2
3
2
املنظمة العربية للتنمية الإدارية ودورها يف جزر القمر ً مباركا فيه ،وال�صالة وال�سالم على خري اخللق �أجمعني، طيبا احلمد هلل ً حمدا ً �سيدنا حممد �صلى اهلل عليه و�سلم وعلى �آله و�صحبه ومن وااله� ،أما بعد، القيم من جملة "�إدارة"، �إنه ل�رشف عظيم �أن تُتاح يل فر�صة افتتاح هذا العدد ِّ التي ت�صدرها املنظمة العربية للتنمية الإدارية ،وهي من املنظمات الفاعلة والرائدة يف تفعيل العمل العربي امل�شرتك ،وتقوم بواجبها على �أكمل وجه. �إن عاملنا العربي مير مبرحلة دقيقة يحتاج فيها �إىل مثل هذه املنظمات لتذليل ال�صعاب بعملها ون�شاطاتها ليتمكن من اجتياز هذه املرحلة االنتقالية ،و�إن من �أهم ما تقوم به املنظمة العربية للتنمية الإدارية ن�رش الوعي وتدريب املواطن العربي على القيام بواجبه خري قيام، وم�ساندة الدول الأع�ضاء يف ت�أهيل كوادرها وتدريبها ليكون الكادر العربي م�ؤهلاً على امل�ستوى املنا�سب ،بحيث ال يقل م�ستوى عن غريه ،وحيث �إن هذا العدد يتحدث عن جمهورية القمر املتحدة� ،أنتهز هذه الفر�صة ال�سانحة لأ�شيد باجلهود التي تقوم بها املنظمة العربية للتنمية الإدارية على وجه العموم ويف جزر القمر على وجه اخل�صو�ص ؤكدا حر�ص احلكومة القُمرية على من جهود لرفع كفاءة الكوادر الب�رشية يف موروين ،م� ً ما�سة لهذه املنظمة بالذات للنظر ت�أهيل الكوادر الب�رشية يف جميع املجاالت� ،إال �أن احلاجة َّ يف ا�ستمرار دعمها لنا وموا�صلته يف كل الأحيان ،وفتح �أبوابها ال�ستقبال الكوادر القمرية علما لتدريبهم و�إك�سابهم اجلرعة املنا�سبة من اخلربة العملية ل�ضمان م�سرية التنمية امل�ستدامةً ، ب�أن جزر القمر لديها من الكوادر املهاجرة �إىل دول الغرب ،وال ن�ستطيع ا�ستعادتهم �إال بعد داخليا ال�ستقبالهم ،و�إمكانيات الدولة حمدودة ،فندعو الأ�شقاء جمي ًعا -عرب هذه تهيئة الأجواء ًّ املجلة� -أن يدعمونا يف هذا املجال لرفع كفاءة الكادر القمري يف الداخل وخلق فر�ص عمل له ،وتهيئة الأجواء ال�ستعادة الكوادر املهاجرة؛ مواكب ًة للتحديات التي تواجه جزر القمر. جعفر عبد اهلل �شيخ �أحمد �سفري جمهورية القمر املتحدة بالقاهرة ومندوبها الدائم لدى جامعة الدول العربية
4
الإدارة العربية وامل�شي على احلبال مما ال �شك فيه �أن الإدارة قوامها الإبداع والتطوير وح�سن التدبري ً اجتماعيا نتباهى به، مظهرا ت�سلطا �أو ب�شكل عام ،وهي ال تعني ترفًا �أو ًّ ً و�إمنا هي م�ساءلة وم�سئولية من كافة الأطر القانونية واملهنية والأخالقية، وال ت�ستقيم �أعمال الإدارة بدونها ،ولكن املغاالة يف ال�شيء ت�ؤدي �إىل نتائج عك�سية؛ فاملالحظ يف بع�ض احلاالت يف �إدارتنا العربية �أن َار�س بطريقة انتقائية ،والتقييم ُي ْب َنى على انطباعات �شخ�صية امل�ساءلة تمُ َ ال على �أ�س�س وا�ضحة قابلة للقيا�س ،بل ت�صل الأمور �إىل �أن ي�صبح الرقم ت�صيدا للأخطاء ال تعديلاً وت�صحيحا لها، وجهة نظر ،وت�صري الرقابة ً ً ويف مثل هذه الأجواء ي�شعر الإداري �أنه يف بيئة حمبطة ال ت�شجع على التطوير والإبداع ،وي�صبح �أدا�ؤه م�شو ًبا باحلذر املفرط ،وي�ؤدي ذلك �إىل �أن ي�صبح تطبيق القانون و�إجراءاته غاية بحد ذاتها دون النظر �إىل النتائج والإجنازات ،وي�صبح الإداري يف �أدائه كمن مي�شي على احلبال، لو زلت قدمه يف �آخر خطوة ال ت�شفع له خطواته ال�سابقة وال روح التحدي واالتزان حتى لو قطع �آالف اخلطوات. واهلل من وراء الق�صد،،،
�أ.د .رفعت الفاعـــــوري مدير عام املنظمة العربية للتنمية الإدارية
5
معايل الدكتور /العارف �سيد ح�سن
وزير العالقات اخلارجية والتعاون يف جمهورية القمر املتحدة
عالوة • •جزر القمر ع�ضو يف الأمم املتحدة، ً على ذلك ف�إنها ع�ضوة يف جامعة الدول العربية منذ 1993ويف االحتاد الإفريقي وغريهما من الكيانات الإقليمية والعاملية، فكيف ت�ستفيد جزر القمر من ع�ضويتها يف هذه الكيانات؟ بالفعل �أ�صبحت جزر القمر الع�ضو رقم 143يف الأمم املتحدة يف نوفمرب 1975 عقب نيل ا�ستقاللها من جانب واحد يف 6يوليو من العام نف�سه ،هذا اال�ستقالل جاء بطريقة ح�ضارية فذة فريدة من نوعها، رغم ما حدث من بقاء اجلزيرة الرابعة حتت ال�سيطرة الأجنبية الفرن�سية �إىل الآن ،ويالحظ �أن مكا�سب جزر القمر من ع�ضويتها يف هذه الكيانات �أغلبها �سيا�سية ،حيث عانت جزر القمر منذ ا�ستقاللها من م�شكالت �سيا�سية نتجت عنها الزعزعة التي مار�سها املرتزق ال�شهري بوب دينار مقابل الإنهاك ال�سيا�سي القمري املتوا�صل باملطالبة بال�رشعية لعودة جزيرة مايوت القمرية �إىل �أخواتها،
6
أي�ضا خالل كما عانت جزر القمر � ً الفرتة بني عامي 1997و2000 من م�شكلة االنف�صال يف جزيرة �أجنوان ،وخالل هذه الأو�ضاع وجدت كبريا وم�ؤازرة جزر القمر ت�أيي ًدا ً �سيا�سية ودبلوما�سية م�شهودة من أمميا جتاه إقليميا و� ًّ هذه الكيانات � ًّ مواجهة هذه امل�شاكل ،وللأ�سف ال�شديد مل تتمكن جزر القمر من اال�ستفادة ب�شكل حقيقي من اجلوانب التنموية واال�ستثمارية والعلمية لهذه الكيانات ب�سبب ان�شغالها يف امل�شكالت ال�سيا�سية التي �أرهقتها منذ َن ْيل ا�ستقاللها حتى جتاوز هذه امل�شكالت يف عام ،2001هذا ما جعلني �أوجه الدبلوما�سية القمرية اجلديدة نحو اال�ستفادة اجلادة من ع�ضوية جزر القمر يف هذه الكيانات لت�شمل كافة املجاالت. الهويتني • •هل يوجد تكامل بني ُ العربية والإفريقية جلزر القمر؟ وما �أ�شكال هذا التكامل �إن ُوجد؟ نعم يوجد تكامل ملحوظ بني ال ُهويتني ،وهذا التكامل يكمن يف القوا�سم امل�شرتكة بني املنظومتني العربية والإفريقية من حيث عالقة
اجلوار والرتاث واحل�ضارة. • •كيف ُتقَ ِّيمون عالقتكم بالدول العربية؟ وماذا عن زيادة البعثات الدبلوما�سية يف الدول العربية؟ �أخذت العالقات القمرية �صوب حيا ن�شيطً ا الدول العربية طاب ًعا ًّ يف الت�سعينيات ،خا�صة يف عهد الرئي�س الراحل حممد تقي عبد الكرمي ،ثم قفزت �إىل �أعلى الأ�صعدة يف عهد الرئي�س ال�سابق �أحمد عبد اهلل �سامبي الذي كان �أول رئي�س قمري يجيد العربية بطالقة ،و�أعتقد �أن هذه العالقات �ست�صل �إىل ذروتها يف الوقت الراهن يف عهد الرئي�س الدكتور �إكليل ظنني ،حيث يعد هذا العهد بداية الطريق للإدارة الر�شيدة وفق خطة خما�سية مر�سومة لأول مرة يف تاريخ جزر القمر ،هذه اخلطة هي جوهر الآلية العربية يف اللجنة العربية لال�ستثمار والتنمية يف جزر القمر املنبثقة عن م�ؤمتر الدوحة، وهذا مل يكن ليتحقق لوال احليوية التي ت�شهدها العالقات القمرية العربية. �أما عن اجلزء الثاين من ال�س�ؤال ف�إننا نركز على زيادة البعثات الدبلوما�سية
نظرا حلاجة بالدنا خلدمة م�صاحلها ً ال�سيا�سية والدبلوما�سية التي تتجه الآن نحو التنمية قبل كل �شيء. • •ما التحديات التي تواجه جزر القمر يف املرحله احلالية؟ جتاوزت جزر القمر م�شاكلها ال�سيا�سية -وهلل احلمد -منذ امل�صاحلة الوطنية بالتوقيع على اتفاقية فومبوين الثانية، كليا بعد حترير �أجنوان من و�أنهتها ًّ االنف�صاليني عام ،2007و�أهم التحديات التي تواجه جزر القمر هي البنية التحتية التي حال و�ضعها دون �إنعا�ش التنمية وال�سياحة والتنمية امل�ستدامة والطاقة املتجددة ومو�ضوعات ال�شباب واملر�أة والأمن -ال�سيما يف مواجهة القر�صنة البحرية -وت�أهيل املوارد وفنيا خا�صة يف علميا الب�رشية ًّ ًّ جمايل البرتول والغاز الحتماالت وجودها يف �أرا�ضينا. • •وما �سبل مواجهة هذه التحديات من وجهة نظركم ،وما الدور الذي ميكن �أن تلعبه الدول العربية يف هذه امل�س�ألة؟
7
يف نظري �أرى �أن ال�سبيل الوحيد ملواجهة هذه التحديات هو تنفيذ اخلطة اخلما�سية ،والدول العربية دورا ب�إمكانها �أن تلعب ً مهما يف هذه امل�س�ألة� ،أال ًّ وهو حث الدول املانحة للوفاء بوعودها لنتمكن من تنفيذ الآلية العربية املنبثقة من م�ؤمتر الدوحة للتنمية واال�ستثمار يف جزر القمر. • •وماذا عن دور املنظمة العربية للتنمية الإدارية يف هذا ال�سياق وال �سيما �أن جزر القمر ت�أتي يف الرتتيب " "163يف امل�ؤ�رش الإجمايل للتنمية الب�رشية لعام 2013؟ ا�سمحوا يل �أن �أر�سل ر�سالة ثناء خال�ص لهذه املنظمة الفتية التي ت�رشف جامعتنا املوقرة ب�أدائها وكفاءتها وت�أهيالتها املثمرة ،لهذه جزءا من املنظمة دور �ضالع ي�شكل ً حلول حتدياتنا املحدقة ،حيث �إن حاجتنا �إىل املوارد الب�رشية يف منظومتنا العربية كحاجتنا �إىل
8
القانون اال�ستثماري القمري اجلديد ،بالإ�ضافة �إىل الأمن واال�ستقرار امل�س َت ِت َب نَّي يف البالد الآن مع قلوب �أ�صحابها امل�ساملة ،ومن �أهم جماالت اال�ستثمار يف جزر القمر: القطاع ال�سيـــاحي،والقطـــاع ا ل�صحي ،و ا ل�صيد ,و ا لز ر ا عة ، و حتى ا لتعليم ،و ا لطا قة ، و ا ال ت�صا ال ت ،و ا مل�رص فية ، والأهم �أن جزر القمر ما زالت بكرا؛ فكل املجاالت مل ُت�ستغل ً بعد.
البرتول والغاز على حد �سواء.
• •دعوتــم فــي القمــة العربيــــة يف الكويت امل�ستثمرين العرب لال�ستثمار يف بالدكم ،فهل لديكم ت�سهيالت وقوانني ت�شجع على اال�ستثمار ،وما امل�شاريع التي ميكن اال�ستثمار فيها يف جزر القمر؟ نعم لدينا كل الت�سهيالت واالمتيازات والأوليات والإعفاءات التي �أعدت للم�ستثمرين ال�سيما الأجــــانب منهم ،وكل ذلك وا�ضح وجلي يف
• •تــرى بع�ض الدرا�سات �أن جزر القمر ميكنها �أن ت�صبح جديدا لقوة �إقليمية منوذجا ً ً جتمع بني الفوائ�ض املالية الناجتة عن ت�صدير املوارد الطبيعية واال�ستقرار ال�سيا�سي واملوقع اجليو�إ�سرتاتيجي ،فما تقييمكم لهذه الر�ؤية ،وما الإ�سرتاتيجية التي ميكن تطبيقها لإعمال هذا النموذج؟ �إ�سرتاتيجيتنا يف هذه النقطة �أن �سياحيا جنعل جزر القمر مرت ًعا ًّ حرا للتجارة العاملية ًّ عامليا ومرف�أ ًّ الحت�ضان العامل حينذاك.
مراكز وم�ؤ�س�سات الرتبية والتعليم يف الإ�سالم من مو�سوعة الإدارة العربية الإ�سالمية (ت�صدر عن املنظمة العربية للتنمية الإدارية)
�إن لكل نظام �أو م�رشوع ينبغي حتقيقه و�سائل و�أدوات تالئمه وحتقق غاياته و�أهدافه م�رشوعا يهدف �إىل �إعداد اجليل وتعهده نظاما �أو وت�ستوعب م�ستجداته ،وكذا متثل الرتبية ً ً وتوجيه منوه نحو الأف�ضل ،و�صولاً �إىل حتقيق هدف الأمة الأ�سمى الذي ارت�ضاه اهلل لها لتكون خري �أمةٍ �أُخرجت للنا�س. ويف العر�ض الآتي تظهر -ب�شكل وا�ضح -مالمح الإدارة الرتبوية والتعليمية التي كان ميار�سها الرتبويون امل�سلمون يف مراكزهم وم�ؤ�س�ساتهم الرتبوية والتعليمية ،كما تربز �سمات الأمناط الإدارية ال�سائدة يف جمال الرتبية والتعليم لعدة قرون من الزمن ،ومنها: دار الأرقـــم: عرف الإ�سالم امل�ؤ�س�سات الرتبوية منذ اللحظات الأوىل لبدء نزول الوحي على الر�سول (,) �سم مب�سمياتها احلديثة كمدر�سة ومعهد وجامعة ،...مع �أنها كانت ت�ؤدي الوظائف غري �أنها مل ُت َّ الرتبوية والتعليمية التي ت�ؤديها املدار�س يف الع�صور املختلفة ،من هنا ميكن اعتبار دار الأرقم بن �أبي الأرقم �أول م�ؤ�س�سة �أو مدر�سة تربوية وتعليمية �أن�شئت يف الإ�سالم يف مكة املكرمة ،وكان �أ�ستاذها ومعلمها الأعظم �سيد الأنبياء والر�سل حممد ( )الذي جمع القلة �رسا يف هذه الدار ،بحيث ُي َزكِّي نفو�سها ويعلمها �آيات القر�آن الكرمي التي القليلة التي �آمنت به ًّ يتنزل بها الروح الأمني على قلبه (. ) �أما املتعلمون الأوائل يف دار الأرقم فهم ال�صفوة املختارة من �صحابة الر�سول ( ,)فاملعلم هو الر�سول ( ،)واملتعلمون هم ال�سابقون الأولون �إىل الإ�سالم ,واملنهج هو �آيات القر�آن الكرمي ،وطريقة التدري�س هي ال�رشح والتو�ضيح والتف�سري والتحليل ,وو�سيلة الإي�ضاح هي القدوة ال�صاحلة ,وعلى هذا كانت دار الأرقم مدر�سة لإعداد القادة الذين حملوا يف قلوبهم قويا بر�سالة الإ�سالم. �إميا ًنا عمي ًقا ًّ امل�سجـــد: مل تكن امل�ؤ�س�سة الرتبوية الإ�سالمية جامدة بل كانت مرنة متطورة م�ستجيبة حلاجات الزمان واملكان ،فعندما انتقل امل�سلمون �إىل املدينة مل تعد دار الأرقم وغريها من الدور تت�سع للأعداد الكبرية من امل�سلمني بعد �أن �أ�س�سوا لهم دولة يف املدينة ،فكان �أن �أ�س�س ( )بعد هجرته م�سجد قباء ثم امل�سجد النبوي ال�رشيف لي�سع الوفود اجلديدة الداخلة يف الإ�سالم ,وقد �سارت هذه امل�ؤ�س�سة على نف�س الأ�سا�س الذي �سارت عليه املدر�سة الأوىل ،فقد كان الر�سول ( )يجل�س يف م�سجده يف املدينة ُي َب�صرِّ النا�س ب�شئون دينهم ودنياهم ،ويف�رس لهم القر�آن الكرمي ،ويجيب عن �أ�سئلتهم ،ويو�ضح لهم ما ا�ستع�صى عليهم فهمه من �أحكام الدين. ولأن امل�سجد هو امل�ؤ�س�سة الوحيدة التي عرفها امل�سلمون ،فقد ا�ستوعب �أن�شطة متعددة الأوجه؛ فهو بيت اهلل تعاىل الذي ُتقام فيه ال�صالة و ُيتلى فيه القر�آن ،وفيه ُتعقد حلقات العلم وتدور املناق�شات ،وهو دار الق�ضاء حيث يعقد جمل�س الق�ضاء للحكم بني النا�س مبا �أنزل اهلل ،وهو مقر احلكومة حيث ال�شورى ،ومنه يخرج املبعوثون و ُي�ستقبل ال�سفراء والوفود ،و ُتعقد الألوية وتنطلق اجليو�ش للغزو يف �سبيل اهلل ,وجتتمع فيه الأمة لكل �أمر يهمها.
9
الإدارة العمومية والإعالم الزبري مهداد ملحق االقت�صاد والإدارة ،مكلف باالت�صال النيابة الإقليمية لوزارة الرتبية الوطنية بالناظور اململكة املغربية
10
ي�شرتك العمل الإداري والإعالم يف �أن كلاًّ منهما ي�ساهم يف حتقيق التنمية الوطنية� ،إال �أنه على الرغم من لقائهما امل�شرتك عند هذه الغاية ف�إن �أر�ض الواقع تكتنفها ممار�سات تعطل ا�ستفادة كل منهما من الآخر يف حتقيق التنمية ،نتيجة العالقة امل�ضطربة املطبوعة بالتنافر التي تربطهما. ال ُي ْنكَر دور الإعالم يف امل�ساهمة يف رفع جودة اخلدمات التي تقدمها الأجهزة احلكومية ويف حتقيق ال�شفافية واحلكامة اجليدة وتر�سيخ وعي حقوقي يف املجتمع املحلي، �إال �أن هاج�س ال�سبق ال�صحفي و�سعي بع�ض ال�صحفيني �إىل االنفراد بن�رش الأخبار دون مراعاة طبيعة العمل الإداري وترتيباته وخ�صو�صياته- جهلاً �أو جتاهلاً -وعدم الإحاطة الكاملة بظروفه ف�ضلاً عن تدين م�ستوى املمار�سة املهنية لدى البع�ض يلجئ بع�ض املنت�سبني �إىل احلقل الإعالمي
�إىل اعتماد الإثارة وتتبع الثغرات يف طرحهم الإعالمي ،ما ي�ؤدي يف �أحيان كثرية �إىل ت�ضخيم الأحداث ،الأمر الذي يف�رسه الإداريون على �أنه موقف مناوئ لهم ،متعار�ض مع �أهدافهم، حمبط جلهودهم. يف حني يعترب الإعالميون موقف الإداريني ح�سا�سية مفرطة ومعتادة إحجاما عن للإداريني جتاه النقد و� ً التعاون مع و�سائل الإعالم ،ما يعطل دور الو�سائل الإعالمية عن قيامها بوظيفتها يف تقومي �أداء الإدارة و�سلوك امل�سئولني ال�ساهرين على تدبري ال�ش�أن العام ،يف الوقت الذي تعرف فيه الأحوال الوطنية والظروف الدولية توج ًها نحو ال�شفافية واالنفتاح وحرية الر�أي.
املواطن ال�صحفي
وخالل الأعوام الع�رشين الأخرية التي �شهد فيها حقل الإعالم واالت�صال طفرة هائلة ناجتة عن التطور
التكنولوجي برز م�ستجد �إعالمي توا�صلي جديد ،وهو املواطن ال�صحفي ،فقد بدا املواطن العادي كفاعل �إعالمي توا�صلي قادر على �إنتاج املعلومات وتتبعها ونقدها ون�رشها يف ال�شبكات الإعالمية التوا�صلية الع�رصية وال�صحافة الورقية وغريها على نطاق �أو�سع متاحا بكثري من النطاق الذي كان ً للإعالم التقليدي. فبف�ضل ثورة الإنرتنت والتطور الذي �شهدته �شبكات االت�صال من مكاملات هاتفية م�سموعة ومرئية ور�سائل ن�صية والتقدم احلا�صل يف الربامج املعلوماتية وغري ذلك ُفتِح املجال �أمام املواطن العادي خلو�ض غمار التجربة الإعالمية التوا�صلية، والأمر ال يحتاج منه �سوى امتالك �أجهزة ومهارات وكفايات هي يف متناول اجلميع ،وال ت�شرتط تكوي ًنا مهنيا عمي ًقا �أو انخراطً ا أكادمييا �أو � ًّ ًّ يف جمعية �أو نقابة مهنية ،بل �إن التكوين اللغوي �أ�صبح غري ذي �أهمية ،هذا املواطن العادي �أ�صبح إعالميا ميكنه ن�رش �صحفيا و� اليوم ًّ ًّ الأخبار والتقارير امل�صورة لأحداث عاي�شها �أو اقرتب منها �أو تابعها عن بعد ،كما ي�ستطيع �أن ين�رش ر�أيه �-أو �آراء الآخرين -عرب مواقع الإنرتنت واملدونات و�صفحات الفي�س بوك وتويرت وبا�ستخدام هاتفه اجلوال وغريها من �أ�شكال االت�صال املتاحة بتكلفة زهيدة ومهارات ب�سيطة وبدون رقابة ،وبذا مل يعد العمل
نخبويا كما كان من قبل ، الإعالمي ًّ بحرا متالطم الأمواج. بل �أ�صبح ً وامل�شكلة التي يطرحها هذا الو�ضع اجلديد هو االنت�شار الوا�سع لل�شائعات الإعالمية (التي ي�سميها الإداريون �أكاذيب وافرتاءات) نتيجة احلر�ص على حتقيق ال�سبق الإعالمي والتفرد باخلرب وا�صطياده والبحث عنه حيثما ُو ِجد وكيفما كان ،ما �أدى �إىل انتفاء امل�صداقية عن كثري من امل�صادر الإعالمية ،ف�ضلاً عن فتح املجال لتعليقات املت�صفحني التي ال تتقيد بقانون وال �أخالق وال �آداب، حيث ُتكال ال�شتائم واالتهامات الباطلة وال�سب والقذف بدون حد وال �ضابط ،فالنزوع نحو ال�شعبوية واحلر�ص على ا�ستمالة املت�صفحني وك�سبهم يجعل املواقع الإعالمية تتخطى جميع احلدود. فهناك �أخبار ناق�صة �أو مبتورة، و�صورا و�أخرى تت�ضمن �أنباء زائفة ً مفربكة ،وثالثة تعرب عن وجهات نظر معينة دون �أخرى ،ومعلومات م�ستنتجة عن تف�سريات خاطئة حلوادث� ،إىل جانب �أخبار تت�ضمن معلومات خاطئة� ،أما امل�صادر املعتمدة لهذه املواد الإخبارية فح ِّدث وال حرج؛ �إذ ترتاوح بني امل�صدر املوثوق والبالغ امل�ؤ�س�سي والوكاالت الإعالمية وحديث ال�شارع وال�صور املفربكة ومن�شورات ال�شبكات االجتماعية ،وغري ذلك مما يتعذر ح�رصه. �إن ال�رشوط التكنولوجية والقانونية
امل�ستجدة جعلت املنافذ الإعالمية التي ت�أتي منها الأخبار واملعلومات متعددة متنوعة منفلتة عن كل �سيطرة ومراقبة ،وجعلت التعامل والتوا�صل معها حمفوفًا بال�صعوبات ،مع �أن ال�رضورة املهنية وامل�سئولية االجتماعية حتتم االنفتاح على جميع املنابر الإعالمية الورقية والإلكرتونية على اختالف �أطيافها وم�شاربها وتوجهاتها ،و�أي موقف خمالف �سوف تن�ش�أ عنه نتائج �سيئة ت�رض باملرفق واملواطن أي�ضا؛ م ًعا وباملنرب الإعالمي � ً لأن القطيعة الإعالمية مع هذه امل�ؤ�س�سات لن ت�ساهم يف ت�صحيح الو�ضع اخلاطئ. �إذن ال بد من التعامل مع املنابر الإعالمية بذكاء ووعي وتب�رص أي�ضا ،وال بد من تزويدها وحذر � ً باملعلومات لقطع الطريق �أمام امل�صادر الإخبارية التي تفتقد امل�صداقية و�أمام ال�سلوكيات امل�شينة لت�صيد الأخبار كالتج�س�س على امل�ؤ�س�سات والأ�شخا�ص وتلفيق ال�صور وتزييفها ،عندئذ ت�صبح املنابر الإعالمية م�ساهمة �إىل جانب الإدارة يف خدمة �أهداف التنمية. وهذا الأمر بالغ الأهمية يوجب على امل�ؤ�س�سات العمومية �أن تتوىل املبادرة بالعناية باجلانب التوا�صلي الإعالمي ،وذلك يحقق غايات كثرية ،منها التحكم يف م�صادر املعلومات ،ون�رش املعلومات املوثوقة ،واالنفتاح على املجتمع
11
املحلي ،وت�صويب ممار�سات القطاع، والت�شارك ،وامل�ساهمة يف تطوير مهارات املواطن وقدراته االت�صالية، الذي يت�أكد من خالله مفاهيم احلريات العامة.
الإدارة العمــوميـة م�صدر للخرب
مل يعد امل�سئولون احلكوميون والإداريون يج�سدون ال�سلطة وال�سيادة ،بل هم جمرد م�سيرِّ ين وم�رشفني على تدبري ال�ش�أن العام ،ومل َزمني بتعبئة الإمكانات والو�سائل املادية وقيادة اجلهود التنظيمية لتحقيق التنمية وتلبية حاجات املجتمع املحلي يف التعليم �أو ال�صحة �أو الأمن �أو غريه تنفيذًا لل�سيا�سة احلكومية يف جماالتهم ومرافقهم التي �أ�سندت �إليهم م�سئولية ت�سيريها وتدبريها ،وبهذا املفهوم تغريت �صورة الدولة من �سلطة �آمرة ناهية �إىل جمموعة من املرافق العامة. فوظيفة الدولة اليوم هي قيادة املجتمع نحو التنمية ،وهذا واجب مهم وم�سئولية ج�سيمة ،لذلك ن�سمع اليوم �شعار "الواجب مقرون بامل�سئولية" ،هذا ال�شعار تردده املنابر الإعالمية وتعتربه قاعدة قانونية يحا�سب يف �ضوئها أخالقيا امل�سئولون الإداريون � ًّ ووظيفيا ،فاملواطنون وقانونيا ًّ ًّ والإعالميون يعتربون التنمية عملية �أخالقية بالأ�سا�س ،تنحو بدورها
12
لقيادة املرفق العام نحو التخل�ص من كل ال�شوائب التي يعرفها على هذا امل�ستوى بق�صد الق�ضاء على الف�ساد داخله وحوله ،من �أجل تعبيد امل�سار نحو مرفق عام ي�سوده مبد�أ امل�سئولية بكل جتلياتها. �إن الإعالميني وعموم املواطنني على ال�سواء ال يعرفون عن املرفق العمومي غري اجلزء البارز من جبل الثلج العائم ،وال يعرف الفرد �إال ما يت�صل بحاجته فقط� ،أما اجلوانب الأخرى من �أن�شطة املرفق وحياته و�أدواره فال يعلم بها �إال املخت�صون، وحتى الكثري من العاملني باملرفق تنق�صهم املعرفة الدقيقة بهذا اجلانب ،وهذا ناجت عن ق�صور يف العملية التوا�صلية الإعالمية ،فمن حق املواطن �أن يعرف حقيقة �أدوار املرفق واخت�صا�صاته وجماالت تدخله ،حتى تتاح له الفر�صة كاملة لال�ستفادة منه والتعاون والتفاعل أي�ضا. معه ومراقبته � ً ففي الدول املتقدمة تويل امل�ؤ�س�سات العمومية واخلا�صة عناية فائقة للعالقات العامة واالت�صال الداخلي واخلارجي ،بخالف بلداننا املتخلفة، فالإعالم الإداري واالت�صال العمومي يدل انتعا�شهما وحيويتهما على حيوية الإدارة العمومية ،كما يدل �ضعفهما وخمولهما على خمول هذه الإدارة ،فهذا الإعالم هو �صورة الأداء امل�ؤ�س�سي ،وينطوي على نتائج مثمرة و�آثار ايجابية على العاملني الفاعلني الإداريني؛ لقدرته على
تنمية م�ؤهالتهم وزيادة قابليتهم على العمل والفهم والتفاعل مع الآخرين امل�ؤثرين يف القطاع، فمت�صفح الر�سائل الإعالمية الإدارية من ن�رشات ودالئل ور�سائل �إخبارية يكون لديه انطباع �أويل ب�أنه هو املق�صود بخطابها ،ال يقت�رص هذا على املوظفني فح�سب ،فهذا الإعالم بدءا ي�شمل جمالاً وا�س ًعا بخطابهً ، بالعاملني يف املرفق ،وانتهاء مرورا ب�رشكاء باملواطن العادي، ً املرفق الفاعلني فيه واملعنيني به وجمعيات املجتمع املدين. فالإعالم الإداري هو يف جوهره �إخبار ،والإخبار �أحد �أدنى م�ستويات الإ�رشاك يف عملية �صنع القرار ،ف�إذا كان الإعالم قناة لبث املعلومات من امل�ؤ�س�سة نحو اجلمهور ،ف�إنه ينعك�س ت�أثريه من اجلمهور واملجتمع كله لريجع يف اجتاه امل�ؤ�س�سة ذاتها، ومن ث ََّم فهو عمل خمطط ومهم على ال�صعيد التنظيمي؛ لأنه ي�ؤثر يف الآراء واالجتاهات من خالل �أداء املوظفني العموميني وتفاعل الفرقاء االجتماعيني واملواطنني امل�ستهدفني باخلدمات التي تقدمها الإدارة العمومية ،فهو ات�صال متبادل بني عدة �أطراف لتوحيد النظرة وتن�سيق اجلهود وتكاملها والتغلب على ال�صعوبات املفرت�ضة وحتول دون التي تواجه العمل ُ حتقيق غاياته. فكما �أن التنمية تعتمد على تر�سيخ �أخالق املواطنة يف الأفراد وحتتاج
�إىل �إدارة مواطنة ف�إنها حتتاج أي�ضا �إىل �إعالم املواطن ،فهو � ً الكفيل بنقل الر�سالة بذكاء بني املرفق العمومي واملواطن املرتفق، وير�صد -من خالل ما يطرحه من ق�ضايا ونقا�شات -م�ؤ�رشات قيا�س الأداء احلكومي وتقييمه ب�شفافية وانفتاح متبادل ،فيفتح املجال ملعاجلة �أوجه الق�صور يف الطرفني م ًعا (املرفق واملرتفق؛ �أي :الإدارة واملواطن) ،وي�ساهم بالتايل يف تر�سيخ �أخالق املواطنة يف الأفراد. تعمل و�سائل الإعالم كمر�آة تعك�س ما يدور يف املجتمع بكل مكوناته، من مرافق �إدارية وجمعيات املجتمع املدين وهيئات �سيا�سية وقطاعات خ�صو�صية ونخب وفعاليات وغريها ،وحتى تكون �صادقة ال ينبغي لها �أن تتقعر وال �أن تتحدب فتحرف احلقيقة وت�ضخم �أو تقزم الأمور ،بل يتعني �أن تكون مر�آة م�سطحة م�ستوية، حتى تكون دقيقة يف عك�سها ما يدور يف املجتمع ،وتكون بالتايل
�أداة فعالة وم�ؤثرة يف ت�شكيل الر�أي العام املو�ضوعي النزيه للمجتمع يف الق�ضايا املهمة ،ال �سيما يف ع�رص التوا�صل الذي ك�رس احلواجز بني خمتلف �رشائح املجتمع ،وهذا يعتمد بالدرجة الأوىل على انفتاح الإدارة على الإعالم ومبادرتها بالتوا�صل مع املنابر الإعالمية ال�صحيح باخلرب لتغذيتها واملعلومة املوثوقة والتف�سري الدقيق.
نحو ميثاق �أخالقي بني الإدارة والإعالم
رئي�سا لكل يعد التخليق مدخلاً ً املبادرات التنموية ،ذلك �أن معظم مظاهر الق�صور واالختالالت التي ت�شوب التنمية ُتعزى يف الأ�صل �إىل غياب القيم البانية وااللتزام بالأخالق املهنية واحرتام القانون لدى املواطنني ،ما ي�ؤثر �سل ًبا على برامج التنمية االقت�صادية واالجتماعية. �إن �أخالقيات املرفق الإداري العام وامل�ؤ�س�سة الإعالمية امل�شكلة من
ال�ضوابط واملبادئ التي تنظم ت�سيري هذه املرافق وتدبريها هي التي ينبغي �أن توجه احلياة واملمار�سة املهنية للموظف العمومي ولل�صحايف نحو �إطار معريف �أو قانوين م�ضبوط ،فالتزام الأخالق املهنية يعني تفادي املوظف ورجل الإعالم -على ال�سواء -كل ال�سلوكيات غري القانونية وامل�شينة واجتنابها ،ويف نف�س الوقت ت�شجيعهما لدى املرتفق ال�سلوك امللتزم باملبادئ والقيم الأخالقية وروح امل�سئولية من جهة �أخرى؛ �أي :خ�ضوع العاملني باملرفق العمومي ورجال الإعالم �إىل ثقافة الأدب واالحرتام الذي يت�أ�س�س على القاعدة القانونية حتى تت�صف �سلوكياتهم بالأخالق احل�سنة يف القيام بالواجب والت�ضحية والبذل الإيجابي يف عالقاتهم مع تقديرا لأحوال املرتفقني املرتفقني، ً وظروفهم وحاجتهم �إىل البذل وامل�ساعدة. �إن املهارة التوا�صلية يجب �أن تتوفر لدى كل املوظفني والقائمني على اخلدمة العمومية ،وتعد هذه املهارة �أحد عنا�رص تقومي املوظفني لرتقيتهم يف حياتهم املهنية �أو لتثبيتهم يف مهامهم التي �أُ�سندت لهم ،وبعبارة �أخرى ميكن القول� :إن جميع املوظفني هم رجال ات�صال، وهذه املهمة تتطلب منهم التحلي ب�صفات رجل االت�صال ،وهي
13
كثرية؛ تبد�أ بح�سن ا�ستقبال املرتفق والرتحيب به وح�سن الإن�صات له وتفهم ظروفه وتقديرها ب�سعة �صدر وبذل العون ومد يد امل�ساعدة والإجابة عن �أ�سئلته والبحث عن املعلومة املفيدة له و�إر�شاده �إىل م�صادرها؛ �أي :بذل كل اجلهود من �أجل تطوير املرفق ومتكينه من �أداء مهامه من �أجل خدمة املرتفق وتقريب الإدارة �إليه ،بل حتبيب املرفق �إىل املرتفق وتر�سيخ عالقة مبنية على الود واالحرتام والتقدير، وهذه هي الغاية ال�سامية التي نطمح �إليها جمي ًعا موظفني ومواطنني: ا�ستبدال �صورة م�رشقة �شفافة للإدارة بال�صورة الداكنة القامتة لدى املواطن ،ففي ظل الثورة التكنولوجية الإعالمية التي زرعت ميكروفونات وكامريات عالية الدقة يف الهواتف والأقالم والنظارات- بل يف �أ�صداف القم�صان -ال جمال
14
للتكتم واالنغالق ،ويف ظل املتغريات ال�سيا�سية الدولية احلالية مل يعد ب�إمكان الإدارة العمومية �أن تعود لزمن م�ضى ،زمن االنغالق واالنفراد بالقرار والنهج البريوقراطي امل�ستبد املنغلق املتكتم. �إن انفتاح الإدارة مهمة �أخالقية قبل �أن تكون �إدارية ،وهي حلقة �أ�سا�سية من حلقات تخليق الإدارة العمومية� ،إال �أن ذلك ال يجب �أن يكون جمالاً الجتهادات ع�شوائية، بل ينبغي �أن حتتكم �إىل القانون فيما يتعلق باملعلومات وحدود التدخل وكيفيته وتوقيته وكل �شيء، وهذا الأمر ي�ستدعي تعميم املعرفة القانونية والإدارية بني املوظفني �أولاً ثم بني املواطنني ثان ًيا ،ودعوة اجلميع �إىل مراعاتها واحرتامها، وهذا يربز دور رجال االت�صال يف الإدارة العمومية ،الذين يتولون ذلك من خالل ن�رش املعلومة و�إتاحتها
و�إر�شاد املرتفقني �إىل الإجراءات وامل�ساطر وم�صادر املعلومات وغري ذلك من املهام االت�صالية. فاملعلومة يجب �أن تكون متاحة ب�سخاء للمرتفقني وامل�ستهدفني بخدمات القطاع وهيئاتهم وجمعيات املجتمع املدين الذين أي�ضا م�سئوليتهم يف �ضمان يتحملون � ً انفتاح الإدارة على حميطها و�إجناح خمططات الإ�صالح ،وكذا اجلماعات املحلية وامل�ؤ�س�سات االقت�صادية االجتماعية ،فيجب �أن يتوجه لها أي�ضا بخطابه وي�رشكها هذا الإعالم � ً يف احلوار حول ق�ضايانا الإدارية التنظيمية واخلدمية والتنموية. �إن "ع�رص املعلومات" الذي نعي�شه اليوم يفر�ض علينا �أن نتعامل مع حقائق الأ�شياء كما يجب �أن تكون ، لذا فنحن بحاجة �إىل منابر �إعالمية تعزز انفتاح امل�ؤ�س�سة الإدارية على املجتمع الذي يكتنفها ،وتدعم جهود التعبئة والتالحم االجتماعي حول القطاع الإداري ،وتقوي التفاهم والت�آلف بني الفاعلني يف احلقل الإداري مبزيد من التطلع نحو التقدم والرفاه وتر�سيخ ال�سلم االجتماعي ،يف وقت تت�سارع فيه التطورات االقت�صادية والتحوالت االجتماعية التي تلقي بظاللها الكثيفة على حياتنا وتر�سم معامل أي�ضا ،فامل�ؤ�س�سات الإعالمية الغد � ً الورقية والإلكرتونية هي التي يعول عليها �إي�صال الر�سائل �إىل املواطنني وتبليغهم بها و�رشحها لهم يف قالب وب�أ�سلوب وو�سائل يتفهمونها.
�أف�ضل بور�صة يف العامل عربية! حققت �سوق دبي للأوراق املالية لقب �أف�ضل بور�صة على م�ستوى العامل خالل الأ�شهر الـثمانية ع�رشة املا�ضية ،يف الوقت الذي تدخل فيه ال�سوق الإماراتية وال�سوق القطرية �إىل �أ�سواق الدول النا�شئة، وي�أتي اعتالء دبي قائمة �أف�ضل الأ�سواق يف العامل بعد �أن متكنت منذ مطلع عام 2013من حتقيق منو بلغت ن�سبته .200% عوامل ت�ضمنت فوز دبي با�ست�ضافة �إك�سبو � 2020أعطت االنطباع بثبات ال�سوق فيها ،يف الوقت الذي ت�شهد فيه املنطقة ب�شكل عام حالة من عدم اال�ستقرار ،ذلك �إىل جانب ثبوت �سعر برميل النفط مب�ستوى الـ 100دوالر خالل ال�سنوات الثالثة املا�ضية ،والتوجه لتحقيق رقم قيا�سي للإمارة على م�ستوى العامل من ناحية الإنفاق على البنى التحتية.
املركز املايل لل�سعودية يرفع ت�صنيفها االئتماين بقوة
�أكدت وكالة "�ستاندرد �آند بورز" ت�صنيفاتها االئتمانية لل�سعودية عند( ، )aa-/a-1+و�أبقت على نظرة م�ستقبلية �إيجابية قائلة� :إنها تلقى دعما ب�سبب الو�ضعني اخلارجي واملايل القويني ً ج ًّدا اللذين بنتهما اململكة على مدى ب�ضعة �أعوام. وقالت "�ستاندرد �آند بورز" �إنها قد ترفع ت�صنيفاتها لل�سعودية يف العام القادم �إذا اعتقدت �أن احلكومة عززت الإجنازات التي حتققت يف تطوير القطاع اخلا�ص .كما �أكدت الوكالة ت�صنيفاتها االئتمانية للديون ال�سيادية طويلة الأجل وق�صرية الأجل ل�سلطنة عمان عند ( )a/a-1مع نظرة م�ستقبلية م�ستقرة
25مليار دوالر حجم التوظيف عرب الإنرتنت يف 2020 توقع نائب رئي�س �رشكة "�إيالن�س �أودي�سك" ريت�ش بري�سن ت�سارع تطور العمل عن بعد عرب الإنرتنت يف امل�ستقبل القريب و�سط فر�ص �ضخمة لنمو هذه ال�سوق. و�أ�ضاف بري�سن -ر ًّدا على �أ�سئلة لـ "العربية نت"� -أن جمموع العمل املعتمد على الإنرتنت يقدر بـرتيليوين دوالر �أمريكي ،ومن املتوقع �أن ينمو التوظيف عن بعد عرب الإنرتنت من 1.6مليار دوالر �أمريكي يف � 2013إىل �أكرث من 25 مليار دوالر بحلول عام .2020
البنك الدويل يخف�ض توقعات منو الدول النامية
خف�ض البنك الدويل توقعات منو دول العامل النامي هذا العام من � 5.3%إىل ،4.8%و�إن حتقق ذلك ف�سيكون هذا هو العام الثالث ملعدل منو دون 5%يف هذه الدول. وقال البنك� :إن الدول النامية حتتاج �إىل �إجراء �إ�صالحات اقت�صادية لتحفيز النمو ،ولكن التقرير اجلديد ال يتوقع �صعود النمو يف هذه الدول يف عام .2015 وا�ستخدم البنك الدويل م�صطلح "حمبط" لو�صف الأداء االقت�صادي للدول النامية هذا العام ،وقال جيم يونغ كيم رئي�س البنك الدويل: �إن معدالت النمو "متوا�ضعة ج ًّدا ،ولن تخلق نوعية فر�ص العمل املطلوبة لتح�سني حياة الفقراء الذين يقدرون بـ."40%
15
امل�ستهلك بني ال�سيادة واحلماية يف ظل اقت�صاد ال�سوق احلر
د .حممد �إبراهيم �أبو �شادي �أ�ستاذ ورئي�س ق�سم االقت�صاد واملالية العامة �أكادميية ال�رشطة وزير التموين ال�سابق جمهورية م�رص العربية
16
ن�ش�أ االقت�صاد احلر يف منت�صف القرن الثامن ع�رش على يد �أن�صار املذهب الكال�سيكي ،ويف مقدمتهم �آدم �سميث، كثريا ب�آراء الطبيعيني، الذي ت�أثر ً وهدم تعاليم التجاريني مرتك ًزا على �أ�سا�س افرتا�ض حرية امللكية الفردية وحرية العمل والإنتاج و�ضمان �سيادة امل�ستهلك consumer ، sovereigntyحيث تعني �سيادة امل�ستهلك �-أو تف�ضيالت امل�ستهلكني� -أن ُي َو َّجه الإنتاج و ُت َّتخذ قرارات املنتجني وف ًقا الختيارات امل�ستهلكني ،وبعبارة �أخرى� :إذا كان الهدف النهائي للم�ستهلكني هو الو�صول �إىل �أق�صى �إ�شباع ممكن من دخولهم ،وهم يوزعون هذه الدخول على املنتجات اال�ستهالكية على النحو الذي يحقق هذا الهدف متبعني قاعدة ت�ساوي املنافع احلدية لإنفاقهم على خمتلف ال�سلع واخلدمات ،ف�إن الهدف النهائي للمنتجني هو تعظيم �أرباحهم
التي يح�صلون عليها نتيجة قيامهم بعملية الإنتاج متبعني قاعدة تعادل الإيراد احلدي مع النفقة احلدية ،وهم ال ي�ستطيعون حتقيق هذا الهدف �إال عن طريق تقدمي املنتجات التي يطلبها امل�ستهلكون. فرق �أو�سكار الجن Oskar وقد ّ Langeبني �سيادة امل�ستهلك وحرية اختياره؛ فحرية االختيار �إمنا تعني حرية امل�ستهلكني يف توزيع دخولهم بني خمتلف ال�سلع واخلدمات اال�ستهـــالكية املو�ضوعة حتت ت�رصفــاتهــم� ،أمـا �سيـادة امل�ستهلــك- �أو تف�ضيالت امل�ستهلكني -ف�إنها تعني �أن ُي َو َّجه الإنتاج و ُت َّتخذ قرارات املنتجني على �أ�سا�س اختيارات امل�ستهلكني. وهكذا ف�إن من املت�صور �أن توجد حرية االختيار دون �أن توجد �سيادة امل�ستهلك ،وذلك يف كل حالة ي�سمح فيها للم�ستهلكني ب�إنفاق دخولهم
كيفما ي�شاءون وف ًقا لأثمان حمددة، لكن دون �أن يكون هناك �أي ت�أثري لطلبهم على قرارات الإنتاج. وقد تبددت �سيادة امل�ستهلك يف �أعقاب احلرب العاملية الثانية بفعل جمموعة من العوامل متثل �أبرزها فيما يلي: �أولاً :كرب حجم الدعاية والإعالنات التي �أثرت ب�شكل كبري على �أذواق امل�ستهلكني و�سلوكياتهم ،و�أخلّت مبفهوم ال�سيادة لديهم. ثان ًيا :ظهور م�ساوئ حرية التجارة من خالل الأ�رضار التي جنمت عن تركيز رءو�س الأموال يف �أيدي قلة ت�سيطر على الأ�سواق وتتوىل توحيد الأثمان وتق�سيم الأ�سواق وحتديد ح�ص�ص الإنتاج واللجوء �إىل الرتكزات االقت�صادية من �أجل حتقيق االحتكارات �أو املراكز امل�سيطرة. ثال ًثا :ظهور بع�ض النظريات االقت�صادية امل�ضادة ملفاهيم �سيادة امل�ستهلك ،ويف مقدمتها قانون "�ساي للأ�سواق" Say’s Law of ،the Marketالذي يق�ضي ب�أن العر�ض يخلق الطلب supply ،creates its own demand وبعبارة �أخرى� :إن قيمة العر�ض الكلي لل�سلع االقت�صادية ال بد �أن
تتكاف�أ بال�رضورة مع قيمة الطلب الكلي عليها. ومن هنا ظهر مفهوم "حماية امل�ستهلك" كبديل ملفهوم "�سيادة امل�ستهلك"، واجته املجتمع الدويل �إىل تر�سيخ مفهوم حماية امل�ستهلك من خالل الإجراءات التالية: �أولاً � :إن�شاء املنظمة الدولية الحتاد امل�ستهلكني IOCUعام 1960 ومقرها هولندا ،وت�ضم يف ع�ضويتها 190جمعية واحتا ًدا من 60دولة. ثان ًيا� :إعالن الرئي�س الأمريكي جون كيندي يف 15مار�س 1962 احلقوق الأ�سا�سية الأربعة للم�ستهلك، وهي: 1 .1احلق يف الأمان :باحلماية ال�صحية من خماطر ال�سلع غري ال�صاحلة وال�سلع غري املطابقة للموا�صفات. 2 .2احلق يف احل�صول على املعلومات ال�سليمة :باحلماية من البيانات امل�ضللة التخاذ قرار ال�رشاء ال�صائب. 3 .3احلق يف املقارنة واالختيار :من خالل تنوع ال�سلع واخلدمات. 4 .4احلق يف �إبداء الر�أي امل�سموع وامل�أخوذ ب�صوابه لدى اجلهات املعنية باحلكومة �أو القطاعات الإنتاجية �سع ًيا حلل امل�شكالت املطروحة. ثال ًثا :تر�سيخ اجلمعية العامة للأمم املتحدة حلركة حماية امل�ستهلك وزيادة فاعليتها ،حيث اعتمدت يف
�إبريل 1985املبادئ التوجيهية الثمانية حلماية امل�ستهلك ،وهي: 1 .1احلق يف ال�صحة وال�سالمة عند ا�ستعماله العادي للمنتجات. 2 .2احلق يف احل�صول على املعلومات والبيانات ال�صحيحة عن املنتجات التي ي�شرتيها �أو ي�ستخدمها �أو ُت َقدم �إليه. 3 .3احلق يف االختيار احلر ملنتجات تتوافر فيها �رشوط اجلودة وتطابق املوا�صفات. 4 .4احلق يف الكرامة ال�شخ�صية واحرتام القيم الدينية والعادات والتقاليد. 5 .5احلق يف احل�صول على املعرفة املتعلقة بحماية حقوقه وم�صاحله امل�رشوعة. 6 .6احلق يف امل�شاركة يف امل�ؤ�س�سات واملجال�س واللجان التي تعمل على حماية امل�ستهلك. 7 .7احلق يف رفع الدعاوى الق�ضائية �ضد كل ما من �ش�أنه الإخالل بحقوقه �أو الإ�رضار بها �أو تقييدها ،وذلك ب�إجراءات �رسيعة ومي�رسة وبدون تكلفة. 8 .8احلق يف اقت�ضاء تعوي�ض عادل عن الأ�رضار التي تلحق به �أو ب�أمواله من جراء �رشاء املنتجات �أو ا�ستخدامها �أو تلقي اخلدمات. ويف �ضوء هذه املبادئ �رشعت الدول يف �إ�صدار ت�رشيعات حماية امل�ستهلك.
17
موروين ... عا�صمة عربية يف مياه املحيط إعداد :هنـد سميـر
جنوبا ويف مياه املحيط الهندي يقع جزء ال يتجز�أ من هذا العامل، يف طرف العامل العربي ً طبيعة ت�سلب العقل� ،سواحل �صخرية داكنة ،ونخيل جوز الهند يعانق املياه الزرقاء، اجلو العام واجلمال �إفريقي ،وزي املر�أة �أ�شبه بالآ�سيوي ،ويف و�سط هذا كله تعلو �أ�صوات امل�ؤذنني لتعلن عن ُهوية املكان العربية الإ�سالمية. جزر القمر دولة عربية تقع �رشقي �إفريقيا ،وتتكون من �أربع جزر؛ هي :جزيرة القمر الكربى، مربعا� ،أكربها و�أجنوان ،وموهيلي ،ومايوت ،وتبلغ م�ساحتها جمتمعة 2170كيلو ً مرتا ً مربعا، جزيرة القُ مر الكربى (�أنغازيجا)؛ حيث تبلغ م�ساحتها حوايل 1146كيلو ً مرتا ً ٌوت�شكل ن�سبة % 51من حجم اجلزر الكلي ،وتقع فيها مدينة موروين عا�صمة البالد و�أكرب مدنها.
تقع موروين على ال�ساحل الغربي جلزيرة القمر الكربى ،ويوجد بها ميناء يربطها باجلزر الأخرى ومدغ�شقر و�إفريقيا ،كما يوجد بها العديد من م�ؤ�س�سات الدولة ،مثل مبنى الربملان ومقر البنك املركزي، رتا يقع مطار وعلى بعد 30كيلو م ً الأمري �سعيد �إبراهيم الدويل ،ويرتاوح عــدد �سكــان مــوروين من � 60إىل � 70ألف ن�سمة.
�سبب الت�سمية
�أطلق العرب ا�سم جزر القمر على هذه اجلزر يف �أوائل القرن الثاين الهجري،
18
و�أرجع البع�ض �سبب الت�سمية �إىل �أن الر َّحالة العرب -الذين ترجع �أ�صولهم َّ �إىل م�سقط وعدن وح�رضموت- هبطوا على �ساحل اجلزر وكان القمر أ�سم ْوها جزر القمر ،ويقول بدرا ،ف� َ ً �آخرون �إن �سبب الت�سمية يعود �إىل �أن هذه اجلزر ت�شبه يف �شكلها �شكل القمر ،وقد ورد يف معجم البلدان لياقوت احلموي �أن كلمة "ال ُقمر" هي جمع "�أقمر" وهو ال�شديد البيا�ض، و�أن جزر ال ُقمر جزيرة يف و�سط بحر الزجن (املحيط الهندي) لي�س يف ذلك البحر �أكرب منها ،فيها عدة
مدن وملوك كل واحد منهم يخالف الآخر ،واال�سم الر�سمي لهذه اجلزيرة هو "جمهورية ال ُقمر املتحدة"� ،أما العا�صمة موروين فيقال �إن معناها: "يف قلب النار".
تاريخ البالد
�أول من �سكن جزر القمر العن�رص املاليزي ،ثم و�صل �إليها الأدوميون وهم من ال�ساميني ،وذلك �أيام �سيدنا �سليمان بن داود عليهما ال�سالم ،ثم توافد عليها زنوج قدموا من زجنبار يف القرن اخلام�س امليالدي ،وتوالت
19
التجارة يف معظم الأحوال ،مما �سهل �سبل االت�صال بال�سكان ودعوتهم للإ�سالم.
االحتالل الربتغايل جلزر القمر
جماعات وفدت �إليها من �إفريقيا ومدغ�شقر واجلزيرة العربية.
العرب وجزر القمر
قامت �صالت جتارية بني العرب و�رشقي �إفريقيا من قدمي الزمان، فلما انت�رش الإ�سالم يف بالد العرب انتقل �إىل �رشقي �إفريقيا عن طريق التجار والدعاة والهجرات ،وتزايد انتقال امل�سلمني �إىل هناك نتيجة
20
الأحداث والظروف ال�سيا�سية، واجتذبتهم �إليها ال�صالت القدمية و ُي�رس املوا�صالت �إىل �سواحلها، كما قدمت �أعداد من �شرياز من بالد فار�س وجمموعة من ُعمان والأح�ساء واليمن وا�ستقرت يف �رشقي �إفريقيا. ا�ستقر ه�ؤالء امل�سلمون جمي ًعا على طول ال�ساحل ال�رشقي لإفريقيا ومل يتوغلوا �إىل الداخل ،وكانت مهنتهم
احتل الربتغاليون جزر القمر عام 908هـ1502 ،م بعد �أن متكنوا من االلتفاف حول �إفريقيا ،و�أطلقوا على �سكانها امل�سلمني ا�سم "املورو" مثل بقية املناطق التي وجدوا فيها م�سلمني ،غري �أن ال�سكان مل يلبثوا �أن ثاروا على الربتغاليني ب�سبب الق�سوة التي �أبدوها والوح�شية التي عاملوا بها الأهايل ،وانتهت هذه الثورات بطرد الربتغاليني من البالد. التناف�س الدويل واال�ستعمار الفرن�سي جعل افتتاح قناة ال�سوي�س مب�رص عام 1869م الدول الأوروبية تتطلع لل�سيطرة على �رشق �إفريقيا ،و�أبدت كبريا بال�ساحل اهتماما فرن�سا ً ً الإفريقي املطل على خليج عدن، وذلك بعد احتالل بريطانيا لعدن �سنة 1839م ،وعقدت معاهدات مع �شيوخ القبائل يف الدناكل وغريها وهي ما ت�سمى جيبوتي حال ًيا وال�صومال الفرن�سي ،و�سيطرت فرن�سا على منطقة ال�صومال الفرن�سي ،ثم ا�ستولت على مدغ�شقر وجزر القمر ،وقد �أتاح اخلالف القائم
بني الإخوة يف اجلزر الفر�صة لفرن�سا كي ت�سيطر عليها احلماية الفرن�سية وال�سيا�سةالفرن�سية. خ�ضعت جزر القمر للحماية الفرن�سية عندما و َّقع ال�سيد عمر �سليمان �أجنوان معاهدة مع الفرن�سيني واعرتف بحمايتهم عام 1892م، واتبعت فرن�سا �سيا�سة ا�ستعمارية ا�ستغاللية؛ �إذ حتكمت يف ال�سيا�ستني االقت�صادية والثقافية ،وعملت على �إبقاء امل�سلمني يف حالة من اجلهل والفقر واملر�ض ،كما اتبعت �سيا�سة القمع والإرهاب ،وحرمت
الطالب الوطنيني من دخول املدار�س احلكومية �أو امل�ست�شفيات. ويف عام 1913م �صدر قرار بو�ضع جزر القمر حتت ال�سيطرة الفرن�سية التامة ،و�أ�صبحت تلك اجلزر م�ستعمرة فرن�سية ،وحتى ذلك الوقت مل تكن م�ستعمرة �سوى جزيرة مايوت ،ثم �أحلقت هذه اجلزر بجزيرة مدغ�شقر عام 1915م وظلت تتبعها مدة عامني ،ثم عادت م�ستعمرة منف�صلة، وا�ستمر ذلك �إىل ما بعد احلرب العاملية الثانية؛ حني �أ�صبحت اجلزر حتت حكم جمعية منتخبة م�ؤلفة من
ع�ضوا. ثالثني ً
ا�ستقالل جزر القمر
تكون جمل�س يف عام 1957م ّ حكومي من �ستة وزراء ،وبد�أت املطالبة باال�ستقالل منذ عام 1972م ب�شكل وا�سع� ،سواء من قبل احلكومة �أو من قبل املعار�ضة التي ميثلها احلزب اال�شرتاكي وحزب احلركة القومية لتحرير جزر القمر، ويف عام 1974م جرى اال�ستفتاء على اال�ستقالل؛ حيث � ّأيد 95% اال�ستقالل التام عن فرن�سا ،غري �أن جزيرة مايوت كانت النتيجة فيها
21
خمتلفة؛ �إذ � َّأيد 64%البقاء مع فرن�سا نتيجة وجود الأجانب فيها. ويف عام 1975م �أعلن املجل�س النيابي القمري ا�ستقالل جزر القمر عن فرن�سا ،غري �أن ممثلي جزيرة مايوت مل يح�رضوا ،و�أعلن املندوب الفرن�سي حالة الطوارئ ،واختري رئي�سا للدولة اجلديدة، �أحمد عبداهلل ً عينت فرن�سا مندوبها ال�سامي وقد َّ �سفريا لها يف البالد ،واعرتفت بهذا ً اال�ستقالل عدة دول ،كما قبلت فرن�سا اال�ستقالل با�ستثناء جزيرة مايوت.
احلكم الوطني وقيام جمهورية جزر القمر الإ�سالمية االحتادية
با�ستقالل اجلزر ظهرت �إىل حيز
22
الوجود دولة با�سم جمهورية جزر القمر الإ�سالمية االحتادية برئا�سة �أحمد عبداهلل ،وعا�صمتها موروين، وقد ان�ضمت �إىل الأمم املتحدة فور ا�ستقاللها عام 1975م، وتوالت االنقالبات يف اجلزيرة منذ ذلك احلني حتى عام 2006م؛ رئي�سا حيث انتخب �أحمد عبد اهلل ً للجمهورية.
احلياة الثقافية وال�سياحية
تعك�س احلياة الثقافية التنوع الإثني يف جزر القمر؛ فالفن املعماري يف املدن يجمع الأ�شكال التقليدية املتبعة يف �إفريقيا وفرن�سا وال�رشق الأو�سط ،ويجمع املطبخ املحلي بني
�أنواع متعددة بفعل تعدد الأ�صول العرقية املوجودة يف اجلمهورية، وترتدي الن�ساء �أثوا ًبا زاهية الألوان ت�شبه ال�ساري الهندي �إىل حد بعيد يطلق عليها "ال�شريوماين" ،وتطلي الن�ساء وجوههن مب�سحوق يدعى "مزانزانو" م�صنوع من خ�شب ال�صندل املطحون واملخلوط بدقيق املرجان. ت�شمل الأعمال احلرفية �صنع ال�سالل واحلفر على اخل�شب املعد ل�صناعة الأبواب واملفرو�شات اخل�شبية ،كما والقبعات وكذلك ت�شمل تطريز الثياب َّ �صناعة احللي الذهبية والف�ضية. رئي�سا يف حياة يتجلى الدين ً ملمحا ً �سكان جزر القمر ،وت�شكل التعاليم
الإ�سالمية الإطار الذي يحدد �سلوكهم اليومي ،حيث ي�ستعد امل�سلمون يف جزر القمر ال�ستقبال �شهر رم�ضان بدءا من بداية �شهر �شعبان ،وت�ضاء ً م�صابيح امل�ساجد و ُتعمر بال�صالة وقراءة القر�آن وحلقات الذكر ،ويف الليلة الأوىل من رم�ضان يخرج ال�سكان حاملني امل�شاعل ويتجهون �إىل ال�سواحل ،حيث ينعك�س نور امل�شاعل على �صفحة املياه وي�رضبون بالطبول معلنني قدوم ال�شهر الكرمي ويظل ال�سهر حتى وقت ال�سحور. وامل�ساجد يف جزر القمر لي�ست لل�صالة فح�سب ،بل هي مكان للدرا�سة وحفظ القر�آن وتعلم الفقه،
حيث َت َع َّود ال ُقمريون على �إر�سال �أبنائهم �إىل امل�ساجد ليتعلموا القر�آن الكرمي واللغة العربية وبع�ض مبادئ احل�ساب ،ومن بني الأبنية البي�ضاء و�أ�شجار جوز الهند التي تغطي معظم م�ساحات اجلزيرة يربز م�سجـد "اجلمعة الكبري" ب�أروقته و�أقوا�سه البديعة.
�سوق "فولو فولو" للحِ َرف اليدوية والهدايا التذكارية ي�ستحق
الزيارة؛ حيث ميكن للزائر �رشاء حمليا واملنتجات التوابل املزروعة ًّ امل�صنوعة من جوز الهند وكذلك الأدوات اليدوية من احلرفيني املحليني. رتا وعلى بعد حوايل 40كيلو م ً
من العا�صمة موروين يوجد بركان "كارتاال" ( 2361م) وفيه �أكرب فوهة يف العامل (حوايل 4كيلو مرتات) ،حيث تعترب عملية ال�صعود قمته عرب طريق تتخلّلها الغابات �إىل ّ وال�شالالت مغامرة فريدة من نوعها. وما يزال القطاع ال�سياحي يف جزر ال ُقمر يف بداية منوه على الرغم من �أنها متتلك من الإمكانيات ال�سياحية ما ي�ؤهلها للنهو�ض بهذا القطاع، ففيها املخزون الثقايف والتاريخي، والطبيعة اخلالبة التي مل متتد �إليها يد التلوث ،و�سواحل ذات رمال بي�ضاء ،و�صخور بركانية ،وغابات ا�ستوائية ذات نباتات نادرة وزهور عطرية ،ومياه �شفافة ترى بها القاع من مكانك على ال�شاطئ.
23
�سعادة الدكتور /معز ال�شهدي رئي�س جمل�س الإدارة والع�ضو املنتدب لبنك الطعام امل�رصي
�أجرى احلوار :د .عبد الرحيم عالم -رئي�س التحرير
رئي�س جمل�س الإدارة والع�ضو املنتدب لبنك الطعام امل�رصي و�شبكة بنوك الطعام الإقليمية. حا�صل على درجة البكالوريو�س يف التجارة من جامعة القاهرة ق�سم �إدارة �أعمال وحما�سبة.بالإ�ضافة �إىل ماج�ستري يف �إدارة الأعمال ودكتوراه من معهد �إدارة الفنادق وماج�ستري يف التحكيم الدويل. رئي�س منطقة ال�رشق الأو�سط و�أفريقيا لفنادق �ستايل العاملية ( �ستايل هوتيلز �إنرتنا�شيونال) منذ عام .1993 رئي�س جمل�س الإدارة و الع�ضو املنتدب ل�رشكة �ستايل �إمييدج ماجنيمنت منذ عام 2008حتى الآن. ع�ضو م�ؤ�س�س والرئي�س التنفيذي لل�شبكة الإقليمية لبنوك الطعام منذ عام .2012 ع�ضو م�ؤ�س�س والرئي�س التنفيذي لبنك الطعام امل�رصى منذ عام .2006 ع�ضو م�ؤ�س�س والرئي�س التنفيذي لبنك ال�شفاء امل�رصى منذ عام .2010 ع�ضو م�ؤ�س�س والرئي�س التنفيذي لبنك الك�ساء امل�رصى منذ عام .2012
24
• •ب�صفتكم الع�ضو امل�ؤ�س�س والرئي�س التنفيذي لبنك الطعام امل�رصي ،كيف بد�أت فكرة البنك؟ بد�أت فكرة بنك الطعام امل�رصي من خالل بع�ض رجال الأعمال الذين قرروا اال�ضطالع مب�سئولياتهم جتاه املجتمع بالأ�سلوب العلمي املحرتف للق�ضاء على م�شكلة بعينها ،وهى اجلوع ،ومت و�ضع املحاور الأ�سا�سية التي حتقق الهدف ،وهي: •توفري الطعام للفئات امل�ستحِ قة غري القادرة على العمل (كبار ال�سن -ذوو الإعاقة التي ال ت�ؤهلهم لعمل -العائل من ذوي الأمرا�ض املزمنة -املر�أة املعيلة والأيتام). •توفري الطعام للفئات امل�ستحقة القادرة على العمل خالل فرتة تعليمهم وت�أهيلهم لبع�ض احلرف والأعمال. •تنظيم ع�شوائية العمل اخلريي. •التوعية بعدم �إهدار الطعام وتقدميه للم�ستحقني. •و�ضع �شعار "اال�ستثمار هو �ضمان اال�ستمرار" بنف�س فكر الوقف. • •وما �أهم �أدوار بنك الطعام امل�رصي حلل م�شكلة اجلوع يف م�رص واملنطقة والعامل؟ يعد النموذج الذي مت ابتكاره واملحاور التي و�ضعها بنك الطعام امل�رصي �أول منوذج وفكر متكامل حلل م�شكلة اجلوع مب�رص واملنطقة ،لكن برنامج وحمور (التوعية بعدم
�إهدار الطعام) كان هو النواة الأوىل لتوجيه نظر العامل لفكر املحافظة على الطعام من الهدر بجميع مراحل �إنتاجه للق�ضاء على اجلوع ،وقد �أجريت درا�سة من خالل معهد املوارد الطبيعية بتمويل من منظمة الغذاء العاملية والبنك الدويل وبطلب من بنك الطعام امل�رصي ملعرفة حجم الهدر من الطعام ،وكانت املفاج�أة: • هدر الطعام يف املتو�سط خالل مراحل توفري الغذاء ت�صل ن�سبته �إىل . 42% • ن�سبة اجلوع يف العامل ت�صل �إىل .12% وهنا طرحنا فكرة اال�ستثمار يف البنية التحتية التي حتافظ على جزء من الغذاء املهدر �إن مل يكن كله ،ف�إذا ا�ستهدفنا العمل على حفظ ثلث ن�سبة الطعام املهدر ال�ستطعنا الق�ضاء على اجلوع يف العامل ،من خالل هذا الفكر ف�إننا ال ننقذ الطعام من الهدر والق�ضاء على اجلوع فقط، و�إمنا نحافظ على املياه والطاقة واملجهـودات املهـدرة لإنتـاج ما ال نحافظ عليه-بل نهدره-من طعام. �إن االلتزام بهذه املبادرة مع تغيري الثقافات ال�سلبية ي�ضمنان للأجيال القادمة حياة �أف�ضل وموارد طبيعية تكفيهم.
• •الكثري من امل�رشوعات تبد أ� قوية ثم ال ت�ستطيع اال�ستمرار ،وقد ذكرمت �شعار" :اال�ستثمار هو �ضمان اال�ستمرار" ..كيف ا�ستطاع بنك الطعام حتقيق اال�ستمرارية ،وما خطته ل�ضمان ذلك يف امل�ستقبل؟ للبنك ا�ستثمارات ي�ضمن بها ا�ستمراريته ،فقد �أبدى رجال الأعمال رغبتهم يف ا�ستمرارية البنك ،لذا ماليا يف مزرعتني قررنا امل�شاركة ًّ للت�سمني ن�ستطيع من خالل ت�شغيلهما �إيجاد فر�ص عمل للم�ستحقني القادرين على الك�سب ،بالإ�ضافة �إىل م�صنعني لتعبئة املواد اجلافة وم�صنع لتعليب اللحوم واخل�رضاوات وم�صنع لعبوات الألومونيوم. �إ�ضافة �إىل ذلك ،قام بنك الطعام امل�رصي –�ش�أنه �ش�أن ال�رشكات العاملية -بو�ضع �سيا�سات ودليل ت�شغيل تف�صيلي يتم تطويره ح�سب احلاجة كمرجع للت�شغيلُ ،ت َ�سلَّم ن�سخة من هذا الدليل �إىل بنوك الطعام التي يتم �إن�شا�ؤها ،بالإ�ضافة �إىل تدريب ل�ضمان التنفيذ والأداء املحرتف وبنف�س املنهجية وامل�ستوى يف جميع الدول. • •كان ت�أهيلكم العلمي من البكالوريو�س �إىل الدكتوراه يف
جمال الإدارة ،وخربتكم العملية كانت كذلك ،فما الفرق بني �إدارة امل�ؤ�س�سات التجارية مثل الفنادق و�إدارة امل�ؤ�س�سات اخلريية؟ ال يوجد فرق ،بل على العك�س؛ �إن من �أ�سباب جناح بنك الطعام امل�رصي وحتقيقه تلك الإجنازات خالل هذه الفرتة املحدودة ثم تطبيقه يف الدول الأخرى هو �إدارته ب�أ�سلوب علمي حمرتف ،مثله مثل �رشكات الأعمال، فالبنك يدار بفكر اقت�صادي من خالل جمموعة من اخلرباء املتخ�ص�صني يف هذا املجال ،والفائ�ض من الأموال يتم ا�ستثماره يف العديد من امل�رشوعات اال�ستثمارية اجلديدة لتوفري �سيولة نقدية ت�ساهم يف �رسعة دوران ر�أ�س املال مرة �أخرى. • •وكيف �أفدمت من خربتكم يف العمل اخلا�ص -ال �سيما يف جمال الفنادق -يف جمال العمل اخلريي؟ �أولاً :بنك الطعام �أ�س�سه جمموعة من رجال الأعمال ك�رشكة حمرتفة، وهذا من �أ�رسار جناحه ،كذلك ف�إن خربتي يف العمل الفندقي �أعطتني خربة �ساعدت يف تنويع �أدوار بنك الطعام واخلروج ب�أفكار مبتكرة، فعلى �سبيل املثال من خالل عملي يف املجال الفندقي كنت �أدرك كم
25
يف 16دولة �أخرى مبنطقة ال�رشق الأو�سط و�إفريقيا وجنوب �آ�سيا.
الفائ�ض والفاقد الهائل الذي ينتج عن احلفالت والبوفيهات املفتوحة؛ لذا �أ�ضفت يف دعوة �إحدى احلفالت التي �أقامتها �رشكتنا ودعت �إليها مدعوا عبارة تقول" :م�ستحقو 60 ًّ بنك الطعام امل�رصي مدعوون معكم يف هذه االحتفالية" ،وبالفعل بعد االنتهاء من افتتاح البوفيه بد�أ فريق مدرب بالتعاون مع امل�رشفني على البوفيه يف �إعداد الوجبات، وروعي �أن تكون وجبات متكاملة، ُ فورا لل�سيارات ومت تغليفها ونقلها ً املجهزة لبنك الطعام التي انتقلت �إىل �أحد الأحياء ،ومن خالل ك�شف ب�أ�سماء الأ�رس امل�ستحقة -التي �سبق �إجراء بحث حالة لها وثبت �أحقيتها لهذا الطعام -مت توزيع 130وجبة �ساخنة مغلفة نظيفة. وقد ا�ستطاع البنك االنتهاء من تطوير �أكرث من 95%من الفنادق املتواجدة يف �أنحاء اجلمهورية
26
لتقليل حجم الأطباق لتوفري الطعام املتبقي ،ويوفر البنك اليوم 16 مليون وجبة من خالل الفنادق. • •وماذا عن �شبكة بنوك الطعام الإقليمية؟ يف عام ُ 2010دعِ ي بنك الطعام امل�رصي �إىل منتدى القطاع اخلا�ص بالأمم املتحدة لعر�ض الفكرة والنموذج اللذين �أبهرا احل�ضور �إىل الدرجة التي �أدت �إىل و�ضع التزام على بنك الطعام امل�رصي بن�رش الفكرة ودعم الدول الأخرى لتطبيقها ك�أحد و�سائل حتقيق �أهداف الألفية، فكان هناك �رضورة لت�أ�سي�س �شبكة بنوك الطعام الإقليمية لت�صبح املظلة لبنوك الطعام التي يتم ت�أ�سي�سها ،مثل بنك الطعام يف ال�سعودية والأردن ولبنان و�سوريا والعراق وتون�س وال�سودان وموريتانيا وباك�ستان وبنجالدي�ش ،مع ما نقوم بت�أ�سي�سه
• •تو�سعت فكرة بنك الطعام لي�صبح هناك بنك ال�شفاء وبنك الك�ساء ،فما �أدوارهما؟ فكرة �إن�شاء بنك ال�شفاء ت�أتي �ضمن خطة مدرو�سة لإن�شاء العديد من بنوك اخلري الذي بد�أ بت�أ�سي�س بنك الطعام، وقمنا يف العام نف�سه بت�أ�سي�س بنك ال�شفاء امل�رصي لتوفري اخلدمة ال�صحية املجانية للأ�رس امل�ستحقة، بداية من الك�شف الطبي� ،إىل تطوير الوحدات وامل�ستو�صفات ال�صحية يف القرى ،وتوفري الفحو�صات والعالج والعمليات اجلراحية. ويف بداية عام � 2013أُ ِّ�س�س بنك الك�ساء امل�رصي لتوفري املالب�س للأ�رس امل�ستحقة جما ًنا يف ف�صول ال�شتاء وال�صيف والأعياد واملدار�س و�أُقِيمت معار�ض ب�أ�سعار رمزية وخمف�ضة للفئة التي حتتاج �إىل املالب�س وتكون لديها قدرة �رشائية حمدودة. هذا بالإ�ضافة �إىل بنوك �أخرى يف الطريق تهدف يف جمموعها �إىل م�ساعدة الفقراء وتوفري فر�ص العمل. • •يختلف تعريف "القادر على
العمل" بني املجتمعات التي تتف�شى فيها البطالة عن تلك التي يرتفع فيها م�ستوى الت�شغيل ،فكيف تتعاملون مع هذه الإ�شكالية؟ القادر على العمل هو :من لديه املعطيات التي ت�ؤهله للعمل ،من ال�صحة والعلم واحلرفة واملهنة وكيفية �إدارة امل�رشوعات وهكذا، لكن هذه القدرات تتفاوت من �شخ�ص �إىل �آخر ومن جمتمع �إىل �آخر ،فهناك من مل ينالوا احلظ الكايف من التعليم �أو احلرف وبالتايل ي�صعب عليهم التعاي�ش وك�سب الرزق ،هنا نقوم بتعليمهم القراءة والكتابة ثم احلرفة التي تتما�شى مع مواهبهم ليتمكنوا من العي�ش الكرمي لهم ولأ�رسهم. وهناك من نالوا حظًّ ا من التعليم لكنه ال يتما�شى مع احتياجات �سوق العمل ،وهنا نقوم بت�أهيلهم ملا هو متاح ومطلوب يف �سوق العمل
من مهارات وتدريب ورفع كفاءات وقدرات. • •ما ال�ضمانات املتوافرة للأغنياء يف و�سط جتمعات �سكانية فقرية؟ كمثال :هل توفر املجمعات ال�سكنية املغلقة من جمموعات الفيالت (كمبوندز) مثل هذه ال�ضمانات؟ التكافل والعطاء وتوفري فر�ص العمل �أهم �ضمانات الأغنياء للعي�ش يف جمتمعات الدول النامية التي ت�شكل معظم جمتمعاتنا باملنطقة العربية. • •قيل �إنه يف "املدينة الفا�ضلة" ال يجب �أن تتجاوز ثروة �-أو دخل -الأغنياء � 13ضعف ما لدى باحلد ْين الأدنى الفقراء (�أو ما ي�سمى َّ والأق�صى) ،فهل ترى -من واقع خربتكم يف جمال العمل اخلريي� -أن مثل هذا الفكر الإن�ساين له تربير �أو
وجاهة عملية؟ �إن جميع �أفراد املجتمع م�سئولون عن توفري حياه �أف�ضل للجميع ،وقد منح اهلل �سبحانه وتعاىل كلاًّ منا هبات ومهارات ومِ َنح -من �صحة وثروة وعلم ومهارات وقدرات- حتى نتكامل ونتعاون حلياة �أف�ضل. • •�إن التكامل مطلوب يف عمل اجلمعيات اخلريية ،فهل ُيطلب التناف�س كذلك؟ التكامل والتخ�ص�ص هما �أهم طرق النجاح وحتقيق الأهداف ،والتناف�س يف اخلري ي�ؤدي �إىل االبتكار والتميز وا�ستحداث قنوات جديدة لإي�صال امل�ساعدات مل�ستحقيها ،وهو ما يحقق الهدف و َي ُح ّل امل�شكالت املجتمعية.
27
دالل بنت نا�رص احلارثي
مربجمة بالإدارة العامة لتقنية املعلومات وزارة اخلدمة املدنية اململكة العربية ال�سعودية
الأجهزة البريوقراطية .. �آفة الأحالم التنموية �إن من الأمور الأ�سا�سية لتحقيق الفاعلية يف �إدارة التنمية �إدارة العمليات التنموية ،التي تتطلب بدءا من منهجية مدرو�سة يف الأداءً ، و�ضع الأهداف العامة "الغايات"، ثم "اخلطط الإ�سرتاتيجية" التي تقود نحو حتقيق تلك الغايات ،ف�إعداد ال�سيا�سات املُحكمة ،وو�ضع الربامج والأن�شطة الالزمة ،وحتديد �أهداف عملية حمددة ومو�ضوعية ميكن قيا�سها ،مع وجود قنوات للتغذية العك�سية ت�ضمن تدفق املعلومات عن الأداء وحجم الإجناز مبا يكفل عمليات التقييم وت�صحيح االنحرافات. فلكي تتحقق التنمية بجميع �أبعادها ال بد من جناح اجلهاز احلكومي يف حتويل ال�سيا�سات العامة �إىل برامج
28
وم�شاريع و�أن�شطة تتوافق مع تطلعات املجتمع وتنفيذها بكفاءة وفاعلية، ولعل ال�س�ؤال الذي يطرح نف�سه: هل الأجهزة البريوقراطية العربية ب�صورتها احلالية م�ؤهلة لتحقيق الأهداف التنموية ب�شكل فاعل ومتوازن؟ جليا وواقع احلال اجلواب قد يكون ًّ ظاهر للعيان ،وهو واقع يكاد يكون ٌ م�ؤ�سفًا؛ �إذ يبدو �أن هذه الأجهزة ب�شكلها احلايل غري مهي�أة لتحقيق الكثري من التطلعات املجتمعية والت�صدي للتحديات التي تواجهها على خمتلف الأ�صعدة ،هذا بالإ�ضافة �إىل ما تعاين منه الكثري من الأجهزة البريوقراطية العربية من علل وت�شوهات مزمنة جتعلها عاجز ًة عن
الوفاء بالكثري من متطلبات التنمية. ولعل من �أبرز هذه العلل والت�شوهات- على �سبيل املثال ال احل�رص -طغيان االرجتالية والع�شوائية ،و�ضعف اخلطط ال�شمولية املتكاملة املنطلقة من ر�ؤى م�ستقبلية بعيدة املدى، و�ضعف القيادات الإدارية املبدعة الناجت عن �سوء االختيار وع�شوائيته �أحيا ًنا ،و�ضعف ثقافة االلتزام واملبادرة والإبداع �أحيا ًنا �أخرى، الأمر الذي انعك�س �سل ًبا على كفاءة الأداء والإنتاجية ب�شكل عام ،و�أدى �إىل جنوح الأجهزة البريوقراطية للمهام الهام�شية وانحرافها عن امل�سار املفرت�ض� ،إ�ضاف ًة �إىل التداخل يف امل�سئوليات واالخت�صا�صات بني الأجهزة البريوقراطية و�ضعف التن�سيق؛ مما �أوجد االزدواجية، و�أدى �إىل تعطيل الكثري من الربامج وامل�شاريع وتعرثها ،عالوة على ذلك ف�إن تقوقع الأجهزة البريوقراطية وانكفاءها بعي ًدا عن التوجهات الرئي�سة للتنمية �أفقد الكثري من امل�شاريع جدواها يف اال�ستخدام الأمثل للموارد ،كما �أن التزاوج بني القيم االجتماعية والبريوقراطية م�شوها" من القيم �أوجد "هجي ًنا ً التي �سيطرت وطغت على قرارات القادة واملوظفني و�سلوكياتهم،
وبالتايل امتد الت�أثري �إىل قرارات تلك الأجهزة و�أدائها و�أنتج عد ًدا من املمار�سات ال�سلبية على ح�ساب القيم الأخالقية واملهنية ،وتف�شي مظاهر البريوقراطية ال�سلبية التي جتنح نحو التعقيد واجلمود وحتول الو�سائل �إىل غايات ،مما ولد �سخطً ا و�ضعف ثقة من قِبل اجلمهور. ولعل من الأن�سب �إجراء عملية جتميل للوجه امل�شوه واملرتهل لكثري من �أجهزتنا البريوقراطية ،من خالل "تغيري تنظيمي �شامل" ،مع �رضورة التخل�ص من القوى امل�ضادة لهذا التغيري "ذوي الأفكار العتيقة"، �إ�ضاف ًة �إىل تبني مفهوم "التمكني"،
وتفعيل دور "اجلامعات العربية" يف العملية التنموية ،و�سيادة "الفكر القيادي امل�ؤ�س�سي" ،و�إدارة القطاع العام بعقلية القطاع اخلا�ص من خالل "التخ�صي�ص". ()1 رمبا يجدر بي �أن �أبد�أ بعملية التغيري التنظيمي املخطط واملمنهج بو�صفها �أهم احللول يف �سبيل حتقيق التنمية، ويتطلب ذلك �إجراء تخطيط ثم تهيئة قبل �إجرائه ،مقاربة مبا ت�ستغرقه من موارد وجهد كبري ،ومن هناك يكون لزاما على القادة �أن يعملوا على تذليل ً كل ال�صعوبات و�إزالة العقبات التي
29
ميكن �أن تعرقل ذلك ،ويعد قدامى امل�سئولني "احلر�س القدمي" يف الغالب �أقطاب مقاومة للتطوير والتجديد، ب�سبب اخلوف من نتاج التغيري على م�صاحلهم و�أ�سلوبهم يف العمل� ،إ�ضافة �إىل تخوفهم من املجهول وما قد يحمل يف طياته ،لذلك فمن الأوىل اجتثاث �أ�صحاب الأفكار "املتكلّ�سة" وجتديد الدماء وبث احليوية وروح التطوير يف املنظمات ممَِّ ن ي�ؤمنون بقيم املالءمة مع الفكر اجلديد املراد �إحالله حمل القدمي� ،أما غ�ض الطرف عن �أولئك ففيه خماطرة ،و�سيكلف املنظمات ال�شيء الكثري من خالل تقوي�ضه جلهود التطوير .و�سوف يكون �أولئك "احلر�س" عقبة تعرت�ض الأداء الفاعل يف املنظمات ،وهو ما عرب عنه-يف هذا ال�سياق -غازي الق�صيبي بجالء، حني �أ�شار �إىل�" :أن حماولة تطبيق �أفكار جديدة بوا�سطة رجال يعتنقون أفكارا قدمية هي م�ضيعة للجهد � ً والوقت" ،وهي نف�س الفكرة التي �سبق لأين�شتاين التعبري عنها بالقول: "ال ميكننا حل م�شكالتنا مب�ستوى التفكري نف�سه الذي �أدى �إىل خلقها"؛ �إذ �إن �إدخال �أفكار جديدة على ثقافة املنظمة يتطلب عملاً خمططً ا وواع ًيا وت�رشبها لتعزيز قيم االلتزام والإنتاج ّ عرب امل�ستويات الإدارية املختلفة.
30
()2 ويعد "التمكني" من �أهم احللول ؤخرا، الإدارية التي كرث احلديث عنها م� ً ويقوم هذا املفهوم على فل�سفة �إعطاء املزيد من امل�سئوليات وال�صالحيات للأفراد يف امل�ستويات الدنيا يف املنظمة ،من خالل التدريب ومنح الثقة الدعمينْ املعنوي والعاطفي، وتوفري َ ويعتمد تطبيق املفهوم على اندماج اجلميع وم�شاركتهم يف املعلومات حتى ي�ستطيعوا اتخاذ قرارات �أف�ضل لتحقيق النجاح ،واملديرون -على وجه اخل�صو�ص -بحاجة �إىل تغيري الأدوار التقليدية التي كانوا يقومون بها يف ال�سابق ،من خالل تبني مفهوم التمكني؛ حيث يلعب القائد دور امل�س ّهل واملدرب على تهيئة البيئة ال�صحية يف املنظمة ،وذلك كله يتطلب منه مد ج�سور الثقة بني الإدارة والعاملني، وعند التفكّر يف واقعنا الإداري -الذي "بائ�سا" يف كثري من �أجهزتنا يبدو ً البريوقراطية العربية -جند �أن تطبيق ذلك املفهوم يحتاج �إىل جهود كبرية و�إرادة قوية لتغيري الو�ضع القائم الذي ُيفر�ض على املوظف من رقابة �صارمة وتعليمات جامدة واحتكار املعلومات يف ر�أ�س الهرم ،ليجد نف�سه مكبلاً بقيود ال �سبيل للخال�ص منها، ف�أي �إبداع يطمح �أن يحققه املوظف وتلك "املتاري�س" كفيلة بتحطيم
مواهبه وطاقاته الكامنة وتكري�س �شعوره بالتبعية وفقدانه �أي معنى للوظيفة؟ ()3 ومن املهم تفعيل الدور التنموي للجامعات؛ �إذ ينبغي �أن تكون من أثريا يف �أهم امل�ؤ�س�سات و�أكرثها ت� ً املجتمع ،عالوة على �أنها تعد �أكرث امل�ؤ�س�سات ت�أهيلاً وا�ستحقا ًقا لأداء �أدوار حمورية يف العمليات التنموية �إذا ما �أريد بحق حتقيق تنمية فعلية، غري �أن عالقة الكثري من اجلامعات العربية بالتنمية تبدو �ضعيفة نتيجة رداءة املخرجات ،رغم الأرقام الفلكية للمبالغ ا ُ مل ْنفَقة يف كثري من الدول العربية على م�شاريع التنمية ،ومن هنا تن�ش�أ احلاجة �إىل �إعادة �صياغة الأدوار وو�ضع الآليات املنا�سبة لال�ستفادة من قدرات اجلامعات ومراكزها البحثية ،و�إذا مل تبادر اجلامعات بتوثيق ال�صلة مع الأجهزة البريوقراطية فلن يكتب النجاح لكثري من تلك املبادرات؛ ب�سبب اخللل القائم يف دور اجلامعات ،والفجوة بني "الأكادمييني" و"املمار�سني" الذين يرون �أن اجلامعات ما هي �إال �أروقة للتنظري وال عالقة لها بالواقع. ()4 ويجدر هنا التنبيه �إىل �أهمية تبني مفهوم "العمل امل�ؤ�س�سي" ،الذي يعني
وجود تخطيط �إ�سرتاتيجي من خالل م�ؤ�س�سات قوية ت�ؤمن مب�ؤ�س�سية العمل وفق �سيا�سات وا�ضحة و�أدلة و�إجراءات مقننة وموثقة �شاملة ودقيقة تغطي جميع جوانب العمل وحاالته ،مع وجود مقايي�س للأداء والإجناز ،و�أن جزءا من ثقافة امل�ؤ�س�سة، تكون هذه ً ويجب �أن يكون للمنظمات الإدارية ر�ؤية تتجاوز الأ�شخا�ص لكي تنمو وتزدهر بعد تعاقب القادة من خالل قدرتها على التعلم وتنمية مواردها الذاتية ،مع �أن ذلك ال مينع وجود قادة ُيخلّد ذكرهم ،لكن ب�رشط �أن يكونوا يف بنائهم لتلك املنظمات مل ي�سعوا �إىل حتقيق �أجماد �شخ�صية فح�سب، بل ركزوا على بناء العوامل احلا�سمة يف منظماتهم من خالل �إيجاد منظمة قادرة على التعلم الذاتي والتكيف مع املتغريات� ،أما حني ترتبط املنظمة "برمز" -ال "بفكر" -ف�إن م�صريها يرتبط مب�صري ذلك الرمز ،وغال ًبا جند منظماتنا العربية العامة مرتبطة برمزية "الرجل العظيم" ،حيث تو�ضع اخلطط �-إن وجدت -لتحقيق الأهداف الآنية ،و�إن رحل ذلك "الزعيم" تعود املنظمة �إىل حيث كانت قبل توليه. ()5 ومن �أهم �سبل حتقيق التنمية ال�شاملة يف �أجهزتنا �أن تتم يف �إطار ال�رشاكة الفاعلة بني القطاعات املختلفة،
مبا فيها القطاعان العام واخلا�ص واملنظمات غري الهادفة للربح، ولإيجاد البيئة ال�سليمة لبناء تلك ال�رشاكة ال بد من وجود الت�رشيعات والأنظمة املالئمة ،وخلق الروابط املتينة بني تلك القطاعات امل�ستندة �إىل مبادئ ال�شفافية والإف�صاح وامل�ساءلة وحتديد امل�سئوليات من �أجل رفع كفاءة ا�ستخدام املوارد، ويعترب القطاع اخلا�ص مكملاً مهما ،ومن للقطاع العام و�رشيكًا ًّ �أ�ساليب ال�رشاكة "تخ�صي�ص" بع�ض امل�شاريع والأن�شطة احلكومية وينطلق التخ�صي�ص من فل�سفة تو�سيع دور القطاع اخلا�ص وتقليل االعتماد على اجلهاز البريوقراطي يف �إنتاج أي�ضا ال�سلع واخلدمات ،غري �أنه يجب � ً قبل تخ�صي�ص �أي قطاع �أن يتم �إعادة هيكلته حتى ي�صبح ذا جاذبية للم�ستثمرين ،بالإ�ضافة �إىل دقة تقييم املرافق قبل بيعها للقطاع اخلا�ص، ومراقبة عملية اخل�صخ�صة للحد من ا�ستغاللها ومنع وجود �أي ف�ساد قد يرافقها. وختاما :لي�س من حق اجلهاز ً البريوقراطي �أن ي�أوي �إىل مكان يع�صمه من طوفان التنمية ،فمكانه الطبيعي يف تنور الطوفان يف فلك التنمية الإدارية!
31
التكامل بني �إدارة املعرفة و�إدارة التغيري لدعم امل�شاريع التقنية علي بن �إبراهيم عبد اهلل اخلريجي باحث يف جمال �إدارة �شبكات املعرفة يف م�شاريع تقنية املعلومات اململكة العربية ال�سعودية
منذ بدايات ع�رص ثورة تكنولوجيا املعلومات يف 1960كان هناك تغيري دراماتيكي يف �إدارة ت�شغيل الأعمال ،حيث قامت تقنية املعلومات بتقدمي �أنظمة متعددة لت�شغيل الأ�صول التنظيمية يف امل�ؤ�س�سات و�إدارتها، ومن �ضمن تلك الأنظمة -على �سبيل املثال ال احل�رص� -أنظمة املعلومات و�شبكات التوا�صل االجتماعي و�أنظمة �إدارة املحتويات (Content ،)Management Systemsهذه الأنظمة مكَّنت امل�ؤ�س�سات من الربط بني الأن�شطة والأعمال الداخلية لت�ساعد للمنظمة واخلارجية امل�ستخدمني يف احل�صول على املعلومات املطلوبة ب�أقل وقت ممكن وفاعلية عالية ،ولهذا متكنت من عمل ت�شغيل كامل و�أ�صبحت ركيزة �أ�سا�سية لال�ستمرارية يف ظل املناف�سة
32
املحتدمة بني املنظمات فيما ي�سمى بالأعمال احلديثة. �إن هذا ال�رصاع بني هذه املنظمات يتعلق بعدة �أ�سباب ،منها القدرة على البقاء واملناف�سة يف �سوق الأعمال، وتزايد املناف�سة العاملية ،وزيادة احتياجات العمل ،و�إدارة معلومات العمالء ،وخلق فر�ص للنمو ،وزيادة الأرباح ،والتغيري ال�رسيع يف التقنية وقطاع الأعمال ،مما �شكل �ضغطً ا على املنظمات وزيادة يف تعقيد الأعمال، ولهذا اجتهت املنظمات احلديثة �إىل الرتكيز على الأعمال والأن�شطة الداخلية والعمل على فهمها و�إعادة �صياغة طرق الت�شغيل و�إدارة الأ�صول التنظيمية حتى تتمكن من �إدخال نظام تقني يتوافق مع �أهداف املنظمة وا�سرتاتيجيتها. �إن هذا التغيري ال�رسيع وامل�ستمر الذي
ال ميكن جتنبه �إذا ما �أرادت تلك املنظمات البقاء واملناف�سة يف �سوق الأعمال �شكَّل عب ًئا على �صانعي القرار الختيار الطرق املثلى من �أجل �إعادة �صياغة الكيفية والآلية اللتني يتم اتخاذ القرارات بناء عليهما للتعامل مع ديناميكية تطبيق هذه الأنظمة من خالل خلق الأفكار ومراحل التطبيق وتنفيذ امل�شاريع املتعلقة ومبا�رشتها ومراحل التقييم ؤخرا عدد من بعد التنفيذ ،وقد ظهر م� ً الأنظمة التي �أ�صبحت حمل اهتمام ال�رشكات العاملية الرائدة وال�رشكات املحلية وامل�ؤ�س�سات احلكومية اخلدمية وغريها من امل�ساعدين والداعمني ل�صناعة القرار ب�شكل عام� ،إ�ضافة �إىل تقدمي اخلدمات الإلكرتونية الالزمة ،ومنها نظام �إدارة املوارد ( ،)ERPو�أنظمة �إدارة
املعرفة ،و�أنظمة دعم القرار. وبالرغم من اال�ستثمار العاملي يف هذه الأنظمة واملبالغ ال�ضخمة المْ ُ ْنفَقة على ت�صميمها وتنفيذ م�شاريعها والعوائد املادية واملعنوية الكبرية من خدماتها �إال �أن الدرا�سات النظرية والتطبيقية ت�ؤكد ف�شلاً ترتاوح ن�سبته بني 65% �إىل 70%من عام � 1993إىل عام 2009على ال�صعيد العاملي، وهذا امل�ؤ�رش اخلطري يتطلب املزيد من الدرا�سات النظرية والعملية التطبيقية ملعرفة الأ�سباب الرئي�سة لف�شل هذه امل�شاريع ،كما �أكدت الدرا�سات العملية التطبيقية ال�سابقة �أن ف�شل العديد من امل�شاريع يتعلق بغياب الفهم والوعي مباهية هذه امل�شاريع ،وما تتطلبه كل مرحلة من مراحل تنفيذها من ا�سرتاتيجيات
قد تكون غائبة عن �صانعي القرار يف مراحل التخطيط الأوىل ،التي ي�ؤدي �إهمالها �إىل حتديات وم�شاكل ي�صعب حلها يف مراحل التنفيذ ،مما يت�سبب يف تعرث امل�شاريع �أو توقفها �أو ا�ستكمالها بطرق ال تتوافق مع ا�سرتاتيجية املنظمة و�أهدافها، وال�سبب الآخر يعود �إىل �أن معظم املنظمات غري قادرة على تقييم مدى جاهزيتها وقبولها للتغيري، خ�صو�صا مع �صعوبة بيئة العمل من ً الناحية الثقافية والهيكلة التنظيمية والبنى التحتية� ،إ�ضافة �إىل زيادة �أن�شطة الأعمال التي قد تكون متداخلة ومت�شابكة غري وا�ضحة �أو ملمو�سة يف نف�س الوقت ،فلهذا �أثبتت الدرا�سات ال�سابقة �أن جناح امل�شاريع التقنية ال يعتمد فقط على جودة تلك الأنظمة وامتيازاتها ،و�إمنا يعتمد ب�شكل جوهري على كيفية ر�سم ا�سرتاتيجيات التغيري وطرق �إدارتها، ويف هذا الإطار �أكدت �إحدى ال�رشكات العاملية الرائدة يف جمال �إدارة امل�شاريع التقنية ( )IBMبعد �إجراء درا�سة تطبيقية عملية على �أن ف�شل امل�شاريع يكمن يف غياب فهم �إدارة التغيري من قبل الر�ؤ�ساء التنفيذيني و�صانعي القرار ،مما �أدى �إىل غياب الإ�سرتاتيجيات واملنهجيات الالزمة لإدارة امل�شاريع ،ويف هذا ال�صدد ذكر جاري�س -وهو من املخت�صني يف �إدارة امل�شاريع والتغيري -بعد
33
درا�سة �أجريت على خم�سة م�شاريع تقنية كبرية �أن �سوء الفهم وغياب الوعي فيما يتعلق ب�إدارة التغيري يرجعان لأ�سباب عدة ،منها: املفاهيم املتداخلة يف درا�سات �إدارة �أنظمة املعلومات لفهم طبيعة امل�شاريع التقنية لتذليل العقبات فيما يخ�ص امل�شاكل الداخلية والتنظيمية يف املنظمات والتعامل عن�رصا جزءا �أو ً مع التغيري بو�صفه ً من امل�رشوع ،وهذا التقدير اخلاطئ أي�ضا بدوره على للفهم انعك�س � ً الكتب العاملية الرائدة يف �إدارة أي�ضا يف امل�شاريع التي تتفاوت � ً تقدير �إدارة التغيري ،فبع�ضها يعتربه برناجما يجب التعامل معه بو�صفه ً جزءا من امل�رشوع ،والبع�ض الآخر ً قائما بذاته ،ولكن م�رشوعا يعتربه ً ً الدرا�سات احلديثة يف �إدارة امل�شاريع التي بد�أت يف حتقيق جناحات متميزة اعتربت �إدخال امل�شاريع نوعا من �أنواع التقنية للمنظمات ً امل وف ًقا التغيري ،فلذا ال بد �أن ُي َع َ ملعايري �إدارة التغيري ومنهجياتها و�إ�سرتاتيجياتها ،من حيث درا�سة اجلاهزية للتغيري Organizational ، Readinessوالبنية التحتية املعرفية ،Knowledge Base وثقافة املنظمة Organizational و�إ�سرتاتيجيتها culture ، Organizational Strategy ويندرج حتت هذه العنا�رص الرئي�سة
34
الهياكل التنظيمية والكوادر الب�رشية وال�شبكات االجتماعية داخل املنظمة. �إن �إدارة امل�شاريع يف الدول املتقدمة مبفهومها احلديث اجته ب�شكل دراماتيكي نحو تطبيق منهجيات التغيري والتعامل مع امل�شاريع التقنية �ضمن �إطار تغيريي يتمثل يف تق�سيم امل�رشوع الواحد �إىل �سل�سلة من امل�شاريع ،وتلك ال�سال�سل تدار عن طريق برامج ،بحيث يندرج امل�رشوع كاملاً حتت �إطار �إ�سرتاتيجية تغيري منا�سبة� ،إن التحول ملا Project ي�سمى Oriented Organizationوهي املنظمات التي جعلت امل�شاريع �ضمن ثقافة املنظمة� ،أو ما ي�سمى بـ Managing � by Projectأو Managing Chains of Projects؛ �أي� :إدارة امل�شاريع املت�سل�سلة �أ�صبح �رضورة ال مفر منها� ،إن هذه الفل�سفة اجلديدة
يف الإدارة ترى �أن التغيري ميكن �أن ي�ؤثر على كل جزء من �أجزاء املنظمة ،وبالتايل ت�ستطيع ت�صور ما �سيحدث لتتمكن من ر�سم خطط و�إ�سرتاتيجيات حمددة تقود التغيري ب�شكل ي�ضمن تغري الإ�سرتاتيجية مع نهاية كل مرحلة وال�رشوع يف �أخرى، وما بني املراحل تكون هناك بوابة التخاذ القرار �أو ما ي�سمى Decision Gateيتم من خاللها ر�سم الأهداف وحتديد حدود التغيري وو�ضع اخلطة املنا�سبة ومعاجلة امل�شاكل التي حدثت �أثناء التنفيذ حتى يتم تالفيها يف املراحل الأخرى ،هذه املنهجية احلديثة لإدارة التغيري ب�شكل عام تتمثل يف نقطتني� :إما احلاجة �إىل التغيري� ،أو طلبه ،ولهذا ق�سمت التغيري �إىل عدة �أق�سام ،منها :التغيري اجلذري للمنظمات ،والتغيري من �أجل التطوير ،والتغيري يف طريقة الت�شغيل �أو �إعادة الهيكلة ،والتغيري من �أجل خلق بيئة تعليمية يف املنظمة، تغيريا بحد ذاته، وهذا الق�سم ال يعد ً و�إمنا ميثل ركيزة �أ�سا�سية لإجناح م�شاريع التغيري ،ولكن الدرا�سات بينت �أنه لي�س يف هذا ال�ش�أن َّ بالإمكان التخطيط لإدارة التغيري ب�شكل كامل؛ حيث ميكن �أن يطر�أ التغيري ب�شكل فجائي Emergent Changeيف �إحدى مراحل تنفيذ امل�شاريع ،وبالتايل ال ت�ستطيع التنب�ؤ مبا �سوف يحدث ،ولهذا ف�إن
�إدارة التغيري ال بد �أن تعمل جن ًبا اىل جنب مع �إدارة املعرفة Knowledge Managementوهذان النهجان متداخالن وال ميكن الف�صل بينهما� ،إن تكميليا، مفهوما �إدارة املعرفة لي�ست ًّ ً إ�سرتاتيجيا ولكنها تعترب مور ًدا � ًّ مهما لالقت�صاد املعريف ،ومور ًدا ًّ رئي�سا لتحديد اجلاهزية ،وحمركً ا ً لنجاح التغيري وتوليد اال�ستعداد التنظيمي والتعلم التنظيمي ،وت�سهيل قدرات �صنع القرار ،وت�شجيع االبتكار، وتعزيز النجاح ال�شامل للتغيري. �إن امل�شاكل املتعلقة باتخاذ القرارات يف �إدارة التغيري تعد �أحد الأ�سباب الرئي�سة لف�شل امل�شاريع ،حيث �أكد العلماء املتخ�ص�صون يف هذا ال�ش�أن
�أن املنظمات تف�شل يف اتخاذ القرار املنا�سب لتحديد منهجية التغيري دائما ،وتلج�أ املنا�سبة للمنظمة ذاتها ً ب�سوء فهم الختيار �إ�سرتاتيجيات قد تنجح يف مكان ولكنها ال تنجح بال�رضورة يف كل مكان ،وذلك ب�سبب نق�ص املعرفة �أو عدم وجود منهجية معرفية ،ال�سبب الآخر �أن عدم التعرف على م�صادر املعرفة التي قد تكون خ�صو�صاغري وا�ضحة �أو ملمو�سة ً يف املراحل الأوىل من التخطيط للتغيري -قد ي�سبب ف�شل امل�شاريع �أو تعرثها يف املراحل املتقدمة، ولهذا ف�إن ديناميكية التغيري تتطلب �رسعة وجودة يف القرار م�ستمدة من تطبيقات ومنهجيات معرفية.
Activity - Based Costing Coûts à Base d´Activité
•نظام التكاليف على �أ�سا�س الن�شاط: نظام �إداري للرقابة يحدد جمموعة الأن�شطة الالزمة لإنتاج �سلعة �أو خدمة ،ويقدر التكاليف املرتبطة بكل ن�شاط ،ويخ�ص�ص املوارد املالية املطلوبة بناء على التكلفة الفعلية لكل خدمة �أو �سلعة.
�إن التحول ملفهوم �إدارة امل�شاريع التقنية احلديثة Project Oriented Organizationيتطلب العمل على �إن�شاء بنية حتتية معرفية ُتبنى عليها �إ�سرتاتيجيات �إدارة املعرفة، أ�سا�سيا جزءا � وجعل �إدارة امل�شاريع ً ًّ من ثقافة املنظمة ،والعمل على حل امل�شاكل املتعلقة بال�سيا�سة العامة للمنظمة� ،إ�ضافة �إىل �إعادة �صياغة منهجيات �صناعة القرار املبني على �أ�س�س معرفية.
مــن معجــم امل�صطلحات الإداريــــــــــة
Allowance for uncollectible Debts Allocation des Dettes Non - Collectables
•خم�ص�ص ديون غري قابلة للتح�صيل/ م�شكوك يف حت�صيلها: خم�ص�ص يتم تكوينه ملواجهة احتمال عدم حت�صيل بع�ض الديون يف امل�ستقبل.
35
حوكمة ال�رشكات �رضورة ال اختيار د .عال حممد �شوقى عي�سى ع�ضوة جمعية املحا�سبني واملراجعني جمهورية م�رص العربية
يعد م�صطلح حوكمة ال�رشكات ن�سبيا، من امل�صطلحات احلديثة ًّ ومع ذلك ف�إن املو�ضوعات التي يناق�شها �سبق �أن تطرق �إليها الفكران االقت�صادي واملايل منذ �أكرث من ن�صف قرن ،ولقد بد�أ االهتمام مبو�ضوع حوكمة ال�رشكات مبعناها احلديث مع بداية الت�سعينيات ،وتزا َي َد هذا االهتمام يف �أعقاب الأزمة املالية يف دول �رشق �آ�سيا خالل الفرتة من وخ�صو�صا بعد � 1997إىل ،1999 ً اكت�شاف ف�ضائح مالية وحما�سبية ل�رشكات �أمريكية تالعبت يف قوائمها املالية خالل عامي 2001و ،2002ويعد ذلك نتيجة منطقية لتلك االنهيارات املالية الناجتة عن الف�ساد و�سوء الإدارة التي �أدت �إىل اهتزاز الثقة بني
36
الأطراف املختلفة ذات امل�صالح املتعار�ضة ،وثار الت�سا�ؤل حول التطبيق اجليد حلوكمة ال�رشكات مع ظهور الأزمة املالية العاملية عام 2007التي �أ�صابت العديد من دول العامل وب�صفة خا�صة تلك املرتبطة باالقت�صاد الأمريكي.
ماهية احلوكمة:
اهتمت العديد من امل�ؤ�س�سات العلمية واملهنية بو�ضع تعريف حلوكمة ال�رشكات ،فقد عرفت جلنة كادبورى حوكمة ال�رشكات ب�أنها "نظام يتم من خالله �إدارة ال�رشكة والرقابة عليها" ، واعتربت منظمة التنمية والتعاون االقت�صادية حوكمة ال�رشكات "جمموعة من العالقات التي تربط بني �إدارة ال�رشكة وجمل�س �إدارتها
وامل�ساهمني و�أ�صحاب امل�صالح أي�ضا الهيكل الأخرى ،كما �أنها توفر � ً الذي يتم من خالله و�ضع �أهداف ال�رشكة وو�سائل حتقيق تلك الأهداف ورقابة الأداء". وميتد مفهوم احلوكمة لي�شمل املجتمع ككل ،وذلك طب ًقا ملا جاء يف تعريف البنك الدويل للحوكمة ب�أنها "حالة تتم من خاللها �إدارة املوارد االقت�صادية للمجتمع بهدف أي�ضا يف تعريف التنمية" ،وكما جاء � ً برنامج الأمم املتحدة الإمنائي �أن احلوكمة تعني "ممار�سة ال�سلطات االقت�صادية وال�سيا�سية والإدارية لإدارة �شئون املجتمع على كافة م�ستوياته" ،مما يعنى �أن تطبيق مفهوم احلوكمة يف ال�رشكات يتطلب بال�رضورة تطبي ًقا له يف املجتمع ب�أكمله ،وذلك من خالل تهيئة البيئة التي تعمل فيها تلك ال�رشكات، من خالل القوانني املدعمة لهذا االجتاه وخلق الوعي ب�أهمية احلوكمة ووجود نظام م�رصيف جيد و�أ�سواق مالية �سليمة ،ومن ثم ف�إن وجود �إطار متكامل وفعال للحوكمة يعتمد ب�صفة �أ�سا�سية على توافر جمموعة متكاملة من الأطر امل�ؤ�س�سية والت�رشيعية ،وهو ما ن�ص عليه تقرير الأمم املتحدة عن الو�ضع االقت�صادي العاملي و�آفاق .2009 ويت�ضح مما �سبق �أن احلوكمة قد تكون داخلية �أو خارجية ،ويق�صد باحلوكمة الداخلية تطبيق مفهوم احلوكمة ومبادئها يف نطاق
ال�رشكة؛ حيث تتعامل مع الطرق والأ�ساليب التي يطمئن من خاللها ممُ َ ِّولو ال�رشكات �أنهم �سيح�صلون على عوائد من ا�ستثماراتهم� ،أما احلوكمة اخلارجية فيق�صد بها تطبيق احلوكمة على البيئة التي تعمل فيها ال�رشكة ،فيما ُينظر للحوكمة اخلارجية -كما يذكر هويل جريجوري يف مقاله "عوملة حوكمة ال�رشكات" -بو�صفها املنظور الوا�سع للحوكمة ،باعتبارها منظومة من التعليمات والقواعد والقوانني التي حتكم عمليات ال�رشكة ،وتت�ضمن العالقات التي تربط ال�رشكة ب�أ�صحاب امل�صالح وباملجتمع ،كما ت�شمل املمار�سات التي تمُ َ كِّن ال�رشكة من جذب ر�أ�س املال وحتقيق �أهداف ال�رشكة بكفاءة وتلبية االلتزامات القانونية ومتطلبات املجتمع. ممـــا �سبـق يت�ضـح لنــا �أن احلوكمـة تهــدف ب�شكــل عـام �إلـى التـ�أثري علـى كفــاءة ا�ستخـدام املوارد لإنتـاج ال�سلع واخلدمات وفاعلية ذلك اال�ستخـدام ،وذلك عن طريق جمموعة من القواعد والرتتيبات التي حتكم وتنظم احلقوق وامل�سئوليات بني امللاَّ ك والإدارة وغريهم من الأطراف املهتمة بال�رشكة ،بحيث يتم هيكلة العالقات والأدوار بني الأطراف املختلفة ،ومن خالل تلك الهيكلة يتم و�ضع �أهداف ال�رشكة وحتديد و�سائل حتقيق الأهداف ورقابة الأداء.
�أهمية احلوكمة: قد يبدو للوهلة الأوىل �أن احلوكمة تهدف �إىل حماية حقوق امل�ستثمرين� ،إال �أن واقع احلال ي�شري �إىل �أنها تهدف ب�صفة �أ�سا�سية �إىل تعظيم ثروة خمتلف الأطراف من �أ�صحاب امل�صلحة بال�رشكة ،من مالك ومقر�ضني و�إدارة وموظفني وغريهم ،ومن ثم تعظيم قيمة ال�رشكة ككل ،ولكن الأمر ال يقت�رص على ال�رشكات ،فتطبيق احلوكمة من �ش�أنه �أن يحقق م�صالح عديدة للمناخ اال�ستثماري العام. وتعد مبادئ احلوكمة -وب�صفة خا�صة الإف�صاح وال�شفافية وحما�سبة امل�سئولية -مبادئ عاملية �شاملة من ناحية تطبيقها، والدول النامية ودول االقت�صاديات االنتقالية ما زالت يف حاجة ما�سة �إىل و�ضع هذه الأفكار مو�ضع التنفيذ ،فاحلوكمة مطلب �أ�سا�سي لأ�سواق املال لتدعيم قدرتها على املناف�سة وجذب اال�ستثمارات، وب�صفة خا�صة يف ظل التناف�س ال�شديد بني الأ�سواق املالية يف دول العامل. فقد �أدى االجتاه نحو العوملة وما ترتب عليه من حترير الأ�سواق املالية �إىل فتح �أ�سواق دولية تتيح �إمكانيات حتقيق �أرباح كبرية� ،إال �أن ذلك – عر�ض ال�رشكات من جهة ثانيةّ - للمناف�سة ال�رش�سة ،وبالتايل �أ�صبحت ال�رشكات يف حاجة �إىل م�ستويات من ر�أ�س املال تتعدى
37
�إمكانات م�صادر التمويل التقليدية، أ�سا�سيا و�إذا كان التمويل مطل ًبا � ًّ لل�رشكات حتى تتو�سع وت�صبح قادرة على املناف�سة ف�إن احل�صول على التمويل يتطلب تقدمي الأدلة والرباهني على التزام �إدارة ال�رشكات مببادئ احلوكمة ،التي متكّن امل�ستثمر من حتليل اال�ستثمارات املحتملة ومقارنتها وف ًقا لذات معايري ال�شفافية والو�ضوح والدقة يف القوائم املالية قبل �أن ُي ْقدِم على اال�ستثمار. �أ�ضف �إىل ذلك االهتمام املتزايد لدى الهيئات االقت�صادية الدولية لت�صنيف الدول وتقييمها على �أ�سا�س م�ستويات احلوكمة يف �أ�سواقها، حيث يتم التفاو�ض مع حكومات تلك الدول ب�ش�أن الق�ضايا االقت�صادية بناء عليه. وخطط الإ�صالح والتنمية ً دور حوكمة ال�رشكات يف مكافحة الف�ساد املايل والإداري: يظهر الف�ساد وينمو عادة عندما ينعدم ال�شعور بالرقابة واملحا�سبة، ويتنامى ذلك ال�شعور عند االفتقار �إىل نظم و�إجراءات حتدد نطاق ال�سلطة وامل�سئولية وجماالت املحا�سبة وامل�ساءلة ،وبذلك متثل حوكمة ال�رشكات �أداة رقابية مهمة ميكن �أن ت�ساهم ب�شكل جيد يف �سد ب�ؤر الف�ساد يف املجتمع واحل ِّد من �آثاره ال�سلبية على ال�رشكات ،مما ي�ؤثر ب�شكل �إيجابي على النظام االقت�صادي ككل. �إن التطبيق اجليد حلوكمة ال�رشكات
38
من �ش�أنه حتديد نطاق ال�سلطة مبادئ و�إر�ساء وامل�سئولية املحا�سبة وامل�ساءلة وتفعيلها، مبا ي�ضمن الك�شف عن الف�ساد واحلد منه من ناحية ،وبناء نظام اقت�صادي قوي من ناحية �أخرى، وهو ما يحتاجه املجتمع العربي يف الوقت الراهن جلذب اال�ستثمارات املحلية والأجنبية ،وي�ؤدي بالتبعية �إىل عالج م�شكلتي البطالة والفقر وما يرتتب عليهما من م�شكالت اقت�صادية واجتماعية ،ويكون له مردود �إيجابي على م�ستوى معي�شة �أفراد املجتمع. خال�صة القول: مل يعد التطبيق اجليد للحوكمة اختيارا ،بل �أ�صبح �رضورة يفر�ضها ً الو�ضع االقت�صادي واملايل العاملي، وتفر�ضها الظروف والأو�ضاع احلالية التي مير بها املجتمع العربي ،بداية من �أزمة عاملية ت�أثرت بها اقت�صادات العديد من وانتهاء بثورات الدول العربية، ً كم كبري من الف�ساد و�أدت ك�شفت عن ٍّ �إىل عدم الثقة يف الآليات والأو�ضاع االقت�صادية لتلك الدول من جانب امل�ؤ�س�سات واملنظمات العاملية ،ولن يتم التغلب على ذلك �إال من خالل التطبيق اجليد للحوكمة على م�ستوى ال�رشكات وعلى م�ستوى املجتمع االقت�صادي ككلٍّ. مما �سبق يت�ضح لنا �أن املجتمعات العربية فى الوقت الراهن بحاجة �إىل:
•تدعيم �أوا�رص الثقة فيما بينها وكذا بني امل�ؤ�س�سات املختلفة داخل كل جمتمع منها. •الق�ضاء على الف�ساد املايل والإداري الذي تعاين منه العديد من االقت�صادات العربية. •احلد من م�شكلة البطالة والتخفيف من �آثارها. •جذب اال�ستثمارات املحلية والأجنبية. •حتقيق العدالة بني جميع الأطـــــراف ذات امل�صـــــالح املتعار�ضة مبا يحقق الر�ضا لهم جمي ًعا ويدعم العمل العربي امل�شرتك. ويعد التطبيق اجليد للحوكمة على م�ستوى ال�رشكات وعلى م�ستوى املجتمع االقت�صادي ككل هو احلل الأمثل لتحقيق ما حتتاجه املجتمعات العربية ،وميكن �أن تدريجيا �إىل بناء نظام ي�ؤدي ًّ اقت�صادي عربي قوي ،من �ش�أنه �أن يحقق العديد من املزايا االقت�صادية ل�صالح البلدان العربية يف مواجهة الكيانات االقت�صادية العاملية، ونظرا لالرتباط الوثيق بني ال�سيا�سة ً واالقت�صاد ف�إن ذلك ي�ؤدي بال�رضورة �إىل �إحداث ثقل يف الو�ضع ال�سيا�سي العربي على امل�ستوى العاملي ،وال �شك �أن حت�سن الو�ضعني االقت�صادي وال�سيا�سي ي�ؤدي بال�رضورة �إىل حت�سن الأحوال االجتماعية للأفراد داخل الوطن العربي.
39
�صاحبي املعايل وزيري الإعالم والثقافة يف اجلمهورية اللبنانية حتت رعاية ّ املنظمة العربية للتنمية الإدارية تعقد ندوة
"ت�أ�صيل الرتاث العربي :ر�ؤية بني احلداثة وال ُهوية وحتديات امل�ستقبل" التغطية ال�صحفية فى امل�ؤمتر� :أ� .أ�سامة ح�سني -مدير التحرير ا�ضطالعا منها بدورها جتاه �إدارة ً امل�صادر النادرة والرتاث ،د�أبت املنظمة العربية للتنمية الإدارية على عقد ندوة �سنوية يف �إحدى املدن العربية تكون ملتقى للمتخ�ص�صني واملهتمني ملناق�شة ق�ضايا �إدارة الرتاث ،ويف دورتها ال�ساد�سة هذا العام جاءت الندوة بالتعاون مع اجلامعة اللبنانية – املعهد العايل للدكتوراه ومديرية الدرا�سات واملن�شورات اللبنانية حتت عنوان: "ت�أ�صيل الرتاث العربي :ر�ؤية بني احلداثة وال ُهوية وحتديات امل�ستقبل"، وذلك يف ق�رص الأوني�سكو يف بريوت من 11- 9يونيو. افتتح الندوة معايل وزير الإعالم اللبناين الأ�ستاذ رمزي جريج بكلمة �أكّ د فيها على �أهمية مو�ضوع الندوة ،ال �سيما مع دخولنا مرحلة ما بعد احلداثة� .أعقب ذلك كلمات كل من مدير عام املنظمة العربية للتنمية الإدارية التي �ألقاها نيابة عنه م�ست�شار املنظمة الدكتور نواف طبي�شات ،وكلمة مدير الدرا�سات
40
واملن�شورات اللبنانية الأ�ستاذ خ�رض ماجد ،وكلمة عميد املعهد العايل للدكتوراه يف اجلامعة اللبنانية الدكتور طالل عرتي�سي ،وكلمة وزير الثقافة التي �ألقاها نيابة عنه مدير عام الوزارة الأ�ستاذ في�صل طالب. ناق�شت الندوة على مدار �أيامها الثالثة �أربعة حماور رئي�سة :املحور الأول تناول ت�أ�صيل الرتاث العربي، حيث متت مناق�شة مو�ضوعات: كيفية احلفاظ على الرتاث ،والأ�سباب امل�ؤدية �إىل تلف امل�صادر الرتاثية، ودور الرتاث يف حفظ ال ُه ِويتني العربية والإ�سالمية ،و�أهمية الرتجمة يف حوار الثقافات ،وتفاعل الأمة مع تراثها ،وت�ضمني املعامل الرتاثية يف برامج التعليم للحفاظ على الهوية. �أما املحور الثاين" :الرتاث العربي بني احلداثة والهوية" ،فقد تناول مو�ضوعات مفاهيم احلداثة والهوية الرتاثية ،ودور الت�رشيعات يف حفظ الرتاث العربي وحمايته ،واملواثيق العربية والدولية اخلا�صة بحماية الرتاث احل�ضاري و�أهميتها يف حماية
امل�صادر الرتاثية ،ودور الهيئات وامل�ؤ�س�سات امل�سئولة عن حماية الرتاث يف تعظيم الهوية ،والعالقة بني ت�أ�صيل الرتاث واحلداثة. وتناول املحور الثالث التحديات التي تواجه احلفاظ على الرتاث العربي، ممثلة يف العوملة والتبعية الثقافية وحفظ امل�صادر الرتاثية واحلداثة والهوية. املحور الرابع –والأخري -تناول التجارب والتطبيقات العملية العربية والعاملية يف ت�أ�صيل الرتاث ،وقد تعر�ض هذا املحور خلربة وزارة الثقافة اللبنانية مع الأوني�سكو يف حفظ الرتاث الال عادي. وقد التقى مدير حترير جملة "�إدارة" الأ�ستاذ� /أ�سامة ح�سني -على هام�ش الندوة -عد ًدا من �أبرز امل�شاركني، كان على ر�أ�سهم معايل وزير الإعالم اللبناين الأ�ستاذ /رمزي جريج، الذي �ألقى ال�ضوء على م�سئولية احلكومات–ممثلة يف وزارات مثل: الرتبية والثقافة والإعالم -يف االعتناء بالرتاث والتعريف به و�إبراز
معامله� ،إىل جانب ت�شجيع مبادرات القطاع اخلا�ص التي ُت ْع َنى بالرتاث، وخا�صة الرتاث املعماري ،ف�ضلاً عن �أهمية اجلهد العربي امل�شرتك للحفاظ على الرتاث العربي ،كما �أكد معاليه على �أهمية عقد مثل هذه الندوات ،والأهم من ذلك املتابعة؛ القيمة، فال نكتفي بعر�ض الدرا�سات ِّ ولكن ينبغي تعميم ح�صيلة الندوات من خالل ت�شكيل جلان متابعة. و�رصح الأ�ستاذ /خ�رض املاجد -مدير ّ الدرا�سات واملن�شورات اللبنانية بوزارة الإعالم و�أحد القائمني على هذه الفعالية -ب�أن الندوة ت�أتي يف �إطار الوعي وامل�سئولية التي تتحملها جامعة الدول العربية ال �سيما املنظمة العربية للتنميةالإدارية -مع وزارة الإعالم اللبنانية عن املحافظة على الرتاث والهوية العربية. ومن جانبه �أكد املهند�س� /أحمد حممود -رئي�س ق�سم تنفيذ م�رشوعات الرتاث العمراين يف بلدية دبي -على �أن الرتاث هو الذي يبقى
تفرق� ،أما لنا كعرب ،فال�سيا�سة ّ الثقافة ف ُت َج ِّمع ،و�أ�شار �إىل ما ذكره املتحدثون يف الندوة من وجود ثالث مدار�س يف خماطبة مو�ضوع الرتاث: �إما االنح�سار عن الغرب� ،أو االنفتاح عليهم� ،أو اجلمع بني االجتاهني، م�ؤي ًدا املدر�سة الأخرية ،وهو ما يتبع يف دبي ،قائلاً " :دبي م�شهورة باحلداثة ،ولكن جتدنا حمافظني على الرتاث ،حيث نتخذ من مقولة ال�شيخ زايد رحمه اهلل" :من ال ما�ضي نربا�سا، له ال حا�رض له وال م�ستقبل" ً ففي دبي حافظنا على املدينة القدمية والأ�سواق التقليدية والكثري من املباين على �ضفتي خور دبي، ون�سعى الآن �إىل ت�سجيل خور دبي �ضمن الئحة الرتاث العاملي". وعن جتربة هيئة الوثائق واملحفوظات الوطنية يف �سلطنة عمان حتدث دكتور /عبد العزيز بن هالل اخلرو�صي مدير دائرة البحوث والدرا�سات؛ حيث ذكر �أن كبريا يف �إدارة الهيئة قطعت �شوطً ا ً الوثائق ،حيث ا�ستطاعت جمع الكثري
من الوثائق العمانية من املواطنني �أو ا�ستن�ساخها من املكاتب اخلارجية والهيئات الدولية ،مثل :الأر�شيف التون�سي ،والأر�شيف الفرن�سي. أخريا حتدث مدير حترير املجلة و� ً �إىل الأ�ستاذة الدكتورة /مها خري بك �-أ�ستاذ النحو العربي والأل�سنية والنقد احلديث يف اجلامعة اللبنان ّية -التي �أ�شارت �إىل �أننا يف العامل العربي بحاجة �إىل قامات ثقافية ت�سمو على املاديات وامل�صالح ال�شخ�صية ،فتتعا�ضد هذه الكفاءات من �أجل �صياغة قوانني ت�رشيعية ت�صون الرتاث بجميع �أ�شكاله ،م�ؤكدة الدور الأ�سا�سي لل�شباب و�أهمية متكينهم يف هذا ال�سياق . حظيت الندوة مب�شاركة ح�شد من ال�شخ�صيات الدبلوما�سية والثقافية والإعالمية واملهتمني ،منهم -من لبنان -رئي�س املجل�س الوطني للإعالم املرئي وامل�سموع عبد الهادي حمفوظ ،ونائبه �إبراهيم عو�ض ،واملدير العام لوزارة الإعالم الدكتور ح�سان فلحة ،وم�ست�شار وزير الإعالم �أندريه ق�صا�ص، ورئي�س رابطة خريجي كلية الإعالم والتوثيق الدكتور عامر م�شمو�شي، ف�ضلاً عن امل�ست�شار الإعالمي يف ال�سفارة امل�رصية �صبحي عبد الب�صري ،وامل�ست�شار الإعالمي يف ال�سفارة الإيرانية �سعيد �أ�سدي.
41
الفاعل. •ع�رص االنقطاع :موجزات The ملجتمعنا املتغري
دراكر ،بيرت
Drucker, Peter F.
Age of Discontinuity: Guidelines to Our Changing Society 1969
1909-2005 �سريته الذاتية:
ولد دراكر بيرت فرديناند يف فيينا بالنم�سا يف 19نوفمرب عام 1909م. اقت�صاديا خبريا وبد�أ تدري�س القانون الدويل والتاريخ الد�ستوري ،وعمل ً ًّ �صحفيا يف �صحيفة يف مكتب حملي تابع لبنك �أمريكي ،ثم عمل ًّ متخ�ص�صا يف ال�شئون املالية، فرانكفورت جرنال �إنزيغر ،حيث كان كات ًبا ً و�شغل من�صب رئي�س التحرير. ونظرا ملوهبته اجللية وموقفه املحافظ عر�ضت عليه وزارة الإعالم ً النازية وظيفة يف عام 1933م� ،إال �أنه رف�ضها وقت �أن كان �أول كتاب له جاه ًزا لل�صدور ،وكان بعنوان :فريدريك جولي�س �ستال :النظرية ال�سيا�سية املحافظة والتغيري التاريخيConservative Political Theory ،and Historical Changeوقد ُحظِ َر الكتاب من قبل احلزب يهوديا النازي؛ لأنه على الرغم من اعتناق �ستال امل�سيحية� ،إال �أنه كان ًّ بامليالد ،ولذلك مل يوافق احلزب النازي على الكتاب. للتو م�سودة عندما هاجر �إىل الواليات املتحدة عام 1937م كان قد �أ َّ مت ِّ �أول كتاب مطول له بالإجنليزية ،وهو :نهاية الرجل االقت�صاديThe ، .End of Economic Manبد�أ التدري�س يف الواليات املتحدة يف كلية �سارة لوران�س ثم يف كلية بيننغتون ،وانتقل �إىل جامعة نيويورك يف عام 1950م ،ويف عام 1971م حاز كر�سي �أ�ستاذية كالرك للعلوم االجتماعية يف مدر�سة كالرمونت للدرا�سات العليا بكاليفورنيا ،و َد َّر�س القانون والتاريخ والعلوم االقت�صادية والفل�سفة وال�شئون احلكومية والدين ،وتل َّقى ع�رش درجات �رشف -على الأقل -والعديد من اجلوائز املهنية الأكادميية. م�ست�شارا كان من عمالئه �رشكة �سريز وربيك وجرناك �إليكرتيك وبو�صفه ً وجرنال موتورز و�آي تي �آند تي وحكومة الواليات املتحدة واليابان وكندا ،وعدد من اجلامعات اخلا�صة وامل�ست�شفيات. ورزق بثالثة �أطفال ،وا�شتهر بجمعه للوحات َّ تزوج من عاملة فيزياء ُ ومن َِح حقوق املواطنة يف الواليات املتحدة عام اليابانية، الكال�سيكية ُ 1943م ،وتويف يف مدينة كلريمونت يف والية كاليفورنيا يف 11نوفمرب 2005م.
42
�إ�سهاماته وت�أثريه يف الإدارة:
كان لدراكر ت�أثري يف جماالت عديدة ي�صعب ح�رصها ،وال ميكن ذكر جمال واحد �أو جمالني و�إغفال املجاالت الأخرى ،حيث �ألَّف ع�رشات الكتب واملقاالت والأبحاث العلمية يف جمال الإدارة ،وبالنظر �إىل ذلك �سيكون من ال�صعب التطرق لها جميعا ،بل من املنا�سب ذكر بع�ض �أعماله باخت�صار: •م�ستقبل الرجل ال�صناعي The Future of Industrial Man 1942يناق�ش ق�ضايا احلفاظ على احلرية الفردية يف جمتمع �صناعي وال�سيطرة امل�شرتكة وال�سلطة الإدارية والأمتتة وخطر االحتكار والكليانية، مت درا�ستها ،واقرتح �أن املجتمع يجب �أن ينظم وفق منوذج الوحدة ذاتيا. ال�صناعية املحكومة ًّ • -مفهوم امل�ؤ�س�سة Concept of the Corporation 1946 درا�سة تقليدية للطرق امل�ستخدمة من قبل �رشكة جرنال موتورز خالل م�سرية منوها من �رشكة �صغرية �إىل عمالق �صناعي كبري ،ويقدم فيها معلومات حقيقية معمقة تتعلق بالإدارة ،والقرارات والأمتتة والال مركزية والنقابات والأ�سعار والأرباح.
• -املجتمع اجلديد The New Society 1950ينقح دراكر ر�ؤيته يف النظام العاملي اجلديد ويتو�سع يف فكرة امل�ؤ�س�سة بو�صفها امل�ؤ�س�سة االجتماعية املمثلة ،والتي ال تكون ر�أ�سمالية وال �شيوعية. •ممار�سة الإدارة The Practice of Management 1954يذكر �رشكات مثل جرنال موتورز و�سريز وفورد وكراي�سلر و�آي تي �آند تي ،وي�صور دراكر الكيفية التي قد يخترب بها املديرون �أداءهم وي�شخ�صون �أخطاءهم ويح�سنون �إنتاجيتهم و�إنتاجية ال�رشكة. •نقطة حتول الغد The Landmark for Tomorrow 1959ي�صف دراكر مناذج
عاملية جديدة تطورت، والتحديات التي يجب �أن نواجهها يف التعليم واحلكومة واالقت�صاد ،وينتهي الكتاب بر�صد للواقع الروحي للوجود الب�رشي. •الإدارة بالنتائج Managing for Results 1964وفيه ي�ؤكد �أن �أداء االقت�صاد هو الوظيفة املحددة والإ�سهام و�سبب وجود العمل التجاري. •املدير الفاعل The Effective Executive 1967درا�سة منظمة للممار�سات التي تعترب جوهرية بالن�سبة لنجاح املدير التنفيذي ،وهي� :إدارة الوقت ,الإ�سهام ال�شخ�صي جتاه املنظمة ,جعل ال ُق َوى منتجة, و�ضع الأولويات� ,صنع القرار
يعالج النواحي املهمة لالنقطاع,وهي :تفجر التقنية اجلديدة التي �أدت �إىل ظهور �صناعات جديدة مهمة ,الإ�سهام ال�شخ�صي جتاه املنظمة ,حقيقة �سيا�سية اجتماعية جديدة للم�ؤ�س�سات التعددية ,و ا لعــا مل اجلديد للمعرفة املبني على التعليم الوا�سع. •�إعداد قادة عمل امل�ستقبل اليوم Preparing Tomorrow’s Business Leaders Today 1969قام ب�إعداد ندوة
مبنا�سبة الذكرى اخلم�سني لكلية �إدارة الأعمال بجامعة نيويورك وتنظيمها ،ويناق�ش الكتاب التغيريات التي طالت العمل التجاري وكليات �إدارة عاما الأعمال خالل خم�سني ً والتطورات اجلديدة يف جمتمع عامل الأعمال وظهور ال�رشكات متعددة اجلن�سيات والتعليم يف كليات �إدارة الأعمال. •التكنولوجيا :الإدارةواملجتمع (مقـــــــــــاالت خمـــــتـــــارة) T e c h n o l o g y Management and Society (Selected Essays) 1970
43
The Two Sides of the Same Coin: Organisational Learning and Organisational Excellence The concept of Business Excellence (BE) has emerged from several concepts over many years, starting with the establishment of the quality movement and philosophy in Japan, which led to the emergence of several approaches and frameworks. Although learning as an applicable organizational process was proposed decades ago and the book by Argyris and Schön, Organizational Learning: A Theory of Action Perspective which contributed greatly to the emergence of the theme, appeared in 1978, it is not until the 1990s that the concepts of organizational learning and the learning organization
45
started to capture the interest of the academic world and become buzzwords in management discourse. In 1990, Peter Senge's book The Fifth Discipline: The Art and Practice of the Learning Organization popularized the idea of learning in organizational context and gave organizations a more practical vision of it. Generally speaking, a learning organization is an organization that acquires knowledge and innovates fast enough to survive and thrive in a rapidly changing environment. This article looks into the linkage between Business Excellence and Learning Organization. Organizations that aspire to succeed in
Dr. Alaa Garad
Director | Emirates Centre for Organisational Learning Executive Board Member | International Foundation for Action Learning
today's business environment, must resolve a basic dilemma: success in the marketplace, which increasingly depends on learning. According to the TQM founders, TQM interventions or activities must be guided by four change principles, namely work processes, variability reduction, data analysis, and continuous improvement- a core element of a learning organization. The European Foundation for Quality Management (EFQM) Excellence Model was developed by fourteen leading European organisations in 1988, when many of the major companies in Europe realised that their only way
كيف ميكن للإن�سان �أن يحيا داخل بناء م�ؤ�س�سات املجتمع ويحقق متطلباته الفردية التي تعترب ح ًّقا لكل الرجال كما يجب �أن تكون هدفهم لقد فعل الكثري لت�شكيل العامل الذي ذلك ب�سبب مقدرته املتفردة،نعي�شه للنفاذ والت�أثري يف جماعة املديرين املحرتفني الذين يديرون منظمات يعتقد دراكر �أن العمل،العامل التجاري يف العامل ينبغي �أن ينجز ،من خالل الإدارة ووزن الأمور ،ويعترب مول ًدا للأفكار بغري حتيز يبحث عن،وكاتب مقالة مثايل ،�أف�ضل الطرق املمكنة ال اخليالية وات�ضح له،خطط دراكر للم�ستقبل لي�س لأننا،�أننا نتبع هذا املخطط �صحيحا لكن لأنه كان،نريد ذلك ً فيما يتعلق بتفاعل املنظمات .واملجتمع
وانعكا�س لف�ضوله،انتهجها والأفكار،واهتمامه بالنا�س كتبت ب�أ�سلوب،التي يقف خلفها يجعل القارئ ي�شعر بحميمية ،مع النا�س الذين يكتب عنهم �إىل درجة ت�شعرك ب�أنك م�شارك .يف نف�س الغرفة وبعد درا�سة تعليم دراكر وطريقة كتابته وتفكريه يكون من الع�سري ح�رصه- ً�إن مل يكن م�ستحيلا �إنه �أوروبي ُي َ�شكِّل،يف فئة معينة ظاهرة؛ حيث �أ�صبح كات ًبا يحقق �أف�ضل املبيعات يف الكتابة باللغة ويعترب مرج ًعا يف،الإجنليزية على الرغم من �أنه،التنظيم الإداري جزءا من املنظمات مل يكن ميثل ً وهو م�ست�شار،التي يكتب عنها لكنه مل،ناجح يف �إدارة الأعمال وهو مدر�س،يكن رجل �أعمال �أب ًدا وفل�سفته مل تقع يف �أي،وفيل�سوف .قالب كال�سيكي وعندما ر�أى دراكر �أن املنظمة والعمل التجاري والأعمال غري التجارية ت�شكل موجة امل�ستقبل حاول �أن يحدد الأهداف والهياكل و�أخالقيات املنظمات ب�أ�ساليب ،جتعل املنظمة �أف�ضل �أداة للإجناز ولي�ست جمرد �أداة جلمع املال �أو .النجاح قام بتحديد مبادئ وممار�سة الإدارة ودر�س ق�ضايا،الفاعلة وتعريفها وحاول �إيجاد �صلة بني،ع�رصنا ،الأفكار والنواحي العملية للوجود :وبحث عن �إجابة لأ�سئلة من قبيل
جمموعة من مقاالت تتناول االجتاهات التقنية يف القرن التخطيط طويل: مثل،الع�رشين وعالقات التقنية والعلم،املدى . وم�ستقبل املدير،والثقافة الأفكار وال�سيا�سة: •الرجال Men, Ideas, and Politics
:نطاق وا�سع من املو�ضوعات ، والإدارة اليابانية،هرني فورد وع�صيان،والر�ؤ�ساء امل�ؤثرون .حرم اجلامعة املهام وامل�سئوليات: •الإدارة Management: واملمار�سات Tasks - Responsibilities مراجعة, Practices, 1974
للعديد من �أفكار دراكر القدمية مهام الإدارة:وكذلك احلديثة وعمل املدير وطبيعة املنظمة تطور الإدارة،قد مت مناق�شتها فرعا من املعرفة بو�صفها ً ودورها املت�صور بالن�سبة .للم�ستقبل Advantage of •ميزة املتفرج ت� ُّأملa Bystander, 1973 متعلق بال�سرية الذاتية للعديد من الأ�سباب التي جعلت دراكر يفكر ويكتب بالطريقة التي
44
a control sample on operating income-based measures. In the same vein, award winners are more successful firms and are valued higher by investors. As explained by Garvin (1993), organisational learning begins with a cognitive stage, where employees are exposed to new ideas and expand their knowledge. Therefore, some of the approaches to OL can provide a structural basis for understanding and studying OL, but they are not the entire story; the mere existence of the practices does not ensure that learning will occur or that it will be productive. If TQM is adopted in an organisation as a set of techniques, it can be a vehicle for OL. A clear philosophical link is seen between systematic problem solving in a learning organisation and the quality movement; learning organizations need to be skilled at systematic problem solving, at experimenting with new approaches, at learning from their experiences, from history and from the best practices of others, and at transferring knowledge quickly
47
and efficiently throughout the organisation. David A. Garvin, the Robert and Jane Cizik Professor of Business Administration at the Harvard Business School, argues that quality management represents an operational definition for organisational learning that gives practical significance to each step of the process. The relationship between Business Excellence and Organisational Learning had been the subject of two lines of research. The first is concerned with the possibility of creating an organisation of quality that is not capable of learning, while the second attempts to show that learning is an output of business excellence implementation. The EFQM Excellence Model (EFQM, 2003) suggests a link between organisational excellence and organisational learning represented by the recommendation of several practices that may help organ-
isations achieve their goals, such as benchmarking, involving employees, assessment and review of their own activities, learning from past experience and continuous improvement. The assessment methods (including scoring method) are significantly dependent on the learning activities, stemming from assessment, review and benchmarking, and resulting in improvement initiatives or actions. Almost one third of the score is assigned to learning activities. Finally, it is widely believed that organisations that obtain higher scores in quality awards are those whose members tend to make more conscious efforts towards learning. a quality organisation cannot be created without building learning in it.
of surviving in business was to pay greater attention to quality. Learning is considered a core element in the model’s structure and its assessment mechanism. The EFQM Excellence Model assumes that, in order to sustain excellence, organisations assess and review their approaches and mechanisms regularly and question themselves. It is agreed among many researchers that organisations that reinforce culture of quality management (QM) can, effectively, use employees as sources of learning. Furthermore, organisations, which already have an established QM culture, can rapidly adapt their efforts to enhance organisational learning within the organisation without making a fundamental change. Some organisations do have the habit of extracting lessons to be learnt from what happens throughout their daily operations, or of learning from other organisations, but very few strategise the learning processes in their daily routines. Building a link between Prac-
tices of Organisational Learning and Business Excellence may lead to a clearer focus in achieving an organisation’s objectives through learning from experience and from several other internal and external sources. Debate has always been there about whether learning is an outcome of total quality management. Some argue that learning is an intended outcome of TQM, and although this argument is supported by many authors and by the EFQM model itself, where learning appears as an outcome, it is not clear whether learning is actually an outcome of the process. According to Lee other researchers and practitioners, learning can assist an organisation in its quest for continuous improvement by helping to avoid the repetition of mistakes, building sensitivity to the changing world so that the organisation can adapt better, and improving operations by understanding the weaknesses in the past and identifying how to correct them. Thus, OL and TQM can assist organisations in the
quest for continuous improvement, from which the question emerges: are OL and TQM two sides of the same coin? Many TQM specialists such as Amrik Sohal, Michael Morrison, Micaela Martinez-Costa and Daniel Jimenez believe that the establishment of national quality awards in many countries has increased management’s awareness of quality and the recognition of improvements in product and service quality. Besides, they agree that total quality practices can foster the creation of knowledge which is indispensible for continuous improvement and for competing in the markets. Moreover, they link the development of TQM practices with the ability to enhance an organisation’s competiveness. Organisational learning plays a facilitating role in the links between TQM and performance. The nature of the relation between TQM and OL has many similarities to the relation between absorptive capacity and OL. Firms that have won quality awards are generally found to outperform
46
حريق
يوما حل�ضور �إعادة افتتاح �أحد ُدعِ يت ً الفنادق الفاخرة بعد جتديده بالكامل �إثر حريق مدمر �أتى على كل ما فيه ،بل ت�سبب يف وقوع �ضحايا من النزالء والعاملني ،وقد بلغت اخل�سائر والتعوي�ضات و�إغالق الفندق للتجديد مبالغ جتاوزت ع�رشات املاليني، وكما علمت ف�إن التجديد تكلف �أ�ضعاف ذلك. �س�ألت م�ضيفي بعد كل ما �سبق عن الإجراءات التي اتخذوها ل�ضمان عدم تكرار ما حدث، خا�صة �أن حجم اال�ستثمارات التي ر�أيتها متمثلة يف فخامة كل التفا�صيل التي �شاهدتها -ال بد من حمايتها ب�أنظمة و�إجراءات تتنا�سب مع حجمها وعدد الغرف الكبري وبالتايل �أعداد النزالء املتوقع وم�ستخدمي خدمات الفندق والعاملني. تب�سَّ م م�ضيفي وهو يقول :هل تظن �أن هذا امل�رشوع مل يحظ بكل عناية ممكنة طب ًقا لأحدث املعارف العاملية يف الت�صميم والت�أمني �ضد خمتلف املخاطر؟ و�إذا به ي�ستوقفني ونحن منر من �أحد الأروقة املت�صلة ببهو الفندق ،ويقول :انظر �إىل الأر�ض �أمامك، نظرت ثم قلت له :ما بها؟ هل تق�صد الرخام الفاخر �أو اجلرانيت والت�شكيالت الزخرفية؟ بالت�أكيد هي جميلة وفاخرة. قال يل :لي�س هذا� ،أمل تلحظ �شي ًئا �آخر؟ قلت بلى ،هذا املجرى املعدين الذي مير بعر�ض الرواق قد الحظته من قبل يف �أماكن �أخرى،
48
ولكني ا�ستحييت �أن �أ�س�أل ،وقلت :رمبا ل�سبب علمي مثلما نراه من فوا�صل يف اجل�سور لرتك ٍّ م�ساحة للتمدد من �أثر العوامل اجلوية ،و�إن كان ذلك غري جائز يف داخل املباين خا�صة املكيفة. ابت�سم مرة �أخرى قائلاً ب�سخرية مداعبة: "ال حياء يف العلم"� ،ألي�ست من املقوالت املف�ضلة لديك؟ دعنا نقرتب منه وانظر �إىل حائطَ ْي الرواق عن ميني هذا الفا�صل الأر�ضي وي�ساره� ،أال أي�ضا مبا ترى نف�س املجرى يف احلائطني � ً ي�شبه ما يوجد يف �أبواب بع�ض املحالت واجلراجات امل�صنوعة من ال�صاج الذي يدور حول حمور �صعو ًدا ونزولاً ؟ قلت :بلى ،ولكن: هل تق�صد �أن هذا التجهيز يعلوه يف ال�سقف فا�صل من ال�صاج ميكن معه ف�صل هذا الرواق �إىل �أجزاء؟ وما احلكمة يف ذلك؟ قال: نعم ،وتلك �إحدى و�سائل مكافحة احلرائق ومنع انت�شارها من مكان �إىل �آخر. �أنهيت زيارتي للفندق و�شكرت م�ضيفي، وغادرت �أُح ِّدث نف�سي بكل ما ر�أيت ،و�سمعت م�رسورا ب�إعادة ت�شغيل هذا الفندق العظيم ً الذي يوفر الآالف من فر�ص العمل يف جمال الفندقة وال�سياحة وخدماتها. تقريبا ،ثم جاءين ات�صال من مرت �سنتان ً �صديق جاء �إىل املدينة يف زيارة ويقيم يف نف�س الفندق ،ف�أ�رصرت على دعوته للع�شاء، وحددت موع ًدا لأَ ُم َّر عليه بالفندق و�أ�صطحبه �إىل مطعم كنت �أعلم �أنه ُي َف ِّ�ضلُه ،و�صلت قبل موعدي ودخلت متمهلاً ملالقاة �صديقي، ف�إذا بذكريات زيارتي ال�سابقة تتداعى يف ذهني ،و�أنا �أرى حركة كثيفة تدل على ن�سبة عالية من الت�شغيل �رستني ،خا�صة �أن الزراعات الداخلية قد منت ب�شكل ملحوظ، أمر وزادت من روعة املكان وبهائه ،وبينما � ُّ من �أحد الأروقة ت�سمرت قدماي و�أ�صابتني �صدمة �شديدة؛ ماذا �أرى؟ �أمعقول هذا؟ ما هذا الأ�صي�ص البال�ستيكي ال�ضخم املو�ضوع مبا�رشة عند فا�صل منع انت�شار احلريق؟ من الذي و�ضعه هنا حتدي ًدا؟ وملاذا؟ وكيف؟
وع�رشات الأ�سئلة قفزت �إىل ر�أ�سي ك�شياطني من لهيب. ذهبت مبا�رشة �إىل موظفي اال�ستقبال �سائلاً عن م�ضيفي الذي �صحبني يف زيارة �إعادة االفتتاح ،ومن ح�سن امل�صادفة �أنه كان م�رسعا املدير املناوب يف تلك الليلة ،جاءين ً عندما �أبلغه موظف اال�ستقبال بوجودي رحب بي وبحالة االنزعاج التي ر�آين عليهاَّ ، ودعاين �إىل ع�صري بالبهو لأخربه باملو�ضوع، فا�ست�أذنته �أن ي�صحبني لأن لدي ارتباطً ا وال �أريد �أن �أت�أخر ،وعندما وقفنا �أمام ذلك الأ�صي�ص تبدل ل َْون وجهه ،وطلب العامل املخت�ص الذي جاء على عجل ،وعندما �س�أله �أجاب ب�أن هذه الزراعات ُو�ضعت منذ �أكرث من ت�سعة �أ�شهر ،و�أن �ألوانها قد اختريت بعناية لتبدو ك�أنها �آنية فخارية ولي�ست من البال�ستيك �رسيع اال�شتعال ،وكذلك النخيل املختار لها الذي ينمو �إىل ارتفاع حمدد �إىل ما قبل ال�سقف فقط ،بل �أخربنا ب�أن �إدارة الفندق قد قدمت ملن اقرتحوا ونفذوا مكاف�أة ت�شجيعية. ناظرا �إىل الأر�ض ،وطلب عندها �أطرق الرجل ً رفع مذكرة عاجلة باملو�ضوع �إىل الإدارة، التي �ش َّكلت جلنة -كما علمت� -أ�سفر عملها عن جمازاة البع�ض وتوجيه اللوم �إىل �آخرين، وكان منهم هذا الرجل الذي مل يلحظ ذلك اخلطر لأكرث من ت�سعة �أ�شهر. وعلى الع�شاء يف تلك الليلة قال يل �صديقي وهو زميل باحث وممار�س للإدارة -عندما ق�ص�صت عليه ما حدث :يا �صديقي� ،أمل ت�سمع ب�أن "معظم النار من م�ست�صغر ال�رشر"؟ كذلك ف�إن حدوث الكثري من الكوارث يف امل�ؤ�س�سات يكون ب�سبب �إجراءات وت�رصفات ت�صدر ممن تنظر �إليهم الإدارة على �أنهم من "�صغار الب�رش" ،فالعربة لي�ست يف و�ضع �أف�ضل النظم واخلربات وا�ستجالبها ،بل بع�ضا ،فاجلهل وي َعلِّم بع�ضنا ً يف �أن نتعلم ُ والرتاخي واال�ستعالء �آفات تنخر يف بدن امل�ؤ�س�سات والدول.