Achamal n° 1001 le 09 Juillet 2019

Page 1

‫ثريا الصواف‬

‫ضيف سلسلة «تذكرة سفر»‬ ‫وبدأ العد التنازلي ‪ …0 …1…2 …3 …4 …5‬ثوان قبل البث‬ ‫المباشر‪.‬‬ ‫ببشرة وجه شاحــب تمامـا‪ ،‬على الرغـم من مفعـول الماكيــاج‬ ‫والمساحيق‪ ،‬وبصوت صارم‪ ،‬خاطب زميلي المشاهدين‪..‬‬

‫األغاني المغربية تتراجع‬ ‫بكلماتها وألحانها والعنف‬ ‫اللفظي يغزوها‬

‫الصفحة األخيرة‬

‫العدد األلف‬

‫صفحة ‪5‬‬

‫العدد األلف‬

‫إعالم جهوي متقدم‬

‫د‪ .‬عبد الحق بخات‬ ‫صفحة ‪2‬‬

‫املدير امل�س�ؤول ‪ :‬عبد احلق بخات ـ الهاتف ‪ 05.39.94.30.08 :‬ـ الفاك�س ‪05.39.94.57.09 :‬‬ ‫العدد ‪ 1001‬ـ الثمن ‪ 4‬دراهم ـ الثالثـاء ‪ 8‬ذو القعدة ‪� 09 / 1440‬إلى ‪ 15‬يوليوز ‪2019‬‬

‫ذ‪ .‬رضوان احدادو‬ ‫صفحة ‪2‬‬

‫‪19‬‬

‫تسع عشرة سنة‬ ‫من الوجود‬

‫ألف عدد من المثابرة‬ ‫صفحة ‪2‬‬

‫كلمة الشمال‬ ‫عبد اإلله المويسي‬

‫بهذا التراكم المطرد من جريدة «الشمال» يكون الرصيد اإلعالمي المغربي والعربي في مجال الصحف والمنشورات قد تعزز‬ ‫بألف عدد من إصداراتها‪ ،‬امتدت على توالي أكثر من تسع عشرة سنة‪ .‬امتدت بصناعة المنتوج اإلعالمي المميز‪ ،‬وباإلخراج الفني‬ ‫والتقني المتطور‪.‬‬ ‫مشروع إعالمي جريء آمن به رجاالت ونساء الشمال من المثقفين والمفكرين والفنانين واإلعالميين والسياسيين في ظرفية‬ ‫انتقالية حساسة شهدتها منطقتنا الشمالية‪.‬‬ ‫وضعت هذه النخبة ضمن أولوياتها تمكين جميع شرائح المجتمع المغربي من المعرفة العلمية الدقيقة المتواصلة‪ ،‬المتعلقة‬ ‫بإسهام جهة طنجة تطوان الحسيمة في تشكيل الخريطة الثقافية المغربية عبر األزمان‪.‬‬ ‫دور اإلعالمي «خالد مشبال» في ترسيخ انطالقتها سيحتفظ بسمته التاريخية‪ ،‬وها هي روحه الطيبة تظللنا ونحن منخرطون‬ ‫في مواصلة المهمة بنفس الروح المسؤولة المتأهبة‪.‬‬ ‫نهنئ أنفسنا جميعا بهذا اإلصرار على االضطالع بدورنا المواطن في خدمة إعالمنا المغربي‪.‬‬

‫جريدة يوميـة جهـوية وطنية ت�صدر م�ؤقتـ ًا كـل �أ�سبـوع ـ الربيد الإلكـرتوين ‪ info@achamal.ma :‬ـ املوقع الإلكرتوين ‪www.achamal.ma :‬‬


‫العدد ‪1001‬‬

‫‪2‬‬

‫الثالثـاء ‪� 09‬إلى ‪ 15‬يوليوز ‪2019‬‬

‫يومية جهوية وطنية ت�صدر م� ًؤقتا كل �أ�سبوع‬

‫املوقع الإلكرتوين ‪:‬‬ ‫‪www.achamal.com‬‬ ‫ت�صدر عن مطبعة جريدة طنجة‬ ‫المدير المسؤول ‪:‬‬

‫عبد احلــق بخــات‬

‫المدير المسؤول ‪ :‬عبد احلــق بخــات‬

‫تسع عشرة‬ ‫سنة من الوجود‬

‫ألف عدد‬ ‫من المثابرة‬

‫منذ‬

‫أكثـــر مــن تسعــة عشــر عامـاً‪ ،‬وجريدة‬ ‫«الشمال»‪ ،‬التي تأسست عام ‪ ،2000‬تعتبر‬ ‫الجريدة المرجعية األسبوعية األساسية لجهة طنجة‬ ‫تطوان الحسيمة‪ ،‬تسع عشرة سنة مارست خاللهـــا‬ ‫اليقظة المواطنة الدقيقة واللصيقة بكل أشكال‬ ‫التطورات والتحوالت التي شهدتها مدن الشمال‪ .‬وها‬ ‫هي اليوم تحتفل ببلوغها إصدار العدد األلف بكل انتظام‬ ‫واطراد‪ .‬وأجد نفسي ملزما أخالقيا ومهنيا باإلشادة هنا‪،‬‬ ‫بأن ذلك ما كان ليتم لوال الجهود المعتبرة التي بذلها‬ ‫مؤسسوها األوائل‪ ،‬ولوال اإليمان القوي بمشروعها‬ ‫اإلعالمي المستنير للمتعاونين المتالحقين معها ‪.‬‬ ‫هذا العمر المتواصل‪ ،‬وهذا النجاح األكيد لجريدة‬ ‫«الشمال» ‪ 2000‬ليس باألمر المستغرب‪ .‬فلقد تمكن‬ ‫المسؤوالن األوالن عن انطالقتها‪ ،‬اإلعالمي الراحل‬ ‫خالد مشبال وزميله عبد الحق بخــات‪ ،‬من العمل بال‬ ‫كلل‪ ،‬وباحترافية غير مسبوقة‪ ،‬من أجل تعزيز مرتكزات‬ ‫وجودها وأساسيات مهنيتها‪.‬‬ ‫إن العديد من المتعاونين والمثقفين البارزين‬ ‫ورجال العلم‪ ،‬مثل السيد أسامــة الزكاري‪ ،‬والدكتور‬ ‫عبداللطيف شهبون‪ ،‬والدكتور محمد كنون‪ ،‬واألستاذ‬ ‫رضوان احدادو‪ ،‬وغيرهم‪ ،‬يشكلون اليوم األساسات‬ ‫واألرصدة التي تستند إليها السمعة الفكرية والثقافية‬ ‫الراسخة التي اكتسبتها الجريــدة على امتـــداد هذه‬ ‫السنوات‪.‬‬ ‫بفضل األقالم الرصينة الراسخة لهؤالء الرجال‪،‬‬ ‫وآخرين غيرهم‪ ،‬يمكن لجهة طنجة ـ تطوان ـ الحسيمة‬ ‫أن تتباهى بوجود هذا المرجع اإلعالمي األسبوعي‪.‬‬ ‫اليوم إذن‪ ،‬نحتفل بالعــدد ‪ 1000‬من جريدتنــا‬ ‫أجمعين‪ ،‬بكل فخر‪ ،‬وبكل رضا عن هـذا المشــــوار‬ ‫المتواصل المثابر التواق إلى المضي بالمهمة إلى أبعد‬ ‫مدى‪ .‬إنها أيضًا فرصة لتكريم روح مسؤولها األول‪،‬‬ ‫ولتوجيه التحية الصادقة الخالصة لرسوخها في األبد‬ ‫اآلمن‪ ،‬المرحوم خالد مشبال‪.‬‬ ‫نفس التحية أتوجه بهــا إلى كــل مسؤوليها‬ ‫المتعاقبين الذين بذلوا ويبذلون الجهد المتواصل‬ ‫لتجويد أداء الجريدة المهني‪ ،‬ولتجويد قدرتها التنافسية‬ ‫اإلعالمية النبيلة من أجل تمكين الناس من حقهم‬ ‫في المعلومة‪ .‬وأتوجه بها أيضا إلى كل المتعاونين‬ ‫الحاليين معنا‪ ،‬وإلى جميع القراء‪ ،‬على امتداد خريطة‬ ‫مغربنا الرحبة‪ ،‬والذين يثقون فينا‪ ،‬يثقون في رؤيتنا‪.‬‬ ‫وأكيد أننا من دونهم لم نكن لننجح في الوصول بهذا‬ ‫المشوار إلى ما وصل إليه‪ .‬شكرا للجميع‪.‬‬

‫رئيس التحرير ‪:‬‬

‫ألف خطوة وخطوة‬ ‫بقلم رضوان احدادو‬

‫حتية اعتبار و�إكبار ل�سنوات اخلطو يف �أتون اللهب ولهاث العرق والغبار‪.‬‬ ‫لـ (ال�شمال) يف ميالدها املتجدد وخلطوها املتوا�صل‪.‬‬ ‫في البدء كان الحلم يا سادة أفقا جميال ملونا‪ ،‬أمال يافعا‪ ،‬مخضوضرا‪ ،‬معشوشبا‪ ،‬نشيدا غريدا دافئا‪ ،‬مواال‬ ‫غجريا صاخبا هادئا‪ ،‬محلقا‪ ..‬محلقا‪.‬‬ ‫في البدء كانت اإلرادة فورة عناد وتحديا صلبا‪ ..‬زاد المؤمن نحو نبل المقصد‪ ،‬رأس ماله الثابت‪ ،‬وحدها‬ ‫الحافز لمواصلة الحفر في صلب الصخر‪ .‬والمتطاء صهوات الرياح ومواويل األفراح واعتالء قمم النجوم وكل‬ ‫الشامخات السامقات الوضاءات الحالمات‪.‬‬ ‫وكانت اإلرادة أيضا قبضة إيمان راسخ ثابت‪ ،‬حبا ومحبة‪ ،‬إصرارا وعنادا‪.‬‬ ‫ال تلتفت يا ولدي إلى الوراء‪.‬‬ ‫ •‬ ‫هكذا قال لنا يوما شيخ وقور‬ ‫وقال‪:‬‬ ‫أصحاب الغايات ال يلتفتون إلى الوراء‬ ‫ •‬ ‫كان صاحب حكم غالية وغاية محددة‪ ،‬قالها وسار نحو غايته غير ملتفت للوراء‪ ،‬ثم غاب وجهه في الزحام‪.‬‬ ‫اسمع جيدا يا ولدي‪ ..‬الذين يلتفتون إلى الوراء هم الذين يشدهم الوراء إلى الوراء‪ .‬ال يرون األمام‬ ‫ •‬ ‫مطلقا‪.‬‬ ‫هكذا كان يعلمنا شيخنا الوقور قبل أن يبتلعه الزحام‪.‬‬ ‫وقفنا عند ناصية الدرب نخط ألنفسنا خط االنطالق‪ ،‬تتهاوى االستفهامات‪ ،‬تتوالى‪ ،‬تتقاطع عالمات الحيرة‬ ‫والدهشة‪ ،‬تنبت‪ ،‬تنتصب سواري اسمنت وخشب‪ ،‬باردة‪ ،‬ماردة‪ ،‬شامتة‪.‬‬ ‫غريب أنت‪ ،‬شارد وشريد أنت‪ ،‬ملقى عند حوافي شواطئ عذراء مهجورة لم تمسسها يوما خفقات أجنحة‬ ‫نوارس‪ ،‬وال علت سماءها ألوان أجنحة الفراشات‪.‬‬ ‫واقع أليم مؤلم‪ ،‬مثبط كسيج يهزك‪ ،‬يشدك إلى كل اإلخفاقات والخسارات‪.‬‬ ‫الواقع أيضا لهيب ملتهب‪ ،‬حارق محترق‬ ‫ما أضيق العيش لوال فسحة األمل‬ ‫األمل‪ ،‬ورقة يانعة خضراء‪ ،‬تزهر قلب الظلمة‬ ‫مرة أخرى‪ ،‬من أين نبدأ؟‬ ‫• ال تلتفت يا ولدي إلى الوراء‪ ،‬الوراء يحجب األفق‪ ،‬يشدك إلى الوراء‪.‬‬ ‫باسم اهلل مجراها ومرساها‬ ‫ويبدأ الخطو‬ ‫• ال تلتفت‪ ،‬ال تسأل أحدا عن الطريق‪ ،‬وال تسأل عن العالمات واإلشارات‪ ،‬الطريق طرق وطرق‪ ،‬والعالمة‬ ‫واإلشارة عالمات وإشارات‪ ،‬وليس كل الذين يملؤون الطرقات هم فعال على الطريق سائرون‪ ،‬وال كل الذين‬ ‫يسترشدون باإلشارات والعالمات تهديهم وتوصلهم اإلشارات والعالمات‪.‬‬ ‫البحر من ورائكم واآلمال أمامكم‪ ،‬وليس لكم واهلل إال الصبر‪ ،‬فال تلتفتوا‬ ‫البحر غول شره‪ ،‬نهم يا سيدي‪ ،‬سواد مخيف قاتم‪ ،‬ومركبي هش ضعيف يا سيدي‪ ،‬بال أشرعة وال مجاديف‪.‬‬ ‫• تزود بزادك واحرق مركبك وال تلتفت يا ولدي‪ ..‬إضرب بعصاك موج البحر وعندها ستتبين لك عالمة‬ ‫العالمات وإشارة اإلشارات‪.‬‬ ‫ويكون الخطو األول‬ ‫فمن صلب اإلصرار ورحم المعاناة أتت إلى الوجود (الشمال) صوتا فريدا متفردا‬ ‫وتلك كانت لحظات المخاض العسير بقيظها وزمهريها‪ ،‬بومضها ووميضها‪ ،‬والذين عاشوها أو عايشوها‬ ‫يدركون هذا جيدا‪.‬‬ ‫رسمت (الشمال) قبل كل شيء لنفسها الطريق منذ خطوتها األولى‪ ،‬واختارت مقعدا بين الناس الطيبين‬ ‫البسطاء في خط علني متصاعد واضح‪.‬‬ ‫• ال تضيع عصاك يا ولدي‪ ،‬وال تلتفت إلى الوراء‪.‬‬ ‫فتعرضت لما تعرضت له من هزات ومضايقات‪ ،‬من حصار وخنق ومتابعات‪.‬‬ ‫• واآلن الق بعصاك تتلقف ما صنعوا‬ ‫وتلقفت عصا الشمال كل مكائدهم وهي في الموعد أقالم ورواد لتخرج منتصرة في كل معركة‪.‬‬ ‫اليوم ونحن نحتفي بالخطو األول بعد األلف‪ ..‬بألف يوم ويوم من العمر المجدد بفضل اهلل وإصرار القائمين‪،‬‬ ‫نرفع تحية إكبار لمن تبقى من رعيل الرواد المؤسس القابضين على الجمر‪ ،‬ولمن منا ابتلعه الزحام أو رحل عنا‬ ‫وفي نفسه شيء من هذه (الشمال)‪ ..‬اللهيب المتأجج‪.‬‬ ‫ورحم اهلل الرائع‪ ،‬المؤسس الرائد عراب (الشمال) من خط لها ولنا الخطوة األولى وعلمنا كيف نخطو‬ ‫ونسير ‪ ،‬الراحل خالد مشبال‪ ،‬العصي عن التجاوز والتغييب والنسيان وسيظل حاضرا كلما ذكر اسم (الشمال)‪.‬‬ ‫وللقائمين اآلن واآلتين بعد اآلن سالم وتقدير ومحبة‪.‬‬ ‫ال تلتفت إلى الوراء يا ولدي‪.‬‬

‫عبد الإلـه املـوي�سـي‬ ‫هيئة التحرير ‪:‬‬

‫عبد اللطيف �شهبون‬ ‫زبيـدة الورياغلـي‬ ‫�أ�سامـة الزكــاري‬ ‫ر�ضوان احدادو‬ ‫هدى املجاطـي‬ ‫�أبو اخلري النا�صري‬ ‫عبد احلـي مفتـاح‬ ‫محمد �إمغــران‬ ‫م�صطفى ال�سباعي‬ ‫محمد �سدحــي‬ ‫اإلدارة واإلشهار والعالقات العامة ‪:‬‬

‫محمد طارق بخات‬ ‫اإلخراج والتصفيف‪:‬‬

‫«جريدة ال�شمال»‬ ‫عنوان التحرير والمراسالت والتسويق‬ ‫واإلشهار ‪:‬‬

‫‪ 7‬مـكـــرر‪ ،‬زنقـة عمــر بــن‬ ‫عبد العزيز ـ طنجــة ـ‬ ‫الهاتــف ‪:‬‬ ‫‪05.39.94.30.08‬‬ ‫‪06.22.45.30.67‬‬ ‫الفاكــ�س ‪:‬‬

‫‪05.39.94.57.09‬‬ ‫الربيد الإلكرتوين ‪:‬‬

‫‪info@achamal.com‬‬ ‫‪achamal2000 @gmail.com‬‬ ‫سحب من هذا العدد ‪:‬‬

‫‪� 10‬آالف ن�سخــة‬ ‫التوزيع‪:‬‬

‫�سبـريــ�س ‪Sapress‬‬ ‫الإيداع القانوين‪99/10 :‬‬ ‫ر‪.‬د‪.‬م‪.‬ك‪:‬‬

‫‪I.S.S.N : 1114-1832‬‬


‫الثالثـاء ‪� 09‬إلى ‪ 15‬يوليوز ‪2019‬‬

‫العدد ‪1001‬‬

‫درد‬ ‫شة‬

‫م�صطفى حجاج‬

‫دردشة‬ ‫سأعود إلى موضوع التواصل‪ ،‬ألخوض فيما خاض فيه الخائضون بخصوص‬ ‫مقر باشوية مدينة تطوان‪ ،‬هذا المقر الذي استبشر الناس باسترجاعه العتبارات‪،‬‬ ‫أهمها أنه مبنى أثري‪ ،‬يجدر بالقائمين على التراث‪ ،‬أن يضموه إلى قائمة المباني‬ ‫التاريخية‪ ،‬التي يحق للسياح زيارتها والوقوف عليها‪.‬‬ ‫لكنَّ الصور التي تداولتها المواقع الفايسبوكية‪ ،‬أظهرت حجم التهديم‬ ‫الذي حاق بهذه المعلمة‪ُ ،‬‬ ‫فكثر القيل والقال‪ ،‬وكبُر على الغيورين على تراث‬ ‫َ‬ ‫يُعامَل بهذه المعاملة الفظة الغليظة‪.‬‬ ‫المدينة‪ ،‬أن‬ ‫ُ‬ ‫الجهة التي َّ‬ ‫ولو َّ‬ ‫تسلمت البناية‪ ،‬نفسَها‪ ،‬فع َلقت على واجهة المشروع‪،‬‬ ‫كلفت‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫لوحة تحمل مجموعة من البيَانات‪ ،‬تحدد حجم اإلصالح‪ ،‬والهدف منه‪ ،‬لوضعَت‬ ‫النقط على الحروف‪ ،‬وتواصلت مع المواطنين‪.‬‬ ‫الحلقة المفقودة دائماً هو التواصل‪.‬‬ ‫ويوم رأى الناس «الطراكسات» وهي تتسلل في ظالل الليل لهدم مدرسة‬ ‫قديمة بالجنوي‪ ،‬اعتبروا هذا العمل عم ً‬ ‫ال غير مقبول‪ ،‬يستهدف مآثر المدينة‬ ‫العتيقة‪.‬‬ ‫لكن حين عرفوا فيما بعد أن األمر‪ ،‬أمر إنشاء سوق للقرب َّ‬ ‫خفت حدَّتهم‪،‬‬ ‫وتفهَّموا الوضع‪ ،‬ولو بعد حين‪.‬‬ ‫ولو افترضنا أن المسؤولين الذين فاجأوا الناس بتهديم المدرسة‪ ،‬مهَّدوا‬ ‫للموضوع بلوحة بيانية‪ ،‬أو باجتماع يدعون له جمعيات المجتمع المدني‪ ،‬لما‬ ‫استقبل السكان مشروع السوق بغضب وحَنق‪.‬‬ ‫أمورٌ كثيرة‪ ،‬يجب أن يسبقها إعالن أو بيان توضيحي‪ ،‬إلقناع المواطنين‬ ‫بجدوى المشاريع التي يُشرَعُ فيها هناك وهناك‪ ،‬ولِوَضع حدّ للبلبلة‪ ،‬وخلق‬ ‫اإلشاعات المغرضة‪.‬‬ ‫وحتى المشاريع التي تتوقف أحياناً ألسباب ال نعلمها‪ ،‬يجب أن يُع َلن عنها‬ ‫كملعب الملليين‪ ،‬الذي قيل إنه تقرَّر بناؤه في تاريخ كذا‪ ،‬وسينتهي أو يدشَّن‬ ‫في تاريخ كذا‪ ،‬كان باإلمكان‪ ،‬أن نلجأ إلى مسطرة التواصل‪ ،‬لنشرح للناس أساب‬ ‫توقف البناء به‪.‬‬

‫يا طنجة يا العالية أنت ال تستحقين‬ ‫ذلك الداء‪...‬؟‪! ‬‬ ‫‪-‬‬

‫نزور الكثير من المدن فتتكون لدينا صورة عنها من خالل ما نزوره‪،‬‬ ‫فمنها ما نحتفظ عنها بصور من محطتها‪ ،‬ومنها من وسائل نقلها‪ ،‬ومنها‬ ‫من مطاعمها ومقاهيها‪ ،‬ومنها من شواطئها‪ ،‬ومنها من معالمها السياحية‪،‬‬ ‫ومنها من نظافتها‪ ،‬ومنها من مائها وجوها‪ ،‬وأخرى من طباع قاطنيها وسمات‬ ‫وجوههم ولكنتهم وأخالقهم ومعامالتهم مع الغريب‪...‬‬ ‫طنجة من المدن القريبة إلى مدينتي‪ ،‬ارتبطت لدي زيارتها إما بموعد‬ ‫مع طبيب أو الحصول على التأشيرة للخارج‪ ،‬أو الحضور في لقاءات وتظاهرات‬ ‫جمعوية أو القيام بمهام إدارية أو عبور للضفة األخرى‪ ،‬لذلك بقي حدود‬ ‫معرفتي بها شحيحا لم يتعد في غالب األحيان الشوارع الرئيسية كالبولفار‬ ‫والكورنيش وبعض أسواقها الكبرى ومحطتها السابقة والحالية ومينائيها‬ ‫القديم والجديد ومطارها ومقاهيها ومطاعمها‪ ،...‬وكنت‪ ،‬دائما‪ ،‬إلى ما قبل‬ ‫العقد األخير أتعجب لماذا لم تعرف هذه المدينة ذات الصيت الدولي والتاريخي‬ ‫الطفرة التي حققتها مدن كتطوان أو الرباط على مستوى البنية التحتية؛ وهي‬ ‫تتقدم صناعيا وتجاريا واقتصاديا‪ ،‬بل كنت أتأسف ألنها ربما كانت تعاني من‬ ‫تراجع ال يليق بصيتها ومؤهالتها‪.‬‬ ‫لكن طنجة في السنوات‬ ‫األخيرة بدت لي وكأنها العنقاء التي‬ ‫تنهض من الرماد‪ ،‬فقد وصلها في‬ ‫األخير التحول المنتظر من خالل‬ ‫برنامج طنجة الحاضرة الكبرى‬ ‫والمشروع الكبير إلعادة توظيف‬ ‫مينائها القديم وبرامج ومشاريع‬ ‫أخرى‪ .‬لقد تغير وجهها وإن لم‬ ‫تتغير روحها‪ ،‬فهي المدينة المنفتحة‬ ‫على العالم‪ ،‬مدينة التنوع والحداثة‬ ‫والتناقضات‪ ،‬فبقدر ما هي مدينة‬ ‫المتع واإلسراف في االستهالك‬ ‫واألناقة واإلقبال الجنوني على‬ ‫الحياة‪ ،‬فهي كذلك مدينة تمجيد‬ ‫الروح والزوايا والصلحاء‪ ،‬وتيارات‬ ‫اإلسالم السياسي وغير السياسي‪ ،‬واللطافة والرقة الخلقية‪.‬‬ ‫إنها إذن مدينة تحبل بسر قد ال يراه ويستكنهه إال من ولهوا بها‬ ‫واختبروها بعمق من الداخل بعيدا عن الكليشهات واألحكام النمطية‬ ‫والنظرات السطحية العابرة‪ ،‬ومع ذلك فطنجة‪ ،‬في اعتقادي وكما سمعته‬ ‫على لسان بعض أبنائها‪ ،‬قد أصابها ويصيبها خلل قيمي جراء عدة عوامل‬ ‫كالهجرة والفوارق الطبقية وطغيان الهاجس المادي وإكراهات الحياة الفردية‬ ‫والجماعية‪ ،‬وقد ينعكس هذا في سلوكات بعض من يقدمون خدمات فردية‬ ‫كأصحاب السيارات الصغيرة‪ ،‬أو مرفقية جماعية‪...‬‬ ‫أستحضر هنا بشكل خاص المرفق الصحي وهو مرفق أساسي في أي‬ ‫تجمع حضري ومدني؛ فقد شاءت األقدار في زيارتي األخيرة لطنجة العالية أن‬ ‫أصاب بجرح فوق عيني اليسرى‪ ،‬نسأل اهلل اللطف فيما جرت به المقادير‪ ،‬إثر‬ ‫حادث بسيط في أحد المقاهي األثيرة لدي الواقعة بالممر الدائري إليبيريا‪،‬‬ ‫حملني هذا الجرح كرها إلى مستشفى محمد الخامس بشارع موالي رشيد‬ ‫«فال فلوري» ألستشير الطبيب الذي يمكنه أن يطمئنني على حالتي ويقدم‬ ‫لي اإلسعافات األولية الضرورية التي أحتاجها‪ .‬لألسف كانت خيبتي عظيمة‬ ‫وصادمة‪ ،‬فبعد القيام باإلجراءات الالزمة في مصلحة المستعجالت‪ ،‬وبعد أن‬

‫‪3‬‬

‫عبد الحي مفتاح‬

‫رأتني الطبيبة دون أن تلمس الجرح أو تقدر خطورته من عدمها‪ ،‬خرجت من‬ ‫غرفة اإلسعافات بضمادة بئيسة ألصقها دون اكتراث بل بميكانيكية محبطة‬ ‫ممرض كان ينظر إلى شيء آخر‪ ،‬ولوال التعامل الرقيق لسيدة ال أعرف هل هي‬ ‫ممرضة أم عون أم ملك تعاطفت معي وحنت علي‪ ،‬الستنتجت أن المستعجالت‬ ‫في مستشفى محمد الخامس داؤها أكبر من أي داء قد يصيب اإلنسان في‬ ‫طنجة‪ ،‬ولربما كانت حالتي ال تستدعي اهتماما لبساطتها أو ألن حاالت اآلخرين‬ ‫أفدح وأكثر استعجاال‪...‬ولو‪ ،...‬عدت إلى مدينتي‪ ،‬والحمد هلل أن المسافة إليها ال‬ ‫تستغرق أكثر من ساعتين وقليل‪ ،‬فأخذت اإلسعافات الالزمة في مستعجالتها‪.‬‬ ‫ومنذ ذلك الحين وأسئلة كثيرة مازالت لحد اآلن تؤرقني وأنا أفكر في ماليين‬ ‫المكلومين والجرحى والمرضى‪ ،...‬وأصرخ في نفسي «ارحموا من في السماء‬ ‫يرحمكم من في األرض»‪.‬‬ ‫فمن حق األطباء في بلدي أن يدافعوا عن مصالحهم‪ ،‬ومن حق‬ ‫الممرضين وكل األطر الصحية أن يعبروا عن مطالبهم ويتشبتوا بها‪ ،‬لكن‬ ‫من حق المواطنين سواسية‪ ،‬والبسطاء خاصة لضعف حيلتهم‪ ،‬أن يستفيدوا‬ ‫من خدمات صحية عمومية تليق‬ ‫بإنسايتهم‪ .‬وإن كان ليس من‬ ‫شيمي أن أصدر األحكام االعتباطية‪،‬‬ ‫فمن الواجب علي أن أسأل كغيري‬ ‫من السائلين بحرقة عن األسباب‬ ‫العميقة لتدهور الخدمات الصحية‬ ‫في مدينة عالمية ليست كغيرها‬ ‫من المدن والقرى‪ ،‬هل تكمن في‬ ‫شح الموارد المالية والتجهيزات‬ ‫أم في نقص في الموارد البشرية‬ ‫أم في سوء التنظيم – حتى ال‬ ‫نقحم الحكامة والتخطيط‪ -‬أم في‬ ‫ضمور السلوك المدني لدى بعض‬ ‫المرتفقين والضمير لدى بعض‬ ‫العاملين أم في قلة التحفيز المادي‬ ‫والمهني أم في الضغط الزائد على‬ ‫المستشفى‪ ...‬أم في هذا كله أو بعضه؟؟؟‪.‬‬ ‫أمام هذه الحقيقة المفجعة‪ ،‬من نافل القول إن طنجة المدينة ذات‬ ‫الصيت العالمي تستحق خدمات صحية لمواطنيها ولعابريها أرقى وأحسن‪،‬‬ ‫ألنها مدينة تتطور بسرعة وتشرئب إليها األعين من كل االتجاهات ويعول‬ ‫عليها كقاطرة للجهة‪ ،‬كما أنها مدينة الملتقيات والتظاهرات الكبرى والسياحة‬ ‫الدائمة‪.‬‬ ‫والبد هنا من توجيه تحية لكل األطر الصحية التي تخدم بشرف وتحفظ‬ ‫ما تبقى من ماء وجه الخدمة الصحية العمومية التي ال تتمثل في األرقام‬ ‫واإلحصائيات والبيانات‪ ...‬بل تتجسد في حماية صحة اإلنسان التي إذا انهارت‬ ‫حمايتها انهارت كل القيم والخطابات الجوفاء حول اإلنسان وحقوقه األساسية‪.‬‬ ‫لقد تغيرت فعال الصورة التي رسمت في مخيلتي عن طنجة من قبل‬ ‫لما زرت مستشفى محمد الخامس‪ ،‬وإن كنت سأحتفظ عن أهلها ومبدعيها‬ ‫وفنانيها وكتابها وفقهائها ومتصوفيها ومناضليها‪ ...‬بنسمات طيبة تخفف‬ ‫كالبلسم الجراح والصدمات؛ فمعذرة ألهل طنجة ألن مدينتكم تستحق أحسن‬ ‫بكثير من مستشفى محمد الخامس السيء الذكر والمفزع‪...‬؟‪. ! ‬‬

‫من أعيان‬ ‫«طنجة العالمة»‬ ‫عبد اللطيف �شهبون‬

‫‪abdelchahboun@hotmail.com‬‬

‫من السنن المحمود للمجلس العلمي بطنجة تكريم‬ ‫وجوه «طنجة العالمة» وفي هذا ثابت من ثوابت أجرأة‬ ‫قيم بانية‪..‬‬ ‫في مسيري المهني بأسالك التعليم الثانوي وتكوين‬ ‫األطر والعالي ؛ مسير بدأته في أكتوبر ‪ 1969‬وأنهاني‬ ‫في غشت ‪ ، 2016‬تعرفت إلى نخبة طيبة من أصدقاء‬ ‫علماء فضالء ‪ ،‬حظيت معهم بطيب مجالسات‪ ..‬وجم‬ ‫إفادات‪ ..‬ولطف انبساطات ‪..‬‬ ‫وأما األصل الناظم بينهم فحرصهم الشديد على‬ ‫االعتناء بعربية القرآن وآدابها ومشاركاتهم العلمية‬ ‫الواسعة‪..‬‬ ‫كانوا مجردين من الثراء ؛ غير ثراء العلم والمعرفة ؛‬ ‫مقتصرين على تخل واقتصاد ‪ ..‬لكنهم على حال جميل‬ ‫من صفاء‪..‬‬ ‫في مطلع ثمانينيات القرن الماضي التحقت للعمل‬ ‫أستاذا للغة العربية بالمركز التربــوي الجهوي بطنجة‪،‬‬ ‫بعدما كنت مخيـرا بين االلتحاق بالمعهد اإلسباني‬ ‫أو التكلف بمهمة المراقبة التربويــة بالثانوي‪ ..‬وفي‬ ‫هذا الصدد البد من التذكير بأن صديقي العزيز أحمد‬ ‫الطريبق هو الذي سعى اللتحاقي بالمركز‪ ،‬بل التحاق‬ ‫جل األصدقاء بتنسيق مع مديره المرحوم رشيد الفياللي‬ ‫المكناسي‪.‬‬ ‫تشكل اللفيف المبارك المقرون من أحمد الطريبق ‪،‬‬ ‫أحمد أحشاد ‪ ،‬أحمد الحضري ‪ ،‬عبد السالم شقور ‪ ،‬سعيد‬ ‫ابن األحرش والمرحوم عبد اهلل المرابط الترغي ‪ ،‬أحمد‬ ‫المسناوي وعبد السالم أزيار‪..‬‬ ‫كنا أعضاء فريق علمي وتربوي في شعبتي اللغة‬ ‫العربية والدراسات اإلسالمية‪..‬‬ ‫على عاتقنا تكونت أجيال في ظرفية مغرب وجد نفسه‬ ‫بعد االستقالل السياسي موزعا بين أخالط من أنظمة‬ ‫تربوية شتى راكمت أغالطا تدبيرية ما زالت مستفحلة‬ ‫حتى زمننا الراهن‪..‬‬ ‫كان كل منا يبذل بصدق وتفان ما علمه اهلل‪..‬‬ ‫وأما األستاذ الحاج أحمد الحضري ـ حفظه اهلل ـ فكان‬ ‫من ‪:‬‬ ‫• طينة علماء مطبوعين على فضائل العلم والسلوك‪..‬‬ ‫• فئة ضابطين متقنين لعلوم القرآن الكريم وبالغة‬ ‫الحديث الشريف‪..‬‬ ‫• عينة متمكنين عارفين بأسرار اللغة‪.‬‬ ‫وأما دروسه المدونة والمسموعة فلم تكن تمض‬ ‫مناسبة دون التنويه بها من طرف الفريق العلمي‬ ‫والتربوي أو من طرف األساتذة المتدربين التسامها ب ‪:‬‬ ‫• حسن اختيار‬ ‫• تسلسل عرض‬ ‫• بالغة إقناع‬ ‫• قوة حجاج‬ ‫• استدعاء الشاهد‬ ‫• صواب الترجيح والتعليل‬ ‫وأما طبعه‪ ،‬فكان انحيـازا بالكلية إلى هدوء وصمت‬ ‫وحكمة حفظه اهلل‪.‬‬


‫الشمال الفني‬ ‫‪4‬‬

‫إشراف الفنان يوسف سعدون‬

‫العدد ‪ 1001‬ـ الثالثـاء ‪ 09‬إلى ‪ 15‬يوليوز ‪2019‬‬

‫الفنـانــة‬

‫جوليا المغربية‬ ‫حـاورها فكري ولد علي‬

‫حول البدايات والمسار الفني؛ وعالم االحتراف؛ وكيف تختار الكلمات واللحن‬ ‫في محاولة إلرساء أسلوب فني خاص بها‪ ،‬كانت محاور تطرقت إليها الفنانة‬ ‫“كوثر التسولي” التي يعرفها الجمهور ب “جوليا المغربية”‪ ،‬في دردشة مع‬ ‫الجريدة؛ هذا؛ إلى جانب مواضيع أخرى تتعلق بالمهرجانات وانطباعاتها حول‬ ‫البرمجة الفنية للقنوات المغربية في رمضان‪ ،‬وكيف تقضي يومها في هذا‬ ‫الشهر المبارك‪.‬‬

‫• قدمي للقراء نبذة مختصرة عن مسارك الفني؟‬ ‫• • اإلسم الكامل ‪ ” :‬كوثـــر التسولي” الملقبة فنيا‪:‬‬ ‫“جوليا المغربية” من مدينــة المحمدية من عائلة تربوية‬ ‫فنية تحب الشعر والموسيقى الراقية‪،‬بدأت الغناء في سن‬ ‫صغيرة جدا حيث كنت أشارك مع والدي في جميع األنشطة‬ ‫المدرسيةالتي كان مكلفاً بها ألنه كان يدرس اللغة العربية‬ ‫بنفس المؤسسة اسمه “علي التسولي” وهو أيضا كاتب‬ ‫وشاعر من الدرجة األولى ورسام وكان يعزف على آلة العود‬ ‫و منه تشبعت بروح الفن والطرب األصيل و بعد ما أتممت‬ ‫دراستي احترفت الغناء‪.‬‬ ‫• متى كانت بداية االحتراف الفني؟ وكيف جاء ذلك؟‬ ‫• • احترفت الغناء في سن ‪ 17‬لما شاركت ببرنامج “نجوم‬ ‫ونجوم” على القناة الثانية من تقديم اإلعالمي المتميز‬ ‫“عتيق بن شيكر” حصلت آنذاك على المرتبة األولى وأختي‬ ‫“هدى التسولي” على المرتبة الثانية‪.‬‬ ‫• إذا سألنا جوليا المغربية عن األسلوب الفني الذي تمتاز‬ ‫به وهل حاولت أن ترسـي لنفسها اسلوبــا ونمطــا خاصــا‬ ‫بها؟‬ ‫• • بالنسبة لي وبفضل اهلل أتقن غناء جميع األلوان‬

‫ذاكرة فيلم‬

‫بطاقة تقنية ‪:‬‬ ‫البلد ‪ :‬الواليات المتحدة األمريكية‬ ‫إنتاج سنة ‪ / 1968‬امريكي بريطاني‬ ‫سيناريو ‪ :‬ستانلي كوبريك و آرثر سي كالرك‬ ‫تصوير ‪ :‬جون ألكوت و جيوفري أنوسورت‬ ‫موسيقى ‪ :‬ريتشارد شتاروس – آرام خاتشاتوريان – جيورجي ليغاتي – يوهان‬ ‫شتراوس اإلبن‬ ‫تشخيص ‪ :‬كير دوليا – غاري لوكوود – ويليام سفستر – دوغالس رين‬ ‫إخراج ‪ :‬ستانلي كوبريك ‪.‬‬ ‫في سنة ‪ 2018‬بمهرجان «كان» السينمائي الدولي ‪،‬احتفى المهرجان‬ ‫باليوبيل الذهبي لفيلم «أوديسا الفضاء ‪ »2001‬للمخرج المثير للجدل ‪ ،‬ستانلي‬

‫فـ‬ ‫ن‬ ‫ـ‬ ‫ا‬ ‫ن‬

‫الموسيقية كالطرب والمغربي والراي والمصري والخليجي‬ ‫ومهما حاولت أن أختار مايتميز به صوتي إال وأجد فئة من‬ ‫جماهيري تطلب مني غناء ألوان أخرى يعني أحاول أن أرضي‬ ‫أذواق جماهيري األعزاء‪.‬‬ ‫• وما هي المدارس الفنية التي تأثرت بها؟‬ ‫• • أول مدرسة هي أم كلثوم وعزيزة جالل اسمهان‬ ‫ووردة الجزائرية والعديد من فناني الزمن الجميل‪.‬‬ ‫• هل للفنانة “جوليا المغربية” طريقة خاصة في التعامل‬ ‫مع كتاب الكلمات والملحنين وكيف تختار نصها الفني؟‬ ‫• • أهم شيء في اختياراتي هي الكلمات الراقية والمعبرة‬ ‫ذات المعنى الهادف و الخالية من الكلمات النابية أو كالم‬ ‫الشارع‪ ،‬وبعدها أختار اللحن الجميل الذي يدخل إلى القلب‬ ‫بسرعة‪.‬‬ ‫• ما هو الجديد الفني وهل سيكون المتتبعون‬ ‫والمهتمون بتجربة “جوليا” على موعد فني قريب مع الفنانة‬ ‫جوليا ؟‬ ‫• • الجديد إن شاء اهلل في طور اإلنجاز والتحضير له جار‪،‬‬ ‫وهو مفاجأة لجمهوري الحبيب‪.‬‬

‫• ما هي انطباعاتك حول البرمجة الفنية الرمضانية في‬ ‫القنوات المغربية؟‬ ‫لألسف دون المستوى كل شيء مفبرك وتمثيل واستحمار‬ ‫للشعب المغربي‪،‬والشعب المغربي ذكي جدا ومستواه أرفع‬ ‫من هذا االنحطاط التلفيزيوني‪.‬‬ ‫• لماذا لم نرك في مهرجانات كالمهرجان الدولي‬ ‫موازيين ؟‬ ‫• • مهرجان موازين مهرجان ضخم يتمنى أي فنان أن‬ ‫يعتلي مسرحه‪ ،‬لكن لألسف يتم إقصاء الفنانين المغاربة‬ ‫الصاعدين‪ ،‬والمواهب الشابة‪ ،‬وينفتح على فناني (البوز)‬ ‫وفناني (الخارج)‪ ،‬الذين يكلف قدومهم إلحياء سهرة موازين‬ ‫مبالغ مالية ضخمة جدا؛ وحيث يبقى التطلع إعادة النظر في‬ ‫اختيارات المهرجان‪ ،‬وإعطاء األولوية للفنانين المغاربة الذين‬ ‫يستحقون فعال اعتالء مسرح هذا المهرجان الفني‪/‬الغنائي‪. .‬‬ ‫• كلمة أخيرة ؟‬ ‫• • أشكركم وأشكر جمهوري الحبيب على حبهم لي وعلى‬ ‫تشجيعاتهم الدائمة‪ ،‬كما أشكر عائلتي التي تساندني دائما‪،‬‬ ‫وأقول لجمهوري الحبيب داخل وخارج أرض الوطن أنا أحبكم‬ ‫في اهلل وانتظروا جديدي بحول اهلل‪.‬‬

‫كوبريك تقديرا لهذه التحفة السينمائية التي ما زالت تثير الدهشة‬ ‫واألسئلة ‪.‬‬ ‫الفيلم من صنف أفالم الخيال العلمي ‪ ،‬وهو مستوحى من‬ ‫قصة « الحارس « للكاتب آرثر سي كالرك ‪ ،‬إذ يعتبره النقاد من بين‬ ‫أهم األفالم في تاريخ السينما العالمية ‪.‬‬ ‫يتناول الفيلم سلسلة من اللقاءات بين البشر وأجسام غامضة‬ ‫سوداء التي أثرت في تطور اإلنسان ‪ .‬ولتتبع إشارة منبعثة من‬ ‫إحدى هذه الكتل الموجودة على القمر‪ ،‬أرسلت رحلة إلى كوكب‬ ‫المشتري‪.‬‬ ‫يفتتح ستانلي كوبريك فيلمه بشاشة سوداء ترافقها موسيقى‬ ‫الهنغاري جيورجي ليغاتي (هكذا تكلم زرادشت) والتي من خاللها‬ ‫يسافر بنا إلى التعامد الثالثي بين القمر واألرض والشمس لتنتهي‬ ‫بعد ظهور الحركة األولى( فجر اإلنسان) لظهور اإلنسان القرد‬ ‫على وجه األرض وهو يتصارع مع باقي الحيوانات لتأمين عيشه‬ ‫والدفاع عن نفسه بشتى الوسائل المتاحة ‪ ،‬وفي خضم هذا الصراع‬ ‫المبني على غريزة البقاء يكتشف ويتطور ‪.‬‬ ‫موت أحد أعضاء من مجموعة اإلنسان القرد على يد نمر ‪ ،‬بعدما كانت تعيش‬ ‫حياة سلمية ‪ ،‬سيؤجج الصراع فيما بينهم وبين مجموعات أخرى حول جدول مياه‬ ‫كانت تشرب منه هذه المجموعات ‪.‬‬ ‫األحداث تتطور ‪ ،‬والخوف يستقر بين هذه الكائنات ‪ ،‬خصوصا بعدما‬ ‫استيقظت القرود على صوت اهتزازات غريبة ‪ ،‬ثم يبدؤون بالتخلص من الخوف‬ ‫واالقتراب من صخرة سوداء ولمسها ‪ ،‬لكن اكتشاف عظم كان اكتشافا فارقا في‬ ‫حياة هذه المجموعة ‪ :‬إنه اكتشاف للسالح الستعماله في المعارك للبقاء على قيد‬ ‫الحياة ‪ .‬وهذا ماحدث بعد معركة بين مجموعتين من أشباه القردة ‪ ،‬عندما قتل‬ ‫زعيم المجموعة المنافسة بسالح العظم حيث يرفعها القرد المنتصر في الهواء‬ ‫لتصبح قمرا صناعيا يجول في الفضاء ‪،‬ليكون االنتقال السردي سلسا وجميال‬

‫ومدهشا وصادما أيضا حيث سيدخل الفيلم مرحلة أخرى من مراحل تطور اإلنسان‬ ‫‪/‬إنسان المستقبل البعيد ‪.‬‬ ‫فستانلي كوبريك تنبأ منذ سنة ‪ 1968‬بصعود اإلنسان إلى القمر ‪ ،‬وتنبأ‬ ‫بالتطورات التكنولوجية التي نعيشها اليوم ‪ ،‬مثل اللوحات اإللكترونية التي‬ ‫نستعملها اليوم في القراءة والكتابة والتواصل عبرها بالصورة أيضا ‪.‬‬ ‫إن فيلم أوديسا الفضاء ‪ »2001‬هو فيلم ينبه إلى احتمال نهاية اإلنسان ‪ ،‬وأن‬ ‫التكنولوجيا ستكون سبب نهايته بسبب استعمالها السلبي المفضي إلى الصراع‬ ‫بها وعبرها في القتل والتدمير ‪.‬‬ ‫فإذا كان اكتشاف العظم في بداية الفيلم كأداة لالستعمال اإليجابي أول األمر‬ ‫فإنه تحول إلى سالح فتاك ‪ ،‬سالح للقتل ‪ ،‬هذا مايحدث اليوم مع التكنولجيا التي‬ ‫أصبحت وسيلة من وسائل تتفيه اإلنسان وتدمير أحاسيسه وتحويله إلى جسد‬ ‫بدون روح ‪.‬‬

‫�أودي�سا الف�ضاء ‪2001‬‬ ‫• محمد عابد‬

‫حو‬ ‫ا‬ ‫ر‬ ‫مع‬


‫العدد ‪1001‬‬

‫الشمال الفني‬

‫الأغاين املغربية ترتاجع بكلماتها‬ ‫و�أحلانها والعنف اللفظي يغزوها‬

‫عبدالرحيم اخل�صار‪ ‬‬

‫كانت‬

‫األغنية المغربية تراهن‪ ،‬إلى عهد قريب‪ ،‬على الكلمات كمكون أساس ينضاف إلى مهارة‬ ‫الملحن وجمال الصوت‪ ،‬من أجل تقديم قطع طربية يُتوخى منها أن تترك التأثير في المتلقي‬ ‫لفترة أطول‪ ،‬قد تدوم سنواتٍ وعقوداً‪ .‬وكان هذا األمر ينسحب على األغاني الفردية والجماعية على السواء‪.‬‬ ‫فمثلما كان جمهور السبعينيات والثمانينيات‪ ،‬وحتى التسعينيات‪ ،‬يطرب ألغاني عبد الهادي بلخياط ونعيمة‬ ‫سميح ومحمد الحياني وعزيزة جالل وعبد الواحد التطواني وعبد الوهاب الدكالي وبهيجة إدريس التي تنحاز‬ ‫إلى النصوص التي تحتفي بتيمة الحب‪ ،‬كان هذا الجمهور أيضاً يتفاعل بوجدانية كبيرة مع أغاني مجموعات‬ ‫«ناس الغيوان» و«لمشاهب» و«لرصاد» و»جيل جياللة» التي تحمل رسائل سياسية وإنسانية‪ .‬حتى األغاني‬ ‫«الوطنية» كانت تنطلق من النص قبل اللحن‪ ،‬إذ غالباً ما كانت قصائد بالفصحى أو نصوصاً زجلية لشعراء‬ ‫معروفين‪ ،‬أمثال أحمد الطيب لعلج‪ ،‬عبد الرفيع الجواهري‪ ،‬علي الحداني‪ ،‬العربي باطما وغيرهم‪.‬‬ ‫منذ منتصف التسعينيات‪ ،‬بدأت الكلمات تتراجع إلى الخلف وتختفي بالتدريج لصالح اإليقاعات الجديدة‬ ‫وتعدّد اآلالت‪ .‬ومنذ أن ضربت موجة الراب شاطئ الفن في البالد تغيرت أشياء كثيرة‪ .‬إذ لم ينشأ‪ ‬الراب‪ ‬في‬ ‫المغرب عن وعي ومعرفة‪ ،‬ولم يأتِ نتاج سياق اجتماعي وثقافي محض‪ .‬لقد كان فع ً‬ ‫ال بمثابة موجة مقبلة‬ ‫ً‬ ‫سواء عبر المحيط أو عبر البحر األبيض المتوسط‪ ،‬واألمواج قد تحمل إلينا سفناً وأسماكا‪ ،‬وقد تحمل الحطام‬ ‫واألحذية‪ .‬وأحياناً تلفظ جثث الغرقى‪ .‬لذلك وصل‪ ‬الراب‪ ‬إلى المغرب بحمولة بلدان المنشأ‪ ،‬فكان العنف اللفظي‬ ‫والعبارات غير العائلية تبدو في الغالب مكونات أساسية لهذا الفن‪.‬‬ ‫في الفترة األخيرة بدأ المغرب الفني يعرف ظاهرة جديدة وغريبة‪ ،‬هي إدخال كل العبارات المتداولة في‬ ‫الشارع واألقل فنية إلى متون األغاني‪ .‬إلى أن صارت الشتيمة هي الموضة أو التيمة الرائجة في األغاني‬ ‫الجديدة‪ .‬لنقف عند مجموعة من النماذج هي األكثر تداو ًال بين الجمهور واألكثر مشاهدة على مواقع التواصل‪.‬‬ ‫ومعظم هذه األغاني يمكنك أن تشاهدها على القنوات التلفزيونية الرسمية‪ ،‬أما اإلذاعات الخاصة فهي تبثها‬ ‫على مدار الساعة‪.‬‬ ‫في أغنية لنزار إيديل يتساءل عن مصير اإلنسان الذي ال يستفيد من تكرار التجارب «آش خاصو؟» فيرد‬ ‫الكورال‪« :‬خاصو لعصا» ‪»/‬تلزمه العصا»‪ .‬تقول كلمات أغنية «مشيتي فيها» لحاتم عمور‪« :‬أش نهضر (أتكلم)؟‬ ‫أش نقول»‪ /‬غدرتيني عرض وطول‪ /‬واليوم عاد جيتي‪ /‬ياهلل طفات عليك الشمعة‪ /‬سمعي كالمي مزيان‪ /‬أنا‬ ‫ماني ندمان‪ /‬طيحي(اسقطي) في كل الوديان‪ /‬مشية بال رجعة»‪ .‬أغنية «أنت باغية واحد» لسعد المجرد تقول‬ ‫كلماتها‪« :‬ما نليقش لك ما تليقي لي‪ /‬بزاف عليك وصعيب تلعبي بيّ‪ /‬عالمات الساعة بانو إال تحكمتي فيَّ»‪.‬‬ ‫أما أغنية ابتسام تسكت فنسمع فيها‪« :‬مليت حبك سير (اذهب)‪ /‬ما نقول لك ما تقول لي‪ /‬بال ما تتغابا (ال‬ ‫تتغابَ)» األغنية الجديدة َ‬ ‫لكرافاتا تقول كلماتها الممزوجة بفرنسية تمغربت‪« :‬جيت نقول ليك‪ /‬كنتِ غير‬ ‫بروصي‪ /‬طوينا هاد الدوصي» أي «جئت كي أقول لك‪ /‬لقد كنتِ مجرد ذعيرة‪ /‬وقد طوينا هذا الملف»‪ .‬في‬ ‫أغنية «ديكابوطال» لزهير بهاوي نجد مزيجاً من الدارجة المغربية والفرنسية مع كلمتين باإلسبانية وكلمة‬ ‫باإلنجليزية‪ .‬يقول أحد مقاطعها‪« :‬منك بزاف وال نسيتي منك بزاف‪ /‬رولي ركبي فالحديد كيفما بغيتِ‪ /‬واحدة‬ ‫فحالك نلقاها بزربة»‪ .‬أي «يوجد مثلك كثيرات أم أنك نسيت؟ ‪ /‬هيا انصرفي واركبي في السيارات كما تشائين‪/‬‬ ‫واحدة مثلك يمكن أن أجدها بسرعة»‪ .‬في أغنية «مول الشاطو» ليونس ستسمع الكلمات التالية‪« :‬تبغي مول‬ ‫شاطو لعندو ُ‬ ‫ُ‬ ‫باطو‪ /‬قولي يا ختي هكذا طلعتِ انتِ‪ /‬تبغي صحاب تشي تشي‪ /‬لومبرغِ ِني الكازينو ولميني‬ ‫ً‬ ‫زيدي»‪ ،‬ومعناها «تريدين صاحب القصر الذي لديه يخت‪ /‬إذا أنت هكذا‪ /‬تحبين أصحاب المال والسيارات‬ ‫الفارهة‪ /‬والتردد على الكازينو وارتداء الميني وأشياء أخرى»‪.‬‬ ‫هذا عن األغنية المغربية العصرية‪ ،‬أما إذا فتحنا باب الغناء الشعبي فلن نخرج سالمين‪ .‬ويكفي أن نجد في‬ ‫المدخل أغنية لعادل الميلودي عنوانها «ح ّلوفة» أي «خنزيرة» وقد حققت مؤخراً نسبة مشاهدة عالية‪ ،‬حيث‬ ‫تجازوت ثمانية مليون مشاهد بعد أقل من أسبوعين على بثها في يوتيوب‪ .‬تقول كلماتها‪« :‬راني واعر في‬ ‫الصيادة‪ /‬وانتِ حلوفة وغادة‪ /‬وإيال زدتِ شي زيادة‪ /‬غادي نخلي دار بوك» أي «أنا ماهر في القنص‪ /‬وأنت‬ ‫مجرد خنزيرة‪ /‬وإذا أضفتِ كلمة أخرى‪ /‬سأخرب بيت أبيك»‪.‬‬

‫الثالثـاء ‪� 09‬إلى ‪ 15‬يوليوز ‪2019‬‬

‫‪5‬‬

‫درجة ال�صفر‬ ‫يف مبادرات»التكرمي»‬ ‫يوسف سعدون‬ ‫عرفت الدورة الثالثة عشرة للملتقى التشكيلي الدولي‪ ‬المنظم‬ ‫من طرف جمعية «تامسنا للفنون الجميلة» بمدينة سطات هذه‬ ‫السنة حدثا غريبا بامتياز ‪:‬‬ ‫فمنذ الدورة السابقة‪ ،‬شرعت الجمعية في تكريم شخصيات‬ ‫بصمت أو الزالت تبصم الحيـاة العامــة في المدينة ســـواء‪ ‬من‬ ‫المثقفين أو الفاعلين االجتماعييــن أو من العامــة‪ .‬وذلك من‬ ‫خالل تخليدها عبر رسمها بجداريات عمالقة‪،‬وتهدف الجمعية‪-‬‬ ‫حسب تصريحات أعضائها‪ -‬باإلضافة إلى هذا الفعل التكريمي‬ ‫نشر ثقافة الجمال والرقي بالذوق العام من خالل فن الجداريات‬ ‫الذي يعتمد على إخراج الفنون الجميلة من القاعات المغلقة‬ ‫وتعميمها في الفضاءات العامــة‪ ،‬وذلك من أجل خلق لحظات‬ ‫تواصل دائم بينها وبين الساكنة‪.‬لكن هذه السنة‪ ،‬وقع حدث شكل‬ ‫صدمة كبيرة للجمعية‪،‬فبعد اختيارها للشخصية الشعبيةالمراد‬ ‫تكريمها‪ ‬والمعروفة ب «با حالويت» عبر رسمه بمنظره المألوف‬ ‫بالمدينة‪،‬وبعد بداية االشتغال في الجدارية لمدة ثالثة أيام‪،‬فوجئت‬ ‫الجمعية باعتراض أبناء هذه الشخصية‪،‬مما اضطرت الجمعية إلى‬ ‫مسح الجزء المنجز من الجدارية والمتمثل في الوجه‪...‬‬ ‫وعبر فيديو جــد مؤثـــر بثـتـه الجمعية على صفحتها في‬ ‫الفايسبوك‪،‬عرضت فيه عملية المسح التي غيبت تدريجيا مالمح‬ ‫«با حالويت»‪ ،‬عبرت الجمعية عن أسفها العميق إلعدام هذه‬ ‫الجدارية وأسفها الكبير لما حدث !!!!‬ ‫ولتعويـض هــذه الجداريـــة‪ ،‬قامت الجمعية برسم منظر‪ ‬‬ ‫لمشهد طبيعــي من ضواحي سطات في نفــس الفضاء‪ ،‬و هذا‬ ‫االختيار(المشهد الطبيعي) شكل مفاجاـــة للمتتبعين باعتباره‬ ‫يناقض الهدف الرئيسي الذي انطلقت منه‪ ‬الجمعية من خالل‬ ‫الجداريات والمتمثل في «تكريم» اإلنسان بسطات‪ ،‬ولعل للجمعية‬ ‫مبرراتها في هذا االختيار نظرا لمخلفات الحدث‪!!.‬‬ ‫وفي الوقت الذي يؤكد فيه رئيس الجمعية على االتفاق مع‬ ‫أسرة الشخصية المكرمة «با حالويت» من أجل إنجاز الجدارية‪،‬يقر‬ ‫بحق بعض أبناء المكرم في االعتراض‪.‬وهذا اإلقراريطرح أكثر‬ ‫من سؤال بخصوص الجانب القانوني إلنجاز مثل هذه المبادرات‬ ‫الفنية‪ ،‬بمعنى هل كان هناك عقد بين الجمعية وأسرة المكرم؟‪،‬أم‬ ‫أن االتفاق لم يوثق؟ ألنه لوكان هناك عقد موثق لما حدث ما‬ ‫حدث‪ ،‬ولمرت األمور في شكلها العادي باعتبار أن العقد حافظ‬ ‫لحقوق الجميع‪...‬‬ ‫وهذا الحدث «الغريب» يعيد إلى الواجهة إشكالية مبادرات‬ ‫التكريم التي تقــوم بها بعــض الجهات‪ ،‬حيث أصبح التكريم‬ ‫مشاعا على الجميع‪ ،‬وفي الكثير من الحاالت‪،‬يسيء للشخصيات‬ ‫المكرمة‪،‬خصوصا الراحلين من المبدعين والمثقفين‪.‬‬ ‫أيضا‪ ،‬يعيد هذا الحدث إلى األذهــان بعض األعمال‪ ‬الفنيـة‬ ‫السينمائية أو السردية التي تنجز عن حياة القامات الفنية‬ ‫والفكرية‪،‬أعمال تفتقر لألمانة في ترجمة مسار هذه الشخصيات‪،‬‬ ‫فتسيء لها في غالب األحيان من خالل تعامل سطحي و انطباعي‬ ‫يـــروم‪ ‬المبالغـة واإلبهـار في رصــد حيـاة هــؤالء‪ ،‬كما أنهـــا‬ ‫(األعمـال) ال تعتمد مراجع (وثائق وشهادات)‪ ‬تعطي مصداقية‬ ‫للعمل اإلبداعي حتى يقدم الصورة الحقيقية للشخصية المراد‬ ‫تقديمها‪،‬بل هناك بعض الكتاب كتبوا عن أسماء الزالت تنعم‬ ‫بالحياة بدون استشارتها‪،‬فقدموا سيرا خلقـــت عند المعنييــن‬ ‫إحساسا بعدم الرضا‪ ،‬وغالبا ما تكون لبعض هذه الكتابات غايات‪ ‬‬ ‫تتجاوز التوثيق‪ ‬والتكريم !!!!‬ ‫كما أن أغلب األعمال السينمائية التي تناولت حياة المبدعين‬ ‫عرفت اعتراضات قوية من طرف عائالت المعنيين حيث وصل‬ ‫بعضها للمحاكم(تجربة مصر)‪.‬‬ ‫نعودلحدث مدينةسطات‪،‬شخصيا‪،‬أعتبره سابقة في الحياة‬ ‫التشكيلية بالمغرب‪،‬حيث لم يسجل في الماضي أي اعتراض‬ ‫على عمل فني يوثق لشخصية ما عبر الصورة المرسومة‪،‬وهذا‬ ‫االعتراض يدفعنا للقول أنه حان الوقت لتنظيم كل المبادرات‬ ‫الفنية التي تتوخى تكريم بعض الشخصيات فنيا من خالل إبرام‬ ‫عقد قانوني يحفظ للجهة المنظمة و للشخص المكرم ولذويه‬ ‫كافة الحقوق‪،‬وذلك حتى ال تتكرر اللحظات األليمة إلعدام أعمال‬ ‫فنية كما حدث بمدينة سطات‪...‬‬


‫‪6‬‬

‫الثالثـاء ‪� 09‬إلى ‪ 15‬يوليوز ‪2019‬‬

‫العدد ‪1001‬‬

‫مجتمع ـ سياسة ـ حقوق‬ ‫فكري ولد علي‬

‫عامل اإلقليم يشرف على اختتام‬ ‫فعاليات النسخة األولى لمعرض‬ ‫األسواق المتنقلة لالقتصاد االجتماعي‬ ‫والتضامني بالحسيمة‬

‫أشرف عامل إقليم الحسيمة و بحضور‬ ‫ممثلة وزارة السياحة و كذا مديرة وكالة تنفيد‬ ‫المشاريع بالجهة و رؤساء المصالح الخارجية‬ ‫والسلطات األمنية و المنتخبة مؤخرا‪ ،‬بساحة‬ ‫باشوية الحسيمة‪ ،‬على اختتام فعاليات النسخة‬ ‫األولى لمعرض األسواق المتنقلة لالقتصاد‬ ‫االجتماعي والتضامني بالحسيمة‪ ،‬المنظم‬ ‫تحت شعار “االقتصاد التضامني في خدمة‬ ‫المنتوج المحلي”‪ ،‬من قبل مجلس جهة طنجة‬ ‫– تطوان – الحسيمة بشراكة مع وزارة السياحة‬ ‫والنقل الجوي والصناعة التقليدية واالقتصاد‬ ‫االجتماعي – كتابة الدولة المكلفة بالصناعة‬ ‫التقليدية واالقتصاد االجتماعي و الذي كان من‬ ‫المقرر اختتامه يوم ‪ 23‬يونيو إال أن التعاونيات‬ ‫المستفيدة من هذا المعرض التمست من‬ ‫عامل اإلقليم و الجهة المنظمة تمديده ألسبوع‬ ‫إضافي نظرا لإلقبال و الرواج التجاري الذي عرفه‬ ‫المعرض‪.‬‬

‫وخالل هذا الحفـــل قــام السيد العامل‬ ‫والشخصيات المرافقــة له على توزيع شواهد‬ ‫تقديرية للمشاركين والمشاركــات في هذا‬ ‫المعرض والمقدر عددها بحوالي ‪ 60‬عارضة‬ ‫وعــارضاً يمثلـون التعـــاونيـــات المهنيـــة‬ ‫ذات الصلة باالقتصاد االجتماعي العاملة في‬ ‫مجاالت الصناعة التقليدية والمنتوجات المحلية‬ ‫ومنتجات التجميل الطبيعية والخدمات بكافة‬ ‫تراب الجهة‪.‬‬ ‫و في الختام‪ ،‬أكد عامل اإلقليم على حرصه‬ ‫على أن يكون هذا المعرض موعدا سنويا لما‬ ‫يوفره للجمعيات و التعاونيات من فرص لتسويق‬ ‫منتجاتهم و كذا فرصة للزائرين للتعرف على‬ ‫مجموعة غنية ومتنوعة من المنتجات المحلية‬ ‫و موعدا هاما للمهتمين بالصناعة التقليدية‬ ‫الكتشاف وإبراز غنى وأصالة الموروث الثقافي‬ ‫للتراث الحرفي اليدوي التقليدي بالمنطقة‪.‬‬

‫الحسيمة‪ ..‬سيدة تضع مولودها داخل‬ ‫سيارة إسعاف بجماعة شقران‬

‫أفاد مصدر للشمال أن سيدة من جماعة‬ ‫شقران التابعة إلقليم الحسيمـــة‪ ،‬اضطــرت‬ ‫إلى وضع مولودها داخل سيارة إسعاف‪ ،‬بعد‬ ‫رفض توليدها في دار الوالدة الكائنة بمركز‬ ‫الجماعة‪ .‬وأوضحت مصادر محلية أن السيدة تم‬ ‫نقلها إلى دار الوالدة بمركز الجماعة من أجل‬ ‫وضع مولودها‪ ،‬إال أن المولدة رفضت توليدها‬ ‫في المركز‪ ،‬واقترحت نقلها إلى المستشفى‬ ‫اإلقليمي بالحسيمة على متن سيارة إسعاف‬ ‫تابعةللجماعة‪.‬‬ ‫وقبل وصولهــا إلى المستشـفى تضيف‬ ‫المصادر باغث المخاض السيدة الحامل لتضع‬ ‫مولودها داخل سيارة اإلسعاف‪ ،‬غير انه لحسن‬ ‫الحظ كانت معها المولدة التي تعمل في دار‬ ‫الوالدة‪.‬‬ ‫ويعرف قطاع الصحــة بجماعــة شقـران‬ ‫عدة اختالالت‪ ،‬كانت موضوع شكايات وجهها‬ ‫مواطنون‪ ،‬وجمعيات مدنية‪ ،‬إلى كل من مندوب‬ ‫وزارة الصحة وعامل اإلقليم‪ .‬وفي هذا اإلطار‬ ‫وجهت جمعية اآلباء وأولياء التالميذ بالمدرسة‬ ‫الجماعاتية شكاية إلى المندوب اإلقليمي لوزارة‬ ‫الصحة‪ ،‬ضد ما أسمته “بالتعامل الالأخالقي‬ ‫لممرضات المستوصف الكائن بمركز شقران‪،‬‬ ‫وكذا التعسف الذي يمارسنه على تالميـــذ‬ ‫المدرسة عامة والمقيمين بالقسم الداخلي‬

‫بصفة خاصة‪ ،‬والغياب المتكرر وغير المبرر‬ ‫للطبيبة الرئيسية‪ ،‬والتعامل الالمهنـــي مع‬ ‫مرافقي هؤالء التالميذ لدرجة لم يعد يرغبون‬ ‫في مرافقتهم إلى هذا المستوصف‪ ،‬نظرا‬ ‫للتعامل السلطوي معهم‪،‬‬ ‫وكان عامل الحسيمة فريد “شوراق” يتابع‬ ‫شخصيا الوضع الصحي باإلقليم‪ ،‬و يعمل من‬ ‫موقعه على ضمان الحق في الصحة لجميع‬ ‫ساكنته‪ ،‬و توفيــر الخدمات العالجية التي‬ ‫تحتاجها‪ .‬المصادر ذاتها تحدثت عن استياء‬ ‫شوراق من تـــردي الخدمـات بالمستشفى‬ ‫المذكور‪ ،‬و غياب األطر الطبية بعدد من المراكز‬ ‫الصحيةباإلقليم‪.‬‬ ‫وأضافت ذات المصادر‪ ،‬أن العامل استغرب‬ ‫من تدني الخدمات الصحية و االهتمام بصحة‬ ‫المواطنين ومراعات المتاعب التي يتكبدونها‬ ‫من أجل الوصول للمراكز الطبية‪ ،‬موضحة‬ ‫بأنه يعمل بتنسيق مع الجهات المختصة على‬ ‫حل جميع اإلشكاالت التي تحول دون استفادة‬ ‫مواطنات و مواطني اإلقليم من العالج‪.‬‬ ‫وكانت لجنة وزارية قد حلت بالمستشفى‬ ‫االقليمي للحسيمة قبل اسبابيع وكشفت غياب‬ ‫العديد من األطباء عن العمل‪ ،‬مما اثار حالة من‬ ‫االستياء لدى المواطنين‪.‬‬

‫(مراسل من الحسيمة)‬

‫‪Fikri.press@gmail.com‬‬ ‫‪Tél 0661986707‬‬

‫مؤسسة الرعاية التجاري وفا بنك تشجع على ريادة‬ ‫األعمال بمدينة الحسيمة‬

‫نظمت مؤسسة الرعاية التجاري وفا بنك‬ ‫يوم األربعاء ‪ 3‬يوليوز ‪ 2019‬بمدينة الحسيمة‬ ‫الندوة الواحدة والخمسين ضمن سلسلة ندوات‬ ‫«لنتبادل من أجل فهم أفضل» حول موضوع‬ ‫«رؤى متقابلة حول تدابير مواكبة المقاولة‬ ‫الصغرى المغربية »‪.‬‬ ‫وجرى هذا اللقاء الجهوي على هامش‬ ‫افتتاح دار المقاول بالحسيمة لتبادل اآلراء مع‬ ‫القوى الحية لإلقليم حول التوصيات التي خلص‬ ‫إليها منتدى المقاوالت الصغرى المنظم من‬ ‫طرف مجموعة التجاري وفا بنك بتاريخ ‪ 13‬فبراير‬ ‫األخير بالدار البيضاء‪.‬‬ ‫وفي كلمة افتتاحية ألقاها نيابة عن السيد‬ ‫محمد الكتاني‪ ،‬الرئيس المدير العام لمجموعة‬ ‫التجاري وفا بنك‪ ،‬تحدث السيد رشيد مكان‪،‬‬ ‫المدير التنفيذي المكلف بجهة طنجة‪-‬تطوان‪-‬‬ ‫الحسيمة في مجموعة التجاري وفابنك‪ ،‬قائال ‪:‬‬ ‫«إن تنظيمنا لهذا اللقاء هو نابع من اقتناعنا‬ ‫بضرورة إيالء أهمية كبرى لتحاليل وأبحاث‬ ‫المفكرين والباحثين الجامعيين المشهود لهم‬ ‫بالكفاءة وكذلك االقتراحات الصادرة عن مختلف‬ ‫مكونات المجتمع إلغناء التوصيات مع مراعاة‬ ‫االنشغاالت الجهوية‪ .‬ويكمن هدفنا النهائي في‬ ‫تمكين كل واحد منا من قطف ثمار هذا العمل‬ ‫المواطن وتحفيز ريادة األعمال في بالدنا»‪.‬‬ ‫وضمت هذه الندوة التي أطرها السيد‬ ‫المهدي فقير وهو خبير اقتصادي ومستشار‬

‫في تدبير المخاطر‪ ،‬محاضرين ذائعي الصيت‬ ‫مثل السيدة فاطمة الزهراء عزيز‪ ،‬المديرة‬ ‫التنفيذية للمؤسسة المغربية للثقافة المالية‬ ‫والسيد حذيفة أمزيان‪ ،‬الرئيس السابق لجامعة‬ ‫عبد المالك السعدي بتطوان وأستاذ جامعي في‬ ‫المدرسة الوطنية للتجارة والتسيير والسيد عبد‬ ‫اللطيف كومات‪ ،‬عميد كلية العلوم القانونية‬ ‫واالقتصادية واالجتماعية بالدار البيضاء والسيد‬ ‫محمد هيثمي‪ ،‬الرئيس المدير العام لمجموعة‬ ‫لو ماتان‪.‬‬ ‫وطيلة فعاليات هذه الندوة‪ ،‬كانت قضية‬ ‫التكوين في صلب النقاش‪ .‬وشدد المحاضرون‬ ‫األربعة على الدور المهم للمدرسة والجامعة‬ ‫في تحضير الشباب لريادة األعمال وتحسيسهم‬ ‫بأهميتها‪ .‬ومن ضمن العوامل الحاسمة إلنجاح‬ ‫المشاريع المقاوالتية‪ ،‬ركز المتدخلون على دور‬ ‫التكوين المستمر‪ ،‬بعد الحصول على الدبلوم‬ ‫األول والتربية المالية‪ ،‬ناهيك عن التحكم في‬ ‫الوسائط الرقمية الغتنام الفرص الجديدة‬ ‫المتاحة‪.‬‬ ‫«من األهم كذلك أن نتذكر اإلخفاق‬ ‫واستخالص العبر من أجل إطالق مشروع جديد‬ ‫قابل للتحقيق‪ .‬كما يساهم الشغف في التحلي‬ ‫بالمثابرة وبالقوة الالزمة لمواجهة الصعوبات‬ ‫والتحديات المرتبطة بريادة األعمال»‪.‬‬ ‫وهكذا‪ ،‬لمواجهة التحديات االقتصادية‬ ‫واالجتماعية بالمغرب‪ ،‬ركز المتدخلون على‬

‫الدور االستراتيجي للمقاوالت الصغرى في الحد‬ ‫من البطالة‪ .‬وحسب رأيهم‪ ،‬من شأن ريادة‬ ‫األعمال أن تشكل الدعامة الرئيسية للنموذج‬ ‫الجديد للتنمية المغربية وهو مشروع مجتمعي‬ ‫واقتصادي يتطلب تعبئة الجميع‪« .‬على غرار‬ ‫الدعم الذي يستفيد منه القطاع الفالحي‪،‬‬ ‫سيجني المغرب الكثير من وضع منظومة‬ ‫لمواكبة المقاولين الذاتيين‪ ،‬سواء من حيث‬ ‫الولوج للتكوين والتمويالت واألسواق مع‬ ‫دعمهم في حال واجهتهم صعوبات»‪،‬‬ ‫وأخيرا‪ ،‬ركز المحاضرون على المؤهالت‬ ‫والكفاءات التي تزخر بها جهة طنجة‪-‬تطوان‬ ‫الحسيمة‪ ،‬باعتبارها تحتل الرتبة الثانية من‬ ‫حيث عدد المقاولين الذاتيين بالمملكة (‪15%‬‬ ‫من المجموع الوطني)‪ .‬من ناحية أخرى‪ ،‬تمت‬ ‫برمجة ‪ 800‬مشروع في إطار «الحسيمة منارة‬ ‫المتوسط» سيتحقق جلها في األشهر القادمة‪.‬‬ ‫كما وجه المحاضرون دعوة للشباب من أجل‬ ‫تكوين أنفسهم على الفور لتلبية االحتياجات‬ ‫اآلنية من حيث الكفاءات المحلية سواء من‬ ‫األجراء أو المقاولين الذاتيين‪.‬‬ ‫ومن خالل هذه الندوة المناقشة‪ ،‬تؤكد‬ ‫مؤسسة الرعاية التجاري وفا بنك مجددا‬ ‫رغبتها في النهوض بنقاش هادف وبناء في‬ ‫مختلف جهات المغرب حول مواضيع اقتصادية‬ ‫واجتماعية تهم مستقبل بالدنا‪.‬‬

‫السياحة الجبلية داخل المنتزه الوطني للحسيمة‪...‬‬ ‫بعد السياحة الشاطئية اكتشاف مواقع‬ ‫سياحية رائعة بين قمم الجبال والغابات الكثيفة‬ ‫ووسط المياه المتدفقة في صورة رومانسية‬ ‫ذات طبيعة احتفالية لم تساهم وسائل اإلعالم‬ ‫(بما فيه الكفاية) في التعريف بها وبالتالي إغراء‬ ‫السائح الوطني أو األجنبي لزيارتها والتملي‬ ‫بعظمة الخالق سبحانه الذي جعل لنا مما خلق‬ ‫ظالال وجعل لنا الجبال أكنانا‪ ..‬هذه المنطقة‬ ‫التي تضم إلى غناه الطبيعي غنى تراثيا ثقافيا‬ ‫وتنوعا بشريا بالغ الثراء من الريف بمختلف‬ ‫قبائله و مناطقه‪ ..‬ذوو األعراف المتميزة‪ .‬كل‬ ‫هذا الثراء النادر يرشح المنطقة بسهولة لتكون‬ ‫من أولى وجهات السياحة الجبلية والقروية‬ ‫عموما بامتياز‪ ..‬ذلك أن كل ما ذكرناه من غنى‬ ‫و تنوع طبيعي رائع‪ ..‬فعامل التميز في المنطقة‬ ‫من الناحية السياحية هو تواجد المنتزه الوطني‬ ‫للحسيمة ذات وجهة بحرية وبرية‪ ..‬ويدخل في‬ ‫مدار سياحي جذاب يضم مجموعة من المداشر‬ ‫الفقيرة والمعروفة‪ ..‬من إبقوين إلى صنهاجة‬ ‫السراير ينقسم إلى الجماعات القروية التالية‪:‬‬ ‫ازمورن الرواضي وبني بوفراح‪ ..‬ويتوفر على‬ ‫بعض المأوى القروية السياحية قد شيدت‬

‫• عبد المالك بوغابة‬ ‫رئيس المنتدى المتوسطي للسياحة‬ ‫بجهة طنجة ـ تطوان ـ الحسيمة‬

‫من طرف أبناء المنطقة‪ ..‬يعتبر المنتزه مختبرا‬ ‫لألبحاث االيكولوجية والجينيـــة حول التنوع‬ ‫النباتي والحيواني والنظام البيئي و من هنا‬ ‫تتوالى الزيارات الميدانية للطلبة والباحثين‬ ‫ولهذه الغاية أنشــأ به مركـــز التربية البيئية‪..‬‬ ‫وعموما كل المناطق القروية السياحية‪ ..‬لتتبين‬

‫لك درجة تهميش هذه المناطق الجميلة‬ ‫وأناسها الفقراء الطيبين‪ ..‬لكن المؤسف أن‬ ‫السياحة الجبلية لم تأخذ بعد ما تستحق من‬ ‫عناية و ال حظيت بما يلزم من رعاية رغم كون‬ ‫ما يحتله الجبل ضمن المنظومة الطبيعية‪..‬‬ ‫و رغم ذلك فإن المشاريع السياحية في هذه‬ ‫المنطقة ال تمنح للسياحة الجبلية إال نسبا‬ ‫ضعيفة جدا‪ ..‬وقد كان السبب هو غياب رؤية‬ ‫لدى المسؤولين عن القطاع من أجل إدراج‬ ‫الفضاء القروي ضمن خياراتهم االستراتيجية‬ ‫للسياحة كأهم قطاعات اقتصادية‪ ..‬بل كان‬ ‫التركيز واالهتمام أساسا بالسياحة الساحلية‪..‬‬ ‫في ظل تهميش شبه كلي للسياحة الجبلية‬ ‫والتي كان من الممكن أن تشكل بدورها رافعة‬ ‫للتنمية االقتصادية المحلية و فرصة لالهتمام‬ ‫بالعالم القروي و ساكنته التي يعاني جلها من‬ ‫الفقر المدقع كما تشير إلى ذلك الكثير من‬ ‫اإلحصائيات المعروفة‪ ..‬وبالتالي يجب اإلسراع‬ ‫في تنفيذ أشغال مشروع كاليريس السياحي‬ ‫لكي يلعب دورا مهما في تنشيـــط الحركة‬ ‫السياحية والتجارية ويفتح آفاق التواصل والربط‬ ‫بين السياحة الجبلية و الساحلية‪.‬‬


‫‪7‬‬

‫الثالثـاء ‪� 09‬إلى ‪ 15‬يوليوز ‪2019‬‬

‫العدد ‪1001‬‬

‫مجتمع ـ سياسة ـ حقوق‬ ‫جمعية المحامين الشباب بالقصر الكبير‬ ‫القصر الكبير ‪ :‬مائدة مستديرة حول‬ ‫تكرم األستاذ عمر الجمال عن هيئة المحامين بطنجة الجمعيات المدنية الواقع واألفاق‬ ‫عبد العالي بن ربوحة‬ ‫(تجارب ميدانية)‬

‫في إطار حرص جمعية المحامين الشباب‬ ‫بالقصر الكبير على ترسيخ وتعزيز المبادرات‬ ‫الهادفة إلى االعتراف ورد الجميل لرجاالت‬ ‫مهنة المحاماة لما بذلوه من أجل رفعة المهنة‬ ‫والدفاع عن الحقوق والحريات‪.‬‬ ‫نظمت جمعية المحامين الشباب بالقصر‬ ‫الكبير يوم الجمعة ‪28‬يونيو ‪2019‬بقاعة قصر‬ ‫الزهور حفل تكريم لألستاذ عمر الجمال تحت‬ ‫شعار ‪« :‬ليلة الوفاء ألهل الوفاء « وذلك اعترافا‬ ‫لما أسداه لمهنة المحاماة مند الثمانينات‬ ‫ولعطاءاته المتميزة ولما أبداه من تشبث‬ ‫بتقاليد المهنة وأعرافها ‪.‬‬ ‫وقد عرف الحفل حضور النقيب إبراهيم‬ ‫السماللي الذي أكد خالل كلمتــه أن اختيـــار‬ ‫تكريم األستاذ عمر الجمال‪ ،‬لم يكن وليد‬ ‫الصدفة بل لكون األستاذ يعتبر من خيرة‬ ‫أعضاء الهيئة الذين كرسوا حياتهم للدفاع عن‬ ‫مهنة المحاماة وطبعوا رجاالتها بالمثل العليا‪،‬‬ ‫ورجال شرف وجه هذه المهنة ‪ ،‬وله مكانة‬ ‫خاصة لدى العمداء ولدى المحامين ‪.‬‬ ‫بعد ذلك‪ ،‬جاءت كلمة األستاذ المهدي‬ ‫المجول لتبرز مناقب الرجل حيث يعتبر هرما‬ ‫بكل المقاييس وبصمة طبعت تاريخه الحافل‬ ‫بالعطاءات الكثيرة لهذه المهنة العريقة ‪،‬‬ ‫وأن التاريخ يشهد على مساره المهني ‪،‬‬ ‫وحسن تعامله المليء بالحنكة و الحكمة واقل‬ ‫ما يمكن القول في حقه انه خزان فعلي ال‬ ‫ينضب من العطاء والمهنية‪.‬‬

‫وهي لحظة كذلك‪ ،‬يضيف األستاذ محمد‬ ‫أحكان‪ ،‬رئيس جمعية المحامين الشباب‬ ‫بطنجة وفاء وعرفان وتقدير للمحتفى به‪.‬‬ ‫وجاءت كلمة الختام األستاذ عبد اللطيف‬ ‫المعناوي رئيس جمعية المحامين الشبـــاب‬ ‫بالقصر الكبير لتعزز ما قد قيل في حق األستاذ‬ ‫الشامخ من اعتراف بالجميل وخدمات جليلة‬ ‫لمهنة الدفاع عن الحق ‪.‬‬

‫وعلى ضوء التكريم عبـــر األستـــاذ عمر‬ ‫الجمال عن ســروره وفرحته العارمـة بهـــذا‬ ‫التكريم الذي حظــي بــه من طـرف جمعيـــة‬ ‫المحامين الشباب وتوجه بالشكر والتقدير‬ ‫لمكتبها عن هذه االلتفاتة الطيبة ‪.‬‬ ‫وتبقى هـــذه لحظــة من الذاكرة بين‬ ‫لحظات العرفان و التقدير لما أسداه األستاذ‬ ‫عمر الجمال لمهنة المحاماة‪.‬‬

‫وجعل المكتب الوطني للماء من العطش‬ ‫كل شيء ميت بوزان‬

‫وزان ‪ :‬مراسلة خاصة‬

‫نقرأ في القرآن الكريم «وجعلنا من الماء‬ ‫كل شيء حي»‪ ،‬ونقرأ في الفصل ‪ 31‬لدستور‬ ‫المملكة « تعمل الدولة والمؤسسات العمومية‬ ‫والجماعات الترابية على تعبئة كل الوسائل‬ ‫المتاحة لتيسير أسباب استفادة المواطنات‬ ‫والمواطنين على قدم المساواة من الحق في‬ ‫‪....‬الحصول على الماء والعيش في بيئة سليمة‬ ‫‪ »...‬وإذا عرجنا على المرجعية الدولية نقرأ بأن‬ ‫الجمعية العامة لألمم المتحدة قد اعترفت عن‬ ‫طريق القرار ‪ 64/292‬الذي أصدرته في شهر‬ ‫يوليوز ‪ 2010‬بأن « الحق في الماء والتطهير‬ ‫حق من حقوق اإلنسان‪ ،‬أساسي للتمتع الكامل‬ ‫بالحياة وممارسة اإلنسان لكل حقوقه»‪ .‬وجاء‬ ‫مجلس حقوق اإلنسان التابع لألمم المتحدة‬ ‫ليرسخ هذا اإلعــالن‪ ،‬حين أكــد بأن الحق‬ ‫األساسي في الماء والتطهيـــر مستمد من‬ ‫«الحق في عيش الئق وأنه ال يمكن فصله‪...‬‬ ‫عن الحق في الحياة والكرامة»‪.‬‬ ‫‪ ‬وحده المكتب الوطني للماء الصالح‬ ‫للشرب بمعية باقي المتدخلين الذي حددهم‬ ‫الدستور من لم تلتقط راداراتهم ما جاءت به‬ ‫هذه المرجعيات‪ ،‬فجثم العطش بثقل المعاناة‬ ‫والمآسي الناتجة عنه على حياة البشر والبهيمة‬ ‫والنباتات بإقليم وزان‪ ،‬ووضعت «الحكامة‬ ‫البايخة» للمكتب الوطني للماء الشروب‬ ‫مشروع تزويد إقليم وزان بالماء الشروب‪ ،‬الذي‬ ‫أشرف على اعطاء انطالقته ملك البالد سنة‬ ‫‪ ،2007‬بغالف مالي قدره ‪ 433‬مليون درهم‬ ‫‪ (،‬وضعته) ‪ ‬على فوهة بركان‪ ،‬كادت تدخل‬ ‫دار الضمانة الكبرى في انفالت اجتماعي غير‬ ‫متحكم في عواقبه‪ ،‬لوال التبصر والحكمة التي‬ ‫تحلى بها الغاضبات والغاضبون ‪.‬‬ ‫‪ ‬مقاربة «الحكامة البايخة « التي‬ ‫اعتمدها المكتب الوطني للماء لتنزيل مشروع‬ ‫تزويد الساكنة بالماء الشروب‪ ،‬كانت وراء‬ ‫الغضبة الملكية التي لمسها الشعب المغربي‬ ‫في الخطاب الملكي الذي تزامن مع حراك‬ ‫الحسيمة‪ ،‬فكانت التوجيهات الملكية صارمة‬ ‫من أجل تفعيل المقتضى الدستوري « ربط‬ ‫المسؤولية بالمحاسبة « ‪ .‬فكان الزلزال الذي‬ ‫نتج ما نتج عنه‪ ،‬وأحرقت شظاياه من أحرقت‪،‬‬

‫نظمت رابطة كاتبات المغرب فرع القصر‬ ‫الكبير بتنسيق المركز الثقافي بالقصر الكبير‬ ‫يومه الثالثاء ‪2‬يوليوز ‪ 2019‬بالمركز الثقافي‬ ‫البلدي السويقة ‪ ،‬مائدة مستديرة حول‬ ‫موضوع «‪ ‬الجمعيات المدنية الواقع واألفاق‬ ‫(تجارب ميدانية )»‪ ،‬نشطها فاعالت ميدانية‬ ‫وفاعلين ميدانيين من مختلف اإلطــــارات‬ ‫الجمعوية المحلية ‪.‬‬ ‫انطلقت أشغال المائدة المستديرة بكلمة‬ ‫األستذة أمل طريبق رئيسة الفرع المحلي‬ ‫لرابطة كاتبات المغرب رحبت فيها بالجمعيات‬ ‫المدنية ‪ ،‬كما أشارت إلى الظروف والسياق‬ ‫الذي جاءت فيه المائدة المستديرة ‪.‬‬ ‫بعد ذلك تم فتح المجال للنقاش والحوار‬ ‫و مداخالت الجمعيات الحاضرة ‪ ،‬حيث ركزت‬ ‫معظم التدخالت على الدور المهم الذي أصبح‬ ‫يلعبه المجتمع المدني باعتباره احد الركائز‬ ‫األساسية التي تساهم في التطور داخل‬ ‫المجتمع ‪ ،‬وفاعال أساسيا في قضايا الحكامة‬ ‫والتنمية الترابية ‪.‬‬ ‫من جهة أخرى تمت اإلشارة إلى تنوع‬ ‫المشهد الجمعوي المحلي الذي أصبح يشمل‬ ‫جميع الفئات ويختص في العديد من المجاالت‬

‫سواء تعلق األمر بالحريات األساسية المدنية‬ ‫أو بالتنمية االجتماعية واالقتصادية ‪ ،‬حيت تم‬ ‫بهذه المناسبة اإلشادة بالجهود التي تبذلها‬ ‫مجموعة من الجمعيات في سبيل حماية‬ ‫وصيانة الموروث التاريخي للمدينة باعتباره‬ ‫وعاء لحفظ الذاكرة الجماعية ‪.‬‬ ‫كمــا تناولـــت المداخــالت اإلكراهـــات‬ ‫التي تواجــه العمل الجمعـــوي سواء على‬ ‫مستوى التدبير وأثره على الواقع االجتماعي‬ ‫واالقتصادي في ظل الدعــم المحدود من‬ ‫طرف الجهات المانحة ‪ ،‬أو على مستوى الفعل‬ ‫الجمعوي وتأثيره على الفعل الحياة الجمعوية‬ ‫بشكل عام ‪ ،‬حيث تمت اإلشارة إلى ضرورة‬ ‫خلق آلية لتتبع العمل الجمعوي في أفق الوقوف‬ ‫على مدى تنفيذ برامجه وأهدافه المحققة ‪ ،‬كما‬ ‫تمت الدعوة إلى التشجيع على االنخراط الجاد‬ ‫في العمل الجمعوي باعتباره إطارا منضبطا مع‬ ‫السياق الحداثي والعصري من اجل التعبير عن‬ ‫التضامن والمساهمة في إعداد وإدارة ومراقبة‬ ‫وتتبع قرارات ومشاريع المؤسسات المنتخبة‬ ‫والسلطات العمومية وكل القضايا التي تخص‬ ‫الشأن العام ‪.‬‬

‫ع‪.‬ب‪،‬ر‬

‫جمعية إبداعات العرائش للثقافة والفن‬ ‫واإلبداع تنظم كاستينغ الختيار ملكة‬ ‫جمال الفراولة‬ ‫ولو أن هناك من يتحدث بأن هناك قطعا نحيلة‬ ‫من شظايا البركان سقطت في غير مكانها‪،‬‬ ‫لكن هناك قاعدة تقول بأن الكوارث بكل‬ ‫أشكالها ال تختر ضحاياها ‪.‬‬ ‫‪ ‬لن نكرر في هذا المقال ما سبق وتناقلته‬ ‫وسائل االعالم العمومية المرئية والمكتوبة‪،‬‬ ‫وال ما تعرضت له المنابر االعالمية الورقي منها‬ ‫وااللكتروني‪ ،‬وال وسائط التواصل االجتماعي‪،‬‬ ‫وال التفاصيل الدقيقة التي تناولها لقاء تواصلي‬ ‫احتضنه مقر المجلس اإلقليمي بوزان‪ ،‬شارك‬ ‫فيه رئيس المجلس اإلقليمي‪ ،‬ورئيس مجلس‬ ‫جماعة وزان‪ ،‬ونواب برلمانيون عن الدائرة‬ ‫االنتخابية وزان‪( ،‬لن نكرر) ال الحديث عن‬ ‫األسباب التي أفاضوا فيها‪ ،‬وال اجماعهم على‬ ‫تحميل المسؤولية المباشرة للمكتب الوطني‬ ‫للكهرباء والماء ‪ -‬قطاع الماء ‪ -‬الذي عطل‬ ‫المشروع‪ ،‬ولن نقف عند شبح العطش الذي‬ ‫يالحق ساكنة اقليم وزان التي كانت المؤسسة‬ ‫العمومية المذكورة قد ضربت لها موعدا مع‬ ‫تدفق المياه مطلع شهر يوليوز الجاري‪ ،‬فهذا‬ ‫من باب تحصيل حاصل‪ ،‬لكن بعد تجريب كل‬ ‫آليات الترافع السابق ذكرها‪ ،‬لماذا ال ينتصر‬ ‫المنتخبون والمنتخبات لخيار االستقالة ‪-‬‬ ‫كآلية مدنية من آليات الترافع – من مسؤولية‬ ‫تمثيل الساكنة بالمؤسسات المنتخبة حيث‬

‫يوجدون‪ ،‬وذلك دفاعا عن هذه المؤسسات‬ ‫الدستورية التي استهتر بها المكتب الوطني‬ ‫للماء الشروب‪ ،‬الذي حملوه لوحده مسؤولية ما‬ ‫حدث من سوء التدبير‪ ،‬وعدم التزامه بالوعود‬ ‫التي قطعها على نفسه ونقلوها إلى الساكنة‬ ‫‪ .‬إنها آلية ترافع بها منتخبون بأقاليم أخرى‪،‬‬ ‫واستعمالها سيساهم في اعادة بناء الثقة‬ ‫بين المنتخب(ة) والناخب(ة)‪ ،‬والمصداقية‬ ‫للمؤسسات المنتخبة‪.‬‬ ‫آخر الكالم‪:‬‬ ‫ال يختلف اثنان بأن إقليم وزان قد أصبح‬ ‫مصدرا من مصادر تزويد السوق الوطنية‬ ‫والدولية بمخدر الشيرا (الكيف) ‪ ،‬وأن هذه‬ ‫األخيرة بالتطوير الذي أدخل عليها ‪ ،‬تحتاج الى‬ ‫كميات ضخمة من الماء لريها لكي ترتفع كتلة‬ ‫االنتاج ‪ .‬ولتحقيق هذا اإلنتاج ‪ ،‬أصبحت الفرشة‬ ‫المائية بجماعات ترابية بعينها عرضة للنهب‬ ‫والتدمير ‪ ،‬وانتشرت ‪ ‬نقط الماء « الصوندات»‬ ‫كالفطريات ‪ .‬السؤال الذي يطرح نفسه هو أين‬ ‫عيون السلطة التي ال تنام من هذا الذي يحدث‬ ‫من زمان‪ ،‬أم أن عملية الحفر وتركيب االنابيب‬ ‫البالستيكية لجلب الماء من األودية بالقرى ‪،‬‬ ‫يقوم بها التماسيح والعفاريت ؟‪ ‬‬

‫باعتبار اإلشعاع الثقافي والسياحي دعامة‬ ‫أساسية لتحقيق إقالع حقيقي وتنمية محلية‪،‬‬ ‫نظمت جمعية إبداعات العرائش للثقافة‬ ‫والفن واإلبداع بشراكة مع المجلس اإلقليمي‪،‬‬ ‫والمجلس الجماعي بالعرائش كاستينغ الختيار‬ ‫ملكة جمال الفراولة في نسخته الثانية يوم‬ ‫األحد ‪30‬يونيو ‪ 2019‬بقاعة ليكسوس‬ ‫باحنيني شارع العرائش‪ ،‬تحت شعار «اإلشعاع‬ ‫الثقافي والسياحي ركيزة أساسيــة إلقـــالع‬ ‫التنمية المحلية»‪.‬‬ ‫عرف «الكاستينغ» إشراف لجنـــة تحكيــم‬

‫تضم كال من الدكتورة نورة الجناتي مهندسة‬ ‫ديكور وخبيرة الطاقة اإليجابية‪ ،‬وماريا الجمالي‬ ‫مهندسة ديكور وعارضة أزياء سابقا‪ ،‬والسيدة‬ ‫بوخريص فاطمة أخصائية التجميل والموضة‪،‬‬ ‫واألستاذ ياسر مسلم مخرج ومنتج مصري‪،‬‬ ‫بمشاركة مدن الرباط – الدار البيضاء –‬ ‫القنيطرة – طنجة –العرائش –القصر الكبير ‪.‬‬ ‫كما عرف هذا النشاط تنظيم دورة‬ ‫تكوينية تحت عنوان ” التميز في معايير الجمال‬ ‫الهادف” من تأطير الدكتورة نورة الجناتي‪.‬‬

‫ع‪.‬ب‪،‬ر‬


‫‪8‬‬

‫الثالثـاء ‪� 09‬إلى ‪ 15‬يوليوز ‪2019‬‬

‫العدد ‪1001‬‬

‫ما هي‬ ‫الحكومة الصالحة‪...‬؟!‬

‫أحداث من الجهة‬ ‫الحسيمة‪ ..‬انتشال جثة شاب غرق بالحسيمة‬

‫• بقلم ‪ :‬عبد القادر أحمد بن قدور *‬ ‫المبادئ تتصارع وتختلف كما نعرف‪ ،‬ولكل حزب مبادئه‪ ،‬ولكن‬ ‫للحكومة مبادئها وأفكارها الثابتة التي قد تخضع لها جميع األحزاب أو‬ ‫تعارضها أحيانا في النقاش باألدلة والبراهين إن أمكن ذلك‪ ،‬أو يلزم أن‬ ‫تلتزم بها جل األحزاب‪ ،‬فبدون هذا ال تتوفر األهلية ألي نظام كيفما كان‬ ‫في العصر الحديث‪ ،‬فال بد ألي حكومة أن تكون لها إدارة منضبطة وواعية‪،‬‬ ‫لها ميزة المرونة والذكاء‪ .‬والحزم والنزاهة‪ ،‬والمبادرة والحرص المتواصل‬ ‫للعمل من أجل المصلحة العامة‪...‬ويلزم ان تعمل على اإليمان بالعلم‪،‬‬ ‫وتتيح له فرصة كاملة ألداء وظيفته الشاملة وتعمل على االعتماد عليه‬ ‫خالل الدراسة واإلعداد والتنفيذ‪...‬‬ ‫ألنه ال منفعة ألي عمل بال هدف ومرشد عملي‪...‬وتركز على اإلنتاج‬ ‫بكل إرادة وعزيمة شاملة بين العام والخاص‪ ...‬والواجب عليها تمهيد‬ ‫الطريق لمن يريد أن يعمل وتوفر جهده للعمل بال إجراءات معقدة‬ ‫وطقوس كهنوتية‪...‬‬ ‫وكذلك اإلنتاج يكون في النهاية أساسه الغذاء والتحرير والتصدير‪،‬‬ ‫ألنه هو األمل االكيد لنخرج من الضيق وننطلق نحو الرخاء والعيش‬ ‫الكريم‪ ...‬ولكي يثمر كل إنتاج ال بد له أن يعتمد على أهم مبدإ هو الثواب‬ ‫لكل مجتهد والعقاب لكل من انحرف عن الجادة‪ ...‬ويكون ذلك بصورة‬ ‫قد تؤثر في المجتمع وتصبح له قدوة ومثاال يحتذى به‪ ،‬وإذا لم يكن هذا‬ ‫لن نصل لإليمان الحقيقي بالعمل الجاد‪ ،‬أو ننزع نحو االلتزام واالنتماء‬ ‫الحقيقي للوطن واألمة‪...‬‬ ‫وفي الختام ال بد للحكومة الصالحة في أي زمان أو مكان أن تولي‬ ‫للمواطن ما يستحقه من احترام‪ ،‬ألنه إنسان كرمه اهلل‪ ،‬لقوله تعالى‬ ‫وتبارك كما ورد في القرآن الكريم‪( :‬إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم‬ ‫شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند اهلل أتقاكم)‪ ...‬الخ [سورة الحجرات‬ ‫اآلية‪ ]13 :‬هذا جاء به اإلسالم الحنيف في أي مكان وموقع‪ ...‬لإلنسانية‬ ‫وللعالم أجمع ال بالشعارات والكالم فقط ولكن بالفعل الالزم عليها‪ ،‬لكي‬ ‫يلقى المعاملة الكريمة والجيدة‪ ،‬كل إنسان‪...‬‬

‫هذه هي بعض المبادئ الدالة والشاملة واألساسية ال تستحق أية‬ ‫حكومة إسمها إال بها‪.‬‬ ‫ولإلشارة فقط‪ ،‬قد يتأخر تطبيق بعض المبادئ لهذا الحزب أو ذاك‪،‬‬ ‫كما تلوح أحيانا بعض المبادئ لحزب ما كحلم غير قابل ألن يتحقق‪.‬‬ ‫أما هذه المبادئ العامة فأي مساس بها أو إهمال لبعضها أو انحراف‬ ‫عنها‪ ،‬قد يؤدي إلى التدهور والتردي ألي بلد كيفما كان‪ ،‬وأيا كان الحزب‬ ‫الذي يترأس الحكومة فيه‪ ،‬وأيا كانت مبادئه وغاياته وأهدافه‪...‬‬ ‫فاألهداف الحقيقية للترقي والتقدم ألية دولة أو مجتمع إضافة إلى‬ ‫ما ذكر هو الحقوق تعطى وتمنح لطالبيها وأصحابها كيفما كان رأيهم في‬ ‫الحكومة أو غيرها وتحقق كاملة والديمقراطية تصبح تامة بها‪ ،‬والصحة‬ ‫كما يقولون للمواطنين تصبح العناية بها تامة وشاملة ـ كما في الدول‬ ‫الغربية والديمقراطية ـ مع الجودة في التعليم بهوية الوطن وتاريخه‬ ‫ومبادئه وقيمته الثابتة والراسخة‪ ،‬والعمل الهادف والمثمر بقدرات البلد‬ ‫العديدة والمتعددة للشباب الطموح والشابات الطموحات إليه لننتشل‬ ‫الجميع من الضياع واإلحباط وفقدان األمل بوطنهم وأمتهم‪ ...‬ليعملوا‬ ‫في البناء االجتماعي عندما تعتني بهم الدول العربية واإلسالمية وغيرها‬ ‫حتى ال يصبحون لقمة شائغة للحيتان في البحار‪...‬إلخ‪...‬‬ ‫فهل يا ترى‪ ،‬قد نزداد تقدما ورخاء بالنزاهة‪ ،‬وحب الجميع والتآخي‬ ‫للجميع مع الجميع بقدراتنا وحوافزنا وإمكانياتنا اإلنسانية الهامة والدالة‬ ‫لنصل بجميع شبابنا وشاباتنا إلى مرفأ األمان‪ ،‬ولكل أسرنا لتحقيق‬ ‫العدل والقسطاس الكبير ليزداد التآخي والحب بين الجميع وللجميع‪...‬‬ ‫بالديمقراطية الحقة والحقيقية‪ ،‬وبتكافؤ الفرص ولتعطي الحقوق لكل ذي‬ ‫حق حقه‪ ،‬ألنه بالحق والعدل الحقيقي الذي هو أساس الملك واالستقرار‪.‬‬

‫ـــــــــــــــ‬

‫تمكنت عناصر الوقاية المدنية‪ ،‬صباح األربعاء ‪ 03‬يوليوز الجاري‪ ،‬من‬ ‫انتشال جثة شاب كان قد اختفى مؤخرا بشاطئ “كالبونيتا” بمدينة الحسيمة‪.‬‬ ‫وحسب مصادر محلية‪ ،‬فإن الشاب كان يسبح رفقة أصدقاءه بالشاطئ‬ ‫المذكور قبل ان يختفي عن االنظار‪ ،‬حيث فشلت كل محاوالت البحث عنه‪ ،‬إلى‬ ‫أن تم العثور على جثته صباحا‪.‬‬ ‫هذا وقد تم نقل جثة الشاب إلى مستودع األموات بمدينة الحسيمة‪،‬‬ ‫ماخلف صدمة وحالة من الحزن واأللم في في أوساط معارفه وعائلته‪.‬‬

‫‪sssss‬‬

‫كالب مسعورة ترسل أربعة أشخاص‬ ‫إلى المستشفى اإلقليمي بالحسيمة‬

‫* األديب واإلعالمي‬ ‫والعضو الشرفي بمنظمة العفو الدولية ‪ ‬ـ فرع المغرب ـ‬

‫تدبير شأن ساكنة جماعة مصمودة بإقليم وزان‬ ‫فوق كف عفريت!‬ ‫‪ ‬وزان ‪ :‬مراسلة خاصة‬

‫هل كان مجموعة من أعضاء وعضوة بمجلس‬ ‫الجماعة الترابية مصمودة بإقليم وزان سيلتجؤون‬ ‫لخيار االعتصام المفتوح والمبيت بساحة مقر‬ ‫الجماعة معرضين أنفسهم لكل المخاطر‪ ،‬لو لم‬ ‫يلمسوا بأن عجلة تدبير شأن الساكنة تدور في‬ ‫الفراغ ؟ وهل كانت نائبة لرئيس الجماعة ستعزز‬ ‫صفوف المعتصمين محدثة تصدعا في الفريق‬ ‫المسير لو أنها لم تكتوي بلسعات االقصاء الذي‬ ‫ال تفسير ألسبابه غير الغموض الذي يلف تدبير‬ ‫مرافق الجماعة والمشاريع‪ -‬على علتها ‪ -‬التي‬ ‫تم اطالقها؟ وهل كان المنتخب أحمد الصغير‬ ‫سيستقيل من مجلس الجماعة قبل شهور‪ ،‬وسيحضر‬ ‫اليوم لدعم الفريق المعتصم لو أنه لم يلمس بأن‬ ‫التدبير المعتمد يقود الجماعة الى الهاوية؟ وهل‬ ‫كان أعضاء وعضوة الفريق الغاضب سيدخلون‬ ‫في حركة احتجاجية بلمسة مدنية لو أن االدارة‬ ‫الترابية اإلقليمية والمحلية أخذت سيل الشكاوى‬ ‫التي وضعوها فوق طاوالتهم محمل الجد‪ ،‬فبادرت‬ ‫بالدخول على الخط لوضع حد للتسيب المدعوم‬ ‫من مكتب ثقيل بمقر العمالة على حد ما صرح به‬ ‫للجريدة متتبع يوجد في عالقة تماس بموضوع‬ ‫تدبير شأن الجماعة الترابية المذكورة ؟‬ ‫‪ ‬هذا السيل من األسئلة المشروعة تجيب‬ ‫عنه ما حملته مضامين حزمة الشكاوى المشار إليها‬ ‫(تتوفر الجريدة على نسخ منها) والتي اذا صحت‬ ‫التفاصيل الواردة على صفحاتها فما على المرء إال‬ ‫أن يقرأ صالة الجنازة على القانون‪ ،‬والديمقراطية‬ ‫التشاركية‪ ،‬ومسلسل تنمية الجماعة‪ ،‬ومصالحة‬ ‫المواطن(ة) مع صناديق االقتراع‪. ‬‬ ‫‪ ‬الشكاية األولى عرفت طريقها نحو مديرية‬ ‫المفتشية العامة لإلدارة الترابية بوزارة الداخلية‬ ‫وذلك يوم ‪ 12‬يونيه األخير‪ ،‬وقد اختار لها الموقعون‬ ‫عليها عنوان « شكاية عاجلة من أجل فتح تحقيق‬

‫حل السودوكو‬ ‫رقم ‪464‬‬

‫تعرضت إمرأة في الستينات من عمرها‪ ،‬وحفيدتها الصغيرة ذات ‪ 7‬سنوات‬ ‫في دوار «تغوني»‪ ،‬جماعة إساكن إقليم الحسيمة‪ ،‬مساء الخميس ‪ ،‬لهجوم‬ ‫شرس من طرف كالب ضالة “مسعورة” ‪ ،‬نقلت على إثرها إلى المستشفى‬ ‫الجهوي في مدينة الحسيمة لتلقي العالجات الضرورية‪.‬‬ ‫وقال الفاعل الجمعوي بجماعة اساكن محمد الشيبا‪ ،‬أن السيدة المسنة‬ ‫تعرضت إلصابة بليغة على مستوى العين والرأس ونقلت على متن سيارة‬ ‫اإلسعاف إلى مستشفى الحسيمة‪ ،‬فيما تعرض شخصان آخران‪ ،‬أحدهما من‬ ‫دوار «تمدة»‪ ،‬واآلخر راع بدوار “تمكونسا “‪ ،‬لنفس الهجوم واإلصابة‪ ( ،‬كما هو‬ ‫موضح في الصور )‪ ،‬حيث باغثتهم الكالب المسعورة والطليقة التي تتخذ من‬ ‫مطرح اساكن تجمعا كبيرا لها ‪ ،‬في ظل غياب أي مراقبة ومحاربة‪ ،‬الشيء الذي‬ ‫يهدد الماشية والساكنة المحلية سيما األطفال منهم ‪!!!!!!..‬‬ ‫وأضاف المصدر ذاته أن الحادث خلف استيا ًء عارما لدى السكان‪ ،‬الذين‬ ‫طالبوا في عدة مناسبات من السلطات محاربة هذه الكالب الضالة والمسعورة‬ ‫المنتشرة بكثرة بإساكن والتي باتت تشكل خطراً حقيقياً على حياة المواطنين‪.‬‬ ‫في تدبير المال العام بمجاعة مصمودة إقليم‬ ‫وزان»‪ ،‬تحدثوا فيها عن «المآل الخطير الذي وصل‬ ‫إليه التدبير االرتجالي المريب لشؤون ساكنة‬ ‫جماعة مصمودة‪ ،‬الذي انزاح عن سكة التدبير‬ ‫الشفاف ودخل نفقا مظلما جعل المال العام مرتعا‬ ‫للفوضى‪ »...‬ولكي ال يبقى كالم هؤالء كدرس‬ ‫اإلنشاء‪ ،‬بسطوا باألرقام والبقع جملة من االختالالت‬ ‫التي حصروا البعض منها في تعطيل التدبير‬ ‫المحاسباتي في مجال الوقود وشراء قطع الغيار‬ ‫لآلليات‪ ،‬كما تعرضت شكايتهم كذلك للشبهة‬ ‫على حد تعبيرهم‪ -‬المحيطة بصفقة تهييئ شبكة‬‫التطهير السائل المخصص لها مبلغ ‪690000‬‬ ‫درهم ‪ .‬كما تساءلوا عن الكلفة المالية التي أنجز‬ ‫بها مرأب للسيارات المحجوزة ( ‪ 100‬مليون سنتيم)‪،‬‬ ‫مساحته ‪ 150‬متر مربع‪ ،‬علما يضيف هؤالء بأن‬ ‫آليات الجماعة تم استعمالها في حفر وتهيئة موقع‬ ‫المرأب‪ ،‬وأن المواد التي استعملت ليصبح المرأب‬ ‫جاهزا ال تتعدى بناء سور وسقف من القصدير ‪ .‬ومن‬ ‫بين ما تعرضت له الشكاية كذلك‪ ،‬عدم مطابقة‬ ‫ثمن اقتناء الجرافة وشاحنة صغيرة (‪1500000‬‬ ‫درهم) مع الثمن المعمول به في السوق‪ ،‬وعدم‬ ‫خضوع طريقة االقتناء للقانون ‪ .‬صرف اعتماد مالي‬ ‫خيالي في سند موضوع «التوفنا» بينما تفيد شكاية‬ ‫صادرة عن ادارة المياه والغابات بأن رئيس الجماعة‬ ‫استعمل آليات الجماعة لجلب «التوفنا» من وادي‬ ‫بتراب الجماعة ‪ .‬صرف مبلغ ‪ 160000‬درهم ألعوان‬ ‫عرضيين غير موجودين ‪ .‬اقصاء غير مبرر لمجموعة‬ ‫من المواطنين من االستفادة من عملية توزيع‬ ‫كوانين الشتات الكهربائية رغم تضيف الشكاية‬ ‫بأن الئحة المستفيدين حسمت مسبقا وبمعايير‬ ‫مدروسة من طرف المجلس ‪.‬‬ ‫‪ ‬وإذا انتقلنا إلى الشكاية الثانية فقد وجهت‬

‫يوم ‪ 28‬يونيه األخير‪ ،‬إلى رئيس اإلدارة الترابية‬ ‫اإلقليمية بصفته رئيس اللجنة اإلقليمية للتتبع‬ ‫ومراقبة المقالع‪ ،‬وذلك بعد أن ضبط عضو بنفس‬ ‫المجلس الجماعي جرافة وشاحنة في ملك جماعة‬ ‫مصمودة تقوم باستخراج كمية كبيرة من مواد‬ ‫التفنة والحصى من الكريان الكائن بمزارع دوار‬ ‫فرسيو‪ ،‬كما يشهد بذلك محضر معاينة أنجزه عون‬ ‫قضائي بتاريخ ‪ 27‬يونيو‪.‬‬ ‫‪ ‬الشكاية الثالثة توجد على طاولتي المدير‬ ‫اإلقليمي لوزارة النقل والتجهيز واللوجستيك‪،‬‬ ‫ورئيس مندوبية أمالك الدولة تحيطهما علما بأن‬ ‫«رئيس الجماعة الترابية لمصمودة يقوم بنقل‬ ‫التفنة إلى وجهات مجهولة»‪.‬‬ ‫‪ ‬اختالل آخر أغضب المحتجين قبل أن يدخلوا‬ ‫في اعتصام مفتوح‪ ،‬هو رفض رئيس الجماعة‬ ‫تمكينهم‪/‬ن من نسخة من التقرير الذي أعده‬ ‫المجلس الجهوي للحسابات حول تدبير شأن‬ ‫جماعتهم‪ ،‬وذلك بغاية الوقوف على المالحظات‬ ‫الكثيرة التي دبج بها قضاة المجلس تقريرهم‪،‬‬ ‫واالستفادة منها مستقبال إن لم تكن تتخذ طابع‬ ‫الخطورة‪ ،‬والهدف هو االرتقاء بأداء الجماعة ‪.‬‬ ‫‪ ‬ماذا بعد ؟‬ ‫‪ ‬األنظار كلها متجهة اليوم إلى التعاطي‬ ‫الذي ستعتمده مختلف الجهات التي تم اشعارها‬ ‫باالختالالت التي كانت وراء الحركة االحتجاجية‬ ‫التي يقودها الطيف السياسي المعتصم بجماعة‬ ‫مصمودة‪ ،‬وأول المؤسسات المعنية بشكل مباشر‬ ‫هي مديرية المفتشية العامة لوزارة الداخلية التي‬ ‫عليها التعجيل بتشكيل فريق للبحث والتقصي‪،‬‬ ‫كما يأمل المحتجون أن يبقى مكتب بعينه باالدارة‬ ‫الترابية اإلقليمية بوزان على نفس المسافة من‬ ‫طرفي الصراع! واهلل أعلم‪ ‬‬

‫‪sssss‬‬

‫استئنافية تطوان تدين مغتصب ابنته القاصر‬ ‫بـ ‪ 20‬سنة سجنا نافذا‬

‫قضت غــرفــــة الجنايــات‬ ‫بمحكمة االستئناف بتطــوان‪،‬‬ ‫ال��ث�لاث��اء ال��م��اض��ي‪ ،‬بعقوبة‬ ‫السجن النافذ لمـــدة ‪ 20‬سنة‬ ‫ف��ي ح��ق شخص مسن ق��ارب‬ ‫الثمانين من العمــر‪ ،‬بتهمـة‬ ‫اغتصاب ابنتــه القاصــر‪ ،‬مـــع‬ ‫منحها تعويضـا قيمتـــه ‪10‬‬ ‫ماليين سنتيم ‪.‬‬ ‫وت��ع��ود ت��ف��اص��ي��ل ه��ذه‬ ‫القضية‪ ،‬إل��ى شهر فبراير‬ ‫الماضي‪ ،‬ح��ول إق��دام شخص‬ ‫يبلغ من العمر ‪ 78‬عاما على اغتصاب ابنته القاصر التي تبلغ من العمر ‪ 13‬سنة‬ ‫بجماعة الزينات بقيادة بن قريش بإقليم تطوان‪.‬‬ ‫وكان األب يستغل ابنته جنسيا منذ ‪ 3‬سنوات‪ ،‬حيث كان يستغل خروج‬ ‫والدتها لجمع الحطب من أجل ممارسة شذوذه الجنسي عليها‪ ،‬الشيء الذي‬ ‫تسبب لها في مشاكل نفسية خطيرة‪.‬‬ ‫هذا وقامت والدة الضحية بإخبار الدرك الملكي الذي اعتقل المشتبه به‬ ‫وباشر معه إجراءات التحقيق‪ ،‬تحت إشراف النيابة العامة المختصة‪.‬‬


‫العدد ‪ 1001‬ـ الثالثاء ‪ 09‬إلى ‪ 15‬يوليوز ‪2019‬‬

‫سالش‬

‫امللحق الثقايف‬

‫‪9‬‬

‫الكتابة واألب‬

‫لقطة ذهنية نقتطعها من انشغاالت الكتاب المغاربة والعرب‪،‬‬ ‫نرغب من خاللها في أن نعرف الدالالت التي تتركهـا في حياتهـم‬ ‫«وجودات صغيرة» تصاحبهم على الدوام‪.‬‬ ‫هـذا «السالش» يحـاول أن يستحضر المعاني الممكنة المرتبطـة‬ ‫بــ «الكتابة واألب»‪.‬‬

‫اللعنة الجميلة‬ ‫للشعر‬ ‫الروائية فاتحة مرشيد‬ ‫كانت ترتدي الحجاب بأناقة تُبرز جمال‬ ‫عينيها المكحلتين وأحمر شفاهها الالمع‪.‬‬ ‫جلستْ على يميني والمرآة على الحائط‬ ‫المقابل تعكس مالمح منفعلة‪ ،‬قالت بارتباك‬ ‫واضح‪:‬‬ ‫«شكرا على استقبالي‪ ،‬كان ال بد أن أراك‪..‬‬ ‫ليس لي أحد أتقاسم معه قصتي سواك‪ ..‬ثم‬ ‫إنها من نوع القصص التي ال تحكى‪ ..‬اعذريني‬ ‫سيدتي‪.»..‬‬ ‫أمطرتْ عيناها وهي تالحظ اهتمامي وأنا‬ ‫أحدّق في وجهها المكتمل البهاء وأتساءل‬ ‫كيف تجرؤ الحياة على غلبه‪ .‬ثم أضافت‪:‬‬ ‫«إنكِ طرف في القصة ولهذا أود أن أبوح لك‬ ‫بها‪.»..‬‬ ‫كيف لي أن أكون طرفا في حكاية لم يسبق‬ ‫لي أن صادفت شخصيتها الرئيسية؟ كل ما‬ ‫قالته في الهاتف هو أنها من قارئاتي المعجبات‬ ‫وأن لقاءها بي أصبح أمرا مصيريا‪ ،‬وفاجأني‬ ‫كونها ستكابد عناء السفر من فاس إلى الدار‬ ‫البيضاء لمجرد أن يتم هذا اللقاء بعيادتي‪.‬‬ ‫بدأت في سرد قصتها ووجهها يعكس كل‬ ‫االنفعاالت‪ ،‬من ابتسامة إلى دمعة إلى نحيب‪،‬‬ ‫وأنا أنصت بخشوع إلى جملها المتقطعة بينما‬ ‫يتسرب نزيفها إلى أحشائي ليجرفني حزنا‬ ‫وحيرة‪:‬‬ ‫«سامحيني سيدتي إن تطفلت عليك‪ ..‬لقد‬ ‫شجعني ما قرأته من كتاباتك على اللجوء‬ ‫إليك‪ ..‬متيقنة بأنك ستفهمين معاناتي ولن‬ ‫تصدري علي حكما أخالقيا‪ ..‬أعلم أنني مذنبة‬ ‫ويقضمني اإلحساس بالذنب‪ ..‬وأصلي وأطلب‬ ‫من اهلل أن يغفر لي‪ ..‬أنا محتجبة‪ ،‬كما ترين‪،‬‬ ‫وملتزمة في كل أمور حياتي‪ ..‬إال في ما يتعلق‬ ‫بقصتي‪ ..‬ذنبي سيدتي أنني عاشقة حدّ الدمار‬ ‫ومتيمة حدّ الموت‪ ..‬و‪ ..‬وأعيش قصة حب مع‬ ‫زميل لي في العمل منذ ثمان سنوات‪ ..‬مع أنني‬ ‫متزوجة وأم لولدين‪.»..‬‬ ‫صمتت قليال‪ ،‬استرجعت أنفاسها وهي تنتظر‬ ‫رد فعل مني لكنني أشرت برأسي أن تكمل‪.‬‬ ‫استرسلت وهي تخرج من حقيبتها نسخة من‬ ‫أحد دواويني القديمة يشي شكله المنهك بأنه‬ ‫قد عاش حياة صاخبة‪:‬‬ ‫«قلتُ إنك طرف في القصة ألن ديوانك هذا‬ ‫هو الشاهد األول على قصة حبنا‪ ..‬بل ربما هو‬ ‫السبب في انجرافي‪ ..‬إنه أول هدية تلقيتها‬ ‫منه‪.»..‬‬ ‫أمسكتُ بالديوان الذي أصبح من الصعب‬ ‫تحديد لون له‪ ،‬بالكاد يقرأ العنوان‪« :‬ورقٌ‬ ‫عاشق» في طبعته األولى‪ .‬بدأتُ أقلب أوراقه‬ ‫بانفعال أمٍّ عثرت على صورة قديمة البنها‪،‬‬ ‫ألجد كلمات قد ّ‬ ‫سُطرت وهوامش أضيفت‪،‬‬ ‫وبقعا مختلفة األلوان تُرصّع بعض الصفحات‪.‬‬ ‫بعد هنيهة صمت فرضت نفسها أمام الصخب‬ ‫المنبعث من طيات الكتاب أردفتْ قائلة‪:‬‬ ‫«بالمناسبة هو وأنا زميالن في نفس‬ ‫الثانوية‪ ..‬أنا مدرسة رياضيات وهو مدرس لغة‬ ‫عربية‪ ..‬كنت أحس كلما صافحنا بعضنا في‬ ‫ساحة المدرسة بتيار كهربائي يمتد من يدي‬ ‫ليشمل جسدي فأصابُ بدوار ال عهد لي به‪..‬‬ ‫وذات صباح مزهر مدّني بديوانك قائال‪« :‬إنه‬ ‫ينوب عني في كل ما عجز لساني عن قوله»‪..‬‬ ‫ولم أسمع فصاحة أبلغ من ذلك‪ ..‬لم يسبق لي‬ ‫أن قرأت شعرا خارج مقررات المدرسة حيث كنت‬ ‫طالبة تعشق الرياضيات‪ ..‬بدأت أقرأ أحاسيسه‬ ‫نحوي وبوحه العظيم عبر ديوانك الذي أصبح‬ ‫ديواننا‪ ..‬وأصبحت أنت عبر همس الشعر‬ ‫متواطئة مع حبنا السري‪ ..‬طبعا‪ ،‬قاومتُ ما‬ ‫استطعت في البداية‪ ،‬لكنني سرعان ما سقطت‬ ‫في الخطيئة‪ ..‬بدأنا نلتقي سرا في شقته‪ ..‬شقة‬ ‫أعزب‪ ..‬قبل أن نؤجر شقة خاصة بنا ونؤثثها‬ ‫معا بذوقنا لتصبح عشّ حبنا‪ ..‬بحيث يعتقد كل‬ ‫الجيران على أننا زوجان‪ ..‬كنت أقضي النهار‬ ‫موزعة بين الثانوية ومالذ عشقنا ومسؤوليات‬ ‫البيت الذي تشرف عليه خادمة‪ ..‬قد تتساءلين‬ ‫عن زوجي؟ زوجي رجل يعمل كثيرا ويغيب‬ ‫كثيرا‪ ..‬ليس سيئا معي وال عنيفا هو فقط ال‬ ‫يعترف بسلطة القلوب‪ ..‬تزوجته على الطريقة‬ ‫التقليدية‪ ..‬كان أخا لصديقة لي وكنت‬ ‫مستعجلة في مغادرة بيت األسرة حيث لم أعد‬ ‫أطيق زوجة أبي‪ ..‬توفيت أمي وأنا طفلة فعشت‬ ‫بين أفراد أسرة ال تجمع بينهم عاطفة‪ ..‬ألستمر‬ ‫مع زوج ال يملك قلبا‪ ..‬لست بصدد البحث عن‬ ‫أعذار‪ ..‬ال عذر لي أعلم ذلك‪ ..‬لكن آدم (هذا هو‬ ‫اسمه) أتاني بكل الحب دفعة واحدة ألكتشف‬

‫فداحة القهر العاطفي الذي كنت أعيشه من‬ ‫قبل‪.»..‬‬ ‫حدّقتْ في عيني كأنها تحاول أن تقرأ أفكاري‬ ‫وهي تقول‪:‬‬ ‫« ربما تتساءلين عن أوالدي؟ أليس الذي‬ ‫يجمعني بهم حبا؟ أجل‪ ،‬لكن األمومة عطاء‪..‬‬ ‫حاولت أن أعوض معهم وبهم شيئا لكن الفراغ‬ ‫بداخلي كان بسعة الكون‪ ..‬كيف تكون األم أما‬ ‫في غياب األنثى؟‪ ..‬اكتشفت أنوثتي على نحو‬ ‫متأخر وكان علي أن أعبُر الخطيئة ألالقيها‬ ‫فتمسكت بها وكان ظمئي صحراء قاحلة‪..‬‬ ‫ال أحس بالذنب كأنثى وإنما كامرأة مسلمة‬ ‫فقط‪..‬‬ ‫عشنا أجمل سنوات العمر لكننا اآلن في مأزق‬ ‫كبير وبقدر ما أحب أعاني‪،»..‬‬ ‫صمتت من جديد‪ ،‬والتقطت منديال من‬ ‫حقيبتها جففت به دموعها وأضافت‪:‬‬ ‫«المشكلة سيدتي العزيزة أن أمه المريضة‬ ‫تلح عليه في أن يتزوج وقد فاق عمره األربعين‪..‬‬ ‫تريد أن ترى أبناءه قبل أن تفارق الحياة‪ ..‬هي ال‬ ‫تعلم شيئا عن عالقتنا وال تفهم كيف ال يرغب‬ ‫في الزواج‪ ..‬وأنا متزوجة ولي طفالن أصغرهما‬ ‫في التاسعة من عمره‪ ..‬ال أخفيك بأنني قد‬ ‫فكرت في الطالق والزواج به لكن أمه لن تقبل‬ ‫البنها بامرأة في األربعين مطلقة‪ ..‬وأم‪ ..‬ثم‪..‬‬ ‫الواقع أنه يحب أمه حبا شديدا ويصيبه مرضها‬ ‫بالقهر ويود لو يلبي رغبتها وفي نفس الوقت‬ ‫ال يستطيع االستغناء عن حبنا‪ ..‬قال لي ابحثي‬ ‫لي أنت عن زوجة تكون أما ألوالدي فحسب‪،‬‬ ‫تماما كما هو زوجك أب ألبنائك وتظل عالقتنا‬ ‫على ما هي عليه‪ ..‬ومتى كانت األشياء تظل‬ ‫على ما هي عليه؟ أنا اآلن في هذا المأزق علي‬ ‫أن أجد زوجة لحبيبي وأبارك هذا الزواج أو‬ ‫أنسحب إلى غير عودة‪ ..‬ولست قادرة على هذا‬ ‫وال على ذاك‪ ..‬أتخيل هذه المرأة‪ ،‬التي سوف‬ ‫أختارها أنا‪ ،‬بين أحضانه وأتخيلها قادرة على‬ ‫إغوائه‪ ..‬إنها ليست دمية وإنما امرأة بقلب‬ ‫وجسد وإحساس‪ ..‬ثم أسأل نفسي تراه تعب‬ ‫مني ويبحث عن سبب للتخلص من حبي؟ هو‬ ‫يتألم فعال ولقاءاتنا أصبحت مجرد نقاشات حول‬ ‫موضوع زواجه‪ ..‬و‪ ..‬وأصبحنا نتشاجر كثيرا‬ ‫وأنا اآلن في حالة نفسية محبطة‪ ..‬لقد تحولت‬ ‫سعادتنا إلى شقاء وحزن‪»...‬‬ ‫أجهشت بالبكاء مرة أخرى وجمدتُ أنا‪ .‬رفعت‬ ‫عينيها نحوي وقالت متوسلة‪« :‬ساعديني من‬ ‫فضلك‪ ..‬إنني أموت من الحيرة‪ ..‬أتراه عقاب‬ ‫ربي؟ أرشديني من فضلك‪.»..‬‬ ‫من أكون أنا حتى أتدخل في حياة اثنين‬ ‫راشدين؟ لست قاضيا وال نبيا أنا شاعرة تورطت‬ ‫في قصة‪ ،‬وربما في قصص أخرى‪ ،‬في غفلة‬ ‫منها‪ .‬لست أنا من خلق الحب وجعله خارجا عن‬ ‫إرادة البشر‪ ..‬أنا فقط عبّرتُ عنه بكلمات‪..‬‬ ‫وهل لكلماتنا مسؤولية في تحديد حياة القراء‬ ‫واختياراتهم؟‪ ..‬الشاعر إنسان يحاول أن يضع‬ ‫كلمات على جروحه الخاصة‪ ،‬وألنه ال شيء‬ ‫خاص حينما يتعلق األمر باإلنسانية‪ ،‬فكلماته‬ ‫يتبناها كل من أحس بها‪ ..‬ظللت برهة غارقة‬ ‫في تساؤالت فلسفية قبل أن أقول لها كالما‬ ‫عاما‪:‬‬ ‫« ال تحزنــي ألن حبــك قـــد وصل طريقا‬ ‫مسدودا‪ ،‬بل اسعدي لكون الحب قد طرق‬ ‫بابك ومنحك ثماني سنوات من رحيقه الساحر‪.‬‬ ‫ال تندمي على شيء فال منفعة في الندم‪ ،‬وال‬ ‫تهابين النهايات إنها قدر األحياء‪ ،‬ولتحتفظ‬ ‫ذاكرتك بما هو جميل في الحب ال غير‪ .‬الحياة ال‬ ‫تعطي كل شيء‪ ،‬ومع ذلك حاولي أن تحصي ما‬ ‫وهبته إياك ستجدين كم هي كريمة‪ ..‬هذا كل‬ ‫ما عندي وأتمنى لك صفاء الروح والسكينة‪».‬‬ ‫أضاءت وجهها ابتسامة واسعة وأشعت من‬ ‫عينيها نظرة امتنان وودعتني وغادرت حيث‬ ‫ينتظرها القطار‪.‬‬ ‫قفلت باب خلوتي وقد رجني مرور هذه‬ ‫السيدة‪ .‬جلستُ مكانها وتطلعت إلى المرآة‬ ‫علها تكون قد احتفظت بصورتها فإذا بي‬ ‫ألحظ وجهي‪ ،‬حدقت فيه طويال‪ ،‬شيء فيه قد‬ ‫تغير‪ ..‬أجل! بريق جديد في العينين‪.‬‬ ‫سحبتُ ديوان «ورق عاشق»‪ ،‬الذي نسيَتْه أو‬ ‫تناسته‪ ،‬على الطاولة وبدأتُ أقرأه كما لو للمرة‬ ‫األولى‪ّ ..‬‬ ‫عل اللعنة الجميلة للشعر تشملني أنا‬ ‫أيضا‪.‬‬

‫سنيا فرجـانـي‬ ‫ـ تونس ـ‬

‫يصنع مجموعات شعرية يحلم أن يراها‬ ‫كتبا جاهزة‬ ‫أبي‪«...‬بابا»‪ ...‬ضوء طريقي‪ ،‬والعين األولى التي قرأتْ خربشاتي وآمنت بها‪.‬‬ ‫كان يرقن نصوصي األولى على حاسوبه‪ ،‬ويطبعها لي‪ ،‬ويصنع منها مجموعات شعرية يحلم أن‬ ‫يراها كتبا جاهزة‪.‬‬ ‫أيضا كان يصنع لي كراسات مذيلة باألبجدية‪ ،‬ألجمع فيها أسماء شعراء من العالم حسب أولى‬ ‫حروف أسمائهم‪.‬‬ ‫كان واليزال يرى أنني شاعرة تعيش العالم بروح محلقة‪.‬‬

‫أنشودة الشجر‪!!..‬‬ ‫واب َح ْث َعنْكَ يف امل َْعنى املُ غايِرِ‬ ‫�شجر‬ ‫قلم الق�صيدة من �ضلوعك يا‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫أثر‬ ‫يف الوجودِ‬ ‫ت�رص‬ ‫يفنى وما يفنى ال ْ‬ ‫ْ‬ ‫املخ ْ‬ ‫�شجر‬ ‫يا‬ ‫حفيفك‬ ‫ورق الق�صيدة من‬ ‫َ�ش َج ٌر َ�ش َج ْر‪..‬‬ ‫رير احلرب َم ْر‬ ‫حن‪� ..‬إذا َخ‬ ‫ٌ‬ ‫ورق َي ُّ‬ ‫ُ‬ ‫حجر‪..‬‬ ‫الأر�ض ماء من‬ ‫ْ‬ ‫***‬ ‫للقمر‬ ‫فاحمل جذورك‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ِيق‬ ‫ود مِ َن‬ ‫اخل�ش ِب ال َْعت ِ‬ ‫ُع ٌ‬ ‫احلدود‪..‬‬ ‫يف‬ ‫وارق�ص طليقا‬ ‫رق‬ ‫ْ‬ ‫َيكَ ُاد ُيوِ ُ‬ ‫ني َي ْن َتحِ ُب ال َ​َوتْ ْر‬ ‫َ‬ ‫ِح َ‬ ‫الوجود‪..‬‬ ‫وجودك يف‬ ‫وانق�ش‬ ‫ْ‬ ‫ً‬ ‫مِ‬ ‫ْكَ‬ ‫َ‬ ‫جر‬ ‫�ش‬ ‫يا‬ ‫ا‬ ‫�ض‬ ‫أي‬ ‫�‬ ‫ن‬ ‫ُه َو‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫واترك ل�رشاح احلوا�شي ما تبقى‬ ‫***‬ ‫وللقدر‬ ‫للق�ضاء‬ ‫ْ‬ ‫َخ َ�ش ٌب كما البلورِ‬ ‫الرماد‬ ‫عوه ْم هنا َ�ش ْي ُخ‬ ‫مازال َي ْد ُ‬ ‫ْ‬ ‫ال�صور‬ ‫يلعن من تكرب يف �إطارات‬ ‫ْ‬ ‫رب‪َ ..‬يا َو َج َع الحْ ِ َي ْاد‬ ‫�شجر‬ ‫هو منك �أي�ضا يا‬ ‫يا ُّ‬ ‫ْ‬ ‫***‬ ‫(انْ �صرُ ْ ُهن َ‬ ‫َاك َمنِ انْ َت�صرَ ْ )!!‬ ‫التوابيت‬ ‫خ�شب‬ ‫�شجر‪..‬‬ ‫�شجر‬ ‫ْ‬ ‫ال�صناديق‬ ‫�أو قلْ ‪� :‬أعوذ برب هذا الف� ِ‬ ‫أ�س‬ ‫القدمية يف الزوايا‪..‬‬ ‫حطاب‬ ‫�إن املوت‬ ‫ٌ‬ ‫�سبحة الدروي�ش يف �سفر اخلطايا…‬ ‫َف َهلْ �شيء �سيعرف َو َجهنا فينا‬ ‫خ�شب الكرا�سي‬ ‫ِ‬ ‫الثبات‬ ‫َفكُ نِ الت َ​َّح ُّولَ يف‬ ‫يف املقاهي يف امل�آ�سي‬ ‫ِ‬ ‫الرتاب‬ ‫ويف‬ ‫مثل �أعواد املنابر‬ ‫ويف الغنائي‬ ‫والكنائ�س‬ ‫بني �ألواح املدار�س‬ ‫�إذا اكت�شف امل�صب من اخلرير‬ ‫مثل �أخ�شاب النعو�ش‬ ‫ف�أجه�ش املعنى على دمه‬ ‫العرو�ش‬ ‫ومثل �أخ�شاب‬ ‫وانهمر‪..‬‬ ‫و�أ�رشق‬ ‫ْ‬ ‫ومثل �أك�شاك اجلرائد‬ ‫***‬ ‫مثل �أل�سنة املواقد‬ ‫�شجر‬ ‫�شجر‬ ‫ْ‬ ‫الب�رش‬ ‫مثل �أ�صنام‬ ‫ٌ‬ ‫ْ‬ ‫واخرت �سجودك يف وقوفكَ‬ ‫�شجر‬ ‫يا‬ ‫أي�ضا‬ ‫هي منك �‬ ‫ْ‬ ‫بعد ت�صنيم الف� ِ‬ ‫ؤو�س‬ ‫***‬ ‫فمتى‬ ‫وبعد تكفري ال َّث َم ْر‬ ‫املعنى‪-‬‬ ‫لفائ�ض‬ ‫اجلنون‬ ‫و�صل‬ ‫وقد‬‫***‬ ‫ال�رشر‪..‬؟‬ ‫�سينقدح‬ ‫ْ‬ ‫كن يا �أناي‬ ‫فجر جنونك يا �شجر‬ ‫ال�شجر‬ ‫كما‬ ‫ْ‬ ‫بال�رشر‬ ‫فجر جنونك‬ ‫ْ‬ ‫كن‬ ‫***‬ ‫ال�صل ِ‬ ‫ِيب ُهنَا ُي َد ُّق‬ ‫يا �أناي‬ ‫َخ َ�ش ُب َّ‬ ‫ري الحْ َ َداثَةِ‬ ‫َعلَى َم َ�سامِ ِ‬ ‫ال�شجر‬ ‫كما‬ ‫ْ‬ ‫يح امل ْنت َ​َظ ْر‪..‬‬ ‫للم ِ�س ِ‬ ‫َ‬ ‫ثمرا‬ ‫هو مِ نْكَ � ْأي�ض ًا يا َ�ش َج ْر‬ ‫َ‬ ‫وظال‬ ‫***‬ ‫�أو‬ ‫ال �شيء ي�شبه �أ�صله فينا‬ ‫فعد للأ�صلِ‬ ‫�شــــرر‪..‬‬ ‫ْ‬

‫الشاعر‬ ‫أحمد لحريشي‬


‫الشمال الثقافي‬

‫العدد ‪1001‬‬

‫الثالثـاء ‪� 09‬إلى ‪ 15‬يوليوز ‪2019‬‬

‫‪10‬‬

‫َع ْن ُب ْعد ْ‬ ‫وعن َك َثب‬ ‫(شهادة في تكريم ثريا ماجدولين) *‬ ‫عبد السالم المساوي‬ ‫عندما ت�ستدعي املحكمة ال�شهود للإدالء ب�شهادتهم يف‬ ‫ق�ضية �أو نزاع‪ ،‬فهي تتو�سم فيهم قول احلقيقة من خالل‬ ‫ما �شاهدوا �أو عرفوا‪ ،‬ولكي ت�ضفي طابع ال�صدقية على‬ ‫�أقوالهم تدعوهم �إلى تالوة الق�سم على �صدق ما �سيقولون‪.‬‬ ‫وهي محقة يف ذلك‪ ،‬لأن القا�ضي �سي�ستند يف �إ�صدار حكمه‬ ‫على جوهر �شهادتهم‪ .‬واليوم �أجدين يف موقف ال�شاهد‬ ‫يف حق ق�ضية �صديقة وزميلة عزيزة هي ال�شاعرة ثريا‬ ‫ماجدولني‪ .‬مثويل �أمامكم هنا مربر مبا �شاهدت وما عرفت‬ ‫وما قر�أت ومبا يربطني من عالقة طيبة �ضاربة يف الزمن‬ ‫ويف الق�صيدة‪.‬‬ ‫عرفت ال�شاعرة ثريا ماجدولني يف �أواخر الثمانينيات‬ ‫ا�سما قد بد�أ يلمع يف بع�ض املنابر من �صفحات ومالحق‬ ‫ثقافية‪ ،‬ومل يكن يومئذ �أمر الن�رش متاحا لل�شباب مثلما هو‬ ‫متاح اليوم‪ .‬فقد كان ن�رش ق�صيدة يف ملحق ثقايف ال�سم‬ ‫جديد �شبيه باملعجزة‪ .‬وكان جوازا للمرور �إلى عامل‬ ‫الثقافة والأدب‪ ،‬وهو عامل كان محاطا بال�سحر واجلمال‬ ‫والتميز املجتمعي‪ .‬ورغم �إقامتها يف ذلك الوقت باملنطقة‬ ‫ال�رشقية‪ ،‬وبعد هذه املنطقة عن املركز الثقايف والأدبي‬ ‫وال�سيا�سي‪� ،‬إال �أن �صوت ثريا ال�شعري كان يت�سلل من‬ ‫خالل املعيقات واحلواجز ليفر�ض نف�سه على املركز فر�ض‬ ‫ا�ستحقاق‪ .‬فقد حباها الله مبوهبة �شعرية منذ ال�صبا و�أتاح‬ ‫لها �أن ت�صقلها يف بيئة �أ�رسية لها �صلة بالثقافة واملعرفة‬ ‫وال�سيا�سة‪ ..‬لذلك اخت�رصت الزمن و�إيقاعه الرتيب وهي‬ ‫تلتقط �صوتها ال�شعري والإبداعي اخلا�ص‪ .‬‬ ‫والنقد الأدبي املغربي يعتربها �إحدى �أجمل الأ�صوات‬ ‫ال�شعرية التي اجنلى عنها غبار الثمانينيات‪ ،‬مبا عرفه هذا‬ ‫الغبار من عجاج وا�ضطراب‪ ،‬فقد كان �شعرا�ؤه الفتيون‬ ‫يخو�ضون ال�رصاع الفكري واجلمايل مع �سابقيهم‪ ،‬وهم‬ ‫يحاولون االنفالت من قب�ضة ال�سائد الذي كان ممعنا يف‬ ‫حماية القواعد والأمناط‪ ،‬ويعترب كل خروج عن ذلك بهتانا‬ ‫ومتردا وعقوقا؛ ك�أن الفن �أمر ثابت ال يخ�ضع لذوق طارئ‬ ‫وال ملزاج متحول‪.‬‬ ‫كانت ثريا ذوقا طارئا ومزاجا متحوال وطاقة من �إبداع‬ ‫مليء بالوعود واللمع‪ .‬وكانت ق�صائدها ت�أتي من وجدة �إلى‬ ‫الرباط والبي�ضاء وفا�س وال�شاوون متخطية كل اجلمارك‪،‬‬ ‫حاملة خلطوط ماكياج خفيف‪ ،‬ال غلو فيه وال تكلف‪ ،‬و�إن‬ ‫هي �إال دندنات م�صفاة مما تعي�شه ال�شاعرة من مواجع‪ ،‬وما‬ ‫تقر�أه من مراجع‪ .‬هكذا كنت �أرى ا�سمها وهو يكرب �سنة عن‬ ‫�سنة وق�صيدة عن ق�صيدة‪.‬‬ ‫ومرت ال�سنون بطيئة �أو �رسيعة‪ ،‬والزمن ال يحت�سب‬ ‫باملدة بل بالتميز واجلدة‪ ،‬وت�ضاءلت الأ�سباب التي كانت‬ ‫تعوق اللقاء‪ ،‬و�صارت جتمع بيننا لقاءات �إلقاء ال�شعر يف‬ ‫الأم�سيات واملهرجانات‪ ،‬ولقاءات م�ؤمترات احتاد الكتاب‬ ‫وبيت ال�شعر يف املغرب‪ ،‬فدنوت من ال�شاعرة لأعرف‬ ‫منها ما ا�ستغلق علي معرفته من ن�صو�صها‪ ،‬والن�صو�ص‬ ‫الإبداعية كما تعلمون‪ ،‬تعطيك بح�سب نيتك وحالك‪ ،‬وقد‬

‫ت�سد يف وجهك كل ثغرة مفتوحة على املعنى �إذا �أنت �أحلحت‬ ‫يف ال�س�ؤال وتعجلت يف اجلواب‪.‬‬ ‫هذا الدنو من ال�شاعرة �أوقفني على حقيقة ماثلة‪،‬‬ ‫وهي �أن الأنثى �إذا وجدت طريقها �إلى الإبداع ال�صحيح‪،‬‬ ‫فاقت الذكر ولو اعتد بال�سبق والفحولة‪ .‬فقد وقفت على‬ ‫قوة بينة تختزنها هذه ال�سيدة املاثلة �أمامكم‪ ..‬قوة يف‬ ‫الإبداع والفكر‪ ،‬وقوة يف التدبري الثقايف والرتبوي‪ ،‬وقوة‬ ‫يف التلقي والإن�صات �إلى ن�صو�ص الآخرين‪ ‬و�أفكارهم‪.‬‬ ‫و�أتيحت يل فر�صة ال�سفر مبعيتها ومعية �صديقي ال�شاعر‬ ‫محمد بودويك احلا�رض معنا‪ ،‬وهو ثالوثنا يف �صداقة ما‬ ‫تزال م�ستمرة‪ ،‬و�سيبقى‪ .‬هذا ال�سفر الذي ي�شكل ا�ستثناء‬ ‫بني الأ�سفار العديدة التي ع�شناها‪ .‬وقد قادنا �إلى دم�شق‬ ‫و�إدلب ومعرة النعمان وحلب وغريها من ربوع �سورية‬ ‫اجلميلة‪ .‬هناك ر�أيت ال�شاعرة عن كثب‪ .‬والإن�سان يبقى‬ ‫م�ستغلقا ولكن ع�رشة ال�سفر تك�شف عن �أ�ستاره وما تعود‬ ‫على �إخفائه‪.‬‬ ‫فقد وجدت امر�أة على قدر كبري من الذكاء وخفة الظل‬ ‫واملروءة‪ ،‬وعلى قدر كبري من الثقافة واالطالع‪ .‬ومل‬ ‫مينعني‪ ،‬يومها‪ ،‬االندها�ش مبا ر�أينا من رموز تاريخية‬ ‫وح�ضارية كقرب �أبي العالء ودير مارتا وقرب �صالح الدين‬ ‫الأيوبي وبالل بن رباح وغريها من الإمعان يف اكت�شاف‬ ‫مالمح �شاعرة مغربية اجتمع لها مع َجمال اخللقة والأناقة‬ ‫جمال الروح والعواطف وجمال الق�صيد واملق�صد‪ .‬وعرفتها‬ ‫بعد ال�سفر يف مهامها اجلديدة وهي تتولى من�صب الأمينة‬ ‫العامة للجنة الوطنية لليون�سكو‪ ،‬فكانت �صاحبة مبادرات‬ ‫طيبة يف جماالت الثقافة والرتبية والعلوم‪ ،‬مثلت املغرب‬ ‫يف ذلك خري متثيل‪ .‬ومار�ست العمل ال�سيا�سي احلزبي‬ ‫ممار�سة فعلية و�صلت به �إلى مراتب القيادة حيث �شغلت‬ ‫ع�ضو ا َلكتب ال�سيا�سي يف حزب االحتاد اال�شرتاكي‪ ،‬فكانت‬ ‫�صاحبة مواقف م�شهودة‪ .‬مواقف عك�ستها ن�صو�صها‬ ‫ال�شعرية بالرمز املده�ش وال�صورة ال�شعرية الفاتنة‪.‬‬ ‫وعك�ستها مقاالتها عندما يكون النرث‪ ‬م�سعفا �أكرث من ال�شعر‪ .‬‬ ‫و�إذا كان املطاف قد انتهى بها �إلى التدري�س اجلامعي‪،‬‬ ‫فهي �أهل لذلك‪ ،‬فمعرفتها الأكادميية و�أبحاثها العلمية تتيح‬ ‫لها �أن توا�صل �أداء ر�سالتها لي�س باعتبارها �أ�ستاذة فح�سب‪،‬‬ ‫بل باعتبارها خبرية ب�ش�ؤون احلياة والنفو�س‪ ،‬ومبا راكمته‬ ‫من جتارب مختلفة يف احلياة ال�شخ�صية والعامة‪.‬‬ ‫هذه هي ثريا ماجدولني‪ ،‬كما عرفتها عن بعد وعن‬ ‫كثب‪ ،‬والله �شهيد على �شهدت به‪.‬‬ ‫ــــــــــــــــ‬

‫‪ * ‬ن�ص ال�شهادة التي �أدليت بها يف حق ال�شاعرة ثريا ماجدولني‬ ‫خالل الن�شاط التكرميي الذي نظمه مركز حقوق النا�س بفا�س‪ ،‬يوم‬ ‫ال�سبت ‪� 20‬أبريل ‪.2019‬‬

‫الشاعرة منى وفيق‬

‫ق�صائد مرقونة ّ‬ ‫بالليزر‬ ‫«ال�صدى»‪.‬‬ ‫َف ْخ ُر ّ‬

‫حاملا ي�أتي القطار‪،‬‬ ‫***‬ ‫�إِدفعني �أمامه‪.‬‬ ‫احلرارة املرتفعة يف ج�سدي‬ ‫�س�أده�س ّ‬ ‫الركاب‪.‬‬ ‫ت�أتي وترحل‪.‬‬ ‫***‬ ‫هي مثلي‪،‬‬ ‫ٌ‬ ‫احلب ٌ‬ ‫جميلة ج ّد ًا‪ ،‬باردة جدّا‪ ،‬حزينة‬ ‫ندبة‬ ‫ُّ‬ ‫�أَلمَ ٌ مك�شوف‬ ‫جدّا‪.‬‬ ‫يفر‬ ‫ّ‬ ‫نتم ّنى لها ال َ‬ ‫أف�ضل دائم ًا‪،‬‬ ‫�إلى �أَلمَ ٍ كا�شف‬ ‫لكن يف وجه �آخر‪.‬‬ ‫«احلــب»‪.‬‬ ‫هو‬ ‫ّ‬ ‫***‬ ‫ولأ ّنها‪،‬‬ ‫ال�سعادة‪..‬‬ ‫�أ ّيتها ّ‬ ‫ً‬ ‫ال تت�ألمّ‬ ‫كفاية‪،‬‬ ‫بال�سعادة‬ ‫�أ�شعر ّ‬ ‫فهي‪ ،‬مثلي‪،‬‬ ‫و�أنا �أنظر �إليك من اخللف‪.‬‬ ‫ت�أتي وترحل‪.‬‬ ‫�صحيح ال تعرفني م�شاعري ُجّتاهكِ ‪،‬‬ ‫ٌ‬ ‫***‬ ‫ّ‬ ‫مترين من جانبي‪،‬‬ ‫هاية‬ ‫ن‬ ‫ال‬ ‫يف‬ ‫لك ّنك‬ ‫ّ‬ ‫م�ضيء �أعمى‬ ‫قمر‬ ‫ٌ‬ ‫ماذا �سيفعل ٌ‬ ‫ح ّتى لو مل تريني‪.‬‬ ‫ر�أى وا�ستغنى‪.‬‬ ‫***‬ ‫الر�ؤية‬ ‫لِليلٍ ال زال يدّعي ّ‬ ‫�آخر ما ُ‬ ‫فعلت له‪،‬‬ ‫ويخفق مرتابا‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫د�س�ست احللوى يف جيبه املثقوب‪.‬‬ ‫� ْأن‬ ‫***‬ ‫ً‬ ‫�صديقي الذي باعني‪،‬‬ ‫�أحمل فوق �صدري �صخورا ثقيلة‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫لي�شرتي �رسواال بال جيوب‪.‬‬ ‫ال �أحد تقريبا يفهم ملاذا �أمت�شي مغتبطة بغري‬ ‫ما حدّ‪..‬‬ ‫نعم‪،‬‬ ‫فوق �صدري �صخور ًا ً‬ ‫� ُ‬ ‫أحمل َ‬ ‫ّ‬ ‫ثقيلة‪ ..‬ج ّد ًا‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫الذباب فكرة �أجمل لأ�سنانه‪.‬‬ ‫�ضم َن ْت يل ا�ستقرار ًا �أبد ّي ًا يف قاع البحر‪.‬‬ ‫***‬ ‫***‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫�أن �أج َد َ�صدَفة �أتعذب يف تك�سريها‪،‬‬ ‫عيناي وا�سعتان‪..‬‬ ‫�أهَ ُّم عندي من احل�صولِ على ال ّل�ؤل�ؤ‪.‬‬ ‫وا�سعتان ج ّد ًا‪.‬‬ ‫وجهي مك�ســـــــــــــــــــور‪.‬‬ ‫�رضاوة احلروب‬ ‫تك ّف ُ‬ ‫لت �أنا نف�سي به‪،‬‬ ‫دعت �إلى ذلك‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫رميت ال ّل�ؤل�ؤ لآخرين‪.‬‬ ‫***‬ ‫*‬ ‫*‬ ‫*‬ ‫حفر يف الأعلى‪،‬‬ ‫ٌ‬ ‫لدي وطنٌ �سابقٌ �أعودُ �إليه‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫أخريات يف الأ�سفل‪،‬‬ ‫�‬ ‫لي�س ّ‬ ‫ُ‬ ‫الرحيل‬ ‫غريهنّ على اليمني‪،‬‬ ‫ودائمة ّ‬ ‫وعلى ّ‬ ‫بال حقيبة‪.‬‬ ‫ال�شمال‪.‬‬ ‫لهذا‪،‬‬ ‫ما �أو�ضح ان�شغالها ع ّني‬ ‫ّ‬ ‫ال ي�صدّقني �أحد‪.‬‬ ‫مبن يتقلبون فيها‪.‬‬ ‫***‬ ‫ال �أبايل‪،‬‬ ‫� َ‬ ‫إرادتك‪� ،‬أخريا‪ ،‬حتت املنقار‪.‬‬ ‫ال�سقوط‪.‬‬ ‫علي ّ‬ ‫ّ‬ ‫ال�صرّ َخ ُة ّ‬ ‫ال�سقوط‪.‬‬ ‫الثانية‪،‬‬ ‫علي ّ‬ ‫ّ‬


‫الشمال الثقافي‬

‫العدد ‪1001‬‬

‫الثالثـاء ‪� 09‬إلى ‪ 15‬يوليوز ‪2019‬‬

‫‪11‬‬

‫مكالمة لم تنته‬ ‫الروائي أحمد الكبيري‬

‫الشاعر ة زكية المرموق‬ ‫ُ‬ ‫يحر�س ُه احل�صانُ‬ ‫البيت‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ال�سقف ؟‬ ‫فمنْ �أغوى‬

‫العناكب‬ ‫ا َملوق ُد حتت َل ُه‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫فمنْ‬ ‫احلطب ؟‬ ‫�رسق‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫الطريق �إلى احليا ِة‬ ‫موت م� ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫ؤجل ‪..‬‬

‫اجلرار ؟‬ ‫فمنْ ك� َرس‬ ‫َ‬ ‫�إذا َ‬ ‫�سقط َ‬ ‫منك قل ُب َك‬

‫َ‬ ‫ُ‬ ‫و� َ‬ ‫خارجك‬ ‫ترك�ض‬ ‫أنت‬ ‫ُ‬ ‫التقطه ‪،‬‬

‫ُ‬ ‫التقطه دون �أن تنحني‬

‫وام�ض‬ ‫ِ‬ ‫دم َك‬ ‫ِ‬ ‫ام�ض دون �أن تنظر �إلى ِ‬ ‫يفرغ َ‬ ‫وهو ُ‬ ‫منك‬ ‫ام�ض خفيف ًا غري مثقلٍ َ‬ ‫بك‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫املوت‬ ‫ومت قبل‬ ‫ِ‬ ‫ال بعده ‪.‬‬

‫ام�ض‬ ‫ك�شم�س ال�شتاءِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫واترك فجو ًة َ‬ ‫ْ‬ ‫ح�ضور َك‬ ‫بينك وبني‬ ‫ِ‬ ‫ال ت�ستهلك حيا َت َك‬ ‫يف غيا ِب َك ‪.‬‬ ‫ام�ض ‪..‬‬ ‫ِ‬

‫َ‬ ‫ال�صمت‬ ‫وام�ضغ‬ ‫ِ‬ ‫ام�ضغه جيداً‬ ‫ُ‬

‫دون �أن تتوقف عن الكالم‬ ‫تف�ضح ه�شا�شةَ‬ ‫ٌ‬ ‫أ�صوات‬ ‫فلليلِ �‬ ‫ُ‬ ‫اجلدران ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ك�أين � ُ‬ ‫أعرفني‬

‫�أو هكذا �أوهمني ٌّ‬ ‫ظل‬ ‫ُ‬ ‫يقف بيني وبني املر�آة ‪،‬‬ ‫قا�سمني َ‬ ‫اخلطو‬ ‫بع�ض‬ ‫ِ‬ ‫�أُ ُ‬ ‫أجمة عني‬ ‫و�أتو ُه يف � ٍ‬

‫قمح اللقاءِ‬ ‫�أن�ساين يف ِ‬ ‫أذوب يف الال معنى‬ ‫ف� ُ‬ ‫ورق‬ ‫� ُ‬ ‫أمار�س احليا َة على ٍ‬ ‫مبا ُ‬ ‫عر‬ ‫بال�ش ِ‬ ‫يليق ِ‬ ‫الغياب‬ ‫ع�شب‬ ‫ِ‬ ‫�أختبئُ يف ِ‬

‫احللم‬ ‫يف ِ‬ ‫حليب ِ‬

‫القوامي�س ‪.‬‬ ‫خارج‬ ‫ِ‬ ‫ف�سلِ الق�صائ َد ‪..‬‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫احلروف َ‬ ‫من كانَ‬ ‫خلف‬ ‫ي�صقل‬ ‫تائر ؟‬ ‫ال�س ِ‬ ‫ّ‬

‫�أ�شبه ً‬ ‫مطرا خذ َل ُه الغي ُم‬ ‫احللق‬ ‫َ‬ ‫فتكور يف ِ‬ ‫�أ�شبه ً‬ ‫نهرا خا َنه املجرى‬

‫َ‬ ‫منت�صف املعنى‬ ‫فانكم�ش يف‬ ‫ِ‬

‫َ‬ ‫املجاز‬ ‫فكيف �أ�سوقني �إلى‬ ‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫وكل �أ�سلحتي خ�شب ؟‬

‫َ‬ ‫كيف �أ�صطا ُد الغ َد‬ ‫و�شباكي ٌ‬ ‫ورق ؟‬

‫َ‬ ‫َ‬ ‫الرماية‬ ‫يعلموك‬ ‫فما معنى �أن‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫رمحك ؟‬ ‫ويجردوك‬

‫َ‬ ‫الرق�ص يف ِمحرب ٍة‬ ‫يعلموك‬ ‫ما معنى �أن‬ ‫َ‬ ‫ويغتالونَ الق�صيد َة يف مقتبلِ اخلمر ِة‬ ‫الغياب ؟‬ ‫بف�صاحة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬

‫ما معنى �أن يح� َرض املوع ُد ِّ‬ ‫مه‬ ‫د�س ِ‬ ‫بكل َ‬

‫يعة‬ ‫�إلى مطع ٍم‬ ‫للوجبات ال�سرّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫بع�شب الت�آويلِ ؟‬ ‫ويفتتوك‬ ‫ِ‬ ‫عينيه‬ ‫ومن نخلِ‬ ‫ِ‬

‫دروي�ش ال ُ‬ ‫َ‬ ‫الوقت‬ ‫ميلك �إال‬ ‫بن�شو ِة‬ ‫ٍ‬ ‫نهار ال َ‬ ‫ُ‬ ‫رغبة له يف اال�ستيقاظ‬ ‫يقول ٌ‬

‫َ‬ ‫النوافذ‬ ‫�أينَ �أخبئُ‬

‫ال�ضوء ؟‬ ‫كي ال يخونني‬ ‫ُ‬

‫َ‬ ‫الهرب‬ ‫وكيف ال �أمعنُ يف‬ ‫ِ‬

‫َ‬ ‫الغرق ؟‬ ‫وال�سماء ال متنحني �إال‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫كيف ال � ُ‬ ‫عينيه‬ ‫أقفز �إلى ِ‬ ‫ُّ‬ ‫وكل ما �سوا ُه ظم�أ ؟‬

‫الز َ‬ ‫ما معنى �أن �أكون ّ‬ ‫كية‬ ‫عطر ِه ؟‬ ‫دونَ ِ‬

‫رأيت بباب مكتبي رجلين‪ .‬فهمت من غمزة حارس‬ ‫األمن الشخصي لمقر العمل‪ ،‬بأنهما الرجالن اللذان سأال‬ ‫عني البارحة‪...‬وقتها كنت غائبا بسبب اجتماع مديري‪.‬‬ ‫استقبلتهما واقفا‪ ،‬وطلبت منهما أن يتفضال بالجلوس‪..‬‬ ‫قال لي الرجل الذي قعد على يميني‪« :‬نحن من‬ ‫المخابرات‪...‬جئنا البارحة‪ ،‬لكنك لم تكـن هنا‪ »..‬فقلت لـه ‪:‬‬ ‫«ألف مرحبا‪ ...‬هل من خدمة؟»‪.‬‬ ‫كان رجال متوسط الطول يضع نظارتين على عينه‬ ‫ويرتدي بذلة زرقاء غامقة وقميص أبيض بال ربطة عنق‪،‬‬ ‫بينما كان اآلخر طويال ومتين البنية برأس حليق‪ ،‬كأنه‬ ‫مستعد لالقتتال‪ .‬خاطبني الرجل القصير بصوت خافت‪:‬‬ ‫«يشتغل معك عنصر‪ ،‬يشتبه في انتمائه إلى جماعة‬ ‫متطرفة‪ ...‬ونود منك مساعدتنا ببعض المعلومات عنه‪...‬‬ ‫«فقلت له محاوال أن أظل متماسكا قدر المستطاع‪« :‬بكل‬ ‫فرح‪ ...‬لكن قبل ذلك هل ممكن أن أرى لو سمحتم‪،‬‬ ‫بطاقتكم المهنية»‪ .‬فأخرجها على الفور من الجيب الداخلي‬ ‫لسترته ومدها إلي‪.‬‬ ‫فقلت لهما ضاحكا‪« :‬هي القضية عندي حامضة هنا وأنا‬ ‫ما جايب خبر‪.»...‬‬ ‫ليال بعد عودتي إلى البيت‪ ،‬كتبت لها رسالة قصيرة‬ ‫عبر المسانجر‪ « :‬مساء الخير شيري‪ ،‬يظهر أنك نائمة‪....‬‬ ‫أريد فقط أن أقول لك إني آسف جدا‪...‬كان بودي أن أعاود‬ ‫االتصال بك بل وأظل معك على الخط‪ ،‬وأسمعك إلى اآلخر‪...‬‬ ‫لكن أنت تعرفين العمل وإكراهاته‪ ...‬لذا أطمع في تقديرك‬ ‫وتفهمك‪ ...‬غدا سأنتظر بشوق مكالمتك‪ ،‬متى وجدت إلى‬ ‫ذلك سبيال‪ ...‬أتمنى لك نوما هادئا مالكيا‪ ،‬مع أحر القبالت»‪.‬‬ ‫في الغد لما اتصلت بي‪ ،‬حوالي الثانية بعد الظهر‪،‬‬ ‫كان مكتبي خاليا والوقت جد مناسب ليأخذ الواحد راحته‬ ‫في الحديث‪ .‬فقلت لها مازحا‪« :‬الذي ليس له حظ مثلي‪،‬‬ ‫يوم يلتقي ولو عبر الهاتف مع المرأة التي يحب‪ ،‬ولو بعد‬ ‫سنين طويلة من الغياب‪ ،‬يسلط اهلل عليه من ينغص عليه‬ ‫فرحته‪»...‬‬ ‫تساءلت باندهاش وإلحاح‪،‬عما حصل‪ ،‬فحكيت لها‬ ‫القصة بشكل مختصر‪ .‬‬ ‫«كان يشتغل معي رجل ملتح يرتدي الزي األفغاني‪.‬‬ ‫يسبل لحيته الكثيفة على صدره‪ ،‬ويحلق شاربه بالكامل‪.‬‬ ‫رجل خلوق ‪ ،‬بشوش ‪ ،‬خدوم واألهم أنه منضبط ومجد‬ ‫في عمله‪ .‬كان قد التحق بالوكالة قبل حوالي ثالثة أشهر‬ ‫فقط‪ ،‬في إطار تبادل المواقع بينه وبين سيدة كانت تشتغل‬ ‫معي‪ ،‬رغبت في اإللتحاق بالوكالة التي كان يشتغل فيها هذا‬ ‫األخير‪ .‬فوافقت لها دون اعتراض‪ .‬السيدة كانت تعاني من‬ ‫مرض السكري وتضطر لوسيلة نقل بشكل يومي لتلتحق‬ ‫بعملها‪ .‬بينما انتقالها سيجعلها على بعد خطوتين من‬ ‫بيتها إلى مقر عملها‪ .‬وقد يخفف ذلك عليها من ضغط‬ ‫العمل اليومي‪ ،‬وقد يسهم أيضا في شفائها أو على األقل‬ ‫في استقرار حالتها ويجنبها مضاعفات أخرى‪..‬‬

‫لما التحق الرجل بمكتبه‪ ،‬مكان السيدة التي غادرت‪،‬‬ ‫أبدى حيوية ونشاطا منقطعي النظير‪...‬يتعامل مع زبائنه‬ ‫ببشاشة ولطف ويؤدي عمله بفعالية مدهشة‪ .‬فاحترمته‪،‬‬ ‫بل أحببته‪ .‬الخالف الوحيد الذي كان بيني وبينه‪ ،‬هو أني‬ ‫كنت أمنع عليه أن يحول مكتبه إلى خلوة يستمع فيها إلى‬ ‫القرآن‪ ،‬أو أن يقرأ فيها تلك الكتب الفقهية التي كان يجلبها‬ ‫معه‪ ...‬لم أتدخل يوما في طريقة لباسه أو قص لحيته أو‬ ‫فرضت عليه شيئا يخالف حريته وحقوقه‪ .‬وهذا ما صرحت به‬ ‫لرجل المخابرات عندما سألني عما أعرفه عن الرجل‪ .‬بحيث‬ ‫كان ردي واضحا‪« :‬عالقتي بالرجل مبنية على عالقة شغل‪،‬‬ ‫انا فيها رئيسه المباشر‪ ،‬وهو فيها مستخدم موضوع رهن‬ ‫إشارة الوكالة‪ ...‬هذه العالقة تبدأ وقت التحاقه بمقر عمله‪،‬‬ ‫وتنتهي لما يغادر‪.»...‬‬ ‫بعد حوالي شهرين من العمل‪ ،‬بوتيرة جيدة‪ ،‬وكنا على‬ ‫أبواب فصل الصيف‪ ،‬طرق الرجل باب مكتبي ‪ ،‬فاستقبلته‬ ‫وسمعت طلبه‪ ،‬لكني كنت واضحا معه‪« :‬ال يمكنني أن‬ ‫أوقع لك رخصة بعطلة تفوق ثالثة أسابيع‪ ...‬فثمة برنامج‬ ‫نسطره جميعا في أول السنة برضائية تامة بيننا‪ ،‬لتدبير‬ ‫عطلتنا السنوية‪...‬فال يمكنني أن أمنحك أنت عطلة لمدة‬ ‫شهر ونصف وأضيع اآلخرين‪ ...‬فالجميع ينبغي أن يستفيد‬ ‫من عطلته بالتساوي مع اآلخرين‪ »...‬لكن بعدما طرحت‬ ‫المسألة مع المدير الذي أشتغل تحت رئاسته المباشرة‪،‬‬ ‫إليجاد حل لمساعدة الرجل في الحصول على هذه العطلة‬ ‫الطويلة‪ ،‬خصوصا أنه سيذهب في عمرة لبيت اهلل‪ ،‬وأنه قام‬ ‫بجميع اإلجراءات والترتيبات التي يتطلبها السفر‪ ،‬من جواز‬ ‫سفر و فيزا وتذكرة ‪ ،‬واعدني المدير بأنه سيعوضه بشخص‬ ‫آخر أثناء غيابه‪ .‬وهكذا وقعت له طلب العطلة بتحفظ كتبت‬ ‫فيه‪« :‬موافق‪ ،‬بشرط أن يعوض بمستخدم آخر‪.»..‬‬ ‫لكن الرجل عوض أن يسافر إلى العمرة كما قال‪ ،‬سافر‬ ‫رفقة ثالثة آخرين يشتغلون في حرف مختلفة‪ ،‬أحدهم كان‬ ‫جزارا‪ ،‬إلى مكة‪ ،‬التي لم يقضوا بها إال أسبوعين‪ ،‬لينتقلوا‬ ‫بعد ذلك في إطار منظم من طرف جماعات إسالمية لنشر‬ ‫الدعوة في بلدان مشرقية‪ .‬ولما عادوا إلى المغرب‪ ،‬كانت‬ ‫هنالك عين المخابرات المغربية التي ال تنام‪ ،‬في انتظارهم‪..‬‬ ‫ولما حققوا معه واستمعوا إلى إفاداته‪ ،‬وعاد إلى شغله‬ ‫قلت له ضاحكا‪ »:‬يا مسخوط الوالدين‪ ،‬أنا عمري ما جا عندي‬ ‫حتى المقدم‪...‬وليتي جايب لي المخابرات دقة وحدة‪.»...‬‬ ‫وبمجرد ما أنهيت حكايتي على مسامعها‪ ،‬قالت لي‬ ‫بنبرة حزينة ‪« :‬أنا جد متأسفة أن أبلغك بأني مضطرة‬ ‫أن أقطع معك كل اتصال‪...‬لقد نسيت البارحة حاسوبي‬ ‫مفتوحا وقرأ زوجي كل ما تبادلناه من رسائل وحصلت فعال‬ ‫مشكلة‪...‬أتمنى لك حظا سعيدا‪ »...‬ثم قفلت الخط‪.‬‬


‫العدد ‪1001‬‬

‫الشمال الثقافي‬

‫الثالثـاء ‪� 09‬إلى ‪ 15‬يوليوز ‪2019‬‬

‫‪12‬‬

‫رؤيـة العالـم‬ ‫محمد بنقدور الوهراني‬

‫القاص محمد الشايب‬

‫حلـم أزرق‬ ‫و�رست يف دروبه‪ .‬ال�صدر مفتوح يف وجه كل الرياح‪ ،‬والبال‬ ‫وجلت ليال �شديد الظلمة‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫�رسب يحلق يف �سماوات التيه‪ ،‬والأغاين غزيرةً تهطل‪ ،‬والأيادي البعيدة‪ ،‬من قلب املنايف‪،‬‬ ‫روائح املطر‪ .‬تعددت �صفحات الليل‪،‬‬ ‫تلوح ‪ .‬متدد امل�سري‪ ،‬ورق�صت الأغ�صان‪ ،‬وفاحت‬ ‫ُ‬ ‫و�سبحت عيناي يف الأ�سود‪،‬‬ ‫وت�سلقت التل واله�ضبة‪،‬‬ ‫طويت ال�سهل‪،‬‬ ‫واختلفت �ألوانه‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫�صعدت جبل الليل العايل‪ ،‬وقابلتني‬ ‫وا�ستظلت بفيء الأزرق‪.‬‬ ‫وتغنت بالأخ�رض والأحمر‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫وتهت يف‬ ‫ورق�صت مياهه‪،‬‬ ‫نافذة‪ ،‬فتحتُها‪ ،‬فرتاءت يل �أمواج من الن�ساء‪ ،‬غنى البحر‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ماء عذباً‪،‬‬ ‫ال�سحر املتالطمة �أمواجه‪ ،‬ثم‬ ‫ُ‬ ‫قفزت من النافذة‪ ،‬ووجدتُني �أمام عيون تتدفق ً‬ ‫وطرقت باب جدتي‪ ،‬وجدتها‬ ‫اقتنيت تذاكر الأ�سفار البعيدة‪،‬‬ ‫ال تزيد ال�شارب �إال عط�شا‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫فجل�ست قبالتها‪� ،‬أ�سبح يف ال�شيب‪ ،‬و�أجتول يف التجاعيد‪ ،‬و�أقر�أ حروف الزين‪،‬‬ ‫نائمة‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫خيفة‪ ،‬قلت‪� :‬أنا من�صور‪ .‬قالت‪ :‬من�صور مات‪!..‬‬ ‫توج�ست مني‬ ‫فنظرت �إيلّ ‪ ،‬ثم‬ ‫�أيقظتُها‪،‬‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫قلت‪ :‬بل مازال حيا ي�سعى‪ ..‬قالت‪ :‬غرق يف النهر ذات ع�شق بعيد‪ .‬قلت‪ :‬مل يغرق‪ ،‬ولكنه‬ ‫طفت جثته ذات �صباح ماطر‪ ،‬ودفناه زوال يوم �صاهد‪.‬‬ ‫عرب �إلى ال�ضفة الأخرى‪ !..‬قالت‪:‬‬ ‫ْ‬ ‫النهر‪ .‬قلت‪ :‬كنت يف ال�ضفة الأخرى‪،‬‬ ‫وخا�صمنا‬ ‫قلت‪ :‬بل ُخيل لكم‪ ..‬قالت‪ :‬بكينا بكاء �شديدا‪،‬‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫حاولت العودة‪ ،‬لكني مل �أ�ستطع‪..‬‬ ‫�أراقب كل �شيء‪ .‬قالت‪ :‬وغرقنا يف ف�صل احلداد‪ ..‬قلت‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫أر�سلت �إليكم ر�سائل كثرية‪ .‬قالت‪ :‬يف تلك ال�سنة غاب‬ ‫الكتاب‪ ،‬بكينا‪ ..‬قلت‪� :‬‬ ‫قالت‪ :‬كلما ُفتح‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫املطر‪ ،‬وتعرت الأر�ض‪ ،‬و�أخلفت اللقالق مواعيدها‪ ..‬قلت‪ :‬هذي �صفحاتي اقرئيها‪ ..‬قالت‪:‬‬ ‫فارقت‬ ‫كان من�صور مائي وهوائي‪ ..‬قلت‪ :‬هذي �أبوابي افتحيها‪ ..‬قالت‪ :‬بعد �صمت طويل‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫تركت �شجرة التني وحيدةً ‪ .‬قلت‪� :‬أنا من‬ ‫بعدك‪ ..‬قالت‪:‬‬ ‫الب�ستان‬ ‫احلياة‪ ..‬قلت‪� :‬أنا من �سقى‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫وقطفت تينها‪ ..‬قالت‪ :‬قربي وحيد‪ !..‬قلت‪ :‬بل حتيط به قبور الأحبة‪..‬‬ ‫حميت �أغ�صانها‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫رحلت‬ ‫مل تقتنع �أين من�صور‪ ،‬لكن خوفها مني �أخذ يتبدد‪ .‬جدتي ماتت منذ طفولتي الأولى‪،‬‬ ‫ْ‬ ‫بعد رحيل جدي بعام‪ .‬قرباهما الآن متجاوران‪ ،‬ويتو�سطان قبور الأخوال والأعمام والعمات‬ ‫واخلاالت والأبناء والبنات‪ .‬رحلت كما رحلوا‪ ،‬ومل �أتوقع �أبدا لقاءها‪ ،‬كنت حفيدها الأعز‪،‬‬ ‫تالعبت‬ ‫م�شيت قليال بالقرب منها‪،‬‬ ‫علي الآن‪ ،‬وتقول �إين مت قبلها‪!..‬‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫وهاهي ال تتعرف ّ‬ ‫فتحت كتابا قدميا‪ ،‬وتهت يف ف�صول ال�سطور‪ ،‬قر� ُأت‬ ‫بي زفرات‪ ،‬وطارت بي هلو�سات‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫كيف كانت جدتي ت�صول‪ ،‬وجتول بني احلقول‪ ،‬وتفرح لقدوم املطر‪ ،‬كيف كانت ت�صعد‬ ‫�شجرة التني‪ ،‬وحتادث النهر وال�سماء‪ ،‬وكيف كانت تغني للقالق العائدة‪ ،‬وت�س�ألها عن‬ ‫الراحلني‪ ،‬كيف كانت ت�ستقبل الليل‪ ،‬كيف كانت تبحر بي‪ ،‬على منت �سفينة احلكاية‪ ،‬يف‬ ‫بحور الغرابة والبطولة والع�شق‪ ،..‬ظللت �سجني حروف الكتاب القدمي �إلى �أن َه َّب �صوت‬ ‫جدتي وهي تردد‪ُ :‬ر ْد بالك يـا من�صـور دِ ْ‬ ‫وبحور‬ ‫وديان‬ ‫ور ف بالدي‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫يك �سحــابـة كَ ــ ُّد ْ‬ ‫خيـر وحيـاة وقبـور ُر ْد بــالك يـا من�صـور دِ ْ‬ ‫ور‬ ‫و�صخور‬ ‫�صحاري و�سهول‬ ‫يـك �سحابـة كَ ـ ُّد ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ماء‪ ،‬فهمت �أنها‬ ‫عدت �إلى االقرتاب منها‪ ،‬ف�سلمتني �آنية من طني‪،‬‬ ‫ْ‬ ‫وطلبت مني �أن �أملأها ً‬ ‫تعاين عط�شا �شديدا‪ ،‬فجريت حامال الآنية‪� .‬رست ميينا و�شماال‪� ،‬صعدت وهبطت‪� ،‬رصخت‬ ‫وهد�أت‪ ،‬بكيت و�ضحكت‪ ،‬منت وا�ستفقت‪ ،‬حزنت وفرحت‪ ،‬ثم عرثت على عني جارية‪،‬‬ ‫فمل ُأت الآنية‪ ،‬وعدت جاريا‪ ،‬وحني و�صلت‪ ،‬وجدت جدتي قد حتولت �إلى حمامة‪ ،‬حتلق‬ ‫ً‬ ‫جذالنة يف ال�سماء العالية‪.‬‬

‫استعمل مصطلح ‹‹رؤية العالم›› مند القديم‪ ،‬وقد مر بمراحل تاريخية متعددة‬ ‫قبل أن يستقر في صورته النهائية عند (لوسيان غولدمان)‪.‬‬ ‫هذا المصطلح كثيرا ما استعمله (دلثي) و(سيمل) و(فيبر) و(سارتر)‪ ،‬إال أن‬ ‫مفهومه في هذه المراحل عند هؤالء كان عاما وشموليا‪ ،‬كما أنه لم يكن صارما‬ ‫ومحددا‪ .‬فهو كثير ما كان يرجع إلى أصول ميتافيزيقية وفي أحسن األحوال كان‬ ‫تعبيرا مباشرا عن الحياة‪ .‬ويرجع الفضل إلى(لوكاتش) في ضبط مفهومه وجعله‬ ‫وسيلة عمل محددة المهام والنتائج‪.‬‬ ‫أما لوسيان غولدمان فقد استخدم مصطلح رؤية العالم وجعله ركيزة منهجه‬ ‫البنيوي التكويني‪ .‬إال أنه ال يأخذه في معناه التقليدي الذي يشبهه بتصور واع‬ ‫للعالم إرادي مقصود‪ ،‬بل هو عنده الكيفية التي يينظر بها إلى واقع معين‪ ،‬أو‬ ‫النسق الفكري الذي يسبق عملية تحقق النتاج األدبي‪.‬‬ ‫‹‹ رؤية العالم ›› يمكن اعتبارها كذلك‪ ،‬مجموعة مترابطة من القضايا والحلول‬ ‫التي يتم التعبير عنها على المستوى األدبي عن طريق اإلبداع بواسطة األلفاظ‬ ‫وبواسطة كون محسوس من المخلوقات والصور واألشياء‪.‬‬ ‫رؤية العالم‪ ،‬هناك من يعتبرها تلك الطموحات والمشاعر واألفكار التي تجمع‬ ‫أعضاء مجموعة من الناس تنتمي إلى جذر معرفي أو اجتماعي واحد‪ ،‬وتواجه بها‬ ‫مجموعات أخرى تنتمي لجذور أخرى غالبا ما تكون مناقضة لها‪.‬‬ ‫بناء عليه‪ ،‬تتصل رؤية العالم‪ ،‬اتصاال وثيقا‪ ،‬بالجماعة‪ ،‬أو لنقل تعبر بالدرجة‬ ‫األولى عن مطامح طبقة اجتماعية وتقدم أجوبة شاملة على المشاكل التي‬ ‫تواجهها ‪ ‬هذه الطبقة‪.‬‬ ‫وهنا نتساءل ‪ :‬هل للفرد‪ ،‬وخاصة المثقف والمبدع على الخصوص‪ ،‬دور في‬ ‫خلق هذه الرؤية؟‬ ‫إن تركيز غولدمان على الطابع الجماعي لرؤية العالم هو وفاء لالتجاه الماركسي‬ ‫الذي يرتكز عليه‪ ،‬والذي تظهر آثاره واضحة على صعيد المنهج البنيوي ككل‪.‬‬ ‫مع ذلك‪ ،‬يبقى للفرد المبدع دور حيوي ورئيسي يقوم به في نقل هذه الرؤية‬ ‫من اإلطار الواقعي المعاش إلى إطار فني متخيل‪ ،‬مع االحتفاظ بمسلمة أن المثقف‬ ‫والمبدع ال يستطيع لوحده أن يخلق رؤية للعالم خاصة به‪ ،‬ألن هذه األخيرة ترتبط‬ ‫ارتباطا وثيقا ‪ ‬بالبنى الذهنية التي هي ذلك الوعي التجريبي الجماعي الذي تعكسه‬ ‫طبقة ‪ ‬اجتماعية معينة‪.‬‬ ‫وعليه‪ ،‬ال أحد يستطيع أن يخلق لنفسه رؤية للعالم‪ ،‬مادامت هذه الرؤية‬ ‫يكونها‪ ،‬بالضرورة‪ ،‬مجموعة اجتماعية قبل أن يتناولها المثقف المبدع الذي تقف‬ ‫مهمته عند نقل‪ ،‬نقال ال شعوريا في الغالب‪ ،‬تلك الرؤية من مستوى المعايشة‬ ‫والتفكير إلى مستوى التعبير الفني‪.‬‬ ‫وهكذا يمكن اعتبار كل عمل أدبي تعبيرا عن رؤية معينة للعالم‪ ،‬وأن هذه‬ ‫الرؤية هي ظاهرة من ظاهرات الوعي الجماعي الذي يبلغ ذروة وضوحه في وعي‬ ‫األديب حين يعبر عن هذه الرؤية في عمله األدبي ‪.‬‬ ‫في األخير يمكن القول‪ ،‬إن رؤية العالم تحاول أن توجد تماثال بين بنية العمل‬ ‫األدبي الذي يبدعه الكاتب تخيليا (البنية الدالة) وبين (البنية الذهنية) للطبقة التي‬ ‫ينتمي إليها هذا الكاتب‪ ،‬والتي تحدد طبيعة هذا العمل األدبي‪ ،‬لنصل النتيجة‬ ‫النهائية‪ ،‬وهي أن العمل األدبي ال يعكس الواقع (البنية الذهنية)‪ ،‬وإنما يقدم بنية‬ ‫ذهنية هي عصب عمله األدبي‪ ،‬وذلك بواسطة رؤية العالم ‪.‬‬ ‫بقيت اإلشارة إلى أن ‹‹رؤية العالم›› هي مقوالت تجريدية تفهم وتدرك أكثر‬ ‫إذا وضعناها في إطار أشمل‪ ،‬كالواقع السياسي واالجتماعي واالقتصادي‪ ،‬في مرحلة‬ ‫تاريخية ما‪ ،‬كما أنه ليس ضروريا أن نكون واعين برؤية العالم أو ال نكون‪ ،‬فهي‬ ‫حاضرة في كل عمل أدبي‪ ،‬بالرغم منا وعينا بها أم ال‪ ،‬اعتمادا على ثنائية (الوعي‬ ‫القائم) المرتبط بالبنية الذهنية الجماعية‪ ،‬و(الوعي الممكن) المرتبط بالبنية‬ ‫الدالة الفردية‪.‬‬ ‫إن قيمة‪ ‬الوعي‪ ‬الممكن المرتبط بالفرد المبدع هو الذي يحاول أن يقدم‬ ‫أجوبة وحلوال لمشاكل مطروحة تعترض الواقع‪ ،‬وهو تبعا لهذا‪ ،‬يعتبر وعيا بحاضر‬ ‫المجتمع ومستقبله في آن‪.‬‬ ‫هذا‪ ‬الوعي‪ ( ‬الممكن‪ ،) ‬في حالـــة تماسكـــه وتالحمـه‪ ،‬يكوّن‪ ‬ما ‪ ‬يسمى‬ ‫برؤية‪ ‬العالم‪.‬‬ ‫من‪ ‬هنا‪ ‬اعتبرت‪‹‹ ‬رؤية‪ ‬العالم››‪ ‬سمة‪ ‬خاصة يتميز بها المثقــف الحقيقــــي‪،‬‬ ‫الكاتب الحقيقي والمبدع الحقيقي‪. ‬‬


‫العدد ‪1001‬‬

‫رسائل‬ ‫تطوانية‬

‫‪13‬‬

‫الثالثـاء ‪� 09‬إلى ‪ 15‬يوليوز ‪2019‬‬

‫من أرشيف الدبلوماسي األديب‬

‫سيدي التهامي أفيالل التطواني‬ ‫حفظه اهلل (‪)21‬‬

‫ إعداد وتقديم‪ :‬الدكتور يونس السباح‬‫‪Younes_sebbah@hotmail.com‬‬

‫تقديم‬

‫تعتبر المراسالت العلمية رافداً ثرياً لكتابة التاريخ‪ ،‬باعتبار ما تحمله في طيّاتها من المعلومات الدّفينة‪ ،‬والفوائد الغميسة النادرة‪ ،‬التي ال توجد في غيرها‪ ،‬ولكونها مرتبطة بزمان ومكان وموضوع معيّن‪،‬‬ ‫كما تعدّ أيضاً فنّاً أدبياً‬ ‫ًّ‬ ‫مستقال بنفسه‪ ،‬بما تحمله من صادق التعبير‪ ،‬وجميل اإلحساس‪ ،‬وحسن اإلنشاء‪ ،‬وبديع السّبك‪ ،‬وخصوصاً إذا أضيف إلى هذه المعاني جمال الخط‪ ،‬ورونق الحرف‪ ،‬وكانت صادقة‬ ‫اإلحساس معبّرة عن الصلة العائلية‪ ،‬والمتابعة الدراسية بين الوالد والوَلد مث ً‬ ‫ال‪ ،‬أو بين تلميذ وشيخه‪ ،‬أو الصديق وصديقه‪...‬‬ ‫ومن المراسالت المتّصفة بهذه الصفات‪ ،‬ما تحتويه خزانة األديب الشاعر‪ ،‬والدبلوماسي السابق‪ ،‬أحد أفراد بيت العلم والشرف والمجد‪ ،‬سيدي التهامي أفيالل حفظه اهلل‪ ،‬وما يشتمل عليه أرشيفه الذي‬ ‫يضمّ كمّا هائ ً‬ ‫ال من الرسائل‪ ،‬معظمها صادرة عن أفراد أسرته‪ ،‬كجدّه القاضي سيدي التهامي أفيالل‪ ،‬أو عمّه الوزير سيدي محمد بن التهامي‪ ،‬أو أخيه األديب‪ ،‬سيدي البشير أفيالل‪ ،‬أو واردة عليهم وعلى‬ ‫أفراد آخرين من هذا البيت‪.‬‬ ‫ولمّا كانت هذه المراسالت لها قيمة أدبية وتاريخية‪ ،‬ولم يسبق أن رأت النور‪ ،‬أو اهتمّ أحد بإخراجها للناس‪ ،‬استأذنّا صاحب األرشيف‪ ،‬الشريف المذكور‪ ،‬في العمل على إخراجها وتيسيرها للنّاس عبر‬ ‫صفحات جريدة الشمال الغراء‪ ،‬التي تستأثر بنشرها‪ ،‬فوافق مشكوراً مأجوراً‪ ،‬وقمنا نحن برقن هذه الرسائل‪ ،‬وصنّفناها حسب ّ‬ ‫كل شخص (منه‪/‬عليه)‪ ،‬وآثرنا أن نبتدئ باألقدم تاريخاً‪ ،‬فكان صاحب السّبق هو‬ ‫القاضي الشهير‪ ،‬والفقيه الكبير‪ ،‬سيدي التهامي بن محمد أفيالل (ت‪1339:‬هـ)‪ ،‬وقد استوفينا رسائله –حسبما عثرنا عليه‪ -‬في الحلقات الماضية من هذه الجريدة‪ ،‬ونثنّي برسائل ولده العالمة الوزير‬ ‫سيدي محمد أفيالل الصادرة منه والواردة عليه‪.‬‬

‫[الرسالة السادسة والسبعون]‬

‫[من الطالب السيد محمد أفيالل‪ ،‬إلى والده‬ ‫العالمة القاضي التهامي أفيالل يطمئنّ فيها على‬ ‫أحواله ويفيده ببعض األحداث التاريخية‪ ،‬واألخبار‬ ‫الدراسية]‪.‬‬ ‫وصلى اهلل على سيدنا‬ ‫الحمد هلل وحده‬ ‫وموالنا محمد وآله وصحبه وسلم‬ ‫بعد تقبيل راحتي سيدنا الوالد المحترم‪ ،‬أعزه‬ ‫اهلل وحفظه‪ ،‬والسالم التام عليك ورحمة اهلل تعالى‬ ‫وبركاته‪.‬‬ ‫فقد وافاني كتابك األعز مفيداً سالمة األحوال‪،‬‬ ‫أدامها المولى وفق اآلمال‪ ،‬منبئاً فيه باطالعك على‬ ‫ما وقف عليه سيدي محمد العمراني‪ ،‬وما افتتحناه‬ ‫بعد العواشر‪ ،‬ومستحسنا له وطالباً تعيين ّ‬ ‫محل‬ ‫وقوف ما عدا النصاب المذكور من أنصبة األصل‪،‬‬ ‫فقد وقفنا في باب النكاح على قول خليل‪( :‬ولِعبد‬ ‫تزويج ابنة سيده بثقل ‪...‬إلخ)‪ ،‬وفي التلخيص‪:‬‬ ‫على الفصل والوصل‪ .‬وفي األلفية‪ :‬على االشتغال‪،‬‬ ‫وقد كنا ختمنا في هذه العواشر السبكي والتصوف‬ ‫المذكورين سابقا‪ ،‬كما أخبرت بإحاطة محلة المخزن‬ ‫بدار الريسوني وتخريبها ونهب ما كان بها‪ ،‬وفراره‬ ‫بنفسه‪ ،‬وعدم تحقق محل قراره إلخ‪ ،‬فال زالت‬ ‫المكاتيب ترد بذلك مخبرة‪ ،‬فمن مائل إلى المخزن‪،‬‬ ‫ومن مائل إليه‪ ،‬وهو جل أهل هذه الحضرة‪ ،‬يسر‬ ‫اهلل أسباب قبضه وأراح األرض والبالد من فتنته‪،‬‬ ‫وباستيالء بن الغازي على من كان مولى عليه من القبائل الجبلية‪ ،‬والمبادرة إلى االنقياد إليه‪ ]...[ ،‬فهنيئا له حيث نال‬ ‫مرغوبه‪ ،‬فلقد كانت ضاقت عليه األحوال على ما كنا نسمع عليه من شدة مكر من ذكر‪ ،‬ونفوذ حكمه داخل البلد على‬ ‫المسلمين واألجانب‪ ،‬وقد أخبرت بإطالعتك على ما بينته لك من العزم على اإلقامة بالمدرسة‪ ،‬ومصادفة حضور والد‬ ‫الرفيق معك بالمحكمة‪ ،‬واطالع كل منكما على كتاب اآلخر‪ ،‬وما أجابك به عن منعه لولده عن اإلقامة بالمدرسة‪ ،‬وتخييرك‬ ‫في البقاء على ما كنا عليه‪ ،‬أو االنتقال للمدرسة ‪...‬إلخ‪ ،‬فبعد أن قبضت كتابك َقبَضَ كتاباً من والده‪ ،‬وشرح له القضية‪،‬‬ ‫فصار يحثني على أن نرجع عما عزمت عليه‪ ،‬فأبيت وقلت له‪ :‬إما أن تقيم بها معي‪ ،‬أو انتقل إليها مفرداً فقال لي‪ :‬إن إقامتي‬ ‫بها من المُحال‪ ،‬وعليه؛ فإن رضيت نفسك اإلقامة بها فبها ونعمت‪ ،‬ونتفرق على أحسن حال‪ ،‬وتبقى مودتنا شديدة‬ ‫االرتباط‪ ،‬فقلت له‪ :‬إن ذلك هو الغرض‪ ،‬فاتفقنا على ذلك‪ ،‬وها هو قد كتب لوالده ساعة تاريخه‪ ،‬ولعله سيذكر له أنه ال‬ ‫يتأتى له البقاء من غير بيت للمطالعة لما يحصل له وقتئذ من المشقة‪ ،‬ألني قد قلت له‪ :‬هل انتقل إليه اآلن؟ فقال لي‪ :‬بل‬ ‫حتى يظهر إلينا كمن هو‪ ،‬وعليه؛ فتكلم مع والده برفق ولين‪ ،‬حتى يتخلص جمع المبيت ‪...‬إلخ‪ ،‬وإ ّال كان فيه على الضرر‬ ‫كما ال يخفى‪ ،‬وهو إن شاء المطالعة فليأت إليه على وجه اإلحسان‪ ،‬كما ذكرت له ذلك‪ ،‬وإال اشترى بيتا غيره‪ ،‬وأما أنا فلو‬ ‫لم يكن ذلك البيت لم تسمح نفسي باإلقامة سواه‪ ،‬وها أنا ال زلت في انتظار الجواب‪ ،‬بطلب النداء يساعد والد الرفيق‬ ‫على تسليم المبيت إليّ كما هو المظنون فيه‪ ،‬وكأنك قد توهمت ّ‬ ‫واش‪،‬‬ ‫أن هذا األمر قد نشأ عن سماع كالم لحاسد أو ٍ‬ ‫واش في ح ّلها‪ ،‬وإنما ذلك شفقة على نفسي في‬ ‫يطمع‬ ‫كال واهلل إن مودتنا ال زالت شديدة االرتباط‪ ،‬بعيدة االنحطاط‪ ،‬ال‬ ‫ٍ‬ ‫كل من زمني الحر والشتاء‪ ،‬مسلما على جميع األهل واألقارب‪ ،‬ومن هنا الرفيق بأتمه‪ ،‬والخمال‪ ،‬والسالم في ‪ 15‬حجة عام‬ ‫‪1324‬هـ ‪.‬‬ ‫نجلك محمد وفقه اهلل‬ ‫إن كان سيدي محمد الدليرو قادماً لطرفنا‪ ،‬وتيسر لكم صنع شيء من الزميتة‪ ،‬فال أكره أن ترسلوا لي معه شيئا من‬ ‫ذلك ولو سّرا‪ .‬عن عجل‪.‬‬

‫[الرسالة السابعة والسبعون]‬

‫[من الطالب السيد محمد أفيالل‪ ،‬إلى والده العالمة القاضي التهامي أفيالل يطمئنّ فيها على أحواله ويفيده ببعض‬ ‫وقائع رحلته إلى الحج مع صنوه السيد عبد السالم‪ ،‬وما شاهده خالل من أمور]‪.‬‬ ‫وصلى اهلل على سيدنا وموالنا محمد وآله وصحبه وسلم‬ ‫الحمد هلل وحده‬ ‫بعد تقبيل راحتي سيدنا الوالد‪ ،‬الجدير من الخيرات بكل طارف وتالد‪ ،‬وإقرائك بجميل السالم‪ ،‬فقد كنت قدمت‬ ‫لك اإلعالم بحلولنا مرسى مالطة‪ ،‬وعدم قبول حاكمها اإلنجليزي نزول الراكبين بالبابور‪ ،‬نطلب اهلل أن يكون قد وصل‪،‬‬ ‫وموجبه اآلن [‪ ]...‬حلولنا مرسى اإلسكندرية‪ ،‬ونزولنا بها‪ ،‬والحمد هلل بخير وعافية بعد أن قاسينا من أهوال البحر جميع‬ ‫[‪ ]...‬حتى أشرف البابور على الغرق‪ ،‬وقطعنا اليأس من الحماية‪ ،‬وشاهدنا سكرات الممات‪ ،‬والزلنا على [‪]...‬وقد سقط منا‬ ‫على األرض القوي والضعيف‪ ،‬حتى تداركنا اهلل بألطافه‪ ،‬وسكن البحر‪ ،‬وتراجعت أمواجه‪ ،‬وكل ذلك والحمد هلل نقابله‬ ‫بالصبر والرضا‪ ،‬ونس ّلم لما جرى به القضاء‪ ،‬ومن عرف ما قصد‪ ،‬هان عليه وما وجد‪ ،‬وقبيل حلول مرسى اإلسكندرية مات‬ ‫صبي صغير بجدري فحصل الجزم للجميع بوقوع [‪ ،]...‬ولما حللنا بها ظل األطباء جميع اليوم يترددون للبابور‪ ،‬فمنهم من‬ ‫يحكم بها‪ ،‬ومنهم من يحكم بعدمها‪ ،‬وما زلنا بين خوف ورجاء‪ ،‬حتّى اتّفق حكمهم على عدمها‪ ،‬وأذن لنا في النزول عشية‬ ‫أمس تاريخه‪ ،‬فوجدنا بالمرسى من أخذ بيدنا من أهل البلد‪ ،‬ذلك صنيعه مع القادمين [‪ ]...‬فذهبنا معه لفنضة بديعة‬ ‫الصنع‪ ،‬لها سراجم على البحر‪ ،‬ونزلنا بها مع حوائجنا في بيت مستقل بنا‪ ]...[ 4 ،‬بريال ونصف في الليلة بدون أكل‪ ،‬وها‬ ‫نحن وجميع الرفقة ‪ 6‬به‪ ،‬والرفقاء على تمام التوافق بينهم‪ ،‬وقد أكرمنا اهلل برفقة أبطيو فإنه نعم الرجل‪ ،‬وحبذا الصاحب‪،‬‬ ‫وبعد غد غد تاريخه‪ ]...[ ،‬السفر لمصر في السكة الحديدية‪ ،‬بلغ اهلل بسالم‪ ،‬وسنوجه جميع حوائجنا لسويس بعد أن [‪]...‬‬ ‫وبعد غد تاريخه سيحل المحمل المصري لهذا الثغر فسنبقى هنا ننتظره‪ ،‬وبعده نتوجه لمصر‪ ،‬وقد خرج يومه العسكر‬

‫البلدي في زي عجيب لمالقاته‪ ،‬كما نزل عدد من‬ ‫العساكر اإلنجليزية زيادة لتوثق البلد‪ ،‬وقد أعجبتنا‬ ‫اإلسكندرية جدا‪ ،‬لحسن بنائها‪ ،‬وكثرة سلعها‪ ،‬ورأينا‬ ‫بها من العجائب والغرائب ما لم يخطر لنا ببال‪ ،‬وأهل‬ ‫هذه البلدة فزعوا من حلول الطليان طرابلس الغرب‪،‬‬ ‫واألمر هلل‪ .‬وقد وجدنا منهم بهذا الثغر نحو الخمسة‬ ‫عشر بين رجال ونساء‪ ،‬وأخبرنا بأنه صارت في قبضة‬ ‫الطليان‪ ،‬وال يشك في احتاللها اثنان‪ ،‬مسلما منا على‬ ‫سيدتنا الوالدة‪ ،‬واألخوين واألختين والصهرين‪ ،‬ومنّا‬ ‫عليكم الرفقاء بأتمّه‪ ،‬والسالم في يوم الخميس ‪26‬‬ ‫شوال عام ‪1329‬هـ‪.‬‬ ‫ملتمس صالح دعائكم‪ :‬محمد وفقه اهلل‪.‬‬ ‫عبد ربه عبد السالم‪.‬‬

‫[الرسالة الثامنة والسبعون]‬ ‫[من الطالب السيد محمد أفيالل‪ ،‬إلى والده‬ ‫العالمة القاضي التهامي أفيالل يطمئنّ فيها على‬ ‫أحواله ويفيده ببعض وقائع رحلته إلى الحج مع صنوه‬ ‫السيد عبد السالم‪ ،‬وما شاهده خالل من أمور]‪.‬‬ ‫وصلى اهلل على سيدنا‬ ‫الحمد هلل وحده‬ ‫وموالنا محمد وآله وصحبه وسلم‬ ‫بعد تقبيل راحتي سيدنا الوالد‪ ،‬الجدير من‬ ‫الخيرات بكل طارف وتالد‪ ،‬وإقرائك جميل السالم‪،‬‬ ‫وجليل التحية واإلكرام‪ ،‬فقد طلع علينا نجم كتابكم‪ ،‬والح علينا خطابكم‪ ،‬بعد أن طال إليه انتظارنا‪ ،‬وفقد من بطيئه‬ ‫اصطبارنا‪ ،‬فطرنا من مقدمه فرحا‪ ،‬وأزال عنا ترحا‪ ،‬حيث إنّه أفاد الغاية القصوى‪ ،‬وهي شمول العافية لكم في السّرّ‬ ‫والنّجوى‪ ،‬فالحمد هلل على ذلك‪ ،‬أدامكم اهلل في أرغد عيش وأكمل لذة‪ ،‬بجاه خير البرية‪ ،‬وقد أخبرت بوصول مكاتيب أربع‬ ‫فقط من حضرتنا لسيادتكم‪ ،‬بل وجهنا مكاتيب عدة اثنان من اإلسكندرية وواحد من ملطة‪ ،‬واثنان أو ثالثة من مصر‪،‬‬ ‫وواحد من سويس‪ ،‬وواحد من جدة‪ ،‬وأربع أو خمس كم من مكة‪ ،‬إ ّال أن يكون حصل ضياع في بعضها‪ ،‬وأشرت إلى ما أوجع‬ ‫فؤادنا‪ ،‬وشوّش بالنا‪ ،‬وأجرى دموعنا‪ ،‬من تسليم حضرتنا التطوانية لعدوّنا‪ ،‬ووقوع االتّفاق بين األعداء على مغربنا الخ‪،‬‬ ‫فلله األمر من قبل ومن بعد‪ ،‬تسليماً لما جرى في أزله‪ ،‬وكم هلل من لطف خفيّ‪.‬‬

‫تبيتـن �إ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ال خـالـي البـال‬ ‫دع املقادير جتري يف �أع ّنتها وال‬ ‫ما غمـــة عيـن وانتباهتهـــا يغيرّ اهلل من حال �إلى حـال‬

‫ّ‬ ‫والظنّ في اهلل جميل‪ ،‬ويفعل اهلل في ملكه ما يشاء‪( ،‬ال يسأل عمّا يفعل)‪ ،‬وبعد هذا‪ ،‬فطوبى لمن أكرمه اهلل وامتنّ‬ ‫عليه بالمجاورة بهذا الحرم الشريف‪ّ ،‬‬ ‫فإن من دخل إلى المسجد النّبوي‪ ،‬وشاهد تلك األنوار اإللهية‪ ،‬يتناس كل شيء‪ ،‬وما‬ ‫سمعنا منذ حللنا ّ‬ ‫مكة والمدينة شيئا من أمر النصارى‪ ،‬وال تجد من يتك ّلم في شأنهم وال تقرأ هنا الجرائد‪ ،‬وال غير ذلك‪،‬‬ ‫فالحمد هلل الذي امتنّ علينا بالوصول إلى هذا المقام العظيم‪ ،‬ويا فوز من جعل اهلل مقامه به يقبضه اهلل إليه مؤمنا‬ ‫محتسباً‪.‬‬ ‫وأشرتَ إلى ّ‬ ‫أن بعض األصدقاء أراد المجاورة هنا وأنّه يريد أن يكون عالما بأثمان أصول المدينة وخراجها وأمر‬ ‫المعيشة الخ‪ ،‬أمّ أثمان الرقاب وكراؤها فقد سألت عن ذلك من له أصول هنا من أهل المدينة‪ ،‬وله بذلك مزيد خبرة‪،‬‬ ‫فأجابني ّ‬ ‫بأن الدّور التي قرب الحرم ال تسمح نفس أهل المدينة ببيعها بحال‪ ،‬وهي عدا ذلك تباع بكثرة‪ ،‬الدار التي تشترى‬ ‫رقبتها بليرات ‪ 400‬تركية‪ ،‬وهي تزيد على اللويز الفرنسوي بنصف ريال‪ ،‬فهي أقل من اإلبرة اإلنجليزية‪ ،‬تكترى بلبرات‬ ‫‪ 15‬أو ‪ ،17‬تزيد وتنقص بقليل في السّنة‪ّ ،‬‬ ‫ألن الكراء عندهم هنا مسانهة ال مشاهرة‪ ،‬والتي تشترى بإبرات ‪ ،1000‬تكترى‬ ‫بنحو األربعين ‪ ،‬وهكذا الخ‪.‬‬ ‫وأمر المعيشة متوسّط بين الرخاء والغلو‪ ،‬فخبزتان صغيرتان ببليون ‪ 1‬والروز والجاز رخيصان‪ ،‬والسكر واألتاي ثمنه‬ ‫مثل ثمنهما بالمغرب‪ ،‬واللحم الغنمي بباليين ‪ ]...[ 8‬وفيها نحو الرطل ونصف تطواني‪ ،‬والسمن والزيت ثمنهما أكثر من‬ ‫ثمنهما بمغربنا بقليل‪]...[ ،‬‬ ‫وأمر المعيشة كثير بسبب السكة الحديدية‪ ،‬وهواء البلدة وافقنا جدّاً‪ ،‬وإن كان البرد كثيراُ لكن وجدنا تمام الصحة‬ ‫والحمد هلل‪ ،‬بعد أن كنّا مفشولين ال نقدر على الغدو والرواح بمكة‪ ،‬وهلل الحمد في الحالتين‪.‬‬ ‫اللهمّ أدّ علينا شكر النعم‪ ،‬وقد كنت أعلمتنا بأنّنا عزمنا أن [‪ ]...‬على الجلوس هنا حتّى تنقطع الكرنطينة‪ ،‬وذلك‬ ‫في شهرين فأكثر‪ ،‬ومن ذهب مع الخماسية من الحجاج إلى اآلن لم يقدم‪ ،‬وال تنسونا من صالح األدعية‪ ،‬ونحن ال ننساكم‬ ‫من ذلك طرفة عين‪ ،‬خصوصا في المشاهد العظام‪ ،‬تقبل اهلل ونفع الجميع‪ ،‬مسلما منا على سيدتنا الوالدة بأتمّه‪ ،‬ولم‬ ‫ندر ما موجب عدم كتابتها لنا مع اشتياقنا لذلك غاية‪ ،‬وعلى األخوين واألختين والصهرين وسائر أبناء العم‪ ،‬ومنا عليكم‬ ‫الرفيقان وشيخنا سيدي محمد بن جعفر‪ ،‬وولده مريض غاية‪ ،‬سنعوده ساعة مع ترجي وجود كتاب من سيادتكم أن يكون‬ ‫عنده‪ ،‬ألنّه سأل عني بعض األحبّة عشيّة أنس تاريخه‪ ،‬والسالم‪ ،‬في يوم الجمعة ‪ 7‬من المحرم فاتح عام ‪1330‬هـ‪ .‬وقد‬ ‫زرنا يومه قبر سيدنا حمزة سيد الشهداء‪ ،‬ومشهد شهداء أحد‪ ،‬ومشاهد وجبل أحد‪ ،‬وقد ذهبنا لذلك في العربية ومعنا‬ ‫المزور تقبل اهلل‪.‬‬ ‫ولدك محمد وفقه اهلل‪ .‬ولد عبد السالم‪.‬‬


‫‪14‬‬

‫الثالثـاء ‪� 09‬إلى ‪ 15‬يوليوز ‪2019‬‬

‫العدد ‪1001‬‬

‫وقفات مع حديث عمر ابن اخلطاب ر�ضي اهلل عنه‬ ‫منبر المجلس العلمي‬ ‫بطنجـة‬

‫�أركان الإميان ال�ستة (الإميان باليوم الآخر)‬

‫مي ِان‪.‬‬ ‫ب يِن عَ ِن ا ِلإ َ‬ ‫جوابا على �س�ؤال جربيل عليه ال�سالم‪� :‬أَ ْخ رِ ْ‬ ‫الل َو َم َال ِئ َك ِت ِه َو ُك ُت ِب ِه َو ُر ُ�س ِل ِه‬ ‫َق َال �صلى اهلل عليه و�سم « �أَنْ ُت ْ�ؤمِ نَ ِب هَّ ِ‬ ‫َوا ْل َي ْو ِم الآخِ ِر َو ُت�ؤْمِ نَ ِبا ْل َقد َِر َخ رْ ِيهِ َو َ�ش ِّرهِ» وقد حتدثنا يف الأعداد‬ ‫املا�ضية عن الإميان باهلل‪ ،‬ومالئكته‪ ،‬وكتبه‪ ،‬ومن �أركان الإميان‬ ‫وركائز العقيدة ال�صحيحة الإميان باليوم الآخر ‪،‬فهو ال ينف�صل‬ ‫عن الإميان باهلل ومالئكته وكتبه ور�سله‪ ,‬وكل منكر له �أو �شاك‬ ‫يف وجوده وحتققه فهو كافر‪ ,‬لأن الإميان باهلل يحقق املعرفة‬ ‫بامل�صدر الأول الذي �صدر عنه الكون و�أوجد جميع الكائنات‪,‬‬ ‫والإميان باملالئكة يحقق معرفة خالقهم تبارك وتعالى وقوته‬ ‫و�سلطانه‪ ,‬والإميان بالكتب يحقق العلم برحمة اهلل تعالى‬ ‫وعنايته بخلقه حيث �أنزل لكل قوم كتابا يهديهم به و�شرع لكل �أمة‬ ‫ما ينا�سبها‪ ,‬والإميان بالر�سل يحقق محبتهم وتوقريهم والثناء‬ ‫عليهم مبا يليق بهم لأنهم ر�سل اهلل قاموا بعبادته وتبليغ ر�سالته‬ ‫والن�صح لعباده‪ ,‬والإميان باليوم الآخر يحقق املعرفة بامل�صري‬ ‫الذي ينتهي �إليه هذا الوجود واحلر�ص على طاعة اهلل تعالى‬ ‫رغبة يف ثواب ذلك اليوم والبعد عن مع�صيته خوفا من عقاب ذلك‬ ‫اليوم‪.‬‬ ‫فاحلق �سبحانه وتعالى مل يخلقنا عبثا بال ق�صد وال غاية‪,‬‬ ‫بل خلقنا لعبادته و�إقامة �أوامره واالبتعاد عن نواهيه‪ ,‬قال‬ ‫ُون)الذريات ‪ ,56‬وملا‬ ‫َ‬ ‫ال ْن َ�س �إِ اَّل ِل َي ْع ُبد ِ‬ ‫تعالى‪(:‬و َما َخ َل ْقتُ جْ ِ‬ ‫النَّ َو ْ إِ‬ ‫كان الأمر كذلك فال بد من غاية ونهاية‪ ,‬وال بد من موقف يتميز فيه‬ ‫املطيع من العا�صي والعامل من املهمل‪ ,‬قال تعالى‪�( :‬أَ َف َح ِ�س ْب ُت ْم‬ ‫�أَ مَّ َ‬ ‫نا َخ َل ْق َنا ُك ْم عَ َب ًثا َو�أَ َّن ُك ْم �إِ َل ْي َنا اَل ُت ْر َج ُعونَ ) امل�ؤمنون ‪.115‬‬ ‫وقد �سمى اهلل اليوم الآخر ب�أ�سماء كثرية‬ ‫يدل كل واحد منها على ما يجري فيه من حقائق‬ ‫و�أهوال منها‪:‬‬ ‫• يوم البعث‪� :‬أي اليوم الذي يبعث اهلل‬ ‫فيه النا�س من قبورهم ليحا�سبهم على‬ ‫�أعمالهم وما قدموه يف احلياة الدنيا‪,‬‬ ‫(و َق َال ا َّل ِذينَ �أُو ُتوا ا ْلعِ ْل َم‬ ‫قال تعالى‪َ :‬‬ ‫اب ِهَّ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫الل ِ�إ َلى َي ْو ِم‬ ‫ت‬ ‫م‬ ‫ت‬ ‫ث‬ ‫َو ْ ِإ‬ ‫ال َ‬ ‫ميانَ َل َق ْد َل ِب ْ فيِ كِ ِ‬ ‫ا ْل َب ْعثِ ۖ َف َه َذا َي ْو ُم ا ْل َب ْعثِ َو َل ِك َّن ُك ْم ُك ْن ُت ْم لاَ‬ ‫َت ْع َل ُمونَ ) الروم ‪.56‬‬ ‫• يوم القيامة‪� :‬أي اليوم الذي يقوم فيه‬ ‫النا�س من قبورهم ويقفون �أما احلق‬ ‫�سبحانه وتعالى للح�ساب والعقاب‪ ,‬قال‬ ‫(و َي ْو َم ا ْل ِق َيا َم ِة َت َرى ا َّل ِذينَ َك َذ ُبوا‬ ‫تعالى‪َ :‬‬ ‫الل ُو ُجوهُ ُه ْم ُم ْ�س َو َّد ٌة �أَ َل ْي َ�س فيِ َج َه َّن َم‬ ‫عَ َلى هَّ ِ‬ ‫َم ْثوًى ِل ْل ُم َت َك رِّ ِبينَ ) الزمر‪.58‬‬ ‫• يوم الدين‪� :‬أي اليوم الذي يدان فيه‬ ‫اخللق ويجازون على �أعمالهم‪ ,‬قال‬ ‫تعلى‪ ( :‬مالك يوم الدين) الفاحتة ‪.3‬‬ ‫• القارعة لأنها تقرع القلــوب ب�أهوالـــه‪ ,‬قــال تعالى‪:‬‬ ‫(القارعـــة ما القارعة وما �أدراك ما القارعة يوم يكون‬ ‫النا�س كالفـرا�ش املبثـــوث وتكـــون اجلبــال كالعهن‬ ‫املنفو�ش) القارعة ‪1‬ـ ‪. 4‬‬ ‫• يوم احل�ساب �أي اليوم الذي يحا�سب فيه النا�س على‬ ‫�أعمالهم ‪ ,‬قال تعالى‪َ ( :‬و َقا ُلوا َر َّب َنا عَ ِّج ْل َل َنا ق َِّط َنا َق ْب َل‬ ‫اب) �ص ‪ .15‬وقال مو�سى عليه ال�سالم‪� :‬إين‬ ‫َي ْو ِم الحْ ِ َ�س ِ‬ ‫عدت بربي وربكم من كل متكرب ال ي�ؤمن بيوم احل�ساب‪.‬‬ ‫• ال�ساعة‪� :‬أي �ساعة وموعد احل�ساب واجلزاء والعقاب‪,‬‬ ‫ال�ساعَ َة �آ ِت َي ٌة اَل َر ْي َب فِيهَا َو�أَنَّ هَّ َ‬ ‫الل‬ ‫لقوله تعالى‪َ :‬‬ ‫(و�أَنَّ َّ‬ ‫ور) احلج ‪�. 7‬إلى غري ذلك من الأ�سماء‪.‬‬ ‫َيبْعَ ُث َمنْ فيِ ا ْل ُق ُب ِ‬ ‫وقيام ال�ساعة �أو اليوم الآخر مما ا�ست�أثر اهلل به وبعلمه فلم‬ ‫يطلع عليه �أحدا من خلقه‪ ,‬فال ي�أتي �إال غفلة وفج�أة‪ ,‬قال تعالى‪:‬‬ ‫ال�ساعَ ِة َ�أ َّيانَ ُم ْر َ�ساهَ ا ۖ ُق ْل �إِ مَّ َ‬ ‫نا عِ ْل ُمهَا عِ ْن َد َر ِّبي ۖ اَل‬ ‫( َي ْ�سَ�أ ُلو َن َك عَ ِن َّ‬ ‫َ‬ ‫الَ ْر ِ�ض اَل َت�أْتِي ُك ْم �إِلاَّ‬ ‫َ‬ ‫ات َو أْ‬ ‫ُ‬ ‫ال�س َم َاو ِ‬ ‫ُي َج ِّليهَا ِل َو ْق ِتهَا �إِ اَّل هُ َو ثقلتْ فيِ َّ‬ ‫َ‬ ‫الل َو َلكِنَّ �أك رَ َ‬ ‫َب ْغ َت ًة َي ْ�سَ�أ ُلو َن َك َك�أَ َّن َك َحف ٌِّي عَ ْنهَا ۖ ُق ْل �إِ مَّ َ‬ ‫ْث‬ ‫نا عِ ْل ُمهَا عِ ْن َد هَّ ِ‬ ‫ا�س اَل َي ْع َل ُمونَ ) الأعراف ‪ . 187‬يبد�أ هذا اليوم بفناء عاملنا‬ ‫ال َّن ِ‬ ‫هذا فيموت كل من فيه وتتبدل الأر�ض غري الأر�ض وال�سماوات‪،‬‬ ‫ثم ين�شئ اهلل الن�ش�أة الآخرة‪ ,‬فيبعث اهلل النا�س جميعا ب�إعادة‬ ‫بناء الأج�سام بعد فنائها ‪ ،‬و�إعادة احلياة �إليها بعد �سلبها منها‪,‬‬ ‫(وهُ َو ا َّلذِي َي ْب َد�أُ الخْ َ ْل َق ُث َّم يُعِ ي ُد ُه َوهُ َو �أَهْ َونُ عَ َل ْي ِه‬ ‫قال تعالى‪َ :‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫لحْ‬ ‫ْ‬ ‫ال ْر ِ�ض َوهُ َو العَ ِزي ُز ا كِي ُم)‬ ‫ات َو أ‬ ‫َو َل ُه المْ َ َث ُل ْ أ‬ ‫ال�س َم َاو ِ‬ ‫الَ ْعلى فيِ َّ‬ ‫الروم ‪ .26‬وقد �أوكل اهلل ملكا كرميا بالنفخ يف ال�صور‪ ,‬وهو‬

‫(‪)6/5‬‬

‫�إ�سرافيل عليه ال�سالم‪ ,‬ف�إذا نفخ الأولى ماتت اخلالئق وهذه هي‬ ‫الراجفة‪ ,‬و�إذا نفخ الثانية تبعث من قبورها وتعود �إليها احلياة‬ ‫لتقف للح�ساب والعقاب ‪ ,‬وهذه هي الرادفة‪ ,‬ثم حت�شر اخلالئق‬ ‫كلها ملوقف احل�ساب‪ ,‬الإن�س واجلن ودواب الأر�ض وطيورها‬ ‫للق�صا�ص و�إرجاع احلقوق‪ ,‬قال �صلى اهلل عليه و�سلم ( لت�ؤدن‬ ‫احلقوق �إلى �أهلها يوم القيامة ‪ .‬حتى يقاد لل�شاة اجللحاء من‬ ‫ال�شاة القرناء) ‪ :‬رواه م�سلم امل�سند ال�صحيح – ‪ 2582‬ومعنى‬ ‫اجللحاء التي القرون لها‪.‬‬ ‫ويح�شر النا�س عراة يف موقف �صعب ت�شتد فيه حرارة‬ ‫ال�شم�س وتدنو من الر�ؤو�س حتى يغرق النا�س يف عرقهم ‪ ,‬قال‬ ‫�صلى اهلل عليه و�سلم (تدين ال�شم�س ‪ ،‬يوم القيامة ‪ ،‬من اخللق‬ ‫‪ ،‬حتى تكون منهم كمقدار ميل ‪ .‬قال �سليم بن عامر ‪ :‬فواهلل ! ما‬ ‫�أدري ما يعني بامليل ؟ �أم�سافة الأر�ض‪� ،‬أم امليل الذي تكتحل به‬ ‫العني‪ .‬قال‪ :‬فيكون النا�س على قدر �أعمالهم يف العرق‪ .‬فمنهم من‬ ‫يكون �إلى كعبيه‪ .‬ومنهم من يكون �إلى ركبتيه‪ .‬ومنهم من يكون‬ ‫�إلى حقويه‪ .‬ومنهم من يلجمه العرق �إجلاما‪ .‬قال و�أ�شار ر�سول‬ ‫اهلل �صلى اهلل عليه و�سلم بيده �إلى فيه‪ .‬ثم ي�أخذ النا�س �صحائف‬ ‫�أعمالهم حيث ي�أخذها املومنون ب�أميانهم والكافرون ب�شمائلهم‪,‬‬ ‫وتو�ضع املوازين الق�سط التي تزن �أعمال العباد‪ ,‬قال تعالى‪:‬‬ ‫(و َن َ�ض ُع المْ َ َو ِازينَ ا ْلق ِْ�س َط ِل َي ْو ِم ا ْل ِق َيا َم ِة فَلاَ ُت ْظ َل ُم َن ْف ٌ�س َ�ش ْي ًئا ۖ َو ِ�إنْ‬ ‫َ‬ ‫ا�س ِبنيَ) الأنبياء‬ ‫كَانَ مِ ْث َق َال َح َّب ٍة مِ نْ َخ ْرد ٍَل �أَ َت ْي َنا ِبهَا َو َك َفى ِب َنا َح ِ‬ ‫‪� .47‬إذ ي�ؤتى بالعباد فيقفون �أمام ميزان �أعمالهم‪ ,‬فمن رجحت‬ ‫ح�سناته على �سيئاته نادى ملك ب�صوت ت�سمعه اخلالئق‪� :‬سعد‬

‫فالن بن فالن �سعادة ال ي�شقى بعدها �أبدا ‪ ,‬و�إذا رجحت �سيئاته‬ ‫نادى امللك �شقي فالن بن فالن‪ .‬روى الإمام البخاري وم�سلم‬ ‫والرتمدي عن عدي بن خامت �أن النبي �صلى اهلل عليه و�سلم قال‪:‬‬ ‫( ما منكم من �أحد �إال �سيكلمه ربه يوم القيامة لي�س بينه وبينه‬ ‫ترجمان‪ ،‬فينظر �أمين منه فال يرى �إال ما قدم من عمله‪ ,‬وينظر‬ ‫�أ�ش�أم منه فال يرى �إال ما قدم‪ ,‬وينظر بني يديه فال يرى �إال النار‬ ‫تلقاء وجهه‪ ،‬فاتقوا النار ولو ب�شق ثمرة)‪.‬‬ ‫ثم ي�ؤمر بال�صراط وهو ج�سر من�صوب على جهنم مير منه‬ ‫النا�س جميعا‪ ،‬ب�سرعة تنا�سب �أعمالهم وطاعتهم هلل وامتثالهم‬ ‫لأمره يف الدنيا‪ ،‬فتمر الطائفة الأولى ب�سرعة الربق‪ ،‬ثم الثانية‬ ‫ب�سرعة الريح ‪ ،‬والثالثة ب�سرعة الطري‪ ،‬والرابعة ب�سرعة �شد‬ ‫الرجال واخلام�سة وال�سادة �إلى �أن ي�صل �إلى من تعجز بهم‬ ‫�أعمالهم فيزحفون وي�سقطون حيث جتدبهم كالليب جهنم‪.‬‬ ‫ثم �إما �إلى اجلنة وهي م�أوى املومنني حيث الثواب الأكرب‬ ‫والنعيم الأوفر‪� ،‬أو �إلى النار وهي م�أوى الكافرين حيث العقاب‬ ‫الأكرب �أعاذنا اهلل منها‪.‬‬ ‫وهكذا يجب على امل�سلم الت�سليم املطلق‪ ،‬والت�صديق الكامل‬ ‫بكل ما جاء يف القر�آن الكرمي وبكل ما �أخرب به النبي �صلى اهلل عليه‬ ‫و�سلم من حقائق اليوم الآخر‪ ،‬في�ؤمن باملوت والنهاية املحتومة‬ ‫على كل موجود‪ ،‬وما يعقبها من بعث وحياة جديدة‪.‬‬ ‫وي�ؤمن بفتنة القرب‪ ،‬وهي �س�ؤال امليت يف قربه مبجرد دفنه‬ ‫عن ربه ودينه ونبيه‪ ،‬فيقول امل�ؤمن‪ :‬اهلل ربي‪ ،‬والإ�سالم ديني‪،‬‬

‫ بقلم الدكتور محمد كنون احل�سني‬‫ومحمد نبي‪ ،‬ويتلعثم الكافر واملنافق فيقوال‪ :‬ال ندري �سمعنا‬ ‫النا�س يقولون �شيئا فقلناه‪ .‬قال تعالى‪ُ ( :‬ي َثبِّتُ هَّ‬ ‫اللُ ا َّل ِذينَ �آ َم ُنوا‬ ‫ُ‬ ‫هَّ‬ ‫َّ‬ ‫ُّ‬ ‫ِبا ْل َقوْلِ ال َّثا ِبتِ فيِ الحْ َ يَاةِ ال ُّد ْن َيا َوفيِ ْالآخِ َرةِ ۖ َو ُي ِ�ضل الل الظالمِ ِ َ‬ ‫ني‬ ‫اللُ َما َي َ�شا ُء‪ُ ،‬ي َثبِّتُ هَّ‬ ‫َو َي ْفعَ ُل هَّ‬ ‫اللُ ا َّل ِذينَ �آ َم ُنوا ِبا ْل َقوْلِ ال َّثا ِبتِ فيِ‬ ‫ني َو َي ْفعَ ُل هَّ‬ ‫الحْ َ يَاةِ ال ُّد ْن َيا َوفيِ ْالآخِ َرةِ ۖ َو ُي ِ�ض ُّل هَّ‬ ‫اللُ َّ‬ ‫الظالمِ ِ َ‬ ‫اللُ َما َي َ�شا ُء‬ ‫) �إبراهيم ‪.29‬‬ ‫وي�ؤمن بيوم القيامة الذي ال يوم بعده‪ ,‬حيث يبعث النا�س‬ ‫�أحياء للح�ساب والعقاب‪ ،‬واالنتقال �إلى دار النعيم �أو دار العذاب‬ ‫الأليم‪.‬‬ ‫وي�ؤمن بالبعث وهو �إحياء اهلل تعالى جميع املوتى وبعثهم‬ ‫من قبورهم للح�ساب والعقاب‪ ،‬حفاة بال نعال‪ ،‬وعراة بال ثياب‪.‬‬ ‫ال�س َم َاو ِ‬ ‫قال تعال‪َ (:‬و ُنف َِخ فيِ ُّ‬ ‫ور َف َ�صعِ َق َمنْ فيِ َّ‬ ‫ال�ص ِ‬ ‫ات َو َمنْ فيِ‬ ‫ْ أَ‬ ‫ُ‬ ‫ال ْر ِ�ض �إِ اَّل َمنْ َ�شا َء هَّ‬ ‫اللُ ۖ ُث َّم ُنف َِخ فِي ِه �أ ْخ َرى َف�إِ َذا هُ ْم ِق َيا ٌم َي ْن ُظ ُرونَ )‬ ‫الزمر ‪.65‬‬ ‫وي�ؤمن ب�صحائف الأعمال التي �سجل بها عمل الإن�سان من‬ ‫بلوغه وتكليفه �إلى وفاته‪ ،‬ي�أخذها املومن بيمينه والكافر ب�شماله‪،‬‬ ‫ا�س ُب ِح َ�سابًا‬ ‫قال تعالى‪َ ( :‬ف�أَ َّما َمنْ �أُوت َِي كِ َتا َب ُه ِب َيمِي ِن ِه َف َ�س ْو َف ُي َح َ‬ ‫َي ِ�سريًا َو َي ْن َقل ُِب ِ�إ َلى �أَهْ ِل ِه َم ْ�س ُرو ًرا َو�أَ َّما َمنْ �أُوت َِي كِ َتا َب ُه َو َرا َء َظ ْه ِرهِ‬ ‫َف َ�س ْو َف َيدْعُ و ُث ُبو ًرا َو َي ْ�ص َلى َ�سعِ ريًا )االن�شقاق ‪ 7‬ـ ‪.12‬‬ ‫وي�ؤمن بامليزان الذي توزن به الأعمال‪ ،‬فال تظلم نف�س �شيئا‬ ‫ور‬ ‫وال يهمل مثقال حبة من خردل‪ ,‬قال تعالى‪َ ( :‬ف�إِ َذا ُنف َِخ فيِ ُّ‬ ‫ال�ص ِ‬ ‫اب َب ْي َن ُه ْم َي ْو َم ِئ ٍذ َو اَل َي َت َ�سا َء ُلونَ ‪َ ,‬ف َمنْ َث ُق َلتْ َم َو ِازي ُن ُه َف ُ�أو َلئ َِك‬ ‫فَلاَ �أَ ْن َ�س َ‬ ‫هُ ُم المْ ُ ْفل ُِحونَ ‪َ ,‬و َمنْ َخ َّفتْ َم َو ِازي ُن ُه َف�أُو َلئ َِك ا َّل ِذينَ‬ ‫َخ ِ�س ُروا �أَ ْن ُف َ�س ُه ْم فيِ َج َه َّن َم َخا ِل ُدونَ ) املومنون‬ ‫‪ 102‬ـ ‪.104‬‬ ‫وي�ؤمن بال�صراط الذي ميــــر منه النا�س‬ ‫جميعا‪ ،‬فامل�ؤمنون ينجون على ح�سب حالهـــم‬ ‫ب�سرعة تختلف باختالف وتفاوت �أعمالهم‪،‬‬ ‫والكافرون ي�سقطون يف النار‪.‬‬ ‫وي�ؤمن باجلنة دار النعيم التي �أعدها اهلل‬ ‫تعالى للم�ؤمنني املتقني‪ ،‬وجعلها لهم جزاء على‬ ‫طاعتهم وعملهم يف الدنيا‪ ،‬فيها ماال عني ر�أت‬ ‫وال �أذن �سمعت وال خطر على قلب ب�شر‪ ،‬قال‬ ‫تعلى‪ُ ( :‬و ُجو ٌه َي ْو َم ِئ ٍذ َناعِ َم ٌة ل َِ�س ْع ِيهَا َر ِ‬ ‫ا�ض َي ٌة فيِ‬ ‫َج َّن ٍة عَ ا ِل َي ٍة اَل َت ْ�س َم ُع فِيهَا اَلغِ َي ًة فِيهَا عَ ينْ ٌ َج ِار َي ٌة‬ ‫اب َم ْو ُ�ضوعَ ٌة َو مَ َ‬ ‫ن ِار ُق‬ ‫فِيهَا ُ�س ُر ٌر َم ْر ُفوعَ ٌة َو َ�أ ْك َو ٌ‬ ‫َم ْ�ص ُفو َف ٌة َو َز َرا ِب ُّي َم ْب ُثو َث ٌة ) الغا�شية ‪.8-16‬‬ ‫وقال تعالى‪( :‬فَلاَ َت ْع َل ُم َن ْف ٌ�س َما �أُ ْخف َِي َل ُه ْم مِ نْ ُق َّرةِ‬ ‫�أَ ْعينُ ٍ َج َزا ًء بمِ َ ا َكا ُنوا َي ْع َم ُلونَ ) ال�سجدة ‪17‬‬ ‫وي�ؤمن بالنار دار العذاب الدائمة اخلالدة‬ ‫التي �أعدها اهلل للكافرين‪ ،‬وفيها من العذاب‬ ‫والنكال ما اليخطر على قلب ب�شر‪ ،‬قال تعالى‪:‬‬ ‫(و ُقلِ الحْ َ ُّق مِ نْ َر ِّب ُك ْم ۖ َف َمنْ َ�شا َء َف ْل ُي�ؤْمِ نْ َو َمنْ َ�شا َء َف ْل َي ْك ُف ْر ِ�إ َّنا �أَ ْع َت ْد َنا‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫لِلظالمِ ِ َ‬ ‫ني نا ًرا �أ َحاط ِب ِه ْم ُ�س َرا ِدقهَا َو�إِنْ َي ْ�ستغِ يثوا ُيغاثوا بمِ َ ٍاء‬ ‫اب َو َ�ساءَتْ ُم ْر َت َف ًقا) الكهف ‪.29‬‬ ‫َكالمْ ُهْلِ َي ْ�ش ِوي ا ْل ُو ُجو َه ِب ْئ َ�س ال�شَّ َر ُ‬ ‫وي�ؤمن بال�شفاعة العظمى اخلا�صة بر�سول اهلل �صلى اهلل عليه‬ ‫و�سلم ‪ ،‬ي�شفع عند اهلل للنا�س حني ي�صبيهم من الهم والكرب ما‬ ‫اليطيقون‪ ،‬فيذهبون �إلى �آدم ثم نوح‪ ،‬ثم �إبراهيم ثم مو�سى‪ ،‬ثم‬ ‫عي�سى حتى تنتهي �إلى ر�سول اهلل �صلى اهلل عليه و�سلم‪.‬‬ ‫وي�ؤمن ب�شفاعته �صلى اهلل عليه و�سلم لأمته فيمن دخل النار‬ ‫من املومنني �أن يخرجوا منها‪ ،‬قال تعال‪َ ( :‬ي ْو َم ِئ ٍذ اَل َت ْن َف ُع ال�شَّ َفاعَ ُة‬ ‫ِ�إ اَّل َمنْ �أَذِ نَ َل ُه ال َّر ْح َمنُ َو َر ِ�ض َي َل ُه َق ْو اًل ) طه ‪.106‬‬ ‫وي�ؤمن بحو�ض ر�سول اهلل �صلى اهلل عليه و�سلم ‪ ،‬ما�ؤه �أ�شد‬ ‫بيا�ضا من اللنب‪ ،‬و�أحلى من الع�سل ‪ ،‬و�أطيب من رائحة امل�سك‪،‬‬ ‫من �شرب منه مل يظم�أ بعد ذلك �أبدا‪ ،‬طوله �شهر ‪ ،‬وعر�ضه �شهر‪،‬‬ ‫و�آنيته كنجوم ال�سماء ح�سنا وكرثة‪ ،‬يرده امل�ؤمنون من �أمته‪ ،‬قال‬ ‫تعالى‪� ( :‬إنا �أعطيناك الكوثر)‪.‬‬ ‫وي�ؤمن بكل ما جاء يف القر�آن الكرمي‪ ،‬وما �أخرب به الر�سول‬ ‫�صلى اهلل عليه و�سلم من �أخبار يوم القيامة و�أهوالها �أعاننا اهلل‬ ‫عليها‪.‬‬ ‫ومن ثمرات هذا الإميان احلر�ص على طاعة اهلل رغبة يف‬ ‫ثوابه‪ ،‬واالبتعاد عن مع�صيته خوفا من عقابه واال�ستعداد لذلك‬ ‫اليوم و�أهواله‪ ،‬وت�سلية املومن عما يفوته من نعيم الدنيا ومتاعها‬ ‫مبا يرجوه من نعيم الآخرة وثوابها ‪.‬‬


‫العدد ‪1001‬‬

‫الثالثـاء ‪� 09‬إلى ‪ 15‬يوليوز ‪2019‬‬

‫‪15‬‬

‫ضيافة‬ ‫كاتب (‪)2/1‬‬ ‫فيفيض‬ ‫يافة‬ ‫كاتب‬

‫سلسلة تعريفية واقعية تلقي الضوء على بعض الكتاب والمفكرين والباحثين والمبدعين في شتى مجاالت العلوم‬ ‫والمعرفة‪ ،‬إلبراز لمحات من حياتهم الشخصية والعلمية‪ ،‬والتعريف بمؤلفاتهم وأحدث إصداراتهم التي تشهد بعمق‬ ‫معرفتهم‪ ،‬وموسوعية علمهم‪ ،‬تتنوع هذه الشخصيات بين أكاديمية وعلمية وأدبية‪.‬‬ ‫سلسلة تعريفية في قالب حواري تمد جسـور التالقـح بين المفكرين وبني عصرهم‪ ،‬وبين المفكرين وطبقــة‬ ‫قرائهم‪ ،‬وتطلعهم على مسار إنتاجهم وأهم أعمالهم وآخر إصداراتهم‪.‬‬

‫في هذه الحلقة نستضيـف فيها شخصيـة علميـة‬ ‫تنتسب إلى أسرة عريقة في العلم والتصوف إنه ‪:‬‬ ‫أهال وسهال بك ضيفا عزيزا في هذه الفسحة الحوارية من سلسلة في‬ ‫« ضيافة كاتب»‪.‬‬ ‫ أوال أشكرك على هذه البادرة الطيبة التي تؤرخ لذاكرة طنجة العالمة‬‫ممثلة في علماء الشريعة وغيرهم من أطباء ومهندسين وأدباء ومفكرين‬ ‫من أهل طنجة العالمة ‪.‬‬

‫• بداية حدثنا عن المولد والنشأة والتعليم والعمل ؟‬

‫••• ولدت بطنجة صبيحة يوم الخميس ثاني جمادى األولى ‪1373‬هـ‬ ‫الموافق ‪ 7‬يناير ‪1954‬م‪ .‬والدي هو شيبة الحمد العالمة الفقيه المفتي‬ ‫أبو المجد السيد الحسن بن محمد المنصور بن الصديق الغماري الطنجي‬ ‫المتوفى بالرباط يوم األحد‪ 23‬جمادى الثانية موافق ‪ 06‬يونيو‪ 2010‬م‪.‬‬ ‫ووالدتي هي أم لبابة زينب بنت الحاج محمد جابر من موردي الشيخ سيدي‬ ‫محمد بن الصديق في السلوك والتصوف‪ .‬توفيت فجأة يوم الخميس تاسع‬ ‫عشر جمادى األولى‪ 1438‬هـ موافق ‪ 16‬فبراير‪. 2017‬‬ ‫بدأت دراستي االبتدائية بمدرسة سيدي المنظري بتطوان سنة‬ ‫‪1960‬م‪ ،‬ثم بمدرسة مرشان سابقا «الحسن األول» حاليا بطنجة‪ ،‬ثم درست‬ ‫بإعدادية ابن األبار ثم ثانوية ابن الخطيب وبها حصّلت على شهادة‬ ‫الباكلوريا‪ .‬ثم سافرت إلى فرنسا لمتابعة دراستي بمدينة تولوز بجامعة بول‬ ‫ساباتيي شعبة رياضيات‪ -‬فيزياء‪ ،‬لم أكمل دراستي بها‪ .‬فعدت إلى طنجة‬ ‫وعملت بها مدرسا بإعدادية محمد الخامس‪ ،‬ثم انتسبت إلى كلية أصول‬ ‫الدين بتطوان وتخرّجـت منهـــا‪.‬‬ ‫فعيّنت أستــاذا في اللغــة العربيـة‬ ‫بالثانوي ثم التحقت بدار الحديث‬ ‫الحسنية وتخرّجت منها حاصال على‬ ‫شهادة المعمّقة تخصص علـــوم‬ ‫القرآن والحديث‪ ،‬وسجلت بها بحثا‬ ‫لنيل شهادة الدبلوم في موضــوع‬ ‫«علو السنـــد المغربــي من خالل‬ ‫فهرست التاودي بن سودة» تحت‬ ‫إشراف فضيلة العالمة الدكتور محمد‬ ‫يسف حفظه اهلل‪ .‬وكانت غايتي من‬ ‫البحث الردّ على اإلمامين الجليلين‬ ‫ابن رجب الحنبلي في بعض رسائله‬ ‫وهي مطبوعــة ضمن مجمـــوع‪.‬‬ ‫والسخـاوي في كتابه الفتح المغيث‬ ‫حيث وصما المغاربة بأن أسانيدهم‬ ‫نازلة‪ .‬وقد أثرت هذه الدعوى على‬ ‫المشتغلين بالحديــث من المغاربة‬ ‫فالتمسوا في سبيــل الحصول على‬ ‫السند العالي خوارق ومخارق‪ ،‬فطلبوا‬ ‫العلوّ عن بعض المعمَّرين الذين‬ ‫تفوق أعمارهم الثالثمائة سنة أو‬ ‫أكثر وعن الجن مثــل شمهـــروش‬ ‫وغيره من الجن‪...‬ثم نجحت في‬ ‫مباراة تكوين المكوّنين فانتسبت إلى كلية اآلداب والعلوم اإلنسانية‬ ‫بالرباط وتخ ّليت عن مشروع الدبلوم من دار الحديث الحسنية‪ ،‬لكنني لم‬ ‫أتخل عن الدراسة وستصدر إن شاء اهلل كتابا مستقال‪ .‬وحصّلت على شهادة‬ ‫المعمّقة في الدراسات اإلسالمية بها‪ ،‬ثم دبلوم الدراسات العليا (دكتوراه‬ ‫السلك الثالث) في اآلداب (تخصص حديث) ثم دكتوراه الدولة في اآلداب‬ ‫(تخصص فقه مالكي)‪ .‬فعيّنت أستاذا مساعدا متدربا بكلية اآلداب جامعة‬ ‫أبي شعيب الدكالي بالجديدة‪ ،‬ثم انتقلت سنة ‪1988‬م للتدريس بكلية‬ ‫أصول الدين جامعة القرويين(سابقا) تم أستاذا محاضرا بها ثم أستاذا‬ ‫للتعليم العالي بنفس الكلية‪ ،‬والزلت أمارس بالكلية إلى يومنا هذا‪ .‬وقد‬ ‫غيّر إسمها بظهير رسمي إلى « كلية أصول الدين وحوار الحضارات»‪ .‬وأنا‬ ‫متزوج بأم عثمان رزقني اهلل منها خمسة أوالد‪ :‬ثالثة ذكور وبنتين‪.‬أصلحهم‬ ‫اهلل تعالى‪.‬‬

‫• فضيلة األستاذ‪ ،‬أنت تربيت في أحضان الزاوية الصديقية‪،‬‬ ‫ونهلت من معينها صنوف العلوم والمعارف على عدد من شيوخها‪،‬‬ ‫من أصحاب األثر األعمق فيك على مدار مراحـل حياتـك العلميـة‬ ‫والعملية ؟‬ ‫••• شيوخي في العلم واإلجازة ‪:‬‬

‫‪ - 1‬والدي سيدي الحسن‪ ،‬درست عليه بمنزلنا مبادئ النحو والصرف‬ ‫واألصول وحضرت بعض دروسه في التفسير والسيرة والمنطق وشرح بردة‬ ‫البوصيري‪ .‬وحضرت مذاكراته األسبوعية عشية كل جمعة ببيتنا مع شيخه‬ ‫وأخيه أبى الفضل سيدي عبد اهلل بن الصديق وحضور أخيه األصغر سيدي‬ ‫إبراهيم وعمي سيدي المرتضى‪ .‬فكنت أقوم بخدمتهم بإحضار الكتب‬ ‫لتحقيق النظر في المسائل التي يتداولونها فيما بينهم‪ ،‬وتقديم الشاي‬ ‫والمرطبات والماء وغير ذلك‪ .‬فاستفدت غاية اإلفادة من هذه الجلسات مثلما‬

‫إعداد ‪ :‬عمر قربـاش‬

‫المحدث األستاذ الدكتور محمد علي بن الصديق‬

‫استفاد عكرمة البربري من حبر األمة عبد اهلل بن عباس رضي اهلل عنهما‪،‬‬ ‫حتى قيل كان ابن عباس يفتي بالدار وعكرمة يفتي بالباب‪ .‬ويصدق عليهم‬ ‫حديث رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم الصحيح «هم الجلساء ال يشقى بهم‬ ‫جليسهم» رواه البخاري أو «هم القوم ال يشقى جليسهم» كما عند مسلم‪...‬‬ ‫‪ - 2‬عمي سيدي ابراهيم بن الصديق درست عليه مصطلح الحديث‬ ‫ودروس الحديث من كتاب «إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري»‬ ‫للقسطالني‪ ،‬ويعتبر المشرف الثاني على مشروعي الدبلوم (دكتوراه السلك‬ ‫الثالث) ودكتوراه الدولة في النظام القديم‪ .‬فإليه يرجع الفضل في اقتراح‬ ‫موضوعيهما‪ .‬وك ّلما عنّ لي مشكل في البحث كنت أفزع إليه‪ ،‬فيرشدني‪،‬‬ ‫ومع ذلك ناقشني في الدبلوم والدكتوراه مناقشة شديدة ّ‬ ‫عكرت خواطر‬ ‫بعض أفراد أسرتي فقالوا لي ما كان على عمكّ أن يهزئك أمام الحضور‪.‬‬ ‫فجبرت خاطرهم بأن «هذه هي أخالق وشيم السادة الصديقيين ال يحابون‬ ‫في العلم أحدا « فهم إخوة وكل واحد منهم يردّ على اآلخر وال ضير في‬ ‫ذلك‪ .‬وكنت إذا استفسرته في مسائل فقهية مستعصية يحيلني على السيد‬ ‫الوالد رحمه الذي كان يقيم خالل هذه الفترة بالديار البلجيكية‪ .‬فجزاه اهلل‬ ‫عني خير الجزاء‪ ،‬مع صحبة وزمالة علمية امتدت من سنة ‪ 1985‬م إلى سنة‬ ‫‪2003‬م‪ ،‬فهو يعتبر أستــاذي الثاني بعد السيد الوالد رحمهما اهلل تعالى‪.‬‬ ‫وشرفت في مناقشـة الدبلوم بحضور عمي وشيخي الحافــظ أبي الفضــل‬ ‫عبد اهلل بن الصديق‪ .‬أحد اإلثنين اللذين قال عنهما الشيخ العالمة الداعية‬

‫محمد الغزالي وهي شهادة من عالم نحرير لها قيمتها العلمية‪ ،‬في كتابه»‬ ‫السنّة النبوية بين أهل الفقه وأهل الحديث»‪ ،‬فقال‪« :‬لم يبق من كبار‬ ‫المحدثين في زماننا إال اثنان هما الشيخ ناصر الدين األلباني في المشرق‬ ‫والشيخ عبد اهلل بن الصديق الغماري في المغرب على خالف بينهما ‪ -‬وأنا‬ ‫درست على الشيخ الغماري» ( بتصرف) ومنحتني لجنة المناقشة ميزة حسن‬ ‫جدا مع تنويه خاص منها «لوال سوء التخريج واألخطاء المطبعية ألمرت‬ ‫اللجنة تحويل البحث من رسالة الدبلوم إلى رسالة دكتوراه الدولة»‪.‬‬ ‫‪ - 3‬عمي الحافظ السيد أبو الفضل عبد اهلل بن الصديق الغماري‬ ‫الطنجي‪ ،‬درست عليه أجزاء من سنن الترمذي‪ ،‬وأخرى من كتاب نيل األوطار‬ ‫للحافظ الشوكاني‪ ،‬بالزاوية الصديقية بعد صالة الصبح‪ .‬ودرست عليه‬ ‫بمفردي بسطح الزاوية رسالة « نخبة الفكر» للحافظ ابن حجر‪ ،‬ففتح اهلل‬ ‫عليّ بها في المصطلح ببركة شيخي سيدي عبد اهلل مغالق هذا العلم ‪.‬‬ ‫وهذه باقة عطرة من أسماء بعض أساتذتي الفضالء وشيوخي بالجامعة‬ ‫المغربية على مستوى اإلجازة والتعليم العالي ‪:‬‬ ‫‪ - 1‬كلية أصول الدين ‪ - :‬ابراهيم بن الصديق‪ ،‬امحند الورياغلي‪،‬‬ ‫محمد الشاط ‪،‬عبد السالم الكنوني‪ ،‬عبد اهلل التمسماني‪ ،‬اسماعيل الخطيب‪،‬‬ ‫أحمد الخطابي‪ ،‬محمد كركب‪ ،‬أحمد الخياطي‪ ،‬محمد العاقل‪ ،‬محمد شالبي‪،‬‬ ‫بوزلماط ‪،‬عبد الكريم شهبون‪ ،‬محمد بن يعيش‪ ،‬عبد الهادي احسيسن‪،‬‬ ‫أحمد العسري‪...‬‬ ‫‪ - 2‬دار الحديث الحسنية‪ :‬نوري معمر‪ ،‬حماد الصقلي‪ ،‬محمد الراوندي‪،‬‬ ‫محمد يسف‪ ،‬عمر الجيدي‪ ،‬د‪.‬الصغير‪ ،‬عبد السالم اإلدغيري‪ ،‬رشدي فكار‪...‬‬ ‫‪ - 3‬كلية اآلداب بالرباط‪ :‬فـاروق حمـادة‪ ،‬مهـدي بن عبــود‪ ،‬عصمــت‬ ‫عبد اللطيف دندش‪ ،‬محمد المنوني‪ ،‬د‪.‬سلطان ‪،‬عبد اهلل الداودي(شاركت‬

‫والدي فيه)‪ ،‬محمد العطار‪ ،‬محمد بلبشير‪ ،‬التهامي الراجي‪ ،‬الشاهد‬ ‫البوشيخي‪...‬‬

‫• تعتبر الزاوية الصديقية مدرسة علمي الحديث والتصوف على‬ ‫مدى عقود‪ ،‬هل ما زالت محافظة على إشعاعها العلمي والصوفي؟‬

‫••• من الناحية العلمية فالتراث الصديقي لم يطبع كله بعد‪ .‬وال تزال‬ ‫هناك كتب ورسائل مخطوطة لم تر نور الطبع بعد‪ .‬وكتب ورسائل السادة‬ ‫ّ‬ ‫وتشكل مادّة علمية موثوقا بها‪ ،‬وكانت‬ ‫الصديقيين كانت وال تزال مطلوبة‬ ‫وال تزال متوهجة يتفاعل معها أهل العلم من علماء وشيوخ وطلبة‪ ،‬إيجابا‬ ‫أو سلبا‪ ،‬بين مؤيد ومخالف‪ .‬وهذه ظاهرة صحية ّ‬ ‫تدل على مصداقيتها‬ ‫وعلميتها‪ .‬وكال الفريقين حريصان على اقتنائها واالطالع عليها ألنها‬ ‫تشكل مادّة علمية دسمة‪ .‬وكان شيخنا فاروق حمادة يقول‪ « :‬كتب السادة‬ ‫الغماريين فيها علم وبركة‪ ،‬وكنّا بالشام نتسابق على اقتنائها‪ .»...‬ولما‬ ‫زرت كلية الحديث بالمدينة المنوّرة في موسم الحج لسنة ‪1417‬هـ‪ ،‬زرت‬ ‫مكتبتها فوجدت كتب آل الصديق الغماريين في رفوف مكتوب عليها باللون‬ ‫األحمر‪ ،‬كتب محظورة‪ .‬ولألسف فبعض رسائل السادة الصديقيين تطاول‬ ‫عليها صغار الطلبة بالجامعة على مستوى اإلجازة فجعلوها موضوع بحوثهم‬ ‫وسموا أعمالهم تحقيقا بل هي مسخا وتشويها إال من رحم ربك ‪ (،‬وقليل‬ ‫مّاهم) ينطبق عليهم المثل العربي «تزبب قبل أن يتحصرم»‪ .‬ألن ميدان‬ ‫التحقيق يشترط في صاحبه أن تكون منزلته العلمية تساوي منزلة المحقق‬ ‫له أو تتفوق عليه أو تدانيه‪ .‬لهذا كانت‬ ‫تحقيقات بعض العلماء مطلوبة‪ ،‬مرغوبا‬ ‫فيها مثل تحقيقات الشيخ أحمد شاكر‬ ‫والشيخ عبد الفتاح أبو غدة وغيرهما‬ ‫من كبار العلماء المشهود لهم بالقدم‬ ‫الراسخ في العلم‪...‬ولألسف الشديد مثل‬ ‫هذه التحقيقات هي من قبيل الجنايات‬ ‫العلمية التي تميت العالم المح ّقق‬ ‫له وتراثه العلمي مرة ثانية‪ ،‬وتصيبه‬ ‫بسكتة قلبية مزمنة‪ ،‬بدال من إحياء تراثه‬ ‫والتعريف به‪ ،‬وإنزاله المكانة العلمية‬ ‫التي يستحقها‪ ،‬فإلى اهلل المشتكى وال‬ ‫حول وال قوة إال باهلل‪.‬‬ ‫وقد ابتلي التــراث العلمي للسادة‬ ‫الصدقيين بمثل هؤالء‪ ،‬ورحم اهلل امرءا‬ ‫عرف قدره ولزم حدّه‪ .‬وهذا ال ينفي‬ ‫وجود باحثين منصفين اشتغلوا بتحقيق‬ ‫كتب السادة الغماريين فنفعــوا بها‬ ‫وانتفعوا‪ .‬وفتح اهلل عليهم بها وظهــرت‬ ‫تجلياتها عليهم‪ ،‬فتنــورت بها قلوبهــم‬ ‫وصحّت بها عقولهم‪ ،‬فسالت أقالمهم‬ ‫وتفتقت علما أصيال ربانيا‪ .‬وليــس ببعيد‬ ‫قــام األستاذ الدكتور عدنان زهر بتحقيق‬ ‫ثالث رسائل لشيخ مشايخنا‪ ،‬عمّنا أبي‬ ‫الفيض أحمد بن الصديق وهي‪ :‬مسند الجن‪ ،‬والمعجم األصغر‪ ،‬وإيضاح‬ ‫المريب من تعليق إعالم األريب بحدوث بدعة المحاريب‪ .‬توفرت فيه أدوات‬ ‫التحقيق العلمي الرزين مع حضور ذاتية المحقق والتعبير عن رأيه في أدب‬ ‫دون سب أو شتم أو الدعاء عليهم‪ ،‬كما فعل بعضهم ‪ ...‬وبالجملة فإن كتب‬ ‫الصديقيين لقيت رواجا وانتشارا بالمشرق والمغرب‪ .‬اشتهرت بهم البالد‬ ‫المغربية المراكشية وحاضرة طنجة على الخصوص‪ ،‬بفضل تالمذة أفذاذ‬ ‫وعلماء نجباء‪ .‬هؤالء عرفوا قدرهم فأنصفوهم وأنزلوهم المنزلة العلمية‬ ‫التي يستحقونها عن جدارة‪ ،‬وهي المكانة القمينة بهم وبأمثالهم فجزاهم‬ ‫اهلل عن الصديقيين ومدرستهم خيرا‪ .‬وكيف ال؟ وهم أهل الحديث رواية‬ ‫ودراية ومفسرون ومتكلمون وفقهاء وأصوليون يصدق عليهم حديث رسول‬ ‫اهلل صلى اهلل عليه وسلم في الصحيح المتفق عليه ‪« :‬مثلي ومثل ما بعثني‬ ‫اهلل به من الهدى والعلم‪ ،‬كمثل غيث أصاب أرضا‪ ،‬فكانت طائفة طيبة‪ ،‬قبلت‬ ‫الماء فأنبت الكأل والعشب الكثير‪ ،‬وكان منها أجادب أمسكت الماء‪ ،‬فنفع اهلل‬ ‫بها الناس‪ ،‬فشربوا منها وسقوا وزرعوا‪ .‬وأصاب طائفة منها أخرى‪ ،‬إنما وهي‬ ‫قيعان ال تمسك ماء وال تنبت كأل‪ .‬فذلك مثل من فقه في دين اهلل‪ ،‬ونفعه‬ ‫بما بعثني اهلل به‪ ،‬فعَلِم وع ّلم‪ .‬ومثل من لم يرفع بذلك رأسا وال يقبل هدى‬ ‫اهلل الذي أرسلت به»‪.‬‬ ‫فإذا علمنا أن السادة الصديقيين أسّسوا لمدرسة قائمة متميّزة تقوم‬ ‫على الدليل ونبذ التقليد األعمى من غير دليل معتبر‪ ،‬فهذه المدرسة تخرّج‬ ‫منها الكثير من التالميذ‪ ،‬وهلل الحمد والمنّة ولها أتباع كثر‪ ،‬وفرضت‬ ‫نفسها كمدرسة تصحيحية علمية تقوم على كتاب اهلل وسنّة رسوله‪،‬‬ ‫تروم اإلحسان في العباد‪ ،‬ربانية ال رهبانية‪ .‬أحيا اهلل بها عقوال غفال ونوّر‬ ‫بها قلوبا ظمأى‪.‬‬

‫(يتبع)‬


‫الثالثـاء ‪� 09‬إلى ‪ 15‬يوليوز ‪2019‬‬

‫العدد ‪1001‬‬

‫كتابات يف تاريخ‬ ‫منطقة ال�شمال ‪:‬‬

‫(‪)903‬‬

‫‪16‬‬

‫“أصيال‪ ..‬ذاكرة العمل الوطني‬ ‫المغربي”‬

‫صدر خالل األيام القليلة الماضية من السنة الجارية (‪ ،)2019‬كتاب‬ ‫“أصيال‪ ..‬ذاكرة العمل الوطني المغربي” الذي كان لنا شرف االشتغال‬ ‫فيه على وثائق المرحوم محمد بن عبد السالم الناصري‪ ،‬مؤسس فرع‬ ‫حزب اإلصالح الوطني بمدينة أصيال ورئيس الفرع خالل عهد االستعمار‬ ‫اإلسباني للمدينة‪ .‬ولالقتراب من سقف المضامين العامة للكتاب‪ ،‬نقترح‬ ‫إعادة نشر نص التقديم التمهيدي العام الذي وضعناه للكتاب‪.‬‬ ‫ال شك أن الباحث المهتم بالبحث في حيثيات ميالد العمل الحزبي‬ ‫بمدينة أصيال خالل مرحلة االستعمار اإلسباني‪ ،‬سيجد نفسه ملزما بإعادة‬ ‫التنقيب في سياقات تبلور األنوية األولى للحركة الوطنية بالمدينة عند‬ ‫نهاية ثالثينيات القرن الماضي‪ .‬وال شك أن هذا البحث سيضع صاحبه‬ ‫أمام مهام استكناه عتبات الرصيد الوثائقي‪ ،‬المدون واإليقوني والثقافي‪،‬‬ ‫الذي راكمته اللجنة الفرعية لحزب اإلصالح الوطني بالمدينة‪ .‬و الشك‬ ‫–كذلك‪ -‬أن هذا المنحى في البحث وفي التنقيب لن تستقيم معالمه إال‬ ‫بالعودة المتجددة للنبش في ذخائر وثائق الفقيه محمد بن عبد السالم‬ ‫الناصري الذي كان رئيسا للجنة الفرعية المذكورة‪ ،‬وعضوا في القيادة‬ ‫المركزية للحزب بتطوان‪ ،‬ومسؤوال عن كل قضايا التنظيم الداخلي وعن‬ ‫التنظيمات الموازية للحزب‪ ،‬بمدينة أصيال وبمحيطها القروي الواسع‪.‬‬ ‫لذلك‪ ،‬بدا جليا أنه ال يمكن كتابة تاريخ حزب اإلصالح الوطني بأصيال‪ ،‬إال‬ ‫من خالل استنطاق ذاكرة الفقيه الناصري وتجميع شتات وثائقه وكتاباته‬ ‫ومخلفاته‪ .‬فالرجل كان يمثل الضمير الحي ألطر الحزب وصوتهم األبي‬ ‫الذي لم يكن يخشى في الحق لومة الئم‪ ،‬ولعل هذا ما جعله عنصر ثقة‬ ‫وموضع إجماع استثنائي رسمت معالمه كل الشهادات التي استطعنا‬ ‫جمعها سواء بمدينة أصيال أم بمدينة تطوان‪ ،‬عاصمة المنطقة الخليفية‬ ‫ومحور العمل الوطني خالل عهد االستعمار‪.‬‬

‫‪zougariousama@gmail.com‬‬

‫وثائق الفقيه محمد بن عبد السالم الناصري ومدوناته الثمينة والدفينة‪.‬‬ ‫وإذا كان الفقيه الناصري‪ ،‬رحمه اهلل‪ ،‬قد نحا بنفسه خالل عقود مغرب ما‬ ‫بعد االستقالل السياسي‪ ،‬عن أي نزوع نحو توظيف “التراث المعنوي” لريادته‬ ‫غير المتنازع حولها في حقل العمل الوطني بمدينة أصيال‪ ،‬حيث آثر االنزواء‬ ‫بعيدا عن ضجيج االستثمار الفاقع للتراث اإلنساني النبيل للعمل الوطني‪،‬‬ ‫فالمؤكد أن العودة لصيانة ذاكرة الرجل تشكل مدخال لرسم معالم العطاء‬ ‫والنبوغ والجهاد والوفاء في سير أوالئك الذين كتبوا ألنفسهم الخلود‬ ‫وحفظوا للمدينة هويتها الجهادية والحضارية والثقافية داخل محيطها‬ ‫اإلقليمي والجهوي والوطني الواسع‪.‬‬ ‫يعود تاريخ بداية اشتغالنا على وثائق الفقيه الناصري إلى فترة مطلع‬ ‫القرن الحالي‪ ،‬عندما عرض علي نجل الفقيه الناصري‪ ،‬المرحوم وائل‪ ،‬بعضا‬ ‫من هذه الوثائق‪ ،‬فاقترحنا عليه إعادة تجميعها قصد االنخراط الجماعي‬ ‫في ترتيبها وفي إعدادها للنشر‪ .‬وقد بذل األستاذ وائل الناصري الكثير‬ ‫من الجهد في تجميع هذه المواد وفي صيانتها وفي حفظها‪ ،‬وبدأنا في‬ ‫وضع التصور العام إلخراج هذا الرصيد الوثائقي‪ .‬وعندما شرعنا في بلورة‬ ‫مشروعنا وفي وضع منطلقات التصنيف العام‪ ،‬دخل األستاذ وائل دائرة مرض‬ ‫مزمن انتقل على إثره إلى عفو اهلل عند بداية سنة ‪ ،2013‬رحمه اهلل تعالى‬ ‫وأكرم مثواه‪ .‬وبما أن إصرارنا ظل قائما على إخراج وثائق الفقيه الناصري‬ ‫إلى النور‪ ،‬فقد أعدنا االتصال باألستاذ جابر الناصري‪ ،‬نجل الفقيه الناصري‪،‬‬ ‫قصد استكمال العمل‪ ،‬فأمدنا –مشكورا‪ -‬بمجموع النسخ التي تشكل العمود‬ ‫الفقري لمجمل مضامين هذا الكتاب‪ ،‬بعد أن أضفنا إليها وثائق محفوظة‬ ‫لدى األستاذ أبي بكر بنونة‪ ،‬زودنا بها –مشكورا‪ -‬األستاذ الباحث أنس‬ ‫الفياللي‪ ،‬وأضفنا إليها وثائق متفرقة جمعناها بوسائلنا الخاصة‪.‬‬

‫غالف الكناب‬

‫ولقد استطاع الكتاب االحتفائي الذي أصدرته جمعية ابن خلدون للبحث التاريخي واالجتماعي‬ ‫بأصيال سنة ‪ ،2001‬تحت عنوان “المجاهد الفقيه محمد بن عبد السالم الناصري‪ :‬مسيرة وجهاد”‪ ،‬إثارة‬ ‫االنتباه إلى الكثير من مواقع الظل في خصوبة العمل الحزبي الراشد الذي واجه مشاريع االستعمار‪،‬‬ ‫إلى جانب الكثير من المبادرات النضالية الجريئة التي ارتبطت بسيرة الفقيه الناصري‪ ،‬باعتباره رائد‬ ‫العمل الوطني المبادر بمدينة أصيال خالل عقود االستعمار‪ .‬وكان جليا أن استنطاق ذاكرة الرجل‬ ‫لن يحقق أهدافه الكبرى إال بالعودة لتجميع وثائقه‪ ،‬الشخصية والحزبية‪ ،‬وتعميم تداولها بين‬ ‫الباحثين والمؤرخين والمهتمين‪ .‬فالوثائق المادية تشكل مدخال ضروريا لوضع أرضية البحث في‬ ‫تاريخ العمل الحزبي بالمدينة‪ ،‬بل ولرصد مجمل التحوالت المجتمعية التي كانت تعيشها المدينة‬ ‫في مختلف مناحي حياتها السياسية واالقتصادية واالجتماعية والثقافية والفكرية‪ .‬وبطبيعة الحال‪،‬‬ ‫فإن قيمة هذه الوثائق والشواهد المدونة تنهض على قاعدة التفكيك العلمي للمضامين‪ ،‬من خالل‬ ‫المقارنات الضرورية واألدوات اإلجرائية النقدية والرؤى التحليلية المتداخلة‪ ،‬مما يدخل في صميم زاد‬ ‫المؤرخ المتخصص‪ ،‬ومما يؤهله لتوفير مادة مرجعية للتأمل ولالستنطاق وللتشريح‪ ،‬ثم لالستخالص‬ ‫وللتركيب ولالستثمار وللتوظيف‪ .‬إنه عمل تأسيسي‪ ،‬يشكل مدخال البد منه لسبر أغوار ذاكرة العمل‬ ‫الوطني بمدينة أصيال‪ ،‬بتحوالته العميقة وبتناقضاته المزمنة وبإكراهاته الحادة‪ ،‬حسب ما عكسته‬

‫ونشير إلى أننا اعتمدنا – أساسا ‪ -‬على وثائق عائلة الفقيه الناصري‪ ،‬بعد مقارنتها‬ ‫بوثائق األستاذ بنونة‪ ،‬األمر الذي لم يطرح أي صعوبات‪ ،‬مادامت وثائق العائلة عبارة عن نسخ خطية‬ ‫مطابقة لمراسالت تطوان‪ ،‬بل وتتفوق عليها بإضافة بعض التوضيحات أو االستطرادات في الهامش‪،‬‬ ‫وهي اإلشارات الخاصة بصاحبها وبطرق تدوينه لبعض التفاصيل والتوثيق لها‪ ،‬مما يحمل الكثير من‬ ‫العناصر الكفيلة بتوضيح بعض منغلقات هذه المراسالت‪.‬‬ ‫ولعل في إخراجنا هذا المشروع إلى النور خير تعبير عن وفائنا لروح األستاذ وائل الناصري‬ ‫وإلصراره – في حياته ‪ -‬على تعميم نشر هذه الوثائق وتمكين الباحثين من مظانها ومن سبل‬ ‫توظيفها واستغاللها‪ ،‬وهو اإلصرار الذي كان يزيد في ترسيخ قناعتي الشخصية بقيمة العمل‪ ،‬على‬ ‫امتداد اللقاءات الطويلة والممتدة التي جمعتني مع المرحوم وائل أثناء اإلعداد للعمل‪ ،‬تطويرا للفكرة‪،‬‬ ‫وضبطا لمضامين المواد‪ ،‬وتدقيقا في األعالم‪ ،‬وتحليال للسياقات‪.‬‬

‫فعسى أن يكون في هذه المبادرة ردا لبعض الدين الذي نحمله على عاتقنا تجاه الفقيه محمد‬ ‫بن عبد السالم الناصري‪ ،‬وتجاه مسيرته الجهادية المفعمة بقيم النبل والوفاء واإلخالص‪ ،‬وعسى أن‬ ‫يكون األمر –كذلك‪ -‬تجسيدا لحلم المرحوم وائل الناصري وخيطا موصوال مع روحه الطاهرة المحلقة‬ ‫في ملكوت اهلل‪.‬‬

‫سالماً أيها الغيم‪..‬‬

‫(�أقا�صي�ص)‬

‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫المبدعـة‬ ‫ِّيشــة‬ ‫هذه شذراتٌ سرديــ ٌة قصصي ٌة‪ ،‬التقطتها الر‬ ‫َ‬ ‫درب‬ ‫من شرفةِ الحياةِ واألحيا ِء‪ ،‬وتغنّتٍ بها في حدا ٍء فجريٍّ على ِ‬ ‫الحيــارى‪ ،‬والمكلومين‪ ،‬والحالمين بمساقـطِ الغيثِ الخضير‪..‬‬ ‫ما � َ‬ ‫رت خواطرهِ‪:‬‬ ‫ال�صور َة يف دف ِ‬ ‫أجمل ّ‬ ‫أن هذه الشذرات اختارت لنفسها قالب ًا صغيراً‪َ ،‬‬ ‫صحيحٌ َّ‬ ‫ونفس ًا‬ ‫قصيراً‪ ،‬لكنها تروم َّ‬ ‫بث َّ‬ ‫ذاتِ‬ ‫فنيـةٍ‬ ‫نثــريـةٍ‬ ‫غـاللــةٍ‬ ‫فـي‬ ‫محةِ‬ ‫الل‬ ‫الوردي بني الب�ساتنيِ ‪،‬‬ ‫متر مبوكبِها‬ ‫“ �أمري ٌة ُّ‬ ‫ِّ‬ ‫ألوانٍ وتحاسينَ‪ ..‬فمن رحبَ بها‪ ،‬وفتــح ذراعيــه لساللها‪ ،‬فقد‬ ‫والفرا�شات‪ ..‬ك�أنَّ طلعتها من‬ ‫اليمامات‬ ‫أحسن الظنَّ بصاحبها‪ ،‬وربما استسمن ذا ورم! ومن أعرض عنها فتت َب ُعها‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫الفردو�س‪.”..‬‬ ‫الرندِ‪� ،‬أو ن�ضار ِة‬ ‫ِ‬ ‫وأشاح بوجهه‪ ،‬فليدعُ مأجوراً مشكوراً لهذا القلم ببلسم العافية‪� ،‬صباحةِ َّ‬ ‫مبت�سم ًا‪ ،‬ورمى �إليها بورقةِ مطالبهِ ‪:‬‬ ‫لوح لها ِ‬ ‫واخضالل المآب ‪..‬‬ ‫َّ‬ ‫تعود �إلى البحرِ �أ�سجاعهُ ‪ ،‬و�إلى‬ ‫“ �أمت َّنى �أن‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫م�س عاف َي ُتها‪ ،‬و�إلى الأطفال �ش َغ ُبهم ال ُ‬ ‫أبي�ض‪..‬‬ ‫ال�ش ِ‬ ‫الظالم با�سمهِ خوف ًا من‬ ‫يبوح‬ ‫“ �أمت ّنى �أن ال‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫�صباح اليقنيِ ‪“ ..‬‬ ‫ِ‬ ‫تعر َ‬ ‫�ساحات‬ ‫�ش �شجر ُة الزيتونِ يف‬ ‫ِ‬ ‫“ �أمت َّنى �أن ِّ‬ ‫بالدي‪“ ..‬‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ال�سالم‪،‬‬ ‫يرفرف‬ ‫“ �أمت ّنى �أن‬ ‫ويزف بجناحيهِ‬ ‫ُ‬ ‫كغيمةٍ �أو ميامةٍ ‪“ ..‬‬ ‫النا�س بيديه‪..‬‬ ‫احلب على‬ ‫“ �أمت َّنى �أن ي�س ِّلم‬ ‫ِ‬ ‫ُّ‬ ‫القلوب ب�شفتيهِ ‪“ ..‬‬ ‫وعلى‬ ‫ِ‬

‫� ٌ‬ ‫ورق‬ ‫أمرية من ٍ‬

‫‪..............‬‬

‫بقلم‪ :‬قطب الري�سوين ‪ .‬ال�شارقة ـ‬

‫�أ�سامـة الزكاري‬

‫ف�صاحت به‪:‬‬ ‫لت�صافح الأمري َة‪،‬‬ ‫وامت َّدت يد ُه‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ورق !‬ ‫املجنون‪� ..‬أنا �أمري ٌة من‬ ‫ويحك �أيها‬ ‫ـ‬ ‫ُ‬ ‫ٍ‬

‫�صحا من غفوتهِ فزِ ع ًا مكروب ًا‪ ..‬وما زال‬ ‫يتم ْل َم ُل بني �أ�صابعهِ ‪ ،‬ويتلع َث ُم يف غنائهِ‬ ‫القلم َ‬ ‫ُ‬ ‫لأمري ِة الزمانِ اجلديدِ‪..‬‬

‫ُ‬ ‫مواعيد‬

‫ِّ‬ ‫ال�صغري ُة ُم ْك َت َّظ ٌة باملواعيدِ‪:‬‬ ‫مذكرتهُ َّ‬

‫�صباح الفرحةِ ‪،‬‬ ‫موع ٌد مع‬ ‫ِ‬ ‫موع ٌد مع حور َّيةِ ُ‬ ‫احل ِّب‪،‬‬

‫أحالم ال ُقزَّ ح َّيةِ ‪..‬‬ ‫موع ٌد مع‬ ‫ِ‬ ‫نوار�س ال ِ‬ ‫‪..............‬‬ ‫فت�ساقطت ُّ‬ ‫كل املواعي ِد !‬ ‫الوقت خريف ًا‪..‬‬ ‫كان‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬

‫حوا ٌر‬

‫ٌ‬ ‫الراب ُ‬ ‫ِ�ض‬ ‫وميطر‬ ‫غيمة �أو غيمتان‪..‬‬ ‫احللم َّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫على قلوبنا‪..‬‬ ‫ال�شاعر لق�صيدتهِ )‬ ‫( يقول‬ ‫ُ‬ ‫الق�صيد ُة ‪:‬‬ ‫أعذب ِّ‬ ‫ال�شعرِ �أكذ ُبهُ ! )‪.‬‬ ‫(� ُ‬


‫‪17‬‬

‫الثالثـاء ‪� 09‬إلى ‪ 15‬يوليوز ‪2019‬‬

‫العدد ‪1001‬‬

‫رحلة محمد داود إلى الرباط في وفد تطوان‪ ،‬لتهنئة جاللة الملك محمد الخامس‬ ‫بمناسبة عيد الفطر‬ ‫شوال ‪1375‬ه‪ /‬ماي‪1956‬م‬

‫تقديم‪ :‬الدكتور إسماعيل شارية‬

‫(الحلقة األولى)‬ ‫تزخر الخزانة الداودية‪ ،‬التابعة لمؤسسة محمد داود للتاريخ والثقافة‬ ‫بتطوان‪ ،‬بتوفرها على رصيد وثائقي هائل‪ ،‬يؤرخ ويحفظ ذاكرة مدينة تطوان‬ ‫من الضياع ومن النسيان‪ ،‬بفضل ما بذلته ووما زالت تبذله األستاذة حسناء‬ ‫داود‪ ،‬كريمة مؤرخ تطوان الكبير‪ ،‬المرحوم الفقيه محمد داود من جهود جبارة‬ ‫قصد الحفاظ على هذا التراث من الضياع ومن االندثار‪.‬‬ ‫وفي هذا الصدد‪ ،‬تم العثور من ضمن ربائذ المرحوم داود المتعلقة‬ ‫بمذكراته الشخصية على رحلة طريفة في بابها‪ ،‬دقيقة في معطياتها‪ .‬ممتعة‬ ‫في قراءتها‪ ،‬قام بها لمدينة الرباط سنة ‪ ،1956‬قصد تهنئة جاللة الملك محمد‬ ‫الخامس رحمه اهلل بمناسبة عيد الفطر المبارك‪ ،‬لنفس السنة‪.‬‬ ‫الرحلة المذكورة تمت ضمن وفد تم تعيينه واختيار أفراده بدقة عالية‬ ‫يضم ‪ 13‬عضوا‪ ،‬يمثلون مختلف الشرائح االجتماعية المكونة للمجتمع التطواني‬ ‫آنذاك‪ .‬مثقفين – رجال السلطة – قضاة – تجار – رجال السياسة – فقهاء‪.....‬‬ ‫الطريف في هذه الرحلة‪ ،‬أن المرحوم محمد داود لم يترك شاردة وال واردة‬ ‫إال وأفرد لها حيزا في وصفه ومشاهدته‪ ،‬التي وال شك أنها أخذت منه ما يكفي‬ ‫من الوقت لرصدها وتحليل معطياتها‪.‬‬ ‫وحتى ال أستأثر بالكالم عما ورد في مضامينها ‪ ،‬أترك القارئ يكتشف‬ ‫بنفسه ما بين سطورها من دالالت ومعاني ربما غابت عنا تفاصيلها‪ ،‬هذه الرحلة‬ ‫سننشرها إن شاء اهلل مسلسلة على صفحات جريدة الشمال الغراء‪.‬‬

‫ج – لم نعين له رئيسا ( ولكني شعرت منه بأن الرئاسة بيد باشا تطوان‬ ‫وباشا القصر المالليالرميقي وبأنهما هما مرجعا أعضاء الوفد‪.).‬‬ ‫س ‪ – 4‬أعضاؤه؟‪.‬‬ ‫دفع لي الئحتين‪ ،‬بإحداهما أعضاء وفد تطوان وعددهم ‪ ،13‬وباألخرى‬ ‫وفود بقية أنحاء المنطقة وعددهم ‪.23‬‬ ‫وهذه أسماء الوفد التطواني‪ ،‬وقد ركب في ‪ 3‬سيارات طاكسي‪ ،‬في كل‬ ‫واحدة منها أربعة أشخاص‪ ،‬وركب الباشا في سيارته‪ ،‬وبقيت سيارتان فارغتان‬ ‫على سبيل االحتياط‪.‬‬

‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫نص الرحلة‬

‫الحمد هلل وحده‪ ،‬وصلى اهلل على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم تسليما‪.‬‬ ‫شوال ‪ – 1375‬مايو ‪1956‬‬ ‫اتصل بي السيد أحمد بن البشير السكوري بالتليفون‪ ،‬وقال لي‪ :‬إن صاحب‬ ‫الجاللة أمر بأن يوجه من تطوان إلى الرباط‪ ،‬وفد لحضور حفالت عيد الفطر‪ ،‬وقد‬ ‫طلب مني صاحب السمو ( يعني الخليفة السلطاني موالي الحسن بن المهدي‬ ‫)‪ ،‬أن أسألك هل لديك مانع من أن تذهب مع هذا الوفد‪ ،‬فقلت ال مانع عندي‬ ‫من ذلك‪ ،‬فقال‪ :‬سأتصل بك من بعد لمعرفة موعد السفر إلخ‪ ،‬وكان ذلك في‬ ‫أواخر رمضان‪.‬‬ ‫وفي مساء يوم الجمعة ‪ 29‬منه (‪ 11‬مايو ‪ ،)1956‬تلفن لي شخص من‬ ‫القصر الخليفي‪ ،‬قائال إن السيد أحمد بن البشير‪ ،‬يقول لك‪ :‬إن السفر سيكون‬ ‫هذه الليلة في الساعة ‪ 12‬والجمع في القصر الخليفي‪.‬‬ ‫واتصلتُ بابن البشير ليال ألعرف عن الوفد‪ ،‬ما يجب أن يعرف‪ ،‬فقال‪ :‬نتصل‬ ‫قبيل موعد السفر بالقصر الخليفي‪ ،‬وقرب الساعة المذكورة ركبت مع جارنا‬ ‫سيدي محمد بن أحمد بن عبود سيارته إلى المشور‪ ،‬فوجدنا بعض أعضاء الوفد‬ ‫في قاعة االنتظار بالمشور – ومحمد المسفيوي هو الذي يرتب األمور‪ ...‬وجاء‬ ‫ابن البشير‪ ،‬فذهبت معه إلى المكتب الخاص الذي يقابل فيه الخليفة الوزراء‪،‬‬ ‫وكبار الزائرين‪ ،‬وألقيت عليه اثني عشر سؤاال هاهي مع أجوبتها‪:‬‬ ‫س‪ 1-‬اسم من سيسافر هذا الوفد؟‪.‬‬ ‫ج‪ -‬باسم المنطقة الشمالية ( وفد تطوان)‪.‬‬ ‫س‪ 2-‬مهمته رسميا؟‪.‬‬ ‫ج – حضور صالة العيد ومالقاة صاحب الجاللة‪ ،‬والحضور في الحفالت‬ ‫الرسمية‪.‬‬ ‫س ‪ – 3‬رئيسه ؟‪.‬‬

‫عالم من‬ ‫�أ‬ ‫املغرب ‪:‬‬ ‫�شمال‬

‫وأمام كل اسم من رجال الوفد‪ ،‬رقم السيارة التي ركب فيها‪:‬‬ ‫‪ - 1‬باشا تطوان السيد الحاج اليزيد بن صالح‪.‬‬ ‫‪ - 2‬الفقيه محمد اللبادي قاضي سابقا‪2 .........................‬‬ ‫‪ - 3‬محمد بن أحمد بن عبود‪2.....................................‬‬ ‫‪ - 4‬سيدي التهامي الوزاني‪3.........................................‬‬ ‫‪ - 5‬موالي أحمد بن الصادق الريسوني‪3.........................‬‬ ‫‪ - 6‬الفقيه محمد داود‪1...............................................‬‬ ‫‪ - 7‬عبد السالم الحاج‪1................................................‬‬ ‫‪ - 8‬محمد بريشة‪2.....................................................‬‬ ‫‪ - 9‬الطيب بنونة‪1.....................................................‬‬ ‫‪ - 10‬أبوطاهراليطفتي‪3...............................................‬‬ ‫‪ - 11‬محمد بن علي المسفيوي‪2....................................‬‬ ‫‪ - 12‬عبد المجيد بن المبارك الهنتيفي‪3..........................‬‬ ‫‪ - 13‬محمد بن عالل الخطيب‪1......................................‬‬ ‫وركب مع الباشا في سيارته قائد بني سعيد السيد محمد البقالي‪ ،‬والسيد‬ ‫صديق الخمليشي القائد بصنهاجة‪ ،‬وهما معا من رجال وفد الشمال‪ .‬وعبد‬ ‫الحفيظ الخمليشي المحتسب‪ ،‬وعضو المجلس االستشاري الخليفي‪ ،‬وهو غير‬ ‫مذكور في الئحة أعضاء الوفد الرسمي‪ .‬وسمعت أن اإلسبانيين هم الذين عينوه‬

‫في الوفد‪ ،‬وهو من حزب الشورى وأظن أن الحاج محمد التمسماني ركب معهم‬ ‫أيضا‪ ،‬وهو من أعضاء الوفد عن تمسمان‪.‬‬ ‫ودفع لي ابن البشير أيضا ورقة فيها أسماء األشخاص األربعة الذين‬ ‫سيركبون معا في سيارة واحدة‪ ،‬وقد ذكروا فيها كما يلي‪:‬‬ ‫النبيل السيد عبد السالم الحاج‪.‬‬ ‫ •‬ ‫الفقيه السيد محمد داود‪.‬‬ ‫ •‬ ‫األستاذ السيد الطيب بنونة‪.‬‬ ‫ •‬ ‫السيد محمد بن عالل الخطيب‪.‬‬ ‫ •‬ ‫الخروج على الساعة ‪ 12‬إدارية ليال من قصر المشور‪ ،‬أما أسماء بقية أعضاء‬ ‫وفد المنطقة فهي هذه‪:‬‬ ‫‪ - 1‬قائد قبيلة بني سعيد الجبلية السيد أحمد البقالي القرفة ( صحبنا‬ ‫من تطوان )‪.‬‬ ‫‪ - 2‬قائد قبيلة بني حسان السيد أحمد بن سعيد البخي ( صحبنا من‬ ‫الرباط )‪.‬‬ ‫‪ - 3‬قائد قبيلة بني عروس ولد السيد – ( لم يحضر)‪.‬‬ ‫‪ - 4‬خليفة قائد المطلسة‪.‬‬ ‫‪ - 5‬قائد النكور السيد أحمد بودرة ( حضر معنا في حفلة الهدية)‪.‬‬ ‫‪ - 6‬شعيب بن عمر المنودي الورياغلي ( ناظر النكور )‪.‬‬ ‫‪ - 7‬قائد صنهاجة الصادق الخمليشي ( ركب معنا من تطوان)‪.‬‬ ‫‪ - 8‬الشريف سيدي المفضل بن الخضر السني الكتامي (عالم)‪ ،‬قاضي‬ ‫صنهاجةالجنوبية‪.‬‬ ‫‪ - 9‬الحاج محمد بوديح السيدالي ( بني سيدال قلعية )‪.‬‬ ‫‪ - 10‬الشريف سيدي الحاج محمد بن سعيد الكركري ( شيخ الطريقة‬ ‫مدشر بويحيى )‪.‬‬ ‫‪ - 11‬الحاج محمد التمسماني ( ركب معنا من تطوان)‪.‬‬ ‫‪ - 12‬القائد محمد الماللي الرميقي ( ركب معنا من القصر)‪.‬‬ ‫‪ - 13‬المجاهد السيد أبو طاهر المزديوي– تاركيست ( حضر معنا في‬ ‫حفلة الهدية)‪.‬‬ ‫‪ - 14‬محمد المحمادي التوزاني شيخ المعهد الديني ( لم أره )‪.‬‬ ‫‪ - 15‬الحاج علي الشاذلي ( عضو المجلس‪ ....‬أوالد ستوت– تاجر)‪.‬‬ ‫‪ - 16‬الحاج أحمد عمر عالل – ( من بني بويفرور– استقاللي)‪.‬‬ ‫‪ - 17‬سيدي أحمد بن المكي الوزاني من بني خالد‪.‬‬ ‫‪ - 18‬السيدامحمدالبوشيبي‪.‬‬ ‫‪ - 19‬محمد عيسى الشفشاوني‪.‬‬ ‫‪ - 20‬السيد التهامي بن جلون من القصر الكبير ( لم يحضر)‪.‬‬ ‫‪ - 21‬محمد بن الحاج سي علي الورياغلي ( الريف ) ( لم يحضر –‬ ‫العبدالوي)‪.‬‬ ‫‪ - 22‬أحد أعيان العرائش‪.‬‬ ‫‪ - 23‬أحد أعيان أصيلة ( هو بن عيسى بن الكبير‪ ،‬وقد وجدنا بالقصر‬ ‫ومنه صحبنا للرباط)‪.‬‬

‫الفقيه عمر بن العربي الجيدي‬

‫هو الفقيه المدرّس عمر بن العربي الجيدي الغماري‪:‬‬ ‫من أسرة ذات أصول ريفية استقرّت بغمارة‪ ،‬اشتهر منها‪:‬‬ ‫القاضي عبدالقادر بن عبدالسالم الجيدي (ت‪1376‬هـ‪1957/‬م)‪.‬‬ ‫الفقيه الدكتور عمر بن عبدالكريم الجيدي (ت ‪1416‬هـ‪1995/‬م)‪.‬‬ ‫مولده ونشأته العلمية‪:‬‬ ‫وُلد بقرية تجساس من قبيلة بني ِزيَات حوالي سنة ‪ 1332‬هـ‪1914/‬م‪.‬‬ ‫نشأ يتيما؛ ّ‬ ‫ألن والده توفي وهو ما زال جنينا ببطن أمّه‪ .‬فرعته أمّه وسهرت على تربيته وتعلميه؛ فأدخلته‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫وحَفِظ الدُّرر‬ ‫الكتّاب حيث حفظ القرآن الكريم‪ ،‬وتلقى مبادئ القراءة والكتابة؛ واهتم بدراسة أحكام التجويد‪،‬‬ ‫ال ّلوامع في مقرأ نافع البن بَرّي‪ ،‬وأبوابا من حرز األماني للشاطبي‪ ،‬والعبادات من مختصر خليل‪ ،‬والخالصة‬ ‫البن مالك‪.‬‬ ‫وخالل هذه الفترة شاهد نزول جيوش االحتالل اإلسباني ببلدته‪ ،‬وعايش ثورة األمير محمد بن عبدالكريم‬ ‫الخطابي‪..‬‬ ‫ْ‬ ‫لكن رغم كل هذه الظروف لم تُث ِنهِ األحوال عن متابعة سيره الدراسي‪..‬‬ ‫فرحل إلى مدينة تطوان ليلتحق بمعهدها الديني الذي كان حديث عهد بتأسيس نظامه تزامنا مع‬ ‫الموسم الدراسي ‪1936-1937‬م‪1355-1356/‬هـ فالزم حلقات الدّرس على شيوخ المعهد وأساتذته طيلة‬ ‫سبع سنوات؛ أمثال‪ :‬الفقيه محمد بن عبدالصمد التجكاني‪ ،‬والفقيه محمد بن تاويت‪ ،‬والفقيه محمد الطنجي‪،‬‬ ‫والفقيه العربي اللوه‪ ،‬والدكتور تقي الدين الهاللي‪ ،‬والفقيه التهامي الوزاني‪..‬‬ ‫وظائفه‪:‬‬ ‫وبعد التّزود من معين العلم والمعرفة تصدر للتدريس واإلفادة‪ ،‬تج ّلى ذلك في‪:‬‬ ‫التدريس‪ :‬عيّن أستاذا بالمعهد الديني االبتدائي سنة ‪1363‬هـ‪1944/‬م بعد اجتيازه بنجاح‬ ‫ ‪-‬‬ ‫االمتحان االنتقائي تحت إشراف المجلس األعلى للتعليم‪ ،‬وكانت لجنة االمتحان مكوّنة من‪ :‬مدير التعليم‪:‬‬

‫‪-‬‬

‫بقلم‪:‬‬

‫د‪ .‬بدر العمراني‬

‫الفقيه محمد داود‪ ،‬ورئيس المجلس الفقيه أحمد الرهوني‪ ،‬وشيخ المعهد الديني العالمة التهامي الوزاني‪،‬‬ ‫وكاتب المجلس الشيخ مَحمد عزيمان‪ ،‬وشيخ الجماعة أحمد الزّوّاق‪ ،‬وقاضي تطوان الفقيه محمد ال ّلبادي‪.‬‬ ‫الكتابة‪ :‬في سنة ‪1375‬هـ‪1956 /‬م عُيّن كاتبا مساعدا لشيخ المعهد الديني‪..‬‬ ‫ ‪-‬‬ ‫المساهمة في إدخال إصالحات وتعديالت على مناهج التعليم الديني بشمال المغرب‪.‬‬ ‫ ‪-‬‬ ‫من تالمذته‪:‬‬ ‫الفقيه األديب محمد بن األمين بوخبزة تل ّقى عليه دروسا في الجغرافية اإلقليمية‪ ..‬واألستاذ األديب‬ ‫الدكتور عبداهلل المرابط الترغي رحمه اهلل حضر عليه دروسا في التوحيد والنحو والفقه ‪..‬‬ ‫خصاله‪:‬‬ ‫يقول‪ :‬تلميذه الدكتور عبداهلل المرابط الترغي‪( :‬قد كان رحمه اهلل كبير النّفس‪ ،‬طيب األرومة‪ ،‬خدوما‬ ‫للطلبة والمعهد‪ ،‬مشرفا على كثير من األعمال به دون ملل أو تعب)‪.‬‬ ‫وفاته‪:‬‬ ‫وظل وفيًّا للعلم وأهله إلى أن انتقل إلى جوار ربه بمدينة تطوان سنة ‪1392‬هـ‪1973/‬م‪.‬‬ ‫مصادر الترجمة‪:‬‬ ‫كناشة شيوخ المعاهد الدينية بشمال المغرب ‪.34‬‬ ‫ ‪-‬‬ ‫مشاهير علماء المعاهد الدينية بمدن شمال المغرب ‪.95-96‬‬ ‫ ‪-‬‬ ‫من أعالم شمال المغرب للدكتور عبداهلل المرابط الترغي ‪.1/151-153‬‬ ‫ ‪-‬‬ ‫أعالم شفشاون وأحوازها في القرن العشرين بحث لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة من إعداد‬ ‫ ‪-‬‬ ‫الباحثة اعتماد الرحموني ‪.85‬‬ ‫معلومات شفهية عن الشيخ محمد بوخبزة‪.‬‬ ‫ ‪-‬‬


‫‪18‬‬

‫الثالثـاء ‪� 09‬إلى ‪ 15‬يوليوز ‪2019‬‬

‫العدد ‪1001‬‬

‫لعبة السودوكو (‪)464‬‬

‫رحلة عبر أزمنة الزمان‬

‫أصل اللعبة‬

‫لعبة السودوكو اليابانية األصل «‪ ،»SUDOKU‬كانت معروفة منذ الثمانينيات‬ ‫في اليابان‪ ،‬إال أنها لم تظهر كلعبة ذات شعبية إال سنة ‪.2005‬‬

‫• بقلم ‪ :‬عبد المجيد اإلدريسي‬

‫معنى كلمة سودوكو‬

‫كلمة سودوكو هي اختصار للجملة اليابانية (‪)Nikagiru Sujiwa Dokushin‬‬ ‫وتعني أن األعداد البد أن تكون مفردة‪ .‬وهذه اللعبة عبارة عن عالمة تجارية لشركة‬ ‫‪.Nikol‬‬

‫كيف تلعبها ؟‬

‫اللعبة تعتمد على المنطق لدرجة كبيرة‪ ،‬وهي لوحة مقسمة إلى تسع مناطق كل‬ ‫منطقة مكونة من تسع خانات‪ ،‬وعليك أن تمأل هذه الخانات أفقيا أو عموديا بأرقام من‬ ‫‪ 1‬إلى ‪ ،9‬حيث ال تستخدم الرقم إال مرة واحدة في جميع المربعات على العمود نفسه‬ ‫أو السطر أو القطر‪ ،‬وتكون هناك أرقام موضوعة سابقا في بعض الخانات‪.‬‬

‫مفيدة لكن معقدة‬

‫اللعبة مفيـدة جدا لتقوية مهارات المنطـق‪ ،‬ويستخدمهـا مدرسو الرياضيات‬ ‫كتمارين للطلبة وتختلف درجة التعقيد‪ ،‬حسب الفئة المستهدفة‪.‬‬

‫َّ‬ ‫‪...‬إن اهلل َّج��ل وع�لا اصطفى آدم‬ ‫من العرب‪ ،‬واصطفى من العرب كِنانة‪،‬‬ ‫واصطفى من كِنانة قريشاً‪ ،‬واصطفى من‬ ‫قريش بني هاشم‪ ،‬واصطفاني «رسول‬ ‫اهلل –ص»‪( ،‬في صحيح األخيار مما رواه‬ ‫التقات األخيار ) من بني هاشم‪ ،‬فأنا من‬ ‫خيار من خيار «ص»‪ .‬تعلموا من أنسابكم‬ ‫ما تصلون به أرحامكم «حديث»‪ .‬وعن‬ ‫المقريزي في كتابه «قالئد الجمان في‬ ‫التعريف بعرب الزمان»‪ ،‬القائل ‪ :‬علم‬ ‫األنساب مشتل من علم التأريخ‪ .‬من‬ ‫شباب أهل الجنة‪ ،‬الحسن والحسين‪،‬‬ ‫أحفاد المصطفى»ص»‪ ،‬وهما أبناء‬ ‫علي «كرَّم اهلل وجهه» وفاطمة ريحانة‬ ‫محمد «ص»‪ ،‬ومن أحفاده أيضاً ‪ :‬الحسن‬ ‫السبط والحسن المثنى وعبد اهلل الكامل‬ ‫وأبناؤه الستة‪ ،‬ومنهم المولى إدريس‬ ‫الذي فرّ مع أخيه ابراهيم إلى البصرة‬ ‫سنة‪159‬للهجرة النبوية‪ ،‬وأقاما بها فكان‬ ‫يحارب (ابراهيم) أعداءه حتى قتل‪ .‬بعد‬ ‫مقتل الحسن والحسين أيام األمويين‬ ‫وانتقلت الوالية إلى العباسيين‪ ،‬وقد‬ ‫عزموا على إبادة الشرفاء آل البيت‪ ،‬الذين‬ ‫فروا إلى أقاصي األرضي‪ .‬إذاك فرَّ إدريس‬ ‫مع أخيه سليمان بصحبة مواله الراشد‬ ‫إلى مكة ومصر ثم تلمسان التي مكث‬ ‫بها سليمان‪ .‬فانطلق إدريس مع مواله‬ ‫الراشد الذي كانت أصوله المغربية من‬ ‫قبيلة «أوريد» إلى ْ‬ ‫أن وصال إلى طنجة‪،‬‬ ‫التي كانت أي��ام الرومان عاصمة من‬ ‫عواصم اإلمبراطورية الرومانية‪ ،‬إذ كانت‬ ‫تسمى «عاصمة موريطانيا الطنجيطال»‬ ‫ولعلى مواله الراشد هو الذي حفزه إلى‬ ‫بالده البربرية آنذاك‪ .‬والتي كان قد سبق‬ ‫الفتح اإلسالمي إليها‪ ،‬بمفهوم الصراع‬ ‫العربي الديني‪ ،‬إلى رحلة العقل العربي‬ ‫والهوية للذات الواحدة‪ .‬انطلق منها‬ ‫الفتح اإلسالمي إلى العالم‪ ،‬وما تمخض‬ ‫عن ذلك من كتابة فوق الكتابة‪ .‬وهي‬ ‫رؤى تختلف عن رؤانا نحن أمة اإلسالم‪،‬‬ ‫بقيمها المتسامحة لكي تأتي الصليبية‬ ‫بمنهجية عدم التسامح‪ .‬من هنا جاء‬ ‫البعد الخطابي إلى البعد التخييلي لكي‬ ‫يتوصل القارئ بها عبرالسرد لألحداث‪.. .‬‬ ‫هذا خبرٌ من ْ‬ ‫ملء األرض بعد بعثة خير‬ ‫البرايا وشريف السجايا‪ ،‬محمد صلى اهلل‬ ‫عليه وسلم‪ .‬فأيام خالفة األمويين وكان‬ ‫ذلك سنة ‪89‬للهجرية النبوية‪ ،‬قد غزى‬ ‫موسى بنُ نصير أرض إفريقية‪ ،‬إلى ْ‬ ‫أن‬ ‫وصل إلى سوس‪ ،‬فاستأمنه أهلها‪ ،‬ثم‬ ‫ولى طارق بن زياد على طنجة‪ ،‬وترك‬ ‫فيهم بعض العرب لتعليم القرآن الكريم‬ ‫وفرائض اإلسالم للبربر ‪ ..‬إلى ْ‬ ‫أن فتح‬ ‫طارق بن زياد األندلس بأمر من موسى‬ ‫بن نصير األندلس سنة ‪92‬ه‪ .‬وقد ذكرت‬ ‫خطبته الشهير «في نفح الطيب»‪ ،‬وبها‬ ‫قد حفز جيشه على الجهاد بالصدق‬ ‫والصبر‪ ،‬ثم التقى الجمعان فانتهى إلى‬

‫انتصار المسلمين‪ ،‬بعدما انقض طارق‬ ‫على «لذريق» رئيس الفيزيقوط في‬ ‫فراشه فقتله‪( .‬انظر «جذوة المقتبس»‬ ‫للحميدي و«بيت الحكمة» البن خلكان)‪.‬‬ ‫وهي من الفتوحات األموية أيام خالفتهم‬ ‫في عهد يزيد بن معاوية وأبنائه‪ ،‬منهم‬ ‫زين العابدين الذي توفي سنة ‪95‬ه عن‬ ‫سن ‪57‬سنة‪ .‬وابنه الباقر الذي توفي‬ ‫سنة ‪114‬ه‪ .‬قال رسول اهلل «ص» ‪ :‬تنكح‬ ‫المرأة ألربع «لدينها وحسبها ومالها‬ ‫وجمالها»‪ .‬فإذا لم يُعرَف النسب تعذر‬ ‫ذلك ‪ ..‬ومن أقوال الشافعي ‪ :‬كان أبو بكر‬ ‫الصديق «يشتغل بعلم األنساب»‪ ،‬وهي‬ ‫مهمة عربية ‪.‬و كان نسّاباً‪ .‬األنساب‬ ‫ُّ‬ ‫يدُل على‬ ‫والنسب بالعلم الرفيع‪ .‬مما‬ ‫جاللة ق��دره‪ .‬لقول المصطفى»ص» ‪:‬‬ ‫مَن أرَّخَ لمؤمن فكأنما أحياه‪ ،‬ومن قرأ‬ ‫تاريخه فكأنما زاره‪ ،‬ومن زاره استوجب‬ ‫رضوان اهلل‪ ،‬وحقَّ على المزور ْ‬ ‫أن يُكرم‬ ‫زائره‪ .‬من هنا جاءت هجرة المولى إدريس‬ ‫سنة ‪172‬ه ومواله الراشد إلى طنجة‬ ‫وبعدها إلى «وليلي» وزره��ون‪ .‬فكانا‬ ‫زائرين أكرمهما عبد المجيد األوْرب��ي‬ ‫الحاكم على قبائل البربر‪ ،‬النتساب‬ ‫إدري��س إلى آل بيت رس��ول هلل «ص»‪،‬‬ ‫فاستأمنوه ألصله‪ .‬ودعاهم إلى اإلسالم‪،‬‬ ‫فتنازل (عبد المجيد) عن الحكم للمولى‬ ‫إدريس وبايعه على ذلك‪ ،‬ثم تزوَّجَ ابنته‬ ‫كنزة األوْرابية‪ .‬وقد نظم الشاعر اإلمام‬ ‫غازي في حق اإلمام إدريس األكبر ‪:‬‬ ‫وفتح الغــرب لسـوس األقصــــى‬ ‫مـوسـى وطـارق بمـاال يحصـــى‬ ‫وجــــاءنـــا إدريسُ عام قـعــب‬ ‫وبُنيتْ فاس في يــوم قضـــب‬ ‫وبعد ْ‬ ‫أن اغتاله الخليفة ه��ارون‬ ‫الرشيد بقرورة سُمٍّ على يد مبعوث له‬ ‫يُدْعى سليمان بن جرير النبري الشماخ‬ ‫سنة ‪177‬ه‪ ،‬وكانت زوجته كنزة حامال‬ ‫منه في شهرها السابع‪ ،‬ولما وضعته‬ ‫غالماً أشبه بأبيه‪ ،‬خلفاً لوالده في نفس‬ ‫السنة (‪177‬ه)‪ .‬فاختارت له أمه كنزة‬ ‫األوربية ومواله الراشد نفس اسم والده‬ ‫«إدريس»‪ ،‬فأصبح يدعى إدريس األزهر‬ ‫أو األصغر‪ .‬لحماية البيضة وكفّ الفتنة‪.‬‬ ‫فالشرف ليس بالنسبة فقط وإنما هو‬ ‫أيضاً بامتثال أوامر اهلل واجتناب نواهيه‪،‬‬ ‫لقول المصطفى(ص) ‪ :‬أنا جدُّ ّ‬ ‫كل تقي‪.‬‬ ‫تلقى تعليمه على مواله الراشد‪ ،‬فحفظ‬ ‫القرآن الكريم‪ ،‬وجميع العلوم‪ ،‬وقد تحلى‬ ‫بصفة وال��ده كالبدر المنير‪ ،‬رضي اهلل‬ ‫عنه‪ ،‬تقياً و ِرعاً‪ ،‬عالماً بكتاب اهلل‪ ،‬قائماً‬ ‫بحدوده‪ ،‬وقد ُذكرتْ أوصافه في «روض‬ ‫القرطاس»‪ .‬وكان شاعراً وهو أحسن في‬ ‫الحرب فأنشد ‪:‬‬

‫أليس أبونــا هاشـــم شـــد أزره‬ ‫وأوصى بنيه بالطعان وبالضرب‬ ‫فلسنا ُّ‬ ‫نمل الحــرب حتى تملنــــا‬ ‫وال نشتكي مما يؤول إلى النصب‬ ‫ق��ام بالنيابة عن إدري��س األصغر‬ ‫في شؤون الحكم‪ ،‬مواله الراشد وعبد‬ ‫المجيد األورب��ي وأخ��وه من الرضاعة‬ ‫إلى أن تولى شؤون البالد‪ .‬ثم زوجته‬ ‫أمهُ‪ ،‬الحسنى بنت سليمان بن محمد‬ ‫النجاعي‪ ،‬فخلف منها اثنى عشر ولداً‪.‬‬ ‫فكان لها ٌ‬ ‫شأن بأسماء مختلفة ‪ :‬الدولة‬ ‫اإلدريسية الزرهونية والدولة اإلدريسية‬ ‫الغمارية والدولة اإلدريسية األندلسية‬ ‫وال��دول��ة المهدوية‪ .‬وق��د يبنى على‬ ‫مفهوم ب��دوام ملك األدارس��ة من عام‬ ‫‪172‬ه عند تنصيب إدريس األكبر على‬ ‫حكم المغرب إلى آخر أمير إدريسي وهو‬ ‫أبو القاسم سنة ‪375‬ه للهجرة النبوية‪،‬‬ ‫أي دام ملكها ‪203‬سنة‪( ،‬كتاب تاريخ‬ ‫اإلسالم للدكتور حسن إبراهيم )‪ .‬من‬ ‫نبوؤة رس��ول اهلل (ص)‪ ،‬حين عُ��رج به‬ ‫إلى السماوات العلى‪ ،‬رأى بقعة بيضاء‬ ‫تتألأل ن��وراً بالمغرب‪ ،‬فسأل‪ :‬ما هذه‬ ‫البقعة البيضاء يا جبريل ؟ هذه مدينة‬ ‫ألمتك في آخر الزمان تسمى فاس‪ ،‬ينبع‬ ‫منها العلم من صدور أهلها كما ينبع‬ ‫الماء من حيطانها‪ ( .‬الدرر السنية في‬ ‫أخبار الساللة اإلدريسية – محمد علي‬ ‫السنوسي الخطابي الحسني اإلدريسي )‪.‬‬ ‫تلك هي فاس عاصمة إدريس األصغر ‪..‬‬ ‫فليس لنا ْ‬ ‫أن نعيِّن محطة بعينها‬ ‫أو نُرتبها بحسب وروده��ا في شريط‬ ‫األح��داث‪ ،‬وقد يسهل استحضار اإلمارة‬ ‫اإلدريسية تاريخيا واستدعاؤها إلى‬ ‫السطح وهي مَنْ هي‪ ،‬من آل البيت‪.‬‬ ‫فالرواية التاريخية هي التي تستفزُّ‬ ‫القارئ‪ .‬فال يظننَّ القارئ َّ‬ ‫أن هذه في‬ ‫شريط األح��داث ‪ ،‬رحلة إلى رحلة عبر‬ ‫أزمنة الزمان ‪...‬‬

‫حل السودوكو‬ ‫رقم ‪464‬‬

‫سرعة المالحظة‬

‫بين الصورة واألصل ‪ 6‬اختالفات‪ ،‬حاول أن تهتدي إليها‪.‬‬


‫صفحة‬

‫‪19‬‬

‫�إعداد ‪ :‬م�صطفى ال�سباعي‬

‫العدد ‪1001‬‬

‫الثالثاء ‪� 09‬إلى ‪ 15‬يوليوز ‪2019‬‬

‫مجرد رأي ‪:‬‬

‫ماذا بعد تأجيل الجمع العام‬ ‫التحاد طنجة ؟‬ ‫أعلن المكتب المسير لفريق اتحاد طنجة لكرة القدم عن تأجيل الجمع‬ ‫العام الذي كان مقررا لهيوم األربعاء ‪ 3‬يوليوز إلى يوم اإلثنين ‪ 15‬من‬ ‫نفس الشهر‪.‬‬ ‫ولم يتم الكشف عن األسباب والدوافع التي أدت إلى تأجيل هذا‬ ‫الجمع االذي كان عشاق فارس البوغاز ينتظرون منه الكثير ليكون منطلقا‬ ‫لمسيرة الفريق‪.‬‬ ‫وحسب المقربين‪ ،‬فإن بعض أعضاء المكتب المعرضين كانوا‬ ‫يهيئون العديد من الخطط لنسف هذا الجمع وتأجيل أشغاله ألسباب‬ ‫متعددة‪ ..‬ودفع بعض المنخرطين إلى عدم الحضور حتى ال يكتمل‬ ‫النصاب القانوني ورفض التقريرين األدبي والمالي والوقوف في وجه‬ ‫الرئيس عبد الحميد أبرشان وعدم منحه صالحية تجديد ثلث أعضاء‬ ‫مكتبه‪.‬‬ ‫غير أن مصادر أخرى أرجعت التأجيل إلى عدم تهييء التقرير المالي‬ ‫في الوقت المناسب وضرورة إضافة مستحقات الالعبين والطاقم الفني‬ ‫إليه‪.‬‬ ‫وبين هذا وذاك تبقى الحقيقة ضائعة ويظل المجال مفتوحا في وجه‬ ‫الشائعات والكثير من المغالطات التي كان باإلمكان تالفيها بالوضوح‬ ‫والصراحة‪.‬‬ ‫الفريق تعاقد اآلن مع مدرب جديد وشرع في التداريب اإلعدادية‬ ‫والتحضير لالنتدابات الجديدة حتى تكون مشاركته في دوري ابن بطوطة‬ ‫والبطولة العربية والدوري االحترافي وكأس العرش إيجابية‪.‬‬ ‫وهذا لن يتحقق إال بتظافر جهود الجميع وتغليب المصلحة العامة‬ ‫ومصلحة الفريق ونبذ الخالفات والحزازات ووضع اليد في اليد من أجل‬ ‫الفريق حتى يحقق مبتغى جماهيره وأنصاره‪.‬‬

‫انطالق تداريب اتحاد طنجة‬ ‫انطلقت أمـــس تداريب اتحـــاد طنجة لكرة القدم استعدادا للموسم‬ ‫الكروي الجديد‪.‬‬ ‫وفيما يلي الالئحة المستدعاة من قبل الطاقم الفني للفريق بقيادة‬ ‫المدرب الجزائري نبيل نغيز‪.‬‬ ‫هشام المجهد‬ ‫خالد أوطاح‬ ‫ندو بيبي‬ ‫عماد عسكر‬ ‫أيوب الجرفي‬ ‫رضوان المرابط‬ ‫نزامبي‬ ‫حاتم الوهابي‬ ‫نعمان أعراب‬ ‫سفيان شرف‬ ‫أحمد الشنتوف‬ ‫أيوب الكعداوي‬ ‫عبد الكبير الوادي‬ ‫موكوكو‬ ‫جونيور مباي‬ ‫العائدون من اإلعارة‬ ‫أحمد حمودان – عبد الغفور جبرون – زكريا بولعيش ‪ -‬يونس الذيب ‪-‬‬ ‫سفيان البقالي ‪ -‬على العسري‪.‬‬ ‫الملتحقون من فريق األمل‬ ‫رضا الهناوي ‪ -‬عبد اللطيف أخريف‪ -‬نور الدين أبو الفرح ‪ -‬ياسين العشري‪.‬‬ ‫هذا وانتدب اتحاد طنجة لحد اآلن ثالثة ال عبين جدد وهم ‪:‬‬ ‫ـ مصطفى كمارا العب المنتخب األولمبي اإليفواري‪.‬‬ ‫ـ محمد أيمن سديل العب الرجاء السابق‪.‬‬ ‫ـ عبد المطلب فوزي قادما من الرشاد البرنوصي‪.‬‬

‫ك�أ�س �إفريقيا للأمم‬

‫الصدمة التي أيقظتنا من الحلم‬

‫توقف قطار أسود األطلس عند محطـة الدور الثمن‬ ‫النهائي لكأس أمم إفريقيا المقامة حايا بمصر إثر هزيمته‬ ‫امام منتخب بنين بركالت الجزاء الترجيحية‪ ،‬بعد انتهاء‬ ‫الوقت األصلي واإلضافي بالتعادل ‪.1-1‬‬ ‫هزيمة مدوية لم تكن منتظرة بالنظر إلى المسار‬ ‫الجيد للمنتخب المغربي‪ ،‬سواء في التصفيات المؤهلة أو‬ ‫خالل منافسات دور المجموعات‪ ،‬حيث أنهى الفريق الدور‬ ‫األول في الصدارة بثالثة انتصارات‪ .‬عوامل كثيرة ساهمت‬ ‫في اإلقصاء المبكر لألسود من كأس أمم إفريقيا بمصر‬ ‫منها‪.‬‬ ‫ عدم استفادة المدرب هيرفـي رونــار من الدروس‬‫السابقة أمام المنتخبات المتواضعة‪.‬‬ ‫ اعتماد الفريق المغربي على الحلول الفردية التي‬‫كانت تأتي بأقدام بعض الالعبين كزياش بالتسديد أو‬ ‫االختراق من األطراف‪.‬‬ ‫‪ -‬السقوط في فخ التسرع وإضاعة فرصة قتل المباراة‬

‫بعد إهدار زياش لركلة جزاء كانت ستقلب المعطيات‬ ‫وتعيد األمور إلى نصابها‪..‬‬ ‫ظهور حكيم زياش بمستوى متراجع مقارنة بما قدمه‬‫مع فريقه أياكس أمستردام‪ ،‬سواء في الدوري الهولندي‬ ‫أو في دوري أبطال أوربا‪.‬‬ ‫وعدم االستفادة من النقص العددي بعد طرد أحد‬ ‫أعمدة المنتخب البنيني في الوقت بدل الضائع‪.‬‬ ‫هذه العوامل جعلت منتخب بنين الذي يعتبر من‬ ‫ضمن المنتخبات المتواضعة خالل هذه البطولة يكشر‬ ‫عن أنيابه ويحقق المفاجأة الكبرى األولى في كأس أمم‬ ‫إفريقيا ‪ 2019‬ويضمن بالتالي لنفسه مقعدا ضمن الكبار‬ ‫في الدور ربع النهائي‪.‬‬ ‫الصدمة إذن كانت قوية وأيقظتنا من الحلم الذي‬ ‫راودنا طويال في صراع البحث عن لقب جديد بعد لقب‬ ‫عام ‪.1976‬‬

‫بطولة إسبانيا تنطلق في ‪ 17‬من غشت‬ ‫والكالسيكو ما بين ‪ 26‬و ‪ 27‬أكتوبر‬ ‫أسفرت القرعة التي أجراها االتحاد اإلسباني لكرة‬ ‫القدم عن مباريات قوية لألندية الكبرى الثالثة في‬ ‫الجولة األولى من الليغا لموسم ‪ 2020-2019‬التي‬ ‫ستنطلق في ‪ 17‬من غشت المقبل‪.‬‬ ‫وسيحل برشلونة حامل اللقب ضيفا على أتلتيك‬ ‫بلباو ويستضيف أتلتيكو مدريد الوصيف فريق‬ ‫خيتافي‪ ..‬فيما يرحل ريال مدريد لمنازلة فريق خيتافي‪.‬‬ ‫باقي مباريات الجولة األولى‪.‬‬ ‫‪ -‬مايوركا ‪ -‬إيبار‪.‬‬

‫ إسبانيول ‪ -‬إشبيلية‪.‬‬‫ االفيس ‪ -‬ليفانتي‪.‬‬‫ بلنسية ‪ -‬ريال يوسييداد‪.‬‬‫ ليفانتي‪ -‬أوساسونا‪.‬‬‫ وفيا ريال ‪ -‬غرناطة‪.‬‬‫وستقام مبار اة ذهاب الكالسيكو على ملعب نو‬ ‫كامب يوم ‪ 26‬أكتوبر القادم ضمن الجولة ‪ 10‬ومباراة‬ ‫اإلياب يوم ‪ 29‬فبراير على ملعب سانتياغو بيرنابيو‬ ‫ضمن الجولة ‪.26‬‬


‫األخيرة‬

‫الثالثـاء ‪� 09‬إلى ‪ 15‬يوليوز ‪2019‬‬

‫العدد ‪1001‬‬

‫تذكرة سفر‬

‫احللقة الرابعة‬

‫لقاءات حوارية‪ ،‬في حلقات متسلسلة‪ ،‬مع شخصيات مؤثرة في المجال العمومي المغربي والعربي واإلنساني‬ ‫بمختلف تعبيراته‪ ،‬تسائلها حول تجربتها في الحياة الخاصة والعامة‪ ،‬وترحل بها عبر تذكرة سفر معنوية‬ ‫وروحية إلى الماضي وإلى المستقبل‪.‬‬ ‫تذكرة السفرالثالثة مع اإلعالمية ثريا الصواف‪ ،‬أحد أبرز الوجوه التلفزيونية المغربية ما بين مرحلة‬ ‫الثمانينيات والتسعينيات و ‪ ،2000‬فقد أغنت المشاهدة التلفزية المغربية بتجربتها المؤكدة‪ ،‬وطبعتها‬ ‫بالعديد من اإلنجازات الفارقة وقتها‪ ،‬فقد حاورت المرأة بشجاعة نادرة كبار الشخصيات السياسية والثقافية‬ ‫العالمية‪ ،‬من رؤساء الدول والحكومات‪ ،‬وكانت أول إعالمية مغربية استطاعت أن تلج إلى عوالم القصر الملكي‬ ‫المغربي الداخلية في مهمة إعالمية لم تكن سهلة على اإلطالق‪.‬‬

‫• عبد اإلله المويسي‬

‫كأطر استحدثت انسجاما مع طموح مفاجئ من‬ ‫أجل تجديد أداء التلفزيون المغربي‪ .‬وكإجراء‬ ‫أولي‪ ،‬كان هذا الوضع يملي على ‪ RTM‬التعامل‬ ‫معنا‪ ،‬من الناحية المالية‪ ،‬بنفس الصيغة التي‬ ‫يدفعون بها أجور الفنانين‪ .‬وهي صيغة أقرب‬ ‫إلى مفهوم التعاقد المشروط فيما أعتقد‪.‬‬ ‫ومهما يكن‪ ،‬وللحقيقة‪ ،‬فقد كان أجرا مغريا‬ ‫وقتها‪ ،‬ويفوق ما كنت أتقاضاه بميدي‪ .1‬على‬ ‫الرغم من أن راتبي بميدي‪ 1‬أيضا كان جيدا‪.‬‬ ‫كان األمر غريبا نوعا ما‪ ،‬حيث أننا كنا‬ ‫نتوجه على رأس كل شهر إلى المقاطعة كي‬ ‫نصادق على تصريح حول المبلغ الذي كنا‬ ‫نتسلمه يدويا في مظروف‪.‬‬ ‫وهكذا انطلق المشوار مع ‪.RTM‬‬

‫• كيف كانت مواجهتك األولى مع‬ ‫التلفزيون؟‬

‫• غـــادرت طنجــة‪ ،‬وقـــدمــت‬ ‫استقالتك من ميدي‪ 1‬إذن؟‬

‫نعم‪ .‬وطبعا لم يكن األمر هينا‪ ،‬ال‬ ‫بالنسبة لي كما سبق أن أشرت لك‪ ،‬حيث أنني‬ ‫كنت قد رسخت وجودا جميال بين الناس في‬ ‫طنجة‪ ،‬وحققت استقرارا حياتيا مريحا ومطردا‪،‬‬ ‫أو بالنسبة لميدي‪ 1‬نفسها‪ ،‬هذه المؤسسة‬ ‫العتيدة التي كانت تبني أطرها وكوادرها بكل‬ ‫العناية الممكنة‪ ،‬وتسعى إلى الحفاظ عليها بكل‬ ‫اإلصرار‪.‬‬ ‫أذكر أنني‪ ،‬ذلك الصباح‪ ،‬وقبل أن أهاتف‬ ‫‪ ، Casalta‬المدير العام لميدي‪ ،1‬قصد مفاتحته‬ ‫في موضوع استقالتي‪ ،‬شعرت في داخلي أنني‬ ‫بصدد التخلي عن أمر جوهري ذي طبيعة‬ ‫روحية من كينونتي‪ .‬كنت أهاتفه جالسة‬ ‫بصالون داخلي ببناية ‪ RTM‬حين انتابني هذا‬ ‫اإلحساس الضاغط‪ .‬وبكل الصدق‪ ،‬كانت لحظة‬ ‫قاسية‪.‬‬

‫أفهمته أنني مهتمة ومتحمسة لولوج‬ ‫هذه التجربة الجديدة‪ ،‬وقدمت له اعتذارا عميقا‬ ‫عن الطريقة المفاجئة التي أستقيل بها‪ .‬كان‬ ‫االنزعاج بادياً على نبرته‪ ،‬غير أنه وبكل النبل‬ ‫الذي عهدته فيه رد على مكالمتي بلهجة فيها‬ ‫تراخ ملحوظ‪ ،‬لكن أيضا فيها تقبل معقول‪ .‬قال‬ ‫لي‪:‬‬ ‫ـ أتفهم تطلعاتك‪ ،‬وأنا مع أن ترتقي‬ ‫بأحالمك من سياق إلى آخر أفضل‪ ،‬لكن تأكدي‬ ‫أنني سأوافق على طلبك تقديرا لكل ما بذلته‬ ‫من تفان في خدمة القناة‪ ،‬وإيمانا بأنك ستبلين‬ ‫البالء الحسن حيثما ستتواجدين‪ .‬وواصل‬ ‫بالفرنسية‪:‬‬ ‫ـ ‪on ne peut pas déshabiller Paul‬‬ ‫‪pour habiller pierre‬‬ ‫ثم ذكرنـــي في النهاية أن علي أن أتقدم‬ ‫باستقالتيمكتوبةمختومة‪.‬‬ ‫اليوم الموالـــي‪ ،‬كنـــت قـــد كتبــت‬ ‫االستقالة‪ ‬وأرسلتها له‪ ،‬حيث وضعت‬ ‫على مكتبه‪.‬‬ ‫وهنا ينبغي أن أشير إلى أنني‬ ‫أيضا في قرارة نفسي كنت أشعر‬ ‫بطعم المغامرة في روحي تجاه ما كنت‬ ‫مقبلة عليه‪ ،‬سواء تعلق األمر ببرنامجي‬ ‫الشخصي كامرأة وأنثى‪ ،‬أو بالسياق‬ ‫العام لحياتي المهنية‪.‬‬ ‫حملت حقيبتي صباح ذلك اليوم‪،‬‬ ‫وألقيت نظرة وداع حزينة أخيرة على‬ ‫أطراف شقتي بطنجة‪ ،‬واتجهت صوب‬ ‫العاصمة‪.‬‬ ‫بداية أقمت بفندق مدة شهرين‪،‬‬ ‫قبل أن أنتقل أنا وزميلة عمل أخرى‬ ‫للسكن بشقة أنيقة ومجهزة بشكل‬ ‫جيد اقتناها لنا ‪.PAKARD‬‬ ‫كان لزاما علينا أن نخضع خالل‬ ‫هذه الفترة لبرنامج تكويني أولي أشرف‬ ‫عليه طبعا خبراء من ‪ TFI‬و ‪.France 2‬‬ ‫وأتذكر أنني كنت أبذل الجهد األقصى‬ ‫لتلقي أساسيات المهمة التي كانت‬ ‫ستوكل إلي‪.‬‬ ‫من ناحية أخرى‪ ،‬كنا نتقاضى أجرا‬ ‫استثنائيا بحكم أننا لم نكن نتوفر بعد‬ ‫على اإلطار القانوني المتعلق بحالتنا‬

‫ـ واااو‬ ‫ما أزال أذكر ذلك اليوم االستثنائي الرهيب‪.‬‬ ‫كنا في األستوديو نتهيأ‪ ،‬وكان صمت مخيف‪،‬‬ ‫وأجواء متوترة يعمان المكان‪ ،‬ويمنحانه حالة‬ ‫جمود أو تجمد‪.‬‬ ‫كان فريق العمل بأكمله‪ ...‬التقنيـــون‪،‬‬ ‫فنيو اإلضاء ّة‪ ،‬المصورون‪ ،‬والسيناريو المكتوب‬ ‫المترائي أمامنا‪ ،‬وكل شيء آخر مرتبط بالبث‬ ‫قد وضع في حالة تأهب قصوى‪ ،‬ووضع رهن‬ ‫التصرف المضبوط الدقيق لمدير األستوديو‪.‬‬ ‫أذكر جيدا كيف أن تلك العدسة الحمراء‬ ‫الصغيرة بدأت تضيء في إشارة إلى أننا على‬ ‫الهواء مباشرة‪ .‬كان قلبي ينبض بقوة شديدة‪،‬‬ ‫وكان الضرب في صدري يتواتر ويتسارع إلى‬

‫درجة أني كنت أشعر بصدى النبضات في رأسي‪.‬‬ ‫كنت مشلولة بسبب الخوف‪ .‬ساقي تحت الدرج‬ ‫كانت تهتز‪ .‬غير أن فكرة أن زميلي في البث‬ ‫كان هو أول من سيتواجه مع االنطالق‪ ،‬منحتني‬ ‫شعورا صغيرا بالمواساة‪ .‬وبدوره زميلي كان في‬ ‫حالة قصوى من الهلع‪.‬‬ ‫وبدأ العد التنازلي ‪…3 …4 …5‬‬ ‫‪ …0 …1…2‬ثوان قبل البث المباشر‪.‬‬ ‫ببشرة وجه شاحب تماما‪ ،‬على الرغم من‬ ‫مفعول الماكياج والمساحيق‪ ،‬وبصوت صارم‪،‬‬ ‫خاطب زميلي المشاهدين‪..‬‬ ‫ـ « سيداتي سادتي مساء الخير»‪.‬‬ ‫ثم استرسل في تالوة النص‪ ،‬على الرغم‬ ‫من التوتر‪ ،‬بل والتوتر الشديد‪ .‬واستطاع أن‬ ‫يجتاز المواجهة األولى بنجاح كبير‪.‬‬ ‫ثم حان دوري لتولي المهمة‪ .‬وها أنا‬ ‫أنظر مباشرة إلى الكاميرا‪ ،‬حيث تنقلنا لماليين‬ ‫المشاهدين الذين سيكتشفون ألول مرة وجوه‬ ‫مقدمي األخبار التلفزيونية الجدد في ‪،RTM‬‬ ‫القناة التلفزيونية الوحيدة بالمغرب في ذلك‬ ‫الوقت‪.‬‬ ‫على البث المباشر‪ ،‬وتحت هيبة األضواء‪،‬‬ ‫شعرت أني وحيدة أكثر من أي وقت مضى‪ ،‬وأني‬

‫الإعالمية ثريا ال�صواف‬ ‫مطالبة أن أخوض مواجهتي من غير التفكير‬ ‫في تلقي أي مساعدة ممكنة أو محتملة‪ .‬كان‬ ‫إحساسا مريرا بالعزلة‪.‬‬ ‫موكولة إلى نفسي بهذا الشكل‪ ،‬تملكني‬ ‫خوف رهيب من الفشل ‪ ،‬ومن تفويت فرصتي‬ ‫وموعدي مع الحلم‪ .‬وفي نفسي الوقت تملكني‬ ‫شعور آخر بأني علي أن أهزم التوتر مهما تطلب‬ ‫األمر‪ .‬أخيرا استجمعت نفسا عميقا معتقدًة أنه‬ ‫ليس لدي خيار آخر سوى النجاح‪.‬‬ ‫ركزت على الكاميــــرا التي كان عليهـــا‬ ‫«ملقن» يتوالى معه النص‪ .‬ويا له من نعمة‬ ‫هذا الملقن‪ ،‬إذ أنه من المطمئن أن تعرف أن‬ ‫كل شيء مكتوب‪ ،‬وأنه ليس واردا خطر النسيان‪.‬‬ ‫ومع ذلك‪ ،‬كان من الجيد أن أقرأ بلهجة طبيعية‬ ‫دون أن أظهر بأنني حرفيا‪ ،‬وأوتوماتيكا أتتبع‬ ‫تعليمات هذا الملقن‪ ،‬خصوصا فيما يتعلق‬ ‫باحترام عالمات الترقيم‪ .‬ولكن هذا ال يمنع من‬ ‫االعتراف بأن جملي وعباراتي األولى نطقتها‬ ‫بصوت مرتجف مصحوب بقلبي الخافق‪.‬‬ ‫طبعا‪ ..‬كانت هذه اللحظة واحدة من أكثر‬ ‫األوقات كثافة وقساوة التي يجب أن أعيشها‪.‬‬ ‫ولسبب وجيه جدا‪ ،‬حيث كنا نعلم بأن هناك‬

‫سلطة ما بين العيون التي تترقبنا في الظل ‪...‬‬ ‫نظرة حتمية‪ ،‬متيقظة‪ ،‬متنبهة‪ ،‬ومهمة للغاية‪:‬‬ ‫نظرة الملك الحسن الثانــي‪ ،‬العقــل المدبر‬ ‫إلصالح التلفزيون المغربي‪ .‬هذا التلفزيون‬ ‫الذي يتحرك‪ ،‬ويتحول إلى أقصى الحدود‪.‬‬ ‫هذا التلفزيون الذي أشرق بألوان زاهية‬ ‫مع استوديوهاته المتجددة ‪ ،‬وتصميمه‬ ‫الجرافيكي المغاير‪ ،‬ومعداته وتجهيزاته‬ ‫عالية التطور‪.‬‬ ‫وللحقيقة لم يكن لدى تلفزيوننا أي‬ ‫شيء يشعر خالله بالنقص أو الحسد أمام‬ ‫قناتي ‪ TFI‬و ‪.France 2‬‬

‫• هل شعرت فعـالً بأن تحـوال‬ ‫ًحقيقيا قد حدث في مشوارك؟‬ ‫لقد كان األمر بالنسبة لي تغييرا‬ ‫جذريا‪ .‬فهذا االنغماس في عالم‬ ‫المعلومات الواسع المصور جعلني ببعد‬ ‫مغاير‪ ،‬وجعل عقلي متفتحًا أكثر‪ ،‬وبرؤية‬ ‫غير معهودة تجاه وضع اإلنسانية المثير‬ ‫القاسي والمخيف بحروبه وصراعاته‬ ‫وعنفه‪.‬‬

‫ولإلنصاف المهني فقد كان علي مضاعفة‬ ‫جهودي في هذا العالم الضاج بالصور‪ .‬وفعال‬ ‫فقد كنت أشتغل بال كلل مرتين إضافيتين‪،‬‬ ‫ألنني كنت أشعر أن من حولي‪ ،‬في مكتب‬ ‫التحرير‪ ،‬صحفيين جيدين يعملون في صناعة‬ ‫المادة اإلخبارية بإتقان شديد‪ .‬ومن جانب آخر‬ ‫كانت وتيرة فريق العمل مرتفعة للغاية تفرض‬ ‫عليك مماشات إيقاعها بما يتطلبه األمر منك‬ ‫من تفان في إنجاز الربورتاجات الناجحة وانتقاء‬ ‫الموضوعات الحية وتركيب التعليقات الحادة‬ ‫الموفقة‪ ،‬والتي تساعد على «تسويق» المنتوج‬ ‫اإلعالمي‪.‬‬ ‫كان التجديد قبل كل شيء في حرية إيجاد‬ ‫النبرة المميزة واللباقة المتقبلة‪ .‬لم يكن مثال‬ ‫التطرق إلى األنشطة الملكية أمرا مفروضا‬ ‫إلزاميا‪ ،‬والتي كانت‪ ،‬من الممكن‪ ،‬أن تشكل في‬ ‫الماضي خطأ مهنياً‪ .‬كانت لدينا حرية حقيقية‬ ‫في اختيار توجهاتنا التي ستجعلنا نقترح على‬ ‫الناس تلفزيونا مغربيا حداثيا‪.‬‬ ‫باختصار‪ ،‬لقد نجحنا في اختالق تلفزيون‬ ‫جيد‪ .‬كان المشاهدون ممتنين جدا‪ ،‬وكنا نعامل‬ ‫كنجوم‪ .‬وكم كانت تبهجنا شهادات االستلطاف‬ ‫التي نقابل بهـــا في الشوارع‪ .‬كنا ملقبين ب‬ ‫«‪ »Zazous‬في إشارة إلى أسلوبنا في اللباس‪.‬‬ ‫وهذه الشعبية لم تكن مثار إزعاج لنا‪.‬‬ ‫مــــع اقتـــراب الثالـث من مـــارس‪« ،‬عيد‬ ‫العرش»‪ ،‬هذا الحدث الرمزي العظيم بالنسبة‬ ‫للمغاربة‪ ،‬كان البلد بأكمله‪ ،‬من «طنجة إلى‬ ‫الكويرا» يحتفل بفرح مذهل بالذكرى الـ ‪25‬‬ ‫لتربع صاحب الجاللة على العرش‪ .‬تم وضع‬ ‫جميع الوسائل تحت تصرفنا لتغطية الحدث‬ ‫لمدة أسبوع‪ .‬عبرت أطقم التليفزيون المملكة‬ ‫طوال وعرضا لتصوير البهجة والحماسة الشعبية‪،‬‬ ‫ولنقل شهادات سكان جميع المناطق المغربية‪.‬‬ ‫لقد اضطلع التلفزيون بدوره كامال في نقل‬ ‫االحتفاالت الرسمية‪ ،‬والمواسم االحتفائية‪ ،‬وكل‬ ‫أشكال األهازيج‪ ،‬واألغاني والرقصات‪ ،‬مدينة تلو‬ ‫مدينة ‪ ،‬حتى أقصى حدود المملكة‪.‬‬ ‫بعد االحتفاالت‪ ،‬كنا نعود لوتيرتنا العادية‬ ‫في التحرير‪.‬‬ ‫لقد ظل ‪ ،TVM‬لبعض الوقت‪ ،‬تلفزيونًا‬ ‫مبتكرًا وعصريًا‪ ،‬يمارس اختياراته في افتتاحيات‬ ‫األخبار بكل حرية‪.‬‬ ‫تجربة بهذا التحول واالنتقال‪ ،‬في طبيعة‬ ‫االشتغـــال المهني‪ ،‬فعال أنضجـــت تجربتـــي‬ ‫وعمقتها‪ ،‬وصوبت بوصلتها نحو األجود‪.‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.