حد الردة ,نظر و تحقيق د .عدنان ابراهيم Upload By Tajemouti Ahmed
ﺣﺪ اﻟﺮدة ,ﻧﻈﺮ و ﲢﻘﻴﻖ
ﺣﺪ اﻟﺮدة ,ﻧﻈﺮ و ﺗﺤﻘﯿﻖ
اﻟﺘﻔﺮﻳﻎ اﻟﻨﺼﻲ د .ﻋﺪ ن اﺑﺮاﻫﻴﻢ ) ﺣﺪ اﻟﺮدة ,ﻧﻈﺮ و ﺗﺤﻘﯿﻖ ( ﺑﺘﺎرﻳﺦ اﻟﺠﻤﻌﺔ 21أﺑﺮﻳﻞ 2006
ﺗﻨﺴﻴﻖ اﻟﻜﺘﺎب :أﲪﺪ اﻟﺘﺠﻤﻌﱵ ﺻﻔﺤﺔ ﻓﺮﻳﻖ اﻟﺘﻔﺮﻳﻎ و اﻟﱰﲨﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻔﺎﻳﺴﺒﻮك : www.facebook.com/Watch.Adnan ﻣﻮﻗﻊ ﻓﺮﻳﻖ اﻟﺘﻔﺮﻳﻎ و اﻟﱰﲨﺔ :
1
www.dradnanibrahim.net
Upload By Tajemouti Ahmed
ﺣﺪ اﻟﺮدة ,ﻧﻈﺮ و ﺗﺤﻘﯿﻖ
ﻋﺒﺎد ﷲ! أوﺻﯿﻜﻢ وﻧﻔﺴﻲ اﻟﺨﺎطﺌﺔ ﺑﺘﻘﻮى ﷲ اﻟﻌﻈﯿﻢ وﻟﺰوم طﺎﻋﺘﻪ ،ﻛﻤﺎ أﺣﺬِّرﻛﻢ وأﺣﺬِّ ر ﻧﻔﺴﻲ ﻣﻦ ﻋﺼﯿﺎﻧﻪ و ﻣﺨﺎﻟﻔﺔ أﻣﺮه ﻟﻘﻮﻟﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ وﺗﻌﺎﻟﻰ ﻣﻦ ﻗﺎﺋﻞ " ﻣﻦ ﻋﻤﻞ ﺻﺎﻟﺤﺎً ﻓﻠﻨﻔﺴﻪ ،وﻣﻦ أﺳﺎء ﻓﻌﻠﯿﮫﺎ ،وﻣﺎ رﺑﻚ ﺑﻈﻼّم ﻟﻠﻌﺒﯿﺪ ". ﺛﻢ أﻣﺎ ﺑﻌﺪ أﻳﮫﺎ اﻹﺧﻮة اﻟﻤﺴﻠﻤﻮن اﻷﻓﺎﺿﻞ ،أﻳﺘﮫﺎ اﻷﺧﻮات اﻟﻤﺴﻠﻤﺎت اﻟﻔﺎﺿﻼت ﻳﻘﻮل اﻟﺤﻖ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ وﺗﻌﺎﻟﻰ ﻓﻰ ﻛﺘﺎﺑﻪ اﻟﻤﺠﯿﺪ ﺑﻌﺪ أن أﻋﻮذ ﺑﺎ ﻣﻦ اﻟﺸﯿﻄﺎن اﻟﺮﺟﯿﻢ ،ﺑﺴﻢ ﷲ اﻟﺮﺣﻤﻦ اﻟﺮﺣﯿﻢ " ﻻَ إِﻛْﺮَاهَ ﻓِﻲ اﻟﺪِّﻳﻦِ ﻗَﺪ ﺗﱠﺒَﯿﱠﻦَ اﻟﺮﱡﺷْﺪُ ﻣِﻦَ اﻟْﻐَﻲِّ ﻓَﻤَﻦْ ﻳَﻜْﻔُﺮْ ﺑِﺎﻟﻄﱠﺎﻏُﻮتِ وَﻳُﺆْﻣِﻦ ﺑِﺎ ِّ ﻓَﻘَﺪِ اﺳْﺘَﻤْﺴَﻚَ ﺑِﺎﻟْﻌُﺮْوَةِ اﻟْﻮُﺛْﻘَﻰَ ﻻَ اﻧﻔِﺼَﺎمَ ﻟَﮫَﺎ وَا ُّ ﺳَﻤِﯿﻊٌ ﻋَﻠِﯿﻢٌ ،256ا ُّ وَﻟِﻲﱡ اﻟﱠﺬِ ﻳﻦَ آﻣَﻨُﻮاْ ﻳُﺨْﺮِﺟُﮫُﻢ ﻣِّﻦَ اﻟﻈﱡﻠُﻤَﺎتِ إِﻟَﻰ اﻟﻨﱡﻮُرِ وَاﻟﱠﺬِﻳﻦَ ﻛَﻔَﺮُواْ أَوْﻟِﯿَﺂؤُھُﻢُ اﻟﻄﱠﺎﻏُﻮتُ ﻳُﺨْﺮِﺟُﻮﻧَﮫُﻢ ﻣِّﻦَ اﻟﻨﱡﻮرِ إِﻟَﻰ اﻟﻈﱡﻠُﻤَﺎتِ أُوْﻟَـﺌِﻚَ أَﺻْﺤَﺎبُ اﻟﻨﱠﺎرِ ھُﻢْ ﻓِﯿﮫَﺎ ﺧَﺎﻟِﺪُونَ " 257ﺻﺪق ﷲ اﻟﻌﻈﯿﻢ،وﺑﻠﱠ ﻎ رﺳﻮﻟﻪ اﻟﻜﺮﻳﻢ ،وﻧﺤﻦ ﻋﻠﻰ ذﻟﻜﻢ ﻣﻦ اﻟﺸﺎھﺪﻳﻦ ،اﻟﻠﮫﻢ ا ﺟﻌﻠﻨﺎ ﻣﻦ ﺷﮫﺪاء اﻟﺤﻖ اﻟﻘﺎﺋﻤﯿﻦ ﺑﺎﻟﻘﺴﻂ ،أﻣﯿﻦ اﻟﻠﮫﻢ أﻣﯿﻦ!
ﺣﺪ اﻟﺮدة ,ﻧﻈﺮ و ﲢﻘﻴﻖ
إنﱠ اﻟﺤﻤﺪ ،ﻧﺤﻤﺪه وﻧﺴﺘﻌﯿﻨﻪ وﻧﺴﺘﻐﻔﺮه وﻧﻌﻮذ ﺑﺎ ﻣﻦ ﺷﺮور أﻧﻔﺴﻨﺎ وﺳﯿﺌﺎت أﻋﻤﺎﻟﻨﺎ ،ﻣﻦ ﻳﮫﺪه ﷲ ﻓﻼ ﻣﻀﻞ ﻟﻪ ،وﻣﻦ ﻳﻀﻠﻞ ﻓﻼ ھﺎديَ ﻟﻪ ،وأﺷﮫﺪ أن ﻻ إﻟﻪ إﻻ ﷲ وﺣﺪه ﻻ ﺷﺮﻳﻚ ﻟﻪ ،وأﺷﮫﺪ أن ﺳﯿﺪﻧﺎ وﻧﺒﯿﻨﺎ وﺣﺒﯿﺒﻨﺎ ﻣﺤﻤﺪ ﻋﺒﺪ ﷲ ورﺳﻮﻟﻪ ،وﺻﻔﻮﺗﻪ ﻣﻦ ﺧﻠﻘﻪ ،وأﻣﯿﻨﻪ ﻋﻠﻰ وﺣﯿﻪ ،وﻧﺠﯿﺒﻪ ﻣﻦ ﻋﺒﺎده ،ﺻﻠﻰ ﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻋﻠﯿﻪ وﻋﻠﻰ آﻟﻪ اﻟﻄﯿﺒﯿﻦ اﻟﻄﺎھﺮﻳﻦ وﺻﺤﺎﺑﺘﻪ اﻟﻤﺒﺎرﻛﯿﻦ اﻟﻤﯿﺎﻣﯿﻦ وأﺗﺒﺎﻋﮫﻢ ﺑﺈﺣﺴﺎن إﻟﻰ ﻳﻮم اﻟﺪﻳﻦوﺳﻠﱠ ﻢ ﺗﺴﻠﯿﻤﺎً ﻛﺜﯿﺮاً .
2
أﻳﮫﺎ اﻹﺧﻮة اﻷﺣﺒﺎب ،أﻳﺘﮫﺎ اﻷﺧﻮات اﻟﻜﺮﻳﻤﺎت!
" ﻻ إﻛﺮاه ﻓﻰ اﻟﺪﻳﻦ " ﻟﻤﺎذا؟ ﻷﻧﻪ ﻗﺪ ﺗﺒﯿﻦ اﻟﺮﺷﺪ ﻣﻦ اﻟﻐﻲ ،وھﺬا اﻟﻤﻘﺎم ﻳﺤﺘﺎج إﻟﻰ ﺑﯿﺎن ،ﻣﻘﺎم ﺗﻌﻠﯿﻞ اﻟﺤﻜﻢ ﺑﻨﻔﻲ ،وﻓﻲ أﺿﻌﻒ اﻷﺣﻮال ﺑﺎﻟﻨﮫﻲ ﻋﻦ اﻹﻛﺮاه ،وﻟﻜﻦ اﻟﺬي ﻧﺮﺟﺤﻪ أن ﻣﺎ ﻓﻲ اﻵﻳﺔ ﻧﻔﻲ وﻟﯿﺲ ﻣﺠﺮد ﻧﮫ ﻲ ،واﻟﻨﮫﻲ ﻻزم ﻟﮫﺬا اﻟﻨﻔﻲ ،ﻓﺈذا ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻘﻀﯿﺔ أﺻﻼً ﻣﻨﻔﯿﺔ، ﻓﻼﺑﺪ أن ﻳﻘﻊ ﺷﺮﻋﺎً اﻟﻨﮫﻲ ﻋﻦ اﺻ ﻄﻨﺎع اﻷﺳﺒﺎب واﺗﺨﺎذ اﻟﻮﺳﺎﺋﻞ اﻟﺘﻲ ﻳﻜﺮه ﺑﮫﺎ اﻟﺨﻠﻖ ﻋﻠﻰ ﻏﯿﺮ ﻣﺎ ﻳﻌﺘﻘﺪون. " ﻻ إﻛﺮاه ﻓﻰ اﻟﺪﻳﻦ " وﻋﻠّ ﻞ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ وﺗﻌﺎﻟﻰ ﻟﮫﺬا اﻟﺤﻜﻢ ﺑﻘﻮﻟﻪ " ﻗﺪ ﺗﺒﯿﻦ اﻟﺮﺷﺪ ﻣﻦ اﻟﻐﻲ " ،ﺑﻤﻌﻨﻰ أﻧﻪ إذا وﺿﺤﺖ اﻟﻘﻀﯿﺔ واﺳﺘﺒﺎن اﻷﻣﺮ ،وﻻح وﺑﯿﻦ اﻟﺼﺒﺢ ﻟﺬي ﻋﯿﻨﯿﻦ ﻓﻼ ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﻳﻜﻮن ﺛﻢ إﻛﺮاه، ﻓﺎﻟﻘﻀﯿﺔ وا ﺿﺤﺔ ھﺬا ھﻮ اﻟﺤﻖ وھﺬا ھﻮ اﻟﺒﺎطﻞ ،وإذ ن ﻓﻤﻦ ﺷﺎء ﻓﻠﯿﺆﻣﻦ وﻣﻦ ﺷﺎء ﻓﻠﯿﻜﻔﺮ ،وﺣﺴﺎب اﻹﻧﺴﺎن ﻋﻠﻰ ھﺬ ا اﻻﺧﺘﯿﺎر ﻳﻜﻮن ﻳﻮم اﻟﻘﯿﺎﻣﺔ. ھﺬا اﻟﻤﻌﻨﻰ ﻣﻘﺮر وﻣﻤﮫﺪ ﻟﻪ ﻓ ﻲ ﻛﺘﺎب ﷲ ﻓﻲ ﻋﺸﺮات اﻟﻤﻮاﺿﻊ، وھﻮ أﺻﻞ ﻣﻦ أﺻﻮل ھﺬه اﻟﺸﺮﻳﻌﺔ اﻟﻤﮫﯿﻤﻨﺔ اﻟﺠﺎﻣﻌﺔ..
3
اﻟﺤﺮﻳﺔ ،أن ﻳﺘﺮك اﻟﻨﺎس أﺣﺮاراً وﻣﺎ ﻳﻌﺘﻘﺪون ،وﻣﺎ ﻳﺨﺘﺎرون " وﻗﻮﻟﻮا اﻟﺤﻖ ﻣﻦ رﺑﻜﻢ ﻓﻤﻦ ﺷﺎء ﻓﻠﯿﺆﻣﻦ وﻣﻦ ﺷﺎء ﻓﻠﯿﻜﻔﺮ " " ،ﻟﺴﺖ ﻋﻠﯿﮫﻢ ﺑﻤﺴﯿﻄﺮ "" ،إنْ ﻋﻠﯿﻚ إﻻ اﻟﺒﻼغ " ﻟﯿﺲ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ذﻟﻚ" ، أ ﻓﺄﻧﺖ ﺗﻜﺮه اﻟﻨﺎس ﺣﺘﻰ ﻳﻜﻮﻧﻮا ﻣﺆﻣﻨﯿﻦ " ﻟﻮ ﻛﺎن اﻟﻤﺴﺄﻟﺔ ﺑﺎﻹﻛﺮاه ﻻﺧﺘﺼﺮ ﷲ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ وﺗﻌﺎﻟﻰ اﻟﻄﺮﻳﻖ أوﻻً وﺑﺪاﻳﺔ وﺟﻌﻞ اﻟﻨﺎس ﻛﻠﮫﻢ ﻣﺆﻣﻨﯿﻦ " وﻟﻮ ﺷﺎء رﺑﻚ ﻵﻣﻦ ﻣﻦ ﻓﻰ اﻷرض ﻛﻠﮫﻢ " ﻳﺴﺘﻄﯿﻊ ﷲ ذﻟﻚ ،ﻓﻠﻤﺎذا ﻳﺠﺸﻢ ﻧﺒﯿﻪ اﻟﻜﺮﻳﻢ وﻳﺠﺸﻢ ھﺬه اﻷﻣﺔ اﻟﻤﺮﺣﻮﻣﺔ إﻋﻨﺎت أﻧﻔﺴﮫﻢ وإﻋﻨﺎت اﻟﻨﺎس وﺗﻜﻔﯿﺮ ﺳﻮاد اﻟﻤﻨﺎﻓﻘﯿﻦ اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺘﻈﺎھﺮون ﺑﻐﯿﺮ ﻣﺎ ﻳﺴﺮون وﺑﻐﯿﺮ ﻣﺎ ﻳﺒﻄﻨﻮن ..ﻻ ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﻜﻮن ھﺬا ﻣﻘﺼﺪ ﻣﻦ ﻣﻘﺎﺻﺪ اﻟﺸﺎرع اﻟﺤﻜﯿﻢ.
ﺣﺪ اﻟﺮدة ,ﻧﻈﺮ و ﺗﺤﻘﯿﻖ
ﺗﻠﻮا ﺑﺎطﻼً وﺟﻠﻮا ﺻﺎرﻣﺎً
وﻗﺎﻟﻮا ﺻﺪﻗﻨﺎ ﻓﻘﻠﻨﺎ ﻧﻌﻢ
ﺗﺤﺖ ﺣﺮ وھﺞ اﻟﺴﯿﻒ ﻗﻠﻨﺎ ﻧﻌﻢ ،وﻛﻤﺎ ﻗﺎل ﺳﯿﺪﻧﺎ ﻋﻤﺮ ﻟﯿﺲ اﻟﺮﺟﻞ ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺴﻪ ﺑﺄﻣﯿﻦإذا ھﻮ أُ ﻛﺮه ،ﻓﮫﻮ ﻣﻤﻜﻦ أن ﻳﺘﻜﻠﻢ ﺑﻤﺎ ﻳﻌﺘﻘﺪ وﺑﻤﺎ ﻻ ﻳﺪﻳﻦ إذا أُ ﻛﺮه ،ﻓﺎﻟﻨﺴﺦ ﺑﻌﯿﺪ ،وأﺑﻌﺪ اﻟﻨﺠﻌﺔ ﻣﻦ أدﱠ ﻋﻰ اﻟﻨﺴﺦ ﻓﻲ ھﺬه اﻵﻳﺔ ﻛﺎﻹﻣﺎم اﻟﺠﻠﯿﻞ اﺑﻦ ﺣﺰم رﺣﻤﺔ ﷲ ﻋﻠﯿﻪ اﻧﺘﺼﺎراً ﻟﻤﺬھﺒﻪ اﻟﺬي ھﻮ ﻣﺬھﺐ ﺳﺎﺋﺮ اﻟﻔﻘﮫﺎء وﻋﻤﻮﻣﮫﻢ ﻓﻲ ﻗﺘﻞ اﻟﻤﺮﺗﺪ ،ﻟﻤﺎذا؟ اﺑﻦ ﺣﺰم ﻛﺎن ذﻛﯿﺎً ،وھﻮ ﻣﻦ أذﻛﯿﺎء اﻟﺒﺸﺮ ﻛﺎﻓﺔ ،وھﻮ ﻣﻮﺳﻮﻋﺔ ﻋﻠﻤﯿﺔ وأدﺑﯿﺔ وﻓﻜﺮﻳﺔ، وذﻛﺎﺋﻪ ھﺬا دَﻟﱠ ﻪ ﻋﻠﻰ أن ﺣﻜﻢ ﻗﺘﻞ اﻟﻤﺮﺗﺪ اﻟﻤﺸﮫﻮر واﻟﻤﻘﺮر ﻋﻨﺪ أﻛﺜﺮ ﻋﻠﻤﺎء اﻟﺸﺮع اﻟﺤﻨﯿﻒ ﻳﺘﻨﺎﻗﺾ ﻣﻊ ھﺬه اﻵﻳﺔ " ﻻ إﻛﺮاه ﻓﻲ اﻟﺪﻳﻦ "، وﻣﺎ ﺗﻌﻠﻞ ﺑﻪ أﻛﺜﺮ ﻋﻠﻤﺎؤﻧﺎ وﺳﺎ داﺗﻨﺎ ﻣﻦ ﻗﻮﻟﮫﻢ ﻻ إﻛﺮاه اﺑﺘﺪاءً ،ﻟﻜﻦ اﻹﻛﺮاه ﻳﻜﻮن دواﻣﺎً ﻛﻼم ﺳﺎﻗﻂ ﻻ ﻣﻌﻨﻰ ﻟﻪ ،ﻣﻌﻨﻰ "ﻻ إﻛﺮاه اﺑﺘﺪاء" ھﻮ أﻧﮫﻢ ﻳﻘﻮﻟﻮن :ﻻ ﻧُ ﻜﺮھﻪ ﻟﯿﺪﺧﻞ ﻓﻰ اﻹﺳﻼم ،ﻓﯿﺴﺘﻄﯿﻊ أن ﻳَﺒْﻘَ ﻰ ﻋﻠﻰ ﻳﮫﻮدﻳﺘﻪ أو ﻧﺼﺮاﻧﯿﺘﻪ أو ﻣﺠﻮﺳﯿﺘﻪ أو ﻛﻔﺮه ،ﻟﻜﻦ إن دﺧﻞ اﻹﺳﻼم ﻓﺒﻌﺪ ذﻟﻚ ﻻ ﻣﺤﯿﺪﻋﻦْ أنْ ﻳﺒﻘﻰ داﺋﻤﺎً ﻋﻠﻰ ھﺬا اﻹﺳﻼم ،ﻓﺈن ھﻮ ﻛﻊ وﻧﻜﺚ
ﺣﺪ اﻟﺮدة ,ﻧﻈﺮ و ﲢﻘﻴﻖ
وﻟﺬﻟﻚ ھﺬا أﺻﻞ ﻣﻦ أﺻﻮل اﻟﺪﻳﻦ ،وﺑﻌﯿﺪ ﺟﺪاً ﻣﻦ أدﱠ ﻋﻰ اﻟﻨﺴﺦ ﻟﮫﺬه اﻵﻳﺔ " ﻻ إﻛﺮاه ﻓﻲ اﻟﺪﻳﻦ ﻗﺪ ﺗﺒﯿﻦ اﻟﺮﺷﺪ ﻣﻦ اﻟﻐﻲ" ،وإذا رﺟﱠ ﺤﻨﺎ أنﱠ اﻵﻳﺔ ﻧﺎﻓﯿﺔ ﻓﮫ ﻲ إذن ﻣﺨﺒﺮة ،وﻻ ﻧﺴﺦ ﻓﻲ اﻷ ﺧﺒﺎر ،ﻷن ھﺬه ﻗﻀﯿﺔ ﻣﻘﺮرة ﻛﻤﺎ ھﻲ ﻣﻦ اﻟﻀﺮورات ،ﻓﯿﻤﻜﻦ أن ﺗُ ﻜﺮه اﻹﻧﺴﺎن ﻋﻠﻰ أن ﻳﻨﻄﻖ ﺑﻤﺎ ﻻ ﻳﻌﺘﻘﺪ ،ﻟﻜﻦ ھﻞ ﻳﻤﻜﻦ أن ﺗﻜﺮه ﻗﻠﺒﻪ ﻋﻠﻰ أن ﻳﺆﻣﻦ ﺑﻤﺎ ھﻮ ﻛﺎﻓﺮ ﺑﻪ ؟ ﻣﺴﺘﺤﯿﻞ ..ﻟﺬﻟﻚ ﻻ إﻛ ﺮاه ﻓﻲ اﻟﺪﻳﻦ ،ﻓﺎﻹﻛﺮاه ﻏﯿﺮ ﻣﺘﺼﻮر ﻓﻲ اﻟﻌﻘﺎﺋﺪ ،اﻹﻛﺮاه ﻣﺘﺼﻮر ﻓﻲ اﻹﻗﺮارات واﻷﻗﻮال ،ﺑﺄن ﺗﻜﺮه ﻋﻠﻰ أن ﻳﻘﺮ ﺑﻤﺎ ﻻ ﻳﻌﺘﻘﺪ إذا ﺷﮫﺮت ﻋﻠﯿﻪ ﺳﯿﻔﺎً ﻣﺜﻼً ﻛﻤﺎ ﻗﺎل أﺑﻮ اﻟﻌﻼء اﻟﻤﻌﺮي:
4
وﺗﺮاﺟﻊ ﻗُﺘﻞ ،وھﻨﺎك ﻋﺸﺮات اﻷﻗﻮال ﻓﻲ ﻣﺴﺄﻟﺔ اﻻﺳﺘﺘﺎﺑﺔ ،ﻣﻤﺎ ﻳﺪل ﻋﻠﻰ أﻧﮫﺎ ﻣﺴﺎﺋﻞ اﺟﺘﮫﺎدﻳﺔ ﻟﯿﺲ ﻓﯿﮫﺎ ﻧﺼﻮص ﻗﺎطﻌﺔ. اﺑﻦ ﺣﺰم ﺗﻨﺒﻪ إﻟﻰ ھﺬه اﻹﺷﻜﺎﻟﯿﺔ ،ﻓﻜﯿﻒ ﺗﺨﻠﱠ ﺺ واﻧﻔﺼﻞ ﻣﻦ ھﺬا اﻹﺷﻜﺎل؟ أدﱠﻋﻰ أنﱠ اﻵﻳﺔ ﻣﻨﺴﻮﺧﺔ ..وھﺬا ﻏﯿﺮ ﺻﺤﯿﺢ ،ﻓﻠﻮ ﻛﺎﻧﺖ اﻵﻳﺔ ﻣﻨﺴﻮﺧﺔﻓﯿﺠﺐ أنْ ﻳﻘﺎل إذن ﺑﻨﺴﺦ ﻋﺸﺮات اﻵﻳﺎت اﻟﺘ ﻲ ھﻲ ﻓﻲ ﻣﻌﻨﻰ ھﺬه اﻵﻳﺔ ،ھﺬا أﺻﻞ ﻣﻦ أﺻﻮل اﻟﺪﻳﻦ وھﻮ ﺗﺮك اﻟﻨﺎس أﺣﺮار وﻣﺎ ﻳﺪﻳﻨﻮن اﺑﺘﺪاءً واﻧﺘﮫﺎءً .وﻣﺴﺄﻟﺔ اﻻﺑ ﺘﺪاء واﻟﺪوام ،ﻛﻤﺎ ﻗﻠﺖ ،ﻛﻼم ﺳﺎﻗﻂ ﻻ دﻟﯿﻞ ﻋﻠﯿﻪ وﻻ آﺛﺎر ﻣﻦ ﻋِﻠْﻢْ ﻋﻠﯿﻪ ،اﺳﺘﺤﺴﻨﮫﺎ ﺑﻌﺾ اﻟﻤ ﻌﺎﺻﺮﻳﻦ ودﻧﺪن ﺑﮫﺎ واﻟﻌﻮام ﻳﮫﻤﮫﻤﻮن ﻣﺴﺘﺤﺴﻨﯿﻦ ،وﺗﺸﺒﻪ ﻟﻸﺳﻒ ﻣﺴﺄﻟﺔ اﻻﻋﺘﻘﺎد وﻗﻀﯿﺘﻪ ﺑﻤﺎ ورد اﻟﻤﺜﻞ اﻟﻌﺎﻣﻲ اﻟﺘﺎﻓﻪ "دﺧﻮل اﻟﺤﻤﺎم ﻟﯿﺲ ﻛﺎﻟﺨﺮوج ﻣﻨﻪ" ..ﻛﻼم ﻓﺎرغ ،ھﺬا دﻳﻦ واﻋﺘﻘﺎد وﻣﺼﺎﺋﺮ ﺑﺸﺮ ،ﻓﮫﻞ ﻳﺸﺒﻪ اﻟﺪﻳﻦ ﺑﺎﻟﺤﻤﺎم؟!
5
وإذا ﻋﺪﻧﺎ ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ إﻟﻰ اﻟﻘﺮآن اﻟﻜﺮﻳﻢ ذاﺗﻪ ﻧﺠﺪ أن ﻗﺪ ﻋﺮض ﺑﺎﻟﺬﻛﺮ ﻓﻲ ﺑﻌﺾ ﻋﺸﺮة آﻳﺔ ﻟﻤﺴﺄﻟﺔ اﻟﺨﺮوج واﻻرﺗﺪاد ﺑﻌﺪ اﻹﻳﻤﺎن ﺑﻌﻨﻮان اﻻرﺗﺪاد أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻣﺮة ،وﺑﻌﻨﻮان اﻟﻜﻔﺮ ﺑﻌﺪ اﻹﻳﻤﺎن ﻣﺮات ،وﺑﻌﻨﻮان اﻟﻜﻔﺮ ﺑﻌﺪ اﻹﺳﻼم ﻣﺮة واﺣﺪة ،وﻓﻲ ﻛﻞ ھﺬه اﻟﻤﻮاﺿﻊ ﻟﻢ ﻳﻠﻮِّ ح اﻟﻘﺮآن اﻟﻌﻈﯿﻢ إﻻ ﺑﻌﻘﻮﺑﺔ أﺧﺮوﻳﺔ ،ﻟﻜﻨﻪ ﻟﻢ ﻳﻠﻮح ﺑﺄي ﻋﻘﻮﺑﺔ دﻧﯿﻮﻳﺔ " وﻣﻦ ﻳﺘﺒﺪل اﻟﻜﻔﺮ ﺑﺎﻹﻳﻤﺎن " ﻟﻢ ﻳﻘﻞ اﻗﺘﻠﻮه ،ﻗﺎل ﻓﻘﻂ " ﺿﻞ ﺳﻮاء اﻟﺴﺒﯿﻞ " " ،إن اﻟﺬﻳﻦ ﻛﻔﺮوا ﺑﻌﺪ إﻳﻤﺎﻧﮫﻢ ﺛﻢ ازدادوا ﻛﻔﺮاً ﻟﻢ ﺗﻘﺒﻞ ﺗﻮﺑﺘﮫﻢ وأوﻟﺌﻚ ھﻢ اﻟﻀﺎﻟﻮن " وﻟﻢ ﻳﺬ ﻛﺮ أﻧﮫﻢ ﻳﻘﺘﻠﻮن أو ﻳﺴﺘﺘﺎﺑﻮن ﻋﻨﻮة ،وﺣﺘﻰ ﻣﻌﻨﻰ اﻻﺳﺘﺘﺎﺑﺔ ھﺬا ﻣﻌﻨﻰ ﻏﺮﻳﺐ
ﺣﺪ اﻟﺮدة ,ﻧﻈﺮ و ﺗﺤﻘﯿﻖ
ھﺬا ﻛﻠﻪ ﻛﻼم ﻓ ﺮاغ وﻏﯿﺮ ﺻﺤﯿﺢ وﻟﯿﺲ ﻋﻠﯿﻪ أﻳﻀﺎً أي دﻟﯿﻞ ﺷﺮﻋﻲ ﻣﻌﺘﺒﺮ ،اﻟﺰﻧﺪﻳﻖ ھﻮ اﻟﻤﻨﺎﻓﻖ اﻟﺬي ﻳﺴﺮ ﻏﯿﺮ ﻣﺎ ﻳﻈﮫﺮ ،واﻟﻤﻨﺎﻓﻘﯿﻦ اﻟﻘﺮآن ﺻﺮح ﺑﺄن ﺗﻮﺑﺘﮫﻢ ﺗﻘﺒﻞ ،إن ﻋﺎدوا وﺗﺎﺑﻮا وأﺻﻠﺤﻮا-ﺻﺮﱠ ح ﷲ ﻓﻲ ﺳﻮرة اﻟﻨﺴﺎء-أنﱠ ﺗﻮﺑﺘﮫﻢ ﺗﻘﺒﻞ.
ﺣﺪ اﻟﺮدة ,ﻧﻈﺮ و ﲢﻘﻴﻖ
أﻧﺎ أﻓﮫﻢ أنﱠ اﻟﻤﺮء ﻳﺘﻮب وﻳﺮاﺟﻊ ﻧﻔﺴ ﻪ وھﺬا ﻣﺎ ذﻛﺮه اﻟﻘﺮآن اﻟﻜﺮﻳﻢ ﻷن اﻟﺘﻮﺑﺔ ﻋﻤﻞ اﻟﻘﻠﺐ ،أﻣﺎ أن ﻳﺴﺘﺘﺎ ب ﺑﻤﻌﻨﻰ ﺗﺤﺖ ﺣﺮ اﻟﺴﯿﻒ ﻓﮫﻮ إﻟﺠﺎء إﻟﻰ اﻟﻨﻔﺎق وإﻟﺠﺎء إﻟﻰ اﻟﻜﺬب ،وﻻﺑﺪ أن ﻧﻌﯿﺪ اﻟﻨﻈﺮ ﻓﻲ ﻣﻔﮫﻮم اﻻﺳﺘﺘﺎﺑﺔ اﻟﺬي ﻟﻢ ﻳﺮد ﻣﻄﻠﻘﺎً ﻓ ﻲ اﻟﻘﺮآن اﻟﻜﺮﻳﻢ ،ﻓﻜﻞ ﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﻘﺮآن اﻟﻜﺮﻳﻢ اﻟﺘﻮﺑﺔ واﻟﺮﺟﻮع ،أي ﻳﺮاﺟﻊ ﻣﻦ ﻋﻨﺪ ﻧﻔﺴﻪ وﻳﺘﻮب إﻟﻰ ﷲ ﻓﺘﻘﺒﻞ، وﻧﺤﻦ ﻟﻨﺎ ظﺎھﺮ ﺗﻮﺑﺘﻪ ،ﻓﻠﻢ ﻧﺆﻣﺮ أن ﻧﻨﻘﺐ وﻻ أن ﻧﻔﺘﺶ ﻋﻦ ﺻﺪور وﻗﻠﻮب اﻟﻌﺒﺎد ،وﺳﻮف ﺗﺮوا ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ﻛﯿﻒ أن اﻟﻤﺘﻌﻨﺘﯿﻦ ﻟﻢ ﻳﻘﺒﻠﻮا ﺣﺘﻰ ظﺎھﺮ اﻟﺘﻮﺑﺔ ﻟﯿﺘﻢ ﻟﮫﻢ اﻏﺘﯿﺎل وﻗﺘﻞ وإﻋﻨﺎت ﻋﺸﺮات اﻟﻌﻠﻤﺎء واﻟﻤﻔﻜﺮﻳﻦ واﻟ ﻔﻘﮫﺎء واﻟﺼﻠﺤﺎء ﺑﺎﺳﻢ اﻟﺰﻧﺪﻗﺔ ،وھﻲﺗﮫﻤﺔ وُﺻِﻢَ ﺑﮫﺎ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ إﻣﺎم وأﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺳﯿﺪ وﺳﻨﺪ ﻛﺒﯿﺮ وﺟﻠﯿﻞ ،وﺑﻌﻀﮫﻢ ﻗُﺘﻞ ﺑﮫﺎ ظﻠﻤﺎً ،وﻟﻢ ﻳﺴﺘﺘﺐ وﻟﻢ ﺗﻘﺒﻞ ﺗﻮﺑﺘﻪ ﻷﻧﻪ زﻧﺪﻳﻖ ،وﻗﺎﻟﻮا اﻟﺰﻧﺪﻳﻖ ﻻ ﺗﻘﺒﻞ ﺗﻮﺑﺘﻪ..
ﺛﻢ وﺟﺪﻧﺎ اﻟﻘﺮآن اﻟﻌﻈﯿﻢ وﺑﺎﻟﻌﺒﺎرة اﻟﻮاﺿﺤﺔ " إن اﻟﺬﻳﻦ آﻣﻨﻮا ﺛﻢ ﻛﻔﺮوا ﺛﻢ أﻣﻨﻮا ﺛﻢ ﻛﻔﺮوا ﺛﻢ ازدادوا ﻛﻔﺮاً " ﻓﻲ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ أﺛﺮ ﻋﻦ اﻟﺼﺤ ﺎﺑﺔ واﻟﺘﺎﺑﻌﯿﻦ "ازدادوا ﻛﻔﺮاً " أي ﻣﺎﺗﻮا ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ وﻟﻢ ﻳﻌﻮدوا إﻟﻰ ﻣﻌﺎﻗﻞ اﻹﻳﻤﺎن وﺣﻤﺎه.. ﺑﻤﺎذا ﺗﻮﻋﺪھﻢ ﷲ؟ ﻗﺎل ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ وﺗﻌﺎﻟﻰ " ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﷲ ﻟﯿﻐﻔﺮ ﻟﮫﻢ وﻻ ﻟﯿﮫﺪﻳﮫﻢ ﺳﺒﯿﻼً " .وﻗﻮﻟﻪ ﺗﺒﺎرك وﺗﻌﺎﻟﻰ " آ ﻣﻨﻮا ﺛﻢ ﻛﻔﺮوا ﺛﻢ أﻣﻨﻮا ﺛﻢ ﻛﻔﺮوا " ﻳﺪل ﻋﻠﻰ أﻧﮫﻢ ﻻ ﻳُ ﻘﺘﻠﻮن ،وإﻻ ﻛﯿﻒ ﻳﺴﺘﻌﻠﻢ ﺑﺎﻹﻳﻤﺎن ﺛﻢ ﻳﺴﺘﻌﻠﻢ ﺑ ﺎﻟﻜﻔﺮ وﻳﺘﺮك وﺗﻜﻮن ﻟﻪ ﻓﺮﺻﺔ أن ﻳﻌﻮد إﻟﻰ اﻹﻳﻤﺎن ﻣﺮة أﺧﺮى.. إذن ﻣﻦ اﻟﻮاﺿﺢ ﺟﺪاً أﻧﻪ ﻻ ﻳُ ﻘﺘﻞ.
6
ﻗﻀﯿﺔ أﺻﻌﺐ وأوﺿﺢ ﻓﻲ ﻣﺜﻞ ھﺬه اﻟﻤﻌﻨﻰ ﻗﻮﻟﻪ ﺗﺒﺎرك وﺗﻌﺎﻟﻰ " إِ ﱠ ن اﻟﱠﺬِﻳﻦَ ارْﺗَﺪﱡوا ﻋَﻠَﻰ أَدْﺑَﺎرِھِﻢ ﻣِّﻦ ﺑَﻌْﺪِ ﻣَﺎ ﺗَﺒَﯿﱠﻦَ ﻟَﮫُﻢُ اﻟْﮫُﺪَى اﻟﺸﱠﯿْﻄَﺎنُ ﺳَﻮﱠلَ ﻟَ ﮫُﻢْ وَأَﻣْﻠَﻰ ﻟَﮫُﻢْ ،ذَﻟِﻚَ ﺑِﺄَﻧﱠﮫُﻢْ ﻗَﺎﻟُﻮا ﻟِﻠﱠﺬِﻳﻦَ ﻛَﺮِھُﻮا ﻣَﺎ ﻧَﺰﱠلَ ا ﱠُ ﺳَﻨُﻄِﯿﻌُﻜُﻢْ ﻓِﻲ ﺑَﻌْﺾِ اﻷَﻣْﺮِ وَا ﱠُ ﻳَﻌْﻠَﻢُ إِﺳْﺮَارَھُﻢْ ،ﻓَﻜَﯿْﻒَ إِذَا ﺗَﻮَﻓﱠﺘْﮫُﻢْ اﻟْﻤَﻼﺋِﻜَﺔُ ﻳَﻀْﺮِﺑُﻮنَ وُﺟُﻮھَﮫُﻢْ وَأَدْﺑَﺎرَھُﻢْ ". ھﺬا اﻟﻜﺎﻓﺮ اﻟﺬيارﺗﺪّ ﻋﻠﻰ ﻋﻘﺒﻪ وﻋﻠﻰ أدﺑﺎره ﺑﻌﺪ أن ﺗﺒﯿﱠ ﻦ ﻟﻪ اﻟﮫﺪى ﻳُ ﺘﺮك ﺣﺘﻰ ﻳﻤﻮت اﻟﻤﯿﺘﺔ اﻟﻄﺒﯿﻌﯿﺔ ،ﺣﺘﻰ ﻳﺄﺗﯿﻪ ﻗﻀﺎء ﻋﺎﺟﻞ ﻣﻦ رب اﻟﻌﺰة أو آﺟﻞ. أﺻﻌﺐ ﻣﻦ ذﻟﻚ ھﻲ ﻗﻀﯿﺔ اﻟﻤﻨﺎﻓﻘﯿﻦ واﻟﺘﻲ ﻳﺘﻤﻠﺺ ﻣﻨﮫﺎ ﻛﺜﯿﺮ ﻣﻦ اﻟﻌﻠﻤﺎء واﻟﻔﻘﮫﺎء ،وھﻲ ﻗﻀﯿﺔ ﻧﺼﻮﺻﮫﺎ ﻳﻮﺷﻚ أنْ ﺗﻜﻮن ﻧﺼﻮﺻﺎً ﻓﻲ ﻣﺤﻞ اﻟﻨﺰاع ،وھ ﻨﺎ ﻻ ﻧﺘﺤﺪث ﻋﻦ اﻟﻤﻨﺎﻓﻖ اﻟﺬي أظﮫﺮ اﻹﺳﻼم وأﺑﻄﻦ اﻟﻜﻔﺮ واﻟﺠﺤﻮد ﻋﻠﻤﻪ اﻟﺮﺳﻮل أو ﻟﻢ ﻳُﻌﻠﻢ ﺑﻪ ،إﻧﻤﺎ ﻧﺘﺤﺪث ﻋﻦ اﻟﻤﻨﺎﻓﻘﯿﻦ اﻟﺬي ﺷﮫﺪ ﻋﻠﯿﮫﻢ ﷲ ﺑﺎﻟﻜﻔﺮ واﻟﺮدة ،واﻟﺬﻳﻦ ظﮫﺮ ﻛﻔﺮھﻢ وردھﻢ وھﻢ أﺣﯿﺎء أﻳﺎم اﻟﺮﺳﻮل ،وﺣﻜﻢ ﷲ ﻋﻠﯿﮫﻢ ﺑﺬﻟﻚ واﻟﻨﺒﻲ ﻛﺎن ﻳﻌﻠﻤﮫﻢ. واﻟﻮﺣﯿﺪ رأﻳﺘﻪ ﺗﺼﺪى أﻳﻀ ﺎً ﻟﮫﺬه اﻹﺷﻜﺎﻟﯿﺔ وأطﺎل اﻟﻨﻔﺲ ﻓﯿﮫﺎ ﺟﺪ ًا ﻓﻰ ﺻﻔﺤﺎت ﺗﻠﻮ ﺻﻔﺤﺎت ﻷﻧﮫﺎ ﻣﺸﻜﻠﺔ ﺣﻘﯿﻘﯿﺔ ھﻮ اﺑﻦ ﺣﺰم ﻓﻘﺪ ﻛﺎن ﺟﺮﻳﺌﺎً واﻟﻘﻀﯿﺔ ﻣﺸﻜﻠﺔ ﺣﻘﺎً.
7
اﻟﻤﻨﺎﻓﻘﻮن ﺣَﻜَﻢَ اﻟﻘﺮآن ﺑﺮدة ﻛﺜﯿﺮﻳﻦ ﻣﻨﮫﻢ وﺑﻜﻔﺮھﻢ اﻟﻈﺎھﺮ ﻓﻲ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻣﻮﺿﻊ ،ﻟﻜﻦ ﻣﺎذا رﺗﱠ ﺐ ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ ﻣﻦ ﻋﻘﻮﺑﺔ؟ ﻗﺎل " ﻓَﺈِن رﱠﺟَﻌَﻚَ ا ُّ إِﻟَﻰ طَﺂﺋِﻔَﺔٍ ﻣِّﻨْﮫُﻢْ ﻓَﺎﺳْﺘَﺄْذَﻧُﻮكَ ﻟِﻠْﺨُﺮُوجِ ﻓَﻘُﻞ ﻟﱠﻦ ﺗَﺨْﺮُﺟُﻮاْ ﻣَﻌِﻲَ أَﺑَﺪاً وَﻟَﻦ ﺗُﻘَﺎﺗِﻠُﻮاْ ﻣَﻌِﻲَ ﻋَﺪُوّاً إِﻧﱠﻜُﻢْ رَﺿِﯿﺘُﻢ ﺑِﺎﻟْﻘُﻌُﻮدِ أَوﱠلَ ﻣَﺮﱠةٍ ﻓَﺎﻗْﻌُﺪُواْ ﻣَﻊَ اﻟْﺨَﺎﻟِﻔِﯿﻦَ " وھﻢﺗﺨﻠﱠ ﻔﻮا ﻋﻦ ﻧﺼﺮة اﻟﻨﺒﻲ وظﻠﻮا ﻗﺎﻋﺪﻳﻦ ﻓﻲ ﺳﻮرة اﻟﺘﻮﺑﺔ ،ﻓﺤﺮﻣﮫﻢ اﻟﺮﺳﻮل ﻣﻦ اﻟﺨﺮوج واﻟﻘﺘﺎل ﻣﻌﻪ ﻓﯿﻤﺎ ﻳﺸﺒﻪ اﻟﻌﺰل اﻟﺴﯿﺎﺳﻲ ،ﻓﻠﺴﺘﻢ ﻣﻦ ﺟﻤﺎﻋﺔ اﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦ ،وھﺬا ھﻮ ﻋﻘﺎﺑﻜﻢ أن ﺗُ ﻌﺰﻟﻮا ﻛﺎﻟﺒﻌﯿﺮ اﻟﺠﺮﺑﺎء ،وﻗﺎل "وَﻻَ ﺗُﺼَﻞِّ ﻋَﻠَﻰ أَﺣَﺪٍ ﻣِّﻨْﮫُﻢ ﻣﱠﺎتَ أَﺑَﺪاً وَﻻَ ﺗَﻘُﻢْ
ﺣﺪ اﻟﺮدة ,ﻧﻈﺮ و ﺗﺤﻘﯿﻖ ﻋَﻠَﻰَ ﻗَﺒْﺮِهِ " ﻟﻤﺎذا؟ "إِﻧﱠﮫُﻢْ ﻛَﻔَﺮُواْ ﺑِﺎ ِّ وَرَﺳُﻮﻟِﻪِ وَﻣَﺎﺗُﻮاْ وَھُ ْ ﻢ ﻓَﺎﺳِﻘُﻮنَ " إذن ﺣﻜﻢ وﺳﺠﻞ ﻋﻠﯿﮫﻢ اﻟﻘﺮآن ﺑﺎﻟﻜﻔﺮ ،ﻛﯿﻒ ﻳﺘﺨﻠﺺ اﺑﻦ ﺣﺰم ﻣﻦ ھﺬه اﻟﻮرطﺔ ،ﻓﮫﺆﻻء ﻛﻔﺎر ﻣﺮﺗﺪون واﻟﻨﺒﻲ ﻳﻌﻠﻤﮫﻢ وﻳﻌﻠﻢ اﻟﻤﺘﺨﻠﻔﯿﻦ ﻣﻨﮫﻢ؟ اﺑﻦ ﺣﺰم ﺣﺎول ﻓﻲ ﺻﻔﺤﺎت طﻮﻳﻠﺔ-
وھﺬا ﺻﺤﯿﺢ ﻓﺎﻟﻨﺒﻲ ﻟﻢ ﻳﻌﻠﻢ ﻛﻞ اﻟﻤﻨﺎﻓﻘﯿﻦ ،ﺑﻞ ﻋﻠﻢ ﻣﻨﮫﻢ طﺎﺋﻔﺔ ﻳﺴﯿﺮة ،إذن ﻻ ﺣﺠﺔ ﻓﻲ أﻣﺜﺎل ھﺆﻻء ﻷﻧﻪ أﻳﻀﺎً ﻟﻢ ﻳﺆﻣﺮ أن ﻳﻨﻘِّ ﺐ ﻋﻦ ﻗﻠﻮب اﻟﻌﻠﻤﺎء ،ﻓﻨﺤﻦ ﻟﻨﺎ اﻟﻈﺎھﺮ -ﻛﻤﺎ ﻗﺎل اﻟﺸﺎﻓﻌﻲ -وﷲ ﻳﺘﻮﻟﻰ ﻣﻦ ﻋﺒﺎده اﻟﺴﺮاﺋﺮ .وھﻨﺎك ﻗﺴﻢ آﺧﺮ ﻋﻠﻤﮫﻢ اﻟﻨﺒﻲ وﻟﻜﻦ ﺑﺴﻂ ﻟﻪ اﻟﻘﺮآن اﻟﻌﺬر ﺑﺎﻟﺘﻮﺑﺔ اﻟﺘﻲ أظﮫﺮوھﺎ ،و اﻟﻨﺒﻲ ﻛﺎن ﻻﺑﺪ أن ﻳﻘﺒﻠﮫﺎ ﻏﯿﺮ ﻋﺎﻟﻢ أَھُﻢْ ﺻﺎدﻗﻮن ﻓﯿﮫﺎ أو ﻛﺎذﺑﻮن... وھﺬا ﻏﯿﺮ ﺻﺤﯿﺢ ،ﻓﮫﻨﺎ ﻟﻢ ﻳﻔﻠﺢ اﺑﻦ ﺣﺰم ،ﻓﻠﻮ أﻓﻠﺢ ﻣﺴﻌﺎه ﻷﻣﻜﻦ أن ﻳﻨﻔﺼﻞ ﻋﻦ ھﺬه اﻟﺸﺒﮫﺔ اﻟﻘﻮﻳﺔ ﺟﺪ اً ،ﻟﻜﻨﻪ ﻟﻢ ﻳﻔﻠﺢ ﻷن ھﺆﻻء ﻟﻢ ﻳﺤﻜﻰ ﻟﮫﻢ اﻟﻘﺮآن ﺗﻮﺑﺔ،ﺻﺤﯿﺢ أنﱠ اﻟﻘﺮآن ﺣﻜﻰ ﺗﻮﺑﺔ ﺑ ﻌﻀﮫﻢ ،ﻟﻜﻦ ھﺆﻻء ﻟﻢ ﻳﺤﻜﻰ ﺗﻮﺑﺘﮫﻢ. أﻳﻦ ﺣﻜﻰ اﻟﻘﺮآن ﺗﻮﺑﺔ رأس اﻟﻨﻔﺎق ﻟﻌﻨﺔ ﷲ ﻋﻠﯿﻪ اﻟﺬي ﻋﺎش وﻣﺎت ﻛﺎﻓﺮاً ،وﻗﺪ ﻛَﻔَﺮَ وﺳﺠﻞ اﻟﻘﺮآن ﻋﻠﯿﻪ ﻛﻔﺮه واﺿﺤﺎً ﺑﻼ ﻣﺮﻳﺔ ﺣﯿﻦ ﻗﺎل " ﻹن رﺟﻌﻨﺎ اﻟﻤﺪﻳﻨﺔﻟﯿُﺨﺮﺟَﻦ اﻷﻋﺰُ ﻣﻨﮫﺎ اﻷذل " اﻷﻋﺰ ﻳﻌﻨﻰ ﺑﮫﺎ ﻧﻔﺴﻪ وھﻮ اﻷذل ﺑﻼ ﺷﻚ ،واﻷذل ﻳﻌﻨﻰ ﺑﻪ ﻣﻦ ﺗﻌﻠﻤﻮن ﺻﻠﻮات ﷲ ﻋﻠﯿﻪ وآﻟﻪ واﻟﻌﯿﺎذ ﺑﺎ ،ھﺬا ﻛُﻔْﺮ ﻣﺎ ﺑﻌﺪه ﻛُﻔْ ﺮ أن ﻳﻮﺻﻢ رﺳﻮل رب اﻟﻌﺎﻟﻤﯿﻦ ﺑﮫﺬا اﻟﻮﺻﻒ ،وﻟﺬﻟﻚ اﺳﺘﺄذن اﻟﺼﺤﺎﺑﺔ اﻟﺮﺳﻮل ﻓﻲ ﺿﺮب ﻋﻨﻖ ھﺬا اﻟﻤﻨﺎﻓﻖ
ﺣﺪ اﻟﺮدة ,ﻧﻈﺮ و ﲢﻘﻴﻖ
وﻓﻲ ﻧﻈﺮي ﻟﻢ ﻳﻨﺠﺢ-أنْ ﻳﺜﺒﺖ أنﱠ اﻟﻨﺒﻲ ﻟﻢ ﻳﻌﻠﻢ ھﺆﻻء ،وﻗﺪ ﻗﺴﱠ ﻢ اﻟﻤﻨﺎﻓﻘﯿﻦ إﻟﻰ ﻗﺴﻤﯿﻦ؛ ﻗﺴﻢ ﻟﻢ ﻳﻌﻠﻤﮫﻢ اﻟﻨﺒﻲ وﷲ ﻳﻌﻠﻤﮫﻢ ﻓﮫﻢ ﻣﺴﺘﻮرون..
8
أي اﻟﻜﺎﻓﺮ ،واﻟﻨﺒﻲ اﻋﺘﺬر ﺑﻘﻮﻟﻪ" :أﺗﻮدون أن ﻳﺘﺤﺪث اﻟﻨﺎس أنﱠ ﻣﺤﻤﺪ ﻳﻘﺘﻞ أﺻﺤﺎﺑﻪ". وﻟﻮ ﻛﺎن ﻗﺘﻞ اﻟﻤﺮﺗﺪ ﺣﺪاً ﻣﻦ ﺣﺪود ﷲ أﻳﻜﻊ رﺳﻮل ﷲ ﻋﻦ ﺗﻄﺒﯿﻘﻪ؟! ﻣﺴﺘﺤﯿﻞ.. ﻟﺰوال اﻟﺴﻤﺎوات واﻷرض أھﻮن ﻋﻠﻰ رﺳﻮل ﷲ ﻣﻦ أن ﻳﻜﻊ ﻋﻦ ﺗﻄﺒﯿﻖ وإﻧﻔﺎذ ﺣﺪ ﻣﻦ ﺣﺪود ﷲ وھﻮ ﻗﺎﺋﻞ " :ﻟﻮ أن ﻓﻼﻧﺔ ﺳﺮﻗﺖ ﻟﻘﻄﻌﺖ ﻳﺪھﺎ " ،ﻓﺎﻟﺤﺪود ﻻ ﺷﻔﺎﻋﺔ ﻓﯿﮫﺎ وﻻ ﺗﺨﻔﯿﺾ ،وﺧﺎﺻﺔ ھﺬه اﻟﺤﺪود اﻟﺘﻲ ﺗﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﻟﻤﺼﻠﺤﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ وﺗﺴﻤﻰ ﺣﻘﻮق ﷲ ﺗﺒﺎرك وﺗﻌﺎﻟﻰ وھﻲ ﺑﺨﻼف اﻟﻘﺼﺎص ،وﻟﺬﻟﻚ ﺟﻌﻠﻪ اﻟﺴﺎدة اﻟﺤﻨﻔﯿﺔ ﻗﺴﻤﺎً ﺑﺤﯿﺎﻟﻪ ﻗﺎﻟﻮا اﻟﺤﺪود واﻟﻘﺼﺎص ،ﻓﺎﻟﻘﺼﺎص ﻏﯿﺮ اﻟﺤﺪود. وﻟﺬﻟﻚ أﻳﻀﺎً ﺣﯿﻦ ارﺗﺪ ﻋﺒﺪ ﷲ ﺑﻦ ﺳﻌﺪ ،وأﻋﻨﻲ اﺑﻦ أﺑﻰ ﺳﺮح وﻛﺎن ﻣﻦ ﻛﺘﱠ ﺎب اﻟﻮﺣﻲ ،ﺑﻌﺾ اﻟﻨﺎس ﻳﻈﻨﻮن أنﱠ ﻣﻦْ ﻛَﺘَﺐَ اﻟﻮﺣﻲ ﺻﺎر ﻣﻌﺼﻮﻣﺎً، ﻣﺎ اﻟﺬي ﻳﻌﺼﻪ ﺳﻮاء ﻛﺘﺒﻪ أو ﺣﻔﻈﻪ أو ﺻﻠﻰ ﺑﻪ ،ﻟﯿﺲ ﻣﻌﺼ ﻮﻣﺎً وﻗﺪ ﻳﺮﺗﺪ ﻓﺎﻟﺨﻮاﺗﻢ ﺑﯿﺪ ﷲ ،وﺟﻌﻞ ﻳﺸﻨﺄ اﻟﻨﺒﻲ ،ﻓﺄھﺪر اﻟﻨﺒﻲ دﻣﻪ ﻷﻧﻪ ﺟﻌﻞ ﻳﻜﺬب ﻋﻠﻰ رﺳﻮل ﷲ واﻟﻌﯿﺎذ ﷲ ،ﺛﻢ ﻋﺎود رﺣﻤﻪ ﷲ وﺻﺎر ﻓ ﻲ اﻟﻨﮫﺎﻳﺔ واﻟﻲ ﻋﻠﻰ ﻣﺼﺮ ﻓﺠﺎء ﻋﺜﻤﺎن ﺑﻦ ﻋﻔﺎن وﺷﻔﻊ ﻓﯿﻪ ﻓﻘﺒﻞ اﻟﻨﺒﻲ ﺷﻔﺎﻋﺘﻪ.
9
ﻟﻮ ﻛﺎن ھﺬ ا ﺣﺪاً ﺷﺮﻋﯿﺎً ﻓﮫﻞ ﻛﺎن ﻳﻘﺒﻞ اﻟﻨﺒﻲ ﻓﯿﻪ ﺷﻔﺎﻋﺔ ،ﻓﻤﻦ درس اﻟﻔﻘﻪ اﻹﺳﻼﻣﻲ ﻳﻌﻠﻢ أﻧﻪ ﻟﯿﺲ ﻓ ﻲ اﻟﺤﺪود ﺷﻔﺎﻋﺔ ،وﻗﺪ ﻗﺎل اﻟﻨﺒﻲ :ﺗﻌﺎﻓﻮا اﻟﺤﺪود ﻓﯿﻤﺎ ﺑﯿﻨﻜﻢ ،ﻓ ﻤﺎ ﺑﻠﻎ اﻟﺴﻠﻄﺎن ﻣﻦ ﺣﺪ وﺟﺐ ،ﻟﯿﺲ ھﻨﺎك ﺷﻔﺎﻋﺔ ﻓﻲ اﻟﺤﺪود ،وﻟﯿﺲ ھﻨﺎك أﻳﻀﺎً ﺗﺨﻔﯿﺾ ﻓﻲ اﻟﺤﺪود ،ﻷﻧﻪ ﻋﻘﻮﺑﺔ ﻣﻘﺪﱠ رة وﻣﻘﺮرة ﻣﻦ اﻟﺸﺎرع ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ وﺗﻌﺎﻟﻰ ،إذن اﻟﻨﺒﻲ ﻗﺒﻞ ﺷﻔﺎﻋﺔ ﻋﺜﻤﺎن ﻓﯿﻪ ،ﻷن ﻗﺘﻞ ھﺬا اﻟﻤﺮﺗﺪ ﻟﯿﺲ ﺣﺪاً ،إذن اﻟﻨﺒﻲ ﻟﻢ ﻳﻘﺘﻞ اﻟﻤﺮﺗﺪﻳﻦ.
ﺣﺪ اﻟﺮدة ,ﻧﻈﺮ و ﺗﺤﻘﯿﻖ
ﻗﺪ ﻳﻘﻮل ﻗﺎﺋﻞ :ﻛﯿﻒ ﻳﻘﻮل اﻟﻨﺒﻲ ﻋﻠﯿﻪ اﻟﺼﻼة وأﻓﻀﻞ اﻟﺴﻼم أﺗﺮﻳﺪون أن ﻳﺘﺤﺪث اﻟﻨﺎسأنﱠ ﻣﺤﻤﺪ ﻳﻘﺘﻞ أﺻﺤﺎﺑﻪ ،وھﻞ ھﺬا ﻣﻦ أﺻﺤﺎﺑﻪ؟ ﻣﻦ أﺻﺤﺎﺑﻪ ﻓﯿﻤﺎ ﻳﺒﺪو ،وھﺬه ﺻﺤﺒﺔ ﻟﻐﻮﻳﺔ ،ﻳﺼﺤﺒﻪ ﻋﻠﻰ دﻏﻞ أو ﻋﻠﻰ ﺻﺪق أو إﺧﻼص ،ﻓﮫﺬه ﻣﺴﺄﻟﺔ أﺧﺮى ،وھﻲ ﻟﯿﺴﺖ اﻟﺼﺤﺒﺔ اﻻﺻﻄﻼﺣﯿﺔ اﻟﺘﻲ ﻣﮫﺪوا ﻟﮫﺎ ﻓﻲ اﻟﻤﻘﺮرات اﻟﻌﻠﻤﯿﺔ.
ﻣﻦ ھﻢ اﻟﺬﻳﻦ ﺟﻨﻮا ﻋﻠﻰ اﻹﺳﻼم أﻋﻈﻢ ﺟﻨﺎﻳﺔ ،ﻣﻦ اﻟﺬﻳﻦﺑﺪﱠ ﻟﻮا ﺷﺮاﺋﻊ اﻹﺳﻼم ،ﻣﻦ اﻟﺬﻳﻦ ﻗﺘﻠﻮا أوﻟﯿﺎء ﷲ ،ﻣﻦ اﻟﺬﻳﻦ ﻗﻠﺒﻮا اﻹﺳﻼم ظﮫﺮ ﻟﺒﻄﻦ؟! اﺑﺤﺜﻮا ﻋﻨﮫﻢ وأﻗﺮءوا اﻟﺘﺎرﻳﺦ ﺑﺪﻗﺔ وﺳﺘﻌﺮﻓﻮﻧﮫﻢ ،إذن ﻻ ﺗﻐﺮﻧﻜﻢ ﻛﻠﻤﺔ أﻧﻪ ﻛﺎن ﻣﻦ أﺻﺤﺎﺑﻪ ،ﻓﻠﻌﻨﺔ ﷲ ﻋﻠﻰ رأس اﻟﻨﻔﺎق.
ﺣﺪ اﻟﺮدة ,ﻧﻈﺮ و ﲢﻘﻴﻖ
وﻓﻲ ﺻﺤﯿﺢ ﻣﺴﻠﻢ ﻗﺎل ﻋﻠﯿﻪ اﻟﺼﻼة وأﻓﻀﻞ اﻟﺴﻼم " :ﻣﻦ أﺻﺤﺎﺑﻲ أﺛﻨﻰ ﻋﺸﺮ ﻣﻨﺎﻓﻘﺎً ﻟﻦ ﻳﺪﺧﻠﻮا اﻟﺠﻨﺔ ﺣﺘﻰ ﻳﻠﺞ اﻟﺠﻤﻞ ﻓﻲﺳَ ﻢ اﻟﺨﯿﺎط " .ﷲ ﻋﺰ وﺟﻞ أﻋﻠﻢ وﺑﮫﻢ و أدرى ،ﻟﻜﻦ ﻣﻦ ﻗﺮأ اﻟﺘﺎرﻳﺦ وﻧﻘﺮ وﻧﺒﺶ رﺑﻤﺎ ﻳﻠﻮح ﻟﻪ ﻣﻦ ھﺆﻻء.
اﻟﻨﺒﻲ ﻟﻢ ﻳﻘﺘﻠﻪ ،ﺑﺎﻟﻌﻜﺲ ﺗﻄﯿﯿﺒﺎً ﻟﻘﻠﺐ اﺑﻨﻪ ﺻﻠﻰ ﻋﻠﯿﻪ ،وﻗﺪ ﻛﺎن ﻋﻤﺮ ﻧﮫﺎه ﻋﻦ ذﻟﻚ ،واﺑﻨﻪ ﻧﻔﺴﻪ ﺗﻘﺪﱠ م إﻟﻰ رﺳﻮل ﷲ ﻳﻄﻠﺐ اﻹذن ﺑﻘﺘﻞ أﺑﯿﻪ ﻷﻧﻪ ﻋﻠﻢ أﻧﮫﻢ ﻣﺮﺗﺪ وﻣﻊ ذﻟﻚ اﻟﻨﺒﻲ ﻟﻢ ﻳﻘﺘﻠﻪ. اﻟﺤﺪﻳﺚ اﻵﺧﺮ اﻟﺬي أﺧﺮﺟﻪ اﻟﺒﺨﺎرى وﻣﺴﻠﻢ ﻓﻲ اﻟﺼﺤﯿﺤﯿﻦ وﻏﯿﺮھﻤﺎ أنﱠ رﺟﻞ أﻋﺮاﺑﻲ أﺗﻰ اﻟﻨﺒﻲ ﻋﻠﯿﻪ اﻟﺼﻼة وأﻓﻀﻞ اﻟﺴﻼم ﻓﻲ اﻟﻤﺪﻳﻨﺔ وﺑﺎﻳﻌﻪ ﻋﻠﻰ اﻹﺳﻼم -ﻟﻔﻆ اﻟﺒﺨﺎري و اﻟﺒﯿﻌﺔ ﻋﻠﻰ اﻹﺳﻼم وﻟﯿﺴﺖ ﻋﻠﻰ أي ﺷﻲء آﺧﺮ -ﺛﻢ وﻋﻚ ﺑﺎﻟﻤﺪﻳﻨﺔ -ﻟﻢ ﻳﻨﺎﺳﺒﻪ ھﻮاء اﻟﻤﺪﻳﻨﺔ وﺟﻮﱠ ھﺎ-
10
ﻓﺠﺎء اﻟﻨﺒﻲ وﻗﺎل ﻟﻪ " :ﻳﺎ رﺳﻮل أو ﻳﺎ ﻣﺤﻤﺪ أﻗِﻠْ ﻨﻰ ﺑﯿﻌﺘﻲ " ،أرﻳﺪ أن أﺧﺮج ﻣﻦ اﻹﺳﻼم ،وھﻮ ﻟﯿﺲ ﻣﻨﺎﻓﻖ ﺑﻞ ﻋ ﺮﺑﻲ ﺷﮫﻢ ،ﻓﺠﺎء وﻗﺎل ﻟﻠﺮﺳﻮل ﻟﻘﺪ ﺑﺎﻳ ﻌﺘﻚ ﻋﻠﻰ اﻹﺳﻼم واﻵن أرﻳﺪ أن أﺧﺮج ﻣﻦ ھﺬا اﻟﺪﻳﻦ وﻣﻦ ھﺬه اﻟﻤﺪﻳﻨﺔ. وﻗﺪ ﺟ ﺰم اﻟﻌﻼﻣﺔ اﻹﻣﺎم اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻋﯿﺎض رﺣﻤﺔ ﷲ ﻋﻠﯿﻪ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻧﻘﻞ اﺑﻦ ﺣﺠﺮ وا ﻟﻨﻮوي رﺿﻮان ﷲ ﻋﻨﮫﻢ أﺟﻤﻌﯿﻦ :ﺑﺄﻧﻪ إﻧﻤﺎ ﺑﺎﻳﻊ ﻋﻠﻰ اﻹﺳﻼم ،وھﺬا ﻧﺺ اﻟﺤﺪﻳﺚ ،وإﻧﻤﺎ اﺳﺘﻘﺎل اﻟﻨﺒ ﻲ ﺑﯿﻌﺔ اﻹﺳﻼم أي ﻳﺮﻳﺪ أن ﻳﺮﺗﺪ،واﻟﻨﺒﻲ ﻳُ ﻌﺮض -ﻓﮫﻮ ﻳﺮﻳﺪ ﻟﻪ اﻟﺨﯿﺮ -وھﻜﺬا ﺛﻼث ﻣﺮارﺣﺘﻰ ﺧﻼﱠ اﻟﻨﺒﻲ ﺑﯿﻨﻪ وﺑﯿﻦ ﻣﺎ ﻳﺮﻳﺪ ،وذھﺐ اﻟﺮﺟﻞ ﻣﺮﺗﺪاً ﻟﻢ ﻳﻘﺘﻞ وﻟﻢ ﺗﻀﺮب ﻋﻨﻘﻪ وﻟﻢ ﻳﺴﺘﺘﺐ ،وﻗﺪ ﺟﺎء اﻟﺮﺟﻞ ﻳﺴﺘﺄذن ﺑﻤﻌﻨﻰ أﻧﻪ ﺣﯿﻦ ﺧﺮج ﻋﻦ اﻹﺳﻼم ﻟﻢ ﻳﺨﺮج ﻋﻠﻰ اﻟﺠﻤﺎﻋﺔ ،ﻟﻢ ﻳﺤﻤﻞ ﺳﯿﻔﻪ وﻳﻨﻀﻢ إﻟﻰ ﺟﻤﺎﻋﺔ أﺧﺮى ﺗﺤﺎرب اﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦ.. ﻋﻠﯿﻜﻢ أن ﺗﺴﺘﺤﻀﺮوا ھﺬا اﻟﺴﯿﺎ ق اﻟﺘﺎرﻳﺨﻲ اﻟﻤﮫﻢ ،واﻟﻤﮫﻢ ﺟﺪاً. ﻓﻲ وﻗﺖ رﺳﻮل ﷲ ﻋﻠﯿﻪ اﻟﺼﻼة واﻟﺴﻼم ﻛﺎن اﻟﺪﻳﻦ ﺗﺸﺎد أرﻛﺎﻧﻪ وﻳﺮﻓﻊ ﻣﻨﺎره وﻳﺆﻳﺪ ﺷﻌﺎره ،وﻛﺎن اﻟﺪﻳﻦ ﻣﺤﺮوﺑﺎً وﻣﻜﺮوﺑﺎً وﻣﻜﺴﻮراً ،وﻛﺎن اﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦ ھﻢ اﻷﻗﻠﯿﻦ ﻋﺪداً ،وﻟﺬﻟﻚ ﻗﻞ أنْ ﺧﺮج ﺧﺎرج ﻋﻠﻰ ھﺬا اﻟﺪﻳﻦ إﻻ واﻟﺘﺤﻖ ﺑﻤﻌﺴﻜﺮ اﻟﻤﻘﺎﺗﻠﯿﻦ ﻟﮫﺬا اﻟﺪﻳﻦ ،ﻟﺬﻟﻚ وﺿﱠ ﺢ اﻟﻨﺒﻲ ﺑﺸﻜﻞ واﺿﺢ ﻓﻲ اﻟﺤﺪﻳﺚ اﻟﺬي أﺧﺮﺟﻪ اﻟﺠﻤﺎﻋﺔ ﺟﻤﯿﻌﺎً ﻣﻦ ﺣﺪﻳﺚ اﺑﻦ ﻣﺴﻌﻮد ،ﻗﺎل " :ﻻ ﻳﺤﻞ دم اﻣﺮئ ﻣﺴﻠﻢ ﻳﺸﮫﺪ أنﱠ ﻻ إﻟﻪ إﻻ ﷲ وأن ﻣﺤﻤﺪ رﺳﻮل ﷲ إﻻ ﺑﺈﺣﺪى ﺛﻼث " وذﻛﺮ ﻓﻲ آﺧﺮھﺎ أي ﺛﻼﺛﺔ ھﺬه اﻟﺨﺼﺎل ﻗﺎل " :اﻟﺘﺎرك ﻟﺪﻳﻨﻪ اﻟﻤﻔﺎرق ﻟﻠﺠﻤﺎﻋﺔ " ،ﻗﺎل ﻋﻠﻤﺎؤﻧﺎ: اﻟﻤﻔﺎرق ﻟﻠﺠﻤﺎﻋﺔ وﺻﻒ ﻛﺎﺷﻒ ﻷن ﻛ ﻞ ﻣﻦ ﺗﺮك اﻟﺪﻳﻦ ﻓﺎرق اﻟﺠﻤﺎﻋﺔ.. 11
وھﺬا ﻏﯿﺮ ﺻﺤﯿﺢ ،ﻓﮫﺬا ﺗَﺮَكَ اﻟﺪﻳﻦ وﻟﻢ ﻳﻔﺎرق اﻟﺠﻤﺎﻋﺔ ﺑﻤﻌﻨﻰ أﻧﻪ ﻟﻢ ﻳﺨﺮج ﻋﻠﯿﮫﺎ وﻟﻢ ﻳﻨﻀﻮي إﻟﻰ ﺟﻤﺎﻋﺔ أﺧﺮى وﻟﻢ ﻳﺤﺎرﺑﮫﺎ ،وﻟﺬﻟﻚ ﻟﻢ ﻳ ﺒﺢ اﻟﻨﺒﻲ دﻣﻪ وﺗﺮﻛﻪ..
ﺣﺪ اﻟﺮدة ,ﻧﻈﺮ و ﺗﺤﻘﯿﻖ
واﻟﺤﺪﻳﺚ ﻓﻲ اﻟﺼﺤﯿﺤﯿﻦ ،ﻟﺬﻟﻚ ﻧﺤﻦ ﻧﺆﻛِّﺪ أنﱠ ﻗﻮﻟﻪ ﻋﻠﯿﻪ اﻟﺼﻼة وأﻓﻀﻞ اﻟﺴﻼم "اﻟﺘﺎرك دﻳ ﻨﻪ اﻟﻤﻔﺎرق ﻟﻠﺠﻤﺎﻋﺔ" وﺻﻒ ﻣﻨﺸﺄ ﻻ وﺻﻒ ﻛﺎﺷﻒ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻳﻘﻮل اﻟﻨﺤﺎة واﻟﺒﻼﻏﯿﻮن.
ﻷن اﻟﻤﺮﺗﺪة ﻻ ﻳُ ﺘﺼﻮر ﻣﻨﮫﺎ اﻟﺤﺮب ،ﺑﻤﻌﻨﻰ أﻧﮫﺎ إذا ارﺗﺪت ﻻ ﺗﻨﺤﺎز إﻟﻰ ﻣﻌﺴﻜﺮ آﺧﺮ ﻳﻘﺎﺗﻞ وﻳﺄﺗﻲ ﻣﻨﮫﺎ اﻟﻘﺘﺎل ﻷ ﻧﮫﺎ ﻻ ﺗﻘﺎﺗﻞ أﺻﻼً.. وھﺬا ﻓﮫﻢ ﺟﻤﯿﻞ ﺟﺪاً ،ورﺣﻤﺔ ﷲ ﻋﻠﻰ ﺳﺎداﺗﻨﺎ اﻷﺣﻨﺎف اﻟﺬﻳﻦ ﻏُﻤِ ﺰوا وﻻ ﻳﺰاﻟﻮن ﺑﺎﻟﺰﻧﺪﻗﺔ واﻻﻧﺤﻼ ل واﻟﻜﻔﺮ أﻳﻀﺎً ،ﻷن ﻟﮫﻢ ﻋﻘﻮﻻً ﻳﻔﮫﻤﻮن ﺑﮫﺎ ﺷﺮع ﷲ ،وﻟﯿﺴﻮا ﺣَﺮْ ﻓﯿﯿﻦ وأﻏﻤﺎراً ﻣﺄﻓﻮﻧﻲ اﻟﺮأى. ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﺣﺎل ،ﻓﺒﮫﺬا اﻟﻮﺻﻒ اﻟﻤﺮﻛﱠ ﺐ ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳُﻘﺘﻞ ﺑﻪ اﻹﻧﺴﺎن، وﻟﯿﺲ ﺑﺎﻟﺨﺮوج وﺣﺪه وﺗﻐﯿﯿﺮ اﻟﻤﻠﺔ ﻓﺎﻟﻤﻨﺎﻓﻘﻮن ﻓﻌﻠﻮا ذﻟﻚ .ﻋﺒﺪ ﷲ ﺑﻦ أﺑﻰ ﺑﻦ ﺳﻠﻮل ﻟﻌﻨﺔ ﷲ ﻋﻠﯿﻪ ﺣﯿﻦ ﺧﺮج وﻛﻔﺮ وارﺗﺪ ﻟﻮ أﻧﻪ ﺣﻤﻞ اﻟﺴﯿﻒ واﺻﻄﻨﻊ ﻣﻠﯿﺸﯿﺎت ﺗﺤﺎرب اﻟﺪوﻟﺔ ﻟﻘﺎﺗﻠﻪ اﻟﻨﺒﻲ ،ﻛﻤﺎ ﻗﺎﺗﻞ أﺑﻮ ﺑﻜﺮ اﻟﺼﺪﻳﻖ وﻣﻌﻪ اﻟﺼﺤﺎﺑﺔ اﻟﻤﺮﺗﺪﻳﻦ اﻟﺬﻳﻦ ارﺗﺪ ﺑﻌﻀﮫﻢ ﻋﻦ اﻟﺪﻳﻦ ،وﺑﻌﻀﮫﻢ ﻟﻢ ﻳﺮﺗﺪ ﻋﻦ ا ﻟﺪﻳﻦ وإﻧﻤﺎ اﻣﺘﻨﻊ ﻣﻦ أداء اﻟﺰﻛﺎة ،ﻟﻜﻦ ﻟﻸﺳﻒ ﺣﻤﻠﻮا اﻟﺴﯿﻒ ﻋﻠﻰ اﻟﺪوﻟﺔ وھﺪدوھﺎ ،ﻓﻜﺎن ﻻﺑﺪ أن ﻳﻘﺎﺗﻠﻮا ﻟﮫﺬا اﻟﻤﻌﻨﻰ ،ﻻ ﻷﺟﻞ أﻧﮫﻢ ﺑﺪﱠ ﻟﻮا دﻳﻨﮫﻢ ﻓﻘﻂ ،ﻓﻠﻮ ﺑﺪﻟﻮا وظﻠﻮا وادﻋﯿﻦ ﻓﻔﻲ ﺳﺘﯿﻦ داھﯿﺔ ﻻ ﻳﻌﻨﯿﮫﻢ ﻣﻦ أﻣﺮھﻢ ﺷﯿﺌﺎً ،ھﺬا ھﻮ اﻟﺪﻳﻦ ،ھﺬا ھﻮ ﻣﺒﺪأ اﻟﺤﺮﻳﺔ اﻟﺬي ﻗﺮره ھﺬا اﻹﺳﻼم اﻟﻌﻈﯿﻢ.
ﺣﺪ اﻟﺮدة ,ﻧﻈﺮ و ﲢﻘﻴﻖ
ﻓﺈذن ﻻ ﻳﺤﻞ دم ﻣﻦ ﺧﺮج ﻋﻠﻰ اﻟﺪﻳﻦ إﻻ ﺑﮫﺬا اﻟﻮﺻﻒ اﻟﻤﺮﻛﱠ ﺐ ،ﻓﺈن ارﺗﺪاده ﻋﻠﻰ اﻹﺳﻼم وﺣﺪه ﻻ ﻳﺒﯿﺢ ﻗﺘﻠﻪ ،ﻷن اﻟﻜﻔﺮ وﺣﺪه ﻟﯿﺲ ﻣﺒﯿﺢ ﻟﺪم اﻹﻧﺴﺎن ،وﻟﺬﻟﻚ اﺳﺘﺜﻨﻰ اﻟﺴﺎدة اﻟﺤﻨﻔﯿﺔ اﻟﻤﺮأة ﻣﻦ ﻋﻤﻮم اﻟﺤ ﺪﻳﺚ ،وﻗﺎﻟﻮا :اﻟﻤﺮﺗﺪة ﻻ ﺗُﻘﺘﻞ ،ﻟﻤﺎذا؟
12
ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﺣﺎل اﺳﺘﯿﻔﺎء اﻷدﻟﺔ وﻣﻨﺎﻗﺸﺔ وﺟﮫﺎت اﻟﻨﻈﺮ ﻓﻲ ھﺬه ﺟﺪ ﺟﺪاً ،ﻟﻜﻦ ﻣﺎ أﺣﺐ أن أﻛﻤﻞ ﺑﻪ ﺧﻄﺒﺔ اﻟﻤﻘﺎم اﻟﻤﺴﺄﻟﺔ أﻣﺮ ﻳﻄﻮل اً اﻟﯿﻮم ھﻮ اﻟﺘﻨﺒﯿﻪ إﻟﻰ أﻣﺮ ذي ﺑﺎل وﺧﻄﺮ وھﻮ أن ھﺬه اﻟﻤﺴﺄﻟﺔ ﻻﺑﺪ أن ﻳُ ﻌﺎد ﻓﯿﮫﺎ اﻟﻨﻈﺮ ،وﻗﺪ ﻳﻘﻮل ﺑﻌﺾ اﻟﻨﺎس وﺧﺎﺻﺔ اﻟﻌﻮام :وﻟﻢ ﻳﻌﺎد اﻟﻨﻈﺮ اﻵن ﺑﺎﻟﺬات؟ وھﺬه ھﻲ اﻟﻤﺸﻜﻠﺔ ﺣﯿﻦ ﻳﺘﻜﻠﻢ اﻟﻌﻮام ﻓﻲ ﺷﺄن اﻟﺪﻳﻦ وھﻮ ﻟﻢ ﻳﻘﺮأ ﻓﻲ ﺣﯿﺎﺗﻪ ﻋﺸﺮ ﺻ ﻔﺤﺎت ﻻ ﻓﻲ اﻟﺤﺪﻳﺚ وﻻ ﻓﻲ اﻟﻔﻘﻪ ،وأﻧﺎ أرد وأﻗﻮل :ﻧﻌﻢ ﻳﺠﺐ أن ﻧﻔﺘﺢ ھﺬه اﻟﻤﻠﻔﺎت ﻣﺤﺮﺟﯿﻦ ،ﻷﻧﻪ ﺗﺤﺪث أﺷﯿﺎء ﺗﺤﺮﺟﻨﺎ وﺗﻀﻄﺮﻧﺎ أن ﻧﻌﯿﺪ اﻟﻨﻈﺮ ،ﻣﻦ أﺳﻒ ﻷن ﻋﻘﻠﻨﺎ ﺳﺎﻛﻦ ﻳﺮﺿﻰ ﺑﻜﻞ ﺷﻲء ورﺛﻪ ﻣﻦ اﻟﺴﺎﺑﻘﯿﻦ ،وﻟﯿﺲ ﻋﻨﺪﻧﺎ ھﺬه اﻟﻘﺪرة اﻟﻨﻘﺪﻳﺔ ،ﻗﺪرة اﻟﻤﺤﺎﻛﻤﺔ ،ﻗﺪرة اﻟﻤﺮاﺟﻌﺔ ،ﻗﺪرة ﻏﺮس ﻋ ﻼﻣﺎت اﻻﺳﺘﻔﮫﺎم واﻟﺘﺸﻜﻚ. ﻋﻘﻠﻨﺎ ﺟﺎﻣﺪ إن ﻟﻢ ﻧُ ﺤﺮج ﻓﻼ ﻧﺒﺤﺚ أي ﻣﻮﺿﻮع ،وھﺬه طﺒﯿﻌﺔ اﻟﺠﺎﻣﺪﻳﻦ اﻟﺴﺎﻛﻨﯿﻦ اﻟﻮادﻋﯿﻦ ،ﻟﺬﻟﻚ ﻳﺴﺘﺮوح ھﺆ ﻻء إﻟﻰ دﻋﺎوى اﻹﺟﻤﺎع وھﻲأنﱠ ﻣﻦ أﻧﻜﺮ ﺣﺪ ا ﻟﺮدة ﻛﻤﺎ ﻳﻔﮫﻤﮫﺎ ھﺆﻻء ﻓﮫﻮ ﻛﺎﻓﺮ.. أﻧﻪ ﻟﯿﺲ ھﻨﺎك دوﻟﺔ ﺗﺤﻜﻢ ﺑﮫﺬا اﻟﺸﺮع ،ﻷن وﻟﻮ ﻛﺎن واﻟﺤﻤﺪ ھﻨ ﺎك دوﻟﺔ ﺗﺤﻜﻢ ﺑﺎﻟﺸﺮع ﻛﻤﺎ ﻳﻔﮫﻤﻪ ھﺆﻻء ﻻﻗﺘﯿﺪ أﻣﺜﺎﻟﻨﺎ إﻟﻰ اﻟﻤﺸﺎﻧﻖ ﻣﻦ ﻏﯿﺮ ﺗﺮدد ،وﺗُ ﻘﺮب إﻟﻰ ﷲ ﺑﺪﻣﺎﺋﻨﺎ ﻣﺒﺎﺷﺮة ،وھﺬا ﻣﻦ رﺣﻤﺔ ﷲ، وﻳﺒﺪو أن ھﺬه اﻷﻣﺔ ﻏﯿﺮ ﻣﺴﺘﺄھﻠﺔ إﻟﻰ اﻵن ﺑﻤﺴﺘﻮاھﺎ اﻟﻌﻘﻠﻲ وﻣﺴﺘﻮاھﺎ اﻟﻨﻈﺮي أن ﺗﻜﻮن أﻣﺔ أﺳﺘﺎذة ﻛﻤﺎ ﺗﺪﱠ ﻋﻲ ،أﻣﺔ ﺷﺎھﺪة ﻋﻠﻰ اﻟﻌﺎﻟﻤﯿﻦ..
13
ﻻ ،ﻻﺑﺪ أن ﺗﺮاﺟﻊ اﻟﻨﻈﺮ ﻓﻲ أﺷﯿﺎء ﻛﺜﯿﺮة ﺣﺘﻰ ﺗﺴﺘﺄھﻞ ﻧﺼﺮ ﷲ واﺳﺘﺨﻼف ﷲ اﻟﺤﻘﯿﻘﻲ وأن ﺗﻜﻮن ﻗﺎﺋﺪة وراﺋﺪة ،ﺗﻜﻮن ﺣﺼﻨﺎً ﻟﻠﺤﺮﻳﺎت وﺣِﻤَ ﺎ وﻣﻼذاً ﻟﻠﺤﻘﻮق ورﺣﻤﺔ ﻟﻠﻌﺒﺎد ﻻ ﻧﻘﻤﺔ وﻻ ﻋﺬاب.
ﺣﺪ اﻟﺮدة ,ﻧﻈﺮ و ﺗﺤﻘﯿﻖ
أﺟﺐ ﻋﻦ ھﺬا اﻟﺴﺆال ،ﻓﻤﻦ اﻟﺼﻌﺐ واﻟﻤﺴﺘﺤﯿﻞ أن ﺗﺠﯿﺐ ﻋﻨﻪ، ﻓﻜﻞ ﻣﺎ ﺳﺘﺄﺗﻲ ﺑﻪ ﺗﺨﺎرﻳﻒ و أوھﺎم ﻳﻀﺤﻚ ﺑﻪ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻮام ﻟﺪﻳﻨﺎ. ﻓﺪاﺋﻤﺎً إذا أردت أن ﺗﺠﯿﺐ ﻋﻦ ﺷﺒﮫﺔﻓﺘﻮھﱠﻢ وﺗﺨﯿﱠﻞ أنﱠ اﻟﺬي ﻳﻨﺎظﺮك ﻟﯿﺲ اﻟﻤﻮاﻓﻖ ،ﺑﻞ اﻟﻤﺨﺎﻟﻒ اﻟﻤﻌﺎﻧﺪ وﻣ ﻦ ھﻮ ﻋﻠﻰ ﻏﯿﺮ دﻳﻨﻚ وﻏﯿﺮ اﻋﺘﻘﺎدك. أﻧﺖ ﺗﺪﻋﻲأنﱠ ھﺬا اﻟﺪﻳﻦ ﺟﺎء ﻟﻠﺤﺮﻳﺎت وﺟﺎء ﻟﻠﺤﻘﻮق ،ﻓﺄﻳﻦ اﻟﺤﺮﻳﺔ ھﻨﺎ ،وأﻳﻦ ﺣﻘﻮق اﻹﻧﺴﺎن؟ ﻟﻜﻦ ﺣﯿﻦ ﺗﻘﻮل ﻟﻪ :ﻧﻌﻢ ،ﻟﻪ أن ﻳﺮﺗﺪ ،وﻛﻤﺎ ﻗﻠﻨﺎ ﻓﻰ ﺳﺘﯿﻦ داھﯿﺔ وﻟﻜﻦ ﻟﯿﺲ ﻟﻪ أن ﻳﮫﺪد أﻣﻦ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ اﻟﻤﺴﻠﻢ ،ﻟﯿﺲ ﻟﻪ أن ﻳﻜﻮن ﻣﺤﺎرﺑﺎً ، وﻟﺬﻟﻚ اﻟﺒﺨﺎري وﻣﺴﻠﻢ -وﻣﻊ ﻋﻠﻤﻲ أن ﺗﺴﻤﯿﺔ أﺑﻮاب ﻣﺴﻠﻢ ﻟﯿﺴﺖ ﻟﻤﺴﻠﻢ ،ﻓﻤﺴﻠﻢ ﻟﻢ ﻳﺴﻤﻰ أﺑﻮاب ،وإﻧﻤﺎ اﻟﺬي ﻓﻌﻞ ذﻟﻚ اﻹﻣﺎم اﻟﻨﻮوى ﻗﺪﱠ س ﷲ ﺳﺮه ،ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﺣﺎل ﻓﺈن ﺗﺒﻮﻳﺐ اﻟﺒﺨﺎري وﻣﺴﻠﻢ ﻛﻼھﻤﺎ ﺣﯿﻦ أوردا ﺣﺪﻳﺚ اﻟﺬﻳﻦ ارﺗﺪوا ﻣﻦ ﻗﺒﯿﻠﺔ ﻋﻘﻞ أوردوه ﺗﺤﺖ ﺑﺎب ﺣﻜﻢ اﻟﻤﺤﺎرﺑﯿﻦ اﻟﻤﺮﺗﺪﻳﻦ ،وھﻮ اﻟﻤﺮﺗﺪ ﺟﻤﻊ ﻣﻊ ردﺗﻪ اﻟﺤﺮاﺑﺔ ،ﻓﮫﺆﻻء ھﻢ اﻟﺬﻳﻦ ﻗﺘﻠﮫﻢ اﻟﻨﺒﻲ وﺳﻤﻞ أﻋﯿﻨﮫﻢ وأﻣﺮ ﺑﻘﺘﻠﮫﻢ ﻷﻧﮫﻢ ﻗﺘﻠﻮا رﻋﺎة اﻷﺑﻞ وﺳﻤﻠﻮا أﻋﯿﻨﮫﻢ ،وھﺬا ﻗﺼﺎص ﻋﺎﺟﻞ ،وﻟﯿﺲ ﻓﻘﻂ ﻷﻧﮫﻢ ارﺗﺪوا ﻋﻦ
ﺣﺪ اﻟﺮدة ,ﻧﻈﺮ و ﲢﻘﻴﻖ
ھﻨﺎك إﺣﺮاﺟﺎت ﺑﻼ ﺷﻚ ،ﻓﻘﺪ ﻗﺎل ﻟﻲ أﺣﺪ إﺧﻮاﻧﻲ ﺑﺎرك ﷲ ﻓﯿﻪ: ﻧﺤﻦ اﻵن ﻣُ ﺤﺮﺟﻮن ﺣﻘﺎً ،ﻓﺴﻮف ﻧُ ﺴﺄل وﻳﻘﺎل ﻟﻨﺎ :أﻓﻐﺎﻧﻲ ﻣﺴﻠﻢ ارﺗﺪ إﻟﻰ اﻟﻨﺼﺮاﻧﯿﺔ أﻧﺘﻢ ﺗﻔﺘﻮن ﺑﻘﺘﻠﻪ ،وﻟﻜﻦ واﺣﺪة ﻣﻨﺎ ﺗﺼﯿﺮ ﻣﺴﻠﻤﺔ ﺗُ ﻄﺎﻟﺒﻮن ﻟﮫﺎ ﺑﻜﻞ اﻟﺤ ﻘﻮق ﺣﺘﻰ ﺣﻖ اﻟﺤﺠﺎب -أي أن ﻣﻦ ﺣﻘﮫﺎ أن ﺗﺘﺤﺠﺐ وﺣﺮام أن ﺗﻤﻨﻌﻮھﺎ ﻓﮫﺬا ﻻ ﻳﺠﻮز وھﺬا ﻣﺨﺎﻟﻒ ﻟﺤﻘﻮق اﻹﻧﺴﺎن -وﺑﺬﻟﻚ أﻧﺘﻢ ﺗﻜﯿ ﻠﻮن ﺑﻤﻌﺎﻳﯿﺮ ﻣﺰدوﺟﺔ ،ﻓﺄﻳﻦ اﻟﺤﺮﻳﺎت ،ﺣﺮﻳﺎت ﻟﻜﻢ ﻓﻘﻂ وﻟﻤﻦ ﻛﺎن ﻋﻠﻰ دﻳﻨﻜﻢ ،وﻻ ﺣﺮﻳﺎت ﻟﻶﺧﺮﻳﻦ؟
14
اﻹﺳﻼم ،ﺑﻞ ارﺗﺪوا وأﺗﻮا ﺑﺠﺮاﺋﻢ اﻟﺤﺮاﺑﺔ ،وﻗﺪ ﺗﻨﺒﱠ ﻪ اﻟﻌﻠﻤﺎء إﻟﻰ ھﺬه اﻟﻤﻠﺤﻆ. واﻟﺪﻋﻮة اﻟﺘﻲ ﺗﻘﻮل أنﱠ ﻣﻦ أﻧﻜﺮ ﺣﺪ اﻟﺮدة ﻗﺪ ﺧﺮق اﻹﺟﻤﺎع ،أي إﺟﻤﺎع؟ ھﺬا اﻹ ﺟﻤﺎع ﻳﺪﻋﻰ ﻓﻰ ﻛﻞ ﺷﻲء وﻻ إﺟﻤﺎع ،ﻛﯿﻒ ﺗﻌﺮف أن اﻷﻣﺔ اﺟﺘﻤﻌﺖ ،ﻓﮫﺬا إﺟﻤﺎع ﻣﺬھﺒﻲ ،إﺟﻤﺎع طﺎﺋﻔﺔ ،ﺗﺠ ﻤﻊ اﻟﻄﺎﺋﻔﺔ وﻳﻘﺎل أﺟﻤﻊ اﻟﻤﺴﻠﻤﻮن ،ﻛﯿﻒ ﻳﺤﻜﻰ اﻹﺟﻤﺎع وﺳﻔﯿ ﺎن اﻟﺜﻮري ﺧﺎﻟﻒ ﻓﻲ ﻣﺴﺄﻟﺔ اﻟﺮدة ،وھﻮ ﻳﻘﻮ ل اﻟﻤﺮﺗﺪ ﻻ ﻳﻘﺘﻞ ،وھﻮ إﻣﺎم ﺟﻠﯿﻞ ،وإﺑﺮاھﯿﻢ اﻟﻨﺨﻌﻲ أﺳﺘﺎذ اﻷﺳﺎﺗﯿﺬ وھﻮ أﺳﺘﺎذ أﺑﻰ ﺣﻨﯿﻔﺔ ﻗﺎل اﻟﻤﺮﺗﺪ ﻻ ﻳﻘﺘﻞ، وﻋﻤﺮ ﺑﻦ اﻟﺨﻄﺎب وﻋﻤﺮ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻌﺰﻳﺰ ﻛﺎﻧﺎ ﻟﮫﻤﺎ ر أي ﻣﺸﺎﺑﻪ. وﻗﺪ روى ﻋﺒﺪ اﻟﺮزاق ﻓﻲاﻟﻤﺼﻨﻒ أنﱠ ﺟﻤﺎﻋﺔ ﻣﻦ اﻟﻨﺼﺎرى أﺳﻠﻤﻮا ﺛﻢ ﺣﺎروا إﻟﻰ دﻳﻨﮫﻢ وﻋﺎدوا إﻟﻰ اﻟﻨﺼﺮاﻧﯿﺔ ،ﻓﻜﺘﺐ ﻣﯿﻤﻮن ﺑﻦ ﻣﮫﺮان ﺑﺸﺄﻧﮫﻢ إﻟﻰ ﻋﻤﺮ ﺑﻦ اﻟﻌﺰﻳﺰ ،ﻓ ﻘﺎل ﻟﻪ :دﻋﮫﻢ وا ﺿﺮب ﻋﻠﯿﮫﻢ اﻟﺠﺰﻳﺔ ،وﻟﻢ ﻳﻘﻞ ﻟﻪ اﻗﺘﻠﮫﻢ وھﻮ أﻣﯿﺮ اﻟﻤﺆﻣﻨﯿﻦ. وﻋﻤﺮ ﺑﻦ اﻟﺨﻄﺎب ﻓﯿﻤﺎ روى اﻟﺒﯿﮫﻘﻰ ﺑﺈﺳﻨﺎد ﺻﺤﯿﺢ ﻓﻲ اﻟﺴﻨﻦ اﻟﻜﺒﺮى واﻹﻣﺎم ﺑﻌﺪ اﻟﺮزاق أﻳﻀﺎً ﻓﻲ اﻟﻤﺼﻨﻒ ،أن أﻧﺲ ﻋﺎد ﻣﻦ ﺗﺴﺘﺮ وﻛﺎن ﻓﯿﮫﺎ أﺟﻨﺎد اﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦ ﻓﻠﻘﻲ أﻣﯿﺮ اﻟﻤﺆﻣﻨﯿﻦ ﻋﻤﺮ ﺑﻦ اﻟﺨﻄﺎب، ﻓﺴﺄﻟﻪ ﻋﻤﺮ :ﻣﺎ ﻓﻌﻞ اﻟﺴﺘﺔ اﻟﻨﻔﺮ ﻣﻦ ﺑﻜﺮ ﺑﻦ واﺋﻞ اﻟﺬﻳﻦ ارﺗﺪوا؟ ﻓﻘﺎل: ﻣﺎ ﻓﻌﻠﻮا ﻳﺎ أﻣﯿﺮ اﻟﻤﺆﻣﻨﯿﻦ ،ﻗﻮم ﻣﻦ اﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦ ﻓﻘﺘﻠﻮا -أ ي ﻗﺘﻠﻨﺎھﻢ ﻓﻲ وإﻧﺎ إﻟﯿﻪ راﺟﻌﻮن ،ﻓﻘﺎل أﻧﺲ: اﻟﻤﻌﺮﻛﺔ ھﻨﺎك -ﻓﺎﺳﺘﺮﺟﻊ ﻋﻤﺮ وﻗﺎل إﻧﺎ وھﻞ ﺳﺒﯿﻠﮫﻢ إﻻ اﻟﻘﺘﻞ؟
15
ﻓﻘﺎل :ﻧﻌﻢ ،وﻓﻲ ر واﻳﺔ أﻋﺮب ﻋﻤﺮ أﻧﻪ ﻳﻮ د أن ﻟﻮ أﺧﺬھﻢ ﺑﺎﻟﺴﻠﻢ وﻟﻢ ﻳﻘﺘﻠﮫﻢ وﻟﻮ ﻋﺪل ذﻟﻚ ﺑﻤﺎ ﻋﻠﻰ اﻷرض ﻣﻦ ﺻﻔﺮاء وﺑﯿﻀﺎء ،وﻗﺎل :ﻟﻮ ﻛﻨﺖ أﻧﺎ ﻟﻌﺮﺿﺖ ﻋﻠﯿﻪ اﻹﺳﻼم وأُ طﻌ ﮫﻢ ،ﻓﺈن أﺑﻮا أودﻋﺘﮫﻢ اﻟﺴﺠﻦ ،وﻟﻢ ﻳﻘﻞ أﻗﺘﻠﮫﻢ.
ﺣﺪ اﻟﺮدة ,ﻧﻈﺮ و ﺗﺤﻘﯿﻖ
ﻛﯿﻒ ﻳﻘﻮل ﻋﻤﺮ ھﺬا ،وﻛﯿﻒ ﻳﻘﻮل إﺑﺮاھﯿﻢ اﻟﻨﺨﻌﻲ وﺳﻔﯿﺎن اﻟﺜﻮري وﻋﻤﺮ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻌﺰﻳﺰ ،ﻣﺎاﻟﻘﻀﯿﺔ إذن؟ وﻛﯿﻒ ﻻ ﻳﻘﺘﻞ اﻟﻨﺒﻲ اﻟﻤﺮﺗﺪﻳﻦ ،ﻛﯿﻒ ﻳﺘﺮﻛﮫﻢ ﻳﻌﯿﺜﻮن وﻳﻌﯿﺸﻮن أﺣﺮاراً ﻓﻲ ﺣﯿﺎﺗﻪ واﻟﻘﺮآن ﺳﺠﱠ ﻞ ﻋﻠﯿﮫﻢ اﻟﺮدة؟
إذن اﻟﻤﺴﺄﻟﺔ ﻣﻔﻮﱠ ﺿﺔ وﻟﯿﺴﺖ ﻣﺴﺄﻟﺔ ﺣﺪﻳﺔﻗﻮﻻً واﺣﺪاً ،ﺑﻤﺜﻞ ھﺬا اﻻﺟﺘﮫﺎد ﻳﻤﻜﻦ أن ﺗﻨﺘﻈﻢ ﺟﻤﯿﻊ اﻟﻨﺼﻮص ﺑﺤﻤﺪ ﷲ وﺟﻤﯿﻊ اﻵراء ﻓﻲ ﻧﻈﺎم واﺣﺪ وﺗ ﺂﻟﻒ ﻳﻮﺣﺪ ﺑﯿﻦ ﻛﻞ اﻟﻨﺼﻮص وﻻ ﻳﻔﺮق ،ھﻜﺬا ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﻳﻘﺎل وﷲ ﺗﺒﺎرك وﺗﻌﺎﻟﻰ أﻋﻠﻢ. اﻟﻤﮫﻢ ،ﻣﺎ وددتُ أن أﺧﺘﻢ ﺑﻪ ﺧﻄﺒﺔ اﻟﯿﻮم ھﻮ اﻟﺘﻨﺒﯿﻪ إﻟﻰ أن ﻣﺴﺄﻟﺔ اﻹﺻﺮار ﻋﻠﻰ ﺣﺪ اﻟﺮدة ﻣﻊ ﻣﺜﻞ ھﺬا اﻟﺠﻤﻮد اﻟﺬى ﺗﻌﺎﻧﯿﻪ ھﺬه اﻷﻣﺔ ﻣﻨﺬ ﻗﺮون ،ﻓﺄﻛﺜﺮ ﻣﺎ اﺳﺘﻄﺎرت ﻧﯿﺮان وﺷﺮر ﻧﯿﺮان اﻟﺘﻜﻔﯿﺮ وإﻟﻐﺎء اﻵﺧﺮ واﻟﺤﻜﻢ ﻋﻠﯿﻪ ﺑﺎﻟﺨﺮوج واﻟﻤﺮوق ﻓﻲ اﻟﻘﺮن اﻟﺜﺎﻣﻦ اﻟﮫﺠﺮي ،ﻗﺒﻞ ھﺬا ﻛﺎن ھﺬا ﻣﻮﺟﻮداً ﻋﻠﻰ ﺗﻔﺎوت ،وﺑﻌﺪه وإﻟﻰ ﻳﻮﻣﻨﺎ ،وﻓﻲ ﻳﻮم اﻟﻨﺎس ھﺬا أﺷﺪ طﺒﻌﺎً ﺑﻜﺜﯿﺮ ،ﻓﺎﻟﯿﻮم ﻳﻜﺎد اﻟﻤﺴﻠﻤﻮن ﻳ ﻜﻔﺮ ﺑﻌﻀﮫﻢ ﺑﻌﻀﺎً ،ﻛﻞ ﻳﻜﻔﺮ ﻛﻞ واﻟﻌﯿﺎذ ﺑﺎ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ وﺗﻌﺎﻟﻰ ،وھﺬا ﻣﻦ اﻟﺠﮫﺎﻟﺔ واﻟﻐﺒﺎوة وﻋﺪم ﻓﻘﻪ وﻓﮫﻢ ھﺬا اﻟﺪﻳﻦ.
ﺣﺪ اﻟﺮدة ,ﻧﻈﺮ و ﲢﻘﻴﻖ
ﻳﺒﺪو أنﱠ اﻟﺼﺤﯿﺢ أنﱠ اﻟﺮدة ﻟﯿﺴﺖ ﺣﺪاً وإﻧﻤﺎ ھﻲ ﻋﻘﻮﺑﺔ ﻣﻔﻮض أﻣﺮھﺎ إﻟﻰ اﻹﻣﺎم ،أي إﻟﻰ اﻟﻘﺎﺿﻲ أو اﻟﺨﻠﯿﻔﺔ ،ﺑﺤﺴﺐ ﺗﻘﺪﻳﺮه اﻟﻮﺿﻊ ،إن رأى ھﺬا اﻟﻤﺮﺗﺪ ﺟﻤ ﻊ إﻟﻰ ﺧﺮوﺟﻪ ﻣﻦ اﻹﺳﻼم ﺧﺮوﺟﻪ ﻋﻠﻰ اﻟﺠﻤﺎﻋﺔ وﻳﺮﻳﺪ أن ﻳﻀﻄﺮ ﺣﺒﻞ اﻷﻣﻦ ،وھﻮ ﻣﮫﺪد ﺗﮫﺪﻳﺪاً أﻣﻨﯿﺎً وﻋﺴﻜﺮﻳﺎً ﻟﺠﻤﺎﻋﺔ اﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦ ودوﻟﺔ وﺳﻠﻄﺔ اﻟﻤﻮﺣﺪﻳﻦ ،ﻓﮫﺬا ﺧﺎﺋﻦ ﺧﯿﺎﻧﺔ ﻋﻈﻤﻰ ،وﻟﻺﻣﺎم أن ﻳﺤﻜﻢ ﺑﻘﺘﻠﻪ إن ﺷﺎء ﺑﺤﺴﺐ ﺗﻘﺪﻳﺮ اﻹﻣﺎم.
16
ﺳﺄﻟﺖ ﻣﺮة أﺣﺪ ھﺆﻻء اﻟﻤﺘﻌﻨﺘﯿﻦ وﻗﻠﺖ ﻟﻪ :اﻟﻤﺒﺘﺪع ﺑﺄى ﺑﺪﻋﺔ ﺗﺮﻳﺪ، ﺑﺪﻋﺔ اﻻﻋﺘﺰال ،ﺑﺪﻋﺔ اﻟﺨﺮوج ،ﺑﺪﻋﺔ اﻹرﺟﺎء.. ھﻞ ھﺬا ﻓﺎﺳﻖ؟ ﻗﺎل :ھﺬا ﻓﺎﺳﻖ ،ﻗﻠﺖ :أﻗﻞ ﻣﺎ ﻳﻘﺎل ﻋﻨﺪﻛﻢ ﻓﯿﻪ إ ﻧﻪ ﻓﺎﺳﻖ ،ﻓﻘﺎل: ﻧﻌﻢ ،ﻗﻠﺖ :ﻛﯿﻒ ﻳﺨﺮج إذن ﻋﻨﻪ اﻟﺒﺨﺎري وﻣﺴﻠﻢ ،ﻓﺒُ ﮫﺖ اﻟﺬي ﺟﮫﻞ، ﻓﻘﻠﺖ :ﻓﻲ اﻟﺒﺨﺎري وﻣﺴﻠﻢ ﻣﻦ رﺟﺎﻻﺗﮫﻢ ﻣﺌﺎت وﻣﺌﺎت ﻣﻦ رﺟﺎل اﻟﺸﯿﻌﺔ وﻣﻦ رﺟﺎل اﻟﻤﻌﺘﺰﻟﺔ ،وﻣﻦ رﺟﺎل اﻟﺨﻮارج ،وﻣﻦ اﻟﻤﺮﺟﺌﺔ ،ھﻮ ﻟﻢ ﻳﻔﮫﻢ ھﺬا ،ﻷن ھﺆﻻء ﻣﻦ أﻣﺜﺎل اﻟﺒﺨﺎري وﻣﺴﻠﻢ ﻛﺎن ﻋﻨﺪھﻢ ﻣﻦ اﻟﺘﻔﺴّ ﺢ وﻣﻦ اﻟﺘﺴﺎﻣﺢ ،وﻣﻦ اﻟﺘﻘﯿﯿﺪ اﻟﻌﻠﻤﻲ اﻟﺠﯿﺪ ﻟﻸﻣﻮر أﻛﺜﺮ ﻣﻨﺎ ﺑﻜﺜﯿﺮ ،ﻓﺎﻟﯿﻮم ﻻ ﻳﻜﺎد ﻳﺘﺴﻊ ذھﻦ اﻟﻮاﺣﺪ ﻣﻨﺎ إﻟﻰ أن ﻳﺄﺧﺬ ﻋﻦ أﺧﯿﻪ وأن ﻳﺘﺤﻤﻞ ﻋﻨﻪ اﻟ ﻌﻠﻢ واﻟﺮواﻳﺔ إذا ﻛﺎن ﻣﺨﺎﻟﻔﺎً ﻟﻪ ﻓﻲ اﻟﻤﺬھﺐ ،أي ﺷﯿﻌﻲ وﺳﻨﻲ ،ﺷﯿﻌﻲ وإﺑﺎﺿﻲ.. إﻟﻰ أﺧﺮه ،أﺻﻼً إذا ﻧﺠﺎ ھﺬا ﻣﻦ ﺗﻜﻔﯿﺮه ﻳﻜﻮن اﻷﻣﺮ ﺟﯿﺪ ﺟﺪاً . اﻟﻤﮫﻢ ،ﻻﺑﺪ أن ﻧُ ﺬﻛﺮ أﻧﻪ ﺑﺘﮫﻤﺔ اﻟﻤﺮوق واﻟﺨﺮوج واﻟﺰﻧﺪﻗﺔ واﻟﻜﻔﺮ ﻗُﺘﻞ وھُﺠﺮ ورُوِّ ع وأﺧﯿﻒ وﺳُﺠﻦ ﻋﺸﺮات وﻋﺸﺮات ﻣﻦ اﻟﺼﻠﺤﺎء واﻟﻌﺒﺎد واﻷﺋﻤﺔ واﻟﻌﻠﻤﺎء ،وﷲ اﻟﻤﺴﺘﻌﺎن وإﻧﱠ ﺎ وإﻧﱠ ﺎ إﻟﯿﻪ راﺟﻌﻮن .ﻓﮫﻨﺎك ﻛﺘﺎب ﻟﻌﺒﺪ ﷲ ﺑﻦ اﻹﻣﺎم أﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﺣﻨﺒﻞ اﻟﻤُﺘَ ﻮﻓﻰ ﺳﻨﺔ ﺗﺴﻌﯿﻦ وﻣﺎﺋﺘﯿﻦ اﺳﻤﻪ ﻛﺘﺎب اﻟﺴﻨﺔ ،اﻗﺮأوا ﻓﯿﻪ اﻟﺼﻔﺤﺎت اﻟﻄﻮﻳﻠﺔ ﻓﻲ اﻟﻜﻼم ﻋﻦ أﺑﻲ ﺣﻨﯿﻔﺔ ،ﻓﮫﻮ ﻓﻲ اﻟﻜﺘﺎب أﺑﻲ ﺣﻨﯿﻔﺔ ،وھﻮ ﻛﺎﻓﺮ ،وھﻮ زﻧﺪﻳﻖ ،وﻣﺎت ﺟﮫﻤﯿﺎً ،وﺳﯿﻜﺒﱡ ﻪ ﷲ ﻋﻠﻰ وﺟﮫﻪ ﻓ ﻲ ﻧﺎر ﺟﮫﻨﻢ ،وﺑﻐﺾ أﺑﻲ ﺣﻨﯿﻔﺔ وأﺻﺤﺎﺑﻪ ﻋﺒﺎدة ﻋﻈﯿﻤﺔ إﻟﻰ ﷲ وﻗﺮﺑﻪ ،واﺳﺘﻘﻀﺎء -أي ﺟﻌﻠﮫﻢ ﻓﻲ اﻟﻘﻀﺎء -أﻋﻈﻢ ﻣﻦ ﻓﺘﻨﺔ اﻟﻤ ﺴﯿﺢ اﻟﺪﺟﺎل.. 17
ﻛﻞ ھﺬا ﻳﻘﺎل ﻋﻠﻰ أﺑﻲ ﺣﻨﯿﻔﺔ ﻷﻧﻪ ﺧﺎﻟﻔﮫﻢ.
ﺣﺪ اﻟﺮدة ,ﻧﻈﺮ و ﺗﺤﻘﯿﻖ
ﻛﻞ ھﺬا ﻣﻊ أن اﻹﻣﺎم أﺣﻤﺪ وإﺳﺤﺎق ﺑﻦ رھﺎوﻳﺔ واﻹﻣﺎم اﻟﻨﺴﺎﺋﻲ وﻏﯿﺮھﻢ ﻣﻦ أﺋﻤﺔ أھﻞ اﻟﺴﻨﺔ ﻗﻄﻌﻮا ﻛﻤﺎ ﻧﻘﻞ اﻟﺤﺎﻓﻆ ﺑﻦ ﺣﺠﺮ ﻓﻲ اﻟﻔﺘﺢ أﻧﻪ ﻣﺎ ﻣﻦ ﺻﺤﺎﺑﻲ ﻟﻪ ﻣﻦ اﻟﻔﻀﺎﺋﻞ -ﻣﻦ ﺣﯿﺚ اﻟﻌﺪد واﻟﺼﺤﺔ -ﻋﻦ رﺳﻮل ﻣﺠﻠﺪ ﻛﺎﻣﻼً اً ﷲ ﻣﺎ ﻟﻺﻣﺎم ﻋﻠﻲ ﻋﻠﯿﻪ اﻟﺴﻼم ،وﻗﺪ أﻟﱠ ﻒ ﻓﯿﻪ اﻟﻨﺴﺎﺋﻲ اﺳﻤﻪ "ﺧﺼﺎﺋﺺ أﻣﯿﺮ اﻟﻤﺆﻣﻨﯿﻦ ﻋﻠﻲ" ،وﻳﻜﻔﯿﻜ ﻢ ﻣﻦ ھﺬه اﻟﺨﺼﺎﺋﺺ ﻣﺎ رواه ﻣﺴﻠﻢ ﻓﻲ ﺻﺤﯿﺤﻪ " :ھﺬا ﻋﮫﺪ ﻣﻦ رﺳﻮل ﷲ إﻟﻰ ﻻ ﻳﺤﺒﻚ إﻻ ﻣﺆﻣﻦ وﻻ ﻳﺒﻐﻀﻚ إﻻ ﻣﻨﺎﻓﻖ ".
ﺣﺪ اﻟﺮدة ,ﻧﻈﺮ و ﲢﻘﻴﻖ
ﻛﺬﻟﻚ ﺟﻌﻔﺮ اﻟﺼﺎدق اﻹﻣﺎم اﻟﺠﻠﯿﻞ اﺑﻦ رﺳﻮل ﷲ أﺳﺘﺎذ اﻷﺳﺎﺗﯿﺬ، وأﺳﺘﺎذ أﺑ ﻲ ﺣﻨﯿﻔﺔ واﻹﻣﺎم ﻣﺎﻟﻚ ،ﺟﻌﻔﺮ اﻟﺼﺎدق ﻋﻨﺪ ﺑﻌﺪ اﻟﻌﻠﻤﺎء اﻟﻤﺤﺪﺛﯿﻦ ﻻ ﻳُ ﺮوى ﻋﻨﻪ وﻟﯿﺲ أھﻼً أن ﻳُ ﺮوى ﻋﻨﻪ ﻷﻧﻪ ﻣﺠﺮوح ،ﻛﺎن ﺑﻌﻀﮫﻢ ﻳﺠﺮﱠ ح ﺑﺘﮫﻤﺔ اﻟﺘﺸﯿّ ﻊ ،وﻗﺒﻞ أن ﻧﻘﻮل إنﱠ ھﺆﻻء ﺷﯿﻌﺔ زﻧﺎدﻗﺔ ﻳﺠﺐ أن ﻧﺤﻘﻖ ﻋﻠﻤﯿﺎً ﻣﻦ ھﻮ اﻟﺸﯿﻌﻲ ،ﻓﺎﻟﺸﯿﻌﻲ ھﻮ ﻣﻦ ﻳﺤﺐ ﻋﻠﯿﺎً وﻳﻘﺪﻣﻪ ﻓﻲ اﻷﺻﺤﺎب ،ﻓﺈذا ﻗﺪﻣﻪ ﻋﻠﻰ أﺑﻰ ﺑﻜﺮ وﻋﻤﺮ ﻓﺮاﻓﻀﻲ ﺷﯿﻌﻲ، وﺑﻌﻀﮫﻢ ﻗﺎﻟﻮا اﻟﺮواﻓﺾ زﻧﺎدﻗﺔ ،ﻣﺎذا ﻳﺮﻳﺪون أﻧﺆﺧﺮ اﻹﻣﺎم ﻋﻠﻲ إﻟﻰ أﺧﺮ اﻟﺼﺤ ﺎﺑﺔ ﻟﻜﻲ ﻧﻜﻮن ﻋﻠﻰ اﻟﻤﻨﮫﺞ اﻟﻘﻮﻳﻢ اﻟﺤﻤﯿﺪ ،وﺣﺘﻰ ﻳﺮﺿﻮا؟!
أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ذ ﻟﻚ ،إﻣﺎم ﺟﻠﯿﻞ اﺳﻤﻪ ﻣﺼﻌﺪ اﻟﻤﻌﺮﻗﺐ ،ﻟﻤﺎذا ﺳُﻤ َ ﻲ اﻟﻤﻌﺮﻗﺐ أي ﻣﻦ ﻗُﻄﻊ ﻋﺮﻗﻮﺑﻪ؟ ﻳُﻘﺎل إنﱠ اﻟﺤﺠﺎج أو ﺑﺸﺮ ﺑﻦ رﺿﻮان ﻋَﺮَﺿَ ﺎ ﻋﻠﯿﻪ ﺳﺐ اﻹﻣﺎم ﻋﻠﻲﻓَ ﺄﺿﺒَﻰ ،ﻓﻌﺮﻗﺐ وﻗُ ﻄﻌﺖ ﻋﺮاﻗﯿﺒﻪ وﺷُﻞﱠ وھﺬه ﻋﻘﻮﺑﺘﻪ ،وﻗﯿﻞ ﻋﻠﯿﻪ ﻋُﺮﻗِ ﺐ ﻓﻲ اﻟﺘﺸﯿﻊ ،وﻋﻨﺪﻣﺎ ﻧﺴﻤﻊ ھﺬا ﻧﻈﻦ أﻧﻪ ﻛﺎن ﻳﺴﺐ أﺑﻰ ﺑﻜﺮ وﻋﻤﺮ وﻳﻄﻌﻦ ﻓﻲ ﻋﺮض ﻋﺎﺋﺸﺔ ﺑﺮﱠ أھﺎ ﷲ... ﻻ ﻛﻞ ﺟﺮﻳﺮة ھﺬا اﻟﺮﺟﻞ أﻧﻪ اﻣﺘﻨﻊ أنْ ﻳﺴﺐ ﻋﻠﯿﺎً ﻷﻧﻪ ﻛﺎن ﻳﺤﺒﻪ، واﻟﻨﺒﻲ ﻗﺎل :ﻻ ﻳﺤﺒﻪ إﻻ ﻣﺆﻣﻦ وﻻ ﻳﺒﻐﻀﻪ إﻻ ﻣﻨﺎﻓﻖ .ﻧﻌﻮذ ﺑﺎ أن ﻧﻜﻮن ﻣﻦ اﻟﻤﻨﺎﻓﻘﯿﻦ ،وﻧﺸﮫﺪ ﷲ أﻧﻨﺎ ﻧُ ﺤﺒﻪ وﻧﺤﺐ أھﻞ ﺑﯿﺘﻪ ،وﻧﺒﺮأ إﻟﻰ ﷲ ﻣﻦ ﻛﻞ ﻣﻦ ﺑﺮأ ﻣﻨﮫﻢ أو أﺑﻐﻀﮫﻢ أو اﺳﺘﺸﻌﺮ ﺷﻨﺂﻧﮫﻢ.
18
ﻋﻤﺎر اﻟﺪھﻨﻲ إﻣﺎم ﺟﻠﯿﻞ وﺛﻘﺔ ﻣﻦ اﻟﺮﺟﺎل اﻷرﺑﻌﺔ وﻣﺴﻠﻢﺗﻌﺮﱠ ض ﻟﻨﻔﺲ اﻟﻤﺸﻜﻠﺔ ،ﻗﯿﻞ ﻟﻪ ﺳُﺐ ﻋﻠﯿﺎً ﻓﺄﺑﻰ ،ﻓﻘُ ﻄﻊ ﻋﺮﻗﻮﺑﺎه. ذﻛﺮﻧﺎ ﻣﺎ ﻗﯿﻞ ﻋﻠﻰ أﺑﻲ ﺣﻨﯿﻔﺔ ،ﻓﮫﻞ ﻧﺠﺎ اﻹﻣﺎم اﻟﺒﺨﺎري؟ ﺑﻌﺾ اﻟﻨﺎس ﻛﻔﱠ ﺮوا اﻟﺒﺨﺎري ،وﻟﻮ ﻛﺎن ھﻨﺎك ﺳﻼطﯿﻦ ﻣﻦ أھﻞ اﻻﺳﺘﺨﻔﺎف وا ﻻﺳﺘﮫﺘﺎر ﺑﺎﻟﺪﻣﺎء ﻟﻘُﺘﻞ أﻣﺜﺎل أﺑﻲ ﺣﻨﯿﻔﺔ ،وﻋﻠﻰ ﻓﻜﺮة ﻳ ﻘﺎل إن أﺑﺎ ﺣﻨﯿﻔﺔ ﻗُﺘﻞ ﻣﺴﻤﻮﻣﺎً ﻓﻲ ﺳﺠﻨﻪ ،ﻟﻜﻦ ﻟﯿﺲ ﻷﻧﻪ زﻧﺪﻳﻖ وﻳﻜﯿﺪ اﻟﺴﻨﺔ وﻳﻨﻘﺾ اﻟ ﺪﻳﻦ ﻋﺮوة ﻋﺮوة ،وإﻧﻤﺎ ﻷﻧﻪ ﻟﻢ ﻳﺨﻀﻊ ﻟﻠﺴﻠﻄﺎن اﻟﻌﺒﺎﺳﻲ وﻟﻢ ﻳﺤﺐ أن ﻳﺰﻳِّ ﻦ ﻟﻪ ﺟﺮاﺋﻤﻪ ﺑﻮﻻﻳﺘﻪ اﻟﻘﻀﺎء ﻋﻨﺪه ﻓﺄﺑﻰ أنْ ﻳﺘﻮﻟﻰ اﻟﻘﻀﺎء، أﻏﻠﺐ أﺋﻤﺔ اﻟﺠﺮح اﻟﻘﺪﻣﺎء اﻋﺘﺒﺮوا أﺑﺎ ﺣﻨﯿﻔﺔ ﻟﯿﺲ أھﻼً أن ﻳﺮوى ﻋﻨﻪ ﻷﻧﻪ ﻣﺠﺮو ح ،ﻟﻤﺎذا؟ ﻷن ﻟﻪ ﻣﻮاﻗﻒ ﻣﻦ اﻟﺴﺎﺳﺔ وﻣﻦ اﻟﺴﯿﺎﺳﺔ ،وﻛﺎن ﻳُﻘﺘﻞ اﻟﻤﺮء ﻳﺘﮫﻢ ﺑﺎﻟﺰﻧﺪ ﻗﺔ واﻟﻜﯿﺪ ﻟﻠﺴﻨﺔ وﻳُﻘﺘﻞ ﺳﯿﺎﺳﺔً ﻓﻲ ﻣﻈﮫﺮ أﻧﻪ ﻗُﺘﻞ دﻳﺎﻧﺔ وﻻ ﻋ ﻼﻗﺔ ﻟﻠﺪﻳﻦ أﺻﻼً ﺑﺎﻟﻤﺴﺄﻟﺔ ﻛﻠﮫﺎ. اﻹﻣﺎم اﻟﺒﺨﺎري ﻛُﻔِّﺮَ ،واﻹﻣﺎم اﻟﻨﺴﺎﺋﻲ ﻗﺘﻠﻮه أھﻞ دﻣﺸﻖ ،ﻟﻤﺎذا ﻗﺘﻠﻮه؟ ﻟﻤﱠ ﺎ ﺟﺎء إﻟﻰ اﻟﺸ ﺎم ﻗﺎﻟﻮا ﻟﻪ ﺣﺪﺛﻨﺎ ﻋﻦ ﻓﻀﺎﺋﻞ ﻣﻌﺎوﻳﺔ -طﺒﻌﺎً ﻛﺎﻧﻮا ﻳﻌﺮﻓﻮن أﻧﻪ أﻟﱠ ﻒ ﻛﺘﺎب ﻓﻲ ﻓﻀﺎﺋﻞ ﻋﻠﻲ ،ﻗﺎل :أﻣﺎ ﻳﺮﺿﻰ ﻣﻌﺎوﻳﺔ أن ﻳﺨﺮج ﻣﻨﮫﺎ رأﺳﺎً ﺑﺮأس ﺣﺘﻰ ﺗﻜﻮن ﻟﻪ ﻓﻀﺎﺋﻞ ،ﻓﻀﺮﺑﻮه ﻓ ﻲ ﻣﺤﺎﺷﯿﻪ ﻓﻠﻢ ﻳﻠﺒﺚ ﻳﺴﯿﺮاً ﻓﻲ طﺮﻳﻘﻪ ﻟﻤﻜﺔ ﺣﺘﻰ ﻣﺎت.
19
ﻛﺎن اﻹﻣﺎم ﻋﻠﻲ ﻋﻠﯿﻪ اﻟﺴﻼم وﻛﺮﱠ م ﷲ وﺟﮫﻪ ﻳُﺴﺐ ﻋﻠﻰ ﻣﻨﺎﺑﺮ اﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦ إﻟﻰ أن وﻟ ﻲَ ﻋﻤﺮ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻌﺰﻳﺰ اﻟﺨﻼﻓﺔ ،وﻛﺎن ﻋﻤﺮ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻌﺰﻳﺰ ﻳَ ﺴﺐ ﻋﻠﻲ ﻓﻲ اﻟﺒﺪاﻳﺔ ،ﻓﻘﺎل ﻟﻪ ﺷﯿﺨﻪ اﻟﺮﺟﻞ اﻟﺼﺎﻟﺢ روح ﺑﻦ زﻧﺒﺎر وأﻏﻠﻆ ﻟﻪ :ﻳﺎ ﺟﺎھﻞ ھﻞ أﻧﺖ ﻋﻠﻰ ﺳﻨﺔ ﺑﻨﻲ أﻣﯿﺔ!
ﺣﺪ اﻟﺮدة ,ﻧﻈﺮ و ﺗﺤﻘﯿﻖ
وﺑﺪأ ﻳﺤﺪﺛﻪ ﺑﻤﻨﺎﻗﺐ وﻓﻀﺎﺋﻞ ﻋﻠﻲ ،ﻓﺎﺳﺘﻌ ﺒﺮ اﻟﺮﺟﻞ واﺳﺘﻌﻈﻢ وﻋﺎد وأﻟﻐﻰ رﺿﻮان ﷲ ﺗﻌ ﺎﻟﻰ ﻋﻠﯿﻪ ﺳﺐ ﻋﻠﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﻨﺎﺑﺮ ﺑﻌﺪ أن ﺳﺒﱠ ﻪ زھﺎء ﻧﺼﻒ ﻗﺮن.
ﺣﺪ اﻟﺮدة ,ﻧﻈﺮ و ﲢﻘﻴﻖ
أﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﺣﻨﺒﻞ ﻛﺎد ﻳُﻘﺘﻞ ﻷﻧﻪ ﺧﺎﻟﻒ اﻟﻤﺄﻣﻮن اﻟﻌﺒﺎﺳﻲ اﻟﺬي ﻛﺎن ﻣﺘﺄﺛﺮاً ﺑﺎﻻﻋﺘﺰال ﻓﻲ ﻣﺴﺄﻟﺔ ﺧﻠﻖ اﻟﻘﺮآن اﻟﻜﺮﻳﻢ ،ﻓﻘﺎل اﻹﻣﺎم أﺣﻤﺪ :ﻻ أﻗﻮل ﺑﺨﻠﻖ اﻟﻘﺮآن اﻟﻜﺮﻳﻢ ،وﻻ أﺗﻜﻠﻢ ﻓﻲ اﻟﻤﺴﺄﻟﺔ أﺻﻼً ،ﻓﺎﻟﻤﺴﺎﻟﺔ ﻛﻠﮫﺎ ﺑﺪﻋﯿﺔ ،ﺄُﻓ ھ ﯿﻦ اﻟﺮﺟﻞ وُﺿﺮب ﻣﺎﺋﺔ وﻋﺸﺮة ﺟﻠﺪات وﺗﻔﺰر ﻟﺤﻢ ﻛﺘﻔﻪ. وأﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﻧﺼﺮ اﻟﺨﺰ اﻋﻲ وھﻮ ﻳﺸﺒﻪ ﺑﺎﻹﻣﺎم أﺣﻤﺪ ﻓﻲ اﻟﺪﻳﻦ واﻟﺘﻘﻰ واﻟﺮواﻳﺔ واﻹﻣﺎﻣﺔ ،ھﺬا اﻟﺮﺟﻞ ﺗُﺮك إﻟﻰ أﻳﺎم اﻟﻮاﺛﻖ ،وﻛﺎن ﻳﻨﻜﺮ ﻋﻠﻰ ﺑﻨﻰ اﻟﻌﺒﺎس ﻗﻮﻟﮫﻢ ﺑﺨﻠﻖ اﻟﻘﺮآن اﻟﻜﺮﻳﻢ وﻳﺸﺎھﺮ ﺑﻪ ،وﻟﻜﻦ ﻟﻤﺎ ﺑﻠﻎ اﻟﻮاﺛﻖ اﻟﺨﻠﯿﻔﺔ اﻟﻌﺒﺎﺳﻲ أنﱠ أﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﻧﺼﺮ اﻟﺨﺰاﻋﻲ ﺑﺪأ ﻳﺸﻜﻞ ﺧﻄﺮاً ﺳﯿﺎﺳﯿﺎً ﻋﻠﻰ اﻟﺪوﻟﺔ -ﻳﺒﺪو أﻧﻪ أن دﺧﻞ ﻓﻰ ﺑﻌﺾ اﻟﺘﺤﺎﻟﻔﺎت ﻣﻊ أﻧﺎس ﻳﺮﺳﻤﻮن ﻟﻠﺨﺮوج اﻟﻤﺴﻠﺢ ﻋﻠﻰ اﻟﺪوﻟﺔ -ﻓﺄﺗﻰ ﺑﻪ ﻣﺒﺎﺷﺮة ،وﺑﺎﻟﻄﺒﻊ ﻟﻢ ﻳُﺴﺄل ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺎﺋﻞ اﻟﺴﯿﺎﺳﺔ ،ﻷن اﻟﻨﺎس ﻻ ﻳﺤﺒﻮن ﻗﺘﻞ اﻟﻌﻠﻤﺎء واﻷﺋﻤﺔ ﻓﻲ اﻟﺴﯿﺎﺳﺔ ،إذن ﻻﺑﺪ أن ﺗُﺨﺮﱠ ج ھﺬه اﻟﻤﺴﺮﺣﯿﺔ ﺗﺨﺮﻳﺠﺎً دﻳﻨﯿﺎً ،ﻓﻘﯿﻞ ﻟﻪ: ﻣﺎذا ﺗﻘﻮل ﻓﻲ اﻟﻘﺮآن ھﻞ ﻣﺨﻠﻮق أم ﻏﯿﺮ ﻣﺨﻠﻮق ،وﻣﺎ ﺗﻘﻮل ﻓﻲ رؤﻳﺔ اﻟﻤﺆﻣﻨﯿﻦ رﺑﮫﻢ ﻓﻲ اﻟﺠﻨﺔ؟ وطﺒﻌﺎً ﻷﻧﻪ ﻣﻦ أﺋﻤﺔ اﻟﺴﻨﺔ ﻗﺎل ﺑﻤﺎ ﻳﻌﺘﻘﺪ :اﻟﻘﺮآن ﻟﯿﺲ ﻣﺨﻠﻮﻗ ًﺎ ﻓﮫﻮ ﻛﻼم ﷲ أ زﻟﻲ ﻗﺪﻳﻢ ،واﻟﻤﺆﻣﻨﻮن ﻳﺮون رﺑﮫﻢ ﻓﻲ اﻟﺠﻨﺔ ،وھﺬا ﻋﻜﺲ ﻣﺎ ﻳﻌﺘﻘﺪه اﻟﻤﻌﺘﺰﻟﺔ ﻓﻀُﺮﺑﺖ رأﺳﻪ ووﺿِﻊَ ﻋﻠﻰ اﻟﺼﻠﯿﺐ ﺑﺎﺳﻢ اﻟﺴﯿﺎﺳﺔ، ﺗﺮﻛﻮه ﻋﺸﺮات اﻟﺴﻨﯿﻦ ،ﻟﻜﻦ ﻟﻤﺎ ﺗﺪﺧﱠ ﻞ ﻓﻲ اﻟﺴﯿﺎﺳﺔ ﻗُﺘﻞ ﺑﺎﺳﻢ اﻟﺪﻳﻦ.
20
أﺑﻮ ﻣﺸﮫﺮ ﻣﺤﺪِّ ث أھﻞ اﻟﺸﺎم اﻹﻣﺎم اﻟﻮرع اﻟﺠﻠﯿﻞ ﺣﺪث ﻣﻌﻪ ﻧﻔﺲ اﻟﺸﻲء أﺗﻰ ﺑﻪ اﻟﻤﺄﻣﻮن وﻋﻠﻢ أن ﻟﻪ ﻋﻼﻗﺔ ﻣﻊ ﺑﻌﺾ ﻣﻦ ﻳﺨﻄﻂ ﻟﻠﺨﺮوج، وﺳﺄﻟﻪ ﻣﺴﺎﺋﻞ اﻋﺘﻘ ﺎدﻳﺔ وﻋﺮض ﻋﻠﯿﻪ ﻣﺴﺄﻟﺔ ﺧﻠﻖ اﻟﻘﺮآن ﻣﻊ اﻟﺴﯿﻒ، ﻓﺨﺎف اﻟﺮﺟﻞ وﻗﺎل اﻟﻘﺮآن ﻣﺨﻠﻮق -ﻓﻌﺮف أﻧﻪ ﻣﻤﻜﻮر ﺑﻪ ﻟﯿﺲ ﻷﺟﻞ اﻟﻘﺮآن اﻟﻜﺮﻳﻢ -وﻣﻊ ذﻟﻚ أودﻋﻪ اﻟﻤﺄﻣﻮن ﻓﻲ اﻟﺴﺠﻦ ﻟﯿﻤﻮت ﻓﯿﻪ .ھﺆﻻء أﺋﻤﺔ أﺧﺬوا ﻓﻲ اﻟﺴﯿﺎﺳﺔ ،ﻓﻤﺎ وزن أﻣﺜﺎﻟﻨﺎً إذن إذا ﻗﺎﻣﺖ ﻟﻤﺜﻞ ھﺆﻻء دوﻟﺔ وﺳﻄﻮة ،ﺳﻮف ﻳُﻌﻠﱠ ﻖ آﻻف ﻣ ﻦ اﻟﻌﻠﻤﺎء واﻟﻤﻔﻜﺮﻳﻦ واﻟﻜﺘﺎب واﻟﺼﺤﻔﯿ ﯿﻦ ﺑﺎﺳﻢ اﻟﺪﻳﻦ واﻟﺮدة واﻟﺰﻧﺪﻗﺔ. اﻹﻣﺎم ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﺣﺒﺎن اﻟﻤﺤﺪث اﻟﻜﺒﯿﺮ اﻟﺤﺎﻓﻆ وﻣﻦ أﺋﻤﺔ اﻟﻮرع واﻟﺘﻘﻰ ،ھﺬا اﻹﻣﺎم أﺧﺮﺟﻮه ﻣﻦ ﺑﻠﺪه ،ﻛﻤﺎ ﻳﻘﻮل اﺑﻦ ﻋﻤﺎر ،ﺑﺘﮫﻤﺔ اﻟﺰﻧﺪﻗﺔ وﻛﺎد ﻳُ ﻘﺘﻞ ،ﺑﻞ وأﻣﺮ اﻟﺨﻠﯿﻔﺔ اﻟﻌﺒﺎﺳﻲ ﺑﻘﺘﻠﻪ ﻟﻜﻦ ﻟﻄﻒ ﺑﻪ اﻟﻠﻄﯿﻒ اﻟﺨﺒﯿﺮ ،ﻟﻤﺎذا؟ ﻳﻘﻮل أﺑﻮ إﺳﻤﺎﻋﯿﻞ اﻟﮫﺮوي ﺳﺄﻟﺖ اﺑﻦ ﻋﻤﺎر ھﺬا :ﻣﺎ ﻧﺒﺄ اﺑﻦ ﺣﺒﺎن، ﻗﺎل :زﻧﺪﻳﻖ أﻧﻜﺮ اﻟﺤﺪ ،أي أن ﷲ ﻣﺤﺪود ،ﻋﻠﻰ ﻣﺬھﺐ ھﺬا اﻟﻤﺠﺴِّ ﻢ اﻟﻮﺛﻨﻲ ﻻﺑﺪ أن ﻧﻌﺘﻘﺪ أنﱠ ﷲ ﻣﺤﺪود وأنﱠ ﻟﻪ ﺣﺪود ،وﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﻧﻜﻔﺮ ﺑﻘﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ " ﻟﯿﺲ ﻛﻤﺜﻠﻪ ﺷﻲء " " ،وﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻛﻔﻮا أﺣﺪ ". ﻣﺆﻣﻦ ،وﻣﻦ ﻳﻨﻜﺮ اﻟﺤﺪ ﻳُﻘﺘﻞ.. ﺷﻲء ﻋﺠﯿﺐ ﺟﺪاً ،ﻣﻦ ﻳﻘﻮل ﺑﺎﻟﺤﺪ أي ﻋﻘﻮل ھﺬه وﺑﮫﯿﻤﯿﺔ وﺑﻼدة!
21
وﻋﻠﻰ ﻓﻜﺮة ﻓﺈنﻛُﺘُﺐْ ھﺆﻻء ﺗُ ﻄﺒﻊ إﻟﻰ اﻟﯿﻮم ،وﻣﻨﮫﻢ اﻟﺸﯿﺦ اﻟﺒﺮﺑﮫﺎري ﺷﯿﺦ اﻟﺤﻨﺎﺑﻠﺔ ﻓ ﻲ وﻗﺘﻪ وﻛﺎن ﻣﻌﺎﺻﺮ ﻷﺑﻲ اﻟﺤﺴﻦ اﻷﺷﻌﺮى، وﻛﺎن ﻋﻨﺪه ﻛﺘﺎب ﻋﺠﯿﺐ اﺳﻤﻪ "ﺷﺮح اﻟﺴﻨﺔ" ،وﻗﺪ ذﻛﺮ ﻓﯿﻪ ﻣﻦ وﺟﻮه ﺗﺠﺴﯿﻢ ﷲ واﻟﻌﯿﺎذ ﺑﺎ ،واﻷﺣﺎدﻳﺚ اﻟﺘﺎﻟﻔﺔ واﻟﻤﻮﺿﻮﻋﺎت واﻷﻛﺎذﻳﺐ ﻣﻦ ﷲ وأھﻞ اﻟﻌﻠﻢ ﺑﻌﺪ ﷲ ﺑﻪ ﻋﻠﯿﻤﻮن ،ﺛﻢ ﻗﺎل :و ﻣﻦ ﺧﺎﻟﻒ أو أﻧﻜﺮ ﺷﯿﺌﺎً ﻣﻦ ھﺬا اﻟﻜﺘﺎب ﻓﻘﺪ ﻣﺮق ﻣﻦ اﻟﺪﻳﻦ وﺗﺮﻛﻪ ﻛﻠﻪ -ﻳﺮﻳﺪ أن ﻳﺠﻌﻞ ﻛﺘﺎﺑﻪ
ﺣﺪ اﻟﺮدة ,ﻧﻈﺮ و ﺗﺤﻘﯿﻖ
اﻟﺘﺎﻟﻒ اﻷﺣﻤﻖ اﻟﻮﺛﻨﻲ ﻛﺎﻟﻘﺮآن اﻟﻜﺮﻳﻢ -ﺛﻢ ﻗﺎل :واﻟﻘﺮآ ن اﻟﻌﻈﯿﻢ ﻣﻦ آﻣﻦ ﺑﻪ ﻛﻠﻪ وأﻧﻜﺮ ﻣﻨﻪ ﺣﺮﻓﺎً ﻓﻘﺪ ﻛﻔﺮ ،وھﺬا اﻟﻜﺘﺎب ﻧﻔﺲ اﻟﺸﻲء.
ﻟﺴﺎن اﻟﺪﻳﻦ ﺑﻦ اﻟﺨﻄﯿﺐ اﻷدﻳﺐ اﻷﻧﺪﻟﺴﻲ اﻟﻜﺒﯿﺮ اﻟﻐﺮﻧﺎطﻲ دﺧﻠﺖ ﻋﻠﯿﻪ اﻟﻌﺎﻣﺔ وﺧﻨﻘﻮه وﻗﺘﻠﻮه ﻓ ﻲ ﺳﺠﻨﻪ ﻓﻲ ﻏﺮﻧﺎطﺔ ﻷن اﻟﻘﺎﺿﻲﺣَﻜَﻢَ ﻋﻠ ﯿﻪ ﻟﻌﺒﺎرات ﻣﺸﺘﺒﻪ ﻣﺤﺘﻤﻠﺔ وﺟﺪھﺎ ﻓﻲ ﺗﺼﺎﻧﯿﻔﻪ ﺑﺎﻟﻜﻔﺮ واﻟﺰﻧﺪﻗﺔ ﻓﻘُﺘِﻞَ اﻟﺮﺟﻞ. وﻗﺒﻞ ﺣﻮاﻟﻲ زھﺎء ﻋﺸﺮﻳﻦ ﺳﻨﺔ ﻗُﺘﻞ أﻳﻀﺎً أﺣﺪ اﻟﻤﻔﻜﺮﻳﻦ ﻓﻲ ﺑﻼد اﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦ ﺑﺤﺪ اﻟﺮدة ،وﻳﻘﻮل اﻟﺠﻼد وھﻮ ﻳﺘﺄﺛﱠ ﻢ :ﻟﻜﻦ اﻟﺮﺟﻞ ﻗﺒﻞ أن أﺿﻊ اﻟﻤﺸﻨﻘﺔ ﻓﻲ ﻋﻨﻘﻪ ﻗﺎل أﺷﮫﺪ أنﱠ ﻻ إﻟﻪ إﻻ ﷲ وأﺷﮫﺪ أنﱠ ﻣﺤﻤﺪ رﺳﻮل ﷲ ،ﻓﺎﻟﺮﺟﻞ ﻣﻮﺣِّﺪ وأﻗﺮﱠ ﺑﺎﻟﺘﻮﺣﯿﺪ ،ﻓﻜﻊ اﻟﺠﻼد ﻋﻦ اﻟﺘﻨﻔﯿﺬ وﻋﺎد ﻟﻠﻘﺎﺿﻲ وﻗﺎل ﻟﻪ ﻳﺎ ﺳﯿﺪي أﻧﻪ ﻳﺘﺸﮫﺪ ،ﻓﻘﺎل ﻟﻪ ﻧﻔﺬ اﻟﺤﻜﻢ ،وﻗﺘﻞ اﻟﺮﺟﻞ إﻧﺎ وإﻧﺎ إﻟﯿﻪ راﺟﻌﻮن ،ورﺣﻤﺔ ﷲ ﻋﻠﻰ اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻋﯿﺎض ﺻﺎﺣﺐ "اﻟﺸﻔﺎء" اﻟﺬيﻗﺎل :وﺗَﺮْكْ أﻟﻒ رﺟﻞ ﻛﺎﻓﺮ أھﻮن ﻋﻨﺪ ﷲ ﻣﻦ ﺳﻔﻚ دم اﻣﺮئ وإﻧﺎ إﻟﯿﻪ راﺟﻌﻮن. ﻣﺴﻠﻢ ﺑﺮئ واﺣﺪ ،ﻓﺈن
ﺣﺪ اﻟﺮدة ,ﻧﻈﺮ و ﲢﻘﻴﻖ
ﻋﻼء اﻟﺪﻳﻦ ﺑﻦ ﻋﻄﺎر أﺣﺪ ﻣﺸﺎ ﻳﺦ اﻹﺳﻼم وﺗﻠﻤﯿﺬ اﻹﻣﺎم اﻟﻨﻮوي، وﻛﺎن ﻣﺸﻠﻮﻻً ﻻ ﻳﺘﺤﺮك ،وﻓﻲ ﺷﻠﻠﻪ وﻋﻠﻮ ﺳﻨﻪ ﻛﺎن ﻳﺤﻤﻞ اﻟﻤﺴﻜﯿﻦ ﻣﻌﻪ داﺋﻤﺎً ﻛﺘﺎﺑﺎً ،ﻛﺎن ﻛﺘﺎب ﻣﻦ أﺣﺪ اﻟﻘﻀﺎة اﻟﻤﻌﺘﺒﺮﻳﻦ ﻟﺪى اﻟﺪوﻟﺔ ﺑﺒﺮاءﺗﻪ وأﻧﻪ ﻟﯿﺲ ﻛﺎﻓﺮاً وﻟﯿﺲ زﻧﺪﻳﻘﺎً ،ﻷن اﻟﻌﻮام ﻛﺎﻧﻮا ﺑﻤﺠﺮد أن ﻳﻐﺮﻳﮫﻢ أﺣﺪ اﻟﻐﻼة واﻟﻤﺘﻌﺼﺒﯿﻦ ﺑﺄﺣﺪ ﻓﯿُﻘﺘﻞ ﻋﻠﻰ اﻟﻔﻮر.
أﻗﻮل ﻗﻮﻟﻲ ھﺬا واﺳﺘﻐﻔﺮ ﷲ ﻟﻲ وﻟﻜﻢ. 22
اﻟﺨﻄﺒﺔ اﻟﺜﺎﻧﯿﺔ اﻟﺬي ﻳﻘﺒﻞ اﻟﺘﻮﺑﺔ ﻋﻦ ﻋﺒﺎده وﻳﻌﻔﻮ ﻋﻦ اﻟﺤﻤﺪ ،اﻟﺤﻤﺪ اﻟﺴﯿﺌﺎت وﻳﻌﻠﻢ ﻣﺎ ﺗﻔﻌﻠﻮن ،وﻳﺴﺘﺠﯿﺐ اﻟﺬﻳﻦ آ ﻣﻨﻮا وﻋﻤﻠﻮا اﻟﺼﺎﻟﺤﺎت وﻳﺰﻳﺪھﻢ ﻣﻦ ﻓﻀﻠﻪ ،واﻟﻜﺎﻓﺮون ﻟﮫﻢ ﻋﺬاب ﺷﺪﻳﺪ ،وأﺷﮫﺪ أنﱠ ﻻ إﻟﻪ إﻻ ﷲ وﺣﺪه ﻻ ﺷﺮﻳﻚ ﻟﻪ ،وأﺷﮫﺪ أنﱠ ﺳﯿﺪﻧﺎ ﻣﺤﻤﺪ ﻋﺒﺪ ﷲ ورﺳﻮﻟﻪ ،ﺻﻠﻰ ﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻋﻠﯿﻪ وﻋﻠﻰ آﻟﻪ اﻟﻄﯿﺒﯿﻦ وﺻﺤﺎﺑﺘﻪ اﻟﻤﯿﺎﻣﯿﻦ وأﺗﺒﺎﻋﮫﻢ ﺑﺈﺣﺴﺎن إﻟﻰ ﻳﻮم اﻟﺪﻳﻦ وﺳﻠﻢ ﺗﺴﻠﯿﻤﺎً ﻛﺜﯿﺮاً . اﻟﻠﮫﻢ إﻧﺎ ﻧﺴﺄﻟﻚ أن ﺗﮫﺪﻳﻨﺎ وأن ﺗﮫﺪيَ ﺑﻨﺎ ،اﻟﻠﮫ ﻢ أرﻧﺎ اﻟﺤﻖ ﺣﻘ ًﺎ وارزﻗﻨﺎ أﺗﺒﺎﻋﻪ ،وأرﻧﺎ اﻟﺒﺎطﻞ ﺑﺎطﻼً وارزﻗﻨﺎ اﺟﺘﻨﺎﺑﻪ ،اﻟﻠﮫﻢ أھﺪﻧﺎ ﻟﻤﺎ اﺧﺘﻠﻒ ﻓﯿﻪ ﻣﻦ اﻟﺤﻖ ﺑﺈذﻧﻚ إﻧﻚ ﺗﮫﺪي ﻣﻦ ﺗﺸﺎء إﻟﻰ ﺻﺮاط ﻣﺴﺘﻘﯿﻢ ،اﺟﻌﻠﻨﺎ ﻣﻔﺎﺗﯿﺢ ﻟﻠﺨﯿﺮ ﻣﻐﺎﻟﯿﻖ ﻟﻠﺸﺮ ،اﻟﻠﮫﻢ أﻧﺖ أﺻﻠﺤﺖ اﻟﺼﺎﻟﺤﯿﻦ ﻓﺄﺻﻠﺤﻨﺎ ﻟﻚ ﺑﻤﺎ أﺻﻠﺤﺖ ﺑﻪ ﻋﺒﺎدك اﻟﺼﺎﻟﺤﯿﻦ ،اﻏﻔﺮ ﻟﻨﺎ وﻟﻤﻦ ﺣﻀﺮ ھﺬا اﻟﺠﻤﻊ ﻳﺎ رب اﻟﻌﺎﻟﻤﯿﻦ. اﻟﻠﮫﻢ اﺟﻌﻞﺗﺠﻤّ ﻌﻨﺎ ھﺬا ﺗﺠﻤﻌﺎً ﻣﺮﺣﻮﻣﺎً وﺗﻔﺮﻗﻨﺎ ﻣﻦ ﺑﻌﺪه ﺗﻔﺮﻗ ًﺎ ﻣﻌﺼﻮﻣﺎً ،ﻻ ﺗﺪع ﻓﯿﻨﺎ ﺷﻘﯿﺎً وﻻ ﻣﻄﺮوداً وﻻ ﺑﺎﺋﺴﺎً وﻻ ﻳﺎﺋﺴﺎً وﻻ ﻣﺤﺮوﻣﺎ، اﻏﻔﺮ ﻟﻨﺎ وﻟﻮاﻟﺪﻳﻨﺎ وﻟﻠﻤﺴﻠﻤﯿﻦ واﻟﻤﺴﻠﻤﺎت ،اﻟﻤﺆﻣﻨﯿﻦ واﻟﻤﺆﻣﻨﺎت اﻷﺣﯿﺎء ﻣﻨﮫﻢ واﻷﻣﻮات ،إﻧﻚ ﺳﻤﯿﻊ ﻗﺮﻳﺐ ﻣﺠﯿﺐ اﻟﺪﻋﻮات.ﻋﺒﺎد ﷲ! إنﱠ ﷲ ﻳﺄﻣﺮ ﺑﺎﻟﻌﺪل واﻹﺣﺴﺎن و إﻳﺘﺎء ذي اﻟﻘﺮﺑﻰ وﻳﻨﮫﻰ ﻋﻦ اﻟﻔﺤﺸﺎء واﻟﻤﻨﻜﺮ واﻟﺒﻐﻲ ﻳﻌﻈﻜﻢ ﻟﻌﻠﻜﻢ ﺗﺬﻛﺮون ،وأﻗﻢ اﻟﺼﻼة.
23
ﺣﺪ اﻟﺮدة ,ﻧﻈﺮ و ﺗﺤﻘﯿﻖ
ﺣﺪ اﻟﺮدة ,ﻧﻈﺮ و ﲢﻘﻴﻖ 24