47b0~1

Page 1

‫الفصـل الرابع‬

‫الوسائل التعليمية‪:‬‬ ‫لقد خلق ا السنسان في هذا الكون‪ ،‬بعد أن خلق له محيطه‪ ،‬وهيأ له وسائل‬ ‫الحياة فيه‪ ،‬وعلمه كيفيات التعامل مع من يعيشون معه‪ ،‬ورزقه القدرة على إسنتاج‬ ‫وسائل التعامل في الحياة‪،‬وتسخيرها؛ والتفكير في تطويرها وتجديدها‪.‬‬ ‫ومن ثمة‪ ،‬كان وجود السنسان متأخرا بالنسبة لمحيطه الطبيعي الذي وجد‬ ‫فيه‪ .‬وأسنه منذ أن وجد‪ ،‬وهو يبحث عن وسيلة يتعلم بها ما يفيده في حياته‪ ،‬وقد‬ ‫استغل هذا المحيط أيما استغل‪،‬ل‪ ،‬إن لم يكن وسيلة من وسائل تعلمه المتعددة‬ ‫والمتنوعة‪ ،‬ومع ذلك‪ ،‬فمفهوم الوسيلة التعليمية واحد لم يتغير من القديم إلى‬ ‫الحديث‪.‬‬

‫تعريف الوسيلة التعليمية‪:‬‬ ‫إن الوسيلة في المفهوم اللغوي العملي‪ ،‬هي »كل الدوات التي يستعملها‬ ‫المدرس والمتمثلة في‪ :‬المحتويات‪ ،‬واليشياء والعينات‪ ،‬والمطبوعات‪ ،‬والرسوم‪،‬‬ ‫‪1‬‬

‫والصور التي يختارها اسنطل ق من أهداف معينة‪" "«.‬وجميعها ل تخرج عن الهدف‬ ‫الرئيس‪ ،‬المتمثل في إسنجاح العملية التعليمية مهما كاسنت الثقافة التربوية التي بنيت‬ ‫عليها هذه الهداف‪.‬‬ ‫وتتجاوز الوسائل التربوية‪ ،‬مجرد فكرة )وسائل اليضاح المادية( الشائعة في‬ ‫الوسـط التربـوي إلى كوسنها تضيف للمادة التعليمة حيوية » تجعلها ذات قيمة عملية‪،‬‬ ‫‪2‬‬

‫وأكثر فعالية وأقرب إلى التطبيق‪" "« .‬وبهذا‪ ،‬تزداد خبرة المتعلم‪ ،‬ويزداد معها‬ ‫‪ -1 1‬محمد يشارف سرير وسنور الدين الخالدي‪ ،‬الفعل التعليمي التعلمي‪،‬ص‪.83:‬‬ ‫‪ -2 2‬محمد الدريج تحليل العملية التعليمية‪ ،‬ص‪.105:‬‬

‫‪- 90 -‬‬


‫الفصـل الرابع‬ ‫تشوقه وإقباله على المادة التعليمية؛ فيتنوع الداء‪ ،‬ويتشارك فيه المتعلم والمعلم‬ ‫معا‪ ،‬خاصة إذا تفنن المعلم في توزيع الوسائل التعليمية وأحسن استخدامها بما‬ ‫يتناسب وتدرج المتعلم في الفهم حسب مداركه العقلية‪.‬‬

‫أسنواع الوسائل التعليمية‪:‬‬ ‫لعل أفضل الوسائل التعليمية المستخدمة منذ القدم والتي تؤدي إلى تيسير‬ ‫الفهم‪ ،‬هي ما كاسنت لها علقة مبايشرة بالمدركات الحسية‪ ،‬المسماة في مجا‪،‬ل‬ ‫التعليم أبواب المعرفة‪ .‬وهي أسنواع‪ ،‬وأهمها الحسية‪.‬‬

‫الوسائل الحسية‪:‬‬ ‫وهي التي » تؤثر في القوى العقلية بواسطة الحواس وذلك بعرض ذات‬ ‫‪1‬‬

‫الشيء أو سنموذجه‪ ،‬وصورته‪ ،‬أو سنحو ذلك‪" "«.‬و من بين هذه الوسائل ـ على سبيل‬ ‫المثا‪،‬ل ـ الشيء ذاته‪ ،‬كأن يتكلم المعلم عن الماء فيعرض كأسا من الماء‪ .‬وكذا‬ ‫المجسمات‪ ،‬والصور الجغرافية‪ ،‬والرسوم البياسنية‪ ،‬والبطاقات‪،‬واللوحات واليشرطة‬ ‫‪2‬‬

‫المسجلة‪ " "،‬وكمرات الفيديو والتلفزيون‪ ،‬والسينما‪ ،‬والخرائط وغيرها‪ ،‬من الوسائل‬ ‫الحسية‪ .‬أما النوع الثاسني من الوسائل التعليمية‪:‬‬

‫موجه الفني للغة العربية‪ ،‬دار المعارف‪ ،‬مصر‪ ،1972 ،‬ص‪.433:‬‬ ‫‪ - 11‬عبد العليم إبراهيم‪ ،‬ال وُ‬ ‫‪2‬‬

‫‪ -2‬ينظر عماد توفيق السعدي وآخرون‪ ،‬أساليب تدريس اللغة العربية‪ ،‬دار المــل‪ ،‬الردن‪ ،‬ط ‪ ،1991 ،1‬ص‪:‬‬

‫‪.91،92‬‬

‫‪- 91 -‬‬


‫الفصـل الرابع‬

‫الوسائل اللغوية‪:‬‬ ‫إن أهم وسيلة إيصا‪،‬ل وتواصل هي اللغة المنطوقة‪ ،‬باعتبارها يشحنات وكميات‬ ‫صوتية مرسلة في قناة سناقلة‪ ،‬منتقلة من مرسل إلى مستقبل‪ » ،‬تؤثر في القوى‬ ‫‪1‬‬

‫العقلية بواسطة اللفاظ‪ " "«.‬وقد تكون هذه الوسائل اللغوية أجدى سنفعا من‬ ‫الولى‪ .‬إذا تعلق المر بتوضيح معاسني الحقائق المجردة غير المقدور على تمثيلها أو‬ ‫تجسيدها حسيا‪.‬كالعد‪،‬ل‪ ،‬والعقاب‪ ،‬والجزاء‪.‬‬ ‫وتتميز الوسائل اللغوية بالسهولة والسرعة في الستحضار ومن صورها على‬ ‫‪2‬‬

‫سبيل المثا‪،‬ل‪ :‬التمثيل‪ ،‬والتشبيه‪ ،‬والموازسنة‪ ،‬والوصف‪ ،‬والقصص‪ ،‬والحكايات" "‬ ‫وغيرها من وسائل الثارة والتشويق‪.‬‬ ‫ومنها ينتقل المعلم الذي يجيد استخدام هذه الصور بالمتعلم من عالم‬ ‫المجردات إلى عالم المحسوسات » فيكتسي عالم المعقولت حلة جديدة تجعله‬ ‫‪3‬‬

‫مفهوما ومقبول وجذابا لدى التلميذ‪" "«.‬ولم يكتف المربون في العصر الحديث‬ ‫بتعديل الوسائل التعليمية وتحديد أسنواعها وأهميتها ومجا‪،‬ل استعمالتها‪ ،‬بل ذهبوا‬ ‫إلى أبعد من ذلك‪ ،‬فتباروا في ترتيبها حسب فاعليتها‪ .‬ومنهم إيدجار ديل)‪Edgar‬‬ ‫‪ ) Dale‬الذي رتبها على يشكل الهرم التالي الذي أورده محمد الدريج في كتابه‪:‬‬

‫‪ - 31‬عبد العليم إبراهيم‪،‬الموجه الفني لمدرسي اللغة العربية‪،‬ص‪.432 :‬‬ ‫‪ - 42‬ينظر عماد توفيق السعدي وآخرون‪،‬أساليب تدريس اللغة العربية‪،‬ص‪.92:‬‬ ‫‪ - 53‬محمد الدريج‪،‬تحليل العملية التعليمية‪،‬ص‪.105:‬‬

‫‪- 92 -‬‬


‫الفصـل الرابع‬ ‫‪4‬‬

‫خطاطة هرم الخبرة لترتيب الوسائل التعليمية لديل‪" ":‬‬

‫ر‬ ‫‪،‬ل‬ ‫ل‬ ‫الرموز‬ ‫البصرية‬

‫التسجيلت السمعية‬ ‫البصرية‬

‫اللفل م المتحركة‬ ‫التلفزيون التعليمي‬ ‫المعارض‬ ‫الرحلت والدارسات الميدانية‬ ‫النماذج والعمليات والتوضيحات العملية‬ ‫التمثيل والخبرات الممثلة‬ ‫الخبرات المعدلة)غير المباشرة(‬ ‫الخبرات العملية المباشرة‬

‫‪ - 14‬محمد الدريج‪ ،‬تحليل العملية التعليمية‪،‬ص‪.105:‬‬

‫‪- 93 -‬‬

‫رموز لفظية‬


‫الفصـل الرابع‬ ‫ملحظ لهذا الهرم‪ ،‬يرى تمركز الخبرات المجردة في قمته‪ ،‬في‬ ‫إن المتتبع ال وُ‬ ‫تتمركز الخبرات الواقعية والملموسة في قاعدته‪ .‬وهذا يتناسب تماما مع‬

‫حين‬

‫السنتقا‪،‬ل بالمتعلم من المحسوس إلى المجرد ومن السهل إلى الصعب على حسب‬ ‫ما تقتضيه الفكرة التعليميـة‪ ،‬ولذا ل يعتمد ترتيب هـذه الوسائل التعليميـة على‬ ‫أهميتها‪ ،‬وإسنما على مدى قرب كل واحدة أو توفرها على الخبرات التجريبية أو‬ ‫الواقعيـة‪.‬‬ ‫وإن كان المعلمون في القديم‪ ،‬يولون الوسائل التعليمية اهتماما ل أستطيع‬ ‫تحديد سنسبتها‪ ،‬وقد تفطنوا إلى أهميتها‪ ،‬سواء كاسنت حسية أم لفظية في بلوغ‬ ‫أهداف التعلم‪ ،‬وما يمكن الجزم به‪ ،‬هو بساطة هذه الوسائل وبدائيتها؛ سواء قبل‬ ‫القرن الثالث هجري أم بعده‪ .‬مع العلم‪ ،‬أسنها ساهمت في تثبيت مستوى تعليمي ل‬ ‫يستهان به‪ .‬لن الهدف من وراء العملية التعليمية برمته‪ ،‬كان تح ٍد لنشر رسالة‬ ‫التوحيد‪.‬‬

‫الوسائل التعليمية في المدوسنة‪:‬‬ ‫جاء صاحب المدوسنة على ذكر بعض الوسائل التعليمية‪ ،‬ولكنه ذكر عرضي‬ ‫ليس هدفه التمعن فيها‪ ،‬أو محاولة تقديمها‪ ،‬أو ذكر كيفية استعمالها‪ ،‬أو طريقة‬ ‫الحصو‪،‬ل عليها‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬يمكن حصرها‪ ،‬والنظر فيها‪ ،‬من خل‪،‬ل الكتب التي ألفت‬ ‫بعده‪ .‬لن أغلب هذه الوسائل‪ ،‬هي على حا‪،‬ل واحدة‪ ،‬لم تتطور‪ ،‬إذ مازالت على‬ ‫حالها في الزوايا والكتاتيب إلى يومنا هـذا كالجزائر‪ ،‬والمغرب القصى‪ ،‬ولعل هذا‬ ‫ما يساهم في إعطاء سنظرة عن الوسائل التي كاسنت مستعملة آسنذاك‪.‬‬

‫‪- 94 -‬‬


‫الفصـل الرابع‬

‫الوسائل الحسية‪:‬‬ ‫من الوسائل التي أيشار إليها محمد بن سحنون ‪ :‬اللواح‪ ،‬الجاسنة‪ ،‬المنديل‪،‬‬ ‫‪1‬‬

‫المداد" "‪ ،‬ويمكن إضافة الوسائل التالية‪ :‬الجريد‪ ،‬الجلد‪ ،‬القلم‪ ،‬الدواة‪ ،‬السكين‪.‬‬ ‫وهي وسائل لم يذكرها صاحب المدوسنة‪ ،‬وأميل إلى أسنها سقطت منه سهوا‪ ،‬لسنه ذكر‬ ‫فعل الكتابة دون التطر ق إلى وسائله وطرقه‪ .‬ويظهر هذا من خل‪،‬ل قوله » فيأذن‬ ‫للصبي أن يكتب لحد كتابا فقا‪،‬ل‪) :‬ل بأس به وهذا مما يخِّرج الصبي إذا كتب‬ ‫‪2‬‬

‫الرسائل‪ " "«.‬إل وقد يكون تعمد ترك الحديث عنها‪ .‬ابتغاء التركيز واليجاز‪.‬‬ ‫ولتفصيل هذه الوسائل بشيء من الوصف اعتمدت على بعض الكتب التي جاءت‬ ‫على ذكرها من جهة‪ ،‬و على ما هو مطبق في الكتاتيب في الواقع‪ ،‬من جهة أخرى‪.‬‬ ‫ومن هذه الوسائل ما يأتي ذكره‪.‬‬

‫اللواح‪:‬‬ ‫وهي عبارة عن قطعة من الخشب مصنوعة بأيشكـا‪،‬ل وأحجـام متنوعة‪،‬‬ ‫ضرها النجـار ويصقلها لتكون صالحة للكتابة‪ ،‬ويشترط فيها الخفة ليستطيع‬ ‫يح رّ‬ ‫الصبي حملها‪ ،‬ومازالت هذه اللواح معتمدة في الجزائر‪ ،‬ول يزا‪،‬ل النجار في هذه‬ ‫البلد‪ ،‬يقوم بتحضير اللوح الخشبي » على أيشكا‪،‬ل مختلفة في الطو‪،‬ل والعرض‬ ‫فالصغير منها ذا حجم )‪20‬سم‪30/‬سم( والكبير يحمل حجم )‪30‬سم‪50/‬سم «‬

‫"‪"3‬‬

‫فهناك اللواح التي تحمل ثمن الحزب‪ ،‬وأخرى تحمل ربعه‪ ،‬كما أن هناك ألواحا‬ ‫تحمل سنصف الحزب‪ ،‬وهي قليلة‪ ،‬حسب تدرج المتعلمين في الحفظ‪.‬‬

‫‪ - 11‬محمد بن سحنون‪ ،‬كتاب آداب المعلمين ‪،‬ص‪.75:‬‬ ‫‪ -2 2‬المصدر سنفسه‪ ،‬ص‪.82:‬‬ ‫‪ -13‬الطالب عبد الرحمن بن أحمد التيجاسني ‪ ،‬الكتاتيب القرآسنية في سندرومة من ‪1900‬الى ‪،1977‬ص‪62:‬‬

‫‪- 95 -‬‬


‫الفصـل الرابع‬ ‫وقد استحدثت اللواح في الكتاتيب‪ ،‬حيث أدخل فيها اللوح المصنوع من‬ ‫كتاب ل يمكنه الستغناء‬ ‫البلستيك الذي يكتب فوقه بالطبشور‪ .‬إل أن المتعلم في ال وُ‬ ‫عن اللوح الخشبي العتيق‪ .‬لعدم محو ما يكتب عليه بسهولة إل بعد غسله بالماء‪،‬‬ ‫عكس مادة الطبشور التي تمحى بسهولة‪.‬‬

‫الصلصا‪،‬ل‪:‬‬ ‫كتاب من أجل طلء اللوح‪ ،‬لكي يظهر عليه لون‬ ‫يستخدم الصلصا‪،‬ل في ال وُ‬ ‫المداد أثناء الكتابة عليه‪ ،‬والصلصا‪،‬ل هو‪ » :‬المادة الترابية اليابسة البيضاء‪ ،‬يؤخذ من‬ ‫الرض الصلصالية وتدهن بها اللوحة بعد الغسل لتصبح بيضاء يظهر عليها لون‬ ‫‪1‬‬

‫الصمغ المحضر فوُتقرأ الكتابة بسهولة ومن بعيد‪ " " «.‬ول يصعب الحصو‪،‬ل على‬ ‫هذه المادة في أي زمان و مكان‪.‬‬

‫القلم‪:‬‬ ‫وُذكر القلم في القرآن الكريم أكثر من مرة‪ ،‬بصيغة المفرد )قلم( كقـولــه عز‬ ‫‪2‬‬ ‫ِ‬ ‫ن "﴾ق" "‪ ،‬وبصيغة الجمـع )أقلم( في قولـه جل وعل‪َ ﴿ :‬ولَْو‬ ‫وجل‪ ﴿ :‬ن َو لققَلَم َوَم ا يَْس طُقُرو َ‬ ‫ض ِمن شَجرٍة أَْققلَم والبح رق يمدّه ِمن بع ِدقِهق سبعةُ أَبحٍرق مّ ا نَفِذَت َِ‬ ‫ِ‬ ‫ن اَل‬ ‫ت اِل إِ ّ‬ ‫أَنَّم ا ف ي الَْر ِ ْ َ َ ْ ٌ َ َ ْ ُ َُ ُ ْ َ ْ َ ْ َ ْ ُ‬ ‫كلَم ا ُ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫‪3‬‬ ‫عَِزيٌز َحِك ميقٌم"﴾" "‬

‫والقلم هو اليراعة التي يحضرها المتعلم ويتفنن في تحضيرها لن الجادة‬ ‫في تحضير القلم تساهم في إجادة الخط‪ ،‬والمر الذي استوقفني أثناء البحث في‬ ‫‪ -21‬المرجع سنفسه ‪ ،‬ص‪.62:‬‬ ‫‪3- 2‬القلم‪ ،‬الية‪ ،1:‬و ينظر أيضا العلق‪ ،‬الية‪.04:‬‬ ‫‪3‬‬ ‫ك مِْن أَْنبق اَءِ الَغْمي ِ‬ ‫ن أَْققْلَ​َمُه ْمق‬ ‫ك َوَم ا ُ‬ ‫ديِه ْمق إِ ْ‬ ‫‪ -1‬لقمان‪،‬الية‪ ،27:‬وكذلك قا‪،‬ل ا عز وجل ‪َ ﴿ :‬‬ ‫ب ُنوِحميقِه إِلَمي َ‬ ‫ذل َ‬ ‫تلَ‬ ‫ذ يلقو َ‬ ‫كْن َ‬ ‫كْنت لَديِه مق إِ ْ ِ‬ ‫ن "﴾ آ‪،‬ل عمران‪ ،‬الية ‪.44:‬‬ ‫أيُّه ْمق يَ ْ‬ ‫ك فقُلُ َمْريَقُم َوَم ا ُ َ َ ْ ْ‬ ‫ذ يَْختَص ُمققو َ‬

‫‪- 96 -‬‬


‫الفصـل الرابع‬ ‫كيفية تحضير هذه الوسيلة‪ ،‬تولي الصبية في الكتاب‪ ،‬صناعة أقلمهم بأسنفسهم‪،‬‬ ‫‪1‬‬

‫" "ولعل مثل هذه المشاركة في تحضير الوسائل التعليمية‪ ،‬يكمن لدى المتعلم‬ ‫حرصا زائدا للمحافظة عليها‪ ،‬والتعلق بها‪ ،‬ومحاولة تحسينها كل ما أمكن ذلك‪.‬‬ ‫ومع عدم ذكر محمد بن سحنون للقلم فإسنه ترك قرينة تد‪،‬ل عليه‪ ،‬وهو المداد‪.‬‬ ‫ولعل هذا يرجح فكرة كنت قد ذكرتها فيما سبق وهي عدم تفصيل صاحب المدوسنة‬ ‫في هذه الوسائل‪ ،‬وغيرها من المواضيع؛ لعتبار المدوسنة دليل مختصرا ل غير‪ ،‬أما‬ ‫‪2‬‬

‫مادة القلم‪ ،‬فتكوسنه من القصب‪ ،‬لصلبة هته المادة‪ ،‬ودقة قشرته‪ ،‬وخفة وزسنه‪" ".‬‬ ‫هذا عن خصائص المادة‪ ،‬أما عن كيفية ومراحل إعداده‪ ،‬فأدرج سنموذجا عن‬ ‫كيفية صنعه في كتاب سندرومة بالجزائر لعطاء صورة تقريبية عما كان يشائعا في‬ ‫هذه الصناعة عبر زمن قد يمتد إلى القرن الثالث هجري‪ ،‬حيث كاسنت تصنع القلم‬ ‫في هذه الناحية » من القصب ويتراوح طوله بين ‪15‬سم ‪20‬سم‪ ،‬وعرضه ‪ 1‬سم‪،‬‬ ‫‪3‬‬

‫ومساحة بريه والساقية الموجودة في البري تأخذ مساحة ‪2‬سم ‪ " "«.‬أي بقدر بطن‬ ‫الظفر تقريبا‪.‬‬ ‫ولكي يتحكم المتعلم في حجم الخط )الكتابة بالخط الغليظ والخط الدقيق‬ ‫بقلم واحد ( يبري الجاسنبين » على يشكل مثلث ليتسنى له قص رأسه حسب الشكل‬ ‫‪4‬‬

‫الذي يريد‪ " "«.‬وهنا تظهر براعة المتعلم في هذا الشغل اليدوي ـ إسنجاز تسميته‬ ‫كذلك ـ في إمكاسنيته صنع قلم يقوم بوظيفتين مختلفتين‪ ،‬الكتابة الغليظة عند وضع‬ ‫بطن القصب على سطح ما يكتب فوقه )لوح خشبي‪ ،‬جريد…( والكتابة الدقيقة عند‬ ‫‪5‬‬

‫الكتابة به على ظهره‪" ".‬‬ ‫‪ -21‬أ حمد الزر ق‪ ،‬الكتاتيب القرآسنية بالجزائر ودورها في المحافظة على وحدة المة وأصالتها‪ ،‬ص‪.36 :‬‬ ‫‪ -32‬المرجع سنفسه‪ ،‬ص‪.36 :‬‬ ‫‪ -43‬الطالب عبد الرحمن بن أحمد التيجاسني‪ ،‬الكتاتيب القرآسنية في سندرومة من ‪ 1900‬إلى ‪ ،1977‬ص ‪.62:‬‬ ‫‪ - 54‬أحمد الزر ق‪ ،‬الكتاتيب القرآسنية بالجزائر ودورها في المحافظة على وحدة المة وأصالتها‪ ،‬ص‪.36 :‬‬ ‫‪ -65‬الطالب عبد الرحمن بن أحمد التيجاسني‪ ،‬الكتاتيب القرآسنية في سندرومة من ‪ 1900‬إلى ‪ ،1977‬ص ‪.62:‬‬

‫‪- 97 -‬‬


‫الفصـل الرابع‬ ‫كتاب الذي‬ ‫أما في العصر الحديث فقد أدخلت القلم التي سنعرفها اليوم في ال وُ‬ ‫استفاد من التقنيات الحديثة في تطوير هذه الوسيلة‪ ،‬ومع الستغناء الشبه التام عن‬ ‫القلم التقليدي فإسنه مازا‪،‬ل من الناس من يتخذ صناعة القلم حرفة‪ ،‬يجمع فيها بين‬ ‫خصائص القلم التقليدي العجيبة‪ ،‬وبين إيجابيات التكنولوجيا الصناعية‪.‬‬

‫المداد‪:‬‬ ‫المداد أو الصمغ الذي يعرف في منطقة المغرب العربي )السمق( أو‬ ‫)السما ق( تؤخذ مادته من )الوذح( أي من صوف الغنام‪ ،‬وبالضبط صوف ذيل‬ ‫‪1‬‬

‫الشاة الملطخة بعرقها والممزوجة بقذاها‪" ".‬‬ ‫أما عن طريقة تحضير هذه المادة فيكون بحر ق الصوف الملوث‪ ،‬ثم إضافة‬ ‫القليل من الماء إليها حتى تصبح على يشكل سائل بني اللون‪ ،‬بحسب مقدار إضافة‬ ‫الماء والحر ق أيضا‪ ،‬ليوضع هذا المزيج في محبرة زجاجية‪ ،‬أو طينية ليحافظ على‬ ‫‪2‬‬

‫رطوبته وسيولته‪ ،‬وتفقد هذه المادة صلحيتها إذا فقدت لوسنها البني المميز لها " "‪.‬‬ ‫ويذكر أسنه وجد بمنطقة سندرومة )الجزائر( من كان يصنع هذه المادة من يشجر‬ ‫‪3‬‬

‫البلوط‪ ،‬ويشجر البطم" " وهو سهل المحو مثله مثل الو‪،‬ل‪ ،‬ومع أن صاحب المدوسنة‬ ‫أتى على ذكر المداد‪ ،‬فإسنه لم يذكر عنه سوى قوله‪ » :‬ومن المروءة أن يرى في‬ ‫‪4‬‬

‫ثوب الرجل ويشفته مداد‪ " "«.‬وهذا يد‪،‬ل على رفعة منزلة طلبة العلم‪.‬‬

‫الوسائل اللغوية )أو اللفظية(‪:‬‬ ‫‪ -11‬ينظر الطالب عبد الرحمن بن أحمد التيجاسني‪ ،‬الكتاتيب القرآسنية في سندرومة من ‪ 1900‬إلى ‪ ،1977‬ص‪.62 :‬‬ ‫و أحمد الزر ق‪ ،‬الكتاتيب القرآسنية بالجزائر ودورها في المحافظة على وحدة المة وأصالتها‪ ،‬ص‪.37 :‬‬ ‫‪ - 22‬أحمد الزر ق‪ ،‬الكتاتيب القرآسنية بالجزائر ودورها في المحافظة على وحدة المة وأصالتها‪ ،‬ص‪.37 :‬‬ ‫‪ - 33‬الطالب عبد الرحمن بن أحمد التيجاسني‪ ،‬الكتاتيب القرآسنية في سندرومة من ‪ 1900‬إلى ‪ ،1977‬ص‪.62 :‬‬ ‫‪ - 44‬محمد بن سحنون‪ ،‬كتاب آداب المعلمين‪ ،‬ص‪.75 :‬‬

‫‪- 98 -‬‬


‫الفصـل الرابع‬ ‫إسنها هي التي سبقت اليشارة إليها‪ ،‬ورجوعي إليها ليس تكرارا وإسنما هو‬ ‫تركيز عليها وتثبيت لها‪.‬على ما جاءت عليه‪ ،‬أو ما ينبغي أن تجيء عليه من أمثلة‬ ‫وسنماذج؛ كالتمثيل‪ ،‬والتشبيه‪ ،‬والوصف‪ ،‬والقصص‪ ،‬والحكايات‪ .‬وإذا كان صاحب‬ ‫المدوسنة قد أتى على ذكر بعض الوسائل الحسية عرضا دون توضيح أو تفسير‪،‬‬ ‫كتاب‬ ‫فهو لم يتعرض إلى الوسائل اللغوية‪ ،‬على الرغم من استعمالها في ال وُ‬ ‫وبشكل مكثف لتقريب المفاهيم المجردة إلى ذهن الطفا‪،‬ل‪.‬‬

‫وإن كان محمد بن سحنون لم يذكر الوسائل الحسية في المدوسنة فتعليمه‬ ‫الطفا‪،‬ل المبادئ والخل ق الحسنة‪ ،‬والحساب‪ ،‬والخط‪،‬ومعاسني بعض السور يلزمه‬ ‫استخدام بعض الوسائل اللغوية وأكثرها التمثيل والمقاربة باليشياء الحسية‪،‬‬ ‫والقصص‪.‬‬ ‫وأذهب بتصوري في هذا المجا‪،‬ل‪ ،‬إلى أن استخدام هذه الوسائل اللغوية‬ ‫يحتاج إليها في موضوعات العبر المستخلصة من القصص القرآسني‪ .‬وقد يتعدى‬ ‫استعما‪،‬ل التشبيه‪ ،‬من توظيفه في حد ذاته‪ ،‬إلى أبيات يشعرية منظومة على وقع‬ ‫موسيقي خفيف يمكن أن يغنيها الطفا‪،‬ل لتيسير حفظها‪ ،‬مثل هذين البيتين من سنظم‬ ‫عبد الرحمن بن محمد الخضري والذي أوردهما مكي درار في رسالته وهما‪:‬‬ ‫حروفـه معلومـة مشهـورة * * * من واحد لتسعـة مذكـورة‬ ‫هَو وُمَدوٌر كحلقـة جـل "‪"1‬‬ ‫وجعلوا الصفر علمة الخـل * * *َو ْ‬ ‫وهذا ما يؤكد الفكرة الرامية إلى أن الوسائل اللغوية كاسنت أكثر استعمال في‬ ‫التعليم القديم‪ ،‬وحتى إذا تعلق المر بتبيين ويشرح الرموز الرياضية كالصفر فإن‬ ‫‪ -11‬مكي درار‪ ،‬الوظائف الصوتية والدللية للصوائت العربية‪ ،‬رسالة دكتوراه دولة‪ ،‬مخطوط‪ ،‬ص‪.26:‬‬

‫‪- 99 -‬‬


‫الفصـل الرابع‬ ‫سنصيب اللغة من تشبيه ووصف أكثر من سنصيب الوسائل الحسية أو حتى الرموز‬ ‫المكتوبة‪ ،‬إذ تعتبر هذه الرموز أصل من اختراع علماء اللغة فرمز الصفر الموظف‬ ‫في البيتين السابقين » علمة الفراغ والخلء؛وهو من وضع علماء اللغة‪،‬لن علماء‬ ‫الرياضيات المشهورين الذين تنسب إليهم اختراعات واستكشافات‪ ،‬في مختلف‬ ‫المجالت العلمية‪ ،‬عايشوا بعد الخليل)‪ (...‬و من هذه النظرة أيضا‪ ،‬يكون للخليل بعد‬ ‫‪1‬‬

‫سنظري في وضع العلمات‪ ،‬وسبق رياضي في توظيف رموزها‪" " « .‬‬ ‫و ما سنظمه عبد الرحمن بن محمد الخضري يشبه السنايشيد المدرسية التربوية‪،‬‬ ‫التي تحمل مضموسنا تعليميا وُيقرب إلى الذهن بالوصف والتشبيه‪ ،‬في أبيات منظومة‪،‬‬ ‫كتلك التي تصف المدرسة في أسنشودة مدرستي ومواضيع تربوية أخرى كأسنشودة‬ ‫‪2‬‬

‫هيا سنلعب أو أسنشودة يشر طي المرور" " أو أسنشودة القطار التالية التي فيها عدد غير‬ ‫قليل من الوسائل اللغوية أغلبها التشبيه الذي يهدف إلى الوصف تقو‪،‬ل السنشودة‪:‬‬ ‫ينسـاب كالثعبـان * * * يجـري علـى القضبـان‬ ‫تتـابعت في صـف * * * أجـزاؤه مـن خـلـف‬ ‫السهـل‬ ‫يجـرهـا كالحبـل * * * في الوعـر أو في‬ ‫‪3‬‬ ‫وعـنـدمـا يسيـر * * *يـعلـو لـه الصـفـير" "‬

‫وقد يشير هذا‪ ،‬إلى أهمية الوسائل اللغوية في العملية التعليمية‪ ،‬حتى في‬ ‫العصر الحديث الذي يولي للوسائل المادية اهتماما بالغا في التصميم‪ ،‬واللوان‬ ‫وتوظيف التكنولوجيا في تحسيـن فاعليتها‪ ،‬إل أن الوسائل اللغوية تبقى مستعملة‬

‫‪ -21‬المرجع سنفسه‪ ،‬ص‪.26:‬‬ ‫‪ -32‬ينظر محمد بن يسعي وآخرون ‪،‬كتاب اللغة العربية للسنة الولى ابتدائي ‪،‬ديوان المطبوعات الجامعية‪،‬‬ ‫الجزائر‪،2004 ،‬ص‪.(100 -78-51):‬‬ ‫‪ -43‬المرجع سنفسه‪ ،‬ص‪.161 :‬‬

‫‪- 100 -‬‬


‫الفصـل الرابع‬ ‫سواء في التعليم القديم أم الحديث‪ .‬وهذا لتمكين المتعلم الصغير من تكوين رصيد‬ ‫لغوي خاص به‪ ،‬وذلك باعتماد أسلوب القصص والمحاكاة‪.‬‬ ‫وما يجعلني أجزم بسوء استعما‪،‬ل القدماء للوسائل الحسية أمام براعتهم في‬ ‫استعما‪،‬ل الوسائل اللغوية‪ ،‬توفر هذه الوسائل الحسية في المحيط الطبيعي‬ ‫كالزهار‪ ،‬واليشجار‪ ،‬والحيواسنات وغيرها‪.‬وقد أغفل صاحب المدوسنة ذكرها‪ .‬كباقي‬ ‫العناصر التي لم يشر إليها‪ ،‬عن قصد أو غير قصد‪.‬وقد استفاد منه الباحثون في‬ ‫التعليم الحديث‪ ،‬حيث استغلوا ما يحيط بالطفل سواء في البيت‪ ،‬أم الشارع‪ ،‬أم‬ ‫الطبيعة‪ ،‬في تقريب الفهم وسرعة الدراك‪ ،‬وتوظيف هذا في تعليم كل المواد‬ ‫تقريبا‪ ،‬ما يزيد في سنسب التحصيل‪.‬‬ ‫وقد يكون أقرب مثا‪،‬ل على ما أقدمه‪ ،‬للتدليل على ما قلته عن الستفادة من‬ ‫محيط الطفا‪،‬ل كأفضل وسيلة تعليمية تشبيه الرقام في كتاب الرياضيات للسنة‬ ‫الولى من التعليم البتدائي بأيشكا‪،‬ل الحيواسنات‪ ،‬كتشبيه الرقم واحد بالفرايشة‪،‬‬ ‫وتشبيه الرقم صفر بظهر سلحفاة‪ ،‬وتشبيه الرقم خمسة بثعبان رافع رأسه سنحو‬ ‫‪1‬‬

‫اليمين‪ ،‬وتشبيه الرقم اثنان بشكل بطة سنحو اليسار‪" ".‬‬ ‫و سنجد أيضا إضافة إلى هذه التشبيهات بأيشكا‪،‬ل الحيواسنات توظيف أيشكا‪،‬ل سنباتية‬ ‫) أزهار‪ ،‬أيشجار‪ ،‬أورا ق أيشجار‪ ،‬أغصان(‪ ،‬وأيشكا‪،‬ل لوسائل سنستعملها في حياتنا‬ ‫اليومية )يشموع‪ ،‬كؤوس‪ ،‬حبا‪،‬ل‪ (...‬لتعليم مبادئ الحساب من جمع‪ ،‬وطرح‪ ،‬وتركيب‬ ‫‪2‬‬

‫عدد بعدد‪ ،‬وتفكيك عدد عن عدد‪" ".‬‬

‫‪-11‬محمد علوان وآخرون‪:‬كتاب الرياضيات السنة الولى من التعليم البتدائي )كتاب مدرسي معتمد( ‪،‬دار القصبة‬ ‫للنشر‪،‬الجزائر‪ 2004 -2003،‬ص‪.38:‬‬ ‫‪ -22‬ينظر المرجع سنفسه ‪،‬ص‪160-138:‬‬

‫‪- 101 -‬‬


‫الفصـل الرابع‬ ‫وهذه البراعة في توظيف محيط الطفا‪،‬ل للستفادة منه في العملية‬ ‫التعليمية)تعليم الحساب مثل( تساهم في يشد اسنتباه الطفا‪،‬ل خاصة وأسنهم يحبون‬ ‫اليشياء المادية التي توفر لهم خاصية أخرى وهي اللعب‪ ،‬وبهذا يكون المعلم قد‬ ‫أرضى أكثر من حاجة عند المتعلم بتوفيره اللعب من جهة والتعلم من جهة أخرى‪،‬‬ ‫وهذا ما يسميه الباحثون في التعليمية حاليا باللعب الهادف أو اللعب التعليمي الذي‬ ‫يتجاوز حدود اللعب والترفيه عن النفس‪ ،‬إلى الستفادة من هذا الوقت المخصص‬ ‫للراحة في اكتساب معلومة جديدة‪ ،‬أو حل مشكلة قد يقع فيها المتعلم لحقا‪.‬‬

‫ومن هنا فالتعليم الحديث يولي للعب الهادف أهمية كبيرة فمهمة المدرسة‬ ‫ليست » محددة في حراسة السلمة العقلية لطفالها‪،‬بل إسنها تتجاوز ذلك لتحافظ‬ ‫على السلمة الجسمية لهم من خل‪،‬ل مراعاة الحاجات اللزمة للجسام سواء للعب‬ ‫أم للراحة ول معنى لتقييد حركة الجساد لن ذلك له مغزى في تحجر الفكر وفي‬ ‫‪1‬‬

‫التصلب العقلي‪" " «.‬‬ ‫ولتفادي هذا التحجر الفكري والتصلب العقلي وضع التعليم الحديث ألعابا‬ ‫ترفيهية وتعليمية للمتعلمين الصغار كلعبة قراءة البطاقات‪ ،‬وهي لعبة مشوقة‬ ‫تهدف إلى الترفيه من جاسنب وإلى التمكن من فعل القراءة من جاسنب آخر‪ ،‬يعرّدها‬ ‫المعلم بطر ق مختلفة‪،‬ومن أسنواعها ما يلي‪:‬‬ ‫ بطاقات تنفيذ الوامر والتعليمات‪ ،‬وتتلخص هذه الفكرة في أن يكتب المعلم‬‫أمر واضح على البطاقة يقرؤه التلميذ ثم ينفذه كـ‪:‬قم‪ ،‬اجلس‪ ،‬اضحك‪..‬‬

‫‪1‬‬

‫‪ -1‬حسنى عبد الباري عصر‪:‬فنون اللغة العربية ) تعليمها وتقويم تعلمها(‪ ،‬مركز السكندرية للكتاب‪،‬‬ ‫السكندرية‪ ،2000 ،‬ص‪.79:‬‬

‫‪- 102 -‬‬


‫الفصـل الرابع‬ ‫ بطاقات اختيار الجابات الصحيحة‪ ،‬وتتلخص فكرتها في إعداد سؤا‪،‬ل وكتابة‬‫إجابات عدة تحته واحدة منها فقط صحيحة وعلى التلميذ أن يتعرف على‬ ‫هذه الجابة الصحيحة‪.‬‬ ‫ بطاقات اللغاز‪ ،‬وهذا الضرب من اللعاب كان متوفرا حتى في الكتاب‪ ،‬لكن‬‫ل يمكن الجزم باستناد المعلمين في الكتاتيب عليها وتوجيهها وتنظيمها‬ ‫كألعاب تساعد على التعلم إذ لعل استعمالها كان بين المتعلمين دون إيشراك‬ ‫المعلم لتحصيل المتعة والترفيه‪ ،‬وفكرتها أن يتحدث إلى القارئ يعرفه‬ ‫بالتدريج من خل‪،‬ل صفاته‪ ،‬وغيرها من البطاقات التي تعين على القراءة‬ ‫‪1‬‬

‫وتوفر الترفيه‪" ".‬‬ ‫يمكن اختصار كل ما قلته عن وسائل التعليم من الجاسنب اللفظي )اللغوي(‬ ‫وحتى من الجاسنب الحسي عند محمد بن سحنون في القديم بالعودة إلى هذا‬ ‫والذي أهدف من وراءه التقرب إلى كيفية تصنيف وسائل التعليم في القديم حسب‬ ‫الستعما‪،‬ل‪،‬وهو كالتالي‪:‬‬

‫تصور لخطاطة هرم الوسائل التعليمية في المدوسنة حسب الستعما‪،‬ل‪:‬‬

‫‪-21‬سنظر محمد صالح سمك‪:‬الطر ق الخاصة بتدريس اللغة العربية لدور المعلمين و المعلمات‪ ،‬ص‪.243-238:‬‬

‫‪- 103 -‬‬


‫الفصـل الرابع‬

‫أساليب‬ ‫البلةغة‬ ‫والبيان‬

‫تشبيه عادي}تقريب صورة من‬ ‫صورة للتوضيح{‬

‫الوسائل اليسية}لوح خشب‪ ،‬مداد‪ ،‬قلم‪ ،‬صلصال‪{...‬‬

‫منهجية محمد بن سحنون في المدوسنة‪:‬‬ ‫‪- 104 -‬‬


‫الفصـل الرابع‬ ‫وُيراعى قبل القيام بأي عمل سواء بحث علمي‪ ،‬أو فعل تعليمي تعوُلمي إدراك‬ ‫أول خطة عمله اسنطلقا من الغايات‪ ،‬والمقاصد‪ ،‬والسنشطة‪ ،‬والطر ق‪ ،‬والساليب‪،‬‬ ‫وصول إلى النتائج المترتبة عنه‪.‬‬ ‫ومن هنا فأن اللتزام بمنهج معين أو حتى الدمج بين منهجين أو أكثر يغني‬ ‫الدارس عن تشتيت الجهد وتضييع الوقت باعتباره »طريقة للكشف عن الحقائق‬ ‫الموضوعية‪ ،‬وهو طريقة تتضمن استقراء الواقع للتحقق من صحة الفروض التي‬ ‫يصوغها الباحث في محاولة تفسير ظاهرة ما‪ ،‬أو الوصو‪،‬ل إلى حل علمي لعقبة أو‬ ‫‪1‬‬

‫عائق يعترض سيا ق البحث«" "هذا عن المفهوم العام للمنهج‪.‬‬ ‫أما وبعد اسنتقا‪،‬ل هذا المفهوم إلى مجا‪،‬ل التربية والتعليم ليشير إلى النهج الذي‬ ‫يجب على المعلم إتباعه لبلوغ الهداف التربوية أصبح المنهج في الميدان التربوي‬ ‫يعني‪ » :‬مجموع الخبرات التعليمية المبايشرة وغير المبايشرة التي يعدها المجتمع‬ ‫لتربية الفراد وإعدادهم في ضوء ظروف البيئة الجتماعية ما يهدف إلى تحقيقه‬ ‫من آما‪،‬ل وإسنجازات مستقبلية وبهذا المعنى يكون المنهج هو المرآة التي تعكس‬ ‫واقع المجتمع وفلسفته وثقافته وحاجاته وتطلعاته وهو الصورة التي تنفذ بها‬ ‫سياسة الدولة في جميع أبعادها السياسية‪ ،‬والجتماعية‪ ،‬والثقافية‪ ،‬والقتصادية‪،‬‬ ‫‪2‬‬

‫والتربوية‪" "«.‬‬ ‫وبهذا المفهوم يعتبر المنهج في كتاب آداب المعلمين كل المواد التي قرر محمد‬ ‫بن سحنون تدريسها للطفا‪،‬ل‪،‬وكل الطرائق المتبعة لذلك‪،‬وكل الوسائل المساهمة‬ ‫لتحقيق هذا مع مراعاة الزمان والمكان لتحقيق السياسة التعليمية التي أخذها عن‬

‫‪ - 11‬عبد القادر العرابي وعبيد العمري‪ :‬إيشكالية المنهج في العلوم السنساسنية‪ ،‬مجلة الجتماعية‪ ،‬تصدر عن كلية‬ ‫الداب‪ ،‬جامعة البحرين‪ ،‬العدد ‪ ،2001 ،04‬في العلوم السنساسنية‪ ،‬ص‪158 :‬‬ ‫‪ -22‬صالح ذياب هندي وهشام عامر عليان‪:‬دراسات في المناهج والساليب العامة‪،‬ص‪.09:‬‬

‫‪- 105 -‬‬


‫الفصـل الرابع‬ ‫سيد الخلق رسو‪،‬ل ا صلى ا عليه وسلم‪ ،‬ومنه إمكاسنية تنفيذ سياسة المة‬ ‫السلمية في جميع أبعادها الدينية‪ ،‬والتربوية‪ ،‬والثقافية)‪.(...‬‬ ‫ولن أي منهج كان يتأثر بالظروف التاريخية‪ ،‬والجتماعية‪ ،‬وبالبعاد الفلسفية‬ ‫للمجتمع‪،‬ملت بتقديري إلى أن المنهج المراد دراسته عند محمد بن سحنون ل‬ ‫يعطي صورة واضحة خاصة بالمدوسنة لوحدها‪،‬وإسنما يعطي صورة عامة يشبه سناقصة‬ ‫للسياسة التعليمية لذاك العصر‪ ،‬مع تغييب للفكر الذي أوجد المدوسنة‪،‬لذا عدلت عن‬ ‫المنهج وتبنيت المنهجية لكوسني أردت أن أخرج من المدوسنة بحكم خاص بها لعممه‬ ‫على ما هو موجود في الزمان والمكان الذي ظهرت فيه‪،‬لصل إلى مقارسنته بما هو‬ ‫موجود في زمان ومكان البحث حاليا‪.‬‬ ‫ولن المنهج عام والمنهجية"‪"1‬خاصة‪ ،‬التزمت الثاسنية دون الو‪،‬ل‪ ،‬لن الثاسنية‬ ‫تعبر عن فكر محدد خاص بتجربة معينة وصلتنا من خل‪،‬ل المدوسنة بهذا الشكل‪» ،‬‬ ‫وكما يرى الفهري فإن المنهجية مثل النظرية ليست إل تجربة ظرفية‪ ،‬تتغير بتغير‬ ‫الظروف و الوضاع‪ ،‬وتتجدد في فضاء زماسني ومكاسني معين‪"2"«.‬‬

‫‪ -11‬كل ما جاء على هذا الوزن )مفعلية( فيد‪،‬ل على التخصيص‪ ،‬كتعليم تعليمية ‪،‬مصطلح مصطلحية وغيرها‪.‬‬ ‫‪ -22‬عبد القادر العرابي وعبيد العمري ‪ ،‬إيشكالية المنهج في العلوم السنساسنية‪ ،‬مجلة الجتماعية‪ ،‬تصدر عن كلية‬ ‫الداب‪ ،‬جامعة البحرين‪ ،‬العدد ‪ ،2001 ،04‬في العلوم السنساسنية‪ ،‬ص ‪158‬‬

‫‪- 106 -‬‬


‫الفصـل الرابع‬ ‫و من هذا المنطلق لم أبحث في المنهج لكي ل أضطر إلى فرض تعميم فكر‬ ‫متميز من جميع النواحي عدا تقدمه الزمني فيمسه سنوعــا مــن الظلــم‪،‬ومــن النقــاط‬ ‫التي تظهر منهجية محمد بن سحنون في مدوسنته ـ رغم صعوبة إحاطتها لسنتقاله من‬ ‫فكرة إلى فكرة بسرعة ـ ما يلي‪:‬‬

‫موقفه من الكتب التعليمية‪:‬‬ ‫عدا المصحف الشريف الذي يجب على المتعلم حمله في صدره طيلة حياته‪،‬‬ ‫وفي مختلف مراحل تربيته وتعليمه‪ ،‬التي يبني من خللها يشخصيته‪ ،‬وثقافته‪ ،‬وُوجدت‬ ‫زمرة من الكتب التي قرر المعلمون تعليمها إذ تعتبر بمثابة الكتب المدرسية المقررة‬ ‫بالمفهوم التعليمي الحديث‪،‬ولم وُتغير أو وُتجدد هذه الكتب المقررة في المضامين‪ ،‬إذ‬ ‫ظلت كذلك حتى زمن متأخر ‪،‬ومنها ما ل يزا‪،‬ل يدرس لحد الساعة‪ ،‬خاصة تلك‬ ‫المتعلقة بتعليم النحو‪،‬والفقه‪،‬إذ يمكن استنتاج ذلك من خل‪،‬ل الكتب التي قرر الشيخ‬ ‫‪1‬‬

‫عبد الحميد بن باديس تدريسها لطلبته" " ـ مع أخذ عامل الزمن في العتبار‪ ،‬أي‬ ‫مراعاة تواريخ الكتب التي ألفت بعد القرن الثالث الهجري ـ ومنها على سبيل‬ ‫المثا‪،‬ل‪:‬كتاب الموطأ‪،‬أقرب المسالك‪ ،‬ابن عايشر )في الفقه( قطر الندى وب رّ‬ ‫ل‬ ‫‪2‬‬

‫الصدى‪،‬لمية الفعا‪،‬ل)‪" "(...‬‬ ‫والمفارقة الحاصلة بين محمد بن سحنون وبعض المربين بعده رفضهم‬ ‫استئجار كتب الفقه ‪ ،‬أما الكتب الخرى ككتب الشعر والحساب فلم يأت على ذكرها‬ ‫‪ ،‬وفكرة استئجار الكتب مطبقة في منظومتنا التربوية الراهنة‪ ،‬وهي ترفع الحرج‬ ‫عن كثير من أولياء المور الذين ل يتحملون مصاريف يشراء الكتب التربوية الباهضة‬

‫‪ -31‬أخذت عبد الحميد بن باديس كمثا‪،‬ل لسنه القرب إلى العصر الحديث وأكثر تأثرا بمنهج السلف الصالح في‬ ‫التعليم والتعلم ‪ ،‬ومنه كان تخميني في الحصو‪،‬ل على معلومات أكثر حو‪،‬ل هذه النقطة بالذات من خلله ومن‬ ‫خل‪،‬ل بعض المهتمين بالتعليم على طريقة القدماء ‪.‬‬ ‫‪ - 42‬ينظر تركي رابح ‪،‬الشيخ عبد الحميد بن باديس‪،‬ص‪.319:‬‬

‫‪- 107 -‬‬


‫الفصـل الرابع‬ ‫الثمن‪،‬وعدا ذكره لنقطة جواز استئجار الكتب لم يتطر ق صاحب المدوسنة إلى عِّد‬ ‫وتسمية الكتب المعتمد تدريسها في عصره‪.‬‬

‫منهجيته في الطرائق التعليمية‪:‬‬ ‫ل يظهر في مدوسنة محمد بن سحنون مدى تفاعل الطريقة المختارة للتعليم‬ ‫)الطريقة التلقينية التحفيظية( مع أســلوب المعلــم والوســيلة المعتمــدة لــذلك‪ ،‬رغــم‬ ‫وضوح الهداف التي يسعى إليها‪ ،‬ولعل هذا راجع إلى مستويات التلميذ وأعمارهم‬ ‫المتفاوتة في المكتب الواحد‪،‬كما ل يوجد في المدوسنــة مــا يشــير إلــى كيفيــة وسنســبة‬ ‫تنمية السنفعالت الخاصة لدى الستماع إلى القرآن‪،‬وهذا ما يجعل النظــرة الشــائعة‬ ‫إلى طر ق التدريس في القديم تنطبق على مدوسنة محمد بــن ســحنون أيضــا ‪،‬والــتي‬ ‫تقوم على » إيصــا‪،‬ل المعلومــات إلــى المتعلميــن بتوســط المعلــم)‪ (...‬عمليــة سنقــل‬ ‫‪1‬‬

‫للمعلومات من الكتب أو من عقل المعلم إلى عقل المتعلم ‪" "«.‬‬ ‫فرأي من اسنتقد هذه الطريقة أن التعليم فيها يقتصر على تقديم المعلومات‬ ‫دون أهداف التعليم الخرى )حل المشكلت( كما تغيب الفرو ق الفردية وتساوي‬ ‫‪2‬‬

‫بين المتعلمين‪" ".‬‬ ‫و مع أسنني ل أميل إلى هذا الرأي الذي وُيظهر المعلمين في القديم وكأسنهم ل‬ ‫يعلمون يشيئا عن الفرو ق الفردية إل أن عدم ذكر ما يد‪،‬ل على ذلك صراحة أو تلميحا‬ ‫في المدوسنة يحتم على الباحث اعتماد هذا الرأي‪،‬رغم وجود بعض القصص التي‬ ‫تروي اهتمام المؤدبين والمعلمين بالصبية الذين يظهرون ذكاء عالي أو يتفوقون‬ ‫‪ -11‬حسن يشحاتة‪،‬تعليم اللغة العربية بين النظرية والتطبيق‪،‬ص‪.19:‬‬ ‫‪ -22‬ينظر المرجع سنفسه‪،‬ص‪.19:‬‬

‫‪- 108 -‬‬


‫الفصـل الرابع‬ ‫على أترابهم ما يدعوهم إلى تبني هؤلء الصبية علميا وحتى اجتماعيا‪،‬ومن هذه‬ ‫القصص ما ذكر عن المام أبو حنيفة النعمان مع تلميذه القاضي أبو يوسف‪.‬‬ ‫و إذا أخذسنا مبدأ قياس المور على بعضها سنجد أن من يهتم بفصل المتعلمين‬ ‫في التعليم كل جنس على حد‪،‬وباهتمام استعراض كل متعلم لما تعلمه من حفظ‬ ‫صحيح للقرآن ‪،‬ومبادئ الحساب ‪،‬واعتماده التقويم الفردي أثناء الكتابة‬ ‫والملء‪،‬يكون وبل يشك مراعيا للفرو ق الفردية للمتعلمين ‪،‬ولو بنسبة ضئيلة‪،‬وهذا ما‬ ‫يجعلها غير واضحة في المدوسنة‪.‬‬

‫منهجيته في المادة التعليمية‪:‬‬ ‫يظهر من خل‪،‬ل استعراض المادة التعليمية في الفصل المخصص لها أن محمد‬ ‫‪1‬‬

‫بن سحنون قد اتبع على ما يبدو منهج المواد المترابطة " " بالمفهوم التعليمي‬ ‫الحديث‪ ،‬إذ ل يفصل بين تحفيظ القرآن ‪،‬وتعليم الخط‪،‬وتعليم الملء‪،‬فكل من هذه‬ ‫المواد يقترن بعضها بالبعض الخر اقتراسنا وثيقا‪،‬فاسنطلقا من تحفيظ القرآن‬ ‫تستخرج المفردات والعبارات القرآسنية التي يحاكي المتعلم كتابتها في لوحه‬ ‫الخشبي‪،‬وبعد تحكمه في القلم ينتقل إلى مرحلة أخرى‪ ،‬ومن مادة حفظ القرآن‬ ‫‪ -11‬يتميز هذا المنهج بربط المواد الدراسية بعضها ببعض دون إزالة الحواجز الفاصلة بينها‪ ،‬وسنعني بالربط هنا‬ ‫إثبات العلقات المتبادلة بين موضوعين أو أكثر من المواضيع الدراسية‪...‬كربط موضوعات اللغة العربية‬ ‫بموضوعات التربية السلمية‪ ".‬ينظر صالح ذياب هندي و هشام عامر عليان‪،‬دراسات في المناهج والساليب‬ ‫العامة‪،‬ص‪.169:‬‬

‫‪- 109 -‬‬


‫الفصـل الرابع‬ ‫دائما تعلم مادة الملء حيث يقوم المعلم بإملء العبارات القرآسنية في البداية‬ ‫ليتعداها إلى إملء قصار الصور بعد ذلك بالتدرج‪.‬‬ ‫ولن العلقات الموجودة بين هذه المواد )تحفيظ القرآن‪ ،‬تعليم الخط‪ ،‬إملء(‬ ‫متينة وواضحة المعالم‪ ،‬فأقدر أن سنجاح المعلم في القدرة على تحديدها‪ ،‬و اللمام‬ ‫بها يكون في درجة واحدة‪ ،‬ولعلي أذهب إلى تأكيد فكرة أن الفكر السحنوسني متميز‬ ‫بالتخطيط المسبق للفعل التعليمي قبل البدء ‪.‬‬

‫ميزات منهجية محمد بن سحنون‪:‬‬ ‫من ميزات منهجية محمد بن سحنون في التعليم والتعلم قيام معلم واحد‬ ‫بتدريس جميع المواد المقرر تعليمها للطفا‪،‬ل وهذا يخدم ترابط المواد بشكل كبير‬ ‫‪،‬لن المدرس الواحد يحرس على مقاربة هذه المواد أكثر من جماعة المدرسين‬ ‫الذين لن ينجح معهم المر بالقدر سنفسه مهما حاولوا لتركيز كل واحد منهم على‬ ‫مادته‪،‬لذا يمكن القو‪،‬ل أن منهجية محمد بن سحنون تميزت بالترابط وتفادي‬ ‫التجزئة‪.‬‬ ‫كما تميز فحوى كتاب آداب المعلمين بالطابع السنشائي الخطابي‪ ،‬ولعل هذا‬ ‫يناسب طبيعة ذلك العصر لحتياج الناس فيه إلى والريشاد والستماع وتقبلهم مثل‬ ‫هذا النمط من الخطاب‪ ،‬عكس العصر الحالي الذي يغلب عليه الخطاب العلمي‪.‬‬ ‫ويتميز منهج محمد بن سحنون أيضا بتلؤم المنهج التعليمي المتبع بحاجات‬ ‫المتعلمين وتطلعات المجتمع في القرن الثالث الهجري‪،‬وهذه أزمة التعليم الحديث‬ ‫حاليا خاصة في الدو‪،‬ل العربية حيث تطرح مشكلت المناهج التعليمية التي يغلب‬ ‫عليها الطابع النظري على الطابـع التطبيقـي » وهي جامدة وليست مرسنة‪ ،‬زيادة‬

‫‪- 110 -‬‬


‫الفصـل الرابع‬ ‫على توجهها سنحو الحفظ والتلقين واستظهار النص‪،‬لن تطلعات المجتمع وتطور‬ ‫‪1‬‬

‫العصر يفرض غير ذلك‪" "«.‬‬ ‫ول يعني هذا أن تعليم المتون )القديم( ل يعيبه الحفظ بل القدماء أسنفسهم‬ ‫يعيبون على بعض المعلمين الحفظ دون تقصي الستقراء والستنتاج فينتجون‬ ‫بذلك عقول جامدة خاصة بعد توجه المتعلمين إلى حفظ ما ل ينفعهم من مختلف‬ ‫العلوم على حساب العلم النافع ‪،‬ومن بين هؤلء العاتبين على مثل هذا التعليم‬ ‫وابن خلدون‪ ،‬يقو‪،‬ل‪ » :‬فيحتاج المتعلم إلى حفظها كلها أو أكثرها ومراعاة طرقها‪،‬‬ ‫ول يفي عمره بما كتب في صناعة واحدة إذا تجرد لها‪ ،‬فيقع القصور ول برّد دون‬ ‫‪2‬‬

‫رتبة التحصيل‪" "« .‬‬ ‫ومن مميزات منهجية محمد بن سحنون في عمليته التعليمية استشرافه‬ ‫للمستقبل التعليمي في بعض النقاط التي طرّبقها وغفل المربون عنها المربون‬ ‫بعده ليعيدوا النظر إليها في العصر الحالي‪ ،‬منها‪:‬‬

‫‪.1‬‬

‫مراعاة الجاسنب النفسي للمتعلمين‪.‬‬

‫‪.2‬‬

‫التواصل الراقي بين المعلمين وأولياء المتعلمين‪ ،‬وبين مختلف‬ ‫أماكن التعليم والتعلم )بيت‪ ،‬وُكتاب‪ ،‬مسجد‪(..‬‬

‫‪.3‬‬

‫تخصيص البنات بمنهج خاص من التربية دون الصبيان مراعاة‬ ‫لختلفهن خلقا ووظيفة‪) ،‬اسنفرادهن بتربية مزدوجة‪ ،‬تربية منزلية‪،‬‬ ‫وتربية علمية(‬

‫‪.4‬‬

‫مراعاة الجاسنب المادي للمتعلمين بفتحه باب استئجار الكتب دون‬ ‫ابتياعها الذي يكلف ثمنا باهظا في ذلك الزمن لقلة النساخ ووسائل‬

‫‪ -11‬عبد القادر العرابي وعبيد العمري‪ ،‬إيشكالية المنهج في العلوم السنساسنية‪ ،‬في العلوم السنساسنية ‪،‬مجلة‬ ‫اجتماعية‪ ، ،‬العدد ‪ ، ،2001 ،04‬ص‪.158 :‬‬ ‫‪ -22‬ابن خلدون‪ ،‬المقدمة‪ ،‬ص‪.488:‬‬

‫‪- 111 -‬‬


‫الفصـل الرابع‬ ‫النسخ وصعوبته هذا من جهة‪ ،‬و عدم تكفل أولي المر ـ كما سبق‬ ‫الذكر ـ بهذا المر من جهة أخرى ‪.‬‬

‫سنقد منهجية محمد بن سحنون‪:‬‬ ‫أدرجت هذه النقطة في آخر البحث بعد استنطا ق ـ إن جاز التعبيرـ بعض‬ ‫مظاهر العملية التعليمية في كتاب آداب المعلين لمحمد بن سحنون لمعرفة سلبيات‬ ‫هذا النمط ضمن التعليم عامة والوقوف عند النقاط التي فاتت الفكر السحنوسني‬ ‫جراء عامل الزمن والتقدم الفكري‪،‬ومن بين هذه الملحظات)التي ل أفضل‬ ‫تسميتها اسنتقادات(‪:‬‬

‫‪ .1‬عدم استقرار تنظيم المادة وتصنيفها في ذهن صاحب المدوسنة‪ ،‬ويظهر هذا‬ ‫جليا في المؤلف حيث يدرج أكثر من موضوع تحت عنوان واحد مثل سنجده‬ ‫‪1‬‬

‫يتكلم عن العد‪،‬ل في عنوان أفرده له هو‪:‬ما جاء في العد‪،‬ل بين الصبيان" "‬ ‫في حين ل يلزمه العنوان العريض استيفاء الموضوع كامل‪ ،‬ليعود إليه في‬ ‫‪2‬‬

‫عنوان آخر هو‪:‬ما يجب على المعلم من لزوم الصبيان" " ولعل هذا يعود‬ ‫كتاب‪.‬‬ ‫سلبا في تنظيم العملية التعليمية داخل ال وُ‬ ‫‪ .2‬يشعر القارئ للمدوسنة وكأن مؤلفها محمو‪،‬ل على السرعة وإسنهاء العمل‬ ‫حمل‪،‬كما يلحظ سنمط تفكيره السريع حين تعرضه لمحتويات المدوسنة تعرضا‬ ‫عرضيا موجزا دون يشرح‪ ،‬وتعليل‪ ،‬وتحليل خاصة في ختام المدوسنة‪،‬ولعل‬ ‫حجمها دليل على ذلك فالكلم عن مثـل هذا الموضـوع )الفعـل التعليمي‬ ‫التعوُلمي( في تسعة وعشرون صفحة فقط يستدعي سنوعا من إعادة النظر‬ ‫‪ -11‬ينظر محمد بن سحنون‪،‬كتاب آداب المعلمين‪،‬ص‪.74:‬‬ ‫‪ - 22‬ينظر المصدر سنفسه‪،‬ص‪.87:‬‬

‫‪- 112 -‬‬


‫الفصـل الرابع‬ ‫وهو المر الذي يجعلها غير واضحة ليعطي فرصة لقارئها أن يحكم على سير‬ ‫العملية التعليمية في القرن الثالث الهجري وفي المغرب العربي بعدم‬ ‫الوضوح في أغلب مراحلها‪.‬‬ ‫‪ .3‬على الرغم من تخصص المدوسنة بتربية وتعليم الصغار دون الكبار إل أن‬ ‫‪1‬‬

‫صاحبها أدرج فيها ما يوحي إلى تعليم الكبار من مثل إجارة كتب الفقه" " مع‬ ‫كتاب إل بعد إتمامهم حفظ‬ ‫العلم أن هذه المادة ل وُتدرس للطفا‪،‬ل في ال وُ‬ ‫القرآن كامل بشكله وإعرابه وإجادتهم الخط الذي يؤهلهم للسنتقا‪،‬ل إلى‬ ‫مستوى أعلى من التعليم )أي تدريس هذه المادة يكون في المسجد وليس‬ ‫كتاب(‬ ‫في ال وُ‬ ‫‪ .4‬ما يدعو للستغراب في السياسة التعليمية لمحمد بن سحنون إغفاله الجاسنب‬ ‫الفيزيولوجي لتربية الصبيان فل يوجد في المدوسنة ما يوحي إلى اهتمامه‬ ‫بالتربية البدسنية والجسمية لهم رغم أن مبادئ سياسته التعليمية مأخوذة كلها‬ ‫من السلف الصالح الذي يرعى هذا الجاسنب لقو‪،‬ل عمر بن الحطاب رضي ا‬ ‫عنه في كتابه الذي كتبه إلى أهل الشام ‪ »:‬علموا أولدكم السباحة والرمي‬ ‫‪2‬‬

‫و الفروسية‪ " "« .‬و إن كان قد ذكر اللعب فيقصد به في تقديري اللهو وقتل‬ ‫الوقت مع بعض ما تدره هذه اللعاب الرياضية من فوائد وليس التربية‬ ‫الجسمية‪.‬‬ ‫ولعل هذا ينطبق على المدوسنة فحسب؛لن للعب الهادف أو التربية‬ ‫الجسمية بالمفهوم الحديث موجود في تراثنا التعليمي فهذا الحجاج مثل يوصي‬

‫‪ -31‬ينظر المصدر سنفسه‪ ،‬ص‪.94:‬‬ ‫‪ -42‬ابن قتيبة الدينوري ‪،‬عيون الخبار‪،‬دار الكتب‪،‬القاهرة‪،‬ج ‪) 2‬د ط( ‪،1964،‬ص‪.168:‬‬

‫‪- 113 -‬‬


‫الفصـل الرابع‬ ‫مؤدب بنيه بتعليمهم السباحة قبل الكتابة يقو‪،‬ل‪ » :‬علمهم السباحة قبل الكتابة‪،‬‬ ‫‪1‬‬

‫فغنهم يحبون من يكتب عنهم ول يحبون من يسبح عنهم‪" "«.‬‬ ‫ومن المؤكد أن السباحة التي أرادها الحجاج لبنيه ترتكز علي قواعد وأسس‬ ‫وإل كان تعليمها في متناو‪،‬ل كل فرد ‪،‬وبالتالي ل تحتاج إلى معلم ليعلمها‬ ‫لهم‪.‬وهذا يد‪،‬ل على أن القصد من وراء تعلم السباحة التربية الجسمية السليمة‬ ‫للطفا‪،‬ل‪ ،‬وليس تأمين اللعب لسد الفراغ بطريقة هادفة‪.‬‬ ‫ومن بين الخبار التي تؤكد إصرار أولياء المور وحتى المعلمين في القديم‬ ‫على التربية الجسمية إسنكارهم للعب الذي ل يدر بمنفعة للصبي ‪،‬كإسنكار يشريح‬ ‫لطريقة لعب ولده والوسيلة التي يلعب بها‪،‬وهذا ما يتضح في الكتاب الذي بعثه‬ ‫لمعِّلمه ليعالج هذه المشكلة ‪،‬ويروض أخلقه ‪،‬وينمي جسمه بطريقة‬ ‫سليمة‪،‬حتى وإن اضطر لتأديبه بالدرة‪ ،‬ويقو‪،‬ل في هذا الكتاب‪:‬‬ ‫تبك الصلة لكلب يسعى بها * * * طلب الهراش مع الغواة النجس‬ ‫فإذا خلوت فعضه بسلمة * * * وعظّنه وعظك للريب الكيـس‬ ‫وإذا هممت بضربه فبدرة * * * وإذا بلغت بها ثلث فاحبــس‬ ‫‪2‬‬ ‫واعلم بأسنك ما فعلت فلنفسه * * * مع ما يجزعني أعز السنفـس " "‬ ‫وهذا إن د‪،‬ل على يشيء فيد‪،‬ل على أن التربية الجسمية المحتكمة إلى ضوابط‬ ‫وأسس لم تكن مهملة أو مغيبة في التعليم القديم‪ ،‬مع عدم التلميح إلى ذلك في‬ ‫المدوسنة‪.‬‬ ‫هذه بعض السنتقادات التي جمعتها من خل‪،‬ل قراءتي التي أجريتها حو‪،‬ل كتاب‬ ‫آداب المعلمين لمحمد بن سحنون مع العلم أن المجا‪،‬ل يبقى مفتوحا للباحثين‬ ‫للدلء باسنتقادات وملحظات أخرى قد فاتني الوصو‪،‬ل إليها‪.‬وقبل أن أسنتقل إلى سنتائج‬ ‫‪ -11‬ابن قتيبة الدينوري ‪،‬عيون الخبار‪،‬ج ‪،2‬ص‪.166:‬‬ ‫‪ – 22‬المصدر سنفسه‪ ،‬ص‪167:‬‬

‫‪- 114 -‬‬


‫الفصـل الرابع‬ ‫هذا البحث وهي آخر سنقطة فيه أدرج خلصة قراءتي لكتاب آداب المعلمين لصاحبه‬ ‫محمد بن سحنون في الخطاطة التالية‪:‬‬

‫تصور لمخطط السياسة التعليمية عند محمد بن سحنون‪:‬‬ ‫فلسفة المجتمع }فلسفة إيماسنية تنبثق من اليمان بالله‬ ‫عز وجل والسنطل ق من هذا اليمان‬ ‫للعمل في كافة المجالت‪{.‬‬

‫فلسفته في التربية والتعليم } فلسفة قائمة على مراعاة‬ ‫المبادئ والقيم العقدية إلى جاسنب‬ ‫مراعاة معطيات العلم‪{.‬‬

‫أهدافه العامة في التربية والتعليم }تربية وتكوين فرد مسلم‪،‬‬ ‫منتج‪ ،‬فعا‪،‬ل‪ ،‬على كل المستويات‪{.‬‬

‫‪- 115 -‬‬


‫الفصـل الرابع‬ ‫المكان } هدف التربية في المرحلة البتدائية إعداد الطفا‪،‬ل سلوكيا و ذهنيا‬ ‫لتحمل مبادئ المسؤولية‪{.‬‬

‫منهجيته في التربية والتعليم‬

‫التقييم الوسائل المواد الطر ق‬

‫تقييم التعلم ) النظر في أحقية الطالب لخذ الجازة من معلمه للسنتقا‪،‬ل إلى صف‬ ‫أعلى‪ ،‬أو لمساعدة معلمه على تعليم من هم دوسنه‪(.‬‬

‫‪- 116 -‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.