الفصـل الرابع
الوسائل التعليمية: لقد خلق ا السنسان في هذا الكون ،بعد أن خلق له محيطه ،وهيأ له وسائل الحياة فيه ،وعلمه كيفيات التعامل مع من يعيشون معه ،ورزقه القدرة على إسنتاج وسائل التعامل في الحياة،وتسخيرها؛ والتفكير في تطويرها وتجديدها. ومن ثمة ،كان وجود السنسان متأخرا بالنسبة لمحيطه الطبيعي الذي وجد فيه .وأسنه منذ أن وجد ،وهو يبحث عن وسيلة يتعلم بها ما يفيده في حياته ،وقد استغل هذا المحيط أيما استغل،ل ،إن لم يكن وسيلة من وسائل تعلمه المتعددة والمتنوعة ،ومع ذلك ،فمفهوم الوسيلة التعليمية واحد لم يتغير من القديم إلى الحديث.
تعريف الوسيلة التعليمية: إن الوسيلة في المفهوم اللغوي العملي ،هي »كل الدوات التي يستعملها المدرس والمتمثلة في :المحتويات ،واليشياء والعينات ،والمطبوعات ،والرسوم، 1
والصور التي يختارها اسنطل ق من أهداف معينة" "«.وجميعها ل تخرج عن الهدف الرئيس ،المتمثل في إسنجاح العملية التعليمية مهما كاسنت الثقافة التربوية التي بنيت عليها هذه الهداف. وتتجاوز الوسائل التربوية ،مجرد فكرة )وسائل اليضاح المادية( الشائعة في الوسـط التربـوي إلى كوسنها تضيف للمادة التعليمة حيوية » تجعلها ذات قيمة عملية، 2
وأكثر فعالية وأقرب إلى التطبيق" "« .وبهذا ،تزداد خبرة المتعلم ،ويزداد معها -1 1محمد يشارف سرير وسنور الدين الخالدي ،الفعل التعليمي التعلمي،ص.83: -2 2محمد الدريج تحليل العملية التعليمية ،ص.105:
- 90 -
الفصـل الرابع تشوقه وإقباله على المادة التعليمية؛ فيتنوع الداء ،ويتشارك فيه المتعلم والمعلم معا ،خاصة إذا تفنن المعلم في توزيع الوسائل التعليمية وأحسن استخدامها بما يتناسب وتدرج المتعلم في الفهم حسب مداركه العقلية.
أسنواع الوسائل التعليمية: لعل أفضل الوسائل التعليمية المستخدمة منذ القدم والتي تؤدي إلى تيسير الفهم ،هي ما كاسنت لها علقة مبايشرة بالمدركات الحسية ،المسماة في مجا،ل التعليم أبواب المعرفة .وهي أسنواع ،وأهمها الحسية.
الوسائل الحسية: وهي التي » تؤثر في القوى العقلية بواسطة الحواس وذلك بعرض ذات 1
الشيء أو سنموذجه ،وصورته ،أو سنحو ذلك" "«.و من بين هذه الوسائل ـ على سبيل المثا،ل ـ الشيء ذاته ،كأن يتكلم المعلم عن الماء فيعرض كأسا من الماء .وكذا المجسمات ،والصور الجغرافية ،والرسوم البياسنية ،والبطاقات،واللوحات واليشرطة 2
المسجلة " "،وكمرات الفيديو والتلفزيون ،والسينما ،والخرائط وغيرها ،من الوسائل الحسية .أما النوع الثاسني من الوسائل التعليمية:
موجه الفني للغة العربية ،دار المعارف ،مصر ،1972 ،ص.433: - 11عبد العليم إبراهيم ،ال وُ 2
-2ينظر عماد توفيق السعدي وآخرون ،أساليب تدريس اللغة العربية ،دار المــل ،الردن ،ط ،1991 ،1ص:
.91،92
- 91 -
الفصـل الرابع
الوسائل اللغوية: إن أهم وسيلة إيصا،ل وتواصل هي اللغة المنطوقة ،باعتبارها يشحنات وكميات صوتية مرسلة في قناة سناقلة ،منتقلة من مرسل إلى مستقبل » ،تؤثر في القوى 1
العقلية بواسطة اللفاظ " "«.وقد تكون هذه الوسائل اللغوية أجدى سنفعا من الولى .إذا تعلق المر بتوضيح معاسني الحقائق المجردة غير المقدور على تمثيلها أو تجسيدها حسيا.كالعد،ل ،والعقاب ،والجزاء. وتتميز الوسائل اللغوية بالسهولة والسرعة في الستحضار ومن صورها على 2
سبيل المثا،ل :التمثيل ،والتشبيه ،والموازسنة ،والوصف ،والقصص ،والحكايات" " وغيرها من وسائل الثارة والتشويق. ومنها ينتقل المعلم الذي يجيد استخدام هذه الصور بالمتعلم من عالم المجردات إلى عالم المحسوسات » فيكتسي عالم المعقولت حلة جديدة تجعله 3
مفهوما ومقبول وجذابا لدى التلميذ" "«.ولم يكتف المربون في العصر الحديث بتعديل الوسائل التعليمية وتحديد أسنواعها وأهميتها ومجا،ل استعمالتها ،بل ذهبوا إلى أبعد من ذلك ،فتباروا في ترتيبها حسب فاعليتها .ومنهم إيدجار ديل)Edgar ) Daleالذي رتبها على يشكل الهرم التالي الذي أورده محمد الدريج في كتابه:
- 31عبد العليم إبراهيم،الموجه الفني لمدرسي اللغة العربية،ص.432 : - 42ينظر عماد توفيق السعدي وآخرون،أساليب تدريس اللغة العربية،ص.92: - 53محمد الدريج،تحليل العملية التعليمية،ص.105:
- 92 -
الفصـل الرابع 4
خطاطة هرم الخبرة لترتيب الوسائل التعليمية لديل" ":
ر ،ل ل الرموز البصرية
التسجيلت السمعية البصرية
اللفل م المتحركة التلفزيون التعليمي المعارض الرحلت والدارسات الميدانية النماذج والعمليات والتوضيحات العملية التمثيل والخبرات الممثلة الخبرات المعدلة)غير المباشرة( الخبرات العملية المباشرة
- 14محمد الدريج ،تحليل العملية التعليمية،ص.105:
- 93 -
رموز لفظية
الفصـل الرابع ملحظ لهذا الهرم ،يرى تمركز الخبرات المجردة في قمته ،في إن المتتبع ال وُ تتمركز الخبرات الواقعية والملموسة في قاعدته .وهذا يتناسب تماما مع
حين
السنتقا،ل بالمتعلم من المحسوس إلى المجرد ومن السهل إلى الصعب على حسب ما تقتضيه الفكرة التعليميـة ،ولذا ل يعتمد ترتيب هـذه الوسائل التعليميـة على أهميتها ،وإسنما على مدى قرب كل واحدة أو توفرها على الخبرات التجريبية أو الواقعيـة. وإن كان المعلمون في القديم ،يولون الوسائل التعليمية اهتماما ل أستطيع تحديد سنسبتها ،وقد تفطنوا إلى أهميتها ،سواء كاسنت حسية أم لفظية في بلوغ أهداف التعلم ،وما يمكن الجزم به ،هو بساطة هذه الوسائل وبدائيتها؛ سواء قبل القرن الثالث هجري أم بعده .مع العلم ،أسنها ساهمت في تثبيت مستوى تعليمي ل يستهان به .لن الهدف من وراء العملية التعليمية برمته ،كان تح ٍد لنشر رسالة التوحيد.
الوسائل التعليمية في المدوسنة: جاء صاحب المدوسنة على ذكر بعض الوسائل التعليمية ،ولكنه ذكر عرضي ليس هدفه التمعن فيها ،أو محاولة تقديمها ،أو ذكر كيفية استعمالها ،أو طريقة الحصو،ل عليها .ومع ذلك ،يمكن حصرها ،والنظر فيها ،من خل،ل الكتب التي ألفت بعده .لن أغلب هذه الوسائل ،هي على حا،ل واحدة ،لم تتطور ،إذ مازالت على حالها في الزوايا والكتاتيب إلى يومنا هـذا كالجزائر ،والمغرب القصى ،ولعل هذا ما يساهم في إعطاء سنظرة عن الوسائل التي كاسنت مستعملة آسنذاك.
- 94 -
الفصـل الرابع
الوسائل الحسية: من الوسائل التي أيشار إليها محمد بن سحنون :اللواح ،الجاسنة ،المنديل، 1
المداد" " ،ويمكن إضافة الوسائل التالية :الجريد ،الجلد ،القلم ،الدواة ،السكين. وهي وسائل لم يذكرها صاحب المدوسنة ،وأميل إلى أسنها سقطت منه سهوا ،لسنه ذكر فعل الكتابة دون التطر ق إلى وسائله وطرقه .ويظهر هذا من خل،ل قوله » فيأذن للصبي أن يكتب لحد كتابا فقا،ل) :ل بأس به وهذا مما يخِّرج الصبي إذا كتب 2
الرسائل " "«.إل وقد يكون تعمد ترك الحديث عنها .ابتغاء التركيز واليجاز. ولتفصيل هذه الوسائل بشيء من الوصف اعتمدت على بعض الكتب التي جاءت على ذكرها من جهة ،و على ما هو مطبق في الكتاتيب في الواقع ،من جهة أخرى. ومن هذه الوسائل ما يأتي ذكره.
اللواح: وهي عبارة عن قطعة من الخشب مصنوعة بأيشكـا،ل وأحجـام متنوعة، ضرها النجـار ويصقلها لتكون صالحة للكتابة ،ويشترط فيها الخفة ليستطيع يح رّ الصبي حملها ،ومازالت هذه اللواح معتمدة في الجزائر ،ول يزا،ل النجار في هذه البلد ،يقوم بتحضير اللوح الخشبي » على أيشكا،ل مختلفة في الطو،ل والعرض فالصغير منها ذا حجم )20سم30/سم( والكبير يحمل حجم )30سم50/سم «
""3
فهناك اللواح التي تحمل ثمن الحزب ،وأخرى تحمل ربعه ،كما أن هناك ألواحا تحمل سنصف الحزب ،وهي قليلة ،حسب تدرج المتعلمين في الحفظ.
- 11محمد بن سحنون ،كتاب آداب المعلمين ،ص.75: -2 2المصدر سنفسه ،ص.82: -13الطالب عبد الرحمن بن أحمد التيجاسني ،الكتاتيب القرآسنية في سندرومة من 1900الى ،1977ص62:
- 95 -
الفصـل الرابع وقد استحدثت اللواح في الكتاتيب ،حيث أدخل فيها اللوح المصنوع من كتاب ل يمكنه الستغناء البلستيك الذي يكتب فوقه بالطبشور .إل أن المتعلم في ال وُ عن اللوح الخشبي العتيق .لعدم محو ما يكتب عليه بسهولة إل بعد غسله بالماء، عكس مادة الطبشور التي تمحى بسهولة.
الصلصا،ل: كتاب من أجل طلء اللوح ،لكي يظهر عليه لون يستخدم الصلصا،ل في ال وُ المداد أثناء الكتابة عليه ،والصلصا،ل هو » :المادة الترابية اليابسة البيضاء ،يؤخذ من الرض الصلصالية وتدهن بها اللوحة بعد الغسل لتصبح بيضاء يظهر عليها لون 1
الصمغ المحضر فوُتقرأ الكتابة بسهولة ومن بعيد " " «.ول يصعب الحصو،ل على هذه المادة في أي زمان و مكان.
القلم: وُذكر القلم في القرآن الكريم أكثر من مرة ،بصيغة المفرد )قلم( كقـولــه عز 2 ِ ن "﴾ق" " ،وبصيغة الجمـع )أقلم( في قولـه جل وعلَ ﴿ :ولَْو وجل ﴿ :ن َو لققَلَم َوَم ا يَْس طُقُرو َ ض ِمن شَجرٍة أَْققلَم والبح رق يمدّه ِمن بع ِدقِهق سبعةُ أَبحٍرق مّ ا نَفِذَت َِ ِ ن اَل ت اِل إِ ّ أَنَّم ا ف ي الَْر ِ ْ َ َ ْ ٌ َ َ ْ ُ َُ ُ ْ َ ْ َ ْ َ ْ ُ كلَم ا ُ ْ ُ 3 عَِزيٌز َحِك ميقٌم"﴾" "
والقلم هو اليراعة التي يحضرها المتعلم ويتفنن في تحضيرها لن الجادة في تحضير القلم تساهم في إجادة الخط ،والمر الذي استوقفني أثناء البحث في -21المرجع سنفسه ،ص.62: 3- 2القلم ،الية ،1:و ينظر أيضا العلق ،الية.04: 3 ك مِْن أَْنبق اَءِ الَغْمي ِ ن أَْققْلََمُه ْمق ك َوَم ا ُ ديِه ْمق إِ ْ -1لقمان،الية ،27:وكذلك قا،ل ا عز وجل َ ﴿ : ب ُنوِحميقِه إِلَمي َ ذل َ تلَ ذ يلقو َ كْن َ كْنت لَديِه مق إِ ْ ِ ن "﴾ آ،ل عمران ،الية .44: أيُّه ْمق يَ ْ ك فقُلُ َمْريَقُم َوَم ا ُ َ َ ْ ْ ذ يَْختَص ُمققو َ
- 96 -
الفصـل الرابع كيفية تحضير هذه الوسيلة ،تولي الصبية في الكتاب ،صناعة أقلمهم بأسنفسهم، 1
" "ولعل مثل هذه المشاركة في تحضير الوسائل التعليمية ،يكمن لدى المتعلم حرصا زائدا للمحافظة عليها ،والتعلق بها ،ومحاولة تحسينها كل ما أمكن ذلك. ومع عدم ذكر محمد بن سحنون للقلم فإسنه ترك قرينة تد،ل عليه ،وهو المداد. ولعل هذا يرجح فكرة كنت قد ذكرتها فيما سبق وهي عدم تفصيل صاحب المدوسنة في هذه الوسائل ،وغيرها من المواضيع؛ لعتبار المدوسنة دليل مختصرا ل غير ،أما 2
مادة القلم ،فتكوسنه من القصب ،لصلبة هته المادة ،ودقة قشرته ،وخفة وزسنه" ". هذا عن خصائص المادة ،أما عن كيفية ومراحل إعداده ،فأدرج سنموذجا عن كيفية صنعه في كتاب سندرومة بالجزائر لعطاء صورة تقريبية عما كان يشائعا في هذه الصناعة عبر زمن قد يمتد إلى القرن الثالث هجري ،حيث كاسنت تصنع القلم في هذه الناحية » من القصب ويتراوح طوله بين 15سم 20سم ،وعرضه 1سم، 3
ومساحة بريه والساقية الموجودة في البري تأخذ مساحة 2سم " "«.أي بقدر بطن الظفر تقريبا. ولكي يتحكم المتعلم في حجم الخط )الكتابة بالخط الغليظ والخط الدقيق بقلم واحد ( يبري الجاسنبين » على يشكل مثلث ليتسنى له قص رأسه حسب الشكل 4
الذي يريد " "«.وهنا تظهر براعة المتعلم في هذا الشغل اليدوي ـ إسنجاز تسميته كذلك ـ في إمكاسنيته صنع قلم يقوم بوظيفتين مختلفتين ،الكتابة الغليظة عند وضع بطن القصب على سطح ما يكتب فوقه )لوح خشبي ،جريد…( والكتابة الدقيقة عند 5
الكتابة به على ظهره" ". -21أ حمد الزر ق ،الكتاتيب القرآسنية بالجزائر ودورها في المحافظة على وحدة المة وأصالتها ،ص.36 : -32المرجع سنفسه ،ص.36 : -43الطالب عبد الرحمن بن أحمد التيجاسني ،الكتاتيب القرآسنية في سندرومة من 1900إلى ،1977ص .62: - 54أحمد الزر ق ،الكتاتيب القرآسنية بالجزائر ودورها في المحافظة على وحدة المة وأصالتها ،ص.36 : -65الطالب عبد الرحمن بن أحمد التيجاسني ،الكتاتيب القرآسنية في سندرومة من 1900إلى ،1977ص .62:
- 97 -
الفصـل الرابع كتاب الذي أما في العصر الحديث فقد أدخلت القلم التي سنعرفها اليوم في ال وُ استفاد من التقنيات الحديثة في تطوير هذه الوسيلة ،ومع الستغناء الشبه التام عن القلم التقليدي فإسنه مازا،ل من الناس من يتخذ صناعة القلم حرفة ،يجمع فيها بين خصائص القلم التقليدي العجيبة ،وبين إيجابيات التكنولوجيا الصناعية.
المداد: المداد أو الصمغ الذي يعرف في منطقة المغرب العربي )السمق( أو )السما ق( تؤخذ مادته من )الوذح( أي من صوف الغنام ،وبالضبط صوف ذيل 1
الشاة الملطخة بعرقها والممزوجة بقذاها" ". أما عن طريقة تحضير هذه المادة فيكون بحر ق الصوف الملوث ،ثم إضافة القليل من الماء إليها حتى تصبح على يشكل سائل بني اللون ،بحسب مقدار إضافة الماء والحر ق أيضا ،ليوضع هذا المزيج في محبرة زجاجية ،أو طينية ليحافظ على 2
رطوبته وسيولته ،وتفقد هذه المادة صلحيتها إذا فقدت لوسنها البني المميز لها " ". ويذكر أسنه وجد بمنطقة سندرومة )الجزائر( من كان يصنع هذه المادة من يشجر 3
البلوط ،ويشجر البطم" " وهو سهل المحو مثله مثل الو،ل ،ومع أن صاحب المدوسنة أتى على ذكر المداد ،فإسنه لم يذكر عنه سوى قوله » :ومن المروءة أن يرى في 4
ثوب الرجل ويشفته مداد " "«.وهذا يد،ل على رفعة منزلة طلبة العلم.
الوسائل اللغوية )أو اللفظية(: -11ينظر الطالب عبد الرحمن بن أحمد التيجاسني ،الكتاتيب القرآسنية في سندرومة من 1900إلى ،1977ص.62 : و أحمد الزر ق ،الكتاتيب القرآسنية بالجزائر ودورها في المحافظة على وحدة المة وأصالتها ،ص.37 : - 22أحمد الزر ق ،الكتاتيب القرآسنية بالجزائر ودورها في المحافظة على وحدة المة وأصالتها ،ص.37 : - 33الطالب عبد الرحمن بن أحمد التيجاسني ،الكتاتيب القرآسنية في سندرومة من 1900إلى ،1977ص.62 : - 44محمد بن سحنون ،كتاب آداب المعلمين ،ص.75 :
- 98 -
الفصـل الرابع إسنها هي التي سبقت اليشارة إليها ،ورجوعي إليها ليس تكرارا وإسنما هو تركيز عليها وتثبيت لها.على ما جاءت عليه ،أو ما ينبغي أن تجيء عليه من أمثلة وسنماذج؛ كالتمثيل ،والتشبيه ،والوصف ،والقصص ،والحكايات .وإذا كان صاحب المدوسنة قد أتى على ذكر بعض الوسائل الحسية عرضا دون توضيح أو تفسير، كتاب فهو لم يتعرض إلى الوسائل اللغوية ،على الرغم من استعمالها في ال وُ وبشكل مكثف لتقريب المفاهيم المجردة إلى ذهن الطفا،ل.
وإن كان محمد بن سحنون لم يذكر الوسائل الحسية في المدوسنة فتعليمه الطفا،ل المبادئ والخل ق الحسنة ،والحساب ،والخط،ومعاسني بعض السور يلزمه استخدام بعض الوسائل اللغوية وأكثرها التمثيل والمقاربة باليشياء الحسية، والقصص. وأذهب بتصوري في هذا المجا،ل ،إلى أن استخدام هذه الوسائل اللغوية يحتاج إليها في موضوعات العبر المستخلصة من القصص القرآسني .وقد يتعدى استعما،ل التشبيه ،من توظيفه في حد ذاته ،إلى أبيات يشعرية منظومة على وقع موسيقي خفيف يمكن أن يغنيها الطفا،ل لتيسير حفظها ،مثل هذين البيتين من سنظم عبد الرحمن بن محمد الخضري والذي أوردهما مكي درار في رسالته وهما: حروفـه معلومـة مشهـورة * * * من واحد لتسعـة مذكـورة هَو وُمَدوٌر كحلقـة جـل ""1 وجعلوا الصفر علمة الخـل * * *َو ْ وهذا ما يؤكد الفكرة الرامية إلى أن الوسائل اللغوية كاسنت أكثر استعمال في التعليم القديم ،وحتى إذا تعلق المر بتبيين ويشرح الرموز الرياضية كالصفر فإن -11مكي درار ،الوظائف الصوتية والدللية للصوائت العربية ،رسالة دكتوراه دولة ،مخطوط ،ص.26:
- 99 -
الفصـل الرابع سنصيب اللغة من تشبيه ووصف أكثر من سنصيب الوسائل الحسية أو حتى الرموز المكتوبة ،إذ تعتبر هذه الرموز أصل من اختراع علماء اللغة فرمز الصفر الموظف في البيتين السابقين » علمة الفراغ والخلء؛وهو من وضع علماء اللغة،لن علماء الرياضيات المشهورين الذين تنسب إليهم اختراعات واستكشافات ،في مختلف المجالت العلمية ،عايشوا بعد الخليل) (...و من هذه النظرة أيضا ،يكون للخليل بعد 1
سنظري في وضع العلمات ،وسبق رياضي في توظيف رموزها" " « . و ما سنظمه عبد الرحمن بن محمد الخضري يشبه السنايشيد المدرسية التربوية، التي تحمل مضموسنا تعليميا وُيقرب إلى الذهن بالوصف والتشبيه ،في أبيات منظومة، كتلك التي تصف المدرسة في أسنشودة مدرستي ومواضيع تربوية أخرى كأسنشودة 2
هيا سنلعب أو أسنشودة يشر طي المرور" " أو أسنشودة القطار التالية التي فيها عدد غير قليل من الوسائل اللغوية أغلبها التشبيه الذي يهدف إلى الوصف تقو،ل السنشودة: ينسـاب كالثعبـان * * * يجـري علـى القضبـان تتـابعت في صـف * * * أجـزاؤه مـن خـلـف السهـل يجـرهـا كالحبـل * * * في الوعـر أو في 3 وعـنـدمـا يسيـر * * *يـعلـو لـه الصـفـير" "
وقد يشير هذا ،إلى أهمية الوسائل اللغوية في العملية التعليمية ،حتى في العصر الحديث الذي يولي للوسائل المادية اهتماما بالغا في التصميم ،واللوان وتوظيف التكنولوجيا في تحسيـن فاعليتها ،إل أن الوسائل اللغوية تبقى مستعملة
-21المرجع سنفسه ،ص.26: -32ينظر محمد بن يسعي وآخرون ،كتاب اللغة العربية للسنة الولى ابتدائي ،ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر،2004 ،ص.(100 -78-51): -43المرجع سنفسه ،ص.161 :
- 100 -
الفصـل الرابع سواء في التعليم القديم أم الحديث .وهذا لتمكين المتعلم الصغير من تكوين رصيد لغوي خاص به ،وذلك باعتماد أسلوب القصص والمحاكاة. وما يجعلني أجزم بسوء استعما،ل القدماء للوسائل الحسية أمام براعتهم في استعما،ل الوسائل اللغوية ،توفر هذه الوسائل الحسية في المحيط الطبيعي كالزهار ،واليشجار ،والحيواسنات وغيرها.وقد أغفل صاحب المدوسنة ذكرها .كباقي العناصر التي لم يشر إليها ،عن قصد أو غير قصد.وقد استفاد منه الباحثون في التعليم الحديث ،حيث استغلوا ما يحيط بالطفل سواء في البيت ،أم الشارع ،أم الطبيعة ،في تقريب الفهم وسرعة الدراك ،وتوظيف هذا في تعليم كل المواد تقريبا ،ما يزيد في سنسب التحصيل. وقد يكون أقرب مثا،ل على ما أقدمه ،للتدليل على ما قلته عن الستفادة من محيط الطفا،ل كأفضل وسيلة تعليمية تشبيه الرقام في كتاب الرياضيات للسنة الولى من التعليم البتدائي بأيشكا،ل الحيواسنات ،كتشبيه الرقم واحد بالفرايشة، وتشبيه الرقم صفر بظهر سلحفاة ،وتشبيه الرقم خمسة بثعبان رافع رأسه سنحو 1
اليمين ،وتشبيه الرقم اثنان بشكل بطة سنحو اليسار" ". و سنجد أيضا إضافة إلى هذه التشبيهات بأيشكا،ل الحيواسنات توظيف أيشكا،ل سنباتية ) أزهار ،أيشجار ،أورا ق أيشجار ،أغصان( ،وأيشكا،ل لوسائل سنستعملها في حياتنا اليومية )يشموع ،كؤوس ،حبا،ل (...لتعليم مبادئ الحساب من جمع ،وطرح ،وتركيب 2
عدد بعدد ،وتفكيك عدد عن عدد" ".
-11محمد علوان وآخرون:كتاب الرياضيات السنة الولى من التعليم البتدائي )كتاب مدرسي معتمد( ،دار القصبة للنشر،الجزائر 2004 -2003،ص.38: -22ينظر المرجع سنفسه ،ص160-138:
- 101 -
الفصـل الرابع وهذه البراعة في توظيف محيط الطفا،ل للستفادة منه في العملية التعليمية)تعليم الحساب مثل( تساهم في يشد اسنتباه الطفا،ل خاصة وأسنهم يحبون اليشياء المادية التي توفر لهم خاصية أخرى وهي اللعب ،وبهذا يكون المعلم قد أرضى أكثر من حاجة عند المتعلم بتوفيره اللعب من جهة والتعلم من جهة أخرى، وهذا ما يسميه الباحثون في التعليمية حاليا باللعب الهادف أو اللعب التعليمي الذي يتجاوز حدود اللعب والترفيه عن النفس ،إلى الستفادة من هذا الوقت المخصص للراحة في اكتساب معلومة جديدة ،أو حل مشكلة قد يقع فيها المتعلم لحقا.
ومن هنا فالتعليم الحديث يولي للعب الهادف أهمية كبيرة فمهمة المدرسة ليست » محددة في حراسة السلمة العقلية لطفالها،بل إسنها تتجاوز ذلك لتحافظ على السلمة الجسمية لهم من خل،ل مراعاة الحاجات اللزمة للجسام سواء للعب أم للراحة ول معنى لتقييد حركة الجساد لن ذلك له مغزى في تحجر الفكر وفي 1
التصلب العقلي" " «. ولتفادي هذا التحجر الفكري والتصلب العقلي وضع التعليم الحديث ألعابا ترفيهية وتعليمية للمتعلمين الصغار كلعبة قراءة البطاقات ،وهي لعبة مشوقة تهدف إلى الترفيه من جاسنب وإلى التمكن من فعل القراءة من جاسنب آخر ،يعرّدها المعلم بطر ق مختلفة،ومن أسنواعها ما يلي: بطاقات تنفيذ الوامر والتعليمات ،وتتلخص هذه الفكرة في أن يكتب المعلمأمر واضح على البطاقة يقرؤه التلميذ ثم ينفذه كـ:قم ،اجلس ،اضحك..
1
-1حسنى عبد الباري عصر:فنون اللغة العربية ) تعليمها وتقويم تعلمها( ،مركز السكندرية للكتاب، السكندرية ،2000 ،ص.79:
- 102 -
الفصـل الرابع بطاقات اختيار الجابات الصحيحة ،وتتلخص فكرتها في إعداد سؤا،ل وكتابةإجابات عدة تحته واحدة منها فقط صحيحة وعلى التلميذ أن يتعرف على هذه الجابة الصحيحة. بطاقات اللغاز ،وهذا الضرب من اللعاب كان متوفرا حتى في الكتاب ،لكنل يمكن الجزم باستناد المعلمين في الكتاتيب عليها وتوجيهها وتنظيمها كألعاب تساعد على التعلم إذ لعل استعمالها كان بين المتعلمين دون إيشراك المعلم لتحصيل المتعة والترفيه ،وفكرتها أن يتحدث إلى القارئ يعرفه بالتدريج من خل،ل صفاته ،وغيرها من البطاقات التي تعين على القراءة 1
وتوفر الترفيه" ". يمكن اختصار كل ما قلته عن وسائل التعليم من الجاسنب اللفظي )اللغوي( وحتى من الجاسنب الحسي عند محمد بن سحنون في القديم بالعودة إلى هذا والذي أهدف من وراءه التقرب إلى كيفية تصنيف وسائل التعليم في القديم حسب الستعما،ل،وهو كالتالي:
تصور لخطاطة هرم الوسائل التعليمية في المدوسنة حسب الستعما،ل:
-21سنظر محمد صالح سمك:الطر ق الخاصة بتدريس اللغة العربية لدور المعلمين و المعلمات ،ص.243-238:
- 103 -
الفصـل الرابع
أساليب البلةغة والبيان
تشبيه عادي}تقريب صورة من صورة للتوضيح{
الوسائل اليسية}لوح خشب ،مداد ،قلم ،صلصال{...
منهجية محمد بن سحنون في المدوسنة: - 104 -
الفصـل الرابع وُيراعى قبل القيام بأي عمل سواء بحث علمي ،أو فعل تعليمي تعوُلمي إدراك أول خطة عمله اسنطلقا من الغايات ،والمقاصد ،والسنشطة ،والطر ق ،والساليب، وصول إلى النتائج المترتبة عنه. ومن هنا فأن اللتزام بمنهج معين أو حتى الدمج بين منهجين أو أكثر يغني الدارس عن تشتيت الجهد وتضييع الوقت باعتباره »طريقة للكشف عن الحقائق الموضوعية ،وهو طريقة تتضمن استقراء الواقع للتحقق من صحة الفروض التي يصوغها الباحث في محاولة تفسير ظاهرة ما ،أو الوصو،ل إلى حل علمي لعقبة أو 1
عائق يعترض سيا ق البحث«" "هذا عن المفهوم العام للمنهج. أما وبعد اسنتقا،ل هذا المفهوم إلى مجا،ل التربية والتعليم ليشير إلى النهج الذي يجب على المعلم إتباعه لبلوغ الهداف التربوية أصبح المنهج في الميدان التربوي يعني » :مجموع الخبرات التعليمية المبايشرة وغير المبايشرة التي يعدها المجتمع لتربية الفراد وإعدادهم في ضوء ظروف البيئة الجتماعية ما يهدف إلى تحقيقه من آما،ل وإسنجازات مستقبلية وبهذا المعنى يكون المنهج هو المرآة التي تعكس واقع المجتمع وفلسفته وثقافته وحاجاته وتطلعاته وهو الصورة التي تنفذ بها سياسة الدولة في جميع أبعادها السياسية ،والجتماعية ،والثقافية ،والقتصادية، 2
والتربوية" "«. وبهذا المفهوم يعتبر المنهج في كتاب آداب المعلمين كل المواد التي قرر محمد بن سحنون تدريسها للطفا،ل،وكل الطرائق المتبعة لذلك،وكل الوسائل المساهمة لتحقيق هذا مع مراعاة الزمان والمكان لتحقيق السياسة التعليمية التي أخذها عن
- 11عبد القادر العرابي وعبيد العمري :إيشكالية المنهج في العلوم السنساسنية ،مجلة الجتماعية ،تصدر عن كلية الداب ،جامعة البحرين ،العدد ،2001 ،04في العلوم السنساسنية ،ص158 : -22صالح ذياب هندي وهشام عامر عليان:دراسات في المناهج والساليب العامة،ص.09:
- 105 -
الفصـل الرابع سيد الخلق رسو،ل ا صلى ا عليه وسلم ،ومنه إمكاسنية تنفيذ سياسة المة السلمية في جميع أبعادها الدينية ،والتربوية ،والثقافية).(... ولن أي منهج كان يتأثر بالظروف التاريخية ،والجتماعية ،وبالبعاد الفلسفية للمجتمع،ملت بتقديري إلى أن المنهج المراد دراسته عند محمد بن سحنون ل يعطي صورة واضحة خاصة بالمدوسنة لوحدها،وإسنما يعطي صورة عامة يشبه سناقصة للسياسة التعليمية لذاك العصر ،مع تغييب للفكر الذي أوجد المدوسنة،لذا عدلت عن المنهج وتبنيت المنهجية لكوسني أردت أن أخرج من المدوسنة بحكم خاص بها لعممه على ما هو موجود في الزمان والمكان الذي ظهرت فيه،لصل إلى مقارسنته بما هو موجود في زمان ومكان البحث حاليا. ولن المنهج عام والمنهجية""1خاصة ،التزمت الثاسنية دون الو،ل ،لن الثاسنية تعبر عن فكر محدد خاص بتجربة معينة وصلتنا من خل،ل المدوسنة بهذا الشكل» ، وكما يرى الفهري فإن المنهجية مثل النظرية ليست إل تجربة ظرفية ،تتغير بتغير الظروف و الوضاع ،وتتجدد في فضاء زماسني ومكاسني معين"2"«.
-11كل ما جاء على هذا الوزن )مفعلية( فيد،ل على التخصيص ،كتعليم تعليمية ،مصطلح مصطلحية وغيرها. -22عبد القادر العرابي وعبيد العمري ،إيشكالية المنهج في العلوم السنساسنية ،مجلة الجتماعية ،تصدر عن كلية الداب ،جامعة البحرين ،العدد ،2001 ،04في العلوم السنساسنية ،ص 158
- 106 -
الفصـل الرابع و من هذا المنطلق لم أبحث في المنهج لكي ل أضطر إلى فرض تعميم فكر متميز من جميع النواحي عدا تقدمه الزمني فيمسه سنوعــا مــن الظلــم،ومــن النقــاط التي تظهر منهجية محمد بن سحنون في مدوسنته ـ رغم صعوبة إحاطتها لسنتقاله من فكرة إلى فكرة بسرعة ـ ما يلي:
موقفه من الكتب التعليمية: عدا المصحف الشريف الذي يجب على المتعلم حمله في صدره طيلة حياته، وفي مختلف مراحل تربيته وتعليمه ،التي يبني من خللها يشخصيته ،وثقافته ،وُوجدت زمرة من الكتب التي قرر المعلمون تعليمها إذ تعتبر بمثابة الكتب المدرسية المقررة بالمفهوم التعليمي الحديث،ولم وُتغير أو وُتجدد هذه الكتب المقررة في المضامين ،إذ ظلت كذلك حتى زمن متأخر ،ومنها ما ل يزا،ل يدرس لحد الساعة ،خاصة تلك المتعلقة بتعليم النحو،والفقه،إذ يمكن استنتاج ذلك من خل،ل الكتب التي قرر الشيخ 1
عبد الحميد بن باديس تدريسها لطلبته" " ـ مع أخذ عامل الزمن في العتبار ،أي مراعاة تواريخ الكتب التي ألفت بعد القرن الثالث الهجري ـ ومنها على سبيل المثا،ل:كتاب الموطأ،أقرب المسالك ،ابن عايشر )في الفقه( قطر الندى وب رّ ل 2
الصدى،لمية الفعا،ل)" "(... والمفارقة الحاصلة بين محمد بن سحنون وبعض المربين بعده رفضهم استئجار كتب الفقه ،أما الكتب الخرى ككتب الشعر والحساب فلم يأت على ذكرها ،وفكرة استئجار الكتب مطبقة في منظومتنا التربوية الراهنة ،وهي ترفع الحرج عن كثير من أولياء المور الذين ل يتحملون مصاريف يشراء الكتب التربوية الباهضة
-31أخذت عبد الحميد بن باديس كمثا،ل لسنه القرب إلى العصر الحديث وأكثر تأثرا بمنهج السلف الصالح في التعليم والتعلم ،ومنه كان تخميني في الحصو،ل على معلومات أكثر حو،ل هذه النقطة بالذات من خلله ومن خل،ل بعض المهتمين بالتعليم على طريقة القدماء . - 42ينظر تركي رابح ،الشيخ عبد الحميد بن باديس،ص.319:
- 107 -
الفصـل الرابع الثمن،وعدا ذكره لنقطة جواز استئجار الكتب لم يتطر ق صاحب المدوسنة إلى عِّد وتسمية الكتب المعتمد تدريسها في عصره.
منهجيته في الطرائق التعليمية: ل يظهر في مدوسنة محمد بن سحنون مدى تفاعل الطريقة المختارة للتعليم )الطريقة التلقينية التحفيظية( مع أســلوب المعلــم والوســيلة المعتمــدة لــذلك ،رغــم وضوح الهداف التي يسعى إليها ،ولعل هذا راجع إلى مستويات التلميذ وأعمارهم المتفاوتة في المكتب الواحد،كما ل يوجد في المدوسنــة مــا يشــير إلــى كيفيــة وسنســبة تنمية السنفعالت الخاصة لدى الستماع إلى القرآن،وهذا ما يجعل النظــرة الشــائعة إلى طر ق التدريس في القديم تنطبق على مدوسنة محمد بــن ســحنون أيضــا ،والــتي تقوم على » إيصــا،ل المعلومــات إلــى المتعلميــن بتوســط المعلــم) (...عمليــة سنقــل 1
للمعلومات من الكتب أو من عقل المعلم إلى عقل المتعلم " "«. فرأي من اسنتقد هذه الطريقة أن التعليم فيها يقتصر على تقديم المعلومات دون أهداف التعليم الخرى )حل المشكلت( كما تغيب الفرو ق الفردية وتساوي 2
بين المتعلمين" ". و مع أسنني ل أميل إلى هذا الرأي الذي وُيظهر المعلمين في القديم وكأسنهم ل يعلمون يشيئا عن الفرو ق الفردية إل أن عدم ذكر ما يد،ل على ذلك صراحة أو تلميحا في المدوسنة يحتم على الباحث اعتماد هذا الرأي،رغم وجود بعض القصص التي تروي اهتمام المؤدبين والمعلمين بالصبية الذين يظهرون ذكاء عالي أو يتفوقون -11حسن يشحاتة،تعليم اللغة العربية بين النظرية والتطبيق،ص.19: -22ينظر المرجع سنفسه،ص.19:
- 108 -
الفصـل الرابع على أترابهم ما يدعوهم إلى تبني هؤلء الصبية علميا وحتى اجتماعيا،ومن هذه القصص ما ذكر عن المام أبو حنيفة النعمان مع تلميذه القاضي أبو يوسف. و إذا أخذسنا مبدأ قياس المور على بعضها سنجد أن من يهتم بفصل المتعلمين في التعليم كل جنس على حد،وباهتمام استعراض كل متعلم لما تعلمه من حفظ صحيح للقرآن ،ومبادئ الحساب ،واعتماده التقويم الفردي أثناء الكتابة والملء،يكون وبل يشك مراعيا للفرو ق الفردية للمتعلمين ،ولو بنسبة ضئيلة،وهذا ما يجعلها غير واضحة في المدوسنة.
منهجيته في المادة التعليمية: يظهر من خل،ل استعراض المادة التعليمية في الفصل المخصص لها أن محمد 1
بن سحنون قد اتبع على ما يبدو منهج المواد المترابطة " " بالمفهوم التعليمي الحديث ،إذ ل يفصل بين تحفيظ القرآن ،وتعليم الخط،وتعليم الملء،فكل من هذه المواد يقترن بعضها بالبعض الخر اقتراسنا وثيقا،فاسنطلقا من تحفيظ القرآن تستخرج المفردات والعبارات القرآسنية التي يحاكي المتعلم كتابتها في لوحه الخشبي،وبعد تحكمه في القلم ينتقل إلى مرحلة أخرى ،ومن مادة حفظ القرآن -11يتميز هذا المنهج بربط المواد الدراسية بعضها ببعض دون إزالة الحواجز الفاصلة بينها ،وسنعني بالربط هنا إثبات العلقات المتبادلة بين موضوعين أو أكثر من المواضيع الدراسية...كربط موضوعات اللغة العربية بموضوعات التربية السلمية ".ينظر صالح ذياب هندي و هشام عامر عليان،دراسات في المناهج والساليب العامة،ص.169:
- 109 -
الفصـل الرابع دائما تعلم مادة الملء حيث يقوم المعلم بإملء العبارات القرآسنية في البداية ليتعداها إلى إملء قصار الصور بعد ذلك بالتدرج. ولن العلقات الموجودة بين هذه المواد )تحفيظ القرآن ،تعليم الخط ،إملء( متينة وواضحة المعالم ،فأقدر أن سنجاح المعلم في القدرة على تحديدها ،و اللمام بها يكون في درجة واحدة ،ولعلي أذهب إلى تأكيد فكرة أن الفكر السحنوسني متميز بالتخطيط المسبق للفعل التعليمي قبل البدء .
ميزات منهجية محمد بن سحنون: من ميزات منهجية محمد بن سحنون في التعليم والتعلم قيام معلم واحد بتدريس جميع المواد المقرر تعليمها للطفا،ل وهذا يخدم ترابط المواد بشكل كبير ،لن المدرس الواحد يحرس على مقاربة هذه المواد أكثر من جماعة المدرسين الذين لن ينجح معهم المر بالقدر سنفسه مهما حاولوا لتركيز كل واحد منهم على مادته،لذا يمكن القو،ل أن منهجية محمد بن سحنون تميزت بالترابط وتفادي التجزئة. كما تميز فحوى كتاب آداب المعلمين بالطابع السنشائي الخطابي ،ولعل هذا يناسب طبيعة ذلك العصر لحتياج الناس فيه إلى والريشاد والستماع وتقبلهم مثل هذا النمط من الخطاب ،عكس العصر الحالي الذي يغلب عليه الخطاب العلمي. ويتميز منهج محمد بن سحنون أيضا بتلؤم المنهج التعليمي المتبع بحاجات المتعلمين وتطلعات المجتمع في القرن الثالث الهجري،وهذه أزمة التعليم الحديث حاليا خاصة في الدو،ل العربية حيث تطرح مشكلت المناهج التعليمية التي يغلب عليها الطابع النظري على الطابـع التطبيقـي » وهي جامدة وليست مرسنة ،زيادة
- 110 -
الفصـل الرابع على توجهها سنحو الحفظ والتلقين واستظهار النص،لن تطلعات المجتمع وتطور 1
العصر يفرض غير ذلك" "«. ول يعني هذا أن تعليم المتون )القديم( ل يعيبه الحفظ بل القدماء أسنفسهم يعيبون على بعض المعلمين الحفظ دون تقصي الستقراء والستنتاج فينتجون بذلك عقول جامدة خاصة بعد توجه المتعلمين إلى حفظ ما ل ينفعهم من مختلف العلوم على حساب العلم النافع ،ومن بين هؤلء العاتبين على مثل هذا التعليم وابن خلدون ،يقو،ل » :فيحتاج المتعلم إلى حفظها كلها أو أكثرها ومراعاة طرقها، ول يفي عمره بما كتب في صناعة واحدة إذا تجرد لها ،فيقع القصور ول برّد دون 2
رتبة التحصيل" "« . ومن مميزات منهجية محمد بن سحنون في عمليته التعليمية استشرافه للمستقبل التعليمي في بعض النقاط التي طرّبقها وغفل المربون عنها المربون بعده ليعيدوا النظر إليها في العصر الحالي ،منها:
.1
مراعاة الجاسنب النفسي للمتعلمين.
.2
التواصل الراقي بين المعلمين وأولياء المتعلمين ،وبين مختلف أماكن التعليم والتعلم )بيت ،وُكتاب ،مسجد(..
.3
تخصيص البنات بمنهج خاص من التربية دون الصبيان مراعاة لختلفهن خلقا ووظيفة) ،اسنفرادهن بتربية مزدوجة ،تربية منزلية، وتربية علمية(
.4
مراعاة الجاسنب المادي للمتعلمين بفتحه باب استئجار الكتب دون ابتياعها الذي يكلف ثمنا باهظا في ذلك الزمن لقلة النساخ ووسائل
-11عبد القادر العرابي وعبيد العمري ،إيشكالية المنهج في العلوم السنساسنية ،في العلوم السنساسنية ،مجلة اجتماعية ، ،العدد ، ،2001 ،04ص.158 : -22ابن خلدون ،المقدمة ،ص.488:
- 111 -
الفصـل الرابع النسخ وصعوبته هذا من جهة ،و عدم تكفل أولي المر ـ كما سبق الذكر ـ بهذا المر من جهة أخرى .
سنقد منهجية محمد بن سحنون: أدرجت هذه النقطة في آخر البحث بعد استنطا ق ـ إن جاز التعبيرـ بعض مظاهر العملية التعليمية في كتاب آداب المعلين لمحمد بن سحنون لمعرفة سلبيات هذا النمط ضمن التعليم عامة والوقوف عند النقاط التي فاتت الفكر السحنوسني جراء عامل الزمن والتقدم الفكري،ومن بين هذه الملحظات)التي ل أفضل تسميتها اسنتقادات(:
.1عدم استقرار تنظيم المادة وتصنيفها في ذهن صاحب المدوسنة ،ويظهر هذا جليا في المؤلف حيث يدرج أكثر من موضوع تحت عنوان واحد مثل سنجده 1
يتكلم عن العد،ل في عنوان أفرده له هو:ما جاء في العد،ل بين الصبيان" " في حين ل يلزمه العنوان العريض استيفاء الموضوع كامل ،ليعود إليه في 2
عنوان آخر هو:ما يجب على المعلم من لزوم الصبيان" " ولعل هذا يعود كتاب. سلبا في تنظيم العملية التعليمية داخل ال وُ .2يشعر القارئ للمدوسنة وكأن مؤلفها محمو،ل على السرعة وإسنهاء العمل حمل،كما يلحظ سنمط تفكيره السريع حين تعرضه لمحتويات المدوسنة تعرضا عرضيا موجزا دون يشرح ،وتعليل ،وتحليل خاصة في ختام المدوسنة،ولعل حجمها دليل على ذلك فالكلم عن مثـل هذا الموضـوع )الفعـل التعليمي التعوُلمي( في تسعة وعشرون صفحة فقط يستدعي سنوعا من إعادة النظر -11ينظر محمد بن سحنون،كتاب آداب المعلمين،ص.74: - 22ينظر المصدر سنفسه،ص.87:
- 112 -
الفصـل الرابع وهو المر الذي يجعلها غير واضحة ليعطي فرصة لقارئها أن يحكم على سير العملية التعليمية في القرن الثالث الهجري وفي المغرب العربي بعدم الوضوح في أغلب مراحلها. .3على الرغم من تخصص المدوسنة بتربية وتعليم الصغار دون الكبار إل أن 1
صاحبها أدرج فيها ما يوحي إلى تعليم الكبار من مثل إجارة كتب الفقه" " مع كتاب إل بعد إتمامهم حفظ العلم أن هذه المادة ل وُتدرس للطفا،ل في ال وُ القرآن كامل بشكله وإعرابه وإجادتهم الخط الذي يؤهلهم للسنتقا،ل إلى مستوى أعلى من التعليم )أي تدريس هذه المادة يكون في المسجد وليس كتاب( في ال وُ .4ما يدعو للستغراب في السياسة التعليمية لمحمد بن سحنون إغفاله الجاسنب الفيزيولوجي لتربية الصبيان فل يوجد في المدوسنة ما يوحي إلى اهتمامه بالتربية البدسنية والجسمية لهم رغم أن مبادئ سياسته التعليمية مأخوذة كلها من السلف الصالح الذي يرعى هذا الجاسنب لقو،ل عمر بن الحطاب رضي ا عنه في كتابه الذي كتبه إلى أهل الشام »:علموا أولدكم السباحة والرمي 2
و الفروسية " "« .و إن كان قد ذكر اللعب فيقصد به في تقديري اللهو وقتل الوقت مع بعض ما تدره هذه اللعاب الرياضية من فوائد وليس التربية الجسمية. ولعل هذا ينطبق على المدوسنة فحسب؛لن للعب الهادف أو التربية الجسمية بالمفهوم الحديث موجود في تراثنا التعليمي فهذا الحجاج مثل يوصي
-31ينظر المصدر سنفسه ،ص.94: -42ابن قتيبة الدينوري ،عيون الخبار،دار الكتب،القاهرة،ج ) 2د ط( ،1964،ص.168:
- 113 -
الفصـل الرابع مؤدب بنيه بتعليمهم السباحة قبل الكتابة يقو،ل » :علمهم السباحة قبل الكتابة، 1
فغنهم يحبون من يكتب عنهم ول يحبون من يسبح عنهم" "«. ومن المؤكد أن السباحة التي أرادها الحجاج لبنيه ترتكز علي قواعد وأسس وإل كان تعليمها في متناو،ل كل فرد ،وبالتالي ل تحتاج إلى معلم ليعلمها لهم.وهذا يد،ل على أن القصد من وراء تعلم السباحة التربية الجسمية السليمة للطفا،ل ،وليس تأمين اللعب لسد الفراغ بطريقة هادفة. ومن بين الخبار التي تؤكد إصرار أولياء المور وحتى المعلمين في القديم على التربية الجسمية إسنكارهم للعب الذي ل يدر بمنفعة للصبي ،كإسنكار يشريح لطريقة لعب ولده والوسيلة التي يلعب بها،وهذا ما يتضح في الكتاب الذي بعثه لمعِّلمه ليعالج هذه المشكلة ،ويروض أخلقه ،وينمي جسمه بطريقة سليمة،حتى وإن اضطر لتأديبه بالدرة ،ويقو،ل في هذا الكتاب: تبك الصلة لكلب يسعى بها * * * طلب الهراش مع الغواة النجس فإذا خلوت فعضه بسلمة * * * وعظّنه وعظك للريب الكيـس وإذا هممت بضربه فبدرة * * * وإذا بلغت بها ثلث فاحبــس 2 واعلم بأسنك ما فعلت فلنفسه * * * مع ما يجزعني أعز السنفـس " " وهذا إن د،ل على يشيء فيد،ل على أن التربية الجسمية المحتكمة إلى ضوابط وأسس لم تكن مهملة أو مغيبة في التعليم القديم ،مع عدم التلميح إلى ذلك في المدوسنة. هذه بعض السنتقادات التي جمعتها من خل،ل قراءتي التي أجريتها حو،ل كتاب آداب المعلمين لمحمد بن سحنون مع العلم أن المجا،ل يبقى مفتوحا للباحثين للدلء باسنتقادات وملحظات أخرى قد فاتني الوصو،ل إليها.وقبل أن أسنتقل إلى سنتائج -11ابن قتيبة الدينوري ،عيون الخبار،ج ،2ص.166: – 22المصدر سنفسه ،ص167:
- 114 -
الفصـل الرابع هذا البحث وهي آخر سنقطة فيه أدرج خلصة قراءتي لكتاب آداب المعلمين لصاحبه محمد بن سحنون في الخطاطة التالية:
تصور لمخطط السياسة التعليمية عند محمد بن سحنون: فلسفة المجتمع }فلسفة إيماسنية تنبثق من اليمان بالله عز وجل والسنطل ق من هذا اليمان للعمل في كافة المجالت{.
فلسفته في التربية والتعليم } فلسفة قائمة على مراعاة المبادئ والقيم العقدية إلى جاسنب مراعاة معطيات العلم{.
أهدافه العامة في التربية والتعليم }تربية وتكوين فرد مسلم، منتج ،فعا،ل ،على كل المستويات{.
- 115 -
الفصـل الرابع المكان } هدف التربية في المرحلة البتدائية إعداد الطفا،ل سلوكيا و ذهنيا لتحمل مبادئ المسؤولية{.
منهجيته في التربية والتعليم
التقييم الوسائل المواد الطر ق
تقييم التعلم ) النظر في أحقية الطالب لخذ الجازة من معلمه للسنتقا،ل إلى صف أعلى ،أو لمساعدة معلمه على تعليم من هم دوسنه(.
- 116 -