طائرالفينيق
العدد الحادي عرش /شتاء2021 /
Phoenician Bird winter Issue 11 َب ْيوت
رجل يف خاطري ٌ
سلامن زين الدين
د .هويدا رشيف
جائحة كورونا والثّقافة بني اإلبداع والجمود
ما هي األطعمة الّتي تحتوي عىل الكوالجني؟
تعرفوا يف هذا العدد مع الدكتور الصيديل :ماهرحسن عن اإلنفلونزا ...حقائق ومعلومات
أرسار املرأة الرتقية ورس تف ُّردها بالعزف عىل آلة اإلمزاد التي ُتنع عن الرجل
بعض الرجال وجودهم رضورة الستمرار الفضيلة
الحوار الش ِّيق الذي أجراه األستاذ الحوار طارق الكناين :مع الشاعر القدير واملبدع :حامد الشمري
د .درية كامل فرحات
مريم باجي
سليمة مليزي
عمر شبيل
مالءايت تبقى دو ًما جافة دون بلل
أصبحنا غرباء
حسن عيل البطران
مليكة مسعود بوربڨة
أشكلة أفهوم الثقافة الوطنية اللبنانية وتحدياتها الراهنة واملستقبلية د.ماغي عبيد
د.هويدا رشيف د.در ّية كامل فرحات د.فاطمة البزال د.ماغي عبيد د.هالة أبو حمدان د.هيبة عبد الصمد د.رياض الدليمي د.ليىل محمد سعد د.باسلة زعيرت د.نبال رعد د.طالل الورداين د.ماهر حسن أ.عمر شبيل أ.حكمت حسن
الهيئة الثقاف ّية
أ.حامد خضري الشمري أ.وفاء يونس أ.مليكة مسعود بوربڨة أ.نُهى املوسوي أ.سليمة مليزي أ.مريم باجي أ.سناء حاموش أ.لبنى رشارة بزي أ.زينة الجوهري أ.حسن عيل البطران أ.زهراء املوسوي أ.زينب رايض أ.حسن بو حنان
طائر الفينيق مجلة أدب ّية ،شعريّة ،فلسف ّية ،فكريّة ،متنوعة فصلية،ص تصدر يف مدينة نيويورك بالواليات األمريك ّية املتحدة Magazine Founder: Dr. Hassan A Farhat, MD Senior Arts Director: Assad Kamran
الهيئة اإلدارية رئيس التحرير د .حسن فرحات مريم باجي :مراسلة وسفرية املجلة يف املغرب العريب جميع الحقوق محفوظة All rights reserved.2021 . No reproduction, copying or passing without expressed consent from the founder of magazine. For permission or writing opportunities please contact:Submissions@7eloarabiamagazine.com
تخصهم وحدهم ال غري. اآلراء واألفكار املطروحة يف صفحات املجلة من قبل الك ّتاب ُّ
افتتاحية طائرالفينيق
رئيس التحرير /د .حسن فرحات
شعر
بكائي ٌة بثوب الحياة عمر شبيل
َب ْيوت
سلامن زين الدين
10 10 11 11 14
رجل يف خاطري ٌ
21
الحب بنريان القداسة
22
العالمات الصامتة
23
تك القُرب أم أورثتني ال َّتعبا أورثْ َ
24
هيئة إنسان
25
د .هويدا رشيف
د .رياض الدليمي نهى املوسوي
د .فاطمة البزال
حكمت حسن
ص
افتتاحية
املحتويات
طائرالفينيق رئيس التحرير د .حسن فرحات
بكائي ٌة بثوب الحياة عمر شبيل
فلسفة أشكلة أفهوم الثقافة الوطنية اللبنانية وتحدياتها الراهنة واملستقبلية د.ماغي عبيد
شعر
بَ ْيوت سلامن زين الدين
فن اللوحات الثالث بريشة الفنانة حنان بوحسن
العب بنريان القداسة د .رياض الدليمي هيئة إنسان حكمت حسن
د .فاطمة البزال
ما يل أراك لبنى رشارة
آه ..لو كان األم ُر يل الكاتبة وفاء يونس
ومىض نبال رعد
اصبحنا غرباء مليكة مسعود بوربڨة
الحبيب زينه الجوهري
دوي ذاك الدوي سناء الحاموش
أورثْتكَ القُرب أم أورثتني التَّعبا
ويبقى األمل زهراء املوسوي
بعض الرجال وجودهم رضورة الستمرار الفضيلة عمر شبيل
ظواهر أسلوبية يف شعر ارسار املراة الرتقية ورس َّ تفردها بالعزف عىل آلة زهرة الحر د .ليىل محمد سعد االمزاد التي متنع عن الرجال سليمة مليزي بريوت ،الكتاب ،االنفجار عمر شبيل مطالعة يف كتاب :شذرات من خطاب محب حكمت حسن
اللغة العربية وآفاق النهوض د .طالل الورداين الشاعر جوزيف حرب د .فاطمة البزال قصص قصري ًة جدًا حسن عيل البطران
الصيديل الدكتور :ماهر حسن
تغذية وجامل ماهي األطعمة التي تحتوي عىل الكوالجني؟ مريم باجي
أقالم واعدة
أدب آذان الحكام لها حيطان جائحة كورونا والثّقافة بني اإلبداع والجمود د .هالة أبو حمدان أ.د .درية كامل فرحات
صحة اإلنفلونزا ...حقائق ومعلومات
العالمات الصامتة نهى املوسوي
حوارات حوار مع الشاعر حامد الشمري طارق الكناين
يف خاطري رجل د .هويدا رشيف
ع
املواطنية مريم أحمد إختيار العــودة إىل الجـــذور د .هيبة عبد الصمد
املواطنة مروى محمد عباس
املواطن مجد عبد الله الصفدي املواطنه عرب تحمل املسؤولية ماريه عيل سيف
سكينتي د .هويدا رشيف الصباح بانتظار ّ
زاوية اللغة
باسلة زعيرت م ّروا يف البال زينب رايض
أحرف الجواب
أرسة التحرير
فلسفة
أشكلة أفهوم الثقافة الوطنية اللبنانية وتحدياتها الراهنة واملستقبلية د .ماغي عبيد
أدب
40 40
بعض الرجال وجودهم رضورة الستمرار الفضيلة
55 55
آذان الحكام لها حيطان
56
جائحة كورونا والثّقافة بني اإلبداع والجمود
59
العــودة إىل الجـــذور
62
ظواهر أسلوب َّية يف شعر زهرة الحر
67
ارسار املراة الرتقية ورس تفردها بالعزف عىل آلة االمزاد التي متنع عن الرجل
94
عمر شبيل
د .هالة أبو حمدان
أ.د .درية كامل فرحات د .هيبة عبد الصمد
د .ليىل محمد سعد
سليمة مليزي /الجزائر
ما يل أراك
28
آه ..لو كان األم ُر يل
29
ومىض
31
لبنى رشارة
الكاتبة وفاء يونس نبال رعد
اصبحنا غرباء
مليكة مسعود بوربڨة
الحبيب
زينه الجوهري
32 33
دوي ذاك الدوي
34
ويبقى األمل
36
صحة
38 38
سناء الحاموش
زهراء املوسوي
اإلنفلونزا ...حقائق ومعلومات
الصيديل الدكتور :ماهر حسن
حوارات
حوار مع الشاعر حامد الشمري
طارق الكنان
أقالم واعدة
املواطنة
مروى محمد عباس
املواطن
مجد عبد الله الصفدي
املواطنة
مريم أحمد إختيار
118 118 121 121 123 124
املواطنه عرب تحمل املسؤوليه
125
اللوحات الثالث بريشة الفنانة
127 127
ماريه عيل سيف
فن
حنان بوحسن
زاوية اللغة أحرف الجواب أرسة التحرير
130 130
سكينتي
د .هويدا رشيف
بريوت ،الكتاب ،االنفجار عمر شبيل
96 98
اللغة العربية وآفاق النهوض
100
الصباح بانتظار ّ
102
مطالعة يف كتاب :شذرات من خطاب محب
103
الشاعر جوزيف حرب
106
م ّروا يف البال
109
د .طالل الورداين باسلة زعيرت
حكمت حسن
د .فاطمة البزال زينب رايض
جدا قصص قصري ًة ً
112
تغذية و جامل
116 116
حسن عيل البطران
ماهي األطعمة التي تحتوي عىل الكوالجني مريم باجي
ما العم ُر ،ما نحن ،ما معنى العبـور به أليـس أ ّولُـــ ُه وهـمــــاً وآخــ ُر ُه؟ حتى ولـو َ نـلـبــس ُه َرث ّـاً ومهتــــرِئـــــــاً زال بالـتـرقيعِ أكثـ ُر ُه نظـل ُّ ُ وكـلّـمــــا من ُعـرا ُه َح َّـل واحــد ًة هذا الحطا ُم الذي قد ُس َّن من َح َ ٍ م ِ رواحـلُـنـا إ َّن الــذي تـتـح ّرا ُه
ظل َ طوال العم ِر خمرت َنا والوه ُم َّ يا عا ُم َ أرثيك ،ك ّنا يف الطريق معاً ينطق يب فإ ْن َرث َ ْيتُ َك كان الجرح ُ ُ قلـــب يف جنــازتِــــ ِه فكم مت ّر َد ٌ شئت يا ق َدري ُخ ِذ الطريق إذا ما َ َ ّأن تشائني كوين ِ أنت يا ط ُرقي نزيف والضيا ُء به وهل يُوارى ٌ
ظل من عم ٍر نُـ َز ِّر ُر ُه رحنا مبا ّ من طني أجسادنا كانت مقاب ُر ُه الناس أَنْ ُه ُر ُه هو الرساب وتغري َ رص ُه نَسقي ونُسقَى وت ُغرينا معا ُ ُ الدرب تزج ُر ُه حقوق بعض ال َعدا ِء ِ ُ والجرح يبدو عىل ِ الس ِّك ِني آث َ ُر ُه ُ شوقاً إىل خنج ٍر قد كان ينح ُر ُه ِ باملوت آخ ُر ُه والدرب ليس يُرى ُ الدرب أخط ُر ُه ومنجى ،فأغىل أذى ِ ً َ وسال َ الدرب أطه ُر ُه!! هموم فوق ِ ِ
شع ر
عمر شبيل
بكائي ٌة بثوب الحياة عىل ج ّث ِة 2021
ا
حية فتتا
طائر الفينيق
رئيس التحرير /د .حسن فرحات
تعب عن عودة الحياة إىل الطائر املحرتق يف رحلة رمزية لطائر أسطورة طائر كانت ِّ احرتق عشه ثم ُولِ َد من الرماد طائر آخر لتجديد الحياة ،وهكذا تكون الوالدة حالة إعادة الحياة يف أشياء الطبيعة كلها .وكان لهذه األسطورة داللةترمز لعدم الرضوخ للموت ،وإن كان املوت عند الفينيق هو مرحلة من مراحاللحياة تعتمد عىل البناء وتحدي الفناء. خطرت يل عوامل هذه األسطورة الفينيقية ،وأنا أجمع موا ّد مجلة طائر الفينيق ألصدر عددها الجديد ،وعرفت من رمزية األسطورة أن هذه املجلة يجب أالّ متوت، وشدتني إىل الحياة رغم الصعوبات التي يشهدها العامل،وهي ت ِ حطب األوبئة ُحض َ والجشع املادي إلحراق كل املنجزات التي بناها اإلنسان يف عمره الحضاري املنطلق من بدء الكينونة وحتى احرتاق آخر صفحة يف كتاب يدعو إىل إعامر الحياة وتشييد البناء الذي يحتوي عىل كل إبداعات الوجود .ال بد من الفينيق ،وال بد لشواطئ فينيقيا التي يتكئ عىل شواطئها وطني من أن تعبق بالحياة ثانية لرنى باخرة قدموس آخر يعلم أوروبا الكتابة والقراءة ،وال بد من جربان خليل جربان لتُتْىل مزامري “نب ِّيه” يف تلك البالد التي يجب أن تعود إليها الروح ليتساوى سري اإلنسان عىل جرس نعربه شئنا أم أبينا .ستبقى مجلة الفينيق مجلتكم يا أحبتي وستبقى الثقافة وحدها دربنا الجتياز الظالم الذي تفرشه الرشور عىل دروبنا .سيبقى الضوء دليلنا ألن الله “نور الساموات واألرض” .وسنبقى محرضني عىل مواجهة كل ما يعيق السالم الكوين الذي نسعى إليه لتسود العدالة واملساواة عىل األرض التي أحرقها قابيل يوم قتل أخاه هابيل. ونغتنم الفرصة يف افتتاحية هذا العدد من املجلة ،ونحن جميعا نواجه جائحة فريوسية سببها فريوس كورونا املتجدد( كوفيد )19-الذي اجتاح كل بقعة يف هذا الكون ،والذي حصد أرواحا كثرية ،ودم ّر االقتصاد العاملي ،وال زال يفتك بأرواح الناس ،عىل أمل أن اللقاحات املص ّنعة يف بعض الكل ،للح ِّد من انتشار هذا الوباء الفتّاك ،وال ننىس أحبة لنا فقدناهم ج ّراء اصابتهم بالفريوس الدول ،تكون ذا فاعلية طويلة األمد ويف متناول ِّ اللعني ،وال ب ّد من توجيه التحية للجيوش البيضاء الذين يقفون يف الخطوط االماميّة للتصدي لهذا العدو الغري مريئ .ونسأل الله الشفاه العاجل لالطباء واملمرضني وجميع املصابني الذين يعانون من أعراض الكورونا ومنهم من حالتهم حرجة ،والرحمة والغفران للذين توفوا نتيجة مضاعفات حتمي عىل هذا العدو ،واىل موعد اعالن خالء البرشية منه ،ال ب ّد لنا هذا الفريوس والصرب والسلوان الهاليهم وذويهم ومحبيهم .نأمل بانتصار ِّ التمتع بروح الوعي واملسؤولية االخالقية واالنسانية واالميان ّية ،واالخذ بالتوصيات الطب ّية التي تصدر عن الهيئات الصحة العاملية واملحلية فيام يتعلق بالوقايّة للح ِّد من االنتشار الواسع وامل ّدمر لفريوس كورونا املتج ِّدد»
وكل أمنـيـ ٍة كانـت تساورنا ُّ
َس َّوتْ مقاب َرنا ك ْوناً نُ َع ِّم ُر ُه
ُ تكس ُه جلجامش ُع ُمرا ً وقر ُن “ثور السام”، ٌ يف السور قد صاغها “أوروك” ِ ُ وراح مي ُخ ُر بحرا ً للخلو ِد عىل َ
وهم وكانت ميا ُه ِ املوت مت ُخ ُر ُه ٍ خيلِ الزمانِ :أنا مويت سأع ُرب ُه
واحتازها املتنبي وهو يرص ُخ يف عمى ِْ ور ّدها عن ره ِني املحبسي ً
عم ُر العباق ِر ليس املوتُ يُ ِ بص ُه
والق ُرب يف دير “مار رسكيس” تُ ْخ ِصبُ ُه
بحب ال يُغاد ُر ُه “سلمى كرامي” ٍ أخصب الق َرب ،وال ِق ّمتُ تَ ْنط ُر ُه ما َ
ِ املوت يابس ٌة وحولَ ُه شجراتُ
وليس فيه سوى ضو ٍء يعاق ُر ُه
قلــب الل ِه حانتَـ ُه “نَـ ِبـِيُّـ ُه” كــان ُ عت روح األلوه ِة من فَ ّخارِنا ُص ِن ْ ُ
اليـبـرح الل ُه شيئاً ،وهو ِ فاخ ُر ُه ُ
فأس َك َر ُه َس َكبْ ُت حبّي عىل جرحي ْ
ِ عاص ُه والك ْر ُم يسكبُ ُه يف الكأس ِ ُ
رأيت موتاً يعاين من جنازتِـ ِه ُ
يرج املوتَ يع ُرب ُه فقلت ٌ ُ جيل ُّ
سل ْكتُــ ُه أ َّمتي كانت بال قـ َد ٍم
تهفو إىل وطنٍ أغنا ُه أفق ُر ُه
يشمت يب جسمي وأزج ُر ُه كل ما يحوي دمي وفمي واليو َم أعطيْتُها َّ ُ َ جفاف به وقلت :إ ّن رساباً ال ُ
َّت مواط ُر ُه ُّ يظل يغري فامً َجف ْ
1/15/2021 *****
وال عـنــا ٍد بال َهــ ٍّم يُسامــٍ ُر ُه وراح يحنو عىل جرحي ويغ ُم ُر ُه ُ أواص ُه أشتاق ،والعم ُر قد ُحل َّْت ِ ُ
تعـب أ َرقْتُ ُه ،مل أنَـ ْم يوماً بــال ٍ وكنت أصحو إذا ما زارين وطني ُ نـذرتُ عمـري ألشواقٍ ،فهـا أنـذا وكنت أريث ملن مل يَ ْص ُف جوه ُر ُه أح َب ْب ُت يف غربتي حتى األُىل ظَلَموا ُ النزيف يعاين من غزارتِــــــــ ِه فـلـيس يـجـمـ ُعــ ُه إالّ تـفـ ّجــ ُر ُه د ِع َ والده ُر يُ ْس ِك ُرين حيناً وأُ ْس ِك ُر ُه و ّز ْع ُت حزين عىل الدنيا فأث َملَها ِ رس ُه والعم ُر أجد ُر ُه خطوب ب ِه أعشق العم َر سهالً ال ال ُ َ باملوت أي ُ تأس ُه والقلب والروح ال تكتيس إالّ إذا َع ِريَ ْت ُ ُ يصبح ح ّرا ً حني ُ ُ
عيني أنـ ُهــ ُر ُه هذا الحن ُني الذي تطغى مناب ُع ُه قد كان تنبع من َّ علم الش ُّط ،يف صدري بواخ ُر ُه شعاً ُسفُني ولْ َي ِ ورغ َم هذا سأبقى ُم ْ ِ رسه ال يش َء يع ُرب يف جرحي سوى د ِم ِه ُ روح األلوه ِة فيه وهو يك ُ قيس من ليال ُه ُ ْيط ُر ُه ال ُ ْي ِر ُع الحب يف الت ْوبا ِد من مط ٍر إن مل يك ْن ُ ُّ فرحت أرشبُ ُه والدهــ ُر يعرص ُه دنا ،وناولني حزناً ألرشبَــــــ ُه ُ ض الحزن يف األرواح أنْ َد ُر ُه تحس أحزاناً مجرب ًة وقال :ال ُ فأنْ َ ُ فقلت له ْم خذوا ِ الضام َد ،فجرحي ال أغ ِّ َُي ُه هم خاصموين عىل جرحي ُ رس ُه والجرح ورحت أميش ،وجرحي يف الطريق معي ُ ُ ُ يصبح جرحاً حني تخ ُ ٍ “جلجامش” قد كان يف جسدي مييش إىل ج ِّد ِه واملوتُ ينط ُر ُه وألف ُ طالت تغاد ُر ُه أ ّن الحياة وإ ْن ومل تك ْن حا ُن “سيدوري” لتُ ْق ِن َع ُه ْ َ “أوروك” للدنيا تُ َع ِّمر ُه وسو ُر قد م َّر منك عىل الدنيا ف ٌم ود ٌم “ننسو ُن” أمك كم غ ّذت َْك من دمها لكنام املوتُ يف اإلنسانِ جوه ُر ُه عنك عىل الف ّخا ِر ملحم ًة مل تُبْ ِق َ قرأتُ َ منك سوى ط ٍني ت َُس ِّو ُر ُه لك ّن أمني ًة َرف ّْت عىل ج َد ٍث تعلو عىل القرب والحفّا ُر يحف ُر ُه رض ُه خصباً مجام ُر ُه بنت لهف ِتنا يا ُع ْم ُر ،إ َّن األماين ُ ُ والقلب أن ُ
()2 وت ،يَ ْعرو ُه الظَّام ُء ال َب ْح ُر ،يا بَ ْي ُ إىل َم ِ نارات امل ُ ُد ْن، روح يُ ْغر ُِق َم َّد ُه َوال َج ْز َر َويَ ُ يف أنْوارِها، َج ْري ًـا عىل نَ ْه ِج ال ُبحو ْر؛ موح ف َُيا ِو ُد امل َ ُّد ال َج ُ ُصخو َر ِك الشَّ ّم َء ِ تاريخ ِك امل َ ْحفو ِر ع ْن الصخو ْر، يف ُص ِّم ُّ َويُرا ِو ُد ال َج ْز ُر ال َخ ُ جول رِمال َِك الشَّ قرا َء َع ّم َخ َّبأتْ ُه م ْن ِح ِ كايات ال ُعصو ْر، َويَعو ُد ك ٌُّل م ْن ُهام ِب ِقالد ٍة يَ ْزهو بِها جِي ُد ال َّز َم ْن.
بَ ْيوت
سلامن زين الدين
()1
اللَّ ْي ُل أطْ َو ُل م ْن قَناديلِ الكَال ْم، يح ،يا بَ ْيوتُ ،أ ْعتى َوال ِّر ُ ِ أناشيد املَطَ ْر. م ْن الس َف ْر م ْن أيْ َن يل لُ َغ ٌة ُم َج َّن َح ُة َّ ت َ ْرقى إىل َجلَلِ املَقا ْم؟ الص ْم ُت باتَ َجر َمي ًة ال تُ ْغتَ َف ْر. َو َّ الم َوأنا أُ َح ّد ُق يف الظَّ ِ
َوال أرى، يح تَذْروين كَأوراقِ الشَّ َج ْر. َوال ّر ُ الص ْم ُت ،يا بَ ْيوتُ ،يَف َْتِ ُع الظَّال َم، ال َّ يح ال َغرا ْم. َوال الكَال ُم يُطار ُِح ال ّر َ لك َّن َص ْوت َِك ِ ساط ٌع، َو َد ِو َّي َص ْم ِت ِك يُ ْو ِق ُظ ال ُّدنيا عىل َص ْو ِت ال َخطَ ْر.
()4 وت ،أك َ ُْب ال َخطْ ُب ،يا بَ ْي ُ م ْن قَصائِ ِدنا الّتي ت َ ْج َ ُّت أ ْح ُرفَها، َوتَشْ َه ُر َع ْج َزها الشِّ ْعر َِّي يف سا ِح الكَال ْم. بريوت ،أ ْع َم ُق َوال ُج ْر ُح ،يا ُ طاب عا ِب ٍر يَطْفو عىل م ْن ِخ ٍ َسطْ ِح ال َّندا َم ِة َوالتَّفا َه ِة َواملَال ْم. امت ْ هل تَق ِْد ُر ال َكلِ ُ أ ْن ت ُ ْحيي َمالكًا طا ِه ًرا أ ْودى ِب ِه َغ ْد ُر اللِّئا ْم؟ هل تُ ْر ِج ُع ال ُخطَ ُب ال َبلي َغ ُة ْ لِلْ َمدي َن ِة َس ْن َدرا األنْقى م َن اللَّ ْو ِز الشَّ ِ فيف، عىل ذُرى نَ ْيسا َن، السال ْم؟ ()1 يف ُع ْر ِس َّ ميل أبًا هل يُ ْر ِج ُع الشِّ ْع ُر ال َج ُ اس الّذي ما َ زال يَأْ ُم ُل لِ َع ّب َ َع ْو َد َة ال َح ّم ِل م ْن ت َ ْح ِت ال ُّركا ْم؟ ()2 َم ْن يُ ْخ ِم ُد ال َج ْم َر الَّذي يك رامي أ لْقى ِب ِه ال َك ْع ُّ ُلوب ِ أح َّب ٍة َدأبوا عىل يف ق ِ
()3 وت، الب ،يا بَ ْي ُ َو َ ُّ خيل، يَ ْف ِت ُن ُه ال َّن ُ َويَ ْستَ ِب ُّد ِب ِه ال َحن ُني إىل َم ِ قامات الشَّ َج ْر، وح يَ ْنشُ ُد وا َح ًة ف ََي ُ التحا ِل يُلْقي َعصا َّ ْ ت َ ْح َت ِظاللِها َويَ ُ ذوق شَ ْه َد التَّ ْم ِر خيل، يف كَ َن ِف ال َّن ْ س ُج َخ ْيلَ ُه روح يُ ْ ِ َويَ ُ عن ال ُّرطَ ِب ال َج ِن ِّي بَ ْحثًا ِ َوع ْن َع ِ ناقيد املَطَ ْر. روب إلَ ْي ِك، وإذا ال ُّد ُ ّالت أ ْح ِص َن ٍة وت ،شَ ال ُ يا بَ ْي ُ َوأَنْها ٌر ِلَ ْع ِ هيل. الص ْ راس َّ
َوالتَّفْج َري َوالتَّ ْدم َري َوالتَّ ْهج َري، تاح املَكا ْن. يَ ْج ُ ()6 عام، م ْن أ ل ِْف ٍ يَ ْن َبي ِ ض امل ُ َق َّد ُس، الخ ْ ُ كُلَّام آ َن األوا ْن، األص ِّم، َويُعاج ُِل التِّ ِّن َني بِال ُّر ْم ِح َ ِبطَ ْع َن ٍة نَ ْجال َء يَ ْح َفظُها ال َّزما ْن. أص ُّم يَشَ ُّك ُه، فَلِك ُِّل تِ ِّن ٍني َ ض ُر ْم ُح ُه، َولِك ُِّل ِخ ْ ٍ إ ْن شَ َّك ُه يف ث َ ْو ِب تِ ّن ٍني لَع ٍني السدى. َم َّز َق ال ُّر ْم ُح َّ ()7 وتَ ،ع ْن ِك فَلْتَ ْنفُيض ،بَ ْي ُ غُبا َر إ ْعصا ِر ال َّردى، عوم، َولْتَ ْن َهيض م ْن َصلْب ِِك امل َ ْز ِ َمث َْل إلَ َه ٍة، َالصل َْب تُ ْع ِق ُب ُه ال ِقيا َم ُة َوال َّندى. ف َّ ض ِك كُلَّام َس َنكو ُن ِخ ْ َ التِّ ِّن ُني غا َد َر كَ ْه َف ُه. الصدى. َس َنكو ُن ،إ ْن َص ْو ٌت َعالَ ،ر ْج َع َّ
إ ْخام ِد َج ْم ِر اآل َخري َن؟ الصغ َري َة َو َم ْن يُلَ ّق ُن د َمي َة ال َب ْي ِت َّ بَ ْع َض ْأسا ِر ال َغام ْم؟ ()3 ّأن لِ ِجلْب َري امل ُ َع ّنى أ ْن يَ َّ روس ُه، زف َع َ أ ْو أ ْن تُسا ِم َر ُه َس َح ْر؟ روس ُحلْ َوةٌ، َو َس َح ْر َع ٌ ما الشَّ ْم ُس يف َريْعانِها؟ َوما ال َق َم ْر؟ عاث َْت بِها ك َُّف الظَّال ْم)4( . وت، بَ ْي ُ إ َّن كَال َمنا ُع ْه ٌر، َو إ َّن ِخطابَنا كُ ْف ٌر، َو إ َّن قَصي َدنا نَ ْ ٌث، فَام َج ْدوى الكَال ْم؟ ()5 عام، م ْن ألف ٍ يَ ْربُ ُض التِّ ِّن ُني ِ داخ َل كَ ْه ِف ِه ُم َ َتبِّ ًصا ب ِِك ،يا أم َريتَنا ،ال َّدوائِ َر، ُمطْلِقًا لِ ُخ ُيو ِل ظُلْ َم ِت ِه ال ِعنا ْن يَتَ َق َّم ُص ال ِّزل َ ْزال َواإل ْعصا َر
رجل يف خاطري ٌ
د .هويدا رشيف
رجل يف خاطري ٌ ليس كالرجال هبط من الغيمة الزرقاء وحياً مخض الربيع ّيف يوم الثناء يف خاطري هب ٌة عط ّي ٌة هديّ ٌة أحيت قلباً حزيناً مستاء رشب خمر الندى من شفتني حمراوتني روت سنيني العطشاء يف خاطري أم ٌري من بيلسان غربل حرر قشور األمل غمر أرسار قلبي بألوان العطاء يف خاطري عب ٌري ملتهب أمثر عمري بالطأمنينة واألماين بالحب والوفاء ّ يف خاطري روح تراقص أذين ٌ بأجمل الكلامت وعبارات الحياء
أنت فكريت املطلقة التي تطوف يف نور الشمس وتطفو عىل وجه البحار وتسعى يف الليايل املقمرة لتدفء نفيس من برد الشّ تاء ناديتني بااليقونة بالشّ قية بالجنية باملالك أناديك بال ّروح وال ّدم وال ّنفس العلياء يف خاطري أنت آدم وإن ما كان قبيل رساب كل ما كان قبلك فإن ّ محض هراء فيك ق ّويت ومنك شغفي السامء وبك ارتقيت ّ يا شيزوفرينيا حرويف
()8 وت، بَ ْي ُ ص، يا َعشْ تا َر هذا ال َع ْ ِ يا َو َجعي القَدي َم، عىل ال َّزما ْن. ال تَ ْج َزعي يا ُحلْ َويت فَأَدونُ ِك امل َ ْغدو ُر ٍ آت بَ ْغتَ ًة لِ ُيطَ ِّه َر ال َح َر َم امل ُ َق َّد َس م ْن َخنازي ِر املَكا ْن. ْص َواللَّ ْي ُل ،يا بَ ْي ُ وت ،أق َ ُ م ْن قَناديلِ الكَال ْم، يح أ ْو َه ُن َوال ِّر ُ ِ أناشيد املَطَ ْر. م ْن اب ال َحام ْم. ِأس ِ َس ُن َزيِّ ُن ال ُّدنْيا ب ْ َس َيكو ُن ما ِشئْنا، َولَ ْو كَ ِر َه ال َق َد ْر. السبت ،يف .2020 / 8 / 15 ّ الحوايش:
1ـ ألكسندرا نجار ابنة الثالث سنوات التي شوهدت مرا ًرا تشارك ،وترفع العلم اللبناين. الحمل عيل مشيك الذي قىض ضحية اضطراره إىل العمل اإلضايف مقابل خمسة 2ـ ع ّباس مشيك ابن ّ آالف لية لبنانية فقط للساعة الواحدة. 3ـ رامي الكعيك اإلطفايئ املقدام الذي قىض مع زمالء آخرين له يف إطفاء الحريق. السامء قبل أن ت ّ ُزف إىل عريسها جلبري قرعان. 4ـ سحر فارس العروس التي ُزف َّْت إىل ّ
العالمات الصامتة
الصحو لحظة سلّمت أحالمي إىل الجدران، فقدت ّ جدراين التى تلتقط مالمحي يف العتمة والربد. الصح َو وأنا أغ ّنى مواعيدي يف املجاز، فقدْتْ ّ يك ال تر ّددها أفواه ضباع مذؤوبة، مواعيدي التي هشّ مها االنتشاء غري الكامل بالحياة. الصحو لحظة خلعوا عن العامل قميص الطفولة، فقدت ّ وأصبح الوجود د ّوامة تدور بني قميص مردوخ وجلجامش وقميص انكيدو ،وقميص عثامن وقميص يوسف... مات الصحو، وأسئلة املسافر مرارات صمت مات يف شكل إشارات تهتز يف الفراغ وهو يسأل: أيّها الربق الخاوي نص مجنون ؟ّ! ملاذا ال تو ِقظ ّ كل تلك القطارت الالّ متحركة يف ّ ملاذا ال متأل شقوق الجس َد الذي تص ّدع من عبث األكوانِ بد ّن الحياة ؟! يف حاالت الصحو كل صدع كائن داخلك، الصدع يف الجدران ّ ، ما عاد ّ يتكثّف بإلحاح العالمات الصامتة ،واألضواء، التي تناديك ،وال تنهض .انت الذي ال تبحث أب ًدا. رصه ّن اليك أرسل طيورك إىل الجهات األربع و ّ واصغِ بانتباه أش ّد ،فحني تصغي تسمع صوتني. صوت العنق املقطوع الذي يلتهمه الدم، تجسد الكامن دامئًا يف موسيقى قمح العامل جسد لحظة ّ الل ّ وصوت يُرتجم رصاخ التّ ّ
نهى املوسوي :بريوت1-31-2021 :
العب بنريان القداسة
د .رياض الدليمي
ابحثُ عن امرأ ٍة مجوسي ٍة
تعلمني كيف اعبثُ بالنار أرتب طقويس كيف ُ حطب الذكريات أجم ُع َ وهشي َم الخطوات أصبح عاشقاً ت ُعلمني كيف ُ محرتفاً للجم ِر قديساً محتاال ألعب بنريانِ القداسة ُ ال أخىش شهق ًة مكبوت ًة من ِ ألف عام أو بركاناً متفجرا ً اِستوط َن اآله سأرضب دفويف ُ أَرت َدي قمصان القداس ِ وأنت تطوف َني يف جذوة اللهب سأغنى أغنية محارب أرتل بصمت ُ لعيونك الخرض ارقص رقص َة نريوز ُ افتح مالح َم للفصول ُ وجنائن للوسام ِة تناسخي بسواد الفساتني ِ عطورك احكمي بسلط ِة انأ الكاهن الصعلوك ِ عشقك ،عند البزوغ سأُ َعم َد
األرض ُ أقبل َ أزر ُع لهايث عند البياض أمط ُر رضايب فوق القمم الوردي ِة يا امرأة فج ّري الرباكني زَلز ِّل خويف اقبض عىل السنني ّ أهج ّري أوطان التعاسة جففي الوقت بأوجاع النبض ال تأففي من سعري النار وال من صهيل سبابة
هيئة إنسان حكمت حسن
كدأب املوج عىل رسم الخرائط وارتحال الشّ اطىء ال ّدائم ولدت ما بني صخب األرض ال ّنازف الساكن واقتباس الجذوع ّ أردت أن أحبو الت ّددات تنكّرت يل ّ ما بني سكون وسكون كربت قم ًرا يهجع ال ّنور فيه ضيا ًء مستعا ًرا الحب يبادله ّ ُينع عنه سأم الوداع هناك ما بني ضوء وضوء تل ّمست خريطة املوج األحاديّة فككت إزارها تبعتها انحنى الشّ اطىء لوداعي نادتني الغابات
رسقتني الغيوم أولدين القمر واعدته رسمت له ال ّزهور ترك آثاره نشي ًجا عىل لحن الشّ اطىء وري ًحا هوجاء تقلّبت الوجوه كل يشء ٍبدائ ًّيا أحالت ّ بدائ ًّيا
من كتاب قيد الطبع 2017/3/27
تك القُرب أم أورثتني ال َّتعبا أورثْ َ
د .فاطمة البزال
هوب ال ُعم ِر ُم ْح ِ تطبا يا من غدا يف ُس ِ أورث ْتني اله ّم ُم ْذ را َح ْت طالئ ُع ُه السحبا تستوط ُن القلب أو تستمط ُر ُّ َ اب خلوتِنا كنت األنيس ويف محر ِ َ َ كل التّكايا ت ُيض ُء كال ّرؤى ل َهبا ُّ أذقتني من جموح الحب أعذب ُه يل الوقت محتسبا ورحت تُحيص ع ّ ك ّنا إذا ش ّعت ُ ألق اآلمال يف ٍ
وآخ ٌر يف حنايا ال ّروح يطرقني
جوى يف القلب منسكبا ألفيْت ّ كل ً
الغريب عىل دا ِر بها لعبا ط ْرق ِ
واللحظ إذ يرتوي من ِ شمس غ ّرت ِه
ٍ ظل يذك ُرها وشوشات ّ يُصغي إىل وينتحي جان ًبا ال يُحس ُن الطّلبا
وح يف شُ ُغلٍ صوتان يف خلدي وال ّر ُ
للقلب ما ِ نص ٍب أبقت األيا ُم من َ
يعب ِصف الهوى ويرشف الحببا ّ
فق ْم توضأ ِ القلب إن وجبا بنزف ِ
تقبل العتبا تجري ب ِه سن ٌن ال ُ
صوتٌ ي ّنئ عىل أطر ِ اف مسغبتي
ال تشرتِ ال ُغرم إما كنت متلف ُه
ما زل ُْت أل ِز ُم ُه يك يُرجئ الطلبا
بُر ُء الجراح غدا يف ال ّروح ملتهبا
مدى عينا ُه واسعتان كالرغيف ً ينضج ،الحطبا ما عدْتُ أجم ُع ،حتى َ
وع ْد إىل حرض ٍة مسكون ٍة لهبا اج خبا ْ أشعل رؤاك بها إذا الرس ُ
هيئة إنسان حكمت حسن
آه ..لو كان األم ُر يل
الكاتبة وفاء يونس
لَو كا َن األَم ُر بيدي ، لَ ُزرتُ زوايا الوطنِ ، زاوي ًة زاوي ًة حت أُفتِّش، و ُر ُ عن األطفا ِل امل َعذّب َني َوالفقرا ِء واملُعوزي َن والكادح َني رشدي َن وامل ّ والجيا ِع ومكسوري الخواط ِر لَو كا َن األم ُر بيدي لرحت أجم ُع، ُ ُمر َهقي لُقم ِة العيش ، ألُق ّد َم لهم خريات ال ّدنيا، لعلّني أُريحهم ِمن الذ ّّل وسارقي البال ِد، الذين ظلموا شعبنا رسقوه..حارصوه ج ّوعوه..وقهروه.. والدولة
ما يل أراك
لبنى رشارة
ما يل أراك كل اشيايئ يف ّ يا أمالً أتاين بهيئ ِة برش أتيت تنري َ عتم َة ساميئ املدلهمت وتطرد ّ من ليايل السهر أراك عيوناً تراين حزينة تبلس ُم جراحي.. تكفكف دموعي.. ُ ومتحو الضجر أيا قدرا ً.. ما أجمله ! صاغه اإلله العزي ُز املقتدر ال تجعلِ األيّام متيض ..ومتيض.. وترتك األماين عرض ًة للهدر فأحالمي التي زرعتها يداك محال ٌ ٌ ..محال تنبت من غري عطرك.. أن َ واملطر !
ومىض عا ٌم عىل العرشين أطْ َب َق و ْج َد ُه راميا عىل قلبي غشا ًء يُ ْك ِم ُد ُح ْز ٌن وآال ٌم وشكوى وال ّن َذ ْر من الف َر ِح يُقاتِ ُل وي ْج َه ُد ما للسنني متُ ُّر وهي عام َر ٌة الص ْ ُب وال َجلَ ُد كأنّها م ْخ َ ٌب فيه ّ ِم ْن ُم ِّر أيَّا ِمها نق ِْط ُف أغىل غلّ ِتها القلب وأخرى كأنّها الشّ ه ُد فحينا ُير ِم ُر ُ عصار ٌة من ال ّرو ِح والف ْك ِر م ًعا وقلب كواه الق ْر ُب والبع ُد ٌ الس ِ اعات حتّى كأنّها تُ َقل ُِّب ّ
تول ملحوقَ ًة َخلْفَها بَ َر ُد ّ تشكو فال حثيثا وال نجوى وت َ ْركَ ُن حني ي ْد ِركُها ال ِو ُّد ت ُصا ِر ُع ض ْعفَها حنقا وقتال و َغ ْفلَ ُة ال ُع ْم ِر لها ِ الص َم ُد الواح ُد ّ
نبال رعد
من وحي احداث عام ٢٠٢٠
يف برجها العاجي ال تسمع أن َني ال َناس ، ورصاخ املتألّمني قذفتنا يف الهاوية واسرتاحت... لو كان األمر بيدي، لخلقت املُعجز َة ُ رحت املعذّبني... وأَ ُ َولكني أعل ُم، أ ّن الكتاب َة عن الجوعِ، ال ت ُنهي ال ُجو َع وال ت ُّس ُد الجو َع، اآلالم، والكال ُم عن ِ يَزي ُد من اآلالم َوال يشفيها... وها إين ٍ بصوت عا ٍل، اع ُد
َحتى تستفيق ال ّرحمة ُلوب القُساة، يف ق ِ فرتتاح روحي املتعبة ُ َرتاح أقالمي، َوت ُ وقصائدي.
الحبيب
زينه الجوهري
صائد الهوى فاجأين وعلق قلبي بشباكه لعامل األحالم حملني.. وطار يب يف الكون وأفالكه! كالما› من حبه أشبعني فأعادين طفلة ابتدأت معها حياته... يا من فتحت فؤادي بضمة وزرعت الرياحني.. يف نبضاته فكنت الروح لجسدي ولقلبي أصبحت دقاته!! «يا ملكا...». عىل عرش فؤادي اعتىل وخبأ حب الكون يف صفحاته أسمعتني أناشيد الهوى ومنت بني زهراته. فكنت لقلبي الدوا.. ولوتني الحب زفراته.. عىل وجهك أطبقت جفني وحملني قلبك ألنام بني طياته //
اصبحنا غرباء
مليكة مسعود بوربڨة
بني كل نافذة و اخرى سفر اىل مواعيد املوت من الندى الساكن انفاس الزجاج ارتشف صربي كم راقصت انامل شظاياي عىل سحر حرف بطقوس التعب ادفن صربي بضع صور تغازل ذايت الطرق كل الطرق تهيات لرحلة العيون و اغرتاب ممل يا صديقي استصاغ الشيب حزين ما عاد بالليل سواد استصاغت العتمة دموعي ما عاد بالجفون ضياء استصاغ الصمت صمتي ماعادت مدين خرضاء تعال نلهم الضوء الفرح و نغزو فضاءات الحياة نزرع الحب مبدائني و مدائنك الشهباء ها انا بني الصلب و الرتائب لوطن ميوتصصصجاهدة احاول حفر نهري باوردة تنوء ملا صمتك يسكن وجهي يف كل اغرتاب
دوي ذاك الدوي سناء الحاموش
دوي ذاك الدوي سناء الحاموش
همس وكالم وصخب .. ومل تستفق املدينة ... ايها النيام انهضوا ... ليلكم الطويل كيف يرحل..؟ وانتم نيام .. هبوا ...املدينة سبية .. والبحر يف عويل .. انغرزت يف قلبه دماء ندية
وبال مدينة ... اين مصابيح الهدايا ؟ تحمي مدينة من عتمها الطويل ال مل نستفق منذ ذاك الدوي مل تستفق ااملدينة
ال يفراقنا ..مل متسح خطواتنا عىل الطرقات الدماء عن عيوننا زحمة وضجيج ومل تستفق املدينة ..
قدمها الشيطان للشيطان هدية ... فحيح يف الظالل ... ومل تستفق بعد املدينة .... دوي ذلك الدوي يرتدد صداه المتناهيا .. مع كل خفقة ...مع كل رمشة عني .. ذلك الدوي اغتال املدينة ... ومنذ ذلك اليوم ... صار الناس بال وجوه ..
و ما من يد متسح عن عيوننا الدماء //
امللل ونغرق من بعدها يف ْ أمل!!!! فأي ْ ُّ الجمل ْ وما ذَا تفيد وماذا يفيد العمل!؟ امللل!!! اذا كان ما سوف يأيت ْ خطوة تلو خطوة نجوب ومنيش ومن بعد هذا نضيع نضيع نعم سنضيع قطرة تلو قطرة وننزف اعامرنا ياشفافية الروح ردي النجيع شعرة تلو شعر ْة نشيب..فنهرم وندخل يف نفق العاديات املريع أال تدركون بأن الحياة خلل؟! انظروا حولكم جيدا انه الهم وه ٌم وفيه نقيض والف نقيض فيا فرحاً ليس يتبعه غري آ ْه فأي هناء يدوم وأي هوى ليس فيه كلوم؟ وأي أمان سيبقى ونحن نراقب موت النجوم!!! وأي حياة وال يشء فيها اكتمل وما الحلم فيها سوى ومضة وميوت خلل؟ أليس إذا ً يف األمور ْ
ويبقى األمل لحظة تلو لحظة ..ونكب ّ نشب ُ ُ ثم نشيخ... ويبقى األمل كلمة تلو كلم ْة نسمع ..نحفظ ما صار فينا ومن ثم ننىس..
زهراء املوسوي
ا
ومن بعد هذا تضيع ْ الجمل. حجر بعده حجر ٌ نشيد ونبني واعامرنا تتهد ْم... ومن بعد هذا يخيب العمل وأعامرنا غفوة فوق كتف الزمان قلق وس ْي ُل ْ مواس ُم حزنٍ َ فأي أمان!!! ُّ ومن بعد هذا يكون ْ الخلل.. نظرة تلو نظر ْة نحب..ونعشق..ث ّم نهيم ليلة..تلو ليل ْة مع الحزن نسهر ننتظر الحدث الذي سوف يأيت قبل ٌة تلو قبل ْة ونحسن ظنا بعمر عقيم
الكورتيزون هو مضاد التهاب ومسكّن ويخفّف أعراض الحساسية .له عوارض جانبية كثرية ،لذلك ال ينصح باستعامله من دون استشارة طبيب . من هذه العوارض : قرحة املعدة ونزيفها . هشاشة العظام والكسور مع أقل صدمات .السكر يف ال ّدم . ارتفاع نسبة ّ ارتفاع ضغط ال ّدم .السمنة املرض ّية يف منطقة البطن. ّ تج ّمع ال ّدهون أعىل الكتف . مت ّدد الجلد وظهور خطوط حمراء . ظهور الشّ عر يف الجسم . قلّة ال ّرغبة الجنس ّية .مالحظة :تختلف هذه العوارض بني األشخاص حسب م ّدة استعامل الكورتيزون ،نوع الكورتيزون وعيارالكورتيزون. الصيديل الدكتور :ماهر حسن البنية 2021/1/29 :
حة ص
اإلنفلونزا ...حقائق ومعلومات
الصيديل الدكتور :ماهر حسن
إ ّن فريوس اإلنفونزا من أكرث األمراض املعدية انتشارا.إ ّن نزلة الربد العادية تسبّب رشح واحتقان يف الحلق ،لك ّن اإلنفلونزا مرض خطري يسبّب ارتفاع يف درجاتالحرارة ورعشة وسعال وإحساس بضعف شديد وتكسري يف الجسم . ميوت حول العامل سنويّا مئات اآلالف مبرض اإلنفلونزا لذا ال يجب االستهانة به. تنتقل العدوى عن طريق استنشاق ال ّرذاذ املح ّمل بالفريوس من املريض ،عن طريق العطس ومالمسةالسعال والتعطيس. األسطح املل ّوثة بالفريوس ،وهنا تظهر أهميّة غسل األيدي وتغطية الفم واألنف عند ّ تطعيم اإلنفلونزا يتك ّون من أكرث من ساللة من الفريوس ،ونتيجة الطّفرات يف الفريوس نحتاج طعام جديداسنويّا. الساللة . املناعة ضد اإلنفلونزا ّتتغي ّ تقل بعد التّطعيم بع ّدة شهور ،لذلك يجب التطعيم سنويا حتّى لو مل ّ موانع التّطعيم نادرة كحساسيّة البيض . تحتاج التّطعيم ضد اإلنفلونزا حتّى لو أصابتك هذا املوسم ،ألنّك تكون مع ّرضا للعدوى بساللة أخرى . تطعيم اإلنفلونزا آمن للحوامل واألطفال أكرث من ستة أشهر.أقل ح ّدة وسيحميك التّطعيم من املضاعفات الخطرية . ميكن أن تصيبك اإلنفلونزا بعد التّطعيم لك ّنها ستكون ّ إ ّن تطعيم اإلنفلونزا ال يحمي من نزالت الربد كام يعتقد البعض .الصدر وكبار والسكري وحساس ّية ّ إ ّن تطعيم اإلنفلونزا أولوية للحوامل وأصحاب األمراض املزمنة كالقلب ّالس ّن . ّ الضعيفة . جرعة التّطعيم قد تختلف مع األطفال ومرىض زرع األعضاء وذوي املناعة ّالسوائل ، إذا أصابتك االنفلونزا استرش طبيبك عن بداية العالج املضاد للفريوسات وتناول الكثري من ّويفضل البقاء يف املنزل لل ّراحة ،ومنع انتشار العدوى لآلخرين حتّى مرور 24ساعة عىل زوال الحرارة بدون ّ مسكّنات أو خافض للحرارة .
بإشكاليتني مختلفتني ،ال بد من الكشف عن أرضيتهام الفكريةواالجتامعية والسياسية ،إشكاليتني ال ميكن الجمع بينهام ،ال عىل الصعيد اإليديولوجي وال حتى االبستمولوجي .من هنا أتت القطيعة بينهام ،وهي ال تقع يف الفكر الفلسفي فحسب ،بل يف الفكر الديني ،وحتى يف الطريقة التي يق أر بها هذا أو ذاك .مت ّيز لبنان بكونه بلد التعددية الطائفية التي بلغت بعددها ح َّد تسع عرشة طائفة ،وهي ترجع بأصولها إىل اليهودية واملسيحية واإلسالم .وتاريخ لبنان يرتبط ارتباطًا جوهريًا سلم و باملنطقة العربية التي شهدت سيطرة اإلسالم ،وسعت بشكل حثيث إىل جعل العامل العريب بأعرافه وإتنياته ً عربيًا .لذا تبدو الطوائف األخرى كاليهودية واملسيحية وكأنها أقليات دينية (.)P,1986 ,25Rabbathلهذا شهدت أزمة الهوية يف لبنان أوجها مع قيام دولة لبنان الكبري ،فدارت النقاشات والسجاالت ، ،وفُتح باب الجدل عىل مرصاعيه، وتضاربت امراء وتقاطعت اإلشكاليات حول تيارين وخصوصيتني و قافتني :اإلسالم الرشقي من جهة واملسيحية الغربية من جهة مقابلة .تالقيا ،لكنه لقاء التصادم والتنايف ال لقاء الجدل التوليدي .هذا اللقاء الصدامي برز عند رواد هذه األمة ومفكريها من أمثال محمد عبده وفرش أنطون وغريهم الكثري ممن ال يتسع املجال لذكرهم .ولو رجعنا إىل تاريخ تلك الفرتة لرأيناها تعج باالنقسامات واإليديولوجيات املتناقضة واملتعارضة إذ «ميكن تصنيف اإليديولوجيات اللبنانية بكونها «العروبة» يف وجه «التعريب»، و»االنعزالية» يف وجه «االتحاد العريب» ،و»اإلسالم» يف وجه الغرب «املسيحي» و»املحافظني املسيحيني» يف وجه «التقدم يني املسلمني» .إنها مرشوع خطري جدًا»(1998,611Watfa .).p ,وهذا ما مييز لبنان مبعامله الثقافية التي ت ازمنت مع خالفات فكرية أسهمت يف خلق تناقضات جوهرية بني اللبنانيني حول مسائل قافية متعددة ومتنوعة .ولعل من أهمها أزمة الكيان وإشكالية الهوية ،هذا الخالف الذي اتخذ أبعادًا طائفية وال سيام أنهاستند إىل خلفية نظرية كانت قد قامت عليها الجامعات الدينية يف تشكيل تواريخها أو حتى تاريخ الوطن الذي جمعهم.
تكمن أهمية هذه الورقة البحثية يف كونها تقدم رص ًدا تحليليًا ابستمولوجيًا ألفهوم الثقافة بعامة ،والثقافة الوطنية ،والهوية الوطنية اللبنانية بخاصة، محلل ًة لتحدياتها الداخلية والخارجية التي تعرتض عملها ،وتقدم الرؤى والتصوارت ملواجهة مثل هذه التحديات ال ارهنة واملستقبلية .من هنا إمياين بأهمية الفلسفة بوصفها رضورة حتمية يف خلق قافة وطنية كلية ،إذ كيف لنا أن نأيت بثقافة وطنية لبنانية شاملة ،جامعة ،وبهوية وطنية لبنانية ،يصبح الوالء فيهام للبنان ال للطائفة ،أو املذهب والعرق واالمتدادات الخارجية اإلقليمية والدولية. ما أحوجنا اليوم إىل فلسفة نتخذ فيها العقل هاديًا ومرش ًدا فنتخلص من التعصب والطائفية ،ونعمل بوحي التفكري الفلسفي الذي يحررنا من املذهبية والقبلية والعشائرية ،وينقذنا من املذهبية امليليشيوية حتى تصبح قافتنا الوطنية قبل كل الثقافات األخرى ،وهويتنا األصيلة اللبنانية فوق كل الهويات األخرى .وما أحوجنا إىل فالسفة يعيدون للبنان قافته الوطنية اللبنانية األصل والهوية ،ولألمة العربية اإلسالمية حضورها املنتج والفاعل .لهذا كان ال بد من طرش اإلشكالية امتية :ما مفهوم الثقافة الوطنيةا ما مكوناتها اللبنانيةا ما تحدياتها الداخلية والخارجيةا ما السبل اميلة لتجاوز تحدياتها ال ارهنة واملستقبليةا وكيف لها أن تصبح «أنا «كلية وطنية شاملة جامعة منتجة وفاعلةا وأي قافة وطنية ألي ت ارث حضاري لبنانيا وسيكون محو َر ورقتي البحثية العناوي ُن اآلتية:
76
( دراسات جام ّعية يف اآلداب والعلوم اإلنسانية (مؤمتر العلوم اإلنسانية وإعادة بناء الثقافة الوطنية) -ماغي عبيد
د.ماغي عبيد
سفة فل
أشكلة أفهوم الثقافة الوطنية اللبنانية وتحدياتها الراهنة واملستقبلية امللخص
يحاول هذا املقال املعنون بـ «أشكلة أفهوم الثقافة الوطنية اللبنانية وتحدياتها الراهنة واملستقبلية» أن يقدم رص ًدا تحليل ًيا إبستمولوج ًيا وفق منهج التحليل الفلسفي والسوسيو أنرتبولوجي يف تحليل مصطلحات الثقافة والهوية الثقافية الوطنية وإشكالياتها .وذلك يف محاول ٍة لرصد التحديات الداخلية والخارجية التي تواجه أفهوم الثقافة الوطنية اللبنانية وتح ّد من فاعليتها يف تكوين الوعي الوطني لدى األجيال بأهمية الوطن ،وكيفية الحفاظ عليه ،والعمل عىل تنميته ،واإلسهام الفاعل يف بنائه والنهوض به .وكل ذلك يف ظل العوملة ومتغي ارتها العاملية واإلقليمية التي تعصف بالعاملني العريب واإلسالمي مهدد ًة وجودهام االجتامعي والثقايف والسيايس ،وفق منهجية تسعى إىل تخطي التحديات وتجاوزها ،والنهوض بالفعل الثقايف الوطني اللبناين عىل الصعيدين: سعي إىل وضع تصوارت قد تساعد يف مواجهة تحديات الثقافة الوطنية اللبنانية ،وبالتايل الهوية اللبنانية يف ضوء ما النظري والعميل .وي ارفق ذلك ٌ ستتوصل إليه ورقتي البحثية من نتائج وتصوارت ومقرتحات ،إذ تقدم الرؤى والتصوارت ملواجهة مثل هذه التحديات ال ارهنة واملستقبلية. مـن هنـا ،وإميانًـا منـي بأهميـة الفلسـفة بوصـفها ضـرورة حتميـة فـي خلـق قافـة وطنيـة كليـة قـادرة علـى تشكيل «أنا» كلية لبنانية ،إذ كيف لنا أن نأيت بثقافة وطنية لبنانية شاملة ،جامعـة ،وبهويـة وطنيـة لبنانيـة ،كـي يصبح الوالء فيها للبنان ال للطائفة أو املذهب والعرق واالمتدادات الخارجية االقليمية والدولية .لهذا كان ال بد مـن طـرش اإلشـكالية امتيـة :مـا أفهـوم الثقافـة الوطنيـةا مـا مكوناتهـاا مـا تحـدياتهاا مـا السـبل اميلـة لتجـاوز تحـدياتها ال ارهنـة واملسـتقبليةا كيـف لهـا أن تصـبح «أنـا» كليـة وطنيـة جامعـة منتجـة وفاعلـةا وأي قافـة وطنيـة ألي ت ارث حضاريا وكيف لنا أن نصل إىل تحقيق التعايش السلمي اللبنانيا ما مندرجاته وآلياتـه ورهاناتـه ---------------------------------------------
(*)الجامعة اللبنانية ،كلية امداب والعلوم اإلنسانية. يف ظل العوملة وتبعاتها ،ورهانات اإليديولوجيا والتكنولوجيا؟ فهل بات املطلوب العمل عىل نحو كوكبي؟ الكلامت املفاتيح الهويات املتصارعة ،اإليديولوجيات املتناحرة ،تحديات الثقافة الوطنية ،األنا الكلية اللبنانية ،املواطنة ،العمل عىل نحو كوكبي. مقدمة :إن ما مييز فك ًرا فلسف ًيا من غريه ليس املوضوع الذي يتناوله وال النظريات التي يدافع عنها، إمنا بحسب إميل برهييه « :E. Brehierإن األهم من ذلك هو النظر إىل الروح التي يصدر عنها النظام الفكري الذي ينتمي إليه».) ,1935Bréhier.( .. من هنا نرى أن هناك روحني أو نظامني فكريني يف ت ار نا الثقايف اللبناين ،وبكيفية أعم ،هناك الفكر النظري يف املرشق ،والفكر النظري يف املغرب ،مع العلم بأنه داخل االتصال الظاهري هناك انفصال يصل حد القطيعة األبستمولوجيا بني اإل نني ،قطيعة تقع يف املنهج واملفاهيم واإلشكالية ،إذ يتعلق األمر
79
دراسات جام ّعية يف اآلداب والعلوم اإلنسانية (مؤمتر العلوم اإلنسانية وإعادة بناء الثقافة الوطنية) -ماغي عبيد
،التخفيف من التمييز العنرصي ،رشعة حقوق اإلنسان...إال أنه شهد أبشع أنواع التطهري العرقي ومعسك ارت االعتقال، وهذا ما دفع بالتأمل الفلسفي يف القرن العرشين إىل معاودة طرش السؤال مجد ًدا عن هوية الفرد وحرمة الكائن البرشي ،وسالمته الجسدية والفكرية .وإذا بالقرن الواحد والعرشين يبرش بعبودية من نوع آخر ،عبودية مادية وفكرية ،وارتهان الهوية وخضوعها ال تحررها كام يتوقع ،فتختزل الشاشات اآلراء ،وترتهن التكنولوجيا الهوية ،ويستعبد العلم العامل .وإذا ببداهة األفراد قد تنتقص بحكم خضوعهم لنسق اآلالت ،وحتمية العلم ،فأتت النتيجة أن فقد اإلنسان نسقه البرشي ،وخرجت الهوية يف تكوينها من جوهرها ،والتصقت باألع ارض التي أضفت عليها أبعا ًدا ،فأصبحت تابعة لها وموسومة بها. وها هي التكنولوجيا تخترص كل األعراض وتعرب إىل الجوهر ،فتحدد الهوية التي سعى إدغار موارن Edgar Moranيف كتابه «املنهج» إىل التعريف بها، طار ًحا السؤال الراهن املرتبط باملفارقات وبتوزع الوجود اإلنساين بني البناء والهدم ،وبقدرة اإلنسان الالمتناهية عىل اإلبداع والتسامي من جهة ،وعىل التحطيم والعنف من جهة أخر ى .بناء عىل هذه املفارقات يرى إدغار موارن أن الهوية اإلنسانية هوية قامئة عىل الكرثة ،كرثة تتجىل يف كون اإلنسان كائ ًنا صان ًعا ،كائ ًنا اقتصاديًا ،كائن املعرفة ،وكائن االنفعاالت والرغبة ،وهو الكائن ِّ ِ الخي واألكرث رشو را ً .لذا من الواجب تعيني هويته هوي ًة مركب ًة يف ظل واقع إنساين يكون بحد ذاته مركبًا ،ومنفت ًحا عىل الفوىض واألزمات والاليقني ( .موارن ،املنهج( ،ص )52هذه الهوية املركبة هي نتاج لرتابط أبعاد ثالثية تشكل حقيقة الوجود اإلنساين :البعد البيولوجي ،والبعد االجتامعي والبعد الثقايف ،مع التأكيد عىل الرتابط والتالزم بني هذه األبعاد( .ص )54تتضافر جميعها مع ما تحمله من خصوصية بغية تشكيل الهوية التي تأخذ بدورها حدو ًدا ثالثة :الفرد واملجتمع والنوع .هذا الفرد يحمل داخل خصوصيته الفردية البيولوجية املتوار ة كامل البعد الثقايف املميز للنوع اإلنساين ،وكامل الخصائص القيمية واالجتامعية املميزة للمجتمع الذي ينتمي إليه .إ ن العديد من الفالسفة طرحوا هاجس املساءلة هذا ،وأحكموا بصائرهم النقدية إىل درجة ُرفعت فيها مسألة الهوية إىل مصاف الوعي اإلشكايل ،باعتباره رشطًا رضور يًا من رشوط قيام العقل النقدي والنهوض الفكري يف سياق وعي كوين جديد ملسألة الهوية ،الذي ال ينحرص يف مسألة الرضورة والحرية ،بل يتعداها إىل رضورات أخرى، وتشكالت عدة ،تساهم جميعها يف تحديد ماهيتها ،فإذا باالغرتاب واإلرهاب وما عداهام من حركات أشبه بر َّدات فعل واستجابة لواقع يغيل ويشتيك من ضياع الهويات .وبالتايل القول مبفهوم ثابت للهوية هو قول مغلوط ،أل نه مرشوع غري منجز ،تساهم به قوى عديدة ،منها :قوى محافظة ،وقوى التحول، بدل من أنها مرشوع تاريخي تساهم يف إنجازه عوامل عدة كالتكنولوجيا وغريها. فتخلق منها أزمة ،هي أزمة لهوية يُعتقد أنها تكونت واكتملت سلفاً ، أول ،وملقومات هذه الذات ثان ّيا ،والنتامئه إىل مجتمع وأمة ،وإىل اإلنسانية جمعاء لذا« :ال بد من وال بد من االعرتاف بأن الهوية هي وعي اإلنسان لذاته ً مواجهة مع الذات ومع اآلخر مع اليقني أن مواجهة اآلخر ال تنفصل عن كونها مواجهة مع الذات»(.بركات ،2004،ص.)41
78
(دراسات جام ّعية يف اآلداب والعلوم اإلنسانية (مؤمتر العلوم اإلنسانية وإعادة بناء الثقافة الوطنية) -ماغي عبيد
ً أوال :مسوغات البحث :اإلجابة عن التسا ؤالت ،ورفد املختصني يف حقل الثقافة الوطنية بد ارسة تحليلية ألفهوم الثقافة والهوية الوطنية اللبنانية ،تربز التحديات الداخلية والخارجية التي تواجه هذه الثقافة ،واالرتقاء بأفهوم الثقافة الوطنية ،وتعزيز الوالء الوطني والقيمي والسلويك لدى النخب والجمهور. وسنعمد إىل استخدام املنهج الوصفي التحلييل القائم عىل تحليل األفاهيم وتحديد ماهيتها ،ومدى مطابقة الفكر للواقع.
أ -ما معنى الهوية؟ لعل السؤال عن ماهية الهوية ال يخرج عن حدود التساؤل حول «ما اإلنسان»ا وما هو إنسان ي يف اإلنسانا إذ إن سؤال الهوية يتطلب النظر إليها بوصفها وحدة متنوعة ،تجمع يف ناياها منوذج اإلنسان الذي متثله والثقافة التي يحملها يف جدلية تجمع الوحدة والكرثة .وهي بحسب سارتر Sartreمرشوع يف سامء املمكنات ،مرشوع محكوم عليه بأن يكون حرا ،فاإلنسان ليس شيئًا آخر غري ما يصنعه بنفسه .والهوية هي خالصة تفاعل بني عوامل باطنية تخصه وحده -تصارع لتبقى ،وعوامل أخرى متعلقة باملحيط الخارجي (سارتر ،1996،ص)90 من هنا ،ال ميكن الحديث عن هوية فردية خالصة تتشكل داخل األنا األعىل ،وتكون عىل نحو يستبعد حضور امخر املختلف ويستدعيه بع ًد ا اجتامع يًا. وإذا ما كان قاموس أكسفورد Oxfordقد حددها بأنها: «حالة الكينونة املتطابقة بأحكام ،واملتام ثلة إىل حد التطابق التام أو التشابه املطلق» ( «,Shapira, U.K. ،)2008فإن معجم روبري Robertيعرفها بكونها« :امليزة الثابتة للذات) ,)1967Robert(»».يحتمل هذا التعريف معنيني يسعى فولتري Voltaireيف معجم املفاهيم الفلسفية لتوضيحهام بالقول« :إنها ميزة ما هو متام ل ،سواء تعلق األمر بعالقة االستمرارية التي يقيمها فرد مع ذاته ،أو من جهة العالقات التي يقيمها مع الوقائع عىل اختالف أشكالها ) , 2004Voltaire(« .تشرتك هذه التحديدات يف تسليط الضوء عىل ماهية االستمرارية والتطابق واملام لة ،فتبدو الهوية وكأنها مجموعة من امليزات الثابتة املكونة للشخص أو للكل ،كام أنها تحدد صورة للشخص عن ذاته ،والصورة التي يحملها عن نفسه ،وتقود إد اركه موضوعاً يف إطار عالقاته باآلخر .لهذا نر ى أ ن املعجم الوسيط الصادر عن مجمع اللغة العربية قد ع ّرفها بكونها« :حقيقة اليشء أو الشخص التي متيزه عن غريه( .الوسيط )1988،كذلك يذهب الجرجاين إىل تعريفها بالقول: «الحقيقة املطلقة املشتملة عىل الحقائق اشتامل النواة عىل الشجرة يف الغيب املطلق( ».الجرجاين .)2006، لعل هذه التعريفات عىل أهميتها تربز صعوبة حرص الهوية يف مفهوم محدد ،والسبب يف ذلك قد يرجع إىل ما يحيط بها من حيثيات وممي ازت تجعلها متعددة يف وجوهها ومظاهرها ،وهذا ما يدعونا إىل التساؤل :هل تتحدد هويات األشخاص من خالل الثبات واملطلقا وهل الصريورة الهي ارقليطية تنطبق عىل الهويةا أوليست الرسعة والتغيري هام سامت العرص؟ يذهب كنط Kantيف كتابه «أسس ميتافيزيقيا األخالق» إىل« :أن االنسان هو أكرث من مجرد معطى طبيعي ،إنه ذات لعقل عميل أخالقي يستمد من رشع لنفسه مبادئ يلتزم بها مبحض إ اردته ،وهو ما يعطيه الحق يف إلزام اآلخرين باحرتامه .وما كرامة أي قيمة داخلية مطلقة تتجاوز كل تقويم .عىل أن ي ّ دام هذاالعقل األخالقي ومقتضياته كون ًيا ،فإن االنسانية جمعاء تجثم بداخل كل فرد مام يستوجب احرتامه ومعاملته كغاية ال كوسيلة ( كنط )2009،إ َّن العقل ميز ًة جوهرية لإلنسان وعالمة فارقة له ،عىل اعتبار أنه ميده باملعرفة واألخالق والكرامة ويؤمن اندماجه يف الجامعة َ كنط قد ك ّرس يف عرص األنوا ِّر و تَظَ ُّهر الهوية لديه .لكن ،عىل الرغم من أن القرن العرشين شهد تحس ًنا للرشط البرشي ،وملظهر الهوية اإلنسانية مقارنة مع عرص األنوار :إلغاء الرق،
81
(دراسات جام ّعية يف اآلداب والعلوم اإلنسانية (مؤمتر العلوم اإلنسانية وإعادة بناء الثقافة الوطنية) -ماغي عبيد
فالحضارة إذا ،هي ليست نتاج شعب مبفرده ،إمنا هي مزيج من حضارات و ثقافات متعددة ومتنوعة ،تتشابك وتتداخل مشكِّل ًة بذلك هذا الت اركم الثقايف الواعي الذي ينعكس تطوار عىل جميع مناحي الحياة .ويعترب الرتاث من الركائز األساسية ألي عمل إنساين ،فمنه تنطلق الشعوب لتش ِّيد بنا َءاتها الفكرية ،وفيه اختصار لفلسفات الشعوب االجتامعية .وبالتايل فالثقافة ال ميكن حرصها بالبعد املادي ،وال عىل أنها التاريخ الكيل للثقافة ،بل هي ظاهرة متعددة الجوانب ،تحتوي ما حققه اإلنسان من تقدم مادي ومعريف وسلويك مها اريت ،وهي تنتقل إىل األفراد واملجتمعات بالرتبية والتعليم .والرتاث هو الحافظ والحاضن للفلسفة والتاريخ ،وللفن واللغة ،وللسياسة وجميع أنواع املعارف ،وبصورة أدق هو املستودع أو الخ َّزان الذي تضع فيه اإلنسانية أ مثن ما عندها من علوم و ثقافات وآداب ،لهذا عندما تسا َءل املفكر اللبناين كامل الحاج :أين ثوابت الفلسفة التي تعرب عن ذاتنا القومية؟ أين مقومات فلسفتنا؟ كان الجواب« :إنها من موايض التاريخ» (الحاج ،1974 ،ص )745وبخاصة الرتاث الوطني الذي هو مبثابة الدم الذي يجري يف عروق كل مواطن، تحل يف الذوات الجزئية ،فتبث فيها الوعي واملعرفة ،وعىل هذا فإن« :كل هو الروح أو الذات الكلية العامة والشاملة التي ّ عمل عام أو خاص ،ميثل صفة مصلحية وطنية أو عاملية أخذت من املايض ويجب الحفاظ عليها وحاميتها لتوريثها ألجيال املستقبل لكونها تنتمي إىل الرتاث «(.).P,1977 ,1L’Orient-Le Jour إ ّن التدرج املنطقي يتطلب منا عرض لتحديات هذه الثقافة الوطنية ،وبخاصة مسألة الهويات املتصارعة ،واإليديولوجيات املتناحرة ،والعصبيات املتقاتلة يف مجتمع لبناين يعاين عقدة التناقضات ،وإشكاليات التعددية والوحدة ،وجدلية املغبونية والخوف ،يف ظل نظام :طائفي ،برملاين وح ّر .وال بد أن نعرض كيف لهذه التحديات الراهنة واملستقبلية ،وبخاصة عالقة املثقف بالسلطة ،وتقاطعها مع بروز العوملة وتبعاتها ،أن تقود قافتنا الوطنية إىل بر األمان. وهنا ال بد من بعض التصوارت للمعالجات املمكنة ملواجهة تحديات الثقافة الوطنية ،وصولً إىل إبراز أن مستقبل ثقافتنا الوطنية وهويتنا اللبنانية رهن بأزمتني إيديولوجية وتكنولوجية.
80
(دراسات جام ّعية يف اآلداب والعلوم اإلنسانية (مؤمتر العلوم اإلنسانية وإعادة بناء الثقافة الوطنية) -ماغي عبيد
وعىل هذا ،ال ميكن اختزال الهوية اإلنسانية يف نظرية واحدة متجانسة ،من هنا رضورة فلسفة الهوية التي تطرش الطابع اإلشكايل للشخص باعتباره ماهية وجوه ًرا تحيط بهام حيثيات متغرية ،ومن ثم السري يف اإلشكالية إىل هوية وطنية فكونية يساهم العلم والتكنولوجيا يف تشكيلها وعوملتها ،مع العلم بأن محددات الهوية تربز يف إطار اإللزام وليس االختيار ،إذ يبدو أن اللحاق باألمة أمر مفروض فتحدد الهوية وفقها .وقد طرحت الثورة الفرنسية هذه املحددات وحرصتها يف بعد ي :اللغة واألرض وما يستتبعهام من خاصية قافية وإ اردة جامعة لنشوء القومية مبعناها السيايس والوطني االجتامعي( .تايلر ،ص .)15-14من هنا ،فإن فلسفة الهوية هي ذلك الجهد الفكري الذي يُستخدم فيه طريق النظر الفلسفي ،يف مناقشة املفاهيم األساسية التي تقوم عليها الهوية ،ومحاولة رسم صيغ وصور ملا ينبغي أن تكون عليه الهوية يف تشكلها. ب_ماهية الثقافة الوطنية :يُنظر إىل الثقافة عىل أنها تعبري عن هوية مجتمع ما ،مبا ميتلك من خصوصية دينية ولغوية وأخالقية، لذا هي من أبنية الوعي اإلنساين األعىل املتعلقة بأنشطة اإلنسان ،وهي بامتالكها للعمومية الوظائفية يف جميع الثقافات تقارب الفلسفة بكونها أ ًما للعلوم ومبوضوعها املحتوي للمعرفة والقيم والوجود. والثقافة بحسب تايلور « :Taylorكل مركب يشتمل عىل املعرفة واملعتقدات والفنون واألخالق والقانون ،وغري ذلك من اإلمكانيات والعادات التي يكتسبها الفرد باعتباره عضوا ً يف مجتمع)»( ,)135Brehier(. )15واملتتبع لتطور مفهوم الثقافة، صقل وتهذيباً وتنشئة وتسوية وتقو ًميا ،مبعنى أنها عملية متدرجة تبدأ من ومعناها يف اللغة العربية يرى أنها ال تخرج عن كونها ً الفرد ،لتنتهي إىل املجتمع والدولة ،والحضارة عامة ،غريأنه ال بد من التمييز بني العلم والثقافة من جهة ،والثقافة والحضارة من جهة أخرى ،وال سيام أن الثقافةوإشكاليات أفاهيمها قامئة يف النسق املعريف اإلبستمولوجي ،ويف منهجها وموضوعها. غري أن ما مييز العلم من الثقافة ،هو أن العلم عاملي لجميع األمم ،ال يقترص عىل أمة دون أخرى ،وال يختص بأمة دون أخرى ،وهو املعرفة املستندة إىل االستقراء واالستنباط باستخدام األدوات العلمية :كاملالحظة والتجربة واالستنتاج ،يف حني أن الثقافة غالبًا ما تكون خاصة بأمة دون أخرى ،وهي مبا متتلك من خصوصيات ومميزات متيزها عن غريها من األمم األخر ى ،يف آدابها وتاريخها ،ويف سري أبطالها ولغتها ،ويف فقهها وفلسفتها وسائر معارفها غري التجريبية .وعىل هذا ،فالثقافة إنسانية الطابع، وإنسانيتها ال تنفي فرادتها وخصوصيتها ،وهويتها املميزة لفرد من فرد آخر ،أو ملجتمع من مجتمع آخر ،بل ألمة أو حضارة من أمة وحضارة أخرى ،بل لكائن برشي من غريه من الكائنات األخرى .وبالتايل فهي نسق من القيم املرتبطة بأفراد مجتمع معني قد يكتسبون خربات مختلفة ،لذا من املتوقع أن تنطوي قافة مجتمع من املجتمعات عىل قدر من عدم التجانس واالئتالف تفرضه االختالفات الفطرية واالقليمية والدينية والطبقية واملهنية( .نبي ،1984،ص)30-25لهذا فالثقافة يف صورتها املعجمية ال تخرج عن كونها حصيلة فكر األمة ووجدانها .وهذا ما مييزها من الحضارة التي « هي نظام اجتامعي ،يعني االنسان عىل الزيادة من إنتاجه الثقايف»( ديوارنت ،1988،ص ،)3لهذا يتبادر إىل الذهن التساؤل اآليت :هل ميكن القول بوجود حضارة خالصة هي نتاج لشعب معني وحكر عليه ،أي إنها مل تتأ ثر بغريها من الحضا ارت األخرى؟ .وهل هذا الشعب املنتج لهذه الحضارة هو شعب ٍ صاف ،مل يختلط بغريه من الشعوب األخرى؟
83
( دراسات جام ّعية يف اآلداب والعلوم اإلنسانية (مؤمتر العلوم اإلنسانية وإعادة بناء الثقافة الوطنية) -ماغي عبيد
عمد الفالسفة اللبنانيون إىل إبراز الثقل اإليديولوجي للواقع ،إذ إن شارل مالك أ بثت أن ما هو محسوس ليس بحاجة إىل إثبات ،يف حني أن ما هو معقول فقط يتطلب براهني وأدلة إل ثبات ذلك ،مؤك ًدا أن لبنان هو كيان يستمر، والعامل يعرتف له بحقه بالوجود واالستمرار (مالك ،ص .)9يذهب كامل الحاج املفكر اللبناين إىل تأكيد أن لبنان كيان سياسـي وبكل مـا للكلمـة مـن معنـى ،إنـه األرض واالقتصاد ،اللغـة والتاريخ ،كام أنـه املاضـي ،والحارض واملستقبل، وهـو ال يتوانـى عـن اإلشـادة بلبنان مـر د ًدا « :إن الرتكيب القـومـي للبنـان ،والتجـارب الدهـريـة التـي مـ ر بها ،خـالل أول وآخـرا بالقيـم الروحيـة ...كل ذلك أجيـال وأجيـال ،والذهنيـة الصافيـة التـي اكتسبهـا بفضل تلك التجـارب ،ومتسكـه ً جعل الفكر سباقًا بني أشقائه العرب(»...الحاج ،ص .)50-49لبنان الدولـة التي اعرتفت بها أمم العالـم أجمـع واملنبثق مـن أقايص التاريـخ ومـن نتاج الجغرافيا هـو بالنسبـة إلـى مريديـه حقيقـة ثابتة أساسيـة ومقدسة .إنـه «مسلك سحـر ي» ( )49Saqr, Pقـد يـذوب فـي العـدم أو فـي العنف ،إذ يجـد البعض فيـه أنـه «تاريخ حرب ال تنتهي أب ًدا» (. )117Briere, P صحيح أن األمور يف تاريخ لبنان الحديث تزامنت مع هذه التوقعات ،لكن ما حصل كان بسبب غياب الحوار الحقيقي ٌ بني طريف النزاع ،هذا الواقع الذي كان عليه لبنان واللبنانيون الذين كان يتنازعهم منزعان :إرضاء دول الجوار ،واملصالح جيل بعد جيل ،حتى لتكاد املتغرية للقوى العظمى ،إضافة إىل قضية الفلسطينني .وتبقى أزمةالكيان قامئة ومتوارثة ً أصل مشكلة واحدة هي مشكلة وجوده التاريخي» تصل إىل حدود كل فرد بذاته .و »:يقيننا بأن الوجدان اللبناين يعاين ً (موارين ،1994 ،ص .)13وهذا ما أدى إىل وجود أزمة فعلية عىل صعيد التعريف بالهوية التاريخية« :وإذا كانت أزمات لبنان هي دامئًا أزمات هوية فهذا يعني أن لبنان ليس واق ًعا قامئًا بذاته( »...ص .)7ومن هن تطرح إشكالية حقيقية وهي: فعل هو عر ّيب االنتامء والهوية؟ أم إنه ينتمي فعليًا إىل عامل آخر مكتفيًا مبقولة أنه ذو وجه عر ّيب؟ ألبنان ً يكاد يجمع معظم الباحثني واملفكرين عىل أن إشكالية املجتمع اللبناين تكمن يف حقيقـة تحديد ماهية الهويـة التاريخية، ولعل أشد مـا يثري االستغراب والعجب أن قيامة لبنان كانت تحتضن داخلها بذور نقيضها بدليل أن أبناءها مل يجمعوا عب عن استيائه من هذا الوضع مرد ًدا« :لعل من أشد األمور يو ًما عىل فكرة! حتى إن أحد املفكرين اللبنانيني كان قد ّ التي تؤملني وتدهشني يف وقت م ًعا ،هذه املناظرات التي تدور أحيانًا كثرية يف لبنان ،حول الثقافة وألوانها واتجاهاتها وما يالئم منها وما ال يالئم .وإمنا يؤملني من هذه املناظرات أن أكرثها ،إذا مل أقل كلها ،مشوب بأغراض سياسية حزبية»... (لحود ،1993،ص.)88
82
( دراسات جام ّعية يف اآلداب والعلوم اإلنسانية (مؤمتر العلوم اإلنسانية وإعادة بناء الثقافة الوطنية) -ماغي عبيد
ثانيا :تحليل إشكاليات وأزمات وأفاهيم الثقافة والثقافة الوطنية اللبنانية ،والهوية الوطنية اللبنانية لعل إشكالية املناهج املستخدمة يف الد ارسات الثقافية تعترب من أهم اإلشكاليات والتحديات التي تواجه الثقافة بعامة، والثقافة الوطنية بخاصة ،وال سيام تعدد املنهجيات التي تحول املوضوع الثقايف إىل طريقة بحث منهجية ،وبالتايل أصبحت الثقافة توصف مبنهجها ال مبوضوعها تب ًعا للمنهج املستخدم فيها .وهذا ما أورث هوة بني املوضوع ومنهجيته، خاصا بها، وأورث فقرا ً يف النتاج الثقايف الوطني مقارنة بالنتاج الثقايف العاملي ،عىل اعتبار أن الثقافة تتطلب منه ًجا كل ًيا ً يف حني أن املنهج املستخدم يف د ارستها منهج جز ّيئ ،وهذا ما يجعلها يف أزمة .كام أنه ال ميكن إغفال أن استخدام مناهج العلم الثابتة ،كاملنهج التجريبي الذي يصلح يف العلوم الطبيعية ،ويف الد راسات الثقافية املتغرية يؤدي إىل إحداث هوة بني املوضوع الثقايف واملنهج العلمي ،فيأيت الناتج الثقايف لهذا االستخدام ممسو ًخا ومشو ًها ،إذ إن التناقض بني املوضوع واملنهج يتمثل يف إذابة املنهج للخصوصية الثقافية لتتبع عمومية املعرفة ،كام أن استخدام مناهج ليست نابعة من بيئتها الثقافية يؤدي إىل التناقض بني املوضوع الثقايف والواقع املعرب عنه .ولعل اإلشكالية الكربى ال تكمن فقط يف تحديات املنهج واملوضوع ،بل يف أزمة اللغة العربية ،وعدم مواكبتها للتقانة املعارصة ،وبخاصة طغيان العامية عىل الفصحى ،لهذا قائل »:حتى هذه اللحظة كانت كلمة الثقافة مستبعدة من القاموس املعجمي التداويل أطلق جورج طرابييش رصخته ً ومل يكن معناها سوى معناها القامويس الذي يحدده لسان العرب ...فلوال اللقاء مع الحدا ثة الغربية لظلت كلمة الثقافة تعني يف القرن الثامن عرش والتاسع عرش ما عنته يف القرن الثاين الهجري» (طرابييش ،2009 ،ص)95 وعىل هذا ،فمعالجة مشكالت الثقافة العامة تتطلب منه ًجا ينبع من طبيعتها الكلية الخاصة بها .إن جميع ما ورد من إشكاليات وأزمات تتقاطع يف الثقافة الوطنية اللبنانية مع أزمة اإليديولوجيا ،إضاف ًة إىل عقدة تناقضات هذا املجتمع واملتمثلة يف املواقف املتباينة إ زاء انتامء لبنان الحضاري ،فام هذا االنتامء؟ وبالتايل أفيه حضارة واحدة أم تعددية حضارية ؟ أ -إشكالية الكيان والهوية :ككل عمل فكري فلسفي ال بد من التعرض للواقع اللبناين وجو ًدا وهوية ،كيانًا ونظا ًما ،ومن أوىل القضايا التي طرحها الفكر وسعى إليجاد الحلول لها كانت مشكلة التناقضات املوجودة يف املجتمع اللبنانـي مـن رصاع :ميني -يسار ،ليربالية -اشرتاكية ،رجعية -تقدمية ،طائفية -الطائفية ،أغنياء-فقراء ،حرية -عبودية ،رش ق -غرب، إميان -إلحاد ،مواالة -معارضة ،مقاومة -عاملة .جميع هذه التناقضات والتباينات ترجع بأصولها إىل أزمة أساسية أال وهي إشكالية الكيان ،فهل هناك كيان اسمه لبنان ؟ وهل لهذا الكيان اللبناين ،باعتباره انتامء عقل ّيا لدولة مستقلة وس ّيدة ،أن يشكل مادة تاريخية ذات مغزى ؟
85
(دراسات جام ّعية يف اآلداب والعلوم اإلنسانية (مؤمتر العلوم اإلنسانية وإعادة بناء الثقافة الوطنية) -ماغي عبيد
وسط املتغريات الحاصلة يف املنطقة أضحت الجمهورية اللبنانية وميثاقها الوطني الذي شكل العلّة الفاعلة يف وجودها، إطا رين جديدين ،إل ثبات أن لبنان الدولة يؤدي أدوارا مهمة ،تجعل استمراريته أم ًرا مل ًّحا ورضوريًا ،فلبنان كام هو معروف هو بلد التقاء الرشق لـلغرب ،وتعايش املسيحية واإلسالم ،كذلك هو أرض حاضنة لكل األقليات املضطهدة ،سع ًيا الحرتام خصوصياتها ،عىل اعتبار أنه بلد الحريات العامة والخاصة ،أرض الثقافات والتثاقف .ولعل األهم بني كل ذلك حل ّإل بلبنان جديد ،علمي وقـادر أنه« :يف قلب العامل العريب ...عامل استقرار رابط» «( .(.P ,1964 ,269Chihaلهـذا ال ّ عىل تخطي مفاهيم الذّمية فـي املجتمع املسيحي ،والسلفيـة فـي املجتمع اإلسالمي ،واالنطالق بلبنان جديـد عىل أسس فلسفية وعقالنية ،دميقراطية وإنسانية. ب -أزمة اإليديولوجيا يف لبنان :إن تاريخ املجتمع اللبناين ميلء بالرصاعات اإليديولوجيةوالتناقضات العقائدية ،ومل يستطع استقالل لبنان يف العام 1943إلغاء هذه الرصاعات التي حكمت لبنان منذ نشوئه ،بل عىل العكس من ذلك هي أتت كإطار يحتوي هذه الرصاعات والتناقضات التي تش ّعبت واحتدمت ،وتسارعت وتريتها .لذا فالد ارسة تتطلب بحثا عميقًا يف حقيقة هذه الظاهرة بأبعادها النظريةوالعملية .من املالحظ أن الرصاع العقائدي واإليديولوجي يف لبنان، إمنا هو انعكاس ألزمة الهوية ،إذ مل نلمس إجام ًعا لدى اللبنانيني ،ولو ملرة واحدة ،حول هوية لبنان ،بل تجد البعض يرى أن الهوية الجامعية واالجتامعية للمواطن اللبناين تتمثل بطائفته ،وأُخر رأوا فيها هوية قومية ،وهي بنظر فريق ثالث سورية ،ويف نظر فريق رابع عربية ،يف حني أن آخرين يسمونها بالهوية الطبقية .والحل لن يكون مجديًا ما مل يستند إىل نظرة فلسفية شاملة ،أي إىل إيديولوجية تحمل يف طياتها أزمات واقع املجتمع اللبناين ،وحلولها تكمن يف التساؤل عن هذا الواقع ،وما هو عليها وما املستقبل املنتظر؟ وكيف له أن يتحول؟ ولِ َم؟. إن اإليديولوجية التـي من الواجب تحقيقها يف املجتمع اللبناين هي إيديولوجية لبنانية تتجاوز إطار الطائفية والتسوية أو التوازن ،صيغة تحقق التعايش الحق ،القائم عىل االندماج يف وحدة مجتمعية حيث تسود عالقة جدلية بيـن األطراف املتعايشة ،تبنى عىل االتفاق والتوافق ال الغلبة لطرف عىل آخر ،إمنا إقامة مجتمع جديد عىل أنقاض القديم والحايل. وللخروج من هذا الواقع الطائفي هناك مسلكان أو طريقان :إ ما االنفصال أو الوحدة ،وبخاصة أن التعايش الطائفي الفعيل يف لبنان يعمل دامئًا وتاريخ ًيا َ خالف ما تقتضيه إيديولوجية التعايش الطائفي .وتشكيل لبنان يجب أن يكون عىل أسس وطنية ،يكون الوالء فيها للوطن ال إليديولوجية أخر ى ،وبخاص ٍة أن التضاد والتناقض قائم بني سلطتي الطوائف والدولة ،بني سلطة كلّية وشاملة ،وأخرى جزئية تحلم بأن تقيم دولة ضمن الدولة ،هام إذًا عىل تناقض وتضاد ...« :وهام سلطتان متنافستان ،ويف العمق متناقضتان ،يف سعيهام إلعادة إنتاج األبناء عىل صورة األباء .ولن يتم تحويل املشكلة من مشكلة تعدد تربوي طوائفي إىل مشكلة تن ّوع تربوي ثقايف إ لّ بقدر ما يتم تجاوز الفوارق التي تفصل الطوائف بعضها (نصار ،2000 ،ص.)41 عن بعض يف تص ّور األمة والوطن والدولة والوجود الطائفي نفسهّ ».
84
( دراسات جام ّعية يف اآلداب والعلوم اإلنسانية (مؤمتر العلوم اإلنسانية وإعادة بناء الثقافة الوطنية) -ماغي عبيد
إزاء هذا االنقسام الحاصل حول الكيان اللبناين كان ال بد من بروز قطبني أو طرفني :أحدهام يرى يف لبنان جز ًءا من محيطه العريب مستن ًدا يف ذلك إىل التا ريخ والجغرافيا يف إعالن هذا االنتامء والدفاع عنه ،يف حني أن الطرف اآلخر عمل عىل إ ثبات خصوصية صحيح أن امليثاق الوطني هو الحصيلة األساسية والجوهرية لبنان الثقافية والتاريخية مؤك ًدا متيّزه وفرادته عن محيطه العريب. ٌ حل آن ًيا ،وهو أىت نتاج توازن إقليمي أكرث مام هو تعبري عن حالة نضوج داخلية ،وبخاص ٍة ألي نتاج مستقبيل ،لكنه مع ذلك بقي ً نضال ود ًما يف سيل خيال وطني معارص ) P,1966 ,28Hourani(.استخدمه بعض أن املجتمع اللبناين ما زال يدفع منه ً السياسيني الذين اتسموا بالشبهات والتسويات ،إذ ليس لدى اللبنانيني ما يجعلهم يجمعون عىل التأويل نفسه بالنسبة إىل العروبة قصد بها حسن جوار فحسب ؟حتى امليثاق الذي يكرس النظام الطائفي عىل اعتبار أنه قصد بالعروبة تلك الهوية الثقافية أم يُ َ ،أيُ َ نوع من توازن السلطة هو بالتايل ال مييز سوى طائفتني املسيحية واإلسالم. ولو رجعنا إىل تاريخ هاتني الطائفتني لوجدنا تباي ًنا ثقاف ًيا كب ًريا يصل إىل حد التناقض والتعارض بني مجموعات متعددة من رشائح املجتمع اللبناين ،حتى لتبدو وكأنها أشبه باملونادات Les Monadesالتي تحدث عنها ليبنتز .Leibnizبني هذه املونادات املتنازعة عاش لبنان أزمة الهوية وإشكالية الكيان ،وخضع بالتايل لصريورة الرفض والتأكيد ،اإل ثبات والنفي ،مع العلم بأن اتفاق الطائف أىت ليحسم الجدل مؤك ًدا أن: «لبنان عريب الهويـة واالنتامء» (رسحال ،1993،ص .)15إ ال أن الحسم بقي عىل مستوى النص الدستوري نظريًا ،ولـم ير َق إىل أيضا عىل مستو ى الغاء الطائفية السياسية ،وهو هدف مستوى التطبيق الفعيل ،ليس عىل مستوى هوية لبنان فحسب ،بل ً وطني أسايس ،لذا من الواجب تعزيز الوحدة الوطنية بني اللبنانيني وتعميق روح اإلمناء الوطني عرب تحقيق االنصهار الوطني وتجاوز الطائفية (بكاسيني ،1993،ص ).216وال ننىس أ ن القضية أعمق من تغيري نص أو إ ثباته ،إنها تاريخ من الرتاكم الثقايف والفكر ي .ومبا أن الفلسفة ليست منفصلة عن تاريخها وناسها ،وتاريخ املجتمع اللبناين هو تاريخ التناقضات الطائفية بني املسلمني واملسيحيني ،ففي حني أن املسيحي...« :يرى أن دولته الثقافية ال بد لها من أن متر بالواسطة الغربية كاملة دون أن يعني ذلك بالنسبة إليه االغرتاب ،أما املسلم فال يزال مرتد ًدا أمام هذه الوساطة خوفًا عىل هويته» (موارين ،ص .)129ولعل الغريب يف األمر، أن املجتمع اللبناين ،عىل الرغم من كل هذه الرصاعات اإليديولوجية ،يكاد يخلو من إيديولوجية متكاملة ،وهذا إن د ل عىل يشء إمنا يدل عىل الخطر الذي يواجه مجتمعنا ومؤسساتنا ،وأحزابنا وسياساتنا يف التاريخ املعارص. باختصار :إذا كانت املسيحية يف لبنان تجد أن واقع أهل الذِّمة مرفوض بتاتا ،ويف املقابل يعلن املسلمون رفضهم لدولة علامنية، ملموسا ،ألنه ال خالص حتم إىل الالمركزية السياسية ،إىل أن تسود فكرة الدولة العلامنية ،وتصبح واق ًعا فإن لبنان بذلك سيذهب ً ً للبنان العلمي التقدمي الجديد إ ال بها .
87
( دراسات جام ّعية يف اآلداب والعلوم اإلنسانية (مؤمتر العلوم اإلنسانية وإعادة بناء الثقافة الوطنية) -ماغي عبيد
فعن أي سيادة يتكلمون ولبنان مرتهن ألنظمة ومشاريع إقليمية ودولية؟ كيف له أن يحقق حريته وهو ليس س ّيد نفسه؟ وكيف له أن يحقق وحدته الوطنية واأليادي الخارجية تسعى إىل رشذمته وتفتيته؟ كيف للبنان أن يكون واح ًدا موح ًدا ،وكل طائفة فيه تستقوي عىل األخرى بقوى خارجية تؤمن لها استمراريتها ووجودها يف مقابل فئات الشعب اللبناين األخرى؟ وتبقى هناك إشكاليات وتحديات عديدة تواجه املجتمع اللبناين يف تشكالته وتركيبته ،منها إشكالية التعددية والوحدة ،وجدلية املغبونية والخوف ،ونظام لبنان الطائفي الربملاين الحر .لكن ضيق الوقت ال يسمح لنا بتسليط الضوء عىل هذه القضايا كلها ،وتبقى اإلشكالية التي ت ُطرح :هل الدولة اللبنانية هي صنيعة الشعب اللبناين؟ وهل هي متح ّررة من تأ ثريات الخارج فيها؟ الخامتة مستقبل التعايش السلمي و ثقافتنا الوطنية وهويتنا اللبنانية :أزمة إيديولوجيا أم تكنولوجيا أم العمل عىل نحو كوكبي؟ مام تق ّدم ،نستنتج أن لبنان ليس كام يدعي البعض «غلطة تاريخية» ( ،خليفة ،1997،ص )15بل هو كام يصفه إدمون ربّاط «بلد ذو سيامء خا صة») .P ,1986 ,1Rabbath( . وصحيح أنه قد يشارك بقية الكيانات صحيح أنـه يرتبط مع العامل العريب بروابط التاريخ واللغة والثقافة والتجارة، ٌ املحيطة واملجاورة خصائصه ،لكنه يتميز من غريه بنوعيته التي تجعله ظاهرة فريدة يف العامل العريب ،وهي نتاج أوضاع اجتامعية وسوسيو -ثقافية أكرث منها سياسية .من هنا ،ال خالص للبنان إ ال بإيديولوجية لبنانية حقّة ،تكون نتاج الشباب أول وأخ ًريا ،خارج حدود األحزال والطوائف واملذاهب، اللبناين املثقف والواعي ،املؤمن بلبنان ،حتى يكون االنتامء للوطن ً إذ يتم تجاوز اللعبة الطائفية وتوازناتها التي لعبت بلبنان وما زالت .وال خالص للبنان من أزماته وتحقيق تعايشه السلمي إال بوقف التدخالت اإلقليمية والدولية عن أرضه ،وحامية سيادة الدولة من خالل الحفاظ عىل األمن والسالم اللبنانيني. ولن يتحقق ذلك ما مل يُ َع َّدل الدستور عرب إلغاء الطائفية السياسية ،والرتكيز عىل مفهوم املواطنية الحقة ،وإبراز معنى الهوية الوطنية والثقافة الوطنية اللبنانية يف «أنا» كلية جامعة ،يكون الوالء فيها للبنان الوطن قبل أي اعتبا ارت أخر ى .إنها هذه األنا اللبنانية التي تجمع يف ذاتها ثقافتها الوطنية الحاضنة لألصالة واملعارصة ،مانعة للنقل ،معتمد ًة عىل العقل وسيل ًة لإلبداع والتطور ،آخذ ًة من الرتاث القديم عونًا لها يف حل أزمات واقعها املعارص ،ومن الرتاث املعارص أدواته املساهمة يف تطوير الرتاث ،لعل الرتاث بذلك يتحول إىل واقع وحياة ،ولعل الفلسفة تتحول إىل رسالة وقضية ،فتُذهب التفرق َة بني الثقافتني الغربية والعربية وتوحدهام ،ليتوافقا وروح العلم والعرص ،وينتهي بذلك الوضع القائم والفراغ الحاصل ،ونصل إىل تحقيق فكرة اإلنسان املتكامل الحامل لثقافته الوطنية ،ولهويته الوطنية ال لهويات معوملة استهالكية يف عامل افرتايض،حيث ثقافة الشاشة ال الكلمة ،وحيث اإلعالمي السطحي نتاج الفوتوشوب والفايسبوك والواتساب ،ال املثقف األصيل امللتزم قضايا شعبه ووطنه وأمته ،وحيث ثقافة التواصل االجتامعي ال ثقافة الكتاب واملؤسسات الثقافية
86
( دراسات جام ّعية يف اآلداب والعلوم اإلنسانية (مؤمتر العلوم اإلنسانية وإعادة بناء الثقافة الوطنية) -ماغي عبيد
اإليديولوجية املارونية ترى يف املجتمع اللبناين أنه متعدد أو تعددي ،وأن الدولة ال بد من أن تقوم عىل التعاقد والرتايض ،مستفيدة من صيغة العام 1943التسسووية ،رشط ألّ تحصل تغيريات تهدد حرية وجودها ،وت ّدعي الخوف من الرجوع إىل واقع أهل الذمة ،وبالتايل الحرية لديها ليست مضمونة ،يف حني أن اإليديولوجية اإلسالمية تقابلها بادعاء مضاد أال وهو الغنب والدونية من عدم متثيلها يف الدولة ،ويف املؤسسات العامة .من هنا فإن التعارض والرصاع بني املنطقني سيبقيان ما بقيت اإليديولوجية اإلسالمية التكفل حرية مضمونة للمسيحيني وبخاص ٍة املوارنة ،كذلك ما دامت اإليديولوجية املارونية ال تفصح عن شكل الكيان اللبناين املستقل بغية التخلص من العوامل التي قد تؤدي إىل استثارة املسلمني ومعارضتهم.فالتعارض بني اإليديولوجيتني قائم رض عىل الصعيدين اإلقليمي والعاملي. بالدرجة األوىل عىل النظرة الدينية األساسية ،ومن ثم الشخصيةاالجتامعية تاريخ ًيا ،وحا ٌ جميع ما ورد ذكره من تداعيات كان لهادورها يف اتصاف النظام السيايس اللبناين بالطائفية من جهة وبتثبيت اإلقطاع السيايس والعائيل من جهة أخرى يف أساس السلطة يف املجتمع اللبناين .واملواقف من الطائفية تتباين بني طرفني ،األول ينظر إليها عىل أنها هي السبب يف قيام كيان اسمه لبنان ،وبالتايل فهي بناءة ال هدامة ،والثاين ينظر إليها عىل أنها السبب يف قيام حروب أهلية لبنانية بني فرتة وأخرى .وإ ازء اختالف وجهات النظر هذه كان البد من طرح اإلشكالية اآلتية :ما طبيعة الطائفية؟ أب ّناءة هي أم هدامة؟ ينبغي لإليديولوجية اللبنانية أن تسعى لحل املشكالت العملية لواقع املجتمع اللبناين ،وبخاصة رضورة تغيري الطبقة السياسية الحاكمة وأسلوب حكمها وإدارتها ،وإحالل فكرة الوحدة الوطنية التي تحمل يف طياتها التعدد واالختالف ،مبا يؤدي إىل التميّز والوحدة .ولن يكون ذلك ما مل تقم الفلسفة بدورها يف إعادة تشكيل املجتمع اللبناين عىل أسس علمية وإنسانية راقية ،إذ إنه عىل عاتقها تقع مسؤولية قيادة الشعوب نحو األفضل ،وبخاص ٍة أنها هي ا لـتي تعلم الحوار البناء ،والتفكري النقدي والعلمي واملوضوعي ،كام أنها تعلم قبل كل يشء قبول أآلخر .قد يرى البعض أن الفلسفة انتهى دورها اليوم يف ظل العلم والعوملة ،لكن ما مل ينتبهوا إليه أن...« :حكمة الشعوب ال تغني عن حكمة العقل الفلسفي الذي وظيفته أن يستكشف حقيقة اإلنسان والوجود، وأن يستخلص مـا يجب أو ما يحسن السعي إليه سياس ًيا ليك يحقق اإلنسان إمكاناته ويبلغ بذلك سعادته» (ص.)276 قد يرتاءى للبنانيني أن للمجتمع اللبناين أهمية بني دول العامل الكرب ى ،فيستخدمون مفردات «قيادات» و»مرجعيات »،و» أحزاب» و»تيا رات» .ويف حني أن البعض يرى فيه أنه مجتمع «قبائل» و»عشائر» ،فإن البعض اآلخر يجد فيه أنه «مزرعة» أو «جبنة» ،تعمد الفئات املتنافسة واملتصارعة إىل تقاسمها! لذا مل يكن من املستبعد إطالق شعار «الوحدة الوطنية «يف رد فعل عىل االنقسام والترشذم ،وانعدام لغة الحوار واملصالحة ،عرب انغالق كل طائفة بل كل حزب عىل ذاته ،وإطالق عدائه تجاه اآلخر .لبنان بلد الحرية واالنفتاش ،بلد التقاء الثقافات والحضا رات أصبح اليوم يتغنى بالحرية التي جرادوها من معناها الواسع والفضفاض، لتختص بفئة معينة ،فهي ليست للجميع ،واألصعب من ذلك أنهم ربطوها بالسيادة واالستقالل.
89
(دراسات جام ّعية يف اآلداب والعلوم اإلنسانية (مؤمتر العلوم اإلنسانية وإعادة بناء الثقافة الوطنية) -ماغي عبيد
ويبقى السؤالَ :من املخ ّول أن يقوم بعملية اإلصالح هذه ؟إنهم باختصار النخبة الواعية واملثقفة من مفكري لبنان وفالسفته الذين ميتلكون القدرات واملؤهالت التي تخ ّولهم بناء وطن عىل أسس عقالنية وعلمية ،والذين مل يفسدهم املجتمع بعد .ذلك أ نه لن تقوم قيامة للبنان إ ال بالوحدة الوطنية الحقّة والصادقة ،ال بشعا رات حرفية ظاهرية ،إمنا اإلميان بها روحي ًة وجو ًهرا سعيًا إىل تجاوز الطائفية ومشكالتها التي ح ّولت اللبنانيني إىل فئات متنابذة ينفي بعضهم بعضا .وللتخلص من الطائفية ال بد من سيادة قانون واحد يُط ّبق عىل الجميع بعي ًدا من االحتكا رات الطائفية ً واالمتيازات املذهبية ،واستنا ًد ا إىل مبدأ النزاهة والكفاءة .ولن يكون ذلك إ ال بالتخيل عن الدميقراطيّة التوافقية التي أدت دورها يف تهدئة املجتمع وتسوية أوضاعه لفرتة ما ،لكنها مل تعد صالحة اليوم ألنها تحمل يف ذاتها االنقسامات الطائفية .فلِ َم التمسك بالدميقراطية التوافقية؟ ولِّ َم ال نبحث عن دميقراط ّية إنسانية فلسفية يكون اإلنسان فيها الوسيلة والغاية ،دميقراطية اجتامعية تقوم عىل أسس علمية نظرية وتطبيقية تعنى بقضايا املواطنني عىل مختلف األصعدة ،فتساهم يف تأمني مستلزماتهم االجتامعية وتعالج أزماتهم من شيخوخة وبطالة وطبابة ،وتهتم بالخدمات االجتامعية وتعمل عىل حامية النساء واألطفال والشيوخ هكذا إذًا نستطيع الوصول إىل دولة عادلة وشاملة .لبناء دولة عادلة ال ب َّد من حاميتها من مطامع الكبار ،وبخاصة أننا يف زمن العوملة الذي تسعى أمريكا بواسطته اليوم إىل فرض سيطرتها عىل دول العامل. لذا ،عىل اللبنانيني السعي إىل حامية وطنهم عرب تطبيق الدميقراطيّة العادلة والصحيحة ال املبالغة يف دميقراطية مثالية وال التطرف يف خلق مواطنني مثاليني ،بل العمل عىل إرساء قواعد الدميقرطية الصحيحة واملعتدلة. املارجع العربية بركات ،حليم( ،)2004أزمة الحداثة والوعي التقليدي .بريوت :رياض الريس للكتاب والنرش. بكاسيني ،جورج( .)1993أسارر الطائف -من عهد أمني الجميل حتى سقوط الجنارل )ط .(1بريوت:دار التعاونية الطباعية . تايلر ،بيرت( ،)2000الجغارفيا السياسية) .ط ،(1ج ،1سلسلة عامل املعرفة ) ،(283الكويت :املجلس الوطني للثقافة والفنونوامداب. الجرجاين( .)2006معجم التعريفات .بريوت :مؤسسة الرسالة للطباعة والنرش والتوزيع . الحاج كامل ،يوسف( ،)1969لبنان بني إسارئيل والصهيونية ،محارضة ألقيت يف بش ر ي بدعوة من عصبة شباب بش ري10،آب. (1974موجز الفلسفة اللبنانية .جونية ). خليفة ،نبيل( .)1997مدخل إىل الخصوصية اللبنانية )ط .(1جبيل :منشوارت بيبلوس. ديوارنت ،ول وايريل( .)1988قصة الحضارة ).تقديم محي الدين صابر ،تر .زيك نجيب محمود( ج ،1مج ،1بريوت -تونس :دارالجيل.
88
(دراسات جام ّعية يف اآلداب والعلوم اإلنسانية (مؤمتر العلوم اإلنسانية وإعادة بناء الثقافة الوطنية) -ماغي عبيد
ولعل أزمة لبنان هي يف جزء منها أزمة حضارية تنطوي عىل قضايا الهوية والثقافة الوطنية ،والحرية ،وحقوق اإلنسان .ومشكلة لبنان تكمن يف أنه يسعى دامئًا إىل إ ثبات ذاته ،وتأكيد هويته ،والدفاع عن مصالحه ليضمن استمراره ووجوده ،يف ظل جريان لديهم آ ارء مختلفة .ورصاع الحضا ارت اتخذ عند هنتنغتون شكل جدلية «نحن» ضد «هم» واملقصود به الخري يف مقابل الرش، املتضمن تصوار للعامل املتغري والحرية يف مقابل العبودية ،ورصاع الثقافات وتعايشها كام دعا إىل ذلك ها رالد موللر مبفهومه الكوين َ يف ظل عوملة تتطلب التفكري والعمل عىل نحو كوكبي ،مبعنى املشاركة يف بناء املجتمع العاملي ،وقيادة املصري املشرتك من خالل «اإلنسان العاملي» (املسكيني ،2001،ص )118صانع املستقبل. هذا اإلنسان هو أمام االمتحان العسري والتحدي الكبري ،امتحان يثبت معه بلوغه سن الرشد وقدرته عىل تدبر مشكالته بشكل يح ّد من العنف ،ويسعى إىل تعايشه السلمي مع اآلخر املختلف ،فيقلّل من األخطار املحدقة باملصري ،ويعزز الوحدة االجتامعية الوطنية باحرتامه لواقع التعددية الدينية والثقافية ،ويبني مرشو ًعا ثقاف ًياجدي ًد ا يرفض الطائفية التي تقسم أبناء الوطن الواحد واألرض الواحدة عىل أسس مذهبية أو عرقية أو طائفية يف إطار الثقافة الوطنية الواحدة ،ونرش ثقافة املواطنة املتساوية ،ويعمل عىل صياغة منظومة قانونية وسياسية للمواطنني كافة عىل قاعدة االعرتاف بكل الخصوصيات والهويات ،وبالتعاطي اإليجايب مع مقتضيات التعددية الثقافية ،ويؤمن بأن التعددية الثقافية هي الرابطة الوطنية املشكلة للهوية الوطنية ،والبنيان األسايس الذي يعزز االجتامع الوطني املأزوم بالخيا ارت املتناقضة للمفاهيم املتحركة والسامت غري املتاميزة إال بخصوصية من يس ّوق لها، فتتجاوز» السيندوس» مرشو ًعا آلليات تصالحية عىل مبانٍ ومرتكزات إميانية بالخوف منه وعليه ،فتؤطر غيابه بأدوات استدعاء حضوره يف تغري الظروف حوله وفيه ومنه ،حت ى تؤسس أزمة التصنيف املختلف واملؤتلف املتناقض عىل معايري إلغاء الطائفية سست للسينودس من أجل لبنان ،تقيض بالتعايش بني من أغفلوا السياسية وأسسه وآلياته باعتباره أمنوذ ًجا ا عقائد يًا لرهانات أ ْ سلمية الحق يف الحوار ،وأزمة قبول اآلخر . وهكذا أشكل األمر يف التفسري واملقاربة واملقارنة واملساومة عىل حق الكل يف اآلخر ،وهو حق اإلنسان يف إغفال معايري تطبيق املراحل االنتقالية ملا أ سسنا ،والتفسري العشوايئ للامدة 95من الدستور. والتعددية الثقافية هي الجذر الثقايف لبناء مواطَنة تحقق االندماج االجتامعي ،سعيًا إىل هوية وطنية عامدها الثقافة الوطنية املعبة عن حياة املجتمع و ثقافته االجتامعية والسياسية بكل تنوعاتها وتعداداتها ومكوناتها ،وتخطيطًا ملستقبل ميكن تحقيقه مع ّ ما يشمله من الالمتوقع والالمتعني .ولكن ما الوسائل املتوافرة للقيام بهذه العملية؟ من أوىل الوسائل التي من الواجب توافرها الرتبية السليمة بروحية فلسفية تعلم اإلنسان كيفية التفكري الحر ،املوضوعي والبناء، والثقافة الفلسفية واالجتامعية ،بل السياسية الواعية التي تجعل اإلنسان سيّد نفسه ال تاب ًعا ملرجعية أو رئاسة ،فاملوقف الحر يتطلب احرتام .وما ينسحب عىل الفرد يجري عىل املجتمع ،إذ لن يحقق املجتمع حريته إن كان خاض ًعا لسلطة متارس عليه أيضا لن يحقق حريته وسيادته إ ال متى تسلم الحكم فيه أحرار ال يأبهون لسيّد أو آلمر .وإنسانية اإلنسان ال الرتهيب .والوطن ً تتحقق إ ال بالحوار مع اآلخر عرب تبادل األفكار والقبول باالختالف والتن ّوع.
عمر شبيل
دب أ
بعض الرجال وجودهم رضورة الستمرار الفضيلة
جبوتها إالّ برجال كلام ف ّك ْرتَ بالدنيا وظروفها وتقلبات أحوالها تدرك أنّها ج ّبار ٌة وصعبة املراس ،وأنّك ال تستطيع مواجه َة َ رسلني، أفاضل ،يُكلَّفون من لَ ُد ْن حكيم عليلم لضبط َهيجان الحياة ول ْج ِم عواصفها الرشسة ،وليس بالرضورة أن يكونوا ُم َ مرسلون ،ولو مل يكونوا أنبياء .إنهم موجودون يف كل زمان ولكنهم يف توجيه أمور الحياة وتغليب الخري عىل الرش هم َ إلضاءة مصابيح العمل الصالح والفكر الصالح والفضيلة ،وحني تخلو مرحلة زمنية من وجودهم تح ُدثُ ت ََصدُّعاتٌ كبرية يف البناء االجتامعي واألخالقي ،وتسري الحياة إىل نهاية وجودها الذي كان عليه أن يرقى بإنسانية اإلنسانْ. أقول هذا الكالم بعد تع ُّريف الحميم عىل شخصية الدكتور حسن فرحات ابن الجنوب البار الذي يحمل ِس ٍ امت حسين ّي ًة، الخلق كلَّهم ُ ُ عيال الله، أبر ُز ما فيها االنتصا ُر للحق ورفض الدن ّي ِة ولو بباملن ّية، والوقوف يف الصف األمامي مع املؤمنني بأن َ َ لنتعارف أي لنتثاقف باملعرفة ،ولنؤ ِم َن أ ّن الثقافة اإلنسانية هي التي وأ ّن أح ّبهم إىل الله أنف ُعهم لعياله .وأ ّن الله خلقنا تجعل الضياء منترصا ً عىل الظالم ،وأن الله خلقنا لنتعل َم ،ألنه هو الذي علَّمنا ما مل نعل ْم .حمل الدكتور حسن فرحات وظل مؤمناً بانتصار الروح عىل املا ّدة ،مل يأبَه بناطحات السحاب ،ألن إميانه كان بالروح اإلنسانية رو ِح الرشق إىل الغربَّ ، أوالً وأخريا ً .وروحاني ُة الرشق جعلته يؤمن أن السالم هو الدرب الذي يجب أن متيش عليه اإلنسانية لتصنع حضارتها الخالدة التي تؤمن بأن اإلنسان أخو اإلنسان .ويؤمن أن حراسة السالم تقوم عىل الوعي اإلنساين الذي يزجر الرش ويطرده من النفس املظلمة. الغربة مل تغري الدكتور حسن فرحات بل ظلّت القري ُة تخفق يف صدره ،وظلت «يارون» الجنوبي ُة الهوى واملنى موجود ًة يف صدره وموجود ًة يف حقائبِه أينام تو ّجه .كان الجنوب ِقبل َة صالة قلبه اململوء بالحنان إىل زمان القرية ورفاق الطفولة التي كانت تجمعهم مدرسة القرية ،والتي كانت يف وجدانه أش ّد حضورا ً من كل جامعات العامل .مل ينس «يارون» وال أزقة طفولته فيها ،ومل تزل هذه القرية طفلة قروية تحلم بفتاها املوجود يف أقايص الدنيا .حتى لكأنها فيه ،ولكأنه فيها مل يربحها أبدا ً .من القرية رشب الصفاء ومن شمسها عرف النقاء ،ومل ْ تزل أمه فيه ،وقد عجزت أجهزة املوت عن نقلها من قلبه املتخم بحبها الذي ال يحول وال يزول. وهناك يف البالد البعيدة وخلف املحيطات ،راح طائر الفينيق يح ّرضه عىل إصدار مجلة باسمه .مجلة روحها الرشق ومن الغرب أخذت العلم وانتمت إليه .وهي مجلة رائد ٌة واعدة يخط سطورها أقالم رشقية مملوءة بروح الرشق ونبل انتامئه هت إىل صدرها .إنها شجرة زيتون ال رشقية وال غربية لحضارة ما زالت حتى اليوم تصارع الفناء رغم كل السهام التي ُو ّج ْ ألنها تحمل كل ما يف الرشق والغرب من قيم جميلة. دمت يا دكتورنا الغايل رمزا ً لإلنسان الطيب الذي يحمل رسالة ال تقل نفعاً عن مبضع الجراح يف ميينك .ودمت لناجميعاً 2021/2/10
90
( دراسات جام ّعية يف اآلداب والعلوم اإلنسانية (مؤمتر العلوم اإلنسانية وإعادة بناء الثقافة الوطنية) -ماغي عبيد
سارتر ،جان بول ( ،)1996الوجود والعدم) .تر .عبد الرحمن بدو ي( ط .)1القاهرة :دار امداب. رسحال ،أحمد( ،)1993وثيقة الطائف للوفاق الوطني ودستورية الجمهورية اللبنانية )ط .(1بريوت ،املكتبة العرصية. ط اربييش ،جورج( ،)2009هرطقات عن الحداثة والدميقارطية والعلامنية واملامنعة العربية ) .ط (1بريوت :دار الساقي . كنط ،إميانويل( .)2009أسس ميتافيزيقيا األخالق (ط .)1تر .محمد فتحي الشنيطي( .القاهرة :دار النهضة العربية للطباعةوالنرش والتوزيع. لحود ،عبدالله( ،)1993لبنان عريب الوجه عريب اللسان (ط .)1بريوت :دار العلم للماليني. مالك ،شارل( ،)1974لبنان يف ذاته .بريوت :مؤسسة بد ارن ورشكاه. املسكيني ،فتحي( )2001الهوية والزمان .بريوت :دار الطليعة. املعجم الوسيط ( )1988مجمع اللغة العربية (ط )3القاهرة - .موارن ،إدغار) .(2009النهج) ،تر .هناء صبحي( .أبو ظبي :أبوظبي للثقافة والت ارث موارين ،أنطوان حميد) .(1994يف هوية لبنان التاريخية )ط .(1بريوت :دار النهار. بن نبي ،مالك( .)1984مشكلة الثقافة .القاهرة :دار الفكر. ن صار ،ناصيف ( ،)2000يف الرتبية والسياسة -متى يصري الفرد يف الدول العربية ،مواطاناا(ط.)3بريوت :دار الطليعة. املراجع األجنبية .Bréhier , (1935). Histoire de la philosophie,tome 1, Paris-Brière ,Claire (1985). Liban, Guerres Ouvertes 1920-1985, Paris: Editions amsay.Chiha Michel (1964). Politique Intérieure, Beyrouth, Editions du trident.Hourani , Albert, (1966). In Leonard Binder, Ed Politics In Lebanon, New YorkL’Orient-le jour,(1997). “Qu’est-ce que le patrimoine” Beyrouth, Janvier. -.Nouveau Petit.Robert, (1967). Dictionnaires Le Robert, France Rabbath, Edmond (1986). La Formation historique du Liban politique et constitutionnel,..Beryrouth : Publications de l’université libanaise .Saqr, Etienne (1970). Les dimensions du nationalisme Libanais, Liban , Kaslik.Shapira, Norma (2008). Oxford Picture Dictionary, 2ème edition, U.K.Voltaire (2004). Dictionnaire Philosophique, London : Penguin Books Limited�Watfa, Mohammad(1998). Limites de la modernité et émergence socio-confessionnelle, Cas du Liban, Tome2. Beyrouth : département des publications de l’université libanaise sections des facult .es
تنعكس معاناة عمر شبيل الشخصية عىل قصائده .فهي زاخرة باملعجم اللغوي للحزن واألمل .ترتدد كثريا ً عبارات الصلب والصالب واملصلوب وجرح املصلوب والصليب والجلجلة ،والشهادة ،وقطع اليد ،والدم وال ُّنطع ،وأذى املسامر ،والقتيل والقاتل ،وعاصمة الحزن ،واملحزون ،والقهر والخوف والبكاء والدمع والجوع .يرصخ قائالً« :يا أبتي ،هذا القهر املوجود بصدري ،كيف أم ّزقه؟»(ص.)22لكن الشّ عر عنده ليس فقط مج ّرد تهوميات ذاتيّة أو تجلّيات وجدانيّة ،بل هو قضية، يح ّمله هموم الوطن واألمة .قصائده مسكونة بهاجس العروبة وفلسطني .يقول« :وأنا يا أبتي روحي عربية /وجراحي القدس املصلوب ُة فيه» ( )23وديوانه الذي بني أيدينا «آذان الحكام لها حيطان» روح عروبت ِه /من مل تكن عربية /لن يفهم َ ُ تتصدره القدس ،بآالمها وعذاباتها وضياعها .من الصفحة األوىل تطالعنا آالم املسيح يف صلبه ،وصمود «عهد التميمي» يف معتقلها .فعري القدس ال يغطيه سوى عباءة «عهد» ،والرؤوس ال يرفعها إال الشهداء ،وزمام الناقة لن يسلمها إال من كان مثل العباس ،يحمل الراية ولو قطعت يده .يؤمله انحياز العامل ملغتصب فلسطني يف حني ال يصدر عن العرب سوى الكالم. الصالب من دمه؟».وملاذا يا هذا الوط ُن العريب/ال املصلوب /ويسقي جرح ِ رص َ يقول« :لكن ،يا ُ َ قدس ،ملاذا العاملُ /ال يب ُ َ أرجائك إال جعجع ًة /من غري طحني؟» ()8-7 يُسم ُع يف كل هذا للتعبري عن وجعه ووجع أمته التي اختلط فيها العريب بالعربي ،وأصبح الدوالر فيها»يحكم أكرث من ذي ّ القرنني»( .)9قدسها سبية ،والعرب « تخلَّوا عن قبلتهم وتوجه كل منهم /صوب ترامب»( ،)12تخلوا عن نخوتهم حتى «أن عهد التميمي صارت هي الرجل يف أمة عاقر من الرجال»(الهامش .)13هو عاتب كثريا ً عىل ما آلت إليه الظروف وكل هذا التعب نابع من حرسته عىل وطنه ،ألنه ال يزال بال مسافة .فال مسافة يف وطنه ،هوحزين وقلق و ُمت َعبّ ، حضارية قطعها أو يريد أن يقطعها ويعربها .يف وطنه اليوم ،ال قيمة لإلنسان ،ال معنى للحضارة ،يرضبنا التخلف من كل حدب وصوب .يقول« :قل :يا أبتي /هل نخرج من «أملوت»؟()18يف إشارة مجازية رمزية إىل الفكر اإلرهايب املشابه لفكر فرقةحسن الصباح ،والذي انترش يف بلداننا .برأيه ،لن يصلح حال األمة ما مل « يقتل يف قلعته حسن الصباح»(.)34 ف»جميع عواصمنا تورا بورا»« ،ه ّدمها الساس ُة باإلذعانِ ،وبالطغيان» ( .)18وهكذا يضع عمر شبيل يده عىل الجرح بنى عل األمل يفتح أعيننا عىل سبب مآزقنا .ما نعيشه هذه األيام من رصاعات ويغرز إصبعه فيه عميقاً ّ ُ يكشف عن ً وتعصب أعمى وادعاء بامتالك الحقائق .وحكام ح ّولوا الوطن إىل سجن .يقول: اجتامعية رث ّة ،قوا ُمها قناعاتٌ نهائية ثابتة ّ رص يف /هذا الوطن العريب الواسعِ /إال املخ َرب والس ّجان»( .)19هي أنظمة استخدمت املخربين ومل « يا ولدي :ال ،لن تب َ ِ تكتف بأن تجعل للحيطان آذاناً ،بل أكرث من ذلك :جعلت آلذانها حيطاناً (كام يشريعنوان الكتاب) ،فال تسمع صوت الحق وال تصغي لصوت الضمري وال يصل إليها رصاخ شعوبها.لكن هؤالء الحكام هم أيضاً سجناء .ليسوا أحرارا ً يف ترصفاتهم، «أرأيت ملاذا يا ولدي /يتساوى يف هذا الوطنِ املسجونُ /مع السجان!»()20 تحكمهم تبعيتهم وخوفهم ومصالحهم: َ
آذان الحكام لها حيطان
بقلم د .هالة أبو حمدان
يف عامل مدلـهم تغطّي فيه الغربان املتعملقة عني الشّ مس ،ويصري األسود فيه لوناً خفّاقاً ال تـخطئه عني ،وإزاء انفجار املفاهيم واملصطلحات واتساع رقعة الحريق يف الذاكرة ،وإحساس فاجع بالخذالن وفقدان القيم ،يسعى عمر شبيل للتعبري عن قداسة الوطن ،هادفاً لتحقيق مناعة الحضور يف مواجهة شتى الضغوط املحيطة به ،فتصبح الكتابة متنفّساً له يف عامل متدهور ،ملتاث وضنني .وهو يتسلّح دامئا ،ولو يف أشد املواقف خرساناً وانكسارا ً، بالروح االنتصارية العالية والتزام الكتابة الهادفة ،مع الوعي االستثنايئ بشائكية الواقع الحضييض ،املتقلّب واملتفجر. القصيدة األوىل يف ديوانه « زيت قناديل القدس دماء» تبيك وجع القدس وضياعها بعد وعد ترامب املشؤوم .هي القدس التي تضيئها دماء شهدائها .هي القدس التي تساوت فيها األرض والسامء منذ صلب فيها يسوع بن اإلنسان ،منذ صارت القبلة األوىل ،منذ ركب فيها البدوي العريب الضوء بُراقاً وصعد حتى المس ِسدرة املنتهى .هي القدس عربية ال يتكلم الله فيها إال اللغة ستظل « ترتّل قرآناً عربياً /ال لح َن به» ( .)24يرثيها ،وهي املصلوبة ،أم املصلوب ،ويعلن يف يومها موت العرب الذين العربية والتي ّ قتلوا اإلنسان يف داخلهم وكذّبوا األنبياء ( .)24هم خصيان ،عمالء ،كذّابون ،خيانتهم مشعة ،واضحة .يقاتلون إرسائيل باملؤمترات أوضح /بصم ُة إرسائيل» (.)32 وبالكلامت واألشعار التي تكتب بحرب أمرييك .يخاطبهم « :أآلن عليكم صارت َ ويعب من خالل لغة موزونة عن مكنونات تجربته الشعرية غنية بأسئلة القلق واملكان والزمان والوطن واإلنسان والرؤيا ،يعيشهاّ ، وعيه الباطني الذي يحمل أكرث من قلق .يحمل ما هو أبعد من ذلك وأعمق .يحمل نوعاَ من الهاجس الوجودي الذي ال يهدأ وال اقب /هذي األشياء ينكفئ .يحمل أسئلة تالمس جوهر اإلميانّ ، متس ما ُح ِّرم حتى عىل التفكري .يقول« :من كان يص ّد ُق أن الله ير ُ ويسكت» )9(.إنه سؤال بسيط لكنه أصعب األسئلة عىل اإلطالق ألنه يفتح الباب للنقاش حول أساس الدين والعدل اإللهي، املحب الذي يخاف ضياع البوصلة .أتراه عاتباً عىل الله ألنه ترك شعبه ويحمل يف طياته إمياناً معذباً بني الشك واليقني ،إميان ّ يصلب آالف املرات؟ هل الله هو من كان يوحي لبوش ليامرس جنونه علينا؟ يسأل« :من كان يص ّدق أن الله /يف ّوض رباً آخ َر صف قاتل الطفل الفلسطيني «اآلثم» ألنه «ألقى حجرا ً يقصف /شعباً بالفسفور األبيض؟»( .)9-8يتساءل ملاذا يقف الله يف ّ حتى َ اب حتى يدفن ُه /ويواري رب ،ومل تسمح /لغر ٍ لري ّد رصاصة»؟( ،)15ألنه «ارتكب الشهادة» ( .)28يعاتب عمر ربّه« :فلامذا تقتله يا ِّ سوءتَ ُه؟»( .)15ويف مكان آخر« :أخربين ،يا أبتي ،هل أثِ َم الطفل؟»()15
جائحة كورونا والثّقافة بني اإلبداع والجمود أ.د .درية كامل فرحات
تع ّد الثّقافة من العوامل املهمة يف بناء املجتمعات وتق ّدمها .وثقافة أي مجتمع هي مجموعة القيم العامة واملشرتكة بني أفراده ،وهي التي مت ّيز ُهويته املجتمع ّية ،لذلك الحضاري من خالل نشدان ثقافتها.وألن الثّقافة هي مرآة ،فإ ّن املجتمعات تنشد التّقدم ّ املجتمع فإ ّن االستمرار باألنشطة الثّقاف ّية يُشري إىل حضارة املجتمع ،لكن قد يواجه املجتم ُع ظروفًا قاسية من أزمات اقتصاديّة أو أمنيّة أو صحيّة ،وهذا ما عاىن منه العامل أجمع بعد انتشار جائحة كورونا ،فام هو تأثري هذه الجائحة عىل الثّقافة؟
وكيف استطاعت املجتمعات مواجهتها للحفاظ عىل استمرارية أنشطتها الثّقافية؟ إشكالية مهمة ،تركت أث ًرا عىل املنتديات الثّقافية وعىل املثقفني الذين رأوا أنّهم مبواجهة عد ّو عطّل أهدافهم وأعاملهم ،ويف الوقت عينه جعلهم يقفون الصحة الفكريّة الصحة الجسديّة ،والثّاين الحفاظ عىل ّ بني أمرين ،كالهام مهامن الستمرار الحياة ،األ ّول الحفاظ عىل ّ االجتامعي، الضوي للحفاظ عىل سالمة الجسم من وباء الكورونا ات ّباع التّباعد الثّقافيّة ،ويف زمن الجائحة ،أصبح من ّ ّ ٍ لقاءات وتج ّمعات ،فباتت معضل ًة أرقّت مضجع املثقفني واملفكّرين .وميكن القول والحفاظ عىل سالمة الفكر يتطلّب إ ّن الصمت والهدوء خيّام عىل القطاع الثقايف وأنشطته مع بداية جائحة كورونا ،تأثرا ً بقرارات اإلغالق وتدابري الصحة السلطات الحكوم ّية يف أغلب دول العامل ،تجنباً لتفيش أكرث فداح ًة لجائحة فريوس كورونا .فبتنا نرى والوقاية التي اتخذتها ّ السينام ولقاعات املرسح وللمكتبات العامة ،وللمتاحف. إغالقًا لدور ّ أيضا ثقافة الكتاب ،وصناعة نرش الكتب ،فسمعنا عن الغاء معارض الكتاب يف ومل يقف ّ الضر عىل هذه األنشطة بل طال ً بعض ال ّدول كام حدث يف لبنان ،فلم يعقد هذا املعرض يف ختام عام ،2019ولن تشهد قاعة املعرض يف ختام عام 2020 أي احتفال ّية من احتفاليات معرض الكتاب الذي كان يع ّد مهرجانا ثقاف ًّيا متن ّوع األنشطة .ورمبا مل يتوقّف األمر عىل لبنان، كل موسم من مواسمه .ومل يكن فحتى معارض الكتاب التي أقيمت يف بالد أخرى مل يكن لها هذا الوهج الذي اعتدناه مع ّ هذا الوضع املأزوم يف وطننا العريب فقط ،فإذا تت ّبعنا الوضع يف العامل سنجد أ ّن ترضر القطاعات املرتبطة بالثّقافة والفنون طال معظمها ،تقول «أودري أزوالي» املديرة العامة لليونسكو ،إن الوباء كان مدم ًرا للثقافة والفنون .يف الغالبية العظمى من دول العامل أغلقت املؤسسات الثقافية كل ًيا أو جزئ ًيا ،وال يزال العديد منها مغلقًا حتى يومنا هذا ،وقد ال يُفتح أبواب بعضها مرة أخرى .وتشري إىل أ ّن القضية األكرث إلحا ًحا هي أ ّن عد ًدا ال يحىص من الفنانني واملثقفني ت ُركوا من دون أي دخل.
رض ب ِه /أخربين من خرق اليوم سفينتنا؟ /قل يل :من أغرق من نقرأ يف القصيدة األوىل« :يا أبتي ،مجم ُع بحرينا ال خ َ فيها؟»( )16هي بالطبع سلسلة من الكنايات تشري إىل أن من أغرق الوطن ليس سوى الخيانة والتخاذل .يخاف أن تؤدي اآلالم بالشعب إىل االستسالم ومن ثم إىل ّ الذل والهوان .يقول« :يا أبتي :إ ّن يسو َع عىل جبلِ الزيتونِ /يبايع قاتله من ش ّد ِة أخف من اإلذالل»(.)17هل من سبيل إلقناع اإلنسان املعذب الذي يرمز نفعل يك نقنع ُه؟ / أوجا ِع املسامر...ماذا ُ فالصلب ُّ ُ إليه «بيسوع» بأن يصمد؟ هل من سبيل ليعرف أن املوت واملقاومة أرشف من الحياة بذلّة؟ فالنرص ال يأيت بالتسليم بل غالب إال الله /نعم /لك ّن الله يقول /:وأعدوا « )21(»...نزل القرآ ُن عىل بالسيف ،والله ينرص من أع ّد وواجه « :قالوا :ال َ والسيف معاً يف غار حراء»(.)22 اإلنسان محمد، ُ الثوب د َمك»( .)41يفخر بالطفل املمسك بالحجر« ،يشحذ يجرتح من الهزمية صمودا ً وقيامة « .لن تهز َم حني يكون ُ يحمل /يف يده حجرا ً سيعي ُد الله إىل املسجد» (.)38 بالجرح السكني» ( ،)36يخاطب العذراء قائالً « :يا مري ُم إن فلسطينياً ُ ِ روح القدس /لينف َخ ِ يرفض أن يتكرر صلبنا .يقول لها « :وإذا ما ِ بيديك الجذ َع ،وه ّزي النخل/ فيك مخلّصنا /فخذي جاءك ُ يساق ُط بني ِ فلسطينيُ / يعرف كيف يقو ُم ،وكيف ميوتُ /وال يُصلَب»( .)38هي صورة مجازية استخدم فيها الشاعر يديك ّ ٌّ رمز العذراء وولدها ليقول إن الفلسطيني املقاوم ولو مات ،ميوت عزيزا ً ،ال يقوى عد ّوه عىل صلبه. بـحق علامً من أعالم الشّ عر ،ميتلك قدرة فائقة عىل ترصيف الكالم فرتاه يـُخضع اللّغة ملشيئته تـامماً. يُع ّد عمر شبيل ّ فهي تارة حزينة وطورا ً ثائرة ،أحياناً صاخبة وأخرى رصينة ،لكنها يف كل الحاالت محملة بوجع إنساين وهم وطني كبري. يل أو ذايتّ ،ومنها ما هو يف خارج الذات ،فإن وإذا كانت الكتابة الشعرية سف ٌر بني عوامل ال حدود لها ،منها ما هو داخ ٌّ وطني وقومي جارف ،وبثقافة دينية عميقة .يحمل بـحس شعر عمر شبيل ينبع من ذاته ّ ليعب عن القضايا الكبرية .ميتاز ّ ّ إرث التاريخ العريب واإلسالمي دون أن يتقوقع يف رشانق املذهبية والطائفية .عالقته بالله خاصة جدا ً .تخرج عن األطر ظل مؤمناً بها حتى يف أقىص الدينية التقليدية ،لتصبح عبادته حوارا ً رصيحاً مبارشا ً مع الخالق .عروبته هي أيقونته التي ّ غيابه يف السجن .هذا السجن الجاثم يف الحضور الدائم يف الذاكرة .تستبد به الذكريات فيناوشها ويتحايل عليها .يستنجد كل ميناء يجد قصيدة يف انتظاره ،فيأخذها ويعرب بها ظلامت املعاين ،وصوالً إىل بالتاريخ ليستخلص فنون االنتصار .يف ّ حيث يجد فجرا ً يف انتظاره.
تبحث عن مدينة فاضلة افرتاضيّة ،لتكون ب ّر األمان والنجاة مام وصلنا إليه يف عرصنا ،والتخلص من لعبة األمم التي نرشتالهلع يف حياتنا ،وملن يكون ذلك إال عرب العودة إىل الجذور وإىل ااألرضص وإذا كانت هذه ال ّرواية تستند يف بناء أحداثها إىل الجائحة ،فإ ّن تصفّح وسائل التّواصل يشهد نشاطًا ملحوظًا من األدباء ،فنشهد إصدارات جديدة ،ويشري البعض إىل أ ّن الحجر يف البيت جعلهم متفرغني للكتابة ،فيذكر الدكتور عبد املجيد زراقط أ ّن روايته «طاحونة الذئاب» هي وليدة هذا الحجر .ومل يكن األمر حلول السدي ،إنّ ا تع ّددت ال ّنتاجات ،من شعر ونقد وأدب أطفال .وعىل غرار كثري من القطاعات واملؤسسات التي استخدمت ً رصا عىل اإلبداع األد ّيب ّ مقت ً مبتكرة لتجاوز ما فرضته جائحة كورونا من تحديّات ،ال يبدو أن مجال ال ّنرش والتوزيع يستثني نفسه من حلول العامل االفرتايض ،ليتمكن من تجاوز حالة ال ّركود االستثنائية يف سوق الكتاب ،ويواصل رفد الجمهور بآخر اإلصدارات ،بعد توقف جميع معارض الكتاب التقليدية حول العامل. وشكّلت فكرة املعرض ال ّرقمي أحد الحلول ال ّنوعية ،وتحديًّا لكورونا ..تنظّم دار نرش قطريّة املعرض ال ّرقمي األول للكتاب العريب بأوروبا ،ويأيت تنظيم هذا قمي بنرش الثّقافة والكتب العربيّة يف العامل ،يف ظل الظّروف غري املسبوقة التي تعاين منها معارض الكتاب العريب التّقليديّة ،وإلغاء جميع معارض املعرض ال ّر ّ الكتاب حول العامل أو تأجيلها .وإذا كانت معارض الكتاب التّقليديّة إحدى أبرز املناسبات لرتويج نتاجات دور ال ّنرش العرب ّية وتحقيق عوائد مال ّية تعزز متنفسا من حالة التّوقف االضطراري ،لتقليل خسائر نالت من الرقمي املوجه ألوروبا حضورها يف سوق النرش ،إال أنّها ميكن أن تجد يف مثل هذا املعرض ً ّ كافة عنارص طباعة الكتاب وتوزيعه .ويف الختام ميكن القول إنّه عىل اإلنسان مواجهة األزمات مهام استعصت ومهام صعبت ،فإذا كان لهذا الوباء هذا التّأثري
السلبي ،فإ ّن إرادة اإلنسان وعزميته تجعله يخرج من عنق ال ّزجاجة ،وهذا ما كان يجعلنا نصارع لتعزيز الثّقافة ،والبحث عن سبل اإلبداع والتّألّق . ّ
املادي ملنتجيها ،وهو ما وتجعلنا هذه األزمة نقف أمام معضلة مهمة هي مدى قدرة الثّقافة والفنون عىل تأمني الوضع ّ يجب أن تفكر فيه ال ّدول أو ال ّنقابات الثّقافيّة وذلك تحفي ًزا الستمرار العمل الثّقا ّيف .وهذا الوضع يتطلّب أن نقف وقفة جادة ملعالجة ما ترت ّب عىل الجائحة إن كان من جمود لألنشطة الثّقاف ّية ،وإن كان من أجل مواجهة األزمات املاديّة التي طالت املثقفني أو قطاعات الثّقافة. لبي لجائحة والحياة ال ب ّد من أن تستمر ،ولكل يشء وجهان السلبي منه واإليجا ّيب ،فام ذكرناه سابقًا ميثّل التّأثري ّ الس ّ ّ الصعاب بشكل عام ،فبدأ اإلبداع واالبتكار من جانب، كورونا ،فإ ّن جائحة كورونا أثبتت قدرة اإلنسان عىل مواجهة ّ ومن جانب آخر التّحدي للكورونا رغبة يف البقاء وبقاء الفكر .فمع بدايات اإلغالق لجأت املتاحف يف معظم أرجاء العامل إىل تفعيل ال ّزيارة االفرتاضية ،فانترشت ال ّروابط التي تسمح للجالس يف بيته أن يستفيد من ثورة العرص أي الشّ بكة االجتامعي وذلك العنكبوت ّية ،فنقوم بجولة داخل املتحف الذي نريده .فانتقلت العديد من املتاحف إىل وسائل التّواصل ّ إلرشاك جمهورها عرب اإلنرتنت .وانترش «الهاشتاغ» عرب «تويرت» MuseumFromHome#وأصبج مشهو ًرا ،وبشكل خاص مؤسسات مختلفة من خالل إشادة خاصة من قبل بالنسبة إىل املتاحف التي تشارك محتواها بطرق مبتكرة .اختريت ّ االجتامعي. الصناعة وذلك السرتاتيجيّتها ال ّناجحة املتعلّقة مبحتواها املنشور عىل وسائل التّواصل محليل ّ ّ وأيضا بدأ التّو ّجه يف نرش ال ّروابط للكتب التي ميكن قراءتها ، on lineنعم إنّها طريقة نواجه بها التّقوقع يف البيت ،من ً خالل ال ّدعوة إىل القراءة والعودة إىل الكتب حتى لو كانت الكرتونيّة .وإذا كان التّوجه إىل الكتاب االلكرتو ّين قد بدأ منذ أيضا مع سوء الوضع سنوات ،فإ ّن الحاجة إليه يف هذه املرحلة تزداد، خصوصا مع البقاء يف البيت ،ورمبا تالءم هذا األمر ً ً االقتصادي يف لبنان ،فكان الكتاب االلكرتوين مالذًا ومنجا ًة من فقدنا الكتاب. ّ املنصات الساحة الثّقاف ّية من إقامة ال ّندوات واألمسيات واملؤمترات عرب ّ ومن مظاهر التّح ّدي لوباء الكورونا ،ما برز عىل ّ ولعل لقاءنا اآلن أمنوذ ًجا عىل ذلك .واملتصفّح ألخبار العامل يرى الكثري من األمثلة التي االجتامعيّ ، وعرب مواقع التّواصل ّ ّ الفلسطيني محمود فطافطة الذي خ ّط عىل جداره تدل عىل مواجهة الكورونا ،وما لفتني هو ما قام به الشّ اب والكاتب ّ ايض عرب الفيس بوك «من مل يستطع التّضحية ببذل الدم ،فإ ّن الجهاد بالقلم متاح للكثريين» ،ودعوته هذه كانت االفرت ّ ليحثّ اآلخرين عىل الكتابة والقراءة وتثقيف الذّات ،ال سيام إذا ما كانت الكتابة تتعلّق مبوضوع يشغل العامل أجمع وهو فريوس كورونا ،وقد استطاع أن يع ّد سلسلة من الكتب كان أ ّولها كتاب «كورونا معلومات وأرقام» ،وقد تألّفت هذه السلسلة من 8كتب ،صدر منها 5وهناك 3أخرى تحت ال ّنرش. ومل يتوقّف اإلبداع عند هذا الحد ،فوجدنا إبداع األدباء يستم ّر ،فالكلمة ال ب ّد ان تخرج من جحرها وتنطلق إىل العامل، فسمعنا الكثري من األدباء الذين ألّفوا ال ّروايات محاولني تقديم صورة عن هذا الوباء وكيفية مواجهته ،ويحرضين اآلن رواية معايل ال ّدكتور طراد حامدة التي ق ّدم فيها رؤية استرشافيّة يف عملية التّخلّص من الوباء .ورواية «صيف البالبل»
والجذور إذا ما رويت متوت ،ويف يد خليل ُولد األمل الذي به سوف يروي جذوره ولو بعد حني .وبذلك يتغلب عىل الفراغ الذي يقوده إىل «العدم» الغامض الذي فيه يضيع اإلنسان واليه ينتهي وجوده .االّ أ ّن هذا اإلنسان كائن بذاته وليس تابعا إىل أية ق ّوة خارج إرادته .وبذلك يكون هو األصل للوجود وال يشء موجود خارج نطاق وعيه.واذا ما استسلم لواقع فرضته عليه الظّروف ،أصبح الالّيشء مبعنى إالّ إنسان .ويف ال ّرواية ،موضوع بحثنا ،نجد البطل خليل يصارع ويحاول بكل طاقته البرشيّة أن يطرد القلق من حياته ويرمي أثقال الفراغ بعيدا عن حياته ليبدع معنى لوجوده كإنسان يحيا من ّ الضعفاء. أجل الحياة ويبعث االمل يف نفوس ّ رساما موهوبا ،إال أنه مل يستغل موهبته ليعيش .إىل ان ساقته الظروف إىل لقاء «ثريا» ،املرأة التي فرغم ان خليال كان ّ السعي وراء تحسني أوضاعه علّهام يوما يجتمعان يف بيت واحد زوجا وزوجة .تال ذلك مساعدته لها أحب ،إذ حثته عىل ّ ووقوفه بجانبها واحتضان تعاستها بحرارة حبّه وحنانه عليها .ومع توايل األحداث يعرف القارئ أن لرثيا طفلة صغرية اختطفتها من أحضانها عمتها وهذا ما س ّبب يف أول محاولة النتحارها والّتي باءت بالفشل .وليزرع األمل يف نفسها الضائعة ،فقد وجد لها عمال تقوى به عىل ظروفها .ث ّم أىت اليوم املشؤوم حيث كانا قد تواعدا فيه عىل اللقاء ومل تأت. لقد انقلبت بها الس ّيارة ونقلت إىل املستشفى عىل أثر إصابة عمودها الفقري الذي تس ّبب بشللها .هذه الحادثة كانت السبب الثاين ملحاولتها االنتحار بعد أن أصيبت بحالة انهيار عصبي حني علمت باستحالة شفائها .خليل يصاب باإلحباط خاصة أنّه فقد أ ّمه وحبيبته يف أوقات متزامنة .يسافر خليل هروبا من اذ يشعر بأنّه قد فقد االمل يف ّ كل األشياء حولهّ ، اآلالم التي أملت به بعد حادثة أمله ،ثريا ،ثم مرض أمه فموتها علّه يقوى عىل الظروف .لكنه يعود فور علمه بوقوع األحداث يف بلده لبنان اذ يشعر مبدى املسؤول ّية امللقاة عىل عاتقه كمواطن لبنا ّين ملتزم .فحقيقته كإنسان تجعله مواجها ال متجابنا. لكن تسلسل األحداث الرسيعة اإليقاع يف الرواية ال يقل أهمية عن العديد من املواقف اإلنسانية التي أشارت اليها القصة بشكل مبارش .فكانت مواقف دقيقة دقّت نواقيس ال ّرهبة يف قضية اإلنسان وعالقته بذاته ومبا يدور حوله من أحداث واشخاص ومعطيات .وجميل جرب تناول يف هذه الرواية الكثري من القضايا اإلنسانية الحساسة التي أعطتها الكثري من ال ّرونق وال ّرقي اإلنساين ،منها االنتحار والفقر وظلم املجتمع وعالقة اإلنسان بالطبيعة وباآلخر.
هناك مسألتان متم ّيزتان كانتا ركنني ال يستهان بهام إذ يشريان إىل النزعة اإلنسانية يف الرواية .ولقد اعبرتت النزعة اإلنسانية مبثابة« :ثورة حقيقية» عىل حد قول ال ّداوي يف كتابه موت اإلنسان (الداوي ص .)190 :إنها ثورة اإلنسان عىل الحياة وتقاليد املجتمعات واستضعاف القوي ملن هو أضعف .فأ ّول ما يصطدم به اإلنسان هو املجتمع اذ يجد فيه ما يعيق ح ّريّته فيثور لل ّدفاع عنها والثبات وجوده .والنزعة اإلنسانية« :هي كل فلسفة تخص اإلنسان مبكانة ممتازة يف هذا العامل .وتعزو اليه القدرة عىل املبادرة الحرة واإلبداع ،وتعتربه متحلّيا بالوعي وباإلرادة ،وبالتايل مسؤوال عن افعاله وعن تحريره» (الداوي ص .)191 :
العــودة إىل الجـــذور
دراسة وتحليل يف رواية»قلق» لجميل جرب
بقلم :الدكتورة هيبة عبد الصمد
أستاذة مساعدة يف اللغة االنكليزيّة /الجامعة اللبنان ّية
«الجذور التي طال تفتييش عنها خارج عني قد تبزغ يف اعامقي وتنمو وتتأصل .والقلق الذي حاولت ،عبثا ،خداعه لسوف أعرصه حربا وأصباغا ،فلعيل ال استمر ال يشء». بهذه الكلامت اختتم جميل جرب روايته «قلق» ،وبهذه السطور وجد بطل الرواية الخيط الرفيع بينه وبني معنى وجوده كإنسان. فمن هو هذا اإلنسان؟ وما هي ما ّهية وجوده؟ وهل يعقل أن يولد اإلنسان ويحيا دون أن يصري شيئا؟ وملاذا يصري ؟ وملن؟ وإىل أي مدى يستطيع اإلنسان أن مي ّد جذوره ويثبت وجوده كإنسان مت ّيز بعقله عن سائر املخلوقات؟
يلج يقول الفيلسوف هايدجر بأن اإلنسان يف ذاته هو كائن ملقى يف العامل .وال يشء أكيد يف مصريه سوى املوت .إنه كائن ّ يفس ،ويغيب بعد وجوده يف عدم آخر أصعب تفسريا من األول .وخليل ،بطل رواية «قلق» ،إنسان الحياة من عدم ال ّ ظهر منذ املشهد األول يف الر ّواية مظهر اإلنسان امللقى» يف العامل وحيدا يتخ ّبط بني وحدة املكان وقسوة الزمان .فال يعي يف وجوده سوى هذا « الفراغ» الذي يحيط به ويكبّل حريته وقدرته عىل االنطالق .ولكن هل هذا هو مفهوم اإلنسان الصعبة التي مر لإلنسان؟ وهل وجود اإلنسان يف هذا العامل ليس سوى انتظار لقو ّة املوت التي ال تقهر؟ إن تجارب خليل ّ بها مل تكرسه بل خلقت منه إنسانا قويا وجد جذوره يف ذاته التي وجدها بعد أن تص ّدعت يف غياهب القلق ومتاهات الضياع. رسب القلق إىل حكاية خليل مل تبدأ مع بداية الحدث يف الرواية .إن حكايته كانت قد بدأت يوم «ألُقي» يف العامل حيث ت ّ حياته من كل مجهول تحتضنه لحظات املستقبل .فكان بحثه عن االستقرار والسكينة والهروب من ظروف الحياة القاهرة مصدرا النزعاجه الدائم وحزنه األزيل .إن خليال تدحرج يف د ّوامة الفراغ يبحث عن ذاته ليحققها وما إن وجد من ميأل هذا الفراغ حتى اصطدم بواقع الظروف االجتامعية التي حبسته يف حلقة مفرغة من جديد .فَ َق َد خليل كل الذين باألمس، ولفرتة زمنية محدودة ،كانوا قد مألوا عليه حياته ودنياه .ويف ختام مأساته قرر ان ينتفض ويزيل غبار االنكسار عنه القوي بأ ّن «اإلنسان كالنبتة ال يعيش بدون جذور» (جرب ص.)50 : الميانه ّ
قصة غرام قويّة تعكس حب اإلنسان لذاته البرشية وثقته مبقدرته عىل وعي الوجود من خالل وعيه لذاته .فأم خليل: انها ّ «غريبة يف تعلقها باألرض انه الغرام بالذات وال بد لكل إنسان من يشء يتعلق به (جرب ص .)70 :وهذا اليشء هو الجذور التي مىض خليال أكرث من نصف عمره يبحث عنها خارج ذاته ومل يجدها االّ حني تصالح مع نفسه وق ّرر كإنسان ان يبحث وتتأصل .ورمبا هذا هو الفرق الشاسع بني تعلّق أ ّمه بالجذور ،أصل اإلنسان ،األرض ،وبني تعلق عنها يف أعامقه حيث تنبت ّ أدى به إىل الفراغ ألن ما تعلّق به من أشياء خليل بالالّيشء او بالزوال .فتعلّقه برثيا أ ّدى به إىل الفراغ .وتعلّقه بأ ّمه أيضا ّ جذورها مل تكن متتد إىل أبعد من العدم ،من املوت .والنتيجة هي حتام أن يعي ذاته .فبني أرساب الوحدة سافر وخلف افاق الح ّرية غ ّرد لريسو عىل مرفأ القلق األبدي .فيقول بعد عودته إىل بيت أمه ُقريب وفاتها« :بقي يل هذا الجذر فتوارى، رصت وحدي ...وحدي ...يلفّني الفراغ حتى اهدايب ،وينحرين القلق :قلق إىل يومي .وإىل غدي وإىل ما بعد غدي» (جرب ص: .)150 يفسمبسؤولية مبارشة تجاه بقيّة الناس الذي يلزمهم وتقول الفلسفة الوجودية يف القلق عىل لسان سارتر بأن »:القلق ّ القلق ذاته .إنه ليس بحاجز يفصلنا عن العمل بل هو جزء منه» (سارتر ص .)23 :ويضيف سارتر بأن «القلق ال يؤ ّدي إىل السكون ،بل إنه قلق بسيط يختربه كل الذين تح ّملوا مسؤوليات» (سارتر :ص .)22وخليل رجل تح ّمل مسؤولية من أحب وق ّدر أوضاعهم وخاف عليهم ويقلقه رحيلهم ولك ّنه غري مستسلم .رغم أن القلق يحلّق يف سامء حياته ويشكل خطرا عىل مساره يف سياق يومياته .وقد يكون هذا القلق هو ال ّدافع الّذي يحثّه عىل العمل أكرث وهذا يدعم قول الوجوديّني بأ ّن القلق يجعل اإلنسان يعمل أكرث أل ّن القلق مرافق للعمل .فحني يعمل اإلنسان يقلق وحني ال يعمل ال يقلق. والقلق ال ّدائم عىل من يحب ،أ ّدى بخليل إىل حالة من اإلحباط لفرتة غري وجيزة ،فلم يجد رفيقه سعيدا سبيال إال أن ينصحه يكس به جليد وحدته« :فتّش لك عن جذر ثابت يا خليل .ال يجوز ان تبقى وحدك» (جرب بأن يبحث عن جذر ثابت أصيل ّ ص .)165 :ولكن مبا ان اإلنسان « كالنبتة ال ميّد جذوره إال حيث يوامئه املناخ .ويكاد يستحيل عليه كام يستحيل عليها أن يعيش يف غري بيئته» (جرب ص ،)146 :فلقد قرر خليل ان يفعل شيئاً ما وأن يواجه ال أن يهرب .واملواجهة تبدأ بأن يبتعد لعل أفعل شيئا .لعيل أكون هذا اإلنسان عن اإلحباط والحزن وأن يتصالح مع نفسه ويع ّززها بالثقة لعلّه يصري شيئاّ « : شيئا» (جرب ص .)201 :والشّ عور باإلحباط قد يعتّم بريق الحياة ويُبعد اإلنسان عن شعوره بأنّه إنسان .وكام يصفه نديم نجدي« :ان الشعور باإلحباط ال يضاهي كربه شعورا آخر لخيبة نفسك من نفسها الحاملة كانت بتحقيق األمر الذي ظننته كافيا لل ّرىض عىل النفس .فتحقق ومل ترض» (نجدي ص .)105 :وخليل أراد العمل ،أراد الحبيبة ،أراد األم ،وأراد الوطن. خاصة يف ال ّزمن املفقود .واذا وجد ،فقد وبتحقيقه ما كان يصبو اليه مل يرض ألن ال ّنفس دامئة البحث عام هو مفقود ّ فَ َق َد هذا اليشء مبج ّرد وجوده فتفرغ النفس للبحث عن آخر .وكل ما تبحث عنه نفس اإلنسان من اجل تحقيق الذات هي اشياء خارج الذات .وكام يقول سارتر« :إن اإلنسان ال يحقّق وجوده اإلنساين بإتجاهه نحو ذاته ،بل بسعيه نحو غاية خارج ّية هي يف ح ّد ذاتها تحرير له وتحقيق لوجوده»( .سارتر ص.)60 :
فاملسألة األوىل يف رواية «قلق» هي هوية ثريا .ثريا هي املرأة التي تع ّرف بها خليل يف أحد ال ّنوادي اللّيل ّية حيث تو ّرط السوء بها .إال أ ّن حدس خليل ومضيّه وراء شعوره بصدقها قلب املقاييس وجعل خليال القارئ ،كام خليل واصحابه ،بظ ّنه ّ يرى ما عجز مجتمع بأرسه أن يراه .فاإلنسان يحكم عىل اآلخر من خالل املرآة التي تعكس وضع هذا اآلخر اإلنساين تلف صورته الحقيقيّة بظالم يأكل ال ّنور اإلنسا ّين بداخله .وأصحاب خليل كلّهم تهالكوا عىل قبل ان يقرأ ظروفه التي ّ سمعة ثريّا وشكّوا بها ومبصداقية ح ّبها لخليل .حتى صديق خليل املق ّرب منه ويدعى سعيد ،حذّر خليال أكرث من مرة ونصحه باالبتعاد عنها ألنه يرى انها ال تليق به .وهناك بعض أقارب خليل الذين رأوه معها اذ اخربوا أ ّمه بأنه يرصف عىل متتص ماله وشبابه» (جرب ص .)74 :فكان حكم أ ّمه عىل ثريا غياب ّيا كحكم الناس مومس »:راقبي ابنك فهو يعشق رقّاصة ّ عليها .ولك ّن إنسانية خليل أضاءت شعلة الحقيقة يف قلبه وعينيه فرأى ثريا اإلنسانة املظلومة واملعذّبة ،وأىب ان يكون واملجتمع حليفا عليها .فق ّرر الوقوف بجانبها ونرصها وإن أ ّدى ذلك إىل شعوره بالقلق من ج ّراء تح ّمله عبء مسؤول ّيتها. فمن وجهة نظر الوجوديّني ،ا ّن اإلنسان غري مفصول عن اآلخر .هويصنع نفسه من هذا اآلخر ويحقّق به وجوده .وإذا كانت النتيجة رصاع ثريا مع املوت يف نهاية الرواية ،فذاك ألنه قدرها. والقدر هو دامئا األقوى حتّى عىل الحب .هذا الحب الذي ت ّحول إىل مح ّبة يف قلب خليل إذ يقول» ت ّحول حبي لها إىل محبة .رصت اشعر قربها اآلن شعور األخ نحو اخته» (جرب ص .)181:انه هذا الحب الذي ب ّدله يف يوم من األيام ومأل فراغ حياته ورسقه من وحدته وجعله إنسانا ينظر إىل الحياة نظرة أمل ومت ّن « :أسائلني احيانا ملاذا ا ّحبها ..فإذا الجواب: أحبّها ألين يف ساعة ما شعرت ان شيئا قد تبدل ّف وأين رصت انظر إىل الحياة غري نظرة .حتى طريقة مشيي تغريت بعد أن عرفتها .خطاي صارت تنقر االرض بعزم ورصت اتنفس بغري ضيق (جرب ص .)115 : فالحب حكاية طويلة أ ّولها اإلنسان وآخرها اإلنسان .والحب هو هذه الجذور التي تعلّقه بالحياة اكرث واكرث وتخلق منه بدعة إنسان .والحب ايضا يجعل من اإلنسان نبع عطاء يضيف إىل وجوده معنى »:ما أحىل ان يفعل اإلنسان شيئا ،أن يحس أن لوجوده شأنا» (جرب ص .)78 :الحب هو كل ما ج ّدد يف خليل حني ساعد ثريا وأ ّمن لها عمال رشيفا تساعد به نفسها عىل مقاومة ظروفها األليمة العسرية .فاإلنسان بطبيعته يحتاج إىل ان يكون شيئا ما ،يحتاج إىل يشء ما يح ّرك احاسسيسه وينقله من عامل الفراغ والالوجود إىل عامل موجود .فهو« :يحتاج دامئا إىل ما يصوب إليه حسه .إىل ما يجعله محور الدائرة يف حياته» (جرب ص .)81 :ا ّن اإلنسان يجعل من وجوده محورا لوجود اآلخرين ومن اآلخرين محورا لوجوده. أما املسألة الثانية التي تشري إىل النزعة اإلنسانية العميقة يف هذه الرواية هي عالقة اإلنسان بالطبيعة وإميانه بوجوده من خاللها .وهذه العالقة تربز واضحة يف شخصية أم خليل أو عىل األقل كام أظهرها لنا خليل .إنها املرأة العجوز التي ترتبص تتحدى املوت من خالل تعلّقها مبصدر الحياة ،باالرض الطيبة .تلك الطبيعة الطبي ّعية للقدر بتسل ّحها بجذورها ،والتي ّ التي مل تدنّسها يد اآللة وال ضجيج أشباح املدينة.
ظواهر أسلوب َّية يف شعر زهرة الحر الدكتورة ليىل محمد سعد
عري عند الشّ اعرة زهرة الحر(**) باالستناد يتناول هذا البحث دراسة الظّواهر األسلوبيّة وفنون البديع يف الخطاب الشّ ّ إىل املنهج األسلو ّيب وذلك للوقوف عند بنى الخصائص األسلوب ّية ومحاورها ال ّدالل ّية وجاملياتها الفن ّية التي مت ّيز بها خطابها. فانصب لقد ات ّخذت األسلوبيّة الحديثة من الشّ عر ميدانًا خصبًا لتطبيق ال ّنظريّات األسلوبيّة ال ّرائدة يف ساحات ال ّنقد، َّ والسامت األسلوب ّية التي استخدمتها اهتاممي عىل دراسة الظّواهر األسلوب ّية يف شعر زهرة الح ّر وتوظيفها للّغة الشّ عريّةّ ، الصوتيّة وتركيباتها ودالالتها وتفاعالتها وخصائصها الشّ كالنيّة من أجل يف خطابها من خالل تتبّع البنى اللّغويّة وايقاعاتها ّ اظهار طاقاتها التّحويليّة.
(املحسنات املعنويّة /اللّفظيّة) وشمل دراسة ألَّفت هذا البحث من مبحثنيُ ،عني املبحث األول بدراسة ألوان البديع ّ والتديد واملبحث الثاين الصدر عىل العجز والتّرصيع ولزوم ما ال يلزم ّ والسجع والتّوازن ،ورد ّ بنى التّضاد والتّقابل والجناس ّ تط ّرقت إىل ألوان البنية التّكراريّة وأمناطها ،وختمتها بنتائج أوجزت فيها ما توصلت إليه.
-
متهيد
يتميز الخطاب األد ّيب عن بقية الخطابات األخرى باألسلوب ،وسامته األسلوب ّية هي عنارص إبداع ّية فيه ،فريى ابن وكل طريق ممتد فهو أسلوب .قال :واألسلوب الطّريق والوجه للسطر من ال ّنخيل :أسلوبّ . منظور أ ّن األسلوب «ويقال ّ بالضم :الف ّن .يقال فالن أخذ يف أساليب من القول أي واملذهب ،يقال :أنتم يف أسلوب سوء ،ويُجمع أساليب .واألسلوب ّ أفانني منه)1(». ويف اللّغات األوروب ّية إ ّن كلمة أسلوب ( )le styleاشتقت من األصل الالتيني ( )Stilusمبعنى ال ّريشة ،ث ّم انتقل عن طريق املجاز إىل املفاهيم تتعلّق بالكتابة ،والتّخطيط ،وبعدها إىل التّغريات اللّغويّة األدبيّة عند الخطباء)2(. أ َّما يف االصطالح ،فقد أثار مفهوم األسلوب اهتامم ال ّنقاد والباحثني يف مجاالت األدب ،وكرث الحديث حوله ،واختلفت اآلراء واالت ّجاهات ،ومن أبرز ال ّنقاد الغربيني العامل اللُّغوي واملفكر الفرنيس (الكنت دي بوفون )Buffonالذي قرن األسلوب بذات الكاتب ،وقال «إ َّن األسلوب من ال ّرجل نفسه )3(».كام استند يف نظريته إىل «أ ّن املعاين وحدها هي املجسم ُة لجوهر األسلوب ،فام األسلوب سوى ما نُض ِفي عىل أفكارنا من نَ َس ٍق وحركة)4(». ِّ
وما تحقيق وجود اإلنسان يف الحياة سوى اثبات بأنه يشء ما ألن الّاليشء قد ينتمي إىل أي يشء دون ان يحتاج إىل الجذور .أ ّما الذي يريد ان يكون شيئا يف هذه الحياة يجب ان يقوى عىل الظروف وان يبصم قدما يف عامل الوجود الذي أىت اليه ومنه ينتقل ،والغموض يكتنف الرحلة بأكملها. يستحق متسك بالحياة طرد اليأس والقلق وفهم ماه ّية وجوده وقيمته كإنسان .أما رصاع البقاء فهو فقط ملن ّ واإلنسان اذا ّ الحياة ويؤمن بأنها مواقف تح ّدي ،كلّام اتعبتنا تعمقت جذورنا بها اكرث .واملوج الذي ال يبتلع الضحيّة يخلق منها س ّدا عتيدا.
املصادر واملراجع -1ال ّداوي ،عبد الرزاق موت اإلنسان يف الخطاب الفلسفي املعارص( .هيدجر ،ليفي سرتوس ،ميشيل فوكو) دار الطليعة – بريوت .ك1992 ،1 -2جرب ،جميل . قلق (راوية) .منشورات دار الطليعة – بريوت. الطبعة األوىل .ك 1961 2 -3سارتر ،جان بول. الوجودية فلسفة إنسانية .ترجمة حنا دميان دار بريوت1954 . -4نجدي ،نديم. إضاءات نيتشوية( .ما قبل الكالم ...وما بعده) دار الفارايب – بريوت .الطبعة األوىل 2002 بريوت2018/11/10 /
ال ّتضاد بني االسم واالسمالسياق ،ويسهم يف تفاعل ال ّدوال وتشابك إ َّن التّضاد بني األسامء يغني بنية القصائد بوصفه ربطًا للعنارص الفاعلة يف ِّ االيحاءات وال ّدالالت ،ويؤ ّدي التّضاد دو ًرا أساس ًيا يف إظهار املفارقات بني األنا واألنت ،الذّات الشّ اعرة والخالق ،الق ّوة والضعف ،فتقول: ّ عن غريي وعن نفيس «أعيش غريبة يا بـح ُر ُ وعن يومي وعــن مستقبيل اآليت وعـــن أمـيس تحت أشعــة الشمس أنا يف غرب ِة الغــرباء بني الجنِ واألنــس»)12(. أفتش عن وجو ٍد ضا َع ُ تجتمع متواليات األسامء املسكوكة بني (غريي #نفيس /يومي #مستقبيل #أميس /الجن #األنس) لرتسم صورة الذّات بالضياع الضائعة وسط غربة نفسيّة تعاين املأساة والشّ قاء تفتّش عن ذاتها ووجودها وسط األحاسيس الغامرة ّ الشّ اعرة ّ الوجودي واإلحساس املتاليش. ّ عري ،فتقول: وتنصهر بنية التّضاد ال ّدال ّيل وتتفاعل يف جسد الخطاب الشّ ّ أنا عب ٌد رغم أين أنا ح ٌّر س «أنا لغ ٌز يا الهي أنا ِ ٌ رب م ُّر رش أنا ُحل ٌو وأنا يا ّ أنا خ ٌري بني أمثايل و ٌّ ٍ صفات استق ُّر)13(». أي فعىل ِّ الضياع والعجز عن ّ فك األلغاز الوجوديّة. يظهر التّضاد بني (عبد /حر – خري /رش – حلو /مر) لتأكيد ّ السعادة (سعي ًدا) إىل شقاء (شق ًيا) ،فتقول: وتتح ّول َّ فيها فبات شقيًا)14(». «وكان قلبي سعي ًدا فالذّات الشّ اعرة تتذكّر الذّكريات املاضية التي تلوح يف حارضها وتعكس بنية التّضاد االسمي سيطرة داللة الشّ قاء والفراغ يف واقعها. وأيضا تقول: ونها ًرا فام وج ْدنَا سعي ًدا)15(». ليل السعاد ِة ً «وبحثنا عن َّ السعادة يتح ّرك التّضاد ال ّزمني ً (ليل /نها ًرا) يف خطني أساسني هام :خ ّط البحث والتّفتيش وخط الفقدان ما ينفي قيم َّ البرشي. يف الوجود ّ ويف سياق ال ّنفي والتّأكيد ،تقول: نعيم وجحيم «ليس يف ال ّدنيا نــعــي ٌم وح َد ُه إ َّن يف ال ّدنيا ً َ إ َّن يف ال ّدنيا رحيقًا وسموم)16(». خالـص رحيق ليس يف ال ّدنيا ٌ ٌ
املؤسس لعلم األسلوب الذي يربط بني اللّغة ومكوناتها وأبنيتها وقيمها ،فيقول« :إ َّن ويُع ُّد شارل بايل (ّ )Charles Bally مهمة علم األسلوب ال ّرئيسة يف تقديري تتمثل يف البحث عن األمناط التّعبرييّة التي ترتجم يف فرتة معينة حركات وشعور السامعني والقراء )5(».ويعزو فونتانياي املتحدثني باللّغة ،ودراسة التّأثريات العفويّة الناجمة عن هذه األمناط لدى ّ الظّاهرة األسلوبيّة إىل «عبقرية اللّغة ،إذ تسمح باالبتعاد عن االستعامل املألوف فتوق ُع يف نظام اللّغة اضطرابًا يُصبح هو نفسه انتظا ًما جدي ًدا)6(». كام نظر ال ّنقاد العرب يف مفهوم األسلوب ،ومنهم أحمد الشّ ايب الذي فكّك الظّاهرة األدب ّية وأضاف «وأخ ًريا نجد العبارة اللّفظيّة التي قد تس ّمى األسلوب ( )styleوهي الوسيلة الالزمة لنقل أو إظهار (كذا) ما يف نفس األديب من تلك يعب عن العقل والعاطفة )8(».ومنهم من اعترب العنارص املعنوية ...ومن هنا نستطيع أن نع ّرف األدب بأنّه الكالم الذي ّ «األسلوب مجموعة ألوان يصطبغ بها الخطاب ليصل بفضلها إىل اقناع القارئ وإمتاعه وش ّد انتباهه وإثارة خياله)9(». كل ملمح من مالمح ال ّن ّص ولكل أديب طريقته التّعبرييّة الخاصة وسامته األسلوب ّية ،وما يهمنا أ ّن األسلوب ّية تدرس ّ ّ ومحسنات لفظيّة ،وتستفيد من علم ال ّداللة وال ّنحو واملعجم والبالغة اللّغويّة من أصوات وتراكيب وصيغ رصفيّة وصور ّ والعروض والقوايف وذلك للكشف عن سامت األسلوب جميعها يف الخطاب .وال تغفل اللّغة بل «ترتكز عىل اللّغة لذاتها ال ملا تحمله من دالالت أل ّن هذه من املمكن إبالغها بطرق كثرية غري طرق اللّغة األدبيّة)10(». ما العنارص األسلوب ّية التي اتكأت عليها الشّ اعرة لرسم بواطن مشاعرها وأفكارها ورؤاها من قضية اإلنسان واملجتمع والكون الوجودي؟ عري ألوان البديع يف الخطاب الشّ ّحسب أحد الركائز البنية املوسيق ّية ال ّداخلية، يُع ُّد البديع ركن من أركان البالغة وسمة أسلوبية يف الشّ عر العر ّيب ،كام يُ ُ يلجأ الشّ عراء إىل توظيفه وهذا ما يؤكده عبد القاهر الجرجاين بأ ّن له الهدف املنشود الذي يخدم فكرة الشّ اعر ،فيقول «أن يكون وراء ذلك نكتة تطلب وعائدة عىل املعنى تراد وتقصد ،ترفع من شأنه وتضخم من قدره ،ويقرتن حظه من الفصل بخطها ويجئ حسنة من حسنها ،وإال كان حمل اللّفظ عىل البديع منقصة وشي ًنا )11(».وقد أفرطت الشّ اعرة عري. زهرة الح ّر من استخدام األلوان البديعية يف خطابها الشّ ّ -ال ّتضاد
عري محو ًرا أساسيًا ،ينسجم مع الوحدات التّقابليّة وال ّدالليّة لرسم صورة الذّات ومواقفها يشكّل التّضاد يف الخطاب الشّ ّ وحاالتها ال ّنفس ّية وأفكارها وتأمالتها يف الكون ويف الوجود ،وقد تط ّرقت إىل دراسة التّضاد يف شعر زهرة الحر وللكشف عن ديناميات األضداد ودالالتها وتحوالتها.
فكل ما يسري يف الكون من توازن الفعلي «عال /دنا» داللة أ َّن الخالق ال يُخفى عليه أمرّ ، يظهر التّضاد التّنافري بني ّ بأمره. ال ّتقابل االسم واالسميُحسب Roman Jakobsonجاكوبسون أ َّن «الوحدات اللّسانيّة مرتبطة بعضها ببعض بوساطة منظومة تقابالت ثنائ ّية )23(».فيام يوافق John Lyonsليونز «عىل أن التّقابل الثّنا ّيئ أحد أهم املبادئ التي تحكم بنية اللّغات)24(». عري منظومة التّقابالت الثّنائيّة بني الوحدات الشّ عريّة وتعكس محاور الذّات الشّ اعرة والله، وتظهر يف الخطاب الشّ ّ والصعود ،العقل والجهل ،البقاء والفناء ،فتقول: الهبوط ّ رب تحت ِ أنت فوق ِ العرش َج ْه ُل عقل العرش ُ «يا إلهي َ وأنا يا ّ وأنا يف الجهلِ ما يل قط ِف ْع ُل)25(». فاعل أنــت فــي العــقـــلِ إلــ ٌه ٌ َ تتقابل ضامئر ال ّرفع املتصل (أنا #أنت) كام تتقابل ال ّدوال (فوق #تحت /عقل #جهل) فعل +فاعل أنا تحت العرش جهل # أنت فوق العرش عقل يرسم توازن التّقابل ال ّدال ّيل العالقة التّنافريّة بني العلو والهبوط للتّأكيد عىل جهل الذّات الشّ اعرة ،وعدم قدرتها عىل فعل يشء. مريي ،وتتفاعل مع التّقابالت ال ّدالل ّية ،فتقول: وتتكثّف بنية التّقابل ّ الض ّ وأنا عب ٌد حق ٌري يف هوان)26(». رب قادر مقتد ٌر «أنت ٌّ رب قادر /أنا عبد حقري) للتّكثف داللة قدرة رب العاملني عىل فعل أي يشء ،وعجز الذّات الشّ اعرة. ورد التّقابل (أنت ٌّ وتقول يف موضع آخر: القوي وكلُّنا ضعفا ُء)27(». أنت «ومي ُّد كل العاملني بعونه ُّ التاكيب (أنت القوي /كلنا ضعفاء) داللة أ ّن الرب مي َّد االنسان بعونه ،وهو يوسم بالقوة يف يختزن التّقابل االسمي بني ّ مقابل نحن /البرش يغلب علينا الضعف. وتحتشد ال ّدوال التّقابلية وتنصهر مع التّوازن يف حركة متنامية لتحقيق االنسجام يف الخطاب ،فتقول: «أنـــا مــثــلك يا بحـ ُر ويل م ٌد .ولــي جــز ُر ويب خيــ ٌر ويب شــ ٌر وبــي نفــ ٌع ويب ضـ ٌر الضــعـف وأنـت العـ ُّز والكــبــ ُر ولكني أنــا ُ
ورد الطّباق بني (نعيم #جحيم /رحيق #سموم) ما ينفي وجود نعيم ال ّدنيا وحده ويؤكد حضور ال ّنعيم والحجيم يف التسيمة اآلتية: الحياة ويضع محور ال ّدنيا بني قطبي التّقابل ال ّدال ّيل كام يف ّ جحيم ال ّدنيا نعيم سموم رحيق ويظهر التّضاد يف قولها: ال دي ُن تفرق ٍة وال بغضا ِء)17(». «فالدي ُن دي ُن محبّ ٍة وأخو ٍة يتجىل الطّباق بني األسامء (مح ّبة – أخوة) ( /تفرقة – بغضاء) ويؤكد أ ّن االديان الساموية هي رحمة لل ّناس ،كام يختزن دعوة الذّات الشّ اعرة إىل اعتناق املحبّة واالبتعاد عن التفرقة والعصبيات واألحقاد. كام ي ِر ُد التّضاد بني القوة (أقوياء) والضعف (الضعفاء) ،فتقول: «ال تد ْع فوق الرثى يا سيدي أقويا ًء يأكلو َن الضعفا ْء)18(». تيش بنية التّضاد االسمي بزمن ّية الغلبة لألقوياء ،لذا ترفع دعوتها إىل الخالق يك ال يأكل األقوياء الضعفاء حتى يع َّم العدل عىل هذه األرض ،فاألرض لجميع خلق الله. وبأسلوب إنشايئ يتلّون بصيغتي اإستفهام والّنداء تتساءل: السباتَ »()19 «هل هو املوت يا إلهي عد ٌّو أم ٌ صديق يُلْقي علينا َّ يظهر الطّباق االسمي بني (عدو #صديق) داللة الحرية والخوف من سطوة املوت. ال ّتضاد بني الفعل والفعليل من خالل ثنائية الحياة واملوت ،فتقول: يظهر التّضاد الفع ّ نـمـت فأبا ٌة وس َط ميدانِ ... نعش فـكـرا ٌم فــي مـواطننا وإن «فإن ْ ْ الغاصب الجاين)20(». باسم العروبة نحيا أو منوتُ فال فرق إذا هزمنا َ الفعلي (نعش #منت) (نحيا #منوت) للتّأكيد عىل العيش بكرامة ،فأبناء الوطن يدافعون عن يجمع التّضاد بني ّ بكل إباء ساحات ال َّردى ويقدمون أرواحهم ودمائهم فدا ًء للعروبة. وطنهم ،يخوضون ِّ يل قول الشّ اعرة: ومن أمثلة التّضاد الفع ّ بعت رصانتي ورشيتُ ُه)21(». كنت أعل ُم أ َّن قل َب َك يُشرتى باملا ِل ُ «لو ُ (الشاء والبيع) لتعكس بعت) لتضع محور القلب يف تناقض قائم عىل عملية تجاريّة ّ يل بني (يُشرتى ُ # ورد التّضاد الفع ّ صورة واضحة عن زيف مشاعر الرجل وعدم اخالصه. وتقول يف موضع آخر: و َدنا فال يخفى عليه خفاء)22(». تضاءلت «يا من عال فالكائنات ْ
ما فجر يف أعامق الشّ اعرة الشعور باملأساة ،ومتثل عبارة «أنا الاليشء» أعىل درجات التّضاد بني يشء واليشء ،قيمة وال قيمة ،الرتباطها بالجوهر الوجودي ،ويتعمق االحساس بالتاليش واالنكسار. ال ّتقابل الفعل واالسمعري ،وتتقابل األفعال مع يقوم التّقابل بدور حيوي فاعل يف تأسيس الوجه األهم يف البنية الحرك ّية يف الخطاب الشّ ّ األسامء يف بناء متوازن ،فتقول: «ومل أفقه ظواهـرهــا ومل أعرف خوافيها ومل أفرح بحارضها ومل أحزن ملاضيها)31(». والتكيب االسمي كام يف الجدول التايل: يل ّ يظهر التّقابل بني ّ التكيب الفع ّ التكيب االسمي (االسم +ضمري متصل /ها) التكيب الفعل (أداة جزم +فعل مضارع) ّ ّ ظواهرها #خوافيها مل أفقه +مل أعرف حارضها #ماضيها مل أفرح #مل أحزن عري ،فتقول: وتتقابل ال ّدوال الشّ عريّة يف ال ّن ّص الشّ ّ ُ األعامل اختلفت به وكالهام والسال ُم محبّ ٌة «الحرب ٌ ْ بغض َّ ُ والحرب تهد ُم ما بَ َن ْت ُ أجيال فالسل ُم يبني ما تــهـــ َّد َم حولَ ُه ُ ُ استغالل)32(». عنف وال إن السال َم هو املعامل ُة التـي ما شابَ َها ٌ والسلم ،البغض واملح ّبة ،البناء والهدم ،عنف وال عنف، يظهر التّقابل من خالل ثنائية االختالف واالئتالف ،الحرب ّ استغالل وال استغالل. الحرب بغض #السالم مح ّبة السلم يبني ما تهدم #الحرب تهدم ما بنت. تعكس التّقابالت ال ّدالل ّية فكرة رفض الذّات الشّ اعرة للحرب والهدم والعنف واالستغالل وتؤكد العيش حياة يسودها السالم واملحبّة والبناء بعي ًدا من كل األحقاد واالستغالل. ّ ويف موضع آخر تقول: حي)33(». رب الحياة واملوت يُحيي «وهو ُّ ومييـت وهــو فــي الكون ُّ يت ويبعث األحيا َء واألحيا َء)34(». رب الحياة واملوت يُحيي وي ْ َ «وهو ُّ يعكس التّقابل فكرة الحياة واملوت والبعث ،وإميان الذّات الشّ اعرة بأ ّن الله هو رب كل يشء يف الكون ،يحيي ومييت كل يشء. ويبعث األحياء وله القدرة عىل ّ
أنا فــقــ ٌر وأنت غـنى وهل ساوى الغنى الفقر أنا زبـــد بال جــدوى وأنت العــمـق والغو ُر رص أنا َحــ ٌد وأنت مـــدى بـعـيـ ٌد مــا له ح ُ أنا يف زورق النسيان فالعب فيــه يا بح ُر)28(». التسيمة اآلتية: تظهر التّقابالت املتضادة بني االسامء يف قطبني متضادين كام يف ّ أنت (الطبيعة /البحر) أنا (الذّات الشّ اعرة) م ّد #جزر رض +رش #نفع +خري العز الضعف غنى فقر العمق زبد مدى حد أيضا: وتقول ً تعدو أمامي واملنون ورايئ)29(». «تلك الحياة بحلوها ومريرها تتقابل ال ّدوال االسمية (الحياة /املنون – حلوها /مريرها – أمامي /ورايئ) لل ّداللة عىل انتظار املوت. كام تتكثّف البؤر ال ّدالل ّية للتضاد االسمي يف الخطاب ،ويلعب التّضاد ال ّزمني محرك األزمنة عىل تأزم الذّات بني املعرفة والجهل ،فتقول: أفــتــش فيه عن ذايت ُ «ألـــوذ بـــزورق بـــا ٍل عن املعلوم واملجهــو ِل يف املايض ويف اآليت تناقض األيَّــام يف تــقــرير حــااليت جــهــلت َ ُ وحــي بــيــن أمـوات فــمــيــت بــيـن أحــياء ٌ ٌّ وجــهـــل خــلفه عــلـ ٌم وعــلـــ ٌم قـــيـد اثبات ٌ والالَّيشء مــأسـايت)30(». مجهول أنا الاليش ُء يا تتنامى فاعلية التّضاد بني االسامء (املعلوم #املجهول /املايض #اآليت /ميت #حي /أحياء #أموات /جهل #علم) الصوتيّة وتظهر حدة التّضاد يف محور البنية لتكوين حركة داخلية مع الحركة اإليقاعيّة املتوازية والتّقابالت والتّجانسات ّ اللّغويّة من خالل مخاطبة املجهول والتفتيش عن الذّات وسط الضياع والتناقض
وتقول يف موضع آخر: وكل يف مصالِ ِح ِه ُمطالِ ْب)41(». ٌّ واملرج النوادي الهرج ُ «وساد ُ الحق يف زمن سيطرت فيه مطامع املذاهب ومناصبها، ورد الجناس بني كلمة (الهرج /املرج) لل ّداللة عىل سيطرة ضياع ّ فكل طائفة تغني عىل وتر مكاسبها. وأيضا تقول: ً «أنا حل ٌم يا إلهي أنا حل ُم ليس يل فيه عىل االطالقِ عل ٌم)42(». ورد الجناس يف أ َّول اللفظ بني املفردتني (حلم /علم). الصويتّ يف الحرفني يف وسط اللفظ ،تقول: ويرد الجناس ّ وخالق ما يس ُري وما يط ُري)43(». كل يش ٍء خالق َّ َ ُ «وأنت الله ُ يل التشاكل اإلنسا ّين /اإلنسان الذي يسري عىل تريد الشّ اعرة التأكيد عىل أ ّن الله خلق كل يشء ،ويختزل التّجانس الفع ّ األرض والحيواين /الحيوان الذي يطري يف الفضاء. شعري: وتقول يف بيت ّ كنت أعب ُد رهبة فلشانِ )44(». كنت أعب ُد رغب ًة فلغاي ٍة أو ُ «إن ُ كيبي لل ّداللة عىل حرية حوي ّ يظهر الجناس بني املفردتني (رغبة /رهبة) ويتآزر مع التّوازن ّ واملعجمي وال ّن ّ الصويتّ والت ّ ّ الذّات الشّ اعرة وعدم توازنها وخوفها من عقاب الخالق. ّفظي يف «أعداد الحروف فقط )45(».فتقول: ويأيت الجناس ال ّناقص من خالل اختالف الل ّ أي يشء يف وجو ٍد فيه وجو ُدك جود)46(». «أنا لوالك مل أكن َّ يظهر الجناس ال ّناقص يف االختالف بزيادة حرف واحد (وجود /جود) ما يوسم دالالت كرم الخالق و ُجوده يف هذا الوجود. أيضا: وتقول ً متتص مايئ ودمايئ وتروي فيه النواةَ)47(». «وجذو ُر األشجا ِر ُّ يأيت الجناس ال ّناقص بزيادة حرف واحد يف أ َّول اللفظ بني (مايئ /دمايئ) ما يوحي بالخوف من املوت ومصري الجسد الفاين. ويظهر جناس االشتقاق من خالل الجمع بني ركني اللّفظتني ،وقد ورد يف قولها: «ذهبت بنا ريح الضياع إىل البعيد األبعد)48(». يرد التّجنيس من خالل التّباين يف منط اللفظتني (البعيد /األبعد) من دون فاصل بينهام لل ّداللة عىل الشّ كل املوسوم بايحاءات الغرق يف صحراء الضياع والتّيه.
الجناسهو «أن يحدث تجانس أي تشابه بني كلمينت يف النطق ويكون معناهام مختلفًا )35(».وهو نوعان :جناس تام «هو ما اتفق فيه اللفظان يف أمور أربعة هي :نوع الحروف ،شكلها ،عددها ،ترتيبها ».وجناس غري تام وهو «ما اختلف فيه اللفظان يف نوع الحروف أو شكلها أو عددها أو ترتيبها».ومن أرضبه :الجناس املضارع «الذي يكون فيه الحرفان املختلفان متقاربني يف املخرج ،ويكونان إ َّما يف أ َّول اللفظ أو يف وسطه وإ َّما يف آخره )36(».والجناس الالحق «الذي يكون مي فيه الحرفان املختلفان غري متقاربني يف املخرج ويكونان ً أيضا إ َّما يف أ َّول اللّفظ )37(».وإن اختلفا يف عدد الحروف ُس ّ (ناقصا) وإن اختلفا يف الهيئة فهو عىل رضبني (املح ّرف) و(املصحف) وإن اختلفا يف الرتتيب سمي مقلوبًا. ً حسب «موسيقى حقيقية تنبع من اختيار الشّ اعر لكلامته وما يوفر الجناس للقصيدة الجانب املوسيقي الداخيل ،ويُ ُ وكل حركة بوضوح كل حرف ّ فيها من تالؤم يف الحركات والحروف ،وكأن للشاعر أذنًا داخلية وراء أذنه الظّاهرة تسمع ّ تام )38(».وقلام استخدمت الشّ اعرة الجناس التّام ،فأكرثت من استخدام الجناس غري التّام بأرضبه املتعددة ،فتقول: «وحدي بأودية الفراغ عىل الجليد الجلمد)39(». الصوت ّيتني نربزه عىل مستوى الوحدات ّفظي بني «الجليد /الجلمد» لك َّن االختالف بني الوحدتني ّ يربز التّجانس الل ّ الصوتيّة يف الجدول التايل: ّ منط التّباين ال ّدال ّيل الصو ّ يت الصوت ّية املتباينة التّجانس الل ّ منط التّباين ّ ّفظي الوحدات ّ الجليد الجلمد
ي
م
حنيك
أسناين – لثوي
الوحدة /سيطرة الجمود
يل فتقول: كام يربز التّجانس االسمي /الفع ّ «ومل يَ ُسد طمع فيها وال حس ٌد وال انتقا ٌم وال حق ٌد وال ثأر)40(». لقد استعملت الشّ اعرة التّجانسات بني االسمني «حسد /حقد» كذلك بني االسم والفعل «يَ ُسد /حسد» ،ونربز التّباين الصو ّيت يف الجدول التايل: ّ منط التّباين ال ّدال ّيل الصويتّ الصوتيّة املتباينة منط التّباين ّ ّفظي الوحدات ّ التّجانس الل ّ الحسد /الحقد لهوي لثوي ق س حسد حقد سيطرة األطامع حلقي حنيك ح ي حسد يسد يوحي التّجانس بداللة سيطرة بنية الطمع اإلنسا ّين والحسد واالنتقامات واألحقاد والثّأر يف املجتمع اإلنسا ّين.
عري عىل الشكل اآليت: السطر الشّ ّ تتكون األسجاع املتوازية من كلمتني أو ثالث كلامت يف ّ اليقني السميعا السناء العظيم الحياة الخبري
ملنيع البهاء الكريم النجاة
املتني البديع الرجاء الحليم السعادة البصري
والعمودي للضمري (أنت) ( 22مرة) باالضافة األفقي عري من مكونات أسلوبية تجمع بني التّكرار ّ كام يتشكل ال ّن ّص الشّ ّ ّ البديعي (لزوم ما ال يلزم) فالتزمت بأصوات (الياء /النون) (املتني – املبني – املعني – املكني – األمني – اليقني) إىل اللّون ّ الصوفيّة. وتسهم الخصائص األسلوبيّة يف خلق نغم عابق بال ّنفحة ّ ال ّتوازنعري ،فتقول: تتوازن األسطر الشّ عريّة وتنصهر البنية الشّ كليّة مع البنية العميقة للخطاب الشّ ّ ضيق الحدو ْد .. «كلُّنا ُموث َُق اليديْ ْن كل ُّنا ُ ... كل آمالِنا َ ..ه َد ْر ُّ كل أحال ِمنا ..هرا ْء ُّ ... كل يش ٍء إىل ْ حي إىل فنا ْء)54(». ُّ زوال ُّ كل ٍّ وعمودي لل ّداللة عىل بنية العدم وال ّزوال والهالك ،فكل يشء إىل زوال أفقي تسري البنية التّكراريّة ملفردة ّ ّ (كل) بشكل ّ وفناء. ومن أمثلة التّوازنات التي يتوازن فيها صدر البيت مع عجزه قولها: وال شبي ًها له يف َخلْ ِقه أح ُد)55(». «وال رشيكًا له يف ُملْ ِكه أب ًدا الصوفيّة عند الذّات الشّ اعرة. تتوازن البنية ّ التكيبيّة وال ّنحويّة لل ّداللة عىل االبتهاالت ّ عري: ً وأيضا تتوازن ّ التاكيب يف البيت الشّ ّ «فام الحضار ُة إالَّ من حوارضنا وال الكرام ُة إال من بوادينا)56(». تتوازن ال ّدوال الشّ عريّة يف شكل هنديس يتساوى فيه صدر البيت مع عجزه للتأكيد عىل حضارة العرب وأمجاده التّاريخية ،وتتكثّف البؤر ال ّدالليّة يف قولها: دمعت عني الشي ْم)57(». «إن ضحكنا ضحكت س ُّن الندى أو بكينا ْ
وتقول أيضً ا: ٍ ُ والجــاهـــل ْ املــجهول وتكلَّم مضـض «سكت الكري ُم به عىل َ ... ُ والقاتـــل)49(». ْ واملــقــتول القــتــل ُ وطني وما أدراك ما وطــني عري ،مبشاركة أداة العطف يظهر التّجانس االشتقاقي من خالل التّنوع يف البنى ّ الصف ّية الواردة يف عجز البيت الشّ ّ (الواو) كام يف الجدول التايل: البيت 01 02
الصف ّية الصف ّية ال ّركن الثالث بنيته ّ الصف ّية ال ّركن الثاين بنيته ّ ال ّركن األول بنيته ّ اسم فاعل اسم مفعول الجاهل املجهول اسم فاعل اسم مفعول القاتل املقتول مصدر القتل
تتن ّوع الكلامت املتجانسة بني اسم مفعول (املجهول /املقتول) واسم فاعل (الجاهل /القاتل) واملصدر (القتل) وقد والسامت الجامل ّية ،فاألديب استخدمت الشّ اعرة هذا ال ّنوع من التّجنيس بنظام هنديس يبدو فيه التّناسق واالنسجام ّ ّ الحق «هو من ميلك القدرة عىل ملِّ أطراف التجربة وتكثيفها والجمع بني االنغامس يف طياتها والقدرة عىل بلورتها ّ والتكيب والصورة التي تكرس حاجز األلفة والرتابة وتتحرك بحرية يف اآلفاق، وتجسيدها يف عمل أديب قوامه األلفاظ ّ وتربط فيام بينها ربطًا قوامه االنفعال واالحساس الجاميل)50(». السجع ّالسجع برضبه املتوازي وفيه «تتفق السجع يف الكالم هو أن «تأتلف أواخره عىل نسق كام تؤلف القوايف )51(».ويرد ّ ّ عري السجع يف الخطاب الشّ ّ اللّفظة األخرية من الفاصلة مع نظريتها يف الوزن وال ّروي (أو القافية) )52(».ومن أمثلة ّ قصيدة «اليقني» التي تقول فيها: القوي املتني وأنت العــلـي «إلــهــي إلهـــي أنت اليقـيـن ُّ وأنت البــديــ ُع وأنت املبني وأنت السمــي ُع وأنت املـنـي ُع وأنت الرجا ُء وأنت املعني وأنت البــهـا ُء وأنت الســنا ُء َ َ وأنت الحـلـي ُم وأنت املكني وأنت الكــري ُم وأنت العظي ُم َ ... وأنت السعاد ُة أنــت األمني فأنت الحيا ُة وأنت النــجــا ُة َ َ وأنت الحقــيـق ُة أنت اليقني)53(». وأنت الخب ُري وأنت البص ُري َ
عري ،فتقول: ونجد ً مثال عىل النوع األ َّول من حيث توافق آخر كلمة أول كلمة من البيت الشّ ّ أنت الذي بالعاملني رحيم)64(». «فارح ْم عبادك يا إلهي كلّهم رب العاملني رحمة العباد. تختزن صيغة ال ّنداء «يا إلهي» الحميمية وطلب ال ّرحمة أل ّن من صفات ّ أيضا: وتقول ً وسجدْتُ للشيطانِ حني عبدت ُ ُه)65(». وركعت يف محرا ِب ِه «وعبدتُ ُه ُ تتوافق الكلمة األخرية من عجز البيت (عبدته) مع الكلمة األوىل من صدر البيت (عبدته). وتقول يف بيت آخر: وقد وصفوه بالباب اإللهي)66(». باب جو ٍد «فبابُ َك يا إلهي ُ عري. السطر مع ّ يتوافق ّ السطر الشّ ّ التكيب (فبابك يا إلهي) يف أول ّ التكيب االسمي (الباب اإللهي) يف آخر ّ ومن أمثلة رد العجز عىل حشو املرصاع األ َّول ،تقول: والتجارب)67(». دروسا يف الرويَّة يوم التجارب ّ «تعلِّ ُمنا كل ٍ ً ْ ُ الصدر. تتوافق كلمة األخرية (التجارب) يف عجز البيت بردها (التجارب) يف حشو ّ الصدر قولها: ومن أمثلة رد العجز عىل آخر الحشو يف ّ «كيف أميض وليس يل من دليلٍ الدليل)68(». ُ أنت يا إلهي فلتك ْن َ توافق الكلمة األخرية (الدليل) من البيت كلمة من ال ّن ّصف األول (دليل). املصاب)69(». وإن متنا فقد عظُ َم صاب «إذا عشنا فيا ل ُه من ُم ٍ ُ الصدر (مصاب). تتوافق الكلمة األخرية من العجز (املُصاب) مع الكلمة األخرية من ّ ومن أمثلة رد العجز عىل صدر املرصاع الثّاين قولها: «إ َّن يف ِ األرض موعدي ومعادي ليس يحيا بالطني غ ُري الطنيِ)70(». عري (الطني) بردها إىل حشو املرصاع الثاين (الطني) لل ّداللة عىل أن موعد الشّ اعرة تتوافق الكلمة األخرية من البيت الشّ ّ هو املوت وفناء الجسد.
والصوت ّية مع سمة التّقابل والتّوازن للتأكيد عىل مجد العرب وتاريخه املرشق. تنصهر البنية ال ّنحويّة واملعجم ّية ّ وأيضا: ً كل مرايئ)58(». والدار داري رغ َم ّ كل مكاب ٍر «فاألرض أريض رغ َم ّ أيضا: وتقول ً «األرض أريض والسام ُء ساميئ واملا ُء مايئ والهوا ُء هوايئ)59(». حب الوطن وال ّدفاع عنه عىل ال ّرغم من كل املجازر التي تحصل عىل أرضه والتمسك يعكس التّوازن بنية التأكيد عىل ّ به. أيضا: وتقول ً واإلخالص ميداين)60(». «والتّضحياتُ شعاري والعطا ُء يدي وال ّن ّص ُح قويل ُ والصدق واألخالق العاليّة وااللتزام باملثل يؤكد التّوازن عىل انتشار القيم اإليجابيّة ال ّنابضة بالتّضحية والعطاء والكرم ّ العليا. أيضا: وتقول ً ضعف والرصا ُع قذارة والقتل عا ٌر والدما ُر ُ زوال؟»()61 «فالحرب ٌ ُ والصاع والقتل والدمار. تتوازن الجمل بشكل هنديس لرتتيل بنية رفض الحرب ّ ّ ال ّتصديرّفظي املكررين أو الصدر عىل العجز وقد سامه ابن رشيق رد ّ صاحب العمدة بالتّصدير ،وهو أن يكون أحد الل ّ ّ املتجانسني أو امللحقني بهام اشتقاقًا «يف آخر البيت واآلخر يف صدر املرصاع األول أو يف حشوه أو يف آخره أو يف صدر عري عند زهرة الحر. السمة األسلوبيّة يف الخطاب الشّ ّ املرصاع الثاين )62(».وقد كرثت هذه ّ أفقي آلخر كلمة من عجز البيت «أنا» التي تتوافق مع تكريرها يف صدر إذ يرد تصدير الطّرفني من خالل نسق تكراري ّ التكيبيّة ،فتقول: البيت مرتني ،فتتكثّف البنية اإليقاعيّة وتتضافر مع البنية ّ وعويل يف دجى الليل أنا)63(». «أنا حل ٌم أنا أشالء منى عري ،وتختزن بنية األحالم وتاليش األماين والجراح ،فالذّات الشّ اعرة تعاين تحسب مفردة «أنا» بؤرة مركزيّة يف البيت الشّ ّ العناء والشّ قاء يف الحياة ،فتصبح األنا بني املفتاح والقفل ،بني األحالم يف عامل الخيال والعذابات يف عامل الواقع. حلم /عامل األحالم /تتمنى نعيم الهناء يف الحياة أنا أشالء منى /انطفاء األمنيات وتالشيها أنا عويل /جراحات وغياب لحياة هانئة مستقرة
التديد ّهو «أن يأيت الشّ اعر بلفظة متعلّقة مبعنى ثم يرددها بعينها متعلّقة مبعنى آخر يف البيت نفسه ،أو يف قسيم منه)77(». العسكري املجاورة وهي عنده «تردد لفظتني يف البيت ووقوع كل واحدة منهام بجنب األخرى أو قري ًبا ويسميه أبو هالل ّ منها من غري أن تكون إحداهام لغ ًوا ال يحتاج إليها)78(». والتديد ف ّن من فنون البديع قوامها التّكرار واإلعادة ،يؤلّف مظه ًرا من مظاهر املوسيقى فتنصهر ال ّداللة باإليقاع ومتت ّد ّ التديد يف شعر زهرة الحر قولها: تدريجيًّا يف نسق أسلو ّيب يحقّق االنسجام الخطا ّيب بني ال ّدوال املرددة ،ومن أمثلة ّ «رب هبها يل وهبني إليها وليكن يف الهبات عيش رغيد ّ وأعطني نعمة الحياة و َه ْبني راحة النفس فالحياة رصي ُد)79(». ترتدد كلمة (هبها /أمر) و (هبني /أمر – مكرورة يف البيت األول والثاين) يف صدر البيت وترد كلمة (الهبات /اسم التديد تأثري وجامل وفائدة تع ّزز داللة طلب ال ّنعم من الله وراحة ال ّنفس فالذّات الشّ اعرة تهوى يف عجز البيت ولهذا ّ الحياة. عري ،فتقول: وترتدد ال ّدوال الشّ عريّة يف جسد الخطاب الشّ ّ مــا فـــي بــنــيه ٌ عاقل مدرك ْ القــاتـــل ْ القتيل وشع ُب ُه ُ «وطني ... والكذب أضحى َ ُ والقائل ْ القول والصدق فيه َ اغتيل من زمــنٍ ُ ٍ ُ والجــاهـــل ْ املــجهول وتكلَّم مضـض سكت الكري ُم به عىل َ ... ُ والقاتل)80(». ْ واملــقــتول القــتــل ُ وطني وما أدراك ما وطــني عري عىل صورة تتوزع فيها لفظة (القتيل – القاتل /القتل – املقتول – القاتل) وترتبط يُبنى ّ التديد يف ال ّن ّص الشّ ّ الوطني ،فأبناء فضل عن التّوافق املوسيقي إال أنها تؤكد عىل البعد بالتديدات (القول – القائل /املجهول – الجاهل) ً ّ ّ الصدق وسيطر الكذب ،وساد القتل. الوطن ال يدركون ما يحصل عىل أرضه ،واغتيل ّ وأيضا تقول: ً رب ر ٌ واهب الرزق وخري الرازقني)81(». ازق ذو قدر ٍة «أنت ٌّ ترت ّدد يف صدر البيت (رازق) ويف عجزه (الرزق /الرازقني) لتؤكّد قدرة رب العاملني عىل الخري والرزق. وتقول يف بيت شعري: «يا م ْن َعال وت َعاىل فوق كل ُعىل ومل يشأْ أن يُتساوى َخلْق ُه فَ َعال)82(». يرت ّدد الفعل (عال /تعاىل) يف مقابل االسم ( ُعىل) لل ّداللة عىل االقرار بربوبية املنزهة واالختالف بني منزلة الخالق ومنزلة العبد.
ال ّترصيعهو ما كان عروض البيت «تابعة لرضبه ويعود سبب التّرصيع إىل اإلعالم أن الكالم يتعلّق بالشّ عر (الكالم املوزون) غري النرث )71(».وللتّرصيع وظيفة إيقاع ّية وأخرى جامل ّية متيز القصيدة العرب ّية ،ومل تغفل الشّ اعرة زهرة الحر هذه الوسيلة اإليقاعيّة ،ومن أمثلة القصائد املرصعة املطلع التي تقول فيها: ِ رب إنَّ َك فوق ِ الساموات واألرضني معبو ُد)72(». العرش موجو ُد ويف «يا ُّ الصويتّ بني صوت ال ّدال (موجود /معبود) ،ولهذا التّرصيع وقع ملا يشتمل عليه من يظهر التّرصيع من خالل التآلف ّ مامثلة صوت ّية تع ّزز توزيع ال ّداللة يف البيت ،والتأكيد عىل عبادة الخالق. أيضا: وتقول ً ِ العرب من هذي النع ْم)73(». للمجد تحدوها الهم ْم أين ح ُّظ «أم ٌم ِ الصويتّ (أمم /الهمم / يتجىل التّرصيع من خالل فونيم امليم (الهمم /النعم) كام يظهر ّ التصيع من خالل االمتداد ّ النعم) لل ّداللة عىل تاريخ األمة العابق باألمجاد. لزوم ما ال يلزمالبديعي قصيدة وهو «مجيء قبل حرف ال ّروي وما معناه من الفاصلة ما ليس يالزم )74(».ومن أمثلة هذا اللّون ّ «القناعة» التي تقول فيها: ُ الخـــيــال ا َّيل مـــ َّد َجــ َناح ـــل َحــ َم َ فــلــربا الجناح فر ِاشتي «م ّدي َّ َ وتــنــهــضــ ُه يـــ ُد األصبا ِح ــســ ٌم ُ ريان من قُــبــلِ الشــعــاع يـقلُّه نَ َ َ ومـــال عىل الشَ ـــذَا الفوا ِح ِد َعـــ ًة ندي الزه ِر ح ّط رحــالَــ ُه وعىل ٍّ الحب الرصاح ونشو ِة األمل املتاح ويف الصبَّا املمرا ِح)75(». يف غمر ِة ّ عري االلتزام بثالثة حروف ،فتقول: وقد التزمت الشّ اعرة هنا بحرف الحاء وقبلها األلف ،ويأيت يف الخطاب الشّ ّ ومل أج ْد يف طريقي من يحاربُني واألرض تـرهبُني رب ثائر ٌة ُ «يا ّ فال يـحــ ّرك كــفــ ْي ِه ويـرضبني أم ُّر بالجــبلِ ال َعــايل واضـــربُ ُه ُ وال أرى تــحــتـها حيًّا يجاوبني األرض طغيانًا واشتمها واخرق َ صـميم ِ النفس تت ِعب ُني لثور ِة يف واألرض مـنــطَل ٌَـق رب ثائر ٌة ُ ِ يا ّ م ّني ويف أضلع بالنــا ِر تلهبني كل جارحـ ِة أحسها يف دمي يف ّ في ِه وال ه َو يغريني ويعج ُبني)76(». كل وجو ٍد ليس يل ِصلَ ٌة كرهت ّ ُ تلتزم الشّ اعرة بثالثة حروف وهي حرف الباء والنون والياء ما يسهم يف خلق دفق ايقاعي يرسم جاملية القصيدة العربية.
تتخذ التّكراريّة يف البيتني الشّ عريّني موض ًعا أفق ّيا يتجىل يف تكرار كلمة (عهد) ثالث مرات يف البيت األول وتكرير كلمة إيقاعي ارتبط بداللة تذكر األيام املاضية التي تعصف بجوارح الذّات الشّ اعرة (أذكره) ثالث مرات ما أسهم يف خلق جو ّ والسعيدة. حيث كانت الحياة الهائنة ّ أيضا: وتقول ً وحب البقاء)90(». حب الحياة وحب العطاء ّ ّ «فإين أح ّبك ّ
وحب الكرم والبذل ورفض املوت. وحب الحياة ّ حب الخالق ّ الحب ليشمل ّ أفقي ينرش امتداد ّ تتك ّرر كلمة ّ الحب بشكل ّ الضمري املتكلّم بصيغة املفرد يف قولها: ومن أمثلة التّكرار األفقي ،تكرار ّ ّ ثقل)91(». فأنا ما يل بهذي األرض ُ لست أدري من أنا «من أنا؟ ُ والضياع يف الوجود. يرتبط التّكرار األفقي (أنا) ثالث مرات يف اظهار دالالت الحرية ّ ّ وعمودي ،فتقول: أفقي كام يتكرر ّ ّ الضمري املخاطب بصيغة املفرد بشكل ّ
ِ األنـس والجانِ ورب َ «أنت الحقيقة ،أنت الخـــالـــق الباين وأنت ريبُّ . وضعت ثقليهام يف ِ كـف ميــزان أنت وقـد َ رب السامء ورب األرض َ ُّ ورب العـامل الثـاين َ ربُ الكائــــنــات ومـا يف الكائنات ُّ وأنت بالحق ّ عـقل انــســـان وليس يرقى إليه ُ ربُ املدى املجهول واقعــه َ وأنت ّ فالفرقدان أمام العرش ،عــبـدان وربُ الليل أنت همــا ُّ رب النهار ّ بني الحياة وبني املوت من شانِ ورب املوت أنت وما ّ ربُ الحياة ُّ حي بهذا العامل الفاين)92(». يفنى الوجود وتبقى واح ًدا أحـــ ًدا وأنت ّ
الضمري (أنت) مبعدل تسع مرات للتأكيد عىل (رب) 11مرة مع تكرير ّ يتوزع التّكرار يف ال ّن ّص الشّ ّ عري بني تكرير مفردة ُّ رب كل يشء يف الوجود ،وهو القادر عىل فناء كل األشياء ،والبقاء لله وحده، رب العاملني هو الذي خلق الكون وهو ّ أن ّ ويربز هذا النوع التّكراري يف قصيدة أخرى ،فتقول:
رب السامء واألرض والكـون «أنت ُّ ربُ املالئكة والحور والولـدان أنت ّ ربُ االنسان والحيوان والطيـر أنت ّ ورب الفــيــايف أنــت ّ ربُ الثــرى ُّ ربُ اآلبــــاء واألمـــهـــات أنـــت ّ أنت يا رب كل يشء عىل األرض
أنــت املــهــم ُني املعبو ُد َ لــــديــــك عـــبــي ُد كــــل ٌّ َ مـــنـــك جــنــود والكـــل ُّ والتــّـراب الذي إليه نعو ُد أنت والـــ ٌد وال مولو ُد وال َ أنت الوحي ُد)93(». وفوق السام ِء َ
عري ألوان البنية ال ّتكراريّة يف الخطاب الشّ ّعري كام يُحسب «نقطة مركزية يف القصيدة التي يُع ُّد التّكرار ظاهرة أسلوب ّية له حضوره الفعال يف الخطاب الشّ ّ
عري تحتويه ،تربط كثري من ال ّدالالت واألفكار به عرب الخيوط التّعبرييّة املختلفة )83(».ويتجىل التّكرار يف الخطاب الشّ ّ عند زهرة الحر بألوان مختلفة وأمناط متنوعة. تكرار األصواتالصويتّ يف قولها: عري ،وقد ظهر التّكرار ّ إن تكرار ّ الصوت له موقعه الخاص يف الخطاب الشّ ّ ورازقًا غري مرزوقٍ ل ُه ُ الرزق)84(». «يا خالقًا غري مخلوقٍ له ال َخل ُْق الصوت املجهور الصوت املهموس (القاف) مبعدل ست مرات ،وهو من األصوات االنفجاريّة يف مقابل تكرار ّ يتك ّرر ّ
الصوت املجهور يتناسب مع (الراء) مبعدل خمس مرات وهو «صوت مك ّرر»(َّ )85 الصوت املهموس عىل ّ ولعل ارتفاع ّ الصوفيّة عند الشّ اعرة. ال ّنفحة ّ عري ،فتقول: وللصوت املهموس ترديدات يف الخطاب الشّ ّ وقتيل قاتل ُ كان يف األرض ُ وقـــيـــل ُ «منذ كــنـا وكــان قـــال ... قاتل مقتوال)86(». سمعت العويال صار قابيل ً يا صدى األرض هل َ عري لل ّداللة عىل التّطاحن بني أبناء البرش. تتكثّف البؤرة ال ّدالل ّية لرتديد فونيم (القاف) يف ال ّن ّص الشّ ّ عري: ويتك ّرر صوت القاف يف البيت الشّ ّ وكرهت الدماء واألشال َء)87(». ملــلـت القــتـــال والقتل فوقي «قد ُ ُ وأيضا: ً القلوب بحقدهـم والحق ُد صفق ُة خارس ُ ووبال)88(». «قتلوا املح ّب َة يف ِ
الصوت املجهور (الباء) لنفي قيم املح ّبة من قلوب البرش وسيادة الصوت املهموس (القاف) خمس مرات يف مقابل ّ يرتدد ّ للصاخ يف وجه الحقد ،وما ارتفاع هذا ّ عري إال لتعبري الذّات الشّ اعرة عن حاجتها ّ الصوت املهموس يف رشايني الخطاب الشّ ّ التقاتل بني أبناء البرش بعدما امتألت قلوبهم باألحقاد. تكرار الكلمةالصوتيّة فاعلية يف أفقي وعمودي ولهذه الظّاهرة ّ ّ ظهرت يف الخطاب الشّ ّ عري االكثار من ظاهرة تكرار الكلامت بشكل ّ
األفقي قول الشّ اعرة: مزج اإليقاع بال ّداللة ،ومن أمثلة التّكرار ّ عهدَ الهنا عهدَ الهوى ِ «أح ّبابَنا ق ْد كان عهدكُم الرغد
زلت أذك ُر ُه واذك ُرهُ ما ُ
وأظــــل أذكـــــ ُرهُ إىل األبد)89(». ُّ
ونربز نسق التّكرار الهنديس: قتل شقي ِق ِه َ َم ْن عل ََّم االنسا َن أكل رفي ِق ِه َم ْن عل ََّم الحيوان َ َم ْن عل ََّم األطيا َر صي َد ضعا ِفها والسيطرة لإلضاءة عىل يختزن ال ّنسق التّكراري للتساؤالت بنية القتل والنهم والرش والطمع والضعف والطغيان والهيمنة ّ فكرة الخلل الذي يتأصل يف الحياة البرشيّة. ال ّتكرار االستهال ّيلكل بيت من مجموعة أبيات متتالية ،ووظيفة هذا التّكرار «التأكيد واثارة هو تكرار كلمة واحدة أو عبارة يف أ ّول ّ عري )97(».ومن أمثلة التّكرار االستهال ّيل السامع للموقف الجدي ،ملشاركة الشّ اعر إحساسه ونبضه الشّ ّ ّ التّوقع لدى ّ قصيدة (ظالل األمس): األمس عن ِ «حدّ ثيني يا ظالل ِ النفس بالعود ِة لو يـــجدي التم ِني قد أُم ِّني أمس وع ّني َ ِ ِ َّـــحف املرنِ أنـــ ًة خـــافـــتــ ًة يف آخر الل واحرص أن تنقُذي ما أبقَت األشجا ُن مني يـــدي مـــن أما َّين األثر وص َو ْر لـــم أجـــ ْد بــيـــن كلَّــمــا مـــ َّرت بــنـــفيس ذكرياتٌ َ َّ حطِّمي إ ْن ِ ِ األمـــس ألحانًا غر ْر شئت قيثاري وال تبقي الوتــــ ْر واســـمعيني من نشيد حدّ يثني عـــ ْن بـــالدي عـــن مق ِّر األنبيا ْء عن طن ِني الوحى يدوي بني ٍ والسامء أرض َّ ِّـــيـــب يف لبنان للداء دواء فـــبـــالدي جــــنــــ ُة الخلد ومه ُد الشّ عرا ْء وال َّنـــدى والط ُ ِ تحت ال ّدوايل بــساط حدّ يثني عـــن لــيالينا الجميالت الخوايل عن ِ العشب إذ يجم ُعنا َ عن ربـــو ٍع فـــ َّج َرتْ فـيها ينابي ُع الجامل ومغانٍ لــــم ْ تزل يف خاطري مجىل خيايل ِ الحي إ ْذ مير ْح َن يف ضو ِء القــمـ ْر حدّ يثني عن أحاديث العذارى يف الســم ْر عن بنات ِّ ٍ ٍ هــــازئـــات بالقد ْر عـــابثات ال يــعـــانـــيــــن همو ًما أو ضج ْر باســمــات لألمـــاين الحب أحىل ما يكون عـــن جـــنـــون مــــا عرفنا أنه كان جنون حدّ يثني عن حديث ّ كل ما فينا اضطراب وظنون يف ظنونٍ وقلوب يف عيون قــلوب وعـــيـــو ٌن فـــي ّ ٍ ٌ جـــنـــبي قــل ًبا مل يَ ْ ذق قط الهناء إ َّن فـــي حدّ يثني وامألي سمعي عن املايش غناء َّ فاسمــعينا نـــغــــمة الخلد وألحا َن السامء)98(». قد ملل َنا َويْك يا دنيا تالحــني الشـــقـــاء
وأفقي ،فتقول: ويتك ّرر ضمري الرفع املتح ّرك بصيغة الجمع بشكل متعامد ّ قلب واح ٌد خـــافق يف كل أحشاء ود ْم «نحن يف لبنان ٌ نحن عز ٌم وثبات وحجى وانتفاضات أسود يف األجم وحب ووفــا نحن أخالق وخري وكـــرم)94(». نحن إميا ٌن ّ
الصو ّيت التاكم ّ إن امتزاج الظّاهرة التّكراريّة يف القصيدة أكسب الخطاب فاعليّة من خالل تفاعل ّ كيبي والتّوازن ّ الت ّ والحب والوفاء الوطني وعىل أخالق اللبنانيني وقيمهم ال ّنابضة بالخري والكرم الحس يف البيت األخري وذلك للتأكيد عىل ّ ّ ّ والصدق ،ينتفضون يف وجه الظّلم كاألسود ،يدافعون عن الوطن بعزم وثبات. ّ ويف قصيدة «رثاء جامل عبد النارص» تقول: ُ َ طــويل يوم ال نستطيع إالَّ الــبــكا ُء ً جمـــال نـبكيك يا «سوف ٌ حالك ال يرو َن فيه الضــيا ُء لــيـــل ٌ يوم يأتــي عىل العروبـــ ِة يوم تــزدا ُد وطـــأ ُة الشــ ِّر شـــ ًرا ونرى الخ َري مدب ًرا مــسـتا َء ِ تغذي األوطــا َر واألهـــوا َء والحقد النفوس بالسو ِء يوم تغيل ُ الشـــقــيـــق أخاه ويرى االبــ ُن يف أبيه العدا َء يوم يُردي األخ ُ فالحب ٌ ٌ يخـفــف البـغضا َء أجوف ال قول القــلـــوب يوم تقسو ُ ُ ّ فال يــفــقــهــو َن إالَّ الجفا َء يوم يعــمـــي الجفا ُء أفئد َة الناس يـحب إال الدما َء يوم يغدو االنسا ُن ِ كالذئب و ْحشً ا ضــاريًا ال ّ يوم تطغى الحكا ُم فالحك ُم لألقوى ولو كـــان كـــاذبــ ًـا مـشَّ ا َء يزرعون الشـــقا َء يف كل ٍ أرض ث َّم ال يحصدو َن إال الشقا َء)95(».
إيقاعي ترتبط البنية التّكراريّة الزمنية (يوم) تسع مرات بسلسلة من األفعال بصيغة الحارض التي تسهم يف خلق جو ّ والسلب والقتل ،فقست القلوب يتناسب مع دالالت الواقع ال ّراهن ،حيث تضاءلت قيم الخري واملح ّبة وسيطرت قيم ّ الش ّ فسا َد الجفاء ،وغدا كالذّئب املتوحش ،وسيطر الشّ قاء يف أرض البرشيّة وغذّتها البغضاء وابتعد االنسان عن أخيه الناس َ جمعاء. أفقي وتتوازن بشكل جز ّيئ ويظهر التّشاكل اإلنسا ّين/ والصوتيّة ّ وتتكرر البنية املعجميّة ّ والتكيبيّة وال ّنحويّة بشكل ّ الحيوا ّين يف قولها: حرصا عىل اليشء الخسيس الفاين قــتــل شـقي ِق ِه َ «من علَّ َم االنسا َن ً شـــ َر ًها لــيـــشـــب َع ن ْه ُم ُه الحيواين أكــــل رفيـ ِق ِه َ م ْن علَّ َم الحيوان حتَّى تـــمـــا َدى البـــا ُز يف الطغيانِ )96(». َم ْن علَّ َم األطيا َر صي َد ضعا ِفها
-
خامتة
محسنات معنوية وأخرى لفظية كام لقد عمدت الشّ اعرة زهرة الح ّر إىل توظيف فنون البديع ورضوبه املتنوعة من ّ عري. استثمرت تقنية التّكرار وبأمناط متعددة وتفاعلت البنية البديعية والتّكراريّة مع البنية ال ّدالل ّية يف الخطاب الشّ ّ
لقد أفرطت من استخدام التّضاد والتّقابالت التي شكلت املحور االسايس انسجمت مع التّقابالت ال ّدالل ّية ورسمت صورة الذّات الشّ اعرة ومواقفها من الحياة والكون والوجود ،وأظهرت املفارقات بني األنا /االنسان واألنت /الخالق كام نفت البنية التّضاديّة وجود ال ّنعيم الحيا ّيت وسيطرت زمن ّية الغلبة للقوة كام أوحت إىل دعوة اعتناق املح ّبة واالبتعاد عن البرشي منذ الخليقة. املتأصلة يف البنيان األحقاد ونبذ العصبيات ورفض الحرب والتّقاتل ّ ّ الصوفيّة وعبادة الخالق اختزنت بنية ال ّدوال املتجانسة واملسجعة واملتوازنة أنغام إيقاعيّة عزفت تالحني ال ّنفحات ّ الواحد األحد ووسمته بال ّرزق والجود والكرم والقدرة واألبعاد الوطن ّية ومتزيق أبناء بنريان الفنت واألحقاد وسيادة القتل.
وكان للتّكرار يف شعر زهرة الحر سمة أسلوبية بارزة تحقّقت من خالل مزج اإليقاع بال ّداللة وايحاءات الصور املكررة تح ّولت أحيانًا إىل مفتاح لفهم القصيدة ،وكان للبينة التّكراريّة بألوانها وبأمناطها املتع ّددة تفاعل يف سياقات دالليّة، للصاخ يف وجه عكست ارتفاع ترديدات األصوات املهموسة عىل األصوات املجهورة للتّعبري عن حاجة الذّات الشّ اعرة ّ الصوتيّة التّكراريّة للفونيامت التّقاتل والتّنابذ بعدما امتألت قلوب البرش بالحقد والطّمع والشّ جع .وتآزرت البنى ّ السعيد والحارض املنهزم ،فاملايض مايض الذّكريات الجميلة ،مايض والكلامت والعبارات لرسم صورة تناقض ّية بني املايض ّ والسلب وقسوة القلوب والكذب األمة املجيد واملطرز بالبطوالت ،مايض الع ّزة واإلباء ،أما الحارض فسيطرت فيه بنى ّ الش ّ والوطني. االجتامعي واإلنسا ّين الضمري واألخالق والقيم اإليجاب ّية والخلل الذي أصاب البنيان وغياب ّ ّ ّ وقد استطاعت الشّ اعرة أن تجمع من الظّواهر األسلوب ّية يف خطابها ما يؤكد قدرتها عىل نسج األلوان البديع ّية شعري عسكت اللفتات الجامليّة واملحاور ال ّدالليّة لرسم صورة االنسان ومواقفه من قضايا العرص والتّكراريّة يف نسيج ّ واملجتمع وال ّدين واإلنسان. -هوامش البحث
(*) دكتورة يف الجامعة اللبنانية – كُل َّية اآلداب والعلوم اإلنسان ّية – الفرع الخامس (**) زهرة ال ُحر :شاعرة من شعراء جبل عامل ،ولدت يف صور جنويب لبنان سنة ،1917وترعرعت وسط عائلة أنجبت علامء وفقهاء وأدباء وشعراء ،أنشدت الشّ عر واعتلت به منابر الخطابة وصدور املجالت األدبيّة األشهر يف لبنان (العرفان) ويف العامل العريب (الرسالة) .ذاع صيتها كشاعرة جبل عامل وكرائدة من رواد تحرر املرأة العربية وتقدمها ..وكعضو مؤسس ونشيط يف الجمعيات النسائية واملجالس الثقافية والرصوح الرتبوية يف الجنوب اللبناين ..انتخبت كأ ٍّم مثالية وقُلَّدت جل جالله (شعر مع السرية الذّاتية). أوسمة .آثارها األدب ّية :قصائد منسية (شعر) سنة - 1970رياح الخريف (شعر) – ّ
عري يف حركة تناسق ّية هندس ّية لها دورها ال ّدال ّيل السطر الشّ ّ تضغط الشّ اعرة عىل تكرير (ح ّديثني) ست مرات يف بداية ّ عري وتشحنه من خالل تأكيد املفارقة ال ّدالليّة بني املايض الجميل والحارض املأساوي ،كام تتشكّل البنية يف ال ّن ّص الشّ ّ ِ واألنت املخاطبة /ال ّدنيا ،فالذّات تضع ال ّدنيا يف صورة تشخيص ّية تطلب إليها أن تعود التّكراريّة من األنا /الذّات الشّ اعرة إىل املايض وتنبش منه صور وذكريات وألحان تزداد فاعليتها ال ّدالليّة من كل تكرير للتّعبري عن جامل لبنان ولياليه ما يضع املحور لبنان بني األمس واليوم ،فاألمس جميل يخلو من الهموم واألرق حيث كانت البالد مهد الشّ عراء ومقر األنبياء ويسوده األمن واألمان واليوم حارض تعيس ميلؤه االضطراب والشقاء واالشجان التي تأكل بواطن النفس البرشية . ال ّتكرار الدائريوهو لون من ألوان التّكرار ،إذ يقوم الشّ اعر بتكرار كلمة تحمل عنوان القصيدة ،وتشكل حركة دائريّة ،لها متيزها وتفردها« ،بحيث يؤدي تكرارها يف بداية كل مقطع من مقاطع القصيدة وتكون غايته إظهار داللة الكلمة املفتاح أل ّن الكلمة املفتاح تعمل عىل تنظيم ال ّنسق بتامزجها بفاعلية التّعبري وتآزرها مع حركية التّصوير ثم تشابكها بفكر القصيدة، بحسبانها ركيزة تشكيلها وجوهر قولها )99(»..ويهدف من ورائها إىل توجيه القصيدة لتأكيد موقف ما .وللتّمثيل عىل هذا النوع التّكراري الدائري نأخذ قصيدة «عودة»: «غ ًدا يعــود فــال يأس يخــامـــرين وال دمــــو ٌع وال هــــــــــ ٌّم وال ُ أرق واأللق قلب املـــرو ِج وعــا َد النور الصـــبــاح إىل غ ًدا ي ُعو ُد كام عــا َد ِ ُ ُ غ ًدا يــعـــو ُد كام عــــادتْ زنــابقُنا مع الـــربيــــعِ وعا َد الورد والحبّ ُق قـــلــق غ ًدا يــعــو ُد إلـــى قــلــبـــي فيمأله ح ّبا كأن مل يك ْن بُـــعـــ ٌد وال ُ ٍ بســــاط بــــه من عطر ِه عبَ ُق الفـــيض اســحبّــ ُه عىل سأرتدي ثو َيب َّ األفق الدرب أزها ًرا مـــضــ َّوعة وأنـــثُـ ُر وأفرش ُ الطيب حتى ينتيش ُ َ َ يسبح الشف َُق غ ًدا يعو ُد ووجهي ِ بالشحوب ط َوى زه ًوا ويف ماء عيني ُ ـــق)100(». فقد يالقي ً غ ًدا إذَا جاء يا يو َم اللـــقـــا ِء غــ ٌد خيال ما بـــ ِه ر َم ُ الصف ّية للفعل (عاد /يعود) ومعناه (جاء) مسبوق بالفاصل يتهندس تشكيل التّكرير ال ّدائري انطالقًا من ترديد البنية ّ مني (غ ًدا) املشحون بزمنيّة املستقبل ويأتلف مع العنوان (عودة /االسم) بدفقات إيقاعيّة تتشكّل من ضمريين ال ّز ّ الصاع القائم بني الذّات /ال ّزمن ،وتتنامى دائرة التّكرار ومتت ّد طاقة الضمري (أنا) ّ متناوبني هام ّ والضمري (هو) لإلشارة إىل ّ عري لتعكس داللة املايض الذي يعبق بال ّدوال «الصباح – ال ّنور – األلق – زنابقنا – حبّا» الكلمة املفتاح يف جسد ال ّن ّص الشّ ّ الحب بني األنا /الذّات والهو /ال ّرجل ،يبددها حارض الذّات الشّ اعرة املشحون بتذكّر عودة أمل إنّها العاطفة املسرتجعة أليام ّ الذكريات ووجعها وقلقها ،إال أ َّن استبدال الفعل (عاد) بالفعل (جاء) يف املقطع األخري يوحي بغياب اليأس والهم والبُعد واألرق وال ّدموع ويفتح عامل التّخلّص من أمل الذّكريات املاضية.
جل جالله ،ص .91 (َّ )25 جل جالله ،ص .93 (ّ )26 جل جالله ،ص .124 (ّ )27 ( )28رياح الخريف ،ص .29 جل جالله ،ص .26 (َّ )29 ( )30رياح الخريف ،ص .32 ( )31رياح الخريف ،ص .32 ( )32رياح الخريف ،ص .138 جل جالله ،ص .69 (ّ )33 جل جالله ،ص .70 (ّ )34 ( )35محمود أحمد حسن املراغي ،علم البديع ،دار النهضة العربية للطباعة والنرش ،لبنان ،ط 1992 ،2م ،ص .109 ( )36املرجع نفسه ،ص .114 ( )37املرجع نفسه ،ص .115 ( )38شوقي ضيف ،يف ال ّنقد األد ّيب ،مطبعة دار املعارف مبرص ،القاهرة ،ص .97 ( )39رياح الخريف ،ص .74 جل جالله ،ص .112 (ّ )40 ( )41رياح الخريف ،ص .143 ( )42قصائد منسية ،ص .20 جل جالله ،ص .103 (ّ )43 ( )44قصائد منسية ،ص .27 ( )45الخطيب القزويني ،االيضاح يف علوم البالغة ،تحق :محمد عبد القادر الفاضيل ،املكتبة العرصية ،لبنان ،ط سنة ،2009ص .377 جل جالله ،ص .120 (ّ )46 جل جالله ،ص .121 (ّ )47 ( )48رياح الخريف ،ص .73 ( )49رياح الخريف ،ص ص .167 – 166 ( )50فايز الداية ،جامليات األسلوب الصورة الفن ّية يف األدب العريب ،دار الفكر املعارص ،لبنان ،ط سنة 1996م ،ص.37
ابن منظور ،لسان العرب ،مادة سلب ،ج ،6ص .319 .340 :p ,1989 ,1e ED J. mazaleyrat G. molinie: vocabulaire de la stylistique pres.u. Paris France شكري ع ّياد ،علم األسلوب مدخل ومبادئ ،دار التنوير للطباعة والنرش والتوزيع ،لبنان ،ط ،1سنة ،2013ص .19 عبد السالم املسدي ،األسلوبيّة واألسلوب ،دار الكتاب الجديد املتحدة ،لبنان ،ط ،5كانون الثاين سنة ،2006ص
() 1 ( )2 ( )3 ( )4 .53 ( )5صالح فضل ،علم األسلوب مبادئه واجراءاته ،دار الرشوق ،مرص ،ط ،1سنة ،1998ص .21 ( )6عبد السالم املسدي ،األسلوب ّية واألسلوب ،ص ص .81 – 80 ( )7املرجع نفسه ،ص .88 ( )8املرجع نفسه ،ص .88 ( )9املرجع نفسه ،ص .66 ( )10عبدالله الغذامي ،الخطيئة والتكفري من البنيوية إىل الترشيحية ،الهئية املرصية للكتاب ،مرص ،ط ،4سنة ،1998 ص .20 ( )11عبد القاهر الجرجاين ،أرسار البالغة ،قراءة وتعليق :أبو فهد محمود محمد شاكر ،مطبعة املدين بالقاهرة ودار املدين بجدة ،ط سنة ،1991ص .11 ( )12رياح الخريف ،ص .35 ( )13قصائد منسية ،ص .20 ( )14قصائد منسية ،ص .59 ( )15رياح الخريف ،ص .59 جل جالله ،ص .87 (َّ )16 ( )17رياح الخريف ،ص .155 جل جالله ،ص .149 (ّ )18 جل جالله ،ص .121 (ّ )19 ( )20رياح الخريف ،ص .121 ( )21قصائد منسية ،ص .88 جل جالله ،ص .124 (ّ )22 ( )23دانيال تشاندلِر ،أسس السيميائية ،تر :طالل وهبه ،مركز الوحدة العربية ،لبنان ،ط ،1سنة ،2008ص .162 ( )24املرجع نفسه ،ص 161
( )77ابن رشيق ،العمدة يف محاسن الشّ عر وآدابه ،ج ،1ص .566 ( )78أبو هالل العسكري ،كتاب الصناعتني :الكتابة والشّ عر ،تحق :مفيد قميحة ،دار الكتب العلمية ،ط ،1سنة ،1981 ص .466 جل جالله ،ص .120 (ّ )79 ( )80رياح الخريف ،ص ص .167 – 166 – 165 جل جالله ،ص .140 (ّ )81 جل جالله ،ص .65 (ّ )82 ( )83فهد نارص عاشور ،التّكرار يف شعر محمود درويش ،املؤسسة العربية للدراسات والنرش ،بريوت ،لبنان ،ط ،1سنة ،2004ص .36 جل جالله ،ص .146 (ّ )84 ( )85كامل برش ،علم اللّغة العام واألصوات ،دار املعارف ،مرص ،ال ت ،.ص .98 ( )86رياح الخريف ،ص .64 ( )87رياح الخريف ،ص .67 ( )88رياح الخريف ،ص .134 ( )89قصائد منسية ،ص .50 جل جالله ،ص .129 (ّ )90 جل جالله ،ص .91 (ّ )91 ( )92رياح الخريف ،ص .25 جل جالله ،ص .89 (َّ )93 ( )94رياح الخريف ،ص .125 ( )95رياح الخريف ،ص ص .228 – 227 ( )96قصائد منسية ،ص .26 ( )97عصام رشتح ،ظواهر أسلوب ّية يف شعر بدوي الجبل ،منشورات اتحاد الكتّاب العرب ،دمشق ،سنة ،2005ص .8 ( )98قصائد منسية ،ص ص .44 – 43 ( )99عصام رشتح ،ظواهر أسلوب ّية يف شعر بدوي الجبل ،ص ،30وتسميه نازك املالئكة /تكرار التقسيم. ( )100قصائد منسية ،ص ص .63 – 62
() 51 ( )52 ( )53 ( )54 ( )55 ( )56 ( )57 ( )58 ( )59 ( )60 ( )61 ( )62 ( )63 ( )64 ( )65 ( )66 ( )67 ( )68 ( )69 ( )70 ( )71 .184 ( )72 ( )73 ( )74 ( )75 ( )76
محمود أحمد حسن املراغي ،علم البديع ،ص .127 املرجع نفسه ،ص .130 جل جالله ،ص .82 َّ قصائد منسية ،ص ص .31 – 30 جل جالله ،ص .81 َّ رياح الخريف ،ص .129 رياح الخريف ،ص .124 رياح الخريف ،ص .153 رياح الخريف ،ص .151 رياح الخريف ،ص .191 رياح الخريف ،ص .133 أحمد مصطفى املراغي ،علوم البالغة ،املكتبة العرصية ،صيدا ،لبنان ،ط سنة ،2009ص .301 رياح الخريف ،ص .77 جل جالله ،ص .90 ّ قصائد منسية ،ص .88 جل جالله ،ص .98 ّ رياح الخريف ،ص .145 جل جالله ،ص .134 ّ جل جالله ،ص .143 ّ رياح الخريف ،ص .50 ابن رشيق ،العمدة يف محاسن الشّ عر وآدابه ،ج ،1تحق :محمد قران ،دار املعرفة ،بريوت ،ط ،1سنة ،1988ص جل جالله ،ص .63 َّ رياح الخريف ،ص .124 محمود أحمد حسن املراغي ،علم البديع ،ص .125 قصائد منسية ،ص .70 قصائد منسية ،ص .22
( )14القزويني الخطيب ،االيضاح يف علوم البالغة ،تحقيق :محمد عبد القادر الفاضيل ،املكتبة العرصية ،صيدا ،لبنان، طبعة سنة .2009 ( )15املسدي عبد السالم ،األسلوب ّية واألسلوب ،دار الكتاب الجديد املتحدة ،بريوت ،لبنان ،الطبعة الخامسة ،كانون الثاين /يناير .2006 / ( )16املراغي محمود أحمد حسن ،علم البديع ،دار النهضة العربية للطباعة والنرش ،لبنان ،طبعة ثانية1992 ،م. ( )17املراغي أحمد مصطفى ،علوم البالغة ،املكتبة العرصية ،صيدا ،لبنان ،طبعة سنة .2009 (.1989 ,1e ED J. mazaleyrat G. molinie: vocabulaire de la stylistique pres.u. Paris France )18
مصادر البحث زهرة الحر: قصائد منسية ،دار الطليعة للطباعة والنرش ،بريوت ،لبنان ،الطبعة األوىل ،سنة .1970 رياح الخريف ،املجلس الثقايف للبنان الجنويب ،ال طبعة ،ال تاريخ.جل جالله (شعر) مع السرية الذّاتية ،ال دار ،ال طبعة ،ال تاريخ. َّمراجع البحث ( )1ابن منظور ،لسان العرب ،دار إحياء الرتاث العر ّيب ،الطبعة الثالثة ،ال تاريخ. ( )2ابن رشيق ،العمدة يف محاسن الشّ عر وآدابه ،تحقيق :محمد قران ،دار املعرفة ،بريوت ،الطبعة األوىل ،سنة .1988 ( )3برش كامل ،علم اللّغة العام واألصوات ،دار املعارف ،مرص ،ال تاريخ. ( )4تشاندلِر دانيال ،أسس السيميائية ،ترجمة :طالل وهبه ،مركز الوحدة العربية ،بريوت ،لبنان ،الطبعة األوىل، ترشين األ َّول سنة .2008 ( )5الجرجاين عبد القاهر ،أرسار البالغة ،قراءة وتعليق :أبو فهد محمود محمد شاكر ،مطبعة املدين بالقاهرة ودار املدين بجدة ،طبعة سنة .1991 ( )6الداية فايز ،جامليات األسلوب الصورة الفنيّة يف األدب العريب ،دار الفكر املعارص ،بريوت ،لبنان ،طبعة سنة 1996م. ( )7رشتح عصام ،ظواهر أسلوبيّة يف شعر بدوي الجبل ،منشورات اتحاد الكتّاب العرب ،دمشق ،سنة .2005 ( )8ضيف شوقي ،يف ال ّنقد األد ّيب ،مطبعة دار املعارف مبرص ،القاهرة. ( )9عاشور فهد نارص ،التّكرار يف شعر محمود درويش ،املؤسسة العربية للدراسات والنرش ،بريوت ،لبنان ،طبعة أوىل، سنة .2004 ( )10العسكري أبو هالل ،كتاب الصناعتني :الكتابة والشّ عر ،تحقيق :مفيد قميحة ،دار الكتب العلمية ،الطبعة األوىل، سنة .1981 ( )11عيَّاد شكري ،علم األسلوب مدخل ومبادئ ،دار التنوير للطباعة والنرش والتوزيع ،بريوت ،لبنان ،طبعة أوىل ،سنة .2013 ( )12الغذامي عبدالله ،الخطيئة والتكفري من البنيوية إىل الترشيحية ،الهئية املرصية للكتاب ،مرص ،الطبعة الرابعة، سنة .1998 ( )13فضل صالح ،علم األسلوب مبادئه واجراءاته ،دار الرشوق ،مرص ،الطبعة األوىل ،سنة .1998
كانت سيدة حكيمة القبائل الصحراوية .حزنت كثريا عىل الدمار الذي لحقت به املنطقة بسبب الحروب الدامية ،فأرادت أن تنزوي وتجلس وحيدة بعيدة عن قبيلتها يك تفكر يف حل لوقف هذه الحرب ،فاتخذت من مغارة يف جبل االهاقار أو الهوقار مسكناً لها ..مر ًة وهي نامئة هبت ريح خفيفة فحملت معها ذرات من الرمال اىل املغارة فأحدثت صوتاً جميالً حرك يف مشاعرها بعضا من الفضول واالبداع ،فانتبهت اىل شجرة امام الكهف ،فأخذت منها قطعة خشبية نحتتها .عىل شكل .آلة الكامن وأخذت من شعر اإلبل خيوطا .فجسدتها يف آلة موسيقية .وبدأت تعزف يف الحان عذبة وصلت اىل املحاربني فأثارت انتباههم فرتكوا النبال والسيوف وهم يستمعون اىل هذا الصوت العذب الجميل .الذي .سحرهم ،فاتجهوا نحو هذا الصوت فوجدوا املرآة الحكيمة تعزف عىل هذه االلة الغريبة التي كان لها الفضل يف ميالد نهضة جديدة من التفاهم والبحث عن العيش الكريم ،يسودها الصلح والتسامح ووقف الحروب الدامية التي كانت بني القبائل الصحراوية، ومنذ ذلك الوقت أصبح الرجل الرتقي يحرتم املرآة ،ويقال أن عاداتهم أنهم يحرتمون قرار املرآة النبيلة مهام كان اختالف اآلراء... صحراء الجزائر التي تحمل بني جبالها الغريبة واوديتها وواحاتها التي تبهر السائح تقع الصحراء الجزائرية التي صنفت كأكرب متحف طبيعي يف العامل ،يقع يف الجنوب الرشقي للجزائر ,عبارة عن هضبة صخرية بركانية شاهقة ,تقع عىل علو نحو ألف مرت عن سطح البحر ,تتشكل من سالسل جبلية بركانية ذات أشكال بديعة ,تفننت الطبيعة يف نحتها عىل مدار ماليني السنني منذ أيام الزواحف العمالقة .لذلك صنفت منظمة اليونسكو عام 1982هذه الصحراء الجزائرية كإرث إنساين عاملي ,بل و أبعد من ذلك ,تم تصنيف املنطقة كأكرب متحف طبيعي مفتوح عىل الهواء الطلق يف العامل ,الحتوائه عىل نحو ثالثني ألف نحت و رسم حجري إلنسان ما قبل التاريخ ,و بقايا أشجار حجرية عمالقة كانت الديناصورات تتجول تحت ظاللها ذات مرة ,و كل ذلك ممتد عىل مساحة تقدر بثامنني ألف كيلومرت مربع.
ارسار املراة الرتقية ورس تفردها بالعزف عىل آلة االمزاد التي متنع عن الرجل
سليمة مليزي /الجزائر
اسطورة املرأة الرتقية التي تتميز بالعزف عىل آلة (اإلمزاد) ،اآللة اللغز كام يحلو للبعض تسميتها ,إنها آلة وترية تشبه إىل حد ما الكامن ,و التي يصدر منها ذلك اللحن الغامض الضارب يف عمق التاريخ ,و املعرب بصدق عن روحها و روحانيتها ،تعود اىل ازمنة غابرة وصحراء ساحرة جاملها رسمدي ساحر ال متناه ...غموض و ألغاز و قصص من املايض
السحيق ...جامل متوحش و مخميل يف آن واحد ،يطفى السحر عىل افكار السائح الذي انربه بهذا الجامل الالمتناهي يف أجمل صحراء تربعت عىل عرش جامل الطبيعة العذراء القاسية ،التي نرثت اتساعها من حكايات وأساطري مل تفهم بعد ،وبقية تقرأ عىل مشارف النذور ،من أجل حل لغز الرجل االزرق الذي رفض عطر مريا وتشبث بعطر املرأة الرتقية القوية ،الحديث عن اإلميزاد ارتبط دوما بالقصص و األساطري التي خطها الطوارق و توارثوها يف ثقافتهم حول البدايات األوىل لهذا اللون املوسيقي و آلته املميزة ,و لعل أشهر هذه األساطري تلك التي تحيك أنه و يف زمن غابر أين مل يكن هنالك قانون قوي يحكم و ينظم عالقات الناس ,و مل تكن هناك أعراف تسري مصالح و عالقات القبائل و الشعوب, نشبت حرب رضوس بني قبائل الصحراء بسبب نبع للامء ,و قد استمر القتال لوقت طويل ,حيث نزلت لعنة ذلك النزاع عىل الناس ,فحولت عيشهم إىل مرارة و أمل ,و فرقت شمل األقارب و األحباب ,فهجر البالد قوم كثري و مل يبق فيها سوى من أجربته ظروف الحرب عىل البقاء. لقد تيتم الشباب الذين رسعان ما تحولوا إىل مقاتلني يأخذ الواحد منهم مكان األب أو الشقيق األكرب الشاغر يف ساحات املعارك ,التي كانت قد ارتوت بدماء الجريان و اإلخوة األعداء إىل درجة أن األجيال الالحقة من املحاربني صارت تقاتل بعضها البعض دون أن تعلم جوهر الرصاع و سببه األصيل ,بسبب تراكم األحقاد و الضغائن التي حولت الجميع إىل كتل من الكره و نريان من التعصب القبيل األعمى ,فصار الرجل يعيش من أجل أن ينتقم. والحكاية حول هذا النوع من املوسيقى يختلف حولها املؤرخون عن ظهور هذا النمط املوسيقي الفريد من نوعه يف شامل إفريقيا ,إال أن الدراسات األنرثُبولوجية ركزت اهتاممها كثريا عىل دراسته و تحليله ,كونه يعترب من الرتاث املعنوي األخري تقريبا ,الذي مل يتأثر بأي عوامل خارجية احتكت بها حضارة الطوارق العريقة ,فهو و بحسب العارفني بأرساره مل يتغري ,و بقي محافظا عىل طبيعته األصلية منذ قرون ,إضافة لكونه نوعا من املوسيقى الطقوسية و الرمزية التي لها ارتباط عميق و متجذر يف تاريخ املنطقة الطويل ،واملرأة الرتقية التي تعترب العازفة األوىل و األخرية لإلمزاد ,إذ أن حمل آلة اإلمزاد يكاد يكون أمرا محرما عىل الرجل يف مجتمع الطوارق ,الذي ت ُعترب فيه املرأة هي الركيزة األساسية التي يقوم عليها البناء االجتامعي ،وتهيئ السهر والسمر لزوجها بالعزف عىل هذه االلة الغريبة والرجل يرقص لها...
سكينتي
د .هويدا رشيف
واألمل،تنسقت بأفكارها ،نُظّمت بنظمها وترت ّبت بأحالمها وتسجلت برؤاها وولدت من أسفارها مع ديوان من التّجربة ّ البرش .كاملة بني ناقيص العقول ،ت ُنعت بالبالدة حيناً والحيوية أحياناً أخرى ألنها قامئة عىل التّوازن والقياس غري مشوشة السهم يف الهدف. السديم،تصيب إصابة ّ ّ سكينتي تنقب وتبحث وتكتب وتصف وتفهم وتبلّغ شعورها لتكون صدى الحياة.اليش ّنفها صوت املايض لتستطي َع مخاطبة املستقبل.تعيا أمام التّكلم عن القشور وتفصح أمام اللّباب ومن حسناتها ال تستطيع إخفاء سيئاتها طويالً. سكينتي دمعة ملتمعة يف أجفاين،تخرب عام يسترت يف قلبها ،هدفها أن ت ّ ُزف عروساً عند املالئكة ،فسكينتها ال ّدنيا واآلخرة ألنهام من كل ما صنعت يداه القدسيتان. يحب ّ صنع الله والله ّ سكينتي باسلة الروح،ظهرت من سباتها العميق وزفت بنضوجها وت ّوجت بصرب أعاملها وتحملها وخلدت بحكمها بعدما تقمصت حب ..........وخلفت تعاليمه مهللة بقدومه بعد ميض ثلث عمرها . سكينتي تلطم النفس البرشية ،مثرة ناضجة نالت شهوتها من النامء ،ذرة هامئة فوق القلوب املتعبة تبث فيهم رذاذ اإلطمئنان واألمل. سكينتي خمرية عشقي ،تربت عىل الدقة ،يسودها النظام ،تنحر وتلحد يف زوايا األدعية والقنوط ،تتأمل بعناية وتنظر بدراية إلىى الساكن يف أحشائها . عني محبيها نظرة محب غائر يف حزنهم املتواري لتولد فيهم العزمية واإلتكال عىل الباري ّ سكينتي منح من عطايا الخالق تتق ّدم إليه بالشّ كر والثّناء ،متدح بفطنة ،تحيي ال ّنفس بكلمة طيّبة ،تلوم برت ّو وتنعش الجسد بعناق ومتسح عن القلوب األضغان وكأن شيئاً مل يكن. سكينتي وردي متفتح عىل خبايا السعيد بثغر ّ فاكهة الجنة ،حلم من أحالم األغرار (ال تجربة لديهم )،ترشق بنجم املحبة واألمل ّ الدنيا والنقائض،التي ليست بالخطايا فتُعرف وال بالفضائل فتُنصف.
لقد أعطى الزمان املعريف بريوت مزايا مل تستم َّر يف غريها ،وظلت مدينة جالبة وليست مجلوبة ،وظلت تجذب الفكر اإلنساين من أقايص األرض ليقيم فيها ،ألنها تحمل روحها الرشقية الروحية ممهورة بأعىل ما يف الغرب من أناقة ورقي ووعي يقيم انسجاماً بني الفكر والسلوك ،والحياة والجامل ،وظلت د ْوحاً مخضالّ ملن طاردته وعورة املكان والزمان. وظلت بريوت مقرا ً لكل فك ٍر مل يجد من يُؤويه بحدب وحب وسالم .لقد تحولت املعرفة التي بنت بريوت مكاناً وسالماً يأوي إليه كل من أراد أن يفرغ فيها كل ما فيه من شحنات معرفية. هدفت بريوت كثريا ً عرب التاريخ ،لقد استُ ِ هدف ما تكتنزه من وعي، إنها بريوت الكتاب ،أعني بريوت اإلنسان املعريف .واستُ ْ وقد أكسبها وعيها قوة تقاوم كل من أراد أن يلغيها كتاباً ومعرفة ،ووقف الغزاة عند قدميها حفاة من الخلق والوعي، وحتى من السالح .واملعرفة تقاوم ألنها سالح ،والجهل ينهزم ،ولو ملك أعتى األسلحة .وهذا ما جعل بريوت عصيّ ًة عىل الزوال .فاملعرفة دامئاً تكون نقيض املوت والزوال. دامئاً ذو النعمة محسود ،وهذا ما جعل بريوت محسودة من قوى الرش كلها ألنها كانت تتطلع إىل األمام ،ومن طبيعة الرش أن يتطلع دامئاً إىل الوراء ،وألنها ظلت تتأنق طوال التاريخ وتسمو عىل كل ما كان يُل ُّم بها كان ال بد من رضبة صاعقة لهذه املدينة الخالدة فكان االنفجار .واالنفجار يف حقيقته كان يهدف إىل قتل ما تعنيه بريوت ،كان يهدف أوالً لقتل الكتاب وقتل الجامل والسالم الذي منحته هذه املدينة لكل فكر مالحق من أعدائه .لقد كان االنفجار يف حقيقته أكرث من سالح تدمريي ،لقد كان محاول َة إلغا ٍء ملدينة الكتاب واملعرفة والجامل .كان االنفجار يريد إزالة ما تعنيه بريوت، وقد يخطئ من يفكر أن االنفجار كان تخريبيا فقط ،لقد كان يهدف إىل إغراق بريوت يف البحر ليطمنئ ال ُّرب الرشير. االنفجار كان سالح أعداء اإلنسانية. وألن بريوت مكتنزة باملعرفة فقد قامت مبارشة من موتها ،لتقول :أنا العنقاء .أنا لن أموت أل ّن أبنيتي تسكن يف الرؤوس ِ رجليك غزيرا ً بالحياة .ولن متويت يا ابنة الدهر إذا وليس يف املكان املنفجر .بريوت ،إ ّن نه َر املوت سوف يبقى يجري تحت الشاطئ مات ،فاملوت يا بريوت أحياناً مشيمة. ِ رجليك غزيرا ً بالحياة .ولن متويت يا ابنة الدهر إذا الشاطئ مات ،فاملوت يا بريوت ،إ ّن نه َر املوت سوف يبقى يجري تحت
بريوت أحياناً مشيمة.
بريوت ،الكتاب ،االنفجار عمر شبيل
ما الذي يجمع بني بريوت والكتاب واالنفجار؟ سؤال يتك َّو ُن جوابه من خصوصية منسجمة ومتنافرة ،ومؤتلفة ومختلفة، ومتصارعة عىل أيّها األبقى .بريوت منذ ولدت من ِ رحم البحر مل تكن والدتها قيرصية ،بل كانت والدة طبيعية بعد زواج البحر والساحل اللبناين يف عرس املراكب املاخرة البحر من الرشق إىل الغرب ،وكانت مراكب هذا العرس الخالد معبّأة بجواهر املعرفة قبل األرجوان واألقمشة الفاتنة ،ومنذ املجذاف األول صارت بريوت كتاباً يحمل الحرف ،وكان الحرف يحفر دالالته املعرفية يف العقل األورو يب أكرث من األرجوان الذي فتنهم بجودته .واستمرت بريوت كتاباً متح ِّوالً يف إنسان يسافر من مدرسة الحكمة إىل نيويورك بعض كنائسها مزام َري من كتاب النبي لجربان خليل جربان ،حتى لكأنه إنجيل مستعاد ،ملسيح مستعاد يلقي حكمته لرتتل ُ من عىل جبل الزيتون وقانا الجليل ،وكان يف هذا الكتاب كل ما كان يحمله الرشق من صفاء ووجدان ونبوغ ونبوة. كل يشء ،والكتاب تح ّول إنساناً ،واستطاعت بريوت /اإلنسان أن متخر عباب البحر أروع ما يف بريوت أنها صارت كتاباً قبل ِّ لتلبنن العامل باملعرفة التي مل تتأخر يوماً عن كونها يف املقدمة دامئاً .وأصبحت بريوت مطبعة تصدر الكتب لكل أنحاء العامل .وصارت تغري الناس بإدمان القراءة واملعرفة .ولهذا مل تعد بريوت يف عقول الناس أبنية وساحالً وبحرا ً ،وإمنا غدت ذاكر ًة لإلنسان الحامل بتطوير معارفه ،وصارت مكتبات بريوت مطبوعة وتتجول أسامؤها يف أذهان املثقفني .وصارت زيارة بريوت عند الناس تعني زيارة املعرفة والعلم ،وخرجت بريوت من ذاكرة املدن املأهولة بالناس فقط لتغدو عاصمة ثقافية للعقول التواقة إىل الوصول إىل الضوء. قليلة هي املدن يف التاريخ اإلنساين التي خرجت من محدودية املكان والزمان لتصبح ذاكرة ال تربح العقول والقلوب بتقلبات الزمان وانهيار املكان .أثينا هي إحدى املدن التي لن تتحول إىل دمار وآثار دارسة ،حتى ولو غزتها كل جيوش العامل .إنه يشء آخر إنها أرسطو وسقراط وأفالطون ،إنها تلك الفلسفة التي مل يستطع عقل مهام تفتَّ َح أن يتامدى عليها وأن يلغي حضورها ،اإلسكندرية مدين ُة ذاكرة أكرث من كونها مدينة مكان الرتباطها بالفكر اإلنساين املبدع .وبريوت كانت مدينة ذاكرة ،وملّا تزل ،وما متتاز به بريوت عن مدن الذاكرة األخرى أنها ظلت طوال عمرها تح ِّول الزمن زمناً معرفياً وباستمرار ،عىل الرغم من كل سهام الجهل والتخلف التي ُص ِّوبت إىل صدرها..
اللغة العربية وآفاق النهوض
د .طالل الورداين
بني عامل الطبيعة وعامل اإلبداع تستلهم اللغة مكانتها فهي بأهلها ترقى برقيهم وتسقط بسقوطهم لقد وقعت الواقعة فرتانا نواجه الخطر املحدق بهذه اللغة حيث اإلهامل وادارة الظهر والتلهي بقشور وفقعات التسمن وال تغني وترانا نركض وراء أقالم مأجورة تتآمر وترشع لنفسها التطاول عىل هذه اللغة املباركة فتأخذها اىل حيث تشاء وتجر االجيال خلفها علام ان هذه اللغة عصية عىل االنقياد فكل من وجد يف نفسه شيئا من الخربة األولية انربى للتنظري حول ما يظنه سبقا مع العلم ان هذه اللغة تحمل حصانة من القرآن الكريم . وتكتسب صفة الخلود وال ميكن ألحد مهام عال شأنه ان يطمس هويتها وأهليتها او النيل منها فنحن جميعا نتحمل املسؤولية ذلك بالقيام بخطة إنقاذية ينربي لها أهل الخربة واإلبداع والجهابذة املشهود لهم يف حقل اللغة العام وان يتحمل العرب مجتمعني مسؤولياتهم بإقامة مؤمترات تواكب أوجاع اللغة وترهالتها اضافة اىل ان يأخذ اإلعالم العريب دوره يف تثبيت مفاهيم مشرتكه توجه اىل الناشئة وتقديم الجوائز للمبدعني منهم وتشجيعهم عىل الكتابة باللغة الفصحى زد عىل ذلك تنمية الحس االخالقي الذي ينبع من القيم العربية والقرآن الكريم وتحفيز الوعي العام بأهمية لغتنا ودفع االقالم الواعدة عىل الكتابة وتنشيط الدورة الدموية للغة وتثبيت املعارف واملهارات والكفايات الخاصة بها ان امالنا تتجدد باستعادة اللغة العربية مكانتها بني اهلها والناطقني بها واحداث صدمات واعدة تتجىل باالنحياز الصادق ألنفسنا وللغتنا التي هي نواة اساسية ومكون حقيقي من مكونات وجودنا فمتى تحلينا باملسؤولية ونزعنا الخوف والتقوقع عن ذواتنا ورسنا يف خطة انقاذ فيها كل التبرص والحكمة وصلنا معا اىل الهدف وحققنا معا مستقبل لغتنا. وأورثنا أبناءنا أبجدية عربية تيضء حروفها كل اآلفاق الحاملة بحياة مليئة بالكرامة والعزة والسؤدد
مطالعة يف كتاب :شذرات من خطاب محب
ل روالن بارت /فيلسوف فرنيس
حكمت حسن
ليس كتابا نظاميا ما عنونه روالن بارت شذرات من خطاب محب وترجمه بدقة وأناقة الدكتور عيل نجيب إبراهيم (الكتاب ،عىل نحو مثايل ،رشاكة :إىل القراء جميعا!) يقدم بارت عصارة من فكر ،نقد وأدب يصعب إرجاعها إىل مكوناتها األوىل .وهذا أمر مسلم به ما دام التأليف ابتكارا لعالقات جديدة بني األجزاء املختلفة يف كل موحد متجانس .والحق أن التأليف عىل طريقة بارت متحو املؤلف لصالح عملية الكتابة ذاتها وهي التي تشكل بيت القصيد .أثار بارت وهو املفكر اإلشكايل جدال حول كثري من قضايا النقد الحاسمة ،وعىل رأسها قضية موت املؤلف .وقد حرر بارت النص من سلطة املؤلف وجعل القارىء›يشارك يف إنتاجه. وقد اخرتت من بعض شذراته هذه املقتطفات: (مخالف ) نيتشه يف يوتوبيا سقراط :أوال يكون املحب معاكسا صعبا يبحث طوال حياته ،عن منطه؟ يف أي زاوية من الجسد الخصم ينبغي أن أقرأ حقيقتي؟ روالن هافاس :أنا مجرب عىل أن أجعل من نفيس مح ّبا ،شأن الناس جميعا ...لكن حني تكون العالقة أصيلة ،يتزعزع النمط الجامد... (االنتظار) فينيكوت :الكائن الذي أنتظره ليس واقعيا .ما أشبهه بثدي األم يف نظر الرضيع ،أبتدعه وأعيد ابتداعه باستمرار ،من قدريت عىل الحب ،انطالقا من حاجتي إليه. ( النظارات السوداء) بلزاك :من العسري أن تتصور إخفاء عشق ما إخفاء كامال ،ليس ألن الكائن البرشي بالغ الضعف ،بل ألن العشق يف الجوهر ُجعل ليكون مرئيا. يف وسعي أن أفعل أي يشء بلغتي ،ال بجسدي .فام أحجبه باللغة يسفر عنه الجسد .جسدي طفل عنيد ،ولغتي راشد متحض يف امتياز. ّ
الصباح بانتظار ّ
باسلة زعيرت
رس أحرضت حقيبة حزنها،بعرثت دفاتر العتمة املستبيحة حرم َة روحها،قلّبت صفحاتها ،ورشعت تبحث بني كلامتها عن ّ هذا الغموض الّذي يعرتيها...فتاه فكرها ما بني صمت وصمت... للصبح رشوق ولل ّنور ابتهال؟تراءى لها العمر قرأت سرية ليلها الطّويل وتساءلت:متى أستفيق من إغامءة الظّلمة؟أما ّ الضجر القاتل... خارطة ضياع مرصود وال ّدروب مقفرة ّإل من عواء ّ طفل صغ ًريا إسرتسل القلق بني جوانبها،فإذا بوجه طفو ٍّيل يعرب مخ ّيلتها املتعبة،أرسعت تتلقّف األثر،رأت الكون ً ينوح،ميوء،وميضغ الجرح قوت ًا،ركضت نحوه،ك ّورته يف حضنها،وجلست تهدهد أحالمه الربيئة،تداعب شعره األملس،وتطبع كل وجنة قبل ًة محرتق ًة... عىل ّ الصفحات فجأة أصابها الذّعر،تل ّمست يديها،تلفّتت حولها فلم تجد الطّفل...أدركت أنّها تض ّم الفراغ ...وعادت تقلّب ّ الصباح... وتقرأ منتظرة حلول ّ
(املحادثة) اللغة جلد ،أحك لغتي باآلخر ،كام لو أنني أمتلك كلامت يف شكل أصابع ،ترتعش لغتي رغبة...أن تتحدث حبا ،يعني أن تبذل بذال ال يحده حد ،يعني أن متارس عالقة ال تبلغ ذروة النشوة (االنبعاث) ما أعيه بجسدي هو املدوي يف داخيل :مثة يشء دقيق وحاد يوقظ ،عىل حني غرة ،هذا الجسد الذي كان ،يف غضون ذلك ،مستغرقا يف املعرفة العقلية لوضع عام :تفعل الكلمة ،والصورة ،والفكرة فعل رضبة السوط. ( توحد) عندما منيض معا ،سوف يفكر واحدنا عوضا عن اآلخر ،كام لو كنا لفظتني يف لسان جديد وغريب ،يباح فيه إباحة مطلقة استخدام لفظة بدال من لفظة أخرى ،سيكون هذا التوحد بال حدود ،ليس لضخامة اتساعه ،بل لالمباالة إبداله. ( إيروس من دون أصل) بحسب األوريف ّيات ،ليس إليروس أم وال أب ،فهو ينحدر من الالنهاية ،ونظرا ألن إيروس محمول إىل إيقاع ال نهاية له ، فوظيفته هي أن يصلنا بهذه الحركة( إيروس ،هو ذاك الذي ال يعرف الراحة داخيل ،إيروس هو التيه) (هلوسات لغوية) ليست الكلامت مجنونة أبدأ( هي عىل األكرث شهوية) الرتكيب هو املجنون. كل سمة تركيبية تؤثر ّيف ،بعدم متامها ،عىل طريقة ترقب محري .إن شئتم أال تكون الجمل مخيفة ،فأكملوها. (لعبة التمرير) التشكيل بصمة ِشفرة ،وميكن ان منأل هذه الشفرة كام نشاء....كل تشكيل يتشظى ،ويرتج وحيدا مثل عالمة موسيقية من دون لحن ،او يتكرر ،حتى اإلمتالء كعالمة موسيقية سائبة. (نغمة سائبة) يف بداية ظواهر الهلوسة ال توجد ،بحسب فاغرن ،نغامت بل إشارات .وهو إمنا يبحث عن السيميائية املوسيقية من أجل اإلشارات. (نقطة ثقافة) املنطقة ،متاما مثل الثقافة ما قبل التاريخية التي ترجع إليها الخريطة ،تدعيها وحدها نقطة -البرئ -التي متنحها اسمها . وكام يف االكتشافات القدمية ،حصل أنني يف هذه النقطة استخرجت او رشبت من الكان ،او روسيربوك.. هذا الكتاب جدير بالقراءة /البنية 1/20/2021 /
وما «دواة املسك «إال فيض عطائك التي غذّت « قلامً واحدا ً يف ثالث أصابع « .وكم نزف هذا القلم رحيقاً يف الكلامت املنسابة عىل صفحات أقل ما فيها وضوح الرؤية والتي تفتح مساحات الرؤيا عىل بوابات الفكر املستنري الذي ال يقف جمعي به ّم األ ّمة وه ّم املبادئ النبيلة واإلنسانية الحقّة عند مذهب وال عند طائفة وال عند قوم ّية مح ّددة بل التزام ّ وه ّم الجرح الجميل الذي ال يحتاج أي ضامد أضف إليها ه ّم الوطن النازف أملاً وغربة حيث طرقت أسامعنا ودقّت عىل صفحات قلوبنا كلامتك التي تعرب عن عروبتك وانتامئك : «سأظل أفخر أنني عريب « ،يف زمن صار بعض العرب وصمة عار عىل جبني األمة وصار أبو رغال ( العميل الذي ّ دل ّ أبرهة أين مكة ) له جنود مج ّندة يطلقها أىن شاء وحيث أراد .نعم جوزيف حرب عريب وهواه جنويب حاك من قلوب محبيه الوالهة ترابه ونرث عليه دماء الشهداء يف خلطة سحريّة أنبتت عزا ً وكرامة وإباء . فرتاب الجنوب املشغول «بقلوب « ال تضاهيه «إسوارة العروس « املشغولة بالذهب « وأي معنى يرسي يف سحر هذه النغامت التي شغلت قلوب محبّي الوطن .
ينس كربالء ،كربالء حيث تلتقي األرض بالسامء جوزيف حرب العرويب الذي يفخر بعروبيته ،جنويب الهوا واملنشأ مل َ وحيث الحق ال يسطع ومضه املق ّدس إال بالشهادة وكام يقول يف قصيدة بكائية رأس الحسني »:الجنوب مشبع بهام ، مشبع بالحسني ،ويا لوطن يلتقي فيه حقا السامء واألرض ..وشهادتا الدين والدنيا « .والجنوب مبقاومته وصموده ألنه ٌ يشبه كربالء ألن الروح الحسينية الكربالئية سكنت يف أعامقه وحركت ما خمد من نريان لتقذفها بوجه املحتل الغاصب لكل معاين الجامل ،والحرية هي إحدى معاين الجامل .فالحسني (ع) ُخ ّي بني السلّة والذلّة وما زال صوته يصدح « هيهات منا الذلة « هذه الرصخة املدويّة كانت َوقودا ً للمقاومني الذين نسجوا منها عباءة للحرية ورفضوا العيش بذل مع املحتل .فمدرسة كربالء تعلّم النرص واإلباء ومقولة غاندي مح ّرر الهند غري خفية عىل أحد « تعلّمت من الحسني كيف أكون مظلوماً فأنترص « . مل ِ يرتض جوزيف حرب أن تكون مسيحيته ناقصاً منها الحسني (ع) لتكتمل قداسة الرسالة .فالحسني يف قصيدته الخالدة «بكائية رأس الحسني « « :شهيد عقيدة باعها بربه واشرتاها بدنياه ،وكانت نسبة أن تعيش هي غداً ،من نسبة أن ميوت هو اليوم». وتحرضين أبيات الشاعر عمر شبيل يف مطولته «إىل الحسني شاهدا ً وشهيدا ً «حيث يقول : رأيتك مطعوناً عىل الفجر تتيك /تصيل صالة الجرح فينا وتصهل ُحمل ومن يومها ما زلت يا طاهر الرثى /تعلّمنا كيف العقيدة ت ُ الحب الذي يختزنونه للحسني (ع) يف نجاواهم ؟ رس ّ فأية عالقة تربط هؤالء الرائني بالحسني (ع) ؟ وما ّ
الشاعر جوزيف حرب
د .فاطمة البزال
عبقري من بالدي ،تنقل عىل صهوة جواده يف سهل ممر ٍع أخرض ،ينرث كلامته فتغدو قصائد الشاعر جوزيف حرب ّ ملحمي أسطوري مل تغب عنه عنارص تزيّن عنق الزمان ،فيها عبق املايض وأنس الحارض واستباق للمستقبل بنفس ّ الطبيعة التي عشقها وعاش تفاصيلها. امليض والغوص يف بحر ألالئه الخف ّية واملسترتة خلف وشاح رقيق من الكلامت كل ما يف شعره يغري ويح ّرض عىل ّ العازفة عىل الجرح من غري ضامد .ضامد جرحه كان قصائ َد أسمعت الدهر أنني الناي الذي زاره قصباً وعاد يح ّن إىل الغابة التي قُطع منها (زرتك قصب فليت ناي ) و» شيخ الغيم « يتوكأ عىل عكازه ليصل إىل املدى األبعد واألرحب يف رحلة الريح التي تنساب عرب األفق ،إىل فضاء الالزمن والالحدود (شيخ الغيم وعكازه الريح ) .وكم كان أجمل ما يف األرض أن تبقى عليها يا جوزيف حرب لتهبنا شعرا ً عصيا عىل النسيان . كل ما فيها شاعرنا كان يتمنى عاملاً خا ٍل من الدماء ،عاملا ينظر إىل الشوكة فرياها وردة ال أن يقطع لسان الوردة ليقتل ّ .فعب عن مكنونات نفسه بقصيدة من براءة ويقيض عىل ّ كل بارقة أمل تلوح يف الظالم .أحزنه هذا العامل مبرارته وقساوته ّ عنوانها « مرارة « من ديوان « أجمل ما يف األرض أن أبقى عليها «حيث يقول : مصلوب هذا العامل ،منذ ال َبد ِء ،عىل / يحزنني هذا العامل يف سريته املكتوب ِة /بالرمحِ املغموس مبحرب ٍة /من /دم ِه /، ٌ ميزانِ قضا ٍة ،وصوالج ٍة ٍ عشب في ِه مللوك ما أبقوا فيه جناحاً / ،أو سنبل ًة .قطعوا منه ُ /لسان الوردة /.ما تركوا إصبع ٍ /لخاتم ماء . جوزيف حرب جفّت «محربتك «(املحربة ) إال من اآلمال التي غرستها يف دروب ال َوعر فأنبتت زهورا ً ورياحني يف طريق مجدب ٍة إال من ينابيع األمل التي ترتقرق مسيالً من الكلامت الدافقة يف بحر حضورك الالهويت . يقول يف ملحمة « املحربة « بعيني ،إمنا ما قد تراه /الروح ،عينك ال تراه /.كالزهر تقرأ ال تف ّتح بروحي ال كل ال ّنص .عدت إليه /مرات أحببت ّ َ َ ز ِّر ِه / ،لكن شذاه . رسها وسحرها غريك ،تتنقل بني حروفها وترسم إنك تسمع بأذن القلب وترى بروحك لغة داخل اللغ ِة بحيث ال يعلم ّ
وتتنسم شذاها عندما تلمس نضارة أزهارك اليانعة يف حدائق الفكر واألدب .فالرؤية الثانية رمبا تقتل أبجدياتها بروحك ، ّ الدهشة املتمثلة يف الرؤية األوىل فتعود إىل النص بروحك ال بعينك ليختلط نبض إحساسك املرهف برصير القلم وتسطع أحب ما ال ُيرى م ّرتني» .هذه الرؤية اليقينية التي تتعامل مع بروق الذات من بينهام الرؤيا .و كام يقول بودلري ّ »:
للوصول إىل املعرفة الحقيق ّية .و»كلّام اتسعت الرؤيا ضاقت العبارة « كام يقول النفري .
م ّروا يف البال زينب رايض
حدث أن كنا أثناء الحرب األهلية اللبنانية يف منطقة ليست منطقتنا ،وحدث أن توترت املصالح بني املتحاربني ،وأخذ املوت عىل الهوية مأخذه ،وصودف أننا كنا بجرية قوم بلغت إنسانيتهم مبل ًغا يجب بعده أن تكتب عن هؤالء الناس ألنك تحبهم حب الراد للجميل ،وحب املعرتف بحسن الصنيع ،وحب اإلنسان لنظريه يف الخلق. ليل يف منزلهم خوفًا من القصف، عندما اشتد تبادل القصف بني الجهات األربع رضخنا لطلب أحد الجريان بأن ننام ً وجزعا من العصف الذي قد يصيب أحد املوتورين ،فريسلنا إىل السامء بحد السكني. خافت أمي علينا إذ كانت هي راعية البيت ،بعد أن حورصنا يف منطقة سكننا «الرشقية» ،وبقي والدي الدريك بعي ًدا يف مركز خدمته يتوسل الهاتف طريق ًة لإلطمئنان علينا قبلت أمي كل القبول أن ننام عند أخيها «رسكيس أيوب» و الذي كانت شهرته مامثلة لشهرة أمي ،وكان من أصالة الرجل أنه كان ينادينا «خالو» وذلك لطأمنة أمي أنها مبنزلة أخته وأنها يف بيته آمنة. أيضا أن الجار املالصق لبيتنا كان يوميًا يناول أمي ربطة الخبز أو نصفها بعد أن يقسمها بني عائلتيهام وبعض مام أذكر ً ٌ يف زمن كانت لقمة العيش فيه مغمس ًة بالويل والليل...وسمعته مرة يقول لها« :ال تخايف يا أم عيل لبفوت راس والدي بطال والدك» .وملا سألتها ماذا يقصد «عمو الياس» قالت أن ال خطر علينا. أعاننا الله وهربنا من أتون الخطر بهمة أيب وأحد أصدقائه من أبناء الله ورجعنا اىل قريتنا ساملني. برجوعنا زغردت جديت لسببني اثنني أولهام هو عودتنا من فم الطائفية ساملني .أما الثاين فهو بقاء جدي حيّا ،اذ كان هذا الجد الفطري العنفوان يخطط لالنتقام ألرواحنا بعد أن رست إشاعة أننا غادرنا ظاهر األرض بال عودة. ويف هدو ٍء بني عاصفتني ذهب أهيل لنقل أثاث املنزل ،فوجدوا أن الجريان قد حافظوا عىل البيت بأن انتخبوا أحد الشبان أيضا أن ورود الرشفة ما زالت ريانة وعىل حالها ،من اخرضا ٍر وحياة ليمكث فيه خوفًا من السطو و الرسقة .ووجد أهيل ً إال أنها علت لتشكر ساقيها وراعيها. لهم يف القلب ذكرى واشتياق وجميل لن ننساه أبدا أولئك الذين يدينون بدين اإلنسانية وحسن السرية والجرية.
ويف نفس القصيدة يقول جوزيف حرب : « كربالء ..يا مساحة املرارة وموشحة الحزن وغرف الغامم العراقية ،وشبابة الفرات التي ب ّحت وما رشبت ،وحارسة الدف من وجه رباب ..والحنان من فؤاد سكينة ..ومن فاطمة الذراع املصابيح التي اشتعلت بزيت الجنة ،خذي ْ حوايش الريح ،واملئي األباريق ،ومدّ ي الوسادة الزينب ّية ،فلقد أقبل الليل ، العف ..ومن زينب ر ّقة األخت ،ور ّققي ّ َ يدي «. ورجعت من كوفة الزمن القديم ..هبيني كربالء أرح رأس الحسني عىل ّ
جوزيف حرب أيها الكبري والنادر يف زمن التقوقع الطائفي واملذهبي حيث عادت كل طائفة إىل داخل رشنقة اختارتها مقص الحرب « لننقض ما حاكته الفنت بنا من بعد غزل أنكاثا ونبني أساسا ثابتاً دعامته الفكر مبحض إرادتها ،هبنا « ّ املستنري املح ّمل بكل املبادئ والقيم الجميلة .جوزيف حرب ندري أن « زعلك ط ّول « ولكن وعدتنا وقلت « رح نبقى سوا « وتأملنا أن نبقى سوياً وننهل من معينك الرصف علام وأدبا .ظنناك متزح و مل نكرتث بكالمك عندما قلت « طالع فل « حتى غادرتنا بصمت ممتلئ بالكالم والعربوالحكم ومضيت قرب مبادئك دون أي ضجيج .عرفت كثريا ً وكنا ع بايل ّ نأمل أن تقول كثريا ً أيضاً فحكمك صار لها الدهر منشدا عىل قول املتنبي .وأختم ببيتني من قصيدة « القليل الكثري « «ما عاب غصناً أن يكون نحيال /ورساج ليلٍ أن يكون ضئيال ما الغيم إال قول بح ٍر واسعٍ /فاعرف كثرياً يك تقول قليال ». الشاعر جوزيف حرب
م ّروا من هنا ،تاركني وراءهم أحىل ذكريات املكان!!
-7جبال يكسوها الثلج .. الصمت ..؟ مل ّ قبل السفر سألها ..جمع حقائبه ومل ينس أكياس التّمر وكتابه األخري. ثم نظر إىل قص ِة شعرها وخرج!.. 8أبجورة فجأة تهدا ٔ قاعة السينام، تُضاء االٔنوار.. الفيلم مرضوب ،!. 9ملوحة مياه جمعهام قارب صياد، السميكات عىل الشاطىء !. بعد سبعة ا ٔشهر تكاثرت ُ 10مخالب أنثى طري يشرتي حاممة ،فتهرب إىل طري ا ٓخر يرفع جناحيه فوق جدار الجريان. 11يشء من جزء حينام ا ٔهداها سلسال الذهب ،دمعت عيناها، استغرب ملا وصله ذلك !.. جمعت ا ٔخواتها وقرا ٔت الفاتحة، ونذرت لله نذ ًرا إن تطابقت النتائج الطبية ستهديه إحدى عينيها !.. 12بالهة !.. بصوت رخيم ،وبلباقة متثاقلة قلد صوت االٔسامك املهاجرة ؛ ملا سمعوه ُسجن بتهمة التجسس!!.. 13انحناءة تصفق خلفي، حينام ا ٔلتفت نحوها ،تجاوزتني ومل تلتفت إ ّيل ،بقيت ا ٔنا ا ٔلتفت إىل االٔمام ،عباءتها مازلت طويلة!!..
جدا قصص قصري ًة ً
مالءايت تبقى دو ًما جافة دون بلل
حسن عيل البطران
1ريش أرسلت إليه عق ًدا ،بدأ يغيل املاء يف اإلبريق هربت الحاممة من القفص ،اغتالها ق ّناص ماهر!.. 2ألبسته ظال ًما !.. اتهمته بالظّالم .. ابتسم ،أضاء املكان .. خجلت من نفسها ،لبس كاممته وفنح الباب خلفه ،لحقت به ،دموعها تتتابع عىل وجنتيها !.. 3مطالبة بالعذر الرشعي تغي لونها.. سيارته الجديدة ّ مادة حارقة أُريقت عليها ،زوجه الثّالثة؛ ذات ال ّنمش مل تصم ذلك اليوم .. 4العد التصاعدي ينظر إىل املروحة وهي تدور برسعة هائلة حركة دائرية ،تتح ّرك يف الوقت نفسه ميي ًنا ويسا ًرا ..يرتاءى يف خياله رقصها وحركاتها األنثويّة ذات الغنج وامليوعة الهادئة !.. يقطع التّيار عن املروحة ،تتوقف حركتها ،تتالىش من خياله نهائ ًيا مع توقف املروحة ،يبدأ بالع ّد التّنازيل ،تدخل عليه زوجه وتشاركه يف الع ّد ،لك ّنها تع ّد تصاعديًا !!.. 5املسار فيه انحناءات أريد الهروب إىل القرص يف الجهة املنخفضة ،رمضاء الطريق ملتهبة ،رجل من بعيد يصفّق يل مرة ،ويلوح بيده تارة أخرى، أنظر إليه ،أجرب عينيي عىل الهروب بعي ًدا عن مساره ،نداء يتموج منه نحوي.. أمسك عصاي وأسند ظهري عىل عربة (حامرة) قدمية ،يهطل املطر ،أصحو من غفويت ،ال أرى شيئًا وال أعرف شيئًا !.. 6لون كله أنوثة املقاهي مليئة بالبرش.. كل تجمع نسا ّيئ به ا ٔلوان متداخلة وتحمل جاذبية ورائحة وضياء ،لك ّنه يحتار هو إىل ا ٔي لون يجلس ويراجع عدد نبضاتهّ . يجد نفسه بجانب ذات الفستان االٔصفر ..يتساءل مع نفسه مل اللون االٔصفر تحدي ًدا ..؟! يتذكّر أنّها قابلته يف مم ٍر ضق ٍ وسط الحارة ذات ضحى ،رسقت عيناه صد ًرا يطفح ا ٔنوثة!..
14خيال فن وقت الظهرية خيال ا ٔناملها يف لوحة تشكيلية معلّقة عىل الحائط املواجه للمدخل ،يراها كل من يزور ذلك املكان ،حينام تلتقي بها شخصيًا تقبل ا ٔصابعها اليرسى وتتحايش ا ٔن تلمس ا ٔصابع يدها اليمنى!.. تتساءل ملاذا ..؟ ت ُرتك االٕجابة إىل ا ٔن تلتقي بها وقت ظهرية!.. 15تورية علمت بذلك ،تخلت عني !!.. بعت كل يشء، ْ من ا ٔجلهاُ ، 16استحامم فوق عتبة ا ٔجربته عىل االستحامم، رفض إال بعد قضم التفاحة ،قدمتها له يف صحن ،ا ٔكلها وطلب فراولة .. ال متلك فاكهة الفراولة ،استبدلتها بجحة صفراء ،تذكر صاحبة الفستان االٔصفر والعتبات النافرة ،ا ٔكل الجحة وقرشتها دون ا ٔن يشعر !!..
الفواكه الحمضية و األفوكادو_ بذور كتان عندما تالحظني ظهور التجاعيد وانكسار األظافر وتساقط شعرك فهذه إحدى عالمات نقصان الكوالجني يف جسمك يف جسدك وجب عليك تناول األغذيةالتي تساعد يف إعادته لنسبته الطبيعية.
ت وج
مريم باجي
ذية غ
ماهي األطعمة التي تحتوي عىل الكوالجني:
امل
ينتش يف مناطق ُمختلفة من الجسم كالعظام واألوتار واألربطة ،و يحتوي الكوالجني الكوالجني نوع من الربوتينات ِ ُ عىل مجموعة من األحامض األمينية ،كام يلعب دو ًرا ها ًما يف الجسم إذ يساعد عىل منح أنسجة الجسم املختلفة القوة واملرونة التي تتناسب مع بنية و وظيفة كل منها عندما تنخفض نسبة الكوالجني يف الجسم فإن الجسم يتأثر سلبا ،و يؤدي انخفاض مستويات الكوالجني إىل ضعف يف عضالت الجسم. تقلص الكتلة العضلية اإلصابة مبشاكل هضمية قد تنتج عن ترقق البطانة الداخلية للقناة الهضمية ظهور التجاعيد عىل البرشة آالم يف املفاصل تشنج و تصلب يف أربطة وأوتار الجسم لجسم مفعم بالحيوية و النشاط و بعيد عن أي خلل و ضعف وجب أن تكون نسبة الكوالجني فيه طبيعية ، و يستحسن تناول األغذية التي تحتوي عىل الكوالجني و من أمثلة ذلك: الدجاج و الديك الرومي و السمك :تعد اللحوم البيضاء مصدرا مهام للكوالجني - -مرق العظام واللحوم :يع ّد َم َرق العظام مصدرا ً جيّدا ً للربوتينات التي تُساعد عىل تكوين الكوالجني -
الخضار الورقية :تع ّد الخرضاوات الورقية من األغذية املُحتوية عىل العنارص امله ّمة إلنتاج الكوالجني ،و تعد الورقيّاتالخرضاء الداكِنة مثل السبانخ وامللفوف والكيل أهمها: منتوجات الصويا :فول الصويا ،حليب الصويا ،زبدة الصويا - الكاجو :يع ّد الكاجو أحد املصادر الغذائية الغن ّية بال ّنحاس إذ يحتوي كل 28ميكروغراما منه ،عىل 622ميكروغراماً من النحاس ،وت َك ُمن أهمية النحاس يف الحفاظ عىل املكونات البنائية يف الجسم كالكوالجني واإليالستني ،فقد يقل مستوى ال ّنحاس يف يَص ُعب تعويض التالف من األنسجة الضامة أو الكوالجني الذي يُشكل الدعم للعظام عندما ّ الوظيفي يف املفاصل ،وعندها تبدأ أنسجة الجسم بالتّحلّل الخلل مم قد يؤدي إىل حدوث بعض املشاكل مبا فيها ُ الجسمّ ، ّ
عشبة جينسنغ و الكزبرة بياض البيضالثوم :ميكن أن يع ّزز الثّوم إنتاج الكوالجني يف الجسم ،حيث يحتوي عىل نسبة عالية من الكربيت الذي يساعد عىل تكوين الكوالجني ومنع تكس ُريه
وهنا أدعو إىل ترجمتها إىل لغات العامل الحية لريى املتلقون كم هم عظامء شعراء العرب! س:طارق الكناين :هل فاز الشمري بجوائز خالل مشاركاته يف املسابقات ؟ ال أحفل باملسابقات ألنني عىل يقني تام بأن (املسابقات) مسابقات ألن نتائجها مقررة ( مسبقا ) وأرى إن أعظم جائزة فزت بها هي محبة عشاق الشعر وعاشقاته وهذه املحبة ال رياء فيها وال محاباة ألنها نابعة من قلوب تعشق الحياة والجامل س:طارق الكناين :أين تضع نفسك مع مجايليك ؟ كثريا ما كنت أقول ،وأكرر اآلن ما قلت (:كل من عليها أحسن مني ) ولهذا أضع نفيس وراء آخر واحد فيهم. س :يقال إن الشاعر يسكنه الوطن ...أين تقف أنت من هذه العبارة ؟ الشاعر الذي ال يسكنه الوطن ليس شاعرا ،وال خري يف ما كتب ويكتب وال يستحق إال اإلزدراء .ومن املؤسف أن نرى (بعض) هؤالء الشعراء اللقامني قد خانوا وطنهم وتعاونوا مع املحتل لتدمريه لقاء كمية من األعالف الخرض .وحني استلموا مكافأة عاملتهم ،وسنحت لهم الفرصة تركوه وخرجوا غري مأسوف عليهم .لقد ريض هؤالء بخبز الذل يف أوجرتهم النتنة تلك .ويرشفهم أن يكونوا هناك محض حاويات يتقيأ فيها السكارى ويلقون نفاياتهم بعد منتصف الليل. واملضحك يف هؤالء إنهم كثريا ما يتحدثون عن الوطن والوطنية ويدونون بطوالتهم يف املعارك الطاحنة التي يخوضونها خلف لوحة املفاتيح .املعارضون العريضون ال يهمهم من يقود القطيع بل ما يرمى لهم من فتات. س :طارق الكناين :لنعد للرتجمة قليال :قرأت لك عدة قصائد عاملية ترجمتها للعربية فكانت ترجمة رائعة حقا وضعتنا يف أجواء القصيدة متاما ؟ فهل ترجمت من العربية إىل االنكليزية ومن هم الشعراء الذين ترجمت لهم؟ سبق يل أن ترجمت إىل اللغة اإلنكليزية ونرشت الجزء األول من ديوان : ( نقوش عىل أسوار بابل) Inscriptio on the Walls of Babylon الذي ضم قصائد بابلية وعراقية وعربية ألربعة وأربعني شاعرا وشاعرة وصدر يف طبعتني األوىل يف العراق ،والثانية يف الواليات املتحدة األمريكية تعهدت بها الشاعرة العراقية املبدعة األستاذة رائدة جرجيس ،رئيسة منظمة الكلمة الرائدة .وسيصدر قريبا بعون الله الجزء الثاين الذي يضم مئة قصيدة ترجمتها ونرشتها حرصا ً يف موقع ( وتريات قصيدة النرث ) س:طارق الكناين :حني يضيق علينا األفق ويدلهم الخطب تبدأ قريحة الشاعر بنرث الدرر وكام يقول البعض إن الشعراء يولدون من رحم الشقاء ....وها أنت ترى اليوم ما يحدث يف الوطن من بالء ....ترى ماهي بصمة الشمري التي وضعها عىل جدار االحداث ؟ كنت يف قلب الحدث عندما صمت كثري من ( شعراء أ ُحد ) الواقفني دوما وراء التل ينتظرون نتائج املعركة وال يهمهم من يقتل ،أو يستشهد ،وال يعنيهم يشء سوى جمع الغنائم. أنا أول من هجا ( الخليعة أبو بعر البغدادي ) ،حني ألقى خطبته املشؤومة يف الجامع النوري بقصيدة ( عاممة الشيطان ) وجلدت بقصيدة ( األنجسان ) السلجوقيني اللذين تواطآ مع الدواعش وذيولهم ،وكانا السبب الرئيس ىف سقوط املوصل .وهجوت الكلب العقور ،سليل الخيانة والغدر الذي تقتسم معه رغيف الخبز ،وال يحرس بيتك أو بيته .وكتبت قصيدة ( زنادقة ) عن لصوص الربملان والحكومة كلهم بال استثناء .وكتبت عن ثورة الشباب التي وأدها املندسون ،وكتبت عن الذيول مبختلف انتامءاتهم ووالءاتهم. ولو كتب أحد شعراء األحزاب هذا لرأيتهم يرقصون حوله كام ترقص ال ِق َردة عند شجرة املوز أو فوقها.
طارق الكناين
ات وار ح
حوار مع الشاعر حامد الشمري.
س:طارق الكناين :يف البداية أريد أن اسأل السؤال التقليدي :من هو حامد الشمري؟ مل يكن هذا سؤاال تقليديا عىل اإلطالق ،بل هو من الصعوبة مبكان بحيث ال أستطيع أن أجيب عنه بدقة .ولو سألت غريي عني ،لكان رده أكرث إقناعا .قد يعرف املرء ما حواليه لكنه يبقى عاجزا عن معرفة نفسه عج َزه عن رؤية عينيه وعج َزهام عن رؤية بعضهام البعض .ومع ذلك ال بد من اإلجابة للتخلص من الفخ املحكم الذي نصبته يل بخرباتك اإلعالمية ،وإمكانياتك املرتاكمة فأقول بأنني ( ولدت بال ذيل ،ومل تعتد يداي عىل طرق باب أحد ) تاركا كثريا من الطارئني يستجدون ،عرب وسائلهم الخاصة التي يتقنونها ،دعوة هنا أو هناك ليعودوا بغنامئهم من الصور التي توثق ارتقاءهم بعض املنابر حتى لو كانت عىل مقربة من مكبات النفايات .وال أستثني ،دون أن أعمم ،من هذا األمر نون النسوة ألن الزواحف ينشطون كثريا يف هذا املنفسح س:طارق الكناين :كيف بدأت شاعرا ومبن تأثرت؟ طرق بابنا ذات يوم شاب جميل .كان يف غاية التهذيب واألناقة حتى إنني ما زلت أتذكر لون عينيه الوامضتني ،ووجنتيه اللتني مل أجد شبيها لهام يف أرقى أنواع التفاح .مل يكلم أحدا منا ،رمبا لفرط حيائه ،لكنه اقرتب مني وهمس يف أذين فلم أسمع ما قال؛ بل سمعت شيئا يشبه حفيف أجنحة أثريية ،ثم غادرنا واختفى فجأة مثل شعاع خاطف .وهنا وجدتني أمسك بقلمي وأكتب أول محاولة يف الشعر وأنا طالب يف املرحلة املتوسطة .ويف املرحلة اإلعدادية كان املتنبي أستاذي األول فقد وجدت فيه فخامة الشعر وعظمة الطموح الذي مل ينكفىء أو ينطفئ حتى آخر لحظة يف حياته .وقد تأثرت بعده بالجواهري ونزار قباين وحفظت كثريا من شعر هؤالء وغريهم س:طارق الكناين :كتبت العمود ما األقرب إليك قصيدة العمود أم قصيدة النرث؟ كتبت قصيدة التفعيلة ،والقصيدة العمودية ومل أخطئ يف الوزن مطلقا قبل أن أدرس العروض الذي أضاف إيل شيئا كثريا ً من الناحية الفنية .وقد كتبت النص النرثي كذلك لكنني موقن إن الشعر شعر ،والنرث نرث .قد يتفوق النص النرثي عىل كثري من قصائد الفلني العمودية التي تكتب من اليسار إىل اليمني، ومل تعد الذائقة تستسيغها لكنه يبقى نرثا ،وهذا مام ال يعيبه ،وال أدري ملاذا ميتعض بعض فرسان النرث إذا ما وصف أحدهم بأنه ناثر .كن ناثرا ثنرث الآللئ خري من أن تكون شاعرا يصفق له الجمهور بحرارة حني ينتهي من إلقاء قصيدته ألنه انتهى من إلقاء قصيدته س :طارق الكناين :لك تجربة غنية يف الرتجمة والشعر ولك اصدارات عديدة أي اصدار منها أقرب إىل قلبك وملاذا؟ بدأت الرتجمة وأنا طالب يف الصف األول بقسم اللغة اإلنكليزية يف كلية اآلداب بجامعة بغداد ،ونرشت أو قصيدة مرتجمة يف مجلة (الثقافة) التي كان يرأس تحريرها أحد أساتذة الكلية الدكتور الراحل صالح خالص رحمه الله .وكنت ،وال أزال ،أميل إىل ترجمة الشعر دون غريه حتى إن بعض القصص القليلة التي ترجمتها كانت أقرب إىل الشعر منها إىل النرث .وقد ترجمت مئات القصائد من مختلف قوميات العامل حتى إن بعض هذه القوميات مل تكن معروفة أو يسمع بها أحد من قبل مثل الننت واليوكاكري والجوكجي والياكوت والكبارد والياكوت وغري ذلك. وأسعى حاليا إىل جعل العام القادم ٢٠٢١عاما لنرش عدد من الدواوين املرتجمة .أما أي اإلصدارات أحب إىل قلبي فليس مبقدوري أن أفرق أو أفاضل بني أي منها. س :طارق الكناين :ماهي الوسيلة التي تجعل من الشاعر عامليا؟ الشاعر عاملي يف األصل ألن القصيدة ال تحتاج إىل جواز سفر ،أو تأشرية لتهبط يف أي مطار أو تقلع منه .وال أحد يطلب منها إبراز أوراقها الثبوتية يف أي معرب أو حاجز .وتقف يف هذا الزمن امللوث ثالثة أسباب وراء عاملية الشاعر وهي املال والسياسة والجنس فاملال يشرتي قوافل من الطبالني والنقاد املأجورين وشتى وسائل اإلعالم لتجعل من القميء عمالقا ،ومن األمي األبله مفكرا مبدعا ،ومن املنحط مالكا .وبوسع املال أن يجند عددا كبريا من املرتزقة ليجعلوا هذا املوما إليه أو ذاك شاعرا عابرا للقارات واألزمن أما السياسة فهي وباء كل إبداع حني تدس أنفها املشوه فيه .ولو الحظت بإمعان لوجدت إن الغالبية العظمى من الشعراء ( الكبار ) هم صنيعة أحزاب .وأجزم إن بعض الشعراء كبار ألنهم كبار فعال ،وبعضهم كبار ألن وراءهم أحزابا فاشلة تنفخ فيهم لتمتطيهم ،أو مناصب راقية تغري النقاد املتسولني للكتابة عنهم. ويشكل الجنس ،مبختلف متظهراته ،ركنا أساسيا يف هذه املعادلة حيث حلت يف الصدارة ( بعض ) الشاعرات من ( املكتوب لهن ) واملوثقة رسقاتهن، اللوايت ال يفقهن يف الرصف والنحو والبالغة والعروض والنرث شيئا ،وال ميتلكن إال أدوات الزينة ،وخربة مرتاكمة يف فن الدغدغة عن بعد ،واستخدام وسائل التواصل بطرق خاصة .هؤالء ال يعدن من بلد عريب أو أجنبي حتى يتهيأن للسفر إىل بلد آخر ليشاركن يف هذا املحفل أو ذاك بقصائد كتبها لهن ( املضحوك عليهم ) حتى أصبحن شاعرات عامليات بطريقة مزيفة ،يف حني انزوت كثري من الشاعرات املبدعات الحقيقيات ألنهن ال يتنازلن عن كربيائهن للزواحف ممن يعانون من عقدة االنثى ،والجوع النفيس ،والتصحر العاطفي .ال عاملية بال ترجمة .ومن املفجع حقا إن لدينا شعراء مبدعني يبزون كثريا من الشعراء العامليني بنصوصهم لكنهم ظلوا حبييس املحلية ألن أصواتهم بقيت مكتومة.
واع
دة
اإلسم :مروى محمد عباس السنه :الثانية /الجامعة اللبنان ّية الشعبة :ب الدكتورة :مرياي حمدان
الم أق
املواطنية
2021-2020
يعب مفهوم املواطنية عن هوية جامعة تطغى عىل الهويات املحلية ,و عىل إنتامء الفرد إىل مجتمع سيايس يشارك يف ّ نشاطاته .
و املواطنية ,هي منظومة حقوق وواجبات ,ينظر من خاللها إىل املواطنني كأفراد لهم فرص و حقوق متساوية يف الدولة .حيث ,أن تاريخ مبدأ املواطنة هو تاريخ سعي اإلنسان من أجل اإلنصاف و العدل و املساواة .,فقد إرتبط حق املواطنة عرب التاريخ بحق املشاركة يف النشاط اإلقتصادي و التمتع بتمراته ,كام إرتبط بحق املشاركة يف الحياة اإلجتامعية ,و أخريا» حق املشاركة الفاعلة يف إتخاذ القرارات الجامعية امللزمة ,و تويل املناصب العامة ,فضال» عن املساواة أمام القانون . تدل الهوية عىل الرابط القانوين بني اإلنسان و األرض التي يعيش عليها ,و تشري إىل مسألة اإلنتامء إىل الوطن ,و إىل الجنسية ....كام ترمز إىل الرابط القانوين بني اإلنسان و السلطات التي تتوىل إدارة شؤون املساحة الجغرافية ,أو األرض التي يعيش عليها . إن والدة كيان لبناين ,و دولة أدت إىل والدة الجنسية اللبنانية ,التي تعد عوامل أساسية لتحقيق مبدأ املواطنية .اضافة إىل أن وضع الدستور اللبناين ,وتحديد حدوده ,و إعطاء بطاقة هوية .....جميعها أسباب ,بلورت فكرة املواطنية يف لبنان مع اإلنتداب الفرنيس ,لكن الشعور باملواطنية بدأ بالظهور قبل الحصول عىل اإلستقالل ,و خري دليل عىل ذلك هو إنتخاب الشيخ بشارة الخوري رئيسا» للجمهورية ,عىل الرغم من معارضة املندوب السامي آنذاك .و يف ذلك دليل عىل تطبيق مفهوم السيادة قبل الحصول عليه ,و السيادة رشط من رشوط تحقيق املواطنية . فالدستور االلبناين جاء عام , 1990تحت العناوين التالية :أولها ,الحقوق و الواجبات و املساوات بني املواطنني ,حيث تضمنت مقدمة هذا العنوان ,أرض لبنان أرض واحدة لكل اللبنانيني .فلكل لبناين الحق يف اإلقامة عىل أي جزء منها ,و التمتع به يف ظل سيادة القانون ,فال فرز للشعب عىل أساس أي إنتامء كان ,و ال تجزئة و ال توطينن .
س:طارق الكناين :ماهي نصيحتك للشعراء الجدد وماذا تقول لهم ؟ لسنا قيمني عىل الشعراء الشباب ألنهم سيشقون طريقهم اإلبداعي الشاق بأنفسهم .ومنهم من يواصل تسلقه ويبلغ الهدف ،ومنهم من يخفق فيتوقف ويرتاجع ،أو يستأنف املحاولة. وإذا كان ال بد يل أن أقول شيئا ما لهم فأنا أنصحهم بأن يتعلموا العروض؛ فال شعر بال وزن وقافية وإيقاع مهام حاول إيها َمهم من ال يفقهون شيئا فيها .وليس هذا األمر عسريا أو مستحيال حتى أن بوسعهم االعتامد عىل السامع ألن الشعر جاء أوال ثم استُنبط منه علم العروض .وليس عيبا إذا عجز الناثر عن ذلك ألن لنصه النرثي جامله األخاذ. كام أحب أن أذكرهم بأنه ليس مطلوبا منهم أن يكتبوا كل يوم ثالثة نصوص عىل األقل ،أو ديوانا كل شهر فكلام تأنوا يف الكتابة ،جاء وليدهم معاىف دون الحاجة أن يوضع يف حاضنة الخدج .وعليهم أال يكتبوا لينرشوا ،أو ليك يحصلوا عىل مزيد من بصامت اإلعجاب والتعليقات ألن الجزء األعظم منها يدفع مثل رضيبة قرسية دون قراءة النص .أنرشوا ( ليتعلقوا ) بكم ال ( ليعلقوا) عليكم ألن التعليقات التي توضع أسفل نصك سبق أن وضعت بالحرف الواحد أسفل مئات النصوص األخرى لغريك. وال تعولوا عىل ما يقوله النقاد الدمج عن نصوصكم أو مجموعاتكم ألن معظمهم طارئون عىل النقد باستثناء قلة منهم ال يطلقون أحكامهم النقدية جزافا.
املواطن
مجد عبد الله الصفدي
ان املواطنة هي االنتامء للوطن و املشاركة فيه ,و تعبري عن العالقة القامئة بني الدولة و االفراد.فمن خالل املواطنة,يصبح هناك عالقة قوية بني االفراد و الدولة الحاكمة ,و ذلك من خالل احرتام القوانني و االلتزام بها.و املواطنة هي التي تجعل املواطنني يحصلون عىل حقوقهم املدنية و السياسية و االجتامعية و االقتصادية . ليك تكون املواطنة فعالة,فهي يجب ان تقوم عىل عدة مقومات,منها,الوالء للوطن.وهذه هي من اسمى املقومات عىل االطالق,الن الوطن من اغىل االشياء التي ميلكها االنسان يف حياته. ,و تقديم الوالء للوطن يكون عرب االلتزام بالواجبات اتجاه هذا الوطن و تقديم النفع له باي طريقة كانت ,و الننىس الدفاع عنه و الشعور بالفخر لالنتامء اليه. املساواة و تكافؤ الفرص هي ايضا من اهم املقومات التي تقوم عليها املواطنة.فعندما يصبح كل افراد املجتمع متساويني يف الحقوق و الواجبات و الفرص بغض النظر عن معتقداتهم الدينية ,سيصل الوطن اىل التطور و السمو اكرث فاكرث مام سيساعد عىل التخفيف من حدة الرصاعات و املشاكل التي قد تنشاة بني االطراف التي تختلف يف االراء و االفكار.و هذا كله يتحقق عن طريق القضاء العادل و النزيه ينصف الجميع. ان املواطنة تتمتع بالعديد من الخصائص منها ,امكانية االكتساب و الفقدان .فاملواطنة ميكن ان تكتسب و تصنع.فعن طريق الحصول عىل جنسية بلد معني ,يصبح الشخص الحامل للجنسية يتمتع بالحقوق و الواجبات يف الدولة اي يكون لديه مواطنة.و ميكن هذه املواطنة ان ت ُسحب من صاحبها,بسبب غياب الوالء الذي يعترب من اهم مقومات املواطنة مثل ما ذكرنا سابقا ان املواطنة متيزها صفة مهمة جدا,اال و هي انها تتمتع بعالقة تبادلية .فهذه العالقة تكون متبادلة بني الفرد و موطنه,وميكن ان تتغري عرب الزمن .ان املواطنة تساعد عىل نجاح الدولة و تقدمها و تتطورها ,من خالل احرتام الراي االخر و املساواة يف الحقوق و الواجبات. فكل هذه االعامل تحقق املصلحة العامة مام يؤدي اىل وجود مجتمع راقي يفضل مصلحة وطنه عىل مصلحته الفردية. فالوطن لن يتتطور اال اذا تحرر من القيود الطائفية التي تحكمه ,و عاش الجميع فيه يقدمون له كل الوالء و الحب و االحرتام.
ثانيها ,الهوية ,متحورت مقدمة هذا العنوان حول ,لبنان عريب الهوية واإلنتامء .و آخرها ,السلطات ,حيث ورد يف مقدمتها ,الشعب مصدر السلطات و صاحب السيادة ميارسها عرب املؤسسات . مام تقدم ,يظهر أن الدستور جاء معربا» عن نظام يضمن التساوي بني املواطنني ,و الحريات األساسية املتوفرة يف أية دميقراطية ,و دور املؤسسات الذي يطغى عىل دور األفراد . املواطنية تعني ,التوازن يف منظومة الحقوق و الواجبات بني الدولة و املواطن ,بكل األبعاد السياسية ,و اإلقتصادية ,و اإلجتامعية .فام هو حق للمواطن هو واجب عىل الدولة ,و ما هو حق للدولة هو واجب عىل املواطن .
املواطنه عرب تحمل املسؤوليه ماريه عيل سيف
األربعاء ٢٠٢١_١_٢٠ املواطن:هو اإلنسان الذي يقيم يف الوطن ويحمل أسمه ويعمره ويدافع عنه ...فاملواطن الصالح هوا لجندي األول ألمن بلده وان من واجبات اإلنسان احرتام النظام الذي وضعته الدولة لتنظيم حياة الناس وتدبري شؤونهم ؛فيجب عىل اإلنسان رجال كان أو آمراه أن يدرك جيد أن الحفاظ عىل ممتلكات الوطن واجب وطني وأنا املساس بها ليست من أخالق املواطنة ألصالحه فا لحفاظ عليها هو الحفاظ عىل ثروة وطنك التي هي عامل من عوامل االستقرار االجتامعي واستمرار لحركة وطنك التنموية. إن من األهمية أن يكون اإلنسان له إحساس فيام حوله واإلحساس يتحقق يف جميع الترصفات وسبيل اإلحساس هو الحفاظ يعني التحفظ أيا كان وذلك بحسن الترصف ,الوطن :هو مكان اإلنسان ومقرة ،،،وإن املواطنه صفه املواطن الذي ينتمي للوطن وبإنتامئه هذا يرتتب عليه واجبات الوالء ،والدفاع ،و اداء العمل ،ويرس له حقوق حق التعليم ،والرعايه، والعمل ،وعليه فإن املواطنه هي عالقه وطيده محدده بدستور وقوانني تربط بني الفرد ودولته ،رشط ان تضمن له املساواة بني املواطنني ،والعيش املشرتك ،والنظام الدميقراطي. تتمثل قيمة املساواة بني املواطنني يف البلد من خالل حصول الجميع بشكل متسا ٍو .أهم ما يحتاج إلية الوطن اليوم هو الفرد املسئول اجتامعياً ،أو مبعنى آخر الفرد الذي يؤدي دورة ويقوم بواجباته ،بغري حاجة إىل توجيه أو رقابة من شخص، أو جهات. ال ميكن تخيل مجتمع به رشيحة كاملة ال تقوم بدورها املنوط بها يف الوطن .وال ميكن تخيل مجتمع ينعدم لدى أفراده الضمري واملسئولية نحو أنفسهم وما حولهم ،وينعدم لديهم اإلحساس بقضايا املجتمع والوطن ،والنهوض باألمانات امللقاة عىل عواتقهم .فاإلميان بأهمية دور املسئولية الشخصية واالجتامعية والقانونية ومامرستها هي جزء من استمرار املجتمعات واألفراد وبقائها والحفاظ عىل توازنها .فاملجتمع ال ميكن أن يقوم بتعيني مراقب لكل فرد يف تنفيذ واجباته، وما يتطلب منه يف عمله ،ويف الدور الذي يقوم بيه ليخدم املجتمع ،ويف إتباع النظام العام ،فالبد أن يكون لدى كل فرد قدر محدد من املسئولية يف أداء واجبه ،والقيام بدورة
املواطن
الجامعة اللبنانية. معهد العلوم االجتامعية. الفرع الثالث.
الدكتورة :مرياي ابو حمدان الطالبة :مريم أحمد إختيار
السنة :الثانية العام الجامعي 2021 -2020 :
فاملواطنة بشكل عام هي املكان الذي ينتمي إلية الفرد ويحمل جنسيته ،ويكون مشاركا» بصناعة القرار الذي يسعى إىل بلورة وتطوير بلده .فهو بالوقت الذي يتمتع فية بحريتة وحقوقه فهو يخضع تلقائيا» للقوانني ،والدساتري التي ينص عليها ويرشعها قانون البلد . فاملواطنة هي العالقة بني الفرد واملجتمع ،فالنتائج التي تصدر عنهم هي التي تحدد وطنية الفرد تجاه مجتمعه . ففي الدول الدميقراطية يحق ملن يحمل الجنسية أن يشارك يف حقوق املواطن السياسية واالجتامعية ،أما يف الدول الغري دميقراطية فهي تعتربها مجرد تبعية. فالوطنية هي حب الوطن أهال» وأرضا» وعدم التخيل عنهم مهام ساءت الظروف ومساندتهم والسعي إىل خدمة مصالحهم .
فن
اللوحات الثالث بريشة الفنانة
حنان بوحسن
للعينني لغة حوار يعجز املعجم عن ترجمتها ٬ولربيقها رس انعكاس الضوء من الروح عرب األثري ...لوحتي بعنوان (أمل)
أمل
أن الشباب لهم مكانتهم ودورهم يف إطار عملية التنمية ،والتحديث التي متر بها مجتمعاتهم وبخاصة مجتمعات العامل الثالث فهم القوة العقلية التي تستطيع استيعاب ما يساعد عىل التجديد والتحديث واالنتامء هو بداية تحول الشاب إىل إنسان مخلص ألمته وقوميته ،والتالحم بني الفكر والتنظيم يجعله إنساناً مؤمناً بأهداف أمته ساعياً إىل تحقيقها ،وبحكم هذا االنتامء فإن درجة الشعور باملسئولية تضيق وتتسع طبقاً للشعور باالنتامء .والشعور باالنتامء يتأسس عرب التفاعل االيجايب بني الدولة واملواطنني ،هذا التفاعل الذي يشكل يف مضمونه مفهوم املواطنة والتي متثل النواة الصلبة لتحقيق املسئولية االجتامعية ،ويتطلب تربية الشباب وفقاً ملفهوم املواطنة ،تنمية معرفة الفرد مبجتمعه ،وتفاعله إيجابياً مع أفراده بشكل يسهم يف تكوين مواطنني صالحني متمكنني من حامية املجتمع والحفاظ عىل أمنه وأمان ِه وانطالقاً من ذلك فإن املسئولية االجتامعية ال تتأسس إال بإفساح الطريق للمشاركة الفعالة ،تلك التي متثل الرتبة الخصبة لتنمية املسئولية ويتطلب استنباط املسئولية االجتامعية كام ال ننفى إن الدولة تضع مخطط وضح نظري قانوين لحقوق املوطن وهذا هو قلب املسئولية االجتامعية ولكن املفرقات التي تحدث يف تطبيقاتها من قبل املسئولني وتراجع فهم املسئولني ينتج عنه آثار ضارة بالبناء االجتامعي. فهناك تغريات اقتصادية جعلت الشباب يف مجتمع اليوم يعيش يف ظل أزمة اقتصادية ،تتجسد يف اختالل توزيع الدخل ولكن رغم كل ذلك علينا أن نحافظ عىل نظامنا ووطننا من خالل تحمل كل إنسان املسؤولية عن فعل قام به يف املايض وخلف وراءه آثارا ً معينة وهو الذي يتحمل تبعة هذه اآلثار والنتائج املسئولية االجتامعية هي وعى الفرد بالواجبات والدور الذي يؤديه ويقوم به تجاه املجتمع والصالح العام ويتحمل نتائجها ،لتعود عليه يف صورة حقوق يستفاد منها”.
الحرية بفرد الجانحني بالتحليق دون التعرث بشوائب األرض ٬واملبهر مزيج األلوان الساحر مبنتهى الرتتيب والتناسق... لوحتي بعنوان (الحرية)
الحرية
الطبيعة هبة الله لنا بأتقن تأليف بكل عنارص الحياة بنكهة الياسمني والرياحني حيث الحياة ...لوحتي بعنوان (ارتواء الروح)
ارتواء الروح
أجلَ ،ج ْيِ ،وال ،وكالّ نعم ،بىل ،عىل إيْ ،
غة لل
أرسة التحرير
ية ا زاو
أحرف الجواب:
5ــ نعم :هي حرف تصديق ،نقول :أقبل األستاذ ،فتقول نعم وتكون لإلعالم واالستفهام والوعد :نقول :هل جاء املدرس؟ ،فتقول :نعم .وللوعد :هل تزورين؟ فتقول نعم. وتأيت «نعم» للتوكيد ،كقولنا :نعم ،هذا موقفي .وهي لإلعالم أيضاً. وحرص سيبويه «نعم» بالوعد والتصديق. ***** «ألست بربكم؟ قالوا :بىل». ُ 6ــ بىل :حرف جواب ال تأيت إالّ بعد نفي ،كقوله تعاىل« :أَ َومل تؤمن؟ قال بىل» ،و *****
7ــ إي :بكرس األلف وتسكني الياء .هي حرف جواب مبعنى «نعم» ،وتأيت قبل القسم عند الجميع ،كقوله تعاىل: للقسم. «ويستنبئونك ٌّ أحق هو ،قل إي وريب إنه لَ َح ٌّق» .إي هنا هي توكيد َ ***** 8ــ أ َج ْل :بسكون الالم حرف جواب مثل «نعم» ***** 9ــ َج ْيِ :حرف جواب مبعنى «نعم» .وهو مبني عىل الكرس .واستعملت عند العرب مبعنى حقاً ،وكأنها اليمني .تقولَ :ج ْيِ ألزو َرنّ َك ،أي حقاً ألزو َرنَّ َك. ***** 10ــ ال :من معانيها كونُها َ جواب مناقضاً لـ «نعم» ،وهي لنفي الجواب .و»ال» حرف الجواب تُحذ َُف ال ُج َم ُل بعدها حرف ٍ كثريا ً ،كقولنا :هل زارك زي ٌد؟ فتقول :ال .واألصل :ال ،مل يز ْرين. ***** لت يف القرآن 11ــ كَالّ :حرف جواب للردع والزجر .حني ييس ُء إليك أحدهم تزجره ،وتقول له :كالّ ،لن أر ّد عليك .واستع ِم ْ الكريم مبعنى حقاً« :كالّ ،إنّ اإلنسان لَيطغى أنْ رآه استغنى».
ISSN 2694-6025