Che Guevara

Page 1

‫رئي�س جمل�س االدارة رئي�س التحرير‬ ‫فخري كرمي‬ ‫ملحق ثقايف ا�سبوعي ي�صدر عن جريدة املدى‬

‫‪m a n a r a t‬‬

‫العدد (‪)2353‬ال�سنة التا�سعة ‪ -‬االربعاء (‪ )4‬كانون الثاين ‪2012‬‬

‫‪Che‬‬

‫‪Guevara‬‬


‫‪2‬‬

‫العدد (‪)2353‬ال�سنة التا�سعة ‪ -‬االربعاء (‪ )4‬كانون الثاين ‪2012‬‬

‫العدد (‪)2353‬ال�سنة التا�سعة ‪ -‬االربعاء (‪ )4‬كانون الثاين ‪2012‬‬

‫جيفارا‬

‫بذلها يف �أفاق تعبوية يف مراحل تاريخية‬ ‫معينة‪ ،‬مل ي��ك��ن ه���ذا ال��ت��وا���ص��ل مقرونا‬ ‫ب�ضوء وفري على حياة هذا الرجل‪ ،‬لطاملا‬ ‫ك��ان جيفارا‪ ،‬بالن�سبة الجيال ن�ش�أت يف‬ ‫ف�ت�رات الح��ق��ة م��ن اع��دام��ه جم��رد �صورة‬ ‫���ش��ه�يرة ت��زي��ن ق��م�����ص��ان ال��ف��ت��ي��ان‪ .‬االم��ر‬ ‫بهذا ال��ق��در‪ ،‬او رمب��ا �أق��ل‪ ،‬ك��ان على هذه‬ ‫ال�شاكلة التوا�صل املعا�صر مع جيفارا‪..‬‬ ‫وه��ذا حتري�ض علني لالتيان مبا �سطره‬ ‫غرو�س وفولف يف كتابهما الذي ن�شرته‬ ‫دار ال��ف��اراب��ي ونقله اىل العربية نبيل‬ ‫اخلطيب‪.‬‬ ‫ب��ي��د ان ه���ذا ال��ك��ت��اب يتميز م��ن ناحية‬ ‫اخ��رى بكونه يوفر جمموعة من ال�صور‬ ‫عن "ت�شي"؛ امل�ؤلفان تعمدا اخلروج عن‬ ‫اطارين بذال يف �شان حياة جيفارا‪ ،‬مرة‬ ‫يظهر ق��ائ��دا ث��وري��ا ورج���ل دول���ة‪ ،‬ومرة‬ ‫يظهر ع��ل��ى ان���ه رادي���ك���ايل م��ت��ه��ور‪ ،‬هذا‬ ‫ال��ك��ت��اب يجمع ال�����ص��ور جميعها ويرتك‬ ‫لنا جتميع حياة جيفارا يف ان�سان‪ ،‬هذه‬ ‫الطريقة تبدو �أقرب اىل الواقع‪ ،‬فكل منا‬ ‫فرد مبجموعة �صور وانطباعات‪.‬‬ ‫وك��ان��ت ���ص��ورة ت�شي تتغري م��ن عقالين‬ ‫فوق العادة‪ ،‬متناق�ض‪ ،‬ثوري حامل بن�صرة‬ ‫املزارعني الفقراء‪ ،‬جمرد مراهق ف�ضويل‬ ‫يعي�ش حالة اغرتاب عارمة‪.‬‬ ‫ويواجه هذا الكتاب �سيال من ال�شهادات‬ ‫وامل����ذك����رات والأ�����س����اط��ي�ر‪ ،‬والأح�������داث‬ ‫امليدانية والتاريخية املتعلقة ب�أرن�ست‪،‬‬ ‫وهو يقدم الأ�سئلة عن �سر اختيار �إرن�ستو‬ ‫ج��ي��ف��ارا ل��ه��ذا اخل���ط يف احل���ي���اة‪ ،‬و�سر‬ ‫اختياره لهذا امل�صري‪.‬‬ ‫�أتذكرون مقولة جيفارا ال�شهرية‪�":‬أنني‬ ‫اح�س على وجهي ب���أمل كل �صفعة توجه‬ ‫اىل مظلوم يف ه��ذه الدنيا"‪ .‬بالن�سبة‬ ‫لهذا العر�ض – التعليق فانه مل يتمكن‬ ‫م���ن جت����اوز و���ص��ف امل����ؤل���ف�ي�ن لبواكري‬ ‫�صبا�أرن�ست‪ ،‬من دون ان يعود �أليها‪ ،‬من‬ ‫دون ان يربطها ويتخيل التن�شئة االولية‬ ‫لهذا الرجل‪.‬‬ ‫غرو�س وفولف يعودان بنا اىل الوراء"كان‬ ‫ارن�ست يالعب اخ��اه ال�صغري روبرتو‪،‬‬ ‫وامللل باد على وجهه"‪ .‬يف�صح الخيه عن‬ ‫عدم رغبته يف اللعب اكرث ويقرتح عليه‬ ‫الذهاب اىل منزل اجل�يران‪ ،‬حيث العادة‬ ‫ان يعقد اجتماع لل�سكان هناك‪.‬‬ ‫" ك���ان���ت اال�����ص����وات ال���ت���ي ت���خ���رج من‬ ‫امل��ن��زل ال ت��دل على ج��و م��رح و�ضحك"‪،‬‬ ‫جيفارا يف تلك الفرتة مل يكن قد جتاوز‬ ‫ال�سنوات اخلم�س وكانت ت�شده ق�ضايا‬ ‫ت�ؤ�شر االحتجاج والرف�ض‪ ،‬وكان ال�سكان‬ ‫يناق�شون زيادة �أ�سعار الكهرباء‪ ،‬وقرروا‬ ‫حتطيم �أع��م��دة الإن�����ارة يف امل��دي��ن��ة كي‬ ‫ت�ضطر �شركات الكهرباء اىل ا�صالحها‬ ‫ودفع الغرامة املالية‪ ،‬يف تلك االثناء كان‬ ‫جيفارا ي�ستمع اىل تلك النقا�شات احلامية‬ ‫وه��و يتمدد حتت �أري��ك��ة وال���ده‪ .‬يف هذا‬ ‫املف�صل من الكتاب يح�سن غرو�س وفولف‬ ‫اظ��ه��ار ���ش��غ��ف �أرن�����س��ت مب��ع��رف��ة ق�ضايا‬ ‫االفراد‪.‬‬

‫رجل عادي‬

‫لكنه مجنون بالثورة والحب‬ ‫لو كان ال�س�ؤال عن اهم ما يف كتاب "�أحالمي ال تعرف حدودا" للم�ؤلفني‬ ‫"هـ‪�.‬أ‪.‬غرو�س" و"ك‪.‬ب‪.‬فولف" لكانت الإجابة على الفور‪ :‬معرفة كيف‬ ‫حتول �صبي يلقبه ذووه بـ"تي تي" اىل رمز للثورة وجمابهة الطغيان يف‬ ‫العامل‪ .‬بل �إن ذكر ا�سم جيفارا‪ ،‬جمردا‪ ،‬يوفر‪ ،‬حتى اليوم‪� ،‬شحنة عاطفية‬ ‫هائلة من احلما�سة واالغرتاب يف �آن واحد‪.‬‬ ‫هذه �سرية ذاتية اخرى عن �أرن�ست ت�شي جيفارا‪ ،‬وبرغم انتقالها بني‬ ‫حمطات تاريخية من عمر الثائر االرجنتيني – احلامل �أول الأمر بوحدة‬ ‫التينية – ف�أن امل�ؤلفني حاوال‪ ،‬كثريا �إظهار قا�سم يجمع تلك ال�سنوات‬ ‫املتتابعة‪ ،‬انه ذلك ال�سخط‪ ،‬الذي مل يعرف اخلذالن‪ ،‬على ظواهر الظلم‬ ‫يف العامل‪.‬‬

‫عر�ض منارات‬

‫دونكي�شوت‬

‫هكذا يدخل غرو�س وفولف مبا�شرة يف‬ ‫ثيمة عملهما املتقن ع��ن ���س�يرة جيفارا‪،‬‬ ‫وال يخرجان عنها مع انتقال الرواية بني‬ ‫عوامل �سرد خمتلفة تارة‪ ،‬وجعال جيفارا‬ ‫يبدو يف �أحايني غري قليلة رجال متناق�ضا‪،‬‬ ‫بل لنقل رجال عاديا‪ ،‬لكنه يحلم بالتغيري‪.‬‬ ‫يتخرج جيفارا يف كلية الطب يف بوين�س‬ ‫�آي���ري�������س وي��ج��د ن��ف�����س��ه‪ ،‬ب��ع��د ان انهى‬

‫االمتحانات النهائية‪ ،‬طبيبا‪ .‬وفكر يف ان‬ ‫يبد�أ ب�صياغة دوره يف هذا العامل‪ ،‬لكنه‬ ‫بحاجة اىل دافع‪ ،‬بل اىل حافز‪..‬‬ ‫يف ح��ان��ة م��ا "يلت�صق جيفارا ب�صديقه‬ ‫كاليكا" وهناك يقرتفان املتعة مع �شرب‬ ‫النبيذ‪ ،‬وكان االمر م�سليا بالن�سبة الرن�ست‬ ‫�سوى انه اكت�شف‪ ،‬الحقا‪ ،‬افرتاقه‪ ،‬فكريا‪،‬‬ ‫عن �شريكه اجلديد‪.‬‬

‫‪http://www.almadapaper.com - E-mail: almada@almadapaper.com‬‬

‫دور كاليكا يف مطلع الرواية مهم للغاية‪،‬‬ ‫فهو نقي�ض ارن�ستو‪ ،‬ما يعني ان احلوارات‬ ‫ال��ت��ي �ستجمعهما مليئة باال�ستفزاز‪،‬‬ ‫على االق��ل م��ن ناحية ارن�ستو‪":‬اتعرف‬ ‫ي��ا ارن�����س��ت��و‪ ..‬اول ع��م��ل ���س��اق��وم ب��ه هو‬ ‫جتميع الثورة ‪ ..‬البناء يف فنزويال يفوق‬ ‫الو�صف‪ ،‬الناطحات حتيط بكاراكا�س‪،‬‬ ‫�سنبني حتى لو انتهت االر���ض‪� ،‬سنهدم‬

‫تلك البيوت احلقرية"‪.‬‬ ‫كاليكا مهند�س يحلم بالتحول اىل �شخ�ص‬ ‫ثري يجمع االموال راكبا ثورة البناء يف‬ ‫بع�ض املدن الالتينية‪ ،‬لكن ارن�ستو يرى‬ ‫غري ذلك ويلمح اىل �شخ�ص يحلم بثورة‬ ‫م��ن ن��وع اخر‪":‬ما ع�سانا نفعل ب�أولئك‬ ‫الذين يعي�شون يف هذه البيوت ال�صغرية؟‬ ‫�أيذهبون معكم لبناء هذه الناطحات؟ وهل‬

‫�سيعي�شون فيها �أي�ضا؟"‪.‬‬

‫�صورة جيفارا‬

‫يبدو ه��ذا الكتاب فر�صة ذهبية ال�ضفاء‬ ‫ت��وا���ص��ل ف��ري��د م��ع ج��ي��ف��ارا‪ ،‬وه��ن��ا البد‬ ‫م��ن ال��ق��اء ع�ين الم���ة ع��ل��ى طبيعة الت�أثر‬ ‫ب�شخ�صيته‪� ،‬إذ مل تكن �سريته �سوى حم�ض‬ ‫مقوالت ثورية م�شحونة باحلما�سة يجري‬

‫مل يكن جيفارا ف�ضوليا ايجابيا وح�سب‪،‬‬ ‫كان مهوو�سا باملعرفة‪ ،‬التوق اىل عبور‬ ‫حدود املجتمع ال�صغري نحو عوامل اخرى‪،‬‬ ‫مل يكن يعرفها‪.‬‬ ‫لقد مل من لعبة "رنني الزجاج املحطم"‬ ‫وانتقل اىل ممار�سة هواية جديدة‪ .‬اخذ‬ ‫�أرن�ستو يقر�أ كتابا �ضخما من مكتبة والده‬ ‫وكان عن دونكي�شوت‪.‬‬ ‫وك��ان��ت رغ��ب��ة غ��رو���س وف��ول��ف وا�ضحة‬ ‫يف اظهار هذا الف�ضول‪ ":‬جيفارا متعلق‬ ‫بالثقافات القدمية اكرث من �أي وقت اخر‬ ‫(ال��زم��ان‪ :‬عقب تخرجه يف كلية الطب)‬

‫�إذ انه يرى يف درا�ستها امكانية التعرف‬ ‫على ام��ري��ك��ا الالتينية وت��اري��خ��ه��ا‪ ،‬كان‬ ‫يرغب يف فعل ذلك وكانه يف تناف�س مطرز‬ ‫باالحتجاج‪ ،‬اذ يقول ل�صديقه كاليكا‪":‬‬ ‫علينا فعل ذل��ك‪ ..‬ما ر�أي��ك بال�سفر‪ ،‬لنقم‬ ‫بذلك معا"‪.‬‬ ‫وكان هذا ما حدث فعال جليفارا الذي جاب‬ ‫امريكا الالتينية بدراجة نارية‪ ،‬وكونت‬ ‫تلك الرحلة �شخ�صيته و�إح�سا�سه بوحدة‬ ‫�أمريكا اجلنوبية وبالظلم الكبري الواقع‬ ‫على املزارع الالتيني‪.‬‬

‫جيفارا يكره الطائرات‬

‫يبدو مثريا لالهتمام ما تناوله غرو�س‬ ‫وف����ول����ف يف اع����داده����م����ا ل��ق�����ص��ة �سفر‬ ‫جيفارا فقد ا�ستهال ه��ذه الرحلة ب�إظهار‬ ‫لطف جيفارا ال��ذي ال يخلو‪� ،‬أي�ضا‪ ،‬من‬ ‫االح���ت���ج���اج‪ ،‬ف��ارن�����س��ت ي��رف�����ض ال�سفر‬ ‫ب��ال��ط��ائ��رة‪ ،‬وي�ضع ه��ذا ال��رف�����ض ك�شرط‬ ‫ل�شراكة الرحلة مع ال�صديق كاليكا‪ ،‬يقول‬ ‫ارن�ست‪":‬عندما عدت من الواليات املتحدة‬ ‫اىل هنا (بوين�س اير�س) اخذت الطائرة‬ ‫تدور كعقارب ال�ساعة‪ ،‬ولكرثة التحليقات‬ ‫ال��دائ��ري��ة ال��ت��ي ق��ام��ت ب��ه��ا ف���وق ال���درج‪،‬‬ ‫هرعت �سيارات اال�سعاف واالطفاء‪ ،‬تخيل‬ ‫حالتي حينها‪.‬‬ ‫وبقدر ما يتعلق االم��ر بب�ساطة �أرن�ست‬

‫وحكاياته ال�شخ�صية‪ ،‬فانها ال تخلو من‬ ‫روح���ه الثائرة‪�":‬أ�سو�أ م��ا يف االم���ر ان‬ ‫الواحد منا كان عبدا للظروف‪ ،‬ال ي�ستطيع‬ ‫القيام ب�أي �شيء"‪.‬‬

‫مغامرة ت�شي الأوىل‬

‫يف الطريق من بوليفيا اىل االك���وادور‪،‬‬ ‫تعرف جيفارا على نف�سه كثريا‪ ،‬واكت�شف‬ ‫ط��م��وح��ه يف ع��ب��ور اط����اره امل��ح��ل��ي‪ ،‬يف‬ ‫قرية �صغرية على احل��دود ا�ضطر ت�شي‬ ‫وا�صدقا�ؤه اىل املكوث فيها حلني ت�سهيل‬ ‫ام��ر خروجهم من البالد الكمال الرحلة‪،‬‬ ‫ويف م��ط��ع��م ���ص��غ�ير ق����رروا اال�سرتاحة‬ ‫حتى ال�صباح‪ .‬وكانوا ينتظرون امل�ساعدة‬ ‫من احد املحامني‪ ،‬انهم بحاجة اىل املال‬ ‫ليكملوا رحلتهم‪ ،‬وق��د ا�ستثمر ت�شي �إن‬ ‫احد �شركاء رحلته ميلك ر�سالة �سلفادور‬ ‫الليندي‪ ،‬وهو قائد ا�شرتاكي ت�شيلي‪ ،‬اىل‬ ‫املحامي اياه‪.‬‬ ‫حت��ق��ق امل������راد‪ ،‬وخ�����رج اجل��م��ي��ع‪ ،‬رفقة‬ ‫�أرن�ست‪ ،‬من مكتب املحامي وهم يطريون‬ ‫من ال��ف��رح‪ ،‬اخ��ذوا يرق�صون حتى �صاح‬ ‫�أرن�ست‪":‬كل �شيء على ما ي��رام ‪� ..‬ست‬ ‫تذاكر مدفوعة الثمن �إىل �سفينة املوز –‬ ‫وهنا يق�صد الإك��وادور – �أري��د ك�أ�سا من‬ ‫النبيذ حاال‪� ،‬أريده مثلجا كاجلليد‪.‬‬ ‫�أف�صح �أرن�ست عن رغبته يف ال�سفر �إىل‬

‫‪3‬‬

‫غواتيماال للقاء �صديقه غرانادو�س‪ ،‬هناك‬ ‫يريد ان ي�صبح طبيبا‪ ،‬غري ان كاليكا ذكره‬ ‫مبا يجري حتت �سلطة اليانكي الذي بد�أ‪،‬‬ ‫يف وق��ت��ه��ا‪ ،‬ب��ف��ق��دان �سلطته‪ ،‬فيما تتهي�أ‬ ‫الأمور لثورة حقيقية‪.‬‬ ‫يف هذا املقطع من الرواية يجيد غرو�س‬ ‫وفولف �إظهار ال��روح املراهقة احلقيقية‬ ‫لت�شي‪ ،‬لكنها متيل اىل الثورة بكثري من‬ ‫احلما�س‪.‬‬ ‫كاليكا وبحديثه عن الثورة‪ ،‬وهو الرجل‬ ‫الطامح اىل املال مبيول ر�أ�سمالية �أحرج‬ ‫ت�شي‪ ،‬لكن هذا الأخري يعود اىل �أحالمه‪":‬‬ ‫�أرجو االنتباه‪ ..‬التهرب من ر�ؤية الثورة‬ ‫احلقيقية �شيء خمجل‪ .‬وعلى �صديقي‬ ‫غرانادو�س ان ينتظر‪ ،‬فاىل غواتيماال"‪.‬‬

‫جيفارا مرتجم ًا‬

‫من املثري ان نعرف ان الثائر الذي "داخت"‬ ‫م��ن ج��والت��ه �أح��را���ش ال��ع��امل‪ ،‬ل��ه ف�ضائل‬ ‫ابداعية �أخرى‪ ،‬انه مرتجم و�شاعر وكاتب‬ ‫مقاالت �سيا�سية‪ .‬هذه املرة يهم برتجمة‬ ‫كتاب عن املارك�سية اىل الإ�سبانية‪ ":‬ماذا‬ ‫تفعل يا جيفارا؟" ت�س�أله "�إلدا" الباحثة‬ ‫يف معهد اقت�صادي بغواتيماال‪" .‬اترجم‬ ‫كتابا عن املارك�سية للغة اال�سبناية"‪.‬‬ ‫وك����ان ارن�����س��ت ق��ب��ل ذل���ك ي��ق��ر�أ بطريقة‬ ‫حما�سية؛ �شفتاه تتحركان وك�أنه يتحدث‬

‫مع نف�سه‪ ،‬ومن حني لآخ��ر يلقي بالكتاب‬ ‫جانبا وي�سجل ما قر�أه مرتجما‪.‬‬ ‫وهنا يفتح غرو�س وفولف الباب وا�سعا‬ ‫ام���ام اظ��ه��ار عقيدة ت�شي‪ ":‬م���ؤل��ف هذا‬ ‫الكتاب �أث��ارت الر�أ�سمالية غ�ضبه‪ ،‬وهو‬ ‫يريد ان تكون الدنيا خمتلفة متاما عما هي‬ ‫يف بالد اليانكي‪ ،‬وهذا ما �شدين اليه"‪.‬‬

‫جيفارا املري�ض‬

‫هذه الرواية �أخرجت تاريخ جيفارا من‬ ‫القالب التقليدي‪ ،‬الذي لطاملا بذل من اجل‬ ‫اقنية تعبوية‪ ،‬من دون ان يف�سح املجال‬ ‫لتلم�س �شخ�صية جيفارا‪.‬‬ ‫ف��ف��ي ال��ط��ري��ق م��ن امل��ك�����س��ي��ك اىل كوبا‪،‬‬ ‫وك���ان ع���دد م��ن امل��ق��ات��ل�ين ي��ق��وده��م فيدل‬ ‫ك��ا���س�ترو �صحبة ارن�����س��ت يتجهون اىل‬ ‫الدولة الثائرة على منت �سفينة‪ ،‬وكانوا‬ ‫يخططون لتهريب ال�سالح‪.‬‬ ‫لكن �أرن�ست يلوم نف�سه على مر�ض الربو‬ ‫الذي �صاحبه منذ الطفولة‪":‬بالقرب من‬ ‫احل��م��ام راودت����ه ف��ك��رة االغ��ت�����س��ال‪ ،‬كان‬ ‫مت�سخا ب��ع��د �سفر ط��وي��ل‪ ،‬ل��ك��ن النوبة‬ ‫الزم��ت��ه حينها وب���دا ���ص��وت اال�ستفراغ‬ ‫يوقظ املقاتلني النائمني‪� ،‬شعر �أرن�ست‬ ‫بالغ�ضب وب���د�أ ي��ل��وم نف�سه"‪ .‬حتى ان‬ ‫فيدل حني اراد ان يتلو بيانا عن الثورة‬ ‫يف كوبا مل يتمكن ت�شي من �إكماله لل�سبب‬ ‫نف�سه‪.‬‬

‫النهاية املثرية‬

‫كانت اال�صوات التي تخرج من املنزل ال تدل على جو مرح و�ضحك"‪ ،‬جيفارا‬ ‫يف تلك الفرتة مل يكن قد جتاوز ال�سنوات اخلم�سن وكانت ت�شده ق�ضايا ت�ؤ�شر‬ ‫االحتجاج والرف�ض‪ ،‬وكان ال�سكان يناق�شون زيادة �أ�سعار الكهرباء‪ ،‬وقرروا‬ ‫حتطيم �أعمدة الإنارة يف املدينة كي ت�ضطر �شركات الكهرباء اىل ا�صالحها ودفع‬ ‫الغرامة املالية‪ ،‬يف تلك االثناء كان جيفارا ي�ستمع اىل تلك النقا�شات احلامية‬ ‫وهو يتمدد حتت �أريكة والده‪ .‬يف هذا املف�صل من الكتاب يح�سن غرو�س وفولف‬ ‫اظهار �شغف �أرن�ست مبعرفة ق�ضايا االفراد‪.‬‬

‫تنتهي ال��رواي��ة ب�شكل غاية يف الروعة‪،‬‬ ‫على ال�صعيد الفني‪� ،‬أذ ي�ستدرجك من‬ ‫دون لب�س او ت�لاع��ب يف ال�شكل الفني‬ ‫لل�سرد‪ ،‬املو�ضوع جد وا�ضح منذ فقدانه‬ ‫ال�����س�لاح مب��ع��رك��ة يف بوليفيا‪ .‬ك���ان كل‬ ‫�شيء ي�ستدرجك منذ دخ��ول ت�شي غرفة‬ ‫الأ�سر يف مدر�سة مبقاطعة بوليفية حيث‬ ‫دارت قبل ذلك ب�ساعات معارك طاحنة بني‬ ‫الثوار واجلي�ش‪ ,‬وك��ان جيفارا يتحاور‬ ‫مع عنا�صر املخابرات الأمريكية يف غرفة‬ ‫االعتقال‪ ،‬بلهجة فيها الكثري من الكربياء‪،‬‬ ‫ورغ���ب���ة ع���ارم���ة يف ال��ت��ح��دث م��ع��ه��م عن‬ ‫"الإمربيالية الأمريكية" وحقيقة اهداف‬ ‫ال��ث��وار‪ ،‬ك��ان يرغب‪ ،‬بينما يتلقى لكمات‬ ‫عنيفة من اجلنود‪ ،‬ان يتحدث معهم عن‬ ‫حمو االمية واال�صالح الزراعي وهموم‬ ‫ال���ف���ق���راء‪ .‬ل��ك��ن��ه ���ش��ع��ر ب��ف�����ش��ل م��ث��ل هذه‬ ‫امل��ح��اوالت فتحول احل���وار اىل �س�ؤال‬ ‫تهكمي وجواب مزدر‪ .‬ظل �أرن�ست يطاول‬ ‫يف �شكيمته ح��ت��ى دخ���ل اح���د الكوبيني‬ ‫املهاجرين وكان ثمال ليمطر بطنه بوابل‬ ‫من الر�صا�ص‪ ،‬مل ميت‪ ،‬لكنه نزف و�شعر‬ ‫بالإعياء‪ ،‬فهد�أ االمل‪� ،‬سوى ان نوبة الربو‬ ‫عادت �إليه و�أفاقت كل اجلروح‪ ،‬عاد الثمل‬ ‫اخلائف اىل الغرفة‪ ،‬وو�ضع الفوهة يف‬ ‫�صدغه‪� ،‬أفرغ احلمولة فمات جيفارا‪.‬‬ ‫�أت�����ذك�����ر ه���ن���ا م���ق���ول���ة ����ش���ه�ي�رة اخ����رى‬ ‫لت�شي‪":‬فع ًال‪� ،‬أن��ا مغامر‪ ،‬لكن من طراز‬ ‫خمتلف ع��ن امل��غ��ام��ري��ن ال�����س��اع�ين وراء‬ ‫أ�ضحي ِّ‬ ‫بكل‬ ‫نزوات فردية عابرة‪� ،‬إذ �إ ّنني � ّ‬ ‫�شيء من �أجل الثورة والن�ضال امل�ستم ّر"‪.‬‬ ‫تف�سر كلمات ت�شي تطور وعيه منذ �صباه‬ ‫ح��ت��ى ي���وم مقتله ب��ط��ري��ق��ة دراماتيكية‬ ‫مثرية‪ .‬وبرغم ان الكتاب فلت من اللغة‬ ‫التعبوية‪ ،‬وح���اول ان يظهر ان لت�شي‬ ‫�سمات اعتيادية فهو اي�ضا رجل بعيوب‪،‬‬ ‫لكن هذا العمل مل ي�ستطع �إغفال حقيقته‬ ‫القوية‪ ،‬رحيل جيفارا‪ ،‬وه��و ذات االمر‬ ‫ال��ذي انتهت اليه ال��رواي��ة‪� ،‬شكل بداية‬ ‫مثرية لأحالم �أجيال عديدة‪ ،‬كما كان هو‬ ‫�أيام ن�ضاله‪ .‬هذا الكتاب‪ ،‬جنح يف اي�صال‬ ‫فكرة االح�ل�ام التي المت���وت‪ ،‬برغم تلك‬ ‫امليتة امل�ؤملة التي عا�شها ت�شي‪.‬‬

‫‪http://www.almadapaper.com - E-mail: almada@almadapaper.com‬‬


‫‪4‬‬

‫العدد (‪)2353‬ال�سنة التا�سعة ‪ -‬االربعاء (‪ )4‬كانون الثاين ‪2012‬‬

‫العدد (‪)2353‬ال�سنة التا�سعة ‪ -‬االربعاء (‪ )4‬كانون الثاين ‪2012‬‬

‫الكفاح حتى الموت ‪ ..‬صوتان لسيرة واحدة‬ ‫يوجينيو رينزي‬ ‫ترجمة ‪ :‬جودت جايل‬ ‫قدم املخرج الأمريكي �ستيفن �سوديربريغ‬ ‫(����س�ي�رة) ج��ي��ف��ارا يف ف��ي��ل��م�ين ه��م��ا (�شي‬ ‫الأرج��ن��ت��ي��ن��ي) و (���ش��ي امل��غ��وار) ‪. 2008‬‬ ‫يقول جيفارا يف بداية اجلزء الثاين (حني‬ ‫تكون ال��ث��ورة حقيقية فعلى امل��رء �أم��ا �أن‬ ‫ينت�صر �أو ميوت)‪ ،‬وهكذا ي�صلنا يف الواقع‬ ‫�صوتان من هذا العمل‪� ..‬صوت الن�صر يف‬

‫(الأرج��ن��ت��ي��ن��ي) ال���ذي ي��ب��د�أ مبقابلة يقوم‬ ‫بها �صحفي �أمريكي مع جيفارا ال��ذي كان‬ ‫وقتها وزي��را يف اجلمهورية اال�شرتاكية‬ ‫الكوبية‪ .‬ي�س�أله ال�صحفي �س�ؤاال فيبت�سم‬ ‫القائد وهو ي�ضع �سيجارا يف فمه‪ .‬يطلق‬ ‫نفثة من الدخان وي�شرع يف (فال�ش باك)‬ ‫بتذكر ت���أري��خ ال��ث��ورة ال��ك��وب��ي��ة‪ .‬توا�صل‬ ‫املقابلة تتبع م�آثر جيفارا منذ الأيام الأوىل‬ ‫ح�ين ك��ان يعالج اجل��رح��ى يف جبال �سريا‬ ‫ماي�سرتا وحتى االنت�صار يف �سانتا كالرا‪.‬‬

‫‪http://www.almadapaper.com - E-mail: almada@almadapaper.com‬‬

‫و�صوت املوت يكون يف فيلم (املغوار)‬ ‫حيث ي���روي ج��ي��ف��ارا مغامرته البوليفية‬ ‫امل�أ�ساوية‪ .‬ن�سمع ال�صوت متوحدا وهو يقر�أ‬ ‫ب�صيغة املتكلم والزمن امل�ضارع �صفحات من‬ ‫يومياته معتربا م�صرعه اخلا�ص عودة اىل‬ ‫البداية من القائد اىل املعلم اىل الطبيب‪.‬‬ ‫نرى يف النهاية جيفارا وقد �أنهكه املر�ض‪،‬‬ ‫ي�ستند اىل ج���ذوع الأ���ش��ج��ار وه��و ي�سري‬ ‫بج�سم م��رجت��ف وي�����س��ع��ل‪ ،‬وه��ك��ذا ك��ن��ا قد‬ ‫ر�أيناه يف بداية جزء (الأرجنتيني) �أي�ضا‪.‬‬

‫�أن �صوت جيفارا يف الفيلمني هو يف الواقع‬ ‫نربتان‪ ،‬نربة �سعيدة ونربة حمبطة‪ .‬تفر�ض‬ ‫مادة الق�صة بحد ذاتها هذا التق�سيم وهذا‬ ‫الثنائي اجل��م��ايل‪ .‬ب�ين ظلمة الغابة التي‬ ‫التخرتق من قبل العدو يف (الأرجنتيني)‬ ‫والقمم املك�شوفة امل�شم�سة يف (املغوار)‪،‬‬ ‫وب��ال��ت��ايل نحن �أم���ام مت�ضادين دراميني‬ ‫ه��م��ا ال��ت��ف��ا�ؤل وال��ت�����ش��ا�ؤم‪ ،‬وح��ال�ين هما‬ ‫الأمان وفقدانه‪ .‬بني هاتني املثابتني وظف‬ ‫�سوديربريغ كل مواهبه الأخراجية للتحرك‬

‫بينهما بحيث ن�شعر بالرابطة الع�ضوية‬ ‫بني اجل��زءي��ن‪� .‬أن (جيفارا) �سوديربريغ‬ ‫يذهب اىل املعركة م�سلحا مبنطق التناق�ض‬ ‫الهيجلي ففي كل حلظة يتوجب على جيفارا‬ ‫�أن ينتج تعار�ضا جدليا‪� ،‬أط��روح��ة فكرية‬ ‫ج��دي��دة‪ .‬يقتنع امل�شاهد منذ بداية اجلزء‬ ‫الأول ب�أن هذين ال�صوتني هما جانبا التكامل‬ ‫ل�صوت واحد وال يكفان عن الت�صارع فوق‬ ‫ال�صورة‪ .‬ينزل جندي ب�ضعة �أمتار �أ�سفل‬ ‫املكان الذي يحتمي به قائده جيفارا‪ .‬حلظة‬

‫عابرة يف حياة املغاوير‪ ،‬لكن هذا اجلندي‬ ‫ي�صبح يف مرمى قنا�ص العدو‪ .‬حني توجب‬ ‫على ال��ق��ائ��د �أع��ط��اء الأم���ر باالن�سحاب مل‬ ‫يرتدد تاركا اجلندي لقدره‪ ،‬ي�سقط اجلندي‬ ‫فيما ن�سمع ���ص��وت ج��ي��ف��ارا ي��ح��دث��ن��ا عن‬ ‫املقارنة بني املغاوير واملرتزقة وكيف �أن‬ ‫كال الفريقني‪ ،‬يف حلظة معينة‪ ،‬البد من �أن‬ ‫يت�صرفا بالطريقة نف�سها‪ ،‬الت�ضحية بحياة‬ ‫الفرد من �أجل اجلماعة مهما كان االختالف‬ ‫بينهما يف الأ�سلحة والأه��داف‪ ،‬الفرق عند‬ ‫املغاوير هو احلب‪ ...‬حب الق�ضية‪.‬‬ ‫تتعاي�ش يف حياة جيفارا م�سريتان‪ .‬م�سرية‬ ‫خيطية منذ لقائه بفيدل كا�سرتو حتى موته‬ ‫يف بوليفيا‪ ،‬وم�سرية دائرية ت�أخذنا عرب‬ ‫درو�س وجتربة الثوري املحرتف‪ ،‬الثوري‬ ‫ال����ذي ي��ت��وغ��ل يف ال��غ��اب ح��ي��ث النظرية‬ ‫وال��ت��ط��ب��ي��ق مت�شابكان كت�شابك خ�ضرة‬ ‫الأوراق يف فيلم (الأرجنتيني)‪ ،‬والثوري‬ ‫الذي ي�ضيع يف غابات بوليفيا التي مل تعد‬ ‫متنح امل����أوى ���س��واء جل�سده �أو لت�أمالته‬ ‫يف فيلم (امل���غ���وار)‪ .‬يت�سجل جيفارا هنا‬ ‫بغنائية تراجيدية يف �صراع تناق�ض داخل‬ ‫ك��ل م�شهد‪ ،‬ال ب��ل داخ���ل ك��ل ���ص��ورة‪ ،‬وهو‬ ‫يقر�أ كتابا �أو وهو يحتل مدينة‪ .‬كل لقطة‬ ‫مق�صودة وتعني هذا التحول من الأنت�صار‬ ‫اىل ال�سقوط‪ .‬يرف�ض جيفارا عندما كان يف‬ ‫كوبا تطوع فتاتني لأنهما مل تتجاوزا من‬ ‫العمر ‪ 16‬عاما ثم يقرر الأحتفاظ بهما لأنهما‬ ‫تعرفان القراءة والكتابة ويف بوليفيا يقبل‬ ‫بفتاتني بالعمر نف�سه من دون �شرط القراءة‬ ‫والكتابة قائال �إن االن�سان يف ه��ذا العمر‬ ‫يعرف مايريد‪ ،‬ويف حني تربهن �أول فتاتني‬ ‫على الب�سالة والأخال�ص يف القتال تخونه‬ ‫الأخريان‪.‬‬ ‫لي�ست ق�ضية الفيلم ه��ي اخ��ت��زال معرفة‬ ‫ج��ي��ف��ارا ال��ث��وري��ة �أو اخ�ضاعها للنقا�ش‬ ‫ب��ل على العك�س ه��ي املحافظة على هذه‬ ‫املعرفة بتجريدها من الهدف النهائي‪ ،‬عن‬ ‫التنظيم الب�سيط ل�ل�أح��داث كما يف فيلم‬ ‫ي�سري ك�سل�سلة وقائع‪� .‬أن املك�سب هو �أن‬ ‫الي��ت��م �أ���س��ت��خ�لا���ص در����س حم���دد م��ن هذه‬ ‫الوقائع‪ .‬لقد توحدت حتت ظل جيفارا يف‬ ‫كوبا خمتلف الأح��زاب القريبة من الق�ضية‬ ‫فيما �أمتنع احل��زب ال�شيوعي يف بوليفيا‬ ‫ع��ن م�ساعدته‪ ،‬ك��ان ال��ف�لاح��ون الكوبيون‬ ‫ذوي عقلية ثورية لكن الفالحني البوليفيني‬ ‫ن�أوا ب�أنف�سهم عن الثوار‪ .‬يف �أول لقاء بني‬ ‫كا�سرتو وجيفارا يف املك�سيك على �شرفة‬ ‫يف منزل ماريا �أنتونيا بعد الع�شاء �أو�ضح‬ ‫كا�سرتو جليفارا ب�أن النجاح غري م�ضمون‬ ‫ومي��ك��ن �أن ت��رب��ح الق�ضية �أو تخ�سرها‬ ‫كاملقامرة‪� ،‬أختار جيفارا �أن يتبع كا�سرتو‬ ‫يف كوبا فربح املعركة‪ ،‬و�أختار �أن ي�صدر‬ ‫الثورة اىل القارة فخ�سر يف بوليفيا‪ .‬قال‬ ‫ل��ه كا�سرتو �آن���ذاك ((�أن���ت ه��و اجل��ن��ون!))‬ ‫وح��ق��ا ك���ان ل��ق��ا�ؤه��م��ا ع��ل��ى ف��ك��رة م�شرتكة‬ ‫بينهما هي �أن ال��ث��ورة تتطلب م��ق��دارا من‬ ‫احلب مع مقدار من اجلنون‪ ،‬ولكن النجاح‬ ‫يعتمد على �أن ي�سريا معا حتى النهاية‪ .‬لقد‬ ‫ك��ان جيفارا ميثل ذل��ك املقدار من اجلنون‬ ‫الذي �أنف�صل عن قرينه و�سار وحيدا‪ .‬لكن‬ ‫(امل��غ��وار) لي�س حكاية ع��ن الف�شل ب��ل هو‬ ‫حكاية م�شهد االنت�صار م�صورا من اجلهة‬ ‫املقابلة‪ ،‬منظورا �إليه من نقطة �أخ��رى �أو‬ ‫من نقطة التعليق عليه حيث ت�صبح الثورة‬ ‫اميانا م�أ�ساويا‪.‬‬ ‫�أن م��وت ج��ي��ف��ارا ه��و ���ش��رف خال�ص لأنه‬ ‫ب�أنتقاله اىل بوليفيا تخلى ع��ن ك��ل �شيء‬ ‫‪ ...‬املن�صب الرفيع‪ ،‬والهوية ال�شخ�صية‪،‬‬ ‫وامل��واط��ن��ة ال��ك��وب��ي��ة‪ ...‬و�أ���س��م��ه‪ .‬تخلى‬ ‫ع��ن اجل��ان��ب امل���ادي م��ن وج���وده ‪ .‬ي�صور‬ ‫���س��ودي��رب�يرغ يف ال��ن��ه��اي��ة م�صري جيفارا‬ ‫بكامريا (ذاتية)‪ ،‬ي�صور موت الثوري وهو‬ ‫يعود فردا‪.‬‬

‫‪5‬‬

‫ج���ي���ف���ارا وزم�����ن ال��ح��ل��م‪..‬‬ ‫جمال ناجي‬

‫واحد و�أربعون عاما مرت على رحيل املنا�ضل‬ ‫الأرجنتيني ارن�ستوت�شي جيفارا ‪ ،‬الذي مثل منوذجا‬ ‫م�شرقا يف ثقافة �أجيال العامل الثالث ورمبا يف ثقافة‬ ‫�أوروبا و�أمريكا �أي�ضا‪ .‬هذا ال يعني الكثري ‪ ،‬ورمبا‬ ‫كان املقيا�س الزمني هو �آخر ما ميكن التفكري به‬ ‫عند تذكر من تركوا ب�صماتهم على �صفحات التاريخ‬ ‫‪ ،‬خ�صو�صا حني يكون ت�أثري موتهم �أكرث من ت�أثري‬ ‫حياتهم ‪ .‬لكن ما الذي يدعو بع�ض اجلهات وامل�ؤ�س�سات‬ ‫ال�سيا�سية والثقافية والفنية والتجارية �أي�ضا ‪ -‬يف‬ ‫اوروبا و�أمريكا ‪ -‬اىل ا�ستذكار جيفارا و�إقامة الندوات‬ ‫عنه ‪ ،‬و�إحياء ذكراه التي �صادفت يف التا�سع من‬ ‫نوفمرب‪ /‬ت�شرين الثاين املا�ضي؟‬

‫ال�سيا�سيون ي���رون يف ج��ي��ف��ارا رم���زا ث��وري��ا وظاهرة‬ ‫�سيا�سية مم��ي��زة يف ال��ق��رن ال��ع�����ش��ري��ن‪ ،‬وي���ج���دون يف‬ ‫«الغيفارية» ما ي�شبه النظرية ال�سيا�سية املارك�سية القائمة‬ ‫على حالة ن�ضالية رومان�سية انت�شرت يف بلدان عدة من‬ ‫العامل وتركت �أثرها يف �أكرث من مكان‪.‬‬ ‫املثقفون وج��دوا �أن جيفارا – الطبيب و�سليل اال�سرة‬ ‫ال�برج��وازي��ة ‪ -‬مثاال للثوري احل��امل املثقف ‪ ،‬واالكرث‬ ‫ت��ب�����ص��را وت��ع��ق�لا وق����درة ع��ل��ى ال��ت��ن��ظ�ير وال��ت��ث��ق��ي��ف من‬ ‫رفيق �سالحه فيدل كا�سرتو العفوي الذي ميتلك قدرات‬ ‫ا�ستثنائية على القيادة والتحري�ض‪ .‬وبطبيعة احلال فقد‬ ‫�أ�صدروا العديد من امل�ؤلفات والكتب التي تناولت حياته‬ ‫و�سريته ومقتله وكتاباته وخطاباته ور�سائله التي كان‬ ‫من بينها «ر�سالة الوداع» امل�ؤثرة التي وجهها اىل ال�شعب‬ ‫الكوبي واىل عائلته معلنا فيها ان مهمته الثورية يف كوبا‬ ‫قد اجنزت ‪ ،‬مع الإعتذار عن ت�سلم املنا�صب ال�سيا�سية يف‬ ‫اول حكومة ثورية ي�شكلها كا�سرتو يف كوبا بعد حتريرها‬ ‫من نظام باتي�ستا‪.‬‬ ‫االن ‪ ،‬وب��ع��د م���رور واح���د وارب��ع�ين ع��ام��ا على مقتله ‪،‬‬ ‫حت�ضر �صورة جيفارا ال�شهرية اجلذابة بكثافة يف �أماكن‬ ‫كثرية من العامل ‪ ،‬لكن ح�ضورها يبدو مدججا باملعاين‬ ‫املتناق�ضة يف كثري من الأحيان ‪ ،‬فهي مل تعد ترمز �إىل‬ ‫الثورة اوثقافتها او رومان�سيتها وح�سب‪� ،‬إمنا حتولت‬ ‫اىل ما ي�شبه املاركة ال�سيا�سية الثقافية والتجارية اي�ضا ‪،‬‬ ‫فال�شبان يف كثري من بلدان العامل ي�ضعون على قم�صانهم‬ ‫تلك ال�صورة التي نقلها النا�شر االيطايل جوينياكومو‬ ‫فلرتينيلي �إىل �أوروب���ا ع��ام ‪ 1967‬ومنها انت�شرت اىل‬ ‫انحاء العامل ‪ ،‬كما يرتدون «البرييه» ويطيلون �شعرهم‬

‫ك��ي يقرتبوا مبظاهرهم م��ن امل��ث��ال ‪ ،‬يبتاعون قم�صانا‬ ‫حتمل هذه ال�صورة‪ ،‬ولو �س�ألنا احدهم عن ال�سبب يف‬ ‫اختياره لها فقد ال يجيبنا ‪ ،‬وقد تكون جاذبية ال�صورة‬ ‫هي ال�سبب ‪ .‬بع�ض املواقع االلكرتونية حتى يف الواليات‬ ‫املتحدة ‪ ،‬ت�ضع تلك ال�صورة على واجهات اال�ستخدام‬ ‫‪ ،‬املثقفون يعلقونها يف بيوتهم ومكاتبهم ‪ ،‬الرئي�س‬ ‫الفنزويلي هوغو �شافيز يرتدي قم�صانا حتمل �صورة‬ ‫جيفارا‪ ،‬فيما يقدم الزعيم البوليفي مورالي�س لزواره‬ ‫ن�سخا عنها م�صنوعة من �أوراق نبات الكوكا‪ .‬وقبل �أ�شهر‬ ‫بثت ف�ضائية اجلزيرة �صورا مثرية خلرب عن قمع رجال‬ ‫الأمن يف احدى البلدان العربية لتظاهرة طالب امل�شاركون‬ ‫فيها – من ابناء االري��اف – ب�إ�صالحات زراعية ‪ ،‬وكان‬ ‫عدد من رجال الأم��ن يرتدون بزات مدنية حتمل �صورة‬ ‫جيفارا! كان الأم��ر م�ضحكا ومدعاة لل�سخرية املريرة ‪،‬‬ ‫�إذ من امل�ؤكد انهم يجهلون ما ترمز اليه تلك ال�صورة من‬ ‫معان تتناق�ض متاما مع ما يقومون به من �أعمال قمع‬ ‫ملواطنيهم ‪ .‬يف الغرب ‪ ،‬وح�سب تقرير �صدر عن ال «بي‬ ‫بي �سي» ‪ ،‬ف�إن �صورة جيفارا( جمعت الكثري من املعاين‬ ‫الر�أ�سمالية والتجارية والدينية والثورية‪ ،‬وال توجد �أي‬ ‫�صورة �أخرى ت�أخذنا �إىل كل هذه املناطق‪ ،‬كما ظهرت هذه‬ ‫ال�صورة كديكور ملنتجات مثل املناديل الورقية واملالب�س‬ ‫الداخلية ويف �أ�سرتاليا ظهر �آي�س ك��رمي جيفارا بطعم‬ ‫الكرز واجلوافة)‪.‬‬ ‫ثمة �سر يف �صورة جيفارا بالن�سبة للكثريين ‪ ،‬مع �أن‬ ‫ال�سر الأع��ظ��م يكمن يف جتربته ال��ث��وري��ة ال��ت��ي امتدت‬ ‫�آثارها �إىل كثري من حركات التحرر العاملية ‪�،‬أما املثقفون‬ ‫وال�سيا�سيون‪ ،‬فيجدون يف ���ص��ورة جيفارا �إيحاءات‬ ‫توقظ يف نفو�سهم تداعيات زمن احللم والنقاء الذي قد‬ ‫ال يعود‪.‬‬

‫‪http://www.almadapaper.com - E-mail: almada@almadapaper.com‬‬


‫‪6‬‬

‫العدد (‪)2353‬ال�سنة التا�سعة ‪ -‬االربعاء (‪ )4‬كانون الثاين ‪2012‬‬

‫العدد (‪)2353‬ال�سنة التا�سعة ‪ -‬االربعاء (‪ )4‬كانون الثاين ‪2012‬‬

‫بطل اجلميع‬

‫ابراهيم دروي�ش‬ ‫يف ق�صة الثائر العاملي االرجنتيني املولد ت�شي جيفارا (‪ ،)1967- 1928‬كل مالمح البطل الذي حمل منذ والدته حلما‬ ‫ور�ؤية لتغيري عامله‪ ،‬اوال قارته الالتينية وثانيا تطبيق نظريته يف التغيري عرب اعالن حرب �شعبية "طالئعية" تطيح‬ ‫باالنظمة ال�شمولية وتقاوم االمربيالية‪ .‬وق�صة ت�شي جيفارا كتبت منذ اغتياله يف اكرث من مظهر وملمح‪ ،‬كما ان حياته‬ ‫كثائر دويل �صارت حلم ال�شباب يف العامل‪� ،‬صوره مر�سومة على قم�صانهم‪ ،‬طاقيته املعروفة‪� ،‬ضفرية �شعره‪ ،‬ومل�صقاته‬ ‫ال تخلو غرفة طالب جامعي منها‪ ،‬ويطل وجهه على الكوبيني يوميا كلما �صرفوا عمالتهم ليتذكروا ان هذا البطل �ضحى‬ ‫وهو �شاب من اجلهم و�شارك يف حرب التحرير وبناء الدولة اجلديدة بعد االطاحة بديكتاتورية باتي�ستا‪ ،‬فاحلكومة‬ ‫الكوبية خلدته بو�ضع �صورته على قطعة نقدية من عمالتها‪.‬‬

‫لو�شيا الفاريز دي توليدو حتكي "ق�صة ت�شي جيفارا"‪:‬‬

‫استعادة للبطل في سياقه االرجنتيني‬ ‫وبحث في جذور الثورة واالنسان الجديد‬

‫يف حياة جيفارا رمزية الثائر الذي وقف �ضد‬ ‫اجلميع واحبه اجلميع‪ ،‬ففي رحلته الطويلة‬ ‫وت�شرده الباحث ع��ن حلم‪ ،‬ك��ان يجد احيانا‬ ‫العون من الطبقة " الربجوازية" التي طلقها‬ ‫وكانت تخرجه من ورطات ال�سيا�سة يف امريكا‬ ‫الالتينية‪ ،‬ويف موته الطق�سي مل يكن جيفارا‬ ‫بطال للفقراء واملحرومني بل بطال للجميع‪ ،‬فهو‬ ‫وقف وداف��ع عن القارة االمريكية اجلنوبية‪،‬‬ ‫وال يزال �سكان القرية البوليفية التي اخذ فيها‬ ‫جيفارا وجماعته من الثائرين يتحدثون بندم‬ ‫عن الطريقة التي عاملوا فيها الثائر ويقولون‬ ‫ان��ه ج��اء اليهم ب��دون ان يكونوا جاهزين له‬ ‫فالقائد جاء اليهم ومل يفهموه وهجروه ومات‬ ‫ب�سببهم‪ .‬واملوت كان الزمة مهمة يف احاديثه‬ ‫قبل نهايته‪ ،‬ويبدو ان الثائر كان يح�س بقرب‬ ‫اج��ل��ه ون��ه��اي��ة ط��ري��ق��ه‪ ،‬وت��ظ��ه��ر ح���وارات���ه مع‬ ‫الرئي�س عبدالنا�صر والتي نقلها عنه حممد‬ ‫ح�سنني هيكل‪ ،‬الذي كان حا�ضرا اللقاءات عدم‬ ‫ارتياح او قلق من نا�صر من تكرار الزمة املوت‬ ‫يف احاديث �إيفارا حيث قال االخري انه يحلم‬ ‫بالعثور على مكان ما للكفاح من اجل الثورة‬ ‫العاملية ‪ ،‬مما دعا نا�صر للتعليق قائال " ملاذا‬ ‫تكرث احلديث عن املوت؟ ما زلت �شابا‪ ،‬اذا كان‬ ‫من ال�ضروري يجب ان منوت من اجل الثورة‬ ‫ولكن من االجمل احلياة من اجلها"‪ ،‬كان هذا‬ ‫عندما ك��ان يح�ضر جيفارا حلملته االفريقية‬ ‫الفا�شلة يف الكونغو والتي تعلم من درو�سها‬ ‫الكثري‪.‬‬

‫حياة مع جيفارا‬

‫ت�شي ج��ي��ف��ارا‪ ،‬ا���س��م ‪ ،‬م��ارك��ة‪��� ،‬ص��ورة وجه‬ ‫وتاريخ وحياة وكتاب وثورة هو الرجل الذي‬ ‫ظل يتجول يف العامل حاملا بالتغيري‪ ،‬باالن�سان‬ ‫اجلديد‪ ،‬ببناء جمتمع مثايل ي�سود فيه العدل‬ ‫واحلرية‪ ،‬هذا الطبيب ابن الطبقة املتو�سطة‬ ‫االرجنتنية (مل يكن ار�ستقراطيا) اتخذ قراره‬ ‫ان يكون دائما مع املحرومني‪ ،‬بد�أ منذ �شبابه‬ ‫رح�ل�ات ع��ل��ى ال���دراج���ة ال��ه��وائ��ي��ة (ق��ط��ع مرة‬ ‫‪ 4700‬كم يف رحلة واحدة) يف بالده ومن ثم‬ ‫على الدراجة النارية مع ا�صدقائه حول القارة‬ ‫الالتينية‪ ،‬حامال معه اح�لام الوحدة واعادة‬ ‫ت�شكيل حلم �سيمون بوليفار‪ ،‬الثائر الذي اطلق‬ ‫عليه ا�سم "بوليفيا" وا�ستطاع بناء فدرالية من‬ ‫ال��دول الالتينية التي حررها من اال�ستعمار‬ ‫اال�سباين‪ ،‬ومع بوليفار تغنى با�شعار الكوبي‬ ‫خو�سيه مارتي‪.‬‬

‫ان�سان القرن الع�شرين الكامل‬

‫ق�صة ت�شي جيفارا خالفا لغريه من ثوار القرن‬ ‫الع�شرين‪ ،‬تغري الكثريين للدخول يف عامله‪،‬‬ ‫بدايته ونهايته‪ .‬فهو ح�سب جون بول �سارتر‬ ‫"ان�سان القرن الع�شرين الكامل" لكن البطل‬ ‫ال���ذي ت��غ�يرت حياته ف��ج���أة ويف م���دار �سبعة‬ ‫اع��وام اي منذ ق��راره االن�ضمام يف املك�سيك‬ ‫لكا�سرتو وجمموعته يف ‪ 1953‬ومن ثم وبعد‬

‫انت�صار الثورة يف عام ‪ 1959‬حتول وجها من‬ ‫وجوه الثورة املهمة‪ ،‬قائدا‪ ،‬مثقفا يبني حلمها‬ ‫ووجهها يف ال��ع��امل‪ ،‬متحدثا نيابة عنها يف‬ ‫االمم املتحدة وممثال لها امام رابطة ال�شعوب‬ ‫الالتينية‪ ،‬ومبعوثا لها يف دول افريقيا و�آ�سيا‬ ‫من اجل بناء عالقات وتوقيع اتفاقيات تك�سر‬ ‫احل�صار االمريكي عن اجلزيرة التي �ضحى‬ ‫من اجلها وا�صبح مواطنا من مواطنيها‪ .‬هذا‬ ‫التحول الهام يف حياة الثائر ال��ذي مل يتوان‬ ‫يف جتواله يف قارته عن العمل يف مهن قا�سية‬ ‫وهو املتخرج كطبيب ي�شري اىل ان ت�شي يف كل‬ ‫حياته ظل م�سكونا بهاج�س االجناز واحلركة‬ ‫امل�ستمرة‪ ،‬وان اجللو�س ال يحرك اال�شياء بل‬ ‫ال بد من اخلروج وتعليم اجلماهري والتفاعل‬ ‫معها‪ .‬ت�شي مل يكن ينام اال قليال وك��ان يقر�أ‬ ‫ك��ث�يرا‪ ،‬وي��ج��د م��ل��ج���أه يف احل��م��ام بعيدا عن‬ ‫�صراخ االطفال وعيون احلر�س‪ ،‬وك��ان يفكر‬ ‫دائ��م��ا ويكتب دائ��م��ا‪ ،‬يخطط ويبني‪ ،‬عندما‬ ‫كانت حالته املر�ضية ت�ضطره للبقاء يف البيت‬ ‫كان يعلم اخلادمات القراءة والكتابة‪ ،‬حيث كان‬ ‫يختار ق�صة روبن هود التي يقر�أها ب�صوت عال‬ ‫لهن‪ ،‬ويف بوليفيا اثناء حملته االخ�يرة قبل‬ ‫اغتياله كان ابناء الفالحني يخوفون ابناءهم‬ ‫من ت�شي جيفارا عندما كان االطفال يرتكون‬ ‫درو�سهم‪ ،‬ويف اثناء رحلة الثورة الكوبية من‬

‫‪http://www.almadapaper.com - E-mail: almada@almadapaper.com‬‬

‫املوت كان الزمة مهمة يف احاديثه قبل نهايته‪،‬‬ ‫ويبدو ان الثائر كان يح�س بقرب اجله‬ ‫ونهاية طريقه‪ ،‬وتظهر حواراته مع الرئي�س‬ ‫عبدالنا�صر والتي نقلها عنه حممد ح�سنني‬ ‫هيكل‪ ،‬الذي كان حا�ضرا اللقاءات عدم ارتياح‬ ‫او قلق من نا�صر من تكرار الزمة املوت يف‬ ‫احاديث �إيفارا حيث قال االخري انه يحلم‬ ‫بالعثور على مكان ما للكفاح من اجل الثورة‬ ‫العاملية ‪ ،‬مما دعا نا�صر للتعليق قائال " ملاذا‬ ‫تكرث احلديث عن املوت؟ ما زلت �شابا‪ ،‬اذا كان‬ ‫من ال�ضروري يجب ان منوت من اجل الثورة‬ ‫ولكن من االجمل احلياة من اجلها"‪ ،‬كان هذا‬ ‫عندما كان يح�ضر جيفارا حلملته االفريقية‬ ‫الفا�شلة يف الكونغو والتي تعلم من درو�سها‬ ‫الكثري‪.‬‬

‫جبال �سيريا ماي�سرتا والزحف نحو العا�صمة‬ ‫علم الفالحني والفالحات و�صنع منهم‪ -‬منهن‬ ‫كوادر خمل�صة للثورة‪ .‬نعرف الكثري عن حياة‬ ‫جيفارا‪ ،‬من مذكراته وكتبه عن الثورة ورحالته‬ ‫يف القارة الالتينية وتقييمه حلملته الفا�شلة‬ ‫يف الكونغو‪ ،‬وم��ن خ�لال ما كتبه معا�صروه‬ ‫عنه‪ ،‬رفاقه وا�صدقا�ؤه يف املدر�سة واجلامعة‬ ‫ويف طريق الثورة وما كتبته الن�ساء الالتي‬

‫رافقنه يف الكفاح‪ ،‬كما تزودنا كتب املعار�ضني‬ ‫ل��ه بالكثري م��ن ال�����ص��ور ع��ن��ه‪ ،‬وف���وق ك��ل هذا‬ ‫ف���إي��ف��ارا ك��ان وج��ه ال��ث��ورة الكوبية املعروف‬ ‫لدرجة ان الكثريين يلمحون اىل دور لرفيقه‬ ‫ف��ي��دل ك��ا���س�ترو يف نهايته عندما اب��ع��ده عن‬ ‫كوبا كما يقول املغر�ضون ورمى به يف ادغال‬ ‫بوليفيا حيث القى نهايته على يد عمالء الـ"�سي‬ ‫�آي ايه" الذين ير�صدون حتركاته منذ ان بد�أ‬ ‫ن�شاطه ال�سيا�سي واظهر ميال للثورة‪ ،‬وهو‬ ‫التحول الذي جاء بعد االنقالب يف غواتيماال‬ ‫واحل��رب االهلية (‪ )1954‬التي اندلعت هناك‬ ‫وقتلت الي�سار‪� .‬سيعترب ت�شي جيفارا ما حدث‬ ‫يف غواتيماال نقطة حتول يف تفكريه ونظرته‬ ‫للتغيري فان�صار الرئي�س يف حينه وحكومته‬ ‫كان من املمكن انقاذهما من الع�سكر املدعومني‬ ‫من امريكا لو مت ت�سليح ال�شعب ولتم جتنب‬ ‫املجازر التي حدثت نتيجة ا�ستقالة الرئي�س‬ ‫يف حينه‪.‬‬

‫ق�صته وكفاحه كتاب مفتوح‬

‫من الكم الهائل من الكتب واملذكرات واالفالم‬ ‫وال�صور التي منلكها عن جيفارا‪ ،‬ال زالت ق�صته‬ ‫متنحنا الكثري‪ ،‬فبعيدا عن موته و�شهادته من‬ ‫اج��ل مبادئه‪ ،‬ال ت��زال ق�صته متنحنا الكثري‪،‬‬ ‫النه كان يعرف ان القدر �ساقه لتحقيق هدف‬

‫يف احلياة‪ .‬ومن هنا ظل يكتب ويفكر ويرحل‬ ‫من مكان اىل مكان‪ ،‬فالرحلة يف حياة جيفارا مل‬ ‫تكن لال�ستمتاع والتفرج فقط بل كانت من اجل‬ ‫املعرفة واكت�شاف جذور القارة التي ولد فيها‪،‬‬ ‫والتعاي�ش مع املحرومني من ابنائها اال�صليني‪،‬‬ ‫الهنود احلمر‪ ،‬ولهذا ظل جيفارا طوال رحالته‬ ‫منهمكا بالقراءة واحلوار واجلدل والت�صوير‪،‬‬ ‫ح��ي��ث ك���ان ي��ه��وى ال��ت��ق��اط ال�����ص��ور للمعامل‬ ‫ال��ت��اري��خ��ي��ة ل��ل��ق��ارة ال�لات��ي��ن��ي��ة‪ .‬م��ت��اع الثائر‬ ‫بالن�سبة جليفارا كان قلبه والتزامه مببادئه‬ ‫وت�صميمه ع��ل��ى احل��رك��ة وا���س��ت��م��رار احللم‬ ‫بالتغيري‪ .‬يف ق�صه جيفارا ا�صرار على احلياة‬ ‫من اجل الآخرين‪ ،‬عدم االلتفات للماديات‪ ،‬مات‬ ‫كغريه من القادة الذين غريوا التاريخ‪ ،‬بدون‬ ‫متاع‪ ،‬متاعه عند غ�يره‪ ،‬وهنا نفهم طهورية‬ ‫ال��ث��ائ��ر ال���ذي جت���اوز اخل��ط��وط الفا�صلة بني‬ ‫الطبقة والدين واال�صل والعرق‪ ،‬وكان نف�سه‬ ‫�شاهدا ومن��وذج��ا‪ .‬عندما و�صل ال��ث��وار مثال‬ ‫اىل كوبا‪ ،‬اعطى اجلنود الكوبيني ال�سود من‬ ‫فرقته غرفا قريبة منه وهو امر مل يكن معروفا‬ ‫يف كوبا على الرغم من نهاية العبودية‪ ،‬هناك‪،‬‬ ‫ويف رح�لات��ه يف امريكا الالتينية مل يتوان‬ ‫ع��ن ال�سفر يف ع��رب��ات ال��ق��ط��ارات املخ�ص�صة‬ ‫لالمريكيني اال�صليني (الذين كانوا يح�شرون‬ ‫مع احليوانات)‪.‬‬

‫هناك الكثري من الرموز والرمزيات يف حياة‬ ‫ج��ي��ف��ارا‪ ،‬ال��ث��ائ��ر وال�سيا�سي واالب والقائد‬ ‫وامل��ث��ق��ف و"ال�شاعر" وامل�����ص��ور‪ ،‬وااليقونة‬ ‫وكاتب اليوميات ومنظر الثورة‪ ،‬وكل ملمح‬ ‫منها ي��ق��دم ل��ن��ا ���ص��ورة ع��ن ع�����ص��ره وزمنه‪.‬‬ ‫والنه كذلك فال بد من درا�سة ت�ضع حياته يف‬ ‫�سياق وطنه‪ ،‬تاريخه الذي ولد وت�شكلت فيه‬ ‫ر�ؤاه‪ ،‬ولهذا ترى لو�شيا الفاريز دي توليدو‪،‬‬ ‫االع�لام��ي��ة امل��ج��رب��ة واب���ن���ة ب��ي��ون�����س اير�س‬ ‫ان ال��ك��ت��اب��ات ال��ت��ي كتبت ع��ن��ه اغ��ف��ل��ت البعد‬ ‫االرجنتيني يف حياته‪ ،‬اي مل تعط االجواء‬ ‫التي عا�ش فيها قدرها من البحث‪ ،‬ومل جتذر‬ ‫ر�ؤيته ال�سيا�سية يف حلمه الدائم بالعودة مرة‬ ‫اىل االرجنتني ويقود فيها الثورة‪ ،‬وقد تعهد له‬ ‫فيدل كا�سرتو عندما ان�ضم اىل الثورة الكوبية‬ ‫انه عندما تهد�أ االحوال ف�سي�ساعده على قيادة‬ ‫ال��ث��ورة يف ب��ل��ده االرج��ن��ت�ين‪ .‬م��ي��زة الكتاب‬ ‫اجلديد انه يالحق رحلة الثائر ويحاول فهمها‬ ‫يف �سياقها التاريخي‪ ،‬وهو جهد ‪ 15‬عاما من‬ ‫الكاتبة حاولت ق��راءة معظم "او كل" ما كتب‬ ‫عنه بعد وفاته يف اربع لغات‪ ،‬وكما تقول انها‬ ‫كمواطنة من مدينة بيون�س اير�س م�سلحة بفهم‬ ‫رحلته وا�صوله وهو البعد الذي ادى ببع�ض‬ ‫من كتبوا عنه وكلهم اجانب ل�سوء فهم لطبيعة‬ ‫اللغة التي ا�ستخدمها جيفارا امل��ت��ج��ذرة يف‬ ‫تاريخ ن�شوء االرجنتني وتطور اللغة واالعراق‬ ‫فيها‪ ،‬وعالقة الكفاح من اجل اال�ستقالل بدول‬ ‫اجل��وار‪ ،‬وطبيعة ق��وى امل�صالح التي حكمت‬ ‫الطريقة التي �شكلت ال�سيا�سة والثقافة يف‬ ‫االرج��ن��ت�ين‪ .‬وت��ق��ول لو�شيا ان كونها ام���ر�أة‬ ‫يعطي �سريتها بعدا �آخ��ر ملحاولتها ا�ستعادة‬ ‫"جيفارا" وو�ضعه يف �سياقه الالتيني‪.‬‬

‫نق�ض الرتهات‬

‫فعندما ن�ضع ج��ي��ف��ارا يف �سياقه الطبيعي‬ ‫ن��ت��م��ك��ن م���ن ازاح������ة ال��ك��ث�ير م���ن اال���س��اط�ير‬ ‫وتقوي�ضها وال��ت��ي ارتبطت ب��ه وبحياته من‬ ‫ان���ه ك���ان اب���ن طبقة ار���س��ت��ق��راط��ي��ة طلقها من‬ ‫اج��ل ال��ث��ورة‪ ،‬وان��ه اختلف مع كا�سرتو الذي‬ ‫�سلمه لل�سي �آي اي��ه‪ ،‬وان��ه ك��ان رج�لا قا�سيا‬ ‫قتل االطفال والن�ساء واعدم الع�صاة يف قلعة‬ ‫الكابانا يف هافانا‪ ،‬وان��ه قتل اع��داء الثورة‪،‬‬ ‫ا�ضافة لكونه رجال مهوو�سا بالن�ساء او كما‬ ‫نقول "زير ن�ساء"‪ .‬وك��ذا ت�صحيح فهم‬ ‫عن جيفارا انه كان حمدود القدرات‬ ‫القتالية واخلربة يف جمال حرب‬

‫الع�صابات وه��و ما ي�شهد عليه ف�شل حملتيه‬ ‫يف اف��ري��ق��ي��ا وام��ري��ك��ا ال�لات��ي��ن��ي��ة‪ .‬وم���ع هذه‬ ‫االهتمامات التي يحاولها كتاب لو�شيا التي‬ ‫ت�صغر جيفارا بع�شرة اعوام (مولودة يف عام‬ ‫‪ )1938‬هناك حماولة الظهار ان ثائرنا كان‬ ‫رجل اجماع "من اليمني والي�سار"‪ .‬وت�أمل من‬ ‫خ�لال ه��ذه ال��ق��راءة التاريخية "املحقبة" فهم‬ ‫ت��راث جيفارا يف �سياقه العاملي او الالتيني‪،‬‬ ‫م�شرية اىل ان تراثه ظل حمط ج��دل ونقا�ش‬ ‫من ناحية فهم جتربته وحتديدها يف �سياقها‬ ‫الكوبي ام �سياق ال��ق��ارة التي حت��ررت الآن‬ ‫من اعباء االمربيالية االمريكية وتربز دولها‬ ‫كقوة اقت�صادية و�سيا�سية مهمة‪ ،‬ويبدو ان‬ ‫حلم بوليفار‪ ،‬اجل�نرال يف متاهته‪ ،‬وجيفارا‬ ‫ال�شهيد يتحقق الآن‪ .‬املهم يف كتاب لو�شيا انه‬ ‫يحاول جمع كل ال��رواي��ات املتناق�ضة ب�شان‬ ‫حياة جيفارا‪ ،‬كما انها حاولت تتبع خطاه التي‬ ‫�سارها منذ ان بد�أ الرتحال والت�شرد وقابلت‬ ‫الكثريين ممن عا�صروه و�سجلت رواياتهم‪.‬‬ ‫وحتاول ال�سرية اجلديدة ان تلمح اىل متاهي‬ ‫حياة الكاتبة بحياة الثائر من ناحية ربطها بني‬ ‫حوادث �شخ�صية ح�صلت لها وذكرتها باهمية‬ ‫ابن بلدها واث��ره على تراث القرن الع�شرين‪،‬‬ ‫فهي ت�شري اىل حادثة لها اثناء وج��وده��ا يف‬ ‫هافانا عندما وقف �سائق �سيارة اجرة وحملها‬ ‫معه اىل فندقها عندما علم انها من بلد جيفارا‬ ‫وحوادث اخرى‪.‬‬

‫رحلة حياة‬

‫واخ��ت��ارت الكاتبة تق�سيم كتابها وف�صوله‬ ‫بناء على حقب زمنية تبد�أ من مرحلة والدته‬ ‫يف مدينة روزاي���و يف منطقة �سانتا يف ‪14‬‬ ‫ح��زي��ران (ي��ون��ي��و) ‪ 1928‬وت��ق��ول ان والدته‬ ‫يف تلك املدينة مل تكن خمططا لها‪ ،‬وال توجد‬ ‫رواب��ط للعائلة باملدينة ذلك ان االب ارن�ستو‬ ‫جيفارا لينت�ش واالم �سيليا دي ال �سرينا كانا‬ ‫يف طريقهما م��ن م��زرع��ة ���ش��اي "ماتي" اىل‬ ‫بوين�س اي��ر���س عندما ج��اءت �آالم املخا�ض‪.‬‬ ‫وا���ص��ول العائلة اال�سبانية تعود اىل اقليم‬ ‫البا�سك‪ ،‬وتذكر الكاتبة الحقا انه عندما ا�صبح‬ ‫جيفارا وجها مهما يف الثورة الكوبية كتبت‬ ‫له �سيدة تعي�ش يف املغرب حتمل نف�س اال�سم‬ ‫وت�س�أل ان كانت تربطهما عالقة قرابة؟‬

‫تنقل دائم‬

‫تك�شف ق�صة جيفارا عن تنقل العائلة الدائم‪،‬‬ ‫ب�سبب الظروف املالية او الن االبن ارن�ستو‬ ‫الذي كان يعاين من مر�ض الربو والذي رافق‬ ‫حياته كلها وظلت نوباته تالحقه حتى عندما‬ ‫ك��ان يح�ضر للقاء الزعيم م��او ت�سي تونغ‪.‬‬ ‫تعطي ق���راءة ك��ت��اب لو�شيا ���س��ردا تاريخيا‬ ‫ب�شان ا���ص��ول االرج��ن��ت�ين و�سكانها البي�ض‬ ‫ال��ذي��ن تقول ان ال��درا���س��ات احلديثة انهم ال‬ ‫يعدون عرقيا بي�ض الب�شرة‪ ،‬بل خليط من‬ ‫االع���راق واالل���وان‪ ،‬كما ت�شري اىل نزعة‬ ‫والد ووالدة جيفارا التي قالت انهما كانا‬ ‫ميثالن زوج��ا غريبا يف املجتمع لي�س‬ ‫م��ن ناحية الن�شاط ال�سيا�سي ولكن‬ ‫من ناحية الت�صرف‪ ،‬قلق وفو�ضى يف‬ ‫احلياة‪ ،‬وخروج على امل�ألوف وهو ما‬ ‫ورث��ه االب��ن عنهما‪ .‬تخربنا الكاتبة‬ ‫انه عندما كانت العائلة تقيم يف‬ ‫بلدة التا غار�سيا التي رحلت‬ ‫اليها ب�سبب جوها املنا�سب‬ ‫مل��ر���ض اب��ن��ه��ا‪ ،‬ك���ان جيفارا‬ ‫دائم التغيب عن البيت ودائم‬ ‫االخ��ت�لاط م��ع اب��ن��اء البلدة‬ ‫م��ن ال��ف��ق��راء وغ�ير البي�ض‪،‬‬ ‫حيث كان ي��زور بيوتهم ويرى‬ ‫كيف ينامون يف غرفة واحدة‬ ‫وكيف كانوا يعملون الو�سائد‬ ‫والفر�ش م��ن ورق اجلرائد‪.‬‬ ‫وك��ان جيفارا يتربع بلبا�سه‬ ‫امل��در���س��ي الب��ن��اء ه���ذه العائالت‬ ‫امل����ح����روم����ة‪ .‬و�ستعلم‬

‫متنح �سرية جيفارا اجلديدة‬ ‫القارئ فر�صة للتعرف اكرث على‬ ‫معامل حياة �شاب ذكي مثقف‪،‬‬ ‫وو�سيم كان ميكن ان يكون اي �شيء‪،‬‬ ‫م�صورا‪ ،‬كاتبا‪ ،‬م�ؤرخا‪ ،‬رحالة‪،‬‬ ‫طبيبا‪ ،‬باحثا علميا يف جمال‬ ‫امرا�ض احل�سا�سية واجلذام‪� ،‬سيا�سيا‬ ‫لكنه اختار ان يكون جنديا ثائرا‬ ‫الن اجلندية هي املكان املنا�سب‬ ‫له كما اعتقد‪ .‬تك�شف ال�سرية‬ ‫عن ح�ضور او جاذبية ت�شي وهو‬ ‫اال�سم اللقب الذي اعطي له وهو يف‬ ‫املك�سيك واحبه‪ ،‬ففي حفلة اقيمت‬ ‫على �شرفه يف كوناكري �صاحت‬ ‫زوجة ال�سفري االيطايل الحدى‬ ‫املدعوات "يا الهي انه جميل"‪،‬‬ ‫كما تك�شف كيف حاولت الدعاية‬ ‫االمريكية‪ -‬هوليوود و"التامي"‬ ‫وغريها ا�ستغالل ق�صة الرجل‬ ‫الذي �صنع ا�سطورته وفربكت كل‬ ‫الق�ص�ص حوله‪.‬‬

‫جتربته يف البلدة وم�شاهداته يف رحالته‬ ‫يف جنوب امريكا انه كان يتمتع بقدرة على‬ ‫ال�صرب على اجلوع والربد والفقر‪ ،‬ففي رحلته‬ ‫االوىل على الدراجة والتي قادته اىل فنزويال‬ ‫ومنها اىل االرجنتني عرب ميامي‪ ،‬و�صل هناك‬ ‫ويف جيبه دوالر واح���د‪ ،‬وع��ا���ش يف االيام‬ ‫االوىل على فنجان قهوة باحلليب يف اليوم‬ ‫و�سكن يف منزل بعيد عن املكتبة العامة التي‬ ‫ظل يداوم عليها حتى وجد حال للعودة‪ ،‬ومل‬ ‫تكن م�شاهداته يف امريكا م�شجعة ل��ه فقد‬ ‫و�صفها م�ست�شهدا ب�شعر خلو�سيه مارتي‬ ‫الذي قال انه "�شاهد بطن الوح�ش"‪ ،‬والحظ‬ ‫جيفارا عدوانية االمريكيني عندما كان يناق�ش‬ ‫معهم احلرب الكورية‪ .‬وعندما كان موجودا‬ ‫هناك كانت احلملة املكارثية و�صيد احلمر يف‬ ‫ذروتها‪.‬‬

‫الو هذا هو الدكتور جيفاراد‬ ‫دي ال �سرينا‬

‫تطلعنا ال�سرية على عالقة االبن مع والدته‬ ‫�سيليا النا�شطة وامل��ث��ق��ف��ة وال��ت��ي �ستموت‬ ‫وجيفارا يف ادغ���ال افريقيا‪ .‬وكيف انها‬ ‫ظلت ت�شجعه م��ن اج��ل اكمال‬ ‫درا���س��ت��ه الطبية حيث‬ ‫ت����خ����رج يف ‪11‬‬ ‫ن����ي���������س����ان‬

‫‪7‬‬

‫(اب��ري��ل) ‪ 1953‬وك��ان اول �شيء يعمله هو‬ ‫االت�صال ب�أمه من تلفون عام حيث قال لأمه‬ ‫"هذا هو الدكتور (ت�شديد على اللقب) جيفارا‬ ‫دي ال �سرينا" ‪ .‬بعد تخرجه مبا�شرة انطلق‬ ‫م��رة ثانية يف رحلة ل��زي��ارة ب��ل��دان املنطقة‪،‬‬ ‫ويف هذه الرحلة �سي�شاهد الكثري من مظاهر‬ ‫التمييز واال�ستغالل واالهانة التي يتعر�ض‬ ‫لها الهنود من ال�سلطات‪ ،‬كيف يتم ر�شهم مبادة‬ ‫الدي دي تي من اجل تطهريهم من القمل قبل‬ ‫مقابلة م�س�ؤول وكيف كان يبيعهم ق�س امكنة‬ ‫يف اجلنة مقابل مبالغ يدفعونها اىل الكني�سة‬ ‫وان املكان علوه وهبوطه يتم حتديده بناء‬ ‫على املبلغ امل��دف��وع‪ .‬ما يهم يف الرحلة التي‬ ‫ق��ادت��ه اىل املك�سيك التجربة الغواتيمالية‬ ‫والتدخل االمريكي الذي انهى حكم جاكوب‬ ‫اربانيز عام ‪ .1954‬تلك التجربة التي عا�ش‬ ‫فيها و�شاهد جيفارا النار والدمار والقنابل‬ ‫علمته كما كتب لأم���ه ح��ب القنابل واج���واء‬ ‫امل��ع��ارك‪ .‬وعليه عندما ان��خ��رط يف الن�شاط‬ ‫ال�سيا�سي مع املنفيني الكوبيني يف املك�سيك‬ ‫و�سجن بعد اكت�شاف خلية كا�سرتو االوىل‬ ‫كتب لأم���ه وه��و يف ال�سجن ان��ه لي�س رجل‬ ‫خ�ير او امل�سيح ب��ل على العك�س م��ن ال�سيد‬ ‫امل�سيح النه‪ ،‬اي جيفارا‪ ،‬ي�ؤمن بالقتال حتى‬ ‫املوت وب�سحق عدوه با�ستخدام كل الو�سائل‬ ‫املتاحة امامه من دون ان يعطي فر�صة للعدو‬ ‫كي ي�سمره على ال�صليب‪ .‬و�سي�ؤمن جيفارا‬ ‫بحتمية التغيري ع�بر العنف ال��ث��وري حتى‬ ‫النهاية‪� .‬سي�ؤكد جيفارا الحقا ان الثورة يجب‬ ‫ان ال تتوقف عند حد الت�صفية بل يجب ان‬ ‫ت�ترك �آث��اره��ا العميقة على املجتمع كما قال‬ ‫اثناء التح�ضري للدخول اىل كوبا حيث دخل‬ ‫مع كا�سرتو ورفاقه على منت �سفينة "غرامنا"‬ ‫والتي و�صف ر�سوها على ال�شواطئ الكوبية‬ ‫بانها مل تكن يف احلقيقة ر�سوا بل حتطما‪،‬‬ ‫يف ا���ش��ارة اىل امل�صاعب ال��ت��ي قابلتهم يف‬ ‫الطريق‪ .‬و�ضمن اطروحة �شخ�صية االجماع‬ ‫التي تتبناها تقول ان��ه بعد و�صول االنباء‬ ‫عن دخ��ول ال��ث��وار اىل كوبا واع�لان حكومة‬ ‫باتي�ستا ع��ن ت�صفيتهم قلقت العائلة على‬ ‫م�صري جيفارا ومن هنا كان اليمني املحافظ‬ ‫او املعار�ضون للثورة ه��م م��ن بحثوا عنه‪،‬‬ ‫وت�أكدوا من عدم وفاته‪ ،‬يف ا�شارة للحكومة‬ ‫الديكتاتورية يف بيون�س اير�س‪.‬‬

‫خيبات مع نهرو‬ ‫واعجاب‬

‫بنا�صر و�صداقة البن بيال‬ ‫م��ا يهم يف ال�سرية انها ت�شري اىل اجلذور‬ ‫وامل�ؤثرات الثقافية على جيفارا‪ ،‬فقد قر�أ يف‬ ‫�صغره ا�شعار رينيه ماريا ريلكه‪ ،‬وكتابات‬ ‫فرويد وفولكرن و�ستيفن�سون وحفظ ا�شعار‬ ‫بابلو ن�يرودا وخو�سيه مارتي والحقا اطلع‬ ‫وحفظ واع��ج��ب با�شعار ناظم حكمت الذي‬ ‫زار كوبا لكن ال توجد ادلة عن لقائهما‪ .‬طبعا‬ ‫عندما ي�صبح جيفارا على قمة العامل‪� ،‬سيجد‬ ‫الفر�صة للقاء الكتاب وال�شعراء الذين احبهم‬ ‫و�سيعطونه ن�سخا موقعة من كتبهم‪ ،‬و�سيجد‬ ‫جيفارا يف ع��امل ال�سيا�سة خيبات يف املثال‬ ‫فمثال عندما زار الهند ال��ت��ي اع��ج��ب مبثال‬ ‫غاندي فيها والتقى بنهرو الذي ت�أثر بكتابه‬ ‫"اكت�شاف الهند" مل يكن نهرو مهتما بالنقا�ش‬ ‫او احلديث او فتح احاديث مع الثوار اجلدد‬ ‫من كوبا بقدر ما اهتم بالر�سميات‪ ،‬ومع ان‬ ‫امله خاب بنهرو اال ان الهند نف�سها مل تخيب‬ ‫امله فقد زار تاج حمل‪ ،‬واغر وكالكوتا‪ .‬ومل‬ ‫يخب ام��ل��ه ج��م��ال عبدالنا�صر ال���ذي ا�سكنه‬ ‫ووفده يف ق�صر �صيفي يعود للملك املخلوع‬ ‫فاروق‪ ،‬وزار اال�سكندرية ودم�شق حيث كانت‬ ‫اجلمهورية العربية املتحدة ما زالت موجودة‬ ‫وغ��زة وب��ور �سعيد وقناة ال�سوي�س‪ .‬وتقول‬ ‫الكاتبة ان جمال عبدالنا�صر مل يكن يتوقع‬ ‫ا�ستمرار الثورة الكوبية وانها �ستنهار ب�سبب‬ ‫امريكا واملخابرات املركزية‪ ،‬كما انه تعامل‬ ‫مع خطاب كا�سرتو على انه خطاب م�سرحي ال‬ ‫جوهر فيه لكن زيارة جيفارا غريت موقفه من‬ ‫الثورة‪ .‬ومل تخب ثورة اجلزائر امل جيفارا‪،‬‬ ‫حيث اق��ام �صداقة مع احمد بن بيال‪ ،‬ويذكر‬ ‫ان اال�سلحة التي اخذتها ال��ق��وات الكوبية‬ ‫م��ن مرتزقة خليج اخل��ن��ازي��ر مت ال��ت�برع بها‬ ‫للجزائر‪.‬‬

‫يا الهي انه جميل‬

‫متنح �سرية جيفارا اجلديدة القارئ فر�صة‬ ‫للتعرف اك�ث�ر ع��ل��ى م��ع��امل ح��ي��اة ���ش��اب ذكي‬ ‫مثقف‪ ،‬وو�سيم كان ميكن ان يكون اي �شيء‪،‬‬ ‫م�صورا‪ ،‬كاتبا‪ ،‬م�ؤرخا‪ ،‬رحالة‪ ،‬طبيبا‪ ،‬باحثا‬ ‫علميا يف جمال امرا�ض احل�سا�سية واجلذام‪،‬‬ ‫�سيا�سيا لكنه اختار ان يكون جنديا ثائرا الن‬ ‫اجلندية ه��ي امل��ك��ان املنا�سب ل��ه كما اعتقد‪.‬‬ ‫تك�شف ال�سرية عن ح�ضور او جاذبية ت�شي‬ ‫وه��و اال���س��م اللقب ال��ذي اعطي ل��ه وه��و يف‬ ‫املك�سيك واحبه‪ ،‬ففي حفلة اقيمت على �شرفه‬ ‫يف كوناكري �صاحت زوجة ال�سفري االيطايل‬ ‫الح��دى امل��دع��وات "يا الهي ان��ه جميل"‪ ،‬كما‬ ‫تك�شف ك��ي��ف ح��اول��ت ال��دع��اي��ة االمريكية‪-‬‬ ‫هوليوود و"التامي" وغريها ا�ستغالل ق�صة‬ ‫ال��رج��ل ال���ذي �صنع ا�سطورته وف�برك��ت كل‬ ‫الق�ص�ص حوله‪ .‬يف تفا�صيل حياة وكفاح‬ ‫جيفارا معامل �شبه من �شخ�صية ارجنتينية‬ ‫اخرى مثرية هي ايفا بريون حيث تر�سم‬ ‫الكاتبة هنا معامل ال�شبه لكن ق�صة حياة‬ ‫جيفارا تظل اك�ثر الت�صاقا ببوليفار‬ ‫وم���ارت���ي‪ .‬رج���ل اال���س��م��اء والهويات‬ ‫امل��ت��ع��ددة �آم���ن ط���وال حياته باخلري‬ ‫يف االن�سان‪ .‬ولكن ا�ستعادة بالده‬ ‫له انتظرت اربعة عقود حتى انتهت‬ ‫الديكتاتورية هناك وحيث ظهرت‬ ‫�صورته على طوابع االرجنتني‬ ‫ال�بري��دي��ة واق���ي���م ل���ه متثال‬ ‫�ضخم طوله اربعة امتار‪ ،‬مما‬ ‫ادخله يف جممع اخلالدين‪،‬‬ ‫ي���ذك���ر ان����ه يف ع����ام ‪1983‬‬ ‫ت�سابقت دول امريكا الالتينية‬ ‫على احياء املئوية الثانية مليالد‬ ‫بوليفار وتخليد الذكرى بطوابع‬ ‫بريدية‪ .‬كتاب لو�شيا جميل‪ ،‬م�ؤثر‬ ‫م��ل��يء بالتفا�صيل وال��ت��اري��خ ي�ضع‬ ‫البطل يف �سياقه املحلي والعاملي‪،‬‬ ‫وكل بطل كما تظهر ال�سرية ال يخلو‬ ‫من العرثات واالخطاء‪.‬‬

‫عن ‪ /‬النهار‬ ‫اللبنانية‬

‫‪http://www.almadapaper.com - E-mail: almada@almadapaper.com‬‬


‫‪8‬‬

‫العدد (‪)2353‬ال�سنة التا�سعة ‪ -‬االربعاء (‪ )4‬كانون الثاين ‪2012‬‬

‫العدد (‪)2353‬ال�سنة التا�سعة ‪ -‬االربعاء (‪ )4‬كانون الثاين ‪2012‬‬

‫هائلة‪ ،‬وهو ما كان م�ستحيال دون االنخراط‬ ‫يف م�شروع ثوري‪ .‬وهذا االنخراط هو الذي‬ ‫يف�سر االنت�صار الذي �أحرز يف باليا جريون‪،‬‬ ‫والذي يعد �أول هزمية تتكبدها الإمربيالية‬ ‫يف �أمريكا الالتينية‪.‬‬ ‫ك�����ان ت�����ش��ي ب���ع���ي���دا ع����ن رذائ�������ل الف�ساد‬ ‫واملح�سوبية التي كانت متيز زعماء �أمريكا‬ ‫الالتينية‪ ،‬فار�ضا �صورته كقائد زاهد‪� ،‬صارم‬ ‫م��ع نف�سه ك��م��ا م��ع الآخ���ري���ن‪ .‬وال���ن���وادر ال‬ ‫حت�صى يف هذا الباب‪ :‬كان يلغي الإ�ضافات‬ ‫التي ت�ستفيد منها عائلته بخ�صو�ص القوت‪،‬‬ ‫وك��ان امل��ر���ض ه��و م��ا ي�برر ب��ه ج��ه��ارا �سكنه‬ ‫امل�ؤقت على �شاطئ البحر والذي ال ي�سمح به‬ ‫�أجره‪ .‬لقد �أدرك �سريعا �ضرورة الن�ضال �ضد‬ ‫االمتيازات‪ ،‬حيث يعترب �أن��ه على امل�شروع‬ ‫الثوري �أن يخلق قائدا خاليا من كل رذائل‬ ‫ال��ف�����س��اد واالرت�������ش���اء‪ ،‬ق��ائ��د ت��ط��اب��ق �أقواله‬ ‫�أفعاله‪ .‬ومن هنا تزهده ال�شخ�صي الذي كان‬ ‫مبثابة �أ�سطورة‪.‬‬ ‫�سيخو�ض ت�شي ن�ضاال م�ستمرا �ضد تبقرط‬ ‫الإدارة اجلديدة وهو يحاول �أن يفر�ض منطا‬ ‫جديدا من ممار�سة ال�سلطة‪ .‬لن يفلح يف ذلك‪،‬‬ ‫و�سيكرث �أعداء هذا "الأرجنتيني" كما ينعته‬ ‫بعد املوظفني م�ستهرتين به‪.‬‬ ‫كان ت�صلبه يف�سر �أحيانا بالتحليل النف�سي‪،‬‬ ‫لكن ذلك كان ينم عن جهل �ضرورة جت�سيد‬ ‫ال�سلطة اجلديدة يف كوبا لقطيعة جذرية مع‬ ‫ف�ساد النظام ال�سابق‪ .‬فالطبع يغلب التطبع‪،‬‬ ‫الأم��ر ال��ذي ي�شهد عليه ما قام به بع�ض من‬ ‫رج���ال ح��رب ال��غ��وار يف ح��رك��ة ‪ 26‬يوليو‪،‬‬ ‫بعد االنت�صار الإ�سرتاتيجي م��ن ا�ستيالء‬ ‫ع��ل��ى ال�����س��ي��ارات ال��ف��خ��م��ة ل��رج��ال بولي�س‬ ‫الديكتاتورية ليلتحقوا مبدينة هافانا‪ ،‬وقد‬ ‫عاقبهم ت�شي على ال��ف��ور‪ .‬وه��ذه العقوبات‬ ‫ال�����ص��ارم��ة ت��و���ص��ف ال��ي��وم ب���أن��ه��ا مرتبطة‬ ‫ب�ستالينية خ��ا���ص��ة‪ ،‬وه��ي غ���والغ املناطق‬ ‫املدارية‪ .‬هكذا مت خلط كل �شيء‪ :‬فاالن�ضباط‬ ‫املفرو�ض يف حركة حرب الغوار تكافح �ضد‬ ‫ديكتاتورية مدعومة م��ن ط��رف وا�شنطن‪،‬‬ ‫و�إع��دام جالدي باتي�ستا يف ثكنة كابانا بعد‬ ‫الإ�ستيالء على ال�سلطة‪ ،‬كلها مقدمات تدل‬ ‫على املنحى القمعي الذي ي�سري فيه النظام‪.‬‬ ‫ويف ه��ذا كله يتم ن�سيان ت�شي وه��و يعالج‬ ‫ال�سجناء ويطلق �سراحهم بعد ذل��ك‪ ،‬وكذا‬ ‫�سخائه الزهيد لكن ال�شا�سع‪.‬‬

‫سنواتي مع تشي جيفارا سياحة‬ ‫في عمق ثورة هزت االنسانية‬ ‫بدل رفو املزوري‬ ‫(ليوناردوا متايو نونيز) بطل ثائر‪ ،‬من‬ ‫�أب��ط��ال ال��ث��ورة الكوبية‪ ،‬ول��د ع��ام ‪1941‬‬ ‫يف باميوت و�أن�ضم اىل ال��ث��وار وعمره‬ ‫مل يتجاوز اخلام�سة ع�شرة تقريب ًا‪ ،‬وكان‬ ‫واح�����د ًا م���ن امل��ق��رب�ين اىل ق��ائ��د الثورة‬ ‫ج��ي��ف��ارا‪ ،‬راف���ق ت�شي اىل بوليفيا عام‬ ‫‪ ،1966‬حيث ح���اول خلق من���وذج دائم‬ ‫للثورة‪ ،‬ولقد جنح بعد موت جيفارا يف‬ ‫بوليفيا �أن يعود حيا اىل كوبا مع ثالثة‬ ‫م��ن رف��اق��ه‪ ،‬وك���ان خ��ب�ير ًا ا�ست�شاري ًا يف‬ ‫انغو ًال ونيكاراغوا‪.‬‬ ‫(ل��ي��ون��اردو مت��اي��و و�سنواتي م��ع ت�شي‬ ‫جيفارا) كان عنوان الأم�سية التي �أقيمت‬ ‫له �ضمن �أ�سبوع �أف�لام �أمريكا الالتينية‬ ‫مبنا�سبة الذكرى الواحد والثمانني مليالد‬ ‫الثائر الكوبي ت�شي جيفارا‪ ،‬يف املركز‬ ‫الثقايف للحزب ال�شيوعي النم�ساوي يف‬ ‫مدينة غرات�س‪ .‬ام��ت�ل�أت القاعة بالزوار‬ ‫وع�شاق ت�شي جيفارا واحل��ري��ة‪ ،‬وحني‬ ‫دخ����ل ال��ث��ائ��ر ل���ي���ون���اردو ال��ق��اع��ة وقف‬ ‫اجلمهور حتية واح�ترام�� ًا لهذا املنا�ضل‬ ‫و�صفق له طوي ًال‪� ،‬سجل ليوناردو حافل‬ ‫بالن�ضال يف امريكا الالتينية‪ ،‬بالأ�ضافة‬ ‫اىل م�شاركته اىل ج��ان��ب ت�شي جيفارا‬ ‫يف بوليفا ح��ارب يف انغوال يف افريقيا‬ ‫م��ن ع��ام ‪ 1975‬ولغاية ‪ 1978‬حيث قاد‬ ‫العمليات �ضمن �صفوف الثورة‪ ،‬ويعمل‬ ‫الآن جرناال يف وزارة الداخلية الكوبية‪.‬‬ ‫قام بالرتجمة من اال�سبانية املرتجم املبدع‬ ‫د‪ .‬فرينار فا�سيلي‪ ،‬وب��د�أ ال�ضيف ب�سرد‬ ‫ذكرياته مع ت�شي جيفارا الذي تعرف عليه‬ ‫ع��ام ‪ ،1957‬وظ��ل بجانبه �أك�ث�ر م��ن ‪10‬‬

‫�سنوات‪ ،‬وقال ب�أنه كان له ال�شرف والفخر‬ ‫ب�����أن ي���راف���ق ت�����ش��ي ج��ي��ف��ارا يف مهماته‬ ‫اخلا�صة‪ ،‬وكان يردد عبارة ت�شي جيفارا‬ ‫حني كان يقول (بانه مواطن كل العوامل‬ ‫و�أن���ا اب��ن ال��ع��امل ولي�س فقط االرجنتني‬ ‫وكوبا)‪.‬‬ ‫لقد ك��ان ت�شي جيفارا الباحث الطبيب‬ ‫واالن�سان يحمل م�س�ؤوليات كثرية‪ ،‬فلم‬ ‫يكن فقط وزير �صناعة‪ ،‬بل كان هناك على‬ ‫عاتقه الكثري حيث ك��ان يق�ضي �أك�ثر من‬ ‫‪� 17‬ساعة يف خدمة وطنه‪ ،‬فقد قالها فيديل‬ ‫كا�سرتو (ب�أنه لو ان�صفنا وزير ًا ما فعلينا‬ ‫ان ال نن�سى ت�شي جيفارا �أب��د ًا)‪ .‬لقد قال‬ ‫ت�شي جيفارا لكا�سرتو ان عليه ان يهتم‬ ‫بو�ضع كوبا الداخلي‪ ،‬و�أم��ا �أنا فواجبي‬ ‫التوجه اىل دول �أمريكا الالتينية لأن�شر‬ ‫احلرية والعدالة االجتماعية هناك‪ ،‬ولهذا‬ ‫ق��رر ب���أن يتجه �صوب بوليفيا‪ ،‬واردف‬ ‫قائال ب�أن ت�شي جيفارا كان يعلم ب�أنه يكرب‬

‫عمرا و�أن لي�س بو�سعه قيادة الثورة لو‬ ‫بلغ ‪ 39‬عام ًا‪.‬‬ ‫لقد ن�شر ت�شي الف باء الثورة يف بوليفيا‪،‬‬ ‫وبعدها حتدث ليوناردو عن و�ضع كوبا‬ ‫ومكانتها حاليا بني دول امريكا الالتينية‪،‬‬ ‫وق����ال ب�����أن ل��ك��وب��ا ع�لاق��ات دبلوما�سية‬ ‫و�سيا�سية واقت�صادية م��ع ه��ذه ال��دول‪،‬‬ ‫و�شعب كوبا �شعب مكافح ومقاتل من �أجل‬ ‫حريته و�أن���ه يت�ضامن م��ع ك��ل احلركات‬ ‫التحررية و�ضد ال�سيطرة على ال�شعوب‬ ‫واال�ضطهاد‪.‬‬ ‫بعدها فتح ب��اب النقا�ش وب���روح رقيقة‬ ‫و�صدر رحب �أجاب على �أ�سئة احل�ضور‪،‬‬ ‫وحينها �س�أله كاتب ه��ذه ال�سطور (بدل‬ ‫رف��و) قائ ًال‪ :‬ب�أننا كنا ننتظر ان حتدثنا‬ ‫�أك�ثر عن ذكرياتك وطبيعة ت�شي جيفارا‬ ‫وتعامله م��ع الأ���س��رى وال��رف��اق‪ ،‬وكذلك‬ ‫طرح عليه هذا ال�س�ؤال‪ :‬من يع�ش ثورة‬ ‫فعليه ان يقف اىل جانب ث��ورات العامل‪،‬‬ ‫فمثال مل ن�سمع يوما ب�أن كا�سرتوا �أو كوبا‬ ‫نطقت �أ�سم كرد�ستان يوم ًا �أو الثورات‬ ‫الأخرى فما هو ال�سبب؟؟‬ ‫بعدها �أج��اب ليوناردو على ا�سئلة (بدل‬ ‫رف��و) ق��ائ ً‬ ‫�لا‪� :‬صحيح �أين مل �أحت���دث عن‬ ‫ت�شي جيفارا ك��ث�ير ًا‪ ،‬وبعدها ب��د�أ ب�سرد‬ ‫بع�ض ذكرياته معه وطريقة تعامل ت�شي‬ ‫م���ع الأ����س���رى ح��ي��ث ك���ان ي��ع��ط��ي دواءه‬ ‫املخ�ص�ص للربو لأ�سرى العدو‪ ،‬ولكن حني‬ ‫وقع يف الأ�سر مل يرحموا ت�شي جيفارا‪،‬‬ ‫بل وجدوه مقيد الأيدي والأرجل‪.‬‬

‫عن ‪ /‬غرات�س النم�ساوية‬

‫تشي جيفارا‪ :‬السلوك األخالقي في الكفاح السياسي‬ ‫‪ :1997-1967‬كان عمره �سيبلغ ‪� 69‬سنة‪ ،‬يف ظل نظام عاملي مل يكن �أبدا يت�صوره‪ ،‬يف قارة عاثت فيها الليربالية اجلديدة ف�سادا‪ ،‬ويف جزيرة خا�ضعة ملتطلبات تغلغل الدوالر‪ .‬كيف �سنتفح�ص �أو‬ ‫نعيد تفح�ص فكر ت�شي؟ لقد �أ�ضفى عامل الفو�ضى والبلبلة طابع الغمو�ض على �صورته التي تت�أجج بني الال منطق وال�سخرية‪ .‬فهو �أما �أ�سطورة فارغة‪� ،‬أو طوباوي م�ستبد وانتحاري‪ .‬وهو حمارب‬ ‫بطل يف حرب الغوار لكنه ع�سكري خا�سر بالن�سبة للبع�ض‪ ،‬ومنظم دون امل�ستوى للبع�ض الآخر‪ .‬وبالن�سبة لآخرين فهو‪ ،‬عالوة على ذلك‪ ،‬متزمت مازو�شي ومتع�صب‪ ،‬مت�سلط ومتع�سف‪ ،‬والذي كان‬ ‫عناده ال�سيا�سي و�سلوكه الال م�س�ؤول �سيقودان –يف غياب عبقرية فيديل كا�سرتو العملية‪� -‬إىل �إخفاق الثورة الكوبية على غرار الكونغو وبوليفيا‪ .‬ونحن يف نهاية هذا القرن‪ ،‬كيف ن�ستعيد مغزى‬ ‫كفاح خي�ض يف عقد ال�ستينات الثوري؟ و�إن كنا نعرف اليوم �آخر �أيام ت�شي ب�شكل �أف�ضل‪ ،‬ف�إن كتاباته –وهي عديدة‪ -‬حمفوظة يف كوبا وتبقى دائما جمهولة‪ .‬ثم �إن م�سريته الإيديولوجية مازالت‬ ‫تتطلب الك�شف عنها‪� .‬إن ق�صر حياة ت�شي جيفارا ال�سيا�سية (ثالث ع�شر �سنة موزعة بني انت�صار املخابرات الأمريكية ‪ CIA‬على ‪ Arbenz‬بكواتيماال وموته يف بوليفيا‪ ،‬ثماين �سنوات يف كوبا �ستة‬ ‫منها بعد انت�صار الثورة)‪ ،‬والت�سارع العنيف لأحداث التاريخ الذي كان ي�شكل جزءا ال يتجز�أ منه‪ ،‬جتعالن من ال�صعوبة مبكان تف�سري بع�ضا من كتاباته‪ .‬فقد كان فكره يف تطور دائم‪.‬‬

‫جانيت هابيل‬ ‫وبالرغم من �أنه مل يعترب نف�سه منظرا‪ ،‬ومل‬ ‫ينتم �إىل حزب �سيا�سي قبل التزامه يف كوبا‪،‬‬ ‫ف����إن ال�����ش��ه��ادات كلها تتطابق ح��ول دوره‪،‬‬ ‫�سواء يف �سيريا ماي�سرتا �أو �إبان اال�ستيالء‬ ‫ع��ل��ى ال�����س��ل��ط��ة‪ ،‬ك��م��ح��ف��ز رئ��ي�����س��ي للم�سار‬ ‫الراديكايل ال��ذي �سارت عليه ال��ث��ورة‪ .‬لكن‬ ‫وعيه ال�سيا�سي �سيتطور ب�شكل عميق يف‬ ‫بع�ض ال�سنوات‪ .‬فال تكاد متر �ست �سنوات‬ ‫بني تناوله لتجربة بلدان "ال�ستار احلديدي"‬ ‫ب�شكل �إي��ج��اب��ي وه��و يف �سيريا ماي�سرتا‬ ‫(وذل��ك يف ر�سالة �إىل رونيه رامو�س التور‬ ‫امل�س�ؤول عن حركة ‪ 26‬يوليو‪ ،‬وهي ر�سالة‬ ‫�سي�صفها الح��ق��ا بـ"البليدة") وب�ي�ن نقده‬

‫ال�صارم للإحتاد ال�سوفيتي وبلدان �أوروبا‬ ‫ال�شرقية يف �سنوات ‪.1965-1964‬‬ ‫يف �أك��ت��وب��ر ‪ ،1960‬ذه���ب يف زي����ارة �إىل‬ ‫مو�سكو بعد �أن تعر�ضت اجل��زي��رة للخنق‬ ‫من جراء احل�صار الذي نظمته �أمريكا على‬ ‫الب�ضائع ابتداء من ‪� 13‬أكتوبر‪ .‬وقد ح�صل‬ ‫من الكتلة ال�سوفيتية على ق��رو���ض‪ ،‬وعلى‬ ‫التزام ب�شراء جزء كبري من ال�سكر الكوبي‬ ‫مقابل ال��ب�ترول (�أم���ا م��ا تبقى ف�ست�شرتيه‬ ‫ال�صني)‪ .‬وخ�لال االحتفال ب��ذك��رى الثورة‬ ‫ال��رو���س��ي��ة ال��ت��ي ح�ضرها‪� ،‬صفق اجلمهور‬ ‫وهتف ل��ه‪ .‬و�إن ك��ان مت�أكدا من �أن هجوما‬ ‫�أمريكيا قد �أو�شك (اجتياح "خليج اخلنازير"‬

‫‪http://www.almadapaper.com - E-mail: almada@almadapaper.com‬‬

‫�سيحدث بعد م��رور �أربعة �أ�شهر)‪ ،‬ف�إنه عاد‬ ‫وه��و مقتنع ب���أن "الإحتاد ال�سوفيتي وكل‬ ‫ال��ب��ل��دان اال�شرتاكية م�ستعدة للدخول يف‬ ‫حرب حلماية �سيادتنا"‪ .‬ويف �أكتوبر ‪1962‬‬ ‫�ستنفجر �أزمة ال�صواريخ وتبدد كل �أوهامه‬ ‫ب�شكل جارح‪ .‬ف�سيخترب رجل حرب الغوار‪،‬‬ ‫بعد �أن �أ�صبح وزي��را‪ ،‬الت�سيري ال�سوفيتي‬ ‫ل��ل��ع��م��ل��ي��ات ال��ت��ج��اري��ة‪ ،‬وك����ذا دبلوما�سية‬ ‫مو�سكو ال��ق��وي��ة خ�ل�ال �أزم����ة ال�صواريخ‪.‬‬ ‫وهكذا �سيكت�شف م��رارة واق��ع اال�شرتاكية‬ ‫ال�سلطوية وال��ب�يروق��راط��ي��ة‪ ،‬واالمتيازات‬ ‫التي يح�صل عليها املا�سكون بزمام احلكم‪.‬‬ ‫وخالل امل�ؤمترات التداولية لوزارة ال�صناعة‬

‫�سي�شهر بـ"اال�شرتاكية القائمة فعال"‪ ،‬وهو‬ ‫نعت مل يكن موجودا بعد‪.‬‬ ‫�إن تفكريه ه��ذا‪� ،‬سيزيد م��ن توطيد نزعته‬ ‫الإن�سانية التي اكت�سبها خ�لال رحلته يف‬ ‫�أم��ري��ك��ا الالتينية‪ .‬فهو �أرجنتيني يعرف‬ ‫الأ�ساليب الزبونية وال�شعبوية للبريونية‪.‬‬ ‫والح��ق��ا �سيكت�شف االم��ت��ي��ازات التي يحوز‬ ‫ع��ل��ي��ه��ا "مدراء" وم�����س���ؤول��و احل�����زب‪� .‬إن‬ ‫منوذج"الإن�سانية اجلديدة" ال���ذي يريد‬ ‫�أن ينه�ض ب��ه وال���ذي يتم ت�شويهه جلعله‬ ‫ا���س��ت��ب��دادي��ا‪ ،‬وال�����س��ل��وك ال��ن��م��وذج��ي ال��ذي‬ ‫يفر�ضه على نف�سه كقائد‪ ،‬والعمل التطوعي‬ ‫ال��ذي يبحث عليه‪ ،‬كلها مزايا تتناق�ض مع‬

‫الأ�ساليب ال�ستالينية‪ ،‬وهو ي�ستوحيها من‬ ‫ت�صور �أخالقي لل�سلطة وال��ذي يبدو �أي�ضا‬ ‫�ضروريا من الناحية ال�سيا�سية‪ .‬فعندما �أعلن‬ ‫لعمال ال�سكر يف ‪ 1961‬ب�أن نق�ص احلاجيات‬ ‫�سيزداد حدة (اللحم واحلليب �أ�صبحا منذئذ‬ ‫مقننني)‪� ،‬أخد على عاتقه تعهدا �أثار حما�س‬ ‫امل�����ش��ارك�ين‪" :‬يف ه��ذه امل��رح��ل��ة اجل��دي��د من‬ ‫الن�ضال ال��ث��وري‪ ،‬ل��ن ينال واح��د منا �أكرث‬ ‫م��ن الآخ���ري���ن‪ ،‬ول���ن ي��ك��ون ه��ن��اك موظفون‬ ‫حم��ظ��وظ��ون وال ف�لاح��ون ك��ب��ار‪ .‬ل��ن يكون‬ ‫حمظوظا يف كوبا �سوى الأطفال"‪.‬‬ ‫ففي حني يعاين ال�سكان من احلرمان‪ ،‬كان‬ ‫االجتياح الأم��ري��ك��ي يتطلب تعبئة �شعبية‬

‫جمهود فكري غري مكتمل‬ ‫�إن �إع��ادة ق��راءة كل من الن�صو�ص الأخرية‬ ‫لت�شي خالل النقا�ش االقت�صادي الكبري الذي‬ ‫�أ�شهر فيه خالفه مع املدافعني عن الإ�صالحات‬ ‫االقت�صادية ال�سوفيتية ل�سنوات ال�ستينات‬ ‫–وهي ن�سخة �أوىل للربي�سرتويكا‪ ،-‬ومقالته‬ ‫حول "اال�شرتاكية والإن�سان يف كوبا"‪ ،‬وكذا‬ ‫خطاباته الأخ�يرة خ�صو�صا ذلك الذي �ألقاه‬ ‫يف اجلزائر يف ‪ ،1965‬تو�ضح ب�شكل جلي‬ ‫ر�ؤيته النقدية واملحذرة من م�شاكل املجتمع‬ ‫االنتقايل يف الإحتاد ال�سوفيتي‪ .‬فقد كتب يف‬ ‫كتاب ب��د�أه قبيل وفاته وبقي غري مكتمل ما‬ ‫يلي‪� " :‬إن الإن�سانية تنتظرها هزات عديدة‬ ‫قبل �أن حت�صل على حتررها النهائي‪ ،‬لكننا‬ ‫مقتنعون ب���أن��ه ي��ت��ع��ذر ب��ل��وغ ه���ذا التحرر‬ ‫دون تغيري ج��ذري يف �إ�سرتاتيجية القوى‬ ‫اال�شرتاكية الرئي�سية‪ .‬و�سيبني لنا التاريخ‬ ‫ما �إذا كان هذا التغيري �سي�أتي نتيجة �ضغط‬ ‫الإمربيالية احلتمي �أو عرب تطور جماهري‬ ‫ه��ذه البلدان و�أم��ا بت�ضافر عوامل عديدة‪.‬‬ ‫�أما من جهتنا‪ ،‬فنحن ن�ساهم بجهد متوا�ضع‬ ‫م��ع خوفنا م��ن �أن ي��ت��ج��اوز امل�سعى قوانا‬ ‫الذاتية"‪.‬‬ ‫فقد �أدرك �سريعا م��ا ق��د يعرت�ض ك��وب��ا من‬ ‫�صعوبات بفعل تبعيتها �إزاء "الأخ الأكرب"‬ ‫ال�سوفيتي‪ .‬كما �أدرك‪ ،‬منذ اال�ستيالء على‬ ‫ال�سلطة‪� ،‬ضرورة �إح��داث قطيعة مع الطابع‬ ‫الأحادي لزراعة ال�سكر لتقلي�ص تبعية البلد‬ ‫وال�سعي �إىل �ضمان تطور اقت�صادي م�ستقل‬ ‫�أكرث‪ .‬وكان الت�شديد على الت�صنيع ي�ستجيب‬

‫الن�شغاله الكبري هذا‪ .‬لكن �سرعان ما ظهرت‬ ‫نتائج �شريعة ال�سوق العاملية‪ :‬فانخفا�ض‬ ‫�إنتاج ق�صب ال�سكر –املنتوج الأ�سا�سي يف‬ ‫الت�صدير‪ -‬مل يعد ي�سمح ب�ضمان الواردات‬ ‫ال�ضرورية للتطوير االقت�صادي بالن�سبة‬ ‫لبلد حمروم من موارد الطاقة‪ ،‬والذي ترتكز‬ ‫عائداته �أ�سا�سا على هذه الزراعة الأحادية‬ ‫التي فر�ضها اال�ستعمار يف القرن ‪ .19‬فكان ال‬ ‫بد من ت�صحيح الو�ضع‪ ،‬وهو ما تعنيه ت�شي‬ ‫ملا قال الدواردو كالينو‪" :‬لقد ارتكبنا حماقة‬ ‫ملا �أردنا ت�سريع الت�صنيع‪ .‬كنا نريد تعوي�ض‬ ‫كل ال��واردات وت�صنيع منتجات كاملة‪ ،‬دون‬ ‫�أن نرى تلك امل�ضاعفات الهائلة التي يفر�ضها‬ ‫ا�سترياد ال�سلع الو�سطى"‪.‬‬ ‫فالتجارة مع الإحت��اد ال�سوفيتي‪ ،‬خ�صو�صا‬ ‫ال��ت��زوي��د ب��ال��ب�ترول ب��ع��د ال��ق��ط��ي��ع��ة التامة‬ ‫مع ال��والي��ات املتحدة‪ ،‬قد ت�ضمن ا�ستقرار‬ ‫امل��ب��ادالت وع��دال��ة جت��اري��ة حقيقية ب�ين بلد‬ ‫�صغري تابع اقت�صاديا وبلد يدعي اال�شرتاكية‬ ‫وميلك ال�سالح النووي وهو الآن ينطلق �إىل‬ ‫غزو الف�ضاء‪.‬‬ ‫مل يحتج ت�شي لكثري م��ن ال��وق��ت –عك�س‬ ‫القادة الكوبيني الآخ��ري��ن‪ -‬لإدراك ه�شا�شة‬ ‫هذه العالقات وخماطرها‪.‬‬ ‫الإنتقال والتخلف‬ ‫و�سرعان ما بد�أت �شكوكه تدور حول ال�سيا�سة‬ ‫الداخلية‪ .‬فقد كانت الإ�صالحات االقت�صادية‬ ‫املتعلقة بال�سوق التي اقرتحها و�شرع فيها‬ ‫االقت�صاديون ال�سوفيات (خ�صو�صا ليربمان‬ ‫وترابزنيكوف) حمط نقا�شات ع��دي��دة‪ ،‬يف‬ ‫وق��ت كانت تعرت�ض فيه اجل��زي��رة �ضرورة‬ ‫�إعادة حتديد �إ�سرتاتيجية للنمو‪.‬‬ ‫كان النقا�ش الذي خي�ض خالل الفرتة الفا�صلة‬ ‫بني ‪ 1963‬و‪ ،1965‬داخ��ل وزارة ال�صناعة‬ ‫ثم داخ��ل القيادة الكوبية‪ ،‬ي��دور حول بناء‬ ‫اال�شرتاكية‪ ،‬وبال�ضبط حول �شروط االنتقال‬ ‫من الر�أ�سمالية �إىل اال�شرتاكية يف جزيرة‬ ‫خ��ا���ض��ع��ة ل��ق��ي��ود زراع����ة ال�����س��ك��ر الأح���ادي���ة‬ ‫ولل�ضغوطات امل��ب��ا���ش��رة لل�سوق العاملية‪،‬‬ ‫وع�لاوة على ذلك ي���ؤدي احل�صار املفرو�ض‬ ‫م��ن ط��رف �أك�ب�ر ق��وة اقت�صادية عاملية اىل‬ ‫عرقلة تطورها‪.‬‬ ‫كان اجلدال يتعلق بدور قانون القيمة خالل‬ ‫مرحل االنتقال‪ ،‬ودرجة مركزة امل�ؤ�س�سات‪ ،‬ثم‬ ‫دور احلوافز املادية واملعنوية‪ .‬ف�أولئك الذين‬ ‫ينوهون ب�أهمية قانون القيمة‪ ،‬يخ�ص�صون‬ ‫مكانة ك�برى لآل��ي��ات ال�سوق يف االقت�صاد‬ ‫املخطط و�أي�ضا‪ ،‬ل�ضرورة منح ا�ستقالل مايل‬ ‫للم�ؤ�س�سات مع �إ�صرارهم على دور احلوافز‬ ‫املادية للزيادة يف �إنتاجية العمل‪� .‬أما ت�شي‬ ‫و�أن�������ص���اره‪ ،‬ف��ك��ان��وا ي�����ش��ددون �أوال‪ ،‬على‬ ‫�ضرورة ت�سيري مركزي نظرا لتفاوت التطور‬ ‫الكوبي‪ :‬فهناك �شبكة متطورة لالت�صاالت‬ ‫والنقل ولكن‪ ،‬باملقابل‪ ،‬هناك نق�ص ج�سيم‬ ‫يف الأط���ر‪ ،‬وه��ن��اك ���ض��رورة لفر�ض مراقبة‬ ‫�صرامة على املواد‪ ،‬نظرا للح�صار وامل�ستوى‬ ‫ال�ضعيف للتطور ثم خ�صو�صا‪ ،‬لقلة العمالت‬ ‫ال�صعبة‪ .‬فقد كان يعتقد ب�أن اال�ستقالل املايل‬ ‫للم�ؤ�س�سات‪ ،‬من �ش�أنه �أن ي�شكك يف الأولويات‬ ‫التي مت �إقرارها على امل�ستوى القومي وذلك‬ ‫ل�صالح االختيارات القطاعية‪ ،‬كما من �ش�أنه‬ ‫�أن ي��زي��د م��ن ا�ستقالل امل���دراء فيما يخ�ص‬ ‫اال�ستثمارات والأجور‪ ،‬و�أن ي�ؤدي �إىل تطور‬ ‫متفاوت وغري متوازن‪ .‬وكان يخ�شى نتائج‬ ‫نظام عمل مبني ح�صرا على احلوافز املالية‪،‬‬ ‫وك��ذا التمايزات االجتماعية التي �ستنتج‬ ‫عنها حتما ‪ ،‬الأمر الذي جعله يكتب‪" :‬ها نحن‬ ‫نعود �إىل نظرية ال�سوق… فتنظيم ال�سوق‬ ‫كله مبني على احلافز املادي… واملدراء هم‬ ‫الذين ي�ستفيدون كل مرة �أكرث‪ .‬علينا �أن نرى‬ ‫�آخر م�شروع و�ضع يف اجلمهورية الأملانية‬ ‫الدميقراطية‪ ،‬لنجد الأهمية التي �أعطيت‬ ‫فيه لت�سيري املدير �أو بالأحرى ملكاف�أة املدير‬ ‫على ت�سيريه"‪ .‬هذا التنب�ؤ‪� ،‬سرنى نتائجه‬ ‫بعد خم�سة وع�شرون �سنة خ�لال انتفا�ضة‬

‫اجلماهري ال�شعبية يف �أملانيا ال�شرقية التي‬ ‫مل تعد حتتمل ال��رك��ود االقت�صادي وغياب‬ ‫احل���ري���ات ال�سيا�سية وام���ت���ي���ازات القادة‬ ‫الفا�سدين‪.‬‬ ‫ك��ان��ت ك��ل م��ن احل�����س��ا���س��ي��ة احل����ادة اجت��اه‬ ‫ال��ب�يروق��راط��ي��ة واالع���ت���ب���ارات ال�سيا�سية‬ ‫واالجتماعية ت��دف��ع��ان ت�شي �إىل معار�ضة‬ ‫الأولوية املمنوحة للعالقات املالية‪-‬التجارية‬ ‫يف بناء اال�شرتاكية‪ ،‬لكن دون �أن يعني ذلك‬ ‫�أبدا �أن لديه وهم �إلغائها دفعة واحدة‪ .‬فبعيدا‬ ‫ع��ن الت�شويهات ال��ت��ي حلقت م��واق��ف��ه‪ ،‬كان‬ ‫ي�صر على �ضرورة احلوافز املعنوية التي‬ ‫يعتربها مبثابة حوافز جماعية �إىل العمل‪.‬‬ ‫هذا الت�صور كان يتما�شى مع �سيا�سة �أجور‬ ‫مرتبطة ب�شكل وث��ي��ق بتطوير امل�ؤهالت‪،‬‬ ‫حيث �أن "االختيار ال�صحيح لأداة تعبئة‬ ‫اجلماهري" ه��و ال���ذي ي��ه��م �أك��ث�ر‪ ،‬وبدونه‬ ‫ل��ن تنجح اال���ش�تراك��ي��ة‪ .‬فم�ساواة احلقوق‬ ‫وت�شريك االقت�صاد –الذي رمبا كان مبالغا‬ ‫فيه‪ -‬كانا حما�سيا بالن�سبة للمقاومة ال�شعبية‬ ‫ال��ت��ي ر�أت ب����أن ع��امل��ا �آخ���ر ينبني يف وجه‬ ‫العدوان الأمريكي و�أنه ي�ستحق القتال‪ .‬لكن‬ ‫ت�شي كان يعرتف �أنه لي�س مع�صوما‪ ،‬وي�ؤكد‬ ‫على �أنه �إذا ما تبني �أن ت�صوراته "�ست�شكل‬ ‫عائقا خ��ط�يرا على ت��ط��ور ال��ق��وى املنتجة‪،‬‬ ‫فيجب ا�ستخال�ص ال���درو����س منها و�سلك‬ ‫طريق �آخر معروفة"‪.‬‬ ‫�إن ت��ط��وي��ر ال��وع��ي ال��ث��وري والتعليم من‬ ‫�ش�أنهما �أن ي�ساهما يف اكت�ساب موقف ثوري‬

‫‪9‬‬

‫�إزاء العمل (لهذا كان يعطي املثال‪ ،‬لي�س لأنه‬ ‫م��ازو���ش��ي ب��ل لأن ال�����ض��رورة تفر�ض ذلك)‪.‬‬ ‫كما �أن "تكوين الإن�����س��ان اجل��دي��د وتطوير‬ ‫التقنية" من �ش�أنهما �أن يتيحا االنتقال نحو‬ ‫اال�شرتاكية‪ .‬كانت العالقة بني اال�شرتاكية‬ ‫والإن�سان يف قلب اهتماماته‪ ،‬حيث يعترب‬ ‫الإن�سان عامال �أ�سا�سيا يف الثورة و"فاعال‬ ‫يف عملية ب��ن��اء اال�شرتاكية"‪ .‬وبالن�سبة‬ ‫�إل��ي��ه‪ ،‬يوجد التعليم وال��وع��ي يف قلب هذا‬ ‫املجتمع العادل" "يف هذه املرحلة يف بناء‬ ‫اال���ش�تراك��ي��ة‪ ،‬مي��ك��ن ل��ن��ا �أن ن�����ش��اه��د والدة‬ ‫الإن�سان اجلديد‪� .‬إن �صورته مل حتدد بعد‪ ،‬ال‬ ‫ميكن �أب��دا �أن حتدد نظرا لأن تطوره ي�سري‬ ‫ب��ال��ت��وازي م��ع ت��ط��ور البنيات االقت�صادية‬ ‫اجلديدة… �إن الإن�سان الذي يجب �أن نخلقه‬ ‫هو �إن�سان القرن ‪ ،21‬رغم �أنه م��ازال جمرد‬ ‫طموح ذاتي وغري منتظم"‪.‬‬ ‫هكذا‪ ،‬وبعيدا عن الت�شويهات ال�ستالينية‪،‬‬ ‫كانت مقدمات ت�شي مفعمة ب��روح �إن�سانية‬ ‫وثورية‪ .‬لكن ال�صحيح �أي�ضا �أنه كان ي�شدد‬ ‫على نقد االقت�صاد وعلى الوزن الذي تكت�سيه‬ ‫عالقات ال�سوق‪ ،‬وال ي�شدد مبا فيه الكفاية على‬ ‫الطابع البولي�سي والقمعي للنظام ال�سيا�سي‬ ‫ال�سوفيتي‪ .‬ومما ال�شك فيه‪� ،‬أن هذا ما ي�شكل‬ ‫�إح��دى الثغرات الأ�سا�سية يف تفكريه‪ .‬وقد‬ ‫�أ�شار �أح��د كتاب �سريته روبريتو ما�ساري‬ ‫و�أي�ضا ك��ارول �إىل نقط ال�ضعف يف تفكري‬ ‫ت�شي والتي تتجلى‪� ،‬إىل حدود �سنة ‪1963‬‬ ‫تقريبا‪ ،‬من خالل عدد من خطاباته وكتاباته‪.‬‬

‫وك��ان هذا ال�ضعف يتما�شى مع �سذاجة ما‪،‬‬ ‫ب��ارزة يف الأح��ك��ام التي ك��ان ي�صدرها على‬ ‫�أطر ‪ PSP‬القدمي‪.‬‬ ‫ويف غ�ضون �سنة ‪� ،1966‬سيعمق تفكريه‬ ‫النظري وه��و يعلق على "كتاب االقت�صاد‬ ‫ال�سيا�سي للإحتاد ال�سوفيتي"‪�" :‬إن اجلرمية‬ ‫التاريخية الفظيعة التي ارتكبها �ستالني"‬ ‫تتمثل يف "ا�ستهتاره بالتكوين ال�شيوعي‬ ‫و�إر�ساء عبادة ال�سلطة ب�شكل ال حمدود"‪.‬‬ ‫�ضد النزعة العقائدية‬ ‫"�إنتفا�ضة �ضد الأوليغار�شيا و�ضد النزعات‬ ‫العقائدية الثورية"‪ .‬هذا ما كتبه يف يومياته‬ ‫يف بوليفيا وهو يحتفل بذكرى ‪ 26‬يوليو‪.‬‬ ‫كان ينتقد ب�صرامة "النزعة املدر�سية التي‬ ‫كبحت تطور الفل�سفة املارك�سية‪ ،‬وحالت‬ ‫ب�صورة ممنهجة دون درا���س��ة ه��ذه احلقبة‬ ‫التي مل حتلل �أ�س�سها االقت�صادية" ( ن�ص‬ ‫اال�شرتاكية والإن�سان)‪.‬‬ ‫ك��ان ت�صوره للطليعة‪ ،‬والتي يقودها قادة‬ ‫منوذجيون‪ ،‬يدل على تفكري نقدي‪ ،‬لكنه غري‬ ‫مكتمل‪ ،‬حول دور ومكانة احلزب يف عالقاته‬ ‫مع املنظمات اجلماهريية‪ .‬كان ي�سخر وهو‬ ‫يقول‪" :‬لقد �سبق للحزب �أن ق��رر ذل��ك‪ ،‬وما‬ ‫عليك �إال �أن تتحمله"وي�ؤكد‪" :‬يجب علينا �أال‬ ‫نخلق م�أجورين خا�ضعني للفكر الر�سمي وال‬ ‫"بور�صويني" يعي�شون حتت حماية ميزانية‬ ‫الدولة وهم ميار�سون حرية م�شكوكا فيها"‪.‬‬ ‫لكنه مل يكن يحلل م�ساوئ احلزب الوحيد‪/‬‬ ‫حزب الدولة‪ :‬فتجربته ل�ست �سنوات يف قيادة‬ ‫الدولة الكوبية كانت جد ق�صرية‪ .‬فقد و�سمته‬ ‫احلرب والنزاع اجل�سيم مع وا�شنطن‪ ،‬وكذا‬ ‫خ�صو�صيات التجربة الكوبية‪ .‬ويف �سيريا‬ ‫ماي�سرتا‪ ،‬عار�ض اجلناح املدين حلركة ‪26‬‬ ‫يوليو املتماثل م��ع جناح مييني‪ ،‬وات�ضح‬ ‫�أن وج��ود ث�لاث تيارات خمتلفة (‪-26-M‬‬ ‫‪� )PSP,Directoire,7‬إىل حدود ‪،1965‬‬ ‫ك��ان عائقا �أم��ام وح��دة ال��ث��ورة‪ .‬ومل يت�شكل‬ ‫احل��زب الواحد �إال يف �سنة ‪ 1975‬لفرط ما‬ ‫ك��ان االن��دم��اج �صعبا‪ .‬ففي �أج����واء احلرب‬ ‫ل�سنوات الثورة الأوىل‪ ،‬كانت املقاومة هي‬ ‫كل ما يهم‪� ،‬أما التعددية فقد �أرجئت �إىل ما‬ ‫بعد‪.‬‬ ‫مل مينعه ه��ذا م��ن تطبيق ت�صور �سيا�سي‬ ‫يختلف ب�صورة عميقة عن ذلك الذي �أر�ساه‬ ‫ال��ن��ظ��ام اجل��دي��د‪ .‬فال�شفافية ���س��ادت خالل‬ ‫االجتماع الوطني للإنتاج �سنة ‪ ،1961‬ومت‬ ‫الإف�صاح جهارا عن �أخطاء امل�س�ؤولني عنها‪.‬‬ ‫فقد �صرح �أم��ام ‪� 3500‬إط��ارا يف احلكومة‪:‬‬ ‫"ها �أنتم ت�ستقبلونني بت�صفيقات حارة‪،‬‬ ‫لكنني ال �أدري هل كم�ستهلكني �أم كمتواطئني‪،‬‬ ‫و�أظن �أنه بالأحرى كمتواطئني"‪.‬‬ ‫ك��ان ال��وح��ي��د –وكم م��ن ان��ت��ق��ادات تعر�ض‬ ‫لها!‪ -‬ال��ذي خا�ض نقا�شا عالنيا ومتناق�ضا‬ ‫ح��ول ال��ن��ظ��ام االق��ت�����ص��ادي للبالد يف جملة‬ ‫وزارة ال�صناعة‪ .‬ه��ذه الأخ�ي�رة‪ ،‬ف�ضال عن‬ ‫ذل��ك‪ ،‬كانت ملج�أ لكل �أولئك الذين �أزيحوا‬ ‫من م�س�ؤولياتهم‪ :‬هكذا‪ ،‬فقد �أدمج فيها وزير‬ ‫االت�صال �سابقا �أولتو�سكي ال��ذي �أزي��ح من‬ ‫احلكومة يف يوليو ‪ .1960‬والطرفة لها داللة‬ ‫خ�صو�صا و�أن ت�شي كان قد دخل يف جدال‬ ‫عنيف مع اولتو�سكي خالل االنتفا�ضة‪ .‬هذا‬ ‫الأخ�ير ك��ان ع�ضوا يف اجلناح الي�ساري لــ‬ ‫‪ 7-26-M‬وك��ان معروفا بعدائه ال�شديد‬ ‫لالحتاد ال�سوفيتي‪ ،‬يف الوقت الذي كان فيه‬ ‫التقارب مع البلد مطروحا يف جدول الأعمال‪.‬‬ ‫وعلى النحو ذات��ه‪ ،‬رف�ض ت�شي �أن يتنازل‬ ‫ل�ضغوطات قائد نقابي كان يطالب بت�سريح‬ ‫م�ستخدم يف البنك متهم مبنا�صرته لباتي�ستا‪،‬‬ ‫و�شهر ببداية امل�ضايقات واملالحقات املنظمة‬ ‫وهو يدافع عن �شرف هذا امل�ستخدم‪.‬كتب هذا‬ ‫املقال يف العام ‪ 1997‬يف الذكرى الثالثني‬ ‫الغتيال ت�شي‪ ،‬املرتجم‬ ‫جملة انربكور‪ .‬العدد ‪.415‬‬

‫‪http://www.almadapaper.com - E-mail: almada@almadapaper.com‬‬


‫‪10‬‬

‫العدد (‪)2353‬ال�سنة التا�سعة ‪ -‬االربعاء (‪ )4‬كانون الثاين ‪2012‬‬

‫العدد (‪)2353‬ال�سنة التا�سعة ‪ -‬االربعاء (‪ )4‬كانون الثاين ‪2012‬‬

‫ابنة جيفارا اليدا ت�شي‪ :‬لن اتاجر با�سم ابي‬

‫حاولت منذ صغري ان تكون لي شخصيتي‬ ‫المستقلة بعيدا عن والدي‬ ‫ال��ط��ري��ق اليها مل يكن �سهال فهو حمفوف‬ ‫باحلنني والرومان�سية وعطر الثورة الذي‬ ‫ال يغيب ‪ ..‬ال ميكن ان تفكر يف د‪( .‬اليدا)‬ ‫دون ان حت�ضرك �صورة ابيها ‪ ..‬املنا�ضل‬ ‫ال�لات��ي��ن��ي ال��ط��وي��ل ذي ال�����س��ي��ج��ار الكوبي‬ ‫ال�����ش��ه�ير واغ��ن��ي��ة (ج��ي��ف��ارا م����ات) لل�شاعر‬ ‫اح��م��د ف����ؤاد جن��م وامل��ل��ح��ن ال��راح��ل ال�شيخ‬ ‫ام��ام ‪ ..‬تربكك هذه ال�سيدة حني تقع عليها‬ ‫عيناك فهي ممتلئة ق�صرية و�شقراء ال ت�شبه‬ ‫ت�شي جيفارا ا�شهر ث��وار امريكا الالتينية‬ ‫وال����ذي ا�صبحت ���ص��ورت��ه متيمة �شبابية‬ ‫على القم�صان والوالعات وج��دران البيوت‬ ‫وزجاج ال�سيارات!‪ .‬لكنك �سرعان ما ترى يف‬ ‫عينيها عنفوان ابيها وحما�سته العارمة لعامل‬ ‫اف�ضل وهي تتحدث عن مفردات ن�سيها العامل‬ ‫مثل العدل والت�ضامن واحلب‪.‬‬ ‫ال�سيدة اليدا جيفارا التي جاءت اىل م�صر‬ ‫يف زي���ارة غ�ير ر�سمية ب��دع��وة م��ن جمعية‬

‫ال�صداقة امل�صرية الكوبية ‪ ..‬حتمل كعادة‬ ‫اال���س��ب��ان والالتينيني (لقبني) ولي�س لقبا‬ ‫واحدا االول لقب عائلة االب جيفارا والثاين‬ ‫لقب عائلة االم (م��ار���ش) ‪ ..‬لي�صبح ا�سمها‬ ‫اليدا جيفارا مار�ش وتعي�ش يف كوبا وحتمل‬ ‫اجلن�سية الكوبية ‪.‬‬ ‫* نعلم الكثري عن حياة جيفارا وم�شواره‬ ‫الثوري لكننا ال نعلم �سوى القليل عن عائلته‬ ‫‪ ،‬فماذا ميكنك ان تخربينا ؟‬ ‫ ت���زوج ت�شي ج��ي��ف��ارا م��رت�ين واجن���ب من‬‫زوجته الثانية اربعة ابناء انا اكربهم واعمل‬ ‫طبيبة اطفال واخوتي هم كاملليو و�سييال‬ ‫وارن�ستو وه��م حماميان وطبيب بيطري‬ ‫ونحن اب��ن��اء جيفارا م��ن زوج��ت��ه املنا�ضلة‬ ‫ال��ث��وري��ة الكوبية ال��ي��دا م��ار���ش وا�سماين‬ ‫على ا�سمها ول�سوء احل��ظ مل ي�شهد والدي‬ ‫ميالد اي منا فقد ولدت انا على �سبيل املثال‬ ‫ووالدي يتنقل بني اوروبا ال�شرقية وال�صني‬

‫‪http://www.almadapaper.com - E-mail: almada@almadapaper.com‬‬

‫وق��ت��ل وع��م��ر اخ���ي اال���ص��غ��ر ب�ضعة �شهور‬ ‫وكانت زياراته لنا متقطعة وقليلة للغاية ‪.‬‬ ‫* م���اذا يعني بالن�سبة ل��ك ان ت��ك��وين ابنة‬ ‫جيفارا؟‬ ‫ انا �سيدة كوبية تربيت يف اح�ضان ثورة‬‫بالدي كغريي من الكوبيني ولهذا نحن نحمل‬ ‫بداخلنا افكارا تت�سم بالتحدي وبرغم انني‬ ‫افخر بكوين ابنة املنا�ضل الثوري الكبري اال‬ ‫انني ال ارى ان هذا يعني ان اكون اف�ضل او‬ ‫ا�سو�أ من االخرين ‪ ،‬الن ما مييزين حقا ان‬ ‫اكون مفيدة للمجتمع بغ�ض النظر عن ا�سمي‬ ‫وهذا ما احاول ان افعله ‪ ،‬وما علمه يل ابي‬ ‫فانا ال ازهو به على االخرين با�سم ابي ولن‬ ‫اتاجر به ‪.‬‬ ‫* ك��ث�يرون ي��ت�����س��اءل��ون مل���اذا ال تعمل ابنة‬ ‫جيفارا بال�سيا�سة ؟‬ ‫ بالفعل دائما ما ي�سالني النا�س هذا ال�س�ؤال‬‫واجيب بانني بالفعل �سيدة تعمل بال�سيا�سة‬

‫ولكن ب�شكل خمتلف فانا اعترب ان كل رجل‬ ‫او ام��راة يعمل ويخدم املجتمع هو بالفعل‬ ‫ميار�س عمال �سيا�سيا ب�شرط ان يكون لديه‬ ‫اميان عميق بان بالده يجب ان تعي�ش بكرامة‬ ‫ومن هذا املنطلق انا ال اعمل بال�سيا�سة وال‬ ‫ارتزق منها لكنني ا�ؤمن ب�سيا�سات االحرتام‬ ‫والت�ضامن والعدل وامل�ساواة ‪.‬‬ ‫* هل امتهنت الطب �سريا على نهج والدك‬ ‫الذي كان طبيبا ؟‬ ‫ يف الواقع انا امتهنت الطب النني احبه‬‫بغ�ض النظر عن كون ابي طبيبا وباملنا�سبة‬ ‫هو مل ميار�س الطب كحرفة وامن��ا كر�سالة‬ ‫وو�سيلة خلدمة النا�س واذا كنت تعنني انني‬ ‫ا�شبه والدي او ا�سري على خطاه فهذا �شيء‬ ‫طبيعي لكنني حاولت منذ ال�صغر ان تكون‬ ‫يل افكاري امل�ستقلة ‪.‬‬ ‫* ك��ي��ف ت��ري��ن ال��و���ض��ع يف ال��ع��امل العربي‬ ‫وافريقيا ؟‬

‫ انا ارى انكم ك�شعوب عربية بحاجة اىل‬‫ان تكونوا اك�ثر وح���دة وت�ضامنا ونرجو‬ ‫ان نراكم ت�ستعيدون كل القوة التي فقدتها‬ ‫دول عدم االنحياز يف ال�ستينيات اذ يجب ان‬ ‫نوحد قوانا معا لنقف امام الدول ال�صناعية‬ ‫املتقدمة التي ال تفكر اال يف م�صاحلها ‪ ،‬وانا‬ ‫ارى ان هناك الكثري ال��ذي ميكن ان نتعلمه‬ ‫من بع�ضنا البع�ض ولكن ينق�صنا االحرتام‬ ‫املتبادل فنحن يجب ان ن�ؤمن باننا �شعوب‬ ‫فاعلة يجب ان متتلك ما تنتجه ويجب ان‬ ‫نواجه الكيانات االقت�صادية الكربى التي‬ ‫ت�ستهلك مواردنا من دون فائدة ‪.‬‬ ‫* كيف تنظرين اىل وج���ود ادارة جديدة‬ ‫بقيادة ب��اراك اوب��ام��ا يف ال��والي��ات املتحدة‬ ‫تدعو للتغيري ؟‬ ‫ تغيري الرئي�س االمريكي ال يعني بال�ضرورة‬‫تغيريا يف ال�سيا�سات االمريكية‬ ‫الن �سيد البيت االبي�ض من�صبه‬ ‫ال�سيا�سي من�صب �شريف فال�سلطة‬ ‫احلقيقية يف يد ال�شركات الكربى‬ ‫يف امريكا فهي على �سبيل املثال‬ ‫تدعم احل��رب يف العراق ولهذا ال‬ ‫اظن ان ال�سيا�سة االمريكية �سوف‬ ‫تتغري بو�صول رئي�س جديد لكن‬ ‫ما امتناه هو ان تن�سحب القوات‬ ‫االمريكية من العراق وافغان�ستان‬ ‫وه���و ام���ر �صعب ج���دا ان يفعله‬ ‫رئي�س امريكي وح��ده بعيدا عن‬ ‫دعم ال�شركات الكربى وبالن�سبة‬ ‫لبلدي كوبا فان قرار رفع احل�صار‬ ‫عنها يف يد الكوجنر�س ولي�س يد‬ ‫الرئي�س االمريكي ‪.‬‬ ‫* تقولني ان��ك ال متار�سني العمل‬ ‫ال�سيا�سي ب�شكله التقليدي ولكن‬ ‫كلماتك توحي بعك�س ذلك ؟‬ ‫ (ت�ضحك ب�����ش��دة) وت�ضيف انا‬‫كوبية ونحن يف كوبا نقول ان‬ ‫كل كوبي عبارة عن مطرب وفنان‬ ‫وجمنون!‬ ‫* هل تعلمني ان هناك اغنية �شهرية‬ ‫ج��دا اداه���ا ملحن م�صري راحل‬ ‫ا�سمه ال�شيخ ام��ام وكتبها �شاعر‬ ‫كبري هو احمد ف���ؤاد جنم تتحدث‬ ‫عن جيفارا وكانت رمزا لل�صمود يف‬ ‫وجه الظلم يف ال�ستينيات وال�سبعينيات؟‬ ‫ ه��ن��اك اغ����ان ك��ث�يرة حت��ك��ي ع���ن جيفارا‬‫وبع�ضها و���ص��ل الينا م��ن م�صر واليونان‬ ‫وه���ذا ���ش��يء اراه جميال للغاية الن وفاء‬ ‫ال�شعوب يتمثل يف ت��ق��دمي ه��ذه االغنيات‬ ‫وهذا ما يلم�س قلوبنا نحن عائلة جيفارا‪.‬‬ ‫*ماهي ذكرياتك مع جيفارا كمنا�ضل وك�أب؟‬ ‫ تتنهد وتبت�سم قائلة‪ :‬اخر مرة ر�أي��ت ابي‬‫كنت يف عمر ال�سابعة وب��رغ��م ه��ذه ال�سن‬ ‫ال�صغرية الازال احتفظ يف ذاكرتي ببع�ض‬ ‫امل�شاهد والذكريات اجلميلة حتى ان اخي‬ ‫اال���ص��غ��ر كاملليو ي�سخر مني وي��ق��ول يل‪:‬‬ ‫ال��ي��دا ان��ت تتمتعني ب��ذاك��رة ك��ذاك��رة الفيل!‬ ‫وق��د تعرفت على وال���دي م��ن خ�لال والدتي‬ ‫التي كانت حتبه كثريا ومن خالل ا�صدقائه‬ ‫الذين اولونا رعاية كبرية وفاء لذكراه وكان‬ ‫عادة مايزورنا يف البيت متنكرا يف هيئات‬ ‫خمتلفة واخر �صوره له يف ذهني كان يظهر‬ ‫فيها رجال طويال يرتدي املالب�س الع�سكرية‬ ‫ويعاملنا بحنان كبري وك��ان ذلك قبل وفاته‬ ‫ب�أيام قليلة وهو يف طريقه اىل بوليفيا وكنت‬ ‫التقي به دون ان اعرف ان هذا ال�شخ�ص هو‬ ‫ابي فقد كان يقدم نف�سه الينا على انه �صديق‬ ‫حميم لوالدي وذلك ب�سبب اخلطر الكبري على‬ ‫حياته ويف اخر زيارة اح�ضر يل الكثري من‬ ‫احللوى واثناء لهوي �سقطت وجرحت ر�أ�سي‬ ‫والن وال���دي يف اال���ص��ل طبيب فقد �سارع‬ ‫بالتقاطي م��ن االر����ض وم��داوات��ي وحينها‬ ‫ذهبت اىل امي وقلت لها هل تعرفني‪ ..‬هذا‬ ‫الرجل يحبني جدا وان كنت الاعلم ملاذا؟ ومل‬ ‫ت�ستطع امي الرد بالطبع وقد �سجلت ذكرياتي‬

‫مع والدي وانطباعاتي عنه يف كتاب يحمل‬ ‫عنوان(ذكرياتي مع والدي ت�شي)‪.‬‬ ‫*رغم هذه الزيارات اخلاطفة هل من درو�س‬ ‫حر�ص على تعليمك اياها؟‬ ‫ �أووه‪ ..‬ال��ك��ث�ير‪ ..‬وال���دي ك��ان يبعث لنا‬‫ب��اخل��ط��اب��ات م��ن ال��غ��اب��ات اث��ن��اء اختبائه‬ ‫وك����ان ي��ح��ك��ي ل��ن��ا يف ه���ذه اخل��ط��اب��ات عن‬ ‫العدل والظلم من خالل �شخ�صية اخرتعها‬ ‫هي(التم�ساح بيبي) وكيف ان هذا التم�ساح‬ ‫�شرير ي�سيء لالخرين واذكر انني يف احدى‬ ‫زياراته اعطيت احللوى التي منحني اياها‬ ‫الخي اال�صغر فقال يل انا فخور بك يا اليدا‬ ‫الن��ك قمت بواجبك ك���أخ��ت ك�برى واعطيت‬ ‫الخيك اال�صغر احللوى ولهذا �سوف اكافئك‬ ‫ب�أعطائك املزيد منها هذه كانت طريقته يف‬ ‫تعليمنا والدي كان يقدر كثريا العطاء وهو‬ ‫�شخ�صيا ك��ان منوذجا للعطاء وكيف مينح‬ ‫االن�سان نف�سه من اجل ق�ضية ي�ؤمن بها‪..‬‬ ‫*يبدو ان والدتك املنا�ضلة الثورية لعبت هي‬ ‫االخرى دورا كبريا يف حياتك وحياة جيفارا‬ ‫نف�سه‪..‬‬ ‫ هذا �صحيح والدتي كانت �شديدة احلر�ص‬‫على اال ت�شعرنا بغياب وال��دي اب��دا وكانت‬ ‫تتحدث عنه ب�أ�ستمرار ولهذا كنا ن�شعر دائما‬ ‫ب��وج��وده وه��و واج��ب كبري قامت ب��ه جتاه‬ ‫وال���دي ال��ذي ك��ان يحبها كثريا وح�ين كنت‬ ‫يف ال�ساد�سة ع�شرة �س�ألني احد النا�س‪ :‬ملاذا‬ ‫حتبني والدك؟‬ ‫فكانت اال�سباب اكرث من ان تعد او حت�صى‬ ‫وان��ا اع��رف ان حب االب يختلف كثريا عن‬ ‫ح��ب االم فحب االم فطري ام��ا االب فيجب‬ ‫ان يكت�سب حب ابنائه وانا كنت اعلم جيدا‬ ‫من هو والدي وكيف مل تتح له الفر�صة لكي‬ ‫يعطينا من احلنان كما كان يحب ويتمنى‪.‬‬ ‫والدي كان حماربا رائعا وزعيما الي�شق له‬ ‫غبار وك��ان ي�ستطيع قيادة النا�س مبنتهى‬ ‫ال�سهولة وال��ي�����س��ر الن��ه��م ك��ان��وا ي��ث��ق��ون به‬ ‫ب�سهوله وب�سرعة ب�سبب �صدقه واميانه‬ ‫ال�شديد ومل يكن اي �شخ�ص يعمل حتت امرة‬ ‫والدي يع�صي او يرف�ض له امرا النه مل يكن‬ ‫ي�أمر اي �شخ�ص ب�أي عمل دون ان يكون هو‬ ‫نف�سه قادرا على فعل هذا ال�شيء وانا الارى‬ ‫ت�شي كما يراه النا�س ثوريا منا�ضال فقط بل‬ ‫اراه رجال متكامال كانت قوته احلقيقية تكمن‬ ‫يف معرفته كيف يحب‪..‬‬ ‫*يعر�ض هذا العام فيلم روائي يتناول حياة‬ ‫جيفارا باال�ضافة اىل فيلم اخر قدمه الفنان‬ ‫عمر ال�شريف يف ال�ستينيات مار�أيك يف مثل‬

‫‪11‬‬

‫هذه االعمال؟‬ ‫ االفالم التي قدمت عنه حتى االن افالم غري‬‫دقيقة وبها اخطاء تاريخية كما ان ت�شي مل‬ ‫يكن جم��رد رج��ل حم��ارب كما ت�صوره هذه‬ ‫االفالم بل كان رجال �صاحب فكر ومبد�أ وهذه‬ ‫االفالم مت�أثرة ب�شدة بوجهة النظر االمريكية‬ ‫يف ال�سينما وجيفارا نف�سه لذلك ف�أن �صورة‬ ‫جيفارا تبدو م�شوهة يف كثري من االعمال‪.‬‬ ‫*ما و�ضع املر�أة يف كوبا؟‬ ‫ املر�أة الكوبية كانت قبل الثورة م�ضطهدة‬‫ب�سبب فقر البالد ونحن يف كوبا ثقافتنا ثقافة‬ ‫ذكورية ب�سبب املرياث الكاثوليكي اال�سباين‬ ‫ال��ذي يقلل م��ن ���ش���أن امل���ر�أة وك��ذل��ك املرياث‬ ‫االفريقي لكن يف املقابل لدينا رجال عظماء‬ ‫وق��ف��وا بجانب امل���ر�أة مثل خو�سيه مارتني‬ ‫�صاحب املقولة ال�شهرية (ان ال��رج��ل الذي‬ ‫ي�ضرب املر�أة بفرع وردة الي�ستحق ان يكون‬ ‫رج�لا) وان��ا ا�ؤم��ن متاما بهذه العبارة ويف‬ ‫كوبا ت�شغل الن�ساء نحو ‪ %60‬من الوظائف‬ ‫لكنها ال تزال حتاول حتقيق امل�ساواة داخل‬ ‫املنزل الن الرجل الكوبي الميكن ان ي�صنع‬ ‫لنف�سه فنجان قهوة؟ والتزال املر�أة الكوبية‬ ‫حت����اول ال��و���ص��ول اىل و���ض��ع اف�����ض��ل مما‬ ‫و�صلت اليه!‬ ‫من هو جيفارا؟‬ ‫ارن�����س��ت��و ت�شي ج��ي��ف��ارا طبيب ارجنتيني‬ ‫اال�صل من ا�سرة مي�سورة احلال ت�أثر كثريا‬ ‫ب�أفكار وال��ده اال�شرتاكية وق��ر�أ الكثري من‬ ‫الكتب مل�ؤلفني ي�ساريني‪ ..‬التحق بجامعة‬ ‫بوين�س ايري�س لدرا�سة الطب واثناء درا�سته‬ ‫اجلامعية �سافر ملدة عام اىل الكثري من دول‬ ‫امريكا الالتينية على دراجته اخلا�صة ومل�س‬ ‫مدى تدهور و�سوء احوال البالد هناك مما‬ ‫اثر على تفكريه واجتاهه نحو اعتناق الفكر‬ ‫املارك�سي والعمل الع�سكري الثوري ودون‬ ‫رحلته يف كتاب بعنوان (يوميات دراجة)‬ ‫وحقق الكتاب اعلى املبيعات ان���ذاك‪ ..‬ترك‬ ‫جيفارا درا�سته للطب وتفرغ مل�ساعدة البالد‬ ‫الفقرية وان�ضم الحقا اىل فيدل كا�سرتو يف‬ ‫حركته الثورية التي جنحت يف الو�صول‬ ‫اىل احلكم يف كوبا ومنحه كا�سرتو اجلن�سية‬ ‫الكوبية ونال من�صبا �سيا�سيا رفيعا هناك كما‬ ‫كان رئي�س بنك كوبا اال ان جيفارا ترك كوبا‬ ‫متجها اىل حت��ري��ر امل��زي��د م��ن دول امريكا‬ ‫الالتينية ولن�شر الثورة هناك حتى عام ‪1967‬‬ ‫حيث وقع يف قب�ضة اال�ستخبارات االمريكية‬ ‫وقتل يف احرا�ش وغابات بوليفيا‪.‬‬

‫عن جملة االهرام العربي‬

‫ت��������ش��������ي‪ :‬ال���������وج���������ه اآلخ���������ر‬ ‫لطفية الدليمي‬ ‫تعرف���ت خ�ل�ال عام���ي اللجوء يف فرن�س���ا بكات���ب كوبي معار����ض لنظام‬ ‫كا�س�ت�رو هو (خي�س���و�س زونيكا)‪ ،‬الذي هرب من كوبا يف مغامرة مروعة‬ ‫ت���اركا زوجت���ه املحامي���ة الت���ي تعمل يف جم���ال حق���وق الإن�س���ان وابنته‬ ‫ال�ص���غرية وعمله ك�ص���حفي م�س���تقل ‪،‬ومل يكن ق���ادرا على مهاتف���ة عائلته‪،‬‬ ‫فكان يت�ص���ل ب�ص���ديق له يف بنما ليبلغ زوجته ب�أخباره ‪،‬كنا نقيم يف بيت‬ ‫ال�صحفيني يف باري�س مع الجئني �آخرين– و نلتقي نهارا يف قاعة درو�س‬ ‫اللغة الفرن�س���ية ثم نن�شغل �أنا وخي�س���و�س بالكتابة كل على حا�سوبه‪ ،‬هو‬ ‫يكتب الف�صول الأخرية من كتابه الثاين (ت�شي‪ :‬الوجه الآخر) و�أنا �أدوّ ن‬ ‫بع����ض اليومي���ات و�أكتب الف�ص���ول الأوىل لرواية (�س���يدات زحل)–بينما‬ ‫ينغمر الباقون ب�سماع املو�سيقى والدرد�شة على امل�سنجر‪..‬‬ ‫حدثن���ي خي�س���و�س كثريا عن وح�ش���ية الث���ورة ودموية الث���وار وانحالل‬ ‫الثورة و�أيدلوجيتها جراء العنف املفرط والتطبيق اخلاطئ لال�ش�ت�راكية‬ ‫وا�س���تبداد جمموع���ة الث���وار الذي���ن امتلك���وا ال�س���لطة وا�س���تيالءهم على‬ ‫مق���درات وممتلكات الطبقات املتو�س���طة والبورجوازية وطردهم املالكني‬ ‫من منازلهم وق�ص���ورهم �إىل ال�ش���ارع‪ ،‬ومن يعرت�ض يكون م�صريه املوت ‪،‬‬

‫و قد وثق حتوالت الثورة امل�ش���ينة يف كتابه الأول ( كوبا‪ -‬الديكتاتورية‬ ‫اال�س���توائية )‪ ،‬وكان معنيا بف�ضح الأ�س���رار اخلفية ملا وراء بريق الثوار‬ ‫و�ص���ورتهم امل�ؤ�سطرة ‪ ،‬يف هافانا اخرتق ملفات ر�سمية و�سرق معلومات‬ ‫خطرية قبل هروبه من كوبا مما �أثار ال�سلطة ف�أ�صدرت عليه حكما بالإعدام‬ ‫لك�ش���فه معلومات �س���رية عن �آالف ال�ضحايا الكوبيني –وف�ضحه وقائع‬ ‫غرائبية عن دموية الثوار �إزاء املعار�ضني �أثناء م�شاركة جيفارا يف احلكم‬ ‫‪ ،‬وكان( ت�ش���ي ) ح�س���ب كتاب( خي�سو�س ) املح ّرك للعنف ال�سلطوي‪ ،‬وقد‬ ‫ا�ست�ش���هد ( خي�س���و�س ) بكتاب مذكرات جيفارا ( رحلة على دراجة ) عندما‬ ‫اكت�ش���ف جيفارا ب�ؤ����س القارة الالتينية وجوعها الذي �س���ببته ال�ش���ركات‬ ‫متع���ددة اجلن�س���يات و�أكد فيه �ض���رورة �إيق���اظ ال�س���خط ومواجهة العدو‬ ‫ب�أق�ص���ى درج���ات العن���ف والكراهية‪ ،‬وتك�ش���ف مقولة جيف���ارا التي ختم‬ ‫به���ا كتاب مذكرات���ه ‪،‬تلك التوجهات العنيفة ( علمت �أنه حني تق�س���م الروح‬ ‫الهادية العظيمة هذه الإن�سانية �إىل �شطرين مت�صارعني ‪ ،‬ف�إين �س�أكون �إىل‬ ‫جانب ال�شعب ‪� ،‬أعرف هذا و�أراه مكتوبا يف �سماء الليل و�أنا الداعية الذي‬ ‫اختاره القدر لهذا و�أنا املحلل النف�س���ي للعقيدة (‪� ،)...‬س����أهاجم املتاري�س‬ ‫واخلنادق و�س����أحمل �س�ل�احي ّ‬ ‫امللطخ بالدم ‪� ،‬س�أذبح ‪�-‬أنا املمتلئ بال�سخط‬ ‫– �أي عدو يقع بني يدي – �أرى نف�سي قربانا للثورة احلقيقية واملعادل‬

‫العظي���م لإرادة الف���رد الذي يعرتف باقرتافه �أب�ش���ع الأخط���اء و�أفدحها ‪ ،‬و‬ ‫�أ�ش���عر ب�أن �أنفي يت�س���ع لي�ستن�ش���ق الرائحة الالذعة للب���ارود والدم وموت‬ ‫الع���دو ويفعم ج�س���دي بع���زم حديدي ف�أع ّد نف�س���ي للمعركة لتكون ف�ض���اء‬ ‫مقد�سا)‪.‬‬ ‫ويقول جيفارا يف مذكراته‪( :‬لكي تر�س���ل رجا ًال �إىل فرقة الإعدام‪ ،‬فالإثبات‬ ‫الق�ضائي غري �ضروري‪...‬فهذه الإجراءات هي تفا�صيل برجوازية قدمية‪.‬‬ ‫ه���ذه ث���ورة‪ ،‬والثوري���ون يج���ب �أن ي�ص���بحوا �آالت قت���ل ب���اردة مدفوع���ة‬ ‫بالكراهي���ة اخلال�ص���ة!) وعندم���ا �ص���در كتاب خي�س���و�س (ت�ش���ي‪ :‬الوجه‬ ‫الآخر) كانت �س���احات باري����س حتتفل بذكرى جيف���ارا ويرتدي املحتفلون‬ ‫الراق�ص���ون على �أنغام ( ال�سال�س���ا) قم�ص���ان ًا حتمل �ص���ورته بينما ي�ستغل‬ ‫ال�ص���ناعيون والتج���ار املنا�س���بة كل ع���ام ليبيعوا مالي�ي�ن املنتجات التي‬ ‫حتمل �صورته مرتبحني من ق�ضية الي�ؤمنون بها !‬ ‫وق���د عم���دت �أف�ل�ام عدي���دة �إىل حتطي���م �أ�س���طورة جيف���ارا ح�ي�ن �أظهرت‬ ‫االنته���اكات الت���ي اقرتفه���ا ه���و و كا�س�ت�رو ورا�ؤول‪ ،‬ومن �أبرزه���ا الفيلم‬ ‫املو�س���يقي (املدينة املفق���ودة) الذي �أخرجه وم ّثله (�أندي غار�س���يا ) وقدم‬ ‫فيه م�ش���اهد ع���ن عنف جيف���ارا ورفاقه وانعكا�س���ات العنف عل���ى املجتمع‬ ‫وثقافته وم�صري‪.‬‬

‫‪http://www.almadapaper.com - E-mail: almada@almadapaper.com‬‬


‫‪12‬‬

‫العدد (‪)2353‬ال�سنة التا�سعة ‪ -‬االربعاء (‪ )4‬كانون الثاين ‪2012‬‬

‫العدد (‪)2353‬ال�سنة التا�سعة ‪ -‬االربعاء (‪ )4‬كانون الثاين ‪2012‬‬

‫‪13‬‬

‫جيفارا الرمز واالنسان والمناضل‬ ‫متر ذكرى جيفارا كذكرى عزيزة على كل حمب للعدل واحلرية ودفع الظلم عن بني الإن�سان لي�ست الذكري او جيفارا وما ميثله من قيمة ان�سانية عظيمة‬ ‫خا�صة بنا نحن فقد اال�شرتاكني انها فرتة ن�ضالية هامة فى تاريخ الب�شر وجتربة ان�سانية ت�ستحق التامل والبحث ‪ .‬تهل الذكرى بكل ما ترتكه بداخلك‬ ‫ت�ستدعى ما تعرف لتكتب فتجد فعال ي�صعب ال�سري فيه من دون قلق‪ ،‬من ال�صعب �إن تتحدث عن �شخ�ص ظلت حياته لأخر نف�س زاخرة بالإحداث ‪،‬لكنها‬ ‫حماولة رمبا تلقي ظالال عن جيفارا الإن�سان واملنا�ضل الثوري‪ .‬ولنبد�أ من جيفارا الإن�سان �أين ومتى وكيف عا�ش لعل هذه املعرفة على ب�ساطتها هي مدخل‬ ‫لفهم جيفارا املنا�ضل والرمز‪ ،‬ولد زعيم حرب الع�صابات(تكتيك الب�ؤر الثورية) يف �أغ�سط�س ‪ 1928‬يف احد �أحياء العا�صمة الأرجنتينية" يوني�س اير�س"‬ ‫وحتديدا يف حي "روز ار يو" لأ�سرة مي�سورة �أالم مثقفة من ا�صل ا�سباين مهتمة بال�ش�أن العام �إما الأب فكان مهند�س مدين من ا�صل ايرلندي‪.‬‬

‫ع�صام ح�سن‬

‫عندما بلغ الرابعة من عمرة �أو�صى الأطباء‬ ‫ب�سرعة انتقال الأ�سرة �إىل مكان �أكرث جفافا‬ ‫حيث �أخذت حالته ال�صحية تتدهور فانتقلت‬ ‫الأ�سرة �إىل "كوردوبا "ومنها انتقلت �إىل‬ ‫"التاغر�سيا "وكان جيفارا االبن الأكرب بني‬ ‫ا�شقائة حيث كانت له �أخت تدعى �سليا ولقد‬ ‫�أ�صبحت �سيليا مهند�سة معمارية ك�أبيها‬ ‫وك��ذل��ك �أخ��ت��ه ال�صغرى "ماريا " �إم��ا الأخ‬ ‫الأ�صغر "روبرتو" فقد �أ�صبح حمامى‪.‬التحق‬ ‫جيفارا باملدر�سة االبتدائية "�سان مارتن‬ ‫" ثم انتقل �إىل مدر�سة" مانوييل" وعا�ش‬ ‫جيفارا فى هذه الفرتة فى فيال فى منطقة "‬ ‫التاغرا�سيا" وكان والدة فى هذه الفرتة يدير‬ ‫مزرعة لنبات "املاتى " وهو نبات مثل ال�شاي‬ ‫وكانت املزرعة ملكا لوالدته "�سيليا " ولكن‬ ‫ا�ضطرت لبيعها ف��ى ع��ام ‪1947.‬ول��ق��د كان‬ ‫املر�ض احد �أ�سباب عدم انتظامه الدرا�سي‬ ‫الأمر الذي ا�ستدعى اهتمام اكرب من الأ�سرة‬ ‫مل�ساعدة فى درو�سه‪ ،‬ثم �أنتقل جيفارا �إىل‬ ‫"كوردوبا" ليلتحق باملدر�سة الثانوية"‬ ‫دي��ن فريتز" ف��ى ظ��ل ظ���روف ت��راج��ع مادي‬ ‫لعائلته الأمر الذي جعل جيفارا يعمل ليدبر‬

‫م�صاريفه ال�شخ�صية وف��ى هذهكريا�ضي‬ ‫ال��ف�ترة حت��دي��دا ازداد ول��ع جيفارا ب��الأدب‬ ‫الفرن�سي وازداد حبة للمخاطرة‪ ،‬ن�ستطيع‬ ‫ان جنمل حاله جيفارا الفتى ب�أنه فتى ذا‬ ‫روح مرحة حمبة للمغامرة ‪ ،‬ك��ان يق�ضى‬ ‫وقته بني الرتحال والقراءة وكان من حمبي‬ ‫الكاتب "جول فرين" و"�ألك�سندر دميا�س"‬ ‫وكان يهوى كتابة ال�شعر والت�صوير والر�سم‬ ‫ورغم مر�ض الربو الذي �صاحبه طيلة حياته‬ ‫وج��ع��ل��ه م��رحت�لا ب�شكل دائ����م �إال ان���ه كان‬ ‫معروفا فى نادى "اتااليا " كريا�ضي مليء‬ ‫باحليوية‪ ،‬عني وال��دة ووال��دت��ه به وازداد‬ ‫اه��ت��م��ام��ه��م ب��ه م��ن��ذ ���ص��غ��ره مل��ر���ض��ه بالربو‬ ‫منذ ك��ان يبلغ العامني ولعل ذل��ك االهتمام‬ ‫وخا�صة م��ن ج��ان��ب وال��دت��ه واط�لاع��ه على‬ ‫الأدب وال�شعر الفرن�سي واال�سباين كان �أمرا‬ ‫م�ؤثرا جدا فى حياته‪ ،‬هكذا كان الفتى الذي‬ ‫مر بعد ذلك بعده حمطات كان لها كبري الأثر‬ ‫فى خلق القائد االممى ت�شي جيفارا فقد كان‬ ‫نبا القب�ض على وال��ده "حيث �أ�س�س جلنة‬ ‫م�ساندة للجمهورية الأ�سبانية عام‪"1937‬‬ ‫م��ن الأم���ور امل���ؤث��رة ف��ى حياته حيث جعله‬

‫‪http://www.almadapaper.com - E-mail: almada@almadapaper.com‬‬

‫يح�س مبعنى االفتقاد ومبعنى القهر الذي‬ ‫متار�سه ال�سلطة اي �سلطة على الب�شر حيث‬ ‫حترمه من احتياجاته وحتد من حريته لكي‬ ‫ال يطالب بحقوقه‪.‬ولنتوقف عند احد امل�شاهد‬ ‫فى حياة ت�شي ففي املرحلة الثانوية ذهب‬ ‫جيفارا فى احد املرات من�ضما �إىل مظاهرة‬ ‫غا�ضبة ا�ستهدفت احد النوادي الفاخرة التي‬ ‫يرتدد عليها �أغنياء الأرجنتني " نادي جوكي‬ ‫" ولقد كون جيفارا وجه نظر �سابقة عن‬ ‫هذا النادي ب�أنه نادي املتخمني امل�ستغلني!‪،‬‬ ‫وعندما وجد جيفارا املتظاهرين ان�ضم اليهم‬ ‫م��رددا " فلي�سقط املتخمني باملال فلي�سقط‬ ‫املتخمني باملال " التقط حجارة واخذ يقذف‬ ‫بها واجهات املحل الزجاجية مرددا اذهبوا‬ ‫�إىل الواليات املتحدة �أيها اخلنازير‪.‬‬ ‫وك��ان��ت رح��ل��ت��ه يف ب��ع�����ض �أن���ح���اء �أمريكا‬ ‫ال�لات��ي��ن��ي��ة م��رحت�لا ع��ل��ى دراج�����ة بخارية‬ ‫ا�ضافة كبرية و متك�أ للتعرف على ق�سوة‬ ‫احلياة التي حتييها �شعوب �أمريكا االتنية‪،‬‬ ‫يحدثنا جيفارا قائال "عندما يتعرف الفقري‬ ‫على ظروفه اجلديدة تولد داخله عدوانية‬ ‫ي�صعب �إخ��ف��اءه��ا – عدوانية جت��اه ه�ؤالء‬

‫الذين ال يردعون �أنف�سهم عن ظلم الآخرين‪،‬‬ ‫يقدم جيفارا يف "احالمي ال تعرف حدودا"‬ ‫حتليل ملجمل الأو�ضاع يف �أمريكا الالتينية‬ ‫و�أو�ضاع �سكانها الفقراء وما يتعر�ضون له‬ ‫من ظروف معي�شية يحا�صرهم فيها املر�ض‬ ‫وال��ع��وز والفقر وع�بر ه��ذه ال��ظ��روف ي�صل‬ ‫�إىل حتليل مفاده �إن حل هذه امل�شكالت لن‬ ‫يتم باحللول الفردية مبيننا حالة االغرتاب‬ ‫التي يعي�شها العمال يف معظم البلدان حيث‬ ‫يعي�شون يف ظل نظام �إنتاج �شبه عبودي ال‬ ‫مينحهم �سوى ما يكفيهم الن يبقون على قيد‬ ‫احلياة فح�سب " عندما يجد الإن�سان حياته‬ ‫بال م�ستقبل بال �أفق يعي�ش دوما خائفا من ما‬ ‫هو �آت لأنه ال ي�ستطيع ت�أمني �سبل املعي�شة‬ ‫�إىل �أيام عدة قادمة ذلك امل�ستقبل الذي �سوف‬ ‫يظل قامتا يف ظل تلك الظروف " وي�ضيف‬ ‫فى تو�صيفه حلالة العمال فيقول " يف حياة‬ ‫�شغيلة كل بلدان العامل �أولئك الذين فقدوا‬ ‫�أحالمهم يف امل�ستقبل االتي تكمن امل�أ�ساة "‬ ‫يلتحق جيفارا بكلية الطب وي�صيغ مفهوما‬ ‫جديدا لتغيري املجتمع عرب �صياغة مفهوم‬ ‫"الطب ال��ث��وري "والتي ك��ان��ت م��ن �أهم‬

‫كتاباته‪ ،‬يحدثنا جيفارا عن ذلك فيقول" �أريد‬ ‫�إن �أمار�س مهنة الطب لكني �أرى �ضرورة‬ ‫التغيري‪ ،‬التغيري احلقيقي الذي يكفل الق�ضاء‬ ‫على م�أ�سي الب�شر وعلى �أ�سباب املر�ض وهذا‬ ‫الأم��ر لن يحققه الطب وح��ده‪ -" ،‬اعتقد ان‬ ‫ث��روات هذه البالد من املعادن ومن الأر�ض‬ ‫اخل�صبة يجب ان ت��خ��دم جميع ال��ن��ا���س ال‬ ‫ان تخدم بع�ض العائالت الغنية فقط‪� ،‬أو‬ ‫ال�شركات الأمريكية فه�ؤالء ي�شكلون دوما‬ ‫�سرطانا ال ميكن الق�ضاء عليه �إال با�ستئ�صالة‬ ‫النهائي"‪.‬‬ ‫لقد كانت روح جيفارا مثقلة بالربو ومثقلة‬ ‫بامل�س�ؤولية �أمام الفقراء وجموع الكادحني‬ ‫ولعل عبارته "�أينما كان الظلم فهذا وطني"‬ ‫تو�ضح تلك الروح الإن�سانية املحبة للب�شر و‬ ‫العطاء‪ ،‬وفى خ�ضم هذا كله �أعطى جيفارا‬ ‫الأه��م��ي��ة ال��ك�برى ملفاهيم ال��ث��ورة وتنظيم‬ ‫اجلماهري النتزاع حقوقهم و�أعلى من �ش�أن‬ ‫احتياجاتهم واك���د ع��ل��ى ان���ه ال معنى الي‬ ‫كيان �أو نظام اجتماعي ال يلبي احتياجات‬ ‫الب�شر لتنتهي �أن��ظ��م��ة اجتماعية وت�أتي‬ ‫�أنظمة جديدة كبديل لهذا البناء االجتماعي‬

‫والطبقي ال�سائد‪ ،‬ففي عبارة له يقول " دعونا‬ ‫نبد�أ يف حمو كل مفاهيمنا القدمية "‪ ،‬لقد كان‬ ‫�إميان جيفارا باجلماهري من عمال وفالحني‬ ‫وفقراء هو الأر�ضية الأ�سا�سية لن�ضاله من‬ ‫اج��ل حت��ري��ره��م‪ ،‬فنجده ي��ق��ول " يجب ان‬ ‫نذهب بعقل ف�ضويل وروح متوا�ضعة لننهل‬ ‫م��ن ه���ذا امل��ع�ين العظيم للحكمة ال���ذي هو‬ ‫ال�شعب ""‪.‬‬ ‫اعترب جيفارا �أمريكا الالتينية وطنا واحدا‬ ‫تت�شابه فيه الظروف وت�شرتك يف املعاناة‬ ‫م��ن ال��ف��ق��ر واال���س��ت��غ�لال واال���س��ت��ع��م��ار‪ ،‬لقد‬ ‫ر�أى جيفار املوت يزحف على العمال ور�أى‬ ‫الفقر متج�سدا يف املر�ض واجل��وع ور�أى‬ ‫الظلم متمثال يف �أ�صحاب امل��زارع واملناجم‬ ‫وامل�ستعمرين‪ ،‬ر�أى جيفارا م�ساحات وا�سعة‬ ‫من الكرة الأر�ضية عانت لقرون من ال�سيطرة‬ ‫اال�ستعمارية وتوالت على دولها االنقالبات‬ ‫وتقا�سمتها ال����دول اال���س��ت��ع��م��اري��ة بقيادة‬ ‫�أمريكا ‪.‬‬ ‫جم��م��ل ه����ذه الأو�����ض����اع ه���ي ال���ت���ي كونت‬ ‫�شخ�صية جيفارا وبلورت ر�ؤيته الثورية‬ ‫وجعلته يتخذ ط��ري��ق��ه ال��ن�����ض��ايل ب��ع��د ذلك‬

‫يف ب��ل��دان ع��دي��دة م�ستخدما تكتيك حرب‬ ‫الع�صابات وتعبئة اجل��م��اه�ير لل�سري يف‬ ‫طريق االحتجاج امل�ساند لتلك الب�ؤر الثورية‬ ‫فى البالد امل�ستعمرة من اجل حتريرها ‪.‬‬ ‫يتخرج عام ‪ 1953‬وبعد عودته �إىل "يوين�س‬ ‫اير�س" تتم دعوته للخدمة الع�سكرية ولكنه‬ ‫مل ي�ؤدها لعدم منا�سبته لها‪ ،‬وفى العام نف�سه‬ ‫يزور العديد من دول �أمريكا الالتنية‪ ،‬ويبد�أ‬ ‫فى التعرف على بع�ض املجموعات الي�سارية‬ ‫ويتناق�ش معها يف بوليفيا‪ ،‬وغواتيماال‪.‬‬ ‫بعدها يذهب �إىل غواتيماال يف عام ‪1954‬‬ ‫لين�ضمم �إىل �صفوف ال��ث��وار ه��ن��اك ولكن‬ ‫�سرعان م��ا مت مواجهة ال��ث��وار م��ن نظام "‬ ‫كا�ستيلو �أرما�س" مبعاونة الواليات املتحدة‬ ‫التي لعبت دورا يف الق�ضاء على الثورة‪،‬‬ ‫حيث �أرغ��م��وا "اربن�س" على التنازل عن‬ ‫ال�سلطة وقام هذا التحالف الرجعى ب�إدارة‬ ‫ال��ب�لاد ب��ع��د ذل���ك وم��ن��ع��وا ال��ن�����ش��اط العلني‬ ‫للحزب ال�شيوعي و�ضيقوا اخل��ن��اق على‬ ‫ن�شاط عماله ولقد مت �أدراج ا�سم جيفارا‬ ‫�ضمن العديدين من الأ�سماء التي ر�صدتها‬ ‫امل��خ��اب��رات الأم��ري��ك��ي��ة ع��ل��ى اع��ت��ب��ار �أنهم‬

‫�أ�شخا�ص غ�ير م��رغ��وب فيهم ومت القب�ض‬ ‫على العديد منهم ولكن جيفارا ا�ستطاع عرب‬ ‫ال�سفري االرجنتيني بغواتيماال �إىل االختباء‬ ‫يف مقر ال�سفارة لي�سافر منها �إىل املك�سيك‬ ‫ويقابل راول اخ��و فيدل كا�سرتو لين�ضم‬ ‫�إىل فرقتهم الثورية لتبد�أ رحلته الن�ضالية‬ ‫يف كوبا منذ ‪1954‬حتى �سقوط الديكتاتور‬ ‫"باتي�ستا" يف ‪ 1959‬حيث يتوىل بعد ذلك‬ ‫مهام عدة يف احلكومة الكوبية‪.‬‬ ‫يتحدث ارن�ستو �إىل فيدل كا�سرتو يف �أول‬ ‫لقاء بينهم " طاملا ان القهر موجود ف�سيكون‬ ‫ه��ن��اك م��ن ينا�ضل ���ض��ده لقد التقت �أح�لام‬ ‫ت�شي م��ع كا�سرتو " وا�ضعني برنامج �إذا‬ ‫ما جنحت الثورة‪ ،‬حيث �سيقومون ب�إقرار‬ ‫عقد اجتماعي جديد يق�ضي بتطبيق �إ�صالح‬ ‫زراع���ي يعيد ت��وزي��ع االرا���ض��ي مل��ن يزرعها‬ ‫وو���ض��ع ق��وان�ين حتمى العمال وك��ان يحلم‬ ‫كال منهما بتوفري املرافق من كهرباء وغريها‬ ‫من املرافق �إ�ضافة �إىل توفري خدمات التامني‬ ‫االجتماعي وال�صحي وتوفري ال�سكن لتكون‬ ‫ال��ث��ورة ملكا لل�شعب وي�ساندها الكوبني‪،‬‬ ‫وك����ان ج��ي��ف��ارا ���ش��دي��د الأمي�����ان ب�ضرورة‬

‫ت�صفية اال�ستغالل بارا�ضي �أمريكا الالتينية‬ ‫كان يحلم ب�أمريكا حرة وك��ان يود ان يبذل‬ ‫ق�صارى جهده وكل ما مبلكة يف �سبيل هذا‬ ‫الهدف قائال " �أنا على ا�ستعداد للقتال �ضد‬ ‫الطغاة يف كل مكان"‬ ‫لعل �أحالم جيفار ور�ؤيته الثورية هي التي‬ ‫�أعطته ه��ذا اخل��ل��ود ال���ذي جعله رم���زا لكل‬ ‫املنا�ضلني فهو قائد حرب الع�صابات والثوري‬ ‫الذي يود دفع القهر عن كل املقهورين فى كل‬ ‫مكان �ألي�س ه��و القائل "�أينما ك��ان الظلم‬ ‫فهناك وطني " �ألي�س هو امل�ؤمن بان التع�ساء‬ ‫يف العامل هم �سر تغيريه‪ ،‬يرحتل جيفارا يف‬ ‫نحاء �أمريكا الالتنية ويذهب لإفريقيا وا�سيا‬ ‫ويلعب لي�س دورا كثوري وحمارب فح�سب‬ ‫ولكن دورا على امل�ستوى ال��دويل كم�ؤمن‬ ‫باالميمية والدفاع عن كل ال�شعوب امل�ضهدة‪،‬‬ ‫رح����ل ج��ي��ف��ارا ول��ك��ن��ه ظ���ل رم����زا املاليني‬ ‫التواقني للعدل واحلرية ‪ ،‬رحل تاركا مرياثا‬ ‫كبريا من امل��ع��ارك وامل��واق��ف والأف��ك��ار ذات‬ ‫امل�لام��ح ال��ث��وري��ة ‪ ،‬ت���رك ج��ي��ف��ارا املتج�سد‬ ‫كرمز وك�أ�سطورة وال��ذي لن ي�ستطيع احد‬ ‫ت�شويهه‪ ،‬قتل "ال�سي اي �أيه" جيفارا يف‬

‫بوليفيا ولكنه مل ي�ستطع قتل افكاره الأفكار‪،‬‬ ‫لقد كانت معظم املنظمات امل�سلحة الثورية‬ ‫يف العامل تهتدي بخطى التجربة اجليفارية‬ ‫وب�أفكار ذلك الثائر حتى ان البع�ض يرى �أن‬ ‫جزءا من الرتاث الذي ر�آكم �صعودا للي�سار‬ ‫من جديد يف �أمريكا االتنية كان جزءا منها‬ ‫الأف��ك��ار اجليفارية‪ ،‬كما كانت هناك عالقة‬ ‫جدلية بينها وب�ين حركة املقاومة العاملية‬ ‫والعربية �سواء يف اجلزائر وفل�سطني �أو‬ ‫م�صر �أو الكونغو‪ ،‬لقد ت��رك��ت اجليفارية‬ ‫بح�سابات متفاوتة �أثارها على هذه احلركة‬ ‫فقد متيزت اجليفارية مبنهج ان�ساين �صرف‬ ‫وت�ضامن �أممي وثورية رومان�سية تعلو عن‬ ‫االنتهازية �أو املوائمات ال�سيا�سية لقد كان‬ ‫نقاء التجربة الثورية جليفارا ال يناظرها‬ ‫اى من التجارب اال�شرتاكية �أو احلركات‬ ‫التحررية الأخ��رى رغم املالحظات النقدية‬ ‫عليها‪ ،‬ل��ق��د رف�����ض ج��ي��ف��ارا البريوقراطية‬ ‫و�أعلن موقفا وا�ضحا منها وهاجمها هجوما‬ ‫عنيفا ورف�ض مظاهر الو�صاية التي يفر�ضها‬ ‫االحت��اد ال�سوفيتي مع بع�ض ال��دول حديثة‬ ‫ال��ت��ح��رر م��ن اال���س��ت��ع��م��ار ون��ق��د ممار�سات‬ ‫الأح���زاب ال�شيوعية يف بوليفيا واالحتاد‬ ‫ال�سوفيتي وكوبا ورف�ض املوقف ال�سوفيتي‬ ‫جتاة ال�صني‪ ،‬لقد ظل جيفارا الأكرث ات�ساقا‬ ‫مع املواقف الثورية ذات الطابع االن�ساين‬ ‫بعيدا ع��ن احل�سابات ال�سيا�سية ال�ضيقة‬ ‫ومنطق ف��ر���ض ال��ن��ف��وذ ل��ذا بقى ه��و املثال‬ ‫والرمز جلميع احلاملني بعامل مغاير تنتزع‬ ‫ال�شعوب فيه حقوقها عرب مواجهة العن�صرية‬ ‫واال�ستغالل والهيمنة‪.‬‬ ‫�أخط�أ جيفارا بال �شك عندما ظن ان الب�ؤر‬ ‫ال��ث��وري��ة (جم��م��وع��ات ح���رب ال��ع�����ص��اب��ات )‬ ‫فح�سب ه��ي ال��ق��ادرة على تغيري الأو�ضاع‬ ‫يف ب��ول��ي��ف��ي��ا وال��ك��ون��غ��و م���ن دون حركة‬ ‫ج��م��اه�يري��ة ت�����س��ان��د ت��ل��ك ال���ب����ؤر وم���ن دون‬ ‫االخذ فى االعتبار ظروفها اخلا�صة ومدى‬ ‫ن�ضج ال��ظ��روف الثورية املو�ضوعية فيها‬ ‫‪..‬لقد �أثبتت الأح��داث خط�أ نظرية ت�صدير‬ ‫الثورة التي كان يتبناها ولكن ظلت روحه‬ ‫الثورية و�أميانه بالعمل الثوري نربا�سا لكل‬ ‫الثوريني‪.‬‬ ‫ح�صاد خم�سة ع�شر عاما من الرتحال والن�ضال‬ ‫ق�ضاها جيفارا متنقال من بلد �إىل اخر راف�ضا‬ ‫ط���وال ه��ذه ال�سنوات من���وذج اال�شرتاكية‬ ‫ال�سلطوية وممار�سات البريوقراطية متجها‬ ‫�إىل خلق من��وذج جيفارى ان �صح التعبري‬ ‫يكون هدفه الإن�سان‪ .‬كانت جتاربه تعتمد‬ ‫يف �أح��ي��ان كثرية على التجربة احلد�سية‪،‬‬ ‫ق��ائ��د ذو ن��زع��ة �إن�سانية زاه���دا يف احلياة‬ ‫ي��ح��ارب اال�ستغالل واال�ستعمار ويحارب‬ ‫يف ذات الوقت البريوقراطية والرتبح على‬ ‫ح�ساب ال�شعوب‪.‬‬ ‫ت���رك ج��ي��ف��ارا من��وذج��ا ا���ش�تراك��ي��ا ذا نزعة‬ ‫�إن�سانية من اجل الإن�سان اجلديد الذي ب�شر‬ ‫به‪ ،‬بالطبع مل يرتك جيفارا مالمح م�شروعة‬ ‫وا�ضحة متاما ولكن �أعطانا بع�ضا من املالمح‬ ‫ب�شان دور الفن والوعي والتعليم يف بناء‬ ‫اال�شرتاكية‪ ،‬لقد �أو�ضح لنا �أي�ضا دور احلزب‬ ‫والطليعة الثورية يف حركة التحرر وكذالك‬ ‫حتدث كثريا عن الت�ضامن االممي راف�ضا يف‬ ‫ذات الوقت ان تتحول املارك�سية �إىل دوجما‬ ‫�أو متار�س معها �شكال من �إ�شكال العبادة‬ ‫للن�صو�ص وع�بر الن�ضاالت املتكررة يبدو‬ ‫جيفارا الرجل الأك�ثر �شجاعة ونقاء هكذا‬ ‫كان جيفار بفكرة وممار�ساته ميزج الأفكار‬ ‫املارك�سية اللينينية وامل�أوية معا ويقرتب من‬ ‫ثورية تروت�سكي يف فكرة الثورة الدائمة ‪،‬‬ ‫رغم انه رف�ض ممار�سات الرتوت�سكيني يف‬ ‫كوبا وممار�ساتهم التخريبية �إال انه ر�أى من‬ ‫غري ال�صحيح احلجب على �أفكارهم‪.‬‬ ‫ال��ث��ورة وال��ك��ف��اح امل�سلح كطريق اختاره‬ ‫ج��ي��ف��ارا ج��ع��ل��ه ال��ن��م��وذج الأك��ث�ر ن��ب�لا لقد‬ ‫�أث��رت تلك الأفكار على احلركة االجتماعية‬ ‫وحركات التحرر الوطني وحتركات ال�شباب‬ ‫املناه�ضة لال�ستعمار واحل��رب فخلق عالقة‬

‫◄‬

‫‪http://www.almadapaper.com - E-mail: almada@almadapaper.com‬‬


‫‪14‬‬ ‫جدلية بني عقد ال�ستينيات وال�سبعينيات‬ ‫والأفكار اجليفارية و حركة التحرر الوطني‬ ‫يف القارات الثالث (�أفريقيا وا�سيا و�أمريكا‬ ‫االت��ي��ن��ي��ة) خلقت م��وج��ة م��واج��ه��ة للهيمنة‬ ‫والتحالف اال�ستعماري ميكن و�صف هذة‬ ‫املوجه باحللف املقاوم وال��ذي اجنذب �إلية‬ ‫الكثري من �شباب العامل والفئات االجتماعية‬ ‫والطبقات التي تعاين القهر واال�ستغالل‬ ‫منجذبني �إىل جيفارا وجتربته الن�ضالية‬ ‫حتى ان مقوالته و�شعاراته �أ�صبحت نربا�سا‬ ‫يتبعه املنا�ضلون ملقاومة ال��واق��ع املرير‪.‬‬ ‫مئات من الزعماء واملنا�ضلني الذين خا�ضوا‬ ‫ن�ضاال عنيدا م��ع الإمربيالية واال�ستغالل‬ ‫الب���د ان��ه��م م���روا ي��وم��ا ع��ل��ى خ��ط��ى جيفارا‬ ‫و�أفكاره ون�ضاال ته واليوم برغم اي ت�شويه‬ ‫يتعر�ض له جيفارا ورغم متاجرة الر�أ�سمالية‬ ‫وحتويله �إىل �سلعة جند ال�شباب يف العامل‬ ‫ول��ي�����س م�صر فح�سب يبحث ع��ن جيفارا‬ ‫كنموذج ان�ساين منا�ضال من اجل عامل �أكرث‬ ‫�إن�سانية وعدال‪.‬‬

‫الإن�سان الذي ن�سعى �إليه‬

‫يتحدث جيفارا عن الإن�سان النموذج الذي‬ ‫الب��د ان يكون موجودا لي�س �إن�سان القرن‬ ‫التا�سع ع�شر �أو الع�شرين ب��ل ه��و �إن�سان‬ ‫القرن الواحد وع�شرون بذلك فقد قمنا بجلب‬ ‫ثمينا للمارك�سية اللينينية وي�ضيف جيفارا‬ ‫ان اجل��م��اه�ير ال��ك�برى ال��ت��ي ينمو وعيها‬ ‫والإمكانيات املادية لتنمية جميع �أع�ضائها‬ ‫تنمية كاملة يجعل عملنا مثمرا �أكرث ويتحدث‬ ‫ع��ن ال��ف��ن وال��ث��ق��اف��ة م�����ش��ددا ع��ل��ى �ضرورة‬ ‫تو�سيع حقل الثقافة وام��ت�لاك �إمكانيات‬ ‫التعبري ليخلق املجتمع فنانني ا�ستثنائيني‬ ‫‪،‬يبني جيفارا ان خلق مثل هذا الإن�سان ال‬ ‫يتطلب احلرية و�إ�شباع احلاجات فح�سب‬ ‫و�إمنا يتطلب وقتا طويال ي�ستطيع املجتمع‬ ‫ان يفرز خالله الثوريني الذين �سي�شيدون‬ ‫الإن�سان اجلديد ب�صوت ال�شعب احلقيقي‬ ‫ويلقى جيفارا العبء الأكرب وامل�ستقبل على‬ ‫جيل ال�شباب فى كوبا خللق ذل��ك الإن�سان‬ ‫املتحرر من عيوب املا�ضي‪ ،‬ويحمل جيفارا‬ ‫ك��ذل��ك م�����س���ؤول��ة ك��ب�يرة على ع��ات��ق احلزب‬ ‫ال�شيوعي يف بناء اال�شرتاكية‪.‬‬

‫حول مفهوم احلزب‬

‫فى معر�ض حديث جيفارا عن كتاب احلزب‬ ‫امل��ارك�����س��ي ال��ل��ي��ن��ي��ن��ي ل��ك��ا���س�ترو ي��ب�ين لنا‬ ‫مفهوما ع��ن احل��زب ال�شيوعي " قائال انه‬ ‫�أفراد جمعتهم وحدة الأفكار م�شكلني جماعة‬ ‫لإحياء املفاهيم املارك�سية ولإمتام الر�سالة‬ ‫التاريخية للطبقة العاملة‪ ،‬ولقد افرد جيفارا‬ ‫���ش��روط ال��ب��ن��اء احل��زب��ي كتوا�صل احلزب‬ ‫مع اجلماهري ب�شكل دائ��م وممار�سة النقد‬ ‫والنقد الذاتي م�ؤكدا ان الطليعة الثورية‬ ‫ل��ل��ح��زب ال�شيوعي الب���د ان ت��ك��ون الطبقة‬ ‫العاملة وال��ت��ي ت��ق��وم ب���دور عظيم خلدمة‬ ‫مهام البناء كما يو�ضح �أهمية وجود قيادة‬ ‫متتلك الوعي الذي ي�ساعدها فى حتديد متى‬ ‫تتقدم خللق �أو�ضاع جديدة فى حالة ن�ضوج‬ ‫الأو���ض��اع االجتماعية والظرف الذاتي لها‬ ‫والظرف املو�ضوعي وكيف ت�ضبط حركتها‬ ‫فى حاله التقهقر االجتماعي ليحافظ احلزب‬ ‫ال�شيوعي على ك��وادرة ملعاودة الن�ضال فى‬ ‫موجة �أخرى من موجات احلركة واملواجهة‬ ‫الطبقية‪.‬‬ ‫ولقد حددت اجليفارية ب�شكل وا�ضح موقع‬ ‫الطبقات من الن�ضال ال�سيا�سي لتنفيذ مهام‬ ‫ال��دمي��ق��راط��ي��ة ال��وط��ن��ي��ة وال��ت��ن��م��ي��ة ومهام‬ ‫التغيري الثوري والبناء اال�شرتاكي حيث‬ ‫�أو���ض��ح ال���دور املتخاذل للربجوازية التى‬ ‫تقف فى ح�يرة بني االن�ضمام �إىل �صفوف‬ ‫الإم�بري��ال��ي��ة �أو �صفوف ال��ق��وى الوطنية‬ ‫والتي حت�سم �أمرها بان�ضمامها �إىل �صفوف‬ ‫الإم�بري��ال��ي��ة وال���ت���ي حت��ف��ظ ب��ذل��ك بقائها‬ ‫ونفوذها و�سلطتها حيث ال تريد الرباجوزية‬ ‫تغيري منط الإن��ت��اج الرا�سماىل ال�سائد فى‬

‫العدد (‪)2353‬ال�سنة التا�سعة ‪ -‬االربعاء (‪ )4‬كانون الثاين ‪2012‬‬

‫العدد (‪)2353‬ال�سنة التا�سعة ‪ -‬االربعاء (‪ )4‬كانون الثاين ‪2012‬‬

‫املجتمع والذي �سياتى حتما �ضدها ‪.‬‬ ‫وف���ى م��ق��ال��ة كتبها ت�شى ع���ام ‪ 1960‬حول‬ ‫ال��ث��ورة الكوبية وال��ظ��روف على ال�صعيد‬ ‫الدويل واملحلي ابرز لنا موقف الربجوازية‬ ‫التى �شاركت بع�ض منها فى الثورة �أو على‬ ‫الأقل مل تتخذ موقفا عدائيا وا�ضحا " �سعت‬ ‫ال�برج��وازي��ة للبحث ع��ن ح��ل��ول تتيح عن‬ ‫طريق التفاو�ض ا�ستبدال من��وذج باتي�ستا‬ ‫بعنا�صر �أخ���رى ل�ل�إ���ش��راف على ال��ث��ورة –‬ ‫ومل ي��ك��ن عجيبا ان ت��ت��خ��ذ ب��ع�����ض القوى‬ ‫موقف احلياد " و�أك��د على ان الربجوزية‬ ‫ل���ن ت�����س��ت��ط��ي��ع ان ت��ت��خ��ذ م���وق���ف ال�صمت‬ ‫جتاه الثورة و�أنها �ستختار �إن تن�ضم �إىل‬ ‫الإم�بري��ال��ي��ة يف ال��ن��ه��اي��ة مو�ضحا موقف‬ ‫ال�برج��وازي��ة امل��ع��ادي لالنتفا�ضة ال�شعبية‬ ‫ذاكرا �أنها اذا خريت بني االنتفا�ضة ال�شعبية‬ ‫واالن�ضمام لالمربالية �ستن�ضم �إىل ال�صفوف‬ ‫التى ت�ضمن م�صاحلها من القوى االمربالية‬ ‫والر�أ�سمالية واالحتكارات ‪،‬و يذكر يف ذات‬ ‫املقالة " ان الربجوازية ال ترتدد يف التحالف‬ ‫مع االمربالية والإقطاع �ضد ال�شعب و�ضد‬ ‫الثورة "‪.‬‬

‫الكوادر‬

‫ولقد حمل ت�شي الكوادر مهاما ودورا كبريا‬ ‫داخ��ل العملية الن�ضالية مو�ضحا ان��ه البد‬ ‫و ان يعطوا املثال فى التفاين والت�ضحية‬ ‫واحلمية فى العمل ليمكن مواجهة الأعداء‬ ‫الطبقني الذين نزعت ملكيتهم ف�أولئك �أعوان‬ ‫اال�ستعمار والقوى امل�ستغلة التى �صودرت‬ ‫مزارعها ومناجمها عند قيام الثورة لأنها‬ ‫�سوف ت�سعى م��رة �أخ���رى ب�شكل دائ��م �إىل‬ ‫حماولة �أعادة �سرقة موارد كوبا مرة �أخرى‬ ‫وحت���دث ع��ن كيفية تربية ال��ك��ادر احلزبي‬ ‫ليمار�س دورة الثوري فى مهام البناء امللقاة‬ ‫على عاتقة ويرى جيفارا يف مقالة بعنوان "‬ ‫داخل الثورة " ن�شر عام ‪ 1962‬ان بناء الكادر‬ ‫الثوري ال يتم اال يف خ�لال العمل اليومي‬ ‫ب�شكل م��ن��ظ��م ي�ضمن ت��ق��دم��ه االيدلوجى‬ ‫وتكوينية ال�سيا�سي و ان الكادر لي�س ذلك‬ ‫الع�ضو الذي يتمتع ببناء �سيا�سي رفيع او‬ ‫فهم ايدلوجي وحتليل للواقع فح�سب وامنا‬ ‫هو الذى ميتلك ذلك �إ�ضافة �إىل امل�س�ؤولية‬ ‫ال�شديدة واالن�ضباط فى �أفعالة وت�صرفاته‬ ‫ويف ممار�ساته مع اجلماهري وي�ؤكد جيفارا‬ ‫ان حركة اجلماهري داخ��ل احل��زب الثوري‬ ‫وخالل التقاء احلزب وتوا�صله امل�ستمر مع‬ ‫اجلماهري �ستفرز �أف�ضل الكوادر – مركزا‬ ‫على ال��دور الديناميكي ال��ذي البد ان يلعبه‬ ‫الكادر الثوري حيث يفرت�ض ان يكون فى‬ ‫ح��ال��ة ت��ع��اون خ�ل�اق وم��ث��م��ر م��ع اجلماهري‬ ‫والرفاق داخل احلزب ‪.‬‬ ‫وح��م��ل ج��ي��ف��ارا الطليعة ال��ث��وري��ة للحزب‬ ‫ال�شيوعي اجل��ه��د الأول " يجب ان يقوم‬ ‫القادة بدورهم من دون انتظار ملكاف�أة مادية‬ ‫– ان الثوري احلقيقي ينقاد مل�شاعر كرمية‬ ‫وي�ستحيل وجود ثوري �أ�صيل من دون هذه‬ ‫ال�صفة وي�ضيف " يجب �أن ترتفع طالئعنا‬ ‫الثورية �إىل املثالية بحبها لل�شعب والق�ضايا‬ ‫املقد�سة "‬ ‫وف���ى خ��ط��اب��ة ال���ذي �أل��ق��اه ف��ى اج��ت��م��اع مع‬ ‫�شبيبة احل��زب ال�شيوعي الكوبي ف��ى عام‬ ‫‪� 1962‬أك��د �أن الطليعة الثورية وال�شبيبة‬ ‫هما التنظيم ال��ذي تتطلبهم ال��ث��ورة للقيام‬ ‫مبهامها ملا تتوافر داخلها من ال��ق��درة على‬ ‫البذل والعطاء وتقدمي اجلهد والت�ضحية يف‬ ‫الدفاع عن الثورة عرب التنظيم اجليد الذي‬ ‫يحقق حتويل الأفكار واملبادرات �إىل واقع‬ ‫ملمو�س ذاكر ا" ان الأفكار بال تنظيم تفقد‬ ‫فعاليتها بعد حلظة الوثبة الأوىل وت�سقط‬ ‫�شيئيا ف�شيئيا ف��ى ال��روت�ين ويف النزعة‬ ‫التوافقية وينتهي بها الأم��ر �إىل �إن ت�صري‬ ‫جمرد ذكرى "‬ ‫و�أك��د �أي�ضا على عوامل و�شروط للنهو�ض‬ ‫بالعمل احلزبي للطليعة الثورية ول�شبيبة‬ ‫احل��زب ال�شيوعي كوجود حالة من اجلدل‬

‫‪http://www.almadapaper.com - E-mail: almada@almadapaper.com‬‬

‫واحل�����وار ال��دمي��ق��راط��ي ل��ت��ب��ادل التجارب‬ ‫والأفكار ب�صورة م�ستمرة‪.‬‬ ‫وي�����ض��ي��ف ج��ي��ف��ارا " ي��ج��ب ع��ل��ى ال�شباب‬ ‫ال�شيوعي ان يكون ذا ح�س مرهف بالواجب‬ ‫نحو املجتمع وم��ع �أمثالنا من الب�شر ومع‬ ‫النا�س ف��ى ال��ع��امل كله اي��ن ك��ان مبعث هذا‬ ‫الظلم يجب ان يتمرد على كل ما هو ظامل‬ ‫"‪ .‬وال ين�سى جيفارا ف��ى كلمتة الت�أكيد‬ ‫على املوقف الثابت من الأمي��ان واملمار�سة‬ ‫للربوليتارية الأممية والت�ضامن الال حمدود‬ ‫يف �سبيل عامل �أكرث عدال وحرية‪.‬‬ ‫وي�ست�شهد ج��ي��ف��ار ببع�ض م��ن ع��ب��ارات "‬ ‫ف��ي��دل ك��ا���س�ترو " ع��ن املارك�سية " م��ن قال‬ ‫ان املارك�سية هي انعدم امل�شاعر الإن�سانية‬ ‫ال��رف��اق��ي��ة – واح��ت��رام ال���رف���اق – ان حب‬ ‫الإن�����س��ان ه��و ال��ذي �أوج���د املارك�سية فحب‬ ‫الإن�سان والإن�سانية والرغبة فى حماربة‬ ‫الب�ؤ�س والظلم والعذاب واال�ستثمار الذي‬ ‫تعانيه الإن�سانية هو الذي ولد املارك�سية فى‬ ‫ذهن كارل مارك�س "‬ ‫وي��و���ض��ح ج��ي��ف��ارا ان ال�شيوعي احلقيقي‬ ‫ه��و ال��ذي ان�ضم للحزب ال�شيوعي ليكون‬ ‫كائنا �إن�سانيا حقا يرتجم �أف��ك��اره من اجل‬ ‫اجلماهري من عمال وفالحني وفقراء من اجل‬ ‫حماربة الفقر والب�ؤ�س واال�ستغالل ومن‬ ‫اجل مناه�ضة اال�ستعمار والهيمنة وليخلق‬ ‫ع���امل ب��دي��ل ومي�����ض��ى ف��ى ال��ط��ري��ق لإ�شباع‬ ‫ح��اج��ات الب�شر ومتكينهم م��ن �إن�سانيتهم‬ ‫ونفى الظلم عنهم عرب حركتهم اجلدلية مع‬ ‫احل��زب الثوري للم�ضي فى طريق التغيري‬ ‫اجلذري الذي ي�ضمن م�شاركة اجلماهري يف‬ ‫الإنتاج والقرار وال�سلطة وخريات الوطن‪.‬‬

‫الت�ضامن االممى يف‬ ‫فكر جيفارا‬

‫بال �شك ان جيفارا من �أهم من ر�سخ مفاهيم‬ ‫الت�ضامن االممى والفكرة الأممية عمليا فقد‬ ‫كان ميار�س هذا الفكر الأمميى بح�سه املتدفق‬ ‫لتحرير كافة الب�شر من اال�ستغالل وخللق‬ ‫عامل يبنية الفقراء والكادحني ب�أيديهم لذا‬ ‫كان جيفارا الأبرز و �أهم ال�شخ�صيات التي‬ ‫رحل جيفارا من الأرجنتني‬ ‫اىل كوبا و ذهب اىل بوليفيا‬ ‫وت�شيلي والكونغو وكولومبيا‬ ‫وغوايتماال وم�صر واجلزائر‬ ‫وحاول تدعيم �أوا�صل التعاون‬ ‫مع كل حركات التحرر الوطني‬ ‫واجلبهات والقوى التي تواجه‬ ‫اال�ستعمار بجميع �أ�شكاله واكد‬ ‫جيفارا على الدور االممي‬ ‫الذي البد ان تلعبة اي قوى‬ ‫ثورية حيث يقول " اذا فقدنا‬ ‫حما�ستنا بعد ان حتقق املهام‬ ‫امللحة على النطاق املحلي واذا‬ ‫ن�سينا الأممية الربوليتارية‬ ‫– كفة الثورة عن ان تكون‬ ‫حمركا ونغرق يف خمول‬ ‫�صريح ي�ستفيد منه �أعدا�ؤنا‬ ‫االمرباليون ‪ ،‬ان الربوليتارية‬ ‫الأممية واجب ‪.‬‬ ‫يوكد جيفارا على البعد‬ ‫االممي من منطلق ال�ضرورة‬ ‫ومن قبل ال�ضرورة من منطلق‬ ‫ي�ؤمن بالإن�سان – حيث يقول‬ ‫– يجب ان ننا�ضل كل يوم‬ ‫ليتبدء هذا احلب االن�ساين فى‬ ‫وقائع ملمو�سة‪.‬‬

‫ر�سخت هذا املبد�أ‪ ،‬ع�شق الرتحال بعثا عن‬ ‫الثورة وتفجريا لها مهما تعاظمت امل�صاعب‬ ‫وح��ت��ى ح�ين ت�ستحيل االم����اين ‪ ،‬ح��ت��ى ان‬ ‫احل��زب ال�شيوعي ال�سوفيتي اعتربة رجل‬ ‫م��ن ط���راز خ��ا���ص ‪،‬ك��م��ا ال ميكن �إن��ك��ار دور‬ ‫جيفارا فى عقد م�ؤمتر الثالث قارات والذي‬ ‫عرب عن حركة التحرر املت�صاعدة فى �أفريقيا‬ ‫وا�سيا و�أمريكا الالتينية ‪.‬‬ ‫رحل جيفارا من الأرجنتني اىل كوبا و ذهب‬ ‫اىل بوليفيا وت�شيلي والكونغو وكولومبيا‬ ‫وغوايتماال وم�صر واجلزائر وحاول تدعيم‬ ‫�أوا���ص��ل ال��ت��ع��اون م��ع ك��ل ح��رك��ات التحرر‬ ‫الوطني واجل��ب��ه��ات وال��ق��وى التي تواجه‬ ‫اال�ستعمار بجميع �أ�شكاله واكد جيفارا على‬ ‫ال��دور االمم��ي ال��ذي البد ان تلعبة اي قوى‬ ‫ثورية حيث يقول " اذا فقدنا حما�ستنا بعد‬ ‫ان حتقق املهام امللحة على النطاق املحلي‬ ‫واذا ن�سينا الأمم��ي��ة الربوليتارية – كفة‬ ‫الثورة عن ان تكون حمركا ونغرق يف خمول‬ ‫�صريح ي�ستفيد منه �أعدا�ؤنا االمرباليون ‪ ،‬ان‬ ‫الربوليتارية الأممية واجب ‪.‬‬ ‫يوكد جيفارا على البعد االممي من منطلق‬ ‫ال�ضرورة وم��ن قبل ال�ضرورة من منطلق‬ ‫ي�ؤمن بالإن�سان – حيث يقول – يجب ان‬ ‫ننا�ضل كل يوم ليتبدء هذا احلب االن�ساين‬ ‫فى وقائع ملمو�سة ‪.‬‬ ‫كان يرى جيفارا ان انطالق �شرارة الثورة‬ ‫فى بلد ما ‪ ،‬ما هي �إال خطوة لتحرير الب�شرية‬ ‫ج��م��ع��اء وان ن�����ض��ال ���ش��ع��ب م���اء ه��و �سهم‬ ‫موجة اىل القوى اال�ستعمارية التي ت�ستغل‬ ‫ال�شعوب‬ ‫يقول جيفارا فى مقالة "فيتناميني �أو ثالثة‬ ‫ذل��ك هو ال�شعار " – ان عملنا كله �صرخة‬ ‫ح��رب �ضد االم�برال��ي��ة ون���داء م��دو لوحدة‬ ‫ال�شعوب �ضد العدو الكبري للجن�س الب�شري‬ ‫" حينما نت�أمل عبارات جيفارا انني �أح�س‬ ‫ع��ل��ى وج��ه��ي ب�����أمل ك��ل �صفحة ت��وج��ه على‬ ‫مظلوم يف الدنيا �أينما وجد الظلم فهذا هو‬ ‫وطني نعي جيدا كيف ك��ان جيفارا منتميا‬ ‫ل�شيء واحد هو الإن�سان ‪ -‬تبني املارك�سية‬ ‫وامن باال�شرتاكية العلمية مدافعا عن الب�شر‬ ‫وع�شق الرتحال من اجل اجلماهري امل�ستغلة‬ ‫م�ؤمنا بها حماربا من اجلها طاحما دوما بان‬ ‫تكون تلك اجلماهري قادرة على حترير نف�سها‬ ‫مكن نيل اال�ستغالل وان تدفع املق�صلة عن‬ ‫رقبتها لت�ضعها على رو�س القوى امل�ستغلة‬ ‫واال�ستعمار‬ ‫بب�ساطة يعلن جيفارا عن انتمائتة قائال "‬ ‫انني انتمى �إىل اجلموع التي دفعت قهرها‬ ‫هرما – �أنا انتمى �إىل اجلياع ومن �سيقاتل‬ ‫ي�ؤكد جيفارا موقفة االممى �أي�ضا فى مقالة‬ ‫له �ألقيت فى هافانا �سنة ‪ 1962‬فى ذكرى‬ ‫ا�ست�شهاد احد منا�ضلى كوبا حيث يقول "‬ ‫مادام فى �أمريكا �أو رمبا اى مكان �أخر �شر‬ ‫ينب�ض قهرة وخطا يجب تقومية فان الثورة‬ ‫لن تتوقف‪ ،‬ان عليها ان تتابع م�سريتها �إىل‬ ‫الإمام وان تتعرف بعمق على جميع امل�شاكل‬ ‫و�أع���م���ال اال���ض��ط��ه��اد ف��ى ه���ذا ال��ع��امل الذي‬ ‫نعي�ش فيه ان عليها ان حت�س ب�أمل ال�شعوب‬ ‫التي رفعت راية احلرية �ضد ع�سف القوى‬ ‫اال�ستعمارية هناك �أي�ضا فى �أفريقيا وا�سيا‬ ‫وكل مكان ميت�شق فية �شعبا ال�سالح ويحفز‬ ‫للن�ضال ويردد القادة الوطنني فيه �شعارات‬ ‫احلرية �ضد الظلم اال�ستعماري ‪.‬‬ ‫"وي�ضيف امل�����س���ؤول��ي��ة امل��ل��ق��اة على قوى‬ ‫التحرير " ان �شعبنا واجه االمتحان الذي‬ ‫واج��ه �شعبا ال ميكن ان يقف ال مباليا �أمام‬ ‫اى ظ��ل��م ف��ى اى م��ك��ان ف��ى ال��ع��امل ويطلق‬ ‫جيفارا الأم��ل الثوري فى حترير ال�شعوب‬ ‫وي�ؤكد على الطابع التقدمي حلركة التاريخ‬ ‫وان تعطلت �أو خ�سرت ال�شعوب يف ن�ضالها‬ ‫بع�ض امل��ع��ارك كما ح��دث مع " باتري�س لو‬ ‫لومبا "ولكنة ي�ؤكد فى ذات الوقت "ا�ستحالة‬ ‫وقف تقدم ال�شعوب "‬ ‫وبعد انت�صار الثورة وحتديدا فى مقالة عن‬ ‫فيتنام يقول جيفارا "كل �شعب يبا�شر ن�ضاله‬

‫يبد�أ كذلك فى حفر قرب للإمربيالية ويجب ان‬ ‫ينال منا كل م�ساعدة وكل �أعجاب "‬ ‫ه��ك��ذا ك��ان م���ؤم��ن��ا ج��ي��ف��ارا بعاملية الثورة‬ ‫م�����س��ان��دا ل��ك��اف��ة ال��ق��وى ال��ت��ح��رري��ة وكافة‬ ‫ال�شعوب التي تواجه احللف اال�ستعماري‬ ‫فنجدة يتجول فى مقوالتة ما بني اجلزائر‬ ‫والكنغو وال�صني وفيتنام وكوريا واجلزائر‬ ‫م�ساندا موجة التحرر الوطني ورا�سما خط‬ ‫تكون فيه قوى التحرر نقاط ممتدة ومت�صلة‬ ‫املواجهة اخلط اال�ستعماري بقيادة �أمريكا‬ ‫وحلفائها ‪.‬‬ ‫موجها نقد لأمريكا والدول الر�أ�سمالية التي‬ ‫ت�سعى دوم���ا لل�سيطرة على الأ���س��واق فى‬ ‫امل�ؤمتر العاملي للتجارة والتنمية بجنيف‬ ‫وال����ذي ع��ق��د ف��ى ‪ 23‬م��ار���س ‪� 1964‬أ�شار‬ ‫جيفارا فى نهاية كلمته " �ستن�صرف جهودنا‬ ‫�إىل وحدة بلدان العامل النامية لتكون جبهة‬ ‫موحدة �إننا ن�ضع �أمالنا كلها فى �أجناح هذا‬ ‫امل�ؤمتر و�سنن�ضم بحرارة �إىل الفقراء فى‬ ‫هذا العامل وا�ضعني قوانا ال�ضعيفة كلها فى‬ ‫خدمة انت�صارها‪.‬‬ ‫وف����ى خ��ط��اب��ة �أم������ام الأمم امل���ت���ح���دة فى‬ ‫ال������دورة ال��ت��ا���س��ع��ة ع�����ش��ر ي���وج���ه جيفارا‬ ‫التحية ل��ك��ل ال�����ش��ع��وب املنا�ضلة وجنوب‬ ‫�أفريقيا وال�صومال وال�شعوب العربية فى‬ ‫فل�سطني وع���دن وع��م��ان وجميع ال�شعوب‬ ‫التي تكافح االمربالية‪ ،‬وفى ذات اخلطاب‬ ‫يهاجم الواليات املتحدة الأمريكية والقوى‬ ‫واال�ستعمارية ونهجها اال�ستعماري فيتحدث‬ ‫ق��ائ�لا " وت��ت��دخ��ل ق���وات ال��والي��ات املتحدة‬ ‫تدخال ملمو�سا فى قمع ال�شعوب – فنزويال‬ ‫وكولومبيا وجواتيماال التي تنا�ضل فى‬ ‫�سبيل حريتها ومتار�س ال�شركات الأمريكية‬ ‫ال��ت��ي حملت فيها جميع �أن����واع ال�ضغوط‬ ‫لزيادة التغلغل املبا�شر‪.‬‬ ‫وف��ى مقولة ل��ه �أي�ضا ي���ؤك��د على لي�س هناك‬ ‫ثمة �شعوب �ضعيفة �إذا وجد الت�ضامن االممى‬ ‫احلقيقي وي���ؤك��د ان��ه ال ع��زل لل�شعوب التي‬ ‫تنا�ضل لتكون جبهة واح��دة �ضد االمربالية‬ ‫وي��ت��ح��دث ج��ي��ف��ارا ق��ائ�لا " ال ي��وج��د �شعب‬ ‫�ضعيف – فى �أمريكا – لأن��ة ج��زء من عائلة‬ ‫تعددها مائتني مليون طفل يت�أملون من الب�ؤ�س‬ ‫ذاته ويح�سون مب�شاعر ذاتها ويعادون العدو‬ ‫ذات��ة ويحظون بت�ضامن من جميع ال�شرفاء‬ ‫فى ال��ع��امل‪ .‬وكانت فكرة الأمم��ي��ة دوم��ا حمط‬ ‫تركيز من جيفارا فلم يخلو خطاب �أو مقال‬ ‫م��ن م��ق��االت��ة م��ن ط���رح امل��وق��ف االمم����ى‪ ،‬لقد‬ ‫طرح ت�شي فى خطابة حول احلزب املارك�سي‬ ‫�أراء متعلقة مب�س�ؤوليات ووج��ب��ات احلزب‬ ‫ال�شيوعي والتي كانت الأممية احد �أركان هذه‬ ‫املهام وامل�س�ؤوليات فيتحدث قائال " ال ميكن‬ ‫�أن يقت�صر عملنا على �أط��ار �أمريكا والبلدان‬ ‫اال���ش�تراك��ي��ة – ي��ج��ب ان من���ار����س الأمم��ي��ة‬ ‫الربوليتارية احلقيقية – م�ؤكدا هنا على �أن‬ ‫اى �إهانة �أو اعتداء على دولة ما البد �أن يو�ضع‬ ‫كهم لكافة ال�شيوعيني وي�ضيف جيفارا "" ان‬ ‫اى فعل يتنافى مع كرامة الإن�سان و�سعادته‬ ‫فى اى مكان فى العامل – البد �أن نكون مهتمني‬ ‫به‪.‬‬ ‫* البحث جزء من كتاب بنف�س العنوان �صدر‬ ‫عن دار العاملية للن�شر فى كانون االول ‪2008‬‬

‫امل�صادر‪:‬‬ ‫الإن�سان واال�شرتاكية يف كوبا مقاله لت�شي جيفارا‬ ‫ن�شرت فى ‪.1967‬‬ ‫ال��ط��ب ال���ث���وري م��ق��ال��ة �أل��ق��اه��ا ت�شي ج��ي��ف��ارا ‪19‬‬ ‫�أغ�سط�س ‪ 1960‬للميلي�شيا الكوبية‪-‬ترجمه دينا‬ ‫ابو املعارف ‪.‬‬ ‫ومقاالت �أخرى لت�شى "�ضد البريوقراطية " "جي�ش‬ ‫ال�شعب"‬ ‫بعد انت�صار الثورة‪...........‬ارن�ستو ت�شى جيفارا‬ ‫– ترجمة ف�ؤاد �أيوب‪ -‬دار الفارابي‬ ‫احالمى ال تعرف حدود ‪ ......‬رو�س فلوف – ‪ -‬دار‬ ‫الفارابي‬ ‫جيفارا �سريته وكتاباته وحياته ‪ ....‬جمموعة‬ ‫مقاالت ن�شرت فى جريدة الغرامنا جريدة احلزب‬ ‫ال�شيوعي الكوبي ترجمها ح�سن فخر �سنة ‪-1968‬‬ ‫دار الطليعة بريوت‪.‬‬

‫‪15‬‬

‫‪manarat‬‬ ‫رئي�س جمل�س الإدارة‬ ‫رئي�س التحرير‬

‫نائب رئي�س التحرير‬ ‫‪----------------‬‬‫عدنان ح�سني‬

‫كتاب جديد ي�ضم يومياته الأخرية‪:‬‬

‫ج����ي����ف����ارا وال�������ث�������ورات ال���ع���رب���ي���ة‬ ‫ت��واك��ب��ت ث���ورة ‪ 25‬يناير م��ع الإع����داد لكتاب ي�ضم‬ ‫الق�صا�صات الأخرية التي خطها ت�شي جيفارا قبل �أن‬ ‫يودع العامل ب�أيام‪ .‬و�أخري ًا ظهر الكتاب حتت عنوان‬ ‫"يوميات حمارب" وحرره ال�صحفي الأمريكي جون‬ ‫يل �أندر�سون‪ ،‬وي�أتي ن�شر الكتاب متوافق ًا �أي�ض ًا مع‬ ‫ذكري ميالد جيفارا الثالثة والثمانني‪.‬‬ ‫ك���ان ج��ي��ف��ارا وح���ي���د ًا وخم��ت��ب��ئ�� ًا ع���ن �أع��ي�ن حر�س‬ ‫الديكتاتور باتي�ستا‪ .‬ويف تلك الليلة ذات��ه��ا‪ ،‬حكي‬ ‫املحارب الأح��داث الواقعة يف كرا�سة �صغرية‪ .‬يكتب‬ ‫يف �إحدى الق�صا�صات‪�" :‬أ�شعر ب�شيء مل �أ�شعر به من‬ ‫قبل‪ :‬احلاجة �إىل احلياة‪ .‬يجب �أن �أ�صحح ما �أكتبه‬ ‫هذا يف املرة القادمة"‪ .‬هكذا تعك�س اليوميات حياة‬ ‫ثورية‪ ،‬وتعترب �أف�ضل �سرية ذاتية عن القائد الثوري‬ ‫الأ�سطوري‪ ،‬كما تعك�س هاج�سه ب���أن يكون رج ً‬ ‫�لا ال‬ ‫يخ�شي امل��وت‪ ،‬متخطي ًا بذلك طبيعته الب�شرية‪ .‬يف‬ ‫ق�صا�صة �أخرى يحكي كيف ن ّفذ حكم الإع��دام بنف�سه‬ ‫يف اخلائن الأول‪ ،‬يف ال�شهر الثاين من الثورة‪ ،‬وهو‬ ‫الأم��ر ال��ذي مل يُعرف �إال من خالل ما خطه‪ .‬املحارب‬ ‫ي�شرح كيف فعل ذلك بجفاء وي�سجل كلمات املتويف‬ ‫الأخ�يرة‪ .‬يقول �أندر�سون‪" :‬يف تلك الليلة مل ي�شعر‬ ‫بالربو"‪.‬‬

‫ق�صا�صات ج��ي��ف��ارا خ�شنة ج���د ًا‪ ،‬ي��ق��ول �أندر�سون‪،‬‬ ‫وخالية متام ًا من �أية �صبغة �أدبية �أو تاريخية‪ ،‬غري‬ ‫�أنها فاتنة‪ .‬يوميات جيفارا ال تخ�صه وحده‪ ،‬و�شهادته‬ ‫لي�ست حم�ض وثيقة تاريخية‪ ،‬ف��الأم��ر يتع ّلق �أكرث‬ ‫بثوري مل تغب �صورته عن ميدان التحرير‪ .‬برغم‬ ‫ذلك‪� ،‬أثار �أندر�سون ق�ضية تخ�ص الثورات العربية‪،‬‬ ‫و�أديل ب��ر�أي يخالف متام ًا مباديء جيفارا الثورية‬ ‫التي ت�ؤيد �أية ثورة يف العامل وتنحاز �إىل ال�شعوب‬ ‫املقهورة يف مواجهة الديكتاتوريات‪ .‬يقول �أندر�سون‬ ‫جلريدة البايي�س الإ�سبانية "مل يعد العامل �أبي�ض �أو‬ ‫�أ�سود كما كان يف �أي��ام ت�شي‪ ،‬لذلك لو كان حي ًا لكان‬ ‫موقفه معقد ًا‪ .‬مث ًال‪ ،‬لن يعد التمردات ال�سائدة يف‬ ‫العامل العربي ثورات"‪ .‬و�أ�ضاف " لأنه كان �سرياها‬ ‫خالية من الأيديولوجية‪ .‬ومن جانب �آخر‪ ،‬كان �سيجد‬ ‫نف�سه‪ ،‬عالني ًة‪ ،‬م�ضطر ًا النتقاد الإمربيالية الأمريكية‬ ‫ب�شكل ر�سمي وكذلك التدخل يف �ش�ؤون ليبيا‪ ،‬لكن من‬ ‫داخله كان �سي�شعر بعدم الراحة �أمام الف�ساد وطريقة‬ ‫قيادة هذه احلكومات"‪.‬‬ ‫هكذا يبدو ر�أي �أندر�سون خا�ص ًا به ال مبنا�ضل دفع‬ ‫حياته ثمن ًا لق�ضية‪ .‬فجيفارا الذي جاب العامل �شرق ًا‬ ‫وغرب ًا دفاع ًا عن احلريات ما كان ليقف موقف ال�صامت‬

‫�أم���ام ث���ورات �شعبية ق��ام��ت لإ���س��ق��اط ديكتاتوريات‬ ‫ه��و نف�سه حاربها (ك��ان جيفارا �أرجنتيني ًا يحارب‬ ‫الديكتاتور باتي�ستا يف كوبا) كما �أن الثورة امل�صرية‬ ‫ع��ل��ى وج���ه اخل�����ص��و���ص ت��ع��د �أول ث���ورة �شعبية يف‬ ‫التاريخ‪ ،‬ومما ال �شك فيه‪ ،‬لو كان الت�شي حي ًا فما كان‬ ‫ليكتفي بت�أييدها بل كان �سي�شارك فيها‪.‬‬ ‫تعك�س كرا�سات جيفارا ج��زء ًا من �صورته‪ ،‬كما �أنها‬ ‫تقدّم ت�سجي ًال لكيفية جناح ثورة خالل عامني‪ .‬فالفرتة‬ ‫التي ق�ضاها يف �سيريا ماي�سرتا‪ ،‬حيث ق�ضى �شهوره‬ ‫الأخ�يرة‪ ،‬وكانت مميتة‪ .‬لكن الثوار �أ�س�سوا خاللها‬ ‫�أي��دي��ول��وج��ي��ت��ه��م ال��ت��ي اجت��ه��ت ن��ح��و ال��ي�����س��ار‪ .‬وهو‬ ‫�سجلته اليوميات من خالل التعليقات‬ ‫احل��دث ال��ذي ّ‬ ‫املكتوبة يوم ًا وراء يوم عن املعركة‪ ،‬كذلك حكايات‬ ‫امل��ن��او���ش��ات وامل�لاح��ظ��ات ح��ول رف���اق الن�ضال مبن‬ ‫فيهم فيدل كا�سرتو‪ .‬يقول حمرر الكتاب"بع�ض هذه‬ ‫املالحظات مل تكن �صحيحة �سيا�سي ًا و�أث��ارت �ضيق‬ ‫بع�ض الأ�شخا�ص يف كوبا عندما ظهرت يف كتابي"‪.‬‬ ‫رمب��ا لهذا ظلت خمتبئة �سنوات ط��وا ًال يف �أر�شيف‬ ‫مركز ت�شي جيفارا للدرا�سات يف هافانا‪ ،‬برغم �أن‬ ‫النا�شرين يقولون �إن ال�سبب �أخطاء لغوية بالإ�ضافة‬ ‫لغياب �صفحات �أخرى مهمة‪.‬‬

‫مدير التحرير‬ ‫‪----------------‬‬‫علي ح�سني‬ ‫االخراج الفني‬ ‫‪----------------‬‬‫م�صطفى التميمي‬ ‫الت�صحيح اللغوي‬ ‫‪----------------‬‬‫حممد حنون‬

‫طبعت مبطابع م�ؤ�س�سة املدى‬ ‫لالعالم والثقافة والفنون‬

‫‪http://www.almadapaper.com - E-mail: almada@almadapaper.com‬‬


‫صرخة جيفارا‬ ‫جيفارا مات‬ ‫جيفارا مات‬ ‫اخر خرب فى الراديوهات‬ ‫وفى الكناي�س‬ ‫واجلوامع‬ ‫وفى احلواري‬ ‫وال�شوارع‬ ‫وع القهاوي وع البارات‬ ‫جيفارا مات‬ ‫وامتد حبل الدرد�شه‬ ‫والتعليقات‬ ‫مات املنا�ضل املثال‬ ‫ياميت خ�سارة على الرجال‬ ‫مات اجلدع فوق مدفعة جوه الغابات‬ ‫ج�سد ن�ضالة مب�صرعه‬ ‫ومن �سكات‬ ‫ال طبالني يفرقعوا‬ ‫وال اعالنات‬ ‫ما رايكم دام عزكم‬ ‫ياانتيكات‬

‫ق�صيدة لل�شاعر �أحمد ف�ؤاد جنم عن جيفارا‬ ‫يا غرقانني فى امل�أكوالت‬ ‫وامللبو�سات‬ ‫يا دافيانني‬ ‫ومولعني الدفايات‬ ‫يا حمفلطني يا ملمعني‬ ‫ياجيم�سنات‬ ‫يا بتوع ن�ضال اخر زمن‬ ‫فى العوامات‬ ‫ما رايكم دام عزكم‬ ‫جيفارا مات‬ ‫الطنطنة‬ ‫وال �شن�شنه‬ ‫وال اعالمات وا�ستعالمات‬ ‫*‬ ‫عينى عليه �ساعه الق�ضا‬ ‫من غري رفاقه تودعه‬ ‫يطلع انينه للف�ضا‬ ‫يزعق‬ ‫وال مني ي�سمعه‬ ‫ميكن �صرخ من االمل‬

‫من ل�سعه النار ف احل�شا‬ ‫ميكن �ضحك‬ ‫او ابت�سم‬ ‫او ارتع�ش‬ ‫او انت�شى‬ ‫ميكن لفظ اخر نف�س‬ ‫كلمه وادع‬ ‫جلل اجلياع‬ ‫ميكن و�صيه‬ ‫للى حا�ضنني الق�ضيه‬ ‫فى ال�صراع‬ ‫�صور كتري‬ ‫ملو اخليال‬ ‫والف مليون احتمال‬ ‫لكن‬ ‫اكيد‬ ‫اكيد‬ ‫اكيد‬ ‫والجدال‬ ‫جيفارا مات‬

‫موتة رجال‬ ‫يا�شغالني وحمرومني‬ ‫يا م�سل�سلني رجلني ورا�س‬ ‫خال�ص خال�ص‬ ‫مالكو�ش خال�ص‬ ‫غري بالبنادق والر�صا�ص‬ ‫دا منطق الع�صر ال�سعيد‬ ‫ع�صر الزنوج واالمريكان‬ ‫الكلمه للنار واحلديد‬ ‫والعدل اخر�س او جبان‬ ‫�صرخه جيفار يا عبيد‬ ‫يف اى موطن او مكان‬ ‫مافي�ش بديل‬ ‫مافي�ش منا�ص‬ ‫يا جتهزوا جي�ش اخلال�ص‬ ‫يا تقولوا على العامل خال�ص‬ ‫‪----------‬‬

‫القاهرة ‪1968‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.