مجلة من أوروبا البلد - السنة الثانية، العدد الثاني

Page 1

1


2


3


‫المحتوي‬ ‫تهنئة ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪5‬‬ ‫سياسة ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪6‬‬ ‫مترجمات ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫مغتربين ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫إجتماعية و ثقافية ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫لألبحاث و المشروعات ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫كتب ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫أطفال و تربية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫اراء و خواطر ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪4‬‬


‫تهنئة‬ ‫تهنىء إدارة مجلة من أوروبا البلد الكاتب‪ :‬كمال سعيد محمد‬ ‫بحصوله علي المركز األول علي كلية األلسن في القصة الصغيرة و منحه لقب‬ ‫"قاض الكلية" لهاذا العام‬ ‫و جدير بالذكر أن كمال انضم ل ُكتاب من أوروبا البلد منذ نحو ثالثة أشهر‬ ‫مبروك يا كمال‬

‫‪5‬‬


‫سياسة‬

‫‪6‬‬


‫متفــــائل‬ ‫احمد كمال‬ ‫ال يكاد يمر يوم إال‬ ‫ويسألني أحدهم‪ :‬لسه‬ ‫متفائل؟! أو يقول آخر‪:‬‬ ‫إيه سر التفاؤل ده؟ كل‬ ‫حاجة ضلمة!‬ ‫وإجابتي دائما أنني أزداد تفاؤال وثقة‪ ،‬وأرى الطريق يتضح شيئا فشيئا‪ ،‬والحقيقة أن السؤال هو‬ ‫لماذا يتفائل البعض‪ ،‬بينما يتشائم البعض اآلخر؟‬ ‫وأول وأوضح سبب هو أن هناك من يبحث عن كل خطأ ومشكلة ونقيصة‪ ،‬ويتخيل الوضع على‬ ‫أساسها‪ ،‬بينما هناك من يبحث عن اإلنجاز والتطور والنجاح‪ ،‬ويستبشر بها‪ ،‬ولكنني أزعم أنني‬ ‫لست من الفريق الثاني‪ ،‬فأنا أتابع األخبار كلها على تنوعها‪.‬‬ ‫ولكن ثاني سبب لإلكتئاب والتشاؤم هو تصديق كل كذبة‪ ،‬والجري وراء كل إشاعة‪ ،‬واالستماع‬ ‫للمرجفين‪ ،‬وأقول بكل وضوح أنني على سبيل المثال تخليت عن برامج التوك شوز منذ زمن‪،‬‬ ‫خاصة وأن معظم أصحابها أثبتوا أنهم كاذبون‪ ،‬ومغرضون‪ ،‬يعمدون لتشويه الحقائق‪ ،‬ويمزجون‬ ‫أكاذيبهم بمشاعر القلق والخوف‪ ،‬وأحد أوضح أهدافهم تشتيت الناس وتضليلهم وإصابتهم‬ ‫باالكتئاب‪ ،‬فلماذا يسمح أحدنا لهؤالء المهرجين بهذا؟‬ ‫ثالثا هناك من أصيب باإلحباط بسبب هزيمة سياسية‪ ،‬ثم عاش في إطار هذه الهزيمة‪ ،‬ولم‬ ‫يتخطاها‪ ،‬بل هناك من يعيش وهم االنتقام من خصومه السياسيين‪ ،‬ويحلم بفشلهم أو يخطط له‪،‬‬ ‫وبالتالي هو يتمنى ويتوقع تأزم األحوال ال انفراجها‪.‬‬ ‫رابعا األمر من وجهة نظري يعتمد على تحليل المخاطر‪ ،‬وربما جعلتني الخبرة العملية في إدارة‬ ‫المشاريع أكثر وعيا بمعنى "إدارة المخاطر"‪ ،‬أي أن دوري هو البحث عن المخاطر‪ ،‬ومحاولة‬ ‫تجنبها‪ ،‬أو إيجاد البدائل في حال حدوثها‪ ،‬أو أخذ االحتياطات لمواجهتها‪ ،‬وفي كل الحاالت فنجاحي‬ ‫يعتمد على اكتشاف هذه المخاطر والتعامل معها‪ ،‬وهنا ال مجال للتفاؤل والتشاؤم‪ ،‬بل للتخطيط‬ ‫والعمل‪ ،‬أو على أقل تقدير التحليل والفهم‪.‬‬ ‫‪7‬‬


‫والحقيقة أن المخاطر قد ال تكون مخيفة بقدر ما يكون الخوف منها خطيرا! أي أن الخوف المبالغ‬ ‫فيه من المخاطر يكون في كثير من األحيان هو سبب العجز والفشل واالكتئاب‪.‬‬ ‫إذا نظرنا إلى الوضع في مصر بطريقة إجمالية‪ ،‬فسنجد أن هللا سبحانه وتعالى منّ علينا بنعم كبيرة‬ ‫جدا بدءا من التخلص من مبارك‪ ،‬وابنه وحكومته ودستوره‪ ،‬وحازت أكبر قوة معارضة الحكم‪،‬‬ ‫وبدأت تخوض تجارب إصالح الوضع المزري الذي وصلنا له‪ ،‬وأن ثقافة المنافسة السياسية‬ ‫وازدياد الوعي واالستعداد للتضحية بالنفس في سبيل الوطن كلها تقينا من السقوط في ديكتاتورية‬ ‫جديدة‪ ،‬أو االنزالق للحكم العسكري مرة أخرى‪ ،‬وأن التدافع الحادث بين قوى علمنة مصر‬ ‫لعشرات السنين‪ ،‬وقوى المرجعية اإلسالمية‪ ،‬هذا التدافع صحي‪ ،‬وسيمضي بنا إلى طريق‬ ‫االستقالل‪ ،‬بعد تبعية واستعمار واستحمار‪.‬‬ ‫بال شك القادم أفضل‪ ،‬رغم الواقع المر‪ ،‬ورغم مكائد المتربصين‪ ،‬ورغم البطء الظاهري‬ ‫لإلصالح‪ ،‬والفائز هو من شمّر واجتهد‪ ،‬وال عزاء للمرجفين في المدينة‪.‬‬

‫‪8‬‬


‫محرقة المبادئ‬ ‫أحمد عبد الحميد‬ ‫أزمة األمس ال تكمن فقط فيمن "حرق" اشخاصا‬ ‫آخرين‪ ،‬ألن شخصا واحدا محروقا كان كفيال بثورة‬ ‫كاملة تأكل رؤوس كل من وقف و شاهد و أمن على‬ ‫الفعل ولو بالصمت‪ .‬وال تكمن أيضا في إحراق‬ ‫مقرات أو "شخابيط" عديمة األدب‪ ،‬وال تكمن في‬ ‫صمت آخرين أو تبريرهم‪ ...‬ألنه أصبح مشهدا‬ ‫متكررا‪ .‬صح؟‬ ‫تكمن ربما‪ ،‬في هذا الكم من "الغل" في التنكيل و‬ ‫التمثيل‪ ،‬أيضا في كل تلك "الهوجة" ألن ذلك حدث لل‬ ‫"إخوان"‪ .‬و األولى أن المبدأ نفسه ثابت‪:‬‬ ‫دماء الناس حرام‪ ،‬بيوتهم حرام‪ ،‬أماكن عملهم حرام‪ .‬ال تحرق البيوت و المقرات‪ ،‬وال يعذب‬ ‫الناس‪ ،‬و ال يقتلون‪ ...‬مبادئ بسيطة صح؟‬ ‫ال يهم إن كان إخوانيا‪ ،‬أو شرطيا‪ ،‬أو فلوليا أو بلطجيا أو سلفيا أو حازميا أو برادعاويا أو‬ ‫حمداويا‪ ...‬في األخير كلهم دم‪ ...‬و دماؤهم حرام‪.‬‬ ‫دائرة العنف لم تصل للثورة‪ ،‬إال بالسماح للبلطجية و الفلول بالوقوف فيها‪ ،‬من سمح بذلك؟ ال‬ ‫تتوقع أن من قتلوا بضعة وسبعين رجال بينهم اطفال في استاد كرة‪ ،‬سيتورعون عن قتل المزيد‬ ‫للحفاظ على مكتسبات نظام بائد‪ .‬وال تعيب فعلهم‪ ،‬ماذا تنتظر من الخسيس غير طبعه؟‬ ‫على من نعيب؟‬ ‫ولكن يعيب المرء على‪ :‬معارضة وضعت يدها في يد خسيس‪ ،‬و توقعت أن تبقى الثورة على‬ ‫طهرها‪ ،‬ثم انجرت بنفسها ألعمال أكثر دناءة‪ ،‬و انجر المدافعين في نفس الدائرة‪ .‬يعيب المرء‬ ‫عليهم‪ ،‬و يعيب على حكم يتنصل من مسئوليته و يحيل األمر لمؤامرات ال يثبت منها شيء‪ ،‬و إلى‬ ‫جرائم و تراخي و تساهل ال يعاقب عليهم أحد‪ .‬يعيب المرء باألساس على كل أولئك الشباب الذين‬ ‫يستمعون لكبراءنا الذين‪ ،‬ال يغنون عن الحق شيئا‪ .‬دمائكم حرام‪ .‬من كان فيه سوء في قلبه‬ ‫فاليتطهر‪ ...‬تذكر‪:‬‬ ‫ب َو ْال َع ْن ُه ْم لَعْ ًنا‬ ‫ْن م َِن ْال َع َذا ِ‬ ‫َو َقالُوا َر َّب َنا إِ َّنا أَ َطعْ َنا َسا َد َت َنا َو ُك َب َرا َء َنا َفأ َ َ‬ ‫ضلُّو َنا الس َِّبيال ‪َ ،‬ر َّب َنا آت ِ​ِه ْم ضِ عْ َفي ِ‬ ‫َك ِبيرً األحزاب ‪76-76‬‬ ‫الحق أحق أن يتبع‪.‬‬ ‫‪9‬‬


‫على فكرة‪ ،‬محاضرة مدينة االنتاج اإلعالمي دي عمل غجري‪ ،‬خرفاني من شوية حيوانات‬ ‫همجية‪.‬‬ ‫إنما محاصرة مقر رئيس منتخب‪ ،‬و ضرب مقره‪ ،‬و تلطيخ حوائط بيته بأفظع األلفاظ‪ ،‬و حرق‬ ‫مقرات أحزاب‪ ،‬و حرق ناس و قتلهم و سحلهم‪ ...‬كل دي حاجات عادية بتحصل كل يوم‪.‬‬ ‫اإلعالم مثل الساحر‪ ،‬فقط لضعفاء العقول‪.‬‬ ‫احمدوا هللا على نعمة العقل!‬ ‫الوقت اللي ملياردير مدان بتهرب ضريبي‪ ،‬أو آخر يتم تتبعه من النظام‪ ،‬وواقع في مشكلة مع‬ ‫الحكومة‪ ،‬هو الوقت اللي ما ينفعش تاخد أي حرف يخرج من أي وسيلة إعالمية تابعة ليه إال بعين‬ ‫الحذر‪ .‬فتوقع كالم أسوأ من كل اللي فات‪ ...‬عادي‪.‬‬

‫‪10‬‬


‫تركيا بين الشيطنة و التمجيد‬ ‫سها همام‬ ‫منذ فترة دار حوار بيني و بين صديق عن‬ ‫النموذج التركي باعتباره صار المثل األعلى‬ ‫الذي تطمح له األمة العربية بأسرها‪ .‬فمن منا‬ ‫ال يحلم بالنمو االقتصادي السريع و االستقالل‬ ‫السياسي؟ من منا ال يطمح في مشروع‬ ‫حضاري قوي يستمد طاقة دفعه من موروثات‬ ‫مجتمعنا الثري بتاريخه و بشعوبه ؟ في ذهني‬ ‫كان األمر محسوما‪ ،‬لقد صارت تركيا بالفعل‬ ‫المثل األعلى الذي نطمح له جميعا‪ .‬لكن‬ ‫الصديق أثار انتباهي يومها ألمر ظل عالقا‬ ‫في ذهني لفترة‪ .‬قال‪ :‬ما الذي تعرفينه عن‬ ‫تركيا خارج دائرة التمجيد العربية المعتادة؟‬ ‫هل تعلمين أن تركيا اليوم ‪-‬و تحت قيادة‬ ‫أردوجان‪ -‬تحتل مركزا متقدما في انتهاكات‬ ‫حقوق االنسان؟ هل سمعت عن حبس‬ ‫الصحفيين هناك في تهم تتعلق بحرية الرأي؟‬ ‫هل تعلمين أن شعبية أردوجان انما استمدها‬ ‫من سياساته االقتصادية الناجحة‪ ،‬و أن هذا ال يعني أن الرجل نموذج الحاكم المثالي كما نتخيله؟‬ ‫لم أبحث في حينها عن اجابات لتلك األسئلة و ظلت معلقة‪ ،‬حتى تعثرت في االجابة أثناء قراءتي‬ ‫لكتاب نعوم شومسكي الجديد "أنظمة القوى" الذي حلل ‪-‬ضمن ما حلل‪ -‬الحالة التركية بشكل أظنه‬ ‫ألقى الضوء على كثير مما التبس علي‪.‬‬ ‫يعرض شومسكي أوال تقريرا نشرته النيويورك تايمز عن سجن قرابة المائة صحفي و ناشر و‬ ‫اعالمي بتركيا‪ ،‬و هو العدد الذي تقول الجماعات الحقوقية أنه يتعدى نظيره في الصين المعروفة‬ ‫بقمعها لحقوق االنسان‪ .‬يقول التقرير أيضا أن أحد هؤالء المحبوسين و هو صحفي حائز على‬ ‫جوائز تم حبسه بسبب تقرير كتبه عن مقتل صحفي تركي‪-‬أرميني في اسطنبول عام ‪.7006‬‬ ‫يقر شومسكي أن وضع الحريات في تركيا سئ بالفعل‪ ،‬لكنه يلمح الى أنه من المثير للسخرية أن‬ ‫‪11‬‬


‫نفس الصحيفة (النيويورك تايمز) لم تجد ما يستحق النشر فيما يتعلق بانتهاك حقوق عشرات‬ ‫االالف من األكراد في تركيا في التسعينات من القرن الماضي و الذي تم بدعم و تسليح أمريكي‪.‬‬ ‫يتحدث شومسكي عن تشابك الموقف‪ ،‬و كيف يجب علينا أن نضع ردود الفعل الغربية النتهاك‬ ‫حقوق الصحفيين األتراك في سياق حسابات القوى‪ .‬حسابات القوى التي أربكها تصاعد شعبية‬ ‫أردوجان في الوطن العربي في مقابل تدني شعبية أوباما‪ .‬أربكها أيضا استقالل القرار السياسي‬ ‫لتركيا عن الواليات المتحدة‪ ،‬حتى وصلت لمعارضة قرار حلف الناتو بالتدخل العسكري في ليبيا‬ ‫مما أثار غضب الواليات المتحدة‪ .‬كما أربك موازين القوى التقارب التركي مع ايران في حين‬ ‫فترت عالقاتها مع حليفها االسرائيلي السابق‪ .‬لذا يرى شومسكي أن كل تلك التغيرات في حسابات‬ ‫القوى تجعل التوقيت اآلن مناسبا لكي تقوم الصحافة الغربية بالهجوم على انتهاكات حقوق الرأي‬ ‫في تركيا‪.‬‬ ‫لكن هذا ال يعني أن الصحفيين هناك ال يتعرضون بالفعل النتهاكات‪ .‬فأحد الكتاب األتراك‬ ‫المرموقين مثال تم تغريمه‪ ،‬و هو الحائز على جائزة نوبل‪ ،‬بسبب تصريحه ألحدى الصحف‬ ‫السويسرية أن تركيا قتلت ثالثين ألف كردي و قرابة المليون من األرمن‪.‬‬ ‫قضية حرية الرأي في تركيا تحتل اهتماما كبيرا في أوساط المثقفين هناك بالفعل‪ ،‬و تقام لها‬ ‫المؤتمرات و األنشطة التي تعرض المشاركين فيها لخطر السجن و المالحقة‪ .‬لكن شومسكي يرى‬ ‫أن رفض االتحاد األوروبي النضمام تركيا بدعاوى انتهاكات حقوق االنسان هو مجرد تمويه عن‬ ‫السبب الحقيقي و هو عنصري بحت‪.‬‬ ‫اجابة شومسكي كانت شافية بالنسبة لي‪ .‬تركيا ليست اذن الشيطان المعادي لحرية الرأي و حقوق‬ ‫االنسان‪ ،‬و فقط‪ ،‬كما يحاول االعالم الغربي تصويرها‪ .‬و هي كذلك ليست جنة هللا في أرضه و‬ ‫الحلم األسمى كما يصورها لنا المتحمسون للنموذج األردوجاني من العرب‪ .‬تركيا نموذج لدولة‬ ‫طموح تسعى لحلم القيادة‪ ،‬لكنها في خضم سعيها تدوس على قيمة انسانية هامة هي حرية الرأي و‬ ‫التعبير‪.‬‬ ‫في أحدى نقاشاتنا مع أستاذة الفلسفة السياسية سألتنا‪ُ :‬ترى ماذا يحدث لو تحول المجتمع بأكمله‬ ‫لدراسة العلوم الطبيعية فقط كالرياضة و الفيزياء و لم يهتم أحد بدراسة االنسانيات؟ كانت االجابة‬ ‫التي اتفق عليها الجميع أن الحس النقدي و القدرة على التمييز بين الصواب و الخطأ سينضبان‪ ،‬و‬ ‫أن زرع القيم في النشأ هو صمام األمان الذي يحفظ المجتمعات‪.‬‬ ‫على نفس هذا النسق أتساءل‪ُ :‬ترى ماذا يحدث لو تجاهلنا قيم حرية الرأي و حقوق التعبير في‬ ‫سبيل أحالم النمو االقتصادي و الزعامة؟ أي صمام أمام اذن يحمي المجتمع من حكامه؟‬ ‫‪12‬‬


‫المصدر‪http://bit.ly/Zks80A :‬‬ ‫تقرير شبكة "الجزيرة" عن أوضاع الصحافة في تركيا‪:‬‬ ‫‪http://aje.me/12Ghy7s‬‬

‫تعقيب هيثم قطب محمد‬ ‫‪ -1‬لو تكلمنا عن المقال ( فى العموم ) فأنا متفق مع الفكرة الكلية ‪ ..‬نعم تركيا ( إحصائيا ً )‬ ‫تخطت الصين الخبيرة فى تقييد الحريات حتى األليف منها وتخطت إيران على مستوى األعداد‬ ‫المحبوسة أو المرفوع عليها قضايا ‪ ..‬كالم جميل‪..‬‬ ‫لكن لماذا ؟! ‪ ..‬هل كل قضية ال تستحق أما أنها رفعت ظلما ً أم هى إستغالل لعورات قانون‬ ‫العقوبات التركى ( المادة ‪ 101‬مثار الجدل القديم ) ؟!‬ ‫"ده محتاج حد متابع تفصيالت القضايا كاملة ‪ ..‬أى كالم تانى بالنسبة ليا من أى وجهة نظر‬ ‫هيكون بال أى قاعدة معلوماتية صادقة ( أقرب للتخمين واألهواء بمعنى أدق)‬ ‫‪ -7‬الكاتب الذى دفع غرامة _ ( أورهان باموك ) بالمناسبة _ هنا تم ذكر جزء من الحقيقة فى‬ ‫سبيل تأكيد وجهة نظر ‪ ..‬أعتذر بشدة لكن ده خطأ فى إحترافية الكتابة‪..‬‬ ‫رفع عليه قضايا بتهمة إهانة الهوية التركية وشخصية مصطفى أتاتورك المقدسة والهراء ده كله‬ ‫اللى فى المادة ‪ .. 101‬لكن القضية األولى أسقطت للعلم ورفضت وزارة العدل التركية اإللتفات‬ ‫إليها " فى ‪ 7007‬وده كان فى تقرير للبى بى سى البريطانية " ‪ ..‬هذه نقطة ‪ ..‬األخرى أنه بعد‬ ‫مالحقات قضائية على مدار ‪ 5‬أعوام لم تثبت عليه تهمة واحدة بل كل ما دفعه هو ‪ 7000‬ليرة‬ ‫تركية على سبيل التعويض ل ‪ 7‬أشخاص ( بنتكلم فى حاجة شبيهة بتعويض ال ‪ 1001‬المصرى‬ ‫الشهير ) ‪ ..‬يعنى غرامة صورية ال أكثر ‪ ..‬لو هنتكلم على رمزية الغرامة فأنا شايف إنه لو فيه‬ ‫تضييق للحريات كان بمنتهى البساطة حُبس بموجب نفس المادة اللى هو إنتقدها بنفسه حين إغتيال‬ ‫هرانت دينك ‪ ..‬بإعتبار أن المادة جائرة ال تفرق بين منتقد وآخر‪.‬‬ ‫‪ -1‬مفهوم حرية التعبير عاوز إعادة هيكلة ‪ _ very much‬الحقيقة ككل شئ فى حيواتنا _ ‪..‬‬ ‫حرية التعبير ببساطة قد تنقذ دولة ‪ ..‬وقد تهدم أمة ‪ ..‬الحرية لها حدود ‪ ..‬والصحفيون مثلهم مثل‬ ‫أى بشر فى أى وظيفة أخرى لهم حقوق وعليهم أن يحاسبوا ويسجنوا إن تخطوا الحدود القيمية‬ ‫المسموح بها ‪ ..‬وده موضوع آخر‬

‫‪13‬‬


‫‪" -4‬تركيا تحتل مركزاً متقدما ً فى إنتهاكات حقوق اإلنسان "‬ ‫ده كالم غير صحيح ‪ ..‬إنتهاكات حقوق اإلنسان ال تقاس بحبس الصحفيين فقط ‪ ..‬الكالم العام‬ ‫يخصص بنقاط أكثر من نقطة واحدة ‪ ..‬باإلضافة إلى أن ( قضية حرية الرأى تقام لها مؤتمرات‬ ‫وأنشطة تعرض المشاركين فيها لخطر السجن والمالحقة ) كالم غير صحيح أيضا ً ‪ ..‬لو فيه أمثلة‬ ‫لناس شاركت فى مؤتمرات لمناقشة قضية حرية الرأى ولوحقت وسجنت هبقى شاكر جداً إن‬ ‫حضرتك تعرفينا‪.‬‬ ‫بالنسبة لى أفضل ما فى المقال هو الطرق _ ولو بتخصيص نقطة حرية التعبير _ على فكرة "‬ ‫تركيا ليست يوتوبيا نهضة العرب وال هى شيطان اإلتحاد األوروبى "‪.‬‬

‫‪14‬‬


‫هل الجماعة يجب أن ُتحل؟!‬ ‫عماد الدين السيد‬ ‫يعني هل فعالً انتهى دورها بوصول رئيس إسالمي للحكم ‪ ...‬أم‬ ‫مازال بقاؤها ضروريا لتحطيم الدولة العميقة وإقامة المشروع‬ ‫اإلسالمي وأستاذية العالم؟!‬ ‫رحم هللا حسن البنا ‪...‬‬ ‫لي أصدقاء إخوان كثر في الجماعة‪ ،‬منهم من تسري الجماعة في دمه‪ ،‬اجتماعات األسرة‬ ‫والفضفضة ‪ ...‬ذكريات المعسكرات ‪ ...‬الحب الذي يتولد بين اإلخوان ‪ ...‬سندك وظهرك ‪...‬‬ ‫زمالء المعتقل ورفقاء الميدان ‪ ...‬الحلم البعيد بإعادة مجد األمة ‪ ...‬حلم تحرير األقصى ‪...‬‬ ‫الخالفة اإلسالمية ‪ ...‬أستاذية العالم ‪ ...‬رسائل البنا‬ ‫كيف تطلب من شخص يعيش في كل هذا أن ينفض عنه بسهولة؟!!‬ ‫عندما تخرجت من الجامعة‪ ،‬اكتشفت الحقيقة المذهلة ‪ ...‬أني اآلن ال انتمي لشيء ‪ ...‬كنت أنتمي‬ ‫للمدرسة فالجامعة ‪ ...‬ملفي هناك وهناك أستاذ مسئول عني وكتب تخصني وعمل محدد أقوم به‬ ‫وزمالء يفرضهم كشف األسماء بترتيبه األبجدي‪ ،‬ولو سألني أحد عن هويتي أقول‪ :‬طالب بالصف‬ ‫الثالث في مدرسة نجيب محفوظ‪ ،‬أو بفرقة الثانية في كلية الصيدلة‬ ‫أما بعد التخرج صرت بال مكان انتمي إليه ‪ ...‬وحدي أشق طريقي وأدور على الصيدليات أبحث‬ ‫عن مكان انتمي له ‪ ...‬وللصيدليات سمعة ‪ ...‬فاالنتماء لصيدلية العزبي يختلف عن االنتماء‬ ‫لصيدلية مغمورة ‪ ...‬وعندما عملت بالعزبي صرت أقول هذا بفخر ‪ ...‬أنا أعمل بصيدلية العزبي‬ ‫‪ ...‬ثم تركتها ودخلت الجزيرة وصارت مكاني الجديد ‪ ...‬وصاروا يقولون عني‪ :‬مش ده عماد‬ ‫بتاع الجزيرة؟‬ ‫عندما تقرر أن تحل الجماعة فجأة بقرار قضائي ‪ ...‬فمع احترامنا لكل أحكام القضاء ومع اعترافنا‬ ‫بأن الجماعة تتحدى القانون أو تريد تفصيله بما يناسب بقاءها من خالل السلطة التشريعية ‪...‬‬ ‫ولكن قراراً كهذا يقصم ظهر عشرات اآلالف ممن ينتمون ‪ ...‬يسحب منهم هويتهم ويجردهم من‬ ‫انتمائهم ‪ ...‬فتصير فجأة بال اجتماع أسرة وال معسكر وال إخوان يحبونك وال عمل تطوعي‬ ‫يجمعك بهم‬ ‫تصير وكأنك تخرجت فجأة ‪ ...‬على الرغم من أنك كنت فقط في الصف الثاني‬ ‫ولهذا فالجماعة وأفرادها لن ينظروا لهذا القرار إال كقرار ساذج يستحيل تنفيذه‬ ‫أما بخصوص السؤال الذي سألته في المقدمة ‪ ...‬هل بقاء الجماعة ضروري اآلن بعد وصول‬ ‫رئيس منها للحكم؟! ‪ ...‬فأنا بعد كل ما كتبت اآلن اكتشفت أني ال أعرف فعال اإلجابة الصحيحة ‪):‬‬

‫‪15‬‬


‫صاحب المتناقضين‬ ‫عماد الدين السيد‬ ‫قُتل صاحب أعذب تفسير للحكم العطائية‪ ،‬وصاحب حافظ وبشار‬ ‫قُتل صاحب المتناقضيْن‬ ‫*****‬ ‫العالقة بين مصر وسوريا !‬ ‫البوطي رحمه هللا كان صوفياً‪ ،‬والسلفيون يكرهون الصوفية لخالفات في العقيدة‪ ،‬ففرحوا بمقتل‬ ‫البوطي بحجة أنه حرم الخروج على الحاكم !!‬ ‫( الحظ أن األغلبية من مشايخ السلفيين في مصر قبل الثورة حرموا الخروج على الحاكم) !‬ ‫بينما العلمانيون يحبون الصوفيون‪ ،‬ألنهم يمثلون الوجه الذي يريدونه للدين مبتعداً عن السياسة‪،‬‬ ‫فأخذوا يترحمون على البوطي ويذكرون فضله ويغضون الطرف عن مساندته لبشار !!‬ ‫(الحظ أن العلمانيين هم أنفسهم من ظلوا يخرجون لسانهم للسلفيين يعايرونهم بفتوى تحريم‬ ‫الخروج على الحاكم)‬ ‫الطريف في األمر‪ ،‬أن قليل من السلفيين قرأوا للبوطي‪ ،‬وقليل من العلمانيين كذلك ‪ ...‬أما الباقي‬ ‫فقد سمعوا عنه‪ ،‬سماع ذم أو سماع مدح‬ ‫وب ِه ْم َم َرض ‪ ...‬وهو وحده‬ ‫ال نعلم نهاية القوم‪ ،‬ال نعلم دوافعهم‪ ،‬هللا وحده من حقه أن يقول‪ :‬فِي قُل ُ ِ‬ ‫ين إِ َذا ُذك َِر َّ‬ ‫هللاُ َو ِجلَ ْ‬ ‫ت قُلُو ُب ُه ْم‬ ‫له الحق في أن يقول‪ :‬الَّ ِذ َ‬ ‫القلوب هلل‪ ،‬والتوبة ُتقبل قبل خروج الروح من الحلقوم ‪ ...‬وللبوطي علم أصيل ال يُنكر ‪...‬‬ ‫والبوطي ساند الطواغيت ضد المساكين ‪ ...‬وأمره هلل ‪ ...‬ما أدراكم وأنتم لم تؤتوا من العلم إال قليالً‬ ‫يوم القيامة سنعرف‬ ‫أما اآلن ‪ ...‬فسنفكر ونعتبر !‬

‫‪16‬‬


‫مترجمات‬

‫‪17‬‬


‫واشنطن بوست || مصر تنزلق نحو اإلنهيار || ديفيد ايجنيشوس‬ ‫ترجمة سها همام‬ ‫ما هي السياسة الصحيحة التي‬ ‫يجب أن تتبناها الواليات المتحدة‬ ‫تجاه مصر في الوقت الذي تنزلق‬ ‫فيه حكومة اإلخوان المسلمين نحو‬ ‫هاوية إقتصادية؟ أصبح هذا‬ ‫السؤال اآلن ملحا بتقلص‬ ‫اإلحتياطي النقدي المصري و‬ ‫إقتراب البالد من نقطة اإلنكسار‪.‬‬ ‫إن الحقائق اإلقتصادية حاسمة‪ :‬بلغ‬ ‫إحتياطي العملة األجنبية في مصر‬ ‫في شهر فبراير ‪ 11‬و نصف مليار‬ ‫دوالر‪ ،‬و هو ما يكفي بالكاد لتغطية ثالثة شهور من الواردات‪ .‬لكن المسئولين األمريكيين يقولون‬ ‫أن السيولة النقدية من اإلحتياطي تبلغ واقعيا من ‪ 7‬ل ‪ 6‬مليار دوالر فقط‪ .‬لقد أصبح بالفعل من‬ ‫الصعب العثور على واردات‪ ،‬بما فيها المواد الخام التي يحتاجها المصنعون المصريون‪ .‬و لذا فقد‬ ‫انخفض مؤشر البورصة المصرية بنسبة ‪ %5‬هذا اإلسبوع إستشعارا للخطر القادم‪.‬‬ ‫ما الذي تفعله حكومة الرئيس محمد مرسي إذن لوقف التدهور اإلقتصادي؟ ليس بالكثير‪ .‬فعلى‬ ‫مدار العام كان مرسي مترددا في التفاوض مع البنك الدولي لإلتفاق على حزمة إنقاذ لمصر هي‬ ‫في حاجة ماسة لها تبلغ قرابة الخمسة مليار دوالر‪ .‬يماطل مرسي ألنه قلق من الغضب الشعبي‬ ‫تجاه اإلصالحات التي يشترطها البنك الدولي‪ ،‬و التي تشتمل على خفض الدعم الذي يستهلك وحده‬ ‫ربع الميزانية المصرية‪( .‬تشكل الديون و العمالة بالقطاع العام نصفا آخر من الميزانية‪).‬‬ ‫إن الخطر على مبعدة شهرين أو ثالثة من الباب المصري‪ ،‬طبقا لتقدير مسئولين أمريكيين رفيعي‬ ‫المستوى‪ .‬و في غضون هذه األثناء‪ ،‬فإن البالد تواجه إضطرابات سياسية مستمرة‪ ،‬كشغب يوم‬ ‫الثالثاء في بورسعيد و الذي تسبب في إصابة خمسين شخصا‪ .‬لقد أرسلت حكومة مرسي مقترحا‬ ‫جديدا للبنك الدولي األسبوع الماضي‪ ،‬لكنه ربما يعجز عن تحقيق األهداف اإلصالحية للبنك‬ ‫الدولي‪ ،‬مما سيزيد من التأخير في التعامل مع الموقف‪.‬‬ ‫مرحبا بك في الطور التاني من الربيع العربي و الذي يمكننا أن نطلق عليه "النزول ألرض‬ ‫الواقع‪ ".‬كانت الواليات المتحدة و حلفاؤها قد راهنوا منذ عامين على أنه إذا وصل اإلخوان‬ ‫المسلمون للسلطة في مصر‪ ،‬سيتوجب عليهم التعامل مع مسئوليات الحكم كالتفاوض حول قروض‬ ‫البنك الدولي و تبني إصالحات إقتصادية إلجتذاب المستثمرين‪ .‬و اآلن أصبح مرسي جزءا من هذا‬ ‫الواقع اإلقتصادي‪ ،‬لكنه لم يظهر القدرة على القيادة التي كانت تأملها الواليات المتحدة‪.‬‬ ‫‪18‬‬


‫إذن ما هي الخيارات التي أمام الواليات المتحدة بينما تقترب مصر من الحافة؟ يجادل بعض‬ ‫معارضي مرسي أن الواليات المتحدة يجب عليها أن تدعه يفشل‪ .‬هذا بالتأكيد موقف المعارضة‬ ‫العلمانية المصرية‪ ،‬و هو كذلك موقف أنظمة الحكم المحافظة بدول الخليج العربي‪ .‬فهم يأملون أن‬ ‫يلفظ المصريون مرسي و حزبه في اإلنتخابات البرلمانية القادمة التي ستقام في نهاية إبريل و التي‬ ‫قد يتم تأجيلها لصعوبات قانونية‪.‬‬ ‫إن سياسة الواليات المتحدة أكثر دعما للنظام المصري من أن تتركه يغرق إن لم يستطع السباحة‪.‬‬ ‫لقد شجع البيت األبيض مرسي و البنك الدولي على الوصول إلتفاق قبل أن يفوت األوان و يصبح‬ ‫التدهور اإلقتصادي أسوأ‪ .‬إحدى المساعي اإليجابية تكمن في صندوق التمويل األمريكي للمشاريع‬ ‫المصرية الصغيرة و متوسطة الحجم و الذي سيبدأ في توزيع أول ‪ 70‬مليون دوالر له هذا الشهر‪.‬‬ ‫حين التقى وزير الخارجية جون كيري الرئيس مرسي في زيارة خاصة بالقاهرة األسبوع‬ ‫الماضي‪ ،‬قيل أنه حذر من أن مصر البد و أن تأخذ قرارات سريعة و أال تتوقع أن تقوم واشنطن‬ ‫بمد يد اإلنقاذ لها في آخر لحظة‪ .‬لكن الواضح أن واشنطن ترغب في نجاح مرسي‪ ،‬مخافة أن‬ ‫يكون البديل إما الفوضى أو اإلنقالب العسكري‪.‬‬ ‫إن الجيش المصري ينتظر بالفعل على مقربة‪ ،‬و بعض الجنراالت متلهفين بشدة على التدخل‪ .‬لكن‬ ‫الواليات المتحدة تعارض بحكمة أي إستيالء عسكري كهذا على الحكم‪ .‬و بدعمها لمرسي فإن‬ ‫الواليات المتحدة اتخذت بشكل واضح موقفا معارضا لكل من المحافظين السعوديين و النشطاء‬ ‫الليبراليين المصريين على حد سواء‪.‬‬ ‫لقد إستطاع مرسي تجنب القرارات الصعبة حتى اآلن بشكل جزئي بسبب معونة الطوارئ‬ ‫القطرية‪ ،‬و التي ضخت قرابة السبعة مليار دوالر في إحتياطي النقد األجنبي المصري‪ .‬يجب أن‬ ‫تكون رسالة الواليات المتحدة لقطر إذن أن تتوقف عن مساعدة مرسي في الهروب من الواقع‬ ‫اإلقتصادي‪.‬‬ ‫إن رهان إدارة أوباما المستمر على الديمقراطية في العالم اإلسالمي كان واضحا في تركيا كما هو‬ ‫في مصر‪ .‬فقد زار كيري أنقرة أيضا كجزء من أولى جوالته الدبلوماسية بالخارج‪ ،‬و انتقد بعنف‬ ‫رئيس الوزراء رجب طيب أردوجان بسبب هجومه "المرفوض" على الصهيونية‪ .‬و كان من‬ ‫الالفت لإلنتباه أن أردوجان الذي يصعب توقع ردود أفعاله لم يبادل كيري هجوما بهجوم‪ ،‬في‬ ‫الواقع لقد قيل أن مباحثاتهما في أنقرة اشتملت مسارا محتمال لتسوية الخالفات بين تركيا و‬ ‫إسرائيل‪ .‬إن المسئولين األمريكيين يأملون أن تضع تركيا في إعتبارها القالقل المتزايدة على‬ ‫حدودها ‪-‬من جهة إيران و العراق و سوريا‪ -‬فربما تبدو حينها فكرة إحياء عالقاتها مع إسرائيل‬ ‫أكثر جاذبية‪.‬‬ ‫يمضي الربيع العربي‪ ،‬و يستمر معه التبني الحذر من الرئيس أوباما‪ .‬و لعل أكبر المفاجآت هي أن‬ ‫‪19‬‬


‫عالقة حكومة اإلخوان المسلمين في مصر مع إسرائيل اليوم أفضل من عالقة تركيا مع إسرائيل‪،‬‬ ‫و هي التي اعتادت أن تكون حليفا تقليديا للقدس‪ .‬ربما يكون هذا أفضل كارت لمرسي مع واشنطن‬ ‫ أنه مهما كان فشله كقائد لمصر‪ ،‬فهو ال يشكل قلقا إلسرائيل‪.‬‬‫رابط المقال‪http://wapo.st/13HEALN :‬‬ ‫تعقيب‪ :‬المعلومات التي وردت في هذا المقال تكررت بشكل يكاد يكون متطابقا في مقال آخر‬ ‫نشرته مجلة تايم‪.‬‬ ‫‪http://ti.me/Y128E3‬‬ ‫يمكنك اإلتفاق أو اإلختالف مع التحليل السياسي للكاتب و الذي جاء به بناء على ما لديه من‬ ‫معطيات‪ .‬لكن الذي ال خالف عليه هو خطورة الوضع اإلقتصادي المصري‪ ،‬و إفتقار الحكومة‬ ‫المصرية للشفافية فيما يتعلق بشروط بنك النقد الدولي و خططها للتعامل مع العجز الحاد في‬ ‫إحتياطي النقد األجنبي‪.‬‬

‫‪20‬‬


‫إجتماعية‬ ‫و ثقافية‬

‫‪21‬‬


‫عامان على الثورة‬ ‫السورية‪:‬‬ ‫ريهام نجيب‬ ‫وجدت كل الصفحات والقنوات تتحدث‬ ‫عن أنه مر عامان على الثورة‬ ‫السورية‪..‬وجدت أنه ربما الكتابة عنها‬ ‫ابتذال‪..‬فالثورة السورية أصبحت أكثر‬ ‫اسى و ألم من أن يكتب عنها‪..‬ولكن لم‬ ‫تطاوعنى نفسي لذلك‪..‬‬ ‫لو لم يكن للثورة السورية دور حتى اآلن إال أنها أعادت معنى الجهاد الحقيقي المجرد إلى األذهان‬ ‫وإلى الشباب لكفّت وو ّفت أن فعلت ما لم تستطع عقود من الجهاد "النظرى" أن تفعله‪..‬‬ ‫عاد بها الجهاد لمعناه الحقيقي األكبر‪"..‬رجل خرج بنفسه وماله" في سبيل الحق‪..‬ال نية تخالط تلك‬ ‫النية حين يكون الثمن "الموت"‪..‬ذلك الموت الذى ام ُتهن بكثرة صور المصابين و الشهداء‪..‬والقتلى‬ ‫من األطفال‪..‬عاد بها الجهاد إلى معناه الذى غاب عن أجيال‪..‬معنى أن الجهاد هو بذل "النفس" في‬ ‫معناه األكبر‪..‬و األنقى‪..‬عاد بثورة سوريا‪..‬ربما لم تكن األولى‪..‬فقد سبقت الشيشان وافغانستان‬ ‫والبوسنة وغيرهم و سبقت فلسطين على رأس الجميع‪..‬و لكن غلبت علينا فكرة أن بُعد المسافات‬ ‫يُنسى‪..‬وأن ما هو بعيد عنا بعيد عن قلبنا‪..‬أما أن ُتضرب الشام فى عقر دار اإلسالم فقد كان ذلك‬ ‫سهما لكل قلب‪...‬‬ ‫أن ترى وتتابع يوما بيوم ما يحدث فى سوريا وكيف ُنسجت الخدع واألكاذيب و كيف بدأت‬ ‫المقاومة و كيف خرج زمرة يدافعون عن الحق و كيف اختلط بهم آخرون ال تعلم نواياهم‪..‬هللا‬ ‫يعلمها‪..‬‬ ‫وفي كل ذلك ام ُتهن الموت واب ُتذلت المشاعر اإلنسانية‪..‬ام ّتهن الموت وفُقدت هيبته والخوف منه‬ ‫وأصبح لفظة تلوكها األلسن وصور الشهداء منتهكة و أجسامهم مشاع لمحبى "صور" الجهاد!‬ ‫اللهم ال تجعل هذا نصيبنا من موتهم ‪..‬‬ ‫وفي كل ذلك ان ُتهكت المشاعر فمن تراه يشر اليوم مثلما شعر يوم انطلقت شرارة الثورة في سوريا‬ ‫ويوم رأى أول عمل وحشى للظالم وجنده؟!‬ ‫اسأل نفسك ماذا تغير‪..‬هل تحولت فكرة الجهاد عند للفكرة التى مات من أجلها من مات وتي ّتم من‬ ‫تيتم‪..‬وترمل من ترمل؟؟‬ ‫بعد سنتين إن لم يكن هذا قد حدث فماذا تنتظر؟؟هل تنتظر صاعقة كصاعقة عاد وثمود لتعلم أن‬ ‫‪22‬‬


‫الحق عزيز و أنه ال محالة طريق العزة وطريقة العزة وعر و مُبتلى ولكن السائرون فيه مؤيدين‬ ‫بنصر من هللا وثبات يُنزله عليهم‪...‬‬ ‫سألت نفسي كثيرا هل كنا نحن المصريون سنصمد مثلما صمدت سوريا؟؟؟هل كانت مدننا و أهلنا‬ ‫قادرة على تحمل ما تحملوه؟؟و اإلجابة لم تكن فى صالحنا‪..‬هللا أعلم بذلك بالطبع‪...‬‬ ‫ولكن هل فكرت فى السوريين أنفسهم‪..‬في ضياع حياتهم التى يعرفونها؟؟ البعض اصبح الجئا‬ ‫غريب فى بلد غريبة (وغير مرحب به) يُنظر إليه نظرة الذليل بعد عزة‪..‬ال يعلم متى سيعود‪...‬‬ ‫صعب أن تهلل له وتدعوه بأعلى صوتك أن يتمسك باألمل وأنت لم تكن مكانه وال تعلم حقا ماذا‬ ‫يعني أن تتحول البلد غير البلد والحال غير الحال وال تعلم شىئا واحدا قد استقر لك في الدنيا‪..‬فال‬ ‫وطن تعرفه وال وطن تذهب إليه وقد تنام فى مدينة سورية آمنة لتفيق على هدد وتفجيرات‪...‬‬ ‫الموت ال يوجع الموتى‪..‬نحسبهم الشهداء عند هللا ولكنه يوجع األحياء يوجع أهل الموتى‪..‬يوجع من‬ ‫رأى وفهم واهتز قلبه إلحياء فكرة الجهاد فيه‪..‬يوجع من رأى ولم يفهم واصبح كل موت حجّة‬ ‫عليه‪..‬‬ ‫\أعادت لى الثورة السورية اإلنسانية التى تخليتعنها أحيانا‪..‬أعادت لى صور الالجئين واصحاب‬ ‫الخيم‪..‬أعادت لى ذلك صور الصمود‪..‬و الثبات‪..‬‬ ‫اليوم ثانى ذكرى للثورة السورية‪..‬اليوم دع جزء من نفسك غير منتهك‪..‬عد بمشاعرك إلى‬ ‫صورتها النقية فى منأى عن االبتذال‪..‬أعد قراءة التاريخ وما مر به المسلمون في البوسنة‬ ‫والشيشان وما يمرون به فى كل مكان‪..‬‬ ‫الثورة السورية أعادت كتابة التاريخ وأعادت إلينا فهم التاريخ‪..‬فلم يكن التاريخ أبدا حقائق مجردة‬ ‫وتحليالت جامدة وإنما كان حياة اناس وموت أناس و معاناة آخرون‪...‬ولنا العبرة‪..‬‬ ‫اللهم نصرك الذى وعدت لعبادك الذين خرجوا بأنفسهم مدافعين عن الحق‪...‬اللهم اغفر لنا تقصيرنا‬ ‫فى الفهم والعمل‪..‬‬ ‫فلم تكن الثورة السورية إال مرآة يرى كل فيها نفسه مجردا من بهرج الدنيا و التجمّل الذى يحرص‬ ‫عليه‪..‬نرى انفسنا وقد انكشفت سوءاتنا و ال عمل لنا فى ركب الجهاد لنستتر به‪...‬لم يعد هناك‬ ‫مجال للكذب على االنفس‪..‬فإذ تحرك ركب الجهاد فمن لم يلحق ولو بقلبه فقط فقد كان ممن يولون‬ ‫ادبارهم!‬ ‫ولم أجد سوى ياسمين الشام الذى لم أزرها يوما ولكن عطره يمأل صدري‪...‬‬ ‫**(سوف استثنى من ذلك فلسطين ألن مما علموه لنا وزرعوه فى األدمغة أن الجهاد الفسلطيني‬ ‫‪23‬‬


‫جهاد اشبه باالساطير وتلك محاولة يائسة بائسة ألن يجعلونا نصدق أنه جهاد ال جدوى منه وأن‬ ‫القدس ضاعت ال محالة فحديث القدس حديث آخر جعل المغرضون يضعوا فيه ما وضعوا و‬ ‫يحرفون تاريخه كما يشاؤون)‬

‫‪24‬‬


‫من أنا‬ ‫احمد كمال‬ ‫ظل مستيقظا من بعد الفجر‪ ،‬ظل محدقا بثبات نحو الفراغ‬ ‫حتى الحظ عيوب الطالء في سقف غرفة نومه التي يأوي‬ ‫إليها يوميا منذ سنين!‬ ‫لم يكن الفراغ هو ما يحدق فيه فقط‪ ،‬ولم يكن هو الوقت الذي‬ ‫ينساب بال فعل أو قول‪ ،‬كان الفراغ في األساس هو ما‬ ‫يطحن تروس العقل داخل جمجمته! كان يتساءل بال عالمات‬ ‫استفهام‪ ،‬وتتراوح إجاباته ما بين الحيرة‪ ،‬وعدم الفهم‪ ،‬وعدم‬ ‫التصديق!‬ ‫مضى الوقت بطيئا بينما يمارس طقوس يومه المعتادة‪ ،‬تنقل‬ ‫ما بين واجباته وزمالءه وأصدقاءه وأهله‪ ،‬بينما ذلك الشعور‬ ‫المزعج يخنقه‪ :‬الفراغ! شعر بأنه يؤدي واجباته حتى ال ُيسأل‬ ‫عنها‪ ،‬ال ألنه يريد أن يؤديها‪ ،‬وشعر بأنه ال يجلس مع أصدقائه في مكانهم المعتاد ألن ذلك يسعده‪،‬‬ ‫بل ألنه فقط يسليه‪ ،‬وشعر بأن مواقع اإلنترنت ومحطات التلفزيون ثقيلة مملة مكررة‪ ،‬ال تضيف‬ ‫شيئا‪ ،‬وال تخصم شيئا أيضا‪ ،‬وشعر بأنه ال يتعامل مع أهله أو غيرهم إال في نطاق ال يتعدى‬ ‫الخدمات المتبادلة‪ ،‬ليس أكثر‪..‬‬ ‫إن ما يشعر به ليس الفراغ‪ ،‬فوقته مشغول‪ ،‬ولكنه الخواء! إنه يشعر أنه ماكينة تدور‪ ،‬ولكنها ال‬ ‫تنتج شيئا‪ ،‬يشعر أنه سيارة تقف في طابور شارع طويل ال يتحرك‪ ،‬يهدر محركها‪ ،‬فال تمضي إلى‬ ‫األمام‪ ،‬وال تملك أن تتوقف‪..‬‬ ‫انتهى اليوم ومازال ذلك الشعور يخنقه‪ ،‬فخرج يمشي في الشوارع‪ ،‬وقد عادت إليه الحيرة‪ ،‬وعدم‬ ‫الفهم‪ ،‬وعدم التصديق‪ ،‬فأسئلته مبتورة ناقصة‪ ،‬بال عالمات استفهام‪..‬‬ ‫راح ينظر في وجوه المارة من حوله‪ ،‬ولكنه شعر بالسخف! عالم يضحك هؤالء‪ ،‬وعالم يتشاجر‬ ‫أولئك؟ إلى أين يذهبون؟ ولماذا هم هنا أصال؟ هل يفهم أي منهم ما ال يفهمه هو؟‬

‫‪25‬‬


‫لفت نظره شابا يتحرك بسرعة‪ ،‬يمسك بالهاتف المحمول‪ ،‬ويجري اتصاال‪ ،‬رآه يتحدث وهو يحرك‬ ‫يده بقوة‪ ،‬ورأى تعبيرا غريبا في وجهه‪ ،‬فاقترب منه‪ ،‬واستمع لما يقول‪:‬‬ ‫"سالم عليكم‪ ،‬أيوه يا محمد‪ ،‬من فضلك قل لهم إسالم مش حيسكت! ومش حتنازل عن حقي! أنا‬ ‫مش ورقة حتطير مع الهواء في أي اتجاه! أنا إنسان له كرامة‪ ،‬وعارف حقوقه كويس‪ ،‬وعارف‬ ‫الصح والغلط‪ ،‬أنا عندي هدف لحياتي‪ ،‬حاعيش عشان أحققه‪ ،‬أو أموت وأنا بحاول أحققه‪ ،‬ومش‬ ‫حاسمح لحد يختار لي‪..‬‬ ‫اسمعني يا محمد‪ ،‬أنا مش بالوم عليك‪ ،‬وال على أي حد‪ ،‬كل واحد حر‪ ،‬يحدد لنفسه اتجاه واضح‬ ‫ويسعى فيه‪ ،‬أو مايحددش! لكن أنا شخصيا مش حاعيش على الهامش‪ ،‬وحيفضل اختياري ملكي‪،‬‬ ‫ومش حاسمح لنفسي أكون واحد من الماليين اللي عايشين ومش عايشين‪ ،‬مش حاكون مجرد اسم‬ ‫في كشف‪ ،‬أنا عندي حلم لنفسي‪ ،‬وألهلي‪ ،‬وألوالدي من بعدي"‪..‬‬ ‫كان صاحبنا يستمع وقلبه يخفق بقوة‪ ،‬وعال صوت خفقات قلبه حتى صار كالطبل في أذنيه! هذه‬ ‫كلمات غير موجودة في قاموسه‪ ،‬وال تنتمي لعالمه!‬ ‫عاد إلى بيته وهو يتلمس حرارة أذنيه‪ ،‬ويتلمس خفقات قلبه! فإذا به يالحظ في بيته ما هو أكثر من‬ ‫عيوب الطالء في سقف غرفته‪ ،‬وإذا به يرى في قسمات وجهه ما هو أكثر من تلك السيارة التي‬ ‫تهدر وال تتحرك! هذا هو ما يبحث عنه!‬ ‫أخرج ورقة وقلم‪ ،‬وسهر الليل يخط فيها إجابات واضحة ألسئلة محددة‪:‬‬ ‫من أنا؟‬ ‫ما هي إمكانياتي؟‬ ‫ماذا أحب‪ ،‬وماذا أكره؟‬ ‫ما هي واجباتي؟‬ ‫ماذا سأفعل فيما تبقى من حياتي؟‬ ‫ما هو هدفي في الحياة الذي لن أتخلى عنه‪ ،‬وعلى استعداد ألن أموت في سبيله؟‬ ‫‪26‬‬


‫ما الذي "تطور" في عقلك خالل "السنة" األخيرة؟‬ ‫أحمد عبد الحميد‬ ‫‪ .1‬أصبحت أؤمن بأن ‪ 100‬بيكو‬ ‫ثانية(التي أنا حبيسها في عملي)‪،‬‬ ‫ليست األثر الذي أود أن أدركه في‬ ‫عمري‪.‬‬ ‫وعليه‪ ،‬قررت أن أترك عملي‪،‬‬ ‫في شكله الحالي‬ ‫‪ .7‬أصبحت أؤمن أن أجمل أيام‬ ‫عمري و أكثرها ثمرا الثالثينيات‬ ‫التي أعيشها‪،‬‬ ‫وعليه‪ ،‬البد أن تكون أرضا صلبة لما بعدها‪ ،‬وعليه ال بد أن أترك مرحلة "الكالم" لمرحلة الفعل‪.‬‬ ‫أن أترك أثرا واضحا‪.‬‬ ‫‪ .1‬تشبعت من حياة أوروبا بشكل كاف‪ ،‬ومن حياتها االجتماعية‬ ‫وعليه‪ ،‬قررت أن أترك أوروبا‪ .‬إن شاء هللا‪.‬‬ ‫‪ .4‬أصبحت‪ ،‬أشعر بعمق بألم من يقتل أوالدهم في أفريقيا‪ ،‬و في نفس الوقت بالمباالة فرنسا و‬ ‫أخواتها‪،‬‬ ‫وعليه‪ ،‬ودعت باريس‪ ،‬و فرنسا بغير رجعة إن شاء هللا‪ ...‬تركت عملي في ذات اليوم الذي كتبت‬ ‫فيه مقال قاذفة النابالم‪ ،‬و قذفت فيه فرنسا مالي‪ ،‬و المقال أخوه "رصاصة"‪ ،‬كان في الهجرة من‬ ‫باريس‪ .‬وقررت أني إما عائد بشكل نهائي لمصر‪ ،‬أو بشكل مؤقت لمنطقة وسط‪...‬‬ ‫‪ .5‬أصبحت ال أطيق فكرة "الرئيس" في العمل‪،‬‬ ‫وعليه قررت أال أعمل عند أحدهم‪ ،‬ربما "مع" البعض‪ .‬ال أطيق العمل تحت أي رئيس‪.‬‬

‫‪27‬‬


‫‪ .7‬أصبحت أكثر اقتناعا بأمر األثر الذي تركته في األعوام الماضية‪ ،‬و بأنه بمجهود أكبر و‬ ‫بإخالص قليل فإني قادر على تغيير الواقع السيء في بالدي بإذن هللا (مجنون عارف‪ ،‬سامحني)‪.‬‬ ‫و رأيت من هللا ما يكفي من عالمات الخير في الطريق‪ ،‬و عليه‪ ،‬قررت أن أسير لقدري الذي‬ ‫اختاره هللا‪ ،‬ال القدر الذي خطه آخرون لي في الدينا‪ .‬أصبح لدي إدراكا عميقا بمعاني الحرية و‬ ‫التغيير و أهمية األثر في الدنيا‪.‬‬ ‫‪ .6‬أصبحت أكثر وعيا "بعائد الزمن" أو "عائد المجهود"‪ .‬تماما ك "عائد رأس المال" في التجارة‪،‬‬ ‫و خالصته‪ ،‬في وجود رأس مال محدود‪ ،‬يجب أن تنفقه ابتداءا في أفضل مشاريع استثمارية تعيد‬ ‫عليك مالك في أسرع وقت‪ . ...‬و عليه فإن ‪ 5‬أعوام أو ‪ 70‬عاما كنت قد قررت أن أمضيها في‬ ‫تطوير أحد المهارات‪ ...‬اصبحت اقارن بينها و بين مهارات أخرى‪ ،‬بناءا على "العمر و المجهود"‬ ‫و المحصلة في "األثر" بعد عمري‪ .‬و عليه تغيرت األولويات بشكل سافر‪.‬‬ ‫‪ .6‬ابتعدت قليال بسبب العمل بين فرنسا و بلجيكا عن أهلي‪ ،‬و رأيت أن العمر واحد و أن القرب‬ ‫من أسرتي أولوية‪ ،‬وال قيمة لعمل يبعدني عنهم‪ ،‬و أني رجل يركض على كل حال‪ ،‬و ال يستقر و‬ ‫ال يسعد باالستقرار‪ ،‬و ال يهنأ بالراحة‪ ،‬و ال يطمأن بالسكون‪ ...‬و أنه يجب أن يكون هناك "حل"‬ ‫يجمع بين طلبات نفسي التي ال تنتهي‪ ،‬و يحفظ قربي من أهلي‪ ،‬و يحقق لهم ما يتمنوه في حياتهم‬ ‫أيضا‪ ...‬كل شيء يجب أن يتغير‪ ،‬عملي الحالي‪ ،‬البلد‪ ،‬دائرة العالقات‪ ...‬كل شيء‪ .‬أريد صفرا‬ ‫جديدا‪.‬‬ ‫‪ .9‬قابلت عددا من الشخصيات في آخر ‪ 7‬أشهر‪ ،‬قلبوا رأسي و روحي رأسا على عقب‪ ،‬تعلمت‬ ‫منهم معنى الطموح‪ ،‬و التغيير‪ ،‬و التخطيط‪ ،‬و األمل و الرؤية‪ ...‬و كل تلك المعاني التي ال تفهمها‬ ‫إال بالممارسة‪ .‬و أني تأخرت حتى الثالثين ألن عقلي كان يفكر بشكل خاطئ‪ ،‬أنه البد لي من‬ ‫سنين "خبرة"‪ ،‬و أني البد أن أبني شيئا معقدا كطائرة‪ ،‬و أني أخطط كأي طالب دكتوراه لمشاريع‬ ‫في بضعة أعوام‪ ،‬و أصنع مكوكا كبداية‪ ...‬و البداية من الصفر حبيبي أبسط من ذلك‪ ،‬و البناء يأخذ‬ ‫أعواما‪ ،‬و أن البسيط يصل للتعقيد في سنين‪ ،‬و أن المرء قد يقلد ثم يبدع‪ ...‬المهم‪ ،‬أن يعرف‬ ‫المسافر وجهته من البداية‪ ،‬و يبدو أني كنت قد ضللت الطريق‪....‬‬ ‫الخالصة‪،‬‬ ‫أن رحلة الصومال‪ ،‬اصابتني ببعض الجنون‪ ،‬و بأني رأيت فيما يرى اليقظ أن كل شيء يتغير في‬ ‫سنين فقط لو يبدأ أحدهم بالتغيير‪ .‬و أن أحدهم مثال‪ ،‬اتصل بي لحل مشكلة قومية‪ ،‬و أخبرته أن‬ ‫الحل معروف و أن العديد من المصورين قاموا بعمل أفالم عن الحل‪ ...‬و ذهبت بنفسي ألجد أني‬ ‫أول من أخذ خطوة فعلية في اتجاه الحل‪ .‬لحظتها يا رفيق‪ ،‬شعرت أن الجميع ظاهرة "صوتية"‪ .‬و‬ ‫قابلت مثال أتراكا يفكرون طول الوقت في المقدمة‪ ،‬و في التنافس‪ ،‬و في الحركة‪ ،‬بينما قومي دائما‬ ‫نائمون‪ ،‬محبطون‪ ،‬مكتئبون‪ ...‬وال يحرك أي منهم يده ألمر‪ ...‬إال من رحم هللا‪ .‬فيمن العيب إن لم‬ ‫يكن في أنا!!‬ ‫فتتطورت‪ .‬لألحسن؟ لألسوأ ؟‬ ‫ال أحد يعرف‪ ...‬ربما المتعة كما أخبرتك في الرحلة‪ ،‬في أنها ليست كسابقها‪ ...‬في أنك أنت من‬ ‫يكتب سطورها‪ ...‬في ذلك اإليمان العميق بأنه بإمكانك أنت‪ ...‬أن تغير كل شيء‪ ...‬فإن لم تستطع‪،‬‬ ‫‪28‬‬


‫فإنه هناك على األقل أمر واحد في الدنيا تصلحه و تموت بعدها‪ ...‬و أنه إن قابلك جبل في‬ ‫الطريق‪ ،‬فإنه ال يعجزك صعوده‪ ...‬ألنك ستكسره برأسك لو لزم األمر‪ ...‬و ستمر‪ ...‬تعرف ذلك‬ ‫العزم على أن تدرك غايتك و تموت‪ ....‬أنا هناك بالضبط‪ ...‬الفرق‪ ،‬ربما‪ ،‬أني حددت "الغاية"‬ ‫بشكل واضح من عمري‪.‬‬ ‫صحيح‪ ،‬ثالثيني‪ ،‬صحيح أحزن على ما فات‪ ،‬ولكن تعرف نبتة األمل بأن كل ما سبق كان قدرا‬ ‫من هللا ألمر أعده لك؟ ألنك لست "صدفة" و ألنك تطلب بإخالص أال تكون مجرد "آخر"‪ ...‬أنا‬ ‫هناك بالضبط‪ ...‬عند ذلك الشاطئ‪ .‬تتطورت؟ استيقظت؟ تهت؟ جن جنوني؟ ‪ ...‬هللا أعلم!‬ ‫إلى أولئك الذين يأتون بعد عمري‪ ،‬اكتبوا آخر سطر في هذه الرسالة‪:‬‬ ‫هذه اللحظة التي‪ ( :‬عرف فيها نفسه ‪ -‬ضاعت منه نفسه ‪ -‬أدرك الغاية و كفى)‪.‬‬ ‫تعرف‪ ...‬ال أحد يعرف !‬

‫‪29‬‬


‫و يقطعون ما أمر هللا به أن يوصل‬ ‫كمال سليم‬ ‫يقول هللا تعالى فى كتابه الكريم "إِنَّ هللا الَ‬ ‫َيس َت ِ َ‬ ‫ض ًة َف َما َفو َق َها‬ ‫ب َم َثالً مَّا َبعُو َ‬ ‫ضر َ‬ ‫حيي أن َي ِ‬ ‫الح ُّق مِن رَّ ب ِِّهم َوأَمَّا‬ ‫ُون أَ َّن ُه َ‬ ‫ِين آ َم ُنوا َف َيعلَم َ‬ ‫َفأَمَّا الَّذ َ‬ ‫ون َما َذا أَ َرا َد َّ‬ ‫هللا ُ ِب َه َذا َم َثالً يُضِ ُّل‬ ‫ِين َك َفرُوا َف َيقُول ُ َ‬ ‫الَّذ َ‬ ‫ِب ِه َكثِيراً َو َيهدِي ِب ِه َكثِيراً َو َما يُضِ ُّل ِب ِه إِالَّ‬ ‫هللا مِن َبع ِد مِي َثا ِق ِه‬ ‫ُون َعه َد َّ ِ‬ ‫ِين َينقُض َ‬ ‫ِين * الَّذ َ‬ ‫ال َفاسِ ق َ‬ ‫ُون َما أَ َم َر َّ‬ ‫ون فِي‬ ‫ُوص َل َويُفسِ ُد َ‬ ‫هللا ُ ِب ِه أَن ي َ‬ ‫َو َيق َطع َ‬ ‫ك ُه ُم َ‬ ‫ُون" "البقرة‪."76-77:‬‬ ‫الخاسِ ر َ‬ ‫رض أُولَ ِئ َ‬ ‫األَ ِ‬ ‫تلك اآلية لها دالالت ال تحصى؛ هذه هى معجزة‬ ‫القرآن الخالدة‪ ،‬كل يذهب إليه ليشرب على قدر سعة وعائه و ال ينقص ذلك من عطاء القرآن شيئا‪.‬‬ ‫تسائلت كثيرا ما هى األشياء التى يقطعها اإلنسان و قد أمره هللا تعالى أن يوصلها ؟ بالتأكيد‬ ‫اإلجابات ال يمكن حصرها ‪ ،‬قد يقول قائل هللا أمر بعدم قطع صلة الرحم و قد يقول آخر هللا أمر‬ ‫بعدم قطع أواصر الود و بين الناس‪ .‬إذا أجريت تجربة وهى أن تطرح هذا السؤال على مجموعة‬ ‫من األصدقاء أو الطلبة أو أى مجموعة كانت قلما ستجد إجابة مثل اآلخرى‪.‬‬ ‫ولكنى آثرت أن أوضح تلك اإلجابة التى طرأت على ذهنى و التى دار فيها فكرى كثيرا‪ ،‬فمن‬ ‫سياق اآلية و ربطها بما قبلها و ما بعدها يمكن القول أن هللا ينوه عن مسألة قطع الحقيقة المكنونة‬ ‫دائما من طرفين‪ .‬الحقيقة التى جعلها هللا محور حياة اإلنسان ومحور اإليمان بل إن تجزئتها أو‬ ‫قطعها هو الكفر و الضالل بعينه‪ .‬ولكى يفهم ما أقول ال بد من التوضيح‪.‬‬ ‫إن كل طرح ألى قضية –حتى ما يبدومنها بسيطا‪ -‬ستجد له طرفان‪ .‬فمثال إذا قلنا أيهما أفضل‬ ‫األبيض أم األسود‪ ،‬ستجد فى الغالب المناقشة انقسمت إلى فريقين‪ ،‬فريق يدافع عن اللون األبيض‬ ‫باعتباره رمز النقاء و التفاؤل‪ ،‬و فى المقابل سيكون الفريق اآلخر متشبسا بأفضلية اللون األسود‬ ‫ألنه رمزا للغموض و الذكاء و ما شابه‪ .‬فمن أبسط المناقشات اليومية إلى أعقد القضايا الفلسفية‬ ‫تجد أن هذا النموذج قائما‪ .‬على سبيل المثال إذا أردنا القول أيهما أفضل فى اإلنسان الجانب المادى‬ ‫‪30‬‬


‫أم الروحى أو أيهما أجدى نفعا النظام الرأسمالى أم النظام الشيوعى‪ ،‬سيحدث نفس اللغط ‪ -‬الذى‬ ‫يحدث مثال بين صديقين فى اإلعدادية فى قضية األبيض و األسود‪ -‬فى وسط النخبة المثقفة‪ ،‬ستجد‬ ‫من يقول قصيدة عصماء فى النظام الشيوعى و فى الجانب اآلخر يهجوه الخصم بقصيدة آخرى‬ ‫مادحا فيها النظام الرأسمالى‪.‬‬ ‫و الحقيقة أن هللا قد أقر فى أكثر من موضع أن الحقيقة تتوافق فيما يبدو ظاهريا متنافرا مثل قوله‬ ‫ض َو َج َع َل ُّ‬ ‫ِين َك َفرُوا ِب َرب ِِّه ْم‬ ‫الظل ُ َما ِ‬ ‫هلل الَّذِي َخ َل َق ال َّس َم َاوا ِ‬ ‫تعالى" ْال َح ْم ُد ِ َّ ِ‬ ‫ور ُث َّم الَّذ َ‬ ‫ت َوال ُّن َ‬ ‫ت َواألَرْ َ‬ ‫ون" (األنعام‪). 1:‬فاهلل يجب حمده ألنه خلق الظالم و النور‪ ،‬تلك األضداد فى الحقيقة متفقة بل‬ ‫َيعْ ِدل ُ َ‬ ‫و منسجمة انسجاما تاما‪ .‬فمن أحلك نقطة فى الظالم ينبزغ النور فال تكاد تشعر أن ثمة صراعا‬ ‫حدث كى تسطع الشمس من الظالم الدامس‪ .‬و اإلنسان مؤلف من الروح و المادة و حتى فى أكثر‬ ‫األمور التى تبدو أنك تفعلها بالجسد فحسب‪ -‬كممارسة الرياضة‪-‬تكون الروح حاضرة‪ ،‬لتجد نفسك‬ ‫فى أيام أفضل من آخرى فى التدريب ؛ ألنك فى هذا اليوم استطعت أن توائم بين طرفى الحقيقة‬ ‫الروح و الجسد حتى و إن لم تع تلك الحقيقة‪ .‬و بالتالى كل طرف بمفرده ال يشكل الحقيقة بل هو‬ ‫جزء منها‪.‬‬ ‫و قد قيل أنه لوال وجود الليل لما عرفنا النهار‪ ،‬و هذا يثبت مثال أن األبيض و األسود و الروح و‬ ‫الجسد و ما شابه من تقسيمات تبدو متنافرة هى فى الحقيقة متجانسة لتمثل الحقيقة المطلقة كما‬ ‫أرادها هللا أن تكون‪.‬‬ ‫و من هنا يمكن القول أن هللا فى اآلية السابقة أوضح أن الفاسقين هم ما يقطعون ما أمر هللا به أن‬ ‫يوصل‪ ،‬و من ضمن ما يبترونه الحقيقة‪ .‬فماذا كانت معصية إبليس؟ أنه قطع ما أمر هللا به أن‬ ‫يوصل‪ .‬كيف؟‪ .‬تجاهل إبليس الجانب الروحى‪ -‬نفخة هللا اإللهية ‪-‬الذى أودعه هللا فى آدم و" َقا َل أَ َنا‬ ‫ين ‪(.‬األعراف‪ )17:‬ألن النار ظاهريا أفضل من الطين‪ ،‬فإذا‬ ‫ار َو َخلَ ْق َت ُه مِنْ طِ ٍ‬ ‫َخيْر ِم ْن ُه َخلَ ْق َتنِي مِنْ َن ٍ‬ ‫فرضنا أن الحقيقة تقع فى جانب دون اآلخر لكان كالمه منطقيا فى أن النار أفضل من الطين و‬ ‫لكن الحقيقة تتمثل فى القدرة اإللهية التى ألفت بين النقائض لتصنع منهم حقيقة األشياء‪.‬‬ ‫و سيرا على ضرب إبليس تجد أن الفاسقين دائما يجزئون الحقيقة التى أمر هللا بوصلها حتى ال‬ ‫يضل الناس و يتنازعوا و يتفرقوا شيعا متناحرة‪ .‬فتجد من ينكر المادة فى اإلنسان باعتباره كائنا‬ ‫روحيا فحسب و تجد اآلخر يختزل اإلنسان فى كونه مادة أو جسد فحسب يفنى و ينتهى وال رجعة‬ ‫له‪ .‬كال الفريقان على باطل و ضالل كضالل إبليس‪ .‬و لكن لماذا يصدقون و يروج ألفكارهم؟‬ ‫اإلجابة على هذا تتضح فى أنهم يجزئوا الحقيقة كبائع اللبن الغشاش الذى يخلط اللبن بالماء‪ ،‬فما إن‬ ‫تراه تجزم أن هذا لبنا و لكن الحقيقة أنه يشبهه فقط ‪ ،‬فهذا البائع كالفاسق الذى نهت عنه اآلية‬ ‫الكريمة‪ ،‬فالفاسق – وإن تخفى فى رداء فلسفى أو علمى ‪-‬يقتطع جزاءا من الحقيقة حتى إذا ما‬ ‫جادلك تجد بعض الحقائق فى كالمه ‪ ،‬و ألنك ال تمتلك المعلومات الكافية و ألسباب آخرى ‪ -‬كالتى‬ ‫نوهت عنها فى مقال ( نظرة ‪ ) -‬تصدقه ليضم إلى حزبه نفرا جديدا من التابعين و كلما زاد عدد‬ ‫أتباعه توهم الناس أن ما يقوله أنصار هذا المبدأ كالرأسمالية أو الشيوعية أو من يروجون للفكر‬ ‫المادى أو الروحى أنهم على صواب بدليل كثرة المريدين‪.‬‬ ‫‪31‬‬


‫و لهذا حاول دائما أن تعلم أن هللا أمر بوصل طرفى الحقيقة حتى ال يعم الضالل و ليس الحديث‬ ‫هنا عن آثار فصل طرفى الحقيقة عن بعضها البعض‪ ،‬يكفى القول أنها السبب فى التمزق و التشيع‬ ‫ولعل الحديث الشريف الذى قال فيه الرسول صلى هللا عليه و سلم يؤكد على هذا المعنى " تنقسم‬ ‫أمتى على إحدى و سبعين فرقة كلهم فى النار إال واحدة " لعلها الفرقة التى ال تقطع الحقائق فتفهم‬ ‫مراد هللا فى كونه على الوجه الذى يريده هللا عز و جل‪.‬‬ ‫وهللا أعلم‬

‫‪32‬‬


‫ال تيأس‬ ‫ريهام نجيب‬

‫ال تـيــــأس‬

‫في تلك اللحظات التي يختلط فيها الحق‬ ‫بالباطل و ال تدري يقينا ما الحق وأين هو‪..‬أهم‬ ‫شئ هو أن تحافظ علي قبلتك ‪..‬قبلة الحق‬ ‫ومعناه المجرد ومبادئه الواضحة‪...‬وتعرف‬ ‫يقينا وخاصة في السياسة ماذا تريد ومإذا‬ ‫تتوقع ‪...‬حتى ال يصيبك الخذالن‪..‬واعلم أنها‬ ‫"قذرة" لتشابك المصالح فيها وتضاربها هدفا‬ ‫ومضمونا‪..‬وهدا طبيعي في كل الدنيا وعلى‬ ‫مر الزمن‪...‬‬ ‫ال تعول كثيرا على "الكمال" في السياسة والحكم فنحن ال نعرفه و ال نستحقه‪..‬وغير مؤهلين بجيل‬ ‫يحمل راية الحق كقبلة‪..‬‬ ‫ان نتخاذل نحن عن دورنا اآلن وهو تحري الحق وان انهكنا الخذالن و نضع الحلم قبالة أعيننا‬ ‫ونعمل من أجله ؤال نيأس من المشاركة في التغيير ألن هللا منحنا فرصة لم تمنح ألجيال قبلنا‪..‬‬ ‫هذا الجيل من الساسة الذين عفا عليهم الزمن من حيث قدرتهم على تغيير دفة التفكير حقيقة لم يكن‬ ‫في الماضى إال نوعين‪ :‬نوع كانت السياسة له أمل بعيد المنال جدا فبقى في طور األحالم والنظرية‬ ‫غير التطبيق‪..‬ونوع كانت السياسة لعبته و طال به األمل فظن انه لن يحتاج إلي تطوير اللعبة‬ ‫ورضى بواقعها الحالي‪...‬‬ ‫لو تحملنا قليالً (والقليل في عمر األمم كثير) ووضعنا القبلة أمامنا لخرج جيل له قدرة حقيقية على‬ ‫صيغ نظريات وتعديلها وفقا لطبيعة الموقف فضمن بذلك التغيير والتغيير هو الضامن الوحيد‬ ‫لالستمرارية‪...‬‬ ‫في مرحلة الزرع و الحرث من السفاهة تعجل الثمار‪..‬‬ ‫هب أن مصر أرض زرع واليوم تهييها فقط بزرعة ال فائدة منها إال أنها تحفظ تحتها التربة وتعيد‬ ‫لها صحتها‪..‬و بعيدن إبقى أزرع فراولة بعدها يا أخي!‬ ‫ان نتصور مرحلة انتقالية (وسنتان في عمر قرون من الظلم ال تعد زمنا طويال) خالية من‬ ‫االضطرابات المفجعة‪..‬واإلخطاء المتكررة ‪...‬أو ساسة مالئكة واخرون شياطين (باعتبار انهم بني‬ ‫آدمين زينا بالضبط)‪..‬فأنت واهم‪..‬و أنا واهمة‪..‬‬ ‫إنما يعطي هللا بالصبر والعمل واخالص النية‪...‬وتغيير المنكر بقلبك ولسانك ويديك وان استطعت‬ ‫األكثر ففي األقل تقصير منك‪..‬‬ ‫يعني‪ :‬في أمل علي فكرة علي سوء األحوال والفقر أحنا بس كنا نسينا أننا كنا فقراء ومكتومي‬ ‫الصوت والنفس ‪...‬‬ ‫يا رب أخلص لنا نوايانا واحفظ بلدنا و اجعلنا من الزمرة التي تصبر و تتحمل وتغير‪...‬يا رب‬ ‫العزم العزم‪...‬‬ ‫*ليس الغرض الدفاع و ال الهجوم وانما الغرض أال نيأس !‬ ‫‪33‬‬


‫شئ ما تغير‬ ‫نهال سيف‬ ‫احساس ما يسيطر عليها انهما سيفترقا‬ ‫هي اقرب الناس لها‬ ‫احب اصدقائها إليها‬ ‫صداقتهم مضرب األمثال‬ ‫معها تكون علي سجيتها من دون تكلف‬ ‫من دون تعقيدات‪..‬تتحدث بكل ما تشعر‬ ‫تضحك من قلبها‬ ‫تبكي من قلبها‬ ‫لم تتخيل اطالقا ان يراودها هذا االحساس ابداً‬ ‫لكن شئ ما تغير‬ ‫ال تعرف ما هو ‪ ..‬فقط شئ ما‬ ‫كلما همت ان تحدثها عن احساسها هذا تراجعت‬ ‫ال تعرف ماهية هذا االحساس لكنه طاغي‬ ‫في البداية قالت مجرد وسوسة‬ ‫لعل االنسان اذا احب شئ بقوة خاف من فقدانه بقوة فيتوهم ما لم يحدث‬ ‫لكنها ال تستطيع لهذا االحساس دفعا ً‬ ‫كل شئ كما هو‬ ‫احاديثهم الهاتفية طويال‬ ‫لقاءاتهم‬ ‫خروجهم معا ً‬ ‫ليالي الجمعة من كل اسبوع المتبادلة في بيتيهما‬ ‫كل شئ علي حاله‬ ‫‪34‬‬


‫فلم ال تستطيع لهذا االحساس دفعا ً‬ ‫أتذكر أول مرة شعرت بهذا االحساس‬ ‫يومها كانت ليلة المبيت في بيتي‬ ‫تحدثنا طويالً و ضحكنا كثيرا و كلما دخلت امي تنادينا ‪ :‬ألن تناموا‪...‬توقفوا عن الكالم و‬ ‫ناموا‪..‬للنهار عيون‬ ‫في كل مرة تردد امي نفس الجملة نضحك من قلوبنا‬ ‫شئ ما اودعه هللا فيهما ‪..‬حبا ً فيه ال تستطيع وصفه‬ ‫كان اول معرفتنا في الجامعة و رغم ذلك كنت اشعر و كأننا اصدقاء منذ الطفولة‬ ‫كل واحدة منا تعلم عن اختها كل شئ‬ ‫لم يكن لي اخوات و لم يكن لها اخوات‬ ‫فكانت اخوتنا تكفي‬ ‫ليلتها قالت يوما ً ما سأسافر و اترك كل هذا و سأري دنيا جديدة‬ ‫كلماتها آلمتني ‪ ..‬اعرف انها ال تقصد سوءا لكنها فقط استقرت في نفسي‬ ‫وددت لو اني ناقشتك فيها‬ ‫لكني جبنت‬ ‫حينها شعرت ان مشاعر المودة و االخوة التي احملها ال تكفي كالنا‬ ‫و ان احالمك لنفسك تحوي واقعا ً مختلفا ً‬ ‫ليتك قلتي يوما ً ما سنسافر ‪..‬‬ ‫عجيب قدرة الكلمات علي التأثير‬ ‫لعلي ابالغ ‪ ..‬ارددها داخل نفسي كثيرا‬ ‫ال تفسدي نعمة انعمها هللا عليكي‬ ‫لكن ‪ ..‬فقط شئ ما تغير‬ ‫‪35‬‬


‫و كأنني فجأة ادركت الواقع‬ ‫حتي االخوة يفترقون ‪..‬‬ ‫تباعدهم المسافات و االماكن و االحالم‬ ‫"أحبب من شئت فإنك مفارقه"‬ ‫هذا االحساس الدائم بالفرقة المنتظرة‬ ‫علي أن أكيف نفسي عليه‬ ‫أن استزيد ممن احب‬ ‫ان اعطي فيضا ً من المشاعر اختزنها كذكريات تدفئني حين تحين لحظات الفراق‬ ‫يوما ً ما ستغادرني امي فلتكن تلك اللحظات مخزون من المشاعر لغد منتظر‬ ‫يوما ً ما ستغادرني صديقة عمري فلتكن لكل لحظة قيمة اسجلها في حنايا النفس لغد آت‬ ‫يوما ً ما سيغادر الزوج و االبناء و االهل ‪ ..‬كل سيفارق‬ ‫نعم الفراق هو مآل كل شئ فلتكن كل لحظة فيض من مشاعر نتدثر بها غداً‬ ‫وحده هو فقط من ال يغادر وحده هو فقط الملجأ و المنتهي‬ ‫ليكن كل شئ له و به يصفوا اليوم و غدا‬ ‫حينها تهدأ النفس و يصبح الفقد جزء من الحياة نتقبله برضا‬ ‫يا حبيبي يا رسول هللا‬ ‫كلماتك إن العين تدمع و القلب يحزن و ال نقول إال ما يرضي ربنا‬ ‫هذا التسليم رغم وجع الفرقة‬ ‫إنما اعانك عليه هذا القرب من رب العباد‬ ‫فيصبح كل شئ منه علي قدر ألمه هو عين الرضا‬ ‫هذا اليقين بأن كل شئ لصالحك و إن لم تفهم حكمته يهون األمر‬ ‫و يجعل الحزن جزء من كل نقبله عن طيب نفس و إن آلمنا و أوجعنا‬ ‫‪36‬‬


‫الكنــز‬ ‫دينا سعيد‬ ‫“السالم عليكم…‪..‬كنت أود أن أخبرك أنى عفوت عنك‬ ‫وعن أى إساءة لك فى حقى وأتمنى أن تعفو عنى إن‬ ‫كنت أسأت إليك يومًا”‬ ‫سطرت هذه العبارت وأرسلتها عبر الفيس بوك لهذا‬ ‫الذى كان لها حبيبًا يومًا ما…‪.‬بعثت بالكلمات وشريط‬ ‫قصتهما م ًعا يمر أمام عينها‬ ‫‪...‬‬ ‫كنت تخطو خطواتها األولى نحو العالم الجامعى فى حين يستعد هو للرحيل منه…انبهرت به‬ ‫وبشخصيته وبتدينه وبثقافته الواسعة كما انبهر هو بها وبعقلها الراجح رغم سنوات عمرها‬ ‫القليلة…‪.‬تذكرت حمرة الخجل التى كانت تعلو وجهيهما كلما تقابال…كان من السهل على كل‬ ‫ا لمحيطين بهما أن يعرفا أنهما عاشقان حتى من قبل حتى أن يعترفا ألنفسهما بحبهما…كان تكفى‬ ‫نظرة واحدة لهما وهو يتحدثان لترى أنهما منسجمان ً‬ ‫كلية‬ ‫تذكرت جلساتهما البريئة فى فناء الجامعة وهما يخططان مستقبلهما سويًا…تذكرت عندما حاول‬ ‫ذات مرة أن يقول لها كلمة حب فلم تستجب وصدته فى حزم وقالت له ال أريد أن نلوث أنفسنا‬ ‫بكالم لم يحن وقته بعد…كانت تتخيل كل المعوقات التى قد تنهى قصة حبهما…اعتراض أهلها أو‬ ‫أهله…ضيق ذات اليد…كم قضت الليالى الطوال وهى ترتب مواجهتها مع والدها وحربها من‬ ‫أجله…حسبت حساب كل شىء ‪..‬أال شىء واحد فقط ‪..‬أن تأتيها الضربة منه هو وأن يكون من‬ ‫يهدم قصر األحالم هو الشخص الذى شاركها بناءه‬ ‫لم تتخيل أنه سينساها هكذا وكأنها لم تكن شي ًئا فى حياته…‪.‬نعم نسيها…‪.‬تخرج من الجامعة‬ ‫ونسيها بمنتهى البساطة…كانت تموت يوميًا مع كل دقة تليفون فال تجده المتصل…مع كل مرة‬ ‫تفتح فيها اإليميل وال تجد رسالة منه…أصابها الجنون…خافت أن يكون قد حدث له‬ ‫مكروه…بعثت إيميل لتسأل عنه فأخبرها بسطر واحد أنه مشغول…‪.‬عذرته وانتظرت سؤاله‬ ‫عنها…ولكنه نسى ثانية…مضت األيام والشهور ولم يسأل عنها وهى تموت يومًا بعد‬ ‫يوم…‪.‬قاومت جرح كرامتها وسألت عليه للمرة الثانية فجاءها الرد أنه مشغول أي ً‬ ‫ضا…‪.‬لم تفهم‬ ‫ولم تجد تفسيرً ا مقن ًعا أال أنه ال يحبها…فمن يحب شخ ً‬ ‫صا ح ًقا سيتذكره ولو كانت وراءه مشاغل‬ ‫الدنيا كلها‬ ‫وكان البد أن تتخذ القرار وأن تأثر لكرامتها الجريحة …قابلته أخيرً ا وعاتبته ‪..‬فلم تجد منه ندمًا‬ ‫وال أس ًفا…لم يعتذر حتى…وبقلب ينزف دمًا انهت كل ما بينهما وقامت لترحل‪..‬فما استوفقها‬ ‫‪..‬رجعت بيتها وانتظرت مكالمته ليعتذر ‪..‬ليقول لها أنه تغير…ليخبرها أنه ما كان له أن‬ ‫‪37‬‬


‫ينساها‪..‬ولكن كل هذا لم يحدث……تذكرت قوله لها أنها برجاحة عقلها ونقاء نفسها تعتبر ً‬ ‫كنزا‬ ‫ساقه هللا له‪ ،‬تساءلت فى مرارة أهكذا يتعامل الناس مع كنوزهم يلقون بها فى غيابات النسيان حتى‬ ‫إذا سُلبت منهم تركوها غير مكترثين…لماذا لم يتشبث بها ويحارب من أجلها كما يحارب أى‬ ‫إنسان من أجل كنزه؟‬ ‫مرت أيام وشهور وسنوات وهى تعانى من كرامتها المدبوحة…ولكن فى أعماقها كانت‬ ‫تنتظره…عاتبها كل من حولها‪..‬قالوا لها كيف تنتظرين من أهانك؟ وهل توجد إهانة أكبر من‬ ‫النسيان؟ ولكنها لم تستطع أن تنساه…لقد أحبته ح ًقا بكل مشاعرها ولألسف ال يوجد فى اإلنسان‬ ‫زرار يكبسه لينسى من يحب مهما فعل فيه هذا الحبيب‬ ‫تعلقت بوهم أن يفيق يومًا ما ويتذكرها ويعود إليها ولكن مرت السنون دون أن يعود‪..‬ودت لو‬ ‫استطاعت يومًا أن تخرج قلبها من أضالعها لتدوسه بأقدامها…‪.‬كانت فى لحظات ضعفها تفكر فى‬ ‫االتصال به لتقول له لنبدأ من جديد ولكن كرامتها كانت تأبى أن تجرى وراء من لفظها…‪..‬لم‬ ‫تعرف الراحة أال عندما عرفت أنه تزوج…شعرت أنها اآلن تحررت منه ومن أسره…على األقل‬ ‫هى ال تنتظره وال تفكر فى االتصال به…وإن كان ما زال يؤلمها الجرح من آن آلخر‬ ‫واآلن بعد أكثر من عشر سنوات وجدته على الفيس بوك بالصدفة معل ًقا على صديق‬ ‫مشترك…ارتجفت وهى تشاهد صوره وصور أوالده …تساءلت إن كان ح ًقا سعي ًدا…هل يا ترى‬ ‫الحياة كانت كريمة معه مرة آخرى فأعطته ً‬ ‫كنزا آخر بعد أن فرط فى كنزه األول أم تراه يجد‬ ‫عاقبة ظلمه لها ولن يشعر بالسعادة مطل ًقا حتى تعفو عنه‬ ‫ثم أفاقت أنها هى التعيسة ح ًقا…تعيسة بجرحها الذى ال تريد له أن يدمل…أن احساسها بظلمه لها‬ ‫يبدو كالسم الذى يستشرى فى بدنها…فلماذا ال تتخلص من هذا اإلحساس؟ وفجأة تذكرت اآلية‬ ‫الكريمة‬ ‫“ولتعفوا ولتصفحوا أال تحبون أن يغفر هللا لكم”‬ ‫لماذا إذن ال تعفو عنه وتتخلص من أسره نهائيًا؟ لماذا ال تطيب جرحها وتكون من الكرم بأن تعفو‬ ‫عنه عسى أن يكون هذا بابًا لعفو رب العالمين عنها؟ لم تكن تنقصها الجرأة وال الشجاعة لتأخذ‬ ‫القرار وترسل له رسالة العفو‪..‬لم تتوقع ر ًدا منه…كانت فقط تريد أن تشفى جراحها‬ ‫ولكنه رد عليها بأغرب مما تخيلت فقد شكرها على عفوها وقال لها أنه من المحزن أن يتسبب فى‬ ‫جرح شخص فى مثل روعتها وأنه طوال هذه السنوات كان ضميره يعذبه كلما تذكر هذا األمر‬ ‫تسمرت أمام الرسالة ولم تفهم‪..‬طالما أنك تعلم أنك قد ظلمتنى وجرحتنى ‪..‬فلماذا إذن لم تبادر‬ ‫باالعتذار؟ لماذا لم تطلب منى العفو عنك كل هذه السنوات؟‬ ‫حمدت هللا وقتها أن أعطى لها نف ًسا ال تستكبر أن تعفو عن من ظلمها فى حين أعطى آخرين نفوسً ا‬ ‫كنزا كما كان يقول لها…‪ً .‬‬ ‫أصغر من ان تعتذر لمن ظلموهم…شعرت وقتها أنها ح ًقا ً‬ ‫كنزا ال يجب‬ ‫أن يمتلكه أال من يستحقه…وهو بالتأكيد ال يستحقها‬

‫‪38‬‬


‫اإلختيار‪ ..‬ابحث عن العيوب‪..‬‬ ‫أحمد كمال‬ ‫شاب ناجح في عمله‪ ،‬دخله مرتفع‪ ،‬من أسرة كريمة‪،‬‬ ‫ملتزم أخالقيا ودينيا‪ ،‬مرح‪ ،‬شكله مقبول‪ ،‬صحته طيبة‪،‬‬ ‫وال يجد زوجة!‬ ‫قال‪ :‬بحثت كثيرا‪ ،‬وال أجد الزوجة المناسبة!‬ ‫قلت‪ :‬لعلك لم تجتهد في البحث‪ ،‬أو لم تطلب من معارفك‬ ‫البحث لك؟‬ ‫قال‪ :‬بالعكس! بحثت كثيرا‪ ،‬ودائرة معارفي واسعة‪،‬‬ ‫أتاحت لي فرص كثيرة‪ ،‬ولكني ال أجد الزوجة المناسبة!‬ ‫فهمت جانبا هاما من المشكلة‪ ،‬نفس المشكلة التي تتكرر مع كثير من المتميزين‪ ،‬من الرجال‪ ،‬ومن‬ ‫النساء!‬ ‫قلت‪ :‬أنت تبحث عن زوجة متميزة‪ ،‬تبحث عن تلك الجوهرة المكنونة التي تحبك‪ ،‬وتحفظك‪،‬‬ ‫وتربي أبنائك‪ ،‬وتعينك في الحياة حتى تدخالن معا الجنة‪ ،‬تبحث في كل عروسة محتملة عن‬ ‫الصفات التي تؤهلها لهذا‪ ،‬أليس كذلك؟‬ ‫قال‪ :‬نعم‪ ،‬بالضبط‪.‬‬ ‫قلت‪ :‬لن تجد هذه الزوجة أبدا!‬ ‫قال‪ :‬ماذا تعني أنني لن أجدها؟! إذن ماذا علي أن أفعل؟!‬ ‫قلت‪ :‬حسنا ال تبحث عن هذه المزايا يا صديقي‪ ،‬ولكن ابحث عن العيوب‪..‬‬ ‫قال‪ :‬العيوب؟؟؟‬

‫‪39‬‬


‫قلت‪ :‬نعم‪ ،‬حدد تلك العيوب التي تستطيع أن تتعايش معها‪ ،‬والعيوب التي ال يمكن أن تتهاون فيها‪،‬‬ ‫تلك التي ال يمكن أن تبتلعها اآلن أو غدا‪.‬‬ ‫قال‪ :‬وماذا بعد؟‬ ‫قلت‪ :‬تقبّل الزوجة التي ال تجد فيها أي من العيوب القاتلة من وجهة نظرك‪ ،‬وتوقع أن أي زوجة‬ ‫بها قائمة من العيوب‪ ،‬ولكنك في هذه الحالة ستختار من بها العيوب المناسبة لك‪ ،‬ولعيوبك أنت‬ ‫أيضا!‬ ‫قال‪ :‬أنا لم أفكر بهذه الطريقة من قبل أبدا! ألنني ببساطة أبحث عن نموذج محدد‪ ،‬النموذج الذي‬ ‫أريد الحياة معه‪.‬‬ ‫قلت‪ :‬يجب عليك إذن أن تتوقف عن البحث عن "المنتج النهائي‪"..‬‬ ‫قال‪ :‬ماذا تعني؟‬ ‫قلت‪ :‬هل أنت نفس الشخص الذي كنته منذ عشر سنوات؟ هل تظن أن من قد تقبل بالزواج منك‬ ‫اليوم‪ ،‬كانت لتقبلك منذ عشر سنوات؟‬ ‫قال‪ :‬ال‪ ،‬على اإلطالق! لقد اختلفت تماما خالل هذه السنوات‪ ،‬بل إنني أتطور من سنة إلى أخرى‪..‬‬ ‫قلت‪ :‬بالضبط! وهي كذلك تتطور مع مرور الزمن‪ ،‬ال تتوقع وجود الزوجة التي تناسبك كمنتج‬ ‫نهائي خرج لتوه من المصنع‪ ،‬ويقف بانتظارك! ولكن ابحث عن الخامة التي تستطيع بالحياة معها‬ ‫أن تتطورا معا‪ ،‬لتصبح زوجتك المثالية‪ ،‬ولتصبح أنت زوجها المثالي‪.‬‬ ‫قال‪ :‬ولكن كيف أبحث عن "خامة"؟‬ ‫قلت‪ :‬هي تلك التي تمتلك الجوهر الذي تبحث عنه‪ ،‬هي من لديها نفس البوصلة التي ترشدها في‬ ‫الحياة‪ ،‬لديها أمل ورؤية للتحرك في نفس االتجاه الذي تسير أنت فيه‪ ،‬هذا يكفي جدا‪ ،‬والزمن‬ ‫والتجارب والمحاوالت كفيلة بالسير بنجاح في هذا الطريق‪ ،‬لن أقول والوصول‪..‬‬ ‫قال‪ :‬وهل ترى أن تعارف ما قبل الزواج يكفي لكشف هذه األشياء؟! أنا بالكاد أستطيع التعرف‬ ‫على األمور السطحية‪ ،‬ولكن العالقة مع إنسانة غريبة عني قد ال تسمح بالتعرف على المزيد!‬ ‫قلت‪ :‬ولهذا شرع هللا فرصة اللقاء‪ ،‬والتعرف‪ ،‬والحوار بالضوابط الشرعية للمقبلين على الزواج‪.‬‬ ‫كيف تستغل هذه اللقاءات إذن؟‬ ‫قال‪ :‬يعني‪ ،‬نتحدث‪..‬‬

‫‪40‬‬


‫قلت‪ :‬ال تضيع وقتا في الكالم عن مهارات الطهي‪ ،‬وحب المسلسالت التركية! ولكن ادخل في‬ ‫صلب الموضوع‪ ،‬ابحث عن العيوب القاتلة‪ ،‬وابحث عن الخامة المناسبة‪ ،‬تعرف على الشخصية‬ ‫ذاتها‪ ،‬ال عن العيوب المعتادة أو المهارات التي يمكن اكتسابها خالل الرحلة‪.‬‬ ‫قال‪ :‬وهل يكفي الوقت المحدود لهذا؟‬ ‫قلت‪ :‬عادة ما تكفي مقابلة شخصية واحدة مع المتقدم لوظيفة الجديدة للحكم عليه! ولكن هذه‬ ‫الوظيفة تحتاج إلى عدة لقاءات‪ ،‬وإلى عدة حوارات‪ ،‬وسيكون عليك اتخاذ قرار على أية حال‪ ،‬فال‬ ‫يمكن أن يبقى المنصب شاغرا لألبد!‬ ‫قال‪ :‬ولكنني أخاف من عدم التوفيق!‬ ‫قلت‪ :‬ومن قال أن ما قلته لك يضمن التوفيق؟!‬ ‫قال‪ :‬نعم؟؟؟‬ ‫قلت‪ :‬التوفيق من عند هللا وحده‪ ،‬والزوجة رزق‪ ،‬وما توكلك على هللا إال باتخاذ األسباب‪ ،‬وطلب‬ ‫التوفيق من هللا‪ ،‬ولكن النتائج تتعلق بنصيبك‪ ،‬فما عليك إال السعي‪ ،‬وما توفيقك إال باهلل‪ .‬هل تدعو‬ ‫هللا أن يوفقك في هذا األمر؟‬ ‫قال‪ :‬كثيرا!‬ ‫قلت‪ :‬أنصحك بصالة ركعتين قضاء الحاجة بشكل يومي حتى يتحقق ما ترجو‪..‬‬ ‫في نهاية حديثنا قال‪ :‬أريد منك أن تكتب هذا الحوار وتنشره!‬ ‫قلت‪ :‬لماذا؟!‬ ‫قال‪ :‬أنت تعرف أنني أقرأ كثيرا‪ ،‬ومعظم ما وجدته حول موضوع اختيار الزوجة كان كالما نظريا‬ ‫مثاليا‪ ،‬اآلن أفكر جديا في الموضوع بشكل آخر‪ ،‬وأظن أن هذا الحوار قد يفيد كثيرين غيري‬ ‫أيضا!‬ ‫قلت‪ :‬أفعل إن شاء هللا ‪):‬‬

‫‪41‬‬


‫عودة مهند وأصدقائه!‬ ‫ريهام نجيب‬ ‫ال تستطيع أن تغفل فكرة أن المسلسالت التركية‬ ‫اصبحت ظاهرة بالمعنى الحرفى للكلمة‪..‬هى ليست‬ ‫فقط ظاهرة ولكنها ظاهرة واسعة االنتشار لدرجة تكاد‬ ‫تجد بيتا واحدا خاليا منها‪..‬‬ ‫لست هنا بصدد الحديث عن جودتها أو سوءها‪..‬فنحن فى االصل ال نملك القدرة الفنية المتاحة‬ ‫الكافية لمنافستها أو حتى للوصول إلى مستواها‪...‬‬ ‫أحاول فقط التفكير فى أسباب انتشارها ذلك االنشتار الذى ال يدع مجاال لمقاومتها وال يترك إال‬ ‫التكير فى تأثيرها‪..‬‬ ‫مبدئيا ومنذ الثورة وربنا قبلها بقليل كان المصريون على استعداد تام لتلقى كل ما هو "تركى"‬ ‫النباهارهم الغير عادي بالتجربة التركية فى صورتها الحالية (وهى صورة نتيجة وليست صورة‬ ‫التجربة نفسها‪..‬بمعنى أن التجربة التركية لم تولد على تلك الصورة)‪..‬وذلك كان كفيال بفتح المجال‬ ‫لتلقى الصورة المصدرة للمجتمع التركي من خالل المسلسالت‪..‬‬ ‫المشاهد للمسلسالت التركية يجدها ال تصل للفكرة الغريبة جدا للمجتمع الغربي فى مسلسالته‬ ‫المصدرة لنا‪..‬مما يجعل هناك دائما فجوة بين المشاهد وبين الشخصيات الممثلة للمسلسل‪..‬في حين‬ ‫أن المسلسالت التركية تشبه كثيرا بنية المجتمع المصري وإن اختلفت فهى ال تحيد تماما للحياة‬ ‫األجنبية فيجد المشاهد رابط ما بنيه وبين أشخاص المسلسل‪..‬‬ ‫ثانيا‪ :‬األفالم والمسلسالت المصرية مؤخرا ولنقل فى العشر سنوات األأخيرة مجازا أصبحت فجّ ة‬ ‫مدعية أنها تظهر الحقائق فى صورتها المجردة في حين أنها تختار أكثر الصور فجرا و غلظة‬ ‫إلظهارها‪،..‬دون طرح حلول (ولنتفق أن دور الفن هو إظهار ما هو جميل وتعزيز فكرة‬ ‫الجمال‪..‬أو إظهار المشاكل وطرحها و محاولة إيجاد حلول لها)‪..‬لكن الفن المصري إن صح‬ ‫تسميته فنا لم يعد يظهر سوى عُري و عنف و فقر وذل‪..‬في صورة مبالغة اشد المبالغة‪..‬وجدت‬ ‫كثيرا من يشجعها بالتلقى ف"ساقوا فيها)! مما جعل الناس بعدها ينصرفون تماما عنه‪..‬ألنهم ال‬ ‫يجدوا سوى صور مسلسالت الساكنين فيها ساكنين فى قصور و فيالت (أنا حتى اآلن ال أعرف‬ ‫يقينا أين تقع كل تلك الفيالت فى مصر)‪..‬غنى فاحش‪...‬حتى أنك ال تجد أى رابط يربطك بهؤالء‪..‬‬ ‫ولنذكر هنا واقعة‪:‬خالل الحرب العالمية الثانية كانت باريس تقصف من قبل القوات‬ ‫األلمانية‪..‬وللباريسيين حب موروث للفنون والغناء‪..‬فكان مما فعلته الحكومة أن تركت المسارح‬ ‫واألوبرا مفتوحة ختى ايام الحرب ألن ذلك كان من شأنه أن يرى الباريسيّ هذا بعض األمل‪...‬‬ ‫ولكن أن يطلع المصري على التلفزيون فيجد أفالم تتحدث عن العنف والبلطجة في أفج صورة و‬ ‫‪42‬‬


‫الفقر والدعارة و الخ‪..‬من المشاكل التى اصبحت "سبوبة" اكثر منها مشاكل مطروحة‪..‬ثم يجد‬ ‫أغنياء الغنى الفاحش مما ال يجعل بينه وبينهم صلة‪...‬ثم يجد بين كل ذلك مسلسل تركى‪..‬ملىء‬ ‫بالرومانسية الحالمة والعالقات اإلنسانية التى يفتقدها هو‪...‬كان البد له من االنجذاب إليه!‬ ‫والمسلسالت التركية ال ميزة فنية فعال لها‪..‬فالمتابع يجدها اشبه باألفالم األبيض واألسود فى‬ ‫تكوينها‪..‬وفي حبكتها‪..‬وحتى فى تأثيرها‪..‬‬ ‫طيب بعد كل ذلك‪..‬ما هي المشكلة؟؟!!!!!!!!‬ ‫المشكلة كامنة فى أن الناس ارتبطوا تماما بالمسلسالت التركية برومانسيتها "السينمائية"‬ ‫المفرطة‪...‬في بعدها تماما عن الواقع‪..‬فاصبح الجميع ينشد النموذج "العاطفى" الذى يمأل‬ ‫المسلسالت طوال وعرضا‪..‬ألجد الكثير يأتون شاكين بأن أزواجهم أو آباءهم ال يرقون لمستوى‬ ‫الرومانسية التركية‪...‬‬ ‫الفكرة‪ :‬أن األفالم والمسلسالت وما تصدره ليست أبدا هى الواقع‪..‬فاألفالم االمريكية تصدر‬ ‫المجتمع األمريكي متسامح جميل بسيط سعيد‪..‬وهو ليس كذلك!!!والمجتمع اإليطالي سعيد فنان‬ ‫منتشى بالفرحة‪،..‬هو بالطبع ليس كذلك‪...‬والمسلسالت المصرية تصدر المجتمع المصري كله‬ ‫أغنياء غنى فاحش أو فقراء فقر مدقع وهو ليس كذلك!!!‬ ‫كذلك هو ما تصدره المسلسالت التركية‪..‬رومانسية خيالية مصطنعة‪..‬ال تلبث أن تختفى على‬ ‫أرض الواقع إذا استمرت أكثر من مدة المشهد!!!!‬ ‫الفكرة أن "الرومانسية" المتخيلة هذه ال يمكن أن تكون واقعية‪..‬وليس ذلك ألن الواقع سىء‪..‬على‬ ‫العكس ولكن ألن كل ما هو حقيقي وواقعى ومستقر يستمد كثيرا من سحره من كونه "حقيقي" و‬ ‫هو كذلك‪...‬‬ ‫يعني ال يمكن أن يطلب أحد من زوجه أو زوجته أن يكون "رومانسى" على الطريقة التركية‬ ‫السينمائية وما يسببه ذلك من مشاكل حقيقية (سوف تسمعها كثيرا من اصدقائك وغيرهم)‪...‬و‬ ‫يجعله يسخط على حياته!!!‬ ‫فالزواج عالقة مستقرة فيها "كل" فعل يظهر االهتمام (وتلك هى روح الرومانيسة‪ :‬اظهار‬ ‫االهتمام)‪...‬فالعالقات المستقرة ال تملك وال تتحمل تلك الفورة الملتهبة من المشاهر التى إن‬ ‫استمرت فتكت بصاحبها وأنهكت قواه‪...‬‬ ‫ت اهتمامه فى أنه‬ ‫يعني‪ :‬المسلسل مسلسل‪...‬والواقع أجمل بكثير إذا نظرت إليه كواقع‪...‬إذا فهم ِ‬ ‫يبذل قصارى جهده ليوفر لكِ حياة مريحة‪...‬و أنها تبذل قصارى جهدها لتحافظ عليك‪..‬و لكن أن‬ ‫يطلب كل منكما من اآلخر قالب "سينمائى" ليمشى عليه فهو عين العيب!وهو يقينا ما يفت فى‬ ‫عالقتكما في حين أن كل منكما يمكنه أن يصارح اآلخر بحاجاته ومطالبه هو دون قالب يحاول‬ ‫قولبته عليه!‬ ‫‪43‬‬


‫على الهامش ولكن مهم‪:‬‬ ‫ناهيك عما تصدره المسلسالت التركية من قيم غير مقبولة مجتعيا فى بلد مثل بلدنا‪...‬فالن يحب‬ ‫زوجة عمه‪،..‬فالنة تحب زوج أمها‪،..‬غيرها من الرسائل التى إن تكررت على المشاهد أو السامع‬ ‫قبلها و لم يعد ينفر منها‪...‬‬

‫‪44‬‬


‫العميــــــاء‬ ‫كمال سليم‬ ‫يُرفع الستار تدريجيًا‪ ،‬ال للجمهور ليرى ولكنه فى هذا‬ ‫المشهد للمشاهد ليرى العالم ألول مرة‪ .‬تنزاح الشاشة‬ ‫المبطنة بالقطن ببطئ عن عينيها المعصوبتين ‪ ،‬يأخذ‬ ‫الشاش الطبى فى االنحصار مع كل لفة ‪ ،‬تقل عدد‬ ‫الطبقات و تزاداد معها عدد النبضات القلبية المرتقبة‪.‬‬ ‫مضت عليها أعوام حياتها كلها فى هذه الحالة‬ ‫الظالمية ‪ ،‬ال تستطيع حسابها بمقاييس دقيقة ‪ ،‬فالوقت‬ ‫بالنسبة لها وحدة واحدة‪ ،‬ال تنفصل بتعاقب الليل و‬ ‫النهار و ال تتشتت بكثرة األلوان و األشخاص‪.‬‬ ‫ارتفعت دقات قلبها ‪ ،‬كادت أن ترج أرجاء العيادة والسؤال الذى يتردد فى خلدها ماذا بعد؟ رددت‬ ‫نبضات قلبها تلك العبارة مع كل خفقة بال صوت ‪ ،‬و مع إزاحة الطبقة األخيرة من الشاش ‪ ،‬أخذت‬ ‫فى غلق و فتح عينيها كالطائر الصغير حينما يحاول الرفرفة بجناحيه الصغيرين ألول مرة‪ ،‬ظلت‬ ‫تلك العملية من غلق و فتح تتم فى حركة سريعة ال إرادية‪ .‬رأت تلك الصورة المهتزة التى تفصل‬ ‫بين عالمين‪ .‬أخذت الرعشة فى الثبات روي ًدا روي ًدا ‪ ،‬و فى نفس الوقت استنفدت طاقة التوتر‬ ‫فسكنت أمواج النفس المضطربة‪.‬‬ ‫ها إيه األخبار شايفانا‬ ‫آه يا دكتور (و كأنها تأوهت من قلبها ال من شفتيها) بس حاسة إنى مصدعة شوية و شايفة الدنيا‬ ‫مزغللة‪.‬‬

‫(لولولولولييييييى) دوت زغرودة األم دويًا قويًا لتزيح مشاعر القلق العالقة كخيوط العنكبوت و‬ ‫التى قد نسجتها االبنة قبل قليل‪.‬‬ ‫تعالى يا حبيبتى فى حضنى الحمد هلل ربنا استجاب دعواتى ‪.‬‬ ‫ارتمت االبنة فى حضن أمها بجسدها فحسب أما نفسها فظلت فى حالة اندهاشها كالوليد الذى قذفه‬ ‫رحم أمه لتوه‪.‬‬

‫‪45‬‬


‫استقبلت الموقف بعينين وليدتين و نفس حائرة ‪ ،‬تلك النفس قد نهلت من الحياة الكثير من الخبرات‬ ‫و المآسى و األمل و الحنق فى بعض األوقات‪ .‬أبهذه السهولة ُ‬ ‫طمست معالم سنوات عمرى! أهذا‬ ‫هو اللون األبيض ‪ ،‬هذا اللون الشاحب ‪ ،‬كم كان جميالً فى خيالى‪ .‬أهذه هى مالمحك يا أمى! ما‬ ‫كل هذه التجاعيد المتشربة بهذا اللون األسمر شديد السواد ‪ ،‬أهذا هو الوجه الذى كنت أجوب فيه‬ ‫بأناملى! أهذا هو العالم اال محدود بتعريجاته البديعة! كم من الرحالت سبحت بخيالى فى وجهك‪.‬‬ ‫شعرت بالتالشى أمام هذا الواقع الغريب ‪ ،‬أيجب علىّ اآلن أن أطوى ذكرياتى فى حقيبة النسيان و‬ ‫آتى بذكريات أخرى ترصدها لى تلك الكاميرا المسماة بالعين‪ .‬ال تعلم كيف ذهبت إلى المنزل و‬ ‫كيف عانقت كل المهنئين المنتظرين عودتها من األهل و األقارب و األصدقاء‪ .‬تقبلت القبالت و‬ ‫هى شاردة الذهن و على شفتيها ابتسامة مرسومة لتناسب الموقف‪ .‬كانت القبالت فيما مضى تسرى‬ ‫فى وجدانها بهمسة من الوئام النفسى‪.‬‬ ‫احتمت بحجرتها و لكنها ضاقت بها برؤية الجدران تحاوط أرجائها‪ .‬طافت بعينيها فى كل األرجاء‬ ‫ليست كالطفل الذى يكتشف العالم بل هى كالثور الذى فُكت عن عينيه ليرى أنه كان يدور فى فلك‬ ‫مفرغ من الوهم المنسوج فى عشش خيالها البكر‪ ،‬فما تراه ليس باإلنسان الذى رسمته فى خيالها‬ ‫وال ما تراه يبدو واقعيًا‪ .‬أعاشت فى زيف كل هذا الوقت! أم ما كان فى وجدانها هو الواقع و ما‬ ‫تراه اليوم هو الزيف‪ .‬تطحانتها األفكار حتى ثبت بصرها على تلك األوراق المثقوبة ‪ ،‬شعرت‬ ‫كأنهم أعين تتطلع إليها ‪ ،‬انحرف بصرها قليالً لتجد اللوحة المعدنية المفرغة ‪ ،‬تلك اللوحة كانت قد‬ ‫اعتادت على احتضان أوراقها فتخلق األعين المثقوبة فيها‪ .‬كانت فعالً بمثابة أعينها و نافذتها على‬ ‫العالم ‪ ،‬فمنها رأت و تعلمت و قرأت و تأثرت‪ .‬اقتربت من المكتب لتحتضن أوراقها فى حين رأت‬ ‫شكل قطرات الدموع و هم ينهمرون فى خطين وصوالً إلى نحرها‪.‬‬ ‫أعلم أن ال مكان لكم اآلن فى هذه الدنيا الجديدة ‪ ،‬ستدفنوا بعد قليل فى حقيبة مهملة حتى يتسنى‬ ‫ألعينى الجديدة القيام بعملها فى رصد الواقع الجديد‪ .‬أعلم أنكم طالما أدخلتم إلى روحى تيارً ا من‬ ‫النسيم العليل من ثقوبكم و لكن يا أصدقائى ما باليد حيلة يجب على تشييع جنازتكم فى صمت‪.‬‬ ‫مسحت ما تبقى من قطرات الدمع من على خديها و شرعت فى البحث عن حقيبة ‪ ،‬ال تعلم شكلها‬ ‫و لكن بالتأكيد ستهتدى إليها بفطرتها‪ .‬من المؤكد أنها ستكون كالقبر‪ ،‬كالفناء‪ ،‬كالعتمة التى عاشت‬ ‫فيها حياتها السابقة‪ .‬فتشت عن هذا المعنى المجرد فى ذهنها إلى أن وجدته حسيًا فى الدوالب‪.‬‬ ‫فتحت دفتى الحقيبة و أمسكت بالورق األبيض المثقوب‪ .‬ال أحد سيشعر باختفائكم فال أحد كان‬ ‫يستطيع ترجمة أصواتكم سواى‪ .‬دفنت األوراق فى الحقيبة و أغلقتها‪ .‬و ضعتها جانبًا فى الركن‬ ‫السفلى من الدوالب و أغلقته‪.‬‬ ‫حاولت سماع أصواتهم المختنقة و استحضار خيالها فى محاكاة معانتهم و لكنها لم تستطع ‪ ،‬انقشغ‬ ‫الظالم فلم تعد تثار الحواس ‪ ،‬فقد رقدت كاألوراق فى سبات أبدى حينما فُتحت منافذ أخرى واقية‬ ‫إلى نفسها ‪ ،‬فأغلقت بدورها منفذ الخيال‪.‬‬

‫‪46‬‬


‫الحريـــة‬ ‫عماد الدين السيد‬ ‫هل ستتعجب إذا سمعت خبر التحرش بفتاة " ترتدي مالبس‬ ‫قصيرة وضيقة " في الزمالك؟! ‪ ...‬المعادي؟!! ‪ ...‬شرم‬ ‫الشيخ؟!! ‪ ...‬ميدان التحرير وقت الثورة؟!!‬ ‫طيب‪:‬‬ ‫هل ستتعجب إذا سمعت خبر التحرش بفتاة " ترتدي مالبس‬ ‫قصيرة وضيقة " في إمبابة؟! ‪ ...‬السيدة زينب؟! ‪ ...‬الدويقة؟!‬ ‫‪ ...‬ميدان التحرير اآلن؟!‬ ‫في الغالب‪ ،‬ترتدي الفتيات المالبس القصيرة بحرية في‬ ‫األحياء التي يقال عنها "أحياء راقية"‬ ‫دون مشاكل أو مضايقات‪ ،‬وإن حدثت فهي تتم في أضيق الحدود‪.‬‬ ‫بينما في األحياء التي يقال عنها " أحياء شعبية " فإن الدخول بمالبس قصيرة وضيقة هناك يعد‬ ‫مغامرة غير مأمونة العواقب‪ ،‬وقد يكون التحرش هو أقل الضرر‪.‬‬ ‫السؤال هنا‪:‬‬ ‫هل يعني هذا أن الناس الذين يعيشون في "األحياء الراقية" أكثر رقيا ً من هؤالء الذين يعيشون في‬ ‫"األحياء الشعبية"؟!‬ ‫أم نسأل السؤال بصيغة أخرى‪:‬‬ ‫هل سكان األحياء الشعبية لديهم عادات وتقاليد مختلفة عن سكان األحياء الراقية‪ ،‬وكل مكان يجب‬ ‫احترام عاداته وتقاليده؟!‬ ‫بالتالي يكون السؤال الجديد‪:‬‬ ‫هل اعتدى سكان األحياء الشعبية على حق الفتاة في أن ترتدي ما تشاء‪ ،‬أم اعتدت الفتاة على حق‬ ‫سكان األحياء الشعبية في ممارسة عاداتهم وتقاليدهم كما يشاؤون؟!‬ ‫أم أن االعتداء وقع من الطرفين؟!‬ ‫وبما أننا متفقون جميعا ً أن التحرش فعل حيواني ال يصدر إال من أراذل القوم‪ ،‬فالسؤال‪:‬‬ ‫هل التحرش هنا فعل‪ ،‬أم رد فعل؟!‬

‫‪47‬‬


‫يعني هل المعتدي هي الفتاة التي انتهكت حق سكان األحياء الشعبية‪ ،‬أم المعتدي هو المجتمع الذي‬ ‫لم يحترم حرية الفتاة في أن ترتدي ما تشاء في أي وقت ومكان؟‬ ‫هل من حق اإلنسان أن يرتدي أي شيء في أي وقت وأي مكان؟!‬ ‫أخيراً‪:‬‬ ‫قبل أن أسمع االسطوانات المكررة إياها‪ ،‬أحب أن أقول‬ ‫أنا ضد التحرش ‪ ...‬المتحرش يتم بالمنتقبات كمان ‪...‬التحرش في كل مكان ‪ ...‬اإلعالم بيساهم‬ ‫في زيادة نسبة التحرش ‪ ...‬المتحرش حيوان ‪ ...‬مالوش عذر ‪ ...‬اللي بيبرر له يبقى حيوان زيه‬ ‫‪ ...‬وأنا مرضاش ده ألختي وال ألي حد من عيلتي؟‬ ‫حلو؟‬ ‫اللبيب بقى يفهم إن غرض البوست ده ليس النقاش حول التحرش ‪ ...‬إنما النقاش حول معنى‬ ‫الحرية؟‬

‫‪48‬‬


‫مارس ‪3991‬‬ ‫دينا سعيد‬ ‫تجلس على األرض تتابع برنامج اليوم‬ ‫المفتوح فى ذكرى عبد الحيلم حافظ‪،‬‬ ‫تسمع ألول مرة رسالة من تحت الماء‪.‬‬ ‫تأخذها الكلمات بعي ًدا‬ ‫“الموج األزرق فى عينيك ينادينى نحو‬ ‫األعمق وأنا ال عندى تجربة فى الحب وال عندى زورق”‬ ‫تسمع من ورائها زوج خالتها يتكلم مع أمها ويقول أنه متعجب أن الجيل الجديد يسمع لعبد الحليم‬ ‫ويتأثر به رغم مرور كل هذه السنوات على وفاته‪ .‬تبتسم فى خجل فربما كانت الوحيدة من بين‬ ‫صديقاتها التى تسمع لعبد الحليم وتنفر من مطربى جيلها (عمرو دياب ومصطفى قمر)…يقوم‬ ‫زوجها خالتها ليرحل ويضع يديه على الخضار والفواكه واللحوم التى أحضرها معه ويقول عبارة‬ ‫لم تنساها أب ًدا‬ ‫“وهللا أنا أحضر لكم ما أحضره لبيتى بالظبط…لو احتجتم أى شىء كلمونى”‬ ‫والدها مسافر معظم الوقت وزوج خالتها كان يحاول أن يقوم مقامه‪..‬كان هو ووالدها صديقان وفى‬ ‫كل مرة يعود والدها من السفر يذهبان لزياة خالتها وزوجها‪ ،‬كان من النوع الذى يسخر من كل‬ ‫ً‬ ‫خجال من بعض تعليقاته‬ ‫شىء حتى من نفسه‪ .‬كان يضحكها كثيرً ا وأحيا ًنا آخرى تتورد وجنتاها‬ ‫الخارجة نو ًعا‬ ‫مارس ‪3995‬‬ ‫ال تتذكر كيف حدث األمر ولكنها تتذكر أمها وهى تلبس ثوبها األسود فى عجالة وهى تبكى‪..‬تقول‬ ‫لها أريد أن أتى معك فترد فى حزم ال عزاء للصغار‪ .‬لماذا تعتبرها والدتها صغيرة هى فى الصف‬ ‫الثالث اإلعدادى‪ .‬سمعت فى اليوم الذى قبله والدتها تتكلم مع خالتها فى التليفون وهى تخبرها أن‬ ‫زوجها يتقيأ دمًا‪..‬تفاصيل كثيرة حدثت فى الشهور الماضية معظمها ال تفهمها‪..‬ربما كانت أول‬ ‫مرة تسمع فيها كلمة “سرطان”‬ ‫سافر زوج خالتها للعالج فى القاهرة ومكث فترة طويلة فى مستشفى بشارع مصدق‪..‬لحسن الحظ‬ ‫كانوا هم أي ً‬ ‫ضا وقتها فى القاهرة ويقيمون بالقرب منه ولذلك كان يزورنه كثيرً ا‪ .‬لم تفكر يومًا أن‬ ‫ينتهى كل هذا بالموت‪..‬بعدها سنوات كثيرة ستعمل فى مكان قريب من المستشفى وستعبر من‬ ‫شارع مصدق كثيرً ا وفى كل مرة تتحاشى النظر إليها وكأنها وباء‪.‬‬ ‫لم تدر ماذا تفعل عندما خرجت والدتها للعزاء‪ .‬ذهبت لحجرة صالون منزلهم ووضعت بعض‬ ‫الموسيقى الصاخبة وظلت ترقص وترقص حتى انهارت‪ .‬لسنوات عدة سيرادوها شعور باألثم‬ ‫‪49‬‬


‫ألنها رقصت يوم وفاة زوج خالتها ثم فى مارس ‪ 7011‬ستقع فى يديها رواية اسمها “النبطى”‬ ‫وتقرأ فيها عن بنت فى مثل عمرها وقتها اطلقت ساقيها للرياح عندما سمعت بمقتل عمها وظلت‬ ‫تجرى وتجرى حتى وصلت آلخر العالم فى ظنها وفقدت وعيها من شدة التعب‪ .‬أيكون هذا دائمًا‬ ‫هو رد فعل الصغار تجاه الموت؟ هل يتحركون حتى ال يفكرون بشىء تعجز أذهانهم عن‬ ‫استيعابه؟ كيف يمكن لطفل أن يفهم أن شخ ً‬ ‫صا يحبه قد اختفى هكذا؟‬ ‫فبراير ‪3991‬‬ ‫هل تكفى سنتان لينضج اإلنسان؟ ليصبح أكثر ً‬ ‫تقبال لفكرة الموت؟ وهل تقبل الموت نضوج ح ًقا؟‬ ‫ما الذى جعلها تتعامل مع وفاة جدها بشكل مختلف؟‬ ‫هل ألنه أصيب أي ً‬ ‫ضا بالسرطان فكان عقلها مهي ًئا لفكرة رحيله؟‬ ‫هل ألنها استيقظت يومها من النوم تبكى وتهتف باسمه وتخبر والدتها أنها تشعر أن مكروهًا حدث‬ ‫له؟‬ ‫هل تكون األحالم فى بعض األحيان رحمة لإلنسان حتى ال يفاجأ بأمر غير مستعد له‪.‬‬ ‫عندما وصلت لبيت جدتها‪ ،‬انشغلت بخاالتها وأمها وتهدئة كل واحدة فيهن‬ ‫وقضت الوقت ما بين قراءة القرآن وذكر هللا‬ ‫ولكنها ال تتذكر أنها بكت‬ ‫تتذكر فقط أن يومها لم تذهب لدرس الرياضيات‬ ‫وكان موضوع درس هو التباديل والتوافيق‬ ‫ذكرتها بمفردها ولم تفهمها جي ًدا واستحت أن تطلب من المدرس أن يشرحها لها مرة آخرى‬ ‫ولكن لسبب ما ظلت طوال عمرها تشعر بالضيق كلما رأت مسألة تباديل أو توافيق‬ ‫وودت لو تركت كل شىء وقتها وانطلقت لتجري حتى تسقط من التعب‬

‫يونيو ‪2132‬‬ ‫تجلس مع صديقاتها فى شقة بالساحل الشمالي‪ ،‬يحمل الموبايل خبرً ا آخر من تلك األخبار التى تود‬ ‫عند سماعها لو لم يخترعوا الموبايل والتليفونات وكل وسائل االتصاالت الحديثة‬ ‫قديمًا عندما كان يموت أحدهم‪ ،‬كان يذهبون ألقرباه ليخبروهم‪..‬ربما وقتها خفف حض ًنا أو لمسة‬ ‫من وقع الخبر‬ ‫ولكن هذه التليفونات تجعل كل شىء بار ًدا وسخي ًفا‬ ‫‪50‬‬


‫أخبرنى كيف تواسى شخ ً‬ ‫صا يبكى على الهاتف؟‬ ‫كيف ستشعر بدموعه أو تتنيحه وتخزن هذا فى ذكراتكما المشتركة والتى تكون منب ًعا مستمرً ا‬ ‫لعالقتكما؟‬ ‫كيف تتصرف إذا مات شخص لم تره منذ سنتين وكنت تخطط لزيارته األسبوع القادم؟‬ ‫وهل تكفى الدموع؟ وهل يكفى الندم على عدم تبكير الزيارة؟ على عدم السؤال بالتليفون حتى‬ ‫يحين موعد اللقاء؟‬ ‫على كل هذه األشياء التى كنت تريد أن تخبره بها وفى لحظة اكتشفت أنك ال تستطيع ذلك؟‬ ‫لذلك لم تبك ولم تنفعل‪..‬استيقظت فى الثالثة فجرً ا أو ربما هى لم تنم‬ ‫أخذت تغسل كل األطباق المتراكمة‪ ،‬تنظف كل شىء وتعيد ترتيبه‬ ‫وعندما انتهت تساقطت من التعب‬ ‫بعدها ربما بشهور أو أيام كانت تدعي فشعرت بالذنب ألنها من فترة لم تدع لزوج خالتها وجدها‬ ‫وعندما انتهت من دعائها‪ ،‬انتبهت أنها البد أن تضيف عمها للقائمة‬ ‫ألنه‬ ‫مات‬ ‫وعندها بكت كما لم تبك من قبل‬ ‫فمن يدريها من الذى ستضمه القائمة العام أو الشهر المقبل؟‬

‫‪51‬‬


‫سيارة تعمل بالبطيخ‬ ‫هاني أبوالعال‬ ‫كل بضعة أسابيع يخرج علينا موقع ما أو قناة‬ ‫تليفزيونية بخبر مثل‪" :‬إختراع مصري يبهر العالم" أو‬ ‫"مصري يخترع سيارة تعمل بالبطيخ"‬ ‫أهم أركان الخبر‪:‬‬ ‫‪ .1‬التهويل‪ :‬ال بد أن يكون اإلختراع منقطع النظير و‬ ‫طبعا ً بدون أي شرح مبسط للفكرة‬ ‫‪ .7‬العائد المادي‪ :‬المشروع جدواه اإلقتصادية تؤكد أننا‬ ‫سنسدد ديون مصر في خالل عدة أشهر‬ ‫‪ .1‬غياب الرعاية الرسمية و الشكوى‪ :‬ال بد من الشكوى من عدم رعاية المسؤولين للطفل أو‬ ‫الشاب أو الشابة‬ ‫‪ .4‬الوطنية و حب مصر‪ :‬ال مانع من إضافة أنه تم عرض المبالغ الطائلة على العبقري الصغير‬ ‫من بلد عربي أو أجنبي و لكنه رفض تماما ً حتى تستفيد مصر باختراعه (أو باألحرى حتى يدفن‬ ‫فيها)‬ ‫ليس المقصود بهذا الكالم تثبيط همة أي شخص‪ ..‬و ال معناه أنه ليس بإمكان مصري القيام‬ ‫باختراع فذ‪ ..‬بتاتا ً‪ ..‬و لكني فعالً سأمت الشكل التقليدي لمثل تلك األخبار‪ ..‬و سهولة تصديقنا لها و‬ ‫ٍ‬ ‫اإلقبال عليها كما األفيون‪..‬‬ ‫المشكلة في اآلتي‪:‬‬ ‫‪ .1‬غالبا ً عدم صحة الخبر‪ ،‬أو على األقل‪ ،‬أنه مليء بالتهويل و التجميل‬ ‫‪ .7‬يستخدم الخبر لجذب اإلنتباه و يعمل كمخدر لنا و لتأكيد الفكرة المتأصلة لدينا‪" :‬إحنا ناس‬ ‫جامدة جداً لكن حظنا وحش" ثم نركن ثانية بجانب الحائط‬ ‫طيب نعمل إيه؟‬ ‫بالنسبة لك كمتلقي‪ ،‬المفروض تفكر في اآلتي‪:‬‬ ‫ ال يعني نشر الخبر في جريدة أو موقع أو حتى قناة تليفزيونية أي شيء‪ ،‬لألسف‬‫ علميا ً إذا لم تكن من أهل التخصص‪ ،‬فاسأل نفسك‪ ،‬هل قام أحد بتقييم ذلك اإلختراع أم أن الخبر‬‫يحتوى على خيال علمي؟‬ ‫ ما فائدة الخبر في النهاية؟ هل هو تأكيد الفكرة لدينا ثم وضعها جانبا ً بحجة "الحظ السيء" أو‬‫"عدم رعاية و اهتمام المسؤولين"؟‬ ‫أما بالنسبة لصاحب اإلختراع فأقول له‪:‬‬ ‫‪52‬‬


‫ قم بالبحث عن أعمال مشابهة في هذا المجال و بإمكانك النظر على اإلنترنت أو في مكاتب‬‫براءات اإلختراع األمريكية مثالً‬ ‫ استخدم و طبق مبادئ ثابتة متعارف عليها‪ ،‬مثالً في العلوم‪ :‬الطاقة ال تفنى و ال تستحدث من‬‫العدم‪ .‬ربما تصل لسبق تكسر به نظريات علمية‪ ،‬و لكن نسبة حدوث ذلك نادرة بالطبع‪.‬‬ ‫ ثانياً‪ ،‬إذهب لمن تثق به من ذوي الخبرة في هذا المجال أو التخصص ليقيم لك عملك و أنا متأكد‬‫أن المهندسين من أقاربك و معارفك يستطيعون إيصالك لذوي الخبرة‬ ‫ إذا كانت النتيجة إيجابية‪ ،‬فقم بتقديم براءة إختراع لكل األماكن التي تستطيعها خارج و داخل‬‫البالد حتى تحفظ حقوقك‬ ‫ ال تنتظر أشياء مثل موضوع رعاية و اهتمام المسؤولين أو تبني الحكومة لمشروعك فتلك أمور‬‫عاف عليه الزمن‪ ..‬و ما هي إال صورة من نفس صور التفكير القديم بتاع الوظيفة الميري‪ ..‬لوكان‬ ‫الختراعك أو مشروعك جدوى إقتصادية حقيقية‪ ،‬فبإمكانك أن تطورها بنفسك كشركة خاصة أو‬ ‫تقدم بالفكرة لواحدة من شركات "الحضانات" أو ال‬ ‫‪incubators‬‬ ‫و التي ستقدم لك المساعدة في إنشاء شركة تطور الفكرة مقابل نسبة بسيطة‪ ..‬و في النهاية سيعود‬ ‫ذلك عليك بالنفع و كذلك على مصر في النهاية ألنك ستساهم في التطور اإلقتصادي و الصناعي و‬ ‫التجاري‪ ،‬لو نظرنا ألمريكا مثالً‪ ،‬فالنسبة األكبر لالقتصاد و الصناعة األمريكيين تقوم على‬ ‫الشركات الخاصة و ليس المشاريع الحكومية‬ ‫أما بالنسبة لإلعالميين الذين يخرجون علينا بهذا الكالم بين الحين و اآلخر فأحب أقولهم كلمتين‪:‬‬ ‫لقد هرمنا!‬ ‫رابط الخبر األخير‪:‬‬ ‫‪Egyption.car-/scitech/12/31/7017/http://arabic.cnn.com‬‬ ‫‪index.html/invintion‬‬

‫‪53‬‬


‫أبحاث و‬ ‫مشروعات‬

‫‪54‬‬


‫الحفرة‪ :‬اعرف متى تنسحب ومتى تستمر فى المحاولة‬ ‫دينا سعيد‬ ‫الكثير مننا سمع المقولة الشهيرة‬ ‫‪Quitters never win, Winners never quit‬‬ ‫وترجمتها “المنسحبون ال يفوزون أب ًدا والفائزون ال ينسحبون أب ًدا”‬ ‫والواقع أن هذه المقولة خاطئة ألن الفائزين فى كل أنحاء العالم ينسحبون طوال الوقت‪ ،‬ولكنهم‬ ‫ينحسبون فى الوقت الصحيح من الشىء الذى ال يجب ان يستمروا فيه‪ .‬ولكن المشكلة التى تواجه‬ ‫كثير من الناس فى اعمالهم أو مشاريعهم أو تدربيهم الرياضى أو الفنى أو حتى عالقتهم العاطفية‬ ‫هى عندما تسوء األمور بشدة ويبدو أن المجهود الذى تبذله ال عائد منه فى المدى القصير‪ ،‬هى هل‬ ‫انسحب أم أقاتل واستمر فى المحاولة؟‬ ‫هناك أناس بطبيعتها مقاتلة‪ ،‬تعتبر االنسحاب هزيمة وال تقبل به مهما ساءت األمور وتظل تقاتل‬ ‫وتقاتل وهناك أناس بطبيعتها منسحبة ‪ ،‬ما أن يبدأوا شىء حتى يتركوه لغيره ‪ ،‬واالثنان يعانون من‬ ‫مشكلة عدم تحديد ما الذى يستحق القتال وما الذى يجب أن تنسحب منه؟‬ ‫األشياء التى تستحق القتال من أجلها نقدر ان نعبر عنها بمنحنى نسميه منحنى الحفرة‬

‫‪55‬‬


‫كما هو موضح فى هذا المنحنى‪ ،‬فى بداية األمر يكون هناك عائد جيد لمجهودك وهو ما يُعرف‬ ‫بحظ المبتدئين‬ ‫‪Beginner’s luck‬‬ ‫بعد هذا تحدث الحفرة‪ ،‬تبذل الكثير من المجهود بال أى نتيجة بل أن األمور تسوء فى أغلب‬ ‫االحيان‬ ‫ولكن إذا استمرت فى مزيد من الجهد ستصل للتميز وتحقيق نتائج غير مسبوقة‬ ‫المشكلة الكبيرة فى هذه الحفرة أن الكثير من الناس يشعرون فيها باأللم والتعب والملل وعندها قد‬ ‫يفضلون االنسحاب ألنهم ال يحتملون كل هذا األلم بدون مقابل امام أعينهم‬ ‫إذا فهل معنى هذا أن نظل نقاتل فى كل شىء حتى نصل للتميز؟‬ ‫ال‪ ،‬ألن هناك منحنى آخر نسميه منحنى االستقرار‬

‫هذا المنحنى خاص باألشياء التى تبدو مثل الوظائف الحكومية‪ ،‬االمور فيها ال تتحسن وال تسوء‪.‬‬ ‫بل هى مستقرة‪ .‬تبذل الوقت والمجهود ولكن ال شىء يتغير وهذا النوع من األشياء البد أن تنسحب‬ ‫منه وفورً ا‬ ‫ألنه لن يوصلك للتميز فى يوم من األيام‬ ‫هنا يبرز سؤال‪ ،‬بفرض أننى ال أجد عائد مناسب لمجهودى فكيف أعرف إذا كنت فى منحنى‬ ‫الحفرة فاستمر أو منحنى االستقرار فانسحب؟‬ ‫‪56‬‬


‫بسيطة أسأل نفسك لماذا تفكر فى االنسحاب ثم أسال نفسك لماذا تريد االستمرار؟‬ ‫إذا كانت اإلجابة أنت تريد االستمرار ألن هذا هو المضمون وألن هذا ما وجدنا عليه آبائنا وهناخد‬ ‫نصيبنا ونصيب غيرنا‬ ‫وارض بالمقسوم غير رزقك يا بن آدم لن تحوش او كرامتى ال تسمح لى أن انسحب من شىء‬ ‫بدأته إذا فغالبًا أنت فى منحنى االستقرار‬ ‫أم إذا كانت اإلجابة أنك تريد االنسحاب ألنك ال تتحمل األلم والتعب والمعاناة رغم أنك ترى أنك‬ ‫فى النهاية ستصل لشىء متميز فغالبًا أنت فى منحنى الحفرة‪.‬‬ ‫وبالطبع عليك هنا وانت تفكر أن تركز على العائد طويل المدى أكثر من العائد قصير المدى‬ ‫مثال‪ :‬رياضة التزحلق على الجليد من أمتع الرياضيات ولكن قلة من الناس من يجيدونها ألن‬ ‫الناس ينقسمون حيالها ل‪ 1‬أقسام‪:‬‬ ‫‪1‬النوع الشجاع‪ :‬وهو النوع الذى ذهب للتدربيات واستمر فيها واحتمل المعاناة واأللم فى الحفرة‬‫العميقة حتى وصل للتميز‬ ‫لذلك تجد بعض الكنديين عمرهم ‪ 70‬سنة ويتزحلقون على الجليد بسهولة ويتفوقون على الشباب‬ ‫‪2‬النوع الذكى‪ :‬وهو النوع الذى قرر أن هذه الرياضة ال تستهويه وغير مناسبة له فاكتفى بالفرجة‬‫ولم يبذل فيها وق ًتا أو جه ًدا‬ ‫‪3‬النوع الغبى‪ :‬وهو النوع الذى استهوته الرياضة فذهب للتدربيات وبذل مجهود ووقت ولكنه‬‫تعب أو مل من طول الحفرة فقرر االنسحاب وخسر وقته ونقوده‬ ‫ال توجد مشكلة فى النوع الشجاع والنوع الذكى فكالهما قرر ما يريد واستمر فيه‪ .‬ما المشكلة أن‬ ‫يقرر إنسان أنه ال يريد أن يتعلم التزحلق على الجليد؟ وهل يجب أن يتعلم كل الناس كل شىء؟‬ ‫وهنا نرجع للمقولة الخاطئة‬ ‫” المنسحبون ال يفزون أب ًدا والفائزون ال ينسحبون أب ًدا‬ ‫ونعدلها إلى أن‬ ‫الفائزون ينسحبون من منحنى االستقرار وال ينسحبون من منحنى الحفرة‪.‬‬ ‫بمعنى آخر أنك لكى تكون بطل فى السباحة وتذهب للتدربيات كل يوم ‪ 4‬ساعات فعليك أن تستمر‬ ‫فى منحنى الحفرة الخاص بالسباحة وتتحمل آالم التدربيات فى الشتاء فى الصباح الباكر والشد‬ ‫العضلى والعصبى وكل أنواع المعاناة اآلخرى وكذلك عليك أن تنسحب من كثير من المنحنيات‬ ‫الخاصة بأشياء آخرى غير مناسبة لك أو أنت غير موهوب فيها بما يكفى أو هى منحيات ألشياء‬ ‫مستفرة ستظل فيها محلك سر مهما فعلت‬ ‫‪57‬‬


‫حتى تستطيع أن تركز فى السباحة‬ ‫إذن فلماذا توجد هذه الحفرة أصال؟ لماذا المعاناة؟‬ ‫ألنه لو لم توجد الحفرة ألصبح كل الناس أبطال‪ .‬البد أن يكون هناك شىء يفرق بين المبتدئين‬ ‫وبين األبطال‪ .‬فال تنظر لهذه الحفرة على أنها شىء سيىء بل هى طريق يوصلك من خطوة البداية‬ ‫إلى االحتراف والتميز‪ .‬ولو فكرت ً‬ ‫قليال ستجد أن هناك من يصنع هذه الحفر متعم ًدا طوال الوقت‬ ‫مثال أستاذة الجامعات فى كلية هندسة‬ ‫الكثير من المشاريع واالمتحانات الصعبة التى من الممكن اعتبارها حفر‬ ‫ولكن ما أن تعبر هذه الحفر حتى تصل للتميز ومن يقع فى الحفرة يترك الكلية أو يرسب‬ ‫إذن الملخص‪:‬‬ ‫ابحث عن األشياء التى عندك فيها موهبة وتستهويك‬‫العالم يحتاج لكل الوظائف ولكل الرياضيات ولكل الفنون‬ ‫المهم أنت تعرف أين هى موهبتك حتى تستطيع أن تتميز فيها وتكون ً‬ ‫بطال‬ ‫ال يغرك حظ المبتدئين فى البداية واعرف أنه البد أن تمر بحفرة بل بعدة حفر لتتميز‬‫ثابر وادفع حتى تصل للتميز‬‫بعد وصولك للتميز البد أن تستمر فى إعطاء مجهود لتستمر فى التميز‬‫واألهم أن تنسحب من كل األشياء التى تعرف أنها لن تتحسن ولن تصل بك للتميز‬‫حتى تستطيع أن تركز فى الشىء الذى تتميز به‬ ‫كلما انسحبت مبكرً ا من شىء مستقر أو غير مناسب لك كلما كان أفضل بكثير‬‫ملحوظة لمن يفكرون فى البدء فى الدكتوراة ومن هم فى بداية الطريق‬ ‫برجاء إعادة قراءة مثال التزحلق على الجليد عدة مرات‬ ‫ألن حفر الدكتوراة طويلة وعميقة فإذا لم يكن الشىء المناسب لك وإذا لم تكن ستتميز به فخليك‬ ‫ذكى وركز فى حاجة تانية أحسن‬ ‫ملحوظة‪ :‬لطلبة الدكتوراة‬ ‫إذا قررت أن تستمر فى منحنى حفر الدكتوراة فعليك أن تتميز بها وأن تخرج من الحفرة بأفضل‬ ‫أداء ممكن لذا فأرجو أن تعد قراءة مثال السباحة عدة مرات‬ ‫نعم عليك أن تنسحب من الكثير من األشياء اآلخرى‬ ‫‪58‬‬


‫وهللا الموفق والمستعان‬ References: The Dip: A Little Book That Teaches You When to Quit and When to Stick

59


‫ُـتــب‬ ‫ك‬

‫‪60‬‬


‫النبـــــطي‬ ‫دينا سعيد‬ ‫تحكي أحداث الرواية فتاة مصرية قبطية اسمها‬ ‫"مارية" وتدور أحداثها فى زمن هزيمة الروم‬ ‫للفرس وظهور النبى صلى هللا عليه وسلم‬ ‫بالجزيرة العربية‪..‬مارية فتاة ريفية من كفر صغير‬ ‫بدلتا مصر وتتزوج من أحد العرب الذين يتاجرون‬ ‫ما بين الشام والجزيرة ومصر‪ .‬تسافر "مارية" مع‬ ‫زوجها عبر الصحراء من بلدتها الصغيرة وحتى‬ ‫بلدته التى تقع فى الصحراء بين الشام والجزيرة‪.‬‬ ‫الزوج من قبيلة يقال لها األنباط وله أخ اعتنق‬ ‫اليهودية وأخ آخر يقول أنه يأتيه الوحى يسمى‬ ‫النبطى‪.‬‬ ‫تسرد مارية األحداث التى تدور من حولها‬ ‫ومشاهد مختلفة من لقاءات زوجها مع حاطب بن أبى بلتعة وعمرو بن العاص وإسالم زوجها‬ ‫وأحد اخوته وانضمامهما للحرب مع المسلمين ضد الروم‪ .‬الرواية مزدحمة بالتفاصيل التى يختلط‬ ‫فيها الواقع مع الخيال بحيث أحيا ًنا يصعب التفريق بينهما وهو ما يعيبه البعض على روايات‬ ‫يوسف زيدان‪.‬‬ ‫بصفة عامة الرواية جيدة ولكن كعادة يوسف زيدان يسرف فى وصف األماكن وتفاصيلها ويشرح‬ ‫دالالت لغوية كثيرة مما يدل على عمق معارفه ولكنه فى الوقت نفسه يخرج القارىء من جو‬ ‫الرواية ويشعره أنه فى محاضرة تاريخ او جغرافيا أو لغة عربية‪ .‬وعلى قدر ما كانت األحداث فى‬ ‫بداية الرواية مشوقة فإنها فى الجزء األخير تبدو أقرب منها للسرد الملل‪ .‬فالن عمل‪ ،‬عالن سوى‪،‬‬ ‫حدث كذا وكذا ولكن تغيب الكثير من المشاعر والحبكة الدرامية ‪.‬‬ ‫هناك بعض جمل فى الرواية ربما ستسبب إزعاجً ا للقارىء المسلم مثل تعليق "النبطى" على‬ ‫القرآن عندما قرا صفحة منه بقوله "أيأتى بمثل هذا ويسفك الدماء؟" أو قوله ألخوته "جثث قتاللكم‬ ‫فى الشام ستجلب الطاعون"‪..‬إلى آخره‪ .‬الديانة التى يدعو إليها النبطى تؤمن بتناسخ األرواح وتبدو‬ ‫أقرب للسيخ أو البوذية وهناك نوع من االستضافة فى شرح النبطى لتصوره عن نشأة األرض بكل‬ ‫ما فيها من أحداث أقرب لألساطير‪ .‬األفالم العربية كانت دائمًا ما تصور ديانة العرب قبل اإلسالم‬ ‫بكثير من السطحية‪ .‬التفاصيل الموجودة فى الرواية تشعرك أنها بها الكثير من العمق كديانة‬ ‫اإلغريق‪.‬‬ ‫‪61‬‬


‫شخصيًا أعجبت بطريقة تناول الكاتب إلسالم "مارية" ففى معظم الروايات التى تدور حول هذا‬ ‫الزمان يبدو الناس أما مسلمون أنار اإلسالم قلوبهم وعقولهم أو كفار أو منافقين‪ .‬ولكن "مارية"‬ ‫تبدو أنها مجرد مسلمة وفقط‪ .‬قال لها زوجها أسلمى فأسلمت‪ .‬قالت فيما بعد أنها كانت تتأثر‬ ‫بالقرآن التى تسمعه من القارىء اليمنى وأنه كان يحيرها كما يحيرها كالم النبطى ولكن ال يبدو‬ ‫لإلسالم أى أثر فى حياتها أو تغيير طريقة تفكيرها وكأنه شىء من آالف األشياء التى مرت‬ ‫بحياتها‪ .‬وهذا فى رأيى خروج من النمطية وتقسيمة الناس المعتادة إلى أبيض وأسود‪.‬‬ ‫من جهة آخرى تبدو سذاجة "مارية" خيالية وغير مفهومة‪..‬فكيف لفتاة أال تعرف أنها فقدت‬ ‫عذريتها بسبب دخول الرجل الغريب بها؟ وال تعرف لماذا لم ينزل منها الدم ليلة العرس؟ كذلك ال‬ ‫تبدو أنها تشعر بأى إثم مما حدث بينها وبين الرجل الغريب وال تشعر بإثم بسبب مشاعرها نحو‬ ‫"ليلى" أخت زوجها‪ .‬ورغم أنها تبدو ذكية وقادرة على التعلم والفهم إال أنها تبدو كذلك سطحية‬ ‫ج ًدا‪ .‬فما أن قال لها زوجها أسلمى حتى أسلمت رغم أنها كانت متمسكة بديانتها المسيحية وكذلك‬ ‫كانت مقتنعة بكالم النبطى‪ .‬وكما الحال فى "مارية" تبدو بعض الشخصيات وتصرفاتها غير‬ ‫مفهومة وتشعر أن هناك الكثير من الخطوط المقطوعة التى ال يوجد تفسير لها‪.‬‬

‫‪62‬‬


‫واحة الغروب‬ ‫دينا سعيد‬ ‫تتحدث رواية “واحة الغروب” لبهاء طاهر والتى ُنشرت فى عام‬ ‫‪…7007‬هذه الرواية تتحدث عن ضابط شرطة مصري اسمه‬ ‫“محمود” متزوج من إيرليندية “كاثرين” يتم إرساله لي واحة سيوة‬ ‫كمأمور للقسم وذلك فى أواخر القرن التاسع عشر بعد انتهاء ثورة‬ ‫عرابي مباشرة‪..‬‬ ‫من أجمل ما فى الرواية اإلبداع فى تصوير الواحة لدرجة تدفعك أن‬ ‫تحزم حقائبك وتذهب هناك أو على أن تضعها على جدول األماكن‬ ‫التى تود زيارتها…هناك إبداع أي ً‬ ‫ضا فى رسم الشخصيات وحالتها‬ ‫النفسية واالنفعالية لدرجة تشعرك باإلدماج فيهم ‪..‬عنصر التشويق فى الرواية حاضر وبحرفية‬ ‫شديدة‪..‬فهناك أحداث ال تفهمهما ثم يحدث شىء فيما بعد يجعلك تفهمها إلى حد ما…هناك ما‬ ‫يجعلك تربط بين األمور وهناك أمور تظل متروكة لخيالك‪.‬‬ ‫أعجب كثيرً ا بالروايات التى فيها شىء من التاريخ ‪..‬ففى الرواية أحاديث كثيرة عن عرابى وعن‬ ‫االسكندر األكبر والماسونية واالحتالل االنجليزى لمصر وإيرلندا‪..‬وهو حديث غير ممل بل على‬ ‫العكس مشوق وفى نفس الوقت ال يعطى لك المعلومة كاملة مما يجعلك تبحث عنها لتعرف المزيد‪.‬‬ ‫ربما أضعف ما فى الرواية نهايتها‪..‬لم أفهم على وجه الدقة لماذا قرر “محمود” نسف المعبد‬ ‫الرومانى واالنتحار بين أنقاضه‪..‬هل ألنه رمز لالحتالل فليفعل به ما لم يستطع أن يفعله مع‬ ‫االنجليز؟ هل هى لوثة جنون؟ أم لحظة يأس؟ ام محاولة للتكفير عن خطاياه؟ األمر ليس واضح‬ ‫واعتقد أنه ينقصه شىء من البناء الدرامى‪..‬‬ ‫على أية حال هى من أفضل الروايات التى قرأتها وأرشحها لك‬

‫‪63‬‬


‫رحلتي مع غاندي‬ ‫دينا سعيد‬ ‫قرأت الجزء الثانى من الكتاب “رحلتى إلى الهند” بعد‬ ‫ترشيح صديقة له…الفكرة جميلة‪..‬البعد عن التليفون‬ ‫والالب توب وعن العائلة واالستجمام لفترة‪..‬أحمد‬ ‫الشقيرى اختار الذهاب لمنتجع فى الهند‪..‬ربما ألنه‬ ‫شخصية معروفة فى العالم العربى فكان من الصعب‬ ‫عليه االعكتاف فى جامع أو الذهاب ألى مكان‬ ‫سياحى دون أن يتعرف عليه أحد‪..‬فى النهاية فكرة‬ ‫االنقطاع عن العالم ولو أسبوع فكرة أشجعها بقوة‬ ‫ألنها تساعد اإلنسان على تجديد طاقته وتقييم حياته‪.‬‬ ‫على الرغم من وجاهة الفكرة‪ ،‬لكن التجربة فى حد‬ ‫ذاتها مكتوبة بكثير من السطحية والركاكة‬ ‫اللغوية…لست بصدد تقييم ما فعله الشقيري هناك‬ ‫ولكنى بصدد تقييم كيف عبر عن التجربة فى كتابه‬ ‫وكيف من الممكن أن يستفيد شخص بهذا‬ ‫الكتاب‪..‬بصراحة الكتاب مخيب لآلمال بشدة‪..‬ربما‬ ‫يكون أحمد الشقيرى من النوع العملى ولذلك لم تؤثر‬ ‫فيه روحانيًا كثيرً ا هذه الخلوة‪..‬هناك كذلك أفكار‬ ‫صاغها تعتبر كارثية مثل رؤيته للعالقة بين الرجل والمرأة أن كل طرف يجب أن يعطى كل ما‬ ‫عنده للطرف اآلخر بال انتظار أى مقابل…فإذا اكتشف طرف بعد كثير من الوقت والعطاء أن‬ ‫اآلخر يستغله يكون الحل الطالق‪..‬هذه الفكرة والتى لألسف يرددها الكثيرون ترسخ لفشل العالقة‬ ‫الزوجية من أول يوم…بل على العكس تمامًا مفتاح النجاح يأتى عندما يعبر كل طرف عن توقعاته‬ ‫من اآلخر وما يسعده وما يتعسه ويظل الحوار قائمًا باستمرار لكى يفهم كل منهما اآلخر‪..‬ولكن‬ ‫الفشل يحدث عندما يتخيل أحد الطرفين أن اآلخر سيفهم بمفرده ما يرضيه ويظل يعطى ويعطى‬ ‫حتى تنهار قدرته على العطاء ويفوت االوان أن يحاول اآلخر فعل أى شىء…هناك أفكار آخرى‬ ‫جيدة مثل كيف شعر الكاتب بتغيره فى التعامل برحمة مع النملة…ولكن بشكل عام األفكار سطحية‬ ‫كما قلت‪.‬‬ ‫االستفادة الوحيدة من هذا الكتاب فى رأيى هى فكرة العزلة لبعض الوقت…ربما كان عن طريق‬ ‫االعتكاف أو العمرة أو الذهاب ألحد الشواطىء‪..‬ولكن قبل كل ذلك يجب أن تترك هاتفك‬ ‫والكمبيوتر المحمول لتعيش حرً ا لبعض الوقت بعي ًدا عن التكنولوجيا‪.‬‬

‫‪64‬‬


‫أطفال و‬ ‫تربية‬

‫‪65‬‬


‫أبناؤنا في الغرب‪ :‬مجتمع‬ ‫رواء مصطفي‬

‫تعيش كأقلية في مجتمع غريب عنك‪ ،‬غريب في‬ ‫عاداته‪ ،‬و تقاليده‪ ،‬و مفاهيمه‪ ،‬غريب في دينه و لغته‪،‬‬ ‫غريب في أهدافه و تطلعاته‪ ،‬تحاول أن تتأقلم قدر‬ ‫استطاعتك‪ ،‬تأخذ منه ما يفيدك‪ ،‬و تنبذ ما ال يمكن أن‬ ‫يتفق معك‪.‬‬ ‫هذا ما تحاول أن تفعله أنت‪ ،‬فماذا عن أبنائك‪ ،‬و‬ ‫كيف يتعاملون مع هذا المجتمع‪ ،‬و ماذا تفعل أنت‬ ‫معهم ؟‬

‫مع من يتعامل طفلك؟‬

‫ربما ينحصر تعاملك مع المجتمع في محيط عملك‪ ،‬زمالؤك في العمل‪ ،‬مديرك‪ ،‬يمتد األمر إلى‬ ‫طبيبك الذي قد تراه مرة في العام‪ ،‬و جارك الذي تلقي عليه التحية من آن آلخر‪ ،‬بعض الزيارات‬ ‫المتخطفة لمدرسة ابنائك‪ ،‬و ال تمتلك من الوقت ما يكفيك حقا لتتعامل مع فئات أكثر‪ ،‬فينحصر‬ ‫غالبا تعاملك مع فئة واحدة تقريبا من المجتمع‪ ،‬و هي مما يمليه عليه عملك‪.‬‬ ‫بعض األعمال يحتك فيها اإلنسان مع فئات مختلفة من البشر‪ ،‬ليعطيك انطباعا أكبر لشرائح مختلفة‬ ‫لهذا المجتمع الذي تعيش فيه‪ ،‬و البعض ال يعلم من المجتمع إال تلك الشريحة الضيقة‪ ،‬التي يتعامل‬ ‫معها يوميا ‪ ،‬خاصة إذا كان ممن يخشون اإلندماج بشكل أكبر في المجتمع الذي يعيش فيه‪.‬‬ ‫بينما تكون هذه هي دائرة تعامالتك‪ ،‬تجد أن األمر يختلف كليا بالنسبة ألبنائك‪ ،‬إن كنت تعطيهم‬ ‫مساحة كبيرة من الحرية ‪ ،‬فتختلف الشرائح التي يتعامل معها بشكل كبير‪.‬‬ ‫هو يتعامل مع مشرفاته في الحضانة‪ ،‬و مدرساته في المدرسة‪ ،‬مع زمالئه ‪ ،‬و مع آبائهم الذين‬ ‫تختلف وظائفهم و طباعهم و أخالقهم‪ ،‬مع األطباء سواء في زياراتهم للمدرسة‪ ،‬أو متابعته‬ ‫المستمرة عند طبيبه الخاص‪ ،‬يتعامل مع جيرانك بشكل أكبر ‪ ،‬و يحاورهم و يحاورونه‪ ،‬و يمتد‬ ‫األمر حتى لما هو أبعد من جيرانك القريبين‪.‬‬ ‫‪66‬‬


‫يشترك في أنشطة‪ ،‬و يتعامل مع مدربين‪ ،‬و زمالء جدد‪ ،‬و أهالي آخرين‪ ،‬أناس ربما ال تعرفهم‬ ‫أنت سوى من شكل الوجه‪ ،‬أو االسم‪.‬‬ ‫يشترك في مخيم‪ ،‬و تختلف مرة أخرى طبيعة المتعامل معهم‪،‬قد يتعامل مع عمدة المدينة في بعض‬ ‫األوقات‪ ،‬مع عمال البلدية في الشارع‪ ،‬مع الشرطة اثناء تدريباتهم في المدرسة و الحضانة‪.‬‬ ‫لتجد في النهاية أن أبناؤك يتعاملون مع دائرة كبيرة تحتوي على شرائح متنوعة من المجتمع‪ ،‬تمثل‬ ‫ربما الجزء األكبر منه‪.‬‬

‫حيرة‬ ‫!!‬ ‫في الوقت الذي تحاول أنت فيه االندماج في المجتمع الجديد‪ ،‬و تبحث عن الكيفية المناسبة لهذا‬ ‫االندماج‪ ،‬هل سيكون ذوبانا كامال فيه‪ ،‬أم اندماج جزئي‪ ،‬فتندمج فيه محافظا على عاداتك و‬ ‫تقاليدك و قيمك‪ ،‬أم أن تعيش مجاورا له منفصال عنه‪ ،‬ال تتعامل مع من فيه إال بقدر الحاجة و‬ ‫كفى‪.‬‬ ‫في نفس هذا الوقت‪ ،‬يندمج ابنك بشكل تلقائي في مجتمعه‪ ،‬هو ال يهمه حساباتك‪ ،‬و تفكيرك و‬ ‫تع هذه الحقيقة مبكرا‪ ،‬فسوف‬ ‫ترددك‪ ،‬هو اندمج بالفعل بتعامله اليومي‪،‬بفطرته و تلقائيته‪ ،‬و ان لم ِ‬ ‫تستيقظ ذات يوم على واقع ذوبان ابنك بالكامل في مجتمع ‪ ،‬ربما ما ترفضه فيه من قيم و مبادئ‬ ‫أكثر مما تتقبله‪.‬‬ ‫ال تجاهد كثيرا في منع ابنك من االندماج‪ ،‬فذلك لن يجدي نفعا‪ ،‬و ربما تلجؤه يوما لتحيُّن فرصة‬ ‫االنفصال عنك نهائيا إن أنت عاندته و منعته‪ ،‬اصرف طاقتك في توجيه اندماجه‪ ،‬حاول الوصول‬ ‫لتلك الصيغة التي يحافظ فيها على دينه و قيمه و مبادئه‪ ،‬مع اندماجه الكامل في مجتمع زرعته‬ ‫أنت فيه من البداية‪.‬‬ ‫تلك المعادلة الصعبة في تحقيق التوازن بين ما تحرص عليه‪ ،‬و بين ما يحرص هو عليه‪ ،‬تلك‬ ‫المعادلة التي عليك أن تعلم أن الوصول إليها ليس باألمر الهين‪ ،‬و ال البسيط‪ ،‬تلك المعادلة التي إن‬ ‫نجحت في تحقيقها‪ ،‬تكون قد ساهمت بها في بناء جيل جديد مختلف في هذه البالد‪ ،‬جيل ينتمي إلى‬ ‫هنا‪ ،‬و يحمل هم دينه معه‪ ،‬جيل قد يكون هو القادر على تحقيق ما ال تستطيعه أنت‪ ،‬جيل يعلم‬ ‫خفايا المجتمع‪ ،‬و كيفية التواصل معه‪ ،‬في نقطة يتفوق عليك بها‬

‫ما هو دورك اذن‬

‫‪67‬‬


‫كخطوة أولى عليك أن توسع دائرة مجتمعك قليال‪ ،‬تعرف على جيرانك‪ ،‬و تحدث معهم‪ ،‬تعرف‬ ‫على زمالء أبنائك‪ ،‬و آبائهم‪ ،‬رافق ابنك في أنشطته‪ ،‬و تعرف على من حولك‪ ،‬اعمل على‬ ‫اندماجك أنت أوال في المجتمع الجديد الذي تعيش فيه‪.‬‬ ‫اللغة ‪ ...‬احرص على أن يتقن أبناؤك لغة البالد التي يعيشون فيها‪ ،‬فهي أساس التواصل‪ ،‬علمهم‬ ‫لغتك األم و احرص على اتقانهم اياها‪ ،‬مع نفس الحرص على اتقان اللغة األخرى‪ ،‬فال غنى عن‬ ‫ايهما‪.‬‬ ‫ساعد أبناءك على تخطي الصعاب‪ ،‬ساعدهم على معرفة حقوقهم‪ ،‬مالهم و ما عليهم‪ ،‬اجمع ما بين‬ ‫معرفته أنه مختلف‪ ،‬و لكنه رغم اختالفه لديه نفس الحقوق‪ ،‬و عليه نفس الواجبات اتجاه هذا‬ ‫المجتمع‪.‬‬ ‫هو مختلف؟؟ بالطبع مختلف‪ ،‬و عليه في وقت ما أن يعلم بأنه قد يعاني بسبب اختالفه‪ ،‬و لكن‬ ‫ازرع فيه المثابرة‪ ،‬و التمسك بحقوقه‪ ،‬و محاولته المرة تلو االخرى ليصل الى ما يريد‪.‬‬ ‫ليس األمر سهال‪ ،‬و لكنه أيضا ليس مستحيال‪ ،‬و هو حق أبنائك عليك طالما ارتضيت لهم أن يشبوا‬ ‫في بالد غير بالدك‪.‬‬ ‫نحن نتناسى أحيانا أن مجتمعات أبنائنا قد أصبحت ها هنا‪ ،‬و ليست هناك‪ ،‬نتناسى أنه يحمل حب‬ ‫وطنين ال وطن واحد‪ ،‬قد ال يخطر على بالنا مدى ارتباطه ببالد اعتقدنا أنها التمثل إال الغربة‬ ‫بالنسبة إلينا‪ ،‬و بالتبعية لهم كذلك‪ ،‬اندماج ابنائك في هذه المجتمعات الجديدة هو حق من حقوقهم‬

‫‪68‬‬


‫أبناؤنا أمانة‬ ‫ريهام نجيب‬ ‫مشكلة مالحظة فعال وهى أن الكثير من األباء‬ ‫يقومون بتربية أبنائهم و تعليمهم تعليم جدي جدا فقط‬ ‫ليكملوا صورة معينة فى اذهان الغير‪..‬بمعنى أنهم ال‬ ‫يؤصلوا أى موروث حقيقي فى االبناء فقط ما‬ ‫يفرضه عليهم النموذج المجتمعى المثالي( وده‬ ‫النموذج اللى بتصدره وسائل اإلعالم‪..‬إن ابني يكون‬ ‫مثقف وبيتكلم كذا لغة ومش بيلبس كويس وعنده ذوق بيلعب رياضة‪....‬الخ)‬ ‫مشكلة اآلباء من هذا النوع أنهم إنهم يغذون بتربيتهم ألبنائهم صورة فى عقولهم فقط ‪..‬صورة‬ ‫يريدون أن يظهروا بها و يصدروها لغيرهم‪..‬بمعنى أن تلك التربية تحمل كثير من األنانية‪..‬‬ ‫أوال ألنها تربية غير اصيلة ال تقوم على زرع قيمة حقيقية فى النفوس ألن الغرض منها هو‬ ‫الظهور بالمظهر المثالي مجتمعيا‪..‬‬ ‫ثانيا ألن هؤالء اآلباء ال يقبلون من أبنائهم نقاط ضعف طبيعية فيهم‪..‬أن يكون الطفل متأخر فى‬ ‫الدراسة لسبب ما أو يكون متأخر رياضيا‪..‬مثال‪..‬أو اجتماعيا‪..‬لذلك ال يحاولون إصالح تلك‬ ‫المشكلة بالطريقة الطبيعية أو الصحيحة بالتعامل معها وإنما يعتقدون أن الطفل بذلك يؤثر على‬ ‫"مظهرهم" االجتماعى لذلك فى األغلب يع ّنفونه و يهاجمونه‪..‬وهو ما يأتي بنتيجة عكسية‪..‬وتلك‬ ‫العالقة غير سوية بين أهل يعتقدون أن ابنهم أو بنتهم سبب نقص نظرة المجتمع لهم!‬ ‫ثالثا أن هؤالء اآلباء ألنهم يهتمون بنظرة المجتمع أكثر من التربية والعالقة الحقيقية فقد يتغافلون‬ ‫عن مشاكل فى بدياتها ألنها غير ظاهرة للمجتمع‪..‬فتتفاقهم‪..‬التديخين مثال‪..‬أو اإلدمان‪..‬بعض اآلباء‬ ‫يعلمون من أبنائهم ذلك ولكنهم ال ينتبهون إليها إال حين تصبح "سبّة أو فضيحة" مجتمعية‪..‬‬ ‫المعنى‪ ..‬أبناؤنا أمانة لدينا وهو وسيلة ومنحة من هللا ألن تزرع فيهم كل ما تؤمن به ويزداد به‬ ‫إيمانك‪..‬انظر إليهم كذلك وال تنظر لما يريده المجتمع أبنائك لديك فوق نظرة المجتمع كله‪...‬اجعلهم‬ ‫صالحين ألنك تريد لهم ذلك‪..‬بقيم مجردة‪..‬ومبادىء صادقة العهد‪..‬‬

‫‪69‬‬


‫المؤامرة المملة الشريرة‬ ‫حبيبة حسن‬ ‫طرت فرحا عندما نجحنا في ترتيب إجازتنا‬ ‫لمصر بالتزامن مع فترة إقامة معرض الكتاب‬ ‫فمنذ سنة وأنا أريد أن أجمع بعض المواد‬ ‫السمعية والبصرية البنتي تلقنها لغة عربية‬ ‫فصحى وبعض المفاهيم الدينية عن طريق‬ ‫األناشيد والقصص والرسوم المتحركة‪ .‬أخيرا‬ ‫استطعت الذهاب للمعرض‪ ،‬خصصت يوما‬ ‫كامال لهذه المهمة‪ ،‬نلف وندور ونشاهد مقاطع‬ ‫عند هذه الشركة وتلك‪ ،‬لم أمني نفسي بالكثير‪ ،‬لم أفكر حتى أن ترقى هذه المواد لربع مستوى ما‬ ‫تقدمه البرامج األجنبية‪ ،‬لكن قلت األطفال "عبط" أي شئ ملون يلفت انتباههم‪ ،‬كنت مستسلمة‬ ‫لفكرة الرضى بالمتاح تماما‪ ،‬كما أن زوجي تطوع أيضا بتعريفي الحقيقة المرة فقال لي‪" :‬انتي‬ ‫عارفة شركة سفير دي اللي هي من أشهر شركات انتاج البرامج الدينية لألطفال في مصر انتجت‬ ‫البرامج بتاعتها سنة كام؟ سنة ‪ !!1966‬يعني قبل ما تتولدي سيادتك تقريبا" بصراحة أنا اتصعقت‬ ‫‪):‬‬ ‫المهم ذهبنا في مهمتنا المقدسة وقضينا يوما كامال في المعرض من أجلها لكنني بعد عناء خرجت‬ ‫ببعض قصص األطفال واسطوانة لتعليم اللغة العربية اسمها "مرحبا" من شركة اسمها الشرق‬ ‫األوسط للبرمجيات‪ ،‬وبعض االسطوانات من شركة "سفير"‪ ،‬عندما كنت في سفير قلت أشتري‬ ‫قصص األنبياء فقال لي الشاب الذي يتولى عرض االسطوانات على الكمبيوتر مبتسما ابتسامة‬ ‫عريضة ساخرة‪" :‬هو حضرتك عندك ويندوز إيه؟" قلت له‪ 7006 :‬ليه؟ فقال‪" :‬يبقى لألسف مش‬ ‫هتشتغل عليه‪ ،‬األسطوانات دي متستحملش أقصى حاجة ممكن تشتغل عليها ويندوز إكس بي!!"‬ ‫فقلت له‪ :‬يعني متنفعش على الدي في دي كمان؟ وكانت اإلجابة طبعا نعم‪ ،‬ثم أعطاني اسطوانة‬ ‫مكتوب عليها "منهاج المسلم الصغير (‪ ")1‬وقال ساخرا أيضا أن هذه اسطوانة حديثة "وعشان كده‬ ‫بتالتين جنيه مش بخمستاشر" وبامكانها العمل على الدي في دي فاشتريتها‪.‬‬ ‫إليكم نتيجة التجربة‪ :‬شغلنا اسطوانة تعليم اللغة العربية فوجئنا أن اختراع‬ ‫المؤثرات الصوتية والرسوم المتحركة لم يصل إلى الشركة بعد‪ ،‬يعرضون الحرف والكلمة‬ ‫المصاحبة ال يوجد موسيقى ال يوجد أي حركة في الشاشة‪ ،‬صورة ثابتة وصوت ينطق الحرف‪ ،‬ال‬ ‫يوجد صوت حتى يعلن عن سحب الصورة أو مجيئ واحدة أخرى‪ ،‬ثم يشتتون الطفل بتهجئة كل‬ ‫حروف الكلمة فأصبحت ابنتي تقول "الم جمل" ألن الالم هو آخر حرف ينطق مع صورة الجمل‪،‬‬ ‫صرفت نظر عن هذه االسطوانة‪.‬‬ ‫شغلنا اسطوانة المسلم الصغير فقدمت لنا مفاجأة من نوع آخر‪ ،‬لن أحكي كثيرا عن رداءة الصوت‬ ‫‪70‬‬


‫الذي يصاحبه "زنة" وكأنه مسجل في البيت وليس االستوديو وال عدم تناسق مستوى الصوت بين‬ ‫األغاني والكالم ولن أتحدث عن رداءة الصور المتحركة التي إن وضعت بجانب فيديو كليب أغنية‬ ‫"ذهب الليل وطلع الفجر" لن تساوي شيئا‪ ،‬لكننا رضينا بها على األقل بها صورا تتحرك وموسيقى‬ ‫وإيقاع ثم انتقلت من األغاني ألحاديث للرسول صلى هللا عليه وسلم يسردونها سردا وكل حديث‬ ‫مصاحب له صورة غير متحركة إلى أن وصلوا لحديثه صلى هللا عليه وسلم‪" :‬ال غول" وهو يعني‬ ‫أنه ال مخلوق اسمه الغول وال يجوز أن نخيف به أطفالنا‪ ،‬صدقت يا رسول هللا لكن تخيلوا معي‬ ‫الصورة المصاحبة لهذا الحديث‪ ،‬فعال أريدكم أن تتوقفوا برهة وتتخيلوا صورة مناسبة لهذا الحديث‬ ‫‪ .......‬بالطبع ال يمكن أن تأتي بصورة غول متوحش شكله مريع ومخيف وأمامه بنت ترقد في‬ ‫سريرها مرتاعة والغول يخيفها بوجهه ويديه‪ ،‬لكنهم أتوا بهذه الصورة فعال للتأكيد على أنه "ال‬ ‫غول"‪ ،‬حمدت هللا حمدا كثيرا أن أبوها لفت انتباهها سريعا بعيدا عن التلفزيون في نفس اللحظة‬ ‫التي قفزت ألقف حائال بينها وبينه ‪ ..‬استسلمنا بعدها تماما وشغلنا لها اسطوانة باللغة االنجليزية‬ ‫عن الفواكه تنتجها شركة يهودية لكنها تعرف كيف تقدم برنامجا لألطفال!! في هذه الليلة نمت‬ ‫وحلمت بالغول الذي شاهدته في اسطوانة ابنتي الصغيرة‪.‬‬ ‫ال أتصور أي عقل هذا الذي يضع هذا ال‪ ....‬لألطفال‪ ،‬فيم يفكرون وهم يصنعون هذه المواد؟ هل‬ ‫يشاهدها أطفالهم؟ من هو المختص التربوي الذي يشرف على المادة؟ هل يشاهدونها كاملة قبل‬ ‫بيعها في األسواق؟ هل من المفترض أن من يريدون تعليم أطفالهم مبادئ االسالم وقصص األنبياء‬ ‫وقصص القرآن متخلفين ال يفهمون شيئا في المواد المخصصة لألطفال؟ أم أن المقصود هو أن‬ ‫المتدينيين دائما هم ناس متأخرين متخلفين عن المجتمع وتطوره وكذلك يجب أن ينشأ أطفالهم؟‬ ‫ال أريد أن أسمع أحدا يلوم األجيال الحديثة أنهم ال يحترمون لغتهم األم‪ ،‬لغة القرآن‪ ،‬لغة دينهم‪،‬‬ ‫أرقى لغات العالم‪ ،‬وكل هذا الرص الذي يرصونه عن اللغة العربية‪ ،،‬الأريد أن أسمع أحدا يعطي‬ ‫محاضرات في تربية النشئ في اإلسالم وكيف أولى الرسول اهتمامه لألطفال ويرص لي كالما‬ ‫نظريا ال يتبعه أي عمل‪ ،‬أي عمل ولو ضئيل ‪ ..‬ده لو نص الفلوس اللي بتتصرف على قنوات‬ ‫الناس والحافظ والحكمة وكل التي تسمى بالدينية دي على برامج دينية نضيفة مخصصة لألطفال‬ ‫مكناش هنحتاج نقعد نقول في دروس ليل نهار محدش بيعبرها أصال‪ ،،‬دلوقتي بس صدقت بإن في‬ ‫مؤامرة فعال بس احنا اللي عاملينها مش القوى الغربية االستعمارية األمريكية المتوحشة ‪):‬‬

‫‪71‬‬


‫حوار مع ابنتي‬ ‫إنجي فوده‬ ‫حوار دائر علي مدي أيام مع ابنتي و ما زال الحوار دائرا‪:‬‬ ‫ ما هو القمر؟ هل القمر كوكب؟‬‫القمر ليس كوكب‬‫مامي متأكدة من المعلومة دي‬‫دي المعلومة اللي أعرفها انما ممكن نتأكد تاني‬‫اه يا ريت يا مامي‪ ،‬تتأكدي و تقولولي‬‫حاضر‬‫رحت أتأكد وجدت أنها علي حق‬ ‫و أنا أعطيها دش بعد حصة السباحة بدأت أناقشها (ألعلمها أن تفكر في كل وقت)‬ ‫تعريف الكوكب‪:‬‬ ‫‪.1‬أن يكون له طبقات جيولوجية مختلفة‬ ‫‪ .7‬أن يدور حول الشمس‬ ‫القمر بالفعل عنده طبقات جيولوجية و لكنه يدور حول األرض‬ ‫و لكن اآلن بدأت حركته تقل جدا و لهذا ربما بعد عدة سنوات سيصبح مندرجا تحت الكواكب‬ ‫فسألتني‪- :‬أها لهذا السبب كوكب بلوتو لم يعد كوكب‬ ‫فقلت‪- :‬نعم‬ ‫و مازال الحوار مستمرا‪..‬‬ ‫يا ريت بالش اليقين الشديد و دايما شك في معلوماتك و اتأكد ‪ ...‬و اللي يسمع حد بيقول‪ :‬هو أنت‬ ‫هتفهم أكتر من الميس أكيد الميس عارفة‪ ،‬نصيحة‪ :‬يسحب الولد من تحت ايد هذا الشخص علي‬ ‫الفور!!‬ ‫من أطلق اسم ‪ curiosity‬علي اخر روبوت طلع المريخ لرحلة استكشافية كانت فتاة صغيرة في‬ ‫الصف السادس االبتدائي‬ ‫ال تقيدوا أبنائكم‬ ‫مرجع الكالم المذكور أعاله‪:‬‬ ‫‪/is-the-moon-a-planet/65649/www.universetoday.com//:http‬‬ ‫موقع ناسا لألطفال‪:‬‬ ‫‪flash/index.html/audience/forkids/kidsclub/http://www.nasa.gov‬‬ ‫خرائط النجوم‪:‬‬ ‫‪/http://star-maps.com‬‬ ‫‪:.Mars Science Lab‬‬ ‫‪index.html/mission_pages/msl/http://www.nasa.gov‬‬ ‫مرجع الصورة ‪:Nasa JPL Education‬‬ ‫‪72‬‬


‫‪education/marsrover.cfm#2/http://www.jpl.nasa.gov‬‬ ‫علي فكرة يا ريت تتأكدوا بنفسكوا‪ ،‬ممكن المعلومات دي كلها تطلع غلط!! ‪):‬‬

‫‪73‬‬


‫آراء و‬ ‫خواطر‬

‫‪74‬‬


‫خليهم يتسلوا !‬ ‫عماد الدين السيد‬ ‫إحنا بنتكلم في السياسة لما يكون فيه قضية تستحق إننا نتكلم في‬ ‫السياسة ‪ ...‬انتخابات رئاسية ممكن ترجع شفيق ‪ ...‬محاولة انقالب‬ ‫عسكري ‪ ...‬محاولة انقالب مدني عند االتحادية ‪ ...‬قضايا كبيرة ممكن‬ ‫تزلزل البلد وتغير مسارها‬ ‫لكن اللي بيحصل اليومين دول هو شوية خناقات على كراسي البرلمان‬ ‫‪ ...‬ناس عاوزة حكومة علشان ممكن متكسبش في البرلمان ‪ ...‬ناس‬ ‫مش عاوزة حكومة علشان ضامنة إن ليها نسبة كويسة في البرلمان ‪...‬‬ ‫تشويه بقى وكالم عن مؤامرات ودفاع عن الرئيس وهجوم عليه ‪...‬‬ ‫والحبايب يتخانقوا واألعداء يتصالحوا ‪ ...‬كل ده علشان االنتخابات اللي جاية ‪ ...‬مين يكسب‬ ‫كراسي أكتر‬ ‫في الحالة دي بافضل أسكت خالص ‪ ...‬وابعد وأطنش وأتجاهل ‪ ...‬خليهم يتخانقوا ‪ ...‬إحم ‪...‬‬ ‫خليهم يتسلوا‬ ‫فيه حاجات أهم ممكن نتكلم عنها اليومين دول ‪):‬‬ ‫******‬ ‫وجود وزراء إخوان بكفاءة باسم عودة‪ ،‬وبسذاجة صالح عبد المقصود وبجمود محمد علي بشر‬ ‫يثبت أن القضية لم تكن يوما ً أخونة أو غير ذلك‬ ‫القصة فقط في الكفاءات المدفونة تحت التراب وتحتاج حمالت تنقيب الكتشافها‬ ‫******‬ ‫هو ليه الناس اللي بتتكلم عن الحرب األهلية هم هم الناس اللي بتمارس العنف في الشارع ‪ ...‬أو‬ ‫حتى بتشجعه؟!‬ ‫هو بالعافية عاوزك تحس إن فيه حرب أهلية ‪ ...‬زي ما كان بالعافية بيجبرك على العصيان المدني‬ ‫عارف لما واحد يحرق المحكمة وبعدين يولول ‪ :‬هتضيعي حقوق الناس يا حكومة ‪ ...‬البلد هتولع‬ ‫يا ناس حرام عليكم !!‬ ‫حاجة زي كدة‬

‫‪75‬‬


‫‪Suicide First Aid‬االسعافات األولية‬ ‫للتفكير االنتحاري‬ ‫دينا سعيد‬ ‫هل تعتقد أن جاهز للتعامل مع صديق أو قريب‬ ‫يفكر فى االنتحار؟ هل تعتقد أنه يمكنك اكتشاف ذلك‬ ‫أصال؟ وهل تعرف أن كثير من حوالى االنتحار‬ ‫غير موثقة ألن المنتحر يحاول أن يجعلها كحادثة‪.‬‬ ‫فى هذا المقال حاولت أن ألخص ورشة عمل‬ ‫حضرتها فى االسعافات األولية للتعامل مع الفكر‬ ‫االنتحارى‪.‬‬ ‫وقد أتممت هذه الورشة فى أول مارس ‪7011‬‬ ‫وحصلت على شهادة صالحة لفبراير ‪.7017‬‬ ‫حضور ورشة العمل هذه مطلوب من الكثير من‬ ‫االخضائين االجتماعيين والنفسيين فى أماكن عملهم وأحيا ًنا تكون شرط للترقية‬ ‫ولكنى حضرتها على سبيل المعرفة وهذا معلومات عنها‬ ‫‪http://www.livingworks.net/page/applied%20suicide%20intervention%20‬‬ ‫)‪skills%20training%20(asist‬‬ ‫وملخصها كاآلتى‬ ‫تنويه‪ :‬فى كندا قرار االنتحار للبالغين قرار شخصى بمعنى أنها حريتهم الشخصية أن ينهوا حياتهم‬ ‫ولكن هذا ال يمنع وجود الكثير من المراكز‬ ‫والمعاونين الذى يحاولون مساعدة الشخص الذى يفكر فى االنتحار وذلك عن طريق الخطوات‬ ‫التالية‪:‬‬ ‫الدعوات‪:‬‬‫الراغب فى االنتحار تظهر عليه عالمات معينة تدل على هذه الرغبة‪ ،‬يمكن النظر لهذه العالمات‬ ‫على أنها دعوات لك للتدخل التقاذه‬ ‫من هذه العالمات‪ :‬االنعزال عن الحياة أو العمل او العائلة‪ ،‬فقدان الرغبة فى القيام بالهوايات‪،‬‬ ‫شرب المخدارت أو الكحوليات بكثرة‪ ،‬االكتئاب‪ ،‬الغضب‪ ،‬الحزن الشديد‪ ،‬فقدان األمل‪ ،‬التصرف‬ ‫غير الحذر أثناء عبور الشارع مثال‪ ،‬تغيير السلوك المعتاد ككثرة النوم أو قلته أو كثرة األكل أو‬

‫‪76‬‬


‫قلته أو كثرة المرح أو عدم وجوده‪ .‬عدم االهتمام بالمظهر‪ ،‬الشكوى الصحية المستمرة وخاصة‬ ‫آالم العضالت والظهر‬ ‫ومن العالمات األفكار مثل‪ :‬أتمنى لو كنت ميت‪ ،‬من األفضل للجميع أن أرحل من هنا‬ ‫أول مهامك هى اكتشاف هذه العالمات ومحادثة الشخص بشأنها‬‫مثال‪ :‬أراك مؤخرً ا حزي ًنا أو مكتئبًا أو أالحظ أنك فقدت الكثير من وزنك وهكذا‬ ‫إذا شكيت أن الشخص ربما يفكر فى االنتحار‪ ،‬عليك أن تسأل بأسلوب مباشر‬‫ال تتردد فإنه من األفضل أن تسأل على أن يكون الشخص يفكر باالنتحار وتفاجأ بموته‬ ‫البد أن تسأل حتى وإن غضب منك‬ ‫ال تقفز إلى النصائح المعتادة ومحاولة جعل الشخص يرى الدنيا مشرقة وفيها أمل‬‫البد أن تتكلم معه واحدة واحدة عن أسباب تفكيره فى الموت وتحاول أن تجعله يتجه إلى أسباب‬ ‫تفكيره فى الحياة‬ ‫البد أن ينبع سبب تفكيره فى الحياة منه ال منك‬‫وعندما يقوله تستطيع أن تؤكد عليه‬ ‫تذكر أنك مرآة الشخص وكأنك حائط يعيد عليه ما يقوله هو بأسلوب مختلف‬‫تذكر أنه ال يوجد شىء من الممكن أن تقوله ويدفع شخص لالنتحار‬‫ولكن هناك الكثير من الممكن أن تفعله لتنقذ حياة شخص‪.‬‬ ‫هناك عدة أسئلة البد أن تسألها لتعرف إذا ما كانت درجة الخطورة عالية‬‫منها‪ :‬محاوالت االنتحار السابقة‪ ،‬هل هناك خطة معينة لالنتحار؟‪ ،‬هل فكر الشخص فى يوم معين‬ ‫وطريقة معينة؟ ‪ ،‬هل يشعر الشخص بآالم نفسية أو جسمانية غير محتملة؟‪ ،‬هل يعانى الشخص‬ ‫من أى أمراض نفسية؟ هل تكلم مع أى شخص فى الموضوع؟‬ ‫كل سؤال من هذه األسئلة إذا كانت اجابته بنعم يزيد معدل الخطر‬ ‫وفى كل األحوال البد أن تأخذ األمر بجدية حتى وإن لم تكن هناك اى خطورة سوى فكرة االنتحار‬ ‫فقط‬ ‫حاول أن تلخص للشخص األسباب الذى تدفعه للموت واألسباب التى تدفعه للحياة‬‫وأن تعمل معه من أجل وضع خطة لحماية نفسه من نفسه‬ ‫تذكر أنه لو لم يكن هناك جزء فى الشخص يريد الحياة لما تكلم معك‬‫‪77‬‬


‫خطة االنقاذ البد أن تشجع فيها الشخص ليتكلم مع شخص آخر يثق فيه ليكون لديه ‪ 7‬أو ‪1‬‬‫أشخاص يلجأ إليهم‬ ‫حاول فى الخطة أن تبعد الشخص عن الشىء الذى يفكر فى استخدامه لالنتحار والشىء الذى‬ ‫استخدمه من قبل لالنتحار إذا كان حاول ذلك‬ ‫فى الخطة شجع الشخص على الكالم مع طبيب أو معالج نفسى‬‫وأعطيه رقم الطوارىء لالتصال به‬ ‫فى كندا ‪ 403.266.HELP (4357) Distress Center is‬وهى خدمة ‪ 74‬ساعة‬ ‫راجع الخطة مع الشخص ويمنكك ان تطلب منه وعد بأن يحافظ على حياته‬‫حتى تالقاه مرة آخرى‬ ‫فى الميعاد التالى البد أن تكون موجو ًدا من قبل الميعاد‬‫وإذا تأخر الشخص تتصل به وبكل من يعيش معه وبالنجدة ألنه قد يكون‬

‫يحاول االنتحار‬

‫أهميتك في الحياه‬ ‫خالد األشموني‬ ‫"أثناء حفل التخرج في الجامعه التي حصلت منها على الدكتوراة كان‬ ‫هناك تكريم للطالب المثالي‪ .‬في الحقيقه كانت طالبة و كانت قد انهت‬ ‫المرحله الجامعيه و كان مجموعها حوالي ‪ .%90‬في هذا الحفل كان‬ ‫هناك طلبة دكتوراه حاصلين على ‪ %100‬و بعض رسائلهم كانت‬ ‫مرشحه كأحسن رسالة دكتوراة في الواليات المتحده و على الرغم من‬ ‫ذلك لم يفز احدهم بلقب الطالب المثالي! هذا الموقف كان له اثرا كبير و‬ ‫طرح تساؤل عميق في حينها! لماذا هذه الطالبة؟! وكانت االجابه في‬ ‫أثناء الحفل! إنه مجهودها في الجامعة و مدي تأثيرها في حياة الطلبه‬ ‫بشكل ايجابي و كبير!‬ ‫هذا الموقف جعلني أصل إلى اهم حقيقه في حياتي‪ ...‬أهميتك في الحياه‬ ‫هي أهميتك لآلخرين و مدي مساهمتك في حياتهم و القدره على ترك‬ ‫اثر طيب تتوارثه االجيال‪ ...‬ال عجبا و ال خيالء و لكن اخالصا و حبا لهم طمعا في رضي رب‬ ‫الناس! تذكرت حديث رسولنا الكريم عن السبعه الذين يظلهم هللا في ظله يوم ال ظل إال ظله و‬ ‫الحديث االخر عن اثر صلة الرحم و ادركت ان حب رب الناس و حب الناس انما يأتي بقدر ما‬ ‫تفعله لهم و ليس ماتفعله لنفسك‪"...‬‬ ‫‪78‬‬


‫النفس اللوامة‪..‬‬ ‫هاني أبو العال‬ ‫هل تذكر اليوم الذي‬ ‫صليت فيه بال ضجر؟‬ ‫أو تذكر األيام تلك‬ ‫و ليلها حتى السحر؟‬ ‫ليل طويل حالك‬ ‫تدعو و تنظر للقمر‬ ‫هل غصت طوعا ً في النعيم‬ ‫و هل ركِنت إلى السمر؟‬ ‫هل كنت مختار ًا‬ ‫أم اللهو قضاء و قدر؟‬ ‫هل دامت الدنيا‬ ‫لغيرك كي تدوم لمن غدر؟‬ ‫أم ضنت الدنيا‬ ‫بخيرعندما عم البطر‬ ‫ٍ‬ ‫يوم هنا‪ ،‬و غداً سفر‬ ‫ماذا ستترك من أثر؟‬

‫ولد يخاطب أباه‪..‬‬ ‫هاني أبو العال‬ ‫دعني أحارب و أناضل في طواحين‬ ‫الهواء‬ ‫دعني أجرب أن أكون و أن أعيش بال‬ ‫احتواء‬ ‫‪79‬‬


‫أتريد أن أمشي على الدرب السوي بال عناء؟‬ ‫أم تحتمل عني البالء و ترتضيني للخواء؟‬ ‫الدرب دربي‪ ،‬قف‪ ،‬فلن أفني حياتي في هباء‬ ‫الدرب دربي‪ ،‬لن أعيش و لن أموت بال رجاء‬ ‫سأخوضه حتى النهاية و الثمالة و الفناء‬ ‫زرع و ماء‬ ‫قد أنتصر أو قد أصِ ل‪ ،‬يوما ً بال‬ ‫ٍ‬ ‫لكنني حتما ً سأعرف كيف أنظر للسماء‬

‫تحرر الحلم‬ ‫هاني أبو العال‬

‫استيقظ الحلم من نوم عميق‪ ..‬أحس بحمل ثقيل فوقه‪..‬‬ ‫يكتم أنفاسه‪..‬‬ ‫ما هو يا ترى؟ تحسس حوله ليعرف كنهه‪ ..‬إنه الواقع‪..‬‬ ‫الحلم خفيف‪ ،‬لين‪ ،‬ضعيف البنيان‪ ..‬أما الواقع فسمج‬ ‫سخيف‪ ..‬ثقيل بطيء الحركة‪..‬‬ ‫إستجمع الحلم قواه ليدفع بالواقع و يزيحه عنه‪..‬‬ ‫لم يستطع‪ ..‬إنه ال يتزحزح‪ ..‬و الحلم منهك‪ ..‬أنهكه رقاده‬ ‫الطويل‪ ..‬كم لبث في نومه؟ ال يذكر‪ ..‬ربما سنوات و سنوات‪..‬‬ ‫تلفت الحلم حوله ليبحث عن شيء يدفع به الواقع‪ ..‬أي شيء يساعده‪ ..‬لم يجد شيئا ً‪ ..‬أغمض عينيه‬ ‫و راح يفكر كيف ينجو من مازقه‪..‬‬ ‫فجأة‪ ،‬سمع صوت خطوات بعيدة‪ ..‬فتح عينيه سريعا ً و نظر نحوها‪..‬‬ ‫اإلرادة تبدو على مرمى البصر‪ ..‬نظر إليها طالبا ً العون‪ ..‬انتبهت اإلرادة إلى ما يحدث أمامها‪..‬‬ ‫الواقع يجثم على أنفاس الحلم‪ ....‬سارعت بخطواتها نحوهما‪ ..‬إستجمعت قواها‪ ،‬و دفعت الواقع‬ ‫بعيداً‪ ..‬سقط أخيراً‪..‬‬ ‫و تحرر الحلم‪..‬‬ ‫نهض الحلم من على األرض‪ ..‬نفض يديه من التراب‪ ،‬و شد قامته‪ ..‬نظر إلى اإلرادة ممتنا ً‪ ..‬و إلى‬ ‫الواقع الذي بدأ يزحف نحوه ثانية ببطء‪ ..‬ثم قفز قفزة صغيرة في الهواء فإذا به يحلق عاليأ ً‪ ..‬الحلم‬ ‫كائن يعيش في بعد مختلف‪ ..‬ال يتأثر بالجاذبية األرضية‪..‬‬ ‫‪80‬‬


‫نظر الحلم أمامه فرأى هدفه نصب عينيه‪ ..‬تذكر هدفه رغم مرور كل تلك السنوات‪ ..‬أغمض‬ ‫عينيه ثانية و انطلق نحوه‪ ..‬ماداً يديه أمامه ليمسك به‪..‬‬

‫‪81‬‬


‫ذكريات خيالية ‪..‬‬ ‫نهال سيف‬ ‫يجب أن أكتب ‪ ..‬لم اعد احتمل‬ ‫انتقت افضل ما تملكه من اقالم‬ ‫قلم حبر أحمر خفيف ‪..‬يسير علي الورق‬ ‫بسالسة‬ ‫و كأن جودة القلم تسهل جريان االفكار علي‬ ‫الورق‬ ‫عن اي شئ تكتب ؟‬ ‫إن كتبت عن الحزن زادت نفسها ألما ً‬ ‫إن كتبت عن الفرح أتراه يغير حالها من حال إلي حال ؟‬ ‫تكتب عن الصبر ؟‬ ‫أم تكتب عن األمل ؟‬ ‫بل أكتب عن أبي‬ ‫مألت البسمة وجهها‬ ‫هذه هي الذكري التي تجلب لها قدراً بريئا ً من السعادة‬ ‫لم تعرفه‬ ‫مجرد صورة معلقة في برواز و قصص متناثرة عن طيبته و كرمه‬ ‫رحل و هي صغيرة فلم تملك أي ذكريات له اطالقا‬ ‫لوال هذه الصورة المعلقة لظلت مالمحه مجهولة لها‬ ‫لكنها بعين الخيال نسجت قصص كثيره عنه‬ ‫هذا االحساس الخفي باليتم ال يغادرها‬ ‫لعله هو السبب في مشاعر الحزن التي تهاجمها من آن آلخر‬ ‫و كأن بالقلب شق عميق ال يلتئم فقط تخفيه و تغطيه بكثير من البسمات و الضحكات فإذا ضغطت‬ ‫عليها الدنيا انكشف الشق علي حالة و عادت لنفسها لتنسج قليل من الذكريات الوهمية معه‬ ‫في طفولتها كانت من احب القصص لقلبها قصة النبي محمد صلي هللا عليه وسلم‬ ‫كيف عاش يتيما ً مصطفي من هللا عز وجل‬ ‫تذكرها فتعزي نفسها انها كما الحبيب المصطفي‬ ‫لعل هذا ما أكسبها رقة في القلب‬ ‫و دموع غزيرة سريعة كلما رأت إنسان يتألم‬ ‫لألسف ما لم نمر بالتجربة نعجز عن ادراك قدر األلم‬ ‫مهما أسفت لحاله سيظل ما يعانيه اكبر ما لم تمر بتجربته لتدرك‬ ‫‪82‬‬


‫كلما رأت إنسان يتألم تشعر باأللم يعتصرها لحاله ‪..‬اللهم هون‬ ‫الدموع هو ما يظهر من جبل الجليد الطافي‬ ‫فكيف بما يشعره هو‬ ‫تعزيه بقليل من الكلمات عن الصبر علي البالء و الرضا‬ ‫لكن أي الكالم يعزي و عن أي رضا‪.‬‬ ‫رضا من يعجزه األمر فيستسلم معزيا نفسه بالرضا لكن ان واجه نفسه وجدها ساخطة عاجزة‬ ‫أم رضا المطمئن باهلل‬ ‫ما أقسي الرضا إن خالطه األلم‬ ‫فإذا ما خلت بنفسها كتبت ألبيها و معه‬ ‫تكتب عن افكار و مواقف و ذكريات خيالية فاذا ما أنتهت‬ ‫شعرت بالسعادة تغمرها فتبتسم‬ ‫ثم تكتب عن نعم هللا عليها تستجلب بها الرضا و الطمأنينة‬ ‫تكثر من الدعاء ألبيها بالمغفرة و تختم دعائها بجملتها األثيرة‬ ‫الحمد هلل ‪..‬بالتأكيد اختيار هللا هو األفضل‬ ‫حاولت أن تتخلي عن عادتها كثيراً‬ ‫للعقل سطوة تسفه أحالم القلب و خياله‬ ‫تباعدت فترات الكتابة‬ ‫و تباعدت الذكريات‬ ‫و اكتشفت أنه مر وقت طويل من آخر مرة كتبت عن خيالها مع أبيها‬ ‫بحسابات العقل أن تدعو له خير من كلمات موهومة‬ ‫لكن تشعر أن ذكراه تبهت‬ ‫و بتباعدها تفقد الكثير‬ ‫كثير من البهجة البريئة ‪ ..‬و الدعوات الصادقة‬ ‫تفقد كثير من نفسها‬ ‫عادت لتمسك القلم األحمر المحبب لتخط‬ ‫أبي الحبيب أفتقدك ‪...‬‬

‫‪83‬‬


‫الجـــولـة‬ ‫هاني أبو العال‬ ‫نظر الهوى متلف ًتا حوله ليتأكد من خلو‬ ‫المكان‪..‬‬ ‫الهوى عجوز‪ ..‬يولد و ينمو معنا و‬ ‫نحن أطفال‪ ..‬و يترعرع و يكبر‬ ‫بسرعة‪..‬‬ ‫لكنه عجوز متصابي‪..‬‬ ‫بدأ عمله في صمت‪..‬‬ ‫استيقظ الضمير‪ ..‬الضمير شاب يافع‪ ،‬يولد متأخراً و يحتاج للكثير من الغذاء و إال أصبح هزيالً‬ ‫أما الهوى فيشبه الكائنات الطفيلية‪ ..‬يأكل ما يصادفه و يقتات على اللمم‪ ..‬و يحتاج لقوة لمنعه‪ ..‬قوة‬ ‫الضمير‪..‬‬ ‫يتصارعان‪ ..‬يتدخل الغضب ليقف بجانب الهوى‪ ..‬يأتي اإليمان ليساند الضمير‬ ‫يحتد الصراع‪ ..‬و يصبح على أشده‬ ‫و ينتهي المشهد هنا‪ ..‬ترى‪ ،‬من فاز بهذه الجولة؟‬ ‫بغض النظر عن أيهما يفوز‪ ،‬فأمامهما جوالت كثيرة‪..‬‬ ‫يجرجر الهوى أذيال الخيبة في صمت‪ ،‬و يخطط للمرة القادمة‬

‫‪84‬‬


‫حتي ال يطير الدخان‬ ‫دينا سعيد‬ ‫قالت لي‪:‬‬ ‫أتعلمين فى رواية “حتى ال يطير الدخان” مشهد مؤثر ج ًدا‬ ‫حيث يكتشف بطل الفيلم أصابته بالكبد بمجرد أن أصبح‬ ‫غنيًا‪ .‬ويأمره األطباء أن يأكل يبتعد أن أكل اللحوم وهى‬ ‫التى لم يكن يأكلها طوال عمره ألنه كان فقيرً ا معدمًا‪ .‬فاآلن‬ ‫بعد أن أصبح غنيًا أصبحت محرمة عليه أي ً‬ ‫ضا‪.‬‬ ‫فى المشهد يأتي البطل بشخص معدم من قريته ويضع‬ ‫امامه أصناف اللحوم ويظل يراقبه وهو يأكل ويقول له كل‬ ‫من هذه‪ ،‬كل من هذه وهو يتأوه متعة وكأنه هو الذى يأكل‪،‬‬ ‫ثم يقول له فى النهاية “كفاية ألنى شبعت”‬ ‫قلت لها‪:‬‬ ‫نعم أتذكر هذا المشهد ولكن ما عالقته ذلك بهربك من‬ ‫الحب؟‬ ‫قالت‪:‬‬ ‫هى نفس الفكرة‪ ،‬يأتي لك الشىء الذى تمنيته طوال عمرك بعدما أصابك المرض وأصبحت غير‬ ‫قادرة على االستمتاع به ‪.‬‬ ‫أصبحت مليئة بالجراح وتعلمين أن تعريض نفسك ألى جرعة من الحب هو بمثابة تناول مريض‬ ‫الكبد لقطعة لحمة قد يستمتع قليالً أثناء تناولها ثم يظل يئن ويتوجع وينزف دمًا‪.‬‬ ‫قلت لها‪:‬‬ ‫فما هو العمل؟‬ ‫قالت‪:‬‬ ‫هو ما أفعله اآلن وهو ما فعله بطل الفيلم عندما أتى بصديقه المعدم ليأكل ً‬ ‫بدال منه‪ ،‬اشجع اآلخرين‬ ‫على الحب والزواج‪ ،‬استمتع بقصص عشقهم وأكتب عنها‪ ،‬أعيش كل شىء معهم وأفرح وكأنى أنا‬ ‫التى أحب واتزوج‪ ،‬استمتع بضحكات أطفالهم وكأنها ضحكات أوالدي‪ .‬صدقنى أنا ال أحقد على‬ ‫أى أحد‪ ،‬أنا فقط استمتع بسعادتهم التى ال استطيع أن أنالها‪.‬‬ ‫قلت لها‪:‬‬ ‫أليس من الممكن أن يكون تشخيصك لمرضك خاطىء وتكونين أنتى أيضً ا قادرة على االستمتاع‬ ‫بما تظنين فيه هالكك؟‬ ‫‪85‬‬


‫قالت‪:‬‬ ‫أحيا ًنا أقول لنفسي هذا فاقترب خطوة أو بضع خطوات ثم ما ألبث أن أتذكر أن فى األمر نهايتى‬ ‫فأجدني أركض وأركض وأركض‪ .‬وهكذا أعيش أيامي فى عذاب متواصل ما بين االقتراب‬ ‫والهرب‪.‬‬ ‫قلت لها‪:‬‬ ‫الحل أن تحسمى هذا الصراع بداخلك‪ :‬أما أن تقررى أن تخاطري مهما كانت العواقب أو أن‬ ‫تبتعدي لألبد كما قال “نزار قباني” ال توجد منطقة وسطي ما بين الجنة والنار‪.‬‬ ‫قالت وهى تضحك فى ألم‪:‬‬ ‫يوجد األعراف وهو ما أنا عليه اآلن ولكن مشكلتى أنى ال أعرف تحدي ًدا أين هى الجنة وأين هى‬ ‫النار‪.‬‬

‫زوجــها!‬ ‫ريهام نجيب‬ ‫كنت أظن أن األمر سوف ينتهى عند‬ ‫تلك الفتاة الواضح عليها أنها من عائلة‬ ‫ميسورة األحوال‪...‬حين جاءت لى مع‬ ‫أبيها تشكو من ألم فى رأسها ال‬ ‫يبارحها ويمنعها عن أن تقوم بما يجب‬ ‫عليها وقد اقتربت االمتحانات‪..‬‬ ‫كانت فى العشرين من عمرها‬ ‫تقريبا‪..‬و كانت هادئة ومتحفظة فى‬ ‫الكالم‪..‬قلت لها أن ذلك األلم المستمر‬ ‫ناتج عن ضغط نفسي و سألتها إن حدث شىء قالت بهدوء‪..‬منذ فترة قصيرة عاود أمى مرض‬ ‫السرطان و عدنا بها إلى المستشفى‪...‬‬ ‫وللحق لم أتاثر كثيرا أكثر من التأثر المعتاد لمثل هذه المواقف أن ترى فتاة صغيرة السن على‬ ‫حافة من أن تفقد أمها‪..‬‬ ‫أنت كطبيب مهما قالوا لك أن تنحى مشاعرك الشخصية وأهوائك فلن تقدر‪...‬سوف يبقى هناك‬ ‫‪86‬‬


‫مر يض يدخل القلب وتحبه حقا ومريض آخر تشعر ببعد عنه وتعامله من منطلق واجبك اإلنساني‬ ‫فقط‪...‬‬ ‫كان هو أحد هؤالء‪..‬إن كنت طبيبا فستعرف كم يرهق الطبيب و يثير أعصابه المريض‬ ‫اللحوح‪..‬الذى يسأل السؤال مئة مرة و يجد نفس اإلجابة والذى يتدخل فى مواعيد الدواء وتنفيذه‬ ‫ومواعيد الفحوص وتنفيذها‪..‬كان هو كذلك‪..‬وبجدارة‪..‬حتى أننا جميعا كنا نحاول قدر اإلمكان‬ ‫تحاشى التعامل معه حتي ال يثير أعصاب أحدنا فينفعل!‬ ‫الواقع أنى ال أعرف اسمه إلى اآلن‪..‬فقد كنت أطلق عليه "جوز فالنة" ألنه كان مع زوجته‬ ‫المصابة بمرحلة متأخرة من سرطان الثدى جعلته ينتشر في أنحاء جسدها ليصبح جسد ضعيف‬ ‫مهترىء‪...‬‬ ‫مهما اعتقدت أنك تشعر بمعاناة مريض يعلم أن حياته أوشكت على االنتهاء واستسلم لذلك لن‬ ‫تستطيع إال إذا كنت‪-‬عافاك هللا_ مكانه‪...‬الغريب أنى كلما رأيت أحدهم فكرت ترى فيم يفكر من‬ ‫علم بقرب األجل‪...‬‬ ‫في أحد االيام‪..‬قررت القيام بعملية انتحارية و الذهاب إلى غرفة تلك المريضة ألن زوجها استمر‬ ‫فى إلحاحه على ما يلح عليه دائما‪..‬نفس الطلب‪..‬نفس األسئلة‪..‬ونفس اإلجابات‪..‬فبدال من أن يتحول‬ ‫األمر إلى "خناقة" ذهبت ألحاول تهدئته‪..‬‬ ‫كان يبكي وينظر إليها و قد ارتبك صوته و يقول لها "أنا آسف" "وهللا ما قصدي أنا آسف" و‬ ‫يلح‪..‬وهى تقول له بصوتها المبحوح جدا من اإلنهاك الذى اصابها و تحطمت رئتاها يفغل انتشار‬ ‫المرض فيهما فلم تعد تقوى على كالم مثير‪..‬تقول له "يا بابا أنا عارفة إنه مش قصدك حصل خير‬ ‫هيحصل ايه يعني‪"...‬‬ ‫لن أنكر أنى أتردد دائما فى تلك المواقف‪...‬ال أعرف يقينا ما يجب فعله‪..‬شعورك وأنت طبيب ال‬ ‫يجعل مجرد طمئنة المريض أو اهله كافى‪..‬كأنه "واجب" عليك أن تفعل شيئا‪..‬واجب أن تذهب‬ ‫فتأتى بجديد‪..‬أن تمتلك العصاة السحرية وتغير أى شىء‪...‬‬ ‫سألتهم باندهاش وخوف ماذا حدث‪...‬أجابني وهو مازال يبكي‪"..‬كنت بساعدها تدخل الحمام‬ ‫وغصب عني اتفكت األنبوبة (كانت المريضة تضع أنبوبة في الصدر لتفريغ االرتشاح الدموي‬ ‫الذى يطبق على رئتيها)‪...‬و أنا أعرف أنها يصعب عليها التنفس بدونها‪..‬و أنها كانت مثبتة ببضعة‬ ‫‪87‬‬


‫غز فى جلدها فآلمها أن انفكت‪"...‬‬ ‫كان هو يحكي ويبكى متوترا وخائفا وهى تحاول طمئنته "أنت تعبان معايا طول اليوم مش مهم‬ ‫هستحمل كفاية إنك انت اللى بتشلني وتجيبني وتوديني وسايب كل حاجة عشاني‪"...‬‬ ‫لوهلة تذكرت الموقف‪..‬ابنتها رأيتها فكانت تلك الفتاة التى جاءت تشكو من صداع مزمن‪..‬كانت‬ ‫جالسة نظرة باردة‪..‬على وجهها‪..‬فسألتها هل انتهت من االمتحانات‪..‬فردت أمها بصوت مبحوح‬ ‫‪":‬دي تعبت معايا أوي‪..‬مذاكرة ومستشفى‪"...‬‬ ‫أحيانا تسأل نفسك‪..‬هل إن وضعت ‪-‬عافى هللا أهلى ومن أحب‪ -‬فى مثل هذا الموقف هل سأكون‬ ‫قادرة على تلك المسئولية‪..‬على هذا التنازل؟؟ على أن أهب حياتي ألحد أحبه في حاجة وأنا‬ ‫راضية‪..‬‬ ‫كانا فى الخميسن من العمر‪...‬األمر أنه حين تعيش مع شريك لك فترة طويلة‪..‬عشرين عام‬ ‫مثال‪..‬يصبح االمر بينكما أكبر من أى حب‪..‬و اكبر من أى محبة‪..‬يصبح األمر عادة وتعود‪..‬يصبح‬ ‫هذا الشخص شاهدا على حياتك‪..‬بكل ما فيها‪...‬يصبح ذاكرة حية لحياتك التى تذكرها‪..‬حتى أنك‬ ‫يصعب عليك أن تتذكر حياتك بدونه‪..‬مهما جعلك تعانى‪..‬مهما جعلك تبكي‪..‬مهما اختلفتما‪..‬ولكن‬ ‫يبقى خوفك من فقدانه أو البعد عنه هو خوفك من فقدان نفسك‪..‬أنت مهما كنت ال تعلم لنفسك‬ ‫تعريفا بدونه‪...‬أن تعرف أن العمر لن يسمح بأن تعرف غيره وتعتاد غيره وتشارك غيره‪...‬تصبح‬ ‫حياتك بدونه انتظار للحظة األجل‪..‬مهما كان لديك من أمور لتعوضك عنه‪...‬ال تفكر حينها هل‬ ‫أحببته حقا منذ عشرين عام أم ال‪..‬تصبح كل أفكارك هل أنا قادر على الحياة بدون هذا الذى‬ ‫شاركنيها كلها؟؟؟‬ ‫مهما اصابتك من ضغوط مهما بذلت ألجله من جهد‪..‬يبقى ما تفعله تفعله حقا لنفسك‪..‬هذا الذى‬ ‫شاركك حياة كاملة وشهد عليها‪..‬و اصبح يكمل حديثك ويعرف كل ما تحب وتكره‪..‬و تركك‬ ‫األقربون‪..‬واالصحاب واألهل وبقيتما أنتما فقط‪...‬هذا الذى كان كلما رأى ما تحبه أنت اشتراه‬ ‫لعشرين عام‪..‬تلك التى لم تذق "الكوسة" عشرين عام ألنك ال تحب رائحتها!‬ ‫تصبح حياتك وحياته متشابكة‪..‬ال تعلم هل أحدكما حقا قادر على أن يصمد دون اآلخر‪..‬‬ ‫لذلك يبدو كل جهد من أجله هيّن‪..‬كل يوم يبقى فى الدنيا هو يوم اضيف لعمرك أنت‪....‬‬ ‫‪88‬‬


‫لماذ اذكر ذلك اليوم؟ ألنه كان يوم "واقفة" عيد من األعياد‪..‬وفي تلك االيام يصعب جدا الوصول‬ ‫لالستشاريين وأردنا واحدا ليعيد تركيب االنبوبة التى لم تكن سوى أمل ضعيف يساعدها فقط على‬ ‫التنفس‪..‬‬ ‫كان كل همها أن تطمئنه‪...‬وتبكي‪..‬كان كل همه أن يطمئنها ويبكي‪...‬كان األمر اشبه بأم تبكي‬ ‫وطفلها يبكي ألجلها فتدعي عدم البكاء حتي ال يبكي هو‪...‬‬ ‫حاولت تهدئتها و مداعبتها وحاولت تهدئته‪..‬و أخرجته من الغرفة وقلت له هوّ ن عليك فهى‬ ‫تحتاجك و لكن كل هذا الضغط سوف يصيبك أنت بالمرض‪...‬فقال لى ‪:‬اصلها ملهاش غيري‬ ‫والوالد مش فاضيين‪..‬وأنا خايف حتى أطلع العمرة أرجع مالقاهاش‪..‬مش عايز أى حاجة ممكن‬ ‫تتعمل أكون اصرت فيها‪"..‬‬ ‫تخيل ان تسمع هذا الكالم من شخص كنت "شخصيا" تمل منه‪..‬فيذوب الحاجز و تشعر أنك شهدت‬ ‫الحب فعال‪..‬الحب الحق القائم على مودة وعطف‪...‬‬ ‫العمل فى مستشفى يجعلك تعرف العائلة بأكملها فى اسوأ ظروفها‪...‬تعلم أنه أحيانا من طول‬ ‫المرض يتمنى أهل المريض له الموت لينتهى ألمه وآالمهم‪...‬وهو يتمنى الموت ليريحهم‪..‬ويبقى‬ ‫شعور بالذنب متبادل‪..‬فكرت كم مرة مر بخاطره أن يتركها‪...‬كم مرة قال في نفسه هى ستموت‬ ‫فلماذا ابذل الجهد‪..‬كم مرة منعه عن ذلك أنه يعلم "إنه ملهوش غيرها" فكرت هل كانا يحبان‬ ‫بعضهما منذ عشرين عام؟؟ هل ما منعه أنه تذكر أنها أم اوالده وهم يحتاجونها‪..‬هل منعه حين‬ ‫تذكر كل ما أفضى به إليها‪..‬وكل مرة ساعدته‪..‬هل منعه أن تذكر يوما تحملت منه ما ال يحتمل؟؟‬ ‫في ذلك اليوم تخيلت أن ما تفكر فيه هى وهى على مقربة من الموت هو كيف ستترك‬ ‫هؤالء؟؟كيف ستساعدهم أن يعتادوا غيابها؟‪..‬كيف سيعرف هو أنه لم يقصّر‪..‬‬ ‫تذكرت أنى شهدت ذلك لسبب ما‪...‬وحتى اليوم حين أراه ال أعرف اسمه واذكر فقط أنه "زوجها"‬ ‫في الخلفية كان هاتفى يضرب جرسه أغنية جون لينون‬ ‫‪grow old along with me...the best is yet to be‬‬ ‫‪WHEN OUR TIME WILL COME..WE WILL BE AS ONE..‬‬ ‫‪89‬‬


http://www.youtube.com/watch?v=q2gfiet4PtI

90


‫القلب الغاضب‬ ‫دينا سعيد‬ ‫حلقات القلب الغاضب منفصلة متصلة يجمع بينها الطبيب النفسى د‪ .‬ياسر‪:‬‬ ‫لمراجعة الحلقات السابقة برجاء الذهاب للرابط التالى‬ ‫‪http://dinasaid.com/category/%D8%A7%D9%84%D9%82%D9%84%D8%A8‬‬ ‫‪-%D8%A7%D9%84%D8%BA%D8%A7%D8%B6%D8%A8/‬‬ ‫تنويه ‪ :7‬هذه قصة ال يشترط أن تعبر عن وجهة نظر‬ ‫الكاتب أو رؤيته ولكنها قد تعبر عن شخص آخر‬ ‫يعرفه الكاتب أو من وحى خياله‬ ‫–—————————————‬ ‫ضياع الحلم‬ ‫——————————————‬‫على باب االسانيسر قابل د‪ .‬ياسر جاره الناشط‬ ‫السياسى الشاب “عصام” فحياه تحية الصباح ولكنه‬ ‫الحظ وجومه وشروده فحاول يتجاذب معه أطراف‬ ‫الحديث‪.‬‬ ‫د‪ .‬ياسر‪ :‬ما أخبار االعتصامات والمظاهرات يا عصام؟‬ ‫عصام‪ :‬زى ما هى‪ .‬كل حاجة زى ما هى‬ ‫د‪ .‬ياسر‪ :‬منذ فترة لم أرك فى أى برنامج تليفزيونى ولست أرى لك نشاط كعادتك على الفيس بوك‬ ‫وتويتر‬ ‫عصام‪ :‬لكن الكالم لم يعد يفيد بشىء‪ .‬كل شىء ضاع‬ ‫د‪ .‬ياسر‪ :‬ما الذى ضاع بالتحديد؟‬ ‫عصام وهو ينظر لألرض‪ :‬كل شىء‪ .‬نحن جيل سُرق منه الحلم‪ .‬كل شىء انهار وسط تجار الدم‬ ‫والسياسة‬ ‫‪91‬‬


‫د‪ .‬ياسر وقد بدأ يشعر أن “عصام” يعانى من مشكلة حقيقية‪ :‬أريد أن أسمع المزيد منك‪ ،‬عندى‬ ‫متسع من الوقت‪ .‬أتمانع أن نذهب للقهوة التى فى أول الشارع؟‬ ‫عصام وقد بدا عليه التردد‪ :‬أظن أنى يجب أن أذهب لمالقاة صديقى‬ ‫د‪ .‬ياسر‪ :‬تستطيع أن تؤجل ميعادك معه نصف ساعة حتى نتهى من حوارنا‬ ‫عصام‪ :‬كما تريد‬ ‫جلس عصام ود‪ .‬ياسر إلى أحدى موائد المقهى وحرص د‪ .‬ياسر أن يجلس أمام عصام حتى يرى‬ ‫تعبيرات وجهه وكان من المالحظ أن عصام لم يتكلم مع صديقه المزعوم ليؤجل الميعاد‪.‬‬ ‫د‪ .‬ياسر‪ :‬كنت تقول لى أن حلم جيلك قد ضاع أو سُرق‪ .‬ما الحلم الذى تقصده؟‬ ‫عصام‪ :‬الحلم أن تكون مصر حرة قوية مستقلة‪ .‬أن تكون دولة متقدمة عادلة‬ ‫الحلم الذى كنت أنزل من أجله المظاهرات مع “كفاية” والذى قضيت من أجله ‪ 16‬يومًا فى‬ ‫التحرير‬ ‫الحلم الذى أعرف ‪ 10‬شباب فقدوا أرواحهم وعيونهم من أجله‪ .‬وهناك الكثيرون الذين ال أعرفهم‬ ‫ولكن أعرف أساميهم ووجوههم وهم يطارودنى دائمًا‪.‬‬ ‫د‪ .‬ياسر‪ :‬يطارودنك؟ أتعنى فى الحلم؟‬ ‫عصام‪ :‬فى الحلم وفى اليقظة‪ .‬أرى وجهوهم ودمائهم طوال الوقت تلعنى وتلعن جيلى كله الذى‬ ‫أضاع دماءهم هباء فى دهاليز السياسة‪.‬‬ ‫أتعلم ما هو أصعب شىء على نفسى؟‬ ‫د‪ .‬ياسر‪ :‬ما هو؟‬ ‫عصام‪ :‬أن هناك المزيد كل يوم يموتون‪ .‬ولم أعد أعرف هل من الواجب أن يموت هوالء من أجل‬ ‫تحقيق حلم من مات‬ ‫أو أن دماءهم أي ً‬ ‫ضا ستضيع هباء فلنوقف كل حمامات الدم هذه ونقنع بأن حلمنا ضاع بال‬ ‫رجعة‪ .‬وأننا كنا فى منتهى السذاجة والعبط عندما حلمنا هذا الحلم‬ ‫د‪ .‬ياسر‪ :‬أوافقك أنه شعور مريع أال تعرف ماذا تفعل وأن تصل لدرجة أنك تشعر أن أى كلمة منك‬ ‫قد يضيع بسببها أرواح آخرى بريئة‪ .‬ألهذا توقفت عن الكالم فى السياسة؟‬

‫‪92‬‬


‫عصام‪ :‬بالظبط‪ .‬فقد بدأت أفهم أن األمر فى نهايته مجرد مصالح اقتصادية متصارعة تستخدمنا‬ ‫نحن كوقود للحرب‬ ‫أشعر فى كل وقت بكلمة “أمل دنقل‪”:‬‬ ‫ال تحلموا بعالم سعيد فخلف كل قيصر يموت قيصر جديد‬ ‫كلهم قيصر‪ ،‬سواء كان يرتدى بدلة عسكرية أو مدنية أو بلحية أو بدونها‬ ‫ال توجد فائدة‪ .‬كلهم يتحولون لقيصر أول ما يمسكون السلطة فى أيديهم أو ربما كان قيصر متخفى‬ ‫داخلهم منذ البداية‪.‬‬ ‫د‪ .‬ياسر‪ :‬إنى أسمعك تقول أنه ال فائدة من الثورة على الظلم ألن من سيأتى سيكون على أية حال‬ ‫ظالمًا أي ً‬ ‫ضا لذا فقد قررت عدم الكالم فى السياسة أو العمل بها‪ ،‬أهذا صحيح؟‬ ‫عصام‪ :‬إلى حد كبير‪ .‬قررت أن أتوقف عن العمل السياسي‬ ‫ثم شرد ببصره لحظة واستطرد فى الواقع لقد قررت أن أتوقف عن كل شىء‬ ‫د‪ .‬ياسر‪ :‬ما الذى تعنيه بكل شىء؟ هل قررت االنتحار مثال؟‬ ‫عصام وقد زاغ بصره‪:‬‬ ‫شىء قريب بهذا‪ ،‬ال استطيع أن أتناول سمًا أو حبوبًا ألن أهلى سيعرفون أننى مت منتحرً ا‬ ‫وسيكون األمر صعبًا ً‬ ‫جدا عليهم‪ .‬أحاول أن أجعل األمر يبدو كحادثة وبغير تخطيط منى‪ .‬كأن‬ ‫أعبر الطريق بال اكتراث أو أقود السيارة بتهور أو ربما أنزع فرامل السيارة يومًا وأقودها‪.‬‬ ‫أخذ د‪ .‬ياسر يستعيد ما يعرفه ما يعرفه عن الكالم مع شخص يخطط لالنتحار‪ .‬من الجيد أنه لم‬ ‫يتردد وسأل السؤال مباشرة عندما الحظ فى كلمات عصام وتصرفاته ما قد يدل على تفكيره فى‬ ‫االنتحار‪ .‬واآلن هو يريد أن يستخرج من داخل عصام سببًا قد يجعله يرغب فى العيش‪ .‬لو لم يكن‬ ‫جزء فى عصام يريد الحياة لما تكلم معه‪ .‬عصام منهار نفسيًا ومن داخله يريد من يمد له يد‬ ‫المساعدة لينشله من الجزء الذى داخله الذى يجعله يريد الموت‪.‬‬ ‫د‪ .‬ياسر‪ :‬تعرف يا عصام أنى أحبك كثيرً ا وأنه من المحزن أن أشاهد شابًا ياف ًعا مثلك يريد إنهاء‬ ‫حياته ألن حلمه ضاع‪ .‬ولكنى أراك تخاف على أهلك كثيرً ا وكيف سيحزنون إذا عرفوا بانتحارك‪.‬‬ ‫أليس كذلك؟‬

‫‪93‬‬


‫عصام‪ :‬طب ًعا‪ .‬لن تتحمل أمي الشعور بالذنب أنى كان بداخلى كل هذا الحزن وهى لم تتنبه له‪.‬‬ ‫األفضل أن أموت بال تخطيط وإن كان هذا سيقتلها أي ً‬ ‫ضا‪ .‬لقد رأيت أمامى عشرات األمهات‬ ‫للشهداء وأعرف ما الذى يعنيه حزن أم على ابنها‪.‬‬ ‫د‪ .‬ياسر‪ :‬إذن فأنت ال تريد أن تسبب ألمك الحزن بموتك‬ ‫عصام‪ :‬أكيد ولكنى قد أموت أي ً‬ ‫ضا فى أى لحظة وتحزن هى فما الفارق؟ الفارق أنى هنا اختار‬ ‫الموعد وأهرب بنفسى من كل العذاب الذى أنا فيه‪.‬‬ ‫د‪ .‬ياسر وهو يفكر فيما يقوله لعصام‪ .‬يعرف أنه ال يجب أن يذكره بعقاب هللا للمنتحر ما لم يذكر‬ ‫عصام هذا بنفسه‪ ،‬فإذا لم يكن بداخله فهو ليس بدافع جيد للحياة بالنسبة له‪ .‬اآلن هى فقط أمه التى‬ ‫يريد أن يحيا حتى ال تحزن‬ ‫د‪ .‬ياسر‪ :‬ما أسمعك تقوله أنك ال تريد ألمك أن تحزن بسببك بان تكون أنت من حددت موعد إنهاء‬ ‫حياتك بنفسك‪ .‬قل لى يا عصام أنت من فترة على هذه الحالة فلماذا لم تحاول االنتحار من قبل؟‬ ‫عصام‪ :‬أقدمت على الخطوة كثيرً ا ولكن فى اللحظة األخيرة أتردد‪ .‬ربما كان جبن منى وربما‬ ‫خوف مما بعد الموت مما يقوله الشيوخ عن عقوبة المنتحر‬ ‫د‪ .‬ياسر‪ :‬فأنت تقول أن ما يجعلك تتردد هو خوفك من هللا؟‬ ‫عصام‪ :‬أحيا ًنا ولكنى أفكر أن من األولى أن يعاقب هللا كل هوالء الظلمة وسفاكين الدماء ً‬ ‫بدال من‬ ‫أن يعاقب بائس مثلى فر من جحيم الدنيا‪ .‬أنا فى عذاب حقيقى يا د‪ .‬ياسر‪ .‬إذا تكلمت شعرت‬ ‫بالذنب وإذا صمتت شعرت بالذنب ألنى البد أن أتكلم وصور الموتى ودمائهم تتطاردنى‪ .‬أريد أن‬ ‫أخلص من كل هذا وال يوجد طريق غير الموت‪.‬‬ ‫د‪ .‬ياسر‪ :‬أنا أشعر بعذابك واستطيع أن اتخيل كيف ما تعيشه صعبًا‪ .‬فقد كنت فى الجيش أثناء‬ ‫حرب ‪ 61‬وشاهدت أصدقائى يمتون أمام عينى وعشت فرحة النصر وكان عند جيلى حلم لمصر‬ ‫أي ً‬ ‫ضا ولكن كل هذا انهار مع معاهدة السالم ودخول الرأسمالية وتوحشها فى مصر‪ .‬أعرف ما‬ ‫تعانيه‪ ،‬فقد مررت به من قبل ورأيت الكثيرين مما عاشوا فيه‪.‬‬ ‫عصام‪ :‬بالظبط‪ .‬دائمًا ما أفكر أن ما يحدث لجيلنا شبيه بما حدث لجيلكم‪ .‬فى الحالتين نحن حققنا‬ ‫ً‬ ‫مستحيال لم يكن يتصوره أحد وفى الحالتين الحلم الكبير انهار بل وقد قيل لجيلكم أي ً‬ ‫ضا أن‬ ‫شي ًئا‬ ‫حرب أكتوبر كانت خدعة وبترتيب بين أمريكا وإسرائيل والسادات كما يقولون لجيلنا اآلن أن‬ ‫الثورة كانت خدعة تم استخدامنا فيها‪ ،‬وكذلك كان منكم من ركب الموجة ومن انعزل وآثار أن‬ ‫يعمل فى صمت ومن هاجر وترك الدنيا بما فيها ومن انتحر‬

‫‪94‬‬


‫د‪ .‬ياسر‪ :‬بالظبط كان هناك كل هوالء‪ .‬ولكن دعنا نتخيل ماذا كان سيحدث لو لم تقوم حرب ‪61‬‬ ‫وظلنا فى شعور الهزيمة واالنكسار حتى يومنا هذا؟‬ ‫عصام‪ :‬ال أعرف يا دكتور ما هو األفضل‪ .‬هل األحسن أن تعيش تسعى لحلم صعب التحقيق؟ أم‬ ‫أن تحققه ثم تكتشف أنه كان وهمًا كبيرً ا؟‬ ‫د‪ .‬ياسر وقد الحظ أنه تأخر على ميعاد عيادته فوجب عليه أن ينهى المناقشة ولكنه فى نفس الوقت‬ ‫ال يريد أن يترك عصام حتى تسيطر فكرة االنتحار عليه ويفعلها‪.‬‬ ‫د‪ .‬ياسر‪ :‬انظر يا عصام‪ .‬ما سمعته منك اليوم أن هناك جزء فيك يريد الموت ألنك ترى ضياع‬ ‫حلم جيلك وتريد أن تتخلص من شعورك بالذنب سواء شاركت فى الحياة السياسية أم لم تشارك‬ ‫بها وجزء ثانى فيك يريد الحياة ألنك تخاف على حزن أمك ومن عقوبة هللا للمنتحر‪.‬‬ ‫هل ما أقوله صحيحً ا؟‬ ‫عصام‪ :‬إلى حد كبير‬ ‫د‪ .‬ياسر‪ :‬إذن فلنعقد اتفا ًقا أال تحاول االنتحار حتى نتكلم غ ًدا ونحاول أن نفكر م ًعا كيف نحمى‬ ‫نصفك الذى يريد الحياة من نصفك الذى يريد الموت‬ ‫هل يناسبك الساعة ‪ 10‬صباحً ا؟‬ ‫عصام‪ :‬نعم‪.‬‬ ‫د‪ .‬ياسر‪ :‬وهذا هاتفى المحمول تستطيع أن تتصل بى فى أى وقت‪ ،‬إذا احتجت لى‪ .‬واآلن ما الشىء‬ ‫الذى توعدينى وتوعد نفسك به؟‬ ‫عصام‪ :‬أن احافظ على حياتى حتى نتقابل غ ًدا‪.‬‬ ‫د‪ .‬ياسر‪ :‬وأن تكلمنى إذا احتجت لى‪ .‬إلى اللقاء غ ّدا‬ ‫——————‬‫خطوات التحدث مع الراغب فى االنتحار مستوحاة من ورشة عمل فى‬ ‫‪Sucide First Aid, Calgary, Canada‬‬ ‫وقد قمت بتلخيصها هنا‬

‫‪95‬‬


‫لماذا ال أستطيع تحقيق ما أتمناه‬ ‫دينا سعيد‬ ‫الكثير مننا لديهم أمانى يريدون تحقيقها ولكنهم طوال الوقت يفشلون فى‬ ‫ذلك‪ ،‬ال اتكلم هنا عن األشياء ليس فى يديك تحقيقها اآلن مثل أن تكون‬ ‫غنيًا أو مشهورً ا‪ ،‬ولكن أتكلم عن األشياء التى تعرف أنك تستطيع تحقيقها‬ ‫ولكنك تعتقد أن كل ما ينقصك هو اإلرادة لتحقيقها مثل‪ :‬اإلقالع عن‬ ‫التدخين أو انقاص وزنك أو التقليل من استخدام الفيس بوك والشبكات‬ ‫االجتماعية أو غيرها من األشياء التى ال يبدو أن هناك أى شىء ظاهرى‬ ‫يعوقك عن تنفيذها‪.‬‬ ‫فما السبب فى اخفاق معظم الناس فى تحقيق هذه األشياء؟‬ ‫ما السبب أن كل من على الفيس بوك يشكون من أنهم طوال الوقت عليه ولكنهم فى نفس الوقت ال‬ ‫يقدرون على تركه؟‬ ‫ما السبب أن من يعانى من زيادة الوزن يظل يحاول أن يلتزم بالريجيم تلو اآلخر ويقوم بالرياضة‬ ‫تلو اآلخرى ولكن ال يبدو أى شىء ينجح‪ ،‬وفى كل مرة ينقص وزنه يرجع لوزنه السابق وربما‬ ‫أكثر؟‬ ‫ما السبب أن من يدخن ال يستطيع أن يقلع عن التدخين رغم أنه يعرف آثره المدمر على صحته‬ ‫وقد يكون محتاجً ا للنقود التى يصرفها على السجائر؟‬ ‫ما السبب فى أن هذه األشياء تظل كالجبال على كاهل اإلنسان فهو يشعر طوال الوقت بالذنب لعدم‬ ‫استطاعته التحكم فيها ورغم هذا هو ال يقدر على ذلك؟‬ ‫ربما كان السبب هو أن اإلنسان فى داخله فى الوعيه ال يريد ح ًقا أن يحقق هذه األمانى‪ .‬كيف هذا؟‬ ‫فلنأخذ مثال التدخين‪:‬‬ ‫فى وعى اإلنسان هو يعرف أضرار التدخين على صحته وامواله وربما يكون قد رأى أمامه من‬ ‫مات بسرطان الررئة بسبب التدخين لذا فالفكرة التى فى الوعى قد تكون أريد أن أترك التدخين‬ ‫ولكن فى الوعيه ‪ :‬هو ال يريد أن يترك التدخين ألنه ولسنوات كان الشىء الذى يريحه نفسيًا عند‬ ‫الغضب أو التوتر‪ .‬فهى قد أصبحت بمثابة األمان بالنسبة له‬ ‫‪96‬‬


‫وهنا ينشأ صراع بين الوعى والالوعى بسبب التضارب بين ما يريده كل منهما ويكون الحل الذى‬ ‫يجد طريقه هو الحل المعروف فى علم‬ ‫النفس بال‬ ‫‪Compromise Solution‬‬ ‫فالذى يكسب فى مثل هذا الصراع هو الشىء األكثر راحة لنفس اإلنسان وهو فى معظم األحيان‬ ‫عدم ترك التدخين ألنه أصبح النطاق اآلمن‬ ‫‪Comfortable Zone‬‬ ‫األمر ليس بهذه البساطة التى يتصورها الكثير من الناس‪ ،‬تقول المذيعة الشهيرة أوبرا وينفرى عن‬ ‫مكافحتها إلنقاص وزنها أنها كانت تشعر برغبتها فى صفع كل من يقول لها أنها البد أن تتحلى‬ ‫باإلرادة وتغلق فمها عن أكل الطعام‪.‬‬ ‫‪.‬ألن األمر ليس بالبساطة التى يتصورها الكثير من الناس‬ ‫األكل مرتبط فى الالوعى عند بعض الناس بالمتعة والراحة النفسية والتخلص من التوتر‪ .‬كل‬ ‫المناسبات االجتماعية السارة واألعياد فيها طعام شهى‪ .‬لقد تعلم منذ طفولته أن السعادة فى أن‬ ‫يأكل وكانت مكافات نجاحه شكوالتة وتورتة وكان كلما تعب أو مرض يحضر له أبواه الحلويات‬ ‫واآليس كريم حتى ينسى ألمه وقد يكون شاهد أمامه أهله وهم يفعلون المثل عندما يفرحون يأكلون‬ ‫وعندما يحزنون ياكلون وعندما يتوترون ياكلون‪.‬‬ ‫هناك فى الالوعى آالف الخبرات النفسية على مدار سنوات التى تجعله ال يريد أن يترك هذا المالذ‬ ‫اآلمن بالنسبة له‪ .‬ال يريد أن يواجه آالمه وجروحه وتوتره بدون الشىء الذى يسبب له الراحة حتى‬ ‫لو كان كل وعيه يقول أن األفضل له أن يفعل ذلك‪.‬‬ ‫أتعرف ما الذى يفعله معظم من يعانون من هذا الصراع بين الوعى والالوعى؟‬ ‫الكذب‪ .‬نعم الكذب ليس على من حولهم فقط بل على أنفسهم أي ً‬ ‫ضا‪ .‬فمن الصعب أن يعيش اإلنسان‬ ‫طوال الوقت وهو يشعر أنه يقوم بشىء غير منطقى وضد ما يريده عقله الواعى‪ .‬لذلك فهو يكذب‬ ‫ويقنع نفسه بأى سبب كاف ألن يظل فى ال‬ ‫‪comfortable zone‬‬ ‫بدون أن يشعر بالذنب‪ .‬وبدون أن يواجه نفسه دائمًا بمشكلته‬

‫‪97‬‬


‫مثال معظم من يعانون من زيادة الوزن يتحاشون النظر فى المرآة الكاملة ويتجنبون وزن أنفسهم‬ ‫ومعظم من يدخنون يحبون أن يخرجوا مع مدخنين مثلهم‬ ‫ثم تجد الكثير من التبريرات التى يريد أن يقنع الشخص نفسه ومن حوله بها‪ ،‬لماذا هذا األمر‬ ‫صعب او مستحيل؟‬ ‫أو تجد الكثير من الخطط لإلقالع عن األمر وبذلك يتوقف اآلخرون عن لومه ألنه يبدو أنه يحاول‪،‬‬ ‫بل أن نفسه ذاتها تتوقف عن اللوم ألنه يحاول ويضع خطط ولكن الحقيقة أن كل هذه الخطط‬ ‫تكون فى األغلب غير جدية ولكنها وسيلة للتحايل على النفس قبل الغير لينفذ اإلنسان فى النهاية‬ ‫الشىء األكثر راحة نفسيًا وهو إرادة الالوعى فى أن يظل كما هو‬ ‫ملحوظة‪:‬‬ ‫قد ينطبق نفس المفهوم على العالقات العاطفية غير السوية بشخص يستغل اإلنسان ويسبب له‬ ‫األلم ومع ذلك ال يقوى على تركه أو قد ينطبق على أشياء آخرى فى العمل والدراسة والحياة‬ ‫بشكل عام‪.‬‬

‫‪98‬‬


‫‪ – Life of Pi‬حياة “باي‬ ‫دينا سعيد‬ ‫يعتبر فيلم حياة “باي” من أكثر األفالم امتا ًعا‬ ‫للبصر من حيث مشاهد الطبيعة الخالبة التى‬ ‫تسحرك من فرط روعتها كما أن الحبكة الدرامية‬ ‫ً‬ ‫مأخوذا بأحداثه إلى درجة قد تذرف‬ ‫للفيلم تجعلك‬ ‫فيها دمو ًعا تعاط ًفا مع “باي‪”.‬‬ ‫ولكن بعي ًدا عن امتاع البصر والدراما فهناك قضية‬ ‫فلسفية يقوم عليها الفيلم تشخذ عقلك للتفكير‪ .‬هذه‬ ‫القضية هى قضية اإليمان باهلل وقد كان صانعو‬ ‫الفيلم من الذكاء بحيث جعلوا إثارة هذه القضية فى‬ ‫الفيلم تعجب كل من الملحدين والمؤمنين باهلل فكالهما اعتقد أن الفيلم يخدم قضيته وهنا تكمن‬ ‫المهارة‪.‬‬ ‫تبدأ أحداث الفيلم عندما ذهب كاتب الرواية إلى “باي” صاحب القصة ألن والدته أخبرته أن “باي”‬ ‫لديه قصة قد تجعله يؤمن باهلل وهنا يبدأ “باي” فى سرد أحداث قصته للكاتب ولكنه يقول له العبارة‬ ‫التى يكررها فى نهاية الفيلم مرة آخرى‪:‬‬ ‫‪You Believe in what you want‬‬ ‫أنت تؤمن بما تريد أن تؤمن به‪.‬‬ ‫“باي” هو فتى من أسرة هندية‪ ،‬تعلم الهندوسية من والدته ثم دخل الكنيسة صدفة فآمن بالمسيحية‬ ‫أي ً‬ ‫ضا‪ ،‬ثم شاهد المسلمين يصلون فقرر أن يكون مسلمًا ويصلى مثلهم‪ .‬بمعنى آخر أنه آمن بثالث‬ ‫ديانات فى وقت واحد مما جعل والده يسخر منه مرة ويقول أتريد أن تقضى عمرك كله فى‬ ‫األجازات لذلك تؤمن بثالث ديانات؟‬ ‫والد “باي” يمتلك حديقة حيوانات فيها نمر اسمه يعجب به “باي” ويحاول االقتراب منه فيعلمه‬ ‫والده در ًسا ال ينساه عندما يحضر معزة بجوار النمر ويتركه يراقب النمر وهو يلتهمه حتى يتم أن‬ ‫النمر مفترس وال يجوز اتخاذه صدي ًقا‪ ،‬ولكن يقرر الوالد بيع كل شىء فى الهند والهجرة إلى كندا‬ ‫على سفينة ويأخذ معه حيوانات الحديقة ليبيعها هناك ولكن السفينة تغرق وينجو “باي” على احد‬ ‫قوارب النجاة ويفقد كل عائلته‪ ،‬ولكنه لم يكن وحي ًدا على القارب فقد كان معه حمارً ا وحشيًا ثم‬ ‫انضم إليهما قردة شمبانزى‪ ،‬وضبع‪.‬‬ ‫‪99‬‬


‫تبدأ الدرما عندما يتشاجر الضبع مع الحمار ثم يجرحه ويقتله ثم يفعل المثل مع القردة فيصرخ‬ ‫“باي” وهنا فجأة يظهر النمر الذى يتخلص من الضبع ليكون هو و”باي” فقط على سطح السفينة‪.‬‬ ‫ولمدة تقترب من ‪ 775‬يومًا يمكثان سويًا‪ .‬فى البداية يحاول “باي” الهرب من النمر باستمرار إلى‬ ‫عوامة صنعها ثم يأخذ قرارً ا بترويضه وينجح فى ذلك‪.‬‬ ‫فى نهاية األمر يصل “باي” إلى شواطىء المكسيك منه ًكا من التعب ويسقط على األرض فى حين‬ ‫يجرى النمر نحو الغابة دون أن يلتفت له مما يجعل “باي” يشعر بالحزن الشديد ألنه كان يظن أنه‬ ‫صديقه‪.‬‬ ‫هذه هى القصة التى دارت أحداث الفيلم حولها ولكنها ال تقنع المحققين الذين يريدون معرفة سبب‬ ‫غرق السفينة وبعد كثير من الضغط يخترع “باي” لهما قصة آخرى وهى أنه كان معه على‬ ‫القارب بحار يابانى جريح وأمه والطباخ ولكن بسبب قلة الموارد يقتل الطباخ البحار ثم يقتل أمه‬ ‫فيقتله “باي” ويمضى بقية أيامه على السفينة وحي ًدا حتى يصل إلى المكيسك‪.‬‬ ‫كاتب الرواية يحاول أن يفك الرموز فيقول له إذن البحار هو الحمار والقردة هى أمك والضبع هو‬ ‫الطباخ وأنت هو النمر‪ .‬فيسأله باي‪ :‬لقد رويت لك روياتان فى كالهما غرقت السفينة وفقدت‬ ‫أسرتى كلها فأى الروياتان تفضل؟ فيرد‪ :‬الرواية التى فيها النمر فيقول “باي”‪ :‬وكذلك األمر مع‬ ‫هللا‪.‬‬ ‫‪You believe in what you want‬‬ ‫فما هى الرواية الحقيقية وما الذى حدث بالظبط؟‬ ‫قد تكون الرواية األولى بوجود األربع حيوانات قد حدثت وقد تكون رواية األشخاص هى‬ ‫الصحيحة وقد تكون كال الروايتان خاطئة و”باي” كان يتوهم كل شىء حتى يخفف عن نفسه آالم‬ ‫الوحدة والخوف فى المحيط وقد تكون هناك رواية رابعة فيها الثالث حيوانات‪ :‬الحمار والقردة‬ ‫والضبع ولكن “باي” هو الذى تخلص من الضبع وتوهم وجود النمر ليتخلص من شعوره بالذنب‬ ‫والوحدة‪.‬‬ ‫ولكن أيا كان األمر تبقى الحقائق‪ :‬السفينة غرقت وأهله ماتوا‪ ،‬فما عالقة هذا بوجود هللا أم عدم‬ ‫وجوده؟‬ ‫هذا ما يقولوه الملحدون للمؤمنين‪ :‬أنتم تتوهمون وجود اإلله ألنه يجعل حقائق الحياة أجمل وأقدر‬ ‫على االحتمال‪ .‬فكيف يحتمل اإلنسان وفاة أمه دون أن يعتقد فى حياة آخرى يالقها فيها؟ وكيف‬ ‫يتحمل موت الظالم دون أن ينال عقوبة بدون أن يعتقد أن هناك من سيحاسبه فى حياة آخرى على‬ ‫ذلك؟ وكيف يتحمل مرضه الجسدى بدون أن يعتقد فى ثواب الصابرين؟ وكيف يتحمل وجود ولده‬ ‫فى مخاطر دون أن يعتقد أن ينفعه بدعائه؟‬ ‫فى كل االحوال‪ :‬األم ماتت والظالم مات والمرض حدث والولد فى مخاطر ولكن وجود اإلله‬ ‫‪100‬‬


‫ً‬ ‫محتمال على عقل اإلنسان ونفسه‪ .‬ولذلك يقول الملحدون أن اإلنسان‬ ‫والحياة اآلخرى يجعل األمر‬ ‫اخترع األديان منذ قديم األزل وعاش فى هذا الوهم ألنه أجمل أن يتخيل وجود قوى أكبر منه فى‬ ‫الكون ترعاه وتحميه وبدون وجودها قد يفقد عقله‪.‬‬ ‫ولكن من جهة آخرى قد يستخدم المؤمنون مع الملحدين نفس األسلوب‪ :‬ولماذا ال يكون أنكم أنتم‬ ‫من اخترعتم عدم وجود اإلله ألنها القصة التى تريدون تصديقها فعندها تتخلصون من أعباء‬ ‫الفروض والطاعات‪ ،‬عندها ال تشعرون بذنب الخطيئة ألنه ال يوجد تعريف للخطئية‪ ،‬عندها‬ ‫تشعرون أنكم أرقى فكريًا ألنكم تخلصتم من أوهام اإلله وهو شعور جيد‪ .‬لماذا ال يكون العكس؟‬ ‫لماذا ال يكون هذا هو الوهم الذى تريدون تصديقه؟‬ ‫وهذه هى الفكرة التى يقوم عليها الفيلم‬ ‫‪You believe in what you want‬‬

‫‪101‬‬


‫الحب احتواء !‬ ‫عماد الدين السيد‬ ‫كانت تقف على يمينه‪ ،‬ويقف بجوارها بينما السيارات تقطع‬ ‫الطريق من ناحيته‪ .‬يحاوالن عبور الطريق ‪...‬‬ ‫كانت زميلته في العمل‪ ،‬ال يشعر ناحيتها بأية مشاعر‪ ،‬فقط خرج‬ ‫معها اليوم ألن لديهما موعد عمل ‪...‬‬ ‫عبرا أول طريق ووصال لجزيرة المنتصف ‪ ...‬صارت السيارات تأتي من ناحيتها هذه المرة‪...‬‬ ‫بصورة تلقائية وسريعة نقلت نفسها من يمينه إلى يساره حتى تأتي السيارات من ناحيته هو ‪...‬‬ ‫للحظة لم يفهم ما يحدث ثم دق قلبه بشدة ‪.....‬‬ ‫شعر فجأة برجولته عندما وجد امرأة تحتمي به ‪ ...‬نظر لها بامتنان ‪ ...‬قال لها وال يعرف كيف‬ ‫قالها‪ :‬لوال أنك مخطوبة لتزوجتك فوراً‬ ‫ابتسمت في حياء فدق قلبه من جديد‪ ،‬كان صادقا ً في حديثه بالفعل‬ ‫لم تتزوجه طبعا ً ألنها تحب خطبيها ‪ ...‬وهو أيضا ً كان يدرك مدى سذاجة عبارته ومدى انفعاله‬ ‫وقتها‪ ...‬لكن القضية الحقيقية أنه فهم معنى ذكاء امرأة تستطيع أن تأسر قلوب الرجال‪.‬‬ ‫تستطيع المرأة أن تأسر قلب رجل إن طلبت منه األمان‪ ،‬ويستطيع هو أن يأسر قلبها إن جعلها تنعم‬ ‫بهذا األمان ‪ ..‬الحب احتواء !‬

‫رقعة العالقات‬ ‫أحمد عبد الحميد‬ ‫أخبرني صديق‪ ،‬أنه ‪ "،‬لنا جارة في مصر‪ ،‬تعرف بالضبط مواعيد دروس الفيزياء ألختي الصغرى‪،‬‬ ‫و نوع الطعام الذي تم طبخه بشكل يومي‪ ،‬كان بإمكانها أن تطرق بابنا لتسأل لماذا لم تذهب فالنة‬ ‫للدرس اليوم؟ كان بإمكانها أيضا‪ ،‬أن تطرق الباب لتخبر الجيران بأن طعام اليوم كان جيدا بشكل‬ ‫‪102‬‬


‫زائد‪ ،‬و أن رائحته وصلت بيتهم‪ ،‬و أنه أضرها في عالقتها مع زوجها"!‬ ‫الحاصل‪ ،‬أنه كلما ضاقت دنيا المرء‪ ،‬كلما زاد اهتمامه بتفاصيل حياة غيره ‪.‬أتصور أن حياة‬ ‫صاحبتنا ال تتجاوز ‪ 4‬جيران‪ ،‬و أوالدهم ‪.‬تماما كصديق لك على فيس‪-‬بوك كل ديناه محصورة في‬ ‫عدد محدود جدا من االصدقاء‪ ،‬يصبح بالتبعية أكثر اهتماما بأدق تفاصيل حياتهم‪ ،‬تماما كبعض‬ ‫األقرباء ‪...‬الذين تتعلق عيونهم بالمشاكل األسرية أو حتى اليومية ألقاربهم بشكل سافر ‪.‬‬ ‫األصل‪ ،‬في أي شخص سوي‪ ،‬عدم االهتمام إال بالحالة النفسية لمن يحب ‪.‬ال يهم ماذا" فعل "المهم أنه‬ ‫"يشعر "أن ذلك الصواب‪ ،‬أو أنه" مرتاح "الختياراته‪ ،‬فيما عدا ذلك من تفاصيل ليس بذات األهمية ‪.‬‬ ‫األصل‪ ،‬أن اهتمامك بمن حولك‪ ،‬ال يتجاوز شعور الطمأنينة بأن حالهم على مايرام‪ ،‬و أنهم بأفضل‬ ‫حال‪ ،‬و بأنه ال يعكر صفو حياتهم غير ‪...‬بعدك أنت عنهم ‪.‬أو عدم اكتراثك بما يجري لهم ‪.‬مجرد‬ ‫شعورك بأنهم في أزمة‪ ،‬و تجاوبك بغير حديث‪ ،‬يعني بالتبعية منتهى القرب‪ ،‬وبدون تدخل في‬ ‫شؤونهم الخاصة‪.‬‬ ‫كل ما أردت قوله باختصار ‪:‬كلما اتسعت بك رقعة" العالقات"‪ ،‬اتسعت" دنياك "و ربما أيضا اتسعت‬ ‫على من حولك‪ ،‬طالما" تهتم‪".‬‬

‫المرض النفسي‬ ‫ريهام نجيب‬ ‫المرض النفسي مثله مثل أى مرض‬ ‫مزمن‪(..‬الضغط السكر‪......‬الخ) ال يد للمريض فيه‬ ‫وال يعبر عن قلة غيمانه وال عن ضعف شخصيته‬ ‫وال حيلة له فى ر ّده ما دام هللا قد ابتاله هذا‬ ‫االبتالء‪...‬فإن كنت تص ّنف الناس وتضع عالمات‬ ‫مثل (هذا مريض سكر_هذا مريض ضغط‪..‬هذا‬ ‫مريض نفسي) فقد اصابك أنت المرض وإنما هو‬ ‫مرض لك فيه حيلة ألنه مرض "قلبي "بأن تعيّر‬ ‫الناس بما ابتالهم به هللا‪...‬‬ ‫الفكرة أن الكثير (والتعميم هنا مقصود جدا) يرون المرض النفسي (وهو مرض يمكن السيطرة‬ ‫عليه ويحيا المريض حياة شبه طبيعية متمتعا بكافة حقوقه مثله مثلك وربما أفضل) يرونه ُسبّة أو‬ ‫‪103‬‬


‫شىء يشين صاحبه‪..‬مما يجعل أهل المريض الذين أوجب عليهم هللا أن يرعوه و يساعدوه يخافون‬ ‫من فكرة أنه كريض نفسي ومن فكرة االعتراف بها‪...‬ومن فكرة أنه من الممكن فى حاالت أن يتم‬ ‫حجزه فى مصحة نفسية إلتمام عالجه‪...‬‬ ‫المشكلة أن البعض يفضل "اإلدمان" مثال على ما فيه من ُسبّة فعلية على أن يكون مرض نفسي‬ ‫مزمن!!!‪...‬‬ ‫نسبة المرض النفسي مجتمعيا ليست قليلة بأى صورة من الصور‪..‬والوعى بأنه مرض يمكن‬ ‫السيطرة عليه بالعالج وباالهتمام بالمريض يكاد يكون منعدم فى كل الطبقات على حد السواء‪...‬‬ ‫إن كنت تضمن لى ولك أال نصاب بأى مرض ففكر هكذا!!!ولكن ألن المرض من عند هللا ابتالء‬ ‫يؤجر به المُبتلَى فال يصح لك إال أن تعى وتدرك أنه مرض كأى مرض وأن صاحبه يكفيه من‬ ‫المعاناة ما يالقيه فى المرض لتزيد عليه معاناة النفور االجتماعى منه مما يضيع عليه فرص كثيرة‬ ‫فى العالج وفى كونه شخص منتج و مفيد للمجتمع‪..‬‬

‫‪104‬‬


‫شرائط الذكريات‬ ‫عماد الدين السيد‬ ‫أراقبني‪ ،‬وكنت قد غفلت عن هذا طويالً‪ .‬بعدما‬ ‫انتهيت وصرفت وجهي عن المرآة هالني أني نسيت‬ ‫مالمحي ولم أتبينها في خيالي‪ .‬عدت مسرعا ً إلى‬ ‫المرآة ألتذكرها‪ ،‬فلما أغمضت عينيّ نسيتها مجدداً‪،‬‬ ‫واستمر األمر كثيراً على هذا المنوال‪ .‬فزعت يومها‬ ‫بشدة يا صديقتي‪ ،‬ال يمكنك أن تتصوري مدى‬ ‫فزعي‪ .‬أين مالمحي التي ظللت أرسمها طوال‬ ‫السنين الماضية‪ .‬هرعت إلى صندوق الذكريات‬ ‫ونثرت الصور القديمة على الفراش وأخذت أتأملها‬ ‫وأنا أتذوق طعم الدموع المالحة‪ .‬كم كانت الدنيا‬ ‫تختلف‪ .‬كم كانت مالمحي تختلف‪.‬‬ ‫وتوقفت لدقائق كثيرة أمام صورة بعينها‪ .‬كنت صغيراً فيها ووجهي يضحك مع ضحكات معلمتي‬ ‫القديمة‪ .‬كنا في حجرة األساتذة في مدرسة الطفولة العذبة‪ .‬ورأيت لحظتها في عقلي شرائط‬ ‫الذكريات وهي تتمايل برقة وقد نثرها النسيم العطر‪ .‬وتذكرت أ ُناسا ً كانوا يشغلون حياتي كلها في‬ ‫حقبة زمنية فائتة قبل أن يغيبوا طويالً‪ .‬تذكرت طعما ً ورائحة قديمة فأخذ قلبي يمتأل بالحنين حتى‬ ‫انسكب‪ ،‬فخفق القلب بحق فسرت في الجسد كله ألوان قوس القزح‪ .‬ومن فيض الحنين أردت أن‬ ‫أرتوى فلم استطع‪ .‬عندها حزنت‪ ،‬وفي الحزن شعرت وكأني تحت شالل مياة دافئة في قلب‬ ‫صحراء الجليد‬

‫بعد السما !‬ ‫أحمد عبد الحميد‬ ‫ملخص حديثي مع الوالدين‪ ،‬سؤال من الوالدة‪ ،‬و تعقيب من‬ ‫الوالد‪:‬‬ ‫الوالدة‪ :‬إنت إخوان يا ولد؟‬ ‫أحمد‪ :‬و هللا طالما إنتي سألتي‪ ،‬يبقى أي حد تاني يقول كدة مش‬ ‫ح ازعل منه !‬ ‫الوالد‪ :‬أنا مش فاهم انت كدة ازاي‪ ...‬أنا مشفق على دماغك‬ ‫(من حمل التفكير و االرتباطات)‬ ‫أحمد‪ :‬عشان تعذرني لما أقول مش عايز اتكلم‪.‬‬

‫‪105‬‬


‫أبي ألمي‪ :‬عايز يلمس السما‬ ‫أنا‪ :‬مين هو؟‬ ‫أبي‪ :‬واحد صاحبنا‪...‬‬ ‫أنا‪ :‬السما حاجة انت شايفها‪ ،‬صاحبنا عايز اللي انت مش شايفه بعد السما!‬

‫الدائرة الخبيثة‬ ‫ريهام نجيب‬ ‫المشهد األول‪:‬‬ ‫مجموعة من الجناة (أو هكذا حكم عليهم ال أعلم يقينا) مُعلّقون من أرجلهم مثل حيوان مذبوح‬ ‫والجمع يشاهدون فى حشد صاخب و الفيديو تتناقله القنوات‬ ‫الفضائية وتعلق عليه بالسلب واإليجاب ويراه كل من يراه‪..‬‬ ‫أنا‪ :‬ماما ماتحكيليش على الحاجات دي وال بحب أشوفها‬ ‫ألنها تهتك ستر األرواح‪..‬‬ ‫المشهد الثاني‪:‬‬ ‫فتاة معلقة من قدميها فى "مدبح"‪...‬وحولها حيوانات مذبوحة و مشقوقة نصفين ودماء تمأل االرض‬ ‫و سكاكين وسواطير‬ ‫المشهد األول من البرامج الحوارية المصرية المعروضة في كل بيت وعلى كل سن ومهما حاولت‬ ‫من رقابة فسوف تمر من وراءك بعض المشاهد ألطفالك أو ألبنائك المراهقين!‬ ‫المشهد الثاني‪ :‬من لعبة ‪ Criminal Case‬المنتشرة انتشار غير عا ِد على الفيس بوك لدرجة إني‬ ‫قررت ألعبها من باب الفراغ‪..‬ألجد ذلك المشهد المؤذى جدا لبصرى و روحي وأنا فى ال ‪ 76‬من‬ ‫عمري متاح بسهولة جدا كلعبة مرتبطة بالتسلية على االنترنت‪..‬‬ ‫هى دائرة خبيثة تؤدى بعضها إلى بعض‪...‬مشاهد عنيفة تمرر إعالميا ببطء مرة وفجأة مرة‬ ‫أخرى‪...‬حتى أن مشهد كمشهد الجناة معلقين من أرجلهم اصبح ما يثيره فى نفسك هو "هل هذا دل‬ ‫أم ال؟" ولم يعد يثير فيها السؤال المنطقى "أى إنسانية تقبل هذا ألى سبب كان؟" فتم ربط العمل‬ ‫الوحشي ورؤيته بفكرة إنه ضرورى من أجل العدالة!‬ ‫دائرة خبيثة أن تربط المشاعد العنيفة بلعبة‪..‬للتسلية‪..‬فيصبح العنف لديك وسيلة للتسلية وأنت ال‬ ‫‪106‬‬


‫تعلم ما يعتمل فى روحك ويُنتهك من تلك المشاهد المتكررة حتى يأتي يوم تراها أمامك رأى العين‬ ‫وال تستنكرها‪...‬‬ ‫لو لم تعتاد روحك و نفسك وال تعاف تلك المشاهد لما صنفت منها أدوات تسلية (والمتابع لأللعاب‬ ‫سوف يجد أنها في خالل عشرين عاما ازداد العنف فيها بطريقة غير متوقعة صاحبه عنف زائد‬ ‫فى األفالم ( ‪ SAW‬مثال) و عنف مجتمعى زائد‪..‬حتى أنك لم تعد تعرف أيهما أدى إلى اآلخر‪..‬‬ ‫جدير بالذكر أن قضية ريا وسكينة و عنفهما وجرمهما قتال ‪ 16‬امرأة (وسوف أضيف فقط) وهو‬ ‫عدد ربما تسمعه اليوم فى "خناقة" بين بعض البلطجية فى شارع واحد!‬ ‫المهم‪ :‬ترفقوا بأطفالكم و راقبوا ما يشاهدون وما يلعبون‪...‬‬ ‫ترفقوا بأنفسكم من مشاهد الدماء التى تعتادون عليها وإن استنكرتوها في البداية‪..‬‬ ‫اللهم احفظ أرواحنا غير منتهكة‪...‬‬

‫عبد العزيز‬ ‫دينا سعيد‬ ‫استيقظت على طرقات على بابها‪ ،‬تطلعت إلى المنبه‬ ‫الرقمي بجوارها فوجدته يشير إلى ‪ 5:15‬فجرً ا‪ .‬من هذا‬ ‫الذى يطرق الباب فى كندا فى وقت كهذا؟ هذا شىء شبه‬ ‫مستحيل‪.‬‬ ‫كان منبه هاتفها يرن فى إصرار تذكرت أنها قد ضبطته‬ ‫على الخامسة والنصف مما يعنى أنه يدق منذ خمس‬ ‫دقائق كاملة‪ ،‬تأففت وقالت لنفسها الدرس الذى تكرره كل‬ ‫يوم “البد أن أنام مبكرً ا إذا كنت أريد االستيقاظ مبكرً ا‪”.‬‬ ‫ما زالت الطرقات تتوالى على الباب‪ ،‬قامت شبه نائمة‬ ‫ونظرت من العين السحرية لتجد شخ ً‬ ‫صا يرتدى مالبس‬ ‫سوداء سألته من هو‪ .‬فقال لها أنه جارها فى الشقة‬ ‫المقابلة وطلب منها أن تغلق رنين المنبه ألنه ال يستطيع‬ ‫أن ينام منه‪ ،‬استغربت كثيرً ا ألنه كان يتحدث بالعربية‪،‬‬ ‫اعتقدت أنها ما زالت نائمة وأن عقلها يترجم الكلمات للعربية‪ .‬ففر ً‬ ‫ضا أن هذا الشخص عربيًا كيف‬ ‫عرف أنها عربية ليتحدث إليها من وراء الباب بالعربية؟‬ ‫اعتذرت له باالنجليزية وأغلقت الموبايل وعادت للنوم‪.‬‬ ‫‪107‬‬


‫ولكنها عندما استيقظت فى العاشرة تذكرت الحادثة‪ ،‬لم تعرف إذا كانت حلمًا أو حقيقة‪ .‬وكلما‬ ‫أخبرت أحد بها ضحك وقال لها اتغطى كويس قبل ما تنامي‪ .‬غالبًا هو حلم وقد بعث هللا مل ًكا لها‬ ‫فى المنام ليوقظها لصالة القيام ولكنها أهدرت الفرصة ونامت مرة آخرى‪ .‬ولكن لماذا يرتدى مل ًكا‬ ‫مالبس سوداء؟!‬ ‫عادت للمنزل ومرت أمام الشقة المقابلة لها فلم تستطع المقاومة قررت أن تطرق الباب ولتخترع‬ ‫لصاحبها أى حجة تبرر طرقها للباب‪ .‬لدهشتها خرج شاب فقد كانت تظن أن من تسكن هناك فتاة‪.‬‬ ‫حاولت أن تعصر مخها لتعرف إذا كانت هذه هى المالمح التى رأتها باألمس ولكن ذاكرتها‬ ‫خانتها‪ .‬قالت له أنها جارته فى الشقة المقابلة فنظر إليها بدون أى تعبير على وجهه ينبا بأنه تكلم‬ ‫معها باألمس‪.‬‬ ‫احتارت ماذا تقول‪ ،‬ثم حسمت األمر وسألته هل طرقت بابي عند الفجر؟ قال نعم المنبه أزعجنى‬ ‫وأردت أن أطلب منك أن توفقيه ألنى ال استطيع النوم‪ .‬حس ًنا ال يبدو األمر حلمًا إذن‪ .‬فلتتأكد من‬ ‫شىء آخر‪ ،‬سألته هل تتحدث العربية؟ قال لها نعم فأنا من السعودية وقد عرفت أنك عربية ألنه‬ ‫مكتوب على بابك أنك من مصر فتحدثت معك بالعربية باألمس‪.‬‬ ‫كادت أن تصرخ من الفرحة‪ ،‬إذن فأنا لست مجنونة‪ .‬لم يكن حلمًا إذن‪ .‬كل شىء كان حقيقى‪ .‬وبعد‬ ‫األسئلة المعتادة عن الدراسة والحياة وخالفه سألته قبل أن ترحل عن اسمه ‪ ،‬فقال فى بساطة‪ :‬عبد‬ ‫العزيز!‬ ‫تطلعت إليه غير مصدقة واستأذنت لترجع إلى شقتها وتمسك بالرواية التى بجانب سريرها والتى‬ ‫كانت تقرأها قبل أن تنام‪“ :‬أحببتك أكثر مما ينبغى” عن قصة حب بين فتاة سعودية اسمها جومانا‬ ‫ورجل سعودي اسمه “عبد العزيز!”‬ ‫مرت بخيالها جميع االحتماالت‪ :‬هو إذن حلم مركب داخل حلم وأنا أحلم اآلن أي ً‬ ‫ضا أو هو حلم‬ ‫باألمس وحلم آخر باليوم أو قد أصبت بهالوس سمعية وبصرية بسبب الغربة واخترعت شخصية‬ ‫جار لي اسمه “عبد العزيز” تأثرً ا بالرواية كما اخترع “أحمد حلمى” شخصية “منة شلبى” فى‬ ‫“آسف على االزعاج”‪ ،‬فى كل األحوال من المستحيل أن يتواجد شخص سعودي أمامي واسمه‬ ‫“عبد العزيز” أي ً‬ ‫ضا‪.‬فى اليوم التالى قابلت “عبد العزيز” فى الطرقة فتتطلعت إليه كما تتطلع لشبح‬ ‫قألقى عليها السالم فردته‪ .‬ربما كان حلم ثالث أو هى استمرار للهالوس‪ ،‬على العموم من الممتع‬ ‫رد السالم على شخص غير موجود‪.‬‬ ‫ولكن هذه المتعة انقلبت حيرة عندما قابلت “عبد العزيز” فى غرفة الغسيل الخاصة بالمبنى وكان‬ ‫يتواجد بالغرفة جار آخر كندي تعرفه جي ًدا‪ .‬تطلع إليها “عبد العزيز” وقال فى براءة “هاي”‪.‬‬ ‫نظرت إليه فى حيرة وإلى جارها الكندي‪ .‬اآلن ماذا تفعل؟ لو “عبد العزيز” وهم ُ‬ ‫فعال كما تعتقد‬ ‫وردت عليه السالم لقال جارها الكندي أنها مجنونة‪ .‬أما لو “عبد العزيز” حقيقة فلو تجاهلته لكانت‬ ‫وقاحة شديدة منها‪ .‬تسمرت فى مكانها لتفكر ماذا تفعل‪ .‬وفجأة هداها ذكائها لحيلة‪.‬‬ ‫آه‪ ،‬بطنى! ما كل هذا األلم؟! تحرك جارها الكندي وهذا الذى من المفروض أنه “عبد العزيز”‬ ‫نحوها‪ .‬قالت وقد حرصت أن تكون نظراتها غير موجهة ل”عبد العزيز” حتى ال يشك اآلخر‪ :‬أنه‬ ‫الم فظيع‪ ،‬سأذهب لشقتى الستريح‪ ،‬أراك فيما بعد‪.‬‬ ‫ابتسمت وهى تصعد السلم وحمدت هللا أن االنجليزية لغة ال تفرق بين المخاطب المفرد والمخاطب‬ ‫الجمع فجملة‬ ‫‪See you soon‬‬ ‫‪108‬‬


‫قد تقولها لشخص أو أكثر‪ ،‬لو كان الحوار بالعربية لكانت أزمة حقيقية‪ .‬تمددت فى فراشها وأخذت‬ ‫الرواية بين يديها فى شغف لترى ما فعلته “جومانا” انتقامًا من “عبد العزيز” الذى عرفت أن تزوج‬ ‫فتاة لبنانية ولذلك كان يسافر لمونتلاير كثيرً ا ليالقها هناك‪ ،‬نعم “عبد العزيز” و “جومانا” كانا أيضً ا‬ ‫يدرسان فى كندا!‬

‫القصص‬ ‫عماد الدين السيد‬ ‫ألن هناك سنة في الحياة فهناك عبرة في القصص‪.‬‬ ‫علمت أن جوهر الحياة ليس يختلف في أي حقبة من‬ ‫حقب الزمن‪ .‬ونحن أيضا ً –البشر‪ -‬ال نختلف‪ .‬وقد كان‬ ‫قلبي يضطرب كلما عثرت على كتاب البن حزم‪ ،‬أو‬ ‫البغدادي‪ ،‬أو ابن الجوزي أو الغزالي أو الكواكبي‪ .‬وكلما‬ ‫سمعت قصة عن اإلمام عليّ أو أبو حنيفة أو بيت شعر‬ ‫للشافعي‪ .‬يضطرب شوقا ً لماض بعيد أكاد أقسم أني كنت‬ ‫أحياه ومازلت أحتفظ ببقايا عطره في مالبسي يزينها‪.‬‬ ‫والقلم وحده يحكي عبرة القصص وسنن الحياة‪ .‬وأنا‬ ‫أخاف أن أكتب عن سنن الخالق في أرضه ورعيته‪ .‬أخاف أن أكتب قصة تسير في عكس اتجاه‬ ‫الفطرة‪.‬‬ ‫بحثت في العناوين فوجدت ألوف األلوف‪ .‬ارتبكت‪ ،‬وقلت أني لو اهتممت بأسماء القصاصين‬ ‫َ‬ ‫للمختزل ولكن ال مفر‪ .‬بقيت العناوين كثيرة فقررت أن‬ ‫الُختزلت العناوين إلى أقل‪ .‬والظلم وارد‬ ‫أنتخب الصفوة‪ .‬تجمعت لدي قصص ال يكفي لها عمري‪ .‬هنا‪ ،‬في أخبارهم‪ ،‬توجد سنن الكون‬ ‫بأسره‪ .‬سنن العدل والظلم والصبر والشجاعة والفخر والقوة والضعف والخوف والكرم والعجز‪.‬‬ ‫صفات البشر وفطرتهم التي ال تتغير‪.‬‬ ‫انكببت بنهم‪ ،‬ودخلت من باب حارة الحرافيش‪ .‬وشاهدت ما آلت إليه مصائر الملوك‪ .‬وسافرت‬ ‫إلى صحراء العرب غريبا ً يرشدني ساحرها‪ .‬واستزدت من قصص الروس واألفارقة‪ ،‬واستمعت‬ ‫لكل أخبار العرب‪ .‬وعبرت إلى الغرب فحكى لي المحيط كل ما جرى‪ ،‬من النار يشعلها الحجر‬ ‫حتى البارود صوته ورائحته‪ .‬تشابهت سنن الحياة جميعها‪ .‬تشابه البشرفي فطرتهم‪ ،‬لم يختلفوا‪،‬‬ ‫وإن باعدت بينهم األزمان والمياة والملح والصحراء والتعصب‪.‬‬ ‫ألن هناك سنة في الحياة فهناك عبرة في القصص‪ .‬ومازال الشباب يستهل ويستعد‪ .‬وتبدو لي‬ ‫السنن غامضة مبهمة أسمعها وال أرى تجسدها‪ .‬وال أرغب في أن أكتب عبرة قديمة‪ .‬إنما أبحث‬ ‫متلهفا ً عن سنة أخرى نحياها و لم ُتكتشف بعد‪ ،‬ألحكى بقلب مطمئن قصتي‪ ،‬خاصتي‬

‫‪109‬‬


‫الوحدة‬ ‫عماد الدين السيد‬ ‫اتعلمت كل اللي أنا عاوزة ومفيش داعي‬ ‫إني استمر ‪ ...‬إني اتحول لموظف روتيني‬ ‫‪...‬‬ ‫بس الجزيرة تجربة عميقة ‪ ...‬لسة مش‬ ‫قادر أقول لها كفاية ‪ ...‬لسة شوية ‪ ...‬بس‬ ‫وقت ما أشعر إني بدأت أتحول لموظف‬ ‫روتيني ‪ ...‬هامشي ‪ ...‬وابدأ رحلة جديدة‬ ‫في مكان جديد !‬ ‫اللي باعمله ده صح وال غلط ‪ ...‬مش عارف ‪ ...‬ومش عاوز أعرف ‪ ...‬كل اللي أنا متأكد منه ‪...‬‬ ‫إني مبسوط ‪):‬‬ ‫وده كفاية عليا‬ ‫بس المتعب في الحكاية كلها هو الوحدة ‪ ...‬الوحدة إنك متالقيش حد يتجنن معاك ‪ ...‬كل قراراتك‬ ‫هتاخدها لوحدك ‪ -‬مهما استشرت ‪ -‬إلنك بتتحمل مسئوليتك وحدك ومحدش بيشاركك في ده ‪...‬‬ ‫مفيش حد كتفه في كتفك ‪ ...‬تسنده ويسندك ‪...‬‬ ‫القصة كلها ‪ ...‬هل تحافظ على وحدتك علشان تفضل طول عمرك مجنون ‪ ...‬تشيل فكرة في قلبك‬ ‫وتفضل تحارب علشانها الدنيا كلها ‪ ...‬وال تهزم وحدتك بس تمشي على جنب الطريق ‪ ...‬خايف‬ ‫على اللي معاك ‪ ...‬تعيش حياة هادية ولطيفة ‪ ...‬وتحلم أحالم على قدك‬ ‫سرحت بخيالي مرة ولقيت نفسي متزوج واحدة مجنونة ‪ ...‬بتصور وبتكتب ‪ ...‬نلف كل بالد الدنيا‬ ‫أنا وهي بس نعمل أفالم مجنونة ‪ ...‬ونكتب حكايات مجنونة ‪ ...‬إحنا كل الفريق ‪ ...‬نكبر مع بعض‬ ‫‪ ...‬ونحلم مع بعض ‪ ...‬نفضل ماشيين وسط الطريق ‪ ...‬مش على جنب ‪ ...‬ولما الشعر يشيب ‪...‬‬ ‫منفتكرش كام بلد شفنا ‪ ...‬بس هيبقي لينا في كل مكان ذكريات ‪):‬‬

‫أحمد عبد الحميد‬ ‫‪110‬‬


‫فهو يركض ويركض ويركض ‪ ،‬وال يعيه إال الراحة ‪ ...‬تعرف الرحلة أمتع من الوصول ‪ ،‬ما المتعة أن تبقى في مكانك ؟ الحركة‬ ‫بركة ‪ ،‬صح ؟؟‬

‫درس وفاة‬ ‫أحمد عبد الحميد‬ ‫س‪ :1‬كم شخصا سيتحدث عن أثر أيا من مات ‪..‬بعد ‪ 10‬أيام؟ بعد ‪10‬‬ ‫أسابيع؟ بعد ‪ 10‬شهور؟ بعد ‪ 10‬أعوام؟ بعد ‪ 10‬قرون؟!‬ ‫ج‪ :1‬أخبرك‪ ،‬له أو لغيره‪:‬‬ ‫اس َف َي ْم ُك ُ‬ ‫َفأَمَّا َّ‬ ‫ض‬ ‫الز َب ُد َف َي ْذ َهبُ ُج َفا ًء َوأَمَّا َما َي ْن َف ُع ال َّن َ‬ ‫ث فِي ْاألَرْ ِ‬

‫‪111‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.