رئي�س جمل�س االدارة رئي�س التحرير فخري كرمي ملحق ثقايف ا�سبوعي ي�صدر عن جريدة املدى
m a n a r a t
العدد ()2034ال�سنة الثامنة -ال�سبت (� )5شباط 2011
شيخ إمام
�أغنية االحتجاج
2
العدد ()2034ال�سنة الثامنة -ال�سبت (� )5شباط 2011
العدد ()2034ال�سنة الثامنة -ال�سبت (� )5شباط 2011
3
ش�����ي�����خ إم�������������ام... ولد �إمام حممد �أحمد عي�سى يف 2متوز /يوليو 1918يف قرية �أبو النمر�س مبحافظة اجليزة ،لأ�سرة فقرية ،و كان �أول من يعي�ش لها من الذكور حيث مات منهم قبله �سبعة، ثم تاله �أخ و�أخت. �أ�صيب يف ال�سنة الأوىل من عمره بالرمد احلبيبي ،وفقد ب�صره ب�سبب اجلهل وا�ستعمال الو�صفات البلدية يف عالج عينه ،فق�ضى �إمام طفولته يف حفظ القر�آن الكرمي، وكانت له ذاكرة قوية.
كان والده يحلم �أن يكون ابنه �شيخ ًا كبري ًا، لكنه كان قا�سي ًا يف معاملته� ،أما والدته فكانت النبع الذى ارتوى منه �إمام باحلنان يف طفولته وعو�ضه فقد ب�صره ،وكانت معايرة الأطفال البنها بالعمى تدفعها للبكاء .كان �إمام يند�س يف موا�سم الأفراح واحلج ،و�سط احلرمي لي�سمع غناءهن و�أهازيجهم فن�ش�أ �صاحب �أذن مو�سيقية من �صغره. عرف �إمام طريقه للقاهرة ب�صحبة عمه، وفى �إحدى تلك الرحالت عندما كان �إمام يف ال�سابعة و�صلى يف م�سجد فا�ضل با�شا بدرب اجلماميز بال�سيدة زينب، و�أخذ ي�ستمع ل�سورة الكهف م�أخوذا ب�أداء املقرئ ،ثم ذهل عندما عرف �أنه �أعمى مثله، وزاد ذهوله عندما عرف �أنه مقرئ الإذاعة. وكان �أن �سلم عليه ذلك املقرئ حممد رفعت
وكلمه ومدح نباهته وتنب�أ له مب�ستقبل. وفى عام ،1929مل يكن �إمام قد �أكمل عامه الثاين ع�شر ،ا�صطحبه والده للقاهرة للدرا�سة باجلمعية ال�شرعية ال�سنية بحي الأزهر ،وكان لدى اجلمعية واعظ ومن�شد يحييان املنا�سبات ،وفى �أحد الأفراح اختري الطفل �إمام �ضمن فرقة الإن�شاد. التحق ال�شيخ �إمام باملركز الرئي�سي للجمعية ،وق�ضى بها � 4سنوات و�أمت حفظ القر�آن الكرمي ،فا�ستحق لقب «�شيخ» رغم �صغر �سنه ،وكان يقيم بها �إقامة دائمة ،والزم �إمام حب اال�ستماع لل�شيخ حممد رفعت ،وكان اال�ستماع للراديو من ممنوعات اجلمعية لكونه بدعة ،فما بالك لو كان ي�ستمع للقر�آن ،فقررت اجلمعية ف�صله بالإجماع. عندما �سمع �أبوه مبا حدث البنه من ف�صل
من اجلمعية بحث عنه فوجده يق�ضى نهاره يف احل�سني وليله يف الأزهر حيث كان ينام ،ف�أهانه و�ضربه وحذره من العودة لقريته مرة �أخرى نظر ًا للجرمية التى اقرتفها بت�سببه يف ف�صله من اجلمعية ،وبعدها مبا�شرة توفيت �أمه التى كانت �أعز ما لديه يف الدنيا ،ومل يتمكن من ت�شييعها ملثواها الأخري ،وبالفعل مل يعد لقريته �إال حني مات �أبوه. م�سريته املو�سيق ّية وفى �إحدى زياراته حلى الغورية قابل جمموعة من �أهايل قريته ف�أقام معهم وامتهن الإن�شاد وتالوة القر�آن الكرمي، وك�سائر �أحداث حياته التى �شكلتها ال�صدفة التقى ال�شيخ �إمام بال�شيخ دروي�ش احلريري �أحد كبار علماء املو�سيقى،
و�أعجب به ال�شيخ احلريري مبجرد �سماع �صوته ،وتوىل تعليمه املو�سيقى. ا�صطحب ال�شيخ احلريري تلميذه يف جل�سات الإن�شاد والطرب ،فذاع �صيته وتعرف على كبار املطربني واملقرئني، �أمثال زكريّا �أحمد وال�شيخ حممود �صبح، وبد�أت حياة ال�شيخ يف التح�سن. وفى منت�صف الثالثينيات كان ال�شيخ �إمام قد تعرف على ال�شيخ زكريا �أحمد عن طريق ال�شيخ دروي�ش احلريري، فلزمه وا�ستعان به ال�شيخ زكريا يف حفظ الأحلان اجلديدة واكت�شاف نقط ال�ضعف بها ،حيث كان زكريا �أحمد ملوال ،ال يحب احلفظ فا�ستمر معه �إمام طويال ،وكان يحفظ �أحلانه لأم كلثوم قبل �أن تغنيها، وكان �إمام يفاخر بهذا. حتى �إن �أحلان زكريا �أحمد لأم كلثوم بد�أت
تت�سرب للنا�س قبل �أن تغنيها �أم كلثوم، مثل «�أهل الهوى» و «�أنا يف انتظارك» و «�آه من لقاك يف �أول يوم» و «الأولة يف الغرام» ،فقرر ال�شيخ زكريا اال�ستغناء عن ال�شيخ �إمام. كان لهذه الواقعة �أثر يف حتويل دفة حياة ال�شيخ �إمام مرة �أخرى عندما قرر تعلم العزف على العود ،وبالفعل تعلم على يد كامل احلم�صاين ،وبد�أ ال�شيخ �إمام يفكر يف التلحني حتى �إنه �ألف كلمات وحلنها وبد�أ يبتعد عن قراءة القر�آن وحتول ملغن وا�ستبدل مالب�سه الأزهرية مبالب�س مدنية. اللقاء بني الثنائي �إمام وجنم وفى عام ،1962حدث اللقاء التاريخي بني ال�شيخ �إمام عي�سى و�أحمد ف�ؤاد جنم رفيق دربه ،ومت التعارف بني جنم وال�شيخ �إمام عن طريق زميل البن عم جنم كان جار ًا لل�شيخ �إمام ،فعر�ض على جنم الذهاب لل�شيخ �إمام والتعرف عليه ،وبالفعل ذهب جنم للقاء ال�شيخ �إمام و�أعجب كالهما بالآخر. وعندما �س�أل جنم �إمام ملاذا مل يلحن �أجابه ال�شيخ �إمام �أنه ال يجد كالما ي�شجعه، وبد�أت الثنائية بني ال�شيخ �إمام و�أحمد ف�ؤاد جنم وت�أ�س�ست �شركة دامت �سنوات طويلة. ذاع �صيت الثنائي جنم و�إمام والتف حولهما املثقفني وال�صحفيني خا�صة بعد �أغنية�« :أنا �أتوب عن حبك �أنا؟» ،ثم «ع�شق ال�صبايا» ،و»�ساعة الع�صاري»، وات�سعت ال�شركة ف�ضمت عازف الإيقاع حممد على ،فكان ثالث ثالثة كونوا فرقة للت�أليف والتلحني والغناء �ساهم فيها العديد مل تقت�صر على �أ�شعار جنم فغنت ملجموعة من �شعراء ع�صرها �أمثال :ف�ؤاد قاعود ،وجنيب �سرور ،وتوفيق زياد، وزين العابدين ف�ؤاد ،و�آدم فتحى ،وفرغلى العربى ،وغريهم. نك�سة يونيو والتحول النوعى يف �أعمال ال�شيخ �إمام كغريه من امل�صريني زلزلت هزمية يونيو � 1967إمام و�سادت نغمة ال�سخرية واالنهزامية بع�ض �أغانيها مثل« :احلمد لله خبطنا حتت بطاطنا -يا حملى رجعة ظباطنا من خط النار» ،و»يعي�ش �أهل بلدى وبينهم مفي�ش -تعارف يخلى التحالف يعي�ش» ،و»وقعت م اجلوع ومن الراحة البقرة ال�سمرا النطاحة» ،و�سرعان مااختفت هذه النغمة ال�ساخرة االنهزامية وحلت مكانها نغمة �أخرى مليئة بال�صحوة واالعتزاز مب�صر مثل «م�صر يا امة يا بهية يا ام طرحة وجالبية».انت�شرت ق�صائد جنم التى حلنها وغناها ال�شيخ �إمام كالنار يف اله�شيم داخل وخارج م�صر ،فكرث عليها الكالم واختلف حولها النا�س بني م�ؤيدين ومعار�ضني ،يف البداية ا�ستوعبت الدولة ال�شيخ وفرقته و�سمحت بتنظيم حفل يف نقابة ال�صحفيني وفتحت لهم �أبواب الإذاعة والتليفزيون. لكن �سرعان ما انقلب احلال بعد هجوم ال�شيخ �إمام يف �أغانيه على الأحكام التى برئت امل�سئولون عن هزمية ،1967فتم القب�ض عليه هو وجنم ليحاكما بتهمة تعاطي احل�شي�ش �سنة 1969ولكن القا�ضي �أطلق �سراحهما ،لكن الأمن ظل
http://www.almadapaper.com - E-mail: almada@almadapaper.com
يالحقهما وي�سجل �أغانيهم حتى حكم عليهما بال�سجن امل�ؤبد ليكون ال�شيخ �أول �سجني ب�سبب الغناء يف تاريخ الثقافة العربية. ق�ضى ال�شيخ �إمام وجنم الفرتة من هزمية يوليو حتى ن�صر �أكتوبر يتنقلوا من �سجن �إىل �آخر ومن معتقل �إىل �آخر ومن ق�ضية �إىل �أخرى ،حتى �أفرج عنهم بعد اغتيال الرئي�س الراحل �أنور ال�سادات. فى منت�صف الثمانينيات تلقى ال�شيخ �إمام دعوة من وزارة الثقافة الفرن�سية لإحياء بع�ض احلفالت يف فرن�سا ،فالقت حفالته �إقبا ًال جماهريي ًا كبري ًا ،وبد�أ يف ال�سفر يف جولة بالدول العربية والأوروبية لإقامة حفالت غنائية القت كلها جناحات عظيمة، وللأ�سف بد�أت اخلالفات يف هذه الفرتة تدب بني ثالثى الفرقة ال�شيخ �إمام وجنم وحممد على عازف الإيقاع مل تنته �إال قبل وفاة ال�شيخ �إمام بفرتة ق�صرية. وفاته وفى منت�صف الت�سعينات �آثر ال�شيخ �إمام الذى جاوز ال�سبعني العزلة واالعتكاف يف حجرته املتوا�ضعة بحي الغورية ومل يعد يظهر يف الكثري من املنا�سبات كال�سابق حتى رحل عن عاملنا يف هدوء يف يونيو من عام 1995تارك ًا وراءه �أعما ًال فنية �أ�شك �أن يجود التاريخ مبثلها مرة �أخرى. �أعم ـ ـ ـ ـ ــاله : رجعوا التالمذة -بقرة حاحا -االولة بلدي -ر�سالة �إىل احلدود -كالم عن الكالم اخلواجة الأمريكاين -اليويو -قيدوا�شمعة -املرجيحة� -صرب �أيوب� -شال الهوى ميكي -اجلدع جدع -غنوة لفل�سطني-يعي�ش �أهل بلدي -جيفارا مات -برولوج الربيع -كلب ال�ست -جوازة�أبوك -ال�سقامات� -ساتياجراها -فالريي جي�سكار دي�ستان ع املحطة -ال�شربة العجيبة -الفاعل-�شرم برم -مناعة �أرزاق� -صرب �أيوب يعي�ش �أهل بلدي -عبد املنعم ريا�ض-ال�شرك�سى -يا مرحرح� -سالم مربع للطالب حتية لأبطال الثانوية -فوازير -ال�صوت يعلو فوق �صوت -حال ويلال- احلاوي ورقة من ملف الق�ضية -جيفارا مات-نيك�سون جاء -نيك�سون -ال�شيخ �إمام حمكمة التوبة -فى الليل -بهية-الق�ضية -ال�سندباد -الطنبور -وعد احلر- �سالم للأر�ض الغربة -بكائية يناير� -أهيم �شو�أقا -ياعرب -كلمتني -الكلمة -بتكات -وهبت عمري �أبوح -الأديب -اجتمعوا الع�شاق� -شيدق�صورك -مرمر زماين -عط�شان� -أنا ال�شعب ما�شي � -إ�صحي يا م�صر� -إ ّزاي �أتوب -�أتوب عن حبك� -إذا ال�شم�س غرقت هما مني و احنا مني -يا ولدي -البحربي�ضحك ليه -يف ذكرى امليالد الع�شرين ال�شيخ عا�شور� -أهال باحلب -حنتوب-يا حبايبنا -عدى الهوى-هو�شي مينه ابن البلد -على الربابة -قاوم بال�صدرالعاري -الح بدر ال�سلم -يا ا�سكندرية ع�شق ال�صبايا -بلدي و حبيبتي -بريم-الفول و اللحمة -باحلم http://www.almadapaper.com - E-mail: almada@almadapaper.com
4
العدد ()2034ال�سنة الثامنة -ال�سبت (� )5شباط 2011
العدد ()2034ال�سنة الثامنة -ال�سبت (� )5شباط 2011
5
يف ال�سابع من حزيران يونيو �سنة ،1995رحل عن عاملنا ال�شيخ �إمام عي�سى بعد �أن لعب �أكرب الأثر يف ت�شكيل وجدان الآالف من �شباب احلركة الوطنية امل�صرية ،الذين دخلوا اجلامعة يف �سبعينيات القرن املا�ضي ،وذلك عرب اغانيه االحتجاجية والثورية تلك االغنيات التي اعتربه الكثريون م�ؤ�س�سها احلقيقي بعد ان �شهدت بع�ض ارها�صاتها مع �سيد دروي�ش .لقد �صادرت ثورة يوليو ال�صراع الطبقي بدعوى « حتالف قوي ال�شعب العامل» الذي اعتربته �صيغتها ال�سيا�سية الوحيدة ،ولكن حتت �ستار تلك ال�صيغة حدثت هزمية يونيو، واختفت الدميوقراطية وظهرت ا�شكال عديدة من الف�ساد ال�سيا�سي واالجتماعي ،وهو ما مهد الطريق امام ال�شيخ �إمام لي�ؤ�س�س الغنية االحتجاج االجتماعي .ولد ال�شيخ �إمام يف قرية �أبوالنمر�س مبحافظة اجليزة �سنة ،1918و�أ�صيب بالرمد وكف ب�صره نتيجة عالجه بالو�صفات البلدية التي ذهبت بب�صر طه ح�سني قبله بربع قرن .وراح ال�شيخ �إمام يرتدد علي الكتاب ويحفظ القر�آن الكرمي ،وهجر ا�سرته الفقرية والتي �ضاقت به فعا�ش حياة الت�شرد ينام الليل يف كنف �سيدنا احل�سني ونهارا يقر�أ القر�آن واملو�شحات يف امل�آمت واملنا�سبات اخلا�صة، ف�إن مل يجد ف�إنه ينال طعامه من خالل بع�ض ذوي الإح�سان �أو الذين ينذرون نذورا ملجاوري احل�سني.
ال�شيخ احلريري
ا ل ش ي خ إ م ا م م ؤ س س ا غ ن ية ا ال ح ت ج ا ج ا ال ج ت م ا ع ي http://www.almadapaper.com - E-mail: almada@almadapaper.com
ويف منت�صف الثالثينيات �أعجب به ال�شيخ دروي�ش احلريري فقدمه �إىل ال�شيخ زكريا �أحمد وحممود �صبح ،ومن خالل ه�ؤالء يعرف الطريق �إىل تعلم فنون الغناء ومقاماته وفنون العزف علي العود. ونظرا لذاكرته احلديدية فقد ا�ستعان به ال�شيخ زكريا �أحمد يف حفظ الأحلان التي تطلبها منه �أم كلثوم ،حتي عرف �أن بع�ض تلك الأحلان مثل «�أهل الهوى يا ليل» و»�أنا يف انتظارك» تت�سرب عن طريقه قبل �إذاعتها فطرده ،وعاد ال�شيخ �إمام �إىل حياة الت�شرد مرة ثانية ،غري �أنه قد �أمل بفنون الغناء والطرب وكون من العالقات ما مكنه من يح�صل من الرزق ما يقيم �أوده وي�سمح له با�ستئجار غرفة متوا�ضعة يف حارة «خو�ش قدم ـ �سلطان مملوكي من القرن 15ـ �أو حو�ش �آدم» بحي الغورية. و�سارت احلياة بال�شيخ �إمام عي�سى يقر�أ القر�آن يف امل�آمت ويغني يف املنا�سبات الدينية �أو اخلا�صة املو�شحات و�أغنيات �سيد دروي�ش وزكريا �أحمد وغريها طيلة عقدي اخلم�سينيات وال�ستينيات. ويف �سنة 1962وعن طريق «�سعد املوجي» وهو �أحد املثقفني �إلي�ساريني الكبار ،تعرف ال�شيخ �إمام �إىل ال�شاعر الكبري� ،أحمد ف�ؤاد جنم ،الذي كان خارجا لتوه من ال�سجن بعد �أن كتب يف الزجل «�صور من ال�سجن واحلياة» ،وهنا غنى ال�شيخ �إمام �أول �أغنية من �أحلانه وكلمات �أحمد ف�ؤاد جنم�« ،أنا �أتوب عن حبك �أنا ورغم �أن ال�شيخ �إمام كان على م�شارف اخلم�سني من عمره ،ف�إنه اقرتب من الفكر الي�ساري عن طريق العديد من مثقفي الي�سار الذين خرجوا من معتقالت
عبدالنا�صر يف منت�صف ال�ستينيات. ورغم ذلك ويف منت�صف ال�ستينيات عرف ال�شيخ �إمام طريقه �إىل الإذاعة ،حيث قدمه الكاتب الراحل رجاء النقا�ش يف برنامج «ن�صف �ساعة مع �أحلان ال�شيخ �إمام» راح الرجل يقدم فيه بع�ض �أحلانه االجتماعية وال�ساخرة. حتى وقعت الواقعة وحدثت هزمية يونيو ،1967فوجئ النا�س بال�شيخ �إمام يغني «احلمد لله خبطنا حتت بطاطنا يا حمال رجعة �ضباطنا من خط النار/ يا �أر�ض م�صر املحمية باحلرامية الفول كتري والطعمية والرب عمار» ،وكانت هذه الأغنيات تتجاوب ب�شدة مع املظاهرات الطالبية العارمة التي اجتاحت البالد رف�ضا لأحكام الطريان الهزيلة التي مل ت�شف غليل ال�شباب الذي فجعته الهزمية، ثم راح يغني «ناح النواح والنواحة على بقرة حاحا النطاحة/والبقرة حلوب، حتلب قنطار /لكن م�سلوب من �أهل الدار» ..وكتعبري عن اقرتابه من فكر الي�سار ،غنى يف مواجهة �صيغة حتالف قوي ال�شعب العامل «يعي�ش �أهل بلدي وبينهم ما في�ش/تعارف يخلي التحالف يعي�ش/تعي�ش كل طايفة من التانية خايفة وتنزل �ستاير بداير و�شي�ش/ لكن يف املوالد يا �شعب يا خالد بنتلم �صحبة ونهتف يعي�ش/يعي�ش �أهل بلدي». وهكذا عرف ال�شيخ �إمام واحمد ف�ؤاد جنم طريقهما �إىل ال�سجون واملعتقالت، ومل يخرجا منها �إال بعد موت عبدالنا�صر مع االنفراجة الدميقراطية التي حاول ال�سادات �أن ي�ؤكد بها اختالفه عن �سلفه الكبري. وا�ستمرت �أغاين ال�شيخ �إمام تتجاوب
مع الأماين الوطنية لتحرير الأر�ض. فهو يغني لعبدالودود املجند ال�صعيدي الراب�ض ع احلدود «عجولك و�أنت خابر كل اجل�ضية عاد/ول�سة دم خيك ما �شربا�ش الرتاب/ح�سك عينك تزحزح يدك عن الزناد..وان كنت واد �أبوك/جتبلي تار �أخوك/والأهل يبلغوك جميعا ال�سالم». كما غنى يف نف�س الوقت لأيقونة الثورة يف العامل « جيفارا مات »...ويف مطلع ال�سبعينيات عرف ال�شيخ �إمام طريقه �إىل جتمعات الطالب باجلامعة فراح يغني لهم «رجعوا التالمذة يا عم حمزة للجد تاين/يام�صر انتي اللي باقية وانتي قطف االماين» ويغني «�صباح اخلري على الورد اللي فتح يف جناين م�صر�/صباح العندليب ي�شدي باحلان ال�سبوع يام�صر/ �صباح الداية واللفة ور�ش امللح يف الزفة/ �صباح يطلع باعالمنا من اجلامعة لباب الن�صر» وهي كلها �أغاين متتلئ بالأمل والتفا�ؤل واحللم مب�ستقبل واعد .وجاءت �أجمل تلك الأغاين الرثية بالتفا�ؤل والأمل «بهية» وتقول «م�صر يا �أمه يا بهية يام طرحة وجالبية/الزمن �شاب وانتي �شابة هو رايح و�أنت جاية/جاية فوق ال�صعب ما�شية فات عليكي ليل ومية /واحتمالك هو هو /وابت�سامتك هي هي /ت�ضحكي لل�صبح ي�صبح بعد ليلة ومغربية/تطلع ال�شم�س تالقيكي معجبانية و�صبية يا بهية». وقد �ساهم يف ذيوع ا�سم و�أغاين ال�شيخ �إمام رغم معار�ضته للنظام ومنعه من الإعالم الر�سمي ،ظهور جهاز الت�سجيل (الكا�سيت) رخي�ص الثمن� ،سهل اال�ستعمال والنقل من مكان لآخر. وعاد ال�شيخ �إمام �إىل ارتياد املعتقالت ملدد
ق�صرية �أو طويلة ح�سب الظروف ،فراحت �أغانيه متتلئ بالتحري�ض والغ�ضب، «�شيد ق�صورك ع املزارع /من كدنا وعرق �أيدينا/اخلمارات جنب امل�صانع وال�سجن مطرح اجلنينة/و�أطلق كالبك يف ال�شوارع واقفل زنازينك علينا» وعندما منع من ال�سفر غنى« :ممنوع من ال�سفر/ممنوع من الكالم/ممنوع من الغنا/ممنوع من الكالم/ممنوع من اال�شتياق/ممنوع من اال�ستياء/وكل يوم ف حبك تزيد املمنوعات/وكل يوم باحبك اكرت من اللي فات» « .يام�صر قومي و�شدي احليل كل اللي تتمنيه عندي..يام�صر ل�سة عددنا كتري/الجتزعي من ب�أ�س الغري».
زعماء الطالب
وترددت �أ�سماء العديد من زعماء الطالب يف �أغنيات ال�شيخ �إمام .فقد غنى لأحمد عبدالله و�أحمد بهاء �شعبان و�شوقي الكردي وجالل جميعي و�سمري غطا�س و�أ�سامة برهان والراحلة �سهام �صربي، وغنى لزكي مراد املحامي النوبي الذي كان �سكرتريا للحزب ال�شيوعي امل�صري «يابلح ابرمي يا�سمارة �سواك الهوى يف الع�إىل هويت/على طمي النيل يا�سمارة/ و�شربت عكار ملا ا�ستكفيت/ب�س احلويت قوي يا�سمارة/لفيت ال�شارع واحلارة علي زي نقاوتك فني مالقيت»... كما انفعل بالأحداث اجلارية فغنى للبنان �إبان حمنة احلرب الأهلية وغنى لفل�سطني و�أ�شاد بقتلة و�صفي التل مدبر �أحداث �أيلول الأ�سود ،كما تغنى بهو ت�شي منه وب�سقوط �سايجون وغنى ل�سلفادور الليندي الذي قتلته املخابرات الأمريكية بعد �أن دبرت له انقالبا يف �شيلي.
وتهكم على توجه ال�سادات نحو الغرب فغني «�شرفت يانيك�سون بابا يا بتاع الوتر جيت/عملوا لك قيمة و�سيمة �سالطني الفول والزيت» وغنى «فالريي جي�سكار دي�ستان/وال�ست بتاعه كمان/ حيجيبوا الديب من ديله/وي�شبعوا كل جعان». غنى ال�شيخ �إمام ع�شرات الأغاين التي متتلئ وعيا وتوهجا ووطنية ،وكنا ن�صطحبه من حجرته يف حو�ش قدم، ونقتحم �أحد املدرجات الكبرية ب�إحدى الكليات حتى لو رف�ض عميدها ،وجنمع له بع�ض القرو�ش القليلة ك�أجر متوا�ضع، يقنع به ويقدر عليه الطالب الفقراء .وكان ال�شيخ �إمام ب�أغانيه املتوهجة عن�صرا �أ�سا�سيا �أ�شعل مظاهرات االنتفا�ضة ال�شعبية (يناير ،)1977حيث قدم للمحاكمة ،وو�ضعت الدولة بعدها احلر�س اجلامعي ملنع غري طالب املكان و�أ�ساتذته من الدخول .وهكذا حرم الطالب من تلك الطاقة اخلالقة ،وبعدها اقت�صر غناء ال�شيخ �إمام على بع�ض مقار الأحزاب وبع�ض احلفالت اخلا�صة .ويف منت�صف الثمانينيات عرف طريقه �إىل �إحياء الكثري من احلفالت يف الدول العربية والأجنبية وعا�ش يف �سعة ن�سبية من الرزق، باملقارنة مبعاناته التاريخية ،مكنته من احل�صول على �شقة �ضيقة يف نف�س املكان ـ حو�ش قدم ـ واختلف مع رفيق دربه �أحمد ف�ؤاد جنم ،ومات يف هدوء .ونعاه جميع حمبيه من كوادر وجماهري الي�سار امل�صري ،و�أقاموا له مب�سجد عمر مكرم م�أمتا يليق بفنان ال�شعب الذي انحاز للفقراء و�أثرى وجداننا ،و�شغل النا�س لربع قرن من الزمان ،ال�شيخ �إمام عي�سى.
http://www.almadapaper.com - E-mail: almada@almadapaper.com
6
العدد ()2034ال�سنة الثامنة -ال�سبت (� )5شباط 2011
العدد ()2034ال�سنة الثامنة -ال�سبت (� )5شباط 2011
أشعار الغناء السري ..أناشيد على أفواه الرافضين
7
الشيخ إمام واألغنية الشعبية التحريضية ان ال�صلة بني احلركة االجتماعية واحلركة الفنية �صلة طبيعية وعميقة ،وهذه ال�صلة حمتم عليها �أن تتحول اىل قوانني تبد�أ من احلاالت االجتماعية التي اختارتها ،فهي تتطابق مع الو�ضع احل�ضاري الذي يعي�شه جمتمع ما .ان اجلاذبية يف الفن ،هي بب�ساطة اختيار النجاح ،على �أن عظمة هذه اجلاذبية هي يف مكرها وطريقة �إخفائها لأ�سرارها ،وهي حتتاج اىل من يكت�شفها ،ان جميع الظاهرات الإن�سانية مرتبطة باحلركة االجتماعية يف قليل �أو كثري ،وامل�سافات ما بني تطور املجتمع وحركة الفن هي القيا�س احل�ضاري للدرجة املعرفية التي يتحدد عندها املجتمع ،ان النتاج الفني ظواهره و�أعماقه مم�سوك �أ�سا�س ًا مبدى ارتباطه باحل�صيلة النهائية للو�ضع االجتماعي .ان حالة القوى املنتجة يف الفن هي �سرية تف�ضي اىل نوعية ارتباطاتها االقت�صادية واالجتماعية وال�سيا�سية وال تدعو اىل الت�ضحية بالقيا�س اجلمايل للفن وتكري�س االهتمام للهدف وحده.
عادل الها�شمي
�سنقول ان الفن يف حقل املو�سيقى والغناء مهمته اجلوهرية ان يفرد حل�ضوره متعة فائقة ،لكن هذه املتعة اجلمالية ت�ستويف خ�صائ�صها احلقيقية عندما تعرب عن م�ضامني �شعبية ،اعني ان تلتقي مع هموم �أو�سع اجلماهري ،ان الفن املو�سيقي والغنائي هو بدقة ذلك الذي ي�شغل وظيفة اجتماعية وهو م�شارك يف قيادة العمل الثوري ،وهذه امل�شاركة ت�أخذ مالحمها اجلادة من خالل االحتفاء بالوقائع املثارة ومن خالل ال�سياق املركزي للتطور التاريخي ..ال نريد هواة للمو�سيقى والغناء ،بل نريد من ينحاز اىل هذا الفن باعتباره �صنف ًا من املعارف ال�صلبة عن الواقع و�أي�ض ًا جهاز ًا اجتماعي ًا وثاب ًا وواعي ًا يف خدمة الهدف العظيم وهو التغيري ال�شمويل ،وتفوق الفن الغنائي واملو�سيقي مرهون مبعرفة اختيار املوقف واملوقع مع ًا من خالل عملية التطور� ،إ�ضافة اىل تبلور �أ�شكاله يف التعبري والتقنية والأ�ساليب ،والنظرة الإيجابية اىل الفن ال ت�شجب انت�صاراته يف مراحله ال�سابقة، على وجه اخل�صو�ص تلك التي حتمل يف طياته قيمة اجتماعية �أ�صيلة. ظاهرة ال�شيخ �إمام يف م�صر هي �إحدى الظواهر الفنية امللفتة للنظر التي ت�ستدعي الوقوف عندها لإ�ضاءة الكثري من مالحمها اجلوهرية واالقرتاب من دقائق حركتها، لقد اختار ال�شيخ �إمام الغناء والتلحني منذ البداية باجتاه التعبري عن هموم الوطن والأمة ،وكتب الأ�شعار الزجلية http://www.almadapaper.com - E-mail: almada@almadapaper.com
رفيقه ال�شاعر �أحمد ف�ؤاد جنم الذي ارتبط بعالقة �إن�سانية متينة ،لقد �أجرى ال�شيخ �إمام تعدي ًال طفيف ًا واجه به عملية ت�أويل املحتوى الثقايف لفن الغناء وعلى نظرة الفنان للفن. هذا التعديل ال ينت�سب بال�ضرورة �إليه كلية� ،إمنا هو من معطيات التجربة الثقافية الإن�سانية الكربى ،هذا التعديل هو الفن يف خدمة الفقراء ،والفن هو ق�ضية ال هواية والفن معركة ولي�س جامع ًا للحاجات، ومهما يكن من �أمر فهذه املتطلبات �صعبة لكنها �ضرورية� ،إذا ما علمنا �أنها جاءت لتواجه واقع الفن يف م�صر� ،أن اجلوع والعوز واحلرمان وغياب احلرية و�سيادة الطبقات الطفيلية و�إهدار كرامة الوطن واملواطن والت�ضحية بالإجنازات ال�ضخمة للجماهري وت�شويه �أ�صالة الوجدان العربي مل�صر ،كلها �سل�سلة من اجلراحات مل ينبه �إليها الفن الر�سمي املدفوع بتح�صيل احلاجات الذاتية ومل ت�شغله الق�ضية، لكن ال�شيخ �إمام وال�شاعر �أحمد ف�ؤاد جنم يحمالن هموم وطنهما و�آالم �شعبهما يغم�سان حروف الرف�ض يف عذوبة و�صدق ي�ستقطران �أوجاع م�صر ،حيث ي�ستحيل الأ�سلوب عندهما اىل انحياز ال�شخ�صي اىل العام والفردي اىل اجلماعي. ال�شيخ �إمام كان يعي�ش يف حي «الغورية» واحد من �أ�شهر الأحياء ال�شعبية يف القاهرة ،ي�سكن يف غرفة علوية متوا�ضعة متام ًا ال ت�صلح ل�سكنى الآدميني ،فهي مظلمة و�ضيقة ومت�آكلة� ..شقوق حوائطها
ت�ؤرخ �صف ًا من ال�سنني الطويلة الغابرة، وال�شيخ يغني على عوده �أحلانه التي يتوىل �صياغتها بنف�سه ويركبها على كلمات ال�شاعر �أحمد ف�ؤاد جنم ،تلك التي تف�صح عن حب ال يتزعزع مل�صر وكرامتها وعزة �شعبها وت�ضحياتها اجل�سيمة ،ووقائع التاريخ ت�ؤكد انه يف عام -1968الفرتة النا�صرية -كانت �أغانيه و�أحلانه تذاع من �إذاعات القاهرة حتت عنوان (من �أحلان ال�شيخ �إمام) ،لكنها بعد ذلك منعت ولقد ترمنت ب�أحلانه حناجر معروفة مثل حممد ر�شدي وفايدة كامل وليلى نظمي وعدد من الأ�صوات الأخرى.
ماذا ميثل ال�شيخ �إمام
ابتداء ..فنحن نلم�س يف �أغاين ال�شيخ �إمام الروح االنتقالية الإيجابية� ،أنها تعطي االنطباع ب�أنها تعيد تنظيم احل�س ال�شعبي و�أعداده يف مواجهة واقع متهرئ فا�سد يرتع فيه الل�صو�ص والأوغاد و�أ�صحاب الأ�سماء �سيئة ال�صيت� ،أن فنه ال ي�ستعري �أ�شكاله ،بل هو يحر�ص على معاين الأ�شياء ين�سق توليفي من املالمح والتكوينات والأ�ساليب ،وهو �أي�ض ًا تكرار �إيجابي يف خلق لغة املواجهة االنتقالية التي ال ت�ساوم وال تتخاذل ،ان ال�شيخ �إمام يغني لغة يح�سها لواقع يومي بائ�س ،ال تعتمد على ت�أويل خربة فن الغناء مبادة غريبة عنه ،انه تو�صل على نحو نابه اىل �أن يجعل نف�سه جزء ًا من واقع ي�شم رائحته القبيحة وهو مطالب �ضمن ما ميلكه ان يعامل هذا الواقع
ال�شيخ �إمام كان يعي�ش يف حي «الغورية» واحد من �أ�شهر الأحياء ال�شعبية يف القاهرة ،ي�سكن يف غرفة علوية متوا�ضعة متام ًا ال ت�صلح ل�سكنى الآدميني ،فهي مظلمة و�ضيقة ومت�آكلة� ..شقوق حوائطها ت�ؤرخ �صف ًا من ال�سنني الطويلة الغابرة ،وال�شيخ يغني على عوده �أحلانه التي يتوىل �صياغتها بنف�سه ويركبها على كلمات ال�شاعر �أحمد ف�ؤاد جنم، تلك التي تف�صح عن حب ال يتزعزع مل�صر وكرامتها وعزة �شعبها وت�ضحياتها اجل�سيمة، ووقائع التاريخ ت�ؤكد انه يف عام -1968الفرتة النا�صرية -كانت �أغانيه و�أحلانه تذاع من �إذاعات القاهرة حتت عنوان (من �أحلان ال�شيخ �إمام) ،لكنها بعد ذلك منعت ولقد ترمنت ب�أحلانه حناجر معروفة مثل حممد ر�شدي وفايدة كامل وليلى نظمي وعدد من الأ�صوات الأخرى.
�أن �أية ردة اىل الرتاث يف �أغاين ال�شيخ �إمام تنبثق �أحيان ًا على نحو تلقائي يتحرك بطاقة احل�س اجلمايل ل�شخ�صية الفنان �إمام، �أن �أغنية ال�شيخ �إمام هي من نوع ال�سطر اللحني املفرد ،وهي عبارة عن �شكل حلني يكون فيه النمو املو�سيقي والإيقاعي �شيئ ًا واحداً. �أن مقدار االختالف البني بني املحاكاة ال�سطحية للرتاث وبني ما يعاد اكت�شافه ،هو الإح�سا�س باحلا�ضر ،هذا الإح�سا�س (الذي يقع عبئه على ال�شاعر �أحمد ف�ؤاد جنم) �شبحي العميق املتدفق ،اجلار هو الذي ير�سم يف �أغاين ال�شيخ �إمام �صورتها املميزة ويجعلها قريبة اىل قلوب الكثريين من ال�شباب والطلبة والعمال والفالحني والغالبية العظمى من جماهري ال�شعب امل�صري.
ب�أ�سلوب تفجريي ،هو جامع لإح�سا�س النا�س امل�ضطهدين املهانني املوجوعني من خالل حب يدعك يف �أعماقهم ذلك النبل غري املدن�س. هناك كر�ش خرايف ي�سرق اللقمات الطرية من الأفواه اجلائعة ،و�أعني به الطبقة الطفيلية للنظام يف م�صر� ..أن للوطن امتياز ًا عظيم ًا هو انه يعي�ش من اجل �أبنائه وان �أبنائه يعي�شون من اجله ،ولكن عندما يتحول الوطن ال مزرعة يحرثها الأبناء ويح�صدها الل�صو�ص فتلك ق�ضية حياة ت�صبح فيها الأبدان امله�ضومة قابلة لالحرتاق والعدم ،انه وحل يومي البد من �إزاحته بتلك ال�شرارات القاهرة من الن�شاط ال�شعبي العارم باجتاه تثبيت القيم وا�ستعادة احلقوق و�إجناز الواجبات على نحو يقلل من قيمة اخل�سائر الإن�سانية والفكرية لكل النا�س امل�سلوبة �إرادتهم. يقول ال�شيخ �إمام يف �إحدى �أغانيه التي كتبها ال�شاعر �أحمد ف�ؤاد جنم: خلق فا�ضية وعاملة قا�ضية وهي مو�ضع اتهام هالهيافة يف الكالم قول يا عم ال�شيخ �إمام بينما �شهدائنا ل�سه دمهم �أخ�ضر ول�سه جرحهم احمر ول�سه بيوجعونا لو ننام �أن ا�ستنتاج القيمة االجتماعية من هذه الأغنية هو الدعوة اىل مواجهة الواقع وتغيري واالن�صراف اىل كل من �ش�أنه
توطيد احل�شد الب�شري يف مواجهة ال�سراق ،حمنة الطن توفر كل الفيو�ض البدنية الع�صامية الدخارها والتمكن من ا�ستخدامها� ،أن ال�شيخ �إمام بعد ذلك كله ي�ضع م�ستقبل الوطن يف فم الأغنية ويحذر ويحث وينذر ويك�شف ويدين ،ان الكلمة للمظلومني عليهم ان يقولوها. ان �أغاين ال�شيخ �إمام ال تف�صح عن ثراء حلني بقدر ما هي خطابات عاجلة او من�شورات �سرية لكل الذين يهمهم م�ستقبل م�صر ،وعادة فاخلطابات العاجلة تكتب بطريقة تتنا�سب مع املوقف ،لذلك فهي تتحا�شى الزخرف اللحني وال�صياغات اجلمالية الباذخة� ،إمنا تتحدث مبا�شرة وعلى الفور ،هكذا هي �أغاين ال�شيخ �إمام مزيج ًا من التقاليد املوروثة ومن التجديدات ،كما هي حال الأحلان التي خلفها لنا �أ�ساطري امللحنني حممد عبد الوهاب وحممد الق�صبجي وفريد الأطر�ش وريا�ض ال�سنباطي وحممود ال�شريف وهو لي�س منتظر منه �أن يوا�صل ما انتهى �إليه املو�سيقيون الكبار وال يعمد اىل �صياغة جديدة ملو�سيقى امل�ستقبل وال يطوع اللغة املو�سيقية اىل ممرات جديدة من التعبري. �إمنا هو يفرغ لأداء الواجب الفني للواجب الذي يدعوه اىل مهمة جليلة ..نعني �إنقاذ الوطن و�إنقاذ املكت�سب وحت�شيد ال�ضائعني املجروحني وال�شقيانني واملحرومني، فه�ؤالء ال يخاطبهم من خالل �آالت اجلاز وال�سك�سفون واجليتار� ،إمنا يخاطبهم من خالل تعبري يتخلق يف �آلة العود ،فهي
الأقرب لهم والأنفذ اىل �أعماقهم ،و�آلة العود ال ت�ستطيع �أن ت�ستجيب اىل الت�صويرات النغمية الثقيلة وال�صعبة ،لذلك ف�أن �أغاين ال�شيخ �إمام تقدم لنا الأ�صالة ب�أجلى �صورها الأ�صالة يف الب�ساطة واحلذق والرتكيب املو�سيقي ،غري �أن هذه الأ�صالة التي يتميز بها فن ال�شيخ �إمام و�شعر �أحمد ف�ؤاد جنم ال يكون لهما معنى �إال من خالل
ق�ضية مت�س �أو�سع دائرة من اجلموع الب�شرية ..وال�شيخ �إمام يخلق لنا فن ًا جديد ًا� ،إال �أن هذا اجلديد لي�س يف الأ�شكال املو�سيقية التي ابتدعها من �سبقوه� ،إمنا اجلديد هو تلك املن�شورات التي يت�ضمنها فنه املحر�ض. ان ال�صياغة الفنية لهذه املن�شورات ال حتتال على القواعد التقليدية املو�سيقية،
فاملد والق�صر واالنتقاالت النغمية والوقفة اال�سرت�سال والقفلة الفنية املحكمة البناء، كلها عالمات لفن املن�شورات الغنائية لل�شيخ غمام ،وعليه ال ميكن اعتبار �إجنازات ال�شيخ غمام قيمة تظل خارج التاريخ احلي للمو�سيقى العربية ،لأنها ثرية بالهدف التاريخي على امل�ستوى الوطني وثرا�ؤها هذا ي�سمح لها بان تكون قاعدة ومنبع ًا
للإلهام ،ان املناخ اللحني الذي تن�شغل به الأغنية عند ال�شيخ �إمام هو احتفاظه الي�سري ال�سهل الب�سيط بالعن�صر الأممي وهذا يعني �أن �أغانيه ميكن لها �أن تنت�شر على نطاق وا�سع ،ولذلك ال ن�ستغرب �أبد ًا �إذا ما علمنا ان �أغاين ال�شيخ �إمام منت�شرة على ال�صعيد القومي العربي ،كذلك طبعت له �أكرث من �أ�سطوانة يف باري�س وعدد من العوا�صم الأوروبية ،ان �أحلانه ترمي اىل النزوح اىل ما هو تقليدي ،لكنها ال ترتبط مبا�ض توقف ت�أثريه. ٍ �أن �أية ردة اىل الرتاث يف �أغاين ال�شيخ �إمام تنبثق �أحيان ًا على نحو تلقائي يتحرك بطاقة احل�س اجلمايل ل�شخ�صية الفنان �إمام� ،أن �أغنية ال�شيخ �إمام هي من نوع ال�سطر اللحني املفرد ،وهي عبارة عن �شكل حلني يكون فيه النمو املو�سيقي والإيقاعي �شيئ ًا واحد ًا. �أن مقدار االختالف البني بني املحاكاة ال�سطحية للرتاث وبني ما يعاد اكت�شافه، هو الإح�سا�س باحلا�ضر ،هذا الإح�سا�س (الذي يقع عبئه على ال�شاعر �أحمد ف�ؤاد جنم) �شبحي العميق املتدفق ،اجلار هو الذي ير�سم يف �أغاين ال�شيخ �إمام �صورتها املميزة ويجعلها قريبة اىل قلوب الكثريين من ال�شباب والطلبة والعمال والفالحني والغالبية العظمى من جماهري ال�شعب امل�صري. �أن �صوت ال�شيخ �إمام من الأ�صوات التي تدخر �إح�سا�س ًا زاخر ًا باجلاذبية ،تلك التي تعطي للكلمة معناها وللحن مالحمه� ،أن �صوته عميق وم�ؤثر و�شبحي ت�ستقطر نرباته �أحزان م�صر و�أوجاعها يف طريقة رجولية حية غنائه ت�أثرات حقيقية ب�أداء �سيد دروي�ش ،ويف �صوته �أي�ض ًا تكمن طاقة رجولية حية تنزع اىل التعبري الأق�صى عن احلاالت الإن�سانية. �أن طريقة �أدائه جاءت لتغطي غناء يقلب ذلك الرتتيب الثابت يف الغناء التقليدي وليمزق ال�سطوح الناعمة التي تتغلف بها �أغنية -اليوم وهذا يك�شف �أي�ض ًا عن نربات التحديد والتحري�ض ،ولأن الأغنية عنده والدة ترتبط باحلياة والهدف ،لذلك فهو يغني حبه حياة ولأن حبه للحياة �صار حمرم ًا يف �شريعة الل�صو�ص فتحول هذا احلب اىل �أنا�شيد �سرية� ،أن يف �صوته وريد ًا للرف�ض نب�ض ب�صداح ال ينتك�س وال يخبو� ،أن �أوجاعه الروحية هي من �أوجاع �شعبه ،ف�أغنيه تواجه زواجر الل�صو�ص وتتحدى تخمة الكرو�ش� ،أن حنجرته امل�ؤدية تغني انطالقة احلياة ،حيث �ستنبثق والبد �أن تنبثق مرة �أخرى طاوية عذاباته وعذابات �شعبه املخبوءة والظاهرة، يقول ال�شيخ �إمام يف �إحدى �أغانيه التي كتبها ال�شاعر �أحمد ف�ؤاد جنم وهي ذائعة ال�صيت: يا م�صر ..يا �أمة ،يا بهية الزمن �شاب ..وانت �شابة هو رايح ..و�أنت جاية جاية فوق ال�صعب ما�شية فات عليكي ليل ومية وامتحانك هو هو وابت�سامتك هي هي ت�ضحكي لل�صبح ي�صبح بعد ليلة ومغربية تطلع ال�شم�س تالقيكي معجبانية و�صبية رحم اهلل ال�شيخ �إمام
http://www.almadapaper.com - E-mail: almada@almadapaper.com
الشيخ ..غنى أغاني ام كلثوم قبل وصولها اليها! با�سم عبد احلميد حمودي من قرية �أبو النمر�س يف حمافظة اجليزة (حيث ولد يف الثاين من متوز )1918اىل حي الغورية (حيث عا�ش ومات يف ال�سابع من حزيران )1995متتد رحلة عمر ال�شيخ �أمام حممد �أحمد عي�سى (وهذا هو ا�سمه الكامل) ومعظم ال�سبع وال�سبعني عاما كانت بحثا عن احلرية و�سط جو من االمل واحلزن واملزيد من اخليبات قد يكون ال�شيخ امام قد �سعد بلقائه االول مع احمد ف�ؤاد جنم الذي مت يف �صيف 1962النه وجد يف �شعرجنم ما ينا�سب حنجرته ووعيه للغناء اجلماهريي كفن ر�سايل ,يكتب وين�شد من اجل الطبقات امل�سحوقة من النا�س هذه ال�سعادة امل�ؤقتة التي جمعت احلنجرة الذهبية اخل�شنة بال�شعر �سبقتها �سنوات من االحزان . �أول هذه االحزان فقدانه لب�صره وهو يف ال�سنة االوىل من عمره و�سط رعاية م�شفقة من والدته التي فقدت �سبعة من االوالد والبنات قبل �أن حت�صل على (امام) الذي حاولت حمايته من جور ابيه وحماولته الدائبة اىل �صياغة(فقي) مهم يف قريته وجمتمعه العام يف البندر ويف املحافظة مل يتجاوز الثانية ع�شرة عندمادخل يف القاهرة ويف االزهر بالذات جمعية �شرعية للدرا�سة ,كا ن ذلك عام . 1929 ثاين الأحزان وا�شدها مرارة فقدانه لوالدته التي رحلت وهو بعد يدرج متلم�سا طريقه بني االداء القر�آين والغناء.التقى به �سيد مقرئي ع�صره ,ال�شيخ حممد رفعت واعجب ب�صوته وادائه .يف اجلمعية كان هناك من�شد يحتاج اىل كورال فاختري (امام) �ضمن جوقة املن�شدين ,وق�ضى �أمام �ضمن اجلوقة اربع �سنوات و�أمت حفظ القر�آن الكرمي ولقب بال�شيخ لذلك ,لكنه كان مراقبا من افراد اجلوقة االن�شادية ...كان يع�شق اداء ال�شيخ رفعت للقر�آن الكرمي وكان يت�سلل اىل مقهى جماورة للجمعية التي كان يقيم فيها لي�ستمع اىل اداء ال�شيخ رفعت عرب املذياع ,وكان �سماع الراديو حم ّرما يف اجلمعية ,بذلك ارتكب ال�صبي �أمام اثما كبريا فطرد من اجلمعية . تقطعت ال�سبل بال�شيخ امام لكنه كان يق�ضي نهاره يف حي احل�سني وليله يف اروقة االزهر دون �أن يجر�ؤ على العودة اىل (ابو النمر�س) خ�شية غ�ضب ابيه الذي و�صلته اخبار ولده فقدم من قريته ليتحقق فوجد ولده هائما يف حي احل�سني دون ان يتخرج يف مدار�س اجلمعية وي�صبح �شيخا حمرتما يفخر به ف�ضربه واهانه وطلب منه االيعود اىل قريته , بذلك ادرك ال�شيخ ان عليه �أن (يلقط رزقه) وحيدا فكان يجول وين�شد مع اجلوقات هنا وهناك كواحد من (ال�شواغيل) حتى التقى بافراد من ابناء قريته يف حي الغورية فعا�ش معهم ممتهنا االن�شاد حتى التقى ال�شيخ دروي�ش احلريري الذي توىل تعليمه بع�ض علوم املو�سيقى و�صار ي�صاحبه يف
جل�سات الغناء حيث تعرف من خاللها على كبار املطربني امثال ال�شيخ زكريا احمد وحممود �صبح . توطدت عالقته بال�شيخ زكريا الذي بد�أ باالعتماد عليه يف ق�ضية مهمة بالن�سبة له وهي ان يكون �أمام (حافظة) الحلانه اجلديدة ,اذ بقدر �سهو ال�شيخ زكريا ون�سيانه كان (امام) يتمتع بحافظة غريبة ,وكان ال�شيخ زكريا اليح�سن كتابة النوتة وال حفظ الن�ص فكان امام ذاكرة ممتازه له وكان ي�ستعيد حلنه مرارا من امام ويعدله حتى ي�ستقيم فيقدمه اىل ال�سيدة ام كلثوم التي تقوم باحلفظ واالداء املعجز امل�شهود. كان ال�شيخ امام يفخر انه حفظ وادّى ((�أهل الهوى)) و((�أنا يف �أنتظارك)) و((االوله يف الغرام)) و�سواها من احلان زكريا �أحمد التي تتميز بكرثة االنتقاالت اللحنية قبل ان تعود اىل اللحن اال�سا�س . �شيئا ف�شيئا بد�أ ال�شيخ امام يغني �أغاين �أم كلثوم يف حفالت خا�صة قبل �أن ت�صل اليها �أو يتكامل تدريبها على اللحن ,وما �أن علم زكريااحمد بذلك حتى طرد ال�شيخ امام من خدمته .هكذا خ�سر امام عمال لكنه ليح�سن من �شخ�صيته الفنية فتعلمه اهتم بتعلم العود ّ على يد كامل احلم�صاين ثم بد�أ باجراءات ن�صب يف خانة الت�أليف والتلحني متحوال اىل مغن وعازف وارتدى الزي املدين بدال من زي ال�شيخ . اوا�سط عام 1962حدث اللقاءالتاريخي بينه وبني رفيق دربه احمد ف�ؤاد جنم ليقدما االف�ضل يف االحلان واالداء ال�شعبي الذي ا�شتهرا به ل�سنوات خ�صو�صا ايام النك�سة وايام ال�سادات ,وكانت اغان مفجوعة بالذي ح�صل وكانت العالقة بني الطرفني ,ال�شاعر وامللحن املن�شد قد كلفتهما ال�سجن والت�شرد حتى اختلفا يف منت�صف الثمانينيات و�سار الدرب بينهما خمتلفا حتى رحل امام وقد ترك اثرا الميحى يف تاريخ االغنية اجلماهريية.
10
العدد ()2034ال�سنة الثامنة -ال�سبت (� )5شباط 2011
العدد ()2034ال�سنة الثامنة -ال�سبت (� )5شباط 2011
حترق اجلوع و الدموع و الهم نار ت�شتعل ملا القدم ين�ضم ....ملا االيادي تفور يف مل اللحم و اللحم متنتور يف رملة �سينا ....والكدب بيحجز على �أيادينا قدم العدو غار�سة يف حلم ترابي ... والكدب ع�ش�ش خمربين على بابي و املخربين خارجني كالب �سعرانة ... بيجمعوا الع�شاق يف الزنزانة ............... م�صر النهار يطلقنا يف امليادين ..م�صر البكا ..م�صر الغنا و الطني م�صر ال�شمو�س الهالة من الزنزانني ..هالة و طارحة بدمنا ب�سا تني م�صر اجلناين طرحة مني يقطفها ..م�صر اجلناين للي يرفع �سيفها مهما يطول ال�سجن مهما القهر ..مهما يزيد الفجر بال�سجانة مني اللي يقدر �ساعة يحب�س م�صر اذا ال�شم�س غرقت كلمات � :أحمد ف�ؤاد جنم �أحلان :ال�شيخ �إمام �إذا ال�شم�س غرقت يف بحر الغمام ومدت على الدنيا موجة ظالم ومات الب�صر يف العيون والب�صاير وغاب الطريق يف اخلطوط والدواير يا �ساير يا داير يا ابو املفهومية مفي�ش لك دليل غري عيون الكالم
جيفارا مات
ال��ش��ي��خ إم���ام وأح��م��د ف���ؤاد نجم فى عام ،1962حدث اللقاء التاريخي بني ال�شيخ �إمام عي�سى و�أحمد ف�ؤاد جنم رفيق دربه ،ومت التعارف بني جنم وال�شيخ �إمام عن طريق زميل البن عم جنم كان جار ًا لل�شيخ �إمام ،فعر�ض على جنم الذهاب لل�شيخ �إمام والتعرف عليه ،وبالفعل ذهب جنم للقاء ال�شيخ �إمام و�أعجب كالهما بالآخر. وعندما �س�أل جنم �إمام ملاذا مل يلحن �أجابه ال�شيخ �إمام �أنه ال يجد كالما ي�شجعه، وبد�أت الثنائية بني ال�شيخ �إمام و�أحمد ف�ؤاد جنم وت�أ�س�ست �شراكة دامت �سنوات طويلة. ذاع �صيت الثنائي جنم و�إمام والتف حولهما املثقفون وال�صحفيون خا�صة بعد �أغنية�« :أنا �أتوب عن حبك �أنا؟» ،ثم «ع�شق ال�صبايا» ،و"�ساعة الع�صاري"، وات�سعت ال�شركة ف�ضمت عازف الإيقاع حممد علي ،فكان ثالث ثالثة كونوا فرقة للت�أليف والتلحني والغناء �ساهم فيها العديد مل تقت�صر على �أ�شعار جنم فغنت ملجموعة من �شعراء ع�صرها �أمثال :ف�ؤاد قاعود ،وجنيب �سرور ،و توفيق زياد، وزين العابدين ف�ؤاد ،و�آدم فتحي ،وفرغلي العربي ،وغريهم.
البحر بي�ضحك ليه كلمات� :أحمد ف�ؤاد جنم
�أحلان :ال�شيخ �إمام ----------------البحر بي�ضحك ليه وانا نازلة اتدلع امال القلل البحر غ�ضبان ما بي�ضحك�ش �أ�صل احلكاية ما ت�ضحكــ�ش البحر جرحه ما بيدبل�ش وجرحنا وال عمره دبل *** م�ساكني بن�ضحك من البلوة زي الديوك والروح حلوة �سارقاها من ال�س ـ ــكني حموة و ل�سه جوا القلب �أمل *** قللنا ف ــخارها قناوي بتقول حكاوي و غــناوي يا قلة الذل �أنا ناوي ما ا�شرب و لو يف املية ع�سل *** ي ــاما ملينا وملينا لغرينا وعطـ ــ�شنا �ساقينا �صابرين وبحر ما يروينا �شايلني بدال العلة علل *** يف بايل ياما وعلى بايل واللي بيع�شق ما يبايل ما يهمني�ش من عزايل يا حلوة لو مر�سايل و�صل ***
http://www.almadapaper.com - E-mail: almada@almadapaper.com
ذاع �صيت الثنائي جنم و�إمام والتف حولهما املثقفون وال�صحفيون خا�صة بعد �أغنية�« :أنا �أتوب عن حبك �أنا؟» ،ثم «ع�شق ال�صبايا»، و»�ساعة الع�صاري» ،وات�سعت ال�شركة ف�ضمت عازف الإيقاع حممد علي ،فكان ثالث ثالثة كونوا فرقة للت�أليف والتلحني والغناء �ساهم فيها العديد مل تقت�صر على �أ�شعار جنم فغنت ملجموعة من �شعراء ع�صرها �أمثال :ف�ؤاد قاعود، وجنيب �سرور ،و توفيق زياد، وزين العابدين ف�ؤاد ،و�آدم فتحي، وفرغلي العربي ،وغريهم.
بيني وبينك �ســور ورا �سور وانا ال مارد وال ع�صفور يف �إيدي عود قوال وج�سور و�صبحت انا يف الع�شق مثل
عط�شان يا �صبايا
كلمات� :أحمد ف�ؤاد جنم �أحلان :ال�شيخ �إمام ----------------عط�شان يا �صبايا وانا عا�شق ..ع ال�سبيل عط�شان وامليه ف بلدي على عك�س ما يجري النيل والنخل العايل مطاطي واجلذع الواطي دليل والريح العاك�س كاب�س والريح العاطي بخيل والن�سمه اتعكر لونها من هم النا�س يا خليل عط�شان والنيل يف بلدنا والزرع اخ�ضر وجميل وانا كنت امبارح خايل واليوم دا �صبحت عليل عط�شان ودوايا حبيبي ي�سقيني الع�شق دليل ودليل احلب ..عمايل وكالم احلب قليل وانا كل ما �أقول التوبه تغويني ..املواويل تطرح يف القلب جناين تفق�س فيها الزغاليل ع�شاق يا حمام الغيه وال في�ش قدامنا بديل
�سكه وحم�سوبه علينا من�شيها جيل ورا جيل ع ال�شوك نفرد خطاوينا يف الليل ت�ضوي القناديل حوالينا قلوب حبابه ومعانا العقل دليل وال�شم�س ت�صب �صبابه واملنبع نهر النيل وان الموا علينا يلوموا ما لهم�ش علينا �سبيل ما هو �شوك الع�شق مالمه وال�شوك يف الورد �أ�صيل ودوين ع ال�سبيل ودوين ع ال�سبيل
اجتمعو الع�شاق
كلمات� :أحمد ف�ؤاد جنم �أحلان :ال�شيخ �إمام ---------------اجتمعوا الع�شاق يف �سجن القلعة ... اجتمعوا الع�شاق يف باب اخللق و ال�شم�س غنوة من الزنازن طالعة .. وم�صر غنوة مفرعة يف احللق جتمعوا الع�شاق بالزنزانة ....مهما يطول ال�سجن مهما القهر مهما يزيد الفجر بال�سجانة ..مني اللي يقدر �ساعة يحب�س م�صر ............... جتمعوا و الع�شق نار يف الدم .....نار
كلمات� :أحمد ف�ؤاد جنم �أحلان :ال�شيخ �إمام ---------------جيفارا مات �آخر خرب يف الراديوهات ويف الكناي�س واجلوامع ويف احلواري وال�شوارع وع القهاوي وع البارات جيفارا مات ..جيفارا مات وامت ّد حبل الدرد�شة والتعليقات مات املنا�ضل املثال يا ميت خ�سارة ع الرجال مات اجلدع فوق مدفعه جوّ ا الغابات ج�سد ن�ضاله مب�صرعه ومن �سكات ّ ال طبالني يفرقعوا وال �إعالنات ما ر�أيكم دام عزكم يا �أنتيكات يا غرقانني يف امل�أكوالت وامللبو�سات يا دفيانني ومو ّلعني الدفايات يا حمفلطني يا ملمعني يا جيم�سينات يا بتوع ن�ضال �آخر زمن يف العوامات ما ر�أيكم دام عزكم ..جيفارا مات ال طنطنة وال �شن�شنة و�إعالنات وا�ستعالمات عيني عليه �ساعة الق�ضا من غري رفاق تودعه يطلع �أنينه يزعق وال مني ي�سمعه ميكن �صرخ من الأمل من ل�سعة النار يف احل�شا ميكن �ضحك �أو ابت�سم �أو ارتع�ش �أو انت�شى ميكن لفظ �آخر نف�س كلمة وداع لأجل اجلياع ميكن و�صية للي حا�ضنني الق�ضية يف ال�صراع �صور كثري م ّلو اخليال و�ألف مليون احتمال لكن �أكيد وال جدال جيفارا مات موتة رجال
م�صر يامة يا بهية كلمات� :أحمد ف�ؤاد جنم �أحلان :ال�شيخ �إمام
-----------------ي�سبق كالمنا �سالمنا يطوف ع ال�سامعني معنا ع�صفور حمندق يزقزق كالم موزون و له معنى عن االر�ض �سمرا و قمرا و �ضفه و نهر و مراكب و رفاق م�سرية ع�سرية و �صورة ح�شد و مواكب ف عيون �صبية بهية عليها الكلمة و املعنى ***
م�صر يا امّة يا بهية يام طرحة و جالبية الزمن �شاب و انتي �شابة هو رايح و انتي جاية جايه فوق ال�صعب ما�شية فات عليكي ليل و مية ()100 و احتمالك هو هو و ابت�سامتك هي هي ت�ضحكي لل�صبح ي�صبح بعد ليلة و مغربية تطلع ال�شم�س تالقيكي معجبانية و �صبية يا بهية
الليل جزاير جزاير ميد البحر يفنيها والفجر �شعلة ح تعال وعمر املوج ما يطويها وال�شط باين مداين عليها ال�شم�س طوافة ايدك يف ايدنا �ساعدنا دي مهما املوجة تتعافى بالعزم �ساعة جماعة و بالأن�صاف نخطيها *** م�صر يا امّة يا �سفينة
11 مهما كان البحر عاتي فالحينيك مالحينيك يزعقوا للريح يواتي اللي ع الدفة �صنايعي و اللي ع املجداف زناتي و اللي فوق ال�صاري كا�شف كل ما�ضي و كل �آتي عقدتني و التالته تابتة تركبي املوجة العفية تو�صلي بر ال�سالمة معجبانية و �صبية ..يا بهية *** و يعود كالمنا يف �سالمنا يطوف ع ال�صحبة حلواين ع�صفور حمني يغني على الأفراح ومن تاين يرمي الغناوي تقاوي تبو�س الأر�ض تتحنى تفرح و تطرح و ت�سرح و ترجع تاين تتغنى اللي بنى م�صر كان يف الأ�صل حلواين
�ش ّيد ق�صورك
كلمات� :أحمد ف�ؤاد جنم �أحلان :ال�شيخ �إمام ---------------�شيد ق�صورك ع املزارع من كدنا وعمل �إيدينا اخلمارات جنب امل�صانع وال�سجن مطرح اجلنينة واطلق كالبك يف ال�شوارع واقفل زنازينك علينا ّ وقل نومنا يف امل�ضاجع �أدي احنا مننا ما ا�شتهينا واتقل علينا باملواجع احنا اتوجعنا واكتفينا وعرفنا مني �سبب جراحنا وعرفنا روحنا والتقينا عمال وفالحني وطلبة دقت �ساعتنا وابتدينا ن�سلك طريق مالوه�ش راجع والن�صر ق ّرب من عنينا الن�صر �أقرب من �إدينا
يا فل�سطينية
كلمات� :أحمد ف�ؤاد جنم �أحلان :ال�شيخ �إمام ---------------يا فل�سطينية و البندقاين رماكو .. بال�صهيونية تقتل حمامكو ِف حماكو يا فل�سطينية و �أنا بدي �أ�سافر حداكو ناري ب�إيديا و �إيديا تنزل معاكو على را�س احلية و متوت �شريعة هوالكو ............ يا فل�سطينية و الغربة طالت كفايا و ال�صحرا �أ ّنت من الالجئني و ال�ضحايا ال�سقايا و االر�ض ح ّنت للفالحني و ِ الثورة غاية و الن�صر �أول خطاكو ........ هي االكيدة يا فل�سطينية و الثورة َّ بالبندقية نفر�ض حياتنا اجلديدة و ال�سكة مهما طالت و بانت بعيدة مد اخلطاوي هو اللي ي�سعف معاكو ......... يا فل�سطينية فيتنام عليكو الب�شارة بالن�صر طالعة من حتت مية �ألف غارة و ال�شمعة والعة و االمر كان باخل�سارة راجعني حيارى عقبال ما يح�صل حداكو امتني ماكون�ش طولت عليكم يف املو�ضوع و �أمتني منكم ت�سعو االغاين و تتعرفو علي فن ال�شيخ امام لأنه فعال ي�ستحق دا تراث ال ميوت �أبدا الله يرحم ال�شخ امام و يعيد علينا 100 �شيخ امام مثله http://www.almadapaper.com - E-mail: almada@almadapaper.com
12
العدد ()2034ال�سنة الثامنة -ال�سبت (� )5شباط 2011
العدد ()2034ال�سنة الثامنة -ال�سبت (� )5شباط 2011
13
لوحده على ان يحمل هذه امل�س�ؤولية االحتجاجية لوحده دون وجود ال�سياق الثقايف وال�سيا�سي الباعث على تفجري مكنوناتها التعبريية اوال ،والتعاطي معها كموقف �سيا�سي او ايديولوجي او حتى نف�سي من ظروف قاهرة ثانيا .ولعل اللقاء الذي جمع ال�شيخ امام مع احمد ف�ؤاد النجم وعازف االيقاع حممد علي ميثل البداية الفنية احلقيقية ل�صناعة(ن�سق فني جديد) مقابل �صناعة الظاهرة املفارقة يف االثر االجتماعي لتاريخ االغنية ال�سيا�سية العربية ،تلك التي الم�ست وجدان النا�س وا�سئلتهم الفاجعة ،وعبرّ ت عن نب�ض احزانهم واحتجاجاتهم و�سط عامل ميور باحا�سي�س اخلذالن والهزمية.
مصر البهية ..تستعيد اغاني االحتجاج والحلم علي ح�سن الفواز ذاكرة االغنية ال�سيا�سية ذاكرة احتجاجية بامتياز ،وذاكرة حاملة يف الآن ذاته ،الن هذه االغنية اذ تخت�صر االحتجاج واحللم، فانها ت�صطنع لهما عرب وظيفة ال�صوت دورا اكرث ثورية واكرث تلم�سا يف هوية هذه االغنية وطبيعة خطابها ور�سالتها اىل اجلمهور امل�ستهدف .واح�سب ان ذاكرة االغنية ال�سيا�سية العربية قد حملت هذا التو�صيف يف مراحل مت�أخرة ،ب�سبب طبيعة املزاج الثقايف/الفني ال�سائد وهيمنة
االغنية التقليدية ،وب�سبب الظروف املو�ضوعية التي ترتبط بها امناط الثقافات االحتجاجية ومرجعيات خطابها ال�سيا�سي وااليديولوجي ،اذ ان النمطية التقليدية للغناء ال�سيا�سي كان حم�صورا بني الغناء الوطني احلما�سي الذي ي�ؤدي دورا يتنا�سب وطبيعة االخطار التي تهدد االمة/ الدولة ،وبني اغاين املونولوج والتي كان ي�ؤديها مطربون حمدودون والذي كان �شائعا يف العراق وم�صر ب�شكل خا�ص،
http://www.almadapaper.com - E-mail: almada@almadapaper.com
القرتانها بامناط ثقافية/فنية و�سيا�سية معينة ،مع وجود العديد من ال�شعراء وكتاب الزجل ال�شعبي الذين كانوا يكتبون هذه االغاين احلاملة لر�سائل اجتماعية ونف�سية فيها الكثري من مظاهر االحتجاج وال�سخرية. اغاين ال�شيخ امام ظاهرة �صوتية وثقافية ا�ستثنائية يف تاريخ هذه االغنية وحتوالتها ،اذ ارتبطت هذه االغاين بخ�صو�صيتها اللحنية االيقاعية املحدودة،
ف�ضال عن اقرتانها باجتاهات �سيا�سية معينة ،وحمموالت �س�سيوثقافية تعرب عن العمق االن�ساين للنا�س(اللي حتت) كماي�سميهم نعمان عا�شور ،والتي تعرب باالف�صاح عن ظروف قاهرة له�ؤالء النا�س، مثلما تتطلب الكثري من املواقف التي المتلك النخب ال�سيا�سية والثقافية ا ّال الهروب اىل ف�ضاءاتها االحتجاجية .والاح�سب ان ال�شيخ امام ذا اال�صول االزهرية-رغم مترده عليها يف مرحلة الحقة -ميلك القدرة
ال�شيخ امام...غناء االحالم االوىل ال�شيخ امام حممد عي�سى االزهري يف مرجعياته والذي مار�س احالمه االوىل �شغوفا ب�سماع �صوت ال�شيخ حممد رفعت مرتال وباعثا يف نف�سه بهجة غام�ضة، رمبا هي التي قادته للدر�س يف اجلمعية ال�شرعية يف االزهر ،وهي التي قادته يف مرحلة الحقة للتمرد على �سلطتها والذهاب باجتاه ا�ستعادة احالمه القدمية. تع ّرفه على ال�شيخ دروي�ش احلريري العارف با�صول الغناء واالن�شاد واملقامات والعزف ،هو الذي قاده للتعرف على عوامل الغناء واملو�سيقى يف ان�شاد املوالد وامل�شاركة يف التخوت ال�شرقية وجماالتها الوا�سعة انذاك ،اذ كان ال�شيخ احلريري قريبا من ا�ساطني الغناء انذاك ،ابو العال حممد ،ال�شيخ زكريا احمد ،وال�شيخ حممود �صبح وغريهم ،وهذا ما دفعه ملالزمتهم والتتلمذ على ايديهم ،خا�صة ال�شيخ زكريا احمد الذي وجد يف نبوغه يف احلفظ موهبة ا�ستثنائية ،فكان يرافقه يف لياليه احلافلة باملو�سيقى ،ويح�ضر اوقاته التلحينية ،مبافيها احلانه ل(ام كلثوم) اذ كان يحفظ جميع هذه االحلان ويرددها كثريا يف املنا�سبات .وال�شك ان ت�أثري هذه النزعة اللحنية مبقاماتها املعروفة ذات النزعة التطريبية كان كبريا على ح�سا�سيته الغنائية ،وعلى تطوير قابليته التي اخذت تتفجر دون �ضابط او توجيه ،خا�صة وانه كان يختزن يف ذاته املت�أججة �صراعا غريبا بني نزعته للتجديد ،وبني منطية ثقافته الدينية واالجتماعية املحافظة ،والذي انعك�س على �شخ�صيته العائمة والقلقة و�سط ف�ضاءات املو�سيقى العربية التي بدت مفتوحة على امناط جتديدية يف التطريب والغناء واملو�سيقى ،وعلى ايدي مو�سيقيني كبار امثال حممد عبد الوهاب وريا�ض الق�صبجي وحممد املوجي وبليغ حمدي وغريهم. ال�شيخ و�صدمة االكت�شاف ال�شيخ احلامل ب�سحر الغناء وجمالية ا�صواته الباذخة ظل مهوو�سا باغواء تلك االحالم التي تطارده يف رحالته القا�سية وعند �شظف عي�شه الذي يعانيه ،فهو مل يجد ما يهب روحه اللجوجة والقلقة اطمئنانها، حتى بدا وك�أن هذا القلق هو �سر ابداعه الغريب الذي قاده للتع ّرف على ال�شاعر احمد ف�ؤاد النجم عام ،1962لي�شكال معا ظاهرة غنائية(�صوتية و�شعرية)الم�ست وجع املاليني يف م�صر والبلدان العربية ،اذ ا�ست�شرفت اغانيهم روح التمرد واالحتجاج العميقة ال�سكنى يف الذات العربية املك�شوفة على فوبيا اخليبات واالغرتابات واملراثي. وليعي�شا يوميات االن�شداد اىل فخاخ االحالم العربية التواقة للحرية والكرامة، خا�صة ايام حكم جمال عبد النا�صر الذي كان مثاال للنموذج التقليدي ل�صورة البطل القومي الذي تنعك�س كارزما �شخ�صيته على اجلموع التي تبدو منفعلة ب�سحر هذه البطولة .انهيار هذا النموذج مابعد هزمية
1967وما�أحدثه من زلزال كبري يف كينونة هذه ال�شخ�صية ،تبدى وك�أنه اكرث ال�صدمات التي هزت يوميات احلياة العربية �سيا�سيا وثقافيا واجتماعيا ،خا�صة ما انعك�س منها بعد انهيار �سايكولوجيا البطولة التاريخية التي كانت متثلها اوهام(البطل القومي)، وبدء مرحلة مراثي موت هذا البطل بكل ما ي�شوبها من روح غامرة باملرارة وال�سخرية .مثلما كان من اكرث التحوالت العا�صفة يف حياة ال�شيخ امام واحمد ف�ؤاد النجم ،فهما خرجا بيافطة الق�صيدة والغناء لالحتجاج العلني على الهزمية ،النها لي�ست هزمية ع�سكرية باملعنى املهني ،بقدر ماهي هزمية تاريخية ونف�سية وثقافية ،والتي انخرط يف غمارها ال�شيخ امام �صوتا عاليا مليئا بالوجع وال�سخرية ،ف�ضال عن متثله للكثري من احالم الب�سطاء الذين كانوا قد و�ضعوا ثقتهم برمزية(ابطالهم ال�سيا�سيني والع�سكريني) والذين خيبوا هذه االحالم وتركوهم مك�شوفني مل�شاعر الهزمية النف�سية املرعبة، احلمد لله خبطنا بطاطنا ياحمله رجعة �ضباطنا من خط النار يعي�ش اهل بلدي وبينهم مفي�ش تعارف يخلي التحالف يعي�ش وقعت من اجلوع ومن الراحة البقرة ال�سمرا النطاحة كلمات هذه االغنية التي كتبها احمد ف�ؤاد النجم وغ ّناها ال�شيخ امام تعك�س مرارة االح�سا�س بالهزمية ،وخذالن الرمز، و�سخرية االن�سان من هذا الوجع الوطني الذي حتول اىل انهيار ا�صاب البالد والعباد .مثلما حتمل نبوءة ك�شف ملراحل الحقة �شاعت فيها مظاهر الف�ساد ال�سيا�سي واالقت�صادي والتي عربّت عن طبيعة اختالل التوازن يف املعي�ش ،وعن ازمة احلياة امل�صرية ان�سانيا ومعي�شيا التي تعاين هيمنة(القطط ال�سمان)كمات�سميها ادبيات املعار�ضة امل�صرية ،والتي تكررت �صورها الالذعة يف اغنيته امل�شهورة(اهل م�صر املحمية) يا�أهل م�صر املحمية باحلرامية الفول كثري والطعمية والرب عمار والق�شة معدن واهي ما�شيه اخر ا�شيا
مادام حبابة واحلا�شية بكرو�ش اكثار. هذه الق�صيدة التي غناها ال�شيخ امام وغريها من الق�صائد االخرى امثال(ياعرب، نيك�سون ،كلب ال�ست ،احنا مني ،دور ياكالم ،بوتيكات ،اناديكم ،ياخواجة ويكا ،بقرة حاحا وغريها) اعطت لظاهرة ال�شيخ امام واحمد ف�ؤاد النجم ح�ضورا اكرث حتديا وا�شهارا يف مواجهة العديد من الظواهر ال�سيا�سية واالجتماعية واالقت�صادية التي بد�أت تقرتن بهموم النا�س(الغالبة) الذين يبحثون عن عامل اكرث �أمنا وا�شباعا ،مثلما يبحثون عن وجه م�صر االخر ،الوجه الذي عا�شوا لياليه مع رومان�سيات الغناء اال�صيل ،وتاريخ ال�سينما امل�صرية ،خا�صة يف مرحلتها الواقعية والرومان�سية ومناذج ابطالها املعروفني ،وطراوة الغناء البليل الذي كر�س رومان�سيته الثانية اجيال جديدة من املطربني بدءا من عبداحلليم حافظ وحممد قنديل وكارم حممود وماهر العطار وحمرم ف�ؤاد وجناة ال�صغرية وغريهم ،والتي و�ضعت هذا الثنائي امام مرحلة جديدة جتاوزا فيها االحتجاج ال�سلبي اىل نوع من الوعي اجلديد ملواجهة الروح االنهزامية واظهار امل�شاعر الوطنية الب�سيطة. **االغنية امللتزمة** تقرتن مالمح هذه االغنية اجلديدة(االغنية امللتزمة) مع بروز ظاهرة الوعي االجتماعي ب�ضرورة االلتزام مبعناه االخالقي ومعناه ال�سيا�سي وحتى مبعناه االيديولوجي ،والذي و�ضع دور الثنائي ال�شيخ امام واحمد ف�ؤاد النجم امام تو�صيف اخر انطلق من طبيعة التغيري الذي ا�ستدعى النظر اىل املغايرة يف تو�صيف مواقف النخبة الثقافية ازاء م�س�ؤولياتها يف مواجهة ازمات ال�سلطة وا�ستبدادها ال�سيا�سي واالمني وخنقها للحريات ،وازمة ا�ست�شراء مظاهر الف�ساد بكل م�ستوياته ،مقابل ا�ست�شراء مظاهر الفقر واحلرمان والع�شوائيات يف املدن امل�صرية ،ف�ضال عن ا�ست�شراء م�شاعر االحباط والي�أ�س ،والتي باتت ت�ستدعي ر�ؤية اخرى تنطلق من وعي املواجهة ،والت�صدي ال�ستحقاقاتها الثقافية وال�سيا�سية ،والعمل على توظيف االغنية ال�سيا�سية امللتزمة يف اثراء اخلطاب
الثقايف ،خا�صة وان تاريخ االغنية امل�صرية هو جزء من تاريخ املجتمع امل�صري وحتوالته االجتماعية وال�سيا�سية ،وكان �شاهدا على الكثري من ظواهرها ال�سيا�سية بدءا من عبده احلمويل و�سيد دروي�ش و�صوال اىل ظاهرة ال�شيخ امام. اغنية(م�صر يامه يابهية)كانت النموذج الواعي الذي جت�سدت فيه هذه النقلة اال�سلوبية والتطريبة ،وكذلك جتليات املعنى الثقايف واالن�ساين لالغنية ال�سيا�سية امللتزمة ،والتي اثارت جدال حول دورها يف التعبري عن ر�ؤى ومعطيات جديدة ،وعن مواقف اكرث جدّة ت�ضع املثقف امل�صري يف �صلب احلراك والن�ضال االجتماعي وال�سيا�سي ،وت�ضع ر�ؤيته ملفهوم االحتجاج االجتماعي يف �سياق تتفاعل فيه الر�ؤى ال�سيا�سية مع املنظور االيديولوجي خا�صة ماكان يطرحه الي�سار
التغريات العا�صفة يف جتربة ال�شيخ امام الغنائية ،حتولت اىل تغايرات قارة انعك�ست على ظاهرة االغنية ّ العربية ،اذا ا�ضحت ظاهرة �شعبية و�سيا�سية باملعنى االن�ساين لهذه الظاهرة ،وخ�ضعت يف هذا ال�سياق اىل منظور جتاوز ح�سا�سية التعريف الفني اخلال�ص ،باجتاه تعريف ي�ضع االغنية كفعالية اجتماعية يف عمق مات�ؤديه من دور ان�ساين م�ؤثر، واح�سب ان هذا الدور هو الذي ا�سبغ على وظيفتها نزوعا اخر ،جعلها ا�شبه ماتكون بظاهرة الغناء ال�سري االحتجاجي املناه�ض لل�سلطة ورمزياتها،
امل�صري من �شعارات ،والذي وجد يف اغنية ال�شيخ امام �شفرات فاعلة للتعبري عن الكثري من اليافطات العالية التي تعرب عن الطموح بحياة حرة كرمية ،مثلما تعرب عن املواقف واالفكار وقيم االميان باحلياة والوجود والهوية. م�صر يامة يابهية يام طرحة وجالبية الزمن �شاب وانت �شابة هو رايح وانت جاية هذا التحول يف املواقف ويف توظيف االغنية ال�سيا�سية جعل ال�شيخ امام يخ�ضع اىل رقابة ال�سلطة االمنية وا�ستجواباتها الكثرية ،اذ منع من الغناء يف االذاعة والتلفزيون ،بتهمة ان اغانيه ال�سيا�سية ذات توجهات معينة ،وانها تهاجم زج به امل�س�ؤولني يف ال�سلطة امل�صرية ،لذا ّ بال�سجن عام 1969واعترب ال�شيخ امام اول �سجني �سيا�سي بتهمة الغناء املناوىء لل�سلطة. �سجن ال�شيخ امام اثار الكثري من االحتجاج ،وو�ضع ظاهرته الغنائية يف �سياق اكرث اثارة لطبيعة التحوالت التي تعي�ش تعقيداتها النخبة امل�صرية قبل حرب اكتوبر عام ،1970اذ ان هذه التحوالت التي �شملت االغنية وال�سينما والت�شكيل وال�شعر وال�سرديات ،انعك�ست اي�ضا على ك�شف م�ساوىء ال�سلطة التي بدت عاجزة عن مواجهة �سل�سلة من االزمات الداخلية واخلارجية ،واح�سب ان اغنية(جيفارا) تعرب عن ا�شكالية هذا الوعي املفارق، النها تتحدث عن املوت من زاوية اخرى، املوت الذي ميثل حياة خالدة ل�صاحبه دومنا �ضجيج ،مقارنة بظاهرة املوت ال�سيا�سي العربي الذي اليعدو ان يكون ا ّال �ضجيجا و�صخبا ،وك�أنه يوظف املوت الفيزيقي لتغطية املوت القيمي واالخالقي وال�سيا�سي ،وجيفارا يف هذا ال�سياق بطل ان�ساين اخالقي يدافع عن حق ال�شعوب باحلرية وقد قتلته االمربيالية يف احرا�ش بوليفيا. جيفارا مات اخر خرب يف الراديو هات يف الكنائ�س يف اجلوامع يف احلواري يف ال�شوارع جيفارا مات الطنطنة
وال�شن�شنة وال اعالنات جيفارا مات.. التغريات العا�صفة يف جتربة ال�شيخ امام الغنائية ،حتولت اىل تغايرات قا ّرة انعك�ست على ظاهرة االغنية العربية ،اذا ا�ضحت ظاهرة �شعبية و�سيا�سية باملعنى االن�ساين لهذه الظاهرة ،وخ�ضعت يف هذا ال�سياق اىل منظور جتاوز ح�سا�سية التعريف الفني اخلال�ص ،باجتاه تعريف ي�ضع االغنية كفعالية اجتماعية يف عمق مات�ؤديه من دور ان�ساين م�ؤثر ،واح�سب ان هذا الدور هو الذي ا�سبغ على وظيفتها نزوعا اخر ،جعلها ا�شبه ماتكون بظاهرة الغناء ال�سري االحتجاجي املناه�ض لل�سلطة ورمزياتها ،والتي فتحت امامها افاق وا�سعة مثرية و�صادمة ،اذ منحته جنومية اليطمئن اليها وهو ال�ضرير املهوو�س بفكرة(احلياة اخلال�صة) ،مثلما عر�ضت عالقته مع رفيق دربه احمد ف�ؤاد النجم اىل االنف�صال الفني واالن�ساين، والتي ا�ستدعت ال�شيخ امام ليغني ق�صائد �شعراء اخرين امثال جنيب �سرور، وتوفيق زياد ،زين العابدين ف�ؤاد ،وادم فتحي وغريهم) والتي مل تخرجه عن ال�سياق اال�سلوبي اللحني ا ّال انها فقدت الكثري من نب�ضها ال�شعبي العميق الذي اقرتن بروح النجم الواعية ب�شعبيتها وا�ستغواراتها ال�سرية ملكنونات االن�سان امل�صري الب�سيط. ال�شيخ االمام احلا�ضر يف الذاكرة ت�ستعيده اليوميات امل�صرية االن وهي تعي�ش ازمة وجودها امل�ضطرب الذي يواجه �صراعات كينونية حمتدمة ،وحرائق مك�شوفة على ازمة ال�سيا�سة والوجود ،مقابل ازمات اكرث ق�سوة لالن�سان والهوية واملكان ،والتي جتعل االغنية ك�صوت عال تعبريا عن قوة احتجاجات ذلك االن�سان امل�صري احلامل باحلرية والكرامة واخلبز ،والذي خرج اىل ال�شارع جمددا حمتجا حاملا باحثا عن زمن وطني اخر ،واح�سب ان هذه ال�صوت هو الذي يبحث يف زوايا الذاكرة عن ايقاعات ال�شيخ امام التي طاملا �صدحت مل�صر(االم البهية) بكل اغانيها التي الت�شيخ رغم كل ال�سنوات العجاف ،والتي تفتح ايقاع االحتجاج القدمي على ا�ستعادة قوة احلياة واجلمال واالمل..
http://www.almadapaper.com - E-mail: almada@almadapaper.com
14
العدد ()2034ال�سنة الثامنة -ال�سبت (� )5شباط 2011
العدد ()2034ال�سنة الثامنة -ال�سبت (� )5شباط 2011
اول من سجن بسبب الغناء
الشيخ امام رصاصة في صدر الطغاة حممد �شفيق يبقى الفنان �أي فنان ،عا�ش معاناة ال�شعب ،وت�شرب بها ،حي ًا يف الذاكرة ال ميحوه الزمن مهما تقادم عليه. وهذه حقيقة معروفة ال حتتاج اىل طرح وجمع ،كون الفنان جزء من ال�شعب الذي تربى بينه ،وكان ال�سبب فيما و�صل اليه .فالفن لي�س احلب لوحده ،وامنا املاء واخلبز واحلياة بكاملها ،ومالم�سة كل هذا هو الذي يجعل الفنان فنان ال�شعب ولي�س فن الفنادق او املالهي ،وكلنا نتذكر الفنانة العاملية الراحلة (مريياما كيبا) وكيف �سخرت فنها خلدمة �شعبها وافريقيا ،ومل حتاول ان تخرج عن هذا الطريق الذي اختطته لنف�سها ،حتى �سميت مطربة ال�شعب.
ويف العراق ظهر عندنا الفنان عزيز علي ،وا�ستطاع ان يقف مع ال�شعب يف �سرائه و�ضرائه ،وان ي�ؤكد على معاناته مع احلكام ،وت�شخي�صه لذلك .وب�سبب من هذا بقي حي ًا يرزق يف الذاكرة ليومنا هذا ،م�ستخدم ًا اب�سط الكلمات وافهمها وكذلك باحلان ب�سيطة الي�صالها
اىل اب�سط �شريحة يف املجتمع .وباتت تردد من قبل اجلميع وجعل احلكام م�سخرة مما ا�ضطرهم اىل ا�ستدعائه ملرات عديدة .و�سمي اي�ض ًا بفنان ال�شعب .ويف م�صر كان ال�شيخ امام والذي هو حممد احمد عي�سى الذي كان. والده يحلم �أن يكون ابنه �شيخ ًا
كبري ًا ،لكنه كان قا�سي ًا يف معاملته� ،أما والدته فكانت النبع الذي ارتوى منه �إمام باحلنان يف طفولته وعو�ضه فقد ب�صره ،وكانت معايرة الأطفال البنها بالعمى تدفعها للبكاء .كان �إمام يند�س يف موا�سم الأفراح واحلج ،و�سط احلرمي لي�سمع غناءهن و�أهازيجهن فن�ش�أ �صاحب �أذن مو�سيقيه .ومما جعل منه مهم ًا هو نزوله اىل الدرجات ال�سفلى من املجتمع امل�صري ومن اغانيه املهمة التي تردد «ناح النواح والنواحا حاحا على بقرة حاحا النطاحا حاحا». وبعد حرب الـ ( )1967غنى اغنيات خا�صة باحلرب ويف احدى اغانيه ي�سخر من الرئي�س االمريكي نيك�سون اذ يقول « �شرفت يا نيك�سون بابا ..وكان يزور وقتها القاهرة ..وعد هذا حتو ًال تاريخي ًا لهما. وفى عام ،1929مل يكن �إمام قد �أكمل عامه الثاين ع�شر،عندما ا�صطحبه والده للقاهرة للدرا�سة باجلمعية ال�شرعية بحي الأزهر ،وكان لدى اجلمعية واعظ ومن�شد يحيي املنا�سبات ،وفى �أحد الأفراح اختري الطفل �إمام �ضمن فرقة الإن�شاد .التحق ال�شيخ �إمام باملركز الرئي�سي للجمعية ،وق�ضى فيها 4 �سنوات و�أمت حفظ القر�آن الكرمي، فا�ستحق لقب «�شيخ» رغم �صغر �سنه، وكان يقيم بها �إقامة دائمة. والزم �إمام ال�شيخ حممد رفعت ل�صوته املتميز ولكون رفعت قد مدحه ومدح نباهته يوم ًا ،وكان اال�ستماع للإذاعة من ممنوعات اجلمعية لكونه بدعة ،مع �أنه كان ي�ستمع للقر�آن� ،إال �أن اجلمعية قررت ف�صله بالإجماع .عندما �سمع �أبوه مبا حدث البنه من ف�صل من اجلمعية بحث عنه فوجده يق�ضى نهاره يف احل�سني وليله يف الأزهر حيث كان ينام ،ف�أهانه و�ضربه وحذره من العودة لقريته مرة �أخرى نظر ًا للجرمية التي اقرتفها بت�سببه يف ف�صله من اجلمعية، وبعدها مبا�شرة توفيت �أمه التي كانت
�أعز ما لديه يف الدنيا ،ومل يتمكن من ت�شييعها ملثواها الأخري ،وبالفعل مل يعد لقريته �إال حني مات �أبوه. وفى �إحدى زياراته حلى الغورية قابل جمموعة من �أهايل قريته ف�أقام معهم وامتهن الإن�شاد وتالوة القر�آن الكرمي، وك�سائر �أحداث حياته التي �شكلتها امل�صادفة التقى ال�شيخ �إمام بال�شيخ دروي�ش احلريري �أحد كبار علماء املو�سيقى ،و�أعجب به ال�شيخ احلريري مبجرد �سماع �صوته ،وتوىل تعليمه املو�سيقى. ا�صطحب ال�شيخ احلريري تلميذه يف جل�سات الإن�شاد والطرب ،فذاع �صيته وتعرف على كبار املطربني واملقرئني، �أمثال زكريا �أحمد وال�شيخ حممود �صبح ،وبد�أت حياة ال�شيخ يف التح�سن. وبعد ان كانت �أحلان زكريا �أحمد لأم كلثوم بد�أت تت�سرب للنا�س قبل �أن تغنيها �أم كلثوم ،مثل «�أهل الهوى» و»�أنا يف انتظارك» و»�آه من لقاك يف �أول يوم» و»الأولة يف الغرام» ،فقرر ال�شيخ زكريا اال�ستغناء عن ال�شيخ �إمام. كان لهذه الواقعة �أثر يف حتويل دفة حياة ال�شيخ �إمام مرة �أخرى عندما قرر تعلم العزف على العود ،وبالفعل تعلم على يد كامل احلم�صاين ،وبد�أ ال�شيخ �إمام يفكر يف التلحني حتى �إنه �ألف كلمات وحلنها وبد�أ يبتعد عن قراءة القر�آن وحتول ملغن وا�ستبدل مالب�سه الأزهرية مبالب�س مدنية. وبد�أت الثنائية بني ال�شيخ امام واحمد ف�ؤاد جنم �إذ تعارفا واعجب احدهما بالآخر وكان ذلك عام 1962حتى �سماه البع�ض باللقاء التاريخي. وعندما �س�أل جنم �إمام ملاذا مل يلحن �أجابه ال�شيخ �إمام �أنه ال يجد كالما ي�شجعه ،وبد�أت الثنائية بني ال�شيخ �إمام و�أحمد ف�ؤاد جنم وت�أ�س�ست �شراكة دامت �سنوات طويلة. انت�شرت ق�صائد احمد ف�ؤاد جنم التي حلنها وغناها ال�شيخ �إمام داخل وخارج
بد�أت الثنائية بني ال�شيخ امام واحمد ف�ؤاد جنم �إذ تعارفا واعجب احدهما بالآخر وكان ذلك عام 1962حتى �سماه البع�ض باللقاء التاريخي. وعندما �س�أل جنم �إمام ملاذا مل يلحن �أجابه ال�شيخ �إمام �أنه ال يجد كالما ي�شجعه ،وبد�أت الثنائية بني ال�شيخ �إمام و�أحمد ف�ؤاد جنم وت�أ�س�ست �شراكة دامت �سنوات طويلة .ذاع �صيت الثنائي جنم و�إمام والتف حولهما املثقفون وال�صحفيون خا�صة بعد �أغنية�« :أنا �أتوب عن حبك �أنا؟» ،ثم «ع�شق ال�صبايا» ،و»�ساعة الع�صاري» ،وات�سعت ال�شركة ف�ضمت عازف الإيقاع حممد علي ،فكان ثالث ثالثة كونوا فرقة للت�أليف والتلحني والغناء �ساهم فيها العديد مل تقت�صر على �أ�شعار جنم فغنت ملجموعة من �شعراء ع�صرها �أمثال :ف�ؤاد قاعود ،وجنيب �سرور ،وتوفيق زياد ،وزين العابدين ف�ؤاد ،و�آدم فتحي ،وفرغلي العربي ،وغريهم.
http://www.almadapaper.com - E-mail: almada@almadapaper.com
م�صر ،فكرث عنها الكالم واختلف حولها النا�س بني م�ؤيدين ومعار�ضني، يف البداية ا�ستوعبت الدولة ال�شيخ وفرقته و�سمحت بتنظيم حفل يف نقابة ال�صحفيني وفتحت لهم �أبواب الإذاعة والتليفزيون. لكن �سرعان ما انقلب احلال بعد هجوم ال�شيخ �إمام يف �أغانيه على الأحكام التي ادان امل�س�ؤولون عن هزمية ،1967فتم القب�ض عليه هو وجنم ليحاكما بتهمة تعاطي احل�شي�ش �سنة 1969ولكن القا�ضي �أطلق �سراحهما ،لكن الأمن ظل يالحقهما وي�سجل �أغانيهم حتى حكم عليهما بال�سجن امل�ؤبد ليكون ال�شيخ �أول �سجني ب�سبب الغناء يف تاريخ الثقافة العربية. ق�ضى ال�شيخ �إمام وجنم الفرتة من الهزمية حتى ن�صر �أكتوبر يتنقالن من �سجن �إىل �آخر ومن معتقل �إىل �آخر ومن ق�ضية �إىل �أخرى ،حتى �أفرج عنهما بعد اغتيال الرئي�س ال�سادات. يف منت�صف الثمانينيات تلقى ال�شيخ �إمام دعوة من وزارة الثقافة الفرن�سية لإحياء بع�ض احلفالت يف فرن�سا، فالقت حفالته �إقبا ًال جماهريي ًا كبري ًا، وبد�أ بجولة اخرى يف الدول العربية والأوروبية لإقامة حفالت غنائية القت كلها جناحات عظيمة ،وللأ�سف بد�أت اخلالفات يف هذه الفرتة تدب بني ثالثى الفرقة ال�شيخ �إمام وجنم وحممد على عازف الإيقاع مل تنته �إال قبل وفاة ال�شيخ �إمام بفرتة ق�صرية. وتوفى ال�شيخ �إمام يف عام 1995 جتاوز ال�سبعني من عمره يف حجرته املتوا�ضعة بحي الغورية ومل يعد يظهر يف الكثري من املنا�سبات كال�سابق حتى تويف يف هدوء يف 19حزيران 1995 تارك ًا وراءه �أعما ًال فنية نادرة. ما احوج اليوم ال�شعب امل�صري اىل �شيخ امام يف الوقت احلا�ضر! ان كلماته هي اقوى من ر�صا�ص احلكام ودكتاتوريتهم وت�سلطهم على ال�شعوب.
15
m a n a r a t
201152034
ﺷﻴﺦ إﻣﺎم
manarat رئي�س جمل�س الإدارة رئي�س التحرير
التحرير ----------------نزار عبد ال�ستار الت�صميم ----------------م�صطفى جعفر الت�صحيح اللغوي ----------------حممود �شاكر
طبعت مبطابع م�ؤ�س�سة املدى لالعالم والثقافة والفنون
http://www.almadapaper.com - E-mail: almada@almadapaper.com
من أغانيه له �أغنية هي الأ�شهر يف نك�سة حزيران /يونيو وهي (احلمد هلل): احلمد هلل خبطنا حتت بطاطنا يا حمال رجعه �ضباطنا من خط النار يا اهل م�صر املحميه باحلراميه الفول كتري والطعميه والرب عمار والعي�شه معدن واهي ما�شيه اخر ا�شيا مادام جنابه واحلا�شيه بكرو�ش وكتار ح تقول ىل �سينا وما �سينا �شي ما تدو�شنا�شي ما �ستميت اوتوبي�س ما�شى �شاحنني انفار ايه يعني ملا ميوت مليون او كل الكون العمر ا�صال م �ش م�ضمون والنا�س اعمار احلمدهلل و�أهي ظاطت والبيه حاطط يف كل حته مدير �ضابط و�إن �شاهلل حمار ايه يعني يف العقبه جرينا وال ف �سينا هى الهزميه تن�سينا اننا احرار ايه يعني �شعب ف ليل ذلة �ضايع كله دا كفاية ب�س اما تقول له احنا الثوار احلمد اهلل وال حوال م�صر الدوله غرقانة يف الكدب عالوله وال�شعب احتار وكفايه ا�سيادنا البعدا عاي�شني �سعدا بف�ضل نا�س متال املعده وتقول ا�شعار ا�شعار متجد ومتاين حتى اخلاين وان �شا اهلل يخربها مداين عبد اجلبار