يمر الوطن الحبيب بظروف بالغة الدقة بدأت منذ نجحت ثورة 25يناير 2011في إسقاط الرئيس المخلوع محمد حسني مبارك ،بعد ثالثين سنة من الظلم والطغيان ،وال تزال هذه الظروف مستمرة حتى اآلن على الرغم من النجاح العظيم النتخابات مجلسي الشعب والشورى ،من حيث نزاهتهما وإقبال الناخبين على التصويت فيهما. والتقدم للمنصب الرئاسي ،في ظل هذه الظروف ،ليس إال محاولة ألداء الواجب نحو الوطن بإنقاذ سفينته من أن تتجاذبها الرياح ذات اليمين وذات الشمال ،في الوقت الذي هي فيه أحوج ما تكون إلى ربان يقود مسيرتها حتى تصل إلى الشاطئ اآلمن الذي تتحقق عنده آمال مصر وشعبها في االستقرار واالزدهار والتنمية والنهضة الشاملة إن شاء هللا. وهذا البرنامج الذي أقدم خطوطه العريضة للشعب المصري العظيم ليس برنام ًجا انتخابيًا يراعي ظروف االنتخابات الرئاسية القادمة ،وإنما هو برنامج سياسي وفكري آمنت بأسسه ،وعملت على تأصيله وتفصيله، وحرصت على تجديده وتنقيحه بحيث أصبح يمثل الرؤية الكلية التي أسعى إلى اإلقناع بها وتحقيق نتائجها في الواقع العملي الوطني إذا رأى الشعب المصري العظيم أن يكلفني بمهمة قيادة الوطن في المرحلة الرئاسية القادمة؛ وهذه الرؤية نفسها هي التي سأبذل قصارى جهدي ـ ما حييت ـ للتوعية بها والعمل على تحقيقها.
ويهدف هذا البرنامج السياسي إلى رفعة الشأن المصري الوطني ،للفرد واألمة ،واستعادة الهوية ً مرجعا لها ،ومن العروبة عروة تربطها المصرية العربية اإلسالمية الوسطية التي تتخذ من اإلسالم بأصولها ،ومن تاريخها الطويل أساسا لعالقة متكافئة مع دول العالم كافة. ويدور هذا البرنامج على محاور ستة:
اإلنسان المصري يدور هذا المحور حول تمكين اإلنسان المصري من اكتشاف قدراته وإمكاناته منطل ًقا من ثوابت: .1أن المصري ولد حرا ال سلطان عليه ألحد إال وفق القانون. .2ال يجوز لسلطة أيًا كانت أن تصادر حريات اإلنسان المصري الفردية والسياسية واالقتصادية واالجتماعية والفكرية والدينية ،وال أن تقيدها بقيود تخرج عن نطاق التنظيم إلى نطاق المنع والحرمان. .3الدولة المصرية مسؤولة عن توفير الحماية لكل مواطن ،أو مقيم على أرضها في نفسه وماله وكرامته. .4تلتزم الدولة بتهيئة الظروف المناسبة لتمكين اإلنسان المصري من المساهمة الفعالة في مشروع تقدم الوطن ونهضته. .5المنظومة األخالقية في المجتمع تبدأ بااللتزام األخالقي للفرد.
دولة القانون يقوم هذا المحور على قيمتين أساسيتين هما :تحقيق العدل الذي به تحيا األمم ،وااللتزام التام بالمساواة بين الناس، باعتبارهما أساس بقاء الملك ونهضة الدول ودوام قوتها فـ " هللا ينصر الدولة الكافرة العادلة على الدولة المؤمنة الظالمة". وثوابت هذا المحور هي: .1الرجوع إلى مبادئ الشريعة اإلسالمية فيما تصدره السلطة التشريعية من قوانين ،ومراجعة جميع التشريعات القائمة الستبعاد أي نص يخالف الشريعة اإلسالمية أو يتعارض مع مبادئها الكلية. .2المصريون أمام القانون سواء ،والتمييز بينهم بسبب الدين أو العرق أو الجنس جريمة يجب أن يعاقب عليها القانون. .3المساواة واجبة أمام جميع أجهزة الدولة من محاكم وسلطة تنفيذية وسلطة تشريعية وإدارة بأنواعها كافة. .4الفصل بين السلطات أساس في بناء دولة القانون. .5ال تتحقق المساواة إال بالتزام أجهزة الدولة كافة بالشفافية المطلقة. .6القضاء على الفساد أول وسائل تحقيق العدل وااللتزام بالمساوة. .7تفعيل الرقابة القضائية على السلطة التنفيذية ،وبوجه خاص على جهاز الشرطة ضرورة إلقامة دولة القانون.
وتحقيق أهداف هذا المحور يقوم على وسيلتين: أوالهما :إعادة هيكلة البناء التشريعي المصري أصوال وفروعا بما يضمن السير بخطى ثابتة نحو تطبيق الشريعة اإلسالمية بإعمال أحكامها واالستمداد في كل تشريع جديد من مبادئها الكلية وقواعدها العامة، وثانيتهما :إصالح القضاء بما يضمن استقالله ،وحياده ،وكفاءته ،وإزالة ما لحق ثوبه األبيض من ألوان غير متجانسة نتيجة لتصرفات غير جائزة. ويلحق بذلك إصالح جهاز الشرطة وفق خطة تفصيلية تستدعي ضمانات تشريعية مانعة لتغول الشرطة على سائر السلطات في الدولة.
التعليم يستحضر هذا المحور أن التعليم حق من حقوق اإلنسان األساسية أصابه في مصر من التدهور ما جعل المؤسسة التعليمية ال تؤدي إال النزر اليسير من مهمتها المقدسة. وثوابت هذا المحور: .1أن التعليم أساس التنمية. .2التعليم ،وباألخص تعليم القيم ،هو الوسيلة األهم لبناء الشخصية الوطنية المصرية. .3التعليم المستهدف هو الذي يعين على نصرة الفقير على فقره ،والجاهل على جهله ،والضعيف على ضعفه، ويحرر إرادة اإلنسان ويدفعه إلى طلب الترقي. .4التعليم في األصل هو مسؤولية الدولة ويجب زيادة نصيبه من اإلنفاق العام لكن مساهمة القطاع الخاص فيه مرجوة في إطار الخطة العامة للتعليم الوطني. والعمل في إصالح التعليم يسير في طريقين متوازيين :هما تحرير الجامعة بما يمكن األستاذ من االبتكار واإلبداع ،ويمكن الطالب من التفكير الحر خارج نطاق المنهج المقرر؛ ومعالجة مشكالت التعليم العام الخاصة بالمنهج والبيئة التعليمية والمدرس وعالقة األسرة بالمدرسة. وال يهمل هذان الخطان تعليم الحرف والمهن وتنظيم ممارستهما ،وحماية حقوق العاملين فيهما.
الصحة السياسة الصحية الوطنية يجب صياغتها استقا ًء من المبادئ والقيم واالستراتيجيات التي حددتها وثيقة منظمة الصحة العالمية حول الحق في الصحة للجميع في القرن الحادي والعشرين .وأول ما ينبغي االهتمام به في تحقيق هذه السياسة الصحية هو رفع نصيبها من الموازنة العامة للدولة بحيث ال يقل عن %15من الموازنة العامة. والثوابت الخاصة بالسياسة الصحية في مصر أن: .1الصحة حق للجميع دون تمييز بين الناس على أي أساس. .2ال يجوز ألي سبب كان منع العالج الطبي الطارئ عن أي إنسان ،ويجب إيجاد قسم الستقبال الطوارئ وعالجها في جميع المؤسسات الصحية عامة كانت أو خاصة. .3يجب التوسع الجغرافي في الخدمات الصحية التي تقدمها الدولة بحيث تغطي كل أنحاء الوطن. .4الوقاية قبل العالج منهج له أولوية قصوى في السياسة الصحية يستدعي االهتمام الكافي ببرامج دعم وتعزيز الصحة. .5االهتمام بالتغذية ،وتوفير الماء الصالح للشرب ،واستعادة نقاء البيئة كل هذا من أولويات الخطة الصحية الوطنية. ضا للخطر مثل األطفال واألمهات وكبار السن وذوي اإلعاقة من ضرورات .6االهتمام بالمجموعات األكثر تعر ً تحقيق األهداف األولية للسياسة الصحية الوطنية.
وتتحقق أهداف هذه الخطة ببناء النظام الصحي بمفهوم الرعاية األولية ،ونظام طبيب األسرة ،وإدخال الوقاية والتوعية باألمراض غير المعدية وعوامل الخطر ،وإعادة النظر في التعليم الطبي بما يمكن خريجيه من سد االحتياجات المحلية ،وتوفير التمويل الالزم لتحقيق أهداف السياسة الصحية.
االقتصاد مصر ليست دولة فقيرة فبعد كل النزيف الحاصل في احتياطييها النقدي مازالت محتفظة بما قيمته 15.5مليون دوالر وهذا االحتياطي آخذ في الزيادة ،والتنمية االقتصادية الجادة التي تتخلص من نقائص الفساد والمحسوبية والسرقة قادرة على إعادة تكوين ضعف هذا االحتياطي على األقل في وقت قصير. والثوابت التي يقوم عليها المحور االقتصادي هي: .1اتباع سياسة ضريبية ال تثقل عاتق الفقير وال تزيد من غنى الغني ،وفرض ضريبة تصاعدية على الدخل الفردي لألغنياء مع فرض ضريبة ثابتة على االنتاج بأنواعه كافة تشجيعًا للعمل واالستثمار. .2الخفض التدريجي لدعم الطاقة للصناعات الثقيلة التي تستهلك نحو %75من الغاز المدعوم و %65من الكهرباء. .3الخفض التدريجي لعجز الموازنة بسياسات ال تضر بالعدالة االجتماعية. .4فتح مجاالت استثمار جديدة تزيد من الصادرات إلى السوق العالمية وتؤدي إلى تحقيق التوازن في ميزان المدفوعات. .5خفض معدالت البطالة وتعديل سياسة األجور وإيجاد مصادر جديدة للطاقة وتطوير المصادر القديمة.
ويحقق أهداف هذا المحور المحافظة على العمل في المجاالت االقتصادية القائمة من زراعة وصناعة ونشاط تجاري وسياحي وتطويرها ،مع فتح مجاالت استثمار جديدة قليلة الكلفة معتمدة على الموارد المتوافرة بيئيا في مصر ،مثل توليد الطاقة الشمسية ،وتطوير الصحارى وموارد المياه ،واالهتمام بالصناعات التعدينية ،وتطوير منطقة قناة السويس ،وتحلية مياه البحر باستخدام الرياح والطاقة الشمسية .ويؤدي هذا ـ ضمن وسائل أخرى ـ إلى احتواء مشكلة البطالة ،وإعادة التأهيل بما يتناسب مع سوق العمل واحتياجاته.
العالقات الخارجية مصر من أقدم دول العالم في عالقاتها الخارجية ،وال يجوز أن يتصور أحد أن هذه العالقات قابلة لالنقطاع أو اإلغفال .ولكن السياسة الخارجية المصرية سوف تراعي ثابتين أساسيين: .1تحقيق المصلحة المصرية العليا قبل أي مصلحة أخرى. .2التعامل على قدم المساواة وبالندية الكاملة مع جميع الدول والمؤسسات والمنظمات الدولية كافة. وخطط هذه السياسة تقوم على عدم استلحاق مصر أو استتباعها ألية إرادة أجنبية عن إرادتها الوطنية ،ويمكن لهذا الكفاءة الهائلة للدبلوماسية المصرية والقدرة التفاوضية والتاريخ الطويل من العالقات المتميزة بين مصر وعدد كبير من دول العالم. لقد أهملت العالقات الخارجية المصرية عربيًا وأفريقيا وآسيويًا وإسالميا طول الثالثين السنة الماضية بصورة أفقدت مصر كثيرا من مكانتها ومن قدرتها على التأثير في مسيرة العالقات الدولية .واستعادة هذه المكانة وتلك القدرة ،والعودة إلى موضع الريادة المصري األصيل سيكون موجها دائما لسياستنا الخارجية.
إن مصر ال تسقط وال تموت ،وإعادة صنع مجدها واستعادة مكانها يبدأ بلبنة من لم يستطع وضعها في مكانها الصحيح بقي بناؤه خياال ال واقع له. والوطن القوي الكامل شرف لنا جميعا ،والوطن الضعيف الناقص مذمة لنا جميعا ،ومن أجل مصر ..الوطن الذي نهفو إليه ..قويا كامال يشرف أبناؤه باالنتماء إليه ،فإننا نسعى إلى تزكية جوانب الحق والخير وتوسيع نطاقها في المجتمع كله ،ونسعى إلى محو جوانب الباطل والشر أو تضييق الخناق عليه في المجتمع كله ،ونجاح هذا السعي يعيد مصر إلى مكانتها التاريخية: ً دولة قائد ًة رائد ًة ً هادية ً مرابطة. والحمد هلل رب العالمين،،، العو ا محمد سليم َّ