الدرس الأوّل في العقيدة أ

Page 1

‫ال ّدرس األوّ ل‪ :‬الحمد‪ ،‬ال ّ‬ ‫شكر و الصّالة على رسول هللا‬

‫الحمد‪ ،‬ال ّشكر و الصّالة على رسول هللا‬

‫دروس العقيدة‬


‫ال ّدرس األوّ ل‪ :‬الحمد‪ ،‬ال ّ‬ ‫شكر و الصّالة على رسول هللا‬

‫‪1‬‬


‫‪‬‬ ‫ال ّدكتور‪ ،‬و ّ‬ ‫العالمة الكبير‪ ،‬عدنان إبراهيم‪. 5 ،‬‬ ‫و قد دامت هذه الحصّة ‪ 2‬س و ‪ 3‬دق‪ ،‬أُفرغت في هذه الصحائف ل َمن رغب في‬ ‫ال ّتعلّم قراءة‪ .‬و ت ّم ا ّتباع ّ‬ ‫خطة معيّنة عند ال ّتفريغ‪ ،‬و َشرْ حُها كال ّتالي‪ :‬ما هو مكتوب‬ ‫ّ‬ ‫بخط "هاسن فانيليا"‪ ،‬تحته ّ‬ ‫ّ‬ ‫متقطع‪ ،‬و بين قوسين ليس مِن أقوال ال ّشيخ‪ ،‬و إ ّنما‬ ‫خط‬ ‫مالحظات لكي يفهم القارئ بعض المقاصد‪ ،‬الّتي قد تغيب عنه‪.‬‬

‫ال يُعتبر قرآنا ّإال ما ُكتب بين الرّ مزين ال ّتاليين ‪‬‬ ‫بين ‪ ‬‬

‫‪ ،‬و ال يُعتبر حديثا ّإال ما ُكتب‬

‫و مشكوال‪ .‬وت ّم إسقاط بعض الجمل‪ ،‬لعدم استكمالها مِن ال ّشيخ و ال‬

‫ال ّدرس األوّ ل‪ :‬الحمد‪ ،‬ال ّ‬ ‫شكر و الصّالة على رسول هللا‬

‫في الصّفحات الموالية تقرؤون‪ ،‬إن شاء هللا‪ ،‬أوّ ل درس مِن دروس العقيدة‪ ،‬لل ّشيخ‪،‬‬

‫ي أ ّنه يُناسبها‬ ‫يوجد فيها معنى يُذكر‪ ،‬كما ت ّم استبدال بعض الكلمات العاميّة بما رُ ِؤ َ‬ ‫من العربيّة الفصيحة‪ .‬و الكمال هلل وحده‪ ،‬و الصّالة و السّالم على َمن ال نبيّ بعده‪.‬‬ ‫اللّه ّم زدنا علما و فقها و رشدا‪ ،‬آمين‪.‬‬ ‫‪2‬‬


‫اللّهم ص ّل على سيدنا محمّد‪،‬‬ ‫ال ّدرس ّ‬ ‫الثاني‪( ،‬ألنّهم كانوا بصددِ درسٍ في مادّة أخرى) إن شاء هللا‪ ،‬أيّها اإلخوة‪،‬‬ ‫هو أوّ ل درس‪ ،‬أيضا‪ ،‬في علم العقيدة اإلسالميّة‪.‬‬ ‫ال ّدرس األوّ ل‪ :‬الحمد‪ ،‬ال ّ‬ ‫شكر و الصّالة على رسول هللا‬

‫لعلّها‪ ،‬طبعا‪ ،‬أوّ ل مرّ ة‪ ،‬نحاول أن ندرّ س و أن نشرح مبادئ العقيدة اإلسالمية في‬ ‫شكل علمي متسلسل‪ .‬طبعا‪ ،‬سوف ترون أكثر المباحث إن لم يكن كلّها‪ ،‬إن شاء‬ ‫هللا‪ ،‬مرّ ت علينا و شرحناها في دروس و محاضرات و في خطب و نقاشات‪ ،‬ولكن‬ ‫نريد اآلن فقط أن نجمّع مسائل هذه العقيدة‪ ،‬بالطريقة الّتي سار عليها علماؤنا‬ ‫وأكابرنا‪ .‬كما سرنا في علم التجويد‪ ،‬سنسير في علم العقيدة‪.‬‬ ‫طريقة ماذا؟ المتون‪ :‬نأتي بمتن مشهور و محترم و مق ّدر عند العلماء و نشرحه‪،‬‬ ‫إن شاء هللا‪ ،‬شرحا متوسّطا‪ ،‬ال ُن ِخ ّل اختصارا و ال ُن ِم ّل تطويال و إسهابا‪ .‬شرحا‬ ‫متوسّطا‪ ،‬إن شاء هللا تبارك و تعالى‪.‬‬ ‫المتن الّذي ارتحت أن أشرحه لكم‪ ،‬إن شاء هللا‪ ،‬هو «متن جوهرة التوحيد»‪ ،‬ربّما‬ ‫سمع بعضكم به‪ ،‬لل ّ‬ ‫شيخ اإلمام و الول ّي العارف ‪‬إبراهيم بن حسن اللّقانيّ ‪،‬‬ ‫رحمة هللا عليه‪ ،‬و هو أحد أئمّة المالكيّة بال ّديار المصريّة‪ ،‬ولد و تو ّفي بمصر‪،‬‬ ‫متو ّفى سنة ‪ 1401‬هـ‪ ،‬يعني في أوّ ل القرن الحادي عشر الهجريّ ‪.‬‬ ‫كما سمعتم في هذه الترجمة السّريعة هو من كبار علماء اإلسالم‪ ،‬مالكيّ المذهب‪،‬‬

‫‪3‬‬

‫رحمة هللا عليه‪ ،‬و كان أيضا من أولياء هللا المشاهير و له َه ْي َبة و جاللة‪ ،‬كان مُهابا‬ ‫من الملوك و من ال ّناس‪ ،‬مع انقطاعه عن إتيان أبواب األمراء و الملوك في عصره‪،‬‬


‫عصر المماليك‪ ،‬و هو شيخ جليل كما قلنا‪ ،‬و يُكنى بأبي األمداد‪ ،‬جمع ' َمدَ دٍ'‪ ،‬ألنّ‬ ‫هللا أم ّده فعال و كان رجال حامل علوم‪ ،‬ما شاء هللا‪ ،‬و معارف‪.‬‬ ‫هذه الجوهرة‪« ،‬جوهرة التوحيد»‪ ،‬متن مبسّط و لطيف ج ّدا‪ ،‬أُرجوزة من بحر‬ ‫الرّ جز‪ ،‬حمار ال ّشعراء كما يقال‪ .‬أرجوزة في ‪ 100‬بيتا‪ ،‬متوسّطة و مختصرة‪.‬‬ ‫طبعا هناك أراجيز و منظومات في األلف و األلفان و ثالث آالف‪ .‬خالصة اإلمام‬ ‫‪‬مالك‪ ،‬في ال ّنحو في ثالثة آالف بيت‪ ،‬ألفيّته في ال ّنحو في ألف بيت‪ ،‬ألفيّة‬ ‫‪‬السّيوطيّ ‪ ،‬في علم الحديث في ألف بيت‪ ،‬و هناك منظومات أق ّل من ذلك‪،‬‬ ‫كـ«البيقونيّة» في مصطلح الحديث‪ ،‬هذه منظومة مختصرة (‪ 43‬بيت)‪.‬‬

‫فقط ‪( ،100‬جوهرة التّوحيد)‪ ،‬بيتا في علم الكالم‪ ،‬في علم أصول ال ّدين‪ ،‬في علم‬ ‫ال ّتوحيد‪ ،‬في علم الفقه األكبر‪ ،‬في علم العقيدة‪ ،‬اسمها « جوهرة التوحيد »‪.‬‬ ‫هذا الرّ جل‪ (،‬اإلمام ‪‬اللّقاني‪َ ،)‬ن َظ َم َها في ليلة واحدة‪َ ،‬ن َظ َم هذه الجوهرة العجيبة‬ ‫في ليلة واحدة‪ ،‬بإشارة من شيخه العارف‪ ،‬وليّ هللا‪ ،‬ال ّشيخ‪‬ال ّشرنوبيّ ‪ ،‬رحمة‬ ‫هللا عليه‪ ،‬هو الّذي أشار إليه و قال له‪ :‬يا شيخ ‪‬إبراهيم‪ ،‬اُكتب نظما‪ ،‬قصيدة‬

‫ال ّدرس األوّ ل‪ :‬الحمد‪ ،‬ال ّ‬ ‫شكر و الصّالة على رسول هللا‬

‫‪‬بن معطي‪ ،‬في ال ّنحو في ألف بيت و هناك أكثر من ذلك‪ ،‬ألفيّة‬

‫يعني‪ ،‬في علم العقيدة لع ّل هللا ينفع بها‪ .‬و قد حصل‪ ،‬سبحان هللا‪ ،‬و نفع هللا بها‪.‬‬ ‫شرحها ال ّشيخ ‪‬أبو األمداد برهان ال ّدين إبراهيم اللّ ّقانيّ ‪ ،‬رحمة هللا عليه‪ ،‬ثالثة‬ ‫شروح ; شرحا كبيرا‪ ،‬و شرحا متوسطا‪ ،‬و شرحا مختصرا‪.‬‬ ‫كما شرحها ابنه‪ ،‬ال ّشيخ ‪‬عبد السّالم‪ ،‬رحمة هللا عليه‪ ،‬شرحا أقرب إلى‬ ‫االختصار منه ح ّتى إلى ال ّتوسّط‪ .‬و أحسن شروحها و أفشاها و أعْ َو ُد َها بالفوائد‬ ‫وأحفلُها بها‪ ،‬هو شرح شيخ اإلسالم‪ ،‬شيخ األزهر‪ ،‬إبراهيم ال َبيْجوري‪ ،‬رحمة‬

‫‪4‬‬


‫هللا عليه‪ ،‬المتو ّفى في القرن الثالث عشر الهجري‪ ،‬و هو مشهور ج ّدا‪ ،‬متو ّفى‬ ‫‪ 1711‬هـ‪ ،‬عنده كتب كثيرة أكثرها َتحْ شِ َية‪ ،‬حواشي‪ ،‬على متون‪ ،‬و هو فقيه شافعي‬ ‫جليل‪ ،‬و ال ّناظم من فقهاء الملكيّة‪ ،‬و كلّهم إخوة في ال ّدين و في العلم‪ .‬كان شيخا له‬ ‫جاللة و مهابة‪ ،‬أيضا‪ ،‬ح ّتى أنّ ‪‬عبّاس باشا األوّ ل‪ ،‬ملك مصر‪ ،‬كان يأتيه‬ ‫دروسه العلميّة‪ ،‬فال يقوم له‪( ،‬اإلمام ‪‬ال َبيْجوري‪ ،)‬و إ ّنما‬ ‫ليحضر‬ ‫لجامع األزهر‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫يأمر بإجالسه على كرسيّ جريد وراء ال ّناس‪ .‬و كان ال يرتاد أبواب السّالطين‪،‬‬ ‫ال ّشيخ‪ ،‬ال َبيْجوري‪ ،‬رحمة هللا عليه‪ .‬عالم كبير من علماء اإلسالم الكبار‪،‬‬ ‫ال ّدرس األوّ ل‪ :‬الحمد‪ ،‬ال ّ‬ ‫شكر و الصّالة على رسول هللا‬

‫وشرحه على الجوهرة يعرف بـ « تحفة المريد شرح جوهرة التوحيد»‪.‬‬

‫طبعا أنا أنصح لكم أن تحفظوا هذه المتون‪ ،‬عندنا متن الجزرية (علم التّجويد)‪ ،‬ومتن‬ ‫الجوهرة اآلن‪ .‬متون بسيطة ج ّدا و من السّهل حفظها‪ .‬بعد ال ّدروس تجد نفسك فهمت‬ ‫األبيات و حفظتها بسهولة‪.‬‬ ‫ك ّل مرّ ة تحفظ س ّتة أبيات‪ ،‬خمسة أبيات‪ ،‬أو ثالثة أبيات‪ ،‬تكون عرفت العقيدة‬ ‫وعرفت المتن‪ .‬لماذا؟ ألنّ مَنَحفظَاملتونَحازَالفنون‪ .‬أنت اآلن تحفظ شعرا‪ ،‬و كلّما‬ ‫نسيت القاعدة‪ ،‬تستدعي بيت ال ّشعر و سهل استدعاؤه‪ .‬لكنّ استدعاء الكالم المنثور‬ ‫ّ‬ ‫الطويل صعب ج ّدا‪ ،‬يُنسى‪ ،‬أمّا استدعاء بيت من ال ّشعر‪ ،‬مثل استدعاء آية أو تشبيه‪،‬‬ ‫فعمليّة سهلة‪ ،‬فهو بيت منظوم ُم َق َّفى و موزون‪ ،‬و هذا للمبتدئين‪ .‬لكن للمنتهين ال‬ ‫تكفي المتون‪ ،‬فال ب ّد أن تقرأ المتون و ال ّشروح والحواشي و ال ّتعليقات‪ .‬كانوا‬ ‫ايشَماَحصلَيشء‪ ،‬أل ّنها صعبة ج ّدا و مع ّقدة‬ ‫يقولون‪ :‬مَنَحفظَاملتونَحازَالفنونَوَمنَقرأَاحلو‬ ‫ّ‬ ‫بشكل غير طبيعي‪ ،‬تجد ك ّل كلمة من كلمات الماتن‪ ،‬أو ال ّناظم نفسه‪ ،‬في خمس‪،‬‬

‫‪5‬‬

‫ّ‬ ‫ست صفحات‪ ،‬فتتص َّدع أنت‪ ،‬وال تفهم شيئا‪ُ ،‬يدخل لك علم الكالم مع ال ّنحو مع‬


‫الصّرف مع البالغة مع العقيدة مع ال ّتاريخ مع اللّغة‪ ،‬شيء عجيب‪ ،‬موسوعات‬ ‫كانوا‪ ،‬ما شاء هللا‪.‬‬ ‫لكن للمنتهين‪ ،‬من ض ّيع الحواشي ما حصّل شيء‪ ،‬الزم يقرؤوا الحواشي‪ ،‬فالبداية‬ ‫تكون بالمتون‪ ،‬هكذا كانت طريقة علما ِئنا األقدمين في العلم و ال ّتعليم‪ ،‬رضوان هللا‬ ‫تعالى عليهم‪.‬‬ ‫يقول ال ّشيخ اإلمام ‪‬اللّ ّقانيّ ‪ ،‬رحمة هللا تعالى عليه‪:‬‬

‫‪..‬إذن بدأ المنظومة بالبسملة‪ ،‬انتبهوا‪ ،‬هذه أوّ ل منظومة تبدأ بالبسملة‪ ،‬سوف‬ ‫نرى لماذا‪..‬‬

‫‪ 9‬الحمد لل على صلت ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـه‬

‫ثم سـلم الل مـع صـلتـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــه‬

‫‪ 9‬على نب ٍّي جاء بالتـوح ـ ـي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـد‬

‫و قد خل الدين عن التـوحـيـد‬

‫ي‪ ،‬ال ّدين‪..‬‬ ‫‪..‬و في نسخة من نسخ الجوهرة‪ ،‬قد عرى‪ ،‬أي َع ِر َ‬

‫‪ 9‬فأرشد الخلق لدين الح ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـق‬

‫بـ ـس ـ ـ ـيـ ـفـ ـه وهـ ـ ـ ـدي ـ ـه للحـ ـ ـ ـ ـ ـق‬

‫‪ 9‬محمد العاقب ل ــرسل رب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـه‬

‫و آلـ ـ ــه و صـحـبـ ـه و حـ ـزب ـ ـ ـ ـ ـ ـه‬

‫ال ّدرس األوّ ل‪ :‬الحمد‪ ،‬ال ّ‬ ‫شكر و الصّالة على رسول هللا‬

‫‪ 9‬بسم الل الرحمان الرحي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـم‬

‫‪..‬بتسكين العاقبْ لضرورة ال ّنظم‪..‬‬ ‫‪6‬‬

‫‪ 9‬و بـعد فالعلم بأصل الديـ ـ ـ ـ ـ ـن‬

‫مح ـ ـ ـ ـتـ ـم يحتاج للت ـ ـبـ ـ ـي ـ ـيـ ـ ـ ـن‬


‫‪ 9‬لكن من التطويل كلت الهمم‬

‫فصار فيه االخت ـ ـصـ ـار مـلتـ ـزم‬

‫‪ 9‬و هذه أرجـ ـ ـ ـوزة سـ ـمـ ـيـ ـتـ ـ ـ ـ ـ ـ ـها‬

‫جـ ـوهـ ـ ـ ـرة التـوحيد قد هذبتـه ـا‬

‫‪ 9‬و الل أرجو في القـ ـ ـبـول نافـعـا‬

‫بها مريدا و في الث ـواب طامعا‬

‫طبعا لن نشرح هذه األبيات‪ ،‬هذه مق ّدمة‪ ،‬ث ّم بعد ذلك يدخل في المتن‪ ،‬لكن ال ب ّد أن‬ ‫نشرح بعضها ألنّ الوقت يضيق‪ ،‬إن شاء هللا‪.‬‬ ‫ال ّدرس األوّ ل‪ :‬الحمد‪ ،‬ال ّ‬ ‫شكر و الصّالة على رسول هللا‬

‫قال‪ :‬بسم الل الرحمان الرحيم‪.‬‬ ‫بدأ ال ّناظم‪ ،‬رحمة هللا عليه‪ ،‬بالبسملة‪ ،‬إإتساء و اقتداء بكتاب هللا‪ ،‬تبارك و تعالى‪،‬‬ ‫َۡۡ ۡ َ َ ذ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫حيث نزل منه أوّ ل ما نزل‪  ،‬ٱقرأ بِٱس ِم ربِك ٱَّلِي خلق ‪.4S،۱ W ‬‬ ‫و أيضا متابعة للمعصوم‪ ،‬عليه الصّالة و أفضل السّالم‪ ،‬الّذي كان يبتدئ ُك ُت َبه‬ ‫ورسا ِئلَه إلى الملوك و أمثالهم‪ ،‬بالبسملة‪ ،‬يقول‪ :‬بسم هللا الرّ حمان الرّ حيم‪ .‬و انقيادا‬ ‫ال‪ ،‬يعني ذي شأن‪َ ،‬ال ُي ْبدَأ ُ ِفي ِه‬ ‫لقوله عليه الصّالة و أفضل السّالم‪ُ  :‬كل أَمْ ٍر ِذي َب ٍ‬ ‫هللا َف ُه َو أَ ْب َترْ ‪َ ،‬ف ُه َو أَجْ َذ ْم‪َ ،‬ف ُه َو أَ ْق َطعْ ‪  .‬ثالث روايات بمعنى متقارب‪ ،‬المعاني‬ ‫ِباسْ ِم ِ‬ ‫متقاربة‪ .‬هذا رواه ‪‬أحمد‪ ‬و صحّ حه ‪‬بن حبّان‪ ‬و غيره‪ .‬و قد روى ‪‬بن‬ ‫الحمْ ِد‪ ،‬يعني بحمد هللا‪َ ،‬ف ُه َو أَ ْق َطعْ ‪.‬‬ ‫ماجة‪ ‬في سننه‪ُ  :‬كل أَمْ ٍر َال ُي ْبدَ أ ُ فِي ِه ِب َ‬ ‫إذن لدينا حديثان‪ ،‬البداءة بالبسملة و البداءة بالحمدلة‪ ،‬و قد جمع ال ّناظم بينهما‪ ،‬قال‪:‬‬

‫‪7‬‬

‫‪ 9‬بسم الل الرحمان الرحيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـم‬ ‫‪ 9‬الحمد لل على صلت ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـه‪...‬‬


‫يعني في األوّ ل َبس َمل ث ّم َح َمد‪ ،‬كانوا دقيقين يتف ّننون و يتأمّلون األحكام و ال ّنصوص‪.‬‬ ‫طيّب‪ ،‬نبدأ بالبسملة‪ ،‬بسم هللا الرّ حمان الرّ حيم‪ ،‬قلنا لماذا‪.‬‬ ‫هللا َف ُه َو أَ ْب َترْ ‪َ ،‬ف ُه َو أَجْ َذ ْم‪َ ،‬ف ُه َو أَ ْق َطعْ ‪.‬‬ ‫ال َال ُي ْبدَأ ُ ِفي ِه ِباسْ ِم ِ‬ ‫ال ّنبيّ قال‪ُ  :‬كل أَمْ ٍر ِذي َب ٍ‬ ‫على اختالف الرّ وايات‪.‬‬ ‫ما هو األمر ذو البال؟ ماذا يعني ك ّل أمر ذي بال؟ يعني ك ّل أمر ذي شأن‪ ،‬ك ّل أمر‬ ‫مه ّم‪ .‬و هذا البال و هذا ال ّشأن‪ ،‬شأن شرعيّ أو عاديّ ؟‬ ‫شرعيّ ‪ ،‬يعني ك ّل أمر ذي بال‪ ،‬أو ذي خطر‪ ،‬و ذي شأن في نظر ال ّشارع‪ .‬ال ّشارع‬ ‫فخرج بقوله عليه الصّالة أفضل السّالم ك ّل أمر ذي بال‪ ،‬األمر الّذي ال يكون ذا‬ ‫خطر‪ ،‬ذا شأن‪ ،‬فال يجوز‪ ،‬أيّها اإلخوة‪ ،‬و ال يُشرع‪ ،‬البسملة في محرّ م لذاته‪ ،‬أو‬ ‫ذكر محض‪ ،‬أو في ما جعل ال ّشارع بداءته غير البسملة‪ ،‬أو‬ ‫مكروه لذاته‪ ،‬أو في ٍ‬ ‫في سِ ْف َسافِ األمور‪ .‬إذن خمسة أشياء‪ ،‬هذا مبحث فقهي‪.‬‬ ‫هل يجوز‪ ،‬و العياذ باهلل‪ ،‬أن يسمّي اإلنسان إذا أراد أن يرتكب محرّ ما لذاته‪ ،‬كشرب‬ ‫الخمر‪ ،‬اسم هللا‪ .‬ال يجوز‪ ،‬و لو فعل ذلك استهانة‪َ ،‬ك َف َر و َخ َر َج عن الملّة‪ ،‬لكن لو‬ ‫فعلها جهال منه‪ ،‬ال شيء عليه (في البسملة)‪ .‬لكن هو آثم بجهله‪ ،‬و ال يكفر طبعا‪.‬‬ ‫ألنّ هذا أمر ليس ذا بال‪ ،‬ممنوع أن يذكر فيه اسم هللا‪ ،‬ال تجتمع معصية هللا و اسم‬

‫ال ّدرس األوّ ل‪ :‬الحمد‪ ،‬ال ّ‬ ‫شكر و الصّالة على رسول هللا‬

‫يعتبره مهمّا‪ ،‬فهذا األحسن‪ ،‬المندوب أن ُيبدأ بـبسم هللا‪.‬‬

‫هللا‪ ،‬هذا ال يجوز‪ .‬هذا محرّ م لذاته (شرب الخمر)‪.‬‬ ‫ّي هللا‪ ،‬مثل ماذا؟ مثل ُ‬ ‫شرب شراب‬ ‫أمّا المحرّ م لغيره‪ ،‬ال‪ُ .‬يسنّ و ُيندب أن تسم َ‬ ‫مغصوب‪.‬‬ ‫طيّب‪ ،‬شرب ال ّشاي حالل‪ ،‬ما فيه شيء‪ .‬لكن إذا كان هذا ال ّشراب ليس لك أنت‪.‬‬ ‫ص ْب َته من أحد‪ ،‬فاآلن شربه حالل أو حرام؟ حرام‪.‬‬ ‫َغ َ‬ ‫لكن يا شيخ هذا شاي‪ ،‬لماذا حرام؟‬

‫‪8‬‬


‫نعم هو ليس حراما لذاته‪ ،‬لذاته حالل‪ .‬حرام لغيره‪ ،‬أل ّنه ليس ُملكا لك‪ ،‬أنت سرقته‪.‬‬ ‫لكن هل يجوز أن تذكر اسم هللا عليه؟ نعم‪ .‬أرأيتم كيف‪ ،‬انتبهوا‪.‬‬ ‫إذن ال يجوز أن يس َّمى هللا على شيء محرّ م لذاته‪ ،‬و يجوز و يندب لمحرّ م لغيره‪،‬‬ ‫واضح!‬ ‫الوضوء بماء مغصوب‪ ،‬حرام‪ .‬حرام أن تغصب ماء أو تسرقه من أحد‪ ،‬ث ّم تتوضأ‬ ‫ص َال َة ِب َغ ْي ِر‬ ‫به‪ .‬لكن مسنون في الوضوء‪ ،‬البسملة‪ ،‬بل قال بعضهم واجب‪َ  ،‬ال َ‬ ‫هللا َعلَ ْي ِه‪  .‬رواه ‪‬أحمد‪ ‬في مسنده‪.‬‬ ‫ضو ٍء‪َ ،‬و َال وُ ُ‬ ‫وُ ُ‬ ‫ضو َء ِب َما ٍء لَ ْم ُي ْذ َكرْ اسْ ُم ِ‬ ‫ال ّدرس األوّ ل‪ :‬الحمد‪ ،‬ال ّ‬ ‫شكر و الصّالة على رسول هللا‬

‫يعني بعضهم قال بالوجوب‪ ،‬و عندهم دليل قويّ ‪ .‬ف ُنسمّي على هذا الماء المغصوب‬ ‫لل ّتوضّؤ‪ ،‬واضح! أل ّنه محرّ م لغيره‪.‬‬ ‫ال يجوز أن تسمّي هللا في شيء مكروه لذاته‪ ،‬كالشطرنج‪ .‬الشطرنج عند بعض‬ ‫العلماء مكروه لذاته‪ ،‬فيه إلهاء عن ذكر هللا و فيها شيطنة‪ .‬فهناك علماء تش ّددوا‬ ‫فيها‪ .‬قالوا مكروه لذاته‪ ،‬و هناك علماء حرّ موها‪ ،‬و هناك علماء أجازوها بشروط‬ ‫ّي هللا عليه‪.‬‬ ‫صعبة‪ .‬فهذا مكروه لذاته‪ ،‬ال يجوز أن ُتسم َ‬ ‫لكن مكروه لغيره يجوز‪( ،‬أن تسمّي اسم اهلل عليه)‪ ،‬كأكل البصل مع نيّة الذهاب‬ ‫إلى المسجد‪ .‬لكن أكل البصل في البيت‪ ،‬هذا مباح‪ .‬و ال ّنهي في الحديث يُحمل على‬ ‫صال أَ ْو َث ْوما َف ْل َيعْ َت ِز ْل َنا‪ ،‬و في رواية‪َ ،‬ف َال َي ْق َربْ َم َسا ِج َد َنا‪ .‬‬ ‫الكراهة‪َ  .‬منْ أَ َك َل َب َ‬ ‫فهنا‪ ،‬ال ّنهي أو األمر باالعتزال‪ ،‬محمول على الكراهة ال على الحرام‪.‬‬ ‫فهذا مكروه لغيره‪ ،‬لما فيه من أذيّة من يجاورك في الصّالة‪ ،‬أذيّة ال ّناس بهذه الرّ ائحة‬ ‫المنتنة‪ ،‬رائحة البصل أو ّ‬ ‫الثوم‪.‬‬ ‫طيّب لمّا آكل بصل أو ثوم‪ ،‬أسمّي هللا؟ نعم س ّم هللا‪ ،‬أل ّنه ليس مكروها لذاته‬ ‫كالشطرنج‪ .‬مكروه لغيره‪ ،‬فيسمّى هللا عليه‪.‬‬

‫‪9‬‬


‫و شرط آخر‪ ،‬أن ال يكون هذا األمر ذو البال أو ذو ال ّشأن‪ ،‬األمر المه ّم الخطير‪،‬‬ ‫جعل ال ّشارع له بداءة غير البسملة‪ .‬هناك أشياء أنت ال تبدأها بالبسملة‪ ،‬كالصّالة‬ ‫تبدأها بالتكبير‪ ،‬تحريمها ال ّتكبير‪.‬‬ ‫ال تقول بسم هللا الرّ حمان الرّ حيم‪ ،‬هللا أكبر لل ّدخول في الصّالة‪ ،‬هذا غلط‪ .‬تأتي‬ ‫وتقف ث ّم تستحضر ال ّنية و تكبّر‪ ،‬تدخل في الصّالة بال ّتكبير‪ .‬واضح! ال ّشارع هنا‬ ‫جعل البداءة بتكبيرة اإلحرام ال بالبسملة‪.‬‬

‫بالبسملة؟ ال‪.‬‬ ‫ُتبدأ بالحمدلة‪ُ ،‬‬ ‫الخطب ال ُتبدأ ّإال بالحمدلة‪ " .‬إنّ الحمد هلل‪ / ...‬الحمد هلل…" الحمد‬ ‫مباشرة‪ .‬ال يوجد بسم هللا الرّ حمان الرّ حيم‪ ...‬من يفعل هذا فهو جاهل‪ .‬هذا غلط‪.‬‬ ‫ا ّتبع و ال تبتدع‪ .‬أل ّنه لو كان فيه خير لسبقه إليه المصطفى‪ .‬فنبدأ بالحمدلة‪ ،‬واضح!‬ ‫فهذا أمر لم ُتجعل البسملة بداءة له‪ ،‬ف ُنتابع ال ّشارع فيه‪.‬‬ ‫و أيضا من ال ّشرط أن ال يكون ِذكرا َمحْ ضا‪ .‬غير منطقيّ أن يكون ذكرا محضا‬ ‫وتبدأ بالبسملة‪ّ .‬‬ ‫الحسْ َبلَة (سبحان اهلل)‪ ،‬ومثل‬ ‫الذكر المحض مثل ماذا؟ التسبيح‪ ،‬يعني َ‬

‫ال ّدرس األوّ ل‪ :‬الحمد‪ ،‬ال ّ‬ ‫شكر و الصّالة على رسول هللا‬

‫الخطب ال ّدينيّة‪ ،‬خطبة الجمعة و غير الجمعة‪ ،‬ال ّنبيّ هل بدأها في مرّ ة من المرّ ات‬

‫الح ْو َقلَة (ال حول و ال قوّة إلّا باهلل)‪ ،‬و مثل ال ّتهليل (ال إاله إلّا اهلل)‪ ،‬إلى آخره‪ .‬فهذا ذكر‬ ‫َ‬ ‫محض‪ .‬فإن لم يكن ِذكرا محضا‪ ،‬تبدأ بالبسملة‪ ،‬مثل القرآن الكريم‪.‬‬ ‫القرآن الكريم ليس ذكرا محضا‪ ،‬انتبهوا‪ .‬هو اسمه ّ‬ ‫الذكر و ليس ذكرا محضا‪ ،‬فيه‬ ‫ذكر‪ ،‬فيه تسبيح‪ ،‬فيه تهليل‪ ،‬فيه تحميد‪ ،‬فيه حوقلة‪ ،‬فيه حسبلة‪ ،‬لكن فيه أخبار و فيه‬ ‫قصص و فيه أمثال و فيه عِ َبر‪.‬‬

‫‪10‬‬


‫لذلك قال العلماء‪ :‬القرآن ليس ذكرا محضا‪ .‬فيه ذكر لكن ليس محضا‪ ،‬ليس ذكرا‬ ‫صِ رْ فا‪ .‬لكن كلمة 'سبحان هللا' هي ذكر محض‪' ،‬الحمد هلل' ذكر محض‪ّ .‬‬ ‫فالذكر‬ ‫المحض ال يُبدأ بالبسملة‪ ،‬واضح!‬ ‫و ّ‬ ‫الذكر غير المحض؟ نعم يُسنّ أن يُبدأ بالبسملة‪ ،‬مثل القرآن الكريم‪ ،‬تستعيذ باهلل‪.‬‬ ‫و سوف نرى في ال ّدرس القادم أحكام اإلستعاذة و أحكام البسملة في تالوة كتاب هللا‬ ‫العزيز‪ ،‬تبارك و تعالى‪.‬‬ ‫طيّب‪ ،‬و ال ّشيء األخير‪ ،‬أيّها اإلخوة‪ ،‬هو أن ال يكون من سِ ْف َسافِ ‪ ،‬يعني سفاسف‬ ‫ال ّدرس األوّ ل‪ :‬الحمد‪ ،‬ال ّ‬ ‫شكر و الصّالة على رسول هللا‬

‫األمور‪ .‬مثل ل ُبس ال ّنعل و ال ُبصاق‪ .‬انتبه‪ ،‬ال تقل البسملة في ك ّل شيء جميل‪ .‬هذا‬ ‫كالم شرعيّ ‪ ،‬هذا عِ ْلم‪.‬‬ ‫اآلن هناك مشكلة‪ ،‬أيّها اإلخوة‪ ،‬و هي‪ ،‬كيف جمع العلماء بين الحديثين‪ ،‬ك ّل أمر‬ ‫ذي بال ال يُبدأ فيه باسم هللا‪... ،‬ال يُبدأ فيه بالحمد؟ طيّب‪ ،‬إذا بدأنا بالبسملة لن نكون‪،‬‬ ‫حالة ْإذ‪ ،‬قد بدأنا بالحمدلة‪ .‬يعني إذا قلنا‪ :‬بسم هللا الرّ حمان الرّ حيم‪ ،‬الحمد هلل‪ .‬فالبداية‬ ‫صارت بالبسملة‪ ،‬ال بالحمدلة‪.‬‬ ‫إذن نحن‪ ،‬هنا‪ ،‬لم نطبق حديث البداءة بالحمدلة‪ .‬ضيّعناه‪ ،‬و طبّقنا الحديث البداءة‬ ‫بالبسملة‪ .‬و لو عكسنا‪ ،‬لص ّح نفس االعتراض‪ .‬لو قلنا الحمد هلل‪ ،‬بسم هللا الرّ حمان‬ ‫الرّ حيم‪ ،‬تكون بدأت بالحمدلة و لم تبدأ بالبسملة‪ ،‬فكيف جمع العلماء بين الحدي َث ْين‪،‬‬ ‫و بين المع َن َي ْين؟‬ ‫جمعوا بقولهم‪ :‬االبتداء على قسمين‪ .‬هذا مبحث في البالغة‪ ،‬مذكور في كتب‬ ‫المعاني‪ ،‬كتب البيان‪ ،‬أي كتب البالغة‪ .‬قالوا‪ :‬ابتداء حقيقيّ و ابتداء إضافيّ ‪ ،‬يعني‬ ‫نسبيّ ‪.‬‬ ‫ما هو االبتداء الحقيقيّ ؟‬

‫‪11‬‬

‫االبتداء الحقيقيّ ‪ :‬تقدي ُم األمر‪ ،‬يعني ال ّشيء الّذي تبدأ به‪ ،‬أو تقديم ال ّشيء بين يدي‬ ‫المقصو ِد‪ ،‬حقيقة دون أن يتق َّد َمه شيء آخر‪ .‬مثل البسملة‪.‬‬


‫أنت أوّ ل ما تفتح الكتاب‪( ،‬أي كتاب)‪ ،‬تقول‪ :‬بسم هللا الرّ حمان الرّ حيم‪ ،‬ث ّم تبدأ تقرأ‪،‬‬ ‫الجوهر كذا في كذا تأليف‪ ،‬ال ّشيخ اإلمام‪ ...‬و لكن ما هو أوّ ل شيء؟ البسملة‪ .‬أو‬ ‫ح ّتى الكتاب نفسُه‪ ،‬أوّ ل ما يبدأ‪ :‬بسم هللا الرّ حمان الرّ حيم‪ ،‬الحمد هلل‪ ،‬كذا‪ ...‬بدأ‬ ‫بالبسملة‪.‬‬ ‫كتاب الرّ سول للملوك‪ ،‬في رأس الكتاب مباشرة‪ ،‬في نصّ الخطاب‪ :‬بسم هللا الرّ حمان‬ ‫الرّ حيم‪ .‬هذا ابتداء حقيقيّ ‪.‬‬ ‫قُ ِّدمت البسملة بين يدي األمر المقصود حقيقة و لم يتق ّدمها شيء آخر‪ ،‬وعليه‪،‬‬

‫للبسملة‪.‬‬ ‫و االبتداء اإلضافيّ ‪ ،‬للحمدلة‪ .‬كيف ابتداء إضافيّ ؟‬ ‫أن تبتدأ بالحمدلة بين يدي المقصود فعال‪ ،‬يعني المقصود لذاته‪ ،‬و هو التأليف للكتاب‬ ‫مثال‪ ،‬أو للرّ سالة الّتي ترسلها لصديق أو لملك أو أليّ شيء‪ ،‬تبتدأ بالحمدلة‪ ،‬بغضّ‬ ‫النظر‪ ،‬إن كان تق ّد َمها شيء أو لم يتق ّدمها‪ ،‬فيكون االبتداء بها حقيقيّا بال ّنسبة إلى ما‬ ‫بعده‪ ،‬إلى الكالم‪ ،‬و مضافا‪ ،‬ليس حقيقيّا‪ ،‬إلى ما قبله‪ .‬و هي البسملة‪.‬‬ ‫و على االبتداء اإلضافيّ ‪ ،‬حمل العلماء حديث االبتداء بالحمدلة‪ ،‬واضح‪ ،‬إن شاء‬ ‫هللا! هكذا جمع العلماء و هو جمع جيّد‪ ،‬ك ّل العلماء جمعوا بهذه ّ‬ ‫الطريقة‪ ،‬معروف‪،‬‬

‫ال ّدرس األوّ ل‪ :‬الحمد‪ ،‬ال ّ‬ ‫شكر و الصّالة على رسول هللا‬

‫(االبتداء الحقيقيّ)‪ ،‬حمل العلماء حديث االبتداء بالبسملة‪ .‬قالوا االبتداء الحقيقيّ‬

‫هذا جواب مشهور ج ّدا‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫مشتق من ال ِّس َما‪( ،‬العالمة)‪ ،‬أو من السّموّ ‪،‬‬ ‫طيّب‪ ،‬لن نشرح طبعا‪ ،‬ما معنى 'االسم'‪،‬‬ ‫(الرِّفعة)‪ ،‬خالف بين البصريّين و للكوفيّين‪ .‬مباحث نحويّة مع ّقدة‪ ،‬و ح ّتى كما قال‬ ‫‪‬أبو حيّان‪ ،‬رحمة هللا عليه‪ ،‬من كبار نحّ ات األندلس‪ :‬ليس وراءها تحصيل‪.‬‬

‫‪12‬‬


‫و جعلوها من مباحث ال ّنحو‪ .‬كالم ليس له معنى في األخير‪ ،‬في ال ّنحو ّ‬ ‫بالذات‪ .‬وهللا‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫مشتق‪.‬‬ ‫مشتق و ِمن ماذا‬ ‫مشتق أو غير‬ ‫(اسم الجاللة)‪ ،‬هل هو‬ ‫مباحث طويلة ال عالقة لها بالعقيدة‪ ،‬أشبه أن تكون بمباحث اللّغة‪ .‬و الرّ حمان‬ ‫الرّ حيم‪ ،‬يمكن عندما نتكلّم عن صفات هللا‪ ،‬نشرح هذين االسمين الجليلين‪ ،‬الرّ حمان‬ ‫و الرّ حيم‪.‬‬ ‫لكن َمن أبلغ‪ ،‬فقط لالختصار‪ ،‬الرّ حمان أو الرّ حيم؟ الرّ حمان بال شكّ‪ .‬لماذا؟ قاعدة‬ ‫في علم البالغة‪ :‬زيادة ال َم ْب َنى دليل زيادة المعنى‪ .‬ع ّد أحرف كلمة رحمان‪ :‬خمسة‪.‬‬ ‫ال ّدرس األوّ ل‪ :‬الحمد‪ ،‬ال ّ‬ ‫شكر و الصّالة على رسول هللا‬

‫رحيم‪ :‬أربعة‪.‬‬ ‫رحمان أكثر حروفا‪ ،‬إذن أكثر معنى‪ ،‬واضح! زيادة المبنى تد ّل على زيادة المعنى‪.‬‬ ‫ب أبلغ‪ .‬كلمة َذ َب َح و كلمة َذ َّب َح‪َ .‬ذ َّب َح أبلغ‪ .‬كلمة‬ ‫ضرَّ َ‬ ‫ب‪َ .‬‬ ‫ضرَّ َ‬ ‫ب و كلمة َ‬ ‫ض َر َ‬ ‫كلمة َ‬ ‫َق َت َل و كلمة َق َّتل‪َ .‬ق َّت َل أبلغ‪ .‬و هكذا‪َ .‬رحْ َمان‪َ ،‬رحِيم‪َ .‬رحِيم أخصر‪.‬‬ ‫طيّب‪ ،‬و الرّ حمان هو المنعم بجالئل ال ّنعم‪ ،‬قيل‪ ،‬و الرّ حيم المنعم بدقيق ال ّنعم‪ ،‬ال ّنعم‬ ‫الصّغيرة اللّطيفة‪ ،‬و األخرى ال ّنعم الكبيرة‪ ،‬أبواب ال ّنعم‪ ،‬مفاتيح ال ّنعم‪ .‬و قيل غير‬ ‫ذلك فيها خالف طويل ج ّدا‪.‬‬

‫‪ 9‬بسم الل الرحمان الرحي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـم‬ ‫‪ 9‬الحمد لل على صلت ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـه‬

‫ثم سـلم الل مـع صـلتـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــه‬

‫يقول ال ّشيخ ‪‬اللّ ّقانيّ ‪ ،‬رحمة هللا عليه‪.‬‬ ‫الحمد هلل‪ .‬ما هو الحمد؟ الحمد و المدح و ّ‬ ‫الثناء و ال ّشكر‪ .‬ألفاظ أربعة متقاربة في‬ ‫المعاني‪ ،‬صحيح؟ و لذلك ال يُفلِح أكثر ال ّناس في ال ّتفرقة بينها‪ ،‬يقول الحمد هو‬ ‫‪13‬‬

‫المدح‪ .‬مدحه‪ ،‬حمده‪ ،‬أثنى عليه‪ ،‬شكره‪ ،‬نفس الشيء‪ .‬ال‪ ،‬هنالك فروق طبعا‪ .‬لن‬ ‫نطيل في ذكر هذه الفروق‪ ،‬لكن للفائدة‪.‬‬


‫المشهور في تعريف الحمد‪ ،‬أيّها اإلخوة‪ ،‬أ ّنه‪ّ :‬‬ ‫الثناء بالجميل على الجميل االختياريّ ‪.‬‬ ‫و ما هو ّ‬ ‫الثناء بالجميل؟ يعني أن تذكر من َتحْ َم ُدهُ بأمر حسن‪ ،‬بأمر جميل‪ ،‬ليس‬ ‫بأمر قبيح أو تنتقصه‪ .‬بالعكس‪ ،‬أن ُتثني عليه بشيء جميل‪ ،‬بوصف جميل‪ ،‬بنعت‬ ‫جميل‪ ،‬بقول جميل‪.‬‬ ‫هو ّ‬ ‫الثناء بالجميل على الجميل االختياريّ ‪ ،‬انتبهوا! ما معنى على الجميل‬ ‫االختياريّ ؟ يعني ليس الجميل االضطراريّ ‪ ،‬كيف؟ يعني ال تقول‪َ :‬ح َم ُ‬ ‫دت حُ سْ َنهُ‪.‬‬ ‫اضطراريّ ‪ ،‬هو لم ي َُج ِّم ْل نفسه‪ ،‬هللا خلقه حلو‪ ،‬صحيح؟ ال تقل حمدت جماله‪ .‬غلط‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫مدحت جمالَه‪.‬‬ ‫لكن ماذا تقول مدحت جماله‪ ،‬صح؟ صح‪.‬‬ ‫إذن المدح هنا أع ّم أو أخصّ من الحمد؟ أع ّم‪ ،‬انتبه! المدح هنا أع ّم‪ .‬لماذا؟ ألنّ المدح‬ ‫يكون على االختياري أو على االضطراريّ ‪ ،‬على اإلثنين‪ .‬لكن الحمد ال يكون ّإال‬ ‫على االختياريّ ‪.‬‬ ‫لكن بغضّ النظر‪ ،‬أكان هذا الجميل االختياريّ في مقابلة نعمة أو في غير مقابلة‬ ‫نعمة‪ ،‬و سواء كان في الفضائل أو في الفواضل‪ ،‬و هذا هو التعريف الجامع المانع‬ ‫للحمد‪ .‬واضح! هذه الكلمات تعريف جامع مانع للحمد‪ ،‬كيف؟‬

‫ال ّدرس األوّ ل‪ :‬الحمد‪ ،‬ال ّ‬ ‫شكر و الصّالة على رسول هللا‬

‫غلط‪َ .‬ح َم ُ‬ ‫دت َج َمالَهُ‪ .‬غلط‪ .‬لماذا؟ ألنّ َج َمالَه‪ ،‬اختياريّ أو اضطراريّ ؟ طبعا‬

‫فهمنا ما معنى اختياريّ و ما معنى اضطراريّ ‪ .‬و الحمد يكون في االختياريّ أو‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫حمدت طولَه‪،‬‬ ‫حمدت ُحسنه‪،‬‬ ‫في االضطراريّ ؟ في االختياريّ ‪ .‬و لذلك ال يُقال‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫مدحت 'هذه األوصاف'‪ ،‬صح‪ .‬لكن هل‬ ‫حمدت بياضه‪ ،‬كلّه غلط‪.‬‬ ‫حمدت سِ َم َنه‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫حمدت َك َر َمهُ؟ طبعا‪.‬‬ ‫حمدت شجاعته؟ طبعا‪.‬‬ ‫يُقال‪:‬‬ ‫مع أنّ ال ّشجاعة‪ ،‬أيّها اإلخوة‪ ،‬أحيانا ال تتعدىّ إلى اآلخرين‪ ،‬تكون له‪ .‬تجعله مُهابا‪،‬‬ ‫يدفع عن نفسه فقط‪ .‬لكن الكرم يتع ّدى أو ال يتع ّدى؟ يتع ّدى‪ ،‬و َي ْك ُرم على اآلخرين‬ ‫أصال‪ .‬لكنّ ال ّشجاعة‪ ،‬في األغلب و األع ّم‪ّ ،‬إال أن تكون دفاعا عن قومه و عن دينه‪،‬‬

‫‪14‬‬


‫الّتي تجعله دائما ال يخاف و يذبّ عن نفسه فقط‪ ،‬هذه تكون من الفضائل أو من‬ ‫الفواضل؟ من الفضائل‪ ،‬فضيلة‪.‬‬ ‫الصّبر‪ ،‬إنسان صبور يذهب إلى ّ‬ ‫الطبيب يعطيه إبرة ليخلع له السنّ المصاب‬ ‫ّ‬ ‫يتسخط و ال يض ُعف و ال يستخذي‪ .‬هذه من الفضائل‬ ‫ويحصل له كذا‪ ،‬يتحمّل‪ ،‬ال‬ ‫أو من الفواضل؟ ال‪ ،‬من الفضائل‪ .‬هذه له خاصّة به‪ ،‬ما شاء هللا‪ ،‬شجاعته‪ ،‬قوّ ة‬ ‫تحمّله‪ ،‬صبره‪ ،‬ك ّل هذه األشياء ُتعتبر فضائال‪.‬‬ ‫لكن فواضل‪ ،‬مثل الكرم و الجود‪ ،‬صحيح؟ مثل الصّبر على ال ّتعليم‪ ،‬يعلّم ال ّناس‪،‬‬ ‫ال ّدرس األوّ ل‪ :‬الحمد‪ ،‬ال ّ‬ ‫شكر و الصّالة على رسول هللا‬

‫صبور‪ ،‬يسمع األسئلة و االنتقادات‪ ،‬و ير ّد و يعطي‪ ...‬هذه فواضل‪ ،‬بغضّ ال ّنظر‪،‬‬ ‫سواء كان هذا الجميل من الفضائل أو من الفواضل‪ ،‬يكون الحمد متعلّقا به‪ .‬نحمده‬ ‫على فضائله كما نحمده على فواضله‪ ،‬في مقابلة نعمة أو في غير مقابلة نعمة‪.‬‬ ‫طبعا!‬ ‫أل ّنه مثال‪ ،‬انتبه‪ ،‬الفضائل عموما ال تكون في مقابلة نعمة‪ .‬كونه صبورا في ح ّد‬ ‫ذاته‪ ،‬هو صبور على نفسه‪ .‬صح‪ ،‬هو صبور على نفسه‪ ،‬لكن نريد أن نحمده عليها‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫يستحق الحمد‪ ،‬صحيح؟ لكن لم يتعلّق بنا شيء من هذا‬ ‫صفة‪،‬‬ ‫نحمده على هذه ال ّ‬ ‫الصّبر‪ ،‬لم يعد علينا شيء منه‪ ،‬لكن الكرم عاد أو لم يعد؟ و أحيانا يكون في مقابلة‬ ‫نعمة‪ ،‬هو يكون َكرُ َم عليك و َجادَ و أعطاك‪ ،‬فأنت تحمده و تذكره بالكرم و الجود‪،‬‬ ‫جائز‪ .‬هذا اسمه َحمْ د‪ .‬وممكن تحمده على صبره و شجاعته و رباطة قلبه و قوّ ة‬ ‫َج َنا ِنه‪ ،‬و األشياء هذه ال يعود عليك شيء منها و ليس في مقابلة نعمة‪ ،‬يجوز أيضا‪،‬‬ ‫فهمنا ما هو الحمد؟‬ ‫لكن انتبهوا‪ ،‬الحمد من حيث المورد عا ّم أو خاصّ ؟ هذه الكلمة غير واضحة طبعا‪،‬‬

‫‪15‬‬

‫لكن نحن نحاول أن نتعلّم لتتم ّكنوا من ممارسة قراءة الكتب القديمة و تفهموها‪،‬‬


‫فتجد فيه مثال‪ :‬هو خاصّ َم ْو ِردا‪ ،‬عام ُم َت َعلَّقا‪ .‬ألفاظ مع ّقدة قليال‪ ،‬و لكن أل ّننا ال‬ ‫نتعاطاها اآلن‪ ،‬صحيح؟‬ ‫العلماء لماذا استخدموا هذه اللّغة؟ المورد‪ ،‬مورد الحمد هل هو الجوارح أو اللّسان‬ ‫أو القلب؟ اللّسان‪ ،‬األصل أ ّنك تحمد بلسانك‪ ،‬ال بالجوارح وال بالقلب‪ ،‬و إ ّنما باللّسان‪،‬‬ ‫أو غير صحيح؟ فهو من حيث المورد خاصّ أو عا ّم؟ خاصّ ‪ ،‬فقط يتعلّق باللّسان‪،‬‬ ‫و من حيث ال ُم َت َعلَّق‪ ،‬عا ّم أو خاصّ ؟ ال و هللا‪ ،‬يتعلّق‪ ،‬كما قلنا‪ ،‬بالجميل االختياريّ‬ ‫ال االضطراريّ ‪ ،‬هنا ناقص قليال‪ .‬لكن يتعلّق بالفضائل و يتعلّق بالفواضل‪ ،‬و في‬ ‫فمن حيث ال ُم َت َعلَّق هو عا ّم‪ ،‬صحيح؟ و من حيث المورد‪ ،‬فقط يكون باللّسان‪ ،‬فهو‬

‫خاصّ ‪ .‬فهذا معنى قولهم في المورد و ال ُم َت َعلَّق‪ .‬خاص موردا‪ ،‬عام م َت َعلَّقا‪ .‬واضح!‬ ‫الثناء‪ ،‬لكي ال تنسوا‪ّ ،‬‬ ‫طيّب‪ ،‬نأتي اآلن إلى ّ‬ ‫الثناء أع ّم هذه األلفاظ األربعة‪ .‬إذن لو‬ ‫أردنا أن نر ّتبها بحسب العموم‪ .‬ماذا سنضع رقم واحد؟ ّ‬ ‫الثناء‪ .‬رقم اثنان‪ :‬ال ّشكر‪.‬‬ ‫رقم ثالثة‪ :‬سنرى‪ ،‬بعدما نشرح‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫أثنيت عليه‪ ،‬بغضّ ال ّنظر‪،‬‬ ‫الثناء أع ّم هذه األلفاظ‪ ،‬أل ّنه إتيان ما يُش ِعر بتعظيم َمن‬ ‫في مقابلة نعمة أو في غير مقابلة نعمة‪.‬‬ ‫فإتيان ما يُشعِر‪ ،‬سواء كان بالقول أو بالفعل‪ ،‬بالحركة‪ ،‬أو بأيّ طريقة‪ ،‬يُعتبر ثناء‪،‬‬

‫ال ّدرس األوّ ل‪ :‬الحمد‪ ،‬ال ّ‬ ‫شكر و الصّالة على رسول هللا‬

‫مقابلة نعمة و في غير مقابلة نعمة‪.‬‬

‫ليس شرطا أن يكون باللّسان‪ ،‬فهو أع ّم هذه األلفاظ‪.‬‬ ‫بال ّنسبة للمدح‪ ،‬قلنا‪ :‬المدح مثل الحمد‪ ،‬لكن يفترق عنه أ ّنه يتعلّق بالجميل‬ ‫االضطراريّ ‪ ،‬و يتعلّق عنه و يمتاز منه‪ ،‬أيضا‪ ،‬ب َمي َْز ٍة زائدة‪ ،‬ماهي؟ ليس من‬ ‫يكون الممدوح ِمن ذوي العقل‪.‬‬ ‫شرطِ ه أن‬ ‫َ‬ ‫حمدت ّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫القطار سرع َته‪ .‬غلط‪،‬‬ ‫حمدت‬ ‫الطاولة‪ ،‬أو‬ ‫يعني أنت ال تستطيع أن تقول‬ ‫َ‬ ‫كالم فارغ‪ .‬الحمد يكون دائما في ّ‬ ‫حق َمن له عقل و تمييز‪ ،‬لكنّ المدح ليس من‬

‫‪16‬‬


‫شرطِ ه‪ .‬لذلك أنت تمدح الجوهرة‪ ،‬تمدح َآل ِألَها‪ ،‬بريقها‪ ،‬صفاءها‪ ،‬بياضها‪ ،‬صح؟‬ ‫و هي ال تعقل‪ ،‬أل ّنها جوهرة‪.‬‬ ‫يمكن تمدح أيّ شيء‪ ،‬أنت‪ ،‬ال ّشمس و القمر‪ ،‬صحيح؟ يُقال شعر المديح‪ .‬تمدح‬ ‫القطار و سرعته و تمدح ّ‬ ‫الطائرة‪ ،‬تمدح أيّ شيء‪ .‬لكن ال َتحمد‪ .‬واضح! إذن هذا‬ ‫أع ّم أو أخصّ من الحمد صار؟ أع ّم‪ .‬إذن نريد أن نر ّتب اآلن‪.‬‬

‫َمن أع ّم‪ ،‬الحمد أو المدح؟ المدح‪ ،‬و على االضطراريّ و على االختياريّ ‪ .‬واضح!‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫مدحت‬ ‫مدحت حُ سْ َنه؟‬ ‫حمدت حُ سْ َنه أو‬ ‫لذلك انتبه‪ ،‬نعيد مرّة أخرى‪ ،‬هل تقول‪:‬‬ ‫ال ّدرس األوّ ل‪ :‬الحمد‪ ،‬ال ّ‬ ‫شكر و الصّالة على رسول هللا‬

‫سن جميل اضطراريّ ‪ ،‬شيء جميل و لكن اضطراريّ ‪ ،‬لم‬ ‫ُحسْ َنه‪ .‬لماذا؟ ألنّ الحُ َ‬ ‫َي ْخلُ ْق ُه لنفسه‪.‬‬ ‫بخالف الفضائل‪ ،‬مثل الصّبر و ال ّشجاعة‪ ،‬ربّما تكون جاءت بال ّتعامل و بال ّتربية‬ ‫وترويض ال ّنفس عليها‪ ،‬صحيح‪ ،‬بال شكّ‪ .‬ال ّتربية لها أثر كبير فيها‪ .‬طيّب‪.‬‬ ‫نأتي أخيرا إلى ال ّشكر‪ .‬ال ّشكر أيضا من األلفاظ العامّة‪ ،‬أيّها اإلخوة‪ ،‬و يكون‪ ،‬أيضا‪،‬‬ ‫بالجنان‪ ،‬بالضمير‪،‬‬ ‫َم ْو ِرده عامّا‪ :‬يكون باللّسان و يكون بالجوارح‪ ،‬باألركان و يكون َ‬ ‫بالقلب‪ .‬و سواء كان في مقابلة نعمة أنعم بها المشكور على ال ّشاكر‪ ،‬أو لم يُنعم بها‬ ‫عليه‪ ،‬و إ ّنما أنعم بها على غيره‪ ،‬واضح!‬

‫عامءَمّنَثالثةَيديَ‬ ‫إذن العموم في ال ّشكر يكون باعتبار مورده‪ .‬يقول ال ّشاعر‪ :‬أفادتمكَالنّ ّ‬ ‫وَلساينَوَالضمريَاملُح َّجبَ‪.‬‬ ‫اللّسان ّ‬ ‫للثناء‪ ،‬و اليد لل ّنصرة و المعونة‪ ،‬و الضمير المُحجّ ب‪ ،‬القلب‪ ،‬الفؤاد‪ ،‬لماذا؟‬

‫‪17‬‬

‫العتقاد ال ّتعظيم و المحبّة‪ ،‬ما هذا ال ّشكر! فهو عا ّم باعتبار مور ِده‪ .‬ال ّشكر يكون‬ ‫بالجنان ‪ ،‬بخالف الحمد خاصّ‬ ‫باللّسان و يكون باليد و يكون بسائر األركان و يكون َ‬ ‫باعتبار اللّسان‪.‬‬


‫الحمد هلل‪ .‬األلف و ّ‬ ‫الالم في الحمد لالستغراق‪ ،‬طبعا ال ب ّد أن تكون لالستغراق‪،‬‬ ‫صحيح؟ الحمد‪ :‬األلف و ّ‬ ‫الالم فيها لالستغراق‪ .‬فكأنّ حمد هللا‪ ،‬تبارك و تعالى‪،‬‬ ‫استغرق جميع وجوه المحامد‪.‬‬ ‫فك ّل حمد وُ ِج َد أو سيوجد هو ثابت هلل‪ ،‬تبارك وتعالى‪ ،‬أو مثله ثابت هلل‪ ،‬تبارك‬ ‫يستحق مثله و ْ‬ ‫ّ‬ ‫أز َيد منه بال شكّ‪ ،‬هذا ربّ العالمين‪ .‬و ال يوجد نعمة ّإال‬ ‫وتعالى‪ .‬هللا‬ ‫هو مصدرها‪ ،‬تبارك و تعالى‪ّ ،‬إال و هو خالِقُها‪ّ ،‬إال وهو معطيها‪ ،‬بطريق المباشرة‬ ‫أو بطريق ال ّتسبيب و ال ّتوسيط‪ .‬لذلك الحمد‪ ،‬هنا‪ ،‬لالستغراق‪.‬‬

‫‪ 9‬الحمد ِلل على صلت ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـه‪...‬‬ ‫جمع ماذا هنا؟ صِ لَة‪ .‬و ال ِّ‬ ‫صلَة هي العطيَّة‪ .‬كأ ّنه قال الحمد هلل على عطاياه‪ .‬وعطايا‬ ‫هللا جزيلة و مواهبه خطيرة و كثيرة‪ ،‬تبارك و تعالى‪.‬‬

‫‪ ...‬ثم سـلم الل مـع صـلتـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــه‬ ‫يورد على ال ّناظم؟ يوجد إيرادات‪ ،‬هنا‪ ،‬على ال ّناظم‪،‬‬ ‫هنا يُؤخذ على ال ّناظم ماذا؟ َمن ِ‬

‫ال ّدرس األوّ ل‪ :‬الحمد‪ ،‬ال ّ‬ ‫شكر و الصّالة على رسول هللا‬

‫قال (النّاظم)‪:‬‬

‫يعني تنقيد‪ ،‬نقد‪ .‬يُؤخذ عليه شيء‪.‬‬ ‫قال ث ّم سالم هللا مع صالته‪َّ ،‬‬ ‫أخر الصّالة و َق َّدم السّالم‪.‬‬ ‫َ​َ‬ ‫َ َ َ َٰٓ َ‬ ‫ذ‬ ‫ُ َ ُّ َ‬ ‫ك َت ُ‬ ‫ذَ‬ ‫لَع ٱنلذ‬ ‫ب‬ ‫ون‬ ‫ل‬ ‫ص‬ ‫ي‬ ‫ۥ‬ ‫ه‬ ‫ئ‬ ‫ل‬ ‫م‬ ‫و‬ ‫ٱَّلل‬ ‫ن‬ ‫‪ ‬إِ‬ ‫ِ ِ ِّۚ‬ ‫ِ‬ ‫َ ُ ْ َ ُّ ْ َ َ‬

‫ي َأ ُّيهاَ‬ ‫َ َٰٓ‬

‫ذٱَّل َ‬ ‫ِين‬

‫ْ َۡ‬

‫َءامنوا صلوا عل ۡيهِ َو َسل ِ ُموا تسل ِ ً‬ ‫يما ‪.2S،۵۵ W ‬‬ ‫لم يقل سلّموا و صلّوا تصلية أو صالة‪ ،‬بل قال صلّوا و سلّموا‪ ،‬و ال ّناظم ماذا فعل؟‬ ‫صالته على نبيّ ‪ ،...‬أ ُخذ عليه‪.‬‬ ‫سلّم و صلّى‪ ،‬صحيح؟ قال‪ :‬ث ّم سالم هللا مع َ‬

‫‪18‬‬


‫لكن هو عالم جليل‪ ،‬إمام من أئمّة اإلسالم‪ ،‬ال تمرّ عليه أشياء كهذه‪ .‬لماذا ق ّدم السّالم‬ ‫على الصّالة؟ لضرورة ال ّنظم‪.‬‬ ‫طبعا معروف‪ ،‬هو ال َي ْن ُثر نثرا‪ ،‬هو َي ْنظم نظما‪ .‬و دائما هناك ضرورات‪ ،‬أو‬ ‫ضرائر تسمّى‪ ،‬لل ّشعر‪ .‬و لدينا‪ ،‬كما يقول علماء اللّغة و علماء ال ّنقد األدبيّ ‪ ،‬حالتان‪،‬‬ ‫أو حاالن‪ .‬حالة َس َعة و حالة ضرورة‪.‬‬ ‫ماهي حالة ال َّس َعة؟‬ ‫انتبهوا‪ ،‬الّذي يدرس نقد أدبيّ ‪ ،‬ح ّتى كتب ال ّنحو فيها هذا المصطلح‪ ،‬و أيضا كتب‬ ‫ال ّدرس األوّ ل‪ :‬الحمد‪ ،‬ال ّ‬ ‫شكر و الصّالة على رسول هللا‬

‫البالغة‪ ،‬يجب عليه أن يفهم هذه المصطلحات‪.‬‬ ‫فقد يقرأ مثال‪ :‬في حال َس َعة و في حال االختيار‪ ،‬يجوز أو ال يجوز؟ فتقول‪ ،‬أنت‪،‬‬ ‫ما حال االختيار و حال السّعة؟ ال ّنثر‪ ،‬حال السَّعة أو حال االختيار هي ال ّنثر‪ .‬ألنّ‬ ‫ال ّناثر يكون في حالة َس َعة و حال اختيار‪.‬‬ ‫ضرورة‪ .‬ما حال الضّرورة؟ يعني‬ ‫و عكس حال الس ََّعة و حال االختيار حال ماذا؟ ال ّ‬ ‫االضطرار‪ ،‬في ال ّشعر‪ .‬هذا شاعر‪ .‬محكوم بالوزن و القافية‪ ،‬و الرّ ويّ ‪ ،‬مسكين ال‬ ‫يقدر‪ .‬فيُضطرّ أحيانا لمخالفة قواعد ال ّنحو‪ ،‬أو غير صحيح؟ َيصرف ما ال ينصرف‪،‬‬ ‫يفتح المرفوع‪ ،‬و يرفع كذا‪ .‬ضرورات‪.‬‬ ‫صالته‪ .‬لك ّنه أحسن ال ّتخلّص‪،‬‬ ‫فهنا‪ ،‬لضرورة الوزن‪ ،‬اضطرّ ‪ .‬قال‪ :‬ث ّم سالم هللا مع َ‬ ‫صالته‪ .‬و ' َم َع'‪ ،‬هذه‪ ،‬أيّها‬ ‫بشكل ج ّيد ج ّدا يد ّل على ذكائه‪ .‬ماذا قال؟ ث ّم سالم هللا َم َع َ‬ ‫اإلخوة‪ ،‬تدخل على ال ّتابع أو المتبوع؟ … سنرى كيف‪.‬‬

‫نحن نقول جاء الوزير مع السّلطان أو جاء السّلطان مع الوزير؟ ‪...‬‬ ‫جاء الوزير مع السّلطان‪ ،‬انتبهوا‪ .‬طبعا تدخل على المتبوع‪ .‬فأشعرت بأه ّميّة‬ ‫تورد عليّ ‪ .‬ال تتعجّ ل‬ ‫الصّالة‪ ،‬ألنّ الصّالة أشرف من السّالم‪ .‬فيقول لك‪( ،‬النّاظم)‪ ،‬ال ِ‬ ‫‪19‬‬

‫في االنتقاد‪ .‬ال ّ‬ ‫شيخ ‪‬اللّقاني‪ ‬يقول (هو لم يقل هذا حقّا‪ ،‬و لكن هي طريقة في‬ ‫الكالم)‪ :‬أنا فاهم أكثر م ّنك‪ ،‬و لذلك قلت سالم هللا ' َم َع' صالته‪.‬‬


‫صالته‪ ،‬ليُفهمك أنّ ' َم َع'‪ ،‬هذه‪ ،‬تدخل على‬ ‫صح‪ ،‬هو ذكيّ ‪ ،‬رحمة هللا عليه‪ ،‬قال ' َم َع' َ‬ ‫المتبوع ال على ال ّتابع‪ .‬يا أخي‪ ،‬كانوا فالسفة‪ ،‬حياتهم في العلم و عندهم عبقريّة‬ ‫غير عاديّة‪.‬‬ ‫متن مثل هذا إلى اآلن مازال يُدرَّ س في األزهر‪ ،‬على فكرة‪ .‬المتن الّذي يدرَّ س في‬ ‫العقيدة‪ ،‬في األزهر‪ ،‬هو متن الجوهرة‪ ،‬معروف‪ .‬و شروح الجوهرة وخاصّة شرح‬ ‫ال ّشيخ ‪‬إبراهيم ال َبيْجوريّ ‪ُ ،‬تحفة المريد‪ .‬إلى اآلن يُدرَّ س في األزهر ال ّشريف‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫لطالب األزهر‪ ،‬معروف‪ .‬هذه عقيدة المسلمين‪.‬‬ ‫عبقريّ ‪ .‬و كان يُكنى بأبي األمداد‪ .‬هللا أعطاه مددا‪ ،‬فتح عليه فتوحا غريبة ج ّدا‪،‬‬ ‫رحمة هللا عليه‪ .‬مع أنّ هذه الجوهرة أرجوزة‪ ،‬شعر ركيك ضعيف‪ ،‬بحر الرّ جز‪،‬‬ ‫حمار ال ّشعراء يُسمّونه‪ ،‬لكن هو فاهم و يتصرّ ف فيها‪.‬‬

‫قال‪... :‬ثم سـلم الل مـع صـلتـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــه‬ ‫سالم هللا‪ .‬ما سالم هللا‪ ،‬تبارك و تعالى؟ على َمن السّالم‪ ،‬هنا‪ ،‬و على َمن الصّالة؟‬ ‫على نب ّي جاء بال ّتوحيد‪ .‬سالم هللا على نبيّ ‪ .‬كيف سالم هللا على ال ّنبيّ ؟ يعني تحيّة‬ ‫هللا‪.‬‬

‫ال ّدرس األوّ ل‪ :‬الحمد‪ ،‬ال ّ‬ ‫شكر و الصّالة على رسول هللا‬

‫فإنسان يُؤلّف كتابا‪ ،‬منذ أربع مائة سنة يدرَّ س في األزهر‪ ،‬في ليلة‪ ،‬ذكيّ ج ّدا‪،‬‬

‫و تحيّة ِمن هللا على أعظم خلق هللا ستكون أعظم ت َِحا َية‪ ،‬أو أعظم ال ّتحيّات‪ .‬و ال‬ ‫جرم‪ ،‬هي أعظم ال ّتحيّات ألعظم المخلوقات‪ .‬لماذا هي أعظم ال ّتحيّات؟ أل ّنها ممّن؟‬ ‫من ربّ العالمين‪ ،‬من خالق األرض و السّماوات‪ .‬إذا أراد هللا أن يحيّي نبيّه‪.‬‬ ‫أوووف!!! ليس هناك أعظم‪.‬‬ ‫و على أعظم َمن؟ المخلوقات‪ ،‬على سيّد العالمين‪ .‬كما عند ‪‬البيهقيّ ‪ ،‬قال‬

‫العالَ ِمينْ ‪ .‬‬ ‫رسول هللا‪ ،‬صلّى هللا عليه و سلّم‪  :‬أَ َنا َسي ُد َ‬

‫‪20‬‬


‫ال عرش و ال فرش و ال َملك و ال ‪‬جبريل‪ ‬و ال ‪‬ميكائيل‪ ،‬و ال أحد مثل‬ ‫أجل َمنْ َخلَ َق هللاُ‪ .‬فأعظم السّالم‪ ،‬أعظم ال ّتحيّة‬ ‫رسول هللا‪ .‬هو أعظ ُم َمن َخلَ َق هللاُ‪َ ،‬‬ ‫لرسول هللا‪ ،‬أل ّنها من هللا‪ ،‬بال شكّ‪.‬‬ ‫و أمّا َمن قال‪ :‬السّالم ِمن هللا على نبيّه هو تسليمه من اآلفات و كذا‪ .‬فهذا كالم‬ ‫رديء‪ ،‬ال نستحبّه‪ ،‬أل ّنه يُشعر بالخوف‪ .‬كأنّ ال ّنبيّ مُعرَّ ض ألشياء و باليا و ِم َحن‪،‬‬ ‫و هللا يريد أن يُسلّ َمه منها‪ .‬هذا غير جيّد‪ ،‬بالعكس الجيّد هو األوّ ل‪ :‬ال ّتحيّة‪ّ ،‬تحيّة من‬ ‫هللا‪ُ .‬تشعر بال ّتكريم و ال ّتجلّة‪ .‬أحسن من أن تقول‪ :‬يُسلّمه من اآلفات‪ ،‬ال‪ ،‬ليس جيّدا‪.‬‬ ‫ال ّدرس األوّ ل‪ :‬الحمد‪ ،‬ال ّ‬ ‫شكر و الصّالة على رسول هللا‬

‫ث ّم أيضا‪ ،‬أيّها اإلخوة‪ ،‬قد ق ّدم هللا في شرعه‪ ،‬تبارك و تعالى‪ ،‬ال ّتسليم على الصّالة‪،‬‬ ‫في موضع‪ .‬أين هو؟ لكي ال نقول أنّ اإلمام ‪‬اللّ ّقانيّ ‪ ‬أخطأ‪ .‬أبدا‪.‬‬ ‫هناك موضع مه ّم ج ّدا قُ ِّدم فيه ال ّتسليم على الصّالة‪ ،‬كلّكم تعلمون ذلك‪ .‬في الصّالة‬ ‫اإلبراهيميّة‪ ،‬و في ال ّتشهّد األوّ ل‪ :‬السّالم عليك أيّها ال ّنبيّ ‪ ،‬و بعد شهادة ال ّتوحيد‪،‬‬ ‫آل ‪ ،‬فق ّدمنا السّالم ث ّم أتبعنا بالصّالة‪ .‬فموجود‬ ‫نقول‪ :‬الله ّم ص ّل على ‪ ‬و على ِ‬ ‫هذا‪ ،‬لكن األصل دائما‪ ،‬الصّالة تتق ّدم ال ّتسليم‪.‬‬ ‫و السّالم مصدر و يُسمّى به و هو من أسماء هللا‪ ،‬تبارك و تعالى‪ ،‬صحيح؟ و له‬ ‫في معناه أقاويل‪ ،‬شرحناها في رمضان‪ ،‬ليس الّذي مرّ و إ ّنما الّذي قبله‪ ،‬قبل األخير‪.‬‬ ‫طيّب‪ ،‬ث ّم سالم هللا مع صالته‪ .‬ماهي الصّالة في اللّغة؟ ال ّدعاء و الرّ حمة‪ ،‬صحيح؟‬ ‫ال ّدعاء معناه صالة‪ ،‬و الرّ حمة ُتسمّى‪ ،‬أيضا‪ ،‬صالة‪.‬‬

‫حامنَوَابنتَِاَللّلَ​َ ّ‬ ‫وَصّلَلّلَجاراهتاَ‬ ‫ّلَلّلَ​َ​َ ََّزةَ​َ ّالر َُ‬ ‫قال ال ّشاعر‪ ،‬و هو المعروف بالرّ اعي ‪ :‬صَ َّ َ‬ ‫‪21‬‬

‫الخر‪.‬‬ ‫صلّى على ّ‬ ‫عز َة الرّ حمانُ ‪ .‬ما معنى صلّى عليها؟ َر ِح َمها‪ .‬يدعو لها بالرّ حمة‪،‬‬ ‫ومعناها‪ ،‬أيضا المغفرة‪ ،‬نفي الشيء للصّالة‪ .‬طيّب‪.‬‬


‫آل أَ ِبي أَ ْو َفى ‪ .‬و كان ِمن َه ْد ِيه‪،‬‬ ‫قال صلّى هللا عليه و سلّم‪  :‬اللَّ ُه َّم َ‬ ‫ص ِّل َعلَى ِ‬ ‫ص َدقا ِتهم‪،‬‬ ‫عليه الصّالة و أفضل السّالم‪ ،‬أ ّنه إذا أتاه قوم أو جماعة بزكوا ِتهم‪ ،‬أو ب َ‬ ‫صلّى عليهم‪ .‬لماذا كان هذا ِمن هديه؟ للمأموريّة‪ ،‬ألنّ هللا أمره بذلك‪.‬‬ ‫قال (‪ُ  :) ‬خ ۡذ م ِۡن أَ ۡم َوَٰلِه ۡم َص َدقَة ُت َطه ُر ُه ۡم َوتُ َزك ِيهم ب َها َو َصل َعلَ ۡيهمۖۡ​ۡ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ ذ‬ ‫ذ َ َ َ‬ ‫إِن َصل َٰوتك َسكن ل ُه ۡمۗۡ ‪S،۳۰۱ W U‬‬

‫‪.G‬‬

‫فال ّنبيّ كان إذا يأتيه أيّ جماعة بالصّدقات‪ ،‬يُصلّي عليهم‪ .‬يقول الله ّم ص ّل عليهم‪،‬‬ ‫أي اللّه ّم ارحمهم‪ ،‬اللّه ّم اغفر لهم‪.‬‬ ‫و هناك أ َثر أنّ اإلمام ‪‬عليّا‪ ،‬عليه السّالم‪ ،‬قال لسيّدنا ‪‬عمر‪ ،‬عليه‬ ‫ك‪ .‬دعا له بالرّ حمة‪ .‬و هي حجّ ة اإلمام‬ ‫صلَّى هللاُ َعلَ ْي َ‬ ‫الرّ ضوان و الرّ حمة‪َ :‬‬ ‫‪‬أحمد‪ ،‬رحمة هللا عليه‪ ،‬و ‪‬أبي يعلى‪ ،‬و جماعة من أتباعه‪ ،‬و لم يختلفوا‬ ‫على اإلمام ‪‬أحمد‪ ،‬أ ّنه يجوز الصّالة على غير األنبياء استقالال‪ ،‬و هذا مذهب‬ ‫‪‬أحمد‪.‬‬ ‫يجوز أن ُتصلّى على أحد من الصّحابة أو أحد من الصّالحين استقالال‪ ،‬ال بال ّتبع‪.‬‬

‫ال ّدرس األوّ ل‪ :‬الحمد‪ ،‬ال ّ‬ ‫شكر و الصّالة على رسول هللا‬

‫في براءة‪ ،‬ال ّتوبة‪ .‬صحيح ؟‬

‫ستقول ما الفرق بين ال ّتبع و االستقالل؟ فيه فرق طبعا‪ .‬حين نقول اللّه ّم ص ّل على‬ ‫‪ ‬و آل ‪ ‬و أصحابه و أتباعه‪ ،‬و ندخل نحن‪ ،‬و علينا و على المسلمين‪ .‬جائز‪.‬‬ ‫أصلّي على نفسي؟ نعم تصلّي على نفسك و لكن بال ّتبع‪ ،‬انتبه‪ .‬ال يوجد فيها خالف‬ ‫المسألة هذه‪ ،‬ال يوجد أحد خالف فيها‪.‬‬ ‫‪...‬و علينا و على الحاضرين‪ ،‬آمين‪ .‬صح؟ فهذا جائز‪.‬‬ ‫لكن باالستقالل‪ ،‬كأن تقول‪ :‬صلّى هللا عليك‪ ،‬صلّى هللا على زيد من ال ّناس‪ ،‬صلّى‬ ‫هللا على عمرو‪ .‬سيقولون لك ال يجوز‪.‬‬

‫‪22‬‬


‫ال‪ ،‬بالعكس‪ ،‬في مذهب ‪‬أحمد‪ ‬جائز‪ ،‬و استد ّل بأشياء‪ ،‬منها قول اإلمام‬ ‫ص ِّل‬ ‫ك َيا ُع َمرْ ‪ .‬و قول ال ّنبيّ ‪  :‬اللَّ ُه َّم َ‬ ‫صلَّى هللا ُ َعلَ ْي َ‬ ‫‪‬عليّ ‪ ‬لسيّدنا ‪‬عمر‪َ :‬‬ ‫آل أَ ِبي أَ ْو َفى ‪ . ‬و بعضهم خالف‪ .‬هذه مسألة فقهية‪ ،‬ما نريد أن نطوّ ل بها‪.‬‬ ‫َعلَى ِ‬

‫‪...‬ثم سـلم الل مـع صـلتـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــه‬ ‫طيّب‪ ،‬صالة هللا على رسول هللا‪ ،‬ما معناها؟ ْ‬ ‫ِف في ذلك‪ .‬قال بعضهم الرّ حمة‬ ‫اخ ُتل َ‬ ‫و إعالء ّ‬ ‫الذكر‪ ،‬و قال بعضهم غير ذلك‪ .‬قال بعضهم صال ُته عليه في ال ّدنيا وصالته‬ ‫ال ّدرس األوّ ل‪ :‬الحمد‪ ،‬ال ّ‬ ‫شكر و الصّالة على رسول هللا‬

‫برفعة ِذ ْك ِره‪ ،‬و إعالء شأنه‪ ،‬و إشاعة دينه‪،‬‬ ‫عليه في اآلخرة‪ .‬صالته عليه في ال ّدنيا‪ِ ،‬‬ ‫و إدامته‪ ،‬و ِحفظه‪ ،‬و إعال ِء شرعِ ه في هذه ال ّدنيا‪ .‬و في اآلخرة بتشفيعه في أمّته‬ ‫وإعطائه لواء الحمد و المقام المحمود‪ .‬هكذا تكون صالة هللا على ال ّنبيّ ‪ ،‬و هذا بال‬ ‫ك من لوازم الصّالة‪ ،‬من مقتضيات أنّ هللا صلّى على نبيّه أن يفعل له و به ذلك‪،‬‬ ‫ش ّ‬ ‫سبحانه و تعالى‪ ،‬و ص ِّل اللّه ّم و سلّم على سيّدنا ‪.‬‬ ‫آخر مسألة في الصّالة‪ ،‬و فيها مسائل كثيرة‪ ،‬مؤلّفة فيها كتب‪ .‬الصّالة على ال ّنبيّ ‪،‬‬ ‫و أحكامها‪ ،‬و ما قيل فيها‪ ،‬و صِ َي ُغها‪ ،‬و كذا‪ ،‬و ص َُو ُرها‪ ،‬و فضائلها‪ ،‬و فواضلها‪.‬‬ ‫مؤلّفة فيها كتب‪.‬‬ ‫هناك كتاب لإلمام ‪‬السّخاويّ ‪ ،‬رحمة هللا تعالى عليه‪ُ ،‬كلّه في الصّالة على‬ ‫ال ّنبيّ ‪ ،‬مجلّد زهاء ثالث مائة صفحة‪ ،‬كلّه في الصّالة على ال ّنبيّ وأنواع الصّالة‪.‬‬ ‫هناك كتاب لـ ‪‬ابن القيّم الجوزيّة‪ ،‬مجلّد أيضا في الصّالة على ال ّنبيّ ‪ .‬العلماء‬ ‫ألّفوا في ذلك مجلّدات طِ وال‪ ،‬كِبار‪.‬‬

‫‪23‬‬

‫لكن نريد أن نتعرّ ض لمسألة فقهيّة واحدة‪ .‬ما حكم الصّالة عليه‪ ،‬عليه الصّالة‬ ‫وأفضل السّالم؟‬


‫نقل اإلمام ‪‬القرطبيّ ‪ ،‬رحمة هللا عليه‪ ،‬اإلجماع‪ ،‬قال‪ :‬هناك إجماع‪ ،‬على أنّ‬ ‫الصّالة عليه‪ ،‬عليه الصّالة و أفضل السّالم‪ ،‬واجبة على المكلّفين في العمر مرّ ة‬ ‫واحدة‪ .‬واجبة مرّ ة واحدة‪ ،‬غير هذا غير واجب‪ ،‬يكون مندوب مستحبّ ‪.‬‬ ‫ال تقل الزم نصلّي عليه في ك ّل مرّ ة نسمعه‪ .‬القرطبيّ ‪ ‬نقل اإلجماع‪ ،‬قال هناك‬ ‫إجماع‪ .‬قال هي واجبة في العمر مرّ ة واحدة‪ ،‬واضح!‬ ‫و بعضهم قال عكس هذا تماما‪ ،‬فالّذي ُذكر مُتساهل ج ّدا‪ ،‬و يوجد متش ّددون ج ّدا‪،‬‬ ‫ماذا قالوا؟ تجب الصّالة عليه ك ّل ما ُذكر‪ .‬و دليلهم ضعيف‪ ،‬و يقود إلى تأثيم ال ّناس‪،‬‬ ‫من يُصلّي عليه‪ ،‬عليه الصّالة و أفضل السّالم‪ ،‬كلّما ُذكر؟ قليل ج ّدا ج ّدا من ال ّناس‪،‬‬ ‫ال يستطيع ذلك ح ّتى العلماء و ّ‬ ‫الذاكرون‪ ،‬أل ّنه يُذكر مرّ ات‪ ،‬بالماليين ال ّنبيّ يُذكر‪.‬‬

‫في خطبة ُج َمعيّة‪ ،‬في درس‪ ،‬صحيح؟ … ال ّنبيّ … الرّ سول … ‪‬‬

‫… (صعب‬

‫أن يُصلّى عليه كلّما ذُكر)‪ .‬فهذا قول ضعيف‪.‬‬ ‫و بعضهم توسّط‪ ،‬فقال‪ :‬تجب الصّالة عليه في المجلس مرّ ة‪ .‬مجلس علم‪ ،‬مجلس‬ ‫ذكر‪ ،‬خطبة‪ ،‬على األق ّل في المجلس مرّ ة‪.‬‬ ‫و األوّ ل يبدو أقوى‪ ،‬لماذا؟ ألنّ فيه نقل إجماع‪ ،‬صحيح هذا اإلجماع مدخول وعليه‬ ‫تع ّقبات و كالم‪ ،‬لكن مادام قد ُنقل فال ب ّد أن يكون هذا القول قويّا ج ّدا أل ّنه ُنقل فيه‬

‫ال ّدرس األوّ ل‪ :‬الحمد‪ ،‬ال ّ‬ ‫شكر و الصّالة على رسول هللا‬

‫صحيح؟‬

‫اإلجماع‪ .‬طيّب‪.‬‬

‫‪...‬ثم سـلم الل مـع صـلتـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــه‬ ‫على نب ٍّي جاء بالتـوح ـ ـي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـد‪...‬‬ ‫ما معنى أ ّنه جاء بال ّتوحيد؟ أي أُرسِ ل به‪ .‬لم يأت به ِمن لَ ُدنْ نفسِ ه‪ .‬ال‪ ،‬هنا ُتحمل‬ ‫كلمة جاء على معنى أُرسِ ل‪ .‬يعني على نبيّ أُرسِ ل بال ّتوحيد‪.‬‬

‫‪24‬‬


‫أوّ ل شيء نريد أن نعرّ ف ال ّنبيّ ‪ ،‬طبعا انتبهوا‪ ،‬نحن اليوم يمكن ال نقدر أن نشرح‬ ‫ّإال ثالث أبيات أو أربعة أبيات‪ .‬نريد أن نشرح ك ّل الكلمات‪ ،‬كلّما مشينا في المنظومة‬ ‫أكثر يُصبح ال ّشرح أسرع‪ ،‬يمكن نصل إلى سبعة أبيات‪ ،‬عشرة أبيات في ال ّدرس‪.‬‬ ‫لكن اآلن في البداية يكون ال ّشرح بطيئا ج ّدا‪ .‬نريد أن نفسّر ك ّل لفظة ك ّل كلمة‪ .‬أل ّنها‬ ‫منظومة‪ ،‬عِ لم كامل في ‪ 100‬بيت‪ .‬فيجب أن ُتشرح‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫مشتق من ماذا؟ لماذا ُسمّي ال ّنبيّ نبيّا؟ قيل‬ ‫قال‪ :‬على نبيّ ‪ .‬طيّب‪ .‬ال ّنبيّ أو ال ّنبيء‪،‬‬ ‫ُفعل‪ ،‬و قيل فعيل بمعنى مُفعِل‪ ،‬كـ 'نذير'‪ ،‬فعيل‬ ‫ِمن ال ّنبأ‪ ،‬إذن هو فعيل‪ ،‬بمعنى م َ‬ ‫ال ّدرس األوّ ل‪ :‬الحمد‪ ،‬ال ّ‬ ‫شكر و الصّالة على رسول هللا‬

‫نذير؟‬

‫ُم ْنذِر‪،‬‬

‫يُنذر‬

‫بمعنى مُفعِل‪ .‬ما معنى‬ ‫ۡ َ َ ذ َ‬ ‫(‪ )8‬إِن أنت إَِّل ن ِذير ‪.6S،۳۱ W ‬‬

‫غيره‪،‬‬

‫صحيح؟‬

‫ما نذير؟ مُنذر‪ُ ،‬تنذر قو َمك‪ُ ،‬تنذر أُمّتك‪ ،‬فهي فعيل بمعنى مُفعِل‪ .‬و قيل فعيل بمعنى‬ ‫ُفعل‪ ،‬أي ُم ْن َبأ‪ .‬أ ْن َبأه فهو ُم ْن َبأ‪.‬‬ ‫م َ‬ ‫من الّذي أنبأه؟ ‪.‬‬

‫َ َ ۡ َ ۡ َ َ​َ َ َ َ َ َ َذَ َ َۡ ُ ۡ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫(‪...  )8‬قالت من أۢنبأك هَٰذاۖۡ قال نبأ ِ​ِن ٱلعلِيم ٱۡلبِري ‪‬‬ ‫‪.6S،۱ W‬‬ ‫في ال ّتحريم‪ .‬هللا هو الّذي نبّأه أو أنبأه‪ ،‬واضح في السّورة‪ .‬أل ّنه يجوز أن تقول نبّأه‬ ‫أو أنبأه‪ ،‬لكن أيّهما أبلغ؟ نبّأه‪ .‬يعني نبّأه بال ّتفصيل‪ ،‬أعطاه ال ّدقائق‪ .‬أنبأه يعني أنبأه‬ ‫باإلجمال‪ .‬طيّب‪.‬‬ ‫فهو ُم ْن َبأ‪ .‬أنّ هللا أنبأه‪ ،‬أخبره‪ .‬بواسطة أو بغير واسطة؟ بواسطة‪ .‬و هو من؟ سفير‬

‫‪25‬‬

‫ربّ العالمين إلى عباده المرسلين و ال ّنبيّين‪ ،‬جبريل‪ ‬عليه الصّالة و أفضل‬ ‫السّالم‪ .‬فإذن هو ِمن ال َّن َبأ‪ .‬سلّمنا أ ّنه ِمن ال ّنبأ‪ ،‬لكن لماذا قلنا نبيّ ؟ من المفروض‬ ‫نقول نبيء‪ ،‬صحيح؟‬


‫َ َٰٓ َ ُّ َ ذ ي ُ ذ ي َ ۡ َ ۡ َ َٰ َ‬ ‫(‪ )8‬يأيها ٱنل ِبء إِنا أرسلنك ‪.2S،۵۵ W  U‬‬ ‫و هذه قراءة معروفة‪.‬‬ ‫لكن لماذا قلنا نبيّ ؟ ُت َغ َّطش‪ .‬ال تقل نبيء‪ ،‬و إ ّنما تقول نبيّ ‪ .‬و لذلك لمّا قال له‬ ‫هللا ‪ . ‬النبيّ غضب‬ ‫أعرابيّ ‪ :‬يا نبيء هللا‪ .‬قال له‪َ  :‬ال َت ْن ِبرْ ِباسْ ِمي‪ .‬إِ َّن َما أَ َنا َن ِبي ِ‬ ‫أخرجه‬ ‫من هذه اللّغة‪ .‬تعرفون لماذا؟ أل ّنه‪ ،‬أيضا‪ ،‬كلمة نبيء تعني الرّجل الّذي‬ ‫َ‬ ‫قو ُمه‪ ،‬في اللّغة العربيّة‪ .‬النبيّ لم يحب هذا المعنى‪ .‬قال له ال تنبر‪ .‬ما معنى ال تنبر؟‬ ‫على فكرة من الصّفات الّتي سندرسها‪ ،‬لكن هي صفة غير عمليّة‪ ،‬يذكرها بعض‬ ‫العلماء تزايدا‪ ،‬في علم ال ّتجويد دقيقة من ّ‬ ‫أدق الصّفات‪ ،‬سنراها في وقتها‪ ،‬إن شاء‬ ‫هللا‪ ،‬اسمها‪ :‬صفة ال ّنبر‪ .‬طريقة أدائيّة و غريبة ج ّدا‪ .‬أنت أحيانا تقول سمعت إنسانا‬ ‫يقرأ‪ ،‬هو لم يخطئ‪ ،‬لكن‪ ،‬يا أخي‪ ،‬أشعر أنّ قراءته فيها شيء ال أقدر أن أفهمه ما‬ ‫هو‪.‬‬ ‫ال ّنبر عنده فيه مشكلة‪ .‬كيف ال ّنبر‪ ،‬طيّب‪ ،‬هذا؟ نفس الكلمات‪ ،‬نفس اإلعراب‪ ،‬نفس‬ ‫الحروف‪ ،‬ال يوجد أيّ مشكلة‪ ،‬عنده فقط المشكلة في ال ّنبر‪ ،‬ينبرها بطريقة مع ّينة‬ ‫تجعلها توحي لك بشيء مختلف‪ ،‬كأ ّنها ليست هي‪ .‬سنراها في وقتها‪.‬‬ ‫هللا ‪ ، ‬ال تقل لي يا نبيء هللا‪ ،‬و إ ّنما‬ ‫ال ّنبيّ قال له‪َ  :‬ال َت ْن ِبرْ ِباسْ ِمي‪ .‬إِ َّن َما أَ َنا َن ِبي ِ‬

‫ال ّدرس األوّ ل‪ :‬الحمد‪ ،‬ال ّ‬ ‫شكر و الصّالة على رسول هللا‬

‫ِمن ال َّنبْر‪.‬‬

‫نبيّ هللا‪ ،‬واضح! و لذلك ُت ِرك ال َهمْ ُز فيها مع أ ّنها ح ّقا ُته َمز أو ال ُته َمز؟ ُته َمز‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫مشتق‬ ‫إذا قلنا أ ّنها من ال ّنبأ‪ ،‬فهو نبيء‪ ،‬فعيل بمعنى مفعول‪ .‬و قال بعضهم‪ ،‬بل ال ّنبيّ‬ ‫ِمن ال َّن ْب َو ِة‪ ،‬يُقال َي ْن ُبو عن كذا‪ ،‬يعني يرتفع‪ .‬الن ُبو هو االرتفاع‪ .‬و ال َّن ْب َوةُ هي ال ّشيء‬ ‫َ‬ ‫غيره‪ ،‬و رسولنا‪ ،‬عليه ال ّسالم‪،‬‬ ‫المرتفع‪ ،‬الرِّ فعة‪ .‬و هذا واضح‪ ،‬لماذا؟ أل ّنه أرْ َفعُ ِمن ِ‬ ‫هو أرفع خلق هللا‪ ،‬و أشرف خلق هللا‪ ،‬و به ترتفع أ ّم ُته و أتبا ُعه‪.‬‬ ‫هو رفيع في ذاته‪ ،‬ترتفعُ أ َّم ُته برفع ِته و شر ِفه‪.‬‬

‫‪26‬‬


‫َ​َ ُ ُ ۡ َۡ َۡ َ‬ ‫ُ ُ ُّ ۡ‬ ‫َ‬ ‫‪ ...  :8‬وأنتم ٱۡلعلون إِن كنتم مؤ ِمنِني ‪.4S،۳۱۱ W ‬‬ ‫تكونون أعلى شيء و أرفع شيء‪.‬‬ ‫َ َ ۡ َ َ ۡ َ ي َ ۡ ُ ۡ َٰ​َ‬ ‫ُۡ ُ‬ ‫ۡ‬ ‫و قال ‪  :‬لقد أنزنلا إَِلكم كِتبا فِيهِ ذِكرك ِّۚم ‪.e S،۳۰ W  U‬‬ ‫فيه َش َرفُ ُكم و ِر ْف َع ُت ُكم‪ ،‬واضح! هذا هو‪ .‬هنا واضح‪.‬‬ ‫قلنا ِمن غير َهمْ ز‪ ،‬نبيّ من ال َّن ْب َوة من غير همز‪ ،‬واضح! إذا قلنا أ ّنه ِمن ال َّن ْب َوة‪،‬‬ ‫ال ّدرس األوّ ل‪ :‬الحمد‪ ،‬ال ّ‬ ‫شكر و الصّالة على رسول هللا‬

‫فيكون من غير همز‪ .‬هذا كلّه كالم لغويّ ‪.‬‬ ‫لكن نريد كالم علم العقيدة‪ .‬على نبيّ ‪َ ،‬من هو ال ّنبيّ ؟‬ ‫ال ّتعريف‪ ،‬ديفينيسيون‪ : definition ،‬ال ّنبيّ ‪ ،‬هو إنسان حرّ ‪ ،‬ذكر‪ ،‬و لم نذكر من‬ ‫بني آدم‪ ،‬هنا‪ .‬نحن قلنا إنسان‪ ،‬على أساس اإلنسان ال يكون ّإال آدميّا‪ ،‬ال ُنسمّي الجنّ‬ ‫إنسانا‪.‬‬ ‫إنسان‪ ،‬حرّ ‪ ،‬ذكر‪ .‬إذن لمّا قلنا إنسان‪ ،‬خرج ال َملَك أو لم يخرج؟ خرجت المالئكة‪.‬‬ ‫خرج الجنّ أو لم يخرجوا؟ خرج الجنّ ‪ .‬خرج غير هؤالء من بقيّة المخلوقات؟ كلّهم‬ ‫خرجوا‪ ،‬صحيح؟‬ ‫حر‪ ،‬خرج العبد أو لم يخرج؟ خرج العبد‪ .‬ال يوجد نبيّ يكون من الرّ قيق‪ ،‬ال ب ّد أن‬ ‫يكون حرّ ا‪.‬‬ ‫ذكر‪ ،‬خرج من هنا؟ اإلناث‪ ،‬صحيح؟ و سنشرح اآلن‪.‬‬ ‫إذن هو إنسان حرّ ‪ ،‬ذكر‪ ،‬مبرّ أ ِمن ك ّل عيب ُم َن ِّفر طبعا‪ ،‬يعني في الخِلقة‪ ،‬مبرّ أ من‬ ‫ك ّل تشوّ ه‪ ،‬أو مرض‪ ،‬أو أيّ شيء‪ ،‬أُوح َِي إليه بشرع يعمل به في خاصّة نفسه و لم‬ ‫يُؤمر بتبليغه‪.‬‬

‫‪27‬‬

‫خذ آخر قيد‪ ،‬هذا‪ ،‬فإن أ ُ ِمر بتبليغه فهو؟ الرّ سول‪ .‬هذا ال ّتعريف‪ ،‬واقتدى به ال ّشيخ‬ ‫‪‬إبراهيم بن محمّد ال َبيْجوريّ ‪ ،‬في ال ّتحفة‪.‬‬


‫و زاد بعضهم‪ ،‬و معصوم‪ ،‬و تكلّم في العِصمة‪ ،‬من صغيرة و لو قبل ال ّنبوّ ة‪ .‬وأَ ْك َم ُل‬ ‫مُعاصريه‪ ،‬غير الرّ سل‪ .‬طبعا‪ ،‬أل ّنه إذا كان هناك رسول و نبيّ ‪ ،‬الرّ سول أعلى منه‪.‬‬ ‫فكالمنا في ال ّنبيّ ‪.‬‬ ‫فزاد بعضهم هذين ال َقيْدَ يْن على ال ّتعريف األوّ ل‪ .‬فهذا هو ال ّتعريف الجامع‪ ،‬المانع‬ ‫لل ّنبيّ ال ب ّد أن نشرحه‪.‬‬ ‫إنسان‪ .‬إذا قلنا إنسان و أردنا أن نخرج الجانّ ‪ .‬طبعا‪ ،‬المالئكة تخرج‪ ،‬ال يقال‬ ‫للمالئكة أ ّنها من بني اإلنسان‪ ،‬معروف‪ .‬لكن إذا قلنا إنسان‪ ،‬من المعروف أنّ الجنّ‬ ‫هللا جعل المقابلة بين اإلنس و الجانّ ‪.‬‬ ‫ََۡ‬ ‫َ َي‬ ‫َ ۡ ۡ‬ ‫قال ‪  :‬ل ۡم َيط ِمث ُه ذن إِنس قبل ُه ۡم َوَّل جان ‪.k S،۴۵ W ‬‬ ‫إذن الجانّ شيء و اإلنس شيء‪ ،‬صحيح؟ من غير تكلّف‪ .‬إذن خرج الجنّ ‪.‬‬ ‫قد يقول أحدكم لكن هناك مشاكل‪ ،‬لماذا؟ تقول ألنّ هللا قال أنّ الجنّ فيهم رسل‪،‬‬ ‫والرّ سول نبيّ و زيادة‪ ،‬كما قال ‪‬ال ّنوويّ ‪ :‬الرّ سول نبيّ و زيادة‪ .‬كما قلنا‪،‬‬ ‫القيد‪ .‬يعني أُو ِح َي إليه بشرع يعمل به في نفسه و يُؤمر بتبليغه‪ ،‬إذن صار نبيّا‬ ‫وزيادة‪.‬‬

‫َ َۡ َ َ ۡ َ ۡ‬ ‫ُ‬ ‫َ​َۡ َۡ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫ُ‬ ‫نس ألم يأت ِكم رسل مِنكم ‪W  U‬‬ ‫ٱۡل ِ‬ ‫تقول ال‪ ،‬هللا قال‪  :‬يَٰمعَش ِ‬ ‫ٱۡل ِن و ِ‬

‫ال ّدرس األوّ ل‪ :‬الحمد‪ ،‬ال ّ‬ ‫شكر و الصّالة على رسول هللا‬

‫ال يقال فيه إنسان‪ ،‬غير معروف هذا في لغة العرب‪.‬‬

‫‪.A S،۳۱۰‬‬

‫رسل منكم‪ ،‬يعني رسل من الجنّ و رسل من اإلنس‪ .‬نقول ال‪ ،‬ليس المقصود برسل‬ ‫منكم‪ ،‬رسل من اإلنس و الجنّ ‪ ،‬ال‪ .‬المقصود رسل منكم‪ ،‬يعني من اإلنس‪ ،‬من‬ ‫بعضكم‪ ،‬من باب إطالق الك ّل و إرادة البعض‪.‬‬ ‫قد يقول أحدكم‪ ،‬كيف‪ ،‬لم أفهم هذه الفلسفة؟ هذه لغة العرب‪.‬‬ ‫اسمع قوله‪ ،‬تبارك و تعالى‪:‬‬

‫‪28‬‬


‫‪َ ‬ألَمۡ‬

‫َ‬ ‫َ َۡ‬ ‫ُ‬ ‫تَ َر ۡوا ْ َك ۡي َف َخ َل َق ذ ُ‬ ‫ٱَّلل َس ۡب َع َس َم َٰ َو َٰٖ‬ ‫ت ِط َباقا ‪َ ١٥‬و َج َعل ٱلق َم َر فِي ِه ذن نورا َو َج َعل‬

‫ذ‬

‫ٱلش ۡم َس ِ َ‬ ‫ِساجا ‪ ۳۵ W ‬و ‪.G S،۳۶‬‬ ‫جعل القمر فيهنّ !‬ ‫قد يقول أحدكم غير صحيح‪ ،‬القمر فقط في السّماء ال ّدنيا‪ .‬صح‪ .‬و كيف قال هللا‬ ‫فيهنّ ؟ معروف‪ ،‬أطلق الك ّل و أراد البعض‪ .‬ظاهر اآلية‪ ،‬جعل القمر في السّماوات‬ ‫السّبع‪ ،‬و المقصود أ ّنه في السّماء ال ّدنيا فقط‪ ،‬أو غير صحيح؟ كما أنّ ال ّشمس في‬ ‫ال ّدرس األوّ ل‪ :‬الحمد‪ ،‬ال ّ‬ ‫شكر و الصّالة على رسول هللا‬

‫السّماء ال ّدنيا‪َ ،‬وهْ م‪ ،‬هذا وارد‪ ،‬ما المشكلة؟‬ ‫و قد يقول أحدكم عندي اعتراض آخر‪ ،‬نقول له ما هو؟‬ ‫َ ۡ َ ذ َ ُّ ي َ‬ ‫َ​َ ي َۡ َ ۡ‬ ‫ۡ َۡ ُۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َٰٓ‬ ‫فتقول هللا قال‪  :‬وما أرسلنا مِن قبلِك إَِّل رِجاَّل نو ِ​ِح إَِل ِهم مِن أه ِل ٱلقرىۗۡ ‪ U‬‬ ‫‪.M S،۳۰۱ W‬‬

‫ذكر‪ ،‬فقط‪ ،‬أنّ ال ّشرط في الرّ سول يكون رجال‪ ،‬صحيح؟ المالئكة ال يُقال فيهم‬ ‫رجال‪ّ ،‬إال رجاال ُنحي إليهم من أهل القرى‪ ،‬و الجنّ رجال‪ ،‬لماذا ال يكونون رسل‪،‬‬ ‫يا أخي؟ نقول له مِن أين أتي َ‬ ‫ت بهذا ال ّشرط‪ ،‬كيف هذا؟‬ ‫َ ۡ‬ ‫َُ ُ َ‬ ‫َ​َذُ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ون بر َجال مِنَ‬ ‫ٱۡل ِ‬ ‫نس يعوذ ِ ِ ٖ‬ ‫فيقول‪ :‬قال تعالى في سورة الجنّ ‪  :‬وأنهۥ َكن رِجال مِن ِ‬ ‫ۡ َ​َ ُ ُ ۡ َ​َ‬ ‫ٱۡل ِن فزادوهم رهقا ‪.I S،۶W ‬‬ ‫ِ‬

‫نقول له‪ :‬ال‪ ،‬هذه رجال مقيّدة أو مطلقة ؟ مقيّدة‪ ،‬ففسد االستدالل‪ .‬فعندما نقول رجال‬ ‫من الجنّ ‪ ،‬أصبحت مقيّدة‪ ،‬و هللا قال ّإال رجاال‪ .‬و لمّا نقول رجال هكذا‪ ،‬مباشرة‬ ‫‪29‬‬

‫تنصرف إلى ماذا؟ إلى اإلنس ّيين‪ .‬رجال اإلنس‪ ،‬باإلطالق هكذا‪.‬‬


‫لكن تقول لي رجل من الجنّ ‪ ،‬هذا شيء ثاني‪ .‬رجل من الجنّ ‪ ،‬يعني ج ّني‪ ،‬ليس‬ ‫إنسان‪ .‬فهذه ليست حجّ ة‪.‬‬ ‫ۡ َۡ ُۡ‬ ‫َ‬ ‫َٰٓ‬ ‫ث ّم‪ ،‬هللا قال‪...  :‬مِن أه ِل ٱلقرىۗۡ ‪.M S،۳۰۱ W  U‬‬ ‫هذا جواب من عندي‪ِ .‬من أهل القرى‪ ،‬يعني رجال إنسيّين من ال ّناس الّذين ترونهم‪،‬‬ ‫الّذين تعرفونهم‪ ،‬يعني معروفين‪ ،‬آباؤهم‪ ،‬و أجدادهم‪ ،‬و قبائلهم‪ ،‬و أنسابهم‪،‬‬ ‫وأحسابهم‪ ،‬صح أو ال؟ قال ِمن أهل القرى‪ .‬فيا أنتم عن هذا القيد أيضا‪ ،‬هنا لدينا‬ ‫ضر‪ ،‬ليس من أهل البادية‪ ،‬صحيح؟ ومعروفون‬ ‫الح َ‬ ‫قيدان‪ ،‬الرّ جوليّة و كونه من أهل َ‬ ‫من عالم الغيب‪ ،‬أو غير صحيح؟ من الم َُغ َّي َبات‪ ،‬فالصّحيح أنّ الجنّ ليس منهم أنبياء‬ ‫ن يعني)‪ ،‬درجة الصَّالح‪.‬‬ ‫وال رسل‪ ،‬و غاية ما وصلوا إليه‪( ،‬الج ّ‬ ‫َ َ ذ ذ ذ َٰ ُ َ َ ذ ُ َ َ َٰ َ‬ ‫‪ ‬وأنا مِنا ٱلصلِحون ومِنا دون ذل ِك ۖۡ ‪.I S،۳۳ W  U‬‬ ‫ص ّدقيّة‪ .‬ال يوجد جنّ ص ّديق‪ ،‬ال‪.‬‬ ‫ال يصلون إلى ال ّنبوّ ة‪ ،‬و ال ح ّتى لل ّ‬ ‫ص ّدقيّة درجة عالية تكون لإلنس‪ ،‬ال تكون للجنّ ‪ ،‬واضح! هذا‬ ‫يكون صالحا نعم‪ .‬ال ّ‬ ‫كالم العلماء‪ ،‬فيه مباحث طويلة ج ّدا‪ ،‬طيّب‪.‬‬

‫ال ّدرس األوّ ل‪ :‬الحمد‪ ،‬ال ّ‬ ‫شكر و الصّالة على رسول هللا‬

‫لنا‪ .‬فإذا كان مِن الجنّ ‪ ،‬لن نعرفه‪ ،‬بدوي أو حضري‪ ،‬لن نعرف عنه أيّ شيء‪ ،‬أل ّنه‬

‫إنسان حرّ ‪ ،‬فالعبد ال يكون نبيّا‪.‬‬ ‫الع َقديّة‪ ،‬يمكن بعضكم قرأها و عرفها‪ ،‬المعروفة‬ ‫قال ‪‬الفرغانيّ ‪ ‬في منظومته َ‬ ‫ببدء األمالي‪:‬‬

‫و ما كانت نبيا قط ِأنـثى و ال عبد و شخص ذو افتعال‪.‬‬ ‫ما شخص ذو افتعال؟ يعني شخص غير مستقيم‪ ،‬يعمل مشاكل و كذا و كبائر‪ ،‬غير‬ ‫معصوم‪ .‬ال ّنبيّ ال يكون هكذا‪ .‬ال ّنبيّ ال يكون أنثى‪ ،‬و ال يكون عبدا‪ ،‬و ال يكون‬

‫‪30‬‬


‫شخصا غير معصوم‪ .‬هو ذكر ثالث شروط‪ ،‬هنا‪ ،‬ذكر ثالثة قيود‪ .‬فإذن العبد ال‬ ‫يكون نبيّا‪.‬‬ ‫طيّب‪ ،‬قد يقول أحدكم‪ :‬لماذا‪ ،‬يا أخي‪ ،‬هذه ال ّتفرقة‪ ،‬ما هذه ال ّنظرة العُنصريّة؟‬ ‫أستغفر هللا العظيم‪ ،‬هذا كفر و قلّة أدب‪ ،‬ال ّنظرة العنصريّة عند ربّ الع ِّزة‪ ،‬ال ّنظرة‬ ‫العُنصريّة‪ ،‬ربّ العالمين‪.‬‬ ‫لكن هناك قضايا اجتماعيّة فهمها مثل ما فهمها ‪‬بن خلدون‪ :‬العبد يستطيع أن‬ ‫ال ّدرس األوّ ل‪ :‬الحمد‪ ،‬ال ّ‬ ‫شكر و الصّالة على رسول هللا‬

‫يكون نبيّا‪ ،‬س َي َّت ِب ُعه ال ّناس‪ .‬لن ي ّتبعوه‪ ،‬أصال‪ .‬رسول هللا هو حرّ بن حرّ ‪ ،‬و هو خيار‬ ‫العرب‪ ،‬و مِن سِ َطت ِ​ِهم نسبا‪ .‬قبيلته أحسن القبائل‪ ،‬و قومه أحسن األقوام‪ ،‬و مع ذلك‬ ‫لم يكن غنيّا و ال صاحب كنوز‪ ،‬ماذا قالوا؟ قالوا‪ :‬هذا اليتيم‪ ،‬يتيم أبي طالب‪ ،‬الّذي‬ ‫كان يكفُلُه عمه‪ ،‬هل ن ّت ِبعه نحن؟ ال‪ ،‬لم يدخل أدمغتنا هذا الكالم‪.‬‬ ‫َ ُ ْ َ َ ُ َ َ َ ُۡ‬

‫ُ َ​َ‬

‫ُ‬

‫َۡ َ​َۡ‬

‫َ‬

‫‪َ ‬وقالوا ل ۡوَّل نزل هَٰذا ٱلق ۡر َءان َٰ َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫ني ع ِظيم ‪.M S،۱۳ W ‬‬ ‫لَع رج ٖل مِن ٱلقريت ِ‬ ‫ِ‬ ‫قالوا‪ :‬لو واحد يكون‪ ،‬ما شاء هللا‪ِ ،‬من ثقيف أو ِمن قريش‪ ،‬غنيّ على األق ّل يا أخي‪.‬‬ ‫أرأيتم؟ فكيف‪ ،‬لو عبد‪ ،‬مستحيل‪ .‬يقتلونه مباشرة‪ .‬فأنت افهمها سوسيولوجيّا‬ ‫واجتماعيّا‪ ،‬أو غير صحيح؟‬ ‫و أنا أقول لكم‪ ،‬إلى ح ّد اآلن‪ ،‬كم تطوّ رت األيديولوجيّات‪ ،‬و األفكار‪ ،‬و الفلسفات‪،‬‬ ‫و العقل البشريّ ‪ ،‬و ال ّتعاطي اإلنسانيّ ؟ إلى اليوم ال يزال اإلنسان إنسانا و ضعيفا‪،‬‬ ‫أمام بعض الهيئات‪ ،‬أمام بعض االشتراطات االجتماعيّة‪ ،‬ضعيف‪ّ .‬إال أن يكون‪ ،‬أنا‬ ‫أقول لكم‪ ،‬شخصا عبقريّا‪ ،‬في تفكيره‪ ،‬في فلسفته‪ ،‬في نظرته للحياة‪.‬‬

‫‪31‬‬

‫جمهور ال ّناس‪ ،‬ال نقول ال ّدهماء‪ ،‬ح ّتى المتعلّمون‪ ،‬ح ّتى األغنياء‪ ،‬ح ّتى المتديّنون‪،‬‬ ‫يخضعون لإلنسان الّذي تكون له مرتبة‪ ،‬يخضعون لإلنسان الّذي عنده مال‪ ،‬ح ّتى‬


‫لو كان‪ ،‬حاشاكم‪ ،‬جزمة مليئة ّ‬ ‫بالذهب‪ ،‬صحيح؟ نحن نعرف أصحاب الماليين الك ّل‬ ‫يتزلّفون لهم‪.‬‬ ‫أنا رأيت علماء و مشايخا‪ ،‬يا أخي‪ ،‬كيف يخضعون خضوعا غريبا ج ّدا ألصحاب‬ ‫األموال‪ ،‬وهللا العظيم‪ ،‬أنا احتقرتهم في ذلك‪ ،‬ال أحبّ هذا ال ّ‬ ‫شيء‪ .‬شيء غريب‪،‬‬ ‫وهذا الغنيّ ال يعرف يتكلّم كلمتان‪ ،‬بصراحة‪ .‬لكن عنده أموال‪ ،‬قلت ما شاء هللا‪ .‬لو‬ ‫تحترم أهل العلم و الصّالح و أولياء هللا‪ ،‬هذا االحترام‪ ،‬ال ّناس ستكون على خير‬ ‫كثير‪ .‬شيء عجيب‪ ،‬و ك ّل ما يقولونه يبصمون (هؤالء المشايخ) لهم‪ :‬صحيح و هللا‬ ‫هذا‪ .‬هللا يرحم ال ّ‬ ‫شيخ ‪‬الغزاليّ ‪ ‬قال‪ :‬أل ّنه َنعْ ل مليئة ذهبا‪ ،‬يحترمه و يق ّدسه‬ ‫ال ّناس‪ .‬و هؤالء علماء‪ ،‬و عندهم شهادات و عندهم كذا‪ ،...‬لكن هم هكذا‪ .‬هكذا هم‬ ‫ال ّناس‪ .‬صح أو ال؟‬ ‫كيف لو كان وزيرا؟ كيف لو كان رئيسا؟ كيف لو كان َملِكا؟ يذوبون عنده‪ ،‬هكذا‬ ‫ال ّناس‪.‬‬ ‫و عبد رقيق‪ ،‬إن شاء هللا عنده ك ّل الحكمة‪ ،‬ال تريده ال ّناس‪ .‬يقولون ما هذا‪ ،‬يا أخي؟‬ ‫أو غير صحيح؟‬ ‫ال ّناس‪ ،‬اليوم‪ ،‬يمكن تكون‪ ،‬أنت‪ ،‬عالم كبير‪ ،‬يمكن تكون مثل ‪‬أبي حنيفة‪ ،‬وال‬

‫ال ّدرس األوّ ل‪ :‬الحمد‪ ،‬ال ّ‬ ‫شكر و الصّالة على رسول هللا‬

‫يا سيدي‪ ،‬و هللا صحيح يا سيدي‪ .‬و هو غير صحيح‪ ،‬و ال يعرف رأسه من قدمه‬

‫تملك شهادات‪ ،‬يش ّكون في علمك‪ .‬يقولون‪ :‬طيّب‪ ،‬يا أخي‪ ،‬لماذا ال يملك شهادات‬ ‫هذا؟‬ ‫يعني العلم كلّه ال يُقنعهم‪ ،‬يريدون شهادات‪ .‬ضِ عاف‪ .‬ال ّناس ال يزالون ضعفاء أمام‬ ‫هذه األشياء‪ ،‬أو غير صحيح؟ أمام المنصب‪ ،‬أمام اللّقب‪ ،‬أمام اللِّبس‪ ،‬يرى أحدا‬ ‫البس مشرتح‪ ،‬أيضا‪ ،‬يحتقرونه‪ ،‬صحيح؟ و تذبل أعينهم عنه‪ ،‬و يزدرونه‪ .‬يقولون‪:‬‬ ‫ما هذا؟‬

‫‪32‬‬


‫لذلك كبار ال ّدعاة‪ ،‬كانوا أذكياء ج ّدا‪ ،‬كانوا يهتمّون بمظهرهم ج ّدا‪ ،‬ح ّتى الرّ سول‪،‬‬ ‫كان يهت ّم بمظهره‪ ،‬يسوّ ي لحيته‪ ،‬و يضبط عمامته قبل أن يخرج ألصحابه‪ .‬وكان‬ ‫عنده ماء ينظر فيه‪ ،‬كأ ّنها مرآة‪ ،‬يضبط حاله فيها‪ .‬ألنّ ال ّناس ّ‬ ‫تتأثر بهذه األشياء‪.‬‬ ‫فيقولون‪ :‬اُنظر‪ ،‬حاطها غلط‪ ،‬مش حاطها صح عليه‪...‬‬ ‫فتنزل من عينه أنت‪ .‬يبحثون على المظهر و ال يبحثون على الجوهر‪َ ،‬من الّذي‬ ‫يبحث عن الجوهر؟ العبقريّ ‪ ،‬و قليل ج ّدا أن تجد مثله‪ ،‬فهو ال يهت ّم بك ّل هذه األشياء‪.‬‬

‫ال ّدرس األوّ ل‪ :‬الحمد‪ ،‬ال ّ‬ ‫شكر و الصّالة على رسول هللا‬

‫ال يهت ّم ال للّقب‪ ،‬و ال للسّنّ ‪ ،‬و ال للغنى‪ ،‬و ال للفقر‪ ،‬و ال للمكانة‪ ،‬يريد المعنى‪،‬‬ ‫الجوهر‪ ،‬صحيح؟ هذا قليل ج ّدا‪ ،‬ال تجد في البليون واحد منه‪ .‬في األرض كلّها‬ ‫تجدهم يُع ّدون على أصابع اليد هؤالء ال ّناس‪ .‬و هؤالء يمكن لو وُ جدوا‪ ،‬فهم الّذين‬ ‫سيغيّرون الحياة‪ ،‬هؤالء العباقرة‪ ،‬الّذين يبحثون عن الجوهر‪ .‬لكن ال تكاد تجد أحدا‪.‬‬ ‫و بقيّة ال ّناس عندهم استعداد أن يكونوا مص ّفقين‪ ،‬أوائل في ال ّتسقيف و الهتافات‪،‬‬ ‫معروف‪ ،‬صح أو ال؟‬ ‫و في نفس الوقت‪ ،‬اليوم يمكن يس ّقفوا ألحد ما ليُق ّدسوه‪ ،‬و غدا يس ّقفوا لكي ُيعدم‪،‬‬ ‫'اعدموه‪ .‬الخائن الملعون'‪ ،‬هذه طريقة ال ّناس‪.‬‬ ‫فربّنا خلق اإلنسان‪ ،‬و عارف ال ّناس‪ ،‬و عارف المجتمع و يعرف ال ّناس كيف‬ ‫يتعاطون مع بعضهم‪ ،‬عارفهم‪ .‬اُنظر‪ ،‬أنت‪ ،‬ح ّتى المجتمعات الغربيّة‪ ،‬أسوأ م ّنا في‬ ‫ذلك‪ ،‬وهللا‪ .‬تقديسهم للمظاهرة‪ ،‬و تقديس لأللقاب‪ ،‬شيء غير طبيعيّ ‪ .‬تقديس حقيقيّ‬ ‫عندهم هذه األشياء‪ ،‬وهللا العظيم‪ ،‬شيء غير طبيعيّ ‪.‬‬ ‫أنا رأيت‪ ،‬و أنت رأيت‪ ،‬و كلّنا رأينا‪ ،‬خاصّة هنا في الغرب‪ ،‬في ع ّدة وقائع‪ ،‬تذهب‬ ‫لمؤسّسة معيّنة‪ ،‬أو هيأة حكوميّة معيّنة‪ ،‬عندهم ِك ْبر غير طبيعيّ ‪ ،‬األجانب‪ ،‬صحيح؟‬ ‫يقول لك‪ :‬فاز مختن زي‪ ،)was machten sie...( ...‬و يعمل هكذا و هكذا‪،‬‬

‫‪33‬‬

‫تقول له أنا فالن الفالني‪ .‬يختلف في لحظة‪ .‬أنا‪ ،‬أقسم باهلل‪ ،‬استغربت‪ ،‬صارت معي‬ ‫ع ّدة مرّ ات‪ .‬تقول له كذا و أنا بعثني فالن‪ .‬و يقلّك ماذا تشرب؟ و قبل قليل كان‪...‬‬


‫هم هكذا‪ ،‬و يعتبرونها شطارة و لباقة‪ِ .‬ال َبس لك ّل حالة لبوسها‪ .‬مع حقير‪ ،‬يتحاقر‬ ‫عليك‪ .‬أنت أكبر منه تصير لك جزمة‪ ،‬و العياذ باهلل‪ ،‬ما هذه الحقارة! تربية حقيرة‪،‬‬ ‫صحيح؟‬ ‫في اإلسالم ال يوجد عندنا مثل هذا‪ .‬لكن أين هي ال ّتربية اإلسالميّة؟ هل هي واضحة‬ ‫فينا؟ يزعجنا ج ّدا‪ ،‬أنت لمّا ترى في التلفاز يقولون‪ :‬هناك دول اإلسالميّة و ناس‬ ‫ّ‬ ‫متأخرة‪،‬‬ ‫إسالميّين‪ ،‬و يأتي أحدهم يقول هناك صفوف أولى و هناك صفوف‬

‫به المجلس‪ ،‬و هو رسول هللا‪ ،‬عليه السّالم‪ .‬لكن هل نطبّق هذا الكالم؟ ال نطبّقه‪،‬‬ ‫وال نريد تطبيقه‪ ،‬و كبير على نفوسنا‪ ،‬صحيح؟ هذه جاهليّة‪ ،‬هذه جاهليّة‪ .‬لكن ربّنا‬ ‫أعلم بالبشر و عارف‪ ،‬و لذلك هو أعلم‪ ،‬تبارك و تعالى‪ .‬طيّب‪.‬‬ ‫ُحر‪ ،‬و قلنا َذ َكر‪ ،‬إذن األنثى ال تكون نبيّة‪.‬‬ ‫حكى ‪‬أبو المعالي‪ ،‬و هو ‪‬الجُ َويْنيّ ‪ ،‬و ‪‬أبو يعلى الفرّ اء‪ ‬الحنبليّ ‪،‬‬ ‫رحمة هللا تعالى عليهما‪ ،‬و غيرهم‪َ ،‬ح َكوا إجماع على أ ّنه لم تتنبّأ أنثى ّ‬ ‫قط‪.‬‬ ‫لكنّ هذا اإلجماع‪ ،‬أيضا‪ ،‬مطعون‪ ،‬بمخالفة ‪‬بن حزم‪ ،‬رحمة هللا عليه‪ ،‬و هناك‬

‫ال ّدرس األوّ ل‪ :‬الحمد‪ ،‬ال ّ‬ ‫شكر و الصّالة على رسول هللا‬

‫ي اإلسالم‬ ‫والصّفوف األول لناس معيّنين‪ .‬و هذا كله ليس ِمن َه ْديِ اإلسالم‪َ .‬ه ْد ُ‬ ‫تجلس حيث انتهى بك المجلس‪ ،‬ح ّتى و لو كنت نبيّا‪ .‬ال ّنبيّ كان يجلس حيث انتهى‬

‫غير ‪‬بن حزم‪ ‬أيضا‪ ،‬القرطبي‪ ‬عنده كالم شبيه‪ ،‬قال‪ :‬هناك نساء كثيرات‬ ‫ُن ِّب ْئ َن‪ ،‬ليس أُرْ سِ ْل ِن‪ ،‬انتبه‪ .‬لم يقع خالف أ ّنه لم ُترسل امرأة‪ُ ،‬ترسل ال‪ .‬لكن تتنبّأ‪،‬‬ ‫نعم‪ ،‬يُوحى إليها بشرع و ال ُتؤمر بتبليغه‪ ،‬تعمل به‪ .‬فقيل بنبوّ ة َمن؟‬ ‫نذكرهم بال ّترتيب‪ ،‬بنبوّ ة ‪‬حوّ اء‪ ،‬عليها السّالم‪ ،‬قالوا كانت نبيّة‪ ،‬أ ّم البشر‪ .‬وقيل‬ ‫بعد ذلك بال ّترتيب‪ ،‬بنبوّ ة ‪‬سارّ ة‪ ،‬زوج إبراهيم‪ ،‬و بنبوّ ة ‪‬هاجر‪ ،‬أ ّم‬ ‫‪34‬‬


‫ۡ َ ۡ َ ۡ َ ي َ َٰٓ ُ َ‬ ‫‪‬إسماعيل‪َ ،‬برَّ تِها‪ ،‬عليهم السّالم‪ .‬و بنبوّ ة ‪‬أ ّم موسى‪  ،‬إِذ أوحينا إَِل أمِك‬ ‫َ ُ َ‬

‫ما ي َٰٓ‬ ‫وِح ‪.c S،۱۳ W ‬‬ ‫و بنبوّ ة ‪‬آسيا‪ ،‬زوج فرعون في زمان ‪‬موسى‪ ،‬و أخيرا‪ ،‬سادسا‪ ،‬بنبوّ ة‬ ‫‪‬مريم‪ ،‬عليها السّالم‪ .‬قيل بنبوّ ة هؤالء جميعهنّ ‪ ،‬و بعضهم قال بنبوّ ة بعضهنّ‬ ‫دون بعض‪ ،‬و فيه خالف‪.‬‬ ‫و رأينا أنّ بعضهم حكى اإلجماع‪ ،‬أ ّنه لم تتنبّأ أنثى ّ‬ ‫قط‪.‬‬ ‫ال ّدرس األوّ ل‪ :‬الحمد‪ ،‬ال ّ‬ ‫شكر و الصّالة على رسول هللا‬

‫و كون المالئكة تكلّم ‪‬مريم‪ ،‬كما رأينا أمس‪ ،‬أو 'أوحينا إلى أمّك'‪ .‬هذا كلّه‬ ‫ليس دليال‪ ،‬ألنّ المالئكة تكلّم غير األنبياء‪ ،‬ما المشكلة؟‬ ‫كلّمت الصّحابة‪ ،‬تكلّم الصّالحين‪ .‬بعض الصّالحين يرى المالئكة‪ ،‬يراها رؤية‪ ،‬ال‬ ‫يوجد مشكلة‪.‬‬

‫يح ۡٱب ُن َم ۡر َي َم إ ذَّل َر ُسول قَ ۡد َخلَ ۡ‬ ‫ٱلر ُس ُل َوأُ ُّمهۥُ‬ ‫س ُ‬ ‫(‪  )8‬ذما ٱل ۡ َ‬ ‫ت مِن َق ۡبلِهِ ُّ‬ ‫م‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ َ َ َۡ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ذ‬ ‫ص ِديقة َۖۡكنا يأكَل ِن ٱلطعام ۗۡ ‪.8 S،۴۵ W  U‬‬ ‫ِ‬

‫ص ّدقيّة‪ .‬هللا يريد أن يمدحها هنا‪ .‬إذن‬ ‫فأعلى ما َبلغ بها الكتاب العزيز‪ ،‬ما هو؟ ال ّ‬ ‫ص ّدقيّة‪ .‬كان يمكن أن يقول‪:‬‬ ‫أعلى ما ُبلِغ بها في الكتاب العزيز هو مرتبة ماذا؟ ال ّ‬ ‫و أمّه نبيّة‪ ،‬صحيح؟ هللا ال يوجد أحد يمنعه‪ ،‬يقول لك‪ :‬نبيّة‪ ،‬لكن هو قال ص ّديقة‪.‬‬ ‫و هذا هو الرّ اجح‪ ،‬رأي الجماهير يكون دائما أرجح إن شاء هللا‪ ،‬تبارك و تعالى‪.‬‬ ‫و لم يقع خالف أ ّنه لم ُترسل امرأة‪ ،‬وقع خالف في ال ّنبوّ ة‪ ،‬صحيح؟ كما رأينا‪ ،‬لكن‬ ‫لم يقع خالف في الرّ سالة‪ ،‬انتبهوا‪ ،‬في الرّ سالة ال‪ .‬لماذا؟ ألنّ الرّ سالة تحتاج ُم َكا َم َع َة‬ ‫الخلق‪ ،‬و مجاهدتهم‪ ،‬و مقاتلتهم‪ ،‬و ال ّنساء ال يستطعن ذلك‪ ،‬أو غير صحيح؟ هو‬

‫‪35‬‬

‫رسوله‪ ،‬كان الوضع صعب ج ّدا ج ّدا عليه‪ ،‬و ماذا حصل له‪ .‬تريد امرأة تتعرّ ض‬ ‫لهذه األشياء؟ صعب ج ّدا‪ ،‬ال تستطيع ذلك‪ .‬طيّب‪.‬‬


‫إذن هو إنسان‪ ،‬حرّ ‪ ،‬ذكر‪ ،‬مبرّ أ من ك ّل من ّفر طبعا‪ ،‬أيّ شيء َي ْنفُر منه طبع اإلنسان‪،‬‬ ‫ال ب ّد لهذا ال ّنبيّ أن يكون مبرّ أ منه‪ .‬ال يكون مجذوما‪ ،‬ال يكون فيه أيّ عيب خِلقي‪.‬‬ ‫قد يقول أحدكم‪ :‬ال‪ ،‬عندنا ِقصّة ‪‬أيّوب‪ .‬نقول له هذه إسرائيليّات‪ ،‬هذا كالم‬ ‫فارغ‪ ،‬لم يص ّح ال في كتاب هللا‪ ،‬تبارك و تعالى‪ ،‬و ال في س ّنة رسول هللا‪ ،‬لم َيثبُت‬ ‫ال في كتاب و ال في س ّنة‪ ،‬أنّ ‪‬أيّوب‪ ‬أ ُ‬ ‫صيب بمرض كما يقول بنو إسرائيل‪،‬‬ ‫َ‬ ‫و جعل ال ّدود يسعى في بدنه‪ ،‬يأكل منه و يساقط لحمه‪ ...‬و الكالم الفارغ هذا‪ ،‬قلّة‬

‫من أمراض الرماتيزم‪ ،‬هذا األرجح يعني‪ .‬ما كان يقدر على الحركة‪ ،‬تصلّبت‬ ‫مفاصله‪ ،‬ال يستطيع الحركة مع آالم‪ ،‬طبعا‪ ،‬مبرِّ حة‪ .‬هذا األرجح‪ .‬لكن ال تقل مرض‬ ‫و لحمه يتساقط‪ ،‬و يخرج منه ال ّدود و َر َم ْو ُه على مزبلة‪ ،‬أعو باهلل‪ ،‬يا أخي‪ .‬على‬ ‫مزبلة؟ نبيّ يُرمى على مزبلة؟ هللا أكرم‪ ،‬و أنبياؤه أكرم عنده عليه ِمن أن يفعل بهم‬ ‫هذا الفعل‪ ،‬يا أخي‪ ،‬هذه إسرائيليّات قبيحة‪ ،‬و هم نسبوا إلى أنبياء هللا ما هو أسوأ‬ ‫من ذلك‪ ،‬هذا كالم ال نقول به‪.‬‬ ‫ۡ ذ ۡ َ َ‬ ‫أيضا ‪‬يعقوب‪َ ...  ،‬وٱب َيضت ع ۡيناهُ ‪.M S،۳۵ W  U‬‬

‫ال ّدرس األوّ ل‪ :‬الحمد‪ ،‬ال ّ‬ ‫شكر و الصّالة على رسول هللا‬

‫أدب على األنبياء‪ ،‬ما هذا الكالم الفارغ؟ هللا ال يفعل هذا مع نبيّ من أنبيائه‪.‬‬ ‫و األرجح‪ ،‬وهللا‪ ،‬تبارك و تعالى‪ ،‬أعلم‪ ،‬أ ّنه أُصيب بمرض أشبه بأن يكون مرضا‬

‫هذا غير ُم َن ِّفر‪ .‬اإلنسان لمّا يصاب بال ِك ْت َر ْكت‪ ،‬أو الماء البيضاء‪ ،‬ال ّناس َت ْنفُر منه‬ ‫و َت َت َق َّزز منه؟ هذا غير ُم َق ِّزز‪.‬‬ ‫ث ّم أيضا جواب آخر‪ ،‬قال به علماء العقيدة‪ ،‬نعم قد يُقال‪ :‬إنّ ذلك حصل لهم بعد‬ ‫تقرير معنى نبوّ تهم‪ .‬بعد ما صاروا أنبياء‪ ،‬و ال ّناس عرفوا أ ّنهم أنبياء‪ ،‬وقع لهم‬ ‫ذلك‪ ،‬هذه األمراض و هذه األشياء‪.‬‬ ‫و الكالم إ ّنما هو في ما قارن ال ّنبوّ ة‪ ،‬ال في ما أعقبها‪ .‬يعني ال يُبعث نبيّ ‪ ،‬و يكون‬ ‫فيه هذا المرض و هذا المن ّفر‪ ،‬لكن بعد أن يُنبَّأ و تستقرّ نبوّ ُته‪ ،‬و يتقرّ ر معنى نبوّ تِه‪،‬‬

‫‪36‬‬


‫ممكن يُصاب بمرض‪ ،‬بأيّ شيء‪ ،‬يُشلّ‪َ ،‬يعمى‪ ،‬ممكن‪ .‬و هذا الجواب أيضا مقبول‬ ‫ما فيه شيء‪ ،‬إن شاء هللا‪ .‬طيّب‪.‬‬ ‫بعد ذلك الكالم في العِصمة‪ ،‬نستوفيه في َح ْلقات أخرى‪ ،‬إن شاء هللا‪ ،‬أل ّنه كالم‬ ‫طويل ج ّدا‪ .‬و الكالم بأ ّنه يكون أفضل ُمعاصِ ريه َخال ِمن الرّ سل هذا كالم واضح‪.‬‬

‫ال ّدرس األوّ ل‪ :‬الحمد‪ ،‬ال ّ‬ ‫شكر و الصّالة على رسول هللا‬

‫لكن نريد أن نتكلّم في العِالقة بين ال ّنبيّ و الرّ سول‪ ،‬كما قلنا‪.‬‬ ‫العِالقة هي في الفارق األخير‪ ،‬أُم َِر بتبليغه أو لم يُؤ َمر بتبليغه‪ .‬لم يُؤ َمر هو نب ّي‪ .‬إن‬ ‫أُم َِر بتبليغ هذا الوحي و ال ّشرع الّذي أُنزل عليه فيكون رسوال‪ ،‬هذا هو المشهور‪.‬‬ ‫و قيل غير ذلك‪ ،‬سنقوله‪.‬‬ ‫أمّا المعتزلة‪ ،‬فلم يُفرّقوا بين ال ّنبيّ و الرّ سول‪ .‬قالوا ال ّنبيّ هو الرّ سول‪ ،‬و الرّ سول‬ ‫هو ال ّنبيّ ‪ ،‬ال فرق بينهما‪ ،‬مترادفان‪ .‬هللا! كيف؟ لماذا؟‬ ‫َ​َ‬ ‫َ​َي َۡ َ ۡ‬ ‫َۡ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ذ‬ ‫قالوا ألنّ هللا‪ ،‬تعالى‪ ،‬قال في كتابه العزيز‪  :‬وما أرسلنا مِن قبلِك مِن رسو ٖل وَّل‬ ‫ذ َۡ ُ ُ‬ ‫َ ذ ي َ َ َ ذ َٰٓ َ ۡ َ‬ ‫ۡ‬ ‫ذ‬ ‫ي‬ ‫َٰ‬ ‫ن ِب إَِّل إِذا تمَّن ألَق ٱلشيطن ِ​ِف أمنِيتِهِۦ ‪.g S،۵۳ W  U‬‬

‫طيّب‪ ،‬أين موضوع الحجّ ة فيها؟ 'و ما أرسلنا'‪ .‬فوصفهما بالرّ سالة كليهما‪ .‬قال وما‬ ‫أرسلنا من قبلك من ّرسول و ال نبيّ ‪ ...‬يعني ما أرسلنا من رّ سول‪ ،‬ما أرسلنا ِمن‬ ‫نبيّ ‪ .‬لكن هذا كالم غلط‪ ،‬تعرفون لماذا؟ إن كانا مُترا ِد َفيْن‪ ،‬لماذا يُكرّ ران؟ هذا كالم‬ ‫َيقبُح في كالم الفُصحاء‪ ،‬فكيف بكالم ربّ العالمين!‬ ‫كأ ّنه قال‪ :‬و ما أرسلنا من قبلك من رّ سول و ال رسول‪ ..‬هذا الكالم له معنى؟‬ ‫صحيح؟ أو من نبيّ و ال نبيّ ‪ ،‬كالم ليس له معنى‪ .‬و الصّحيح هو كالم أهل ال ّس ّنة‬

‫‪37‬‬

‫والجماعة‪ ،‬و حُملت هذه اآلية من سورة الح ّج على َس َن ِن العربيّة و لها وجه‪ .‬ونظائره‬ ‫في العربيّة كثيرة ج ّدا‪ .‬كيف؟ على تقدير محذوف‪ .‬و ما أرسلنا من قبلك من رّ سول‬


‫وال نبّأنا من نبيّ ّإال إذا تم ّنى‪ ...‬هذا الكالم الصّحيح‪ .‬ما أرسلنا من رّ سول و ال نبّأنا‬ ‫من نبيّ ‪ .‬ال تقل و ما أرسلنا من قبلك من رّ سول و ال رسول‪ ،‬أو و ما أرسلنا من‬ ‫قبلك من نبيّ و ال نبيّ ‪ ،‬تقول لي‪ :‬مترادفان‪ .‬كالم ال معنى له‪ .‬والفرق واضح بينهما‪،‬‬ ‫طيّب‪.‬‬ ‫العِالقة المنطقيّة بين الرّ سول و ال ّنبيّ ‪ ،‬ماهي؟ َمن أخصّ ؟ من أع ّم؟ ال ّنب ّي أع ّم طبعا‪.‬‬ ‫الرّ سول أخصّ ‪ ،‬واضح!‬

‫الضّوابط‪ .‬ماذا يقولون؟ زيادة الح ِّد نقص في المحدود‪ ،‬احفظوها‪ .‬ما هو‬ ‫الح ّد؟ ال ّتعريف‪ ،‬ديفينيسيون‪.definition ،‬‬ ‫لمّا نقول مثال‪ :‬ال ّنبيّ هو ك ّل رجل‪ .‬الح ّد كثير أو قليل؟ قليل‪ ،‬ك ّل رجل‪ .‬إذن أنا نبيّ ‪،‬‬ ‫أنت نبيّ ‪ ،‬هذا كالم فارغ‪ ،‬طبعا‪ ،‬صحيح؟ لو قلنا ال ّنبيّ هو ك ّل رجل‪ ،‬يمكن أربع‬ ‫مليار رجل كلّهم أنبياء‪ ،‬مضبوط أو ال؟ لماذا؟ ألنّ ال ّنقص في الح ّد يُقابله زيادة في‬ ‫المحدود‪ ،‬في مصداقه‪ ،‬ينطبق عليه‪.‬‬ ‫نحن نقول‪ :‬ال‪ ،‬ال ّنبيّ هو ك ّل رجل حرّ ‪ ،‬مبرّ أ مِن كذا‪ ،‬و أوحي إليه كذا‪ ...‬كلّما تزيد‬ ‫خيطا في الح ّد‪ ،‬ماذا يحدث؟ ينقص المحدود‪.‬‬ ‫لو قلنا‪ ،‬فقط‪ ،‬ال ّنبيّ أوحي إليه بشرع‪ ،‬ال ّدائرة تكون هكذا‪( ،‬صغيرة يعني)‪ ،‬يعمل به‬

‫ال ّدرس األوّ ل‪ :‬الحمد‪ ،‬ال ّ‬ ‫شكر و الصّالة على رسول هللا‬

‫يعني دائرة ال ّنبوّ ة أكثر أو دائرة الرّ سالة؟ دائرة ال ّنبوّ ة‪ ،‬األنبياء أكثر‪ .‬كما قلنا‪ ،‬انتبه‪.‬‬ ‫هناك جملة في علم المنطق‪ ،‬و في علم الحدود يُسمّونها‪ ،‬في علم ال ّتعريفات ب ّ‬ ‫الذات‪،‬‬

‫في خاصّة نفسه‪ .‬طيّب‪ ،‬هذا ال ّنبيّ ‪.‬‬ ‫لو قلنا ال ّنبيّ يُؤمر بتبليغه‪ .‬هذا ال ّنبيّ يصير أقلّ‪ ،‬أو غير صحيح؟‬ ‫لكن نحن قلنا‪ :‬ال‪ .‬الّذي يُؤمر بال ّتبليغ‪ ،‬هو الرّ سول‪ .‬أمّا ال ّنبيّ فال يُؤ َمر بتبليغه‪،‬‬ ‫صحيح؟ فزدنا ح ّد 'و يُؤ َمر بتبليغه'‪ ،‬يعمل به في نفسه و يُؤمر بتبليغه‪ ،‬زدنا جملة‬ ‫'و يُؤ َمر بتبليغه'‪ ،‬زدناها‪ ،‬صحيح؟ ّ‬ ‫فالزيادة في الح ّد يقابلها نقص في المحدود‪،‬‬ ‫صحيح؟ صار أق ّل اآلن‪ .‬فداللة الرّ سالة أقلّ‪ ،‬و داللة النبوّ ة أكثر‪.‬‬

‫‪38‬‬


‫قال ‪‬أبو ذرّ ‪ ،‬رضوان هللا عليه‪ ،‬يا رسول هللا‪ ،‬كم وفاء عِ ّدة ال ّنبيّين؟ سؤال‪.‬‬ ‫ون أَ ْلفا ‪ . ‬و عند ‪‬بن‬ ‫قال له كم عدد األنبياء؟ قال له‪  :‬ما َئ ُة أَ ْلف َو عِ ْشرُ َ‬ ‫ِحبّان‪ ‬و صحّ حه كما قال ‪‬الحافظ‪ ‬في الفتح‪ ،‬على ما أذكر‪ ،‬قال‪  :‬ما َئ ُة‬ ‫ون أَ ْلفا‪ .‬الر ُس ُل ِم ْن ُه ْم‪َ ،‬ث َال ُ‬ ‫ث ما َئ ٍة َو َث َال َث َة َع َشرْ ‪ ،‬و في رواية‪،‬‬ ‫أَ ْلفٍ َو أَرْ َب َعة َو عِ ْشرُ َ‬ ‫َو َخمْ َس َة َع َشرْ ‪ . ‬إذن أق ّل أو أكثر؟ أق ّل بكثير‪ ،‬يعني ثالث مائة و بضعة عشر‬ ‫رسوال من مائة و عشرين أو أربعة و عشرين ألف نبيّ ‪ .‬داللة ال ّنبوّ ة واسعة ج ّدا‪،‬‬ ‫ال ّدرس األوّ ل‪ :‬الحمد‪ ،‬ال ّ‬ ‫شكر و الصّالة على رسول هللا‬

‫و داللة الرّ سالة ضيّقة ج ّدا‪.‬‬ ‫إذن ليس ك ّل نبيّ رسوال‪ ،‬طبعا‪ .‬ليس ك ّل نبيّ رسوال‪ ،‬هناك أنبياء أنبياء لك ّنهم ليسوا‬ ‫رسال‪ .‬لكن هل ك ّل رسول نبيّ ؟ طبعا‪ .‬قبل أن يكون رسوال ال ب ّد أن يكون نبيّا‪.‬‬ ‫و تنطبق عليه ك ّل أوصاف ال ّنبيّ زائد 'يُؤ َمر بتبليغه'‪ ،‬واضح! و لذلك يقول العلماء‪:‬‬ ‫الرّ سول نبيّ و زيادة‪ .‬سنرى نبيّنا‪ ،‬عليه الصّالة و أفضل السّالم‪ .‬هل هو نب ّي‬ ‫رسول؟ طبعا‪.‬‬ ‫َ َ‬ ‫َ​َ‬ ‫َٰ​َ‬ ‫ذ ُّ ذ ي َ ۡ َ ۡ َ َٰ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫(‪َٰٓ  )8‬‬ ‫يأيها ٱنل ِب إِنا أرسلنك ش ِهدا ومب َِشا ون ِذيرا ‪‬‬ ‫‪.2S،۵۵ W‬‬

‫ك الَّ ِذي أَرْ َس ْل َ‬ ‫ت ‪ . ‬قال أستذكِرُ هنّ‬ ‫و في حديث ال ّنوم قال‪ :‬و تقول ‪َ ... ‬و َن ِب َّي َ‬ ‫ك الَّ ِذي أَرْ َس ْل َ‬ ‫ت‪‬‬ ‫ورسولك الّذي أرسلت‪ ،‬فضرب في صدره و قال‪َ  :‬ال‪َ ،‬و َن ِب َّي َ‬ ‫قال ‪‬بن عبد البرّ ‪ ،‬حافظ المغرب‪ ،‬شيخ اإلسالم‪ ،‬رحمة هللا تعالى عليه‪ُ :‬نبِّأ‬ ‫‪39‬‬

‫ال ّنبيّ ‪ ،‬عليه الصّالة و أفضل السّالم‪ ،‬على رأس األربعين‪ .‬صحيح‪ ،‬و أنتم تعرفون‬ ‫هذا الكالم‪.‬‬


‫َۡۡ ۡ َ َ ذ‬ ‫على رأس األربعين نزل عليه الوحي‪ ،‬فجاءه في غار حراء‪  :‬ٱقرأ بِٱس ِم ربِك ٱَّلِي‬

‫َ َ‬ ‫ذ َ َٰ َ َ‬ ‫ك ُّ‬ ‫ٱلر ۡج َ َٰٓ‬ ‫ع ‪.4S،۳ W ‬‬ ‫خل َق ‪  .4S،۱ W ‬إِن إَِل ر ِب‬

‫أوّ ل شيء‪ ،‬ممتاز‪ُ .‬نبِّأ‪ ،‬و بقيت هذه ال ّنبوّ ة كم؟ ثالث سنوات‪ .‬ال ّنبيّ ظ ّل نبيّا غير‬ ‫رسول‪ ،‬ثالث سنوات‪ .‬يقول ‪‬بن عبد البرّ ‪ :‬نبيّا غير رسول‪ .‬شرّ فه هللا بال ّنبوّ ة‬ ‫ُ ۡ َ​َ‬ ‫َ َ ُّ َ ۡ‬ ‫ذ‬ ‫ۡ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫أوّ ال‪ ،‬ث ّم اصطفاه بعد ذلك بالرّ سالة‪ ،‬لمّا أنزل عليه‪َٰٓ  :‬‬ ‫يأيها ٱلمدث ِر ‪ ١‬قم فأن ِذر ‪‬‬

‫فصار نبيّا رسوال‪.‬‬ ‫إذن أُرسل على رأس ثالث و أربعين و ُنبِّأ على رأس األربعين‪ ،‬و تو ّفي على رأس‬ ‫ثالث و ستين في المشهور الصّحيح‪ ،‬صلّى هللا عليه و آله و سلّم‪.‬‬ ‫إذن الرّ سول‪ُ ،‬نبِّأ أوّ ال ث ّم أُرسل ثانيا‪ ،‬في قول ‪‬بن عبد البرّ ‪ ‬و دليله قويّ ج ّدا‪،‬‬ ‫و القرآن يشهد له‪ .‬فشرّ فه هللا و اصطفاه بال ّنبوّ ة ث ّم بالرّ سالة‪ ،‬صلوات ربّي و تسليما ُته‬ ‫عليه و آله و أصحابه و أتباعه و علينا و عليكم و المسلمين و المسلمات معهم‬ ‫أجمعين‪ ،‬طيّب‪.‬‬

‫ال ّدرس األوّ ل‪ :‬الحمد‪ ،‬ال ّ‬ ‫شكر و الصّالة على رسول هللا‬

‫‪ ۳ W‬و ‪.M S،۳‬‬

‫فقلنا فيه قول ثان‪ ،‬هناك ناس قالوا‪ :‬ال‪ ،‬ال ّنبيّ هو ك ّل َمن بعثه هللا و أوحى إليه‪ .‬لكن‬ ‫لم يوحي إليه بشرع جديد‪ ،‬فهذا نبيّ ‪ .‬فإن أ ُو ِح َي إليه بشرع جديد‪ ،‬غير ما جاء به‬ ‫َمن قبله ِمن األنبياء كان رسوال‪ .‬هذا قول قويّ ج ّدا‪ ،‬لكن ال أريد اآلن أن أش َغلَكم به‬ ‫و الوقت يضيق‪ ،‬و بأدلّته‪ ،‬لكن قول قويّ ‪ .‬احفظوه على ك ّل حال‪ ،‬و له أدلّة قو ّية‬ ‫ج ّدا‪ ،‬لعلّه يفوق األوّ ل صحّ ة‪ ،‬مع أنّ األوّ ل أشهر‪ .‬معروف‪ ،‬كلّنا نعرفه و نحن‬ ‫صغار‪ ،‬ال ّنبيّ كذا كذا‪ ،‬فإن أُم َِر فهو رسول و إن لم يُؤمر فهو نبيّ ‪ ،‬هذا معروف‬ ‫وأشهر‪ .‬لكن ّ‬ ‫الثاني هذا‪ ،‬قوله قويّ ليس بالضّعيف‪ ،‬إن شاء هللا تعالى‪.‬‬

‫‪40‬‬


‫قال (النّاظم)‪:‬‬

‫‪ 9‬على نب ٍّي جاء بالتـوح ـ ـي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـد‬

‫و قد خل الدين عن التـوحـيـد‬

‫و في نسخة و قد عرى ال ّدين عن ال ّتوحيد…‬ ‫ما معنى جاء بال ّتوحيد؟ يعني أُرسل بال ّتوحيد‪ .‬ما هو ال ّتوحيد؟‬ ‫ال ّتوحيد‪ ،‬اعتقا ُد ال ّشي ِء واحدا‪ ،‬أو َجعْ ُل ال ّشي ِء واحدا‪ .‬لمّا يُقال لك‪َ :‬وحِّ د في كذا كذا‪،‬‬ ‫ال ّدرس األوّ ل‪ :‬الحمد‪ ،‬ال ّ‬ ‫شكر و الصّالة على رسول هللا‬

‫اجعله واحدا‪َ .‬وحِّ د هللا‪ ،‬اعتقد ِوحدانيّة هللا‪ ،‬هذا هو‪ .‬إمّا جع ُل ال ّ‬ ‫شيء واحدا‪ ،‬تفعيل‪.‬‬ ‫و إمّا اعتقاد ال ّشيء واحدا‪ ،‬اعتقاد أحاديّة ال ّشيء‪ ،‬هذا في اللّغة‪.‬‬ ‫و في االصطالح ما هو ال ّتوحيد؟ هو إفراد هللا‪ ،‬أحسنت‪ ،‬بالعبود ّية مع اعتقاد‬ ‫َوحدانيّته في ذا ِته‪ ،‬و صفا ِته‪ ،‬و أفعالِه‪ .‬تعريف جامع مانع‪ .‬إذن إفراد هللا‪ ،‬تبارك‬ ‫وتعالى‪ ،‬بالعبوديّة مع اعتقاد وحدانيّته ذاتا و صفا ٍ‬ ‫ت و أسماء‪ ،‬سبحانه و تعالى‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫و هناك تعريف آخر‪ ،‬قالوا ال ّتوحيد‪ :‬هو إثبات ذات ليست ُم ْش ِبهة ّ‬ ‫معطلَة‬ ‫للذوات و ال‬ ‫عن الصِّفات‪ .‬جميل‪ ،‬و لكن األوّ ل أوسع‪ ،‬صحيح؟‬ ‫إفراد هللا بالعبوديّة مع اعتقاد… أوسع‪ .‬هذا ّ‬ ‫الثاني فيه توحيد العبادة‪ ،‬أيضا‪ ،‬ليس‬ ‫توحيد عقيدة فقط‪ .‬يعني فيه ال ّتوحيد العمليّ و ال ّتوحيد ال ّنظريّ ‪ .‬ال ّتعريف األوّ ل‬ ‫أشمل‪ .‬و ال ّتوحيد ال ّنظري‪ ،‬هللا ذكره في سور ٍة‪.‬‬ ‫ُۡ ُ ذُ َ‬ ‫ذ‬ ‫ذ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫‪ ‬قل ه َو ٱَّلل أحد ‪ ١‬ٱَّلل ٱلصمد ‪ ۱ W ‬و ‪ .a S،۲‬هذا توحيد نظريّ ‪.‬‬

‫َيَ ُۡ​ُ َ َُۡ​ُ َ‬ ‫ُ ۡ َ َٰٓ َ ُّ َ ۡ َ َٰ ُ َ‬ ‫و ال ّتوحيد العمليّ ‪  ،‬قل يأيها ٱلك ِفرون ‪َّ ١‬ل أعبد ما تعبدون ‪ ۱ W ‬و ‪S،۲‬‬ ‫‪ .U‬أو غير صحيح؟‬

‫‪41‬‬


‫عمليّ ‪ ،‬و لذلك كان ال ّنبيّ ‪ ،‬عليه الصّالة و أفضل السّالم‪ ،‬في ركع َتيْ الفجر‪ ،‬ال ّس ّنة‪،‬‬ ‫ماذا يقرأ؟ في األولى يقرأ بالكافرون‪ ،‬و ّ‬ ‫الثانية يقرأ باإلخالص‪ ،‬دائما‪ .‬الكافرون‬ ‫واإلخالص‪ .‬لماذا؟‬ ‫أل ّنه عارف‪ ،‬ال ّتوحيد شرف ال ّدين‪ ،‬لبّ ال ّدين‪ ،‬جوهر ال ّدين‪ ،‬أه ّم شيء ِمن ال ّدين هو‬ ‫ال ّتوحيد‪ .‬فسورة الكافرون‪ .‬لماذا نقول سورة الكافرون و ال نقول سورة الكافرين؟‬ ‫طيّب‪ ،‬نريد أن ُنعْ ِر َب َها‪ .‬ماذا نقول؟ سورة الكافرون‪ .‬اعربوها‪ .‬سورة‪ ،‬ماهي؟ مبتدأ‪،‬‬ ‫و هو مضاف‪ ،‬و الكافرون مضاف إليه‪ ،‬طيّب‪ .‬و المضاف إليه يكون مجرورا‪،‬‬ ‫ويُنصب بالياء‪ ،‬و ُيرفع بالواو‪ .‬لكن هنا مرفوع‪ ،‬سورة الكافرون‪.‬‬ ‫(جواب مِن أحد الحاضرين في الدّرس) أحسنت! منع من ظهورها الحكاية‪ .‬و لو نريد‬ ‫أن نقول سورة الكافرين؟ جائز و إعراب صحيح مائة في المائة‪ .‬لكن ال ُت َخ ِّطئ‬ ‫أحدا سمعته قال‪ :‬في سورة المؤمنين‪ .‬و تضحك عليه و تقول‪ :‬قال في سورة‬ ‫المؤمنين‪ .‬هذا صحيح‪ .‬فمنع من ظهورها الحكاية‪ ،‬أو غير صحيح؟ جائز‪ ،‬ال يوجد‬ ‫فيها غلط‪.‬‬ ‫فال ّنبيّ كان يقرأ بسور ِة الكافرون و بسور ِة اإلخالص‪.‬‬ ‫سورة الكافرون فيها ال ّتوحيد العمليّ ‪ ،‬و سورن اإلخالص فيها ال ّتوحيد العِلميّ ‪،‬‬

‫ال ّدرس األوّ ل‪ :‬الحمد‪ ،‬ال ّ‬ ‫شكر و الصّالة على رسول هللا‬

‫هذا جمع مذ ّكر سالم‪ ،‬صحيح؟ جمع مذ ّكر السّالم يُجرّ بماذا؟ بالياء‪ ،‬طبعا يُجرّ‬

‫ال ّنظريّ ‪ .‬و هذا هو ال ّتعريف الّذي ذكرناه لكم‪ ،‬احفظوه‪ ،‬ممتاز‪.‬‬ ‫ال ّتوحي ُد هو إفراد هللا بالعبوديّة‪ ،‬هذا عمليّ ‪ ،‬صحيح؟ ال يُعبد ّإال هللا‪ ،‬تبارك و تعالى‪،‬‬ ‫ال يُضرع ّإال إلى هللا‪.‬‬ ‫الثاني العِلميّ أو ال ّنظريّ ‪ ،‬ما هو؟ مع اعتقاد وحدانيّته في ّ‬ ‫ث ّم في الجزء ّ‬ ‫الذات‪،‬‬ ‫والصّفات‪ ،‬و األفعال‪ .‬سنشرحه في ال ّدروس المقبلة‪ ،‬إن شاء هللا‪.‬‬ ‫الثانيّ ‪( ،‬التّوحيد)‪ ،‬هو إثبات ذات ليست ُم ْش ِبهة ّ‬ ‫أو ال ّتعريف ّ‬ ‫للذوات‪ ،‬هللا ليس كمثله‬ ‫معطلَة عن الصِّفات‪ .‬هللا له صِ فات‪ ،‬ال ُت ِّ‬ ‫َّ‬ ‫عط ْلها‪ .‬ال تقل‪ :‬كيف سميع‪،‬‬ ‫شيء‪ ،‬و ال‬

‫‪42‬‬


‫يعني له أذنان يسمع مثلنا؟ أستغفر هللا العظيم‪ ،‬ما هذا الجهل! سميع‪ ،‬يسمع كما َيعْ لَم‬ ‫تبارك و تعالى‪ ،‬بصير‪ ،‬يُبصر كما يسمع‪ ،‬لكن ال يسمع مثلك و ال يُبصر مثلك‪ ،‬أو‬ ‫غير صحيح؟ على ك ّل حال‪ .‬طيّب‪ ،‬هذا ال ّتوحيد‪.‬‬ ‫قد يقول أحدكم‪ ،‬ال ّنبيّ جاء بال ّتوحيد‪ ،‬فقط؟ ال ّنبيّ جاء بال ّتوحيد و جاء بالصّالة‪،‬‬ ‫وبالصّيام و المعامالت‪ ،‬و بالجهاد‪ ،‬و بالميراث‪ .‬فنقول‪ :‬صح‪ ،‬ال ّنبيّ جاء بالعقيدة‪،‬‬ ‫و جاء بنظام شامل للحياة كلِّها‪ ،‬لكن لماذا اختصر ال ّناظم على ال ّتوحيد فقط؟ لِ َش َر ِفهِ‪،‬‬ ‫ال ّدرس األوّ ل‪ :‬الحمد‪ ،‬ال ّ‬ ‫شكر و الصّالة على رسول هللا‬

‫و أل ّنه جوهر ال ّدين و عنوا ُنه‪ ،‬و لُبه‪ ،‬و أخطر ما في ال ّدين‪ ،‬أو غير صحيح؟ و ال‬ ‫ينفع أيّ شيء في ال ّدين إذا اخت ّل ال ّتوحيد‪ .‬هو عمود ال ّدين كلّه‪ .‬توحيد هللا‪ ،‬تبارك‬ ‫وتعالى‪ ،‬لذلك اقتصر عليه‪.‬‬

‫قال (النّاظم)‪:‬‬

‫‪ 9‬على نب ٍّي جاء بالتـوح ـ ـي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـد‬

‫و قد خل الدين عن التـوحـيـد‬

‫يقول العلماء‪ ،‬ال ّنبيّ الوحيد الّذي بُعث بال ّتوحيد‪ ،‬حين خلت األرض من ال ّتوحيد‪،‬‬ ‫صوَّ ر‪ّ ،‬إال بقايا قليلة ال حكم لها‪ ،‬مُوحّ دون ِقلّة‪ ،‬قبل هذا‪ ،‬الحنفيّون‪ ،‬و ليس لهم‬ ‫َت َ‬ ‫أتباع‪ .‬يُع ّدون على أصابع اليد هؤالء‪ ،‬ال يُش ّكلون دينا هؤالء‪ ،‬أل ّنهم أفراد‪ .‬لكن هناك‬ ‫أديان كلّها وثنيّة‪ .‬الرّ سول لمّا بُعث‪ ،‬كما قال‪  :‬لَ َق ْد َن َظ َر هللاُ‪ّ ،‬‬ ‫عز و جلّ‪ ،‬إِلَى أَهْ ِل‬ ‫ب ‪ . ‬و على األصابع‪،‬‬ ‫ض َف َم َق َت ُه ْم َع َر َب ُه ْم َو َع َج َم ُه ْم‪ ،‬إِ َّال َب َقا َيا ِمنْ أَهْ ِل ال ِك َتا ِ‬ ‫األَرْ ِ‬ ‫ال يُش ّكلون دينا‪ .‬مسالك شخصيّة في العبادة و كذا‪ .‬و لكن ليس عندهم أتباع و دين‬ ‫و كذا‪ ،‬و طقوس و معابد‪ .‬ال يوجد‪ .‬لكن المعابد و ّ‬ ‫الطقوس و الرهبانيّة‪ ،‬كلّها كانت‬

‫‪43‬‬

‫وثنيّة‪ ،‬و العياذ باهلل‪.‬‬


‫فسبحان هللا‪ ،‬بعثه هللا بال ّتوحيد‪ ،‬على ُ‬ ‫موس من الس ُبل‪ ،‬و ضالل كامل من ال ّناس‪،‬‬ ‫ط ٍ‬ ‫و العياذ باهلل‪ ،‬تبارك و تعالى‪.‬‬ ‫قد يقول أحدكم‪ :‬طيّب‪ ،‬عبادة األصنام و ال ُكفر يُسمّى دينا؟‬ ‫َ ُ ۡ ُ ُ‬ ‫ك ۡم َو َ‬ ‫ِين ‪.U S،۶ W ‬‬ ‫د‬ ‫ِل‬ ‫طبعا‪ ،‬قال تعالى‪  :‬لكم دِين‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫دينهم الكفر و عبادة األصنام‪ ،‬و ديننا عبادة هللا و ال ّتوحيد‪.‬‬ ‫َ​َ ََۡ َ َۡ ۡ َ‬ ‫ٱۡل ۡسل َٰ ِم دِينا ‪.4S،۳۵ W  U‬‬ ‫قال تعالى‪  :‬ومن يبتغِ غري ِ‬ ‫اإلسالم‪ .‬اإلسالم هو ال ّتوحيد‪ ،‬غير اإلسالم هو ال ِّشرك و الوثنيّة‪ ،‬وهللا قال هذا دين‬ ‫اإلسالم‪ .‬و هناك أديان أخرى‪ ،‬صحيح؟ لكم دينكم و ل َِي دين‪ .‬ال تقل‪ :‬ال ّناظم غلط‪.‬‬ ‫غير اإلسالم يُسمّى دينا‪ ،‬طبعا‪ ،‬بنصّ كتاب هللا‪.‬‬

‫قال (النّاظم)‪:‬‬

‫ال ّدرس األوّ ل‪ :‬الحمد‪ ،‬ال ّ‬ ‫شكر و الصّالة على رسول هللا‬

‫طبعا‪ ،‬هناك أديان غير اإلسالم‪ ،‬لكن أديان ُكفريّة‪ .‬أل ّنه عندك اإلسالم و غير‬

‫‪...‬و قد خل الدين عن التـوحـيـد‬ ‫‪ 9‬فأرشد الخلق لدين الح ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـق‬

‫بـ ـس ـ ـ ـيـ ـفـ ـه وهـ ـ ـ ـدي ـ ـه للحـ ـ ـ ـ ـ ـق‬

‫َ‬ ‫الخلق‪ ،‬الرشد و الرَّ َشد و الرّ شاد‪ ،‬و منها اإلرشاد‪ .‬الرشد و الرَّ شاد و الرَّ َشد‪،‬‬ ‫فأرشد‬ ‫أيّها اإلخوة‪ ،‬هو االستقامة على ال ّشيء مع عصبيّة‪َ .‬تستقي ُم على ال ّشيء و أنت‬ ‫متعصّب إليه‪ ،‬متمسّك به بشِ ّدة‪ ،‬ليس َت َمسكا حرف ّيا‪ ،‬تمسّكا ضعيفا‪ .‬هذا يُسمّى الرَّ شاد‪.‬‬

‫‪44‬‬


‫و غالبُ ما يُستعمل في ما يكون بالعقل‪ ،‬غالب استعماله يكون في ما يختصّ بالعقل‪.‬‬ ‫نقول عقله أرشده إلى كذا‪ .‬طبعا هناك َرشاد دينيّ و ِملّيّ ‪ ،‬صحيح؟ و هناك‪ ،‬كما‬ ‫قلنا‪ ،‬الغالب قبل ال ّدين يكون بالعقل‪ .‬العقل يُرشد إلى أشياء مُعيّنة‪ ،‬طيّب‪.‬‬ ‫و ما معنى أنّ هللا‪ ،‬تبارك و تعالى‪ ،‬يُرشِ د عباده و ال ّنبيّ يُرشِ د أُمّته؟ يعني يُب ّين لهم‪،‬‬ ‫واضح! و هذا بخالف ال ّتوفيق‪ .‬فال ّتبيين أع ّم من ال ّتوفيق‪ .‬ال ّتوفيق بيد هللا‪ ،‬تبارك‬ ‫وتعالى‪ ،‬لكنّ ال ّتبيين للكلّ‪ ،‬للمسلم و للكافر‪.‬‬ ‫قال تعالى‪َّ​َ  :‬لي إ ۡك َراهَ ِف ٱلِين قَد تذبَ ذنيَ‬ ‫ٱلر ۡش ُد مِنَ‬ ‫ُّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِۖ‬ ‫ال ّدرس األوّ ل‪ :‬الحمد‪ ،‬ال ّ‬ ‫شكر و الصّالة على رسول هللا‬

‫ۡ َ َ َ َ ۡ ُ ۡ ذ َٰ ُ‬ ‫َُۡ ۢ ذ‬ ‫وت ويؤ ِمن بِٱَّللِ ‪.2 S،۳۵۶ W  U‬‬ ‫غِّۚ فمن يكفر بِٱلطغ ِ‬ ‫ٱل ِ‬

‫هو للّذي يريد‪ .‬الرَّ شاد مُتاح للكلّ‪ ،‬للمؤمنين و للكافرين‪ ،‬و أنت َ‬ ‫بالخيار‪ .‬طيّب‪.‬‬ ‫نحن قلنا على نبيّ جاء بال ّتوحيد‪ ،‬هنا اآلن‪ ،‬هناك من يقول‪ :‬هل هذا ال ّتوحيد هو‬ ‫ال َمب َْحث و الموضوع الّذي يُعنى العلماء ِببحثه في عِ لم ال ّتوحيد؟ طبعا‪ ،‬أل ّنه عِ لم‬ ‫العقيدة‪ ،‬صحيح؟ نحن‪ ،‬اليوم‪ ،‬بدأنا ندرس عِ لم العقيدة‪ ،‬لذلك يُسمّى عِ لم ال ّتوحيد‪،‬‬ ‫ّي بعِلم‬ ‫ألنّ‬ ‫أشرف مباحثه هو المُختصّ بتوحيد هللا‪ ،‬تبارك و تعالى‪ ،‬و لذلك ُسم َ‬ ‫َ‬ ‫ال ّتوحيد‪.‬‬ ‫مع أنّ عِ لم العقيدة و ال ّتوحيد ال يختصّ فقط بمبحث وحدانيّة هللا‪ .‬هناك كالم عن‬ ‫األنبياء و عن الرّ سل‪ ،‬و هناك جزء يختصّ بالسّمعيّات‪ ،‬صحيح؟ يعني القبر وعذاب‬ ‫القبر‪ ،‬و نعيم القبر و القيامة و الحشر و ال ّنشر و الصّراط و الميزان و الج ّنة ال ّنار‬ ‫و الخلود‪ ،‬ك ّل هذا يدخل في باب السّمعيّات‪ ،‬و أشراط السّاعة‪ ،‬و كلّه داخل في‬ ‫العقيدة‪ ،‬كلّه علم توحيد‪.‬‬ ‫لكن ُسمّيت هذه الموضوعات كلّها بعِلم ال ّتوحيد ألنّ ال ّتوحيد أشرف مباحث هذا‬

‫‪45‬‬

‫العلم‪ .‬و عنده أسماء أخرى‪َ .‬من يذكرها لي؟ يُسمّونه عِ لم ال ّتوحيد‪ ،‬و يُسمّونه ماذا؟‬ ‫ذكرته اليوم في أوّ ل ال ّدرس‪ ،‬يُسمّونه عِلم العقيدة‪ .‬عِ لم العقيدة‪ ،‬انتبهوا‪ ،‬مصطلح‬


‫مُحْ دَ ث‪ .‬ال تجد كتابا قديما اسمه عِلم العقيدة‪ .‬هذا مصطلح مُحْ َدث عند المعاصرين‪.‬‬ ‫كانوا يُسمّونه علم ال ّتوحيد‪ ،‬يُسمّونه عِلم الكالم‪ .‬يُقال لك هذا مُتكلّم‪ .‬م َِن الفقهاء‬ ‫والمتكلّمين و الم َُح ّدثين‪ .‬ليس المُتكلّم‪ ،‬هو الّذي يتكلّم‪ .‬ك ّل البشر يتكلّمون‪ ،‬ح ّتى‬ ‫اليهود و ال ّنصارى‪ .‬المتكلّمون هم علماء الكالم‪.‬‬ ‫ما هو عِ لم الكالم؟ هو عِ لم ال ّتوحيد‪ ،‬عِلم العقيدة‪ .‬طيّب‪ ،‬لماذا يُسمّونه عِ لم الكالم؟‬ ‫هناك أكثر مِن سبعة أقوال‪ .‬ألنّ أشهر مباحثه‪ ،‬مبحث في القرآن‪ .‬كالم هللا‪ ،‬تبارك‬ ‫ّي بعِلم الكالم‪ ،‬ألنّ عادة العلماء‬ ‫و تعالى‪ ،‬هل هو مخلوق أو غير مخلوق؟ و قيل ُسم َ‬ ‫كذا‪ ،‬كذا‪ ،‬و الكالم في المسألة ّ‬ ‫العالنيّة كذا‪ ،‬كذا‪ .‬يُر ّددون كلمة‪ ،‬و الكالم و الكالم‪.‬‬ ‫و قيل ألنّ أصحاب هذا العِلم‪ ،‬كان لديهم اقتدار عجيب ج ّدا على الكالم و الجدال‪.‬‬ ‫و فعال‪ ،‬معروف‪ .‬أكثر الّذين يريدون أن يُناقشوا‪ ،‬هم علماء الكالم‪ .‬ألنّ هؤالء مثل‬ ‫الفالسفة‪ ،‬معروف‪ .‬و عِ لم الكالم‪ ،‬لألسف‪ ،‬دخل في الفلسفة و المنطق‪ ،‬و صار لديه‬ ‫مق ّدمات فلسفيّة و منطقيّة‪ ،‬و خاصّة المنطق‪ .‬فالمُتكلّم غير الفقيه‪ ،‬أوسع‪ .‬ذهنه أوسع‪،‬‬ ‫و عقليّته أوسع‪ ،‬مثل الفيلسوف هو‪ .‬شيء غير سهل‪ ،‬تأخذه من هنا يأتيك من هناك‪.‬‬ ‫ليس كالفقيه‪ ،‬محصور باألدلّة الواضحة‪ .‬فأقف هنا‪ ،‬و هناك أكثر من س ّتة‪ ،‬سبعة‬ ‫ّي عِ لم الكالم‪.‬‬ ‫أقوال لماذا ُسم َ‬ ‫إذن علم ال ّتوحيد‪ ،‬اسمه عِ لم العقيدة‪ ،‬اآلن‪ ،‬عند المُحْ دَثين‪ .‬اسمه عِ لم الكالم‪ ،‬اسمه‬

‫ال ّدرس األوّ ل‪ :‬الحمد‪ ،‬ال ّ‬ ‫شكر و الصّالة على رسول هللا‬

‫و المُتكلّمين في هذا العِلم أن يبدؤوا مباحثهم بقولهم‪ :‬المسألة الفالنيّة‪ ،‬الكالم فيها‬

‫عِ لم أصول ال ّدين‪ ،‬صحيح؟ هذه األصول‪ .‬هناك أصول و هناك فروع‪ .‬ماهي‬ ‫الفروع؟ الفقهيّات‪ ،‬حالل و حرام و زاوج و طالق ‪ ،‬و ّ‬ ‫الزكاة و الصّيام و الح ّج‬ ‫والعمرة‪ ،‬هذه كلها في الفرعيّات‪ .‬و هناك األصول‪ ،‬أه ّم شيء األصل‪.‬‬ ‫ما هو األصل؟ العقيدة‪ .‬هناك أصل و هناك فرع‪ .‬األصل هو العقيدة‪ ،‬الفرع هو‬ ‫األحكام العمليّات‪ ،‬عبادات‪ ،‬معامالت‪ ،‬إلى آخره‪ ،‬واضح!‬

‫‪46‬‬


‫فيُسمّونه عِ لم أصول ال ّدين‪ ،‬و آخر اسم له هو ماذا؟ عِ لم الفقه األكبر‪ .‬عندنا ِف ْقهان‪.‬‬ ‫فِقه أصغر و فِقه أكبر‪ .‬الفقه األصغر هو الفقه‪ ،‬الّذي تعرفونه كلكم‪ ،‬حالل و حرام‬ ‫و صالة و زكاة و صيام و ح ّج و عمرة و طالق و كذا‪ ،‬هذا اسمه الفقه األصغر‪.‬‬ ‫و هناك الفقه األكبر‪ ،‬ما هو؟ عِ لم العقيدة‪ ،‬طبعا‪ ،‬مه ّم ج ّدا‪ ،‬هذا األصل‪ .‬هذه كلّها‬ ‫أسماء لمُس ّمى واحد‪ ،‬و هو عِ لم العقيدة‪.‬‬ ‫إذن‪ ،‬عِ لم ال ّتوحيد‪ ،‬عِ لم الكالم‪ ،‬عِ لم أصول ال ّدين‪ ،‬عِ لم العقيدة‪ ،‬عِ لم الفقه األكبر‪ .‬كلها‬ ‫أسماء لمُس ّمى واحد‪ ،‬أسماء لحقيقة واحدة‪ .‬طيّب‪.‬‬ ‫ال ّدرس األوّ ل‪ :‬الحمد‪ ،‬ال ّ‬ ‫شكر و الصّالة على رسول هللا‬

‫ال ّنبيّ ‪ ،‬عليه السّالم‪ ،‬جاء ليُرشد َ‬ ‫ّ‬ ‫الحق‪ ،‬يقول ال ّشيخ (اّل ّلقّاني)‪ِ ،‬ب َس ْيفِه‪..‬‬ ‫الخ ْلق لدين‬ ‫كيف‪ ،‬طيّب‪ ،‬بسيفه؟ قد يقول أحدكم‪ :‬يعني ال ّنبيّ ‪ ،‬عليه السّالم‪ ،‬أوّ ل ما بُعث بالسّيف؟‬ ‫غير صحيح‪ ،‬ال ّنبيّ لم يُبعث بالسّيف‪ ،‬أوّ ل ما بُعث‪ .‬بُعث بماذا؟ بالحكمة و الموعظة‪،‬‬ ‫ُۡ َ‬ ‫بالعفو‪ ،‬بالصّفح‪ ،‬بالسّالم‪َ ...  ،‬وقل َسل َٰ ِّۚم ‪ .M S،۶ W  U‬و ظ ّل على‬ ‫ذلك إلى متى؟ إلى (شهر) صفر من السّنة ّ‬ ‫ّ‬ ‫الحق‪ ،‬ج ّل‬ ‫الثانية للهجرة‪ ،‬حين نزل قول‬ ‫ُ َ ذ َ ُ َ َٰ َ ُ َ َ ذ ُ ۡ ُ ُ ْ ذ ذ َ َ َ َٰ َ ۡ ۡ َ َ‬ ‫ۡصهِم لق ِدير ‪S،۱۱ W ‬‬ ‫و عال‪  :‬أذِن ل َِّلِين يقتلون بِأنهم ظلِم ِّۚوا ِإَون ٱَّلل لَع ن ِ‬ ‫‪.g‬‬ ‫اآليات ِمن سورة الحجّ‪ .‬فصار فرض الجهاد‪ ،‬قال الجهاد واجب‪ .‬نحن نتح ّدث عن‬ ‫الجهاد بالسّيف‪ .‬جهاد القرآن‪ ،‬جهاد ال ّشيطان‪ ،‬جهاد ال ّنفس‪ ،‬و جهاد البيان‪ ،‬اللّسان‪،‬‬ ‫هذا كلّه مفروض من األوّ ل‪.‬‬

‫‪47‬‬

‫َ‬ ‫َ َ ۡ ُ‬ ‫ج َهادا كبِريا ‪.l S،۵۳ W ‬‬ ‫هللا قال‪...  :‬وج َٰ ِهدهم بِهِۦ ِ‬


‫بالقرآن‪ ،‬هذا ِمن األوّ ل‪ .‬نحن اآلن نتح ّدث عن جهاد السّيف‪ .‬هذا في صفر من السّنة‬ ‫ّ‬ ‫الثانية للهجرة‪ .‬لماذا ق ّد َمه ال ّشيخ على ال ُه َدى‪ ،‬قال بسيفه؟ أيضا لضرورة ال ّنظم‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫وإال فالواقع أنّ هللا أرسله يهدي بالقرآن و ال ّس ّنة‪ ،‬ث ّم بعد ذلك بالسّيف‪.‬‬ ‫جبر‪ ،‬و ال‬ ‫قد يقول أحدكم‪ :‬يعني السّيف يهدي؟ ال‪ ،‬السّيف ال يهدي‪ ،‬و نحن ال ُن ِ‬ ‫ّ‬ ‫الحق‪ ،‬بالسّيف‪ .‬و المذهب الصّحيح‪ ،‬باختصار‬ ‫ُنل ِجأ‪ ،‬و ال نضطرّ أحدا إلى اإلسالم و‬ ‫هذه مسألة طويلة ج ّدا‪ ،‬هو مذهب الجماهير‪.‬‬ ‫‪‬ال ّشافعيّ ‪ ،‬رحمة هللا عليه‪ ،‬إمامنا‪ ،‬كان يقول‪ :‬الك ّفار يُقا َتلون ل ُكفرهم‪ .‬نحن‬ ‫ومذهب َمن؟ مذهب ‪‬أحمد‪ ،‬و مذهب ‪‬مالك‪ ،‬و مذهب غيرهم‪ ،‬أ ّننا نقاتل‬ ‫الك ّفار ال لكفرهم‪ ،‬إ ّنما لمعاني أ ُ َخر‪ ،‬مثل العدوان‪ ،‬مثل البغي‪ ،‬لكن ال لكفرهم‪.‬‬ ‫وطبعا أحكام ال ّدين‪ ،‬خاصّة في باب الجهاد ُتؤ ّكد أ ّنهم ال يُقا َتلون لكفرهم‪ .‬و لو قوتِلوا‬ ‫لكفرهم‪ ،‬لكانت غاية القتال ماذا؟ اإلسالم‪ .‬يعني يجب أن يُقاتلوا ح ّتى يُسلموا‪ ،‬فإذا‬ ‫لم يُسلموا يجب أن ُي ْق َتلوا جميعا‪ .‬و هللا قال هذا غير صحيح‪ .‬يمكن أن ُتقاتل هذا‬ ‫الكافر و يكون كتابيّا‪ .‬و عند كثير من الفقهاء ح ّتى غير كتابيّين‪ ،‬طبعا‪ .‬و إذا وافق‪،‬‬ ‫و قال أنا أستسلم و أدفع الجزية‪ ،‬ما عندي مشكلة‪ .‬تقبل منه أو ال تقبل؟ تقبل‪ .‬ويبقى‬ ‫على دينه‪ ،‬يهوديّا كان أو نصرانيّا‪ ،‬و هو كافر‪ .‬فلو كان يُقا َتل لكفره َلوجب أن نقتل‬

‫ال ّدرس األوّ ل‪ :‬الحمد‪ ،‬ال ّ‬ ‫شكر و الصّالة على رسول هللا‬

‫ُنقا ِتلُهم أل ّنهم ك ّفار‪ .‬هذا كالم غير صحيح‪ .‬الصّحيح‪ ،‬مذهب ‪‬أبي حنيفة‪،‬‬

‫َمن؟ َمن لم يُقاتِل‪ ،‬أيضا‪ .‬نقتل أيّ كافر‪ ،‬نقتل الصّغار‪ .‬قد يقول أحدكم‪ :‬نقتل الصّغار؟‬ ‫طبعا‪ ،‬أل ّنه عندنا القاعدة الفقهيّة أنّ هذا الصّغير‪ ،‬له اآلن حكم أبويه‪ ،‬و أبواه كالهما‬ ‫األبوين دينا‪ .‬و كالهما‬ ‫كافران‪ ،‬أبوه كافر و أمّه كافرة‪ .‬هكذا قال الفقهاء‪َ ،‬ي ْت َبعُ َخ ْي َر‬ ‫ِ‬ ‫كافر‪ ،‬أال يو ِجبُ حك َم آبائه؟ و هذا كلّه غير صحيح‪ ،‬الصّبيان ال يُقتلون باإلجماع‪،‬‬ ‫أو غير صحيح؟ ال ّنساء ال يُقتلن أيضا‪ ،‬و ال ّنبيّ نهى عن قتل ال ّنساء و مع أ ّنهنّ‬ ‫كوافر‪ ،‬و كافرات‪ ،‬أو غير صحيح؟ قال ال ّنبيّ ال ُتقا َتل‪ .‬إذن ألجل المقاتلة أو من‬

‫‪48‬‬


‫أجل الكفر نحن نقاتلها‪ .‬ال ّنبيّ قال‪َ  :‬ما َكا َن ْ‬ ‫ت َه ِذ ِه لِ ُت َقا ِت ْل ‪ . ‬ال ّنبيّ غضب‪ .‬على‬ ‫ك ّل حال مسألة طويلة‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫إذن ما معنى قوله‪ :‬بسيفه و هديه‬ ‫للحق؟ أنّ ال ّنبيّ اضطرّ ‪ ،‬هذا معروف‪ .‬اضطرّ‬ ‫الستخدام السّيف محاماة عن دينه و عن مدينته و عن أهله و عن أتباعه‪ ،‬و لو لم‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫آخره‪ ،‬فكان يجب (القتال لهذا الشّأن)‪ .‬و هذا‬ ‫يفعل السْ ُتأصِ لَت َشأ َفة هذا ال ّدين عن ِ‬ ‫موضوع طويل ج ّدا‪.‬‬ ‫ال ّدرس األوّ ل‪ :‬الحمد‪ ،‬ال ّ‬ ‫شكر و الصّالة على رسول هللا‬

‫ّ‬ ‫للحق‪.‬‬ ‫قال (النّاظم)‪ :‬و هديه‬ ‫ّ‬ ‫للحق؟ كما قلنا قبل قليل‪ ،‬بالكتاب و الس ّنة‪ ،‬قوال و عمال‪.‬‬ ‫بماذا كان ال ّنبيّ يهدي‬ ‫(قال النّاظم)‪:‬‬

‫‪ 9‬محمد العاقب ل ــرسل رب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـه‬

‫و آلـ ـ ــه و صـحـبـ ـه و حـ ـزب ـ ـ ـ ـ ـ ـه‬

‫‪ ‬العا ِقبْ ‪ ،‬بال ّتسكين لضرورة ال ّنظم‪ ،‬ليس العاقبُ بض ّم الباء‪.‬‬ ‫‪ ،‬عليه السّالم‪ ،‬اسم َعلم‪ ،‬صحيح؟ و هو في األصل منقول عن م ّ‬ ‫ُشتق اسم‬ ‫مفعول‪ ،‬م َُحمَّد‪ُ ،‬م َفعَّل‪ ،‬مِن الفعل المُضعَّف‪ ،‬ال ُم َكرَّ ر و ال ُم َش َّدد يعني‪ .‬نقول َح َّم َد‪ ،‬فهو‬ ‫م َُحمَّد‪ .‬و َح َمدَ فهو ماذا؟ َمحْ مود‪ ،‬اسم مفعول‪ ،‬انتبه‪ .‬اسم الفاعل منها‪َ ،‬حامِد‪،‬‬ ‫صحيح؟ لكن َح َمدَ ‪ ،‬اسم مفعول منها‪َ ،‬محْ مود‪.‬‬ ‫إذن محمود مثل م َُحمَّد‪ ،‬اسم مفعول اسم مفعول‪ ،‬لكن أيّهما أبلغ؟ م َُحمَّد‪ .‬لما ال يخفى‬ ‫ِمن مكان َح َّم َد في المبالغة عن مكان َح َمدَ ‪ .‬طبعا‪َ ،‬من أبلغ؟ َح َّم َد‪ ،‬أبلغ ِمن َح َمدَ‪ ،‬كما‬

‫‪49‬‬

‫قلنا‪ ،‬زيادة المبنى تد ّل على زيادة المعنى‪.‬‬


‫و ليس مِن نبيّ اختصّه هللا‪ ،‬تبارك و تعالى‪ ،‬و أ ُ ّم َته بهذا المعنى كهذا ال ّنبيّ العظيم‬

‫الرّ سول الكريم‪ .‬فاسمه ‪‬‬

‫و اسمه أَحْ َمد و اسمه َمحْ مود و أ ُ ّم ُته الحمّادون في‬

‫السّرّ اء و الضرّ اء‪ ،‬و يفتتح صالته بسورة الحمد‪ ،‬أو غير صحيح؟ و ِب َي ِد ِه لِ َوا ُء‬ ‫الحمد يوم القيامة‪ ،‬و يُؤتى يوم القيامة المقا َم المحمودَ ‪ .‬ال يوجد نبيّ اُخ ُتصَّ هو‬ ‫وأ ُ ّم ُته بهذا المعنى‪ ،‬معنى الحمد‪ ،‬كهذا ال ّنبيّ العظيم‪ ،‬طيّب جميل‪.‬‬ ‫نحن نقول م َُحمَّد و نقول محمود‪ ،‬في المعنى هل يوجد فرق بينهما؟ طبعا‪ .‬م َُحمَّد‬ ‫مبالغة في محمود َّي ِته‪َ ،‬يحْ َم ُده هللا و َتح َم ُده الخالئق‪ ،‬تحمده المالئكة و المؤمنون في‬

‫‪W S،۴۱ W‬‬ ‫ما هو المقام المحمود؟ مقام ال ّشفاعة العظمى‪ ،‬حين َي ْن ُكص و َي ْن ُكل عنها ك ّل األنبياء‬ ‫و الرّ سل‪ .‬و ال أحد‪ ،‬و ال ‪‬آدم‪ ‬إلى ‪‬عيسى‪ .‬ك ّل أحد منهم يقول‪ :‬لست‬ ‫لها‪ .‬لست لها‪ .‬و ك ّل أحد يذكر خطيئته ّإال ‪‬عيسى‪ .‬عيسى‪ ‬ليس له‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫لست هناك‪ .‬ال أقدر على هذا يقول‪.‬‬ ‫لست لها‪.‬‬ ‫خطيئة‪ ،‬لم يقل أخطأت‪ ،‬لكن يقول‬

‫لكن إيتوا ب َمن؟ إيتوا ‪‬‬

‫بن عبد هللا‪ ،‬سيّد ولد ‪‬آدم‪ ،‬عليه الصّالة و أفضل‬

‫ال ّدرس األوّ ل‪ :‬الحمد‪ ،‬ال ّ‬ ‫شكر و الصّالة على رسول هللا‬

‫ال ّدنيا‪ ،‬و في اآلخرة تحمده الخالئق ُكلها‪ ،‬أل ّنه صاحب المكان المحمود‪.‬‬ ‫َ َ ذۡ َ‬ ‫ذۡ‬ ‫َ َ ذ َ َ َ َٰٓ َ َ ۡ َ َ َ َ ُّ َ َ َ‬ ‫ۡ‬ ‫ذ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫قال (‪  :)‬ومِن ٱَل ِل فتهجد بِهِۦ ناف ِلة لك عَس أن يبعثك ربك مقاما َّممودا ‪‬‬

‫السّالم‪ ،‬فيأتونه فيقول‪  :‬أَ َنا لَ َها‪ ،‬أَ َنا لَ َها ‪ . ‬ال إله ّإال هللا‪ ،‬الوحيد‪.‬‬ ‫طبعا‪ ،‬األمم كلّها‪ ،‬المجوس و اليهود و البوذيّين و ال ّنصارى و الكفرة و المالحدة‬ ‫والماركسيّين‪ ،‬ك ّل األمم لمّا ترى هذا ال ّشيء‪ ،‬تحم ُده‪ .‬و رأينا اليوم ما معنى كلمة‬ ‫الح ْمد‪ .‬تحمده على هذا المقام العظيم‪ ،‬هو الوحيد عنده‪.‬‬ ‫َ‬ ‫و كما قال ‪‬بن عبّاس‪ :‬ك ّل ' َع َسى' مِن هللا لل ّتحقيق‪ ،‬صحيح؟ موجبة‪ .‬هللا سيُعطيه‬ ‫هو المقام المحمود‪ ،‬و هو (النّبيّ) صرّ ح بذلك‪ ،‬أ ّنه صاحب المقام المحمود يوم‬ ‫القيامة‪ ،‬هو الوحيد صاحب المقام المحمود‪ .‬فمُختصّ ‪ ،‬سبحان هللا‪ ،‬بهذه المعاني‪.‬‬

‫‪50‬‬


‫فمحمّد مِن محمو ِديَّته‪ ،‬و أحمد مِن حا ِم ِديَّته‪ ،‬فهو أحمد الخلق لربّ الخلق‪ ،‬ال إله ّإال‬ ‫هو‪ ،‬صح أو ال؟‬ ‫َمن أكثر واحد َح َم َد ربّه‪ ،‬و يعرف كيف يحمد ربّه‪ ،‬و أحسن َمن َح َمدَ ربّه؟ رسول‬ ‫هللا‪ .‬فهو أجل َمن حُ مِد و أفض ُل َمن َح َمد‪ ،‬صلّى هللا عليه و آله و أصحابه و سلّم‪.‬‬ ‫أَ َجل َمن حُ مِد و أفض ُل َمن َح َمد‪ ،‬هذا معنى أحمد‪ .‬أحمد صيغة تفضيل‪ ،‬أو غير‬ ‫الحمْ د‪ .‬يعني أَحْ َم ُد لربّه ِممّا سِ َواه‪ ،‬أكثر واحد يحمد ربّه‪.‬‬ ‫صحيح؟ مِن َ‬ ‫ّحيحيْن و في غير‬ ‫و لذلك ح ّتى في مقام ال ّشفاعة‪ ،‬إذا قرأتم الحديثين‪ ،‬في الص َ‬ ‫ال ّدرس األوّ ل‪ :‬الحمد‪ ،‬ال ّ‬ ‫شكر و الصّالة على رسول هللا‬

‫ّحيحيْن‪ ،‬لمّا يأتي و يُؤذن له ث ّم َيخِر ساجدا‪ ...‬فيقول‪َ ...  :‬ف ُي ْف َت ُح َعلَيَّ ِب َم َحا ِم َد‬ ‫الص َ‬ ‫لَ ْم ُي ْف َتحْ َعلَى أَ َح ٍد ِب ِم ْثلِ َها ‪. ‬‬ ‫ُلهمه و يفتح عليه بمحامد‪ ،‬يحمد‬ ‫ح ّتى و هو في ال ّدنيا ال يعرفها‪ .‬يوم القيامة‪ ،‬هللا ي ِ‬ ‫فيها ربّه‪ ،‬ما كان يعرفها في حياته و ال أحد من البشر يعرفها‪ ،‬و ليس البشر فقط‪،‬‬ ‫مِن الخلق‪ .‬يعني لم يُفتح على أحد مِن اإلنس‪ ،‬مِن الجنّ ‪ ،‬مِن المالئكة‪ ،‬و ال أحد‪،‬‬ ‫فهو أحمد‪ .‬هذا معنى أحمد‪.‬‬ ‫طيّب‪ ،‬سأسألكم سؤاال ذكيّا‪ ،‬إن شاء هللا‪ ،‬خطر لي اليوم‪.‬‬ ‫ٱس ُم ُه يۥ أَ ۡ َ‬ ‫َشۢا ب َر ُسول يَأِۡت ِم ۢن َب ۡع ِدي ۡ‬ ‫ۡحدُ‬ ‫ََُ َ‬ ‫ۖۡ‬ ‫ٖ ِ‬ ‫‪‬عيسى‪ ،‬عليه السّالم‪ ،‬ماذا قال؟ ‪... ‬ومب ِ ِ‬ ‫‪.w S،۶ W  U‬‬ ‫سورة الصفّ ‪ .‬صحيح؟ لم يقل اسمه محمود‪ ،‬اسمه محمّد‪ .‬هل لو قال اسمه محمود‪،‬‬ ‫أو محمّد‪ ،‬و هو نفس ال ّشيء مِن جهة المعنى محمّد مثل محمود‪ ،‬لكن محمّد أبلغ‪،‬‬ ‫صحيح؟ في المحموديّة‪ ،‬أنّ هللا و المالئكة و البشر يحمدونه يعني‪َ ،‬ف َم ِن األَ ْن َسبُ ‪،‬‬

‫‪51‬‬

‫أنّ ‪‬عيسى‪ ‬يُب ّشر بالرّ سول على أ ّنه اسمه محمّد أو أحمد؟ طبعا‪ ،‬أحمد‪ ،‬ستقول‬ ‫لي الزم أحمد‪ ،‬مائة في المائة‪ ،‬القرآن قال هكذا‪( .‬ضحك في المجلس)‪ .‬ال تقل أنّ‬


‫المتر ّدد في اإلجابة لم يصب‪ ،‬الزم من غير تر ّدد‪ .‬طبعا األنسب نقول أحمد‪ ،‬لكن‬ ‫اللّغز هو لماذا؟ لماذا أحمد و ليس محمّد؟ (إجابات مختلفة في المجلس و حوار مع‬

‫الشّيخ)‪.‬‬

‫‪‬عيسى‪ ‬الوحيد الّذي ا ُ ّت ِخذ إلها من دون هللا‪ ،‬و قيل هو إله‪ ،‬و قيل هو ابن إله‪،‬‬ ‫صحيح؟ و ُتجُ وِّ َز به َق ْد َره‪ .‬قال لهم‪ :‬أنا لست آخر األنبياء‪ ،‬سيأتي آخر واحد‪ .‬الّذين‬ ‫ُي َسمونه ال ُم َع ّزي‪ ،‬صح؟ ك ّل األنبياء ب ّشروا به‪ ،‬و ‪‬عيسى‪ ‬ذكره أكثر من مرّ ة‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫الحق أقول لكم‪ ،‬سيأتي زمان لمّا يأتي ملكوت هللا‪ ،‬ال يُصلّى‬ ‫الحق‬ ‫أورشليم؟ قال‪:‬‬ ‫ال هنا و ال هنا‪ .‬و معنى كالمه‪ ،‬في األرض كلّها يُصلّى‪ .‬كيف هذا؟ ‪.‬‬ ‫قال‪َ ...  :‬و جُ ِعلَ ْ‬ ‫ت لِ َي األَرْ ضُ َمسْ ِجدا َو َط ُهورا ‪ . ‬مذكور في اإلنجيل هذا‪.‬‬ ‫وصدق رسول هللا و صدق ‪‬عيسى‪ ‬نبيّ هللا‪.‬‬ ‫قال (‪  :)‬أُعْ طِ ُ‬ ‫يت َخمْ سا لَ ْم يُعْ َط ُهنَّ أَ َحد م َِن األَ ْن ِب َيا ِء َق ْبلِي ‪ . ‬قال أنا مسجدي‬ ‫و معبدي ك ّل األرض‪ .‬قال‪( ،‬النّبيّ ‪‬عيسى‪ ،)‬نحن ديننا قاصر‪ ،‬سوف ترون‪ ،‬و‬ ‫شعائرنا صغيرة و منسوخة‪ ،‬تسألونني على السّامرة و على أورشليم! سوف ترون‬

‫ال ّدرس األوّ ل‪ :‬الحمد‪ ،‬ال ّ‬ ‫شكر و الصّالة على رسول هللا‬

‫و األمم كانت تنتظره‪ ،‬و سألوه‪ :‬أين ُتصلّي؟ ُتصلّي في معبد السّامرة‪ ،‬أو في معبد‬

‫في ما بعد سيأتي الملكوت الحقيقيّ ‪ ،‬يعني مع خاتم األنبياء‪ ،‬و تصير الصّالة في‬ ‫ك ّل مكان‪ ،‬األرض كلّها معبد هلل‪ .‬هذا لم يكن ّإال مع ‪ ،‬عليه السّالم‪ ،‬صح أو ال؟‬ ‫يعني هو ُيب ّشر بإنسان أعظم منه‪ ،‬و هو ثمرة األمم‪ ،‬ثمرة األنبياء‪ ،‬صحيح؟ أعظم‬ ‫ثمرة تنتظرونها هي (‪ .)‬و لذلك هو العاقب‪ ،‬محمّد العاقب لرسل ربّه‪.‬‬ ‫‪52‬‬


‫ما معنى العاقب؟ آخر واحد عقب هللا به‪ ،‬كلّهم سبقوه‪ ،‬أو غير صحيح؟ هو آخر‬ ‫الثمرة‪ ،‬و ّ‬ ‫أخره؟ ألنّ الخير في تأخيره‪ ،‬أل ّنه بمثابة ّ‬ ‫واحد‪ .‬تعرف لماذا ّ‬ ‫الثمرة ال‬ ‫تكون ّإال في اآلخر‪ ،‬أو غير صحيح؟‬ ‫الثمرة‪ ،‬و ّ‬ ‫تورق‪ ،‬ث ّم تثمر‪ .‬آخر شيء ّ‬ ‫الثمرة‬ ‫شجرة‪ ،‬تكون بذرة و تطلع و ُتزهِر و ِ‬ ‫أه ّم شيء‪ .‬و ‪ ‬هو ّ‬ ‫الثمرة‪ ،‬ثمرة شجرة ال ّنبوّ ة و الرّ سالة‪ ،‬أو غير صحيح؟ وليس‬ ‫هذا فقط‪ ،‬و به ُختِمت‪ .‬و األعجب مِن هذا‪ ،‬هو ماذا؟ هو أ ّنه به اب ُتدِأت‪ ،‬فهو أوّ ل‬ ‫نبيّ و آخر نبيّ ‪ ،‬كان نبيّا و ‪‬آدم‪ ‬مازال لم يُخلق‪ ،‬آدم‪ ‬كان طينا و ماء‪.‬‬ ‫ال ّدرس األوّ ل‪ :‬الحمد‪ ،‬ال ّ‬ ‫شكر و الصّالة على رسول هللا‬

‫قالوا‪ :‬ما ُنب َ‬ ‫ين َو إِنَّ آدَ َم لَ ُم ْن َجدِر ِفي‬ ‫ِّئت؟ قال (‪  :)‬إ ِّني عِ ْندَ ِ‬ ‫هللا لَ َخا َت ُم ال َّن ِب ِّي َ‬ ‫طِ ي َن ِت ِه‪ .‬و هذا شرحناه في رمضان شرحا عجيبا‪ ،‬صح؟ نقال عن ‪‬تقيّ ال ّدين‬ ‫السبكيّ ‪ ،‬شرح عجيب غريب‪ ،‬رحمة هللا على ال ّ‬ ‫شيخ ‪‬تقيّ ال ّدين السبك ّي‪،‬‬ ‫في رمضان هذا األخير‪ .‬فنريد أن نعيده‪ ،‬على ك ّل حال‪ ،‬طيّب‪.‬‬ ‫ُفهم ال ّناس أنّ أصل ال ّدين و الرّ كن الرّ كين هو‬ ‫فـ ‪‬عيسى‪ ،‬عليه السّالم‪ ،‬لكي ي ِ‬ ‫ال ّتوحيد‪ ،‬و اإلنسان يكون أقرب إلى هللا بمقدار عبوديّته هلل‪ .‬فقال لهم‪  ،‬سيكون‬ ‫أعظم و أحسن م ّنا كلّنا‪ ،‬أل ّنه األحمد هلل‪ ،‬أل ّنه عبد أكثر م ّنا‪ ،‬أرأيتم! هو يُثني على‬ ‫هللا‪ ،‬و يحمده و يعبده أكثر م ّنا جميعا‪ ،‬فهو أدنى و أقرب إلى هللا‪ ،‬فكأ ّنه يُبرّ أ نفسه‬ ‫سيوص ُم به بعد وفاته‪ ،‬عليه السّالم‪ .‬يعبدونه هو‪ ،‬و جعلوه ابنا هلل‪ ،‬أو هو هللا‪،‬‬ ‫ممّا‬ ‫َ‬ ‫و هو يبرأ من ك ّل هذه المعاني‪ .‬و لو فهموا حقيقة رسالته و حقيقة تبشيراته‬ ‫وبُشرياته‪ ،‬لما قالوا فيه ما قالوا‪.‬‬ ‫لذلك األنسب حقيقية‪ ،‬سبحان هللا‪ ،‬كالم عجيب‪ ..‬ح ّدثتكم مرّ ة‪ ،‬ونختم به‪ ،‬إن شاء‬

‫‪53‬‬

‫هللا‪ ،‬ما ذكره ال ّشيخ األزهريّ الجليل‪ ،‬رحمة هللا عليه‪ ،‬عبد الوهّاب ال ّنجّ ار‪،‬‬ ‫لكن في عهده هذا أوجد زوبعة‪ ،‬صاحب قصص األنبياء‪ .‬كان رجال نشيطا‪ ،‬و لديه‬


‫اجتهادات غريبة‪ ،‬يقولها و ال يهت ّم‪ .‬و األزهريّون انتقدوه‪ ،‬و هو ير ّد عليهم‪ ،‬و كان‬ ‫ذكيّا‪ ،‬رحمة هللا عليه‪.‬‬ ‫حكيتها يمكن عشرين مرّ ة‪ ،‬لكن لطيفة‪ ،‬ل َمن لم يسمعها قبل هذا ممتازة فعال‪ .‬قال‪:‬‬ ‫أنا مرّ ة خرجت مع المستشرق اإليطاليّ الكبير‪ ،‬كارلو نلينو‪ ،‬صاحب كتاب تاريخ‬ ‫الفلك عند العرب‪ .‬كان أستاذا في الجامعة المصريّة مِن أساتذة طه حسين‪ ،‬المه ّم‪.‬‬ ‫كارلو نلينو‪ ،‬مشهور‪ّ ،‬‬ ‫عالمة إيطاليّ كبير‪ ،‬يعرف تقريبا أكثر اللّغات ال ّشرقيّة‪،‬‬ ‫تركيّة‪ ،‬عربيّة‪ ،‬فارسيّة‪ ،‬سنسكريتيّة‪ ،‬يونانيّة قديمة‪ ،‬و لغات أوروبيّة‪ ،‬التينيّة‪.‬‬ ‫قال‪ :‬فقلت له يا أستاذ كارلو‪ ،‬كلمة بيركليتس(باليونانيّ القديم)‪( ،‬موجودة في‬ ‫ّ‬ ‫الحق أقول‬ ‫اإلنجيل‪ ،‬ترجمها العرب الفارقليط‪ ،‬عيسى‪ ‬ب ّشر بالفارقليط‪ .‬قال‪:‬‬ ‫لكم األحسن أن أذهب‪ ،‬أل ّنه بعد ما أذهب سيأتي بعدي بيركليتس‪ ،‬أو الفارقليط كما‬ ‫يسمّيه العرب)‪ ،‬ما معناها؟ فقال له (نلينو)‪ :‬المترجمون للعربيّة‪ ،‬قالوا معناها‬ ‫الم َُع ّزي‪ .‬فقال‪ :‬هذا كالم المترجمين المتعصبّين‪ ،‬القسس و الرّ هبان‪ ،‬أنا ال أسأل‬ ‫هؤالء‪ .‬أنا أسأل األستاذ كارلو نلينو المتخصّص في اليونانيّة القديمة و اللّغات‬ ‫ال ّشرقيّة‪ .‬فابتسم (كارلو) و قال له‪ :‬أنت تقرأ كثيرا أستاذ نجّ ار‪.‬‬ ‫فعرف أ ّنه فاهم و يقرأ كثيرا‪ ،‬و كارلو يُخفي ذلك‪ ،‬فواضح عندهم تعصّب‪.‬‬

‫ال ّدرس األوّ ل‪ :‬الحمد‪ ،‬ال ّ‬ ‫شكر و الصّالة على رسول هللا‬

‫مستشرق ضخم ج ّدا‪.‬‬

‫فالحمد هلل‪ ،‬حادثة الحجاب هذه‪ ،‬أزعجتنا‪ ،‬لكن ساعدتنا‪ ،‬صرنا على يقين مِن‬ ‫حقيقتها‪ ،‬و هللا العظيم‪ .‬أنا جعلت عندي يقين مطلق اآلن‪ ،‬و أرجو أن أرى وجوه‬ ‫هؤالء الّذين يمجّ دون الغرب و يُسبّحون بحمده‪ ،‬و كأنّ الغرب هو المنقذ‪ .‬أريد أن‬ ‫أراهم اآلن‪.‬‬ ‫الغرب هذا لم يكن و لن يكون مثاال في ال ّتسامح و سعة الصّدر‪ ،‬الغرب ّ‬ ‫كذاب‪ ،‬وال‬ ‫يقدر‪ .‬أل ّنه متعصّب في داخله و صدره ضيّق ج ّدا‪ ،‬ألنّ فكره ضيّق‪ .‬و هذا يُؤ ّكد‬ ‫لك أنّ أيّ فكر بشريّ ‪ ،‬ال تقل لي علمانيّة‪ ،‬لبراليّة‪ ،‬فلسفة إلحاديّة‪ ،‬سيظ ّل نسبيّا‪،‬‬

‫‪54‬‬


‫وفكر ضيّق و ال يصلح أن يكون عالميّا‪ .‬ال ّشرع اإللهيّ الوحيد الّذي كان عالميّا‪،‬‬ ‫وقادر أن يح ّقق العالميّة بأوسع معنى‪ .‬صح أو ال؟ ‪ 1044‬سنة حكم ال ّناس‪ ،‬ك ّل‬ ‫ال ّناس‪ ،‬و قلناها قبل هذا‪ ،‬مليون مرّ ة‪.‬‬ ‫الفقهاء‪ ،‬يا أخي‪ ،‬اإلمام ‪‬بن قدامة‪ ‬في المغني‪ ،‬بشكل واضح‪ ،‬قال‪ :‬مجوسيّ‬ ‫تزوّ ج أخته المجوسيّة‪ ،‬و مات عنها‪ ،‬فلها في الميراث كذا و كذا و كذا‪ ،‬نصيب‬ ‫زوجة‪.‬‬ ‫فيقول أحدكم‪ :‬لماذا‪ ،‬يا أخي‪ ،‬أعوذ باهلل‪ ،‬أخته هذه؟ قال لك‪ :‬أُمرنا أن نتركهم ودينهم‪،‬‬ ‫ال ّدرس األوّ ل‪ :‬الحمد‪ ،‬ال ّ‬ ‫شكر و الصّالة على رسول هللا‬

‫رع ُته‪.‬‬ ‫ما دخلنا نحن‪ ،‬هللا قال لنا لكم دينكم و لي دين‪ ،‬و نحكم فيه كما يريدون‪ ،‬شِ َ‬ ‫ال توجد أيّة مشكلة‪ ،‬حرّ يا سيدي‪.‬‬ ‫اُنظر إلى هذا ال ّدين العظيم‪ ،‬اُنظر إلى سعة الصّدر لدينا‪ .‬ليس كما طلع الغبيّ هذا‪،‬‬ ‫أنا استغربت منه‪ ،‬لم أص ّدق لمّا رأيته‪ ،‬هذا شيراك (رئيس فرنسا سابقا)‪ ،‬دائما‬ ‫يضحك‪ ،‬لك ّنه أهبل‪ ،‬طويل و هبيل‪ .‬فبدأ يتكلّم‪ .‬ث ّم قلت لزوجتي أكيد نحن لم نفهمه‬ ‫ض الكالم الّذي‬ ‫كما يجب‪ .‬حكى كالما‪ ،‬و تبريرُ ه‪ ،‬يعني ال ّتعيينات الّتي أتى بها‪َ ،‬ن َق َ‬ ‫فهمته في أوّ ل كالمه‪ .‬في األخير ظهر أ ّنه يؤيّد هذا القانون‪ ،‬الّذي يقول بمنع‬ ‫الحجاب‪ .‬تعرفون لماذا؟‬ ‫كالم غير منطقيّ ‪ ،‬أنا فهمت تعليله أ ّنه ض ّد هذا القانون‪ ،‬قال لك الحرّ يّة و العلمان ّية‬ ‫و أوروبا‪ .‬لمّا تحكي لي على الحرّ يّة و العلمانيّة و عن كذا يجب أن تترك ال ّناس‬ ‫وما يريدون‪ .‬غير ممكن‪ ،‬أكرمكم هللا‪ ،‬المرأة السّاقطة تخرج تقريبا شبه عارية‬ ‫ترك و هي تسيء لمشاعر ال ّناس و تسيء ح ّتى ألشياء كثيرة‪ ،‬في أخالق البشر‪.‬‬ ‫ُت َ‬ ‫أريد أن أسأل لماذا إلى ح ّد اآلن‪ ،‬األوروبيّون حريصون ج ّدا في المستشفيات‪ ،‬ال ّنساء‬ ‫في جهة و الرّ جال في جهة؟ أنت ال تجد في غرفة واحدة رجال و نساء‪ .‬لماذا‪ ،‬يا‬

‫‪55‬‬

‫حبيبي‪ ،‬حريصون‪ ،‬ما شاء هللا؟ متديّنون كثيرا؟ هناك أخالق فطريّة‪ ،‬يا أخي‪ .‬المرأة‬ ‫المريضة ال تريد أن يراها الرّ جل‪ .‬المرأة مع المرأة‪ .‬رجال مع رجال‪ .‬صح أو ال؟‬


‫إلى ح ّد اآلن‪ ،‬ك ّل البالد األوروبيّة العلمانيّة‪ ،‬كلّهم‪ .‬المالحدة و غير المالحدة‪ ،‬صح‬ ‫أو ال؟ هناك أخالق فطريّة‪ ،‬تجذبهم‪ ،‬تفرض نفسها عليهم بالقوّ ة‪.‬‬ ‫لذلك اليوم سمعت قصّة‪ ،‬أعرفها حكاها إليّ أحد من قبل‪.‬‬ ‫أخت زوجته‪ ،‬و زوجته ألمانيّة و ابنته عمرها س ّتة عشر سنة‪ ،‬فحشها شخص ما‪،‬‬ ‫و العياذ باهلل‪ .‬أمّها جُ ّنت جنونا‪ .‬و األ ّم ألمانيّة‪ ،‬فقالت البنتها‪ :‬قولي َمن هو هذا‬ ‫ال ّشخص؟ فقالت لها‪ :‬ال أقول لك َمن هو‪ .‬فضربتها ضربا أوشكت منه أن تموت‪.‬‬ ‫كادت تموت‪ ،‬كسّرتها تكسيرا‪ .‬فاعترفت البنت‪ ،‬أل ّنها ستموت‪ .‬ح ِّ‬ ‫ُطمت تحطيما‪،‬‬ ‫فذهبت إليه‪ ،‬هذه المرأة األلمانيّة‪ ،‬فأتت به و بأمّه و قالت لهم مباشرة‪ :‬ابنكم هذا ال‬ ‫ب ّد أن يُصلح الغلط‪ .‬قالوا‪ :‬ماذا كذا كذا‪ .‬فقالت لهم‪ :‬ال سبيل‪ ،‬و هناك شرطة و سأق ّدم‬ ‫فيكم قضايا ال أوّ ل لها من آخر‪.‬‬ ‫أوحي إليها؟ وحي‪ ،‬ما شاء هللا‪ ،‬كلّه بضربة واحدة؟‬ ‫ما هذا ال ّشرف الّذي خرج‪،‬‬ ‫َ‬ ‫مازال هناك أخالق‪ .‬فهي تعتبر ابنتها صغيرة‪ ،‬كيف لهذا أن يأخذ عِ َّفتها ببساطة‪،‬‬ ‫و يعيشون في المدينة‪ ،‬ليسوا أهل قرى‪ .‬رأتها صعبة ج ّدا ج ّدا المرأة‪ ،‬المه ّم باسوا‬ ‫على رأسها و يدها و أعطوها عشرة آالف يورو‪ ،‬لتسكت‪.‬‬ ‫شعروا أنّ هذه فضيحة و هذا أمر غير الئق‪ .‬مازالت هناك أخالق إنسانيّة‪ .‬اإلنسان‬ ‫ليس حيوانا‪ ،‬لكن هؤالء ما يُؤ ّكد حيوانيّة اإلنسان‪ ،‬يضربون له سالما‪ .‬تخرج امرأة‬

‫ال ّدرس األوّ ل‪ :‬الحمد‪ ،‬ال ّ‬ ‫شكر و الصّالة على رسول هللا‬

‫وكأ ّنها خارجة من معركة‪ .‬ضرب موت‪ ،‬مجانين هؤالء‪ .‬قالت لها‪ :‬فالن الفالني‪.‬‬

‫تبيع شرفها في ال ّشوارع فهذا مسموح‪ .‬لكن اإلنسانة الّتي تريد أن تقوم بشيء ُيشعر‬ ‫ال ّناس بج ّديّتها و بسترها‪ .‬اليوم‪ ،‬سبحان هللا‪ ،‬ح ّتى في الصّبح و بتقدير إلهيّ ‪ ،‬فتحت‬ ‫أقرأ هكذا و أنا أُفطر‪ ،‬لكي ال يضيع الوقت‪ .‬فكان لقاء مع أخوات من ال ّنرويج‬ ‫والسّويد‪ ،‬أعجبتني إحداهما‪ ،‬تحكي باإلنجليزية‪ .‬قالت‪ :‬المعنى األوّ ل الّذي جعلني‬ ‫أتحجّ ب بعد إسالمي‪ ،‬هو لكي أشعر بكرامتي‪ ،‬هذا يُشعرني بالكرامة‪.‬‬

‫‪56‬‬


‫العجزة أو ح ّتى في المستشفيات‬ ‫و انتبهوا‪ ،‬وهللا العظيم‪ ،‬الحظوهم في بيوت َ‬ ‫يُحزنونك‪ ،‬وهللا العظيم‪ .‬الحظ أيّ عجوز أُجر َيت لها عمليّة‪ ،‬ال تجد أحدا يأتيها‪،‬‬ ‫يمكن يأتيها واحد مرّ ة أو مرتين في األسبوع‪ ،‬خمس دقائق‪ .‬و متروكة مسكينة نهبا‬ ‫لليأس و الحسرة‪ ،‬أل ّنها عجوز‪ .‬تراها و تقول‪ :‬هذه العجوز‪ ،‬سبحان هللا‪ ،‬قبل ثالثين‬ ‫سنة كانت قطعة من الجمال‪ .‬عندما تكون صغيرة الك ّل يتقرّ ب منها لكي ينهش منها‬ ‫قطعة‪ ،‬صح أو ال؟ اإلعالم‪ ،‬رئيسها‪ ،‬المدير‪ ،‬جارها‪ ،‬و زوجها‪ ،‬الك ّل يريد أن‬ ‫ينهشها‪ .‬مسكينة‪ .‬و عندما تكبر و ال تبقى على حالها‪ ،‬موضعا لل ّشهوة و الرّ تع‪،‬‬ ‫ال ّدرس األوّ ل‪ :‬الحمد‪ ،‬ال ّ‬ ‫شكر و الصّالة على رسول هللا‬

‫الك ّل يرميها و يحتقرها كأ ّنها ال قيمة لها‪.‬‬ ‫هذه الحضارة ال تعرف قيمة اإلنسان و ال كرامة اإلنسان‪ .‬عجيب‪ ،‬و لمّا ي ّتسع‬ ‫صدرها تتبجّ ح بالعلمانيّة و اللّبراليّة و حقوق اإلنسان و ال ّتعايش‪ ،‬لم ي ّتسع صدرها‬ ‫لحجاب األخوات المسلمات العفيفات‪ .‬نحن‪ ،‬فقط‪ ،‬نسمح بالصِّلبان‪ ،‬الصّليب ال يوجد‬ ‫فيه أيّة مشكلة‪ ،‬و بقبّعة اليهود‪ ،‬لكن تكون صغيرة‪ .‬فأنا قلت سؤال كبير‪ :‬ما مقدار‬ ‫صغرها؟ مثل حبّة القطايف يعني؟ (ضحك في المجلس) ُس ُخف‪ .‬قال لك قبّعة‬ ‫صغيرة‪ .‬شيء حقير‪ ،‬حقير‪ .‬ناس غير قادرين (على شيء)‪ .‬و مازال سترون‪.‬‬ ‫باألمس‪ ،‬أنا و أبو طارق‪ ،‬الّذي يتابع دروسي منذ م ّدة‪ ،‬دائما كنت فاهم هذا الغرب‪،‬‬ ‫و كنت أقول سوف ترون‪ .‬و هناك ناس مغ ّفلون‪ ،‬يقولون‪ :‬اإلسالم سوف يأتي من‬ ‫الغرب‪ .‬و أنا ال أحبّ هذا المنطق‪ ،‬و لعمري آمنت بال ّنظريّة هذه‪ ،‬حقيقة‪.‬‬ ‫لذلك أنا ال أحاول أن أنطلق منها‪ .‬أل ّنني لست مقتنعا بها‪.‬‬ ‫و قالها بعض العباقرة‪ ،‬مثل ‪‬بديع ّ‬ ‫الزمان ال ّنورسيّ ‪ ،‬كان يقول‪ :‬أوروبا حالمة‬ ‫باإلسالم و ستضعه يوما‪ .‬أنا غير مقتنع‪ .‬الّذي أقتنع به‪ ،‬أنّ الغرب و أوروبا‬

‫‪57‬‬

‫وأمريكا‪ ،‬كلّهم‪ ،‬إذا رأوا في يوم من األيّام أنّ اإلسالم بدأ يغزوه حقيقة‪ ،‬و يُش ّكل‬ ‫خطرا عليه‪ ،‬سي ّتخذ إجراءات‪ ،‬و سيكفر بك ّل ُن ُ‬ ‫ظمه‪ ،‬بك ّل فلسفاته و بك ّل منجزاته‪.‬‬ ‫قد يقول أحدكم‪ :‬ال‪ ،‬ال‪ ،‬ال‪ ،‬الجنسيّات‪ .‬أقول له‪ :‬جنسيّات؟ غدا يخرجون في‬


‫البرلمان‪ ،‬يا حبيبي‪ ،‬األحزاب كلّها ض ّدك‪ ،‬و تريد (األحزاب) أن تصدر قانونا‪ ،‬سحب‬ ‫الجنسيّات من ك ّل كذا و كذا‪.‬‬ ‫يا أخي‪ ،‬أمريكا فعلت أصعب من هذا‪ ،‬أصدرت قانون األدلّة السّرّ يّة‪ .‬آخذ‪ç‬ك‬ ‫وأعتقلك و أضعك في الزنزانة و نبهدل أهلك‪ ،‬من دون أن تعرف لماذا‪ ،‬و ممنوع‬ ‫أليّ محام أو أيّ شخص أن يعرف السّبب‪ ،‬أيضا‪ .‬تفضّل!‬ ‫تريد قانونا أكثر ظلما من هذا‪ .‬الرّ ومان كان عندهم ظلم مثل هذا‪ .‬صح أو ال؟ وهللا‬ ‫فرعون لم يكن عنده ظلم مثل هذا‪ .‬فرعون كان يحت ّج على ‪‬موسى‪ ‬بحجج‪،‬‬ ‫وبينكم‪ .‬موسى‪ ‬خلخل له مجتمعه‪ ،‬أو غير صحيح؟ أخذ له طائفة العبيد‪ .‬فكأنّ‬ ‫فرعون‪ ،‬الملعون‪ ،‬فاهم‪ .‬فـ ‪‬موسى‪ ‬قال له أنا فهمت مشكلتك‪ .‬أنت‪ ،‬مشكلتك‬ ‫ليست أنّ هللا موجود أو غير موجود‪ ،‬أصال أنت غير داخل في دعوتي‪ ،‬أنت لست‬ ‫من بني إسرائيل‪ ،‬أنا دعوتك َع َرضا‪ ،‬أَ َت ْي َ‬ ‫ت في ال ّس ّكة كما يقولون‪ .‬أعطني بني‬ ‫إسرائيل أذهب بهم إلى بلدي و اتركني‪ .‬قال له‪ :‬ال و ال‪.‬‬ ‫لماذا؟ ألنّ هذه قوّ ة عاملة‪ ،‬خدم‪ ،‬رقيق‪ ،‬يستعبدونهم‪ .‬يستخدمونهم بأبخس األثمان‬ ‫مساكين‪ ،‬صح أو ال؟ أقباط مصر‪ .‬هو ال يريد‪ ،‬إذا أخذتهم يصبح عندنا فراغ‬ ‫ديمغرافيّ ‪ .‬قال له‪ ،‬ممنوع‪ .‬هذه قصّة فرعون‪ ،‬هذه القصّة األصليّة‪.‬‬

‫ال ّدرس األوّ ل‪ :‬الحمد‪ ،‬ال ّ‬ ‫شكر و الصّالة على رسول هللا‬

‫صح؟ لكن حاول أن يبرّ ر‪ :‬أتيت لتقوم بفوضى‪ ،‬تريد أن تقلب علينا‪ ،‬و صحيح بيني‬

‫و بعد هذا‪ ،‬أنت عندما تتسبب لي في هذا الفراغ‪ُ ،‬تثبت لل ّناس أ ّنني نصّاب و لست‬ ‫إلها‪ ،‬و أ ّنك أنت نبيّ ‪ .‬تصوّ ر! خلخلت ثقة ال ّناس في ألوهيّتي‪ .‬حرب مصالح‪ ،‬ليس‬ ‫أكثر من هذا‪ .‬فهو كان يحت ّج بأشياء منطقيّة بعض ال ّشيء‪.‬‬ ‫لكن نحن بصراحة ما نملك هذه ال ّنيّة‪ ،‬و هللا العظيم‪ ،‬أبدا أبدا‪ .‬و ال نملك أيّ أمل أن‬ ‫نقود أوروبا أو نحكمها‪ ،‬هذا هبل بعض ال ّناس‪ .‬يا أخي قُ ْد بلدك العربيّ ‪ ،‬تفضّل‪ ،‬قُ ْد‬ ‫بالد المسلمين‪.‬‬

‫‪58‬‬


‫ال نريد نحكم و ال نقود نحن هنا‪ ،‬يتركون لنا فقط حرّ يّتنا‪ ،‬و نبلّغ ال ّناس دين هللا‪،‬‬ ‫تبارك و تعالى‪ ،‬و َمن أَ َحبَّ هذا ال ّدين‪.‬‬ ‫و مِن هنا‪ ،‬انتبه‪ ،‬نعود و نفهم أنّ فلسفة الجهاد في اإلسالم ال ب ّد أن ُتفهم على وجهها‬ ‫الصّحيح‪ .‬أل ّنه ممكن تحتاج‪ ،‬أنت‪ ،‬في يوم ِمن األيّام للجهاد‪ ،‬لمّا تصير قو ّيا طبعا‪.‬‬ ‫لماذا؟ أريد أن أبلّغ ديني أنا‪ ،‬يجب أن أبلّغ دين هللا‪ .‬هو يقول لك‪ :‬ال يوجد لك فرصة‬ ‫لتبلّغ ممنوع‪ ،‬ال ب ّد أن أغزوه‪ ،‬ال ب ّد أن أقاتله‪ .‬لكن تعطيني فرصة‪ ،‬كما هو حاصل‬ ‫اآلن‪ ،‬أبلّغ في حرّ يّة و أبلّغ و ال تس ّد عليّ ‪ ،‬ممنوع أن أقاتلك شرعا‪ .‬هكذا أنا أفهم‬ ‫ال ّدرس األوّ ل‪ :‬الحمد‪ ،‬ال ّ‬ ‫شكر و الصّالة على رسول هللا‬

‫ديني‪ .‬لماذا أقاتلك؟ لكن هو لن يُعطيك فرصة‪ ،‬انتبه‪.‬‬ ‫يعطيك إيّاها أل ّنه كم عدد الّذين يدخلون في السّنة؟ بضعة آالف في السّنة؟ عدد قليل‬ ‫ج ّدا‪ .‬هذا ال يُش ّكل خطرا حقيقيّا‪ .‬لكن ألنّ المسلمين في فرنسا‪ ،‬خمسة ماليين‪ ،‬عدد‬ ‫ليس بقليل‪ ،‬عرب و مغاربة‪ .‬فهذا العدد الكبير فعال بدأ يُش ّكل قوّ ة ضاربة‪ ،‬كما يقال‪.‬‬ ‫و هم خائفون مِن هذا العدد أ ّنه يتجسّد في شكل قوّ ة واحدة‪ .‬و أنا أريد أن أقول لكم‬ ‫شيئا‪ :‬مِن أوّ ل ما سمعت الخبر و قرأته‪ ،‬لم أعتب ال على شيراك‪ ،‬األهبل‪ ،‬و ال‬ ‫على العلمانيّين و ال على ضيق صدر األوروبيّين‪ ،‬نحن نعرفهم‪ ،‬طول حياتهم لن‬ ‫يصيروا أحسن مِن هذه الحالة‪ ،‬لألسف ال ّشديد‪ ،‬هم طريقتهم هكذا‪.‬‬ ‫اُنظر ألمريكا ماذا فعلت في العراق و في العالم و وضعت ك ّل شيء تحت رجلها‪،‬‬ ‫و العالم ساكت تقريبا‪ ،‬و نحن الضّحايا‪ .‬هم طريقتهم هكذا‪ ،‬طول حياتهم هكذا‪،‬‬ ‫عمرهم ما كانوا أحسن مِن هذا لألسف ال ّ‬ ‫شديد‪.‬‬ ‫لكن العتب على المسلمين أنفسهم‪ ،‬و يستح ّقون‪ .‬و أقول لكم بصراحة‪ ،‬نحن نس ّ‬ ‫تحق‬ ‫أكثر من هذا‪ ،‬تعرفون لماذا؟ على خمسة مليون في فرنسا‪ ،‬كم يوجد من حزب‪ ،‬كم‬ ‫يوجد من جمعيّة‪ ،‬كم يوجد من إمام‪ ،‬كم يوجد من قيادة؟ خمسين ألف مليون‪ ،‬كلّهم‬

‫‪59‬‬

‫قيادات‪ ،‬كلّهم أحزاب‪.‬‬


‫هناك أخ ذهب هناك‪َ ،‬روَّ َع ْت ُه كثرة الخالفات‪ .‬أخ باألمس صلّى معانا‪ ،‬حكى إليّ‬ ‫ّ‬ ‫ممزقون‪ ،‬و متورّ طة فيهم فرنسا‬ ‫بعجل بعد الخطبة‪ ،‬قال لي‪ :‬هم‪ ،‬خمسون ألفا‪،‬‬ ‫نفسها‪ .‬فرنسا ُتنتج مشايخا و مراكزا لصالحها‪ ،‬تابعة لل ّداخليّة‪ .‬تضرب الجماعات‬ ‫بعضها ببعض‪ ،‬و المسلمين بعضهم ببعض‪ ،‬و قصّة غريبة‪.‬‬ ‫اآلن‪ ،‬أمريكا تقوم بهذا مع الجماعات اإلسالميّة‪َ ،‬من له أذنان تسمعان و عينان‬ ‫تبصران‪ ،‬لكن يقرأ و يحلّل‪ ،‬سيفهم ال ّشيء الخطير الّذي يصير حاليّا‪ .‬ر ّكز‪ ،‬ر ّكز‬ ‫و حاول تفهم ك ّل شيء تشاهده في الفضائيّات و تقرأه في الجرائد‪ ،‬و حاول تحلّله‪.‬‬

‫بالجزيرة‪ ،‬و غير الجزيرة‪ ،‬و الحظ برامجها‪ ،‬مثال‪ ،‬في آخر ثالث أسابيع‪ .‬ماهي‬ ‫هذه البرامج؟ حاول توصّل خطوط بين هذه البرامج‪ ،‬سوف ترى أنّ فيه ّ‬ ‫خطة‪ .‬أنا‬ ‫رأيتها بشكل واضح‪ ،‬بشكل واضح‪ .‬لكن في األوّ ل الزم يكون عندك فكرة تجعلك‬ ‫توصّل هذه األشياء‪ .‬سوف ترى‪ ،‬شيء خطير ج ّدا ج ّدا‪ ،‬ناس شياطين هؤالء‪.‬‬ ‫لكن العتب ليس عليهم‪ ،‬هم أعداء‪ ،‬يخدعون أنفسهم‪ .‬العتب علينا‪ ،‬نحن نعطيهم‬ ‫الفرصة لذلك‪ .‬و الباب الّذي يدخلون منه‪ ،‬ما هو؟ فرقة المسلمين‪ ،‬شنآن المسلمين‬ ‫بعضهم لبعض‪ ،‬يحرّ ضون المسلمين بعضهم على بعض‪.‬‬ ‫تعلمون‪ ،‬لو الخمسة مليون في فرنسا يش ّكلون قوّ ة انتخابيّة واحدة‪ ،‬اليهود سيقبّلون‬

‫ال ّدرس األوّ ل‪ :‬الحمد‪ ،‬ال ّ‬ ‫شكر و الصّالة على رسول هللا‬

‫ال تأخذ ال ّشيء على ّ‬ ‫عِالته‪ .‬ر ّكز‪ ،‬اُنظر ماذا يحصل‪.‬‬ ‫ح ّتى البرامج‪ ،‬انتبه‪ .‬اآلن حاول تقوم ب ّ‬ ‫خطة علميّة‪ ،‬هكذا هم يدرسون‪ ،‬إيتي مثال‬

‫أرجلهم‪ ،‬ليس الفرنسيّين‪ .‬الفرنسيّين سيقبّلون األرض الّتي يمشي عليها المسلمون‪.‬‬ ‫صح أو ال؟ و الك ّل سيقول‪ :‬حجاب ماذا! ما تطلبه سنعطيك إيّاه‪ .‬ألنّ األحزاب في‬ ‫األخير ما هو هدفها؟‬ ‫لكن هناك شيء أخطر من هذا‪ ،‬حكيته لكم قبل قليل‪ .‬هذه سياسة أحزاب‪ ،‬لكن‪ ،‬اآلن‪،‬‬ ‫هناك سياسة قارّ ة موحّ دة‪ ،‬صح؟ لمّا هذه القارّ ة‪ ،‬ترى بأعينها‪ ،‬و أنتم تعرفون ما‬ ‫معنى هذا الكالم‪ ،‬أنّ اإلسالم بدأ يتغلغل حقيقة و بدأ يكسب أنصارا بالماليين‪،‬‬

‫‪60‬‬


‫وبعمليّة بسيطة‪ ،‬بعد مائة أو مائة و عشرون سنة‪ ،‬أو مائة و خمسون سنة‪ ،‬سوف‬ ‫تصبح القارّ ة مسلمة‪ ،‬تصوّ ر! أو بعض ال ّدول اإلسالميّة في حكم األكثريّة‪ ،‬انتبه‪،‬‬ ‫وكن موقنا مائة في المائة‪ ،‬لن يسكتوا‪ ،‬و سي ّتخذون إجراءات مختلفة تماما‪ .‬إجراءات‬ ‫تفريغ‪ ،‬و تهجير‪ ،‬و تخرج قوانين و أشياء و إجراءات ما أنزل هللا بها مِن سلطان‪.‬‬ ‫لكن كما قلت لكم‪ ،‬العتب علينا لألسف ال ّشديد‪.‬‬ ‫واآلن ّ‬ ‫بالذات الّذي صار في هذه السّنة ال يترك أليّ أوروبيّ وجها أصال أو ح ّتى‬

‫ال ّدرس األوّ ل‪ :‬الحمد‪ ،‬ال ّ‬ ‫شكر و الصّالة على رسول هللا‬

‫حياء ليرفع وجهه‪ ،‬و عيناه فينا‪ ،‬و يتكلّم و يقول اإلسالم جهاد‪ ،‬و سيف‪ ،‬و حدود‪...‬‬ ‫نقول لهم أنتم ّ‬ ‫بالذات ال تملكون ّ‬ ‫حق الكالم في هذا الموضوع بالمرّ ة‪ .‬صح أو ال؟‬ ‫أمريكا قالت لك أنا عندي مبدأ جديد‪ :‬أيّ نظام ال ينصاع إلى أوامري‪ ،‬و أنا أراه‬ ‫بطريقتي الخاصّة‪ ،‬أ ّنه يش ّكل خطرا على أمني‪ ،‬وراء البحار في آخر المحيط‪ .‬وفي‬ ‫الحقيقة ال أحد يُش ّكل خطرا عليها‪ ،‬يمكن كوريا قليال‪ ،‬لكن نحن ُنش ّكل خطرا عليها؟‬ ‫إيران‪ ،‬العراق‪ ،‬سوريا‪ ،‬مصر؟ و ال أحد فينا‪.‬‬ ‫الخطر هو جاثم في قلبنا‪ ،‬إسرائيل‪ ،‬صح أو ال؟ مائتان و خمسون رأسا نوو ّيا‪ ،‬هذا‬ ‫ّ‬ ‫الحق‬ ‫الخطر علينا نحن‪ ،‬يا أخي‪ .‬قال لك‪ :‬ال‪ ،‬أنتم تش ّكلون خطرا علينا‪ .‬فأنا عندي‬ ‫آتي أنزع أظفاركم و أسنانكم‪ ،‬و أكسّركم بطريقتي الخاصّة‪ .‬حرب استباقيّة‪ ،‬عدل‬ ‫(هذه سياسة الغرب و أمريكا خاصّة‪ ،‬يحكمون بحكم الغاب)‪.‬‬ ‫ما هذا يا أخي؟ ما هذه المصيبة؟ و يتكلّمون و يقولون‪ :‬أنتم جهاد و سيف…‬ ‫سيف ماذا؟ لم نكن أبدا هكذا‪ ،‬لم نعامل ال ّشعوب بهذه ّ‬ ‫الطريقة‪ .‬و الحجاب هذا‪،‬‬ ‫ت‪ ،‬كما ُيقال‪ ،‬على هذا الغرب‪ .‬كانت لهم ضربة قاسمة‪،‬‬ ‫صراحة‪َ ،‬عرَّ ى َو َر َق َة التو ِ‬ ‫بصراحة‪ .‬عندما يخرج رئيس دولة مثل هذه‪ ،‬و المسلمون أعطوه أصواتهم‪ ،‬صح‬ ‫أو ال؟ و تفاءلوا به خيرا‪ ،‬ث ّم يخرج و يقول كذا كذا‪ .‬ما هذا؟‬

‫‪61‬‬

‫ّ‬ ‫نستحق‪ ،‬الزم نكون أوعى من هذا بكثير‪.‬‬ ‫لكن نحن‬


‫المه ّم‪ ،‬كما قلنا‪:‬‬

‫‪ 9‬محمد العاقب ل ــرسل رب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـه‬

‫و آلـ ـ ــه و صـحـبـ ـه و حـ ـزب ـ ـ ـ ـ ـ ـه‬

‫نختم بآله‪َ .‬من هم اآلل؟ (حوار في المجلس مع الشّيخ‪ ،‬ليذكّروه بإنهاء حكاية الشّيخ‬ ‫‪‬نجّار‪ ‬و العالم اإليطاليّ‪ ،‬فضحك‪ ،‬الشّيخ ‪‬عدنان‪ ،‬و اعتذر ألنّه نسيَ)‬

‫فالمه ّم‪ ،‬قال (اإليطاليّ) له‪ :‬أنت تقرأ كثيرا يا شيخ ‪‬نجّ ار‪ .‬فقال له‪ :‬صحيح‪.‬‬

‫هو ال ّتفضيل من الحمد‪ ،‬يعني أحمد‪ .‬فأجابه‪ :‬بالضّبط‪ ،‬و رفع رأسه‪ ،‬هذا ما قاله‬ ‫كتابنا بالضّبط‪.‬‬ ‫يعني بيركليتس‪ ،‬ليس معناها محمّد و ال محمود‪ ،‬و إ ّنما معناها‪ ،‬أحمد‪ .‬ال إله ّإال‬ ‫هللا‪ .‬المذكور في القرآن‪ ،‬و أنا متأ ّكد‪ ،‬بصراحة‪ ،‬ال رسول هللا‪ ،‬و ال ‪‬بن عبّاس‪،‬‬ ‫و ال ‪ّ ‬‬ ‫الطبريّ ‪ ،‬و ال ‪‬بن كثير‪ ‬و ال أحد كان يعرف بيركليتس باليونانيّ‬ ‫القديم‪ ،‬و ال أنا و ال أنتم‪ ،‬صح أو ال؟ و ال ال ّشيخ ‪‬ال ّنجّ ار‪َ .‬من هو الّذي يعرفها؟‬ ‫لنينو‪ ،‬نحن غير متخصّصون في هذه األمور‪ ،‬صح أو ال؟ و ال أحد يعيش في‬ ‫اليونان عربيّ ‪ ،‬و يعرف هذه اليونانيّة القديمة‪ ،‬بيركليتس‪ .‬ال نعرف معناها‪( .‬الشّيخ‬

‫ال ّدرس األوّ ل‪ :‬الحمد‪ ،‬ال ّ‬ ‫شكر و الصّالة على رسول هللا‬

‫الحمْ دِ‪ .‬فقال‪ :‬هل توافق أنّ أَ ْف َع ْل‬ ‫قال له‪ :‬طيّب‪ ،‬بيركليتس (باليونانيّة) معناها كثيرُ َ‬

‫يؤكّد ألحد الطّلبة على أنّها اليونانيّة القديمة)‪ ،‬بعد ذلك سنتح ّدث عن لغات اإلنجيل‬ ‫و كم مِن كتاب‪.‬‬ ‫المه ّم‪ ،‬فالعرب كتبوها فارقليط‪ ،‬لفظوها هكذا‪ .‬يمكن تكون ترجمة فارسيّة‪ .‬و العرب‬ ‫عزي‪ ،‬و ضاع المعنى‪ّ .‬‬ ‫المسيح ّيون ترجموها ال ُم ّ‬ ‫معزي ماذا؟ َمن مات‪َ ،‬من راح‪،‬‬ ‫َمن انتكب؟ قال لك م ّ‬ ‫ُعزي‪ .‬غير مفهومة‪ ،‬ضاعت‪.‬‬

‫‪62‬‬


‫فال ّنبيّ ال قرأ كتب بيركليتس و ال أحد يعرف هذه الكلمة‪ ،‬يا أخي‪ ،‬و كانوا يقولون‪:‬‬ ‫الم ّ‬ ‫ُعزي‪ .‬لكن الّذي أنزل هذا على ‪‬عيسى‪ ‬و أنزل هذا على ‪ ،‬هو الّذي‬ ‫يعرف‪ .‬قال لهم أحمد‪ ،‬يعني بلغتهم اآلراميّة‪ .‬و باليونانيّة‪ ،‬كتبوها بالضّبط‪،‬‬ ‫وترجموها إلى بيركليتس‪ ،‬هذا معناها صرفيّا‪ .‬و القرآن قال‪ :‬برسول … اسمه‬ ‫أحمد‪ .‬شيء غريب‪ ،‬شيء يقشعرّ منه البدن‪ ،‬يا أخي‪ ،‬ال إله ّإال هللا‪ .‬رأيت د ّقة هذا‬ ‫الكتاب العزيز‪ .‬دع ك ّل ال ّدراسات تفسّر هذا ال ّشيء‪ ،‬كيف يصير‪ .‬صعب ج ّدا‪.‬‬ ‫ال ّدرس األوّ ل‪ :‬الحمد‪ ،‬ال ّ‬ ‫شكر و الصّالة على رسول هللا‬

‫قال (النّاظم)‪... :‬و آلـ ـ ــه و صـحـبـ ـه و حـ ـزب ـ ـ ـ ـ ـ ـه‬ ‫َمن هم آل ‪‬؟ هذه اآلل كلمة لها معاني كثيرة‪ ،‬يعني ُتطلق إزاء معان متع ّددة‪،‬‬ ‫تختلف بحسب المقام و السّياق‪.‬‬ ‫فإذا كان المقا ُم مقا َم دعا ٍء‪ ،‬فيُراد بها ك ّل مؤمن‪ ،‬صالحا كان أو فاسقا‪ .‬تدعو كذا‬ ‫وتقول‪ :‬الله ّم ص ّل على و ارحم ‪ ‬و آلَه‪ .‬يعني ماذا؟ أ ُ ّم َته كلَّهم‪ ،‬الصّالح و ّ‬ ‫الطالح‪.‬‬ ‫و إذا أردت بها الحم َد و ّ‬ ‫الثناء‪ ،‬فيُراد بهذه اآلل َمن؟ ك ّل مؤمن تقيّ صالح‪ .‬فيخرج‬ ‫ّ‬ ‫الطالح‪ ،‬و المسلم على نفسه‪ ،‬و الفاسق‪.‬‬

‫طيّب‪ ،‬و إذا أردت بها َمن حُ ِر َم الصّدقة‪ ،‬فهم أهل ‪‬‬

‫األد َن ْون‪ .‬و اختلف العلماء‬

‫ّ‬ ‫المطلب‪ ،‬و بنو هاشم‪ ،‬تح ُرم عليهم الصّدقة‪.‬‬ ‫في هذا‪ .‬فـ ‪‬ال ّشافعيّ ‪ ‬قال‪ :‬هم بنو‬ ‫و المالكيّة قالوا‪ :‬بل بنو هاشم فقط‪ ،‬و الحنابلة (قالوا كذلك)‪ .‬و أمّا ‪‬أبو حنيفة‪‬‬ ‫َف َذ َك َر ف َِرقا خمسا‪ ،‬قال‪ :‬هم بنو أو آل عليّ ‪ ،‬و آل عقيل‪ ،‬و آل العبّاس‪ ،‬و آل جعفر‪،‬‬ ‫و آل الحارث‪ .‬قال ‪‬أبو حنيفة‪ ‬هؤالء الخمس‪ ،‬هم الّذين تح ُرم عليهم الصّدقة‪،‬‬ ‫‪63‬‬

‫هم آل ‪ .‬ويشهد له حديث ‪‬زيد بن أرقم‪ ‬في صحيح مسلم حين ُسئِل‪ ،‬قيل‬

‫له‪ :‬أ ليس نساء ‪‬‬

‫مِن آلِه؟ قال‪ :‬بلى هنّ مِن آلِه‪ ،‬و لكن آلُه َمن ح ُِرم الصّدقة‪.‬‬


‫فقيل له‪ :‬و َمن ح ُِر َم الصّدقة؟ قال‪ :‬آل عليّ ‪ ،‬و آل عقيل‪ ،‬و آل جعفر‪ ،‬و آل العبّاس‪.‬‬ ‫و لم يذكر آ َل الحارث‪ ،‬على مذهب ‪‬أبي حنيفة‪ .‬فهذا يشهد للمذهب الحنفيّ ‪.‬‬ ‫على ك ّل حال‪ ،‬فهذه هي إطالقات كلمة اآلل‪.‬‬

‫قال (النّاظم)‪... :‬و آلـ ـ ــه و صـحـبـ ـه و حـ ـزب ـ ـ ـ ـ ـ ـه‬ ‫ص ِح َبهُ‪ ،‬صُحْ َب ٍة‬ ‫و‬ ‫صحبه‪ ،‬جمع صاحب‪ .‬و الصّحابة في األصل‪ ،‬مصدر‪ .‬صحيح؟ َ‬ ‫ِ‬ ‫ص َح ِاب ِتي‪ ....‬صح؟ هذه هي‪ .‬تقول لي‪ :‬مصدر هي؟ طبعا مصدر‪ .‬ح ّتى الرّ سول‪،‬‬ ‫َ‬ ‫كلمة رسول مصدر‪ .‬أرسله رسوال‪ .‬كما نقول قتله قتال‪ .‬نفس ال ّ‬ ‫شيء‪ .‬مصدر مثل‬ ‫القتل‪ ،‬إنفينيتف‪ ،infinitive ،‬يعني‪ .‬رسول‪.‬‬ ‫ُرسل‪ .‬يجوز ال ّتسمية بالمصادر‪ ،‬فالرّ سول في األصل‬ ‫ّي بها الم َ‬ ‫و بعد ذلك ُسم َ‬ ‫ّي‬ ‫ترب َية‪ ،‬صحيح؟ و الصّحابة مصدر‪ ،‬و ُسم َ‬ ‫مصدر‪ ،‬و الرّ بّ مصدر‪َ ،‬ر َّب ُه َر ّبا و ِ‬ ‫بها هؤالء‪ ،‬أيضا‪ ،‬مِن باب ال ّتغليب‪ ،‬مِن حيث أ ّنه مِن بعد طول ال ّتعاطي و غلبة‬ ‫َ‬ ‫االستعمال‪ ،‬صِ رْ َ‬ ‫سمعت كلمة صحابة ال َت ْف َهم منها المصدريّة‪ ،‬تفه ُم منها‬ ‫ت إذا‬ ‫المعنى المأثور لدينا‪ ،‬طيّب‪.‬‬ ‫صحْ ِب ِه‪َ .‬من هو الصّاحب؟ َمن هو صاحب رسول هللا؟ تعاريف كثيرة ج ّدا ج ّدا‪.‬‬ ‫َو َ‬

‫ال ّدرس األوّ ل‪ :‬الحمد‪ ،‬ال ّ‬ ‫شكر و الصّالة على رسول هللا‬

‫اس ِب ُحسْ ِن‬ ‫و َ‬ ‫صحا َبة‪ .‬و في الحديث المشهور الصّحيح‪ ،‬قال (‪َ  :)‬منْ أَ ْولَى ال َّن ِ‬

‫قال الحافظ ‪‬بن حجر‪ ،‬شيخ‪ ،‬أمير المؤمنين في الحديث‪ ،‬صاحب فتح الباري‪،‬‬ ‫لقي‬ ‫رحمة هللا عليه‪ :‬و الّذي تحرّ ر لي أنّ أص ّح تعريف للصّحابيّ ‪ ،‬هو‪ :‬ك ّل َمن َ‬ ‫ال ّنبيّ ‪ ،‬صلّى هللا عليه و سلّم‪ ،‬و لم يُقيّدها ال بكثرة و ال كذا ح ّتى لو لقيه ربع ساعة‪،‬‬ ‫و آمن به و مات على ذلك‪ .‬عجيب‪ .‬قصير ج ّدا هذا ال ّتعريف‪ ،‬ال توجد فيه حدود‬ ‫كثيرة‪ ،‬معناها يتوسّع به في المحدود‪ ،‬الصّحابة صاروا كثر معناها‪ ،‬عشرات‬ ‫األلوف‪ .‬أبو ُزرعة‪ ،‬رحمة هللا عليه‪ ،‬قال‪ :‬ال ّنبيّ َمن رآه و َمن سمِع منه من‬

‫‪64‬‬


‫ذكور و مِن إناث زاد عن مائة و عشرة آالف‪ ،‬قال هؤالء صحابة‪ .‬أكثر مِن مائة‬ ‫و عشرة آالف مِن ّ‬ ‫الذكور و اإلناث‪ .‬طيّب‪.‬‬ ‫لقي ال ّنبيّ ‪ ،‬صلّى هللا عليه و سلّم‪ .‬جملة لَق َِي ال ّنبيّ ‪ ،‬ال تقتضي‪ :‬أبصره‬ ‫قال ك ّل مِن َ‬ ‫أو لم يُبصره‪ ،‬فيدخل فيها العُميان‪ ،‬صح أو ال؟ هذه هي‪.‬‬ ‫أل ّنه إذا قال أحد‪ :‬لَق َِي ال ّنبيّ ‪ ،‬يعني رآه؟ هو لم يقل رآه‪ ،‬قال لَق َِي‪ ،‬مضبوط أو ال؟‬ ‫فمثال‪ ،‬عبد هللا بن أ ّم المكتوم‪ ،‬كان ضريرا‪ ،‬أعمى‪ ،‬و لقي ال ّنبيّ ‪ ،‬فهو صحاب ّي‬ ‫ك أحد في صحبته‪ ،‬لكن لم يرى ال ّنبيّ ‪.‬‬ ‫بال شكّ‪ ،‬ال يش ّ‬ ‫ال ّدرس األوّ ل‪ :‬الحمد‪ ،‬ال ّ‬ ‫شكر و الصّالة على رسول هللا‬

‫إذن‪ ،‬ال ّتعريف لم يقل ك ّل َمن رأى ال ّنبيّ ‪ ،‬انتبه‪َ .‬من لَق َِي ال ّنبيّ ‪ ،‬صلّى هللا عليه وسلّم‪.‬‬ ‫و آمن به‪ .‬فيخرج َمن؟ يخرج الك ّفار‪ .‬قد يقول أحدكم‪ :‬ك ّل َمن لقي ال ّنبيّ ‪ ،‬يدخل‬ ‫الجنّ ؟ يدخل الجنّ ‪.‬‬ ‫ۡ َ َ َۡي َۡ َ َ​َ‬ ‫َ ۡ َۡ َ ُ َ ُۡ َۡ َ‬ ‫ٱۡل ِن يست ِمعون ٱلقرءان ‪S S،۲۲ W  U‬‬ ‫ِن‬ ‫م‬ ‫ا‬ ‫ر‬ ‫ف‬ ‫‪ِ ‬إَوذ َصفنا إَِلك ن‬ ‫ِ‬ ‫هؤالء لقوا ال ّنبيّ ‪ ،‬و ال ّنبيّ التقاهم و علّمهم‪ ،‬صحابة؟ صحابة طبعا‪ ،‬هناك صحابة‬ ‫مِن الجنّ ‪ ،‬ال يوجد فيه خالف‪.‬‬ ‫طيّب‪ ،‬و المالئكة؟ هناك مالئكة ينزلون على ال ّنبيّ و يتكلمون معه؟ على الرّ اجح‬ ‫أ ّنهم يدخلون في الصّحابة‪ .‬لكن قال الحافظ ‪‬بن حجر‪ :‬هو مح ّل نظر‪ .‬لكنّ‬ ‫المح ّققين قالوا مِن قبله‪ :‬صحابة‪ .‬إذا المالئكة التقت ال ّنبيّ في األرض‪.‬‬ ‫هناك َمن قيّد أن يكون في مح ّل لُ ْقيا‪ .‬أين مح ّل الل ْقيا؟ األرض‪ .‬فال ّنبيّ يمكن رأى‬ ‫مالئكة ليلة المعراج‪.‬‬ ‫ص َّح أن يُع ّد‪ ،‬كما ذكرنا أمس‬ ‫و هناك َمن لم يُقيّد بمح ّل لُ ْقيا‪ .‬و إذا لم يُقيّد بمح ّل لقيا‪َ ،‬‬

‫‪65‬‬

‫في الخطبة‪ ،‬عيسى‪ ‬بن ‪‬مريم‪ ‬ماذا؟ صحاب ّيا‪.‬‬ ‫لماذا؟ ألنّ ‪‬عيسى‪ ‬التقى ال ّنبيّ في السّماء ّ‬ ‫الثانية‪ ،‬حيّا بروحه و دمه‪ ،‬بدنا‬ ‫وروحا‪ ،‬و ‪‬عيسى‪ ‬إذن صحابيّ ‪ ،‬أل ّنه التقى بال ّنبيّ و آمن بال ّنبيّ ‪ .‬قد يقول لي‬ ‫أحدكم‪ :‬و لكن هو سيعود في آخر ّ‬ ‫الزمان‪ ،‬و هذا نبيّ ‪ ،‬كيف تقول لي صحابيّ ؟ كما‬


‫قلنا أمس‪ ،‬يعود حاكما بشرع ‪ ،‬بال ّشريعة ال ّناسخة لك ّل ال ّشرائع مِن قبلها‪ ،‬فيعود‬ ‫محمّد ّيا‪ .‬و لذلك يص ّح القول بصحبة ‪‬عيسى‪ ،‬عليه السّالم‪ .‬و هللا تعالى أعلم‪.‬‬ ‫طيّب‪ ،‬و الجنّ كذلك كما قلنا‪.‬‬ ‫و آمن به و مات على ذلك‪ .‬إذن َمن لَ ِق َي ُه و لم يُؤمن‪ ،‬ليس صحابيّا‪ .‬فهل المنافقون‬ ‫يُع ّدون في الصّحابة؟ ال‪ ،‬انتبه‪ .‬ال تقل مِن أصحابه منافقون‪ .‬تخربط أنت‪ .‬كيف‬

‫صحابة أن‬ ‫منافقون‪ .‬ال ليسوا صحابة‪ ،‬المنافقون ليسوا صحابة‪ ،‬واضح! فشرط ال ّ‬ ‫يكون مؤمنا‪ .‬إذن خرج المنافقون‪ ،‬لَ َق ْوهُ و عاشوا معه سنين‪ ،‬لكن ليسوا صحابة‪.‬‬ ‫و مات على ذلك‪ .‬خرج‪ ،‬أيضا‪ ،‬بقوله‪ ،‬مات على ذلك‪ .‬ك ّل من ارت ّد‪ ،‬و لم يعد إلى‬ ‫اإلسالم‪ ،‬كعبيد هللا بن جحش‪ ،‬و تعرفون قصّته‪ .‬هذا ارت ّد في الحبشة زوج ‪‬أ ّم‬ ‫حبيبة‪ ‬بنت أبي سفيان‪ ،‬صح؟ تنصّر هناك‪ ،‬والعياذ باهلل‪ .‬و هي رأته في الرّ ؤيا‪،‬‬ ‫و فعال مات كافرا‪ ،‬و العياذ باهلل‪ .‬من بعد ذلك الرّ سول أمهرها ال ّنجاشيّ ‪ .‬ال ّنب ّي تزوّ ج‬ ‫‪‬أ ّم حبيبة‪ ،‬خطبها ال ّنجاشيّ و دفع مهرها ال ّنجاشيّ ‪ .‬و بعثها لل ّنبيّ ‪ .‬طيّب‪.‬‬ ‫و أيضا مثل عبد هللا بن حنظل‪ ،‬و العياذ باهلل‪ ،‬هذا‪ ،‬أيضا‪ ،‬ارت ّد و مات مرت ّدا‪ .‬هذا‬

‫ال ّدرس األوّ ل‪ :‬الحمد‪ ،‬ال ّ‬ ‫شكر و الصّالة على رسول هللا‬

‫تقول‪ :‬صحابيّ و منافق؟ ال‪ ،‬المنافق لم يُؤمن‪ ،‬هو كافر بالرّ سول و كافر باهلل هو‬ ‫ّ‬ ‫مكذب‪ .‬فهذا ليس صحابيّا‪ .‬فال ُتثبت له الصّحبة مع ال ّنفاق‪ ،‬تقول لي‪ :‬هنالك صحابة‬

‫ليس صحابيّا‪.‬‬ ‫لكنّ الّذي ارت ّد و عاد إلى اإليمان و لو بعد موت الرّ سول‪ ،‬ليس في حياة الرّ سول‪،‬‬ ‫تعود له الصّحبة؟ عند ال ّشافعيّة‪ ،‬نعم‪ .‬كـ ‪‬عبد هللا بن أبي السّرح‪ .،‬هذا ارت ّد‪،‬‬ ‫و تعرفونه أنتم‪ ،‬و بعد ذلك رجع و َحس َُن إسالمه و جاهد‪ ،‬و إن شاء هللا تكون له‬ ‫الحسنى‪ .‬و وضعوه واليا على مصر في ما بعد‪.‬‬ ‫‪66‬‬


‫فال ّشافعيّة قالوا تعود له الصّحبة‪ .‬و المشهور عند المالكيّة‪ ،‬ال تعود له الصّحبة‪،‬‬ ‫المتر ّدد في كتبهم‪ :‬ال ّتر ّدد‪ .‬مرّ ة يقولون تعود و مرّ ة يقولون ال تعود‪ ،‬لكنّ المشهور‬ ‫في مذهب المالكيّة أ ّنها ال تعود‪.‬‬ ‫قد يقول أحدكم‪ :‬تعود أو ال تعود‪ ،‬يا أخي‪ ،‬ما الفائدة؟ طبعا‪ ،‬أوّ ل فائدة عودتها‪،‬‬ ‫ال ّشرف‪ ،‬و ّ‬ ‫الثناء و الحُرمة‪ ،‬تصير له حرمة صحابيّ ‪ ،‬و بعد ذلك األجر عند هللا‬ ‫هللا ِفي أَصْ َح ِابي‬ ‫هللا َ‬ ‫يوم القيامة‪ ،‬هذا صحابيّ ‪ .‬أعماله أعمال صحابيّ ‪ .‬ال ّنبيّ قال‪َ  :‬‬ ‫َفلَ ْو أَ ْن َف َق أَ َح ُد ُك ْم ِم ْث َل أ ُحُ ٍد َذ َهبا‪َ ،‬ما َبلَ َغ ُم َّد أَ َح ِد ِه ْم‪ .‬يعني هو يُنفق نصف لتر قمح‬ ‫ال ّدرس األوّ ل‪ :‬الحمد‪ ،‬ال ّ‬ ‫شكر و الصّالة على رسول هللا‬

‫أو شعير‪ ،‬عند هللا أجره أكثر م ّما لو أنفقت أنت جبال من ذهب‪ .‬فهذا أجر‪.‬‬ ‫إذا راحت الصّحبة‪ ،‬تروح هذه المزيّة‪ ،‬يصير مثله و مثلك‪ .‬فلها فوائد‪ .‬هذا تعريف‬ ‫الصّحابيّ ‪.‬‬ ‫على ك ّل حال‪ ،‬ح ّتى ال يختلط عليكم األمر‪ ،‬هذا هو تعريف المح ّدثين‪ .‬األصول ّيون‬ ‫صحبة‬ ‫لهم تعريف أش ّد‪َ .‬من األصوليّون؟ علماء أصول الفقه‪ .‬تعريفهم للصّحابيّ و لل ّ‬ ‫أش ّد‪ .‬لماذا؟ يشترط األصوليّون أن تطول صحبة الرّ جل للرّ سول‪ .‬ال يوجد عندهم‪،‬‬ ‫يبقى ساعة يصبح صحابيّا‪ .‬قالوا ال‪ .‬التقى ال ّنبيّ و آمن به و طالت صحبته‪ ،‬واضح!‬ ‫هذا تعريف األصوليّون‪.‬‬ ‫لو طبّقنا تعريف األصوليّين على تعريف المح ّدثين‪ ،‬يصبح عدد الصّحابة قليال ج ّدا‪.‬‬ ‫ال يصير مائة و عشرة آالف‪ ،‬و مائة و أربعة عشر ألف في روايات أخرى‪.‬‬ ‫على ك ّل حال‪ ،‬هذا تعريف األصوليّين و هذا تعريف المح ّدثين‪.‬‬

‫‪67‬‬

‫ث ّم قال‪ :‬و حزبه‪ .‬ما معنى الحزب؟ الحزب هم ك ّل جماعة اجتمعوا على أمر‪ ،‬يعني‬ ‫أمر ناظم‪ ،‬ي ُ‬ ‫نظمُهم‪ ،‬سواء كان خيرا أو شرّا‪.‬‬ ‫َ‬ ‫ُ ُّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫حۡ‬ ‫ب ب ِ َما َليۡ ِه ۡم ف ِر ُحون ‪i S،۳۵ W ‬‬ ‫ز‬ ‫ُك‬ ‫قال تعالى‪...  :‬‬ ‫ِ‬ ‫ِۢ‬


‫في الخير و في الشرّ ‪ .‬و هنا ما المراد بحزب ‪‬؟ قوالن‪.‬‬ ‫قيل المراد بحزب ‪ ،‬أصحابه األكثر ُد ُن ّوا و اختصاصا به‪ .‬يعني‪ ،‬هنا‪ ،‬هذا اللّفظ‬ ‫أكثر تخصيصا مِن ماذا؟ مِن الصّحابيّ ‪.‬‬ ‫يعني صار عندنا ثالثة ألفاظ‪ ،‬اآلل‪ ،‬و نحن قلنا مثال في مقام ال ّدعاء‪ ،‬هو يدعو في‬ ‫الصّالة و السّالم‪ ،‬فهذا يع ّم أمّة ‪ ،‬صالحهم و طالحهم‪ ،‬يدخلون في اآلل‪ ،‬هذه‬ ‫واحد‪ .‬ث ّم األصحاب‪ ،‬و األصحاب أخصّ مِن اآلل‪ ،‬مضبوط أو ال؟ يعني نحن صرنا‬

‫أخصّ‬

‫مِن الصّحابة‪ .‬كما كان يقول ‪‬بالل‪ : ‬وا طرباه غدا ألقى األحبّة ‪‬‬

‫وحزبه‪ ،‬و هناك روايات و صحبه‪ .‬و َمن قصده بحزبه؟ الصّحابة ْ‬ ‫األد َنيْن‪ ،‬خيرة‬ ‫ال ّشهداء‪ ،‬خيرة الصّحابة‪.‬‬ ‫فهنا قيل الحزب هم خاصّة أصحاب رسول هللا‪ ،‬األدنى و األقرب إلى رسول هللا‪.‬‬ ‫فصار معنى الحزب‪ ،‬معنى أخصّ من معنى الصّحبة‪ .‬يعني أصحاب مخصوصون‪.‬‬ ‫و قيل الحزب هو أتباعه و أمّته‪ ،‬فصار أع ّم‪ ،‬و تشعر و كأنّ األوّ ل أكثر منطقيّة‪،‬‬ ‫ألنّ المص ّنف كأ ّنه أراد هذا ال ّتدرّ ج‪.‬‬ ‫و على فكرة‪ ،‬هذا ال ّنظم‪ ،‬نظم العلوم ال ّشرعيّة و غيرها‪ ،‬ال يوجد فيها حشو‪ .‬ال ّناظم‬

‫ال ّدرس األوّ ل‪ :‬الحمد‪ ،‬ال ّ‬ ‫شكر و الصّالة على رسول هللا‬

‫داخلين في اآلل‪ ،‬األولى‪ ،‬لكن غير داخلين في الصّحبة‪ ،‬الصّحابة أخصّ ‪ ،‬و الحزب‬

‫يتقصّد ك ّل لفظة‪ .‬يعني لو ق ّدم‪ ،‬أو ّ‬ ‫أخر لفظة‪ ،‬فهو مقصود‪ .‬و ال ب ّد أنت كشارح‬ ‫تفهم طريقته‪ ،‬فهنا يوجد تدرّ ج‪ .‬األع ّم‪ ،‬ث ّم ما هو خاصّ ‪ ،‬ث ّم ما هو أخصّ ‪.‬‬ ‫و هللا‪ ،‬تبارك و تعالى‪ ،‬أعلم‪.‬‬ ‫أقول قولي هذا و أستغفر هللا لي و لكم‪.‬‬ ‫السّالم عليكم و رحمة هللا و بركاته‪.‬‬

‫‪68‬‬


‫‪‬‬ ‫ال ّدرس األوّ ل‪ :‬الحمد‪ ،‬ال ّ‬ ‫شكر و الصّالة على رسول هللا‬

‫‪69‬‬

‫‪5‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.