الثاني :الرّجاءّ ، ال ّدرس ّ الثواب ،اإلخالص و شروط ال ّتكليف
الرّجاء ،الثّواب ،اإلخالص و شروط التّكليف
دروس العقيدة
ال ّدرس ال ّثاني :الرّجاء ،ال ّثواب ،اإلخالص و شروط ال ّتكليف
1
و قد دامت هذه الحصّة 2س و 30دق ،تضم ْ ّنت فقر ًة لألسئلة و األجوبة ُم َّد ُتها 54دق تقريبا ،أُفرغت في هذه الصحائف ل َمن استحسن ال ّتعلّم قراء ًة .و ت ّم ا ّتبا ّ ّ بخط "هاسن فانيليا"، خطة معيّنة عند ال ّتفريغ ،و َشرْ حُها كال ّتالي :ما هو مكتوب ّ تحته ّ متقطع ،و بين قوسين ليس مِن أقوال ال ّشيخ ،و إ ّنما مالحظات لكي يفهم خط القارئ بعض المقاصد ،الّتي قد تغيب عنه. ،و ال يُع َت َبرُ حديثا نبويّا شريفا
ال يُع َت َبرُ قرآنا ّإال ما ُكتب بين الرّ مزين ال ّتاليين ب بين ،و قد ُخصَّ الحديث القدسيّ بالرّ مزين وبال ّنسبة ّإال ما ُك ِت َ ألقوال العلماء فهو بين
الثاني :الرّجاءّ ، ال ّدرس ّ الثواب ،اإلخالص و شروط ال ّتكليف
في الصّفحات الموالية تقرؤون ،إن شاء هللا ،ثاني درس مِن دروس العقيدة ،لل ّشيخ، ال ّدكتور ،و ّ العالمة الحجّ ة و فخر اإلسالم ،عدنان إبراهيم. 5 ،
،و الك ّل مشكول.
وت ّم إسقاط بعض الجمل ،لعدم استكمالها مِن ال ّشيخ و ال يوجد فيها معنى يُذكر ،كما ي أ ّنه يُناسبها من العربيّة الفصيحة. ت ّم استبدال بعض الكلمات العاميّة بما رُ ِؤ َ و الكمال هلل وحده ،و الصّالة و السّالم على َمن ال نبيّ بعده. اللّه ّم زدنا علما و فقها و رشدا ،آمين.
2
أعوذ باهلل السّميع العليم مِن ال ّشيطان الرّ جيم ،بسم هللا الرّ حمان الرّ حيم ،الحمد هلل ال ّدرس ال ّثاني :الرّجاء ،ال ّثواب ،اإلخالص و شروط ال ّتكليف
ربّ العالمين ،حمدا طيّبا مباركا فيه كما يحبّ ربّنا ويرضى. اللّه ّم ص ِّل و سلّم و بارك على سيّدنا بن عبد هللا و على آله ّ الطيّبين و صحابته المباركين و َمن ا ّتبع هداه و استنّ بس ّنته إلى يوم ال ّدين. أمّا بعد ،أيّها اإلخوة األحباب ،السّالم عليكم و رحمة هللا تعالى و بركاته.
وقفنا عند قوله :وََآلَهََوََصَحَبَهََوََحََزبَهَ. ث ّم قال (الشّيخ اللّقانيّ ،)رحمة هللا عليه:
اجَُلَلت ب ي ي نَ َ ح تَ مََيَحَتَ َ 9وََبَعَدَُفَالعَلَ َمَُبَأَصَلََالدَي نَََََََََََََ َمُ َ
قوله َو َبعْ ُد ،بعد ماذا؟ (إجابة مِن أحد اإلخوة الحاضرين) ،أحسنت ،بعد الحمد و الصّالة و ما سبق .يعني بعد ك ّل هذه األبيات و مضمونِها ،بعد ذلك كلِّه ،يقول: ين .ال ب ّد أن نعرّ ف العلم. َو بعْ ُدَ .فالع ِْل ُم ِبأَصْ ِل ال ِّد ِ
3
العلم ،أيّها اإلخوة ،مِن أقوال العلماء ،لكن تعريفات اصطالحيّة اآلن ال ي ُِه ُّم َنا كثيرا اللّغة.
العلم في االصطالح هو :معرف ُة ال ّشي ِء على ما هو ِبهِ .أو ،هناك تعريف آخر قريب ٌ ٌ مطاب َق ٌة للواقع عن دليل .انتبهوا! طيّب. جازمة معرفة ج ّدا منه ،يقول: ِ ً جازمة و مطابقة للواقع ،لكن ال عن دليل ،ماذا نسمّيه؟ إذن ،لو كانت المعرفة ال ّتقليد.
كالمه صحيح .هذا كالم هللا فِعال ،و كالم معجز تشريعيّا ،لغويّا و علميّا ،ك ُّل كالمه ُطابق (للواقع) ،يعني هل أصاب أو لم يُصِ ب ،الرّ جل؟ (كالم المقلّد) صحيح ،و م ِ أصاب في كالمه ،لكن ال َي ْق ِدرُ أن يُعطِ َي دليال ،ال يعرف ال ّدليل المسكين .فنقول له« :أنت مقلّد». ض َح الفرق بين العلم و ال ّتقليد .واضح! فال ّتقليد في باب الع ِْلم؛ هو الخالي أو يعني َو َ الع ِريُّ عن ال ّدليل. َ از َم ُة' .نقف ،أيضا ،عند هذا الح ّد ،عند المعرفة الجازمة .إن لم إذن' ،ال َمعْ ِر َف ُة َ الج ِ تكن جازمة ،تر ّدد األمر بين ثالثة أشياء .بين ال ّشكّ ،و ّ الظنّ ،و الوهم .صحيح؟ أنتم تسمعون :شكّ ،ظنّ ،وهم ،عِ ْلم .يجب علينا أن ُنفرِّ ق .أخذنا تعريف العلم ،اآلن. نريد أن نرى ما هو ال ّشكّ؟ ما هو ّ الظنّ ؟ ما هو الوهم؟ و بطريقةٍ ،إن شاء هللا،
الثاني :الرّجاءّ ، ال ّدرس ّ الثواب ،اإلخالص و شروط ال ّتكليف
قد يقول أحدكم« :أنا أؤمن ِبأنّ هذا القرآن مِن عند هللا و مُعْ ِجز ،معجز علميّا لغويّا»... نقول له« :هات دليال» .سيقول لك« :هكذا قال العلماء ،يا أخي» .فنقول له« :أنت مقلِّد» ،طبعا.
َتجْ َعلُها َس ْهلَ ًة ج ّدا. إذا استوى ،أيّها اإلخوة ،في وهم اإلنسان ،أو في اعتقاده ،أو في ظ ّنه ،أو في حُ سْ بانِه ،االثبات و ال ّنفي في خصوص أيّ أمر ،فهذا يُسمّى ال ّ شكّ .يعني نقول له، مثال« :هل قُ ِت َل 'بريمر' ،حاكم العراق؟» اآلن ،هناك أخبار تقول أ ّنه قُتِل ،إن شاء هللا ،و أنا أعتقد أ ّنه ُقتِل .أل ّنه مرّ اآلن أسابيع ،تقريبا أسبوعين ،لم يظهر و ال مرّ ة
4
على التلفاز .طبعا ،المجاهدون أصدروا بيانا ،في عمليّة فُدائيّة جبّارة ،ألفان مِن المجاهدين ،ألفان فُدائيّا عراقيّا ،ما شاء هللا ،هجموا على موك ِِبه ،ف ُدم َِّر الموكب عن ي آخ ِِرهِ ،و اسْ ُت ْش ِه َد أربعون ،و قد قُ ِت َل الملعون ،لعنة هللا عليه .و قالوا نتح ّدى ،أ ّ إذاعة في العالم ،و أمريكا معهم أيضا ،أن تأتي لنا بلقاء حيّ (مباشر) مع 'بريمر'. أل ّنه قُتِل. أَ َت ْوا مرّ ة بأشياء مِن األرشيف .طيّب ،نحن نريد أن نراه على المباشر .كان يوميّا ال ّدرس ال ّثاني :الرّجاء ،ال ّثواب ،اإلخالص و شروط ال ّتكليف
يظهر ،صح؟ أل ّنه قُتل (بما أنّه لم يظهر على المباشر فهذا يعني أنّه ُقتِل حقّا). فمثال ،واحد يقول« :و هللا أنا ،بال ّنسبة لقتل بريمر »...مثال حلو!!! (ضحك في
المجلس) «...بال ّنسبة لقتل بريمر»( .سأل أحدُ الحاضرينَ الشّيخَ عن مصادرِه ،فأجاب بأنّه
قرأ هذا الخبر في األنترنت ،مِن بيان من المجاهدين ،ثمّ أكمل يقول التّالي) ،و عندما طبّقته (خبر قتل بريمر) على الواقع ،وجدت أنّ الواقع يشهد له ،صحيح؟ مِن (يوم)
52/54إلى اليوم ،لم يظهر بريمر 'اليف' (مباشر) .يجب أن ُتالحظ ،طبّق الخبر. وأيضا ليس مِن مصلحة المجاهدين أن َيأْ َتف َِك مثل هذا الخبر و بعد نصف ساعة يظهر كذبه .في هذه الحالة (إن صحّ كذب هذا الخبر) سيخرج بريمر مباشرة ،اليف، و لكن هو إلى اليوم لم يظهر. نحن اآلن بعد أسبوعين .مِن أسبوعين إلى اآلن ،لم يخرج اليف على ال ّتلفاز .أَ َت ْوا بأشياء مِن األرشيف ،و نحن نريده على المباشر .و طبعا ،حصلت زيارات مهمّة، لبعض ال ّناس مِن الخارج .و ال أحد ،قابل بريمر .على ك ّل حال ،إن شاء هللا يكون قُتِل ،بإذن هللا تبارك و تعالى .و قبل مرّ تين حاولوا أن يغتالوه ،لكن كان له عمر، اللّعين.
5
هللا ،ال أعرف .خمسون في المائة قُتِل ،خمسون (عودة إلى المثال) فواحد يقول« :و ِ
ك» .خمسون في المائة 'نعم' ،و خمسون في المائة لم يُق َتل» .فنقول« :هذا اسمه ال ّش ّ في المائة 'ال' .هذا اسمه ال ّشكّ.
فإذا ترجّ ح عند أحد ما سمع مِن العبد الفقير ،يقول« :و هللا صح ،مضبوط ،أنا مِن
زمان لم أره» .معناها أصبح سبعون في المائة يكون قُتِل .هذا اسمه ،الظنّ .عندنا ك و عندنا ّ الظنّ . ال ّش ّ سبعون في المائة ،هذا ظنّ .طيّب ،ثالثون في المائة لم يُق َتل ،ما اسمه؟ اسمه الوهم. يتوهّم عدم َق ْتلِهِ.
ثالثونّ . فالثالثون في المائةَ ،وهْ ٌم .و السّبعون في المائة ظنّ ،و العكس صحيح، أيضا. إذن ،خمسون خمسون ،هذا ال ّشكّ .أكثر مِن خمسين ،ماذا يُسمَّى؟ ّ الظنّ .أق ّل مِن خمسين يُسمّى ،الوهم .طيّب. ُطابقا للواقع .طيّب ،لو جزمت بشيء إذن ،العِلم ،أيّها اإلخوة ،هو َ الجز ُم بال ّشيء م ِ و لكن ال ُيطابق الواقع .كال ّنصارى ،تجزم بال ّتثليث .أ ّنه هناك ثالثة ،و ّ الثالثة واحد، و الواحد ثالثة .أو تجزم بالصّلب ،بصلب عيسى ،عليه السّالم ،يعني بأ ّنه ِب ،و لم ُي َشبَّه .تجزم بهذا ال ّشيء. ُ صل َ َ ُطابق و ك ّل مؤمن ،و ك ّل إنسان يجزم بأشياء معيّنة .إن جزمت بشيء ،لكن ،ال ي ِ الواقع ،ماذا ي َُسمَّى هذا؟ الجهل .لماذا الجهل؟ هذا الجهل تماما .هذا جهل .تجزم بشيء ،الواقع ُب َك ّذ ُبه ،ال يُطابق الواقع ،صحيح؟
الثاني :الرّجاءّ ، ال ّدرس ّ الثواب ،اإلخالص و شروط ال ّتكليف
على فكرة ،ال ّشكّ ،و ّ الظنّ ،و الوهم ،أيّها اإلخوة ،ك ّل واحد منها يقابلها شيء، صحيح؟ إذا أنا ،سبعون في المائة َت َرجَّ َح عندي قتلُه ،إذن كم يبقى لي في عدم القتل؟
ُقابل الع ِْلم ،مقابلة كاملة .الع ِْل ُم، و نأتي إلى الجهل .الجهل يقابل ماذا إذن؟ الجهل ي ِ عكسه تماما ،الجهل .لكن ،اُنظر إلى ال ّشكّ ،اُنظر إلى ّ الظنّ فيه بعض عِ ْلم ،صحيح؟ ض ُدهُ. ليس علما كامال ،بخالف الجهل ،أل ّنه يُنافيه الواقع و ال ي َُؤ ِّك ُده و ال َيعْ ُ
6
الجهل ينقسم إلى قسمين أيضا ،جهل بسيط و جهل مر ّكب ،هذا المشهور لدى الجميع. الجهل البسيط هو ال ُخلُوُّ مِن العلم بال ّشيء عمّا مِن شأنه أن يُعلَم ،هذا يُسمّى جهال هللا ،ال أعرف بسيطا .تقول ألحد ما« :سبعة ضرب ثمانية يُساوي كم؟» فيجيب« :و ِ اإلجابة» .فهذا جاهل بهذا ال ّ شيء .انتبه! طبعا ،العوا ّم يقولون« :جاهل!» ال ّدرس ال ّثاني :الرّجاء ،ال ّثواب ،اإلخالص و شروط ال ّتكليف
«يا أخي ،هل هو جاهل بك ّل شيء؟» ال ،هو جاهل بهذا ال ّشيء ،مسكين .أكيد يعرف أشياء أخرى ،يعرف ِنجارة ،و يعرف حِدادة ،و يعرف كذا ،و سوق السيّارة ،يعرف أشياء كثيرة ج ّدا .و جاهل بهذا ال ّشيء .ك ّل واحد مِن البشر ما يجهله أكثر بكثير ِممّا يعلمُه ،أو غير صحيح؟ لدينا قاعدتان جميلتان ج ّدا ،و فعال تبعثان على اإلنصاف دائما و تنفيان عن المرء في أحكامه ،االعتساف. قاعدة تقولَ :من َعلِ َم مسألة فهو بها عالم .الواحد ال يعرف ك ّل شيء ،لكن هناك مسألة ،مثال نقولَ « :ح ِّد ْث َنا عن مثال...اإلظهار» (في علم التّجويد) ،اليوم أخذناه هللا ،هو عالم في هذه (يدرسون تجويد قبل العقيدة) ،في َُح ِّد ُثنا حديثا جميال .فتقول« :و ِ
المسألة» ،ليس عالما بالقراءات ،عالما بال ّتجويد ،عالما مطلقا ،ال.
ّ الحق أن يقول لكم أنا أقدر أن أعلّمكم هذه المسألة، و إ ّنما عالم بهذه المسألة ،و عنده و أشرحها لكم. «يا أخي ،أنت ال تعرف ،كيف تقول أنا عالم؟» فيقول« :أنا أعرف هذه المسألة ،لكن 7
ال أعرف ك ّل شيء .أعرف هذه المسألة جيّدا و ح ّقق ُتها ،و كتبت فيها ،أعرفها تماما» .إذن َمن علم مسألة فهو بها عالم.
و القاعدة ّ الثانية ماذا تقول :الم ُْخ َتصُّ بال ّشيءَ ،عامِّيٌّ في غيرهَ .وحَّ دَ ك ّل علمه في ا ّتجاه معيّن ،هو يعرف هذا ال ّشيء .لكن ال يقول أل ّنه عالم« :أنا عالم ،هكذا باإلطالق ،و أعلم ك ّل شيء» .فنقول له« :ال ،أنت عارف بهذا ال ّشيء الّذي ْ صصْ َ ت به ،و أنت عامّيّ ،يعني كالجاهل ،في االختصاصات األخرى» ،صحيح؟ اخ َت َ تجد جرّ احا كبيرا ،رهيب في الجراحة ،مثل 'برنار' و غيره ،مِن أكبر الجرّ احين في العالم ،لكن في قواعد لغته اإلنكليزيّة صفر .ال يعرف يتكلّم مسكين ،جاهل في في السّياسة ،في االستراتيجيّة ،خمسون ألف فر جاهل به .عامّيّ ،معلوماته ،يُمكن تكون أق ّل مِن العامّيّ ح ّتى. هذا العامّيّ ،يتابع ،و يحضر ،و يشاهد السي آن آن (قناة ،)CNNيعرف (أمور كثيرة
على العالم) ،و تالقي هذا الجرّ اح ،ال يعرف شيئا ح ّتى عمّا يدور في ال ّدنيا ،مسكين، مضبوط أو ال؟ و يُسمّى ح ّتى في اللّغات األجانب 'فا إيديوت' ( )fa idiotأو يُسمّونه باإلنكليزيّة 'ليرنر سافاج' ( ،)learner savageالّذي هو المتعلّم الهمجيّ .هذه الكلمة تساوي 'فا إيديوت' ،نفس ال ّشيء المتعلّم الهمجيّ .كيف؟ متعلّم يعرف شيئا معيّنا، لكن في غيرها همجيّ ،بدائيّ ،ال يفهم شيئا. هذا موجود ،و هو مصيبة على فكرة .ليس جميال أن يكون اإلنسان 'فا إيديوت' أو 'ليرنر سافاج' ،ليس جيّدا .بالعكس ،عليك أن تأخذ مِن ك ّل شيء ،يعني ،ب َط َر ٍ ف
الثاني :الرّجاءّ ، ال ّدرس ّ الثواب ،اإلخالص و شروط ال ّتكليف
القواعد ،لكن ّ عالمة في الجراحة .جاهل في الفلك ،جاهل في الرّ ياضيّات ،جاهل
يسير ،ح ّتى ال ُتنسب إلى الجهل المطلق .فيُقال لك« :ما هذا يا أخي ،أ ال تعرف
شيئا في السّياسة؟» فيجيبه« :آآه أحداث 55سبتمبر 55 ..سبتمبر يمكن »!!!5892 (ضحك في المجلس) فيقول له« :أين أنت؟ أال تعيش معنا؟» .العالم كلّه انقلب ،و هذا ال يدري ما الّذي يحصل ،و ال يفهم شيئا.
يوجد أناس هكذا على فكرة ،معروف و خاصّة في الغرب .في تاريخنا اإلسالميّ ، صعب .لم تظهر هذه الظاهرة ،صعب .تجد نحويّا كبيرا ج ّدا ج ّدا ،ملمّا بال ّتفسير،
8
ملمّا بالحديث .تقول ليُ « :ملِ ّم؟» نعم ُملِ ّم .انتبه! مل ّم ليس معناها ،محيط .مل ّم يعني عنده إلمام. لَ َّم بال ّشيء و أَلَ َّم بال ّ شيء ،ما معناها؟ أال نقول« :إيتني ِبلُ َما َم ٍة» .يُقال« :فالن يجيد اللّغة كذا كذا ،و مل ّم باأللمانيّة» .ليس معناه أ ّنه يفهم كثيرا (األلمانيّة) هذا .يعني يعرف حبّتان باأللمانيّة ،يعرف قليال ،يُدبِّر حاله 54 ،في المائة ،مل ّم .هذا معنى مل ّم. ال ّدرس ال ّثاني :الرّجاء ،ال ّثواب ،اإلخالص و شروط ال ّتكليف
يقول ال ّناس« :فالن مل ّم» .يظ ّنون أ ّنهم يمدحونه ،و هم يذمّونه في الحقيقة .فيأتي
أحدهم يمدح فالنا يقول« :ذاك ُملِ ّم ،يا أخي ،في الفلسفة» .يعني جعله ال يفهم شيئا،
المسكين ،في الفلسفة( .ضحك في المجلس). إلمام ،هذا مل ّم .عليك أن ُتلِ َّم مِن ك ّل علم بأحسن ما فيه ،ح ّتى ال ُتنسب في هذا العِلم ّ بالذات إلى الجهل المطلق .غير جيّد. فهذه ّ الظاهرة في تاريخنا ،الحمد هلل( ،لم توجد) .و بالعكس ،ظاهرةُ موسوع ّي ِة الع ِلم و العلماء هي ظاهرة شبه إسالميّة .أكثر حضارة أفرزت موسوعات علميّة ،هي الحضارة اإلسالميّة. راجع َمن تريد ،راجع ال ّشافعيّ ،راجع الجاحظ ،الفخر الرّ ازي، ّ الغزاليّ ،ابن القيّم ،شيء غريب ،يا أخي. بن تيميّة ،أبو حامد موسوعات كانوا ،يعرفون أشياء كثيرة .و ح ّتى طريقة العلوم اإلسالميّة ،أحيانا تشجّ ع و أحيانا تفرض .أنت تجد ،منظومة مثل هذه في ال ّنحو ،أو منظومة في العقيدة .راجع مثال« ،األزهريّة» ،لل ّشيخ خالد األزهريّ ،رحمة هللا عليه في القرن العاشر هجريّ ( ت 509هـ) .هذا عالم نحو ،أزهريّ كبير.
9
تجد في «األزهريّة» ،مباحث في علم الكالم ،مباحث في البالغة ،مباحث في تاريخ اللّغة العربيّة ،يعني نحو ،مباحث في ال ّتفسير أحيانا ،أشياء غريبة كما قلنا .تقول: «كيف عرف؟» (يعني كيف حصّل كلّ هذه العلوم) طبعا ،علوم متداخلة كلّها .طيّب. إذن عندنا الجهل .جهل بسيط و جهل مر ّكب .عرفنا ما هو الجهل البسيط؟ الخلوّ ُعرف هذا ال ّشيء ،لكن هو ال عن الع ِْل ِم بال ّشيء عمّا مِن شأنه أن يُعلَم .يعني يمكن ي َ يعرفه .يقول لك« :أنا جاهل» .و جاهل جهال بسيطا.
َ سكت كان يعني مثال ،هذا ال ّشيء لو ُنه ع ّنابيّ ،فيقول أحد ما« :هذا لو ُنه أزرق» .فلو خيرا له ،لو قال أنا أعمى أفضل له .نقول له« :أزرق؟» يقول لك« :أزرق يا أخي».
فنقول له« :أنت جاهل مر ّكب ،تجهل لو َنه و تزعُم له لونا آخر و مُصِ رٌّ على ما أنت
فيه».
"لَقَ ْد َ َِجلْ َت َو َما ت َْد ِري َأن ََّك َجا ِهل َ ¤¤¤و َم ْن ِِل ِبأَ ْن ت َْد ِري ِبأَن ََّك ََل ت َْد ِري"
ال ّشاعر
يقول .فهذا اسمه الجهل المر ّكب .الّذي يجهل و َيحْ َسب أ ّنه عالِم و ال يعلم جهلَه ،أو
يجهل جهله ،واضح!
عندنا اآلن الجهل البسيط ،يُسمَّى صاحبه أ ُ ِّم ًّيا في هذا الباب ،أ ّم ّيا .لماذا؟ نسبة إلى َمن؟ نسبة إلى األ ّم ،يعني َبق َِي في هذا الباب ّ بالذات على الحالة الّتي خرج عليها
الثاني :الرّجاءّ ، ال ّدرس ّ الثواب ،اإلخالص و شروط ال ّتكليف
الجهل المر ّكب ،هو أن ُيلِ َّم به أو أن َيعْ لَ َم ُه عِ ْلما بخالف ما هو عليه ،يعني عكس ال ّشيء ،صحيح؟
مِن بطن أمِّهّ . الطفل لمّا يخرج مِن بطن أمّه ،ال يعرف أشياء كثيرة ج ّدا ج ّدا ج ّدا، أو غير صحيح؟ و الّذي يجهل جهال بسيطاَ ،بق َِي على نفس الحالة .لو نسأله سؤاال في الجغرافيا ،و هو ابن يوم ،هل يعرف الجواب؟ ال يعرف .و تسأل ابن أربعين سنة ،فيظهر أ ّنه ال يعرف ،تقول« :ما شاء هللا ،ال يعرف ،كأ ّنك مثل أوّ ل يوم (في
حياته) ،و ال استف ّد َ ت حاجة( ،ضحك شديد في المجلس لطرافة الشّيخ في التّعبير)،
10
كما خرجت مِن بطن أمّك ظللت .على نفس الحالة الّتي خرجت عليها مِن بطن أ ِّمك» .هذا معنى األ ّميّ ،واضح!
فهذا اسمه ،جهل بسيط ،جهل األ ّميّة .و الجهل ّ الثاني ،اسمه الجهل المر ّكب .أيّهما أصعب في ال ّتلقين و ال ّتعليم و اإلرشاد؟ (إجابات في المجلس) الجهل المر ّكب. الجهل المر ّكب ،يقتضيك إلزالته خطوتين .يقتضي مقامين ،مباشرة.
ال ّدرس ال ّثاني :الرّجاء ،ال ّثواب ،اإلخالص و شروط ال ّتكليف
خاطره ،و وه ِمهِ، المقام األوّ ل ،مقام اإلنقاء ،ال ّتنقية ،تنقية دماغ هذا اإلنسان ،و ِ وحُ سبا ِن ِه مِن الغرض ،مِن هذه المعلومة ،المغشوشة ،الفاسدة .و بعد ذلك ،في المقام ّ المقابلَة للغرض ،يُقرِّ ُرها بنفسه، الثاني َتحْ لِ َي ُتهُ ،ارشا ُده ،تعليمُه ،و تقرير الحقيقة ِ َف ِه َم أ ّنه هكذا و هكذا. فلدينا خطوتان .لكن الجهل البسيط ،أرض بور ،صحيح؟ اِفلح و ُ ابذر ،كما يقولون. «تعال ،يا أخيَ ،ت َعلَّ ْم :كذا كذا يُساوي كذا» .يقول لك« :آآه ،بارك هللا فيك» .فهذا َس َّه َل إظهار نفسِ ه، عليك ( َت ْعلِيمَهُ) ،لكن هناك َمن يقول لك« :ال ،يا أخي ،كيف هذا؟» يريد َ و يضع رأسه برأسك ،و مازال لم يقتنع ،هيهات .و على فكرة ،أيّ إنسان يتعلّم ال ّشيء غلطا ،يعني بطريقة غير صحيحة ،يبقى يُعاني ،سبحان هللا ،مضبوط؟ الّذي يتعلّم القراءة غلطا ،و حافظ للقرآن ،هو َح ِف َظ لكن ليس بأحكام ال ّتالوة ،و يوجد غلط ح ّتى في اإلعراب ،يعني مسكين هذا .لكي يستطيع ،في ما بعدِ ،ح ْفظ القرآن مِن جديد ِح ْف ًظا جيّدا باإلعراب و بأحكام ال ّتالوة ،لكن أصعب بكثير مِن إنسان يبتدأ ّ ح َ سيظل في الغلط ،صح أو ال؟ بعد فترة ،تغلِبُه بعض ِفظه مِن أوّ ل مرّ ة ،و المعلومات القديمةُ ،م َعا َنا ًة .لذلك األفضل أن تكون البداية صالحة و صحيحة ،ح ّتى ال يتعانى اإلنسان هذه المكابدات الكثيرة ،طيّب.
11
إذن ال ب ّد ،أيّها اإلخوة ،مِن مطابقة الواقع و ال ب ّد مِن الجزم ،و ال ب ّد مِن ال ّدليل. فإن لم يكن عن دليل ،كان تقليدا .و سنأخذ حكم ال ّتقليد في علم العقيدة ،في ال ّدرس المقبل مباشرة ،إن شاء هللا.
أل ّنه " ،ل ك َم ْن قَ َّ ََّل ِِف التَّ ْو ِحي ِد ¤¤¤اميَانه ََل َ َْيلو َع ْن تَ ْر ِديد" ِ
كما قال (اللّقانيّ)
في «الجوهرة» ،هذا البيت الحادي عشر ،إن شاء هللا تبارك و تعالى .طيّب.
إجماليّ أو دليل جُ َملِيّ ،في الجملة .و إمّا أن يكون دليال تفصيل ّيا .واضح!
قد يقول أحدكم« :و اآلن ،يجب على ك ّل إنسان فينا أن يعتقد عقيدة صحيحة ،والعقيدة الصّحيحة في مختلف األبواب ،في باب اإللهيّات ،و ال ّنبوّ ات ،و السّمعيّات ،و ال ب ّد ً مطابقة للوقائع» .يعني ممنو أن تعتقد في هللا شيئا ليس ح ّقا ،ألنّ هذه أن تكون عقيدة .ممنو أن تعتقد في ّ حق األنبياء و الرّ سل شيئا ليس ح ّقا .ممنو أن تعتقد في باب السّمعيّات ،في عذاب القبر مثال ،في الج ّنة ،في ال ّنار ،في الخلود ،في الميزان ،في الصّراط ،في الحساب ،في ال ّنشر ،في البعث ،في عالمات السّاعة ،في ك ّل هذه األشياء ،أيّ شيئا ليس ح ًّقا. ّ الحق ،إن شاء هللا ،و أجزم ،و لكن ال أعرف ال ّدليل لكن قد يقول أحد ما« :أنا أعتقد
الثاني :الرّجاءّ ، ال ّدرس ّ الثواب ،اإلخالص و شروط ال ّتكليف
سنبقى نتوسّع في شرح هذا الموضو ،لكن سنقول :ال ّدليل ،هو ما يُس َت َد ُّل ِبه، صحيح؟ هذا ال ّدليل إمّا أن يكون جُ َملِ ًّيا ،ما معنى جُ َملِ ًّيا؟ يعني إجماليّا ،نقول دليل
تفصيليّا ،هل يُقبل م ّني هذا؟ و ما حكمي؟» هذه مسألة مهمّة ج ّدا.
قبل أن نجيب عن هذا السّؤال ،ال ب ّد أن نعرف ما هو ال ّدليل اإلجماليّ ،و ما هو ال ّدليل ال ّتفصيليّ . 12
أيّها اإلخوة ،لو سألتم اآلن أيّ إنسان ،مثل آبائنا و أمّهاتنا ،أو أجدادنا وج ّداتنا، الكبار ،و أكثرهم كانوا أ ّميّينَ ،غ َال َبى (مساكين) ،تقول له« :هل تؤمن باهلل؟» يقول: العالَم كلّه يا أخي ،ال ّشمس «نعم» .تقول له« :تؤمن باهلل! ما دليلك؟» يقول لك« :دليلي! َ و القمر و الّيل و ال ّنهار ،اإلنسان و الخ ِْلقة الرّ بّانيّة الحِلوة» .هكذا يتكلّم العوا ّم.
فعندهم دليل أو ال؟ عندهم دليل ،و كالمه هذا ،كالم ممتاز بصراحة ،لكن إجماليّ ،
ال ّدرس ال ّثاني :الرّجاء ،ال ّثواب ،اإلخالص و شروط ال ّتكليف
كالم إجماليّ .فعال هذا العالَم و الكون ،دليل ،و أكبر دليل .ك ّل ما في الوجود دليل على وجود هللا ،أو غير صحيح؟ و قائد إلى هللا .و الخ ِْل َقة اإلنسانيّة ،صحيح. َ ٓ َ ُ ُ ۡ َََ ُۡ ُ َ ( )4و يِف أنف يسك ۚۡم أفَل تب يِصون .c S،۱۲ W َ َ ٓ َ ُ (و َ )6س ُ ۡ َ َ َ ۡ س يهم .I S، ۳۵ W U اق و يِف أنف ي ُني يهم ءايَٰتينا يِف ٱٓأۡلف ي ي هو قال لك العالم هذا ،و ال ّشمس و القمر و الخ ِْل َقة الرّ بّانيّة السّمحةّ ، لخص لك اآلية بأسلوب العامّيّ ،إذن عنده دليل .لكن لو هذا أوردنا عليه بشبهات ،يقدر على اإلجابة؟ ال يقدر مسكين ،صحيح؟ لو طلبنا منه أن يقرّ ر ال ّدليل بصورة منطقيّة، َي ْق َبلُها عِ ْل ُم المنطق ،يقدر يُناقش فيها مناطقة و فالسفة و كذا ،هل يعرف؟ ال يستطيع. فإذن هل هذا العامّيّ ،الّذي يؤمن و عنده عقيدة سليمة و صحيحة و يجزم بها، ي دليل ،إجماليّ أو عار مِن ال ّدليل أو ُم َت َح ٍّل بال ّدليل؟ متح ّل بال ّدليل ،لكن أ ّ َ الحمْ ُد هللٍ ، تفصيليّ ؟ إجماليّ .ال ّدليل ال ّتفصيليّ ،عكس ذلك ،يستطيع صاحبه أن يُقرِّ ره في صيغة و شِ ْكلَ ٍة منطقيّة ،تماما يعرف المق ّدمات بأنواعها ،و يعرف كيف يستنبط منها ،بعد ذلك ،ال ّنتائج ،و يعرف اإليرادات و االعتراضات ،و كيف ُت ْد َفع .يقول لك« :فإن قيل كذا كذا ،أجبنا عنه بقولنا كذا كذا» .لو أتى أحد ُم َشبِّه أو ُملَبِّس ُي َنا ِق ُ شه، يقدر أن ير ّد عليه مباشرة ،يقول له« :هذا كذا كذا» .يعني متفلسف في هذه ال ّناحية،
13
يعني هذا يعرف ال ّدليل تفصيليّا.
سنأتي بمثال ،كما قلنا ،العامّيّ يقول لك هذا العالَم ،ك ّل هذه الخ ِْلقة اإلنسانيّة ،...دليل إجماليّ ،لكن عالِم الكالم أو المتف ّنن في عِلم العقيدة مثال ،المتفلسف مثل ما يقول العوا ّم ،ماذا يقول لك؟ اُنظر في ك ّل الكائنات ،في ك ّل المكوَّ ناتُ ،تسمّى الحوادث، تسمّى األكوان ،بعض علماء العقيدة يُس ّميها المعجزة ،انتبهوا! كلمة ’مُعْ ِج َزة‘ في علم العقيدة ،أحيانا ،ليس معناها ’( ‘miracleباإلنكليزيّة) ،أو ’‘wunder (باأللمانيّة)( ،المقصود ليس معناها ’خارقة‘ ،أحيانا ،عند علماء العقيدة) ،معناها ’الكون‘ ،ي َُسمُّو َنه ’مُعْ ِج َزة‘ .فعال هو إعجاز غريب بيني و بينك ،طيّب. الكون ،الوجود .ليس دائما أنّ المعجزة هي المعجزة اإللهيّة لنبيّ أو لرسول ،ال، ليس دائما .فقط هذا لل ّتنبيه .طيّب. فيقول (عالم الكالم)« :ك ّل ال ُم َكوَّ نات ،ك ّل الحوادث ،ك ّل الممكنات ،ك ّل الموجودات،
وُ ِجدَ ت بعد أن لم تكن» .يعني مسبوقة بماذا؟ ِب َعدَ ٍم ،و ك ّل ما س ُِب َق بعدم استحا َل عليه
ال ِق َدم ،هذه قاعدة. أيّ شيء مسبوق ِب َع َد ٍم ،مستحيل أن يكون قديما ،أل ّنه مسبوق ِب َع َد ٍم ،و هو ال ُم َسمّى بالحادث .و ما استحال قِدَ مُه ي َُسمّى بالحادث ،صحيح؟ و الحوادث ،هذه خطوة ثانية اآلن ،مق ّدمة ثانية ،ك ّل الحوادث مِن أقسام الممكن. فتقول« :ما هو الممكن ،يا أخي؟» الممكن ،دخلنا اآلن في المسألة ّ الثالثة األحكام العقليّة ،هو القابل لل ّنفي و اإلثبات كونا ،و مقدارا ،و حاال ،و زمانا ،و صِ َف ًة ،و ِج َه ًة
الثاني :الرّجاءّ ، ال ّدرس ّ الثواب ،اإلخالص و شروط ال ّتكليف
أحيانا إذا التبست عليك كلمة ’مُعْ ِج َزة‘ ،في بعض الكتب الكالميّة ،فمعناها األكوان،
يعني و مكانا ،قبوال ذاتيّا .سنشرح هذا في ال ّدرس القادم ،عندما نتح ّدث بال ّتفصيل عن الحكم العقليّ .في درس اليوم سنتح ّدث عن الحكم العقليّ بسرعة ،إن شاء هللا. سنفهم هذه األشياء و ما هو معناها .الممكنات و المتقابالت .طيّب.
14
فهذه األشياء كلّها ،اسمها الممكن .ماذا يعني الممكن؟ ُي َشبَّه تماما ب ِك َّفتي ميزانِ .ك َّفتا الميزان ،لو لم نضع في إحداهما ما َترْ َج ُح به ،هل َترْ َجح؟ ال ب ّد أن َترْ َجح بمُرجِّ ح غيره، ُظهر َ ُظهر نفسه ث ّم ي ِ خارجيّ ،الممكن كذلك .الممكن عاجز ،أيّها اإلخوة ،أن ي ِ مستحيل. و نأتي إلى ك ّل أشياء الوجود ،نرى أوّ ال ،مِن حيث الوجود ،أ ّنها ظهرت و تبلورت بعد أن لم تكن ،و هي قابلة ألن ال تظ َهر ،أو غير صحيح؟ ال يقول أحد« :أنا وجودي
ال ّدرس ال ّثاني :الرّجاء ،ال ّثواب ،اإلخالص و شروط ال ّتكليف
واجب ،و الزم» .ال ،وجودك غير واجب ،وجو ُدك ممكن ،و هللا ، ،كما خلقك كان يستطيع ،و يستطيع ،أن ال يخلُ َقك ،لن ينهدم بناء الكون. الكون بك أو بدونك يبقى موجودا ،صح أو ال؟ أنت مجرّ د ممكن مِن الممكنات، قابل للعدم ،و لذلك أنت مصيرك ،أيضا ،ال ّدثور ،أن تنتهي ،تموت تفنى ،صح أو ال؟ أل ّنك ممكن (مِن الممكنات يعني) ،وجودك مسبوق بعدم أو غير مسبوق؟ مسبوق. ث ّم ،لماذا خلق هللا هذا (اإلنسان) أبيضا ،و خلق هذا أحمرا ،و هذا أسودا ،و هذا أصفرا ،و هذا أصمرا ،أو غير صحيح؟ و هذا طويال ،و هذا قصيرا ،و هذا مِن األمّة الفالنيّة ،و هذا مِن ال ِعرْ ق الفالنيّ ،أو غير صحيح؟ ك ّل هذه األشياء تخصيص. صه ،كما ُ أيّ ممكن ،يمكن أن ُن َخ ِّ قلت لكم ،مقدارا ،و حاال ،و جهة ،و صفة، ص َ صه؟ لماذا وزمانا ،و مكانا ،و إلى آخره ،بمُخصّصات مختلفة تماما .ما الّذي خ َّ ص َ هللا ، ،شاء أن َي ْخلُ َق هذا في هذا الزمن ،مِن فالن و فالنة ،و لم يشأ أن يخلُ َقه قبل 5500سنة ،مثال؟ مِن الجيل األوّ ل مثال ،و مِن فالن و فالنة آخرين؟ أل ّنه ممكن ،ال يستطيع شيئا مِن نفسِ ه .هللا هو الّذي رجّ ح و خصّصه بهذه األشياء.
15
َ َ ۡ ُ َّ َ َٰ َ َٰ َ ۡ َ ي َ ۡ َ َٰ ُ َ ۡ َ ُ كمۡ ت وٱۡلۡرض وٱختيلف أل ي سنت ي قال تبارك و تعالىَ :وم ۡين َءايَٰتيهيۦ خلق ٱلسمو ي َ َ ۡ َ َٰ ُ ۡ وألون يك ۚۡم .v S، ۱۱ W U
رأيت كيف! هذا ال ّتخصيص ،أجعل هذه لك و هذه لك ،قال ( )هذه مِن آياتي أنا، أنا أُبد هذا ال ّشيء و أنا أعمله ،و هذا آية على وجودي .و على قدرتي ،سنشرح هذا بال ّتفصيل فلسفيّا في ال ّدرس المقبل ،إن شاء هللا تبارك و تعالى. مثل هذه ّ الطريقة في االستدالل ،هل يستطيعُها العامّيّ ؟ ال يفهمها ،و ال يعرفها .ألنّ العامّيّ ال يعرف أقسام الحكم ،و خاصّة الحكم العقليّ ،و سنرى ذلك في آخر ال ّدرس اليوم ،إن شاء هللا ،مفيد ج ّدا ،مِن أه ّم مق ّدمات العقيدة ،و هذه كلُّها مق ّدمات ،س َت َر ْون
اآلن ،الحكم .ما حكم االعتقاد عن دليل إجماليّ أو عن دليل تفصيليّ ؟ هل تعتقدون، أو تظ ّنون أنّ العلما َء أَ ْو َجبوا على عامّة المسلمين ،على ك ّل المسلمين ،أن يعتقدوا العقيدة الح ّقة ،أيّها اإلخوة ،عن أدلّة تفصيل ّية؟ هذا تحجير لواسع رحمة هللا .لو كان هذا واجبا ،و َمن لم يفعل يُع َت َبر غير مؤمن ،أو يُع َت َبر عاصيا و أتى بابا مِن أبواب الكبائر ،لكان في هذا تحجيرٌ لواسع رحمة هللا ،تبارك و تعالى. هللا أوسع ِمن هذا بكثير و َمن يستطيع هذا؟ هناك علماء ،و ح ّتى فقهاء ،أو علماء قرآن مثال ،أو علماء حديث ،ال يستطيعون فعال ،بجهة حقيقيّة ،منطقيّة ،فلسفيّة ،أن يُدافعوا عن هذه القضايا العقديّة بأسلوب
الثاني :الرّجاءّ ، ال ّدرس ّ الثواب ،اإلخالص و شروط ال ّتكليف
أقسام الحكم و منها الحكم العقليّ بأقسامِه ّ الثالثة و تقسيمات فرعيّة لهذه األقسام ّ الثالثة .فهذا معنى ال ّدليل الجُ َمليّ أو ال ّدليل اإلجماليّ ،و ال ّدليل ال ّتفصيليّ ،طيّب.
ُلزم اآلخر إلى الحجّ ة ،ال يستطيعون (ليس المقصود كلّ العلماء طبعا) .تجد َمن ي ِ يُدافع بحُجّ ة َخ َطابيّة« ،قال تعالى و كذا .»...في َُر ُّد عليه« :أصال أنا ال أعترف بما قال
هللا تعالى (و نعوذ باهلل مِن هذا) ،إي ِتنِي بحجّ ة عقليّة»َ .ف ْل ُي ْف َه ْم هذا المسكين (الّذي ال
يعترف بكالم اهلل ،)صح أو ال؟ ضاع ِت ِه الحديث؛ «أخرجه البخاريّ ،»...فيقول له: الم َُح ِّدث (عالم الحديث) ك ُّل ِب َ «بخاريّ ماذا ،يا أخي ،أنا ال أؤمن بالقرآن (و نعوذ باهلل مِن هذا) نفسه كحجّ ة ،تقول لي بخاريّ و مسلم» .فيُسْ َق ُ ط في يده (المحدّث)« :أعوذ باهلل ،أعوذ باهلل ،»...راح
16
المسكين .فتجده شبه عامّيّ في هذه المسائل ،صح أو ال؟ لكن في الحديث و ال ّتخريج و الرّ جال (علم الرّجال هو أحد فروع علم الحديث و يُسمّى أيضا علم الجرح و التّعديل)
و اللّسانيّين (علم اللّسان هو مِن علوم اللّغة) ،عالم كبير ج ّدا ،صحيح؟ أمّا في قضايا علم الكالم ،و العقيدة ،تلقاه ،المسكين ،شبه عامّيّ ،ال يعرف ،ال يستطيع .عنده طريقة َخ َط ِابيَّة في ال ّدفا عن العقيدة .تخصّصات.
ال ّدرس ال ّثاني :الرّجاء ،ال ّثواب ،اإلخالص و شروط ال ّتكليف
إذن ،كما قال السّعد ال ّتفتزانيّ ،رحمة هللا عليه ( 277هـ 257 -هـ) ،في موسوعته ،في علم الكالم ،الضّخمة« ،شرح المقاصد» ...قالَ :معْ ِر َف ُة ال َع ِقي َد ِة َعنْ يض يل إِجْ َمالِيٍّ َ ،يرْ َف ُع ُه ِمنْ َحضِ ِ يل َت ْفصِ يلِيٍّ َ ،فرْ ضٌ ِك َفا ِئيٌّ َ ،و َمعْ ِر َف ُت َها َعنْ دَ لِ ٍ َدلِ ٍ ال َّت ْقلِي ِدَ ،فرْ ضٌ َع ْينِيٌّ . يجب على ك ّل مسلم و مسلمة ،ح ّتى و لو كان أ ّميّا ال يكتب و ال يقرأ ،أن يعتقد عن دليل و لو إجماليّ .و على فكرة ،ال يخلو مسلم مِن هذا ،بحمد هللا تبارك و تعالى. ح ّتى العجائز ّ الالئي ال تفهمن شيئا ،تقول لك« :كيف يا ابني؟ َمن َخلَق؟ َمن َسوَّ ى؟
َمن َخلَق هذه العين و وضعها في هذا المكان ،و وضع المنخار هنا؟ »...هي ترى أنّ أحسن تقويم ُخل َِق عليه اإلنسان دليل على وجود هللا ،و هذا كالم كافي في ّ حق العجائز و ال ّناس العوا ّم ،دليل إجماليّ و صحيح .و أحيانا ،هي حين ترى بعض مظاهر البداعة ،و مظاهر ال َّت َقا َنة ،يعني اإلتقان ،في صنع هللا ،تبارك و تعالى، يزداد إيمانها ،تقول« :سبحان هللا» .يقف شعر بدنها ،إذن هي تستفيد مِن ال ّدليل، صحيح؟ لكن بطريقة ال تستطيع أن ُت َف ِّ صلَها (بها) ،إذن هذا يكفي ،إن شاء هللا. لكن معرفة العقيدة ،أو مسائل االعتقاد ،عن أدلّة ،يعني بأدلّة ،تفصيليّة ،فرض على
17
الكفاية .و اخ ُتلِف طبعا ،كم و ما كم ...هذه مسائل فيها كالم طويل ج ّدا ج ّدا ،لكن ينبغي ّأال تخلو ك ّل بلدة مِن بالد المسلمين (مِن عالِم متخصّص) ،بعضهم قال ينبغي ّأال تخلو مساحة القصر ،كـ بن حزم ّ الظاهريّ ،رحمة هللا عليه ( 483هـ – 394هـ) ،ما مسافة القصر؟ حوالي خمسة فراسخ ،حوالي ثمانين ،تسعين كيلومترا.
ل تسعين كيلو (يبدو أنّ الشّيخ قد أخطأ ،ألنّ الفرسخ يساوي خمسة كيلومترات في ك ّ تقريبا ،ممّا يدلّ على أنّ خمسة فراسخ تساوي حوالي خمسة و عشرين كيلومترا ،و اهلل
أعلم) ،المفروض يكون هناك عالم منتصب ،ما معنى منتصب؟ يقول العلماء، ف َن ْف َس ُه على هذا ال ّشيء... ،منتصب لتقرير أدلّة المسائل متخصّص ،واقفَ ،و َق َ العقديّة تفصيليّا .يأتينا واحد ملحد ،وجوديّ ،متفلسف ،مسيحيّ ،يهوديّ ،زنديق، ُض ِّيعُه بالكالم يقول يريد تشكيك المسلمين ،يقوم له هذا العالِم ،أل ّنه متخصّص ،و ي َ له« :كذا ،كذا ،كذا »...و اآلخر ال يفهم شيئا ،و طبيعيّ أن يكون (مستواه) صفرا، ّ الحق ،فتكون أسعد بالحُجّ ة ،أو غير صحيح؟ هناك َمن و أنت دائما حين تكون مع يظنّ أ ّنه بال ّشطارة ،و بقوّ ة اللّسان أ ّنه يقدر (على كلّ النّاس) ،غير صحيح ،يا إخواني. هناك ّ الح ِّق إِ َّال الض ََّالل (الشّيخ ،هنا ،لم يذكر اآلية ْس َبعْ دَ َ حق و هناك باطل ،و لَي َ ّ الحق عند ال ّنقاش ،حين ُتح َترم الح َُجج الكريمة مِن سورة يونس) .و َمن كان مع والبراهين ،و ُتح َت َرم عقول اآلخرين ،ال ب ّد أن ُت ْفلِ َج حُجَّ ة ال ُمح ِّق ،إن شاء هللا ،تبارك و تعالى ،هذا هو .لكن تحتاج َمن يُقرِّ ر هذه الحُجّ ة ،هذه هي المسألة. و لذلك قال العلماء :هذا واجب وجوبا كِفائيّا ،في ك ّل مسافة قصر قال بعضهم، وبعضهم لم يُح ّدد مسافة قصر ،يعني في ك ّل مكان على اإلجمال ،مستحيل يكون في ك ّل قرية صغيرة مثال مِن خمسين أو س ّتين بيتا ،لكن في ك ّل مكان يجمع المسلمين
الثاني :الرّجاءّ ، ال ّدرس ّ الثواب ،اإلخالص و شروط ال ّتكليف
طبعا.
ُوصل إليه. يمكن أن ي َ طبعا ،تحديد مسافة القصر تحديد ذكيّ ج ّدا ج ّدا ،العتبارات فقهيّة .ح ّتى تظهر رحمة هللا ،تبارك و تعالى .و لكنّ العلماء أجمعوا أنّ َمن َط َرأَت له أو عليه ُ شبهة في العقيدة قد ُت َك ِّفرُه أو تزلزل إيمانه مِن أصله ،و العياذ باهلل ،مِن أُسُسِ ه ،مِن أركانِه، و لم يجد َمن يكشف له هذه ال ّشبهة ،يجب عليه و ال َي ِح ُّل له أن ّ يتأخر ال يوم و ال ليلة ،ح ّتى و إن كان خلفه عيال ،اُترك ّ الزوجة و األوالد و ال ّشغل ،ك ّل شيء،
18
وعليك أن ترتحل إلى أقرب بلد ،ح ّتى و إن كانت تبعد عنك ألف كيلومتر ،ألنّ هذا دين .و ّإال لو كنت ُتعْ َت َبر مقصّرا ،و العياذ باهلل ،فتدخل نار جه ّنم خالدا مخلّدا ،وأنت ك في ال ّدين و في الرّ سل ،انتهيت ،أو غير صحيح؟ ك في هللا ،تش ّ تش ّ قد يقول أحدكم« :أنا وهللا قرأت »..مثال أل ّننا ك ّنا قبل قليل في قصّة عيسى، «..قرأت أناجيل و كذا و أنا مقتنع أنّ عيسى( ،و نعوذ باهلل مِن هذا) ،هو الّذي َ ُ صلِب بصراحة» .نقول له« :أنت ّ مكذب لكتاب هللا ،هللا قالَ ... :و َما ق َتلوهُ َو َما ُ َ َصل ُبوهُ .6 S، ٧٥١ W Uيا رجل! ال حصل له ،ال قتل و ال صلب». ال ّدرس ال ّثاني :الرّجاء ،ال ّثواب ،اإلخالص و شروط ال ّتكليف
فيقول« :لكن ِقصّتهم ،بصراحة ،قصّة ّ مؤثرة و كذا» .طبعا ،أل ّنه عاطفيّ و أحبّ ، مثل أمثاله مِن المسيحيّين ،أن يكون عيسى ضحيّة ،بهذه ّ الطريقة يعني ،واقتنع. يقول« :لكن هذه( ،و نعوذ باهلل مِن هذا) ،شطر آية مِن سورة ال ّنساء» .ح ّتى و لو ّ كذبت بكلمة واحدة مِن كتاب هللا ،أنت َك َفرْ َ ت .ما كذب على هللا ،صحيح؟ وهللا ما غ ّشنا ،أعطاك الحقيقة كاملة هنا. ْ َ الجُزئيّة شككت في هذه (عودة إلى قول العلماء في مَن طَرَأَت عليه شُبهة) فأنت لو
البسيطة ،يجب مباشرة أن تقصد عالما ،في أقرب بلد .قد يقول أحدكم« :ال يوجد (عالم) في مسافة قصر» .إن شاء هللا ،ح ّتى خمسة آالف كيلومتر ،يجب عليك أن تسافر مباشرة .إذا ّ مت في الطريق ،وقع أجرك على هللا ،أنت ذهبت تطلب الهداية، لكن إذا لم تذهب و قصّرت و ّ مت فأنت في نار جه ّنم خالدا مخلّدا فيها ،إذا كانت هذه ال ّ شبهة تنقض أصل اإليمان ،واضح!
إذا ال ّ شبهة في بعض الفرو ال تنقض أصل اإليمان ،ال بأس إن شاء هللا ،و نسأل هللا المغفرة .فالمسألة خطيرة ج ّدا ج ّدا.
19
و مِن هنا معنى قولهم ،أنّ هذا يجب وجوبا كِفائيّا ،يكون في ك ّل مكان تقريبا ،ال على ال ّتعيين ،رجل منتصب لتقرير مسائل االعتقاد بأدلّة تفصيليّة ،و معنى ذلك أ ّنه قادر على الكشف على جميع ال ّ تورد على شبهات و اإليرادات و االعتراضات الّتي َ مسائل العقيدة اإلسالميّة .يجب أن يكون قادرا.
و لذلك اآلن ،انتبهوا ،هذا فيه نقص في علماء المسلمين .ال تستطيع ،أنت كعالِم مسلم ،تعيش في القرن الواحد و العشرين ،أن تقول« :ما دخلي أنا في الفلسفات»... ضروريّ ،رغما عنك .علماء زمان ،كان هناك اعتزال درسوا ُ ش َب َههُ ،و بقوا مسلمين ليسوا كفرة .كان هناك شبهات البوذيّين ،كانوا يُسمّونهم السّومانيّون، درسوها و ر ّدوا عليهم .شبهات اليهود ر ّدوا عليها ،شبهات ال ّنصارى ر ّدوا عليها، شبهات ّ الطبيعيّين ،كانوا يُسمُّون أنفسهم ال ُّد َه ِريِّين ،الّذين هم مالحدة،athéistes ، ر ّدوا عليها علماؤنا.
أن تر ّد عليها ،صح أو ال؟ ضروريّ أن يكون عندنا علماء تتخصّص في دراسة هذه المذاهب و األفكار و الفلسفات المُحْ دَ َثة ،و أن تجيب عنها جيّدا. بالعكس ،أحيانا ،أنت كعالِم مسلم في العقيدة ،يجب أن تدرس و بعُمق فلسفات العلوم. أنا أقول هذا عن تجربة ،لماذا؟ إذا لم تدرس مثال ،فلسفة ميكانيكا الك ّم مِن الممكن ِّ تحطم ،ليس العقيدة اإلسالميّة ،و إ ّنما أوائل العقيدة .ماذا تورد عليك إيرادات أن َ يسمّون األوائل؟ بديهيّات العقيدة .فعمليّة خطيرة ،ال ب ّد أن تدرس دراسة كافية على األقلّ ،فلسفة هذا العلم ،ال أن تصير عالم ميكانيكا ك ّم ،ال تقدر ،تنقصك الرّ ياضيّات، لكن تقرأ هذه المعلومات و هذا العلم ،و ما قيل فيه ،و تستطيع ،أيضا أن تكشف شبهات هؤالء المُش ِّككين .فهذا ضروريّ .
الثاني :الرّجاءّ ، ال ّدرس ّ الثواب ،اإلخالص و شروط ال ّتكليف
اآلن عندك شبهات الماركسيّين ،شبهات الوجوديّين ،ما بعد الحداثيّين ،يجب عليك
فك ّل عصر يختلف عن العصر اآلخر بهذا االعتبار ،تطبيقيّا يعني .طيّب ،هذا بال ّنسبة لل ّدليل اإلجماليّ و ال ّدليل ال ّتفصيليّ ،هذا تعريف العلم.
20
إذن ماذا قال (اإلمام ال ّلقّانيّ)؟
9وََبَعَدَُفَالعَلَ َمَُبَأَصَلََالدَي نََ ... ل ال ّدين .قد يقول أحدكم« :هل هناك أصل واحد لل ّدين؟» (إجابة من أحد أص ُ
الحاضرين و أقرّه الشّيخ بقوله أنّه كما م ّر معهم في دروس التّجويد عند حرف الحلق). إذن أصل ال ّدين ُم ْف َرد مضاف ،ف َي ُع ُّم .إذن ما المقصود؟ أصول ال ّدين ،و هي قواعده، و العبارة ُم ْش ِع َرة بالمدح ،لماذا ُم ْشع َِرة بالمدح؟ أل ّنها جعلت مسائل ال ّتوحيد هي ال ّدرس ال ّثاني :الرّجاء ،ال ّثواب ،اإلخالص و شروط ال ّتكليف
األصل .و لكي نقول مدح ،ما هو األصل إذن؟ ما ا ْب ُتن َِي عليه غيره و لم ُي ْب َت َنى هو على غيره ،أل ّنه األساس( ،font ،باإلنكليزيّة) ،هو األساس. ك ّل شيء يقوم عليه ،يعني ك ّل بناء اإلسالم قائم على ماذا؟ على العقيدة .إذن أين األسس في األرض؟ ماهي؟ العقيدة .و ك ّل اإلسالم مِن عبادات و شرائع و شعائر و معامالت و أخالق و دساتير و مناهج للحياة ،ك ّل هذا على أساس العقيدة. و كما قلنا في درس سابق ،العقيدة هي العقدة األكبر ،صحيح؟ إنسان ،و العياذ باهلل، يعتقد عقيدة فاسدة ،عقيدة شِ رْ ِكيَّة ،وثنيّةَ ،ث َن ِويَّة (مبدؤها ،و نعوذ باهلل مِن هذا ،االعتقاد في إلهين؛ أحدهما خير و اآلخر شرّ) ،إلى آخره ،هذه عقدته الكبرى .إذا َحلَ ْل َتها له، ل جميع العقد ،كما قال أبو الحسن ال ّندويّ ،رحمة هللا عليه ( 3444هـ - تنح ُّ
3370هـ) .هذه هي العقدة الكبرى. و مِن هنا خطأ ال ّدعاة ،خطأ المب ّشرين بهذا ال ّدين العظيم ،أ ّنهم يخوضون مع الغربيّين و غير الغربيّين ،في مسائل فروعيّة« .لماذا شهادة المرأة نصف شهادة الرّ جل؟» «لماذا لها نصف في ميراث؟» «لماذا الحجاب؟» «لماذا كذا؟» هذا كلّه كالم
21
فارغ ،وهللا العظيم.
و هم يستدرجوننا إلى ذلك .على فكرة ،هناك ّ خطة استشراقيّة ذكيّة ج ّدا ج ّدا، مكتوبة .هم أرادوا ذلك .هذه المسائل أقرب إلى روح االجتما ،و تختلف مِن بيئة إلى بيئة ،يا أخي. في بيئات معيّنة ،ترى أشياء على أ ّنها أشياء طبيعيّة و بالعكس ُتمْ َتدَح ،و نفس األشياء في بيئة ثانية ُي َت َق َّزز منها و ُتسْ َت ْف َظع .بالعكس هذا َيسْ َت ْفظِ ع ما يستحليه و ما َيسْ َتمْ لِحُه هذا .مسائل تتبع روح االجتما الحاليّ .صعب أن تقنع ال ّناس بهذه األشياء.
يهوديّا كان أو نصرانيّا ،أنّ هذا الكتاب مِن عند هللا ،و أنّ القائل في أمره و في نهيه و في حكمه و في كذا و كذا هو ربّ العالمين ح ّقا ،الواحد األحدَ ،يس َت ْخذي أو ال يستخذي ك ّل يسمع؟ سمعنا و أطعنا ،انتهى .يقول لك« :عقلي هذا َف ِهم ،إن لم يفهم سأضعه على جانب .عقلي و أنا أفهمه ،نسبيّ ،ليس عقال كامال ،و ليس مطلقا ويتطوّ ر» .أو غير صحيح؟ لكن هذا كالم َمن؟ كالم المطلق ،الّذي يعرف ك ّل شيء ،تبارك و تعالى .و لذلك المسلمون مرتاحون ،الحمد هلل .يقولون أنّ المسلمين متعصّبون .لسنا متعصّبين، نحن مرتاحون ،أل ّننا عندنا عقيدة كاملة شاملة و قطعيّة بفضل هللا ،تبارك و تعالى. ك أنّ هذا الكالم فعال ،كالم هللا ،تبارك و تعالى. ليس لدينا شكّ ،ليس لدينا ذرّ ة ش ّ
الثاني :الرّجاءّ ، ال ّدرس ّ الثواب ،اإلخالص و شروط ال ّتكليف
و هذا كما قلنا بناء فوقيّ ،أه ّم شيء األسس ال ّتحتيّة ،بمعنى إذا اقترح هذا اآلخر،
ّ محطة فضائيّة ،أنا أنصح أن تشاهدوها مرّ ة أو مرّ تين ،إذا استطعتم مشاهدتها، توجد اسمها الحياة ،مسيحيّة تبشيريّة .يا أخي شيء ّ مقزز ،تريد أن تتقيّأ ما في جوفك .ما هذا يا أخي؟ واحدة اسمها جويس مايرُ ،م َب ِّش َرة .ما هذا القرف؟ ح ّتى األسلوب، ) ،نبيّ هللا ،كان يتكلّم مستحيل أنّ عيسى ،كان يتكلّم هكذا .عيسى( ، هكذا؟ ما هذا الكالم الفارغ؟ كالم ُم َق ِّززُ ،م ْق ِرف يا أخي .شيء عجيب!
a
22
ا و تقرأ كالم هللا ،يا أخي ،تقول« :ال هلإ إال اهلل» ،تقرأ القرآن ،جرسُه ،موسيقاه، الكلمات ،ال ّنغم ،شيء غير طبيعيّ ،األمر ،ال ّنهي الّذي فيه ،الرّ وح الّذي فيه .و مِن هنا ،نستطيع أن نفهم لماذا ،و اآلن األمّة اإلسالميّة ليست آخر أمّة و لكن مِن األمم المتأخرة ج ّدا ،صحيح؟ نحن في ّ ّ الذيل ،في ذيل القافلة ،و مهزومة ،و مستباحة، ومستعمرة ،و ملعونة ،و مع ذلك ماليين يدخلون في اإلسالم ،في أنحاء األرض كلّها بالماليين يدخلون اإلسالم ،ال ّدين الضّعيف المستضعف أهله ،مضبوط أو ال؟ ال ّدرس ال ّثاني :الرّجاء ،ال ّثواب ،اإلخالص و شروط ال ّتكليف
و ال يوجد أحد مِن المسلمين الضّعفاء ،الفقراء ،الغالبى ،تنصّروا ،أو غير صحيح؟ و الّذي يتنصّر منهم مِن أجل أكل الخبز ،لكن هؤالء المتنصّرين يكونون فالسفة، ّ خطاطين ،شخصيّات ثقافيّة ،أو غير صحيح؟ كلّهم علماء ،ك ّتاب ،إعالميّين، مث ّقفون ،يدرسون و يتعلّمون. أساتذة علم نفس ،عندما يرون اإلسالم يجذبهم مباشرة ،هذا ال ّدين الضّعيف الّذي ال يملك ،اآلن ،حضارة و ال قوّ ة ،و ال هِين و َه ْيلَمان ،ألنّ قوّ ته ذاتيّة فعال ،ي ّتسق مع الفطرة بالكامل بحمد هللا ،تبارك و تعالى. فأردنا أن نقول ،اللّه ّم ص ّل و سلّم على سيّدنا ،أنّ أصول ال ّدين و هي العقيدة و هي األساس .و مِن هنا يجب أن يكون ال ّتركيز على األساس ،و كما هي أساس في األرض ،سبحان هللا ،للبناء ،العقيدة أساس في الباطن في القلب ،غير ظاهرة. أساس البناء ال يظهر ،صحيح؟ و العقيدة ال تظهر ،محلّها القلب. لكن تظهر أشياء تد ّل عليها .كلّما كان البناء عاليا و شامخا و قويّا ،د ّل على أنّ ي األساس (متين) .و أنت عندما ترى مؤمنا قويّا ،سبحان هللا ،قويّ على نفسه ،قو ّ في األمر ،قويّ في ال ّنهي ،قويّ في ال ّتم ّسك و االعتزاز بدينه ،في ال ّدعوة إلى هذا
23
ال ّدين ،عنده ثقة مطلقة بال ّدين ،و باهلل و بال ّشريعة ،تعرف أنّ عنده عقيدة قويّة. احساس متين قويّ ج ّدا ج ّدا ،ال يتساهل .و ترى مسلما ضعيفا ،مثل بناء مزعز ، َخ ِرب ،يتداعى ،تعلم أنّ العقيدة عنده (ضعيفة).
و لذلك هو (الشّيخ ال ّلقّانيّ )قال:
9وََبَعَدَُفَالعَلَ َمَُبَأَصَلََالدَي نََ ... ذكرنا معنى كلمة 'دين' في ال ّدرس السّابقَ . اجَُلَلت ب ي ي نََََََََََََ َ ح تَ مََيَحَتَ َ ََ ...مُ َ
نسوق له أدلّة ،بعض األدلّة طبعا ليست كلّها ،تفصيليّة. َ َۡ ـنَ .من الّذي َح َّت َمه؟ ربّ العالمين ،بمثل قوله ) :(فٱعل ۡم ْـيـي ِ ُم َح َّت ٌم َيحْ َتا ُج لِل َّتـب ِ َ َّ ُ َ ٓ َ َٰ َ َّ َّ ُ أنهۥ َل إيله إيَل ٱّلل .U S، ٧٩ W Uهللا قال ،فاعلمُ .يخاطِ ب َمن؟ ا الرّ سول و مِن ورا ِئه أ ُ َّم َته ،طبعا .أ ّنه ال هلإ إال اهلل. ا ّ قد يقول أحدكم« :هذا أصل ال ّدين؟» ال هلإ إال اهلل .أيّها اإلخوة ،كلمة التوحيد ،تد ّل على ك ّل مسائل االعتقاد إمّا بداللة المُطابقة و إمّا بداللة اللّزوم ،و إمّا بالمنطوق، و إمّا بالمفهوم ،لكن هذا مبحث َمن أراد أن يتوسّع فيهَ ،ف ْل َيعُد إلى كتب العقيدة، َي ْل َزمُه درس بأك َملِه .لكن ُكلُّه ،سبحان هللا ،في هذه الكلمة ،و إذا َج َمعْ َ ت إليها َعج َُز َها رسول هللا ،تمّت المسألة.
ك ّل مسائل العقيدة في ها َتي ِْن الكلمتين :
الثاني :الرّجاءّ ، ال ّدرس ّ الثواب ،اإلخالص و شروط ال ّتكليف
ما معنى مح ّتم؟ الزم .ما معنى ال ّتبيين؟ البيان .ال ب ّد مِن شرحه و إيضاحه بأدلّته ،و كما قلنا ،هنا ،أدلّة تفصيليّة أو إجماليّة؟ تفصيليّة .ك ّل ما سنذكره ال ب ّد أن
،ك ّل المسائل ،ك ّل
ما تريد ،كما قلنا ،الج ّنة ،ال ّنار ،الخلود ،الميزان ،الصّراط ،عالمات السّاعة ،أشراط
السّاعة ،ما يتعلّق باألنبياء مِن قبل ،ك ّل هذا تحت [
،مضبوط أو ال؟ ك ّل ما
جاءك به و أخبرك به ،بدليل طبعا ،ال ب ّد أن تؤمن به و يدخل في باب العقيدة، طيّب.
24
(يقول الشّيخ ال ّلقّانيّ ،رحمة اهلل عليه):
ارَُمَُلَت َزمَ 9لَكَنََمَنََالتَطَ َويلََكَلَتََالهَمَمَََََََََََََفَصَارََفَيهََاالخَتَ صَ َ يعني ماذا يقول؟ صحيح ِع ْلم ال ّدين واجب و ُم َحتَّم ،و ال ب ّد ِمن بيانه، وإيضاحه ،و شرحه بدالئله ،و لكن ِمن غير مبالغة و تطويل في العبارة .هذا معنى اني ،رحمة هللا عليه. كالم ال ّشيخ اللّقّ ّ ال ّدرس ال ّثاني :الرّجاء ،ال ّثواب ،اإلخالص و شروط ال ّتكليف
يقول ِمن غير تطويل و مبالغة في العبارة .لماذا؟ ّ ألن ال ِههَم القويّة القعساء ،لَ ِحقَها ال َكالل و ال َمالل و السَّآ َمة ،فكيف َمن كان غير ذي ِه َّمة ،الّذي ال يملك ِه َّمة أصال، أو ِه َّمتُه ضعيفة ج ّدا ج ّدا و خائِ َرة ،مستحيل .ال يقدر حتّى على قراءة صفحات في العقيدة ،يقول لك« :ال أملك وقتا» .ألنّه ال يملك ِه َّمة .فأصحاب ال ِه َمم ما ق ّل و دلّ، فكيف غير أصحاب ال ِه َمم أو أصحاب ال ِه َمم الضّعيفة. فال ّشيخ يقول :لَ ِك ْن ِم َن التَّ ْ يل َكلَّ ْ لحقَها الكالل و المالل و التّعب و السّآمة. ت ال ِه ِم ْمِ . ط ِو ِ صا ُر مـ ُ ْلتـ َ َز ْم ،في التّأليف و التّدريس .ما معنى هذا الكالم؟ يقول: ار فِي ِه اال ْختِ َ ص َ فَ َ نحاول أن نختصر ،نتوسّط .لكن اختصارا غير مخلّ ،ألنّه مذموم .لو اختصرت في أ ّ ي علم ،اختصارا ُم ِخ ّاال ،كان هذا االختصار مذموما. على ك ّل حال ،في الجملة ،الصّحيح في هذا الباب ما قاله ّ العالمة بن خلدون في «المق ّدمة» ،فقد بيّن ،رحمة هللا عليهّ ، أن االختصار ُم ِخ ّل بالعلوم. االختصار بشكل عا ّم ُم ِخ ّل على فكرة .كما قلت لكم ،مرّة في درس ،إذا أردت أن تُف ِهم إنسانا مسألة ،أن توضّحها له تماما ،تَ ْبسُطُها أو تَ ْقبِضُها؟ تَ ْبسُطُها .لو تَ َكلّ َ مت
25
طت القول فيها ،ما معنى بَ َسط َ كلمتين ،بيت شعر مثال ،لن يفهم عليك .لكن لو بَ َس َ ت القول؟ َو َّسع َ ْت .على فكرة ،ل ّما نقول هذا كتاب بسيط ،في اللّغة الفصحى و ليس اللّغة العا ّميّة الخاطئة ،ما معناها؟ ُم َوسَّع .بسيط معناها ُم َوسَّع ج ّدا .كتاب وسيط ،وسط. كتاب مختصر( ،وجيز) .الوسيط و البسيط و الوجيز ،و هي ثالثة كتب لإلمام أبي
الي في الفقه ،أوسعها اسمه «البسيط» ،و أوسطها اسمه «الوسيط»، حامد الغ ّز ّ صر صعب ج ّدا. صر .المختَ َ و«الوجيز» هو كتاب مختَ َ تقرأ مثال «تفسير الجاللين» ،لـ السّيوط ّي و المحلّي ،لن تستطيع فه َمه. إذا لم تكن ،ما شاء هللا عليك ،فحل في النّحو ،و في البالغة ،و في علم التّفسير ،لن تفهم. قد تسمع َمن يقول« :وهللاِ ،أنا أنصحك بالجاللين» .هو ال يفهم شيئا و ينصح .فصعب ج ّدا أن تفهم ،ألنّك ستجد فيه كلمات و رؤوس أقالم ،حتّى اإلعراب صعب ج ّدا ،فهذا القرطبي أسهل و أسهل .لكن المشكلة ،هنا ،في ال ِه َّمة، بكثير ،لو قرأت ّ والتّسبب بعدم توفّر الوقت .ال يوجد ِه َّمة على التّحصيل ،و لكن إن ُو ِج َدت ِه َّمة التّوسع بطريقته و بقانونه أحسن للفهم ،فكما قال بن خلدون االختصار ُم ِخ ّل بالعلوم. اني كتب «الجوهرة» ،و ال يوجد أحد أخذ العقيدة ِمنها و على فكرة ،ال ّشيخ اللّقّ ّ عارية هكذا .مضبوط أو ال؟ كيف نأخذها؟ مشروحة .يعنى لو أعطيها لكم ،و هي أربع صفحات فيها 411بيتا ،لن تفهموا شيئا ،لن تنفعكم في شيء ،يمكن كلمات بسيطة فقط .فال ب ّد أن تُش َرح ،إ ّما كالميّا أو كتابيّا .يعني رجعنا إلى بسط القول. لكن تفيد في ماذا ،هي («الجوهرة»)؟ في استحضار أ ّمات المسائل ،صح أو ال؟ إذا
الثاني :الرّجاءّ ، ال ّدرس ّ الثواب ،اإلخالص و شروط ال ّتكليف
لل ُم ْنتَهين(« ،تفسير) الجاللين» ،ليس للمبتدئين .لكن لو قرأت ابن كثير أسهل
َ َ سمعت حفظت المتن ،بعد ذلك تستطيع أن تستحضر معنى المتن ،إن شاء هللا ،إذا هذا ال ّشرح ،أو قرأتَه.
26
قال:
ارَُمَُلَت َزمَ 9لَكَنََمَنََالتَطَ َويلََكَلَتََالهَمَمَََََََََََََفَصَارََفَيهََاالخَتَ صَ َ ث ّم قال ،رحمة هللا ،تعالى ،عليه:
وزةََل ق ب ت ُ ه اَََََََََََجَ َوه َرةََالتَ َوحَيدََقَدََهَذَبَتَُهَا َ 9وََهَذَهَََأَُرج ُ َ (في الدّرس الماضي قال الشّيخ عدنان إبراهيم' أرجوزة سمّيتها' و هنا قال 'لقّبتها' و يبدو أنّ هذه الرّواية هي المتواترة و اهلل أعلم)
ال ّدرس ال ّثاني :الرّجاء ،ال ّثواب ،اإلخالص و شروط ال ّتكليف
ما معنى أرجوزة؟ يعني قصيدة ،منظومةِ ،من بحر ال َّر َجز ،القَ ِريض يعني، وهذا أسهل شيء كما قلنا ،حمار ال ّشعراء .يقول لَـقَّـبْـتُـهَا ،س ّميتهاَ ،ج ْوهَ َرةَ التَّ ْو ِحي ِد قَ ْد هَ َّذ ْبتُهَا ،ما معنى ّ هذبتها؟ نَقَّ ْيتُهَا و َش َّذ ْبتُهَاِ .من ماذا؟ ِمن ك ّل ما ليس ِمن أصول ال ِع ْلم ،يعني ِمن فضول ال ِع ْلم .هناك مسائل فُضوليّة ،ماذا نس ّمي فضوليّة؟ أجنبيّة عن ال ِع ْلم .فيُد ِخل لك مسائل في النّحو .يا أخي ما َد ْخلُنا في النّحو؟ و هذا موجود ،حتّى ال ّشيخ إبراهيم البَيْجور ّ ي في شرحه ،يشرح ال ّشيء األصل ّي في نصف صفحة و يتوسّع في شرح مسألة نَ َح ِويَّة في 'الفاء' مثال ،في صفحة كاملة .هذا خطأ في ال ّشرح .هذا يُ َس ّمونه ُخطّة منهجيّة فاسدة ،طبعا .النّاحية المنهجيّة كانت ضعيفة بعض ال ّشيء عند علمائنا ،يُضيِّع صفحة كاملة في شرح الفاء الفصيحة« ،هل هي فصيحة
أو فاء التّعقيب؟ ال الفاء الفصيحة ،كذا كذا كذا»...
يا أخي ،ما دخلي في الفاء الفصيحة ،هل هو درس في النّحو ،اشرح لي العقيدة. وبعد ذلك يكون قد تعب ،حتّى إذا وافى الكالم إلى شرح المقصود ال يستطيع مسك صحّ ،هذا خلل منهج ّي. القلم ،فيُخربط الكالم في أربعة أسطر ،و هذا ال يَ ِ في كتاب النّحو توسّع في النّحو ،في غير كتاب النّحو ،فقط بمقدار ّ الالزم. 27
قال (ال ّلقّانيَّ ... :)جـ ْوهـَـ َرةَ التَّ ْو ِحي ِد قَ ْد هَ َّذ ْبتُهَاِ ،من فضول المسائل األجنبيّة، و ِمن ال ُّشبَه ،صحيح؟ غير الئق و غير جميل في مثل هذه المنظومة أن يأتي بإيراد االعتراضات الكثيرة و ال ُّشبَه ،ليس جيّدا أبدا ،و هذا معروف عند ك ّل العلماء ،لماذا؟ َّس هذه المنظومة قصيرة .لو أنّه جعل فيها هذه االعتراضات و ال ُّشبَه موارد لربّما لَب َ ذلك على ُمتَعاطيها و لم يستطع أن يَ ُح ّل ُم ْغلَقاتِها ،فهذه مشكلة كبيرة .هذا الئق بماذا؟ الئق بال ّشروح ال ُمطَ َّولَة ،لذلك التّهذيب يكون ِمن هذه األشياء ،إن شاء هللا ،و هللا، تعالى ،أعلم .طيّب.
اَمَُريدَاَوََفَيَالثَ َوابََطَامَعَا َ 9وََاللََأََر َجُوَفَيَالقَ بَُولََنَافَ عَاَََََََََََبَهَ َ الحصْ ر و القَصْ ر .أرجوه ال أرجو قال َو هللاَ أَرْ ُجو ،لماذا لم يقل َو أَرْ جُو هللاَ؟ َ ِسواه ،هذا معناها .لو قال َو أَرْ جُو هللاَ ،معناها أرجو هللا و يمكن أرجو غي َره .لكنّه غيره. قال َو هللاَ أَرْ ُجوَ ،و هللاَ أَ ْدعوَ ،و هللاَ أَسأل ،يعني وحده ال َ َو هللاَ أَرْ ُجو ،ما معنى الرّجاء؟ الرّجاء هو تعلُّق القلب بمرغوب فيه مع العمل ،فإن خال عن عمل فهو أُ ْمنِيَّة ،و التّمنّي مذموم ،صحيح؟ فاألُمنيّات رؤوس أموال المفاليس كما قالوا قديما ،انتبهوا.
الثاني :الرّجاءّ ، ال ّدرس ّ الثواب ،اإلخالص و شروط ال ّتكليف
(قال الشّيخ ال ّلقّانيّ):
إذن تعلُّق القلب بمرغوب (فيه) مع العمل ،للوصول إلى هذا المرغوب ،يُس ّمى ماذا؟ الرّجاء ،فإن َعلِ َي عن العمل ُس ِّم َي ماذا؟ أُ ْمنِيَّةا ،و هي مذمومة. قد يقول أحد« :وهللاِ ،يا أخي ،أحبّ أن أدخل إلى الجنّة ،أحبّ أن يفتح عل ّي هللا!» «طيّب ،أنت تعمل؟» فيقول« :وهللاِ ،ال يا أخي». «طيّب ،أ تُحافظ على الصّلوات الخمس؟» فيقول« :يعني ...ليس دائما».
28
عليك هللاُ ،و تصير «هللا أكبر ،يا أخي( ،ضحك في المجلس) و تريد الجنّة و أن يفت َح َ مثل ال ّشيخ عبد القادر الجيالن ّي ،مستحيل يا أخي». ٗ ْ َٓ َ َۡ ۡ َ قال تبارك و تعالى... :ف َمن َك َن يَ ۡر ُجوا ل يقا َء َربيهيۦ فل َي ۡع َمل َع َمَل َََٰٰل ي ٗٗا U .Y S، ٧٧٠ W «يا أخي ،يجب أن تعمل إن كنت ترجو».
ال هو يرجو ،لكن ِمن غير عمل .نقول له« :ال هذا غلط ،هذا ليس رجاء ،هذا اسمه
ال ّدرس ال ّثاني :الرّجاء ،ال ّثواب ،اإلخالص و شروط ال ّتكليف
أمان ّي ».و األمان ّي هي رؤوس أموال المفاليس .قال بن عطاء هللا السّكندر ّ ي،
أعتقد أنّكم سمعتم هذه الحكمة ،قَ َّدس هللا ِس َّره الكريم : الح َكم ال َعطائِيّة» ،و هو كالم في غاية ال ّد ّقة فَإ ِ ْن َعلِ َي فَهُ َو أُ ْمنِيَّة .هذا ِمن « ِ
ال َّر َجا ُء َما َخالَ َ طهُ َع َمل،
والصِّحّ ة.
َ َ َ َا َ َ َ َ ْ َ َ َ َ ا َ ْ َ َ َ ََ ُ ُ َ ْي طاع يِت أ فأجود و في الحديث القُ ُدسيّ الجليل :ما أقل حياء من طلب جن يِت بيغ ي َ َْ ََ لَع َم ْن ََب َل ب َط َ اع يِت. بيرْح يِت ي ي ضها السّماوات و األرض، أنت بخيل و بطا َعة قليلة هلل ،و تريد أن يُعطيَك هللاُ جنّة عر ُ ال.
...أَلَََِنََسَلَعَةَََاللََغَالَيَةَ
0
(حديث عن أبي هريرة في
سنن التّرمذيّ ،)ما المقصود بغالية؟ يجب أن تدفع المهر ،و النّب ّي قال بأنّها ي قال ليست رخيصة .ال تقل ركعتان في اليوم مع صالة رديئة ستُد ِخلُك الجنّة ،النّب ّ ال ،و ثمنها كبير و يجب عليك دفعه. ب احل َْس نَا َء ل َ ْم ي ْغ ِلهَا املَهْر "( .من قصيدة لـ أبو فراس الحمدانيّ،) قيلَ " :و َم ْن َ َْيط ِ و هللا ،تبارك و تعالى ،أعلم .طيّب.
29
(قال الشّيخ ال ّلقّانيّ):
اَمَُريدَاَ (...و ِفي الثَّــ َوابِ َطامِ َعا) َ 9وََاللََأََر َجُوَفَيَالقَ بَُولََنَافَ عَاََََََََََبَهَ َ ُول .ما هو القبول؟ القبول ،هو إثابة هللا َع ْب َدهُ عن عمله الصّحيح فِي القَب ِ الصّالح ،هذا اسمه قَبُول .و الثّوابُ ،ما تعريف الثّواب؟ مقدار ِمن الجزاء يُعطيه ربُّ العالمين ،عب َدهُ على عمله الصّحيح الصّالح ،يَ ْعلَ ُمهُ هو تبارك و تعالى .كم بالضّبط؟ هللا يَ ْعلَ ُمهُ.
وأعلَ َمنا به عن طريق مصطفاه (
) .و هناك أشياء لم يُ ْعلِم بها حتّى مصطفاه،
أو غير صحيح؟
َّ َ ُ َ َّ َّ َٰ ُ َ َ ۡ َ ُ َ ۡ َ حساب E S،٧٠ W U ۡي ي (... )6إينما يوِف ٱلص يِبون أجرهم بيغ ي صابِر عن صابر يختلف ،مضبوط أو لكن هل هللا يعلمه؟ يعلمه تماما ،و حتّى أجْ ُر َ
ال؟ و هللا يعلمه .طيّب. فهذا هو القبول و هذا هو الثّواب .و ما هو جمع ثواب؟ أَ ْث ِوبَة ،كجزاء و أَجْ ِزيَة مثال. قال (الشّيخ ال ّلقّانيّ:)
اَمَُريدَاَلَلثَ َوابََطَامَ عَ ا َ 9وََاللََأََر َجُوَفَيَالقَ بَُولََنَافَ عَاََََََََََبَهَ َ
الثاني :الرّجاءّ ، ال ّدرس ّ الثواب ،اإلخالص و شروط ال ّتكليف
ب له كذا حسنة ،صحيح هللا يَعلَ ُمه، ُعرف أحيانا المقدارَ .من قال كذا كذا ُكتِ َ قد ي َ
(في الدّرس الماضي قال الشّيخ عدنان إبراهيم' و في الثّواب' و هنا قال 'للثّواب' و الرّاجح أنّ األولى هي المتواترة ،و اهلل أعلم)
قولُه ،في ح ّ ق المريد ،أنّه يطمع في ثواب هللا ب َدرْ ِسه و ِح ْف ِظه هذه المنظومة، إشارة إلى أنّه يجوز العمل هلل ،تبارك و تعالى ،بنيّة طلب الثّواب ،و أنّه ال يتعارض مع اإلخالص .و ِمن هنا َذ َك َر شيخ اإلسالم زكريّا األنصار ّ ي ،ق ّدس هللا سرّه ( 874هـ 574 -هـ) ،ذكرناه في ال ّدرس السّابق ،في درس التّجويد ،رحمة هللا عليه،
30
في شرحه على «الرّ سالة القشيريّة» في التّص ّوف...( ،ذكرَ) ّ أن لإلخالص ثالث مراتب ،مرتبة عليا و وسطى و دنيا. ألمره، المرتبة الع ُْليا ،هي أن يَ ْع َم َل هلل ،تبارك و تعالى ،تعظيما لجاللِه و خضوعا ِ هذه أعلى مرتبة .ال يريد أ ّ ي شيء آخر ،هذه أعلى مرتبة .قد يقول أحدكم« :هذا الّذي يعمل بهذا االعتبار ،أ ال يأتي على باله الجنّة و النّار؟» في البال ،لكن ليس هذا الباعث األ ّول ،و ليس هذا الباعث األساس ،و لو لم يوجد جنّة أو نار ،مث ُل هذا العب ِد ال ّدرس ال ّثاني :الرّجاء ،ال ّثواب ،اإلخالص و شروط ال ّتكليف
سيعبُد َربَّهُ و يُعظِّ ُمه .هذا اإلخالص العالي ،صحيح؟ و ّإال ،حتّى األنبياء طلبوا الجنّة و خافوا ِمن النّار .لكن لو لم يكن هناك ،أال يستح ّ ق هللا ،تبارك و تعالى ،العبادة وال ّشكر؟ يستح ّ ق .و هذا المعنى هو األ ّول العتيد الّذي يستحضره أه ُل المرتبة العُليا ِمن مراتب اإلخالص الثّالث. المرتبة الوسطى ،هي العمل هلل ،تبارك و تعالى ،طلبا للثّواب و خوفا ِمن العقاب، إخالصك ،إن شاء وقالوا هذا ِمن مراتب اإلخالص ،ال توجد مشكلة .ال يقد ُح في ِ هللا ،لكن هذا إخالص متوسّط. أدنى مرتبة .ل ّما نقول أدنى مرتبة ،ماذا يكون ما وراءها؟ الرّياء ،وقعنا في الرّياء. هي العمل هلل ،تبارك و تعالى ،طلبا للكرامة في ال ّدنيا ،يُ َوسّع عل ّي رزقي ،و يُعطيني الّتي أحبُّها ،و يعطيني األوالد ،و يُسلِّمني ِمن آفات ال ّدنيا و َمصائبِها .يوجد ناس هكذا ،يستحضر أكثر شيء في ال ّ س ّر (قد يكون الشّيخ قال كلمة أخرى غير السّر، الصّوت لم يكن واضحا) هذا المعنى ،ليُوفّق هللا لي في التّجارة ،و يعطيني ،..و يكون يعبد المسكين ،و يبكي ،لكن يريد هذه األشياء ،قصير النّظر هذا المسكين ،و قصير ال ِه ّمة ،هذه هي ِه َّمتُه ،األشياء ال ُّدنيويّة فقط.
31
سلُواَاللََ
جيّد ،و هللا يريد هذا .هللا يريد أن تطلب منه حتّى الملح .النب ّي قال : (حوائجكم) َحتىَالملح( .رواه البيهقيّ و غيره) ،مضبوط أو ال؟ فهذا العبد
لم يخرج عن دائرة العبوديّة ،ألنّه يعبد ربَّه و طالب منه ك ّل شيء ،أكلُه ،طعا ُمه، ص ّحتَه ،و أوال َده ،و زوجتَه ،و سيّارتَه ،مسكين ،لكن هذه ِه َّمتُه. شرابُه ،و يُ َسلِّ َمه ِ ال يف ِّكر في أشياء أبعد ِمن هذا و أعلى ِمن هذا .قيل هذه أدنى مرتبة ِمن مراتب اإلخالص .و لكن ليس وراء هذه المرتبة ّإال الرّياء ،و هو متفاوت .الرّياء على َد َر َكات ،و العياذ باهلل ،تبارك و تعالى. ول نَافِـعـ َا بِهَا ُم ِري ادا فقول ال ّشيخ اللّقّ ّ اني ،رحمة هللا عليهَ ،و هللاَ أَرْ ُجو فِي القَبـ ُ ِ إلى جواز التّلبّس بهذه المرتبة ،و أنّها ال تنافي اإلخالص .طيّب.
قال (الشّيخ ال ّلقّانيّ:)
َََََََََ9ف ُكلََمَ نَ َُك لَ فَشَ رعَ اَوجباَََََََََََعليهَأنَيعَرفَََمَاَقدَوجَ بَ ا َ َوجب ماذا ،يعني؟ َو َج َب هللَِ َ ... ََََ9للّهَوالجَائ زََوال مَُمَ تَ نَ عَ اَََََََََََومثَ لَذاَل رُس ل هََفَاستمعا َ هذان آخر بيتين في درس اليوم ،إن شاء هللا.
ف َشـرْ ا جبَا) ماذا يُ َس ُّمونها في عـا َو َجبَـــا ،هذه األلف (في َو َ يقول ،فَ ُكلُّ َم ْن ُكـلِّـ َ
الثاني :الرّجاءّ ، ال ّدرس ّ الثواب ،اإلخالص و شروط ال ّتكليف
ب طَا ِمـ َعا ،إشارة إلى المرتبة الوسطى ِمن مراتب اإلخالص .هناك إشارة ذكيّة لِلثَّ َوا ِ
النّحو؟ تجدونها في المنظومات ،كـ «ألفيّة مالك» في النّحو ،كثيرا ج ّدا ج ّداَ .و َجبَا ،لم يقل َو َجبْ َ .و َج...بـَـــا( ،أحد الحاضرين يجيب) ،أحسنت ،اسمها ألف اإلطالق .تقول: «ما َو َجبَا هذه؟» ليست ألف المثنّى ،يعني 'أَتَيَـــا' ،و إنّما ألف اإلطالق ،واضح؟ كلّما ب' ،فعل ماض مبني ،و هنا ' َو َجبَا'، 'و َج َ رأيتموها ،اسمها ألف اإلطالق .أصل الفعل َ أشبع الفتحة حتّى أصبحت ألفا ،اسمها ألف اإلطالق ،ألجل النّظم ،و في آخر البيت أيضا قالَ ،و َجبَا ،نفس ال ّشيء ألف اإلطالق.
32
ف َشـرْ عاا؛ نأتي للتّكليف .كلُّ ِمن ُكلِّفَ ،من هم المكلَّفون؟ اإلنس يقول ،فَ ُكلُّ َم ْن ُكـلِّـ َ ّ الجن باختصار .المالئكة غير مكلّفين بالمعنى ال ّشرع ّي. و شروط التّكليف :البلوغ ،العقل ،بلوغ ال ّدعوة ،و سالمة الحواسّ ،صح؟ نريد أن نبدأ ال ّشرح اآلن ،لكن بسرعة ،ألنّها مباحث طويلة ج ّدا. ي غير مكلَّف ،ل ّما نبحث في حكم الصّبيان .رأيتم أ ّول شيء؛ البلوغ ،معناها الصّب ّ كيف ّ أن هذه المتون شيء عجيب .قد يقول أحد« :أنا قرأت «جوهرة التّوحيد» لكنّه ال ّدرس ال ّثاني :الرّجاء ،ال ّثواب ،اإلخالص و شروط ال ّتكليف
لم يتعرّض لمسألة الصّبيان» .ال ،تعرَّض بهذه الكلمة ،ل ّما قال ' ُكلُّ َم ْن ُكلِّ ْ ف' .جملة ' ُكلُّ َم ْن ُكلِّ ْ ف' َشرْ عاا ،توفّر حفظ مجلّد كامل .ك ّل ما يتعلّق بأهل الفترة ،بأبوي النّب ّي، بأحكام المجانين و المعتوهين ،بأحكام الصّبيان في التّكليف ،بأحكام اإلكراه في ال ّدين، بأحكام َمن نشأ بعيدا و لم تبلُ ْغه دعوة ،بأحكام َمن بلغته ال ّدعوة مش َّوهَةا ،ك ّل هذه المسائل يلزمها مجلّد كامل لشرحها ،بجملة ' َمن ُكلِّف شرعا' .و هو فاهم ال ّشيخ ،يريد هكذا .لكن أنت مفروض أن تنتبه على مراداته .طبعا ،في 411بيتا كيف يأتي لك بك ّل العقيدة ،كيف ،كيف؟ بهذه الطّريقة. إذن ،الصّب ّي الصّغير غير مكلَّف ،ال باألصول و ال بالفروع .ما األصول؟ كما قلنا، ال ِع ْلم بأصل ال ّدين ،األصول يعني العقيدة ،و الفروع؟ ما عدى العقيدة ،يعني الفقه، الفروعيّات ،حالل و حرام في كذا كالم. ِخالفا للحنفيّة .السّادة الحنفيّة عندهم مذهب غريب بعض ال ّشيء في الصّب ّي .ماذا يقولون؟ قالوا ال ،الصّبيان مكلَّفون بأصل ال ّدين ،يعني اإليمان باهلل الواحد األحد، تبارك و تعالىّ . ألن هذا أمر يتبع العقل .أ ّ ي صبيان؟ العاقلون غير البالغين ،يكون عاقال .و هذا فيه تناكد و تناقض مع ما هو مقرَّر في علم الفقه و علم أصول الفقه
33
وحتّى عند الحنفيّين أنفُسُهم ّ بالذاتّ ، أن ال ّشارع الحكيم نصب البلوغ عالمةا على العقل .تقول لي« .يعني هل قصدك ُم َميِّز (الصّبيّ)؟» ال( ،الحنفيّة قالوا) العقل .طيّب
أين هو هذا العقل ،يا أخي؟ العقل قد ال يكون تا ّما ،قد ال يكون كافيا في طفل .يمكن طفل عمره 41سنوات ،يعرف اللّعب ،يعرف 'آتاري' و 'نينتاندو' (ألعاب فيديو)
وألعاب ،و ال يعرف هذه األشياء (أصول الدّين) ،و ال يف ِّكر فيها .و عند ُس َؤالِه ،يقول لك« :أنا أؤمن باهلل ».تنقيال ،و يؤمن باهلل (و نعوذ باهلل من هذا) عل أنّه يسوع
(عيسى ،)تَ ْلقِيناا أيضا ،ال يعرف شيئا ،مازال طفال صغيرا هذا. فالحنفيّة في هذه المسألة ،لألسف ،رأيهم غريب بعض ال ّشيء .و يقولون ،هذا الطّفل بالغ ،عقله غير بالغ ،غريب! قالوا هذا الطّفل العاقل ،إن آ َمن ،فحُكمه معروف ،يُعتَ ُّد بإيمانه ،و إن كفر فحمكه معروف؛ كافر ،و إن لم يؤمن و لم يكفر اختلفوا ،فيها. (حوار مع أحد الحاضرين في استفسار معنى لم يؤمن و لم يكفر ،فأجاب الشّيخ بالتّالي)، معترف بك ّل المسألة ،و ال يملك فيها تص ّورا دقيقا ،فاختلفوا لم يُثبِت و لم يَ ْنفِي ،غير ِ فيه .هذا كالم غريب ،و الصّحيح هو رأي الجماهير .طيّب. هذه المسألة فيها ذيول ،مسألة الصّبيان .إذا مات المرء صبيّا ،عاقال ،على رأي الحنفيّة ،أو غير عاقل ،مميّزا أو دون ّ ي سن التّمييز ،ما ُح ْك ُمه؟ انتبهوا! هذا الصّب ّ إ ّما أن يكون ِمن أبناء المسلمين ،و إ ّما أن يكون ِمن أبناء غير المسلمين .أ ّما َمن كان ِمن أبناء المسلمين فال ِخالف ،إن شاء هللا ،تبارك و تعالى ،بل قال النّوو ّ ي،
الثاني :الرّجاءّ ، ال ّدرس ّ الثواب ،اإلخالص و شروط ال ّتكليف
الصّغير العاقل ،ليس غير المميِّز ،و ليس فقط مميّزا لكن أكثر ِمن مميّز ،لكن غير
أجمع َمن يُ ْعتَ ُّد به ،و خالف في ذلك َمن ال يُ ْعتَ ُّد به ،يعني يُ ْعتَ ُّد بقوله و بخالفه ،على ّ أن أطفال المسلمين في الجنّة .هناك إجماع ِمن علماء األ ّمة .لماذا؟ لقوله تبارك َ وتعالى ... :ف ۡيط َر َ ت ٱ َّّللي َّٱلِت َف َط َر ٱنلَّ َ اس َعل ۡي َها ۚۡ .v S،٣٠ W U ي فِطرة التّوحيد ،و قول النّب ّي لتفسير هذا ،في حديث أبي هريرة في الصّحيحين: ٍ دَ(علىَالفطرة)َ،ف أبواهَُ(يُه ِّودانهَأوََيَُنِِّّرانهَأوَيُمَِّانَهَكمث لََتَُنتَ َُجََ ُ كلَُّمولُودَيُول ُ
البهيمةَُبهيمةًَجمعاءَهلَتُحَُّونََفَيهاَمنَجدعاءَ).
(ما بين قوسين لم يذكره الشّيخ
34
اختصارا ،و لشهرة الحديث) ،ث ّم قال (أبو هريرة :) َوتَ َعالَى ، ...حديث مشهور ج ّدا و معروف ،طيّب.
ك ا ْق َر ُءوا قَ ْو َل هللاِ ،تَبَا َر َ
يّ ، فإذن فيها شبه إجماع ،كما قال النّوو ّ أن أطفال المسلمين في الجنّة .لكن قد يقول أحد« :فيها خالف» .مات طفل ِمن أطفال األنصار ،في البخاريّ ،فقالت
عائشة : ال يُ ْد ِر ْكهُ ،.فَقَ َ
الجنَّ ِة ،لَ ْم يَ ْع َم ِل ال ُّسو َء َو لَ ْم ير َ هَنِيئاا لَهُ ،عُصْ فُور ِم ْن َع َ صافِ ِ
:أوَغيرَذلكَي اَعائشةَُِ،نَاللَتب اركَوََتَعالىََلََللَِّنةََ
ال ّدرس ال ّثاني :الرّجاء ،ال ّثواب ،اإلخالص و شروط ال ّتكليف
أهًًل َو َهم َفيَأصًلبَآب ائهمََ ،وََلَ َللَن ارَأهًًل َو َهم َفيَأصًلبَآبَائهمَ.
أَ َو َغ ْي َر
ُ ُ ك ،معناهاِ ،من الممكن أن يكون غير ذلك ،يعني ال تشهدي .فقال العلماء كما قال َذلِ َ
النّوو ّي :لَ َعلَّهُ
ك أَ َن يُ ْن ِك َر َعلَ ْيهَا قَ ْ ط َعهَا بِ َغي ِْر َدلِيل قَا ِطع، أَ َرا َد بِ َذلِ َ
ال تتعجّلي بالقطع في مسألة مثل هذه ِمن دون أن يكون هناك دليل قاطع و جازم، يعني يعلّمها التُّ َؤ َدة في هذه المسائل .و ّإال في مجموع أحاديث كثيرة ج ّدا ،تؤ ّكد أنّهم، إن شاء هللاِ ،من أطفال الجنّة.
و منه حديث اإلسراء و المعراج ،وغير حديث اإلسراء ،ل ّما (]
) رأى إبراهيم
و حوله األطفال يُعلّ ُمهُم ،هذا حديث صحيح ،و ُسئِلَ « ،و أَ ْ ين؟» ،يعني طفَا ُل ال ُم ْش ِر ِك َ
حوله أطفال مسلمين ،في الجنّة معناها ،قال ( إبراهيم ) :و َأطف الََُ المشركَين( .رواه البخاريّ ،)حتّى هذا الحديث ُحجَّة المسألة الثّانية. ُ
فنأتي للمسألة الثّانية ،ما ُح ْك ُم أطفال المشركين؟ اختلف العلماء في هذه المسألة كثيرا. لهم أقاويل ،ثمانية أقوال في هذه المسألة .منها التّوقّف ،يوجد علماء قالوا نتوقّف،
وقال بعضهم و لعلّه األسلم ،و في بعض األحاديث ّ أن أ ّمة ال تزال بخير ما لم الولدان ،أ ّ ي ِولدان؟ ِولدان المشركين ،في الجنّة ،في النّار ،كذا كذا كذا ،إلى تتكلّم في ِ 35
آخره .و النّب ّي قال : دوَللَن اَِوِنهَُلمنََ (ِنَالر ُجلَليعملَُبعملَأهلَالَِّنةَفيما)َيَب ُ أهلَالَن ارَ(َ،وََِنَالرجلَليعملَبعملَأهلَالَن ارَفيماَيبدوَللَن اَِوهوََمنَأهلَالَِّنةَ). ُ
ُ
ُ
ُ
(رواه الشّيخان مِن حديث بن مسعود( ،)ما بين قوسين لم يذكره الشّيخ اختصارا)،
و قول النّب ّي a
:اللَُأعل ُمَبماَكَانُواَعاملين( ،.رواه البخاريّ و غيره مِن
حديث عبد اهلل بن عبّاس )ليس فيه جزم بأنّهم في النّار أو في غير النّار .ك ّل أن هللا كان يعلم أنّهم لو بلغوا ،يعني ّ ما فيه ّ سن االحتالم ،ماذا كانوا سيعملون .فهذا َ َ َ ٓ َ ُ ۡ َ ُ َ ُ ۡ َ َٰ ٗ َ ُ ۡ ٗ شينا أن يرهيقهما طغينا وكفراS،٨٠ W مثل قوله تبارك و تعالى... :فخ ي .Yفهذا إن هو كبر ،لو بلغ و كبر سيُرْ ِهقُهُما ،هذه هي .لكن هو ال كفر و ال
لآلخرين ،الحديث يتح ّدث ،فقط ،عن ِع ْلم هللا، فالحديث ليس ُحجَّة ال في األ ّولين و ال ِ تبارك و تعالى .طيّب. هناك َمن قال« :ال .األرجح أنّهم مع أطفال المسلمين ،إن شاء هللا ،في الجنّة» ،لدليل حديث الفِطرة ،ألنّهم ِمن أهل الفِطرة ،و لقوله تبارك و تعالى ،انظروا إلى االستدالل َّ َ َّ َ َ َ َ َّ َ َ ۡ َ َٰ َ ٓ َّ ۡ َ ۡ َ َٰ ّ الذك ّيَ :ل يصلىها إيَل ٱۡلقۡشى ١٥ٱَّليي كذب وتوّل ٧٥ W و .wS،٧١ هذا مسكين ال هو أشقى و ال ّ كذب و ال تولّى ،طفل صغير و غير مكلّف ،مضبوط ُ َّ ۡ ۡ َ َ َٰ ) ،أيضا... :أعيدت ل يلكفي يرين W أو ال؟ هو غير مكلَّف أصال ،و لقوله( ، .2 S،٤٢و المشهور عند العلماءّ ، أن حكم هؤالء األطفال قبل أن يموتوا،
y
ك هكذاِ ،من أنّهم على الفِطرةّ ،إال إذا لُقِّنوا الكفر و كفروا ،و العياذ باهلل .أ ّما إذا تُ ِر َ
الثاني :الرّجاءّ ، ال ّدرس ّ الثواب ،اإلخالص و شروط ال ّتكليف
أرهَقَهُما طغيانا و كفراّ .لكن هللاy ،
،يعلم لو َكبُر ماذا كان سيفعل ،صحيح.
غير (تلقين) ،يبقى على الفِطرةّ ،إال ْ أن يتلقَّن الكفر .كالم طويل و كثير في هذه المسألة. يوجد ِوجهة نظر ثالثةَ ،ش َرحْ تُها في أكثر ِمن درس ،و بها ،كما قال العلماء ،يَ ْلتَئِ ُم )، ال عليه المصطفى ( شمل األدلّة و يظهر معلوم هللا ،تبارك و تعالى ،الّذي أَ َح َ
و يتعلّق به ِح َين إِذ ،الثّواب و العقاب ل ّما قال :الل َأعلم َبماَكانُواَعاملين.
ُ ُ يعرفُه .يعلم ماذا؟ سنرى ما هو. (سبق تخريجه) ،هذا المعلوم ،هللا ِ
36
و هو حديث ال َع َرصات ،الّذي أخرجه اإلمام أحمد و اإلمام أبو صلَّى هللاُ َعلَ ْي ِه َو أَصْ َحابِ ِه ال َ الب ّزار و غيرهما ،عن األسود بن سريع قال :قَ َ َو َسلَّ ِم :يحتجَُّيومَالقي امةَأربعةَ،يعني أربعة أصناف ِمن النّاسَ ،الصّنف األ ّولَ، بكر
ر ُجلَأصمَُّل َيَم َُعَ،الثّانيَ،ر ُجلَأحم ََُ،ر ُجل َهرَُمَ،و َرجل َمات َفيَالفترة ،.ك ّل واحد يحتجّ؛ األص ّم يقول« :يا ربّ ،أتى اإلسالم و ما أسمع» .كأنّه مات يعني ،يقول« :ما دخلُه نار جهنّم؟ و الرّجل سمعت قرآنا و ال شيئا» ،أص ّم .طيّب ،هذا يحتجّ ،كيف تُ ِ
الهرم يقول« :يا ربّ ،أتى اإلسالم و ما أعقل»ُ .مفَنَّدُ ،م َخلَّج ،خَرْ بَطَ المسكين ،مع ال ّدرس ال ّثاني :الرّجاء ،ال ّثواب ،اإلخالص و شروط ال ّتكليف
ال ِكبَر ما عاد ،..مثله مثل َمن ال عقل له .و أ ّما األحمق فيقول« :يا ربّ ،أتى اإلسالم
و الصّبيان يَحْ ِذفُونَنِي بالبَعْر» .أحمق يعني ،معتوه ،ليس مجنونا لكن أحمق الرّجل، ال يفهم .و الّذي مات في الفترة يقول« :يا ربّ ،ما أتاني ِمن رسول»ِ .من نذير يعني. يقول« :أنا كنت في الفَ ْترة» .ماهي الفَ ْت َرة؟ هي الم ّدة بين رسولين ،لم يُب َعث أ َّولُهُما اآلخ َر ِمنهما ،الثّاني .يُس ّمونهم 'أه ُل الفَ ْت َرة'. للكائِنِ َ ين في هذه الم ّدة و لم يُدركوا ِ إذن بهذا التّعريف ،بهذا الحدِّ ،تنطبق ،أيّها اإلخوة ،كلمة الفترة على ك ّل م ّدة بين رسولَيْن ،صحيحَ .خلَت ِمن رسولّ . لكن الفقهاء إذا ذكروا الفترة و أهل الفترة، يريدون الفترة بين عيسى و عليهما الصّلوات و التّسليمات .و هي قريب ِمن ّ ست مائة و خمسين سنة .هذا معنى أهل الفترة. للخ َراف الضّالّة ِمن بني إسرائيل ،لم يُب َعث إلى العرب طبعا ،عيسى ،لم يُب َعث ّإال ِ مثال ،و ال إلى السّودان ،و ال إلى كذا ،و ال إلى ال ّشعوب األخرى ،بُ ِع َ ث فقط إلى بني إسرائيل ،طوائف قِلَّة ،كانوا معدودين. و العرب ،أيضا ،أيّها اإلخوة ،لم يُدركوا ،جميعا . ،منهم َمن مات في هذه المئات
37
ِمن السّنين( ،و هم) كثيرون .فهؤالء يُس ّمونهم 'الكائنون في الفترة' ،هم أهل الفَ ْت َرة. ئ اإلنسان و يُ َش ِّج ُع لماذا ُس ِّميَت فترة؟ لفتور دواعي العمل بال ّشرائع فيهاَ .م ِن الّذي يُهَيِّ ُ اإلنسان أنّه يشتغل و يعبد و يعمل و يصلّي و يستغفر؟ ال ّشريعة ،الّتي يأتي بها الرّسول .ال شريعة ال رسول فَتَ ْفتُر (دواعي العمل بالشّرائع).
فهنا ليس ِمن الفترة معناها ،ال ّزمن ،و إنّما ِمن الفتور مقابل ال ِّش َّر ِة ،مقابل ال ِح َّدة .يقال فاتر و حا ّد .ضعف دواعي العمل بال ّشرائع في هذه الم ّدة ،يس ّمونها الفَ ْت َرة .النّب ّي ) قال : كلَِّشرٍ ٍ ىَسَنتيَفقدََ ل َِ ه ت ر ت َف َ ت ان َك ن م ف ( َ، ة ر ت َف ة ل َ،و ة ر َش ل م َع ل ك ل ( ُ ُ ِّ ُ ُ ُ اهتدىَ،ومنَكانتَفترتُهَُِلىَغيرَذلكَفقدَهلكَ( ،).صحّحه الشّيخ األلبانيّ
على شرط الشّيخين)( ،ما بين قوسين لم يذكره الشّيخ اختصارا) ،طيّب. فما ُح ْك ُم هؤالء؟ سنرى .هذا الحديث ِمن أجمل األحاديث ،و على فكرة ،أحاديث ال َع َرصات َمرْ ِويٌّ عند غير الب ّزار ،يَ ُش َّد بعضُها بَعضا ،قد يقول أحدكم« :ماهي يعَن َهُ ،...فيُعطونَه العهد .هللا يقول؛ تطيعونني؟ أعطوني العهدَعليهمَوَالميث اقَليُط ُ
اَوسًَل ًما،... دَُولَالَن ارَفمنَدَلهاَكانتَعليهَبردً َ العهد و الميثاق... .في أ ُم ُر ُهمَب ُ هكذا .هذه رواية مختصرة ،عن األسود بن سريع ،و يوجد روايات أطول
يَر ُسًًلَمنََ منها... ،اللَُي أَُذَُعليه ُمَالعهدَوَالميث اقَوَيقُولَُ ُ تَِلىَعب ادَ ُ تَبعث ُ كَن ُ أنفَُهمَ ،...إلى آخره .و هذه مختصرة ،مفيدة ج ّدا .طيّب.
هذا اسمه حديث العرصات ،االمتحان في العرصات ،و هو كما ترون اآلن ،األَ ْليَ ُ ق
بصفات هللا ،برحمة هللا ،و بعدل هللا ،و تشهد له أصول ال ّدين ،كقوله تبارك و تعالى: ٗ َ َ ُ َّ ُ َ َ َ َّ َٰ َ َ ِت ن ۡب َعث َر ُسوَل .W S،٧٥ W فأهل الفترة لم ... وما كنا مع يذبيني ح يُ ْب َعث فيهم رسول ،و الّذي بُ ِع َ ث الرّسول في زمنه و هو ال يعقل أو ال يسمع أو كذا، كأنّه ما يُب َعث في زمانه رسول ،ألنّه مسكين لم يستفد شيئا .و الّذي بَلَ َغ ْتهُ دعوة النّب ّي،
الثاني :الرّجاءّ ، ال ّدرس ّ الثواب ،اإلخالص و شروط ال ّتكليف
َاللَُ ،تب ارك َو َتعالى ،هذا بقيّة الحديث، العرصات؟» ساحات القيامة... .في أَُذُ َ
لكن بلغته ُم َش َّوهَةاُ ،م َح َّرفَةا ،فكأنّه لم تَ ْبلُ ْغه .كما يحدث اآلن في بالد اإلسالم ،يجعل النّاس يأخذون موقفا غير معتدل أصال ِمن اإلسالم ،يصير ،حتّى ،موقفا عدائيّا .يعني أحسن أنّهم لم يَ ْبلُ ْغهُم اإلسالم ،أنّهم يعلمون أنّه يوجد دين و أنّه مجهول ،أحسن م ّما ضه و ُع ْد َوانِه لو عرفوه هذه المعرفة ال ُم َش َّوهَة الّتي تحثّهم و تستف ّزهم على َشنَآنِه و بُ ْغ ِ و َحرْ بِه ،و العياذ باهلل .فعلى ك ّل حال ،هذا اسمه حديث االمتحان في العرصات ،كما قلنا .تشهد له األصول .آيات كثيرة بهذا المعنى.
38
َ َ َّ َ ُ َ َ َ َّ ۡ َّ َ ُ َ ُ (ُّ )6ر ُس َٗل ُّم ََ يِّ َ ُّ كون ل َّيلن ي اس لَع ٱّللي حجُۢة بعد ٱلرس يل ين َو ُمن يذريين ِلي َل ي ي .6 S،٧١٥ W U
ال ّدرس ال ّثاني :الرّجاء ،ال ّثواب ،اإلخالص و شروط ال ّتكليف
ك ّل اآليات بهذا المعنى ،آخر آية ِمن سورة 'طه' ،و هكذا .طيّب .اللّه ّم ص ّل على َ َ ۡ َ َّ ٓ َ ۡ َ ۡ ك َنَٰهمُ ّخ اآلية ولو أنا أهل سيّدنا :6( .لم يذكر الشي َ ۡ َ َّ َّ َ َ َ َ ُ ْ َ َّ َ َ ۡ َ ٓ َ ۡ َ ۡ َ َ ۡ َ َ ُ ٗ َ َ َّ َ َ َ َٰ َ ب ي َعذاب مين ق ۡبليهيۦ لقالوا ربنا لوَل أرسلت إيَلنا رسوَل فنَّبي َ ءايتيك مين قب يل أن ن يذ َ ُ ۡ ُ ل ُّ َ َ ل َ َ َ َّ ُ ْ َ َ َ ۡ َ ُ َ َ ۡ َ َ َۡ ۡ َ َ َّ َ ُ َ َ َٰ َٰ ْۖ ٱلصر َٰ يط ٱلسوي يي وم ين ب ح ص أ ن م ون م ل ع ت س ف وا ص ب َت ف ص ب َت م ك ل ق ١٣٤ ى ز َن و ي ي ۡ ٱه َت َد َٰ ى ٧٣٢ W و .)c S،٧٣٥ اللّه ّم ص ّل على سيّدنا .لكن هناك اعتراض مشهور ،ما هو؟ يقول بعض النّاس هذا الكالم غير صحيح ،و هذا الحديث مناقض لألصول .كيف مناقض؟ يقول لك: « ّ ألن اآلخرة ليست دار تكليف ،و دار التّكليف هي ال ّدنيا» .نقول له« :هذا الكالم غير
صحيح ،هذا كالم شائع هكذا عند عوا ّم النّاس و العلماء ،لكنّه ليس كالما علميّا دقيقا».
كما نقل بن حجر ،على ما أذكر ..ألنّنا لم نراجعها ِمن أيّام المحاضرة ،عندنا محاضرة في هذا الموضوع .أذكر ّ أن هذا قول بن حجر ،التّكليف ،عند أهل التّحقيق ،ال ينقطع ّإال بدخول دار القرار ،دخول أهل الجنّ ِة الجنّةَ ،اللّه ّم اجعلنا منهم، ار النّا َر ،عياذا باهلل ِمن ذلك ،ينقطع التّكليف .قبل ذلك ،هناك تكليف. و دخول أهل النّ ِ صح أو ال؟ في القبر يوجد تكليف ،سؤال و جواب ،يجب عليك أن تجيب ،أو غير صحيح؟ و يترتّب عليه أشياء ،فهذا نوع ِمن التّكليف .في القيامة هناك تكليف و أ ّ ي تكليف ،صح أو ال؟ هناك تكليف بالسّجود ،فمنهم َمن يستطيع و منهم َمن ال يستطيع، هذا نوع ِمن التّكليف أيضا. هذا الحديث كما قلنا و يش ّد بعضه بعضا ،و على فكرة مضمون حديث ال َع َرصات هو مذهب أهل ال ّسنّة و الجماعة ،مذهب السّلف ،و َمن عاد إلى «مقاالت اإلسالميّين»
39
لـ أبي حسن األشعر ّ ي ،يرى صحّة هذا القول ،هو جعله مذهب السّلف .مذهبهم ّ أن هؤالء و أمثالهم يُمتَ َحنون في عرصات القيامة ،وهذا صحيح ،كالم وجيه و قويّ.
و قد دافع عنه دفاعا جيّداّ ، العالمة ابن قيّم الجوزيّة في «طريق الهجرتين»، اج ْعهُ َمن أراد أن يزداد علما .فهذا رحمة هللا تعالى عليه ،و وسّع القول فيه ج ّدا .فَ ْليُ َر ِ بالنّسبة لهؤالء و أمثالهم .طيّب. (قال الشّيخ ال ّلقّانيّ:)
ََف ُكلََمَ نَ َُك لَ فَشَ رعَ اَوجباَ ... ال تكليف ّإال للمكلَّف (شرعا) ،و ال أحكام ال أصوليّة و ال فرعيّة ،قبل ورود ال ّشرع، و هذا مذهب َمن؟ األشاعرة ،أهل ال ّسنّة و الجماعة .و مذهب ال ُم ْعتَ ِزلَة يقابِلُه تماما، قالوا :بل هناك تكليف باألصول و بالفروع ،يعني بالحالل و الحرام و التّوحيد ومعرفة الرّبّ ،قبل ورود ال ّشرع ،بالعقل المحضَ .من هؤالء؟ المعتزلة .بالغوا كثيرا في هذه المسألة .و ِمن أهل ال ّسنّة َمن توسّط ،و هم 'ال َماتُ ِري ِديَّة' ،و المشهور في مذهبهم ّ أن التّكليف بالمعرفة ،يعني معرفة الرّبّ ،و أنّه واحد موجود بهذه العقيدة وال ّشرع أتى بها و أمر بها و ع ّززها ،و أ ّما المسائل الفروعيّة األخرى فال تكليف فيها ّإال بال ّشرع .هذه ِوجهة نظر العلماء في هذه المسألة. لكن ظاهر كالم هللا ،تبارك و تعالى ،ينصر قول األ ّولين .أنّه مادام ال يوجد رسول ٗ َ َّ َٰ َ َ ِت ن ۡب َعث َر ُسوَل W ال توجد شريعة ،فال يوجد تكليف... :6 .ح
الثاني :الرّجاءّ ، ال ّدرس ّ الثواب ،اإلخالص و شروط ال ّتكليف
ف َشرْ عااَ ...و َجبَا .إذن التّكليف بال ّشرع أو بالعقل؟ ماذا قال ال ّشيخ؟ فَ ُكلُّ َم ْن ُكلِّ َ
.W S،٧٥و هذه ِمن أصعب اآليات على المعتزلة ،و قد أ ّولوا فيها الرّسول ٗ بماذا؟ بالعقل ،و هذا كالم فارغ ّ ألن هللا في آية القص (َ ... :)6ر ُسوَل ُ ْ َ َي ۡتلوا َعل ۡي يه ۡم َء َايَٰت ي َنا ۚۡ .r S،٥٩ W Uالعقل يتلو آيات؟ أ ّ ي آيات؟ هذا كالم فارغ.
40
قال (الشّيخ ال ّلقّانيّ:)
َََََََََ9ف ُكلََمَ نَ َُك لَ فَشَ رعَ اَوجباَََََََََََعليهَأنََيعَرفَََمَاَقدَوجَ بَ ا َ
َيعني واجب عليه أن يعرف الواجب .الواجب على َمن؟ في ح ّ ق َمن ،يعني،
الجائز في ح ّ ب ِ ..هللِ .الواجب في ح ّ ق هللا ،و مقابل ق هللا ،و َ و ل َمن؟ قال َما قَ ْد َو َج َ الواجب؛ الممتنع في ح ّ ق هللا .دخلنا في الواجب و الجائز و الممتنع .إذن ال ب ّد أن نعرف معنى هذه المصطلحات بسرعة. ال ّدرس ال ّثاني :الرّجاء ،ال ّثواب ،اإلخالص و شروط ال ّتكليف
أيّها اإلخوة ،ليس في هذا ال ّدرس ،في ال ّدرس المقبل إن شاء هللا ،لكن باختصار. الحُكم المطلق ينقسم إلى كم ِمن قِسم؟ ثالثة .ال ُح ْكم ال ّشرع ّي ،و ال ُح ْكم العاديّ ،وال ُح ْكم العقل ّي .اإلمام الج َُو ْينِ ّي ،رحمة هللا عليه ،شيخ اإلسالم في عصره ،شيخ و إمام ص ا يالَ ،وا ِجب ْرفَةُ هَ ِذ ِه األَ ْشيَا ِء ،ال ُح ْك ُم َو أَ ْق َسا ُم ال ُح ْك ِم تَ ْف ِ الحرمين ،كان يقولَ :مع ِ َشرْ عاا ،يَتَ َوقَّ ُ ف َعلَ ْيهَا ال َعقِي َدةُ .الجهل بهذه األشياء بدقّة أوقعت بعض العلماء في ما يشبه الكفر و العياذ باهلل .يعني ابن حزم ،رحمة هللا عليه ،هل هناك َمن يش ّ ك في ذكائه أو في عبقريّته؟ هذا رجل عبقر ّ ي كان ،رحمة هللا عليه ،نادرة ِمن نوادر ال ّزمان ،عقل كبير ج ّدا ج ّدا ،شيء غير طبيع ّي ،كان خارقا للعادة ،رحمة هللا صهم عليه .لكن شنآنه للسّادة األشاعرة و عدم محبّته لألشاعرة ،و يحاول دائما تنقُّ َ جعله يقع في اعتراض عليهم ،و العياذ باهلل ،و هو يُ ْعتَ َرضُ عليه به .شيء خطير ج ّدا ج ّدا. األشاعرة يقولون« :قُ ْد َرةُ هللاِ َال تَتَ َعلَّ ُ ال لِ َذاتِ ِه» .فقالَ « :كفَرُوا! َكيْف؟ هللاُ َعلَى ق بِا ْل ُم َح ِ ُك ِّل َش ْيء قَ ِدير» .هم يتكلّمون بلسان االصطالح .ابن حزم كان ضعيفا في الفلسفة و في المنطق ،و عنده كتاب اسمه «التّقريب لح ّد المنطق» فيه أخطاء ُم ْز ِريَة
41
ج ّدا ،جعلت المناطقة يسخرون منه ،ألنّه غير فاهم لعلم المنطق لألسف ال ّشديدّ . ألن هذا علم اصطالح ّي ،يجب عليك فهمه بدقّة ،هو فهمه بطريقته الخاصّة ،فعنده أخطاء
فيه ال أ ّول لها ِمن آخر ،معروفِ ،من أسخف الكتب في المنطق« ،التّقريب» ،رسالة نشرها ال ّدكتور إحسان عبّاس ،في الفلسفة. ل ّما األشاعرة يقولون« :قُ ْد َرةُ هللاِ َال تَتَ َعلَّ ُ ق بِ ْال ُم َحا ِل لِ َذاتِ ِه» .سنشرحه في ال ّدرس القادم، إن شاء هللا ،لكن باختصار .ال ُم َحا ُل لذاته كشريك اإلله .محال لذاته ،مستحيل لذاته، ال يمكن .قدرة هللا ال تتعلّق به .هو (ابن حزم )قال لك« :ال ،هللا على ك ّل شيء قدير» .و معنى كالم ابن حزم ،لو ّ أن هللا أراد أن يخلق إلها آخر مثله الستطاع. َمن كفَّ َره ،فهو مجتهد و متأ ّول ،رحمة هللا عليه .و بالعكس كالم األشاعرة ،كالم صحيح و دقيق و كالم علم ّي و كالم مع ّمق ج ّداّ ، ألن المحال لذاته ال معنى له أصال. و هذا معنى كالم الج َُو ْينِ ّي ،و يجب على َمن أراد أن يفهم العقيدة بشكل سليم أن يفهم هذه األشياء .فنريد أن نفهم أ ّول ال ّشيء ،الحكم .ما هو الحكم أصال؟ هذا كان أ ّول درس في أصول الفقه ،صحيح؟ ل ّما نقول الحكم ،ما هو الحكم؟ إِ ْثبَ ُ ات َش ْيء لِ َش ْيء أَ ْو نَ ْفيُهُ َع ْنهُ .فقط ،كلمتان .انتبهوا! الحكم المطلق؛ إثبات شيء لشيء أو نفيه عنه .يعني عندما تقول« :هذا المصحف (لونه) أخضر» ،هذا حكمَ .ح َك ْم َ ت على المصحف بصفة َ ضار« .هذا ال ّشاي بارد» ،هذا ُح ْكم ،صحيح؟ «المسجد مليء»، الخ َ ُح ْكم« .المسجد فارغ»ُ ،ح ْكم« .هللا موجود»ُ ،ح ْكم« .هللا واحد»ُ ،ح ْكم« .هللا ال شريك له»،
الثاني :الرّجاءّ ، ال ّدرس ّ الثواب ،اإلخالص و شروط ال ّتكليف
و هذا الكالم غير صحيح .كالم فارغ و أقرب للكفر ،صحيح؟ و لو ُكفِّ َر به ،ما أبعد
ُح ْكم .صحيح؟ «أرسطو فيلسوف كبير»ُ ،ح ْكم. إِ ْثبَ ُ ات َش ْيء لِ َش ْيء أَ ْو نَ ْفيُهُ َع ْنهُ ،هذا حكم ،في اإليجاب و السَّلب .طيّب .هذا الحكم المطلق ينقسم إلى ثالث أقسام .أ ّولها ال ُح ْك ُم ال ّشرع ّي ،ما تعريف الحكم ال ّشرع ّي؟ درسناه في األصول ،صحيح؟ ما هو؟ هو ِخطاب هللا ال ُمتَ َعلِّق بأفعال ال ُم َكلَّفين، ضا اء؟ االقتضاء هو الطّلب ،و الطّلب اقتضا اء أو تخييرا أو َوضْ عاا .نسيتم؟ ما معنى ا ْقتِ َ إ ّما أن يكون جازما و إ ّما أن يكون غير جازم ،صحيح؟ و الطّلبُ إ ّما طَلَب لِفِعْل وإ ّما
42
طَلَب لِتَرْ ك ،صحيح؟ فصار عندك الواجب و المندوب ،و صار عندك المحرّم والمكروه. 'أو تخييرا' ،بقي عندك المباح .هذه هي الخمسة أقسام ،فقط. الوضْ ِع ُّي؟ هذا في أصول الفقه ،ليس في 'اقتضا اء أو تخييرا أو َوضْ عاا' .ما هو الحكم َ ع ال َّش ْي َءَ ،سبَباا في َش ْيء آخر ،أو َشرْ طاا العقيدة .ما هو الحكم الوضع ّي؟ َج ْع ُل ال ّش ِ ار ِ فيه ،أو َمانِعاا منه .هذه مسائل الحكم الوضع ّي .لن نتكلّم فيها ،هذا ندرسه في الفقه، ال ّدرس ال ّثاني :الرّجاء ،ال ّثواب ،اإلخالص و شروط ال ّتكليف
وانتهينا منه. نأتي للحكم الثّاني ،الحكم العاديّ .ما هو الحكم العاديّ؟ هو اثبات شيء لشيء أو نفيه عنه ،فقط .إذا أثبتت شيئا لشيء بواسطة ظهور تأثيره فيه بالتّكرار ،و إذا نفيت شيئا عن شيء بواسطة عدم ظهور تأثيره فيه تكرارا .فقط .هذا هو الحكم العاديّ .يعني، انتبهوا! ل ّما نقول« :الماء يروي ،و النّار تحرق ،و هذ ال ّدواء يشفي ِمن ال ّداء الفالن ّي». هذ الحكم شرع ّي؟ غير شرع ّي ،طبعا .ليس له عالقة بال ّشرع .هذا الحكم عاديّ، صحيح؟ ل ّما تقول لي« :ال ّدواء الفالن ّي يشفي ِمن ال ّداء ّ العالن ّي» .صحيح؟ «و النّار حرق ،و الماء يروي» .كيف عرفنا هذه األشياء ،نحن؟ شربنا مرّة فارتوينا .عطشنا. تُ ِ ث ّم شربنا مرّة ثانية فارتوينا .عند الفالسفة و المناطقة ،أق ّل التّكرار مرَّتان ،انتبهوا! يقال بالتّكرار .كم هو التّكرار؟ مائة ألف مرّة؟ ال مرّتان .إذا ك ّررت مرّتين و ظهرت نفس النّتيجة ،فهذا تكرار كاف .طبعا ،هذا فيه بعض المبالغة ،بصراحة ،ألنّه يمكن أن يحدث صدفة ،فالمفروض أكثر ِمن هذا. لكن هم قالوا (التّكرار) مرّتين كاف .طيّب .هذا موضوع استقرائ ّي،induction ، يعود إلى االستقراء الكامل و النّاق
43
الحكم العاديّ.
.فهذا استقراء ناق
ج ّدا .طيّب .فهذا اسمه
ما معنى الحكم العاديّ؟ ما يترتّب على ّ أن هذا ال ّشيء ،حكم عاديّ؟ فقط ،نحن استطعنا أن نعرف الرّابطة بين ال ّشيئين ،سواء سلبا أو إيجابا .كيف عرفناها ،بواسطة ماذا؟ التّكرار .تكرار ظهور األثر ،يعني التّأثير ،أو تكرار انتفاء التّأثير .مضبوط أو ال؟ إذا صببنا على النّار ما اء ،طبعا هي نار خفيفة ،انطفأت .صببنا مرّة أخرى، ار ذكا اء ،ال يؤرِّ ثها .طيّب. انطفأت .فنقول الماء ال يزيد النّ َ صببنا ،مرّة ،بنزينا ،اشتعلت .صببنا مرّة أخرى ،اشتعلت .فهذا ال ّزيت أو هذا السّائل أكثر ِمن مرّتين ،حتّى ألف مرّة ،ك ّل ما يكثر ك ّل ما يكون أحسن ،طبعا .واضح! كلّما كثر التّكرار كان أحسن. لكن ف ّكروا معي اآلن فلسفيّا ،هل هذا التّكرار وحده دليل على أنّه ال ب ّد أن يقع األثر الحادث ،بواسطة هذا التّأثير ،دائما؟ ال .و انتبهوا! هذا ما انتهى إليه العلم الحديث اآلن .فسبحان هللا ،كالم األشاعرة في منتهى ال ّدقة الفلسفيّة. اآلن ،اسأل أكبر عالم ،في الرّياضيّات ،في الفيزياء ،...لكن يكون غربيّا و فاهما لهذه األشياء ،ألنّهم متفلسفون كبار ،ما شاء هللا ،يدرسون. عالم كبير مثل زويل( أحمد حسن زويل ،عالم كيميائيّ) ل ّما يتكلّم عن العلم و تاريخ العلم ،يا أخي ،ال توجد ثقافة ،سبحان هللا ،فاهم في الكيمياء ،لكن في
الثاني :الرّجاءّ ، ال ّدرس ّ الثواب ،اإلخالص و شروط ال ّتكليف
يزيدها اشتعاال .هنا انتفى التّأثير في الماء و ظهر التّأثير في البنزين ،في مرّتين أو
الفلسفة و ال شيء مسكين .الغربيّون ،الّ . ألن هذا ِع ْل ُمهُم ،هذه حضارتهم .تجده عالما لكن إذا تكلّم في الفلسفة ،تجده فيلسوفا ،يا أخي .فالسفة ،و يكتبون كتبا .شيء غير طبيع ّي .عندهم ثقافة واسعة ج ّدا في األشياء األخرى .فتسأله ،يقول لك« :ك ّل هذا العلم الطّبيع ّي نتائجه االستقرائيّة ،احتماليّة ترجيحيّة» 99،9 .لكن ليس .٪411فلسفيّا هو هكذا ،و هذا صحيح .ألنّه ال توجد رابطة عقليّة ،و العقل ال يُحيل ،أنّك تصبّ البنزين على النّار فتنطفأ ،العقل كعقل وحده .لكن ،في العادة تحيل أو ال تحيل؟ يقال مستحيل
44
عادةا ،في العادة مستحيل .تضع البنزين ،فيزيد .و الماء ،العكس ،و هكذا .هذا اسمه الحكم العاديّ. انتبهوا اآلن! نريد أن نفرّع ،هنا ،مسألة ِمن مسائل االعتقاد الها ّمة ،وقع فيها الخالف حرق ،و الماء حين يروي ،و ال ّدواء حين يشفي ،والماء طويال و عريضا .النّار حين تُ ِ حين يُنبت ال ّزرع ،و ال ّزرع حين يُنبت الثّمرة ،و ،..و ،..و ..إلى آخره ،و الثّمر حين يُح ِدث ال ِّشبَع أو ال ِّس َمن ،ك ّل هذه األشياء كيف تفعل؟ كيف يت ّم ظهور هذه اآلثار بهذه ال ّدرس ال ّثاني :الرّجاء ،ال ّثواب ،اإلخالص و شروط ال ّتكليف
المؤثّرات؟ هل النّار فيها ق ّوة مو َد َعة في ذاتها ،هللا أو َد َع فيها خا ّ صيّة معيّنة تفعل بها؟ أو ّ أن هللا ،تبارك و تعالى ،عند مالقاة النّار بعض األشياء و األجسام ،يخلق أثرا اسمه االحراق ،هللا يخلقه ،عند المالقاة ،و ليس أنّها تفعل بخا ّ صيّة فيها ،مو َد َعة فيها؟ قد يقول أحدكم« :لكن عمليّا ،practically ،ال يوجد فرق كبير بينها» .ال ،هو عمليّا ال يوجد ،صحيح ،لكن عقديّا غائيّا ،هناك فرق .فرق في العقيدة .لماذا؟ انتبهوا! أرجو أن تفهموني ،سأُبسّطها ،إن شاء هللا ،في خمس جمل و نحاول أن نفهم هذه المسألة. مه ّمة ج ّدا هذه المسألة .صحيح هي فلسفيّة ،لكن سنُسهِّلها ج ّدا. هللا ،تبارك و تعالى ،كما تعلمون ،قدرته تتعلّق ،هنا نتكلّم على الممكن ِمن غير المستحيالت ،ببعض الممكنات أو بك ّل الممكنات ،يعني بالوجود؟ (يعني) تتعلّق بك ّل الوجود و ما فيه أو ببعض األشياء و بعضها ال تتعلّق؟ مستحيل ،قدرة هللا نافذة في ك ّل شيء ،مضبوط أو ال؟ و عاملة في ك ّل شيء ،قدرة هللا ،تبارك وتعالى .الحجاب نظن ّ ّ أن قدرة هللا تفعل في أشياء و تستثني أشياء أخرى. و الهوى هو الّذي يجعلنا كالم غير صحيح .قد يقول أحدكم« :طيّب ،كالمك هذا ،هل يُؤخذ منه بُطالن األسباب؟» غير صحيح ،بالعكس ،القرآن ال يُبطل األسباب ،القرآن و األشاعرة وأهل
45
ال ّسنّة و الجماعة يُثبتون األسباب .األسباب موجودة ،لكن يجعلون التّأثير ِح ْكراا على هللا ،تبارك و تعالى ،للقدرة اإللهيّة ،ال لألسباب .هللا أكبر ،ما هذه الفلسفة؟ فلسفة
دقيقة و هي روح القرآنَ .من قرأ القرآن بوعي و ِح ْذق و بعيدا عن الهوى و ظلمة َ َ ۡ َ َ َ َّ َّ َ َ َ َ َ َّ َ ٓ الحجاب ،يُذ ِعن لهذا الكالم .قال تبارك و تعالى :ألم تر أن ٱّلل أنز َ مين ٱلسما يء َ ٓٗ ََ ۡ ۡ َ َ ماء فأخرجنا بيهيۦ 6 S،٤١ W U مثال .انتبه! يعني ،هللا ،هنا ،ل ّما يقول أخرجنا به ،بالماء ِمن السّماء ،أ ال يعترف بالسّببيّة؟ يعترف .يقول ماء السّماء سبب في ما يخرج ِمن األرض .انتبهوا! لكن فعل اإلنزال و فعل اإلخراج ،للماء أو هلل؟ (إجابات مختلفة في المجلس) الّذي أنزل طيّب ،و الماء سبب لقوله' :به' ،هذه باء السّببيّة ،صح أو ال؟ إذن ،هللا أثبت األسباب. صحيح أثبت األسباب ،لكنّه نفا عنها التّأثير ،و احتكر هو ،تبارك و تعالى ،و اخت ّ ا بالتّأثير .ال هلإ إال اهلل .شيء عجيب! إذن ،األسباب موجودة ،و ال ب ّد أن نأخذ بها مع اعتقاد ّ أن األثر يُح ِدثُه هللا ،يَخلُقُه هللا ،تبارك و تعالى .فلم نُعطِّل األسباب ،و لم نُعطِّل قدرة إلهيّة تتعلّق بك ّل شيء بحيالِه .يقول ّ العالمة ابن أبي جمرة ،انظر إلى ّ الذكاء العجيب ،هذا أحد علماء اإلسالم الكبار و هو مالك ّي ،و رجل مح ّدث ،و َش َر َح «البخار ّ ث ي» ،ليس كلّه ،شرحا عجيبا ج ّدا ،رحمة هللا عليه :إِ َّن النَّ َ ار ،فِي ال َح ِدي ِ ال َّ اض َع ال ُّس ُجو ِد .يقول هذا فيه دليل لمذهب أهل يح ،تَأْ ُك ُل َج َس َد ا ْب ِن آ َد َم إِ َّال َم َو ِ ص ِح ِ ال ّسنّة و الجماعة .لو كانت النّار تفعل بق ّوة مو َد َعة فيها ،لَ َما ص ّح هذا التّبعيض في
الثاني :الرّجاءّ ، ال ّدرس ّ الثواب ،اإلخالص و شروط ال ّتكليف
الماء ،هللا ،و الّذي أخرج النّبات ،هللا .إذن ،اإلخراج هلل و ليس للماء .الماء ال يُخ ِرج.
حرق ك ّل شيء ،صحيح؟ لكن ل ّما كانت ال تفعل بذاتها و هللا ،ع ّز و جلّ، االحراق ،فتُ ِ هو الّذي يخلق عندها ،ال بها ،االحراق في أجزاء دون سائر األجزاءَ ،علِ ْمنَا ّ أن المؤثّر هو هللا ،و ّ أن هذا السّبب خال عن التّأثير .جعله هللا هكذا لحكمة بالغة ،طبعا، في ربط أجزاء الكون بعضها ببعض ،طيّب. اآلن ،السّفينة حين نركب متنها و نستق ّر عليها ،ث ّم تسير بنا تَ ْم ُخ ُر ُعبَاب الماء ،وننتقل ِمن ضفّة إلى ضفّة ،كما فعل نوح مع سفينته بأهل السّفينة.
46
َ َ َ ۡ َ َٰ ُ َ َ َٰ َ َ ۡ َ َٰ َ ُ ُ ات ألوح ودس .i S،٧٣ W قال ( :)وَحلنه لَع ذ ي قال 'حملناه' ،نحن الّذين حملناه ،أو غير صحيح؟ و نحن الّذين سيّرناه ،و نحن الّذين سيّرنا السّفينة ،لكن على ذات ،بهذه الوسيلة ،تص ّور! فاألثر هلل ،تبارك و تعالى، وال ّسبب موجود. إذن ،أيّها اإلخوة ،هذه النّظريّة تتل ّخ
بكلمتين؛ اثبات األسباب و نفي التّأثير عنها.
اختصاص هللا ،تبارك و تعالى ،بالتّأثير .يخلُق األثر عند وجود األسباب ،ال ال ّدرس ال ّثاني :الرّجاء ،ال ّثواب ،اإلخالص و شروط ال ّتكليف
باألسباب .عندها .هناك فرق بين 'بها' و بين 'عندها' ،لذلك ،نحن نفسّر السّببيّة على أنّها ِع ْن ِديَّة ،ال سببيّة حقيقيّة .سببيّة ِع ْن ِديَّة ،ال سببيّة حقيقيّة .في القرآن الكريم مئات اآليات تشهد لهذا التّوجّه .و هو ،على فكرة ،توجُّ ه يخدم وحدانيّة هللاّ ، أن ال ُمتَ َو ِّح َد ا بالفعل و التّأثير هو ربّ ال ِع َّزة ،ال هلإ إال هو. ي شيء ّإال و هللا يَ ْخلُ ُ ال يوجد شيء يقدر أن يفعل أ ّ ق هذا ال ّشيء .ك ّل ما في هذا ي شيء أبدا ،صحيح؟ يعني ،حتّى لو َ الوجود ميّت أصال ،ال يستق ّل بأ ّ قلت« :أنا أضرب بيدي» .أنت ال تضرب بيديك ،هذه آلة خلقها هللا ،و أعطاك هو س ّر االختيار، حين ينبعث فيك هذا ال ّس ّر للتّوجّه لل ّشيء ،هللا ،ع ّز و جلّ ،يخلق هذا األثر بهذه الوسائط ،صح أو ال؟ طبعا. لذلك ،هو ،تبارك و تعالى ،لو أنّه أراد فأنت ال تستطيع .لو أراد أن ال تضرب لن تستطيع أن تضرب .مستحيل تبقى مكانك .لو أراد أن ال تشبع ،أو ال تروى؛ تشرب ماء البحر و ال تروى ،صح أو ال؟ تشرب ماء األنهار كلِّها و ال تروى ،بإذن هللا. إذن ،لو كان الماء يروي بنفسه كان رواك ،مضبوط أو ال؟ ال يروي .لذلك أنت تشرب و هللا يخلق شعورا بالرِّ يِّ ،يخلُ ُ ق فيك معنى الرِّ يّ ،هللا .لكن لطول االقتران،
47
كما تعلمون ،هذا يقترن بهذا ،مرّة ،مرّتان ،ألف ،ألفان ،مليون ،مليونانِ ،من عشرة آالف سنين ،دائما ،ماذا اعتقد البشر؟ اعتقدوا ّ أن هذه أسباب تؤثّر بنفسها ،بق ّوة
مو َد َعة فيها ،ال تنف ّ ك عنها في األحوال العاديّة ،و هذا غير صحيح ،هو مجرّد اقترانات.
َ َ ُ ۡ َ ۡ َ ُ َ ُ ٓ َ ۡ َ ۡ ُ َّ َٰ ُ َ َ َ َ َ ۡ ُ َّ َ ۡ ُ ُ َ قال تبارك و تعالى :أفرءيتم ما َترثون ٦٣ءأنتم تزرعونهۥ أم َنن ٱلزريعون W ١٣و .m S،١٢
سؤال غريب ج ّدا ج ّدا ،يا أخي .حين تسأل أحدا يقول« :أنا ال ّزارع يا أخي» .هللا قال لك ،ال ،أنا ال ّزارع لست أنت .يا إلهي ،ما الّذي يحدث؟ أنا أحفر و أحطّ و كذا! ك ّل و تعالى .لكي يعل ّمك ،هو ،هذا ال ّشيء. َ ُ َّ َ ٱلس َمآءي َما ٓ ٗء فَأَ ۡخ َر ۡج َنا بهيۦ َن َباتَ نز َ َ م َين َّ يي أ َ نفس ال ّشيء ،آية ،Aأيضا :وه َو ٱَّل ٓ ي ُ َ ۡ َ َ ۡ َ ۡ َ ۡ ُ َ ٗ ُّ ۡ ُ ۡ ُ َ ٗ ُّ َ َ ٗ َ َ َّ ۡ ضا َن يرج مينه حبا مَتاكيبا ومين ٱنلخ يل W U ك َشء فأخرجنا مينه خ ي ي
.A S،٩٩
اُنظر كيف؛ أخرجنا 'به'َ .من الّذي أخرج؟ هللا .و هذه الباء مؤ ّشر للسّببيّة ال ِع ْن ِديَّة، خرج منهَ .من ال ُم ْخ ِرج؟ هللا .ك ّل اإلخراج و الفعل و كذا .يا كما قلنا ،يعني ِع ْن َده .نُ ِ َّ سيدي أضخم الظّواهر في حياة اإلنسان ماهي؟ الحياة و الموت .قال لك :ٱَّليي َخلَ َق ٱل ۡ َم ۡو َ ت َو ۡ َ ٱۡل َي َٰوةَ .8 S،٤ W U ال تقل لي« :ضربه برصاصة ،ط ّخه ،وضع له ال ّس ّم »...مستحيلَ ،من الّذي أمات؟ َمن الّذي يُحْ يِي؟
الثاني :الرّجاءّ ، ال ّدرس ّ الثواب ،اإلخالص و شروط ال ّتكليف
هذه األشياء سطحيّة ،لكن األثر و الفعل لربّ ال ِع ّزة ،تبارك و تعالى ،له وحده تبارك
وت( ،...من دعاء النّبيّ عند اإليواء إلى الفراش) ،في ك ّل بَاسَمَكَََاللَ َُهمَََأحَيَاَوَََأَ َُم َُ لحظة .يا سيدي هو الّذي أضحك و أبكى .حتّى الضّحك. َ َ َّ ُ ُ َ َ َ َ َ َ َ َّ ُ ُ َ ۡ َ َ َ َ َ ۡ ۡ َ َ وأنهۥ ه َو أضٗك وأبك َٰى ٤٣وأنهۥ هو أمات وأحيا ٢٣ W و .g S،٢٢
(ذُ ِك َرت اآليتان للفائدة ،و لم يذكرهما الشّيخ)
48
ال تقل أضحكني بنكتته .قد يأتيك أحد بأعظم نكتة و ال تضحك .هللا لم يكتب لك هذا. و يمكن أحد يضحك على ال نكتة أصال ،على سخافة ،و يبقى يضحك. فهذه األشياء ،أيّها اإلخوة ،يجب أن نفهمها بهذه الطّريقة المبسّطة .األسباب موجودة و هللا أوجدها ،و لم ينفها .و بعد ذلك هو تسبّب مشروط ،هللا طلب منك أن تتسبّب ّ ألن حكمته البالغة اقتضت أن يربط ظواهر و كوائن هذا الوجود بعضها ببعض وفق هذه المنظومة السّببيّة .لكن ،أن تفهم نظريّا ،كما قلنا لكمّ ، أن األثر هلل ،تبارك وتعالى. ال ّدرس ال ّثاني :الرّجاء ،ال ّثواب ،اإلخالص و شروط ال ّتكليف
قد يقول أحدكم« :عمليّا ال يوجد فرق» .صحيح ،عمليّا ال يوجد فرق كبير. و على فكرة ،أنا أستغرب ،و هذا ال يعتبر ذكا اء فلسفيّا ،بعض العلماء كتبوا ويعظّمون اللّوم على األشاعرة و يقولون " ّ أن هذه النّظريّة خاطئة ،و النّظريّة األشعريّة هي الّتي جعلت العلم يتخلّف في العالم اإلسالم ّي" .و هذا كالم فارغ ال يد ّل على فهم أصال ،ألنّه عمليّا ،أيّها اإلخوة ،المسألة واحدة في األخير ،بغضّ النّظر ،مضبوط أو ال؟ ك ّل أحد منّا يعلم أنّه إذا شرب ارتوى .اآلن ،نظريّا ،هل هو يرتوي ّ ألن في الماء صيّة تجعله يرتوي ،أو ّ توجد خا ّ أن هللا يخلق الرِّ َّ ي عند تناول الماء؟ المسألة ال يترتّب عليها كبير أثر ِمن ناحية عمليّة ،in practice ،ص ّح أو ال؟ و هللا ،تبارك و تعالى، أقام نظام األسباب و المسبّب ،يعني نظام السّببيّة ،بطريقة اضطراريّة ،أو غير صحيح؟ يعني ال أرى أنّي مرّة ،حين أشرب أرتوي ،و مرّة أشرب ال أرتوي .أبدا .بشكل عا ّم ،نقدر أن نقول تقريبا ّ أن ك ّل الحاالتّ ،إال ما استُثني في حالت معيّنة ،يصبح لدينا استثناءات .و يأتي العلم ليفسّر ،لماذا اآلن صار استثناء؟ لديه مرض معيّن، لديه حالة كذا ،كذا؟ يدرسونه تشريحيّا و وظيفيّا ،مضبوط أو ال؟ ألنّه صار لديهم
49
استثناء ،يشرب و ال يرتوي .و هذا معروف في الطّبّ ،صحيح؟ يوجد مركز في الم ّخ ،هو الّذي يراقب هذا ال ّشيء.
و ك ّل هذا ،أيضا ،أسباب ،و ك ّل سبب سنتكلّم عليه بنفس الطّريقة .و في األخير، على فكرة ،روح العلم تؤيّد هذه النّظريّة في السّببيّة .تعرفون لماذا؟ لو تسأل أ ّ ي عالم ،و تقول له« :فسّر لي كيف يروي الماء» .سيُفسّر لك بنظريّة فيزيولوجيّة دقيقة و ممتازة .و كما قلنا ،ترجع األمر إلى مركز معيّن في ال ّدماغ؛ تعرفون هذا ال ّشيء، أكرمكم هللا ،الّذي ينزل فيه الماء في الح ّمامات ،يشبه شيئا موجودا في ال ّدماغ .ل ّما ترتفع نسبة منسوب الماء في ال ّدم ،هذا المح ّل يُفتَح عليه فال يبقى على تلك الحالة، اشرب ،اشرب ،إلى أن تنفجر بطنك و أنت عطشان .قد يقول أحدكم« :اُنظر ،الحقيقة ال أن تقول لي ّ أن هللا ،و هللا »..ال يا سيدي ،و هذا من الّذي خلقه؟ و لماذا بهذه الطّريقة؟ و لذلك يقول العلماء ،العلم في األخير ،في نهاية النّهايات ،أ ّ ي علم ليس فقط الفيزيولوجيا ،كلّ العلوم وظيفتها وصفيّة ال تعليليّة ،رأيتم؟ اسأل أ ّ ي فيلسوف علم ،و قل له« :العلم يعلّل أو يصف؟» يقول لك« :ال ،العلم ال يستطيع أن يعلّل» .ال يوجد علم تعليل ّي ،و ال علم ،كالم فارغ .العلم في النّهاية يصف .يعني إذا قال« :ال يوجد شيء اسمه ألوان ،أحمر و أزرق ،هذه كلّها موجات» .تقول« :طيّب ،و لماذا موجات؟ و لماذا طولها كذا كذا و تعطي كذا؟» فيقول« :هو هكذا ،ال أعرف ،هللا خلقه َ سألت« :ما الفرق بين الجامد هكذا» .يعني هو وقف عند الوصف ،أو غير صحيح؟ إذا
الثاني :الرّجاءّ ، ال ّدرس ّ الثواب ،اإلخالص و شروط ال ّتكليف
ويعطيك إشارات عصبيّة أنّه خرج .واضح؟ ل ّما ينعطف ،ماذا يحدث؟ اشرب،
و بين كذا؟» سيعطيك تعليال فيزيقيّا .فتقول« :طيّب لماذا هكذا؟» سيقال لك« :ألنّه هكذا ،انخلق هكذا» .تقول« :هل كان من الممكن يكون العكس؟» يقول لك« :نعم عقليّا يمكن يكون العكسّ ، أن صفات الجامد تكون هي السّائلة ،و صفات السّائل تكون هي الجامد ،لكن الوجود وجد هكذا» .إذن أنت تصف فقط ،كعالم ،صحيح. فروح العلم هي الوصف ،و معناه ّ أن العقل نفسه ،في األخير ،ال يستطيع أن يقع على حجّة عقليّة محض ،تجعل األشياء كما هي و على ما هي عليه ،ال يستطيع.
50
فيقتنع بماذا؟ بالوصف ،يسلّم و يقول هي هكذا .لماذا هي هكذا؟ تعرفون لماذا؟ ّ ألن الّذي يحتكر التّأثير الحقيق ّي ،و يُظ ِهر األشياء عند األشياء ،هو ربّ ال ِع ّزة ،تبارك وتعالى ،لست أنت ،صح أو ال؟ ح ّدثتكم مرّة بقصّة ،أنّه كيف يمكن إنسان تُ َح ُّز رقبته ،و تنقطع عروقه ،و تنقطع أعصابه و مشاكل ،و ال يموت ،بإذن هللا تعالى ،و حصلت هذه الحالة ،حصلت لدينا في "غ ّزة" و كانت آية ِمن آيات هللا ،األطبّاء ج ُّن جنونهم و قالوا« :مستحيل!» .و بعد ال ّدرس ال ّثاني :الرّجاء ،ال ّثواب ،اإلخالص و شروط ال ّتكليف
ذلك ،القلب ،التّنفّس ،ك ّل شيء توقّف عنده هذا الرّجل ،و كان مذبوحا من الخلف، ب له عمر. على فكرة ،و ليس من األمام .طبّيّا ميّت مائة في المائة ،و عاش و ُكتِ َ كيف هذا؟ كانت آية من آيات هللا ،خارقة من الخوارق. عيسى ،عليه السّالم ،حديثنا في هذه الخطبة عن عيسى ،ل ّما يحيي الموتى، ل ّما يصنع من الطّين طيرا ،و بعد ينفخ فيه بنَفَ ِسه البشريّ ،صح؟ و يصير طيرا، فيقال« :كيف هذا؟» طبعا ،ألنّه ليس شرطا ،يا أخيّ ، أن ربّك يصنع طيرا الزم يكون ِمن ذكر و أنثى و بطريق تسافد معيّن بين الطّيور ،و بعد ذلك تبييض و يصير كذا. ال ليس شرطا ،أبدا ،أبدا .نفس ال ّشيء ،صح أو ال؟ لو كان هللا ،تبارك و تعالى، طريقته في خلق الطّيور مثل طريقة عيسى الّتي أبداها لناّ ، أن البشر يصنعون ي .و كان من الممكن ّ بأشياء من طين و ينفخون فيها النّفس البشر ّ أن ربّنا يجعلها من نفس طفل لم يبلغ ال ُحلُم ،أو مثال؛ رجاال دون نساء ،أو إناثا دون كذا ،أو النّساء ال ُحيِّض غير الطّاهرات ،و هكذا .و تنفخ و يصير طيرا .هل استغرب أحد و قال ال عيسى لم يكن يفعل هكذا ،كان يأتي بأنثى الطّير مع ذكرها و كذا و يحدث تبييض .تبييض ماذا؟ و شيء صار اسمه بيضة .مستحيل ،يا أخي ،كيف صار هذا؟
51
ألنّك تكتفي بالوصف ،أنت تع ّودت فقط .فما تع ّودته تعتبره شيئا معقوال و منطقيّا
ومعلّال ،مضبوط أو ال؟ و ال تملك حجّة ّإال الوصف و المتابعة و االقتران .فَ ِه ْمتُم كيف؟ فلذلك قصير العقل و قصير النّظر هو الّذي يُنكر المعجزات و كيف ّ أن هللا خلق آدم من غير أب و أ ّم ،كيف خلق حوّ اء من أب فقط بدون أ ّم ،و كيف خلق عيسى من أ ّم بدون أب .و يقال لك« :غريب !» و ال غريب و ال حاجة ،أبدا.
هَ َذا ال َك ْو ِن ال َم ْو ُجو ِد" .الكون نفسه في ح ّد ذاته معجزة ،لذلك قلت لكم في أ ّول درس اليوم ،علماء الكالم يصفون الكون و األكوان بالمعجزة .و سنرى ،ألنّه لدينا مبحث في األسماء و الصّفاتّ . ألن الكون نفسه في ح ّد ذاته معجزة ،و غريب ج ّدا و كيف كان هكذا و كيف كان أصال ،و كيف انبثق من العدم إلى الوجود .أكبر معجزة ،ال تُفهم .غير مفهومة بالنّسبة لنا ،غير مفهوم. من قرأ مذ ّكرات الفيلسوف و المف ّكر اإلسالم ّي الكبير علي ع ّزت بيجوفيتش، رحمة هللا عليه ،و اسمها «الهروب إلى الح ّريّة» ،يمكن في خمسة مواضع في كتابه، يقول أكبر سؤال حيّرني ،هو حيّر 'كانط' من قبله و حيّر كبار الفالسفة ،و لست قادرا أن أصل إلى جواب ،طبعا جواب عقل ّي ليس جوابا إيمانيّا ،بسيطا تسليميّا .العقل ال
الثاني :الرّجاءّ ، ال ّدرس ّ الثواب ،اإلخالص و شروط ال ّتكليف
ين يَ ْ ون طلُبُ َ يقول 'شاتو بريان' ،األديب و الفيلسوف الفرنس ّي ،أيّام 'نابليون'" :الّ ِذ َ ول لَهُ ْم لَ ْي َس ْ ت هَ ِذ ِه ال ُم ْع ِج َز ُ ات بِأ َ ْكثَ َر إِ ْع َجا ازا ِم ْن ت أَ ْو يُ ْن ِك ُرونَهَا ،أُ ِحبُّ أَ ْن أَقُ َ ال ُم ْع ِج َزا ِ
يستطيع فهمهّ ، ألن العقل محدود في األخير ،عبد هلل ،عنده حدود ،كالبدن و هو: ان؟" لماذا؟ و كيف؟ صعب ج ّدا ،هذا السّؤال عندما يكون لك عقل ان َما َك َ "لِ َما َذا َك َ فلسف ّي تجده ليس محرجا فقط ،و إنّما مستغلقا .لماذا كان ما كان؟ و ليس هذا فقط، ولماذا كان ما كان على ما كان عليه؟ شيء غير مفهوم. لو تسأل نفسك ،كيف ُو ِج َد هذا العالَم اآلن على ما كان عليه؟ ألوان و طعوم و روائح و مسموعات و مشمومات و خصائ
غريبة ،و طبعا العقل يمكن يعطيك بليون
52
احتمال .كان ِمن الممكن ّ أن ربّنا يخلق ك ّل هذا العالم في حالة ما ّديّة واحدة ،صح؟ حالة غازيّة مثال .ك ّل المخلوقات .و يكون هناك إنس و ّ جن و لكن كلّه غازات، صحيح؟ و بلون واحد ،مضبوط؟ هناك أعجب ِمن هذا .كان يمكن أن يخلقه بال لون، صح أو ال؟ و تخيّل عالَما بدون لون! تفضّل! كيف سيكون؟ شيء غريب .فكيف خلقه؟ لذلك نحن قلنا ،تخصي
الممكنات بوجه من وجوه صفاتها ،زمانا و مكانا و ك ّما
ال ّدرس ال ّثاني :الرّجاء ،ال ّثواب ،اإلخالص و شروط ال ّتكليف
وحاالِ ،من آيات هللا .حين تف ّكر فيها بعمق ،يقشعرّ ،لن أقول شعر بدنك ،شعر قلبك إن جاز التّعبير .تحسّه شيئا غريبا ،هذا الفعل اإلله ّي. فالمؤمن العميق ،يؤمن بهذه الحقائق بعمق بحمد هللا ،تبارك و تعالى ،و يرى يد هللا تفعل في ك ّل صغيرة و كبيرة ،و يؤمن تماما من غير استثناء ،و على الحقيقةّ ، أن هللا خالق ك ّل شيء. طبعا ،ل ّما تشرب ،ال تقل الماء خلق لي ال ّريّ .الماء شيء ،و ال ّر ّ ي شيء ،و أنت شيء ،و هللا عند شرب الماء يخلق فيك ال ّريّ .هو الّذي خلق هذا المعنى ،هو الّذي خلق هذا اإلحساس و ال ّشعور ،و ليس الماء ،هللا ،ع ّز و جلّ .الماء ال يستطيع ،ال يقدر .و النّار ال تحرق .عندما توجد نار و أشياء قابلة ألن يظهر فيها األثر و هللا يخلق األثر عند التقاء النّار بهذه األشياء ،فقط في هذه اللّحظة ،و يقدر أن يفعل العكس ،هللا ،تبارك و تعالى .كيف ذلك؟ ال توجد مشكلة ،مثل ما فعل في الظّاهرة األ ّوليّة ،نفس ال ّشيء .هو الّذي يخلق اآلثار ،و هذا معنى المعجزة .هذا معنى معجزة
،عليه السّالم ،و عيسى و موسى ،و ك ّل األنبياء .معجزاتهم عاديّة َوهُ ْم
كانوا يرونها عاديّة ج ّدا ج ّدا ،األنبياء .عاديّ ،و ليس عندهم مشكلة .و كانوا ليس 53
يؤمنون بها ،بالعكس كانوا يؤمنون بها بطريق الكشف .علم ضرور ّ ي بالنّسبة لألنبياء و ال يحدث فيه ذرّة من ش ّ ك عند النّب ّي ،ألنّه يتعاطى مع هللا بنظريّة عقديّة
أوسع بكثير م ّما يتعاطى مع هللا قِصار اإليمان و ضعفاء اليقين ،يعرف هو أنّه يوجد هللا ،تبارك و تعالى ،رأيتم؟ لذلك الواحد فينا اآلن لو عنده يقين قطعا ،أيّها اإلخوة ،ستحدث له ،ال نقول معاجز، كرامات و خوارق من أعجب ما يكون .و بالنّسبة له لن تكون عجيبة و ال أ ّ ي شيء، عاد ّ ي بالنّسبة له .و بالنّسبة للنّاس ستكون عجيبة ج ّدا ،صح؟ لكن بالنّسبة له ،عاديّ. لماذا؟ درجته في اإليمان تعطيه أن يراها عاديّةّ ، ألن هذا فعل هللا ،يقول لك .نعم لنا معجزة؟ ال .طيّب ،لو إنسان شرب من الهواء هكذا و ارتوى .عجيب! للول ّي غير عجيب ،عاديّّ . ألن عنده الهواء مثل الماء مثل الحجر مثل الصّخر ،إذا أراد هللا يحدث عنده األثر ،نفس ال ّشيء .ال توجد خا ّ صيّة في الماء ،عند األولياء ،وفق هذه النّظريّة ،تميّزه عن الهواء ّ أن هذا يروي و هذا ال يروي .ال ،ال ،ال. لذلك ،أنتم تعرفون قصّة إبراهيم التّيم ّي( ،متوفّى 94هـ) ،أخذ ترابا و حطّه في المخالة و ذهب إلى البيت و قال اطبخوا منه هذا قمح ،و عارف هو ليست عنده أيّة مشكلة ،ما هو القمح؟ يعني القمح لوحده يتح ّول إلى دقيق و يصير خبزا ،ال، حتّى الرّمل يصير ،ال توجد أيّة مشكلة ،نفس ال ّشيء .بالنّسبة له هو ،الرّمل هذا مثل ال ّدقيق و يأكله و يشبع منه .و ِهبَة ال ّدرس أنّك تفهم هذه الظّاهرة ّإال أن تراه قمحا.
الثاني :الرّجاءّ ، ال ّدرس ّ الثواب ،اإلخالص و شروط ال ّتكليف
طبعا ،هللا ،ما المشكلة! يعني ل ّما إنسان يشرب من كوب و يرتوي ،هل هذا بالنّسبة
فصار في أعينهم قمحا و بقى عندهم إلى أن ماتوا ،شيء عجيب ،و زرعوه و أنبت.
ون ِم َن ال َ ْي ِبْ َ ،نن ن ْن ِفق ِم َن األولياء يقولونَ :أنْ ْت ت ْن ِفق َ
بِ .من الهواء يأخذ ال َغ ْي ِ
ويعطي ،ال توجد مشكلة .لماذا؟ ّ ألن عندهم نظريّة اإليمان غريبة ج ّدا ،غير نظريّتنا نحن ،أبدا .كلّما علمت يا عبد هللا ،و كلّما أيقنت بهذه النّظريّة و أنّه فعال هو المتفرّد و هو الخالق لك ّل شيء ،و هو الفاعل وحده دون سائر الفاعلين ،أعطاك ما تريد إذا شاء تبارك و تعالى ،بسهولة ،بدون أ ّ ي مشكلة.
54
كما قلنا غير مرّة ،تشفي المرضى ،بإذن هللا ،هذا معنى من معاني معاجز األنبياء، أشفي المرضى بنفسي بإذن هللا" ،بسم هللا" و انتهى ك ّل شيء .كأنّك تأمر المرض بأمر هللا أن يزول ،و يزول ،ال توجد مشكلة .يزول مرض أعجز األطبّاء عشر سنين ،بلمسة واحدة ،صح أو ال؟ و ح ّدثتكم عن أشياء ،أنا رأيتها بعيني رأسي ،أعجزت األطبّاء فعال ع ّدة سنين ،بلمسة واحدة زالت بحمد هللا ،تبارك و تعالى ،وهللا العظيم .شخ
ما كان عنده ' ِمي ْق َران'
ال ّدرس ال ّثاني :الرّجاء ،ال ّثواب ،اإلخالص و شروط ال ّتكليف
( ،migraineمرض الشّقيقة) ،ح ّدثتكم بهذه القصّة في رمضان الكريم ،لم يترك شيئا، حتّى العلق تداوى به ،و كان شابا ّ و بعد ذلك جاء و توسّم الصّالح في بعض النّاس، و كان في يوم صيام ،و قال له" :باهلل و كذا" ،و بكى ،و هذا ال ّشاب غير مصلّي، المريض بالميقران ،إنسان فاسق و زنى و كذا ،لكن ل ّما بكى انكسر قلب هذا ال ّشاب (الصّالح) ،و قال له ال بأس على بركة هللا ،و وضع يده كذا ،و ِمن تلك اللّمسة و راح بعد ذلك كالمجنون ،و ذهب يحكي لل ّدكاترة و األساتذة في الجامعة ،و الطّبيب الّذي كان يعالجه و يراه .اختفى ك ّل شيءِ ،من مرض يعاني منه منذ فترة طويلة ج ّدا من السّنين ،قدرة هللا .ال ّشاب هذا عنده إيمان باهلل ،كامل مطلق ،يفهم. لكن أنت يجب أن تكون صالحا أن يفعل هللا ،أيضا ،عبرك ،لتكون أنت سببا .كيف سببا؟ بالسّببيّة ال ِعنديّة ،نفس ال ّشيء ،عندك .عند لمستك ،ال بلمستك .لمستك هذه ال تفعل شيئا ،اللّمسة ال تفعل شيئا .لكن عندها ،إظهارا لكرامتك ،عند نفسك و عند اآلخرين و عند هللا ،تبارك و تعالى ،ثابتة ،يحدث هذا األثر .فهذا يترتّب عليها أشياء غريبة ج ّدا ج ّدا. و لذلك أنا أقول لكم ،هناك فِ َرق ِمن المسلمين ال تؤمن بهذه النّظريّات و ال تستوعبها،
55
ُ الحظت عليهم أنّهم ال يحبّون االتّجاه الّذي يس ّمونه التّص ّوف ،و في الحقيقة هذا و قد أفضى بهم إلى ندرة أهل هللا فيهم ،ال تحسّ ّ أن فيهم عددا كبيرا من أولياء هللا ،أصحاب
الكرامات و الخوارق للعادة ،ال يؤمنون بهذه األشياء .نظريّتهم في اإليمان تختلف قليال .و أنت كن صاحب نظريّة ماديّة في الحياة ،و في ك ّل شيء ،سترى كيف ربّنا يعاملك ،وفق نظريّتك. هناك َمن يقول لك« :ال يا أخي ،ك ّل شيء بحسابه ،و ك ّل شيء في حدوده ،و يوجد شطارة ،و يوجد اجتهاد و هناك ذكاء .»..ابقى يا شاطر على هذه الحالة ،سوف ترى كيف ،هللا سيعطيك على قدر شطارتك و اجتهادك و كذا ،أو غير صحيح؟ و واحد كيف هذا يغلبك في أيّام ،و يخلّيك وراءه سنينّ ، ألن هللا يعطيه بحسب ظنّه فيه، تبارك و تعالى. َ َ َ َُْ َ ََ ْ َ َ ا َ ْ ْ َ ي أخرجه اإلمام أنا يعند ظ ين عب يدي يب ،فليظن عب يدي يب ما شاء( .حديث قدس ّ أحمد في مسنده عن عبد الرّحمن بن صخر و هو أبو هريرة،) صح أو ال؟ و هو على ك ّل شيء قدير ،تبارك و تعالى .إذن هذا هو الحكم العاديّ. إذا سألك أحد ماّ ، أن الرّيح إذا هبّت حرّكت أوراق ال ّشجر ،حكم شرع ّي أو عاد ّ ي أو عقل ّي؟ حكم عاديّ ،صحيح؟ و ممكن أن تهبّ الرّيح و ال تحرّك أوراق ال ّشجر. و ح ّدثتكم مرّة ،و هذا ال ّشيء أيضا أكيد ،كيف رمانا هللا و نحن في 'غ ّزة' بالثّلج الكبير ،حجارة ِمن ثلج ،د ّمرت اسبست (نوع مِن المعدن يصنعون به المنازل) ،ود ّمرت
الثاني :الرّجاءّ ، ال ّدرس ّ الثواب ،اإلخالص و شروط ال ّتكليف
ثاني ،ممكن عنده نظريّة أخرى ،لكن يعمل بها ،هذه هي المسألة ،يعمل بها ،و سترى
حتّى ال ّزنك للنّاس ،و قتلت َمن قتلت و عملت فينا بهادل .و كيف جارنا ،بيننا و بينه ّإال ال ّشارع ،فقراء مساكين يُعطون ِمن الصّدقات و ال ّزكوات و بيتهم تقريبا ِمن بين البيوت النّادرة ج ّدا في الثّمانيّات كان مصفوفا بالقرميد ،فهذا البيت حجر صغير يكسره .و كان هناك بيوت اسبست قو ّ ي ج ّدا هذا ،و هناك زنك ،و هناك بيتون ( ،bétonمُحَدَّدٌ فيه حديد) .لكن هؤالء مازالوا بالقرميد المساكين ،يعني هذا بحجر
56
صغير يتكسّر كلّه ،أضعف شيء .ال ّزنك هذا نفسه نزل على النّاس ،البيتون ال ،لم نسمع عنه أ ّ ي شيء .االسبست تكسّرعلينا. فهؤالء بعد ما انتهى ك ّل شيء ،أق ّل ِمن دقيقتين تقريبا ،د ّمر ك ّل شيء ،خرجنا ،و لم نجد ك ّل النّاس خرجوا و يستغيثون باهلل و كذا ،ذهبنا نطرق الباب عليهم ،قلنا لعلّهم ماتوا جميعا .طرقنا فخرجوا علينا يفركون عيونهم ،و قالوا« :ماذا هناك؟» فقلنا: «ماذا؟ ألم تشعروا؟» قالوا« :بماذا؟» قلنا« :بكذا» .قالوا« :ال وهللاِ»« .ألم يتكسّر عندكم ال ّدرس ال ّثاني :الرّجاء ،ال ّثواب ،اإلخالص و شروط ال ّتكليف
شيء؟» لم تنكسر قرميدة واحدة .تفضّل اآلن! َمن الّذي خلق األثر؟ َمن الّذي كسّر بهذا الثّلج؟ الثّلج كسّر أم هللا الّذي خلق التّكسير؟ صح؟ لو الثّلج ل ّما ينزل يكسّرِ ،من المفروض أن يكسّر القرميد و انتهى ،أو غير صحيح؟ نار و قطن ،يحصل احتراق ،صحيح؟ ال غير صحيح ،طبعا .نزل هذا على هذا، ونزل على القرميد و لم يكسر و ال قرميدة واحدة ،و كسر االسبست و كسر كذا، اخترق ال ّزنك .كان حارّا ،ثلجا حارّا .سبحان هللا .ثلج و حا ّر ج ّدا ،شيء غريب. فاستغربنا وهللا العظيم ،كانت آية ِمن آيات هللا .يعني ربّك ،تبارك و تعالى ،أخذ سمعهم فلم يسمعوا صوت ال ّزعيق و ال صوت الضّرب و التّكسير ،أبدا ،نائمون أحلى نوم .و أيضا نفس ال ّشيء ،شاء ّأال يفعل هذا األثرّ ، ألن فاعل األثر ليس الثّلج، هللا ،تبارك و تعالى ،شاء ال.
ا و معروف كم قرميدة مصفوفة على المنزل ،و ال قرميدة ُك ِسرت .ال هلإ إال اهلل .دع
أكبر فيلسوف ما ّد ّ ي يعلّل هذا ال ّشيء ،وهللا العظيم ال يستطيع ،مستحيل ،كيف؟ دع َ ٓ ك ّل الما ّديّين يحلّلون هذا ال ّشيء ،هناك ربّ .و قال تعالىَ ... :ف ُي يص ُ يب بيهيۦ َمن يَشا ُء َ ٓ ََ ۡ ُ ِصف ُهۥ َعن َّمن يَشا ُء ْۖ k S،٢٣ W U وي ي 57
ص َرفَه .لكن هذا عن أ ّمة دون أ ّمة ،عن قرية دون قرية، هذا نصف تعليل ،يقول لكَ ، و ليس عن بيت في معسكر من دون البيوت .فالصّحيح أنّه قطعا وقع عليهم ،لكن لم يكسر شيئا ،وقع و كأنّه ما يقع ،صح؟ هذا هو. تتعذب ،ل ّما تقرأ قصصهم أنّهم ت ّ حتّى النّاس الّتي ّ عذبوا في سبيل هللا و في زنازين وكذا ،تقرأ أشياء مخيفة ج ّدا ج ّدا ،وهللا العظيم .فتقول كيف ثبت هؤالء؟ و آلخر
األشياء و يقولون« :يضربوننا بال ّسياط و يُغمى علينا» ،و هو يرى كأنّه في روضة، شعور جميل ج ّدا ج ّداَ ،من الّذي أعطاه هذا ال ّشعور؟ الضّرب و التّكسير و ضرب األعضاء الجنسيّة يعطي شعورا أنّك في روضات الجنّات؟ هللا ،تبارك و تعالى، طبعا .هو يضرب و أنت ما شاء هللا .و هذا الضّرب يحدث ألما شديدا .ال ،لم يحدث ألما عند هؤالء .هللا ،ع ّز و جلّ ،أكرمهم بهذا الشيء ،و أشياء أغرب ِمن هذا .ممكن إنسان يضع لك ال ّس ّم ليقضي عليك ،هذا ال ّس ّم يتح ّول إلى دواء .إذا كان عندك أمراض و مشاكل ،تشربه بإذن هللا تعافى ،و هو ّ يجن« .أنا وضعت له ال ّس ّم ،ماذا يحدث؟ لم يظهر عليه» .ألنّه تح ّول بعون هللا ،تعالى .أنت تضعه له و هو يتح ّول إلى دواء وأشفية .أنت نظرتك الماديّة القاصرة ّ أن هذا ال ّس ّم من المفروض يقضي عليه، مضبوط أو ال؟ لن يقضي عليه ّإال إذا شاء هللا .قال ( )َ ... :و َما ُهم ب َضآر َ ين بيهيۦ ي ي ۡ َ َ َّ ۡ َّ مين أح ٍد إيَل بيإيذ ين ٱّللۚۡي 2 S،٧٠٤ W U طيّب ،السّحر سبب أو ال؟ سبب .هللا علّق بالسّحر بعض األثر أو لم يعلّق؟ علّق به
الثاني :الرّجاءّ ، ال ّدرس ّ الثواب ،اإلخالص و شروط ال ّتكليف
لحظة و يموتون ،يلفظون آخر أنفاسهم ،و بعد ذلك تقرأ في مذ ّكراتهم و اعترافاتهم: ا «كنت أُ َع َّذب و أنا أشعر كأنّني في روضات الجنّات» .ال هلإ إال اهلل .يكتبون هذه
y
لكن هنا هو يُفهمك ،و هذه النّظريّة العا ّمة ،على فكرة ،ليس استثناءّ . ألن هذه هي النّظريّة العا ّمة الصّحيحةّ ، أن السّحر كغير السّحر ،ال يستطيع أن يفعل أ ّ ي أثر ّإال بإذن هللا ،يعني ّإال إذا أذن هللا ،تبارك و تعالى ،و شاء أن يخلق األثر .إذا شاء أن
58
يخلق األثر ،خلقه ،إذا لم يشأ لم يخلقه .و ك ّل األسباب هكذا .و هللا ،تبارك و تعالى، أعلم. ي ،في الحديث الصّحيح ،ماذا قال :لَ َعَدَ َوى( ،...أخرجه و لذلك النّب ّ
أحمد ،و غيره ،في مسنده عن أنس بن مالك ،)و هذا صعب ج ّدا على األطبّاء أن يفهموها .يقول لك« :كيف ،يا أخي ،ال العدوى؟ ك ّل الطّبّ مبني على مبدأ ي قال ال عدوى» .بالعلم الماد ّ ي القاصر ترى العدوى و الوقاية» .نقول له« :ال ،النّب ّ ال ّدرس ال ّثاني :الرّجاء ،ال ّثواب ،اإلخالص و شروط ال ّتكليف
أنّه توجد عدوى ،أو غير صحيح؟ و هناك أشياء تكراريّة ،استقرائيّة .النّب ّي قال لك: «ال» .كلّه في األخير بإرادة هللا .أراد هللا أن يخلق عند مالقاة هذا بهذا الظّاهرة .يعني هناك حاالت معيّنة ،يقال لك« :لم تحصل عدوى ،المناعة قويّة» .و يبقى يتفلسف ،ال توجد أ ّ ي عالقة .أحيانا ال توجد أيّة عالقة ،أبدا .مضبوط أو ال؟ النّب ّي ل ّما أخذ يد المجذوم ،و وضعها في القصعة ،و الجذام مرض معدي مباشرة، ي قال ،لكي ال يحصل عند النّاس ش ّ اركَََالَسَدَ( ،رواه ذُومََفََر َ ك :فَرَََالمََِّ َ والنّب ّ ابن أبي شيبة و أحمد و غيرهما عن أبي هريرة .)ألنّه ليس ك ّل النّاس قادرين على استيعاب هذه النّظريّة في العقيدة ،و يفهموها فهما جيّدا ،ال يملكون
هذا اليقين .هل ك ّل النّاس عندهم يقين
و يقين أبو بكر ال ّ ص ّديق أو يقين
عل ّي و عمر؟ مستحيل .ليس ك ّل النّاس. فلو أحد ذهب إلى هذا المجذوم و النّب ّي قال ال عدوى ،يبقى في ال ّش ّ ك و يمكن يكفر. فالنّب ّي أعطاهم ع ّدتهم ،أنتم ال .الجذام هذا مرض معدي فرّوا منه .لكن هو أخذ يد المجذوم و وضعها في القصعة و قال له ُكلْ ثقةا باسم هللا و ثقة باهلل و تو ّكل على هللا. و أكل معه ِمن نفس القصعة ،و لم يحصل أ ّ ي شيء .ألنّه عارف أنّه ال عدوى في
59
ضني في اللّحظة الّتي يريدها .و هذه عنديّات األخير .إذا هللا يريد أن ي ُمرضني يُمر ُ َ و ليست أسباب حقيقيّة ،أسباب فقط ظاهريّة .موضوع طويل على ك ّل حال.
طيّب ،نختم بالحكم العقل ّي فقط بالتّعريف دون شرحه .أخذنا الحكم ال ّشرع ّي و الحكم العاديّ .ما هو الحكم العقل ّي؟ مثل الحكم العاد ّ ي باستثناء بسيط .اثبات شيء لشيء أو نفيه عنه من غير توقّف على تكرار .واضح؟ و ينقسم إلى ثالثة أقسام .اثبات شيء لشيء أو نفي شيء عن شيء إ ّما أن يكون واجبا و إ ّما أن يكون مستحيال و إ ّما أن يكون جائزا و ك ّل منها ينقسم إلى قسمين؛ لذاته و لغيره أو ضرور ّ ي و نظريّ. أقول قولي هذا و أستغفر هللا لي و لكم.
الثاني :الرّجاءّ ، ال ّدرس ّ الثواب ،اإلخالص و شروط ال ّتكليف
شرح هذه المصطلحات ،إن شاء هللا ،في ال ّدرس المقبل بعون هللا ،تبارك و تعالى.
60
تفضّل يا أخي ،هل كان عندك سؤال أو جاءك الجواب؟ طيّب .هل عندكم أ ّ ي استفسار ي شيء عن هذه المواضيع ،لكن بسرعة ،و تكون أسئلة عاديّة؟ أ ّ أ ّ ي شيء غير ال ّدرس ال ّثاني :الرّجاء ،ال ّثواب ،اإلخالص و شروط ال ّتكليف
واضح .تفضّل أخ إبراهيم.
َُۡ َ َ ُ ُ َ ٗ وِن بَ ۡردا َو َسل َٰ ًما ك (األخ إبراهيم)« :في آية سيّدنا إبراهيم :)6( قلنا يَٰنار ي ََ لَع إبۡ َرَٰه َ ٰٓ ييم .e S،١٩ W ماذا لو لم يقل لها أ ّ ي حاجة؟» ي (الشّيخ)« :نعم ،معروف .هذه حجّة اآلخرين ،و أنا ذكرت هذا الكالم في درس سابق؛ َُۡ َ َ ُ ُ ٗ أقوى حجّة للمذهب المخالف ،هي هذه اآليةّ ، وِن بَ ۡردا ك أن هللا قال :قلنا يَٰنار ي لَع إبۡ َرَٰه َ َو َس َل َٰ ًما َ َ يٰٓ ييم .فلو لم تكن النّار محرقة في ذاتها ،فما معنى أن يقول لها كوني ي و ابن القيّم، بردا و سالما؟ و هذه كما قلنا أقوى حجّة ،كما قال األلوس ّ لكن أيضا عنها جواب ،و أجبنا عنه مرّة نحن ،تقريبا ليس في رمضان الفائت ،المه ّم أجبنا .فمن يذكر الجواب؟» (أحد اإلخوة)« :خا ّ صيّة اإلحراق في النّار أساسيّة». (الشّيخ)« :ال ،انتبه! نحن قلنا نرفض القول بالخا ّ صيّة ،يعني بالق ّوة المو َد َعة .هي ال صيّة اإلحراق ،بالعكس ،اإلحراق أثر ْ يوجد فيها خا ّ يخلُقُه هللا عند مالقاة النّار لما سبق في الوهم أنّه يحترق بها بالتّكرار ،هكذا التّعبير العلم ّي ال ّدقيق. َۡٗ َ َ َ ً ََ َُۡ َ َ ُ ُ لَع إبۡ َرَٰه َ ٰٓ َٰ ييم .يعني ّ أن النّار في حقيقتها ا م ل س و ا د ر ب وِن ك ي ل ّما هللا يقول :قلنا يَٰنار ي
61
ليست بردا و ال سالما ،إذن فيها ما يفعل ذلك ،كيف الجواب عن هذا؟»
(أحد اإلخوة)« :قبل هذا قال لها كوني محرقة».
(الشّيخ)« :ال ،انتبه! اآلن ،الفرض في هذه النّظريّة في العقيدة ّ أن النّار ال تحرق ،وأ ّن الماء ال يروي ،و ّ أن الماء ال يغرق ،أبدا .و إنّما يخلق هللا ،تبارك و تعالى ،الغرق و ال ّر ّ ي و اإلحراق عند مالقاة ما ُس ِّم َي بأسباب و مسبّبات». (أحد اإلخوة)« :هو هللا ،سبحانه و تعالى ،قلنا في األصل أنّه يأمر النّار أن تسبّب السّبب الّذي هو سبب اإلحراق»... (الشّيخ)« :ال ،هل نحن قلنا هذا؟ انتبه! قلنا ،هللا يخلق .اآلن إذا كان عندنا قطن و نار واإلحراق ،و في الحقيقة حسب نظريّتنا هي ثالثة أشياء منفصلة؛ اإلحراق ليس خا ّ صيّة في النّار ،ليس شيئا مو َد اعا في النّار ،و دائما ال ب ّد أن يظهر عند مالقاة ما ينفعل به ،ال أبدا .لكن عند لقاء القطن بالنّار ،ما الّذي يحدث؟ يخلق هللا ،ع ّز و جلّ، االحتراق في القطن ،واضح! هذا االحتراق ،على فكرة ،يمكن يحدث من غير نار. لو أتيت بالقطن و ضغطّته ضغطا شديدا ج ّدا ج ّدا ،و له تعليل فيزيائي ،يمكن يحدث شرر و يحترق .المستشفيات ،الكهرباء االستيكيّة الّتي باآلالت الخضر ،أحيانا باالحتكاك و يصير فيها تفريغ ،يحترق المستشفى كلّه و من دون نار .إذن هللا خلق، أيضا ،اإلحراق و االحتراق من غير النّار الّتي نراها بأعيننا .فلح ّد اآلن لم تجيبوا َۡٗ َ َ َ ً ََ َُۡ َ َ ُ ُ لَع إبۡ َرَٰه َ ٰٓ َٰ ييم .كوني، ا م ل س و ا د ر ب وِن ك عن ال ّشبهة .ل ّما هللا يقول :قلنا يَٰنار ي ي
الثاني :الرّجاءّ ، ال ّدرس ّ الثواب ،اإلخالص و شروط ال ّتكليف
و انفعال القطن بالنّار و لكنّه غير حقيق ّي ،لدينا ثالث أشياء .عندنا النّار و القطن
خاطبُها .ما معنى ذلك؟» يُ ِ
(أحد اإلخوة)« :أمرها باإلحراق». (الشّيخ)« :هل هللا يأمرها باإلحراق أو يخلق اإلحراق؟ انتبهوا! و على فكرة ،النّار أصال لها سلسلة توصيفات ،كيف تتك ّون .ك ّل الظّواهر الكونيّة بهذه الطّريقة .إ َذ ْن، هللا يخلق النّار و خلق القطن و خلق هذه الظّاهرة عند التقاء القطن بالنّار ،هو خلقها و ليس أنّه أبرزها من النّار ألنّه أودعها في النّار ،و هذه النّظريّة الثّانية الّتي نحن
62
ض ّدها ،اسمها نظريّة الق ّوة المو َد َعة؛ ّ أن الماء فيه ق ّوة الرِّ يِّ و ق ّوة اإلغراق ،و النّار فيها ق ّوة اإلحراق و التّدفئة و هكذا .أهل ال ّسنّة ض ّد هذه النّظريّة». (أحد اإلخوة)« :عندما توجد ما ّدة و النّار فيحدث احتراق ،يقول لها هللا ،كوني حارقة و في اآلية كوني بردا و سالما ،يعني يوجد أمر إله ّي للنّار أن تكون حارقة»... (الشّيخ)« :يعني ،اسم فاعل؟ حارقة». (األخ السّابق)« :نعم .النّار تتسبّب عند التقائها مع القطن أن تكون نارا حارقة»... ال ّدرس ال ّثاني :الرّجاء ،ال ّثواب ،اإلخالص و شروط ال ّتكليف
(الشّيخ)« :نعم ،واصل بدأت تصل إلى الجواب السّليم .كيف؟» (األخ السّابق)« :بأمر كن فيكون ،كوني»... (الشّيخ)« :كيف حارقة هي ،اآلن؟ ما معنى ّ أن النّار حارقة؟» (األخ السّابق)« :عند التقائها»... (الشّيخ)« :معناها اآلن ،أنت تقريبا أصبت الجواب ،كما ذكرناه قبل ذلك ،أنّه هناك فرق بين أن تلتقي النّار بالقطن و بين أن يلتقي الماء بالقطن .هناك فرق عمل ّي ،نراه ك ّل يوم هذا ،نراه من مليون سنة و سوف يبقى تقريبا ،أو غير صحيح؟ أنّه كلّما التقى الماء بالقطن يحدث التّبليل و نقصان الحجم ،و كلّما التقت النّار بالقطن يحدث شيء مختلف ،هذا موجود مذ خلق هللا هذه األشياء ،صحيح .طيّب». إن النّار محرقة و ّ اآلن ،هذا يسمح لإلنسان أن يقول مثال في لغته المجازيّة ّ إن الماء إن المطر ،مثال ،مخرج لل ّزرع ،في اللّغة ،و ّ يروي و ّ إن الرّبيع ينبت البقل ،كما يقول العرب؛ 'أَ ْنبَ َ ت ال َّربِي ُع البَ ْق َل' .و حتّى في اللّغة ال ّشرعيّة هذا مستَخ َدم ،انتبه! سوف تجد آيات قرآنيّة و أحاديث نبويّة و ِمن كالم العلماء و الفقهاء و الصّالحين والصّحابة ،ما ال يع ّد و ال يحصى يؤ ّكد أنّنا نستخدم هذه اللّغة.
63
ت» .مثال .أو «أَ ْشبَ َعنِي َما َش ِر ْب ُ ت فَ َشبِ ْع ُ هذه اللّغة موجودة ،انتبه! ل ّما تقول« :أَ َك ْل ُ ت». جائز ،و أنت غير ُم ْش ِرك ،صح أو ال؟ لكن هل هذه اللّغة ،لغة فلسفيّة؟ لغة تحاول أن توصّف الحقيقة بدقّة؟ أم أنّها لغة مجازيّة تقوم على الحسّ المشترك؟ لو تذكرون ،قمنا بمحاضرة مط ّولة ،عن حركة األرض و حركة ال ّشمس و موضوع الّيل و النّهار و كذا ،كانت محاضرة فلسفيّة مه ّمة ج ّدا ج ّدا .و قلنا الصّحيحّ ، أن القرآن ،أيّها اإلخوة ،يتبنّى لغة الحسّ المشترك .تبنّاها القرآن الكريم ،و 'ال حرج ّ ألن لغة ( ،Common senseكومن سانس) ،أو الحسّ المشترك ،كبار الفالسفة يتبنّونها ،كبار العلماء يتبنّونها. أعطيكم مثاال ،هذا جواب دقيق؛ لو تسأل عالِ اما فَلَ ِكيّاا ،عن ظاهرة ال ّشروق والغروب، كيف سيفسّرها لك؟ أنّها ناشئة عن حركة األرض حول محورها قبالة ال ّشمس على محور وهم ّي ،°32،5صحيح؟ أ ّ ي عالم فلك ّي عنده هذه البَ َد ِهيَّات من أيّام 'كوبرنيكوس' ،طيّب .لكن هذا العالم نفسه ،ماذا يقول« :أشرقت ال ّشمس و غابت ال ّشمس» .و في كتب الفلك 'ظاهرة شروق ال ّشمس'' ،ظاهرة غروب ال ّشمس' ،أو غير صحيح؟ و ال يوجد عالم فيزيائ ّي في ال ّدنيا كلّها ،يقول« :سوف أُ ْن ِهي محاضرتي المسائيّة عندما تدور األرض °32حول محورها الوهم ّي في مقابلة ال ّشمس» .ال يوجد أحد يتح ّدث بهذه الطّريقة ،مضبوط أو ال؟ و سوف يصبح هُ ُز اوا بين النّاس.
الثاني :الرّجاءّ ، ال ّدرس ّ الثواب ،اإلخالص و شروط ال ّتكليف
عليه' أن يتبنّاها ،و بالعكس ،و لو لم يَتَبَنَّهَا ،لَ َما أَ ْم َك َن فَ ْه ُمه أصال ،و لَ َكفَ َر به النّاس.
لغة الحسّ المشترك ،لغة مطروقَة و مستخ َد َمة ،عند الفالسفة و عند العلماء و عند ال ّشرعيّين ،و رسول هللا استخدمها ،و نحن استخدمناها ،لكن القرآن حين استخدمها، استخدمها ،ال نقول بذكاء أستغفر هللا العظيم ،بحكمة دقيقة غريبة ،كما رأينا اليوم. َۡ َ َ َ َ َ َُۡ ُ ني َح َيئة حتّى في ظاهرة الغروب و ال ّشروق ،ماذا قال لك... :وجدها تغرب يِف ع ٍ .Y S،٨١ W Uاُنظر قال؛ ' َو َج َدهَا' .اُنظر إلى ال ّدقّة العجيبة ،لم يقل
64
و هي تغرب في عين حمأة .لو قال عن ال ّشمس ،هي تغرب ،وقعنا في مشكلة كبيرة، ّ أن ال ّشمس تتحرّك حقيقة ،صح أو ال؟ لكن قالَ ' :و َج َدهَا' .ما َو َج َدها يعني؟ و قال َ َ َّ َ أيضا ،في نفس السّورةَ :وت َرى ٱلش ۡم َس إيذا َطل َعت ،Y S،٧١ W U ' َو تَ َرى' .أنت تراها ل ّما تطلع ،لكن هل هي تطلع فعال ،أَ ِم األرض هي الّتي تتحرّك حولها؟ لكن لو هللا قال ،األرض تتحرّك حول ال ّشمس ،لَ َكفَ َر ربّما بعض المسلمين. سيقال مستحيل .لماذا؟ الحسّ المشترك و المعرفة العاديّة الطّبيعيّة البَ َد ِهيَّة اليوميّة، ال ّدرس ال ّثاني :الرّجاء ،ال ّثواب ،اإلخالص و شروط ال ّتكليف
أن ال ّ بأن األرض هي الثّابتة و ّ تقضي على جميع النّاس أن يقولوا ّ شمس (هي الّتي تتحرّك) مضبوط أو ال؟ حركة الكواكب ،اآلن في علم الفلك ،على فكرة ،اقرأ أ ّ ي مرجع في علم '( ،astronomyاألسترونومي' ،علم الفلك) ،ماذا تجد؟ الحركة الظّاهريّة و الحركة الحقيقيّة .هناك حركة ظاهريّة ،يا أخي ،الّتي تراها العين ،و بالعكس علماء الفلسفة و المنطق و حتّى علماء الكالم ،قالواِ « :من مصادر العلم الضّروريّ ،المشاهدة» .ل ّما يوجبُ علما ضروريّا .و مكابرة العلم الضّرور ّ ي تو ِجب الحكم تشاهد شيئا بعينيكِ ، بالجنون على اإلنسان .علم ضروريّ ،يا أخي. حين تشاهد ،سترى ّ أن الكواكب تتحرّك ،و ال ّشمس تتحرّك ،و األرض ثابتة ال تحسّ ي حركة .فلو جاء القرآن و أعطانا الحقيقة ّ لها بأ ّ أن األرض متحرّكة و ال ّشمس ثابتة ّ لكذب به النّاس .لكن في نفس الوقت ،لم يقرّر ،بلغة الحسّ المشترك ،لغة المنطق الطّبيع ّي يس ّمونها ،دون أن يعطيك إشارة استثنائيّة دقيقة ج ّدا .ل ّما قالَ ' ،و تَ َرى' ،أنت تراها هكذاَ ' .و َج َدهَا' ،لم يقل و هي تغرب .دقّة غريبة ج ّدا .و في مواضع أخرى ماذا َُل ََ َۡ َ ُ َ ون .8 S،٢٠ W فهّمك ّ أن األرض تسبح، قال لك... :وك يِف فلك يسبٗ
65
أو غير صحيح؟
إذن المق ّدمة الصّحيحة ،الجواب هنا ،انتبهوا! في اللّغة ال ّشرعيّة كما اللّغة العلميّة والفلسفيّة ،كما اللّغة العاديّة ،ينزل المتواضعون و ال ُمصْ طَلِحون و المتكلّمون وأصحاب األعراف اللّغويّة و االصطالحيّة على ماذا؟ على لغة الحسّ المشترك. فال بأس أن تقول« :أنبت الرّبيع البقل».
أن هللا قالَ :ءأَ ُ نت ۡم تَ ۡز َر ُعونَ ُهۥٓ أن َمن قال هذا لم يكفر .مع ّ و قد حكى العلماء باإلجماع ّ َ ۡ َ ۡ ُ َّ َٰ ُ َ أم َنن ٱلزريعون .m S،١٢ W عجيب! هللا يقول هكذا و أنت تقول هكذا؟
«أَنبت الرّبيع البقل» .تقول له« :فعال ،هل أنت تعتقد ّ أن هذا الماء هو الّذي أنبت هذا ال ّزرع أم ّ أن هللا هو الّذي أنبته؟» يقول لك« :هللا ،ع ّز و ج ّل» .تقول له« :طيّب ،لماذا قلت هكذا؟» يقول لك« :هذه أسباب». و هنا يختلف أهل الملّة .هناك من يقول أنّها أسباب ليس لها أ ّ ي تأثير أبدا ،مجرّد مسألة اقترانيّة .و هناك من يقول لك« :ال ،هللا خلق فيها خا ّ صيّة كذا ،كذا .و هو يأذن لها أن تعمل ،و إذا شاء عدمها هذه الخا ّ صيّة .يقول لها :قفي .تقف» .هل تستطيع أن تُ َكفِّر هذا ال ّشخ
؟ على فكرة ،هناك علماء ،و لألسف و منهم صاحب «الجوهرة»،
كفّروا َمن قال بهذا ،و بعضهم اعتبرها بدعة و ضاللة .هذا غير صواب .أنا ال أقول ال بدعة و ال ضاللة ،بالعكس ،و األمر اجتهاد ّ ي و قابل .لكن َمن أَ ْد َخ ُل في التّوحيد
الثاني :الرّجاءّ ، ال ّدرس ّ الثواب ،اإلخالص و شروط ال ّتكليف
نعم هذه لغة مجازيّة ،لغة ظاهريّة ،لغة الحسّ المشترك ،لكن لو سألت من يقول؛
و تنزيه هللا؟ المذهب األ ّولّ . أن الفعل مباشرة هو فعل هللا ،تبارك و تعالى. إذن ل ّما نقول« :النّار محرقة» .ال بأس ،هذه لغة المنطق البَ َد ِه ّي ،الحسّ المشترك. صيّة الزمة فيها؟ أم ّ لكن كيف تحرق؟ هل تحرق بذاتها؟ هل تحرق بخا ّ أن هللا يخلق عندها ،ال عند غيرها .بماذا يمتاز الماء عن النّار؟ ال يمتاز عند أهل المعرفة والحقيقة باهلل .لذلك ،الرّسول ،سنعطي دليال قويّا ،في المعركة ل ّما انقطع سيف ُ ع َّكا َشة،
ماذا فعل النّب ّي ، (
)؟ أخذ ِج ْذ اال ،قطعه من شجرة ،قال له :خذ ،قاتل به .فتح ّول،
66
ما شاء هللا ،سيفا صليبا .هللا أكبر .عند النّب ّي ،ال يوجد فرق ،بين شجرة ،بين غصن و بين حديدة. (اعتراض بعض اإلخوة على تحوّل الجذل إلى سيف)
ال ،ال .أنت اُترك أكبر فيلسوف ماد ّ ي يفهم هذا ال ّشيء ،ال يفهمه .أو تح ّول عصى موسى إلى حيّة ،يقول لك« :هذا مستحيل و خرافات المتديّنين» .تعرف لماذا؟ ألنّه عند الما ّديّين أو عند الطّبيعيّين ،ك ّل شيء له خصائ
ثابتة تميّزه تميّزا حقيقيّا،
ال ّدرس ال ّثاني :الرّجاء ،ال ّثواب ،اإلخالص و شروط ال ّتكليف
وعند ال ُم َكا َشفِين و األنبياء و المرسلين ،و أهل هللا ،تبارك و تعالى ،التّميّز يكون بتد ّخل القدرة و الفاعليّة اإللهيّة. و لذلك ،إذا تد ّخلت الفاعليّة اإللهيّة تجعل فعل هذه الخشبة فعلها فعل الحديد ،فعل السّيف ،و هي في الحقيقة ال تملك هذه الفاعليّة ،و ّ ألن السّيف في الحقيقة ال يملك فاعليّة أنّه يقطع و يقتل حتّى .لكن هللا يخلق ِع ْن َدهُ َال بِ ِه ،و هذا معنى السّببيّة ،سببيّة عنديّة ال سببيّة حقيقيّة ،يخلق عنده هذه األشياء. و إيتي بواحد ،غير نب ّي و غير رسول و غير ول ّي ،يفعل هذه األشياء ،ال يستطيع، ّ ألن هللا ال يأذن بإكرامه ألنّه هو نفسه غير معتقد بهذه الحقيقة ،و هذه الكرامات فرع االعتقاد ،... ،فَلْيَ ُظن َعبْ يدي ب َما َش َ اء( .سبق تخريجه) .يعطيك على قدر ي حرم .لذلك قيل "اال ْعتِ َراضُ ِحرْ َمان" .تعترض لن تُعطى. اعتقادك .ال تعتقد تُ َ فإذن ،تميّز هذه األشياء في نظر اإلله ّي ،ليس تميّزا بذاتها و ال بخواصّها ،أبدا .تميّز بما يتد ّخل هللا به .يعني ل ّما تقول لي« :ما الفرق بين لقاء النّار بالقطن ،و لقاء الماء بالقطن؟ «ماذا نقول؟»
67
الفرق ،الفعل الّذي يتد ّخل به هللا ،األثر الّذي يُحْ ِدثُه هللا .شاءت حكمة هللا ،تبارك وتعالى ،في معظم األحوال ،تستطيع أن تقول كلّها ّإال ما استُ ْثني ،أنّه عند لقاء النّار
بما ينفعل بها ،و هذه لغة مجازيّة 'ينفعل' ،ال يوجد 'ينفعل' ألنّه ال ينفعل بالنّار ،ينفعل باألثر اإلله ّي ،صح؟ عند لقاء النّار ،لِنَقُل بأشياء مخصوصة لنكون دقيقين ،هي الّتي تعبّر عنها بلغة مجازيّة بأنّها تنفعل باإلحراق ،فيحدث فعل االحتراق ،فاعل و انفعال و هكذا .هللا يخلق االحتراق ،تبارك وتعالى .عند الماء يخلق شيئا آخر؛ اإلغراق ،الكذا ،الكذا، البلل ،التّبليل ،هذا هو التّميّز .لكن ال تميّز لها في ذاتها .أ ّما إذا قلت ّ إن فيها خا ّ صيّة قد يقال« :من الّذي أودع الخا ّ صيّة؟» هللا ،تبارك و تعالى ،صحيح .لكن هناك فعل مباشر و فعل غير مباشر .ل ّما تكون الخا ّ صيّة موجودة فيها ،يكون فعل هللا غير مباشر ،عبر وسائط و أسباب تفعل بما أودع هللا فيها ،فتطول السّلسلة و تتعطّل قدرة ّ هللا نوع تعطّل .لكن ل ّما يكون هللا ّ الخالق العليم خالق ،الّذي يخلق في ك ّل لحظة، وقيّوم السّماوات و األرضين ،النّظريّة متكاملة كلّها. ما معنى قيّوم؟ يعني ،ك ّل شيء يقوم به ،ال يوجد شيء يقوم بنفسه ،صح أو ال؟ ك ّل شيء ،حتّى هذه النّار ال تقوم بنفسها ،حتّى اإلحراق ،و حتّى القطن ،ك ّل شيء به، وتد ّخل هللا مستمرّ ،صح أو ال؟ أنت تقول« :هللا أعطاني خا ّ صيّة الحياة» .ال ،ال، ص ّدقني ال ،ليس أنّه أعطاك خا ّ صيّة الحياة ،و هذا تعبير بعيد عن نظريّتنا هذه .هللا،
الثاني :الرّجاءّ ، ال ّدرس ّ الثواب ،اإلخالص و شروط ال ّتكليف
مو َد َعة ،فيكون ،هنا ،التّميّز بالخا ّ صيّة المو َد َعة ،ال بفعل هللا المباشر ،انتبه!
ع ّز و جلّ ،هو الّذي يحيي و يميت ،هللا يحييك و يميتك في ك ّل آن .و هذه يس ّمونها نظريّة الخلق المستمرّ ،و قال بها كثير ج ّدا من علماء المسلمين ،و منهم حتّى ابن حزم .الخلق المستمرّ ،في ك ّل لحظة. و لذلك؛ نِ ْع َمتَا ِن َال يَ ْخ ُر ُج َع ْنهُ َما َم ْو ُجود ،يقول عبد هللا السّكندري ،نِ ْع َمةُ أن هناك شيئا اسمه ظاهرة الحياةّ ، اإل ْم َدا ِد .فال تقل ّ أن هللا أعطاني اإل َ يجا ِد َو نِ ْع َمةُ ِ ِ الظّاهرة ،سكبها ف ّي و سيّبها تفعل ،مثل 'أرسطو' ،خلق الكون و تركه يرتّب حاله،
68
ال ،بالعكس ،هللا يوجد فيك الحياة في ك ّل آن ،و لو انقطع مدده لحظة واحدة عن َ َۡ ُ ُُ َ ل ََ َ ل ۡ الوجود كلّه ،و لذلكَ... :ل تأخذهۥ يسنة وَل نوم ۚۡ .2 S،٤٥٥ W U لو كان الوجود فيه خواصّ ،ما شاء هللا ،خا ّ صيّة اسمها الجاذبيّة ،و اسمها الحياة، واسمها اإلحراق ،و اسمها االنجذاب ،و االحتراق ،و االنفعال .لو هللا أخذته سنة من الذاتيّة؟ ال ،ليس بخواصّه ّ نوم ،الكون سيسيّر حاله بخواصّه ّ الذاتيّة ،بفعل هللا ،بقدرة هللا ،بآثار هللا الّتي يحدثها في ك ّل لحظة في ك ّل أنحاء الوجودّ ، ألن هذا الوجود ظ ّل ال ّدرس ال ّثاني :الرّجاء ،ال ّثواب ،اإلخالص و شروط ال ّتكليف
لقدرة هللا ،ظ ّل لصفات هللا. اُنظر مثال ،هذا الظّ ّل حادث بسبب القلم ،و هلل المثل األعلى ،لو حذفنا القلم يبقى الظلّ؟ ال يبقى ،مستحيل ،صح أو ال؟ نقدر أن نقول ،و هذا تعبير تشبيه ّي ،وجود القلم وجود أقوى بكثير و آصل ،يعني أكثر أصالة ،من وجود الظّلّ ،صحيح؟ إذا ُو ِج َد القلم ُو ِج َد الظّلّ ،لكن ليس إذا ُع ِدم القلم وجد الظّ ّل و لو للحظة ،و لو للحظة، ينتهي ك ّل شيء. و َمن المحتاج للثّاني؟ الظّ ّل محتاج للقلم أو القلم محتاج للظّلّ؟ ال ،الظّ ّل محتاج للقلم، صحيح؟ هو الزمه ،و هكذا الكون كلّه بإزاء هللا ،تبارك و تعالى .لذلك ال توجد إمكانيّة أن تأخذه ِسنَة ِم ْن نَ ْوم .لو تأخذه سنة من نوم ،ك ّل هذا الكون يلفّه العدم ،كلّه؛ اواته ،بأرضه ،يصير ال شيء ،و ال شيء .ليس أنّه يُ َد َّمر و يَحْ تَ ِرق. بإ ِ ْن ِسه ،بِ ِجنِّه ،ب َس َم َ ال شيء ،يختفي .مثل ما يختفي الظّ ّل في لحظة إذا اختفى الجسم .فالوجود الحقيق ّي للكون هو وجود ظّلّي ،فال تستطيع أن تقول لي« :توجد خواصّ و أودع في األشياء خواصّ و تفعل بذاتها ،صحيح هللا هو الّذي خلق الخواصّ »... ال ،ال ،ليس هكذا .النّظريّة األكثر أصالة هي نظريّتنا.
69
و هذه اللّغةّ ، أن النّار محرقة ،و يا نار ال تحرقي ،و يا َسبُع ال تأكل ،و يا كذا ال تفترس ،كلّه مجازات إلى اللّغة المجازيّة ،الّتي يفهمها النّاس .لغة الحسّ المشترك.
لكن هذه اللّغة المجازيّة ،يمكن ،كما قلنا ،أن نتع ّمق بها و نسبر أغوارها .يعني ،هي في ح ّد ذاتها غير قادرة على وصف الحقيقة وصفا نهائيّا ،أبدا .هي أضعف ِمن ذلك، ألنّها لغة يشترك فيها ك ّل البشر. على فكرة ،النّظريّة الّتي شرحناها اليوم ،اآلن أنتم استوعبتموها و يمكن بعضكم استوعبها أعمق من بعض ،و يمكن بعضكم مازال لم يستوعبها .هل تعتقدون ّ أن العوا ّم ،حتّى عوا ّم المسلمين ،يستطيعون استيعابها ببساطة؟ صعب ج ّدا ،ال يمكن أن وخاصّة كبار الس ّّن .لن يفهم ،يمكن يلحد ،يمكن ال يفهم ما تحكيه أصال ،صح أو ال؟ ابن القيّم ،العقل الكبير ،أحصى ألف آية اعتبرها أنّها ض ّد هذه النّظريّة ،و قال هناك ألف آية في كتاب هللا تؤ ّكد األسباب و فاعليّة األسباب. و لذلك القرآن ،من رحمة هللا ،ع ّز و جلّ ،فيه آيات ،يعني طبعا ،نحن أتينا بآيات وهي بالمئات ،تؤ ّكد ما نقول .إذن ما الّذي يحدث هنا؟ هناك مستويات .القرآن نفسه. طبعا ،بال ش ّ ك .هذا (القرآن) للجميع؛ للفيلسوف و للعام ّي و للرّسول نفسه .يعني، الرّسول ،قطعا ،ما يأخذه من كتاب هللا ال يأخذه أحد من ك ّل البشر ،مستحيل .و ما يأخذه األولياء ،و ح ّدثتكم عن رجل صالح أعرفه شخصيّا و ال يزال حيّا أكرمه هللا، شيء غريب ،يا أخي؛ يفتح كتاب هللا هكذا ،يقرأ فيما نقرأه نحن ،أقسم باهلل أنا أشهد
الثاني :الرّجاءّ ، ال ّدرس ّ الثواب ،اإلخالص و شروط ال ّتكليف
أغامر و أحكيها في خطبة ُج َم ِعيَّة ،مثال .مستحيل تحكيها لك ّل النّاس .صعب ج ّدا،
باهلل هذا الرّجل ،مع أنّني شخصيّا ّ كذبت ألنّني دائما عندي الش ّ ك و الظّ ّن ال أص ّدق بسهولة .فيفتح المصحف و يقول« :أنت تف ّكر في كذا ،و أنت تتمنّى كذا» .قلت« :ما هذا؟ أ يعلم الغيب من كتاب هللا؟ ما هذه الق ّ صة؟» و أنا في الصّالة اعتبرت أنّه كالم غير صحيح و كذا و كذا ،المه ّم و ف ّكرت في أشياء دنيويّة في االمتحانات و الجغرافيا و كذا ،في تلك األيّام ،و قلت لو األستاذ يعطيني العالمة الفالنيّة في الجغرافيا سأكون األ ّول في المدرسة .ث ّم ذهبت إليه و قلت« :طيّب ،انظر ما عندي» .فضحك .قال لي:
70
ك» .قلت له« :ال ،أعوذ باهلل ،كيف و أنت رجل كذا» .قال لي« :أنت تش ّ «أنت تش ّ ك». قلت له« :ال ،ال »...خجلت .ث ّم فتح ،و استشار كتاب هللا ،تبارك و تعالى ،و قال: «طبعا ،يصلّي أحدهم ،و يغفل في صالته و يقول لو ّ أن األستاذ أعطاني كذا كذا سأكون األ ّول في المدرسة». قسما باهلل ،أنا جننت .جلسنا و قلت له« :أريد أن أفهم ،كيف؟» قال لي« :رأيت ك ّل هذه ي ،و تفسير الرّازي ،و كذا ،هذه كلّها الكتب الّتي عندك ،تفسير األلوس ّ ال ّدرس ال ّثاني :الرّجاء ،ال ّثواب ،اإلخالص و شروط ال ّتكليف
تفاسير؟» قلت له« :نعم ،هذه كلّها تفاسير كتاب هللا» .قال لي« :هل واحد من هؤالء أو أنت لو تقرؤها كلّها و تحفظها ،تستطيع أن تعرف أشياء كثيرة ،إ ّما يتعلّق بك ،أو يتعلّق بي ،أو يتعلّق بهذا المنزل» .قلت له« :ما دخل القرآن في هذا؟» قال لي« :ال. القرآن له دخل .فيه ك ّل شيءَّ ... ،ما فَ َّر ۡط َنا يِف ٱلۡك َيتَٰب مين َ ۡ َشء W U ي .A S،٣٨لكن ك ّل فهمكم هذا فهم للقشور». وصح ،ل ّما يقول (َّ ... :)ما فَ َّر ۡط َنا يِف ٱلۡك َيتَٰب مين َ ۡ َشء . Uابن عبّاس ي
ب هللاِ .ابن عبّاس ماذا كان يقول :لَ ْو َ ضا َع لِي ُعقَا ُل بَ ِعير لَ َو َج ْدتُهُ فِي ِكتَا ِ ال يأتي فقط بشعر و كذا ،ال. فهذا الكتاب على طبقات ،صحيح؟ أنا مرّة ،قبل هذا بعشرين سنة ،استغربت ،قرأت أل ّول مرّة عن 'يوليسيس' ترجمها العرب رواية 'عوليس' ،لـ'جويس' (الكاتب اإليرلندي
'جيمس جويس') ،لم أقرأها و لكن قرأت عنها ،جننت .ما هذه الرّواية! رواية حيّرت المترجمين و حيّرت األدباء اإلنجليز و األسكتلنديّين ،شيء عجيب .رواية بسيطة 311صفحة .ما هذه الرّواية؟ قال لك هذه طبقات أركيولوجيّة ،و لكي تستطيع قراءتها يجب عليك أن تكون مجموعة خبرات ،مجموعة شخصيّات ،مجموعة 71
معارف و موسوعات ،في شخصيّة واحدةّ . ألن لها طبقات في التّعبير و اإلشارات، هذه ال ّرواية .بشر يقوم برواية مثل هذه؟
و لكي تترجمها ،هناك عراق ّي لكي يترجمها بقي عشرين سنة ،تص ّور! يترجم رواية 311صفحة .أنت لكي تترجمها يجب عليك أن تعرف ثالثين لغة ،فيها أشياء من لغات بائدة ،لغات ال تُتَكلَّم ،فيها إشارات من أناجيل غير مطبوعة ،مخطوطات، رجل 'مصيبة' هذا ،يقرأ و يج ّمع و يأتي بأشياء و في األخير أوضحها بلغة رمزيّة، في رواية من 311صفحة ،شيء معقّد بشكل غير طبيع ّي. و فعال ،ال أكذبكم ،قرأت ،و تقريبا لم أفهم أكثر ما قرأت .ال شيء مفهوم .و قلت ال
من يقدر أن يستخرجها ،كيف و بأ ّ ي آليّة ،يا أخي؟ مضبوط أو ال؟ شيء صعب ج ّدا ج ّدا. أنا متأ ّكد أصول العلوم ،إن لم يكن حتّى تفاصيل العلوم ،الزم تكون في هذا الكتاب، لكن ليس بطريقتنا في الفهم و التّفسير ،إعراب و صرف و كذا ،مستحيل .هناك أشياء أعمق ِمن هذا بكثير. فالقرآن له مستويات في التّعبير ،و ليس مستوى واحد ،صح أو ال؟ و يا خيبة َمن ذهب يطلب حقائق الكتاب و معارفه بمستوى واحد من الفهم .واحد يتسلّح باآليات
الثاني :الرّجاءّ ، ال ّدرس ّ الثواب ،اإلخالص و شروط ال ّتكليف
يستح ّ ق أن أبقى أشهر و سنوات آتي بموسوعات لكي أفهم رواية واحد مجنون مثل َّ َ َ َ ۡ َ ُ ۡ َ َ َ ُ َّ ََۡ َّ ُ َٰ ت وٱۡل ي ۡرض ٱلّس يِف ٱلسمو َٰ ي هذا .فكيف بكالم ربّ العالمين! ... قل أنزَل ٱَّليي يعلم ي .l S،١ W Uصح أو ال؟ فصورة الكون كلّها ،في هذا الكتاب .لكن
البيانيّة ،فقط .يقول لك« :تفسير القرآن بيانيّا» .ماذا سيخرج منه ،أشياء ممتازة ،لكن ليس ك ّل شيء ،و قاصر ج ّدا .واحد ثان ،بآليّة نحويّة فقط ،إعرابيّة صرفيّة ،ال يكفي، يا أخي .و واحد بآليّة أثريّة ،يريد فقط ما قال مجاهد( ،مجاهد بن جبر،
303-73هـ) ،هؤالء بشر مثلنا ،صحيح أنّهم أعلى منّا بكثير و أفضل منّا مليون مرّة، لكنّهم أيضا بشر محدودون ،و معارف عصرهم الّتي كانت تضيء لهم الكتاب، محدودة .ال تحاول أن تفهم ّ أن ك ّل التفسير عندهم ،عند ابن عبّاس و ابن
72
آن لِل َّز َما ِن جبر ،ال أبدا .صح أو ال؟ ابن عبّاس هو نفسه قال :اُ ْت ُر ُكوا القُرْ َ يُفَ ِّس ُرهُ .هناك أشياء لن يفسّرها ّإال ال ّزمان .ال ابن عبّاس كان يفهمها و ال غيره ،لكن أنا متأ ّكد ّ أن الرّسول كان يفهمها .ك ّل ما سنفهمه ،إن شاء هللا ،الرّسول كان يفهمه و يعرفه. و على فكرة ،حتّى أحاديثه ،كان هناك باب غير مطروق للنّاس ،اآلن يتكلّمون عن ُب، اإلعجاز العلم ّي للقرآن الكريم ،كيف أخبر و كيف كذا و كيف كذا ،و هتك ال ُحج َ ال ّدرس ال ّثاني :الرّجاء ،ال ّثواب ،اإلخالص و شروط ال ّتكليف
لكن ال ّسنّة فيها مثل هذا أيضا ،صح أو ال؟ المح ّدث المغرب ّي ،رحمة هللا عليه ،أبو الفضل ال ُغماريّ ،عنده كتاب لطيف ج ّدا ،كلّه عن إشارات واردة عن ال ّسنّة النّبويّة صحيحة و ضعيفة طبعا ،أتى حتّى بأحاديث ضعيفة ،ج ّمع ك ّل شيء ،ألشياء مبتدعات و مخترعات عصريّة ،وهللاِ بعضها عجيب ج ّدا ج ّدا .تقرأ تستغرب، وبعضها فيه تكلّف .لكن بعضها تقول« :فعال هو كذا» .معنى الحديث هو هذا المخترع الفالن ّي. فحتّى النّب ّي كان يفهم هذه األشياء ،لكن يعطيها بلغة رمزيّة .و كما قال بعض الفالسفة ،عبد الرّحمان بدو ّ ي المصريّ ،هللا يرحمه و يغفر له ،هو تاب ،إن صةا ال ِّد ُ شاء هللا و كذا :ال ِّد ُ ين بِ َش ْكل َعامَ ،و َخا َّ ين ا ِإل ْس َال ِم ،أَنَّهُ ِدين نَا ِس ُخ ين ِم ْث َل ِد ِ ون َعلَى قَ ْدر َكبِير ِم َن ال َّر ْم ِزيَّ ِة . آ ِخ ِر ِدين ،آخر رسالة انتهىَ ،ال ِزم أَ ْن يَ ُك َ هناك أشياء معيّنة الزم تكون بلغة رمزيّة دقيقة ج ّدا ج ّدا .لماذا؟ ّ ألن هذا ِمن المفروض يفي بحاجات العالم إلى انتهاء ال ّدنيا ،فالزم يكون هناك نوع ِمن اإلطالقيّة، أو نوع ِمن الرّمزيّة ،تفي بحاجات ك ّل عصر .ال ّسنّة أضعف ِمن القرآن في هذا الباب ،ال ش ّ ك.
73
و لذلك ح ّدثتكم مرّة بهذا المعنى ،و دقيق ج ّدا .اإلمام عل ّي ،عليه السّالم ،قال آن آن ،فَإ ِ َّن القُرْ َ لسيّدنا ابن عبّاس ،رضي هللا عنه و أرضاهَ :ال تُ َجا ِد ْلهُ ْم بِالقُرْ ِ ك إِ ْن تَ ْف َعلْ أَ ْف َح ْمتَهُ ْم . َح َّما ُل أَ ْو ُجه ،لَ ِك ْن َجا ِد ْلهُ ْم بِال ُّسنَّ ِة ،فَإ ِنَّ َ القرآن تستطيع أن تفسّره هكذا و هكذا ،يتكلّم ألف وجه في اآلية ،عاديّ ،ح ّمال .هللا جعله هكذا .ال ّسنّة أقرب إلى التّشخي
و التّعيينّ . ألن التّعاطي كان بشريّا .الرّسول
كبشر ،كقائد ،كأب ،كزوج ،كج ّد ،كرجل دولة ،كقاضي ،كمفتي ،كنب ّي مشرّعّ ، لكن إلى أمر هللا ،إلى أن يرفع هذا القرآن و تقبض ك ّل نفس مؤمنة ،فيه رمزيّة عجيبة ج ّدا ،و فيه إطالقيّة أيضا. فنحن نعتقد ،بهذا ال َم ْد َخل ،أحيانا تفهم ّ أن القرآن يستخدم لغة الحسّ المشترك ،لكن لو تع ّمقت في آيات أخرى أو حتّى في نفسها ،قابِلَة أن تنطوي تحت جناح آية أقرب إلى الحقيقة ال ِعرْ فانيّة الصّحيحة ،و هذا حتّى أقرب أن تكون آية أخرى ،و هكذا .كما رواه أبو بكر الفرياب ّي ،رحمة هللا عليه ،هذا الحديث ليس عند ال ّشيعة فقط، الفريابي ،رحمة هللا عليه ،قال :قال صلّى هللا عليه و سلّم: عند ال ّسنّة ،أخرجه ّ ك َلََِّآيَ ٍَةَظَاهًََراَوََبَاطََنًَاَوَََحَدَاَوََ َُمطَلَ ًَعا .ك ّل آية عندها ع ّدة وجوه. َِنََلَ َُ
فالقرآن ليس فيه صيغة المبا َش َرة الواضحة التّا ّمة في ك ّل مواضعه ،ال .و هللاُ ،تبارك
الثاني :الرّجاءّ ، ال ّدرس ّ الثواب ،اإلخالص و شروط ال ّتكليف
القرآن مع النّاس الّذين مرّوا و الّذين ِمن بعدهم و الّذين معنا و إلى يوم ال ّدين ،يعني
و تعالى ،أعلم. إذن ،النّار إذا س ّميتها محرقة و الماء كذا ،جائز ،ليس فيها شيء .و ال يخ ّل بالعقيدة، لكن لمن يسألك عن تفصيل هذه العبارة ،ال ب ّد أن تقول ،ما معنى ّ أن النّار محرقة؟ أن الطّعام يشبع؟ّ « : أن الماء يروي؟ و ّ ما معنى ّ أن هللا يخلق عندها اإلحراق»... و على فكرة ،هذا نس ّميه المجاز العقل ّي ،يجوز .و َمن قرأ باب المجاز العقل ّي في علم البيان ،يتّسع فهمه ألمثال ك ّل هذه المواطن في التّعبير ،ليست له أ ّ ي مشكلة.
74
ل ّما تقول« :ليل قائم ،و نهار صائم» .يقول لك« :كيف ليل قائم ،يا أخي؟ ما ليل قائم؟ ما نار محرقة؟» مجاز عقل ّي .ليل قائم؛ مجاز عقل ّي باعتبار عالقة ظرفيّة .الّيل ظرف للقيام ،أو غير صحيح؟ الّيل ال يقوم ،لكن يقوم َمن يسهر الّيل بغرض القيام هلل ،تبارك و تعالى .فيص ّح أن نقول« :ليله قائم» .يعني ،ليل هذا العابد قائم ،و النّهار صائم، والنّار محرقة ،و الرّبيع منبت البقل ،و الطّعام يروي ،و كلّها لغة مجازيّة ،مجاز
ال ّدرس ال ّثاني :الرّجاء ،ال ّثواب ،اإلخالص و شروط ال ّتكليف
عقل ّي ،و القرآن يستخدمه .القرآن يستخدم ك ّل أنواع المجاز ،على فكرة. لما يقولَ :و ۡس َئل ۡٱل َق ۡر َي َة َّٱلِت ُك َّنا ف َ ييها .M S،٨٤ W Uما اسأل ّ ي ي القرية؟ اسأل أهل القرية .هذا مجاز بالحذف .طيّب. َ ٗ ُ ُ َ َ َ َّ َ َ َ َ ُ جدارا ي يريد أن ينقض فأقامه ْۖۥ .Y S،١١ W Uهناك َمن يأخذها ... ي أن َمن زعم ّ على الحقيقة و هناك َمن كفَّر َمن أخذ بالحقيقة .هناك َمن قالّ ، أن في الحائط عقال و إدراكا و أنّه أراد حقيقة ،فقد كفر .المالكيّة زعموا هذا ،لألسف .و هذا نوع ِمن التّش ّدد ،ال يبعد هذا التّفسير ،يا أخي ،قد يكون لم ال؟ مستويات. قال لك« :ال ،هذا مجاز عقل ّي»' .جدارا يريد أن ينقضّ ' ،هذا مجاز عقل ّي ،ليس حقيقيّا. كالم طويل. فاللّغة العربيّة القرآن نزل بها تتّسع لهذه األشياء .لكن كما قلنا ،هل اللّغة المجازيّة هي اللّغة الحقيقيّة؟ و حتّى اللّغة الحقيقيّة ،كما قلنا ،هي تعبّر عن ماذا؟ عن الحقائق العاديّة ،لكن لو أردنا الحقائق العرفانيّة اإللهيّة كما هي ،و هذه تحتاج ليس إلى لغة، تحتاج إلى ضرب آخر ِمن اللّغة ،لغة الفكر ،لغة التّأ ّمل ،صح أو ال؟ و أنت الحظ القرآن الكريم ،مع أنّه كالم هللا ،تبارك و تعالى ،بال ش ّ ك ،لو أخذناه بظاهره أحيانا سنقع في مطبّات عويصة ج ّدا ج ّدا ،صح أو ال؟ ممكن نقع ،و العياذ باهلل ،في اتّهام
75
هذا الكتاب بالقصور حتّى ،و في الحقيقة ال .القاصر ليس الكتاب ،القاصر َمن؟ المتقبّل.
اآلن ،هللا ،ع ّز و جلّ .سأسألكم سؤاال« :لو أراد ،أ ال يستطيع أن يذكر لنا الجنّة و أن يصفها بما فيها بدقّة كاملة؟» يستطيع .ليس لديه أ ّ ي مشكلة أبدا .لكن قطعا ،هل كان سيستخدم لغتنا ،و طرائقها في البيان ،و مفرداتها؟ مستحيل .لماذا؟ أل ّن اللّغة ظاهرة اجتماعيّة ،ظاهرة بشريّة ،ليست مطلقة ،صح أو ال؟ قد يقول أحدكم« :الّ ، لكن هللا يستطيع أن يجعل هذا النّسب ّي مطلقا» .نقول« :ال ،أنت وقعت في التّناقضّ ، أن النّسب ّي مطلق» .معناها( ،و نعوذ باهلل من هذا) ،يصير هللا موجود و غير موجود ،و هذا كالم
المحال .هذا محال .أنت نسب ّي ،ال يمكن أن تصير مطلقا ،و لغتك نسبيّة ،ال يمكن أن تصبح مطلقة .لغة بشريّة نسبيّة ،نتجت بين النّاس ،بين األقوام ،و هي ظاهرة اجتماعيّة كما يقول علماء اللّغة. إذا هللا يريد أن يصف موجودات الجنّة ،ليس منها أصال شيء في األرض ،كيف ذلك ،و سيستخدم لغتك؟ لغتك جاءت لتصف ما في األرض ،مضبوط أو ال؟ ما الّذي سيحصل؟ سيتكلّم كالما لن تفهم منه شيئا .لذلك ماذا قال ،أنتم في هذا الوقت إلى أن َّ َ ُ ۡ َ َّ ٱۡل َّنةي ٱل يِت ُوع َيد تُكرموا لدخول هذه ال ّدار ،اكتفوا فقط بالتّمثيالت .قال ( :)مثل َۡ َ ۡ َۡ ۡ ُ َ َۡ َ ُ َٰ ٱل ُم َّتقونْۖ َت يري مين َتتيها ٱۡلنهر ْۖ .O S،٣٥ W Uمثل فقط ،نوع من التّمثيل فقط .لكن هي ليست هكذا ،صح أو ال؟ هناك فرق بين المثال و ال ُم َمثَّل به،
الثاني :الرّجاءّ ، ال ّدرس ّ الثواب ،اإلخالص و شروط ال ّتكليف
ي نسب ّي ،والمطلق مطلق .أو غير صحيح؟ متناقض ،و هجس في الكالم .ال .النّسب ّ تقول« :صح أنا إنسان و يداخلني مطلق» .ال يمكن ،ال تتعلّق قدرة هللا بمثل هذا
فرق كبير ج ّدا .مضبوط أو ال؟ لكن للتّقريب لكي تفهم. و يأتي مثال مصطفى محمود ،لألسف ،ل ّما كان يخبّ الحقِيقَ ِة لَ َّما أَ ْق َرأُ هَ ِذ ِه اآليَةَ؛ َو أَ ْنهَار ِم ْن َع َسل ،يَ ْعتَ ِرينِي تَقَ ُّزز» .هللا يسامحك ،يا «فِي َ َ َ َّ أخي .هذه الكلمة يكفر فيها .تُ ْخ ِر ُجه عن الملّة مباشرة .هللا يقول لك :ذَٰل يك ٱَّليي َ ِّ َّ ُ يََُ ي ُ ٱّلل ع َيبادهُ .K S،٤٣ W Uبشرى ،يفرّحك ،يقول لك أنهار من ،و هو مسلم ،قال:
76
عسل و أنت تقول تق ّزز .يكفر مباشرة ،يا رجل .لكن عقله جاهل كان ،المسكينّ . لكن هللا هداه .لماذا؟ ألنّه ف ّكر أنّه َع َسل َع َسل .عسل مثل هذا نسبح فيه؟ ّ لكن هللا من األ ّول قال لكَ :مثَلُ .ليس عسال .و لذلك ابن عبّاس كان أفهم ِمن مصطفى الجنَّ ِة ِم َّما فِي ال ُّد ْنيَا إِ َّال َاأل ْس َما ُء. س فِي َ محمود مليون مرّة ،ماذا قال :لَ ْي َ أسماء فقط .ال ّ تظن أنّه عسل كعسلك هذا .هذا يق ّزز فعال ،يا أخي. قد يقال« :لماذا هللا س ّماه عسال؟ يس ّميه شيئا ثان» .يس ّميه باسهم الحقيق ّي لن تفهمه ،يا ال ّدرس ال ّثاني :الرّجاء ،ال ّثواب ،اإلخالص و شروط ال ّتكليف
سيدي ،هذه هي .فهمتم كيف؟ لكن ،هنا ،وقعنا في سؤال آخر .هل هذه حجّة ّ أن القرآن ترك تقرير الحقائق كما هي؟ ال ،لم يتركها .استخدم لغة ثانية .ماهي هذه اللّغة؟ إذا كانت لغة المفردات ،هذه لغة عربيّة .ال ،ليست لغة المفردات .لغة اإلشارات و التّرميزات ،لغة العقل و الفكر .يعطيك إشارات دقيقة ج ّدا ج ّدا ج ّدا ،ما يعقلها ّإال العالِمونّ ،إال كبار العقالء. شرح في ألف صفحة ،في يعني هناك مثال نظريّات فلسفيّة .نظريّة فلسفيّة ممكن تُ َ ألفين صفحة ،معقّدة بشكل غير طبيع ّي ،و القرآن كيف يشير إليها؟ في ضمير؛ 'هذا'. أعطيناكم مرّة مثاال على هذا ال ّشيء ،صح؟ حاولت مرّة أن أشرح لكم نظريّة مراتب األشياء في الوجود و لماذا هي هكذا .فلسفة قويّة ج ّدا ج ّدا .هناك َمن كتب فيها مجلّدا كبيرا .حاولت أشرح و أشرح ،و هم يسمعون ،و لكنّهم لم يفهموا شيئا ،المساكين. دكاترة و جرّاحون كبار ،عندهم شهادات و كذا ،و لم يفهموا ،أصعب حتّى ِمن جراحتهم هذه ،فلسفة .و القرآن في األخير ،هذه النّظريّة ،أشار إليها في موضع واحدّ ، لكن الّذي يفهمها ،بالنّسبة له يصير بشكل واضح .و الّذي ال يفهم النّظريّة
77
بالنّسبة له لم يحصل شيء ،و ال شيء .بعيد عنها .ألنّه كما قلنا ،هي لغة فكريّة َّ ٓ َ ۡ َ َٰ ُ َّ َ ۡ َ ۡ َ ُ ُ َّ َ َ َٰ وليست لغة كلمات .قال ( )... :ٱَّليي أعطى ك َش ٍء خلقهۥ ثم هدى U
y
.c S،٥٠ Wلو قال؛ ّ الذي خلق ك ّل شيء .سهل ج ّدا .لكنّه قال؛ أعطى ك ّل
شيء خلقه ،لكي تفهم هذا بعمق فلسف ّي حقيق ّي .فعال يجب عليك أن تقرأ النّظريّة كاملة و سوف يقشع ّر بدنك كيف ّ أن القرآن الكريم لم تغب عنه هذه الحقيقة العجيبة ج ّدا .و ِمن أقوى الحقائق على وجود هللا ،تبارك و تعالى ،و ِمن أقوى الحقائق الكاشفة عن حكمة هللا السّارية في الوجود؛ كيف توجد حكمة مطلقة تدبّر هذا الكون كلّه .هذه مستويات عالية ج ّدا. لذلك ،سبحان هللا ،كلّما تع ّمق اإلنسان ،ماذا تريد أن تكون ،فيلسوفا كبيرا ،فيزيائيّا تتفلسف عليه ،ستجده دائما يعلّمك و سابقك و سيعطيك ال ّشيء الّذي أنت توصّلت ۡ َ إليه و بالنّسبة له هو شيء مقرّر ،لكن لن يَ ْفهَ َمهُ ّإال أنت .كما قال ( )َ :وت يلك َ َ َ ۡ ُ َ ٓ َّ ۡ َ َٰ ُ َ ۡ َ ۡ َ َٰ ُ َ ۡ َّ ُ َ اس وما يعقيلها إيَل ٱلعليمون .t S،٢٣ W و بعد ضبها ل يلن ي ِۖ ٱۡلمثل ن ي َّ َ ُ ُ ْ ۡ ۡ ت َبي َنَٰ ل َ ذلك قال :بَ ۡل ُه َو َء َاي َٰ ُ ُۢ ت يِف ُص ُدوري ٱَّليين أوتوا ٱلعيل ۚۡم S،٢٩ W U ي .tو العلم القرآن ّي غي ُر ِع ْل ِمنا ،الّذي يعرف يتكلّم و فاهم و يعرف ..ال.
y
ليعطيك هللا وصف هذا العلم ّ فإن له مواصفات معيّنة ،على رأسها البعد الرّوح ّي، الخشية .تكون ِمن أهل خشية هللا ،يكون حبلك موصوال باهلل ،تكون عبدا ،متضاعفا، متمسكنا ،متذلّال عند هللا ،ع ّز و جلّ ،لكي يعطيك .ألنّه ال يعطيك إذا كنت تظّن نفسك ن ّدا هلل ،ع ّز و جلّ ،يحرمك مباشرة ،صح أو ال؟
الثاني :الرّجاءّ ، ال ّدرس ّ الثواب ،اإلخالص و شروط ال ّتكليف
كبيرا ،رياضيّا كبيرا ،و تقرأ هذا الكتاب بذكاء و تواضع ،تبقى متواضعا أمامه و ال
هو البشر ،أنت ل ّما تأتي تتعالى على معلّمك يصبح ال يريد تعليمك ،يريد أن يعنتك، صحيح؟ لكن عندما تتواضع يعطيك ،فكيف بربّ الع ّزة ،الكبرياء كلّها هلل ،و ّ الذل والفقر كلّه للعبد ،فهذا العلم. ي و ال ّدليل اإلجمال ّي ،على فكرة ،هناك رأي لذلك ،اليوم عندما ذكرنا ال ّدليل التّفصيل ّ للعلماء و أنا أريد هذا الرّأي ،أعوذ باهلل ِمن كلمة أنا ،أنّه يكفي ألهل الكشف معرفة العقيدة عن طريق الكشف ،ال توجد أ ّ ي مشكلة .هناك ناس عندهم هذا في الكشف
78
ي ي .يعني مثال ،ول ّ اإلله ّي ،يا أخي .هذا أولى ،بصراحة ،بالقبول ِمن ال ّدليل التّفصيل ّ ِمن األولياء الكبارِ ،من أهل هللا ،ع ّز و جلّ ،الّذي يعاين بعض الحقائق ،أحيانا، معاينة حقيقيّة ،يعيشها يا أخي. ول ّي ِمن األولياء مثال ،يرى المالئكة ،يسمع المالئكة ،يراها ،يا أخي .ف َمن أقوى في هذه الجزئيّة ال َعقَ ِديَّة و وجود هذا العالم النّوران ّي ،هذا الرّجل أو فيلسوف مثل ابن رشد؟ يمكن ينبّش مئتا صفحة لكي يثبت لك إمكان وجود المالئكة ،و ّ أن العقل ال ال ّدرس ال ّثاني :الرّجاء ،ال ّثواب ،اإلخالص و شروط ال ّتكليف
يحيل ذلك ،ال يقدر أن يستق ّل بإثبات .ف َمن أقوى؟ هذا الول ّي ،مباشرةَ .من ابن رشد هذا؟ ابن رشد ل ّما التقى مع ابن عربي الصّوف ّي ،هللا أعلم ،قصّة مشهورة ،كان صديق والد ابن عربي .فـابن رشد ،رحمة هللا عليه ،وفي «التّهافت» و في غير «التّهافت» ،أثبت ّ أن اإلنسان يحصل له العلم ،يتعلّم بابا معيّنا أو شيئا معيّنا و يُفتَح عليه ،بطريقة َوهَبِيَّة ،هللا يهَبُه ذلك. َّ َّ ۡ َّ (َ ... ):8و َعل ۡم َنَٰ ُه مين َُّلنا عيل ٗما .Y S،١٥ W هللا يعطيك، يفتح عليك في لحظة .أثبتها فلسفيّا .الفالسفة اآلخرون ينكرونها ،على فكرة .كلّما اقترب اإلنسان ِمن الما ّديّة ينكر هذه األشياء بالكامل يعتبرها كالما فرغا ،تدجيل. ابن رشد أثبتها عقليّا ،و هو فيلسوف عقل ّي .لكن ماذا قال ،رحمة هللا عليه: الواقِ ِع .بالعقل ممكن ،لكن لم نرى في الواقع شيئا َ و لَ ْم نَ َرى لَهَا ِمصْ َداقاا فِي َ يؤيّد هذا الكالم .فسمع عن محي ال ّدين بن عرب ّي ،ال ّشيخ الصّوف ّي الكبير ،الّذي كان أعجوبة ِمن أعاجيب دهره و مؤلّفاته بالمئات ،عنده أكثر من 151مؤلّفا .منها تفسير واحد لسورة النّور في مائة مجلّد' .مصيبة' هذا الرّجل .تكلّم في ك ّل شيء وبشكل غريب ج ّدا ج ّدا .و ناس جعلوه أكبر األولياء و ناس جعلوه زنديق و كفّروه
79
و طالبوا بقتله ،و اختلف النّاس فيه كثيرا ألنّه أعجوبة كان .فـابن رشد طلب أن يلتقي به ،فالتقاه .فأ ّول ما دخل عليه ،ألنّه يعرف حاله أنّه مع شخصيّة هو ابن
صديقه ،صغير بالنّسبة له ،يمكن الفرق بينهم كان 35سنة ( 78سنة بالتّحديد) .أ ّول ما دخل نظر فيه ،فنظر فيه ،باألعين فقط ليس بالكالم ،أنتم مع ناس عباقرة اآلن غير طبيعيّين .نظرة و جرى بينهم كلمات رمزيّة ،بسيطة ج ّدا ،و بعد ذلك اعترف اآلن َو َج ْد ُ ت لَهَا ِمصْ َداقاا، ابن رشد و قال :نَ َع ْمَ ،و هَ ِذ ِه َحالَة أَ ْثبَتّهَا َع ْقلِيّااَ ،و َ
اِ ْنتَهَى .ابن عربي هو يقول أنّه أخذه نفس رحمان ّي .النّب ّي ، (
) ،قال:
كمََمنََقب لَََاليَمَنَ( ،أخرجه أحمد من حديث أبي دَنَفَسَََرَبِّ َُ يَلجَ َُ ََِنِّ َ
ي و ُمتَأ َلِّهاا و ذاكرا ،يُ ْخلَ ُ إنسانا غير عاد ّ ق َخ ْلقاا جديدا .لكن ليس مع ك ّل النّاس .على ك ّل حال. فراح هذا الرّجل ،هام على وجهه ،و كان ابن أمير و ترك القصور ،و ترك األدب و كان شاعرا ،يشتغل في األدب و ال ّشعر ،و ترك ك ّل هذه األشياء ،و راح و آوى إلى قبر و مكث فيه أيّاما و ليالي ،يقال ثالث أيّام بلياليها في القبر ،خرج ِمن قبره يتكلّم في علوم ال أ ّول لها ِمن آخر .تكلّم معه في ما تريد ،في أ ّ ي شيء ،حتّى في الفقه لم يكن يتّبع أحدا ،يعتبر ّ أن له مذهبا خاصّا لوحده ،يأخذ األحكام ِمن أدلّتها، عنده قدرة يقارعك في أ ّ ي موضوع و أذهل النّاس في عصره .ما هذا يا أخي؟ وكان صباّا ،أَ ْعطَانِي ِه. ي ال ِع ْل َم َ شابّا صغيرا .بعد ثالثة أيّام .كيف؟ قال لك :هللاُ َ صبَّ َعلَ َّ َم َألَ َج ْوفِي بِ ِه .هللا أكبر .شيء غريب ،نادر هذا.
الثاني :الرّجاءّ ، ال ّدرس ّ الثواب ،اإلخالص و شروط ال ّتكليف
هريرة .)تجد إنسانا ،هللا يجذبه إليه ،تبارك و تعالى .فتجده انصلح حاله ،يصبح
هناك َمن ي ّدعونه كذبا ،خاصّة الصّوفيّة ،يكذبون على النّاس .و هناك ناس قلّة ،منهم، ِمن شيوخ اإلسالم ،عبد الوهاب ال ّشعران ّي ،رحمة هللا عليه ،كان صوفيّا كبيرا، عالمة كبيرَ ،من يقرأ كتبه يرى أنّه ّ و لكن ّ عالمة في اإلسالم ،ما شاء هللا عليه، وكان هناك شيخ اسمه عل ّي الخ ّواصّ ،رحمة هللا عليه ،أ ّمي ال يف ّ ك الخطّ، معروف و لم يدخل في حياته كتّابا و ال مدرسة .كان يزعم ال ّشيخ عل ّي
80
الخ ّواصّ ،هذا كالم شيخ اإلسالم ،ال ّشيخ عبد الوهّاب ال ّشعران ّيّ ، أنَ :ج ِمي َع ب فِي ُسو َر ِة ار َ ف ال ِكتَا ِ ار ِ ف ال ُّد ْنيَا َو البَ َش ِر فِي ِكتَا ِ ب هللاِ ،كما قلنا اليومَ ،و َج ِمي َع َم َع ِ َم َع ِ البَقَ َر ِةَ ،و َج ِمي َع البَقَ َر ِة فِي الفَاتِ َح ِة َو َج ِمي َع الفَاتِ َح ِة فِي البَ ْس َملَ ِة َو َج ِمي َع البَ ْس َملَ ِة فِي البَا ِء .ما هذا الكالم؟ كيف هذا؟ الباء؟ كالم بالنّسبة لنا غير مفهوم ،طبعا .و الّذي يقول أنّي أفهمه ،يكون يكذب على نفسه .كيف تفهمه؟ تسمعه أنت ،يمكن تص ّدقه ،ال تفهمه و ال أنا أفهمه ،ما هذا الكالم! ال ّدرس ال ّثاني :الرّجاء ،ال ّثواب ،اإلخالص و شروط ال ّتكليف
طيّب ،فيقول« :أنت ،ما شاء هللا ،تزعم هذا الشيء و تعتقده؟» يقول« :طبعا» .طيّب يا شيخ .كان يمتحنه مشايخ اإلسالم الكبار ،يلقون إليه بعويصات المسائل؛ في الفقه، في األصول ،مسائل ُو ِج َد فيها خالف ،مباشرة يعطيهم الجواب على أحسن ما يكون، و يقدر يناقش فيه .طيّبِ ،من أين هذا؟ شيء عجيب هذا ،يا أخي! إنسان أ ّم ّي ،ال توجد مسألة تعجزه ،يقول لك ِمن كتاب هللا .كيف تعلّ َ مت هذا؟ كيف ا تستنبط؟ لم نفهم كيف .ال هلإ إال اهلل .موجود هذا ،لكن قلّة .وهذه ليست وسيلة للتّعلّم. الّذي يريد هذه الوسائل للتّعلّم سيبقى جاهال إلى أن يموتّ ،إال إذا فتح هللا عليك ،فهذا صعب .ال نشجّع عليها و ال ندعو النّاس إليها ،حقيقة .نقول للنّاس ،اعبدوا و صلّوا، و هللا سيعطيك ،و سيبقى هكذا أو ّ يجن. أنا رأيت أحدا ،و لم يكن ِمن أصدقائي ،وجد ّ أن طريق العلم طويال؛ نحو و صرف و قصّة و «ألفيّة ابن مالك» ،شيء مقرف بالنّسبة إليه ،قال« :طويلة هذه» .فوضع عمامة هكذا و ظ ّل المسكين .و بعد ذلك طلع و قال« :هللا فتح عل ّي ،أعطاني» .شاب ح ّدثوني عنه ،كنت في غ ّزة ،شباب صغار .قلت« :ما أعطاه هللا؟» قال« :أعطاني هللا، فتح عل ّي» .قلت« :فتح عليه؟ هللا!» قال لي« :يا ربُّ جوهر علم» .قلت له« :يا ربُّ ؟
81
أنت ال تعرف تقرأ ال ّشعر» .قال لي« :ال ،هذا زين العابدين» .قلت له« :ال ّشعر ال تعرف قراءته ،ما قصّتك؟» تكلّم معي المسكين ،يتخربط الرّجل ،..عقله مهبول.
أدركت أنّني أمام إنسان عقله مختلط مسكينُ ،ج َّن .و إلى اآلن يعتقد أنّه شيخ العارفين ،هللا فاتح عليه كثيرا ،و نحن وال شيء ،كان يضحك منّا ،و يسخر منّا و ِمن أمثالنا و ّ طالب العلم. طيّب ،قلت له« :ما قصّتك؟» المه ّم ،فعرفت .قلت هذا ممسوس ،حدث له مسّ شيطان ّي .قالوا« :كيف؟» قلت« :وهللا العظيم ممسوس ،يا أخواني ،و رأيته من عينيه و ِمن كالمه ،ممسوس الرّجل ،و اسألوه» .ذهبوا معه ،قال لهم« :نعم ،أنا تأتيني»« .ما ذهب إلى المشايخ الصّالحين .فمشكلة. هذه الطّريقة حقيقة ال نشجّع عليها .العلم يُ ْ طلَب بطريقته الخاصّة ،لكن إذا هللا فتح عليك في الطّريق ،أهال و سهال .و على فكرة ِمن ضمن الفتوحات ،ماهي؟ فتوح الفهم ،أو غير صحيح؟ ليس ك ّل َمن طلب العلم ،هللا علّمه ،أو غير صحيح؟ تجد أناسا ،تقرأ و تتعلّم و تكتب كتبا ،لكن في أشياء كثيرة ال يفهمون فهما جيّدا ،صح؟ يفهمون القشور ،و القشور سهل فهمها ،يعني هذا حالل و حرام ،كذا ،كذا ،لكن هناك أشياء؛ العميقة ،الحقيقيّة ،التّي هي جوهر العلوم و المعارف ،ال يستوعبها ك ّل إنسان و يقدر أن يقتنع بها و يفهمها و يفهّمها ،صعب .الفهم ِمن هللا ،ع ّز و جلّ .فاطلب ِمن َ ََ هللا دائما أن يفهّمك ،فف َّه ۡم َنَٰ َها ُسل ۡي َم َٰ َنۚۡ .e S،١٩ W U
الثاني :الرّجاءّ ، ال ّدرس ّ الثواب ،اإلخالص و شروط ال ّتكليف
الّذي يأتيك؟» «تأتيني ،جنّيّة تقف لي في رأس السّرير» .و فعال بعد ذلك طلب العالج،
نسأل هللا أن يفهّمنا و يفتح علينا بالح ّ ق و هو خير الفاتحين. أقول قولي هذا و أستغفر هللا لي و لكم. 82
السّالم عليكم و رحمة هللا.
هللا
5
ال ّدرس ال ّثاني :الرّجاء ،ال ّثواب ،اإلخالص و شروط ال ّتكليف
83
هللا
بعون هللا
بإذن هللا
هللا