Suwar Magazine

Page 1

‫إشارات حول مستقبل ّ‬ ‫الدميقراطية يف سوريا‬ ‫تتأصل املدنية بالوعي‬

‫واقع تـدريب النساء وبنــــاء قدراتـــــــهن‬ ‫بيال بارتــــــــوك‪..‬النــــزعـــــة الوطنــــــية‬ ‫والتحررية يف املوسـيقا‬

‫السنة األوىل ‪ /‬العدد الثاين ‪2013/ 9 /15‬‬ ‫تصوير‪ :‬فؤاد بصبوص‬


‫الفهرس‬ ‫يمقراطيـة ‪2‬‬ ‫الد‬ ‫إشارات حول مستقبل ّ‬ ‫ّ‬

‫في سوريا‬

‫نارت عبد الكريم‬

‫واقع تدريب النساء وبناء قدراتهن ‪6‬‬ ‫هل تسهم الورشات التـــدريبية فعال‬ ‫في تمكين المرأة ؟‬

‫ياسمني مرعي‬

‫للتواصل وإرسال املساهامت واملقرتحات‬

‫‪info@suwar-magazine.org‬‬

‫الجزيرة ‪10‬‬ ‫أزمة الدواء في منــطقة ّ‬ ‫كامل أوسكان‬

‫حوار مع أستاذ الفلسفة الغربـية ‪20‬‬

‫صـادرة عن مـــركز املجتـمـع املدين‬ ‫والدميقراطية يف سوريـا | ‪CCSDS‬‬

‫المعاصرة‬ ‫والباحث والمترجم خلدون النبواني‬

‫من أجـل المـــجتمع المدنــي ‪26‬‬

‫والديمقراطية‬

‫‪info@ccsdsyria.org‬‬ ‫‪www.ccsdsyria.org‬‬

‫خطوة على طريـق بناء المنظمـــات‬ ‫وتطويرها‬

‫املقاالت املذيلة بأسماء أصحابها تعبر عن آرائهم وال تعبر بالضرورة عن رأي املركز أو فريق التحرير‬


‫فتحة العدسة‬

‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫حَنــو املعــرف ِة َوح ّريــــّ ِة التعبـيــر‬

‫ش ّكلت تجربة املنتديات ا ّلتي ظهرت يف الفرتة‬ ‫التي اصطلح عىل تسميتها (ربيع دمشق)‬ ‫عام ‪ 2000‬منطلقاً لطرح أسئلة تتع ّلق ّ‬ ‫بالشأن‬ ‫السوريّ‬ ‫السوريّ العا ّم‪ ،‬وعالقة اإلنسان ّ‬ ‫ّ‬ ‫بالسلطة والدّولة‪ ،‬ومفاهيم أخرى كالهو ّية‬ ‫ّ‬ ‫الوطن ّية والدّستور والحياة الربملان ّية ‪ ،‬وتداول‬ ‫السلطة وأوضاع حقوق اإلنسان وقضايا‬ ‫األق ّليات‪ .‬وقد المست النّقاشات واملداخالت‬ ‫بنية النّظام االستبداديّ وقوننته للقمع‪ ،‬وهذا‬ ‫ما اعتربه النّظام خرقاً ملا ّ‬ ‫اختطه ون ّفذه عىل‬ ‫م ّر عقود‪ ،‬فجوبهت هذه ّ‬ ‫الظاهرة بالقمع‬ ‫السجون م ّرة‬ ‫والز ِّج باملث ّقفني والنّاشطني يف ّ‬ ‫أخرى بتهم غرائب ّية جائرة‪.‬‬ ‫تتنامى الحاجة اآلن يف ِّ‬ ‫ظل املأزق الكبري ا ّلذي‬ ‫تعيشه سوريا عىل ّ‬ ‫الصعد واملستويات إىل‬ ‫كل ّ‬ ‫منتديات وملتقيات جديدة تسهم يف تع ّرف‬ ‫السوريني عىل بعضهم البعض‪ ،‬بعد أن بات‬ ‫ّ‬ ‫السالح هو األعىل‪ ،‬واعتادت ق ّوات‬ ‫صوت ّ‬ ‫السوريينّ ‪ ،‬واحتكم جزء‬ ‫النّظام سفك دماء ّ‬ ‫السالح ر ّداً عىل همج ّية‬ ‫كبري من ال ّثوار إىل ّ‬ ‫آلة القمع العائدة للنّظام والفظاعات ا ّلتي‬ ‫السنتني والنِّصف املنرصمتني‪.‬‬ ‫ارتكبت عىل م ّر ّ‬ ‫التّعرف عىل اآلخر وإدراك معنى التّاميز‬ ‫الص ُيغ املتّسمة‬ ‫واالختالف ستبنى عليه ّ‬ ‫بالدّميومة وال ّثبات‪ .‬فاالنكفاء عىل ال ّذات‬ ‫الصعب إيجاد أرض ّية جامعة‬ ‫سيجعل من ّ‬ ‫للسوريينّ ‪ ،‬كام ّأن التّعامي عن بروز ال ّنزاع‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫األهيل بني املك ّونات الطائف ّية والقوم ّية ينذر‬ ‫السوريينّ إن مل‬ ‫بتعقيدات خطرية سرتهق ّ‬ ‫ينربوا ملعالجتها ونبذ أسباب ّ‬ ‫الشقاق الذي‬ ‫تعمل عىل تكريسه قوى دول ّية وإقليم ّية‬ ‫ومحل ّية بغية مترير ّ‬ ‫خاصة بها هي‬ ‫مخططات ّ‬ ‫السوريينّ‬ ‫أبعد ما تكون عن تل ّمس مصالح ّ‬ ‫وتنّوعهم وسعيهم نحو بناء دولة عرص ّية‬

‫للجميع‪ ،‬وتح ّقق طموحات املك ّونات‬ ‫تتّسع ّ‬ ‫والفئات رّ‬ ‫والشائح‪.‬‬ ‫يصح وضع محظورات تعيق الخوض يف‬ ‫ال ّ‬ ‫تفاصيل املشاكل واألزمات؛ فتحت سقف‬ ‫املعرفة وح ّر ّية التّعبري ال توجد مح ّرمات‬ ‫سوى تلك املبادىء املتع ّلقة بفنّ االستامع‬ ‫لل ّرأي اآلخر وأدب التّخاطب والحوار واحرتام‬ ‫العقائد وتجنب خدش املشاعر‪ .‬ومن الرضورة‬ ‫مبكان الدّفاع عن حقّ إبداء ال ّرأي وصونه ِمن‬ ‫ِّ‬ ‫كل َمن يقمعه ويحاول النّيل منه تحت أ ّية‬ ‫ذريعة‪.‬‬ ‫اآلخر ّ‬ ‫متـــجسداً باملتـــر ّبص والغـــادر‬ ‫يظل‬ ‫ّ‬ ‫والكائــد ضمن‬ ‫صح ّية‬ ‫بيئة غري ّ‬ ‫كالبيئة املرافقة‬ ‫لالستبداد‪ .‬بينام‬ ‫يكون اآلخـــــر‬ ‫رشيكاً وصديقـاً‬ ‫ومتـــمماّ ً ضمن‬ ‫بيــئة صحيـــ ّـة‬ ‫ينعـــم فيهـــــا‬ ‫الجيمع بالفـرص‬ ‫املتساوية‪،‬وتصان‬ ‫الخصوص ّيات‬ ‫والحقوق‪ ،‬وتشاع فيها الح ّر ّيــــات العا ّمـــة‬ ‫االجتـامعي‬ ‫للحراك‬ ‫ا ّلتي تع ّد الهدف األسمى َ‬ ‫ّ‬ ‫يايس وال ّثقا ّيف‪.‬‬ ‫والس ّ‬ ‫ّ‬ ‫للصوت الدّاعي للتّآلف واملطالب بنسف‬ ‫ال ب ّد ّ‬ ‫ّ‬ ‫الصور النّمطية من األذهان عن رّ‬ ‫الشيك‬ ‫كل ّ‬ ‫يف الوطن أن يعلو عىل صوت الدّاعني إىل‬ ‫االحرتاب والتقاتل مقروناً باالعرتاف بالواقع‬ ‫مجت األسامع‬ ‫كام هو دون تجميل‪ .‬فقد ّ‬ ‫ّ‬ ‫الشعارات‪ ،‬وطالها األذى من املزاودات‬ ‫الصادرة ع ّمن يحاولون الهرب لألمام بغية‬ ‫ّ‬

‫مدخل للجلسة احلوارية األولى ملنتدى املعرفة و حرية التعبير الذي تنظمه كل من مجلتي «صور» و «حنطة»‬

‫الجرائم الحاصلة‪.‬‬ ‫تنايس األخطاء‪ ،‬ورمبا ّ‬ ‫بتنا يف مسيس الحاجة ملكاشفات ومصارحات‬ ‫وترسبات‪،‬‬ ‫تنزع ما يف النفوس من احتقانات ّ‬ ‫فالواقع ّ‬ ‫بكل قتامته يستدعي نفض الغبار عن‬ ‫السور ّيني‪ ،‬وعن منطية‬ ‫املل ّفات العالقة بني ّ‬ ‫الصورة ا ّلتي رسمها ّ‬ ‫كل مواطن عن اآلخر‪.‬‬ ‫إذ ّإن العالج يغدو متاحاً بتحديد أعراض‬ ‫املرض وال يستقيم تقديم الحلول باالستناد‬ ‫عىل األمزجة والتخمينات‪ ،‬كام ال يخفى‬ ‫عىل أحد الحجم املهول لالنتهاكات الكبرية‬ ‫والواسعة لحقوق اإلنسان‪ ،‬وا ّلتي قد تحرص‬ ‫بعض األفراد والجامعات يف خانة ال ّذهن ّية‬

‫ال ّثأر ّية‪ ،‬فتستبعد أ ّية فرصة ّ‬ ‫للحل ومواصلة‬ ‫الحياة‪ ،‬وتزداد بذلك فرص ال ّركون إىل الحلول‬ ‫العدم ّية والتّطرف‪ ،‬وهذا ما ال يرضاه أيّ‬ ‫حريص عىل البناء والتّنمية وتحقيق مستقبل‬ ‫أفضل‪ .‬ومن الواجب عىل ّ‬ ‫كل العقالء تعميق‬ ‫فكرة املحاسبة وفق العدالة االنتقال ّية‪،‬‬ ‫السلم األه ّ‬ ‫يل‪ ،‬وتأصيل‬ ‫وترسيخ مرتكزات ّ‬ ‫السور ّيني خدمة‬ ‫مبادىء العيش املشرتك بني ّ‬ ‫السور ّيون ألجلها‪،‬‬ ‫للمقاصد األصيلة ا ّلتي ثار ّ‬ ‫وارتبطوا بها عق ًال وعاطفة‪ً.‬‬

‫‪1‬‬


‫رؤيــة‬

‫يمقراطية في سوريا‬ ‫الد‬ ‫إشارات حول مستقبل ّ‬ ‫ّ‬ ‫نارت عبد الكريم‬

‫يتم رشاؤها‬ ‫ليست الدّميقراط ّية وصفة جاهزة ّ‬ ‫أو استريادها؛ بل هي عمل ّية طويلة‪ ،‬مع ّقدة‬ ‫وشاملة يف الوقت نفسه‪ ،‬والميكن اختزالها‬ ‫باالحتكام لصناديق االقرتاع فقط‪ ،‬والتّجارب‬ ‫القريبة منَّا كسور ّيني‪ ،‬كتجربتي لبنان و‬ ‫العراق تثبتان ذلك‪ ،‬فالدميقراطية ليست‬ ‫مسألة حتمية‪ ،‬بل هي نتاج جهد طويل‬ ‫ودؤوب لتفكيك االستبداد أينام وجد‪.‬‬ ‫بالعودة إىل التّاريخ ميكننا القول إ ّنه عىل‬ ‫ال ّرغم من ِقدم التّجربة الدّميقراط ّية يف مدينة‬ ‫أثينا‪ -‬القرن الخامس قبل امليالد‪ -‬إ َّال َّأن أنظمة‬ ‫االستبداد ما فتئت تسود وتتعاقب طوال‬ ‫مراحل التاريخ‪ ،‬وخصوصاً يف عاملنا العريب‪.‬‬ ‫الشق كان االستبداد‪ّ ،‬‬ ‫ابت يف رّ‬ ‫فال ّث ُ‬ ‫وكل ما عدا‬ ‫ذلك كان متح ّوالً إىل ح ٍّد ما‪ ،‬الح ّكام واألديان‬ ‫وال ّثقافات‪ ،‬وحتى ّ‬ ‫الشعوب و اآللهة أيضاً‪.‬‬ ‫تاريخي عريق‬ ‫إرث‬ ‫فهل‬ ‫يقترص األمر عىل وجود ٍ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫للدّميقراط ّية يف الغرب‪ ،‬تجربة اليونان يف زمن‬ ‫اإلغريق ا ّلتي ّمتت العودة إليها‪ ،‬واالسرتشاد بها‬ ‫ومبا رافقها من ازدهار للتّفلسف والفلسفة‪،‬‬ ‫مبا هي إعامل للعقل و للتّش ّكك‪ ،‬ومساءلة‬ ‫ّ‬ ‫كل البداهات واملح ّرمات‪ ،‬ذلك اإلرث ا ّلذي‬ ‫ساعدهم عىل الخروج من عصور الظلامت إىل‬ ‫عصور األنوار والنهضة؟ وهل ميكن الحديث‬ ‫عن الدّميقراط ّية يف مجتمعات تسود بني أبنائها‬ ‫روابط االنتامء القدمية ‪،‬كالعشائر ّية ّ‬ ‫والطائف ّية‬ ‫والعرق ّية‪ ،‬وما ينتج عنها من نظرة تقوم عىل‬ ‫إلغاء اآلخر املختلف وعدم االعرتاف به؟‬ ‫تعترب الدّميقراط ّية مبفاهيمها وآل ّيات عملها‬ ‫املوضوعي لالستبداد والقهر‪ .‬وقد‬ ‫التّضا ّد‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫بدأت تظهر الدعوات املناهضة لالستبداد‬ ‫يف العامل العر ّيب منذ منتصف القرن التّاسع‬ ‫عرش‪ْ ،‬‬ ‫وإن كانت خجولة‪ .‬و ُيع ّد عمل عبد‬

‫‪2‬‬

‫ال ّرحمن‬ ‫الكواكبي» طبائع االستبداد ومصارعُ‬ ‫ّ‬ ‫االستعباد» أ ّول األعامل الفكرية أحد أشهرها‪،‬‬ ‫ْ‬ ‫طالت موضوعة االستبدادومخاطره يف‬ ‫التي‬ ‫عاملنا العريبّ‪.‬‬ ‫بعد سقوط ال ّرجل املريض و َتح ّرر أغلب الدّول‬ ‫العرب ّية من الهيمنة العثامن ّية‪ ،‬ظهرت ت ّيارات‬ ‫فكرية وسياس ّية مختلفة يف العامل العر ّيب‬ ‫ك ُّلها تقريباً‬ ‫ْ‬ ‫رفعت شعارات الح ّر ّية والعدالة‬ ‫تم عىل أرض الواقع كان‬ ‫واملساواة‪ .‬لكنّ ما ّ‬ ‫مناقضاً متاماً ملا هو مرفوع؛ هذا البون ّ‬ ‫الشاسع‬ ‫بني ّ‬ ‫والسياس ّية ّ‬ ‫والشعارات‬ ‫الطروحات الفكر ّية ّ‬ ‫من جهة‪ ،‬والوقائع والنّتائج من جهة أخرى‬ ‫تم املرور عليه مرور الكرام‪ ،‬وعوضاً‬ ‫غالباً ما ّ‬ ‫عن تبيان أسبابه ال ّذات ّية وتح ّمل املسؤولية‪،‬‬ ‫مسؤول ّية الفشل‪.‬‬ ‫فهل يكفي القول‪َّ :‬إن رفع‬ ‫شعارات الح ّر ّية والدميقراط ّية‬ ‫ا ّلتي نراها اآلن يف زمن‬ ‫ال ّربيع العر ّيب كفيل باستبدال‬ ‫االستبداد والتّخلص منه‪ ،‬وبناء‬ ‫دول ومجتمعات دميقراط ّية؟‬ ‫وهل يعني زوال أنظمة‬ ‫االستبداد بالضرّ ورة ظهور‬ ‫أنظمة دميقراط ّية؟‬ ‫ُيستخدم يف أدبيات التّحليل‬ ‫ّفيس مصطلح «مثال األنا»‬ ‫الن ّ‬ ‫مرجع متعالٍ ضمن‬ ‫وهو‬ ‫ٌ‬ ‫النّفس‪ ،‬يقوم مع األنا األعىل‬ ‫أو من خاللها بدو ٍر رقا ّيب عىل‬ ‫ّ‬ ‫الشخص ّية‪ .‬وغالباً ما يكون هذا‬ ‫ًّ‬ ‫املرجع الشعوريا‪ ،‬أي خارج‬ ‫نطاق الوعي‪ ،‬حيث يتم تش ّك ُله‬ ‫يف مرحل ٍة مب ّكر ٍة من العمر‬

‫مأخوذاً بصورة الوالدين‪ ،‬ومتأ ّثراً بسلسلة اآلباء‬ ‫السائدة ويف املجتمع‪ .‬الحقاً‬ ‫ال ّرموز يف ال ّثقافة ّ‬ ‫تطمح النّفس للتّشابه والتّامثل‪ ،‬جزئ ّياً أو كل ّياً‬ ‫مع هذا املرجع‪ ،‬وتخضع له يف الغالب‪.‬‬ ‫فلدى املسلمني قدوة يسعى املؤمن للوصول‬ ‫وبالسلوك هو‬ ‫إليه أو االقرتاب منه بالقول‬ ‫ّ‬ ‫النّبي محمد(ص)‪ ،‬فهو القدوة واملثال‪ ،‬يسعى‬ ‫للسري عىل هدي خطاه ومن‬ ‫جميع املؤمنني ّ‬ ‫الصحابة املشهورين أمثال أيب بكر وعمر‬ ‫ثم ّ‬ ‫َّ‬ ‫ّ‬ ‫وخالد وعيل وآخرين‪..‬‬ ‫ما قادين إىل طرح هذا املوضوع من زاوية‬ ‫األباء ال ّرموز هو مشهدٌ استوقفني طوي ًال‬ ‫عَرضت ُه إحدى الفضائ ّيات العرب ّية ملظاهرة‬ ‫خرجت يف موريتانيا عام ‪ 2008‬تنديداً‬ ‫ْ‬


‫رؤيــة‬ ‫باالجتياح والعدوان اإلرسائي ّ‬ ‫يل عىل غزة‪،‬‬ ‫السابق صدام‬ ‫اقي ّ‬ ‫رافع ًة صوراً لل ّرئيس العر ّ‬ ‫حسني‪ ،‬ويتك ّرر اآلن هذا املشهد حيث نشهد‬ ‫مظاهرات عديدة يف العامل العر ّيب يخرج فيها‬ ‫املواطنني رافعني صوراً لبشار األسد يف مرص‬ ‫واليمن عىل سبيل املثال تنديداً مبا يس ّمى‬ ‫الخارجي عىل سوريا‪.‬‬ ‫العدوان‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫قد يقودنا تحليل هذه الظاهرة إىل كشف‬ ‫النّقاب عن القيم وا ُملثل ا ّلتي يحملها اإلنسان‬ ‫يف العامل العريب‪ ،‬ف ُتسيرِّ سلوكه وتؤ ّثر عىل‬ ‫مواقفه ونظرته لنفسه ولآلخر‪.‬‬ ‫فام هي صورة البطل يف عاملنا العريبّ؟ ما هي‬ ‫الصفات ا ّلتي تجعل منه بط ًال ومرجعاً يف‬ ‫ّ‬ ‫أعني األجيال املتعاقبة ؟ ما هي منجزاته حتّى‬ ‫يتح ّول إىل رمز وقدوة؟ هل هي إسهاماته‬ ‫اإلبداع ّية يف مجال الفكر واألدب؟ هل هي‬ ‫قدرته العالية عىل التّسامح وإحقاق العدالة‬ ‫ولو عىل نفسه؟ هل هي آراؤه وحكمته‬

‫وإنسان ّيته؟ أ ْم بطشه وعنفه؟ عناده وصلفه؟ بعاملنا العريب بالعموم‪ ،‬وسوريا بالخصوص‪،‬‬ ‫ومن هذه ّ‬ ‫الظواهر عىل سبيل املثال‪ّ :‬‬ ‫جربوته وق ّوته؟‬ ‫الشعب ّية‬ ‫ّ‬ ‫التي حظي بها الحكم العسكريّ يف مرص‬ ‫بعد االنقالب عىل نتائج صناديق االقرتاع‪،‬‬ ‫الب َّد أ ّو َال مــن الحديــث‬ ‫السياس ّية يف صفوف‬ ‫وكذلك الصرّ اعات ّ‬ ‫عن تهيئة رّ‬ ‫التبة املنـاسبة‬ ‫السور ّية بني العرب والكرد عىل اسم‬ ‫املعارضة ّ‬ ‫لقيام دولة دميقراط ّية يف‬ ‫الجمهور ّية‪ ،‬والصرّ اعات املس ّلحة والعنيفة ا ّلتي‬ ‫تقع بني الفصائل املس ّلحة العرب ّية واإلسالم ّية‬ ‫سوريا‪ ،‬قبل الحديث عن‬ ‫من جهة والكرد ّية من جهة أخرى يف شامل‬ ‫الدّميقراط ّية نفسها‪.‬‬ ‫ورشق سوريا‪.‬‬ ‫السوريّ ضمن ما ُيس ّمى‬ ‫وبالنّسبة للنّموذج ّ‬ ‫«دول ال ّربيع العريبّ» يغدو الحديث عن‬ ‫يدل مستقبل الدّميقراط ّية حديثاً شائكاً ومحفوفاً‬ ‫َّإن َتغيرُّ املراجع «اآلباء ال ّرموز» هو ما ّ‬ ‫عىل َتغيرّ املجتمعات وتط ّورها‪ ،‬وهو ما بصعوبات عديدة‪ ،‬نظراً ّ‬ ‫للظروف الحال ّية ا ّلتي‬ ‫السوريّ ‪.‬‬ ‫يجعلها مؤهلة لبناء دميقراط ّيات حقيق ّية‪ ،‬مي ّر بها املجتمع ّ‬ ‫كم املعلومات واملعارف ا ُملخزَّنة‪ ،‬أو حيث أ َّنه الب َّد أ ّوالَ من الحديث عن تهيئة‬ ‫وليس ُّ‬ ‫شكل األبنية وق ّوة الجيوش وعدد القنوات الترّ بة املناسبة لقيام دولة دميقراط ّية يف‬ ‫الفضائ ّية وصناديق االقرتاع‪َّ .‬إن ثبات املراجع سوريا‪ ،‬قبل الحديث عن الدّميقراط ّية نفسها‪،‬‬ ‫واستمرار ف ّعال ّيتها يعني وذلك يعتمد عىل تبنّي نهج االعرتاف باآلخر‬ ‫ثبات املجتمعات وبقائها عىل املختلف سواء أكان مختلفاً دينياًّ أو عرق ّياً أو‬ ‫حالها‪ّ ،‬‬ ‫لحة لدى البرش‬ ‫بغض النّظر عن تعاقب سياس ّياً‪ .‬فاالعرتاف حاجة ُم ّ‬ ‫األجيال واألشكال واألسامء‪ .‬سواء أكانوا أفراداً أم جامعات وشعوب‪.‬‬ ‫السوريّ مجتمع متعدّد األعراق‬ ‫وقد أشارمحمد جابر األنصاري فاملجتمع ّ‬ ‫ّ‬ ‫والطوائف وال ّثقافات‪ّ ،‬‬ ‫سابقاً إىل حالة ال ّثبات ا ّلتي‬ ‫وكل طرف منها يضمر‬ ‫وقعت فيها مجتمعاتنا العرب ّية العداء وسوء ال ّن ّية تجاه ّ‬ ‫الطرف اآلخر‪ .‬لقد‬ ‫بقوله‪َّ :‬إن املسألة ليست يف عانت األق ّل ّيات الدّين ّية من اضطهاد طويل‬ ‫إشكال ّية التّنمية وقضاياها كام من قبل األغلب ّية كام عاىن ّ‬ ‫الشعب الكردي من‬ ‫السياس ّية‬ ‫ّ‬ ‫يتم تداولها يف التّقارير الدّول ّية‪ ،‬اضطهاد مامثل من قبل األنظمة ّ‬ ‫بل يف إشكال ّية تح ّول‬ ‫تاريخي التي حكمت باسم العروبة ومن قبل النّخبة‬ ‫ّ‬ ‫بشكل عا ّم‪.‬‬ ‫مل ُينجز‪ ،‬التّح ّول من املجتمع العرب ّية‬ ‫ٍ‬ ‫التّقليديّ ذي النّسيج املتم ّثل َّإن تبنّي سياسة االعرتاف الصرّ يح واالعتذار‬ ‫بالعصب ّيات عىل اختالفها‪ ،‬إىل والتخيل عن عقل ّية التّخوين والتّآمر هي‬ ‫املجتمع الحديث القائم عىل الخطوة األوىل لتهيئة الترّ بة املناسبة الحتامل‬ ‫املؤسسات املدن ّية‪.‬‬ ‫اطي يف سوريا بعد قرون‬ ‫ّ‬ ‫قيام حكم دميقر ّ‬ ‫الضوء عىل هذه طويلة من االستبداد ّ‬ ‫َّ‬ ‫ولعل تسليط ّ‬ ‫والظلم ورفض اآلخر‬ ‫العالقة يساعدنا يف تفسري املختلف‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫تلم‬ ‫الظواهر املتناقضة ا ّلتي ّ‬

‫‪3‬‬


4


‫مالمــح‬

‫فلوكلور قلعة الحصن‬ ‫هنادي محمد‬

‫سجلت قلعة الحصن عىل الئحة‬ ‫قبل سنوات ّ‬ ‫الترّ اث اإلنسا ّين‪ ،‬كمعلم من أهم املعامل‬ ‫الحضار ّية يف العامل‪ .‬إلاّ ّأن تراث هذه املدينة‬ ‫ال يقترص عىل وجود القلعة األثر ‪ ،‬فلدى‬ ‫أهلها من العادات والتّقاليد ما توارثه أبناؤها‬ ‫وحافظوا عليه جي ًال بعد جيل‪.‬‬ ‫ال ّلباس‪:‬‬ ‫احتفظت القلعة برتاثها املتع ّلق بالزي‬ ‫السنّ فيها وبعض النّساء‬ ‫من خالل كبار ّ‬ ‫السنّ ‪ ،‬فكبار السنّ من ال ّرجال‬ ‫ّ‬ ‫املتوسطات ّ‬ ‫السوداء ويضعون عىل‬ ‫يرتدون الرساويل ّ‬ ‫رؤوسهم الكفايف بلونها األحمر أو األبيض‬ ‫والعقال‪ ،‬ويف األعياد يرتدون العباءات‪ ،‬أما‬ ‫النّساء فريتدين األثواب ّ‬ ‫الطويلة وتضع‬ ‫املسنّات منهنّ ما يس ّمى بال ّلفحة‪ ،‬وهي غطاء‬ ‫أبيض يشبه الكوف ّية البيضاء‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫الطعام‪:‬‬ ‫تختلف األطعمة الترّ اث ّية يف القلعة حسب‬ ‫املناسبة‪ ،‬فطعام األعياد هو (الك ّبة املشو ّية)‪،‬‬ ‫تع ّد يف ّ‬ ‫كل منزل ليلة العيد‪ ،‬وقبل العيد بأ ّيام‬ ‫تحضرّ الحلو ّيات التّقليد ّية املعروفة بأقراص‬

‫العيد‪.‬‬ ‫أما طعام األفراح فيس ّمى يف القلعة بالقمح ّية‪،‬‬ ‫وهي األكلة املعروفة يف باقي املدن بالهريسة‪،‬‬ ‫واملك ّونة من القمح املقشور والدّجاج‪.‬‬ ‫طقوس األعراس‪:‬‬ ‫جرت العادة يف قلعة الحصن عىل أن يكون‬ ‫العرس يف يومني‪ ،‬يس ّمى اليوم األول بالحمالن‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ألن النسوة من أهل العريس تحملن يف هذا‬ ‫اليوم موا ّد العشاء يف أطباق من ّ‬ ‫قش عىل‬ ‫رؤوسهنّ إىل بيت العروس حيث يطهى ويقدّم‪،‬‬ ‫وتقام يف هذه ال ّليلة االحتفاالت إ ّما عىل قرع‬ ‫الطبول يف ساحة املدينة‪ ،‬أو ّ‬ ‫بطريقة املتد ّينني‬ ‫السنوات‬ ‫املسماّ ة باملولد وا ّلتي انترشت يف ّ‬ ‫األخرية‪ ،‬يف حني تقام الحفلة النّسائ ّية يف بيت‬ ‫العروس‪ ،‬ويفرتض يف هذه ال ّليلة أن تبدّل‬ ‫املخصص‬ ‫العروس عدّة أثواب عدا األبيض‬ ‫ّ‬ ‫للز ّفة فقط‪.‬‬ ‫اليوم الثاين هو يوم العرس‪ ،‬يبدأ بعد صالة‬ ‫العرص مبارشة حيث يذهب أهل العريس‬ ‫إلحضار العروس‪ ،‬وكانت قبل عقود تجلب عىل‬ ‫ظهر الخيل‪ ،‬ويكون ّ‬ ‫الطعام التّقليديّ مع ّداً يف‬

‫ليتم‬ ‫بيت العريس مبا يكفي املدعوين‪ ،‬ويزيد ّ‬ ‫التّوزيع عىل الجرية واألقرباء‪.‬‬ ‫عند وصول العروس إىل بيت زوجها أو‬ ‫أهله تكون أ ّم العريس قد أعدت ما يس ّمى‬ ‫بالعجينة‪ ،‬وهي قطعة عجني صغرية تعطى‬ ‫للعروس عند وصولها وتقوم بلصقها عىل ميني‬ ‫مدخل البيت داللة عىل دوام االرتباط بينها‬ ‫وبني زوجها وعائلته‪ ،‬وغالباً ما تز ّين بأزهار‬ ‫املوسم وبقطع العملة املعدن ّية‪.‬‬ ‫تتم‬ ‫وتنتهي االحتفاالت يف اليوم التّايل بعد أن ّ‬ ‫دعوة أهل العروس وأقاربها إىل غداء أو عشاء‬ ‫يف بيت أههل العريس‪.‬‬ ‫يعقب هذه الدعوة دعوة مقابلة بعد فرتة ‪،‬‬ ‫تزور فيها العروس أهلها للم ّرة األوىل وتس ّمى‬ ‫(ردّة القدم)‪.‬‬ ‫طقوس العزاء‪:‬‬ ‫كغالبية املناطق املسلمة يجري العزاء يف‬ ‫القلعة خالل األيام ال ّثالثة بعد دفن امليت‪،‬‬ ‫وتلتزم بعض العائالت بقض ّية املسؤول ّية عن‬ ‫إطعام أهل امليت خالل هذه الفرتة لكنّها‬ ‫ليست عرفاً ملتزماً‪.‬‬ ‫قبل سنوات كان هناك التزام‬ ‫باألسبوع واألربعني‪ ،‬يطهى يف‬ ‫هذين اليومني الطعام ويو ّزع‬ ‫عىل عدد كبري من أهايل املدينة‪.‬‬ ‫بينام تحتفظ األرس املسيح ّية يف‬ ‫املدينة بااللتزام بالعزاء يف هذين‬ ‫اليومني‪.‬‬ ‫واليوم ونتيجة نزوح الكثريين‬ ‫من اهايل املدينة ال ندري إذا‬ ‫كان الباقون من أهايل القلعة‬ ‫سيحافظون عىل هذا الترّ اث‪ ،‬وإذا‬ ‫كان النّازحون منهم سينقلونه إىل‬ ‫حيث يتواجدون اليوم‪.‬‬

‫‪5‬‬


‫العدسـة أنثى‬

‫واقع تدريب النساء وبناء قدراتهن ‪....‬‬ ‫هل تسهم الورشات التدريبية فعال في تمكين المرأة ؟‬

‫ياسمني مرعي‬

‫نشطت خالل العامني املاضيني حركة تأهيل‬ ‫السور ّيني من قبل ّ‬ ‫منظامت‬ ‫وتدريب النّشطاء ّ‬ ‫عديدة سور ّية وأجنب ّية‪ ،‬تعمل عىل رفع سو ّية‬ ‫السور ّية يف املجاالت اإلعالم ّية‪،‬‬ ‫الخربات ّ‬ ‫السلم األهليّ‬ ‫ّ‬ ‫وفض ال ّنزاعات والعدالة‬ ‫وقضايا ّ‬ ‫الخاصة‬ ‫االنتقال ّية‪ ،‬إضافة إىل برامج التّدريب‬ ‫ّ‬ ‫السياس ّية‪ ،‬وقيادة العمل ّيات‬ ‫بإعداد القيادات ّ‬ ‫االنتخاب ّية ومراقبتها‪.‬‬ ‫وتشهد ورشـــات العـــمل حضــوراً ملحوظاً‬ ‫للعنــرص النّــسا ّيئ‪ ،‬كام ّأن بعض البــــــرامج‬ ‫تخصص لتـدريبهنّ ‪ ،‬وهو مؤشرّ ميكن اعتباره‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫السور ّية‬ ‫إيجاب ّيا فيمــا يتعلق مبستقبل املرأة ّ‬ ‫ا ّلتي عانـــت خــالل العقود املاضية تهميشاً‬ ‫السياس ّية واالجتامعية‬ ‫وإقصاءاً عن الحيــــاة ّ‬ ‫وما تزال تعاين‪.‬‬

‫تنـصب الجــهود وكيــــف‬ ‫أين‬ ‫ُّ‬ ‫تثمر؟‬

‫السور ّية خالل الحراك القائم‬ ‫أثبتت املرأة ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّأن لديها طاقات كبرية مل تتح الظروف‬ ‫السائدة لها إظهارها‬ ‫السياس ّية ّ‬ ‫االجتامع ّية وال ّ‬ ‫من قبل؛ فمنذ بدء الحراك وهي تقوم بأدوار‬ ‫ومسؤول ّيات ال ّ‬ ‫تقل عماّ يقوم به ال ّرجال عىل‬ ‫صعيد اإلغاثة والخدمات‪ ،‬وإن كانت مل تلعب‬ ‫يايس‪.‬‬ ‫الس ّ‬ ‫دوراً كافياً بعد عىل املستوى ّ‬ ‫النّاشطة رزان شلب الشام ترى ّأن إعداد‬ ‫الكوادر النّسائ ّية يف الفرتة الحال ّية مي ّهد‬ ‫السور ّية بق ّوة مستقب ًال يف مجال‬ ‫لدخول املرأة ّ‬ ‫السياسة‪ ،‬وتوعيتها عىل حقوقها ا ّلتي حرمت‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫منها طيلة عقود مضت‪ ،‬كام أن إعداد الكوادر‬ ‫السياس ّية ا ّلنسائية من أهم الخطوات اللت ‬ ‫ّ‬

‫‪6‬‬

‫ي يجب الرتكيز عليها حال ّياً‪ ،‬فالنساء مي ّثلن‬ ‫السوريّ ‪ ،‬ومتكينهنّ‬ ‫رشيحة كبرية يف املجتمع ّ‬ ‫سياس ّياً حقّ مرشوع لهنّ ليك اليه ّمشن‬ ‫كغريهنّ من نساء دول ال ّربيع العريبّ‪.‬‬ ‫فيام ترى الدّكتورة صبا الحكيم مسؤولة‬ ‫مكتب املرأة يف املجلس الوطني السوري ّأن‬ ‫السور ّيات بحاجة للتّأهيل‪ّ ،‬‬ ‫ألن املرأة‬ ‫النساء ّ‬ ‫السورية ه ّمشت لوقت طويل وكانت بعيدة‬ ‫ّ‬ ‫عن املشاركة‪.‬‬ ‫وال ميكن إنكار فائدة التّدريب للنّساء األعضاء‬ ‫يف املجالس املح ّل ّية‪ّ ،‬‬ ‫يشجع‬ ‫وألن هذا التّواجد ّ‬ ‫السور ّية عىل املشاركة وتكمن أهمية‬ ‫املرأة ّ‬ ‫الورشات يف تقوية معلوماتها وزيادة خربتها‪،‬‬ ‫وهو حسب هبة الله‪ ،‬عضو املجلس املحليّ يف‬ ‫اتيجي‪.‬‬ ‫دير الزّور يع ّلمها التّخطيط االسرت ّ‬ ‫كل ّ‬ ‫وقد ال تتناسب ّ‬ ‫الطروحات ا ّلتي تقدّمها‬ ‫السوري‪ ،‬ل ّكنها‬ ‫برامج التّدريب مع الواقع ّ‬ ‫الوطني‬ ‫حسب دلشا أيو (نائبة رئيس املجلس‬ ‫ّ‬ ‫السور ّيات من‬ ‫الكرديّ سابقا) تسهم يف إخراج ّ‬ ‫األجواء التّقليد ّية‪ ،‬لذا فعليهن مسايرة الواقع‬ ‫للوصول إىل ال ّلحظة التي ميكن فيها تطبيق‬ ‫هذه األفكار يف حال شعرن أ ّنهن بعيدات‬ ‫أسايس‬ ‫عن واقعهنّ الحا ّيل‪ ،‬فدور النّساء‬ ‫ّ‬ ‫السوريّ ّ‬ ‫السالح ال ميكن‬ ‫ألن ّ‬ ‫يف املستقبل ّ‬ ‫أن يحسم األوضاع ويقدّم حلاّ ً عىل األرض‪.‬‬ ‫هنالك قض ّية جديرة باالهتامم فيام يتع ّلق‬ ‫بتأهيل العنرص النّسا ّيئ وإدخاله تدريج ّياً‬ ‫إىل حيث يجب أن تسهم املرأة مبا متلكه من‬ ‫خربات‪ ،‬وهو العمل عىل تأهيل ال ّرجل ال ّذي‬ ‫أسهم يف إقصائها نتيجة ق ّلة وعيه بإمكاناتها‪،‬‬ ‫حسان أيو بقوله‪ :‬أنا‬ ‫وهذا ما يؤ ّكده املد ّرب ّ‬ ‫ض ّد تأهيل النّساء وحدهنّ ‪ ..‬يجب تأهيلهنّ‬

‫مع ال ّرجال جنباً إىل جنب‪ ،‬ويرى ّأن طرح‬ ‫قضايا الجندر ّية وتعريف املرأة بحقوقها‬ ‫الخاصة بها أجدى يف املرحلة‬ ‫وباالتفاقيات‬ ‫ّ‬ ‫الحال ّية مماّ يتم تدريبهنّ عليه ليك يتمكنّ‬ ‫من فهم املساواة فه ًام سلي ًام ميكنّهنّ من‬ ‫تب ّوء أماكنهنّ الصحيحة يف سوريا املستقبل‪.‬‬

‫السورية وموقعها قبل وبعد‬ ‫املرأة ّ‬ ‫الحراك‪:‬‬

‫السور ّية كانت تتمتّع‬ ‫يرى البعض ّأن املرأة ّ‬ ‫السياس ّية واالجتامع ّية‬ ‫بح ّيز مشاركة يف الحياة ّ‬ ‫وإن اتسمت هذه املشاركة باالنتقائية يف‬ ‫منح املرأة دورها يف سوريا حسب إحدى‬ ‫لناشطات الحقوق ّيات‪ ,‬ففي العموم كانت‬ ‫مساهمة ومشاركة قبل الحراك؛ وال أحد‬ ‫يستطيع أن ينكر وجود الوزيرة ‪-‬وإن مل تكن‬ ‫وزارات سياد ّية‪ -‬ووجدنا القاضية ونائبة‬ ‫رئيس الجمهورية‪ .‬وقياساً بالدّول العرب ّية‬ ‫السور ّية مهمشة يف املجتمعات‬ ‫فاملرأة ّ‬ ‫ال ّريفية فقط‪.‬‬ ‫لكنّها تبدي قلقاً عىل دور املرأة بعد الحراك‪ّ ،‬‬ ‫ألن‬ ‫هناك عدة مؤرشات تنذر بتهميشها‪ .‬وتقول‪:‬‬ ‫الحظي أنه بعد توسعتني يف االئتالف لدينا‬ ‫تم‬ ‫‪ 7‬نساء (فقط)‪ ،‬وال ندري عىل أيّ أساس ّ‬ ‫االختيار فهناك العديد من إشارات االستفهام‬ ‫حول كيف ّية رّ‬ ‫الت ّشح والنّجاح وتوزيع املهامّ‪.‬‬

‫عن املد ّربني األجانب وآل ّية التّواصل‬ ‫بينهم وبني املشاركني يف الورشات‪:‬‬

‫يعتمد عدد كبري من ّ‬ ‫املنظامت القامئة عىل‬ ‫السور ّيني‬ ‫برامج تديب وتأهيل النشطاء ّ‬


‫العدسـة أنثى‬ ‫عىل مد ّربني أجانب‪ ،‬وهذه ّ‬ ‫الظاهرة تلقى‬ ‫استحسان البعض واستهجان اآلخرين من‬ ‫املتد ّربني الس ّيام ا ّلذين ال يتقـنون اإلنجليز ّية‪.‬‬ ‫وتخلق الحاجة للمرتجمني ه ّوة بني املد ّربني‬ ‫واملتد ّربني‪ ،‬كام ّأن اختالف ال ّثقافة والتّجارب‬ ‫يو ّلد حالة من عدم القدرة عىل التّواصل بني‬ ‫بعض املتد ّربني وبني املد ّربني‪.‬‬ ‫أحدى النّاشطات ال ّلوايت خضعن للتّدريب‬ ‫مع مد ّربني أجانب تقول‪ :‬ليس لدينا مد ّربني‬ ‫سوريني‪ ،‬وأنا أمتنّى أن يكون املد ّرب دامئاً‬ ‫عرب ّياً أو يتك ّلم ال ّلغة العرب ّية‪ ،‬فعامل ال ّلغة‬ ‫أسايس يف إيصال الفكرة‪ ،‬ونادرا ما تصلني‬ ‫ّ‬ ‫الفكرة من املرتجم فقد يضيع الكثري منها‬ ‫وربا يوصلني انقطاع التّل ّقي إىل امللل فأخرج‬ ‫مّ‬ ‫عن املوضوع للتّفكري يف أشياء أخرى‪ ،‬يف حني‬ ‫يكون التّواصل أفضل عندما يتك ّلم املد ّرب‬ ‫بالعرب ّية‪.‬‬ ‫هناك من يشري إىل عدم معرفة املد ّرب‬ ‫األجنبي بأوضاعنا ّ‬ ‫بالشكل األمثل‪ ،‬فهو خارج‬ ‫ّ‬ ‫واقعنا ا ّلذي نأيت منه بالكثري من االنفعال‪،‬‬ ‫لنتل ّقى (يأتون) أمثلة يحاولون إسقاطها عىل‬ ‫واقعنا مع أ ّنها ال تشبه ظروفنا‪ ،‬وهذا يس ّبب‬ ‫لنا الكثري من العصب ّية‪.‬‬ ‫البعض يرى يف وجود املد ّربني األجانب الكثري‬ ‫من املنفعة‪ ،‬دلشا أيو تقول ‪:‬يعطوننا فكرة‬ ‫عن يشء أنجز وليس من الرضورة ان نط ّبقها‬ ‫بحذافريها بعد فرتة الحرب‪ ،‬إذ ميكن لنا ان‬ ‫نأخذ منها ما يشبه واقعنا‪ ،‬وأمتنى أن يتم‬ ‫انتقاء بعض املتدربني املتميزين ويتم العمل‬ ‫عليهم ليصبحوا مدربني‪ .‬وتؤيدها رئيفة‬ ‫سميع عضو املجلس املحليّ يف إدلب فيام‬ ‫يتع ّلق بالرغبة يف أن يكون املد ّربون سور ّيني‪.‬‬

‫ّ‬ ‫ودورهن يف بناء‬ ‫عن املتد ّربات‬ ‫سوريا املستقبل‪:‬‬

‫إحدى الناشطات الحقوقيات والتي تدربت‬

‫السياس ّية تقول‪:‬‬ ‫يف ورشة إلعداد القيادات ّ‬ ‫غالب ّية ا ّللوايت يحرضن التّدريب يغادرن‪،‬‬ ‫وال يجرين لقاءات مع الناس يف الدّاخل‪،‬‬ ‫رمبا بسبب الظروف يف الداخل وغياب‬ ‫الكهرباء ووسائل االتصال‪ .‬وعليه فعمل ّيات‬ ‫التدريب التي تتم ال تأخذ حقها يف الداخل‬ ‫من االنتشار‪ ،‬لكن الدورات يشء مؤثر جدا‪،‬‬ ‫ونقطة املاء تستطيع مع مرور الوقت أن‬ ‫تحدث أثراً يف الصخر‪.‬‬ ‫تضيف قائلة‪ :‬أن فقدان األمان يف الداخل‬ ‫والخوف عىل األبناء الذين نرتكهم يف الداخل‬ ‫ونأيت لحضور الورشة يحد من عملنا رمبا‬ ‫عىل األرض مع ذلك نحن لن نستسلم بل‬ ‫سنعمل عىل تثقيف املرأة وتوعيتها بدورها‬ ‫ألنها إن قررت العمل فستحقق املعجزات‪.‬‬

‫إيجاب ّيات التّدريب‪:‬‬

‫تسهم ورشات العمل يف خلق جو من التعارف‬ ‫وتبادل الخربات والتجارب بني السوريات‬ ‫من مناطق مختلفة وتتيح بناء شبكات من‬ ‫العالقات‪ ،‬كام تسمح باالطالع عىل اآلخر‬ ‫وثقافته‪.‬‬ ‫رئيفة سميع تقول‪ :‬التدريبات بالعام جيدة‬ ‫وتسلط الضوء عىل قضايا تكون غائبة عن‬ ‫أذهاننا‪ ،‬يف ورشة عن العدالة االنتقالية‬

‫تم لفت نظرنا إىل أهمية التوثيق وهذا‬ ‫موضوع كان غائبا عن ذهني‪ ،‬وأهم إيجابية‬ ‫للورشات هي التعارف بني الناشطات‪ ،‬فبغري‬ ‫هذه األجواء ما كان لنا أن نلتقي‪ ،‬وتتكون‬ ‫بيننا مثل هذه العالقات‪ ،‬وهذا سيفيدنا يف‬ ‫املستقبل يف خلق أدواتنا ألن العالقات التي‬ ‫نشأت بيننا تشعبية وستساعد عىل بناء السلم‬ ‫األهيل وأظن أن تجربتنا ستكون رائدة‪.‬‬ ‫فيام تشري دلشا أيو إىل إيجابيات أخرى‬ ‫عندما تقول‪ :‬إننا وإن مل نتك ّلم عىل انتامءاتنا‬ ‫املختلفة لكنها تثبتت يف أذهاننا بسبب تع ّرفنا‬ ‫عىل أشخاص من هذه املناطق‪ .‬وقد رصت‬ ‫أفكر باألشخاص بغض النظر عن االنتامءات‬ ‫الدينية والعرقية ورصت أتكلم عنهم ملعاريف‪،‬‬ ‫فض ًال عن ّأن هذه الورشات تعطيني خطة‬ ‫للعمل‪.‬‬ ‫وتبقى عمل ّيات التّأهيل التي تخضع لها‬ ‫النساء السوريات تجربة جديدة بالنسبة لهن‪،‬‬ ‫لكنها تجربة كرست الكثري من الحواجز التي‬ ‫كانت موجودة سابقاً يف حياتهنّ ‪ ،‬وفتحت‬ ‫لهنّ آفاقاً معرفية جديدة‪ ،‬وهي يوماً بعد‬ ‫يوم تؤكد عىل ان املرأة السورية لديها من‬ ‫الطاقات ما سيجعلها عنرصاً فعاالً يف بناء‬ ‫سوريا املستقبل‪.‬‬

‫‪7‬‬


‫احملـــرق‬

‫في شأن السجين السياسي والمعتقل السياسي‬ ‫مأمون جعربي‬

‫يدخل ثالثة أشخاص إىل قاعة املحارضات يف‬ ‫كلية الهندسة الكهربائية ويطلبونني باالسم‬ ‫ويعم‬ ‫فيوقف الدكتور املحارض محارضته‬ ‫ّ‬ ‫الصمت ‪ .....‬أقف ثم أميض سائراً للمجهول ‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫عند باب القاعة وضع كيس يف رأيس‪ ،‬ويداي‬ ‫وراء ظهري مقيدتان بــ(الكلبشات) إيذاناً‬ ‫برحلة الفناء‪ .‬بات الرقم بدي ًال عن اسمي‪،‬‬ ‫ومل يتسن يل حيازة رشف أن أكون معتق ًال‬ ‫سياسياً باملعنى املتعارف عليه ألنني غيبت‬ ‫قرسياً‪ ،‬ففي القوانني العاملية‪ ،‬ومنها القانون‬ ‫السوري املغدور هنالك ما ينص عىل عدم‬ ‫جواز احتجاز حرية إنسان دون مذكرة تصدر‬

‫‪8‬‬

‫عن جه ٍة قضائية‪ ،‬ويرتتب عىل ذلك جملة‬ ‫من الحقوق التي تفرضها املواثيق التي توقع‬ ‫عليها الدول كرشط الحتجاز حرية إنسان اياً‬ ‫كانت تهمته‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫أما إذا كنت سجينا سياسيا –حسب املواثيق‬ ‫والرشعة الدولية‪ -‬ستنال حقوقاً أكرث ورشوط‬ ‫احتجاز مثالية ومعرفتي بكل هذا مل تكن‬ ‫لتغنيني عن اتخاذ قرار املحافظة عىل حيايت‬ ‫أيام االعتقال يف ظروف تتناىف مع أبسط‬ ‫مقومات الحياة و اإلنسانية‪.‬‬ ‫بالعودة اىل املفهوم نجد أن السجني السيايس‬ ‫هو من صدرت بحقه مذكرة اعتقال صادرة‬

‫عن جهة قضائية‪ ،‬ومهمة األجهزة األمنية التي‬ ‫تعترب جهة تنفيذية هي تنفيذ األمر القضايئ‬ ‫وتوجيه التهمة السياسية بنا ًء عىل اعتناق‬ ‫املتهم فكراً سياسياً يؤدي ‪-‬يف مامرسته‪ -‬إىل‬ ‫تهديد كيان الدولة‪ ،‬ويصدر الحكم عليه بنا ًء‬ ‫عىل مواد قانونية تج ّرمه بعد محاكمة أصولية‬ ‫تراعى فيها جميع الحقوق املنصوص عليها يف‬ ‫رشعة حقوق اإلنسان‪ ،‬تنص القوانني السورية‬ ‫عىل ذلك أيضا بيد أن الجهات التنفيذية يف‬ ‫الدول الدكتاتورية تتجاوز كل السلطات‬ ‫القضائية والدساتري والقوانني الترشيعية‬ ‫وبالتايل يتحول «السجني السيايس» اىل‬ ‫«معتقل سيايس» أو «مغيب قرسياً»‪.‬‬ ‫فهل من املعقول أن تغفل اإلضافات عىل‬ ‫معاهدات وقوانني حقوق االنسان مفهوم‬ ‫املعتقل أو املغيب قرسيا؟‬ ‫مؤخرا أصبح ملف املعتقلني السياسيني‬ ‫واملغيبني قرسياً من أهم امللفات الحقوقية‬ ‫الضاغطة عىل السلطة السورية‪ ،‬وخاصة‬ ‫أن عدد املعتقلني السياسيني تجاوز عرشات‬ ‫اآلالف‪ ،‬وقبل قيام الثورة حاولت السلطة‬ ‫السورية إغالق امللف عن طريق تحويل‬ ‫املعتقلني إىل سجناء سياسيني من خالل‬ ‫محاكم صورية (محكمة أمن الدولة) وإعداد‬ ‫لوائح تهم وأحكام جاهزة تجد لها ما يدعمها‬ ‫يف الدستور السوري‪ ،‬وتستطيع من خاللها‬ ‫تجرميهم فع ًال عرب إجراء محاكامت صورية‬ ‫لجزء من املعتقلني تحت مفهوم النشاط‬ ‫السيايس‪ ،‬وصدرت مجموعة من األحكام‬ ‫تراوحت من سنتني وصوالً اىل ‪ 20‬سنة مع‬ ‫التجريد من الحقوق التي يتمتع بها املواطن‬ ‫السوري‪ ،‬مع اإلشارة إىل أن هذه املحاكم مل‬ ‫يعرتف بها عاملياً الفتقارها متاماً اىل أصول‬


‫احملـــرق‬

‫املحاكامت‪.‬‬ ‫كام أن االعرتاف باملحتجز كسجني من أي‬ ‫نوع كان وتحديدا فئة «السجني السيايس»‬ ‫يرتتب عليه مجموعة من الحقوق التي‬ ‫يجب أن تراعى طيلة فرتة السجن‪ ،‬والجهة‬ ‫التي متنعه عن هذه الحقوق تصبح مخالفة‬ ‫للدساتري العاملية وتج ّرم عىل مخالفتها‪ ،‬ألن‬ ‫االلتزام بهذه الحقوق يفرض رشعاً عىل أي‬ ‫جهة يك يصبح معرتف عليه دولياً الحدود‬ ‫األساسية للتعامل االنساين ومتنع االنزالقات‬ ‫إىل سلوكيات تشابه تلك املتبعة من يف ظل‬ ‫األنظمة الدكتاتورية ‪.‬‬ ‫االتفاقية الدولية لحامية جميع األشخاص‬ ‫من االختفاء القرسي‪:‬‬ ‫اعتمدت ونرشت عىل املأل وفتحت للتوقيع‬ ‫والتصديق واالنضامم مبوجب قرار الجمعية‬ ‫العامة لألمم املتحدة رقم ‪ 177/61‬املؤرخ‬ ‫يف ‪ 20‬كانون األول‪/‬ديسمرب ‪2006‬‬ ‫املادة ‪17‬‬ ‫يتعني عىل كل دولة طرف‪ ،‬يف إطار‬ ‫ترشيعاتها‪ ،‬القيام مبا ييل‪:‬‬ ‫ تحديد الرشوط التي تجيز إصدار أوامر‬‫الحرمان من الحرية‪.‬‬ ‫ تعيني السلطات املؤهلة إلصدار أوامر‬‫الحرمان من الحرية‪.‬‬ ‫ ضامن عدم إيداع الشخص الذي يحرم‬‫من حريته إال يف مكان معرتف به رسميا‬ ‫وخاضع للمراقبة‪.‬‬ ‫ ضامن حصول كل شخص يحرم من حريته‬‫عىل إذن لالتصال بأرسته أو محاميه أو أي‬ ‫شخص آخر يختاره‪ ،‬وتلقي زيارتهم‪ ،‬رهناً‬ ‫فقط مبراعاة الرشوط املنصوص عليها يف‬ ‫القانون‪ ،‬وضامن حصول األجنبي عىل إذن‬ ‫لالتصال بالسلطات القنصلية لدى بلده‬ ‫وفقا للقانون الدويل الواجب التطبيق‪.‬‬ ‫‪ -‬ضامن سبل وصول كل سلطة ومؤسسة‬

‫مختصة ومؤهلة مبوجب القانون إىل أماكن‬ ‫االحتجاز‪ ،‬وذلك عند الرضورة‪ ،‬بإذن مسبق‬ ‫من سلطة قضائية‪.‬‬ ‫ ضامن حق كل شخص يحرم من حريته‪،‬‬‫ويف حالة االشتباه يف وقوع اختفاء قرسي‪،‬‬ ‫حيث يصبح الشخص املحروم من حريته غري‬ ‫قادر عىل مامرسة هذا الحق بنفسه‪ ،‬حق كل‬

‫شخص لـه مصلحة مرشوعة كأقارب الشخص‬ ‫املحروم من حريته أو ممثليهم أو محاميهم‪،‬‬ ‫يف جميع الظروف‪ ،‬يف الطعن أمام محكمة‬ ‫تبت يف أقرب وقت يف مرشوعية حرمانه‬ ‫من حريته وتأمر بإطالق رساحه إذا تبني أن‬ ‫حرمانه من حريته غري مرشوع‪.‬‬

‫‪9‬‬


‫استقصــاء‬

‫الجزيرة‬ ‫أزمة الدواء في منطقة ّ‬ ‫تحقيق‪ :‬كامل أوسكان‬

‫فاطمة املمدّدة عىل فراشها بجسدها املنهك‬ ‫واألنني ال يفارقها تقول بصوت مبحوح‪ :‬األمل‬ ‫ّ‬ ‫‪...‬أفضل املوت عىل الحياة يك‬ ‫مل يعد يطاق‬ ‫يرتاح أبنايئ وزوجي‪.‬‬ ‫تبلغ فاطمة من العمر ‪ 47‬سنة‪ ،‬وتقطن مع‬ ‫أرستها مدينة الدرباس ّية الحدود ّية ؛اضط ّرت‬ ‫إلجراء عمل ّية برت لساقها منذ ‪ 3‬سنوات بسبب‬ ‫استفحال القدم السكر ّية لديها‪ ،‬وأجربت عىل‬ ‫مالزمة الفراش واالستغراق يف رتابة أوقات‬ ‫جرعات الدّواء ا ّلتي باتت املنفذ الوحيد‬ ‫لتخفيف آالمها‪ ،‬غري ّأن الواقع تغيرّ ومل تعد‬ ‫تحتمل نوبات الوجع عىل إثر فقدان األدوية‬ ‫الصح ّية‬ ‫املطلوبة من الصيدليات واملراكز ّ‬ ‫التّابعة للدّولة يف منطقة الجزيرة‪.‬‬ ‫تعاين هذه املنطقة نقصاً حا ّداً يف جميع‬ ‫الصيادلة‬ ‫أنواع األدوية وفق ما أوضح أحد ّ‬ ‫يف مدينة الدّرباس ّية والذي فضل عدم ذكر‬ ‫اسمه قائ ًال‪:‬إ ذا ما استم ّر الوضع عىل ما هو‬ ‫الصيدل ّيات بسبب‬ ‫عليه فقد نضطر إىل إغالق ّ‬ ‫عدم تو ّفر األدوية يف مستودعات ومخازن‬ ‫قامشلو‪.‬‬

‫األدويــة اإلسعاف ّيــة والعالجيـــ ّـة‬ ‫املفقودة‬

‫إذا تو ّفرت األدوية اإلسعاف ّية ميكن لها أن‬ ‫تنقذ أرواح املصابني بأمراض مزمنة‪ ،‬مثل‬ ‫أدوية الجلطة (نرتوكلسريين) ا ّلتي توضع‬ ‫تحت ال ّلسان‪ ،‬و(ال ّلصقات القلب ّية) وإبر‬ ‫الخاصة بحاالت‬ ‫(الكليكسان)‪ ،‬واألدوية‬ ‫ّ‬ ‫الخاصة‬ ‫الوالدة مثل إبر (األنتيدي) واألدوية‬ ‫ّ‬ ‫بالنّزيف‪ ،‬وتنظيم الدّورة ّ‬ ‫الشهر ّية لدى‬ ‫النّساء مثل (نوركولوت – سايكلو جينون –‬ ‫الخاصة باألطفال‪،‬‬ ‫اسرتاديان) وإبر (الروسيف) ّ‬

‫‪10‬‬

‫باإلضافة إلبر (األنسولني) ملرىض السكري‪ .‬كام‬ ‫للس ّل‪،‬‬ ‫توجد حاجة ّ‬ ‫ماسة إىل األدوية املعالجة ّ‬ ‫والس ّكر‬ ‫والتهاب الكبد الوبا ّيئ وضغط الدّم ّ‬ ‫والسرّ طان واألدوية املستخدمة يف غسيل‬ ‫الكىل ملرىض الفشل الكلويّ ‪ّ ،‬‬ ‫كل هذه األدوية‬ ‫الصيدل ّيات واملشايف واملراكز‬ ‫مفقودة من ّ‬ ‫الصح ّية‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫وبحسب تقارير ّ‬ ‫الص ّحة العامل ّية ا ّلتي‬ ‫منظمة ّ‬ ‫تر ّد أسباب هذا النّقص الحا ّد يف األدوية إىل‬ ‫تصاعد العنف واالشتباكات يف سوريا‪ ،‬وا ّلتي‬ ‫ألحقت الضرّ ر مبصانع األدوية يف حلب‬ ‫وحمص وريف دمشق‪ ،‬حيث ترت ّكز ‪ %90‬من‬ ‫مصانع األدوية يف البالد‪.‬‬

‫الجزيرة‬ ‫الواقع ّ‬ ‫الص ّح ّي يف مــنطقة ّ‬

‫الجهات ذات‬ ‫مج ّلة‬ ‫التقت مع جميع ّ‬ ‫الصلة بتوفري األدوية والخدمات الط ّب ّية يف‬ ‫ّ‬ ‫مدينة قامشلو يف محاولة لتسليط ّ‬ ‫الضوء عىل‬ ‫هذا املوضوع ا ّلذي يع ّد حاجة أساس ّية مرتبطة‬ ‫وصحتهم‪.‬‬ ‫بحياة املواطنني ّ‬ ‫الص ّحة يف قامشلو‬ ‫توجهت‬ ‫إىل مدير ّية ّ‬ ‫ّ‬ ‫كونها ما تزال متارس عملها‪ ،‬وهي الجهة‬

‫الحكوم ّية املسؤولة عن توفري األدوية ا ّلتي‬ ‫كانت الدّولة تتك ّفل بدعمها وتقدميها بشكل‬ ‫الخاصة‬ ‫الص ّح ّية‬ ‫ّ‬ ‫مجاين للمواطن عرب مراكزها ّ‬ ‫باألمراض املزمنة‪.‬‬ ‫الص ّح ّية‬ ‫وعن مدى تو ّفر األدوية يف املراكز ّ‬ ‫يقول الدّكتور عبدالفتّاح ال ّنزال رئيس املنطقة‬ ‫‪:‬األدوية‬ ‫الص ّح ّية يف قامشلو ملج ّلة‬ ‫ّ‬ ‫ويتم توزيعها عىل املرىض حسب‬ ‫متو ّفرة‬ ‫ّ‬ ‫الحاجة « ويضيف «سابقاً كنّا نعطي املرىض‬ ‫ما يكفيهم لعدّة أشهر‪ ،‬لكنّنا أصبحنا اآلن‬ ‫أكرث تقنيناً يف التّوزيع‪ ،‬نظراً ّ‬ ‫للظروف‬ ‫وصعوبة توفري الدّواء‪ ،‬بحيث ترصف عبوة‬ ‫الدّواء للمريض مبج ّرد انتهاء العبوة ا ّلتي‬ ‫الص ّح ّية‬ ‫بحوزته» ويوضح ال ّنزال ّأن املراكز ّ‬ ‫تعمل بشكل متواصل وتقدّم خدماتها وفق‬ ‫الحالة االعتياد ّية‪.‬‬ ‫الص ّحة‬ ‫الصادرة عن وزارة ّ‬ ‫وتشري اإلحصائ ّيات ّ‬ ‫الس ّكان كانوا قبل‬ ‫السور ّية ّأن ‪ %52.7‬من ّ‬ ‫ّ‬ ‫َّ‬ ‫املجان ّية‪ ،‬وكذلك‬ ‫املعالجة‬ ‫ون‬ ‫ق‬ ‫يتل‬ ‫الحرب‬ ‫ّ‬ ‫األدوية املضادّة للعديد من أمراض القلب‬ ‫والس ّكريّ ‪.‬‬ ‫واألوعية‪ ،‬وال ِكىل وأمراض السرّ طان ّ‬ ‫وما يزال الكثري من هؤالء املرىض يعتمدون‬


‫استقصــاء‬ ‫عىل األدوية املصنَّعة مح ّل ّياً ا ّلتي مل َي ُعد‬ ‫مبقدورهم اآلن الحصول عليها وفق ما يؤكده‬ ‫الص ّح ّية‪،‬‬ ‫املراجعون‬ ‫واملسجلون لدى املراكز ّ‬ ‫ّ‬ ‫ومن َث ّم ّ‬ ‫فإن نقص هذه األدوية ينذر بعواقب‬ ‫كارث ّية عىل املصابني بأمراض مزمنة‪.‬‬

‫أصحاب املستودعـــات وإيصـــال‬ ‫الدّواء إىل املنطـقـة‬

‫يوضح ال ّنزّال أ ّنه ال عالقة للجهات الحكومية‬ ‫الصيدل ّيات‬ ‫باألدوية العالج ّية‪ ,‬فهي تو ّزع عىل ّ‬ ‫من قبل رّ‬ ‫الخاصة‪ .‬وإذا كان هناك‬ ‫الشكات‬ ‫ّ‬ ‫نقص يف هذه األدوية فأسبابه عائدة‬ ‫لتو ّقف معظم رشكات األدوية عن اإلنتاج‪،‬‬ ‫وصعوبة وصول الدّواء اىل محافظة الحسكة‬ ‫األمني‪ ،‬وافتقاد املحافظة‬ ‫بسبب الوضع‬ ‫ّ‬ ‫إىل رشكات ومعامل لتصنيع األدوية‪.‬‬

‫عىل طريق منطقة الباب يف ريف حلب»‪،‬‬ ‫يتم فيها نهب‬ ‫وهي ليست امل ّرة األوىل ا ّلتي ّ‬ ‫خاصة مبستودعه‪،‬حيث احتجزت‬ ‫شحنات ّ‬ ‫وتم‬ ‫شحنة أخرى له عىل طريق ديرالزّور ّ‬ ‫قطاع ّ‬ ‫اسرتدادها عرب التّفاوض مع ّ‬ ‫الطرق‬ ‫عن طريق رشكة ّ‬ ‫الشحن‪ ،‬حيث دفعت فدية‬ ‫بقيمة مليو ّين لرية سور ّية‪ .‬ويضيف‪ :‬إذا‬ ‫ما استم ّر الوضع عىل ما هو عليه سيضط ّر‬ ‫العديد من أصحاب املستودعات إىل إغالقها‪.‬‬

‫املسجلني لدى منطقة‬ ‫أعداد‬ ‫ّ‬ ‫سجالت‬ ‫ّ‬ ‫الص ّح ّية يف قامشلو وفق ّ‬ ‫الص ّحة عىل النّحو التّايل‪:‬‬ ‫مدير ّية ّ‬ ‫الس ّكريّ ‪،1600‬‬ ‫مرىض ّ‬ ‫السامء‬ ‫إن وجد الدّواء فأسعــاره يف ّ‬ ‫مرىض القلب‪، 1300‬الحمى‬ ‫عىل ضوء هذا الواقع تكاد املنطقة تخلو من‬ ‫املالطية‪ ،150‬لشامنيا ‪. 110‬‬ ‫الدّواء يف ّ‬ ‫ظل وصول ك ّم ّيات قليلة ال تكفي ربع‬ ‫وإىل نفس ال ّرأي يذهب أصحاب املستودعات‬ ‫الخاصة يف منطقة‬ ‫ومعتمدو رشكات األدوية‬ ‫ّ‬ ‫الجزيرة؛ إذ يعتربون إيصال الدّواء إىل قامشلو‬ ‫معاناة كبرية‪ ،‬وذلك لكون شحنات الدّواء‬ ‫تخرج من دمشق عرب طريق حمص ‪ -‬حلب‬ ‫مروراً بال ّر ّقة أو دير الزور‪ .‬أحد أصحاب‬ ‫مستودعات األدوية يف قامشلو ّ‬ ‫فضل عدم‬ ‫ذكر اسمه عندما قال لنا‪ :‬خرست شحنة أدوية‬ ‫قادمة من حلب بقيمة ‪ 3‬مليون لرية سور ّية‬ ‫بعد أن استولت عليها جهة مس ّلحة تتمركز‬

‫حاجتها ّ‬ ‫‪،‬كل هذا ير ّتب مصاريف إضاف ّية عىل‬ ‫مستودعات األدوية حتّى تتم ّكن من إيصال‬ ‫الصيدل ّيات‪ ،‬وبالتّايل إىل املريض‪،‬‬ ‫الدّواء إىل ّ‬ ‫وبذلك ترتفع أسعار األدوية يف املنطقة‪ .‬غري‬ ‫الص ّح ّي‬ ‫ّأن الدّكتور صخر عليكا مدير املركز ّ‬ ‫يف الهالل ّية يعزو فقدان بعض أنواع األدوية‬ ‫من األسواق والصيدل ّيات وارتفاع أسعارها‬ ‫ملستويات قياس ّية إىل احتكار بعض الرشكات‬ ‫واملستودعات لها‪ ،‬وتخزينها بغية رفع أسعارها‬ ‫خاص يف ظل تذبذب أسعار العملة‬ ‫بشكل ّ‬ ‫السور ّية‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫هناك عوامل أخرى تزيد من رفع أسعار‬

‫األدوية؛ منها فقدان مادة الوقود‪ ،‬وزيادة‬ ‫أسعارها‪ ،‬واالنقطاع املستم ّر للكهرباء‪ ،‬وعدم‬ ‫كفاية املوا ّد األ ّول ّية بعد انخفاض القيمة‬ ‫السور ّية‪ّ ،‬‬ ‫رّ‬ ‫كل هذا أدّى إىل‬ ‫الشائ ّية ل ّلرية ّ‬ ‫تباطؤ اإلنتاج وتراجعه بنسبة ‪ % 75‬منذ ‪2010‬‬ ‫وفق ّ‬ ‫مخطط االستجابة لالحتياجات اإلنسان ّية‬ ‫الصادر عن األمم املتّحدة يف يونيو‪/‬‬ ‫يف سوريا ّ‬ ‫حزيران املايض‪ ،‬بعد أن كانت سوريا تنتج‬ ‫‪ %90‬من احتياجاتها الدّوائ ّية مح ّل ّياً‪ ،‬يضاف‬ ‫إىل ّ‬ ‫السور ّية‬ ‫كل هذه العوامل قرار الحكومة ّ‬ ‫وينص‬ ‫رفع أسعار األدوية يف شهر متوز املايض‪ّ .‬‬ ‫التّعديل عىل رفع أسعار األدوية ا ّلتي يصل‬ ‫سعرها حتّى ‪ 100‬لرية سورية بنسبة ‪،%50‬‬ ‫واألدوية التي يتجاوز سعرها ‪ 100‬لرية بنسبة‬ ‫‪ ،%25‬مماّ ش ّكل عبئاً إضاف ّياً عىل املواطن‪.‬‬

‫املؤسسات البديلة يف تأمني‬ ‫دور‬ ‫ّ‬ ‫الدّواء للمنطقة‬

‫يف ّ‬ ‫الص ّح ّية بشكل عا ّم يف‬ ‫ظل تراجع الخدمات ّ‬ ‫سوريا نتيجة األزمة وحالة الحرب‪ ،‬وانسحاب‬ ‫النّظام من بعض املناطق‪ ،‬منها مدن منطقة‬ ‫الجزيرة ما عدا مدينة قامشلو‪ ،‬وإدارة‬ ‫مؤسسات تابعة للهيئة الكردية العليا ملعظم‬ ‫ّ‬ ‫املناطق يف الجزيرة‪ ،‬بات من ضمن مها ّمها‬ ‫الص ّح ّية نتيجة التّخ ّوف من‬ ‫تقديم الخدمات ّ‬

‫‪11‬‬


‫استقصــاء‬

‫انتشار األمراض املعدية‪ ،‬ونزوح أعداد كبرية‬ ‫من العائالت من محافظات أخرى إىل هذه‬ ‫املنطقة‪ ،‬لكونها كانت منطقة آمنة‪ ،‬وما تزال‬ ‫أكرث أمنا مع وجود اشتباكات ومعارك بني‬ ‫(ق ّوات الحامية ّ‬ ‫الشعب ّية الكرد ّية) من جهة‬ ‫و (جبهة النّرصة) و(دولة العراق ّ‬ ‫والشام‬ ‫اإلسالمية) من جهة أخرى‪ ،‬مماّ يتط ّلب توفري‬ ‫األدوية بك ّم ّيات أكرب يف الوقت الذي تشهد‬ ‫فيها األسواق نقصاً حا ّداً يف األدوية املرتبطة‬ ‫وصحتهم‪.‬‬ ‫بحياة النّاس ّ‬ ‫الص ّح ّي التّــــابع للهيـــئة‬ ‫ويـــع ّد املجلـــس ّ‬ ‫املؤسســـــــات‬ ‫الكرد ّيــــة العليا إحدى تلك ّ‬ ‫تضــم بحدود ‪40‬‬ ‫ا ّلتي أنشـــئت منذ عامني‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫الص ّح ّية يف املنطقة‪.‬‬ ‫طبيباً يتابعون األوضاع ّ‬ ‫يقول الدّكتــور لــــقامن عبدالله رئيس‬ ‫الص ّح ّي‪:‬‬ ‫لجنة التّنظيم واإلدارة يف املجلس ّ‬ ‫نحاول إدخال املساعدات ّ‬ ‫الـط ّب ّية واألدويــة‬ ‫يتم ال ّت ّربع بها من األهايل يف املنــاطق‬ ‫ا ّلتي ّ‬ ‫الـــكرد ّية رّ‬ ‫التك ّيــــــة عرب الحــدود‪ ،‬وتو ّزع‬ ‫إىل منظمة الهالل األحمر الكرديّ واملشــايف‬ ‫والصيدل ّيات الـتّابعة للمجلس‪.‬‬ ‫ّ‬

‫من مينع دخــــــول الــدّواء اىل منــطقة‬ ‫الجزيرة؟‬

‫وير ّد الدّكتور لقامن فقدان األدوية يف منطقة‬

‫‪12‬‬

‫الجزيرة إىل عدم تخصيص املساعدات‬ ‫اإلنسان ّية لهذه املناطق كون األحزاب الكرد ّية‬ ‫يتم استثناء‬ ‫خارج إطار املعارضة‪ ،‬لذلك ّ‬ ‫هذه املناطق من املساعدات اإلنسان ّية‪،‬‬ ‫ومنها الدّوائ ّية من قبل االئتالف‪ .‬ويضيف‬ ‫الص ّح ّي استطاع‬ ‫الدّكتور لقامن‪ّ :‬إن املجلس ّ‬ ‫التّواصل مع ّ‬ ‫املنظامت الدّول ّية من أجل تأمني‬ ‫املساعدات‪ ،‬إال ّأن الحكومة رّ‬ ‫التك ّية ال تسمح‬ ‫بإدخال تلك املساعدات عرب الحدود‪ ،‬واملعابر‬ ‫مغلقة مع املنطقة‪.‬‬ ‫هذا الوضع فرض عىل املجلس إيجاد سبل‬ ‫أخرى عرب املعابر مع إقليم كردستان العراق‪،‬‬ ‫وإدخال األدوية واملساعدات ّ‬ ‫خاصة‪.‬‬ ‫الط ّب ّية ّ‬ ‫وقد أصبحت منطقة الجزيرة محارصة من‬ ‫قبل الكتائب اإلسالم ّية ا ّلتي متنع دخول أية‬ ‫يتم‬ ‫مساعدات ط ّب ّية أو إنسان ّية إليها‪ ،‬وما ّ‬ ‫دخوله ال ّ‬ ‫يغطي حاجة املنطقة بسبب‬ ‫اإلغالق املتك ّرر ملعرب سياملكا‪ ،‬ونفاد بعض‬ ‫أنواع األدوية من املستشفيات مثل األدوية‬ ‫الخاصة بغسيل الكلية‪ ،‬حيث يوجد أكرث‬ ‫ّ‬ ‫الوطني بحاجة‬ ‫من ‪ 120‬حالة يف املشفى‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫اىل غسيل‪ ،‬تويف ‪ 20‬شخصا منهم نتيجة‬ ‫فقدان األدوية‪ ،‬مماّ يضط ّر الكثري من املرىض‬ ‫لالعتامد عىل محاوالت فرد ّية يف الوصول‬ ‫إىل إقليم كردستان العراق لتل ّقي العالج‪،‬‬ ‫فيام يحاول أناس آخرون تأمني الدّواء من‬

‫خالل األقارب املتواجدين يف إقليم كردستان‬ ‫العراق وتركيا‪ ،‬أو ال ّلجوء إىل منظمة الهالل‬ ‫األحمر الكرديّ ا ّلتي تحاول تأمني األدوية‬ ‫عرب ّ‬ ‫املنظامت األهل ّية يف املناطق الكرد ّية يف‬ ‫كل من يراجع ّ‬ ‫ّتركيا‪ ،‬وتوزيعها عىل ّ‬ ‫املنظمة‪.‬‬

‫الحلول املطروحة‬

‫الصيادلة يف مدينة الدّرباس ّية‬ ‫يقرتح أحد ّ‬ ‫والصيادلة من أجل‬ ‫تشكيل لجنة من األط ّباء ّ‬ ‫الص ّحة واال ّتفاق عىل كيف ّية‬ ‫التّواصل مع وزارة ّ‬ ‫توصيل األدوية إىل منطقة الجزيرة‪ ،‬عرب‬ ‫تخصيص إحدى ال ّرحالت الج ّو ّية أسبوع ّياً لنقل‬ ‫األدوية واملساعدات ّ‬ ‫الط ّب ّية طاملا ّأن املنطقة‬ ‫محارصة‪ ،‬وال يسمح بإدخال األدوية‪ .‬وتتك ّفل‬ ‫هذه ال ّلجنة بدفع التّكاليف ‪ ...‬وهي بسيطة‬ ‫تم تشكيل صندوق لهذه الغاية‪.‬‬ ‫إذا ما ّ‬ ‫أسايس‬ ‫قض ّية توفري األدوية مرتبطة بشكل‬ ‫ّ‬ ‫السور ّية‪ ،‬وتداعيات الظرف األمني‬ ‫باألزمة ّ‬ ‫وجبهات القتال وال ميكن ح ّلها مبعزل عن‬ ‫إيجاد حلول ضمن اإلطار السيايس والعسكري‪.‬‬ ‫ولكن هناك بدائل إذا ما تو ّفرت ال ّن ّية لدى‬ ‫السلطات والقوى ا ّلتي تسيطر عىل الوضع‬ ‫ّ‬ ‫ميكن لها أن تكون نافعة‪ .‬وإىل حني إيجاد تلك‬ ‫الحلول سيبقى مصري املرىض وحياتهم رهينة‬ ‫الترّ قب واألمل بوضع أفضل‪.‬‬


‫اقتصــاد وتنمية‬

‫دور مؤسسات التمويل الصغير في التنمية‬ ‫سامح رفاعة‬ ‫ميكن تعريف برامج التمويل الصغري عىل أنها‬ ‫الربامج التي تركز عىل تقديم مجموعة متنوعة‬ ‫من الخدمات املالية وليس خدمات اإلقراض‪،‬‬ ‫وذلك لألفراد الذين ليس لديهم القدرة عىل‬ ‫الحصول عىل تلك الخدمات من املؤسسات‬ ‫املالية الرسمية الكبرية‪ ،‬عىل أن يكون هؤالء‬ ‫قادرين يف نفس الوقت عىل بدء مرشوعات‬ ‫استثامرية مدرة للدخل ‪.‬‬ ‫تعد هذه املؤسسات مقد ّمة مهمة لتقديم‬ ‫الدعم املادي الكايف للفقراء‪ ،‬من أجل مساعدتهم‬ ‫عىل بدء مرشوعات اقتصادية مد ّرة للدّخل‪.‬‬ ‫وتربز أهمية هذه املؤسسات يف مراحل‬ ‫النزاع والحروب‪ ،‬وذلك اعتامداً عىل دورها‬ ‫يف تخفيض معدالت البطالة وخلق طلب‬ ‫واسع من السلع والخدمات األخرى‪ ،‬وكذلك‬ ‫انطالقاً من عجز هذه الفئات املعدومة من‬ ‫السكان عن الوصول إىل املؤسسات املالية‬ ‫الكبرية للحصول عىل التمويل الالزم ملشاريعها‬

‫الصورة من موقع البنك الدويل‬

‫الصغرية واملتوسطة الحجم ‪.‬‬ ‫ويف الحالة السورية‪ ،‬تأيت األهمية الكبرية‬ ‫لهذه املشاريع وخاصة يف مراحل إعادة‬ ‫اإلعامر كونها تعترب أداة يف الحد من ظاهرة‬ ‫العوز‪ ،‬إضافة إىل الهدف االجتامعي من هذه‬ ‫املشاريع املتمثل من خالل متكني الفقراء‬ ‫ودمجهم يف املجتمع وزيادة الوعي االقتصادي‬ ‫لديهم ‪.‬‬ ‫ويضاف إىل هذا كله‪ ،‬األهمية االسرتاتيجية‬ ‫لهذه املشاريع املستمدة من كونها أداة‬ ‫محركة للنمو االقتصادي بشكل كبري وف ّعال‪،‬‬ ‫وعامل ضاغط ودافع باتجاه تغذية االقتصاد‬ ‫الوطني باملزيد من فرص العمل ‪.‬‬ ‫ويف سوريا بشكل خاص‪ ،‬وعىل اعتبار أن ‪%60‬‬ ‫من الفقراء يرتكزون يف األرياف فأنه يجب‬ ‫تركيز عمل هذه املؤسسات وفقاً لقوانني‬ ‫ناظمة تجربها عىل توظيف أموالها يف هذه‬ ‫املناطق ‪.‬‬

‫يف نظرة رسيعة عىل واقع الحال يف سوريا‬ ‫خالل الفرتة ما قبل الثورة وأثناء الحراك‪،‬‬ ‫فقد عملت عدة منظامت يف هذا املجال‬ ‫أهمها مؤسسة التمويل الصغري األوىل (اآلغا‬ ‫خان)‪ ،‬إضافة إىل دائرة التمويل الصغري ضمن‬ ‫األونروا‪ ،‬وقد عملت هذه املنظامت تحت‬ ‫املرسوم رقم ‪ 9‬ورقم ‪ 15‬لعام ‪. 2007‬‬ ‫امللحة لخلق فرص العمل لدى‬ ‫إن الحاجة ّ‬ ‫الفئات املعدومة تربر العقلية الحكومية يف‬ ‫ضبط نشاط هذه املؤسسات يف الشكل الذي‬ ‫يحدد مسارها باتجاه دعم الفقراء ومتكينهم‪،‬‬ ‫ومن هنا فإن الغاية الربحية لهذه املؤسسات‬ ‫يجب أن ال تطفو عىل الغاية االجتامعية‬ ‫الرئيسية والتي هي دمج ومتكني الفقراء‪،‬‬ ‫ومن ناحية أخرى الحفاظ يف نفس الوقت‬ ‫عىل االستدامة املؤسساتية لها ‪.‬‬ ‫وبالعودة إىل الحالة السورية‪ ،‬ويف ظل الدمار‬ ‫الواسع واملمنهج وخروج قطاعات كبرية‬ ‫من اإلنتاج‪ ،‬إضافة إىل فقدان فرص العمل‬ ‫لرشيحة واسعة من السكان القادرين عىل‬ ‫اإلنتاج‪ ،‬ويف ظل التدهور يف القطاع الزراعي‬ ‫الذي يعمل به الجزء األكرب من قوة العمل‬ ‫يف األرياف‪ ،‬تربز الحاجة الشديدة ألن تأخذ‬ ‫هذه املؤسسات دورها الحقيقي كمحرك‬ ‫اجتامعي بالدرجة األوىل وكفاعل بالحياة‬ ‫االقتصادية لهؤالء بالدرجة الثانية‪.‬‬ ‫البد أن تتبنى الحكومة أو الحكومات املقبلة‬ ‫يف املرحلة االنتقالية سياسة حكيمة تضمن‬ ‫إيالء املؤسسات املتوسطة والصغرية الحجم‬ ‫الحيز الكايف للتحرك والذي يخولها أن تلعب‬ ‫دوراً فعاالً يف توفري فرص العمل الالزمة‬ ‫للمترضرين من حالة النزاع ‪..‬‬

‫‪13‬‬


‫إيقاع العدســة‬

‫مصيـف سلمى ‪ -‬جبـل األكـراد‬

‫رساقب ‪ -‬تصوير‪ :‬فؤاد بصبوص‬

‫‪14‬‬ ‫‪14‬‬


‫إيقاع العدســة‬

‫عـــامـــودا ‪ -‬صفحـــــــــة ‪Arta Fm‬‬

‫دير الزور ‪ -‬صفحة ‪Deir Ezzor HD‬‬

‫‪15‬‬ ‫‪15‬‬


‫عدسة مؤنسنــة‬

‫حين يغدو التطوع قيمة كبـرى‬ ‫طالب في المشافي ومراكز استقبال الجرحى‬

‫ياسمني مرعي‬ ‫كان غارقاً بني كتب الهندسة امليكانيكية حني‬ ‫هاتفه صديقه الذي يعمل يف املشفى الوطني‬ ‫بغازي عنتاب قائال‪:‬‬ ‫أسامة‪ ،‬لدينا جريح سوري ونحتاج مرتج ًام‬ ‫ارتدى سرتته وخرج مرسعا قاصداً املشفى‪.‬‬ ‫مل يكن أي منهم يدري ما الذي ينتظره‪ ،‬القصة‬ ‫بدأت باتصال له طابع الصدفة‪ ،‬وصارت الحقاً‬ ‫تفصي ًال أساسياً يف كل يوم يقضونه‪.‬‬ ‫كان عليهم أن يلتقوا بالكثري من الجرحى بعد‬ ‫هذا االتصال الذي مل يكن سوى البداية فقط‪،‬‬ ‫ليتحول بعد فرتة قصرية إىل فرد من مجموعة‬ ‫تضم اثنا عرش طالباً سورياً من كليات الطب‬ ‫والهندسة املدنية وامليكانيكية واالقتصاد‪.‬‬ ‫يقيم أسامة يف غازي عنتاب منذ أواخر عام‬ ‫‪ ،2009‬زار سوريا للمرة األخرية يف أيلول‬ ‫‪ ، 2011‬يقول‪ :‬بقيت حوايل شهرين يف حامه‪،‬‬ ‫وخرجت منها مودعاً يف السادس من رمضان‬ ‫خالل االجتياح‪ ،‬ثم إىل املليحة يف دمشق‬

‫‪16‬‬

‫ومنها إىل تركيا مجدداً‪.‬‬ ‫عاد إىل خدمة السوريني مجدداً مع أصدقائه‪،‬‬ ‫وصارت أرقام هواتفهم مع مجموعة كبرية من‬ ‫األطباء‪.‬‬ ‫مل تكن مجموعتهم خارج إطار الحراك فقد‬ ‫خرجوا يف أول مظاهرة يف غازي عنتاب يف‬ ‫نيسان ‪ 2011‬أمام القنصلية السورية‪ ،‬وطلبهم‬ ‫القنصل بعد رابع مظاهرة ليتعرف عليهم‬ ‫وعرض الخروج مبسرية مؤيدة لإلصالحات‬ ‫فطلبوا اإلذن للتدخني ثم خرجوا ومل يعودوا‪.‬‬ ‫يضيف داوود قائ ًال ‪ :‬التعاطي مع الجرحى‬ ‫السوريني يف البداية كان خارج حيز التصديق‪،‬‬ ‫كنا نسعى بأيدينا وأرجلنا‪ ،‬نخلع مالبسنا ألي‬ ‫جريح غرقت مالبسه بالدم‪ ،‬نبقى كمرافقة؛‬ ‫ظروفنا املادية كانت ال بأس بها‪ ،‬لكننا يف‬ ‫الفرتة األخرية اضطررنا للعمل بسبب تراجع‬ ‫ظروف أهالينا‪.‬‬ ‫عمل أسامة مرتج ًام ملنظمة أطباء بال حدود‪،‬‬

‫واضطر إليقاف دراسته ألنه مل يستطع‬ ‫التوفيق بني العمل والدراسة‪ .‬ثم عمل يف لجنة‬ ‫إغاثة السوريني فيام يخص طالب اإلعدادية‬ ‫والثانوية‪.‬‬ ‫يقول‪ :‬بتنا نخجل من أهالينا ألننا ال ننجز؛‬ ‫فنحن خالل العامني املاضيني كنا ننام يف‬ ‫املشايف‪ ،‬ال نحرض محارضات وال ندرس‪،‬‬ ‫نحرض لالمتحانات قبل يوم أو اثنني من‬ ‫تاريخ االمتحان‪ .‬لكن تغيري قانون الفصل من‬ ‫الجامعات ساعدنا يف البقاء‪ ،‬وأنا ال أدري إن‬ ‫كنت سأكمل‪ ،‬فأنا ال أستطيع الدراسة وأشعر‬ ‫أين أكره كتبي‪ ...‬عشت مع أصدقايئ ظروف‬ ‫تضحية مل أعرف مثلها من قبل‪ ،‬كنا ومازلنا‬ ‫نجمع املبالغ من بعضنا‪ ،‬مبالغ ال تتجاوز‬ ‫العرش لريات تركية‪ ،‬إىل أن تصبح بالقدر الذي‬ ‫ميكن أن ّ‬ ‫تفك فيه حاجة أحد املصابني‪ .‬لقد‬ ‫كنا من أوائل من أدخل أكياس الدم إىل سوريا‬ ‫بفضل هذه التربعات البسيطة‪.‬‬ ‫يف رده عىل سؤال صور له عن أكرث حالة أثرت‬ ‫به قال‪ :‬ما فعله أحد أصدقايئ‪ ،‬كان بجيبه‬ ‫حوايل ‪ 150‬لرية‪ ،‬اتصلوا به من أحد املشايف‬ ‫فخرج منه دون أن يخربنا‪ ،‬بقي بصحبة‬ ‫املصاب ‪ 15‬يوماً ومل يخربنا إال بعد أن عاد ومل‬ ‫يرتك له حاج ًة إال قضاها مع أنه ال يعرفه وال‬ ‫يعرف اسمه‪ ،‬هو فقط سوري مثله‪.‬‬ ‫مل يدخل أسامة يوماً إىل غرفة برادات املوىت‪،‬‬ ‫ألنه مل يتمكن من ذلك‪ ،‬فلديه حالة دوار‬ ‫ورايث من املشايف‪ ،‬وما يسمى بـ»فوبيا الدم»‪،‬‬ ‫ورغم ذلك مل َ‬ ‫يتوان يوماً واحداً عن الذهاب‬ ‫ملساعدة الناس‪ .‬ويف أحد األيام التي اضطر‬ ‫فيها للبقاء وحده يف املشفى كان هناك ثالثة‬ ‫مصابني أحدهم انفجر فيه صاعق‪ ...‬أربع‬


‫عدسة مؤنسنــة‬ ‫لوحة مابعد القصف ‪ -‬زاريا زرادشت‬

‫ساعات وأسامة معهم من طابق إىل آخر‪ ،‬مع‬ ‫أنه عادة ما يدخل ‪ 5‬دقائق ويخرج ليدخل‬ ‫غريه‪ ،‬لكنه مل يتمكن يومها من الخروج‬ ‫ولو للحظة ألنهم كانوا ثالثة‪ ،‬وحني انتهت‬ ‫معاينتهم ووصل أسامة إىل بهو املشفى سقط‬ ‫مغشياً عليه ألكرث من نصف ساعة‪.‬‬ ‫يشري أسامة إىل أن معاملة الكوادر كانت‬ ‫ممتازة يف البداية‪ ،‬وكانوا يقولون‪ :‬إخوتنا‬ ‫السوريني عن كل املصابني الذين يفدون إىل‬ ‫املشايف‪ ،‬وكان وجود أسامة ورفاقه كطالب‬ ‫يزيد الظرف إيجاباً كون الطالب له احرتامه‬ ‫يف تركيا‪ ،‬وقد أسهم تواجدهم مع املرىض يف‬ ‫تسهيل التواصل بني املرىض واألطباء لقيامهم‬ ‫بإيضاح ظرف الجرحى من حيث اإلصابة‬ ‫بأمراض كالسكري وغريه قبل التعرض إلصابة‬ ‫الحرب‪ ،‬لكن األتراك يف الفرتة األخرية تعبوا‬ ‫وم ّلوا من املشاكل بني السوريني يف املشايف‪،‬‬

‫فهناك جرحى يتعاركون بسسب انتامئهم‬ ‫لكتائب مختلفة‪ ،‬ويتبادلون التهم والشتائم‬ ‫يف املشفى وتصل األمور بينهم حد الرضب‪،‬‬ ‫وهناك من يتعامل مع األطباء بلغة (أنت‬ ‫مجرب عىل عالجي)‪.‬‬ ‫ورغم كل الظروف القاسية التي عاىن منها‬ ‫أسامة ورفاقه إال أنهم مل يخذلوا مصاباً‪ ،‬فمن‬ ‫ال يتمكن من الذهاب يخرب اآلخرين‪ ،‬مع‬ ‫أنهم وصلوا ملرحلة ال ميلك أحدهم فيها أجرة‬ ‫الطريق إىل املشفى‪.‬‬ ‫حالياً تم تعيني مرتجمني برواتب فخف‬ ‫عنهم الحمل قليلاً وبدؤوا يلتفتون لحيواتهم‬ ‫الخاصة‪ ،‬وقد عرض عليهم الدعم من قبل‬ ‫جهات تركية مقابل تجنيدهم لدى هذه‬ ‫الجهات لكنهم أرصوا عىل أال ينتموا إال‬ ‫لسوريتهم وإنسانيتهم مستمرين يف خدمة‬ ‫أي محتاج لهم ‪.‬‬

‫يعود أسامة إىل الجامعة مجدداً‪ ،‬ولديه ثالث‬ ‫مواد قدمية ومادتان جديدتان راغباً بتحقيق‬ ‫حلم أبيه بأن يراه مهندساً‪.‬‬ ‫يقول‪ :‬باتت ظروف السوريني يف غازي عنتاب‬ ‫اليوم أفضل نسبياً مام كانت عليه‪ ،‬سنستمر‬ ‫يف العمل‪ ،‬لكني مصمم عىل توجيه نشاطي‬ ‫نحو الداخل‪ ،‬هناك حيث الكثريون ينامون بال‬ ‫عشاء‪ ،‬يضعون أيديهم عىل أوجاعهم بصمت‬ ‫ويعللون النفس بدواء فد يتمكنون من‬ ‫الحصول عليه‪ .‬سأتابع من أجلهم ومن اجل‬ ‫أوجاعهم‪.‬‬ ‫يف ظل الحرب الدائرة واألعداد الكبرية من‬ ‫الضحايا والجرحى واملصابني تزداد الحاجة‬ ‫إىل تعزيز قيم التطوع وتقديم الخدمة التي‬ ‫تنم عن وعي وإنسانية ونكران للذات‪ ،‬وتغدو‬ ‫ثقافة التطوع بذلك ملمحاً إنسانياً الفتاً ‪،‬يحمل‬ ‫من رسائل املحبة والتعاون اليشء الكثري ‪.‬‬

‫‪17‬‬


‫بورتـريه‬

‫بيــال بارتــوك‬

‫والتحررية في الموسيقا‬ ‫النزعة الوطنية‬ ‫ّ‬

‫إعداد‪ :‬روناس شيخموس‬

‫يُعتــــــرب بيال بارتـوك ‪Béla Viktor János‬‬ ‫‪ Bartók‬مـــن أهم املؤلفيــن املوسيقيني يف‬ ‫القرن العرشين‪ ،‬ورغم إبداعــه املوسيــــقي‬ ‫كمؤلف‪ ،‬فإن ما ميـزه كان شغــفه وعشقه‬ ‫للموسيقا الشعبية املَجريــــة وموسيقـــــــا‬ ‫الشعوب عىل نحو عام‪ ،‬إضاف ًة لرفضه الظلـم‬ ‫واالضطهاد والفاشية‪.‬‬

‫بداياته‪:‬‬

‫ولد بـــارتوك عام ‪ 1881‬يف بلدة صغيــرة يف‬ ‫مملكة املجر من عائلة بسيطة‪ .‬ومنذ الرابعة‬ ‫كان قـــادراً عىل أداء ‪ 40‬قطعة عىل البيــانو‬ ‫عن طريق والدته باوال األملانية األصل‪.‬‬ ‫وبعد وفاة والده‬ ‫املفـاجئة‪ ،‬قررت‬ ‫والدتـــــــه‬ ‫تلقيــنـه‬

‫ايف منـــذ أن كان يف ‪ Cantana Profana‬املقتبس عن أسطور ٍة‬ ‫البيــــانو بشــــكل احرت ٍ‬ ‫الثـــامنة من العمر‪ .‬استمر بارتوك يف تعلمه مجرية‪ .‬هذا عدا أبحاثه املوسيـــقيـة عن‬ ‫آلة البيانو‪ ،‬إىل أن الـــتحق بكونــــسريفاتوار املوسيقا الشعبيــــة يف املجر‪ ،‬واملدفوعـــة‬ ‫بودابست أواخر القرن التاسع عرش‪ ،‬فـكانت بعشقه لهويته املجــرية ولغته األم‪ .‬إضافة‬ ‫املرحلــــة الحـــاسمة يف حياته‪ ،‬بتعرفه عىل لذلك‪ ،‬فقد زار كثرياً من البــلدان يف أوروبا‬ ‫زالتان كوداي‪ ،‬حيث أعجب بأبحاثه وكتاباته الرشقية‪ ،‬كام زار تركيــا والجزائــر أيــــضاً‪،‬‬ ‫عن املوسيقى الــشعبية يف املجر‪ ،‬ليبدأا معاً وكتب العديد من األبـــحاث عن املوسيقـا‬ ‫دؤوب عـن الروح الثقافية املجرية‪ ،‬الشعبية حتى يف تلك البلدان‪.‬‬ ‫بحث‬ ‫يف ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫تلك املتجسدة يف األغـــاين الريــفية لفالحي رفضه الظلم والفاشية ورحيله‬ ‫املجر ورقصاتهم‪ ،‬فكانت ألبحاثهمـــا معــــاً‬ ‫الدور األهم لرفع النقاب عن الهوية الثقافية عن وطنه‪:‬‬ ‫مع انبثاق الروح الوطنية يف املجر‪ ،‬وزيادة‬ ‫املجرية‪ ،‬وأيضاً إحيا ًء للنزعة التحررية التـي‬ ‫األصوات املنادية بالتحرر من الهيمنة‬ ‫بدأت تسود املجر ذلك الـوقت‪ .‬أما بالنسبة‬ ‫النمساوية‪ ،‬وجد بارتوك نفسه مدافعاً‬ ‫لبارتوك‪ ،‬فكان ذلك مبثابة الـشغف التأليفي‬ ‫عن القيم التحررية والوطنية وعن اللغة‬ ‫الذي كان يفتقده قبال ً‪ ،‬فأضحى كمن وجد‬ ‫املجرية وثقافتها املوسيقية‪ .‬إال أنه‪ ،‬وبعد‬ ‫طريقه ومنهجه لحياته املوسيقية القادمة‪،‬‬ ‫دخول املجر تحت الحكم النازي عام ‪،1933‬‬ ‫إىل أن عُ نِّي كأستاذ للبــيانو يف بودابست عام‬ ‫فقد انضم لألصوات املعارضة للفاشية‪،‬‬ ‫‪.1907‬‬ ‫رافضاً تقديم موسيقاه يف أملانيا والنمسا‬ ‫أعامله املنبثقة عن الروح الثقافية وإيطاليا‪ .‬وبعد فرت ٍة من االعتكاف يف‬ ‫منزله‪ ،‬ومع وفاة والدته عام ‪ ،1939‬اضطر‬ ‫املجرية‪:‬‬ ‫رغم براعته يف العزف والتأليف للبيـــانو؛ الرحيل ملنفاه يف أمريكا مكرهاً تاركاً وطنه‬ ‫كتب الكثري من السوناتا والكونـــــشريتو‪ ،‬الذي طاملا أحبه وعمل ألجله‪ ،‬ليستقر يف‬ ‫إال أن بصمته الحقيــقية يف املوسيقا متثلت نيويورك‪ .‬وخالل إقامته يف أمريكا‪ ،‬أكمل‬ ‫بسعيه املتواصل لتقديـــم املوسيقا الشعبية دراسته عن املوسيقا الشعبية‪ ،‬وحاز عىل‬ ‫يف املجر‪ ،‬فكانت أغانيــه املجرية عام ‪ ،1908‬الدكتوراه الفخرية من جامعة كولومبيا‪،‬‬ ‫وأغانيه الريفية عام ‪ ،1917‬إضاـف ًة للرقصات حيث أكمل مزيداً من املؤلفات عىل البيانو‪،‬‬ ‫مع عدد من الكونشريو وأوركيسرتاتني مل‬ ‫التي قدمها لألوركسرتا عام ‪.1923‬‬ ‫بعدها‪ ،‬قدم أحد أهم أعامله‪ ،‬مرسحية تكتمال حيث وافته املنية عام ‪ 1945‬يف‬ ‫قرص الدوق ذي اللحية الزرقاء عـام السادس والعرشين من أيلول‪ ،‬ل ُيكمل‬ ‫‪ ،1911‬حيث يجمع الكثريون بأن عمليه األخريين من مخطوطاته عن طريق‬ ‫جولييت كانت مبـــثابة الرتاجيديا تلميذه سرييل‪.‬‬ ‫التي كانت تعـــايشها املجر ذلك دفن بارتوك يف نيويورك إىل أن ُنقل جثامنه‬ ‫الوقت‪ .‬أما عمله القـومي األهم فهو إىل بودابست عام ‪. 1988‬‬


‫في متناول العدسة‬

‫االنتقاليـة في سوريـا‬ ‫العدالـة‬ ‫ّ‬ ‫االنتقالية؟‬ ‫ورية المحتملة للعدالة‬ ‫ّ‬ ‫الس ّ‬ ‫ما مالمح ال ّنسخة ّ‬

‫إعداد‪ :‬آلدار أومري‬

‫صدر كتاب العدالة االنتقال ّية يف سوريا عن‬ ‫مرشوع دولتي‪ ،‬ا ّلذي يعمل عىل بناء القدرات‪،‬‬ ‫وأرشفة األعامل الف ّن ّية املتّصلة بالوضع‬ ‫السوريّ ‪ .‬و يعمل كذلك عىل تطوير موا ّد‬ ‫ّ‬ ‫اطي والعدالة‬ ‫التّدريب حول التّح ّول الدّميقر ّ‬ ‫االنتقال ّية يف سوريا‪.‬‬ ‫ينطوي الكتاب عىل نظرة عا ّمة ملفهوم العدالة‬ ‫االنتقال ّية‪ ،‬ومدى رضورته وراهن ّيته ضمن‬ ‫السوريّ القائم‪ .‬كام يع ّرج عىل تجارب‬ ‫الوضع ّ‬ ‫عدّة دول لديها إرث من انتهاكات حقوق‬ ‫اإلنسان‪ ،‬وجرائم الحروب أو جرائم اإلبادة‬ ‫الجامع ّية‪.‬‬ ‫تر ّكز دولتي يف الكتاب عىل مجموعة أهداف‬ ‫من شأنها أن تحيل عمل ّية العدالة االنتقال ّية‬ ‫املحتملة إىل عمل ّية ش ّفافة وشاملة؛ بحيث ال‬ ‫تغدو‪ ،‬بشكل أو بآخر‪( ،‬عدالة املنترص) ا ّلتي‬ ‫تر ّكز فقط عىل جرائم املهزومني يف ال ّنزاع‬ ‫القائم‪ ،‬وعىل كيف ّية التّهيئة ملفهوم العدالة‬ ‫االنتقال ّية‪ ،‬والس ّيام مبدأ عدم اإلفالت من‬ ‫العقاب ا ّلذي يش ّكل إحدى ال ّركائز األساس ّية‬ ‫للعدالة االنتقال ّية‪ .‬كام تربز الفروق بني اآلل ّيات‬ ‫القضائ ّية واآلل ّيات غري القضائ ّية‪ ،‬ومها ّم‬

‫وتقص الحقائق‪ ،‬ودور لجان‬ ‫لجان التّحقيق يّ‬ ‫وتوصف أشكال التّعويضات وإصالح‬ ‫الحقيقة‪ّ .‬‬ ‫املؤسسات‪ ،‬والتّحري واالستبعاد‪ ،‬وإحياء ذكرى‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الضحايا ا ّلذين تع ّرضوا لالنتهاكات عرب بناء‬ ‫املتاحف والتامثيل‪ ،‬وإعادة تسمية ّ‬ ‫الشوارع‬ ‫وأفعال التّذكر واالعرتافات ال ّرسم ّية‪.‬‬ ‫يعطي الكتاب أيضاً توصيفات لجرائم الحروب‪،‬‬ ‫والجرائم ض ّد اإلنسان ّية‪ ،‬واإلبادة الجامع ّية‬ ‫(الجينوسايد)‪ ،‬ويحدّد أنواع املسؤول ّيات سواء‬ ‫كانت مبارشة أو عائدة للقيادة‪ .‬ويسهب يف‬ ‫رشح طرائق التّحقيق يف الجرائم مبوجب‬ ‫القانون الدّو ّيل‪.‬‬ ‫خصصت دولتي الجـــزء األكرب من الكـــتاب‬ ‫ّ‬ ‫يخص الوضــع‬ ‫عن العدالة االنتقال ّيــة فيــام ّ‬ ‫السوريّ ‪ .‬وحدّدت بعـض األولو ّيات‪ ،‬ورشحت‬ ‫ّ‬ ‫آل ّيات االستبـداد املعتــمدة عىل مدى عقود‬ ‫حـــكم حزب البــعث‪ ،‬واستــفاضت يف ذكر‬ ‫السوري‪،‬‬ ‫االنقسامات والتنّوع ضمن املجتمع ّ‬ ‫وعــن مـراحل الث ّـورة‪ ،‬وصوالً لل ّنزاع املس ّلح‬ ‫املك ّثف‪ ،‬وتحديد انتهاكات حقوق اإلنـــسان‬ ‫في‪،‬‬ ‫قبل النــ ّـزاع وخالله‪ ،‬كاالحتـــجاز الت ّ‬ ‫ّعس ّ‬ ‫وسوء املعاملــة والوفاة يف الحجـــز والعنف‬ ‫الجـــنسـي‪ .‬كـــام‬ ‫ّ‬ ‫حدّدت عواقـــــب‬ ‫الصــراع؛ كالتّـــأثري‬ ‫ّ‬ ‫عـــــىل األطفـــال‪،‬‬ ‫والنّـــزوح الدّاخ ّ‬ ‫يل‪،‬‬ ‫وال ّلــجوء‪ .‬وتــحدّد‬ ‫كذلك التّأثـــــريات‬ ‫اإلقليــــم ّية عـــىل‬ ‫العدالة االنتقال ّيــة‪،‬‬ ‫ومسارات تطبيقهـا‬ ‫املحتملة يف سوريـا‪.‬‬

‫ّ‬ ‫وتشــــخص مـوارد العدالــة االنتقال ّية ودور‬ ‫املجتمع املد ّين يف سيــــاق هذه العــملي ّـة‪،‬‬ ‫ومن ضمنــــها توثيق االنتهاكات وحمــالت‬ ‫التّوعية واألبحاث‪.‬‬ ‫يف املبحث ال ّثالث تتط ّرق دولتي يف كتابها‬ ‫للتّحدّيات الكبرية ا ّلتي تعرتض سبيل العدالة‬ ‫االنتقال ّية يف سوريا‪ ،‬من قبيل محدود ّية‬ ‫الوعي باملفهوم‪ ،‬ووجود انقسامات مجتمع ّية‬ ‫السالح‬ ‫تع ّمقت أثناء ال ّنزاع ‪ ،‬ومسائل كنزع ّ‬ ‫و التّرسيح أوضاع الحكومة االنتقال ّية ا ّلتي‬ ‫دامئاً ما تكون ضعيفة‪ ،‬ووجود فجوة كبرية‬ ‫يف عمل املجتمع املد ّين وضعف تجربته يف‬ ‫سوريا‪.‬‬ ‫ينتهي الكتاب بخالصة تبينّ أه ّم ّية العدالة‬ ‫أسايس لتأمني انتقال‬ ‫االنتقال ّية كمفهوم‬ ‫ّ‬ ‫مستدام بعد فرتة الصرّ اع وارتكاب انتهاكات‬ ‫خطرية لحقوق اإلنسان‪ ،‬انطالقاً من كون‬ ‫العدالة االنتقال ّية الوسيلة الوحيدة ا ّلتي ميكن‬ ‫لسوريا من خاللها مواجهة ماضيها‪ ،‬والبدء‬ ‫بعمل ّية بناء املجتمع والدّولة ‪.‬‬

‫‪19‬‬


‫في الكــادر‬ ‫أستاذ الفلسفة الغربية المعاصرة والباحث والمترجم خلدون النبواني‬

‫الديمقراطيــة سيرورة ال منتهيـة وال يجب أن تكـــون‬ ‫ذات سقف‬ ‫حاوره‪ :‬بريوز بريــــك‬

‫تربز الحرية كقيمة كربى يتشبث بها املحتجون‬ ‫عىل واقعهم ضمن ربيع الثورات القامئة‪،‬‬ ‫فهل تبنى الحرية أو تقام ركائزها عىل أنقاض‬ ‫حراك سلمي نسفه جربوت القمع العاري‬ ‫والنزوع الغرائزي للسالح كام يف سوريا ؟ هل‬ ‫التجاوزات التي يقرتفها الثوار أو املحسوبون‬ ‫عىل الثورة مقرتنة مبقتضيات الظرف فقط‬ ‫أم أن تأثرياتها ستستطيل إىل املآالت كبنية‬ ‫الدولة أو شكل الحكم فيها ؟‬ ‫«الحرية» من‬ ‫اسمح يل هُ نا أن ُأقارب مفهوم ُ‬ ‫خاصة ألحاول انطالق ُا منه‬ ‫وجهة نظر فلسف ّية ّ‬ ‫أن انتقل من املفهوم إىل املؤسسة التي ُتبنى‬ ‫عليها مؤسسات الدولة واملجتمع املد ّين‪ .‬إن‬ ‫ما أود التأكيد عليه هُ نا هو رضورة االنتباه‬ ‫«الحر ّية» الذي‬ ‫والحذر الشديد من ُمصطلح ُ‬

‫‪20‬‬

‫سجن أو‬ ‫قد ال يكون يف النهاية سوى ٍ‬ ‫رشك أو ٍ‬ ‫قيد‪ .‬إنني أدعو إذن إىل إقامة متيي ٍز رضوري‬ ‫بني التح ُّرر من جهة والحرية من جهة ُأخرى‪.‬‬ ‫الحر ّية ـوهذا ما يحصل دامئاًـ إىل‬ ‫فقد تتحول ُ‬ ‫ُ‬ ‫الحري ِة‬ ‫سجن حديديّ بحيث َتلتَهم‬ ‫مقوالت ُ‬ ‫ٍ‬ ‫الحري َة نفسها وتحجزها يف قالب مفاهيمي‬ ‫ضيق فتصبح الحر ّية مسورة بجملة أفكار أو‬ ‫مفاهيم تقوم بالتقييد والتنميط والنمذجة‪.‬‬ ‫يحدث هذا عىل مستويني اثنني األول خبيث‬ ‫يتعلق ُ‬ ‫بخبث ا ُملصطلح أي بطرح ا ُملصطلح‬ ‫لتكريس نقيضه‪ .‬ف ُيطرح شعار الدميقراطية‬ ‫ُملامرسة االستبداد وشعار الحرية لتكريس‬ ‫العبودية‪ .‬لنتذكر مث ًال أن الثورة السورية التي‬ ‫قامت من أجل الحرية قد قامت ضد عبودية‬ ‫نظام يطرح الحرية شعاراً‪« :‬وحدة‪ ،‬حرية‪،‬‬

‫اشرتاكية»‪ .‬إنها ثورة بكل معنى الكلمة ضد‬ ‫مقولة الحرية السياسة املطروحة زيفاً من‬ ‫قبل نظام‪.‬إنها ثورة لفضح ُخبث ا ُملصطلح‬ ‫الذي ال يمُ ارس يف العمق سوى النقيض املبارش‬ ‫ملا يطرحه عىل السطح أو ُيعلن عنه‪ .‬أما‬ ‫املستوى الثاين وهو األخطر هنا فهو يتعلق‬ ‫مبدة انتهاء صالحية ُحري ٍة ما‪ .‬إن ما كان ُحري ًة‬ ‫زمن ما يتحول الحقاً (سواء تحقق أما ال)‬ ‫يف ٍ‬ ‫عائق حقيقي يف وجه االنعتاق والتقدُّ م‪.‬‬ ‫إىل ٍ‬ ‫ال توجد ُحرية دامئة الصالحية فالزمن يتجاوز‬ ‫كل يشء وما كان عامل تقدُّ م يف فرت ٍة ما ُيصبح‬ ‫إذا ما تم تجاوزه‪ -‬عامل تأخر وتخ ُّلف ال‬‫ميكن االعتامد عليه يف إطار واقع جديد‪ .‬هنا‬ ‫تصدأ الحرية نتيجة عامل الزمن و ُيصبح التنبه‬ ‫إىل رضورة تجاوزها أمراً حاس ًام لالنعتاق‬


‫في الكــادر‬ ‫وتحقيق التقدم‪ .‬من وجهة النظر هذه فإن وأمريكا الخ الخ‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫الوحيش الحايل‬ ‫الحرية ما أن تتحول إىل مقوالت ثابتة حتى ال أعتقد أن لهذا التوجه‬ ‫سجن أي ُمستقبل يف سوريا ال عىل املدى البعيد‬ ‫تتصلب مقوالتها وتتحول إىل جدران‬ ‫ٍ‬ ‫ُمخكم اإلغالق ال بد من تفكيكه‪ .‬من هُ نا وال حتى املتوسط‪ .‬ما أن يتم أيقاف القتل‬ ‫الحرية ليست ُمطلقة وال ُمقدّسة وال كون ّية حتى يتوقف صوت الرصاص ويعود السالم‬ ‫ُ‬ ‫وال يجب أن تكون كذلك‪ ،‬بل يجب دامئاً ليحتل مكانه شيئاً فشيئاً دون أن يعني ذلك‬ ‫مراجعتها والتحر ُر منها‪ .‬إن املفارقة التي بالرضورة أن الدميقراطية والحرية قادمتني‬ ‫أدعو لها بكالمي هنا هي رضورة التح ُرر من ال ريب فيهام أو أنهام تحصيل حاصل‪...‬‬ ‫وسجنها‪ .‬بهذا املعنى أنا أدعو‬ ‫قفص الحرية ِ‬ ‫إىل التمييز ما بني التحرر والحر ّية بحيث أفهم ‪ -‬مستقبل الدميقراطية يف سوريا يأخذ األذهان‬ ‫التحرر بوصفه عملية ُمتك ّررة رضورية تقوم إىل مواضع الشك والتخمني ورمبا التشاؤم‬ ‫تحجرت وذلك أحيانا‪ ،‬ماهي رؤيتكم ملستقبل الدميقراطية‬ ‫بخيانة مقوالت ُ‬ ‫الحرية التي ّ‬ ‫يف سوريا ؟ وهل سيكون مبقدور السوريني‬ ‫لفتحها عىل إمكانية جديدة وأفق جديد‪...‬‬ ‫إين عىل وعي بأن مفهوم التح ُّرر الذي أطرحه الوصول إىل صياغة عقد اجتامعي يكون‬ ‫هُ نا ال ميكن اعتامده مؤسسات ّياً‪ ،‬فالدولة رافعة لدستور يستوعب جميع املكونات‬ ‫واملجتمع يحتاجان إىل قوانني ناظمة ثابتة والطوائف والرشائح ؟‬ ‫ومعايري واضحة ُمحدّدة وضع ّياً ليتم الترشيع الدميقراطية سريورة ال منتهية وال يجب أن‬ ‫لها والحكم عىل أساسها‪ ،‬ولكن التح ُّرر يجب أن تكون ذات سقف‪ .‬سأكون مرسوراً لو استطعنا‬ ‫يظل ُأفقاً دامئاً ُمتاحاً يجب التيقظ له والتنبه يف سوريا بعد االنتهاء من هذا النظام املارق‬ ‫لوجوده كإمكانية لتحرير الحرية التي تتحول أن نبدأ بداية دميقراطية ولو متواضعة‪ .‬ليس‬ ‫مفاهيمي‪ .‬التح ّرر هو علينا أن ُنبالغ يف التفاؤل‪ ،‬ليك ال نصطدم ببالدة‬ ‫الحقاً إىل سجن مقواليت‬ ‫ّ‬ ‫الحرية التي واقعنا بعد ذلك‪ ،‬فنتصور أن الدميقارطية‬ ‫ما يعتق اإلنسان من مقوالت ُ‬ ‫السلطة‪ ،‬أية ستتأسس يف حياتنا ودولتنا القادمة بني ليل ٍة‬ ‫يسهل التالعب فيها من قبل ُّ‬ ‫ُسلطة والتي تسعى بطبيعتها إىل السيطرة وضحاها‪ .‬ال شك أننا سنعرف هزّات وخلخالت‬ ‫زمن ليس بالقصري نسبياً‪ ،‬ولكن‬ ‫والهيمنة واالستعباد‪.‬‬ ‫وانتكاسات إىل ٍ‬ ‫اآلن وبالعودة إىل سؤالك فال شك أن ما معيار النجاح يتحدد هنا بقدرتنا عىل تصحيح‬ ‫يحدث يف سوريا من انتهاكات وفظائع وجرائم املسار ُكل م ّرة من جديد‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫لست متفائ ًال ج ّداً مبستقبل الدميقراطية وذلك‬ ‫وسعار طائفي ال يمُ كن أن يؤسس للحرية‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ال يمُ كن بناء الحرية بالسالح وباآللة العسكرية لعدّة أسباب‪ .‬األول كرثة األيادي الغريبة‬ ‫وتشهد عىل ذلك كل تجارب التاريخ‪ .‬واملشاريع الخارجية والداخلية يف صناعة‬ ‫ولكن التفاؤل يدفعني للإلميان بأن هذه سوريا أو تفكيكها‪ .‬والسبب الثاين هو عدم‬ ‫التجاوزات ال تمُ ِّثل إال عرضاً طارئاً من أعراض نضج النخب السياسية عندنا بحيث تستطيع‬ ‫الثورة سيزول لو متت معالجته‬ ‫بشكل صحيح‪ .‬أن تواجه هذه التحديات الهائلة واستالم‬ ‫ٍ‬ ‫ً‬ ‫ال توجد دولة تقريباً مل تعرف حربا أهلية يف دفة تقرير مصري الدولة واملجتمع مبعزل عن‬ ‫تاريخها‪ ،‬ولكن الكثري منها قد تجاوز الحرب األجندات الغربية أو اإلقليمية املتصارعة يف‬ ‫املدنية إىل املجتمع املدين عرب عقد‬ ‫اجتامعي املنطقة‪.‬‬ ‫ٍّ‬ ‫قانو ّين‪ .‬حصل هذا يف إسبانيا وفرنسا وبريطانيا يتطلب إنهاء الحرب حالة من حاالت العقد‬

‫اإلجتامعي بالرضورة‪ ،‬ولكن الخطري هو شكل‬ ‫هذا العقد‪ .‬فإذا كان يقوم مث ًال عىل تقسيم‬ ‫البلد كام حصل يف العراق فهو كارثة حقيقية ال‬ ‫يقل خطورة عن الحرب نفسها وهو لن ينهيها‬ ‫بقدر ما يؤجلها ويبني حواجز جديدة بني‬ ‫السورين لتُضاف إىل حواجز االنتامءات اإلثنية‬ ‫والطائفية التي ّ‬ ‫تكشفت عن صالبة ال ُنحسد‬ ‫عليها‪ .‬أما إذا كان العقد االجتامعي يقوم عىل‬ ‫أساس ا ُملحاصصة السياسية القامئة أص ًال عىل‬ ‫توزع طائفي وديني وعشائري ومايل‪..‬الخ كام‬ ‫هو األمر يف لبنان‪ ،‬فإن هذا كارثة أيضاً وهو‬ ‫سيكون أكرب عائق أمام الدميقراطية‪ ,‬فنحن هنا‬ ‫سنكون من جديد أما ُخبث ا ُملصطلح الذي‬ ‫ُيطرح ل ُيامرس نقيضه‪ .‬وما أعنيه بذلك أنه سيتم‬ ‫طرح «دميقراطية» عىل الطريقة املحاصصة‬ ‫الطائفية اللبنانية التي هي باألصل تقوم ضد‬ ‫الدميقراطية وضد تحقيق الحريات املدنية‪.‬‬ ‫عدا عن الصورة ومتعلقاتها من الفنون‬‫البرصية مل ينتج الحراك الثوري واالجتامعي‬ ‫واملدين منتجات ذات أثر عىل املستوى‬ ‫الفكري واألديب أو الفني أوالنقدي هل هذا‬ ‫عائد لطغيان الشعبوية عىل الثورة‪ ،‬أم لكون‬ ‫النخبويني مرتاجعني للصفوف الخلفية ؟ وهل‬ ‫انتفى دور املثقف العضوي – عىل حد وصف‬ ‫غراميش – ضمن الحراك السوري القائم ؟‬ ‫دعني أختلف معك يف توصيف الحالة‪ .‬إنني‬ ‫أرى أن ما حصل قد فتح الباب عىل مرصاعيه‬ ‫تفجر املواهب املكبوتة وتفتيح الطاقات‪.‬‬ ‫أمام ُّ‬ ‫ال شك أن أثر هذه الظاهرة لن يظهر مبارشة‬ ‫ّ‬ ‫ليتكشف ويتبلور و ُيصبح‬ ‫فهو يحتاج إىل زمن‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ماّ‬ ‫قاب ًال للتأمل فيه كيفا وك ‪ .‬ال ميكن لنا أن‬ ‫نلحظ هذا األثر بوضوح ونحن نعايشه يومياً‪.‬‬ ‫إننا نحتاج أن نقيم مسافة معه لرناه عىل‬ ‫«حقيقته»‪ .‬اليوم ومع لعلعة صوت السالح ال‬ ‫ُيسمع صوت العقل وال ُيلمح األثر الفني الذي‬ ‫طغت عليه الدماء وهذا ما ُيفسرّ احساسك‬

‫‪21‬‬


‫في الكــادر‬

‫برتاجع النخبويني إىل الصفوف الخلفية‪ .‬أنا‬ ‫عىل قناعة بأن ما ُأنتج أدباً و ِفكراً وف ّناً يف‬ ‫خضم الثورة هو مهم جداً وميثل ثورة بحد‬ ‫ذاته قياساً مبرحلة اليأس التي سبقته يف‬ ‫نظام قىض عىل الفكر والثقافة وربط‬ ‫ظل ٍ‬ ‫الفن (أقصد الدراما هنا) باإلنتاج التلفزيوين‬ ‫الربحي فقط‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫أما بالنسبة لدور ا ُملثقف العضوي فأنا ال‬ ‫أعتقد باختفائه كام يفرتض سؤالك‪ ،‬بل عىل‬ ‫العكس تبلور حضوره رمبا للمرة األوىل يف‬ ‫تاريخنا الحديث‪.‬لقد طرحت مسألة الثورة‬ ‫فكرة املثقف والتزامه ومنحت املثقفني فرصة‬ ‫ليظهروا مدى قربهم الحقيقي من الشعب‬ ‫والناس ووعيهم بالتاريخ‪ .‬يف الثورة السور ّية‬ ‫ُيقدِّم منوذج ياسني الحاج صالح فراد ًة غرامشية‬ ‫يف هذا املعنى‪ .‬لقد انتمى الرجل للثورة بعمق‬ ‫َّ‬ ‫وتكشف عن ارتباط عضوي باملكان واإلنسان‪.‬‬

‫‪22‬‬

‫رفض الحاج صالح رفاهية الخارج قياساً مبعاناة‬ ‫الداخل بل وذهب إىل املناطق الخطرة والتي‬ ‫يتم قصفها لريقب األحداث عن ُقرب ُمع ّرضاً‬ ‫حياته للخطر‪ .‬ياسني الحاج صالح هو غراميش‬ ‫الثورة السورية وهذا رأيي أعجبه ذلك أم ال‪.‬‬ ‫ولكن علينا أن ننتبه أن هذا النموذج يجب أال‬ ‫يبتلع غريه من النامذج الثقافية التي قدّمتها‬ ‫الثورة السور ّية‪ .‬إين أرى إن أخطر ما ميكن‬ ‫أن يحدث للثقافة هو محاولة عسكرتها أو‬ ‫أدلجتها وما أقصده هنا ال عالقة له بالنظام‬ ‫السوري وكتب ِته فأنا ال أراهم ال مثقفني وال هم‬ ‫يحزنون‪ .‬إنني أتحدث هنا عن جملة توجهات‬ ‫شعبوية صارت تطال املثقف والثقافة‬ ‫املعارضة من قبل املثقفني املعارضني أنفسهم‪.‬‬ ‫كأن ُيصبح هناك صورة منطية واحدة للمثقف‬ ‫تم تفصيلها عىل مقياس أحدهم وبالتايل كل‬ ‫من ال يتامها مع هذه الصورة القالب‪ /‬القالب‬

‫السجن حتى يتم التشكيك بهويته وبوطنيته‬ ‫وبإنتاجه‪ .‬بهذا املعنى ليك تكون ُمثقفاً حقيقياً‬ ‫من وجهة نظر هذه األيديولجيا «الثورية»‬ ‫(التي هي محا ِفظة و ُمحنِّطة بالعمق) هو أن‬ ‫ُ‬ ‫بحيث ُتستَغ َرق‬ ‫تنخرط يف السياسة بالكامل‬ ‫فيها ويصبح من الخيانة مبكان أن تكتب فيام‬ ‫عدا ذلك أو أن تسمع أغنية أو أن ُتحب‪ .‬هُ نا‬ ‫تفقد الثقافة ُحريتها و ُتصبح تابعة بالكامل‬ ‫السيايس الذي وبدل أن‬ ‫للتوجه اإليدولوجي‬ ‫ّ‬ ‫املؤسس وا ُمل ّ‬ ‫رش ِعن له ُتصبح هي‬ ‫تكون هي ِّ‬ ‫مؤسسة به وال تستمد رشعيتها إال منه‪.‬‬ ‫الغرامشية ثقافة رائعة أصيلة وحقيقية‪،‬‬ ‫ولكنها ليست إال صفحة واحدة من ُمج ّلد‬ ‫الثقافة الالمنتهي‪.‬‬ ‫الثقافة بهذا املعنى هي الوطن وأكرث منه‪.‬‬ ‫فالوطن جزء من الثقافة وليس الثقافة‬ ‫كل الثقافة‪ .‬ال شك أن هذه الرؤية التي‬


‫في الكــادر‬ ‫ُأقدمها هنا قد تبدو نخبوية أو برجوازية‬ ‫اليسء الذي تعطيه املاركسية لهذا‬ ‫باملعنى ّ‬ ‫حساس من أي إطار ميكن‬ ‫ا ُملصطلح إال أنني ّ‬ ‫أن يؤطر الحرية ويقيض عىل االختالف‪.‬‬ ‫بهذا املعنى أنا أخون وطني عىل الطريقة‬ ‫رصح وأنا بكامل قواي الثقافية‪:‬‬ ‫املاغوطية ُأل ّ‬ ‫حتى أنت يا وطني َ‬ ‫لست أغىل من حريتي‪...‬‬ ‫كيف تقيم تجربة األكادمييني واملثقفني‬‫والباحثني يف معرتك السياسة ومجالس‬ ‫املعارضة وخصوصا تجربتك ضمن املجلس‬ ‫الوطني السوري ؟‬ ‫جيدة وسيئة معاً‪ .‬لقد ّ‬ ‫تكشف وكشف‬

‫األكادمييون عموماً عن تلك الهوة الواسعة‬ ‫حقيق ًة ما بني النظرية والتطبيق؛ بني عامل‬ ‫ما يجب أن يكون الفكريّ وعامل ما هو قائم‬ ‫السيايس‪ .‬وهذا ليس ذنبهم باإلجامل‪ .‬لعل‬ ‫ّ‬ ‫السيايس‬ ‫خطأ بعضهم يتم ّثل يف إرصارهم عىل‬ ‫ّ‬ ‫الذي أثبتوا فيه فش ًال كبرياً وتخليهم عن الثقايف‬ ‫الذين اثبتوا فيه أنفسهم‪ .‬تتعدّد التجارب هُ نا‬ ‫السلطة‬ ‫وهناك‪ ،‬فهناك من استجاب لنداءات ُّ‬ ‫اليومي الزائل عىل‬ ‫وإغراءاتها فجرى وراء‬ ‫ّ‬ ‫حساب الثقا ّيف الدائم‪ .‬لقد سبق ألينشتاين‬ ‫مث ًال أن اختار املعادالت الخالدة عىل السياسة‬ ‫الزائفة عندما اقترُ ح عليه رئاسة ارسائيل‪.‬‬ ‫ال أريدُ أن أدخل يف معمعة مع أحد وهم‬

‫أساتذيت وأصدقايئ‪ ،‬ولكنني سأسمح لنفيس‬ ‫بالتعبري عن أسفي وصدمتي مبا حصل معهم‪.‬‬ ‫ال شك أن هناك منهم من لديه ذاتية عالية‬ ‫تحكمت بنظرته وانخراطه فهو مل ي َر يف الثورة‬ ‫كنبي جديد ُمخ ّلص؛‬ ‫لسورية سوى نفسه فيها ٍّ‬ ‫وهناك من استجاب ملقوالت طاملا حاربها‬ ‫بشكل ارتداديّ باسم الواقعية‬ ‫سابقاً ليتبناها‬ ‫ٍ‬ ‫السياس ّية عىل حساب ما يجب أن يكون؛‬ ‫ينتم‬ ‫وهناك من تأخر يف االنخراط بالثورة ومل ِ‬ ‫إليها رصاح ًة إال عندما تيقن أن النظام زائل‬ ‫وإن مصريه ومستقبله وسمعته ورمبا فائدته‬ ‫يف تبني ا ُملنتصرِّ ‪ .‬مع كل هذه النقاط السلبية‬ ‫التي يمُ كن أخذها عليهم كمثقفني وأكادمييني‬ ‫إال أن هذا ال ُيشكك بالتزام بعضهم وبرفضهم‬ ‫الظلم والذل والعبودية وانتامءهم الرصيح‬ ‫والواضح لإلنسان وللحرية‪...‬‬ ‫عني شخصياً أيض ُا أقيم تجربتي القصرية يف‬ ‫املجلس الوطني باإليجاب والسلب‪ .‬ال شك‬ ‫أنني نادم عليها اآلن واعتربها خطوة خاطئة‪،‬‬ ‫ولكن هذه الرؤية السلبية جاءت مع الزمن‬ ‫ففي البداية مل يكن الوضع كذلك‪ُ .‬‬ ‫كنت متوه ًام‬ ‫حينها أن الثورة يف سوريا لن تطول لتأخذ‬ ‫هذا املنحى الرتاجيدي الذي ال طاقة يل عىل‬ ‫ُ‬ ‫فهمت املوضوع يومها عىل أنه‬ ‫احتامل آالمه‪.‬‬ ‫«كمثقف» يف مرحلة انتقالية‬ ‫تحمل ملسؤليايت ُ‬ ‫ُّ‬ ‫رسيعة كام حصل يف ثوريت تونس ومرص‪ .‬ال‬ ‫شك أن إحسايس بالندم اليوم هو يشء إيجايب‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫وعرفت حدودي‬ ‫نفيس أكرث‬ ‫فقد‬ ‫تعرفت عىل ّ‬ ‫سيايس‪ .‬من‬ ‫وفضاءايت وعدم صالحيتي ملا هو‬ ‫ّ‬ ‫بني املثقفني السوريني كان ياسني الحاج صالح‬ ‫األبعد نظراً واألكرث التزاماً بالثقافة من الجميع‬ ‫ُ‬ ‫نفيس ُمثقفاً) فهو‬ ‫اعتربت‬ ‫مبا فيهم أنا (لو‬ ‫ّ‬ ‫حفظ الثقافة من لوثة السياسة‪...‬‬ ‫أفالطون ُمخطئ إذ ليس من مهمة الفيلسوف‬ ‫السلطة السياس ّية فهو أفشل من‬ ‫ُ‬ ‫الحكم وال ُ‬ ‫ميكن أن يقوم بذلك‪.‬‬

‫‪23‬‬


24


‫روزنــامة‬

‫اليـوم العالمي للسالم‬ ‫استذكـــــار لقيــم الســالم بيـن الشعـــوب‬ ‫اثنان وثالثون عاماً مروا عىل تحديد الواحد‬ ‫والعرشين من سبتمرب‪/‬أيلول من قبل‬ ‫األمم املتحدة كيوم عاملي للسالم بني األمم‬ ‫والشعوب‪ ،‬يفرتض أن تهدأ خالله األسلحة‪،‬‬ ‫وأن يتم التزام إطالق النار بني أي طرفني‬ ‫متنازعني احرتاماً للسالم‪.‬‬ ‫منذ إعالنه يوماً للسالم وحتى اآلن تتسع‬ ‫رقعة النزاعات وتزداد حدتها عاماً بعد عام يف‬ ‫مناطق مختلفة من العامل‪ .‬وحسب الدراسات‬ ‫فقد سجل الرقم القيايس للنزاعات يف العامل‬ ‫خالل عام ‪.2008‬‬ ‫هناك رغبة عارمة داخل نفوس الكثريين‬ ‫من دعاة السالم املستق ّلني أواملنضوين‬ ‫تحت لواء حكومات أو أحزاب يف‬ ‫تحقيق السالم عن طريق رسائل‬ ‫يتم إطالقها عرب وسائل عديدة‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫يتصدر اإلعالم قامئتها ‪ ،‬كوسيلة‬ ‫نرش وتكريس فعالة‪ ،‬من خالل‬ ‫تصوير األفالم القصرية الداعية‬ ‫إىل نبذ العنف وتقريب وجهات‬ ‫النظر بني األطراف املتنازعة‪،‬‬ ‫وإعداد الوثائقيات التي تؤرخ‬ ‫للتجارب السلمية حول العامل‪ ،‬إضافة‬ ‫إىل القيام بفعاليات مختلفة بني عام‬ ‫وآخر تتضمن إعداد الطوابع التي تحمل اسم‬ ‫أو صورة سفراء السالم ورواد دعاته‪.‬‬ ‫الغاية من هذا اليوم ال تنحرص يف التوقف عن‬ ‫مامرسة العنف يف بعدها املسلح‪ ،‬بل تتعدى‬ ‫هذا البعد إىل نرش السالم كثقافة‪ ،‬ومنع‬ ‫العنف االجتامعي بكل أشكاله مبا فيه العنف‬ ‫ضد األطفال والنساء‪ ،‬وفتح الباب أمام تبادل‬ ‫الخربات التي طبقت يف األماكن الساخنة‬ ‫وساهمت يف تغيري واقعها‪ ،‬والكشف بشجاعة‬

‫عن كل رؤية تطمح إلحالل السالم عرب‬ ‫اسرتاتيجيات واضحة ميكن اعتامدها كخطط‬ ‫بعيدة أو قريبة إلحالل السالم‪.‬‬ ‫وخالل القرن املايض والسنوات التي انقضت‬ ‫من القرن الحايل حصل العديد من دعاة السالم‬ ‫ونشطائه عىل جائزة نوبل‪ ،‬تثميناً لجهودهم‬ ‫وآثارها يف إحالل السالم‪ ،‬أو تخفيف حدة‬ ‫العنف‪ ،‬وتغيري الظروف املجحفة بحق بعض‬ ‫الفئات يف العديد من الدول‪.‬‬

‫إدارة جوائز‬ ‫وقد خصصت‬ ‫نوبل جائزة خاصة بالسالم‪ ،‬نظراً ألهمية‬ ‫النشاط يف هذا الحقل‪ ،‬وأول الحاصلني عليها‬ ‫السويرسي جان هرني دونان ‪ 1901‬الذي أسس‬ ‫منظمة الصليب األحمر والتي ما زالت تلعب‬ ‫دوراً مه ًام خالل فرتات النزاعات املسلحة يف‬ ‫شتى أنحاء العامل‪ .‬أما أبرز الشخصيات التي‬

‫نالت نوبل فنستطيع ان نذكر منهم األمريييك‬ ‫مارتن لوثر كينج ‪ 1963‬صاحب الخطاب‬ ‫الشهري « لدي حلم «‪ ،‬والذي نتج عنه إقرار‬ ‫نصت عىل إلغاء الفصل العنرصي يف‬ ‫قوانني ّ‬ ‫أمرييكا بني البيض والسود‪ .‬وغريه الكثريون‬ ‫أمثال األمريييك هرني كيسنجر ‪،‬الفييتنامي يل‬ ‫توك ثو ‪ ،‬املرصي أنور السادات ‪ ،‬األم ترييزا‬ ‫املقدونية األصل ‪ ،‬الزعيم التيبتي الداالي الما‬ ‫‪ ،‬ميخائيل جورباتشوف أثناء ترأسه لالتحاد‬ ‫السوفيايت وذلك لجهوده يف إنهاء الحرب‬ ‫الباردة من خالل تفكيك االتحاد السوفييتي‬ ‫سابقاً‪ ،‬البورمية الشهرية أونج سان سو‬ ‫يك ‪ ،1991‬الزعيم الجنوب أفريقي‬ ‫نيلسون مانديال ‪ ،‬الفلسطيني‬ ‫يارس عرفات‪ ،‬والرئيس األمريييك‬ ‫الحايل باراك أوباما‪.‬‬ ‫وتعترب ال ّلجنة الدولية لحقوق‬ ‫اإلنسان‪ ،‬واملنظمة العاملية‬ ‫السالم واملنظمة‬ ‫لبعثة‬ ‫ّ‬ ‫اإلسالمية لحقوق اإلنسان‬ ‫من أهم منظامت السالم حول‬ ‫العامل‪.‬‬ ‫واليوم ‪ ،‬ومع تأزم الوضع اإلنساين‬ ‫بسبب الحروب املستمرة يف مناطق‬ ‫كثرية أبرزها منطقة الرشق األوسط بشقها‬ ‫العريب تزداد الحاجة إىل تأكيد أهمية هذا‬ ‫اليوم ليس بعده اآلين بحيث يتم التعامل‬ ‫معه ضمن نطاق مفهوم املناسبات‪ ،‬بل بالنظر‬ ‫إليه عىل أنه يوم يستحق أن نخرج به إىل‬ ‫نطاق الفعاليات املستمرة‪ ،‬فالسالم مطب‬ ‫أسايس الستمرار حياة الشعوب أوالً‪ ،‬ولتفعيل‬ ‫طاقاتهم عىل كافة املستويات‪.‬‬

‫‪25‬‬


‫من أجل اجملتمع املدني والدميقراطية‬

‫خطـوة علـى طريـق بنـاء المنـظمـات‬ ‫وتطويرها‬ ‫ورشة عمل تحت عنوان «املنارصة‬ ‫للسلم األه ّ‬ ‫يل»‬ ‫وكسب التّأييد ّ‬

‫املدنــي والدّميــقراط ّية‬ ‫أنهى مركز املجتـــمع‬ ‫ّ‬ ‫الســـادســة من‬ ‫يف سوريا ‪ CCSDS‬الورشــة ّ‬ ‫برنــامج (نســاء من أجل مستقبل سوريا) يف‬ ‫مدينة ديرك‪ ,‬محافظة الحســكة تحت عنوان‬ ‫للسلـم األه ّ‬ ‫يل»‬ ‫«املـــنارصة و كسب التـ ّـأييد ّ‬ ‫يومي ‪ 15‬و ‪ 16‬آب مبشــــاركة ‪ 21‬ناشــــطة‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫مدن ّية من حركة الشــباب الكورد قد ْمن من‬ ‫مختلف مناطق املحافـــظة ‪ ،‬بإرشاف مد ّربني‬ ‫من سوريا‪.‬‬ ‫تناولــت الورشة عدّة محـــاور عن تحديـد‬ ‫ال ّرؤية والتّحديـــات ا ّلتي تواجههـــا‪ ،‬وكيـف ّية‬ ‫وضع أهـداف املنــارصة وكسب التّأييد‪ .‬كام‬ ‫تم التــ ّـركيز عىل كــــيف ّية صياغة التّوصيات‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫وتط ّرقــت الورشــة إىل كيفيـ ّـة تــفعيل دور‬ ‫املرأة لتحقيــــق‬ ‫والسـالم يف‬ ‫األمن ّ‬ ‫سوريــــا ورضورة‬ ‫مشاركتها الف ّعالة‬ ‫يف أنشطةاملجتمع‬ ‫املد ّين‪.‬‬ ‫اعتمد املد ّربون‬ ‫طرق تعليــــم ّية‬ ‫مبــتكرة مت ّثــلت‬ ‫يف نـــشاطــــات‬ ‫ومتاريـن متن ّوعة‪،‬‬ ‫وكــان الهــــدف‬ ‫منهــا ّ‬ ‫الحث عىل‬ ‫الجامعي‪.‬‬ ‫العمـل‬ ‫ّ‬ ‫وخـــلق تفــاعل‬

‫‪26‬‬

‫إيجا ّيب ضمن مجموعات العمل‪ .‬وقد تك ّللت‬ ‫النّشاطات والتّامرين املختلفة بـوضع خطط‬ ‫أ ّول ّية لجملة من املشاريع‪ .‬وأبــــدت جميع‬ ‫املشاركات استعداداً وحامسة كبرية لتنفيذها‬ ‫يف مناطقهنّ من أجـــل تحقيــق األمـن عىل‬ ‫السالم‬ ‫املستوى املحــليّ ّ كخطوة أوىل لفرض ّ‬ ‫الكامل‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫تض ّمنت الورشة عرض فيلم «عودة الشيطان إىل‬ ‫الجحيم» وأعقب عرض الفيلم نقاشات وتبادل‬ ‫تم التّط ّرق‬ ‫أهم ما ّ‬ ‫آراء بني املشاركات‪ ،‬ومن ّ‬ ‫السالم عموماً والتّحد ّيات‬ ‫له دور املرأة يف بناء ّ‬ ‫السور ّية عىل وجه الخصوص‬ ‫ا ّلتي تواجه املرأة ّ‬ ‫لتحقيق ذلك‪ .‬كام نوهت بعض املشاركات‬ ‫برضورة االستفادة من تجارب ّ‬ ‫الشعوب‬ ‫ّ‬ ‫والحل ال ّنزاع يف سوريا‪.‬‬ ‫األخرى لفرض األمن‬

‫ورشة عمل تحت عنوان «قيادة‬ ‫حشد وتحريك املجتمع املد ّين»‬

‫الخاصة بربنامج‬ ‫ضمن سلسلة ورشات العمل‬ ‫ّ‬ ‫(نساء من أجل مستقبل سوريا) ا ّلتي يقيمها‬ ‫مركز املجتمع املد ّين والدّميقراط ّية يف سوريا‬ ‫السابعة‬ ‫‪ ، CCSDS‬عقدت ورشة العمل ّ‬ ‫بعنوان‪« :‬قيادة حشد وتحريك املجتمع‬ ‫املد ّين» يف مدينة غازي عنتاب‪ ،‬يف الفرتة ما‬ ‫بني‪ 25-21‬آب للعام ‪ 2013‬بإرشاف مد ّربني‬ ‫من معهد األمن ّ‬ ‫الشامل‪.‬‬ ‫شارك يف الورشة ‪ 24‬ناشطة‪ ،‬من ّ‬ ‫منظامت‬ ‫متعدّدة‪ ،‬قدّموا من ثالث محافظات (حلب‬ ‫وإدلب والحسكة)‪ ،‬مماّ ش ّكل خليطاً ثقاف ّياً‬ ‫أغنى ورشة العمل وأكسبها ج ّواً حوارياًّ وتبادالً‬ ‫للخربات والتّجارب بني املتدر ّبات‪.‬‬ ‫تر ّكزت الورشة عىل محاور عديدة منها‪ ،‬طرق‬


‫من أجل اجملتمع املدني والدميقراطية‬ ‫وضع أهداف املنارصة وكسب التّأييد‪،‬‬ ‫وكيف ّية صياغة توصيات املنارصة‪ .‬كام‬ ‫ركزت الورشة عىل موضوع تحديد‬ ‫التحديات التي تواجه األهداف‬ ‫وتحليل هذه التّحدّيات واملشاكل‪،‬‬ ‫والعمل عىل ح ّلها‪ ،‬للوصول اىل دور‬ ‫قياديّ للمرأة وتضمينها يف صنع القرار‬ ‫السالم ‪.‬عتمدت املحارضات‬ ‫وصنع ّ‬ ‫عىل أدوات عديدة لتحليل الواقع‬ ‫السور ّية‬ ‫السوريّ الحايل‪ ،‬وتحفيز املرأة ّ‬ ‫ّ‬ ‫عىل إيجاد الحلول لقضاياها والقضايا‬ ‫السور ّية بشكل عا ّم‪ ،‬األمر ا ّلذي و ّلد‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫جوا من الثقة بأه ّم ّية دورهنّ كنساء‬ ‫يف العمل عىل التّغيري نحو األفضل‪،‬‬ ‫وزاد من إميانهنّ بالعمل كفريق متكامل‬ ‫ّوجه‪.‬‬ ‫ومتضامن يف التّفكري والتّخطيط والت ّ‬ ‫تناولت الورشة املصاعب ا ّلتي تواجهها النّساء‬ ‫يف أوقات الحروب وكيف ّية عالجها والتّصدّي لها‬ ‫السلم ّية وال ّذهاب إىل املشاركة يف‬ ‫عرب الحلول ّ‬ ‫األمني وتحديد‬ ‫توطيد األمن وإصالح القطاع‬ ‫ّ‬ ‫صالح ّياته‪.‬‬ ‫خصص اليوم األخري من ورشة العمل‪ ،‬للتّدريب‬ ‫ّ‬ ‫والنّقاش حول أمن املعلومات ووسائل حامية‬ ‫الحسابات اإللكرتون ّية من االخرتاق‪ ،‬وكيف ّية‬ ‫االستفادة من خصائص شبكات التّواصل‬ ‫االجتامعي‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫تحدّثت املتد ّربات يف نهاية الدّورة عن‬ ‫الخربات امله ّمة ا ّلتي اكتس ْبنها من حضورهنّ‬ ‫لهذه الورشة‪ ،‬وأ ّكدن عىل أه ّمية العمل‬ ‫الجامعي‪ ،‬حيث ذكرت إحدى املتد ّربات قائلة‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫حني حضوري لهذه الورشة‪ ،‬وبعد مشاركتي‬ ‫مع زمياليت يف الحصول عىل الخربات ا ّلتي‬ ‫حصلنا عليها خالل أ ّيام التّدريب‪ ،‬باإلضافة‬ ‫اىل رؤيتي ومتابعتي لفريق املركز‪ ،‬وا ّلذين‬ ‫يعملون كخل ّية نحل وبتنظيم رائع جداً‪،‬‬ ‫أشعل لديّ رغبة قو ّية واستعداداً كبرياً لبدء‬

‫العمل وتطبيق ما أخذته يف الورشة‪.‬‬

‫ورشة تدريب «برنــــامج تــطوير‬ ‫املنظامت»‬ ‫يف إطار مرشوع تنمية قدرات وتطوير ّ‬ ‫املنظامت‬ ‫أنهى مركز املجتمع املد ّين والدّميقراط ّية‬ ‫يف سوريا ‪ CCSDS‬ورشة تدريب لتج ّمع‬ ‫السور ّيني األحرار يف مدينة غازي‬ ‫املحاميني ّ‬ ‫عنتاب الترّ كية بتاريخ ‪ . 2013 /8/14‬وهي‬ ‫الورشة ال ّثانية ضمن هذا املرشوع بعد الورشة‬ ‫تم فيها تدريب تج ّمع املحاميني‬ ‫األوىل ا ّلتي ّ‬ ‫السور ّيني األحرار ‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫شمل برنامج الورشة تدريب مجموعة من‬ ‫املحاميني عىل مفاهيم اإلدارة العلم ّية‪ ،‬وما‬ ‫يتض ّمنها من تنظيم والهياكل التّنظيم ّية‪،‬‬ ‫ورسم لسياسات يف ّ‬ ‫املنظامت الحديثة‪ .‬حيث‬ ‫تو ّقف املحارضون عىل أه ّم ّية تطبيق وظائف‬ ‫اإلدارة يف ّ‬ ‫منظامت املجتمع املدين بشكل‬ ‫متكامل‪ ،‬وكيف ّية التّخطيط والتّنظيم والتّوجيه‬ ‫والتّوظيف وال ّرقابة‪ ،‬بغية الوصول إىل تحقيق‬ ‫األهداف ّ‬ ‫بأقل التّكاليف‪.‬‬ ‫كام تناولت الورشة مفاهيم أخرى مثل (بيان‬

‫ال ّرسالة) ا ّلتي تر ّكز عىل أن للرسالة ومحتواها‬ ‫بالغ األه ّم ّية يف نجاح العمل ووضوح ال ّرؤية‬ ‫لدى الجمهور بشأن عمل ّ‬ ‫املنظامت‪ ،‬حتّى‬ ‫تكون مؤ ّثرة وف ّعالة‪ .‬كام نوقش (تحليل‬ ‫سوات‪ )SOWT‬وذلك أله ّم ّيته يف إدارة أيّ‬ ‫ّ‬ ‫منظمة‪.‬‬ ‫عبرّ املشاركون عن أه ّمية مثل هذه الورشات‬ ‫املؤسسات‬ ‫من أجل تطوير العمل يف‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫واملنظامت املدن ّية حديثة التّشكيل الكتساب‬ ‫املهارات واملعارف اإلدار ّية وسبل ّ‬ ‫حل‬ ‫املشكالت ا ّلتي تواجهها ّ‬ ‫املنظامت‪ ،‬وعن ذلك‬ ‫يعبرّ أحد املحاميني املشاركني بالقول‪:‬اكتسبنا‬ ‫مهارة العمل بشكل أكرث تنظي ًام ودينامك ّية‬ ‫ومحاولة تل ّمس جوانب القصور يف تج ّمع‬ ‫وآل ّيات العمل عىل تاليف األخطاء» ويرى‬ ‫ّأن مثل هذه الدّورات رضورية من أجل‬ ‫تشخيص عوامل ّ‬ ‫الضعف ومعرفة نقاط الق ّوة‬ ‫‪.‬‬ ‫السوريينّ‬ ‫يذكر ّأن التّج ّمع املد ّين للمحاميني ّ‬ ‫األحرار من ّ‬ ‫تأسست يف ّ‬ ‫ظل‬ ‫املنظامت ا ّلتي ّ‬ ‫السور ّية‪ ،‬وهي ّ‬ ‫منظمة حقوق ّية غري‬ ‫األزمة ّ‬ ‫حكوم ّية تعمل عىل ترسيخ قيم دولة القانون‬ ‫ومفهوم املواطنة‪.‬‬

‫‪27‬‬


‫حمــالت‬ ‫حـــق‬ ‫الوطنـية لمــناصرة‬ ‫الحملـة‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫وريين في ال ّتعليم‬ ‫الس ّ‬ ‫األطفـال ّ‬

‫حملة (من نوروز إلى آكيتو) لترسيــخ‬ ‫قيم التعايش‬

‫يف ّ‬ ‫ظل األوضاع القاسية ا ّلتي مت ّر بها سوريا يتزايد عدد األطفال‬ ‫املحرومني من حقهم يف التّعليم يوما بعد يوم ؛ إ ّما بسبب‬ ‫تهدّم املدارس‪ ،‬أو بسبب عجز األطفال عن الوصول إليها‪ ،‬أو‬ ‫نقص الكوادر‪ ،‬أو عدم وصول الكتب املدرسية؛ ولذلك ق ّرر‬ ‫السوريّ لحقوق ّ‬ ‫الطفل إطالق حملته الوطنية ملنارصة‬ ‫املركز ّ‬ ‫بكل ّ‬ ‫حقّ أطفالنا يف الحصول عىل التّعليم ّ‬ ‫الطرق املمكنة‪.‬‬ ‫يدعو مطلقو الحملة ّ‬ ‫كل من يؤمن بأه ّم ّية هذا املوضوع‪،‬‬ ‫السوريينّ من حقّ التّعليم أن‬ ‫وخطورة حرمان األطفال ّ‬ ‫يشاركهم الحملة ‪« :‬عليك فقط أن تقدّم لهذا الطفل جزءاً‬ ‫مماّ قدّمته بلدنا لك؛ رشح درس واحد عىل ّ‬ ‫األقل ‪ ..‬اخرت‬ ‫الص ّف‬ ‫الص ّف األ ّول وحتّى ّ‬ ‫السوريّ من ّ‬ ‫درساً من املنهاج ّ‬ ‫التّاسع مبا يتناسب مع اختصاصك‪ ،‬ارشحه‪ ،‬وقم بتصوير هذا‬ ‫رّ‬ ‫الشح أو تسجيله صوت ّياً‪ ،‬وأرسله إىل الربيد اإللكرتو ّين التّايل‪:‬‬ ‫وسيتم تجميع الدّروس املرسلة‪،‬‬ ‫‪ info@syccr.org‬؛‬ ‫ّ‬ ‫يتم تجهيزه‬ ‫ونرشها عرب قناة يويتوب‪ ،‬وعىل موقع إلكرتو ّين ّ‬ ‫وسيتم تجميعها أيضاً عىل أقراص مدمجة بغية‬ ‫لهذا الغرض‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫بكل ّ‬ ‫إيصالها ّ‬ ‫ومجاناً إىل أبنائنا أينام وجدوا؛‬ ‫الطرق املمكنة ّ‬ ‫املنظامت والجمع ّيات العاملة مع ّ‬ ‫كل ّ‬ ‫وسيتم تزويد ّ‬ ‫الطفل‬ ‫ّ‬ ‫بهذه رّ‬ ‫السور ّيني‬ ‫الشوح‪ ،‬الستخدامها يف تعليم األطفال ّ‬ ‫داخل وخارج سوريا»‪.‬‬

‫استمرار فعاليات حملة (من نوروز إىل آكيتو) التي انطلقت‬ ‫يف ‪ 20‬آذار ‪ 2013‬مببادرة من مركز املجتمع املدين والدميقراطية‬ ‫يف سوريا ‪CCSDS‬ومبشاركة فعاليات من كل املكونات مدينة‬ ‫قامشلو تحت شعار (من نوروز إىل آكيتو عيش مشرتك لربيع‬ ‫دائم)‪ ،‬يف إشارة لألعياد القومية للكرد (النوروز) واآلشوريني‬ ‫والرسيان (آكيتو) التي تحمل رمزية الحرية واالنعتاق والحياة‬ ‫املتجددة من أجل تعميق التآلف بني املكونات التي تشكل‬ ‫النسيج املجتمعي للمنطقة‪ ،‬طرحت املبادرة من قبل مكتب‬ ‫قامشلو ملركز املجتمع املدين والدميقراطية يف سوريا باالشرتك‬ ‫مع كل من االتحاد الرسياين والجمعية الثقافية الرسيانية‬ ‫والجبهة الوطنية املوحدة وقد استجابت لهذه الفعالية كل‬ ‫أحزاب الحركة الكردية وممثلو املنظمة اآلثورية الدميقراطية‬ ‫باإلضافة إىل طيف واسع من الفعاليات االجتامعية‪.‬‬

‫‪28‬‬

‫يسعى املرشفون عىل الحملة إىل تحقيق أكرب قدر من التّقارب‬ ‫والتع ّرف عىل اآلخر املتاميز وترسيخ قيم العيش املشرتك‪،‬‬ ‫وتق ّبل املكونات لبعضها البعض يف منطقة تزخر بالتّنوع‬ ‫الحضاري وال ّثقايف والسيام ضمن فرتة تشهد انحدار مناطق‬ ‫يف سوريا نحو العنف الطائفي واالحرتاب بحيث باتت هذه‬ ‫الحملة محاولة لتع ّرف كل املكونات عىل عادات وتقاليد‬ ‫وحضارة املكونات األخرى ومشاركة بعضها البعض يف االعياد‬ ‫واملناسبات‪.‬‬


‫‪Web Site‬‬ ‫حكايـــة ما انــحكـت‪..‬‬ ‫‪syria untold‬‬

‫شبكــة المـعــرفة االنـتخابـيــــة‬ ‫( ‪)ace‬‬

‫يهدف املوقع إىل تسليط الضوء عىل أربع قضايا‪ ،‬أولها‪ :‬الرتكيز‬ ‫عىل كتابة الحكاية التي ال تراها وسائل اإلعالم عادة (الحكاية املا‬ ‫انحكت)‪ ،‬تلك الحكاية التي تعكس مقاومة السوريني اليومية يف‬ ‫الحارات والشوارع والتظاهرات‪ ،‬وتلك املقاومة البسيطة ألناس‬ ‫مهمشني يقاومون الدكتاتورية كام يقاومون املوت يف رحلتهم‬ ‫الطويلة نحو رغيف الخبز‪ .‬وثانيا‪ :‬أرشفة الحراك السلمي بكامل‬ ‫تظاهراته ونشاطاته وقصصه خالل عمر االنتفاضة الذي مىض‪.‬‬ ‫وثالثا‪ :‬تسليط الضوء عىل املقاومة اإلبداعية للسوريني مبواجهة‬ ‫الدكتاتورية والتي تجلت يف الكم الهائل من اللوحات واألغاين‬ ‫واألفالم التوثيقية والغرافيتي والكاريكاتري وغريها‪ .‬رابعا‪ :‬رصد‬ ‫التفاعالت والحوارات والنقاشات التي تحصل بني السوريني يف‬ ‫ساحات الداخل السوري ويف العامل االفرتايض سرييا أنتولد حكاية‬ ‫ما انحكت‪ :‬مقاومة من نوع آخر يخوضها سوريون إليصال‬ ‫صوت السوريني من الداخل السوري‪ ،‬عرب رسالة تقول‪ :‬مقاومة‬ ‫الدكتاتورية مل تختزل بالسالح فهي مستمرة بأشكال متعددة‪،‬‬ ‫بدءاً من غرافيتي عىل حائط دمشقي قريب من فرع أمني‪،‬‬ ‫وليس انتهاءاً بقصاصة ورقية تطالب النظام بالرحيل مرمية‬ ‫بالقرب من حاجز لألمن‪ ،‬مروراً بسعي السوريني لتنظيم أنفسهم‬ ‫بعيدا عن املستبد الذي كتم حياتهم‪ ،‬لكأنهم يقولون‪ :‬سنطرده‬ ‫من بيوتنا قبل أن نطرده من السلطة‪ ،‬إضافة إىل مقاومة كل‬ ‫أشكال االستبداد التي تحاول أن تفرض نفسها بدي ًال عن الطاغية‪،‬‬ ‫عرب جعل الرؤية نقدية للثورة ذاتها وليس مجرد محاكاة ساذجة‪،‬‬ ‫حيث يحفل املوقع بالعديد من القصص (املا انحكت)‪.‬‬

‫تعد شبكة املعرفة االنتخابية دليال شامال إىل عامل االنتخابات يهدف‬ ‫إىل تعزيز مصداقية وشفافية العمليات االنتخابية‪.‬‬ ‫تقدم الشبكة خدمات واسعة املدى تتعلق باملعرفة االنتخابية وتنمية‬ ‫القدرات وتضم الشبكة مكونات دولية هي (شبكة خرباء ‪)ace‬‬ ‫ومكونات إقليمية كـ (مراكز ‪ ace‬االقليمية للمصادر االنتخابية) وقد‬ ‫تشكلت شبكة املعرفة االنتخابية تحت اسم ‪( ace‬اإلدارة وتكاليف‬ ‫االنتخابات) وهي جهد تعاوين بني تسع منظامت أهمها ‪IDEA-‬‬ ‫‪. IFES-UNDESA‬موقع شبكة ‪ ace‬عىل اإلنرتنت يعد مستودعاً‬ ‫للمعرفة االنتخابية ويتيح معلومات تفصيلية ومشورة متخصصة حول‬ ‫العمليات االنتخابية ويحتوي أبواباً منوعة هي (مقاالت تخصصية –‬ ‫إحصاءات عاملية – بيانات وموسوعة االنتخابات – املساعدة واملراقبة‬ ‫والتطويراملهني – مصادر تخص البلدان واألقاليم – أخبار انتخابية –‬ ‫تقويم (روزنامة) لالنتخابات – باب خاص باألسئلة الرسيعة وشبكات‬ ‫املختصني)‪.‬‬

‫‪www.syriauntold.com‬‬

‫‪aceproject.org‬‬

‫تتوزع مجاالت املواضيع التي تعنى بها ‪ ace‬عىل النظم االنتخابية‬ ‫واإلطار القانوين وإدارة االنتخابات وترسيم الدوائر االنتخابية وكذلك‬ ‫توعية املواطنني والناخبني وتسجيل الناخبني وعمليات االقرتاع‬ ‫باإلضافة لألحزاب واملرشحني وع ّد األصوات واإلعالم واالنتخابات‬ ‫ونزاهة االنتخابات واالنتخابات والتكنولوجيا ‪.‬‬ ‫تتألف موسوعة ‪ ace‬من ما يزيد عن ‪ 10000‬صفحة الكرتونية تغطي‬ ‫مساحة واسعة من مختلف املواضيع املتعلقة بإدارة االنتخابات مع‬ ‫التأكيد عىل استدامة ومهنية العمليات االنتخابية والثقة بها ‪.‬‬



Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.