Mirrors of Heritage العدد الثامن – ربيع /صيف 2018
Issue No. 8 – Spring / Summer 2018 Issue No. 8 – Spring 2018 Mirrors of Heritage
• Forgotten
Akkar • Lebanese Arak • Liban sur Rail
العدد الثامن – ربيع ٢٠١٨
Special section Mythology and Religion
َملَ ّف العدد
بيروت الخضر ومار جرجس بين الدين واألساطير • أول محاولة لكتابة تاريخنا الوطني • كيف القبطان الفرنسي أنقذ األمير بشير • آثار عكار المنسية ش ْيل العرق •َ
ـمية ُم َـح َّك َمة َتصدر مرتين في السنة َأكادي ّ نش ُرها َي ُ مركز التراث اللبناني في الجامعة اللبنانية ا َألميركية ـمسؤول /مديـر الـمركـز رئيس التحرير ال ُ هنري زغيب ميــة الهـي َـئـة ِ العـ ْـل َّ العائلة): الدكاتــرة بجديا ِب ْاسم ِ ا َألساتذ ُة َّ (ترتيبا أَ ً ً كرسي الدراسات العربية رمزي بعلبكي | الجامعة ا َألميركية | ُ أستاذ ّ
السـرديات لطيف زيتوني | الجامعة اللبنانية ا َألميركية | ُأستاذ َّ
عماد سالمة | الجامعة اللبنانية ا َألميركية | ُأستاذ العالقات الدولية واإلعالم الشهال | الجامعة اللبنانية | مساعد رئيس الجامعة للعالقات العامة ِ محمد َب َدوي َّ
رنيه غطّ اس | الجامعة اللبنانية ا َألميركية | ُأستاذة ِإدارة ا َألعمال
للش ُـؤون ا َألكاديمية وجيه فانوس | الجامعة ِاإلسالمية في لبنان | مستشار رئيس الجامعة ُّ منسق الهيئة العلمية الروح القدس -الكسليك | ّ َأنطوان ّ قسيس | جامعة ّ
لحود | الجامعة اللبنانية ا َألميركية | ُأستاذ الهندسة المعمارية والحفاظ على التراث َأنطوان ُّ اإلدارة والتحرير ِ
مركز التراث اللبناني -الجامعة اللبنانية ا َألميركية -قريطم -بيروت (المقسم )1600 هاتف+ 961 1 78 64 64 : ّ فاكس+ 961 1 78 64 60 : ص ب 13 - 5053 :بيروت -لبنان clh@lau.edu.lb
www.lau.edu.lb/centers-institutes/clh
تصميم و إخراج درغام ش.م.م
العدد الثامن -ربيع /صيف 2018
3
ُأولى الــمرايا - هنري زغيب رض ...وانتماء التراث: ٌ شعب ...أَ ٌ
١٤
٥٣
2
ف العدد َم َل ّ
هنري زغـيب
٦٤
التاريخي تراثنا ّ
نصار د .أندريه ّ
الطائفي رائدا في االبتعاد عن التركيز على التأْ ريخ ً ّ
الياس ديب مطر ()1910–1857 الوطني ّأول محاولة لكتابة التاريخ ّ د .بيار مكرزل
قطع مسافة خلدة-اإلسكندرية في 48ساعة
القبطان الفرنسي توسان ّأالر ()Toussaint Allard ُم ْنقـذُ َ األمير بشير سنة 1822
تقاليدنا وا َألعراف
مروان أبي فاضل الخضر بيروت عيد النهر ،مار جرجسُ ، بين َ األساطير والكنائس والمساجد
٨٨
المادي تراثنا ّ
ميشال حالق عكار المنسية في أَ قصى الشمال
واحة تنضح بالتاريخ واآلثار خارج ذاكرة الوطن
١٠٢ ١٤٩
مهن ِح َر ِف ّية تقليدية د .رجاء يوسف لبكي الع َرق َ ش ْيلَ
Notre patrimoine matériel Eddy Choueiry Liban sur Rail
صورة الغالف: تل عرقة في عكار – تصوير خالد طالب
Cover photo by Eddy Choueiry
ُأولى الـ مرايا
التراث: شعب ...أ َ ٌ رض ...وانتماء ٌ هنـري زغـيـب رئيس التحرير
المادي، والتراث غير المادي التراث في السائد الشائع ُ عبار َتا ُ َ ّ ّ دخل حد َد ْتهما منظمة اليونسكو .وفــي مضمون هاتين العبارتين َت ُ كما َّ َ فروع وتتداخل عناصر ،وجميعها تنطلق من التراث ذاكر ًة َ لألمس آتي ًة من ٌ المستقبل. س من تلك الفروع :التراث الشفوي الثقافي. ف هنا عند ٍ أَ توقَّ ُ وجه رئي ٍ شؤون التراث واسعا ذلك أَ ّن في الثقافة َمخزونً ا ً وغنيا تنضوي فيه ُ ً عميقا ًّ في معظم أَ دائها البشري والطبيعي. وجبالُ ،م ُدنً ا وقُ ـ ًـرى وأَ ريافً ا، – ساحال وفي لبنان من الغنى التراثي ً ً نابضا نموذجا عهد طويل، ً شعبا وطبيعةً ،بيئ ًة وفصوال – ما يجعلُ ه ،منذ ٍ ً ً ً يتلقفه ة ضرور ويجعل جيل، لى إ ل جي من المتواصل الحي بتراثه ملح ًة أَ ن َّ ً ٍ ِ َّ ُ ّ حيا ِإلى كل جيل. ينتقل كي كل جيل ويحفظه ويحافظ عليه ًّ التراث والعولَ َمة
سياقاته؟ وكيف َي ْج ُم ُل الحفاظ كيف يتأَ َّطر هذا التراث الثقافي؟ ما ُ عليه؟ حفظه من اآلباء وآبائهمُ ،يفترض فيه أَ ن يكون ذا أَ همية ما يجدر ْ اقتصادية مستمرة ،أَ و عاطفية حميمة ،أَ و ذا عالقة انتمائية – فردية أَ و زمن ،أَ و تقاليد ،أَ و أَ عراف ،أَ و عادات ،أَ و طقوس جماعية – ِإلى مكا ٍن ،أَ و ٍ اجتماعية أَ و دينية أَ و مذهبية أَ و شخصية أَ و عائلية .ومهما اتخذَ ت هذه سب ُل الحفاظ عليه العناصر من شك ٍل – مادي أَ و غير مادي – تختلف ُ ماهيته ،وقُ ربه من الفرد أَ و ضرورته للجماعة ،فهو حاج ٌة يجب أَ َّال وفْ ق ّ تنتفي ،وعليها يبنى استمرار التراث الذي يتواصل الحفاظ عليه أَ بني ًة تراثية وأَ ت شفوية وفنون شعبية ت حسي ًة ِإلى تقاليد أَ و مرويا ٍ َ غراضا وأَ دوا ٍ ً ومزاوالت اجتماعية وعادات قروية أَ و َمدينية وأَ عياد موسمية وما يرافقها َ
4
متوارثة وسلسلة ِح َرف من ممارسات فردية أَ و جماعية ومعارف مأْ لوفة َ وقوانين َتضبط وقواعد ونُ ُظ ٌم س ِ ُ ُ وم َهن تقليدية ،ولجميعها ُس َن ٌن وأُ ُس ٌ حدد كيفية الحفاظ عليها. ممارساتها ُوت ِّ ِ مجموعة وآخر ،بين ٍ أَ همية هذا التراث الثقافي الشفوي َت َن ُّو ُع ُه بين مكان َ معالم خطر أَ ن تجتاح العولم ُة المتنامي ُة وآخــر .وهنا وأُ خــرى ،بين جي ٍل َ ُ َ تفاعل الجيل ،فتقضي على العالمات تقاليد المجموعة ،أَ و المكان ،أَ و َ ُ المكان وتلك المجموع َة وذلك الجيل .من هنا ضرورة التالقي الممي َز ِة ذاك َ ِّ والتداول ،فيكون والمناقشات والحوارات رات الخب ل باد لت المجموعات بين َ ُ ُ ُ فرديا من ـزءا احترام َ ٌ ً متباد ٌل بين المظاهر والظواهر ،ويصبح السوى ُجـ ً أَ وحسب ،وال ذاته في ليست الثقافي الشفوي التراث همية الجماعية. الذات ْ تبادل الثقافات والمعارف، وحسب ،بل في الغنى الناجم عن ُ في ممارساته ْ التراشح طريق المكان ِإلــى اآلخــر والمعارف ِإلــى سواها .ولهذا فيكون ُ جمة اجتماعية واقتصادية ،سواء للمجموعات الصغرى في التراشح ُ ُ فوائد ٌ المجتمع المحلي ،أو لتلك الكبرى على مستوى الوطن.
هنري زغـيب
من جيل إِلى جيل
وانتقال التراث الثقافي ال يقتصر على ْنقل الموروثات من الماضي وتبادلها مع جد ًّيا عند مزاوالت الحاضر ُ ِإلبقائها في الحاضر ،بل يتوقف ّ تتعمم معارفها ومداركها على السوى ،بخصائص هذا السوى ومميزاته ،كي َّ الجيل الحالي فيبقيها نابضة للجيل التالي. في التقاليد َ مشترك بين فئات المجتمع ،كلّ ًيا أَ و واألع ــراف ما هو َ جزئيا ،بين قرية وأُ خــرى ،مدينة وأُ خــرى ،طائفة وأُ خــرى ،عادات محلية ًّ ت أَ أَ أَ صلية في عالمية، حتى و قليمية إ و مناطقية أَ و ٍ متوارثة عن مجموعا ٍ ِ َ مهاجرة من بلدانها ،وعندها تتداخل المعارف وتتمازج التقاليد، بالدها ،أَ و ِ هجرات ويغنى التراث الثقافي الشعبي من جيل ِإلى جيل .فللتراث الثقافي ٌ معا ،تنبثق منه أَ و تهاجر داخلية وأُ خرى خارجية ،وهو َيغنى من جميعها ً عناصر جديد ًة َألجيال جديدة إليه ،فيصهرها في المجموعات ُويطلع منها َ واص ٍل وانتماء ،من ُسطوع في الماضي ِإلى عناصر تتشكل لها منه َّ ٍ هوية َوت ُ ُ ضلوع في الحاضر ِفإلى خلود في المستقبل. تخصصات مـحـ َّـددة ،وال في التراث الشفوي الثقافي ال ينحصر في ُّ المتشكلة منه ،فيكون ِّ معينة ،بل يتوسع حتى يغمر كامل الهوية مــزاوالت َّ
جراءات التجمد الغابرِ ،إ ِإلنقاذ التراث الشفوي الثقافي من السقوط في ٌ ُّ المعتمدة للحفاظ على اآلثار المادية والمواقع التاريخية، ضروري ٌة غير تلك َ نصوصا في كتب أَ و مخطوطاتِ .إنها وغير تلك المكتوبة والمحفوطة ً عموما َ واألفراد متوارثة متناقَ لَ ة ،موكولة ِإلى الجماعات جراءات شفوية ِإ َ ٌ ً خصوصاَ ،ح َملة الشعلة مضيئ ًة من جيل ِإلى جيلِ ،وإ َّال غاب هذا التراث ً أَ أَ وتطور العولمة، واضمحل مام َتق ُّدم العصر الشفوي مع فراده والجماعات، َّ ُّ عند اضمحالل االهتمام ،وغياب الحرص على المحافظة ،وعدم تسليم جماعيا. فرديا أَ و توار ًثا الشعلة ُ ًّ ًّ ونقلُ ه دارتهْ ، كيف ِإذً ا يمكن الحفاظُ على التراث الشفوي الثقافيِ ،وإ ُ ِإلى َ تطوره وحيويته؟ وتجنيب ُه األجيال التالية، َ خطر موته ،حتى يظل على ُّ ُ والتوعية على ووعــي مغزاه، ِ وح ْسن ِإدارتــه ْ يمكن ذلك بنقل معارفه ُ مثال :عمل مسرحي أَ هميته للجيل التالي كما هي للجيل الراهن .من ذلك ً أَ و أُ غنية شعبية أَ و آلة موسيقية أَ و قطعة ِح َرفية .وهذه التوعية ال تكون يهم الجيل الجديد كي يحفظ ْ المحافَ ظُ عليه ال يزال ُّ مجدية ِإ َّال ِإذا كان ُ هذا ديمومته ِب َدوره ِإلى الجيل التالي.
5
شعب ...أ َ ٌ رض ...وانتماء ٌ
من الـ «ماذا» إِلى الـ «كيف»
التراث
األفراد على شعورهم باالنتماء ِإلى مجتمعهم َ تلقائيا يساعد َ األقرب، حافزا ً ًّ امتدادا ِإلى المجتمعات َ األوسع .من هنا أن التراث الشفوي الثقافي ومنه ً موحدة ،بل يتنامى ليس ً مقصورا على فئة معينة أَ و مجموعة محددة أَ و قيمة َّ تلقائيا :يبدأُ من جــذوره َ اكتسابا من األصلية في مجتمعه ،ويــروح يغتذي ً ًّ والمدارك َ ناقال المعارف واألعــراف والطقوس والمزاوالت والممارساتً ، َ وتاليا ِإلى َ األجيال المتعاقبة. فالبعيد، ها ب قري المجاورة، المجتمعات ِإ ّياها ِإلى ِ ً يسمى كذلك ِإ َّال ٍ عندئذ يستحق أَ ن يكون من التراثَ ،ألن التراث ال َّ نابضا في المزاولة المستدامة. ماعيا وبقائه ً راسخا في الذاكرة ً بعد ُث ُبوته َج ًّ يتطور التراث الشفوي الثقافي التوالي في الزمان والمكان، من هذا َ ّ ض من جي ٍل ِإلى آخرَ ،ويغنى من كل مجموعةُ ،ويغني المجموعات. ّ ومعر ٌ ـداول ،أَ و تلغيه العولَ مة ،أَ و يقضي عليه كل تــرا ٍ للزوال ُّ ث يسقط من الـتـ ُ التقوقُ ع في مجموعة مغلقة ،أَ و في مكان محدود ،أَ و حين ال يلقى الدعم وعندئذ يسقط الحفاظ عليه، تقديره أَ و فه ِمه أَ و ٍ ِ ِ والمثابرة فتنقصه مناعة ْ متجمدا في الماضي وال يستحق المستقبل. من الحاضر ويبقى ً
6
المحافَ ظ عليه ،فيجري توثيقه عندئذ يكون الدأْ ُ ب على تأْ كيد هوية هذا ُ ونقله عبر الوسائط التربوية أَ و التعليمية أَ و التوريثية. لحفظه ْ ونشره وتقييمه ْ ْ رئيسا للتطور عندئذ يكون الحفاظ على التراث الشفوي الثقافي ٍ ً مصدرا ً االقتصادي ،حتى لو لم يكن ذا مردود مادي كالسياحة التي ُتبقي المواقع حية نابضة زاهية بحضورها ومدلولها الوطنيَ . حفظ قيمة األهـ ُّـم ِإذً اْ : عضويا في ونقله حتى يدخل هذا التراث الشفوي الثقافي في المجتمعْ ، ًّ السياسات االقتصادية ،وتصاميم الخطط الخمسية أَ و العشرية في الدول. حيا ،أَ ن يظل شرط المحافظة على التراث الشفوي الثقافي ،ليبقى ًّ وتدرسه مادة تتعهده هذه وتزاوله وتمارسه ً ِّ مفيدا أَ جيالَ ه الجديدة كي َّ َ تتغير بين ة محافظ وهي ا، مع والواسعة الضيقة ومجتمعاتها مناهجها في ً َّ مجتمع وآخر ،بين مجموعة وأُ خرى ،بين بالد وأُ خرى .وحين يبلغ التراث محصورا في أَ رضه ُ األم بل ينتشر الشفوي الثقافي هذا المستوى ،ال يبقى ً ليصبح ً عالميا. تراثا ًّ
هنري زغـيب
دور اليونسكو َألجــل ذلك توصلت منظمة اليونسكو قبل 15سنة (ِ )2003إلــى َسن دوليا ،للحفاظ معاهدة دولية ذات ِإطار قانوني ِإداري مالي، َ معترف به ًّ ـواد على الـتــراث الشفوي الثقافي في كل دولــة من العالم ،فيه بنود ومـ ُّ مقدساته واضحة تتعلق باتفاقات دولية حول حقوق ِاإلنسان والحفاظ على َّ متبادل بين المجتمعات والمجموعات، ومقدراته وما يستتبع ذلك من احترام َ َّ صوال ِإلى تحقيق التنمية المستدامة. ُو ً َ حفاظها وفي الدخول ِإلى بعض التفصيلَ ،تطلُ ب المعاهدة من كل دولة ووصفها وتحديدها شرحها ْ على التراث الشفوي الثقافي فوق أَ رضها ،بعد ْ عناصر تراثها الشفوي الثقافي وكيفية محافظة مواطنيها عليه، الواضح َ سيتبعها لهذه المحافَ َظة أَ ف ــراد مجتمعها ومــا فيها من والـسـ ُـبــل التي َّ َّ ومنظمات غير حكومية. مجموعات بعد رفْ ع هذه التقارير والمعلومات جميعها ،في ِإشراف رسمي محلي عندئذ ِإلى منظمة اليونسكو أَ ن تضع هذا التراث أَ و دولي ،يمكن الطلب ٍ طلب الشفوي الثقافي على الئحة الـجــرد الـعــام لديها ،وتــالـ ًـيــا يمكنها ُ وصفا قد َمت عنه ً مساعدات ِ وهبات دولية ُت َم ِّكنها من الحفاظ على ما تكون َّ لتراثها الشفوي الثقافي الــذي يدخل عندئذ في الئحة تــراث ِاإلنسانية الشفوي الثقافي.
ساحال قلت في مطلع هذه االفتتاحية ِإن في لبنان من الغنى التراثي – ً وفصوال – ما يجعلُ ه ،منذ ً شعبا وطبيعةً ،بيئ ًة ً وجبالُ ،م ُدنً ا وقُ ًرى وأَ ريافً اً ، ويجعل الحي المتواصل من جيل ِإلى جيل، نابضا بتراثه عهد طويل، ٍ نموذجا ً ُ ً ّ حيا ِإلى ضرور ًة ُم ِل َّح ًة أَ ن َّ كل جيل ْ يتلقفه ُّ ويحفظه ويحافظ عليه كي ينتقل ًّ كل جيل .لذلك يجمل أَ ن نحفظ ما لدينا من التراث الشفوي الثقافي، عالما ومعالم وعالمات ،كي عناصر فنحافظ عليه بتسجيله ومقوما ٍ َ ت وأَ ً ّ س على أَ رضنا ،متأَ ّص ٌل في نَ ضمن أَ ن تراثنا اللبناني الشفوي الثقافي َّ مكر ٌ مش ٌّع على التراث الثقافي العالمي. شعبناِ ، مسجلة وللبنان لدى منظمة اليونسكو ،منذ ،1984معالم لبنانية غالية َّ الطبيعي هي خمسة مواقع :بعلبك، الثقافي العالمي على الئحة التراث ّ ّ ّ عنجر ،بيبلوسُ ،ص ْور ،وادي قاديشا.
التراث
لبنان في الذاكرة العالم ّية
7
شعب ...أ َ ٌ رض ...وانتماء ٌ
وتوعي العالم أَ همية هذه الالئحة أَ نها تحتضن التراث الشفوي الثقافي ّ دولة ترنو سائر الدول ِإلى التعرف ِإليه لديها ،واستصالحه حيا في ٍ عليه ً كنزا ًّ غنى على غنى. كنزا يضاف ِإلى كنوزها حتى يزداد ِاإلبداع البشري ً ً َ ويتطور باستمرار ،على كل ويتبدل يتغير َّ َّ وألن التراث الشفوي الثقافي َّ دولة أَ ن ُت ْع ِل َم منظمة اليونسكو بكل تبديل أَ و تعديل لديها ،حتى تحفظ لإلبقاء على هذه الدولة َّ حقها في أَ ن تطلب الدعم من المنظمات الدولية ِ حفظها َ تراثها الثقافي. ْ األماكن والمواقع َ وعلى غرار َ األثرية والسياحية والتاريخية والدينية، واآلثــار الفنية المادية ،على الدولة أَ ن ُتحصي تراثها الشفوي الثقافي التداول من ممارساته الميدانية سائرا في بعناصره الشفوية ،وما ال يزال ً ُ حفظها اجتماعيا ،حتى شعبيا أَ و ومزاوالته المتواصلة، يتواصل العمل على ْ َ ًّ ًّ المتواصل ْذك ُر حصة ضروري في التحديث من الزوال أَ و االنقراض .لذا ِ ٌّ هذا التراث الشفوي الثقافي نسب ًة ِإلى جغرافيا البالد وديموغرافياها، تتحدد نسبة المحافظة عليه ومدى تأْ ثيره في مجموع السكان ،وعندئذ ّ يضا بمقدار أهميته بين مجمل عناصر التراث الشفوي الثقافي ،وعندها أَ ً يتحدد مقدار الخطر على اندثار عناصر معينة أَ و محددة من هذا التراث، ّ ومدى ضرورة الحفاظ على تلك العناصر من أَ جل تأمين حضوره المستدام عموما. بين مجمل التراث الشفوي الثقافي في البالد ً
على الئحة اليونسكو لمواقع التراث الثقافي العالمي ّ ّ الطبيعي :بعلبك... ّ
8 هنري زغـيب
...وعنجر...
...وبيبلوس...
...وصور...
9
شعب ...أ َ ٌ رض ...وانتماء ٌ
وبـعــدمــا أَ طـلـقــت اليونسكو سنة 1990حملة البحث عــن ال ـتــراث الحي أَ و المادي، غير الشفوي من أَ جــل الحفاظ على ِإرث البشرية ِ ّ ّ ّ وأَ وصت بـ اتخاذ التدابير الضرورية لتأْ مين استمراره بالزوال، هدد الم َّ َ ُ سجلَ ت بين 2009و 2014دخول 314 وانتقاله من جي ٍل ِإلى جيل ،وبعدما َّ علنت اليونسكو (سنة عنصرا على هذه الالئحة التمثيلية للبشرية ،أَ َ ً الزجل اللبناني على تلك الالئحة )2014قرارها رقم 25-/10/9بدخول َّ الم َّغنى تأْ ديةً، الشعبي نوع من الشعر على أَ نه ٌ داء أَ و ُ اللبناني ُ الملْ قى أَ ً ّ ّ عائلية ،وفي مبارزات ِشعرية اجتماعية أَ و ت ٍ ٍ ماعيا ،في مناسبا ٍ ً فرديا أَ و َج ً أَ جماالت لبنان وما فيه من ِق َيم ٍ في فيها ى تتجلّ الجمهور، مام مباشرة ُ السماح والحوار بين َ والحق في االختالف. األديــان والفئات اللبنانية ّ َ العبقري اللبناني الفن ودخل تراثنا الشفوي الثقافي ِإلى ذاكرة العالم بهذا ّ ّ ّ حيزه الم َ المحلي ،مع أَ عالم ٍ غنيا ينتقل ِإلى العالمية من ّ كت ِنز ِإ ًرثا َش َف ًويا ًّ ُ ّ ونَ زجلية ُت َغ ّنيه على ت ت مناسبا في ه ق لْ ي موهوبين ٍ ُ محلية ،أَ و مع جوقا ٍ ٍ ُ ّ أَ صدح ت ب ـ ـت ـ ك ُ ـن ـ م بضعة ـي ـ ف و ـرة، ـ ك ـ س د ـدة، ـ ل ـ ب ضيعة، ـي ـ ف ل َ ُ ٍ َ ٍ منبر ضئي ٍ ٍ َ وتتلعثَ مضمونً شد َدت اليونسكو ويومها العربية. حرف باأل ة ً وكتاب شكال م ا ً َّ س في المساعدة على اللبناني على أَ ّن الزجل دور رئي ٍ صم ُام أَ مــا ٍن ذو ٍ َّ ّ اللبناني الز َجل تمتين وو َر َد في ختام القرار أَ ّن َّ التماسك االجتماعيَ . ُ ّ منتش ٌر على جميع َ الهوية الثقافية ِ األراضي اللبنانيةُ ،ويسهم في تنصيع ُ واستدام ِتها بين صفوف الشعب اللبناني ،وبهذه الصفة أَ دخلَ ْته المنظمة ِإلى التراث الحي في دول َ األبيض المتوسط.
التراث
...ووادي قاديشا
هكـذا دخـل لبنـان ذاكـرة العالـم بالزجـ ِل ًّفنـا يتف ّـرد بـه بلدنـا بعبقري ِـة آثارهـم ت شـعرائه ِ ـواعَ ،وت َع ُّـدد أَ وزا ٍنِ ،وإبداعـا ِ وغنـى ِ ارتجـا ٍلَ ، ووفـر ِة أَ ن ٍ ـوف أَ جيالنـا رث الجمي ُـل صف َ مطبوعـ ًة ومسـموع ًة ومرئيـةً ،ودخـل هـذا ِاإل ُ بالدهـا الح ّـي الجميـل. ـال فـي العالـم علـى ُتـراث ِ الجديـدة ،مثلمـا َتنشـأُ أَ جي ٌ
10 هنري زغـيب
الزجل اللبناني دخل على الئحة اليونسكو التراث التمثيلي البشري
كاريكاتور بيار صادق
وعلى مثال الزجل ،لدينا في لبنان روائـ ُـع خالد ٌة من تراثنا الشفوي ونحافظَ عليه كي نظل بين ُ األمم شعل ًة تراثي ًة نحف َظه يجدر بنا أَ ن َ ِ الثقافيُ ، مضاء ًة منذ أَ مس التاريخ حتى ذاكرة المستقبل. ثقافي ًة َ مدير المركز /رئيس التحرير