في ذكرى الراحل الدكتور عبدالله المرابط الترغي

Page 1

‫عب‬ ‫د‬ ‫ا‬

‫ف‬

‫يومية جهوية وطنية ت�صدر م�ؤقتـ ًا كـل �أ�سبوع‬

‫الثالثاء ‪ 04‬شوال ‪1434‬‬ ‫‪ 21‬يوليوز ‪2015‬‬

‫وفاء‬ ‫للقيم‬ ‫فقد المغرب عينا من أعيانه وشمساً‬ ‫من شموسه‪ ..‬كان في وقته كامل‬ ‫المعرفة واسعها مكين الدراية‪ ،‬خبيراً‬ ‫في الرأسمال الالمادي للمملكة‪ ،‬العالمة‬ ‫ابن العالمة سيدي عبد اهلل المرابط الترغي‬ ‫رحمه اهلل وشمله بعفوه‪.‬‬ ‫وفاء من جريدة ‹‹الشمال›› ألفضاله‪،‬‬ ‫تخصص هيأة تحريرها هذا الملحق‬ ‫الخاص مع تنويه بما بذلته الدكتورة‬ ‫هدى المجاطي في هذا الصدد‪.‬‬

‫م حل‬

‫يذ‬

‫هلل‬ ‫ا‬ ‫ل‬ ‫م‬

‫ك‬ ‫ر‬ ‫ى‬

‫راب‬

‫ق اخ‬

‫ص‬

‫الم‬

‫ر‬ ‫ح‬ ‫و‬

‫ط‬ ‫ا‬ ‫ل‬ ‫تر‬

‫غ‬

‫م‬

‫ي‬


‫‪2‬‬

‫الثالثاء ‪ 04‬شوال ‪ 1436‬ــ ‪ 21‬يوليوز ‪2015‬‬

‫ذاكرة صور‪..‬‬ ‫ذاكرة‬ ‫صور‪..‬‬

‫عبد في ذ ملح‬ ‫ق‬ ‫ا كر خا‬ ‫هلل ى‬ ‫المر الم‬

‫ص‬

‫اب رح‬ ‫ط الت وم‬ ‫ر‬ ‫غي‬


‫‪3‬‬

‫عبد في ذ ملح‬ ‫ق‬ ‫ا كر خا‬

‫الثالثاء ‪ 04‬شوال ‪ 1436‬ــ ‪ 21‬يوليوز ‪2015‬‬

‫هلل ى‬ ‫المر الم‬

‫ص‬

‫اب رح‬ ‫ط الت وم‬ ‫ر‬ ‫غي‬

‫عالم جليل قضى‬

‫شيخ الباحثين والمحققين في أدب الغرب اإلسالمي‬ ‫الدكتور عبد اهلل الترغي في ذمة اهلل‬ ‫أمضى وثيقة تحبيس خزانته ومضى إلى قدره‬ ‫رزئ المغرب والعالم العربي‬ ‫واإلسالمي في فقدان عالم جليل‪،‬‬ ‫أس��ت��اذ األج��ي��ال وشيخ الباحثين‬ ‫والمحققين والمدققين في شتى‬ ‫علوم وف��ن��ون اآلداب والتاريـخ‬ ‫والبحث العلمـــي األكاديمـــي‪،‬‬ ‫خاصة ما اتصل باألدب المغربــي‬ ‫واألن��دل��س��ي ك��ت��راث خصص له‬ ‫جانبا هاما من جهده وعمره‪ ،‬بحثا‬ ‫وتحقيقا ودراسة مستفيضة ما أهله‬ ‫ليصبح‪ ،‬مبكرا‪ ،‬قمة وحجة ومرجعا‬ ‫أساسيا في كل ما يتعلق بالتراث‬ ‫المغربي واألندلسي‪ .‬وعلم التراجم‪.‬‬ ‫ذل��ك��م ه��و ال��ع��ال��م الجليل‬ ‫والبحاثة المقتدر الدكتور عبد اهلل‬ ‫بن محمد بن المفضل بن محمد‬ ‫المرابط الترغي الذي وافاه األجل‬ ‫المحتوم صبيحة السبت سادس‬ ‫يونيه الجاري‪ ،‬وووري الثرى‪ ،‬جثمانه‬ ‫الطاهر‪ ،‬في اليوم الموالي ‪ ،‬األحد‪ ،‬بمقبرة سيدي اعمار‪ ،‬بعد صالة الظهر بمسجد محمد‬ ‫الخامس‪.‬‬ ‫وقد شيع الموكب الجنائزي وسط مشاعر حزن وألم وحسرة جماهير غفيرة من أدباء وعلماء‬ ‫ومثقفي طنجة ومدن الشمال‪ ،‬وطلبة الجامعات الذين تتلمذوا على يده‪ ،‬ونهلوا من علمه‬ ‫الغزيز أو اقتربوا منه‪ ،‬كما شارك في الموكب الجنائزي عدد من زمالء الراحل الكبير في سلك‬ ‫التدريس الجامعي في كل من طنجة وتطوان والعرائش والقصر الكبير والشاون‪ ،‬ومن بعض‬ ‫جامعات مدن الجنوب‪ ،‬ممن واكبوا مسيرته العلمية الرائعة وعرفوا قدره وفضله ومكانته‬ ‫الرائدة ‪ ،‬أستاذا مبرزا‪ ،‬وعالما جليال‪ ،‬ومؤطرا مقتدرا للعديد من أسالك الدراسات العليا في‬ ‫اللغة العربية واآلداب والفكر والبحث العلمي‪ ،‬حيث برز اسمه في كل مرحلة من مراحــل‬ ‫حياته العلمية الغنية‪ ،‬كعلم من أعالم الثقافة والفكر بالمغرب وفي العالم العربي واإلسالمي‪،‬‬ ‫وكرائد فذ تميز بعلمه الزاخر وقلمه الغزيز الزاهر وتجاربه الغنية في ميدان الغوص في أعماق‬ ‫التراث المغربي واألندلسي‪ ،‬خاصة‪ ،‬كما تميز بتواضعه وسمو أخالقه ورفعة شأنه‪.‬‬ ‫والراحل الكبير سليل بيت علم وورع‪ ،‬حفظ القرآن الكريم على طريقة السلف‪ ،‬ليبدأ‬ ‫مسيرته الناجحة‪ ،‬في المعهد األصيل بتطوان وفي كلية اآلداب بجامعة فاس حيث حصل على‬ ‫اإلجازة في شعبة اللغة واآلداب العربية ‪ ،‬ثم ديبلوم الدراسات العليا ليناقش بنجاح وتميز‪،‬‬ ‫أطروحة دكتوراه الدولة في اآلداب‪ ،‬سنة ‪ 1992‬وهو في منتصف عقده الرابع‪.‬‬ ‫وتخلل فترة الدرس والتحصيل‪ ،‬فترات عمل كأستاذ في ثانوية ابن الخطيب بطنجة‪ ،‬وفي‬ ‫المركز الجهوي التربوي لتكوين األساتذة بنفس هذه المدينة‪ ،‬وكأستاذ مساعد بشعبة اللغة‬ ‫العربية وآدابها‪ ،‬بكلية اآلداب والعلوم االنسانية بتطوان‪،‬‬ ‫ولكنه كان يحمل هم البحث والتنقيب والتأليف في موضوع التراث المغربي واألندلسي‬ ‫حيث إنه كان يعتبر أن أدب الغرب اإلسالمي يزخر باألدباء والعلماء وبآيات اإلبداع الفكري‬ ‫والثقافي والعلمي والفني‪ ،‬وأنه بحاجة إلى من يتواله بالدرس والتحقيق حتى ال يظل حبيس‬ ‫رفوف المكتبات والخزانات‪ .‬وهكذا كرس جهوده لتحقيق أمهات الكتب المغربية واألندلسية‬ ‫وإلنجاز العديد من الدراسات القيمة حول أعالم هذا األدب الرفيع‪.‬‬ ‫من هنا تولد عند عالمنا الجليل عشقه للتراث المغربي واألندلسي وقرر أن “يغامر”‬ ‫بالغوص في أعماقه بحثا عن كنوزه ودرره‪ .‬فتوالت تآليفه‬ ‫وإبداعاته الزاخرة في هذا المجال‪ ،‬تنطق كلها بعظمة الرجل‬ ‫وقدرته الخارقة على الجمع بين مهامه كأستاذ جامعي‪ ،‬وبين‬ ‫التأليف والتحقيق والدراسة والنشر‪.‬‬ ‫ومن أشهر مؤلفاته ‪:‬‬ ‫ـ كتاب فهارس علماء المغرب‪ ،‬منذ النشأة إلى نهاية القرن‬ ‫الثاني عشر الهجري‪.‬‬ ‫ـ الشروح األدبية في المغرب على عهد الدولة العلوية‪ ،‬دراسة‬ ‫في األنماط واالتجاهات‪.‬‬

‫ـ أعالم مالقة ألبي عبد اهلل بن عسكر‬ ‫وأبي بكر بن خميس‪.‬‬ ‫ـ النشاط الثقافي في تطوان أواخر‬ ‫القرن ‪ 12‬وأوائل القرن ‪ 13‬الهجري‪.‬‬ ‫ول��ل��راح��ل الكبير ع���دد ه���ام من‬ ‫المشاركات في لقاءات فكرية وندوات‬ ‫علمية في الداخل والخارج‪ ،‬نشر معظمها‬ ‫في مجلة دعوة الحق وفي مجالت كليات‬ ‫اآلداب والعلوم االنسانية و”المناهل”‬ ‫ومجلة الثقافة العربية االسالمية بالدوحة‬ ‫وغيرها من المنابر االعالمية الرصينة‪.‬‬ ‫وإلى جانب عمله كأستاذ باحث في‬ ‫كلية اآلداب والعلوم االنسانية بتطوان‪،‬‬ ‫ت��رأس وح��دت��ي التكوين ف��ي تحضير‬ ‫الدكتوراه‪ ،‬وش��ارك‪ ،‬بصفته عضوا‪ ،‬في‬ ‫عدد من اللجان إلصالح الجامعة وترأس‬ ‫ملتقى الدراسات المغربية األندلسية‪ ،‬كما‬ ‫أنه كان عضوا في اللجنة الوطنية لجائزة‬

‫الحسن الثاني للمخطوطات والوثائق‪.‬‬ ‫وللتذكيـــر‪ ،‬فقـــد دأب الراحــل العزيـز على الكتابة في جريـــدة “الشمال”‬ ‫بمقــاالت أسبوعيـة‪ ،‬غالبا ما تخص أعالم المغرب ونبغاءه في شتى مجاالت الفكر‬ ‫والمعرفة‪ ،‬وكان رحمه اهلل يواظب على زيارة إدارة التحريـر بـ “الشمــال” عند نهايــة‬ ‫األسبوع‪ ،‬حيث يسهر شخصيا على مراجعة مقاالته والتأكد من سالمتها من األخطاء‬ ‫المطبعية ‪ ،‬وفي تواضع العلماء‪ ،‬يناقش مع رئيس مصلحة التركيب األنفوغرافي ‪ ،‬األخ‬ ‫عبد القادر المسفيوي‪ ،‬جزئيات إعداد مقاالته للطباعة والنشر‪ .‬وقبـل وفاته بأيـام اقترح‬ ‫على األخ المسفيوي مجموعة من المقــاالت سنعمل على نشرها اتباعا‪ ،‬وفاء منا لروح‬ ‫فقيدنا العزيز‪.‬‬ ‫ويذكر أهل طنجة بكثير من الحسرة والتأثر‪ ،‬كيف أن العالمة الدكتور عبد اهلل‬ ‫المرابط الترغي ‪ ،‬وكأنه كان على موعد مع القدر‪ ،‬حضر حفل تكريم أقيم على شرفه‬ ‫بمكتبة سيدي عبد اهلل كنون‪ ،‬حيث أعلن تحبيسه خزانته النفيسة على الباحثين‬ ‫والمتخصصين وطالبي علم‪ ،‬رجاء ثواب رب العالمين ‪ .‬ومما جاء في وثيقة الوقف‪:‬‬ ‫“‪...‬أشْهَدَ‪ ،‬عبد اهلل المرابط الترغي أنه حبَّس جميع مكتبته العامرة المشتملة‬ ‫على المطبوعات والمصورات والمخطوطات والمطبوعات الحجرية‪ ،‬ومعها مجموعة‬ ‫كبيرة من األقراص اإللكترونية على مؤسسة مكتبة عبد اهلل كنون للثقافة والبحث‬ ‫العلمي؛ لينتفع به أهل العلم وطلبته‪ ،‬حبوسا مؤبدا أخرجه من مِلكه وحَوْزه ونَ َقـ َله‬ ‫إلى المكتبة المذكورة‪ ،‬تنفيذا له وتصحيحا وحازه منه رئيس المؤسسة األستاذ النقيب‬ ‫الشريف محمد مصطفى الريسوني‪ ،‬حوزا تاما معاينة‪ .‬وَوَضَعَه في المكتبة المذكورة‬ ‫َ‬ ‫وشَكرَه على فعله وإحسانه‪”.‬‬ ‫كما يجب‪،‬‬ ‫حدث ذلك صبيحة يوم اإلثنين ‪ 11‬ماي الماضي‪ ،‬بحضور رفقاء دربه العلمي‬ ‫ومواكبي مسيرته الجامعية والعلمية حيث تم اإلعالن عن وثيقة الوقف‪ ،‬وتبودلت‬ ‫كلمات شكر واعتراف بفضل المحبس الذي أكد في بضع كلمات مؤثرة‪ ،‬أن الوقف‬ ‫يشمل كل من يدخل المكتبة التي أصبحت تحتوي على خزانتين نفيستين ما أحوج‬ ‫الباحثين وطلبة الماستر والدكتوراه إلى ما تحويه من نفائس الكتب والمطبوعات‬ ‫والدراسات في شتى فنون الفكر والمعرفة‪.‬‬ ‫بعد ذلك‪ ،‬وفي جو مؤثر‪ ،‬أمضى الدكتور الترغي وثيقة‬ ‫التحبيس ومضى إلى قدره‪ ،‬لينتقل إلى جوار ربه الكريم‪،‬‬ ‫أربعة وعشرين يوما‪ ،‬بعد أن قدم آخر هدية ألجيال المغرب‬ ‫الحاضرة والقادمة إلى ما شاء اهلل‪ ،‬ولسان حاله يقول ‪ :‬أال‬ ‫هل وفيت‪ ،‬اللهم فاشهد‪... ! ‬‬

‫“يا �أيها النف�س املطمئنة ارجعي �إلى ربك را�ضية‬ ‫مر�ضية فادخلي يف عبادي وادخلي جنتي‬

‫اهلل العظيم‪.‬‬

‫” صدق‬

‫عزيز گنوني‬


‫‪4‬‬

‫عبد في ذ ملح‬ ‫ق‬ ‫ا كر خا‬

‫الثالثاء ‪ 04‬شوال ‪ 1436‬ــ ‪ 21‬يوليوز ‪2015‬‬

‫هلل ى‬ ‫المر الم‬

‫المرحوم عبد اهلل المرابط الترغي مسير إنتاج وعطاء‪..‬‬ ‫الحمدهلل رب العالمين ‪ ،‬اللهم صل وسلم وبارك على‬ ‫سيدنا محمد وعلى اله وصحبه وسلم تسليما كثيرا‪.‬‬ ‫«ك� ُّ�ل َن ْف ٍ�س َذا ِئ� َ�ق� ُ�ة مْ َ‬ ‫قال اهلل تعالى ُ‬ ‫ال���وْ ِت‪ُ ،‬ث� َّم �إِ َل ْي َنا‬ ‫ال�ص حِ َ‬ ‫ُت ْرجَ ع َ‬ ‫ال ِات َل ُنبَوِّ َئ َّنهُ م ِّم َن‬ ‫ُون‪ ً.‬وَ َّال ِذ َين � َآم ُنوا وَ عَ ِم ُلوا َّ‬ ‫جْ َ‬ ‫ت ِري ِمن حَ ْ‬ ‫ال َّن ِة ُغ َرفا جَ ْ‬ ‫ت ِتهَ ا الأَ ْنهَ ُار َخا ِل ِد َين ِفيهَ ا‪ِ ،‬ن ْع َم �أَجْ ُر‬ ‫ْالع َِام ِل َ‬ ‫ني» العنكبوت ‪.57/58‬‬ ‫اإلنسان النافع الجاد المعطاء في حياته تجربة غنية‪ ،‬ثم‬ ‫يتحول إذ يموت إلى قيمة إيجابية‪ ،‬وهكذا كان صديقي العزيز‬ ‫وأستاذي الدكتور المحقق سيدي عبد اهلل المرابط الترغي في‬ ‫حياته‪ ،‬وهكذا أضحى بعد مماته؛ أما غنى التجربة فتتجلى في‬ ‫تعدد ممارساته الحياتية‪ ،‬وتنوع مهامه العملية‪ ،‬وأما إيجابية‬ ‫قيمته بعد وفاته َف ْ‬ ‫سل كل من عرف سيدي عبد اهلل ينبيك عن‬ ‫شيء جميل منه أودع فيه وال توفر ‪ -‬وأنت تسأل ‪ -‬قاصياً أو‬ ‫دانياً‪ ،‬صغيراً أو كبيراً‪ ،‬قريباً أو غريباً‪ ،‬صديقاً أو عدواً‪ ،‬فسيدي‬ ‫عبد اهلل لدى كل هؤالء منظومة خيرة‪ ،‬فيها ما فيها من حبات‬ ‫الفضل وقِطع الحب‪.‬‬ ‫وأحباءه‬ ‫�اءه‬ ‫�‬ ‫�ي‬ ‫�‬ ‫أول‬ ‫به‬ ‫يؤنس‬ ‫بما‬ ‫وآنسك‬ ‫رحمك اهلل‬ ‫ٍ‬ ‫وأصفياءه‪ ،‬وآتى أهلك وإخوتَك وأقرباءك وأصحابك وإخوانك قدر الصّبر الالزم لقول رضي بالقدر المحتوم‪( :‬إنا‬ ‫هلل وإنا إليه راجعون )‪ .‬‬ ‫وماذا سأقول عن هذه الشخصية‪ :‬ماذا أقول عن هذا الرجل الذي قدم خدمة كبرى لثقافتنا المغربية األصيلة‬ ‫وخدمة كبرى للثقافة العربية ‪،‬ان هذا الوجيه الكبير يمثل لنا وجها مشرقا من وجوه الثقافة ورمزا من رموز العمل‬ ‫الثقافي المنتج‪ .‬إنه مشروع ثقافي كبير يستقطب وينمي الطاقات الشابة في الجامعة‪ ،‬وينهض بمستويات‬ ‫الطلبة العلمية‪.‬‬ ‫إن الحديث عن األستاذ العزيز الدكتور عبد اهلل المرابط الترغي الباحث المقتدر والعالم الموسوعي‬ ‫‪ ،‬هذا ‪ ‬ذلك الفيلق العظيم‪ ، ‬والنجم الساطع ‪ ،‬والبدر الالمع ‪ ،‬النابه المتميز المثير‪ ،‬القامة الشامخة ‪ ،‬هذا‬ ‫الوجيه المفضال‪ ،‬هو تقدير عميق متأصل نبيل لنشاطاته وجهوده المباركة في إثراء الحياة األدبية والثقافية‪،‬‬ ‫وإسهاماته الجلى في خدمة قضايا الفكر عموما والتراث المغربي األندلسي خصوصا ‪ ،‬واالرتقاء بالحراك الثقافي‬ ‫واألدبي وتطوير البحث العلمي بالجامعة عبر إشرافه على العديد من الرسائل واألطروحات ‪،‬و مبادراته الثقافية‬ ‫العظيمة التي استمر عطاؤها وفيضها كالجود الهاطل على األدب واألدباء وعلى الثقافة والمثقفين‪ ،‬وعلى الفكر‬ ‫والمفكرين ردحا من الزمن من التدفق واالنهمار‪ ،‬وما زال النبع فياضاً‪ ،‬بذ ًال وسخا ًء ينفح بهما رجال العلم والفكر‬ ‫واألدب المتميزين‪ ،‬هذا التقدير هو بال شك تقدير مستحق لشخصية أكاديمية متميزة‪ ،‬ولباحث عميق جدير‬ ‫بالتقدير واالحترام ‪ ،‬وأيضاً تقدير لكل الباحثين العاملين في مجال التراث والتوثيق التاريخي ‪.‬‬ ‫إنه رمز حقيقي من رموز البحث العلمي األكاديمي الرصين ‪ ،‬بل هو عالمة ناصعة من عالماته الدالة عليه‪،‬‬ ‫هذا الرجل الذي سخر كل ما أكرمه اهلل به في خدمة أهدافه النبيلة وإسعاد اآلخرين‪ ،‬ونذر نفسه وفضله وأدبه‬ ‫‪ ،‬حتى أصبح في عين الزمان والمكان هو المستحق األول للتقدير واإلشادة والثناء‪ .‬ومع ذلك فإنني ال أظن بأن‬ ‫الكلمات مهما أوتيت من سحر البيان ستستطيع الوفاء ببعض حقه‪ ،‬وال أعتقد بأن المعاني مهما كان لمعانها‬

‫ص‬

‫اب رح‬ ‫ط الت وم‬ ‫ر‬ ‫غي‬

‫يخطف األبصار‪ ،‬وبريقها يسابق اإلبهار بقادرة على الوفاء بحق‬ ‫ذكره المعطار؟ فهو رجل أعطى الكثير ‪ ،‬وال أعتقد أن أديباً أو‬ ‫متأدباً أو مفكراً يسمع اسمه أو يقرأه دون أن يتبادر إلى ذهنه‬ ‫التقدير في أبهى صوره‪ ،‬ويتداعى إلى فكره التنويه في أحلى‬ ‫تجلياته‪ ،‬إنه صاحب األيادي البيضاء على األدب واألدباء وعلى‬ ‫الثقافة والمثقفين وعلى الفكر والمفكرين ‪.‬‬ ‫سيسجل التاريخ األدبي للدكتور عبد اهلل الترغي أنه رجل‬ ‫جعل “ الوفاء” سجية‪ ،‬حين جمع المكارم كلها وحولها من قول‬ ‫سائر إلى فعل وسلوك‪ ،‬فقد كان الوفاء هاجسه كقيمة عليا‪،‬‬ ‫وهو يسهم في إشاعة النور وبث المعرفة والحضور المتعاظم‬ ‫في مشهدنا الثقافي‪ ،‬ولذا فهو حالة استثنائية عميقة التجذر‬ ‫في واقعنا المعاصر‪ ،‬ومهما أغدقنا عليه من مختزناتنا الكالمية‬ ‫فلن نوفيه حقه‪ ،‬ومهما أطلنا المكوث أمام منجزه الخصب فلن‬ ‫تبلغ كثير من مؤسساتنا الثقافية مرقى تمايزه وانشغاالته‪،‬‬ ‫ولذا فله الحق في أن تقدره كل األجيال والمنابر والجامعات ‪،‬‬ ‫وكل مطارح المعرفة ومكونات النسيج االجتماعي الذي يدرك‬ ‫ويعي ما قدمه هذا الرمز‪ ،‬دون مباهاة أو تطلعات دنيوية زائلة‪،‬‬ ‫فقد أغنى المشهد الثقافي بذلك الثراء اإلنساني وهو يجمع شتات ما ضاع أو درس أو تناثر من محصول قناديل‬ ‫وأسماء ‪ ،‬كاد الدهر بطفراته المتوحشة والمرعبة أن يلجم صوتها ويعطل قدراتها ويسقطها من ذاكرة التاريخ‪،‬‬ ‫فأعادها لتؤدي دورها الوظيفي في صياغة الوعي والتنوير‪ ،‬سواء من رحل منها ومن بقي‪ ،‬لقد أعاد اكتشافهم‬ ‫مرة أخرى ليضيء أجسادهم وعقولهم بوفائه‪ ،‬ولذا فلن يمحو الزمن دوره النبيل ولن ينس التاريخ سماته‬ ‫المبهجة‪.‬‬ ‫تحفظ ذاكرة الجامعة المغربية نقادا ودارسين وباحثين كبارا أثثوا المشهد الثقافي المغربي الحديث ‪ ،‬ومن‬ ‫ضمنهم الباحث المحقق المقتدر الدكتور عبد اهلل المرابط الترغي الذي خبر المجال التراثي ‪ ،‬واضعا تجربته‬ ‫ومعرفته الدقيقة بخبايا هذا المجال في خدمة الباحثين‪ ،‬داخل وخارج الجامعة المغربية بشكل مباشر من خالل‬ ‫تأطيره وتكوينه للطلبة درسا وبحثا‪ ،‬أو بشكل غير مباشر من خالل تأليفه لجملة من المؤلفات ومساهمته في‬ ‫العديد من الندوات التي تقدم المعرفة الضافية في مجال األدب والتراث المغربي ‪.‬‬ ‫كل عالِم‪ِّ ،‬‬ ‫نحن بأمسِّ الحاجة اليوم ألن ننظر إلى ِّ‬ ‫وكل مُفكـِّر من خالل ثقافة المرئيِّ؛ لنحكم على‬ ‫ثقافة المسموع‪ ،‬وال نكتفي أن يكون العالِم عالِماً‪ ،‬بل البدَّ أن يكون مُجسِّداً بعلمه في سلوكه على الصعيد‬ ‫الشخصيِّ‪ ،‬والتخصُّصيِّ‪ ،‬واالجتماعيِّ‪ِّ ،‬‬ ‫وكل اإلسقاطات الفكريّة التي يحملها‪ ،‬والتي تبعث تلقـِّيات إيجابيّة‪،‬‬ ‫سواء كان في عصره وهو يعيش‪ ،‬أم في العصور الالحقة بعد أن يُغادِر الحياة‪.‬‬ ‫العالم بفضل علمه يمتدُّ مع الزمن‪ ،‬والنظرة إلى المرحوم الدكتور عبد اهلل بما أعطى‪ ،‬وما بذل‪ ،‬وما نظـَّر‪،‬‬ ‫وما ساهَمَ في تربية األجيال‪ ،‬وعلى ِّ‬ ‫كل مُتلقٍّ أن يذكره ذكراً يتناسب مع عطائه‪ ،‬وأجمل الذكر لإلنسان يكون‬ ‫بعد أن يموت‪( :‬ال يكون الصديق صديقاً حتى يذكر أخاه في ثالث‪ :‬في غيابه‪ ،‬وفي مِحنته‪ ،‬وبعد مماته))‪.‬‬

‫د‪ .‬عبد الخالق أحمدون‬

‫اللهم اجعل ذكره عَلما يغمر العالمين‪..‬‬ ‫تعرفت إلى الراحل الدكتور عبد اهلل المرابط الترغي منذ حوالي خمسة عشر سنة‪،‬حين ولجت كلية اآلداب‬ ‫والعلوم اإلنسانية بتطوان‪ .‬كطالبة غير منتظمة بحكم عملي في بادية بعيدة‪ ،‬وكان الراحل يومئذ رئيسا لشعبة‬ ‫اللغة العربية وآدابها‪.‬‬ ‫في السنة الرابعة من دراستي الجامعية‪ ،‬أنجزت بحثا بإشرافه لنيل اإلجازة في اللغة العربية وآدابها في‬ ‫موضوع ‪ :‬أبو عبد اهلل محمد العلمي الحسني الشفشاوني الحوات‪:‬حياته وإنتاجاته األدبية‪.‬‬ ‫ثم يسر اهلل لي سبل التتلمذ عليه مرة أخرى‪ ،‬حين انتسبت لكلية اآلداب من جديد لمتابعة الدراسات العليا‬ ‫المعمقة‪ .‬كان رحمه اهلل يدرسنا مادة ‪ :‬األدب المغربي‪ ،‬فأحببت معه هده المادة‪ ،‬ومن خالل دروسه تعرفت‬ ‫على مصنفات علمية بالغة األهمية تهم تاريخ األدب في المغرب على عهد الدولة العلوية‪.‬‬ ‫وفي غمرة انشغالي بالبحث في تاريخ الثقافة بشمال المغرب بإشراف أستاذي الدكتور عبد‬ ‫اللطيف شهبون أكرمه اهلل‪ .‬استوقفتني أسماء وذوات لها القدح المعلى في تطوير‬ ‫الكتابة األدبية‪ ،‬فقررت البحث والتعريف بهؤالء الرواد قدر المستطاع‪ .‬فكان البد لي‬ ‫من العودة إلى أستاذي الدكتور عبد اهلل المرابط الترغي باعتباره من المؤصلين علميا‬ ‫وفنيا لعلم التراجم األدبية في المغرب‪ ،‬وأنا أسعد ألني تتلمذت عليه واستفدت من‬ ‫دروسه وأبحاثه وتوجيهاته التي ساعدتني كثيرا على االنغمار في هذا المجال ولو‬ ‫بزاد متواضع‪.‬‬ ‫وفي الشهور األخيرة جمعتني بالراحل ثالثة لقاءات‪:‬‬ ‫ الثالثاء ‪ 11‬نوفمبر ‪ :2014‬في مؤسسة عبد اهلل كنون للثقافة والبحث‬‫العلمي‪ ،‬حدثته عن إمكانية كتابة تقديم لكتاب كنت مقبلة على طبعه‪،‬‬ ‫فقبل رحمه اهلل بصدر رحب وشجعني كثيرا على المضي في هذا الطريق مؤكدا‬ ‫أهمية التراجم ودورها في التعريف برجال العلم واألدب وذكر أحوالهم‪.‬‬ ‫• الجمعة ‪ 17‬أبريل ‪ : 2015‬كان لي شرف المشاركة إلى جانبه –رحمه اهلل‪ -‬في‬ ‫ندوة علمية في موضوع ”أعالم من شفشاون” نظمتها الجمعية المغربية للثقافة األندلسية‬ ‫بشفشاون‪ ،‬مع تقديم وتوقيع كتابه ” من أعالم شمال المغرب”‪ .‬وعلى هامش اللقاء‪ ،‬حدثني‬ ‫عن مشروعه العلمي الذي يتابعه بصبر دؤوب‪ ،‬وأطلعني على مسودة الجزء الثاني من كتابه‪،‬‬ ‫متوقفا عند أسماء ألعالم من شفشاون‪.‬‬ ‫وقد دعا خالل هذا اللقاء كل الباحثين والمهتمين بالشأن الثقافي إلى ضرورة البحث‬ ‫والتعريف بأعالم شفشاون وأحوازها‪.‬‬

‫• االثنين‪ 11‬ماي ‪ : 2015‬كان لقاء مميزا بكل المقاييس ‪ ،‬خصص لتوقيع وثيقة تحبيس مكتبته على مؤسسة‬ ‫عبد اهلل كنون للثقافة والبحث العلمي‪ .‬وقد تشرفت –إلى جانب ثلة من األساتذة األجالء‪ -‬باإلدالء بشهادة في حقه‪،‬‬ ‫بصفته رائدا في باب التراجم األدبية‪ ،‬بدءا من أطروحته األولى ” فهارس علماء المغرب” إلى كتابه األخير”من أعالم‬ ‫شمال المغرب” ‪.‬‬ ‫وعن هذا اللقاء كتبت مقاال بعنوان‪ :‬عبد اهلل المرابط الترغي‪ :‬ذخيرة علمية وإنسانية‪ ،‬نشر في جريدة‬ ‫الشمال(العدد‪.)785‬‬ ‫كان توقيعه لوثيقة التحبيس موقفا مؤثرا جدا‪ ،‬أخذت له صورا كثيرا‪ ،‬لكن الصورة المعبرة‬ ‫المفعمة بالمعاني هي الصورة التي يظهر فيها –رحمه اهلل‪ -‬مبتسما رافعا يديه كرجل أنهكه‬ ‫السير ولم يعد يقوى على المزيد‪ ،‬أو كمن يوحي بأن دوره قد انتهى وعلى الغير مواصلة‬ ‫السير‪ .‬كأني به يقول‪ :‬ها قد أنهيت مهمتي التي بدأتها منذ عقود‪ ،‬قضيت عمرا طويال‬ ‫في البحث والتحقيق والتأليف والتدريس‪ ،‬عشقت التراث األدبي حد التماهي‬ ‫معه‪ ،‬جمعت نصوصا تراثية غميسة‪..‬وكانت الحصيلة مكتبة هائلة تضم آالف‬ ‫المخطوطات والمطبوعات‪ ،‬وها أنا اليوم أحبسها على مؤسسة عبد اهلل كنون‬ ‫لتفتح في وجه الباحثين لالستفادة منها‪ .‬أو كأنه يردد‪ ‹‹ :‬اللهم إني بلغت‪ ،‬اللهم‬ ‫فاشهد ››‪.‬‬ ‫وكانت آخر زيارتي له يوم الخميس ‪ 28‬ماي ‪ 2015‬لما كان طريح‬ ‫الفراش في المصحة‪ ،‬لما اشتد عليه المرض‪.‬‬ ‫كان رحمه اهلل متواضعا في حديثه‪،‬هادئ الطبع‪ ،‬لم أره قط يثور في وجه أحد من‬ ‫طلبته‪ ،‬وكان اليستغني في كل تنقالته عن آلتي‪ :‬التسجيل والتصوير لتوثيق الندوات‬ ‫التي كان يحضرها أو يشارك فيها‪.‬‬ ‫اللهم كما أحيى أعالما كانوا مغمورين‪ ،‬اجعل ذكره علما يغمر العالمين‪.‬‬

‫دة‪ .‬هدى المجاطي‬


‫‪5‬‬

‫عبد في ذ ملح‬ ‫ق‬ ‫ا كر خا‬

‫الثالثاء ‪ 04‬شوال ‪ 1436‬ــ ‪ 21‬يوليوز ‪2015‬‬

‫هلل ى‬ ‫المر الم‬

‫ص‬

‫اب رح‬ ‫ط الت وم‬ ‫ر‬ ‫غي‬

‫الدكتور عبد اهلل الترغي‪ .....‬وداعاً‪! ‬‬ ‫صعب أن تمتد يد المنون إلى وسط عقد الرفاق‪ ،‬وهم ثلة من األدباء والمفكرين والباحثين والعلماء‪،‬‬ ‫كان من ألمعهم وأبرزهم المغفور له الدكتور عبد اهلل الترغي الذي وإن لم أسعد بالتلمذة عليه‪ ،‬فقد‬ ‫تعرفت عليه عن طريق أصدقاء مشتركين ‪ ،‬كنا نشكل حوله عند كل لقاء‪ ،‬حلقات ‪ ‬علم ومعرفة‪ ،‬نستفسره‬ ‫في ما استعصى من مدارك‪ ،‬وتمنع من مفاهيم‪ ،‬فكان ‪ ،‬رحمه اهلل‪ ،‬ال يبخل علينا بما آتاه اهلل من ثقافة‬ ‫واسعة‪ ،‬وعلم غزير وفكر ثاقب‪ ،‬ومعرفة علمية معمقة بعلوم اللغة العربية وآدابها وفنونها‪ ‬بحيث إنه لم‬ ‫يترك مجاال من مجاالتها إال وغاص فيه دراسة وبحثا وتنقيبا واستيعابا‪.‬‬ ‫ولطالما عشنا أوقاتا ممتعة خالل لقاءات منتظمة كانت جماعتنا تنظمها بالتناوب بين أعضائها‪ ،‬حيث‬ ‫يكون المرحوم الدكتور عبد اهلل الترغي محورها‪ ‬ومنشطها ونابغتها ‪ ‬ويكون ملهمنا جميعا نستفيد من‬ ‫علومه ونغرف من مداركه‪.‬‬ ‫ولن أنسى ما حييت زيارات كنا نقوم بها رفقة المرحوم الدكتور الترغي‪ ،‬لضريح موالي عبد السالم بن‬ ‫مشيش العلمي‪ ،‬وهو العارف بتاريخ هذا الولي الصالح ‪ ،‬المطلع ‪ ‬على مسيرته وجهاده‪ ،‬الحافظ ألسراره‬ ‫وصالته‪ ،‬فكنا‪ ،‬كل مرة‪ ،‬نزداد علما‪ ‬بتاريخ المنطقة ورجاالتها وعلمائها وأعالمها وبطوالت ‪ ‬مجاهديها‪،‬‬ ‫حماية للسواحل والثغور‪،‬‬ ‫الدكتور عبد اهلل الترغي عالم جليل متعدد المظاهر والمناقب والمكارم والمفاخر‪ ،‬يجمع بين األصالة‬ ‫والحداثة‪ ،‬وبين الجد والهزل‪ ،‬فهو صارم حيث تجب الصرامة وهو‪ ‬وديع داعب مرح حيث يسمح المقام‬ ‫بذلك‪ ،‬ينسحب مزاجه المرح‪ ،‬المتهلل‪ ،‬على جانب عمله المهني وعلى عالقاته مع طلبته الذين كانوا‬ ‫يتهافتون على دروسه‪.‬‬ ‫شخصيا‪ ،‬أسعفتني ظروفي أن حضرت درسا ألقاه المرحوم الدكتور عبد اهلل الترغي‪ ،‬خالل لقاء من‬ ‫لقاءاتنا ‪ ‬بمنزل صديق مشترك‪ ،‬كان موضوعه حول الزوايا والطرق الصوفية‪ ،‬فكان من أسعد أوقات حياتي‬ ‫أن جادت علي اللحظة باالطالع‪ ‬على ما كان خفيا عني من علوم التصوف ورجاالته وفلسفته وأعالمه‪.‬‬ ‫ومما أذكر أيضا عن المرحوم الدكتور عبد اهلل الترغي أنه كان مولعا بأخذ صور تذكارية ألصدقائه‬ ‫في شتى الظروف والمناسبات ‪ ‬ثم ‪ ‬يقوم بطبعها على أقراص مدمجة ويفاجئ أصدقاءه‪ ‬بإرسالها إليهم‬ ‫عربون ‪ ‬ود ومحبة‪.‬‬ ‫رحم اهلل صديقنا الكبير الدكتور عبد اهلل الترغي‪.‬‬ ‫وإنا هلل وإنا إليه راجعون ‪ .‬‬

‫د‪ .‬عبد الحق بخات‬

‫عبد اهلل المرابط الترغي في مقام معرفة‬ ‫في أكتوبر سنة ‪ 1983‬وصلتُ إلى كلية اآلداب بتطوان‪،‬‬ ‫وفي أول انطالقةٍ للدرس تعرفتُ إلى أساتذةٍ أقاموا في‬ ‫ال��روح مَسكنا رمزيا؛ ما زال��وا يَشْغَـلونَه رغم المسافة‬ ‫وانقطاع الزمن‪ ..‬األستاذ عبد اهلل الترغي المرابط كبيرُهم‬ ‫األسباببيننا في الجامعة أو ًال (درّسني طيلة‬ ‫في ذلك؛ التصال‬ ‫ِ‬ ‫أربع سنوات مواد من علوم اللغة أو من األدب المغربي)‪،‬‬ ‫والستمرارها بعد ذلك في تعدد األمكنة التي جعلت األرض‬ ‫المشتركة رحيم ًة باختالف الميوالت‪ ،‬خصيب ًة بالعطاء الذي‬ ‫ال ينضب‪ ..‬كما أرادهُ هوَ أن يكون‪:‬د ّفاقاً تُجاهَ طلبته ممن‬ ‫االطالع وسندَ المعرفة‪ ،‬وفي الكتابة‬ ‫ابتغوْا في العلم حج َة‬ ‫ِ‬ ‫انتصارَ األث ِر وبقا ِء الشهادة‪.‬‬

‫مكان أول؛ درسٌ ٌ‬ ‫أول‪.‬‬

‫ُ‬ ‫بحث اإلج��ازة سنة ‪ 1987‬مَ ّكنني من االحتكاك ومن‬ ‫معرفة الرجل أكثر‪ .‬وَضَعني أمام أستاذٍ باحثٍ شديد العناية‬ ‫طالب في هذه‬ ‫بتاريخ ورجاالت المغرب‪ ..‬واألهم بالنسبة‬ ‫روحإلىالبحثٍِ‬ ‫والتنقيب‬ ‫المرحلة ما كشفتهُ المُصاحبة من‬ ‫ِ‬ ‫الدقيق في المصادر وإي�لا ِء المادة العلمية العناية التي‬ ‫تستحقُ تسجي ًال وادخاراً من أجل العمل عليها وتَـوْصيفها‬ ‫الحقاً‪ .‬في هذا كان الرصيدُ المعرفيُ سيدَ البحثِ واالشتغال‬ ‫التحليل وإفادةِ‬ ‫االنطالق واختبا ِر قدراتِ‬ ‫على النصوص عالم ُة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الطالب من حريته‪ .‬حريته في استكشافِ مُمْكنات النص‬ ‫ِ‬ ‫(التاريخي واألدبي) وإدراكِ األبعاد المتعددة للدرس األدبي‬ ‫اآلفاق‬ ‫بحصافة العامِل المُثابر‪ ،‬وفي االنفتاح الرصين على‬ ‫ِ‬ ‫الخصيبةِللحوار والتبادل ضمن مجاالته في دقة وبإبداعية‬ ‫العلم‪.‬‬

‫ٌ‬ ‫مكان ثان؛ وديع ُة العالم‪.‬‬

‫يوم الناس هذا‪ .‬حملتِ العلمَ صحيح؛‬ ‫لألستاذِ الراحل يدٌ باقي ٌة على العهد األول ذاك إلى ِ‬ ‫بتدوين آياته‪ .‬الكتاب ُة وثيق ُة الجسدِ وذخير ُة الزمن‪ .‬في هذا وجدتُ‬ ‫ولكن أيضا العناية المستمرة‬ ‫ِ‬ ‫فرَحَهُ الدائم بما يكتبُهُ طلبته؛ حتى ولم يكن الموضوع على صلة وثيقةٍ باألدب المغربي‪.‬‬ ‫َ‬ ‫اإلعالن عن نفسه ومشروعه‬ ‫ربما اعتبر الطالبَ ‪ -‬الكاتب ذاتَهُ عالِماً أو أديبا مغربيا يستحقُ‬ ‫والتشجيع على المحاولة والصبر على مشاقها‪ .‬من‬ ‫واالستمرار على طريقه‪ ..‬وباألساس جديراًبالثناء‬ ‫ِ‬ ‫المقاالت البسيطة التي كنتُ أحاو ُلها في جرائدمغربية محدودة االنتشار إلى أطروحتي عن الشعر‬ ‫الحديث في المغرب العربي ظل عبد اهلل الترغي أستاذاً جليال في حَد ِبه األبوي وإشاراته العالمةِ‬

‫ومساعداتِه الكريمة في توفير (أعز ما يُطلبُ منه) الدواوين‬ ‫والنصوص وكتُب الدرس‪ .‬من المؤكد أن آخرينَ سَقتْهُم‬ ‫أيضاً غمام ٌة امتدتْ من سما ٍء إلى تاريخ ورجاالت المغرب‪.‬‬ ‫غمامة ّ‬ ‫َ‬ ‫اإلنسان واعترافه بذاك‬ ‫بكل األسماء والحروفالتي روت‬ ‫أكيد‪.‬‬

‫مكان ٌ‬ ‫ثالث ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫‪.‬مكان دائمٌ‪.‬‬

‫للعالم في السي عبد ا ُ‬ ‫هلل وجهٌ إنسانيٌ قويٌ وممتدٌ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫وجدْتهُ دائما منفتحاًعلى الناس‪ .‬فلم يكن تخصصهُ في األدب‬ ‫المغربي القديم واشتغالهُ بطرقهِ يمنعهُ من اإلنصاتِ وتتبع‬ ‫المساهمات واالجتهادات‪ .‬بالنسبة إليه – وعكس كثيرين ال‬ ‫حج َة لوضع الحواجز بين المشتغلين في مجاالت األدب سواء‬ ‫لكل حُسنى‬ ‫المغربي وغيره‪ ،‬القديم ُوالمعاصر على حد سواء‪ٍ .‬‬ ‫اإلنساني؛ ُ‬ ‫وفعل‬ ‫وزيادة‪..‬القدامة والحداثة مسارٌ في التاريخ‬ ‫المُقوم هو من أجل اإلنسان في حضو ِره المُستمِر وإبداعِه‬ ‫ِ‬ ‫األبقى‪.‬‬

‫جالل األمكنة خطو ًة وأثرا‬ ‫في ِ‬

‫ٌ‬ ‫وريحان سيدي عبد اهلل‪ .‬من شواطئ طنجة إلى‬ ‫روحٌ‬ ‫ضفاف الصحراء التي نزلتها ماءاً وكثبانا والتي زرتها من أجل‬ ‫التقييدات وبحث المخطوط‪ ..‬وردٌ ووعدُ زيتونٍ في وداعة‬ ‫أرض احتضنت الفرد الذي كنْتَهُ‪ .‬شغوفا بالحياةِ‬ ‫وسكينةِ ٍ‬ ‫العمل من أجل اآلخرين‪ ..‬من أجل أولئك الذين‬ ‫مُقبال على‬ ‫ِ‬ ‫كانوا استبقوا ساعة الرحيل في التاريخ‪ ،‬أو الذين ما زالوا‬ ‫يعتلجون وردة الزمن ويبتغون أثرا بين لحظاته‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫المُرابط في انتما ٍءإلى األمكنة بين طنجة وتطوان‪ .‬لعل الرحلة كانت‬ ‫آسيدي عبد اهلل الترغي‬ ‫بحر بينهما أوسحر زيارةٍ امتدت بين وادي لوْ وترغة‪ ..‬تلك الشجرة‪ ،‬األعشاشُ الباقية‪ ،‬رقشُ‬ ‫هدير ٍ‬ ‫المخطوطِ ونداءات الشعراءواألدباء كلهم يشهدُون لك‪ .‬يدعون رحم ًة وسالما‪.‬‬ ‫طنجة في – ‪ 6‬يونيو ‪2015‬‬

‫يوسف ناوري‬


‫‪6‬‬

‫الثالثاء ‪ 04‬شوال ‪ 1436‬ــ ‪ 21‬يوليوز ‪2015‬‬

‫عبد في ذ ملح‬ ‫ق‬ ‫ا كر خا‬ ‫هلل ى‬ ‫المر الم‬

‫شجرة باسقة‪..‬‬ ‫ل��م أح���ظ ب��ال��ل��ق��اء مع‬ ‫سيدي عبد اهلل إال ف��ي جلسات‬ ‫معدودة وخاطفة اغتنمتها في ندوات‬ ‫حضرتها في هذه المدينة المكتظة‬ ‫بتالميذه المعجبين به ألنضاف إلى‬ ‫زمرة المعجبين ‪ ،‬ثم في كلية اآلداب‬ ‫بمرتيل فتعرفت فيه على مثقف‬ ‫أو باألحرى على عالم جليل واسع‬ ‫االطالع عميق المعرفة بالتراث األدبي‬ ‫األندلسي وضمنه ال��ت��راث األدب��ي‬ ‫المغربي ‪ ،‬وقد تسنى لي بعد ذلك أن‬ ‫أقرأ في كتابه النفيس الذي سماه ‪“ :‬‬ ‫فهارس علماء المغرب” ما أكد ظني‬ ‫وإعجابي بعمق ثقافته واطالعه‪.‬‬ ‫فالكتاب وحده شهادة أكثر من‬ ‫عليا وكأني بالكتاب ليس من تأليف‬ ‫عالم واحد وإنما من تأليف عدد من‬ ‫العلماء وكلهم شغوفون بالفحص‬ ‫والتحقيق والتمحيص في المظان‬ ‫القريبة والبعيدة‪ .‬نموذج سيدي عبد‬ ‫اهلل نادر بين علمائنا ومثقفينا اليوم‬ ‫وقد يعدون كما يقال على رؤوس‬ ‫شجرة آداب تطوان‬ ‫األصابع بين الكثرة الكثيرة‪ ،‬ثم بعد‬ ‫الكتاب تعرفت عليه أكثر في البحوث‬ ‫المسترسلة التي كان ينشرها هنا‬ ‫وهناك وأخيرا في الدراسات الترجمية‬ ‫ألعالم األدب المغربي المنسيين في المخطوطات شبه الضائعة التي كشف عنها ببحثه الرصين في المظان‬ ‫المختلفة التي ظل ينشرها تباعا في رسالة الشمال إلى أن رحل فجأة عنا ‪ ،‬فكانت الفاجعة في فقدانه فوق ما‬ ‫يطيقه محبوه وهم كثر بين أهل العلم ومحبيه‪.‬‬ ‫وقد تعود بنا الذاكرة اليوم إلى ماض قريب ودعنا فيه مثل هذه الشجرة الباسقة التي تركت ظاللها‬ ‫وارفة علينا وعلى من بعدنا ‪ ،‬فنتذكر اسم سيدي محمد المنوني الذي كان مكتبة فاخرة تتوفر على نوادر‬

‫ص‬

‫اب رح‬ ‫ط الت وم‬ ‫ر‬ ‫غي‬

‫المخطوطات حفظا وفهما وتحقيقا ‪ ،‬كما‬ ‫تعود بنا فنتذكر اسم النبوغ المغربي‬ ‫عبد اهلل كنون العبقري الذي قال للشرق‬ ‫لنا ما لكم‪.‬‬ ‫وف��ي ت��ص��وري أن ال��ذي كان‬ ‫يجمع بين الثالثة ليس فقط المحصول‬ ‫المعرفي العميق ‪ ،‬ولكن أكثر من ذلك‬ ‫كان هو الفضيلة وأعني بها‪ :‬االستقامة‬ ‫المعرفية ولقد حظيت م��رة واح��دة‬ ‫بجلسة واح��دة في طنجة مع سيدي‬ ‫النبوغ المغربي ‪ ،‬فحسبتني جالسا في‬ ‫مسجد ‪ ،‬كما حظيت بجلسة مماثلة‬ ‫مع سيدي محمد المنوني في مناسبة‬ ‫انعقاد مهرجان الشاعر ابن زي��دون‪.‬‬ ‫وبالصدفة كان حاضرا وقتها إحسان‬ ‫عباس الفلسطيني وهو في حضرته كان‬ ‫ال يعد نفسه إال تلميذا يلتقط منه الدرر‬ ‫وهو من هو علما في البحث والتحقيق‬ ‫والنقد ‪ ،‬ولم تختلف عندي في سموها‬ ‫ومقامها على جلسة مع سيدي عبد اهلل‬ ‫كنون النبوغ المغربي‪.‬‬ ‫سيدي عبد اهلل كان من هذه‬ ‫النماذج الخيرة الفاضلة التي وهبها اهلل‬ ‫نعمة العشق للعلم والتحصيل ‪ ،‬فكرسوا‬ ‫حياتهم له وح��ده ال يألون جهدا في‬ ‫مزيد من العشق وهم في ذلك ال يبغون‬

‫إال فضل اهلل ثم نيل رضى بلدهم وال سواه‪.‬‬ ‫اآلن وقد رحل فترك في قلوبنا الجرح وفي مآقينا الدمع ‪ ،‬يبقى األمل على عاتق أبنائه وبناته الذين‬ ‫أخذوا منه ما أخذوا من نور معرفته وفضيلته ‪ ،‬أن يحملوا مشعله فيحققون بعض ما كان ينوي تحقيقه ‪ ،‬ولنا‬ ‫اهلل فيما جرى وفيما سيجري‪.‬‬

‫الشاعر الكبير عبد الكريم الطبال‬

‫الدكتور عبد اهلل المرابط الترغي عميد األدب المغربي‬ ‫سيدي عبد اهلل المرابط الترغي رحمه اهلل‪،‬‬ ‫ابن الفقيه العالمة القاضي سيدي محمد بن‬ ‫المفضل بن عبد السالم بن الحسن المرابط‬ ‫الترغي‪ ..‬كان لي شرف طلب العلم في حضرته‬ ‫البهية منذ سنة ‪ 1983‬م وأنا طالب وقتئذ بكلية‬ ‫آداب تطوان‪ ،‬حيث أذكر أنه كان يدرسنا مادة‬ ‫المكتبة األدبية‪ ،‬ويبدو أن ارتباطه بهذه المادة‬ ‫ستفتح له آفاقا واسعة في عالم الكتب األدبية‬ ‫والمخطوطات‪ ..‬أذكر أنه كان شديد التأدّب‬ ‫والحشمة وال��وق��ار‪ ،‬كما أنه كان بالغ اللطف‬ ‫والعطف والطيبة والتواضع مع الطلبة‪ ،‬كان هذا‬ ‫هو االنطباع األول والعام الذي خرجت به في‬ ‫عامي الجامعي األول مع هذا الع َلم الجليل‪ ..‬أتذ ّكر‬ ‫اآلن تلك اللحظات البعيدة والعميقة‪ ،‬والتي كانت‬ ‫عبارة عن زرع طيب يانع أثمرت بالنسبة إلي هاته‬ ‫اللحظات القريبة الحالية التي أعيش في كنفها‬ ‫بحمد اهلل‪ ،‬والتي يُعدُّ عبد اهلل المرابط الترغي‬ ‫أحد زرّاع هاته اللحظات الطيبة‪ ،‬و ِنعْمَ الزّارع‬ ‫هو‪..‬‬ ‫هذه مرحلة أولى ش ّكلت لدي قناعة مفادها‬ ‫أن هذا األستاذ يمتلك في أعماقه طاقة خ ّالقة قوية‬ ‫واستثنائية تخوله الذهاب في الكتابة والتأليف والبحث الجامعي إلى أقصاه‪ ،‬وكذلك كان‪ ،‬ذلك أن‬ ‫الصبر والمثابرة والمكابدة هي من سمات الباحث الناجح‪ ،‬ولعلها من أروع الخصال التي جُبل عليها‬ ‫أستاذنا الكبير رضي اهلل عنه‪..‬‬ ‫سأكبر في رحاب كلية آداب تطوان أو كلية العذاب ـ كما أسميتها شعريا ذات قصيدة مارتيليةٍ‪،‬‬ ‫وسيكبر األستاذ عبد اهلل الترغي في مسيره العلمي الباذخ‪ ،‬والشك أن مؤلفه الضخم والمهم “فهارس‬ ‫علماء المغرب” قد بوأه مكانة عالية في ميدان األدب والعلم والفكر‪ ،‬وربط اسمه منذ تلك اللحظة‬ ‫بالتدوين والتحقيق وإبراز المآثر األدبية والعلمية الخالدة لمغربنا األقصى بمنهجية علمية شديدة‬ ‫الضبط والتدقيق والموضوعية وروح الوطنية الصادقة‪ ..‬تلك هي األخالق المتسامية للمعلم الذي‬ ‫كاد أن يكون رسوال‪ ..‬وفي ملتي واعتقادي أن سيدي عبد اهلل الترغي لو ترك خلفه ـ فقط ـ هذا المؤلف‬ ‫الكبير واالستثنائي لبصم بصمته الكبرى في تاريخ التأليف بالمغرب‪ ،‬كما بصمها قبله سيدي عبد اهلل‬ ‫كنون بكتابه الشهير “النبوغ”؛ فهما كتابان عالمتان كبيرتان في مغربنا الحديث‪ ،‬ولذلك أقول أحيانا‬ ‫حينما أتحدث عن األدب المغربي‪ :‬من نبوغ عبد اهلل كنون الحسني إلى فهارس عبد اهلل المرابط‬

‫الترغي‪ ..‬والواقع أن عبد اهلل الترغي سيعمق‬ ‫ارتباطه أكثر بالثقافة المغربية في شموليتها من‬ ‫خالل عمله األكبر اآلخر والموسوم بحركة األدب‬ ‫في المغرب على عهد المولى إسماعيل‪ ،‬وهو‬ ‫عمل موسوعي بامتياز‪..‬‬ ‫هنا اكتملت مالمح شخصية البحاثة‬ ‫العالم المدقق المحقق والفاحص للنصوص‪،‬‬ ‫ومن ثم سينفتح بكليته بحثا وتنقيبا في عالم‬ ‫المخطوطات‪ ،‬وسيصبح سيدي عبد اهلل عالمة‬ ‫صعبة في ميدان الكتابة والتأليف والبحث‬ ‫الجامعي‪ ،‬واليستطيع باحث أن ينجز بحثه دون‬ ‫االغتراف من معين هذا األستاذ المبجل‪ ..‬بدءا‬ ‫من دبلوم الدراسات العليا المعمقة مرورا بدبلوم‬ ‫الدراسات العليا وصوال إلى دكتوراه الدولة‪..‬‬ ‫كنا نجد عبد اهلل المرابط الترغي ملجأ ومالذا‪،‬‬ ‫أو ظال نستظل به من صهد المسير المبحثي‬ ‫الشاق‪ ..‬ناهيك بعد ذلك عما قدم لطلبة الماستر‬ ‫والدكتوراه‪ ،‬وهو عمل جليل وكبير في الميزان‪..‬‬ ‫لعل ميدان التحقيق في األدب المغربي‬ ‫خاصة عرف حركية الفتة‪ ،‬وازدهارا منقطع النظير‬ ‫مع هذا الشيخ العالمة‪ ،‬وما قام به داخل كلية آداب تطوان‪ ،‬وفي نطاق شعبة اللغة العربية وآدابها‬ ‫بالذات بوصفه رئيسا للشعبة ولوحدات الدراسات العليا خدمة للمخطوط المغربي‪ ،‬يُعدُّ مفخرة لنا‬ ‫جميعا‪ ،‬وإضافة متميزة وتاريخية للشعبة في إبراز معالم األدب المغربي‪ ،‬ويجب التذكير أن هذا العمل‬ ‫تفرّدت به شعبتنا وبالتالي كليتنا في شخص هذا األستاذ الكبير عن باقي كليات المغرب‪ ،‬وأصبحنا‬ ‫قدوة وطريقا‪ ،‬وهذا في حد ذاته يعد عمال وطنيا جبارا‪ ..‬وأجمل ما في ذلك أنه زرع محبة وعشق‬ ‫التراث العلمي والفكري واألدبي المغربي في جموع غفيرة من الناس‪ ،‬الذين أصبحوا اآلن أعالما أدبية‬ ‫وجامعية لها مقامها العالي‪ ،‬وهو بذلك يكون بمفرده قد قام بالدور المنوط بالمؤسسات العتيدة‬ ‫دون أن يرتجي جزاء أو شكورا إال من عند ربه الحميد الشكور‪..‬‬ ‫كل هذا‪ ،‬وغير هذا كثير من مجهودات الدكتور عبد اهلل المرابط الترغي في هذا الميدان الذي‬ ‫نتحدّث عنه يخولنا بكل افتخار أن نسميه عميد األدب المغربي غفر اهلل له وأثابه خير الثواب وهلل ما‬ ‫أعطى وما أخذ‪...‬‬ ‫أحمد هاشم الريسوني‬


‫‪7‬‬

‫عبد في ذ ملح‬ ‫ق‬ ‫ا كر خا‬

‫الثالثاء ‪ 04‬شوال ‪ 1436‬ــ ‪ 21‬يوليوز ‪2015‬‬

‫هلل ى‬ ‫المر الم‬

‫اب رح‬ ‫ط الت وم‬ ‫ر‬ ‫غي‬

‫أَلقُ الحقيقة‪..‬‬ ‫الكلمات قاصرة عن استيعاب حجم ما أكنه ألستاذنا‬ ‫الدكتور عبد اهلل المرابط الترغي من تقدير ومحبة واحترام‬ ‫واعتزاز‪ .‬وهي مشاعر صاحبتني منذ أيام الطلب األولى‪ ،‬حين‬ ‫كنت أحرص على الجلوس في الصف األمامي ألستمع إليه‬ ‫جيدا وهو يلقي محاضراته‪ ..‬ومنذ ذلك الوقت علمت أنه‬ ‫يقبض على جمرة شغفه باألدب المغربي توثيقا ومعرفة‬ ‫ودرس��ا‪ ،‬وحاولت أن اغترف من فيض عطائه العلمي ما‬ ‫ينساب في فضاءاتي الغرثى إلى المعرفة والبحث‪..‬‬ ‫ولعل أول درس تلقيته منه‪ ،‬هو أن البحث العلمي ليس‬ ‫ترفا وتحلية‪ ،،‬وإنما هو ضرورة ومسؤولية وأمانة‪ ،‬لذا كانت‬ ‫وجهته إلى التراث تحقيقا وتعريفا ودراسة ألعالمه خالصة‬ ‫والغوص في مساربه‪..‬‬ ‫لوجه هذا البحث وتنميةِ آفاقه‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫وربما كان أبسط شاهد على ما أذكر هو أنه ما إن يسمع‬ ‫بمخطوط اال وكان يحرص على امتالك نسخته‪ ،‬في لهفة‬ ‫الباحث‪ ،‬ويعتكف عليه في تأني العالم المقتدر‪.‬‬ ‫فاألستاذ سيدي عبد اهلل المرابط الترغي من العلماء‬ ‫والشيوخ الذين عكفوا على البحث العلمي بذوق ومتعة‬ ‫فنية‪ ،‬وتعاملوا مع التراث باعتبار كل جزء منه قطعة فنية‬ ‫يجب إحياؤها بتجلية صورتها بشكل يجعله مفيدا وممتعا في‬ ‫آن واحد‪ .‬ومن خالل ذلك نقف على مقدرته الفائقة على التتبع ونظرته الشمولية التي تحاول اإلحاطة بالظاهرة‬ ‫التي يتناولها بالدرس‪ ،‬ويتابع تطورها عبر الحقب والعصور إلتاحة الفرصة والمجال للباحثين للوقوف المتأني يين‬ ‫يدي موضوع من موضوعاتها أو مصنف من مصنفاتها‪..‬‬ ‫وإن العين لتدمع‪ ،‬والقلب ليحزن‪ ،‬وال نقول إال ما فيه رضا اهلل عز وجل‪ ..‬فإن كنا اليوم على فراقه‬ ‫لمحزونون‪ ،،‬فإن في تجربته العلمية‪ ،‬ومشروعه األكاديمي الذي تركه لألجيال‪ ،‬وفي ممارساته وأخالقه حياة‬

‫ص‬

‫لنا وغنى‪ ..‬فالموت للعالِم خَ ْلقٌ ووجود‪ ،‬تتجدد عطاءاته‬ ‫العلمية واإلنسانية‪ ،‬وقيمتها اإليجابية‪ ،‬المتعالية عن الفناء‪،‬‬ ‫في امتداد مع الزمن‪ ،‬مهما انقطع ن َفسه‪ ،‬أو توارى جسده‪..‬‬ ‫بل هي كذلك لكل إنسان مارس قيم اإلنسانية‪ ،‬وآمن أنه‬ ‫إلى ربه المنتهى‪.‬‬ ‫ومهما وضعَنا الموت في مواجهة مستمرة مع الذات‬ ‫وتساؤالت الوجود‪ ،‬كلما اختطف منا عزيز‪ ،‬أو غيّب الثرى‬ ‫حبيب‪ ،‬فإن الحقيقة الكبرى تسطع في فضاء سرمدي‪ ،‬وتضع‬ ‫أجنحة لذوي الخُ ُلق والعلم‪ ،‬وألصحاب المضغة الصالحة‪،،‬‬ ‫ترفرف بهم في جنات الخلود‪ ،‬فتطمئن أنفسنا لحكمة‬ ‫المحيي المميت‪ ،‬ونعيد تشكيل ذواتنا كي ال تضيع في فراغ‬ ‫أو فساد‪ ،‬ولتصير أكثر نضارة وبهاء وجماال لآلخر‪ ،،‬لنستطيع‬ ‫اللحاق بهم‪.‬‬ ‫فال تغرّنا من تتجلى للخافقين سوية التكوين‪،‬‬ ‫بنعيمها وجحيمها‪ ..‬وك��أن األم��ر كله بيدها‪ ،‬ليغرق‬ ‫المسبحون في لجي بحارها‪ ..‬يتكئون على رغباتها لمصارعة‬ ‫أمواجها‪ ..‬وينسون أن كل شيء منه سبحانه وإليه يعود‪..‬‬ ‫فيا رحيم غفلة الغافلين‪ ،‬ويا من خفقت من محبته القلوب‪،‬‬ ‫ومن بكت من خشيته العيون‪ ،‬اصرفنا عن خدع تجليها‪ ،،‬وال تحملنا ما ال طاقة لنا به من معاصيها أو ظلمة‬ ‫سوءاتها‪ ..‬وألهم بصيرتنا بنور معرفتك‪ ،‬ومشكاة حقيقتك‪ ..‬وأنر مآل شيوخنا بالسالم‪ ،‬وأبلغهم منا السالم‪ ،‬أحياء‬ ‫أو أمواتا‪ ،‬أينما حلوا أو ارتحلوا‪ ..‬والسالم عليك محبة وعرفانا أيها الفارس الذي أبى أن يترجل عن صهوة العلم‪،‬‬ ‫بعد أن ظلت مآثره شامخة‪ ،‬وروحه حاضرة في الجامعة المغربية لن تغيب‪..‬‬

‫د‪.‬سعاد الناصر‬

‫المغرب يفقد شيخ الباحثين والمحققين‬ ‫في أدب الغرب اإلسالمي‬ ‫توفي يوم السبت ‪ 19‬شعبان ‪1436‬ه���ـ‪ 6/‬يونيو‬ ‫‪2015‬م بمدينة طنجة العالمة والمحقق والباحث وأستاذ‪ ‬‬ ‫األجيال الدكتور عبد اهلل المرابط الترغي‪ ،‬والراحل‬ ‫سليل بيت علم وفقه‪ ،‬فقد كان والده من كبار علماء الفقه‬ ‫والفتيا في شمال المغرب‪ ،‬المرحوم من مواليد مدينة‬ ‫تطوان (شمال المغرب) سنة ‪1944‬م‪ ،‬تابع دراسته بمسقط‬ ‫رأسه ثم بفاس حيث حصل على اإلجازة في األدب العربي‬ ‫سنة ‪1968‬م ‪ .‬عمل أستاذاً بالتعليم الثانوي بمدينة طنجة‬ ‫ثم أستاذاً بمركز تكوين األساتذة بنفس المدينة‪ ،‬ثم‬ ‫أستاذاً للتعليم العالي بعد حصوله على شهادة الدكتراه‬ ‫سنة ‪1992‬م بجامعة عبد الملك السعدي بتطوان التي‬ ‫استمر بها إلى أن أحيل على التقاعد ‪ .‬أشرف على العديد‬ ‫من الرسائل الجامعية (ماجستير‪-‬دكتوراه) لطلبة من‬ ‫المغرب وليبيا وموريطانيا ومالي ‪ ،...‬إظاف ًة إلى رئاسته‬ ‫لشعبة اللغة العربية وآدابها بنفس الجامعة‪ ،‬ولملتقى‬ ‫الدراسات المغربية واألندلسية الذي تأسس في شهر أبريل‬ ‫سنة ‪1986‬م ‪ .‬استهواه التراث المغربي واألندلسي فغاص‬ ‫بين ثناياه منقباً وباحثاً ودارساً ومحققاً‪ ،‬فقد كان حجة في‬ ‫ذلك بعد المرحوم األستاذ محمد المنوني ‪ .‬وهو ما مكنه‬ ‫ليكون خبيراً على الصعيد الوطني في اللجنة الخاصة بجائزة‬ ‫الحسن الثاني للمخطوطات والوثائق السنوي لدورات‬ ‫عديدة‪ ،‬وكان الهدف منها هو كشف النصوص المخطوطة‬ ‫المحجوبة‪ ،‬بحيث يقوم بتصويرها على شريط ليحتفظ به‬ ‫في الخزانة العامة‪ ،‬ويصبح في متناول الباحثين‪ ،‬وفي نفس‬ ‫الوقت يتم صيانة التراث المغربي‪ ،‬وكثيراً ما كان يقدم إلى جائزة من المخطوطات والوثائق ما كان يعتبر‬ ‫في حكم الضائع ‪ .‬حقق المرحوم عبد اهلل المرابط الترغي العديد من الكتب والنصوص‪ ،‬كما أنجز الكثير من‬ ‫الدراسات حول التحقيق والضبط والتخريج والتعليق‪ ،‬خصوصاً ما له ارتباط بالمغرب العربي واألندلس‪ “ ،‬أمارس‬ ‫عملية التحقيق في األشراف أكثر مما أمارسها في تخريج النص وتهيئته‪ ،‬وقد هيأت بعض النصوص بالتحقيق‬ ‫ٌ‬ ‫أعمال‬ ‫منها ما وجد طريقه إلى النشر مثل (أعالم الفقه) ألبي عبد اهلل بن عسكر وأبي بكر بن خميس‪ ،‬وهناك‬ ‫كثيرة في ضوء اإلنجاز‪ ،‬أو في المراحل األخيرة من اإلنجاز وتنتظر أن أجد الفرصة لتقديمها إلى النشر‪ ،‬منها‬ ‫حسُون الوزَّاني) ومنها بعض النصوص الصغيرة مثل (رسالة البن غازي في ماء الحياة)‪ ،‬وبعض‬ ‫(فهرسة أبي ّ‬ ‫النصوص األدبية والنقدية مثل (النبراس في بدائع اإلقتباس) لعبد اهلل جسوس‪ ،‬وغيرها من النصوص التي‬ ‫هي في طور اإلنتهاء‪ ،‬ولكنها تحتاج إلى من يقوم بطبعها “ (حوار معه) ‪ .‬كما نشر دراسات مهمة في مج َّالت‬ ‫جامعية متخصصة في المغرب وخارجه‪ ،‬وقد برز كذلك في تراجم األعالم وكانت له منهجية خاصة في ذلك ل َّقنها‬ ‫لطالبه‪َّ ،‬‬ ‫أن كتابة الترجمة عند األندلسيين والمغاربة‬ ‫فشكل مدرسة قائم ًة بذاتها في هذا المجال‪ ،‬وكان يرى َّ‬ ‫تختلف تبعاً للمواد التي ترصد في صياغة هذه الترجمة‪ ،‬وللتوجيه الذي يقصد منه إيرادها للوصول إلى األهداف‬ ‫يحدِدها شرط المؤلف بوجه عام ‪ .‬وهي تتفاوت من مؤلف إلى آخر بحسب الهدف الذي تثار الترجمة من‬ ‫التي ّ‬ ‫أجله والتوجيه الذي تصاغ موادها تحت ظروفه ‪ .‬فهي عند الرواة والعلماء تنحصر في معرفة موقع المترجم به‬ ‫في طبقته‪ ،‬وأحواله العلمية ‪ .‬وهي عند المؤ ِّرخين تهتم بأحوال الرجل وأخباره عامة‪ ،‬والمناصب التي باشرها ‪.‬‬

‫وهي عند األدباء ال تهتم إ َّال بالتقويم العام للمستوى األدبي‬ ‫عند المترجم به ‪ .‬عمل المرحوم عبد اهلل المرابط الترغي‬ ‫على إنجاز فهرسةٍ مهمةٍ لعلماء المغرب منذ النَّشأة إلى‬ ‫نهاية القرن الثاني عشر للهجرة ‪ .‬وهو نوع من التصنيف‬ ‫شاعت كتابته عند القدماء والمحدثين مشرقاً ومغرباً‪،‬‬ ‫وأهميَّته تكمن في نقل النشاط التعليمي المباشر‪ ،‬فتذكر‬ ‫من أخبار الرجال وأحوالهم ونشاطهم العلمي والتأليفي‪،‬‬ ‫وتثير الحقائق التاريخية بما ال نعثر عليه في غيرها ‪ .‬وقد‬ ‫أهمِية الفهرسة التاريخية والتوثيقية‪،‬‬ ‫فطن القدماء إلى ّ‬ ‫فاتخدوا منها المصدر المعتمد في اقتناء مواد كتبهم‬ ‫التاريخية ‪ .‬والحظ أن الفهرسة المغربية لم تحظ باإلهتمام‬ ‫عند الدارسين المحدثين‪ ،‬إمَّا ألنهم لم يلتفتوا إليها‪ ،‬وإما‬ ‫ألن ما تمتلئ به من أسانيد‪ ،‬جعلهم يرونها من اختصاص‬ ‫َّ‬ ‫دارسي علم الحديث ورواته‪ ،‬إضاف ًة إلى ذلك ظ َّلت الفهرسة‬ ‫المغربية بين أكثر المواد التراثية المخطوطة‪ ،‬ال تجد العناية‬ ‫لتحقيقها ونشرها باستثناء مجموعة قليلة حظيت أخيراً‬ ‫بالنشر ‪ .‬وبلغ عدد الرجال الذين عرَّف بهم الدكتور عبد اهلل‬ ‫المرابط الترغي في فهرسته أكثر من مائةٍ وخمسين رج ًال‪،‬‬ ‫غير الذين وردت تراجمهم في صلب الدراسة عند تحليل‬ ‫فهارسهم‪ ،‬ليصل العدد إلى مائةٍ وإثنين وسبعين علماً ‪.‬‬ ‫وقد صدر الكتاب عن جامعة عبد الملك السعدي بتطوان‬ ‫المتوسِط ‪ .‬مجال‬ ‫سنة ‪1998‬م في ‪ 704‬صفحة من القطع‬ ‫ّ‬ ‫آخر حظي باهتمامه هو الحركة األدبية في المغرب على عهد‬ ‫الدولة العلوية‪ ،‬منذ عهد السلطان إسماعيل العلوي‪ ،‬وكان له‬ ‫في هذا المجال إسهامات عديدة نذكر منها ‪( :‬الشروح األدبية في عهد الدولة العلوية ‪ -‬دراسة في األنماط‬ ‫واإلتجاهات) الذي صدر سنة ‪2005‬م‪ ،‬كشف فيه عن خبايا الشروح األدبية‪ ،‬وإبراز العناصر الفاعلة فيها‪ ،‬وتحديد‬ ‫ّ‬ ‫المرشَحة للنَّص المشروح‪ ،‬وفي التصوُّر المنهجي لعملية‬ ‫المميزات التي تجعل منها طرائق متعددة‪ ،‬في الرؤيا‬ ‫ِّ‬ ‫الموجَهة لعمل هذا ّ‬ ‫ّ‬ ‫الشَرح وأثرها فيه‪ ،‬وفي النتائج واألهداف التي ّ‬ ‫يتوخَها الشارح‬ ‫الشَرح‪ ،‬وفي نوعية الثقافة‬ ‫ّ‬ ‫واقع من تراث المغرب في مطالع‬ ‫على‬ ‫ف‬ ‫ُ‬ ‫التعر‬ ‫هو‬ ‫منه‬ ‫الهدف‬ ‫‪.‬‬ ‫العلمي‬ ‫العمل‬ ‫هذا‬ ‫عنه‬ ‫يكشف‬ ‫ا‬ ‫ممَ‬ ‫هو‬ ‫ذلك‪،‬‬ ‫في‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ٍ‬ ‫العلويين بالمغرب‪ ،‬وبالضبط فترة السلطان إسماعيل العلوي (‪1082‬هـ‪-1139‬هـ) حيث نشطت أقالم‬ ‫دولة‬ ‫ِّ‬ ‫الكتابة األدبية والعلمية‪ ،‬وتحرَّكت همم العلماء واألدباء والمؤ ِّرخين‪ ،‬ونشطت حركة ّ‬ ‫الشَرح األدبي والتأليف فيه‬ ‫‪ .‬كما قام بإخراج سلسلة ‪ ( :‬الشعر والشعراء في المغرب على عهد الدولة العلوية ) باإلشتراك مع الدكتور محمد‬ ‫عبد الحفيظ گنون بد ًء من سنة ‪2008‬م‪ ،‬وصدر منها ثالث مجموعات ‪ .‬عُ ِرف المرحوم الدكتور عبد اهلل المرابط‬ ‫الترغي بتواضعه وتفانيه في خدمة العلم ومساعدة الطلبة الباحثين سوا ٌء الذين كان يشرف عليهم‪ ،‬أو الذين‬ ‫تخصُصه‪ ،‬فال يبخل بوقته وعلمه وتوجيهاته‬ ‫يقصدونه من المغرب وخارجه لإلستاناس والتشاور في مجال ّ‬ ‫وإرشاده لهم ‪َّ .‬‬ ‫أهمَ ما ختم به حياته هو توقيفه لخزانته العامرة (‪ 40‬ألف كتاب ما بين مطبوع ومخطوط‬ ‫ولعل ّ‬ ‫ومُصَوَّرات ووثائق) رحمه اهلل‪.‬‬

‫ذ‪ .‬محمد القاضي‬


‫‪8‬‬

‫عبد في ذ ملح‬ ‫ق‬ ‫ا كر خا‬

‫الثالثاء ‪ 04‬شوال ‪ 1436‬ــ ‪ 21‬يوليوز ‪2015‬‬

‫العالم األصيل‪ ..‬السي عبد اهلل الترغي‬ ‫عرفت العالم الكبير السي عبد الترغي سنة ‪1983‬‬ ‫‪ ،‬حين التحق بنا مدرسا في كلية اآلداب بتطوان‪ .‬ومنذ‬ ‫الشهور األولى التي مرت على تعارفنا ‪ ،‬وجدته قامة علمية‬ ‫ومعرفية كبيرة‪ ،‬ينفرد بصفات الحلم‪ ،‬والتسامح‪،‬والقلب‬ ‫الطيب‪،‬والتفكير العميق‪ ،‬والذاكرة القوية‪ ..‬وقد كان يهتم‬ ‫بالدراسات األدبية واللغوية في الغرب اإلسالمي أيما‬ ‫اهتمام‪ ،‬وحرص أشد الحرص أن يترك فيها آثارا طيبة‪.‬‬ ‫والحق‪ ،‬كان له دور أساس في إظهار هذا المجال وإقامته‬ ‫بجهاده‪ ،‬وتنظيمه عشرات المؤتمرات والندوات العلمية‪،‬‬ ‫وتوجيهه طالبه إلى البحث فيه من نواحي التعريف‪،‬‬ ‫والتحقيق‪ ،‬والدراسة المبدعة‪.‬‬ ‫وحيث كانت حلقات درسه مزدهرة وعامرة‪ ،‬وكان‬ ‫عدد المعجبين به والراغبين في تسجيل أطاريحهم‬ ‫الجامعية معه يزداد سنة بعد أخرى‪ ،‬كان البعض منا يغار‬ ‫منه‪ ،‬وكنا في بعض المرات نحاول استفزازه بما لدينا من‬ ‫مناهج حديثة‪ .‬لكنه لم يكن يعطيها اعتبارا‪ ،‬إذ كان لديه‬ ‫إشباع بذاته وبعلمه‪ ،‬وكان يعتبرها طرقا للتمثل ليس‬ ‫أكثر‪ ،‬والمهم هو الذخيرة العلمية التي كان يمتلكها فعال‪.‬‬ ‫وحين تولى رئاسة الشعبة‪ ،‬التي أداره��ا باقتدار‬ ‫وشفافية وفعالية‪ ،‬مع انشغال مستمر باليحث والتأطير‬ ‫والمشاركة في الندوات العلمية في المغرب وخارجه‪ ،‬بدأت أكتشف في شخصيته جانبا إنسانيا آخر وهو أن‬ ‫السي عبد اهلل‪ ،‬إلى جانب أنه عالم أصيل ومجتهد‪ ،‬هو أخ كريم صاحب أخالق رفيعة‪ ،‬عنوانها العريض‪ :‬حب‬

‫هلل ى‬ ‫المر الم‬

‫ص‬

‫اب رح‬ ‫ط الت وم‬ ‫ر‬ ‫غي‬

‫فعل الخير‪،‬والوقوف إلى جانب من يلجأ إليه طلبا للمساعدة‪.‬‬ ‫وقد كنا نلجأ إليه ليساعد في حل ما قد كان يعترضنا من‬ ‫مشاكل تربوية وإداري��ة‪ .‬لذلك كان محبوبا عندنا جميعا‪،‬‬ ‫أساتذة وطلبة‪.‬‬ ‫هذه األخالق الرفيعة جعلت طالبا كثيرين من المغرب‬ ‫وخارجه‪ ،‬يقصدونه لالستفادة من علمه‪ ،‬والتدريب على‬ ‫يده وتسجيل أطاريحهم الجامعية بإشرافه‪ .‬وكانوا يلقون‬ ‫منه التشجيع والعون الكامل‪ .‬ولم يكن السي عبد اهلل يرد‬ ‫قاصدا أو يضن عليه بنصيحة أو بمده بما لديه من مصورات‬ ‫ومخطوطات وكنوز علمية نادرة‪ .‬ولم يكن ينتظر مدحا أو ثناء‬ ‫من أحد رغم أنه كان أهال لكل المدح والثناء‪ .‬وأشهد أني كنت‬ ‫من هؤالء القاصدين للسي عبد اهلل‪ ،‬فوجهني إلى دراسة النحو‬ ‫في الغرب اإلسالمي‪ ،‬وحين عزمت على تحقيق كتاب “ الجواهر‬ ‫السنية” للثعالبي أمدني بمصورة لمخطوطة الكتاب‪ ،‬أفدت‬ ‫منها كثيرا‪ ،‬وقد شكرته في المقدمة‪.‬‬ ‫هذه الشخصية العلمية‪ ،‬التي أعطت للعلم الكثير من‬ ‫الجهد‪ ،‬وللكلية اإلخالص في العمل طيلة أربعة عقود‪ ،‬تخرج‬ ‫خاللها‪ ،‬وعلى يديه‪ ،‬عدد هائل من األطر والكفاءات العلمية‪،‬‬ ‫كانت وستبقى حاضرة بيننا بما يميزها من أصالة في العلم‪،‬‬ ‫وأدب‪ ،‬ووفاء‪ ،‬وتواضع‪.‬‬

‫د‪ .‬أحمد بلشهاب‬

‫شهادة وفاء‬

‫عالم كبير ابن عالم كبير‬

‫تثير في نفسي هذه الشهــادة في حــق الصديق العالم وأخينا الكبير الراحل سيدي‬ ‫عبد اهلل المرابط الترغي‪ ،‬ذكريات يرجع عهدها إلى مدة تنيف على األربعين سنة‪ .‬ولكن‬ ‫حياة ومسير الفقيد التسعها شهادة أو خطبة أو كتاب‪ ،‬فالصديق العزيز الحاج سيدي عبد‬ ‫اهلل كان من بين الزمالء األساتذة األجالء الذين كتب اهلل عليم – توفيقا منه وتوجيها‪ -‬أن‬ ‫يقفوا ضد االبتذال في الفكر والمعرفة بالتراث اللغوي واألدبي‪ ،‬فكانت للرجل‪ ،‬منذ أن تعرفت‬ ‫عليه بشعبة اللغة العربية وآدابها‪ ،‬وقفات تربوية وعلمية فتحت أفقه الفكري على عوالم‬ ‫نصية في التراث المغربي و األندلسي‪ ،‬جعلته يدرك أن العمل التربوي بقسم األدب العربي‬ ‫ال يمكن أن ينتج إذا لم يعاضده عمل التنقيب والتحقيق في المتون األدبية المغربية‪ ،‬و‬ ‫في أعمال وآثار الفقهاء ومخطوطات العلماء المغاربة والتعريف بأصحابها وشيوخها‪ ،‬وهي‬ ‫في األغلب األعم من األحوال‪ ،‬تثوي في خزانات يعسر الوصول إليها‪ .‬فكانت أولى ثمرات‬ ‫هذه الوقفات أن أسهمت في إعداد جيل من الطلبة و الباحثين الشباب في مختلف أصناف‬ ‫المعرفة اللغوية والبالغية واألدبية والفقهية في التراث األدبي المغربي واألندلسي‪ .‬وحينها‬ ‫أدرك أستاذنا الفاضل الراحل سيدي عبد اهلل أن التصدي إلنجاز مشروع علمي طموح من‬ ‫هذا القبيل في الجامعة المغربية‪ ،‬يوجب التفكير في إحداث منتدى أدبي واسع يجعل من‬ ‫دراسة األدب العربي في المغرب واألندلس ملتقى دراسي يستدعي العمل الجماعي و الجهد‬ ‫المتضافر الذي تقع فيه المسؤولية على أكتاف الباحثين المغاربة‪ ،‬فكان هذا اإلحداث بالغ‬ ‫األثر في تطور المسير العلمي لشعبة اللغة العربية بكلية اآلداب بتطوان‪ ،‬وال تزال ثمراته‬ ‫حاضرة تبعث في نفوس طلبته العزة واألمل‪ ،‬والوفاء والتفاؤل‪ ،‬والثقة في التاريخ‪.‬‬ ‫وكم يغمرني من السعادة أن تكون القيم التي آمن بهـــا الصديق الفقيـــد سيــدي‬ ‫عبد اهلل‪ ،‬هي نفسهـــا التي عمل أصدقاؤه وطلبته وأوفياؤه على االسترشاد بها‪ ،‬فيما‬ ‫أنجــزوه من أعمال وتركوه من آثار‪.‬‬

‫كان عالما كبيرا ومحققا وباحثا في األدب المغربي واألندلسي‪ ،‬وهو األستاذ الذي وضع‬ ‫األدب المغربي في المراتب األولى من بين اآلداب العربية والعالمية‪ .‬والكالم على هذا الصرح‬ ‫األدبي الكبير يحتاج إلى صفحات وصفحات‪ ،‬فهو األستاذ الجامعي التي أسدى خدمات جليلة‬ ‫لكل األجيال التي توالت على كلية اآلداب والعلوم اإلنسانية بجامعة عبد المالك السعدي‬ ‫في تطوان‪ ،‬ال يميز بين ميسورهم وفقيرهم‪،‬كان رحمه اهلل ‪ ،‬يبدي تواضع العلماء الكبار في‬ ‫مواراته مع طلبته في مناقشاتهم وتوجيهاتهم العلمية واألدبية‪.‬‬ ‫إن كنت أنسى‪ ،‬فال أنسى ما كان يسديه إلي من عطايا مادية متجلية في إمدادي بكل‬ ‫ما أحتاجه من مصادر ومراجع‪،‬جاعال مكتبته العامرة مشرعة أمامي في كل وقت وحين‪...‬‬ ‫وعطايا معنوية متمظهرة فيما كان يسديه إلي من تشجيع وحثي على االستمرار في بذل‬ ‫المجهود الذي أثمر سلسلة “ أصيال‪ :‬تاريخ وأعالم”‪.‬‬ ‫قال لي في زيارته ببيته في األسبوع األخيرقبل رحيله‪ ،‬وكان العياء باد عليه‪ ،‬رحمه‬ ‫اهلل‪ ‹‹ :‬إنك أ السي عبد الرحيم أنجزت عمال كبيرا ستظل األجيال القادمة تذكرك بالتقدير‬ ‫واالحترام››‬ ‫وكنت كلما أزوره في بيته يستقبلني بالترحاب الصادق‪ ،‬وكان رحمه اهلل‪ ،‬يتحفني‬ ‫بتقديمه لي أحد تآليفه‪ ،‬بدأ بكتاب‪ :‬فهارس علماء المغرب‪ ،‬ثم الشروح األدبية في عهد‬ ‫الدولة العلوية‪ ،‬وأخيرا كتاب‪ :‬من أعالم شمال المغرب في أجزائه الثالث‪.‬‬ ‫وحسب فقيدنا العزيز‪ ،‬الدكتور عبد اهلل المرابط الترغي‪ ،‬أنه صار ال يذكر اسم األدب‬ ‫المغربي واألندلسي‪ ،‬وعالم التحقيق والمخطوطات المغربية‪ ،‬إال ويذكر اسمه كعالم ورائد‬ ‫من الرواد الكبار في هذا الميدان‪.‬‬ ‫وخير ما نختم به هذه األسطر هو أن ندعو لفقيدنا العزيز بالرحمة والمغفرة‪ ،‬سائلين‬ ‫اهلل تعالى أن يسكنه واسع جنانه مع األنبياء واألولياء والصالحين وحسن أولئك رفيقا‪.‬‬

‫د‪ .‬مصطفى حنفي‬

‫ذ‪ .‬عبد الرحيم أحمد الجباري‬


‫‪9‬‬

‫الثالثاء ‪ 04‬شوال ‪ 1436‬ــ ‪ 21‬يوليوز ‪2015‬‬

‫عبد في ذ ملح‬ ‫ق‬ ‫ا كر خا‬ ‫هلل ى‬ ‫المر الم‬

‫وداعا شيخ الباحثين والمحققين‬

‫ص‬

‫اب رح‬ ‫ط الت وم‬ ‫ر‬ ‫غي‬

‫في مساء يوم األربعاء ‪ 3‬يونيو ‪ 2015‬م كنت على موعد مع حدث ثقافي ممتع وجميل‪ ،‬سعدت فيه قاعة المحاضرات بدار الثقافة‬ ‫بمدينة شفشاون بتوقيع كتاب الدكتورة هدى المجاطي‪ ،‬تحت عنوان‪ “ :‬من أعالم الكتابة والصحافة بشمال المغرب (‪)1930-1956‬‬ ‫كان اللقاء ممتعا مع ثلة من المثقفين سواء الذين تعاقبوا بعروضهم المفيدة على المنصة أو أولئك الذين أغنوا اللقاء بمداخالتهم‬ ‫القيمة‪ ،‬وكانت مداخلة الدكتور عبد اللطيف شهبون‪ ،‬رئيس الجلسة عميقة ومليئة بالدالالت الكبرى واإلشارات الموحية بكثير من‬ ‫معاني الوفاء للدكتور عبد اهلل الترغي رحمه اهلل‪ ،‬حيث تردد ذكر اسمه مرات كثيرة كلها كانت مشفوعة بالدعاء للفقيد العزيز‬ ‫بالشفاء العاجل والصحة والعافية‪ ،‬مما كان يحمل معه شعورا داخليا يقينيا بدنو أجله واالنتقال إلى جوار ربه‪ .‬وفي مساء يوم السبت‬ ‫‪ 6/6/2015‬لبى الفقيد العزيز نداء ربه (‪ )...‬وهكذا تناقل مريدوه ومحبوه خبر وفاته‪ ،‬كنت واحدا ممن استشعر هول الصدمة وجلل‬ ‫المصاب‪ ...‬خفف من هولها على نفسي حضوري الجنازة‪ ،‬والوقوف على جثة الفقيد العزيز وقراءة ما تيسر من كتاب اهلل‪ ،‬والدعاء له‬ ‫بالرحمة والمغفرة والرضوان‪ ،‬كما سعدت كثيرا بوجودي بين المشيعين الذين كانوا يرددون ترانيم الهيللة في نغم بديع وإيقاع‬ ‫جميل‪ ،‬على عادة السلف الصالح لألمة المغربية‪ ،‬ال يصرفهم عنه ذلك إال ذكر مناقبه واالجماع على فضله وسخائه في العطاء العلمي‬ ‫الثر المسترسل المتوالي بدون كلل أو ملل‪ ،‬وبدون توقف أو منة أو انقطاع‪ .‬كما هو الحديث عن مناقبه وخصاله الحميدة التي‬ ‫استلهمها من تنشئته وتربيته وسعة علمه‪.‬‬ ‫ذلك الرجل إذا التقيت به ضمك إلى صدره‪ ،‬وعانقك عناقا حارا‪ ،‬يشعرك بفرط محبته لك وتجديد أواصر هذه المحبة‪ .‬هذا وأنك‬ ‫لتخاله وأنت تجتذب أطراف الحديث معه‪ ،‬تشعر بأنس ومحبة وصفاء ومودة‪ ،‬وأفق علمي واسع‪ ،‬ونظر ثاقب في األمور التي تعرض‬ ‫في مجلسه‪ ،‬يقول للمحسن أحسنت وللمسيئ عفا اهلل عنك تلك هي عيوبك سترها اهلل عليك‪ ،‬يقودك إلى الحق الذي يظنه‪ ،‬ويسعفك‬ ‫على الحق الذي تظنه‪ ،‬دون مماراة‪ ،‬يخلق أصدقاءه ويئد أعداءه‪ ،‬يجل أساتذته ويسعف طالبه‪ ،‬يدفعهم إلى طلب العلم واالستزادة‪،‬‬ ‫ويحثهم على ذلك‪ .‬استفرغ جهده في إنشاء مكتبته‪ ،‬وتوج صالح أعماله بتحويلها إلى مكتبة العالم المغربي الكبير واألديب الفقيه‬ ‫سيدي عبد اهلل كنون‪ .‬رحم اهلل الجميع و(إنا هلل وإنا إليه راجعون)‪.‬‬

‫ذ‪ .‬محمد الفاسي‬

‫أستاذي الدكتور عبد اهلل المرابط الترغي‬ ‫من األساتذة الفضالء الذين أعتز بالتتلمذ على‬ ‫أيديهم أستاذي العزيز العالمة الدكتور سيدي عبد اهلل‬ ‫المرابط الترغي الذي سعدت بالجلوس بين يديه طالبَ‬ ‫علم في سلك الماستر‪.‬‬ ‫وقد جمعتني بأستاذي الفاضل – حفظه اهلل تعالى –‬ ‫لحظات كنت حريصا على تدوينها‪ ،‬يسعدني أن أنقل إلى‬ ‫قراء هذه الجريدة بعضاً منها اعتمادا على ما هو مُدو ٌ‬ ‫َّن‬ ‫في بعض دفاتري‪ ،‬اعترافاً بفضله‪ ،‬وتقديرا لعلمه‪ ،‬ونشْراً‬ ‫لعدد من مناقبه وفضائله لعل اهلل ينفع بها بعضَ عباده‬ ‫من العلماء والمتعلمين‪.‬‬ ‫األحد ‪ 27‬من مارس ‪2011‬‬ ‫سافرت إلى مدينة القصر الكبير لحضور ندوة في‬ ‫موضوع “علماء الشمال ودورهم في الحفاظ على الدين‬ ‫والوطن”‪ ،‬وهي الندوة التي ش��ارك فيها د‪.‬عبد اهلل‬ ‫المرابط الترغي‪ ،‬ود‪.‬إدريس خليفة‪ ،‬وذ‪.‬محمد أخريف‪،‬‬ ‫وذ‪.‬عبد المنعم بن الصديق‪.‬‬ ‫وقبل انطالق الندوة جلستُ بمقهى أرينا ‪.Arena‬‬ ‫ولم تمر سوى لحظات حتى فوجئت بالدكتور عبد اهلل‬ ‫المرابط الترغي يدخل المقهى‪ ،‬فتقدمت للسالم عليه‬ ‫وتعريفه بنفسي‪ ،‬وعندما ذكرتُ له اسمي قال لي‪:‬‬ ‫ أوال أشكرك على الكتاب (كان يقصد كتابي “تصويبات لغوية في الفصحى والعامية”‪ ،‬وكنت أرسلت إليه‬‫نسخة منه عبر البريد)‪ .‬وأضاف قائال‪“ :‬أنت كنت طالبا عندنا في وحدة األدب المغربي”‪.‬‬ ‫ نعم أستاذي‪ ،‬ولكني لم أستطع المواكبة ألنني كنت أشتغل بعيدا عن تطوان‪.‬‬‫ وأين تشتغل اآلن؟‬‫ في قرية سيدي اليمني‪.‬‬‫ إذن مرحبا بك مجددا في الكلية‪.‬‬‫شكرته على ترحابه بي‪ ،‬وكانت كلماته تلك حافزا لي للتفكير في العودة إلى تطوان لمتابعة الدراسة‬ ‫الجامعية‪.‬‬ ‫وفي هذا اللقاء أهديتُ أستاذي الكريم َّ‬ ‫مؤلفيَّ “في صحبة سيدي محمد الناصري رحمه اهلل تعالى” و”ال‬ ‫أعبد ما تعبدون”‪ ،‬وقلت له وأنا أقدم له نسخة من “ال أعبد ما تعبدون”‪ :‬إنني أعتذر مسبقا عن مقالة في هذا‬ ‫الكتاب أنتقد فيها كتابا تتصدره مقدمة بقلمكم أستاذي‪ .‬فقال لي حفظه اهلل‪“ :‬المهم أال تجرّح المؤلف‪ ،‬وانتقد‬ ‫كما تشاء”‪.‬‬ ‫األربعاء ‪ 19‬من ديسمبر ‪2012‬‬ ‫توجهت صباح اليوم إلى تطوان لحضور عدد من دروس الماستر‪ .‬وقد كان لي لقاء بأستاذي الدكتور عبد‬ ‫اهلل المرابط الترغي بمكتبه بالكلية حيث جلست بين يديه أسأله عن بعض القضايا المتصلة بالبحث الذي‬ ‫أنتوي إنجازه لنيل شهادة الماستر‪ ،‬وهو بحث سميته “التراجم القصرية الحديثة‪ :‬أعالمها ومقاصدها” ويشرف‬ ‫على إنجازه الدكتوران عبد اللطيف شهبون وأحمد هاشم الريسوني حفظهما اهلل‪.‬‬ ‫وفي هذه الجلسة نصحني الدكتور الترغي – حفظه اهلل – باالطالع على العدد الثاني من مجلة كلية اآلداب‬ ‫بتطوان لإلفادة من بحث حول الترجمة عند ابن الخطيب‪ .‬كما ذكر لي أيضا أن باحثة من أسرة العسري بالقصر‬

‫الكبير كانت قد قامت بتخريج مخطوط حول أولياء القصر‬ ‫الكبير ونالت عنه شهادة اإلجازة‪ ،‬وأن باحثة أخرى كانت قد‬ ‫أنجزت بحثا لنيل الماستر حول أسرة الطود بالقصر الكبير‪.‬‬ ‫ودعاني – أكرمه اهلل – لزيارته في منزله بطنجة إلطالعي‬ ‫على بعض ما ُكتب في الموضوع الذي أنوي االشتغال به‪.‬‬ ‫السبت ‪ 06‬من أبريل ‪2013‬‬ ‫توجهت إلى مدينة طنجة لزيارة أستاذي الفاضل‬ ‫الدكتور عبد اهلل المرابط الترغي بناء على موعد بيننا‪ .‬وقد‬ ‫استقبلني – حفظه اهلل – في منزله العامر‪ ،‬وأمضيت معه‬ ‫ساعتين كاملتين بمكتبته أستفيد من علمه في موضوع‬ ‫التراجم وغيرها‪.‬‬ ‫وفي هذه الزيارة أطلعني على بحثين اثنين لهما صلة‬ ‫بما كنت أبحث فيه‪ ،‬وهما‪:‬‬ ‫ “تقييد في أولياء القصر الكبير”‪ ،‬وهو مخطوط‬‫لمؤلف مجهول‪ ،‬قامت بتخريجه الباحثة أم الخير العسري‬ ‫بإشراف من أستاذنا الدكتور الترغي‪ ،‬ونالت عنه شهادة‬ ‫اإلجازة في اللغة العربية وآدابها خالل الموسم الجامعي‬ ‫‪.1996 /1995‬‬ ‫ و”أسرة آل الطود العمرانية بالقصر الكبير” للباحثة‬‫كريمة الشقيفي‪ ،‬وهو بحث أنجزته صاحبته بإشراف من‬ ‫األستاذين د‪.‬عبد اللطيف شهبون‪ ،‬ود‪.‬عبد اهلل المرابط الترغي‪ ،‬ونالت عنه شهادة الماستر خالل الموسم‬ ‫الجامعي ‪.2009 /2008‬‬ ‫ومما علمته في هذا اللقاء وسَرَّني كثيرا أن أستاذنا الترغي – حفظه اهلل – يجمع وفيات أبيه الفقيه الترغي‬ ‫رحمه اهلل‪ .‬وقد ذكر لي أستاذنا العزيز أن أباه – رحمه اهلل – كان يدوّن وفيات بعض األشخاص في صفحات‬ ‫بعض الكتب‪ ،‬وسألته عن سبب ذلك فقال‪“ :‬إن بعض األشخاص كانت وفاتهم تتزامن مع قراءة الوالد ألحد‬ ‫الكتب‪ ،‬فكان إذا بلغه خبر الوفاة دوَّنه في الكتاب”‪ ،‬وأخبرني أن ما جمعه من وفيات أبيه قد بلغ أزيد من ثالث‬ ‫عشرة ومائة (‪ )113‬وفاة‪.‬‬ ‫ومما أسعدني به أستاذي الكريم‪ ،‬في هذا اللقاء‪ ،‬إطالعُه إياي على العدد ‪ 340‬من مجلة “دعوة الحق”‬ ‫المتضمن لبحثه المعنون بـ ُ‬ ‫“كتب طبقات النحاة واللغويين”‪ ،‬وقد قام – أكرمه اهلل – بتصوير هذا البحث بآلة‬ ‫تصوير رقمية‪ ،‬ونقله إلى الحاسوب‪ ،‬ثم استنسخه على قرص مدمج‪ ،‬وسلمني القرصَ هدي ًة منه إلي حفظه اهلل؛‬ ‫فكان ذلك من أحسن ما عدتُ به من زيارة هذا العالم الكريم النبيل العزيز‪.‬‬ ‫تلكم لحظات موجزة من بعض اللقاءات التي جمعتني بأستاذي الكريم الدكتور عبد اهلل المرابط الترغي‬ ‫في أمكنة وأزمنة مختلفة تج ّلي ملمحا بارزا في شخصية الرجل‪ ،‬هو ملمح العالم الحريص على إفادة طلبته‬ ‫وإرشادهم في مسالك الدراسة والبحث‪.‬‬ ‫حفظك اهلل تعالى أستاذي العزيز‪ ،‬وبارك لك في صحتك‪ ،‬وجزاك خير الجزاء عما أسديتَه إلى طلبتك من‬ ‫معروف‪.‬‬ ‫أصيال في ‪ 21‬من ماي ‪2015‬م‪.‬‬

‫أبو الخير الناصري‬


‫‪10‬‬

‫عبد في ذ ملح‬ ‫ق‬ ‫ا كر خا‬

‫الثالثاء ‪ 04‬شوال ‪ 1436‬ــ ‪ 21‬يوليوز ‪2015‬‬

‫هلل ى‬ ‫المر الم‬

‫اب رح‬ ‫ط الت وم‬ ‫ر‬ ‫غي‬

‫رسالة اعتراف‪..‬‬ ‫سيدي عبد اهلل‪ ،‬السالم عليك يا أستاذي ‪ ،‬وأسال‬ ‫اهلل تعالى أن ينزلك منزلة تليق بك وبعلمك وبأخالقك‬ ‫‪ ،‬فأنت تستحق كل الخير ‪ ،‬ولي اليقين أن اهلل تعالى لن‬ ‫يخيب ظنك به ويدخلك جناته التي وعد بها المؤمنين ‪.‬‬ ‫سيدي عبد اهلل ‪ ،‬أكتب لك هذه الرسالة وأنت في‬ ‫العالم األخر ‪ ،‬عالم ال نعلم عنه إال ما أخبرنا اهلل تعالى‬ ‫في كتابه ونبيه عليه السالم في سنته‪ ،‬لكن رحمة اهلل‬ ‫وسعت كل شيء وهو أرحم الراحمين‪ .‬أما أنا فال زلت في‬ ‫هذه الدنيا التي جمعتنا وفرقتنا‪ ،‬أفتقدك كثيرا وغيابك‬ ‫أثر في أيما تأثير‪ ،‬ومن الصعب أن أنساك ألن الذي جمعنا‬ ‫هو العلم والمعرفة هو المحبة واإلخالص والوفاء‪ ،‬فبقدر‬ ‫ما كنت تعتبرني ابنك كنت أعتبرك أبي وأبي الروحي‬ ‫ألنك أعطيتني كثيرا وأخذت منك الكثير ‪.‬‬ ‫سيدي عبد اهلل‪ ،‬عالقتنا تمتد ألزيد من ‪ 23‬سنة ‪،‬‬ ‫منذ ان التحقت بكلية األداب تطوان أستاذا خالل شتنبر ‪ 1993‬حيث كان أول لقائي بك على طاولة عشاء‬ ‫بفندق غولدن بيتش بمدينة الفنيدق رفقة األستاذ عبد السالم شقور رفيق دربك الطويل ‪ .‬لقد سعيت الى ذلك‬ ‫اللقاء ألني كنت أعرفك وأسمع عنك منذ كنت أستاذا في ثانوية ابن الخطيب بطنجة نهاية السبعينات ومطلع‬ ‫الثمانينات ‪ ،‬بل كانت لي رغبة كبيرة في التتلمذ على يديك وهو ما لم يتحقق بسبب التحاقك بالمركز التربوي‬ ‫بطنجة أستاذا ثم بعد ذلك بكلية األداب تطوان مطلع الثمانينيات ‪ .‬وعلى الرغم من دراستي بشعبة التاريخ‬ ‫بالكلية لم يكن تواصلنا إال من خالل حضوري لبعض محاضراتك بمدرجي ابن الخطيب والقاضي عياض ‪ ،‬ولم‬ ‫كنت أعجب بدروسك وطريقة إلقائك والمعلومات الغزيرة التي كنت تطرحها امام الطلبة والطالبات ‪ .‬‬ ‫ثم بعد ذلك اضطررت للغياب عن الكلية بسبب التحاقي للدراسة بالديار الفرنسية‪ ،‬بعد ذلك التحقت‬ ‫بالكلية أستاذا بشعبة التاريخ ‪ .‬حيث ستنطلق بيننا عالقة ستعمر اكثر من عقدين من الزمن ‪ .‬‬ ‫سيدي عبد اهلل ‪ ،‬معرفتي بك لم تكن عالقة صداقة وزمالة في العمل بل عالقة أوال تكوين فأنت الذي‬ ‫علمتني كيف أدرس وأهيئ محاضراتي وأنت الذي علمتني منهجية البحث في التراث المغربي ‪ ،‬وأنت الذي حببت‬ ‫الي المخطوطات وفن التحقيق‪ ،‬وكيفية تدريس الفهارس وتراجم الرجال ‪ ... ‬كانت عالقتي بك التزام التلميذ‬ ‫بالشيخ والمريد بالمربي لم أفارقك فيها ولو لمرة‪ ،‬فالذهاب الى العمل في تطوان كان يجمعنا كل أسبوع‪،‬‬ ‫والسفر الى الرباط ألي سبب كان كان موعدا أخر نزور فيه كلية أداب الرباط ووزارة الثقافة ومكتبة دار األمان‬ ‫باإلضافة الى لقاءاتنا العلمية مع بعض األساتذة األفاضل ‪ :‬محمد بنشريفة‪ ،‬وشوقي بنبين‪ ،‬وعالل سي ناصر‪،‬‬ ‫وعبد الرحمان المودن‪ ،‬وعبد الرحيم بنحادة‪ ،‬وعبد المجيد القدوري‪ ،‬وعبد الحميد الهرامة ‪ ...‬والالئحة طويلة أو‬ ‫في بعض الندوات الوطنية والدولية حيث كنت دائما متألقا بعلمك ومعرفتك الواسعة والشاملة وكان الجميع‬ ‫يلتف حولك للسؤال والمعرفة في كل ما يتعلق بعالم الكتب المخطوطة والفهارس وتراجم الرجال ‪ ،‬كنت دائما‬ ‫تحظى باحترام وتقدير الجميع ‪ .‬‬ ‫رافقتك الى الدار البيضاء والى فاس ومراكش وشفشاون والقصر الكبير ‪ ‬والعيون واسمارة وبوجدور‬ ‫والداخلة ‪...‬‬ ‫كما يسر اهلل لي رحلة الحج معك سنة ‪ 2008‬قضيت برفقتك أكثر من شهر ما بين مكة والمدينة كنت‬ ‫خاللها األخ واألب‪ .‬وكم هي األيام الصيفية التي قضيناها معا في منتجع وادي لو ‪ :‬كانت لك فيها مسامرات ال‬ ‫تنسى ‪ .‬‬ ‫كنت كلما حللت بمكان إال والتف حولك العشرات من الطلبة الباحثين لالستفسار والسؤال في مجال البحث‪.‬‬ ‫لم أراك يوما تتهرب من السؤال أو تتجاهل أحدا أو تتكبر بعلمك‪ ،‬كنت دائما في خدمة العلم ‪ ‬واألساتذة والطلبة‬ ‫وخدمة التراث المخطوط ‪.‬‬ ‫رافقتك لسنوات في جائزة الحسن الثاني للمخطوطات فعملت معك ضمن أعضاء اللجنة الجهوية‬ ‫للمخطوطات‪ ،‬كنت فارسا بال منازع والكل كان يرجع اليك ويعتمد عليك في ترتيبات الجائزة ‪ .‬لقد أتحت لي‬ ‫فرصة للتكوين في هذا المجال‪ ،‬فرصة ال تتاح في المدرجات وفي قاعات الدرس‪ ،‬وكم اشتغلنا معا في مصورات‬ ‫جائزة الحسن الثاني للمخطوطات ذلك الكنز الذي كنت الوحيد الذي يهتم به ويستغله في البحث وتوجيه‬ ‫الطلبة الباحثين اليه ‪ .‬‬ ‫سيدي عبد اهلل‪ ،‬لقد قضيت حوالي ‪ 20‬سنة رئيسا لشعبة اللغة العربية وهي أكبر شعبة بالكلية ورغم كل‬ ‫االختالفات واالكراهات كنت صامدا وجيها في تدبير شؤونها التربوية والعلمية بارعا في حل المشاكل وإيجاد‬ ‫الحلول ‪ .‬كنت حاضرا في نجاح جل األساتذة خاصة في انجاز أطاريحهم ومناقشاتهم وانتقالهم الى اساتذة‬ ‫التعليم العالي ‪ .‬‬

‫ص‬

‫لقد أسست الدراسات العليا بالكلية وأشرفت وأطرت‬ ‫المئات من البحوث واألطاريح وناقشت عددا ال يحصى منها ‪،‬‬ ‫وستبقى بصماتك حاضرة بقوة في الدراسات العليا وال يمكن‬ ‫أن ينكرها إال جاحد‪ .‬لن أنسى عندما كنت أحضر دكتوراه الدولة‬ ‫ورغم أن لي مشرفا في الرباط كنت مشرفا حقيقيا وتتبعت عملي‬ ‫في جميع تفاصيله ومراحله الدقيقة ‪ ،‬ولم تبخل علي بأي كتاب‬ ‫أو مصدر أو مرجع أو نصيحة أو توجيهات ‪ .‬أما عند المناقشة فقد‬ ‫ألح الألستاذ عبد الرحمان المودن لكي تكون عضوا في لجنة‬ ‫المناقشة ‪ .‬لقد كنت يومها في قمة عطائك وكان الجميع ينصت‬ ‫اليك ويتتبع تفاصيل كالمك الحافل بالعلم والمعرفة المتعمقة‬ ‫‪ ،‬ومنذ ذلك التاريخ نسجت عالقات خاصة مع جميع األساتذة في‬ ‫شعبة التاريخ بكلية االداب الرباط ‪ .‬‬ ‫كنت كلما عدت الى كتاباتك وما أكثرها ال أجد إنشاءا بل‬ ‫معرفة عميقة وضبطا منهجيا كبيرا وغزارة في المادة ‪ .‬كتابك‬ ‫“فهارس علماء المغرب” كتاب علم دقيق ‪ ،‬وأطروحتك “ األدب‬ ‫المغربي في العصر العلوي ‪ ”...‬في خمسة أجزاء فريدة في بابها ‪ ،‬وتحقيقك ل” أعالم مالقا “ أبنت فيه عن كعبك‬ ‫العالي في التحقيق والتدقيق ‪ ،‬الى غير ذلك من مؤلفاتك ومقاالتك ومحاضراتك ومناظراتك العلمية ‪ .‬‬ ‫سيدي عبد اهلل ‪ ،‬لقد أحلت على التقاعد سنة ‪ , 2009‬اال أنك لم تتوقف عن الحضور الى الكلية وتدريس‬ ‫طلبة الماستر وتأطير طلبة الدكتوراه وحضور مناقشة األطاريح ‪ .‬لقد وعدتني باالستمرار في العمل بالكلية منذ‬ ‫إحالتك على التقاعد وحتى سنة ‪ ،2015‬رغم كبر السن ورغم المرض لم تتردد في السفر الى تطوان من أجل‬ ‫العلم او بتعبيرك “ نمشيو نعطيو العلم “ ‪.‬‬ ‫في تطوان يكون الجميع في انتظارك خاصة الطلبة الذين يتحلقون حولك لمسألة من المسائل العلمية أو‬ ‫لالستفسار عن مخطوطة أو ترجمة لشيخ من الشيوخ ‪...‬الخ ونفس الشيء عندما تنتقل الى كلية أصول الدين‬ ‫فقد كانت لك بها مكانة عظيمة يشهد بها الخاص والعام ‪ .‬‬ ‫سيدي عبد اهلل‪ ،‬رغم المرض الذي أنهك جسمك كنت تقاوم ببسالة وكان لك أمل كبير في الشفاء‪ ،‬كانت‬ ‫الضحكة واالبتسامة ال تفارق محياك بل ال تتوقف عن سرد النكت حتى مع ابني وجيه الذي كان يرافقك في رحلة‬ ‫العالج إلى الرباط ‪ .‬كنت خيرا وتحب الخير ولن أنسى ما قمت به مع الطالب المالي الفقير الذي عند مناقشته‬ ‫لألطروحة تكفلت أنت من ملك الخاص بوجبة غداء أعضاء أللجنة‪ .‬وأعمال كثيرة أخرى سوف لن أذكرها ألنك‬ ‫حين قمت بها كان هدفك مرضاة اهلل تعالى ‪.‬‬ ‫منذ فترة طويلة جدا كنت تحدثني عن مكتبتك وعن رغبتك في تحبيسها في سبيل العلم واألساتذة‬ ‫والطلبة الباحثين‪ ،‬انها مكتبة أفنيت وقتك وجهدك لجمعها‪ ،‬وضممت اليها مكتبة والدك رحمة اهلل عليه‪ .‬لم‬ ‫تكن تضيع أي فرصة لتوسعتها بيدك(اخذت اكثر من نصف البيت)‪ .‬كلما زرتك في البيت أجدك تقوم بعمل‬ ‫النجار لتصنع الرفوف أو جالس أمام الحاسوب تحمل المخطوطات والكتب أو محاطا ببعض الطلبة يبحثون‬ ‫عن مخطوطة أو ترجمة‪ .‬نادرا ما كان يصيبك العياء من عاداتك وطقوسك العلمية‪ ،‬كنت بارعا في جمع الكتب‬ ‫والمخطوطات والمصورات ‪..‬لقد ساهمت معك في هدا المشروع وتعلمت من خالله الشيء الكثير‪.‬‬ ‫قبل أيام قليلة من توديعنا ورحيلك عنا حققت أمنيتك وحبست المكتبة لتضم بعد وفاتك الى مكتبة سيدي‬ ‫عبد اهلل كنون‪ .‬بفضل هدا العمل أصبح لمدينة طنجة مكتبة ضخمة تحتاج الى فضاء شاسع يتسع لتلك األعداد‬ ‫من الكتب والمخطوطات ‪.‬‬ ‫سيدي عبد اهلل‪ ،‬رحيلك كان مفاجئا ولم نكن نتوقع أن يكون بهذه السرعة ولكنها مشيئة اهلل تعالى‪ ،‬الليلة‬ ‫قبل وفاتك كنت جالسا اليك أطعمتك بيدي وسقيتك ماءا ومازحتك قليال ومسحت على صدرك‪ ،‬وقبل أن أنصرف‬ ‫في وقت متأخر من الليل ودعتك على أن أتي اليك في الصباح‪ ،‬وعندما زرتك في الصباح كان حالك يزداد سوءا‪،‬‬ ‫أيقنت أنك في النزعات األخيرة قاومت الى ما بعد العصر واستسلمت لقدر اهلل تعالى‪ .‬كانت صدمة كبيرة‪ :‬لقد‬ ‫رحل سيدي عبد اهلل المرابط الترغي الى دار البقاء ‪.‬‬ ‫األن أعيش غيابك عنا بمرارة‪ ،‬الجميع يفتقدك ألنك كنت محبوبا‪ ،‬كانت لك مكانة خاصة عند الناس ‪،‬‬ ‫الكل كان يسعى اليك للتقرب منك أو خدمتك ألنك تستحق ذلك ‪ .‬لقد تخرجت على يديك أعداد كبيرة من‬ ‫الطلبة سوف يتابعون المسيرة العلمية التي بدأتها ألنها كانت الرسالة التي تريد ايصالها لهم‪ ،‬وأسال اهلل لهم‬ ‫التوفيق ‪ .‬اللهم اني أشهد أنك قد بلغت ‪.‬‬ ‫أسال اهلل لك الرحمة والمغفرة وأن يجازيك عنا خير الجزاء‪ ،‬ويسكنك فسيح جناته وإنا هلل وإنا اليه راجعون‪.‬‬

‫د‪ .‬مصطفى الغاشي‬

‫عبد اهلل المرابط الترغي كنز علمي‪..‬‬ ‫يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية‪،‬‬ ‫فادخلي في عبادي وادخلي جنتي‪.‬‬ ‫قال رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪ ‹‹:‬من أسدى إليكم معروفا‬ ‫فكافئوه‪،‬فإن لم تجدوا فادعوا له››‬ ‫يقول الشيخ طاهر الجزائري‪ ‹‹ :‬اذكروا من عندكم من الرجال‬ ‫الذين ينفعونكم في الشدائد‪ ،‬ودون��وا أسماءهم في جريدة لئال‬ ‫تنسوهم ونوهوا بهم عند كل سانحة‪ ،‬واحرصوا عليهم حرصكم على‬ ‫أعز عزيز››‬ ‫شكل الفقيد الدكتور عبد اهلل المرابط الترغي على مدى‬ ‫عقود متتالية كنزا علميا حقيقيا‪ ،‬نهلت منه أجيال من الدارسين‬ ‫والمهتمين‪ ،‬ومن أوائل الذين اضطلعوا بالبحث العلمي إلى جانب‬ ‫التدريس الجامعي‪ ،‬منذ البوادر األولى للنهضة التي عرفها المغرب‬ ‫في عهد االستقالل‪ ،‬فقد أمضى قسطا من شبابه في تكوين األجيال‬ ‫بالحقول األولية للتربية والتعليم‪ ،‬مما عاد إلى الوطن بالنفع العظيم‬ ‫والخير العميم‪.‬‬ ‫ومن مظاهر شخصيته رحمه اهلل التي تمتزج فيها الخصال‬ ‫والخصائص والمعلومات والمعارف والخواطر وال��ن��وازع‪ :‬حسن‬ ‫المحاضرة وحسن المحاورة وحسن المذاكرة‪.‬‬ ‫أما حسن المحاضرة فيتجلى في لقائه مع طالبه ومستمعي أحاديثه وبحوثه الذين سيذكوره ياستمرار‬ ‫معترفين بعطائه وإخالصه أكبر وسام يتزين به صدره ويتحلى به جبينه في جنة الفردوس‪.‬‬

‫وإنا هلل وإنا إليه راجعون‪.‬‬

‫قال المعري‪ :‬واألخالق عندنا مقدمة على العلم‪ ،‬وخير العلماء من‬ ‫كسا علمه األدب وزينه الخلق‪.‬‬ ‫وال تجلس إلى أهل الدنايا فإن خالئق السفهاء تعــدي‬ ‫وأما حسن المحاورة فيبدو لزمالئه في االجتماعات وفي الندوات‬ ‫العلمية واللقاءات اإلعالمية‪.‬‬ ‫وأما حسن المذاكرة فيبدو في لقاءاته العامة‪ ،‬وفي أوقات الجد‬ ‫والهزل والمزاح والمباسطة‪.‬‬ ‫وهو مؤلف ناجح يتقن التأليف في التراث المغربي واألندلسي‬ ‫الذي يتجه به كاتبه إلى القارئ ليوصل المعلومة ويختصر له الطريق‪.‬‬ ‫كما يتقن التأليف في التراجم‪ ،‬فهذا اعتراف أدبي وعلمي منه‬ ‫بأعالم المغرب وال سيما أعالم الشمال‪.‬‬ ‫ال أريد أن أطيل‪ ،‬و إن كنت قصرت فذاك جهد المقل‪ ،‬وقديما قال‬ ‫العرب في أمثالهم متأثرين بالذكر الحكيم‪‹‹ ،‬فإن لم يكن وابل فطل››‬ ‫وزادوا ‹‹ وإن لم يكن خمر فخل››‪.‬‬ ‫فرحم اهلل أستاذنا الجليل الدكتور عبد اهلل المرابط الترغي‪،‬‬ ‫وعزاء لنا جميعا في فقده‪.‬‬ ‫وما كان قيس هلكه هلك واحد ولكنه بنيـــان قوم تهدمــــا‬

‫د‪ .‬جميلة رزقي‬


‫‪11‬‬

‫عبد في ذ ملح‬ ‫ق‬ ‫ا كر خا‬

‫الثالثاء ‪ 04‬شوال ‪ 1436‬ــ ‪ 21‬يوليوز ‪2015‬‬

‫هلل ى‬ ‫المر الم‬

‫اب رح‬ ‫ط الت وم‬ ‫ر‬ ‫غي‬

‫َم ْن َب َك ْي َنا ُه ِح ّب ًا‬

‫في تأبين المرحوم الدكتور عبد اهلل المرابط الترغي‬ ‫إ ِ َّن لِلْ َم�� ْو ِت َم ْو ِع��دا ً اَل يُـــ�� َدارَى‬ ‫خْ َ‬ ‫��ق َمنْ��زِ ٌل بِ�� ِه ي َ ْح َيــ��ا‬ ‫لَ�� ُه ِف��ي اللْ ِ‬ ‫��ت ِفيـهـِ��م‬ ‫��س يَخْ تَــ��ارُ إِذْ ي ُ َبا ِغ ُ‬ ‫لَ ْي َ‬ ‫��م ِم�� ْن أ َ ْح َبـــابِنَ��ا َق�� ْد ت َ�� َوارَوْا‬ ‫وَلَ َك ْ‬ ‫صيـــــــــ�� ُر إِلَ ْي�� ِه‬ ‫وَ َك�� َذا ُكلُّنَـــ��ا ي َ ِ‬ ‫ــ��ل وَ ِظ ّ‬ ‫ــ��ل‬ ‫ْي� ِف ْع‬ ‫بَ� َ نْ‬ ‫ـــ��ل وَرَدِّ ِف ْع ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫َه َك�� َذا َكـــ��ا َن َم�� ْن ب َ َك ْينَـــ��ا ُه ِح ّب��ا ً‬ ‫ض��اه‬ ‫ض��ا ُه ُك ُّل رٍ َ‬ ‫س�� ْمحا ً رٍ َ‬ ‫َكا َن َ‬ ‫س��ما ً وَر ِ َّق�� ًة َكــ��ا َن خُ لْق��ا ً‬ ‫َكــ��ا َن ب َ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫��ص ُو ّدا ً‬ ‫��ب أخْ ـــلَ َ‬ ‫َف��إِذَا َمـــ��ا أ َح َّ‬ ‫اّ‬ ‫ً‬ ‫ــــــاحب��ا ً وَ ِخ�ّل� وَ ِف ّي��ا ً‬ ‫ص‬ ‫س�� َما َ‬ ‫َف َ‬ ‫ِ‬ ‫ــاـط�� ِه ُق ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫طب��ا ً‬ ‫��م ِف��ي رِب َ‬ ‫ِ‬ ‫َكا َن لِل ِعل ِ‬ ‫��م يَ��زَ ْل َكار ِ ُع��و ُه ِمنْ�� ُه ِع َ‬ ‫طاش��ا ً‬ ‫لَ ْ‬ ‫َفإِلَـــــ��ى ُك ِّل َه�� ُؤ اَل ِء ال َّت َع��ازِي‬ ‫��ر‬ ‫وَلَ�� ُه ِعنْ�� َد رَبِّـــــــ�� ِه خَ ْي�� ُر ذُخْ ٍ‬ ‫رَبَّنَـــ��ا إنَّنَـــ��ا إلَ ْي َ‬ ‫��ك رُ ُجــــ��و ٌع‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫��ل‬ ‫��و وَ َف ْ‬ ‫ض ٍ‬ ‫ُك�� ْن لَنَـــ��ا رَبَّنَــ��ا ب ِ َع ْف ٍ‬ ‫وَ َغ��دا ً ِعنْ�� َد َم ْوتِنَــــــــ��ا مِب َ َ‬ ‫س��ارٍ‬ ‫��ي‬ ‫وَ َعلَ��ى َم�� ْن ب َ َع ْث‬ ‫َ‬ ‫ـــ��ت خَ ْي��رَ ن َِب ٍّ‬

‫صلُ�� ُه اَل ي ُ َج��ارَى‬ ‫ِفـــ��ي َه�� َوا ُه وَوَ ْ‬ ‫يموتُ��وا َعلَــ��ى يَديْـــــ�� ِه ِج َه��ارَا‬ ‫لِ ُ‬ ‫ً‬ ‫ص��ارَا‬ ‫ُم َت َغ َّيـــــ��ا ُه خَ ابِط��ا َح ْي��ثُ َ‬ ‫بِ�� ِه َكالنُّ��ور ِ ِفــــــ��ي دُ َج��ا ُه ت َ�� َوارَى‬ ‫ـــــ��ال أَثَ��ارَا‬ ‫َـــ��ال َج��رَى وَ َح‬ ‫ب ِ َتت‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ُصــــ�َل اَ� ُه دِ ْفئ��ا ً وَن َ��ارَا‬ ‫وَ َح�� ُرورٍ ن ْ‬ ‫ب َ ْي َننَــــ��ا وَ حْالَ َيــــ��ا ُة تَزْخَ �� ُر دَارَا‬ ‫ِف��ي ن َ�� َدا ُه ي َ ْغ�� ُدو لِ ُن ْبلِــــــ�� ِه ًج��ارَا‬ ‫س��ا ِميا ً َكـــ��ا َن َملْ َهمــ��ا ً وَ َمنَــ��ارَا‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫��ر أن َ��ارَا‬ ‫وَإِذَا َم��ا ْ‬ ‫اح َت َفـــــــ��ى بِأ ْم ٍ‬ ‫َ‬ ‫ستَش��ارَا‬ ‫س�� َما ِف��ي ا ْع ِت َمـــ��ادِ ِه ُم ْ‬ ‫وَ َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُض��ارَا‬ ‫اب ن َ‬ ‫ِف��ي ث��رَا ُه يَغ�� ُدو التُّ��رَ ُ‬ ‫س��تَخَ ارَا‬ ‫س�� َق ْون َ ُه ُم ْ‬ ‫مِلَزِيــــــــ�� ٍد ي ُ ْ‬ ‫وَإِلَــ��ى ُك ِّل َم�� ْن ب ِ َف ْقـــــ�� ِد ِه َح��ارَا‬ ‫ش�� َعارَا‬ ‫بِالَّ�� ِذي َكا َن ِم�� ْن َ‬ ‫س��نَــا ُه ِ‬ ‫س��ت َ​َجارَا‬ ‫ْـ��م َفت َْحنَ��ا ُم ْ‬ ‫ر َف ْ‬ ‫��ل خْالَت َ‬ ‫اج َع ِ‬ ‫َس�� َعى ب ِ َه��ا ن َ َت َب��ارَى‬ ‫ِفــــ��ي َح َي��ا ٍة ن ْ‬ ‫س��ارَا‬ ‫س��ت َِح‬ ‫يــــــل َم َح َّج�� ًة وَ َم َ‬ ‫ُم ْ‬ ‫ٍ‬ ‫ات بِرَوْحـــ ِ َهـــــــ��ا نَتَ�� َدارَى‬ ‫صلَ�� َو ٌ‬ ‫َ‬

‫• ذ‪ .‬محمد ابن يعقوب‬

‫شفشاون في‪15 :‬رمضان ‪ 2 /1436‬يوليوز ‪2015‬‬

‫الع ْلم‬ ‫َف ِقيد ِ‬ ‫مرثية المرحوم الدكتور عبد اهلل المرابط الترغي‬ ‫إمن����ا ه���و ق���ض���اء وق��ـ��ـ��ـ��ـ��در‬ ‫وه����ي ال��دن��ي��ا م��ري��ر طبعها‬ ‫وح���ي���اة امل�����رء ف��ي��ه��ا خلسة‬ ‫الت�����رم ف��ي��ه��ا خ���ل���ودا فلقد‬ ‫ق�����در ح���ت���م وح���ك���م ن��اف��ذ‬ ‫غير موت العالـــم النحريــر والــ‬ ‫ع��اب��د اهلل اجمل��ي��د ال��ت��رغ��ي ال��ـ‬ ‫س��ي��د م���ن س��ي��د م���ن سيد‬ ‫ل���م ي����زل إل����ي ال���ع�ل�ا ت��واق��ة‬ ‫ك��م ل��ه م��ن م��ح��ك��م��ات سطع‬ ‫أي��ه��ا األس���ت���اذ ال ت��ب��ع��د فما‬ ‫أن��ت كنت امل��اج��د ال��ن��ب��راس في‬ ‫ول��ق��د ك��ن��ت اجمل��ل��ي املنتقي‬ ‫ث��ك��ل��ت��ك امل���ل���ة ال��ب��ي��ض��اءإذ‬ ‫وش���ت���ات ال��ع��ل��م ك�ل�ا وال��ع�لا‬ ‫فلك ال��غ��ف��ران ف��ا نعم مكرما‬ ‫في ج��وار املصطفي والرسلوالـر‬ ‫وص��ل�اة اهلل ت��ـ��ـ��ت��رى س��رم��دا‬

‫وك����ت����اب أزل�������ي م��س��ت��ط��ر‬ ‫الت��ن��ي جت��ل��ب ل��ل��ن��اس ال��ك��در‬ ‫أو خ��ي��ال ط��اف ف��ي وق��ت السحر‬ ‫ك��ت��ب امل����وت ع��ل��ي ك��ل البشر‬ ‫وق���ض���اء اهلل ح��ت��م وال���ق���در‬ ‫ــأريحي امل��اج��د الشهم األغ��ر‬ ‫ــــعلم احملقـــق األتقى األبـــــر‬ ‫ف��ه��و رم���ز ل��ل��م��ع��ال��ي وال��ظ��ف��ر‬ ‫نفسه حتي اعتلي سطح القمر‬ ‫وع����ل����وم ب���ي���ن���ات ت��س��ت��ط��ر‬ ‫م���ات م��ن أب��ق��ي ج��م��ي�لا مدخر‬ ‫ك���ل ش��ه��ب��ا وم��ق��ي�لا م���ن عثر‬ ‫وج�������وادا س��ح��ه س���ح امل��ط��ر‬ ‫ك��ن��ت ح��ام��ي��ه��ا وح���ام���ي األث���ر‬ ‫وك��ت��اب اهلل يتلي ف��ي السحر‬ ‫ف���ي ج���ن���ان ع���ال���ي���ات ون��ه��ر‬ ‫ــشــهـــد ا عنـــد عزيـــز مقتــدر‬ ‫نحــو ط��ه املصطفي خير مضر‬

‫ص‬

‫• الحاج عبد اهلل ولد محمد‬

‫نواكشوط في‪15 :‬رمضان ‪ 2 /1436‬يوليوز ‪2015‬‬


‫‪12‬‬

‫الثالثاء ‪ 04‬شوال ‪ 1436‬ــ ‪ 21‬يوليوز ‪2015‬‬

‫يف ذمة اهلل‬ ‫يف ذمة اهلل‬

‫قصيدة في رثاء المشمول‬ ‫برحمة اهلل البحاثة الدكتور‬

‫عبداهلل المرابط الترغي‬ ‫• للشاعر ذ‪ .‬محمد المختار العلمي‬

‫عبد في ذ ملح‬ ‫ق‬ ‫ا كر خا‬ ‫هلل ى‬ ‫المر الم‬

‫ص‬

‫اب رح‬ ‫ط الت وم‬ ‫ر‬ ‫غي‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.