Achamal n° 1056 le 25 Juillet 2020

Page 1

‫املدير امل�س�ؤول ‪ :‬عبد احلق بخات‬

‫امللف‬ ‫ال�شمـال‬

‫‪t‬‬

‫‪1‬‬

‫‪ xw‬العدد ‪1056‬‬

‫‪www. Achamal.ma‬‬

‫‪xw‬‬

‫ال�سبت ‪ 25‬يوليوز ‪2020‬‬ ‫‪Journal Achamal 2000‬‬

‫ـ رئي�س التحرير‪ :‬عبد الإله املوي�سي ـ الهاتف ‪ 05.39.94.30.08 :‬ـ الفاك�س ‪ 05.39.94.57.09 :‬ـ العدد ‪ 1056‬ـ الثمن ‪ 4‬دراهم ـ ال�سبت ‪ 5‬ذو احلجة ‪ 25 / 1441‬يوليوز ‪2020‬‬

‫الأمن املائي‬ ‫و�س�ؤال‬ ‫ال�سلم االجتماعي‬

‫مرا�سالت خا�صة بجريدة ال�شمال‬ ‫من فرن�سا بلجيكا وهولندا‬

‫يف ذكرى‬ ‫رحيـل‬ ‫محمد العربي امل�ساري‬ ‫ن�ساء رائدات من �شمال املغرب‬ ‫من الشمال‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬

‫ ‬

‫احلماية الذاتية‬

‫إعالم جهوي متقدم‬


‫ال�شمـال‬

‫‪t‬‬

‫‪2‬‬

‫‪ xw‬العدد ‪1056‬‬

‫‪www. Achamal.ma‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫الشمال‬ ‫من‬ ‫‪ ‬‬

‫‪xw‬‬

‫ال�سبت ‪ 25‬يوليوز ‪2020‬‬ ‫‪Journal Achamal 2000‬‬

‫قطرات مداد‬ ‫ُ‬

‫ ‬

‫‪ ‬‬

‫احلماية الذاتية‬ ‫• عبد اإلله المويسي‬

‫‪mouissijaridatchamal.2019@gmail.com‬‬

‫• محمد إمغران‬

‫ال�صحةالنف�سية‬ ‫ت�سائلنا يف ظل «كورونا»‬

‫دخلت بالدنا مرحلة ثانية من التعاطي مع جائحة كورونا‪.‬‬ ‫وهي المرحلة التي أعلن رئيس الحكومة ووزير الصحة عن أهم‬ ‫مقتضياتها وخطوطها العريضة من خالل الندوة الصحفية التي‬ ‫عقداها مؤخرا‪.‬‬ ‫ومعلوم أن المرحلة الجديدة عرفت تحريرا متقدما لقطاعات‬ ‫حيوية في الحياة العامة لبالدنا شملت الجانب االقتصادي‬ ‫واالجتماعي على وجه التحديد‪ ،‬إضافة إلى تخفيفات جزئية‬ ‫شملت الجانب الثقافي والسياحي‪ .‬وهو ما يعني منح الدينامية‬ ‫للحركة العمومية المغربية‪ .‬وما يعني أيضا احتماالت المواجهة‬ ‫الميدانية المباشرة مع وباء كورونا‪ ،‬بعدما كانت المواجهة معه‪،‬‬ ‫من قبل‪ ،‬عبر العزل والحجر الصحيين واالجتماعيين‪.‬‬ ‫الموضوعية تقتضي أن نعترف أن الدولة المغربية قامت‬ ‫بدورها الوطني كامال في المرحلة األولى‪ ،‬حيث كانت متشددة‬ ‫في فرض الحجر الصحي عبر المتابعة الصحية االحتياطية‪ ،‬وأحيانا‬ ‫عبر المتابعة القانونية للخارجين عن مقتضيات االلتزام بتعاليم‬ ‫الحجر وحالة الطوارئ‪ .‬بل إن الدولة من جانب آخر وفرت كل‬ ‫الضمانات الصحية للمواطنين من إجراء الفحوصات االستباقية‬ ‫إلى اإليواء ثم التطبيب والعناية الفائقة بالمصابين‪ .‬وخالل هذه‬ ‫المرحلة قدم المغرب نموذجا صحيا حاز تقديرا منقطع النظير‬ ‫من قبل دول العالم‪ ،‬ومن قبل المنظمات الصحية والمتابعين‬ ‫الحقوقيين‪.‬‬ ‫مع توالي أيام المرحلة الثانية من التعاطي مع الجائحة عرفت‬ ‫أرقام اإلصابات ببالدنا تصاعدا مقلقا‪ ،‬نتج عن ظهور بؤر صناعية‬ ‫وعائلية‪ .‬وهو ما أعاد طرح السؤال من جديد حول الكيفية‬ ‫األصوب في التعاطي مع الجائحة في تمظهرها الجديد‪ ،‬أي في‬ ‫التعاطي مع الجائحة من داخل استراتيجية رفع الحجر التدريجي‪.‬‬

‫ال�شمال‬ ‫يومية جهوية وطنية ت�صدر م� ً‬ ‫ؤقتا كل �أ�سبوع‬

‫املوقع الإلكرتوين ‪:‬‬ ‫‪www.achamal.com‬‬ ‫ت�صدر عن مطبعة جريدة طنجة‬

‫المدير المسؤول ‪:‬‬

‫عبد احلــق بخــات‬ ‫رئيس التحرير ‪:‬‬

‫طبعا ليس ممكنا المضي أكثر في إيقاف الحركية االقتصادية‬ ‫واالجتماعية‪ ،‬ألن ذلك من شأنه أن يصيب البلد بالشلل التام‪،‬‬ ‫أو بالسكتة القلبية في المجاالت التنموية والتدبيرية للحاجيات‬ ‫الوطنية‪ .‬وليس ممكنا تطبيق المزيد من تشديد التضييق‬ ‫على حيوية الممارسة العمومية‪ ،‬وعلى دأب الناس الطبيعي في‬ ‫استئناف مصالحهم‪.‬‬ ‫أمام هذا الوضع الحرج يقتضي األمر أن ننتقل إلى مرحلة‬ ‫أنضج وأعقل في التعاطي مع الجائحة‪ ،‬وهي المرحلة التي ينبغي‬ ‫أن تتسم بحصول الوعي الذاتي لدى المغاربة بأن عليهم أن‬ ‫يحموا أنفسهم بأنفسهم هذه المرة‪.‬‬ ‫وليس معنى هذا دعوة صريحة أو مبطنة إلى تنصل الدولة‬ ‫من مسؤولياتها الصحية تجاه حماية بلدنا‪ ،‬وإنما هو دعوة‬ ‫للمغاربة إلى اقتسام المسؤولية مع دولتهم‪ ،‬عبر تشديد الرقابة‬ ‫الذاتية‪ ،‬وعبر اتخاذ استراتيجيات فردية في مواجهة الجائحة‪.‬‬ ‫كثير من الناس فهموا أن رفع الحجر التدريجي هو إعالن عن‬ ‫نهاية التهديد الذي يشكله هذا الفيروس الخطير‪ ،‬وبذلك عرفت‬ ‫العودة إلى الحياة خالل هذه المرحلة تراخيا ملحوظا من قبل‬ ‫األفراد في اتقاء الشرور الموثوقة التي يعد بها الفيروس‪.‬‬ ‫نحن مع العودة للحياة‪ .‬نحن مع عودة االقتصاد إلى ديناميته‪.‬‬ ‫لكننا‪ ،‬قبل هذا وبعده‪ ،‬مع التحلي بالوعي الذاتي الكامل في‬ ‫حماية أنفسنا‪.‬‬ ‫ال أظن أن أحدا اليوم يجهل المقتضيات االحترازية الضرورية‬ ‫التي يتطلبها األمر لتفادي اإلصابة بالعدوى‪ .‬وال أظن أن أحدا‬ ‫يجهل عواقب التراخي معها‪.‬‬ ‫إذن لنجعل شعار «الحماية الذاتية» عنوان المرحلة الثانية‬ ‫من تعاطينا مع الجائحة‪.‬‬ ‫هيئة التحرير ‪:‬‬

‫اإلدارة واإلشهار والعالقات العامة ‪:‬‬

‫عبد اللطيف �شهبون‬

‫محمد طارق بخات‬

‫زبيـدة الورياغلـي‬

‫التصفيف واإلخراج ‪:‬‬

‫عبد الإلـه املـوي�سـي‬

‫�أ�سامـة الزكــاري‬

‫سكرتارية التحرير ‪:‬‬

‫ر�ضوان احدادو‬

‫محمد �إمغران‬ ‫م�صطفى ال�سباعي‬

‫هـدى املجـاطـي‬ ‫عبد احلـي مفتـاح‬

‫ح�سن �أزام‬

‫«جريـدة ال�شمـال»‬ ‫عنوان التحرير والمراسالت والتسويق واإلشهار ‪:‬‬

‫‪ 7‬مكـرر‪ ،‬زنقة عمـر بـن عبد العزيز ـ طنجــة‬

‫ونحن في ظل جائحة «كورونا» يجدربنا الحديث‬ ‫حول الصحة النفسية التي سيحتفل العالم بيومها‬ ‫على بعد شهر ونصف‪ ،‬تقريبا‪ ،‬من اآلن‪...‬هذه الصحة‬ ‫النفسية التي الزالت في تراجع من حيث العناية‬ ‫واالهتمام بها في بلداننا العربية‪ ،‬بل هي تكاد تكون‬ ‫انتقاصا من شخصية األفراد والجماعات إن هم ركزوا‬ ‫عليها وتداولوها بينهم ونصحوا بعضهم البعض‬ ‫باالهتمام بها واللجوء إليها‪ ،‬بينما هي لها نتائج جد‬ ‫إيجابية على سلوك األشخاص وتصرفهم واندماجهم‬ ‫في المجتمعات‪ ،‬كما هو الشأن بالنسبة للغرب الذي‬ ‫يركز كثيرا على الصحة النفسية كما يعمل ويجتهد‬ ‫من أجلها‪ ،‬بتوفيرمعدات ولوازم ومخططات وبرامج‬ ‫لها‪ ،‬كما يهتم بها انطالقا من المدارس التعليمية‬ ‫وفي المؤسسات المنتخبة واإلدارات المختلفة‪.‬‬ ‫أما عندنا‪ ،‬فاألمرالزال بعيد المنال‪ ،‬ألن العالج‬ ‫النفسي «حشومة وعيب» مع أنه يعد السبب الرئيس‬ ‫لكثيرمن المشاكل والمعوقات التي تحول دون تحقيق‬ ‫الفرد لتوازنه النفسي والبدني والتعليمي والعملي‪،‬‬ ‫بشكل الئق وملموس‪ ،‬تظهر معه نتائج إيجابية كرضا‬ ‫الفرد على نفسه وعلى ذاته ورضا محيطه عليه‪ .‬بعض‬ ‫األخصائيين النفسانيين يشيرون إلى أن كل شخص‪،‬‬ ‫مهما بدا طبيعيا قد يكون مريضا نفسيا‪ ،‬بنسبة‬ ‫معينة دون أن يشعر‪ ،‬إذ تتفاوت النسب من شخص‬ ‫إلى آخر‪ ،‬حسب بيئته وظروفه ونمط ترعرعه وتكوينه‪.‬‬ ‫لذا البأس أن يقلص الفرد من نسبة إصابته النفسية‪،‬‬ ‫سواء باجتهاده وبحثه الذاتي‪ ،‬إن كان متعلما‪ ،‬أوبلجوئه‬ ‫إلى العيادات واألخصائيين النفسانيين الذين أصبحوا‬ ‫ضروريين جدا‪ ،‬أكثرمن أي وقت مضى‪ ،‬في ظل الوباء‬ ‫الحالي وتأثيراته على العديد من أفراد المجتمع‪.‬‬ ‫قد يقول قائل أن ديننا الحنيف الذي هواإلسالم‬ ‫لم يترك شيئا إال وخاض فيه وشرح الصعب والغامض‬ ‫والمحيرفي أمور حياة االنسان‪ ،‬وهذا فعال صحيح‪،‬‬ ‫الغبارعليه‪.‬لكن ما بالكم أن هذا اإلنسان‪ ،‬الطاهر‪،‬‬ ‫المؤمن‪ ،‬المصلي‪ ،‬المتصدق‪ ،‬الذاكرهلل فجرا والناس‬ ‫نيام‪ ،‬والذي يجد نفسه منجذبا إلى كل ما هو روحاني‪،‬‬ ‫قد يحتاج إلى اختبارأو عالج نفسي ؟ ببساطة‪ ،‬ألن‬ ‫الروح شيء والنفس شيء مختلف تماما‪.‬‬ ‫وما بالكم أيضا أن طبيبا نفسانيا من محيط‬ ‫كاتب هذا المقال قدم خدمات عالجية للمرضى‪،‬‬ ‫بصدق وتفان‪ ،‬لم يشعر إال وهويمتثل للرقية الشرعية‬ ‫المثالية وعالم «الروحانيات» الذي كان يفتقد لفوائده‬ ‫الكثيرة ومزاياه العظيمة ؟ والجميل في هذا الطبيب‪،‬‬ ‫رغم مكانته المهنية والعلمية‪ ،‬هو أنه متواضع وواع‬ ‫ومثقف جدا‪ ،‬ورغم هذا لم يخف أمره ولم يتردد في‬ ‫طرق أبواب هذا النوع من العالج‪ ،‬المثير للجدل‪ ،‬خاصة‬ ‫في صفوف «المكلخين» الجاهلين لعلم وسرهذا النوع‬ ‫من العالج‪.‬‬ ‫والحق أقول‪ ،‬وبالنظرإلى أهمية الصحة النفسية‪،‬‬ ‫حبذا لوطبق العالج اإلجباري في إطارالصحة النفسية‬ ‫ببالدنا‪ ،‬ليشمل على وجه الخصوص األشخاص‬ ‫الذين يتحملون‪ ،‬أوال‪ ،‬مسؤوليات باإلدارات والمراكز‬ ‫والمؤسسات المختلفة‪ ،‬لما لها من تداعيات على‬ ‫كل ما هو تربوي واجتماعي واقتصادي وسياسي‪،‬‬ ‫كالمدارس والشركات والمعامل والمصانع والمجالس‬ ‫المنتخبة‪ ،‬بما فيه مجلس الحكومة‪ ،‬ألنه معني جدا‬ ‫بمصيروحياة أكثر من ‪ 35‬مليون مغربي‪.‬‬

‫الهاتــف ‪:‬‬

‫‪05.39.94.30.08‬‬ ‫‪06.22.45.30.67‬‬

‫الفاكــ�س ‪:‬‬

‫‪05.39.94.57.09‬‬

‫الربيد الإلكرتوين ‪:‬‬

‫‪info@achamal.com‬‬ ‫‪achamal2000 @gmail.com‬‬

‫سحب من هذا العدد ‪:‬‬

‫‪� 10‬آالف ن�سخــة‬ ‫التوزيع‪:‬‬

‫�سبـريــ�س ‪Sapress‬‬

‫الإيداع القانوين‪99/10 :‬‬ ‫ر‪.‬د‪.‬م‪.‬ك‪:‬‬

‫‪I.S.S.N : 1114-1832‬‬


‫ال�شمـال‬

‫درد‬ ‫شة‬

‫م�صطفى حجاج‬

‫‪t‬‬

‫‪3‬‬

‫‪ xw‬العدد ‪1056‬‬

‫دردشة‬ ‫تنفرد الزوايا الكتانية بموسم سنوي‪ ،‬يُحْيي فيه الفقراء الكتانيون بربوع المملكة‪،‬‬ ‫ذكرى دخول مؤسس الطريقة الكتانية‪ ،‬الشيخ سيدي محمد بن عبد الكبير الكتاني إلى‬ ‫الكعبة المكرمة‪ ،‬وتَشرُّفِه بمشاركة نخبة من العلماء والشرفاء في غسلها‪ ،‬وذلك يوم‬ ‫السادس والعشرين من ذي القعدة سنة ‪ 1321‬هجرية‪.‬‬ ‫ومنذ هذا التاريخ‪ ،‬والطريقة الكتانية تحتفل بهذا الموسم الذي أوصى الشيخ المؤسس‬ ‫بإقامته ضحى يوم السادس والعشرين من ذي القعدة من كل سنة‪.‬‬ ‫والزاوية الكتانية بتطوان‪ ،‬اعتادت أن تقيم هذه السُّنّة الحميدة‪ ،‬على الطريقة‬ ‫المتبّعَة‪ ،‬حيث تُستهل الفقرة األولى من الحفل بصالة ركعتين‪ :‬األولى بفاتحة الكتاب‪،‬‬ ‫وآية الكرسي عشْر مرات‪ ،‬والثانية بالفاتحة وسورة اإلخالص عشْر مرات‪.‬‬ ‫ثم يشرع الفقراء ‪ -‬بكيفية جماعية ‪ -‬في قراءة األذكار التي رددها الشيخ المؤسس‬ ‫رضي اهلل عنه داخل الكعبة من استغفار‪ ،‬وتسبيح‪ ،‬وحمدلة‪ ،‬و هيللة‪ ،‬وحوقلة‪ ،‬وصالة على‬ ‫النبي‪ ،‬وتردید یا رؤوف ‪ 287‬مرة‪ ،‬وذلك في مدة زمنية قدرها ساعتان وخمس وأربعون‬ ‫دقيقة‪.‬‬ ‫أما الفقرة الثانية فتشتمل على قراءة سورة يس‪ ،‬و ِنصاب من الهمزية‪ ،‬والدعاء‬ ‫الناصري‪ .‬وقد يُستبدَل ِنصاب الهمزية بالبردة‪ ،‬والدعاء الناصري بالمنفرجة‪.‬‬ ‫ويُختَتَم الحفل عادة بالدعاء ألمير المؤمنين‪ ،‬بالنصر والتمكين‪ ،‬والسداد والتوفيق‪،‬‬ ‫ولعامة المسلمين بالرقي والسؤدد‪ ،‬والعز والمجد‪ ،‬ولشيوخ الطريقة وفقرائها بالجزاء‬ ‫األوفى‪ ،‬والدرجات العلى‪.‬‬ ‫ثم توضع قصاع الكسكس والدجاج‪ ،‬في نهاية المطاف‪.‬‬ ‫إنه يومٌ من أيام اهلل‪ ،‬الذي تجتمع فيه طائفة من المؤمنين الصادقين على ذكر اهلل‬ ‫وشكره وحسن عبادته‪ ،‬فأنعمْ به وأك ِرمْ‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫جائحة كورونا وما صاحَبَها من إجراءات الحجر الصحي‪ ،‬قد حرمتْنا من‬ ‫وإذا كانتْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫االحتفاء بهذا اليوم‪ّ ،‬‬ ‫فإن األمرَ هلل من قبْل ومِن بَعْدُ‪.‬‬

‫كورونا‪ ..‬العيد‪ ..‬واملوجة الثانية‪!! ..‬‬ ‫‬‫عادت التخوفات من جديد إثر االنفراج الذي أعقب فترة الحجر الصحي‪،‬‬ ‫وهي تخوفات نابعة من أرقام تفشي الوباء وارتفاع في عدد الوفيات والحاالت‬ ‫الحرجة التي تتفاوت حسب الجهات‪ ،‬وفي خضم هذه التطورات تتقدم جهة‬ ‫طنجة تطوان الحسيمة إلى واجهة النقاش الصحي العمومي‪ ،‬ولم يبق األمر‬ ‫محصورا في وسائل اإلعالم والتواصل االجتماعي بل امتد الصهد إلى دواليب‬ ‫السلطات الصحية التي سارعت بالتحرك لتطويق األزمة حتى ال تخرج عن‬ ‫السيطرة‪ ،‬خصوصا وأن طنجة عاصمة الجهة هي المعنية بارتفاع األرقام أكثر‬ ‫من غيرها‪ ،‬وهي حاضرة لها مركز اقتصادي قوي على المستوى الوطني سواء‬ ‫من حيث اإلنتاج أواللوجستيك إلخ‪ ،‬وأي ضرر قد يمسها فإنه يمس في مقتل‬ ‫االقتصاد الوطني وصدى تحكم المغرب في الوباء‪.‬‬ ‫وتتعدد وجهات النظر وتختلف في أسباب وخلفيات بقاء مدينة طنجة على‬ ‫الخصوص مصنفة ضمن المنطقة الثانية‪ ،‬وتتناسل بالتالي تساؤالت حول‬ ‫استمرار جثوم الوباء على صدر‬ ‫ه��ذه الحاضرة؛ هل هوراجع إلى‬ ‫البؤر الصناعية أم العائلية أم إلى‬ ‫أحياء بعينها‪ ،‬والشعبية منها على‬ ‫الخصوص‪ ،...‬وخالفا لما تطالب به‬ ‫أصوات تعالت من أجل المزيد من‬ ‫تخفيف القيود عن طنجة مثل باقي‬ ‫مدن المغرب حتى يتنفس سكانها‬ ‫الصعداء‪ ،‬واألطفال على الخصوص‪،‬‬ ‫ويستنشقوا نسيم البحرين‬ ‫ويتحمموا بمائهما المنعش‪ ،‬تم‬ ‫استئناف تطبيق حجر صحي جزئي‬ ‫بها‪ ،‬هي أحياء بعينها اعتبرت في‬ ‫حكم البؤر اللعينة‪.‬‬ ‫‪kkk‬‬ ‫الفيروس ال زال موجودا ويتحرك ويتنقل‪ ،‬هذا ما تؤكد عليه وزارة الصحة‬ ‫في كل خرجاتها التواصلية واإلعالمية‪ ،‬وتخفيف الحجر الصحي التدريجي‬ ‫والتصاعدي ال يعني العودة إلى الحياة العادية ماقبل كورونا‪ ،‬وإنما التعايش‬ ‫مع الفيروس بحذر من خالل االلتزام باإلجراءات االحترازية والوقائية‪ ،‬وذلك‬ ‫لتحقيق التوازن بين إنعاش االقتصاد وإنعاش النفوس واألجساد لإلقبال على‬ ‫االستهالك دون التعرض للخطر‪ ،‬ودون السماح للفيروس بالتفشي من جديد‪،‬‬ ‫والعودة إلى الوراء وتطبيق اإلجراء الثقيل والصعب المتمثل في الحجر الصحي‪،‬‬ ‫جزئيا كان أوعاما‪.‬‬ ‫وعلى هدي هذه المنهجية المرنة التي تتبعها جل بلدان المعمور التي‬ ‫تعاني من هذا الوباء‪ ،‬تتقرر مراحل توسيع فتح مجاالت الحياة العامة والترخيص‬ ‫لألنشطة االقتصادية واالجتماعية‪ ،‬وحاليا وصلت بالدنا إلى المرحلة الثالثة من‬ ‫تخفيف الحجر الصحي‪ ،‬وهوما يعني السير قدما في عملية توسيع دائرة اإلباحة‬ ‫والترخيص وتضييق دائرة التقييد والمنع‪ ،‬خاصة في المنطقة األولى‪ ،‬لكن رغم‬ ‫ذلك وحسب استطالعات الرأي وأخبار من الوجهات السياحية وكذا من أسواق‬ ‫العيد فإن الرواج االقتصادي لم يستعد عافيته كاملة بل يعاني من فتور مرتبط‬ ‫بالظرف االستثنائي الذي له انعكاسات على النفوس القلقة المترددة والخائفة‬ ‫والجيوب على حد سواء‪.‬‬ ‫وفي صلب المعادالت الصعبة التي خلقتها ظرفية الوباء االستثنائية‪ ،‬تبرز‬ ‫أولوية تحريك عجلة القطاع السياحي كأكبر المتضررين من الجائحة إلنتشاله‬

‫عبدالحي مفتاح‬

‫من االنهيار‪ ،‬وكذا إتاحة الفرصة السنوية للكسابة لتسويق منتوجهم وإنقاذ‬ ‫قطاع تربية المواشي من خسارة محققة بسبب الجفاف الذي يضرب معظم‬ ‫مناطق المغرب الفالحية‪.‬‬ ‫وم��ع ذل��ك‪ ،‬فتقدير السلطات العمومية لحساسية العيد الدينية‬ ‫واالقتصادية‪ ،‬لم يمنعها من االلتفات إلى االعتبارات الصحية‪ ،‬بتقنين عملية‬ ‫الذبح لتخضع لشروط الصحة والسالمة‪ ،‬حيث إن طقوس األضحية وحماس‬ ‫اللحظة التضامني قد ينتج عنه اختالط غير مضمون العواقب‪ ،‬والكرة اآلن في‬ ‫ملعب األسر وسنرى إن كانت ستحيذ عن عاداتها الراسخة امتثاال للمصلحة‬ ‫العامة أم ستتغلب العادة على الهاجس الصحي الجماعي؟‪.‬‬ ‫وارتباطا بمسألة العيد‪ ،‬وبعيدا عن الهاجس الصحي‪ ،‬يناقش في الفضاء‬ ‫العام كذلك الجانب المرتبط بالقدرة الشرائية وشراء األضحية‪ ،‬وتتباين فيه‬ ‫اآلراء بين محبذ للتعامل بمرونة مع‬ ‫األضحية كسنة مؤكدة‪ ،‬وداع إلى إلغاء‬ ‫طقس األضحية هذه السنة واألخذ‬ ‫بعين االعتبار األزمة التي تعاني منها‬ ‫فئات واسعة من المجتمع‪ ،‬وداع إلى‬ ‫التشبث بإحياء هذه المناسبة ألنها‬ ‫تشكل متنفسا اقتصاديا وسوقا يعرف‬ ‫رواجا ال تقدر آثاره بثمن‪ ،‬خاصة في‬ ‫هذا الظرف االستثنائي الذي يعرف‬ ‫فيه االقتصاد انكماشا‪.‬‬ ‫‪kkk‬‬ ‫الموجة الثانية قادمة‪ ،‬الطبول‬ ‫تقرع محذرة من االعتقاد بأننا تركنا‬ ‫الوباء وراءن��ا‪ ،‬معظم علماء األوبئة‬ ‫والفيروسات واألمراض المعدية يذهبون مذهبا أن الفيروس ومرض كوفيد ‪19‬‬ ‫الناتج عنه؛ رغم معرفة الكثير عنهما يبقيان غريبان إلى حد ما كما يبقى تطور‬ ‫الفيروس في حكم المجهول‪ ،‬ثم إن أمل تميز الفيروس بالموسمية وأفوله مع‬ ‫حرارة فصل الصيف انقشع‪.‬‬ ‫لذلك فالضباب يلف كل لحظة من اللحظات التي نعيشها حاليا‪ ،‬فكثير‬ ‫من البلدان عادت إلى تطبيق الحجر الصحي على عدة مناطق بعد أسابيع‬ ‫من الخروج منه‪ ،‬ولم تستطع الدعوات التحسيسية كبح جماح األهواء التي مع‬ ‫فتح الحدود والسماح بالتنقل بين البلدان والجهات واألقاليم والمدن ازدادت‬ ‫صوالتها وجوالتها وكأنها تعوض ما ضاع منها من حرية في أيام الحجر‬ ‫الصحي الرتيبة والكئيبة‪.‬‬ ‫وفي هذا السياق المضطرب‪ ،‬عادت من جديد مناقشة حدود السلطة‬ ‫والحرية‪ ،‬والمسؤولية الفردية والجماعية‪ ،‬والنزعة األنانية والتضامن‪ ،‬حيث‬ ‫تبين أن االعتماد على رجاحة عقل األشخاص كسياسة للتعايش مع الفيروس‬ ‫لحماية أنفسهم واآلخرين لم تؤت أكلها‪ ،‬مما حتم االنتقال إلى استعمال سلطة‬ ‫الدولة لفرض سلوكات تقلل من تفشي الوباء ومنع أخرى تساعد على تفشيه‪.‬‬ ‫واآلن من عالمات تأثير الوباء نرى أن موسم االصطياف يعرف ارتباكا‪،‬‬ ‫وربما العيد سيعرف ارتباكا‪ ،‬وإذا لم نغير سلوكنا في ظل استمرار الوباء سيعرف‬ ‫كذلك الدخول االجتماعي والمدرسي تغيرات ال أحد يتوقع ما هي‪ ،‬فمع كورونا‬ ‫كل األرض التي نتحرك فوقها هشة ومتزحزحة إلى إشعار آخر‪.‬‬ ‫وكل عيد وأنتم بألف خير‪.‬‬

‫‪www. Achamal.ma‬‬

‫‪xw‬‬

‫ال�سبت ‪ 25‬يوليوز ‪2020‬‬ ‫‪Journal Achamal 2000‬‬

‫فقد‬ ‫كملت‬ ‫أخالقه‬ ‫ومـآربه‬ ‫‪ l‬عبد اللطيف �شهبون‬

‫‪abdelchahboun@hotmail.com‬‬

‫فعلى ‪:‬‬ ‫الفاء ال عمل لهل مفيدة للتفريع‬ ‫مركوزتها ‪:‬‬ ‫ال��م��رك��وزة وس���ط ال���دائ���رة المعبر‬ ‫عنها بالنقطة؛ والنقطة ف��ي ال��دائ��رة‬ ‫تتساوىالمستقيمات الخارجية منها إلى‬ ‫المحيط ‪ ،‬وهي هنا استعارة مكنية؛ حيث‬ ‫شبه الناظم المرضي بقضاء اهلل بالدائرة‪،‬‬ ‫مقتصرا على المشبه؛ لجامع كون الدائرة‬ ‫حصنا لما اشتملت عليه‪ ،‬كما أن الرضا بقضاء‬ ‫اهلل حصن من االعتراض عليه؛ فأطلق العقل‬ ‫القوة النفسية الرادعة للنفس عن شهواتها‬ ‫واندفاعاتها‪ ..‬وفي إثبات المركوزة تخييل‪.‬‬ ‫فعج ‪:‬‬ ‫الفاء زائدة‬ ‫عج فعل أمر من عاج على الشيء ؛ مال‬ ‫وعطف‬ ‫وحاصل المعنى ‪:‬‬ ‫أن الناظم يؤكد ما أشار اليه سلفا ؛ وهو‬ ‫أن ‪:‬‬ ‫أرزاق الناس الحسية والمعنوية متفاوتة‪..‬‬ ‫الحكمة قاضية بانقالب أحوالهم من رخاء‬ ‫إلى شدة‬ ‫كما يحرص الناظم على الدعوة إلى‬ ‫التخلق بخلق الرضا لكونه ‪:‬‬ ‫ـ حقيقا وواجبا‪..‬‬ ‫ـ ثمرة عقلية‪..‬‬ ‫ـ مقاما من مقامات اليقين‪..‬‬ ‫رضيت بما قسم اهلل لــــــي‬ ‫وفوضت أمري إلى خالقـــــي‬ ‫كما أحسن اهلل فيما مضى‬ ‫كذلك يحســـن فيما بقـــــي‬ ‫والرضا بقضاء اهلل م��درج هداية يضع‬ ‫العبد في منازل تلون قلبه اهتياجا وشوقا‬ ‫ورجاء وخوفا وهيبة وأنسا‪..‬‬


‫‪4‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬

‫‪ xw‬العدد ‪1056‬‬

‫ ‬

‫‪t‬‬

‫ال�شمـال‬

‫ملف العدد‬

‫‪www. Achamal.ma‬‬

‫‪xw‬‬

‫ال�سبت ‪ 25‬يوليوز ‪2020‬‬ ‫‪Journal Achamal 2000‬‬

‫الأمن املائي ‪..‬‬ ‫و �س�ؤال‬ ‫ال�سلم االجتماعي‪.‬؟‬ ‫محمد البوشوكي‪..‬‬

‫دكتور في القانون العام‬ ‫أستاذ زائر بكلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية أكدال‬ ‫‪ -‬جامعة محمد الخامس‪-‬الرباط‬

‫يمكن تعريف األمن المائي في األساس على أنه‬ ‫الحال الذي يكون فيه عند كل شخص فرصة أوقدرة‬ ‫على الحصول على مياه نظيفة ومأمونة بالقدر الكافي‬ ‫َّ‬ ‫يتمّكن من أن يعيش حياة ينعم‬ ‫وبالسعر المناسب حتى‬ ‫فيها بالصحة والكرامة والقدرة على اإلنتاج مع الحفاظ‬ ‫على النظم اإليكولوجية التي توّفر المياه وتعتمد عليها‬ ‫في الوقت نفسه‪ ،‬بينما يؤدي انقطاع سبل الحصول على‬ ‫المياه إلى تعرّض البشر لمخاطر كبيرة َّ‬ ‫تتعلق باألمن‬ ‫البشري أبرزها انتشار المرض وانقطاع سبل المعيشة‪.‬‬ ‫حيث تتفق هذه النظرة مع اإلعالن الذي أطلقته لجنة‬ ‫األمم المتحدة للحقوق االقتصادية واالجتماعية والثقافية‬ ‫والذي نصّ على أن «حق اإلنسان في المياه يجب أن‬ ‫يكفل للجميع إمكان الحصول على المياه بشكل كافٍ‬ ‫وآمن ومقبول وبسعر مناسب مع القدرة على الوصول إليها‬ ‫وذلك ألغراض االستخدام الشخصي والمنزلي‪.‬‬ ‫لكن مع مرور السنوات والتغيرات المناخية‪ ,‬أصبحت‬ ‫أزمة المياه تزيد من انتشار المظاهر الصارخة لعدم‬ ‫المساواة في فرص الحياة بين األمم الغنية والفقيرة‪ ,‬كما‬ ‫أنها تحدث تفاوتًا كبيرًا في مستويات الحياة بين مواطني‬ ‫البلد الواحد خصوصًا في البلدان النامية حيث األمن‬ ‫المائي في معظمها أصبح مخت ً‬ ‫ال أومفقودًا‪.‬‬ ‫عالقة بذلك‪ ,‬فالمغرب يعتبر من بين الدول التي تتسم‬ ‫بتباين كبير في توزيع مواردها المائية‪ ،‬مما حتم عليه‪،‬‬ ‫منذ ستينات القرن الماضي‪ ،‬نهج سياسة استباقية‪ ،‬بعيدة‬ ‫المدى في مجال الماء‪ ،‬ترتكز أساسا على إنشاء السدود‬ ‫من أجل تخزين المياه في السنوات الماطرة واستعمالها‬ ‫في أعوام الخصاص (النقص)‪ ،‬والتي أشرف عليها الملك‬ ‫الراحل الحسن الثاني‪ ,‬هذه السياسة‪ ،‬مكنت المغرب‪ ،‬من‬ ‫تشييد بنية تحتية مائية مهمة موزعة جغرافيا على جهات‬ ‫المملكة‪ ،‬والتوفر على رصيد مهم من المنشآت المائية‬ ‫يتمثل في ‪ 145‬سدا كبيرا و‪ 130‬سدا صغيرا في طور‬ ‫االستغالل‪ ،‬باإلضافة إلى ‪ 14‬سدا كبيرا و‪ 20‬سدا صغيرا في‬ ‫طور اإلنجاز‪ ،‬فضال عن آالف اآلبار الستخراج المياه الجوفية‪،‬‬ ‫وهو ما مكن من تحسين الولوج إلى الماء الصالح للشرب‬ ‫وتلبية الحاجيات المائية الصناعية والسياحية‪ ،‬وكذا تطوير‬ ‫الفالحة السقوية على نطاق واسع في ظل ظروف صعبة‬ ‫تتسم بعدم انتظام األمطار وتوالي فترات الجفاف‪.‬‬ ‫غير أن المنظومة المائية بالمغرب أصبحت تعيش‬ ‫مجموعة من اإلكراهات في اآلونة األخيرة‪ ،‬من أبرزها ندرة‬ ‫المياه‪ ،‬بسبب النمو الديموغرافي وعدم ترشيد استعمال‬ ‫الماء‪.‬‬ ‫وفي هذا السياق‪ ،‬أبرز المجلس االقتصادي واالجتماعي‬ ‫والبيئي الحاجة إلى التدخل بشكل عاجل لضمان األمن‬ ‫المائي في المغرب‪ ،‬مشيرا إلى أن خاصية ندرة الموارد‬ ‫المائية في المغرب التي ال يمكن التراجع عنها‪ ،‬ستزداد‬ ‫أكثر إذا لم تتخذ أي تدابير أوإذا كانت اإلصالحات المعلنة‬ ‫بطيئة التنفيذ‪.‬‬

‫وفي هذا الصدد‪ ،‬اقترح المجلس ثالثة أصناف كبرى من‬ ‫اإلجراءات‪ ،‬مستمدة من تقاريره وآرائه‪ ،‬بما في ذلك تدابير‬ ‫التحسيس العاجلة للعمل على سلوك المستعملين‪ ،‬والتي‬ ‫تتمثل في بلورة وتنفيذ استراتيجية تواصل تهدف إلى‬ ‫تحسيس جميع المستعملين باألهمية الحيوية العتماد‬ ‫سلوكيات بيئية مسؤولة اتجاه الماء‪ ،‬والتوقف عن سقي‬ ‫المساحات الخضراء العمومية والمنشآت الرياضية‬ ‫والحدائق الترفيهية بالماء الصالح للشرب‪ ،‬من خالل‬ ‫اللجوء المنهجي إلعادة استخدام المياه العادمة‪.‬‬ ‫وأضاف المصدر‪ ،‬أن األمر يتعلق‪ ‬أيضًا بالتدابير‬

‫�أبرز املجل�س االقت�صادي‬ ‫واالجتماعي والبيئي‬ ‫احلاجة �إلى التدخل ب�شكل‬ ‫عاجل ل�ضمان الأمن املائي‬ ‫يف املغرب‪ ،‬م�شريا �إلى �أن‬ ‫خا�صية ندرة املوارد املائية‬ ‫يف املغرب التي ال ميكن‬ ‫الرتاجع عنها‪� ،‬ستزداد �أكرث‬ ‫�إذا مل تتخذ �أي تدابري �أو�إذا‬ ‫كانت الإ�صالحات املعلنة‬ ‫بطيئة التنفيذ‪.‬‬ ‫المؤسساتية والتنظيمية‪ ‬كتنظيم مراجعة الحسابات‬ ‫واكتشاف التسريبات للرفع من مردودية إمدادات المياه‬ ‫وتوزيعها في المدن‪ ،‬حسب مستوى المعايير الدولية‪،‬‬ ‫وإعداد دراسة التأثير والفعالية المائية للمشاريع‬ ‫االستثمارية‪ ،‬خاصة في الفالحة والصناعة والسياحة‪،‬‬ ‫واعتماد‪ ‬التحكيم من قبل رئيس الحكومة في هذا المجال‪.‬‬

‫كما دعا المجلس إلى إجراء إصالح عميق للتسعيرة‬ ‫الوطنية والمحلية للماء وخدمات التطهير السائل‬ ‫ومعالجة مياه الصرف الصحي ونشر النتائج‪ ،‬ووضع مرجع‬ ‫وطني للمحاسبة المائية التي تعكس التكاليف الحقيقية‬ ‫للمياه في األحواض المائية التجميعية‪ ،‬تمكن من ضمان‬ ‫تضامن إقليمي واجتماعي من خالل تحسين توجيه الدعم‬ ‫العام للقطاع‪ ،‬وتحسين قدرات التمويل الذاتي في هذه‬ ‫المناطق‪.‬‬ ‫ويتعين أيضًا تفعيل هيئات التنسيق والتشاور على‬ ‫الصعيدين الوطني والمحلي من أجل جعل التحكيم‪ ،‬ليس‬ ‫ً‬ ‫مرتبطا بالنزاعات ولكن بشكل أساسي بالخيارات‬ ‫فقط‬ ‫التي يجب اتخاذها في ما يتعلق بمختلف المعايير القائمة‬ ‫على سياسة االستثمار والتنمية‪.‬‬ ‫المياه إذن‪ ,‬هي أهم مورد على اإلطالق بالنسبة‬ ‫إلى البشرية‪ ،‬فهي تقترن بجميع األنشطة االجتماعية‬ ‫واالقتصادية والبيئية التي يضطلع بها اإلنسان‪ .‬والمياه‬ ‫هي ركيزة الحياة على سطح األرض‪ ،‬ويمكن أن تكون‬ ‫عام ً‬ ‫ال يعزز أو يعرقل التقدم االجتماعي والتكنولوجي‪ ،‬كما‬ ‫يمكن أن تكون مصدراً للرفاه أوالبؤس‪ ،‬أوسبباً للتعاون‬ ‫أوالتنازع‪.‬‬ ‫فالحساسيَّة البالغة لألمن المائي تدفع حالياً إلى‬ ‫ربطه في عالقة عضويَّة مع السلم االجتماعي والتنميَّة‬ ‫االقتصاديَّة‪ ,‬وربما يبرر لنا الهلع العالمي بشأن الماء‬ ‫هوتقرير منظمة اليونسيف لـ‪ ،2017‬الذي يقول إن ‪11%‬‬ ‫من سكان العالم‪( ،‬أي ‪ 844‬مليون شخص)‪ ،‬لم يتمكنوا‬ ‫من الولوج إلى الماء في عام ‪ ،2015‬وإن ثلثي سكان‬ ‫العالم سيعيشون‪ ،‬وفق منظمة األمم المتحدة‪ ،‬في ظل‬ ‫وضعيَّة ضغط المياه في أفق ‪.2025‬‬ ‫لذلك فإن تحقيق األمن المائي أصبح أولوية قصوى‬ ‫بالنسبة للمغرب حاضرا ومستقبال‪,‬لما له من تداعيات‬ ‫على السلم االجتماعي والفوارق المجالية‪ ,‬هذا ما خلصت‬ ‫إليه « كذلك» القمة الدولية لمراكش أكتوبر ‪,2019‬‬ ‫حيث اعتبرت األمن المائي تحديا رئيسيا يؤثر على التنمية‬ ‫السوسيو‪-‬اقتصادية على الصعيد الدولي‪ :‬إذا تم النظر‬ ‫إلى هذا المفهوم بشكل أكثر حدة في المناطق القاحلة‪،‬‬ ‫فإن مناطق أخرى من العالم بدأت تشهد كذلك مشاكل‬ ‫ندرة المياه بسبب الزيادة الكبيرة في الطلب على المياه‬ ‫وارتفاع شدة وتواتر الظواهر المناخية المائية الناجمة عن‬ ‫التغير المناخي‪.‬‬ ‫فالمغرب ومع كل ما سبق من رهانات مناخية‪ ،‬مطالب‬ ‫بشكل فوري وجدي‪ ،‬بمواصلة الجهود لدعم الجهود‬ ‫التنموية سواء االجتماعية أواالقتصادية وذلك من خالل‬ ‫التزام جميع المتدخلين والفاعلين في المجال‪ ,‬لتبادل‬ ‫الخبرات وتوطيد التعاون الدولي بخصوص ترشيد‬ ‫استغالل المياه والحد من ظاهرة الندرة التي أصبحت‬ ‫ترهق أقوى الدول المتقدمة وما بالك الدول النامية‪..‬‬


‫‪5‬‬

‫‪t‬‬

‫ال�شمـال‬

‫‪www. Achamal.ma‬‬

‫ ‬

‫ملف العدد‬

‫‪Journal Achamal 2000‬‬

‫الأمن املائي‬ ‫�أو هذا اخلطـر‬ ‫القـادم‪!...‬‬ ‫‪...‬‬

‫محمد إمغران‬ ‫صحفي بجريدتي الشمال وطنجة‬ ‫الماء له أهمية قصوى‪ ،‬بل يعتبر أساسيا للحياة‪،‬‬ ‫إذ ليس بمقدور الكائنات الحية االستغناء عنه لفترة‬ ‫طويلة‪ .‬ذلك أن المياه المتوافرة لإلنسان ال تزيد عن‬ ‫‪ 0.3‬في المائة من المجموع الكلي‪ ،‬حيث نجد ‪-‬حسب ما‬ ‫هومتداول في البحوث العلمية العالمية‪ -‬أن هناك نسبة‬ ‫‪ 2‬في المائة هي خاصة بمياه عذبة‪ ،‬منها نسبة ‪ 1.7‬في‬ ‫المائة تهم مياها متجمدة في األقطاب أوبأعماق سطح‬ ‫األرض وليس بمقدور اإلنسان استغاللها‪.‬‬ ‫وعندما نتحدث عن األمن المائي‪ ،‬فإننا نعني الحديث‬ ‫عن كمية المياه الصالحة التي بإمكانها تلبية االحتياجات‬ ‫المختلفة‪ ،‬سواء على مستوى الكم أوالكيف‪ ،‬مع العمل‬ ‫على ضمان استمرار الكفاية من المياه دون اختالل‪ .‬طبعا‬ ‫ويمكن التوفق في هذا لوتم استخدام الموارد المتاحة‬ ‫من المياه وكذا تطوير األدوات واألساليب الخاصة بهذا‬ ‫االستخدام‪ ،‬باإلضافة إلى تنمية موارد المياه الموجودة‬ ‫حاليا‪ ،‬عالوة على البحث على موارد جديدة ‪ .‬وإذا قلنا‬ ‫األمن المائي كذلك‪ ،‬فهذا معناه األمن الغذائي‪ .‬فهما‬ ‫مرتبطان ارتباطا وطيدا‪ ،‬حيث أن كل نقص في‬ ‫المياه الصالحة لالستعمال لدى البشر‪ ،‬قد يتسبب‬ ‫في إلحاق الضرر باألمن الغذائي واألمن القومي‬ ‫للدولة‪ .‬هذا وعلى مر التاريخ‪ ،‬اهتم اإلنسان‬ ‫بموارد المياه وسعى من أجلها‪ ،‬منذ عهود غابرة‪،‬‬ ‫ألنه – بطبيعة الحال‪ -‬يحتاجها بل ويعتمد عليها‬ ‫في حياته واستمرارية عيشه‪ .‬ذلك أن المناطق‬ ‫التي كان يبحث عنها ويختارها لالستقرار فيها‪،‬‬ ‫بهدف بناء حضاراته‪ ،‬كان البد أن تتوفر فيها‬ ‫المياه‪ ،‬وبالتالي يقوم بتطوير األدوات والمعدات‬ ‫التي تمكنه من استعمالها بشكل الئق‪.‬‬ ‫ولتحقيق األمن المائي‪ ،‬هناك طرق للمحافظة‬ ‫على المياه‪:‬‬ ‫• التوعية بأهمية عدم تبذير المياه‪.‬‬ ‫• تشغيل أجهزة ومعدات خاصة بطرق ترشيد المياه‪،‬‬ ‫سواء بالمنازل أوبالمرافق العامة‪.‬‬ ‫• إرغ��ام بعض المباني الكبيرة على حفر اآلب��ار‬ ‫الستخدام مياهها في سقي الحدائق والمتنزهات وفي‬ ‫غسل وتنظيف األرض��ي��ات وال��ف��رش‪ ،‬مما يعمل على‬ ‫التخفيف من استهالك مياه الشرب في هذه المجاالت‪.‬‬ ‫• إعادة استعمال مياه الشرب في المجاالت الزراعية‬ ‫الكبيرة‪ ،‬من خالل القيام بوضع طبقة فاصلة على عمق‬ ‫معين تحت المزروعات‪ ،‬يمنع تسرب المياه ووصولها إلى‬ ‫باطن األرض‪ ،‬كي يتسنى تجميعها مرة أخرى‪ ،‬إلعادة‬ ‫استعمالها أوجزء منها ‪،‬باإلضافة إلى استخدام وسائل‬ ‫السقي الحديثة مثل السقي بالتنقيط‪.‬‬ ‫• إقامة المشاريع الكبرى التي تنبني على تحلية مياه‬ ‫البحر باستخدامها ألغراض الشرب أوألغراض الصناعة‬ ‫المختلفة‪.‬‬ ‫• إعادة تدوير مياه الصرف الصحي بهدف استغاللها‬ ‫في الصناعات التي تتطلب الكثير من المياه‪.‬‬ ‫• وضع الدراسات والخطط البديلة التي تفيد في‬

‫‪,,‬‬

‫المحافظة على مستوى المياه المتوافرة‪.‬‬ ‫• وض��ع القوانين الصارمة على األف���راد الذين‬ ‫يستهلكون المياه بشكل‪ ،‬غير مسؤول لردعهم وردع‬ ‫غيرهم من المخالفين‪.‬‬ ‫وحتى القرآن الكريم شدد على أهمية الحفاظ على‬ ‫الماء‪ ،‬كما أوصت السنة النبوية على صيانته‪ ،‬بعيدا عن‬ ‫تبذيره واستنزافه‪.‬‬ ‫وبالنسبة للمغرب‪ ،‬فقد اتخذ سياسة عمومية‬ ‫استطاعت تحقيق النجاح‪ ،‬بشكل واض��ح‪ ،‬من خالل‬ ‫استثمارات عمومية في سياسة السدود التي بدأ العمل‬

‫عالمي‪.‬فحسب تقرير عن منظمة األغدية والزراعة‪،‬‬ ‫التابعة لألمم المتحدة‪ ،‬يحمل عنوان «إدارة المياه في‬ ‫النظم الهشة»‪ ،‬تناول إشكالية ندرة المياه في شمال‬ ‫إفريقيا وارتباطها بإمكانية زعزعة االستقرار المجتمعي‬ ‫في السنوات المقبلة‪ ،‬إن لم يتم تدارك استفحال هذه‬ ‫الظاهرة‪.‬‬ ‫كما أشار خبراء منظمة «الفاو»‪ ،‬التابعة لهيئة األمم‬ ‫المتحدة‪ ،‬إلى أن ضعف إدارة المياه في المغرب يمكن أن‬ ‫يتحول إلى محرك أساسي في تفاقم التوترات االجتماعية‬ ‫خاصة مع تنامي الطلب والمتغيرات المناخية‪ ،‬حاثين‬ ‫على ضرورة اإلسراع في إيجاد حلول سريعة وعقالنية في‬ ‫تدبير الموارد المائية‪ ،‬ألن أي تجاهل مستقبلي سيكلف‬ ‫المغرب خسائر اقتصادية تقدر ب ‪ 6‬إلى ‪ 14‬في المائة‬ ‫من الناتج المحلي اإلجمالي‪ ،‬بحلول عام ‪.2050‬‬ ‫في تقرير صادر عام ‪ 2014‬من طرف البنك الدولي‬ ‫بعنوان «من أجل عالم خال من الفقر» ذكر أن المغرب‬ ‫يعاني من احتياطي محدود للموارد المائية وأن‬ ‫حجم المياه التي يمكن استغاللها ال تتجاوز ‪ 80‬في‬ ‫المئة من الموارد المائية المتوفرة حاليا‪ ،‬أما على‬ ‫مستوى الجودة‪ ،‬فهي متوسطة و‪ 4‬في المئة‬ ‫تعتبر جيدة‪.‬‬ ‫وخالصة القول أن نعمة الماء ليست هينة‪،‬‬ ‫فاالفتقاد إليها قد يؤدي باالنسان إلى متاهات‬ ‫وصراعات قد تعرف نهايات مأساوية‪ ،‬نظرا إلى‬ ‫قيمة هذه النعمة وانعكاسها على استقرارنفس‬ ‫وحياة اإلنسان‪.‬‬ ‫ويكفي أن م��ص��ادر إعالمية تتناول‪ ،‬بين‬ ‫الفينة واألخ��رى‪ ،‬أخبارا محزنة بسبب الماء‪ ،‬فقد‬ ‫أقدم خمسيني ينحدر من دوار آيت بنقصوآيت علي‬ ‫التابع للجماعة الترابية سيدي عالل ضواحي مدينة‬ ‫الخميسات‪ ،‬على إنهاء حياة جارته بواسطة سالح أبيض‬ ‫والتسبب بإصابات خطيرة لوالدتها وشقيقها‪.‬وحسب‬ ‫المصدر‪ ،‬فإن شجارا حول أحقية استغالل سقاية للمياه‬ ‫الصالحة للشرب أفضى إلى وقوع الجريمة التي راحت‬ ‫ضحيتها السيدة البالغة من العمر ‪ 55‬سنة‪ ،‬والتي فارقت‬ ‫الحياة متأثرة بجروحها البليغة‪ ،‬في حين تم نقل شقيقها‬ ‫ووالدتها إلى المستشفى اإلقليمي بالخميسات‪.‬‬ ‫كما أوردت مصادر إعالمية‪ ،‬مؤخرا‪ ،‬أن سكان دوار‬ ‫أوالد الدالي بقيادة الصهريج في إقليم قلعة السراغنة‪،‬‬ ‫قد اهتزواعلى وقع جريمة قتل بشعة‪ ،‬راح ضحيتها‪ ‬أب‬ ‫ألربعة أطفال‪ ،‬ويبلغ‪ ‬من العمر حوالي ‪ 46‬سنة‪.‬‬ ‫وحسب المصادر ذاتها‪ ،‬فإن خالفا بين شخصين‬ ‫تطور إلى جريمة قتل‪ ،‬وجه خالله أحدهما ضربة قاتلة‬ ‫إلى خصمه‪ ،‬الذي لقي مصرعه على الفور‪ ،‬بعد صراع‬ ‫حول األحقية في السقي‪.‬‬ ‫طبعا‪ ،‬ونورد هذه األخبارعلى سبيل المثال‪ ،‬وليس‬ ‫الحصر‪ ،‬في الوقت الذي التتوقف فيه الصراعات الدامية‬ ‫والمميتة بين البشر حول استغالل المياه‪ ،‬سواء بالمغرب‬ ‫أوبباقي دول العالم‪.‬‬

‫ويكفي �أن‬ ‫م�صادر �إعالمية تتناول‪،‬‬ ‫بني الفينة والأخرى‪� ،‬أخبارا‬ ‫محزنة ب�سبب املاء‪ ،‬فقد �أقدم‬ ‫خم�سيني ينحدر من دوار �آيت بنق�صو�آيت‬ ‫علي التابع للجماعة الرتابية �سيدي عالل‬ ‫�ضواحي مدينة اخلمي�سات‪ ،‬على �إنهاء‬ ‫حياة جارته بوا�سطة �سالح �أبي�ض‬ ‫والت�سبب ب�إ�صابات خطرية‬ ‫لوالدتها و�شقيقها‪.‬‬

‫‪,‬‬

‫‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬

‫‪ xw‬العدد ‪1056‬‬

‫‪xw‬‬

‫ال�سبت ‪ 25‬يوليوز ‪2020‬‬

‫بها‪ ،‬منذ ستينات القرن الماضي‪ ،‬كرؤية استراتيجية‬ ‫تضمن الحفاظ على هذا العنصرالحيوي واعتماده كأداة‪،‬‬ ‫من شأنها تحقيق التنمية الفالحية‪ ،‬بالتركيز على السقي‬ ‫وتوفير الماء الصالح للشرب‪.‬إال أنه أشارت العديد من‬ ‫التقارير الدولية إلى تزايد العجز المائي المغربي‪ ،‬بشكل‬ ‫مقلق‪ ،‬خالل السنوات األخيرة‪.‬ذلك أن المنظومة المائية‬ ‫لم تعد بمستطاعها سد الحاجيات على المستوى الوطني‪،‬‬ ‫بنسب متفاوتة‪ ،‬من منطقة إلى أخ��رى‪ ،‬والسيما فيما‬ ‫يتعلق بمنطقتي الجنوب والشرق‪.‬وكما هومعلوم‪ ،‬فرغم‬ ‫توفر المغرب على بنية تحتية مائية‪ ،‬ذات جودة‪ ،‬إال أنها‬ ‫التقدرأن تواكب التزايد العمراني واالقتصادي‪ ،‬فضال عن‬ ‫عامل التغيرات المناخية‪ ،‬المؤثرة بالسلب على الموارد‬ ‫المائية‪ ،‬بكل تجلياتها وأشكالها‪.‬كما تعتبر الوضعية‬ ‫المائية بالمغرب متوسطة إلى ضعيفة‪ ،‬حيث تصل إلى ‪4‬‬ ‫‪ 5،‬من مؤشرالموارد‪ ،‬مقابل ‪ 1،9‬كما هومتداول كمعدل‬


‫ال�شمـال‬

‫‪t‬‬

‫‪6‬‬

‫‪ xw‬العدد ‪1056‬‬

‫‪www. Achamal.ma‬‬

‫‪xw‬‬

‫ال�سبت ‪ 25‬يوليوز ‪2020‬‬ ‫‪Journal Achamal 2000‬‬

‫من أعالم طنجة ‪:‬‬ ‫الأ�ستاذة الدكتورة مربية الأجيال‬

‫زبيدة الورياغلي‬

‫(‪)1‬‬

‫تعتبر الدكتورة زبيدة الوياغلي من األسماء العلمية الوازنة التي لها صدى كبير في‬ ‫مدينة طنجة‪ ،‬باعتبارها أحد أبناء هذه المدينة البررة فهي عالمة وباحثة ممتازة صرفت‬ ‫حياتها كلها في التعليم وفي كل مراحله االبتدائي إلى الجامعي‪ ،‬وقد حصلت على أعلى‬ ‫الشواهد الجامعية‪ ،‬وبموازاة ذلك عملت في أكثر من جمعة نسائية‪ « :‬فكانت‬ ‫فاعليتها في ميدان التعليم‪ ،‬وكانت فاعليتها أكثر في اإلشراف أو المشاركة‬ ‫في بعض الجمعيات الرياضية واإلنسانية والمجتمع المدني ببيئة طنجة‬ ‫ومجتمعها‪ ،‬قد جعلت هذه السيدة تكبر في عين من يرصد أنشطة‬ ‫الفاعلين والمتفوقين في أعمالهم التربوية واإلنسانية»(‪.)2‬‬ ‫ولدت األستاذة الدكتورة زبيدة الورياغلي بمدينة طنجة بحي‬ ‫ليون اإلفريقي سابقا والحسن بن الوزان حاليا الذي كانت تسكنه‬ ‫عائالت أجنبية أغلبها إسبانية وفرنسية وبعضها يهودية‪ ،‬ومغاربة‬ ‫يتعايشون في سالم ووئام واحترام متبادل‪.‬‬ ‫وقد نشأت السيدة زبيدة الورياغلي في مهد بيت صالح‪ ،‬بيت‬ ‫يرى الخالل الكريمة من أوكد سالئل األخالق التي لم تعصف‬ ‫تلك المجالي المعاصرة بأعرافه‪ ،‬وال بعاداته‪ ،‬وال بسماته‬ ‫الدينية ألن تقاليده عريقة‪ ،‬وقيوده الزمة ال تطيق بطبعها‬ ‫هشاشة األخ�لاق‪ .‬فقد كان والدها رحمه اهلل من مالزمي‬ ‫الزاوية الكتانية بالمحج الكبير‪ .‬فحرص على تنشئتها تنشئة‬ ‫دينية خالصة‪ ،‬فألحقها حين بلغت الرابعة من عمرها بكتاب‬ ‫الحي لحفظ القرآن وإتقان الرسم والكتابة‪ ،‬وظلت به لمدة‬ ‫سنتين تعلمت خاللها الكتابة والقراءة وحفظ قصار السور‬ ‫من القرآن‪ .‬وحين بلغت سن السادسة ولجت مدرسة معهد‬ ‫موالي المهدي الحرة بطنجة‪ ،‬حصلت فيها بعد الدراسة‬ ‫لخمس سنوات على الشهادة االبتدائية‪.‬وقد درست في‬ ‫هذه المدرسة على نخبة من األساتذة الوطنيين‬ ‫الذين ساهموا في خلق حركة علمية وتعليمية‬ ‫بمدينة طنجة ‪ ،‬وتكوين مجموعة من الطلبة‬ ‫الذين سيكون لهم الدور البارز في تحرير البالد‬ ‫وطرد المستعمر منه‪ ،‬ومن بين هؤالء األساتذة‬ ‫‪:‬محمد المهدي الزيدي‪ ،‬وعبد اللطيف بوحساين‪،‬‬ ‫والتهامي الفلوس وغيرهم‪.‬‬ ‫تابعت الطالبة زبيدة الورياغلي دراستها‬ ‫بثانوية محمد الخامس سنة ‪1956‬م‪ ،‬نالت بعد‬ ‫الدراسة فيها ألربعة أعوام شهادة الباكالوريا‪.‬‬ ‫ولرغبتها القوية في متابعة دراستها التحقت‬ ‫بدار الحديث الحسنية وتابعت فيها الدراسة لمدة سنتين لكنها غادرتها ألسباب خاصة‪،‬‬ ‫لتخوض غمار التدريس بعدما درست بمركز تكوين المعلمات بالدار البيضاء سنة‬ ‫‪1962/1961‬م ‪ ،‬فعملت لمدة ثمانية وثالثون عاما أستاذة للغة العربية بمختلف مدارس‬ ‫طنجة من بينها مدرسة أم أيمن‪ ،‬وإعدادية ابن بطوطة وثانوية ابن الخطيب‪ .‬قبل أن‬ ‫تمارس الشؤون اإلدارية ‪ ،‬كما مارست العمل اإلداري التربوي بمجموعة من المدارس مثل‬ ‫مديرة بمدرسة عبد الرحمان أنكاي من ‪1971‬إلى ‪1982‬م‪.‬‬ ‫وجاءت مرحلة في طنجة تحرك أثناءها كثير من العاملين في قطاعات التعليم باالندفاع‬ ‫في القراءة وتحضير الشواهد‪ ،‬وكانت في المقدمة األستاذة الورياغلي‪ ،‬فرغم ممارستها‬

‫إعداد‪ :‬عدنان الوهابي‬

‫للتدريس لم تنس تعميق مداركها العلمية‪ ،‬وتنمية مداركها المعرفية‪ ،‬فقطعت المراحل‬ ‫بإصرار ونجاح فالتحقت بكلية أصول الدين حيث نالت شهادة اإلجازة العليا في أصول‬ ‫الدين سنة ‪1980‬م‪ ،‬لتسافر إلى الرباط لكلية اآلداب والعلوم اإلنسانية ‪ ،‬جامعة محمد‬ ‫الخامس‪ ،‬الستكمال دراستها العليا فحصلت على شهادة استكمال الدروس‬ ‫تخصص الدراسات اإلسالمية سنة ‪1992‬م‪ ،‬لتحصل بعد ذلك على دبلوم‬ ‫الدراسات العليا في اآلداب تخصص الدراسات اإلسالمية‪ ،‬جامعة عبد‬ ‫المالك السعدي بتطوان سنة ‪1998‬م‪ ،‬وليتطور هذا العمل ليصبح‬ ‫مادة تحضير الدكتوراه بإشراف الدكتور عبد اهلل المرابط‬ ‫الترغي رحمه اهلل تعالى‪ ،‬وكان الموضوع يتعلق بدراسة‬ ‫وتحقيق النصف األول من تفسير أبي العباس أحمد بن‬ ‫عجيبة المسمى بالبحر المديد‪ .‬واستطاعت في ظروف‬ ‫صعبة ثابرت فيها على القراءة والعمل ومتابعة المصادر‬ ‫والمراجع أن تنجز عملها‪ ،‬لتحصل على شهادة الدكتوراه‬ ‫في اآلداب تخصص ال��دراس��ات اإلسالمية‪ ،‬م��ادة‪:‬‬ ‫العلوم الشرعية‪ ،‬سنة ‪2003‬م جامعة عبد المالك‬ ‫السعدي تطوان‪ .‬ونالت ببحثها هذا إعجاب وتقدير‬ ‫أساتذتها‪ ،‬وك��ان حصادها في العمل المضني‬ ‫أنها‪« :‬أقدمت على «البحر» وسبحت فيه‪ ،‬ومضت‬ ‫في مساربه بثبات وج�لادة دون أن تلجمها‬ ‫روعة المخطوط أو يكبتها جالل محتواه‪ ،‬وهو‬ ‫السيل المنهمر في مسارح الفكري الصوفي‬ ‫الباطني‪ ...‬ولقد محصت دراستها المحكمة‬ ‫«للبحر» كفاءتها وحذقها وحذفها‪ ،‬وحسر‬ ‫تحقيقها المكين له أهليتها ألنها أبدت فيه‬ ‫رفاهة إدراكها لمفهوم اإلشارات الصوفية‪،‬‬ ‫وجمال |أنماطها مواجيد وتأمالت»(‪.)3‬‬ ‫إن حضور الدكتورة زبيدة الورياغلي‬ ‫ف��ي م��ي��دان العمل التطوعي الخيري‬ ‫ونضالها في جبهات العمل االجتماعي هو‬ ‫صورة من حضورها الوضاء في محاريب‬ ‫العلم‪ ،‬باحثة وأك��ادي��م��ي��ة مهمومة‬ ‫بمشكالت وطنها في كل المجاالت‪،‬‬ ‫فكتبت األبحاث والمقاالت التي تلقفتها‬ ‫صحف طنجة المحلية‪ ،‬فكانت تكتب في‬ ‫العديد من المواضيع وبخاصة مواضيع‬ ‫الشخصيات النسائية في مدينة طنجة‪.‬‬ ‫فتنتج أعماال مهمة تعرف فيها بنساء طنجة الرائدات بها في ميدان التعليم واألعمال‬ ‫الجمعوية واالجتماعية‪.‬‬ ‫‪----‬‬

‫(‪ - )1‬تنظر ترجمتها في‪ :‬سلسلة علماء في ضيافة المجلس العلمي‪ :‬المجلد الثالث ‪ 2015-‬منشورات المجلس العلمي‬ ‫المحلي بطنجة‪1436/2015 :‬م‪ .‬في ضيافة كاتب‪ :‬إعداد عمر قرباش منشور في حلقتين بجريدة طنجة العددين ‪4073‬‬ ‫السبت ‪ 28‬شتنبر ‪ 2019‬و العدد ‪ 4070‬السبت ‪ 5‬أكتوبر ‪2019‬‬ ‫(‪ - )2‬الدكتور عبد اهلل المرابط الترغي رحمه اهلل‪ :‬قراءة في كتاب (تراجم نساء طنجة الرائدات) من تأليف الدكتورة‬ ‫زبيدة الورياغلي‪ --‬سلسلة علماء في ضيافة المجلس العلمي‪ :‬المجلد الثالث ‪ 2015-‬ص ‪ 193-‬منشورات المجلس العلمي‬ ‫المحلي بطنجة‪1436/2015 :‬م ‪.‬‬ ‫(‪ - )3‬األستاذ محمد التمسماني‪ -‬الدكتورة زبيدة الورياغلي « مشعل في ركب الرائدات» ‪ --‬سلسلة علماء في ضيافة‬ ‫المجلس العلمي‪ :‬المجلد الثالث ‪ 2015-‬ص ‪ 207-‬منشورات المجلس العلمي المحلي بطنجة‪1436/2015 :‬م ‪.‬‬

‫�أحمد الإدري�سي البوزيدي يف ذمة اهلل‬ ‫انتقل إلى عفو اهلل السيد الفاضل‬

‫�أحمد الإدري�سي البوزيدي‬

‫والد أخينا األستاذ الدكتور عبد الرحيم اإلدريسي البوزيدي‬

‫وبهذه المناسبة األليمة تتقدم هيئة تحرير جريدتي الشمال وطنجة وجمعية أعمدة وفرع رابطة كاتبات المغرب بطنجة ووحدة‬ ‫الدكتوراه النص األدبي العربي القديم بكلية األدب بتطوان إلى أخينا العزيز سيدي عبد الرحيم وإلى أخواته وإخوانه وكل أفراد عائلته‬ ‫الكريمة بأحر التعازي سائلين اهلل سبحانه وتعالى أن يتغمده برحمته ويثيبه على حسن أعماله‪.‬‬

‫إنا هلل وإنا إليه راجعون‬


‫ال�شمـال‬

‫‪t‬‬

‫‪7‬‬

‫‪ xw‬العدد ‪1056‬‬

‫ن�ساء يف ّ‬ ‫الذاكرة‬

‫‪www. Achamal.ma‬‬

‫‪xw‬‬

‫ال�سبت ‪ 25‬يوليوز ‪2020‬‬ ‫‪Journal Achamal 2000‬‬

‫�آمنـة اللـوه‬

‫الثقافة هي ال ّذاكرة الجمعية لكل الشعوب‪،‬‬ ‫هي أساس هويّتها واُنتمائها وتميّزها‪،‬‬ ‫هي قاطرتها نحو التّنمية المستدامة في كل‬ ‫مجاالت الحياة ؛ وإذا اُمتطت المرأة هذه القاطرة‬ ‫َك َذاتٍ مشاركة في إنتاج األدب والثقافة فإنّها‬ ‫قطعا ستكون ذاكرة قويّة ؛ بعدما كان‬ ‫حضورها في التاريخ الثقافي العربي‬ ‫ً‬ ‫ضعيفا‪ ،‬أل ّن هذا التّاريخ ذكوري‬ ‫والمغربي‬ ‫باألساس‪ ،‬بالرّغم من أنّه ال ينفي وجودها‬ ‫كشاعرة‪ ،‬من مثيالت الخنساء وو ّ‬ ‫الدة وليلى‬ ‫األخيلية وغيرهنّ‪.‬‬ ‫تسجّل ذاكرتي وذاكرة المغربيات جميعهنّ من‬ ‫األوساط الثقافية‪ ،‬ذكرى رحيل أيقونة من أيقونات‬ ‫األدب المغربي المعاصر‪ ،‬التي وافتها المنيّة يوم ‪18‬‬ ‫يوليوز ‪ 2015‬بعد رحلة من العطاء دامت أكثر من‬ ‫ستين سنة‪« .‬آمنة ال ّلوه» اسم يُكتب بماء ّ‬ ‫الذهب‪،‬‬ ‫هي من الرّعيل األوّل الذي لبّى نداء العِلم والوطن‬ ‫رغ��م سطوة العقليّة ال� ّ‬ ‫�ذك��وريّ��ة آن��ذاك وشيوع‬ ‫المساعي الرّجعيّة التي تسعى لعرقلة مسيرتها‬ ‫مؤمنة أشدّ اإليمان ّ‬ ‫بأن المرأة لها دور طبيعي‪:‬‬ ‫هو ال��زواج واإلنجاب ومالزمة البيت‪ ،‬أمّ��ا دورها‬ ‫في التّنميّة فلم ينادِ به إلاّ الملك الرّاحل محمد‬ ‫الخامس‪ ،‬قال عند نزوله من ّ‬ ‫الطائرة بعد رجوعه‬ ‫من المنفى يوم ‪16‬نونبر ‪ 1955‬قولته المشهورة‪:‬‬ ‫«خرجنا من الجهاد األصغر للجهاد األكبر» وكان‬ ‫يقصد رحمه اهلل بالجهاد األصغر طرد المستعمر‬ ‫الفرنسي وتحقيق اإلستقالل‪ ،‬وبالجهاد األكبر بناء‬ ‫الدولة المغربية الحديثة على أسس متينة في‬ ‫إطار ملكيّة دستوريّة ديمقراطيّة اُقتصاديّة‬ ‫واجتماعيّة وثقافيّة‪ .‬ولم يكن لهذا البناء‬ ‫أن يستقيم لوال اُندماج المرأة المغربية‬ ‫كشريك أساسي في التغيير ؛ وتجدر‬ ‫أن ّ‬ ‫اإلشارة هنا إلى ّ‬ ‫كل الدّول العربية‬ ‫التي كانت تهمّش دور المرأة‪ ،‬قد‬ ‫انتبهت ف��ي العقود األخ��ي��رة إلى‬ ‫أهمية إشراكها في عملية التنمية‬ ‫لبناء مجتمع حداثي ديمقراطي‪.‬‬ ‫انخرطت أمينة ال ّلوه في مجال‬ ‫األدب والتّربية والبحث العلمي‬ ‫كمث ّقفة وازنة‪ ،‬ولم تأبه للعادات‬ ‫والتقاليد العقيمة التي ُف ِرضت‬ ‫على المرأة آن��ذاك‪ّ ،‬‬ ‫ألن أسرتها‬ ‫كانت تقدّس العلم وال تفرّق‬ ‫في طلبه بين ال� ّ‬ ‫�ذك��ر واألنثى‪،‬‬ ‫وفي سبيله انتقلت أسرتها بعد‬ ‫أن أكملت تعليمها األوّل ُ‬ ‫بكتّاب‬ ‫قرية «ب ّقيوة» «بالحسيمة» إلى مدينة‬ ‫«تطوان» حيث تميّزت مسيرتها العلميّة‬ ‫بالتفوّق في الثانوي وعند التحاقها بمدرسة‬ ‫المعلمات كطالبة ومدرّسة‪ ،‬وعند التحاقها‬ ‫بجامعة «م��دري��د» لتحصد منها شهادة‬

‫‪ -‬نهى الخطيب‬

‫اإلجازة في علم التربية والفلسفة‪ ،‬وشهادة دكتوراه‬ ‫الدّولة في اآلداب سنة ‪ .1978‬وهبت آمنة ال ّلوه‬ ‫حياتها لقضايا بالدها‪ ،‬فكانت رائ��دة في الحركة‬ ‫الوطنية‪ ،‬جاهدت بقلمها من أجل استقالل المغرب‪،‬‬

‫ومن أجل تعليم المراة المغربية وتحريرها من ربقة‬ ‫الجهل واألمية‪ ،‬والحصول على حقوقها وإخراجها‬ ‫من بوثقة الحرمان والتّهميش واإلقصاء‪ .‬وكانت‬ ‫رائدة في مجال اإلعالم‪ ،‬إذ القى برنامجها اإلذاعي‬ ‫على قناة «تطوان تخاطبكم» نجاحا واستقطابا لفئة‬ ‫واسعة من المستمعات والمستمعين أيضا‪ .‬كما‬ ‫كانت رائدة في المجال الخيري الجمعوي‪ ،‬كعضوة‬ ‫ناشطة بجمعية «اإلنبعاث» وجمعية «المواساة»‬ ‫لرعاية اليتامى بالرباط‪ ،‬ويكفيها فخرا في هذا الباب‬ ‫ان اوقفت بيتها الكبير بـ «طنجة» لمركز الدّراسات‬ ‫القرآنية والبحث العلمي‪...‬‬ ‫إسهاماتها وإنجازاتها العديدة علميّا‬ ‫ّ‬ ‫محط إعجاب وتقدير رغم‬ ‫وعمليّا الزالت‬ ‫م��رور السّنين‪ ،‬إذ كانت أوّل مغربيّة‬ ‫تحصل على جائزة المغرب عن روايتها‬ ‫«الملكة خناثة» سنة ‪ 1954‬التي تقرأ فيها‬ ‫التاريخ المغربي من زاوية نسوية حسب‬ ‫النّ ّقاد‪ ،‬لكن تكفي أقدميّة هذا التّاريخ‬ ‫للتعبير عن ظهور ال ّلبنة األولى لألدب‬ ‫النّسائي وأخذه مبدأ الدّفاع عن حوزة‬ ‫الوطن كمشروع اوّل��ي‪ّ .‬‬ ‫إن هذه‬ ‫الحصيلة المشّرّفة للمرحومة‬ ‫«آمنة ال ّلوه» وغيرها من نساء‬ ‫المغرب المبدعات والمناضالت‬ ‫ال ّلواتي عاصرناها تدعونا للقول ‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫إن ما تعيشه المراة المغربية اليوم‬ ‫من تقدّم واُنفتاح ووجاهة وتحرّر فكري‬ ‫واُجتماعي‪ ،‬لم يكن وليد الصّدفة‪ ،‬بل نتيجة‬ ‫مضن وشاقّ‪ ،‬وجهود خاضتها سابقاتها‬ ‫عمل‬ ‫ٍ‬ ‫لصنع تاريخ المغرب بحكمة ورجاحة عقل‪ .‬رحم‬ ‫اهلل فقيدتنا وجعلها من نساء الجنة‪.‬‬ ‫المغرب ‪2020\07\19‬‬


‫ال�شمـال‬

‫‪t‬‬

‫‪8‬‬

‫‪ xw‬العدد ‪1056‬‬

‫‪www. Achamal.ma‬‬

‫محمد العربي امل�ساري‬

‫مثقف �سـاد ب�شرف نف�سـه‬

‫انتقل إلى عفو اهلل تعالى يوم ‪ 8‬شوال ‪ 25 / 1436‬يوليوز‬ ‫‪ 2015‬األستاذ محمد العربي المساري‪.‬‬ ‫وفاء له واعترافا بما قدمه على مستويات عدة‪ ،‬نقدم هذه‬ ‫المادة في الذكرى الخامسة لوفاته رحمه اهلل تعالى‪ ،‬كشفا‬ ‫لجوانب مضيئة من حياته وشخصيته الجامعة؛ فهو صحافي‬ ‫وسياسي لكنه أيضا مثقف وأديب وهو ما نروم التركيز عليه‪.‬‬

‫‪ m‬شذرة حياتية‪:‬‬

‫ ولد سنة ‪ 1936‬في مدينة تطوان‪ ،‬وبها نشأ ودرس وتعلم‪.‬‬‫ صحافي‪ ،‬دبلوماسي‪ ،‬سياسي‪ ،‬مؤرخ ومثقف مغربي‪.‬‬‫ تولى وزارة االتصال من مارس ‪ 1998‬إلى شتنبر ‪.2000‬‬‫‪ -‬كان عضوا في اللجنة التنفيذية لحزب االستقالل منذ ‪.1974‬‬

‫‪ m‬فـي الصحافة واإلعالم‪:‬‬

‫ اشتغل في اإلذاعة من سنة ‪ 1958‬إلى ‪ ،1964‬والتحق بجريدة‬‫العلم التي تدرج فيها من صحفي إلى رئيس التحرير إلى مدير‪.‬‬ ‫ عضو األمانة العامة التحاد الصحفيين العرب منذ سنة ‪ ،1969‬ثم‬‫نائب رئيس االتحاد بين ‪ 1996‬و‪.1998‬‬ ‫ عضو لجنة تحكيم جائزة اليونسكو لحرية الصحافة «غيير‬‫موكانو» بسنوات ‪.2004 ،2003 ،2002‬‬

‫المساري عتبة تساؤلية طرح فيها‪:‬‬ ‫* الكتاب هو مجموع فصول متفرقة ال يجمع بينها إال أن كاتبها‬ ‫واحد‪،‬وأنها تتناول انشغاالت تتقاطع مع اهتماماته‪..‬‬ ‫* البحث عن إجابات عن أسئلة من قبيل‪ :‬إلى أين يسير المغرب؟‬ ‫ما موقعه؟ وكيف يجب أن نتقبل ما يعتمل في حياتنا وفي المحيط الذي‬ ‫حولنا؟‬ ‫* إعادة االعتبار إلى ما يسمى في تاريخنا الحديث بالحركة الوطنية‬ ‫المغربية‪.‬‬ ‫وتنبسط مضامين الكتاب في ستة فصـول‪:‬‬ ‫ الفصل األول‪ :‬يحمل عنوان الكتاب نفسه «المغرب بأصوات‬‫متعددة» ضمنه الكاتب ردوده على رسائل األستاذ نواف حردان رئيس‬ ‫تحرير جريدة «األنباء» الصادرة في صاوباولو‪ ،‬وهي مقاالت تناولت‬ ‫قضايا تاريخية وثقافية تتعلق بالمغرب‪ ،‬منطلقا من فكرة مفادها أن‬ ‫الدولة المغربية كيان متميز‬ ‫م��س��ت��م��ر في‬ ‫الزمن‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫‪ m‬فـي الثقافـة‪:‬‬

‫‪ m‬مــؤلفاته‪:‬‬

‫‪ m‬قـراءتـان‪:‬‬

‫أوال‪ :‬المغرب بأصوات متعددة‬

‫هو الكتاب الثاني الصادر عن وكالة ش��راع لخدمات اإلع�لام‬ ‫واالتصال في أبريل ‪ ،1996‬يقع في مئة وثمان وتسعين صفحة من‬ ‫الحجم الصغير‪ ،‬بافتتاحية لألستاذ خالد مشبال رحمه اهلل‪.‬‬ ‫وهو خالصة تأمل فكري في تاريخ المغرب بصفة عامة وشماله على‬ ‫وجه التحديد‪ ،‬والكتاب من الوجهة المنهجية يعتمد المقاربة التاريخية‬ ‫النقدية‪ ،‬ألن الكاتب لم يكن مهتما بعرض األحداث بقدر ما انصرف‬ ‫اهتمامه إلى تأويل هذه األحداث بعد استيعابها وتحليلها بنوع من‬ ‫االستقاللية الفكرية‪..‬مما أضفى على مواد الكتاب سمة موضوعية عليا‪.‬‬

‫‪ m‬معمار الكتاب ينبني على ‪:‬‬

‫ افتتاحية كتبها األستاذ خالد مشبال رحمه اهلل ركز فيها على‬‫التنويه بالتجاوب السريع للمشروع اإلعالمي الجديد‪ ،‬واعتبر صدور العدد‬ ‫األول من سلسلة «شـراع» أهم حدث ثقافي في المغرب قد يسجل مع‬ ‫توالي الصدور المنتظم‪ ،‬مؤكدا على اختيار أسماء المؤلفين المشهورين‬ ‫بمواقفهم الفكرية الرائدة منمذجا باألستاذ محمد العربي المساري ‪.‬‬ ‫بعد هذا االستهالل التقديمي‪ ،‬وضع المرحوم محمد العربي‬

‫‪Journal Achamal 2000‬‬

‫ هدى المجاطي‬‫اإلداري‪ ،‬فقد خصص هذا الفصل ألحداث جرت في فترات معينة من‬ ‫عهد الحماية‪ ،‬عمل فيها جهاز السلطة على خلق التعددية وصوال إلى أن‬ ‫يحتفظ لنفسه بامتالك المبادرة‪ ،‬وأن ظهور ممارسة سياسية تقوم على‬ ‫وجوب وجود حزب إداري هو من مبتكرات مخططي السياسية اإلسبانية‬ ‫في مغرب الحماية‪ ،‬مشيرا إلى أن تطوان – وهي عاصمة المنطقة‬ ‫الخليفية – المجال األول الذي طبقت فيه األنظمة الجديدة‪.‬‬ ‫ الفصل السادس‪ :‬العالقة بين التضامن األخ��وي واستقاللية‬‫القرار‪ ،‬تحدث فيه عن عالقة المغرب بالمشرق التي مرت بأطوار واغتنت‬ ‫بعطاءات إيجابية‪ ..‬وأن المغرب يفرض نفسه على المشرق بهويته‬ ‫اإلسالمية؛ فبالخطاب اإلسالمي أمكن انتزاع قدر كبير من القضية‬ ‫المغربية في الثالثينيات‪ ،‬ثم امتزاجه بالخطاب القومي العربي في‬ ‫مراحل الحقة‪.‬‬ ‫بعد هذه الفصول الستة‪ ،‬خاتمة الكتاب بعنوان «رجل تواصل»‬ ‫بقلم الناقد البرازيلي سيرخيو ريبرو روزا رئيس الجمعية البرازيلية‬ ‫للنقاد‪ ،‬أشار فيها إلى تعرفه على األستاذ محمد العربي المساري الذي‬ ‫كان سفيرا للمغرب في البرازيل وقتئذ‪ ،‬فتعرف على كاتب مغربي منفتح‪،‬‬ ‫مجد شغوف بالبحث‪ ،‬متعدد اللغات‪ ..‬والنصوص القيمة التي نشرها في‬ ‫الصحف والمجالت عن الثقافة والسياسة ضمنها كتابه «‪Mundos‬‬ ‫‪ »Marroquinos‬وهو أول كتاب صدر له بالبرتغالية‪.‬‬

‫ثانـيا‪ :‬ريـاح الشمــال‬

‫ كاتب عام اتحـاد كتاب المغرب في ثالث واليات‪،1969 ،1964 :‬‬‫‪.1972‬‬ ‫ منسق فريق المثقفين المغاربة واإلسبان سنة ‪.1978‬‬‫ عضو في لجنة ابن رشد للحوار مع إسبانيا من سنة ‪.1996‬‬‫ عضو المجلس اإلداري لمؤسسة الثقافات الثالث للمتوسط‬‫التي يقع مقرها بإشبيلية سنة ‪ 2000‬وتم تجديد عضويته سنة‬ ‫‪.2004‬‬ ‫ باحث في قضية الدفاع عن اللغة العربية‪ ،‬له مقاالت‬‫ودراس��ات في هذا الموضوع‪ ،‬ومحاضرات في مؤتمرات‬ ‫الجمعية المغربية لحماية اللغة العربية‪.‬‬ ‫لـه عدة مؤلفات بالعربية واإلسبانية والبرتغالية‬ ‫في موضوعات أدبية‪،‬سياسية وتاريخية وفي العالقات‬ ‫الدولية‪ ..‬أذكر منها‪:‬‬ ‫ معركتنا العربية ضد االستعمار والصهيونية‬‫(باالشتراك مع المرحومين عبد الكريم غالب وعبد‬ ‫الجبار السحيمي) – الرباط ‪.1967‬‬ ‫ مع الفتح في األغوار‪ -‬الدار البيضاء ‪( 1971‬ضمن‬‫سلسلة كتاب العلم)‬ ‫ جدل حول العرب‪.1973 -‬‬‫ المغرب وإسبانيا في آخر مواجهة (حول قضية الصحراء)‬‫‪.1974‬‬ ‫ قضية األرض ف��ي نضالنا السياسي منذ‬‫االستقالل‪ -‬الرباط ‪ ( 1980‬ضمن سلسلة كتاب‬ ‫العلم)‬ ‫ ص��ب��اح ال��خ��ي��ر للغد‪،‬‬‫للديمقراطية‪ -‬تطوان ‪.1985‬‬ ‫ اإلس��ل�ام ف��ي م��ؤل��ف��ات‬‫ال���م���ف���ك���ري���ن ال����ع����رب ف��ي‬ ‫األمريكتين‪.1989 -‬‬ ‫ االتصال في المغرب‪ :‬من‬‫ال��ف��راغ إل��ى المقدرة‪ -‬الرباط‬ ‫‪.1992‬‬ ‫ ال��م��غ��رب ومحيطه في‬‫جزءين – ‪.1998‬‬ ‫ المغرب االفتراضي في‬‫الصحافة الجزائرية – ‪.2000‬‬ ‫ محمد ب��ن عبد الكريم‬‫ال��خ��ط��اب��ي‪ :‬م��ن القبيلة إل��ى‬ ‫الوطن‪ ،‬المركز الثقافي العربي –‬ ‫الدار البيضاء‪.2012 -‬‬ ‫ ريـاح الشمال‪ ،‬تطوان‬‫‪.2012‬‬

‫‪xw‬‬

‫ال�سبت ‪ 25‬يوليوز ‪2020‬‬

‫الفصل الثاني‪ 1930 :‬وما بعده ؛ انطلق فيه من مناقشة ما عرض‬ ‫له األستاذ أبو بكر القادري في كتابه «مذكراتي مع الحركة الوطنية‬ ‫المغربية من ‪ 1930‬إلى ‪ »1940‬وخلص من خالل استقرائه للوقائع‬ ‫الممتدة من ‪ 1930‬إلى ‪ 1940‬إلى التأكيد على أن النخبة التي تصدرت‬ ‫األحداث طرحت مشروعا متكامال وفتحت دورة جديدة في تاريخ المغرب‬ ‫بعد أن طويت صفحة المقاومة المسلحة التي كان لها أساليب أخرى‬ ‫مخالفة‪.‬‬ ‫ الفصل الثالث‪ :‬إشكالية االستقالل والوحدة في عمل الحركة‬‫الوطنية بالشمال‪ ،‬ركز فيه على أن المدة الطويلة نسبيا التي استغرقتها‬ ‫تجزئة الوطن من ‪ 1913‬إلى ‪1956‬خلقت حقائق متميزة ومستقلة‪ ،‬وأن‬ ‫المناخ الثقافي في شمال المغرب كان متأثرا باألفكار العربية نتيجة‬ ‫اتصال قديم ومتواصل مع المشرق كانت له سمة عصرية في بعض‬ ‫األحيان من خالل األستاذ شكيب أرسالن ومن خالل البعثات العلمية‪.‬‬ ‫ الفصل الرابع‪ :‬الشمال واقع جغرافي بحمولة تاريخية‪ ،‬وهو «واقع‬‫بشري‪ ،‬اجتماعي‪ ،‬ثقافي مثل في تاريخ المغرب الموحد جسرا مع اآلخر‪،‬‬ ‫إنه واقع تظافرت على خلقه الجغرافيا والتاريخ» بهذه المقولة استهل‬ ‫الكاتب هذا الفصل مؤكدا أن الواقع االستعماري هو أمر مؤقت وأن‬ ‫التجزئة – وهي من أبرز مظاهر ذلك الواقع – مصيرها إلى اإللغاء‪.‬‬ ‫‪ -‬الفصل الخامس‪ :‬من االحتواء إلى التعددية المدبرة إلى الحزب‬

‫صدر بتطوان سنة ‪ 2012‬وهو أول إصدار من سلسلة‬ ‫منشورات «روافد ثقافية ومغربية»‪ ،‬وقد نظمت مجلة «‬ ‫روافد ثقافية» لألستاذة فاطمة الميموني حفال لتقديمه‬ ‫يوم ‪ 2‬يوليوز ‪ 2012‬بحضور المؤلف رحمه اهلل وبمشاركة‬ ‫أستاذنا الدكتور عبد اللطيف شهبون واألستاذ رضوان‬ ‫احدادو أكرمهما اهلل وبتسيير الدكتورة فاطمة الميموني‪،‬‬ ‫كما جرى تقديمه للمرة الثانية من طرف جمعية «فضاءات‬ ‫ثقافية» بالعرائش في شتنبر من السنة نفسها‪.‬‬ ‫الكتاب يجمع بين التأريخ والكتابة الصحفية‪ ،‬وبين‬ ‫النقد والتحليل السياسي ويهتم بالتوثيق لمرحلة ما قبل‬ ‫االستقالل‪ ،‬ويعبر عن االنشغاالت األساسية التي يهتم بها‬ ‫الكاتب‪ ،‬وال بد من اإلشارة إلى أنه يتقاطع مع كتاب للمرحوم‬ ‫األستاذ الطيب الدليرو (صادر عن سلسلة شراع ) يحمل العنوان‬ ‫نفسه ويتناوالن موضوعات وقعت في الزمان والمكان ذاتهما‪.‬‬ ‫ويسمح ه��ذا الكتاب بالوقوف على بعض معالم كتابات‬ ‫األستاذ محمد العربي المساري بما هي سبر لألغوار‪ ،‬واستقراء‬ ‫وتحليل واستنتاج‪ ،‬وهو كما قال الدكتور عبد اللطيف شهبون «يمكن‬ ‫أن يقرأ في سياق كتاب «المغرب وإسبانيا‪ :‬تاريخ ضد كل منطق»‬ ‫لإلسباني ‪( Bernabé Lopez Garcia‬ترجمة األستاذ المساري)‬ ‫وأن هناك أشياء مشتركة بين الكتابين‪ ،‬مع اختالف في التقدير‬ ‫والرؤية والموقف‪ ،‬وفي سياقات ثقافية نظيرة» وأش��ار المؤلف‬ ‫إلى أن الكتاب استعراض لمعالم مدينة ناهضة هي تطوان التي‬ ‫كانت عاصمة الفعل الثقافي‪ ،‬لكن جذوة الثقافة بها بدأت تخبو بعد‬ ‫‪ .1956‬وعن األعمال التأسيسية الرائدة بتطوان‪ ،‬فإن وجود الطباعة‬ ‫ساعد على وجود عشرات الصحف والمجالت التي ال تخلو واحدة منها من‬ ‫ركن أدبي أبدع فيه كثير من األدباء المغاربة‪ ،‬ثم قدم نماذج ألحداث‬ ‫تاريخية هامة مثل زيارة األمير شكيب أرسالن وتأثيرها على الوطنيين‬ ‫بالشمال‪ ،‬وتقديم أول عريضة في تاريخ الحركة الوطنية المغربية ( مايو‬ ‫‪..)1930‬وبعد ‪ 1930‬أصبحت الرياح القوية التي كادت تعصف بالوجود‬ ‫اإلسباني في الشمال على يد الزعيم محمد بن عبد الكريم الخطابي‬ ‫هادئة‪ ،‬فانخرطت النخب المتنورة للعمل في إطار ما تتيحه منظومة‬ ‫االحتالل‪ ،‬بهدف تحقيق إصالحات في ميادين شتى‪.‬‬ ‫والحق أن «ري��اح الشمال» يندرج ضمن كتب التاريخ الثقافي‬ ‫والسياسي لشمال المغرب في مرحلة حرجة من تاريخه‪ ،‬وباستثناء‬ ‫الحديث عن حرب تطوان ‪ ،1860‬فالكتاب يؤرخ لفترة زمنية محددة‬ ‫(‪ ،)1956 - 1912‬عرض فيه المؤلف مجموعة من الوقائع‬ ‫التاريخية مرتبة ترتيبا كرونولوجيا‪ ،‬مستثمرا ما كتب عنها‪:‬‬ ‫ الحديث عن مغرب الثالثينيات من خالل كتاب‬‫«المغرب األقصى» ألمين الريحاني الصادر سنة‬ ‫‪.1939‬‬ ‫ ما كتبه األستاذ التهامي ال��وزان��ي في‬‫حلقات نشرت في جريدة الحرية سنة ‪،1941‬‬ ‫عن األوضاع العامة بمدينة تطوان بعد دخول‬ ‫اإلسبان سنة ‪.1913‬‬ ‫ األستاذ محمد العربي الخطابي كنموذج‬‫للمثقف المغربي الملتزم‪ ،‬ودوره في الحياة الثقافية بتطوان الخمسينيات‬ ‫«التي كانت في أوج عطاءاتها التي تظافرت في صنعها عوامل سياسية‬ ‫وثقافية ترسبت منذ الثالثينيات‪ ،‬وكانت قد أصبحت منطقة جذب آوى‬ ‫إليها شعراء ومبدعون من سائر المغرب» ( رياح الشمال‪ -‬ص‪)108 :‬‬ ‫ «ت��ط��وان وبيكبيدير» من خ�لال رواي��ة ‪Maria Duenas‬‬‫الموسومة ب‪( EL Tiempo entre costuras :‬الزمن بين غرز)‪.‬‬ ‫للكتاب فوائد جمة بالنسبة للباحث في التاريخ والسوسيولوجيا‬ ‫والسياسة واإلثنوغرافيا‪ ،‬ورؤية المؤلف فيه نسقية وشاملة فيها األدب‬ ‫والتاريخ‪ ،‬وفيها نقد للمسألة الثقافية والسياسية لشمال المغرب إبان‬ ‫الحماية‪.‬‬ ‫الكتابة عند المرحوم األستاذ محمد العربي المساري تشكل‬ ‫مظهرا من مظاهر وجوده الفكري والوجداني واإلنساني‪ ،‬ليست هناك‬ ‫مرحلة من مراحل حياته لم تعرف كثافة كتابية بتنويعات مثيرة‪..‬رحمه‬ ‫اهلل تعالى وأثابه خيرا عن كل ماقدمه‪ ،‬فقد كان نموذجا لجيل أخلص‬ ‫للوطن بالصدق والوفاء واالنتصار لقيم النزاهة والعفة‪.‬‬

‫‪-----‬‬

‫* صورة األستاذ محمد العربي المساري رحمه اهلل من أرشيف األستاذ‬ ‫رضوان احدادو أكرمه اهلل‬


‫ال�شمـال‬

‫‪t‬‬

‫‪9‬‬

‫‪ xw‬العدد ‪1056‬‬

‫‪www. Achamal.ma‬‬

‫‪xw‬‬

‫ال�سبت ‪ 25‬يوليوز ‪2020‬‬ ‫‪Journal Achamal 2000‬‬

‫امللحق الثقايف والفني‬

‫زفزاف‬ ‫حممد‬ ‫‪1945‬‬

‫محمد زفزاف‬ ‫�إعداد وتن�سيق‬

‫‪ l‬عبد الإله املوي�سي‬

‫‪13‬‬

‫‪2001‬‬

‫حممد زفزاف‬ ‫الذكرى‬


‫ال�شمـال‬

‫‪t‬‬

‫‪10‬‬

‫‪ xw‬العدد ‪1056‬‬

‫‪www. Achamal.ma‬‬

‫‪xw‬‬

‫ال�سبت ‪ 25‬يوليوز ‪2020‬‬ ‫‪Journal Achamal 2000‬‬

‫محمد زفزاف‬ ‫بالدار البي�ضاء‬ ‫لما انتقل محمد زفزاف إلى الدار البيضاء في نهاية الستينيات‬ ‫وعين مدرسا لمادة اللغة العربية بإحدى ثانوياتها اإلعدادية‪ ،‬جاء به‬ ‫صديقه إدريس الخوري إلى المعاريف‪ ،‬وقدمه إلى أصدقائه‪ ،‬منهم‬ ‫الشاعر أحمد الجوماري والقاص البشير جمكار والشاعر والرياضي‬ ‫أحمد صبري‪ .‬ولم ينس أن يقدمه إلى العاملين بمقاهي وحانات‬ ‫شارع ابراهيم الروداني‪.‬‬ ‫استضاف أحمد الجوماري وزوجته عائشة واكريم في بيتهما‬ ‫محمد زفزاف‪ ،‬الذي سبقه اسمه كاتبا وشاعرا إلى الدار البيضاء‪ .‬في‬ ‫انتظار أن يدبر له الخبير في جغرافيا المنطقة شقة صغيرة بسومة‬ ‫كراء مناسبة في الحي نفسه‪ ،‬والخبير «المتمسمر» هنا هو صديقه‬ ‫إدريس الكص‪ ،‬أو إدريس عالل الداودي‪ ،‬كما ظهر اسمه في كتاباته‬ ‫األولى بجريدة «العلم» وبمجلة «آفاق»‪ ،‬وقبل أن يستقر على اسم‬ ‫«الخوري» ويعمده الصحفي واألديب عبد الجبار السحيمي‪.‬‬ ‫وإن كان زفزاف غير الشقة مرات‪ ،‬فإنه لم يغير الحي‪ .‬صار من‬ ‫أبنائه واكتسب لغة وسلوك وعادات أبناء الدار البيضاء‪ ،‬إلى أن توفي‬ ‫ذات مساء من صيف ‪ 2001‬في مصحة «المنبع» البيضاوية‪ ،‬المتكئة‬ ‫على الكاتدرائية الكاثوليكية السيدة لورد بمدار أوروبا‪.‬‬ ‫لم يكن محمد زفزاف وحده ممن ساقه القدر إلى اإلقامة في حي‬ ‫المعاريف‪ ،‬أدباء ومدرسون سكنوا بهذا الحي الذي كان يسمى في‬ ‫األول بـ«جان كورتين»‪ .‬منهم الكاتب المسرحي عبد الكريم برشيد‪،‬‬ ‫والشاعر أحمد بنميمون‪ ،‬والشاعر محمد الشيخي‪ ،‬والناقد محمد‬ ‫فقيه‪ ،‬والقاص علي األجديري‪ ،‬واألستاذة التيجانية فرتات‪ ،‬والباحث‬ ‫عبد السالم التازي‪ ،‬والباحثة فاطمة الزهراء ازريويل‪ ،‬والشاعر عزوز‬ ‫علوان‪ ،‬والقاصة مليكة مستظرف‪ ...‬وغيرهم‪.‬‬ ‫يعد حي المعاريف من األحياء األوروبية القديمة في الدار‬ ‫البيضاء‪ ،‬يتوفر على كل المرافق الحيوية‪ ،‬بمبانيه الحديثة‪ ،‬كانت‬ ‫جلها بيوتا من طابق أو اثنين‪ ،‬مع عمارات ال تتعدى الثالثة طوابق‪،‬‬ ‫ثم ارتفعت إلى أربعة بدون مصاعد‪.‬‬ ‫تم تصميم حي المعاريف في بدايات القرن العشرين إليواء‬ ‫الساكنة األوربية الفقيرة بالمدينة‪ ،‬من بروليتاريا الفرنسيين‬ ‫واإلسبان واإليطاليين‪ .‬وكان وراء ظهورالحي أحد البريطانيين مع‬ ‫شريكين آخرين‪ ،‬لذلك انتشرت بالحي مجموعة من الحانات التي‬ ‫ظل بعضها تحت إدارة وتسيير أوربيين حتى بعد رحيل المستعمر‬ ‫الفرنسي وإعالن قانون المغربة في عام ‪ .1974‬وسيتحول اسم‬ ‫الشارع الذي تقع به «البريس» إلى شارع ابراهيم الروداني‪ ،‬أحد‬ ‫رجاالت المقاومة المغربية الذي ذهب ضحية التصفيات واالغتياالت‬ ‫التي حدثت بين المقاومين غداة االستقالل‪ ،‬وقد أطلق عليه «الرفاق‬ ‫األعداء» الرصاص أمام باب «البريس»‪ ،‬وكان الروداني من روادها‪،‬‬ ‫كعدد من أفراد المقاومة وحزب االستقالل اعتادوا اللقاء بالمكان‪،‬‬ ‫ونكتفي بذكر المقاوم محمد بنحمو الفاخري‪ ،‬وقد كتب له أن يكون‬ ‫أول واحد نفذ فيه حكم اإلعدام بعد االستقالل بعد اتهامه بالتآمر‬ ‫ضد ولي العهد موالي الحسن (الحسن الثاني)‪.‬‬ ‫***‬ ‫بشارع ابراهيم الروداني يمكن أن تطالعك بارات تحمل أسماء‬ ‫أجنبية باللغة الفرنسية‪ ،‬مثل‪ :‬بار «الترمينوس»‪ ،‬وكان يقع عند‬ ‫نهاية الحافلة رقم ‪ ،7‬قبل تمديد هذا الخط في التسعينات ليصل‬ ‫إلى حي «ليساسفة» بضاحية الدار البيضاء الجنوبية‪.‬‬ ‫في منتصف النهار‪ ،‬عند وقت الغذاء‪ ،‬كانت طاوالت «الترمينوس»‬ ‫تغطى بقماش أبيض‪ ،‬حيث يقدم مطعم البار وجبة واحدة‪ ،‬ضمن‬ ‫حسابها زجاجة ليتر نبيذ هدية‪ .‬كما كان األمر في أماكن أخرى‪،‬‬ ‫كنادي الكرة الحديدية «الكازابالنكيز» الذي تم إغالقه في نهاية‬ ‫الثمانينيات‪ .‬كانوا يقدمون للزبون ليترا من نبيذ معبأ في براميل‬ ‫إذا طلب األكل‪.‬‬ ‫مع األع��وام تدهور المكان وص��ار م�لاذا يغص بالشاربين‬ ‫الباحثين عن بيرة بثمن أرخص‪ .‬وللمراهنين على خيول تركض في‬ ‫ميادين فرنسا‪ ،‬إذ احتل كشك صغير مدخل «التيرمينوس»‪ ،‬وكان‬ ‫خاصا بـ«التييرسي»‪.‬‬ ‫حكي لي الجوماري وزفزاف معنا‪ ،‬أن الشاب محمد زفزاف لما كان‬ ‫يلج «التيرمينوس» لتناول الغذاء‪ ،‬كان يتلقفه النادل حسن ويحدد‬ ‫له أين يجلس‪ ،‬فيستجيب زفزاف كالمذعور‪ .‬أيامها كان صاحب‬ ‫«حمار الليل يضرب سكيرين» حديث عهد بالدار البيضاء‪.‬‬ ‫بعدها سينتقل النادل حسن إلى العمل ببار «البريس» في‬ ‫نفس الشارع‪ ،‬وظل هناك حتى وصوله سن التقاعد‪ .‬كان حسن‬ ‫طويل القامة‪ ،‬بشعر شديد السواد وناعم مع شنب‪ .‬لم يكن يتوقف‬ ‫عن الكالم مع الزبائن والتنكيت معهم‪ .‬بعد تقاعده وقد ابيض شعر‬ ‫رأسه وتقوس ظهره قليال‪ ،‬كنت أصادفه جالسا بمقهى شهرزاد‬ ‫على الطرف اآلخر من الشارع قبالة «البريس»‪ ،‬لم يرد االبتعاد عن‬ ‫المكان الذي قضى به عمرا وترك فيه أزهى فترات شبابه وعنفوانه‪.‬‬ ‫ثم فوجئت به مرة وهو يسوق التاكسي الصغير الذي طلبته من‬ ‫أمام اإلدارة القديمة لشركة النقل «الساتيام»‪ .‬لم يتغير حسن كثيرا‬ ‫في حبه للكالم والدردشة‪ .‬وسأعرف متأخرا أن حسن ليس اسمه‬

‫الذي اشتهر به‪ ،‬بل إن اسمه‬ ‫الحقيقي هو عبد اهلل‪ .‬وكان‬ ‫يقطن بالحي المجاور درب غلف‪.‬‬ ‫***‬ ‫ع���ل���ى ب���ع���د أم����ت����ار م��ن‬ ‫«التيرمينوس» يقع بار «أريناس»‪.‬‬ ‫وكان مشهورا بالسيدة األوروبية‬ ‫التي تجلس أو تقف وراء الصندوق‪،‬‬ ‫وهي امرأة قصيرة دائما مدثرة ومسربلة‬ ‫بالكامل في السواد‪ ،‬حزنا على خطيبها‬ ‫القتيل ف��ي ال��ح��رب األهلية اإلسبانية‪،‬‬ ‫وكان ضمن كتائب الجمهوريين‪ ،‬كما‬ ‫هم الالجئون اإلسبان في المعاريف‬ ‫ال��م��ع��ادي��ن ل��ل��م��اري��ش��ال فرنكو‪.‬‬ ‫وق��د كتبت م��رة ع��ن «ال��روخ��و»‬ ‫(أي الجمهوريين الحمر) في‬ ‫المعاريف واستضافة أحدهم‬ ‫للثائر األممي تشي غيفارا‪،‬‬ ‫ال��ذي دخ��ل المغرب سرا‬ ‫وبهوية وج��واز مزورين‬ ‫بعد استقالته من الحكومة الكوبية‪( .‬موقع «الصوت»‬ ‫بلبنان‪.)2017 ،‬‬ ‫حين تتغيب اآلنسة «أري��ن��اس» عن مكانها ك��ان يعوضها‬ ‫شقيقها األصغر «ميشيل أريناس»‪.‬‬ ‫مرة في بداية الثمانينيات دخلت بار «أريناس» رفقة الصحفية‬ ‫السورية «قسمت طوران»‪ ،‬التي جاءت مندوبة عن مجلة «الوطن‬ ‫العربي»الباريسية من أجل إنجاز تحقيقات ثقافية وإجراء حوارات‬ ‫مع أدباء الدار البيضاء‪ .‬سترفض «الراهبة» أريناس تقديم الشراب‬ ‫لقسمت طوران‪ ،‬بحجة أن الحانة ال تقدم خدماتها للنساء‪ .‬كان‬ ‫معنا الشاعر أحمد الجوماري‪ ،‬فطلبنا لها كوكاكوال‪ ،‬لكننا كنا نصب‬ ‫لها من قنينة النبيذ التي طلبناها نحن‪ .‬وهذا لم يعجب االسبانية‬ ‫الحزينة‪ ،‬التي ال أعرف من أين جاءت بتشريع قانونها الخاص ضد‬ ‫النساء رغم كونها من جنسهن‪.‬‬ ‫كان عمر هو النادل الذي يقف خلف الكونتوار‪ ،‬وكلما طلب‬ ‫أحدهم بيرة أو كأسا يخط بالطباشير خطا تحت حافة المكان الذي‬ ‫يقف به الزبون على الفاصل الخشبي‪ .‬كان يعتمر طربوشا أحمر‬ ‫تونسيا‪ ،‬في العقد الخامس‪ ،‬جاء إلى الدار البيضاء من الجنوب‬ ‫األمازيغي‪ ،‬كثير «الفهامة»‪ .‬لكن «فهامته» دفعته مرة أن يبوح لي‬ ‫برأيه في زبائن البار‪ ،‬وجلهم من أسرة التعليم‪ .‬قال لي النادل عمر‪:‬‬ ‫ لماذا يا ولدي تبدد وقتك ومالك في هذا المكان‪ .‬أترى‪ ..‬إني‬‫أعتبر كل هؤالء «السكايرية» حميرا وجاهلين‪ ،‬وأنصحك أن تبتعد‬ ‫عن هذه الطريق‪.‬‬ ‫أتذكر أني قلت له إنك تعتاش من هذا المكان وعلى حساب‬ ‫ه��ؤالء الحمير الجاهلين كما وصفتهم‪ .‬ونقلت ما فاه به إلى‬ ‫األصدقاء فشتموه وكانوا يحترمون كبره والشيب الذي يكسو رأسه‬ ‫ووجهه‪ .‬بعد هدم المكان تحول عمر إلى عاطل لم يجد من يشغله‬ ‫بسبب سنه‪.‬‬ ‫كان عمر يشبه في مالمحه وهيأته وطربوشه األحمر نادال آخر‬ ‫في حانة «مرس السلطان» وسط المدينة‪ ،‬عرفناه باسم «جانوم»‪،‬‬ ‫اللقب الذي سماه به أصحاب وزبائن البار الفرنسيين‪ ،‬وهو تحريف‬ ‫لكلمة جون أووم» الفرنسية‪ ،‬أي الفتي الشاب‪ .‬ويعني ذلك أن‬ ‫«جانوم» بدأ العمل صغيرا‪.‬‬ ‫لما مرضت اآلنسة أريناس‪ ،‬باعت البار إلى أحد المغاربة الذي‬ ‫ارتمى إلى حرفة تسيير الحانات والمالهي‪ .‬وكان أول ما فعله هو‬ ‫حصوله على رخصة بناء بالرشوة من موظف في بلدية المعاريف‪،‬‬ ‫في عهد تسييرها من طرف االتحاديين‪ .‬وبدأ المالك الجديد بحفر‬ ‫أرضية البار بغاية إنشاء كباريه‪ .‬كان سيكون هو أول علبة ليلية في‬ ‫المعاريف‪ .‬لكن مع تقدم الحفر لم ينتبه الحفارون فأصابوا أساسات‬ ‫المبنى لتنهار العمارة بأكملها‪ .‬كان المشهد مثل زلزال قوي‪ ،‬مالت‬ ‫العمارة ذات الطوابق الستة وهوت إلى باطن األرض‪ .‬ولم نسمع‬ ‫بأي تحقيق في مالبسات الحادث‪ ،‬وبعد أن تمت إعادة بناء عمارة‬ ‫جديدة مكان المنهارة‪ ،‬تحول مكان البار القديم إلى وكالة بنكية‬ ‫تابعة للشركة العامة لألبناك‪.‬‬ ‫أما بار «ماجيستيك» المجاور‪ ،‬فكان بداخله بار أمريكي‪ .‬كان‬ ‫اسم صاحبه المغربي‪ :‬زكي‪ ،‬اشتراه من مالكه الفرنسي‪.‬‬ ‫زكي كان يحضر إلى البار في أوقات النهار‪ ،‬قبل أن يتحول‬ ‫المكان في المساء إلى فضاء غامق مليء بالصخب والضوضاء‬ ‫والدخان‪.‬‬ ‫كنت أرى زكي كواحد خارج من فيلم مصري قديم‪ ،‬زمن أفالم‬ ‫يوسف وهبي وأنور وجدي‪ .‬دائم المحافظة على أناقته الكالسيكية‪،‬‬ ‫البذلة القاتمة والمقلمة‪ ،‬والمنديل المطل من جيب السترة مع‬

‫ عبد الرحيم التوراني‬‫ربطة العنق المزركشة‪ .‬غالبا ما يلصق زكي بين شفتيه سيجارة‬ ‫أمريكية على فلترها مصفاة طويلة سوداء‪ .‬بأصابع يديه أكثر من‬ ‫خاتم بفصوص بارزة‪ .‬لما يتكلم زكي أو يبتسم يلمع الذهب من‬ ‫فمه‪ ،‬وتظهر أنيابه مغلفة برقائق من ذهب أصفر‪ .‬حول مائدته كان‬ ‫يتحلق ثالثة إلى أربعة من أصدقائه يشبهونه في اللوك والهندام‪،‬‬ ‫بشربون الريكار والويسكي ويتضاحكون‪ ،‬وغالبا ما كانوا يعتلون‬ ‫كراسي طويلة القوائم «طابوري»‪.‬‬ ‫وظف زكي سيدة اسمها «دونيز»‪ ،‬كانت هي من تتولى تسيير‬ ‫البار األمريكي الذي كان ال يفتح قبل التاسعة مساء لتشتعل أضواؤه‬ ‫الحمراء‪ .‬وقلة هي من كانت تعلم أن «دونيز »الواسعة الصدر هي‬ ‫عشيقة للسيد زكي صاحب الـ «ماجستيك»‪.‬‬ ‫أما البار العادي لـ «ماجيستيك» فكان تسييره موكوال لشخص‬ ‫فاسي‪ ،‬له اسم نادرا ما يتسمى به الفاسيون‪( :‬ميلود)‪ .‬هو من كان‬ ‫يجلس وراء اآللة الحاسبة‪ .‬كان ميلود بدينا أبيض البشرة مع رأس‬ ‫كبير يقاوم الصلع ببضع شعيرات طويلة ملصقة بدهان «الكومينة»‪.‬‬ ‫ينتعل صيفا وشتاء صندالة جلدية في قدميه الغليظتين‪.‬‬ ‫وكان هناك النادل الصحراوي المهدي وراء الكونتوار‪ ،‬وبالقاعة‬ ‫النادل بداز األمازيغي الوسيم‪ .‬والنادل «موالي»‪ ،‬الذي سألني ذات‬ ‫يوم عن مدرسة قريبة لتعلم اللغة االنجليزية‪ ،‬وكان يحمل بيده‬ ‫كتاب «كيف تتعلم اللغة االنجليزية في خمسة أيام»‪ ،‬كان ينوي‬ ‫الهجرة إلى بلد أنغلوسكسوني‪ ،‬لكنه انتقل للعمل في بار آخر‬ ‫بنفس الشارع‪ .‬وظل هناك إلى أن تقاعد وأصبح مثل النادل حسن‬ ‫سائق تاكسي صغير‪.‬‬ ‫أخبرني زفزاف أن النادل المهدي لما يغلق البار في الحادية‬ ‫عشر ليال يركب دراجته النارية «الموبيليت» الحمراء‪ ،‬ليتجه إلى‬ ‫الكورنيش بعين الدياب ليبدأ سهرته في بار يقدم عروضا غنائية‬ ‫راقصة لفن «الشيخات»‪ .‬وأن الرضوض البادية على وجهه نتيجة‬ ‫سقوطه سكرانا من دراجته النارية‪.‬‬ ‫أما المكلف بالصندوق‪ ،‬ميلود‪ ،‬فقد استقال من عمله كمسير‬ ‫للماجستيك‪ ،‬وفتح في منطقة مرس السلطان محال لبيع الدجاج‬ ‫المشوي والساندويتشات‪ .‬وقد توفي في السنوات األخيرة‪.‬‬ ‫خلف ميلود شخص آخر نحيل وطويل القامة اسمه عيسى‪،‬‬ ‫غالبا ما يتوارى خلف الفاصل الذي وراءه ليكرع البيرة‪ ،‬وسرعان ما‬ ‫صار لعيسى أصدقاء من زبائن الماجستيك أمسى يظهر معهم في‬ ‫البارات المجاورة أيام عطله‪.‬‬ ‫كان النادل بداز رجال طيبا‪ ،‬بعد تقاعده صادفته قرب مقر‬ ‫المقاطعة اإلدارية العاشرة بملتقى شارع سمية مع شارع ‪ 9‬أبريل‪،‬‬ ‫فسألته عن ذكرياته مع صديقينا محمد زفزاف وأحمد الجوماري‪،‬‬ ‫فأبدى استعدادا كبيرا ألسجل معه بعض محكياته عنهما‪ .‬لكن‬ ‫الوقت مر دون أن أنتبه‪ ،‬ولما طرقت باب بيته بأول زنقة بيلفو‬ ‫علمت أنه توفي بعد مرض مفاجئ لم يمهله‪.‬‬ ‫في «ماجستيك» التقيت أول مرة بالكاتب محمد شكري‪ ،‬وكانت‬ ‫زيارته األولى للعاصمة االقتصادية‪ ،‬بعد نشر الترجمة الفرنسية‬ ‫لروايته األول��ى «الخبز الحافي»‪ ،‬وسفره إلى باريس ضيفا على‬ ‫برنامج «أبوستروف» لصاحبه برنارد بيفو (‪.)1980‬‬ ‫وفي «ماجستيك» أيضا قدم لي الشاعر أحمد الجوماري صديقه‬ ‫القديم الشاعر االتحادي محمد علي الهواري‪ ،‬العائد سنة ‪ 1977‬من‬ ‫الجزائر‪ ،‬بعد إقامة طويلة ساهم فيها في تطوير الصحافة الثقافية‬ ‫باللغة العربية في الجزائر‪.‬‬ ‫وفي المكان ذاته تعرفت على الشاعر عبد القادر القطا‪ ،‬قبل أن‬ ‫يتحول إلى مخرج سينمائي ويشتهر باسم عبد القادر لقطع‪.‬‬


‫ال�شمـال‬

‫‪t‬‬

‫‪11‬‬

‫‪ xw‬العدد ‪1056‬‬

‫‪www. Achamal.ma‬‬

‫‪xw‬‬

‫ال�سبت ‪ 25‬يوليوز ‪2020‬‬ ‫‪Journal Achamal 2000‬‬

‫الكتابــة‬

‫ذلك العامل الاليقيني‬ ‫القاصّة لطيفة لبصير‬

‫‪ /‬المغرب‬

‫ما الذي يجعلني أبحث عن الكتابة؟ هل هي انتقام من الموت أم أنها تعيد توازني؟ لماذا كانت‬ ‫الكتابة دوما محرابي الذي أتوجه إليه؟ ولماذا هذا اللجوء إلى المداد الذي يصنع عوالم قد تكون‬ ‫غريبة علي لكنها جزء من شراستي وتوثبي وقلقي الذي ال أعرف مصدره؟ وكيف أكتب؟ ولماذا‬ ‫يهيمن على الشك والاليقين بحثا عن المجهول الذي تقودني إليه الكتابة؟‬

‫الكتابة من زمن الشك‬

‫أكتب كثيرا من خالل ضمير المتكلم‪ ،‬وهذا الضمير يتنوع بين ضمير متكلم أنثوي وضمير‬ ‫مذكر‪ ،‬غير أن المهيمن في نصوصي هي المرأة بكل عوالمها وتلويناتها وخصوصياتها الغريبة‪،‬‬ ‫ولكن ال يقين في كتابتي‪ ،‬فأنا أخطو بالشخوص وكأنني أبحث في الشخصية وما يمكن أن يسفر‬ ‫عنها من أحالم يقظة و رغبات وعوالم مجهولة‪ ،‬ولذا تدرجت في كتابة أعمالي بدءا من مجموعتي‬ ‫األولى*رغبة فقط* إلى *ضفائر* ثم * أخاف من * إلى *عناق* من نصوص تهتم بالشخصية‬ ‫األنثوية بشكل كبير جدا رغم أنني في بعض األحيان يهيمن علي السارد المذكر إال أنني أجد أن‬ ‫األنثوي ما زال غريبا فينا كما تقول جوليا جريستيفا‪ .‬ولذا فإن الكتابة بالنسبة لدي كانت مرفأ‬ ‫للعديد من األشياء التي ال أستوعبها في حياتي اليومية‪.‬‬ ‫ولكن من أين تأتي الشخوص؟ هل من لحم ودم؟ أم هي نتاج تواصل مستمر مع عوالم قرأتها‬ ‫سابقا؟ هل تتناص مع ثقافتي العربية من شعر أبي الطيب المتنبي في العصر العباسي في حكمه‬ ‫أو امرؤ القيس في مجونه أو طرفة بن العبد في فلسفته عن الموت في العصر الجاهلي‪ ،‬أم أنها‬ ‫تداعب موباسان وقصته الشهيرة الجميلة * خصلة شعر*‪ la chevelure‬وهو يخبئها في درجه‬ ‫السري حتى يعشقها عشقا خاصا‪ ،‬أو أنها تسافر مع بطل رواية *غراديفا* لوليم جونسون وهو‬ ‫يعشق منحوتته الجميلة غراديفا وكأنه يعشق الوثنية ويعيش هذا العشق الغريب أم أنها تعرج‬ ‫على قصة أحمد بوزفور *ققنس* ذلك الطائر األسطوري الغريب‪ .‬أكاد أقول إن الكتابة بالنسبة لي‬ ‫هي هذا التمازج الكلي للنصوص والحياة وهي هذا األثر الغريب الذي تتركه كل األشياء التي تعبر‪،‬‬ ‫سواء من تلف للذات حين يصيبها التعب‪ ،‬فأنحت شخوصا أخرى ال عالقة لها بي وكأنني أعيش معها‬ ‫بحثها عن شيء ما‪ ،‬من األكيد أن كالنا ال يعرفه‪ .‬وهنا ال بد أن أشير إلى كتاب ‪ ? est-il je‬لكاتبه‬ ‫‪ philipe gasparini‬الذي يرى بأن حتى المحكيات األوتوبيوغرافية االسترجاعية تبني الذاكرة‬ ‫الخاصة للسارد وليس الكاتب‪ .‬ولذا فهي تسهم في بناء الحياة الفردية للسارد وليس الكاتب وذلك‬ ‫ألن األنا تبني هوية السارد في عمل إبداعي تخييلي‪.‬‬

‫لماذا أكتب داخل تجنيس معين؟‬

‫أكتب القصة القصيرة وال أصنف نفسي في جنس معين ‪ ،‬ألنني أعتبر أن اإلبداع ال محدود‬ ‫وبأن كل إبداع يحدد نوعية تجنيسه ‪ .genre littéraire‬فقريبا سيصدر عملي الروائي *الجنود ال‬ ‫يعودون* وهو عمل يتحدث عن انتظار النساء للجنود الذين يغيبون في الحرب مدة طويلة‪ ،‬كما‬ ‫سيصدر عملي الواقعي وهو عبارة عن قصص نساء عشن تجارب مختلفة في حياتهن‪ ،‬وهو مكتوب‬ ‫بطريقة تراعي البعد الواقعي لألحداث‪ ،‬تحت عنوان*محكيات نسائية‪ :‬لها طعم النارنج*‪ ،‬غير أن‬ ‫لدي عالقة خاصة بالقصة القصيرة‪ ،‬وهي أنني أتصور النص القصصي ال يقف عند الحكاية ألنه‬ ‫شكل وبناء ولعبة تحذف أكثر مما تقول‪ ،‬وتعمد إلى الطي والكتمان‪ ،‬كما أنه اشتغال على الشخصية‬ ‫ليس في عالمها الخارجي فحسب‪ ،‬بل من خالل عالمها الداخلي وهي تتشكل‪ ،‬ولذا تمظهر عناوين‬ ‫نصوصي أفعال األحاسيس‪ ، verbes de sentiment‬ألنها تنقل الداخل‪ ،‬من رغبة فقط إلى أخاف‬ ‫من إلى عناق‪ ،‬إنها تسائل الشخصية من الداخل رغم أنها تنفعل بما تعيشه المرأة في مجتمعي‬ ‫المغربي من ألم ال ينتهي جراء ما تعيشه المرأة من تحوالت اجتماعية‪ ،‬لكنها أيضا ال تدرك من‬ ‫أين أتت بعض الشخصيات‪ ،‬لذا أقول إن هذه الشخصيات الغريبة هي نتاج تفاعل ثقافي قد أعيشه‬ ‫دون أن أدري‪ ،‬إنها هجين وامتصاص للذات وهي تتطور سواء على المستوى النفسي أو اإلنساني‪.‬‬ ‫ولذا ففي بعض األحيان ال أدرك سطوة بعض الصور التي قد تأتي في الليل‪ ،‬ألراها وهي تتحول‬ ‫إلى حفنة من الجمل التي أكتبها والتي حين أعيدها أفاجأ بكتابتها‪ .‬ولكنني أدرك بأن هذا الشيء‬ ‫الغريب‪ ،‬الذي يتخلق والذي يصير سؤاال وشكا في كل اليقينيات هو األدب‪.‬‬

‫المطبخ الداخلي للكتابة‬

‫أكاد أجزم بأن هذا المطبخ متعدد‪ ،‬فالقصة قد تأخذ أشكاال متعددة‪ ،‬أحيانا أبدأ النص من‬ ‫الجملة األولى الالهثة ثم يبدأ النص في البناء وقد يبنى عبر مراحل‪ ،‬وفي أحيان أخرى تأتي القصة‬ ‫القصيرة دفعة واحدة وكأنني سأعذب إذا لم أقم بكتابتها‪ ،‬ولذا فإنني أنسحب من النص وكأنني‬ ‫أنهيت التواصل مع شخص أحببته في فترة معينة‪ ،‬وانفصلنا ولكنني أتذكره مرة كل حين‪ .‬لذا‬ ‫ليس هناك وصفات جاهزة لكتابة القصة‪ ،‬فهناك من يعتبرها نثرا خالصا‪ ،‬أي صنعة محضا‪ ،‬خالية‬ ‫من التعبير عن الذات وهناك من يعتبرها حميمية أكثر‪ ،‬تعبر عن الذات‪ ،‬غير أنني أتصور أن األمر‬ ‫ال يخلو من التعقيد‪ ،‬فأنا أرى أن األدب يتحول إلى أن يكون حميميا أكثر‪ ،‬ألنه في حاجة إلى سماع‬ ‫داخلي للذات‪ ،‬وهنا أستعير هذا التعبير من فرويد عن مفهومه* السماع العائم لآلخرين*‪écoute‬‬ ‫‪ flottante‬أو ما طوره فيما بعد جان بلمين نويل وهو ينصت للنص عبر السماع التحليلي في كتبه‬ ‫الشهيرة *نحو الوعي النص* ‪vers l’inconscient du texte‬أو *غراديفا بالحرف * ‪gradiva‬‬ ‫‪au pied de la lettre‬أو *بين السطور* ‪.interlignes‬‬ ‫فاألدب ينبغي أن يسمع وشوشات الذات‪ ،‬وتحوالتها الداخلية وارتباكها ضمن زمن يعج‬ ‫بالفردية الغريبة التي أصبحت مهيمنة على حياتنا اليومية أو في عالقتنا ببعضنا البعض‪،‬غير أن‬ ‫هناك نصوصا تعج بالتقاليد وهي ما يأسر الفرد في عالقته باآلخر‪ ،‬لذا وجدتني وأنا أكتب عن النساء‬ ‫في كثير من األحيان وكأنني أستعير اللغة المبنينة اجتماعيا باستعارات جاهزة ضد المرأة من خالل‬ ‫صور الكيد والغش وهي صور نمطية تنقلها اللغة دون أن ندري‪ ،‬لذا يبدأ اإلبداع حيث نشك في‬ ‫التقاليد الموروثة‪ ،‬ألننا ينبغي أن نشك في كل شيء‪.‬‬ ‫وهنا ال بد أن أشير إلى الكتاب الهام للوران دامانز * المداد اليتيم* وهو يتحدث عن أن اإلبداع‬ ‫المعاصر يتحول ليصبح أكثر إصغاء للذوات‪ ،‬ويبدأ في صنع عالمه الجديد من خالل الثورة على‬

‫محكي األصول العائلي *الرواية األسرية* إلى صنع محكي انتساب جديد يبدعه هو في عالقته‬ ‫بعالمه الخاص‪ ،‬يقول لورانز دامانز‪:‬‬ ‫‪Le sujet se réinvente, dans la dispersion des identités fragmenteés,des‬‬ ‫‪masques et des légendes insoupçonnées. Le secret de l’individu est‬‬ ‫‪désormais devenu insaisissable, depuis que s’est dipersé le foyer de‬‬ ‫‪l’origine, qui arrimait dans une antériorité inaccessible la danse des‬‬ ‫‪identités.‬‬

‫شخصيات ال تخضع لألخالق‬

‫من المؤكد جدا أنني أكتب عن شخصيات ال مكتملة ألنها في طور االستعداد للكالم والقول‪.‬‬ ‫فشخصياتي ال تحمل ثوابت في األفكار‪ ،‬إنها تدخل في استعداد معركة الرجوع إلى عوالمها الغريبة‬ ‫لتبني لنفسها عالما آخر‪ ،‬ولذا فأنا أعود بشكل كبير جدا لالستبطان الداخلي ألنني أعشق الشخصية‬ ‫أكثر‪ ،‬حتى الشخصية األكثر شرا في هذا العالم‪ ،‬ال أجدني أنفر منها أو أضع بيني وبينها مسافة‪،‬‬ ‫إنها جزء مني و حين أنسجها‪ ،‬أكون قد وضعت فيها جزء كبيرا من أعصابي وتخيالتي‪ ،‬ولذا أنا أنحت‬ ‫الشخصية األكثر قربا من صنعي الخاص‪ ،‬وأعشقها حتى لو كانت على خالف ما أؤمن به‪ ،‬فمثال قصة‬ ‫*عناق* ضمن مجموعتي القصصية *عناق* تتحدث عن سارد مذكر يعشق جارته األنيقة ويبدأ في‬ ‫البحث عن سبل للعناق األبدي بين رجل وامرأة مقحما كل ذاكرته السابقة عن مفاهيم العناق سواء‬ ‫في األدب مثل قصيدة الشاعر ماريو بينديتي التي تحمل نفس العنوان *عناق* أوفي الفن مثل‬ ‫لوحة الفنان التشكيلي البولندي بيشنسكي التي تحمل عنوان* عناق* وهي تبرز تالحم هيكلين‬ ‫عظميين لرجل وامرأة يفوق اعتبار الزمن‪ ،‬لكن المعشوقة ترى العناق شكال آخر‪ ،‬فهي ال يهمها أن‬ ‫يحدث العناق بين جنسين مختلفين‪ ،‬بل ترى العناق مع نفس الجنس أي أنها تعشق امرأة مثلها‪،‬‬ ‫وهنا يقف السارد العاشق موقف حيرة‪ :‬لماذا ال تعشقه هذه المرأة المتعددة األنوثة‪ ،‬ولماذا ترفض‬ ‫عشق رجل وتعشق امرأة‪ ،‬في حين كما يقول هو أنوثتها تكفي ألكثر من رجل؟‬ ‫من المؤكد أن هناك أشياء ال نستطيع تفسيرها عبر الكتابة‪ ،‬ألن أحالم الناس وأفكارهم ليست‬ ‫متشابهة‪ ،‬لذا تتمتع الشخوص لدي في عيش حريتها الخاصة كأشخاص لها مواقف مستقلة عن‬ ‫توجيهي الخاص أنا كساردة‪ ،‬فليس لدي أي سوط أجلد به األبطال أو أوجههم‪ ،‬إنهم يتحولون‬ ‫في النفس عبر اشتعالي الخاص‪ ،‬ولكنهم ينفذون بجلدهم مني كي يقولوا األدب عبر طريقتهم‬ ‫الخاصة‪.‬‬ ‫نفس الشيء يحدث مع بطلة قصتي *نأنأة* فبطلة القصة دارسة للفلسفة تقيم مع صديقها‬ ‫الرسام في منزل في باريس‪ ،‬وتدخن الحشيش كي تعيش جذبتها الخاصة‪ ،‬ومن المؤكد أن يكون‬ ‫قاموسها خاص بالفلسفة‪ ،‬ألن النص يستمد قاموسه من الشخصيات التي يتحدث عنها‪ .‬غير أنها‬ ‫ال تملك أية حكمة في مسارها اليومي أو في مسار حياتها التي تعيد بناءها سواء عبر الكتابة أو عبر‬ ‫التذكر‪ ،‬ولو كف األدب أن يقدم النصائح والحكمة والجدية‪ ،‬من المؤكد أنه سيعثر على طرق أخرى‬ ‫غير طرق المنطق والصرامة‪ ،‬لكي يعيش طيشه ونزقه كما يحلو له‪ ،‬ويمكن أن أحيل هنا إلى كتاب‪:‬‬ ‫‪une histoire des romans d’amour, pierre lepape‬‬ ‫إذ يتساءل بيير لوباب في كتابه الذي صدر سنة ‪ 2011‬حول تاريخ روايات الحب ‪ :‬ماذا لو كانت‬ ‫الرواية أصال جنسا أدبيا غير جدّي‪ ،‬يرتبط بالطيش واللعب والشباب أكثر من ارتباطه بالرشد‬ ‫والجدية والنضج؟ ماذا لو كانت الرواية نوعا أدبيا طائشا مرتبطا أصال بانعدام التجربة‪ ،‬وبانفعالية‬ ‫الشباب؟ هل يمكن للبالغين الراشدين الذين يفهمون الحياة على أنها مصالح أن يقتنعوا بالدرس‬ ‫الذي تعلمه روايات الحبّ للشباب‪ :‬أن الحب هو الشيء األكثر أهمية في الحياة؟‬ ‫الكتابة بالنسبة لي بحث في الاليقين‪ ،‬وشك في العديد من الثوابت‪ ،‬ولذا فهي ال تتوقف عند‬ ‫الشخصيات الجاهزة والمعتدلة في سلوكها األخالقي‪ ،‬ألنها ال تهتم بها أكثر‪ ،‬يهمها جدا أن تعيش‬ ‫اضطرابات الشخصيات وهم يخوضون تجربة البحث عن ذواتهم‪..‬‬


‫ال�شمـال‬

‫‪t‬‬

‫‪12‬‬

‫‪ xw‬العدد ‪1056‬‬

‫‪www. Achamal.ma‬‬

‫‪xw‬‬

‫ال�سبت ‪ 25‬يوليوز ‪2020‬‬ ‫‪Journal Achamal 2000‬‬

‫الكاتب الكبير‬

‫الكاتب الكبير‬

‫حوار في ليل متأخر‬

‫‪022.25.86.81‬‬ ‫يرن ُ‬ ‫ال ّ‬ ‫ُ‬ ‫الثابت‬ ‫الهاتف‬ ‫ُ‬ ‫يف البيت ِ‬ ‫لح ُ‬ ‫فاة وحيدة‬ ‫الس ْ‬ ‫ُّ‬ ‫****‬ ‫تذرع ُالغرفة‬ ‫يد‬ ‫بحث ًا عن ٍ‬ ‫يقطر‬ ‫ُ‬ ‫إصبعيها‬ ‫من ْ‬ ‫اخلس ماء‬ ‫ُّ‬

‫****‬

‫لح ُ‬ ‫فاة التي‬ ‫الس ْ‬ ‫ُّ‬ ‫كانت سعيدة‬ ‫وحدها اآلن َ‬ ‫تئن‬ ‫ُّ‬ ‫للسماء!‪..‬‬ ‫ْ‬ ‫وهي ترنو ّ‬

‫الحلم بموسكو‬

‫َ‬ ‫أمس‬ ‫سآتيك ِ‬ ‫وئيد اخلطى‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫واحلنني‬ ‫مثقال باألسى‬ ‫ِ‬ ‫بدمعة أولغا *‬ ‫الرحيل‬ ‫غداة‬ ‫ِ‬ ‫إلى حيث يسري َ‬ ‫بك احلل ُْم‪،‬‬ ‫حزين‬ ‫ذات مساء‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫سأهديك‪ ،‬ماذا تراني‬ ‫َ‬ ‫سأهديك‪ ،‬يا صاحبي‬ ‫غير إطاللتي وثمالة كأسي‬ ‫لتني‬ ‫متب ِ‬ ‫ّ‬ ‫املشيع‬ ‫بشجو احلديث‬ ‫ّ‬ ‫حب‬ ‫كالص ِ‬ ‫ّ‬ ‫ما بني مقهى وأخرى‬ ‫باملستحيل‬ ‫احلب واحللْم‬ ‫عن‬ ‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫_ وأنت؟‬ ‫حبي‬ ‫أهرب ّ‬ ‫_ بلى ! ال أزال ّ‬ ‫إلى أي ركن من األرض أقصى‪...‬‬ ‫األحاديث‬ ‫وهج‬ ‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫ويشتد ْ‬

‫زفزاف‪ ...‬في موسكو ‪...‬‬ ‫مع المستعربة الروسية أولغا فالسوفا‬ ‫بطلة «أن نحلم بموسكو»‪.‬‬

‫احللو‬ ‫والضحك‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫حتى يطول عناق السماء‬ ‫ّ‬ ‫نصيب‬ ‫لكل‬ ‫ٌ‬ ‫من املوت يحيا به وله ُ‬ ‫يف حياة الرخاء‬ ‫دقائق ُمعدودة ليس إال‬ ‫أمير القوايف‬ ‫أضاف إليها ُ‬ ‫ً‬ ‫للدخان‬ ‫منذورة‬ ‫ثواني‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫املعدمني‬ ‫على عادة َ‬ ‫وصاياه‬ ‫وحفظ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫اجلميل‬ ‫أو رمبا للعزاء‬ ‫ِ‬ ‫يجاف‬ ‫إذا لم‬ ‫ِ‬ ‫نداماه‬ ‫الكرمي‬ ‫األمير‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫الوزن‬ ‫يستتب له‬ ‫كي‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫لكنها يف حساب العشاء‬ ‫ُ‬ ‫دقيقة صمت‬ ‫األخير‬ ‫طويل‬ ‫ٍ‬ ‫ثقيل األثايف‬ ‫ومن ّ‬ ‫كل وجه‬ ‫ّ‬ ‫يقل ويكثر فيها‬ ‫املعزّ ون واملادحون‬ ‫على قدر أهل ‪ ..‬الوالء !‬

‫بيوت واطئة‬

‫_ « يا له من سكون مريع» !‬ ‫يا له من سكون‬ ‫يا له‬ ‫ُ‬ ‫زفزاف يا‪...‬‬ ‫محمد‬ ‫يا‬ ‫ُ‬

‫إدريس الملياني‬ ‫يزهر‬ ‫هو ذا‬ ‫ُ‬ ‫الزيزفون‬ ‫اجلميع‬ ‫يف بيوت‬ ‫ِ‬ ‫البيوت‬ ‫جميع‬ ‫ِ‬ ‫ولكنه ال يضوع‬ ‫يثمر‬ ‫وال‬ ‫ُ‬ ‫غير هذا النيون‬ ‫****‬ ‫املدن‬ ‫يف خيام‬ ‫ْ‬ ‫****‬ ‫من قرير ًا إذن‬ ‫****‬

‫احلبيب‬ ‫أيهذا‬ ‫ُ‬ ‫البعيد املنال‬ ‫القريب‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫وال تكترث‬ ‫بانكسار النّ صال‬ ‫وال باملديح ا ُملسيل الدموع !‬ ‫****‬ ‫*أولغا ‪ :‬فالسوفا املستعربة‬ ‫الروسية الراحلة ‪..‬بطلة‬ ‫أقصوصته ‪»:‬أن نحلم‬ ‫مبوسكو»‪.‬‬ ‫*من ديوان «مبلء الصوت»‬ ‫‪: 2005‬‬


‫ال�شمـال‬

‫‪t‬‬

‫‪13‬‬

‫‪ xw‬العدد ‪1056‬‬

‫‪www. Achamal.ma‬‬

‫‪xw‬‬

‫ال�سبت ‪ 25‬يوليوز ‪2020‬‬ ‫‪Journal Achamal 2000‬‬

‫في ذكرى رحيله ‪ 13‬يوليوز ‪2001‬‬

‫محمد زفزاف‬ ‫ما زال الكاتب الكبري‬ ‫والثعلب الذي‬ ‫يظهر ويختفي‬

‫عبد الرحيم الخصار‬

‫أعمال زفزاف في حاجة أيضاً إلى نقلها إلى عدد‬ ‫من لغات العالم‪ ،‬ألن أدبه مثل حياته كالهما شبيه‬ ‫بأدب وحياة الكتاب الكبار في مختلف أطراف العالم‪،‬‬ ‫كي يظل حاضراً باستمرار في المشهد الثقافي‬ ‫العام‪ ،‬وكي ال يبقى حضوره موسمياً مثل ثعلبه‬ ‫الذي يظهر ويختفي‪.‬‬ ‫إذا سألت أحداً في المغرب‪« :‬من هو الكاتب‬ ‫الكبير؟» فسيكون الجواب من دون تردد‪ :‬محمد‬ ‫زفزاف‪ ،‬فهذه هي الصفة التي أطلقها عليه محبوه‬ ‫منذ عهد بعيد‪ ،‬بمن فيهم الباحـثون المغاربة الذين‬ ‫أ ّلفوا بعد رحيله كتاباً جماعياً لم يجـدوا له اسماً آخر‬ ‫سوى «الكاتب الكبير»‪ .‬هذا القـروي القــادم من‬ ‫غرب المغرب إلى حي المعاريف بالدار البيضاء‬ ‫بمالمحـه اآلسيوية هو أكثر الكتاب قرباً من‬ ‫حياة النــاس ومن متاهاتهم وأعماقهم‬ ‫رغم عزلته الدائمـة في بــيت كان يــقول‬ ‫عنه‪« :‬ليس بيــتي تمــاماً‪ ،‬إنه يتعــبني‪،‬‬ ‫حتى إن لم يطــرق بابك أحد‪ ،‬فالهاتف‬ ‫ال يتـوقف‪ .‬ولو كــنتُ غنياً الشـــتريت‬ ‫بيتاً خارج الدار البيضاء ألســتريح‬ ‫فـيه»‪ ،‬كانت شقــته مليئة بالسالحف‬ ‫وبأطفال الجــيران‪ ،‬ربما لهذا كان‬ ‫يقـول‪« :‬أنا أفضل أن أعاشر السالحف‬ ‫على بعض األنــواع من البشر»‪.‬‬ ‫قال عنه الكاتب العراقي فيصل عبد‬ ‫الحسن‪« :‬كنت أعرف أن المبدع محمد‬ ‫زفزاف الكاتب المغربي المعروف كريم اليد‬ ‫ويجود بما يملكه‪ ،‬لكنه يرحمه اهلل بسبب‬ ‫افتقاره إلى مـورد مالي ثابت كان ال يستطيع‬ ‫في بعض األحيان حتى شراء الجريدة»‪ .‬زفزاف‬ ‫نفسه قال مرة إن الياس الخوري كتب عن بيته في‬ ‫«السفير» وسمّاه البيت المهجور‪ ،‬إنه بيت مهجور‬ ‫فعــ ً‬ ‫ال ـ يضيف زفزاف – لكن زاره كثير من الذين‬ ‫أثروا في حضارتنا العالمية‪.‬‬ ‫هذه السنة وهذا الصيف تحديداً تكون الذكرى‬ ‫الثمانين لوالدته قد حلت‪ ،‬وتكون بالمقابل أربعون‬ ‫سنة قد مرت على روايته األولى والالفــتة «المرأة‬ ‫والوردة» التي صدرت في بيروت سنة ‪ 1972‬عن‬ ‫الدار العربية المتحدة للـنشر‪ ،‬لكن زفزاف يروي‬ ‫أن الناشر حينها نشــرها من دون االطــالع على‬

‫فحواها‪ ،‬وما أن صـدرت و ُقرئت حتــى تنكر لهــا‪.‬‬ ‫لذلك أعيدت طباعتها بدعم من الشاعر يوسف‬ ‫الخال عن دار «غاليري ‪ ،»1‬وتم إصدارها في‬ ‫طبعات أخــرى الحــقاً‪ ،‬وترجمت في الثمانينيات إلى‬ ‫اإلسبانية وكانت محوراً ضمن البرنامج الدراسي‬ ‫في جامعة بوردو الفرنسية وليدن الهولندية‪.‬‬ ‫بطل الرواية شاب يرحل إلى فرنــسا لمواصــلة‬ ‫تعليمه‪ ،‬حالماً بتحقيق ذاته في عالم كان ينظر‬

‫األميركي روجر ألنفي في معرض حديثه عن اتصال‬ ‫الكائن العربي بالعالم الغربي «ويمكن القول إن‬ ‫دائرة توظيف هذا الموضوع اكتملت في رواية‬ ‫«المرأة والوردة» للمغربي محمد زفزاف»‪.‬‬ ‫وقبل «المرأة والوردة» بعامين أصدر زفزاف‬ ‫مجموعته القصصــية األولى «حوار في لــيل‬ ‫متأخر» بدمــشق عن وزارة الثقافة السورية‪،‬‬ ‫وتوالت بعدها رواياته وأعماله القصصية التي صدر‬ ‫عدد كبير منها خــارج المغــرب‪« :‬أرصفة وجدران»‬ ‫ببــغداد‪« ،‬قبور في الماء» و«محــاولة عيش»‬ ‫بتونس‪« ،‬الشجرة المقدسة» و«غجر في الغابة»‬ ‫ببيروت‪« ،‬مالك أبيض» بالــقاهرة‪« ،‬األقوى»‬ ‫بدمــشق‪ ،‬إضافة إلى «بيوت واطئة»‪« ،‬األفعى‬ ‫والبــحر»‪« ،‬بيضة الديك»‪« ،‬الثعلب الذي‬ ‫يظهر ويختفي»‪« ،‬العــربة» وغـيرها من‬ ‫الروايات والمجاميع القصصية التي‬ ‫صدرت بالدار البيـضاء‪.‬‬ ‫ورغم أن كتبه كانت تـباع على نطاق‬ ‫واسع فقد عــاش حياته كما يعيش أي‬ ‫كاتب ال يملك سوى كلماته‪ .‬لم يحظ‬ ‫بحياته باالهتـمام الذي ينبغي أن‬ ‫يحظى به كاتب في قامته‪ ،‬وحين مات‬ ‫سُميَ مركبٌ ثقافي باسمـه وأُحدثت‬ ‫جوائز تخلد ذكراه‪ ،‬وأُلفت عنه كتب‬ ‫وسال عن أدبه مداد كثير‪ ،‬ومع ذلك فإن‬ ‫أعمال زفزاف في حاجة اليوم إلى إصدارها‬ ‫في طبعات متجــددة وإلى تقديمــها عبر‬ ‫المدارس والجامعات إلى األجيال الجديدة من‬ ‫القراء‪ ،‬وعدم محاربتها كــما وقع قبل فترة في‬ ‫المغرب حين تمت برمجة روايته «محاولة عيـش»‬ ‫في المدارس الثانوية فتعرضت لهجوم شرس من‬ ‫طرف جهات «محافظة» كانت تسعى إلى إلغاء‬ ‫تدريسها متدرعة بالوازع األخالقي‪.‬‬ ‫أعمال زفزاف في حاجة أيضاً إلى نقلها إلى عدد‬ ‫من لغات العالم‪ ،‬ألن أدبه مثل حياته كالهما شبيه‬ ‫بأدب وحياة الكتاب الكبار في مختلف أطراف العالم‪،‬‬ ‫كي يظل حاضراً باستمرار في المشهد الثقافي‬ ‫العام‪ ،‬وكي ال يبقى حضوره موسمياً مثل ثعلبه‬ ‫الذي يظهر ويختفي‪.‬‬

‫ورغم �أن‬ ‫كتبه كانت تـباع‬ ‫على نطاق وا�سع فقد عــا�ش‬ ‫حياته كما يعي�ش �أي كاتب ال‬ ‫ميلك �سوى كلماته‪ .‬مل يحظ‬ ‫بحياته باالهتـمام الذي ينبغي‬ ‫�أن يحظى به كاتب يف‬ ‫قامته‬ ‫إليه بمثالية‪ ،‬غـير أن تلك النظرة سوف تتغير‬ ‫للنقــيض بسبب اتصاله الدائم بالعوالم السفلى‬ ‫للحياة الفرنسية‪ ،‬الرواية تنـتقد أيضاً المحيط‬ ‫االجتماعي المغربي‪ ،‬حــيث يجد البطل نفــسه‬ ‫في حالة تصادم مستمر مع مكــوناته‪ ،‬لقد كانت‬ ‫َ‬ ‫احتجاج على الكثير من القيم‬ ‫الفتة‬ ‫هـذه الرواية‬ ‫ٍ‬ ‫الســائدة سواء هنا أو هناك‪ .‬يقول الناقد والمترجم‬


‫ال�شمـال‬

‫‪t‬‬

‫‪14‬‬

‫‪ xw‬العدد ‪1056‬‬

‫‪www. Achamal.ma‬‬

‫‪xw‬‬

‫ال�سبت ‪ 25‬يوليوز ‪2020‬‬ ‫‪Journal Achamal 2000‬‬

‫جهة طنجة تطوان الحسيمة‬ ‫مجتمع ‪ -‬سياسة ‪ -‬حقوق ‪ -‬اقتصاد‬

‫عبد العالي بن ربوحة‬

‫(مراسل من القصر الكبير‪/‬العرائش)‬

‫‪benrebouha01@gmail.com Tél : 0641794991‬‬

‫ملف تلوث �شاطئ العرائ�ش على طاولة وزارة‬ ‫البيئة‬ ‫في مراسلة لمنتدى الشباب التشاركي‬ ‫موجهة إلى السيد وزير الطاقة والمعادن‬ ‫والبيئة ‪-‬قطاع البيئة‪ -‬ونسخة أخرى‬ ‫موجهة إلى المختبر الوطني للدراسات‬ ‫ورصد التلوث‪ ،‬حول أسباب تلوث مياه‬ ‫ساحل ” المسيطرو” والسواحل المجاورة‪،‬‬ ‫الموضوع الذي أثار الكثير من األسئلة‬ ‫المقلقة حول األعراض التي ظهرت لدى‬ ‫مرتادي الشواطئ الساحلية بالعرائش‪،‬‬ ‫كاحمرار العينين والتقيؤ والعياء والحكة‬ ‫وحرقة الحنجرة والحلق …‪ .‬إضافة إلى‬

‫نفوق األسماك على طول الشط الساحلي‪.‬‬ ‫وقد أكد رئيس منتدى الشباب‬ ‫التشاركي يوسف الغرافي‪ ،‬أن المراسلة‬ ‫هي ضرورة ملحة ومستعجلة أملتها أوال‬ ‫األعراض التي بدت مجتمعة على مجموعة‬ ‫من المواطنات والمواطنين وفق شعار‬ ‫صحة المواطن أوال‪ ،‬ثم إحاطة المؤسسات‬ ‫علما بما يقع بسواحلنا مع حثهم على‬ ‫ضرورة معرفة وتحديد أسباب التلوث‪ ،‬حتى‬ ‫يتسنى من جهة التدخل الفوري للوقاية‬ ‫من األعراض التي أصيب بها المواطنون‬

‫وعالجها‪ ،‬ومن جهة أخرى حماية الثروات‬ ‫البحرية ومياه السواحل من التلوث‬ ‫والحفاظ عليها واستصالحها‪ ،‬وأخيرا‬ ‫طمأنة الساكنة من الفراغ الحاصل في‬ ‫منسوب المعلومات المرتبطة بالموضوع‪.‬‬ ‫وتجدر اإلشارة إلى أن تلوث مياه‬ ‫السواحل بالعرائش أثار جدال كبيرا بين‬ ‫الساكنة وشباب المدينة وعلى مواقع‬ ‫التواصل االجتماعي‪ ،‬السيما وأن الموضوع‬ ‫بقي دون تفاعل أوشرح من طرف أي جهة‬ ‫رسمية‪.‬‬

‫اجلمعية املغربية حلماية امل�ستهلك والدفاع‬ ‫عن حقوقه بالق�صر الكبري يف بيان تنديدي ب�سبب‬ ‫تدهور و�ضع قطاع النظافة باملدينة‬ ‫على إثر تكاثر وانتشار أكوام من‬ ‫األزبال وبرك من سوائل النفايات التي‬ ‫تنتج بسببها روائح كريهة في معظم‬ ‫أحياء المدينة حيث أصبحت هذه الروائح‬ ‫تلوث بيئة األحياء وتهدد صحة وسالمة‬ ‫المواطنين المقيمين بالمدينة وزوارها ‪.‬‬ ‫وهذا بسبب تردي وسوء خدمات‬ ‫شركة النظافة المعنية بالتدبير‬ ‫المفوض للنظافة بالمدينة‪.‬‬ ‫وقد أصبحت هذه الشركة المكلفة‬ ‫بالنظافة تمتنع عن تغطية أحياء المدينة‬ ‫بالحاويات وتغيير المكسرة منها وإصالح‬ ‫الشاحنات المتهالكة والتي تتسرب منها‬ ‫سوائل األزبال الملوثة مما يخلق تلوثا‬ ‫بيئيا خطيرا وروائح كريهة في أغلبية‬ ‫شوارع وأزقة المدينة والتي يعاني منها‬ ‫المواطن كثيرا ‪.‬‬ ‫ولهدا نطالب من جميع الجهات‬ ‫المسؤولة والمعنية بهذا الملف بداية‬ ‫من السيد وزير الداخلية والسيد والي‬ ‫جهة طنجة تطوان الحسيمة والسيد‬

‫عامل صاحب الجاللة على إقليم‬ ‫العرائش والسيد باشا المدينة ورئيس‬ ‫المجلس الجماعي لمدينة القصر الكبير‬ ‫بالتدخل العاجل والفوري إلنقاذ ساكنة‬ ‫المدينة من كارثة بيئية محققة ‪.‬‬ ‫خاصة أننا في فصل الصيف‬ ‫ومقبلين بعد أيام قليلة على مناسبة‬ ‫عيد األضحى المبارك حيث تكثر نفايات‬ ‫األضاحي ومخلفاتها ‪ ,‬كما أننا نعيش‬ ‫هذه األيام مع خطر األوبئة المستجدة‬ ‫من بينها انتشار فيروس كوفيد ‪.19‬‬

‫ولهذا ندعو جميع السلطات‬ ‫والجهات المسؤولة للتدخل قصد‬ ‫رفع الضرر الذي أصبح يهدد المدينة‬ ‫وساكنتها ‪ ,‬كما نطالبهم بتفعيل‬ ‫المقتضيات القانونية قصد إنهاء هاته‬ ‫اإلختالالت واألساليب الغير قانونية‬ ‫والألخالقية التي تنهجها الشركة لختم‬ ‫مدة تمديد عملها بالمدينة قصد‬ ‫الخروج بأقل تكلفة مالية ‪.‬‬ ‫هدفنا الحفاظ على صحة وسالمة‬ ‫المواطنين والبيئة‪.‬‬

‫�إقليم العرائ�ش ‪ :‬ظرفية وباء‬ ‫كورونا مل متنع من ارتفاع ن�سبة‬ ‫النجاح يف الباكالوريا‬

‫أعلنت المديرية اإلقليمية للتربية والتكوين‪ ‬بالعرائش‪ ،‬أن‪ ‬عدد المترشحات‬ ‫والمترشحين‪ ‬في‪ ‬الدورة العادية لالمتحان ‪ ‬الوطني الموحد لنيل شهادة‪ ‬الباكلوريا‪202 ‬‬ ‫‪ ،0‬هو‪ 3267 ‬مترشحا‪ ،‬وتشكل عدد اإلناث منهم‪ 1779 ‬مترشحة‪ .‬وقد بلغ‪ ‬عدد‪ ‬الناجحين‬ ‫خالل هذه الدورة العادية‪ ‬هو‪ 2088 ‬ناجحة‪ ‬وناجح‪ ،‬إذ بلغت نسبة النجاح‪65.09 ‬‬ ‫‪ %‬مقابل‪ % 63.03 ‬في نفس الدورة لعام‪ ،2019 ‬بزيادة‪ ‬تقدر‪ .% 2.06 ‬علما أن عدد‬ ‫الحاضرين الجتياز امتحان هذه الدورة هو‪ 3208 ‬مترشحة ومترشحا من المتمدرسين‪،‬‬ ‫بنسبة بلغت‪.% 98.19 ‬‬ ‫وإذ تتقدم‪ ‬المديرية‪ ‬اإلقليمية‪ ‬بالتنويه‪ ‬والشكر لجميع نساء ورجال التربيـــــــة‬ ‫والتكوين‪ ،‬والسلطات‪ ‬اإلقليمية‪ ‬والصحية‪ ‬واألمنية‪ ،‬التي‪ ‬عملت‪ ‬على‪ ‬تأمين‪ ‬جميع‬ ‫الشروط‪ ‬والظروف‪ ،‬لضمان‪ ‬نجاح عملية تنظيم هذا االستحقاق الوطني‪ ‬وتحصين‬ ‫مصداقية شهادة‪ ‬الباكلوريا‪ ‬الوطنية‪ ،‬خاصة في هذه الظروف االستثنائية‪ ،‬التي‬ ‫طبعتها‪ ‬التنفيذ المحكم‪ ‬لإلجراءات االحترازية‪ ‬جراء تفشي وباء كورون”كوفيد‪.19‬‬ ‫وفي األخير فإن‪ ‬المديرية اإلقليمية تدعوكافة نساء ورجال التعليم‬ ‫إلى‪ ‬مواصلة‪ ‬الجهود والتميز‪ ‬خالل الدورة االستدراكية‪ ‬التي ستنظم وفق نفس اإلجراءات‬ ‫االحترازية‪ ،‬أيام ‪22‬و‪23‬و‪24‬و‪ 25‬يوليوز ‪ ،2020‬وسيتم إعالن نتائجها يوم ‪ 29‬يوليوز‬ ‫‪.2020‬‬

‫�أداء فواتري احلجر ال�صحي‬ ‫وت�سهيالت الوكالة امل�ستقلة‬ ‫اجلماعية لتوزيع املاء والكهرباء‬ ‫ب�إقليم بالعرائ�ش‬

‫فريدة ال�شويخ يف ذمة اهلل‬ ‫انتقلت إلى عفو اهلل‬

‫فريدة ال�شويخ‬

‫بنت المرحوم سيدي العياشي الشويخ‬ ‫رحمه اهلل‬

‫وبهذه المناسبة األليمة نتقدم باسم أسرة شهبون‬ ‫إلى اختيها رشيدة ومليكة وإخوانها العربي ومصطفى‬ ‫وعبدالواحد بأحر التعازي مع الدعاء لها بالثواب واألجر‬ ‫والسرتها الكريمة بالصبر الجميل‪.‬‬

‫إنا هلل وانا اليه راجعون‬

‫أعلنت الوكالة المستقلة الجماعية لتوزيع الماء والكهرباء بإقليم العرائش والقصر‬ ‫الكبير عن إقرار مجموعة من التسهيالت للزبائن من أجل تسوية فواتير االستهالك خالل‬ ‫األشهر الماضية‪.‬‬ ‫وأوضحت الوكالة في بالغ صحفي ‪ ،‬أنه اعتبارا للتدابير االحترازية التي اتخذتها‬ ‫السلطات العمومية بهدف الحد من انتشار فيروس كورونا المستجد ‪ ،‬قامت الوكالة‬ ‫منذ مارس الماضي بتوقيف عملية قراءة العدادات وتقدير استهالك الزبائن‪ ،‬مضيفة أنه‬ ‫تم استئناف قراءة العدادات في فاتح يونيو ما مكن من الحصول على الكمية الحقيقية‬ ‫لالستهالك‪.‬‬ ‫وأضافت إن فواتير شهر يونيو أعدت بناء على االستهالك الفعلي بطريقة احتساب‬ ‫تمكن من تسوية جميع الفواتير المقدرة خالل فترة الحجر الصحي وتراعي المدة الفعلية‬ ‫لالستهالك وأشطر التعريفة‪ ،‬مشددة على أن الوكالة “وعيا منها بصعوبة األداء التي‬ ‫ستواجه بعض األسر‪ ،‬تلتزم بتقديم كافة التسهيالت للزبائن”‪.‬‬


‫ال�شمـال‬

‫‪t‬‬

‫‪15‬‬

‫‪ xw‬العدد ‪1056‬‬

‫‪www. Achamal.ma‬‬

‫‪xw‬‬

‫ال�سبت ‪ 25‬يوليوز ‪2020‬‬ ‫‪Journal Achamal 2000‬‬

‫جهة طنجة تطوان الحسيمة‬ ‫فكري ولد علي‬

‫(مراسل من الحسيمة‪ /‬الناظور)‬

‫مجتمع ‪ -‬سياسة ‪ -‬حقوق ‪ -‬اقتصاد‬

‫‪Fikri.press@gmail.comTél 0661986707‬‬

‫عامل احل�سيمة ي�سلم �سيارة �إ�سعاف و�ألب�سة بحرية �إدانة جنل رئي�س جماعة تارجي�ست‬ ‫للبحارة العاملني مبيناء كااليري�س‬ ‫ال�سابق املتهم باحتجاز البا�شا‬ ‫بـ‪� 6‬سنوات �سجن نافذة‬

‫استفاد نحو ‪ 300‬بحار مزاول للصيد‬ ‫التقليدي بميناء كاليريس بإقليم الحسيمة‪،‬‬ ‫مؤخرا‪ ،‬من سيارة لإلسعاف وألبسة بحرية‪.‬‬ ‫وأشرف عامل إقليم الحسيمة‪ ،‬فريد‬ ‫شوراق‪ ،‬على توزيع هذه المعدات‪ ،‬التي‬ ‫تم اقتناؤها في إطار المرحلة الثالثة من‬ ‫المبادرة الوطنية للتنمية البشرية‪.‬‬ ‫وتروم هذه المبادرة تحسين ظروف‬ ‫عمل واشتغال البحارة الصيادين بميناء‬ ‫كاليريس بجماعة بني بوفراح‪ ،‬وأرباب‬ ‫قوارب الصيد البحري بالميناء واإلسهام‬ ‫في النهوض بوضعيتهم االقتصادية‬ ‫واالجتماعية وتحسين دخلهم اليومي‬ ‫ومستواهم المعيشي‪.‬‬ ‫كما تندرج في إطار دعم هذه الفئة‬ ‫االجتماعية ذات الدخل المحدود وتطوير‬ ‫وسائل اإلنتاج بالشكل الذي يرقى إلى‬ ‫تطلعات وانتظارات مهنيي الصيد التقليدي‬ ‫وضمان ممارسة العمل البحري في ظروف‬ ‫مريحة‪.‬‬ ‫في السياق ذاته‪ ،‬تم وضع سيارة‬

‫إسعاف جرى اقتناؤها في إطار المبادرة‬ ‫الوطنية للتنمية البشرية رهن إشارة‬ ‫جمعية بحارة كاليريس للصيد الساحلي‬

‫بنفس الميناء‪ ،‬لتسهيل الولوج إلى‬ ‫الخدمات الصحية األساسية لفائدة البحارة‬ ‫المستفيدين‪.‬‬

‫قا�ضي التحقيق ي�أمر ب�إيداع جندي ب�سجن احل�سيمة‬ ‫أمر قاضي التحقيق بمحكمة‬ ‫االستئناف بالحسيمة‪ ،‬بإيداع جندي‬ ‫بالبحرية الملكية بالحسيمة‪ ،‬السجن‬ ‫المحلي ومتابعته في حالة اعتقال بتهمة‬ ‫القتل العمد مع سبق اإلصرار والترصد‬ ‫وحيازة سالح بدون سند مشروع‪.‬‬ ‫ووفق المعطيات التي حصلت عليها‬ ‫جريدة الشمال أن المعني باألمر كان قد‬ ‫توارى عن األنظار بعد العثور على جثة‬ ‫ألحد أفراد الجالية المغربية المقيمة‬ ‫بهولندا بحي «موروبييخو» بمدينة‬ ‫الحسيمة‪ ،‬وقد جرى توقيف المعني‬ ‫باألمر بمدينة تازة‪ ،‬بعدما صدرت في‬ ‫حقه مذكرة بحث وطنية من قبل األمن‬ ‫الجهوي للحسيمة‪.‬‬ ‫ولدى استنطاقه نفى المشتبه فيه‬ ‫التهم المنسوبة إليه في كل مراحل‬ ‫التحقيق‪ ،‬غير أن بعض القرائن التي‬

‫قضت الغرفة الجنحية التلبسية بالمحكمة االبتدائية بتارجيست زوال يوم‬ ‫اإلثنين ‪ 13‬يوليوز الجاري‪ ،‬بإدانة ابن رئيس بلدية تارجيست السابق‪ ،‬بالحبس ‪6‬‬ ‫سنوات نافذا وغرامة مالية قدرها ‪ 20‬ألف درهم‪ ،‬على خلفية متابعته باحتجاز باشا‬ ‫تارجيست في فترة الحجر الصحي‪.‬‬ ‫وحكمت ذات الغرفة وفق منطوق الحكم‪ ،‬بإدانة المتهم من أجل ما نسب إليه‬ ‫ومعاقبته بست سنوات حبسا نافذا مع تحميله الصائر مجبرا في األدنى‪.‬‬ ‫كما قضت الغرفة نفسها في الدعوى المدنية بأداء المتهم لفائدة المطالب‬ ‫بالحق المدني تعويضا مدنيا قدره ‪ 20.000.000‬درهم عن الضرر المادي وتعويضا‬ ‫مدنيا عن الضرر المعنوي قدره درهم واحد رمزي مع تحميله الصائر مجبرا في واحد‬ ‫و عشرين يوما ‪.‬‬ ‫وتوبع المعني باألمر من طرف النيابة العامة من أجل “االحتجاز وإهانة الموظف‬ ‫العمومي واالعتداء عليه‪ ،‬وكسر شيء مخصص للمنفعة العامة‪.‬‬

‫�إيقاف ‪ 34‬مغربيا مر�شحا للهجرة ال�سرية‬ ‫ب�شاطئ ال�سواين نواحي احل�سيمة‬ ‫استند إليها المحققون تؤكد ضلوعه‬ ‫في جريمة القتل التي راح ضحيتها‬ ‫المهاجر المغربي‪ ،‬حيث كسر شريحة‬ ‫هاتفه المحمول‪ ،‬كما رفض اإلقامة في‬

‫منزله أو اإلقامة في الفندق‪ ،‬كما ضبطت‬ ‫عناصر الشرطة القضائية سالحا أبيض‬ ‫لدى المتهم‪ ،‬يشتبه في أن يكون األداة‬ ‫المستعملة في ارتكابه الجريمة‪.‬‬

‫امل�سرح الكبري و املعهد املو�سيقي باحل�سيمة‬ ‫على م�شارف الإنتهاء‬

‫أكدت مصادر مطلعة أن قوات عناصر البحرية الملكية بمركز واد النكور‪ ،‬تمكنت في‬ ‫وقت متقدم من ليلة يوم األحد الماضي الجاري‪ ،‬من إيقاف ‪ 34‬مرشحا للهجرة السرية‬ ‫على شاطئ السواني‪ ،‬كانوا يستعدون للمغادرة باتجاه السواحل اإلسبانية الجنوبية‪.‬‬ ‫ذات المصادر أوردت كذلك‪ ،‬أن العناصر ذاتها قامت بإيقاف زورق مطاطي‪ ،‬مجهز‬ ‫بمحرك قوته ‪ 25‬حصانا‪ ،‬وخزانين معبأين بالبنزين‪ ،‬على بعد حوالي ‪ 100‬متر من شاطئ‬ ‫السواني‪ ،‬وعلى متنه ‪ 34‬مرشحا للهجرة السرية‪ ،‬بينهم إمرأتين‪ ،‬وكلهم مغاربة‪ ،‬حيث تم‬ ‫سحبهم باتجاه الشاطئ حيث أشعروا بتوقيفهم‪.‬‬ ‫وقامت عناصر البحرية بتسليم المرشحين للهجرة السرية لعناصر الدرك الملكي‬ ‫بامزورن‪ ،‬الذي سيتخذ المتعين قانونا في حقهم وذلك بأمر من النيابة العامة المختصة‪.‬‬

‫�شكر على تعزية‬ ‫من عائلة الصحفي فكري ولدعلي‬

‫أشرف هذا األسبوع السيد كمال‬ ‫بن الليمون‪ ،‬المدير الجهوي للثقافة‬ ‫بجهة طنجة‪-‬تطوان‪-‬الحسيمة برفقة‬ ‫السيدة جهان الخطابي‪ ،‬المديرة اإلقليمية‬ ‫للثقافة بالحسيمة بحضور المتدخلين‬ ‫التقنيين والشركات المنجزة‪ ،‬على معاينة‬

‫البنيات التحتية الثقافية بكل من الحسيمة‬ ‫وإمزورن المحدثة في إطار برنامج التنمية‬ ‫المجالية منارة المتوسط‪ ،‬و التي اكتمل‬ ‫إنجازها المركز الثقافي بإمزورن‪ )،‬أو في‬ ‫مراحلها األخيرة من اإلنجاز (المسرح الكبير‬ ‫والمعهد الموسيقي بالحسيمة)‪.‬‬

‫وجدير باإلشارة أن هذه المشاريع‬ ‫أنجزت بتكلفة إجمالية تقدر ب ‪ 99‬مليون‬ ‫درهم‪ ،‬و من المرتقب أن تساهم في دفعة‬ ‫قوية للقطاع الثقافي بالمنطقة و تسهيل‬ ‫ولوج الجمهور و المتلقي إلى كل الخدمات‬ ‫المتعلقة به‪.‬‬

‫السالم عليكم و رحمة اهلل و براكته‬ ‫ال نملك إال أن نقول ‪ ( :‬إنا هلل و إنا اليه راجعون ‪ ،‬و حسبنا اهلل و نعم‬ ‫الوكيل ‪ ،‬اللهم أجرنا في مصيبتنا وأخلف لنا خيرا منها)‪.‬‬ ‫نتقدم بجزيل الشكر واالمتنان و التقدير و العرفان لكل من قدم لنا‬ ‫التعزية الصادقة والمواساة الحسنة في وفاة والدنا (المرحوم بإذن اهلل)‬ ‫و نسأل اهلل تعالى العزيز الرحيم أن يجنبكم الشـر‪ ،‬و ان يحفظكم ذخرا‬ ‫و سندا كبيرا و عزيزا لنا ‪ ،‬نشكركم و نسأل اهلل ان يرعاكم بعنايته وأن‬ ‫بجنبكم كل مكروه‪.‬‬ ‫فقد كانت لتعازيكم الرقيقة أبلغ األثر في نفوسنا فإليكم خالص‬ ‫الشكر المقرون بصادق الود و الوفاء‪.‬‬ ‫نسأل اهلل تعالى ان يتغمد الفقيد بواسع رحمته و يسكنه فسيح‬ ‫جناته انه سبحانه و تعالى ولي ذلك و القادر عليه‪.‬‬ ‫شكر اهلل سعيكم وأعظم أجركم و جزاكم عنا خيـر جزاء‪.‬‬

‫وإنا هلل وإنا إليه راجعون‬


‫الن�ص ال�شعري‬ ‫والرتبية‬ ‫على القيم‬

‫الشمال التربوي‬

‫(االختيارات الن�صية وطرائق التدري�س)‬ ‫(تتمة)‬ ‫هذه مالحظة عامة تنسحب على معظم التآليف المدرسية‪،‬‬ ‫وفي كل المستويات؛ كأن اإلبداع الشعري توقف عند شعراء‬ ‫بعينهم‪ ،‬أمثال‪ :‬عالل الفاسي ومحمد الحلوي ومحمد بن‬ ‫إبراهيم‪ ...‬وهذا األمر يؤثر كثيرا على تلقي الشعر المغربي‪،‬‬ ‫ويعطي صورة نمطية عنه‪ .‬وإذا كنا نريد أن نحبب درس‬ ‫الشعر للمتعلمين‪ ،‬ونجعل هذا الدرس محققا ألهدافه في‬ ‫تربية ذوقهم‪ ،‬ومن ثم تنشئتهم على قيم السلوك المدني‪،‬‬ ‫وقيم المواطنة الحقة‪ ،‬واالنفتاح على اآلخر‪ ،‬فعلى المتدخلين‬ ‫في إصالح المناهج أن يراعوا هذه الجوانب‪ ،‬وهم يهيئون‬ ‫المرجعيات المؤطرة ودفاتر التحمالت‪.‬‬ ‫إن األعمال األدبية ال يمكن أن تتوقف عند نماذج معينة‪،‬‬ ‫ما دام الفن مرتبطا بحياة الناس‪ ،‬وبذوقهم واستشرافاتهم‪.‬‬ ‫لـ “أن البشرـ في كل طور تاريخي اجتماعي ـ يقع وعيهم‬ ‫على عناصر وخصائص وصفات جمالية في الواقع الطبيعي‬ ‫واالجتماعي‪ .‬ويرتبط هذا الوعي الجمالي بالتقويم الجمالي‬ ‫الذي يتغير من طور إلى طور‪( ».‬عبد المنعم تليمة ـ مدخل‬ ‫إلى علم جمال األدب ـ منشورات عيون المقاالت‪ ،‬البيضاء‬ ‫‪ ،1987‬ص ‪ ).10‬والشعر‪ ،‬باعتباره فناً جميال‪ ،‬يتميز بحساسيته‬ ‫المفرطة في استيعاب آالم الناس وآمالهم‪ .‬فبقدر ما نطلع‬ ‫المتعلمين على نماذج من تراثهم الشعري الخالد‪ ،‬يجب كذلك‬ ‫أن نرشدهم إلى النماذج المعاصرة التي تُكتب في زمنهم؛‬ ‫وفيها اشتغال أساس على اللغة وعلى المتخيل الشعري‪ ،‬على‬ ‫اعتبار أن النص الشعري المغربي الحداثي قد أوجد لنفسه‬ ‫مكانة مهمة بين الشعريات العالمية‪ .‬وذلك بفضل انفتاحه‬ ‫على المرجعيات المتنوعة المحلية والعربية واإلنسانية‪ ،‬فغدا‬ ‫ـ تبعا لذلك ـ استبصارا وحدسا ورؤية ورؤيا‪ .‬به ترتفع الذات‬ ‫في سماوات الدهشة‪ ،‬بحثاً عن لحظات مقتطعة من المطلق‪.‬‬ ‫انطالقا من ذلك كله‪ ،‬فإن مؤلفي الكتب المدرسية‬ ‫مطالبون بإعادة النظر في اختياراتهم النصية‪ ،‬إذا كانوا‬ ‫يراهنون‪ ،‬فعال‪ ،‬على تحقيق األهداف النوعية التي تؤدي‬ ‫بدورها ـ مرحليا ـ إلى تحقيق مختلف الكفايات المنصوص‬ ‫عليها في المخرجات التعليمية‪ .‬ذلك أن متلقي هذا العصر‬ ‫ليس هو متلقي العقود السابقة‪ .‬فبينهما فروق جوهرية في‬ ‫الفكر والوجدان والمزاج‪ .‬ومن ثم وجب تغيير منهجية تدريس‬ ‫النص الشعري من شكلها القائم حاليا‪ ،‬إلى شكل يستوعب‬ ‫المتغيرات المهمة التي لحقت الفكر والوجدان المعاصرين‪.‬‬ ‫في بحث تربوي تدخلي أنجزه فريق (ديداكتيك اللغة‬ ‫العربية) بالمركز الجهوي لمهن التربية والتكوين فاس‬ ‫مكناس‪ ،‬وفي جانب حضور االهتمام بالتربية على القيم في‬ ‫الكتب المدرسية الخاصة بشعبة اللغة العربية‪ ،‬مسلكي اآلداب‬ ‫والعلوم اإلنسانية‪ ،‬توصل الفريق إلى أن «إن نسبة (‪)% 86‬‬ ‫من المبحوثين يقولون بكون مراعاة مدخل التربية على القيم‬ ‫في الكتاب المدرسي جاءت مبتورة‪ ،‬تشكل مؤشرا على وجود‬ ‫انعكاسات قد ال تحمد عقباها‪ .‬فإذا كان كل مجتمع يطمح إلى‬ ‫أن ينشئ أفراده على منظومة من القيم والمعايير السلوكية‪،‬‬ ‫وهذه أمور مرهونة باألبعاد االعتقادية واألخالقية التي تحكم‬ ‫ذلك المجتمع‪ ،‬فإن ذلك ما يدعو إلى تحقيق مستوى مطلوب‬ ‫من التالؤم بين هذه القيم وبين الطرائق البيداغوجية‬ ‫والتربوية المعتمدة في المنهاج الدراسي‪ .‬ولعل الكتاب‬ ‫المدرسي أن يكون الحاضن المناسب لهذا التالؤم‪.‬‬ ‫ويرى مجموعة من المفتشين التربويين خالل ـ استطالع‬ ‫للرأي ـ أن مدخل التربية على القيم يحتاج إلى مداخل راهنة‬ ‫تتناسب ومتطلبات المتعلم المعاصرة‪ ،‬وتراعي طريقة تفكيره‬ ‫في تقديم المضامين‪ ،‬مع تجاوز للطرق النظرية والتجريدية‬ ‫التي ال تؤدي إلى النتائج المرجوة‪ .‬صحيح أن اختيار النصوص‬ ‫يطرح صعوبات جمة؛ فاختيار نصوص تمثل التيارات الفنية‬ ‫والمدارس األدبية التي يحتاجها المنهاج وتتضمن في الوقت‬ ‫نفسه القيم الخلقية والسلوكية واإلنسانية‪ ،‬قد ال يتاح دائماً‬

‫بشكل ميسر‪ .‬وقد الحظ بعض المفتشين كذلك أن الكتب‬ ‫المدرسية تنشغل في معظم األحيان بأسئلة الجوانب التقنية‬ ‫والفنية واألسلوبية‪ ،‬وتهمل طرح أسئلة بخصوص التربية على‬ ‫القيم‪ .‬باإلضافة إلى ذلك‪ ،‬فإن الكتب الثالثة المعتمدة لم‬ ‫تصرح في مقدماتها بأنها اعتمدت مدخل التربية على القيم‪،‬‬ ‫ألن مؤلفي هذه الكتب كانوا أكثر انشغاال باختيار النصوص‬ ‫التي تخدم القيم األدبية والجمالية‪ .‬كما أن بعض النصوص‬ ‫الشعرية ما تزال تكرس قيما تقليدية محافظة‪ .‬وغير خافٍ أن‬ ‫التربية على القيم تفرض مالءمة التعلمات لواقع المتعلمين‪،‬‬ ‫مع االستجابة لحاجياتهم النفسية واالجتماعية» (الكتاب‬ ‫المدرسي من التشخيص إلى االستشراف ـ كتب مادة اللغة‬

‫ويرى جمموعة من املفت�شني‬ ‫الرتبويني خالل ـ ا�ستطالع‬ ‫للر�أي ـ �أن مدخل الرتبية على‬ ‫القيم يحتاج �إلى مداخل راهنة‬ ‫تتنا�سب ومتطلبات املتعلم‬ ‫املعا�صرة‪ ،‬وتراعي طريقة‬ ‫تفكريه يف تقدمي امل�ضامني‪،‬‬ ‫مع جتاوز للطرق النظرية‬ ‫والتجريدية التي ال ت�ؤدي �إلى‬ ‫النتائج املرجوة‬ ‫العربية بالسنة الثانية بكالوريا‪ ،‬ص ‪.)152‬‬ ‫إن الدعوة إلى تغيير منهجية قراءة النصوص ال تعني أن‬ ‫حدود التالقي بين النص والمتعلم قد أصبحت متباعدة أو‬ ‫متالشية؛ بل إن هذه الحدود تتقارب بينهما أو تتباعد تبعاً‬ ‫لملكات المتعلم ولقدراته ومرجعياته التي يسخرها لقراءة‬ ‫النص الشعري قراءة متفاعل‪ ،‬يساهم في إنتاج دالالته‪ ،‬ال قراءة‬ ‫مستهلك فقط‪ « .‬ذلك ألن حالة القارئ تجاه عمل ما‪ ،‬وكما‬ ‫ينتظرها المؤلف من جمهوره‪ ،‬يمكن كذلك‪ ،‬في غياب أية إشارة‬ ‫صريحة‪ ،‬تشكيلها من جديد انطالقا من ثالثة عناصر مفترضة‬ ‫في كل نص‪ ،‬وهي المعايير الجمالية العلنية‪ ،‬أي (شعرية) جنسه‬ ‫الخاصة‪ ،‬ثم العالئق الضمنية التي تربط هذا النص بنصوص‬ ‫أخرى معروفة تندرج في سياقه التاريخي‪ ،‬وأخيرا التعارض بين‬ ‫الخيال والواقع‪ ،‬بين الوظيفة الشعرية للغة ووظيفتها العلمية‪،‬‬

‫‪t‬‬

‫‪16‬‬

‫ال�شمـال‬

‫‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬

‫ ‬

‫‪ xw‬العدد ‪1056‬‬

‫‪www. Achamal.ma‬‬

‫‪xw‬‬

‫ال�سبت ‪ 25‬يوليوز ‪2020‬‬ ‫‪Journal Achamal 2000‬‬

‫الدكتور عبد السالم المساوي‬

‫أستاذ التعليم العالي‬ ‫أستاذ مكون بالمركز الجهوي لمهن‬ ‫التربية والتكوين بفاس‬

‫وهو التعارض الذي يسمح للقارئ المتأمل في قراءته بمزاولة‬ ‫مقارنات أثناء القراءة‪ .‬وهذا العنصر األخير يسعف القارئ على‬ ‫إدراك العمل الجديد تبعا لألفق المحدود لتوقعه األدبي وتبعا‬ ‫كذلك ألفق أوسع تعْ ِرضُه تجربته الحياتية» (هانس روبيرت‬ ‫ياوس ـ جمالية التلقي‪ ،‬ـ ترجمة‪ :‬رشيد بنحدو ـ مطبعة النجاح‬ ‫الجديدة‪ ،2003 ،‬ص ‪ 67‬ـ ‪ .).68‬والمدرس قادر على أن يتيح‬ ‫األجواء للمتعلمين كي يعددوا في زوايا النظر إلى النص‪ ،‬عن‬ ‫طريق استراتيجية ديداكتيكية‪ ،‬تجعل من األسئلة الموحية‬ ‫والمتدرجة وسيلة ناجعة لالنتقال بالمتعلم من وضعية‬ ‫المستقبل المستهلك‪ ،‬إلى وضعية القارئ المنتج‪ .‬وغير خاف‬ ‫أن مثل هذه االستراتيجية تراهن على النصوص ذات اللغة‬ ‫المفتوحة على الكثافة والرمز واإليحاء‪ ،‬ال النصوص المباشرة‬ ‫التي تعتد ببعض المكونات الفنية التي تظهر على سطح اللغة‬ ‫كاإليقاع العروضي والصور البالغية المستهلكة‪.‬‬ ‫• نموذج من منهاج الثانوي التأهيلي‪:‬‬ ‫في مقدمة كتاب الرائد في اللغة العربية للسنة الثانية‬ ‫بكالوريا‪ ،‬مسلك العلوم والتكنولوجيا‪ ،‬نقرأ جملة واحدة‬ ‫دالة على االهتمام بالتربية على القيم‪« :‬كما تروم األنشطة‬ ‫المقترحة‪ ،‬إكسابك قيماً مثلى دينية ووطنية وإنسانية وأدبية‬ ‫وجمالية‪( ».‬الرائد في اللغة العربية ـ الثانية بكالوريا‪ ،‬مسلك‬ ‫العلوم والتكنولوجيا‪ ،‬ص ‪.)3‬‬ ‫وقد تم اعتماد نص شعري واحد في هذا الكتاب المدرسي‪،‬‬ ‫ضمن مجزوءة (جمالية الفنون)‪ ،‬بالرغم من أن مفتتح المجزوءة‬ ‫يعد بأكثر من نص‪ ،‬حيث جاء فيه‪« :‬وسيتم تناول جمالية‬ ‫الفنون األدبية (الشعر ـ القصة ـ المسرح) من خالل نصوص‬ ‫شعرية وسردية ودرامية معبرة‪ ،‬وبأسلوب جمالي يستهدف‬ ‫اإلمتاع أوال‪ ،‬واإلقناع ثانيا‪».‬‬ ‫قد يتعلل مؤلفو الكتاب المدرسي‪ ،‬وقبلهم مهندسو‬ ‫المنهاج بأن السر وراء التقليل من النصوص الشعرية‪ ،‬هنا‪،‬‬ ‫له عالقة بتخصص المتعلمين الذي هو العلوم والتكنولوجيا‪،‬‬ ‫ولكن متى كان تدريس مادة اللغة العربية مرهونا باعتماد‬ ‫نصوص نثرية كثيرة مصوغة بأساليب بسيطة‪ ،‬وأحيانا ركيكة‪،‬‬ ‫تطرح موضوعات عامة‪ ،‬قد تكون مدعاة لملل المتعلمين‬ ‫ونفورهم من المادة‪ .‬وهي نصوص يصعب أن تساعد‬ ‫المدرسين على غرس القيم الحميدة والسلوك المدني في‬ ‫نفوس المتعلمين‪ ،‬الفتقاد هذه النصوص إلى آليات التأثير‬ ‫وحوافز التشويق‪.‬‬ ‫إن النص الشعري الوحيد الذي اعتمد في هذا الكتاب‬ ‫المدرسي‪ ،‬هو للشاعرة العراقية نازك المالئكة‪ .‬ويتمحور‬ ‫حول الشعر ذاته‪ ..‬إال أن صُدِّر بتقديم مركز‪ ،‬لعل أهم ما جاء‬ ‫فيه‪« :‬إن الشعر هو رد فعل عاطفي ونفسي وتعبيري اتجاه‬ ‫المؤثرات الخارجية‪ ،‬وفي إمكانك أن تالحظ(ي) أن هذا التجديد‬ ‫ال يستغني أبدا عن عنصر الواقع‪ ،‬ألن الذات ال يمكن أن تصدر‬ ‫رد فعل اتجاه نفسها فحسب‪ ،‬بل نحو مؤثرات خارجية أيضا‪،‬‬ ‫ومن ثم تقتضي الفاعلية األدبية‪ ،‬أال يكون الشعر موجها فقط‬ ‫إلى إرضاء الذات المبدعة‪ ،‬فطبيعة النصوص األدبية تجعلها‬ ‫قابلة للقراءة في كل زمان ومكان‪ .‬وهذا يدخلها في عالقة‬ ‫تفاعل دائمة مع القراءة‪ ،‬سيما وأن وظيفة الشعر تتعدى كونها‬ ‫وظيفة جمالية منفردة إلى اعتبارها وظيفة حوارية ثقافية‬ ‫منتجة ومؤثرة في السلوك البشري الفردي والجماعي‪».‬‬ ‫لعل أهم ما جاء في هذه الفقرة المضيئة لماهية الشعر‪،‬‬ ‫كون الفن الشعري ليس تعبيرا منكفئا على الذات في وجودها‬ ‫الفردي‪ ،‬وإنما هو معني بما يجري في الخارج‪ ،‬أي في الواقع‬ ‫الطبيعي واالجتماعي واإلنساني بوجه عام‪ .‬أي أنه ينشئ حوارا‬ ‫خاصا برموزه وإوالياته الفنية‪ ،‬جوهره اإلمتاع والتأثير اإليجابي‬ ‫في السلوك الفردي والجماعي لإلنسان‪.‬‬ ‫(يتبع)‬


‫‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬

‫ ‬

‫ال�شمـال‬

‫‪t‬‬

‫‪17‬‬

‫‪ xw‬العدد ‪1056‬‬

‫‪www. Achamal.ma‬‬

‫‪xw‬‬

‫ال�سبت ‪ 25‬يوليوز ‪2020‬‬ ‫‪Journal Achamal 2000‬‬

‫الشمال التربوي‬

‫�صحبة كتب �أو يف‬ ‫الرتبية على القراءة‬ ‫«مع صاحبي»‬

‫فدوى أحماد‬

‫م�ؤلف «مع �صاحبي» للأ�ستاذ محمد املختار التم�سماين م�ؤلف‬ ‫�ضخم‪ ،‬ذو داللة على‪:‬‬ ‫ غزارة علمه‪.‬‬‫ متكنه يف ميداين املعقول واملنقول‪.‬‬‫ �إملامه بامل�ؤلفات ذات املوا�ضيع املتعددة التي ينتقل فيها‬‫امل�ؤلف من مو�ضوع �إلى �آخر ملجرد �أدنى ارتباط �أو تقارب‪،‬‬ ‫بالإ�ضافة �إلى اال�ستطرادات التي كثريا ما تطغى على‬ ‫املو�ضوع الرئي�س‪.‬‬ ‫ �سفر نفي�س لي�س فيه تكلف �أوت�صنع‪ ،‬يجمع بني دقة‬‫االختيار واالنتقاء‪ ،‬وب�ساطة الأ�سلوب ورقته‪ ،‬واحلر�ص‬ ‫على ال�شفافية وال�سهولة والي�سر درجة ت�صل �إلى حد‬ ‫ال�سهل املمتنع يف الكتابة والت�أليف والت�صنيف‪.‬‬

‫كل هذه الخصائص التي تطبع أسلوبه في‬ ‫التأليف تنم عن طبع ومنهج أصيلين؛ فنجده في‬ ‫مؤلفه هذا لم يضبط المواضيع واألغراض التي‬ ‫يكتب عنها‪ ،‬وإنما ينتقل من موضوع إلى آخر‪،‬‬ ‫ويتبين مما سبق مدى التزامه بالسمات التي‬ ‫حفلت بها كتب من سبقه في هذا المضمار؛‬ ‫فبين التقائه معها من حيث المادة المبثوثة فيها‬ ‫(الحكم‪ ،‬األمثال‪ ،‬األخبار‪ ،‬األشعار)‪ ،‬معتبرا ذلك‬ ‫ممثال للجانب النمطي في الكتابة‪.‬‬

‫«مع صاحبي»‬

‫هو تأليف ملمحه الرئيس التنوع في المادة‪ ،‬وهو‬ ‫استقصاء ما قيل فيها استنادا إلى مختارات من التراث‬ ‫األدبي‪ ،‬التي يسميها األستاذ المختار محمد السوسي‬ ‫«قطوفا»‪ ،‬واعتمد فيه منهجا يسري مسرى كتب اآلداب‬ ‫العامة بما تتميز به من غنى المادة‪.‬‬ ‫من جانب آخر‪ ،‬إن االستعانة بمراجع متعددة ومختلفة‬ ‫ذات العالقة الشاملة بموضوع البحث تعد من أبرز مميزات‬ ‫هذا المؤلف‪ ،‬إذ ساهمت في إغناء المواضيع المتداولة‪،‬‬ ‫الشيء الذي يفسر ما تزخر به المكتبة العربية اإلسالمية‬ ‫في جميع حقول العلم والمعرفة ‪ ،‬حيث لم يتوفر ألمة من‬ ‫األمم مثل هذا التراث الضخم من المصادر والمراجع‪.‬‬

‫«مع صاحبي»‬

‫َّ‬ ‫المؤَلف أن يسمى كتابا‪ ،‬فهو‬ ‫قليل في حق هذا‬ ‫ليس بالكتاب بل هو سجل لعدة كتب‪ ،‬نقرأه بغير قليل‬ ‫من الدهشة‪ ،‬ألنه جمع من كل فن بطرف‪ ،‬وعدَّد ألوان‬ ‫الفنون واآلداب‪.‬‬

‫«مع صاحبي»‬

‫كتاب موسوعي شامل‪ ،‬بلغ شأوا عالياً في مزج العديد‬

‫من نواحي التراث الثقافي العربي اإلسالمي وعرضها‬ ‫للقارئ في قالب سلس وممتع؛ حيث يتخذ العرض أسلوب‬ ‫المحاورات بين الكاتب وصاحبه؛ فمن جلسات السمر أو‬ ‫ُ‬ ‫الحديث مرورا‬ ‫الذكر أو العلم إلى حوار شيّق يتشعّب فيه‬ ‫بمجاالت المعرفة المختلفة‪ ،‬وعبوراً لشعابها ودروبها‪..‬‬ ‫«مع صاحبي»‬ ‫ينهل القارئ من هذا المعين ويتعلم الشيء الكثير‪،‬‬ ‫وهكذا نكتشف عبر مطالعتنا للكتاب أن الصاحب الذي‬ ‫يحاوره األستاذ المختارمحمد التمسماني هو المؤلف‬ ‫نفسه‪،‬الذي يجرد من شخصه ذاتا يحاورها من أجل‬ ‫الوصول إلى القارئ أو المتلقي‪.‬‬

‫«مع صاحبي»‬

‫كتاب يبني عالقة متينة مع القارئ من خالل جلسات‬ ‫ولقاءات وحوارات ومبادالت وطرائف ولطائف‪..‬وكل ذلك‬ ‫مكتوب بماء مودة منسوج بخيوط صداقة ومحبة؛ هي‬ ‫صداقة ومحبة كتاب‪:‬‬ ‫أعز مكان في الدنى سرج سابح‬ ‫وخير جليس في األنام كتاب‬

‫«مع صاحبي»‬

‫سيرة ذاتية ثقافية لمثقف عالم؛ َفقِه الحياة‬ ‫وشغف بها دينا ودنيا‪ ،‬وارتبط باألدب وأهله‪ ،‬وبالعلم‬ ‫وأساطينه‪،‬والسماع ومتذوقيه‪ .‬هي سيرة رجل اغترف‬ ‫دِيَم الفنون‪،‬وبذل جهدا‬ ‫من بحور األدب‪ ،‬وارتشف من ِ‬ ‫كبيرا في االختيار واالنتقاء والتفسير والتأويل بفضل ما‬ ‫أوتي من خبرة وصحبة كريمة لشيوخ العلم وعلى رأسهم‬ ‫الشيخ سيدي عبد العزيز بن الصديق رحمه اهلل‪ ،‬الذي‬ ‫ارتبط به علميا وأخالقيا ‪.‬‬

‫«مع صاحبي»‬

‫مرآة خبرة علمية جمعت من المعارف ما سمح‬ ‫لصاحبها باالطالع على األحوال واألذواق‪ ،‬والتمرس‬ ‫بفنون الخطاب وصياغة المقال‪ .‬وهذا ال يتأتى إال لمن‬ ‫قذف اهلل في صدره نور اليقين ‪..‬‬

‫«مع صاحبي»‬

‫مؤلف تبرز فيه ثالث خاصيات أساسية هي‪:‬‬ ‫األولى؛ سعة األفق الذي تميز به الكتاب‪ ،‬ويتجلى ذلك‬ ‫في مالمسته لمتون أدبية وتاريخية متنوعة ستنعكس‬ ‫في تنوع موضوعاته‪ ،‬واختالف مكوناته‪ ،‬فقد اهتم األستاذ‬ ‫محمد المختار التمسماني بكل آليات القراءة ‪ ،‬واالستمداد‬ ‫من التاريخ واالجتماع والسياسة والثقافة واألدب والنقد‬ ‫ومتون مقطعات وحكايات وألغاز وأراجيز ُ‬ ‫وطرف ومُلح‬ ‫ومواعظ وأمثال ونكت ولطائف ومستملحات‪..‬‬ ‫الثانية؛ عمق المعرفة التاريخية خاصة تاريخ العروبة‬ ‫واإلسالم‪ ،‬فضال عن اطالعه على مدارس أدبية ومذاهب‬ ‫نقدية مثلها طه حسين والعقاد والمازني ومارون عبود‬ ‫وغيرهم‪.‬‬ ‫الثالثة؛ تكمن في المنزع االنتقائي مع مراعاة‬ ‫التحقيب واستدعاء النصوص المناسبة لكل مقام‪،‬مما‬ ‫يعكس الطابع األدبي والنقدي‪.‬‬

‫«مع صاحبي»‬

‫مؤلف يحتكم إلى االستشهاد بالنصوص المحققة‬ ‫علميا‪ ،‬والموثقة منهجيا‪ .‬وهو باإلضافة إلى كل ذلك‬ ‫يقدم مادة قرائية غير مألوفة خاصة في زمن رقمي‪،‬‬ ‫فالمؤلف يساعد القارئ على القيام بجوالت فسيحة في‬ ‫الفكر وفي المنظومات القيمية‪ ،‬ويشجع بالتالي ضرورة‬ ‫رفع منسوب القراءة في مجتمع ال يقرأ‪ ،‬ومتى قرأ غاص‬ ‫في ضحالة ال تسمن وال تغني من جوع‪.‬‬


‫ال�شمـال‬

‫‪t‬‬

‫‪18‬‬

‫‪ xw‬العدد ‪1056‬‬

‫‪xw‬‬

‫‪www. Achamal.ma‬‬

‫مراسلة هولندا‬

‫ال�سبت ‪ 25‬يوليوز ‪2020‬‬ ‫‪Journal Achamal 2000‬‬

‫مراسلة بلجيكا‬

‫عزيز لعمارتي‬ ‫من قلب بروكسيل‬ ‫نادية بوخيزو‬ ‫من قلب الهاي‬

‫ر�سالة وداع بوردة حمراء‬ ‫املداومة الليلية رقم ‪102‬‬

‫الساعة الثالثة لي ً‬ ‫ال‪ ،‬رن هاتف العمل غرفة ‪102‬‬ ‫بصوت هستيري قائ ً‬ ‫ال «إنها ال تتنفس» هرعت للغرفة‪.‬‬ ‫إنه زوجها الذي قال متقطعاً في الكالم بنبرة بكاء‬ ‫هستيري «هل ماتت؟» «هل أفتح الرسالة؟»‪ ..‬هال‬ ‫أتيت معي إلى غرفة االستراحة وسأخبرك ما هي‬ ‫الخطوة الموالية؟‪.‬‬ ‫عدت إلى غرفتها ألقوم ببعض المعاينات ما إذا‬ ‫كانت فع ً‬ ‫ال توفيت‪ ،‬وعدت إليه من جديد ألخبره بأنني‬ ‫أظن أنها توفيت وبأنني طلبت الطبيب المختص‬ ‫إلثبات الوفاة‪ .‬أجهش من جديد بالبكاء وقال منتحباً‪:‬‬ ‫سأفتح الرسالة إذن‪ .‬هكذا كانت وصيتها أن أفتح‬ ‫الرسالة بعد وفاتها‪.‬‬ ‫فتح ظرف الرسالة وسقطت وردة حمراء ذابلة جافة‬ ‫كجفاف جثتها‪ ،‬والتي كانت بداخل الرسالة وسقط على‬ ‫األرض قرص مضغوط حتماً سجلت عليه فيلماً صوت‬ ‫وصورة له أخذ يقرأ ويبكي‪ .‬لم أبك لبكائه‪ ،‬فعلي أن‬ ‫أكون في هذه اللحظة بالذات مجردة من العواطف‪،‬‬ ‫عملية لدرجة أنسى فيها للحظة كل ما حدث وأفكر‬ ‫كيف أستطيع أن أؤازره وأواسيه‪ .‬بادرت بالقول‪،‬‬ ‫سأدعك تقرأ الرسالة وسأطلب الطبيب‪ .‬لم يسمع ما‬ ‫قلته له وبدأ يقرأ الرسالة بصوت عال منتحب؛ زوجي‬ ‫الحبيب شكراً على الحب والسعادة التي أهديتها إلي‪...‬‬ ‫اعتني بنفسك كثيراً وكن سعيداً‪ ...‬كلما اشتقت إلي‬ ‫شاهد هذا الفيلم الذي أعددته إليك وأنا ال زالت أتمتع‬ ‫بصحة‪...‬‬ ‫اعتنى بها ستة سنين وهي عاجزة في كرسي‬ ‫متحرك إلى أن ساءت وتدهورت حالتها ونقلها إلى‬ ‫جناح العناية النهائية وهي عناية تقتصر على المرحلة‬ ‫النهائية للمرضى الذين أخبرهم الطبيب بأن ال عالج‬ ‫لهم‪ ،‬وأن أيامهم في الحياة معدودة‪ .‬مجرد هراء‪،‬‬ ‫فسيدة غرفة ‪ 102‬أخبرها الطبيب بأن حياتها أسابيع‬ ‫فقط‪ .‬وإذا بها ترقد شهورا كجثة هامدة ال تتلقى من‬ ‫الحياة سوى مورفين وأوكسجين وزوج مخلص يالزمها‬ ‫كل يوم‪ .‬يرقد على سرير غير مريح وينتظر أن يكون‬ ‫بجانبها حين وفاتها‪ .‬لم يمل يوماً ولم يشتك‪.‬‬

‫عاين الطبيب المختص الوفاة ثم قال مسترس ً‬ ‫ال‪:‬‬ ‫سآخذها اآلن معي‪ ،‬لن أنتظر الصباح‪ .‬لن أدعها لحظة‬ ‫هنا‪ .‬أكملت إجراءات الوفاة والخروج‪ ،‬وانتظرت إلى أن‬ ‫أعطي الجثة شرف الوداع أنا وزمالئي‪.‬‬ ‫عدت إلى المكتب لوحدي ووقتها أطلقت العنان‬ ‫لمشاعري‪ .‬أجهشت بالبكاء‪ ،‬أطلقت العنان لكل عاطفة‬ ‫كانت تنتابني‪ .‬أيوجد حب مثل هذا الحب‪ ،‬أتوجد عناية‬ ‫وإنسانية في بلداننا بمثل هذا الكمال؟! وقتها أدركت‬ ‫فداحة خسائرنا‪.‬‬ ‫لما أبكي وهي غرفة رقم ‪ 102‬ليست هذه أول مرة‬ ‫ولن تكون آخر مرة‪ ،‬لكن هذه المرة غير كل المرات‪،‬‬ ‫هي ال تزال في سن ‪ 47‬وهو أصغرها في سن ‪.44‬‬ ‫تصورت لوكانت نفس الحالة في بلداننا العربية‬ ‫لتزوج عليها وهي بصحتها كاملة‪ .‬لما وجدت زوجا‬ ‫يرعاها وال وجدت رعاية كهذه في مركز الرعاية‬ ‫النهائية الذي ال وجود له في بلداننا‪.‬‬ ‫الغرفة رقم ‪ 102‬لم تتعذب‪ ..‬لم تتألم‪ ..‬ورحلت‬ ‫وزوجها معها وعاشت السعادة التي لم يعشها بعض‬ ‫األحياء‪.‬‬ ‫صدق أمين معلوف عندما كتب‪:‬‬ ‫متى تعرف أنك تائه؟‬ ‫عندما تقف في بالدك‪ ،‬وعيناك ترنو إلى بالد‬ ‫أخرى‪..‬‬ ‫عندما تقف في بالد لم تنشأ فيها وعيناك ترنو‬ ‫إلى بالدك‪..‬‬ ‫عندما تبقى في بالدك وعيناك على مستقبل تراه‬ ‫مستحيال‪..‬‬ ‫عندما تبقى في بالدك‪ ،‬وعيناك على ماض لن‬ ‫يعود أبداً‪..‬‬ ‫عن الحب والوطن أوافق أحالم مستغانمي حين‬ ‫كتبت‪:‬‬ ‫نحتاج أن نستعيد عافيتنا العاطفية‪ ،‬كأمة عربية‬ ‫عانت دوماً من قصص حبها الفاشلة‪ ،‬بما في ذلك‬ ‫حبّها ألوطان لم تبادلها دئماً الحبّ‪.‬‬

‫معلمة مانيكن‪-‬بي�س (‪)Manneken-pis‬‬ ‫بني املا�ضي واحلا�ضر‬ ‫من المعالم السياحية الشهيرة في بروكسيل‬ ‫‪،Manneken- Pis‬وه��ي عبارة عن نافورة من‬ ‫البرونز تمثل طفال صغيرا عاريا وهو يتبول بكل‬ ‫تلقائية‪،‬تقع هذه المعلمة في وسط بروكسيل‬ ‫بين تقاطع شارعين مهمين أحدهما يؤدي إلى‬ ‫الساحة الكبيرة ‪،La grande place‬والثاني‬ ‫يؤدي إلى ساحة فسيحة حيث يقع متحف جاك بريل‬ ‫‪ Jacques Brel‬وكذا تمثاله البرنزي الهائل‪.‬‬ ‫نحط الرحال عند نافورة المانكين بيس وهي‬ ‫على سبيل اإلشارة من أكثر المواقع السياحية مزارا‬ ‫للوافدين على بروكسيل هي في الحقيقة نسخة‬ ‫طبق األصل من التمثال الذي نحت سنة ‪1620‬‬ ‫والذي يوجد في المتحف التاريخي لبروكسيل بدار‬ ‫الملك‪ ،‬ويمثل باألساس روح الدعابة وسعة الخاطر‬ ‫التي يتميز بها سكان العاصمة‪.‬‬ ‫من أقدم المصادر التي ورد بها إسم المانيكن‬ ‫بيس ‪ Manneken- Pis‬وثيقة إداري��ة ترجع‬ ‫إلى سنة ‪ 1452‬تتعلق بقنوات المياه التي تصل‬ ‫نافورات المدينة حيث تم الخلط بينها وبين نافورة‬ ‫جوليان الصغير ‪ le petit Julien‬في عدة مصادر‪.‬‬ ‫نافورة المانيكن‪ -‬بيس ‪Manneken-pis‬‬ ‫كانت باألساس مصدر مياه عذبة لساكنة درب‬ ‫شجرة البلوط ‪ Rue du Chêne‬واألزقة المجاورة‬ ‫وأق��دم رس��م يجسدها ك��ان في لوحة لدونيس‬ ‫ألسلوت ‪ Denis Alsloot‬سنة ‪،1615‬بعدها‬ ‫بدلت بشبيهتها من البرونز والتي نحتها جيروم‬ ‫دوكيسني األب ‪ Jérôme duquesnoy‬وعلى‬ ‫األرج���ح أنها أخ��ذت مكانها ف��ي ه��ذا الموضع‬ ‫اإلستراتيجي سنة ‪.1620‬‬ ‫وفي مطلع سنة ‪ 1851‬تم إقامة سياج حديدي‬ ‫يمنع المارة من اإلرتواء من النافورة بحيث أصبح‬ ‫دورها كمعلمة سياحية كمثيالتها في بروكسيل‬ ‫العتيقة وهو التاريخ ال��ذي يشهد تزويد الدور‬ ‫بالمياه الصالحة للشرب‪.‬‬ ‫من حسن الحظ أن معلمة المانيكن‪-‬بيس‬ ‫‪ Manneken-pis‬قد نجت من التخريب عبر مراحل‬ ‫تاريخية عدة‪ ،‬نذكر منها على سبيل الخصوص‬

‫التفجيرات التي طالت بروكسيل خالل سنة ‪1695‬‬ ‫من طرف الجيش الفرنسي والتي أصابت القنوات‬ ‫بأضرار بالغة حرمت الساكنة المجاورة من المياه‬ ‫الصالحة للشرب لمدة طويلة‪،‬وهي الفترة التي‬ ‫تحول فيها هذا التمثال إلى رمز للفخر والمقاومة‪.‬‬ ‫تعددت الحكايات حول سرقة هذه المعلمة عبر‬ ‫السنين نذكر منها أنها تعرضت للسرقة سنة ‪1745‬‬ ‫والمؤكد أنها تعرضت للسرقة سنة ‪ 1747‬من‬ ‫طرف مجموعة من الجنود الفرنسيين المرابطين‬ ‫في المدينة‪،‬كما تعرضت لنفس المصير من طرف‬ ‫مجرم معروف والذي دخل بذلك التاريخ من بابه‬ ‫الضيق حكم عليه بالمؤبد مرفوقا باألعمال الشاقة‬ ‫‪،‬و يدعى أنطوان ليكاس ‪.Antoine licas‬‬ ‫هذه السرقة تسببت في كسور بالغة للتمثال‬ ‫تطلبت إصالحات بالغة إلعادته لهيئته السابقة‪.‬‬ ‫خ�لال القرن العشرين تعرض لمحاولتين‬ ‫للسرقة أبرزهما في شتاء سنة ‪ 1963‬من طرف‬ ‫ط�لاب فالمانيين يسمون أنفسهم الفايكنس‬ ‫‪ Vikings‬من مدينة انفرس ‪،Anvers‬ف��ي حين‬ ‫اختفى مجددا وتعرض ألضرار جسيمة سنة ‪1965‬‬ ‫ولم يعثر عليه إال بعد مرور سنة بعد جهد من‬ ‫طرف الغواصين في كنال بروكسيل إثر مكالمة‬ ‫هاتفية مجهولة ‪،‬حيث تم ترميمه وإلحاقه بمتحف‬ ‫بروكسيل وتعويضه بشبيهه من البرونز والذي‬ ‫لم يسلم من السرقة سنة ‪ 1978‬من طرف طالب‬ ‫من أندرليخت ‪ Anderlecht‬وكعقاب لهم طولبوا‬ ‫بحياكة بذلة على مقاسه‪.‬‬ ‫الجدير بالذكر كذلك أن تمثال المانيكن‪-‬بيس‬ ‫‪ Manneken-pis‬في نفس المرحلة أي مرحلة‬ ‫ولوج الطالب إلى المعاهد يزين ببذلة جديدة‬ ‫ويبدو في حلة جديدة تتطلب مراسيم احتفالية‬ ‫ضخمة تستقطب السياح والمهتمين من جميع‬ ‫أرجاء العالم‪،‬حيث صار تمثال هذا الصبي المتبول‬ ‫مصدر فخر للمدينة وأحد مزاراتها التي ال يمكن‬ ‫العزوف عنها ‪،‬وهو يمثل كما أسلفت روح الدعابة‬ ‫وخفة الدم التي يتميز بها سكان مدينة بروكسيل‬ ‫‪ ..‬جديدة‪..‬‬


‫ال�شمـال‬

‫‪t‬‬

‫‪19‬‬

‫‪ xw‬العدد ‪1056‬‬

‫مراسَلة فرنسا‬

‫‪xw‬‬

‫‪www. Achamal.ma‬‬

‫ال�سبت ‪ 25‬يوليوز ‪2020‬‬ ‫‪Journal Achamal 2000‬‬

‫تطوان بنت غرناطة‪..‬‬ ‫• بقلم ‪ :‬عبد المجيد اإلدريسي‬

‫نجاة الكاضي‬

‫ال�شبكة العاملية‬ ‫للقنيطريني‬ ‫كثيرا ما يطرح سؤال عن عالقة الكفاءات المغربية المهاجرة ببلدها وما دورها‬ ‫في تنمية وطنها األم‪ ..‬هل تبقى هذه الفئة من المهاجرين على عالقة بالوطن أم‬ ‫تهتم بمستقبلها داركة أن ال جدوى في االلتفاتة إلى الوراء‪.‬‬ ‫لإلجابة على هذه األسئلة سنأخذ كنموذج الشبكة العالمية للقنيطريين وهي‬ ‫جمعية ذات النفع العام تأسست في ألمانيا شهر نونبر ‪ 2019‬برئاسة الدكتور‬ ‫واألستاذ الجامعي حميد الشايب والتي تسعى إلى ربط األواصر بين قنيطري‬ ‫العالم الغيورين على مدينتهم وقنيطري الداخل‪ ،‬وبين الكفاءات خارج الوطن من‬ ‫جل أنحاء العالم والتي التحقت بالجمعية من أكثر من ‪ 15‬دولة وبين التي فضلت‬ ‫العودة إلى البلد األم‪ ،‬هدفها تطبيق برامج ومشاريع على أرض الواقع القنيطري‬ ‫والمساهمة في النهوض بتنمية المدينة التي تحولت من مدينة فالحية إلى‬ ‫صناعية‪.‬‬ ‫من أهداف الجمعية الحفاظ على الموروث التاريخي والثقافي والرياضي‬ ‫للمدينة‬ ‫إحياء الذاكرة القنيطرية واالعتراف بأعالمها ومعالمها‪.‬‬ ‫توأمة جامعة ابن طفيل مع جامعات خارج الوطن‪.‬‬ ‫خلق قناة إذاعية للمدينة تهتم بمشاكل المدينة وسكانها‪.‬‬ ‫خلق شركات بين مؤسسات حكومية وغير حكومية خارج وداخل الوطن‪.‬‬ ‫وتتوسع أه��داف الشبكة كلما التحقت بها كفاءات في تخصصات جديدة‬ ‫تستطيع أن تمد يد العون للقنيطرين وللقنيطرة‪ .‬ومن سوء الحظ أن خلق الجمعية‬ ‫صادف شهور الحجر الصحي مما كبل عدة برامج تستوجب السفر إلى المغرب وهذا‬ ‫ال يمنع أن السيد الرئيس على اتصال هاتفيا لدراسة بعض المشاريع سنعلن‬ ‫عنها في الوقت المناسب‪.‬‬ ‫وتجدر اإلشارة إلى أن الكاتب العام للشبكة الحكم السيد إبراهيم الحجوي‬ ‫الذي يقطن بالمانيا قد سافر خصيصا إلى القنيطرة حيث أدار مقابلة تكريم‬ ‫الالعب نور الدين العامري‪.‬‬ ‫وللتواصل بين الجالية القنيطرية وبين سكان المدينة خلقت الشبكة مجموعة‬ ‫فيسبوكية للنقاش المباشر الذي أعطى أكله بحيث وبدون تخطيط لذلك وتحت‬ ‫إشراف األستاذة نجاة الكاضي تم دعم قسم لتالميذ ذوي اإلعاقة بجهاز طبي‬ ‫واجتماعي وثقافي بمساعدة الدكتور الصغير والدكتورة امال فاوت والدكتورة‬ ‫اسماء بنعبووأطر أخرى ستكون في خدمة القسم الذي يوجد بمدرسة ابن طفيل‬ ‫ابتداءا من شهر سبتنبر‪ .‬وتواصل الشبكة في خلق أقسام أخرى بمؤسسات‬ ‫تعليمية بالمدينة‪ ،‬كما تم مشاركة جميع أعضاء المجموعة من تدوين كتاب عن‬ ‫األحياء القنيطرية وتطوعت عدة جهات بالمساعدة كالمؤرخ الدكتور عبد القادر‬ ‫بوراس وزوجة المرحوم الدكتور عبد المجيد العلوي السيدة السعدية أجراي التي‬ ‫جعلت كل مخطوطات زوجها في خدمة الشبكة‪ .‬وشجعت الجمعية أيضا طالب‬ ‫جامعة ابن طفيل لكي يهتموا في بحوث السنة الرابعة بتاريخ المدينة وأعالمها‬ ‫مقابل مساعدتهم بالمراجع والمخطوطات‪.‬المبادرة ألقت استحسانا من أساتذة‬ ‫جامعة ابن طفيل والباحثين كالدكتورة بديعة لفضايلي‪.‬‬ ‫ويتكون مكتب الشبكة من ‪:‬‬ ‫الرئيس ‪ /‬الدكتور حميد الشايب الصنهاجي ‪ /‬ألمانيا‬ ‫نائب الرئيس االول ‪ /‬األستاذة نجاة الكاضي‪ /‬فرنسا‬ ‫نائب الرئيس الثاني ‪ /‬المستثمر ورجل األعمال عبد اإلله كريم ‪ /‬هولندا‬ ‫الكاتب العام ‪ /‬ابراهيم الحجوي مرشد اجتماعي‪ ،‬مؤطر تربوي وحكم كرة‬ ‫القدم ‪ /‬ألمانيا‬ ‫األمين المال ‪ /‬المهندس محمد الرميلي ‪ /‬ألمانيا‬ ‫المستشارة ‪ /‬زهرة بوبا دكتورة وعالمة لرصد المناخ ‪ /‬استراليا‬ ‫المستشارة ‪ /‬الطبيبة مينة غوش ‪ /‬اسبانيا‬ ‫المستشار ‪ /‬االستاذ صاحب مطعم رضا ايت تاجر‪ /‬ألمانيا‬ ‫المستشار ‪ /‬االستاذ نعمان الكداري ‪ /‬ألمانيا‬ ‫يمثل الشبكة من الناحية التاريخية الدكتور بوراس عبد القادر‬ ‫يمثل الشبكة من الناحية الرياضية الالعب العالمي نور الدين بويحياوي‬ ‫يمثل الشبكة من الناحية اإلعالمية اإلعالمي والصحفي مدير قناة ‪MÉDINA‬‬ ‫‪ FM‬ميلود االخضر‪.‬‬ ‫هذا وباب الشبكة مفتوح في وجه كل أبناء القنيطرة الحاملين لمشاريع قد‬ ‫تخدم القنيطرة مستقبال‪.‬‬

‫‪...‬بعد اطالعه على اإلطار المعرفي والثقافي للمجتمع‬ ‫التطواني‪ ،‬ودراسة جزء من ذاكرته‪ ،‬يستنطق الشيخ عبد‬ ‫العزيز بن سعود العويد في رحلته إلى تطوان النصوص‬ ‫التأريخية لثالثي مؤرخيها من خالل مؤلفاتهم‪“ :‬نزهة‬ ‫اإلخوان في أخبار تطوان” للسكيرْج‪ ،‬و“عمدة الراوين في‬ ‫أخبار تطاوين” للرْهوني‪ ،‬و“تاريخ تطوان” لداوُد‪ .‬لينسج‬ ‫عبارات أدبية فاتنات للحمامة البيضاء‪ ،‬يتقاطع فيها الشعر‬ ‫مع الفنّ‪.‬‬ ‫وقد رسم الشيخ بفرشة قلمه لوحة فنية كالسيكية‬ ‫لحاضرة مغربية ذات طابع أندلسي‪ ،‬يرى من خاللها‪،‬‬ ‫المشاهد والقارئ‪ ،‬الكثير من تفاصيل العادات والتقاليد‬ ‫العريقة التي تكسبُ المجتمع أهمية خاصة‪ .‬هي نفائس‬ ‫من كتابات الشيخ‪ ،‬من جنس آداب الرحالت‪ ،‬يوَثق فيها‬ ‫خصوصيات مجتمع عربي مسلم‪ ،‬تعبيراً عن شظايا الروح‬ ‫اإليمانية التي تجمع بين المشرق العربي والمغرب‪ ،‬في ضوْء‬ ‫سياقها التاريخي وعلى امتداد الحاضر‪.‬‬ ‫– ما الذي جعل الشيخ يختار حاضرة تطوان؟ ّ‬ ‫لعل‬ ‫الشيخين الكريمين القطريين النزيلين برياض دار أشعاش‬ ‫بتطوان‪ ،‬أوْحوا إلى هذا العالم في زيارته التوثيقية إلى‬ ‫إفريقيا‪ْ ،‬‬ ‫أن يخصص بالذكر المجتمع المغربي التطواني‪،‬‬ ‫ليكشف للمشرق العربي قلة فهم المغربي المعاصر الراهن‪،‬‬ ‫وهوجز ُء من اللحمة العربية في أقصى الغرب‪ ،‬وعلى ضفاف‬ ‫البحر األبيض المتوسط والمحيط األطلسي‪،‬في سياق‬ ‫استشرافي‪ .‬إليضاح المعالم الحضارية العربية اإلسالمية‬ ‫التي حافظتْ عليها العوائل من أصول أندلسية والتي‬ ‫تفرَّدَتْ بها األسر التطوانية‪ .‬دراسة جاد بها الشيخ‬

‫األندلسي‪ ،‬المتماسك في البعد التركيبي والمشهد البحثي‬ ‫والفكري‪ .‬ومن الظواهر التي تميزتْ بها‪ ،‬تلك الزيارات‬ ‫العلمية من العلماء‪ ،‬ومن جملتهم‪ ،‬العالم الجليل الشيخ‬ ‫تقي الدين الهاللي‪ ،‬ومحمد ناصر األلباني وأبوبكر الجزائري‬ ‫الذي استفاد منه الشيخ محمد بوخبزة‪ ،‬ناهيك عن العالم‬ ‫الشيخ القرضاوي والعالم الشيخ محمد الغزالي‪ ،‬وآخرون كثر‪.‬‬ ‫وقد أجهد أخونا الشيخ الكويتي قلمه‪ ،‬وما يتوافر عليه من‬ ‫أدوات لغوية وأدبية وعلمية‪ ،‬في تسلسل منطقي من القوة‬ ‫اللفظية والداللية ما يكفي لتوثيق دراسة سسيولوجية‬ ‫للمجتمعات اإلفريقية والعربية‪ ،‬آخذاً كنموذج المغربية منها‪،‬‬ ‫ويخص بالذكر التطوانية‪ .‬وحول التوصيف الجميل لطبيعة‬ ‫أهالي تطوان‪ ،‬وجداناً وروحاً وانتماءاً‪ ،‬كقوله ‪ :‬صغيرة‬ ‫المبنى‪ ،‬لكن عظيمة المعنى‪ ،‬تحيط بها السّوار بالمعصم‬ ‫‪ .‬األلفة الحاضرة بين أهلها ولم أجدْ األنسَ الذي وجدته‬ ‫في تطوان كأنهم بيت واحد‪ .‬كأنك تعرفهم منذ زمن بعيد‪،‬‬ ‫ممّا أكسبها نوْعاً من الخصوصية‪ .‬ومن جملة الرياض التي‬ ‫زرتها بل وقد تكون أجمل وأنهى حديقة زرتها‪ ،‬هو(هي)‬ ‫رياض دار أشعاش‪ .‬في ربوعها الخضراء‪ ،‬والحديقة الفيحاء‪.‬‬ ‫المدينة العتيقة أندلسية المعمار‪ ،‬جميلة في أزقتها ودروبها‬ ‫(شوارعها)‪ .‬أسرُها ظلوا محافظين على عاداتهم‪ ،‬وقد يلمس‬ ‫ذلك ُّ‬ ‫كل من دخل بيتاً من بيوت تطوانية‪.‬‬ ‫– هوالشيخ العالم الذي يتحكم في هوية لغته‪ ،‬كتعريف‬ ‫ابن سنان الخفاجي في اللغة (‪466‬ه‪1073/‬م)‪ :‬هي عبارة‬ ‫عمّا يتواضع القوْمُ عليه من الكالم‪ .‬وهي ملكة فطرية‪ .‬من‬ ‫المستملحات الذي ذكرها الشيخ‪ ،‬ورواها عن أسرة أشعاش‬ ‫(دار المخزن) ‪ :‬أنه حدث ذات مرَّة‪ ،‬وفي زمان القائد محمد‬

‫الكويتي‪ ،‬وهو يشيد بسلوك وأخالق التطوانيين‪ .‬جلوساً‪،‬‬ ‫كان الشيخ مع شخصيات علمية رفيعة المستوى‪ ،‬وهم‬ ‫عالمين من قطر وعالمين من تطوان‪ ،‬على عشب رياض درا‬ ‫أشعاش‪َّ .‬‬ ‫قل من ينتبه من المثقفين‪ ،‬بعد سقوط غرناطة‬ ‫سنة ‪1492‬م‪889/‬هـ‪ ،‬واللجوء لما بقي حياً من اإلسبان‬ ‫األندلسيين المسلمين‪ ،‬فارين بدينهم من محاكم التفتيش‬ ‫الكنائسية‪ ،‬إلى الضفة الجنوبية للبحر األبيض المتوسط‪،‬‬ ‫وقد حطوا رحالهم على أنقاض مدينة تطاوين‪ ،‬بعد عصر‬ ‫الفاتحين قبل ثمانمائة عام‪ .‬فكثير من هؤالء السكان ترجع‬ ‫أنسابهم إلى القبائل العربية من بني تميم‪ ،‬ومنهم القائد‬ ‫أحمد بن تميم‪ .‬لينصهر األندلوسيون بالسكان األصليين‬ ‫الجبليين والريفيين‪ ،‬وهي ثالثية العناصر التي تكوَّنتْ منها‬ ‫اللحمة التطوانية في القرن التاسع الهجري (الخامس عشر‬ ‫الميالدي)‪ ،‬وكجميع شؤون النوْع اإلنساني اختلطتْ األجيال‬ ‫بعد األجيال‪ ،‬بعوامل الهجرة‪ ،‬فكان المغربي العربي ينطق‬ ‫بلسان عربي مبين‪.‬أنشؤوا اسمها في األرض التي استوحوا‬ ‫منها عنوانها من الواقع‪ ،‬وهي تطاوين‪ .‬و“تط”(بكسر التاء)‬ ‫تعني كلمة العين بالريفية (األمازيغية)‪.‬وهي حاضرة غزيرة‬ ‫المياه الجوفية‪ .‬وهي أيضاً وعاء لمياه تنحدر من جوْف جبلين‬ ‫َ‬ ‫لتكوّن فرشة مائية لحوْض تطاوين‪ .‬وبها‬ ‫(دْرْسَة‪/‬غرْغيزْ)‬ ‫إلى يوم الناس هذا‪ ،‬جماعة تسمى حوْمة العيون‪ .‬تجدر‬ ‫اإلشارة إلى َّ‬ ‫أن من بين ما ذكره الشيخ عبد العزيز سعود‬ ‫العويد‪ ،‬عن حديث بعض الفضالء‪َّ ،‬‬ ‫أن أحد الكويتيين تبرّع‬ ‫بقطعة أرض لجامعة القرويين‪ ،‬وصارتْ كلية أصول الدين‬ ‫بتطوان‪ ،‬مع رفض هذا المحسن اإلفصاح عن اسمه‪ .‬لكون‬ ‫علماء تطوان معروفين بالعلم الواسع والفهم الثاقب‪ ،‬ولهم‬ ‫عالقات وثيقة بالمشارقة‪ .‬وكانت قد تعاقدتْ الجامعة‬ ‫اإلسالمية بالمدينة المنورة مع الشيخ محمد بن تاويت‪ .‬كما‬ ‫كان الشيخ محمد العربي الخطيب قد استفاد عند رحلته إلى‬ ‫قاهرة المعز لدين اإلسالم الفاطمي‪ ،‬من الشيخ رشيد رضا‪.‬‬ ‫ثم استطرد بالقول عن طبائع وتقاليد أهل هذه الحاضرة‪،‬‬ ‫ليقرّب الصورة الحقيقية من هذا المجتمع المغربي العربي‬

‫أشعاش‪َّ ،‬‬ ‫ان شخصاً ما‪ ،‬قام بسرقة حمام‪ ،،‬فاختصم المسروق‬ ‫إلى القائد‪ ،‬الذي جمع رجال الحي للتقصي عن ذلك‪ ،‬ولمّا‬ ‫عجز عن معرفة الجاني‪ ،‬لجأ إلى حيلة من حاسة اللمس‪ ،‬قائ ً‬ ‫ال‬ ‫‪َّ :‬‬ ‫إن ريشة الحمام المسروق أراها على لحية السارق‪ ،‬فوضع‬ ‫أحدُهم يدَهُ على خدّه‪ ،‬ثمَّ قال القائد ‪ :‬أنتَ السارق‪ .‬كانتْ‬ ‫للشيخ مجالس العلم مع الدكاترة القطريين (أحدُهما من‬ ‫أمراء قطر)‪ ،‬وشيخين مغربيين‪،‬وهما الدكتور توفيق بن أحمد‬ ‫الغلبزوري اإلدريسي‪ ،‬أ‪ .‬بكلية أصول الدّين بتطوان ورئيس‬ ‫المجلس العلمي المحلي للمضيق‪ ،‬واألستاذ أحمد بوزيان‬ ‫ذ‪ .‬بنفس الكلية (سابقاً) وعضوالمجلس العلمي المحلي‬ ‫بتطوان‪ ،‬في حضرة األستاذ عمر أشعاش سليل هذه األسرة‬ ‫ومؤلف كتاب “أسرة أشعاش التطوانية‪-‬استرجاع ذاكرة”‪.‬‬ ‫قديماً قيل‪ ،‬وما اإلنسان لوال اللسان‪ ،‬وعلى لسان (الرطب‬ ‫بذكر اهلل تعالى) للشيخ العالم عبد العزيز بن سعود العويد‪،‬‬ ‫وهويشير إلى شخصية د‪.‬توفيق الغلبزوري‪ ،‬ليقول في حقه‬ ‫مرفإ‪..‬وإن أردْتهُ خطيباً‬ ‫ْ‬ ‫‪ْ :‬‬ ‫إن أردتهُ فقيها فهوفقيهٌ بال‬ ‫فهوخطيبٌ مصداق‪ .‬أعقبها بأبيات من البحر الطويل‬ ‫للشاعر “إدريس أبكر” جاء فيها‪ :‬هوالبحرُ من أي النواحي‬ ‫كريمٌ إذا ما‬ ‫أتيتهُ ~ فلجتهُ المعروفُ والجودُ ساحلهُ‬ ‫جئتَ للخير طالباً ~ حباكَ بما تحتوي عليه أناملهُ ولولم‬ ‫تكنْ في كفه غيرُ نفسه ~ لجادَ بها فليتَّق َ‬ ‫اهلل سائلهُ‬ ‫وبملكة متألقة يصفُ منزل األستاذ أحمد بوزيان‪ ،‬أحد أبناء‬ ‫رجال المقاومة والجهاد مع األمير محمد بن عبد الكريم‬ ‫الخطابي‪ ،‬وهوكريم بن كرام‪ ،‬قائال ‪ :‬من زار تطوان ولم يزر‬ ‫مجلس الشريف أحمد بوزيان‪ ،‬ما زار تطوان‪ – .‬لرحالة الدنيا‬ ‫محمد بن ناصر العبودي مقولة مشهورة ‪ :‬أكرمُ ما رأيتُ‬ ‫من العرب َ‬ ‫أهل المغرب‪ .‬ويختم الشيخ عبد العزيز بن سعود‬ ‫العويد ‪ :‬واهلل ما شهدنا إال بما علمنا‪.‬‬ ‫– لقد أخبرتني أمي أنهُ يتحتمُ علينا ْ‬ ‫أن نتحدث العربية‪،‬‬ ‫وبعباراتها‪ ،‬أنجزتُ هذا المقال نزوال عند رغبة الدكتور‬ ‫الشيخ جابر الجاسر‪ ،‬أحد الشيخين الجليلين من دولة قطر‬ ‫الشقيقة‪..‬‬


‫كتابات في تاريخ‬ ‫منطقة الشمال ‪:‬‬

‫«الق�صر الكبري‪:‬‬

‫‪2020‬‬ ‫‪2000‬يوليوز‬ ‫‪www.‬ال�سبت ‪25‬‬ ‫‪xw 1056‬‬ ‫‪ xw‬العدد‬ ‫‪Journal‬‬ ‫‪Achamal‬‬ ‫‪Achamal.ma‬‬

‫‪t‬‬

‫‪20‬‬

‫األخيرة‬

‫‪t‬‬

‫‪20‬‬

‫ال�شمـال‬ ‫ال�شمـال‬

‫‪ xw‬العدد ‪1056‬‬

‫‪xw‬‬

‫ال�سبت ‪ 25‬يوليوز ‪2020‬‬

‫‪www. Achamal.ma‬‬

‫‪Journal Achamal 2000‬‬

‫(‪)953‬‬

‫�أعالم �أدبيـة‪ ..‬علميـة‬ ‫تاريخيـة‪»..‬‬

‫‪..‬‬ ‫�أ�سامـة الزكاري‬

‫‪zougariousama@gmail.com‬‬

‫صدر كتاب «القصر الكبير‪ :‬أعالم أدبية‪ ،‬علمية‪ ،‬تاريخية» لألستاذ محمد بن عبد الرحمان بن خليفة‬ ‫سنة ‪ 1994‬في ما مجموعه ‪ 153‬من الصفحات ذات الحجم المتوسط‪ ،‬وذلك ضمن منشورات جمعية‬ ‫البحث التاريخي واالجتماعي بالقصر الكبير‪ .‬والمؤلف من مواليد سنة ‪ 1937‬بالقصر الكبير‪ ،‬التحق‬ ‫بالعراق سنة ‪ 1958‬الستكمال دراسته العليا‪ ،‬حيث حصل على اإلجازة في التاريخ سنة ‪ .1963‬وقد‬ ‫اشتغل منذ ذلك التاريخ بالتدريس بالثانوية المحمدية بالقصر الكبير‪ ،‬وله عدة إسهامات ودراسات‬ ‫تاريخية صدر البعض منها ضمن منشورات جمعية للبحث التاريخي واالجتماعي بالقصر الكبير والتي‬ ‫سبق أن عرفنا بالبعض منها ضمن حلقات «كتابات في تاريخ منطقة الشمال»‪.‬‬ ‫وبالنسبة للكتاب موضوع تعليق هذه الحلقة‪ ،‬فإنه يندرج في إطار المحاوالت الجادة التي‬ ‫استهدفت إعادة كتابة تاريخ أعالم مدينة القصر الكبير استنادا إلى حفريات دقيقة وإلى تصانيف‬ ‫توثيقية رائدة جعلت هذا العمل يسد ثغرة أساسية اكتنفت مجال دراسة ماضي المدينة المذكورة‪،‬‬ ‫ويلبي الحاجات المعرفية لجمعية البحث التاريخي واالجتماعي من أجل رد االعتبار للقيم الحضارية‬ ‫والرمزية التي اختطها رجال القصر الكبير بإسهاماتهم العلمية والثقافية‪ ،‬حسب ما عكسته الكتابات‬ ‫التاريخية لمرحلتي العصور الوسطى والحديثة‪ .‬ولقد لخص األستاذ بن خليفة أبعاد هذا األفق المعرفي‪،‬‬ ‫عندما قال محددا أهداف الدراسة في مقدمة الكتاب‪« :‬إن الدافع إلنجاز هذا المبحث المتواضع هو‬ ‫ما الحظته من وجود حاجة ماسة إلى التعريف بالحياة األدبية والعلمية لمدينة القصر الكبير عبر‬ ‫تاريخها الطويل‪ ،‬وما كان لها من إسهامات في مد المجرى العلمي واألدبي بمادة الحياة لهذا‬ ‫البلد الكريم‪ ،‬وتحت تأثير الشعور بحاجة هذا الجيل الصاعد من أبناء األمة إلى التعرف واالطالع على‬ ‫تراث أمتهم الفكري والحضاري‪ ،‬وتحسيسهم بأهمية ذلك‪ ،‬وشعورا مني بهذا الواجب المقدس تجاه‬ ‫مدينتي العزيزة وأمتي الكريمة‪ ،‬فقد بذلت المجهود من أجل تحقيق هذه الغاية الشريفة والمقصد‬ ‫األسمى‪.»...‬‬ ‫ويمكن القول‪ ،‬إن األستاذ بن خليفة قد نجح –إلى حد بعيد‪ -‬في الوفاء لهذا الطموح النبيل‬ ‫وفي كسب رهان التأسيس لمشروع إعادة التوثيق العلمي للسير المادية والذهنية لرجاالت القصر‬ ‫الكبير ولرموزها التاريخية الخالدة‪ .‬فالكتاب غني بالمعلومات السير‪-‬ذاتية وباإلحاالت المصدرية‪،‬‬ ‫ومنسجم مع ضرورات الكتابة التأريخية المنقبية‪ ،‬صارم في غربلة المعطيات وعزل الصحيح منها‬ ‫عن المشكوك فيه‪ ،‬منفتح على اإلضاءات التاريخية المرتبطة بالظروف العامة التي عاشت فيها كل‬ ‫شخصية من الشخصيات التي تم التعريف بها سواء على المستويات الفكرية أم الثقافية أم السياسية‬ ‫أم االجتماعية‪ .‬وبذلك‪ ،‬قدم بن خليفة عمال غير مسبوق في تاريخ مدينة القصر الكبير بشكل جعله‬ ‫يتحول إلى واحد من أهم المراجع التوثيقية لسير رجاالت هذه المدينة العريقة في العلم وفي المعرفة‪،‬‬ ‫والتي غطى إشعاعها مجاالت واسعة من منطقة الغرب اإلسالمي خالل العصر الوسيط بكل خاص‪.‬‬ ‫وبالنسبة لطريقة ترتيب مضامين الكتاب‪ ،‬فقد انسجمت مع طبيعة المحتويات‪ ،‬إذ لم تخضع‬ ‫لتبويب موضوعاتي يميز بين قضايا بعينها‪ ،‬ولكن المتن انساب بشكل سلس معرفا بمجموعة من‬ ‫الشخصيات التي أنجبتها مدينة القصر الكبير واكتست بعدا ساميا ساهم في التأصيل لخصوصيات‬ ‫الثقافة المغربية خالل القرون الماضية‪ .‬وبما أن األمر يتعلق بمجال الفكر واإلبداع‪ ،‬فقد خصص‬ ‫المؤلف تقديم الكتاب لتضمين نبذة عن تاريخ الحركة األدبية والثقافية بمدينة القصر الكبير‪ ،‬وهي‬ ‫النبذة التي استخلص المؤلف –من خاللها‪ -‬مكانة المدينة المذكورة‪ ،‬بالنظر لما عرفته من حركة‬ ‫علمية ومن نشاط أدبي امتد منذ بداية عهد المرابطين وأفرز أسماء وازنة اهتم بها كتاب التراجم‬ ‫بالمغرب وباألندلس‪ .‬وقد حرص المؤلف في رصده هذا‪ ،‬على التأكيد على أهمية توافد عناصر أندلسية‬ ‫على المدينة وعلى قيمة عطاءاتها الفكرية‪ ،‬بشكل تحولت معه القصر الكبير إلى «مدينة ذات طابع‬ ‫أندلسي حضاريا وبشريا»‪ .‬وإلى جانب هذا المعطى‪ ،‬انتبه المؤلف –في نفس السياق‪ -‬إلى الدور الذي‬ ‫اضطلعت به عوامل أخرى حاسمة في انبعاث تراث حضاري إنساني شكلت مدينة القصر الكبير معقله‬ ‫األساسي وشكلت مختلف أصقاع العالم اإلسالمي مجاالت إشعاعه‪ ،‬من ذلك ولع القصريين بالرحالت‬ ‫العلمية والهجرة إلى األقطار األخرى مثل األندلس ومصر والشام والعراق طلبا للعلم ولنيل اإلجازات‪،‬‬ ‫واستقرار أسرة أبي مدين العثمانية القصرية بالمدينة على عهد المرينيين بما عرف عنها من مكانة‬ ‫سامية داخل دواليب الدولة وداخل حقل اإلسهامات العلمية واألدبية‪ ،‬إضافة إلى األهمية التعليمية‬ ‫التي كانت للجامع الكبير بالمدينة وكذا تلك األدوار التلقينية التي امتازت بها الزوايا عل مستوى‬

‫نشر المعارف وتنشيط الحركة العلمية وعلى مستوى تحقيق اإلشباع الروحي لساكنة المدينة‪.‬‬ ‫وبالنسبة للمضمون األساسي للكتاب‪ ،‬فقد قدم فيه المؤلف معلومات ومعطيات أساسية شكلت‬ ‫تراجم لرجاالت العلم واآلداب ممن نشأ أو حل بالقصر الكبير على امتداد القرون الطويلة لتاريخ‬ ‫المغرب‪ .‬من هؤالء العلماء‪ ،‬نذكر ابن المدرة القصري‪ ،‬وأبو الحسن علي بن خلف بن غالب‪ ،‬ومحمد بن‬ ‫أبي الطواجين الكتامي‪ ،‬والفقيه العالمة عبد الجليل القصري‪ ،‬وابن رشيق القصري المالكي‪ ،‬والعالمة‬ ‫عبد القادر بن علي الفاسي القصري‪ ...،‬وقد اعتمد األستاذ بن خليفة في استيفاء معلوماته على‬ ‫أمهات المصادر العربية اإلسالمية للفترة المدروسة مثل «الذيل والتكملة» البن عبد الملك و»مرآة‬ ‫المحاسن» للعربي الفاسي و«كتاب العبر» البن خلدون و«دوحة الناشر» البن عسكر الشفشاوني‬ ‫و«مناهل الصفا» للفشتالي و«األنيس المطرب» البن أبي زرع و«نشر المثاني» للقادري‪ ...‬وهي‬ ‫المتون اإلسطوغرافية األساسية التي ظلت تكتسي قيمة محورية في كل مشاريع كتابة تاريخنا‬ ‫المحلي والوطني واإلقليمي قديما وحديثا‪ ،‬وذلك على الرغم من كل الصعوبات المنهجية المرتبطة‬ ‫بعوائق استغالل مضامينها‪ ،‬وبانغالق بنيات خطابها‪ ،‬وبمشاكل توظيف معطياتها‪ .‬لذلك‪ ،‬فالمؤكد‬ ‫أن األستاذ محمد بن خليفة قد بذل جهودا مضنية في التنقيب بين سطور هذه المصنفات المغلقة‬ ‫وفي فك الطالسيم المعرفية المرتبطة باضطراب السياقات التاريخية وبمحدودية عطاءات الكتابة‬ ‫السردية‪/‬الحدثية‪ ،‬وبغموض التعابير والصيغ المستعملة‪ .‬وفي هذا الجانب بالذات‪ ،‬تكمن أهمية‬ ‫العمل الذي أنجزه هذا الباحث‪ ،‬فالرجل ظل حريصا على تقديم أكبر قدر من المعطيات حول سيرة‬ ‫كل واحدة من الشخصيات التي تناولها في كتابه‪ ،‬مركزا على التعريف بظروف العصر الذي نشأت في‬ ‫هذه الشخصية‪ ،‬وبالمراحل التي مرت منها في مسيرتها التكوينية‪ ،‬وبعطاءاتها الفكرية‪ ،‬وبمجاالت‬ ‫اهتماماتها‪ ،‬مع الحرص على تقديم نماذج من هذه االهتمامات كلما سمحت المادة المصدرية بذلك‪.‬‬ ‫إنه سجل خلود أعالم القصر الكبير في سيرتهم الخاصة المرتبطة بتقلبات ظروف الحياة‪ ،‬من الميالد‬ ‫إلى الوفاة‪ ،‬وفي انشغاالتهم الذهنية التي جعلت مدينة القصر الكبير تتحول إلى إحدى أهم منارات‬ ‫العلم والمعرفة بين حواضر المغرب األقصى خالل مرحلتي العصور الوسطى والحديثة‪.‬‬ ‫ولعل مما أضفى قيمة علمية على هذا العمل‪ ،‬عدم اكتفاء صاحبه باالستنساخ «السهل»‬ ‫والسطحي من المصادر األساسية‪ ،‬في مقابل التدقيق في الروايات‪ ،‬مقارنا بعضها ببعض‪ ،‬ومصححا‬ ‫لبعض هفواتها‪ ،‬ومنبها لبعض أشكال االضطراب في سرد الوقائع‪ ،‬ومتحفظا في أحكامه بخصوص‬ ‫القضايا التي ظلت غامضة أو في حاجة إلى مزيد من الضبط والتحقيق‪ .‬وعندما كان األستاذ بن‬ ‫خليفة يصطدم بنقص في المادة المصدرية‪ ،‬فإنه لم يكن يتردد –وبتواضع الباحثين الكبار‪ -‬عن‬ ‫اإلشارة إلى ذلك وعن التنبيه إلى محدودية معارفه بخصوص الشخصيات المعنية بهذه الصفة‪ .‬ولعل‬ ‫في ما كتبه في الفصل المعنون بـ «شخصيات قصرية أخرى شبه مجهولة» خير دليل على ما نقول‪،‬‬ ‫إذ وضح حدود عمله في هذا الباب قائال‪« :‬عثرت على مجموعة من الشخصيات التي عاشت في هذه‬ ‫المدينة ثم انتقلت إلى غيرها أو حلت بها لفترة زمنية محدودة وفي ظروف مختلفة‪ ،‬إال أن المعلومات‬ ‫عنها ضعيفة‪ ،‬وقد ورد ذكرها في مصادر متباينة غير أن ترجمتها في تلك المصادر كانت موجزة فلم‬ ‫تف عادة بمراد التعريف بالمترجم ولم تغن باحثا أو مستقصيا لألخبار بل أن بعضها جاء على سبيل‬ ‫اإلشارة واالقتصار على ذكر اإلسم أو وقع التعريف بها في كتب لم نستطع لها بلوغا‪( »...‬ص ص‪.‬‬ ‫‪ .)146-147‬وإذا أضفنا إلى هذه الصفة تماسك اللغة التي كتب بها هذا العمل ووضوحها وسالستها‪،‬‬ ‫أمكن القول إن كتاب «القصر الكبير‪ :‬أعالم أدبية‪ ،‬علمية‪ ،‬تاريخية» يشكل إضافة نوعية لمجال البحث‬ ‫العلمي المتخصص في تاريخنا المحلي‪ ،‬بشكل يسمح بتوفير العناصر األساسية لمشاريع توسيع هذا‬ ‫المجال في إطار الدراسات المونوغرافية المجهرية الخاصة برصد تحوالت ماضي مدينة القصر الكبير‬ ‫خالل العهود السالفة‪.‬‬ ‫وبالنسبة لجمعية البحث التاريخي واالجتماعي بالقصر الكبير‪ ،‬فال شك أن نشرها لهذا الكتاب‬ ‫قد حملها مسؤولية ثقافية وعلمية استثنائية مادام أن األستاذ محمد بن خليفة قد وضع أولى لبنات‬ ‫مشروع علمي توثيقي يتطلب الكثير من الجهد ومن األناة الستكمال حلقاته المقطوعة‪ ،‬خاصة خالل‬ ‫الفترات المضطربة –سياسيا‪ -‬من تاريخ المدينة ومعها عموم بالد المغرب‪ .‬إنه رهان مستقبلي‬ ‫وتحدي نبيل تظل طاقات الجمعية المذكورة قادرة على كسبه لما عهدناه فيها من حيوية ومن سعي‬ ‫حثيث إلعادة بعث الرموز الخالدة واإلضاءات المشعة في ماضي مدينة القصر الكبير‪.‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.