طباق أو طلاق ؟ عدنان إبراهيم

Page 1

‫طباق‬ ‫أو طالق‬ ‫‪-------‬‬‫الجمعه ‪ 41‬ديسمبر ‪2142‬‬

‫د‪ .‬عدنان إبراهيم‬

‫تفريغ ‪ :‬أ‪ .‬سهل علي أبو معال‬ ‫مراجعة ‪ :‬د‪ .‬مىن زيتون‬


--------

https://www.facebook.com/pages/%D8%AA%D9%81 %D8%B1%D9%8A%D8%BA%D8%A7%D8%AA%D8%AE%D8%B7%D8%A8%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%83%D8%AA%D9%88%D8%B1%D8%B9%D8%AF%D9%86%D8%A7%D9%86%D8%A5%D8%A8%D8%B1%D8%A7%D9%87%D9%8A%D9%85/ 350412768398053

‫طباق أو طالق‬

‫صفحة تفريغات خطب الدكتور عدنان إبراهيم‬

1


‫ط باق أو طالق ج‪1‬‬ ‫د‪/‬عدنان إبراهيم‬

‫طباق أو طالق‬

‫إن الحمد هلل نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره‬ ‫ونعوذ باهلل من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا‪َ ,‬من‬ ‫ُ‬ ‫وأشهد‬ ‫يهده هللا فال مضل له ومن ُيضلل فال هادي له‪,‬‬

‫‪--------‬‬

‫أن ال إله إال هللا وحده ال شريك له وال نظير له وال مثال‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫وأشهد أن سيدنا ونبينا وحبيبنا محمدا عبد هللا‬ ‫له‪,‬‬ ‫ورسوله‪ ,‬وصفوته من خلقه وأمينه على وحيه‪ ,‬صلى‬ ‫هللا تعالى عليه وعلى آله الطيبين الطاهرين‪ ,‬وصحابته‬ ‫ُ‬ ‫املباركين امليامين‪ ,‬وأتباعهم باحسان إلى يوم الدين‬

‫وسلم تسليما كثيرا‪.‬‬ ‫عباد هللا أوصيكم ونفس ي الخاطئة بتقوى هللا العظيم‬ ‫ولزوم طاعته‪ ,‬كما أحذركم وأحذر نفس ي من عصيانه‬ ‫سبحانه ومخالفة أمره‪ ,‬لقوله جل من قائل ‪َ :‬م ْن َع ِم َل‬

‫أشرف على‬ ‫تنسيق الكتاب‪:‬‬

‫محمد عدوي‬

‫‪2‬‬


‫صال ًحا َفل َن ْفسه ۖ َو َم ْن َأ َس َاء َف َع َل ْي َها ۗ َو َما َرُّب َك ب َظ االم ل ْل َ‬ ‫َ‬ ‫يد‪ -.‬ثم أما بعد أيها‬ ‫ب‬ ‫ع‬ ‫ِ‬ ‫ِ ٍ ِ ِ ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫األخوة املسلمون األحباب أيتها األخوات املسلمات الفاضالت‪ ,‬يقول هللا‬ ‫سبحانه وتعالى في كتابه الكريم بعد أن أعوذ باهلل من الشيطان الرجيم‪..‬‬

‫طباق أو طالق‬ ‫‪--------‬‬

‫بسم هللا الرحمن الرحيم‬ ‫َ َ َ َ ْ َ َّ َ َ َ ْ َ ْ َ َ َ َ ْ َ ُ َ َّ ْ َ ِّ َ َّ َّ َ َ َ َ ٌ‬ ‫ات واْلرض وما بينهما ِإَّل ِبالح ِق و ِإن الساعة َل ِتية‬ ‫وما خلقنا السماو ِ‬ ‫يم (‪َ )58‬و َل َق ْد َآت ْي َن َ‬ ‫َف ْ‬ ‫اص َفح َّ‬ ‫يل (‪ )58‬إ َّن َرَّب َك ُه َو ْال َخ َّال ُق ْال َعل ُ‬ ‫الص ْف َح ْال َجم َ‬ ‫اك‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ َا َْ‬ ‫َ ْ ً َ َْ​َ َ ُ ْ َ‬ ‫َ‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫سبعا ِمن املثا ِني والقرآن الع ِظيم (‪ )58‬ال تمدن عينيك ِإلى ما متعنا ِب ِه‬ ‫َ ُ ْ ِّ َ َ‬ ‫َ ْ َو ً ْ ُ ْ َ َ َ ْ َ ْن َ َ ْ ْ َ ْ ْ َ َ َ َ ْ ُ ْ َ‬ ‫أز اجا ِمنهم وال تحز علي ِهم واخ ِفض جناحك ِللمؤ ِم ِنين (‪ )55‬وقل ِإ ِني أنا‬ ‫َ َ َْ َْ َ َ​َ ُْْ َ‬ ‫ا َ َ َُ ْ ُ ْ َ‬ ‫َ‬ ‫ُْ ُ‬ ‫ا‬ ‫الن ِذ ُير امل ِبين (‪ )58‬كما أنزلنا على املقت ِس ِمين (‪ )89‬ال ِذين جعلوا القرآن‬ ‫َ​َ َ​َ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِع ِضين (‪ )89‬ف َو َر ِِّب َك لن ْسأل ان ُه ْم أ ْج َم ِعين (‪َ )89‬ع اما كانوا َي ْع َملون (‪)89‬‬ ‫ا َ َ ْ َ َ ُْ ْ َْ َ‬ ‫َ ْ َ ْ َ ُ ْ َ ُ َ َ ْ ْ َ ُْ ْ َ‬ ‫فاصدع ِبما تؤمر وأع ِرض ع ِن اْلش ِر ِكين (‪ِ )89‬إنا كفيناك املسته ِزِئين (‪)88‬‬ ‫ا َ َ ْ َ ُ َن َ َ ا َ ً َ‬ ‫آخ َر َف َس ْو َف َي ْع َل ُمو َن (‪َ )88‬و َل َق ْد َن ْع َل ُم َأ انكَ‬ ‫اَّلل ِإلها‬ ‫ال ِذين يجعلو مع ِ‬ ‫َ ُ َ ُْ َ َ َُ ُ‬ ‫الساجدِ َ‬ ‫ولو َن (‪َ )88‬ف َس ِّب ْح ب َح ْمد َ ِّب َك َو ُك ْن م َ‬ ‫ا‬ ‫ين‬ ‫ن‬ ‫ي ِضيق صدرك ِبما يق‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ْ ِ ِ رِ‬ ‫ْ ُ‬ ‫(‪َ )85‬و ْ‬ ‫اع ُب ْد َراب َك َح اتى َيأ ِت َي َك ال َي ِقين (‪)88‬‬ ‫سورة الحجر‬

‫‪3‬‬


‫صدق هللا العظيم وبلغ رسوله الكريم ونحن على ذلكم من الشاهدين‪,‬‬

‫اللهم اجعلنا من شهداء الحق القائمين بالقسط آمين اللهم آمين‪.‬‬

‫ً‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫يطرحه بعض َمن أوتي وعيا في هذه اْليام‪,‬‬ ‫سؤال قد‬ ‫إخواني وأخواتي‪,‬‬ ‫وحر ُ‬ ‫كه ٌ‬ ‫ِّ‬ ‫هم بحال هذه األمة وبمستقبلها وبمصيرها؛ ما أكثر ما ينقص‬

‫السياسية إلى سائر هذه التوصيفات‪ ,‬واضح أن العالم املتقدم‪ ,‬العالم‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫اآلخر قد قطع أشواطا بعيدة وذهب إلى أمداء متناهية جدا في إدارة‬

‫‪--------‬‬

‫خالفاته‪ ,‬وواضح باملقابل أننا ال زلنا نحبو على الطريق‪ ,‬ولذلك تستحيل‬ ‫صداقاتنا عداوات بسرعة شديدة‪ ,‬إن على مستوى الدول‪ ,‬وإن على‬

‫طباق أو طالق‬

‫العرب واملسلمين اليوم؟ ما أكثر ما ينقصنا اليوم؟ في قائمة هاتي األشياء‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫التي ترشح وتقترح على أنها رؤوس ما ينقصنا ُويعوزنا اليوم؛ إدارة‬ ‫ُ‬ ‫خالفاتنا‪ ..‬كيف ندير خالفاتنا؛ الفكرية‪ ,‬الدينية‪ ,‬العقدية‪ ,‬األيدولوجية‪,‬‬

‫مستوى األفراد؛ أصدقاء اليوم أعداء بعد ساعة‪ ..‬تستحيل بشكل‬ ‫دراماتيكي ُيثير العجب واالستغراب‪ ,‬ملاذا؟ وعلى هذا النحو؟ وعلى جميع‬ ‫املستويات‪ ,‬على املستوى الفردي وعلى املستوى الشعوبي أو األممي أو‬

‫املجموعي ألننا ال نحسن إدارة خالفاتنا‪.‬‬ ‫طبيعي أن نختلف أيها اإلخوة وطبيعي أن نتباين‪ .‬من أسوأ ومن أردأ ما‬ ‫ُ‬ ‫ُيمكن أن ُيبتلى به املرء خاصة املهموم بالشأن العام واملشتغل في الشأن‬ ‫العام أن ال يلحظ االختالف والتباين والتنوع‪ ..‬أن ال يلحظ إال نفسه ثم‬

‫‪4‬‬


‫يختصر الكل في نفسه‪ ,‬هذه نرجسية قاتلة؛ في العادة يجري الحديث عن‬ ‫ً‬ ‫النرجسية أيضا في أطر فردية وعلم النفس يتناول هذه الظاهرة‪ ..‬ال ‪ ,‬قد‬ ‫ُ‬ ‫تصاب األمم‪ ,‬الشعوب‪ ,‬التشكيالت‪ ,‬التنظيمات‪ ,‬الطوائف‪ ,‬املذاهب‪,‬‬ ‫الجماعات‪ ,‬الحركات بالنرجسية فال ترى إال نفسها وال تسمع إال صوتها‪ ,‬في‬ ‫ً‬ ‫الحقيقة إن التباين طابع صارخ وفاقع في هذه األيام‪ ,‬واضح جدا‪ ..‬ولعلكم‬ ‫طباق أو طالق‬

‫على دراية بسبب هذا التباين‪ ,‬وهو مرشح لالزدياد فانتبهوا‪ ..‬أكثر املؤدلجين‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫يظنون أن التاريخ البد أن يأخذ مسارا واحدا عتيدا يعمل على الدمج‪,‬‬ ‫ويعمل على التجانس وهذا غير صحيح‪ ,‬إذا كان ثمة دمج وثمة تجانس فهو‬ ‫ُ‬ ‫على مستوى القيم الكبرى الحاكمة في مالحظة اَّلختالف وفي إدارتها من ثم‪,‬‬

‫‪--------‬‬

‫لكن ليس على مستوى األفكار والتشكيالت والطوائف املذهبيات‬ ‫مستحيل‪ ,‬العالم اليوم ال يتجانس على هذا النحو ألنه عالم أطلقت فيه‬ ‫الحريات‪ .‬أكثر مقولة اآلن تتردد وأكثر شعار ُيرفع‪ ,‬الحرية‪ ..‬الحرية‪ ,‬الحرية‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫فالكل ُيطالب بالحرية‪ ,‬الذكور واإلناث‪ ،‬والكبار والصغار‪ ,‬واملتدين وغير‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫املتدين وامللحد‪ ..‬الكل ُيطالب بالحرية‪ ,‬والشرق والغرب‪ .‬إذا لسنا في سبيل‬

‫التجانس‪.‬‬ ‫لألسف أهل اْليدلوجيات يظنون أن مسار التاريخ هو مسار التجنيس أي‬ ‫يعمل على التجانس وهذا غير صحيح‪ ,‬لذلك حتى القوى اإلسالمية في‬ ‫‪5‬‬

‫مصر الحبيبة‪ ,‬البلد اْلكبر في العالم العربي واْلهم ‪-‬بال شك نقطع بها من‬


‫غير جمجمة‪ ,-‬وصل اإلسالميون إلى السلطة لكن بواحد وخمسين ونصف‬ ‫باملائة‪ ,‬ماذا يفعل اآلخرون‪ ,‬ا‬ ‫إن لهم إتجاهات ُمختلفة‪ ,‬تصورات ُمختلفة‪,‬‬ ‫ُ‬ ‫هذا واقع‪ ،‬انتبهوا‪ ,‬ال يهمنا أن نوصفه بعد ذلك‪ .‬نقرر هذه الحقيقة‪ ,‬هذه‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫الحقيقة رقمية إحصائية انتخابية ْلنه ليس واقعا ُمتجانسا‪ ,‬وحتى إذا‬ ‫ً‬ ‫نظرنا في الواحد والخمسين في املائة هل هم ُمتجانسون؟ طبعا ال‪ ..‬غير‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫ُمتجانسين‪ ,‬واضح أنهم غير ُمتجانسين‪ ,‬إذا كيف ندير خالفاتنا؟ وفق أي‬ ‫طباق أو طالق‬

‫فاأليدلوجيون يجنحون لتفسير كل ش يء بسبب واحد‪ ,‬أو على اْلقل‬

‫‪--------‬‬

‫معايير وفق أي منطق؟ هذا يتصدر قائمة ما ينقصنا‪ .‬لكن ملاذا َّل نزال‬ ‫ُ‬ ‫وعلى جميع اْلستويات َّل نحسن ونعجز ونفشل في إدارة خالفاتنا؟ ْلسباب‬ ‫ً‬ ‫كثيرة طبعا‪ ,‬فنظرية السبب الواحد تهاوت منذ مدة‪ ,‬كما قال ماركوزا‪ ,‬وال‬ ‫يوجد ش يء ُيمكن أن ُيفسر بسبب واحد فهذا كالم فارغ‪ ,‬وباملناسبة‬ ‫بمجموعة أسباب منظومة تتكفل بإعطائها وتقديمها أيدلوجيتهم‪..‬‬ ‫األيدولوجيا‪ ،‬وفيما عدا ذلك ال تفسير وال فهم وال تحليل وال تعليل‪ ,‬كالم‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫أيضا غير صحيح‪ ,‬في نهاية املطاف هذه األيدلوجيا قد تشكل سببا واحدا‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫معصوبا ‪ ..‬إذا نظرية السبب الواحد انتهت‪ .‬لكن ضمن أهم اْلسباب التي‬ ‫ُيمكن أن نفسر أو نحاول بها مقاربة وتفسير هذه الظاهرة والتي أدعوها‬ ‫ُ‬ ‫هاجس اْلطابقة ‪,‬‬ ‫ً‬ ‫نحن أمم ليس ْلن هللا خلقنا هكذا وليس ْلننا ُمركبون َبنيويا هكذا أو هذا‬

‫‪6‬‬


‫يسري في جيناتنا‪ ,‬ال غير صحيح‪ ,‬بل لألسف إنها ثقافتنا بشكل عام؛ ثقافة‬ ‫ُ ُ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫حب املطابقة‪ ,‬تمجد املطابقة‪ ..‬الطباااااق ‪ ..‬مثل‬ ‫تدفعنا نحو املطابقة‪ ,‬ت‬ ‫ُ‬ ‫طباق علم البديع‪ ,‬هذا هو الطباق‪ ,‬تحب الطباق‪ .‬ما يتطابق وينطبق‬ ‫ُيريحنا ُيسعدنا ُيشعرنا بالنشوة‪ ,‬ما يختلف ُيزعجنا‪ُ ,‬يشعرنا باالستفزاز‬ ‫بالتوفز‪ُ ,‬يؤرث فينا شعور الغضب‪ ,‬ربما ينحدر وينحط إلى شعور‬

‫طباق أو طالق‬

‫الكراهية ومن ثم الحقد ومن ثم الرغبة في اَّلنتقام‪ ,‬ومن ثم إرادة التصفية‬ ‫ٌ‬ ‫جدير‬ ‫واإللغاء‪ ،‬وهذه ُمصيبة‪ ..‬نتدلى إلى مستوى وإلى وهدة إجرامية‪ ,‬لكن‬ ‫ً‬ ‫أيضا أن نبحث وأن نفكك ثقافة املطابقة ْ‬ ‫هذه‪ ،‬نفكك ثقافة الرغبة في‬ ‫بنا‬

‫املطابقة‪.‬‬ ‫‪--------‬‬

‫‪7‬‬

‫ْلاذا هذه اْلطابقة من أين تأتي؟ أنا أقول لكم‪ ,‬تأتي من فقر اْلعرفة ‪-‬‬ ‫أنيميا املعرفة‪ ,-‬تأتي من الجد واالشتغال على بناء الجدران وتثخينها‬ ‫َ‬ ‫وتسميكها‪ ,‬فاختر لنفسك إما أن تكون‬ ‫ساكن جدران وإما أن تكون ر او َاد‬ ‫ُ ُ‬ ‫نحن ال نحب هذه الروح السندبادية وريادة‬ ‫آفاق ُمرتاد آفاق‪ ..‬ال ال ‪..‬‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫اآلفاق‪ ,‬نحب أن نسكن القصور‪ ,‬قصور اْليدلوجيا والفكر اْلكتمل‬ ‫ً‬ ‫الناجز‪ ,‬الذي ُيعطي حال للدنيا واآلخرة‪ ,‬للشرق والغرب لنا وللعاملين فنحن‬ ‫ً‬ ‫إذا علينا أن نعيش بين هذه الجدران‪َ ,‬‬ ‫ومن‬ ‫أساتيذ البشر طبعا!!!!!!!!!!‬ ‫يعيش داخل جدران هل يرى العالم؟ هل يرى اآلفاق؟ هل يرى اآلخرين؟‬ ‫وليس لش ٍيء كامن جوف صخرة سواها أر ٌ‬ ‫ض وَّل سما‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬


‫هؤَّلء اْلُتشرنقون اْلُتقوقعون اْلُتجدرنون داخل ُ‬ ‫الجدر َّل ُيمكن أن‬ ‫يرتادوا اَلفاق‪ ,‬ليس عندهم هذا التطلع السندبادي‪ ,‬والبحث عن الجزائر‬ ‫ً‬ ‫السبع أو السبعين ال‪ ..‬ال يحبون هذا‪ ,‬كل ش يء موجود‪ .‬إذا إذا فككنا‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫هاجس املطابقة نجده يمث ُل في قلبه‪ ,‬يمث ُل في جوهره؛ الشرك والوثنية‬

‫طباق أو طالق‬ ‫‪--------‬‬

‫اْلعرفية النفسية‪ ,‬ولكي نحلل مفهوم الوثنية بكلمة واحدة فهي كل منازعة‬ ‫هلل تبارك وتعالى فيما هو هلل‪ ,‬فيما هو من صالحيات واختصاصات هللا‪,‬‬ ‫ً‬ ‫فيما هو من صفات هللا الحصرية‪ ،‬بغض النظر أكان هذا الوثن حجرا أو‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫شجرا أو بشرا أو شمسا أو قمرا ًِ‪ ,‬فهو وثن‪ .‬نحن ُمتوثنون‪ ,‬الوثنية تسري‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫في دمائنا‪ ,‬بسبب هاجس املطابقة‪ ،‬فهو يمثل في قلبه الوثنية‪ .‬ملاذا أطلب‬ ‫من غيري أن يتطابق معي؟ ملاذا ال أقبل الغير إال إذا تطابق؟ ذلك ألنني إله‬ ‫ائف‪ ,‬ألنني أظن أنني أمتلك الحقيقة كلها ‪,‬فالحق ُ‬ ‫كله عندي‪ ,‬كل الحق بين‬ ‫ز‬ ‫ِّ‬ ‫يدي‪ ,‬ولذلك عليك أن تتطابق مع ما عندي‪ ,‬معي‪ ,‬إن لم تتطابق فأنت‬ ‫ً‬ ‫ُمبطل‪ ,‬أنت ملعون‪ ,‬أنت مطرود من جنة املعرفة ومن رحمة هللا معا‪ .‬وفي‬ ‫الحقيقة هذه وثنية فالحقيقة املطلقة الكاملة التامة الناجزة هي عند هللا‪.‬‬ ‫ولذلك الذي يبرأ من هذه الوثنية املعرفية والنفسية يكون سبيله‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫تماما ‪-‬أو ُمختلفة‪ُ ,‬تذكر وتؤنث السبيل‪ُ ,-‬‬ ‫إنه البحث عن‬ ‫م ُِختلفا‬ ‫الحقيقة‪ ,‬البحث عن املعرفة‪ ,‬ومواصلة البحث‪ ,‬هذا ال يليق بالبشر‪ ,‬نحن‬ ‫ً‬ ‫العالم الذي‬ ‫لذلك‬ ‫‪،‬‬ ‫"‬ ‫علما‬ ‫علم عليم"‪" ،‬وقل ر ِب زدني‬ ‫ِ‬ ‫بشر‪" ,‬وفوق كل ذي ٍ‬

‫‪8‬‬


‫ً‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫ال يتعلم وال ُيعلم هو واحد فقط ال إله إال هو‪ .‬يا عاملا ال ُيعلم‪ ,‬هكذا‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫خاطبه في تضرعاتنا‪ُ ,‬‬ ‫وغير هللا ال أحد يعلم كل ش يء‪ ،‬أليس النبي ُمحمد‬ ‫ن‬ ‫ً‬ ‫قال‪" :‬وقل ر ِب زدني علما"‪ .‬فالنبي ال يعلم كل ش يء‪ ,‬من أين له أن يعلم كل‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫أعظم البشر‪,‬‬ ‫وعلمه محدود يليق بالبشر‪ ,‬ببشر عظيم جدا بل‬ ‫ش يء؟‬ ‫ُ‬ ‫لكنه محدود في النهاية إلى جانب علم هللا بل هو َّل ش يء‪ ،‬هللا وَّل ش يء‪,‬‬ ‫طباق أو طالق‬ ‫‪--------‬‬

‫‪9‬‬

‫كنقرة عصفو ٍر في يم ُمتراطم عجاج ُمترامي‪ ,‬هذا هو‪ .‬اليوم ائتني بأكبر عالم‬ ‫ِ‬ ‫في الدنيا‪ُ ,‬يمكن في لحظة أن يستحيل إلى ُمتعلم وإلى يد طفل‪ ,‬أو فتى أو‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫حسنه‪ ,‬مثال ألبرت أنيشتاين وهو أكبر‬ ‫فتاة صغير أو صغيرة في ش ٍيء ال ُي‬ ‫فيزيائي إذا كان ُيريد أن يتعلم ولنفترض اللغة الهولندية ُ‬ ‫فإنه يحتاج إلى‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫معلم ُي ُ‬ ‫علمه‪ُ ,‬‬ ‫فيصبح مباشرة تلميذا عند ولد عمره عشرين سنة‪ ,‬نعم‬ ‫ُي ُ‬ ‫علمه الهولندية وما املشكلة في هذا؟‪ ,‬رغم أن أنيشتاين ُيعلم الدنيا‬ ‫ً‬ ‫الفيزياء لكن هذا الولد ُي ُ‬ ‫علمه الهولندية‪ُ ,‬‬ ‫فيصبح ُمتعلما‪" ,‬وفوق كل ذي‬ ‫َ‬ ‫علم عليم"‪ .‬لو ُبعث اليوم أكبر شخص ماجد في تاريخنا ‪-‬ولن نذكر‬ ‫ٍ‬ ‫أشخاص حتى ال ُيقال أنني أتنقصهم‪ ،-‬وهذا الشخص ُيريد أن يأخذ دورة‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫(كورسا) في الرياضيات الحديثة فإنه ُيصبح ُمتعلما في لحظة‪ ,‬لو ُبعث‬ ‫صالح الدين أكبر عسكري أكبر قائد في وقته ُ‬ ‫فإنه سيحتاج اليوم أن يتعلم‬ ‫ِ‬ ‫ً‬ ‫أشياء في العسكرية أيضا‪ ,‬في األكاديمية العسكرية‪ ,‬يتعلم ويجلس مجلس‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫ُ‬ ‫العالم الذي ال يتعلم وال ُيعلم‪ ,‬هو الذي ُيعلم‬ ‫التلميذ‪ ,‬فاهلل وحده هو ِ‬


‫العاملين ال إله إال هو‪ ,‬علمه كامل ناجز‪ ,‬ال يبحث‪ ,‬هللا ال يبحث عز وجل‪ ,‬ال‬ ‫يستقري ال يستنبط‪ ,‬علمه مطلق لا إله إَّل هو‪ ،‬أما البشر فهم يبحثون‪,‬‬ ‫ً‬ ‫والذي يبحث ويواصل البحث ال ُيمكن أن ال يلحظ غيره‪ ,‬فضال عن أن‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫فضال عن أن يرغب في تصفيته وإلغائه‪ ,‬فهذا ٌ‬ ‫أمر‬ ‫ويحتقره‪,‬‬ ‫يزدر ُيه‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫ُ‬ ‫مستحيل بل بالعكس‪ ,‬يرى‬ ‫نفسه ُمتساويا مع اآلخرين‪ ,‬كلنا في البحث أخوة‬ ‫ُ‬ ‫شرق‬ ‫وغرب‪ ,‬نحن نبحث‪ ,‬نتساعد‪ ,‬قد تسبقني من منظورك أو من‬

‫في تاريخنا اإلسالمي لم نكن في البداية هكذا‪ ,‬وهذه ملحوظة أخرى جديرة‬

‫‪--------‬‬

‫معي ملاذا؟‬

‫طباق أو طالق‬

‫منظوري بخطوة‪ ,‬قد أتأخر بخطوة لكن نحن في الطريق كلنا نبحث‪ ،‬لذلك‬ ‫يتسم هذا اإلنسان بإنسانية متواضعة‪ ,‬ليس بتأله زائف ُمتكبر ُمتعجرف‬ ‫ُ‬ ‫أطلبه ملاذا ال يتطابق الناس‬ ‫ُمتغطرس حتى أطلب التطابق وأقول حينما‬

‫بالتقييد والتسجيل واللفت أنه كلما ضعف الشخص‪ ,‬كلما ضعفت ثقته‬ ‫في نفسه‪ ،‬ثقته في معرفته وفي قدرته وفي لياقاته في مرشحاته ألي ش يء كلما‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫طباق أو طالق‪ .‬إما أن تتطابق‬ ‫أصبح أميل إلى املطابقة‪ ,‬كلما طلب الطباق‪,‬‬

‫للعالقات بعدها‪ .‬طباق أو طالق‪.‬‬ ‫وإما بينونة كبرى َّل رجعة‬ ‫ِ‬

‫ُ‬ ‫كذلكم اْلمم‪ ,‬كلما ضعفت ثقتها في نفسها‪ ,‬واستشعرت انحطاطها‬ ‫ً‬ ‫ودونيتها‪ ،‬وليس شرطا أن يكون هذا في امليدان الروحي أو القيمي أو‬ ‫األخالقي‪ ,‬بل ربما في امليدان السياس ي أو العسكري أو في أي ش يء آخر‪ ,‬حتى‬

‫‪10‬‬


‫االقتصادي واإلنتاجي‪ ,‬حينها تنحو هذه األمم إلى التعصب واالنغالق وبناء‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫الجدران وإطالق الدعاوى الكبرى‪ ,‬أنها األولى‪ ,‬أنها أمة هللا‪ ,‬سادة األمم‪,‬‬ ‫شعب هللا املختار‪ُ ,‬‬ ‫نحن فقط أساتيذ البشر!!!!!‪ ,‬يعلمون الدنيا وهذا كالم‬ ‫فارغ‪ ,‬والعالم يضحك عليهم‪ ,‬العالم ينظر ويضحك‪ ,‬في ماذا أساتيذ؟ في‬ ‫ماذا؟ ما هي وعودكم؟ أن نغزو العالم وأن نأخذ النساء‪ ,‬أسارى وسبايا‪,‬‬ ‫أنكح ا‬ ‫ُيصبح عندي مائتين امرأة ُ‬ ‫هن‪ ,‬هذا الوعد؟؟ ليس أن أطور في‬ ‫طباق أو طالق‬ ‫‪--------‬‬

‫الصناعات الفضائية واملدنية والعسكرية وفي العلم والتكنولوجيا‪ ،‬بل‬ ‫ُ‬ ‫تريد أن تضع يدك على نساء العالم‪ ,‬هذا وعد ُمظلم‪ ,‬هذا وعد ُمخيف‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫أمنيته‬ ‫ومرعب‪ ,‬وهذا ثقافة عند بعض الناس‪ ,‬ثقافة يتثقف عليها‪ ,‬وتصبح‬ ‫ُ‬ ‫وأمله في الحياة‪ ,‬يحمل السيف الذي لم يعد ُله دور في حياتنا‪ ,‬ال يوجد‬ ‫اليوم سيف‪ ,‬بل قنابل ذرية وهيدروجينية‪ ,‬هل تمتلكها؟؟!!!! يحمل‬ ‫السيف ويغزو العالم ويرجع بالنساء‪ ...‬ما هذا؟؟؟؟!!!!!!!!!!!! وأي ثقافة‬ ‫تعيش بها في القرن الواحد والعشرين؟؟؟ ُوينسب هذا البله إلى هللا تبارك‬ ‫ً‬ ‫استثناء‪ ,‬أن الكل‬ ‫وتعالى‪ ,‬وهذا من بين أسباب دمار وخبال األمم‪ ،‬ولسنا‬ ‫يتحدث باسم هللا‪ ,‬ش يء غريب أن تسمع املسيحي كاملسلم كاليهودي‪ ,‬الكل‬ ‫ً‬ ‫يتحدث باسم السماء‪ ,‬خاصة من أهل األديان طبعا‪ ,‬ويقولون هذا ما‬ ‫ُ‬ ‫يلعنه هللا‪ ,‬هذا ملعون في نظر الرب‪.‬‬ ‫ُيحبه هللا وهذا ما‬

‫‪11‬‬

‫قبل أيام كنت أقرأ ْلؤرخ نصراني‪ ,‬ساويرس بن املقفع‪ ,‬يتحدث عن عمر بن‬


‫ينظر إليه هكذا؟؟ وما أدراني أن هللا ينظر إليه هكذا؟؟ ٌ‬ ‫كل يتكلم باسم‬ ‫الرب‪ .‬سيقول قائل‪ :‬ما هذا الكالم الفارغ هذا زندقة؟ عند اْلسيحي هذا‬

‫‪--------‬‬

‫كالم زندقة‪ ,‬وعند املسلم زندقة وعند اليهودي زندقة‪ ,‬أنا زنديق اآلن‪ ,‬ال ال‬ ‫ُ‬ ‫يقبله كل العقالء وكل البشر‪ ,‬كل البشر‪ ,‬وليس‬ ‫ال‪ ,‬يوجد لدي حل‪ ,‬حل‬

‫طباق أو طالق‬

‫عبد العزيز ُويقذع في حقه ويقول‪ :‬وكان هذا الظالم يفعل السوء في نظر‬ ‫ً‬ ‫الرب‪ ,‬يقول عنه ُمجرم هذا‪ ,‬وذلك ألنه قيد النصارى في أشياء قليلة جدا‪,‬‬ ‫ُ‬ ‫ونحن قد نختلف مع عمر بن عبد العزيز فيما ذهب إليه في اجتهاده‪ ,‬ولكن‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫هذا ُيبقيه في نظرنا ُ‬ ‫كمسلمين رجال صالحا وعادال بل رمزا للعدل‪ ,‬ولكن في‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫نظر اآلخر الذي يطلب أيضا الطباق الكامل فابن عبد العزيز كان شخصا‬ ‫ً‬ ‫ً ً‬ ‫سيئا جدا يفعل السوء والشر في نظر الرب‪ ,‬هللا يراه إنسانا‬ ‫ً‬ ‫شريرا!!!!!!!!!!!!! ‪ ،‬ما هذا؟؟؟؟ ٌ‬ ‫كل يتكلم باسم الرب‪ ,‬وما أدراك أن هللا‬

‫أصحاب ُ‬ ‫الجدر أنه إذا كان كل هؤالء يتورطون ُويو ِّ​ِرطون في الحديث أو‬ ‫ً‬ ‫باغتصاب الحديث باسم هللا ونيابة عن هللا الذي لم ُي ِنب أحدا أن يتكلم‬ ‫باسمه َّل إله إَّل هو‪ ,‬هللا جعل قرين الشرك به‪" :‬وأن تقولوا على هللا ما ال‬ ‫ً‬ ‫يؤت أحدا ُرخصة أن يتحدث‬ ‫تعلمون"‪ .‬إياك أن تتحدث باسم هللا‪ ,‬هللا لم ِ‬ ‫ً‬ ‫باسمه‪ ,‬وال محمدا وال عيس ى وال موس ى‪ ..‬حينما ُيريد أن يتحدث‪ ,‬يتحدث‬ ‫ُ‬ ‫هو ال إله إَّل هو‪ ,‬وأنت تبلغ‪" ,‬إن عليك إال البالغ"‪ ،‬ال تزد وال تنقص يا‬ ‫محمد يا موس ى يا عيس ى يا شيث‪ ,,‬لكن أين اليوم؟؟ أين بعض األحبار‬

‫‪12‬‬


‫والقسس واملشايخ يتكلمون باسم هللا‪ - ,‬ويقولون "واقسم باهلل أن هللا‬ ‫تبارك وتعالى يلعن هؤالء ُويبغضهم وأعد لهم ‪ ...‬الخ"‪ ،‬من أين لك هذا يا‬

‫رجل؟ من أين لك هذا لتتكلم باسم هللا؟؟!!!!‬

‫طباق أو طالق‬ ‫‪--------‬‬

‫‪13‬‬

‫في حديث ُبريدة في صحيح مسلم وفي غير مسلم يقول النبي عليه الصالة‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫حصن فاستنزلوك على حكم هللا ‪-‬‬ ‫أهل‬ ‫حاصرت‬ ‫ت‬ ‫وأفضل السالم‪" :‬وإن أن‬ ‫ٍ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ادوك أن تحكم فيهم بحكم هللا‪ -‬فال تنزلهم على ُحكم هللا"‪ُ ،‬يخاطب‬ ‫أي أر‬ ‫َ ً‬ ‫عليا عليه السالم ر ُ‬ ‫جل العلم‬ ‫َمن –أي الرسول؟–‪ ،‬كان يخاطب اإلمام‬ ‫ً‬ ‫والعرفان واإليمان الذي أوتي فهما ُمنقطع النظير في كتاب هللا لكن كأنه‬ ‫ً‬ ‫قال له‪ :‬ولو هذا ال يجعلك ‪-‬كما يعتقد أخوتنا الشيعة‪ -‬معصوما وتنطق‬ ‫باسم هللا‪ ،‬بل تبقى البشر الضعيف ُتصيب ُوتخطىء‪ ,‬وانتبهوا أن الرسول‬ ‫قال لعلي‪" :‬فال ُتنزلهم على ُحكم هللا َ‬ ‫صيب فيهم ُح َ‬ ‫فإنك ال تدري ُأت ُ‬ ‫كم هللا أو‬ ‫ال ُتصيب" ال تقل لهم هذا ُح ُ‬ ‫كم هللا‪ .‬أما اليوم تجد اجتهادات فقهية‬ ‫بسيطة أجتهدها أنا وأنت وهو وهي ُتجعل َ‬ ‫دين هللا‪ ,‬ويقال لك هذا اإلسالم‪.‬‬ ‫هذا ُحكم الدين‪ ,‬ومهما قلت هذا ليس ُحكم الدين‪ ,‬هذا َ‬ ‫أيك أنت‪ ,‬هذا‬ ‫ر‬ ‫َ‬ ‫اجتهادك أنت‪ ,‬يقولون أجمعت األمة‪ ،‬أجمعت العلماء‪ُ ,‬يخوفون‬

‫ُويقعقعون بهذه األشياء‪ُ ,‬يرعبون الناس‪ .‬كيف أجمعت األمة؟!!!‪ ,‬وأين‬ ‫ً‬ ‫أجمعت؟؟!!! ومتى أجمعت؟؟!!! وقد خالف َمن خالف‪ ,‬بدال من ذلك قل‬ ‫اتفقت املذاهب‪ ,‬أو َ‬ ‫بعض ُ‬ ‫ُ‬ ‫العلماء‪ ,‬اتفقت املذاهب الكذائية‪ ,‬لكن ال‬ ‫اتفق‬


‫طباق أو طالق‬ ‫‪--------‬‬

‫َ‬ ‫تقل أجمعت األمة‪ ,‬وقد خالف كثيرون أو قليلون‪ ,‬وال يوجد إجماع‪ ,‬لكنهم‬ ‫كم هللا ُ‬ ‫كم الدين‪ ,‬ليس ُح ُ‬ ‫وح ُ‬ ‫ُيخوفون بأن هذا هو اإلسالم‪ ،‬هذا ُح ُ‬ ‫كم هللا‪,‬‬ ‫َ‬ ‫اجتهادك الفقهاء‪ ,‬رأي فالن وعالن‪.‬‬ ‫بل هذا‬ ‫على كل حال‪ ,‬الحل مهم‪ ,‬إذا كان ألحد ‪-‬وما ينبغي ألحد‪ -‬أن يتكلم باسم هللا‪,‬‬ ‫تعرفون َمن هو هذا األحد؟ الذي يتكلم باسم الناس أجمعين‪ ,‬الذي يتكلم‬ ‫باسم العاملين‪ ,‬الذي ُيثبت الفائقية والتفوق األخالقي والعالم يرضخ ويقول‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫يقبله اليهودي واملسيحي واملجوس ي واملسلم وامللحد‪ ,,‬يقول‬ ‫نقبله‪,‬‬ ‫نعم هذا‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫نقبله‪ ,‬وستقولون وهذا أيضا زندقة أخرى‪ ,‬فررت من زندقة ووقعت في‬ ‫زندقة ملاذا؟؟ بالعكس هللا تبارك وتعالى َمن هو ال إله إال هو‪ ,‬هو ر ُب‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫يتكلم هللا وحين يشرع أو ُيشرع هللا حتما هو يتكلم لصالح‬ ‫العاملين‪ ,‬وحين‬ ‫ً‬ ‫العاملين‪ ,‬رحمة بالبشر أجمعين‪ ,‬أليس كذلك؟ أبدا يقطع معاذيرهم‪ ,‬يقطع‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ُحججهم رحمة بهم إرادة بالخير بهم أجمعين من عند آخرهم َّل يستثني‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫أحدا‪ ،‬وحين يشرع أو ُيشرع إنما يشرع ما يصلح للعاْلين أيضا‪ ,‬ودعني من‬ ‫ً ً‬ ‫ً‬ ‫تشريع الفقهاء ألننا نتحدث عن رب العاملين‪ ..‬وستجد بونا واسعا جدا‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫أحيانا بين ما شرع هللا بالنص والفص في كتابه األعز وبين ما شرع الفقهاء‪,‬‬ ‫وقالوا هذا دين‪ ,‬وفهمناه في كتاب هللا‪ ،‬وهذا الكالم غير صحيح‪ ,‬هذا‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫فهمكم أنتم‪ ,‬أبدا‪ ,‬ظاهر كتاب هللا عكس ما ذهبتم إليه تماما‪ ,‬أين أنتم من‬ ‫ظاهر كتاب هللا؟ لكن هذه اجتهادات في زمن معين‪ ,‬في سياقات ثقافية‬

‫‪14‬‬


‫وسياسية ومرات عسكرية حربية معينة‪ ,,‬هو هذا ‪.‬‬ ‫إذا كان ْلحد أن يتكلم باسم هللا‪ ,‬وما ينبغي‪ ,‬فليكن هذا األحد الذي يتكلم‬ ‫باسم التفوق األخالقي‪ ,‬باسم املبادىء والقيم األكثر عمومية واألبعد من‬ ‫الحصرية التي ُيمكن أن يتقبلها كل شخص ال حصري‪ ,‬أما الحصري‬ ‫فسيرفضها إذا تعرض هذه املبادئ العامة الكونية‪ ,‬وفي ُ‬ ‫صلبها وفي قلبها‬

‫طباق أو طالق‬ ‫‪--------‬‬

‫تمثل العدالة‪ ،‬والعدالة في قلبها يمثل مفهوم اْلساواة‪ .‬أرض ى لك ما أر ُ‬ ‫ضاه‬ ‫لنفس ي‪ ,‬ينطبق ِّ‬ ‫علي ما ينطبق عليك‪ ,‬ليس لي استثناءات خاصة ألنني من‬ ‫ذهب وأنت من خشب فهنا نكون قد دخلنا في الظلم‪ .‬دخلنا فيما ال ُيمكن‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫أن ُيكونن وال أن ُيعولم وال أن ُيصبح شرعا للعاملين هاديا‪ ,‬بل ُيرفض‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫يرفضه أهل الوطن‪ .‬فهذا الذي يتكلم باسم هللا إن ُوجد ‪-‬‬ ‫ترفضه البشرية‪,‬‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫تشريعه ينبغي أن يكون أكبر‪ ,‬تشريعه‬ ‫هللا أكبر ال إله إال هو هللا أكبر‪ -‬إذا‬ ‫ُيريد أن يقول هذا شرع هللا‪ ،‬هذا دين هللا‪ ،‬هذا ُ‬ ‫كالم هللا‪ ،‬هذا ُح ُ‬ ‫كم هللا‪,‬‬ ‫ينبغي أن يكون أكبر من كل عرقية‪ ,‬هللا ال ينحاز لحساب عرق على عرق‬ ‫آخر‪ ,‬هللا أكبر من كل ثقافة‪ .‬هللا ال ُيشرع في حدود ثقافية ُمحددة يحصر‬ ‫ُ‬ ‫تشريعه‪ ,‬هذا تشريعكم أنتم يا عرب يا عجم يا أوروبيون يا هكذا‪ ,‬هذا‬ ‫فيها‬

‫ليس تشريع رب العاملين‪ ,‬هذه ثقافة ُمتحركة‪.‬‬

‫‪15‬‬

‫ً‬ ‫طبعا لو سألت الناس اَلن ما الفرق حتى بين الثقافة واْلفكار‪ ,‬من الصعب‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫إال أن يكون الشخص ُمفكرا أو فيلسوفا‪ ,‬فسيقولك أحدهم –شارحا–‬


‫مثقف والثقافة ونحن املثقفون‪ ..‬وال يعرف ما الفرق؟‪ ,‬يقول الثقافة هي‬ ‫أفكار‪ ،‬ال بل الثقافة هي اإلطار العام‪ ,‬هي الروح أو الروحية التي تعكس‬ ‫اإلرادة العامة ومزاج األمة في لحظة من لحظات تاريخها‪ ,‬هذه هي الثقافة‬ ‫بمعنى أنه قد تأتي الفكرة ُمعللة ُمدللة ُمبرهنة وعلى معاييرك أنت في‬ ‫التعليل والتدليل والبرهنة‪ ,‬أي مدعومة بنص من كتاب هللا وبالسنة‬ ‫ُ‬ ‫الصحيحة‪ ,‬وباجتهادات الفقهاء وترفض‪ ,‬ألن الثقافة ترفضها‪ .‬إذا كانت‬ ‫طباق أو طالق‬ ‫‪--------‬‬

‫هذه الفكرة فكرة تسامح وانفتاح‪ ,‬والثقافة ثقافة تعصب ترفضها‪ ,‬لكن‬ ‫الكتاب يشهد لها‪ ,‬يقولون ال غير صحيح‪ ,‬ويأتي ُيرجح الفكرة األخرى‬ ‫املُنغلقة التي تخدم ثقافة التعصب وتلتئم بها بدليل ال يصلح أن يكون‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫حتى شبهة يرتاح له‪ ,‬ويقول هذا أقوى‪ ,‬هنا الدليل نص ي فلماذا خالفت‬ ‫َ‬ ‫فت منهجك في اَّلستنباط؟!!!!‬ ‫مذهبك؟؟ ملاذا خال‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫ثيرون بعض اْلشاكل في مصر‪ ,‬قالوا حق االعتقاد مكفول‬ ‫اَلن مثال بدأوا ُي‬ ‫وحق العبادة وبناء املعابد وفق ما ُيقرر ُه القانون‪ ,‬كل الدساتير تفعل هذا‪,‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫طبعا فالدستور ليس برملانا فهو يترك أشياء كثيرة‪ ,‬هو يخط ويرسم‬ ‫املباديء العامة املوحية ويترك التفاصيل لرجال التشريع‪ ,‬لكن في‬ ‫التفاصيل تكمن الشياطين‪ ,‬اآلخرون يخافون‪ ،‬النصارى يخافون‪ ,‬وأنا بكل‬ ‫ً‬ ‫أيضا‪ ,‬لكن البد أن ُنطمئنهم ُ‬ ‫نحن‬ ‫أريحية أقول لكم ُحق لهم أن يخافوا‬ ‫كمسلمين بطريقة ذكية وصادقة ومباشرة وشفافة‪ ,‬ملاذا يخافون؟ أنت‬

‫‪16‬‬


‫تقول لهم حق وكذا وكذا وفق ما ُيقرره ُويفصله القانون نأتي في البرْلان‪,‬‬ ‫طبيعي نستفتي املذاهب األربعة‪ ,‬هل يجوز لألقباط للمسيحين بناء‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫كنيسة؟؟ ال يصح في املذاهب األربعة‪ ,‬ملاذا؟ ألن األرض التي تفتح عنوة أي‬ ‫بالقوة ال يجوز ألهله أن ُيحدثوا فيه كنيسة‪ ,‬ونكون قد وقعنا في حيص‬ ‫بيص‪ ,‬يقولون نحن قلنا قانون وانتم قلتم الدستور‪ ،‬ثم عندما نأتي‬ ‫لنناقش اْلذاهب اْلربعة ‪-‬وهذه مسألة فقط هكذا مثال من األمثلة‪-‬‬ ‫طباق أو طالق‬ ‫‪--------‬‬

‫‪17‬‬

‫بصرامة‪ ،‬ونسأل هل لديهم أدلة صحيحة صريحة في هذا املوضوع؟؟ ال‬ ‫نجد أي دليل‪ ,‬وال أي حديث واحد يصح عن رسول هللا أن األرض التي‬ ‫ُ‬ ‫فتحت عنوة يمنع أن يبني فيها أهلها كنائسهم ومعابدهم من مجوس ويهود‬ ‫ً‬ ‫ونصارى وغيرهم‪ ،‬وظاهر كتاب هللا عكس هذا تماما‪ ،‬قال تعالى‪" :‬ولوال‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫صوامع ٌ‬ ‫ومساجد‬ ‫وبيع وصلوات‬ ‫دفع هللا الناس بعضهم ببعض ُله ِدمت‬ ‫ً‬ ‫ُيذكر فيها اسم هللا كثيرا"‪ .‬هللا ُيريد لهذا التنوع امللي والعقدي أن يبقى‬ ‫ً‬ ‫قائما‪ ,‬غير معقول أن يقال لي عندي ُحرية اعتقاد وحرية عبادة لكن ليس‬ ‫ُ‬ ‫عندي حرية أن أنش يء كنيسة‪ْ ،‬لاذا وأنت تبني ألف مسجد؟‪ ,‬هذا ظلم‪.‬‬ ‫هذا التشريع ال ُيقبل‪.‬‬ ‫ً‬ ‫اليوم النجاح والفشل‪ ,‬طبعا‬ ‫السلطة اَلن‪ ,‬سلطة العسكر ولألسف في العالم العربي‪ ،‬هذا العالم الذي‬ ‫َ‬ ‫جزء منه لم يتعاف لألسف من لعنة السلطة من لعنة اَّلستبداد من لعنة‬


‫التأله السياس ي‪ ,‬من الوثنية السياسية‪ ,‬وترون ما يحدث في سوريا اآلن‪,‬‬ ‫لألسف هذا العالم يتماهى فيه السياس ي باألمني والدولتي بالحكومي‬ ‫ً‬ ‫املفروض مثال أن جهاز الجيش مؤسسة الجيش مؤسسة ليست حكومية‬ ‫بل دولتية‪ ،‬بمعنى أنها تتبع الدولة وليس الحكومة‪ ,‬فلتذهب الحكومة إلى‬ ‫ُ‬ ‫الجحيم‪ ,‬تأتي حكومة وتذهب حكومة‪ ،‬فهذا جيش وو‬ ‫ظيفته أن ُيؤمن‬ ‫الحدود الخارجية للبالد‪ ,‬ويوفر االستقرار ضد أي عدوان خارجي‪ ,‬هذا‬ ‫طباق أو طالق‬

‫إلى اآلن ما زالوا في حالة غبش وتشوش مما يجري في سوريا‪ ,‬صدقوني‪,‬‬

‫‪--------‬‬

‫جيـ ــش للدولة‪ ،‬فلتذهب مائة حكومة يبقى الجيش‪ ,‬لكن اليوم في سوريا‬ ‫ً‬ ‫مثال الجيش يذبح الشعب بأمر الحكومة وباسم اإلرادة السياسية‪ .‬القائد‬ ‫ً‬ ‫السياس ي يقول ُله اقتل الشعب فيقتل الشعب‪ .‬ليس معقوال أين يحصل‬ ‫هذا الجنون؟؟ الجيش دمر سوريا ُويدمر سوريا‪ ,‬وبعض الناس يتساءلون‪.‬‬ ‫اتركوا كل الحذلقات والفيهقات السياسية‪ ,‬والكل عنده ميدان وسيع‬ ‫ً‬ ‫وهامش عريض يتحذلق ويتفيهق فيه سياسيا‪ ,‬كلنا ما شاء هللا محللون‪ ,‬أنا‬ ‫ال أحب أن ألعب هذا الدور بل أحب أن ألعب الدور الثقافي الفكري‪ ,‬أما‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫دور التحليل السياس ي فال‪ ،‬ال تطلب مني تحليال سياسيا فلست ُمحلال‬ ‫ً‬ ‫سياسيا‪ ,‬ال ُنحب هذا لكن أقول لكم باختصار‪ ,‬باملنطق الفطري‪ ,‬لو أ َ‬ ‫ادك‬ ‫ر‬ ‫أحد على أهلك وأوالدك أن يستأسرهم أو يقتلهم وإياك ربما‪ ,‬العاقل األب‬ ‫ُ‬ ‫الحنون األم الرؤوفة سيقول ال خذهم أسرى لعل هللا ُيحدث بعد ذلك‬

‫‪18‬‬


‫ً‬ ‫أمرا‪ .‬أسلمك أوالدي أسرى وإن شاء هللا في يوم من األيام أقدر أن‬ ‫َ‬ ‫أعطيك إياهم وأذبحهم‬ ‫أخلصهم‪ ,‬لكن ليس ألقتلهم‪ ,‬أنا سأقتلهم قبل أن‬

‫طباق أو طالق‬

‫أوالدي‪ ,‬هل يوجد أب يفعل هذا أو أم تفعل هذا؟؟ كلنا ونحن صغار نعرف‬ ‫القصة التقليدية وهي في الصحيح في البخاري وغيره عن سليمان الحكيم‬ ‫حين اختصمت إليه امرأتان ٌ‬ ‫كل تدعي أن الطفل الصغير هو ابنها كبيرة‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫عطيك نصفا‬ ‫ألشقه نصفين ن‬ ‫وصغيرة‪ ,‬وسيدنا سليمان قال‪ :‬آتوني بسكين‬ ‫ِ‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫ونعطي األخرى نصفا‪ ،‬فأما إحداهما قالت نعم هذا هو العدل‪ ،‬أما األخرى‬

‫‪--------‬‬

‫قالت‪ :‬ال أيها القاض ي يا نبي هللا أيها امللك فلتأخذه كله ليس لي هو لها‪ ,‬قال‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫لك خذيه‪ ,‬هذه هي األم بمنطق بسيط فطري‪ ,‬لو كنت قائدا قوميا‬ ‫هو ِ‬ ‫ً‬ ‫وطنيا أحب بلدي أحب سوريا أقسم باهلل أتنازل عنها من أول يوم لشعب‬ ‫سوريا وأقول لهم َّ‬ ‫حملتكم اْلمانة‪ ,‬حملتكم أمانة وطنية وقومية‪ ,,‬والشعب‬ ‫تحت تأثير هذا املوقف النبيل‪ ،‬هذا املوقف الوطني الحقيقي سوف‬ ‫يحفظ األمانة‪ ،‬لن يسمح ألي حكومة جديدة أن تلعب باألمن القومي ولا‬ ‫باْلمن الوطني وأن تتحالف مع اَّلستعمار ومع اَّلمبريالية ضد العرب‬ ‫واْلسلمين لن يسـ ــمح‪ ...‬لن يسمح وسيقول الشعب ال‪ ،‬لكن ما يحدث أنني‬

‫‪19‬‬

‫سأذبح سوريا وأدمر سوريا من أجل جعجعة الوطنية والقومية والكالم‬ ‫َ‬ ‫الفارغ‪ .‬يضحكون على الناس‪ .‬في بالد لم تتعاف من لوثة الوثنية السياسية‬ ‫ُ‬ ‫يستوعبه ‪-‬‬ ‫يتماهى اْلمني بالسياس ي والحكومي بالدولتي‪ ,‬الدرس الذي لم‬


‫لم يصل لهؤالء‪ -‬أن العنف‪ ,‬كل العنف مهما احتشد وتحشد ال يغلب إلى‬ ‫ُ‬ ‫إرادة الحرية‪ ,‬ستفشلوا‪ ,‬نقول للنظام في سوريا أنت فاشل أنت تنزع‪,‬‬ ‫رو َ‬ ‫حك ستنتهي عما قريب افهم هذا‪ ,‬ال ُيحب أن يفهم‪ ,‬ال ُيحب أن يفهم إَّل‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫شعوب العاْلين‪ ,‬لن‬ ‫أن يذهب باللعنات والعياذ باهلل من شعبه ومن‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫يفهموا‪ ،‬لكن انتبهوا إذا عنف الحكومات‪ ,‬عنف الجيش املحكمن ليس‬ ‫املدولت فشل أن يقض ي على هذا‪ ,‬هل ُيمكن للعنف أن يقض ي على إرادة‬ ‫طباق أو طالق‬

‫ظنوا أنهم آلة‪ ,‬عرفوا الحقائق وتملكوها واحتازوها من جميع جوانبها‪,‬‬ ‫ولذلك إذا كانوا ُمتدينين يمكن أن يتكلموا باسم هللا وباسم الدين‪ ,‬وهذه‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫كارثة ُعظمى‪ ,‬هاجس املطابقة يبرأ منه البشر‪ .‬اللهم اجعلنا بشرا‪،‬‬

‫‪--------‬‬

‫املعرفة والبحث عن الحقيقة‪ ،‬مستحيل املعرفة أقوى حتى من إرادة أن‬ ‫أكسر اْلصفاد‪ ,‬أقوى بكثـ ــير‪ ,‬أقوى إرادة هي إرادة املعرفة‪ ..‬ال ُيمكن‬ ‫ُ‬ ‫بالعنف أن تسكت صوت الحقيقة‪.‬‬ ‫ً‬ ‫لكن نعود إلى هاجس اْلطابقة‪ ,‬إذا هاجس املطابقة يسكن أولئك الذين‬

‫املتواضعون الوادعون الذين يعلمون أنهم يتعلمون‪ ,‬يعيشون ويموتون‬ ‫ً‬ ‫وهم يتعلمون‪ ,‬كل يوم نتعلم جديدا‪ ,‬لذلك نقبل اآلخرين كمبدأ كعام هذا‬ ‫ُيمكن أن يكونن‪ ,‬نقبل اآلخرين على أنهم شركاء في البحث‪ ,‬شركاء في النظر‪,‬‬ ‫أما منطق االستهزاء واالزدراء والتحقير واالتهام فهذا منطق ُمرشح أن‬ ‫ُ‬ ‫صاحبه يفشل‪ .‬وهذا معنى قول هللا تبارك‬ ‫يقض ي على صاحبه باستمرار‪,‬‬

‫‪20‬‬


‫طباق أو طالق‬ ‫‪--------‬‬

‫وتعالى‪" :‬فاصدع بما تؤمر وأعرض عن املشركين {‪ }89‬إنا كفيناك‬ ‫املستهزئين {‪ ."}88‬أنت لديك سالة‪َ ،‬‬ ‫لديك دعوة اصدع بها بجدية بصدق‬ ‫ر‬ ‫بإخالص‪ ,‬أما الذين يستهزؤون‪ ،‬ال ُيناظرون بل يستهزؤون فاهلل قال‬ ‫ُ‬ ‫كفيناك إياهم‪ ,‬أنتم تظنون وتقولون محمد قد ُك َ‬ ‫في هؤالء املستهزئين‬ ‫ونحن نفس الش يء‪ ,‬أي إنسان أي إنسان في الشرق والغرب ُ‬ ‫سيكفى‬ ‫ُ‬ ‫املستهزئين ألن االستهزاء منطق يقض ي على صاحبه‪ ,‬البشر لديهم حس‬ ‫ولديهم تشوف ملعرفة الحقائق ولو بعد حين سيعلمون أن هذا هو الحق‬ ‫ُ‬ ‫الصراح وهذا هو الباطل الوقاح‪ ,‬وسينحازون إلى الحق والحقيقة‪ ,‬فعلينا‬ ‫ً‬ ‫أن نتخفف من منطق االزدراء والغطرسة والعجرفة ووصم اآلخرين‪ .‬أبدا‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫بل هم ُشركاء في النظر ُشركاء في البحث‪ُ ,‬‬ ‫نحن البشر املتواضعون وهذه‬ ‫ُ‬ ‫خطتنا وهذه سبيلنا‪ ,‬أقول قولي هذا وأستغفر هللا لي ولكم‪.‬‬

‫================================‬ ‫الخطبة الثانية‪:‬‬

‫‪21‬‬

‫الحمد هلل‪ ,‬الحمد هلل الذي يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات‬ ‫ُ‬ ‫ويعلم ما تفعلون‬ ‫ويستجيب الذين آمنوا وعملوا الصالحات ويزيدهم من‬ ‫ٌ‬ ‫عذاب شديد‪ ,‬وأشهد أن ال إله إال هللا وحده ال‬ ‫فضله والكافرون لهم‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫وأشهد أن محمدا عبده ورسوله‪ ،‬صلى هللا تعالى عليه وعلى آله‬ ‫شريك له‬ ‫ً ً‬ ‫وأصحابه وأتباعهم باحسان وسلم تسليما كثيرا‪.‬‬


‫أختم بأقصوصة من سطرين فقط أن أطيب بها اْلجلس‪ ,‬كما ذكرت أنه في‬ ‫أوقات القوة اْلمة تنحو إلى التسامح إلى اَّلنفتاح إلى التواضع في كل‬

‫‪--------‬‬

‫طار النوم من عين التقي ِّ‬ ‫الصين‪ ,‬فأطل برأسه‪ ,‬وهو يسكن في ُ‬ ‫السفل‪,‬‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫وخاطب أخاه‪" :‬أفأمن الذين مكروا السيئات أن يخسف هللا بهم األرض"‪.‬‬ ‫فرد عليه‪" :‬وما كان هللا ُيعذبهم وأنت فيهم"‪ .‬ويحكي لنا تاريخنا األدبي عن‬

‫طباق أو طالق‬

‫مسالكها‪ ,‬عكس أوقات االنحطاط والدونية‪ ,‬ومن الالفت أن مدونات‬ ‫ُ‬ ‫األدب العربي آثرت أن تقيض لنا عشرات إن لم يكن مئات الحكايا‬ ‫ُ ُ‬ ‫ُ‬ ‫بلغه املسلم في أوقات القوة واالزدهار الحضاري‬ ‫والقصص تؤكد مدى ما‬ ‫من تسامح وتقبل وتفهم "لكم دينكم ولي دين"‪ُ ،‬يذكر عن أخوين كانا‬ ‫يسكنان في دار واحدة‪ ,‬أحدهما ماجن يسكن الطابق العلوي‪ ,‬واآلخر‬ ‫ُمتدين تقي ُمتصون يسكن في الطابق ُ‬ ‫السفلي‪ ,‬يسهر املاجن ذات ليلة مع‬ ‫صحبة له يضجون يرقصون ُيغنون يشربون الخمر‪ ,‬قصف ولعب‪ ,‬حتى‬

‫أبي الجعد وكان له ستة من األبناء تقسمتهم املذاهب والطوائف يعيشون‬ ‫في دار واحدة مع أبيهم‪ ,‬ما بين سني وشيعي وخارجي ُ‬ ‫ومعتزلي وغير ذلك‪,‬‬ ‫ستة‪ .‬كل واحد على مذهب ودين وطريقة ويعيشون‪ .‬كانت أمة قوية‪ ..‬اللهم‬ ‫َ ُ‬ ‫نسألك أن تلهمنا ُرشدنا‪.‬‬ ‫إنا‬ ‫‪22‬‬


‫ط باق أو طالق ج‪2‬‬ ‫طباق أو طالق‬ ‫‪--------‬‬

‫إن الحمد هلل نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره ونعوذ باهلل من‬ ‫شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا‪َ ,‬من يهده هللا فال مضل له ومن ُيضلل‬ ‫ُ‬ ‫وأشهد أن َّل إله إَّل هللا وحده َّل شريك له وَّل نظير له وَّل‬ ‫فال هادي له‪,‬‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫وأشهد أن سيدنا ونبينا وحبيبنا محمدا عبد هللا ورسوله‪,‬‬ ‫مثال له‪,‬‬ ‫ُ‬ ‫ونجيبه من عباده‪ ,‬صلى هللا تعالى‬ ‫وصفوته من خلقه وأمينه على وحيه‬ ‫ُ‬ ‫عليه وعلى آله الطيبين الطاهرين‪ ,‬وصحابته اْلباركين اْليامين‪ ,‬وأتباعهم‬ ‫باحسان إلى يوم الدين وسلم تسليما كثيرا‪.‬‬ ‫عباد هللا أوصيكم ونفس ي الخاطئة بتقوى هللا العظيم ولزوم طاعته‪ ,‬كما‬ ‫أحذركم وأحذر نفس ي من عصيانه سبحانه ومخالفة أمره‪ ,‬لقوله جل من‬ ‫َ ْ َ‬ ‫صال ًحا َفل َن ْفسه ۖ َو َم ْن َأ َس َاء َف َع َل ْي َها ۗ َو َما َرُّب َك ب َظ َّالم ل ْل َ‬ ‫َ‬ ‫يد‪-.‬‬ ‫ب‬ ‫ع‬ ‫قائل ‪ :‬من ع ِم َل ِ‬ ‫ِ ٍ ِ ِ ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ثم أما بعد أيها اْلخوة اْلسلمون اْلحباب أيتها اْلخوات اْلسلمات‬

‫‪23‬‬


‫الفاضالت‪ ,‬يقول هللا سبحانه وتعالى في كتابه العظيم بعد أن أعوذ باهلل‬ ‫من الشيطان الرجيم‪..‬‬

‫طباق أو طالق‬ ‫‪--------‬‬

‫بسم هللا الرحمن الرحيم‬ ‫َّ َ َ ْ ُ َ ْ َ َ َ‬ ‫ُقل ْاد ُعوا َّالذ َ‬ ‫ين َز َع ْم ُت ْم م ْن ُ‬ ‫الس َم َ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ات‬ ‫او‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫ة‬ ‫ذ‬ ‫ال‬ ‫ق‬ ‫ث‬ ‫م‬ ‫و‬ ‫ك‬ ‫ل‬ ‫م‬ ‫ي‬ ‫َّل‬ ‫ۖ‬ ‫اَّلل‬ ‫و‬ ‫د‬ ‫ر‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ََْ‬ ‫َوََّل في ْاْل ْ‬ ‫ض َو َما ل ُه ْم ِف ِيه َما ِم ْن ِش ْر ٍك َو َما ل ُه ِم ْن ُه ْم ِم ْن ظ ِه ٍير ﴿‪َ ﴾٢٢‬وَّل تنف ُع‬ ‫ر‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫الش َف َ‬ ‫اع ُة ِع ْن َد ُه إ ََّّل ْلَ ْن أ ِذ َن َل ُه ۚ َح َّت ٰى إ َذا ُف ِّز َع َع ْن ُق ُلوبه ْم َق ُالوا َم َاذا َق َ‬ ‫ال‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ​ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ ُّب ُك ْم ۖ َق ُالوا ْال َح َّق ۖ َو ُه َو ال َعل ُّي الكب ُير ﴿‪ ﴾٢٢‬ق ْل َم ْن َي ْر ُزقك ْم م َ‬ ‫الس َم َ‬ ‫َّ‬ ‫ات‬ ‫او‬ ‫ن‬ ‫ر‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َْ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ​َ‬ ‫ُ َ َ‬ ‫ُ َّ ُ َّ‬ ‫اْل ْ‬ ‫اَّلل ۖ َو ِإنا أ ْو ِإ َّياك ْم ل َعل ٰى ُه ًدى أ ْو ِفي ضال ٍل ُم ِب ٍين ﴿‪ ﴾٢٢‬ق ْل َّل‬ ‫ض ۖ ق ِل‬ ‫ر‬ ‫و ِ‬ ‫ُت ْس َأ ُلو َن َع َّما َأ ْج َر ْم َنا َوََّل ُن ْس َأ ُل َع َّما َت ْع َم ُلو َن ﴿‪ُ ﴾٢٢‬ق ْل َي ْج َم ُع َب ْي َن َنا َرُّب َنا ُثمَّ‬ ‫َي ْف َت ُح َب ْي َن َنا ب ْال َح ِّق َو ُه َو ْال َف َّت ُ‬ ‫اح ْال َعل ُ‬ ‫يم ﴿‪﴾٢٢‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫صدق هللا العظيم وبلغ رسوله الكريم ونحن على ذلكم من الشاهدين‪,‬‬ ‫اللهم اجعلنا من شهداء الحق القائمين بالقسط آمين اللهم آمين‪.‬‬ ‫أخواني وأخواتي‪ُ ,‬قل َّل ُتسألون َّ‬ ‫عما أجرمنا‪ ,,‬صارت النبوة والرسالة‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫صاحب‬ ‫لسان‬ ‫لسان من؟؟ على ِ‬ ‫والهدى والرشاد جريمة‪ ,,‬جريمة‪ ,,‬وعلى ِ‬ ‫ِ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫َ ً‬ ‫الرسالة‪ ,‬كيف؟ ت ـن ـ ُـزَّل‪ ,‬اعتب ــاطا كما ُيقال‪ ,,‬تـ ـ ــنزَّل‪ ....‬هكذا تأبون إَّل أن‬ ‫تنظروا إلينا‪ ,,‬فليكن‪َّ ..‬ل بأس لكم موقفكم‪ ,‬لكم نظرتكم‪ ,‬سنتبنى هذا‬ ‫َ‬ ‫العدل ُ‬ ‫العدل اْلُؤسس على أن َّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫يتحم َل‬ ‫يسع الجميع‪..‬‬ ‫اْلنظور‪ ...‬فكان ماذا؟‬

‫‪24‬‬


‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫كل مسؤوليته عن اختياره‪ ..‬أنتم ترون أننا ُمجرمون فيما ندعو إليه‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُون ُ‬ ‫رشد إليه‪َّ ,‬ل بأس‪ ,,‬لن نكرهكم‪ ,‬لن نرغمكم‪ ,‬لن نجتهد ولن نجاهد حتى‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫ننتزع منكم اعترافا بعكس ما تنظرون بعكس ما تروا‪ ,‬لكم ذلك‪ ,‬نحنث‬ ‫َ‬ ‫سأل َّ‬ ‫العمل الطيب ‪ ..‬وَّل ُن ُ‬ ‫ُمجرمون‪ ,‬وأنتم تعملون‬ ‫عما تعملون ‪ ..‬العمل‬ ‫ً‬ ‫الذي قد يكون طيبا في نظركم أو نظر أشياعكم وأتباعكم‪َّ ,,‬ل بأس‪ ,‬لكن ما‬ ‫كل في مسار ِه‪ ,‬ليعمد ٌ‬ ‫النهاية؟؟ ما هي الترتبات اْلخيرة‪ ,‬ليسر ٌ‬ ‫طريقه‪,‬‬ ‫كل في‬ ‫ِ‬ ‫طباق أو طالق‬

‫وفق ما اختار‪ ..‬هذا هو العدل‪ ..‬هذا هو العدل‪.‬‬

‫‪--------‬‬

‫َ‬ ‫إلى عقود يسيرة أيها اْلخوة‪ ,‬لم يكن البشر يستوعبون هذا اْلنطق‪ ,‬منطق‬ ‫ماذا؟ منطق أن َ‬ ‫كل أحد ُله الحرية الكاملة وبالتالي يتحمل مسؤوليته تامة‬ ‫نحن نختار بالنيابة عنكم!!!!‪ُ ,‬‬ ‫غير منقوصة عن اختياره‪َّ ..‬ل بل ُ‬ ‫نحن نحتاز‬

‫الحقيقة!!!!!‪ ,‬ولذلك يجب أن ُي َّ‬ ‫طوح برؤوس كبيرة وكثيرة في سبيل تعميم‬ ‫هذه الحقيقة‪ ..‬هكذا كانت تجري اْلمور‪.‬‬ ‫َ َ‬ ‫ومن هنا ش ِهد التاريخ عشرات الحروب الدينية في داخل القارة الواحدة‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫ليشج َب هذا اْلنطق‪ ,‬إن ُه َّل يعترف‬ ‫وبين القارات‪ ,,‬اإلسالم جاء من أول يوم‬ ‫بهذا اْلنطق‪َّ ,‬ل ُيمكن أن تكون قضايا اَّلعتقاد والدين أيها اْلخوة قضايا‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫صطنع فيها اإلكراه واإلرغام والقسر‪ ,,‬أبدا‪ ..‬إنها قضايا اعتقاد‪ ,,‬إنها‬ ‫ُي‬ ‫قضايا اختيار ُحر‪ ..‬هذا هو منطق القرآن‪.‬‬

‫‪25‬‬

‫في الخطبة السابقة‪ ,‬قلنا القرآن بطريقة عجيبة يشجب منطق اَّلزدراء‬


‫ُ‬ ‫والسخرية‪ ,,‬هناك َّلهوت هنا في الغرب اْلوروبي نما ُيسمى َّلهوت اَّلزدراء‬ ‫ُ‬ ‫ُيناقش اْلديان اْلخرى والعقائد اْلخالفة من منطق اَّلزدراء والتحقير‪,‬‬ ‫ولذلك يتوسل اَّلفتراء والكذب والبهت ُويسمى هكذا * َّلهوت اَّلزدراء *‬

‫طباق أو طالق‬ ‫‪--------‬‬

‫ثيولوجيا اَّلزدراء‪ ..‬والقرآن برئ من هذا اْلنطق من أول يوم‪ ..‬ولذلك‬ ‫ً‬ ‫أفهمنا أن الذين يجنحون إلى اَّلزدراء ُ‬ ‫والسخرية هم الفاشلون عقديا‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫وفكريا‪ ..‬دائما يفشلون‪ ,‬وهذا إعالم بفشلهم‪ ..‬فال ازدراء وَّل إكراه وإرغام‪..‬‬ ‫بل َ‬ ‫هناك قدر من اْلرونة أيها اْلخوة ُيمكن ُ‬ ‫معه ‪ -‬من باب التنزل‪ -‬تبني‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫اْلوقف اْلخالف لكي نقود اْلسيرة‪ ,‬لكي نقود كل الفرقاء إلى نهاية واحدة‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫يمث ُل في جوهرها في لبها العدل‪ ..‬الع ـ ــدل‪ ,,‬لنا أن نختار ما اخترناه ولكم أن‬ ‫كل مسؤو ُ‬ ‫ليته‪ُ ..‬‬ ‫تتمسكوا بما اخترتموه وليتحمل ٌ‬ ‫نفس بما كسبت‬ ‫كل‬ ‫ٍ‬ ‫رهينة‪.‬‬ ‫ً‬ ‫العجيب َّأن ُ‬ ‫قليل جدا يقول‬ ‫ر‬ ‫بعد‬ ‫سبأ‪,‬‬ ‫ة‬ ‫سو‬ ‫من‬ ‫الكريم‬ ‫السياق‬ ‫هذا‬ ‫في‬ ‫ه‬ ‫ٍ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫هللا تبا ك وتعالى‪ ::‬وما أ س َ‬ ‫ونذيرا ‪ ::‬ولو َ‬ ‫اتسع‬ ‫للناس بشيرا‬ ‫كافة‬ ‫إَّل‬ ‫لناك‬ ‫ر‬ ‫ر‬ ‫ِ‬ ‫ً‬ ‫ُ ً‬ ‫طرفا من ُنكتة تقديم كافة هنا‪ُ ..‬‬ ‫ْلنه قد‬ ‫اْلقام لتناولنا نكتة أيها اْلخوة أو‬ ‫َ‬ ‫سلناك إَّل للناس كافة ُ‬ ‫لكنه قال‬ ‫يقول قائل كان اْلنسب أن يقول وما أر‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫َّ َ َّ‬ ‫َ‬ ‫اس َّل يعلمون‪..‬‬ ‫ن‬ ‫ال‬ ‫أكثر‬ ‫ولكن‬ ‫ونذيرا‬ ‫بشيرا‬ ‫للناس‬ ‫كافة‬ ‫إَّل‬ ‫سلناك‬ ‫وما أر‬ ‫ِ‬ ‫ُ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫بعض اْلسلمين في هذا العصر‬ ‫الذين َّل يعلمون أنا أقول لكم‬ ‫ومن هؤَّلء‬ ‫ً‬ ‫أعصار َمضت‪ .‬لم يفهموا جيدا عاْلية هذه الرسالة‬ ‫أعصار سلفت وفي‬ ‫وفي‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬

‫‪26‬‬


‫لذلك توسلوا بمنطق وبلغة أيها اْلخوة تتعارض على طول الخط مع عاْلية‬

‫طباق أو طالق‬ ‫‪--------‬‬

‫‪27‬‬

‫الرسالة‪ ,‬لم تخدم في هذا اَّلتجاه‪..‬‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫َ َ‬ ‫وصال للخطبة السابقة َّ‬ ‫ض َح إذن َّ‬ ‫الخطبة ستكون‬ ‫ْلن الوقت‬ ‫أن هذه‬ ‫و‬ ‫ٌ‬ ‫ضيق في الشتاء أيها اْلخوة فخطبة واحدة َّل تكفي‪ .‬تحدثنا في الخطبة‬ ‫ُ‬ ‫اْلاضية عن سبب من أسباب هذه العقلية اْلطابقية التي تنشد وتطلب‬ ‫حقيقته كارثة‪ ,‬بل هو قد يكون إحدى َّأمات‬ ‫التطابق‪ ,‬والتطابق في‬ ‫ِ‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫الكوا ث‪ْ ,‬لاذا؟ َّ‬ ‫امتحانه كما قلت سريعا‪ ,‬ونتيجة‬ ‫ْلن التطابق ُيمكن‬ ‫ر‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫امتحانه سريعا؟؟ فقط يكفي أن‬ ‫اَّلمتحان مأساوية كارثية‪ ..‬كيف ُيمكن‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫تختلف معي في كسر بسيط في اْلائة لكي َّل تكون ُمتطابقا وإذن فأنت‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫عدوي‪ ..‬ومن هنا عالقاتنا كما قلت أيها اْلخوة تشهد دائما بين الدول أو‬ ‫بين اْلفراد تقاطعات وانفجارات دراماتيكية َّل يفهمها اإلنسان البصير‬ ‫الواعي‪ ..‬يقول ْلاذا وكيف ُيمكن أن تحدث هذه اْلمور‪ .‬ولذلك ُ‬ ‫نحن‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫أحبك جدا وإما أن‬ ‫ُمستقطبون أو استقطابيون حتى في عواطفنا‪ ..‬إما أن‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫أكرهك جدا‪ ..‬أَّل يوجد حل وسط؟ َّل َّل يوجد حل وسط‪ ..‬إما أن تتطابق‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫معي بالكامل وإَّل فأنت عدوي‪ ...‬إذن من الصعب جدا أن تجد هذه‬ ‫ُ‬ ‫اْلطابقة إَّل في عالم من اْلغنام أعزكم هللا وأعزكن‪ ..‬في عالم البشر اْلفراد‬ ‫ُ‬ ‫اْلحرار من الصعب أن تتوفر هذه اْلطابقة‪ .‬ما رأيكم؟؟؟‬ ‫بين الصحابة وبين رسول هللا صلوات ربي وتسليماته عليه وعلى آله‬


‫ً‬ ‫وأصحابه لم تكن دائما ثمة ُمطابقة في كل ش يء‪ ..‬كانوا يسألون أهذا عن‬ ‫ً‬ ‫وحي السماء؟؟ إن كان عن وحي السماء سمعنا وأطعنا‪ ..‬إن كان اجتهادا‬ ‫لك‪ ,‬أو اجتهاد رأي‪ ,‬فلنا آراء يا رسول هللا‪ ,‬ويتسع صدر ُه‪ ,,,‬يتسع صدر ُه‬ ‫ً‬ ‫الذي يسع الذي يسع اْلكوان لكي يستمع‪ ,‬وأحيانا ُيصادق على بعض آرائه‬ ‫كأن يقول‪ :‬صحيح هذا أحسن‪ ,‬هذا أجود‪ ,‬وتعلمون وقائع كثيرة‪ ..‬هذا‬ ‫النبي نفسه – َف َع َل ذلك‪ -‬اليوم – بتهكم وآس ى – اليوم َّل ُ‬ ‫نحن أعظم من‬ ‫طباق أو طالق‬ ‫‪--------‬‬

‫بني‪ ,‬أقدس من نبي‪ ....‬يجب أن يتطابق معنا العاْلون في كل ش يء‪ ,‬وكما‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫قلت؛ تفصيل واحد يقع فيه اَّلختالف – تصبح‪ -‬اْلطابقة غير موجودة‪,‬‬ ‫إذن فهو العداء واَّلستعداء‪ ..‬هذه كا ثة تكرث العالم ُ‬ ‫كله‪ ..‬هذا إما أن‬ ‫ر‬ ‫يكون هو القديس وإما أن يكون هو اإلبليس‪ ,‬أَّل يوجد وسط؟؟ إنسان‬ ‫خطاء‪ ,‬ليس إبليس وليس قديس‪ ..‬إنسان مؤمن إنسان طيب‪ُ ,‬يخطئ‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُويصيب‪ – ..‬بتهكم وأس ى وغضب – َّل نريد إَّل إما قديس نقيم له ضريحا‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫نلعنه في اْلصابح واْلماس ي‪ ..‬إما الثأر وبالدم والدم َّل‬ ‫ومقاما وإما إبليس‬ ‫ً ً‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫الصفح التام‪ ..‬القرآن أعطانا خيارا ثالثا‪ ,‬قليال من‬ ‫يغسله إَّل الدم وإما‬ ‫ً‬ ‫النقود قد يتحقق ُ‬ ‫الصلح‪ ,‬أي يوجد ش ُيء بين البينين‪ ..‬فليس شرطا أن‬ ‫ً‬ ‫أصفح هكذا بال ش يء وليس شرطا أن أنتقم و أقتل‪ُ ..‬يمكن أن نتصالح‪,‬‬ ‫ُ‬ ‫هناك طرف اسمه – اْلصلح –‬ ‫ً‬ ‫لألسف ٌ‬ ‫كثير من الدارسين في الشرق والغرب‪ ,,‬فعال لألسف بل يبدو أن‬

‫‪28‬‬


‫طباق أو طالق‬

‫َ َ َ‬ ‫َّ‬ ‫ظ وَّلحظ َول َف َت إلى َّ‬ ‫أن العقلية‬ ‫هذا ُله بعض اْلصداقية قلت أو كثرت‪ ,,‬لح‬ ‫ُ‬ ‫العربية‪ُ ,‬‬ ‫نحن عرب اَلن نتحدث َّل نتحدث عن كل اْلسلمين‪ ,‬العقلية‬ ‫العربية أيها اْلخوة هي عقلية ِّ‬ ‫حدية استقطابية تعجز عن رؤية التطيف‪,‬‬ ‫ُ‬ ‫هذا ُمصطلح من عندي‪ ,‬التطيف أي التدرج‪ ,‬ولي خطبة قريبة قبل أقل من‬ ‫ً‬ ‫سنة عن هذا اْلنطق اَّلتصالي واَّلنفصالي‪ ,,‬منطقنا ليس اتصاليا َّل ُيالحظ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫اَّلتصالية في اْلمور‪ ,‬وإنما ينتقل حديا‪ ,‬مثل قفزات ميكانيكا الكم‪ ,‬حديا‬ ‫من طرف إلى طرف كطفرة دون أن يمر بالوسط‪ ..‬إما أسود أو أبيض‪..‬‬ ‫وقد َم بعضهم تعليالت كثيرة‪ُ ,‬‬ ‫َّ‬ ‫بعضها مشكوك في مدى علميته ونجاعته‬

‫‪--------‬‬

‫التفسيرية والتحليلية‪ ,,‬يقولون بسبب الصحراء واْلناخ الصحراوي‪َّ ,‬‬ ‫ْلن‬ ‫ً‬ ‫ُ ُ‬ ‫ً‬ ‫أفق اْلرض وأفق السماء‪ ,‬والصحراء لو ٌن‬ ‫ين‬ ‫ب‬ ‫حديا‬ ‫فاصال‬ ‫ث‬ ‫حد‬ ‫الصحراء ت ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٌ‬ ‫واحد والسماء لون آخر ُمختلف‪ ,‬فسماء العرب صافية‪ ,‬واْلناخ‬ ‫الصحراوي في النهار شديد القيظ والحرارة‪ ,‬وفي الليل شديد البرودة‪ ,‬إما‬ ‫حرارة شديدة وإما برودة شديدة‪ ,‬يا أزرق يا أصفر‪ ,‬والخيارات بسيطة‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫وحدية أيضا‪ ..‬قالوا هذا اْلناخ أثر على عقلية العربي‪ ,‬فيعجز أن ُيشاهد‬ ‫َّ‬ ‫الت َطيف‪ .‬وهذا غير صحيح‪ ,‬أنا أشك في علمية هذا الش يء‪َّ ,‬‬ ‫ْلن اَّلسكيمو‬ ‫ً‬ ‫يعيشون في عالم أبيض تقريبا حتى سماؤهم بيضاء لكنهم ُيالحظون‬

‫‪29‬‬

‫التدرج‪ ,‬هناك أكثر من ألف كلمة في لغة اَّلسكيمو تصف الثلج وتصف‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫البياض‪ ,‬عندهم اْلبيض عبارة عن مئات اْللوان ليس لونا واحدا‪ .‬إذن‬


‫ً‬ ‫ممكن للعربي أن يعيش في عالم بألوان يسيرة وأيضا أن ُيالحظ التطيف‬ ‫ً‬ ‫والتدرج واَّلتصالية‪ .‬أنا أرجح أكثر هكذا أزعم‪ ,‬أقترح وقد أكون ُمخطئا‪,‬‬

‫‪--------‬‬

‫لكن من الصعب أن نعيش جماعات‪ُ ,,‬يمكن أن ننشط وأن ننجح و أن‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ننجز وأن ننتج أفرادا‪ ,‬لكن نفشل‪ ,‬وصحيح فهذا اَلن في العالم العربي‬ ‫ُمالحظ بشكل ناصع وفاقع‪ ,‬نفشل ج ـ ـمـاع ــات‪ ..‬ايتني بأربع من اْلخوة في هللا‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ً ُ‬ ‫َ‬ ‫اْلتحابين الطيبين اْلتوادعين‪ ,‬إذا أردت أن تدق بينهم إسفينا لكي تفرقهم‪,‬‬ ‫كلفهم بعمل جماعي‪ ,‬ي ـخ ـتــلفـ ـ ــون‪ ..‬الكل ينفي الكل‪ ,‬الكل يرفض الكل‪ ,‬الكل‬ ‫َّل يعود يرى الكل‪ ..‬لــماذا؟ ما الذي يحدث؟ هذا الذي نحتاج أن نقف معه‬

‫طباق أو طالق‬

‫أقترح أن السبب هو ف ــردي ــة العربي‪ ,‬صحيح هذه لها عالقة بالصحراء التي‬ ‫ُ‬ ‫تجعله يبخع ويخنع ويخضع لسلطة مركزية واحدة متغولة‪ ,‬كسلطات‬ ‫لم‬ ‫ُ‬ ‫الحواضر واْلدن‪ ..‬فهو صحراوي ُمتأبد كما يقولون مع الوحوش ينطلق‬ ‫ويهيم‪ ,‬خاصة ُرعاة اإلبل‪ ,‬في أعماق أعماق الصحراء السحيقة‪ .‬لم يتعود‪,‬‬ ‫ُ‬ ‫واْلتنبي أشار إلى هذا في أشعار كثيرة‪ ,‬لم يتعود على أن يخضع لسلطة‬ ‫ً‬ ‫مركزية‪ ,‬فهو يشعر بفرديته‪ ,‬العربي كائن ُحر أيها اْلخوة‪ ,‬لكن هذا ُله أيضا‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫وسلبياته‪ ,‬فمن مثالبه وسيئاته أننا ُيمكن أن نعيش أفرادا وأحرارا‬ ‫مثالبه‬

‫وقفة مطولة‪ .‬الثقافة العربية ساعدت هذه الفردية وغذتها‪ ,‬هكذا ثقافتنا‪,‬‬ ‫والثقافة أخطر ش يء كما قلت لكم‪ ..‬فالثقافة تختلف عن موضوع اْلفكار‪,‬‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫اْلفكار مسكينة تخضع للثقافة‪ ,‬تستقطب أو ترفض‪ ,‬تجذب أو تنبذ‬

‫‪30‬‬


‫بحسب الثقافة‪ ,‬بحسب الروح السائدة‪ ,‬ه ــذا هــو‪..‬‬ ‫فثقافتنا لألسف وَّل تزال‪ ,‬وهذا يحتاج إلى مزيد تحليل وتفكيك‪ ,‬كيف؟‬ ‫البطولة لدينا ما هي؟ البطولة رجل‪َّ ,‬ل أحب أن أقول فرد‪َّ ,‬ل يوجد امرأة‬

‫طباق أو طالق‬ ‫‪--------‬‬

‫‪31‬‬

‫بطلة لدينا لألسف الشديد في ثقافتنا‪ ,‬اْلرأة َّل تكون بطلة‪ .‬البطل ليس‬ ‫ُ‬ ‫اْلجد رجل‪ ,‬النصر رجل‪ ,‬كل ش يء‬ ‫فرد حتى‪ ,‬هو فرد رجــل‪ ,‬البطولة رجل‪,‬‬ ‫رجل وواحد‪ ..‬هذا ُيعين الروح الفردية ُويغذيها قل لعربي أيها اْلخوة‪ ,‬أنا‬ ‫ُمتأكد ماليين العرب َ‬ ‫ممن سمعوا هذا الخبر في الجزيرة أو العربية أو البي‬

‫بي س ي أو الس ي ان انو استغربوا‪ ,‬لم يستوعبوا‪ ,‬يوجد ش يء غير ُمستوعب‬ ‫ُ‬ ‫هنا وغير مفهوم‪ ,‬قبل أيام‪ ,‬في هذا الشهر الجاري تعطى جائزة نوبل‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫للسالم‪ْ ,‬لن؟ قل هذا لعربي ‪ -‬ولسان حاله سيقول‪ْ -‬لن لباراك أوباما‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫أعطيها قبل ذلك‪ْ ,‬لن ْلصري‪ ,‬لعربي‪ْ ,‬لمريك َّلتيني؟ َّل بل لالتحاد‬ ‫اْلوروبي‪ – ..‬لسان حال العربي سيقول‪ -‬لالتحاد اْلوروبي؟ غير مفهوم هذا‪,‬‬ ‫ً‬ ‫هذا َّل يركب كما نقول بالعامية‪.‬ز لالتحاد اْلوروبي؟ ليس مفهوما‪ ,‬وعند‬ ‫ً ً‬ ‫اْلوروبيين هذا عادي جدا جدا‪ ,‬وذهب زعماء أوروبا إلى هناك بما فيهم‬ ‫اْلستشارة اْلْلانية واحتفلوا بهذا وشعروا بالفخر وكانوا ُمعتزين بهذا‬ ‫الش يء‪ – ..‬يتحدث بنبرة فخرهم‪ -‬اَّلتحاد اْلوروبي يأخذ جائزة من السويد‪,‬‬ ‫جائزة نوبل‪ ,‬لها قيمة رمزية عالية‪ – ..‬يعود َّلستغراب العربي‪ -‬أهل ُيكرم‬ ‫اَّلتحاد اْلوروبي ُ‬ ‫كله؟ ليس حتى أْلانيا أو كذا؟ نعم اَّلتحاد اْلوروبي‪ ,‬وهذا‬


‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫يفهمه العربي‪ ..‬العربي يفهم أن تعطى لشخص‪ْ ,‬لن البطل أيها اْلخوة هو‬ ‫َّل‬

‫هؤَّلء البدو اْلعراب قلة يسيرة من البشر فجيوشهم كانت قليلة إلى حد‬ ‫نسبي في ظرف عقود يسيرة أن يفتحوا ُمعظم اْلعمور‪ ,‬وأن يقضوا على‬

‫‪--------‬‬

‫اإلمبراطوريات القديمة الباذخة‪ ,‬كـي ـ ـ ـ ــف؟ بروح جماعية أنشأها القرآن‪,‬‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫خاطب القرآن أفرادا؟‬ ‫فالقرآن ُيخاطب َّأمة‪ ,‬يتحدث عن َّأمة‪ ,‬قولوا متى‬ ‫ً‬ ‫فهو ُيخاطب َّأمة دائما‪ ,,‬يا أيها الذين أمنوا‪َّ ,,‬أمة َّأم ـ ــة َّأمة‪ ,‬حتى شعر‬ ‫ُ‬ ‫اْلسلمين‪ ,‬مثل حسان بن ثابت حين يتحدث عن النصر في بدر وغيرها‪ ,‬فهو‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫التقط هذه الروح‪ ,,‬وببئر َبدر إذ ُ‬ ‫ُ‬ ‫جبريل تحت‬ ‫يرد وجوههم‬ ‫يتحدث عن َّأمة‪,‬‬ ‫ِ ٍ‬ ‫ُ ُ ً‬ ‫وم ُ‬ ‫برزا قوة كلمة ُ‬ ‫لوائنا ُ‬ ‫نحن –‬ ‫حمد‪ ..‬محمد منا وجبريل منا‪ ,‬لكن نح ــن – م‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫قفزة مع أبي تمام أيها اْلخوة وعمورية السيف أصدق إن بان‪ ..‬كلنا‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫نتحفظ هذه القصيدة الرائعة‪ ,‬فهي تروع وتعجب جدا كنظم جميلة‪,‬‬ ‫كإيقاع كموسيقى من أجمل ومن أبدع ما يكون‪ ,‬لكن الدَّللة واْلغزى‬

‫طباق أو طالق‬

‫نبي‪ ,‬شخص واحد‪ ..‬هو ولي شخص واحد‪ ..‬هو إمام شخص واحد‪ ..‬هو‬ ‫قائد عسكري شخص واحد‪ ,‬قائد سياس ي شخص واحد‪ ..‬وهذه الروح أنا‬ ‫ُ‬ ‫أقول لكم‪ ,‬لألسف هذا ما أخطأ اْلسلمون اْلتأخرون في التقاطه وتثويره‬ ‫ً‬ ‫وتفعيله وتشغيله ثقافيا‪ ,‬القرآن الكريم أراد للعرب ومن العرب أن‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫وعمل فعال على تخفيفها ونجح‪ ,‬ومن هنا النجاح‬ ‫يتخففوا من هذه الروح‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫َ َ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫ُمنقطع النظير الذي شك َل سرا إلى اَلن ُيوصف بأن ُه تقريبا سر‪ ,‬كيف ن َج َح‬

‫‪32‬‬


‫نصر َ‬ ‫والرسالة ضائعة‪ ..‬إنما هي قلب للروح القرآنية‪ٌ ,‬‬ ‫تقدر بغير رجال‬ ‫َّ‬ ‫كأن ُه‪ ,‬بغير دماء وفداء‪ ,‬تقدر فقط بحضور اْلعتصم الذي لو رمى القدر‬ ‫بغيره لم يصيبوا‪ ,‬فقط اْلُعتصم‪ ..‬تقدير ُمعتصم باهلل ُمنتقم هلل ُ‬ ‫رتقب في‬ ‫م‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫هللا ُمرتغب‪ ..‬فقط اْلُعتصم وَّل غير اْلُعتصم‪َ ..‬‬ ‫أين شعر أبي تمام كروح‬ ‫اْلمة ُ‬ ‫وجهد َّ‬ ‫كأمة ُتعبر عن نفسها كلسان ناطق بضمير َّ‬ ‫كرسالة َّ‬ ‫اْلمة‬ ‫وتضحياتها‪ ,‬من شعر الحسان ابن ثابت‪..‬‬

‫طباق أو طالق‬ ‫‪--------‬‬

‫ً‬ ‫القرآن يتحدث عن بدر وعن أحد وعن الخندق اْلحزاب وعن ُحنين ودائما‬ ‫اْلمة ويتكلم مع َّ‬ ‫ُيخاطب َّ‬ ‫اْلمة والرسول منها وفيها‪ ,‬ما رأيكم؟ وهذا ش يء‬ ‫ً‬ ‫عجيب لم تلتفت وَّل تلتفت َّ‬ ‫كثيرا‪ ,‬وهو ٌ‬ ‫أمر َّلفت ينبغي أن‬ ‫اْلمة إليه اَلن‬ ‫َّ‬ ‫ُيشغل لكي يخلق ثقافة جديدة‪ ,‬ثقافة تستوعب أن ُينجز العمل فريق‪,‬‬ ‫َ‬ ‫مجموع وينجح‪ .‬أحمد زويل حين أخذ نوبل بكل تواضع‪ ,‬ونحن نحترم هذا‬ ‫ً‬ ‫حب أن يقول ليس ْلني أنا ٌ‬ ‫جدا‪ ,‬هذا العبقري البارع‪ُ ,‬ي ُ‬ ‫خلق آخر‪ ,‬أو‬ ‫الرجل‬ ‫من كوكب اْلريخ وعندي طاقات جبارة خارقة‪َّ ,‬ل َّل َّل‪ ,‬فقد َ‬ ‫شكر أشياء‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫القدماء في مصر‪ ,‬واْلصريون حقيقة بارعون‬ ‫كثيرة بما فيها حتى اْلساتذة‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫لو أعطوا فرصة وهللا بارعو وعباقرة ومبدعو وبإذن هللا يمنحو هذه‬ ‫الفرصة‪ ,‬إن شاء هللا تتبدل اْلحوال‪ ,‬ولنا تعليق َّل ننساه إن شاء هللا على‬ ‫الدستور كنصيحة لوجه هللا في قضية الدستور والخالف والقضية أكبر‬

‫‪33‬‬

‫من الدستور‪ ,‬لكن ربما في الخطبة الثانية إن شاء هللا‪ .‬ولكن البروفيسور‬


‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫زويل ركز بالذات على اإلمكانات التي قدمت ُله في الوَّليات اْلتحدة‬ ‫وضمنه‪ ,‬وقال َّ‬ ‫ُ‬ ‫اْلمريكية وعلى الفريق الذي اشتغل ُ‬ ‫أن الفريق يمتلك‬ ‫معه‬ ‫أكبر حظ من إنجاحي ومن وصولي إلى ما وصلت إليه‪ ,‬فريق العمل العلمي‬

‫طباق أو طالق‬

‫َّل قيمة له‪ٌ .‬‬ ‫ونبي بال صحب وَّل أتباع؟ نفس الش يء‪َّ ,‬ل معنى لنبوته‪ ,‬فنبي بال‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫َّ ُ‬ ‫سالته‪.‬‬ ‫أصحاب وَّل أتباع َّل يستطيع أن ُيثبت أنه نبي أصال وأن يخدم ر‬ ‫ُ‬ ‫لذلك روى اإلمام الحاكم في اْلستدرك على الصحيحين‪ ,‬عن ابن مسعود‬ ‫رض ي هللا تعالى عنه وأرضاه‪ ,‬قال‪ :‬قال صلى هللا عليه وآله وأصحابه وسلم‬ ‫ً ً‬ ‫ُ‬ ‫تسليما كثيرا‪ُ :‬ع ِرضت علي الجنة فرأيت فيها دالية – كرم عنب‪ -‬دالية‬

‫‪--------‬‬

‫الذي معي‪ ,‬ليست اْلسألة أنا بمفردي‪..‬‬ ‫ُ‬ ‫يجب أن تخلق هذه الثقافة من جديد‪ .‬ما قيمة القائد بال عسكر بال‬ ‫ُ‬ ‫جيش؟ َّل ش يء‪ ,‬ما قيمة الكاتب العظيم بال قراء؟ َّل ش يء‪ ..‬في العصور‬ ‫الوسطى بعض هؤَّلء اْلوروبيين تحدث عن كتاب يبحث عن قارئيه‪.‬‬ ‫ُ ًُ‬ ‫شعروا أن هناك كتبا تكتب وَّل قارئ لها‪ .‬اْلزاج العام والثقافة َّل تقبلها‬ ‫ُ‬ ‫كما قلت لكم‪ ,‬مرفوضة‪ ,‬لذلك تكتب وهي عدم‪ ,‬وتبقى في العدم إلى أن يأتي‬ ‫زمن أو دورة زمنية يولد أو يتولد فيها القارئ الذي ُيمكن أن يتعاطى مع‬ ‫ُ‬ ‫هذا الكتاب‪ .‬هل لدينا ويا ليت لدينا اَلن كتب تبحث عن قارئ‪ ,‬على اْلقل‬ ‫هي ُكتب تستشرف‪ ,‬تخترق الشرنقة‪ ,‬تخرج من القوقعة التي ُ‬ ‫نحن فيها‬ ‫ُمحاصرون بين جدرانها مسجونون‪َّ ,‬ل أعرف‪ .‬فإذن كاتب أو كتاب بال قراء‬

‫‪34‬‬


‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫قطوفها دانية‪ ,‬فأردت أن أتناو َل منها قطفة‪ ,‬فأوحى هللا إلي أن تأخر‪ ,‬قال‪:‬‬ ‫فتأخرت‪ ..‬في صحيح ُمسلم من حديث ابن عباس هذا كان في صالة‬ ‫ُ‬ ‫ْلكلت منه ما بقيت ُ‬ ‫ُ‬ ‫الدنيا – لن يفنى‪ ,‬تشبع‬ ‫تناولته‬ ‫الكسوف‪ ..‬قال‪ :‬ولو‬

‫منه َّامة محمد وَّل يفنى ْلنه من طعام الجنة‪َّ ,‬‬ ‫لكن هللا َّل يشاء هذا‪ ,‬حتى‬ ‫ُ‬ ‫دَّللته‪َّ ,,‬ل يصح‪ ,‬فلو تأخذ عنب من الجنة هذا يعني‬ ‫يبقى لإليمان بالغيب‬

‫طباق أو طالق‬ ‫‪--------‬‬

‫‪35‬‬

‫أن الجنة كأنها موجودة‪ ,‬وَّل يفنى ُيؤكل وَّل يفنى‪ ,‬ولكن حكمة هللا قال‪:‬‬ ‫تأخر َّل ُيؤذن لك به‪ُ ,,‬مصادرة هذا على الرسالة ُيصبح وعلى اإليمان‬ ‫ُ‬ ‫بالغيب‪ ...‬قال‪ُ :‬‬ ‫وعرضت علي النار فيما بيني وبينكم حتى رأيت ظلكم وظلي‬ ‫ُ‬ ‫فيها‪ ..‬والعياذ باهلل‪ ,‬نعوذ باهلل من غضبه ومن سوء عقابه وعذابه‪..‬‬ ‫ُ‬ ‫فأومأت إليكم أن استأخروا‪ ,‬فأوحى هللا إلي أن أقرهم‪ ,‬أن أقرهم‪َ ,‬‬ ‫فإنك‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫وجاهدت وجاهدوا‪ ,‬حتى لم َأر َ‬ ‫لك‬ ‫أسلمت وأسلموا‪ ,‬وهاجرت وهاجروا‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ونحن اليوم يأتينا قادة وزعماء‪,‬‬ ‫فضال عليهم إَّل بالنبوة‪ ..‬هللا يقول ُله هذا‪,,‬‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫يقول أحدهم َّ‬ ‫ْلمته أنا خلقت فيكم العزة والكرامة‪ ,,‬هل يوجد إنسان‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫أصال أنت؟ متى ُخلقت؟ ومتى ُخ َ‬ ‫لق هذا‬ ‫شعبه بهذا؟ متى خلقت‬ ‫ُيخاطب‬ ‫ُ‬ ‫عمره خمسة آَّلف سنة‪ ,,‬حضارة كاملة‪ ,‬أنت مولود‬ ‫الشعب‪ ,‬فهذا الشعب‬ ‫َ‬ ‫اليوم خلقت فيهم ماذا؟ وآخر ُيخاطبهم يقول لهم‪َ :‬من أنتم؟ لوَّل أنا ما‬ ‫عرفكم العالم وَّل ُ‬ ‫الدنيا‪ ,‬ويسألون عنكم َمن وماذا‪ ,‬تعرفون اْلقصود‪– ..‬‬ ‫َّ َ‬ ‫عرف بها‪,‬‬ ‫بتهكم على هذا الحاكم‪ -‬أي البلد كلها غير معروفة إَّل به وهو َمن‬


‫ً‬ ‫وهي بلد كاملة بشطها ذا اْللفين كيلومتر ونفط وحضارة أيضا وفلسفة من‬ ‫قديم‪ ,‬يقول ليست معروفة‪ ,‬قال لوَّل أنا فأنتم عدم‪ ,‬عدم‪ ..‬لذلك طبيعي‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫عنده استعداد‪ ,‬وليس زعيم واحد على‬ ‫أيها اْلخوة أن نشاهد اليوم زعيما‬

‫طباق أو طالق‬

‫فرد هذا‪ ,‬الكل يبخع له ويخنع‪ ,‬من أيام أبي جعفر اْلنصور أيها اْلخوة‪,‬‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫أصحابه ينهى‬ ‫أصحابه‪ ..‬وبين قوسين يخطر لي أن أقول‪:‬‬ ‫النبي ينهى‬ ‫ُ‬ ‫أصحابه‪ ,‬ولكن القرآن قال فاتبعوه‪ ,‬وتحدث عن اإلتباع في حق اْلنبياء‪,‬‬ ‫ُ‬ ‫بوسعه أن يقول أنتم أتباعي‪ ,‬لم يخطر هذا‪ ,‬ولديه ندحة قرآنية‬ ‫والنبي كان‬ ‫ِ‬ ‫أن يقول هذا‪ ,‬لديه إذن قرآني‪ ,‬هللا يقول اتبعوه‪ ,‬إذن أنتم أتباعي‪ ,‬لكنه لم‬ ‫ُ‬ ‫ونحن يا رسول هللا‪ ,‬قال أنتم أخواني‪ ,‬ليس‬ ‫ُيحب هذا‪ ,‬فقال أنتم أصحابي‪,‬‬

‫‪--------‬‬

‫فكرة‪ ,‬ليس بشار فقط‪ ,‬فألوف الزعماء هكذا وعبر التاريخ‪ ,‬وألوف منا‬ ‫ُيمكن أن يكونوا مثلهم وأ دأ منهم‪ ,‬أنا أقول لكم بشكل واضح‪َّ ,‬‬ ‫ْلن الثقافة‬ ‫ر‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ونطعمه‬ ‫نشربه‬ ‫واحدة‪ ,‬اْلستنقع الذي نتغذى والعياذ باهلل بمائه اْلسمم‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ونحن مثلهم‪ ,‬ثقافتنا نفس‬ ‫واحد‪ ,‬حتى يتغير هذا اْلستنقع‪ ,‬ونسبهم ونلعنهم‬ ‫الثقافة حتى نكون واضحين مع أنفسنا ومع الحقائق‪ ..‬ليس فقط بشار‬ ‫َ‬ ‫هذا‪َّ ,‬ل َّل َّل‪ ,‬البشاشير إن جاز التكسير‪ ,‬البشاشير كثيرون أيها اْلخوة‬ ‫ً‬ ‫ويكون أنا ُمتأكد ُمرتاحا مع ضميره‪ُ ,‬مستعد أن يذبح الشعب من عند آخره‬ ‫في سبيل أن يبقى‪ْ ,‬لاذا؟ َّ‬ ‫ْلن البقاء للفرد وأنا الفرد‪ُ ,,‬‬ ‫نحن نتحدث عن‬ ‫ُ‬ ‫ثقافة تعظم الفردية‪ ,‬فإذا كان َّلبد من وجود للفرد فليكون الزعيم‪ ,‬أعظم‬

‫‪36‬‬


‫أتباع بل أخوان‪ ,‬وليس مشكلة مع اْلتباع في إطار اْلخوة‪ُ ,‬هم أتباع في إطار‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫أصحابك يا‬ ‫الصحبة‪ ,‬قال‪ :‬أنتم أصحابي أصحابي هللا هللا في أصحابي‪,‬‬ ‫رسول هللا؟ نعم أصحابي أصحابي‪ ,‬ليس أتباعي‪ ..‬أنظر إلى الروح التي‬ ‫امتلكها رسول هللا‪ ,‬وقد تعامل معه بهذه الروح‪َّ ,‬ل أنهم أبتاع ورعاع ورعية‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫أبدا‪ ,‬بل علة أنهم أصحاب‪ ,‬ويأخذ بآرائهم كما قلت‪ ,‬ويحترمهم‪ ,‬وينهاهم على‬ ‫ً‬ ‫قياما‪ ,‬أي َّأنه لو َ‬ ‫جاء هم يقوموا وهو يجلس ويبقوا واقفين َّل‬ ‫أن يمتثلوا ُله‬ ‫طباق أو طالق‬

‫َّل َّل‪َّ ,‬ل تقوموا لي كما تقوم اْلعاجم ْللوكها‪ ,‬قال لهم أن َّل أحب هذا‪ ..‬لكن‬

‫‪--------‬‬

‫رأينا مع أبي عباس السفاح وبعد ذلك مع اْلنصور والساللة فرطت أيها‬ ‫ً‬ ‫اْلخوة‪ ,‬أول ما يأتي القائد‪ ,‬قائد عسكري أبو سلمة مثال أو أبو ُمسلم‬ ‫ُ‬ ‫قبل الرجل قبل اليد‪ ,‬اقرأوا التاريخ‪ ,‬قال‪ :‬مباشرة فجثا و َّ‬ ‫الخرساني ُت َّ‬ ‫قبل‬ ‫قدمه ثم ُ‬ ‫يده ثم قام‪ ..‬نعم هذا ما كان يحصل‪ ,‬فهذه ثقافة جديدة اَلن‪..‬‬ ‫أما ثقافة محمد فتختلف‪ ,‬ويقولون إسالم َّ‬ ‫وأمة إسالمية‪ ,‬هل كل العصور‬ ‫اإلسالمية مثل بعضها عندكم؟ فهل أبو جعفر اْلنصور نفس محمد أي‬ ‫نفس السنة ونفس الش يء‪ ,‬أَّل يوجد فرق؟ أَّل يوجد مواَّلة لثقافة محمد‬

‫‪37‬‬

‫ولفكر محمد ولخط محمد‪ ,‬والبراءة من هذا الخط اْلنكور اْلنكود‪َّ ,,‬ل َّل َّل‬ ‫كله تا يخ ُ‬ ‫– بتهكم وبأس ى على حالنا‪ُ -‬‬ ‫وكله تاريخ عظيم ما شاء هللا‪ - ,‬بتهكم‬ ‫ر‬ ‫ً‬ ‫أيضا‪ -‬فبني أمية ُعظماء وبنو العباس ُعظماء وبنو سلجوق‪ ,‬واْلخشيد‬ ‫ُ‬ ‫وابنه وأحمد ابن طولون وأو ُ‬ ‫الحمد هلل‪ ,‬وبعض الناس ُيعظم حتى‬ ‫َّلده‬


‫الفاطميين‪ ,‬والفاطميون ُعظماء واْلماليك ُعظماء وآل عثمان أرطوغا‪,,‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫نفسه‪,‬‬ ‫كلهم ُعظماء‪ ..‬وإذا انتقدت أحدا منهم أو شيئا كأنما تنتقد اإلسالم‬ ‫ُ‬ ‫ُّ‬ ‫أي ثقافة هذه؟ بأي ثقافة نفكر ونتحرك؟ سؤال مؤلم وجوابه حاضر عند‬ ‫الكل‪.‬‬

‫ُ‬ ‫على كل حال‪ُ ,‬يقبلون اْلرجل كما قلت لكم قبل اْليدي‪ ,‬اْلق ـ ــدام قبل‬

‫‪--------‬‬

‫الجاحظ في رسالته إلى الفتح ابن خاقان وفي غيرها رسالة الرد على‬ ‫النصارى ي ـتـع ـجـ ــب من دعوى النصارى الرحمة ويقول وهم أكثر َّأمة فيها‬ ‫الخص ي‪ ,,‬وهو َّل يعرف َّ‬ ‫أن هذا سيكثر في بني َّ‬ ‫العباس في حضارته حتى‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ُيصبح طابعا ُمميزا‪ ..‬الجاحظ يستنكر هذا جدا‪ ,,‬ويهزأ؛ كيف تتحدثون عن‬ ‫الرحمة واْلحبة عندكم والخص ي هذا لديكم‪ ..‬وهذا عند َّأمة محمد يا‬ ‫ً ً‬ ‫جاحظ سيكثر جدا جدا‪ ..‬فتجد عشرات ومئات الخصيان في القصور‪,‬‬ ‫ً‬ ‫يخدمون مئات وأحيانا آَّلف الحريم في القصور‪ ,‬ويقولون َّأمة محمد وهذا‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫دين وحضارة عظيمة‪ ,‬ش يء عجيب‪ ...‬فيغضب هذا التغلبي غضبا شديدا‬ ‫ً‬ ‫ُ ً‬ ‫فعل هللا َ‬ ‫قذعا‪ ,‬يقول ُله َ‬ ‫ُ‬ ‫بك وبك‪ ,‬أي َ‬ ‫بك وبك‪ ,,‬أنا‬ ‫خصيه سبا ُم‬ ‫ويسب‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫خدام لي‪ ,,‬طبعا كان‬ ‫خدام لي‪ ,,‬انتبهوا كونك‬ ‫ائتمنك على حريمي وأنت‬

‫طباق أو طالق‬

‫اْليدي‪ .‬إبراهيم ابن أحمد التغلبي يدخل عليه ذات يوم أحد صغار‬ ‫فقيه معه أوراقه ويحمل ُله ُ‬ ‫ٌ‬ ‫مسكين ٌ‬ ‫الفقهاء‪ٌ ,‬‬ ‫نعله خص ٌي يخدم في‬ ‫عالم‬ ‫ُ‬ ‫حريم اْلمير‪ ..‬خص ٌي من الخصيان الذين كانوا يخصوهم والعياذ باهلل‪..‬‬

‫‪38‬‬


‫بعض السادة في أوروبا وحتى في العالم اإلسالمي‪ ,‬يرفض من عبده أن يقول‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُله سيدي‪ ,,‬أي حتى أنا لست سيدا ْلمثالك‪ ,,‬أنت تتحرك باإليماء مثل‬ ‫ُ‬ ‫الريبوت فقط َّل تتكلم َّل تعبر ش يء غريب ويرفض أن يقول ُله نعم‪ ,,‬يقول‬ ‫الذي يستطيع أن يقول نعم يستطيع أن يقول َّل فممن ـ ــوع تقول نعم حتى‪,,‬‬ ‫اسكت وطأطئ وامض ي بدون كلمة‪ ,,‬قمع كامل لشخصية اإلنسان يا‬ ‫أخواني‪ ,‬سحق لبشرية البشر باسم ‪َّ ..‬ل أعرف باسم ماذا‪ ..‬يقول ُله أنا‬

‫طباق أو طالق‬ ‫‪--------‬‬

‫‪39‬‬

‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫خادم في حريمي وتحمل َ‬ ‫نعل هذا‪ ,‬ما هذا؟ ما‬ ‫ائتمنتك على حريمي تعمل‬ ‫أطالب علم هذا ُ‬ ‫ُ‬ ‫ومثقف‪ ,‬حقير‪ ,,‬قال‪ :‬هذا ُمجرد رجل‬ ‫الفقيه الحقير هذا‪,‬‬ ‫ٍ‬ ‫ُ‬ ‫وليته اكتفى بهذا‪َّ ,,‬ثم‬ ‫يجلس إلى قمطر يكتب لهذا بدرهم ولهذه بدرهمين‪,,‬‬ ‫أقبل على الفقيه اْلسكين َ‬ ‫وع َز َم عليه أن يأخذ َ‬ ‫َ‬ ‫نعل الخص ي وأن يضعها‬ ‫فوق رأسه‪ ,‬قال له‪ :‬تأخذ حذاءه وتضعه فوق رأسك يا فقيه‪ ,,‬ووضعها‬ ‫وطلب العفو‪ – ..‬بتهكم ‪ -‬ما شاء هللا على هؤَّلء ُ‬ ‫َ‬ ‫الحكماء وعلى‬ ‫اْلسكين‬ ‫اْلسلمين وعلى القادة ُ‬ ‫العظماء‪..‬‬ ‫نعم فإذا هو الوجود لفرد فليكون الزعيم إذن‪ ,‬الذي يقول لهم خلقتكم‬ ‫ُ‬ ‫وخلقت فيكم العزة والكرامة‪ ,‬هو هذا‪ ..‬ليس لي ولك انتبه‪ ,,‬والعجيب أن‬ ‫ُ‬ ‫اْلمة أعانت هؤَّلء ُ‬ ‫َّ‬ ‫بعض أفراد ُعلماءها وأحرارها‪,‬‬ ‫على‬ ‫تألهين‬ ‫اْل‬ ‫عماء‬ ‫الز‬ ‫ِ‬ ‫ً‬ ‫فرمتهم بالحجارة‪ ,‬حجارة القول‪ ,‬وبحجارة اْلرض‪ ,‬بطوب اْلرض أيضا‪ْ ,‬لن‬ ‫ً‬ ‫هذه َّ‬ ‫اْلمة أصبحت ثقافتها ُسلطانية أيضا َّل تحتمل وجود اْلحرار فيها‪,‬‬


‫طباق أو طالق‬

‫َ‬ ‫وإن َّ‬ ‫اليمين سليني‪..‬‬ ‫عزت يميني سأعطي رسولها ما يبتغي‪ ,,‬وأقو ُل لها بعد‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ً َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫إن تريدي غير يميني أهب ِك أيضا‪ ..‬ضيع حياته في هذا السخف‪ ,‬وهذا في‬ ‫الطبقة اْلولى من الشعراء‪..‬‬ ‫ً‬ ‫إذا َّأمة كاملة َّل تجد شاعرا يتحدث بلسانها متى ستتوفر على ثقافة َّأمة‪,‬‬ ‫ً‬ ‫على ثقافة شعب‪ ,‬على ثقافة مجموع‪ ,‬على ثقافة روح حقيقية‪ ..‬أبدا‪.‬‬

‫‪--------‬‬

‫ُ‬ ‫فهي تكره اْلحرار‪ ,‬وتكره َمن يتكلم بلسانها وضميرها‪ ,‬تكره هؤَّلء وتعاقبهم‪,‬‬ ‫ُ‬ ‫باسم السلطان وباسم الثقافة ُ‬ ‫السلطانية‪ ,,‬باهلل متى انبرى شعراؤنا؟ متى‬ ‫اْلمة وعن ضمير َّ‬ ‫الشعر العربي ليتحدث عن َّ‬ ‫ُ‬ ‫انبرى‬ ‫اْلمة وعن الشعب‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬ ‫نطرحه على النقاد وقد أجابوه نحن منهم‬ ‫وبلسان الشعب؟ هذا السؤال‬ ‫ِ‬ ‫ً‬ ‫تعلمنا‪ ,,‬فأول شاعر تحدث بلسان َّ‬ ‫وبلسان الشعب تقريبا أحمد‬ ‫اْلمة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ ُ‬ ‫ولكن اْلتنبي والبحتري والزهاد الذين تحدثوا بأسماء معشوقاتهم‬ ‫شوقي‪,,‬‬ ‫ً‬ ‫الالتي كان ُيشبب َّ‬ ‫بهن من هذا ومن هذا وأحيانا يعشق أحدهم الثالث ليس‬ ‫َ‬ ‫الرقيات‪ْ ,‬لاذا ُ‬ ‫الواحدة‪ ,‬عبد هللا بن قيس ُ‬ ‫الرقيات‪ ,‬كان يعشق ثالثة‪ ,‬وكل‬ ‫واحدة َّ‬ ‫منهن اسمها ُرقية‪ ,‬وشاعر هذا ما شاء هللا وفي الطبقة اْلولى‪ ,‬ولكن‬ ‫ُ‬ ‫شاعر مثل ابن الطرماح ابن عدي الكميت ابن زياد وهذا الشاعر ينبري‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫أحيانا ْلصلحة َّ‬ ‫اْلمة أو ْلصلحة اْلستضعفين‪ - ,‬بتهكم‪ -‬في الطبقة‬ ‫َ‬ ‫السادسة عند ابن سالم ُ‬ ‫الجمحي‪ ,‬طبقات في كل الشعراء‪ ,‬ولكن الذي ض َّيع‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫حياته وحياة َّ‬ ‫يمينه‪ ,,‬إذا ُبثينة بعثت تريد يميني‬ ‫اْلمة يتغزل بامرأة ُويعطيها‬

‫‪40‬‬


‫أخواني‪ ,‬لألسف يبدو َّ‬ ‫أن الوقت أدركنا‪ ,‬ما هو الجنون؟ لكي نعرف هل‬ ‫نحن َّأمة عاقلة أم ُ‬ ‫ُ‬ ‫نحن َّأمة مجنونة‪ ,‬في الخطبة الثانية إن شاء هللا‪,‬‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫فاستغفروا هللا‪ ,‬فإن ُه خير َمن استغفر‪..‬‬ ‫الخطبة الثانية‪:‬‬

‫طباق أو طالق‬ ‫‪--------‬‬

‫الحمد هلل‪ ,‬الحمد هلل الذي يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات‬ ‫ُ‬ ‫ويعلم ما تفعلون‬ ‫ويستجيب الذين آمنوا وعملوا الصالحات ويزيدهم من‬ ‫ٌ‬ ‫عذاب شديد‪ ,‬وأشهد أن َّل إله إَّل هللا وحده َّل‬ ‫فضله والكافرون لهم‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى هللا تعالى عليه وعلى آله‬ ‫شريك له‬ ‫ً ً‬ ‫وأصحابه وأتباعهم باحسان وسلم تسليما كثيرا‪..‬‬ ‫الجنون في التعريف أيها اْلخوة الذي أر ُ‬ ‫تاح إليه‪ ,‬هو إدراك غير تآزري غير‬ ‫ترابطي‪ ,‬سيقول أحدهم أن اْلجنون ُيد ك‪ ,‬نعم هو ُيد ك َّ‬ ‫أن هذا أحمر‬ ‫ر‬ ‫ر‬ ‫أن هذا يد َّ‬ ‫وهذا أسود وهذا أبيض‪ُ ,‬ويد ك َّ‬ ‫وأن هذا َعمر‪ُ ,‬ويدرك أن هذا‬ ‫ز‬ ‫ر‬ ‫َّ‬ ‫ليل وهذا نهار‪ ,‬نعم هو ُيدرك ذلك‪ ,‬لكن ُه أيها اْلخوة يخلط بين ما ينبغي من‬ ‫عمرو وبين ما ينبغي في الليل وما ينبغي في النهار‪ ,‬وبين ما‬ ‫شأن ز ٍيد‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وشأن ٍ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫يسوغ في اْلالء وبين ما َّل يجوز إَّل في الخالء‪َّ ,‬ل ُيدرك أن يربط أيها اْلخوة‪,‬‬ ‫فالدماغ في علم الدماغ يوجد به مناطق ‪, areas‬اسمها مناطق التربيط‪..‬‬ ‫اإلنسان في اْلول أي واحد فينا حتى اإلدراكات الحسية ‪ُ sensory‬يدرك‬

‫‪41‬‬

‫اْلشياء ُمفرقة‪ ,‬إلى اَلن هو ُمدرك مجنون‪ ,‬انتبهوا‪ ,‬أو مجنون ُمدرك لكن‬


‫إدراك غير تربيطي غير تآزري‪ ,‬بعد ذلك يبدأ التربيط في مناطق التربيط في‬ ‫الدماغ‪ُ ,‬هنا يبرز اإلنسان الحقيقي‪ ..‬هل هذه َّ‬ ‫اْلمة اَلن عاقلة أم مجنونة؟‬ ‫ً‬ ‫أنا أقول لكم وفق هذا التعريف الذي أرجو أن يكون دقيقا للجنون‪َّ ,‬أمة‬ ‫مجنونة‪ْ ,‬لاذا؟ َّ‬ ‫ْلن أفرادها ُعقالء لكنهم َّل يترابطون‪َّ ,‬ل يعملون بترابط‬

‫فاز بستة وخمسين وبستين‪ ,‬في نظري‪ ,‬حتى بخمس وسبعين في اْلائة َّل‬ ‫ً‬ ‫ينبغي أن نسكت‪ ,‬تعرفون ْلاذا؟ الدستور َ‬ ‫ليس فوزا في انتخابات عادية أيها‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫اْلخوة َّل رئاسية َّل برْلانية‪ ,‬الدستور عموما يوضع لعقود‪ ,‬وأحيانا يوضع‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ْلكثر من عقود‪ ,‬ليس معقوَّل كلما تأتي حكومة تضع دستورا هذا َّل‬ ‫يحدث‪ ,‬فالدستور َّلبد أن ُيوضع بأكبر قدر من التوافقية‪ ,‬هذا الدستور َّل‬ ‫ً‬ ‫يحظى إَّل على تقريبا ستة عشر في اْلائة من صوت الناخبين‪ ,‬ستقولون لي‬

‫طباق أو طالق‬

‫أحسن الفروض‪ ,,‬نصيحتي ْلهل مصر‪ ,‬لحكومة‬ ‫على نحو الدورة اْلولى في‬ ‫ِ‬ ‫مصر‪ ,‬لكل أطياف الشعب اْلصري‪ ,‬هذا الدستور بهذه الطريقة حتى وإن‬

‫‪--------‬‬

‫بتآزر‪ ,‬بعقلية جماعة‪ ,‬بعقلية فريق أيها اْلخوة‪ ..‬إذن تبقى في اْلجموع‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫كاْلجنونة وتخسر قضاياها دائما تخسر‪ ,‬وتس يء إلى نفسها‪..‬‬ ‫وعدتكم بكلمة أيها اْلخوة َّ‬ ‫عما يحدث من قضية الدستور اَلن في مصر‪,‬‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫وكما قلت َّل أحب أن أقف موقف اْلحلل السياس ي‪ ,‬ليس هذا تخصص ي‬ ‫أحب أن َ‬ ‫وَّل ُ‬ ‫ألعب هذا الدور‪ ,‬لكن باختصار ودون أن ندري كيف ستكون‬ ‫عاقبة الدورة الثانية من اَّلستفتاء على الدستور‪ ,‬لكن واضح َّأنها ستكون‬

‫‪42‬‬


‫َ‬ ‫كيف؟ من َ‬ ‫أين أتيت بهذه الحسبة؟ بسيطة‪ ,‬الذين ذهبوا اَلن ليستفتوا‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫الشعب اْلصري لم يذهب‪ ,‬وهذا‬ ‫على الدستور ثالثون في اْلائة فقط‪ ,‬ثلثا‬ ‫ُله دَّللة في حد ذاته‪ ,‬ومن الثالثين في اْلائة حوالي ست وخمسون قالوا‬

‫نعم‪ ,‬وهذا ُيساوي في النهاية ستة عشر في اْلائة‪ .‬دستور ُيوافق عليه ستة‬ ‫عشر في اْلائة غير ُمريح‪ ,‬اْلمر غير ُمريح‪ ,‬لذلك نصيحتي لألخوة في‬

‫الحكومة وغيرهم أن اعملوا ُمتحدين وحققوا أكبر قدر من التوافق مع كل‬

‫طباق أو طالق‬ ‫‪--------‬‬

‫‪43‬‬

‫اْلطياف ومع كل الجهات فال يصح أن تستبدوا وحدكم بهذه القضية وَّل‬ ‫بغيرها ‪..‬‬

‫َ ُ‬ ‫نسألك أن تلهمنا ُرشدنا‪..‬‬ ‫اللهم إنا‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.