ، )50%( :درجة جتلّي النص احلر العابر لالجناس . )30%( : اجلهة الثانية :مستوى ما قبل النص ( العوامل املاوراء نصية ) درجة جتلّي العوامل الفكرية للمؤلف ، )85%( :درجة جتلّي العوامل النفسية ، )80%( :درجة جتلّي العوامل االجتماعية و االنسانية . )90%( :درجة جتلّي الرسالية (. )90%
اجلهة الثالثة :مستوى التقنيات النصية درجة جتلّي النثروشعرية ( الشعر الكامل يف النثر الكامل ،البناء اجلملي املتواصل ؛ اجلمل و الفقرات ) ، )90%( :درجة جتلّي السرد التعبريي ( الشعر السردي ) ، )85% ( :درجة جتلّي البوليفونية ( تعدد االصوات ) . )85%( :درجة جتلّي الفسيفسائية ( لغة املرااي ،العبارات املرتادفة ). )90%( :درجة جتلّي التجريدية . )80%( :درجة جتلّي اللغة املتموجة ( وقعنة اخليال ) . ) % 95( :درجة جتلّي املستقبلية ( احلركة داخل النص ) . )70%( :درجة جتلّي التعبريية )40%( : 304
.درجة
جتلّي السرايلية . )20%( :درجة جتلّي الرتاكمية ( عبارات ثالثية االبعاد ) ( )20%( :ال ميكن للعبارة ثالثية االبعاد ان تتجاوز ( )30الن كل عبارة تراكمية حتتاج اىل عبارتني او اكثر قبلها . درجة جتلّي التجسيدية ( اللغة الرامسة ) . )70%( :درجة جتلّي التبادلية ( تداخل االصوات ) )20% ( :
مثال لغة تبادلية مثال (( )1خيتلي أبحالمه العظيمة ) من الواضح أ ّن وصف عظيمة ال يناسب صاحب تلك االحالم فهي على خالف املراد (اي احالم ابئسة ) .مثال (( )2دمي يبتسم يف الساقية ، كعصفور جييد لغة اخللود ) من الواضح ا ّن الدم يف الساقية مهدور رخيص و االنسب له ان يبكي ال يبتسم ،وان جييد لغة أتصور مجاله الفناء ال اخللود .مثال (( )3أان ال ميكنين أن ّ األ ّخاذ ) .بعد البيان املطلع و بيان صوهتا الشجي ،و أمر االخر ابالصغاء يكون غري مناسب عدم امكان املتكلم التصور ، بل املراد الغري املخاطب مبعىن ( انت ال ميكنك ) .و اللغة التبادلية ال ب ّد فيها من قرينة سياقية تكشف عن عدم ارادة ظاهر 305
اجلملة و إرادة ما خيالفها او غريها واال كانت إخالال ابخلطاب و الرسال . مثال العبارة ثالثية االبعاد تتحقق العبارة ثالثية االبعاد اليت تستحضر تراكم معريف نصي و افادات و رسائل مؤجلة و سابقة غري مكتملة فتجتمع كلها يف تلك العبارة ثالثية االبعاد .مثال (( )1لقد أخربتين املساءات الرمادية عن أحجيّة مق ّدسة جتلس بني األطفال تعلّمهم حكاايت
الضوء ) فهنا اربعة مقاطع ال تكتمل افادة و بياان اال عند عبارة (
تعلّمهم حكاايت الضوء ) حيث عند هذه العبارة يستحضر القارئ مجيع ما قرأه من مقاطع سابقة لفهم حدود و حقيقة ذلك نصي له أتريخ .مثال (( )2عجباً ،هذه أزقّة النظام ككيان ّ
مدينيت اجلليدية ،تكرب كسيقان الصنوبر بال معىن ) .ان املقاطع انقصة دالليا ،و ال تكتمل افادهتا اال عند عبارة ( بال معىن ) فيحضر عندها ابقي املاقطع و تتوضح دالالهتا .مثال (( )3إننا
ضة نديّة قد عاد شعب املاء ،ننمو يف قلب األرض الصخرية كف ّ الالزود .شعرها من أشعة الشمس .اي هبا الصيّادون من حبار ّ
هلذا البهاء الغريب ) .وهذا مثال منوذجي للعبارة ثالثية االبعاد و 306
اللغة الرتاكمية حيث ان عبارة ( اي هلذا البهاء الغريب ) ال يفهم اال ابستحضار افادات و ما بينته املقاطع السابقة .ان العبارات ثالثية االبعاد من االستخدامات الفذة يف تعظيم طاقات اللغة التعبريية . اجله ة الثالثة :مستوى ما بعد النص ؛ القراءة و االستجابة اجلمالية .
درجة جتلّي االهبار ( العجز االجنازي جتاه النص ) ، )70%( : درجة جتلّي طيف االستجابة (سعة مساحة االستجابة و تنوع مناطقها الشعورية ، )70% ( : درجة جتلّي االستجابة الظاهرية
، )60% ( :
درجة جتلّي
االستجابة العميقة . )70% ( :درجة جتلّي التداولية ( اللغة القريبة) )40%( :من غري اجليد ان يتجاوز التوصيل و التداولية ( )50%الن النص سيكون مباشرا ،و ال ان يقل عن ( )30%الن النص سيكون النص مغلقا .
307
ميتاشعر
ورقة صامتة رقيق هو الصباح كقصيدة نثر غرقت يف عامل من الضباب .كيف الظل الكسيح ؟ أحبث عن تريدين اذن أن أراها ،و أان ذلك ّ عيوين اليت غادرهتا البداايت .كلمايت وريثة األشباح املرهقة تتبعثر يف املكان كخيط رفيع جدا .و رقيت الصامتة ال تعلم أهنا صفراء جدا ،و ال تعلم أهنا تسابق الريح كموت ساحر .هكذا أان ، أعيش مع كلمايت املسكينة يف عامل من العمى .القارئ الذي أُثقله بندائي ال جيد قاراب يف بركة الضباب هذه .انه ال يعيش حكااييت لذلك فهو لون ميّت .حىت صديقي الشاعر الذي يسابق الندى أيضا صار جيلس يف بركة الصمت مهموماً .و أان ذلك املسكني ، يف أحيان كثرية استغرب أنين الزلت أتنفس .ليس فقط ألنين ال 308
أرى ورقيت ،بل ألن كلمايت غريبة جدا اىل ح ّد أهنا سئمت البقاء بقريب .
جزر الشعر
ميتا شعر ،فسيفسائية جزر الشعر البلّوريّة جتلس يف خيمتها هناك ،و على رقبة عنزهتا
ضاء ينري طريق السائرين .حينما تقرتب الظباء من فانوس و ّ السريّة جتد ماء احلياة فتعشق احللم .الشاعر و خبالف ينابيعها ّ مجيع خملوقات االرض ال حيتاج اىل مركبة امنا حيتاج اىل االحبار اىل
داخله البلّوري ،حيث الينابيع و حيث أزهار الشعر . أوروك سيدة املسافات ،هل رأيت آجرها ،إنّه من النحاس اخلالص الذي ال يراه سوى حبارة مهرة .أان و أنت ايها الشاعر ،سفينتنا من اخليزران و أنفاسنا من النحاس ،لقد رأيت
309
القصيدة تبحث عنك وسط الذهول .نعم إ ّن الشعر حلظة إحبار و ذهول .
ِ مبدعا ش ً ع ْ شاعر األمهر فريد غامن) (إىل ال ّ ِ الرماد ،صوتُك النُّحاسي ُّ يشق تنثر َ ش ً ع ْ الورد يف مدن ّ مبدعاُ ، ٍ ط فوق بيتِنا منذ عصور .هكذا كنسيم وجهَ الظُّلمة فينيقي ح ّ ٍّ ِ والبحر و َّ ابحات أحلانِك غين ،يتبهُ يف أج ُد النَّهر الشجر يُ ّ َ
لكل هذه األلوان واألمواج كمساف ٍر َ عاد مع املساء .عجبًا ِّ تسكن كلماتِك وتُنادي للح ّرّايت اليت الغريبة ،عجبًا لألعيادُ ، ُ االرض اليباب .منذ أن رأيت ابألرض اليباب ،أفيقي أيّـتُها ُ إشراقتك وأان ُّ أعد النُّجوم ،أجل أان رجل ابرعٌ يف ع ّد النُّجوم، شالالتِك الرفيعة. إنّين أُصغي إىل هدير ّ
310
ض ٍي ُحيلّق قي ٍ ِ شر ش مساء رماديٍّة ،يُب ِّ مبدعا ،كطائ ٍر ف ّ ّ ُ ً فريد؛ ع ْ ابل َفجر اجلديد.
311
التقليلية
الشرفة
خلف الظالل ،ترعى احلكاية ،هناك يف عمق املعىن حيث تقطن الينابيع .يدي قصرية و عيين ال تبصر ،لكن روحي تبحر حنوها فرتاها حينما تنزل من شرفتها مع املساء. * حبث
312
شجرة بيتنا هترول حافية حتت الشمس ،تبحث عن صغارها ، عبثا حتاولني ،الشيء هنا سوى االشالء .
( مرااي )
( تقليلية فسيفسائية )()1
-1لقاء هناك ،خلف املطر ،عند الينابيع السرية ،نلتقي . -2جتلّي روحك أراها بوضوح ،مشسا من الكلمات ،تعلمين نشيد الصباح . -3صوت
313
صوتك ،أييت من بعيد ،من االعماق ،ليتجلى صرخة على الورقة . -4يعقوب امحد يعقوب يف ايء كرمي و بناء فريد أج ُد سيين و ألف يعقوب ( )2 -5عادل قاسم سالمل الزمن مركبتك ،فيحيا النص و يتحرك كشهاب من املستقبل (.)3 -6طريق فرحت هبا كطفل ّبري ،الطريق . عثرت عليها حينما ُ ُ -7قصيدة ليتك تراين ،خلف الكلمات أنتظرك ،أان ،القصيدة . -8الشعر الشعر حكاية وطن ،انه عاصفة صادقة .
314
-9احلب احلب حكاية مؤجلة ،بداايهتا ( شعبان شهر املطر ميال االرض ّ ابلعهد اجلديد )()4
هامش ( ) 1الفسيفسائية هي الرتادف يف العبارات ،أبن تكون خمتلفة يف الظاهر اال اهنا تنبع من منبع واحد و قضية واحدة و تقصد غاية واحدة فتحقق واحد قصدية و مصدرية غري الوحدة العضوية .و النص يتحدث عن الشعر و القصيدة فهو ميتاشعر ايضا .
( ) 2الياء ايء املضارعة و البناء بناء املاضي و السني سني املستقبل و االلف الف االمر ،و املتتبع السلوب هؤالء الشعراء ( يعقوب امحد يعقوب و كرمي عبد هللا و فريد غامن) سيجد ان تلك الصيغ الزمنية هي البارزة يف كتاابهتم .
315
( ) 3اشارة اىل الكتابة املستقبلية و حركة النص عند الشاعر العراقي عادل قاسم . ( )4مقطع من قصيدة طويلة للمؤلف عنواهنا ( املوت و احلياة)
اىل صديق اىل االخ الشاعر البارع كرمي عبد هللا رمبا تراين عابسا بوجه الظلمة و الضباب ،لكنين يف داخلي ابتسم .ال تقلق ؛ اننا ننتصر. عن نيسان نيسان أنشودة الثائرين ،تلون خضرتُه وجه احلقول فتبتسم .
ميتاشعر لن تكون القصيدة قصيدة حىت تكون كالتنني انعمة امللمس لكنها قاتلة . 316
ثالث قصائد يف الصيف صيف أبيض ظل يف صحراء جاء هبا صيف صويت ُم ّر ،ألنّه يتيم .يبحث عن ّ أبيض يفيض ابلوهم .
ضيف أصفر األشجار الشاحبة ،يف قلبها مدينة حزينة ،اهنا ما شيدته أايدي الصيف األصفر .
صيف أمحر
السواقي حتتفل ،أته دمي الرخيض ،مرحى أيها الصيف األمحر .
317
قصائد جتريدية تنبثق من اعماق االحتاد ابالشياء و رؤيتها يف عمقها جمردة من التشكل الظاهري ،بلغة تنقل االحساس و الشعور قبل التوصيل املعنوي .
318
املؤلف
أنور غين املوسوي شاعر عراقي حائز على جوائز ،ومرشح جلائزة البوشكارت ومؤلف ألكثر من مائة كتاب .ولد عام 1973يف اببل .ظهر امسه يف أكثر من مخسني جملة أدبية وعشرين خمتارات شعرية يف الوالايت املتحدة األمريكية واململكة املتحدة وآسيا وقد فاز ابلعديد من اجلوائز؛ منها "أفضل شاعر العامل يف عام 2017من ."WNWUيف عام 2018مت ترشيحه جلائزة اديليد للشعر ويف عام 2019مت ترشيحه جلائزة .Pushcart حصل على جائزة روك بيبلز األدبية ،وجائزة ايسر عرفات الدولية للسالم ،وجائزة أكادميية الروح املتحدة للكتاب للشعر يف عام .2019أنور طبيب استشاري أمراض الكلى وطالب علوم دينية ،ومؤلف ألكثر من مائة كتاب .ثالثون منهم ابللغة اإلجنليزية مثل؛ "A Farmers Chant؛ 319
Inner Child
،Press 2019
"،" Color Whispers
and ،2019 ،AABAS Publishing House " .2019 ،Just Fiction ،"Salty Talesوهو رئيس حترير جملة ).Arcs Prose Poetryيلقبه شعراء عراقيون ابملعلم ووصفته الناقدة اهلندية براغيا سومان ابلشاعر األسطورة ووصفته الشاعرة اهلندية جوترمااي اثكور بشاعر القرن.
320
321
322
323