Achamal n° 1002 le 16 Juillet 2019

Page 1

‫ثريا الصواف‬

‫ضيفة سلسلة «تذكرة سفر»‬ ‫في البداية‪ ،‬كان سيتم إنشاء ‪ 2M‬بمشاركة ‪،Medi1‬‬ ‫غير أنه تبين بعد المفاوضات أن الشركة الفرنسية قررت‬ ‫االنسحاب من المشروع‪.‬‬ ‫تم استرداد الملف بواسطة ‪.ONA‬‬

‫(الحلقة الخامسة)‬

‫إلى محسن‬ ‫في محرابه األخير‬ ‫• رضوان احدادو‬

‫صفحة ‪8‬‬

‫الصفحة ‪20‬‬

‫وزير الصحة أنس الدكالي‬ ‫يعطي االنطالقة الفعلية‬ ‫لخدمات المستشفى الجديد‬ ‫بمدينة القصر الكبير‬

‫إعالم جهوي متقدم‬

‫املدير امل�س�ؤول ‪ :‬عبد احلق بخات ـ الهاتف ‪ 05.39.94.30.08 :‬ـ الفاك�س ‪05.39.94.57.09 :‬‬ ‫العدد ‪ 1002‬ـ الثمن ‪ 4‬دراهم ـ الثالثـاء ‪ 15‬ذو القعدة ‪� 16 / 1440‬إلى ‪ 22‬يوليوز ‪2019‬‬

‫صفحة ‪7‬‬

‫التعليم من القهر‬ ‫إلى التحرر‬ ‫• عبد الغني بلقاسم‬

‫صفحة ‪13‬‬

‫المغاربة وعطلة الصيف‬

‫كلمة الشمال‬ ‫عبد اإلله المويسي‬

‫شكل البحر‪ ،‬على مر عقود من تاريخ المغرب المعاصر‪ ،‬المكون المحوري في البرنامج الصيفي لدى المغاربة‪ .‬فبمجرد‬ ‫ما تلوح في األفق التباشير األولى لدنو الفصل األصفر تغزو الشواطئ األذهان والعقول‪ ،‬ويشرع الكثيرون في التهيؤ‪،‬‬ ‫بمختلف المخططات واالستراتيجيات العائلية‪ ،‬للظفر بحصتهم السنوية مما قد تقترحه عليهم المدن الساحلية من‬ ‫مباهج ومتع ورفاهيات موسمية مهما كانت التكلفة‪.‬‬ ‫قليال ما يفكر المغاربة في مرفق سياحي آخر‪ ،‬غير البحر‪ ،‬لتلبية احتياجاتهم الصيفية‪ .‬وقليال أيضا ما فكروا في‬ ‫تغيير عاداتهم لتزجية مواعيدهم مع هذه العطلة الشمسية بعيدا عن الزرقة المائية‪ .‬وألجل ذلك ظلت السياحة القروية‬ ‫والجبلية واالستكشافية بعيدة نسبيا عن اختيارات المغاربة‪.‬‬ ‫تتنوع المخيالت الصيفية باختالف الشرائح والفئات المجتمعية‪ ،‬لكنها تتوحد كلها في أفق واحد‪ ،‬تتقادفها فيه بنفس‬ ‫الفرح الروحي األمواج المتصاخبة‪ ،‬وتتوزعها المرافق الموازية من الفنادق والمقاهي والمطاعم الرصيفية‪ ،‬مأخوذة بجوالت‬ ‫التملي في أرجاء األحياء التقليدية أو البولفارات العصرية المرفهة‪.‬‬

‫(البقية ص ‪)2‬‬

‫جريدة يوميـة جهـوية وطنية ت�صدر م� ً‬ ‫ؤقتـا كـل �أ�سبوع • الإدارة‪ ،‬التحرير‪ ،‬الإ�شهار ‪ 7 :‬مكرر‪ ،‬زنقة عمر بن عبد العزيـز • الربيد الإلكـرتوين ‪ info@achamal.ma :‬ـ املوقع الإلكرتوين ‪www.achamal.ma :‬‬


‫العدد ‪1002‬‬

‫‪2‬‬

‫الثالثـاء ‪� 16‬إلى ‪ 22‬يوليوز ‪2019‬‬

‫المغاربة وعطلة الصيف‬

‫يومية جهوية وطنية ت�صدر م� ًؤقتا كل �أ�سبوع‬

‫املوقع الإلكرتوين ‪:‬‬ ‫‪www.achamal.com‬‬ ‫ت�صدر عن مطبعة جريدة طنجة‬ ‫المدير المسؤول ‪:‬‬

‫عبد احلــق بخــات‬ ‫رئيس التحرير ‪:‬‬

‫عبد الإلـه املـوي�سـي‬ ‫هيئة التحرير ‪:‬‬

‫(تتمة ص‪)1‬‬ ‫صحيح أن المحتوى السوسيواالقتصادي لبعض‬ ‫الشواطئ يجعلها تتصنف في مستويات عليا‪ ،‬ويمنحها‬ ‫خصوصيات مرتفعة الجودة في الرفاهية‪ ،‬غير أن جوهر‬ ‫المضمون الوجداني لهذا الكائن الطبيعي المائي يظل‬ ‫نفسه‪.‬‬ ‫تبدأ االستراتيجيات االستعدادية للموعد الشمسي‬ ‫لدى كثير من المغاربة من شهور مبكرة جدا‪ ،‬يدخرون‬ ‫خاللها من الميزانيات والتجهيزات ومقترحات البرامج‬ ‫كل ما قد يجعله موعدا سحريا آسرا‪ .‬غير أنه قد تطرأ‬ ‫االستراتيجيات فجأة عبـــر المخرجـــات المغريـــة التي‬ ‫تقترحها المؤسسات االقتصادية القارضة بالمغرب‬ ‫المعاصر‪ .‬فالقروض‪ ،‬والتي تنشط بدينامية ملفتة خالل‬ ‫هذه الفترة‪ ،‬تبقى الملجأ األسلم بالنسبة لكثير من األسر‬ ‫إلسكات أصوات احتجاجات األبناء‪ ،‬ولتفادي اإلحساس‬ ‫القاهر بالدونية النفسية‪ ،‬وبالتدني االجتماعي‪.‬‬ ‫طبعا ال ننسى هنــــا‪ ،‬مكونات عريضة من النسيج‬ ‫السكاني المغربي مغلوبـــة على أمرهــــا االقتصــادي‬ ‫واالجتماعي ال يــرد المشروع الصيفـــي البحري في‬ ‫طموحاتها وتطلعاتها‪ ،‬فتكتفي باحتساب ذلك على اهلل‪،‬‬ ‫وتدخل في مقاومة شرسة مع أنماط الحر الذي تجود‬ ‫عليها به مدنها القائظة‪ ،‬ومع مراتب الحرمان المرير‬ ‫الذي ليس إال القدر المسلط الذي لم تختاره قط‪.‬‬ ‫ال يتعلق األمر هنا فقط بمغاربة المدن الداخلية‪،‬‬ ‫بل إن عادات االصطياف تحولت إلى ثقافة سياحية‬ ‫مست سكان الجغرافيات البحرية نفسها‪ .‬فكثير من‬ ‫العائالت الساحلية تحدوها رغبة جامحة في اكتشاف‬ ‫األرجاء الطوبوغرافية للبلد‪ ،‬واكتشاف مكونات عاداته‬ ‫وتقاليده المجتمعية والبشرية‪ .‬وغالبا ما يكون الصيف‬ ‫بعطلته الطويلة الممتدة وقتا مناسبا مقتطعا ألجل‬ ‫ذلك‪.‬‬

‫أكيد أن المغاربة اكتسبوا في آونتهم األخيرة وعيا‬ ‫يتجذر على نحو مستمر تجاه التعبير عن الرقي الكبير‬ ‫في التعاطي مع الحياة بكل مباهجها وملذاتها ومتاعها‪.‬‬ ‫غير أن ذلك ال يمنع من تسجيل مالمح مظلمة ما تزال‬ ‫تعترض سبيل تحقيق االنتقال المدني المنشود‪ ،‬وال‬ ‫ينبغي ان تحجب عنا اهتزازت متخلفة ما تزال تسود‬ ‫منعطفاتنا االصطيافية‪.‬‬ ‫إن الموعد الصيفي اقتصاد موسمي قائم بذاته‪.‬‬ ‫تروج وتنشط فيه مختلف مستويات التجارات السوداء‪،‬‬ ‫وتتخلله أشكال مبتكــرة بإبداع كبيــر من النصـــب‬ ‫واالحتيال والغش‪.‬‬ ‫الموعد الصيفي اقتصاد عقاري موسمي تغتنم فيه‬ ‫الفرص للرفع بشكل فاحش جدا من السومات الكرائية‬ ‫للشقق واإلقامات‪ ،‬تفوق بكثير أسعار الكراء التي تعرفها‬ ‫دول أوروبية مجاورة او غير مجاورة‪ ،‬صيفها فاخر وباذخ‬ ‫على نحو ال يمكن تخيله مطلقا‪.‬‬ ‫الموعد الصيفي هو فرصة سانحــة أمــام المـواد‬ ‫والبضائع االستهالكية الغذائية كي تتعالى فيه بشكل‬ ‫صارخ قد يصل أحيانا أضعاف ثمنها المتعارف عليه‪،‬‬ ‫بل إن مواد مسعرة من لدن مؤسسات الدولة المعنية‬ ‫يتم التطاول عليها والتجرؤ على قانونيتها‪ .‬بل أيضا‬ ‫إن الغش يطـــال كل مناـــح جودتها وأمنها الصحي‪.‬‬ ‫ولعل مؤشرات ونسب ارتفـاع حاالت التسمم الناجمة‬ ‫عن االغذية الفاسدة والمدلسة التي تشهدها مواسم‬ ‫الصيف دليل قطعــي على ازدراء القوانيــن الحاميـــة‬ ‫لسالمة حياة المغاربة‪ ،‬ودليل قطعي أيضا على مستوى‬ ‫الفوضى والتسيب والتهاون وانحطاط الضمير الذي‬ ‫تتسم به كثير من عقليات المضاربين الموسميين‪.‬‬ ‫الموعد الصيفــي أيضا مجال العــروض الخدماتية‬

‫المدنية البسيطة‪ ،‬من جهتها‪ ،‬كي تعرف شططا منقطع‬ ‫النظير في ما تقدمـــه للمواطن‪ .‬فمرائب السيارات‬ ‫والمخيمات والمالهي والمشــارب المتنقلة ومنتزهات‬ ‫ألعاب األطفال ومختلف منتوجات البيع على األرصفة‬ ‫العمومية من ملبوسات ومقتنيات الديكور وغيرها‪ ،‬كلها‬ ‫تصبح مجاال خصبا ورحبا للكسب االنتهازي‪.‬‬ ‫الموعد الصيفي‪ ،‬من زاوية أخرى‪ ،‬يتحول إلى موعد‬ ‫حقيقي مع الجريمة و»الكريساج»‪ .‬فسخونة الصيف‪،‬‬ ‫أحيانا تتحول بدرجاتها المرتفعة إلى سخونة من نوع‬ ‫آخر تطال الحاالت العصابية لكثير من المصطافين‪ .‬فما‬ ‫أكثر مشاهد االقتتال والمشاجرات الدموية اليومية التي‬ ‫تكون مسارحها الكورنيشات نهارا‪ ،‬والبولفارات ليال‪.‬‬ ‫وفي كثير من األحيان تصل إلى حد إزهاق األرواح‪ ،‬أو‬ ‫إلحاق العاهات المستديمة بضحاياها‪.‬‬ ‫وفي السياق نفسه‪ ،‬إن ملمحا آخر اعتادت عليه‬ ‫مصطافاتنا المغربية‪ ،‬ويتعلق األمر بانتعاش اعتراض‬ ‫سبيل المارة باألسلحة البيضاء وتهديد حيواتهم‬ ‫بغرض النشل الموصوف أو غير الموصـوف‪ .‬وطبعـــا‬ ‫األمر ال يقف عند حدود األشخاص الذاتيين‪ ،‬بل يتعداه‬ ‫إلى سيناريوهات السرقـــات الهوليودية التي تتعرض‬ ‫لها الدور واإلقامات والسيارات أثناء انشغال أصحابها‬ ‫باالستجمام‪.‬‬ ‫المغاربة يستحقون صيفا آمنــا بحجم تطلعاتهم‬ ‫اإلنسانية‪ ،‬صيفا حضاريا تســود فيــه قيــم التمدن‬ ‫ومعاني الوطنية المتقدمة‪ ،‬صيفا يعوضهم عن كل‬ ‫أشكال الجهد المضني الذي بدلوه على امتداد شهور‬ ‫السنة لتوفير ميزانية قد تصغر وقد تكبر‪ ،‬لكنها بكل‬ ‫تأكيد تساهم في إنعاش االقتصاد السياحي الوطني‬ ‫الداخلي‪.‬‬

‫عبد اللطيف �شهبون‬ ‫زبيـدة الورياغلـي‬ ‫�أ�سامـة الزكــاري‬ ‫ر�ضوان احدادو‬ ‫هدى املجاطـي‬ ‫�أبو اخلري النا�صري‬ ‫عبد احلـي مفتـاح‬ ‫محمد �إمغــران‬ ‫م�صطفى ال�سباعي‬ ‫محمد �سدحــي‬ ‫اإلدارة واإلشهار والعالقات العامة ‪:‬‬

‫محمد طارق بخات‬ ‫اإلخراج والتصفيف‪:‬‬

‫«جريدة ال�شمال»‬ ‫عنوان التحرير والمراسالت والتسويق‬ ‫واإلشهار ‪:‬‬

‫‪ 7‬مـكـــرر‪ ،‬زنقـة عمــر بــن‬ ‫عبد العزيز ـ طنجــة ـ‬ ‫الهاتــف ‪:‬‬ ‫‪05.39.94.30.08‬‬ ‫‪06.22.45.30.67‬‬ ‫الفاكــ�س ‪:‬‬

‫‪05.39.94.57.09‬‬ ‫الربيد الإلكرتوين ‪:‬‬

‫‪info@achamal.com‬‬ ‫‪achamal2000 @gmail.com‬‬ ‫سحب من هذا العدد ‪:‬‬

‫‪� 10‬آالف ن�سخــة‬ ‫التوزيع‪:‬‬

‫�سبـريــ�س ‪Sapress‬‬ ‫الإيداع القانوين‪99/10 :‬‬ ‫ر‪.‬د‪.‬م‪.‬ك‪:‬‬

‫‪I.S.S.N : 1114-1832‬‬


‫الثالثـاء ‪� 16‬إلى ‪ 22‬يوليوز ‪2019‬‬

‫العدد ‪1002‬‬

‫درد‬ ‫شة‬

‫م�صطفى حجاج‬

‫دردشة‬

‫مع‬

‫ما أنا َّ‬ ‫أتوكل على اهلل‪ ،‬وأطلب ن ْق َل هاتفي إلى مقر إقامتي الصيفي بمرتيل‪ ،‬حتى‬ ‫ً‬ ‫خيفـة من هذه العمليـة‪ .‬والسبـب المسطرة التي تتبعها اتصاالت‬ ‫تجدني أتوجس‬ ‫المغرب في تلبية طلبات زبنائها‪.‬‬ ‫فرغم أن العمارة التي أقيمُ بها بمرتيل‪ ،‬مجهزة الستقبال الهواتف‪ ،‬ومتصلة‬ ‫بشبكة اإلنترنيت‪ ،‬فقد كان ال بد أن يتأكد فريق تقني من هذه الجاهزية‪.‬‬ ‫وهذا َّ‬ ‫تطلبَ أربعة أيام بلياليها‪ ،‬جسَّ فيها الخبراء في نهاية تحركاتهم ودراستهم‬ ‫للموقع‪ ،‬نبض الهاتف‪ ،‬ومدى استعداده لتحمل المكالمات‪.‬‬ ‫ثم أتى إجراء آخر يتعلق باإلنترنيت‪ ،‬وهذا له فريقه الذي يتأكد من ربطه أو ارتباطه‬ ‫ألمر ما‪ ،‬ال يستطيع أن يكشف‬ ‫بالشبكة‪ .‬ومن سوء حظي أن اتصالي بالشبكة تَعذر ٍ‬ ‫أسراره‪ ،‬ويسبر أغواره‪ ،‬سوى تقنيٌّ محنك‪ .‬هذا ما خ ُلصت إليه اتصاالتي بالمسؤولين‪.‬‬ ‫وبين الوعد وإخالف الوعد‪ ،‬وانشغال التقني بمواعيد عديدة‪ ،‬وزبناء ُكثر‪ ،‬ظل الحال‬ ‫على ما هو عليه ثمانية أيام‪ ،‬إلى أن ظهر التقني المنتظر‪َّ ،‬‬ ‫فحل اإلشكال‪.‬‬ ‫المدة التي استغرقتها العملية ‪ 12‬يوماً بالتمام والكمال‪ ،‬من يوم ‪ 20‬يونيو ‪2019‬‬ ‫إلى فاتح يوليوز ‪.2019‬‬ ‫واألمر الذي أستغرب له كل االستغراب‪ ،‬هو السرعة التي يتم بها فصل الهاتف‬ ‫واإلنترنيت‪ .‬فبمجرد تقديم الطلب‪ ،‬يتم هذا اإلجراء‪.‬‬ ‫كم تقدَّمنا في االقتطاعات‪ ،‬وفرض الغرامات‪ ،‬والتوقيف والفصل‪ ،‬وتخلفنا في ردّ‬ ‫الحقوق إلى أصحابها‪ ،‬ووضع األمور في نصابها‪.‬‬ ‫إدارتنا لألسف تسير هكذا‪ .‬إذا كان هناك أمر يهمُّها‪ ،‬سارعت إلى أخذه «من الرأس‬ ‫العالي» كما نقول‪ .‬وإذا كان هناك ما يهم الموظف‪ ،‬أو المستثمر‪ ،‬أو صاحب حق‪،‬‬ ‫تماطلت في أدائه‪.‬‬ ‫وتحضرني هنا نكتة ملخصُها أن هناك مواطناً قصد إدارة للحصول على وثيقة‪،‬‬ ‫ً‬ ‫فلما َّ‬ ‫سلمها له الموظف في الحال‪ ،‬امتنع من ُّ‬ ‫وثيقة‬ ‫تسلمها‪ ،‬ألنه لم يسبق له أن نال‬ ‫«سِرْوَاجي»‪.‬‬ ‫وبدون‬ ‫السهولة‪،‬‬ ‫بهذه‬ ‫ِ‬ ‫متى ستتصالح اإلدارة مع المواطنين؟ متى؟‬

‫‪-‬‬

‫‪EEEE‬‬ ‫في الطريـق أحـس بمتعـة‬ ‫مراقبة تسلسل مشاهد الخارج من‬ ‫الداخل عبر نافذة السيارة‪ ،‬أستمع‬ ‫إلى ما يبثه الراديو أو المسجـل‪،‬‬ ‫وإلى همهمات السائق‪ ،‬السب أو‬ ‫القذق أو الحوقلة‪...‬أسترق النظر‬ ‫تارة إلى تحركات بؤبؤيه تجاه‬ ‫المرايا وجوانب الطريق وتارة إلى‬ ‫العداد‪ ،‬قبل الوصول أعد العدة‪،‬‬ ‫إذا لم يكن لـدي ًقطـع نقديـ ًة‬ ‫أهيء نفسي حسب الحاالت لجبر‬ ‫الخواطر أو التبرير‪ ،‬فمن السائقين‬ ‫من جبلوا على التفهم والتفاهم‬ ‫ويذيبونك بحسن معاملتهم ورقة‬ ‫خطابهم فيشعرونك أنك زبون‬ ‫وتحب مكافآتهم بأن تنحني لهم تقديرا واحتراما‪ ،‬ومنهم من يتعاملون معك‬ ‫بفظاظة زائدة وسلطوية وقحة‪ ،‬فتلعن همسا الطاكسي وما يدفع إلى ركوبه‪،‬‬ ‫ويقفز أمام عينيك امتالك سيارتك الخاصة كأولوية من األولويات هروبا من‬ ‫اإلهانات‪ ،‬ولو أن الخطاب البيئوي المهيمن في العالم يبالغ بملل في كيل‬ ‫المديح إلى وسائل النقل الجماعية‪...‬‬ ‫‪EEEE‬‬ ‫كنا ثالثتنا واقفين‪ ،‬مر األول والثاني والثالث‪ ...‬سائقو الطاكسيات ربما‬ ‫يكرهون نقل جماعة مكونة من ثالثة أفراد مرة واحدة؛ بل يعجبهم حمل فرد‬ ‫واحد لينقلوا عبر الطريق آخرين ولو أن األمر ليس مضمونا دائما‪ ،‬نفس الشيء‬ ‫في الرصيف المقابل يقع المرأة شابة تشد بيدها طفال صغيرا وباآلخر كوشيه‬ ‫فيه رضيع ال أحد رغب في نقلها‪ .‬دبرنا حيلة حيث وقفت أنا بعيدا عن مرافقي‬ ‫لكن دون جدوى فحينما أقترب يبدل السائق رأيه‪ ،‬ال رحمة لألسر الصغيرة التي‬ ‫ال تملك سيارتها الخاصة‪ ،‬ألن الطاكسيات تحولت إلى ما يشبه شركات ريعية‬

‫عبد اللطيف �شهبون‬

‫‪abdelchahboun@hotmail.com‬‬

‫ينتمي عبد الجواد الخنيفي‬ ‫مكانا إلى بيئة حاضنة للشعر والشعراء ؛ هي الشاون‬ ‫زمانـا إلى راهن شعري ذي حساسية مميزة‬ ‫فكرا إلى موروث رمزي‪..‬‬ ‫عبد الجواد شاعر يبحث عن فقه الشعر ؛ كما يبحث رجل‬ ‫الدين عن فقه الدين ؛ والهدف عندهما واحد هو البحث عن‬ ‫الجوهر ؛ ثابتا كان أم متغيرا‪..‬‬ ‫يكتب عبد الجواد باحثا عن رسالة وهدف‪.‬‬ ‫في مدونته الشعرية الثالثة «أبتسم للغابة» يسعى ـ‬ ‫بعدما استوعب تضادية بنيـــة الحيـــاة ـ إلى استقطاب عالم‬ ‫عبر نظرة وجودية ألشياء وكائنات وقضايا بلغة تركب صيغا‬ ‫مجازية استعارية مبتكرة للتعبير عن انسحــاق حياتي وجعله‬ ‫ماثال للعيان؛ ماثــال عنده وعندنــا نحن المنتظريـن دورنــا‬ ‫المؤجل ال ريب‪ ..‬وتتبدى للمرتاض في هذه المدونة ثالثة‬ ‫مالمح رئيسة ‪.‬‬ ‫وأما مدونة عبد الجواد فمؤلفة من أربع مجموعات هي ‪:‬‬ ‫«أقف هنا وأحلم» متضمنة ألحد عشر نصا‬ ‫«ما يليق بالصمت» متضمنة لستة نصوص‬ ‫«أوتار» متضمنة لخمسة عشر نصا‬

‫من لم يركب الطاكسي؟‪! ‬‬

‫‪EEEE‬‬ ‫كانت يداي مثقلتين بعد التسوق‪ ،‬وقفت بجانب الرصيف أنتظر من‬ ‫ينقلني إلى منزلي حتى أتقي مفاجآت الثقل على جسمي غير الرياضي؛ دقيقة‪،‬‬ ‫دقيقتان‪ ،...‬سأل‪ :‬إلى أين؟‪ ،‬عينت المكان‪ ،‬أشار لي بإدخال ما في يدي إلى‬ ‫كوفر السيارة‪ ،‬أومأت له أن يدي مشغولتان‪ ،‬خرج في حالة تشبه الغضب‪ ،‬فتحه‬ ‫بعنف‪ ،‬شكرته دون أن يرد علي‪ ،‬تبوأت مقعدي‪ ،‬وأنا أتذكر حكايات كثيرة مع‬ ‫كوفر السيارة قصها علي أصدقاء‪ ،‬أخطرها تهشيمه لرأس صغير عامر باألفكار‬ ‫واألحالم كصندوق العجائب‪...‬‬

‫عبد الجواد *‪..‬‬

‫«ضوء خفيف» متضمنة ألحد عشر نصا‬

‫الطاكسي‪...‬‬

‫لم تكن المسافة بعيدة بين مقصدي والنقطة التي أتواجد بها‪ ،‬فضلت‬ ‫هربا من هيجان الشمس وفتنة التعرق‪ ،‬أن أمتطي أنا وابنتي سيارة أجرة صغيرة‪،‬‬ ‫بعد دقيقة أعطيت السائق ما يستحقه‪ ،‬طلب مني زيادة درهمين‪ ،‬استغربت‬ ‫ألنني أعرف األجرة المتعارف عليها‪ ،‬أجابني عاقد الحاجبين‪ :‬ألنك لست وحدك‪،‬‬ ‫استغفرت ولعنت الشيطان‪ ،‬نزلنا واتجهت إلى ما أتيت من أجله دون أن ألتفت‬ ‫ورائي‪ ،‬فزيادة درهمين أهون علي من حرق األعصاب أو تأجيجها‪...‬‬

‫‪3‬‬

‫وأما المالمح الثالثة المشار لها فهي ‪:‬‬ ‫• ملمح شعرية استعارات ‪:‬‬

‫عبد الحي مفتاح‬

‫صغرى‪ ،‬تشغل سائقا للصباح وسائقا للمساء وسائقا لليل وصاحب الشركة‬ ‫ال يتساهل في جمع «الروسته» أو الماهية‪ .‬اقتحمنا طاكسي بسرعة فحددنا‬ ‫الوجهة‪ ،‬والسائق ينظر إلينا شزرا‪ ،‬شغل العداد‪ ،‬حينما وصلنا إلى وجهتنا كان‬ ‫العداد مطفأ بقدرة قادر‪ ،‬طلب منا برباطة جأش ما أراده‪ ،‬مددت له ما أراده دون‬ ‫أن أنبس ببنت شفة‪ ،‬فالجدال مع السائق ال تعرف إلى أين يؤدي بك‪...‬‬ ‫‪EEEE‬‬ ‫في الطاكسي رغم أن الوجهة قد تكون نفسها اليكون السعر نفسه‪،‬‬ ‫كل سائق له تكتيكاته مع الزبناء واستراتجيته في تدبير الرزق‪ ،‬منهم من‬ ‫يسلك طريقا واضحا وضوح الشمس‪ ،‬ومنهم من يفضل االلتواءات والمسالك‬ ‫الجانبية‪ ،‬منهم من يقنع بما يجني حالال طيبا مريحا ضميره‪ ،‬منسجما مع‬ ‫أخالقيات المهنة‪ ،‬ومنهم من يرى في الزبون بقرة حلوبا ال تصلح إال من أجل‬ ‫انتفاخ المدخول والربح‪ ،‬ولو على حساب الضمير وأخالقيات المهنة‪...‬والمظهر‬ ‫ال يعكس دائما المخبر‪ ،‬و تتعجب أحيانا أن القناعة والمعقول قد يكونان عملة‬ ‫لمن ال تظهر عليه أمارات التقوى‬ ‫أكثر من غيره‪ ،‬وعملة للشاب أكثر‬ ‫من الكهل‪...‬‬

‫ثعلب‪ ،‬ومنهم من يبدو جامدا وهو سكر‪...‬‬

‫‪EEEE‬‬ ‫من سائقي الطاكسيات من‬ ‫يقطعون بك المسافة إلى هدفك‬ ‫وأنت ال تشعر بالطريق بل تتمنى‬ ‫أن تطــول الرحلـة‪ ،‬ومنهم من‬ ‫تتمنى أن تكون المسافة كضوء‬ ‫البرق‪ ،‬منهم من يخلد إلى الصمت‬ ‫و ال يتكلم إال في حدود ضيقة‪،‬‬ ‫ومنهم من يثرثر ليوهمك أنه‬ ‫يفهم في كل شيء‪ ،‬ومنهم من‬ ‫يتكلم باقتصاد ويفضل الديالوغ‬ ‫على المونولوغ‪ ،‬ويحتاط قبل إبداء‬ ‫آرائه لكي يقرأ ما في جعبة الراكب‬ ‫معه‪ ،‬منهم من يبدو ظريفا وهو‬

‫‪EEEE‬‬ ‫في الطاكسي يحلو لي سماع القرآن الكريم في الصباح‪ ،‬في الطاكسي‬ ‫يروقني اإلنصات إلى أخبار منتصف النهار‪ ،‬وفي الطاكسي أرغب في لقاء أصوات‬ ‫الزمن الجميل في المساء‪ :‬أم كلثوم‪ ،‬عبدالوهاب‪ ،‬فيروز‪ ،...‬نعيمة سميح‪ ،‬محمد‬ ‫الحياني‪ ،...‬وفي الطاكسي أحبذ انزياحات الجاز في الليل‪.‬‬ ‫في الطاكسي كل مرة تعيـش تجربــة خاصة‪ ،‬سائق الطاكسي أو‬ ‫«طاكسيستا» ليس مهنة لمن هب ودب‪ ،‬فهـذه المهنــة لها قواعدهــا‬ ‫وأخالقياتها‪ ،‬ولألسف لم يبق من زين هذه المهنة إال بعض حروفها‪ ،‬فحينما‬ ‫تلتقي نادرا ببعض قيدومي هذه المهنة يعبرون لك بتلقائية عن تحسرهم‬ ‫على أيام زمان منتقدين الفوضى التي عمت كما عمت في كثير من المهن‪.‬‬ ‫أرفع قبعتي لهؤالء ولكل من يعامل زبناءه على األقل باحترام‪ ،‬ويبقى الحديث‬ ‫ذا شجون‪...‬‬

‫وهي تخييلية مؤثرة ومثيرة‪ ،‬غريبة ومنزاحة عن المألوف‪،‬‬ ‫مفتقة للمعنى ومنوعـة للداللة‪ ،‬ذات أثــر عميق في النص‬ ‫وفي متقبله‪ ..‬لكون منشئها أقامها على منظورات معرفية‬ ‫واستبدالية وسياقية وتفاعلية‪ ..‬وهذه الشعرية متفاوتة في‬ ‫نصوص المدونة ال يكاد يخلو منها نص من نصوص عبد‬ ‫الجواد‬ ‫• ملمح شعرية القص‪:‬‬ ‫وهي مندرجة تحت مفهوم الخبر أو الرسالة كما هو واضح‬ ‫في نص «وصية» مثاال ال حصرا‪.‬‬ ‫• ملمح شعرية التكرار ‪:‬‬ ‫وهي سمة أسلوبية تعيــد معنى بعينه أو لفظـا بذاته‬ ‫توكيدا على جهـة هامــة في العبــارة‪ ،‬وتركيـزا على باعــث‬ ‫نفسي يعلمه عبد الجواد وينتبه له قارئه ‪ ،‬كما يبدو في نص‬ ‫«تقاسيم» وفي نص «ضوء قريب» وهو مرثيــة لعزيزنــــا‬ ‫المرحوم عبد الحميد يدر‪.‬‬ ‫جل نصوص عبد الجواد ‪:‬‬ ‫ناطقة بضمير المتكلم‬ ‫مضمخة بتجربة ومراس ودربة‬ ‫أساسها اجتهاد في تجميع تفصيالت يومية ‪..‬‬ ‫عنوانها جامع مثل واحة ظليلة‬ ‫منسابة شعريتها بعفوية كلمات وعذوبة أبنية وبساطة‬ ‫جمل‬ ‫سابحة في فضاءات مترامية‪..‬‬ ‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫* شاعر من الشاون صدرت له مدونات شعرية هي ‪« :‬الخيط األخير»‬ ‫وزارة الثقافة ‪ 2007‬و «زهرة الغريب» بيت الشعر‪ 2014‬و «أبتسم للغابة»‬ ‫رابطة أدباء الشمال ‪ .2018‬حامل لشهادات‪ :‬اإلجازة والماستر والدكتوراه؛‬ ‫دكتور؛ باحث متخصص في األدب المغربي المعاصر‪ .‬له حضور متميز في‬ ‫المشهد الثقافي والعلمي‪.‬‬


‫الشمال الفني‬ ‫‪4‬‬

‫حو‬ ‫ا‬ ‫ر‬ ‫مع‬

‫فـ‬ ‫ن‬ ‫ـ‬ ‫ا‬ ‫ن‬

‫إشراف الفنان يوسف سعدون‬

‫العدد ‪ 1002‬ـ الثالثـاء ‪ 16‬إلى ‪ 22‬يوليوز ‪2019‬‬

‫عودة قوية للفنانة امللحنة واملطربة‬

‫سلوى الشودري‬ ‫بعد ثالث �سنوات من �رصاعها مع ال�رسطان‬ ‫حـاورها فكري ولد علي‬

‫سلوى الشودري مطربة وملحنة مغربية من مواليد مدينة تطوان متزوجة وأم لولدين حاصلة على شهادة املاسرت يف األدب املغربي وخريجة للمعهد املوسيقي بالرباط يف مادة املوشحات العربية‬ ‫واملعهد املوسيقي بتطوان يف مادة النظرية والصولفيج وحاصلة عل املاسرت يف األدب العربي وتعد حاليا للدكتوراه ‪،‬هي حاليا أستاذة باملعهد املوسيقي بتطوان ورئيسة للجمعية املغربية للثقافة‬ ‫والفنون ومؤسسة وعضوة بجمعية القلب الرحيم ملرضى القلب والشرايني‪ ،‬وعضوة باملحور اإلنساني العاملي لدراسات الطفولة وأبحاثها باململكة األردنية‪ .‬شاركت يف العديد من املهرجانات واملؤتمرات‬ ‫العربية والدولية ‪،‬غنت ألشهرالشعراء القدامى كاملتنبي وكعب بن زهري وأبي الحسن الشاذلي وبهلول الشرقي وأحدثهم كشريفة السيد من مصر وسهري الداود من األردن واملغربي الطاهر الكنيزي‬ ‫وأحمد عيد السالم البقالي وحسن مارصوومؤخرا لشاعرتني مغربيتني العزيزة الشمام ودنيا الشدادي ولحنت وأدت ما يقارب خمسني قصيدة يف قالب غنائي عربي أصيل ومعاصر‪ ،‬كما نظمت‬ ‫حفالت خريية ال حصر لها محاولة أن تمزج بني ما هو خريي وفني وحصلت على جائزة الخميسة لسنة ‪ 2006‬يف املجال االجتماعي وكرمت من طرف العديد من املؤسسات التعليمية والجمعيات‬ ‫الخريية والثقافية بالوطن‪،‬وشاركت يف العديد من املسارح دار األوبرا املصرية ومعهد العالم العربي بباريس وغريهما ‪ ،‬تحدثت يف الحوار التالي عن جديدها وعن أمور أخرى‪.‬‬

‫• ما هو النمط الغنائي الذي تميلين إليه؟‬

‫• ماجديدك في الوسط الفني؟‬

‫•• أكيد أعشق وبالدرجة األولى الغناء الكالسيكي العربي‬ ‫األصيل وأيضا الموسيقى األندلسية و الموسيقى الكالسيكية‬ ‫الغربية وكل ما هو جميل وراق في عالم الموسيقى ‪ ،‬ومن خالل‬ ‫هذا الثراء اللحني الذي حاولت أن أحفظه وأشتغل عليه لدي نمطي‬ ‫المعين والذي يبرز من خالل أعمالي التي قمت بتلحينها مؤخرا‬ ‫كصرخة ‪ ،‬وسني ياهلل ‪ ،‬وكقصيدة بانت سعاد وسيدة الحزن‬ ‫الجميل وهذا أنا النائمة في الشارع‪ ،‬أحالم حيارى‪،‬وسورة العشق‬ ‫وقصائد أخرى من ألبومي األول وأغاني األطفال وهي موجودة‬ ‫بكاملها على اليوتوب‪..‬‬

‫•• آخر أعمالي كانت بعد انتهائي من العالج من السرطان‬ ‫والذي صارعته بكل ما أوتيت من قوة وأرجو من اهلل أن تكون‬ ‫هذه نهايته معي ‪،‬أصدرت ثالثة أعمال متتالية في غضون ثالثة‬ ‫أشهر كنت متعطشة لفني وجمهوري ولسماع صوتي يغني من‬ ‫جديد فكانت ترتيلة ال إله إال اهلل بمناسبة ليلة القدر وهي من‬ ‫ألحان وتوزيع الفنان محمد بنلعالوي وشعر بهلول الشرقي ‪ ،‬ثم‬ ‫سني ياهلل وهي للشاعرة العزيزة الشمشام ‪ ،‬وصرخة للشاعرة دنيا‬ ‫الشدادي ‪.‬‬

‫• ما هي المواضيع التي تتغنين بها وتستأثر‬ ‫باهتمامك؟‬ ‫•• بالنسبة لي الغناء هو رسالة أنشد من ورائها أوال التقرب إلى‬ ‫اهلل سبحانه وتعالى و في المقام الثاني نصرة اإلنسان ودعم حقه‬ ‫دعما أخالقيا في حريته وكرامته‪ ،‬فأحب أن أغني للمرأة والطفولة‬ ‫وللمظلومين والتعبير عن أحاسيسهم وهواجسهم وأحزانهم‬ ‫وأفراحهم وأيضا الغناء الصوفي والديني في مدح اهلل جل وعال‬ ‫ولخير البرية‪ ،‬والغناء للحرية التي تعتبر أحد أسمى وظائف الغناء‬ ‫عبر التاريخ ‪ ،‬وهو أداة متكاملة لتحرير اإلنسان من قيود المادة‬ ‫وجبروتها وكثافتها والرجوع بها إلى فطرته وأصله اإلنساني‬ ‫وتنمية نزوعه نحو السلم والمحبة والتواصل وليس التصادم‬

‫ورفض األخر ألنه يتصل بوجدان الشعوب‪ ،‬أيضا بعد تجربتي‬ ‫األخيرة مع المرض اكتشفت أنه البد لنا أن نفكر جليا في الفن‬ ‫التحفيزي الذي يجعل اإلنسان في حالة اجتهاد وطموح وتفاؤل‬ ‫والذي يعمل على التنمية الذاتيه للشخص وإخراجه من اإلكتئاب‬ ‫والمرض النفسي فالفن بصفة عامة كان غناءا أو مسرحا أو شعرا أو‬ ‫سينما وغيره‪ ،‬له أثرسحري من الصعب مقاومته إذ ينفذ إلى القلب‬ ‫والعقل بسرعة ‪ ،‬وبدون استئذان فإذا وظف في مساره الصحيح‬ ‫سيكون له األثر اإليجابي في تربية أبنائنا وبناتنا‪ ،‬والعكس هو‬ ‫الصحيح‪.‬‬

‫هل من املمكن للفن املعا�صر �أن يبتعد‬ ‫عن الع�صرنة ‪ contemporanéité‬؟‬ ‫توطئة ‪:‬‬ ‫نروم في هذا المقال مقاربة التساؤالت اآلتية‪:‬‬ ‫ما داللة العصرنة ‪ contemporanéité‬؟‬ ‫وما عالقتها بالفن المعاصر؟‬ ‫وهل من الممكن للفن المعاصر أن يبتعد عن العصرنة؟‬ ‫بتعبير آخر‪ ،‬كيف يستحضر الفن المعاصر مسألة العصرنة؛‬ ‫وكيف يبتعد عنها بخلق تحديثات ‪ modernisations‬بصيغة‬ ‫معاصرة؟‬ ‫‪ - 1‬داللة العصرنة ‪:‬‬ ‫ليس من السهل إقامة قطيعة بين محطات تاريخ الفن وسيرورة‬ ‫تكوُّ ِنه‪ ،‬إذا لم نستحضر خصوصيات تطور تاريخ الفن نفسه‪ .‬ولعل‬ ‫هذه الخصوصيات ‪-‬بصيغة الجمع‪ -‬ستدفعنا إلى تعميق النظر في‬ ‫األطروحة التي نتبناها ومؤداها أن السابق يؤسّس لالحق فكرا وفنا‬ ‫وعلوما‪ .‬فإذا أردنا تحديد داللة العصرنة‪ ،‬فإننا ملزمون بالخضوع‬ ‫لسمة ماهو معاصر؛ فهي بصيغة صريحة تستدعي جميع السياقات‬

‫التخاطبية والجمالية لمرحلة التاريخ الراهن الذي نحيا داخله‪ .‬إنه‬ ‫تاريخ ينقلنا للحديث عن «العالم الذي يحيط بنا» كما ذكر الفيلسوف‬ ‫والسوسيولوجي ريمون أرون‪ .‬فهو تاريخ في متناولنا‪ ،‬ومن السهل‬ ‫بلوغه‪ ،‬على خالف «عالم الذين عاشوا قبلنا» كحديثنا عن الفن خالل‬ ‫فترة ما قبل الميالد أو الفن عند اإلغريق أو في العصر الوسيط‪...‬‬ ‫وهذا مثبت في سجالت التاريخ‪ ،‬وسبق للمؤرخين توثيقه بالسند‬ ‫والمادة التاريخيتين‪.‬‬ ‫فالتاريخ الراهن يحتوي داللة العصرنة بالنظر إلى مختلف‬ ‫العوامل المؤثرة في الفن المعاصر من الناحية الفكرية واالجتماعية‬ ‫واالقتصادية واإليديولوجية والدينية‪...‬‬ ‫فداللة العصرنة تستدعي أيضا الوقوف عند أهم البرادايمات‬ ‫تحوُّل‬ ‫(النماذج االرشادية للعلم وللمعرفة العلمية) التي ساهمت في‬ ‫ِ‬ ‫منظمومة العلم‪ ،‬وتاريخ الفن في صيغتهما الراهنة‪.‬‬ ‫‪ 2‬ـ الفن المعاصر وتحديات العصرنة‪:‬‬ ‫لقد جرى القول عادة حسب المهتمين بالفن المعاصر ‪ -‬وجلهم‬

‫• كيف تنظرين إلى األصوات الغنائية في المغرب؟‬

‫•• المغرب ماشاء اهلل يزخر بأصوات قوية ورائعة وهذه‬ ‫بشهادة كبار الملحنين في الشرق ينقصهم فقط الدعم واالهتمام‬ ‫لكي تبرز مواهبهم وإمكانياتهم الحقيقة‪ ،‬وإن كانوا بمجهوداتهم‬ ‫الشخصية يحاولون أن يصلوا إلى ما ينشدونه‪..‬‬

‫• بالنظر إلى مسارك الحافل هل وفيت حقك؟‬

‫•• ال أستطيع أن أقول إنني وفيت حقي‪ ،‬فطريق الفن ليس‬ ‫له حدود إال بموت صاحبه لدي أفكار وأعمال جديدة أسعى إلى‬ ‫تحقيقها وأرجو من العلي القدير أن يوفقني إليها‪ ،‬وأهمها نشر‬ ‫المحبة والسالم والشفاء التام من المرض الخبيث ‪. .‬‬

‫بقلم‪ :‬محمد الشاوي‬ ‫من الباحثين والنقاد ‪ -‬بأن مسألة القطيعة مع اللوحة تشكل أساسا‬ ‫يرتكز عليه الفن المعاصر‪ .‬إنها قطيعة من ُ‬ ‫حيث التعاطي الفني‬ ‫شكال ومضمونا‪ ،‬مع ضرورة طرح أساليب جديدة تُوَسِّعُ من أفق‬ ‫التلقي‪ .‬لكن ظلت العديد من التجارب المعاصرة (مع استثناء بعض‬ ‫التجارب الجادة) تركن إلعادة إنتاج التجارب السابقة لمدارس فنية‬ ‫لها تاريخها العريق‪ -‬داخل نسق معاصر‪.‬‬‫إنها‪ ،‬حسب اصطالحنا‪ ،‬تحديثات جديدة بصيغة معاصرة‪ .‬وهذا‬ ‫من شأنه أن يجعل قاطرة الفن المعاصر تنزاح عن مسيرتها داخل‬ ‫نظام يتكرر فيه ما تم تناوله من تجارب ومنجزات تشكيلية‪.‬‬ ‫لذلك‪ ،‬فإننا نتساءل هنا هل استطاع التشكيليون أنفسهم‬ ‫استيعاب معنى الفن المعاصر؟‬ ‫وهل استطاع نقاد الفن إفهام التشكيليين بمقومــات الفــن‬ ‫المعاصر وأهم ركائزه؟‬ ‫لقد صدق المنفلوطي في قوله‪:‬‬ ‫«فمحال أن يعجز الفاهم عن اإلفهام‪ ،‬والمقتنع عن اإلقناع»‪!!..‬‬


‫العدد ‪1002‬‬

‫الشمال الفني‬

‫بيــان فـنـي »‬ ‫«‬ ‫فـنـــي»‬ ‫«بيـــان‬

‫إعداد ‪ :‬يوسف سعدون‬

‫بيان فني‪ ،‬هو سلسلة لقاءات تدشنها الشمال مع مجموعة من المبدعين‪ ،‬يقدم عبرها‬ ‫الضيوف تجاربهم الفنية وانشغاالتهم ومواقفهم‪ ،‬وهو غير ملزم ألي جهة‪..‬‬ ‫بيان هذا العدد‪ ‬يوقعه الفنان التشكيلي شفيق الزكاري‪.‬‬

‫* أنا الموقع أسفله‪:‬‬ ‫شفيـق الزكـاري من مواليــد سنة ‪1960‬‬ ‫بمدينة القصر الكبير‪ ،‬درست في مرحلتــي‬ ‫التحضيرية وجزء من المرحلة اإلعدادية بنفس‬ ‫المدينة‪ ،‬ثم انتقلت إلى مدينة المحمدية سنة‬ ‫‪ 1972‬حيث أكملت الدراسة اإلعدادية والثانوية‪،‬‬ ‫وبعد سنة من الدراسة بكلية اآلداب والعلوم‬ ‫اإلنسانية عين الشق بالدار البيضاء لسنة‬ ‫‪ ،1981-1980‬التحقت بالمدرسة العليا للفنــون‬ ‫الجميلــة بديجون بفرنسا‪ ،‬من سنة ‪ 1982‬إلى‬ ‫غاية سنة ‪ .1986‬وفي سنة ‪ ،2007‬انتقلت‬ ‫للعمل والعيش بمدينة فالينسيا بإسبانيا وهناك‬ ‫التحقت سنة ‪ 2010‬بمدرسة خاصة للفنون‬ ‫الكرافيكية‪ ،‬ودرست بها سنة كاملة‪ ،‬وفي أواخر‬ ‫سنة ‪ 2012‬دخلت بصفة نهائية إلى المغرب‪.‬‬ ‫أمــا فيمــا يخــص معارضي‪ ،‬فقــد بدأت‬ ‫منذ سنة ‪ 1979‬إلى حدود سنة ‪ ،2019‬سواء‬ ‫بالمغرب أو خارجه‪.‬‬ ‫* المشروع الفني‪:‬‬ ‫ كانت اهتماماتــي وميولــي للفــن‬‫التشكيلي في فترة مبكرة‪ ،‬أي في سن الثالثة‬ ‫عشرة من سبعينيات القرن الماضي‪ ،‬ومررت‬ ‫عبر مراحل عديدة‪ ،‬أولها عشقي للخط العربي‬ ‫بطرقه وتقنياته الكالسيكية العتيقة واألصيلة‪،‬‬ ‫وتأثري باألستاذ الخطاط العراقي محمد هاشم‬ ‫البغدادي‪ ،‬ويوسف ذانون وسعيد السكار وحامد‬ ‫اآلمدي وغيرهم قبل أن أنتقل في مرحلة تالية‬ ‫إلى االهتمام بجماعة البعد الواحد التي تجمع‬ ‫كال من الفنان شاكر حسن آل سعيد وضياء‬ ‫العزاوي ورافع الناصري‪ ...‬وخالل هذه المرحلة‬ ‫أي في بداية الثمانينيات قمت بالبحث عن طرق‬ ‫حداثية لالشتغال على الحرف‪ ،‬فتأثرت بالفنان‬ ‫اللبناني وجيه نحلة‪ ،‬الذي اتخذ من الخط وسيلة‬ ‫تعبيرية أقرب للتجريدية الغنائية‪ ،‬فكانت بداية‬ ‫لمغامرة وأسلوب شخصي مختلف‪ ،‬حيث تحررت‬ ‫من قيود الخط الكالسيكي‪ ،‬ألجعل من الحرف‬ ‫بعد إفراغه من محتواه اللغوي‪ ،‬وسيلة تعبيرية‬ ‫عن الفضاء وتقسيماته الهالمية‪ ،‬مع استعمال‬ ‫تقنيات متعددة بموادها وأصباغها وأسندتها‪.‬‬ ‫بعد هاتين المرحلتيــن‪ ،‬اللتين سجلت‬ ‫فيهما حضـوري على مستــوى العرض‪ ،‬وعند‬ ‫التحاقي بالمدرسة العليـا للفنـون الجميلــة‬ ‫بديجون بفرنسـا‪ ،‬بدأت رحلة االكتشاف في‬ ‫أساليب عديدة‪ ،‬لما كانت تزخر به هذه المدرسة‬ ‫في تلك الفترة من إمكانيات وأساليب بيداغوجية‬ ‫حداثية ومعاصرة‪ ،‬فتحول اهتمامي من الحرف‬ ‫إلى التشخيص‪ ،‬واالهتمام بما تحبــل بــه‬ ‫المرحلة من اتجاهات‪ :‬كالتشخيصية االنطباعية‬ ‫والتشخيصية الجديدة‪ ،...‬فكان من بين أهم‬ ‫الفنانين الذين بصموا المرحلة والذي تأثرت‬ ‫به في تجربتي الالحقة‪ ،‬هو الفنان (فالديمير‬ ‫فيليكوفيتش)‪ ،‬الذي اتخذ من الجسد موضوعا‬ ‫تعبيريا عن المعاناة اإلنسانية‪ ،‬ليتحول هذا‬ ‫االهتمام لالشتغال على ما يسمى ب (الهامش)‪،‬‬ ‫من منظور إستيتيقي للجسد بمعايير تتجاوز‬ ‫الطرح األكاديمي لمعالجة الجسد‪ ،‬ثم ارتبطت‬ ‫معارضي ومنـذ البدايــة أي في سنــة ‪،1986‬‬ ‫بتيمات معينة تارة ثنائية رفقة الفنان فاتحي‬ ‫موسومة ب‪( :‬الزمن واألرض‪ ،‬والخيال التاريخي‪،‬‬ ‫ووادي المخازن‪ ،)...‬وتارة أخرى فردية كالمعرض‬ ‫الذي نظمته سنة ‪ 2010‬بإسبانيا تحت عنوان‬ ‫(أخالقيات الجسد) وبالمغرب تحت عنوان (الرهان‬ ‫الثالثي لجمالية الخلق) سنة‪.2011‬‬ ‫لم تقف اهتماماتي عند هذا الحد‪ ،‬بل‬ ‫التجأت لمزاولة أساليب وتقنيات تخص الطباعة‬ ‫الفنية ك‪( :‬الليتوغرافيا والحفر والسيريغرافيا‬ ‫والفليكسوغرافيا)‪ ،‬كتقنيات كانت نادرة في‬ ‫تلك الفترة‪ ،‬فأسست رفقة صديقي الفنان نور‬ ‫الدين فاتحي والفنان بوشعيب هبولي الذي‬ ‫سينضم إلينا فيما بعد ب«جماعة كرافيك» سنة‬ ‫‪ ،1988‬فكان في هذه السنة أول معرض لنا‬ ‫حول فنون الطباعة‪ ،‬ثم تلته تجربة ثنائية أخرى‬ ‫صحبة الفنان نور الدين فاتحي تحت عنوان‬ ‫«وادي المخازن» سنة ‪ ،1992‬بالمركب الثقافي‬ ‫بالمحمدية‪ ،‬بحضور عدد من الشعراء‪.‬‬ ‫لم يقتصر هذا المشروع على ما هو‬ ‫تشكيلي بمفهومه التقليدي‪ ،‬بل تناولته من‬ ‫زاوية حداثية أخرى تجلت في انخراط الشعر‬

‫والشعراء بقصائدهم حول نفس الموضوع‪،‬‬ ‫بتقنية حداثية (السيريغرافيا) وبنفس جديد‪،‬‬ ‫جاورت فيه القصيدة الصورة‪ ،‬عبر حوار وتجانس‬ ‫جمالي توزع بين القول والفعل‪ ،‬وبين السمعي‬ ‫والبصري‪ ،‬في حلة فنية تدعو وألول مرة للتساؤل‬ ‫واالنفتاح على أبعاد وإمكانيات متعددة أخرى‬ ‫على مستوى التقنية واالهتمام‪.‬‬ ‫طبعا لم يكن االشتغال تشكيليا على هذا‬ ‫الموروث الملحمي بطريقة تقريرية‪ ،‬بل كان‬ ‫اشتغاال شذريا‪ ،‬استنادا على جزئيات أحداث‬ ‫معركة وادي المخازن‪ ،‬وما تخللته من مشاهد‬ ‫درامية تخفي صراعــا وجوديـا على المستوى‬ ‫الديني والثقافــي والحضــاري واالقتـصادي‬ ‫والسياسي‪ ،...‬لذلك جاءت هذه التجربة لتطرح‬ ‫بعض األسئلة بعيون فنية امتزج فيها الشعر‬ ‫بالتشكيل‪ ،‬كمحاولة أولى في المغرب من بين‬ ‫قريناتها في هذا المجال‪ ،‬حيث كانت بمثابة‬ ‫ملحمة تشكيلية ساهم فيها الشعراء بقصائد‬ ‫حول هذه المعركة‪ ،‬في محاولة إلبراز مدى‬ ‫أهمية الثوابت التي تجمع بين جنسين مختلفين‬ ‫في الشكل‪ ،‬ومتقاطعين في الداللة والمعنى‬ ‫بمنظور مخيالي يخضع لضوابط جمالية متعددة‬ ‫تعدد القبائل والزوايا المغربية التي ساهمت في‬ ‫الدفاع عن وحدة المغرب وعن وجود الديانة‬ ‫اإلسالمية في القارة اإلفريقية بل والعربية‪،‬‬ ‫جراء الهجوم الذي كان سيتعرض فيها المغرب‬ ‫إلى اكتساح وهيمنة المسيحية بمرجعياتها‬ ‫وثقافتها‪.‬‬ ‫فمن عادتي ال أشارك وال أنظم المعارض‬ ‫إال نادرا‪ ،‬ليس تقصيرا مني أو عقما في مخيلتي‪،‬‬ ‫بل لكوني أتناول مبادرة العرض من زاوية‬ ‫فكرية تحتاج إلى تأمل عميق انطالقا من قاعدة‬ ‫ثقافية تتطلب أوال طرح أسئلة حقيقية مرتبطة‬ ‫باألحداث االجتماعية والسياسية‪ ،‬ثم إعادة النظر‬ ‫في تقنيات المعالجة الشكلية وتحيينها مقارنة‬ ‫مع ما يجري في الساحة التشكيلية العالمية‪،‬‬ ‫ولهذا ولكي ال أخفيكم علما‪ ،‬فإنني بصدد‬ ‫تهيئ معرض شخصي له عالقة بالتراث العربي‬ ‫الشعبي‪ ،‬ضمن وعاء ثقافي وسياسي يطرح‬ ‫أسئلة الراهن لما يجري في العالم من تحوالت‬ ‫على جميع المستويات‪ ،‬ضمن مشاهد فنية‬ ‫وجمالية تستوفي شروط التعامل مع التحفة‬ ‫الفنية من منظور يثير أسئلة مرئية بأبعادها‬ ‫التشكيلية أوال‪ ،‬ثم تدعو المتلقي الكتشاف ما‬ ‫وراءها من مواضيع سردية بالمفهوم األدبي‬ ‫ثانيا‪ ،‬إلى جانب التأمل في الموروث الشعبي من‬ ‫زاوية المطل على الحاضر من خالل الماضي‪.‬‬ ‫* التجربة النقدية‪:‬‬ ‫ فيما يخص الجانب النظري في تجربتي‬‫النقدية‪ ،‬بدأ منذ سنة ‪ 1986‬بالضبط‪ ،‬أي‬ ‫حين دخولي من فرنسا‪ ،‬فوجدت فراغا نقديا‬ ‫في مجاورة ومؤانسة األشكال اإلبداعية‬ ‫التشكيلية‪ ،‬فتناول أول نص نقدي لي في هذا‬

‫المجال‪ ،‬وضعية الفن التشكيلي المغربي آنذاك‪،‬‬ ‫وبنشره بيومية االتحاد االشتراكــي‪ ،‬كان بداية‬ ‫لمتابعة التجارب التشكيلية المغربية بما فيها‬ ‫تجارب الفنانين الشباب ومن بينهم نحن‬ ‫اإلثنين (الزكاري‪/‬فاتحي)‪ ،‬فكان من الصعب في‬ ‫البداية االنسالخ من الذاتية اإلبداعية للكتابة‬ ‫عن تجارب اآلخرين‪ ،‬واستمرت هذه العملية‬ ‫إلى حين إصدار أول كتاب نقدي تشكيلي‬ ‫سنة ‪ 2005‬تحت عنوان‪( :‬قراءة في التشكيل‬ ‫المغربي الحديث) منشورات غرب ميديا ثم‬ ‫كتاب‪( :‬التشكيل المغربي بين الهوية والحداثة)‬ ‫سنة ‪ 2013‬منشورات وزارة الشؤون الثقافية‪،‬‬ ‫وكتاب‪( :‬االقتناء العربي‪ ،‬المغرب نموذجا) من‬ ‫نفس السنة‪ ،‬والذي حصل على جائزة التنويه‬ ‫بالشارقة‪ .‬زيادة على كتابات أخرى متعددة بعدد‬ ‫من المنابر والمجالت المغربية والعربية إلى‬ ‫حدود اآلن‪.‬‬ ‫* واقع الفنون التشكيلية بالمغرب‪:‬‬ ‫ هذا سؤال يحتاج إلى قراءة طويلة‪ ،‬يمكن‬‫اختصاره في أن تاريخ الفن التشكيلي المغربي‪،‬‬ ‫لم يكتب بعد‪ ،‬ويحتاج إلى الجدية‪ ،‬وإلى جهة‬ ‫رسمية تابعة لوزارة الثقافة‪ ،‬لكتابته بموضوعية‪،‬‬ ‫حتى ال يحصل ما يجري اآلن من تسيب وتطاول‬ ‫على كتابة ممسوخة لهذا التاريخ‪ ،‬من طرف‬ ‫السماسرة‪ ،‬لتقديم ما يروجون من أعمال ال‬ ‫تستحق أن تكون في الصدارة‪ ،‬تشجيعا لما‬ ‫تم اقتناؤه منها ألجل تسويقها فقط‪ ،‬دون‬ ‫التفكير في تأريخ ومساندة األعمال الجادة‪،‬‬ ‫لدرجة أصبح البعض من هؤالء السماسرة‬ ‫وبدون خجل وبدون مرجعية تاريخية أو ثقافية‪،‬‬ ‫يكتبون عن جهل مركب عن تاريخ التشكيل‬ ‫المغربي‪ ،‬انطالقا من األعمال التي تم اقتناؤها‬ ‫وترويجها بينهم كسماسرة‪ ،‬مع إقصاء لتجارب‬ ‫كرست وجودها‪ ،‬في فترات سابقة محددة‪،‬‬ ‫يضيق المجال لذكرها‪ ،‬حيث أصبح التعامل مع‬ ‫هذا المجال يشكل خطرا حقيقيا على الهوية‬ ‫المغربية‪ ،‬بإبراز التفاهات الفنية‪ ،‬في غياب‬ ‫تام لمراقبة جادة ومسؤولة من طرف الوزارة‬ ‫الوصية عن الثقافة والفنون‪ ،‬وظهور استنباتات‬ ‫تشكيلية لهؤالء السماسرة وتقديم البعض‬ ‫منهم كفنانين تشكيليين‪.‬‬ ‫* كلمة أخيرة‪:‬‬ ‫ باختزال مركز‪ ،‬نحن في حاجة ماسة‬‫لضرورة إعادة كتابة تاريخ التشكيل المغربي‪،‬‬ ‫الذي لم يكتب بعد‪ ،‬بطريقة موضوعية‬ ‫وعلمية‪ ،‬مع مراقبة للمتسللين لهذا القطاع‬ ‫دون استئذان‪ ،‬من المدعين من (الفنانين‬ ‫والنقاد)‪.‬‬

‫الثالثـاء ‪� 16‬إلى ‪ 22‬يوليوز ‪2019‬‬

‫‪5‬‬

‫عن االختيارات الت�شكيلية يف جتربة‬ ‫الراحل عبدالعزيز ال�شرقاوي‪‎‬‬

‫ودعنا مؤخرا إلى دار البقاء الفنان التشكيلي عبد العزيز الشرقاوي‪ ،‬بعد‬ ‫صراع مع المرض‪،‬‬ ‫ومن ال يعرف هذا الفنان فهو‪ ‬إسم كبير في الساحة الفنية المغربية‬ ‫نظرا لمستوى عطائه التشكيلي المتميز‪،‬هو مبدع عصامي من مواليد‬ ‫مدينة العرائش‪،‬وعاش بمدينة تطوان ‪،‬عشق الرسم‪ ‬منذ الصغر حينما بدأ‬ ‫يقلد اللوحات االستشراقية‪ ،‬فشكلت عنده هذه المرحلة لحظة تمرين على‬ ‫فنون الرسم والصباغة‪،‬وبعدها اختار تجريب قدراته الفنية عبر اشتغاله على‬ ‫مواضيع من المجال الذي يعيش فيه‪ ،‬فانطلق يرسم مشاهد من تطوان‬ ‫ومناطق من الشمال‪،‬رسم المعمار وأزقة المدينة القديمة ونساء ورجال‬ ‫البادية واألسواق الشعبية والطبيعة و‪،...‬وهو يرسم هذه المواضيع‪،‬كان‬ ‫دائما يستحضر تلك الدقة في إبراز المشاهد على غرار ما اختزلت ذاكرته‬ ‫من تقنيات المدرسة االستشراقية‪ .‬فأبدع لوحات رائعة‪ ‬عرضها في معارض‬ ‫كثيرة‪ .‬منذ سنة ‪1984‬حيث شارك في معرض جماعي بمكناس‪ -‬كان لي‬ ‫الشرف المشاركة فيه بمعية مجموعة من فناني الشمال بمناسبة المهرجان‬ ‫الوطني للمسرح والذي كانت تنظمه جمعية رواد الخشبة‪ .-‬ثم انتقل هذا‬ ‫المعرض في نفس السنة لتطوان بقاعة بيرتوتشي سابقا والمكي مغارة‬ ‫حاليا‪..‬وبعد هذا المعرض أراد أن يثبت ذاته‪ ‬في الساحة الفنية باحترافية‬ ‫واستقاللية‪ .‬فاختار أن يستقيل من مهنة التعليم ويتفرغ لإلبداع‪..‬وتعتبر سنة‬ ‫‪ 1986‬هي االنطالقة الفعلية لهذا الفنان الكبير حينما نظم معرضه الفردي‬ ‫األول بمدينة طنجة بقاعة فالندريا‪،‬ومن هناك صارت تستضيفه مجموعة من‬ ‫األروقة بمختلف ربوع المغرب‪،‬حيث أصبحت أعماله مطلوبة لتميزها بالمهارة‬ ‫التقنية والدقة في رصد تفاصيل المشاهد وكذا تمكنه من تطويع األلوان‬ ‫بشكل جميل‪.‬‬ ‫ونظرا لطموحه الكبير ورغبتـه في معانقــة فضاءات أرحــب على المستوى‬ ‫اإلبداعي‪ ،‬اختار الهجرة لباريس‪ ،‬حيث مكث بها لسنوات محاوال إثبات نفسه‬ ‫كواحد من كبار المدرسة الواقعية الحديثة‪ ،‬حيث سجل حضوره هناك بامتياز ‪.‬‬ ‫ولكونه عاشقا للوطن‪ ،‬اختار المرحوم عبد العزيز الشرقاوي العودة‬ ‫للمغرب ليستقر بالرباط‪ ،‬واستمر في تجربته التي بدأت تعرف تحوالت‬ ‫عميقةعبر مواضيع وجودية في عالقتها بالتحوالت الكبري التي يعيشها‬ ‫العالم المعاصر‪ ،‬فصار ينحو نحو االتجاه الغرائبي ودائما بأسلوبه الفني‬ ‫المبهر ‪.‬وتعتبر هذه المرحلة مهمة في حياته اإلبداعية لكونها رسخت تلك‬ ‫الصورة التي رسمها لنفسه والمتمثلة في نزوحه نحو االنزواء والتأمل الدائم‪.‬‬ ‫وكأنه‪ ‬يسائل الوجود وماهيته وكذا مكانة اإلنسان في عالم تسود فيه لغة‬ ‫الجفاء عبر التكنولوجيا والحواسيب‪.‬‬ ‫وعرف ‪ -‬أيضا ‪ -‬عن الفنان عبدالعزيز الشرقاوي غزارة إبداعاته التشكيلية‬ ‫حيث كان يقضي جل أوقاته في مرسمه منعزال ‪.‬فكان يرغب في‪ ‬إعادة نسج‬ ‫عالقته مع الوجود وإعادة بناء عالمه الذي يحلم به عبر األلوان‪.‬‬ ‫ورغم مساره الطويل في التشخيـــص‪ ،‬فال يمكن ‪-‬حسب رأيي‪-‬‬ ‫حصر المرحــوم ضمن المدرســة التطوانيــة المعروفـــة بتقنياتها‬ ‫وبمواضيعهافقط‪،‬بل اعتبره فنانا من األسماء الكبيرة والمجددة في االتجاه‬ ‫الواقعي بالمغرب ‪-‬رحمه اهلل‪ -‬ألنه تحرر من القيود األكاديمية مانحا لنفسه‬ ‫مساحات من التميز عبر محاكاة المرئي بطريقته الخاصة التي تعتمد الدقة‬ ‫واإلتقان‪ ،‬وتوزيع األلوان واألشكال والظالل واألضواء‪ ،‬عبر مساحات لونية‬ ‫متناغمة وبحرفية كبيرة‪..‬‬ ‫يبقى المرحوم عبد العزيز الشرقاوي قامة كبيرة في التشكيل‬ ‫المغربي‪،‬لكنه لم يحظ لألسف بنصيب من االهتمام والمتابعة والمواكبة‬ ‫اإلعالمية‪.‬‬


‫‪6‬‬

‫الثالثـاء ‪� 16‬إلى ‪ 22‬يوليوز ‪2019‬‬

‫العدد ‪1002‬‬

‫مجتمع ـ سياسة ـ حقوق‬ ‫فكري ولد علي‬

‫(مراسل من الحسيمة)‬

‫عامل إقليم الحسيمة يشرف على افتتاح معرض‬ ‫لتسويق وترويج المنتجات المجالية‬

‫افتتحت مساء يوم الخميس ‪ 11‬يوليوز‬ ‫من الشهر الجاري‪ ،‬بمدينة الحسيمة‪ ،‬الدورة‬ ‫العاشرة لأليام التسويقية للمنتجات المحلية‪،‬‬ ‫تحت شعار «المنتجات المحلية في خدمة التنمية‬ ‫االقتصادية واالجتماعيـــة والتشغيــل الذاتي‬ ‫بالجهة»‪.‬‬ ‫وأشرف عامل إقليم الحسيمة‪ ،‬فريد شوراق‪،‬‬ ‫والمدير الجهوي للفالحة بطنجة – تطوان –‬ ‫الحسيمة ورئيس المجلس اإلقليمي بالحسيمة‪،‬‬ ‫على افتتاح المعرض الذي يشهد مشاركة ‪45‬‬ ‫عارضا من مختلف مناطق أقاليم جهة طنجة‬ ‫تطوانالحسيمة‪.‬‬ ‫وتزامنا مع حلول فصل الصيف‪ ،‬حيث عودة‬ ‫أبناء الجالية‪ ،‬فقد أبت عمالة الحسيمة وبتنسيق‬ ‫مع العديد من المصالح إقليميا وجهويا‪ ،‬إال أن‬ ‫تدرج المعارض ضمن أولوياتها في أفق تنمية‬ ‫المدينة وفتح المجال أمام التعاونيات‪ ،‬من أجل‬ ‫التعريف بمنتوجاتها وتسويقها في ظروف‬ ‫عادية‪.‬‬ ‫وشهد اليوم األول من افتتاح المعرض‪،‬‬ ‫الذي يقام بساحة محمد السادس وسط‬ ‫الحسيمة‪ ،‬توافد عدد كبير من الزائرين لالطالع‬

‫على مختلف المنتجات المجالية والفالحية‪،‬‬ ‫خاصة تلك المميزة إلقليم الحسيمة‪ ،‬كزيت‬ ‫زيتون والعسل وجبن الماعز واألعشاب الطبية‬ ‫والعطرية باإلضافة إلى سالسل التمور والتين‬ ‫والتين الشوكي ‪.‬‬ ‫وعرف افتتاح فعاليات المعرض مشاركة‬

‫المكتب الوطني لالستشارة الفالحية عن طريق‬ ‫إعداد فضاء لالستشارة الفالحية على مساحة‬ ‫‪ 150‬مترا مربعا يضم ‪ 5‬شبابيك يشرف عليها‬ ‫مستشارون فالحيون‪ ،‬حيث نظم المكتب‬ ‫زيارات لمختلف أروقة المعرض لفائدة الفالحين‬ ‫والتعاونياتالفالحية‪.‬‬

‫جمعية أريف للثقافة والتراث بالحسيمة تنظم يومين‬ ‫دراسيين وتحسيسيين حول زواج القاصرات‬

‫‪Fikri.press@gmail.com‬‬ ‫‪Tél 0661986707‬‬

‫انتخاب عبد المالك بوغابة‬ ‫رئيسا للمنتدى المتوسطي للسياحة‬

‫انعقد‪ ،‬مؤخرا‪ ،‬الجمع العام التأسيسي‪،‬‬ ‫لمنتدى المتوسطي للسياحة بمدينة مرتيل‬ ‫بحضور عدة فعاليات سياحية ومهنية بميدان‬ ‫السياحة‪ ،‬يمثلون مختلف مناطق الجهة‪ ،‬بعدما‬ ‫تالقت إرادتهم كفاعلين مهنيين ومهتمين‬ ‫بالميدان السياحي بالجهة وكذا طلبة باحثين‪،‬‬ ‫حيث تبلورت لديهم فكرة تأسيس المنتدى‬ ‫المتوسطي للسياحة ذي بعد جهوي‪.‬‬ ‫ويهدف المنتدى وفق المنظمين‪ ،‬إلى‬ ‫المساهمة في الحفاظ والتعريف بالمنتوج‬ ‫السياحي المتعدد والمتنوع بالجهة‪ ،‬محليا وطنيا‬ ‫ودوليا‪.‬‬ ‫كما يهدف إلى “المساهمة في بلورة رؤية‬ ‫شاملة حول السياحة تعتمد على الخصوصيات‬ ‫السوسيو ثقافية للجهة‪ ،‬والعمل من أجل إبراز‬

‫البعد المتوسطي للجهة‪ ،‬باإلضافة إلى األهداف‬ ‫األخرى الواردة في القانون األساسي للمنتدى”‪.‬‬ ‫و تم انتخاب المكتب المسير الذي استقر‬ ‫على التشكيلة التالية‪:‬‬ ‫الرئيس‪ :‬عبد المالك بوغابة‬ ‫نائبته‪ :‬ربيعة بولحية‬ ‫أمين المال‪ :‬محمد سعيد المبروكي‬ ‫نائبه‪ :‬محمد علي امحانت علي‬ ‫الكاتب العام‪ :‬محمد العزوزي‬ ‫نائبه‪ :‬فكري بنعلي‬ ‫المستشــارون‪ :‬سعيــد إبن الحـظــــيــر‬ ‫– عبد الحق الغندور – حسن بوغابة – حليمة‬ ‫الحصاب – حسن النحاس‪.‬‬

‫أمواج البحر تلقي بجثة «دلفين»‬ ‫على شاطئ «صفيحة»‬

‫نظمت جمعية أريــف للثقافــة والتراث‬ ‫والفنون بالحسيمة‪ ،‬بشراكة مع وزارة العدل‪،‬‬ ‫يومين دراسيين تحسيسيين ترافعيين في‬ ‫موضوع تزويج القاصرات بالمغرب‪ ،‬وذلك يومي‬ ‫‪ 7‬و‪ 8‬يوليوز ‪ ،2019‬بدار الثقافة للحسيمة‪.‬‬ ‫انطلق اليومين الدراسيان الترافعيان‬ ‫يوم األحد ‪ 7‬يوليوز ‪ 2019‬عبر تنظيم حلقات‬ ‫تكوينية وتحسيسية‪ ،‬وورشات في الرسم‬ ‫والفن التشكيلي‪ ،‬تقارب الموضوع من الجانب‬ ‫اإلبداعي‪ ،‬أشرف على تأطيرها كل من؛ األستاذ‬ ‫عبد الكريم اإلدريسي‪ ،‬واألستاذ محمد المحمدي‪،‬‬ ‫في موضوع التعريف باالتفاقيات الدولية لحقوق‬ ‫الطفل والقوانين الوطنية المؤطرة لمؤسسة‬ ‫األسرة والزواج‪.‬‬ ‫كما أشرفت فاطمة الرامي‪ ،‬أستاذة التعليم‬ ‫الفني‪ ،‬بجانب الفنانين التشكيليين عماد أعروص‬ ‫ومحمد الحسني‪ ،‬على مسابقة للرسم بمشاركة‬

‫األطفال واليافعين‪ ،‬باإلضافة إلى تأطير مسابقة‬ ‫للفن التشكيلي بالنسبة للفنانين المحترفين‪،‬‬ ‫مع توزيــع الجوائــز والشهادات التقديرية على‬ ‫الفائزين‪ ،‬وتسليم شواهد المشاركة على جميع‬ ‫المتسابقين‪.‬‬ ‫أما اليوم الثاني ‪ 8‬يوليوز ‪ ،2019‬فكانت‬ ‫مادته األولى عبارة عن ندوة حقوقية علمية‬ ‫حول ظاهرة تزويج القاصرات بالمغرب‪ ،‬ترأسها‬ ‫األستاذ الباحث والعدل المتمرن السيد سمير‬ ‫أفالح‪ ،‬وبتأطير من السادة األساتذة؛ محمد‬ ‫المحمدي‪ ،‬أستاذ وباحث في العلوم القانونية‬ ‫واالجتماعية‪ ،‬بمداخلة تحت عنوان «تزويج‬ ‫القاصرات بالمغرب‪ :‬دراســة في األسبـــاب‬ ‫والنتائج»‪ ،‬واألستاذة رأفت التوجكداني‪ ،‬مساعدة‬ ‫اجتماعية بمحكمــة االستئنـــاف للحسيمة‪،‬‬ ‫بمداخلة تحت عنــوان «القاصر والحمايـــة‬ ‫االجتماعية»‪ ،‬واألستـــاذ عبد الحافظ أعراب‪،‬‬

‫طالب باحث وعدل متمرن‪ ،‬بمداخلة تحت عنوان‬ ‫المادة ‪ 16‬من مدونة األسرة وتأثيرها على‬ ‫ظاهرة تزويج القاصرات»‪.‬‬ ‫أما المادة الثانية لليوم الثاني من اليومين‬ ‫الترافعيين الدراسيين والتحسيسيين‪ ،‬اتخذت‬ ‫شكل ورشة تكوينية للحاضرين من تأطير‬ ‫السادة األساتذة؛ رأفـــت التوجكداني‪ ،‬وعبد‬ ‫الحافظ أعراب‪ ،‬والمحمـدي محمد‪ .‬تناولـــت‬ ‫ظاهرة تزويج القاصـرات من حيث محدداتها‬ ‫الثقافية والشعبية‪ ،‬بهدف خلق ثقافة حقوقية‬ ‫يستطيع من خاللها المشاركين معالجة أسباب‬ ‫الظاهرة والترافع حولها في الفضاءات التي‬ ‫يتفاعلون وفي إطارها‪.‬‬ ‫وقـــد اختتــم اليومـــان والتحسيسيان‬ ‫والترافعيان بتالوة التوصيات الصادرة عنهما‪،‬‬ ‫وبتوزيع الشواهــد التقديريــة على مؤطري‬ ‫أنشطة اليومين‪ ،‬مع التقاط صور جماعية‪.‬‬

‫بناء مقبرة نموذجية بالحسيمة‬

‫بعدما ضاقت مقابر مدينتي الحسيمة‪،‬‬ ‫وأجدير بموتاها‪ ،‬بنفاذ العقار المخصص لها‪،‬‬ ‫وبعد توالي عدة طلبات وملتمسات من الساكنة‬ ‫منذ أزيد من عقد من الزمن‪ ،‬تمكنت السلطة‬ ‫االقليمية تحت اإلشراف المباشر لعامل إقليم‬ ‫الحسيمة فريد شوراق‪ ،‬من التغلب على كل‬ ‫الصعوبات التي كانت تعتري هذا الملف‪ ،‬وتمت‬ ‫تعبئة كافة الشركاء إلنجاز مقبرة نموذجية‬ ‫بأجدير‪ ،‬بعد تجاوز تحدي إيجاد الوعاء العقاري‬ ‫المناسب والمحدد في مساحة اجمالية تقدر ب‬ ‫‪ 15‬هكتارا‪ ،‬والتي سيتم إنجازها بغالف مالي‬ ‫يناهز مليار و‪ 200‬مليون سنتيم‪ ،‬بمساهمة كل‬ ‫من المديرية العامة للجماعات المحلية بوزارة‬ ‫الداخلية والمجلس اإلقليمي للحسيمة ووكالة‬ ‫تنمية اقاليم الشمال وكل من جماعة الحسيمة‬

‫وأجدير‪ .‬وحسب مصادر مطلعة من مصالح‬ ‫العمالة‪ ،‬فإن عملية فتح االظرفة فتحت في‬ ‫األسبوع األول من يونيو ‪.2019‬‬ ‫وهكذا‪ ،‬سيمكن هذا المشروع‪ ،‬الذي‬ ‫طال انتظاره‪ ،‬من جيل جديد من المقابر التي‬

‫ستحفظ كرامة الموتى‪ ،‬وتتجاوز العشوائية التي‬ ‫كانت تطبع بعض المقابر‪ ،‬من خالل تصميم‬ ‫نموذجي حديث‪ ،‬يسمح للساكنة بدفن موتاهم‬ ‫في فضاء آمن ومنظم‪.‬‬

‫حملت أمواج البحر صباح الخميس ‪11‬‬ ‫يوليوز الجاري‪ ،‬جثة دلفين من نوع «األزرق‬ ‫واألبيض»‪ ،‬وألقت بها على شاطئ « صفيحة‪،‬‬ ‫وحسب مصدر مطلع فوزن الدلفين وصل إلى‬ ‫‪ 75‬كلج‪ ،‬وطوله ‪ 1.75‬متر‪.‬‬ ‫وال تحمل جثة الدلفين المذكور‪ ،‬أية آثار‬ ‫توحي بتعرضه للموت في الشباك‪ ،‬كما أن رأسه‬ ‫سليم وال يحمل أية ضربات ناتجة عن احتمال‬ ‫اصطدامه بالسفن أثناء صعوده لسطح البحر‬ ‫الستنشاق الهواء‪.‬‬

‫وينتمي الدلفين لفصيلة ّ‬ ‫الثدييات‪ ،‬وهو‬ ‫ٌ‬ ‫حيوان بحريّ ذكيّ ينتشر في مختلف أنحاء‬ ‫العالم‪ُ ،‬‬ ‫حيث يتواجد العــدد األكبــر منه في‬ ‫األماكن الضحلــة من المحيطات المدارية‪،‬‬ ‫ويُقدّر عدد أنواعها بما يقرب من ‪ 30‬إلى‬ ‫‪ 40‬نوعاً‪ ،‬يعدّ الدلفين من أكلة اللحوم؛ ُ‬ ‫حيث‬ ‫ّ‬ ‫يتغذى على األسماك والحبّار والقشريّات‪.‬‬ ‫وللدلفين عدّة ألوانٍ يتميّز بها‪ ،‬لكنّ اللون‬ ‫األكثر انتشاراً له هو اّللون الرمادي‪.‬‬

‫الكالب الضالة تؤرق راحة ساكنة الحسيمة‬

‫تشتكي ساكنة الحسيمة من انتشار واسع‬ ‫لظاهرة الكالب الضالة خالل هذه األيام‪ ،‬في جل‬ ‫األحياء والشوارع‪.‬‬ ‫ويتعلق األمر على وجه الخصوص‪ ،‬بأحياء‬ ‫مرموشة وإفزار ومينادور العليا والسفلى‬ ‫والشوراع الرئيسية للمدينة كشارعي محمد‬ ‫الخامس والحسن الثاني وحي المرسى وبداخل‬ ‫ميناءالحسيمة‪.‬‬

‫وتشكل الظاهرة خطرا حقيقيا على سالمة‬ ‫السكان‪ ،‬خاصة أطفال المدارس‪ ،‬ناهيك عن‬ ‫خطر داء الكلب الذي يؤدي إلى الوفاة‪.‬‬ ‫وحسب بعض المصادر‪ ،‬فإن انتشار الكالب‬ ‫الضالة بالمدينة يعود بالدرجة األولى إلى عدم‬ ‫شن المصالح المختصة حمالت لمحاربة هذه‬ ‫الظاهرة‪.‬‬


‫الثالثـاء ‪� 16‬إلى ‪ 22‬يوليوز ‪2019‬‬

‫العدد ‪1002‬‬

‫‪7‬‬

‫مجتمع ـ سياسة ـ حقوق‬ ‫عبد العالي بن ربوحة‬

‫(مراسل من القصر الكبير)‬

‫وسط احتجاج الممرضين وزير الصحة أنس الدكالي لقاء تواصلي حول الوضع الصحي ورهانات‬ ‫المستشفى الجديد بالقصر الكبير‬ ‫يعطي االنطالقة الفعلية لخدمات المستشفى الجديد‬ ‫بمدينة القصر الكبير‬ ‫أشرف وزير الصحة ”أنس الدكالي” مساء‬ ‫الخميس ‪11‬يوليوز ‪ 2019‬على إعطاء االنطالقة‬ ‫الفعلية لخدمات المستشفى الجديد بمدينة القصر‬ ‫الكبير رفقة عامل اإلقليم السيد العالمين بوعصام‬ ‫والوفدين المرافقين لهما ورئيس المجلس‬ ‫الجماعي لمدينة القصر الكبير وعدد من رؤساء‬ ‫المصالح الخارجية باإلقليم ووكالة إنعاش و تنمية‬ ‫الشمال والنائب البرلماني عن إقليم العرائش عبد‬ ‫الحكيم األحمدي ‪.‬‬ ‫والمستشفى يضم وحدة للطب ‪ ،‬ووحدة‬ ‫للجراحة و مركبا جراحيا ‪ ،‬وقاعة لإلنعاش الطبي ‪،‬‬ ‫ووحدة لصحة األم والطفل (مصلحة طب النساء‬ ‫والتوليد ‪ ،‬مصلحة لطب األطفال )عالوة على مصلحة‬ ‫للمستعجالت وقاعتين للفحص باألشعة والصدى‬ ‫مجهزتين بآليات بيوطبية بما فيها جهاز السكانير‬ ‫‪ ،‬وقاعات لالستشارات الخارجية ‪ ،‬ووحدة للتعقيم‬ ‫‪ ،‬وفضاء لالستقبال‪ ،‬ومختبر‪ .‬إلى جانب صيدلية‬ ‫ومستودع لألموات مع غرفة للتشريح ومرافق أخرى ‪.‬‬ ‫وقد تم إنجـــاز المستشفــى بغـــالف مالي‬ ‫يفوق ‪ 79‬مليون درهم‪ ،‬بمساحة إجمالية تفوق‬ ‫‪ 6700‬مترا مربعا‪ ،‬وبمساهمة كل من وكالــة‬ ‫إنعاش وتنمية أقاليم الشمال‪ ،‬والمجلس اإلقليمي‬ ‫بالعرائش والجماعة الحضرية لمدينـــة القصر‬ ‫الكبير‪ ،‬ومؤسسة القصر الكبير للتنمية ويتكون‬ ‫من طابقين و تجهيــزه بمعـــدات بيوطبية حديثة‬ ‫وعالية الجودة ‪.‬‬ ‫وأوضح الدكالــي أن مستشفــى القصر الكبير‬

‫يستجيــب للمعاييــر المطلوبة في المستشفيات‪،‬‬ ‫مستشفى متكامل مع المستشفى اإلقليمي ‪ ،‬كما‬ ‫سيقدم خدمات الطب العام وطب األطفال وطب‬ ‫النساء والتوليد والجراحة العامة ‪ ،‬اضافة الى‬ ‫مركز لالستشارات الخارجية ويضم وحدة طب‬ ‫العيون ‪ ،‬ووحدة للترويض الطبي ‪ ،‬ووحدة لطب‬ ‫وجراحة األسنان ‪ ،‬واحرى لالستشارة الطبية في‬ ‫مجال التغذية والحمية وكذلك مصلحة الصيدلة‬ ‫االستشفائية ‪.‬‬ ‫وبهذه المواصفات يعد إضافة نوعية للعرض‬ ‫الصحي بجهة طنجة تطوان الحسيمة ‪،‬و يتوقع أن‬ ‫يستفيد من خدماته ساكنة تقدر ب ‪ 245573‬نسمة‬

‫منحدرة من مدينة القصر الكبير وتسع (‪ )9‬جماعات‬ ‫قروية مجاورة ‪.‬‬ ‫المستشفى يتوفــر على أزيد من ‪ 80‬سريرا‬ ‫وسيبلغ تعداد طاقمه ‪ 120‬فردا‪ ،‬سيكون قادرة على‬ ‫تقديم خدماته لحوالي ‪ 250‬ألف نسمة‪.‬‬ ‫ويندرج إحداث هــذا المستشفــى في إطار‬ ‫تنفيذ السياسة الصحية التي تنهجها وزارة الصحة‬ ‫والهادفة إلى تقريب الخدمات الطبية والعالجية في‬ ‫مستــوى انتظارات الساكنة المحلية‪ ،‬وتخفيف العبء‬ ‫على المراكز االستشفائية األخرى بالجهة والسعي‬ ‫الحثيث إلى التقليص من الفوارق المجالية ‪.‬‬

‫تنزيل برنامج تيسير يمس بكرامة األسر المستفيدة بوزان‬ ‫‪ ‬وزان ‪ :‬محمد حمضي‬

‫الصورة المصاحبة لهذا المرور اإلعالمي‬ ‫السريع ‪ ،‬تعفينا عن أي تعليـــق على الظـــروف‬ ‫المصاحبة لعملية سحب المئات من األسر الوزانية‬ ‫للدعم االجتماعي المخصص لألسر الفقيرة بإقليم‬ ‫وزان المعروف ببرنامج تيسير ‪ ،‬من أجل ضمان‬ ‫استمرار أبنائها في متابعة دراستهم ‪.‬‬ ‫‪ ‬فمنذ مطلع شهر يوليوز الجاري وإلى حدود‬ ‫اليوم يتجمهر المئات من المواطنات والمواطنين‬ ‫أمام مدخل بريد المغرب بوزان ‪ ،‬في ظروف ال‬ ‫إنسانية ‪ ،‬وحاطة بالكرامة ‪ ،‬وذلك من أجل سحب‬ ‫التحويالت المالية الهزيلة أصال التي توفرها الدولة‬ ‫لألسر واألطفال في وضعية هشاشة ‪ ،‬وذلك من‬ ‫أجل الحد من ظاهرة االنقطاع المدرســـي في‬ ‫الوسطيــن القــروي والحضري ‪.‬‬ ‫‪ ‬الصــــور الماســة بكـــرامــة المستفيدات‬ ‫والمستفيدين من البرنامج المذكور التي تناقلتها‬ ‫وسائط التواصل االجتماعي التي تعنــى بشـأن دار‬ ‫الضمانـــة الكبرى‪ ،‬وتلك صادفتها عيـــون طيــف‬ ‫المسؤولين الذين يعبرون الشارع الرئيسي حيث‬ ‫يوجد مركز بريد المغرب ‪ ،‬لم تحرك في مسؤولي‬ ‫اإلدارة الترابية بشقيها اإلقليمي والمحلي ذرة من‬

‫اإلحساس بالمسؤولية فيسارعون لربط االتصال‬ ‫بإدارة بريد المغرب للبحث عن معالجـة مشرفــة‬ ‫وناجعة لتنزيل هذه العمليـــة االجتماعيــة بامتياز‪.‬‬ ‫يذكر بأن برنامـج تيسير الذي تشــرف على‬ ‫أجرأة التدابير المصاحبة له وزارة التربية الوطنية‪،‬‬ ‫جاء( البرنامج) في إطار التوجيهات الملكية الرامية‬ ‫إلى إعطاء دفعة قوية لبرامج الدعم االجتماعي‬ ‫مساهمة في توفيـر مبدأ تكافؤ الفرص بين‬

‫متعلمات ومتعلمي المدرسة العمومية ‪ .‬واشترط‬ ‫البرنامج الذي دخل مرحلة التعميم الموسم‬ ‫الدراسي الذي نودعه هذه األيام‪ ،‬جملة من الشروط‬ ‫المفروض توفرها في أسر التالميذ المستفيدين‬ ‫بالوسطين القروي والحضري من المنحة المالية‬ ‫المذكورة‪ .‬وهي المنحة التي يجب التفكير مستقبال‬ ‫تحويلها لهذه األسر في شروط وأجواء تحفظ‬ ‫كرامتها وتنتصر لمواطنتها‪ .‬‬

‫تحت شعار «كلنا معنيون بضمان الحق في‬ ‫الصحة بمدينتنا»‪ ،‬نظمت جماعة القصر الكبير‬ ‫بتنسيق مع مؤسسة القصر الكبير للتنمية ‪ ،‬جمعية‬ ‫مدينتي ‪ ،‬والجامعة للجميع فرع القصر الكبير‪،‬‬ ‫وودادية أطباء القصر الكبير يوم الخميس ‪ 4‬يوليوز‬ ‫‪ 2019‬بقاعة االجتماعات بالملحقة اإلدارية الرابعة‪،‬‬ ‫لقاء تواصليا حول موضوع «المستشفى الجديد‬ ‫بالمدينة الرهانات اإلشكاالت والحلول «‬ ‫اللقاء عرف حضور المندوب اإلقليمي لوزارة‬ ‫الصحة ومدير المستشفى المدني لمدينة القصر‬ ‫الكبير‪ ،‬و هيئات قطاع الصحة من أطباء القطاعين‬ ‫العام و الخاص والصيادلة وفعاليات المجتمع المدني‪.‬‬ ‫في بداية اللقاء تناول الكلمة الدكتور إدريس‬ ‫العسري الذي أدار اللقاء وفي كلمته أشار إلى أهداف‬ ‫اللقاء الذي يعتبر مناسبة لفتح حوار مباشر مع‬ ‫المسوؤلين عن تدبير قطاع الصحة على المستوى‬ ‫اإلقليم والمؤسسة المنتخبة ومنظمات المجتمع‬ ‫المدني ‪.‬‬ ‫بعد ذلك تناول الكلمة كل من رئيس المجلس‬ ‫الجماعي محمد السيمو ‪ ،‬و الدكتور عبد الحميد بنونة‬ ‫باسم ودادية أطباء القصر الكبير ‪،‬واألستاذ رشيد‬ ‫الجلولي عن الجامعة للجميع ‪ ،‬واألستاذ حسن النو‬ ‫عن منتدى الشمال لحقوق اإلنسان ‪ ،‬حيت اجمعت‬ ‫كل المداخالت على التحديات الكبرى للقطاع الصحي‬ ‫بالمدينة والتي تتطلب تضافر الجهود كل من‬ ‫موقعه وتكريس المقاربة التشاركية والتفاعل البناء‬ ‫بين كافة المتدخلين خدمة للمواطن وضمان الحق‬ ‫في الصحة والعمل بشكل جماعي من اجل االرتقاء‬ ‫بالقطاع ‪.‬‬ ‫السيد عبد السالم الذهبي المندوب اإلقليمي‬ ‫لوزارة الصحة بالعرائش في مداخلته قدم عرضا‬ ‫بخصوص الوضع الصحي بمدينة القصر الكبير‪ ،‬التي‬ ‫تتوفر على مستشفى بطاقة استيعابية تصل إلى ‪80‬‬ ‫سرير ‪ ،‬وخمسة مراكز صحية حضرية من المستوى‬ ‫األول ‪ ،‬وثالث مراكز صحية للدعم (مركز الكشف‬ ‫عن داء السل ‪،‬والمركز المرجعي للصحة اإلنجابية‬ ‫والكشف المبكر عن السرطان والصحة النفسية )‬ ‫ومركز تصفية الكلي بطاقة استيعابية ‪24‬الة تصفية‬ ‫‪ ،‬ومستشفى جديد بطاقة استيعابية ‪80‬سرير ‪ ،‬ومركز‬ ‫صحي حضري من المستوى األول في طور االنجاز ‪،‬‬ ‫وأعطى نبذة عن حصيلة رقمية عن التدخالت الطبية‬ ‫للمستشفى المحلي بالمدينة لسنة ‪2018‬‬ ‫ عدد االستشفاءات الطبية المختصة ‪7395 :‬‬‫ خدمات مصلحة المستعجالت ‪57581 :‬‬‫ عدد حاالت االستشفاء ‪4332 :‬‬‫• مصلحة الطب العام ‪1033 :‬‬ ‫• مصلحة التوليد ‪3210 :‬‬ ‫• مصلحة الجراحة ‪341 :‬‬ ‫ األشعة ‪2725(6388‬حالة مستعجلة )‬‫ الفحص بالصدى ‪22(376 :‬حالة مستعجلة )‬‫‪ -‬التحاليل ‪33773 :‬‬

‫المديرية اإلقليمية للتعليم بالعرائش تحتفي بالمتفوقين دراسيا‬ ‫نظمتالمديريةاإلقليميةلوزارةالتربيةالوطنية‬ ‫بالعرائش مساء األربعاء ‪10‬يوليوز الجاري حفل التميز‬ ‫السنوي للموسم الدراسي ‪ ،2019/2018‬لتوزيع‬ ‫الجوائز على التلميذات والتالميذ األوائل في مختلف‬ ‫األسالك الدراسية ترسيخا لثقافة التحفيز وتشجيع‬ ‫التفوقوالعطاءبالمؤسساتالتعليميةباإلقليم‪.‬‬ ‫وقد أشرف على هذا الحفل عامل إقليم العرائش‬ ‫السيد العالمين بوعاصم بحضوررئيس المجلس‬ ‫اإلقليمي ‪ ،‬ورئيس المجلس الجماعي لمدينة القصر‬ ‫الكبير ‪ ،‬والنائب البرلماني عبد الحكيم األحمدي‪،‬‬ ‫والمصالح األمنية والدرك الملكي والقوات المساعدة‬ ‫والوقاية المدنية ورؤساء المصالح الخارجية باإلقليم‬ ‫وممثليالهيئاتالمنتخبةوالسلطاتالمحلية‪،‬وممثلي‬ ‫جمعياتأباءوأولياءالتالميذوجمعياتالمجتمعالمدني‬ ‫والهيئاتالتعليميةباإلقليموالمتوجينالمحتفىبهم‬ ‫وعائالتهم‪.‬‬ ‫وفي كلمة بهذه المناسبة أشار السيد محمد‬ ‫كليل النائب اإلقليمي لوزارة التربية الوطنية والتكوين‬ ‫المهني بالعرائش ‪ ،‬إلى مواكبة قطاع التعليم لألوراش‬ ‫الكبرى والمشاريع التنموية المهيكلة التي يشهدها‬ ‫إقليم العرائش وأضاف أن النيابة اإلقليمية حرصت‬ ‫من منطلق مسؤوليتها التربوية على تعميم التعليم‬ ‫وتطويره وتحقيق الجودة التعليمية‪ ،‬وذلك تنفيذاً‬ ‫للسياسات الحكومية واسترشاداً بالتوجيهات الملكية‬ ‫السامية‪.‬‬

‫وبخصوص الموسم الدراسي الذي نودعه‪ ،‬أبرز‬ ‫السيد محمد كليل التقدم الحاصل في العديد من‬ ‫المجاالت‪ ،‬مشيراً إلى حرص المديرية اإلقليمية على‬ ‫وضع مصلحة التلميذ في االعتبار مع السهر على السير‬ ‫العاديللمنظومةالتربويةالتعليمية‪.‬‬ ‫كما أعرب النائب اإلقليمي عن ارتياحه للنتائج‬ ‫المحققة هذه السنة‪ ،‬معتبراً إياها مؤشراً قوياً وصادقاً‬ ‫على جودة التعلمات والمردود التربوي‪ ،‬كما تطرق‬ ‫للمخطط الذي وضعته المديرية للسنة الدراسية‬ ‫المقبلة‪ ،‬موضحاً أنه يتضمن إجراءات هامة لمواصلة‬ ‫العمل على تحقيق تعميم التمدرس بإبالء العناية‬ ‫بالوسط القروي وتطوير الدعم االجتماعي وتوسيع‬

‫العرض التربوي والعناية بالبنية التحتية للمؤسسات‬ ‫التعليمية‪.‬‬ ‫ولم يفوت النائب اإلقليمي الفرصة لتقديم‬ ‫التهنئة للتالميذ المتفوقين‪ ،‬متوجهاً بالشكر إلى جميع‬ ‫مكونات المنظومة التربوية بإقليم العرائش ‪ ،‬مقدماً‬ ‫تحية تقدير وإجالل لكافة األطر التربوية واإلدارية كل‬ ‫من موقعه لما يبذلونه من جهد وتضحية ونكران ذات‬ ‫من أجل االرتقاء بالمنظومة التربوية‪ ،‬كما تقدم بالشكر‬ ‫إلى كل من عامل اإلقليم لما يوليه لقطاع التربية‬ ‫والتكوين من عناية واهتمام والحفاظ على أمنها‬ ‫وسالمة تالميذها‪ ،‬وكذا إلى مدير األكاديمية الجهوية‬

‫للتربية والتكوين بجهة طنجة تطوان الحسيمة على‬ ‫مساعدته ومساندته لمختلف العمليات التدبيرية من‬ ‫أجل االرتقاء بالتعليم‪ ،‬وكذا المنتخبين والسلطات‬ ‫األمنيةوالشركاءاالجتماعيين‪.‬‬ ‫كما صرح رئيس مكتب األنشطة التربوية‬ ‫والفنية بالمديرية اإلقليمية للتعليم بالعرائش السيد‬ ‫محمد عابد لجريدة الشمال ‪ ،‬أن حفل التميز هو حفل‬ ‫يتم االحتفال بالتلميذات والتالميذ المتفوقين سواء‬ ‫في االمتحانات اإلشهادية أو في المسابقات التربوية‬ ‫والفنية والثقافية التي تنظمها الوزارة واألكاديمية‬ ‫والمديرية‪.‬‬ ‫وقد جاء هذا الحفل تجسيدا لثقافة االعتراف‪،‬‬ ‫وسعيا لتثمين التميز والجودة‪ ،‬في انسجام مع‬ ‫التوجيهات التربوية ورهانات المشــروع التربوي‬ ‫الوطني‪ ،‬واحتفاء بالمتعلمات والمتعلمين المتفوقات‬ ‫والمتفوقين باإلقليم وتحفيزا لهم وألطرهم لمواصلة‬ ‫الجهود الرامية إلى االرتقاء بالفرد والمجتمع‪.‬‬ ‫في هذا الصدد‪ ،‬تخللت الحفل وصالت موسيقية‬ ‫وغنائية ومسرحيات من إبداع تالميذ المؤسسات‬ ‫التعليمية باإلقليم‪ ،‬كما تم توزيع جوائز استحقاق على‬ ‫المحتفى بهم‪ ،‬تكريما لهم على النتائج التي حققوها‬ ‫وعرفانا بمجهوداتهم‪ ،‬وتكريما ألسرهم‪ ،‬الذين ضحوا‬ ‫من أجل هذه اللحظات التي ستعطي شحنة ايجابية في‬ ‫نفوس المتفوقين ودفعة قوية لمضاعفة المجهود‬ ‫لباقيالتالميذ‪.‬‬

‫كما تحدث مندوب وزارة الصحة كذلك عن‬ ‫المستشفى الجديد الذي يتوفر على‪ :‬الطب العام‬ ‫– الجراحة العامة – مصحة األم و التوليد والطفل –‬ ‫المستعجالت – المصالح الطبية التقنية – المصالح‬ ‫العامة – مختبر التحاليل والتصوير اإلشعاعي‬ ‫والسكانير – مصلحة للصيدلة ‪ -‬مركز االستقبال‬ ‫ مركز االستشارات الخارجية ‪ -‬وحدة طب العيون‬‫والترويض ‪ -‬مكاتب إدارية ‪.‬‬ ‫كما اشار الى مخطط تنمية مستشفى القرب‬ ‫القصر الكبير وتعزيز العرض الصحي بإحداث‬ ‫المؤسسات السوسيو طبية ‪ ،‬وبرمجة القوافل الطبية‬ ‫المتخصصة وتقوية التجهيزات الطبية تضم أطر‬ ‫وزارة الصحة والشركاء‪.‬‬ ‫وقد عرف اللقاء نقاشا نوعيا يتسم بالغيرة‬ ‫على المدينة من طرف إطارات المجتمع المدني كما‬ ‫طرحت فيه جميع القضايا المتعلقة بمشاكل وتنمية‬ ‫القطاع الصحي بالمدينة و تقديم خدمات صحية‬ ‫متكاملة داخل المؤسسات الصحية وخارجها‪.‬‬ ‫و خلص اللقاء إلى توصيات حول المستشفى‬ ‫الجديد بالمدينة ورفعها الى الجهات المختصة وهي‬ ‫على الشكل التالية ‪:‬‬ ‫ ضرورة إضافة صيدليتين للحراسة ليصبح‬‫ثالث صيدليات‪.‬‬ ‫ التزام األطباء بأوقات العمل رأفة بطالبي‬‫االستشفاء والعمل على تقديم الخدمات ‪24‬ساعة‬ ‫ االستعداد الفوري لطبيب المستعجالت‬‫لتقديم الخدمات الطبية الالزمة ‪.‬‬ ‫ إعطاء اإلسعافات األولية أهمية قصوى لتجنب‬‫الوفيات في الطريق لمدن أخرى وخاصة الجراحية‬ ‫منها ‪.‬‬ ‫ توفير طبيب الوالدة بالديمومة للحد من‬‫نزيف الوفيات وتعريض الحامالت إلى مخاطر التنقل‬ ‫في وضعية حرجة ‪.‬‬ ‫ توفير طبيب االختصاص وتعاهد المجلس‬‫الجماعي مع مختصين لتقديم خدمات االختصاص‬ ‫في كل يوم على مدار األسبوع ‪ – .‬طبيب العظام‬ ‫–طب الدماغ – طب الوالدة – طب األطفال – طب‬ ‫القلب ‪.‬‬ ‫ إحداث ولوجية للمستشفى بالتشوير‬‫باإلضافة إلى دوار أو مثلث وسط الطرق مزدوجة‬ ‫في الوسط بعالمة قف لتعطي األسبقية في حاالت‬ ‫اإلسعاف ‪.‬‬ ‫ وضع جهاز لمراقبة العربات ‪.‬‬‫ التذكير بحسن المعاملة من طرف الطاقم‬‫الطبي وسعة الصدر في التعامل مع المريض ‪ ،‬اال في‬ ‫الحاالت التي يتم فيها االعتداء اللفظي على الطاقم‬ ‫الطبي ‪.‬‬ ‫ تكثيف عمل لجن المراقبة الصحية على‬‫المواد االستهالكية لحماية المواطن من جشع‬ ‫وبطش منعدمي الضمير بالسلع الفاسدة ‪.‬‬ ‫ العمل على تجنب إرسال طالبي العالج خارج‬‫المدينة وخاصة عندما يخص األسر باالختصاصات‬ ‫الموجودة محليا ‪.‬‬ ‫ تفعيل بطاقة الرميد في طلب االستشفاء‬‫ إحداث هيئة لذي الصيادلة لجمع التبرع‬‫باألدوية لصالح الفئات المعوزة‬ ‫ التدخل لدى نقابة الطاكسيات لتحديد تعرفة‬‫موحدة من وإلى المستشفى الجديد مع إحداث‬ ‫ديمومة بباب المستشفى ‪.‬‬ ‫ توفير األمن لموظفي المستشفى للحماية‬‫من بطش المنحرفين ومنعدمي الضمير بإحداث‬ ‫ديمومة لها اتصال مباشر باألمن مع االستجابة‬ ‫الفورية ‪.‬‬ ‫ توفير األدوية الضرورية الجراء العمليات‬‫بالمستشفى والكف من ابتزاز المرضى‬ ‫ إيالء العناية بأمراض اضطرابات التطور‬‫كالتوحد والديسليكسيا ‪ ،‬وتسهيل ربط العالقة مع‬ ‫اخصائيين لتقديم الدعم والمساعدة ‪.‬‬ ‫ العمل على تقديم خدمات سيارة اإلسعاف‬‫مجانا علما أن المواطن يؤدي جميع الضرائب والدولة‬ ‫ملزمة بمساعدته ‪.‬‬ ‫ العمل على توفيـــر العــالج الكيميائـــي‬‫بالمستشفى الجديد ‪.‬‬ ‫ إحداث جناح طبي خاص بالممدرسين لتقديم‬‫اإلسعافات لتالميذ المؤسسات التعليمية ‪.‬‬ ‫ تحفيز األطر الطبية بتوفير آليات العمل‬‫لتقديم خدماتها للمواطنين على ممر الساعة ‪ ،‬مع‬ ‫وضع ديمومة لألطر الطبية حتى نتجنب ما يمكن‬ ‫أن يفقد أمل المريض في تلقي العالج وتغيير النظرة‬ ‫السلبية للمواطن حين يطلب المساعدة خارج أوقات‬ ‫العمل ‪.‬‬ ‫‪ -‬إحداث مركز لمحاربة اإلدمان‪.‬‬


‫‪8‬‬

‫الثالثـاء ‪� 16‬إلى ‪ 22‬يوليوز ‪2019‬‬

‫العدد ‪1002‬‬

‫إلى محسن في محرابه األخير‬ ‫• ذ‪ .‬رضوان احدادو‬ ‫هي التفاتة وفاء من قبل أصدقاء وفعاليات ثقافية من شمال المغرب بإقامة حفل تأبيني للشاعر الراحل‪ :‬محسن أخريف (األربعاء ‪ 19‬يونيو ‪)2019‬‬ ‫بقاعة المركز الثقافي بتطوان‪ ،‬محسن الذي ودعنا من غير إشعار على إثر صعقة كهربائية وهو يدير نشاطا في إطار فعاليات عيد الكتاب بتطوان‪.‬‬ ‫حضور وازن لفعاليات وقامات فكرية ثقافية من مختلف مدن الشمال‪.‬‬ ‫فبعد االفتتاح بآيات من الذكر الحكيم‪ ،‬وعرض شريط وثائقي حول المرحوم – تناوبت على المنصة كلمات باسم مؤسسات ذات االرتباط؛ وزارة‬ ‫الثقافة‪ ،‬كلمة باسم أدباء مدينة تطوان – رابطة أدباء الشمال – مؤسسة محمد السادس لألعمال االجتماعية – ثانوية خديجة أم المؤمنين – دار الشعر‬ ‫– قدماء أصدقاء رفائيل أبرتي (العرائش) – منتدى الحوار للفنون والثقافات (شفشاون) – هيأة المحامين (تطوان) – الشاعر عبد الكريم الطبال – الشاعر‬ ‫العياشي أبو الشتاء – وأخيرا كلمة باسم أسرة الفقيد ألقاها والد المرحوم‪.‬‬ ‫وبالمناسبة ننشر الكلمة التي ألقاها الكاتب المسرحي رضوان احدادو باسم أدباء تطوان ومثقفيها في حق الفقيد‪.‬‬ ‫رحم اهلل الفقيد العزيز وعزاؤنا لكل أصدقائه وأسرته الكبيرة والصغيرة‬ ‫إنا هلل وإنا إليه راجعون‪.‬‬ ‫(جريدة الشمال)‬ ‫عند باب منزله تجمعنا مشدوهين ونحن نتبادل التعازي الحارقة الموجعة‪ ..‬نتواصى بالصبر الجميل والدهشة في كل العيون‪ ،‬وعلى كل الوجوه‪.‬‬ ‫اللحظة – مرة أخرى – اآلن‪ ،‬وهنا‪ ،‬أيضا ما زلنا مشدوهين أمام الذكرى األربعين للفقيد العزيز محسن أخريف شهيد الحرف والكلمة وكأننا وعلى امتداد مسافة الزمن لم نصدق بعد‪.‬‬ ‫نعم‪ ،‬من كان يصدق؟! من كان منا يتمثل؟ ‪..‬‬ ‫قف‪ ،‬حكمة اهلل وقضاؤه الذي ال راد له‪.‬‬ ‫حضور الوفاء‬

‫لقد شرفني أصدقاؤه األوفيــاء في لجنــة اإلــعداد‬ ‫بالتحدث نيابة عن أحبابه من مثقفي المدينة وأدبائها‬ ‫وكل فعالياتها الثقافيــة والفكرية‪ ،‬وإن كانت عالقــــة‬ ‫الفقيد في امتدادها األفقي أكبر وأوسع من أن تحد في‬ ‫المدينة ومحيطها‪.‬‬ ‫فلقد كان رحمة اهلل عليه حركة دائبة متواصلة‬ ‫ال هدنة وال خمود أو خمول فيها‪ ،‬مما أكسبه عالقات‬ ‫متجدرة متماسكة‪ ،‬متعددة موسومة بالتقدير واالحترام‬ ‫والمحبة‪ ،‬فعاش كهال في شبابه بما كان يسكنه من‬ ‫هموم الثقافة‪ ،‬ويؤرقه ما كان يحمله من أفكار ومشاريع‬ ‫نضالية أدبية ثقافية كبرى‪ ،‬والتي ما كان يهدأ له بال‬ ‫حتى تستقيم وتتجسد كواقع خارج مدار الحلم‪.‬‬ ‫وكان بحق األديب‪ ،‬والباحث‪ ،‬والشاعر‪ ،‬والسارد‪،‬‬ ‫والمجدد في كل هذا وغيره‪ ..‬وقبل كل ذلك كان‬ ‫اإلنسان الشمولي األبعاد‪ ..‬اإلنسان بقيم اإلنسانية‬ ‫المثلى‪ ،‬ولذلك كان فقــده في حجم الفاجعة ألنه لم‬ ‫يصب قلبا واحدا‪.‬‬

‫عالم من‬ ‫�أ‬ ‫املغرب ‪:‬‬ ‫�شمال‬

‫نعم‪ ،‬كان فقده وبالطريقة التي قدرها اهلل له‬ ‫الفاجعة المدمرة لكل العارفين قدره والمقدرين‬ ‫لمكانته وخصوصا أسرته الثانية الفسيحة العريضة من‬ ‫مثقفين وأدباء وفناني المدينة الذين تربطهم وإياه‬ ‫آصرة دم الكلمة ونبضها‪.‬‬ ‫وبعد‪:‬‬ ‫أيها ا لموت‬ ‫يا وجها ملفعا بالفواجع‬ ‫أيها القابع لنا عند كل الممرات والعتبات‬ ‫الثاوي في تالفيف الرهبة وتالوين األحداث‬ ‫المتخفي في فنجان القهوة ومطالع القصائد‬ ‫أيها الموت‬ ‫أيها المترصد والقادم حتما من غير إشارات أو‬ ‫عالمات‬ ‫أسالك‬ ‫بحق حرقة المفجوعين‬ ‫أما أعياك التطواف؟‬

‫باسم كل األصدقاء‬ ‫الواقفين صفوفا أسر إليك‬ ‫لقد نسيت شيئا‬ ‫القامات الكبيرة تبقى دائما عصية على الموت‬ ‫حاضرة هي في الوجدان‬ ‫حاضرة في األزمنة‪ /‬في األمكنة‬ ‫فسالم اهلل عليك أخي محسن من كل أصدقائك‪،‬‬ ‫من أبناء المدينة التي أحببتها فأحبتك‪ ،‬وغنيت لها‬ ‫فرددت أغانيك‪ ،‬سالم عليك يوم ولدت ويوم مت ويم‬ ‫تبعث حيا‪ ،‬وما يعزينا فيك أن كل نفس ضائقة الموت‪،‬‬ ‫وسنظل أبدا نحتفل بانتصارك على الموت‪.‬‬ ‫سبحانـــك اللهــم رضينــا بحكمــك‪ ،‬واستسلمنا‬ ‫لقضائك وأمنا بحكمتك‪ .‬السالم عليكم ورحمة اهلل‬ ‫ألقيت في حفل التأبين الذي أقامته فعاليات‬ ‫ثقافية من شمال المغرب للشاعر الراحل محسن‬ ‫أخريف يوم األربعاء ‪ 19‬يونيو ‪ 2019‬بقاعة المركز‬ ‫الثقافي بتطوان‪.‬‬

‫أسألك‬ ‫بحق دموع الثكالى وآهات اليتامى‬ ‫أال استرحت‪ ،‬يا موتا تأخر موته؟‬ ‫ترى أيها الموت‬ ‫أتذري كم من قلب أوجعت؟‬ ‫وأحالم وأدت؟‬ ‫وأغاريد ودواوين أحرقت؟‬ ‫تعددت األسباب إليك‬ ‫«أال قاتل اهلل المنايا ورميها»‬ ‫واليوم أتدري قلب من أصبت؟‬ ‫لقد أصبت بقلب قلوبا‬ ‫محسن لم يكن غيمة عابرة‬ ‫وال كان ظلة من سحاب واهن‬ ‫محسن تباشير فجر بهي واعد‬ ‫سيدا كان‪..‬‬ ‫أغنية ومواال‬ ‫أيها الموت‬

‫الفقيه محمد بن الهاشمي الب ّقاش‬

‫اسمه ونسبه ‪:‬‬ ‫هو الفقيه المقرئ محمد بن الهاشمي بن محمد بن الحسن البَ ّقاش‬ ‫الرّماني األنجري‪.‬‬ ‫وأمه الشريفة رحمة بنت أحمد بن محمد بن العربي بن محمد بن أحمد‬ ‫بن الحاج علي الزّواق‪.‬‬ ‫وأسرته أسرة علم‪ ،‬منهم ‪:‬‬ ‫الفقيه محمد البقاش‪ ،‬ووالده محمد‪ ،‬ووالده أحمد‪ ،‬ووالده الهاشمي‪،‬‬ ‫ووالده إبراهيم‪ ،‬ووالده أحمد‪ ،‬ووالده موسى‪ ،‬ووالده عبداهلل‪ ،‬ووالده احسين‪،‬‬ ‫كلهم قراء البدور السبعة‪.‬‬ ‫والفقيه عبدالسالم دفين الينبوع‪ ،‬مات في طريقه إلى الحج‪ ،‬كان من‬ ‫ُقرّاء السبع‪.‬‬ ‫والفقيه عبدالسالم البقاش دفين سيدي احسين بالفحص‪ ،‬كان إماما‬ ‫بخندق الزرزور‪ ،‬كان من قرّاء السبع‪ ،‬وولده الفقيه محمد من قرّاء البدور‬ ‫الثالثة‪ ،‬وولده الفقيه أحمد من قرّاء البدور الثالثة كذلك‪.‬‬ ‫وأوالد البقاش أصلهم بقبيلة أنجرة من مدشر بير قشانة‪ ،‬ثم نزح‬ ‫بعضهم إلى مدشر الرمان‪ ،‬ويوجدون أيضا بقبيلة بني مصور وبني سعيد‪.‬‬ ‫ينظر عائالت تطوان للفقيه محمد داود ص‪.351‬‬ ‫والدته ‪:‬‬ ‫ولد بمدشر الرمان من قبيلة أنجرة سنة ‪1321‬هـ ‪1903/‬م‪.‬‬ ‫نشأته ‪:‬‬ ‫نشأ يتيما في حجر أمه‪ ،‬بعد أن هجره والده إثر طالقه منها‪ُ ،‬ثمّ كفله‬ ‫زوج أمه‪ ،‬فأحسن إليه‪ ،‬ورباه وأدّبه‪.‬‬ ‫دراسته ‪:‬‬ ‫تل ّقى القرآن الكريم على الفقهاء المدرّرين‪:‬‬ ‫أحمد ال ّلغميش‪ ،‬وسي المختــار‪ ،‬ومحمد السعيدي‪ ،‬بطنجة‪ ،‬ثم بقريته‬ ‫الرّمان‪ :‬على حمان اعزيبـو (وتع ّلم عليه الحروف الهجائية جميعها؛ من‪:‬‬ ‫ح ْلقية‪ ،‬وإخفائية‪ ،‬وإدغامية؛ التي يرمزونها ب‪ :‬يرْم ُل َ‬ ‫الشمسية‪،‬‬ ‫ون‪ ،‬والحروف‬ ‫ِ‬ ‫والحروف القمرية)‪ ،‬ومحمد بن الحسن الخليع (كان يلقنه القرآن بالسمع ال‬ ‫بال ّلوح‪ ،‬لكن لم يدم ذلك طويال)‪.‬‬ ‫ثمّ تفرغ بعد إلتقانه وضبط رسمه على‪:‬‬ ‫الفقيه أحمد الحنّاط‪ ،‬حفظ عليه القرآن كامال‪ ،‬في أكثر من ختمتين‪،‬‬ ‫بإتقان رواية ورش‪ ،‬وضبط بعض األنصاص القرآنية‪.‬‬ ‫الفقيه عبدالسّالم الدّهدوه بمدشر تافوغالت‪ :‬أتمّ معه الختمة الثالثة‬ ‫التي بدأها مع الفقيه الحنّاط‪.‬‬ ‫الفقيه المقرئ محمد البشري‪ :‬ختم معه السّلكة الرابعة برواية ورش‬ ‫فقط‪ ،‬مع دراسة ْ‬ ‫نظمَ المرْشد المعين لسيدي عبدالواحد بن عاشر‪ ،‬وعشرة‬ ‫العبادات للشيخ خليل‪ ،‬ثمّ قرأ عليه سلكة أخرى بقراءة حمزة‪.‬‬ ‫الفقيه المهدي الرباطي‪ :‬ختم معه سلكة خامسة برواية ورش‪ ،‬مع‬

‫(‪)2/1‬‬

‫قراءة مورد ّ‬ ‫الظمآن في رسم أحرف القرآن لمحمد بن محمّد الشّريشي‬ ‫الشّهير بالخرّاز(ت‪718‬هـ)‪ ،‬واإلعالن بتكميل مورد ّ‬ ‫الظمآن لعبدالواحد‬ ‫ابن عاشر(ت‪1040‬هـ)‪ ،‬ومختصر الشيخ الخليل‪ ،‬وأرجوزة في الحساب العام‪،‬‬ ‫وبعض نصوص ال ُقرّاء‪.‬‬ ‫الفقيه المقرئ محمد المرابط‪ :‬قرأ عليه القرآن برواية ورش عن نافع‪،‬‬ ‫مع شرح نظم ابن عاشر‪ ،‬وبعض مختصر خليل‪ ،‬وكثير من نصوص القرّاء‪،‬‬ ‫وتلقينه طريقة سرد األحاديث مع الشرح‪.‬‬ ‫الفقيه المقرئ محمد العَ ْلوي‪ :‬قرأ عليه القرآن برواية قالون من قوله‬ ‫تعالى‪( :‬و ْ‬ ‫وح) (‪� )1‬إلى �أن بلغت‪�( :‬أَ َفمَن َيع َْلمُ َ�أ مَّ َنا ُ�أ ِنز َل ِ�إ َلي َْك ِمن َّر ِّب َك‬ ‫َات ُل َع َل ْي ِهمْ َن َب�أَ ُن ٍ‬ ‫َل َي َروْا ِ�إ َلى َّ‬ ‫الحْ َ ُّق) (‪ ،)2‬ثم بقراءة ابن كثري �إلى‪�( :‬أَو مَ ْ‬ ‫الطيرْ ِ َفو َْقهُمْ �صَ َّاف ٍات َو َي ْق ِب ْ�ض َن‬ ‫مَا مُ ْي ِ�س ُك ُه َّن �إِ اَّل ال َّرحْ م َُن �إِ َّن ُه ِب ُك ِّل َ�ش ْي ٍء َب ِ�صريٌ) (‪ .)3‬ثم بقراءة أبي عمرو ابن العالء‬ ‫بسلكة أخرى‪.‬‬ ‫الفقيه أحمد السماحا ‪ :‬قرأ عليه سلكة بقراءة أبي عمرو ابن العالء‪،‬‬ ‫ثمّ سُ ْلكة أخرى من سورة الرّحمن بالخمسة(‪ ،)4‬إلى أن بلغ‪ :‬حزب َ‬ ‫(ف َنب َْذ َنا ُه‬ ‫َاء و َُه َو �سَ ِقيمٌ )(‪.)5‬‬ ‫ِب ْال َعر ِ‬ ‫الفقيه محمد المقرئ أحمد بوحديد المدعو بوحطيلة‪ :‬قرأ عليه سلكة‬ ‫بقراءة ابن العالء‪ ،‬مع تصوير الهمز بنظم الخرّاز‪.‬‬ ‫الفقيه أحمد بوحرّاث‪ :‬كان يزوره لالستفسار عن بعض القضايا العلمية‬ ‫بمدشر بوزوالة‪ ،‬وكتب لي بخط يده حكم‪( :‬والـــ) كيف يكون نقطها وكيف‬ ‫يكون ضبطها‪.‬‬ ‫الفقيه المقرئ أحمد شابو‪ :‬قرأ عليه س ْل َك ًة‪ ،‬وكتب عليه الدّالية‬ ‫للس ِج ْلماسي في الهمز(‪ِ ،)6‬بشرح سيدي إدريس الوَدْغي ِري‪ ،‬الم َل َّقب‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫بالبكرَا ِوي‪.‬‬ ‫ثم بدأ يتردّد على كل من تطوان وطنجة‪ ،‬للنّهل من مجالس أعالمها‪،‬‬ ‫وهم‪:‬‬ ‫العالمة الفقيه موالي الصادق الريسوني‪.‬‬ ‫الفقيه محمد أخريف‪.‬‬ ‫العالمة المؤرخ أحمد الرهوني‪.‬‬ ‫الفقيه محمد التجكاني‪.‬‬ ‫الفقيه عبداهلل بن عبدالصّادق التمسماني‪.‬‬ ‫الفقيه الحسن لمتون‪.‬‬ ‫الفقيه محمد الواسيني الساحلي‪.‬‬ ‫وظائفه ‪:‬‬ ‫لم يُشغل نفسه طيلة حياته إال بثالث مهام‪:‬‬ ‫األولى‪ :‬اإلمامة‪ ،‬وقد شارط بقبيلته أنجرة على ذلك بعدّة مداشر‪ ،‬وهي‪:‬‬ ‫الرّمان‪ ،‬القصيبة‪ ،‬عين عنصر‪ ،‬بير قشانة‪.‬‬ ‫الثانية‪ :‬العناية بالقرآن الكريم تلقينا وتحفيظا‪ ،‬ويكون ذلك موازيا‬ ‫لمهمّة اإلمامة‪ .‬ثمّ في سنة ‪1383‬هـ‪1964/‬م نُدب بمدرسة ولي العهد‬

‫‪-‬‬

‫بقلم‪:‬‬

‫د‪ .‬بدر العمراني‬

‫للقراءات بدار ازهيرو لنفس المهمة‪.‬‬ ‫برنامجه التلقيني‪:‬‬ ‫البداية بعد صالة الفجر مباشرة فور االنتهاء من قراءة الحزب‪ ،‬مراجعة‬ ‫البالية (أي ما حفظه الطالب باألمس)‪ ،‬واالستظهار على الفقيه‪ ،‬ومحو ال ّلوح‪.‬‬ ‫بعدها يذهب الطلبة لإلفطار‪ ،‬ثم يرجعون للكتابة وتصحيح ال ّلوح على الفقيه‬ ‫وقراءته إلى الزّوال‪ ،‬فينصرفون للغداء‪ ،‬ويعودون للقيلولة حتى صالة الظهر‪،‬‬ ‫وبعد الصّالة يظ ّلون في المدارسة والحفظ إلى المساء‪..‬‬ ‫ودرّس القراءات لبعض الطلبة في مجالس خاصة كما يُفهم من نبذته‬ ‫في ال ُقرّاء‪ .‬أمثال‪:‬‬ ‫الفقيه الحسن اشرايح الرَّملي درس عليه القرآن بقراءة البدور الثالثة‪،‬‬ ‫ثم بالبدور السبعة‪.‬‬ ‫الفقيه عبدالسالم الهدّان قرأ عليه القرآن بقراءة ابن كثير‪.‬‬ ‫الثالثة‪ :‬نسخ الكتب‪ ،‬لنفسه مثل‪ :‬األجوبة النّاصرية‪ ،‬وتحصيل المنافع‬ ‫على الدرر ال ّلوامع للسماللي الكرامي الشنقيطي‪ ،‬وخطب ابن نباتة‪ ..‬ولغيره‬ ‫نحو قوله في النبذة‪( :‬ونسختُ هناك مصحفا لبعض األصدقاء‪ ،‬ونسختُ‬ ‫نسخة هاء الضّمير‪ ،‬ونسختُ التّنوين‪ ،‬ونسختُ ميم الجمع‪ ،‬وبعض األمداح‬ ‫النبوية)‪.‬‬ ‫طلبته ‪:‬‬ ‫قد استفاد من المترجم إقرا ًء وحفظا أجيال من الطلبة‪ ،‬من شتى‬ ‫القبائل‪ :‬غمارة والرّيف والحوز‪ ،‬نحو‪:‬‬ ‫ـ الفقيه المقرئ الحسن اشرايح الرَّملي‪.‬‬ ‫ـ الفقيه المقرئ عبدالسالم الهدّان‪.‬‬ ‫ـ الفقيه العدل محمد بن أحمد الرّغيوي‪.‬‬ ‫ـ الفقيه العدل محمد بن عبدالسالم الرغيوي‪.‬‬ ‫ـ الفقيه العدل محمد قرّوق‪.‬‬ ‫ـ األستاذ األديب الشاعر محمد بن محمد الرّغيوي‪.‬‬ ‫ـ الفقيه محمد الهوّاس إمام مسجد محمد الخامس بطنجة‪.‬‬ ‫ــــــــــــــ‬ ‫الهوامش ‪:‬‬ ‫(‪ )1‬يونس‪ ،‬آية‪.71 :‬‬ ‫(‪ )2‬الرّعد‪ ،‬آية‪.20 :‬‬ ‫(‪ )3‬الملك‪ ،‬آية‪.20 :‬‬ ‫(‪ )4‬أي‪ :‬بالقرّاء الخمسة من السبعة المتواترة‪ .‬قال الزّركشي في البرهان‪( :‬وفد‬ ‫أ ّلف ابن جبير المقرئ ــ وكان قبل ابن مجاهد ــ كتاباً في القراءات‪ ،‬وسماه كتاب‬ ‫الخمسة‪ ،‬وذكر فيه خمسة من القرّاء ال غير)‪ .‬البرهان في علوم القرآن ‪.1/329‬‬ ‫(‪ )5‬الصّافات‪ ،‬آية‪.145 :‬‬ ‫(‪ )6‬هو نظم رَ ِويُّ الدّال من البحر البسيط‪ ،‬عدد أبياته ‪ .144‬للشيخ الفقيه أبي‬ ‫عبداهلل محمد بن مبارك السّجلماسي المغراوي(ت‪1092‬هـ)‪.‬‬


‫سالش‬

‫امللحق الثقايف‬

‫‪9‬‬

‫العدد ‪ 1002‬ـ الثالثاء ‪ 16‬إلى ‪ 22‬يوليوز ‪2019‬‬

‫الكتابة واألب‬

‫لقطة ذهنية نقتطعها من انشغاالت الكتاب المغاربة والعرب‪،‬‬ ‫نرغب من خاللها في أن نعرف الدالالت التي تتركهـا في حياتهـم‬ ‫«وجودات صغيرة» تصاحبهم على الدوام‪.‬‬ ‫هـذا «السالش» يحـاول أن يستحضر المعاني الممكنة المرتبطـة‬ ‫بــ «الكتابة واألب»‪.‬‬

‫قصـائــد‬ ‫الشاعرة ريم نجمي‬ ‫الحب‬ ‫(تعريف)‬ ‫احلب‪-‬‬ ‫أعرف ُ‬ ‫ال �أ�ستطيع �أن � ّ‬ ‫لكني �أعتقد �أنه هو تلك الدقائق‬ ‫إليك‬ ‫التي �‬ ‫أ�شتاق فيها � َ‬ ‫ُ‬ ‫رِ‬ ‫اخلبز‬ ‫اء‬ ‫ل�ش‬ ‫رج‬ ‫خ‬ ‫ت‬ ‫عندما‬ ‫ُ‬ ‫َ ْ‬ ‫�صباح الأحد‪.‬‬ ‫َ‬

‫استقبال‬

‫قصائد‬

‫عندما َت ُعود‬ ‫ال�شم�س لأ�ضيء املكان‪.‬‬ ‫لن تكفيني َ‬ ‫�ضوء َع ٍ‬ ‫الق‪،‬‬ ‫�س� ُ‬ ‫البيت َعن َ‬ ‫أبحث يف زوايا ْ‬ ‫�أو بقايا قَ َمرٍ قدمي‪.‬‬ ‫ال�س َتائر‬ ‫�س� ْأع رِ ُ‬ ‫�ص ّ‬ ‫ور ِم ْنها‬ ‫ن‬ ‫ال‬ ‫ر‬ ‫ط‬ ‫حتى يت َق‬ ‫ّ‬ ‫ُ ُ‬ ‫الغرفة‬ ‫ل‬ ‫خ‬ ‫د‬ ‫ت‬ ‫�س‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫وعندما َ َ ْ ُ‬ ‫ل ُتقبِلني‬ ‫ال�ضوء‪.‬‬ ‫�س�أُ ْط ِفئ َّ‬

‫جســد‬ ‫َج َ�س ُد َك رِ‬ ‫�شير‬ ‫َك ُز ْرقَ ة َب ْحرٍ هائج‬ ‫تتقطر على‬ ‫�س َم ٍ‬ ‫اء رائقة‬ ‫َ‬ ‫ج�سدك ُمظلم‬ ‫َ‬ ‫ال�س ِ‬ ‫َم ْد ُهون بالليل و ُل َع ِ‬ ‫احرات‬ ‫اب َّ‬ ‫رك‬ ‫على‬ ‫ر‬ ‫ال�س َحاب ال ْأح َم‬ ‫�ص ْد َ‬ ‫َ‬ ‫وهذا َّ‬ ‫ِ�ش َف َتي‪.‬‬ ‫�س ْم ُت ُه ب َ‬ ‫َر َ‬ ‫�ش ْو َكةٌ َكبرية‬ ‫َ‬ ‫ج�سدك َ‬ ‫َن َز َع َها الله ِم ْن فَ ِم ِه‬ ‫�س َحابة‬ ‫َج َر َح ْت َ‬ ‫أمطرت فَ ْو َق َر ْ�أ ِ‬ ‫�سي‬ ‫ف�‬ ‫ْ‬ ‫ج�سدك ُي ْغ�ضِ ُب ِني‬ ‫ب َم َر ْت ِمن � َأم ِ‬ ‫�ض َب ُم َحارِ ٍ‬ ‫را�شة‬ ‫ام ِه فَ َ‬ ‫َغ َ‬ ‫ف� ْأخ َط َ‬ ‫رِ‬ ‫ي�سة‬ ‫ف‬ ‫ال‬ ‫�‬ ‫أ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ج�سدك‬ ‫َ‬ ‫� ْأغ ِن َيةٌ َحزِ ينة‬ ‫يعرِ ف �أن َي ُقو َلها‬ ‫�س َك ِلمات مَل ْ‬ ‫َت ْل َب ُ‬ ‫� َأحد‬ ‫اف‬ ‫َو� َ‬ ‫إنك ال ُت ْدرِ ُك َك ْم � َأخ ُ‬ ‫اجل�سد‪.‬‬ ‫�أن َي ْر َح َل َع ِني هذا َ‬

‫فزاعة‬ ‫قررت �أن �أعطي لقلبي �إ�سما �آخر‬ ‫ُ‬ ‫�أن �أُلبِ�سه قُ بعة ونظارة �سوداء‬ ‫أ�ضع ثوبا باليا‬ ‫وعلى كتفه � ُ‬ ‫احلب‬ ‫ادفَ ُه ُ‬ ‫�ص َ‬ ‫حتى �إذا َ‬ ‫اعتقد �أنه فزاعة‬ ‫َ‬

‫الشاعرة أسماء بنكيران‬

‫والدي فنان بالروح‪ ،‬يساعدني ويشجعني على‬ ‫تنظيم الصالون الثقافي بأكادير‬ ‫أنا من أهوى ومن أهوى أنا‬

‫نحن روحان حللنــا بدنــا‬

‫بهذا البيت الشعري للحالج أصف عالقتي بوالدي عبدالحق بنكيران؛ وهي عالقة ال يصفها الواصفون‪.‬‬ ‫باإلضافة الى مالمح الوجه التي أخذتها عنه‪ ،‬لدينا نفس الطريقة في التفكير؛ في النظرة‪ ،‬وفي الحكم على األشياء‪.‬‬ ‫والدي يحب األدب والفن عموما‪ ،‬درس في القرويين وحفظ القرآن الكريم وكان مناضال ضد االستعمار‪.‬‬ ‫فهو موسوعة كبيرة من المعلومات وخزان من المعرفة‪.‬‬ ‫لهذا تأثرت به في كل مسار حياتي‪.‬‬ ‫والدي فنان في كل شيء‪ .‬يحكي لي أنه كان في صغره عضوا في فرقة مسرحية مع الفنان عبدالوهاب الدكالي والراحلة‬ ‫بهيجة إدريس بمدينة فاس‪ .‬فباإلضافة إلى ممارسة المسرح‪ ،‬كان عاشقا كبيرا للطرب األصيل ‪ .‬تجده كل ليلة يستمع الى‬ ‫الخالدات ألم كلثوم ومحمد عبدالوهاب وفريد األطرش‪ .‬ناهيك عن أنه يحفظ أبياتا كثيرة من الشعر‪.‬‬ ‫رجل طموح ومتفائل‪ ،‬ودائما ما يحثني على المثابرة والعمل والتشبث باألمل‪.‬‬ ‫عمل والدي جعلني أحب كل ما له عالقة بالصناعة التقليدية‪ ،‬حتى أنني تركت التدريس وعملي في السياحة‪ ،‬وفضلت‬ ‫االشتغال اآلن بالتجارة وتحديدا في مجال القفطان المغربي‪ ،‬في خياطته وتسويقه والتعريف به في فرنسا‪ .‬وأنا مرتاحة في‬ ‫هذا العمل‪ ،‬ألنه يوافق طبعي‪.‬‬ ‫ويجعلني أتحرر من القيود والروتين‪.‬‬ ‫عملي يوفر لي حرية التنقل حيث أسافر كثيرا‪ .‬ال أطيق بالمرة البقاء في مكان واحد‪.‬‬ ‫والدي يساعدني ويشجعني على تنظيم الصالون الثقافي بأكادير‪ ،‬ويسعد كثيرا وهو متواجد بين فنانين ومبدعين‬ ‫يستمع إلى الشعر ويطرب للفن‪ .‬فهو يشعر بأنه في المكان الذي البد أن يكون فيه أصال‪ ،‬وهؤالء الناس هم ناسه‪.‬‬ ‫يقول والدي بأنه لو لم يكن قد تعاطى لمهنة التجارة‪ ،‬لكان اليوم فنانا‪ .‬وإن كان في األصل هو فنان بالروح‪ ،‬الروح‪.‬‬ ‫أنا حقيقة فخورة به‪ ،‬وسعيدة كوني مشيت على خطاه‪ .‬أتمنى له الصحة وطول العمر إن شاء اهلل‪.‬‬

‫قصـائد‪...‬‬ ‫ـ استيقاظ ـ‬

‫‪ -‬استحياء ‪-‬‬

‫ُج َّلنارة‪ُ ..‬ج َّلنارة‬ ‫الر َّمانُ‬ ‫ي�ستيقظ ُّ‬ ‫يف �صباح َّ‬ ‫ال�ش َجرة‬

‫ِل�شِ َّد ِة الأزهار‬ ‫�أَ ْعد ُِل عن‬ ‫عبور الغابة‬

‫‪ -‬صداقة ‪-‬‬

‫‪ -‬ثمالة ‪-‬‬

‫َ‬ ‫ِ�شوكك‬ ‫َع ِّني ب‬ ‫الورد‬ ‫�أ ُّيها َ‬ ‫�أنا �صديق‬

‫ تحدّي ‪-‬‬‫�أ ّيها اخلريف‬ ‫حاول �أن ت�أخذ‬ ‫�أزهار ُحلمي‬

‫‪ -‬احتفاء ‪-‬‬

‫كنجمة �سينما‬ ‫�أنزع عنها ق ّبعتها‬ ‫زهرة الأوكاليبتو�س‬

‫�س�أح�سدكِ دائما‬ ‫يا نحلة �سكرانة‬ ‫بالرحيق‬ ‫َّ‬

‫‪ -‬انتظار ‪-‬‬

‫منذ الأم�س‬ ‫َّ‬ ‫املحطة‬ ‫واقفة لوحدها يف‬ ‫قرنفلة حمراء!‬

‫‪ -‬نزيف ‪-‬‬

‫كم طعنة تكفيك‬ ‫َ‬ ‫تنزف‬ ‫كي‬ ‫ق�صائد؟‬

‫الشاعر أحمد الغليمي‬ ‫ـ إيطاليا ـ‬


‫الشمال الثقافي‬

‫العدد ‪1002‬‬

‫الثالثـاء ‪� 16‬إلى ‪ 22‬يوليوز ‪2019‬‬

‫‪10‬‬

‫القاصة‬ ‫حليمة زين العابدين‬

‫هكذا �أحببت نعيمة‬

‫من غري طيار‬

‫�أ�ستاذة من زمن �آخر‬

‫أحمد بنميمون‬ ‫كان جناحاها عاجزين ‪ ،‬فهي لم تكد تحلق بهما‬ ‫لمسافة تطول أو تقصر ‪ ،‬حتى ألقياها حيث ال تريد‪ ،‬لكنني‬ ‫لما رأيتها قد حطت قريبة مني ‪ ،‬إزاء مدخل بيتي من جهة‬ ‫السطح‪ ،‬حيث كنت أجلس في لحظة فراغ انتظار وجبة‬ ‫الغذاء‪ ،‬خُـي َ‬ ‫ِّل لي أنها لم تأت إال لحرماني مما يمكن أن‬ ‫يكون نصيبي من وجبة كانت تعد لثالثة أفواه‪ ،‬هذا إذا لم‬ ‫يقدر لها طيرانها العاجز أن يلقي بها على مائدتنا الرئيسية‬ ‫التي ما زلنا نجتمع عليها ليصيب كل منا حظه منها‪.‬‬ ‫لم أر في الحقيقة فيها أي تصرف أنكره‪ ،‬فهي قد دارت‬ ‫بضع دورات دون حتى أن يفطن أحد منا أو من جيراننا لها‪،‬‬ ‫بل إن ما كان قد يخيف منها هو استيالؤها من حيث هي‬ ‫عاجزة على زاد جماعتنا منتصف هذا النهار‪ ،‬لذلك حرَّضتُ‬ ‫في البدء كل إمكاناتي الدفاعية‪ ،‬والتفتُّ من حولي ألرى‬ ‫أقرب األسلحة التي أحتاجها في مواجهتي لطائرة ‪ ،‬ربما‬ ‫باغثتني هاجمة على منزلي الصغير ‪ ،‬واستغفلتني فال أرى‬ ‫إلى أية جهة فيه ستنسل وهي تسير‪ ،‬أو وهي تحلق‪ ،‬ال‬ ‫يمكن لرادار حقيقي أن يرصد طيرانها الشديد االنخفاض‪،‬‬ ‫بل ربما احتاجت رقابتها إلى وسائل غير بشرية ‪ ،‬مثل روبوت‬ ‫مرهف الحساسية مث ًال‪ ،‬لم يصنع نظيره إلى اليوم ‪ ،‬فيما‬ ‫َّ‬ ‫اط َلعْتُ عليه من تحليالت خبراء االستعالمات والجاسوسية‪.‬‬ ‫أنا اآلن ما زلت أراقبها‪ ،‬وأشدد من مراقبتي إياها‪،‬‬ ‫إلى درجة تركيزي في محاصرتها ‪ ،‬حتى إنني نسيت أنني‬ ‫أهملت ما يجب أن يحضِّره أو يرتديه الجندي في حالة‬ ‫مجابهة الطيران‪ ،‬فقد كنت مكشوف الرأس‪ ،‬بل أكاد أن‬ ‫أكون حافي القدمين‪ ،‬فما كنت أرتديه كحذا ٍء بيتي كان في‬ ‫الحقيقية فقيراً جداً ‪ ،‬قديماً حتى أنه ال يصلح أن أبدو به‬ ‫في استقبال أي ضيف ‪َّ ،‬‬ ‫قل شأنه أم كان ممن ينبغي أن‬ ‫نظهر أمامهم‪ ،‬في أسوأ الحاالت‪ ،‬أننا من متوسطي الحال‬ ‫وأننا نحمده ‪...‬مستورون على كل حال‪.‬‬ ‫و كان في الفضاء من حولي أكثر من طائر‪ ،‬بأحجام‬ ‫متعددة‪ .‬تحركت وكنت من قبل هذه اللحظة أتمنى معرفة‬ ‫تغريدات بعض أنواعه‪ ،‬بل وكم حاولت في صمت بعض‬ ‫األوقات‪ ،‬أن أقلد بصفير من شفتي جمال ألحان عصافير‪،‬‬ ‫أو ما فاقها أحجاماً في بعض األحيان‪ ،‬لكنني أحسُّني اللحظة‬ ‫أمتلئ هلعا من هجوم طارئ يباغث سطح بيتي‪ ،‬من واحد‬ ‫منها أو من سرب يحط على حبال غسيل ‪ ،‬جلست بالقرب‬ ‫منها ‪ ،‬بجوار حائط حجرة النوم التي من عادتي أن أغلق‬ ‫نافذتها الواسعة تحسباً لما يمكن أن يأتي منها نهاراً أو‬ ‫لي ًال‪ ،‬أنا الذي ال تكف هواجسي وكوابيسي عن مضايقتي‪،‬‬ ‫فهي تذهب بي إلى حد أن تقول لي إنه ال ينبغي أن تثق‬ ‫بشي ٍء ‪ ،‬فال أمن هناك يمنع من أن تمتد أيادي لصوص‬ ‫إلى الناس‪ ،‬حتى وهم في حجر نومهم يغطون في نوم أو‬ ‫يتجولون في حدائق مناماتهم‪ ،،‬وال قداسة لحق إنسان في‬ ‫هذه األرض‪ ،‬لذا وجب أن نذهب في حياتنا مذهب الخائف‬ ‫«الذي ال تخاف عليه أمه» فال نرى في المواجهة خطة تُحمد‪،‬‬ ‫خيراً من الهروب إلى أي منأى عن األذى‪ ،‬ففيه منجاتنا‬ ‫والحمد هلل رب العالمين ‪.‬‬ ‫ً‬ ‫كان بيتي هذا في حقيقة األمر محصنا بخطط دفاع‬ ‫فاقت ما تختاره النعامة وما كان مثلها من دواب مطلوبة‬ ‫للمفترسين‪ ،‬بإخفاء رأسها أمام صياديها إن كانت من‬ ‫مطاريدين مطلوبين‪ ،‬كما أختار أنا أن أخفي رأسي كلما‬ ‫سمعت صوتا ينادي من أمام مدخل بيتي‪ ،‬أو من أعلى‬ ‫سطحه‪ ،‬أما حين يكون هناك هتاف خطير ‪ ،‬فخير الخطط‬ ‫عندي أن أختفي كلياً عن كل من يطلبني في اآلخرين ‪،‬‬ ‫باختيار الصمت نهاراً‪ ،‬أو إطفاء األضواء لي ًال‪ ،‬ليدرك كل من‬ ‫يرى إلى جهة منزلي أال روح تدبُّ في بدن فيه‪ ،‬وال جسد‬ ‫يتنفس بين جدرانه ‪.‬‬ ‫لكن ماذا تريد هذه الطائرة الصغيرة اآلن قد حطت‬ ‫فوق سطح بيتي؟‬

‫ألم تعرف أنني لن أسمح لها بالدخول متسللة وال‬ ‫محلقة‪ ،‬هي التي استغفلتني حتى َّ‬ ‫حطت فو َقه‪ ،‬وعليَّ أن‬ ‫أفكر في خطة مّا تمكنني من أسرها ‪ ،‬أو توجيهها الوجهة‬ ‫التي ٍيريد لها خوفي منها ‪ ،‬بحيث ال يأتيني منها ضرر‪ ،‬أو‬ ‫حين‪.‬‬ ‫تعود إلى إزعاجي في أية لحظة أو ٍ‬

‫***‬

‫كان دماغي يشتغل بكامل قواه ‪ ،‬ففي لحظات قصيرة‬ ‫كانت جهات في حجرة العمليات في رأسي‪ ،‬قد حددتْ أن‬ ‫أحاصر الطائرة الصغيرة ‪ ،‬وأن أقودها موجها إياها لتنفذ‬ ‫من باب نفق ‪ ،‬أو ما يشبه النفق في الحقيقة ‪ ،‬إذِ انفرجت‬ ‫أسارير وجهي الذي من عادته ‪ ،‬أال يدع تجهمه إال في حاالت‬ ‫قليلة ‪ ،‬وأنا أكتشف إلى جواري على السطح ماسورة مياه‪،‬‬ ‫ما استعملت من قبل للماء قط‪ ،‬وإنما كانت قد احتيجت‬ ‫إلمساك ستارة نافذة مطبخ البيت‪ ،‬حين كان يقطن بهذا‬ ‫المنزل ساكن آخر قبلي‪ ،‬وقد عافتها صاحبة الدار التي من‬ ‫عادتها أن تختار من أثاث البيت ما من شأنه أن يقصم‬ ‫ظهري‪ ،‬في ما تختاره حين تريد استبدال جديد بقديم‪،‬‬ ‫فكيف وهي تحل بهذه المدينة في مسكن دخلناه وهو‬ ‫محتاج إلى كل شيء حديث؟‬ ‫أعددتُ لها ما استطعت من قوة وأنا أدفع بها إلى‬ ‫مدخل نفق‪ ،‬وكنت قد أحضرتُ قدر ما يكفي من مواد‬ ‫مختلفة من أوراق وأسالك ‪ ،‬وقطع جافة من أقرب ما تراه‬ ‫ِّ‬ ‫كفي صالحاً لحجب أي طريق عنها‪ ،‬وجعله فوق قدرتها على‬ ‫الدفع به إللقائه خارجاً‪ ،‬حتى تعاود التسلل أو التحليق‪ ،‬وبينما‬ ‫كنت أقارب االنتهاء من بناء هذا السد في وجهها‪ ،‬فكرت‬ ‫بضرورة اإلسراع إلى بناء سُدٍّ آخر من خلف هذه الطائرة‬ ‫الصغيرة‪ ،‬أغلق به منفذ نفقها الثاني ‪ ،‬حتى ال ترى ضوءاً‬ ‫في آخره فتطير إليه‪ .‬أو أكون مضطراً إلى تجييش من ال‬ ‫أريد ألقدامهم أو أجنحتهم حضوراً أو تحليقاً في فضاء‬ ‫بيتي األمين‪.‬‬ ‫لكن أَوَ يعقل أن يتم على األرض مثل هذا المشهد‬ ‫الحربي المتطور ‪ ،‬تكون الضحية فيه كائنا يعتبر من أكبر‬ ‫األمم التي أخرجت للناس عدداً‪ ،‬فمجموع كتلة أجسام‬ ‫أفرادها تفوق مجموع كتلة جميع البشر‪ ، ،‬ثم إن لها نظاما‬ ‫من المعلوميات فائق الدقة ‪ ،‬فلو أصيب أي واحد من بني‬ ‫جنسها انبعثت إشارات إلى أقرب أفرادها منه لتهب إلى‬ ‫إسعافه حياً أم ميتًاً‪ ،‬وكيف يجري ٌ‬ ‫حدث حر ِبيٌّ يشهد إسقاط‬ ‫طائرة شديدة التطور فيه ‪ ،‬دون علم الطرف الخاسر؟‬ ‫أما أنا فقد كنت أخوض ما خضته‪ ،‬وأنا في قمة وعيي‬ ‫وعلى درجة من الهدوء‪ ،‬أتمناها ألي طرف من بني جلدتي‪،‬‬ ‫إذا هو خاض ذات يوم حرباً‪ ،‬ضد أي طرف كان‪ ،‬فقد كنت‬ ‫متأكداً من سالمة قواي العقلية والبدنية ‪ ،‬رغم أن ما كنت‬ ‫أشعر به من جوع لحلول وقت الغذاء‪ ،‬ليس أكثر من انعكاس‬ ‫شرطي لما نشأتُ متعوداً عليه‪ ،‬وخشية من أية متابعة ال‬ ‫قدر اهلل ‪ ،‬فأنا أشهد أنه لم تكن في دماغي حجرة عمليات‪،‬‬ ‫وال قاعات اجتماع ضباط‪ ،‬وال أجنحة مطارات فيها مختلف‬ ‫الطائرات‪ ،‬صغيرة وكبيرة‪ ،‬وبطيار أو بدون طيار‪ ،‬وإال لكنت‬ ‫أصبحت أنا وهذه المدينة التي تؤويني مشكورة تحت‬ ‫األنقاض‪ ،‬منذ اقتيادي غنيمتي إلى هذا النفق المسدود‪،‬‬ ‫ولكان جيش الدفاع ‪ ،‬الذي يتحول متى أراد إلى جيش ال يرد‬ ‫له هجوم دَمَّرني‪ ،‬ولكانت ضحيتي التي أسرتُ دون بطولة‬ ‫‪ ،‬قد حُرِّرت من معتقلها عندي‪ ،‬ولكان َّ‬ ‫توفر لها أعلى شروط‬ ‫النقاهة في أحسن مستشفيات الكون‪ .‬رغم يقيني التام بأن‬ ‫دماغي لم يتعرض ألي عملية اختراق‪.‬‬ ‫‪2018/11/14‬‬

‫زمن القحط والفقر‪ ...‬كان‪ ،‬وكان قسمنا المختلط يعكس أوضاعنا االجتماعية‪.‬‬ ‫رغم تفاوتاتها الطبقية الضئيلة‪ ،‬كنا متساوين في شكل لباسنا ومظهر القهر‬ ‫على وجوهنا‪ ...‬حتى األوبئة لم تكن تميز بين فقيرنا ومترفنا‪.‬‬ ‫«سواح» مرض العيون اللعين‪ ،‬أصاب القسم كله‪ ،‬عمش وعمشاوات كنا‬ ‫نأتي درسنا‪ ،‬نتلمس طريقنا إلى مقاعدنا في الظلمة‪ ،‬إفرازات صفراء لزجة تتراكم‬ ‫فوق عيوننا المريضة‪ ،‬تغلق ما تبقى بها من منافذ للرؤية‪ ،‬وغزا المرض الحكاكي‬ ‫أجسادنا الطرية‪ ،‬طفح جلدي متعفن‪ ،‬لم يترك منطقة على أجسامنا لم يستوطنها‪.‬‬ ‫تحول قسمنا إلى طقس للحك أشبه بالجذبة على إيقاع أغنية «أمل حياتي حك‪،‬‬ ‫بالتي‪»...‬‬ ‫أما القمل فكان األليف والصاحب الوفي يسرح فوق فروة رؤوسنا وعلى لباسنا‬ ‫في أمن وأمان‪...‬‬ ‫لم نكن فقراء كلنا‪ ...‬ولكن أسرنا كانت حديثة العهد بالمدينة‪ ،‬األقدم بها‪،‬‬ ‫جاءها نازحا من باديته‪ ،‬هاربا من مجاعة وطاعون األربعينات من القرن الماضي‪ ،‬وإن‬ ‫كان أكثرهم قد اشتغل بالتجارة‪ ،‬فتحسن وضعه المادي واستقر في سكن مديني‪،‬‬ ‫فإن نمط عيشه ظل على حالة الجفاف البدوي‪ ،‬مظهر البذخ عنده‪ ،‬فيض أكل من‬ ‫لحم الضأن ثم نكاح وفيض نسل‪ ...‬أما النظافة‪ ،‬فلم تكن وسائلها الحديثة تدرج‬ ‫في ميزانية المصروف األسري‪ ،‬ليس ألنها مكلفة وشبه نادرة‪ ،‬أو ألنها لم تكن‬ ‫في المتناول‪ ،‬ولكن‪ ،‬ألنها لم تكن لها قوة اإلعالن التجاري لتزاحم آنذاك ثقافة‬ ‫الصابون البلدي األسود لغسل األبدان و «تيغشت» ومحلول الرماد لغسل المالبس‬ ‫واألغطية‪.‬‬ ‫كانت أستاذتنا وحدها‪« ،‬نعيمة» تلك األنيقة الجميلة‪ ،‬تفوح منها رائحة‬ ‫النظافة‪ ...‬نظافة متأصلة‪ ،‬هي النازح أجدادها من غرناطة األندلس في القرن‬ ‫الخامس عشر الميالدي‪ ،‬مستوطنين المدينة‪ ،‬مدينة فاس قرب جامعة القرويين‪،‬‬ ‫مجاورين علماءها قرونا طويلة‪ ،‬قبل انتقال أجدادها القريبين إلى مدينة مراكش‪...‬‬ ‫لم تحدثنا أبدأ عن عائلتها العريقة‪ ،‬الثرية والمتضلعة في العلوم وفنون التجارة‪ ،‬ال‬ ‫من فوق متعال وال من أسفل مساو‪...‬‬ ‫حين انتشر بين تالميذ فصلها الرمد‪ ،‬لم تكن األستاذة نعيمة‪ ،‬مدرسة الصف‬ ‫الثالث ابتدائي‪ ،‬لتتقزز من عيوننا العمشاء ولم تتركنا للمرض يخمد لمعة الضوء‬ ‫بها‪ ،‬هاربة منا تحت ذريعة خوف انتقال العدوى إليها‪.‬‬ ‫تأتي كل حصة محملة بعتادها لفتح عيوننا‪ ،‬تغمس قطعة قطن ناصع البياض‬ ‫في ماء دافئ ومالح تمسح عيني الواحد‪/‬ة منا‪ ،‬ثم تضع مرهما طبيا داخل كل عين‪.‬‬ ‫شفينا من داء العيون وحل بنا الجرب‪ ،‬تمازج دمه وخيوط لباسنا وقشرة جلدنا‪.‬‬ ‫وحين استحال عليها عالجنا‪ ،‬طلبت منا أن نستدعي أمهاتنا‪...‬‬ ‫كن كلهن بالمدرسة في الوقت المحدد‪ ،‬أمضت معهن وقتا طويال من يوم‬ ‫عطلة األحد‪ ...‬وحين عادت أمي للبيت كانت تردد بلهجتها‪« :‬ال أعرف كيف نسيت‬ ‫أن النظافة غير مكلفة وهي أولى خطوات حماية بني اإلنسان»‬ ‫يوم االثنين أحضرت األستاذة نعيمة‪ ،‬لكل واحد‪/‬ة منا كيسا من ثوب أنيق جدا‪،‬‬ ‫داخله فوطة جديدة‪ ،‬عبوة شامبو الستعماالت متكررة‪ ،‬مشط‪ ،‬قطعة صابون كبيرة‪،‬‬ ‫ولفة إسفنج لفرك الجلد‪.‬‬ ‫مر درس النظافة في غير بهرجة إعالمية‪ ،‬لم يسمع به وزير التربية الوطنية‬ ‫آنذاكَ‪ ،‬الدكتور يوسف بن العباس‪ ،‬فيأتي قسمنا‪ ،‬نمثل الدور أمامه ونحن نرفع شارة‬ ‫النصر‪ ،‬يبتسم بعيدا عنا‪ ،‬كي ال ننقل له عدوى الحك‪ ،‬تلتقط له صور وسط أكياسنا‪،‬‬ ‫تتداولها مواقع التواصل االجتماعي‪ ،‬تشغل الناس عن القذارة السياسة‪ ،‬تلك التي‬ ‫عرت سوأتها مذكرة تعديل نظام البكالوريا‪ ،‬لتفجر انتفاضة ‪ 23‬مارس‪ ،1965‬فال‬ ‫يكون بعدها عزل من منصبه الوزاري‪ ،‬وال إعالن حالة الطوارئ في البالد‪ ،‬وال والدة‬ ‫اليسار الماركسي‪ ،‬وال سنوات الجمر والرصاص‪ ،‬وال إنصاف وال مصالحة‪...‬‬ ‫لم يكن وقتذاك تلفاز وال نيت وال مواقع تواصل اجتماعي‪ ...‬كانت األستاذة‬ ‫نعيمة ال غير‪ ،‬تغرس فينا وعيا بالنظافة‪ ،‬نظافة الجسد والعقل وفي أمكنة عيشنا‪،‬‬ ‫تربي ذوقنا على عشق الجميل فينا وفي محيطنا‪ ،‬تعلمنا كيف تنسجم األلوان في‬ ‫اإلبداع‪ ،‬في اللباس وكيف نستمتع بها في مكونات الطبيعة لننقل نشوة اإلحساس‬ ‫بجمالها إلى بيوتنا‪ ،‬فنحاكيها كما هي‪ ،‬بسيطة ومدهشة‪.‬‬ ‫كبر تالمذة القسم‪ ،‬صاروا رجاال ونساء‪ ،‬أكيد أنهم نجحوا كلهم في حياتهم‪،‬‬ ‫وقد نسوا كيف صار عشق الجمال وحب النظافة والرفع من قيمة اإلنسان محددا‬ ‫لهويتهم‪ ...‬ولكنهم لن ينسوا األستاذة نعيمة التي لم تقل يوما عن نفسها‪ ،‬إنها‬ ‫أنيقة ونظيفة أو أن صفاتها هاته انتقلت لها عبر جينات وراثة حصرية‪ ،‬وهي وقف‬ ‫على عائلتها‪.‬‬ ‫*مهداة إلى نعيمة الملوكي‪ ،‬أستاذتي بالقسم الثالث ابتدائي بمراكش‪ ،‬السنة‬ ‫الدراسية ‪.66/65‬‬


‫الشمال الثقافي‬

‫العدد ‪1002‬‬

‫الثالثـاء ‪� 16‬إلى ‪ 22‬يوليوز ‪2019‬‬

‫الَ َعال‬ ‫َك َب ِا�ش ٍق َت َخ َّل ْت َع ْن ُه ْ أ‬

‫الشاعر ة‬ ‫دليلة فخري‬

‫«كنبغيك»‬

‫«كنبغيك»‬ ‫قلتيها وم�شيتي‬ ‫انت غادي‬ ‫وطريقي كتولد فخطواتك‬ ‫«كنبغيك»‬ ‫قلتيها تفتحت فاجلنة بيبان‬ ‫«كنبغيك»‬ ‫قلتيها و�رسقتي من فمي لكالم‬ ‫خليتي الروح تغ�سل فع�سل ال�صدى‬ ‫«كنبغيك»‬ ‫قلتيها وهرقتي فعينيا حلم بي�ض‬ ‫وانا عط�شانة للحلم امل�رسوق فالبالد‬ ‫«كنبغيك»‬ ‫قلتيها وخرجتيني من زحامي مع‬ ‫حريتي‬ ‫وخ�صامي ليا فلبعاد‬ ‫كنبغيك»‬ ‫قلتيها وفتحتي فخيايل �سماوات‬ ‫فكل �سما‬ ‫انت عري�س‬ ‫انت نبي‬ ‫انت طوير من اجلنة هربان!‬ ‫«كنبغيك»‬ ‫قلتيها وخليتي نوار اللوز يتفتح ف‬ ‫�شوفتي‬ ‫وف�سمعي يتجرح كمان‪.‬‬ ‫«كنبغيك «‬ ‫قلتيها بعد ما فا�ض قلبي بحريتو‬ ‫بعد ما هرق ن�ص دقاتو فطرقان‬ ‫االحتماالت‬ ‫ياترى يا هل ترى‬ ‫كيبغيني؟‬ ‫وخ�ضار فعيني ال�شوف‬ ‫ماكيبغيني�ش ؟‬ ‫و رجف فركابي احللم اخلوف‬ ‫�شحال من وردة هدات وراقها قربان‬ ‫للحرية‬ ‫وبقات عريانة كيف كنت �أنا قبل‬ ‫متغطيني بديك الكلمة‪.‬‬ ‫«كنبغيك»‬ ‫قلتيها و�شديتي باب التاويل!‬ ‫و ف غدا فتحتي بيبان‪..‬‬ ‫«كنبغيك»‬ ‫كلمة‬ ‫طفات نار‬ ‫�شعلت نار‬ ‫يا فرحي بجذبتي و�سط اللهيب!‬ ‫«كنبغيك»‬ ‫كلمة قلتيها‬

‫وطاح امليل‬ ‫�شدين عافاك‬ ‫خليني نتيق بلي بعيني بزوج يل كالهم احلب‬ ‫كن�شوف اخلري وال�رش معانقني وغاديني فطريق‬ ‫خ�رضا‬ ‫واحلرب بدموع الندامة طفات رمادها‬ ‫�شدين عافاك‬ ‫خليني نتيق بلي الدم رجع للعروق‬ ‫وحلف ما باقي يتهرق‬ ‫ال فالباطل ‪..‬ال فاحلق‬ ‫طلقني عافاك‬ ‫خليني نتيق باللي ديك الكلمة زادت التي�ساع ف‬ ‫قلب االر�ض‬ ‫خليني ن�شوف املوت كتجرب احلياة‬ ‫وتختار‬ ‫متكون�ش!‬ ‫طلقني عافاك‬ ‫خليني نذوب فاملو�سيقى ال�سايلة من �شفايفك‬ ‫وانت كتقول‪:‬‬ ‫«كنبغيك»‬ ‫طلقني نهيم فالليل ال�ضاوي فعينيك‬ ‫ونت�أمل كيفا�ش كيتولد لفجر ملي كتقول‪:‬‬ ‫«كنبغيك «‬ ‫�شدين عافاك‬ ‫بغيت نلقاين عندك‬ ‫بعدما �ضيعتني فيك‬ ‫�شكون يقدر ي�صفيك مني‬ ‫بعد ما تخالط دمنا فكلمة كت�ساع غري ل زوج‬ ‫�شكون يخرجنا من هاد ال�ضيق وهو او�سع من‬ ‫لكون‬ ‫�شكون ينفخ الروح فزوج حروف‬ ‫ويقول للحب ‪:‬كون‬ ‫�شديتي‬ ‫طاح امليل‬ ‫طلقتي‬ ‫طاح امليل‬ ‫علقو قلبي جرادي فبيبان ملدينة‬ ‫خودو من دمي ويدان‬ ‫وجتري ال�سفينة‬ ‫«�سفينة ملحبة جتري بال دم «‬ ‫هكدا ودن الودان‬ ‫«كنبغيك»‬ ‫كلمة قلتيها‬ ‫وعاود نفخ فيا الله من روحو‬ ‫‪..‬وكنتك!‬

‫الشاعر‬ ‫أحمد بلحاج آية وارهام‬ ‫فيِ ِج َه ِ‬ ‫ات الْغَ ْي ِب‬ ‫َ‬ ‫َذ ِ‬ ‫الزْ َر ْق‬ ‫ات ال َّثل ِْج ْ أ‬

‫ن َ​َح َت َ�ص ْب َوةً‬

‫َاء‪،‬‬ ‫ت ُْ�شب ُِه َ�ص ْح َو المْ ْ‬ ‫َذاكِ َرت َُها ُم ُد ٌن‬ ‫و�س َها ُ�سف ٌُن‬ ‫ُح ُد ُ‬

‫ترِ ي فيِ مِ َيا ِه الزَّ َمنِ‬ ‫جَ ْ‬ ‫و�س‬ ‫ا�س ْ‬ ‫كَ َما ال ِّْب َج ُ‬ ‫الُ ُ‬ ‫ور ْه‪،‬‬ ‫فيِ مِ َيا ِه ْ أ‬ ‫�سط َ‬ ‫ان‬ ‫ُنقْ َط ًة كَ َ‬

‫ات‬ ‫فيِ ُم ْب َت َد�إِ ال َّذ ْ‬ ‫وع ال َّد ْه َ�شةِ‬ ‫َي رْ َ‬ ‫�ش ُب مِ ْن َين ُْب ِ‬

‫او ٍ‬ ‫ات‬ ‫َما َي ْعرِ ُف بِهِ َ�س َم َ‬ ‫َ�صق َْت ب ُِر ِ‬ ‫وح ْه‪.‬‬ ‫َغيرْ َ ا َّلتِي ا ْلت َ‬

‫******‬ ‫ُه َو َ�ش ْهق َُة َي ٍد‬

‫فيِ َو َر َقةِ َ�ض ْوءٍ‬ ‫نَزَ ل َْت ل َِواذ ًا‬

‫مِ ْن َ�ش َج َرة المْ َْعنَى‪،‬‬ ‫َي ْعل َُم �أَ َّن َب ْر َق َذاتِهِ‬

‫َو َط ٌن‬ ‫افِري‬ ‫َي ْ�سقِي ال َْع َ�ص َ‬ ‫ات‬ ‫ِيب ْ ُأ‬ ‫ال ْمن َِي ْ‬ ‫َحل َ‬

‫اهةِ انْ َط َلق َْت‪،‬‬ ‫كُ ل َ​َّما فيِ ال َْب َد َ‬ ‫يح‬ ‫الر ِ‬ ‫َتقُول ُ​ُه �شِ ف ُ‬ ‫َاه ِّ‬ ‫َولاَ َيقُول ُ​ُه َو ْقت ُْه‪،‬‬ ‫فِيهِ مِ َن ِّ‬ ‫الظلِّ‬

‫َ�ص ْوت ُْه‬ ‫وِ َم َن الُكُ ُه ِ‬ ‫ري َها‪،‬‬ ‫وف َمزَ امِ ُ‬ ‫التَي‬ ‫ت َْر َعى َغن َُم ْ آ‬ ‫ُع ْ�ش َب ُخ َط ْاه‪.‬‬ ‫الَ َب َد كُ ل َّْه‬ ‫َوكَ �أَن َ​َّها ت َْر َعى ْ أ‬

‫لاَ َي َت َذكَّ ُر مِ َن ال ُْو ُجودِ‬

‫َغيرْ َ زَ اوِ َيةٍ فيِ �إ ِْب ِط المْ َ​َ�ساءِ‬ ‫َ�ش ُب مِ ْن َغدِيرِ َت�أَ ُّم اَلت ِْه‪،‬‬ ‫ت رْ َ‬

‫َغ َاد َرتْ ُه ا ْلفُ�صولْ‬

‫ان‬ ‫َغ َاد َر ُه الزَّ َم ْ‬ ‫ني �أَ ْلقَى َ�أ َيائِلَ َر َغ َباتِهِ‬ ‫ِح َ‬ ‫فيِ ن َْع�شِ‬ ‫اء‬ ‫ال�ص ْح َر ْ‬ ‫َّ‬ ‫كَ ُبوذِ ٍّي‬ ‫�أَكَ َلت ُْه ت َ​َعاوِ ي ُذ ْه‪،‬‬

‫مِ ن ُْه َين ُْب ُع الزَّ َم ُن‬ ‫الَنَا شِ� ُيد‬ ‫رِْق ْ أ‬ ‫وِ مِ ن ُْه تُ�ش ُ‬ ‫ِني ُغ ُيوم ًا‬ ‫ارةِ ال َّذاهِ ب َ‬ ‫َ�أنَا�شِ ُيد ال َْب َّح َ‬ ‫ْفْجرِ الاِ ْ�ست َِوائِي‬ ‫فيِ ال ْ‬ ‫كَ ُج ْر ٍح َع َدمِ ي‬

‫ال�سكُ ِ‬ ‫ون‬ ‫َت َت�أَ ْر َج ُح �أَ ْ�ص َواتُه َعلَى ِح َبالِ ُّ‬

‫مِ ْثلَ قِ َر َدةٍ َخارِ َج َو ْر َطةِ ال َْع مَ ْ‬ ‫ال‪.‬‬ ‫******‬ ‫ام َر�أَةُ المْ ُ ْ�س َتحِ يلِ‬ ‫ام ُه َتن َْه ُ‬ ‫�ض ْ‬ ‫�أَ َم َ‬

‫ِبن َْه َد ْينِ تَغْ مِ زُ ُه َما الْغِ زْ لاَ ْن‪،‬‬ ‫ال�س َماءِ َ�ش َج َرةً‬ ‫َي َرى فيِ �سرُ َّ ةِ َّ‬

‫�ض‬ ‫كُ ل َ​َّما ن َِ�س َيت َْها ْ أ‬ ‫الَ ْر ُ‬ ‫�أَ ْخ َر َج ْت ِل ْل َف ْ�أ ِ‬ ‫�س ُغ ْر َبت َ​َها‬ ‫�س ا َّلتِي كَ ان َْت َتت َ​َج َّولُ بِ�أَ ْح اَلمِ َها‪.‬‬ ‫ا ْل َف ْ�أ ُ‬ ‫فيِ �أَ ْب َو ِ‬ ‫اب الجْ َ حِ ْيم‬ ‫ُي ْر ِ�سلُ �إِل َْي َها ِبل َْم ِح ال َْب�صرَِ‬

‫ُق ْبل ًَة كَ الن َّْيزَ ْك‪،‬‬

‫وحهِ‬ ‫َي ْخ َتفِي الْكَ ْو ُن مِ ْن ُر ِ‬

‫ور ْه‬ ‫َام فيِ َخ َيالِهِ َّ‬ ‫ال�صيرْ ُ َ‬ ‫َو َتن ُ‬ ‫ال‪.‬‬ ‫كَ َبا�شِ ٍق تَخَ ل َّْت َعن ُْه ْ أ‬ ‫الَ َع يِ‬

‫‪11‬‬


‫العدد ‪1002‬‬

‫الشمال الثقافي‬

‫هل يمكن أن نعرف‬ ‫ً‬ ‫حقا؟‬ ‫ذاتنا بذاتنا‬

‫رواء مكة (‪)1‬‬ ‫محمد بنقدور الوهراني‬

‫‪Isabelle Taubes‬‬ ‫المترجمة المغربية بيسان بن ميمون‬ ‫كل لحظة من حياتنا نحن نقضيها مع نفوسنا‪.‬‬ ‫فهل نعرف نحن مع ذلك من نحن؟ وهل يعتبر سيئاً‬ ‫إلى ذلك الحد أن ال نعرف ذلك؟ هذه أجوبة الفلسفة‬ ‫وعلم النفس‪.‬‬ ‫ال تعود الدعوة إلى معرفة الذات (مث ً‬ ‫ال عبر تدريبات‬ ‫في الهواء الطلق الكتشاف جوهر الذات‪ ،‬وورشات‬ ‫التنمية الذاتية‪ 1‬لكي يتعرف المرء على نفسه بطريقة‬ ‫أفضل‪ ،‬واختبارات الشخصية وتمارين اإلبداع إلبراز األنا‬ ‫العميقة‪ )...‬والتي يبدو أنها ممر إجباريّ للتقدم في‬ ‫العالم الراهن‪ ،‬مع ذلك إلى الزمن الحديث‪ ،‬فقد زينت‬ ‫صيغة «إعرف نفسك بنفسك» مسبقاً واجهة معبد‬ ‫أبوللون بــ» ديلف»(‪ )1‬في القرن الرابع قبل الميالد‪ .‬في‬ ‫تلك الحقبة التي كانت تجهل كل شيء عن االستبطان‪،‬‬ ‫كان لهذه العبارة صدى ‪ ،‬أو ًال كدعوة َّ‬ ‫حاثة على مزيد‬ ‫من الحكمة والتواضع‪ِ :‬ع إنسانيتكَ وال تبحث عن‬ ‫تحدي اآللهة‪ .‬لكن ليس هذا وحده‪ ،‬فقد جعل سقراط‬ ‫من ذلك حتى مبدأ فلسفته‪.‬‬

‫كيف أصبحنا «أنوات»؟‬

‫لكي يعرف الواحد منا ذاته‪ ،‬يلزم أن توجد فكرة‬ ‫«أنا» من المهم استكشافه‪ ،‬وهو مفهوم كان يجهله‬ ‫أسالفنا اإلغريقيون‪ .‬يعود إلى مونتينيْ أول رسم‬ ‫لتفكير محوره الذات؛ فمقاالته التي درَسها معظمنا في‬ ‫ٍ‬ ‫الطور اإلعدادي أو الثانوي‪ ،‬هي على األرجح أول كتاب‬ ‫تحليل ذاتي(‪ ،)2‬فقد تبلورت فكرة «أنا أكون» ْ‬ ‫ببط ٍء في‬ ‫القرنين السادس عشر والسابع عشر‪ ،‬وبالخصوص مع‬ ‫ديكارت الذي أحضر حجراً جديداً للبناء‪ .‬ففي كتابه «‬ ‫تأمالت» يشرع في الشك في كل شي ٍء‪ :‬معارفه التي‬ ‫اكتسبها‪ ،‬إحساساته الخاصة‪ ،‬وحتى وجوده‪ .‬وخالصته‬ ‫هي‪« :‬أنا أفكر إذن أنا موجود»‪ .‬لكنني أتابع وجودي‬ ‫فقط إذا ضمنَ اهلل لي دوام هذا «األنا» فمن دونه‬ ‫ال يضمن لي أي شيء أنني سأكون الشخص ذاته عند‬ ‫االستيقاظ غداً صباحاً‪.‬‬ ‫لم يعد لدينا هذا النوع من القلق‪ ،‬لكن ماذا يكون‬ ‫«أنا» ‪ ،‬أو ذلك «األنا» الذي نبحث من أجل معرفته؟‬ ‫إنه النواة التي تبقى غير متغيرة فينا من الوالدة حتى‬ ‫الموت‪ ،‬هكذا كان سيجيب ديكات ‪ .‬أما فرويد ويونغ‬ ‫فكانا سيعقبان ‪ ،‬ألنهما غير متفقين تماما‪ « :‬األنا‪ ،‬هي‬ ‫الكائن الفريد لذي أكونه‪ ،‬رج ً‬ ‫ال كنتُ أم امرأ ًة‪ ،‬ابن‬ ‫والديَّ‪ ،‬وارث ثقافة وتراثٍ‪ ،‬وطبعاً وارث قصةٍ عائليةٍ‬ ‫وأسرارها‪ ،‬التي َّ‬ ‫ولدتْ رغباتي وع َقدي ومثبطاتي‬ ‫ٍَ‬ ‫النفسية‪ ،‬ذات المغزى الخصوصي بالضرورة ــ ألني‬ ‫فريدّ»‪:‬‬

‫كلنا ذوو نية سيئة‬

‫إننا‪ ،‬في ورشات التنمية الذاتية (‪ )3‬أو في حصص‬ ‫العالج النفسي‪ ،‬نقوم بمساءلة خصوصية هذا المصير‪.‬‬ ‫« هل ألني كانت لي أمٌّ سيئة‪ ،‬فأنا أعاني من نقص‬ ‫في الثقة بذاتي؟ هل تعود قسوتي تجاه اآلخرين إلى‬ ‫قسوتي أبي الكبرى؟ « في العمق‪ ،‬ربما أمكننا أن نعتقد‬ ‫أننا ‪ ،‬نظراً لكوننا نسكن إلى أنفسنا كل األيام‪ ،‬مؤهلون‬ ‫أفضل لمعرفة من نحن‪...‬بالنفي التام يجيب ٌّ‬ ‫كل من‬ ‫فرويد ويونغ‪ :‬تطرد أنانا الواعية إلى حقل الالوعي كل‬ ‫المعلومات التي تهدد بزعزعتنا أو تلقي بظلها على‬ ‫الصورة الجميلة التي كوَّناها عن ذواتنا‪ .‬ينبغي علينا‬ ‫إذن أن نطلب المساعدة لكي تظهر الحقيقة المخبأة‬ ‫إلى السطح‪ .‬نحن بحاجة إلى اآلخر لكي نعرف من نحن‪،‬‬ ‫وسنبقى جزئياً سراً غامضاً بالنسبة إلى ذواتنا‪.‬‬ ‫لم يعتقد الفيلسوف جان ـ بول سارتر ُّ‬ ‫قط بصحة‬ ‫الالوعي الفرويدي ‪ .‬فبالرغم من إطرائه ‪ ،‬هو أيضاً‪ ،‬على‬ ‫ضرورة معرفة اإلنسان لذاته ـ لكي نكون أكثر حرية‬

‫الثالثـاء ‪� 16‬إلى ‪ 22‬يوليوز ‪2019‬‬

‫‪12‬‬

‫وذوي صفاء ذهني ‪ ،‬ونخرجَ عن كم األدوار التي يحتجزنا‬ ‫(‪)4‬‬ ‫فيها المجتمع ـ فقد أدرج سارتر تفسيرات علمنفسية‬ ‫ضمن األعـذار المستساغـة‪ ،‬حســـب رأي الفيلسوف‪،‬‬ ‫فنحن نجهل من نكون‪ ،‬ألننا ذوو نية سيئة‪ ،‬وتنقصنا‬ ‫الشجاعة‪ ،‬ونتخوف من تحمّل مسؤولياتنا‪ .‬وفي الواقع‪،‬‬ ‫فبالنسبة إلى سارتر‪ ،‬فقط تعلمني اختبارات الحياة‬ ‫ومواجهة اآلخرين من أكون‪ :‬أشجاعاً أم جباناً‪ ،‬شريفاً أم‬ ‫نذ ًال‪ ،‬وكريماً أم لئيماً‪ .‬إضافة إلى ذلك فمن المستحيل‬ ‫أن نعرف ذواتنا نهائياً‪ :‬فالشخصية تنبني وتتغير‪.‬‬

‫لماذا يستحسن أن يعرف المرء ذاتهُ؟‬

‫في عصر الشبكات االجتماعية والسيلفيات تقترح‬ ‫علينا خوارزميات (‪ )6‬عبر شاشاتنــا‪ ،‬منتوجــات يفترض‬ ‫فينا أننا نرغب فيها ـ عطـــ ً‬ ‫ال ‪ ،‬تعاضديات‪ ،‬مالبس‪.‬‬ ‫كما أننا نعرَّفُ بصفحتنا الشخصية على الفايسبوك‬ ‫أو لينكديــن(‪ )7‬وانطالقاً من مشترياتنا التي نقوم بها‬ ‫عبر اإلنترنت‪ ،‬ومن العرائض التي نوقعها‪ .‬ولكن‪ ،‬هذا‬ ‫ما يعود بنا إلى المثبِّط الذي أشار إليه مسبقاً فرويد‬ ‫ِّ‬ ‫المتمث ِل في أن «أنانا» تنحت بالنسبة إلى‬ ‫ويونغ‬ ‫كثير منا انطالقاً من النماذج التي تبنيناها ومما يقوله‬ ‫اآلخرون عنا‪ ،‬وكذا األذواق والقدرات التي يسبغونها‬ ‫علينا‪ »:‬هو يُشبه والده»‪« ،‬لن تكون (هي) أبداً مثقفة»‪:‬‬ ‫ومنْ ثمَّ‪ ،‬فإن الصورة التي لدينا عن ذواتنا‪ ،‬هي‬ ‫مسبقاً‪ ،‬وفي جزء كبير منها خدعة تعصينا‪ .‬قد تكون‬ ‫هذه الصورة رائقة بكفاية حتى إننا ال نحس معها بأي‬ ‫دافع لكي نذهب لنرَى أي حقيقة تقف بعيداً عنها‪ .‬على‬ ‫ً‬ ‫حقيقة؟ قال يونغ ‪،‬‬ ‫أي حال ‪ ،‬هل من الواجب فعل ذلك‬ ‫في سيرة حياته‪ ،‬مهدِّداً‪:‬‬ ‫« ما ال نريد معرفته عن ذواتنا‪ ،‬ينتهي به األمر أن‬ ‫كقدر‪:»...‬‬ ‫يأتيَ‬ ‫ٍ‬ ‫وألننا مقطوعون عن طموحاتنا الحقيقية‪ ،‬فإننا‬ ‫نظل غير راضين‪ ،‬دون أن نفهم حقيقة سبب هذا‬ ‫الفراغ الذي يسكننا والذي يتأتى منه إغراء « اإلفراط‬ ‫في كل شيء» ـ األكل‪ ،‬شرب الكحول‪ ،‬التدخين‪ ،‬القمار‪،‬‬ ‫وسلوكات خطيرة أخرى‪ .‬رغم استحالة معرفة الذات‬ ‫معرفة كلية وكاملة فبوسعنا أن نربح كثيراً من‬ ‫اقترابنا منها‪ .‬من األساسي أن يعرف المرء حدوده كي‬ ‫َ‬ ‫ويكون أكثر‬ ‫يتجاوزها‪ ،‬وأن يلج رغباته حتى يحققها‪،‬‬ ‫ً‬ ‫حرية‪ ،‬وإما بكل بساطة كي ال يقع في سؤال الموقف‬ ‫المضحك‪ :‬فأن تحسب نفسك منفتحاً وغيرياً‪ ،‬في حين‬ ‫يبرهن سلوكك على العكس من ذلك‪ ،‬فهذا يؤدي بك‬ ‫إلى التعرض الخطير للضحك الساخرنوعاً مَّا من طرف‬ ‫المحيطين بك‪ .‬ومن الصعب التغير عندما نجهل من‬ ‫نحن‪.‬‬ ‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫المصدر ‪ :‬مجلـــة (علــــوم النفس) الفرنسية‬ ‫الشهرية عدد ‪ 386‬لشهر حزيــران (يونيــو) ‪2018‬‬ ‫‪.Psychologies‬‬ ‫إشارات‪:‬‬ ‫‪)Delphes (1‬‬ ‫‪)l’autoanalyse (2‬‬ ‫‪)le développement personnel (3‬‬ ‫‪)psychologisantes (4‬‬ ‫‪)les selfies (5‬‬ ‫‪)algorithmes (6‬‬ ‫‪)LinkedIn (7‬‬ ‫(‪)5‬‬

‫كثيرا ما كان حسن أوريد يثير االنتباه‪ ،‬سواء باعتباره منتميا سابقا‬ ‫للمحيط الملكي‪ ،‬أو باعتباره رجل سلطة تنفيذية‪ ،‬أو باعتباره كاتبا أديبا‬ ‫منتجا لألفكار‪.‬‬ ‫حسن أوريد كان يمشي جنب حائط المجتمع السياسي واألدبي‬ ‫المغربي بعدما تخلص من جبة السلطة‪ ،‬وبعدما جرب السباحة في نهر‬ ‫يحرسه أهل الفكر والتنوير‪ ،‬بدون أن يسمحوا له بالتمتع بلذة ماء النهر‬ ‫المؤدي إلى مستنقع السياسة‪ ،‬لغايات في نفس يعقوب‪.‬‬ ‫حتى وهو يراكم مؤلفات تتعدد وتتنوع في مشاربها وإحاالتها‬ ‫ومآالتها‪ ،‬لم يكن حسن أوريد يثير شبهة تحرك من حوله زوابع وتوابع‬ ‫ترتبط بشخصه عوض كتاباته‪.‬‬ ‫حتى وهو يطرق أبواب أجناس كتابية مختلفة المنزع واألسلوب‬ ‫والمنحى‪ ،‬لم يكن حسن أوريد يثير إعجاب الكثير من المتتبعين لسوق‬ ‫الكتابة في المغرب‪ ،‬كما لم يكن يثير سخط آخرين‪ ،‬على اعتبار أنه ظل‬ ‫يحافظ على شعرة معاوية مع المغرب الرسمي من جهة‪ ،‬ومن جهة أخرى‬ ‫ظل يراود االتجاه اآلخر‪ ،‬ليس بالضرورة المعاكس‪ ،‬ليقنعه بمنتوجه الفكري‬ ‫واإلبداعي الذي يمشي ضد التيار السائد‪.‬‬ ‫حتى وهو يبحث لنفسه عن مكانة اعتبارية خاصة بين كتاب المغرب‬ ‫الكبار‪ ،‬لم يكن حسن أوريد يخفي حبه لسلطة الكاتب وتمتعه بالصيت‬ ‫والحضوة والمكانة‪ ،‬تعوضه عن فقدان سلطة وحضوة الواقع االجتماعي‬ ‫والسياسي الرسمي الذي انتمى إليه طويال‪.‬‬ ‫حتى وهو يصدر رواية (سيرة حمار)‪ ،‬لم يكن حسن أوريد يطلب غير‬ ‫الغفران والصفح‪ ،‬متقلدا وسامه الذي حصل عليه‪ ،‬ذات مناسبة‪( ،‬وسام‪ ‬الص‬ ‫ليب‪ ‬األكبر‪ ‬لرهبانية‪ ‬إيزابيال‪ ‬الكاثوليكية)‪.‬‬ ‫حسن أوريد‪ ‬وهو يدور دورته الكاملة في اتجاه نفسه‪ ،‬وفي اتجاه‬ ‫محيطه السياسي واالجتماعي‪ ،‬كان يلتقي في الطريق بمطبات تنظيمية‬ ‫تحد من حرية تحركه‪ ،‬وتجعله أسير ماضيه السياسي‪ ،‬بالرغم من استعماله‬ ‫لكثير من األسلحة المعرفية التي يسوق بها نفسه كزاهد في السلطة‪،‬‬ ‫وكمتطلع نحو الطليعة المغربية المشاكسة‪.‬‬ ‫تجربة هذه األسلحة االجتماعية والسياسية لم تشفع له في امتالك‬ ‫سلطة بديلة‪ ،‬نقدية هذه المرة‪ ،‬بالرغم من بالغة ولمعان عناوين كتب‬ ‫كثيرة أنتجها لعل أبرزها (من أجل ثورة ثقافية في المغرب)‪ ،‬وبالرغم من‬ ‫اعتباره أول من استقبل اليهودي المغربي أبراهام السرفاتي عند عودنه‬ ‫من المنفى‪ ،‬وغير ذلك من اإلشارات الدالة على عهده الجديد الذي‬ ‫قدم من أجله تضحيات لم يكن لها وزن في التالي من األيام واالحداث‬ ‫والمواقف والمواقع‪.‬‬ ‫ما الذي ارتكبه حسن أوريد حتى وجد نفسه خارج جنة السلطة؟‬ ‫وقبل ذلك‪ ،‬هل خروجه إلى أرض اهلل الواسعة كان اختيارا منه‪ ،‬أم‬ ‫فرضا من جهات أخرى لم تستسغ نزقيته الفكرية فهامت به في جهات‬ ‫وظيفية وجغرافية عديدة قبل أن تلقي به إلى الهامش؟‬ ‫هل الخطاب النقدي الذي يتبناه حسن أوريد‪ ،‬هو نتيجة قناعة فكرية‬ ‫أم هو مناورة ترمي تبليغ رسائل إلى من يهمه األمر‪ ،‬خاصة بعد مغادرته‬ ‫منصب مؤرخ المملكة سنة ‪2010‬؟‬ ‫إلى أي حد يأخذ الرأي القائل بأن حسن أوريد استُغل إلقامة جسور‬ ‫التواصل بين الدولة وبعض الجماعات الرافضة للعبة السياسية المغربية‪،‬‬ ‫إلى أي حد يأخذ هذا الرأي وجاهته؟‬ ‫هل ارتباط حسن أوريد بالثقافة المغربية الشبه شعبية مكنه من‬ ‫اكتساب مناعة فكرية تحميه من هجمات المتربصين بمشروعه اإلبداعي‬ ‫والنقدي‪ ،‬وتعطيه خصوصيته المشتهاة؟‬ ‫لماذا تحول التقبل الثقافي لحسن أوريد من مستوى حسن إلى‬ ‫مستوى متوسط ناقص‪ ،‬في مشهد ثقافي مغربي حساس جدا ومتوجس‬ ‫جدا؟‬ ‫من أين تأتي هذه الهجمات المتعددة والمتنوعة التي يتعرض لها‬ ‫حسن أوريد؟‬ ‫هل روايته (رواء مكة) لها محل من إعراب هذه الهجمات؟‬ ‫هل (رواء مكة)‪ ،‬ورحلة الحج التي أنتجتها‪ ،‬لها ما لها‪ ،‬وكان عليها ما‬ ‫عليها؟‬ ‫هل االنتشار الواسع لرواء مكة‪ ،‬بين اإلسالميين‪ ،‬وتقبلهم وتبنيهم‬ ‫لها‪ ،‬كان البد أن يكون له ما بعده؟‬


‫‪13‬‬

‫الثالثـاء ‪� 16‬إلى ‪ 22‬يوليوز ‪2019‬‬

‫العدد ‪1002‬‬

‫إدارة‬ ‫اقتصاد�أ�سوبوع‬ ‫يف‬

‫تربويات‬

‫إعداد ‪ :‬د‪ .‬ابراهيم التمسماني‬ ‫‪brahimtemsamani@yahoo.fr‬‬

‫االقتصاد األوروبي ما بين سنة ‪2019‬‬ ‫و ‪2020‬‬ ‫سيصل معدل النمو في اإلتحاد األوروبي خالل سنة‬ ‫‪ 2019‬إلى‪ %1,4‎‬و‪ %1,2‎‬داخل منطقة األورو‪.‬‬ ‫أما خالل سنة ‪ 2020‬فإن المجلس األوروبي يراهن‬ ‫على‪ %1,6‎‬بالنسبة لدول اإلتحاد األوروبي و‪ %1,5‎‬بالنسبة‬ ‫لمنطقة األورو‪.‬‬ ‫هذا بمعنى أن ‪ Brexit‬لم يؤثر كثيرا على اإلقتصاديات‬ ‫األوروبية كما كان متوقعا في البداية وأن هناك تحكما في‬ ‫معدل البطالة الذي أصبح في حدود‪ %6,2‎‬في المتوسط‬ ‫وأن معدل التضخم هو اآلخر أصبح محددا في سقف‪%1,6‎‬‬ ‫بالنسبة للسنة الجارية و‪ %1,7‎‬خالل العام ‪ 2020‬المقبل‪.‬‬

‫‪EEEEE‬‬

‫تأثير ارتفاع أسعار البترول على االقتصاد‬ ‫الوطني‬ ‫ذكرنا في أوراق اقتصادية سابقة أن سعر البترول‬ ‫سيكون محددا تقريبا في سقف ‪ 65‬دوالر للبرميل‪.‬‬ ‫ولكن حاليا‪ ،‬يباع البرميل ب ‪ 70‎‬دوالر‪ ،‬بمعنى أنه‬ ‫انتقل من ‪ 55‬دوالر مع بداية السنة إلى ارتفاع يقدر بنسبة‬ ‫‪.%27,2‎‬‬ ‫وال بد من التذكير أيضا أن كل دوالر يضاف إلى سعر‬ ‫البترول يكلف الدولة ‪ 500‬مليون درهم كعجز على مستوى‬ ‫الميزان التجاري باإلضافة إلى تقليص احتياطيات العملة‬ ‫الصعبة‪.‬‬ ‫حاليا‪ ،‬وصلت فاتورة الطاقة إلى ‪ 18‬مليار درهم وهذا‬ ‫سقف ال بأس به ولكن إذا ارتفع سعر البترول من جديد فإنه‬ ‫سيؤثر سلبا على التوازنات الماكرو اقتصادية للمملكة‪.‬‬

‫‪EEEEE‬‬

‫إنتاج السكر في المغرب‬ ‫على العموم وصل إنتاج السكر في المغرب خالل سنة‬ ‫‪ 2018‬إلى‪ 1,5‎‬مليون طن يمثل فيها الشمندر نسبة‪.%65‎‬‬

‫ومن جهة أخرى‪ ،‬يالحظ أن قطاع الفالحة كان هو‬ ‫أضعف قطاع من حيث خلق فرص الشغل ألنه قد تراجع‬ ‫بنسبة‪ %4,1‎‬مقارنة مع السنة الماضية‪.‬‬

‫التعليم من القهر إلى التحرر‬ ‫عند باولو فريري‬

‫تعتبر المنظمة الدولية ‪ Transpareney‬الرشوة‬ ‫بأنها “استعمال السلطة وتفويضها بطريقة غير صريحة‬ ‫وشفافة للوصول إلى أهداف شخصية”‪.‬‬

‫خالل فترة االستراحة جلسنا كالعادة نتجاذب أطراف الحديث في‬ ‫مواضيع ذات الصلة بالمجال التربوي‪ ،‬ساقنــا النقاش نحو الحديث عن‬ ‫نظرية فكرية وفلسفية اكتسبت شهـرة عالميــة‪ ،‬وأصبحت‪ ،‬بحسب‬ ‫المهتمين بالحقل التربـوي والنقــاد‪ ،‬نظرية جديدة في أساليب‬ ‫التعليم‪ ،‬خاصة تعليم الكبار؛ نعني هنا نظرية الفيلسوف البرازيلي‬ ‫«باولو فريري ‪ » Paulo Freire-‬من خالل كتابه الشهير « تعليم‬ ‫المقهورين «‪ .»Pedagogy of the Oppressed‬الــذي تتحـــدث‬ ‫أحد فصولــه عن الطابـــع القهـــري الـذي يطبع المؤسسات التعليمية‬ ‫في العالم الثالــــث‪ ،‬وذلك فيما اصطلــح عليـــه ب «التعليم البنكــي»‬ ‫«‪.»banking concept of éducation‬‬ ‫في الواقع لم يسبق لي أن اطلعت على كتابات هذا المفكر البارز‬ ‫« باولو فريري» لوال زميلتي في العمل األستاذة الباحثة مليكة العوفي‬ ‫التي لفتت انتباهي إلى روائع الفكر التربوي عند هذا العمالق البرازيلي‬ ‫الذي يؤسس ويؤصل رؤيته لقضايا تكوين اإلنسان في العالم الثالث‬ ‫بكل خصوصياته وتحدياته‪ .‬ونظريته التي تعتبر تجاسرا واقتحاما‬ ‫لمعاقل التعليم التقليدي‪.‬‬ ‫وكان مما استوقفني عند قراءة بعض صفحـات الكتـاب ‪ :‬نقد باولو‬ ‫فريري لمفهوم التعليم البنكي؛ الذي يعتبره تعليما استغالليا ال ينمي‬ ‫قدرة المتعلم على اإلبداع واالبتكار‪ ،‬وتَسَلطيًا على اعتبار أن المعلم‬ ‫صاحب (المعلومة األوحد)‪ ،‬يحشو عقل المتعلم بمعلومات بشكل‬ ‫تلقيني يحول دون إبراز مهارات المتعلم في الفهم والتحليل والنقد‪،‬‬ ‫ومن تم تكبيل قدرته على أي إبداع‪ .‬فالمعلم يعرف كل شيء في حين‬ ‫ينحصر دور المتعلم في الحفظ والتذكر وإعادة الجمل التي سمعها‬ ‫دون أن يتعمق في مضمونها‪ .‬وفي هذااستالب لشخصية المتعلم‬ ‫وتحويله إلى آنية فارغة يصب فيها المعلم كلماته الجوفاء‪ .‬وقد عبر‬ ‫فريري عن هذا بقوله‪« :‬إن أسلوب التدريس التقليدي (البنكي) ما‬ ‫هو إال تعطيل للطاقة الكامنة لدى المتعلم‪ ،‬وأنه يستهدف تطويع‬ ‫الطالب بدافع فكري مرسوم كي يتأقلموا مع عالم القهر‪ ،‬فاإلدراك‬ ‫في عملية التعليم والتعلم هو المحور الحقيقي‪ ،‬وليست عملية النقل‬ ‫الميكانيكي للمعارف والمعلومات»‪.‬‬ ‫لألسف الشديد‪ ،‬فإن هذا النمط التعليمي (البنكي) هو السائد في‬ ‫دول العالم الثالث‪ ،‬الذي يتحول المتعلم فيه إلى مصرف يقوم المعلم‬ ‫بإيداع معارفه‪ ،‬الشيء الذي يقلل اإلبداعية عند المتعلم‪ ،‬وال يطرح‬ ‫هذا النمط التعليمي حقائق العلم من وجهة نظر نقدية‪ ،‬بل يُحول‬ ‫العلم إلى مسلمات‪ ،‬ويدخل في المتلقي(المتعلم)‪ ،‬في نظر فريري‪ ،‬روح‬ ‫االستسالم لما هو سائد‪.‬‬ ‫في نقيض ذلك‪ ،‬يقترح باولو فريري بديال للتعليم التلقيني أو‬ ‫تعليم القهر‪ ...‬التعليم الحواري الذي يروم خلق الوعي الناقد على‬ ‫أساس من التعليم التحرري (التحرر من سلطة مالك المعرفة)‪ ،‬والذي‬ ‫يمر عبر اإليمان باإلنسان‪ ،‬وخلق الوعي الثقافي‪ ،‬والسعي نحو الحرية‪.‬‬ ‫فالمعلم ذو النزعة اإلنسانية أو الحواري‪ ،‬بحسب فريري‪ ،‬هو من يشغل‬ ‫متعلميه بالتفكير النقدي‪ ،‬ويثق ثقة عظيمة بقدراتهم في اإلبداع‪،‬‬ ‫ويقوم بدور المشارك معهم في بناء المعرفة الحقيقية‪ ،‬انطالقا من‬ ‫نسج عالقات حوارية تكون السلطة فيها لحرية التفكير واإلبداع وليس‬ ‫ألي جهة أخرى‪ ،‬وبالتالي ليس هناك واحد يلقي وآخر يتلقى‪ ،‬وإنما‬ ‫الجميع يتبادلون المعرفة‪ .‬فدور المتعلم من خالل هذه المنهجية‬ ‫الحوارية‪ ،‬ال يقتصر على االستماع والحفظ فقط بل يشارك بالنقد‬ ‫والبحث والحوار مع المدرس بشكل إيجابي‪ .‬ويبقى دور هذا األخير‬ ‫هو تحضير المادة للمتعلم للنظر فيها‪ ،‬ومن خالل فحص التلميذ‬ ‫للمادة يبدأ هو نفسه إعادة النظر في موقفه السابق‪ .‬أما دوره في‬ ‫طريقة عرض القضايا‪ ،‬فيتلخص في مشاركة المتعلم في تهيئة المناخ‬ ‫المالئم لعملية التعلم‪.‬‬ ‫وختاما‪ ،‬فإن هذه النظرية التربوية التي أسسها فريري ترمي‬ ‫إلى خلق تعليم أكثر إنصافا وعدالة‪ ،‬تعليما إنسانيا يحرر المتعلم‬ ‫من التناقض الذي يفرزه التعليم البنكي (التقليدي) بين المحتوى‬ ‫التعليمي الجامد وحركية الواقع المستمر‪ ،‬تعليما يشجع فضول‬ ‫المتعلم ورغبته في المعرفة‪ ،‬والتساؤل الرحب‪ ،‬والتفاعل الحقيقي بين‬ ‫المعلم والمتعلم‪ .‬وممارسة التفكير النقدي في فهم الواقع المعيش‪،‬‬ ‫واالستقاللية في اتخاذ القرار ‪.‬‬

‫‪EEEEE‬‬

‫آفة الرشوة وتأثيرها على محيط األعمال‬

‫وقد نشر المنتدى اإلقتصادي العالمي الئحة تضم‬ ‫جميع اآلفات والتصرفات المشينة التي تؤثر سلبا على‬ ‫محيط األعمال‪.‬‬ ‫وتأتي الرشوة في الدرجة األولى بنسبة‪ %15,1‎‬متبوعة‬ ‫بالبيروقراطية بنسبة‪ %13,8‎‬والولوج إلى التمويالت بنسبة‬ ‫‪ %11,4‎‬ثم معدالت الضريبة بنسبة‪ %10,8‎‬إلى آخره…‬ ‫وعندما تنتقل عدوى الرشوة من قطاعات تقليدية إلى‬ ‫قطاع التعليم فهذا يعني أن ناقوس الخطر قد دق وأن‬ ‫مستقبل البالد في خطر كبير ألن التعليم يتعلق بجميع‬ ‫القطاعات وجميع الفئات العمرية وبالميدان الحضري‬ ‫والقروي والمرأة والرجل على حد سواء‪.‬‬ ‫وحاليا‪ ،‬يأتي المغرب في الدرجة ‪ 71‬من أصل ‪137‬‬ ‫دولة‪ .‬وهذا يؤثر بطبيعة الحال ليس فقط على صورة‬ ‫البالد وإنما أيضا على اقتصادها واإلستثمارات الخارجية‬ ‫المباشرة وما إلى ذلك‪...‬‬

‫‪EEEEE‬‬

‫شركة ‪ PSA‬واستعداداتها لإلنطالق‬ ‫معلوم أن مشروع ‪ PSA‬في المغرب كلف الشركة ما ال‬ ‫يقل عن ‪ 557‬مليون أورو من أجل إنتاج ‪ 20.000‬سيارة في‬ ‫الدفعة األولى أي خالل سنة ‪ .2019‬والهدف هو الوصول‬ ‫إلى إنتاج ‪ 90.000‬سيارة في المدى القريب ثم ‪100.000‬‬ ‫سيارة سنويا‪.‬‬ ‫وتقريبا‪ %90‎‬من اإلنتاج سيوجه إلى الخارج للرفع من‬ ‫الصادرات المغربية والباقي أي ‪ 9.000‬سيارة ستباع في‬ ‫السوق المغربية‪.‬‬

‫وه��ذا هو ما يساعد على تغطية ‪ %30‎‬من اإلنتاج‬ ‫الوطني لهذه المادة الحيوية‪.‬‬ ‫ويساهم هذا القطاع ايضا في تحسين مداخيل‪%10‎‬‬ ‫من الفالحين المغاربة وخلق فرص الشغل لهم‪.‬‬ ‫ولكن لتطوير هذا القطاع ال بد من مكننته وتضعيه‬ ‫أكثر مع اعتماد أساليب حديثة ومتقدمة في عملية الزرع‬ ‫والري والحصاد‪.‬‬

‫وأول سيارة بوجو سيتم صنعها في المغرب ستكون‬ ‫متوفرة مع بداية شهر يوليوز من سنة ‪ 2019‬مما سيرفع‬ ‫من تنافسية سوق السيارات ببالدنا‪.‬‬

‫‪EEEEE‬‬

‫‪EEEEE‬‬

‫معدالت البطالة وخلق فرص الشغل خالل‬ ‫الفصل األول من سنة ‪2019‬‬ ‫بمعدل ال يفوق‪ %2,5‎‬من الناتج الداخلي الخام استطاع‬ ‫اإلقتصاد الوطني أن يخلق ‪ 15.000‬منصب شغل صافي‬ ‫(أي الفرق بين المناصب التي تم خلقها واألخرى التي تمت‬ ‫إزاحتها)‪.‬‬ ‫والغريب في األمر أن طابع اإلقتصاد غير المهيكل‬ ‫يغلب على بانوراما خلق فرص الشغل في المغرب‪.‬‬ ‫حسب القطاعات اإلقتصادية‪ ،‬قام قطاع التجارة بخلق‬ ‫‪ 63.000‬منصب شغل متبوعا بقطاع المطاعم والفندقة‬ ‫بنسبة ‪ 27.000‬منصب شغل ثم الخدمات ‪ ‬الشخصية‬ ‫والمنزلية بنسبة ‪ 23.000‬منصب شغل‪.‬‬ ‫أما قطاع البناء واألشغال العمومية فقد استطاع‬ ‫خلق ما ال يقل عن ‪ 19.000‬منصب شغل في حين أن‬ ‫قطاع الصناعة لم يتجاوز عتبة ‪ 4.000‬منصب شغل‪ ،‬بل‬ ‫إن هناك تضاربا صارخا في األرقام بين وزارة الصناعة‬ ‫والمندوبية السامية للتخطيط‪.‬‬

‫• عبد الغني بلقاسم‬

‫حاليا‪ ،‬وصل عدد العمال الذين تم توظيفهم من طرف‬ ‫‪ PSA‬إلى ‪ 500‬موظف ومهندس والهدف هو الوصول إلى‬ ‫‪ 1.600‬منصب شغل مباشر مع نهاية السنة الجارية‪.‬‬

‫تناقضات سوق الشغل المغربية‬ ‫من أهم التناقضات التي تعاني منها السوق المغربية‬ ‫للشغل هي أن ‪ 1,79‬مليون “أجير” يقومون بعمل غير‬ ‫مأجور و‪ 3,43‬مليون “ أجير” ال يتوفرون على عقد عمل‬ ‫كيفما كان نوعه‪.‬‬ ‫وتؤكد المندوبية السامية للتخطيط أيضا أن‪%41,8‎‬‬ ‫من األجراء يعملون أكثر من ‪ 48‬ساعة أسبوعيا وأن ‪8,297‬‬ ‫مليون عامل ال يتوفرون على التغطية الصحية‪.‬‬ ‫وأعلى‪ %20‎‬من األجراء أنهم غير راضين عن عملهم‬ ‫ومؤسساتهم وأنهم يبحثون جادين عن تغيير عملهم أو‬ ‫المؤسسة التي يعملون بها‪.‬‬ ‫هذا يعني أن السوق المغربية للتشغيل لم ترق‬ ‫بعد إلى مستوى األس��واق األخ��رى وأن هناك تناقضات‬ ‫كبيرة ومتعددة يجب العمل على إزالتها بوضع برامج‬ ‫تتعلق بالتكوين والمواكبة وخفض الضرائب… بالنسبة‬ ‫للشركات الصغيرة والمتوسطة ألنها تمثل أكثر من‪%93‎‬‬ ‫من نسيجنا االقتصادي‪.‬‬


‫‪14‬‬

‫الثالثـاء ‪� 16‬إلى ‪ 22‬يوليوز ‪2019‬‬

‫العدد ‪1002‬‬

‫وقفات مع حديث عمر ابن اخلطاب ر�ضي اهلل عنه‬ ‫منبر المجلس العلمي‬ ‫بطنجـة‬

‫�أركان الإميان ال�ستة (الإميان بالقدر خريه و�شره)‬

‫مي ِان‪.‬‬ ‫ب يِن عَ ِن ا ِلإ َ‬ ‫جوابا على �س�ؤال جربيل عليه ال�سالم‪� :‬أَ ْخ رِ ْ‬ ‫الل َو َم َال ِئ َك ِت ِه َو ُك ُت ِب ِه َو ُر ُ�س ِل ِه‬ ‫َق َال �صلى اهلل عليه و�سم « �أَنْ ُت ْ�ؤمِ نَ ِب هَّ ِ‬ ‫َوا ْل َي ْو ِم الآخِ ِر َو ُت�ؤْمِ نَ ِبا ْل َقد َِر َخ رْ ِيهِ َو َ�ش ِّرهِ » فبالإ�ضافة �إلى الإميان‬ ‫باهلل ومالئكته وكتبه ور�سله واليوم الآخر يجب على امل�سلم‬ ‫الإميان بالقدر خريه و�شره حلوه ومره‪ ،‬واملق�صود به الإميان‬ ‫بتقدم علم اهلل �سبحانه وتعالى مبا يكون ومبا �سيكون من �أعمال‬ ‫املخلوقات كلها‪ ،‬وتقديره �سبحانه لها ح�سبما �سبق به علمه‬ ‫واقت�ضته حكمته‪ .‬فالقدر مبعنى التقدير‪ ،‬قال الزجاج‪ ( :‬والتقدير‬ ‫هو التدبري) وهو جعل كل �شيء على ما هو عليه‪ ،‬وباخت�صار‪:‬‬ ‫فالقدر هو م�شيئة اهلل تعالى التابعة لعلمه‪� ،‬أي املوافقة لعلمه‪،‬‬ ‫لأن امل�شيئة ال تخالف العلم‪ ،‬فما �شاء اهلل ح�صوله علم ح�صوله‬ ‫فال بد �أن يح�صل‪.‬فهو تقديره للكائنات ح�سب ما �سبق به علمه‬ ‫واقت�ضت حكمته‪ ،‬وهو ما �سبق به العمل وجرى به القلم مما هو‬ ‫كائن �إلى الأبد‪.‬‬ ‫والإميان به هو �أن ت�ؤمن �أن اهلل جل جالله كتب مقادير اخللق‬ ‫وقدر كل ما �سيكون من احلوادث والأ�شياء‪ ،‬وقدر عدد مقادير‬ ‫اخلالئق قبل �أن يخلقهم‪ ,‬قدر �آجالهم و�أرزاقهم و�أعمالهم‪ ,‬قبل‬ ‫�أن توجد وتكون‪ ,‬وعلم �سبحانه �أنها �ستقع يف �أو قات معلومة‬ ‫وب�صفات مخ�ص�صة مف�صلة‪ ,‬وكتبها بكل تفا�صيلها ودقائقها‪ ،‬فهي‬ ‫كائنة يف وقتها الذي حدده لها‪ ،‬وبالتفا�صيل والدقة التي �أرادها‬ ‫لها‪ ,‬فما �شاء كان وما مل ي�ش�أ مل يكن‪ ,‬وال يكون �شيء يف الوجود �إال‬ ‫بعلمه وم�شيئته وقدرته �سبحانه‪ .‬قال تعالى‪َ (:‬وعِ ْن َد ُه َمف حِ ُ‬ ‫َات‬ ‫ا ْلغ َْي ِ‬ ‫ب َوا ْل َب ْح ِر‬ ‫ب اَل َي ْع َل ُم َها ِ�إ اَّل هُ َو َو َي ْع َل ُم َما يِف ا ْل رَ ِّ‬ ‫ِن َو َر َق ٍة ِ�إ اَّل َي ْع َل ُم َها َو اَل َح َّب ٍة‬ ‫َو َما ت َْ�سقُ ُط م ْ‬ ‫ات ْ أَ‬ ‫يِف ُظ ُل َم ِ‬ ‫�ض َو اَل َر ْط ٍ‬ ‫ب َو اَل‬ ‫ال ْر ِ‬ ‫ِ�س ِ�إ اَّل يِف ِ‬ ‫كت ٍ‬ ‫ِني) الأنعام‬ ‫َاب ُمب ٍ‬ ‫َياب ٍ‬ ‫‪ .59‬وقال عز من قائل‪َ (:‬و َ‬ ‫ان �أَ ْم ُر هَِّ‬ ‫الل َق َد ًرا‬ ‫ك َ‬ ‫َمقْ ُدو ًرا) الأحزاب ‪ .37‬وقال �أي�ضا ‪( :‬ا َّلذِ ي‬ ‫ات َو ْ أَ‬ ‫�ض َو مَ ْ‬ ‫َلهُ ُم ْل ُ‬ ‫ك ال�سَّ َما َو ِ‬ ‫ل َي َّتخِ ذْ‬ ‫ال ْر ِ‬ ‫َو َل ًدا َو مَ ْ‬ ‫�ش ٌ‬ ‫ل َي ُ‬ ‫يك يِف المْ ُ ْل ِ‬ ‫ك‬ ‫ك ْ‬ ‫ن َلهُ رَِ‬ ‫َو َخ َل َق ُ‬ ‫يرا ) الفرقان‬ ‫ك َّل َ�ش ْي ٍء َفق ََّد َر ُه تَقْ دِ ً‬ ‫‪ .2‬وقال �أي�ضا‪�ِ (:‬إ َّنا ُ‬ ‫ك َّل َ�ش ْي ٍء َخ َلقْ َن ُ‬ ‫اه ِبق َ​َد ٍر‬ ‫ن ل َِ�ش ْي ٍء‬ ‫)القمر ‪ .49‬وقال �أي�ضا‪َ ( :‬و اَل تَقُ و َل َّ‬ ‫ِك َغ ًدا ِ�إ اَّل �أَن ي َ�شاء هَّ ُ‬ ‫ِ�إ يِّن َفاعِ ٌل َذل َ‬ ‫الل)‬ ‫ْ َ َ‬ ‫ون ِ�إ اَّل‬ ‫الكهف ‪23‬ـ ‪ .24‬وقال تعالى‪َ ( :‬و َما ت َ​َ�ش ُاء َ‬ ‫�أَن ي َ�شاء هَّ ُ‬ ‫الل َر ُّ‬ ‫المَِني ) التكوير ‪.29‬‬ ‫ب ا ْل َع‬ ‫َ‬ ‫ْ َ َ‬ ‫ويف �صحيح م�سلم �أن النبي �صلى اهلل عليه و�سلم قال‪ ( :‬و�إن‬ ‫�أ�صابك �شيء فال تقل‪ :‬لو �أين فعلت كان كذا وكذا‪ ,‬ولكن قل‪ :‬قدر‬ ‫اهلل وما �شاء فعل) قال ابن عبا�س ر�ضي اهلل عنهما ( كل �شيء بقدر‬ ‫حتى و�ضعك يدك على خدك)‪.‬‬ ‫ولقد طرح الإميان بالقدر نقا�شا كبريا بني علماء الكالم‬ ‫والفال�سفة‪ ,‬وا�ستغله بع�ض املبطلني وامللحدين لإثارة عدد من‬ ‫ال�شبهات وكثري من االعرتا�ضات �سنجمل الرد عليها يف جمموعة‬ ‫من املالحظات ‪:‬‬ ‫• الإميان بالقدر ال ينايف �أن يكون للإن�سان م�شيئة يحا�سب‬ ‫عليها يف �أفعاله االختيارية‪ ,‬فكل �إن�سان له قدرة و�إرادة‬ ‫وم�شيئة‪ ,‬مختار يف عمله وك�سبه‪ ,‬اليجربه �أحد على فعل خري‬ ‫�أو �شر‪ ,‬فاهلل �سبحانه وتعالى عامل بعلمه الأزيل الكلي مبا �سيفعله‬ ‫عباده‪ ,‬وما �سي�صدر من خلقه يف حياتهم‪ ,‬ويعلم كم �سيعي�شون من‬ ‫ال�سنني‪ ,‬وما ذا �سيك�سبون يف حياتهم‪ ,‬وما �سيقدمونه لأنف�سهم‪,‬‬ ‫والعلم بال�شيء ال يعني الإجبار على فعله‪ .‬فلقد خلقنا اهلل‬ ‫�سبحانه وتعالى لق�ضاء فرتة امتحان يف هذه احلياة الدنيا‪ ,‬وهو‬ ‫جل �ش�أنه يعلم ب�أحوال خلقه وبنتيجة االمتحان‪ ,‬يعلم الناجح‬ ‫والرا�سب وال�شقي وال�سعيد‪ .‬فعلم اهلل �أزيل محيط بكل �شيء مبا‬ ‫كان ومبا �سيكون‪ ,‬وتقع جميع الأمور على مقت�ضى علمه الكامل‪,‬‬ ‫يقول ابن �أبي زيد القريواين‪ ( :‬والإميان بالقدر خريه و�شره‪,‬‬ ‫حلوه ومره‪ ,‬وكل ذلك قد قدره اهلل ربنا‪ ,‬ومقادير الأمور بيده‪,‬‬ ‫وم�صدرها عن ق�ضائه‪ ,‬علم كل �شيء قبل كونه فجرى على قدره‬ ‫ال يكون من عباده قول وال عمل �إال وقد ق�ضاه و�سبق علمه به ‪...‬‬ ‫فكل مي�سر بتي�سريه �إلى ما �سبق من علمه‪ ,‬وقدره من �شقي �أو‬

‫(‪)6/6‬‬

‫�سعيد تعال اهلل �أن يكون يف علمه ماال يريد ‪� ,‬أو �أن يكون لأحد عنه‬ ‫غنى‪ ,‬خالقا لكل �شيء‪� ,‬أال هو رب العباد ورب �أعمالهم‪ ,‬واملقدر‬ ‫حلركاتهم‪ ,‬و�آجالهم)‪.‬الر�سالة‪ :‬طبعة وزارة الأوقاف وال�ش�ؤون‬ ‫الإ�سالمية ‪ 1405‬ـ ‪� 1984‬ص ‪ 10‬ـ ‪.11‬‬ ‫• �إن من �صفات اهلل �سبحانه وتعالى‪ :‬العدل ‪ ,‬فهو اليظلم‬ ‫�أحدا وقد حرم على نف�سه الظلم‪ ,‬فقال �سبحانه‪�ِ ( :‬إن هَّ َ‬ ‫الل‬ ‫َّ‬ ‫اَل َي ْظ ِل ُم ِم ْثق َ‬ ‫َك َح َ�س َن ًة ُي َ‬ ‫َال َذ َّرةٍ ۖ َو ِ�إ ْن ت ُ‬ ‫�ضاعِ فْ َها‬ ‫َو ُي�ؤْ ِ‬ ‫ِن َل ُد ْنهُ �أَ ْج ًرا َع ِظي ًما) الن�ساء ‪ ,40‬وقال‬ ‫ت م ْ‬ ‫جل من قائل‪�ِ (:‬إن هَّ َ‬ ‫ا�س َ�ش ْيئًا َو َل ِ‬ ‫ن‬ ‫ك َّ‬ ‫الل اَل َي ْظل ُِم ال َّن َ‬ ‫َّ‬ ‫ون ) يون�س ‪ .44‬ويف احلديث‬ ‫ال َّن َ‬ ‫ا�س �أَ ْنفُ َ�س ُه ْم َي ْظل ُِم َ‬

‫القد�سي‪( :‬عن النبي �صلى اهلل عليه و�سلم‪ ،‬فيما روى عن‬ ‫اهلل تبارك وتعالى �أنه قال « يا عبادي ! �إين حرمت الظلم على‬ ‫نف�سي وجعلته بينكم محرما‪ .‬فال تظاملوا ‪� ).‬صحيح م�سلم ‪-‬‬ ‫امل�سند ال�صحيح ‪ .2577‬فهو ال يجرب �أحدا من خلقه على فعل‬ ‫�شيء ثم يحا�سبه على ذلك‪.‬‬ ‫• �إن اهلل �سبحانه وتعالى غني عن عباده‪ ,‬ال تنفعه طاعة‬ ‫مطيع والت�ضره مع�صية عا�ص‪ ،‬وغناه �شامل ومطلق‪ ,‬فقد جاء‬ ‫يف احلديث القد�سي ال�سابق الذكر‪( :‬يا عبادي ! �إنكم لن تبلغوا‬ ‫�ضري فت�ضروين‪ .‬ولن تبلغوا نفعي فتنفعوين‪ .‬يا عبادي ! لو �أن‬ ‫�أولكم و�آخركم و�إن�سكم وجنكم‪ .‬كانوا على �أتقى قلب رجل واحد‬ ‫منكم‪ .‬ما زاد ذلك يف ملكي �شيئا‪ .‬يا عبادي ! لو �أن �أولكم و�آخركم‪.‬‬ ‫و�إن�سكم وجنكم‪ .‬كانوا على �أفجر قلب رجل واحد‪ .‬ما نق�ص ذلك‬

‫من ملكي �شيئا‪ .‬يا عبادي ! لو �أن �أولكم و�آخركم‪ .‬و�إن�سكم وجنكم‪.‬‬ ‫قاموا يف �صعيد واحد ف�س�ألوين‪ .‬ف�أعطيت كل �إن�سان م�س�ألته‪ .‬ما‬ ‫نق�ص ذلك مما عندي �إال كما ينق�ص املخيط �إذا �أدخل البحر‪ .‬يا‬ ‫عبادي ! �إمنا هي �أعمالكم �أح�صيها لكم‪ .‬ثم �أوفيكم �إياها‪ .‬فمن وجد‬ ‫خريا فليحمد اهلل‪ .‬ومن وجد غري ذلك فال يلومن �إال نف�سه )‪ .‬وهذا‬ ‫مما يفيد يف طم�أنينة القلب يف هذا الباب‪ ,‬فاهلل �سبحانه وتعالى‬ ‫لي�س بحاجة �إلى العباد واليزيده �شيء من عملهم �أو ينق�صه حتى‬ ‫يجربهم على فعل �شيء ثم يعذبهم بغري ذنب ي�ستحقونه‪.‬‬ ‫• �إن اهلل �سبحانه وتعالى يقيم احلجة على عباده قبل‬ ‫جمازاتهم على �أعمالهم‪ ،‬فهو ال يكلف �إال البالغ العاقل‪ ,‬فالذي‬ ‫مل يبلغ �سن الر�شد �أو الأحمق الفاقد العقل فال تكليف عليه‪.‬‬ ‫وال يحا�سب �إال القادر على فعل ال�شيء‪ ,‬فالعاجز واملري�ض ال‬ ‫تكليف عليه‪ ,‬وال يكون التكليف �إال ل�صاحب الإرادة‪ ,‬فم�سلوبها‬ ‫كرها �أو مبانع معني اليكلف‪ ,‬وال ي�س�أل ويقيم احلجة �إال على من‬ ‫بلغته ر�سالة ر�سله وبعث �إليه من يعلمه �أ�س�س دينه‪.‬قال تعالى‪:‬‬ ‫ين ِلئ اََّل َي ُ‬ ‫ون لِل َّنا�سِ َع َلى‬ ‫ين َو ُم ْنذِ ِر َ‬ ‫�ش َ‬ ‫ُ‬ ‫ك َ‬ ‫(ر ُ�سلاً ُم َب رِِّ‬ ‫كان هَّ ُ‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫الل َع ِزي ًزا َح ِ‬ ‫هَِّ‬ ‫كي ًما)‬ ‫و‬ ‫ل‬ ‫�س‬ ‫الر‬ ‫د‬ ‫ع‬ ‫ب‬ ‫ة‬ ‫ج‬ ‫ح‬ ‫الل‬ ‫ُ َّ َ ْ َ ُّ ُ ِ َ‬ ‫َ‬ ‫الن�ساء‪ .165:‬وهناك جمموعة من الآيات القر�آنية ت�ؤكد �أن اهلل‬ ‫�سبحانه وتعالى جعل للعبد اختيارا وقدرة و�إرادة يكون بها‬ ‫ك ْم َح ْر ٌ‬ ‫ث َل ُ‬ ‫الفعل‪ ,‬من ذلك قوله تعالى‪( :‬ن َِ�سا�ؤُ ُ‬ ‫ك ْم‬ ‫َف�أْتُوا َح ْر َث ُ‬ ‫ك ْم �أَ َّنى �شِ ْئت ُْم) البقرة ‪ ,223‬وقوله �أي�ضا‪:‬‬ ‫ادوا خْ ُ‬ ‫لَ َع ُّدوا َلهُ ُع َّد ًة) التوبة ‪.46‬‬ ‫وج َ أ‬ ‫( َو َل ْو �أَ َر ُ‬ ‫ال ُر َ‬ ‫• توجيه الأمر والنهي للعبد‪ ,‬ولو كان م�سريا جمربا ال‬

‫ بقلم الدكتور محمد كنون احل�سني‬‫اختيار له والقدرة‪ ,‬مل ي�أمره احلق �سبحانه وتعالى ب�شيء لأنه‬ ‫عاجز ال طاقة له على فعل �أي �شيء‪ :‬قال تعالى‪ :‬اَ‬ ‫كلِّ ُ‬ ‫(ل ُي َ‬ ‫ف‬ ‫هَّ ُ‬ ‫َ‬ ‫ك َ�س َب ْ‬ ‫الل نَفْ ً�سا �إِ اَّل ُو ْ�س َع َها َل َها َما َ‬ ‫ت َو َعل ْي َها َما‬ ‫اكت َ​َ�س َب ْ‬ ‫ْ‬ ‫ت) البقرة‪. 286‬‬ ‫• هناك �آيات قر�آنية و�أحاديث نبوية يف مدح املح�سن وذم‬ ‫امل�سيء‪ ,‬و�إثابة كل منهما على ما ي�ستحق‪ ,‬ولوال �أن الفعل يقع‬ ‫باختيار و�إرادة العبد ملا كان هناك مدح وال دم‪.‬‬ ‫• كل امرئ يح�س بحريته يف الت�صرف وقدرته على فعل‬ ‫ال�شيء �أو تركه‪ ,‬فهو يقوم ويخرج وي�سافر مبح�ض �إرادته‬ ‫واختياره‪ .‬وكل هذا يعني حرية العبد وم�س�ؤوليته على ما يقدم‬ ‫عليه من �أعمال‪.‬‬ ‫ومما ي�ؤكد ما نحن ب�صدده ويزكيه ويو�ضحه‪� ،‬أن الإميان‬ ‫بالقدر خريه و�شره حلوه ومره يقوم على �أربعة �أركان مرتبطة‬ ‫بع�ضها ببع�ض اليقوم الإميان �إال بتحققها وهي‪:‬‬ ‫• العلم ‪ :‬وهو الإميان ب�أن اهلل تعالى عامل بكل �شيء جملة‬ ‫وتف�صيال‪� ،‬أزال و�أبدا‪ ،‬ما كان وما يكون وكيف يكون‪ ،‬ال يعزب‬ ‫عن علمه مثقال ذرة يف ال�سماوات وال يف الأر�ض‪ ،‬ال يتجدد له‬ ‫علم بعد جهل وال يلحقه ن�سيان بعد علم‪،‬قال تعالى‪َ ( :‬وعِ ْن َد ُه‬ ‫َمف حِ ُ‬ ‫َات ا ْلغ َْي ِ‬ ‫ب‬ ‫ب اَل َي ْع َل ُم َها �إِ اَّل هُ َو َو َي ْع َل ُم َما يِف ا ْل رَ ِّ‬ ‫ِن َو َر َق ٍة �إِ اَّل َي ْع َل ُم َها َو اَل َح َّب ٍة‬ ‫َوا ْل َب ْح ِر َو َما ت َْ�سقُ ُط م ْ‬ ‫ات ْ أَ‬ ‫يِف ُظ ُل َم ِ‬ ‫�ض َو اَل َر ْط ٍ‬ ‫�س ِ�إ اَّل‬ ‫ب َو اَل َيا ِب ٍ‬ ‫ال ْر ِ‬ ‫يِف ِ‬ ‫كت ٍ‬ ‫ِني) الأنعام ‪.59‬‬ ‫َاب ُمب ٍ‬ ‫• الكتابة‪ :‬فن�ؤمن ب�أن اهلل تعالى كتب يف‬ ‫اللوح املحفوظ ما �سبق به علمه من �أحوال‬ ‫اخللق و�أرزاقها و�آجالها �إلى يوم القيامة‪ ،‬فكل‬ ‫ما كان من بداية هذا العامل وخلقه‪ ،‬وكل ماهو‬ ‫كائن �إلى يوم القيامة مكتوب يف اللوح املحفوظ‪،‬‬ ‫ل ت َْع َلم �أَن هَّ َ‬ ‫قال تعالى‪�( :‬أَ مَ ْ‬ ‫الل َي ْع َل ُم َما‬ ‫ْ َّ‬ ‫ف ال� َما ِء َو ْ أَ‬ ‫�ض �إِ َّن َذل َ‬ ‫ِك يِف‬ ‫سَّ‬ ‫ال ْر ِ‬ ‫يِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫سِ‬ ‫ِ‬ ‫َاب �إِ َّن ذلِك َعلى هَِّ‬ ‫كت ٍ‬ ‫ري)‬ ‫الل َي� ٌ‬

‫احلج ‪.70‬‬ ‫• امل�شيئة‪ :‬وهي الإميان مب�شيئة اهلل‬ ‫النافدة وقدرته ال�شاملة‪ ،‬فما �شاء كان وما مل‬ ‫ي�ش�أ مل يكن‪ ،‬فال حركة وال�سكون‪ ،‬والحادث يف‬ ‫الكون �صغري �أو كبري �إال مب�شيئته وقدرته‪ ،‬قال‬ ‫تعالى‪َ ( :‬وما ت َ​َ�شاءون �إِ اَّل �أَن ي َ�شاء هَّ ُ‬ ‫الل َر ُّ‬ ‫ب‬ ‫ُ َ‬ ‫َ‬ ‫ْ َ َ‬ ‫المَِني) التكوير ‪.29‬ويف حديث ابن عبا�س ر�ضي اهلل عنهما‬ ‫ا ْل َع‬ ‫َ‬ ‫�أن النبي �صلى اهلل عليه و�سلم قال‪� ...( :‬إذا �س�ألت فا�س�أل اهلل‪،‬‬ ‫و�إذا ا�ستعنت فا�ستعن باهلل‪ ،‬واعلم �أن الأمة لو اجتمعت على‬ ‫�أن ينفعوك ب�شيء‪ ،‬مل ينفعوك ب�شيء �إال قد كتبه اهلل لك‪ ،‬و�إن‬ ‫اجتمعوا على �أن ي�ضروك ب�شيء مل ي�ضروك �إال ب�شيء قد كتبه‬ ‫اهلل عليك‪ ،‬رفعت الأقالم وجفت ال�صحف ) رواه الرتمذي ال�سنن‬ ‫‪2516‬‬ ‫• اخللق‪ :‬فن�ؤمن ب�أن اهلل �سبحانه وتعالى خالق كل �شيء‬ ‫بذاته و�صفاته وحركاته‪� ،‬أوجده من العدم‪ ،‬قال تعالى‪ :‬هَّ ُ‬ ‫(الل‬

‫ك ٌ‬ ‫ك ِّل َ�ش ْي ٍء ۖ َوهُ َو َع َلى ُ‬ ‫َخال ُِق ُ‬ ‫ك ِّل َ�ش ْي ٍء َو ِ‬ ‫يل )‬ ‫الزمر ‪.62‬‬ ‫وللإميان بالقدر ثمرات تعود على امل�ؤمن بالنفع العاجل منها‪:‬‬ ‫االعتماد على اهلل �سبحانه وتعالى عند فعل الأ�سباب لأن ال�سبب‬ ‫وامل�سبب كالهما بق�ضاء اهلل وقدره‪ ،‬ومنها العمل بن�شاط وال�سعي‬ ‫مبا ير�ضي اهلل �سبحانه وتعالى يف هذه احلياة‪ ،‬والإقدام على‬ ‫عظائم الأمور بثبات وعزم ويقني‪ ،‬ومنها راحة النف�س وطم�أنينة‬ ‫القلب وطرد القلق وال�ضجر عند فوات مراد �أو ح�صول مكروه‪،‬‬ ‫ومنها طرد الإعجاب بالنف�س عند ح�صول املراد واالبتعاد عن‬ ‫التكرب لأن العبد يعترب نف�سه دائما عاجزا �أمام قوة اهلل �سبحانه‬ ‫وتعالى وقدرته وم�شيئته‪ ،‬ومنها ال�شجاعة على مواجهة ال�شدائد‬ ‫وتقوية العزائم مع اال�ستعانة باهلل والتوكل عليه‪.‬‬

‫(انتهى)‬


‫العدد ‪1002‬‬

‫الثالثـاء ‪� 16‬إلى ‪ 22‬يوليوز ‪2019‬‬

‫‪15‬‬

‫ضيافة‬ ‫كاتب (‪)2/2‬‬ ‫فيفيض‬ ‫يافة‬ ‫كاتب‬

‫سلسلة تعريفية واقعية تلقي الضوء على بعض الكتاب والمفكرين والباحثين والمبدعين في شتى مجاالت العلوم‬ ‫والمعرفة‪ ،‬إلبراز لمحات من حياتهم الشخصية والعلمية‪ ،‬والتعريف بمؤلفاتهم وأحدث إصداراتهم التي تشهد بعمق‬ ‫معرفتهم‪ ،‬وموسوعية علمهم‪ ،‬تتنوع هذه الشخصيات بين أكاديمية وعلمية وأدبية‪.‬‬ ‫سلسلة تعريفية في قالب حواري تمد جسـور التالقـح بين المفكرين وبني عصرهم‪ ،‬وبين المفكرين وطبقــة‬ ‫قرائهم‪ ،‬وتطلعهم على مسار إنتاجهم وأهم أعمالهم وآخر إصداراتهم‪.‬‬

‫إعداد ‪ :‬عمر قربـاش‬

‫نتابع في هذا العدد حوارنا مع األستاذ الدكتور محمد علي بن الصديق في جزئه الثاني واألخير‪.‬‬ ‫• أستاذنا الفاضل ‪ :‬امتدت مسيرتك التعليمية إلى عقود في الجامعة‪،‬‬ ‫كيف تقوّم تجربتك التعليمية‪ ،‬وماذا قدمت لك ؟‬ ‫••• نعم عملت بالتعليم العالي لمدّة اثنين وثالثين سنة تخرّج على يدي مجموعة‬ ‫من العلماء هم أعضاء في المجالس العلمية بالمملكة واثنان منهم رؤساء مجالس‪ .‬وأحمد‬ ‫اهلل وأشكره على فضله وتوفيقه فدروسي تفاعل معها الطلبة وأثنوا عليها‪ .‬والطلبة كانوا‬ ‫وال يزالون المقياس العلمي للحكم على عمل األستاذ إيجابا أو سلبا‪ .‬فبهم بقيت بعض‬ ‫المدارس حيّة نظرة متوهجة تمثل مدرسة مالك بن آنس ومدرسة أبي حنيفة النعمان‬ ‫ومدرسة الشافعي بفضل أن هذه المدارس رزقت تالمذة نجباء خدموا مذاهب أئمتهم‬ ‫وأصول االستنباط عندهم ‪ .‬فكتب اهلل لهذه المدارس االنتشار والبقاء‪ .‬ولهذا فأنا أفتخر‬ ‫بطلبتي وأبادلهم حبا بحب‪ ،‬فقد زرعت فيهم أدب االختالف‪ ،‬وعدم الحكم على العلماء قبل‬ ‫االطالع على كتبهم وأرائهم والتعرف على حججهم من غير إصدار أحكام مسبقة جاهزة‪،‬‬ ‫فالحكم على الشيء فرع من تصوره‪ .‬كما لن أنسى أبدا شيخي سيدي إبراهيم حين قرّر‬ ‫مغادرة الكلية وكان يدرّس مادة الحديث وعلومه منذ عقود بأقسام اإلجازة بكلية أصول‬ ‫الدين‪ ،‬فاقترح علي تدريس مادّته‪ .‬فرفضت بداية فبقي يلح علي لمدة ويقول لي‪ :‬ليس‬ ‫هناك في الكلية من يقوم بها أحسن منك (حسب رأيه طبعا) ‪ .‬فقبلت طلبه‪ .‬فأردفت سيدي‬ ‫إبراهيم على تدريس مادة الحديث وعلومه بأقسام اإلجازة‪ ..‬كذلك لن أنسى مشاركتي‬ ‫في ندوة علمية بفاس في موضوع «الجرح والتعديل عند المحدثين»‪.‬حضرها عدد كبير‬ ‫بمن يشتغل بالسنّة النبوية من الجامعيين وأساتذة الحديث بالجامعة المغربية وغيرها‪.‬‬ ‫وكانت ندوة علمية ناجحة‪ ،‬قدّمت فيها عرضا دقيقا في الجرح والتعديل نبّهت فيه أهل‬ ‫االختصاص والصنعة إلى خطأ يقع فيه كثير من الباحثين الذين يحضّرون مشاريعهم‬ ‫لنيل شهادة الدكتوراه في الحديث وعلومه‪ ،‬حيث يعتمدون أساسا على كتب تراجم الرواة‬ ‫من بعض مختصرات الحفاظ‪ ،‬مثل اإلمام الذهبي في كتابه «الكاشف»‪ ،‬والحافظ ابن حجر‬ ‫في كتابه «تقريب التهذيب»‪ ،‬وهما من هما في علمي الرجال والجرح والتعديل‪ ،‬وسقت‬ ‫أمثلة ونماذج من عمل الحافظ ابن حجر في كتابه تهذيب التهذيب قارنتها بما جاء‬ ‫في تلخيصه التقريب ‪ .‬ونماذج أخرى من تراجم الكاشف لإلمام الذهبي ومثيالتها في‬ ‫ميزان االعتدال لرواة هم ّ‬ ‫محل خالف بين المحدثين جرحا وتعديال‪ ،‬وربما تساوت فيهم‬ ‫ألفاظ الجرح والتعديل‪ ...‬ولهذا تضاربت أقوالهم بين معدّل ومجرّح ومتوقف حتى‬ ‫يظهر ما يرجح به اختياره‪ .‬فاختيارات الحافظين المذكورين وترجيحاتهما في الملخصات‬ ‫غير ظاهرة وال مبيّنة ‪ .‬فعلى الباحث المتخصص في علم الحديث أن يكشف عليها في‬ ‫أصوليهما فإن لم يجدها فيها فلينظر في مصنفاتهما األخرى‪ .‬وال يقتصر على تلخيص‬ ‫ابن حجر والذهبي نظرا لألسباب التي ذكرناها‪.‬‬ ‫وأحمد اهلل على أنني حبّبت طلبتي في الحديث وعلومه‪ ،‬ودرستهم طرق تخريج‬ ‫األحاديث‪ ،‬نظريا وممارسة ‪ .‬فتخرج على يدي والحمدهلل الكثير من الطلبة وأخذوا عني‬ ‫علم تخريج األحاديث مع تطبيقاته‪ ،‬فقاموا بإنجاز دراسات عملية في تخريج الحديث‪،‬‬ ‫والزلت لحد اآلن يصلني ثناؤهم وتشكراتهم لما استفادوه مني في دروس‬ ‫الحديث‪ ،‬وأمّا بنعمة ربك فحدّث‪ .‬وبالجملة أعتبر عملي بالجامعة كان إيجابيا‪.‬‬ ‫وقد زرعت في طلبتي حب العلماء ولزوم األدب معهم ّ‬ ‫وأن كالمهم في بعضهم‬ ‫البعض‪ ،‬يطوى وال يروى ‪ .‬وقد نجحت إلى حدّ كبير في نزع بذور التطرف عند‬ ‫أكثريتهم والحمد هلل‪.‬‬ ‫تخرّج على يدكم جم غفير من طلبة العلم‪ ،‬وأشرفتم على عدد من‬ ‫البحوث والرسائل واألطاريح الجامعية‪ ،‬ماهي أبرز المواضع التي أشرفتم‬ ‫عليها ؟‬ ‫••• غالبا ال أقبل اإلشراف إ ّال على البحوث الجامعية التي تتسم بالجدّة والطرافة ‪.‬‬ ‫بمعنى أن مشروع بحث الطالب يجب أن يقدّم جديدا أو إضافة نوعية ومعرفية للتراث‬ ‫اإلنساني ويساهم في ّ‬ ‫حل إشكالية علمية مطروحة بنسبة مئوية قد تزيد أو تنقص‪،‬‬ ‫حسب كياسة الطالب وفطنته واجتهاده‪ .‬وقد توزعت موضوعاتها في علوم شتى مثل‬ ‫علم الكالم والتفسير والحديث والفقه وأصوله والمقاصد‪ ،‬لكن الغالب عليها أطاريح في‬ ‫علمي الحديث والفقه المالكي العتبار التخصص‪ .‬وفي التصوف والسلوك كذلك‪ ،‬خاصة‬ ‫ما يتعلق بجهود الصوفية في علم الحديث وغيره من العلوم األخرى‪ ....‬وكذلك وجهت‬ ‫بعض طلبتي لدراسة جهود الصوفية في خدمة العلوم الشرعية بصفة عامة‪ ،‬وعلوم‬ ‫القرآن و السنة بصفة خاصة‪ ،‬وذلك للتنبيه على أن مقولة الحافظ ابن حجر العسقالني‬ ‫رحمه اهلل‪« :‬ال يكون المحدث صوفيا «هي غير دقيقة ومخالفة للواقع‪ ،‬كما تدل على ذلك‬ ‫كتبهم ومصنفاتهم في القرآن والحديث‪ ،‬ويكفي دراسة تراجم علماء مثل حسن البصري‬ ‫واليوسي والعلماء الكتانيين والصديقيين والعجيبين وآل الفاسي وكنون وابن سودة‪..‬‬ ‫وغيرهم من البيوتات التي تسلسل العلم بين أبنائها بسوس والريف واألطلس وغمارة‬ ‫والجنوب الشرقي والصحراء وفاس وطنجة وغيرها‪ .‬فإن العلماء السالكين طريق التصوف‬ ‫كان لهم بالغرب اإلسالمي خاصة بروز وشفوف مع اإلمداد الربّاني والفتح السرمدي‬ ‫تتجلى في كتبهم وإنتاجاتهم العلمية ‪ .‬ويكفي أن نستحضر نماذج منهم ليتّضح المقال‬ ‫‪ .‬فإذا ّ‬ ‫اطلعنا على حياة سيدي أحمد بن عجيبة مثال قبل تصوفه وبعد تصوفه‪ ،‬فإننا نجد‬ ‫فارقا بيّنا بال مقاربة بين إنتاجه العلمي قبل تصوّفه ولقائه بشيخه سيدي البوزيدي‪ ،‬وبعد‬ ‫لقائه به حيث فتح اهلل عليه فتحا مبينا‪ ،‬تدرك هذا وأكثر‪ ،‬من خالل كتبه التي كتبها بعد‬ ‫سلوكه طريق القوم‪ ،‬وقسّ على ذلك اإلمام الغزالي رحمه اهلل وغيره من علماء الظاهر‬ ‫الذين و ّفقهم اهلل الختيار طريق اإلحسان والتحقق‪ ،‬فانكشفت لهم الحجب‪ ،‬وتفتقت‬ ‫عقولهم‪ ،‬فكتبوا مصنفات سادوا بها وتميّزوا على علماء الظاهر في زمانهم‪ .‬وما ذاك إال‬ ‫أنهم تذوقوا حالوة اإليمان التي ما بعدها من حالوة ‪.‬‬ ‫ومن جملة األطاريح التي أشرفت عليها أطروحة تعتبر موسوعة علمية في بابها‪،‬‬ ‫ال يستغني عنها الطبيب المسلم والفقيه كذلك‪ .‬وهي موسوعة «األحكام الشرعية في‬ ‫المستجدّات الطبية» حضرها معي طالب من دولة اإلمارات قضى فيها أربع سنوات كاملة‬ ‫‪ .‬اعتمد فيها على أكثر من ألف مصدر ومرجع شرعي وعلمي زيادة على قرارات مجالس‬ ‫فقهية معتبرة وفتاوى مع حضور عمليات طبية باألردن والمغرب ‪ .‬ويعتبر عمل هذا الباحث‬ ‫عمال رائدا في بابه خرج في ست مجلدات ضخام‪.‬‬ ‫وأكتفي بهذه النماذج للتمثيل فقط‪ .‬وإال فإن عدد األطاريح التي أشرفت عليها أو‬ ‫ساهمت في تقويمها أو مناقشتها تتجاوز المائة بحث على مستوى الدكتوراه والدبلوم‬ ‫فقط‪ ،‬بله ما دونها من مشاريع الماستر واإلجازة‪.‬‬

‫حدثنا عن مؤلفاتك وأبحاثك‪ ،‬ومشاركتك العلمية في العديد من‬ ‫المؤتمرات واللقاءات العلمية بالمغرب وخارجه ؟‬ ‫كتاب صحيفتا عمرو بن شعيب وبهز بن حكيم عن أبيهما عن جدهما‪ -‬عند‬ ‫المحدثين والفقهاء جمع ودراسة وتحقيق –طبعته وزارة األوقاف المغربية سنة ‪1992‬‬ ‫م مشكورة‪ ،‬وهي دراسة حديثية توثق لكون الحديث الشريف كتب بين يديّ رسول اهلل‬ ‫صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬وتدحض ادعاءات المستشرقين بأن الحديث لم يكتب في العهد‬ ‫النبوي‪ ،‬وقد لقي الكتاب رواجا بالمغرب وخارجه‪ ،‬وقد نفذت جميع نسخه‪ ،‬وسأعمل على‬ ‫طبعه قريبا وقد ازدان بدراسات فقهية من قبيل الفقه المقارن‪ .‬وجعلته نظرا لضخامة‬ ‫مادته كتابين مستقلين ‪:‬‬ ‫األول وسمته ب ‪»:‬الصادقة صحيفة عبد اهلل بن عمرو بن العاص» –جمع ودراسة‬ ‫وتحقيق ‪-‬‬ ‫والثاني وسمته ب ‪ »:‬كتاب المجوَّدة‪ ،‬صحيفة معاوية بن حيدة « – جمع ودراسة‬ ‫وتحقيق ‪-‬‬ ‫ كتاب السنة ومنهاج االستنباط في المذهب المالكي مرقون‪.‬‬‫ كتاب عبد الرحمان بن القاسم وآثره في الفقه المالكي مرقون ‪ .‬دكتوراه الدولة‬‫يسّر اهلل طبعه ‪1995‬م‬ ‫ كتاب إتحاف القاري بدرر من صحيح البخاري –قيد الطبع‪.‬‬‫ـ كتاب علوّ السند المغربي من خالل فهرست التاودي بن سودة – هو رد علمي‬ ‫على اإلمامين الجليلين ابن رجب الحنبلي‪ ،‬وعبد الرحمن السخاوي حين وصما أسانيد‬ ‫المغاربة بأنها نازلة‪.‬‬ ‫أما ما يتعلق بمشاركتي في الندوات و المؤتمرات فقد امتدّت ألكثر من ثالثة عقود‪،‬‬ ‫بالمغرب و خارجه سواء بأوربا أو دول الخليج أو غيرها وهي من الكثرة ال يتسع المقام‬

‫لعرضها‪...‬‬ ‫من بين المواضع التي اشتغلتم عليها وال زلتم‪ ،‬البحث في التصوف‬ ‫وتراثه‪ ،‬لماذا االهتمام بهذا العلم ؟‬ ‫••• أوال‪ :‬أنا حفيد للجد مؤسس الطريقة الصديقية سيدي محمد المنصور بن‬ ‫الصديق‪ ،‬ووارث سر أبيه المعيّن بظهير ملكي‪ .‬وقد كتب السيد الوالد وصيّة موثقة من‬ ‫عدلين وأخرى خطيّة بتعييني شيخا للزاوية‪ ،‬وأشّر عليها بالموافقة جميع مقدّمي الزاوية‬ ‫الصديقية بالمغرب تزكية وقبوال ‪.‬‬ ‫ـ ثانيا‪ :‬تعرض التصوف لهجمة شرسة متطرفة باعتباره بدعة وضاللة وزيادة في‬ ‫الدين‪ ،‬وفي الحديث « كل بدعة ضاللة « فهم يرفضون التصوف جملة وتفصيال‪ ،‬وال‬ ‫يعتبرون الحديث من قبيل العام المخصوص ويفهمون البدعة بمعناها اللغوي‪ .‬ومن تم‬ ‫التصوف مرفوض جملة وتفصيال ألن الصحابة لم يكونوا صوفية إلى غير ذلك من الحجج‬ ‫الواهية‪ .‬وإذا سايرناهم في هذا الفهم يكون ابن تيمية ضاال ألن له رسالة في الصوفية‬ ‫والفقراء وابن القيم الجوزية ضاال ألن له تآليف في التصوف‪ ،‬مثل كتاب مدارج السالكين‪،‬‬ ‫ودار السعادتين‪ ،‬والروح ‪ .‬ويكون كذلك ابن رجب الحنبلي ضاال ألنه صنّف كتاب «نسيم‬ ‫الرياض»‪ .‬فقد تنبه العالمة أبو الحسن الندوي رحمه اهلل الذي له منزلة حب وتقدير عند‬ ‫الوهابية والصوفية على حد سواء‪ ،‬فطلع علينا بكتاب فريد سّماه «ربانية ال رهبانية» جعله‬ ‫َ‬ ‫حَكما بين الفريقين وأن محل الخالف بينهما يكمن في كلمة واحدة هي «التصوف‪ .‬فإذا‬ ‫حذفنا هذه الكلمة تبقى هذه المعاني وهي ‪:‬الزهد‪ ،‬الخوف من اهلل‪ ،‬اإلحسان في العبادة‬ ‫الخشوع‪ ،‬ومراقبة اهلل في الصغيرة والكبيرة‪ ،‬ومحبة اهلل ورسوله والمؤمنين‪ ،‬محبة الفقراء‬ ‫والمساكين‪ ،‬وعدم االنتصار للنفس‪ ،‬وغيرها من المعاني التي جاءت بها رسالة اإلسالم‬ ‫الخالدة‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ثالثا‪ :‬مسألة عكرت صفوي ومزاجي ولم أتقبلها بحال من األحوال‪،‬ألنها من الكذب‬ ‫والبهتان المحض لمّا بلغني أن أحد أساتذتي بدار الحديث الحسنية أشرف على مشروع‬ ‫أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه لباحث اشتغل بتحقيق أحد كتب السادة الصديقيين وهو‬ ‫كتاب «البحر العميق» لعمّنا وشيخ مشايخنا أبي الفيض أحمد بن الصديق أجبر األستاذ‬ ‫المذكور طالبه الباحث على وجوب تضمين تقريره المقدّم أمام اللجنة العلمية المك ّلفة‬

‫بمناقشة الطالب وتقويم عمله‪ ،‬تصريحا يقضي بأن األسرة الصديقية العالمة هي أسرة‬ ‫مشهورة بالخيانة والتعامل مع االستعمار»‪ .‬وهذه فرية وجناية واتهام بالباطل لم يكن‬ ‫لي أن أسكت عنها بحال من األحوال‪ .‬فكان البد لي أن أردّ على هذه األباطيل واالفتراءات‬ ‫الكاذبة العارية عن الدليل‪ .‬فسعيت للحصول على وثائق أرشيف المخابرات السرية التابعة‬ ‫لوزارة الخارجية الفرنسية‪ ،‬لفترة ما بين ‪1912‬م‪-1949‬م‪ ،‬وتمّلي ذلك بحمد اهلل‪ .‬كما‬ ‫وقفت على وثائق المخابرات االستعمارية اإلسبانية‪ ،‬المتعلقة بالزاوية والطريقة الصديقية‬ ‫وهي تشهد بمواقف الشيخين سيدي محمد بن الصديق المنصور وابنه الشيخ الحافظ‬ ‫أبي الفيض أحمد‪ ،‬وفيهما من التفاصيل وأسماء المتعاونين مع السلطتين االستعماريتين‬ ‫مغاربة وأجانب ‪ .‬وخالصتهما أن السلطتين االستعماريتين كانتا تخطبان ودّ الشيخ ابن‬ ‫الصديق وابنه بكافة الوسائل‪ .‬ثم اكتشفتا أنهما يداريانهما ويكذبان عليهما وأنهما‬ ‫مخادعين ماكرين‪ .‬وأن أحدهما ذئب واآلخر ثعلب ‪ .‬حسب تعبير المخبر الفرنسي‪ .‬وأنّهما‬ ‫حصال على السالح من ألمانيا ويؤيدان ثورة محي الدين قريب عبد القادر الجزائري ودعمّاه‬ ‫بالمال والسالح والرجال لمحاربة فرنسا‪ .‬وكذلك قيامهما بتحريض القبائل الغمارية وبني‬ ‫سعيد اللتين تدينان بالوالء للشيخ سيدي محمد بن الصديق لعدم التعاون مع النصارى‪.‬‬ ‫وأن أتباع الطريقة الصديقية الدرقاوية الشاذلية قدّمت دعما بالمال والسالح للمجاهدين‬ ‫الوطنيين المغاربة األفذاذ وفي مقدمتهم حركة المجاهد محمد بن عبد الكريم الخطابي‬ ‫بالريف‪ ،‬وحركة محي الدين الجزائري بجبال الشمال وغيرها‪ ،‬وحركة دار بنقريش القريبة‬ ‫من تطوان والتي كان أحد أسبابها ثني وإبطاء تقدم الجيش اإلسباني بشمال المغرب‪.‬‬ ‫وهذه وثائق المخابرات االستعمارية الفرنسية وأخرى إسبانية نشرها أستاذنا البحاثة‬ ‫القدير المؤرخ الدكتور عبد العزيز خلوق التمسماني رحمه اهلل ‪ .‬وهذا ما ال يقبله السادة‬ ‫الصديقيون وال أتباع طريقتهم وال محبّوهم بالمغرب والمشرق وفي العالم أجمع‪ .‬ومن‬ ‫عرف الصديقيين وخالطهم ّ‬ ‫واطلع على مواقفهم التاريخية من االستعمار والدود عن‬ ‫الوطن والحكم الشرعي فيه‪ ،‬وخروجهم في مظاهرات صاخبة من الزاوية الصديقية األم‬ ‫بطنجة لما منعوا الملك محمدا الخامس من السفر إلى طنجة وقبل ذلك‪ .‬وكانت الزاوية‬ ‫الصديقية حاضرة بشيوخها ومقدمّيها ومورديها بساحة تاسع أبريل‪.‬عندما ألقى جاللة‬ ‫الملك محمد الخامس خطابه التاريخي بطنجة‪ .‬الذي طالب فيه برفع نظام الحماية‬ ‫عن المغرب ومنحه استقالله ‪ .‬كان شيخ الزاوية الصديقية آن ذاك الحافظ أبو الفيض‬ ‫أحمد بن الصديق وإخوانه الشرفاء العلماء حاضرين بالمندوبية وقاموا بالسالم على‬ ‫جاللة الملك محمد الخامس رحمه اهلل وجددوا البيعة له‪ .‬وأهداه شيخ الزاوية آنذاك‬ ‫أبو الفيض أحمد بن الصديق هدية رمزية لجاللته عبارة عن مخطوطة لطيفة ّ‬ ‫مطرّزة‬ ‫باأللوان‪ ،‬مكتوبة على جلد الغزال لكتاب الشفا للقاضي عياض‪ .‬وهي نسخة عزيزة ال‬ ‫تقدر بثمن وال تليق إال بملك مجاهد مثل محمد الخامس رحمه اهلل ‪ .‬ولهذا جاء هذا‬ ‫االهتمام بالتصوف لألسباب التي سردتها‪.‬‬ ‫لقد قمتم مشكورين بتحقيق بعض الكتب‪ ،‬نود التكرم بالحديث عن‬ ‫هذه األعمال‪ ،‬وهل من مشاريع علمية تعملون عليها اآلن؟‬ ‫••• اشتغلت بتحقيق كتب السيد الوالد رحمه اهلل ‪ .‬فجمعت أعماله كاملة وستصدر‬ ‫اتباعا إن شاء اهلل قريبا‪ .‬وكذلك كتب بعض إخوانه الح ّفاظ ‪ .‬كما أشرف بالجامعة على‬ ‫بعض األعمال الجامعية التي تبحث وتحقق في ذخيرة وتراث المكتبة الصديقية‪ ،‬والتي‬ ‫يفوق تعداد ما خطته أنامل السادة الصديقيين العلماء الخمسمائة عمل ما بين كتاب‬ ‫ورسالة وأجزاء حديثية‪.‬‬ ‫ كما أن لعمّنا سيدي إبراهيم وأستاذنا مشروع كتاب لم يتمّه فأوصاني‬‫بتتميمه‪.‬‬ ‫ـ جمع وتوثيق خطب الجمعة للسيد الوالد رحمه اهلل ‪ ،‬وسميتها المنجد في‬ ‫الخطب الجمعية مرقون‪.‬‬ ‫ـ جمع دروسه ومواعظه بالمساجد بالمغرب وأوروبا‪.‬‬ ‫ـ تحقيق رسالة لطيفة جمعها وع ّلق عليها سماها « األشعار التي قيلت في المنام»‪.‬‬ ‫ـدروس ومحاضرات مجموع يضم الجزء األول والثاني (ج‪ : 1‬طبع من سلسلة دروس‬ ‫ومحاضرات ط الهالل وجدة‪ 2001‬م)‪.‬‬ ‫ـ اإلذاعيات مجموعة من المقاالت واألبحاث ألقاها بإذاعة طنجة في أواخر‬ ‫الخمسينيات والستينيات –جمع ودراسة وتحقيق‪-‬‬ ‫ـ مجموع الفتاوى في العبادات والمعامالت ألقاها بالتلفزة المغربية‪-‬جمع ودراسة‬ ‫وتحقيق‪-‬‬ ‫رسالته التي لمّت شمل الجالية المسلمة بديار المهجر ووحدت صفوفهم وجعلتهم‬‫ينعمون بفرحة العيد وهي نظرية تقوم على حديث رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‬ ‫الثابت « صوموا لرؤيته وافطروا لرؤيته « لكن إذا عارض الحساب الفلكي هذه الرؤية‬ ‫حيث يتعارض الحساب وهو قطعي مع الرؤيا التي هي ظنية حين ذلك نقدم القطعي على‬ ‫الظني كما هو معلوم في أصول الفقه وغيره‪ ،‬بمعنى أننا نصوم لرؤية الهالل شريطة‬ ‫موافقتها للحساب الفلكي‪ .‬أما قول بعض الفقهاء‪ :‬بحديث « نحن أمة أمية ال نكتب وال‬ ‫نحسب «‪ ،‬فيرد عليها السيد الوالد أن هذه الحجة الغية باعتبار أننا نصلي بالحساب ونزكي‬ ‫بالحساب ونحج بالحساب‪ ،‬فلما ال نستأنس بالحساب حين يعارض الرؤية‪ ،‬وهذه النظرية‬ ‫هي الخالص لما تتخبط فيه األمة اإلسالمية في إثبات رؤية الهالل‪ ،‬وهي تزاوج بين‬ ‫النقل والعقل وتمنع الزج بدين اهلل في مسائل سياسية ال عالقة لها بوحدة األمة دينيا‬ ‫وعقاديا وتعارض قوله تعالى(واعتصموا بحبل اهلل جميعا وال تفرقوا) وسمها ب « إرشاد‬ ‫أولي األلباب إلى عدم جواز العمل بالرؤية إذا تعارضت مع الحساب‪1997/1418 ،‬هـ‪.‬‬ ‫ـ مجموعة الفتاوى للبالد األروبية – جمع ودراسة وتحقيق‪-‬‬ ‫ـ جزء في شرح البردة للبوصيري ‪ .‬دراسة وتحقيق‪.‬‬ ‫ـ جزء في شرح الهمزية للبوصيري دراسة وتحقيق‪.‬‬ ‫ال يسعنا في ختام هذا الحوار إال أن نتوجه بالشكر الجزيل لكم على هذه الكلمات‬ ‫الطيبة والمعلومات القيمة‪ ،‬ونسأل اهلل عز وجل أن يثيبكم وأن يمد في عمركم ‪.‬‬ ‫د ‪ :‬أعاننا اهلل وإياكم على خدمة العلم ورزقنا وإياكم الحكمة والسداد‪ ،‬وأصلي وأسلم‬ ‫على من أرسله اهلل رحمة للعالمين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم‪.‬‬

‫(انتهى)‬


‫الثالثـاء ‪� 16‬إلى ‪ 22‬يوليوز ‪2019‬‬

‫العدد ‪1002‬‬

‫كتابات يف تاريخ‬ ‫منطقة ال�شمال ‪:‬‬

‫(‪)904‬‬

‫‪16‬‬

‫من افتراءات الزمن المغربي ومهازله ‪:‬‬

‫الخطابي عميال لفرنسا‪ ،‬وأنصاره خونة‪..‬‬

‫�أ�سامـة الزكاري‬ ‫‪zougariousama@gmail.com‬‬

‫واصلت مجلة “زمان” سلسلة شطحاتها غير المحسوبة العواقب‪ ،‬باالنتقال من مستوى تسطيح مقوالت تلقي‬ ‫ من هو هذا الشخص‪ ،‬وماذا فعلتم معه؟‬‫المعرفة التاريخية‪ ،‬إلى مستوى تبخيس المسار التحرري لتجارب الكفاح المسلح التي واجهت مشاريع االستعمارين الفرنسي‬ ‫الرجل كان معروفا حينها‪ ،‬ومن األفضل أال أذكر اسمه‪ ...‬وبعدما طلبنا منه كتابة كل شيء حول طبيعة عالقته‬ ‫واإلسباني ببالدنا‪ .‬وعلى الرغم من أن المجلة تظل مجرد منبر إعالمي محدود التأثير‪ ،‬إن لم نقل منعدم التأثير داخل‬ ‫بالخطابي وسبب مجيئه والمخططات التي كان ينوي القيام بها‪ ،‬أقمنا له محاكمة داخلية بيننا من أجل الحكم في مصيره‪.‬‬ ‫األوساط العلمية ببالدنا‪ ،‬فإن جرأتها في التطاول على الرموز المرجعية لمكونات الذاكرة التحررية لمغاربة الزمن الراهن‪،‬‬ ‫ كيف قمتم بينكم بمحاكمة لتقرير مصيره؟‬‫قد بلغت مداها‪ ،‬عبر اختالق الوقائع‪ ،‬وفبركة الحوارات‪ ،‬واستسهال عناونين اإلثارة الصحفية الفاقعة‪ ،‬وإثارة قضايا المسكوت‬ ‫المحاكمة كانت مصغرة وداخلية‪ ،‬بيننا نحن قيادة جيش التحرير‪ ...‬وبعد ساعات من محاكمته قررنا قتله‪.‬‬ ‫عنه ليس باالعتماد على أسلوب التمحيص والتدقيق‪ ،‬ولكن عبر قنوات اإلثارة المجانية التي ال تحترم ال ذكاء المغاربة وال‬ ‫أخالق الكتابة حول منغلقات قضايا تاريخ المغرب المعاصر والراهن‪ .‬ولعل هذا ما يفسر اإلعراض الواسع للمؤرخين المغاربة‬ ‫ لماذا قررتم الحكم عليه بالموت؟‬‫المعاصرين‪ ،‬عن اعتماد مضامين المجلة‪ ،‬وعن األخذ عنها‪ ،‬وعن توجيه الطلبة والباحثين لألخذ بموادها‪.‬‬ ‫ألنه خائن وعميل‪.‬‬ ‫مناسبة هذا الكالم‪ ،‬إقدام المجلة‪ ،‬في نسختها العربية‪ ،‬في عددها رقم ‪ ،68‬لشهر يونيو من سنة ‪ ،2019‬على نشر‬ ‫ لهذه الدرجة‪ ...‬ألم يكن الخطابي معروفا بالتواصل مع المغاربة وببعث طلبته؟‬‫حوار‪/‬كارثة مع “المقاوم” الحسين برادة‪ ،‬بعناوين براقة اختزلت كل السمات المشار إليها أعاله‪“ :‬الخطابي كان يتجسس‬ ‫علينا وربما كان متعاونا مع الفرنسيين”‪ .‬لقد تحدث الحسين برادة‪ ،‬في هذا الحوار‪ ،‬في كل شيء‪ ،‬وصنع لنفسه بطوالت‬ ‫ولماذا يبعث الخطابي إلينا اشخاصا ليتجسسوا علينا‪ .”...‬انتهى نص مقتطف الحوار‪.‬‬ ‫مسترسلة‪ ،‬بعد أن جعل من نفسه “بطال مغوارا” حاضرا في كل تجارب الكفاح المسلح التي عرفها المغرب بعد سنة ‪،1951‬‬ ‫ثانيا ‪ -‬هذه هي الفقرة المعنية بتعليقنا المتواضع هذا‪ ،‬وهي كافية إلبراز درجة الخرف والهذيان التي أصابت‬ ‫بل وتجرأ على منح ذاته صفات المطلع المباشر على عمل المقاومة المسلحة ومحطاتها الكبرى‪ ،‬مثل إنشاء “المنظمة‬ ‫“المقاوم” الحسين برادة‪ ،‬مما جعله يختار طريقة فجة لتصفية حساباته الضيقة مع رجاالت العمل الوطني الذين ظلوا‬ ‫السرية”‪ ،‬وعملية “المارشي سنطرال”‪ ،‬وعملية “الدكتور إيرو” مدير جريدة الفيجي ماروكان‪ ،‬وعملية القطار السريع الدار‬ ‫مصدر إحراج له‪ ،‬بتجاربهم وبعطائهم وبتتضحياتهم‪.‬‬ ‫البيضاء الجزائر‪...‬كما ظل يوزع صكوك البراءة ويختلق أساطير ومحكيات وجدت ضالتها في أسئلة صحفية مثيرة‪ ،‬الهثة‬ ‫ثالثا‪ -‬ال يحتاج السرد المذكور ألي تعليق نقدي‪ ،‬وفي المقابل أود أن أهمس في أذن الحسين برادة ببعض الحقائق‬ ‫خلف اإلثارة وال شيء غير اإلثارة‪.‬‬ ‫الصادمة بخصوص الجرائم التي عرفها المغرب عند فجر االستقالل السياسي‪ ،‬في سياق تدافع السلط والشرعيات التي‬ ‫وإذا كنا –في هذا المقام‪ -‬ال ننوي الرد على مجمل المرويات التي تضمنها الحوار المذكور‪ ،‬بالنظر لتهافتها الواضح‬ ‫ورثت تركة االستعمار‪ .‬لقد اتخذت بعض أجنحة الحركة الوطنية قرارات إجرامية‬ ‫ولتناقضاتها الصارخة والبتعادها عن أبجديات التوثيق اإلعالمي المنفتح على‬ ‫بتصفية الخصوم وكل من كان يسبح خارج “ضيعة القبيلة”‪ .‬ومن دون أن‬ ‫نتائج البحث العلمي‪ ،‬فإننا –في المقابل‪ -‬نود التفاعل مع الفقرة األكثر إثارة في‬ ‫أتحدث عن جرائم حزب االستقالل في حق أطر حزب الشورى واالستقالل‪ ،‬أو عن‬ ‫الحوار‪ ،‬والتي اتهم فيها الحسين برادة زعيم حرب الريف بالعمالة لفرنسا‪ ،‬في‬ ‫جرائمه في معتقل دار بريشة وفي مركز غفساي على سبيل المثال ال الحصر‪ ،‬أود‬ ‫اتهامات فجة لم نسمع بها من قبل‪ ،‬ولم نقف على ما يشير إليها ال من قريب‬ ‫الحديث فقط عن جرائم التصفية التي تعرضت لها األطر المغاربية المرتبطة‬ ‫وال من بعيد‪ ،‬في حدود اطالعنا المتواضع‪ .‬ال يتعلق األمر بقراءة نقدية لمحكيات‬ ‫باألمير محمد بن عبد الكريم الخطابي مباشرة بعد عودتها إلى المغرب‪ .‬أقول‬ ‫الحسين برادة‪ ،‬وال بسعي إلسقاط التهمة عن األمير الخطابي‪ ،‬وال بمحاولة‬ ‫هذا الكالم‪ ،‬وأنا أشير إلى أسماء تعرضت لالختطاف وللتغييب وللقتل‪ ،‬ال لذنب‬ ‫لتصحيح األخطاء والثغرات التي اعترت نص الحوار‪ ،‬ولكنها –قبل كل ذلك‪-‬‬ ‫ارتكبته‪ ،‬إال إصرارها على دعم انتمائها لمدرسة األمير محمد بن عبد الكريم‬ ‫محاولة إلثارة االنتباه لمخاطر الحروب الدونكيشوتية التي أضحت تحفل بها‬ ‫الخطابي‪ .‬والغريب في األمر‪ ،‬أن تصفية كل هذه األطر كانت تتم –غالبا‪ -‬تحت‬ ‫الساحة الوطنية‪ ،‬ضد الرموز المشعة في ذاكرتنا التحررية الجماعية‪ .‬ولالقتراب‬ ‫مبرر الخيانة والعمالة‪ ،‬من دون تحديد شكل هذه الخيانة وهذه العمالة‪.‬‬ ‫من معالم هذا األفق العام‪ ،‬نقترح إدراج مالحظاتنا على الشكل التالي‪:‬‬ ‫بمعنى‪ ،‬أن هذه التهم أصبحت يافطة جاهزة رفعها مجرمو العمل الوطني‬ ‫في‬ ‫نقرأ‬ ‫إذ‬ ‫أوال‪ -‬البد من العودة لتفاصيل المقتطف الخاص بهذا التعليق‪،‬‬ ‫وجيش التحرير في وجه الشباب القادم من القاهرة حيث كان األمير الخطابي‬ ‫الحوار‪:‬‬ ‫يعد العدة إلطالق مشروع “جيش تحرير المغرب العربي”‪ ،‬وهو المشروع الذي‬ ‫كان مصدر قلق لوطنيي التسويات والمكر والدسائس‪ ،‬ثم االختطاف والتعذيب‬ ‫ هل كانت لكم اتصاالت مع بن عبد الكريم الخطابي في مصر؟‬‫والقتل‪ .‬ولعل فيما وقع ألطر هذا الجيش من تنكيل همجي على يد فيالق‬ ‫لم يكن الخطابي على علم بكواليس تأسيس جيش التحرير‪...‬‬ ‫الوطنية المفترى عليها والمقاومة الفولكلورية‪ ،‬خير دليل على ما نقول‪ ،‬مثلما‬ ‫مصر‬ ‫من‬ ‫األسلحة‬ ‫ لكن بعض المصادر تقول إن الخطابي ساعد في إرسال‬‫هو الحال مع كل من محمد إبراهيم القاضي‪ ،‬ومحمد بربر‪ ،‬وحدو أقشيش‪...،‬‬ ‫غالف احلوار‬ ‫بالتنسيق مع شقيقه‪ .‬وكانت له عالقات مع جبهة التحرير والمقاومة في الجزائر‪ ،‬كما ذكر الهاشمي‬ ‫رابعا‪ -‬لكل ذلك أقول للحسين برادة‪ ،‬أنكم لم تقتلوا الشخص الذي أشرت له في حوارك من دون‬ ‫الطود وسالم أمزيان وغيرهم في مذكراتهم؟‬ ‫ذكر اسمه‪ ،‬بسبب خيانته وعمالته‪ ،‬ولكن ألنكم كنتم تخشون من نجاح مشروع الخطابي‪ ،‬األمر الذي كان‬ ‫يصيبكم بحالة من الهوس المرضي‪ ،‬فكانت جرائم االختطاف والقتل تعبير عن هذه الحالة‪ .‬وللتغطية على هذه الجريمة‪،‬‬ ‫لم يكن للخطابي أي دور في إمدادنا باألسلحة‪ ،‬بل إنه كان يتجسس علينا‪.‬‬ ‫كانت المبررات جاهزة‪ ،‬وتسمياتها متعددة‪ ،‬من قبيل الخيانة والعمالة‪...‬‬ ‫ كيف كان الخطابي يتجسس عليكم؟‬‫خامسا‪ -‬إذا كانت هناك من حسنات لهذا الحوار‪/‬الكارثة‪ ،‬فال شك أنها تنحصر في التوثيق العتراف “المقاوم” برادة‬ ‫من‬ ‫مرسول‬ ‫وبأنه‬ ‫القاهرة‬ ‫من‬ ‫جاء‬ ‫أخيه‬ ‫ابن‬ ‫بأن‬ ‫المقاومة‪،‬‬ ‫أيام‬ ‫منذ‬ ‫معه‬ ‫نتعامل‬ ‫في أحد األيام‪ ،‬أخبرنا شخص كنا‬ ‫بتنفيذ جماعته المتمثلة في قيادة جيش التحرير‪ ،‬لجريمة قتل أحد أنصار عبد الكريم الخطابي‪ ،‬بعد محاكمة صورية كانت‬ ‫طرف بن عبد الكريم الخطابي‪ ،‬ويبحث عن قيادة جيش التحرير‪ .‬ولبلوغ غايته‪ ،‬اتصل بالمراقب المدني لمدينة فاس وهو‬ ‫فيها هذه القيادة خصما وحكما‪ ،‬وعدوا ووسيطا‪ ،‬ومتآمرا ومحققا‪ .‬وبهذه المناسبة‪ ،‬أود أن أسأل “المقاوم” الحسين برادة‪،‬‬ ‫فرنسي تابع لإلدارة الفرنسية لكي يسهل له الطريق للوصول إلى تطوان‪ .‬وبأنه إذا نجح في لقائنا سيعمل على مد المراقب‬ ‫عن مسؤوليته في كل ما جرى‪ ،‬وكيف استسهل األمر إلطالق التهم على عواهنها‪ .‬فهل من المسؤولية في شيء التراشق‬ ‫بتقرير مفصل قبل بعث نسخة منه إلى الخطابي‪ .‬استغربنا مما قاله واستفسرناه حول مدى يقينه من الشخص المبعوث‬ ‫بعبارات “غليظة” قبل التحقق من صحتها مثل الخيانة والعمالة والتجسس‪ ...‬فالكلمة مسؤولية‪ ،‬والشهادة أمانة‪ ،‬والصدق‬ ‫من مصر‪ ،‬فأكد لنا أنه ابن أخيه ويعرفه حق المعرفة‪.‬‬ ‫موقف وسلوك‪.‬‬ ‫ ماذا فعلتم؟‬‫سادسا وأخيرا‪ -‬يبدو أن سيرة األمير الخطابي الزالت تقلق الكثير من أشباح العمل الوطني‪ .‬لذلك‪ ،‬ال نستغرب‬ ‫أن يحفل الحوار بجملة من المعطيات الباطلة والوقائع المختلقة الهادفة إلى اإلساءة إلى سيرة األمير الخطابي‪ .‬وحتى‬ ‫طلبنا منه أن يأتي بابن أخيه إلينا‪ ،‬وعندما أحضره إلينا ضيفناه وتذاكرنا معه‪ .‬وبعد االنتهاء‪ ،‬سألته إن كان فعال‬ ‫بالنسبة للشخص المتهم بالخيانة في الحوار‪ ،‬فقد ظل مجهوال مادام الحسين برادة قد رفض اإلفصاح عن اسمه‪ .‬فحبذا‬ ‫مبعوثا من طرف الخطابي‪ ،‬فأجاب مؤكدا‪ .‬وعندما طرحنا عليه سؤاال حول اتصاله بالمراقب المدني الفرنسي‪ ،‬ارتبك وحاول‬ ‫لو كشف لنا “البطل المغوار” عن اسم هذا الشخص حتى نتأكد من صدقية روايته‪ .‬أما االفتراء على األموات‪ ،‬فذاك أمر‬ ‫اإلنكار‪ ...‬وبعد مرور أسبوعين محتجزا لدينا‪ ،‬تبين أنه كان طالبا في األزهر ومن رجال الخطابي‪ ،‬وهو الذي كلفه بالبحث‬ ‫يسيء للسارد قبل الضحية‪ .‬وعلى الرغم من األخطاء التاريخية الكثيرة التي تطغى على مضامين الحوار‪ ،‬فالمؤكد أن لألمر‬ ‫عنا في المغرب‪.‬‬ ‫أهميته‪ ،‬إذ يساعد على توفير العناصر الضرورية للتوثيق ألشكال استمرار انتصاب صورة األمير الخطابي مزعجة داخل‬ ‫المدني؟‬ ‫بالمراقب‬ ‫الشخص‬ ‫هذا‬ ‫اتصل‬ ‫نظرك‪،‬‬ ‫ لماذا في‬‫المخيال الجماعي لمتآمري العمل الوطني المغربي المعاصر‪ .‬هي كتابة معطوبة أضحت تثير الشفقة حيال واقع اإلفالس‬ ‫حتى‬ ‫المراقبين‬ ‫وجميع‬ ‫والباشوات‬ ‫القياد‬ ‫جميع‬ ‫مع‬ ‫الطريق‬ ‫له‬ ‫ليمهد‬ ‫بالفرنسي‬ ‫يتصل‬ ‫أن‬ ‫أي‬ ‫هكذا‪،‬‬ ‫مهمته‬ ‫كانت‬ ‫الشامل لقطاعات واسعة من منتسبي العمل الوطني التحرري‪ .‬أما بالنسبة للمعطيات األخرى التي تضمنها الحوار‪/‬الكارثة‬ ‫يسهل عليه الوصول إلى تطوان وإلى قيادة جيش التحرير‪.‬‬ ‫حول محطات حركة المقاومة وإنشاء جيش التحرير‪ ،‬فتلك قضية أخرى ال تستحق أن نتحدث عنها‪...‬‬

‫سالماً أيها الغيم‪..‬‬

‫(�أقا�صي�ص)‬

‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫المبدعـة‬ ‫ِّيشــة‬ ‫هذه شذراتٌ سرديــ ٌة قصصي ٌة‪ ،‬التقطتها الر‬ ‫َ‬ ‫درب‬ ‫من شرفةِ الحياةِ واألحيا ِء‪ ،‬وتغنّتٍ بها في حدا ٍء فجريٍّ على ِ‬ ‫الحيــارى‪ ،‬والمكلومين‪ ،‬والحالمين بمساقـطِ الغيثِ الخضير‪..‬‬ ‫بازغ‬ ‫�صباح‬ ‫�أط َّل ْت من رُ�شفتِها البنف�سج َّيةِ ذات‬ ‫أن هذه الشذرات اختارت لنفسها قالب ًا صغيراً‪َ ،‬‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫صحيحٌ َّ‬ ‫ونفس ًا‬ ‫الو�سيع‬ ‫أفق‬ ‫ات الأع�شا�شِ ‪ ،‬وا�ست�رش َف ْت ال َ‬ ‫اللمحةِ فـي غـاللــةٍ نثــريـةٍ فنيـةٍ ذاتِ من ثن ّي ِ‬ ‫َ‬ ‫قصيراً‪ ،‬لكنها تروم َّ‬ ‫بث َّ‬ ‫ُ‬ ‫ِّ‬ ‫َ‬ ‫طرد‬ ‫وطل الأ�سحارِ ‪ ..‬ك�أ َّنها‬ ‫املغ�سول بال َّندى‬ ‫حتاول َ‬ ‫ألوانٍ وتحاسينَ‪ ..‬فمن رحبَ بها‪ ،‬وفتــح ذراعيــه لساللها‪ ،‬فقد‬ ‫َ‬ ‫الكوابي�س‪:‬‬ ‫مدلجِ ةٍ يف َع ْ�س َع ِ�س‬ ‫ِ‬ ‫أ�شباح ليلةٍ ليالء ْ‬ ‫أحسن الظنَّ بصاحبها‪ ،‬وربما استسمن ذا ورم! ومن أعرض عنها � ِ‬ ‫وأشاح بوجهه‪ ،‬فليدعُ مأجوراً مشكوراً لهذا القلم ببلسم العافية‪،‬‬ ‫الكابوسُ األول‪:‬‬ ‫واخضالل المآب ‪..‬‬

‫� ُ‬ ‫اليقظة‬ ‫أ�ضغاث‬ ‫ِ‬

‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫قناديل املدينةِ ‪ ..‬وجت ُّ‬ ‫رت‬ ‫تطفىء‬ ‫عاتية‬ ‫رص‬ ‫ٌ‬ ‫ُ‬ ‫ريح �رص� ٌ‬ ‫والياب�س‪..‬‬ ‫رض‬ ‫الأخ� َ‬ ‫َ‬

‫الكابوسُ الثاني‪:‬‬

‫أهراء‪،‬‬ ‫ري حريق ًا ِ‬ ‫يلته ُم ال َ‬ ‫رب‪ ..‬وت�ص ُ‬ ‫رب وتك ُ‬ ‫جذو ٌة تك ُ‬ ‫وال�س َ‬ ‫ري‪..‬‬ ‫الل‪،‬‬ ‫وكروم اخل ِ‬ ‫ِّ‬ ‫َ‬

‫الكابوس الثالث‪:‬‬

‫ُ‬ ‫زوارق مكدود ٌة خائر ٌة يبت ِل ُعها ال َّث ُ‬ ‫بج املغبرَ ُّ‬ ‫َّ‬ ‫وار�س يف جناز ٍة مائ ّيةٍ زرقاء‪..‬‬ ‫امل�صط ِف ُق‪ ..‬وت�ش ِّي ُعها الن‬ ‫ُ‬

‫الكابوس الرابع‪:‬‬

‫� ٌ‬ ‫الكر‬ ‫أطفال‬ ‫براعم ير�سمون بدموعِ هم ودمائِهم مالح َم ِّ‬ ‫ُ‬ ‫والفر‪..‬‬ ‫ِّ‬

‫الكابوس الخامسُ‪:‬‬

‫بقلم‪ :‬قطب الري�سوين ‪ .‬ال�شارقة ـ‬

‫ذباب‬ ‫عناكب‪..‬‬ ‫نهر من دماءٍ ‪ ..‬ومغار ٌة من‬ ‫و�رسب ٍ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫كلمات َعفِنةٍ ‪..‬‬ ‫يطنُّ على‬ ‫ٍ‬ ‫وبني غفو ِة الت� ُّأملِ ون�شو ِة اال�سرتخاءِ هَ َج َ�س يف نف�سهِ‬ ‫�س� ٌ‬ ‫ؤال‪:‬‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫�أكان ما ر�أيتهُ‬ ‫واقع ؟‬ ‫أ�ضغاث‬ ‫مزعجة �أم �‬ ‫كوابي�س‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬

‫خيال َق َز ٍم‬ ‫�إلى ٍ‬

‫ُّ‬ ‫�ساو�س‬ ‫الو‬ ‫ِ‬ ‫والظنونِ‬ ‫مي�شي ُم ِك ّب ًا على وجههِ يف بيداءِ َ‬ ‫‪! ..‬‬ ‫بغمزات ن َّقاد ِه و�أعداءِ ري�شتهِ ‪..‬‬ ‫�ضاق ذرع ًا‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫� َ‬ ‫الكلمات‬ ‫ِ‬ ‫أم�سك القل َم بني �أناملهِ ‪ ،‬لع َّلهُ يج ُد يف نزهةِ‬ ‫ُ‬ ‫هاث‪:‬‬ ‫بو ٍح ول ٍ‬ ‫متن َّف َ�س ْ‬ ‫ٌ‬ ‫�سالم وحت َّية‪ ،‬وبع ُد‪:‬‬ ‫“‬ ‫ٌ‬ ‫بجناح ري�شتي‬ ‫أ�رضب‬ ‫فمن ح ّقي �أن �أتخ َّي َل ما �أ�شاء‪ ،‬و�‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ومالعب َّ‬ ‫مروج َّ‬ ‫الطريِ‪،‬‬ ‫ومراتع الغي ِم‪،‬‬ ‫م�س‪،‬‬ ‫يف‬ ‫ال�ش ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫جوم‪..‬‬ ‫والهواءِ ‪ ،‬وال ُّن ِ‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫ينثال من‬ ‫هيفاء‬ ‫فاتنة‬ ‫من ح ّقي �أن �أتخ َّي َل الق�صيد َة‬ ‫َ‬ ‫�أهدابِها ٌ‬ ‫ال�صبا‬ ‫ليل �أ�سودُ ‪،‬‬ ‫أرج َّ‬ ‫ويفوح من مراوِ حِ ها � ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫أرجوحة خ�صرِْها �آالف الغزالنِ ‪..‬‬ ‫وتتبع �‬ ‫املعطرِ ‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫والكائنات‪:‬‬ ‫البهاء‬ ‫من حقي � ْأن �أ َع ِّر َي‬ ‫املطرزَ يف الكونِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ً‬ ‫َّ‬ ‫فلذ ًة جم َّن َح ًة‪ ،‬مَ ْ‬ ‫مو�شا ًة‪،‬‬ ‫ون َن َم ًة‬ ‫وقافية َ�س ْكرى‪ ،‬ب�أناملِ‬ ‫ال�سحرِ والدَّه�شةِ ‪..‬‬ ‫ِّ‬ ‫من ح ّقي �أن �أترجِ َم عن نف�سي‪ ،‬وعن‬ ‫ذمةِ‬ ‫َ‬ ‫الواقفني يف َّ‬ ‫ْ‬ ‫ومن�سوجات‬ ‫ورف َر ِف اللغةِ ‪،‬‬ ‫�س البيانِ ‪،‬‬ ‫ب�س ْن ُد ِ‬ ‫ِ‬ ‫ري�شتي‪ُ ،‬‬ ‫القل ِم وما ي�سطرون‪..‬‬ ‫َ‬ ‫احلرف‬ ‫من ح ّقي � ْأن �‬ ‫ال�شذي يف عري�شِ‬ ‫ِ‬ ‫أ�ست�ضيف �أخدانَ‬ ‫ِّ‬ ‫ُ‬ ‫مت املدادِ ‪،‬‬ ‫محربتي‪ ،‬ومنتزَ ِه خيايل‪ ،‬و�أز ِّينَ �أ�صاب َع ُه ْم بخوا ِ‬ ‫و ُف�صو�صِ احلبرِْ‪..‬‬ ‫القوادم واخلوايف‪..‬‬ ‫�أال ُ�س ْحق ًا‬ ‫ٍ‬ ‫لكلمات مق�صو�صةِ‬ ‫ِ‬ ‫ِّ‬ ‫ُ‬ ‫تزحف على بطنِها وال حتل ُق “‪.‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫كتب‬ ‫وملا نف�ض الي َد من ر�سالتهِ ‪،‬‬ ‫َ‬ ‫ونقع بع�ض غليلِهِ ‪َ ،‬‬ ‫الغالف‪:‬‬ ‫على وجهِ‬ ‫ِ‬ ‫املر�س ُل �إليهِ ‪ٌ :‬‬ ‫خيال َقزَ ٌم “‪.‬‬ ‫“‬ ‫َ‬


‫‪17‬‬

‫الثالثـاء ‪� 16‬إلى ‪ 22‬يوليوز ‪2019‬‬

‫العدد ‪1002‬‬

‫رحلة محمد داود إلى الرباط في وفد تطوان‪ ،‬لتهنئة جاللة الملك محمد الخامس‬ ‫بمناسبة عيد الفطر‬ ‫شوال ‪1375‬ه‪ /‬ماي‪1956‬م‬

‫تقديم‪ :‬الدكتور إسماعيل شارية‬

‫(الحلقة الثانية)‬ ‫س ‪ – 5‬مركوبهم‪.‬‬ ‫ج – ‪ 4‬سيارات وسيارة الباشا‪.‬‬ ‫س ‪ 6-‬طريقه ؟‬ ‫س ‪– 7‬مصاريفه ؟‬ ‫ج –أما عن المصاريف فقال إنكم ال تحتاجون ألي‬ ‫مصروف‪ ،‬فوزارة الداخلية ستقوم بجميع شؤونكم‪ ،‬من منزل‬ ‫وأكل وشرب‪.‬‬ ‫س ‪– 8‬من يتولى المصاريف ؟ ‪.‬‬ ‫ج – وزارة الداخلية بالرباط‪.‬‬ ‫س ‪– 9‬تاريخ سفره ؟ ‪.‬‬ ‫من ‪ 12‬ليلة العيد السبت فاتح شوال‪.‬‬ ‫س ‪ – 10‬محل نزوله ؟‪.‬‬ ‫ج ‪ ....... -‬وزارة الداخلية‪.‬‬ ‫س ‪– 11‬بمن يجب أن يتصل؟‪.‬‬ ‫ج –بوزارة الداخلية‪.‬‬ ‫س ‪– 12‬تاريخ عودته ؟‪.‬‬ ‫ج –عند انتهاء الحفالت وأذن الوزير بذلك‪.‬‬ ‫وركبنا سياراتنا من المشور‪ ،‬وأراد الباشا أن يزيد‬ ‫بسيارته في األول‪ ،‬فتعذر عليها السير حتى دفعها أناس‬ ‫بأيديهم‪ ،‬فزادت السيارة التي كنا فيها هي األولى‪ ،‬وتبعتها‬ ‫بقية السيارات‪ ،‬وكان الباشا قد قال لنا زيدوا أنتم‪ ...‬ونحن‬ ‫نتبعكم في جميع ما تريدون‪.‬‬ ‫وسرنا بدون وقوف حتى وصلنا القصر حوالي الثانية‬ ‫وربع‪ ،‬فقصدنا دار الباشا المالليالرميقي فوجدناه بها‪ ،‬وجلسنا‬ ‫في الصالة الكبرى وشربنا األتاي بحلوى ولم ننم‪ ،‬وتوضأنا‬ ‫وصلينا الصبح جماعات‪ ،‬وعلمت هناك أنه لم يرد أي واحد‬ ‫من أعيان القصر ن يصاحب الباشا الماللي في سفره‪ ،‬وأن‬ ‫جماعة نشرت ورقة فيها أسماء أشخاص ينتظرون القتل‪،‬‬ ‫واسم الماللي في أول الالئحة‪ ،‬ويليه ابن السائح ‪ ،‬وقد اختل‬ ‫ابن السائح المذكور منذ أيام‪.‬‬ ‫ولبس كل واحد ثيابه الجديدة‪ ،‬وركبنا سياراتنا‬ ‫وركب معنا الباشا المالليالرميقي وابنه‪ ،‬وسيدي أحمد‬ ‫البقاليالتطواني‪ ،‬وعبد السالم الرميقي ابن عم الماللي‬ ‫وبعض أعوانه‪.‬‬ ‫وزادت سيارتنا هي األولى‪ ،‬وخرجنا من القصر قبيل‬ ‫الشروق‪ ،‬ووصلنا الرباط وقصدنا أوطيلباليما حيث شربنا‬ ‫القهوة‪ ،‬بالحليب ومعها جوز‪ ،‬ودفع باشا تطوان اليزيد بن‬ ‫صالح‪ ،‬عن ذلك ما يزيد على سبعة آالف وخمسمائة فرنك‪.‬‬ ‫وتلفنـــت لدار المختـــار السوسـي وزيــر األحبــاس بداره‬ ‫فدعانـي للغذاء عنده‪ ،‬وعنوانه شارع متـز رقم ‪– 9‬أكدال‪9 .‬‬ ‫– ‪.Rue Metz –Agal‬‬ ‫ثم ركبنا سياراتنا إلى دار المخزن‪ ،‬فلم نجد هناك إال‬ ‫المخزنية‪ ،‬وسأل الطبيب بنونة فقالوا له إن الوزراء يذهبون‬ ‫رأسا إلى المصلى‪ ،‬وكنت قد تسلمت بتطوان ورقة كتب فيها‬ ‫ما يلي‪ « :‬سيجتمع وفد المنطقة الشمالية على الساعة الثامنة‬ ‫صباحا بمصلى العيد‪ ،‬بالرباط حيث يكون في شرف استقبال‬ ‫صاحب الجاللة موالنا الملك‪ .‬وبعد الصالة يتوجه الوفد إلى‬ ‫وزارة الداخلية الستالم التعليمات الخاصة باإلقامة واألكل‬ ‫والمقابالت الخ‪ ،..‬أما فيما يرجع لسائقي السيارات والمخازنية‬ ‫فيجب عليهم أن ال يبارحوا سياراتهم بل يظلوا بها حتى‬ ‫ينتهي الوفد من أداء الصالة «‪.‬‬ ‫واقتربنا من المصلى‪ ،‬فقال مخزني كبير‪ :‬تعال ياوفد‬ ‫تطوان والشمال لتعرفوا محلكم‪ ،‬فسرنا معه إلى المكان‬ ‫الذي وقفت فيه الوفود‪ ،‬لتسلم على السلطان عقب صالته‬ ‫على العادة القديمة‪ ،‬ورأينا الحاج امحمد بنونة مع الدكتور‬ ‫المهدي بن عبود ف‪ ....‬إلينا الحاج امحمد‪ ،‬ولم يتيسر لنا‬ ‫الذهاب للمصلى‪ ،‬فصلينا في مكاننا نسمع الخطيب من‬ ‫مكبرة الصوت‪ ،‬وقد صلينا مع اإلمام وجلسنا على لبداتنا في‬ ‫الشمس‪ ،‬ولم يصل عدد منهم‪ ،‬وصلى عدد منهم واقفا‪ .‬ثم‬ ‫بعد الفراغ من الصالة جاءت وفود صلوا بالمصلى‪ ،‬واصطفوا‬ ‫أمامنا وخلفنا‪ ،‬ومنهم وفد فاس ومراكش وسال‪ ،‬وطنجة‬ ‫خلفنا‪ .‬وتقدم السلطان راكبا فرسه‪ ،‬فيقتبل كل وفد فيختلط‬ ‫به المخزنية ويقولون اهلل يبارك عمر سيدي‪ ،‬بعد أن ‪ ...‬اهلل‬ ‫يرضى عليكم‪ ،‬قال لكم سيدي اهلل يصلحكم تلقاوا الخير‪....‬‬ ‫ثم ركبنا سياراتنا‪ ،‬وسرنا لوزارة الداخلية في دار المخزن‪،‬‬ ‫فانتظرنا كثيرا مع مختلف الوفود‪ ،‬وأثناء انتظارنا مر بنا‬ ‫وزير الخارجية أحمد بال فريج‪ ،‬فسلمنا عليه‪ ،‬ثم دخلنا وزارة‬ ‫الداخلية‪ ،‬وبها الوزير المؤقت إدريس المحمدي وزير الدولة‬ ‫الذي أسند إليه السلطان وزارة الداخلية مؤقتا بعد أن استعفى‬ ‫منها الوزير الحسن اليوسي الذي صار وزيرا للدولة‪ ،‬ووجدنا‬ ‫مع المحمدي مدير األمن العام محمد الغزاوي الفاسي‪ ،‬وقد‬ ‫استقبلنا والجميع واقف‪ ،‬وقال‪ :‬مرحبا بكم أنتم ضيوف عند‬ ‫سيدنا‪ .‬وبعد الترحيب قال‪ :‬إن سيدنا يريد من الجميع أن‬ ‫يتضامن على إقرار األمن‪ ،‬والقيام بالواجب‪ ،‬ويعتمد عليكم‬ ‫في ناحيتكم‪ ،‬والواجب على الجميع وخصوصا والة األمر أن‬ ‫يتصفوا بأربع صفات‪:‬‬ ‫‪ - 1‬اإلخالص لسيدنا ولعرشه‪ - 2 .‬النزاهة‪.‬‬ ‫‪ - 3‬المقدرة‪ - 4 .‬الصرامة‬ ‫وتكلم الماللي ومحمد التمسماني‪ ،‬ونظر المحمدي في‬ ‫الورقة التي أرسلها إليه ابن البشير من تطوان‪ ،‬وسأل عن‬ ‫السيد أحمد بودرة‪ ،‬فسكتوا وقلت عندي كالم في الموضوع‪،‬‬ ‫فتقدمت إليه‪ ،‬وقلت له سرا‪ :‬قال لي أحمد بن البشير‪ ،‬إن‬ ‫األشخاص الذين في الالئحة هم المقررون للوفد ولكن‬ ‫اإلسبانيين عارضوا في مجيئ بعضهم‪ ،‬ومنعوا البعض‬ ‫اآلخر‪ ،‬ويظهر أن بودرة منهم‪ ،‬ثم سلمنا عليه‪ ،‬وسأل الطيب‬ ‫عن شؤون الوفد فقال له اتصل بي ‪....‬وأرسل معنا شخصا‬

‫فذهبنا إلى مشور القصر واجتمعنا بأحمد بناني‬ ‫مدير التشريفات فقال‪ :‬الحمد هلل الذي‬ ‫أحيانا حتى وصلنا لهذا اليوم‪ ،‬وسألناه‬ ‫عن شؤون الوفد‪ ،‬فقال أمره عند وزارة‬ ‫الداخلية‪ ،‬فقيل له‪ ،‬هي التي بعثت‬ ‫الوفد إليك فتوقف‪ ،‬ففهم الجميع أن‬ ‫الوفد يعتمد على نفسه‪ ،‬وسألنا عن‬ ‫ساعة مقابلة الوفد للسلطان فدعي‬ ‫شخص وسئل فقال في الساعة ‪12‬‬ ‫غدا بالقصر‪ ،‬ودفعوا لنا نحو عشرين‬ ‫ورقة لدخول القصر غدا لمالقاة‬ ‫السلطان‪ .‬ثم ودعنا بناني وخرجنا‬ ‫فوقع اضطراب‪ ،‬وقال الماللي‪ :‬نتصل‬ ‫بتطوان‪ ،‬وقال بن صالح نطلب المال‬ ‫من قنصلية إسبانيا‪ ،‬فرد عليهما‬ ‫الطيب‪ ...‬ووقع االتفاق على أن‬ ‫كل واحد يدبر أمر نفسه‪،‬‬ ‫وفعال ذهــب كـل لحالــه‪،‬‬ ‫وسرنا في سيارتنـا ومعنـا‬ ‫الطيب والحاج والخطيب‪،‬‬ ‫والحاج محمد بنونـة‪ ،‬إلى‬ ‫دار المختــار السوســـي‪،‬‬ ‫وهي واقعة في شارع متز‬ ‫رقم ‪– 9‬أكدال‪. METZ‬‬ ‫ودخلت والحاج محمد فقط‬ ‫وتغذينا مع السي المختار‬ ‫في طيفورين بصالة في‬ ‫روض داره الرسمية‪ ،‬التي كانت مسكنا لوزير األحباس قبله‪،‬‬ ‫وتعرفنا بأناس من علماء وقضاة ونظار‪ ،‬جلهم من سوس‬ ‫وسأذكر أسماء بعضهم من بعد‪ ،‬ثم أعطاني السي المختار‬ ‫سيارته‪ ،‬فذهبت فيها مع الحاج محمد إلى سال‪ ،‬ونزلنا بدار‬ ‫الفقيه محمد التطواني‪ ،‬ثم سرت والحاج امحمد لدار الحاج‬ ‫عبد اهلل الزواوي‪ ،‬واجتمعت به وبوالده المقدم الحاج محمد‪،‬‬ ‫ولم أجد الحاج عبد النبي‪ ،‬ورحبوا بنا ترحيبا‪ ،‬وألحا في النزول‬ ‫عندهما‪ ،‬أو اإلتيان بأصحابنا‪ ،‬وكان الحاج عبد اهلل يبكي من‬ ‫التأثر والرغبة ‪ -‬وهو اآلن شبه منبوذ ال يظهر في البلد‪ ،‬ألنه‬ ‫استمر في وظيفه مندوب االقتصاد والزراعة في عهد ابن‬ ‫عرفة – ولم تظهر منه خيانة – ووعدته بالبحث عنه وزيارته‬ ‫وحدي أو مع غيري إذا وجدت السبيل‪ ،‬ثم سرت والحاج محمد‬ ‫إلى دار عبد السالم بن الغازي بالرحيبة‪ ،‬حيث الحاج امحمد‬ ‫وزوجته الالشمس الضحى نازال مع الدكتور المهدي بن عبود‬ ‫وزوجه نزيهة الطنجي‪ ،‬ولقيت أموي عايشة والدة ابن عبود‪.‬‬ ‫ثم ركبنا أنا والحاج امحمد طاكسي من سال للرباط ب ‪30‬‬ ‫فرنك للواحد‪ ،‬وزرنا الحاج أحمد الزبدي في داره بمناسبة العيد‬ ‫وهو مالزم لها لكبره‪ ،‬ثم سرنا لدار الحاج أحمد بركاش دار‬ ‫والده المتوفى وأخيه محمد‪ ،‬والحاج أحمد اآلن عامل مدينة‬ ‫الدار البيضاء‪ ،‬وجلسنا عنده طويال إلى ما بعد المغرب‪ ،‬وممن‬ ‫حضر الشيخ أحمد التجاني مترجم القرآن‪ ،‬وتذاكرنا طويال‬ ‫نحن اإلثنين وحضر الحاج مصطفى بركاش ودعاني للغذاء‬ ‫أو العشاء عنده‪ ،‬كما دعاني الحاج عمر القباج‪ ،‬ودعاني الحاج‬ ‫أحمد بركاش للغذاء عنده غدا فاعتذرت بأني مدعو عند سي‬ ‫المختار السوسي ووعده الحاج امحمد بالحضور‪ ،‬وركبنا سيارة‬ ‫الحاج عمر القباج وأخذنا لسال‪ ،‬حيث تعشينا بدار التطواني‬ ‫وسهرنا‪ ،‬وذهب الحاج امحمد لدار ابن الغازي‪ ،‬ونمت والفقيه‬ ‫التطواني في البيت اليميني‪ .‬وعلمت أن أخاه بوبكر قتله‬ ‫مجهول بأكادير‪ ،‬يوم ‪ 27‬رمضان الفائت ويشك في أنه إما‬ ‫عامل من ‪ .....‬وإما مدفوع من الوجود الفرنسي‪ ،‬ألنه بعد‬ ‫أن قتل التطواني طورد‪ ،‬فدخل ‪ .........‬فضرب بالرصاص ‪،‬‬ ‫وأجهز عليه بوليسي فرنسي فقتله‪ ،‬وبقي معروضا مدة فلم‬ ‫يأت أحد ألخذه‪.‬‬

‫األحد‪:56 – 5 – 13 :‬‬

‫وأصبحت يوم األحد بدار التطواني في سال‪ ،‬وفطرنا بها‬ ‫ثم جاء الحاج امحمد بنونة وزارنا محمد البقالي أخو قاسم‬ ‫الزهيري‪ ،‬ثم سرت والحاج امحمد في طاكسي للرباط‪ ،‬وسرنا‬ ‫ألوتيل باليما حيث موعد اجتماعنا مع أفراد وفد تطوان‪،‬‬ ‫وركبنا سيارتنا والطيب والحاج والخطيب‪ ،‬وسرنا لدار المخزن‬ ‫ودخلنا في سلك وفود الشمال بورقة خاصة فيها ما نصه‪:‬‬ ‫« القصر الملكي العامر – الحمد هلل وحده وصلى اهلل على‬ ‫سيدنا محمد وآله‪ .‬التشريفات الملكية – ورقة اإلذن بالدخول‬ ‫للقصر الملكي يوم تهنئة صاحب الجاللة أعزه اهلل بعيد‬ ‫الفطر السعيد عام ‪ ،1375‬يوم ثاني العيد‪ ،‬وكنت نسيت‬ ‫ورقتي في المحفظة‪ ،‬فدخلت بدونها مع الوفد ووجدنا هناك‬ ‫وفودا كثيرة سبقتنا‪ ،‬ووصل دورنا فدخلنا‪ ،‬وقبل كل واحد منا‬ ‫يد السلطان أو أطرافه وهو واقف‪ ،‬وبقي الجميع واقفا‪ ،‬وكانوا‬ ‫طلبوا مني أن أتكلم فاعتذرت‪ ،‬وطلبت من الطيب أن يتكلم‬ ‫فقال ‪ :‬ال يمكن أن يتكلم وأنا حاضر‪ ،‬ويعتبر ذلك سوء أدب‬ ‫يعيبه عليه كل من سمعه‪ .‬فأصروا على أن أتكلم‪ ،‬ولكني‬ ‫قبل أن أتكلم أخذ السلطان يتكلم وهو واقف فرحب بالوفد‬ ‫وقال‪ :‬الحمد هلل الذي أوصلنا إلى هذا العهد الذي توحدت‬ ‫فيه البالد وجمع الشمل بعد االفتراق – وعمل الفاتحة – ثم‬ ‫سلمنا عليه واحدا واحدا وخرجنا‪ ،‬وكان بعضهم أشار أن يدخل‬ ‫أصحاب البالغي حافين‪ ،‬بخالف أصحاب السبابيط فامتثلنا‪،‬‬ ‫وخالف بعضنا من أصحاب البالغي‪ ،‬وكنت الحظت أن أعضاء‬ ‫بعض الوفود كانوا حافيين‪ ،‬والسلطان جالس على كرسيه‪،‬‬ ‫ثم ركبنا سياراتنا‪ ،‬وسار الطيب ورفقاؤنا معنا إلى دار المختار‬ ‫حيث وضعت حقيبتي‪ ،‬ودخلت وحدي وتغذينا في طيفورين‬ ‫أيضا‪ ،‬وعرفت أناسا عديدين سأذكر أسماء بعضهم من بعد‪.‬‬ ‫ثم جاء صديقنا عبد العزيز بن عبد اهلل مدير ديوان وزير‬ ‫األحباس‪ ،‬وأمر قريبه حفيد الحاج الفاطمي القباج ليأخذني في‬ ‫سيارته الرسمية‪ ،‬إلى حيث أريد‪ ،‬فوضعنا حقيبتي في السيارة‬ ‫وسرنا لدار وزير التعليم محمد الفاسي جنب صومعة حسان‪،‬‬ ‫فزرته ووجدت عنده التهامي الوزاني ومحمد عزيمان وأخاه‬

‫عالل‪ ،‬وشربنا األتاي‪ ،‬ثم دعاني لغذاء عنده غدا‬ ‫فوعدته‪ .‬ثم سرنا لدار التطواني بسال‪ ،‬حيث‬ ‫وضعت حقيبتي وعدت للسيارة‪ ،‬ركب معي‬ ‫محمد بن الطالب معنينو‪ ،‬وسارت بنا‬ ‫إلى دار المخزن حيث لقينا في ساحة‬ ‫التواركة سيارة بها الطيب والحاج‬ ‫محمد والحاج‪ ،‬فنزلوا من سيارتهم‬ ‫وركبوا معنا ألنهم منعول من‬ ‫الدخول في سيارتهم العادية‬ ‫للمشور‪ .‬ووجدنا بباب المشور‬ ‫عمال الرباط وفاس ومراكش‬ ‫وناحية الدار البيضاء‪ ،‬وباشا‬ ‫سال وقوادا ووفودا أتوا لحفلة‬ ‫الوالء‪ ،‬وهي التي قامت مقام‬ ‫حفالت الهدية التي ألغيت‪.‬‬ ‫وصفت الوفود برؤسائها‬ ‫حسب تنظيم مكتوب‪ ،‬وحضر‬ ‫من وفد الشمال أشخاص‬ ‫جلهم من الريف‪ ،‬الحاج أحمد‬ ‫بودرة والحسناوي وبوطاهر‬ ‫اليطفتي ونحو ‪ ،20‬ورأيت من‬ ‫بين رجال وفد فاس الحسن‬ ‫بوعياد ومحمد ‪ .....‬وقد دعاني‬ ‫هذا للذهاب معه في سيارته‬ ‫إلى فاس‪ .‬كما رأيت مندوب‬ ‫طنجة أحمد التازي‪ ،‬ومعه نحو‬ ‫‪ 5‬من الطنجيين‪ ،‬هم الخمال‬ ‫الرقيق والقطيوط و ‪ ....‬ورأيت في الساحة من الجئي تطوان‬ ‫سابقا‪ ،‬المختار الزنفاري المصور‪ ،‬وابن الحاج رئيس الالجئين‬ ‫بعد زياد‪ ،‬ثم كانت حفلة قسم الجيش وتسلمه للرايات‬ ‫الرسمية‪ ،‬وكان السلطان في منصة خاصة‪ ،‬وخلفها منصة‬ ‫الوزراء‪ ،‬وجنبها سيارة اإلذاعة‪ ،‬فوقفت في‪ ....‬مع عبد السالم‬ ‫الحاج‪ .‬وذهب الطيب والحاج محمد مع الصحافيين ثم اجتمعنا‬ ‫بالمهدي الصقلي عامل مراكش والجنان عامل مكناس‪،‬‬ ‫وسرنا للقصر حيث سلمت الخطب والبيانات للصحافيين‪.‬‬ ‫وهنا اتصلت والحاج محمد بالمختار السوسي وزير األحباس‪،‬‬ ‫فمررنا بوزارته‪ ،‬فوجدناها مغلقة‪ ،‬ثم أركبنا‪...‬بمراكش وهو‬ ‫محمد الهريم زوج حياة النفوس‪ ،‬ابنة القائد صالح المسكيني‪،‬‬ ‫الذي كان بتطوان وركبنا سيارة الهريم فأخذني والحاج‬ ‫امحمد إلى دار التطواني بسال‪ ،‬وتعشينا هناك مع جماعة‬ ‫وسهرنا‪ ،‬وممن حضر بوبكر القادري وطلب مني أن أتعشى‬ ‫عنده فوعدته إن لم أسافر‪ ،‬كما طلب مني أن ألقي حديثا في‬ ‫ندوة شبابهم السالوي فقلت ال مانع‪ .‬وممن حضر بن طلحة‬ ‫الفاسي الذي بزرهون والحاج التهامي العمارتي أخو قاضي‬ ‫الشاون‪ ،‬وعبد السالم الوزاني المتجول ومحمد الفحمداوي‬ ‫وباتوا بدار التطواني‪ ،‬كما حضر ولم يتعش بن عبد العالي‬ ‫السالوي الذي كان بأمريكا‪.‬‬

‫اإلثنين‪.56 – 5 – 14 :‬‬

‫وأصبحنا في دار التطواني بسال وفطرنا بها‪ ،‬وجاء الحاج‬ ‫امحمد بنونة‪ ،‬وأركبنا األستاذ الحمداوي بسيارته إلى الرباط‬ ‫لحضور حفلة االستعراض العسكري‪ ،‬ولم يشأ الحمداوي أن‬ ‫يبقى لرؤيتها واتفقنا على أن يزورني بعد الغذاء بدار الفاسي‪.‬‬ ‫ودخلت والحاج امحمد الساحة المخصصة لالستعراض بورقة‬ ‫رسمية جاء فيها ما نصه ‪ « :‬المملكة المغربية الشريفة –‬ ‫القوات المسلحة الملكية – رئيس مجلس أركان الحرب‬ ‫– يرجو حضوركم في الحفلة التي ستقام يوم اإلثنين ‪14‬‬ ‫ماي سنة ‪ 1956‬على الساعة ‪ 9‬صباحا في شارع اليوطي‬ ‫بمناسبة تقديم القوات المسلحة لقائدها األعلى جاللة الملك‬ ‫سيدي محمد الخامس – المرجو اإلدالء بهذه الورقة‪ ،‬ووجدنا‬ ‫بالساحة الواقعة أمام محمطة القطار منصة للسلطان أمام‬ ‫المحطة‪ ،‬وأخرى عن يمينها للوزراء‪ ،‬وإزاء المباني كراسي‬ ‫كثيرة في نحو ‪ 5‬صفوف‪ ،‬وهناك بوليس ينظم الجلوس‪،‬‬ ‫كما أن هناك أفراد كذلك وعلى رأسهم عبد الكبير بن عبد‬ ‫الحفيظ الفاسي‪ ،‬وطلب منا أن نجلس في الصف الثاني ألن‬ ‫األول مخصص للعمال والباشوات‪ -‬فجلسنا وجاء عبد الرحمن‬ ‫ابن الشيخ وشعيب الدكالي فجلس مع أخيه الصغير أمامنا‪،‬‬ ‫ثم جاء المكي الناصري فجلس أمامنا جنب أخيه سعيد‪،‬‬ ‫والفلوس الطنجي هو بن المكي‪ -‬وجلس جنبي الحاج امحمد‬ ‫ومحمد الجامعي األسود األشيب‪ ،‬وهو موظف بدار المخزن‬ ‫من أقارب الجامعيين سجناء تطوان‪.‬‬ ‫وتأخر الطيب في المجيئ‪ ،‬فلم يجد له مكانا‪ ،‬كما تأخر‬ ‫باشا القصر الماللي وباشا تطوان اليزيد ووجد لهما مكان‪.‬‬ ‫وجلس قربنا عامل فاس بن سليمان وباشا سال الصبيحي‬ ‫وباشا بن رشيد‪ ،‬ودعانا لزيارته‪ ،‬وكان قربنا نحو عشرة ضباط‬ ‫اسبانيين على كراسي في صفنا‪...‬االزدحام فانتقلوا لألمام‪،‬‬ ‫ثم وقف أناس فنقلت كراسينا لألمام‪ ،‬ومنع البوليس الناس‬ ‫من الوقوف في وجهنا‪ .‬وحضر السلطان في نحو الساعة‬ ‫‪ 10‬في سيارة مكشوفة‪ ،‬وجلس بمنصته وجلس الوزراء‬ ‫والسلك الدبلوماسي في منصتهم وبدأوا االستعراض‬ ‫بمرور ولي العهد في جيبس‪ ،‬ثم كبار الضباط‪ ،‬ثم المشاة‬ ‫بنظام جيد‪ ،‬ثم بقية الجيش الرجلي والخيلي وجيش منطقة‬ ‫الشمال بموسيقاه والدبابات ( انظر العلم واألمة )‪ .‬وانتهى‬ ‫االستعراض‪ ،‬فسرنا إلى أوتيل باليما مع الماللي واليزيد‪،‬‬ ‫وجلسنا وقد ظهر تعصب بعض أهل الريف وعلى رأسهم‬ ‫الحاج عبد السالم التمسماني‪ ،‬وأخوه الحاج محمد وبوطاهر‬ ‫والخمليشيان و ‪ ....‬ورأيت في األوطيل أخي الحاج أحمد وقد‬ ‫جاء مع ابنه سليمان في سيارتين للحاج امحمد أشعاش‬ ‫وزوجه‪ ،‬وأخيه محمد والطيب الخطيب ونزلوا عند الحاج عمر‬ ‫القباج بالرباط‪ ،‬ورأيت أفرادا من تطوان‪ ،‬كما رأيت عبد اهلل‬ ‫اإلدريسي من سال‪ ،‬وقد نزل ‪ ....‬ويتحدث عنهم – وكان قد‬ ‫زارني قبل عامين في مرتيل مع أحمد الوزاني‪ ،‬لخطبة آسية‬ ‫ابنة أخي‪.‬‬

‫ثم أخذتني سيارة لدار محمد الفاسي وزير التعليم‪ ،‬حيث‬ ‫جامع حسان‪ ،‬فوجدته هناك وركبنا معا سيارته وقال لي‪ « :‬إن‬ ‫موالي عبد اهلل ابن السلطان طلب منه أن نتغذى معه‪ ،‬إما‬ ‫عنده وإما عند أحمد بناني ‪ ،‬فقال له‪ :‬إنني وعدت ولي العهد‬ ‫أن ال يتغذى عندي أحد بداري الجديدة قبله‪ ،‬وال يمكنني أن‬ ‫أتغذى عند الغير‪ ،‬ألن األستاذ داود سيتغذى عندي فقال‪:‬‬ ‫يتغذى معنا عند بناني‪ ،‬وفعال طلب بناني ذلك وتغذينا في‬ ‫دار بناني مدير تشريفات السلطان‪ ،‬وتغذى معنا محمد عواد‬ ‫مدير ديوان السلطان‪ ،‬وموالي أحمد اإلدريسي أستاذ العربية‬ ‫لموالي عبد اهلل والعاقد على ابنة بناني‪ ،‬وكان غذاء لطيف‬ ‫متنوع‪.‬‬ ‫ودخن األمير خارج البيت وعاد إلينا وحكى نكتا لطيفة‬ ‫ونكت‪ ،‬وأضحك ابن يعيش نجل الحاجب سابقا‪.‬وذكر لي‬ ‫بناني من بعد أنه أخبر السلطان‪ ،‬بأن األمير اجتمع بي ففرح‬ ‫كثيرا وقال له ينبغي أن يجتمع بأمثال فالن من أهل العلم‬ ‫واألدب والنظر‪.‬‬ ‫وودعنا األمير وركبت مع الوزير الفاسي سيارته إلى داره‪،‬‬ ‫حيث جلسنا وحدنا وشربنا األتاي وذكرني أنه طالع كتابي‬ ‫« مختصر تاريخ تطوان «‪ ،‬بإمعان ودفع لي مالحظات هذا‬ ‫نصها ( الورقتان صحبته )‪ ،‬وذكرني أنه إلى اآلن لم يدفع‬ ‫للسلطان نسخته من مختصر التاريخ‪ ،‬وأطلعني على رسائل‬ ‫كتبت إلى سيدي عبد القادر الفاسي‪ ،‬وابنه سيدي محمد من‬ ‫والة تطوان ونواحيها‪ ،‬وسينسخها أو يصورها إلي من بعد‪.‬‬ ‫ثم جاء الحمداوي بسيارته‪ ،‬وذهبنا معا لدار المختار‪ ،‬فصلينا‬ ‫العصر جماعة وشربنا األتاي ووجدنا هناك أشخاصا مختلفين‪،‬‬ ‫فذهبوا وقال المختار‪ :‬إذا بقينا هنا فإنه سيأتي أناس‪ ،‬فلتذهب‬ ‫للخالء‪ ،‬وفعال ركبنا نحن الثالثة‪ -.‬المختار – الحمداوي – داود‬ ‫‪ .‬وسرنا في الخالء نحو خمس كيلوميترات‪ ،‬ثم تمشينا‬ ‫وتحدثنا‪ .‬وأذكر مما قاله المختار في هذه المرة وفيما قبلها‪،‬‬ ‫يتحدث بأن عمالة تطوان وناحيتها ستسند إليك‪ ،‬فقد جاء‬ ‫الوزيران المحمدي والفاسي معجبان بك‪ ،‬وال تنتظر معارضة‬ ‫في ذلك‪.‬‬ ‫وسألني عن عالقتي بالطريس الذي يرجع إليه في‬ ‫شؤون المنطقة‪ ،‬فقلت حسنة‪ ،‬فقال الحمد هلل‪ .‬وطلب مني‬ ‫أن أذكر أخاه إبراهيم بخير عند السلطان‪ ،‬ألن المكث بتطوان‬ ‫لم يعجبه ويفضل ان يتحول هنا فوعدته‪ ،‬وذكر أننا في حاجة‬ ‫إلى سفراء‪ ،‬وقد يعين الطريس سفيرا وقال‪ :‬إن اليوسي‬ ‫الذي أعفي من وزارة الداخلية شخصية‪ ،‬وإذا أسند إليه حكم‬ ‫األطلس فإنه ينهض به‪ ،‬وقال نحن أربعة إخوة‪ :‬المختار –‬ ‫التطواني – الحمداوي – بن عبد اهلل – وهذا الخامس داود‪.‬‬ ‫فقلت هل ترضون ؟ فقال كيف ال نرضى بمحمد الخامس؟‪.‬‬ ‫وسألني عن الخليفة ومواقفه‪ ،‬وقال إن أمره معروف‬ ‫لديهم كثيرا‪ ،‬وتكلم عن ابن البشير‪ ،‬ويعلمون عنه كثيرا‬ ‫أيضا‪ ،‬وعدنا للدار وصلينا الروز وسكسو‪ ،‬وذكر أنه سيعقد‬ ‫غدا مجلس وزاري‪ ،‬سيجتمع هو مع السلطان زيطلب منه‬ ‫نحو عشرة أيام‪ ،‬يقوم فيها بدورة تفتيشية لألوقاف‪ .‬وذكر أن‬ ‫اللوه الذي كان وزيرا لألحباس بتطوان‪ ،‬هو اآلن رئيس النظار‬ ‫بالمنطقة‪ .‬وودعنا المختار‪ ،‬وأذكر هنا أسماء أشخاص اجتمعت‬ ‫بهم عنده من مختلف جهات المغرب وهم ( دفتر بغداد)‪.‬‬ ‫وركبت مع الفحمداوي سيارته وسرنا لدار التطواني‬ ‫بسال‪ ،‬حيث تعشى بن طلحة والعمارتي وآخرون‪ ،‬ثم نمنا‬ ‫بالبيت‪ ،‬وزارنا محمد الغربي ليلته كليلة أمسه وقبلها‪ .‬وأخذ‬ ‫بعض األشسخاص ينامون عنده‪.‬‬ ‫ونهضنا قبل الشروق وصلينا الصبح‪ ،‬وفي الصباح فطرنا‬ ‫وركبت مع الحمداوي سيارته‪ ،‬وركب معنا من سال محمد‬ ‫الناصري رئيس فرع حزب االستقالل بأصيال‪ ،‬ورفيق له تاجر‬ ‫وتركناهما بالرباط‪ .‬ثم سرنا نحن اإلثنين إلى فضالة وقد‬ ‫عرفتها ألول مرة‪ ،‬وجلسنا في قهوة شربت بها كوكاكوال‪ ،‬ثم‬ ‫زدنا للدار البيضاء فوصلناها نحو س ‪ . 11‬ومررنا بمدرسة‬ ‫البنات قرب المسجد المحمدي‪ ،‬وزرت بعض أقسامها‪ ،‬وطلب‬ ‫مني مدرس أن ألقي نصيحة على المستعدات لالمتحان‬ ‫ففعلت‪ ،‬وبحثت عن الزيادي قابض األكرية ألخذ دراهم رقية‬ ‫منه فلم أجده‪ ،‬وكان ذلك هو الباعث لي على زيارة الدار‬ ‫البيضاء‪ -‬وسرنا لدار الحمداوي بشارع أنقرة ورقم العمارة‬ ‫‪ ،128‬ورقم الدار نفسها داخل العمارة ‪ .322‬وبها تغذينا‬ ‫واسترحنا‪ ،‬ثم بحثنا كثيرا عن الزيادي بمكتبه الواقع بساحة‬ ‫بلجيكا رقم ‪ ،16‬داخل المدينة القديمة والمحكمة وداريه‬ ‫حيث زوجتاه‪ ،‬إحداهما بالمدينة القديمة واألخرى بالجديدة‪،‬‬ ‫وأخيرا وجدناه بدار المرأة التي بالمدينة الجديدة‪ ،‬وذكر لي‬ ‫أنه ليست عنده دراهم‪ ،‬وقد دفع حسابات رقية كلها للطيب‪،‬‬ ‫ودفع له جميع المال الذي كان عليه إلى آخر العام الفارط‪،‬‬ ‫فقلت له احتفظ بمال رقية عندك‪ .‬ودفع لي حساب رقية منذ‬ ‫تحاسبت معه سابقا منذ مدة‪ .‬ودونك ذلك ( بطاقة )‪.‬‬ ‫ثم درنا وعدنا لدار الحمداوي بعد أن مررنا بدار‬ ‫الفرسيوي القاضي ثم بدار المذكوري‪ ،‬فقالوا إنه ذهب لدار‬ ‫الحمداوي يبحث عنا‪ ،‬وجاء أحمد المذكوري وأخوه الفقيه‬ ‫محمد وابنه محمد ومحمد الفرسيوي‪ ،‬وتعشوا معنا وتحدثنا‬ ‫كثيرا‪ ،‬ودعونا للغذاء عندهم غدا‪ ،‬وأن أحمد سيأتي إلينا غدا‬ ‫بالسيارةلنتفسح‪.‬‬ ‫وصليت ونمت وحدي بصالة الحمداوي‪ ،‬ونام هو‬ ‫مع أهله‪ .‬وصباحا صليت وفطرت والحمداوي وجاء أحمد‬ ‫المذكوري ومعه شخص من سطات‪ ،‬فركبت معه سيارة‬ ‫فخمة‪ ،‬ومررنا بمدرسة البنات‪ ،‬فسأل المذكوري في دار أحمد‬ ‫لوقش هل هناك أحد من أهل تطوان فقيل له ال‪ .‬ثم سألنا‬ ‫في دار إدريس بن جلون فقيل كذلك‪ .‬وسألت عن العامل‬ ‫الحاج أحمد بركاش‪ ،‬فقيل لي هو في البلدية فقلت للمذكوري‬ ‫لنذهب إلى العمالة‪ ،‬فذهبنا ونزلت بها بطاقة زيارتي وقلت‬ ‫إني ال أريد أن أراه شخصيا‪ ،‬ألنه قد يدعوني فأعتذر له عن‬ ‫الغذاء‪.‬‬

‫(يتبع)‬


‫الثالثـاء ‪� 16‬إلى ‪ 22‬يوليوز ‪2019‬‬

‫العدد ‪1002‬‬

‫لعبة السودوكو (‪)465‬‬

‫ظاهرة انتشار قيم حقوق اإلنسان في العالم‬ ‫الحديث وعند صدر اإلسالم‬ ‫هل تحققت بالمغرب؟!‪.‬‬

‫أصل اللعبة‬

‫لعبة السودوكو اليابانية األصل «‪ ،»SUDOKU‬كانت معروفة منذ الثمانينيات‬ ‫في اليابان‪ ،‬إال أنها لم تظهر كلعبة ذات شعبية إال سنة ‪.2005‬‬

‫معنى كلمة سودوكو‬

‫• بقلم ‪ :‬عبد القادر أحمد بن قدور *‬

‫من مدينة الوطنيين األحرار واألبرار القصر‬ ‫الكبير المجيدة والعريقة‪ ،‬المهمشة والمنسية‪...‬‬ ‫منذ مدة طويلة أكتب هذا المقال كما يلي‪:‬‬ ‫ـ بما أن اإلنسان مركز الكون وسيد الطبيعة‪،‬‬ ‫وهو مقياس القيم‪ ،‬فقد ظلت قضية حقوق‬ ‫اإلنسان من أكثر القضايا انتشارا في عالمنا اليوم‪،‬‬ ‫وقد حققت عدة مكاسب على الصعيد العالمي‪ ،‬أي‬ ‫في تمثل بميثاق األمم المتحدة‪ ،‬واإلعالن العالمي‬ ‫لحقوق اإلنسان سنة ‪ ،1948‬أو عند االتفاقيات‬ ‫التطبيقية لهذا اإلعالن التي تمت بين الدول‬ ‫األوروبية (كاالتفاقية األوروبية لحقوق األنسان‬ ‫سنة ‪ ،1950‬واالتفاقية األمريكية لحقوق اإلنسان‬ ‫سنة ‪.)1969‬‬ ‫وفلسفة حقوق اإلنسان في بدايتها لم‬ ‫تكن كونية‪ ،‬بل نتجت عن التطور الذي شهده‬ ‫الفكر االوروبي الغربي في نهاية العصر الوسيط‪،‬‬ ‫وعصر النهضة‪ ،‬وظهرت أكثر في الثقافة الغربية‬ ‫خالل عصر الثورة الديمقراطية البرجوازية (سواء‬ ‫اإلعالن األمريكي لحقوق اإلنسان سنة ‪ 1776‬م‬ ‫أو اإلعالن الفرنسي سنة ‪ 1789‬م) لكن انطالق‬ ‫حقوق اإلنسان بأنه محور العالم من مفهوم هذه‬ ‫الحقوق‪ ،‬وغايته بها هي التقدم‪ ،‬وهي من مبادئ‬ ‫العقل وفكرة التاريخ والتقدم والمنطق كانت‬ ‫أساسا يقوم على إنسانية هذه الحقوق وعالميتها‬ ‫واعتبارها من مكتسبات البشرية وفتوحات‬ ‫روحها‪ ،‬وهي ليست من منجزات الثقافة الغربية‬ ‫ومكتسباتها وإن كانت هذه الحقوق قد تجلت‬ ‫في الغرب المسيحي أعمق ما تكون‪ ،‬بل إنها من‬ ‫تجليات ومنجزات الروح اإلنسانية الخالقة ومن‬ ‫مكتسباتها النيرة‪ ،‬وهذا ما جعلها ذات طابع كوني‬ ‫ويصلها بأن اإلنسان دائما يسعى إلى امتالك‬ ‫عالمه أيضا‪.‬‬ ‫واألسس األكيدة التي قامت عليها حقوق‬ ‫اإلنسان بالمرجعية الثقافية الغربية هي أن تطلق‬ ‫حرية الفرد وتصان حقوقه‪.‬‬ ‫وكذلك اعتراف المجتمع المعاصر بالفرد‬ ‫المدني وحقوق اإلنسان‪ ،‬هاتان المقدمتين‬ ‫أساسيتين للمجتمع المدني وللديمقراطية‬ ‫كذلك‪ ،‬إذ أن الفرد قد يشكل األساس الطبيعي‬ ‫للمجتمع المدني والدولة‪ ،‬وكذلك بقدر ما يكون‬ ‫حرا يكون المجتمع حرا‪ ،‬والدولة دولة الحرية‪،‬‬ ‫من هنا قد شكل هذا التأسيس لحقوق اإلنسان‬ ‫في الثقافة الغربية ثورة حقيقية على األنظمة‬ ‫الثقافية والمعرفية األوروبية القديمة‪ ،‬ومن هذه‬ ‫الوجهة كان إعالنا عالميا ونادى بشرعية جديدة‬ ‫تنافي الشرعية التي كانت في تلك الثقافة الغربية‬ ‫سائدة‪.‬‬ ‫ويقصد با ((العالمية)) في هذا اإلطار هو‬ ‫الشمولية‪ ،‬فالحقوق المعنية هي ((عالمية)) بمعنى‬ ‫ذلك أنها حقوق لكافة الناس‪ ،‬ال فرق بين أنثى‬ ‫وذكر‪ ،‬وال بين أبيض وأسود‪ ،‬وال بين فقير وغني‪،‬‬ ‫بل هي حقوق لإلنسان ألنه إنسان وبقطع النظر‬ ‫على أي شيء آخر‪.‬‬ ‫هذا‪ ،‬وقد ميز فالسفة أوروبا في القرن ‪18‬‬ ‫بحقين اثنين تتفرع عنهما جميع الحقوق األخرى‪،‬‬ ‫وهما ‪ :‬حق الحرية وحق المساواة‪.‬‬ ‫وفي نظر العديد من علماء الفكر السياسي‬ ‫األوروبي وعلى رأسهم المفكر الديمقراطي‬ ‫الليبرالي البروتستانتي‪ ،‬اإلنكليزي جون لوك‬ ‫(‪ )-1704 1632‬م تشكل ((حالة الطبيعة)) والتي‬ ‫هي حالة حرية كاملة غير إباحية‪ ،‬حالة مساواة‬ ‫كذلك ال تؤدي بالضرورة إلى حرب الجميع ضد‬ ‫الجميع‪ .‬إذ أن العقل الطبيعي ((يعلم كل البشر إذا‬ ‫ما أرادوا استشارته‪ ،‬أنه بما أنهم جميعا متساوون‬ ‫ومستقلون‪ ،‬فإنه من الواجب أن ال يسئ أحد إلى‬ ‫آخر بالنسبة إلى حياته وإلى صحته‪ ،‬وإلى حريته‬ ‫أو ماله‪ ،‬ولكي ال يشرع شخص في اجتياح حقوق‬ ‫الغير‪ ،‬ألن الطبيعة قد خولت كل إنسان حماية‬ ‫البريء وصيانة وقمع الذين يسيئون إليه‪ ،‬إنه الحق‬ ‫الطبيعي في المعاقبة‪.‬‬ ‫وعندما نرجع إلى الجذور التاريخية لفكرة‬ ‫السلطة الديمقراطية بالوطن العربي‪ :‬نجد أن‬ ‫اإلسالم أبطل منذ أكثر من ‪ 14‬قرنا كل التقاليد‬ ‫التي كانت متبعة في عصره والعصور السابقة‬ ‫عليه‪ ،‬والتي تقضي بأن الملك فوق الرعية‪ ،‬ال‬ ‫ترتفع إلى مقامه األعلى لتسأله عما فعل‪ ،‬وجعل‬ ‫المسؤولية مشتركة بين الناس ال تخص أحدا‬ ‫دون آخر حتى ولو كان إمام المسلمين‪ ،‬وهذا‬ ‫ما أكد عليه النبي الكريم محمد (صلعم) بقوله‪:‬‬ ‫((كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته‪ .‬فاإلمام راع‬ ‫وهو مسؤول عن رعيته‪ ،‬والرجل راع في أهله وهو‬ ‫مسؤول عن رعيته‪ ،‬والمرأة راعية في بيت زوجها‬ ‫وهي مسؤولة عن رعيتها))‪.‬‬ ‫ولتجسيد هذا المبدأ كان العرب المسلمون‬ ‫يراجعون الخلفاء الراشدين‪ ،‬ويردون عليهم‬ ‫أقوالهم وآراءهم‪ ،‬فيرجعون إلى الصواب إذا ظهر‬ ‫لهم أنهم كانوا مخطئين‪ ،‬بل حتى الخليفة عمر‬ ‫بن الخطاب العادل خطأته امرأة في مسألة فقال‬ ‫على المنبر ((امرأة أصابت وأخطأ عمر))‪.‬‬ ‫وأقول بمعنى آخر إن السلطة السياسية‬ ‫وضعت في أيدي الناس‪ ،‬وأصبحوا أصحاب القرار‬ ‫في تصريف أمورهم تيمنا‪ ،‬بقول النبي الكريم‬ ‫(صلعم) ((ما كان من أمر دينكم فإلي‪ ،‬وما كان‬ ‫من أمر دنياكم فأنتم أعلم به))‪ .‬وقد حددت صيغة‬ ‫المشاركة السياسية التي تحقق مشاركة الناس‬

‫‪18‬‬

‫في صنع القرار السياسي في اآليتين الكريمتين‬ ‫((وأمرهم شورى بينهم)) (الشورى‪( )38 :‬وشاروهم‬ ‫في االمر)) (آل عمران‪.)159 :‬‬ ‫وهذه الصيغة أصبحت تقليدا‪ ،‬إذ كان الخلفاء‬ ‫هم أول من دعوا إلى التمسك به‪ ،‬لما بويع أبو‬ ‫بكر بالخالفة خطب في الناس قائال‪( :‬لقد وليت‬ ‫عليكم ولست بخيركم‪ ،‬فإن أحسنت فأعينوني‪ ،‬وإن‬ ‫أسأت فقوموني‪ ...‬أطيعوني ما أطعت اهلل فيكم‪،‬‬ ‫فإن عصيته فال طاعة لي عليكم)) وكان عمر بن‬ ‫الخطاب (النموذج والمثال في العدل والقسطاس)‪،‬‬ ‫يقول للناس‪(( :‬من رأى منكم في اعوجاجا‬ ‫فليقومه))‪ ،‬فقال له أحد الناس‪(( :‬واهلل يا عمر لو‬ ‫رأينا فيك اعوجاجا لقومناه بحد سيوفنا))‪.‬‬ ‫وفي هذا لم يكن ثمة فرق بين شخص وآخر‬ ‫ألي سبب من األسباب‪ ،‬فالمساواة هي المبدأ‬ ‫الثالث من مبادئ الحضارة العربية اإلسالمية‪،‬‬ ‫وبهذا الموجب يكون المؤمن أخا للمؤمن‪،‬‬ ‫يتساوى معه في الحقوق والواجبات‪ .‬وقد كانت‬ ‫حرية االعتقاد وحرية الرأي مطلقتين من كل قيد‪،‬‬ ‫وذك تطبيقا لما ورد في اآليتين الكريمتين ((ال‬ ‫إكراه في الدين)) (البقرة‪ ،)156 :‬و((ادع إلى سبيل‬ ‫ربك بالحكمة والموعظة الحسنة)) (النحل‪)125 :‬‬ ‫ولضمانة االستمرار في هذه العالقة الديمقراطية‬ ‫بين الحاكم والمحكوم‪ ،‬أجاز اإلسالم الحنيف‬ ‫للناس الخروج على الطاعة إذا ما انحرف الحاكم‬ ‫عن المسار السوي‪ .‬فقد قال النبي (صلعم) كرم اهلل‬ ‫وجهه‪(( :‬السمع والطاعة على المرء المسلم في ما‬ ‫أحب وكره‪ ،‬ما لم يؤمر بمعصية فإذا أمر بمعصية‬ ‫فال سمع وال طاعة))‪.‬‬ ‫واألهم من ذلك أن النبي (صلعم) ألزم الناس‬ ‫حتى باللجوء إلى كل وسائل التغيير الممكنة لتعود‬ ‫الحياة الفاضلة إلى مسارها الصحيح‪ ،‬فقد قال‪(( :‬من‬ ‫رأى منكم منكرا فليغيره بيده‪ ،‬فإن لم يستطع‬ ‫فبلسانه‪ ،‬فإن لم يستطع فبقلبه وهذا أضعف‬ ‫اإليمان))‪ ،‬إذن (فالتاريخ بشري وهو تاريخ يستفيد‬ ‫من دروسه البشر‪ ،‬والبشر وهم من يعملون على‬ ‫إحداث االنعطافات في التاريخ‪...‬الخ (‪.)1‬‬ ‫(واإلسالم جاء لإلنسانية وللعالم أجمع‪ ،‬وقد‬ ‫كرم اهلل اإلنسان لقوله تعالى وتبارك كما ورد‬ ‫في القرآن الكريم‪( :‬إنا خلقناكم من ذكر وأنثى‬ ‫وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند‬ ‫اهلل أتقاكم)‪ ...‬الخ (سورة الحجرات‪ :‬اآلية ‪.)1( )13‬‬ ‫(وال بد من اإلشارة هنا إلى ما أكده كل من‬ ‫مصطفى الرميد‪ ،‬وزير الدولة المكلف بحقوق‬ ‫اإلنسان المحترم‪ ،‬أن المغرب قطع مع ماضي‬ ‫االنتهاكات الجسيمة لحقوق اإلنسان‪ ،‬وذلك في‬ ‫رد ضمني على األصوات التي تقول إن ((المغرب‬ ‫يعيش ردة حقوقية))‪ .‬الرميد الذي كان يجيب‬ ‫على سؤال خالل جلسة األسئلة الشفوية بمجلس‬ ‫النواب يوم اإلثنين (‪ 20‬ماي ‪ ،)2019‬قال إن وزارته‬ ‫بصدد إنجاز تقرير عام حول تطور الحقوق في‬ ‫المغرب بعد دستور ‪ ،2011‬مضيفا أنه سيكون‬ ‫من مشموالت هذا التقرير جزء هام حول تنفيذ‬ ‫توصيات هيئة اإلنصاف والمصالحة‪.‬‬ ‫إلى أن قال‪(...‬وتابع الرميد كالمه قائال‪:‬‬ ‫((المغرب في إطار التطور الحثيث الذي يعيشه‬ ‫حقوقيا‪ ،‬أصبح من غير الممكن الحديث فيه عن‬ ‫انتهاكات جسيمة بالمعنى الدقيق للكلمة‪ ،‬وهذا‬ ‫كله في سياق اعتماد توصيات هيئات اإلنصاف‬ ‫والمصالحة(‪ )2‬وفي افتتاحية جريدة «أخبار اليوم»‬ ‫مقاال للصديق العزيز والمناضل الفد الشاعر‬ ‫والصحفي المبرز سليمان الريسوني بعنوان‬ ‫«دراجة الديمقراطية» ينبه فيه إلى ما يلي‪...‬‬ ‫(أما الوضع السياسي والحقوقي في المغرب‪،‬‬ ‫فتوجد فعال‪ ،‬أياد خفية وظاهرة تدفعه نحو أسفل‬ ‫المنحدر‪ ،‬بسرعة غير مسبوقة‪ ،‬وعبر مسالك غير‬ ‫معهودة من أحكام ثقيلة‪ ،‬وتهم غريبة في حق‬ ‫من يرفضون الوضع ومن ينبهون إلى خطورته‪.‬‬ ‫في المغرب؛ هناك مجهودات تبذل للصعود‬ ‫واالرتقاء بالتشريعات الوطنية إلى مستوى‬ ‫المواثيق واالتفاقيات الدولية وقوانين الدول‬ ‫المتقدمة‪ ،‬لكن ما ان نتنفس الصعداء ونحن‬ ‫نقول‪(( :‬وأخيرا وصلنا بقوانيننا إلى المستوى))‬ ‫حتى يأتي من يدحرجها بركلة‪ ،‬ويشهر في أوجهنا‬ ‫مساطر أو قوانين رهيبة‪ ،‬إلى أن يشير كذلك‪...‬‬ ‫(فهل ما يحدث في المغرب مجرد انزالق‬ ‫مؤقت نحو المنحدر‪ ،‬وأن دراجة الديمقراطية‬ ‫وحقوق اإلنسان ال بد لها من أن تعاود صعود‬ ‫العقبة‪ ،‬أم إن المنحدر مستقر نهائي واختيار‬ ‫استراتيجي‪ ،‬يرى أصحابه أن الديمقراطية وحرية‬ ‫الرأي والتعبير ال تصلحان للمغاربة‪ .‬وتؤخر عجلة‬ ‫التنمية وبالتالي‪ ،‬يضعون البلد في منزلة بين‬ ‫المنزلتين ال هي ديمقراطية كاملة وال هي‬ ‫(‪)3‬‬ ‫استبداد مطلق))‪ ...‬الخ‬ ‫ذكرت في هذا المقال حقوق اإلنسان في‬ ‫العصر الحديث وفي اإلسالم كيف حصلت ووصلت‬ ‫وما أشار إليه كل من وزير الدولة المكلف بحقوق‬ ‫اإلنسان‪ ،‬وما ذكره الصحفي الالمع الصيت اآلنف‬ ‫الذكر‪ ،‬ألؤكد بالملموس إنني بعد تعذيبي‬ ‫بالكهرباء في رأسي خالل السبعينات من القرن‬ ‫الماضي في القبو المظلم والمعتقل الجهنمي‬ ‫بدون محاكمة أو قانون‪ ،‬ألنني لم أخرج عن‬ ‫المشروعية والقانون منذ طفولتي إلى اآلن ـ لما‬ ‫كنت مسؤوال في الحركة الطالبية المغربية ومنذ‬ ‫يوم األربعاء ‪ 2009/12/16‬وأنا أرسل شكايات‬ ‫عديدة إلى جاللة الملك المفدى محمد السادس‬

‫حفظه اهلل ورعاه القائد األعلى ورئيس األركان‬ ‫الحرب العامة للقوات المسلحة الملكية المغربية‬ ‫وإلى الجمعيات الحقوقية الدولية والوطنية‬ ‫واألحزاب الوطنية والديمقراطية والمقدامة‬ ‫والتقدمية وإلى منظمة العمل الدولية التابعة‬ ‫لألمم المتحدة‪ ،‬عن حقي في الترقية للسلم ‪11-‬‬ ‫الذي لو لم يظلمونني ظلما مبرحا لحصلت على‬ ‫خارج السلم لكفاءتي وإخالصي في العمل ونقط‬ ‫رؤسائي في العمل الممتازة ـ وذلك بالقانون‬ ‫وبالوثائق واألدلة الدامغة‪ ،‬بل مؤخرا أرسلت‬ ‫وثائق ومستندات في شكاية إلى السيد المحترم‬ ‫وزير الداخلية بالبريد المضمون مع اإلشعار‪،‬‬ ‫ومقاالت عديدة منهم (‪ 11‬مقاال) من عدد من‬ ‫المقاالت التي كتبتها عن عديد من الحقوق التي‬ ‫لم أنلها في عملي اإلداري وغير ذلك من الحقوق‪،‬‬ ‫كما نشرت في هاته المقاالت بجريدتي «العلم»‬ ‫الغراء والعتيدة الوطنية وجريدة «الشمال ‪»2000‬‬ ‫الصامدة والغراء عن مطالبي ومطالب ضحايا‬ ‫االنتهاكات الجسيمة لحقوق اإلنسان المعتقلين‬ ‫السياسيين السابقين في سنوات السبعينات‬ ‫والثمانينات وغيرها دون جدوى تذكر أو جواب‬ ‫مقنع إلى اآلن بعد االعتصامات واالحتجاجات مني‬ ‫ومنا نحن الضحايا المذكورين‪ ،‬بل منا من مات‬ ‫ولم تسو وضعيته‪ ،‬ونحن الضحايا بسبب التعذيب‬ ‫الجهنمي الذي ال رحمة وال شفقة فيه أصيب‬ ‫العديد منا باألمراض العديدة والمزمنة‪ ،‬ومنهم‬ ‫عبد ربه‪ ،‬بل نشرت في جريدتي «الشمال ‪»2000‬‬ ‫و «طنجة» العتيدتين واألسبوعيتين‪ ،‬وفي الشكاية‬ ‫األخيرة التي أرسلتها كما ذكرت إلى السيد وزير‬ ‫الداخلية المحترم في يوم الثالثاء ‪ 12‬مارس‬ ‫‪ 2019‬والذي ندعو اهلل له بالشفاء العاجل والصحة‬ ‫الجيدة وأشرت له أنني سأنتحر أو أحرق نفسي‪ ،‬إذا‬ ‫لم تمنحونني حقوقي في الترقية المذكورة وغيرها‬ ‫من الحقوق لجبر األضرار الجسيمة واألليمة التي‬ ‫أثرت على صحتي‪.‬‬ ‫والمسؤولون الذين لم يمنحوني حقوقي‬ ‫المشروعة هم من سيتحملون المسؤولية عن‬ ‫هذا‪.‬‬ ‫كيف نقول ما ذكره وزير الدولة المكلف‬ ‫بحقوق اإلنسان المحترم‪ ،‬أن المغرب قطع مع‬ ‫ماضي االنتهاكات الجسيمة لحقوق اإلنسان في‬ ‫رده الضمني على األصوات التي تقول إن ((المغرب‬ ‫يعيش ردة حقوقية)) كم من الضحايا المذكورين‬ ‫ـ كما سلف ـ ماتوا دون أن تعوض لهم المملكة‬ ‫المغربية عن االنتهاكات الجسيمة التي تعرضوا‬ ‫لها منذ سنوات عديدة والتعذيب الجهنمي الذين‬ ‫تعرضوا له‪ ،‬ومستقبل بعضهم الباسم الذي كانوا‬ ‫سيصبحون عليه لو اتموا دراساتهم التي كانوا‬ ‫يتابعونها في الثانويات أو في الجامعة‪ ،‬مع العلم‬ ‫أن مؤسسات دولية تعين بالمغرب العزيز بأموال‬ ‫عديدة وطائلة ليعوضوا هـــؤالء الضحايــا‬ ‫المعتقليـــن السياسيين السابقين ومنهم عبد‬ ‫ربه‪ ،‬كم دافعت عن حقوقي األكيدة والعديدة‬ ‫جمعيات حقوقية دولية ووطنية وغيرها دون‬ ‫جدوى تذكر إلى متى؟ هل االنتهاكات الجسيمة‬ ‫لحقوق اإلنسان الصعبة والقاسية ستظل عالقة‬ ‫بنا أم ستتحقق حقوقنا وحقوق اإلنسان بالمملكة‬ ‫المغربية بكل مسؤولية وتجرد أم حتى نموت‬ ‫بأمراضنا المزمنة أو غيرها قريبا‪ ،‬هل حقوق‬ ‫اإلنسان والديمقراطية الحقة بالمغرب وصلت‬ ‫إلى المنحدر أم ماذا يا ترى؟! لقد بلغ السيل‬ ‫الزبى؟!‬ ‫القصر الكبير‪ :‬الثالثاء ‪ 28‬ماي ‪2019‬‬ ‫الهوامش‪:‬‬ ‫‪ )1‬من ج‪« :‬المساء»الفتتاحيتها بعنوان «ماال‬ ‫نتعلمه من التاريخ» للشاعر واألديب واإلعالمي (صالح‬ ‫بوشريف)‪ :‬العدد ‪ 3539‬ليوم الخميس ‪.2018/03/15‬‬ ‫‪ )2‬من ج‪« :‬األحداث المغربية» العدد‪ 6831 :‬ليوم‬ ‫األربعاء ‪ ،2019/05/22‬ص ‪.4‬‬ ‫‪ )3‬من ج‪ « :‬أخبار اليوم» العدد‪ 2004 :‬ليومي‬ ‫السبت ـ األحد ‪ 26-25‬ماي ‪ 2019‬ص‪.1:‬‬

‫ـــــــــــــــ‬

‫* األديب واإلعالمي‬ ‫والعضو الشرفي بمنظمة العفو الدولية ‪ ‬ـ فرع‬ ‫المغرب ـ‬

‫حل السودوكو‬ ‫رقم ‪465‬‬

‫كلمة سودوكو هي اختصار للجملة اليابانية (‪)Nikagiru Sujiwa Dokushin‬‬ ‫وتعني أن األعداد البد أن تكون مفردة‪ .‬وهذه اللعبة عبارة عن عالمة تجارية لشركة‬ ‫‪.Nikol‬‬

‫كيف تلعبها ؟‬

‫اللعبة تعتمد على المنطق لدرجة كبيرة‪ ،‬وهي لوحة مقسمة إلى تسع مناطق كل‬ ‫منطقة مكونة من تسع خانات‪ ،‬وعليك أن تمأل هذه الخانات أفقيا أو عموديا بأرقام من‬ ‫‪ 1‬إلى ‪ ،9‬حيث ال تستخدم الرقم إال مرة واحدة في جميع المربعات على العمود نفسه‬ ‫أو السطر أو القطر‪ ،‬وتكون هناك أرقام موضوعة سابقا في بعض الخانات‪.‬‬

‫مفيدة لكن معقدة‬

‫اللعبة مفيـدة جدا لتقوية مهارات المنطـق‪ ،‬ويستخدمهـا مدرسو الرياضيات‬ ‫كتمارين للطلبة وتختلف درجة التعقيد‪ ،‬حسب الفئة المستهدفة‪.‬‬

‫سرعة المالحظة‬

‫بين الصورة واألصل ‪ 7‬اختالفات‪ ،‬حاول أن تهتدي إليها‪.‬‬


‫وحيد حاليلوزيتش مدرباً للمنتخب المغربي‬ ‫صفحة‬

‫‪19‬‬

‫�إعداد ‪ :‬م�صطفى ال�سباعي‬

‫العدد ‪1002‬‬

‫الثالثاء ‪� 16‬إلى ‪ 22‬يوليوز ‪2019‬‬

‫مجرد رأي ‪:‬‬

‫هل هي بوادر إقصاء رونار‬ ‫بعد صدمة الكان ؟‬

‫لم تكشف الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم لحد اآلن عن‬ ‫مستقبل المدرب الفرنسي هيرفي رونار الذي يمتد عقده مع األسود إلى‬ ‫غاية ‪ 2022‬وكذا الخطوة التي ستتخذها بعد الخروج المهين للمنتخب‬ ‫المغربي من كأس إفريقيا لألمم بمصر على يد منتخب بنين المتواضع‬ ‫في الدور ثمن النهائي‪.‬‬ ‫وفي ظل صمت الجامعة ورونار يزداد المشهد الكروي ضبابية في‬ ‫بالدنا عقب ضياع الحلم الذي راود المغاربة طويال في التتويج بالكأس‬ ‫القارية بعد عام ‪.1976‬‬ ‫ومن خالل ما حدث بمصر‪ ،‬فإن اإلطاحة بالمدرب هيرفي رونار‬ ‫أصبحت من أولى أولويات الجامعة لتصحيح األوضاع داخل المنتخب‬ ‫الوطني‪ ،‬قبل تهييء خطة مشروع المستقبل‪.‬‬ ‫ولعل فوزي لقجع استشعر الخطر قبل وقوعه‪ ،‬رغم الثقة التي وضعها‬ ‫في رونار‪ ،‬حيث عمل قبل الكان على إقالة ناصر الرغيت الذي كان وراء‬ ‫التعاقد مع رونار وبدأ يهيء للتغيير في صمت بعد اإلخفاق الكارثي‬ ‫لألسود في مصر ‪.‬‬ ‫وهكذا أطاح لقجع بمسؤولة التواصل داخل الجامعة دنيا لحرش ‪..‬‬ ‫كما أطاح بعبد الرحمان البكاوي المسؤول عن قطاع البرمجة والمسابقات‬ ‫بالجامعة‪.‬‬ ‫كما طالت اإلقالة العديد من أطر الجامعة فيما يعرف ب «تسونامي»‬ ‫التوقيفات واإلعفاءات‪ ،‬مما يؤشر على أن الدور القادم قد يأتي على‬ ‫المدرب هيرفي رونار‪.‬‬

‫انطالق تداريب المغرب التطواني‬

‫شرع فريق المغرب التطواني في تداريبه استعدادا للموسم القادم بملعب‬ ‫سانية الرمل‪ ،‬تحت قيادة مدربه طارق السكتيوي‪.‬‬ ‫فريق المغرب التطواني الذي نجا من الهبوط بأعجوبة في الموسم الماضي‬ ‫يسعى لكي ال يكرر نفس الخطأ‪.‬‬ ‫ولهذا عمل مبكرا على إجراء أربعة تعاقدات لتغطية الخصاص في العديد‬ ‫من المراكز‪ ،‬حيث ضم الالعب اإلسباني «مارتن بينغو دياز» ‪ 24‬سنة وسبق أن‬ ‫حمل قميص شباب الريف الحسيمي في الموسم الماضي‪.‬‬ ‫وتعاقد مع المهاجم النيجيري «طوني إدجو مايجون» ‪ 26‬سنة قادما من‬ ‫أولمبيك أسفي‪ ،‬إضافة إلى عبد الواحد الشخصي والحارس مراد إيزيم‪.‬‬ ‫ومن المنتظر أن يلتحق بتداريب المغرب التطواني قريبا إثنان من الالعبين‬ ‫الدوليين‪ ،‬بعدما توصلت إدارة النادي إلى اتفاق نهائي معهما‪.‬‬

‫خرج المدرب البوسني وحيد حاليلوزيتش‬ ‫مدرب نادي نانــت الفرنسي عن صمته حول‬ ‫قرب تعيينــه مدربا للمنتخب المغربي لكرة‬ ‫القدم خلفا للمدرب الفرنسي هيرفي رونار ‪.‬‬ ‫المتتبعون يرون أنه نار بدون دخان وأن‬ ‫الجامعة ربما فتحت باب التفاوض والحوار مع‬ ‫المدرب وحيد حاليلوزيتش الذي يعرف الكرة‬ ‫المغربية بحكم إشرافه على الطاقـم الفني‬ ‫للرجاء الرياضي منذ سنوات‪.‬‬

‫اتحاد طنجة بدأ التحضيرات‬ ‫للموسم القادم‬ ‫مع�سكر تدريبي ب�إ�سطنبول برتكيا �شهر غ�شت‬ ‫املقبل وانتداب �أربعة العبني جدد‬

‫حدث غريب ميز انطالق تداريب اتحاد طنجة لكرة‬ ‫القدم للموسم الرياضي المقبل‪ .‬وتمثل في حضور عون‬ ‫قضائي من أجل تأكيد استبعاد أربعة العبين من طرف‬ ‫الفريق‪ ،‬ويتعلق األمر بكل محمد حمامي و رشيد حسني‬ ‫ومهدي النغمي وأسامة غريب‪.‬‬ ‫وقد قرر فارس البوغاز االستفادة من بند في عقد‬ ‫الالعبين حسني وحمامي يسمح بفسخه عقديهما بسبب‬ ‫عدم مشاركتهما على األقل في ‪15‬مباراة خالل الموسم‬ ‫الماضي‪ ،‬فإنه يتعين عليه إيجاد صيغة التفاوض مع‬ ‫الالعبين أسامة غريب ومهدي النغمي‪.‬‬ ‫وعلى صعيد آخر‪ ،‬حدد فريق اتحاد طنجة موعدا‬

‫للمعسكر المغلق الثاني الذي سيخوضه بتركيا من ‪1‬‬ ‫غشت المقبل إلى ‪ 11‬منه استعدادا للموسم القادم بأحد‬ ‫المنتجعات الجبلية بمدينة إسطنبول‪.‬‬ ‫وبناء على تعليمات المدرب نبيل نغيز تم انتداب‬ ‫أربعة ال عبين جدد حتى اآلن‪ ....‬ويتعلق األمر بكل من‬ ‫اإليفواري مصطفى كمارا والمغاربة أيمن سديل وعبد‬ ‫المطلب فوزي وأنور جيد القادم من الدفاع الحسني‬ ‫الجديدي‪ ...‬كما تم إقناع النجم السابق للفريق أحمد‬ ‫حمودان بالعودة إلى التداريب‪.‬‬ ‫ويأمل المدرب نبيل نغيز في ضم ثالثة العبين آخرين‬ ‫من ضمنهم قلب هجوم‪.‬‬

‫اتحاد طنجة للصغار بطالً‬ ‫لعصبة الشمال‬

‫أحمد صالح ضمن الطاقم‬ ‫الفني التحاد طنجة‬

‫توج صغار اتحاد طنجة لكرة القدم بلقب بطولة عصبة الشمال‬ ‫لكرة القدم ألقل من ‪15‬سنة‪.‬‬ ‫ويشرف على تداريـب هذا الفريق الشــاب الذي يضم مجموعة‬ ‫من المواهـب المدرب محمـد سعيد الزايير‪.‬‬

‫عينت إدارة اتحاد طنجـة لكرة القدم العـب‬ ‫الفريق السابق أحمد صالح مدربا مساعدا ثانيا‬ ‫للمدرب الجزائري نبيل نغيز‪.‬‬ ‫وبذلك ينضاف صالح إلى كل من عبد الواحد‬ ‫بنقاسم‪ ،‬مساعد المدرب األول‪ .‬وسعيد الحموني‪،‬‬ ‫المعد البدني ومحمد بيسطارة‪ ،‬مدرب الحراس‪.‬‬


‫األخيرة‬

‫الثالثـاء ‪� 16‬إلى ‪ 22‬يوليوز ‪2019‬‬

‫العدد ‪1002‬‬

‫تذكرة سفر‬

‫احللقة اخلام�سة‬

‫لقاءات حوارية‪ ،‬في حلقات متسلسلة‪ ،‬مع شخصيات مؤثرة في المجال العمومي المغربي والعربي واإلنساني‬ ‫بمختلف تعبيراته‪ ،‬تسائلها حول تجربتها في الحياة الخاصة والعامة‪ ،‬وترحل بها عبر تذكرة سفر معنوية‬ ‫وروحية إلى الماضي وإلى المستقبل‪.‬‬ ‫تذكرة السفرالثالثة مع اإلعالمية ثريا الصواف‪ ،‬أحد أبرز الوجوه التلفزيونية المغربية ما بين مرحلة‬ ‫الثمانينيات والتسعينيات و ‪ ،2000‬فقد أغنت المشاهدة التلفزية المغربية بتجربتها المؤكدة‪ ،‬وطبعتها‬ ‫بالعديد من اإلنجازات الفارقة وقتها‪ ،‬فقد حاورت المرأة بشجاعة نادرة كبار الشخصيات السياسية والثقافية‬ ‫العالمية‪ ،‬من رؤساء الدول والحكومات‪ ،‬وكانت أول إعالمية مغربية استطاعت أن تلج إلى عوالم الداخلية‬ ‫للقصر الملكي المغربي في مهمة إعالمية لم تكن سهلة على اإلطالق‪.‬‬

‫• عبد اإلله المويسي‬

‫إذن‪ ،‬يفهم من كالمك بأن خطوتك‬ ‫األولى في التلفزيون مع ‪ RTM‬أنضجت‬ ‫تجربتك اإلعالمية وعمقتها وصوبتها‬ ‫نحو األجود‪ .‬وتقصيدين باألجود‪ ،‬ربما‬ ‫انتقالك إلى خطوة أخرى أكبر تراءت‬ ‫في األفق مع تأسيس ‪.2M‬‬ ‫هل كان االنتقال سلسا وطبيعيا‬ ‫أم أن اعتبارات ما دفعتك لوقف العمل‬ ‫مع ‪ RTM‬؟‬

‫اشتغلت بـ ‪ RTM‬من ‪ 1985‬إلى حدود‬ ‫‪ 1987‬كمقدمة أخبار بالفرنسية‪ ،‬وهي المرحلة‬ ‫التي أبان خاللها الجميع عن إرادة قوية متجهة‪،‬‬ ‫بكل إمكانياتها‪ ،‬نحو ابتكار تلفزيون مغربي‬ ‫عصري متجدد ودينامي‪ ،‬وطبعا مع مظهر مرئي‬ ‫وصوتي غير معتادين‪ .‬وهي المرحلة التي عرفت‬ ‫برفع شعار «التلفزة تتحرك»‪ .‬وبشكل أو بآخر‬ ‫حاولت جميع اإلرادات الرسمية‪ ،‬ومعها الكفاءات‬ ‫الوطنية جعل صورة ‪ RTM‬ال تقل شأنا عن‬ ‫‪ FRANCE2‬أو ‪ .TF1‬وسارت األمور بشكل‬ ‫جيد جدا‪ .‬وطبعا ال ينبغي أن نتجاهل أن ذلك‬ ‫حصل أيضا بفضل اإلدارة التدبيرية الحكيمة‬ ‫للمهندس ‪.PAKARD‬‬ ‫لكننا لألسف كنا نعلم بأن بقاء ‪،PAKARD‬‬ ‫مهما حصل‪ ،‬لن يدوم‪ ،‬وأنه يوما ما سيغادر‬ ‫القناة‪ .‬وهذا فعال ما حصل‪ .‬لم يمر إال وقت وجيز‬ ‫حتى انتهت مهمته‪ ،‬وكان عليه أن يمرر القيادة‪،‬‬ ‫في غضون ‪ 3‬أشهر‪ ،‬إلى وزارة اإلعالم‪.‬‬ ‫كانت وقتها ميزانية السنة قد استنفذت‬ ‫قبل وقت طويل من مغادرة الفرنسيين‪.‬‬ ‫وكنتيجة لذلك ظهرت عالمات اإلجهاد واإلرهاق‬

‫والتضعضع المرتبطين بماليتها‪ .‬والتي كانت‬ ‫طبعا لها انعكاسات سلبية على أداء القناة‪ .‬علمنا‬ ‫أن نهاية الحقبة وشيكة ال محالة‪ .‬أما بالنسبة‬ ‫إلينا‪ ،‬فلم نكن نعلم ما الذي يخفيه المستقبل‬ ‫لنا‪ .‬ولكن حقا كانت حماستنا تنهار ومعنوياتنا‬ ‫تتهاوى‪.‬‬ ‫أجهزة العرض بهتت يومًا بعد يوم‪ ،‬مع‬ ‫عودة ظهور المنظورات السلبية القديمة بمادة‬ ‫إعالمية مؤسساتية وأكاديمية مبالغ فيها‪،‬‬ ‫طبعا إضافة إلى ضعف الموارد اللوجيستيكية‬ ‫البسيطة جدا‪ .‬حتى ورق الكتابة كان ينفذ‪.‬‬ ‫لقد تم حقا كسر السحر الجميل الذي‬ ‫صنعناه‪ .‬تالشى الخيال واإلبداع مع مر األيام‪ ،‬بل‬ ‫إن محتويات النشرات فقدت بريقها‪.‬‬ ‫وهكذا كان من المنطقي ان نرحل‪ ،‬مادام‬ ‫الحلم قد رحل‪.‬‬ ‫هكذا توقفت الحكاية الحالمة الخيالية التي‬ ‫تعلقنا بها باكتشافنا لألمر الواقع المتضعضع‬ ‫الذي بدأت تعيشه ‪ .RTM‬كان لدينا انطباع بأنه‬ ‫قد تم إغراؤنا والتخلي عنا نحن النجوم‪ ،‬أو ‪Les‬‬ ‫‪ ،Zazous‬كما كان الناس يلقبوننا‪.‬‬

‫ولكـن تأسيــس ‪ 2M‬كان سنــة‬ ‫‪ 1989‬؟‬ ‫نعم‪ ،‬وخالل هذه المرحلة الفاصلة‪ ،‬والتي‬ ‫امتدت من ‪ 1987‬إلى ‪ ،1991‬توجهت لالشتغال‬ ‫في مجال األعمال الحرة مع وكاالت التواصل‬ ‫واإلنتاج اإلعالمي‪ .‬بداية اشتغلت متعاونة مع‬ ‫بنك الوفاء منّأجل إنشاء وحدة مكلفة بوسائل‬ ‫االتصال الداخلية‪ :‬المجالت الشهرية والنشرات‬ ‫اإلخباريةالداخلية‪.‬‬ ‫وخالل هذه الفترة أيضا اغتنمت الفرصة‬ ‫إلعطاء نفسي بعض االسترخاء‪ .‬انتبهت قليال‬

‫إلى حياتي الخاصة‪ .‬بدأت اعطي بعض االهتمام‬ ‫لتدبير ذاتي‪ .‬وخضت مشاوير كثيرة ذات طابع‬ ‫حميمي‪.‬‬ ‫أذكر أن نوستالجيا طنجة كانت تغزوني‪.‬‬ ‫وهكذا كنت أزورها وأقضي بها أوقاتا أستعيد‬ ‫خالها بعضا مني كطفلة ومراهقة وشابة‪ .‬كنت‬ ‫أزور عمتي التي اختزلت فيها أسرتي‪ .‬كنت أقيم‬ ‫ببيتها قرب المرسى حيث‪ ،‬كما سبق أن أشرت‪،‬‬ ‫تتراءى طنجة البحرية‪ ،‬طنجة بكل حموالتها‬ ‫الكوسموبوليتية‪ .‬وكنت أغتنم الفرصة فنخط‬ ‫برنامجا أنا وابنة عمتي ليلى نسترجع بعض‬ ‫مباهج طنجة‪....‬استرجعنا نوستالجيات البحر‬ ‫والبولفار والمدينة القديمة بأسواقها وبازاراتها‪.‬‬ ‫استرجعنا الحكايات العجيبة لكبار الفنانين‬ ‫واألدباء‪ ،‬بول بولز‪ ،‬تينيسي وليامز‪ ،‬بربارا‬ ‫هيوستون‪ ،‬أعضاء ‪.GENERATION BEAT‬‬ ‫بل كنا نزور أطالل إقاماتهم‪.‬‬

‫وكيف إذن جاء عرض ‪ 2M‬؟‬

‫كانت الشائعات تنتشر حول قناة تلفزيونية‬ ‫ثانية قيد اإلعداد‪ .‬هذا ما كان يصل إلى أسماعنا‪.‬‬ ‫بعدها تأكد الشائعات‪ .‬لكن المشروع كان بطي ًئا‬

‫في تحقيقه ألسباب غامضة‪ .‬في البداية‪ ،‬كان‬ ‫سيتم إنشاء ‪ 2M‬بمشاركة ‪ ،Medi1‬غير أنه‬ ‫تبين بعد المفاوضات أن الشركة الفرنسية قررت‬ ‫االنسحاب من المشروع‪.‬‬ ‫تم استرداد الملف بواسطة ‪ONA‬؛‬ ‫«كونسورتيوم» خاص بقيادة صهر الملك‪ ،‬ولم‬ ‫يكن المساهم الرئيسي فيه طبعا سوى صاحب‬ ‫الجاللة نفسه‪.‬‬ ‫أرادت ‪ ONA‬التي كان لها تداعيات في‬ ‫العديد من قطاعات االقتصاد والمالية‪ ،‬أن تمتد‬ ‫أنشطتها إلى التواصل‪.‬‬

‫سنترك للحلقة القادمة الحديث عن بصمــات ثريـا الصواف‬ ‫في تجربـة ‪ ..2M‬أهـم البرامـج التي انجزتها‪..‬إسهامـاتـك‬ ‫في منحها الدينامية‪..‬وغير ذلك‪.‬‬

‫الإعالمية ثريا ال�صواف‬ ‫هكذا أطلقت ‪ ONA‬في ‪ 4‬مارس ‪،1989‬‬ ‫في إعالن إشهاري ضخم‪،‬‬ ‫«‪ ،»2M Internationale‬أول تلفزيون‬ ‫خاص في المغرب وإفريقيا والعالم العربي‪.‬‬ ‫كان الحدث كبيرًا في مشهد سمعي‬ ‫بصري جامد‪ ،‬صمد خالله التلفزيون الوطني‬ ‫القديم‪ ،‬وهو ‪ ،TVM‬والذي كان قد عاد بعد‬ ‫عدة مبادرات التغيير والتطوير إلى الخمول‪.‬‬ ‫وصار بدون طعم أو ملمح مميز‪ ،‬باستثناء األفالم‬ ‫المطولة التي أريد لها إرضاء الناس كل ليلة‬ ‫أحد‪.‬‬ ‫ومرة أخرى‪ ،‬وبالصدفة أيضا‪ ،‬سيزاول معي‬ ‫القدر لعبته الجميلة في صياغة مشوار حياتي‪،‬‬ ‫وسأجد نفسي داخل مبنى ‪ ،Télé Plus‬وهو‬ ‫الملحق الشهري المختص في نشر برامج القناة‪.‬‬ ‫كنت أرافق صديقا عزيزا علي‬ ‫لديه عمود صحفي حول السينما‪،‬‬ ‫وهو نورالدين الصايل‪ ،‬وكان عليه‬ ‫وقتها أن يسلم مقاله‪ ،‬وبالصدفة‬ ‫تقاطعنا مع رئيس التحرير السيد‬ ‫حسن علوي‪ ،‬وهو صحافي المع‬ ‫بال شك‪ ،‬وواحد من أفضل األقالم‬ ‫في مجاله‪ ،‬شخص دافئ وودود‬ ‫ال تفــارق االبتسامــة مالمـحــه‪.‬‬ ‫بعد الحديــث في عــدة أشيــاء‬ ‫متعلقة بالصحافة والحياة‪ ،‬اقترح‬ ‫علي بشكل تلقائي أن يعرفنـــي‬ ‫بالمدير العام للقناة الثانية‪ .‬وفي‬ ‫الحال أجرى اتصاال بتوفيق بناني‬ ‫سميرس‪ ،‬وحدد لي موعدا معه‪ .‬لم‬ ‫أجرؤ على تصديق األمر‪.‬‬ ‫ـ يا إلهي! ‪ ..‬يا لها من فرصة !‬ ‫قلت في نفســـي‪ ،‬وعالمــات‬ ‫الفرحة تغمر كل كياني‪.‬‬ ‫كانت ‪ M2‬في بدايتها تقدم برامج متنوعة‪،‬‬ ‫وال تنحصر في مجال األخبار‪ ،‬لتصير بذلك مجاال‬ ‫للحرية والنقاش العمومي والتعبير عن اآلراء‬ ‫المختلفة‪ .‬وهكذا وألول مرة بالمغرب أمكن‬ ‫االطالع من خالل شاشة التلفزيون على وجود‬

‫الشوارع‪ ،‬بل وحتى آفة الفساد والرشوة‪ ..‬المغرب‬ ‫الحقيقي بجميع أوجهه وجوانبه المظلمة‪.‬‬ ‫بسرعة أصبحت قناة ‪ 2M‬الدولية نموذجا‬ ‫للتطور والتحديث‪ ،‬مما أثارني وجدد في نفسي‬ ‫الرغبة في العمل بالمجال اإلعالمي والصحفي‪.‬‬ ‫منذ البداية ‪ ،‬ناشدت برامج ‪ 2M‬تنوعها‬ ‫وتعددها‪ .‬كانت جذابة ومبتكرة ‪ ،‬مع مفاهيم‬ ‫جديدة وعروض من الدرجة األولى ‪ ،‬والكثير من‬ ‫الرياضة ‪ ،‬ومجموعة مختارة من أفضل األفالم‪،‬‬ ‫على عكس التباطؤ الروتيني في ‪ .TVM‬تم‬ ‫تزويد أمسيات التلفزيون الجيدة ببرامج غنية‬ ‫ومتنوعة ‪ ،‬وهو ما يرضي جميع األعمار‪.‬‬ ‫تحت تأثير هذا الحضــور القــوي للقناة‪،‬‬ ‫وبفضل دور الصدفة وقعت عقدي مع ‪Soread‬‬ ‫‪ .2M‬حصل ذلك سنة ‪ ،1991‬واستمر العمل بها‬ ‫إلى حدود ‪.2014‬‬ ‫ولكن جنون ‪ 2M‬كان قد فاق كل توقعات‬ ‫المسؤولين المسيرين‪ .‬وفي سرعة فائقة للغاية‬ ‫نفذ مخزون أجهزة فك التشفير لديها‪ .‬على‬ ‫الرغم من تكلفة تركيب الصحون الهوائية‪،‬‬ ‫وارتفاع أسعار الجهاز واالشتراك‪ ،‬استمر الطلب‬ ‫في النمو‪.‬‬ ‫ورسخ االعتقاد بأن التلفزيون اآلن يشغل‬ ‫المنازل المغربية‪ .‬من األشهر األولى‪ ،‬أمكننا‬ ‫أن نراهن على طول عمر ‪ ،2M‬حيث تم تأكيد‬ ‫نجاحها‪ .‬في نهاية عام من النشاط‪ ،‬ستضيف‬ ‫القناة إلى قوسها وترا جديدا عن طريق تطوير‬ ‫نشرة «األخبار»‪ .‬كان «ملخص األخبار» بمثابة‬ ‫لقاء إعالمي حقيقي يشد المشاهدين‪ .‬وفي هذه‬ ‫األثناء‪ ،‬ركزت األخبار بشكل حصري على األخبار‬ ‫الدولية‪.‬‬ ‫في هذه الفترة قامــت اإلدارة باختيــار‬ ‫االستثمــار في المــوارد البشريــة والماديـة‬ ‫والبرامجية‪.‬‬ ‫كان «لقاء» مثال‪ ،‬وهو برنامج ممتاز باللغة‬ ‫العربية ذو طبيعة اجتماعية قد أكسب القناة‬ ‫نجاحا كبيرا‪ .‬فقد تعامل مع مشاكل المجتمع‬ ‫الحاسمة‪ .‬ألول مرة في تاريخ الصوت المغربي‬ ‫المرئي تمت مناقشة مواضيع المحرمات‬ ‫عالنية مع ش‪،‬هادات وتحليالت من قبل‬

‫حياة عامة‪ ،‬وسياسة مجتمعية بمختلف تعبيراتها‬ ‫وتياراتها الحزبية المعارضة‪ .‬المتدخلون حتى‬ ‫وإن كانوا من اليسار يستطيعون التعبير عن‬ ‫مواقفهم بكل جرأة‪ ،‬والتطرق لجميع مواضيع‬ ‫الساعة الكبرى‪ ،‬أيا كانت حدتها‪.‬‬ ‫لم يكن ممكنا تجاهل هذا التغير الجذري‬ ‫في الخطاب السياسي الذي قطع مع الفكر‬ ‫األحادي‪ ،‬والذي حافظت عليه القناة األولى‪.‬‬ ‫وللمرة األولى‪ ،‬سيتم التطرق والكشف‬ ‫عن المشاكل السوسيواقتصادية دون حواجز‬ ‫أو خطوط حمراء‪..‬الفقر‪ ،‬البطالة‪ ،‬األمية‪ ،‬أحياء‬ ‫الصفيـــح‪ ،‬األمهـــات العازبــات‪ ،‬مآسي أطفال‬

‫المتخصصين الداعمين‪ .‬أعطى هذا طابعًا‬ ‫خاصًا للمناقشات التي تحقق متابعة على نطاق‬ ‫واسع جدًا‪ ،‬وتحظى بتقدير جميع مكونات‬ ‫المجتمع‪ .‬البرنامج كان نافذة مفتوحة على‬ ‫المغرب الحقيقي المخفي حتى ذلك الحين‪.‬‬ ‫تمت معالجة البطالة والبؤس واألمية وحالة‬ ‫المرأة والمراهقة وأطفال الشوارع‪ .‬والسحر‬ ‫والمعتقدات بواقعية‪ ،‬بقدر ما كانت مثيرة‪،‬‬ ‫كانت مخيفة‪ .‬تم بث هذا العرض اليومي في‬ ‫أوقات واضحة ومميزة‪ ،‬مما أدى إلى تحطيم‬ ‫أرقام قياسية في مشاهدة الجمهور‪ ،‬بل وأصبح‬ ‫قاطرة حقيقية لمجموع البرامج الموالية‪.‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.