”EXPOSICIÓN EN DENIA: LA EXPULSIÓN DE LOS ” MORISCOS
"موريسكيون" أم أندلسيون ؟ الساسة موضوع تاريخي في سوق َّ لعل في إجماع الدارسين على تب ّني مُصْ طلح "الموريسكيين" ـ اقتناعا أو تقليدا ـ ما يُؤكد تواطؤ ال ُّن َخب العلمية الضّمني مع رجاالت السياسة والكنيسة المسؤولين عن حدوث إحدى أكبر الفضائع في تاريخ اإلنسانية .وال يخفى عن م ّ ُطلع طابعه ال ُم َت َحيّز الذي ُيحِيل على مجموعة بشرية ُي ْفترض أنها أجنبية عن شبه جزيرة إيبيريا .ويتعلق األمر بلفظ ُم ْب َتدَع من طرف القطاعات األكثر تعصّبا ضمن المجتمع اإلسباني في وصف األمة األندلسية التي تع ّرضت لل ُمصا َدرة والتقتيل والتنكيل والطرد من بلدها. ُوريسْ كو" المُسْ تعْ َملتين على أوسع نطاق بين النصارى اإليبيريين الكاثوليك لتمييز المُختلفين عنهم فعبارة "مُورُو" والتصغير منها "م ِ ترض لكافة األندلسيين باعتبارهم ـ ط ْمسا للحقائق ـ مُحْ تلين لشبه الجزيرة ،على إثر من المسلمين واليهودُ ،تحيل على أصل مغربي مُف َ عبور طارق بن زياد وجنده البربري مضيق جبل طارق منذ نحو عشرة قرون خلت عن عملية طردهم النهائي خالل سنوات 9061ـ .9091ومن المعلوم أن الجذر اللغوي لِلّفظ مُشتق من موريطانية ،وهو اإلسم األمازيغي القديم الذي كان ُيطلق على بالد المغرب ال ُمصاقبة لشبه جزيرة إيبيريا. والجدير بالمالحظة أن األندلسيين الذين تع ّرضوا للتضييق والتنصير والطرد من وطنهم ،ما وافقوا يوما على تسميتهم بـ"الموريسكيين" ،المُب َت َد َعة من طرف جالديهم .وال يخفى عن م ّ ُطلِع على تاريخهم كيف ظلوا مُسْ ت ْمسِ كين بهويتهم األندلسية ،مُفتخرين بكونهم ورثة حضارة وثقافة ْ كو ِن َي َت ْين ،سواء خالل مقامهم بالجزيرة اإليبيرية أو بعد طردهم منها .وال ُتعْ ِو ُزنا الدالئل الكاشفة عن إصرارهم على نعْ ت أنفسهم بأهل األندلس أو بـ"األندلس المسلمين" ،حسبما ورد ُم َوثقا في كتابات مشاهير ُن َخبهم الناجية من محاكم التفتيش. وبالمثل ،فقد ظل مُعظم أهل القلم ـ مغاربة وأفارقة ومشارقة ـ طوال العصر الحديث ينعتونهم بـ"أهل األندلس ،وإن كانوا اآلن وتح ّننا و َميْال إلى اإلسالم" ،على حد توضيح أحدهم .وحتى بعد طرْ دِهم واستقرار جماعاتهم بمختلف أنحاء دار نصارى ففيهم رأفة َ اإلسالم ،ظلت حوليات تاريخ المغرب وإفريقية وعامة الناس يصِ فونهم بـ"األندلسيين" أو بـ"األمم الجالية من جزيرة األندلس" ،حسب تعبير الشيخ محمد الباجي المسعودي صاحب كتاب الخالصة النقية في أمراء إفريقية. وغني عن البيان أن محاكم التفتيش اإلسبانية هي التي دأبت على نعتهم بـ"النصارى ال ُج ُدد الموريسكيين" أو "النصارى ال ُج ُدد من المور" باعتباره المصطلح القانوني الذي ُي َميّز وضعية األندلسيين ال ُم َنصَّرين عمن سواهم من قدامى النصارى اإليبيريين .وال يخفى كيف تحرّك المتطرفون من رجال الدين والمؤسسات الكنسية وقطاعات واسعة من ال ُّن َخب المجتمعية المتشبعة بروح الكراهية تجاه األندلسيين لعزلهم عن غيرهم من سكان شبه الجزيرة وتوجيه التهم والنعوت الصادمة لهم. وتزخر الوثائق الرّسمية والحوليات التاريخية اإلسبانية بعبارات القذف في حقهم ،من شالكة "الكالب من المور" و"العرق الموريسكي" و"البذرة ال َعفِنة" ،إلى ما عدا ذلك من العبارات البذيئة التي يأنف المرء عن ذ ِْكرها .ولم يتردد الراهب فراي نيكوالس ذيل ريو عن وصف األندلسيين بـ"الطائفة ً الخ ِبيثة" ضمن التقرير الذي رفعه إلى الملك فليب الثاني يوم 91يونية .9060و ُسرعان ما تطورت األمور في اتجاه عزل األندلسيين سياسيا واتهامهم "بالطابور الخامس" المتآمر مع العثمانيين وأمراء بادس ببالد الريف ضد الدولة اإلسبانية. وتصلبهم قد حاولوا التآمر ضد وهو االتهام الخطير الذي ت ّم تضمينه في قرار الطرد الملكي ،كالتالي" :إن هؤالء الموريسكيين بعِ نادهم َ تاجي الملكي وضد الممالك اإلسبانية وقد طلبوا النجدة من السلطان التركي ومن أمراء آخرين" .ويتعلق األمر بتمهيد الرأي العام اإلسباني 1
والمسيحي على وجه العموم لقبول إحدى أخطر عمليات التطهير العرقي في التاريخ .وهو ما يتجلى بوضوح من خالل تصريح رجال الكنسية على لسان األسقف الشهير مارتين ذي سالفاتييرا ُمحف ًزا الملك والسلطة السياسية لإلقدام على تلك الخطوة المؤلمة ،بقوله" :إن من أعظم الواجبات ال ُملقاة على جاللتكم تطهير كافة أنحاء هذه الممالك من الطائفة البغيضة من أتباع محمد". صار َمة عن محاكم التفتيش بَ ْد ًءا من وال يخفى كيف تم منع تدا ُول اللغة العربية بكافة أنحاء شبه الجزيرة اإليبيرية ،إذ صدرت األوامر ِ ْ سنة 9609م بإحكام الرقابة على األندلسيين "و َم ْنعهم من القراءة والكتابة بالعربية" .أرْ دَفت السلطات الكنسية ذلك بشن إحدى أخ َرق ح َمالت االجتثاث الفكري في تاريخ اإلنسانية ،إذ كانت "النصارى تقتُل وتَحْ ِرق كل من ي ِجدُون عنده كتابا عربيا أو يعرفون أنه يقرأ بالعربية". صنفات العربية التي تعرضت وتزخر الحوليات التاريخية بالتفاصيل المعروفة لدى العموم عن المصير المؤلم الذي آلم بآالف الكتب وال ُم َ لإلتالف واإلحراق و َمحْ و اآلثار ،في أحلك موجات الجهل والظالم التي هبت رياحها عاصفة على شعوب المنطقة. وال يَ َس ُعنا في هذا المقام إال أن ندعو المختصين وعموم ال ُمهتمين إلى تصحيح المفاهيم ،ب ْدءا بوضع ُمصْ طلح "الموريسكيين" ال ُم ْبتَدَع بإسبانيا العصور الوسطى ومحاكم التفتيش بين مزدوجتين ،إذ فيه ُح ُمولة إيديلوجية ويفتقر إلى الموضوعية .ونقترح تعويضه بعبارة "األندلسيين ال ُمنَصَّرين" األقرب إلى الحقيقة التاريخية .وال يخفى كيف ترسخ مفهوم "الموريسكيين" في الوسط األكاديمي ولدى عموم الناس بسبب غياب وجهة النظر األندلسية و ُع ْقم البحث في التاريخ الحديث بالجامعة المغربية. وال مجال لالقتناع بالتصورات الشائعة التي ْ اخ َت َزلت هذا الفصل الخطير من تاريخ شبه الجزيرة اإليبيرية باعتباره لدى أشهر ال ُمختصين م َُجرّ د قضية اجتماعية ومشكل "أقلية بدون تاريخ وطني خاص" .ونسْ تغرب كيف تعْ َمد مؤسسة التراث األندلسي المرموقة ،في ظل الوضع الحالي للدراسات األندلسية ،إلى تنظيم مؤتمر دولي بغرناطة أيام 91ـ 90ماي 9661بمشاركة جامعيين مغاربة بعنوان: "الموريسكيون :تاريخ أقلية"؛ مع العلم أن األندلسيين في غرناطة بالذات لم يكونوا عند الشروع في طردهم أقلية وال أكثرية بل أ ّمة متكاملة ضمن مملكة أندلسية قائمة. وحصْ ر الموضوع في وال يخفى الهدف الغير المُعْ لن من هذا المنهاج الغير الموضوعي في التحليل .فما أن ي ِت ّم بتر األصل األندلسي َ إطار تاريخ إسبانيا الحديث ،حتى يت ّم تحويل القضية إلى ما اشتهر لدى الدارسين "بالمشكلة الموريسكية" التي واجهتها الدولة اإلسبانية الحديثة ،في إحدى أكبر عمليات الطمْس التي تع ّرض لها تاريخ البلد وماضي أهله .وما دام األمر يتعلق بمشكلة فال بأس من التماس الحلول لها وإن اقتضى األمر اإلقدام على إحدى أفضع الجرائم في تاريخ األمم ُم َمثال في تقتيل وطرد أمة بأكملها .واضح أن األمر يتعلق بتوفير غطاء أكاديمي ُيبرّر تنفيذ مرسوم الطرد الصادر عن الملك فليب الثالث يوم 99شتنبر 9061م إذ قال" :وللقيام بما َ لز َمنا من ِح ْفظ مملكتنا ودَ ْفع ما َيعْ َرض لها ،ا ّتفق نظ ُرنا ..على إخراج جميع الموريسكيين الذين ُه ْم في تلك ال ّسلطنة ويُلقى بهم في بالد البربر". و َي ِحق لنا أن نتساءل ،وإذا كان الباحثون األجانب قد اسْ َت ْب َحروا في تناول جزئيات هذا الموضوع وتو ّسعوا في نشره وتلقينه لطالبهم ومباشرة إعداد األطروحات والرسائل الجامعية للبحث في أدق مفاصله ،فما هي النتائج التي أسْ فرت عنها أعمال الدارسين العرب والباحثين المغاربة على وجه التحديد ،بخصوص هذا الفصل ال ُمؤلم من تاريخ األندلس؟ ال يخفى كيف ظلت أعمال المؤرخين المغاربة أللسنة الموروثة وغيرهم من المختصين العرب رهينة تصورات المدارس التاريخية األجنبية ،تتأرجح بين المتداول في هذا البلد أو ذاك با ِ حصْ را عن عهد االستعمار ،إنجليزيا كان فرنسيا أو إسبانيا .وال يترددون في أحسن الحاالت على ترويج نتائج أبحاث رواد ال ُمختصين من أمثال باسكوال بورونات وهنري شارل لي وهنري لوبير وغيرهم .وها هُم اليوم يتنقالون نتائج أعمال ال ُمجددين أمثال لويس كارْ ِديَاك وبِرْ نارْ د فا ْن ُسون و ِمي ِكيل ذي إبَالزا ،دون أدنى قدرة على االجتهاد بفكرة مفيدة. أما المهتمون بالدراسات اإلسبانية في الجامعة المغربية فقد ظلوا ـ مع استثناءات قليلة ـ ُمنشغلين بتدريس أبجديات اللغة وتالوة مشاهير النصوص األدبية .بينما ظلت أقالم ال ُمتَرْ ِجمين المغاربة غافلة عن نقل أمهات المصادر اإلسبانية إلى أوسع القراء والمهتمين بتاريخ األندلس في العالم العربي .و َغنِي عن البيان أن معظم المادة التاريخية المرتبطة باألندلسيين ال ُمنَصرين إسبانية .ويتعلق األمر بما يند عن الحصر من الوثائق الرسمية والكنَ ِسية والبلدية و ِسجالت ال ُم َوثِّقِين وغيرها ،مما لم يتمكن البحث التاريخي المعاصر إلى اليوم من استيعاب كافة مضامينها .ومن أبرز أصنافها على اإلطالق "نظرا لثراء محتوياتها وثائق محاكم التفتيش" التي ما زال قسم كبير منها خارج دائرة التحليل صنفة بالقشتالية والقطالنية والبلنسية التاريخي .ناهيك عن الحوليات التاريخية وكتب تقسيم األراضي وغيرها من المصادر اإلسبانية ال ُم َ ْترع االنتباه المطلوب من طرف المؤرخين المغاربة ال ُمختصين في التاريخ وعجمية أرغون وغيرها من األعجميات اإليبيرية التي لم تس ِ الحديث ،بما فيهم أولئك الذين قدموا أطروحاتهم عن الفصل األخير من تاريخ األندلس. وتزخر ُدور األرشيف بفرنسا وإيطاليا والبرتغال وتركيا وغيرها من البلدان بوثائق إضافية .وهي الوثائق التي استقطبت اهتمام مئات الباحثين من مختلف الجنسيات الذين أنجزوا أعماال ذات شهرة واسعة في األوساط األكاديمية .وما كاد القالئل من الدارسين المغاربة ينتبهون إلى غزارة هذا الصنف من الوثائق وشرعوا في قراءة بعض نصوصها إلنجاز رسائل وأطروحات بهدف الحصول على شواهد ورتب علمية حتى توقفوا عن البحث بمجرد ولوجهم الجامعات وترقيهم في أسالكها دون تقديم أي اجتهادات في موضوع األندلسيين ال ُمنَصرين بإسبانيا والبرتغال. 2
وباستثناء بعض النصوص ذات األهمية اللغوية والمضامين الدينية ،يكاد صوت األندلسيين ال ُمنصرين ينعدم وسط هذا الزخم التوثيقي اإلسباني .وال يخفى كيف بادر رواد ال ُمسْتعربين إلى الكشف عن أهمية ما يُعرف ضمن الدراسات األندلسية باألدب األعجمي و"الموريسكي" المكتوب باألعجميات اإلسبانية والرسم العربي .حدث ذلك على إثر اكتشاف محتويات مكتبة أندلسية كاملة خالل بدايات القرن الماضي بموضع ألموناسيد ذي ال سييرا بناحية سرقسطة .وما كاد بعض المهتمين بالدراسات اإلسبانية من الجامعيين المغاربة ينتبهون متأخرين إلى هذا الكنز المعرفي حتى توقفوا عن البحث في مضامينه ُمكتفين بإصدار مقاالت يتيمة لم تتجاوز تحليل بعض الكلمات والمفردات اللغوية. ولم يكن الدور الملحوظ الذي لعبه األندلسيون المطرودون في صياغة تاريخ المغرب الحديث ،لِيَ ْستَ ِحث ِه َمم الشعب المختصة في الجامعات المغربية للتعمق في دراسة هذا الموضوع ،وقد ظلت معارف المغاربة بخصوصه هزيلة إلى حد ُم ْخ ِجل .وما دامت مصادر ْرف األقالم ال ُمهتمة بهذا الموضوع في ترديد العموميات والتعبير عن المعرفة غائبة عن حقل البحث األكاديمي ،فمن البديهي أن تُس ِ المشاعر وتركيب ال ُج َمل المزركشة بعبارات األسى والت َحسر .وسواء في كتاباتهم العربية أو الفرانكفونية ،ما زالوا إلى اليوم ُمقل ِدين ما كتبه رواد الباحثين األجانب أمثال ْبيِيرْ دان ودو كاستري و ْك َوا ْندرو وكوثالبيس بوستو عن قراصنة سال والجمهورية األندلسية بالرباط و"الموريسكيين" بالمغرب ،دون تقديم إضافات تُ ْذكر ال على مستوى مناهج البحث وال بخصوص المادة التاريخية وال بإثارة قضايا جديدة. غاية ما تفَت قت عنه قريحة بعضهم تلوين األساليب واستبدال بعض المفاهيم من شالكلة القرصنة بالجهاد البحري والمقاومة ،أو ما إلى ذلك من تعابير. وإذا كان المؤرخون والمست ْع َربون اإلسبان على اختالف توجهاتهم الفكرية قد بذلوا جهدا كبيرا لتغطية هذه الفترة من تاريخ بلدهم صوراتهم عمن اعتبروه بمفهومهم "موريسكيين" ،فما زالت المكتبة المغربية إلى اليوم شبه فارغة من البحوث المفيدة عن مآل وإثبات ت َ األندلسيين ال ُمهَجَّرين الذين ا ْستقروا بمختلف مدن ومناطق البالد .وليس أدل على ال ُعقم المنهجي والركون للتقليد من عدم تحفظ الباحثين ض ْمنيا عن التمييز العنصري والديني الذي ظل المغاربة وعموم الدارسين العرب المعاصرين من اقتباس مصطلح "الموريسكيين" الذي ينِم ِ اإلسبان الكاثوليك يُكنونه لألندلسيين ،مسلمين ويهودا .ولم يتردد بعضهم عن الحديث عن "مقاومة عربية" و"طردا للعرب" من األندلس، إلى ما عدا ذلك من العبارات التي تنم عن إغفال أبجديات التاريخ األندلسي. وغني عن البيان أن عرب األندلس كانوا خالل القرون الهجرية األولى ُمجرد عنصر متفاعل مع بقية العناصر اإلثنية المغربية واإليبيرية ،عجمية وبربرية .وهي العناصر التي تشكلت منها حينئذ هوية مجتمعية جامعة ُع ِرفت في دار اإلسالم بالهوية األندلسية .ومن الفاضح تاريخيا أن نتحدث ع ن قومية أو مقاومة عربية بشبه الجزيرة اإليبيرية خالل بدايات العصر الحديث! وليس أقل افتِضاحا أن تظل أصوات جامعيين مغاربة ُمسْتمسكة إلى اليوم ـ في ندواتها ومقاالتها ـ بترديد مفاهيم محاكم التفتيش الكاثوليكية دون أدنى تحفظ ،متنكرة لذاكرة أمة بأكملها من األندلسيين المنصرين بحد السيف وال ُمهَجرين ق ْسرا من بلدهم ،وقد ظلوا ُمسْتمسكين إلى حد الموت بهويتهم األندلسية ،رافضين نعتهم بـ"الموريسكيين". صبت عليه أبحاثنا ال ُمرْ تبطة بالعصر الوسيط ،حتى تجلى وما أن التَفَ ْتنا إلى هذا الموضوع الذي ال يَ ْندَرج ضمن الحقل المعرفي الذي ا ْن َ الفراغ الواسع الناتج عن إهمال الدارسين المغاربة ال ُمختصين في التاريخ الحديث وعجْ زهم عن أداء رسالتهم ،رغم أغلبيتهم العددية .ولذلك با َد َرت مؤسسة اإلدريسي المغربية اإلسب انية للبحث التاريخي واألثري والمعماري بالتعاون مع المركز الثقافي اإلسالمي ببلنسية منذ سنة 9662إلى تكوين مجموعة بحث مغربية إسبانية برتغالية ـ ِو ْفق مقتضيات قانونها اإلساسي ـ النتشال ما أمكن من ذاكرة األندلسيين الشفوية. وقد عمدنا في سنة 9661إلى تنظيم مؤتمر دولي بجامعة بلنسية حول "الموريسكيين" البلنسيين ،ووق ْعنا اتفاقية تعاون مع كلية اآلداب والعلوم اإلنسانية بجامعة تطوان ،على أمل أن نُقَدم تكوينا ُم ْختصا لطالب العلم وفتح اآلفاق أمام الدارسين والمهتمين للبحث في هذا الموضوع ال ُم ْه َمل والغامض .وفي نفس السياق ،شاركنا أيام 91ـ 16مارس 9691المنصرم في مهرجان تطوان الدولي التاسع عشر لسينما البحر األبيض المتوسط بمائدة مستديرة مع أفالم وثائقية في موضوع :السينما وتاريخ "الموريسكيين" وجهات نظر أخرى؛ بحضور خبراء و ُمختصين منهم من أمضى نحو 99سنة في التنقيب عن مضامين الوثائق المخطوطة وإحصاء أعقاب األندلسيين ال ُمنصرين بإسبانيا. وال نسْتغرب في ظل الفراغ العلمي الهائل أن تنزلق األقالم غير ال ُمختصة من دائرة البحث التاريخي إلى ترديد مقاالت الغير وخرْ بشة الكالم باألقاصيص ال ُم َسلية وعقد المجامع الجترار الهذر بمشاع القيل والقال .وها هي أصوات هؤالء وأولئك صادحة بالجهاالت ،في محاولة لتحويل األندلسيين وحضارتهم من موضوع تاريخي إلى سلعة في أسواق الساسة ،تماما كما دأب أمثالهم من ال ُم ْنتَفِ ِعين وال ُمتَ َسلقين وأشباه الباحثين على التسوق بالنفخ في الكالم عن شخصية محمد بن عبد الكريم الخطابي وبطوالت أهل الريف يُ َرد ُدون مقاالت غيرهم وهُ ْم أعجز الناس وأكسلهم عن البحث في التاريخ. الدكتور أحمد الطاهري ahmedtahiri31@gmail.com أستاذ التعليم العالي ورئيس مؤسسة اإلدريسي المغربية اإلسبانية للبحث التاريخي واألثري والمعماري تطوان في 96مارس 9691
3