السراج المنير للعالم العامل الشيخ فوزى محمد أبوزيد

Page 1

‫المقدمة ( ‪)1‬‬

‫الســـــــــــــراج المـنير‪.‬‬

‫)‪(61‬‬

‫الّسَراُج‬ ‫الُمِنير‬ ‫العارف بال تعالى‬ ‫الشيخ فوزى محمد أبوزيد‬ ‫دار الميمان والحياة‬ ‫العارف بال الشيخ فوزى محمد أبوزميد‬

‫الكتاب الحادى والستون‬


‫المقدمة‬

‫( ‪ )2‬الســــــــــــراج المـنير‪..‬‬

‫الكتاب‬

‫السراج المنير‬

‫المؤلف‬

‫العارف بال الشيخ فوزى محمد أبوزميد‬

‫الطبعة الولى‬

‫‪ 15‬رمضان ‪1431‬هـ‪ 25 ،‬أغسطس ‪2010‬م‬

‫عددالصفحات‬

‫‪ 128‬صفحة‬

‫المقاس‬

‫‪ 15‬سم * ‪ 21‬سم‬

‫الورق‬

‫‪ 80‬جم‬

‫الطباعة الداخلية‬

‫‪ 1‬لون‬

‫ورق غلف‬

‫كوشيه لميع ‪ 250‬جرام‬

‫طباعة غلف‬

‫‪ 4‬لون‪ ،‬سلوفان لميع‬

‫تحت إشراف‬ ‫طبع‬ ‫رقم إميداع محلى‬ ‫ترقيم دولى‬

‫دار الميمان والحياة‪ 114 ،‬ش ‪ ، 105‬المعادى‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ج م ع‪،‬‬ ‫ت‪0020-2-25252140 :‬‬ ‫دار نوبار للطباعة‬ ‫‪15225/2010‬‬

‫‪ISBN:.977-17-9288-1‬‬

‫العارف بال الشيخ فوزى محمد أبوزميد‬

‫الكتاب الحادى والستون‬


‫الســـــــــــــراج المـنير‪.‬‬

‫مقدمة‬

‫المقدمة ( ‪)3‬‬

‫بسم ال الرح ن الرحيم‬ ‫الحمد ل العلى اللعلى‪ ،‬جعل سّر الكنز‪:‬‬ ‫ع َرف {‪.‬وغّيا ب الرمز‪:‬‬ ‫ن أُ ْ‬ ‫تأ ْ‬ ‫خف ّيا فأح َب ْب ُ‬ ‫ت ك ْن َزا م َ‬ ‫} ك ْن ُ‬

‫} فبى عرفونى {‪ 1‬لمن جعله لذاته مجَلى‪ ،‬سيدنا محمد صاحا ب‬

‫ب قاَْو َساْياِن أَْو أَْد نَاى ‪] ‬النجم‪ [9:‬والنور الهزهى‪:‬‬ ‫المقام اللعلى‪} :‬فَ​َك ااَن َقا َ‬ ‫} َو ِسا َرااًج ااّمِنيًرا ‪] ‬الحزاب‪. [46:‬‬

‫صلى ال لعليه ولعلى آله الذين هم بنوره يتصلون‪ ،‬وأصحابه الذين‬ ‫هم به يقتدون‪ ،‬وكل من انشغل بضياء ذاته وبهّى صفاته وَج لاّى تشريعاته إلى‬ ‫يوم الدين‪ ،‬ولعلينا معهم أجمعين ‪ ....‬آمين يارب العالمين ‪ ..‬وبعد ‪...‬‬ ‫فإن الحديث لعن الرسول الحبيا ب له لّذ ةٌا ونشوةٌ فى قلا ب كّل لعبد‬ ‫من ربه قريا ب‪ ،‬ل ِس يّااما لو كان الحديث حول المعانى القرآنية لليات التى‬ ‫وصف بها ال لعّز وجّل خير البرية ‪ ...‬فلقد وصف ال لعّز وجّل بذاته حبيبه‬ ‫ومصطفاه لعلمه لعّز وجّل بعجز الخلق جميعاً لعن الحاطة ببعض هباته‪ ،‬أو‬ ‫اللمام ولو بّذ راة من جميل لعطاءاته التى تف ّ‬ ‫ضلا بها لعلى خير مخلوقاته ‪...‬‬ ‫ولما كنا نحرص دائماً لعلى إحياء ليالى ذكرى ميلده‬ ‫بذكر فضائله‪ ،‬وبيان شمائله‪ ،‬التى خصه ال لعّز وجّل بها‪ ،‬وكذا تذكير ا ُ‬ ‫لمة‬

‫صلى ال لعليه وسلم‬

‫‪ 1‬الدرر المنتثرة ومرقاة المفاتيح‪ ،‬قال صلى ال لعليه وسلم‪}:‬كنت كنزا مخفيا فأحببت أن ألعرف فخلقت خلقا فبي‬ ‫لعرفوني{‪.‬‬

‫العارف بال الشيخ فوزى محمد أبوزميد‬

‫الكتاب الحادى والستون‬


‫المقدمة‬

‫( ‪ )4‬الســــــــــــراج المـنير‪..‬‬

‫بالكمالت والخصوصيات التى منحها لها ال – خصوصية من بين جميع‬ ‫المم السابقة – بسبا ب لعلو منزلة الحبيا ب الُم جاتبى لعند موله‪ ،‬ورفعة قدره‬ ‫لعند حضرة ال‪ ،‬فقد جمعنا فى هذا الُك تايا ب ‪ -‬الصغير الحجم فى مبناه‪،‬‬ ‫الغزير المعنى والعظيم القدر فى معناه ‪ -‬بعض الدروس الراقية التى مّن ال‬ ‫بها لعلينا فى الحتفال بليالى ذكرى مولد رسول ال صلى ال لعليه وسلم هذا العام‬ ‫‪ 1431‬ها‪ ،‬وأشرنا فيها إلى لمحات من خطاب ال لعّز وجّل فى اليات‬ ‫القرآنية ‪ -‬لهل المقامات العلية ‪ -‬لعن الحضرة المحمدّية‪ ،‬حتى تشتاق‬ ‫القلوب إلى جمال حضرته‪ ،‬وتميل الفئدة إلى شذى ُلعرف قربه وموّدته‪،‬‬ ‫وُتحّلق الرواح راغبة فى الوصول إلى مقام معيته‪.‬‬ ‫جعلنا ال لعّز وجّل ممن يتعلقون بحضرة ذاته‪ ،‬ويتخلقون بأخلقه‪،‬‬ ‫ويتجملون بجميل صفاته ‪،‬ويستمسكون ظاهراً وباطناً بأنوار تشريعاته‪.‬‬ ‫وقد سّم ياناه )) السراج المنير (( لنه السم الذى سّم ااه به ال لهل‬ ‫الخصوصية‪ ،‬ولن هذه المعانى التى ذكرناها تدور حول بعض هذه‬ ‫الوصاف الذاتية التى أشار ال لعّز وجّل إليها فى كتابه لهؤلء الخصوص‪.‬‬ ‫أسأل ال لعّز وجّل أن ينفع بها من قرأها‪ ،‬وأن يرفع بها من لعايشها‬ ‫واستحضرها وتمّثل بها‪ ،‬وصلى ال لعلى سيدنا محمد ولعلى آله وصحبه‬ ‫وسلم‪.‬‬ ‫الربعاء‪ 5 ،‬من جمادى الخرة ‪1431‬ها ‪ 19 ،‬من مايو ‪2010‬م‬

‫فوزى محمد أبوزيد‬ ‫برميد ‪ :‬الجميزة ـ محافظة الغربية – جمهورمية مصر العربية‬ ‫‪: 5340519-40-20+، : 5344460-40-+20‬‬ ‫العارف بال الشيخ فوزى محمد أبوزميد‬

‫الكتاب الحادى والستون‬


‫الســـــــــــــراج المـنير‪.‬‬

‫المقدمة ( ‪)5‬‬

‫الموقع على شــبكة المعلوماتية ‪WWW.Fawzyabuzeid.com :‬‬ ‫البرميد الليكتروني ‪E-mail: fawzy@Fawzyabuzeid.com‬‬ ‫‪fawzyabuzeid@hotmail.com, fawzyabuzeid@yahoo.com‬‬

‫العارف بال الشيخ فوزى محمد أبوزميد‬

‫الكتاب الحادى والستون‬


‫( ‪ )6‬الســـــــــراج المـنير‬

‫الفصل‬

‫الول‪ :‬بشرمية النبى النورانية‬

‫‪...‬الفصل الول‪...‬‬

‫َبشرميّةُ النّبِّى‬ ‫‪2‬‬ ‫الّنوَرانِّية‬

‫صلى ال لعليه وسلم‬

‫ قضية بشرميته‬‫ نورانية بشرميته‬‫ حفظ ا لمقام نبّيه‬‫ بركة رميقه الشرميف‬‫ خصوصّية َعَرقه‬‫ سمعه الشرميف‬‫ صوته المبارك‬‫ واجبنا نحو رسول ا‬‫ مقام العبودمية لذات ا‬‫صلى ال لعليه وسلم‬

‫صلى ال لعليه وسلم‬ ‫صلى ال لعليه وسلم‬ ‫صلى ال لعليه وسلم‬

‫صلى ال لعليه وسلم‬

‫صلى ال لعليه وسلم‬ ‫صلى ال لعليه وسلم‬ ‫صلى ال لعليه وسلم‬

‫‪ 2‬الجمعة ‪ 12‬ربيع الول ‪ 1431‬ها‪ ،‬الموافق ‪ 26‬فبراير ‪2010‬م‪ ،‬مسجد النور بحدائق المعادى‪.‬‬

‫العارف بال الشيخ فوزى محمد أبوزميد‬

‫الكتاب الحادى والستون‬


‫الســـــــــراج المـنير‪ .‬الفصل الول‪ :‬بشرمية النبى النورانية ( ‪)7‬‬

‫الفصل الول‬

‫َبشرميّةُ النّبِّى‬

‫صلى ال لعليه وسلم‬

‫الّنوَرانِّية‬

‫‪3‬‬

‫ب العالمين‪ ،‬نحمدك اللهم لعلى نعمة اليمان‪ ،‬ولعلى أن‬ ‫الحمد ل ر ّ‬ ‫هديتنا للقرآن‪ ،‬وجعلتنا من ُأمة النبى العدنان‪ ،‬ورفعت شأننا بين بنى النسان‬ ‫فجعلتنا خير ُأمة أخرجت للناس‪ ،‬وأشهد أن ل إله إل ال وحده لشريك له‬ ‫ض لا ما شاء بما شاء كيف شاء‪:‬‬ ‫ُيف ّ‬ ‫ن ‪  [23‬البنبياء[‬ ‫} َل يُْس أَااُل َلعّم اا ياَْف َعاُل َو ُهاْما يُْس أَاُلو َ‬ ‫فّ‬ ‫ضلا بعض النبيين لعلى بعض‪ ،‬وبعض الليالى لعلى بعض‪ ،‬وبعض‬ ‫اليام لعلى بعض ‪،‬وبعض الكتا ب لعلى بعض ‪ ...‬وما دام التفضيل من العزيز‬ ‫الجليل فله الحكم وله المر وإليه المرجع والمصير‪ ،‬وأشهد أن سيدنا‬ ‫محمداً لعبد ال ورسوله‪:‬‬ ‫هو الحبيا ب الذى ُترجى شفالعته‬ ‫فاق النبيين فى َخ لاٍق وفى ُخ لاٍق‬ ‫فمبلغ العلم فيه أنه بشر‬

‫لكل هول من الهوال مقتحم‬ ‫فلم يدانوه فى لعلم ول كرم‬ ‫وأنه خير خلق ال كلهم‬

‫اللهم صّل وسلم وبارك لعلى رحمتك العظمى لجميع النام‪ ،‬والذى‬ ‫خصصته بمقام الشفالعة يوم الزحام‪ ،‬وجعلته مفتاحاً لدار السلم‪ ،‬هديت به‬ ‫بعد ضللة‪ ،‬ولعّلمت به بعد جهالة‪ ،‬وأغنيت به بعد فاقة‪ ،‬وألعزهزت به بعد‬ ‫‪ 3‬الجمعة ‪ 12‬ربيع الول ‪ 1431‬ها‪ ،‬الموافق ‪ 26‬فبراير ‪2010‬م‪ ،‬مسجد النور بحدائق المعادى‪.‬‬

‫العارف بال الشيخ فوزى محمد أبوزميد‬

‫الكتاب الحادى والستون‬


‫( ‪ )8‬الســـــــــراج المـنير‬

‫الفصل‬

‫الول‪ :‬بشرمية النبى النورانية‬

‫ذلة‪ ،‬سيدنا محمد النبى التقى المى وآله وصحبه وكل من تمسك بهديه‬ ‫إلى يوم الدين ولعلينا معهم أجمعين ‪ ...‬آمين آمين يارب العالمين‪.‬‬ ‫أما بعد فيا أيها الخوة جمالعة المؤمنين‪:‬‬

‫قضية بشرميته‬

‫صلى ال لعليه وسلم‬

‫ونحن فى ذكرى ميلد سيد الولين والخرين صلى ال لعليه وسلم نود أن‬ ‫نوضح قضية هامة لنا مع حضرته‪ ،‬ل يسوقها المستشرقون ول المستغربون‪،‬‬ ‫ولكن للسف يرددها بعض المسلمين والمؤمنين نحو السيد السند العظيم!‬ ‫الذى ألعل ال شأنه ورفع ال قدره وبّين حقيقته فى كتابه حتى ل يكون‬ ‫هناك شك فى أوصافه وفى مقامه لعند ربه لعّز وجّل‪ ،‬يقول هؤلء القوم من‬ ‫المسلمين‪:‬‬ ‫إن النبى بشر مثلنا!! وما هزاد لعلينا فى شئ!!‪ ،‬ونسوا أن هذه الُح جاة‬ ‫ذكرها ال فى القرآن لعلى لسان الكافرين!!‪ ،!!..‬فقد قالوا لحضرته لعندما‬ ‫ُأرسل إليهم لهدايتهم إلى رب العالمين‪:‬‬

‫ش ٌرا ّمثاْلَُنا‬ ‫ت إِّل بَ َ‬ ‫} َماا َأن َ‬

‫‪ [154‬الشعراء[‬

‫ِ‬ ‫} فاَق ااُلوا أَبَ َ‬ ‫ش ًراا ّمّنا َوااح ًد اااناتّبِعُهُ‬

‫‪ [24‬القمر[‬

‫هذه كانت حجة الكافرين‪ ،‬بماذا رّد لعليهم رب العالمين؟ قال‪ :‬يا حبيبى‬

‫ش ٌرا ّمثاْلُ​ُك ْما ُيوَح ىا إِلَّي ‪ [110‬الكهف[ أنا معّى‬ ‫قل لهم‪  :‬قُْل إِنَّم اا أَ​َنا بَ َ‬ ‫الوحى‪ ،‬والعبرة كلها بالوحى!!‪.‬‬ ‫العارف بال الشيخ فوزى محمد أبوزميد‬

‫الكتاب الحادى والستون‬


‫الســـــــــراج المـنير‪ .‬الفصل الول‪ :‬بشرمية النبى النورانية ( ‪)9‬‬

‫َمنا منكم آتاه ال وحى السماء؟! ‪َ ...‬منا منكم يتنزل ال‬ ‫ب العلى؟! ‪َ ...‬منا منكم ناَّقىا ال سريرته‬ ‫لعلى قلبه باللهام الفورى من الر ّ‬ ‫وكشف لعن بصيرته فيرى ما فى القلوب !! ويرى ما فى البيوت!! وينبئ‬ ‫الناس لعن أحوالهم ولعن أخبارهم؟!! وما أكثر الروايات التى تَْح فاال بها‬ ‫س ناة المطهرة فى هذا الشأن الكريم‪.‬‬ ‫ال ُ‬ ‫لعّز وجّل‬

‫ضلاه لعلى النبياء‪ ،‬وف ّ‬ ‫فإذا كان ال لعّز وجّل ف ّ‬ ‫ضلا بعضهم لعلى‬ ‫بعض‪ ،‬فهل يصح أن نقول أننا مثل النبياء وكلهم بشر؟! فما بالنا بسّيد‬ ‫النبياء وسّيد الولين والخرين إلى يوم الدين!!‪.‬‬

‫وهذه هى المصيبة التى نحن فيها الن!! أن بيننا جمالعة المسلمين‬ ‫َم ْنا ينتقص سيد النبياء والمرسلين !!!‪ ،‬ألم يقرأوا كتاب ال‪ ،‬فكتابه لعّز وجّل‬ ‫فى كل آياته يمّج دا قدر رسول ال لعند ال فى الدنيا وفى الخرة ‪ ...‬بيان‬ ‫شافى ل يحتاج إلى تأكيد و ل إلى مزيد لنه كلم الحميد لعّز وجّل ‪ ،‬فلو‬ ‫رأينا آية واحدة أو استبصرنا فيها ‪ ...‬آية واحدة فقط من كتاب ال مثًل‬ ‫قوله تعالى‪:‬‬

‫} إِّنا أَْلعطَاياَْناَك‬

‫ك ْواَثاَر ‪ [1‬الكوثر[‬ ‫الْ َ‬

‫َ‬

‫فلو مكثنا لعمر نوح لعليه السلم لنفسر هذه الية لنبين ماهو الكوَثر‬ ‫أو الخير العظيم الذى ألعطاه ال لحبيبه ما انتهينا منه!! ولو جلسنا إلى آخر‬ ‫الزمان!! والكوَثر ليس الحوض فقط! فالحوض من بينها‪ ،‬أما الكوَثر فهو‬ ‫الخير الكثير الذى ل حّد له ول منتهى‪.‬‬

‫تا اللِّه لَ‬ ‫} َو إِان تاَُعّد واْ نِْعَما َ‬

‫العارف بال الشيخ فوزى محمد أبوزميد‬

‫صااوَه اا { ]‪34‬إبراهيم[‬ ‫تُْح ُ‬ ‫الكتاب الحادى والستون‬


‫( ‪ )10‬الســـــــــراج المـنير‬

‫الفصل‬

‫الول‪ :‬بشرمية النبى النورانية‬

‫تا اللِّه ‪ ،‬فنعم ال تعنى‬ ‫لم يقل ال )نعم ال ‪ ،(،‬ولكنه قال‪} :‬نِْعَما َ‬ ‫النعم التى معنا من المأكولت والمزرولعات والحيوانات والشمس والقمر‪...‬‬ ‫وغيرها‪ ،‬ولكن نعمة ال هى نعمة واحدة يتحدث لعنها ال فى الية‪:‬‬ ‫} َوااذُْك ُراواْ نِْع َماةَا اللِّه َلعلَْيُك ْما {‪ ،‬فى ماذا يارب؟ } إِْذ ُك ناتُْم أَْلع َداااء‬ ‫ف باَْيَن قاُ​ُلوبُِك ْما {‪َ ،‬منا النعمة التى ألفت بين القلوب؟ أليست رسول‬ ‫فَأَلّ َ‬ ‫ص بَاْح تُاام بِنِْع َماتِاِه إِْخ َواااًنا{ ]‪103‬آل لعمران[‪.‬‬ ‫ال؟!! }فَأَ ْ‬ ‫ص به ال حبيبه ومصطفاه فى الدنيا‬ ‫فمن الذى يستطيع أن يعّد ما خ ّ‬ ‫والخرة من نعم باهرة وأفضال ظاهرة؟! ناهيك لعن الجنان!! فإن هذا أمر‬ ‫غامض لم يحن بعد الوقت لكشفه فى هذه الدار! وإنما سنراه بعيون‬ ‫البصائر والبصار إذا رهزقنا ال هذا الجوار إن شاء ال ‪ .‬فهل يستطيع أحد‬ ‫أن يبين ماذا ألعّد ال فى الجنة لرسول ال ؟؟ ل يوجد‪:‬‬ ‫لم يدره إل اللااه القادُر‬ ‫لعجز الورى لعن فهم سّر محمد‬ ‫لبد أن يكون الذى أرسل إلى البشر بشرًا‪ ،‬لماذا؟ لن ال لعّز وجّل‬ ‫جعله هو النموذج القويم الذى نتعلم منه ما يريده منا العزيز الحكيم‪ ،‬فقد‬ ‫أمرنا ال لعّز وجّل فى قرآنه بالصلة فى أكثر من موضع فى كتاب ال‪:‬‬

‫ت َلعَلى الُْم ْؤاِمانِايَنكَِتاًبا ّمْو قُاوًتا {‬ ‫ص لَاَة إِّن ال ّ‬ ‫} فَأَِقيُم واْ ال ّ‬ ‫ص لَاَة َك اانَ ْ‬ ‫‪103‬النساء[‪،‬‬

‫ِ‬ ‫صلَاو اا ِ‬ ‫ص لَاِة الُْو ْساطَااى {‬ ‫ت وال ّ‬ ‫} َح اافُظواْ َلعَلى ال ّ َ‬ ‫]البقرة‪.[238:‬‬

‫العارف بال الشيخ فوزى محمد أبوزميد‬

‫الكتاب الحادى والستون‬

‫]‬


‫الســـــــــراج المـنير‪ .‬الفصل الول‪ :‬بشرمية النبى النورانية ( ‪)11‬‬

‫ما الصلوات التى أمرنا بها ال؟ ‪ ..‬ما لعددها؟ ‪ ..‬وما أسماؤها؟ ‪..‬‬ ‫وما أوقاتها؟ ‪ ..‬وما لعدد ركعاتها؟ ‪ ..‬وما الكيفية التى نؤديها بها لُنرضى رب‬ ‫العزة لعّز وجّل؟ ‪َ ..‬منا الذى فعل ذلك وأمرنا ال أن نهتدى به فى ذلك؟‬ ‫الذى قال لنا صلوات ربى وتسليماته لعليه‪:‬‬ ‫} صُّلوا كما رأيتمونى أصلى {‬

‫‪4‬‬

‫فجعل وقتاً للصبح ووقتاً للظهر ووقتاً للعصر ووقتاً للمغرب ووقتاً‬ ‫للعشاء‪ ،‬وجعل الصبح ركعتين والظهر والعصر والعشاء أربعاً والمغرب‬ ‫َثلث‪ ،‬وجعل فى الصلة ركولعاً وسجوداً ‪ ،...‬والركوع مرة فى كل ركعة‬ ‫والسجود مرتين فى كل ركعة ‪ ،!!..‬وهناك موضع لتلوة القرآن‪ ،‬وهناك‬ ‫موضع لتسبيح ال‪ ،‬وهناك موضع للدلعاء‪َ ...‬ثم قال لنا ال لعّز وجّل فى‬ ‫ذلك‪:‬‬

‫} َو َمااا آَتاُك ُما الّرُس واُل فَُخ ُذاواهُ َو َمااا ناَ​َه ااُك ْما َلعْنهُ َفانتاَُه وا {‬ ‫]‪7‬الحشر[‬

‫وإل فانظر يا أخى المؤمن أين تجد ما ذكرناه لعن الصلة فى كتاب‬ ‫ال؟! ليس فيه إل المر الجامع للصلة !!‪ ،‬أما الذى و ّ‬ ‫ضحا وبّين هيئاتها‬ ‫وأقوالها وأفعالها هو رسول ال صلى ال لعليه وسل‪ ،‬كيف يفعل ذلك‬ ‫ببشريته إذا لم يكن معصوماً من ال لعّز وجّل فى كل حركاته؟!‪ ..‬فل يتحرك‬ ‫حركة من قَِبل نفسه‪ ،‬ول يتكلم كلمة من لعند ذاته‪ ،‬وإنما كل حالته يقول‬ ‫ب العزة لعّز وجّل‪:‬‬ ‫فيها ر ّ‬ ‫‪ 4‬السنن الكبرى للبيهقى‪ ،‬أحمد والبخارى وغيرها لعن مالك بن الحويرث رضى ال لعنه‪.‬‬

‫العارف بال الشيخ فوزى محمد أبوزميد‬

‫الكتاب الحادى والستون‬


‫( ‪ )12‬الســـــــــراج المـنير‬

‫الفصل‬

‫الول‪ :‬بشرمية النبى النورانية‬

‫} َو َمااا َينِط ُقا َلعِن الَْه َواىا‪ .‬إِْن ُه َوا إِّل َوْح ٌياُيوَح ىا‪َ .‬لعلَّم هُا َش ِداياُد الُْقَو ىا‬ ‫{‬

‫]‪5 :3‬النجم[‪.‬‬

‫وكذلك فى شأن الزكاة‪ ... ،‬فقد فرض ال لعلينا الزكاة ‪ ،..‬فما مقدار‬ ‫هزكاة الزرع؟ !! ‪ ..‬وما نصاب هزكاة المال؟ وغيرها من صنوف الموال‬ ‫واللعراض التى تجا ب لعليها الزكاة؟‪ ،‬الذى و ّ‬ ‫ضحا وبّين هو الذى قال له ال‪:‬‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ص َداقَاًة تُطَّه ُراُه ْما َو تاَُزّك ياِه مابَِه اا {‬ ‫} ُخ ْذا م ْنا أَْم َوااالِه ْما َ‬

‫]‪103‬التوبة[‬

‫هو الذى أمره ال لعّز وجّل أن يتقاضى هذه الزكاة ليوهزلعها كما أوحى‬ ‫إليه موله‪ ،‬وليس بناءاً لعن حظ أو هوى ‪ -‬حاشا لرسول ال ‪ -‬صلى ال لعليه‬ ‫س كا المناسك ومشى أمامهم فى المناسك‬ ‫وسلم‪ .‬وكذلك الصيام والحج‪ ،‬ن ّ‬ ‫تطبيقاً وقال لهم‪:‬‬ ‫م ‪،‬‬ ‫ك ْ‬ ‫س كَ ُ‬ ‫عني َمَنا كِ‬ ‫خُذوا َ‬ ‫س ُ‬ ‫} َيا أ َُّيَها الّنا ُ‬ ‫هَذا {‬ ‫عاكِمي َ‬ ‫عَد َ‬ ‫ج َب ْ‬ ‫ح ُّ‬ ‫علي ال َ أ َ ُ‬ ‫َفنإني ال َ أ َْدكِر ي َل َ‬

‫‪5‬‬

‫وليس أمر العبادات فحْس ا باا‪ ،‬بل إن ال جعله صلى ال لعليه وسلم بشراً‬ ‫ليعّلمنا كيف نأكل؟ ويعّلمنا كيف نشرب؟ ويعّلمنا كيف نلبس؟ ويعّلمنا‬ ‫كيف نتحدث؟ ويعّلمنا كيف نمشى؟ ويعّلمنا كيف نعامل هزوجاتنا؟ وكيف‬

‫نربى أولدنا؟ وكيف نصل أرحامنا؟ وكيف نحسن إلى جيراننا؟ وكيف نتعامل‬ ‫مع ألعدائنا؟ ويعلمن كبف نتصرف وفقا لما لعلمه له موله فى كل شأن من‬ ‫‪) 5‬ن ‪ (،‬لعن جابٍر‪،‬ا )طا ب ‪ (،‬لعن ابن لعمٍرو رضي ال لعنه ]جامع الحاديث والمراسيل[‬ ‫العارف بال الشيخ فوزى محمد أبوزميد‬

‫الكتاب الحادى والستون‬


‫الســـــــــراج المـنير‪ .‬الفصل الول‪ :‬بشرمية النبى النورانية ( ‪)13‬‬

‫شئون الحياة! ‪ ...‬هذا ليضرب لنا المثل اللعلى فى ذلك كله؟ ليقربنا‬ ‫بذلك إلى ربنا لعّز وجّل‪.‬‬ ‫فكان لبد من بشريته لنه أرسل لُيعّلم البشر‪ ،‬وكان لبد لهذه‬ ‫البشرية أن تتنزل لنا‪ ،‬ويتنزل فيها وحى ذى الجلل والكرام‪ ،‬لنتعلم المنهج‬ ‫ب العزة لعّز وجّل‪.‬‬ ‫الصحيح القويم الذى يريده منا ر ّ‬

‫نورانية بشرميته‬

‫صلى ال لعليه وسلم‬

‫لكّن ال لعّز وجّل و ّ‬ ‫ضحا فى القرآن أن بشريته غير بشريتنا أيضاً فى‬ ‫الصورة‪ ،‬فالعرب أنفسهم كانوا يأتون له ليسألوه لعن أمره وكيف صار رسول‬ ‫من ال وهم يعلمون بفهمهم وفطرتهم أنه لبد له من تأهيل خاص يجعل‬ ‫بشريته قابلة لهذا المر العلى‪ ،‬واسمعموا لحديث سيد بنى لعامر وكبيرهم‬ ‫الذى أتى رسول ال صلى ال لعليه وسلم ليستوَثق من أمره قبل أن يسلم‪ ،‬فقال‪:‬‬ ‫يا ابن لعبد المطلا ب‪ ،‬إني نبئت أنك تزلعم أنك رسول اللاه إلى‬ ‫الناس‪ ،‬أرسلك بما أرسل به إبراهيم وموسى ولعيسى وغيرهم من النبياء‪ ،‬أل‬ ‫وإنك تفّو هات بعظيم‪ ،‬إنما كان النبياء والملوك في بيتين من بني إسرائيل‬ ‫ بيت نبوة وبيت ملك‪ ،‬ول أنت من هؤلء ول من هؤلء!! إنما أنت من‬‫العرب ممن يعبد الحجارة والوَثان ‪ -‬فما لك والنبوة؟ ولكل أمر حقيقة‪،‬‬ ‫فأنبئني بحقيقة قولك وبدء شأنك؟‪.‬فألعجا ب النبي صلى ال لعليه وسلم مسألته‪،‬‬ ‫وقال‪:‬‬ ‫} يا أخااا بنااي لعاامر‪ ،‬إن حقيقااة قاولي وبدء شاأني دلعاوة أباي إبراهياام‪،‬‬ ‫العارف بال الشيخ فوزى محمد أبوزميد‬

‫الكتاب الحادى والستون‬


‫( ‪ )14‬الســـــــــراج المـنير‬

‫الفصل‬

‫الول‪ :‬بشرمية النبى النورانية‬

‫وبشرى أخاي لعيساى‪ ،‬إناي كنات بكارا لماي‪ ،‬وإنهاا حملتناي كأَثقال ماا تحمال‬ ‫النساء‪ ،‬وإن أمي رأت في المنام أن الذي في بطنها نور قالت‪ :‬فجعلاات أتبااع‬ ‫بصا ااري النا ااور‪ ،‬فجعا اال النا ااور يسا اابق بصا ااري حا ااتى أضا اااء لا ااي مشا ااارق الرض‬ ‫ومغاربها ا ااا‪َ ،‬ثا ا اام إنها ا ااا ولااادتني‪ ،‬فلما ا ااا نشا ا ااأت بغاّا ااض إلا ا ااي الوَثا ااان والشا ا ااعر‪،‬‬ ‫فاسترضعت في بني بكر‪.‬‬ ‫فبينمااا أنااا ذات يااوم فااي بطاان واد مااع أتاراب لااي‪ ،‬إذا برهط َثلث‪ ،‬معهاام‬ ‫طشت من ذها ب ملن نور وَثلج‪ ،‬فأخذوني من بين أصحابي‪ ،‬فعمااد إلااى أحاادهم‪،‬‬ ‫فأضااجعني إلااى الرض إضااجالعاً لطيفاًا‪َ ،‬ثاام شاّق مااا بياان صاادري إلااى منتهااى لعااانتي‬ ‫وأنااا أنظاار‪ ،‬فلاام أجااد لااذلك شاايئًا‪َ ،‬ثاام أخاارج أحشاااء بطنااي‪ ،‬فغسلا ااه بالثلااج‪ ،‬فااأنعم‬

‫غسلاه‪َ ،‬ثم ألعادها في مكانها َثاام قااام الثااني فأدخاال ياده فااي جااوفي فاأخرج قلابي‪،‬‬ ‫وأنااا أنظاار فصاادلعه فاأخرج مناه مضاغة سااوداء رمى بهاا‪َ ،‬ثام إذا بخاااتم فااي يااده مان‬

‫نور‪ :‬نور النبوة والحكمة‪ ،‬يخطاف أبصاار النااظرين دونه‪ ،‬فختام قلابي‪ ،‬فاامتل ناوراً‬ ‫وحكمة‪َ ،‬ثم ألعاده مكانه‪ ،‬فوجدت برد ذلك الخاتم في قلبي دهرًا‪َ ،‬ثم أمّر الثالث‬ ‫يااده بياان َثااديي وصادري ومنتهااى لعااانتي‪ ،‬فالتااأم الشااق بااإذن اللا ااه‪َ ،‬ثاام أنهضااني ماان‬

‫مكاني إنهاضا لطيفا‪.‬‬

‫َثم قال الول‪ :‬هزنوه بعشاارة ماان أمتااه‪ ،‬فوهزنوني فرجحتهاام‪ ،‬فقااال‪:‬‬ ‫هزناوه بمائااة ماان أمتااه‪ ،‬فوهزناوني فرجحتهاام‪ ،‬فقااال‪ :‬هزناوه بااألف ماان أمتااه‪،‬‬ ‫فوهزناوني فرجحتهاام‪ ،‬فقااال‪ :‬دلعااوه فلااو وهزنتمااوه بااأمته جميعااا لرجحهاام‪.‬‬ ‫قا ااال‪َ :‬ثا اام أقبا اال الحا ااي بحا ااذافيرهم‪ ،‬فجا اااءت ظئا ااري حا ااتى أكبا اات لعلا ااي‬ ‫فضا اامتني إلا ااى صا اادرها وإن يا اادي لفا ااي يا ااد بعضا ااهم‪ ،‬فظننا اات أن القا ااوم‬ ‫العارف بال الشيخ فوزى محمد أبوزميد‬

‫الكتاب الحادى والستون‬


‫الســـــــــراج المـنير‪ .‬الفصل الول‪ :‬بشرمية النبى النورانية ( ‪)15‬‬

‫يبصرونهم‪ ،‬فإذا هم ل يبصرونهم‪.‬‬ ‫فجاااء بعااض الحااي‪ ،‬فقااال‪ :‬هااذا الغلم أصااابه لماام أو طااائف ماان‬ ‫الجان‪ ،‬فاانطلقوا باه إلاى الكااهن‪ ،‬ينظار إلياه ويداويه‪ .‬فقلات لااه‪ :‬ياا هاذا‪،‬‬ ‫ليس بي شيء مما تذكرون‪.‬‬ ‫فااذهبوا باى إلاى الكاااهن‪ ،‬فقصصاات لعليااه أمااري‪ ،‬فضاامني إلاى صاادره‬ ‫ونااادى بااألعلى صااوته‪ :‬يااا للعاارب اقتلااوا هااذا الغلم‪ ،‬واقتلااوني معااه‪ ،‬واللت‬ ‫والعاازى لئاان تركتمااوه ليباادلن دينكاام‪ ،‬وليساافهن أحلمكاام‪ ،‬وليخااالفن أمرك م‪،‬‬ ‫وليأتينكم بدين لم تسمعوا بمثلاه‪ .‬فقالت ظئااري‪ :‬لناات ألعتااه منااه وأجاان‪ ،‬ولو‬ ‫لعلمت أن هذا يكون من قولك مااا أتيتااك‪َ .‬ثام ردوني إلاى أهلااى‪ ،‬وأصاابح أَثاار‬ ‫الشق ما بين صدري إلاى منتهاى لعاانتي كاأنه شاراك‪ ،‬فاذاك حقيقاة قاولي وبدء‬ ‫‪6‬‬ ‫شأني فقال العامري‪ :‬أشهد أن ل إلاه إل اللاه‪ ،‬وأن أمرك حّق {‬ ‫فللقصة دلئل كثيرة تدّل لعلى أن ال جّه زا بشريته صلى ال لعليه وسلم‬ ‫تجهيزاً خاصاً لحمل الرسالة‪ ،‬فصارت بشريًّة نورانيًّة‪ .‬ولذا لما سمع سيد‬ ‫بنى لعامر القصة من النبى أدرك وفهم ووجد الجابة لعن تساؤله وأسلم فى‬ ‫الحال‪ ،‬بل لما سمع الكاهن ذلك لعلم أنه النبى المنتظر الذى يعّد لحمل‬ ‫الرسالة فى المستقبل! ‪ ...‬وأنظروا إليه صلى ال لعليه وسلم لما وهزنوه بعد أن‬ ‫جهزوه وطبعوه بخاتم النور والحكمة‪ ..‬ماذا كانت النتيجة؟ ‪ ..‬كان وهو‬ ‫فرٌد وحيٌد يساوى المة كلها ببشريته التى ألعدها ال بقدرته فجعلها نورانية‬ ‫فى صورة بشرية!!‪.‬وإذا كان رجل من ُأمته وهو الصديق رضى ال لعنه يقول‬

‫‪ 6‬لعاان شااداد باان أوس‪ ،‬المطااالا ب العاليااة )اباان حجاار العسااقلني ‪ (،‬مااع اختصااار الروايااة‪ ،‬وفاى كنااز العمااال و دلئاال النبااوة‬ ‫وغيرها‪.‬‬

‫العارف بال الشيخ فوزى محمد أبوزميد‬

‫الكتاب الحادى والستون‬


‫( ‪ )16‬الســـــــــراج المـنير‬

‫الفصل‬

‫الول‪ :‬بشرمية النبى النورانية‬

‫الحبيا ب صلى ال لعليه وسلم فى تفضيله‪:‬‬

‫ن أ َكِبـي‬ ‫ما ُ‬ ‫ح كِإي َ‬ ‫ج َ‬ ‫س َلَر َ‬ ‫ن الّنا كِ‬ ‫ما كِ‬ ‫كب ٍر كِبكِنإي َ‬ ‫ن َأبـي َب ْ‬ ‫ما ُ‬ ‫ن كِإي َ‬ ‫} َلْو ُوكِز َ‬ ‫‪7‬‬ ‫كر {‬ ‫َب ْ‬

‫فما بالكم بمن كان السبا ب فى إيمان المة جميعها وإيمان أبى‬ ‫بكر!! الرحمة المهداة والنعمة المسداة التى خلقها لنا ال لعّز وجّل‪.‬‬ ‫روى المام أبو المواها ب الشاذلى رضي ال لعنه أنه كان فى الهزهر‬ ‫الشريف يَُد ّراس‪ ،‬وإذا برجل معاند جاء إلى مجلسه‪ ،‬وأخذ الرجل يتحدث‬ ‫فى هذه القضية‪ ،‬وُيصر لعلى أن الحبيا ب صلى ال لعليه وسلم بشٌر كسائر‬ ‫البشر‪ ،‬قال‪ :‬فقمت من هذا المجلس مهموماً لنى لم أدافع لعن رسول ال‬ ‫صلى ال لعليه وسلم كما ينبغى‪ ،‬قال‪ :‬فنمت فرأيت رسول ال صلى ال لعليه وسلم‬ ‫فى المنام وقال لى‪ :‬يا محمد هل قلت له‪" :‬محمد بشر بين البشر‬

‫كالياقوت وهو حجر بين سائر الحجر"‪.‬‬

‫هل يساوى حجر الياقوت بقية الحجار؟! هل يساوى حجر الذها ب‬ ‫بقية الحجار؟! والنبى صلى ال لعليه وسلم يقول فى الخلق والناس أجمعين‪:‬‬ ‫‪8‬‬

‫ب{ ‪.‬‬ ‫ه كِ‬ ‫ضكِة َوالّذ َ‬ ‫ن اْلكِف ّ‬ ‫عاكِد كِ‬ ‫م َ‬ ‫ن َك َ‬ ‫عاكِد ُ‬ ‫س َم َ‬ ‫}الّنا ُ‬

‫ولَِم نذها ب بعيداً وهذا الزجاج الذى نضعه فى نوافذنا‪ ،‬ما أصله؟‬ ‫أصله رمٌل‪ ،‬ولكننا لعالجناه حتى صار شفافاً يبين ما وراءه‪ ،‬فما بالكم‬ ‫‪ 7‬قال صاحا ب كشف الخفاء‪ :‬رواه إسحاق بن راهويه والبيهقي في الشعا ب بسند صحيح لعان لعماار ماان قااوله‪ ،‬وأخرجه ابان‬ ‫لعدي والديلمي كلهما لعن ابن لعمر مرفولعا بلفظ "لو وضع إيمان أبي بكر لعلى إيمان هااذه الماة لرجح بهااا"‪ ،‬وفي سانده‬ ‫لعيسى بن لعبد ال ضعيف‪ ،‬لكن يقويه ما أخرجه ابن لعدي أيضا من طريق أخرى بلفظ لااو وهزن إيماان أباي بكار بإيماان أهاال‬ ‫الرض لرجحهم‪ ،‬وله شاهد أيضا فاي السانن لعان أباي بكارة مرفولعا أن رجل قاال ياا رسول الا كاأن ميزاناا نازل مان الساماء‬ ‫فوهزنت أنت وأبو بكر فرجحت أنت َثم وهزن أبو بكر بمن بقي فرجح ‪-‬الحديث‪ ، .‬وقال ابن تيمياة لماا ساأل لعناه هاذا جااء‬ ‫معناه في حديث معروف في السنن أن أبا بكر رضي ال لعنه وهزن هذه المة فرجح‪ ،‬مجموع فتاوى ابن تيمية‪.‬‬ ‫‪ 8‬صحيح مسلم َلعْن أَِبي ُه َراياَْرَة ‪ ،‬وفى الحديث } ِخ يَااُرُه ْما ِفي الَْج ااِه لِايِّة ِخ يَااُرُه ْما ِفي اِل ْسالَاِم إَِذا فاَُقُه وا {‪.‬‬

‫العارف بال الشيخ فوزى محمد أبوزميد‬

‫الكتاب الحادى والستون‬


‫الســـــــــراج المـنير‪ .‬الفصل الول‪ :‬بشرمية النبى النورانية ( ‪)17‬‬

‫بحبيا ب ال ومصطفاه الذى ش ّ‬ ‫ف ال جسمه ونّورا ال هيكله حتى صار‬ ‫ظاهره نور وباطنه نور وكله نور! وقال ال فى شأنه‪ّ } :‬نوٌر َلعلَٰى ُنوٍر ياَْه ِدايا‬ ‫ش ااُء { ]‪35‬النور[‪ ،‬ولذلك كان صلى ال لعليه وسلم إذا انتهى‬ ‫اللّهُ لُِنوِرِه َمنا يَ َ‬ ‫من الصلة يلتفت إلى من خلفه ويقول لهم أنت فعلت كذا أو قلت كذا‪.،‬‬ ‫قال سيدنا ابو هريرة رضي ال لعنه‪:‬‬ ‫صلّاى بَِنا َرُس واُل اللِّه الظّْه َرا‪ ،‬ا فاَلَّم اا َس لّاَم َناَدىا َرُج لًا َك ااَن ِفي آِخ ِرا ا‬ ‫} َ‬ ‫صُفاوا ِ‬ ‫ص لّاي؟‪ ،‬إنُّك ْما‬ ‫ال ّ‬ ‫ف ‪،‬ا ا فاَ​َق ااَل ‪:‬ا ا َيا فُلَُن ؛ا أَلَ تاَتِّق يا اللَّه‪ .‬أَلَ تاَْنظُ​ُر َك ْيا َ‬ ‫ف تُ َ‬ ‫تارْو َنا أَّني لَ أَراُك ما‪،‬ا إّني وااللِّه لَرى ِم ْنا َخ ْلا ِ‬ ‫ف ظَْه ِرااي َك َمااا أَ​َرى ِم ْنا باَْيِن‬ ‫َ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ​َ‬ ‫‪9‬‬ ‫يا { ‪.‬‬ ‫يَ​َد ّ‬ ‫وَم نا الذى يرى من خلفه؟ إل إذا كان جسمه شفافاً نورانيًا‪ ،‬لنه‬ ‫ليس له لعين فى مؤخرة رأسه! ولكن له قلا ب مملوٌء بالنور يقول فيه موله‪:‬‬ ‫ل َٰ‬ ‫هۚ َ‬ ‫صليَرٍة أَ​َن ا‬ ‫ ى بَ ِ‬ ‫ع و إَِل ى اللّ ِ‬ ‫ه ِ‬ ‫سِبليِل ي أَْد ُ‬ ‫ذِه َ‬ ‫}ُق ْ‬ ‫علَ ٰ‬ ‫ن اتّبَ َ‬ ‫عِن ي ۖ { ]‪108‬يوسف[‪.‬‬ ‫َو َ‬ ‫م ِ‬

‫بهذه البصيرة النورانية كشف لنا كل ما حدث مع أنبياء ال ورسل‬ ‫ال مع أممهم السابقين‪ ،‬وحدَثنا لعن كل شئ سيحدث لنا أو بيننا إلى يوم‬ ‫الدين ‪،‬فما من شئ يحدث فى الكوان إلى الن وبعد الن إل وأنبأ لعنه‬ ‫النبى العدنان وحّد ثا لعنه بأبلغ بيان‪.‬‬ ‫بل إنه صلى ال لعليه وسلم حّد َثانا لعن القيامة كأنها رأى العين‪ ،‬وحّد َثانا‬ ‫لعما يدور فيها‪ ،‬وكيف يكون حالنا بينها‪ ،‬وكيف حال المؤمنين‪ ،‬وكيف حال‬ ‫‪ 9‬الترغيا ب والترهيا ب‪ ،‬صحيح ابن خزيمة لعن أبى هريرة رضي ال لعنه‪.‬‬

‫العارف بال الشيخ فوزى محمد أبوزميد‬

‫الكتاب الحادى والستون‬


‫( ‪ )18‬الســـــــــراج المـنير‬

‫الفصل‬

‫الول‪ :‬بشرمية النبى النورانية‬

‫المنافقين‪ ،‬وكيف حال الكافرين‪ ،‬بل حّد َثانا لعن الجنة ودرجاتها وقصورها‬ ‫وحورها وأنهارها وكل شئ فيها‪ ،‬وكذا النار وكل مافيها من أهوال وأحوال!!‬ ‫ذلك لن ال لعّز وجّل كشف له لعن بصيرته فرأى ما لم نَر ‪،‬ا قال تعالى‪:‬‬

‫ضٰى ِم ن‬ ‫ب فَ​َل يُْظِهُر َعلَٰى َغْيبِ​ِه أَ​َحًدا إِّل َمِ ن اْرتَ َ‬ ‫} َعالُِم اْلَغْي ِ‬ ‫صًدا { ]‪27-26‬الج ن[‬ ‫سوٍل فَإ ِبنّهُ يَ ْ‬ ‫ّر ُ‬ ‫سلُ​ُك ِم ن بَْيِ ن يَ​َدْيِه َوِمْ ن َخْلفِ​ِه َر َ‬ ‫وقد ارتضى هذا الرسول وألعطاه ما لم يعط الولين والخرين‪ ،‬فيجا ب‬ ‫أن نعلم قدر نبينا لعند ربه‪ ،‬ولعظمة نبينا بين أنبياء ال ورسله‪ ،‬ونفرح بالنعمة‬ ‫الكبرى التى وهبها ال لنا وهو هذا النبى وهذا الرسول وهذا الحبيا ب‪،‬‬ ‫الذى جعله ال نبينا‪ ،‬وجعله شفيعنا‪ ،‬وجعله إمامنا‪ ،‬قال صلى ال لعليه وسلم‪:‬‬ ‫م إَذا‬ ‫طيُبُهــ ْ‬ ‫خ كِ‬ ‫عُثوا َوأ َ​َنا َ‬ ‫خُروجا إ كَِذا ُب كِ‬ ‫س ُ‬ ‫ل الّنا كِ‬ ‫} أ َ​َنا أ َّو ُ‬ ‫مكِد َيْومَكِئب ٍذ كِبَيــكِد ي ‪،‬‬ ‫ح ْ‬ ‫ء ال َ‬ ‫سوا‪ .‬كِلَوا ُ‬ ‫م إَذا أَكِي ُ‬ ‫ه ْ‬ ‫شُر ُ‬ ‫َوَفُدوا ‪َ ،‬وأ َ​َنا ُمَب رِّ‬ ‫خَر {‪.10‬‬ ‫عَلى َررِّبي َوال َ َف ْ‬ ‫م َ‬ ‫م َوَلكِد آَد َ‬ ‫َوأ َ​َنا أ َْكَر ُ‬

‫ا لَِمَقاِم نَبِيِّه‬ ‫ِحْفظُ ِ‬

‫صلى ال لعليه وسلم‬

‫انظروا إلى حفظ ال لنبيه وصفيه صاالى الا لعليااه وسلم‪ ،‬فرغم أن الا رفع‬ ‫من ُي ِ‬ ‫قدره وألعلى شأنه فى كتابه إلى حدود ل يتحملهااا بشاار‪ ،‬فقااال‪ّ }:‬‬ ‫طعِ‬ ‫ل َ‬ ‫قسسْد أَ َ‬ ‫ف َ‬ ‫عسس وُه‬ ‫طسس ا َ‬ ‫ع الّلسس َ‬ ‫وِإ ن ُت ِ‬ ‫طلي ُ‬ ‫ه{ ]‪80‬النس ا اااء[ وأخ ا اارى‪َ  :‬‬ ‫سسس و َ‬ ‫الّر ُ‬ ‫تَْهَتُدوا‪ [54‬النور[‪ ،‬وحّذ را‪َ } :‬‬ ‫خ الُِف و َ‬ ‫م سِرِه َأ ن‬ ‫ ن َ‬ ‫ن ُي َ‬ ‫حَذِر الّ ِ‬ ‫ذي َ‬ ‫ن أَ ْ‬ ‫ع ْ‬ ‫فْلليَ ْ‬ ‫م { ]‪63‬النا ااور[‪ ،‬ويقا ااول‪} :‬‬ ‫م َ‬ ‫م فِْتَن س أ ٌ‬ ‫ة أَْو ُي ِ‬ ‫ُت ِ‬ ‫صسسليبَُه ْ‬ ‫صسسليبَُه ْ‬ ‫ب أَِللي س أ ٌ‬ ‫ع سَذا أ ٌ‬ ‫‪ 10‬سنن الترمذى لعن أنس رضى ال لعنه‬

‫العارف بال الشيخ فوزى محمد أبوزميد‬

‫الكتاب الحادى والستون‬


‫الســـــــــراج المـنير‪ .‬الفصل الول‪ :‬بشرمية النبى النورانية ( ‪)19‬‬ ‫ح ّ‬ ‫ض وُه { ]‪62‬التوبة[‪ .‬ورغم كال هااذه الرفعااة‬ ‫ه أَ َ‬ ‫ه َ‬ ‫َ‬ ‫س وُل ُ‬ ‫واللّ ُ‬ ‫ق َأ ن ُيْر ُ‬ ‫وَر ُ‬ ‫والشأن العلى‪ ،‬لكن حفظه ال فى كل الهزمنة وإلى يوم الاادين‪ ،‬بااأنه ل يوجد‬ ‫ط قد رفعه لعن رتبااة العبوديااة أوأدخلااه دائاارة اللوهيااة‪ ،‬فمهمااا يماادحه‬ ‫مسلم ق ّ‬ ‫أى مسلم أو ُيثنى لعليه أى لعالم‪ ،‬فتكون نهاية المدح لعبٌد لاا!! لكاان حضاارة‬ ‫اللوهية ل يوجد أحٌد منا يدخله أو يشركه صلى ال لعليه وسلم فيها‪ ،‬لن الا لع اّز‬ ‫وجّل لعندما رفع قدره وألعلى شأنه مدحه بالعبودية‪:‬‬ ‫ح ا َ‬ ‫سَر ٰ‬ ‫دِه { ]‪1‬السراء[‬ ‫ى بِ َ‬ ‫عْب ِ‬ ‫ ن الّ ِ‬ ‫سْب َ‬ ‫ذ ي أَ ْ‬ ‫} ُ‬ ‫ل اْلُفْر َ‬ ‫ق ا َ‬ ‫دِه { ]‪1‬الفرقان[‬ ‫ ى َ‬ ‫ ن َ‬ ‫عْب ِ‬ ‫ك ال ّ ِ‬ ‫ذ ي نَّز َ‬ ‫} تَ​َب اَر َ‬ ‫علَ ٰ‬ ‫ب { ]‪1‬الكهف[‬ ‫ ى َ‬ ‫ل َ‬ ‫دِه اْل ِ‬ ‫عْب ِ‬ ‫ه الّ ِ‬ ‫مُد لِلّ ِ‬ ‫كَت ا َ‬ ‫ذ ي َأنَز َ‬ ‫} ْل َ‬ ‫ح ْ‬ ‫علَ ٰ‬

‫هذه قضية بديهية‪ ،‬فكل المسلمين مهما يرفعون شأنه فإنهم يتبعون‬ ‫رفعة شأنه التى فى كتاب ال والتى بّينها ال‪ ،‬وفى النهاية‪ :‬لعبد ال‬ ‫ورسوله!! نحن ل نقول فى الصلة‪) :‬أشهد أن محمداً رسول ال ‪ ،(،‬ولكن‬ ‫نقول فى الصلة أَثناء التشهد‪) :‬أشهد أن محمداً َلعْبُد هُا ورسولُه ‪َ ،(،‬منا الذى‬ ‫لعّلمنا هذا الدب العالى؟ هو سيدنا رسول ال صلى ال لعليه وسلم‪.‬‬ ‫لكن بشريته صلى ال لعليه وسلم كان لبد منها حتى نتعلم منها‪ ،‬لن ال‬ ‫إذا أنزل ملكاً من السماء فلن نراه ولن نسمعه! إذاً كيف سنتعلم منه؟!‬ ‫فلبد أن يكون بشرًا‪ ،‬ولكنه بشٌر معه الوحى من خالق الُقَو ىا والُقَد را‪ ،‬ولكى‬ ‫يتحمل نزول الوحى والتصال بالملء اللعلى لبد أن تكون بشريته ألعلى‬ ‫وأرقى من سائر البشر!! فلبد من ال أن يصّف ياه ويرّقيه ويعليه حتى يكون له‬ ‫شأنه‪ ،‬وتصبح بشريته ملئمة لهذه اللعباء وتلك التكليفات التى فوق طاقة‬ ‫العارف بال الشيخ فوزى محمد أبوزميد‬

‫الكتاب الحادى والستون‬


‫( ‪ )20‬الســـــــــراج المـنير‬

‫الفصل‬

‫الول‪ :‬بشرمية النبى النورانية‬

‫البشر! وخذوا أمثلة لعلى ذلك‪ ،‬وهى واضحة وَثابتة بينة‪:‬‬ ‫كان صلى ال لعليه وسلم إذا مشى ل ُيرى له ظل‪ !!11‬من فينا ليس له‬ ‫ظل؟! الذى ليس له ظل هو النور‪ ،‬فكان صلى ال لعليه وسلم إذا مشى ل ُيرى‬ ‫له ظل!!‪.‬وفى وصفه صلى ال لعليه وسلم الذى اشتهر وانتشر قال سيدنا هند بن‬ ‫أبى هالة‪َ } :‬ك ااَن َرُس واُل اِل صلى ال لعليه وسلم فَْخ ًمااا ُمَف ّخاًمااا‪ ،‬ياتَلْلُ َوْج ُهاهُاتَلْلَُؤ‬ ‫الَْق َماِرا َلياْلَ​َة الْبَْد ِرا {‪ .12‬وورد فى وصفه صلى ال لعليه وسلم‪ } :‬إذا افتر ضاحكاً افتر‬ ‫لعن مثل سنا البرق‪ ،‬ولعن مثل حا ب الغمام‪ ،‬إذا تكلم رئى كالنور يخرج من‬ ‫َثناياه {‪ ،‬و قال أبو هريرة رضي ال لعنه‪}:‬مارأيت شيئاً أحس ن م ن رسول اللـه‬ ‫صلى ال لعليه وسلم ‪ ،‬كأن الشمس تجري في وجهه‪ ،‬وإذا ضحك يتلل في‬

‫الجدر{‪ ،‬وقال جابر بن سمرة وقد قال لاه رجل‪ :‬كان وجهه‬ ‫‪13‬‬ ‫مثل السيف؟ قال‪ }:‬ل‪ ،‬بل مثل الشمس والقمر {‪.‬‬

‫صلى ال لعليه وسلم‬

‫رأوا الحقيقة التى جّم لاه ال بها‪ ،‬والتى لعياَّر الكافرين بسببها‪ ،‬فقال‬ ‫ك و ُهاما َل ياْب ِ‬ ‫ص ُرااوَن {ا [‪198‬اللعراف]‪ ،‬ل يرون‬ ‫لعّز وجّل‪َ } :‬و تاَراُه ْما َينظُ​ُروَن إِلَْي َ َ ْ ُ‬ ‫الفضل الذى منحه ال لك!! فيرونه مثلهم ؛ يأكل ويشرب مثلهم!! مع أنه‬ ‫صلى ال لعليه وسلم حتى فى أكله وشربه ليس مثلنا!‪ ،‬لنه صلى ال لعليه وسلم كان‬ ‫يصوم صيام الوصال‪ ،‬فكان ل يأكل أو يشرب لمدة أسبوع أو أكثر!! ولكنه‬ ‫‪14‬‬ ‫كان يقول‪ } :‬إبني لست مثلكم‪ ،‬إبني أظل عند ربي فيطعمني ويسقيني {‬ ‫‪ 11‬ذكر ذلك القاضي لعياض في الشفاء ‪ ،1/268‬وقال السيوطي‪ :‬أخرج الحكيم الترمذي لعن ذكوان أن رسول الا صاالى‬ ‫ال لعليه وسلم لم يكن له ظل في شمس ول قمر‪ .‬انظر‪ :‬الخصائص الكبرى ‪ 1/68‬؛ ومناهل الصفا ص ‪.173‬‬ ‫‪ 12‬المسند الجامع لعن الحسن بن لعلى وغالا ب كتا ب السنة والحديث‬ ‫‪ 13‬الشفا بتعريف حقوق المصطفى للقاضى لعياض مجمولعة من كتا ب الحديث‪.‬‬ ‫‪ 14‬مسند المام أحمد لعن أبى هريرة رضى ال لعنه‪.‬‬

‫العارف بال الشيخ فوزى محمد أبوزميد‬

‫الكتاب الحادى والستون‬


‫الســـــــــراج المـنير‪ .‬الفصل الول‪ :‬بشرمية النبى النورانية ( ‪)21‬‬

‫بركة رميقه الشرميف‬

‫صلى ال لعليه وسلم ‪15‬‬

‫ولننظر إلى ألعضاءه الطبيعية والتى أشركنا ال فيها معشر البشرية‬ ‫كلنا‪ ،‬وسنأخذ حقيقة واحدة‪ :‬فى هذه اليام منظمة الصحة العالمية ووهزارة‬ ‫الصحة القليمية وكل الذالعات والمنشورات ُتحذر من اللعاب والريق لنه‬ ‫يسبا ب أمراضاً كثيرة‪ ،‬ويحذرون من التقبيل ومن استخدام الريق لنه‬ ‫الموضع الساسى للداء‪ .‬لكن تعالوا ننظر إلى ريق رسول ال صلى ال لعليه‬ ‫وسلم‪.‬‬

‫ففى مرات ل ُتعد ول تحصى فى كتا ب السيرة يأتيه وفد من العرب‬ ‫ويخبرونه أن لهم بئراً مالح ماؤه ‪ -‬وحياتهم لعلى البار ‪ -‬فيطلا ب صلى ال‬ ‫لعليه وسلم إناءاً به ماء‪ ،‬فيتناول منه قليلً ويديره فى فمه َثم يمّج ها فى الناء‬ ‫َثانية‪ ،‬ويقول لهم‪ :‬أن اسكبوه فى البئر‪ ،‬فيفعلون‪ ،‬فيتحول ماء البئر بإذن ال‬ ‫لعّز وجّل إلى ماٍء لعذب فرات!! ‪ -‬هذه الروايات لعددها أكثر من َثمانين مرة‬ ‫فى كتا ب السيرة الصحاح‪ .‬إذاً كيف حّو لا ريقه الماء الملح الجاج إلى ماء‬ ‫لعذب؟!! إذاً هل هو مثلنا؟!! ل‪ ،‬بل كّرمه ال لعّز وجّل‪.‬‬ ‫وأخرى‪ ،‬ذها ب رسول ال ليفتح خيبر‪ ،‬وحاصر الجيش اليهود‪ ،‬ومن‬ ‫إلعجاهز القرآن أن ال أخبر لعن اليهود فى أنهم كما كانوا فى لعهد حضرة‬ ‫صانَاٍة أَْو ِم نا‬ ‫النّبِّى كذلك هم الن‪َ} :‬ل ياَُق ااتُِلونَُك ْما َج ِماياًعا إِّل ِفي قاًُرى ّمَح ّ‬ ‫َوَراء ُج ُداٍرا{ ]‪14‬الحشر[‪ ،‬إما أن يبنوا قرى وحولها أسوار حصينة أو يبنوا‬ ‫جدرانًا‪ ،‬وأنتم تعلمون أن اليهود مكّذ باون ويريدون أن ُيكذبوا القرآن‪ ،‬ومع‬ ‫‪ 15‬المحاضرة من هنا وحتى نهاية الفصل كانت بقنا يوم ‪ 18‬فبراير ‪.2010‬‬

‫العارف بال الشيخ فوزى محمد أبوزميد‬

‫الكتاب الحادى والستون‬


‫( ‪ )22‬الســـــــــراج المـنير‬

‫الفصل‬

‫الول‪ :‬بشرمية النبى النورانية‬

‫ذلك فإنهم يبنون قرى محصنة ويبنون جدرانًا! فلماذا ل يمتنعون لعن‬ ‫ص َداُقا ِم َنا اللِّه َح ِداياًثا { ]‪87‬النساء[‪.‬‬ ‫ذلك؟! حتى نعرف‪َ } :‬وَماْنا أَ ْ‬ ‫فحاصر النبى أهل خيبر والذين أقاموا سوراً له باب واحد‪ ،‬فحاربهم‬ ‫المسلمون طوال النهار ولم يستطيعوا أن يدخلوا‪ ،‬فعقد النبى صلى ال لعليه‬ ‫وسلم اجتمالعاً مع قادة المهاجرين والنصار بعد المغرب وقال لهم‪:‬‬ ‫ب الهّلــهَ‬ ‫حــ ُّ‬ ‫عَلى َيــَدْيكِه‪ُ .‬ي كِ‬ ‫ح الهّلُه َ‬ ‫جال َي ً َيْفَت ُ‬ ‫ه الّراَيةَ َر ُ‬ ‫ن هكِذ كِ‬ ‫طَي ّ‬ ‫ع كِ‬ ‫} لُ ْ‬ ‫س َيـُدوُكونَ‬ ‫ت الّنــا ُ‬ ‫ل ‪َ :‬فَبــا َ‬ ‫ســوُلُه َقــا َ‬ ‫حُّبُه الهّلـُه َوَر ُ‬ ‫سوَلُه‪َ .‬وُي كِ‬ ‫َوَر ُ‬ ‫غ ـَدْوا عَ​َلــى‬ ‫س َ‬ ‫ح الّنــا ُ‬ ‫ص ـَب َ‬ ‫مــا أ َ ْ‬ ‫ل ‪َ :‬فَل ّ‬ ‫ها‪َ .‬قــا َ‬ ‫طا َ‬ ‫ع َ‬ ‫م ُي ْ‬ ‫م أ َُّيُه ْ‬ ‫َلْيَلَتُه ْ‬

‫ها‪ -‬وفا ااى روايا ا ااة أب ا ااى هريا اارة ‪:‬‬ ‫طا َ‬ ‫ع َ‬ ‫ن ُي ْ‬ ‫ن أَ ْ‬ ‫جو َ‬ ‫م َيْر ُ‬ ‫ل الهّلكِه ‪ُ ،‬كُّلُه ْ‬ ‫سو كِ‬ ‫َر ُ‬ ‫ل ‪:‬‬ ‫ة إ كِال ّ َيْوَمكِئـب ٍذ‪َ .‬قـا َ‬ ‫ت الكَِمـاَر َ‬ ‫حَبْبـ ُ‬ ‫ب ‪َ :‬مـا أ َ ْ‬ ‫طـا كِ‬ ‫خ ّ‬ ‫ن اْل َ‬ ‫مُر ْب ُ‬ ‫ع َ‬ ‫ل ُ‬ ‫َقا َ‬ ‫ن أ َكِبــي‬ ‫ي ْب ـ ُ‬ ‫عكِل ـ ُّ‬ ‫ن َ‬ ‫ل ‪ :‬أ َْي َ‬ ‫عى َلَها‪َ -‬فَقا َ‬ ‫ء أ َنْ أ ُْد َ‬ ‫جا َ‬ ‫ت َلَها َر َ‬ ‫ساَوْر ُ‬ ‫َفَت َ‬

‫ل ‪:‬‬ ‫كي عَْيَنْيـكِه‪َ .‬قـا َ‬ ‫شـَت كِ‬ ‫ل الهّلـكِه َي ْ‬ ‫ســو َ‬ ‫هـَو ‪َ ،‬يــا َر ُ‬ ‫ب ؟ َفَقــاُلوا ‪ُ :‬‬ ‫طاكِل ب ٍ‬ ‫َ‬ ‫عــا‬ ‫ل الهّلكِه كِفي عَْيَنْيــكِه‪َ .‬وَد َ‬ ‫سو ُ‬ ‫ق َر ُ‬ ‫ص َ‬ ‫ي كِبكِه ‪َ ،‬فَب َ‬ ‫سُلوا إ كَِلْيكِه ‪َ ،‬فُأكِت َ‬ ‫َفَأْر كِ‬ ‫طاُه الّراَيــَة {‪.16‬ففتا ا ااح‬ ‫ع َ‬ ‫ع‪َ .‬فَأ ْ‬ ‫ج ‪ٌ.‬‬ ‫ن كِبكِه َو َ‬ ‫ك ْ‬ ‫م َي ُ‬ ‫ن َل ْ‬ ‫حّتى َكَأ ْ‬ ‫َلُه َفَبَرَأ‪َ .‬‬

‫ال لعلى يديه‪.‬‬

‫فأين القطرة أو المرهم الموجودة فى الكون كله والتى يمكن أن‬ ‫تشفى من الرمد فى الحال؟! هل توجد؟ بالطبع ل! ولكنه ريق النبى صلى ال‬ ‫لعليه وسلم‪.‬‬ ‫وهذا الكلم ليس بعد النبوة فقط بل منذ ولدته!!‪ ،‬فاليهود كانوا‬ ‫‪ 16‬صحيح مسلم لعن سهل بن سعد‪ ،‬ورواية أبى هريرة فى صحيح مسلم وروى الواقعة الكثيرون‪.‬‬

‫العارف بال الشيخ فوزى محمد أبوزميد‬

‫الكتاب الحادى والستون‬


‫الســـــــــراج المـنير‪ .‬الفصل الول‪ :‬بشرمية النبى النورانية ( ‪)23‬‬

‫يعلمون كل شئ لعن رسول ال صلى ال لعليه وسلم‪ ،‬فقد لعّرفهم سيدنا موسى‬ ‫ن َأباَْناءُه ْما {]‬ ‫لعنه كل شئ‪ ،‬حتى قال ال فيهم‪ } :‬ياَْع ِراُفونَهُ َك َمااا ياَْع ِراُفو َ‬ ‫‪146‬البقرة[ا وكثير منهم سكن مكة لعند ميعاد ظهوره‪ ،‬ومنهم من سكن‬ ‫المدينة لنهم يعرفون أنها مهاجره‪ ،‬وممن سكنوا مكة من اليهود رجٌل سكن‬ ‫لعند جبل لعرفات‪ ،‬وكان طبيبًا‪ ،‬وكان حضرة النبى بعد أسبوع من ولدته قد‬ ‫أصيا ب برمد‪ ،‬فأخذه جده لعبد المطلا ب وذها ب لهذا الراها ب ليعالجه‪،‬‬ ‫فعندما رآه لعرفه‪ ،‬وقال لجده‪ :‬هذا شفاؤه معه! فخذ من ريقه وضع فى لعينه‬ ‫ُيشفى فى الحال!‪ ،‬فأخذ من ريقه ووضع فى لعينه فشفى فى الحال!!‪ ،‬متى‬ ‫كان هذا؟ كان وهو فى سن سبع سنوات ‪ ..‬كيف ذلك؟ خصوصية لرسول‬ ‫ال صلى ال لعليه وسلم!!‬ ‫فهو صلى ال لعليه وسلم حتى فى الصفات البشرية فريٌد وحيٌد ل مثيل‬ ‫له!!‪.‬فريقه كان يحول الماء الملح إلى لعذب!! وريقه يشفى العين المصابة‬ ‫بالرمد من مرة واحدة لأكثر!‪ ...،‬إنه ريقه الشريف صلى ال لعليه وسلم!!‪.‬‬ ‫فهذه الخاصية مع من قال له ال فيهم‪ } :‬وأَابْ ِ‬ ‫فا‬ ‫ص ْراُه ْمافَ​َس ْوا َ‬ ‫َ‬ ‫ياْب ِ‬ ‫ص ُرااوَن {ا ]‪175‬الصافات[‪ ،‬أى أنت معك نور السريرة والبصيرة‪ ،‬وكما أنك‬ ‫ُ‬ ‫تنّو را البصار فأنت تنور السرائر بنور الواحد المتعال لعّز وجّل‪ ،‬فالناس صنعت‬ ‫لعيونها قطرات ومراهم‪ ،‬ولكن السرائر أو البصائر ليس لها لعلج إل لعنده‬ ‫صلى ال لعليه وسلم‪ .‬من الذى معه هذه البصيرة غير رسول ال فى الكون شرقا‬ ‫وغرباً أو قبلً وبعدًا؟ ل يوجد إل رسول ال‪ ،‬من ألعطاه ال هذه‬ ‫الخصوصية‪ } :‬قُل َه اِذ ِها س بِايِلي أَْد لعُاو إَِلى اللِّه َلعَلى ب ِ‬ ‫ص ياَرٍة أَنَاْ َوَماِنا اتّاباَعِني {‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫]‪108‬يوسف[‪.‬‬ ‫وللريق الشريف آَثار أخرى ؛ ففى موضع آخر ذهبت ابنة يتيمة ومعها‬ ‫العارف بال الشيخ فوزى محمد أبوزميد‬

‫الكتاب الحادى والستون‬


‫( ‪ )24‬الســـــــــراج المـنير‬

‫الفصل‬

‫الول‪ :‬بشرمية النبى النورانية‬

‫َثلَثة أخوات لها إلى النبّى صلى ال لعليه وسلم‪ ،‬فألعطاها قطعة لحم كانت فى‬ ‫فمه وقد لكها بأسنانه الشريفة‪ ،‬وقال لها‪ :‬كليها أنت وأخواتك‪ ،‬فصرن‬ ‫الثلَثة ُيعرفن بأنهن أنقى النساء رائحة فم إلى أن لقين ال لعّز وجّل! لم‬ ‫يستخدمن معجون أسنان ول فرشاة‪ ،‬ولكن ال جعل أفواههن كذلك ببركة‬ ‫ريقه الشريف صلى ال لعليه وسلم!‪ ...‬فانظروا ماذا يفعل ريق رسول ال صلى ال‬ ‫لعليه وسلم؟!!‪.‬‬ ‫وواقعة أخرى لرجل من أصحابه صلى ال لعليه وسلم يدلعى لعتبة بن فْرقَاد‬ ‫س لَاِم ىا وكان له أربعة نسوة‪ ،‬يجتهدن كلهن لتنال رضاه فتأتى بأفخر‬ ‫ال ّ‬ ‫العطور وتتطيا ب بها‪ ،‬واترككم للحديث العجيا ب من إحداهن وهى أُّم لعاصم‬ ‫رضي ال لعنها‪:‬‬ ‫سَوٍة ما منا امرأةٌ إلّ وهي َتجتهُد في ال ّ‬ ‫طيب‬ ‫} ُكنا عند ُعتبة أربع بنِ ْ‬ ‫س ُعتبةُ ال ّ‬ ‫س ُدهنا ً يمسُح‬ ‫طيب إلّ أن يَ​َم ّ‬ ‫لتكوَن أطيَب م ن صاِحبَِتها‪ ،‬وما يَ​َم ّ‬ ‫شِممنا‬ ‫س قالوا‪ :‬ما َ‬ ‫بِه لحيتَُه‪ ،‬ولَُهو أطي ُ‬ ‫ب ريحا ً مّنا‪ ،‬وكان إذا خرَج إلى النا ِ‬ ‫ت له يومًا‪ :‬إبنا لنجتهُد في ال ّ‬ ‫ب‪ ،‬ولبنَت‬ ‫ح ُعتبة‪ .‬فقل ُ‬ ‫طي ِ‬ ‫ريحا ً أطيَب م ن ري ِ‬ ‫شرى ) حبوب وبثور ‪ (،‬على عهِد‬ ‫ب ريحا ً ِمنا فِمّم ذاك؟ فقال‪ :‬أخذبني ال َ‬ ‫أطي ُ‬ ‫ت بـي ن يديه‬ ‫ت وقعد ُ‬ ‫ت ذلَك إليه فأمربني أن أتجرد فتجرْد ُ‬ ‫رسول ا‪ ،‬فشكو ُ‬ ‫ت َثوبـي على فَْرِجي فنفَث في يد ثم مسح يَ​َدهُ على ظَْهري وَبطني‬ ‫وألقي ُ‬ ‫‪17‬‬ ‫ق بـي هذا ال ّ‬ ‫ب م ن يومئٍِذ‪.{.‬‬ ‫فَ​َعبِ َ‬ ‫طي ُ‬

‫بل أكثر من هذا من غرائا ب ريق الحبيا ب‪ ،‬فقد كانت هناك امرأة‬ ‫سليطة اللسان فى المدينة‪ ،‬ذهبت لرسول ال صلى ال لعليه وسلم مرة وكان‬ ‫‪ 17‬رواه الطبراني في الوسط والكبير بنحوه وقال فااي بعضااها‪َ :‬ثلث ِنسوة وقال فياه‪َ :‬ثام بساط ياديه فبصااق فيهماا فمساح‬ ‫إحداهما لعلى الخرى‪ ،‬ومسح إحداهما لعلى بطني والخرى لعلى ظهري‪ ،‬كذا فى مجمع الزوائد‪.‬‬

‫العارف بال الشيخ فوزى محمد أبوزميد‬

‫الكتاب الحادى والستون‬


‫الســـــــــراج المـنير‪ .‬الفصل الول‪ :‬بشرمية النبى النورانية ( ‪)25‬‬

‫يأكل لحما مجّففاًا‪ ،‬فألعطاها مما أمامه‪ ،‬فأصّرت أن تأخذ مما فى فمه!‬ ‫فألعطاها قطعة كان قد لكها بفمه وألعطاها لها فأكلتها فانقطع لعنها سبابها‬ ‫وشتائمها وصارت ل ُيسمع منها إل القول الحسن ببركة ريق رسول ال صلى‬ ‫ال لعليه وسلم!‪.‬إلى أن توفاها ال لعّز وجّل‪.‬‬ ‫والسيدة فاطمة كانت تخرج لقضاء حاجاتها وتترك سيدنا الحسن‬ ‫وهو رضيع وبعده الحسين‪ ،‬و لعندما كانت تتأخر ويبكى أحدهما كان صلى‬ ‫ال لعليه وسلم إذا لم يجد له طعاماً ُيخرج له لسانه فيرضع فيه فيشبع بإذن ال‬ ‫‪.18‬‬ ‫وتفل فى فم سيدنا لعبدال بن لعباس وهو صغير ودلعا له ففّقهاه ال‬ ‫فى الدين ولعّلمه التأويل وصار كما نعلم‪ ،‬وقد أخبرسيدنا لعمر رضى ال لعنه‬ ‫بهذه الواقعة‪.‬‬

‫خصوصية َعَرقه‬

‫صلى ال لعليه وسلم‬

‫ا ب ل لعّد لها ول حد حتى نعرف أن رسول ال‬ ‫لعجائ ٌ‬ ‫حتى فى البشرية كان له خصوصية إلهية‪ ،‬وهذا ليس بعجيا ب لعلى القدرة‬ ‫الربانية التى خصته بهذه الوصاف الخصوصية إكراماً له صلوات ال وسلمه‬ ‫لعليه‪.‬‬

‫صلى ال لعليه وسلم‬

‫َمنا منا يتحمل رائحة لعَرقه؟ نحن نضع لعطوراً ومزيلت لعرق من‬ ‫أجل رائحة العرق!! لكن رسول ال ‪ -‬باتفاق جميع الرواة ‪ -‬كانت رائحة‬ ‫ِ‬ ‫‪18‬‬ ‫ِ‬ ‫ا ب لَاهُ النّبِاّي صاالى الا‬ ‫لعاان أبِااي جعفاٍر رضى الا لعنااه قَاااَل ‪ :‬ا } بَاياَْنا الَْح َس اُنا َماَع رسوِل اللّاه إِْذ َلعطا َ‬ ‫شا َفاْشا تَاّد ظَ​َما ُؤاهُا‪ ،‬فَطَلَا َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫صاهُا َح تّاٰى َرِوَي {‪)،‬كار ‪ .(،‬جاامع المساانيد والمراسايل ‪ ،‬وقد ورد ذلاك كاثيراً فاى‬ ‫لعليه وسلم َماًء فاَلَْم يَج ْد ا‪،‬ا فَأَْلعطَااهُ لَس اانَهُ فَ​َم ّ‬ ‫أحداث لعديدة‪.‬‬

‫العارف بال الشيخ فوزى محمد أبوزميد‬

‫الكتاب الحادى والستون‬


‫( ‪ )26‬الســـــــــراج المـنير‬

‫الفصل‬

‫الول‪ :‬بشرمية النبى النورانية‬

‫لعَرقه أهزكى من رائحة المسك!! فكان صلى ال لعليه وسلم إذا صافح إنساناً‬ ‫تظل رائحة النبّى صلى ال لعليه وسلم فى يده َثلَثة أيام! وإذا مشى فى طريق‬ ‫ينتشر أريجه فى هذا الطريق! وكان الذى يسأل لعن رسول ال صلى ال لعليه‬ ‫وسلم ولم يجده يتتبع رائحتة!‪ .‬سيحدث ذلك معنا كلنا! ولكن فى الجنة‪،‬‬ ‫التى يقول النبى صلى ال لعليه وسلم فى أهلها‪:‬‬ ‫ن‬ ‫طو َ‬ ‫خ ُ‬ ‫م َت كِ‬ ‫ن َو ال َ َي ْ‬ ‫ن َو ال َ َي ُبو ُلو َ‬ ‫طو َ‬ ‫غ ّو ُ‬ ‫} ال َ َي َت َ‬ ‫ه مُ‬ ‫جا مكِ ُر ُ‬ ‫ب ‪َ ،‬و َم َ‬ ‫ه ُ‬ ‫م ال ّذ َ‬ ‫ط ُه ُ‬ ‫شا ُ‬ ‫ن ‪ ،‬أ َ مْ َ‬ ‫َو ال َ َي ْب ُز ُقو َ‬ ‫‪19‬‬ ‫ك{‬ ‫س ُ‬ ‫م ْ‬ ‫م ا ْل كِ‬ ‫ح ُه ُ‬ ‫ش ُ‬ ‫ة ‪َ ،‬و َر ْ‬ ‫ال ُل ّو ُ‬ ‫فهم يأكلون وفضلتهم تخرج كرشحات لعرق رائحته كرائحة‬ ‫المسك!! سيحدث ذلك معنا فى الجنة‪ ،‬لكنه كان مع حضرة النبى فى‬ ‫الدنيا‪ ،‬فكأنه وهو فى الدنيا كان يعيش فى الجنة!!‪.‬‬ ‫وهذه الرائحة لم تنفذ من الكون بل موجودة ‪ ...‬ولكن هذه اليام‬ ‫من يشمها؟ الذى ليس لعنده فى أنف قلبه هزكام!! ولعندها يمكنه أن يشّم‬ ‫رائحة المصطفى لعليه الصلة والسلم ‪.‬التى هى أطيا ب من ريح المسك!!‪.‬‬ ‫فكما أن للجسم مشام كذلك القلا ب له مشام! وهذه المشام كانت‬ ‫لعند سيدنا يعقوب لعليه السلم لعندما قال كما أخبر القرآن‪ } :‬إِّني َلَِج ُد ا‬ ‫فا { ]‪94‬يوسف[‪ ،‬فأين كان يوسف؟ فى مصر‪ ،‬وأين كان‬ ‫ِريَح ُيوُس َ‬ ‫يعقوب؟ فى بيت المقدس! فكيف شّم ذلك؟ بالقلا ب! لن النف هل‬ ‫يستطيع أن يشم شيئا خارج المجلس الذى يجلس فيه؟ ل‪ ،‬بل ول يمكنه‬ ‫‪19‬‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫صوَرِة الَْق َماِرا‬ ‫لعن أبى هريرة‪ ،‬صحيح مسلمن وأوله قالصلى ال لعليه وسلم‪ } :‬أَّوُلا ُهزْم َراة تَْد ُخاُلا الَْج نّاَة م ْنا أُّمِتي‪َ ،‬لعَلى ُ‬ ‫ك َمَناِهزُل ‪.‬اا)الحديث ألعله ‪{.(،‬‬ ‫َلياْلَ​َة الْبَْد ِرا‪.‬ا َثُّم الِّذ ياَن ياَُلوناَُه ْما َلعَلى أَ​َش ّدا نَْج ٍما ‪ ،‬اِفي ال ّ‬ ‫ض ااَءًة‪َ .‬ثُّم ُه ْما باَْع َدا َذلِ َ‬ ‫س َماااِء‪ ،‬إِ َ‬

‫العارف بال الشيخ فوزى محمد أبوزميد‬

‫الكتاب الحادى والستون‬


‫الســـــــــراج المـنير‪ .‬الفصل الول‪ :‬بشرمية النبى النورانية ( ‪)27‬‬

‫أن يشّم الكثير مما فيه!‬ ‫كان صلى ال لعليه وسلم يحا ب السيدة أم سليم‪ ،‬وهى أم سيدنا أنس بن‬ ‫مالك رضي ال لعنه لنها كانت امرأة من الصالحات‪ ،20‬وكان حضرة النبى‬ ‫يحبها لصدقها وإخلصها‪ ،‬فكان صلى ال لعليه وسلم فى أيام الصيف يذها ب‬ ‫فى الظهيرة ليقيل لعندها ‪،‬فكان إذا نام غزر لعرقه‪ ،‬يروى سيدنا أنس رضى ال‬ ‫لعنه لعما حدث فى بعض المرات فيقول‪:‬‬ ‫ت أ ُمرِّــي‬ ‫ء ْ‬ ‫جــا َ‬ ‫ق ‪َ ،‬و َ‬ ‫عــكِر َ‬ ‫عْنــَدَنا َف َ‬ ‫ل كِ‬ ‫ي َفَقا َ‬ ‫عَلْيَنا الّنكِب ُّ‬ ‫ل َ‬ ‫خ َ‬ ‫}َد َ‬ ‫ل ‪:‬‬ ‫ي َفَقــا َ‬ ‫ظ الّنكِبــ ُّ‬ ‫سَتْيَق َ‬ ‫ق كِفيَها؛ َفا ْ‬ ‫عَر َ‬ ‫ت اْل َ‬ ‫سُل ُ‬ ‫ت َت ْ‬ ‫عَل ْ‬ ‫ج َ‬ ‫ة َف َ‬ ‫كِبَقاُروَر ب ٍ‬ ‫جعَُلُه‬ ‫ك َن ْ‬ ‫عَرُق َ‬ ‫ت ‪ :‬هَذا َ‬ ‫ن ؟ َقاَل ْ‬ ‫عي َ‬ ‫صَن كِ‬ ‫م ‪َ ،‬ما هَذا اّلكِذ ي َت ْ‬ ‫سَلْي ب ٍ‬ ‫م ُ‬ ‫َيا أ ُ ّ‬ ‫ب{‪21‬وفا ااى روايا ااة‪} :‬وهــو أطيــب‬ ‫طيـ كِ‬ ‫ب ال رِّ‬ ‫طَي كِ‬ ‫ن أَ ْ‬ ‫هَو كِم ْ‬ ‫طيكِبَنا ‪َ ،‬و ُ‬ ‫كِفي كِ‬ ‫الطيب{‪.‬‬

‫وفى رواية أخرى قال سيدنا أنس رضي ال لعنه‪:‬‬ ‫شــَها‬ ‫م عَ​َلــى كِفَرا كِ‬ ‫م َفَيَنــا ُ‬ ‫سَلْي ب ٍ‬ ‫م ُ‬ ‫ت أ ُ رِّ‬ ‫ل َبْي َ‬ ‫ي َيْدخُ ُ‬ ‫ن الّنكِب ُّ‬ ‫} َكا َ‬ ‫شـَها‪َ .‬فـُأكِتيتْ‬ ‫م عَلى كِفَرا كِ‬ ‫م َفَنا َ‬ ‫ت َيْو ب ٍ‬ ‫ء َذا َ‬ ‫جا َ‬ ‫ل ‪َ :‬ف َ‬ ‫ت كِفيكِه‪َ .‬قا َ‬ ‫س ْ‬ ‫َوَلْي َ‬ ‫ل ‪:‬‬ ‫ك‪َ .‬قــا َ‬ ‫شـ كِ‬ ‫عَلــى كِفَرا كِ‬ ‫ك ‪َ ،‬‬ ‫م كِفــي َبْيكِتـ كِ‬ ‫ي َنــا َ‬ ‫ل َلَها ‪ :‬هـَذا الّنكِبـ ُّ‬ ‫َفكِقي َ‬ ‫عَلــى‬ ‫م ‪َ ،‬‬ ‫عـكِة أ َكِديـ ب ٍ‬ ‫ط َ‬ ‫عَرُقُه عَلى كِق ْ‬ ‫ع َ‬ ‫سَتْنَق َ‬ ‫ق ‪َ ،‬وا ْ‬ ‫عكِر َ‬ ‫ت َوَقْد َ‬ ‫ء ْ‬ ‫جا َ‬ ‫َف َ‬ ‫عــَرقَ‬ ‫ك اْل َ‬ ‫ف ذكِلــ َ‬ ‫شــ ُ‬ ‫ت ُتَن رِّ‬ ‫عَلــ ْ‬ ‫ج َ‬ ‫عكِتيــَدَتَها َف َ‬ ‫ت َ‬ ‫حــ ْ‬ ‫ش‪َ .‬فَفَت َ‬ ‫اْلكِفــَرا كِ‬ ‫‪ 20‬لما أراد أبو طلحة أن يتزوجها )وكان مشركاً ‪ (،‬فذها ب إليها‪ ،‬فقالت له‪ :‬يا أبا طلحاة إن مثلااك ل ي اَُرد‪ ،‬ولكناك كاافر وأناا‬ ‫مسلمة‪ ،‬والسلم يرفض هاذا الازواج‪ ،‬فاإن أردت الازواج باى فأناا أرضى بمهارى )ل إلاه إل الا محماد رسول الا ‪ ،(،‬فاذها ب‬ ‫وأسلم َثم لعاد‪ ،‬فقالت لبنها أنس‪ :‬هزوجنى‪ ،‬فتزوجت طلحة‪ ،‬وكان مهرها )ل إله إل ال محمد رسول ال ‪.(،‬‬ ‫‪21‬‬ ‫س بِْن مالِ ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ك صحيح مسلم‪ ،‬وقال لعندنا ‪ :‬أى نام القيلولة ‪.‬‬ ‫َلعْن َ​َثابِت َلعْن أَنَ ِ َ‬

‫العارف بال الشيخ فوزى محمد أبوزميد‬

‫الكتاب الحادى والستون‬


‫( ‪ )28‬الســـــــــراج المـنير‬

‫الفصل‬

‫الول‪ :‬بشرمية النبى النورانية‬

‫ن ؟ َيـا‬ ‫عي َ‬ ‫صـَن كِ‬ ‫ل ‪َ :‬مـا ت ْ‬ ‫ي َفَقا َ‬ ‫ع الّنكِب ُّ‬ ‫ها‪َ .‬فَفكِز َ‬ ‫ه كِفي َقَواكِريكِر َ‬ ‫صُر ُ‬ ‫ع كِ‬ ‫َفَت ْ‬ ‫ل ‪:‬‬ ‫صــْبَياكِنَنا‪َ .‬قــا َ‬ ‫جو َبَرَكَتُه كِل كِ‬ ‫ل الهّلكِه َنْر ُ‬ ‫سو َ‬ ‫ت ‪َ :‬يا َر ُ‬ ‫م ؟ َفَقاَل ْ‬ ‫سَلْي ب ٍ‬ ‫م ُ‬ ‫أُ ّ‬ ‫ت {‪.‬‬ ‫صْب كِ‬ ‫أَ َ‬

‫‪22‬‬

‫بل هناك ما هو أكثر مما رواه سيدنا أبو هريرة رضي ال لعنه‪:‬‬ ‫} أن رجلً أتى النبى صلى ال لعليه وسلم فقال‪ :‬ميا رسول ا‪ ،‬إني‬ ‫َزّوْج ُ‬ ‫ُب أن تعيَنني بشيء‪ ،‬فقال‪َ :‬ما ِعْنِد ي ِم ن‬ ‫ت ابنتي وإني أح ّ‬ ‫ْ‬ ‫س‬ ‫َشْيٍء‪ ،‬ولَِكْ ن إَِذا كاَن َغٌد فَتَ​َعاَل‪ ،‬فَِجيَء بَِقاُروَرٍة َواِسَعِة الّرأ ِ‬ ‫َوُعوِد َشَجَرٍة‪ ،‬وآميةُ بَْيِني َوبَْينَِك أَّن أُِجْي ُ‬ ‫ف َناِحيَةَ الَبا ِ‬ ‫ب‪ ،‬فأَتاهُ‬ ‫بَِقاُروَرٍة َواِسَعِة الّرأس وعوِد شجرٍة‪ ،‬فجعَل ميَْسلُ ُ‬ ‫ق م ن‬ ‫ت العَر َ‬ ‫ذراعيه حتى امتلت‪ ،‬فقال‪ُ :‬خْذ َوُمْر اْبنَتَ​َك إَِذا أَ​َراَد ْ‬ ‫ت أَْن تَ َ‬ ‫ُب أَْن‬ ‫طيّ َ‬ ‫ُب بِ​ِه‪ ،‬قال‪ :‬فكانت إذا تطيّبَ ْ‬ ‫ت‬ ‫س هَ​َذا الُعوَد في الَقاُروَرِة َوتَطّيّ َ‬ ‫تَْغِم َ‬ ‫‪23‬‬ ‫ُب فسّموا بَْي ُ‬ ‫ت الُمطّ​ّيبي ن{‪.‬‬ ‫َشّم أْهُل المدمينة رائحةَ الطّْي ِ‬ ‫ووردت فى بعض الروايات أنهم فتحوا حانوتاً أو دكاناً لبيع العطور‪،‬‬ ‫وكان أساسه هذه القارورة المباركة وأسموا دكانهم " بيت المطيبين"‪.‬‬ ‫كيف ذلك؟! حتى نعرف أنه صلى ال لعليه وسلم بشر ولكن توله خالق‬ ‫الُقَو ىا والُقَدا را فرّقى وصّف ىا وشّف ىا فأصبحت هذه البشرية نورانية فى صورة‬ ‫بشرية‪.‬‬

‫سمعه الشرميف‬

‫صلى ال لعليه وسلم‬

‫‪ 22‬صحيح مسلم وغيره‬ ‫‪ 23‬رواه الطبرانى فى الوسط‪ ،‬معجم أبى يعلى الموصلى لعن أبى هريرة رضي ال لعنه‪.‬‬

‫العارف بال الشيخ فوزى محمد أبوزميد‬

‫الكتاب الحادى والستون‬


‫الســـــــــراج المـنير‪ .‬الفصل الول‪ :‬بشرمية النبى النورانية ( ‪)29‬‬

‫هل أذننا مثل أذن رسول ال؟! هل آذاننا تسمع كلم الملئكة أو‬ ‫الجن؟! نحن تجلس معنا الملئكة‪ ،‬فهل نراها أو نسمعها؟! هل تسمع‬ ‫آذاننا أصوات السموات؟! كان صلى ال لعليه وسلم يسمع تسبيح الكائنات‪،‬‬ ‫وكان يفقه لغة الحيوانات! والطيور! والحشرات!‪ ،‬بل وكانت تكلمه! وهذا‬ ‫المر يحتاج إلى آلف الصفحات لكى نحكى كل ما ورد لعن رسول ال‬ ‫من كلمه للحيوانات والطيور والحشرات‪ ،‬وكل ذلك كانت تستولعبه أذن‬ ‫رسول ال صلى ال لعليه وسلم!! فكان يقول لصحابته‪:‬‬ ‫طــتْ‬ ‫ن ‪ ،‬أ َ ّ‬ ‫عو َ‬ ‫م ُ‬ ‫ســ َ‬ ‫ع َما ال َ َت ْ‬ ‫م ُ‬ ‫س َ‬ ‫ن َوأ َ ْ‬ ‫} إ كِرِّني أ َ​َرى َما ال َ َتَرْو َ‬ ‫ع أَ َ‬ ‫ع أ َْرَبـ كِ‬ ‫ضـ ُ‬ ‫طــ َمــا كِفيَهــا َمْو كِ‬ ‫ن َتكِئ ّ‬ ‫ق َلَها أ َ ْ‬ ‫ح ّ‬ ‫ء َو ُ‬ ‫ما ُ‬ ‫س َ‬ ‫ال ّ‬ ‫صــاكِبعب ٍ إ كِال ّ‬ ‫‪24‬‬

‫جدا {‬ ‫سا كِ‬ ‫جْبَهَتُه لله َ‬ ‫ع َ‬ ‫ض ‪ٌ.‬‬ ‫ك َوا كِ‬ ‫َوَمل ‪ٌ.‬‬

‫وسمع الجنة وحفيف أوراق أشجارها‪ ،‬وسمع هذا وسمع ذاك‪،‬‬ ‫فكانت أذنه صلى ال لعليه وسلم غير الذان العادية‪ ،‬ولم يكن سمعه صلى ال‬ ‫لعليه وسل سمعا لهذه الغيبيات أو المغيبات فحسا ب‪ ،‬ولكنه كان سمعاً تاماً‬ ‫مقرونا بفهم ولعلم بل صوت ول حرف!!‪.....‬وقد ضرب ال تعالى لهم مثلً‬ ‫يوماً إذ أسمعهم ال جميعا صوت وجبة أو دقة شديدة وهم جلوس لعنده‬ ‫صلى ال لعليه وسلم ‪ ،‬فسألهم صلى ال لعليه وسل لعنها ‪ -‬وهو ألعلم بإجابتهم‬ ‫ ولكن ليضرب لهم المثل ويقيم الحجة لكل مؤمن إلى يوم القيامة أن‬‫بشريته صلى ال لعليه وسلم ليست ككل بشرية ‪ -‬ويروى القصة أبو هريرة رضي‬ ‫ال لعنه فيقول‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫‪ 24‬ب اااقى الح ااديث‪ } :‬والا ا لَا او تاْعلَاما ا واَن ما ااا أَْلعلَا ام لَ َ ِ‬ ‫ِ‬ ‫سا ا ااءِ َلعلَ ااى الُفا اُر ِ‬ ‫ش ‪،‬اا‬ ‫ْ َ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫ضا ا حا ْك اتُاْم قَليلً َو لَابَ​َك ْياتُا اْم َك ثاي اارًا‪َ ،‬و َم ا ااا تاَلَ ا ّذ ْذاتُْم بالنّ َ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫و لَاَخ راْج تُا ام إِلَااى ال ّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫س ا ىا‪ :‬وفاي البَااا ِ‬ ‫شا ةَا َوأَبااي ُه َراياْاَرَة واب اِن‬ ‫ب لع اْن َلعائ َ‬ ‫َ َ ْ‬ ‫ص اعَُد اات تَْج ا أَاُروَن إلَااى ال ا {‪ ،‬لعاان أبااى ذر‪ ،‬قااال أبااو لع يا َ‬ ‫س َوأَنَ ٍ‬ ‫َلعبا ٍ‬ ‫س ‪.‬ا‬

‫العارف بال الشيخ فوزى محمد أبوزميد‬

‫الكتاب الحادى والستون‬


‫( ‪ )30‬الســـــــــراج المـنير‬

‫الفصل‬

‫الول‪ :‬بشرمية النبى النورانية‬

‫} كنا عند رسول ا صا االى الاا ا لعليا ااه وساالم يوما فسمعنا وجبة‬ ‫فقــال النــبي صا ا االى الا ا ا لعليا ا ااه وسا االم ‪ :‬أتــدرون مــا هــذا ؟ قلنــا ‪ :‬اـ‬ ‫ورسوله أعلم ‪ ،‬قال ‪ :‬هذا حج ‪ٌ.‬ر أرسل في جهنم منذ ســبعين‬ ‫‪25‬‬ ‫خريفا ‪ ،‬فالن انتهى إلى قعرها {‬

‫فكان سمعه ليس ككل سمع‪ ،‬وأذنه ليست ككل أذن‪ ،‬بل كان‬ ‫يسمع ويعقل ويفهم ويترجم‪ ،‬ويعلم كل شىء لعن الصوت وصاحبه من أوله‬ ‫إلى منتهاه ؛ مثل ما كان يسمع أصوات من يعذبون فى قبورهم ويخبر‬ ‫أصحابه لماذا يعذبون؟ ولى شىء يضربون؟!! والمثلة الناَّيرة ل حد لها ول‬ ‫حصر!!‬

‫صوته المبارك‬

‫صلى ال لعليه وسلم‬

‫أما كلمه صلى ال لعليه وسلم فلم يكن صلى ال لعليه وسلم جهورى‬ ‫الصوت‪ ،‬ولكنه كان إذا تحّد ثا ُيسِم عا كل من أراد! ولذا فى حجة الوداع‬ ‫‪ ،..‬حّج معه مائة ألف ونزلوا فى منى وتفرقوا فمنهم من فى الوادى ومنهم‬ ‫من لعلى الجبال‪ ،‬وأراد صلى ال لعليه وسلم أن يبين لهم ما تبقى من المناسك‬ ‫فخطبهم فقال أبو هريرة وأنس رضي ال لعنهما‪ :‬فحمل لنا ال كلم رسوله إلينا‬ ‫فسمعناه ونحن فى رحالنا ؛ أى أن كل واحد سمعه وهو فى خيمته‪ ،‬بل وفى‬ ‫موضع آخر‪ ،‬روى سيدنا لعن البراء رضي ال لعنه‪ ،‬قال‪:‬‬ ‫} خطبنا رسول ا صا االى الا ا ا لعليا ااه وسا االم حتى أسمع العواتق في‬ ‫ن آمن بلسانه ولم‬ ‫خدورهن يناد ي بأعلى صوته ‪ :‬يا معشر َم ْ‬ ‫‪25‬‬

‫مسند المام أحمد وغيره لعن أبى هريرة رضى ال لعنه‬

‫العارف بال الشيخ فوزى محمد أبوزميد‬

‫الكتاب الحادى والستون‬


‫الســـــــــراج المـنير‪ .‬الفصل الول‪ :‬بشرمية النبى النورانية ( ‪)31‬‬

‫ن قلبــه ‪ ،‬ال تغتــابوا المســلمين وال تتبعــوا‬ ‫يخلص اليمــان كِم ـ ْ‬ ‫عوراتهم ‪ ،‬فنإنه من يتبع عورة أخيــه اتبــع اـ عــورته ‪ ،‬ومــن‬ ‫‪26‬‬

‫اتبع ا عورته فضحه في جوف بيته { ‪.‬‬

‫كما أورده الصفهانى الحديث أيضاً تحت مسمى )خطبته‬ ‫لعليه وسلم للعواتق فى خدرهن ‪ ،(،‬أى أنه كان صلى ال لعليه وسلم يخطا ب وهو فى‬ ‫مسجده! ويسمع العذارى وهن داخل غرفهن أو ستورهن بداخل بيوتهن!!‪.‬‬ ‫صلى ال‬

‫فل ميكرفون ول صدى صوت ولكن ال كان يأمر الهواء أن يحمل‬ ‫صوته إلى من يشاء لنه مكلف برسالة ال لعّز وجّل‪ ،‬وال يقول فى المرسلين‬ ‫ع بِإ ْذاِنا اللِّه { ]‪64‬النساء[‬ ‫أجمعين‪َ } :‬وَمااا أَْرَس ْلاَنا ِم نا ّرُس واٍل إِلّ لِيَُطا َ‬

‫واجبنا نحو رسول ا‬

‫صلى ال لعليه وسلم‬

‫ولعلى ذلك فإن قضية البشرية التى يثيرها المشركون والمشككون‬ ‫‪ ...‬ل ينبغى أن تثار لعلى ساحة المؤمنين والموحدين ل لعّز وجّل ‪ ..‬فقد‬ ‫يتحدث فى ذلك كافر أو جاحد ونرّد لعليه‪ ،‬لكن أن يقولها مؤمن يقرأ‬ ‫كتاب ال! ويقرأ سيرة رسول ال! ويقرأ الوصاف التى وصفها به ال جّل‬ ‫فى لعله!! ل!!‪.‬‬ ‫ل ينبغى أبداً لمسلم أن ينتقص من قدر رسول ال‪ ،‬ولكن لعليه دائما‬ ‫يحاول التعرف لعلى بعض المنن والمواها ب اللهيه التى تفضل بها لعليه‬ ‫موله‪:‬‬ ‫‪26‬‬

‫أورده أبو نعيم الصفهانى فى )دلئل النبوة ‪ (،‬فى باب ) بلوغ صوته حيث ليبلغ صوت ‪ (،‬لعن البراء رضى ال لعنه‪.‬‬ ‫العارف بال الشيخ فوزى محمد أبوزميد‬

‫الكتاب الحادى والستون‬


‫( ‪ )32‬الســـــــــراج المـنير‬

‫الفصل‬

‫الول‪ :‬بشرمية النبى النورانية‬

‫ك َلعِظ ياًم اا {‬ ‫كا َماا لَْم تَُك ْنا تاَْع لَاُم َوَك ااَن فَ ْ‬ ‫ض ُلا اللِّه َلعلَْي َ‬ ‫} َو َلعالَّم َ‬ ‫فال تعالى لعندما يقول‪َ } :‬لعِظ ياًم اا {‪ ،‬فعظيماً هنا ما قدره؟ كم تبلغ‬ ‫هذه العظمة؟ هل لها حّد ؟ا ليس لها حد‪ ،‬ولكن جاهد أنت لكى تعرف بعض‬ ‫مظاهر العظمة الربانية التى أفاضها ال لعلى خير البرية‪ ،‬من أين أو أين؟ فى‬ ‫اليات القرآنية تجد العجا ب العجاب!!! فرسول ال صلى ال لعليه وسلم جّم لاه‬ ‫موله وكّم لاه بما يحّبه ويرضاه‪ ،‬وما أصدق ما قاله حسان بن َثابت الصحابى‬ ‫رضي ال لعنه‪:‬‬ ‫ك لم تاَر قَ ّ‬ ‫ك لَْم تَلِ​ِد النَّس ااُء‬ ‫ط َلعْيني‬ ‫َوأاْج َماُلاِم ْنا َ‬ ‫َوأاْح َساُناِم ْنا َ‬ ‫تا ُمباَّرأً ِم ْنا ُك اّل َلعْي ٍ‬ ‫تا كَم اا َتشاُء‬ ‫ا ب‬ ‫َك أانّ َ‬ ‫ك قَْد ُخ ِلاْق َ‬ ‫ُخ ِلاْق َ‬ ‫]‪113‬النساء[‬

‫فهذا هو الشىء الوحيد الفريد الذى خلق وليس فيه لعيوب!! فّتش‬ ‫فى أجسام الخلق أجمعين‪ ,‬من ليس فى جسمه لعيوب؟ ل أحد!! إل النبى‬ ‫صلى ال لعليه وسلم‪.‬‬ ‫ناهيك لعن بعض ما ذكرناه من الوصاف المعنوية والنورانية التى‬ ‫ألعطاها ال لعّز وجّل له فى جسمه البشرى! لن ال لعّز وجّل رّقق بشريته ‪ -‬لن‬ ‫البشرية لعندنا طينة ‪ -‬لكن بشريته صلى ال لعليه وسلم رّققها ال فجعلها نورانية!‬ ‫أى أنها قد شّفتا وصفت وارتقت حتى صارت كلها نورًا‪ ،‬فكان باطنه نوراً‬ ‫وظاهره نوراً والكتاب الذى أنزل لعليه نور ‪..‬فأصبح الشأن كله نور لعلى نور‬ ‫ولذا لم ير له صلى ال لعليه وسلم ظٌل ‪ ...‬لن الذى ليس له ظٌل هو النور ‪.‬‬ ‫صلى ال لعليه وسلم‪.‬‬

‫مقام العبودمية لذات ا‬ ‫العارف بال الشيخ فوزى محمد أبوزميد‬

‫الكتاب الحادى والستون‬


‫الســـــــــراج المـنير‪ .‬الفصل الول‪ :‬بشرمية النبى النورانية ( ‪)33‬‬

‫حفظ ال بذاته مقام حبيبه صلى ال لعليه وسلم بعد أن نّو ها لعنه فى‬ ‫محكم آياته لعّم اا يتخيله المتأولون وينتحله الجاهلون من هزيادة فى حضرة‬ ‫ذاته‪ ،‬حتى قال البوصيرى رضي ال لعنه‪:‬‬ ‫واحكم بما شئت مدحاً فيه‬ ‫دع ما ادلعته النصارى فى نبيهم‬ ‫واحتكم‬ ‫فل تقل إنه إلهٌ – حاشال‪ ،‬ولكن قل‪َ) :‬لعْبُد ال ‪ (،‬وأضف إليه‬ ‫ماشئت‪ ،‬فمادمت وصفته بالعبودية ل فانسا ب إلى ذاته ما شئت من شرف‪،‬‬ ‫وما شئت من كرم‪ ،‬لن كل ذلك من إكرام ال ومن تعطفات ال لعّز وجّل‬ ‫لعلى لعبده صلى ال لعليه وسلم‪.‬‬ ‫إذاً ‪ ..‬إذا كان المر كذلك لماذا يسوق البعض هذه الحجج؟‬ ‫هؤلء هدانا وهداهم! حالهم كحال إبليس‪ ،‬لعندما أمره ال أن يسجد لدم‪،‬‬ ‫رفض خوفاً أن يسجد لغير ال‪ ،‬فخاف لعلى ال لعّز وجّل!! ولم يسجد لدم‪،‬‬ ‫ب العزة لعّز وجّل!! فكلما‬ ‫فى حين أن الذى يأمره بالسجود لدم هو ر ّ‬ ‫مَد َحاتا للناس فى رسول ال‪ ،‬أو وصفت رسول ال يّد لعاون أنهم خائفين‬ ‫لعلى ال!!‪.‬‬ ‫يا أيها القراء الكرام الفاضل‪ :‬ألعيرونى أفهامكم‪ ،‬نحن نتكلم فى‬ ‫حضرة العبودية‪ ،‬وحضرة العبودية قل ما شئت فيها‪ ،‬ول يوجد أحٌد فى‬ ‫الولين ول الخرين يستطيع أن يصل إلى وصف العبد بالوصف الذى وصفه‬ ‫ال به فى القرآن الكريم!! مهما تكّلم المتكلمون جميعاً لن يستطيعوا أن‬ ‫يصفوه بما وصفه به القرآن!! فانظر إلى قول ال فى القرآن‪:‬‬

‫العارف بال الشيخ فوزى محمد أبوزميد‬

‫الكتاب الحادى والستون‬


‫( ‪ )34‬الســـــــــراج المـنير‬

‫الفصل‬

‫الول‪ :‬بشرمية النبى النورانية‬

‫} َو لَاْو َأناُّه ْما ِإذ ظّلَُم اواْ َأنُفَساُهاْما َج ؤآاُؤوَك َفاْس تاَغَْف ُراواْ اللّهَ َوااْس تاَْغَف َرا لَُه ُما‬ ‫{ا ]‪64‬النساء[‬ ‫الّرُس واُل لَ​َوَج ُدا اواْ اللّهَ تاَّو ااًبا ّرِح يااًم ا‬ ‫إذا ظلموا أنفسهم‪ ،‬أين يذهبون؟ المفترض أن يذهبوا ل‪ ،‬لكن ال‬ ‫ك{‪ ،‬لم يقل حتى اذهبوا للكعبة!!‪ ،‬لن المؤمن العادى ألعظم‬ ‫قال‪َ} :‬جؤآُؤو َ‬ ‫لعند ال من الكعبة‪ ،‬فقد قال صلى ال لعليه وسلم وهو يطوف بالكعبة ‪َ }:‬ما‬

‫ك !‬ ‫حْرَمَت كِ‬ ‫م ُ‬ ‫عظَ َ‬ ‫ك َوَما أَ ْ‬ ‫م كِ‬ ‫ظ َ‬ ‫ع َ‬ ‫ك ‪َ ،‬ما أ َ ْ‬ ‫ب كِريحَ كِ‬ ‫طَي َ‬ ‫ك ‪َ ،‬وَما أَ ْ‬ ‫طَيَب كِ‬ ‫أَ ْ‬ ‫م مكِ ْ‬ ‫ن‬ ‫ظ ُ‬ ‫عْنَد الّلكِه أ َعْ َ‬ ‫ن كِ‬ ‫مْؤكِم كِ‬ ‫حْرَمُة ال ُ‬ ‫ه َل ُ‬ ‫مب ٍد كِبيَكِد كِ‬ ‫ح ّ‬ ‫س ُم َ‬ ‫َواّلكِذ ي َنْف ُ‬ ‫‪27‬‬ ‫ك ‪َ :‬ماكِلكِه وَدكِمكِه {‬ ‫حْرَمكِت كِ‬ ‫ُ‬

‫ولكن ال لعّز وجّل قال‪َ} :‬ج ؤآاُؤوَك َفاْس تاَْغَف ُراواْ اللَّه َوااْس تاَْغَف َرا لَُه ُما‬ ‫الّرُس واُل{‪ ،‬لبد من استغفار الرسول‪َ ،‬ثم بعد ذلك‪ :‬لَ​َوَجاُداواْ اللَّه تاَّو ااًبا‬ ‫ّرِح ياًم اا{‪ ،‬لوجدوا ال بمعانى التواب وبمعانى الرحيم فيك‪ ،‬لن معانى‬ ‫السماء والصفات أين تظهر؟!! تظهر فى "لعبد"‪ ،‬فال ‪ -‬لعّز وجّل ‪ -‬جّل‬ ‫وتنزه فى ذاته‪ ،‬ل يستطيع أحٌد أن يطلع لعلى ذرة من كمالته إل إذا ظهرت‬ ‫فى لعبيد من لعبيد ذاته ‪.‬فأسماء ال الحسنى تظهر فى العبد ‪ -‬وهو نبينا‬ ‫وإمامنا وحبيبنا وشفيعنا صلى ال لعليه وسلم ‪ -‬وخذوا الدليل من كتاب ال‬ ‫تعالى ‪ -‬وهذه للتمثيل وليس للحصر‪:‬‬ ‫نبدأ منها بقوله سبحانه وتعالى فى المحكم المنزل فى‪:‬‬

‫} َيا َأياَّه اا الِّذ ياَن آَمنُاواْ اْس تَاِج ياُبواْ لِلِّه َو لِالّرُس واِل إَِذا َدَلعااُك ما لَِم اا يُْح يِاايُك ْما‬ ‫{‬

‫[‪24‬النفال]‬

‫‪ 27‬اللفظ لبن ماجه‪ ،‬مصنف الصنعاني والترغيا ب والترهيا ب َلعْن َلعْبِد اللِّه بِْن َلعْم ٍرااو رضي ال لعنهما‪.‬‬

‫العارف بال الشيخ فوزى محمد أبوزميد‬

‫الكتاب الحادى والستون‬


‫الســـــــــراج المـنير‪ .‬الفصل الول‪ :‬بشرمية النبى النورانية ( ‪)35‬‬

‫ال ينادى‪َ} :‬يا َأياَّه اا الِّذ ياَن آَمنُاواْ{‪ ،‬لبيك اللهم لبيك‪} ،‬اْس تَاِج ياُبواْ لِلِّه‬ ‫َو لِالّرُس واِل{‪ ،‬ال والرسول‪ ،‬يكونا اَثنين!! }إَِذا َدَلعااُك ما{‪.،‬من الذى يدلعو هنا؟‬ ‫لم يقل ال ) إذا دلعاكما ‪ (،‬بلفظ المثنى! ولكن بلفظ المفرد!! من يريد ال؟‬ ‫الرسول!!‪ ،‬إذاً الستجابة لرسول ال هى الستجابة ل‪ ،‬هذه واحدة!!‪.‬‬ ‫وخذوا مثالً آخر من سورة التوبة‪:‬‬

‫ضاوهُ ِإن َك ااُنواْ ُمْؤ ِمانِايَن {‬ ‫} َوااللّهُ َوَرُس والُهُ أَ​َح ّقا َأن ياُْر ُ‬

‫[‪62‬التوبة ]‬

‫ض ا ااوهُ{‪ ،‬ل ا اام يق ا اال الا ا ا‬ ‫وهن ا ااا أيضا ا ااَ }َوااللّا ا اهُ َوَرُس ا ا والُهُ{ اَثن ا ااان‪} ،‬أَ​َح ا ا ّقا َأن ياُْر ُ‬ ‫ضااوهُ{‪ ،‬والضامير يعاود لعلااى أقارب ماذكور وهاو‬ ‫)يرضوهما ‪ ،(،‬ولكان قاال‪} :‬ياُْر ُ‬

‫رسول ال‪ ،‬إذاً الذى ُيرضى رسول ال سوف ُيرضى ال!!‪ ،‬وأيضًا‪:‬‬

‫ع اللَّه {‬ ‫} ّمْنا يُِط ِعا الّرُس واَل فاَق ْدا أَ​َطا َ‬

‫]‪80‬النساء[‬

‫فطالعة رسول ال هى طالعة ال مباشرة بوضوح كامل‪ ،‬وأيضًا‪:‬‬

‫ك إِنَّم اا ياَُبايُِعوَن اللَّه يَُد اللِّه فاَْو َقا أَيِْد ياِه ْما {‬ ‫} إِّن الِّذ ياَن ياَُبايُِعونَ َ‬ ‫]‪10‬الفتح[‪.‬‬

‫ك إِنَّم اا{‪ ،‬لم يقل كأنما‪ ،‬ولكن قال‪} :‬إِنَّم اا ياَُبايُِعوَن‬ ‫}إِّن الِّذ ياَن ياَُبايُِعونَ َ‬ ‫اللَّه {‪ ،‬للتأكيد }يَُد اللِّه فاَْو َقا أَيِْد ياِه ْما{‪.‬‬

‫فقد وضع النصار والمهاجرون أيديهم َثم وضع رسول ال‬ ‫لعليه وسلم يده اليمنى فوق أيديهم‪ ،‬ووضع يده اليسرى وقال‪ :‬هذه لعن‬ ‫لعثمان‪ ،‬لنه كان غائباً فى مكة‪ ،‬وهنا نتسائل‪:‬‬

‫صلى ال‬

‫يد من التى كانت فوق أيديهم؟‬ ‫العارف بال الشيخ فوزى محمد أبوزميد‬

‫الكتاب الحادى والستون‬


‫( ‪ )36‬الســـــــــراج المـنير‬

‫الفصل‬

‫الول‪ :‬بشرمية النبى النورانية‬

‫يد رسول ال ‪ ...‬أليس كذلك ‪. ...‬‬ ‫فلو قال ال )يد ال فوق أيديكم ‪ (،‬لكانت هناك يد أخرى فوق أيدى‬ ‫الموجودين بما فيهم رسول ال‪ ،‬لكنه قال‪} :‬يَُد اللِّه فاَْو َقا أَيِْد ياِه ْما{‪ ،‬فاليد‬ ‫التى كانت فوق أيديهم يد رسول ال صلى ال لعليه وسلم!! والتى وصفها ال‬ ‫بأنها يد ال !!‪ ،‬ونحن بذلك ل ُندخل الحبيا ب فى اللوهية‪ ،‬ولكن نوضح‬ ‫أن ال أنابه صلى ال لعليه وسلم مقام نفسه فى هذه الخصوصية‪ ،‬فهى نيابة لعن‬ ‫حضرة ال!!‬ ‫وبعد هذه النماذج القرآنية‪ ،‬نقول‪ :‬أن القالعدة الجامعة المانعة لعندنا‪:‬‬

‫ب وإن تنّزل ‪(، (،‬‬ ‫)) العبد لعبٌد وإن لعل‪ ،‬والر ّ‬ ‫برٌ‬

‫ب لعّز وجّل حاشاه أنه‬ ‫فلن نصف العبد بأنه أصبح رّبا! ولن نصف الر ّ‬ ‫حّل فى لعبد!! فل يوجد أحٌد فى المة سابقاً ول لحقاً وقع فى هذه‬ ‫الخطيئة‪.‬‬ ‫فنحن جميعاً كما لعّلمنا رسول ال صلى ال لعليه وسلم نقول فى التشهد‬ ‫فى الصلة‪) :‬وأشهد أن سيدنا محمداً لعبده ورسوله ‪ (،‬كما سبق وألمحنا‪،‬‬ ‫فسبحان من لعّلمه فأحسن تعليمه‪ ،‬وأّدبه فأحسن تأديبه‪ ،‬ورّباه فأحسن‬ ‫تربيته!!‬ ‫إذاً هذه قضية وقع فيها الشيطان لعندما خاف بها لعلى حضرة ال‬ ‫وجّل‪ ،‬وامتنع لعن السجود لدم‪ ،‬مع أن الذى أمره هو ال!!‬

‫لعّز‬

‫وكذلك وقع فيها الجاهلون فى هزماننا والهزمان السابقة‪ ،‬فخافوا لعلى‬ ‫العارف بال الشيخ فوزى محمد أبوزميد‬

‫الكتاب الحادى والستون‬


‫الســـــــــراج المـنير‪ .‬الفصل الول‪ :‬بشرمية النبى النورانية ( ‪)37‬‬

‫مقام ال !!!‪ ،‬مع أن الذى لعّظمه وكّرمه هو ال !!‪ ،‬والذى أمرنا بتعظيمه‬ ‫وتكريمه هو ال‪ ،‬ل أحد سواه!!‪.‬‬

‫} ِلتاْؤ ِمانُاوا ِباللِّه ورس والِ​ِه و تاعّزروهُ و تاو قاّروهُ و تُاس بّاح واهُ بْك راًة وأَا ِ‬ ‫ص ياًل {‬ ‫ُ‬ ‫َ َ ُ َ َُ ُ َ َُ ُ َ َ ُ ُ َ َ‬ ‫]‪9‬الفتح[‬

‫تعّزروه‪ :‬أى تسالعدوه وتعينوه لعلى تبليغ دلعوة ال‪.‬‬ ‫وتوّقروه‪ :‬أى تبّج لاوه وتعّظموه‪ ،‬وترفعوا شأنه ومقامه‪ ،‬كما وضعه ال‪،‬‬ ‫فلن يستطيع أحٌد منا أن يصل إلى أقل القليل مما ذكره القرآن فى شأن‬ ‫رفعة مقام رسول ال صلى ال لعليه وسلم!!‪.‬‬ ‫المام أبوالعزائم رضي ال لعنه وأرضاه لما تكلم لعن رسول ال وأفاض فى‬ ‫الكلم لعنه قال فى النهاية‪:‬‬

‫) وك ٌل يتكلاام لعلااى قاادره بمااا شاارح الا صاادره‪ ،‬أمااا كمااالت‬ ‫ها ااذا ال ا اُد راى المنيا اار الممنوحااة ما اان العلا ااى الوه اااب ففا ااوق الدراك‬ ‫والتصوير‪ ،‬وماذا نقول فيمن قال ال فيه‪:‬‬ ‫}‪َ.‬و َمااا أَْرَس ْلاَناَك إِّل َرْح َماةًالّْلَعالَِم ياَن ‪107] {.‬النبياء[‬ ‫وماذا نقول فيمن قال ال فيه‪:‬‬ ‫} َو َمااا أَْرَس ْلاَناَك إِّل َك اافًّة ّللّنا ِ‬ ‫س بَِش ياًرا َو نَاِذ ياًرا { ]‪28‬سبأ[!!‬ ‫َثم قال بعد ذلك‪:‬‬

‫العارف بال الشيخ فوزى محمد أبوزميد‬

‫الكتاب الحادى والستون‬


‫( ‪ )38‬الســـــــــراج المـنير‬

‫الفصل‬

‫لعلى قدرى أصوغ لك المديحا‬ ‫ومن أنا يا إمام الرسل حتى‬ ‫ولكنى أحبك ملء قلبى‬ ‫وداوى بالوصال فتًى معّنى‬

‫الول‪ :‬بشرمية النبى النورانية‬

‫ومدحك صاغه ربى صريحا‬ ‫أوّفى قدرك السامى شروحا‬ ‫فأسعد بالوصال فتًى جريحا‬ ‫يروم القرب منك ليستريحا‬

‫فكل واحد فينا يتكلم لعلى قدر ما يهبه موله من فتح فى آيات‬ ‫كتاب ال‪ ،‬لكن كمالت رسول ال صلى ال لعليه وسلم لن يستطيع أحد من‬ ‫الولين ول الخرين أن يصل إلى بعض ذرة مما مدح ال به وأَثنى لعليه به‬ ‫فى كتابه!!‪.‬‬ ‫فيجا ب أن ننتبه جميعاً لمثل هذه القضايا‪ ،‬ولبد أن ندافع لعن سيدنا‬ ‫رسول ال‪ ،‬وننتصر لسيدنا رسول ال‪ ،‬لن ال هو الذى أمرنا فى كتاب ال‬ ‫ب‬ ‫بذلك‪ ،‬فإذا لم تفعل فقد تخليت لعن الوصية اللهية التى أوصاك بها ر ّ‬ ‫البرية‪ ،‬فلبد أن نبين للناس هذه الحقائق ول نترك الساحة لمن يقدحون فى‬ ‫رسول ال‪ ،‬ويحاولون أن ُينزلوا من مقامه العظيم الجاه الذى أحّله فيه موله‪.‬‬ ‫فمن الجائز أن معظم ما حّل بالمسلمين فى هذا الزمان بسبا ب قلة‬ ‫ا ب لرسول ال صلى ال لعليه وسلم تأَثراً بالسماع من هؤلء القوم المبعدين‪،‬‬ ‫الح ّ‬ ‫ا ب رسول ال صلى ال لعليه وسلم فإنها‬ ‫كيف ذلك؟ ياإخوانى مادامت الناس تح ّ‬ ‫ستحرص لعلى سنته‪ ،‬وتحرص لعلى أخلقه‪ ،‬وتحرص لعلى كمالته‪ ،‬مادامت‬ ‫تحبه صلى ال لعليه وسلم فستحرص لعلى العمل بشريعته‪ ،‬ولعندها يكون‬ ‫المجتمع كله‪:‬‬

‫} ّمَح ّماٌدا ّرُس واُل اللِّه‬

‫ِّ‬ ‫ن َم َعاهُ { ]الفتح‪[29:‬‬ ‫َواالذ يا َ‬

‫ا ب رسول ال يبدأون بالتفريط فى‬ ‫لكن لعندما يقّل لعند الناس ح ّ‬ ‫العارف بال الشيخ فوزى محمد أبوزميد‬

‫الكتاب الحادى والستون‬


‫الســـــــــراج المـنير‪ .‬الفصل الول‪ :‬بشرمية النبى النورانية ( ‪)39‬‬

‫ُس نّاته‪ ،‬وكذا يبدأون فى التكاسل لعن الوامر الشرلعية‪ ،‬ولعن تنفيذ التعليمات‬ ‫الربانية‪ ،‬ولعندها تظهر فى ا ُ‬ ‫لمة التحذيرات القرآنية‪:‬‬

‫} فاْليْح َذاِرا الِّذ يان يَخ االُِف واَن َلعن أَْم ِراِه َأن تُ ِ‬ ‫ص يااباَُه ْما ِفتاْنَةٌ‬ ‫ْ‬ ‫َُ‬ ‫َ​َ‬ ‫أَو ي ِ‬ ‫ب أَِليٌم { ]‪93‬النور[‬ ‫ص يااباَُه ْما َلعَذ اا ٌ‬ ‫ْ ُ‬

‫فالسلم أمرنا أن ناَُعّظم رسول ال‪ ،‬وأمرنا أن ُنبّج لا رسول ال‪ ،‬وأمرنا‬ ‫أن ناَُعّلم ذلك لولدنا‪ ،‬قال صلى ال لعليه وسلم مبيناً المنهج التربوى الذى‬ ‫يجا ب أن نسير لعليه أجمعين مع أولدنا‪:‬‬ ‫حــب‬ ‫م ‪َ ،‬و ُ‬ ‫كــ ْ‬ ‫حب َنكِبي ُ‬ ‫ل ‪ُ :‬‬ ‫صا ب ٍ‬ ‫خ َ‬ ‫ث كِ‬ ‫عَلى َثال َ كِ‬ ‫م َ‬ ‫} َأدُبوا أ َْوال َ​َدُك ْ‬ ‫ظــل الّلــهكِ‬ ‫ن كِفــي كِ‬ ‫مَلَة اْلُقْرآ كِ‬ ‫ح َ‬ ‫ن َ‬ ‫ن ‪َ ،‬فنإ ّ‬ ‫ة اْلُقْرآ كِ‬ ‫ء كِ‬ ‫ل َبْيكِتكِه ‪َ ،‬وكِقَرا َ‬ ‫ه كِ‬ ‫أَ ْ‬ ‫‪28‬‬ ‫صكِفَياكِئكِه {‬ ‫ع أ َْنكِبَياكِئكِه َوأ َ ْ‬ ‫ظُّلُه َم َ‬ ‫ل إ كِال ّ كِ‬ ‫ظ ّ‬ ‫م ال َ كِ‬ ‫م اْلكِقَياَمكِة َيْو َ‬ ‫َيْو َ‬

‫من الذى ينفذ هذه الوصية اليوم؟!!‬ ‫من يا إخوانى يرّبى أولده اليوم لعلى هذه الثلث‪:‬‬ ‫ا ب رسول ال صلى ال لعليه وسلم‪.‬‬ ‫ حّ‬‫ا ب آل بيته البرار الطهار‪.‬‬ ‫ حّ‬‫ا ب القرآن الكريم‪.‬‬ ‫ وح ّ‬‫من نّف ذا هذه الوصية يا هناه‪ ،‬لنه نّفذا قول رسول ال صلى ال لعليه وسلم‪.‬‬

‫وصلى ال لعلى سيدنا محمد ولعلى آله وصحبه‬

‫وسلم‪.‬‬

‫ص ٍرا لعبد الكريم الشيراهزي في فاَو اائِ​ِد ِها‪ ،‬وابُن النّ​ّج ااِر لعن َلعلِّي رضى ال لعنه‪] .‬جامع الحاديث والمراسيل[‬ ‫‪ 28‬أَُبو نَ ْ‬

‫العارف بال الشيخ فوزى محمد أبوزميد‬

‫الكتاب الحادى والستون‬


‫( ‪ )40‬الســـــــــراج المـنير‬

‫الفصل الثانى‪ :‬نعمة ميلد رسول ا‬

‫الفصل الثانى‬

‫نعمة ميلد رسول ا‬ ‫صلى ال لعليه وسلم‬

‫‬‫‬‫‬‫‪-‬‬

‫أسرار الذكرى‬ ‫أفراح الّروح‬ ‫بشارات وإكرامات‬ ‫صلة على رسول ا‬ ‫بركة ال ّ‬

‫العارف بال الشيخ فوزى محمد أبوزميد‬

‫الكتاب الحادى والستون‬


‫الســـــــــراج المـنير‬

‫الفصل الثانى‪ :‬نعمة ميلد رسول ا ( ‪)41‬‬

‫صلى ال لعليه وسلم‬

‫‪ -‬مهام النّبِّى‬

‫صلى ال لعليه وسلم‬

‫العارف بال الشيخ فوزى محمد أبوزميد‬

‫الكتاب الحادى والستون‬


‫( ‪ )42‬الســـــــــراج المـنير‬

‫الفصل الثانى‪ :‬نعمة ميلد رسول ا‬

‫نعمة ميلد رسول ا‬

‫صلى ال لعليه وسلم ‪29‬‬

‫بسم ال الرحمن الرحيم‬ ‫الحمد ل الذى أكرمنا بخير نبى أرسله لخلق ال‪ ،‬وجعلنا خير ُأمة‬ ‫أخرجت للناس‪ ،‬واختار لنا خير دين وخير كتاب وجعلنا لعلى خير َه داى‬ ‫اختاره ال لعّز وجّل لولى اللباب‪ ،‬والصلة والسلم لعلى نبينا الهادى‬ ‫ورسولنا مصباح العناية الربانية‪ ،‬وباب حضرة القرب لرب البرية‪ ،‬صلى ال‬ ‫لعليه ولعلى آله أهل القرب والعطية‪ ،‬وصحبه‪ ،‬وكل من تبعه بإحسان إلى يوم‬ ‫الدين‪ ،‬ولعلينا معهم أجمعين‪ ،‬آمين آمين يارب العالمين‪.‬‬ ‫إخوانى وأحبابى بارك ال لعّز وجّل فيكم أجمعين‪:‬‬ ‫فى بدء حديثى بشرى لنا أجمعين فى هذا العام لن ال لعّز وجّل‬ ‫أجرى لنا خيراً فى ليلة خير النام كما أجراها للحبيا ب المصطفى لعند‬ ‫ميلده تماماً بتمام‪ ،30‬حيث كان لعام ميلد سيدنا رسول ال صلى ال لعليه‬ ‫وسل لعام قحط وجدب للجزيرة العربية كلها‪ ،‬ضّن الماء وهلك الزرع‬ ‫والضرع‪ ،‬والناس ل يدرون ماذا يفعلون‪ ،‬وفى ليلة ميلده صلى ال لعليه‬ ‫وسل جادت السماء بخير لعّم جميع أنحاء الرض حتى أن أرض الصحراء‬ ‫اخضرت وأينعت وأهزهر نباتها بإذن ربها ‪ ...‬فكان هذا إيذاناً بأن ميلده‬ ‫وبعثته خير لجميع النام كما وضح المولى لعّز وجّل تماماً بتمام‪ ،‬ونحن‬ ‫والحمد ل نستبشر بأن هذا العام سيكون لعام خير لعلينا ولعلى إخواننا‬ ‫المسلمين أجمعين‪ ،‬والدليل أن ال نفحنا هذا المطر فى ليلة ميلد سيد‬ ‫‪ 29‬كانت هذه المحاضرة بمسجد النور بالمعادى بتاريخ ‪ 11‬من ربيع الول ‪1431‬ها الموافق ‪ 25‬من فبراير ‪2010‬م‪.‬‬ ‫‪ 30‬حيث نزل فى هذا التوقيت مطر غزير‪.‬‬

‫العارف بال الشيخ فوزى محمد أبوزميد‬

‫الكتاب الحادى والستون‬


‫الســـــــــراج المـنير‬

‫الفصل الثانى‪ :‬نعمة ميلد رسول ا ( ‪)43‬‬

‫الولين والخرين صلى ال لعليه وسلم‪.‬‬

‫أسرار الذكرى‬ ‫لماذا نحتفل بميلد رسول ال صلى ال لعليه وسلم؟‬ ‫لن ال أمرنا فى قرآنه أن نتذكر هذا النبى ونتذكر الفضل الذى‬ ‫ساقه ال إلينا لعلى يد هذا النبى‪ ،‬وقال ال لنا فى محكم اليات القرآنية‪:‬‬ ‫ب ؟ اهل هى نعمة‬ ‫ى نعمة يا ر ّ‬ ‫} َوااذُْك ُراواْ نِْع َماةَا اللِّه َلعلَْيُك ْما {‪ ،‬أ ّ‬ ‫الصحة‪ ،‬أم نعمة الطعام‪ ،‬أم نعمة الهواء‪ ،‬أم نعمة الضياء‪ ،‬أم نعمة الماء؟ بّين‬ ‫ب ؟ ا} َوااذُْك ُراواْ نِْع َماةَا اللِّه َلعلَْيُك ْما‬ ‫ال ووضح‪ ،‬ما هذه النعمة التى نتذكرها يا ر ّ‬ ‫خ َواااًنا{ ]‪103‬آل لعمران[‪.‬‬ ‫ص بَاْح تُاام بِنِْع َماتِاِه إِ ْ‬ ‫إِْذ ُك ناتُْم أَْلع َداااء فَأَلّ َ‬ ‫ف باَْيَن قاُ​ُلوبُِك ْما فَأَ ْ‬ ‫النعمة التى ألفت بين القلوب‪ ،‬والتى أذهبت الضغائن والحقاد من‬ ‫النفوس‪ ،‬والتى جعلت اليمان يشرح الصدور ويملأ القلوب بالنور‪ ،‬والتى‬ ‫أذهبت الجفاء فى العلقات‪.‬‬

‫والنعمة التى وطدت العلقات فى جميع الجهات بين المؤمنين‬ ‫والمؤمنات حتى صار ال خ المؤمن الذى ليس قريا ب ول نسيا ب ول حسيا ب‬ ‫له فى القلا ب أكبر نصيا ب! أخوه المؤمن يفديه بنفسه‪ ،‬ويرتضى أن يعطيه‬ ‫نصف ماله ونصف بيته ونصف كل خير ألعطاه له رّبه لعن طيا ب نفس! ما‬ ‫النعمة التى فعلت كل ذلك؟ هى نعمة رسول ال صلى ال لعليه وسلم‪.‬‬ ‫ودلعانا ال لعّز وجّل لتَّذكر هذه النعمة دوماً لن مشاكلنا فى كل‬

‫شئوننا شرقاً وغرباً فى مجتمعاتنا وفى بيوتنا وفى لعائلتنا وفى أسواقنا وفى‬ ‫العارف بال الشيخ فوزى محمد أبوزميد‬

‫الكتاب الحادى والستون‬


‫( ‪ )44‬الســـــــــراج المـنير‬

‫الفصل الثانى‪ :‬نعمة ميلد رسول ا‬

‫تعاملتنا لن ُتحل إل إذا تذكرنا َه داى نبينا الذى جاء به إلينا من ربنا لنسير‬ ‫لعلى ضوئه فى حياتنا فتنتهى كل المشاكل من بيننا‪ ،‬ولذلك يقول ال لعّز‬

‫وجّل لنا‪:‬‬

‫} َو إِان تُِط ياُعوهُ تاَْه تَاُد وا { ]‪54‬النور[‪.‬‬

‫إذا أطعناه صلى ال لعليه وسلم اهتدينا إلى المنهج القويم‪ ،‬والصراط‬ ‫المستقيم‪ ،‬فى كل أمر من أمور حياتنا‪ ،‬وإذا خالفناه يقول ربنا لعّز وجّل‪:‬‬

‫} فاْليْح َذاِرا الِّذ يان يَخ االُِف واَن َلعن أَْم ِراِه َأن تُ ِ‬ ‫ص يااباَُه ْما ِفتاْنَةٌ‬ ‫ْ‬ ‫َُ‬ ‫َ​َ‬ ‫أَو ي ِ‬ ‫ب أَِليٌم { ]‪93‬النور[‬ ‫ص يااباَُه ْما َلعَذ اا ٌ‬ ‫ْ ُ‬

‫إذاً لعندما نتذكر رسول ال يوم ميلده الشريف‪:‬‬

‫ نتذكر القيم القرآنية التى جاء بها من لعند ال‪.‬‬‫ ونتذكر الخلق القويمة التى كان لعليها لنهتدى بها فى حياتنا‪.‬‬‫‪-‬‬

‫ونتذكر الشرع الشريف الذى جاء به من لعند ربنا لُيصلح ال‬

‫‪-‬‬

‫ونتذكر التعاليم اللهية والعلوم الربانية والسرار القرآنية التى جاء‬

‫لعّز‬

‫وجّل به كل شئوننا‪.‬‬

‫بها لنا من لعند ال لعّز وجّل‪.‬‬ ‫ونبينا صلى ال لعليه وسلم كان يحتفل بميلده بنفسه‪ ،‬ولكنه كان يحتفل‬ ‫بميلده الحتفال المناسا ب لذاته‪ ،‬فكان صلى ال لعليه وسلم يصوم يوم الَثنين‬ ‫العارف بال الشيخ فوزى محمد أبوزميد‬

‫الكتاب الحادى والستون‬


‫الســـــــــراج المـنير‬

‫الفصل الثانى‪ :‬نعمة ميلد رسول ا ( ‪)45‬‬

‫دائمًا‪:‬‬

‫ن ؟ فقال‬ ‫م الكِْثَنْي كِ‬ ‫م َيْو كِ‬ ‫صْو كِ‬ ‫ن َ‬ ‫ع ْ‬ ‫ل َ‬ ‫سكِئ َ‬ ‫} َو ُ‬ ‫ت أ َوْ أ ُْنكِز َ‬ ‫ل‬ ‫عْث ُ‬ ‫م ُب كِ‬ ‫ت كِفيكِه ‪َ ،‬وَيْو ‪ٌ.‬‬ ‫م وُكِلْد ُ‬ ‫ك َيْو ‪ٌ.‬‬ ‫لعليه وسلم ‪َ :‬ذا َ‬ ‫‪31‬‬ ‫ه{‬ ‫ي كِفي كِ‬ ‫عَل ّ‬ ‫َ‬

‫صلى ال‬

‫أى أنه يصومه شكراً ل لعلى نعمة ميلده صلوات ربه وتسليماته لعليه‬

‫فى هذا اليوم المبارك الميمون‪.‬‬

‫أفراح الّروح‬ ‫ونحن نحتفى برسول ال كما أمرنا ال‪ ،‬بتذكر النعم والعطايا والمنن‬ ‫والخصائص التى ساقها لنا ال لعلى يد سيدنا رسول ال صلى ال لعليه‬ ‫وسل‪ ،‬ل مانع فى هذا اليوم من الفرح لن ال لعّز وجّل أمرنا فى القرآن أن‬ ‫ضاِلا اللِّه‬ ‫نفرح‪ ،‬بأى شئ نفرح يارب؟ قال لعز شأنه موجهاً لنا‪ } :‬قُْل بَِف ْ‬ ‫ك فاَْلياَْف َراُح اواْ ُه َوا َخ ياٌْر ّمّمااا يَْج َماعُاوَن]{‪58‬يونس[‪.‬‬ ‫َو بِاَرْح َماتِاِه فَبَِذ لِا َ‬

‫فالفرح اللعظم ‪ -‬الذى وجهه لنا ال ‪ -‬أن نفرح بفضل ال وبرحمة‬ ‫ال‪ ،‬وبإكرام ال وبعطاءات ال‪ ،‬التى أرسلها إلينا مع رسول ال صلى ال لعليه‬ ‫وسلم‪ ،‬وهذا هو الفرح الدائم‪ ،‬لن الفرح به يدوم فى الدنيا ويوم الدين‪ ،‬أما‬ ‫الفرح بالمال‪ ،‬أو الفرح بالمناصا ب‪ ،‬أو الفرح بالمكاسا ب‪ ،‬أو الفرح‬ ‫بالولد فل يدوم إل فترة محدودة مهما طالت‪ .‬فهو إذاً ل يدوم!‪ ،‬لكن‬ ‫ح يدوم‪.‬‬ ‫الفرح بفضل ال وبإكرامات ال وبعطاءات ال فر ٌ‬ ‫‪ 31‬صحيح مسلم لعن أبى قتادة رضى ال لعنه‪.‬‬

‫العارف بال الشيخ فوزى محمد أبوزميد‬

‫الكتاب الحادى والستون‬


‫( ‪ )46‬الســـــــــراج المـنير‬

‫الفصل الثانى‪ :‬نعمة ميلد رسول ا‬

‫أبو لها ب كان أشد حرباً لعلى النبى من أبى جهل‪ ،‬لن أبا جهل كان‬ ‫يؤلا ب قبائل قريش‪ ،‬لكن أبا لها ب كان يمشى خلف النبى‪ ،‬وكلما ذها ب إلى‬ ‫قوم يدلعوهم إلى دين ال وإلى كتابه يمشى خلفه ويقول‪ :‬أنا لعمه وأنا ألعلم‬ ‫به منكم فل تصدقوه‪ ،‬فكان أشد لعلى النبى من أبى جهل!‪.‬‬ ‫ت يَ​َد اا‬ ‫ولذلك ذكره ال فى كتابه‪ ،‬وأنزل باسمه سورة كاملة‪ } :‬تاَبّ ْ‬ ‫أَِبي لَ​َه ٍ‬ ‫ا ب{ [‪1‬المسد[‪ ،‬رآه أخوه العباس لعّم النبى صلى ال لعليه وسلم فى‬ ‫ا با َو تَا ّ‬ ‫المنام بعد موته‪ ،‬فقال له‪ :‬يا أخى ما بك؟‪ ،‬قال‪ :‬أنا فى أشد ألوان‬ ‫العذاب!! إل أنه ُيخفف لعنى العذاب كل ليلة إَثنين‪ ،‬قال‪ :‬ولَِم ؟ا‬

‫قال‪ :‬لن جاريتى َثويبة لما ُولد محمد ابن أخى لعبد ال جاءت إلّى‬ ‫وقالت‪ :‬أبشر فقد ُولد لخيك لعبد ال غلم – وكان العرب فى ذاك الحين‬ ‫يفرحون بولدة الغلمان وُيساءون بولدة الناث – قال‪ :‬فقلت لها‪ :‬أنت‬ ‫حرة‪ ،‬قال‪ :‬فخفف ال لعنى‪ ،‬ويخفف ال لعنى كل ليلة إَثنين دوماً !!‪ ،‬لنى‬ ‫فرحت بميلد محمد‪ ،‬وجعلت جاريتى َثويبة حرة لتلك البشرى التى‬ ‫بشرتنى!!‪.‬‬ ‫وفى ذلك يقول المام ابن ناصر الدين الدمشقى رضى ال لعنه‪:‬‬ ‫إَذا َك ااَن َه َذااا َك اافًِرا َج ااَء َذّمهُا‬ ‫أَ​َتى أَنّهُ ِفي ياَْو ِما الَثْاناَْيِن َداائًِم اا‬ ‫فَ​َم اا الظّ​ّن ِبالَْعْبِد الِّذ يا َك ااَن ُلعْم ُراهُ‬

‫ت يَ​َد ااهُ ِفي الَْج ِحا ياِم ُمَخ لّاَد اا‬ ‫َو تاَبّ ْ‬ ‫س ُراوِر لَْح َماَدااا‬ ‫فا َلعْنهُ ِلل ّ‬ ‫يَُخ ّفا ُ‬ ‫ت ُمَوّحاَدااا‬ ‫بِأَْح َماَدا َمْسا ُرااوًراَوَمااا َ‬

‫ما الظن بهذا العبد الذى يفرح برسول ال كّل لعمره؟!! ولعاش لعلى‬ ‫اليمان ومات لعلى التوحيد للرحمن؟! هذا يكون سروره ألعظم!!‪ ،‬وقد ب ّ‬ ‫ش را‬ ‫العارف بال الشيخ فوزى محمد أبوزميد‬

‫الكتاب الحادى والستون‬


‫الســـــــــراج المـنير‬

‫الفصل الثانى‪ :‬نعمة ميلد رسول ا ( ‪)47‬‬

‫النبى صلى ال لعليه وسلم من خالط حّبه صلى ال لعليه وسلم قلبه فقال‪:‬‬ ‫عَلى الّناركِ‬ ‫ه َ‬ ‫سَد ُ‬ ‫ج َ‬ ‫م الّلُه َ‬ ‫حّر َ‬ ‫عْبب ٍد إ كِال ّ َ‬ ‫ب َ‬ ‫حبي كِبَقْل كِ‬ ‫ط ُ‬ ‫خَتَل َ‬ ‫} َما ا ْ‬ ‫‪32‬‬

‫{‬

‫فعلينا أن نفرح برسول ال فى هذه الليالى المباركة وفى كل أيامنا‬ ‫صناا به بفضائل ل نستطيع لعّد هاا‪.‬‬ ‫وأوقاتنا‪ ،‬لن ال لعّز وجّل خ ّ‬

‫بشارات وإكرامات‬ ‫فإن ال أكرمنا ببركة النبى وألعطانا فوق ما ألعطى النبيين والمرسلين‬ ‫السابقين‪ ،‬وانظروا معى إلى آيات كتاب ال لعّز وجّل وهى تحكى لنا ذلك‪،‬‬ ‫نبّى ال إبراهيم ‪ -‬وكان ُيسمى أبو النبياء – كان يدلعو ال دوماً فيقول‪:‬‬

‫} َوَل تُْخ ِزاِني ياَْو َما يابُاَْعُثوَن ‪.‬ا ياَْو َما َل َينَف ُعا َمااٌل َوَل باَُنوَن ‪.‬ا إِّل َمْنا أَ​َتى‬ ‫اللَّه بَِق ْلا ٍ‬ ‫س ِلايٍم { ]‪89 :87‬الشعراء[‬ ‫ا ب َ‬

‫والخزى أى‪ :‬الفضيحة‪ ،‬والفضيحة يوم القيامة ‪ -‬حفظنا ال جميعاً‬ ‫من ذلك – تكون لمن يحاسا ب لعلنية‪ ،‬أى‪ :‬يحاسبه ال أمام جميع الخلق!‬ ‫فُيخزى ويفتضح! ويظهر شأنه أمام الجميع‪ .‬كان سيدنا إبراهيم يطلا ب من‬ ‫ال أل يحدث له ذلك‪ .‬أبو النبياء يطلا ب ذلك!! أما نحن ُأمة النبى صلى‬ ‫ال لعليه وسلم ‪ -‬فمّن ال لعلينا ببركة النبى ورفع لعنا ذلك!! وب ّ‬ ‫ش رانا وقال‬ ‫لنا‪:‬‬ ‫‪ 32‬جامع الحاديث والمراسيل لعن ابِن ُلعَم َرا رضَي اللّهُ لعنُه َمااا‬

‫العارف بال الشيخ فوزى محمد أبوزميد‬

‫الكتاب الحادى والستون‬


‫( ‪ )48‬الســـــــــراج المـنير‬

‫الفصل الثانى‪ :‬نعمة ميلد رسول ا‬

‫} ياَْو َما َل يُْخ ِزااي اللّهُ النّبِّي َواالِّذ ياَن آَمنُاوا َمَعاهُ {‬

‫]‪8‬التحريم[‬

‫حفظنا ال من لعذاب الخزى‪ ،‬إذاً كيف يكون حسابنا؟ من‬ ‫ل لنا‪ ،‬وتفضيله لنا لعن سائر المم ما قال فيه صلى ال لعليه‬ ‫خصائص ال لعّز وج ّ‬ ‫وسلم‪:‬‬

‫م اْلكِقَيامَكِة {‬ ‫ن َيْو َ‬ ‫ن ال َّوُلو َ‬ ‫خُرو َ‬ ‫ن ال كِ‬ ‫ح ُ‬ ‫} َن ْ‬

‫‪33‬‬

‫أى نحن الخرون فى البعث فى الدنيا‪ ،‬ونحن الولون فى الحساب‬ ‫غداً يوم القيامة!! وقال أيضًا‪:‬‬ ‫} نحن آخر المم وأول من يحاسب ‪ ،‬يقال ‪ :‬أين ا ُ‬ ‫لمــة‬ ‫المحمدية ؟ فنحن الولون الخرون { وفا ااى روايا ااة‪ } :‬المقضــى‬ ‫‪34‬‬

‫لهم قبل الخالئق {‬

‫فنحن أظهر ال لنا فى القرآن مساوئ ولعيوب المم السابقة ولكن‬ ‫ال لعّز وجّل لن يأتى بأحد بعدنا حتى ل يعرف أحد مساوئنا ولعيوبنا إل ال لعّز‬ ‫وجّل‪ ،‬وال لعّز وجّل كريم يكرمنا ببركة النبى صلى ال لعليه وسلم‪ ،‬فيجعلنا أول‬ ‫المم فى الحساب‪ ،‬كيف يكون الحساب؟ يكون الحساب لهذه المة دون‬ ‫سائر المم كما قال صلى ال لعليه وسلم‪:‬‬ ‫ضــعَ‬ ‫حّتى َي َ‬ ‫ل َ‬ ‫ه عّز وج ّ‬ ‫ن َررِّب كِ‬ ‫م اْلكِقَياَمكِة كِم ْ‬ ‫ن َيْو َ‬ ‫مْؤكِم ُ‬ ‫} ُيْدَنى اْل ُ‬ ‫ل ‪ :‬أ َ يْ‬ ‫ف ؟ َفَيُقــو ُ‬ ‫عكِر ُ‬ ‫ل َت ْ‬ ‫ه ْ‬ ‫ل ‪َ :‬‬ ‫ه كِبُذُنوكِبكِه‪َ .‬فَيُقو ُ‬ ‫عَلْيكِه َكَنَفُه‪َ .‬فُيَقرِّرُر ُ‬ ‫َ‬ ‫‪ 33‬صحيح مسلم لعن أبى هريرة رضي ال لعنه‪.‬‬ ‫‪ 34‬سنن ابن ماجة لعن ابن لعباس رضي ال لعنهما‬

‫العارف بال الشيخ فوزى محمد أبوزميد‬

‫الكتاب الحادى والستون‬


‫الســـــــــراج المـنير‬

‫الفصل الثانى‪ :‬نعمة ميلد رسول ا ( ‪)49‬‬

‫ك كِفــي الــُّدْنَيا ‪َ ،‬وإ كِرِّنــي‬ ‫عَلْيــ َ‬ ‫س ـَتْرُتَها َ‬ ‫ل ‪َ :‬فكِنإرِّني َقْد َ‬ ‫ف‪َ .‬قا َ‬ ‫عكِر ُ‬ ‫ب أَ ْ‬ ‫َر رِّ‬ ‫كّفـاُر‬ ‫سـَناكِتكِه‪َ .‬وأ َّمـا اْل ُ‬ ‫ح َ‬ ‫حيَفَة َ‬ ‫صـ كِ‬ ‫طــى َ‬ ‫ع َ‬ ‫م‪َ .‬فيُ ْ‬ ‫ك اْلَيـْو َ‬ ‫ها َل َ‬ ‫غكِفُر َ‬ ‫أَ ْ‬ ‫ء اّلكِذينَ‬ ‫هُؤال َ كِ‬ ‫ق ‪َ :‬‬ ‫خال َكِئ كِ‬ ‫س اْل َ‬ ‫عَلى ُرُؤو كِ‬ ‫م َ‬ ‫ن َفُيَناَدى كِبهكِ ْ‬ ‫مَناكِفُقو َ‬ ‫َواْل ُ‬ ‫‪35‬‬

‫عَلى الهّلكِه {‬ ‫َكَذُبوا َ‬

‫لن يفتضح فى هذا اليوم ِم ْنا هذه ا ُ‬ ‫لمة المرحومة إل َمْنا جاهر‬ ‫بالكبائر!! واستمر يفعلها حتى الموت‪ ،‬ولم يتا ب إلى ال لعّز وجّل منها‪ ،‬مع‬ ‫أن ال يبسط يده بالنهار ليتوب مسئ الليل‪ ،‬ويبسط يده بالليل ليتوب مسئ‬ ‫النهار‪ ،‬حتى تطلع الشمس من مغربها!‪.‬‬ ‫وقد اختار ال لعّز وجّل ذلك لهذه المة من قبل القبل‪ ،‬فقد روى فى‬ ‫الَثر‪ :‬أن ال لما خلق المم وهى أرواح قبل الجسام والشباح‪ ،‬وخلق‬ ‫القلم ليكتا ب أقدار المم‪ ،‬وأمله ال لعّز وجّل‪ :‬اكتا ب يا قلم‪ ،‬أمة آدم ؛ من‬ ‫أطالعنى دخل الجنة ومن لعصانى دخل النار!‪ ،‬فكتا ب القلم‪ .‬فقال ال‪:‬‬ ‫أكتا ب يا قلم‪ ،‬أمة نوح ؛ من أطالعنى دخل الجنة ومن لعصانى دخل النار‪.‬‬ ‫واستمر حتى قال‪ُ :‬أمة محمد ؛ فاَ​َه ّما القلم أن يكتا ب ما كتبه لكل المم‪،‬‬ ‫ب العّزة لعّز وجّل‪ :‬اسكت يا قلم!‪ ،‬فانش ّ‬ ‫ق القلم من هيبة ال لعّز‬ ‫فناداه ر ّ‬ ‫وجّل‪َ ،‬ثم قال له ال متفضلً لعلى هذه ا ُ‬ ‫لمة ولعلينا أجمعين‪ :‬اكتا ب ياقلم‪،‬‬ ‫ب غفور‪ .‬ولذلك جعل ال لعّز وجّل‬ ‫أمة محمد صلى ال لعليه وسلم ؛ ُأمةٌ مذنبةٌ ور ّ‬ ‫لهذه المة المحمدية المرحومة خصوصية فى الحساب فى اليات القرآنية‬ ‫ب البرية‪:‬‬ ‫التى يقول فيها ر ّ‬ ‫‪ 35‬الصحيحين البخارى ومسلم لعن ابن لعمر رضي ال لعنهما‪.‬‬

‫العارف بال الشيخ فوزى محمد أبوزميد‬

‫الكتاب الحادى والستون‬


‫( ‪ )50‬الســـــــــراج المـنير‬

‫الفصل الثانى‪ :‬نعمة ميلد رسول ا‬

‫ك الِّذ ياَن نَاتاَق بّاُل َلعناُْه ْما أَْح َساَنا َماا َلعِم لُاوا َو ناَتجاَوُهزا َلعن َس يّاَئاتِ​ِه ْما ِفي‬ ‫} أُْو لَائِ َ‬ ‫ص َحااا ِ‬ ‫ن { ]‪16‬الحقاف[‬ ‫ب الَْج نّاِة َو ْلعاَدا ال ّ‬ ‫ص ْدا ِقا الِّذ يا َك ااُنوا ُيوَلعُد وا َ‬ ‫أَ ْ‬ ‫ل برسول ال صلى ال لعليه وسلم ؛ فجعلنا ببركته صلى ال‬ ‫أكرمنا ال لعّز وج ّ‬ ‫لعليه وسلم من أهل الشفالعة العظمى! كيف ذلك؟ أبيُّن لكم‪ :‬يشفع لنا‬ ‫الحبيا ب صلى ال لعليه وسلم ‪ -‬وليس هذا فحسا ب ‪ -‬بل ومّن ال لعلينا بأن‬ ‫جعل بعضنا يشفع فى بعض ‪ ...‬يا للرحمة!!‪.‬‬

‫فيشفع رسول ال صلى ال لعليه وسلم لنا كما يشفع فى المم السابقة‬ ‫ف إَِذا‬ ‫كما وضح كتاب ربنا لعّز وجّل‪ ،‬ففى المم السابقة يقول ال‪ } :‬فَ​َك ْيا َ‬ ‫ك َلعَلى َه اُؤلء َش ِهاياًد اا{ ]‪41‬النساء[‪ ،‬وفينا‬ ‫ِج ئْاَنا ِم نا ُك ّلا أّمٍةا بَِش ِهاياٍد َوِج ئْاَنا بِ َ‬ ‫ك َج َعاْلَناُك ْما أُّمًةا َو َساطًاا لّتَُك واُنواْ ُش َهاَداااء َلعَلى‬ ‫يقول ال سبحانه وتعالى‪َ } :‬وَك َذالِا َ‬ ‫الّنا ِ‬ ‫س َو ياَُك واَن الّرُس واُل َلعلَْيُك ْما َش ِهاياًد اا{ ]‪143‬البقرة[‪.‬‬ ‫فأوجا ب ال لعّز وجّل لنا شفالعة رسول ال صلى ال لعليه وسلم‪ ،‬وأطلق ال‬ ‫لعّز وجّل لنا الشفالعة فى بعضنا حتى قال نبينا صلى ال لعليه وسلم‪:‬‬ ‫م اْلكِقَياَمةكِ‬ ‫عَي ًة َيْو َ‬ ‫شَفا َ‬ ‫ن َ‬ ‫كل ُمْؤكِم ب ٍ‬ ‫ن كِل ُ‬ ‫ن َفنإ ّ‬ ‫خَوا كِ‬ ‫ن ال ْ‬ ‫ككِثُروا كِم َ‬ ‫سَت ْ‬ ‫}ا ْ‬ ‫‪36‬‬

‫{‬

‫لكل مؤمن شفالعة يوم القيامة يعطيها له ال يشفع فيها فيمن يريد فضلً من‬ ‫ال! وإكراماً من ال! وخصوصية لهذه المة ببركة رسول ال صلى ال لعليه‬ ‫وسلم‪.‬‬ ‫‪) 36‬ابن النّ​ّج ااِر ‪ (،‬في تاريِخ ِه ا لعن أنَ ٍ‬ ‫س رضَي اللّهُ لعنُه‪] .‬جامع الحاديث والمراسيل[‬

‫العارف بال الشيخ فوزى محمد أبوزميد‬

‫الكتاب الحادى والستون‬


‫الســـــــــراج المـنير‬

‫الفصل الثانى‪ :‬نعمة ميلد رسول ا ( ‪)51‬‬

‫بركة الصلة على رسول ا‬

‫صلى ال لعليه وسلم‬

‫وجعل نبينا صلى ال لعليه وسلم شفالعته بسبا ب يسير‪ ،‬ولعمل يسير غير‬ ‫لعسير ول َثقيل‪ ،‬فقال صلى ال لعليه وسل‪:‬‬ ‫شرا‬ ‫سي عَ ْ‬ ‫م كِ‬ ‫ن ُي ْ‬ ‫حي َ‬ ‫شرا ‪ ،‬و كِ‬ ‫ع ْ‬ ‫ح َ‬ ‫صكِب ُ‬ ‫ن ُي ْ‬ ‫حي َ‬ ‫ي كِ‬ ‫عل ّ‬ ‫صهّلى َ‬ ‫} َمنْ َ‬ ‫م الكِقَياَمكِة {‬ ‫عكِتي َيْو َ‬ ‫شَفا َ‬ ‫أ َْدَرَكْتُه َ‬

‫‪37‬‬

‫وسمى ال لعّز وجّل الصلة لعلى النبى صلة ‪ ،..‬ولكنها ل تحتاج‬ ‫إلى وضوء! ول تحتاج إلى استقبال القبلة! ول تحتاج إلى التواجد فى‬ ‫المسجد!‪ ،‬فيستطيع النسان أن يصلى لعلى أى هيئة وفى أى وهزمان‬ ‫ومكان‪ ،‬فإذا حافظ لعلى الصلة لعلى النبى صلى ال لعليه وسلم لعشراً حين‬ ‫يصبح ‪ ..‬ولعشراً حين يمسى وجبت له شفالعة النبى صلى ال لعليه وسلم يوم‬ ‫القيامة ‪ ..‬أهذا واضح يا إخوانى الكرام!‬ ‫ولذا ورد أن رجلً كان يحج البيت الحرام ويطوف بالبيت‪ ،‬فل يرفع‬ ‫قدماً ول يضعها إل ويصلى لعلى النبى صلى ال لعليه وسلم ‪ ،‬فقال له إمام أهل‬ ‫العراق سفيان الثورى رضى ال لعنه‪ :‬يا هذا ماذا تفعل؟ يذكره بأن الطواف وقت‬ ‫الدلعاء ووقت ذكر ال‪ ،‬ول ينبغى أن يقتصر لعلى الصلة لعلى النبى‪ ،‬فقال‬ ‫له الرجل‪ :‬من أنت؟ قال‪ :‬أنا سفيان الثورى‪ ،‬قال‪ :‬أنت لعالم العراق؟ قال‪:‬‬ ‫نعم‪ ،‬قال‪ :‬اجلس معى أحدَثك بسبا ب ذلك‪ ،‬فتنحيا لعن المطاف وجلسا‬ ‫معًا‪ ،‬فقال‪ :‬لول أنك سفيان الثورى لعالم العراق ما حكيت لك سبا ب ذلك‪.‬‬ ‫‪ 37‬رواه الطبراني لعن أبي الدرداء رضَي اللّهُ لعنُه‪.‬‬

‫العارف بال الشيخ فوزى محمد أبوزميد‬

‫الكتاب الحادى والستون‬


‫( ‪ )52‬الســـــــــراج المـنير‬

‫الفصل الثانى‪ :‬نعمة ميلد رسول ا‬

‫خرجت هذا العام أنا وأبى لحج بيت ال الحرام‪ ،‬وكان أبى مسرفاً‬ ‫لعلى نفسه‪ ،‬ولما وصلنا إلى ِم ناى فى طريقنا لداء الحج وافته المنية‪ ،‬ولما‬ ‫مات رأيت وجهه وقد اسوّد فغطيته وحزنت لذلك حزناً شديدًا‪ ،‬ومن شدة‬ ‫تواجدى وحزنى أخذنى النوم ؛ فرأيت رجلً شديد بياض الوجه‪ ،‬شديد بياض‬ ‫ض‬ ‫الثياب‪ ،‬جاء إلى أبى ورفع الغطاء لعن وجهه ومسح وجهه بيده فابي ّ‬ ‫وجهه‪ ،‬وكان معه ورقة صغيرة فألعطاها له فى يده‪ ،‬فقلت له‪ :‬من أنت؟ ومن‬ ‫الذى أدراك بى؟ ومن الذى أرسلك إلّى ؟ا‬ ‫فقال‪ :‬أَ​َو َمااا تعرفنى؟ أنا نبيك محمد!!‪ ،‬كان أبوك مسرفاً لعلى نفسه‬ ‫ولكنه كان ل ينام إل إذا صّلى لعلّى ‪،‬ا فلما حضره من أمر ال لعّز وجّل ما‬

‫رأيت استنجد بى! فجئت لنجدته وألعطيته هذه الوريقة التى رأيتها وفيها‬ ‫ِ‬ ‫ص لّاوَن َلعَلى‬ ‫صلته لعلّى التى كان يصلى لعلّى بها‪ } :‬إِّن اللَّه َوَماَلا ئ ااَك تَاهُيُ َ‬ ‫ِ‬ ‫صلّاوا َلعلَْيِه َو َسالّاُم وا تَْس ِلاايًم اا { ]‪56‬الحزاب[‪.‬‬ ‫النّبِّي َيا َأياَّه اا الّذ ياَن آَمنُاوا َ‬

‫ما أحوجنا جميعاً فى هذه اليام والليالى إلى تدبر اليات القرآنية‬ ‫التى يتحدث فيها ال لعّز وجّل لعن نبيه صلى ال لعليه وسلم ‪ ،‬فقد لعلم ال جّل فى‬ ‫لعله أنه ل يستطيع أحٌد من الخلق ‪ -‬مهما أوتى من لعلم أو بيان ‪ -‬أن‬ ‫يصف حبيبه ومصطفاه‪ ،‬فوصفه ال لعّز وجّل بنفسه فى آيات كتاب ال‪.‬‬ ‫ولذلك ورد أن المام لعمر بن الفارض رضى ال لعنه ‪ -‬وكان له قصائد‬ ‫جّم ةا فى الثناء لعلى ال‪ ،‬وفى مناجاة موله لعّز وجّل – لما مات رآه أحد‬ ‫ِ‬ ‫م لم تمدح رسول ال صلى ال لعليه وسلم‬ ‫إخوانه فى المنام فقال له يا سيدى‪ :‬ل َ‬

‫العارف بال الشيخ فوزى محمد أبوزميد‬

‫الكتاب الحادى والستون‬


‫الســـــــــراج المـنير‬

‫الفصل الثانى‪ :‬نعمة ميلد رسول ا ( ‪)53‬‬

‫بقصائدك؟ فأجابه مناماً‪:38‬‬

‫أرى كّل مدح فى النبى ُمقصرا‬ ‫إذا ال أَثنى بالذى هو أهله‬

‫وإن بالغ الُم ثانى لعليه وأكثرا‬ ‫لعليه فما مقدار ما يمدح الورى‬

‫كيف يتحدث الخلق لعن سيد الخلق بعد أن تحدث لعنه الحق لعّز‬ ‫وجّل؟! وال لعّز وجّل تحدث لعن نبيه فى كثير من آياته القرآنية‪ ،‬بل إنه لعّز‬ ‫وجّل جعل محور حديثه فى القرآن لعن نبينا الهادى صلوات ربى وتسليماته‬ ‫لعليه‪.‬‬ ‫م ن مهام النبى‬

‫صلى ال لعليه وسلم‬

‫فإذا تدبرنا كلمة واحدة من الية التى يصف ال لعّز وجّل لنا فيها مهام‬ ‫النبى نحونا كأنها بلغة لعصرنا خطاب التكليف لنبينا‪ ،‬فإذا اختار رئيس‬ ‫الدولة رئيساً للوهزراء يعطيه خطاب تكليف فيه مهام هذه الوهزارة‪ ،‬وال لعّز وجّل‬ ‫اختار نبّيه لدلعوة الخلق إلى ال وكلفه بذلك‪ ،‬ما مهام هذه الدلعوة؟ قال‬ ‫تعالى‪:‬‬

‫} َيا َأياَّه اا النّبِّي إِّنا أَْرَس ْلاَناَك َش ااِه ًداااَو ُمابَ ّ‬ ‫ش ًرااَو نَاِذ ياًرا‪َ .‬و َدااِلع يًااإَِلى اللِّه‬ ‫بِإ ْذاناِ​ِه َو ِسا َرااًج ااّمِنيًرا‪َ .‬و باَ ّ‬ ‫ك بِايرا { ]‬ ‫ش ِراالُْم ْؤاِمانِايَنبِأَّن لَُه ما ّمَنا اللِّه فَ ْ‬ ‫ض ًلا َ ً‬ ‫‪47 :45‬الحزاب[‪.‬‬

‫كم فضيلة وكم تكليف؟ خمسة‪ ،‬لبد لكل مؤمن أن يتعرف ولو‬ ‫بتعريف بسيط لعلى هذه التكاليف النبوية حتى يتعرف لعلى نبيه‪ ،‬لن ال لعّز‬ ‫وجّل أمرنا أن نتعرف لعليه من جهة نبوته‪ ،‬ليس الشأن أن تعرفه من جهة‬ ‫‪ 38‬شذرات الذها ب لبن لعماد المشقى الحنبلى‪.‬‬

‫العارف بال الشيخ فوزى محمد أبوزميد‬

‫الكتاب الحادى والستون‬


‫( ‪ )54‬الســـــــــراج المـنير‬

‫الفصل الثانى‪ :‬نعمة ميلد رسول ا‬

‫جسده ومن جهة شكله ومن جهة لونه‪ ،‬مع أن ذلك َثابت! ل‪ ،‬لكن الشأن‬ ‫لنا أجمعين أن نعرفه من الجهة التى أرسله ال إلينا بها وهى جهة النبوة‪:‬‬ ‫وسنتناول هنا تكليفاً واحداٌ من هذه التكليفات باختصار وهو مهمة‪:‬‬ ‫} َيا َأياَّه اا النّبِّي إِّنا أَْرَس ْلاَناَك َش ااِه ًدااا{‪ ،‬يشهد لعلى المم السابقة‪ ،‬ويشهد‬ ‫لعلينا جمالعة المؤمنين‪ .‬كيف يشهد لعلينا؟!! ويزلعم البعض أنه مات ودفن‬ ‫ول يطّلع لعلينا!! هل هناك شاهٌد يشهد لعلى شّئ لم تره لعينه؟!! لو كان‬ ‫كذلك فإنه سيكون شاهد هزور!! لكنه قال لنا فى حديثه الصحيح‪:‬‬ ‫م َوَوَفــاكِتي‬ ‫كــ ْ‬ ‫ث َل ُ‬ ‫حــَد ُ‬ ‫ن َوُي ْ‬ ‫حكِدُثو َ‬ ‫م ُت ْ‬ ‫ك ْ‬ ‫خْي ‪ٌ.‬ر لَ ُ‬ ‫حَياكِتي َ‬ ‫} َ‬ ‫خْيـب ٍر‬ ‫ن َ‬ ‫مــا َرأ َْيــت مكِـ ْ‬ ‫م َف َ‬ ‫ك ْ‬ ‫مــاُل ُ‬ ‫ي أ َعْ َ‬ ‫ض عَ​َلـ ّ‬ ‫عـَر ُ‬ ‫م ُت ْ‬ ‫خْي ‪ٌ.‬ر َلكُـ ْ‬ ‫َ‬ ‫كــمْ {‬ ‫غَفْرت الّلَه َل ُ‬ ‫سَت ْ‬ ‫شسا ّر ا ْ‬ ‫ن َ‬ ‫عَلْيكِه َوَما َرأ َْيت كِم ْ‬ ‫مْدت الّلَه َ‬ ‫ح كِ‬ ‫َ‬ ‫‪39‬‬

‫َمنا المحامى العام لجميع النام يوم الزحام؟ المصطفى‬ ‫الصلة وأتم السلم‪ ،‬وهل يليق بمحامى أن يترافع فى قضية لم يطلع لعلى‬ ‫أوراقها ويعرف ما بها؟!! فلكى يترافع لعنا ويدافع لعنا لبد أن يطلع لعلى‬ ‫ب البرية يقول فى‬ ‫ض َعلَّي أَْعَمالُ​ُكْم{‪ .‬إذا كان ر ّ‬ ‫ملفاتنا‪ ،‬ولذلك قال‪} :‬تُْعَر ُ‬ ‫بعض المؤمنين ‪ -‬فى حديثه القدسى الذى يحدث به المصطفى صلى ال لعليه‬ ‫وسلم‪:‬‬ ‫لعليه أفضل‬

‫ب ‪َ ،‬وَما َتَقــّربَ‬ ‫حْر كِ‬ ‫عاَدى كِلي َوكِلهّيا َفَقْد آَذْنُتُه كِباْل َ‬ ‫ن َ‬ ‫} َم ْ‬ ‫ضُتُه عَ​َلْيكِه ‪َ ،‬وَما َيَزا ُ‬ ‫ل‬ ‫ما اْفَتَر ْ‬ ‫ي كِم ّ‬ ‫ب إ كَِل ّ‬ ‫ح ّ‬ ‫ء أَ َ‬ ‫ي ب ٍ‬ ‫ش ْ‬ ‫عْبكِد ي كِب َ‬ ‫ي َ‬ ‫إ كَِل ّ‬ ‫‪ 39‬المام البزار والطبرانى رضى ال لعنهما‬

‫العارف بال الشيخ فوزى محمد أبوزميد‬

‫الكتاب الحادى والستون‬


‫الســـــــــراج المـنير‬

‫الفصل الثانى‪ :‬نعمة ميلد رسول ا ( ‪)55‬‬

‫حَبْبُتــُه ُكْن ـتُ‬ ‫حّبُه ‪َ ،‬فــنإَذا أ َ ْ‬ ‫حّتى أ ُ كِ‬ ‫ل َ‬ ‫ي كِبالّنَواكِف كِ‬ ‫ب إ كَِل ّ‬ ‫عْبكِد ي َيَتَقّر ُ‬ ‫َ‬ ‫ه الّكِتي‬ ‫صُر كِبكِه ‪َ ،‬وَيَد ُ‬ ‫ه اّلكِذ ي ُيْب كِ‬ ‫صَر ُ‬ ‫ع كِبكِه ‪َ ،‬وَب َ‬ ‫م ُ‬ ‫س َ‬ ‫عُه اّلكِذ ي َي ْ‬ ‫م َ‬ ‫س ْ‬ ‫َ‬ ‫ســَألَكِني‬ ‫ن َ‬ ‫شــي كِبَهــا ‪َ ،‬وإ كِ ْ‬ ‫م كِ‬ ‫جَلــُه اّلكِتــي َي ْ‬ ‫ش كِبَهــا ‪َ ،‬وكِر ْ‬ ‫طــ ُ‬ ‫َيْب كِ‬ ‫ي ب ٍ‬ ‫ء‬ ‫شـ ْ‬ ‫ن َ‬ ‫ع ْ‬ ‫ت َ‬ ‫عيَذّنُه ‪َ ،‬وَما َتَرّدْد ُ‬ ‫عاَذكِني ل كِ‬ ‫سَت َ‬ ‫نا ْ‬ ‫طَيّنُه ‪َ ،‬وإ كِ كِ‬ ‫ع كِ‬ ‫ل ْ‬ ‫مــْو َ‬ ‫ت‬ ‫ه اْل َ‬ ‫كــَر ُ‬ ‫ن َي ْ‬ ‫مْؤكِم كِ‬ ‫س اْل ُ‬ ‫ض َنْف كِ‬ ‫ن َقْب كِ‬ ‫ع ْ‬ ‫عُلُه َتَرُّدكِد ي َ‬ ‫أ َ​َنا َفا كِ‬ ‫‪40‬‬ ‫ءَتُه{‬ ‫سا َ‬ ‫ه َم َ‬ ‫َوأ َ​َنا أ َْكَر ُ‬ ‫فإذا كان ذلك فى بعض المؤمنين‪ ،‬فما بالكم بإمام الولين والخرين‬ ‫صلى ال لعليه وسلم!!!‪ .‬إن ال لعّز وجّل يتفضل لعليه فيعطيه نوراً من نوره‪،‬‬ ‫ويكشف له أسراره‪ ،‬ولذلك قال ال لنا أجمعين‪:‬‬

‫} َو قاُِل اْلعَمالُاواْ فَ​َس ياَرى اللّهُ َلعَم لَاُك ْما َوَرُس والُهُ َواالُْم ْؤاِمانُاوَن‬ ‫َو َساتاَُرّدوَن إَِلى َلعالِ​ِم الْغَْي ِ‬ ‫ا ب َواال ّ‬ ‫ش َهاااَدِةافَايانَُبّئُ​ُك ما بَِم اا ُك ناتُْم‬ ‫ن { ]‪105‬التوبة[‪.‬‬ ‫تاَْعَمالُاو َ‬ ‫أرسله ال لعّز وجّل لنا باليمان‪ ،‬وأركان اليمان يقول فيها الرحمن‪:‬‬ ‫}الِّذ ياَن ياُْؤ ِمانُاوَن ِبالْغَْي ِ‬ ‫ا ب ل تراه‬ ‫ا ب { ]‪3‬البقرة[‪ .‬نحن نؤمن بال‪ ،‬وهو غي ٌ‬ ‫العيون‪ ،‬ولكن تشعر بعظمته القلوب‪ ،‬ونؤمن بالجنة ولم نرها‪ ،‬ونؤمن بالنار‬ ‫ولم نطلع لعليها‪ ،‬ونؤمن بالملئكة ولم نسمع حديثهم‪ ،‬مع أنهم يرافقوننا‬ ‫ويبيتون معنا ويتحركون معنا‪ ،‬ما الذى جعلنا نؤمن بهذا الغيا ب؟‬

‫‪ 40‬صحيح البخارى لعن أبى هريرة رضَي اللّهُ لعنُه‪.‬‬

‫العارف بال الشيخ فوزى محمد أبوزميد‬

‫الكتاب الحادى والستون‬


‫( ‪ )56‬الســـــــــراج المـنير‬

‫الفصل الثانى‪ :‬نعمة ميلد رسول ا‬

‫أن ال لعّز وجّل أرسل لنا نبياً صادقاً أطلعه لعلى هذا الغيا ب‪َ ،‬ثم حدَثنا‬ ‫لعن هذا الغيا ب حديث من رأى ومن سمع‪ ،‬فؤآمنا به وصدقنا بالنور الذى‬ ‫ُأنزل معه‪ ،‬ولذلك كان صلى ال لعليه وسلم لعندما يتحدث لعن الجنة أو النار‬ ‫يقول‪:‬‬ ‫ي الجنة والناُر آنفا‬ ‫ت عل ّ‬ ‫ض ْ‬ ‫عكِر َ‬ ‫}والذ ي نفسي بيده لقد ُ‬ ‫ض هذا الحائط وأنا ُأصلي ‪ ،‬فلم أَر كاليوم في‬ ‫في عر كِ‬ ‫‪41‬‬

‫الخير والشهّر {‬

‫فامن يراها‪ ،‬ولذلك قال يومًا‪:‬‬ ‫صا َ‬ ‫أى أنه يصف الجنة َو ْ‬ ‫ن هذا ؟‬ ‫ت ‪َ :‬م ْ‬ ‫شَي ًة ‪ ،‬فقل ُ‬ ‫خ َ‬ ‫ش َ‬ ‫خ ْ‬ ‫ت َ‬ ‫ع ُ‬ ‫م ْ‬ ‫س كِ‬ ‫جّنَة إال َ‬ ‫ت ال َ‬ ‫خْل ُ‬ ‫}ما َد َ‬ ‫هذا ؟‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫ت ‪ :‬كِل َ‬ ‫ع ‪َ ،‬فُقْل ُ‬ ‫ت بقصب ٍر مشيب ٍد بدي ب ٍ‬ ‫م َمَرْر ُ‬ ‫ل ‪ُ ،‬ث ّ‬ ‫فقالوا ‪ :‬كِبال ‪ٌ.‬‬ ‫ن هــذا‬ ‫مـ ْ‬ ‫م ـ ‪ٌ.‬د ‪ ،‬كِل َ‬ ‫ت ‪ :‬أنــا مح ّ‬ ‫م ـب ٍد ‪َ ،‬فُقْل ـ ُ‬ ‫ل كِمن أ ُّمكِة مح ّ‬ ‫ج ب ٍ‬ ‫قالوا ‪ :‬كِلَر ُ‬ ‫ن هذا‬ ‫م ْ‬ ‫ت ‪ :‬أنا عربي ‪ ،‬كِل َ‬ ‫ب ‪ ،‬فقل ُ‬ ‫ن العر كِ‬ ‫لم َ‬ ‫ج ب ٍ‬ ‫صُر ؟ قالوا ‪ :‬كِلَر ُ‬ ‫الَق ْ‬ ‫م سـَبْقَتكِني‬ ‫ل لبالل ‪ :‬بـ َ‬ ‫ب ‪ ،‬فقــا َ‬ ‫ن الخطا كِ‬ ‫مَر ب كِ‬ ‫ع َ‬ ‫القصُر ؟ قالوا ‪ :‬كِل ُ‬ ‫ت إال‬ ‫ض ـْأ ُ‬ ‫ت ‪ ،‬ومــا تو ّ‬ ‫ضـْأ ُ‬ ‫ت إال تو ّ‬ ‫ح ـَدْث ُ‬ ‫ل ‪ :‬مــا أ َ ْ‬ ‫جّن ـكِة ؟ قــا َ‬ ‫إلى ال َ‬ ‫ت الَقصْـَر ‪،‬‬ ‫خْل ُ‬ ‫ك َلـَد َ‬ ‫غْيَرُت َ‬ ‫ب ‪ :‬لوال َ‬ ‫ل لعمَر بن الخطا كِ‬ ‫ت ‪ ،‬وقا َ‬ ‫صّلْي ُ‬ ‫َ‬ ‫‪42‬‬ ‫ك{‬ ‫عَلْي َ‬ ‫غار َ‬ ‫نل َ‬ ‫م َأك ْ‬ ‫ل ا ‪َ ،‬ل ْ‬ ‫ل ‪ :‬يا رسو َ‬ ‫فقا َ‬ ‫‪ 41‬صحيح البخارى لعن أنس رضى ال لعنه‪.‬‬ ‫‪ 42‬صحيح ابن حبان لعن لعبد ال بن بريدة لعن أبيه‬

‫العارف بال الشيخ فوزى محمد أبوزميد‬

‫الكتاب الحادى والستون‬


‫الســـــــــراج المـنير‬

‫الفصل الثانى‪ :‬نعمة ميلد رسول ا ( ‪)57‬‬

‫حّلـةُ‬ ‫ل الهّلـكِه ُ‬ ‫سو كِ‬ ‫ت كِلَر ُ‬ ‫هكِدَي ْ‬ ‫ولعا اان ال ا اابراء رضا ااى الا ا ا لعنا ا ااه قا ااال ‪ } :‬أ ُ ْ‬ ‫ن كِليكِنَهــا ‪،‬‬ ‫ن مكِ ـ ْ‬ ‫جُبــو َ‬ ‫ع َ‬ ‫ســوُنَها َوَي ْ‬ ‫م ُ‬ ‫حاُبُه َيْل كِ‬ ‫صـ َ‬ ‫ل أَ ْ‬ ‫عـ َ‬ ‫ج َ‬ ‫حكِريب ٍر ‪َ ،‬ف َ‬ ‫َ‬ ‫عـاذب ٍ‬ ‫ن ُم َ‬ ‫عكِد ْبـ كِ‬ ‫سـ ْ‬ ‫ل َ‬ ‫مَناكِدي ُ‬ ‫ه ؟ َل َ‬ ‫ن هكِذ كِ‬ ‫ن كِلي كِ‬ ‫ن كِم ْ‬ ‫جُبو َ‬ ‫ع َ‬ ‫ل ‪ :‬أ َ​َت ْ‬ ‫َفَقا َ‬ ‫‪43‬‬ ‫ن{‬ ‫خْي ‪ٌ.‬ر كِمْنَها َوأ َْلَي ُ‬ ‫جّنكِة ‪َ ،‬‬ ‫كِفي اْل َ‬ ‫أخذه ال لعّز وجّل فى ليلة السراء والمعراج وأدخله جنته ليطلع لعلى‬ ‫ما ألعد ال لعّز وجّل للمؤمنين‪ ،‬ويصير شاهداً لعلى ذلك كله‪َ ،‬ثم ُيخبرنا بما‬ ‫رآه فنزداد يقينًا‪ ،‬لن هذا خبر الشاهد المشاهد الصادق الولعد المين‪،‬‬ ‫فنقوم ل لعّز وجّل لعاملين بما أخبرنا به سيد الولين والخرين‪ ،‬ولذلك قال‬ ‫ربنا‪َ } :‬لعالُِم الْغَْي ِ‬ ‫ض ىا ِم نا ّرُس واٍل { ]‬ ‫ا ب فَ​َل يُظِْه ُرا َلعَلى غَْيبِ​ِه أَ​َح ًدااا‪ .‬إِّل َمِنا اْرتَ َ‬ ‫‪37 ،36‬الجن[ وقد ارتضاه واصطفاه‪ ،‬وإلى حضرته رّقاه‪ ،‬وكشف له هذه‬ ‫الغيوب فوصفها لنا صفة نورانية ربانية‪ ،‬فؤآمنا بما رآه‪ ،‬وصدقنا بما أخبرنا به‬ ‫من لعند ال لعّز وجّل‪.‬‬ ‫وهو صلى ال لعليه وسلم )شاهداً ‪ (،‬لكل خصائص الشياء التى خلقها‬ ‫ال‪ ،‬ولذلك ما أخبر من خبر إل وجاء فى لعصرنا وبعد لعصرنا ‪ -‬سيأتى‬ ‫العلم الحديث وُيصدق ما أخبر به نبّينا‪ ،‬إن كان فى الجلوس أو فى المشى‬ ‫أو حتى فى النوم‪ ،‬مثل النوم لعلى الجانا ب اليمن‪ -‬أو فى أى أمر أو أى‬ ‫لعمل‪.‬‬ ‫ولذلك ل ينبغى لمؤمن أن يقول إن هذا الحديث يخالف العلم‪ ،‬إذا كان‬ ‫العلم لم يصل بعد إلى كنه هذا الحديث فالعيا ب فى العلم!! لكن الحديث‬ ‫‪ 43‬البخارى ومسلم في الصحيحين‬

‫العارف بال الشيخ فوزى محمد أبوزميد‬

‫الكتاب الحادى والستون‬


‫( ‪ )58‬الســـــــــراج المـنير‬

‫الفصل الثانى‪ :‬نعمة ميلد رسول ا‬

‫يقول فيه ال‪َ } :‬وَمااا َينِط ُقا َلعِن الَْه َواىا‪ .‬إِْن ُه َوا إِّل َوْح ٌياُيوَح ىا { ]‪،3‬‬ ‫‪4‬النجم[‪.‬‬ ‫ول ينبغى لمؤمن أن يَُح ّكاما لعقله فى قول نبّيه‪ ،‬ويقول فى حديثه إن‬ ‫هذا حديث ل يدخل العقل‪ ،‬وما للعقل وما َثبت فى صحيح النقل لعن‬ ‫حضرته صلى ال لعليه وسلم؟!! وما للعقل وللوحى الذى أوحى به ال لعّز وجّل‬ ‫إليه؟!! إذا كان النسان مع تقدم العلم الحديث لم يصل إلى الن إلى‬ ‫معرفة العقل! أين هو العقل؟ وما موضع العقل فى جسم النسان؟ أين‬ ‫موضعه؟ وما هيئته؟ فإذا كان النسان لم يصل إلى الن إلى معرفة العقل‪،‬‬ ‫فكيف يحكم بالعقل ‪ -‬الذى ل يعرفه!! ‪ -‬لعلى الوحى الذى نزل به نبّينا‬ ‫صلى ال لعليه وسلم؟!!‪.‬‬ ‫فكل ما جاءنا به من لعند ال هو حّق واضح ل مراء فيه ول جدال‪،‬‬ ‫لنه لعن شهود ل لبس فيه ول فكر ول وهم ول خيال! وما لعلينا إل أن‬ ‫نعمل فيه بقول الواحد المتعال‪َ } :‬وَمااا آَتاُك ُما الّرُس واُل فَُخ ُذاواهُ َوَمااا ناَ​َه ااُك ْما َلعْنهُ‬ ‫َفانتاَُه وا {‪َ ،‬ثم ُيحذر الذين ينكرون أو ينكثون أو يبدلون‪ ،‬فيقول ال تعالى‬ ‫لهم‪َ } :‬وااتاُّقوا اللَّه إِّن اللَّه َش ِداياُد الِْعَق اا ِ‬ ‫ب { ]‪7‬الحشر[‪ .‬وخذوا أمثلة وهى‬ ‫تفوق الحصر‪ ،‬لنهم كانوا يوقنون أن أمره صلى ال لعليه وسلم أمر!‬

‫كان أصحاب حضرة النبى ‪ -‬كان يتأخر نصرهم إذا تركوا ُس نّاًة من‬ ‫ُس نان النبّى !ا! فإذا لعملوها جاء النصر فوراً من لعند ال العلّى ‪،‬ا كيف؟‬

‫لما دخلوا بلدنا مصر وحاصروا حصن بابليون ‪ -‬فى القاهرة الن ‪-‬‬ ‫مكثوا ستة أشهر ولم ُيفتح الحصن!‪ ،‬فقالوا‪ :‬لبد أننا تركنا ُس ناة من سنن‬ ‫العارف بال الشيخ فوزى محمد أبوزميد‬

‫الكتاب الحادى والستون‬


‫الســـــــــراج المـنير‬

‫الفصل الثانى‪ :‬نعمة ميلد رسول ا ( ‪)59‬‬

‫ال‪ ،‬أو من سنن رسول ال‪ ،‬لن ال ما لعّو دانا أن يؤخر نصره لعلينا‪ .‬فبحثوا‬ ‫س ناة استخدام السواك التى لعلمها لهم صلى ال لعليه وسلم‬ ‫فوجدوا أنهم تركوا ُ‬ ‫وقال فيها ‪ } :‬لن أصلي ركعتين بسواك أحب إلى من أن‬ ‫‪44‬‬ ‫أصلي سبعين ركعة بغير سواك { ‪ ،‬وقال فيه أيضًا‪ } :‬لوال أن‬ ‫س ـ لمرتهم‬ ‫ع َلى أ ُ ّمتي ـ أو على النا كِ‬ ‫ق َ‬ ‫ش ّ‬ ‫أ ُ‬ ‫ل صالة {‪ - 45‬فاستخدموا السواك ؛ فرآهم أهل‬ ‫ك مع ك هّ‬ ‫بالسوا كِ‬

‫الحصن‪ ،‬فقالوا لبعضهم‪ :‬لقد جاءهم مدٌد يأكلون الخشا ب!! فإذا كنا لم‬ ‫نستطع أن نقاتل هؤلء!! فكيف سنقاتل من يأكلون الخشا ب؟!! فهيا بنا‬ ‫ّ‬ ‫س ناة رسول ال صلى‬ ‫ُنسّلم الحصن لهم‪ ،‬فسلموا لهم ببركة قيامهم ولعملهم ب ُ‬ ‫ال لعليه وسلم!!‪.‬‬ ‫فكل هذا شذرة من قطرة من أسرار قوله تعالى‪َ } :‬ش ااِه ًدااا{‪.‬‬

‫وصلى ال لعلى سيدنا محمد ولعلى آله وصحبه وسلم‬

‫‪ 44‬تحفة الحوذى لعن ابن لعباس رضى ال لعنهما‪.‬‬ ‫‪ 45‬الصحيحان البخارى ومسلم لعن أبى هريرة رضى ال لعنه‪.‬‬

‫العارف بال الشيخ فوزى محمد أبوزميد‬

‫الكتاب الحادى والستون‬


‫( ‪ )60‬الســـــــــراج المـنير‬

‫الفصل الثالث‪ :‬نور الصلة على النبى‬

‫الفصل الثالث‬

‫نور الصلة على النبى‬

‫صلى ال لعليه وسلم‬

‫ صلة ا على نبيه‬‫ صلة الصلة للمؤمني ن‬‫‪ -‬أنوار الجمال‬

‫صلى ال عليهه وسلمه‬

‫العارف بال الشيخ فوزى محمد أبوزميد‬

‫الكتاب الحادى والستون‬


‫الســـــــــراج المـنير‬

‫الفصل الثالث‪ :‬نور الصلة على النبى ( ‪)61‬‬

‫نور الصلة على النبى‬

‫‪46‬‬

‫بسم ال الرحمن الرحيم‬

‫ِ‬ ‫ص لّاوَن َلعَلى النّبِّي‬ ‫) إِّن اللَّه َو َماَلا ئ ااَك تَاهُيُ َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫س ِلاايًم اا ‪56] (،‬الحزاب[‬ ‫َيا َأياَّه اا الّذ ياَن آَمنُاوا َ‬ ‫صلّاوا َلعلَْيه َو َسالّاُم وا تَ ْ‬

‫سنتكلم لعلى قدر أهل اليقان والتسليم فى هذا المقام العظيم‪ ،‬فقد‬ ‫تاه العلماء واحتار الحكماء فى هذه الية التى أنزلها ال تفخيماً وتعظيماً‬ ‫لقدر حبيبه ومصطفاه صلى ال لعليه وسلم‪ ،‬وكيف أن ال لعّز وجّل بدأ بذاته وَثّنى‬ ‫بملئكته‪ ،‬كيف يصلى لعليه ال؟ هناك من َخ ّمانا‪ ،‬ومن قدح ذهنه‪ ،‬ومن‬ ‫كدح فكره‪ ،‬حتى يأتى بتأويل مناسا ب للية‪:‬‬ ‫فمن يقول‪ :‬أن الصلة من ال الرحمة! والصلة من الملئكة طلا ب‬ ‫المغفرة!‪ ،‬ومن يقول‪ :‬الصلة من ال الرضوان! والصلة من الملئكة طلا ب‬ ‫الرحمة من الرحمن!‪ .‬كل تلك المعانى راقية وجميلة! ولكن كلم الرحمن‬ ‫له أسراٌر أدق وألعجا ب!‪ ،‬فالية واضحةٌ وجلية ول تحتاج إل إلى قلوب‬ ‫ب البرية‪ ،‬فيمل ال لعّز وجّل فؤادها‬ ‫خلّية تسمع الية لعند نطقها من ر ّ‬ ‫بالمعانى اللهية التى ينبغى أن تفقهها البرّية‪ ،‬ولنتلمس معاً قبساً من تلك‬ ‫المعانى!!!!‪.‬‬ ‫ا ب أن ُيعرف فخلق الخلق ليعرفوه‪،‬‬ ‫كان ال لعّز وجّل ول شئ معه‪ ،‬وَأح ّ‬ ‫فبحبيبه صلى ال لعليه وسلم لعرفوه‪ ،‬فهو الواسطة بين الحق والخلق‪ ،‬وهو‬ ‫الميزاب الذى يتنزل منه كل لعطاءات الحق إلى الخلق‪ ،‬فكل لعطاءات ال‬ ‫‪ 46‬كانت هذه المحاضرة بحدائق المعادى بتاريخ ‪ 11‬من ربيع الول ‪1431‬ها الموافق ‪ 25‬من فبراير ‪2010‬م‬

‫العارف بال الشيخ فوزى محمد أبوزميد‬

‫الكتاب الحادى والستون‬


‫( ‪ )62‬الســـــــــراج المـنير‬

‫الفصل الثالث‪ :‬نور الصلة على النبى‬

‫إلى خلق ال بابها وميزابها وسر فيضها وسبا ب فضلها هو رسول ال‬ ‫لعليه وسلم‪ ،‬ولذلك يقول تعالى‪:‬‬

‫)ُك لّا نِّم ّدا َه اُؤلء َو َها اُؤلءِم ْنا َلعَطاء‬

‫صلى ال‬

‫ك ‪ (،‬ا]‪20‬السراء[‬ ‫َربّ َ‬

‫بعض إخواننا العلماء أهل الفكر أخطأوا فقالوا‪َ) :‬ه اُؤلء َو َها اُؤلء ‪(،‬‬

‫هم المسلمون والكافرون‪ ،‬لكن هل الكافرون لهم لعطاء من ال؟!! لكنا‬ ‫نقول )َه اُؤلء َو َها اُؤلء ‪(،‬هم السابقون واللحقون‪ ،‬من قبله ومن بعده‪َ ،‬مْنا‬ ‫قبله ِم ْنا النبيين والمرسلين وأممهم‪ ،‬وَمْنا بعده من العلماء العاملين والورَثة‬ ‫ض ِلا َرّبي‬ ‫الروحانيين وأتبالعهم‪ ،‬أما ما ُيعطى للكافرين فهو ابتلء‪َ ):‬ه َذااا ِم نا فَ ْ‬ ‫لَِيباْلَُو نِاي أَأَْش ُكاُرا أَْم أَْك ُفاُرا ‪] (،‬النمل‪ .[40:‬لكن العطاء إذا كان من ال لعّز وجّل ل‬ ‫ُيسأل صاحبه يوم العرض والجزاء‪ ،‬هل يسأل أحٌد صاحبه لعن هدية أهداها‬ ‫له؟!‬ ‫فمصدر كّل لعطاء‪ ،‬وباب كّل خير‪ ،‬للسابقين من الرسل والنبياء‪،‬‬ ‫واللحقين من الورَثة الروحانيين والصالحين والولياء وُأممهم وأتبالعهم‪،‬‬ ‫كّلهم ينزل العطاء أولً لعلى سيد الرسل والنبياء‪َ ،‬ثم منه إليهم‪ ،‬سّر قوله‬ ‫‪47‬‬ ‫صلى ال لعليه وسلم‪ } :‬اُل المعِط يا وأنا القاسُم {‬

‫ك ابِغَْيِر‬ ‫وهذا أمر إلهى صريح‪َ ) :‬ه َذااا َلعَطاُؤَنا َفاْم نُاْن أَْو أَْم ِسا ْ‬ ‫ِح س ااا ٍ‬ ‫ب ‪39] (،‬ص[‪ ،‬فألعلمنا ال فى الية أن كل لعناية‪ ،‬وكل رلعاية‪ ،‬وكل‬ ‫َ‬

‫هداية‪ ،‬وكل سابقة حسنى أهزلية‪ ،‬وكل إمدادات روحانية أو باطنية‪ ،‬أو نورانية‬ ‫أو شهودية‪ ،‬أو إحسانية أو إيقانية‪ ،‬وكل تفضلت إلهية غيبية ؛ فإنما تنزل‬ ‫‪ 47‬صحيح البخارى لعن معاوية رضي الا لعناه‪ ،‬ونص الحاديث‪َ» :‬مانا يُارِد‬ ‫القاسُم‪ ،‬ول تزاُل هذِه الّمة ظاهريَن لعلى َمنا خالَف هام حتى يأتَي أمُر اِل‬

‫العارف بال الشيخ فوزى محمد أبوزميد‬

‫اُلا باه خياراً ياَُف ّقاْها هُا فاي الاّد يان‪ ،‬واُلا المعِطا يا وأناا‬ ‫وهم ظاهرون«‬ ‫الكتاب الحادى والستون‬


‫الســـــــــراج المـنير‬

‫الفصل الثالث‪ :‬نور الصلة على النبى ( ‪)63‬‬

‫من ال لعلى خير البرية‪َ ،‬ثم منه يتم توهزيع العطية لعلى المستحق لذلك من‬ ‫أهل السابقية‪.‬‬

‫صلة ا على نبّيه‬ ‫) إِّن اللَّه و ماَلا ئِااَك تَاهُيص لّاوَن ‪ :(،‬والصلة فى المعنى العام ِ‬ ‫ص لااة‪،‬‬ ‫َُ‬ ‫َ​َ‬ ‫فكل ِ‬ ‫ص لاات ال‪ ،‬وكل لعطاءات ال‪ ،‬وكل فتوحات ال‪ ،‬وكل إكرامات ال‪،‬‬ ‫وكل نعم ال الخاصة لهل لعناية ال‪ ،‬تنزل أولً لعلى رسول ال ‪ -‬سواءاً‬ ‫النعم الذاتية من الحضرة اللهية‪ ،‬أو النعم التى تسوقها الملئكة من حضرة‬ ‫الربوبية‪.‬‬ ‫لن حضرة الربوبية تربّية لكل البرية‪ ،‬والذى يسوق العطايا من حضرة‬ ‫الربوبية إلى الخلق هم الملئكة الموكلون بها‪ ،‬لكن نعم حضرة ال تنزل‬ ‫لعلى قلوب الصادقين والمخلصين والصالحين مباشرة منه سبحانه‪.‬‬ ‫س ِكاينَ​َة ِفي قاُ​ُلو ِ‬ ‫ب الُْم ْؤاِمانِايَن ‪] (،‬‬ ‫قال تعالى‪ُ ) :‬ه َوا الِّذ يا َأنَزَل ال ّ‬ ‫‪4‬الفتح[ تنزل مباشرة بدون واسطة من الملئكة!‪ ،‬وكذلك قوله‪َ ) :‬و َلعالّْم نَاااهُ‬ ‫ِم نا لُّد نّا ِلع ْلاًم اا ‪65] (،‬الكهف[ المقام اللدنى‪.‬‬ ‫والمقامات الذاتية يا إخوانى َثلَثة مقامات‪:‬‬

‫مقام المعّية‪ ،‬ومقام العندّية‪ ،‬ومقام اللدنّية‪ ،‬والعطاءات تتنزل منها‬ ‫لعلى قلوب المستحقين لها من أهل السابقية لعلى حسا ب تقرير الحضرة‬ ‫المحمدية!‪ ،‬هو الذى يطلا ب العطاء‪ ،‬ويتنزل بطلا ب سيد الرسل والنبياء‪ ،‬أو‬ ‫بتوجه سيد الرسل والنبياء إلى حضرة ال لعّز وجّل‪ ،‬فينزل العطاء لعلى‬ ‫العارف بال الشيخ فوزى محمد أبوزميد‬

‫الكتاب الحادى والستون‬


‫( ‪ )64‬الســـــــــراج المـنير‬

‫الفصل الثالث‪ :‬نور الصلة على النبى‬

‫حضرته‪َ ،‬ثم يوهزلعه لعلى لعباد ال لعّز وجّل المملوءة قلوبهم بالحا ب الصادق‬ ‫لحضرته صلى ال لعليه وسلم‪.‬‬ ‫لكن العطاءات فى مقام الربوبية تتصرف فيها الملئكة‪ ،‬وهذه أيضاً‬ ‫تنزل كلها لعلى سيدنا رسول ال‪ ،‬وهو يوهزلعها بما شاء لعلى جميع خلق ال‪.‬‬ ‫إذاً النعم الذاتية لهل الخصوصية‪ ،‬والنعم الربانية لجميع البرية‪،‬‬ ‫فكل ذلك من الحضرة المحمدية‪ ،‬ويأتى له ذلك من الحضرة اللهية‪،‬‬ ‫ولذلك قال المام الشافعى رضي ال لعنه‪:‬‬ ‫} أمسينا وما بنا من نعمة ‪ -‬ظاهرة أو باطنة ‪ ،‬فى ديــن‬ ‫أو دنيا ‪ -‬إّال ورسول ا صاا االى الا ا ا لعلياا ااه وسا االم سـببها ‪ ،‬وهــو الــذى‬ ‫‪48‬‬

‫أوصلها إلينا {‪.‬‬

‫فأنبأنا ال وأخبرنا معاشر المؤمنين ‪ -‬لحّبه سبحانه لنا‪ ،‬وحتى ل نتوه‬ ‫كما تاه السابقون ‪ -‬وقال لنا‪ :‬لعطائى كله مع هذا النبى‪ ،‬وإكرامى كله مع‬ ‫هذا الصفى‪ ،‬سواء الذاتى الذى ُأنزله مباشرة‪ ،‬أو الربانى الذى تنزله الملئكة‬ ‫ مثل الرياح والمطار والشجار والنباتات‪ ،‬فقال لنا ال‪َ ) :‬يا َأياَّه اا الِّذ ياَن‬‫آمنُاوا صلّاوا َلعلَْيِه و سالّام وا تَس ِلاايم اا ‪ِ ،(،‬‬ ‫ص لااوه دائماً تأتى لكم العطايا لعلى‬ ‫َ َ‬ ‫َ​َ ُ ْ ً‬ ‫الدوام! ‪...‬كيف نصله؟‬ ‫وّ‬ ‫ضحا لنا إمامنا ومرشدنا المام أبو العزائم رضى ال لعنه المر فقال‪:‬‬ ‫‪ 48‬وقال أحمد بن لعجيبة فى‪) :‬تفسير البحر المديد فى الصلة لعلى النبى صاالى الا لعليااه وسالم ‪ } :(،‬وفيها ِما نا ُشا كار الواساطة‬ ‫فااي نعاام ال ا لعلينااا المااأمورين بشااكره‪ ،‬وماا ماان نعمااة ل ا لعلينااا‪ ،‬سااابقة ول لحقااة ؛ ماان نعمااة اليجاااد والمااداد فااي الاادنيا‬ ‫والخرة‪ ،‬إل وهو صاالى الا لعليااه وسلم السبا ب في وصولها إليناا‪ ،‬وإجرائهاا لعليناا‪ ,‬فاوجا ب حقاه لعليناا‪ ،‬ووجا ب لعليناا فاي شاكر‬ ‫نعمته أل نفتر لعن الصلة لعليه مع دخول كل نفس وخروجه {‪.‬‬

‫العارف بال الشيخ فوزى محمد أبوزميد‬

‫الكتاب الحادى والستون‬


‫الســـــــــراج المـنير‬

‫صّلوا لعليه وسّلموا بقلوبكم‬

‫الفصل الثالث‪ :‬نور الصلة على النبى ( ‪)65‬‬

‫فهو الحبيا ب وشمسه قد أشرقت‬

‫صّل لعليه بقلبك وليس بلسانك‪ ،‬فبلسانك ستأخذ حسنات‪ ،‬لكنك‬ ‫تريد صلت ولعطاءات وهبات نورانيات وذاتيات‪ ،‬فلبد من أن تاَُعّلق قلبك‬ ‫بالحبيا ب‪ ،‬ول تجعل لحد معه فى الهوى لعندك له نصيا ب‪ ،‬حتى ولو كان‬ ‫أقرب المقربين إليك والمحيطين بك من أهل أو قريا ب‪.‬‬

‫صلةُ الصّلة للمؤمني ن‬ ‫َ‬ ‫صّلوا لعليه وسّلموا بقلوبكم‬ ‫يا نور قلبى نظرًة لمتّيم‬ ‫كيف نصّلى لعليه؟ نَ ِ‬ ‫ص ُلا قلوبنا بقلبه صلى ال لعليه وسلم‪ ،‬وحتى توصل‬ ‫القلوب بالحبيا ب لبد أن تطهر من الغير وتطيا ب‪ ،‬كما قال المام أبو‬ ‫العزائم رضى ال لعنه‪:‬‬ ‫فالخلع يهدى والجمع ُيفنى‬ ‫واخلع سوانا فى الجمع طُّراً‬ ‫فهو الحبيا ب وشمسه قد‬ ‫أشرقت‬ ‫يحيا بها فالّروح ِم ناّى ُش ّواقات‬

‫وقال أيضًا‪:‬‬ ‫فاخلع سواه وكن صبابة مغرم‬

‫وبعه نفسك والموال ُيعطيك‬ ‫إذا كان النبياء والمرسلون وأولو العزم منهم‪ ،‬كانوا يتنافسون فى‬ ‫ا ب سيد الولين والخرين حتى ينالوا العطاءات التى يريدونها من ال لعّز‬ ‫حّ‬ ‫وجّل! فموسى كليم ونجّيه وصفّيه كان كّل أمله نظرة من موله‪ ،‬إذ أخبرلعنه‬ ‫ال‪:‬‬

‫العارف بال الشيخ فوزى محمد أبوزميد‬

‫الكتاب الحادى والستون‬


‫( ‪ )66‬الســـــــــراج المـنير‬

‫الفصل الثالث‪ :‬نور الصلة على النبى‬

‫ك َقاَل َلن تاَراِني َو لَاِكِن انظُْر إَِلى الَْج بَاِل فَِإ ِنا‬ ‫) َقاَل َر ّ‬ ‫ب أَِرِني َأنظُْر إِلَْي َ‬ ‫فاتاراِني ‪143] (،‬العراف[‬ ‫س ْوا َ َ‬ ‫اْس تاَق ّرا َمَكااانَهُ فَ َ‬ ‫أى لن ترانى وأنت فى لعالم الشباح والجسام والمبانى‪ ،‬ولكن انظر‬ ‫إلى الجبل ‪ -‬إلى القلا ب الذى جعله ال محلً للقرب والتدانى!! فَِإ ِنا اْس تاَق ّرا‬ ‫ا با حبيبه ولم يتغير ولم يتحول ‪-‬‬ ‫ا با رّبه ولعلى ُح ّ‬ ‫ فى َمَكااانَهُ لعلى ُح ّ‬‫فاتاَراِني!‪.‬‬ ‫فَ​َس ْوا َ‬ ‫لعرف سيدنا موسى الحقيقة فطلا ب من ال لعّز وجّل أن يكون لعلى‬ ‫طريقه‪ ،‬حتى يتملى بشهود جمالت ال لعّز وجّل فى ذاته‪ ،‬لنه لعرف أنه لن‬ ‫يشهد أحٌد ال إل فى مظهر‪ ،‬إل الحبيا ب الكرم!!‪ ،‬فطلا ب من ال أن‬ ‫يجعله يقف لعلى طريق المظهر‪ ،‬ليشهد هذه الجمالت والكمالت فيه‪:‬‬

‫ليجتلى ُح سان موله حين‬ ‫وإنما السّر فى موسى يردده‬ ‫يشهده‬ ‫ابيا ب الا ومصااطفاه‪ .‬فرسول الا‬ ‫لياارى أنااوار الا الااتى تجلاات فااى حا‬ ‫صاالى الا لعليااه وسالم هو شاشة الساماء والصاافات اللهياة‪ ،‬ل تظهار الساماء‬ ‫اللهية والصفات الربانية إل فى مظهر أكمل‪ ،‬وهاو الحاابيا ب اللعظاام صاالى‬ ‫الا لعليااه وسالم‪ ،‬وفيااه وبه ومنااه يشااهد الشاااهدون‪ ،‬ويلااوح جمااال الا لعاّز وج ّل‬ ‫للمرادياان والمطلااوبين‪ ،‬لنااه لع اّز وجا ّل جعلااه صاالى ال ا لعليااه وسالم الشاشااة الااتى‬ ‫يتجلااى فيهااا للنبياااء والمرسلين والصااالحين والمقربياان ماان باادء الباادء إلاى‬ ‫نهاية النهايات‪ .‬ولذا وقف موسى لعليه الساالم لعلى طريق ساايدنا رسول الاا‪،‬‬ ‫ويرده ليس من أجلنا فى الحقيقااة‪ -‬لنااه يعلاام لعلاام اليقياان أن الا لعاّز وج ّل‬ ‫إذا أمرنا بأمر قّو اانااا وألعاننااا لعليااه ؛ فلااو فاارض لعلينااا خمسااين صالة للعاننااا‬ ‫العارف بال الشيخ فوزى محمد أبوزميد‬

‫الكتاب الحادى والستون‬


‫الســـــــــراج المـنير‬

‫الفصل الثالث‪ :‬نور الصلة على النبى ( ‪)67‬‬

‫لعليهااا‪ -‬ولكنااه يري د أن يتمتااع بمااا كااان يتمناااه وهاو شااهود وج ه ال ا فااى‬ ‫حبيا ب ال ومصطفاه!! لنه المظهر الكمل الااذى لح فيااه جمااال الا لع اّز‬ ‫وجّل لنبياء ال ورسل ال‪.‬‬ ‫وحذاِر أن تعتقد أن هذا الجمال حسٌى ‪،‬ا فهناك جمال روحانى وهناك‬ ‫جمال ربانى‪ ،‬وهناك جمال صفاتى‪ ،‬وهناك جمال أسمائى‪ ،‬وهناك جمال‬ ‫ذاتى‪ ،‬وهناك الجمال الحسى المشهود‪ ،‬وهذا الجمال الحسى كان صلى ال‬ ‫لعليه وسلم له فيه الغاية القصوى‪ ،‬ولذلك سيدنا يوسف الذى انبهر من جماله‬ ‫الحسى النسوة وقطعن أيديهن‪ ،‬أوتى نصف جمال رسول ال صلى ال لعليه‬ ‫وسلم الحسى‪ ،‬قال صلى ال لعليه وسلم‪ُ } :‬أعطى ميوسف شطر‬ ‫الُحس ن {‪.49‬‬ ‫أى أن سيدنا يوسف أوتى نصف الجمال الحسى‪ ،‬ومع ذلك لما رأته‬ ‫النسوة وكان فى يد كل واحدة تفاحة وسكين قطعن أيديهن بدلً من التفاح‬ ‫لعند مشاهدتهن لجمال يوسف الحسى‪ ،‬فما بالك بجمال سيدنا رسول ال‬ ‫صلى ال لعليه وسلم الروحانى؟!! وما بالك بجمال سيدنا رسول ال صلى ال لعليه‬ ‫وسلم الربانى؟!! وما بالك بجمال سيدنا رسول ال صلى ال لعليه وسلم الذاتى؟!!‬ ‫س ‪،‬ا ولعين القلا ب تشهد أنوار حضرة الرب‪،‬‬ ‫س تشهد الح ّ‬ ‫لعين الح ّ‬ ‫ولعين الفؤاد تشهد الحبيا ب اللعظم صلى ال لعليه وسلم بل بعاد‪ ،‬ولعين الروح‬ ‫تشهد الجمالت اللهية الظاهرة فى خير البرية‪ ،‬ولعين النفخة القدسية‬ ‫تشهد الجمالت الذاتية التى اختص بها ال لعّز وجّل الحضرة المحمدية‪،‬‬ ‫كلها جمالت وكلها كمالت‪ ،‬وبدؤها ومنتهاها العشق الكامل لهذه‬ ‫الذات‪.‬‬ ‫‪ 49‬رواه أبو يعلى‪ ،‬وكذا مسلم لعن أنس رضَي اللّهُ لعنُه‪ .‬وغيرهما‬

‫العارف بال الشيخ فوزى محمد أبوزميد‬

‫الكتاب الحادى والستون‬


‫( ‪ )68‬الســـــــــراج المـنير‬

‫الفصل الثالث‪ :‬نور الصلة على النبى‬

‫فلو أن إنساناً أحا ب إنسانة‪ ،‬ويريد أن ُيظهر لها أنه متعّلق بها فيبعث‬ ‫إليها خطابات وتحيات‪ ،‬وينظر إليها بنظرات‪ ،‬ويستقبلها ويودلعها‬ ‫بابتسامات‪ ،‬متى تستجيا ب له؟ إذا تأكدت أنه صادق فى هذا المر‪ .‬إحدى‬ ‫الصالحات ضربت مثلً لمريد فى هذا المر بعد أن اّدلعى أنه يحّبها‪ ،‬فقالت‬ ‫له‪ :‬أنت تحبنى أكثر أم فلنة التى وراءك؟ فالتفت خلفه‪ ،‬فضربته لعلى وجهه‬ ‫وقال‪ :‬أنت ل تنفع لنا لنك التفت لغيرنا!!‪:‬‬ ‫من لفتٍة حجبة والحجا ب نار لظى من فوق نار الغضى سيرى لمنان‬ ‫فالذى يحا ب الحبيا ب لبد أن يعيش دوماً هايم فى جمال الحبيا ب‪،‬‬ ‫إذا مشى ل يوجد غيره لعلى باله‪ ،‬وإذا نام ل يوجد غيره فى خياله‪ ،‬وإذا‬ ‫تكلم ل يسمع فى كلمه إل نغمات كلمه‪ ،‬وإذا تكلم الخلق معه ل يسمع‬ ‫شاغاوٌل أَيا‬ ‫إل من فمه ويتلذذ بكلمه‪ ،‬فيعيش كما يقولون‪ُ) :‬ك لّاى بُك لّاك َم ُ‬ ‫أَ​َم لِاى ‪ (،‬وهذه هى الحوال التى بها ارتقى الصالحون والمحبون لسيد الولين‬ ‫والخرين صلى ال لعليه وسلم‪ ،‬وبلغوا المناهزل العليا‪ ،‬ولذا ورد أن ال تعالى‪:‬‬ ‫} أوحى اللـــه تعــالى إلــى موســى عليــه الســالم ‪ :‬يــا‬ ‫موسى أُتريد أن أكون أقرب إليك مــن كالمــك إلــى لســانك‪,‬‬ ‫ومن وسواس قلبك إلى قلبك‪ ,‬ومن روحك إلى بدنك‪ ,‬ومــن‬ ‫ب‪ .‬قــال ‪ :‬فــأكثر مــن‬ ‫نور بصرك إلى عينيك ؟ قال ‪ :‬نعــم يــا ر هّ‬ ‫‪50‬‬ ‫الصالة على محمد صلى ال لعليه وسلم {‬

‫ونورك فى قلبى فكيف تغيا ب‬

‫جمالك فى لعينى وذكرك فى‬ ‫فمى‬ ‫سيدنا أبوبكر رضى ال لعنه كان يجلس مع سيدنا رسول ال إلى‬ ‫‪ 50‬تفسير البحر المديد‪ ،‬وحلية الولياء‪.‬‬

‫العارف بال الشيخ فوزى محمد أبوزميد‬

‫الكتاب الحادى والستون‬


‫الســـــــــراج المـنير‬

‫الفصل الثالث‪ :‬نور الصلة على النبى ( ‪)69‬‬

‫منتصف الليل‪َ ،‬ثم يأذن له سيدنا رسول ال بالنصراف – وكان بيت سيدنا‬ ‫أبو بكر بالعوالى خارج المدينة – ولعندما يصل إلى بيته يقول‪ :‬اشتقت إلى‬ ‫رسول ال صلى ال لعليه وسلم‪ ،‬ردونى إلى رسول ال صلى ال لعليه وسلم‪ ،.‬وكان‬ ‫أصحاب رسول ال صلى ال لعليه وسلم كلهم لعلى هذه الشاكلة‪ ،‬حتى أن‬ ‫أحدهم وهو سيدنا لعبد ال بن هزيد لما وصله خبر لحاق الرسول صلى ال لعليه‬ ‫وسلم بالرفيق اللعلى قال‪ :‬اللهم خذ بصرى حتى ل أرى بعد حبيبى محمد‬ ‫أحداً أبدًا‪ ،‬فأخذ ال بصره فى الحال!!‪.‬‬

‫أنوار الجمال‬

‫إن الذى يؤجج هذا الغرام لرسول ال صلى ال لعليه وسلم الشوق الدائم‬ ‫إلى حضرته صلى ال لعليه وسلم ‪ ،‬والذى يزيده هياماً إذا لحت بارقة من أنوار‬ ‫طلعته‪ ،‬فالنسان يحتاج إلى الجهاد فى البداية حتى تلوح له بارقة من أنوار‬ ‫حضرته‪ ،‬بعد ذلك لن يلتفت ل إلى يمين ول شمال‪ ،‬لكن النسان الذى‬ ‫يريد المال والولد وغير ذلك‪ ،‬ويريد مع ذلك حضرة النبى! أين القلا ب‬ ‫الذى يسع كل ذلك! ) ّماا َج َعاَل اللّهُ لَِرُج ٍلا ّمنا قاَْلباَْيِن ِفي َج ْوافِاِه ‪] (،‬‬ ‫‪4‬الحزاب[ فل يدخل القلا ب إل واحد‪ ،‬ورسول ال حّد دا الجهاد فى هذا‬ ‫الباب فقال‪:‬‬ ‫هكِلكِه َوَماكِلكِه َوالّناسكِ‬ ‫ن أَ ْ‬ ‫ب إ كَِلْيكِه كِم ْ‬ ‫ح ّ‬ ‫ن أَ َ‬ ‫حّتى أ َُكو َ‬ ‫عْب ‪ٌ.‬د َ‬ ‫}ال َ ُيْؤكِمنُ َ‬ ‫‪51‬‬ ‫ن{‬ ‫عي َ‬ ‫م كِ‬ ‫ج َ‬ ‫أَ ْ‬

‫فالنسان إذا لم يصل لهذا الحال لعليه أن يجاهد‪ ،‬فيذها ب إلى أهل‬ ‫هذا المقام العالى ويزاحمهم وُيكثر من هزيارتهم وُيكثر من مودتهم‪ ،‬حتى‬ ‫‪ 51‬صحيح مسلم لعن أبى هريرة رضي ال لعنه‪.‬‬

‫العارف بال الشيخ فوزى محمد أبوزميد‬

‫الكتاب الحادى والستون‬


‫( ‪ )70‬الســـــــــراج المـنير‬

‫الفصل الثالث‪ :‬نور الصلة على النبى‬

‫ُيعديه حالهم‪ ،‬وهذا سبا ب تردد الناس لعلى الصالحين‪ ،‬لن النسان لعندما‬ ‫يكون مع الصالحين يكون كأصحاب حضرة النبى صلى ال لعليه وسلم ‪ ،‬قال‬ ‫سيدنا حنظلة رضى ال لعنه‪:‬‬ ‫ل ‪ُ :‬ثــمّ‬ ‫ظَنا َفَذّكَر الّناَر‪َ .‬قا َ‬ ‫ل الهّلكِه َفَوعَ َ‬ ‫سو كِ‬ ‫عْنَد َر ُ‬ ‫} ُكّنا كِ‬ ‫ل ‪:‬‬ ‫ة ‪َ،‬قــا َ‬ ‫مـْرأ َ َ‬ ‫ت اْل َ‬ ‫عْب ُ‬ ‫ن َوال َ َ‬ ‫صْبَيا َ‬ ‫ت ال رِّ‬ ‫ك ُ‬ ‫ح ْ‬ ‫ضا َ‬ ‫ت َف َ‬ ‫ت إ كَِلى اْلَبْي كِ‬ ‫جْئ ُ‬ ‫كِ‬ ‫ل ‪َ :‬وأ َ​َنــا َقــْد‬ ‫ك َلُه َفَقــا َ‬ ‫ت ذكِل َ‬ ‫كب ٍر‪َ .‬فَذَكْر ُ‬ ‫ت أ َ​َبا بَ ْ‬ ‫ت َفَلكِقي ُ‬ ‫ج ُ‬ ‫خَر ْ‬ ‫َف َ‬ ‫ســو َ‬ ‫ل‬ ‫ت ‪َ :‬يــا َر ُ‬ ‫ل الهّلكِه ‪َ ،‬فُقْل ُ‬ ‫سو َ‬ ‫ل َما َتْذُكُر‪َ .‬فَلكِقيَنا َر ُ‬ ‫ت كِمْث َ‬ ‫عْل ُ‬ ‫َف َ‬ ‫ل أ َُبو‬ ‫ث‪َ .‬فَقا َ‬ ‫حكِدي كِ‬ ‫حّدْثُتُه كِباْل َ‬ ‫ل ‪َ :‬مْه ‪َ ،‬ف َ‬ ‫ظَلُة‪َ .‬فَقا َ‬ ‫حْن َ‬ ‫ق َ‬ ‫الهّلكِه َناَف َ‬ ‫عَي ًة‬ ‫ســا َ‬ ‫ظَلــُة َ‬ ‫حْن َ‬ ‫ل ‪َ:‬يا َ‬ ‫ل‪َ .‬فَقا َ‬ ‫ع َ‬ ‫ل َما َف َ‬ ‫ت كِمْث َ‬ ‫عْل ُ‬ ‫كب ٍر ‪َ :‬وأ َ​َنا َقْد َف َ‬ ‫َب ْ‬ ‫عْنـَد الـرِّذْككِر ‪،‬‬ ‫ن كِ‬ ‫كــو ُ‬ ‫ما َت ُ‬ ‫م َك َ‬ ‫ك ْ‬ ‫ن ُقُلوُب ُ‬ ‫كو ُ‬ ‫ت َت ُ‬ ‫عَي ًة‪َ .‬وَلْو َكاَن ْ‬ ‫سا َ‬ ‫َو َ‬ ‫‪52‬‬ ‫ق{‬ ‫طُر كِ‬ ‫م كِفي ال ُّ‬ ‫ك ْ‬ ‫م عَ​َلْي ُ‬ ‫سرِّل َ‬ ‫حّتى ُت َ‬ ‫كُة ‪َ ،‬‬ ‫مال َكِئ َ‬ ‫م اْل َ‬ ‫حْتكُ ُ‬ ‫صاَف َ‬ ‫َل َ‬ ‫وكانوا رضوان ال لعليهم يُّطبقون فى الحال‪ ،‬فكانوا يرون الملئكة وتراهم‬ ‫الملئكة‪ ،‬وكانوا يتمتعون بالنوار الذاتية والربانية والنورانية فى ذات خير‬ ‫البرية فى كل أنفاسهم فى حياتهم الدنيوية‪ ،‬فإذا فارقوا الدار الدنيوية فهم‬ ‫إما فى المعية‪ ،‬وإما فى العندية‪ ،‬وإما فى اللدنية‪ ،‬وكلهم فى قاب قوسين أو‬ ‫أدنى فى مقامات القرب من رب البرية لعّز وجّل‪.‬‬ ‫ضراوا قلوبهم‪ ،‬وُيشّو قاوا‬ ‫ولذلك يذها ب الناس للصالحين‪ ،‬حتى ُيح ّ‬ ‫نفوسهم‪ ،‬وياَُزّه داوهم فى الفانى‪ ،‬وياَُرّغبوهم فى الباقى‪ ،‬ويلوح لهم فى هؤلء‬ ‫الصالحين جمال سيد الولين والخرين صلى ال لعليه وسلم ؛ جمال أحواله‬ ‫وجمال أخلقه‪ ،‬وجمال صفاته‪ ،‬وجمال تواضعه وجمال لعلمه!!!!‪.‬‬ ‫‪ 52‬صحيح مسلم‬

‫العارف بال الشيخ فوزى محمد أبوزميد‬

‫الكتاب الحادى والستون‬


‫الســـــــــراج المـنير‬

‫الفصل الثالث‪ :‬نور الصلة على النبى ( ‪)71‬‬

‫َثم بعد ذلك إذا داوموا يلوح لهم جمال أنواره‪ ،‬وجمال أسراره‬ ‫وكمالت ذاته صلى ال لعليه وسلم‪ ،‬وهذا سّر ترّددا الناس إلى الصالحين‪ ،‬ول‬ ‫يوجد شئ ياَُق ّواىا الوجد والهيام إل هذا المر‪ ،‬والصالحون ل يحتاجون إلى‬ ‫أحد من الخلق‪ ،‬بل إن كل واحد منهم يريد أن يفّر من الخلق حتى يظل فى‬ ‫جلوة وخلوة مع الحق‪ ،‬وفى ذلك يقول المام أبوالعزائم رضى ال لعنه‪:‬‬ ‫كّل الخلئق سائحا فّرارا‬ ‫ا ب أْلع ِلا مَنارا‬ ‫أوصْل إليك الص ّ‬

‫لول الذين تحبهم لفررت من‬ ‫قلبى لديك وبالبرلس هيكلى‬

‫فالصالحون هم الذين يؤّج جاون نار الغرام‪ ،‬وهم الذين ُيقّووان الهيام‪،‬‬ ‫وهم الذين يزيدون الوجد والصطلم‪ ،‬وهم الذين ُيظهرون كمالت الحبيا ب‬ ‫المصطفى للنام‪ ،‬فلذلك تترّددا لعليهم الخلئق‪ ،‬لن الترّددا لعلى الصالحين‬ ‫هو الذى ُيجلى القلا ب من الدنيا والشهوات‪ ،‬والحظوظ والهواء‪،‬‬ ‫والمستحسنات والمستلذات !!!‬ ‫فالذى يجلى القلا ب من هذه المور موّدةا الصالحين والجلوس‬ ‫معهم‪...‬‬ ‫والذى يذها ب للصالحين لبد أن يذها ب وهو مسافر من الدنيا‬ ‫وذاها ب إلى الخرة‪ ،‬ويترك كل أمور الدنيا وراء ظهره‪:‬‬

‫ِ‬ ‫)َواالّرُس واُليَْد لعُااوُك ْما في َ‬

‫ما ‪153] (،‬آل عمران[‬ ‫أُْخ راااُك ْ‬

‫فيجد اليقين ‪ ..‬ويجد النور المبين ‪ ..‬ويجد معارج المقربين ‪ ..‬ويجد‬ ‫شراب الرواح ‪ ..‬ويجد طلعة الكريم المنعم الفتاح‪.‬‬ ‫العارف بال الشيخ فوزى محمد أبوزميد‬

‫الكتاب الحادى والستون‬


‫( ‪ )72‬الســـــــــراج المـنير‬

‫الفصل الثالث‪ :‬نور الصلة على النبى‬

‫يجد كل هذه النعم والمنن النورانية واللهية فى حضرات الصالحين‪،‬‬ ‫لكن الذى يذها ب للصالحين ليأكل ويشرب فإنه يأكل فى بطنه نارًا!!‪ ،‬لكن‬ ‫قبل أن تذها ب للصالحين لبد أن ُتعلى هّم تاك من أجل النوار الراقية‪،‬‬ ‫والمقامات السامية‪ ،‬والمواجهات الراقية‪ ،‬الموجودة فى هذه الحضرات‪.‬‬ ‫لكن الطعام والشراب جعلوه من أجل الملطفات والمؤانسات‪ ،‬لنه لو لم‬ ‫يكن الطعام والشراب فإن الذى يذها ب إليهم لن يعود مرة أخرى للنام‪ ،‬لنه‬ ‫سيشرب الراح ويترك الدنيا‪ ،‬قال صلى ال لعليه وسلم‪:‬‬

‫ب ‪،‬‬ ‫طي ُ‬ ‫ء وال رِّ‬ ‫ن الُّدْنيا النسا ُ‬ ‫ي كِم َ‬ ‫ب إل ّ‬ ‫حرِّب َ‬ ‫} ُ‬ ‫‪53‬‬ ‫ة{‬ ‫صال كِ‬ ‫عْيكِني في ال ّ‬ ‫ة َ‬ ‫ت ُقّر ُ‬ ‫عَل ْ‬ ‫ج كِ‬ ‫َو ُ‬ ‫لماذا؟ حتى يظل بيننا‪ ،‬كثير من الصالحين لعندما يعلو ويرتقى‬ ‫ويصبح فى اللهانية يعود مرة أخرى إلى البشرية حتى يظل فى الحياة‬ ‫الوسطية التى نادى بها ال لعّز وجّل هذه ا ُ‬ ‫ك َج َعاْلَناُك ْما‬ ‫لمة المحمدية‪َ) :‬وَك َذالِا َ‬ ‫أُّمًةا َو َساطًاا ‪143] (،‬البقرة[ فياُّرد إلى الوسطية !! ‪ ..‬وإل سيظل فى اللهانية‬ ‫لعلى الدوام ‪ ....‬وبالتالى لن ينتفع به الخلق ول أحد من النام‪.‬‬ ‫فجعل ال لعّز وجّل رياض الصالحين هى المقار التى يتم فيها تجهيز‬ ‫المقربين والمرادين لمواجهات سيد الولين والخرين‪ ،‬فهى مراكز التدريا ب‬ ‫النورانية التى ُتدّرب القلوب التقية النقية وتؤهلها وتفتح لها الباب لمواجهة‬ ‫خير البرية‪ ،‬وذلك لمن أخلصوا ل لعّز وجّل وطلبوا ال بصدق ويقين‪.‬‬ ‫لكن الذين يترددون لعلى الصالحين ولو لسنين‪ ،‬وَه ّماُهاما طلا ب الدنيا‬ ‫‪ 53‬مسند المام أحمد لعن أنس بن مالك رضي ال لعنه‪.‬‬

‫العارف بال الشيخ فوزى محمد أبوزميد‬

‫الكتاب الحادى والستون‬


‫الســـــــــراج المـنير‬

‫الفصل الثالث‪ :‬نور الصلة على النبى ( ‪)73‬‬

‫والطعام والشراب فإنهم يضحكون لعلى أنفسهم !!!‬ ‫لكن الشراب المخصوص ل يخرج إل لمخصوص‪ ،‬وهذا‬ ‫ش َرااًبا طَُه واًرا ‪] (،‬‬ ‫المخصوص ل يوجد فى قلبه إل الحبيا ب‪َ ) :‬و َساَقاااُه ْماَرباُّه ْما َ‬ ‫‪21‬النسان[‪.‬‬ ‫ب هنا أى الُم راّبى‪ ،‬ووصف الشراب بأنه طهور لنه ُيطهر القلا ب‬ ‫والر ّ‬ ‫من كل غين ومن كل غير‪ ،‬ومن كل بعد ومن كل صدود‪ ،‬ومن كل‬ ‫الشواغل ومن كل الغيار‪.‬‬ ‫حتى ُيصبح هذا القلا ب مؤهلً للنوار‪:‬‬ ‫إل لنا وبنا بسر الوالى‬ ‫من غيرنا فى لعصرنا ل ُتكشفن‬ ‫كيف نكون من العارفين والواصلين؟‬ ‫قال المام أبوالعزائم رضى ال لعنه‪:‬‬ ‫حا ب النبى محمد والل‬

‫سر الوصول إلى الجناب‬ ‫العالى ولكن هذا الحا ب ليس فيه شريك ول هوى‪ ،‬ول نفس ول شهوة‬ ‫هزائلة‪ ،‬ول دنيا فانية‪ ،‬ل يريدون إل الحا ب الصادق رغبة فيما لعند ال‪ ،‬وطلباً‬ ‫لرضوان ال‪ ،‬وقرباً لحبيا ب ال ومصطفاه صلى ال لعليه وسلم‪:‬‬ ‫أل يا أخى بالحا ب ترقى وُترفعن‬

‫وبالزهد ُتعطى ما له تتشوق‬

‫ونختم بسؤال جاءنا من أحد المحبين الذين يترددون لعلى روضات‬ ‫الصالحين ليتعلم حقيقة وأسرار الصلة لعلى سيدنا رسول ال إذ قال‬ ‫السائل‪:‬‬ ‫العارف بال الشيخ فوزى محمد أبوزميد‬

‫الكتاب الحادى والستون‬


‫( ‪ )74‬الســـــــــراج المـنير‬

‫الفصل الثالث‪ :‬نور الصلة على النبى‬

‫أن السالك قد يعقد النّية أحياناً ويصلى لعلى حضرة النبى‬ ‫لعليه وسلم لكى يراه ويتمتع برؤية طلعته البهية ومحّياه‪.‬‬

‫صلى ال‬

‫ولكنه يرى شيخه!! فما تفسير ذلك؟‬ ‫ا ب السائل ‪ -‬ولكل إخواننا وقرائنا الكرام‪:‬‬ ‫ونقول للمح ّ‬ ‫إلعلموا إن الشيخ المربى هو صورة من صور رسول ال‬ ‫وسلم‪ ،‬ولذا فإن المصلى لعلى رسول ال بنية أن يراه صلى ال لعليه وسلم! فإنه إن‬ ‫رأى شيخه فهو بذلك قد رأى صورة من صور رسول ال‪ ،‬وذلك لن صور‬ ‫رسول ال ل تحد ول تعد‪ ،‬وكل رجل من الصالحين لعلى قدره صورة لسيدنا‬ ‫رسول ال صلى ال لعليه وسلم إل أنه ل يوحى إليه‪ ،‬وإنما ُيلهم‪ ،‬لن اللهام‬ ‫مرتبة من مراتا ب الوحى‪.‬‬ ‫صلى ال لعليه‬

‫وصّلى ال لعلى سيدنا محمد ملهم كل المحبين لذاته‪ ،‬وشفيع كل‬ ‫العاشقين لصفاته‪ ،‬ولعلى آله وصحبه والتابعين‪ ،‬ولعلينا معهم أجمعين إلى يوم‬ ‫الدين‪.‬‬

‫العارف بال الشيخ فوزى محمد أبوزميد‬

‫الكتاب الحادى والستون‬


‫الســـــــــراج المـنير الفصل الرابع‪ :‬بشرميات لهل العناميات ( ‪)75‬‬

‫الفصل الرابع‬

‫بشرميات لهل العناميات‬ ‫‪-‬‬

‫بشائر المؤمني ن‬

‫‪-‬‬

‫أهل الفضل‬

‫‪-‬‬

‫التعرض لفضل ا‬

‫العارف بال الشيخ فوزى محمد أبوزميد‬

‫الكتاب الحادى والستون‬


‫( ‪ )76‬الســـــــــراج المـنير‬

‫الفصل الرابع‪ :‬بشرميات لهل العناميات‬

‫بشرميات لهل العناميات‬

‫‪54‬‬

‫بسم ال الرحمن الرحيم‪ ،‬الحمد ل الذى ل منتهى لكمالته‪ ،‬ول‬ ‫يستطيع أحد أن يتأمل بنفسه فى جمال ذاته‪ ،‬إل إذا تفضّل لعليه لعّز وجّل‬ ‫بنوره ولعطائه وهباته‪ ،‬والصلة والسلم لعلى الكنز العام الذى أوله ربه كّل‬ ‫النعام وجعله رحمة لجميع النام سيدنا محمد وآله الذين محا ال بهم‬ ‫الظلم‪ ،‬وصحابته المباركين الذين نشروا هذا النور بين النام‪ ،‬وكل من‬ ‫استنار بنوره ومشى لعلى ضوءه إلى يوم الدين‪ ،‬ولعلينا معهم أجمعين آمين‬ ‫يارب العالمين‪.‬‬ ‫إخوانى وأحبابى بارك ال لعّز وجّل فيكم أجمعين‪:‬‬ ‫لعِلم ال لعجز الخلق أجمعين‪ ،‬الولين والخرين لعن إدراك بعض‬ ‫المعانى التى جّم لا بها سيد النبياء وإمام المرسلين‪ ،‬فتَح ّداثا ال لعّز وجّل‬ ‫لعنها بذاته مبيناً لنا ما نستطيع أن ندركه ونستولعبه من صفاته‪ ،‬وإن كان صلى‬ ‫ال لعليه وسلم فوق ذلك لن ال لعّز وجّل هو الذى ألعطاه ذلك‪:‬‬ ‫كل الوجود بأسره فى دهشة‬ ‫لعجز الورى لعن فهم سر محمد‬

‫والكل لعن درك الحقيقة‬ ‫حائر يَْد ِرااه إل الله القادر‬ ‫لم‬

‫من الذى يستطيع أن يدرك سّر ‪:‬ا‬ ‫‪55‬‬

‫م{‬ ‫طي وأنا القاس ُ‬ ‫ا المع كِ‬ ‫} ُ‬

‫‪ 54‬المنيا ‪ ،‬بتاريخ ‪ 20‬من ربيع الثانى ‪1431‬ها الموافق ‪ 5‬من أبريل ‪2010‬م‪.‬‬ ‫ا به خيرا ُي َف رِّق ْه ُه في‬ ‫ُ‬ ‫‪ 55‬صحيح البخارى لعن معاوية رضي ال لعنه ‪ ،‬ونص الحديث‪َ } :‬من ُير كِد‬ ‫ن على َمن‬ ‫ه ال ّمة ظاهري َ‬ ‫ل هذ كِ‬ ‫م ‪ ،‬وال تزا ُ‬ ‫طي وأنا القاس ُ‬ ‫ا المع كِ‬ ‫ال رِّدين ‪ ،‬و ُ‬

‫العارف بال الشيخ فوزى محمد أبوزميد‬

‫الكتاب الحادى والستون‬


‫الســـــــــراج المـنير الفصل الرابع‪ :‬بشرميات لهل العناميات ( ‪)77‬‬

‫فحديث القرآن لعن رسول ال صلى ال لعليه وسلم بيان ربانى لحقيقة‬ ‫رسول ال‪ ،‬حتى نتعلق بذاته ونحاول بما فى وسعنا أن نتأسى بحضرته فى‬ ‫كل حركاتنا وسكناتنا لن ال لعّز وجّل جعله باب سعادتنا فى الدنيا‪ ،‬وباب‬ ‫نجاتنا وفوهزنا فى يوم الدين‪ .‬والمر كما سبق ونقلنا قول المام الشافعى‬ ‫رضى ال لعنه‪ } :‬أمسينا وما بنا م ن بنعمة ‪ -‬ظاهرة أو باطنة‪ ،‬فى دي ن أو دبنيا ‪-‬‬ ‫إّل ورسول ا صلى ال لعليه وسلم سببها‪ ،‬وهو الذى أوصلها إلينا { )َو إِان‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫صااوَه اا ‪18] (،‬النحل[ ‪.‬‬ ‫تاَعُّد واْ نْعَماَةا اللّه لَ تُْح ُ‬ ‫وقد بّين ال فى القاارآن لعلااى قاادرنا ُمجملً ماان بعااض صاافات نبينااا أو‬ ‫كما قلنا سابقاً بعضاً من مهامه أو وظائفه لنااا‪َ) :‬يا َأياَّه اا النّبِاّي إِنّاا أَْرَسا ْلاَناَك‬ ‫َش ا ااِه ًدااا ‪ ،(،‬فهااذه الصاافة أو الوظيفااة الولااى‪َ) ،‬و ُمابَ ّ‬ ‫ش ا ًرااَو نَ اِذ ياًرا ‪ (،‬هااذه الثانيااة‬ ‫والثالثا ااة‪َ) ،‬و َدااِلع يًا ااا إِلَ ااى اللّا اِه بِا اِإ ْذاناِ​ِه ‪ (،‬وها ااذه الرابعا ااة‪َ) ،‬و ِس ا ا َرااًج ااّمنِيا اًرا ‪،(،‬‬ ‫ك بِايا ارا ‪:45] (،‬‬ ‫والخامس ااة‪َ) :‬و باَّش ا ِرا الُْما ا ْؤاِمانِايَنبِا اأَّن لَُه ا ما ّما اَنا اللّا اِه فَ ْ‬ ‫ض ا ًلا َ ً‬ ‫‪47‬الحزاب[‬

‫كل صفة من هذه الصفات تحتاج فى شرحها إلى مجلدات يكتبها‬ ‫ويبينها أهل المشاهدات ‪ ..‬وأهل المكاشفات ‪ ..‬وأهل العلوم اللهامية التى‬ ‫يأخذونها من حضرة ال بالذات!! ‪ ..‬ومع ذلك يقولون ويبينون وفى النهاية‬ ‫يقول قائلهم رضى ال لعنهم أجمعين ‪:‬‬ ‫ومدحك صاغه ربى صريحا‬ ‫لعلى قدرى أصوغ لك المديحا‬ ‫أَوفّاى قدرك السامى شروحا‬ ‫ومن أنا يا إمام الرسل حتى‬ ‫فأسعد بالوصال فتًى جريحا‬ ‫ولكنى أحّبك ملَء قلبى‬ ‫وقد سبق وتناولنا فى الفصل السابق قبسا من معانى قوله‪:‬‬ ‫كِ‬ ‫ي أم ُر‬ ‫خال َفهم حتى يأت َ‬ ‫ا وهم ظاهرون {‬

‫العارف بال الشيخ فوزى محمد أبوزميد‬

‫الكتاب الحادى والستون‬


‫( ‪ )78‬الســـــــــراج المـنير‬

‫الفصل الرابع‪ :‬بشرميات لهل العناميات‬

‫)َش ااِه ًدااا ‪ ، (،‬وهنا سوف أبين لقطة تهمنا كلنا فى قول ربنا لنبّينا‪َ) :‬و باَّش ِرا‬ ‫الُْم ْؤاِمانِايَن ‪:(،‬ا‬

‫بشائر المؤمني ن‬ ‫من الذى لعليه بشارة المؤمنين؟‬ ‫سيدنا رسول ال صلى ال لعليه وسلم‪ .‬فهل يبشر المؤمنين فى لعصره‬ ‫فقط أم جميع المؤمنين إلى يوم القيامة؟ يبشر المؤمنين إلى يوم الدين‪ .‬إذاً‬ ‫فهذه الوظيفة موجودة لعلى الدوام وغير موقوفة‪ ،‬وذلك لكى يعلم الجّه اال‬ ‫الذين يقولون إنه قد أّدى الرسالة وانتهى المر!! بل إن الرسالة ما هزالت‬ ‫قائمة ومن ضمن وظائفها‪َ) :‬و باَّش ِرا الُْم ْؤاِمانِايَن ‪(، .‬ا يظّل صلى ال لعليه وسلم يبشر‬ ‫المؤمنين إلى أن تنتهى الدنيا‪ ،‬فليس بعده نبى ول رسول‪ ،‬وكما قلنا مسبقاً‬ ‫كذلك سيشهد صلى ال لعليه وسلم لعلى الذين فى لعصره‪ ،‬وكذلك سيشهد لنا‬ ‫ولعلينا ولعلى الذين من بعدنا إلى يوم الدين‪.‬‬ ‫إذاً يبّش را سيدنا رسول ال المؤمنين فى كل هزمان ومكان‪ ،‬لماذا يا‬ ‫إخوانى؟ لكى تعلو هممنا‪ ،‬وتربو لعزيمتنا فى القبال لعلى ال وفى العمل‬ ‫الموصل إلى رضاء ال جّل فى لعله‪.‬‬ ‫ما الذى يجعل المؤمن يفرح فى الدنيا بالطالعات‪ ،‬ويسعد ويستزيد‬ ‫من النوافل والقربات؟ إنها المبشرات الصالحات‪.‬‬ ‫فلو أن النسان مارس الطالعات‪ ،‬وواظا ب لعلى النوافل والقربات‪ ،‬ولم‬ ‫العارف بال الشيخ فوزى محمد أبوزميد‬

‫الكتاب الحادى والستون‬


‫الســـــــــراج المـنير الفصل الرابع‪ :‬بشرميات لهل العناميات ( ‪)79‬‬

‫يأته شئ من المبشرات‪ ،‬فإنه يتكاسل ويتباطأ ويتقالعس‪ ،‬بل إن العامل فى‬ ‫أية مصلحة لعندما يعمل بجد وإتقان‪ ،‬فلن ُيشجعه لعلى مداومة هذا العمل‬ ‫إل إذا سمع كلمة استحسان من مديره‪ ،‬أو تأتي منه لعلوة تشجيعية‪ ،‬أو‬ ‫يجعل له مزية أو خصوصية!! لكن لو كان العامل سيعمل ول يعطيه أحد‬ ‫لعبارة استحسان فإنه يقول‪ :‬لماذا ألعمل؟! يجا ب أن أكون مثل غيرى‪.‬‬ ‫وهكذا الحال فى كل أمر‪ ،‬فبشائر المؤمنين مستمرة إلى يوم الدين‪ ،‬قال‬ ‫صلى ال لعليه وسلم‪:‬‬ ‫ت ‪ ،‬قــالوا ‪ :‬يــا‬ ‫مَبشرِّـَرا ُ‬ ‫ء إال ال ُ‬ ‫ي ‪ٌ.‬‬ ‫شـ ْ‬ ‫ة َ‬ ‫ن الُّنُبّو كِ‬ ‫عكِد ي كِم َ‬ ‫} ال َ َيْبَقى َب ْ‬ ‫جل أ َوْ‬ ‫ها الّر ُ‬ ‫حُة َيَرا َ‬ ‫صاكِل َ‬ ‫رسول ا ‪ ،‬وما المبشرات ؟ قال ‪ :‬الُّرْؤَيا ال هّ‬ ‫ُتَرى َلُه {‬

‫‪56‬‬

‫والرؤيا الصالحة إما رؤيا لها تأويل وتعبير‪ ،‬وإما رؤية حقيقية فى‬ ‫العوالم الملكوتية‪ ،‬كمن يرى لقطة من الجنة‪ ،‬أو كمن يرى بعض ملئكة‬ ‫ال‪ ،‬أو يرى بسياحة روحه بعض هزينة ال فى لعرش ال‪ ،‬أو فى كرسى ال‪،‬‬ ‫أو فى ملكوت ال جّل فى لعله‪ ،‬لكن ألعلى المرائى التى يتمتع بها‬ ‫أصحاب الرؤيا الصالحة أن ياَروا سيدنا رسول ال صلى ال لعليه وسلم‪ ،‬وذلك‬ ‫لنه قال‪:‬‬ ‫شّبُه بي {‬ ‫ن ال َيَت َ‬ ‫طا َ‬ ‫شْي َ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫ق ‪ ،‬إ ّ‬ ‫ح ّ‬ ‫م ‪َ ،‬فَقْد رأى ال َ‬ ‫مَنا كِ‬ ‫ن رآني في ال َ‬ ‫} َم ْ‬

‫‪57‬‬

‫وخذها من أى وجه )فقد رأى الحق ‪ ،(،‬أى رآنى رؤيا حقيقية ليس‬ ‫فيها خيالت ول أوهام‪ ،‬أو خذها كما قال سيد الكوان‪) :‬رآنى حقا ‪(،‬‬ ‫‪ 56‬مسند المام أحمد لعن لعائشة رضى ال لعنها‬ ‫‪ 57‬صحيح ابن حبان لعن أبى هريرة‬

‫العارف بال الشيخ فوزى محمد أبوزميد‬

‫الكتاب الحادى والستون‬


‫( ‪ )80‬الســـــــــراج المـنير‬

‫الفصل الرابع‪ :‬بشرميات لهل العناميات‬

‫وليس َخ ْلاقًا‪ ،‬لنه له جانا ب خلقى وهو الذى كان به فى الكوان‪ ،‬وجانا ب‬ ‫حّق ىا وهو الذى لعليه لعلى مدى الزمان‪ ،‬وبذلك فقد رأى الحقيقة‬ ‫شّبُه بي ‪ ،(،‬وهذه هى أول‬ ‫ن ال َيَت َ‬ ‫طا َ‬ ‫شْي َ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫ق ‪ ،‬إ ّ‬ ‫ح ّ‬ ‫المحمدية‪َ) :‬فَقْد رأى ال َ‬ ‫المبشرات الصالحات‪.‬‬

‫أهل الفضل‬ ‫بماذا يبشر رسول ال المؤمنين يارب؟ قال ليس بالجر والثواب –‬ ‫لن الجر والثواب ل يكون إل بعد الياب ‪ -‬هناك فى الخرة‪ ،‬ولكنه‬ ‫ض ًلا َك بِايًرا ‪ ،(،‬لهم الفضل‪ .‬وهذا الفضل ليس‬ ‫يبشرهم‪) :‬بِأَّن لَُه ما ّمَنا اللِّه فَ ْ‬ ‫بالعمل‪ ،‬ول بالسعى‪ ،‬ول بالجد والجتهاد‪ ،‬وإنما من كنوهز المنن اللهية‪،‬‬ ‫ومن لعين التفضلت الربانية‪ ،‬كما يقول بعض الصالحين‪:‬‬ ‫ة من بحر جودك تجع لُ الكاف رَ ول ّيـــا‬ ‫} قطر ‪ٌ.‬‬ ‫ى تق ّيـــا {‬ ‫والشق ّ‬

‫ك‬ ‫وهذا هو فضل ال جّل فى لعله‪ ) :‬قُْل بَِف ْ‬ ‫ضاِلا اللِّه َو بِاَرْح َماتِاِهفَبَِذ لِا َ‬ ‫فاَْلياَْف َراُح واْ ُه َوا َخ ياٌْر ّمّمااا يَْج َماعُاوَن ‪58] (،‬يونس[‪ ،‬ولذلك فإن أصحاب‬ ‫المناصا ب العالية من أصحاب رسول ال صلى ال لعليه وسلم‪ ،‬وأصحاب‬ ‫الدرجات الراقية من المهاجرين والنصار‪ ،‬ومن بعدهم من الولياء‬ ‫والصالحين إلى يوم القرار‪ ،‬أخذوها بالفضل‪ ،‬وإياك أن تظن أنها بالجهاد!!‬ ‫وأهزيدك بيانًا‪:‬‬ ‫إن الذى يدخل بالجهاد فإنه من العُّباد‪ ،‬كالذى ُيمسك بالمسبحة‬ ‫العارف بال الشيخ فوزى محمد أبوزميد‬

‫الكتاب الحادى والستون‬


‫الســـــــــراج المـنير الفصل الرابع‪ :‬بشرميات لهل العناميات ( ‪)81‬‬

‫وياَُعد لعلى ال تسبيحاته!!‪ ،‬أو الذى يقف طوال الليل وياَُعد لعلى ال‬ ‫صلواته!!‪.‬إن كان قليلً أو كثيرًا‪ ،‬أو الذى يقرأ القرآن وياَُعد لعلى ال‬ ‫ختماته!!‪ ،‬فهل لعّد لعليك ال لعّز وجّل النعم واللء التى غمرك بها فى كل‬ ‫النحاء؟!! بل إن مفيض الفضل والجود والنعم قد تفضل لعليك بهذه النعم‬ ‫فضلً منه لعّز وجّل ولم يعايرك بسببها ‪ ...‬ولم ياَُعدها لعليك ‪ ...‬ولم يأمرك‬ ‫بتسجيلها‪ ... ،‬وكل ما يطلبه منك أن تشكره بالكيفية التى لعّلمها لك فى‬ ‫كتابه ‪ ....‬ولعلى منهج حبيبه صلى ال لعليه وسلم‪.‬‬

‫التعرض لفضل ا‬ ‫إذاً فالعطاءات اللهية والمنن الربانية خصوصية!!!‪ ،‬والخصوصية‬ ‫بالفضل‪ ،‬فكيف يأتى الفضل يا إخوانى؟ ومن أين؟ بأن يتعرض له النسان‪:‬‬ ‫إذا تعرض لعبدى‬ ‫بحلة الحسنى مّنى‬

‫لنيل فضلى تحّلى‬ ‫وبالشهود تمّلى‬

‫كيف أتعرض لفضل ال إذًا؟ يستلزم التعرض‪:‬‬

‫أن تَُج ّهازا لمولك ولحبيا ب ال ومصطفاه‪ ،‬قلباً سليماً وحالً مستقيمًا‪ ،‬وحباً‬ ‫لحضرة ال لعّز وجّل ولنبيه مقيماً ل ُيبقى فى القلا ب حبًّة لغير هؤلء الحبة‪.‬‬

‫وتجهيز القلا ب لنه هو الذى يتعرض لفضل ال‪ ،‬وفضل ال ل ينزل‬ ‫إل لعلى القلوب‪ ،‬أما خيرات ال فهى التى تنزل لعلى الجسام‪ ،‬لكن الفتح‬ ‫اللهى والعلم الربانى والنور القدسى والكشف ل تتنزل إل لعلى القلوب‪:‬‬ ‫)القلب بيت الرب فطهره له بالحب ‪ ،(،‬فإذا صليت مثلً ألف ركعة‬ ‫فى الليلة‪ ،‬هل ينظر ال إلى السجود والركوع والتلوة والتسبيح فى هذه‬ ‫العارف بال الشيخ فوزى محمد أبوزميد‬

‫الكتاب الحادى والستون‬


‫( ‪ )82‬الســـــــــراج المـنير‬

‫الفصل الرابع‪ :‬بشرميات لهل العناميات‬

‫الصلة أم لغير ذلك؟ نسأل الحبيا ب صلى ال لعليه وسلم الذى قال‪:‬‬ ‫م َوال َ إ كَِلى‬ ‫ساكِدُك ُ‬ ‫ج َ‬ ‫ظُر إ كَِلى أ َ ْ‬ ‫ن الهّلَه ال َ َيْن ُ‬ ‫}إ كِ ّ‬ ‫‪58‬‬

‫م{‬ ‫ك ْ‬ ‫ظُر إ كَِلى ُقُلوكِب ُ‬ ‫ن َيْن ُ‬ ‫ك ْ‬ ‫م‪َ .‬ول كِ‬ ‫صَوكِرُك ْ‬ ‫ُ‬

‫ينظر إلى ما فى القلا ب‪ ،‬هل فيه إخلص؟‪ ..‬هل فيه خشوع؟‪ ..‬هل‬ ‫فيه حضور؟‪ ..‬هل فيه صدق؟‪ ..‬هل فيه تبّتل؟‪ ..‬هل فيه هزهد فى الدنيا؟‪..‬‬ ‫هل فيه ورع لعن الحرام؟‪ ..‬هل فيه الصفات النبيلة الكاملة التى كان لعليها‬ ‫النبى وأصحابه الكرام؟‪ ..‬بل ما كان لعليه أنبياء ال أجمعين لعليهم أفضل‬ ‫الصلة وأتم السلم؟ ‪...‬هذه هى التجهيزات التى يجا ب أن يكون لعليها‬ ‫القلا ب‪ ،‬والتى تجعله صالحاً للتعرض لفضل ال‪ ،‬وإتحافات ال وإكراماته!!‬ ‫فإذا أنت أتيت كل يوم ببدلة جديدة فإنها للخلق‪ ،‬أما إذا أردت أن‬ ‫ترضى الحّق فإنه يريد منك بدلة واحدة فقط! بشرط أن تكون بيضاء‬ ‫وُتلبسها للقلا ب‪) :‬أحب الثياب إلى ا البياض ‪ ،(،‬ولو أنك طهّرت القلا ب إلى‬ ‫أن صار ناصع البياض كما خلقه الحّق لعّز وجّل‪ ،‬فإن نيران المحبة تتأجج‬ ‫فيه‪ ،‬وذلك لن القلا ب أساساً مملوٌء بحا ب خالقه وباريه‪ ،‬ول تنطفئ نار‬ ‫المحبة إل بالمشاكل الكونية‪ ،‬والحظوظ والهواء الدنيوية‪ ،‬لعندما ُأدخلها‬ ‫ا ب‬ ‫فى القلا ب‪ ،‬فتضغط لعلى الحا ب ل ولحبيا ب ال ومصطفاه وتجعل ح ّ‬ ‫الدنيا هو الظاهر‪.‬‬ ‫ا ب ال‪ ،‬لن‬ ‫والمطلوب أن ترفع هذه الغواشى من القلا ب ليظهر ح ّ‬ ‫القلا ب أساساً مملوءاً بحا ب ال‪ ،‬فقد خلقنا ال لعّز وجّل ووضع فى قلوبنا نور‬ ‫‪ 58‬صحيح مسلم لعن أبى هريرة رضَي اللّهُ لعنهُ‪.‬‬

‫العارف بال الشيخ فوزى محمد أبوزميد‬

‫الكتاب الحادى والستون‬


‫الســـــــــراج المـنير الفصل الرابع‪ :‬بشرميات لهل العناميات ( ‪)83‬‬

‫محبته‪ ،‬لنه جعلنا من أحبته‪ ،‬ولذلك قال صلى ال لعليه وسلم‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ع‬ ‫ا ب َك اانَ ْ‬ ‫ب َو ناَاَز َ‬ ‫ت نُْك تَاةٌ َس ْواَداااُء في قاَْلبِه‪.‬ا فَِإ ْنا َتا َ‬ ‫} إِّن الُْم ْؤاماَناإَِذا أَْذنَ َ‬ ‫ك الّراُن ‪،‬ا َثام تل قاول الا لعاّز وج ّل‪:‬‬ ‫صِق َلا قاَْلبُ​ُه‪ .‬فَِإ ْنا َهزاَد َهزاَد ْ‬ ‫تا ‪ .‬ا َفذلِ َ‬ ‫َوااْس تاَْغَف َرا ُ‬ ‫)َك ّلا بَاْل َراَن َلعلَااى قاُلُاوبِ​ِه ما ّم ااا َك ا ااُنوا يَْك ِسا ا بُااوَن ‪.‬ا َك ّلاِإناُّها ْما َلعاان ّربِّها ْما ياَْو َمائِا اٍذ‬ ‫لَّم ْحاُجاواُبوَن ‪(،‬ا )‪15 ،14‬المطففين ‪{ (،‬‬

‫‪59‬‬

‫إذاً فقد جاء الحجاب من لعند نفسك أنت!! أنت الحجاب!!‪ ،‬فإذا‬ ‫رفعت الغواشى صرت من الحباب‪ ،‬وُك شاف لك النقاب‪ ،‬وُأذن لك بدخول‬ ‫الرحاب‪ ،‬وتّوجت بتاج أولى اللباب‪ ،‬وُفتحت لك كنوهز حضرة الوهاب‪،‬‬ ‫وجعلك النبى صلى ال لعليه وسلم لحضرته باباً من البواب!! هل فهمنا هذا‬ ‫واستولعبناه يا أيها الحباب؟!! تصبح باباً لحضرة النبى صلى ال لعليه وسلم!!‪.‬‬ ‫إذاً لكى يحظى النسان بفضل ال‪ ،‬ويرى البشائر من رسول ال‬ ‫بذاته‪ ،‬لعليه أن يتعرض‪ ،‬ولكى يتعرض لعليه أن يدخل لعلى دائرة القلا ب‬ ‫وينظفها ويطهرها من الدنيا والشهوات والحظوظ والهواء‪ ،‬ول يجعل فيه إل‬ ‫ى واحداً يقول فيه صلى ال لعليه وسلم‪:‬‬ ‫هو ً‬ ‫‪60‬‬

‫}ال يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعا لما جئت به{‬

‫فيكون هواه تبعاً لهوى رسول ال‪ ،‬وليس له هوى آخر‪ ،‬وإذا‬ ‫صلحت القلوب وخلت من العيوب فوراً كوشفت بالغيوب‪ ،‬وواجهت‬ ‫حضرة لعلم الغيوب‪ ،‬وسكنها َوَح ّلا فيها الحبيا ب المحبوب‪ ،‬وألعطاها كل‬ ‫‪ 59‬سنن ابن ماجة لعن أبى هريرة رضَي اللّهُ لعنُه‪.‬‬ ‫‪ 60‬فتح البارى لعن أبى هريرة رضَي الّله لعنه‪.‬‬

‫العارف بال الشيخ فوزى محمد أبوزميد‬

‫الكتاب الحادى والستون‬


‫( ‪ )84‬الســـــــــراج المـنير‬

‫الفصل الرابع‪ :‬بشرميات لهل العناميات‬

‫المنى والمطلوب‪ ،‬لن هذا العبد أصبح قلبه خالياً لحضرة لعلم الغيوب لعّز‬

‫وجّل‪:‬‬

‫فّرغ القلا ب من سوانا ترانا‬ ‫والعُل فوق البراق ليلً فإنا‬

‫يا مريداً جمالنا وبهانا‬ ‫نتجّلى ليلً لمن يهوانا‬

‫إذاً من يريد الفضل لعليه أن يتعرض للفضل‪ ،‬وهذه يا إخوانى مهمة‬ ‫الصالحين‪ ،‬لكنهم يريدون المريدين المستجيبين‪ ... ،‬المستجيبين!! ‪ ..‬لكن‬ ‫المريد أو المريض الغير مستجيا ب للطبيا ب ماذا يفعل معه الطبيا ب؟! ومعنى‬ ‫أنه غير مستجيا ب أنه يأخذ العلج ول يستخدمه‪ ،‬أو يأخذه أياماً ويتركه ول‬ ‫ينفذ التعليمات!! فإن قال له الطبيا ب‪ :‬ل تأكل السمين‪ ،‬فإنه منه يستزيد!‪،‬‬ ‫فماذا يفعل الطبيا ب؟! إذاً من يريد الشفاء لعليه أن يتبع تعليمات الطبيا ب‪.‬‬ ‫وكذلك من يريد أن يحظى بالوصال لعليه أن يكون مستجيباً‬ ‫لتعليمات الرجل القريا ب‪ ،‬الذى أقامه الحبيا ب وجعله وسيلة للتقريا ب‪ ،‬فالذى‬ ‫يتردد لعلى العيادة كل يوم مرة ولم ينفذ التعليمات بالمرة! وآخر يذها ب إلى‬ ‫العيادة مرة فى العمر ويأخذ الروشتة وينفذها‪ ،‬فأيهما الذى يتماَثل للشفاء؟!‬ ‫بالطبع الذى يذها ب ولو مرة واحدة ويستجيا ب بعدها‪.‬‬ ‫ولذلك كنا نسمع ‪ -‬ول هزال ‪ -‬أن فلناً ذها ب إلى الرجل الصالح‬ ‫مرة واحدة فى العمر‪ ،‬وجلس معه قليلً َثم انصرف‪ ،‬وصار بعدها من‬ ‫الصالحين!! وهذا لنه استجاب وأناب فَرَقى لعلى براق الحباب‪.‬‬

‫وآخرون يجلسون دوماً لعلى اللعتاب‪ ،‬وكل همهم الطعام والشراب‬ ‫ومن ذها ب ومن جاء‪ ،‬ول استجابة‪ ،‬فإلى ماذا يرتقون؟!! يرتقون إلى ما هم‬ ‫العارف بال الشيخ فوزى محمد أبوزميد‬

‫الكتاب الحادى والستون‬


‫الســـــــــراج المـنير الفصل الرابع‪ :‬بشرميات لهل العناميات ( ‪)85‬‬

‫فيه‪ ،‬ولذلك فإن الشيخ الشعرانى رضى ال لعنه كان يقول‪ } :‬قَّل أن يسلك‬ ‫ل خادم للشيخ ‪ ،‬أو ابن الشيخ {‬ ‫فى طريق ال ع ّز وج ّ‬ ‫لماذا؟ قال‪ } :‬الخادم يرى من الشيخ المور البشرية فتحجبه لعن‬ ‫ب البرية لعّز وجّل { ‪ ،‬وذلك لنه يراه وهو‬ ‫الخصوصية التى خصّه بها ر ُّ‬ ‫يقول‪ :‬هات الطعام‪ ،‬وهات الشراب‪ ،‬أو أنا مريض هات الطبيا ب‪ ،‬فيقول إنه‬ ‫مثلى‪ ،‬فُيحجا ب لعن الخصوصية!!‬ ‫وكذلك ابن الشيخ قال لعنه‪} :‬إ نه ُيفسده تدليل‬ ‫المريدين!{‪ ،‬كذلك َمْنا هم حول الشيخ والذين ُيعّظمهم الشيخ‪ .‬من‬

‫الذى ُيعّظمه الشيخ؟ إنهم الضيوف!!‪ ،‬لعندما يجئ الضيف يقدمه ويوجبه‬ ‫ويكرمه‪ ،‬لكن هل هناك من يكّرم ابنه ويهتم به؟ ل‪ ،‬ولذلك متى يعرف‬ ‫المريد أنه سينال فضل ال؟ قالوا‪(، :‬إذا أنزله الشيخ منزلة ابنه)‪ ،‬أى‪ :‬يعامله‬ ‫كأنه ابنه‪ ،‬فل يتكلف له ول يحوجه إلى الهتمام أو إلى الرلعاية وذلك لنه‬ ‫بمثابة البن‪.‬‬ ‫إذاً لكى نجّه زا أنفسنا لفضل ال لعلينا أن نجّه زا القلوب‪ ،‬ول يجّه زا‬ ‫القلوب للحبيا ب المحبوب إل شيئان‪ :‬الول‪ :‬العلم الوهبى الناهزل من سماء‬ ‫فضل لعلم الغيوب لعّز وجّل‪ ،‬والثانى‪ :‬هو الحا ب‪ :‬فهو الذى يغسل القلا ب‪،‬‬ ‫فمن الجائز أن هناك من يذكر باللسان!‪ ،‬وكان سيدى أحمد البدوى يقول‬ ‫فى مثل هؤلء الذين يذكرون بالمسابح وباللسان لعلى الدوام‪ ،‬والعين للخلق‬ ‫تنظر‪ ،‬والذن لهم تسمع أو تتسمع‪ -‬لذلك تجده لعندما يذكر وآخر يتكلم‬ ‫بجواره يسمع كلمه ويرد لعليه !! لعجبًا!!‪ ،‬لذلك قال‪) :‬ذكر اللسان‬ ‫شقشقة( ! ‪ ،‬أما الذكر الحقيقى يا إخوانى هو ذكر القلا ب‪.‬‬ ‫العارف بال الشيخ فوزى محمد أبوزميد‬

‫الكتاب الحادى والستون‬


‫( ‪ )86‬الســـــــــراج المـنير‬

‫الفصل الرابع‪ :‬بشرميات لهل العناميات‬

‫فإذا ارتقى النسان من ذكر اللسان وسمع بنفسه أن قلبه يذكر رّبه‪،‬‬ ‫فيا هناه‪ ،‬لنه وقف لعلى أول قدم فى طريق ال!!‪ ،‬والقلا ب إن ذكر ال ل‬ ‫يغفل طرفة لعين ول أقل‪ ،‬حتى أنه لعندما يقوم النسان من النوم يسمع قلبه‬ ‫وهو يذكر‪ ،‬أو إذا تكلم مع فلن أو فلنة يسمعه أيضاً وهو يذكر‪ ،‬والقلا ب‬ ‫إذا ذكر حضر‪ ،‬ول يتم هذا المر إل بتجهيز القلوب وتطهيرها بالكلية‪،‬‬ ‫والتعرض إلى فضل حضرة لعلم الغيوب لعّز وجّل‪ ،‬ومن يفعل ذلك يحظى با‪:‬‬

‫)َو باَ ّ‬ ‫ش ِرا الُْم ْؤاِمانِايَنبِأَّن لَُه ما ّمَنا اللِّه‬

‫ك بِايرا ‪47] (،‬الحزاب[‪.‬‬ ‫ض ًلا َ‬ ‫فَ ْ‬

‫ً‬

‫هل هذه البشرى هناك فى الخرة؟ قال ل‪.) :‬لَُه ُما الْبُْش َرااى ِفي الَْح يااِة‬ ‫ل‪َ ،‬ثم ) َوِفاي الِخ َراِة ‪64] (،‬يونس[‪ ،‬وتتوالى لعليهم البشائر من‬ ‫الّد ناَْيا ‪ ،(،‬أو ً‬ ‫رسول ال صلى ال لعليه وسلم‪ ،‬منهم من يبشره سيدنا رسول ال مرة واحدة فى‬ ‫العمر‪ ،‬ومثل هذا يا هناه!! لنه قال‪:‬‬

‫طانُ‬ ‫شــْي َ‬ ‫ل ال ّ‬ ‫ظــكِة ‪َ ،‬وال َ َيَتمَّثــ ُ‬ ‫م َفسَ​َيَراكِني كِفــي اْلَيَق َ‬ ‫مَنا كِ‬ ‫ن َرآكِني كِفي اْل َ‬ ‫} َم ْ‬ ‫‪61‬‬

‫كِبي {‬

‫ وهو يخرج من الدنيا وبذلك يبشر بحسن الخاتمة‪.‬‬‫‪-‬‬

‫ومنهم من يأتيه النبى كل أسبوع مرة ككثير من الصالحين!!‪.‬‬

‫ومنهم من يأتيه النبى لعليه أفضل الصلة وأتّم السلم فى كل أسبوع‬ ‫‬‫مرتين كسيدى لعبد الرحيم القنائى رضى ال لعنه!!‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫ومنهم من يرى النبى صلى ال لعليه وسلم كل ليلة مّرًة كالمام‬

‫‪ 61‬جامع الحاديث والمراسيل لعن َأبي ُه َراياَْرَة ‪‬‬

‫العارف بال الشيخ فوزى محمد أبوزميد‬

‫الكتاب الحادى والستون‬


‫الســـــــــراج المـنير الفصل الرابع‪ :‬بشرميات لهل العناميات ( ‪)87‬‬

‫مالك رضى ال لعنه‪.‬‬ ‫‬‫ومنهم من ل يغيا ب لعنه النبى صلى ال لعليه وسلم ليلً ول نهاراً‬ ‫بالمرة‪ ،‬كسيدى أبوالحسن الشاذلى رضى ال لعنه‪ ،‬يراه لعياناً بياناً آناء‬ ‫الليل وأطراف النهار‪.‬‬

‫وهؤلء رضى ال لعنهم أجمعين ل يستطيعون أن يبّينوا ما تفضل ال به‬ ‫لعليهم إّل لهل خصوصيتهم‪ ،‬ولكن لعليهم بعد ذلك أن يجّه زاوا غيرهم‬ ‫لحبيبهم صلى ال لعليه وسلم‪ ،‬وهذا كما قلنا هو السبا ب أو الغرض الذى من‬ ‫أجله يذها ب الناس للصالحين أو للعارفين‪ ،‬أو المشايخ والمرّبين‪.‬‬ ‫فنسأل ال لعّز وجّل أن يجعل لنا نصيباً لعظيماً من هذا الفضل الكبير‪،‬‬ ‫وأن يؤهل قلوبنا ويجهز أسرارنا للفتح اللعظم من حضرة نبّينا‪ ،‬وأن يجعلنا‬ ‫من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه‪.‬‬ ‫إذاً كل ما بيننا وبين طبيا ب القلوب‪:‬‬ ‫‬‫‬‫‬‫‪-‬‬

‫هو أن نجّه زا قلوبنا من أجل الفتح الوهبى الرّبانى اللهى‪.‬‬ ‫فنذها ب إليه ونأخذ الروشتة ‪.‬‬ ‫وبعدها نجاهد لكى نطّه را القلا ب‪.‬‬ ‫صْلاَح ةا‪.‬‬ ‫وإذا لعقدنا العزم وسلكنا بصدق فمن لمحة تقع ال ّ‬

‫أما إذا فقدنا العزم فإننا لو جلسنا معهم ألف لعام‪ ،‬فإننا نظّل كما كنا‬ ‫نعيش فى الكوان وليس لنا نصيا ب فى هبات سيد ولد لعدنان!!‪ ،‬وكل ما‬ ‫يلزمك هو القلا ب السليم كى تتنزل فيه أنوار العلّى العزيز الحكيم لعّز وجّل‪.‬‬ ‫وهنا أبشركم ببركات وأفضال وأنوار إحياء ليالى النّبِّى المختار‪،‬‬

‫العارف بال الشيخ فوزى محمد أبوزميد‬

‫الكتاب الحادى والستون‬


‫( ‪ )88‬الســـــــــراج المـنير‬

‫الفصل الرابع‪ :‬بشرميات لهل العناميات‬

‫فليلتنا هذه الليلة والليالى التى مثلها كم تساوى من فضل ال؟ يقول فى‬ ‫شأنها ال‪:‬‬

‫ك َك أَالْ ِ‬ ‫ف َس نَاٍة ّمّمااا تاَُعّد واَن‬ ‫) َو إِاّن ياَْو ًمااا ِلع ناَد َربّ َ‬

‫ ‪47] (،‬الحـج[‬

‫فاليوم الذى يقضيه النسان لعند مرّبى الروح ومرّبى القلا ب‪ ،‬كألف سنة فى‬ ‫العبادات والطالعات والمجاهدات‪.‬‬ ‫نسأل ال لعّز وجّل أل يحرمنا من هذا النس‪ ،‬وأن يجعل أنسنا فى‬ ‫ذاته!‪ ،‬وأن يجعلنا أهلً لهباته ولعطاءاته‪ ،‬وأن يؤهلنا لمناهزل أهل‬ ‫خصوصياته!‪ ،‬وأن ينظر إلينا بعينه النورانية القدسية نظرة تذها ب لعن قلوبنا‬ ‫ا ب‬ ‫كل دنية وبلية‪ ،‬وتجعل فيها أهلية للعطاءات الربانية‪ ،‬وأن يحبونا بح ّ‬ ‫حبيبه ومصطفاه‪ ،‬وأن يكشف لعنا كل حجاب بيننا وبينه حتى نتمتع به‬ ‫صها به موله‪،‬‬ ‫ونراه‪ ،‬ونحظى بجمال محياه‪ ،‬ونفوهز بالنعيم اللعظم الذى خ ّ‬ ‫ويصير مدده سارياً فى كل ألعضائنا فى كل أنفاسنا فى هذه الحياة‪ ،‬ونكتا ب‬ ‫من رفقائه فى الدار الخرة لعند ال‪.‬‬

‫وصلى ال لعلى سيدنا محمد ولعلى آله وصحبه وسلم‪.‬‬

‫العارف بال الشيخ فوزى محمد أبوزميد‬

‫الكتاب الحادى والستون‬


‫الســـــــــراج المـنير‬

‫الفصل الخامس‪ :‬وصف رسول ا ( ‪)89‬‬

‫الفصل الخامس‬

‫وصف رسول ا‬

‫صلى ال لعليه وسلم‬

‫ صور الحبيُب‬‫ وبالحق أنزلناه وبالحق نزل‬‫صلى ال عليه وسلم‬ ‫ البحث عّم ن رأى الحبيُب‬‫صه ه ه ه ه ه ههلى اله ه ه ه ه ه ه عليه ه ه ه ه ه ههه وسه ه ه ه ه ههلم‬ ‫ وصــف رســول اــ‬‫البشرى‬ ‫صلى ال عليه وسلم‬ ‫ أوصافه المعنومية‬‫ السوة الحسنة‬‫صلى ال عليه وسلم‬

‫العارف بال الشيخ فوزى محمد أبوزميد‬

‫الكتاب الحادى والستون‬


‫( ‪ )90‬الســـــــــراج المـنير‬

‫الفصل الخامس‪ :‬وصف رسول ا‬

‫وصف رسول ا‬

‫صلى ال لعليه وسلم ‪62‬‬

‫بسم ال الرحمن الرحيم ‪ ..‬الحمااد لا الااذى أنااار الوجود بطلعااة ساايد‬ ‫الوجود‪ ،‬سيدنا محمد الذى جعله ال لعّز وجّل لنا ولعندنا أغلى من كل والد‬ ‫ومولااود‪ ،‬صاالى الاا لعليااه ولعلااى آلااه الطياابين وصااحابته المباااركين وك ل ماان‬ ‫اهتدى بهديه إلى يوم الدين ولعلينا معهم أجمعين آمين آمين يارب العالمين‪.‬‬ ‫إخوانى وأحبابى بارك ال لعّز وجّل فيكم أجمعين‪:‬‬ ‫طلا ب مّنا ال لعّز وجّل أن نتعرف لعلى نبينا صلى ال لعليه وسلم‪:‬‬ ‫ لعلى صورته الحّس يّاة الظاهرية التى تراها العين البالية الجسدية‪.‬‬‫ ولعلى صورته المعنوية التى تراها القلوب التقية النقية‪.‬‬‫ ولعلى صورته النورانية التى تراها الرواح إذا ارتقت وتراها‬‫ملئكة السبع الطباق وغيرها من العوالم العلوية‪.‬‬ ‫ ولعلى صورته الربانية التى أْطلع ال لعّز وجّل لعليها النبيين‬‫والمرسلين قبل البدء القديم ولعاهدهم له صلى ال لعليه وسلم أن‬ ‫يكونوا له أنصاراً وتابعين‪َ ،‬ثم جّد دا لهم هذا العهد وأحياهم‬ ‫وجمعهم فى بيت المقدس ليروا الحبيا ب بعد تكليفه بالرسالة‬ ‫وبعد أمره بالبلغ ‪،‬وليصلى بهم إمامًا‪ ،‬لن ال لعّز وجّل جعله‬ ‫كذلك‪-‬أى إماماً ‪ -‬لجميع النبياء والمرسلين‪.‬‬ ‫وسوف نذكر فى هذا المقام بعض ما تطيقه العقول من الصور التى‬ ‫جعلها ال لحضرة الرسول صلى ال لعليه وسلم ‪ ،‬فنقول وبال التوفيق‪:‬‬ ‫‪ 62‬كانت هذه المحاضرة بالسكندرية بتاريخ ‪ 25‬من ربيع الول ‪1431‬ها الموافق ‪ 11‬من مارس ‪2010‬م‪.‬‬

‫العارف بال الشيخ فوزى محمد أبوزميد‬

‫الكتاب الحادى والستون‬


‫الســـــــــراج المـنير‬

‫الفصل الخامس‪ :‬وصف رسول ا ( ‪)91‬‬

‫صور الحبيُب‬ ‫ل‪ :‬صورة حسية ظاهرية‪:‬‬ ‫أو ً‬ ‫وقد رآها من كان فى لعصره وأوانه‪ ،‬ويكرم ال لعّز وجّل بمشاهدتها‬ ‫المؤمنين الصادقين إلى يوم الدين‪ ،‬وفيها يقول صلى ال لعليه وسلم‪:‬‬ ‫شّبُه بــي‬ ‫ن ال َيَت َ‬ ‫طا َ‬ ‫شْي َ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫ق ‪ ،‬إ ّ‬ ‫ح ّ‬ ‫م ‪ ،‬فَ​َقْد رأى ال َ‬ ‫مَنا كِ‬ ‫ن رآني في ال َ‬ ‫} َم ْ‬ ‫{‬

‫‪63‬‬

‫فرؤيته صلى ال لعليه وسلم محفوظة من أن يتشبه بها شيطان‪ ،‬أو يتمثل‬ ‫بها أحد من الجان‪ ،‬لنها محفوظة بحفظ الرحمن لعّز وجّل‪.‬‬ ‫وَثانيًا‪ :‬صورة معنوية‪:‬‬ ‫وتلك صورة تراها القلوب إذا صفت‪ ،‬وتراها النفوس إذا وفت‪ ،‬بّينها‬ ‫ال لعّز وجّل فى اليات القرآنية‪:‬‬

‫} َيا َأياَّه اا النّبِّي إِّنا أَْرَس ْلاَناَك َش ااِه ًداااَو ُمابَ ّ‬ ‫ش ًراا َو ناَِذ ياًرا‪َ .‬و َدااِلع يًاا إَِلى اللِّه‬ ‫ِ ِ​ِ ِ‬ ‫را‪47 :45{.‬الحزاب[‬ ‫ج اا ّمِني ]‬ ‫ِبإ ْذاناه َو سا َراا ً ً‬ ‫وغيرهاا ماان اليااات القرآنيااة الااتى تاابين أوصااافه القرآنيااة‪ ،‬والااتى تقااول فيهااا‬ ‫خلقه القرآن {‪.‬‬ ‫السيدة لعائشة رضى ال لعنها‪ } :‬كان ُ‬

‫‪64‬‬

‫وَثالثًا‪ :‬صورة نورانية ‪:‬‬

‫‪ 63‬صحيح ابن حبان لعن أبى هريرة رضَي اللّهُ لعنُه‪.‬‬ ‫‪ 64‬مسند المام أحمد‬

‫العارف بال الشيخ فوزى محمد أبوزميد‬

‫الكتاب الحادى والستون‬


‫( ‪ )92‬الســـــــــراج المـنير‬

‫الفصل الخامس‪ :‬وصف رسول ا‬

‫وهى صورة يراها المل اللعلى‪ ،‬وتراها الرواح إذا ارتقت فى سماء‬ ‫القرب من حضرة الكريم الفتاح‪ ،‬قال فيها ال جّل فى لعله‪:‬‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ب ّمِبيٌن {‬ ‫} قَْد َج ااءُك ما ّمَنا اللّه ُنوٌر َوكَتا ٌ‬

‫]‪15‬المائدة[‬

‫النور هو رسول ال صلى ال لعليه وسلم‪ ،‬والكتاب المبين هو القرآن‬ ‫الكريم‪ ،‬وليس النور هو الكتاب لن ال فصل بينهما بالواو وهى حرف‬ ‫لعطف يقتضى المغايرة ‪،‬أى يقتضى أن يكون ما قبلها مغايراً ومخالفاً لما‬ ‫ب مبين ‪ ،(،‬لكن‬ ‫بعدها‪ ،‬فلو كان النور هو الكتاب لكانت الية‪) :‬نوٌر كتا ٌ‬ ‫ئ آخر‪ ،‬فالنور هو رسول ال صلى ال لعليه‬ ‫النور شٌئ والكتاب المبين ش ٌ‬ ‫وسلم‪ ،‬والكتاب المبين هو القرآن الكريم الذى أنزله ال لعليه‪ .‬والقرآن نور‪:‬‬ ‫} َو لَاِكن َج َعاْلَناهُ ُنوًرا {‪52] ،‬الشورى[ وال لعّز وجّل نور‪ } :‬اللّهُ ُنوُر‬ ‫س ماااواا ِ‬ ‫ت َوااْلَْر ِ‬ ‫ض { ]‪35‬النور[‪ .‬فال نور‪ ،‬والقرآن نور‪ ،‬والحبيا ب‬ ‫ال ّ َ َ‬ ‫المصطفى نور‪ّ } ،‬نوٌر َلعَلى ُنوٍر ياَْه ِدايا اللّهُ لُِنوِرِه َمنا يَ​َش ااء { ]‪35‬النور[‪.‬‬ ‫ورابعًا‪ :‬هناك الصورة الربانية‪:‬‬ ‫وهى الصورة التى خلقها ال لعّز وجّل قبل خلق جميع البرية‪ ،‬وخلق‬ ‫منها أرواح النبيين والمرسلين‪ ،‬وأخذ لعليهم فيها العهد والميثاق الذى يقول‬ ‫فيه فى قرآنه المبين‪:‬‬

‫} َو إِاْذ أَ​َخ َذا اللّهُ ِم ياَثاَق النِّبياّْيَن لَ​َم اا آتاَْيتُ​ُك ما ّمنا كَِتا ٍ‬ ‫ب َوِح ْك اَماٍةَثاُّم َج ااءُك ْما‬ ‫ِ ِ‬ ‫صُرانّهُ َقاَل أَ​َأقاَْرْرتُْم َوأَاَخ ْذاتُاْم َلعَلى‬ ‫ص ّداٌقا لَّم اا َمَعاُك ْما َلتاُْؤ مانُاّن بِه َو لَاَتن ُ‬ ‫َرُس واٌل ّم َ‬ ‫ِ‬ ‫ص ِراي َقاُلواْ َأقاررَنا َقاَل َفاْش هاُداواْ وأَانَاْ معاُك ما ّمنا ال ّ ِ ِ‬ ‫ن{ ]‬ ‫َذلُك ْما إِ ْ‬ ‫َ َ َ​َ‬ ‫َْ ْ‬ ‫ش ااه دايا َ‬ ‫َ‬ ‫‪81‬آل عمران[‪.‬‬

‫العارف بال الشيخ فوزى محمد أبوزميد‬

‫الكتاب الحادى والستون‬


‫الســـــــــراج المـنير‬

‫الفصل الخامس‪ :‬وصف رسول ا ( ‪)93‬‬

‫إذاً هناك أربع صور لرسول ال ذكرناها لعلى قدر العقول‪.‬‬ ‫وبعد أن بسطنا قبساً صغيراً من التلميح لتلك الصور العلّية‪ ،‬جاءنا‬ ‫سؤال من أحد الحاضرين المحبين الصادقين فى كبد الموضوع‪ ،‬نستزيد‬ ‫بإجابته المر توضيحاً وبيانًا‪ ،‬إذ يقول السائل‪:‬‬

‫وبالحق أنزلناه‬

‫‪65‬‬

‫قد بّينتم فضيلتكم البيان الشافى الغير مسبوق لعن صور الحبيا ب‬ ‫صلى ال لعليه وسلم‪ ،‬فهل يا سيدى المقصود بقول ال لعّز وجّل‪َ } :‬و بِاالَْح ّقا‬ ‫َأنَزلَْناهُ { رسول ال صلى ال لعليه وسلم؟ وإن كان كذلك‪ ،‬فأين يقع هذا‬ ‫المعنى من الصور التى بينتها لنا؟ بارك ال فيكم‪ ،‬وجزاكم لعنا خير الجزاء‪،‬‬ ‫وهزادكم نوراً ولعلمًا‪.‬‬ ‫وأجيا ب ال خ السائل ‪ -‬بارك ال فيه ‪ -‬إن العلوم كنوهز ومفاتحيها‬ ‫السئلة‪ ،‬فالسؤال فى صلا ب الموضوع‪ ،‬وجوابنا‪ :‬الَثنان‪ ،‬فالكتاب هو‬ ‫رسول ال‪َ } :‬و بِاالَْح ّقا َأنَزلَْناهُ { ]‪105‬السراء[‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ح اْلَِم ياُن ‪ [193‬الشعراء[‬ ‫وأين نزل؟ ‪  ....‬ناَزَل بِه الّرو ُ‬ ‫لعلى‪َ } ......... :‬و بِاالَْح ّقا ناَزَل { ‪ [105‬السراء[‬

‫ولذلك قال‪:‬‬ ‫} َوَمااا َينِط ُقا َلعِن الَْه َواىا‪َ .‬وَماااَينِط ُقا َلعِن الَْه َواىا‪ .‬إِْن ُه َوا إِّل َوْح ٌياُيوَح ىا {‬ ‫‪ 65‬كان هذا السؤال فى نهاية المحاضرة وآَثرنا أن نضعه فى سياقه لتمام الفائدة للقراء‪.‬‬

‫العارف بال الشيخ فوزى محمد أبوزميد‬

‫الكتاب الحادى والستون‬


‫( ‪ )94‬الســـــــــراج المـنير‬

‫الفصل الخامس‪ :‬وصف رسول ا‬

‫]‪3-4‬النجم[‬

‫فل ينطق لعن هوى فى نفسه ول لعن رأى فى شخصه‪ ،‬وإنما ينطق مبلغاً لعن‬ ‫ال‪ ،‬لنه صلى ال لعليه وسلم فنى لعن نفسه‪ ،‬ولم يعد له حظ ول هوى ول‬ ‫مطمع دنيوى أو فانى‪ ،‬وإنما كان كل همه أن يبلغ رسالت ال لعّز وجّل إلى‬ ‫خلق ال‪:‬‬ ‫}َو بِاالَْح ّقا َأنَزلَْناهُ َو بِاالَْح ّقا ناَزَل{ صلى ال لعليه وسلم‪ ،‬وذلك لنه صورة‬ ‫الحق التى ظهرت بين الخلق‪ ،‬صورة حقية فى صورة آدمية‪ ،‬باطنه حق‬ ‫وظاهره خلق‪ ،‬وظاهره مرآة تبين جمال باطنه‪ .‬إذاً فقد أصبح ظاهره حق‬ ‫وباطنه حق‪ ،‬وإل لما أوجا ب ال لعلينا اتبالعه حتى فى مشيه وفى طعامه‬ ‫وشرابه وفى كل أموره‪ ،‬وقد قال سيدنا لعبد ال بن لعمرو بن العاص‪:‬‬ ‫م‪.‬‬ ‫عـ ْ‬ ‫ل ‪َ :‬ن َ‬ ‫ء أ َ​َفَأْكُتُبَها ؟ َقــا َ‬ ‫شَيا َ‬ ‫ك أَ ْ‬ ‫ع كِمْن َ‬ ‫م ُ‬ ‫س َ‬ ‫ل الّلكِه ‪ ،‬إ كِرِّنى أ َ ْ‬ ‫سو َ‬ ‫} َيا َر ُ‬ ‫مــا‬ ‫م ‪َ ،‬فكِنإرِّنى ال َ أ َُقــولُ كِفيكِه َ‬ ‫ع ْ‬ ‫ل ‪َ :‬ن َ‬ ‫ضا ؟ َقا َ‬ ‫ب َوالرِّر َ‬ ‫ض كِ‬ ‫غ َ‬ ‫ت ‪ :‬كِفى اْل َ‬ ‫ُقْل ُ‬ ‫‪66‬‬ ‫حّقا {‪.‬‬ ‫إ كِال ّ َ‬

‫فهو صورة الحق التى أجلها للخلق ليتجملوا بهذا الجمال‪ ،‬فيحوهزوا‬ ‫رضاء الحق لعّز وجّل‪ ،‬وكأن ال لعّز وجّل جعله مثالً للكمالت التى يحبها من‬ ‫خلقه!!‪ ،‬فمن أراد أن يكون حبيباً ل فليتخلق ويتجمل بجمال حبيا ب ال‬ ‫ومصطفاه‪ ،‬فيصير مثله حبيباً ل لعلى قدره ل لعلى قدر الحبيا ب الول صلى‬ ‫ال لعليه وسلم‪.‬‬ ‫ولذلك دائماً ما نقول لخواننا ونقول لكم ولكل المحبين‪ :‬لعليكم‬ ‫‪ 66‬مسند المام أحمد‬

‫العارف بال الشيخ فوزى محمد أبوزميد‬

‫الكتاب الحادى والستون‬


‫الســـــــــراج المـنير‬

‫الفصل الخامس‪ :‬وصف رسول ا ( ‪)95‬‬

‫أولً استحضار صورته الحسية لكى يتهنى بها القلا ب‪.‬‬ ‫لكن حاول أن تتجمل ليس بصورته الحسية ولكن بأوصافه المعنوية‪،‬‬ ‫ولعندما تتجمل بأوصافه المعنوية يمّن لعليك ال لعّز وجّل فُيجمل باطنك‬ ‫بأوصافه النورانية‪ ،‬ولما يجمل باطنك بأوصافه صلى ال لعليه وسلم النورانية‬ ‫يفتح لك فتوحات العارفين‪ ،‬ويجعلك من أهل مقامات القرب من رب‬ ‫العالمين لعّز وجّل‪ ،‬وهذا هو سّر أهل الخصوصية مع الصور المحبوبية‪.‬‬

‫البحث عم ن رأى الحبيُب‬ ‫كان المام الحسن والمام الحسين‪ ،‬لما كانا صغيرين فى السن‬ ‫لعندما كان الحبيا ب صلى ال لعليه وسلم كائناً بينهم‪ ،‬وأنتم تعلمون أنهما كانا‬ ‫يلعبان بين يديه‪ ،‬بل يتخذونه أحياناً مركباً يركبانه ويعتليان ظهره لعند‬ ‫السجود!‪.‬‬ ‫ُروى أنه صلى ال لعليه وسلم خرج في إحدى صلتي العشي الظهر أو‬ ‫العصر‪ ،‬وهو يحمل الحسن أو الحسين‪ ،‬فتقدم النبي صلى ال لعليه وسلم‬ ‫ّ‬ ‫فوضعه َثم كّبر للصلة‪ ،‬فصلى فسجد بين ظهراني صلته سجدة أطالها‪،‬‬ ‫فقال الراوى‪ :‬إني رفعت رأسي فإذا الصبي لعلى ظهر رسول ال صلى ال لعليه‬ ‫وسلم وهو ساجد‪ ،‬فرجعت في سجودي‪ ،‬فلما قضى رسول ال صلى ال لعليه‬ ‫وسلم الصلة قال الناس‪ :‬يا رسول ال إنك سجدت بين ظهراني صلتك‬ ‫ك ُّ‬ ‫ل‬ ‫هذه سجدة قد أطلتها فظننا أنه قد حدث أمر أو نزل الوحى‪ ،‬قال‪َ } :‬ف ُ‬

‫حهّتى‬ ‫جَلُه َ‬ ‫ع هّ‬ ‫ن أُ َ‬ ‫ت أَ ْ‬ ‫ه ُ‬ ‫كر ْ‬ ‫حَلكِني َف َ‬ ‫ن اْبكِني اْرَت َ‬ ‫ك ّ‬ ‫ن ‪َ ،‬وَل كِ‬ ‫ك ْ‬ ‫م َي ُ‬ ‫ك َل ْ‬ ‫ذكِل َ‬

‫العارف بال الشيخ فوزى محمد أبوزميد‬

‫الكتاب الحادى والستون‬


‫( ‪ )96‬الســـــــــراج المـنير‬

‫الفصل الخامس‪ :‬وصف رسول ا‬

‫‪67‬‬

‫ه {‪.‬‬ ‫جَت ُ‬ ‫حا َ‬ ‫ضي َ‬ ‫َيْق كِ‬

‫ودخل الحسن رضى ال لعنه يوماً من باب مسجده النور‪ ،‬وكان‬ ‫ال لعليه وسلم لعلى المنبر يخطا ب فى جموع المسلمين‪ ،‬فلما رآه الحسن‬ ‫قال‪ :‬أبى أبى ومشى مسرلعاً فتعثر فى َثوبه فوقع‪ ،‬فما كان من الرحمة‬ ‫المهداة والنعمة المسداة إل أن نزل من لعلى منبره وأقام الحسن واحتضنه‬ ‫ورفعه وصعد به المنبر وأكمل خطابه ل ُ‬ ‫لمه!‪ ،‬فصدق من وصفه‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫ن { ]‪107‬النبياء[‪.‬‬ ‫} َوَمااا أَْرَس ْلاَناَك إِّل َرْح َماةًالّْلَعالَم يا َ‬ ‫صلى‬

‫هذه كانت أحوال رسول ال صلى ال لعليه وسلم‪ ،‬وكانت ابنة ابنته هزينا ب تأتى‬ ‫إليه أحياناً فى الصلة‪ ،‬فيحملها واقفاً وراكعًا‪ ،‬ويضعها بجواره لعند السجود‪،‬‬ ‫فإذا أراد القيام َثانية حملها لعند نهوضه وهكذا يصلى وهو يحملها!!! يا‬ ‫للرحمة!‬ ‫ومع ذلك فإن الحسن والحسين لما كبرا أرادا أن يتعرفا لعلى صورة‬ ‫رسول ال الظاهرية الحسّية التى لم يتحققا بها لصغرهما فى حياة خير البرية‬ ‫صاافين الذين‬ ‫صلى ال لعليه وسلم‪ ،‬فكانا يطوفا من وراء بعضهما لعلى الو ّ‬ ‫يستطيعون وصف رسول ال‪ ،‬ويا له من لعمل شاق!!‪ .‬ربما تظنون غير‬ ‫ذلك!!‬ ‫ولكن الحقيقة أنه ما كان أحد من صحابته صلى ال لعليه وسلم يستطيع‬ ‫أن يصفه‪ ،‬فأكابر الصحاب كانوا ل يستطيعون نعته!! يقول لعمرو بن‬ ‫العاص رضى ال لعنه‪ ،‬وكان من أكابر العقلء فى الصحابة‪ ،‬بل من كبار‬ ‫الدهاة فى القادة‪ ،‬لعند وفاته لبنه لعبد ال رضى ال لعنهما‪ } :‬يابنى ‪ ،‬لما‬ ‫‪ 67‬مسند المام أحمد لعن لعبد ال بن شداد لعن أبيه رضَي اللّهُ لعنهُ‬

‫العارف بال الشيخ فوزى محمد أبوزميد‬

‫الكتاب الحادى والستون‬


‫الســـــــــراج المـنير‬

‫الفصل الخامس‪ :‬وصف رسول ا ( ‪)97‬‬

‫ء ما‬ ‫بايعت رسول ا كنت أشد الناس منه حيا َي ً‬ ‫‪68‬‬ ‫ء منه !{‬ ‫ملت عيني من رسول ا حيا َي ً‬

‫وإذا كان حسان بن َثابت رضى ال لعنه ‪ -‬وقد لعاش مائة ولعشرين سنة‪،‬‬ ‫ص فا‬ ‫ستون سنة قبل السلم وستون بعد السلم – وكان حسان قد سمع و ْ‬ ‫النبى صلى ال لعليه وسلم من اليهود مثل بقية النصار حيث لعرفوا أن نبّىا‬ ‫سيبعث فى مكة ويهاجر إلى المدينة‪ ،‬وأوصافه يعرفها اليهود لقول ال‬ ‫ن َأباَْناءُه ْما ‪ [146‬البقرة[‪ .‬لما هاجر النبى صلى ال‬ ‫فيهم‪} :‬ياَْع ِراُفونَهُ َك َمااا ياَْع ِراُفو َ‬ ‫لعليه وسلم إلى المدينة سمع حسان بن َثابت ‪ -‬ولم يكن قد أسلم بعد ‪-‬‬ ‫اَثنين من اليهود يتحدَثان بعدما شاهدا النبى صلى ال لعليه وسلم ول يرون‬ ‫حسانًا‪ ،‬فقال أحدهما للخر‪ :‬أهو هو؟ قال‪ :‬هو هو بنعته الذى ذكره لنا‬ ‫موسى فى التوراة‪ ،‬قال‪ :‬وماذا تفعل؟ قال‪ :‬لن أؤمن به ما حييت – فإنهم‬ ‫يعرفونه لكن الحسد يمنعهم من اليمان به!! فأراد سيدنا حسان أن يتحقق‪،‬‬ ‫فذها ب إلى النبى صلى ال لعليه وسلم وشاهد جمال محياه وقال فى ذلك‪:‬‬ ‫لما نظرت إلى أنواره سطعت‬

‫وضعت من خيفتى كفى لعلى بصرى‬

‫خوفاً لعلى بصرى من نور طلعته‬

‫فلست ُأبصره إل لعلى قدرى‬

‫لما رأيت رسول ال وضعت يدى لعلى لعينى خوفاً من ساطعة‬ ‫النوار أن تحرق لعينى‪ ،‬لن رسول ال صلى ال لعليه وسلم كان يراه أصحابه‬ ‫نورًا!! أما الكافرون والجاحدون فيكفى فيهم قول ال لعّز وجّل‪َ } :‬و تاَراُه ْما‬ ‫ك و ُهاما لَ ياْب ِ‬ ‫ص ُرااوَن { ]‪198‬اللعراف[‪ ،‬ل يرون النور!!‪ .‬مثل‬ ‫َينظُ​ُروَن إِلَْي َ َ ْ ُ‬ ‫إبليس لعندما ُأمر مع الملئكة بالسجود لدم‪ ،‬الملئكة رأت النور الموجود‬ ‫فى وجه آدم – وهو نور رسول ال صلى ال لعليه وسلم ‪ -‬وإبليس لعمَى فلم يَر‬ ‫‪ 68‬الزهد والرقائق لبن المبارك‪ ،‬تاريخ دمشق وغيرها‬

‫العارف بال الشيخ فوزى محمد أبوزميد‬

‫الكتاب الحادى والستون‬


‫( ‪ )98‬الســـــــــراج المـنير‬

‫الفصل الخامس‪ :‬وصف رسول ا‬

‫إل جسم آدم وطينته!! فامتنع لعن السجود‪ ،‬ولذلك قال سيدى لعلى وفا فى‬ ‫ذلك‪:‬‬ ‫لو أبصر الشيطان طلعة نوره‬ ‫أو رأى النمروهز بعض جماله‬ ‫لكن نور ال جّل فل ُيرى‬

‫فى وجه آدم كان أول من‬ ‫سجدَد الجليل مع الخليل وما‬ ‫لعبَ‬ ‫لعندإل بتخصيص من ال الصمد‬

‫فكان صلى ال لعليه وسلم ل يستطيع أى إنسان من صحبه أن ينعته‬ ‫لشدة نورانيته وشفافيته صلى ال لعليه وسلم‪ ،‬فمن الذى نعته ووصفه؟‬ ‫ل يوجد إل المام لعلى بن أبى طالا ب رضى ال لعنه وكّرم ال وجهه‪ ،‬وأم‬ ‫معبد التى مّر النبى لعليها فى الهجرة ووصفته لزوجها‪ ،‬وهند بن أبى هالة‬ ‫وهو ابن السيدة خديجة ولكن من هزوج آخر‪ ،‬ولذلك هو خال سيدنا‬ ‫الحسن وسيدنا الحسين‪ ،‬هؤلء هم الثلَثة الذين استطالعوا أن يصفوا رسول‬ ‫ال‪ ،‬ولم يستطع أحد من صحابته الذين يزيدون لعلى المائة ألف‬ ‫صىا أصحابه وقال‬ ‫وصفه!!‪.‬ويذكر التاريخ أن رسول ال صلى ال لعليه وسلم و ّ‬ ‫فى جمع فيهم ُلعمر ولعلّى رضى ال لعنهم أجمعين‪:‬‬ ‫} سيأتى م ن بعدى رجل م ن أهل اليم ن ُيدعى أويس القربنى‪،‬‬ ‫آم ن بى ولم يربنى‪ ،‬منعه م ن المجئ إلى بّره بأّمه‪ ،‬فإذا لقيتموه‬ ‫‪69‬‬ ‫فأبلغوه منى السلم‪ ،‬وسلوه أن يدعو ا عّز وجّل لكم{‪.‬‬

‫وهذا هو السند الذى يعتمد لعليه القوم فى الذهاب إلى الصالحين‪.‬‬ ‫هل يحتاج سيدنا لعلّى وسيدنا لعمر للذهاب إلى الصالحين؟! إنه أمر من‬ ‫‪ 69‬الصابة فى تمييز الصحابة وفى الكثير من كتا ب المصادر ومراجع الحديث والسنة ووردت بصور لعدة‪.‬‬

‫العارف بال الشيخ فوزى محمد أبوزميد‬

‫الكتاب الحادى والستون‬


‫الســـــــــراج المـنير‬

‫الفصل الخامس‪ :‬وصف رسول ا ( ‪)99‬‬

‫سيد الولين والخرين أن يبحثوا لعنه ويذهبوا إليه ويسألوه أن يدلعو ال‬ ‫وجّل لهم!! أمر!!‪.‬‬

‫عّز‬

‫فكان سيدنا لعمر رضى ال لعنه يحج كل لعام وينادى فى أهل اليمن‪:‬‬ ‫أفيكم أويس؟ يقولون‪ :‬ل‪ ،‬وفى مرة قالوا‪ :‬ليس فينا إل رالعى غنم يسمى‬ ‫أويس‪ ،‬قال‪ :‬أين هو؟ قالوا‪ :‬لعند ِج ماالنا‪ ،‬فتظاهر أنه ل ُيبدى للمر أى‬ ‫اهتمام وأشار إلى سيدنا لعلّى أن يفعل كذلك َثم انسل من القوم وذهبا إلى‬ ‫أويس وهو بمفرده‪ ،‬وقال له‪ :‬أأنت أويس؟ قال‪ :‬نعم‪ - ،‬وكان النبى صلى ال‬ ‫ص فشفى منه‬ ‫لعليه وسلم قد ألعطاهم لعلمة له حيث قال لهم‪ :‬أنه كان به بر ٌ‬ ‫ولم يبق إل موضع قدر الدرهم تحت إبطه – فقال له لعمر‪ :‬اكشف ذرالعك‬ ‫وأرنا إبطك‪ ،‬فرأى ما ذكره رسول ال صلى ال لعليه وسلم فتحّققاا أنه هو‪ ،‬ودار‬ ‫بينهما الحديث‪.‬وسأل أويس‪ :‬هل رأيتما رسول ال صلى ال لعليه وسلم ؟ قال‪:‬‬ ‫بلى‪ ،‬فأخذ سيدنا لعلّى يصفه بالصورة الحسية الظاهرية‪ ،‬قال‪ :‬إنكم لم ترونه‬ ‫لعلى الحقيقة! لعجبًا!!‬ ‫فذهبا إلى السيدة لعائشة وذكرا لها ذلك فقالت‪ :‬لقد رأيته الرؤية‬ ‫الحقيقية مّرة واحدة‪ ،‬كنت ُأخيط له َثوباً لعلى مصباح فهبت الريح وُأطفئ‬ ‫المصباح ووقع منى الِم ْخايااط فدخل لعلّى صلى ال لعليه وسلم فرأيت نوراً من‬ ‫الرض إلى السماء‪ ،‬ورأيت لعلى هذا النور الِم ْخايااط وأدخلت فيه الخيط!‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ب‬ ‫رأته مرة واحدة لنه نور ال الذى ذكره ال‪} :‬قَْد َج ااءُك ما ّمَنا اللّه ُنوٌر َوكَتا ٌ‬ ‫ّمِبيٌن{ ]‪15‬المائدة[‪.‬‬ ‫فذها ب سيدنا الحسن إلى خاله هند بن أبى هالة وقال له‪ :‬اذكر لى‬ ‫من أوصاف رسول ال صلى ال لعليه وسلم ما أتعلق به‪ ،‬فذكرها له‪ ،‬وذها ب‬ ‫العارف بال الشيخ فوزى محمد أبوزميد‬

‫الكتاب الحادى والستون‬


‫( ‪ )100‬الســـــــــراج المـنير‬

‫الفصل الخامس‪ :‬وصف رسول ا‬

‫الحسين من وراءه إلى خاله أيضاً وقال‪ :‬اذكر لى من أوصاف رسول ال‬ ‫صلى ال لعليه وسلم ما أتعلق به‪ ،‬ونحن جميعاً نحتاج إلى بعض هذه الوصاف‬ ‫حتى تتعلق فى مخيلتنا وتسطع فى أفئدتنا لعل ال يكرمنا لعند منامنا فنرى‬ ‫حبيبنا صلى ال لعليه وسلم‪ ،‬وقد قال صلى ال لعليه وسلم فى الحديثه الخر‪:‬‬ ‫طانُ‬ ‫شْي َ‬ ‫ل ال ّ‬ ‫مّث ُ‬ ‫ظكِة ‪َ ،‬وال َ َيَت َ‬ ‫سَيَراكِني كِفي اْلَيَق َ‬ ‫م َف َ‬ ‫مَنا كِ‬ ‫ن َرآكِني كِفي اْل َ‬ ‫} َم ْ‬ ‫‪70‬‬

‫كِبي {‬

‫متى سيراه فى اليقظة؟ وهو مسافر من الدنيا يأتى إليه حضرة النبى‬ ‫ويستقبله ومعه الصحابة الكرام‪ ،‬ومعه الئمة العظام‪،‬‬ ‫لن ال لعّز وجّل ألعطاه ذلك وكلفه بذلك‪.‬‬ ‫وفى السنة أكثر من دليل‪ ،‬ففى لعصر لعثمان بن لعفان توفى رجل‬ ‫اسمه الربيع بن خراش ويحكى أخوه الربعى القصة فيقول كما ورد‪:‬‬ ‫} مات أخــى الربيــع وكــان أصــومنا فــى اليــوم الحــار‬ ‫جيته فضحك ‪ ،‬فقلــت ‪ :‬يــا أخــى‬ ‫وأقومنا فى الليلة الباردة فس ّ‬ ‫ة بعد الموت ؟ قال ال ولكنى لقيــت ربــى فلقينــى بــروح‬ ‫أحيا ‪ٌ.‬‬ ‫وريحان ووجه غير غضبان ‪ ،‬فقلـت كيـف رأيـت المـر ؟ قـال‬ ‫أيسر مما تظُّنون {‪ -‬وف ااى روايا ااة‪ } :‬وال تغــتروا فــنإني اســتأذنت‬

‫ربي لبشركم فاحملوني إلى رسول ا هص ه ههلى اله ه ه عليه ه ههه وسه ههلمه فنإنه‬

‫وعدني أن ال يسبقني حتى أدركه{ ‪ ،‬فا ااذكر لعائشا ااة‬

‫رض ااي الا ا ا لعنها ااا‬

‫‪ 70‬جامع الحدايث والمراسيل لعن َأبي ُه َراياَْرَة رضي ال لعنه‪.‬‬

‫العارف بال الشيخ فوزى محمد أبوزميد‬

‫الكتاب الحادى والستون‬


‫الســـــــــراج المـنير‬

‫الفصل الخامس‪ :‬وصف رسول ا ( ‪)101‬‬

‫فقا ااالت‪ } :‬صدق ربعى ‪ ،‬سمعت رسول اـ صا ا االى الا ا ا لعليا ا ااه وسا االم‬

‫يقول ‪ :‬من أمتى من يتكلم بعد الموت { ‪ ،‬وفا ااى لف ا ااظ‪ } :‬يتكلــم‬ ‫‪71‬‬

‫ل من أمتى بعد الموت من خير التابعين {‬ ‫رج ‪ٌ.‬‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫صاّلا َلعلَْيِها ْما {‪ ،‬هاال‬ ‫صا َداقَاًة تُطَّه ُراُها ْما َو تاَُزّك ياِها مابَِها اا َو َ‬ ‫} ُخ ْذا م ْنا أَْم َوااالِه ْما َ‬ ‫يصاالى لعلااى الااذين فااى لعصااره فقااط؟ ل‪ ،‬باال لعلااى كاال المااة إلااى يااوم‬ ‫نا لُّها ا ْما { ]‬ ‫صا ا لَاتَ َ‬ ‫صا اّلا َلعلَْيِها ا ْما إِّن َ‬ ‫الا اادين‪ ،‬لما اااذا؟ قا ااال الا ا لا ااه‪َ } :‬و َ‬ ‫ك َسا ا َكا ٌ‬ ‫‪103‬التوباة[‪ .‬هااى الااتى ستسا اّك ناهم ماان الخااوف ومان الرلع ا ب‪ ،‬وهاى الااتى‬ ‫ستسا اّك ناهم لعنااد سااؤال الملكياان‪ ،‬وهااى الااتى ستسا اّك ناهم لعنااد أهااوال يااوم‬ ‫القيامااة‪ .‬فالصاالة دائمااة إلااى يااوم الاادين ماان رسول الا صاالى ال ا لعليااه وسالم‬ ‫ا ب لسايد الوليان والخرين‬ ‫لعلى المحبين والمخلصين والصاادقين فاى الحا ّ‬ ‫صلى ال لعليه وسلم‪.‬‬ ‫قد يقول البعض أن ذلك حدث فى لعهد سيدنا لعثمان‪ ،‬وأن هذا‬ ‫الرجل كان صحابيًا‪ ،‬وحتى يتحقق حديث سيدنا رسول ال صلى ال لعليه وسلم‪:‬‬ ‫ت{!!‪ ،‬اسمعوا هذه القصة‪:‬‬ ‫مْو كِ‬ ‫عَد ال َ‬ ‫م َب ْ‬ ‫كّل ُ‬ ‫ل َيَت َ‬ ‫ج ‪ٌ.‬‬ ‫ن كِفي أ ُّمتي َر ُ‬ ‫كو ُ‬ ‫}َي ُ‬ ‫الشيخ ذو النون المصرى رضى ال لعنه وكان يعيش فى القرن الرابع‬ ‫الهجرى‪ ،‬وكان من أخميم وسكن الجيزة ‪،‬وكان من أكابر الصالحين‪ ،‬لّم اا‬ ‫جاء أجله‪َ ،‬منا الذى ألعلم الناس بالخبر؟ !! َمْنا الذى كان ُينبئ الناس‬ ‫بالخبار فى هذه الوقات مع أنه كانت ل توجد صحافة ول إذالعة ول‬ ‫‪ 71‬جامع المسانيد والمراسيل ‪ ،‬الطبرانى فى الوسط بسند جيد لعن حذيفة رضَي اللّهُ لعنُه‪ ،‬وأخرج البيهقى وصححه وأبااو‬ ‫نعيم فى الحلية لعن ربعى بن خراش رضَي اللّهُ لعنُه‪ ،‬ورواية } إحملونى إلى رسول ال { فى الطبقات الكبرى لبن سعد‪.‬‬

‫العارف بال الشيخ فوزى محمد أبوزميد‬

‫الكتاب الحادى والستون‬


‫( ‪ )102‬الســـــــــراج المـنير‬

‫الفصل الخامس‪ :‬وصف رسول ا‬

‫تليفونات ول غير ذلك؟! الذى كان ينبؤهم الرؤيا الصالحة يراها الرجل‬ ‫المؤمن أو ُترى له‪ .‬فكان الصالحون فى كل مكان نشرهم الرحمن‪ ،‬ويرون‬ ‫فى قلوبهم الخبار التى يريد أن يذيعها الرحمن لعلى الناس فى كل هزمان‬ ‫ومكان‪.‬‬ ‫فلما جاء الموت لذى النون‪ ،‬رأى سبعون رجلً من الصالحين فى‬ ‫كل مصر رؤيا واحدة‪ ،‬حيث رأى كل رجل منهم رسول ال صلى ال لعليه‬ ‫وسلم قادماً !! فسأله‪ :‬لماذا قدمت يا رسول ال؟ فيقول‪ :‬إن حبيا ب ال ذا‬ ‫النون يريد المجئ إلينا وقد جئت لستقباله!!‪ .‬فأخذ كل رجل منهم تلميذه‬ ‫ومريديه وذها ب إلى الجيزة ليحضر جناهزة ذى النون والتى سيحضرها رسول‬ ‫ال صلى ال لعليه وسلم‪ ،‬ولذلك ُروى أن المشيعين لهذه الجناهزة كان يزيد‬ ‫لعددهم لعلى المليون‪ ،‬وكان يوماً شديد الحرارة‪ ،‬وسوف يمشون من الجيزة‬ ‫إلى المام الشافعى ليدفنوه‪ ،‬فأرسل ال لعلى رؤوس المشيعين طيوراً سدت‬ ‫الفق ترفرف بأجنحتها‪ ،‬أظلتهم بأجسامها !! وهونت لعليهم حرارة المكان‬ ‫برفرفتها بأجنحتها‪ ،‬حتى وضعوه فى لحده الخير‪ ،‬لنه حظّى بالبشير النذير‬ ‫صلى ال لعليه وسلم‪.‬‬

‫وصف رسول ا صلى ال لعليه وسلم البشرى‬ ‫فلبد للنسان أن يتعلق ببعض أوصاف رسول ال صلى ال لعليه وسلم‪،‬‬ ‫وينام وفى مخيلته أو فى فؤاده هذه الوصاف‪ ،‬فعندما ينام ُيكرم فى المنام‬ ‫برؤية المصطفى لعليه أفضل الصلة وأتم السلم‪.‬‬ ‫هذا هو الوصف الظاهرى لرسول ال‪ ،‬وسنتكلم فيه لعلى قدرنا حيث‬ ‫العارف بال الشيخ فوزى محمد أبوزميد‬

‫الكتاب الحادى والستون‬


‫الســـــــــراج المـنير‬

‫الفصل الخامس‪ :‬وصف رسول ا ( ‪)103‬‬

‫كان صلى ال لعليه وسلم كما ذكرت الروايات ‪َ -‬ربعًة بين الرجال‪ ،‬أى‪ :‬بين‬ ‫الطويل والقصير‪ ،‬ومع ذلك كان سيدنا لعمر رضى ال لعنه يقول ‪ -‬وكان رضى‬ ‫ال لعنه كان ضخم الجسم‪ ،‬حتى أن الذى يراه كان يخاف منه‪ ،‬ومع ذلك‬ ‫كان رضى ال لعنه يقول‪ } :‬ما مشى معنا صلى ال لعليه وسلم إال وكان‬

‫أطولنا مهما كان طولنا ‪ ،‬وال قعد بيننا إال وكانت أكتافه أعالنا‬ ‫‪72‬‬ ‫مهما كان طول أكتافنا { ‪.‬‬

‫لن ال لعّز وجّل رفع قدره وألعلى شأنه‪ ،‬فرفعه ال لعّز وجّل حتى من‬ ‫يراه فى أى جانا ب يراه أطول الجميع!! مع أنه صلى ال لعليه وسلم كان بين‬ ‫الطول والقصر‪ .‬وكان صلى ال لعليه وسلم وجهه أقرب إلى التدوير حتى كان‬ ‫سيدنا أنس يقول‪ } :‬نظرت إلى رسول ا فى ليلة أربعة عشر‬

‫والقمر بدر ‪ ،‬فكنت أنظر إليه تارة وإلى القمر تارة ‪ ،‬فوا‬ ‫الذى ال إله إال هو لكان فى عينى أجمل من القمر {‪.‬‬

‫وسيدنا أبو هريرة رضى ال لعنه يقول فى ذلك‪:‬‬ ‫} ما ُرؤى صلى ال لعليه وسلم مع شمس وال قمر وال مصــباح‬ ‫إال وكان نوره أزهى مــن نــور الشــمس ‪ ،‬وأوضــح مــن نــور‬ ‫القمر ‪ ،‬وألمع من نور المصباح كِ{‬

‫وكان صلى ال لعليه وسلم يميل إلى اللون الزهرى وهو البياض المختلط‬ ‫بالحمرة‪ ،‬وهو أهزكى اللوان فى الجنة إن شاء ال‪ .‬وكان فمه صلى ال لعليه‬ ‫وسلم واسعاً لنه صلى ال لعليه وسلم أوتى الفصاحة كلها‪ ،‬وسعة الفم من‬

‫‪ 72‬وورد مثل ذلك فى وصف سايدنا لعلاى للرسول ‪ } :‬لام يكان رسول الا ‪ ‬بالطويل الممغاط ) المتنااهى فاى الطاول ‪ (،‬ول‬ ‫بالقصير المتردد) القصير جد اً ‪ ، (،‬وكان ربعة القوم‪ ،‬لم يكن يماشيه أحاد مان النااس ينساا ب إلاى الطاول إل طااله رسول الا‪،‬‬ ‫فإذا فارقه ‪ ‬نسا ب للربعة )أي ل طويل ول قصير ‪.{(،‬السيرة الحلبية وغيرها‪.‬‬

‫العارف بال الشيخ فوزى محمد أبوزميد‬

‫الكتاب الحادى والستون‬


‫( ‪ )104‬الســـــــــراج المـنير‬

‫الفصل الخامس‪ :‬وصف رسول ا‬

‫لعلمات الفصاحة‪ ،‬وكان مفلج السنان أى أن أسنانه المامية بينها فاصل‬ ‫دقيق‪.‬‬ ‫وكان صلى ال لعليه وسلم أدلعج العينين أى أسود الحدقتين‪ ،‬وفوقها‬ ‫كانت رموشه مقوسة ول تلتقى‪ ،‬وكان صلى ال لعليه وسلم شعره بين المسترسل‬ ‫)النالعم ‪ (،‬وغيره‪ ،‬وكان ياَْف راق شعره من جهة اليسار‪ ،‬وكان شعر رأسه وشعر‬ ‫لحيته ليس فيه إل سبع لعشرة شعرة بيضاء‪ ،‬ولما ُس ئال لعن ذلك قال‪:‬‬ ‫‪73‬‬

‫خَواُتها {‬ ‫هو ‪ٌ.‬د َوأ َ‬ ‫شيَّبْتكِني ُ‬ ‫} َ‬

‫وأخواتها سور )إذا الشمس كورت ‪ ،(،‬و )إذا السماء انفطرت ‪.(،‬‬ ‫إل أن هذا الوصف الحسى كان فيه أيضاً نوٌر ربانى‪ ،‬فلقد كانت‬ ‫لعيناه صلى ال لعليه وسلم ليست َك َعاْيِن أحٍد مّنا‪ ،‬لنه كان يصلى بأصحابه‪،‬‬ ‫فإذا انتهى من الصلة التفت وقال‪ :‬أنت يا فلن فعلت كذا‪ ،‬وأنت يا فلن‬ ‫كان ينبغى أن تفعل كذا‪ ،‬فيقولون‪ :‬يا رسول ال كيف رأيتنا وأنت تصلى؟!!‬ ‫ما‬ ‫ظْهكِر ي َك َ‬ ‫خْلفكِ َ‬ ‫ن َ‬ ‫فيقول صلى ال لعليه وسلم‪} :‬إرِّني َوالّلكِه ل َ​َرى كِم ْ‬ ‫ ي{‪ ،74‬كان صلى ال لعليه وسلم حتى فى البشرية له ميزات‬ ‫ن َيَد ّ‬ ‫أَ​َرى كِمنْ َبْي كِ‬ ‫ربانية!!!‪.‬‬ ‫وكان صلى ال لعليه وسلم ل يقف لعليه الذباب قط‪ ،‬وكان‬ ‫وسلم لعرقه أشد بهاءاً ولعطراً من رائحة المسك‪ ،‬وكان صلى ال لعليه وسلم فى‬ ‫كل أحواله أحواٌل بشرية جملتها الذات الربانية‪ ،‬فكان صلى ال لعليه وسلم‬ ‫ي {]‬ ‫كما قال فيه موله‪ } :‬قُْل إِنَّم اا أَ​َنا بَ َ‬ ‫ش ٌرا ّمثاْلُ​ُك ْما ُيوَح ىا إِلَ ّ‬

‫صلى ال لعليه‬

‫‪ 73‬البيان والتعريف لعن أبى بكر رضى ال لعنه‪.‬‬ ‫‪ 74‬الترغيا ب والترهيا ب‪ ،‬صحيح ابن خزيمة لعن أبى هريرة رضَي اللّهُ لعنُه‪.‬‬

‫العارف بال الشيخ فوزى محمد أبوزميد‬

‫الكتاب الحادى والستون‬


‫الســـــــــراج المـنير‬

‫الفصل الخامس‪ :‬وصف رسول ا ( ‪)105‬‬

‫‪110‬الكهف[‪.‬‬

‫أوصافه المعنومية‬ ‫أما صورته المعنوية فهى أوصافه الربانية التى اتصف بها نحو الرحمة‪،‬‬ ‫الشفقة‪ ،‬العطف‪ ،‬السماح‪ ،‬المودة‪ ،‬اللين‪ .‬هذه الصورة لما َتخّلق بها‬ ‫أصحابه أشرقت أنوارها لعلى قلوب الخلق‪ ،‬فدخل الناس فى دين ال‬ ‫أفواجا!! ما الذى نشر السلم فى أرجاء الدنيا ياإخوانى؟‬ ‫‬‫‪-‬‬

‫أخلق النبى الكريم لعليه أفضل الصلة وأتم السلم‪.‬‬ ‫وأخلق القرآن التى كان لعليها أهل القرآن الذين تشبهوا بالنبى‬ ‫العدنان صلى ال لعليه وسلم فأصبحت أخلق نبّيهم وقرآنهم مطبولعة‬ ‫لعلى وجوههم‪ ،‬ومقروءة من أفعالهم‪ ،‬من قبل أن تنطقها‬ ‫ألسنتهم‪.‬‬

‫ت في‬ ‫طْف ُ‬ ‫ل ا ‪َ ،‬لَقْد كِ‬ ‫سو َ‬ ‫يقول سيدنا أبو بك اار رضااى الا ا لعن ااه ‪َ }:‬يا َر ُ‬ ‫مـ ْ‬ ‫ن‬ ‫ك َف َ‬ ‫ح كِمْن ـ َ‬ ‫ص َ‬ ‫ت أ َْف َ‬ ‫ع ُ‬ ‫م ْ‬ ‫س كِ‬ ‫ما َ‬ ‫م ‪َ ،‬ف َ‬ ‫ه ْ‬ ‫ء ُ‬ ‫حا َ‬ ‫ص َ‬ ‫ت ُف َ‬ ‫ع ُ‬ ‫م ْ‬ ‫س كِ‬ ‫بو َ‬ ‫عَر كِ‬ ‫ال َ‬

‫عب ٍد { وتعجا ب ماان‬ ‫س ْ‬ ‫ت كِفي َبكِني َ‬ ‫شْأ ُ‬ ‫ك ؟ قال ‪ :‬أ َّدَبكِني َررِّبـي ‪َ ،‬وَن َ‬ ‫أ َّدَب َ‬ ‫‪75‬‬

‫ذلااك لعل اٌى ولعماار رضاى ال ا لعنهمااا‪ ،‬فسااأله لعل اٌى يوما اً بعااد لقااائه بوفاد بنااى‬ ‫حد وإّنك‬ ‫ي ا نحنُ بنو أب واحد ونشأنا في َبلد وا كِ‬ ‫نهد‪} :‬يا نب ّ‬ ‫ن اــ اّدبنــي‬ ‫ب بلسان ما نفَهم أكــثره ؟ ! فقــال إ ّ‬ ‫لتكرِّلم العر َ‬ ‫‪َ 75‬أخرجا ه اباان لعساااكر ماان طرياق محّم ا دا باان لعبااد الّرحماان الّزهااري لعاان أب اايه لعاان جااّد ‪،‬ها الاادرر المنتااثرة‪ ،‬وأخاارج َثااابت‬ ‫السرقسطي في الدلئل بسند واه أن رجل من بناي ساليم قاال للنابي صالى الا لعليااه وسلم‪ :‬ياا رسول الا أيُاداِلك الرج ُل امرأتَاه‬ ‫قال نعم إذا كان ملفحا‪ ،‬فقال أبو بكر ‪ :‬يا رسول ال‪ ،‬ما قاال لاك وما قلاات لاه قااال‪ :‬قاال لاي أيماطاال الرجل امرأتاه قلات‬ ‫نعم‪ ،‬إذا كان مفلسا‪ .‬قال فقال أبو بكر رضَي اللّهُ لعنهُ‪ :‬ما رأيت أفصح منك فمن أدبك يا رسول ال قال أدبني ربي ونشأت‬ ‫في بني سعد‪.‬‬

‫العارف بال الشيخ فوزى محمد أبوزميد‬

‫الكتاب الحادى والستون‬


‫( ‪ )106‬الســـــــــراج المـنير‬

‫الفصل الخامس‪ :‬وصف رسول ا‬

‫فأحسن تأديبي ‪ ،‬ونشأت في بني سعيد بن بكر{ }فقال لــه‬ ‫‪76‬‬

‫عمر ‪ :‬يا رســول اـ كلهــا مــن العــرب فمــا بالــك أفصــحنا ؟‬ ‫فقال ‪ :‬أتــاني جبريــل بلغــة اســماعيل وغيرهــا مــن اللغــات‬

‫فعّلمني إياها{ ‪ ،‬واخيااراً الروايااة المعروفة والمشااهورة‪ ،‬أجاااب‬ ‫‪77‬‬

‫صاالى ال ا‬

‫كــاكِرمكِ‬ ‫م َ‬ ‫م أمَ​َرنــى ب َ‬ ‫ن َتـْأكِديكِبي ثـ ّ‬ ‫س َ‬ ‫ح َ‬ ‫لعلي ا ااه وسا االم‪ } :‬أ َّدَبكِني َربي َفَأ ْ‬

‫خالق{‬ ‫ال ْ‬

‫‪78‬‬

‫أّدبه رّبه لعّز وجّل لعلى الخلق الكاملة ؛ ففى مضمار العبادة ل‬ ‫يستطيع أحد من كان لعلى مدار الزمان والمكان أن يقوم بما كان يقوم به‬ ‫صلى ال لعليه وسلم من العبادات‪ ،‬فكان يقوم الليل حتى تتورم أقدامه‪ ،‬وكان‬ ‫يصوم صيام الوصال ويقول‪ } :‬إني أظل عند ربي فيطعمني‬

‫ويسقيني{‬

‫‪79‬‬

‫وهنا لطيفة لعارضة‪ :‬تلك الرواية التى يصححها الئمة وهى أنه كان‬ ‫يضع الحجر لعلى بطنه!!‪ ،‬كيف يضع الحجر لعلى بطنه وهو يبيت لعند رّبه‬ ‫فيطعمه ويسقيه؟!! لكنه حدث تحريف للرواية – قبل أن يستعمل تشكيل‬ ‫الحروف‪ -‬حيث كان صلى ال لعليه وسلم يضع "الُح ُجاَزا "ا لعلى بطنه‪ ،‬أى‬ ‫الحزام المعروف‪ ،‬فحّرفوها وقالوا أنه كان يضع الحجر لعلى بطنه‪ ،‬فهل‬ ‫‪ 76‬المقاصد الحسنة للسخاوي ‪ ،‬قال العلماء‪ :‬وقوله نشأت فى بنى سعيد‪ ،‬هم يعرفون ذلك! ولكن ليؤكد للمة ماان بعادهم‬ ‫أنه صلى ال لعليه وسلم لم يطلا ب العلم أو الدب من أى مصدر ولم يجاالس المعّلميان ولم يأخاذ لعان المربيان وإنماا ذاك ماان‬ ‫ب العالمين‪.‬‬ ‫تعليم ر ّ‬ ‫‪ 77‬كتااب مارآة الزمان واخرجه العلماة شامس الادين يوسف بطارق كلهاا تادور لعلاى السادي لعان اباي لعماارة الحياواني لعان‬ ‫لعلي بن ابي طالا ب رضَي اللّهُ لعنهُ ‪ ،‬الللي المنثورة في الحاديث المشهورة‬ ‫س ْما َعاااِني في أَ​َد ِ‬ ‫با الْم لَاِء لعن ابن مسُعود رضي ال لعنه ‪ -‬جامع الحاديث والمراسيل‬ ‫‪ 78‬ابن ال ّ‬ ‫‪ 79‬مسند المام أحمد لعن أبى هريرة رضي ال لعنه‪.‬‬

‫العارف بال الشيخ فوزى محمد أبوزميد‬

‫الكتاب الحادى والستون‬


‫الســـــــــراج المـنير‬

‫الفصل الخامس‪ :‬وصف رسول ا ( ‪)107‬‬

‫كان صلى ال لعليه وسلم يجوع حتى يضع الحجر لعلى بطنه؟!! بل كان‬ ‫ال لعليه وسلم يبيت جائعاً ويصبح طالعمًا!!‬

‫صلى‬

‫وكان صلى ال لعليه وسلم ل يغفل لعن ذكر ال طرفة لعين‪ ،‬تنام لعينه‬ ‫وقلبه ل ينام! ومع ذلك وهذا هو الشاهد من حديثا هنا‪ ،‬مع أنه ل يجارى‬ ‫وليبارى فى لعبادته لموله‪ ،‬ولكن لعندما مدحه خالقه وباريه الذى يعلم‬ ‫بعبادته هذه ؛ لعندما مدحه بماذا مدحه؟ مدحه بالصورة المعنوية فقال‪:‬‬ ‫خ لُاٍق َلعِظ ياٍم { ]‪4‬القلم[‬ ‫} َو إِانّ َ‬ ‫ك لَ​َعلى ُ‬ ‫لم يقل ال له أنت )ذو ُخ لاق لعظيم ‪ ،(،‬أى‪ :‬صاحا ب ُخ لاق لعظيم‪،‬‬ ‫وإنما قال‪ ) :‬لَ​َعلى ‪ "(،‬أى ألعلى من الُخ لاق العظيم‪ ،‬انظر إلى شكل الُخ لاق‬ ‫العظيم لعند الناس فى كل هزمان هزمكان‪ ،‬فأنت ألعلى من هذا الُخ لاق‪ ،‬وفى‬ ‫ك لَ​َعلى ُخ لُاِق َلعِظ ياٍم { ]‪4‬القلم[‪ ،‬والعظيم هو‬ ‫القراءة القرآنية الثانية‪َ } :‬و إِانّ َ‬ ‫ال‪ ،‬فأنت لعلى ُخ لاِق ال العظيم جّل فى لعله‪.‬‬ ‫فكان صلى ال لعليه وسلم لعلى ُخ لاق ال! وهذا هو الوصف الذى‬ ‫وصفه به موله‪ ،‬ولذلك ما البُْش رايات التى ب ّ‬ ‫ش را ال بها السابقين فى التوراة‬ ‫والنجيل؟‬ ‫لعن لعطاء بن يسار قال‪ :‬لقيت لعبد ال بن لعمرو بن العاص فقلت‪:‬‬ ‫أخبرني لعن صفة رسول ال صلى ال لعليه وسلم في التوراة‪ ،‬فقال‪ :‬أجل‪:‬‬

‫العارف بال الشيخ فوزى محمد أبوزميد‬

‫الكتاب الحادى والستون‬


‫( ‪ )108‬الســـــــــراج المـنير‬

‫الفصل الخامس‪ :‬وصف رسول ا‬

‫} وا إنه لموصوف في التوراة ؟ بصفته في القرآن‪َ} :‬يا‬ ‫َأياَّه اا النّبِّي إِّنا أَْرَس ْلاَناَك َش ااِه ًداااَوُمابَ ّ‬ ‫ش ًرااَو ناَِذ ياًرا { وحرزا للميين ‪ ،‬أنت عبد ي‬

‫خاب في‬ ‫ظ وال غليظ وال ص ّ‬ ‫ورسولي ‪ ،‬سميتك المتوكل ـ ليس بف سا ّ‬ ‫السواق ـ وال يدفع السيئة بالسيئة ‪ ،‬ولكن يعفو ويغفر ‪ ،‬ولن‬

‫يقبضه ا حتى يقيم به المّلة العوجاء بأن يقولوا ‪ :‬ال إله إال ا ‪،‬‬ ‫‪80‬‬

‫فيفتح بها أعينا عميا ‪ ،‬وآذانا صما ‪ ،‬وقلوبا غلفا {‬

‫إذاً كان وصف رسول ال صلى ال لعليه وسلم كما قال فى سر بعثته‪:‬‬ ‫‪81‬‬

‫} إنما بعثت لتمم مكارم الخالق {‬

‫فكان صاحا ب مكارم الخلق العالية‪ ،‬ولذلك أراد أحد أحبار اليهود‬ ‫واسمه هزيد بن سعنة أن يمتحن النبى صلى ال لعليه وسلم‪ ،‬فذها ب إليه كما‬ ‫تحكى الرواية‪ ،‬فعن لعبُد ال بُن َس لام قال‪:‬‬

‫ل زَْيـدُ‬ ‫عَنَة ‪َ ،‬قا َ‬ ‫س ْ‬ ‫ن َ‬ ‫هَدى َزْيكِد ْب كِ‬ ‫ما أ َ​َراَد ُ‬ ‫ن الّلُه تاَباَرَك وتاَ​َعاَلى ل ّ‬ ‫}إ ّ‬ ‫عَرْفُتَهــا‬ ‫ء إال َوَقـْد َ‬ ‫ي ‪ٌ.‬‬ ‫شـ ْ‬ ‫ة َ‬ ‫ت الُّنُبّو كِ‬ ‫عالَما كِ‬ ‫ن َ‬ ‫ق كِم ْ‬ ‫م َيْب َ‬ ‫عَنَة ‪ :‬إّنُه َل ْ‬ ‫س ْ‬ ‫ن َ‬ ‫ْب ُ‬ ‫همَــا كِمْنـُه ‪:‬‬ ‫خُبْر ُ‬ ‫م أَ ْ‬ ‫ن َلـ ْ‬ ‫ت إَلْيـكِه؛ إال اْثَنَتْيـ كِ‬ ‫ظـْر ُ‬ ‫حين َن َ‬ ‫مب ٍد كِ‬ ‫جكِه ُمح ّ‬ ‫في َو ْ‬ ‫كْنـتُ‬ ‫حْلمــا ‪َ ،‬ف ُ‬ ‫عَلْيـكِه إال كِ‬ ‫جْهلكِ َ‬ ‫ة ال َ‬ ‫شّد ُ‬ ‫جْهَلُه ‪َ ،‬وال َيكِزْيُده كِ‬ ‫مُه َ‬ ‫حْل ُ‬ ‫ق كِ‬ ‫سكِب ُ‬ ‫َي ْ‬ ‫ســو ُ‬ ‫ل‬ ‫ج َر ُ‬ ‫خَر َ‬ ‫ل ‪َ :‬ف َ‬ ‫جْهَلُه ‪َ ،‬قا َ‬ ‫مُه َو َ‬ ‫حْل َ‬ ‫ف كِ‬ ‫عكِر َ‬ ‫طُه َفَأ ْ‬ ‫خاكِل َ‬ ‫ن أُ َ‬ ‫ف َلُه ل ْ‬ ‫ط ُ‬ ‫أ َ​َتَل ّ‬ ‫عَلــى‬ ‫ل َ‬ ‫جـ ‪ٌ.‬‬ ‫ه َر ُ‬ ‫ب ‪َ ،‬فَأتــا ُ‬ ‫طاكِل ب ٍ‬ ‫ن أبي َ‬ ‫ي ْب ُ‬ ‫عل ُّ‬ ‫عُه َ‬ ‫ت ‪َ ،‬وَم َ‬ ‫جَرا كِ‬ ‫ح ُ‬ ‫ن ال ُ‬ ‫الّلكِه كِم َ‬ ‫‪ 80‬مسند المام أحمد‬ ‫‪ 81‬مسند المام أحمد لعن أبى هريرة ‪‬‬

‫العارف بال الشيخ فوزى محمد أبوزميد‬

‫الكتاب الحادى والستون‬


‫الســـــــــراج المـنير‬

‫الفصل الخامس‪ :‬وصف رسول ا ( ‪)109‬‬

‫موا‬ ‫سَل ُ‬ ‫ن َقْد أ َ ْ‬ ‫ل ا ‪َ ،‬قْرَيُة َبكِني ُفال ب ٍ‬ ‫سو َ‬ ‫ ي ‪ ،‬فقال ‪ :‬يا َر ُ‬ ‫حَلكِتكِه كالَبَدكِو رِّ‬ ‫َرا كِ‬ ‫ه ُ‬ ‫م‬ ‫موا أ َ​َتــا ُ‬ ‫سـَل ُ‬ ‫ن أَ ْ‬ ‫مإ ْ‬ ‫م أ َّنُهـ ْ‬ ‫خَبْرُتُهـ ْ‬ ‫ت أَ ْ‬ ‫م ‪َ ،‬وُكْنـ ُ‬ ‫ســال كِ‬ ‫خُلوا فــي الكِ ْ‬ ‫َوَد َ‬ ‫شى َيا‬ ‫خ َ‬ ‫ث ‪َ ،‬وأ َ​َنا أ َ ْ‬ ‫غْي كِ‬ ‫ط كِمنَ ال َ‬ ‫ح ‪ٌ.‬‬ ‫ة َوَق ْ‬ ‫شّد ‪ٌ.‬‬ ‫غدا ‪َ ،‬وَقْد أصابهم كِ‬ ‫ق َر َ‬ ‫الرِّرْز ُ‬ ‫معا ‪،‬‬ ‫ط َ‬ ‫خُلوا كِفيكِه َ‬ ‫معا كما َد َ‬ ‫ط َ‬ ‫م َ‬ ‫سال كِ‬ ‫ن الكِ ْ‬ ‫جوا كِم َ‬ ‫خُر ُ‬ ‫ن َي ْ‬ ‫سولَ الّلكِه أ َ ْ‬ ‫َر ُ‬ ‫ت‪.‬‬ ‫عْل َ‬ ‫م كِبكِه َف َ‬ ‫غيُثُه ْ‬ ‫ن ُي كِ‬ ‫م َم ْ‬ ‫ل إَلْيكِه ْ‬ ‫س َ‬ ‫ن ُتْر كِ‬ ‫ت أَ ْ‬ ‫ن َرأ َْي َ‬ ‫َفكِنإ ْ‬ ‫مـَر ‪،‬‬ ‫ع َ‬ ‫ه ُ‬ ‫جــاكِنكِبكِه ‪ ،‬أ َُرا ُ‬ ‫جـلب ٍ إلــى َ‬ ‫ل الّلكِه إلى َر ُ‬ ‫سو ُ‬ ‫ظَر َر ُ‬ ‫ل ‪َ :‬فَن َ‬ ‫قا َ‬ ‫عَنَة ‪:‬‬ ‫سـ ْ‬ ‫ن َ‬ ‫ل َزْيـُد ْبـ ُ‬ ‫ل الّلـكِه ‪ ،‬قــا َ‬ ‫ســو َ‬ ‫ء َيــا َر ُ‬ ‫ي ‪ٌ.‬‬ ‫ش ْ‬ ‫ي كِمْنُه َ‬ ‫ل ‪َ :‬ما َبكِق َ‬ ‫َفَقا َ‬ ‫عُلومــا‬ ‫مرا َم ْ‬ ‫عكِني َت ْ‬ ‫ن َتكِبي َ‬ ‫ك أَ ْ‬ ‫ل َل َ‬ ‫ه ْ‬ ‫مُد ‪َ ،‬‬ ‫ت َلُه ‪َ :‬يا ُمح ّ‬ ‫ت إَلْيكِه ‪َ ،‬فُقْل ُ‬ ‫َفَدَنْو ُ‬ ‫ ي ‪،‬‬ ‫ل ‪» :‬ال ‪َ ،‬يــا َيُهــوكِد ُّ‬ ‫جلكِ َكَذا َوَكَذا ؟ َفَقــا َ‬ ‫ن إلى أ َ كِ‬ ‫ط َبكِني ُفال ب ٍ‬ ‫حاكِئ كِ‬ ‫ن َ‬ ‫كِم ْ‬ ‫حــاكِئ َ‬ ‫ط‬ ‫مي َ‬ ‫س ـ رِّ‬ ‫ل َكَذا َوَك ـَذا ‪َ ،‬وال أ ُ َ‬ ‫ج كِ‬ ‫عُلوما إلى أ َ َ‬ ‫مرا َم ْ‬ ‫ك َت ْ‬ ‫ع َ‬ ‫ن َأبي ُ‬ ‫ك ْ‬ ‫َول كِ‬ ‫طْيُتهُ‬ ‫ع َ‬ ‫همَ​َيــاكِني ‪َ ،‬فـَأ ْ‬ ‫ت كِ‬ ‫طَلْق ُ‬ ‫عكِني ‪َ ،‬فـَأ ْ‬ ‫م ‪َ ،‬فَبــاَي َ‬ ‫عـ ْ‬ ‫ت ‪َ :‬ن َ‬ ‫ن‪ُ ، «،‬قْل ُ‬ ‫َبكِني ُفَال ب ٍ‬ ‫ل ‪:‬‬ ‫جلكِ َكَذا َوَكذا ‪ ،‬قا َ‬ ‫م إلى أ َ َ‬ ‫عُلو ب ٍ‬ ‫مب ٍر َم ْ‬ ‫ب في َت ْ‬ ‫ه ب ٍ‬ ‫ن َذ َ‬ ‫ن كِمْثَقاال كِم ْ‬ ‫ماكِني َ‬ ‫َث َ‬ ‫ل َزْيُد بنُ‬ ‫م كِبَها‪ «،‬قا َ‬ ‫غْثُه ْ‬ ‫م َوأ َ كِ‬ ‫عَلْيكِه ْ‬ ‫ل َ‬ ‫ج ْ‬ ‫ع َ‬ ‫ل ‪ ،‬وقال ‪» :‬ا ْ‬ ‫ج َ‬ ‫ها الّر ُ‬ ‫طا َ‬ ‫ع َ‬ ‫َفَأ ْ‬ ‫ســو ُ‬ ‫ل‬ ‫ج َر ُ‬ ‫خــَر َ‬ ‫ن أ َْو َثالَثب ٍة ‪َ ،‬‬ ‫جلكِ كِبَيْوَمْي كِ‬ ‫حلرِّ ال َ‬ ‫ل َم َ‬ ‫ن َقْب َ‬ ‫ما َكا َ‬ ‫عَنَة ‪َ :‬فَل ّ‬ ‫س ْ‬ ‫َ‬ ‫ن ‪،‬‬ ‫مــا ُ‬ ‫عْث َ‬ ‫عمَُر ‪َ ،‬و ُ‬ ‫كب ٍر ‪َ ،‬و ُ‬ ‫عُه أ َُبو َب ْ‬ ‫صاكِر َوَم َ‬ ‫ل كِمنَ الْن َ‬ ‫ج ب ٍ‬ ‫ة َر ُ‬ ‫جَناَز كِ‬ ‫الّلكِه في كِ‬ ‫جــداب ٍر ‪،‬‬ ‫ن كِ‬ ‫ة ‪َ ،‬دَنــا كِمـ ْ‬ ‫جَنــاَز كِ‬ ‫عَلــى ال كِ‬ ‫صـّلى َ‬ ‫مــا َ‬ ‫حاكِبكِه ‪َ ،‬فَل ّ‬ ‫صـ َ‬ ‫ن أَ ْ‬ ‫وَنَف ‪ٌ.‬ر كِمـ ْ‬ ‫ظ ‪،‬‬ ‫غليــ ب ٍ‬ ‫جب ٍه َ‬ ‫ت إَليْكِه كِب ـَو ْ‬ ‫ظْر ُ‬ ‫صكِه ‪َ ،‬وَن َ‬ ‫مي كِ‬ ‫ع َق كِ‬ ‫جاكِم كِ‬ ‫ت كِبمَ َ‬ ‫خْذ ُ‬ ‫س إَلْيكِه ‪َ ،‬فَأ َ‬ ‫جَل َ‬ ‫َف َ‬ ‫عْبدكِ‬ ‫كم َبكِني َ‬ ‫عكِلمُْت ُ‬ ‫حرِّقي ؟ َفَوالّلكِه َما َ‬ ‫مُد َ‬ ‫ضيكِني َيا ُمح ّ‬ ‫ت ‪ :‬أال َتْق كِ‬ ‫م ُقْل ُ‬ ‫ُث ّ‬ ‫م‪.‬‬ ‫عْل ‪ٌ.‬‬ ‫م كِ‬ ‫ك ْ‬ ‫طكِت ُ‬ ‫خاَل َ‬ ‫م َ‬ ‫ن لي كِب ُ‬ ‫ل ‪َ ،‬وَلَقْد َكا َ‬ ‫ط ب ٍ‬ ‫م ْ‬ ‫ب كِب ُ‬ ‫طكِل كِ‬ ‫م ّ‬ ‫ال ُ‬

‫العارف بال الشيخ فوزى محمد أبوزميد‬

‫الكتاب الحادى والستون‬


‫( ‪ )110‬الســـــــــراج المـنير‬

‫الفصل الخامس‪ :‬وصف رسول ا‬

‫ن فــي‬ ‫ه َتــُدوَرا كِ‬ ‫عْيَنــا ُ‬ ‫ب َو َ‬ ‫طا كِ‬ ‫خ ّ‬ ‫ن ال َ‬ ‫مَر ب كِ‬ ‫ع َ‬ ‫ت إلى ُ‬ ‫ظْر ُ‬ ‫ل ‪َ :‬وَن َ‬ ‫قا َ‬ ‫عــُدّو الّلــكِه ‪،‬‬ ‫ ي َ‬ ‫ل ‪ :‬أ ْ‬ ‫ه ‪ ،‬وقا َ‬ ‫صكِر كِ‬ ‫م َرَماكِني كِبَب َ‬ ‫مسَتكِدير ‪ُ ،‬ث ّ‬ ‫ك ال ُ‬ ‫جكِهكِه كالَفل كِ‬ ‫َو ْ‬ ‫ل كِبـكِه َمـا أ َ​َرى ؟ َفَواّلـكِذ ي َبعَ​َثـُه‬ ‫ع ُ‬ ‫ع ‪َ ،‬وَتْف َ‬ ‫م ُ‬ ‫س َ‬ ‫ل الّلكِه ما أ َ ْ‬ ‫سو كِ‬ ‫ل لَر ُ‬ ‫أ َ​َتُقو ُ‬ ‫ســولُ‬ ‫ك ‪َ ،‬وَر ُ‬ ‫عُنَقـ َ‬ ‫سْيكِفي هـَذا ُ‬ ‫ت كِب َ‬ ‫ضَرْب ُ‬ ‫حاكِذُر َفْوَتُه َل َ‬ ‫ق َلْوال َما أ ُ َ‬ ‫ح رِّ‬ ‫باْل َ‬ ‫ح ـَو َ‬ ‫ج‬ ‫ل ‪» :‬إّنــا ُكّنــا أ َ ْ‬ ‫م قــا َ‬ ‫ة ‪ُ ،‬ث ّ‬ ‫ن وُتَؤَد ب ٍ‬ ‫كو ب ٍ‬ ‫مَر في س ُ‬ ‫ع َ‬ ‫ظُر إلى ُ‬ ‫الّلكِه َيْن ُ‬ ‫ء ‪َ ،‬وَت ـْأُمَرهُ‬ ‫ن الَدا كِ‬ ‫س ـ كِ‬ ‫ح ْ‬ ‫ن َت ـْأُمَركِني كِب ُ‬ ‫م ـُر ‪ ،‬أ َ ْ‬ ‫ع َ‬ ‫ك َيــا ُ‬ ‫غْيكِر هَذا كِمْن ـ َ‬ ‫إلى َ‬ ‫ش ـكِرينَ‬ ‫ع ْ‬ ‫ه كِ‬ ‫حّق ـُه ‪َ ،‬وكِزْد ُ‬ ‫ض ـكِه َ‬ ‫م ـُر ‪ ،‬فاْق كِ‬ ‫ع َ‬ ‫ب كِبكِه يا ُ‬ ‫ه ْ‬ ‫عكِة ‪ ،‬اْذ َ‬ ‫ن الرِّتَبا َ‬ ‫س كِ‬ ‫ح ْ‬ ‫كِب ُ‬ ‫م ـُر ‪،‬‬ ‫ع َ‬ ‫ب كِبــي ُ‬ ‫ه َ‬ ‫ل َزْي ـ ‪ٌ.‬د ‪َ :‬ف ـذَ َ‬ ‫عَت ـُه‪َ «،‬قــا َ‬ ‫ن َمــا ُر ْ‬ ‫ه َمكا َ‬ ‫غْيكِر كِ‬ ‫ن َ‬ ‫صاعا كِم ْ‬ ‫ت ‪ :‬ما هــكِذهكِ‬ ‫مب ٍر ‪َ ،‬فُقْل ُ‬ ‫صاعا كِمنْ َت ْ‬ ‫شكِرينَ َ‬ ‫ع ْ‬ ‫حرِّقي ‪َ ،‬وَزاَدكِني كِ‬ ‫ضاكِني َ‬ ‫َفَق َ‬ ‫ك‪.‬‬ ‫عُت َ‬ ‫ن ما ُر ْ‬ ‫ك َمكا َ‬ ‫ن أكِزيَد َ‬ ‫ل الّلكِه أ ْ‬ ‫سو ُ‬ ‫ل ‪ :‬أ َ​َمركِني َر ُ‬ ‫ة ؟ َقا َ‬ ‫الرِّزياَد كِ‬ ‫ت ‪ :‬أ َ​َنا َزْيدُ‬ ‫ت ؟ ُقْل ُ‬ ‫ن أ َْن َ‬ ‫م ْ‬ ‫ل ‪ :‬ال‪َ .‬ف َ‬ ‫مُر ؟ َقا َ‬ ‫ع َ‬ ‫عكِرُفكِني َيا ُ‬ ‫ت ‪ :‬أ َ​َت ْ‬ ‫َفُقْل ُ‬ ‫ل ‪َ :‬فمَــا َدعــاكَ أ َ ْ‬ ‫ن‬ ‫حْبُر ‪َ ،‬قــا َ‬ ‫م ‪ ،‬ال َ‬ ‫ع ْ‬ ‫ت ‪َ :‬ن َ‬ ‫حْبُر ؟ ُقْل ُ‬ ‫ل ‪ :‬ال َ‬ ‫عَنة ‪َ .‬قا َ‬ ‫س ْ‬ ‫ن َ‬ ‫ْب ُ‬ ‫مـُر ‪،‬‬ ‫ع َ‬ ‫ت ‪ :‬يـا ُ‬ ‫ت‪ .‬فُقْلـ ُ‬ ‫عْلـ َ‬ ‫علَ كِبكِه َما َف َ‬ ‫ت وَتْف َ‬ ‫سولكِ الّلكِه ما ُقْل َ‬ ‫َتُقولَ كِلَر ُ‬ ‫ظ ـْرتُ‬ ‫ن َن َ‬ ‫حيـ َ‬ ‫ل اللّ ـكِه كِ‬ ‫جكِه َرسو كِ‬ ‫عَرْفُتَها في َو ْ‬ ‫ة َقْد َ‬ ‫ت الُّنُبّو كِ‬ ‫عالَما كِ‬ ‫ل َ‬ ‫ك ُّ‬ ‫جْهَل ـُه ‪َ ،‬وال َيكِزي ـُد ُ‬ ‫ه‬ ‫م ـُه َ‬ ‫حْل ُ‬ ‫ق كِ‬ ‫س ـكِب ُ‬ ‫ما كِمْن ـُه ‪َ :‬ي ْ‬ ‫خَتكِبْرهُ َ‬ ‫م أَ ْ‬ ‫ن َل ْ‬ ‫إَلْيكِه إال اْثَنَتْي كِ‬ ‫مُر أ َرِّنــي‬ ‫ع َ‬ ‫ك َيا ُ‬ ‫شكِهدُ َ‬ ‫ما ‪َ ،‬فُأ ْ‬ ‫خَتَبْرُتُه َ‬ ‫حْلما ‪َ ،‬فَقد ا ْ‬ ‫عَلْيكِه إال كِ‬ ‫ل َ‬ ‫جْه كِ‬ ‫ة ال َ‬ ‫شّد ُ‬ ‫كِ‬ ‫كأ ّ‬ ‫ن‬ ‫ش ـكِهُد َ‬ ‫م ـب ٍد َنكِبيهّــا ‪َ ،‬وأ ُ ْ‬ ‫مح ّ‬ ‫م كِدينــا ‪َ ،‬وكِب ُ‬ ‫لسال كِ‬ ‫قد َرضي ُ‬ ‫ت بالّلكِه َرهّبا ‪ ،‬وبا كِ‬ ‫مب ٍد {‬ ‫صَدَق ‪ٌ.‬ة على أ ُّمكِة ُمح ّ‬ ‫ها َماال ‪َ -‬‬ ‫طَر َمالي ‪َ -‬فكِنإرِّني أ َْكَثُر َ‬ ‫ش ْ‬ ‫َ‬

‫‪82‬‬

‫‪ 82‬صحيح بن حبان‬

‫العارف بال الشيخ فوزى محمد أبوزميد‬

‫الكتاب الحادى والستون‬


‫الســـــــــراج المـنير‬

‫الفصل الخامس‪ :‬وصف رسول ا ( ‪)111‬‬

‫السوة الحسنة‬ ‫ما أحوج المة جميعها إلى أخلق رسول ال الن‪ ،‬لو لعملنا يا‬ ‫جمالعة المؤمنين بقول الرحمن لنا‪ } :‬لَ​َق ْدا َك ااَن لَُك ْما في َرُس واِل اللِّه أُْس َواةٌا‬ ‫ج وا اللَّه َو ااْلياَْو َما اْل ِخ ااَرَاو ذَاَك َرا اللَّه َك ثِايًرا { ]‪21‬الحزاب[‬ ‫َح َسانَاةٌ لَّم نا َك ااَن ياَْر ُ‬ ‫لو تأسينا برسول ال فى‪:‬‬ ‫ لغة الخطاب‪.‬‬‫ وفى لغة التعامل فى المنزل مع الزوجة والولد‪.‬‬‫ وفى لغة التعامل مع الجيران‪.‬‬‫ وفى البيع والشراء فى السواق‪.‬‬‫ وفى لغة التعامل حتى مع اللعداء‪.‬‬‫لن يكون بين المسلمين مشكلة واحدة‪ ،‬ل فى منزل‪ ،‬ول مجتمع‪،‬‬ ‫ول لعمل‪ ،‬ول فى سوق‪ ،‬لنه لن ينهى هذه المشاكل إل الخلق النورانية‬ ‫التى كان لعليها خير البرية صلى ال لعليه وسلم‪.‬‬ ‫ولذلك لما تولى سيدنا أبو بكر الخلفة َلعيَّن قاضياً للمسلمين وهو‬ ‫سيدنا لعمر – قاضياً واحداً لكل المسلمين فى دائرة واحدة!! ومجلس‬ ‫القضاء فى مسجد رسول ال‪ ،‬وليس معه كتبة ول محامين‪ ،‬ول جهاهز من‬ ‫أجهزة القضاء الموجودة الن! وكان الراتا ب ُيدفع من بيت المال فى كل‬ ‫لعام مرة‪ ،‬وبعد لعام أراد أبوبكر أن يدفع الراتا ب للقاضى لعمر‪ ،‬فقال له‪ :‬أنا‬ ‫العارف بال الشيخ فوزى محمد أبوزميد‬

‫الكتاب الحادى والستون‬


‫( ‪ )112‬الســـــــــراج المـنير‬

‫الفصل الخامس‪ :‬وصف رسول ا‬

‫ل أستحقه لنه لم ُتعرض لعلّى قضية واحدة طوال العام‪ ،‬فقال له كيف؟!‬ ‫قال‪ ) :‬إن قوما آمنوا بر رِّبهم ‪ ،‬واتبعوا نب ّيهم ‪ ،‬وجعلوا‬ ‫حكما بينهم ‪ ،‬ال يحتاجون إلى قا ضب ٍ‬ ‫كتاب ا َ‬ ‫بينهم(‪.‬‬

‫ث قصير من أحاديث البشير النذير صلى ال لعليه وسلم‬ ‫وهنا يأتى حدي ٌ‬

‫لو لعملنا به لُح لات كل مشاكلنا لعلى مدار أى مكان أو هزمان‪ ،‬قال‬ ‫لعليه وسلم‪:‬‬

‫صلى ال‬

‫سكِه {‬ ‫ب كِلَنْف كِ‬ ‫ح ُّ‬ ‫خيه ما ُي كِ‬ ‫ب ل كِ كِ‬ ‫ح ّ‬ ‫م حتى ُي كِ‬ ‫ن َأحُدُك ْ‬ ‫} ال ُيْؤكِم ُ‬

‫‪83‬‬

‫لو طبق المسلمون هذا فإنه لن يحدث بينهم مشكلة!‪ ،‬لنى لن‬ ‫أرضى لجارى إلّ ما أرتضيه لنفسى‪ ،‬ولن أرضاه لزميلى فى العمل‪ ،‬ولن‬ ‫أرضاه للتاجر فى السوق‪ ،‬ولن أرضاه لى أحد من المسلمين‪.‬‬ ‫وهذا هو أساس السلم وهو التأسى برسول ال صلى ال لعليه وسلم‪ ،‬والتخلق‬ ‫بأخلقه‪ ،‬فليس التأسى به فى ظاهر العبادات وفقط‪ ،‬أو فى الشكليات!!‬ ‫م الّنَهاَر ‪،‬‬ ‫صو ُ‬ ‫ن ُفال َ​َنَي ًة َت ُ‬ ‫ل الّلكِه إ كِ ّ‬ ‫سو َ‬ ‫} َقاُلوا ‪َ :‬يا َر ُ‬ ‫هيَ كِفي‬ ‫ل ‪ :‬كِ‬ ‫جيَراَنَها ‪َ ،‬قا َ‬ ‫ل َوُتْؤكِذ ي كِ‬ ‫م الّلْي َ‬ ‫َوَتُقو ُ‬ ‫‪84‬‬

‫الّناكِر {‬

‫مع صلتها وصيامها هى فى النار!! كيف؟ نعم! لن العبادة أدخلتها‬ ‫‪ 83‬الصحيحين البخارى ومسلم لعن أنس رضَي اللّهُ لعنُه‪.‬‬ ‫‪84‬‬ ‫ِ‬ ‫ص لاي‬ ‫)ابن النّ​ّج اار ‪] .(،‬جامع الحاديث والمراسيل[ لعن َأبي ُه رايرَة ‪ ‬وتكملااة الحاديث‪ } :‬قَاااُلوا‪ :‬يَاا َرُسا واَل اللّاه إِّن فُلَنَاةً تُ َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫صّد ُقا بالَ​َثاَْو ااِر م َنا الُقْط ‪ ،‬ا َولَ تاُْؤ ذايا ج ياَراناَ​َه اا‪َ ،‬قاَل ‪ :‬ا ه َيا في الَْج نّاة{‬ ‫الَم ْكاتُااوبَ​َة‪َ ،‬و تَا ّ‬

‫العارف بال الشيخ فوزى محمد أبوزميد‬

‫الكتاب الحادى والستون‬


‫الســـــــــراج المـنير‬

‫الفصل الخامس‪ :‬وصف رسول ا ( ‪)113‬‬

‫من الباب وأخرجها أذاها لجيرانها من الباب الخر إلى النار‪ ،‬أما باب‬ ‫العبادة اللعظم الذى يحفظ معه العبد من النار ويرقيه العزيز الغفار‪.‬هو‪} :‬‬ ‫صَلا ةَ ات اَاناَْه ىا َلعِن الَْف ْحا َشاااء َواالُْم ناَك ِرا{ ]‪45‬العنكبوت[‪ ،‬إذا لم تنه‬ ‫إِّن ال ّ‬ ‫الصلة لعن الفحشاء والمنكر فتكون كما قال الحبيا ب صلى ال لعليه وسلم‪:‬‬

‫نا‬ ‫م َيْزَدْد كِم َ‬ ‫ككِر َل ْ‬ ‫مْن َ‬ ‫ء وال ُ‬ ‫شا كِ‬ ‫ح َ‬ ‫ن الَف ْ‬ ‫صالُتُه عَ كِ‬ ‫م َتْنَهُه َ‬ ‫ن َل ْ‬ ‫} َم ْ‬ ‫عدا { ‪.‬‬ ‫إ كِال ّ ُب ْ‬ ‫‪85‬‬

‫فديننا ليس دين لعبادات ظاهرة أو شكليات فقط‪ ،‬وإنما العبادات‬ ‫مع الخلق مع المعاملت لبد منهم جميعًا‪ ،‬لن ديننا دين الكمال‪ ،‬فل‬ ‫يجا ب أن نأخذ جانباً ونترك بقية الجوانا ب‪ ،‬بل نأخذ كل الجوانا ب حتى‬ ‫نكون متبعين لرسول ال صلى ال لعليه وسلم‪ ،‬وسائرين لعلى هداه‪.‬‬ ‫وألعظم َثمار العبادات الخلق الكريمة !!فإذا لم تؤِد العبادات إلى‬ ‫الخلق الكريمة فهى ليست مقبولة لعند ال لعّز وجّل‪ ،‬لنه لو ُقبلت‬ ‫العبادات لتغيرت العادات والخلق والمعاملت وصارت تبعا لكتاب ال‬ ‫وسنة حبيا ب ال ومصطفاه‪.‬‬

‫وصلى ال لعلى سيدنا محمد ولعلى آله وصحبه وسلم‪.‬‬

‫‪ 85‬رواه الطبراني في الكبير‬

‫العارف بال الشيخ فوزى محمد أبوزميد‬

‫الكتاب الحادى والستون‬


‫( ‪ )114‬الســـــــــراج المـنير‬

‫الفصل السادس‪ :‬فى رحاب الحبيُب‬

‫الفصل السادس‬

‫فى رحاب الحبيُب‬ ‫صلى ال عليه وسلم‬

‫ حُب المقربي ن‬‫ دلئل الحبة‬‫ مقامات الولمية العظمى‬‫ المتابعة الرافعة‬‫ جمال العبودمية‬‫العارف بال الشيخ فوزى محمد أبوزميد‬

‫الكتاب الحادى والستون‬


‫الســـــــــراج المـنير‬

‫‪h‬‬

‫الفصل السادس‪ :‬فى رحاب الحبيُب ( ‪)115‬‬

‫فى رحاب الحبيُب صلى ال عليه وسلم‬

‫‪86‬‬

‫بسم ال الرحمن الرحيم‬ ‫الحمد ل لعلى كمال الصطفاء لنا‪ ،‬حتى صرنا من ُأمة حبيبه‬ ‫ض ًلا ّمَنا اللِّه َو ناِْع َماةًا َوااللّهُ َلعِليٌم َح ِكايٌم { ]‪8‬الحجرات[‪.‬‬ ‫ومصطفاه‪ } ،‬فَ ْ‬

‫والصلة والسلم لعلى إمام المصطفين الخيار‪ ،‬وسيد أهل الدنيا‬ ‫والمام اللعظم لجميع الخلق يوم القرار‪ ،‬سيدنا محمد وآله الخيار‪،‬‬ ‫وصحابته البرار‪ ،‬وكل من تابعه لعلى هذا الهدى إلى يوم الدين‪ ،‬ولعلينا‬ ‫ب العالمين‪.‬‬ ‫معهم أجمعين‪ ،‬آمين ‪ ..‬آمين‪ ،‬يا ر ّ‬ ‫وصية بسيطة أوصى بها نفسى أولً وإخوانى أجمعين‪:‬‬ ‫يقول المام ابن القيم رحمة ال لعليه‪:‬‬ ‫ب رسول ا صلى ال لعليه‬ ‫} إن فى القلب طاقة ال يسُّدها إال ح ُّ‬

‫وسلم {‬

‫جعل ال لعّز وجّل فى قلا ب كل مؤمن طاقة ل ُتسد إل بحا ب رسول‬ ‫ال‪ ،‬فمن بّد داها فى حا ب الدنيا والهواء والشهوات‪ ،‬والحظوظ والملذات‪،‬‬ ‫تعا ب فى دنياه‪ ،‬وكان غير موفق فى ُأخراه‪ ،‬لنه يدخل فى قول ال‪:‬‬ ‫ض لَهُ َش ْياَطاًنا فاَُه َوا لَهُ قَِريٌن {‬ ‫شا َلعن ِذْك ِراالّرْح َماِناناَُق يّا ْ‬ ‫} َوَمانا ياَْع ُ‬ ‫]‪36‬الزخرف[‬

‫وِذْك را الرحمن فى الحقيقة هو رسول ال صلى ال لعليه وسلم لن ال يقول فى‬ ‫‪ 86‬كانت هذه المحاضرة بالسكندرية بتاريخ ‪ 25‬من ربيع الول ‪1431‬ها الموافق ‪ 11‬من مارس ‪2010‬م‪.‬‬

‫العارف بال الشيخ فوزى محمد أبوزميد‬

‫الكتاب الحادى والستون‬


‫( ‪ )116‬الســـــــــراج المـنير‬

‫كتابه‪:‬‬

‫الفصل السادس‪ :‬فى رحاب الحبيُب‬

‫صَلا ِة اِام نا ياَْو ِما الُْج ُماَعاِة َفاْس َعاْو اا‬ ‫} َيا َأياَّه اا الِّذ ياَن آَمنُاوا إَِذا ُنوِد يا ِلل ّ‬ ‫إَِلى ِذْك ِرااللِّه َو َذاُروا اْلباَْيَع َذلُِك ْما َخ ياٌْر لُّك ْما ِإن ُك ناتُْم تاَْع لَاُم واَن {‬ ‫]‪9‬الجمعة[‬

‫أى المذّك را الذى يذكركم بال وهو سيدنا رسول ال‬ ‫وسلم‪ ،‬فلم يقل ال‪) :‬فاسعوا إلى الصلة ‪ (،‬وإنما قال‪َ) :‬فاْس َعاْو ااإَِلى ِذْك ِرااللِّه‬ ‫ ‪.(،‬‬ ‫فِذْك را ال فى الحقيقة هو سيدنا رسول ال صلى ال لعليه وسلم لنه هو‬ ‫صلى ال لعليه‬

‫المذّك را الذى يذكرنا بال وبأيام ال‪ ،‬ويذكرنا بما لعلينا نحو ال‪ ،‬وباليام التى‬ ‫نحن مقبلون لعليها من أيام البرهز خ والخرة والسعادة البدية فى جوار ال‬ ‫جّل فى ُلعله‪ .‬هذا الُم ذاكر لبد أن يكون له النصيا ب اللعظم فى القلوب‪.‬‬

‫حُب المقربي ن‬ ‫وقد حكم صلى ال لعليه وسلم ‪ -‬وحكمه نافذ – أنه ل يتّم اليمان إل‬ ‫إذا كان هذا الحا ب الموجود لحضرته فى قلوبنا أغلى لعندنا وأنفس من‬ ‫نفوسنا ومالنا وأولدنا وكل شئ لنا أو حولنا‪ ،‬وقد قال صلى ال لعليه وسلم فى‬ ‫ذلك‪:‬‬ ‫هكِلهكِ‬ ‫ن أَ ْ‬ ‫ب إ كَِلْيكِه كِم ْ‬ ‫ح ّ‬ ‫ن أَ َ‬ ‫حّتى أ َُكو َ‬ ‫عْب ‪ٌ.‬د َ‬ ‫} ال َ ُيْؤكِمنُ َ‬ ‫‪87‬‬ ‫ن{‬ ‫عي َ‬ ‫م كِ‬ ‫ج َ‬ ‫س أَ ْ‬ ‫َوَماكِلهكِ َوالّنا كِ‬ ‫‪ 87‬صحيح مسلم لعن أبى هريرة رضي ال لعنه‪.‬‬

‫العارف بال الشيخ فوزى محمد أبوزميد‬

‫الكتاب الحادى والستون‬


‫الســـــــــراج المـنير‬

‫الفصل السادس‪ :‬فى رحاب الحبيُب ( ‪)117‬‬

‫ول يؤمن هنا معناها ل يؤمن اليمان الكامل‪ ،‬وقال رسول ال‬ ‫ال لعليه وسلم يوماً لسيدنا لعمر َو ُهاَوا آِخ ٌذ ابِيَِد ها‪:‬‬

‫صلى‬

‫ن ُكــل‬ ‫ي كِمـ ْ‬ ‫ب إ كَِلـ ّ‬ ‫حـ ُّ‬ ‫ت أَ َ‬ ‫ل ‪ :‬لْنـ َ‬ ‫مر ؟ َقا َ‬ ‫ع َ‬ ‫حُّبني َيا ُ‬ ‫} أ َُت كِ‬

‫ســي كِبَي ـكِدهكِ‬ ‫ي ‪َ :‬واّلكِذ ي َنفْ كِ‬ ‫ل َلُه الّنب ُّ‬ ‫سي ‪َ ،‬فَقا َ‬ ‫ء إ كِال ّ َنْف كِ‬ ‫ي ب ٍ‬ ‫ش ْ‬ ‫َ‬ ‫ت َيا‬ ‫مُر ‪َ :‬فَأْن َ‬ ‫ع َ‬ ‫ل ُ‬ ‫ك ‪َ ،‬فَقا َ‬ ‫س َ‬ ‫ن َنْف كِ‬ ‫ك كِم ْ‬ ‫ب إ كَِلْي َ‬ ‫ح ّ‬ ‫ن أَ َ‬ ‫حتى أ َُكو َ‬ ‫َ‬ ‫ن َيــا‬ ‫ي ‪ :‬ال َ‬ ‫ل الّنب ُّ‬ ‫سي ‪َ ،‬فَقا َ‬ ‫ن َنْف كِ‬ ‫ي كِم ْ‬ ‫ب إ كِلَ ّ‬ ‫ح ُّ‬ ‫ل الّلكِه أ َ َ‬ ‫سو َ‬ ‫َر ُ‬ ‫مُر {‪.88‬‬ ‫ع َ‬ ‫ُ‬

‫أى الن قد وصلت إلى تمام اليمان‪.‬‬ ‫وتمام اليمان يصل إليه النسان إذا كان حا ب النبى العدنان صلى‬ ‫ال لعليه وسل كما وصفنا أغلى لعليه من كل غالى فى هذه الدنيا‪ ،‬وقد ذكر‬ ‫ال لعّز وجّل ما يشغل النسان فى دنياه فى آية لعظيمة قال فيها‪:‬‬ ‫} قُْل ِإن َك ااَن آَباُؤُك ْما َوأَاباَْنؤآُؤُك ْما َو إِاْخ َوااانُ​ُك ْماَوأَاْهزَوااُج ُكاْما‬ ‫َو َلعاِش ياَرتُ​ُك ْماَوأَاْم َواااٌلاقْاتاَرفاْتُ​ُم واَه اا َو تاَِج ااَرةٌ تَْخ َشاْواَناَك َساااَدَهااا‬ ‫ا با إِلَْيُك ما ّمَنا اللِّه َوَرُس والِ​ِه َوِج َه اااٍدِفي‬ ‫ضاْواناَ​َه ااأَ​َح ّ‬ ‫َوَماَساااكُِن تاَْر َ‬ ‫ِ​ِ‬ ‫صواْ { ]‪24‬التوبة[‪.‬‬ ‫َس بِايله فَاتاَربّ ُ‬

‫أى لبد وأن يكون حا ب رسول ال صلى ال لعليه وسلم وحا ب ال لعّز‬ ‫ا ب رسول ال صلى ال لعليه وسلم سّره قال فيه‬ ‫وجّل أغلى من كل ذلك‪ ،‬وح ّ‬ ‫صلى ال لعليه وسلم‪:‬‬ ‫‪ 88‬لعن َأبي لعقيٍل ‪ ،‬لعن َج داِه‪) ،‬كر ‪ (،‬جامع المسانيد والمراسيل‬

‫العارف بال الشيخ فوزى محمد أبوزميد‬

‫الكتاب الحادى والستون‬


‫( ‪ )118‬الســـــــــراج المـنير‬

‫الفصل السادس‪ :‬فى رحاب الحبيُب‬

‫حُّبوكِني كِبحُبرِّ‬ ‫مكِه ‪َ ،‬وأ َ كِ‬ ‫ع كِ‬ ‫ن كِن َ‬ ‫م كِم ْ‬ ‫غُذوُك ْ‬ ‫ما َي ْ‬ ‫حُّبوا الهّلَه كِل َ‬ ‫} أ َ كِ‬ ‫‪89‬‬ ‫حرِّبي {‬ ‫ل َبْيكِتي ب ُ‬ ‫ه َ‬ ‫حُّبوا أ َ ْ‬ ‫الهّلكِه ‪َ ،‬وأ كِ‬

‫ا ب رسول ال صلى ال لعليه وسلم بالزينة التى هزّينه بها ال‪ ،‬والخلق‬ ‫فح ّ‬ ‫الكريمة التى جّم لاه بها موله‪ ،‬والمنن العظمى التى ل ُتعد ول تحد والتى‬ ‫ا ب ل‪ ،‬وذلك لننا‬ ‫أفاضها لعليه موله جّل فى ُلعله‪ ،‬فحّبه فى الحقيقة هو ح ّ‬ ‫نحا ب الوصاف التى جّم لاه بها ال‪ ،‬والمنن التى أكرمه بها ال‪ ،‬والكمالت‬ ‫ا ب ل‪ ،‬لن ل المّنة فى الولى‬ ‫التى كّم لاه بها موله‪ ،‬إذاً حّبه فى الحقيقة ح ّ‬ ‫وفى الخرة‪.‬‬

‫دلئل الحبة‬

‫هذا الحا ب يا أحبابى لبد أن ينمو ويزيد حتى يصل النسان إلى‬ ‫كمال اليمان‪ ،‬فما الدليل لعلى كمال اليمان؟‪ .‬الدليل يا إخوانى أن يأتيه‬ ‫النبّى العدنان ليب ّ‬ ‫ش راه بأنه قد استكمل اليمان‪ ،‬فرؤية النبى صلى ال لعليه وسلم‬ ‫هى البرهان لهل اليمان لعلى استكمال اليمان ولعلى بلوغ النسان تمام‬ ‫اليمان‪.‬‬ ‫إما إذا كانت رؤية رسول ال والنسان لعلى حال غير مرضية ل‪،‬‬ ‫فرؤية رسول ال فى هذه الحالة هى رؤية هنا منبهة ومذكرة للنسان بأنه فى‬ ‫حالة معصية أو سهو أو غفلة‪ ،‬ولكن مثل هذا النسان يكون له نصيا ب من‬ ‫تمام اليمان مادام أن الذى نّبهه وأيقظه وأخذ بيده هو رسول ال‪ ،‬وهذا‬ ‫‪ 89‬سنن الترمذى لعن ابن لعباس رضي ال لعنهما‪.‬‬

‫العارف بال الشيخ فوزى محمد أبوزميد‬

‫الكتاب الحادى والستون‬


‫الســـــــــراج المـنير‬

‫الفصل السادس‪ :‬فى رحاب الحبيُب ( ‪)119‬‬

‫دليل لعلى أنه سيبلغ كمال اليمان إن شاء ال‪.‬‬ ‫فإذا رأى النسان رسول ال صلى ال لعليه وسلم كان ذلك دليلً لعلى‬ ‫كمال اليمان‪ ،‬ولذلك كان من وظيفته التى ذكرها ال فى القرآن‪:‬‬

‫} َيا َأياَّه اا النّبِّي إِّنا أَْرَس ْلاَناَك َش ااِه ًداااَو ُمابَ ّ‬ ‫ش ًراا‬ ‫َو نَاِذ ياًرا‪َ .‬و َدااِلع يًااإَِلى اللِّه بِإ ْذانِ​ِه َو ِسا َرااًج ااّمِنيًرا‪.‬‬ ‫َو باَ ّ‬ ‫ش ِرا الُْم ْؤاِمانِايَن‬

‫ض ًلا َك بِايًرا {‬ ‫بِأَّن لَُه ما ّمَنا اللِّه فَ ْ‬

‫]‪47 :45‬الحزاب[‪.‬‬

‫وتبشير المؤمنين لم يحدده ال بأنهم المؤمنين فى هزمانه وفى لعصره وأوانه‪،‬‬ ‫ولكن المؤمنين إلى يوم الدين‪ ،‬يبشرهم رسول ال صلى ال لعليه وسلم بكمال‬ ‫اليمان‪.‬‬

‫وقد يتحمل الرجل منا هذا المقام ويبشره حضرة النبى‬ ‫وسلم فى المنام وهو بيننا يمشى ويسعى لعلى القدام‪.‬‬

‫صلى ال لعليه‬

‫وقد يتحمل الرجل مقاماً ألعظم من ذلك‪ ،‬فبعد أن يكرمه النبى‬ ‫ال لعليه وسلم برؤياه فى المنام يلوح له فى العيان‪ ،‬ولكن ذلك لصنف‬ ‫مخصوص خصهم ال لعّز وجّل بالصفاء الكبير !!!!‬

‫صلى‬

‫وأذكر فى هذا المقام سيدى إبراهيم المتبولى رضى ال لعنه ‪ -‬وكان من‬ ‫أهل الجذب الشديد‪ ،‬وكانت أمه من الصالحات – وقد حكى لها ما رآه‬ ‫لعن رسول ال صلى ال لعليه وسلم فى المنام‪ ،‬فماذا قالت له؟ اسمعوا!!‪ ،‬قالت‬ ‫العارف بال الشيخ فوزى محمد أبوزميد‬

‫الكتاب الحادى والستون‬


‫( ‪ )120‬الســـــــــراج المـنير‬

‫الفصل السادس‪ :‬فى رحاب الحبيُب‬

‫له‪:‬‬ ‫} يا بنى ال تبلغ مقام الرجولية حتى ترى‬ ‫رسول ا صلى ال لعليه وسلم فى اليقظة وليس فى‬ ‫المنام ! ! {‬

‫فما هزال يتعرض لفضل ال‪ ،‬حتى رآه صلى ال لعليه وسلم فى اليقظة‬ ‫لعياناً بيانًا‪ ،‬فقالت له أمه لعندها‪:‬‬ ‫} الن قد بلغت مقام الرجولية {‬

‫ول أقول يِج ّد اويكد ويسعى‪ ،‬لن هذا مقام ل ُينال بالجد ول‬ ‫بالسعى ول بالكد‪ ،‬ولكنه فضل من ال‪ ،‬وال ذو فضل لعظيم‪.‬‬ ‫وإنما كل ما لعليك أن تتعرض لفضل ال‪ ،‬والتعرض لفضل ال يكون‬ ‫كما قلنا آنفاً ‪ -‬ونعيد بإيجاهز لن هذا المر يضل فيه الكثيرون‪ ،‬يقولون‬ ‫نوالها بالفضل وليس بالجد أو الكد فيتكاسلون وينامون وينتظرون فضل‬ ‫ال‪ ،‬والسماء ل تمطر ذهباً ول فضة‪ ،‬ولكن نوالها بالتعّرض لسحائا ب‬ ‫الفضل الهاطلة من سماوات الكرم الربانى والفيض اللهى‪:‬‬ ‫فالتعرض لفضل ال يكون بوضوح ‪:‬‬

‫‪.......‬بتطهير السريرة وتنقية البصيرة ‪.....‬‬

‫حتى تصلح لنزول هذه النوار المضيئة‪ ،‬فإن رسول ال صلى ال لعليه وسلم‪:‬‬ ‫ ل يحّل فى قلا ب فيه لعيا ب‪.‬‬‫ ول يحّل فى روح لعبد تعلقت بالفانى‪.‬‬‫العارف بال الشيخ فوزى محمد أبوزميد‬

‫الكتاب الحادى والستون‬


‫الســـــــــراج المـنير‬

‫الفصل السادس‪ :‬فى رحاب الحبيُب ( ‪)121‬‬

‫ ولكن يحّل فى القلوب التى خلت من العيوب‪.‬‬‫ ويحل فى الرواح التى تعلقت بطلعة المنعم الفتاح لعّز وجّل‪.‬‬‫هل هناك وضوح أكثر من ذلك!!‪ ...‬إذاً التعرض هو أن أطّه را‬ ‫السريرة‪ ،‬وأطّه را القلا ب وأجعله صالحاً لهذه النوار‪.‬‬ ‫ونوال الطهارة الكلية لعلى ال‪ ... ،‬لكن ال لعّز وجّل ل يرجو منا إل‬ ‫النّية‪ ،‬والبداية النّية ‪ ....‬والبداية النّية ‪ ...‬والبداية‪:‬‬ ‫‪90‬‬

‫ل بالرِّنيات {‬ ‫ما ُ‬ ‫ع َ‬ ‫} إ كِّنما ال ْ‬

‫المهم أن ينوى النسان نّية صادقة‪ ،‬وبعد النّية الصادقة لعليه أن‬ ‫يبدأ‪ ،‬والباقى يكمله ال لعّز وجّل‪ ،‬ويكفينا فرحاً وفخراً وتيهاً وشرفاً قول ال‬ ‫جّل فى لعله فى الحديث القدسى‪:‬‬ ‫ت إليــه كِذراعــا ‪ ،‬وإذا‬ ‫ي شــبرا تقّرب ـ ُ‬ ‫} إذا تقّرب العبد إل ـ هّ‬ ‫ت منــه باعــا ‪ ،‬وإذا أتــاني مشــيا أتيُتـهُ‬ ‫تقرب إلي ذراعــا تقّربـ ُ‬ ‫‪91‬‬

‫هْرَوَلَي ًة {‬ ‫َ‬

‫كل ما فى المر أن تنوى وتبدأ وتستمر وتداوم!! ول تكسل فتفتر‬ ‫فتتوقف‪ ،‬وربما أوشك الفضل أن يتنزل إليك! ولكن النفس تثبط همتك‬ ‫وتقول‪ :‬لم يأتك شٌى ولن يأتك‪ ،‬فتعود أدراجك من حيث بدأت!!!‬

‫فال لعّز وجّل ل يبادئ الكسالى!! ‪ ..‬ول يبادئ القالعدين‪ ،‬لكن يبادئ‬

‫‪ 90‬صحيح البخارى لعن لعمر بن الخطاب رضَي اللّهُ لعنهُ ونص الحديث‪» :‬إِّنما الْلع َماااُل بالّنيات‪ ،‬وإِنَّم اا لُِكا ّلا اْم ِراى ٍء ماا ن اَ​َو ىا‪:‬‬ ‫ت ِه ْجاراُته ِإلى ُدناْيا ي ِ‬ ‫ص ياُبها‪ ،‬أَْو ِإلى اْم َراأٍَة ياَْنِكُح هاا‪ ،‬فَِه ْجاَراُته ِإلى ما هاَج َرا إَِليه«‬ ‫فَ​َم ْنا كان ْ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ‬ ‫‪ 91‬صحيح البخارى لعن أنس رضَي اللّهُ لعنهُ لعن النبى صلى ال لعليه وسلم‬

‫العارف بال الشيخ فوزى محمد أبوزميد‬

‫الكتاب الحادى والستون‬


‫( ‪ )122‬الســـــــــراج المـنير‬

‫الفصل السادس‪ :‬فى رحاب الحبيُب‬

‫المتذكرين والحاضرين والمتنبهين والمواصلين‪ ،‬البادئين بداية جّد وإيقان‪،‬‬ ‫رغبة فى الوصول إلى رضاء الكريم الحنان وإلى كمال معرفة رسول ال صلى‬ ‫ال لعليه وسلم‪.‬‬

‫وكمال معرفة رسول ال صلى ال لعليه وسلم يا إخوانى القراء هو بداية‬ ‫الولية الخاصة ‪ -‬ول أقول الولية العامة‪ ،‬لماذا؟ لن المسلمين أجمعين فى‬ ‫مقام الولية العامة‪ ،‬فكل مسلم يقول‪) :‬ل إله إل ال محمد رسول ال ‪ (،‬له‬ ‫نصيا ب فى الولية العامة ‪ -‬لكن الولية الخاصة بدايتها أن يتعرف النسان‬ ‫المعرفة الكاملة لرسول ال صلى ال لعليه وسلم‪.‬‬ ‫وقد ذها ب رجل إلى سيدى أبى الفتح الواسطى فى العراق‪ ،‬وقال‪ :‬يا‬ ‫سيدى‪ :‬أريد أن أترّبى لعلى يديك‪ ،‬فنظر الشيخ إلى الرض وأطال‪َ ،‬ثم رفع‬ ‫رأسه وقال‪ :‬أنت لست تلميذى‪ ،‬وإنما تلميذ أخى لعبد الرحيم القنائى فى‬ ‫قنا فى بلد مصر!!! ‪ -‬وكانوا صادقين‪ ،‬ل يريدون جمع مريدين!! وإنما‬ ‫يريدون القيام بالكشف الذى سّلمه لهم سيد الولين والخرين‪ ،‬وهذا‬ ‫يكفيهم لعند ال لعّز وجّل‪ ،‬لن ال أقامهم فى هذا المقام‪.‬‬ ‫فسعى الرجل حتى جاء إلى قنا فى صعيد مصر‪ ،‬ولما وصل إلى‬ ‫سيدى لعبد الرحيم القنائى رضى ال لعنه ‪ -‬وكان سيدى لعبد الرحيم من‬ ‫أصحاب الحوال الخاصة إذ كان يقول‪:‬‬ ‫ل أسبوع ‪،‬‬ ‫} لى مع رسول ا صاا االى الا ا ا لعلياا ااه وسا االم ليلتان ك ّ‬ ‫ل مــا‬ ‫يــأتينى ليلــة الثنيــن وليلــة الجمعــة فــأعرض عليــه ك ـ ّ‬

‫العارف بال الشيخ فوزى محمد أبوزميد‬

‫الكتاب الحادى والستون‬


‫الســـــــــراج المـنير‬

‫الفصل السادس‪ :‬فى رحاب الحبيُب ( ‪)123‬‬

‫ى من السئلة فيجيبنى عنهــا جميعــا صا ا االى الا ا ا لعليا ا ااه‬ ‫استشكل عل ّ‬

‫وسلم{‪.‬‬

‫وقد ذكر رضى ال لعنه هذه السئلة فى كتاب مخطوط نسأل ال‬ ‫ب العالمين‪ ،‬فلما وصل إليه مريده‬ ‫وجّل أن ُيخرجه للنور قريباً إن شاء ال ر ّ‬ ‫قال له‪ :‬يا بنى هل لعرفت رسول ال صلى ال لعليه وسلم المعرفة الحقيقية؟ قال‪:‬‬ ‫ل! قال‪ :‬فاذها ب إلى بيت المقدس حتى تعرف رسول ال صلى ال لعليه وسلم‬ ‫المعرفة الحقيقية‪.‬‬ ‫لعّز‬

‫فرجع المريد بل تكاسل ول تململ‪ ،‬وبعزيمة وإصرار إلى بيت‬ ‫المقدس – من قنا إلى القدس ولم يراجع شيخه بكلمة واحدة‪ -‬ورجع‬ ‫متعّرضاً لفضل موله‪ ،‬وفى ذات يوم‪ ،‬نام هناك تحت الصخرة – والموجودة‬ ‫الن بأسفل القبة المعروفة بقبة الصخرة‪ ،92‬وهى الصخرة التى تعلقت بقدم‬ ‫النبى لعندما كان لعارجاً إلى السماء فأشار إليها فوقفت بين السماء والرض‬ ‫ل يسندها شئ حتى بنى تحتها اليهود اللعمدة ليخفوا تلك المعجزة لعن‬ ‫البصار– قال‪:‬‬ ‫فرأيت رسول ال صلى ال لعليه وسلم نورًا‪ ،‬وقد أخذ هذا النور يتسع حتى‬ ‫مل ما بين السماء والرض‪ .‬فلما أن كان ذلك وبعد هذه الرؤيا رجع إلى‬ ‫شيخه رضى ال لعنه فى قنا بصعيد مصر‪ ،‬فقال‪ :‬يا بنى هل لعرفت رسول ال‬ ‫صلى ال لعليه وسلم المعرفة الحقيقية؟ قال‪ :‬نعم‪ ،‬قال‪ :‬إذاً نبدأ معاً السير إلى ال‬ ‫لعّز وجّل‪.‬‬ ‫‪ 92‬مسااجد قبااة الصااخرة هااى الااتى نشاار اليهااود صااوره المشااهورة ماان الخااارج لعلااى أنهااا صااور المسااجد القصااى ليلفتااوا‬ ‫المسلمين لعن المسجد القصى‪ ،‬وهذا خطأ بدأ الناس فى تداركه مؤخرًا‪ ،‬فمسجد بيت المقدس أو المسجد القصاى يقاع‬ ‫بجوار مسجد قبة الصخرة‪ ،‬والمنطقة كلها تسمى بيت المقدس وبها مئات الَثار‪.‬‬

‫العارف بال الشيخ فوزى محمد أبوزميد‬

‫الكتاب الحادى والستون‬


‫( ‪ )124‬الســـــــــراج المـنير‬

‫الفصل السادس‪ :‬فى رحاب الحبيُب‬

‫إذاً فبداية السير والسلوك لخاصة الصالحين‪ :‬هى رؤية رسول ال‬ ‫صلى ال لعليه وسلم‪ ،‬لماذا؟ لن الطريق إلى ال لعّز وجّل طريق باطنى!!‪ ،‬وإن‬ ‫شئت قلت طريق معنوى!!‪ ،‬وإن شئت قلت طريق خفّى !ا! ل يطلع لعليه إل‬ ‫كل صفّى !ا!‪.‬‬

‫إذ إلى أين تمشى؟ فإن ال لعّز وجّل ل تحّيزه جهات‪ ،‬ول تشير إليه‬ ‫لعبارات‪ ،‬ومن أين تمشى؟ وما محطة السفر؟ وما محطة الوصول؟ وما بين‬ ‫ذلك؟ وما العقبات التى تواجهك فى خلل ذلك؟‬

‫ل يطلع لعلى ذلك إل من سلك هذا السبيل‪ ،‬والذى يقول فيه ال‬ ‫لعّز وجّل وهو ِنعم الدليل‪ } :‬وأَاّن َه اَذ اا { صلى ال لعليه وسلم } ِ‬ ‫ص َراااِط يا‬ ‫َ‬ ‫ُمْس تَاِق ياًم ااَفاتّبُِعوهُ { ]‪153‬النعام[ ولذلك لم يقل فامشوا لعليه لو كان معناه‬ ‫تااللِّه‬ ‫الطريق المعروف!!‪ ،‬وقد قال ال لعّز وجّل فى هذا الشأن‪ } :‬إِّن َرْح َما َ‬ ‫ا ب ّمَنا الُْم ْحاِسا نِايَن{ ]اللعراف[‪ ،‬ورحمة اسم مؤنث فى اللغة‪ ،‬ولكن ال‬ ‫قَِري ٌ‬ ‫ا ب ّمَنا الُْم ْحاِسا نِايَن ‪(،‬ا!!فلم يقل "قريبة" ولكن‬ ‫فاجأنا وأدهشنا فقال )قَِري ٌ‬ ‫ا ب ‪ (،‬اصلى ال لعليه وسلم من المحسنين الذين بلغوا مقام الحسان ؛ فقريا ب‬ ‫)قري ٌ‬ ‫بالمذكر أى هو رسول ال صلى ال لعليه وسلم‪ ،‬وهو قريا ب من المحسنين‪.‬‬ ‫ولكى يمشى النسان إلى طريق الفتح اللهى وطريق الغيا ب النورانى ؛‬ ‫لبد وأن يأتم بالنبى وأن يأخذ النبى صلى ال لعليه وسلم بيده ليسلك به فى‬ ‫هذه الغيوب‪ ،‬وإل فإنه سيتعثر من أول خطوة فى الطريق‪ ،‬ولن يستطيع أن‬ ‫يصل إلى أى شئ‪ ،‬وإنما سيقف مع حظه وهواه‪ .‬فكانت رؤية رسول ال‬ ‫صلى ال لعليه وسلم للمحققين هى بداية السير والسلوك إلى الفتح اللهى‬ ‫ب العالمين لعّز وجّل‪.‬‬ ‫النورانى من ر ّ‬ ‫العارف بال الشيخ فوزى محمد أبوزميد‬

‫الكتاب الحادى والستون‬


‫الســـــــــراج المـنير‬

‫الفصل السادس‪ :‬فى رحاب الحبيُب ( ‪)125‬‬

‫أما أهل الولية العامة فإنهم ربما ل يستطيعون الوصول إلى هذا‬ ‫المقام‪ ،‬ولكنهم إذا أحبوا بإخلص حضرة النبى فإن ال يوافيهم بالنبى لعند‬ ‫خروجهم من الدنيا ودخولهم إلى البرهز خ‪ ،‬فيشهدونه صلى ال لعليه وسلم لعند‬ ‫الختام‪ ،‬فيكون ختامهم مسك‪ ،‬ويختم ال لعّز وجّل لهم بخير‪ ،‬ويكون النبى‬ ‫صلى ال لعليه وسلم هو المعنى بقول ال‪:‬‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ح يَااِة الّد ناَْيا َو ِفاي الِخ َراِة{ ]‬ ‫} ياثَُبّ ُ‬ ‫ت اللّهُ الّذ ياَن آَمنُاواْ ِبالَْق ْواِلا الّثابِت في الْ َ‬ ‫‪27‬إبراهيم[‪.‬‬

‫ا ب رسول ال صلى ال لعليه وسلم يا إخوانى لعند أهل التحقيق فى‬ ‫وح ّ‬ ‫الطريق يعنى النشغال بكمالت حضرته وليس إنشغال العوام لعندما يتغنون‬ ‫هياماً بالمصطفى لعليه أفضل الصلة وأتم السلم ول يستحضرون بقلوبهم أوصافه‬ ‫وجمالته وكمالته التى جمله بها الملك العلم‪ ،‬لكن حقيقة الحا ب للنبى‬ ‫يجعل النسان الصادق منا يستحضر الجمالت التى جمل ال بها النبى‬ ‫ويحاول جاهداً أن يتجمل بها فى نفسه وهذا هو سر بلوغ مقام الولية‬ ‫العظمى‪.‬‬

‫مقامات الولمية العظمى‬ ‫وبلوغ مقام الولية العظمى ليس بالعبادات لن ذلك مقام العُّباد‪،‬‬ ‫والعُّباد لهم أجرهم يوم القيامة لعند ال‪ ،‬ويزيدهم ال أضعافاً مضالعفة فى‬ ‫جنات النعيم‪ ،‬لكن بلوغ المراد أن يبلغ النسان مقام‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫ص طَاَف ياَْنا ِم ْنا ِلع بَااِد نَا { ]‪32‬فاطر[‬ ‫ب الِّذ ياَن ا ْ‬ ‫} َثُّم أَْو َراَثاَْنا الْكَتا َ‬ ‫وراَثة الكتاب‪ ،‬أو أن يبلغ النسان مقام ُيعّلمه فيه ملك اللهام‪:‬‬

‫العارف بال الشيخ فوزى محمد أبوزميد‬

‫الكتاب الحادى والستون‬


‫( ‪ )126‬الســـــــــراج المـنير‬

‫الفصل السادس‪ :‬فى رحاب الحبيُب‬

‫} آتَاياَْناهُ َرْح َماةًاِم ْنا ِلع ناِد نَا َو َلعالّْم نَاااهُ ِم نا لُّد نّا ِلع ْلاًم اا {‬

‫]‪65‬الكهف[‬

‫أو يبلغ النسان مقاماً ألعلى ل يصل إليه ملك اللهام‪ ،‬بل ُيعّلمه ال فورًا‪:‬‬ ‫ما اللّهُ {]‪282‬البقرة[‬ ‫} َوااتاُّقواْ اللَّه َو ياَُعلُّم ُكا ُ‬

‫أو يصل النسان إلى مقام البصيرة النورانية وراَثًة للحضرة المحمدية‪ ،‬سّر‬ ‫قوله‪:‬‬ ‫} قُل َه اِذ ِها س بِايِلي أَْد لعُاو إَِلى اللِّه َلعَلى ب ِ‬ ‫ص ياَرٍة أَنَاْ َوَماِنا اتّاباَعِني {‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫]‪108‬يوسف[‬

‫ولم يقل "أنا ومن آمن بى"!!‪ ..‬لماذا؟‬ ‫لن هناك فرق بين من آمن بى وبين من اتبعنى!!‪ ،‬فاتبعنى مقام‬ ‫خاصة الخاصة‪ ،‬وآمن بى هو مقام العامة‪ ،‬ولذلك يقول ال لعّز وجّل للخاصة‪:‬‬ ‫} قُْل ِإن ُك ناتُْم تُِح بّااوَن اللَّه َفاتّبُِعوِني {‬ ‫]‪31‬آل لعمران[‬

‫والمتابعة لبد أن تكون متابعة جامعة‪ ،‬فإن المتابعة فى المظهر‬ ‫والشكل متابعة ناقصة لنها فى المظاهر‪ ،‬لكن المتابعة فى المظهر العام‬ ‫تكون فى العبادات والخلق والمعاملت‪ ،‬والمتابعة الخاصة تكون فى‬ ‫تقلا ب القلا ب وفى حركات النفس‪ ،‬ولذلك يقول قائل من الصالحين لعندما‬ ‫ُس ئال لعن سهو رسول ال صلى ال لعليه وسلم فى الصلة‪ :‬لاَِم سهى فى‬ ‫الصلة؟! مع أنه قال فى الحديث‪:‬‬

‫العارف بال الشيخ فوزى محمد أبوزميد‬

‫الكتاب الحادى والستون‬


‫الســـــــــراج المـنير‬

‫الفصل السادس‪ :‬فى رحاب الحبيُب ( ‪)127‬‬

‫سى َ‬ ‫لسنّ {‬ ‫سى ولكن أ َُن ّ‬ ‫} لست أ َْن َ‬

‫‪93‬‬

‫وإل كيف كنا نعلم هذه التشريعات العظيمة فى السهو وغيره!‪،‬‬ ‫س ئال الرجل الصالح ‪:‬كيف سهى رسول ال فى الصلة! مع أننا نعلم أنه‬ ‫فُ‬ ‫تنام لعينه‪ ،‬وقلبه ل ينام ‪ -‬لعن ذكر موله لعّز وجّل؟ فقال الرجل‪:‬‬ ‫يا سائلى لعن رسول ال كيف‬ ‫سها‬ ‫قد غاب لعن كل شئ سّره‬

‫والسهو من كل قلا ب غافل له‬ ‫فسها لعما سوى ال فالتنزيه ل‬

‫والمعنى أنه صلى ال لعليه وسلم قد استغرق فى جلل ال‪ ،‬وكوشف‬ ‫بجمال موله فُأخذ فى هذا الجمال لعن نفسه ولعن حسه ليحصل له السهو‬ ‫الذى نراه فى الصلة! ليسن لنا ويشّرع لنا كيفية قضاء السهو إذا سهونا‬ ‫فى الصلة!! لكن شتان بين هذا وذاك‪ ،‬لن هذا سهو نعلمه جميعًا‪ ،‬أما‬ ‫سهو رسول ال فهو سهو لعن الدنيا والمشاغل والكوان‪ ،‬شغلً كليّاً‬ ‫بحضرة الرحمن لعّز وجّل‪.‬‬

‫المتابعة الرافعة‬ ‫ولذلك فإن المتابعة الخاصة لخاصة الخاصة هى المتابعة القلبية فى‬ ‫الخوف والرجاء‪ ،‬وفى القبال لعلى ال وفى الخبات ل‪ ،‬وفى التواضع بين‬ ‫يدى ال‪ ،‬وفى الخشوع لجلل ال وكمال ال ‪ ...‬وهذه هى متابعة خاصة‬ ‫الصالحين‪ ،‬وهى متابعة ل يطّلع لعليها الخلق ولكن يراها وينظر إليها ويمنح‬ ‫بسببها الحق لعّز وجّل‪ ،‬فإن الحق لعّز وجّل لعندما ألعلى شأن الصلة قال‬ ‫فيها‪:‬‬ ‫‪ 93‬شرح الزرقانى‬

‫العارف بال الشيخ فوزى محمد أبوزميد‬

‫الكتاب الحادى والستون‬


‫( ‪ )128‬الســـــــــراج المـنير‬

‫الفصل السادس‪ :‬فى رحاب الحبيُب‬

‫} قَْد َأفاْلَ​َح الُْم ْؤاِمانُاوَن ‪.‬ا الِّذ ياَنُه ْما ِفي‬

‫ن { ]‪2 ،1‬المؤمنون[‬ ‫صَلا تِاِاه ْماَخ ااِش عُااو َ‬ ‫َ‬

‫إذاً المتابعة اللعظم ل تكون إل فى الخشوع والخضوع والحضور‬ ‫بين يدى من يقول للشئ كن فيكون‪ ،‬وفيها يقول صلى ال لعليه وسلم لمن أراد‬ ‫أن يتبعها‪:‬‬ ‫‪94‬‬

‫} أنا أعلمكم بالله وأشُّدكم له خشية {‬

‫إذاً المتابعة فى هذا الباب فى الخشية ‪ ...‬أهذا واضح؟؟‬ ‫فى الخشية! وليست فى العبادات! وليست متابعة فى العادات‬ ‫وليست متابعة فى السنن الظاهرات‪ ،‬ولكنها متابعة فى خشية ال لعّز وجّل‬ ‫فى الغيا ب وفى الشهادة‪ ،‬وفيها يقول المام أبوالعزائم رضى ال لعنه‪:‬‬ ‫لكنه كّلفنى‬ ‫ما غاب لعنى حبيبى‬ ‫فصرت بعد يقينى‬ ‫أنا بمن فى وجودى‬ ‫تلك التكاليف رمز‬

‫بالفضل قد لعّرفنى‬ ‫من بالصفا أتحفنى‬ ‫لَّم اا بها شّرفنى‬

‫فيتابع رسول ال صلى ال لعليه وسلم فى ظاهره وفى باطنه‪,‬‬ ‫أما متابعته صلى ال لعليه وسلم فى سيره نحو ربه لعّز وجّل فإن هذا أمر ل‬ ‫يكفيه بيان‪ ،‬ول يستطيع أن يتحدث لعنه لسان‪ ،‬وإنما يقول فيه أهل العيان‪:‬‬ ‫)ذق تعرف(!! وهذا مقام ذوقى لن السرار ل يطلع لعليها إل من غاب‬ ‫لعن سوى ال‪ ،‬وكان سّره باق بموله جّل فى لعله‪ ،‬وإجمالً نقول أن رسول‬ ‫‪ 94‬صحيح البخارى لعن لعائشة رضى ال لعنها‬

‫العارف بال الشيخ فوزى محمد أبوزميد‬

‫الكتاب الحادى والستون‬


‫الســـــــــراج المـنير‬

‫الفصل السادس‪ :‬فى رحاب الحبيُب ( ‪)129‬‬

‫ال صلى ال لعليه وسلم كما قال سيدى أبو الحسن البكرى رضى ال لعنه‪:‬‬ ‫ي امرٍئ‬ ‫وأنت باب ال أ ّ‬

‫أتاه من غيرك ل يدخل‬

‫جمال العبودمية‬ ‫ول يستطيع النسان أن يدخل لعلى حضرة ال إل بعد كمال معرفته‬ ‫برسول ال‪ .‬وأهزيد المر وضوحاً فأقول‪:‬إن ال لعّز وجّل ل ُيدخل حضرته إل‬ ‫من تجّم لا بجمال العبودية‪ ،‬كيف نتجمل بجمال العبودية؟‬ ‫إذا أردنا ذلك لعلينا أن ننظر إلى من جّم لاه ال بكمال العبودية‪،‬‬ ‫ونتأدب بؤآداب العبودية من حضرته‪ ،‬ونتابعه فى مسيرته‪.‬‬ ‫وهذا هو الباب أن يجد العبد المتجمل! ويتابعه بالذهاب والياب‪،‬‬ ‫فإذا صار النسان منا لعبداً ل متابعاً فى العبودية والداب لحبيا ب ال‬ ‫ومصطفاه ُفتح له الباب‪ ،‬وُأذن له بدخول الرحاب‪ ،‬وصار من الحباب‪ ،‬لنه‬ ‫تابع رسول ال صلى ال لعليه وسلم فى هذا الباب‪ ،‬بمتابعة ذلك العبد المناب‬ ‫من النبى الواب‪.‬‬ ‫لعااوهُ { ]‪19‬الج ن[‬ ‫} َوأَانّهُ لَّم اا َقاَم َلعْبُد اللِّه يَْد ُ‬ ‫من لعْبُد ال هنا؟ هو رسول ال‪:‬‬ ‫} ُس ْباَح ااَن الِّذ يا أَْس َرااى بَِعْبِد ِها { ]‪1‬السراء[‪ } ،‬تاَباَرَك الِّذ يا ناَّزَل الُْفْراقَااَن َلعَلى‬ ‫ِ​ِ‬ ‫ِ​ِ ِ‬ ‫ِ​ِ ِ‬ ‫ب { ]‪1‬الكهف[‪.‬‬ ‫َلعْبد ها { ]‪1‬الفرقان[‪ } ،‬الَْح ْماُدا للّه الّذ يا َأنَزَل َلعَلى َلعْبد ها الْكَتا َ‬ ‫إذاً فثياب العبودية هى التى يلبسها أهل الوصول لنيل الخصوصية‬ ‫العارف بال الشيخ فوزى محمد أبوزميد‬

‫الكتاب الحادى والستون‬


‫( ‪ )130‬الســـــــــراج المـنير‬

‫الفصل السادس‪ :‬فى رحاب الحبيُب‬

‫لعند دخولهم الحضرات القدسية‪ ،‬ولذلك يقول أبو الحسن الشاذلى‬ ‫لعنه‪:‬‬

‫رضى ال‬

‫} رأيت رسول ا صلى ال لعليه وسلم فى المنام وقلت ‪ :‬يا سيدى يا‬

‫ك‬ ‫رسول ا ‪ ،‬أريد الوصل بحضرة ا ‪ ،‬فقال ‪ :‬يا على ‪َ } :‬و َثاَِيابَ َ‬ ‫ظى بمدد اـ‬ ‫ن الّدَنس تح َ‬ ‫طرِّهْر ثيابك كِم ْ‬ ‫فَطَّه ْرا { ]‪4‬الما ا اّد َثار[‪َ ،‬‬ ‫فى كل َنَفس ‪ ،‬قال قلت ‪ :‬يا رسول ا وما ثيابى ؟ قــال ‪:‬‬ ‫طرِّهْر ثياب العبوديـة – وليسا اات الثيا اااب الا ااتى نلبسا ااها – وتـأدب‬ ‫بآداب أهل الخصوصــية تحظــى بالوصــل بالكليــة بــر رِّ‬ ‫ب‬ ‫ل{‪.‬‬ ‫البرية عّز وج ّ‬ ‫وهذه هى مراتا ب الخاصة!! آداب خاصة يتابعون فيها رسول ال‬ ‫صلى ال لعليه وسلم ليحظوا بنَف سا! أو بعض نَف سا! أو بشميٍم ! ا أو بذرة !! مما‬ ‫حباه به موله‪ ،‬والذى قال له فيه فى كتاب ال‪:‬‬ ‫ك ابِغَْيِر ِح س ااا ٍ‬ ‫ب { ]‪39‬ص[‬ ‫} َه َذااا َلعَطاُؤَنا َفاْم نُاْن أَْو أَْم ِسا ْ‬ ‫َ‬ ‫سابقاً ‪:‬‬

‫فقال صلى ال لعليه وسلم فى خطابه لولى اللباب ‪ -‬كما ذكرنا‬ ‫م{‪ ،95‬فهو الذى يَق ّساما هذا العطاء ‪ -‬من‬ ‫طي وأنا القاس ُ‬ ‫ا المع كِ‬ ‫} ُ‬ ‫النور والضياء والصفاء‪ ،‬والمكاشفات والمشاهدات‪ ،‬والمؤانسات‬ ‫والملطفات‪ ،‬وغيرها من أنواع الغيوب العليات‪ ،‬لعلى حسا ب تأهيل العبد‬ ‫لنفسه فى مقامات العبودية لموله لعّز وجّل‪ ،‬ولذلك قال أحد الصالحين‪:‬‬

‫‪ 95‬صااحيح البخاارى لعاان معاوية رض َي اللّاهُ لعناهُ‪ ،‬ونص الحااديث‪َ» :‬مانا يُاارِد اُلا بااه خيااراً ياَُف ّقاْه ا هُا فااي الاّد يان‪ ،‬واُلا المعِطا يا وأنااا‬ ‫القاسُم‪ ،‬ول تزاُل هذِه الّمة ظاهريَن لعلى َمنا خالَف هام حتى يأتَي أمُر اِل وهم ظاهرون«‬

‫العارف بال الشيخ فوزى محمد أبوزميد‬

‫الكتاب الحادى والستون‬


‫الســـــــــراج المـنير‬

‫وكن لعبداً لنا والعبد يرضى‬

‫الفصل السادس‪ :‬فى رحاب الحبيُب ( ‪)131‬‬

‫بما تقضى الموالى من مراد‬

‫إذاً فالساس كّله هو مقام العبدية‪ ،‬والمام فى مقام العبدية هو سيد‬ ‫البرية صلى ال لعليه وسلم‪ ،‬فهناك لعبدية! وهناك لعبودية! وهناك لعبودة!!‬ ‫وهى كلها مقامات جعلها ال لعّز وجّل لهل الوصل والصطفاء‬ ‫ودرجات‪ ،‬منهم من يكون فى مقام المعية‪:‬‬ ‫ن { ]‪128‬النحل[‬ ‫} إِّن اللَّه َمَعا الِّذ ياَن اتاَّق واْ ّوالِّذ ياَن ُه ما ّمْح ِسا نُااو َ‬ ‫ومنهم من يكون فى مقام العندية‪:‬‬ ‫ن{ ]‬ ‫ك لَ يَْس تَاْك بِاُروَن َلعْن ِلع بَااَدتاِ​ِه َو ياَُس بّاُح وانَهُ َو لَاهُ يَْس ُجاُداوا َ‬ ‫} إِّن الِّذ ياَن ِلع ناَد َربّ َ‬ ‫‪206‬اللعراف[‪.‬‬

‫ومنهم من يكون فى مقام اللدنية‪:‬‬ ‫ك َلتالَّق ىا الُْقرآاَن ِم نا لُّد ْنا ح ِ‬ ‫كايٍم َلعِليٍم { ]‪6‬النمل[‬ ‫َ‬ ‫} َو إِانّ َ ُ‬ ‫ْ‬ ‫أين جبريل هنا؟ ليس له فى هذا المقام قبيل ول مقيل!!‪.‬‬ ‫فكل هذه المقامات لبد وأن يتابع النسان فيها سيدنا رسول ال‬

‫صلى ال‬

‫لعليه وسلم لنه فاتح أبواب القرب ومعه مفاتيح كنوهز الغيا ب‪ ،‬وآتاه ال‬ ‫ضا‬ ‫وجّل واصطفاه ولعّلمه لياَُعّلمنا ويأخذ بأيدينا‪ ،‬ولذلك قال له‪َ } :‬وااْخ ِفا ْ‬ ‫كا لِْلُم ْؤاِمانِايَن { ]‪88‬الحجر[‪ ،‬وذلك ليحملهم لعلى جناحه فيصلوا‬ ‫َج نَااَح َ‬ ‫بفضل ال إلى نور الوصل من حضرة ال‪.‬‬

‫لعّز‬

‫وهنا لطيفة رائعة مفيدة أحا ب أن أضيفها قبل أن ننهى هذا الفصل‬ ‫العارف بال الشيخ فوزى محمد أبوزميد‬

‫الكتاب الحادى والستون‬


‫( ‪ )132‬الســـــــــراج المـنير‬

‫الفصل السادس‪ :‬فى رحاب الحبيُب‬

‫الخير بالكتاب‪ ،‬أو قُْل إشارة فى معنى المعّية وكرم الحضرة المحمدّية‬ ‫‪96‬‬ ‫مناسبة لهذا المقام‪ ،‬وقد جاءتنا فى سؤال وجه إلينا‪ ،‬إذ قال السائل بارك‬ ‫ال فيه‪:‬‬ ‫أن سيدنا رسول ال قال مطمئناً لسيدنا أبى بكر وهما فى الغار أَثناء‬ ‫الهجرة‪" :‬ما ظنك باثنين ا ثالثهما" ‪ ،‬وكان سيدنا أبوبكر رضى ال لعنه‬ ‫حزيناً بدليل أن النبى صلى ال لعليه وسلم قال له‪" :‬ال تحزن إن ا‬ ‫معنا" !‪ ،‬فما السّر فى ذلك اللبس؟!‪ ،‬لن المقام هنا مقام خوف وليس‬ ‫مقام حزن!!‬ ‫وأجيا ب هنا‪ :‬بأن سيدنا أبا بكر رضى ال لعنه لم يكن لعندها خائفًا‪ ،‬وإنما كان‬ ‫حزيناً من أجل رسول ال‪ ،‬لنه ل يستطيع أن يفعل من أجله شيئاً ‪ -‬والحزن‬ ‫ل يكون إل لعلى الغير ‪ -‬بدليل إن الولياء قال ال فى شأنهم‪َ } :‬أل إِّن‬ ‫فاَلعلَْيِه ْما َولَ ُه ْما يَْح َزاُنوَن { ]‪62‬يونس[‪ ،‬فل يخاف‬ ‫أَْو لِاَياء اللِّه لَ َخ ْوا ٌ‬ ‫الواحد منهم لعلى نفسه‪ ،‬ول يحزن لعلى محبيه ومريديه الصادقين‪ ،‬لن ال‬

‫سبحانه وتعالى سيَُش فاعه فيهم‪ ،‬ويأخذ بأيديهم معه إلى المقام الكريم‪.‬‬

‫إذاً سيدنا أبو بكر لم يكن يخشى لعلى نفسه‪ ،‬وإنما كان يخشى لعلى‬ ‫رسول ال صلى ال لعليه وسلم‪ ،‬ولذلك قال له الحبيا ب‪ } :‬لَ تَْح َزاْن إِّن اللَّه‬

‫َمَعاَنا { ]‪40‬التوبة‪ .‬وهنا الشارة الراقية التى أوّد أن ألفت إليها قلوبكم‪،‬‬

‫وفيها يظهر المقام اللعظم لرسول ال ولعطفه لعلينا وتنزله لنا‪ ،‬وكيف يخفض‬ ‫جناحه للمؤمنين ليأخذهم معه إلى ألعلى المقامات!!‪.‬‬ ‫‪ 96‬كان هذا السؤال بالمحاضرة بالسكندرية بتاريخ ‪ 25‬من ربيع الول ‪1431‬ها الموافق ‪ 11‬من مارس ‪2010‬م‪.‬‬

‫العارف بال الشيخ فوزى محمد أبوزميد‬

‫الكتاب الحادى والستون‬


‫الســـــــــراج المـنير‬

‫الفصل السادس‪ :‬فى رحاب الحبيُب ( ‪)133‬‬

‫َس ياَْه ِدايا ِ‬ ‫ن{ ]‬

‫فسيدنا موسى لعليه السلم قال‪َ } :‬قاَل َك ّلا إِّن َمِعاَي َرّبي‬ ‫‪62‬الشعراء[‪ ،‬يقول‪) :‬إِّن َمِعاَي ‪ -‬من؟ أنا وحدى ‪َ -‬رّبي َس ياَْه ِداياِن ‪(،‬ا‪) ،‬معى ‪(،‬‬ ‫مقام الربوبية!!‪ ،‬لكنه صلى ال لعليه وسلم لما خاطا ب سيدنا أبا بكر رضى ال لعنه‬ ‫أدخلنا جميعاً أى أدخل كل المة المحمدية فى قوله‪) :‬إِّن اللَّه َمَعاَنا( مقام‬ ‫اللوهية‪ ،‬فنحن جميعاً فى هذا المقام‪.‬‬ ‫فهنا تتجلى رحمة الحبيا ب وشفقة الحبيا ب وحنانه بنا لن سيدنا‬ ‫موسى لعندما قال‪) :‬إِّن َمِعاَي َرّبي َس ياَْه ِداياِن ‪(،‬ا‪ ،‬أسقط حتى أخاه هارون من‬ ‫حساباته‪ ،‬مع أنه كان وهزيره! وكان نبياً أيضًا! أما رسول ال صلى ال لعليه وسلم‬ ‫فقد قال‪) :‬إِّن اللَّه َمَعاَنا(‪ ،‬وانظر إلى الفرق بين هذا وذاك!! فنحن أمة‬ ‫‪97‬‬ ‫الحبيا ب فى مقام المعية اللهية‪ } :‬ما ظنك باثنين ا ثالثهما { ‪،‬‬ ‫فكانت النتيجة‪:‬‬ ‫} فَ​َأنَزَل اللّهُ َس ِكاينَتَهُ َلعلَْيِه َوأَايَّد هُا بُِج نُاوٍد لّْم تاَرْو َهاااَوَج َعاَل َك ِلاَم َةا الِّذ ياَن َك َفاُراواْ‬ ‫ِ ِ​ِ‬ ‫ِ‬ ‫م { ]‪40‬التوبة[‪.‬‬ ‫ال ّ‬ ‫س ْفالَاى َوَك لاَم ةُااللّه ه َيا الْعُْلَيا َوااللّهُ َلعِزيٌز َح كاي ٌ‬ ‫فنزلت لعليه هو بذاته سكينة ال وتأييده ونصرته‪َ ،‬ثم منه‬ ‫وسلم توهزلعت تلك السكينة والعطايا والهبات إلى من معه فى تلك المعية‪،‬‬ ‫وكل من هو فى معيته‪ ،‬أو إندرج تحت لواء أمته‪ ،‬معرضاً نفسه لفضل ال‬ ‫وبركته‪ ،‬إلى أن يرث ال الرض ومن لعليها!!‪.‬‬

‫صلى ال لعليه‬

‫وصّلى ال لعلى سيدنا محمد الشفوق الرءوف الرحيم بأمته‪ ،‬ولعلى‬ ‫آله البرار وصحبه الطهار‪ ،‬وكل من تابعهم واقتفى أَثرهم وسار لعلى دربهم‬ ‫‪ 97‬صحيح البخارى‬

‫العارف بال الشيخ فوزى محمد أبوزميد‬

‫الكتاب الحادى والستون‬


‫( ‪ )134‬الســـــــــراج المـنير‬

‫الفصل السادس‪ :‬فى رحاب الحبيُب‬

‫فى هذا المضمار‪ ،‬وسلم تسليما كثيراً إلى يوم العرض والقرار‪.‬‬ ‫إنتهى الكتاب تذكرة لولى اللباب وكل عبد أّواب‬ ‫نوى بصدق دخول الباب ! وا المستعان على‬ ‫بلوغ الرحاب والصالة والسالم على شفيع كل‬ ‫تواب‪.‬‬

‫العارف بال الشيخ فوزى محمد أبوزميد‬

‫الكتاب الحادى والستون‬


‫الخاتمة ( ‪)135‬‬

‫الســـــــــراج المـنير‬

‫ترجمة المؤلف العارف بالله تعالى الشيخ فوزى‬ ‫محمد أبوزيد‬

‫نبذة‪ :‬ولد سماحة العارف بال الشيخ فوهزى محمد‬ ‫ابوهزيد رضى ال لعنه فى الثامن لعشر من شهر أكتوبر‬ ‫‪1948‬م ‪،‬الموافق للخامس لعشر من ذى الحجة‬ ‫‪1367‬ها بالجميزة‪ ،‬مركز السنطة‪ ،‬غربية‪ ،‬ج م ع‪،‬‬ ‫وحصل لعلى ليسانس كلية دار العلوم من جامعة‬ ‫القاهرة ‪1970‬م‪َ ،‬ثم لعمل بالتربية والتعليم حتى وصل‬ ‫إلى منصا ب مدير لعام بمديرية طنطا التعليمية‪ ،‬وتقالعد‬ ‫سنة ‪2009‬م‪.‬‬ ‫النشاط‪ :‬يعمل رئيسا للجمعية العامة للدلعوة إلى ال بجمهورية مصر العربية‪،‬‬ ‫والمشهرة برقم ‪ 224‬ومقرها الرئيسى ‪ 114‬شارع ‪ 105‬حدائق المعادى‬ ‫بالقاهرة‪ ،‬ولها فروع فى جميع أنحاء الجمهورية‪.‬‬ ‫كما يتجول بمصر والدول العربية والسلمية لنشر الدلعوة السلمية‪ ،‬وإحياء‬ ‫الُم ثال والخلق اليمانية ؛ بالحكمة والمولعظة الحسنة‪.‬‬ ‫بالضافة إلى الكتابات الهادفة إلى إلعادة مجد السلم‪ ،‬وله الكثير من‬ ‫التسجيلت الصوتية والوسائط المتعددة للمحاضرات والدروس واللقاءات لعلى‬ ‫الشرائط والقراص المدمجة‪.‬‬

‫وأيضا من خلل موقعه لعلى شبكة المعلومات الدولية النترنت‬ ‫‪ WWW.Fawzyabuzeid.com‬والذى تم افتتاحه بعد التطوير‬ ‫وأصبح أحد أكبر المواقع السلمية فى بابه‪ ،‬وجارى إضافة تراث الشيخ العلمى‬ ‫الكامل لعلى مدى خمسة وَثلَثين لعام مضت‪.‬‬ ‫دلعاوته‪ -1 :‬يدلعو إلى نبذ التعصا ب والخلفات‪ ،‬والعمل لعلى جمع الصف‬ ‫العارف بال الشيخ فوزى محمد أبوزميد‬

‫الكتاب الحادى والستون‬


‫الخاتمة‬

‫( ‪ )136‬الســـــــــراج المـنير‬

‫السلمى‪ ،‬وإحياء روح الخوة السلمية‪ ،‬والتخلص من الحقاد والحساد‪،‬‬ ‫والَثرة والنانية‪ ،‬وغيرها من أمراض النفس‪.‬‬ ‫‪ -2‬يحرص لعلى تربية أحبابه بالتربية الّروحية الصافية‪ ،‬بعد تهذيا ب نفوسهم‬ ‫وتصفية قلوبهم‪.‬‬ ‫‪ -3‬يعمل لعلى تنقية التصوف مما شابه من مظاهر بعيدة لعن روح الدين‪،‬‬ ‫وإحياء التصوف السلوكى المبنى لعلى القرآن الكريم ولعمل الرسول صلى ال لعليه‬ ‫وسلم وأصحابه الكرام‪.‬‬ ‫هدفه ‪ :‬إلعادة المجد السلمى ببعث الروح اليمانية‪ ،‬ونشر الخلق السلمية‪،‬‬ ‫وكذلك بترسيخ المبادئ القرآنية‪.‬‬ ‫قائمة مؤلفات الشيخ‬

‫رضى ال لعنه‬

‫أوال ‪ :‬من أعالم الصوفية‬ ‫‪ -1‬المام أبو العزائم المجدد الصوفى)‪2‬ط ‪ -2 (،‬الشيخ محمد لعلى سلمه‬ ‫لسلم السيد‬ ‫سيرة وسريرة‪ -3 ،.‬المربى الربانى السيد أحمد البدوى‪ -4.‬شيخ ا ٌ‬ ‫إبراهيم الدسوقى‪ -5 ،.‬الشيخ الكامل السيد أبو الحسن الشاذلى‬ ‫ثانيا ‪ :‬الدين والحياة‬ ‫‪6‬و ‪ -7‬نفحات من نور القرآن ج ‪1‬و ‪ -8 .2‬مائدة المسلم بين الدين و العلم‪.‬‬ ‫‪ -9‬نور الجواب لعلى أسئلة الشباب‪ -10 .‬فتاوى جامعة للشباب‪-11 .‬‬ ‫مفاتح الفرج )‪7‬ط ‪) (،‬ترجم للندونسية ‪ -12.(،‬تربية القرآن لجيل اليمان )ترجم‬ ‫للنجليزية والندونسية ‪ -13 .(،‬إصلح الفراد و المجتمعات فى السلم‪ -14.‬كيف‬ ‫يحّبك ال ) يترجم للندونيسية ‪-15.(،‬كونوا قرآنا يمشى بين الناس )يترجم للندونيسية ‪.(،‬‬ ‫‪ -16‬المؤمنات القانتات ‪ -17‬فتاوى جامعة للنساء‪ -18 .‬قضايا الشباب‬ ‫المعاصر‪ -19 .‬هزاد الحاج و المعتمر )‪2‬ط ‪(،‬‬ ‫العارف بال الشيخ فوزى محمد أبوزميد‬

‫الكتاب الحادى والستون‬


‫الخاتمة ( ‪)137‬‬

‫الســـــــــراج المـنير‬

‫الخطب اللهامية‪ :‬مج ‪:1‬‬

‫المناسبات الدينية ‪ 2:‬ط ‪ ،‬مجزأة‬

‫ومجلد‬

‫‪ -20‬ج ‪ :1‬المولد النبوى‪ -21 .‬ج ‪ :2‬السراء و المعراج‪ -22 .‬ج ‪ : 3‬شهر‬ ‫شعبان و ليلة الغفران‪-23 ،‬ج ‪ :4‬شهر رمضان و لعيد الفطر المبارك‪ -24 .‬ج‬ ‫‪ : 5‬الحج و لعيد الضحى المبارك‪ -25 .‬ج ‪ : 6‬الهجرة و يوم لعاشوراء‪-26 .‬‬ ‫الخطا ب اللهامية ‪:‬مج ‪:1‬المناسبات الدينية ط ‪،2‬كتاب واحد‬

‫ثالثا ‪ :‬الحقيقة المحمدية‬

‫‪ -27‬حديث الحقائق لعن قدر سيد الخلئق )‪3‬ط ‪ -28 .(،‬الرحمة المهداة‪.‬‬ ‫‪ 30-29‬إشراقات السراء‪:‬ج ‪2)1‬ط ‪ ،(،‬ج ‪ -31 .2‬الكمالت المحمدية‬ ‫‪ -32‬واجا ب المسلمين المعاصرين نحو الرسول )ترجم للنجليزية ‪-33.(،‬السراج المنير‪.‬‬

‫رابعا ‪ :‬الطريق إلى ا‬

‫‪ -34‬أذكار البرار‪ -35 .‬المجاهدة للصفاء و المشاهدة‪ -36 .‬لعلمات‬ ‫التوفيق لهل التحقيق‪ -37 .‬رسالة الصالحين‪ -38 .‬مراقى الصالحين‪-39 .‬‬ ‫طريق المحبوبين و أذواقهم‪ -40 .‬كيف تكون دالعياً لعلى بصيرة‪ -41 .‬نيل‬ ‫التهانى بالورد القرآنى‪ -42.‬تحفة المحبين ومنحة المسترشدين فيما يطلا ب فى‬ ‫يوم لعاشوراء للمام القاوقجى )تحقيق ‪ -43 ،.(،‬طريق الصديقين إلى رضوان رب‬ ‫العالمين) ترجم للندونسية ‪ -44.(،‬نوافل المقربين‪.‬‬

‫خامسا‪ :‬دراسات صوفية‬ ‫معاصرة‬

‫‪ -45‬الصوفية و الحياة المعاصرة‪ -46 .‬الصفاء والصفياء‪.‬‬ ‫‪ -47‬أبواب القرب و مناهزل التقريا ب‪ -48 ،.‬الصوفية فى القرآن والسنة )‪2‬ط ‪(،‬‬ ‫)ترجم للنجليزية ‪ -49 .(،‬المنهج الصوفى والحياة العصرية‪.‬‬ ‫العارف بال الشيخ فوزى محمد أبوزميد‬

‫الكتاب الحادى والستون‬


‫الخاتمة‬

‫( ‪ )138‬الســـــــــراج المـنير‬

‫‪ -50‬الولية والولياء‪ -51 .‬مواهزين الصادقين‪ -52 .‬الفتح العرفانى‪.‬‬ ‫‪ -53‬النفس وصفها وتزكيتها‪ -54.‬سياحة العارفين‪.‬‬

‫سادسا‪ :‬سلسلة شـفاء‬ ‫الصدور‬

‫‪ -55‬مختصر مفاتح الفرج )‪3‬ط ‪ -56 .(،‬أذكار البرار )‪2‬ط ‪.(،‬‬ ‫‪ -57‬أوراد الخيار )تخريج وشرح ‪2).(،‬ط ‪ -58 ،(،‬لعلج الرهزاق لعلل الرهزاق )‬ ‫‪2‬ط ‪ -59.(،‬بشائر المؤمن لعند الموت‪ - 60.‬أسرار العبد الصالح وموسى‪،6‬‬ ‫‪ -1‬مختصر هزاد الحاج والمعتمر‪.‬‬

‫سابعا‪ :‬تحت الطبع للمؤلف ‪:‬‬

‫‪ – 1‬بشائر المؤمن فى الخرة‪-2 ،‬نسمات القرب‪ -3 ،‬أحسن القول‪،‬‬ ‫ب العالمين )ط ‪،(، 2‬‬ ‫‪ -4‬منهاج الواصلين‪ -5،‬طريق الصديقين إلى رضوان ر ّ‬ ‫‪ -6‬أسرار العبد الصالح وموسى لعليه السلم )ط ‪ -7 ،(، 2‬حقائق التصّو فا النقّي ‪.‬ا‬

‫تطلا ب جميع المؤلفات من المكتبات الكبرى بالقاهرة والقاليم‪ ،‬ودور توهزيع الهرام‬ ‫والخبار ودار الشعا ب ودار المعارف والهيئة المصرية العامة للكتاب ‪ ،‬كما يمكن‬ ‫تنزيل الكتا ب من ‪ ، WWW.askzad.com‬أو تطلا ب من الناشر‪ :‬دار اليمان‬ ‫والحياة‪ 114 ،‬ش ‪ 105‬المعادي بالقاهرة ‪ ،‬ت‪0020225252140 :‬‬ ‫**********************************************‬ ‫مفتاح إختصار أسماء كتب تخريج الحديث النبوى‬ ‫الشريف‬ ‫كما ورد بالجامع الصغير نق ال َي ً عن كنز العمال‬

‫) خ ‪ (،‬للبخ ا اااري‪) ،‬م ‪ (،‬لمس ا االم‪) ،‬ق ‪ (،‬لهم ا ااا‪) ،‬د ‪ (،‬لب ا ااي داود‪) ،‬ت ‪ (،‬للترما ااذي‪) ،‬ن ‪(،‬‬ ‫للنسااائي‪) ،‬ه ‪ (،‬لباان ماجااة‪ (، 4) ،‬له ااؤلء الربعااة‪ (، 3) ،‬لهاام إل اباان ماااجه‪) ،‬حاام ‪(،‬‬ ‫لحمد في مسنده‪) ،‬لعم ‪ (،‬لبنه في هزوائده‪) ،‬ك ‪ (،‬للحاااكم فااي مسااتدركه وإل فماابين‪،‬‬ ‫العارف بال الشيخ فوزى محمد أبوزميد‬

‫الكتاب الحادى والستون‬


‫الســـــــــراج المـنير‬

‫الخاتمة ( ‪)139‬‬

‫)خد ‪ (،‬للبخاري في الدب‪) ،‬تخ ‪ (،‬له فاي التاريخ‪) ،‬حاا ب ‪ (،‬لبان حباان فاي صاحيحه‪،‬‬ ‫)طا ب ‪ (،‬للطبراني في الكبير‪) ،‬طس ‪ (،‬له فاي الوسط‪) ،‬طاص ‪ (،‬لاه فاي الصاغير‪) ،‬ص ‪(،‬‬ ‫لسعيد ابن منصور في سننه‪) ،‬ش ‪ (،‬لبن أبي شايبة‪) ،‬لعاا ب ‪(،‬لعباد الارهزاق فاي الجاامع‪،‬‬ ‫)ع ‪ (،‬لبي يعلى في مسنده‪) ،‬قط ‪ (،‬للدارقطني في الساانن وإل فماابين‪) ،‬فار ‪(،‬للااديلمي‬ ‫فااي مسااند الفااردوس‪) ،‬ح ال ‪ (،‬لبااي نعياام فااي الحليااة‪) ،‬ه اا ب ‪ (،‬للاابيهقي فااي شااعا ب‬ ‫اليمااان‪) ،‬ه اق ‪ (،‬لااه فااي الساانن‪) ،‬لع اد ‪ (،‬لباان لعاادي فااي الكاماال‪) ،‬لع اق ‪(،‬للعقيلااي فااي‬ ‫الضعفاء‪) ،‬خط ‪(،‬للخطيا ب في التاريخ وإل فمبين‪).‬إنتهى ‪.(،‬‬

‫العارف بال الشيخ فوزى محمد أبوزميد‬

‫الكتاب الحادى والستون‬


‫الخاتمة‬

‫( ‪ )140‬الســـــــــراج المـنير‬

‫محتويات الكتاب‬ ‫سجل الفهرسة‬

‫المقدمة‬

‫‪2‬‬

‫الفصل الول‪َ :‬بشريّةُ النبى صلى ال لعليه وسل النورانية‬ ‫‪6‬‬ ‫‪7‬‬ ‫‪12‬‬ ‫‪17‬‬ ‫‪19‬‬

‫بشارية النبى النااورانية‬ ‫قضية بشاريته صلى ال لعليه وسلم‬ ‫نورانية بشريته صلى ال لعليه وسلم‬ ‫حفظ ال لمقام نبيه صلى ال لعليه‬ ‫يفوسل‬ ‫وسلم‬ ‫صلى ال لعليه وسلم‬ ‫بركة ريقه الش ار‬ ‫وسل‬ ‫الفصل الثانى‪ :‬نعمة ميلد رسول ال صلى ال لعليه وسلم‬ ‫بشااارات وإكرامات‬ ‫‪38‬‬ ‫نعمة الميلد‬ ‫بركة الصلة لعلى رسول ال صلى ال عليه‬ ‫‪39‬‬ ‫أسرار الذكرى‬ ‫وسل‬ ‫النبى لعليه‬ ‫‪ 41‬من مهامسلم له‬ ‫لعليه وسلم‬ ‫صلى ال‬ ‫أفراح الااروح‬

‫خصوصية َلعا اَرقه صلى ال لعليه وسلم ‪23‬‬ ‫سمعه الشاريفوسل‬ ‫صلى ال لعليه وسلم ‪26‬‬ ‫صوته المبااركوسل‬ ‫صلى ال لعليه وسلم ‪28‬‬ ‫واجبنا نحو الرسول صلى ال لعليه ‪29‬‬ ‫وسلال لعّز وجّل ‪30‬‬ ‫مقام العبودياةوسلملذات‬

‫الفصل الثالث‪ :‬نور الصلة لعلى النبى‬

‫نور الصلة لعلى النبى‬ ‫صلة ال لعلى‬

‫صلى ال لعليه وسلم‬

‫‪55‬‬ ‫‪57‬‬

‫صلة الصاالة للمؤمنين‬ ‫أنوار الجمال‬

‫بشريات لهل العنايات‬ ‫بشائر المؤمنين‬

‫‪69‬‬ ‫‪71‬‬

‫أهل الفضا اال‬ ‫التعرض لفضل ال‬

‫وصف رسول ال صلى ال عليه وسلم‬ ‫صور الحبيا بسل‬ ‫صلى ال عليه وسلم‬

‫‪82‬‬ ‫‪83‬‬ ‫‪85‬‬ ‫‪87‬‬

‫نبّيه صلى ال عليه وسلم‬

‫الفصل الرابع‪ :‬بشريات لهل العنايات‬

‫الفصل الخامس‪ :‬وصف رسول‬

‫وبالحق أنزلناه وبالحق نزل‬ ‫البحث لعمن رأى الحبيا ب!‬

‫وصف‬

‫ال صلى ال لعليه وسلم‬ ‫رسول ال صلى ال عليه وسلم‬

‫أوصافهالبشرى‬ ‫سل‬ ‫المعنوية‬ ‫السوة الحسا اانة‬

‫الفصل السادس‪ :‬فى رحاب الحبيا ب‬

‫فى رحاب الحبيا ب‬ ‫حا ب المقربااين‬ ‫دلئل الحب ااة‬

‫‪3‬‬

‫‪10‬‬ ‫‪105‬‬ ‫‪106‬‬ ‫‪ 8‬الخاتم ا ا ااة‬

‫‪12‬‬ ‫ترجمة الشيخ المؤلف‬ ‫‪3‬‬ ‫‪12‬‬ ‫قائمة مؤلفاته الشيخ رضى ال لعنه‬ ‫‪4‬‬ ‫سيدنا محمد‬ ‫وصلى ال لعلى‬

‫العارف بال الشيخ فوزى محمد أبوزميد‬

‫صلى ال لعليه وسلم‬

‫مقامات الولي ااة العظمى‬ ‫المتابعة الرافعاة‬ ‫جما ااال العبوديا ااة‬

‫مفتاح إسماء مراجع الحديث‬ ‫محتوي ا ااات الكتاب‬

‫ولعلى آله وصحبه وسلم‬

‫‪43‬‬ ‫‪46‬‬ ‫‪48‬‬ ‫‪59‬‬ ‫‪62‬‬ ‫‪72‬‬ ‫‪73‬‬ ‫‪93‬‬ ‫‪96‬‬

‫‪101‬‬

‫‪114‬‬ ‫‪116‬‬ ‫‪118‬‬

‫‪127‬‬ ‫‪127‬‬

‫الكتاب الحادى والستون‬


‫الســـــــــراج المـنير‬

‫الخاتمة ( ‪)141‬‬

‫سماحة العارف بال‬ ‫الشيخ فوزى محمد أبوزميد رضى ال لعنه‬

‫العارف بال الشيخ فوزى محمد أبوزميد‬

‫الكتاب الحادى والستون‬


‫( ‪ )142‬الســـــــــراج المـنير‬

‫العارف بال الشيخ فوزى محمد أبوزميد‬

‫الخاتمة‬

‫الكتاب الحادى والستون‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.