Achamal n° 1004 le 30 Juillet 2019

Page 1

‫ثريا الصواف‬

‫ضيفة سلسلة «تذكرة سفر»‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ارتباطا وثي ًقا بنجاح‬ ‫مرتبطا‬ ‫سيظل اسم ثوريا الصواف‬ ‫قناة ‪ .M2‬هـذه اإلعالميــة التي شكلت بمعية الرعيل األول‬ ‫من المهنيين فريقا ساهم في مسيرة المغرب نحو الحداثة‬ ‫والتقدم وبناء دولة الحق والقانون‪.‬‬

‫(الحلقة األخيرة)‬

‫الصفحة ‪20‬‬

‫عيد العرش‬ ‫عبر وتوجيهات‬ ‫صفحة ‪14‬‬

‫امللحق القانوين‬

‫بنكيران والعثماني‬ ‫هل يؤديان دوراً‬ ‫سينمائيـاً‬ ‫صفحة ‪8‬‬

‫إعالم جهوي متقدم‬

‫املدير امل�س�ؤول ‪ :‬عبد احلق بخات ـ الهاتف ‪ 05.39.94.30.08 :‬ـ الفاك�س ‪05.39.94.57.09 :‬‬ ‫العدد ‪ 1004‬ـ الثمن ‪ 4‬دراهم ـ الثالثـاء ‪ 29‬ذو القعدة ‪ 30 / 1440‬يوليوز �إلى ‪ 5‬غ�شت ‪2019‬‬

‫سلطة األعراف على القوانين‬

‫زواج القاصرات نموذجاً‬ ‫صفحة ‪10‬‬

‫الدرس الرياضي‬ ‫كلمة الشمال‬ ‫عبد اإلله المويسي‬

‫لم تكن كأس أفريقيا لألمم في طبعتها الثانية والثالثين‪ ،‬والتي استضافتها دولة مصر في الفترة الممتدة من ‪ 21‬يونيو إلى ‪ 19‬يوليوز ‪ ،2019‬وفقا لقرار اللجنة‬ ‫التنفيذية لالتحاد األفريقي لكرة القدم في ‪ 20‬يوليوز ‪ 2017‬بنقل أطوار المنافسات من يناير‪/‬فبراير إلى يونيو‪/‬يوليوز للمرة األولى‪ ،‬والتي ارتفع عدد المنتخبات‬ ‫المشاركة فيها من ‪ 16‬إلى ‪ 24‬منتخبا‪ ،‬لم تكن مجرد محفل رياضي تتبارى فيه الفرق من أجل حيازة اللقب القاري‪.‬‬ ‫لقد أبانت المباريات واألجواء الموازية والمرافقة لها عن وعي عربي قومي أثار‪ ،‬على نحو مثير للدهشة‪ ،‬أغلب خبراء علم اجتماع السياسي والرياضي‪ ،‬عبرت خالله‬ ‫الشعوب العربية عن عواطف التالحم والتآزر والتضامن لم يسبق لها نظير إال في محطات سياسية تاريخية ملحمية فارقة‪ .‬ولم تقف هذه العواطف فقط عند حدود‬ ‫التشجيعات شديدة الحماسة على مدرجات المالعب‪ ،‬بل تعدتها واتجهت بها نحو الخروج إلى الشوارع واالعتصام بالساحات العمومية بمختلف أرجاء عالمنا العربي‬ ‫للتعبير عن قوة االنتماء الواحد الموحد للهوية العربية‪.‬‬ ‫النموذج الصارخ والمؤثر‪ ،‬طبعا‪ ،‬كان يمس عالقة المغرب بالجزائر‪ .‬فقد أعرب الجانبان من مختلف طبقات المجتمعين وشرائحهما عن تقاطب في الحب المتبادل‬ ‫شديد الحساسية‪.‬‬ ‫مواقع التواصل االجتماعي بمختلف أنماطها تغلي بصور وفيديوهات التالحم‪ .‬الساحات العمومية والمقاهي والشوارع ضجت بالهتافات وبعبارة «خاوة مشي‬ ‫عداوة»‪ .‬األسر والعائالت وشرائح إنسانية من المجتمعين احتشدت عند الحدود من الجانبين تتبادل القبل وإشارات النصر والسالم والتحايا من بعيد‪ .‬استوديوهات‬ ‫التحليالت الرياضية بدورها لم تنزح عن هذا الشعور الروحي الممزوج بالدموع‪ .‬فالمعلقون الرياضيون العرب كادت تخرج أرواحهم من أفواههم وهم يصرخون بتعابير‬ ‫الفخر واالعتزاز بأداءات المنتخب المغربي والمنتخب الجزائري في المقابالت التي خاضاها على مر أطوار المنافسات‪.‬‬ ‫إحراز الجزائر على الكأس اإلفريقية أشعل أبواق السيارات الملفوفة في علم البلدين وسط شوارع المدن المغربية والجزائرية‪.‬‬ ‫إنه الدرس الرياضي الخالص في أن ما يجمع البلدين أقوى مما يمكن أن يفرق بينهما‪.‬‬

‫جريدة يوميـة جهـوية وطنية ت�صدر م� ً‬ ‫ؤقتـا كـل �أ�سبوع • الإدارة‪ ،‬التحرير‪ ،‬الإ�شهار ‪ 7 :‬مكرر‪ ،‬زنقة عمر بن عبد العزيـز • الربيد الإلكـرتوين ‪ info@achamal.ma :‬ـ املوقع الإلكرتوين ‪www.achamal.ma :‬‬


‫العدد ‪1004‬‬

‫الثالثـاء ‪ 30‬يوليوز �إلى ‪ 05‬غ�شت ‪2019‬‬

‫�أوراق �أزمنة مبعرثة‬

‫‪-‬‬

‫يومية جهوية وطنية ت�صدر م� ًؤقتا كل �أ�سبوع‬

‫املوقع الإلكرتوين ‪:‬‬

‫أغنية من الزمن الجريح‬

‫‪www.achamal.com‬‬ ‫ت�صدر عن مطبعة جريدة طنجة‬ ‫المدير المسؤول ‪:‬‬

‫ذ‪ .‬ر�ضوان احدادو‬

‫عبد احلــق بخــات‬

‫مغارات‪..‬‬

‫رئيس التحرير ‪:‬‬

‫عبد الإلـه املـوي�سـي‬

‫محمد سدحي‬

‫هيئة التحرير ‪:‬‬

‫‪sadhimed@gmail.com‬‬

‫عبد اللطيف �شهبون‬ ‫زبيـدة الورياغلـي‬ ‫�أ�سامـة الزكــاري‬ ‫ر�ضوان احدادو‬ ‫هدى املجاطـي‬ ‫�أبو اخلري النا�صري‬ ‫عبد احلـي مفتـاح‬ ‫محمد �إمغــران‬ ‫م�صطفى ال�سباعي‬ ‫محمد �سدحــي‬

‫أتختلفون في أمر لغة التدريس‬ ‫وفيكم محمد الهرادي؟‬ ‫في طريقي من مدرسـة النجـاح‪ ،‬سمعـت أصواتـاً صاخبة‬ ‫«تتقاجح» خارجة «سخونة» من صندوق العجب المسمى «قانون‬ ‫اإلطار»‪...‬‬ ‫ً‬ ‫وفي هذا اإلطار‪ ،‬يعجبني كثيرا مثل هذه المناوشات‪ ،‬خاصة‬ ‫إذا كان أبطالها يقتبسون من بطمان وسوبرمان‪ ،‬وفي هذه الحال‬ ‫«عزيمان» وبنكيرانمان»‪...‬‬ ‫أنا تلميذ قديم‪ ،‬وفهمي على قد الحال‪ ،‬ورصيدي من قاموس‬ ‫(التربية والتعليم (ضئيل جداً‪ ،‬وسوف لن أتمتع‪ ،‬في يوم من األيام‪،‬‬ ‫بالعضوية في (المجلس األعلى للتربية والتكوين)‪ ،‬ويصعب علي‬ ‫أن أفك طالسم هذه المسكوكات اللغوية التربوية التي تبدو‪،‬‬ ‫على األقل بالنسبة إلي‪ ،‬غاية في «التكتيف» (ضاعت مني نقطة‬ ‫الثاء‪ ،‬معذرة لمقدمة لسانكم السليم)‪ ،‬شيء هلل أسيدي الكتفي‬ ‫مولى «الفراجة»؛ كتفي على كتفك حتى نبلغ المقصود‪ ...‬قال لك‪:‬‬ ‫«قانون اإلطار»‪« ،‬التحديث»‪« ،‬التقدم»‪« ،‬مدرسة النجاح» وسرْ‬ ‫وسرْ‪ ،‬تتعرض للنسف من قبل «األبجديين» الذين يريدون لبالدنا‬ ‫أن تحرم مما أنعم اهلل عليها من غنيمة الحرب في زمن االستعمار‬ ‫الفرنسي الخالد‪ ...‬قال‪« :‬نتفة من االستعمار وما يمشي فالت»!‬ ‫وجاء صوت رجل مبحوح من الجهة األخرى للمدينة‪ ،‬رجل‬ ‫مكسور الجناح‪ ،‬يلعق جراحه ويتوعد خصومه في الداخل والخارج‬ ‫بقلب الطاوالت‪ ،‬ولم ال الرشق بالصحون‪ ،‬مادامت (شرعية الحزب‬ ‫انتهت) وظهرت الخبزة البيضاء من السوداء‪ ،‬وحلت (الفضيحة‬ ‫والكارثة والمصيبة) وال أمانة (لألمانة العامة) بعد هذا الذي حصل‬ ‫وفصل بين العربية والفرنسية من مقال‪...‬‬ ‫حلف «عبإياله» (بلهجتنا في شمال الوطن) بحلوفه حتى يقف‬ ‫في صف المقرئ أبي زيد وصاحبه‪ ،‬ضد العثماني رئيس المحكومة‬ ‫والناس «اللي معاه» الضاربين السداسي في الخماسي والماضين‪،‬‬ ‫طوعاً‪ ،‬في االتجاه الذي يشتهيه الضغط‪ ،‬حيث الحوت الكبير واكل‬ ‫شارب‪ ،‬والصغير ال يرفع الشارب على الغارب‪...‬‬ ‫اختلط الحابل بالنابل بالقنابل‪ ،‬كالم ينرفز وآخر يجرح القلب‬ ‫ويكفأ القب بالذي فيه‪ ،‬وأنا المسكين‪ ،‬التلميذ القديم «اللي ما‬ ‫فحاليش» ال أستقر على موقف بين المواقف الضاجة باللغط‬ ‫و«اللهط»‪...‬‬ ‫يا قوم !‬ ‫أشفق‪ ،‬ويشفق الشفق‪ ،‬لحالكم!‬ ‫أتختلفون حول لغة التدريس وفيكم محمد الهرادي؟ شيء هلل‬ ‫يا سيدي‪..‬‬ ‫ّ‬ ‫الرجل‪ ،‬طل علينا‪ ،‬منذ شبابه‪ ،‬من حجرة الدرس وهو يكرع من‬ ‫فيض اللغات‪ ،‬ولم يكن يعرفه منا أحد‪ ،‬حتى أتاه النقد واإلبداع‪ ،‬أو‬ ‫أتانا بالنقد راكباً السيمكا وأمامه طريق طويل جد وعر‪ ...‬والديك‬ ‫(ديك الشمال) على رأسه‪ ..‬وكالمه مفهوم مفهوم يا ولدي‪ ،‬ال‬ ‫يتكلم السريانية‪ ،‬لغة المالئكة واألطفال‪ ،‬بل يتكلم بالمفاتيح‪ ،‬لغة‬ ‫األولياء واألوتاد‪ ...‬ثم لم يعد يره منا أحد‪ .‬ال شك أنه اختفى في‬ ‫موالي بوسلهام‪.‬‬ ‫قبل أن أضع نقطة لباء «بوسلهام»‪ ،‬وكنت قد جلست في‬ ‫باحة «مقهى بالدي»‪ ،‬باغتني صوت رخيم من جهة يساري تسبقه‬ ‫رائحة عطر بارزي رائعة؛ سيدة في منتصف العمر‪ ،‬تعرض ابتسامة‬ ‫أصيلة وتقول ملتمسة‪:‬‬ ‫• اسمح لي آسيدي‪. ça ne vous dérange pas ? ..‬‬ ‫أجبتها بتلقائية‪:‬‬ ‫• ‪Pas du tout, allez y‬‬ ‫أخذت الكرسي الذي كان أمامي فارغاً‪ ،‬ورامت جماعتها في‬ ‫الطاولة بجاني؛ رجل مسن (جد؟) وسيدة متقدمة في السن (جدة‬ ‫؟) وكهل (إبن‪/‬أب؟) وأطفال من مختلف األعمار (أبناء‪/‬أحفاد؟)‪...‬‬ ‫كؤوس المحبة تدور والحديث العائلي يدور بسالسة متناهية‪،‬‬ ‫خليط متجانس من العربية الفرنسية‪ ،‬وكل شيء على ما يرام‪...‬‬ ‫• نلتقي‪! ‬‬

‫‪2‬‬

‫الشجرة العجوز المدثرة بأسمال الوهن‬ ‫والعلل مازالت واقفة منتصبة في وجه الصهد‬ ‫والغبار‪ ،‬والعرق‪ ،‬لم يقهرها ثقل السنين التي‬ ‫قاربت الثمانين‪ ،‬وال نالت من تماسكها وشموخها‬ ‫ليالي الغربة العارية وال وحشة الصفيح األسود‪..‬‬ ‫هكذا تبدو لحظة انتشائها الغريد وسموقها‬ ‫الفريد‪ ،‬أنفتها في زهو أنفتها وكبريائها وهي‬ ‫تضمد الندوب الدفينة‪ ،‬وتلعق الجراح الغائرة‪،‬‬ ‫منتصبة في عياء ومرارة‪ ،‬مصطنعة البسمة‬ ‫والترحاب‪.‬‬ ‫مع إشراقات كل صباح تراودها نفس‬ ‫األحالم اليانعة‪ ،‬فتحلم بالنماء والعطاء وبعرائش‬ ‫وأغصان من زهور وثمار‪ ،‬هناك فوق أخاديد‬ ‫الغيوم تمأل بها السالل واألطباق‪ ..‬أحالم تجعلها‬ ‫تتشبث بالتربة‪ ،‬ومن أجل البقاء توغل مخالبها‬ ‫في التربة‪ ..‬أنيابها وأظافرها في بقايا اخضرارها‬ ‫ويناعتها الساجية اآلفلة‪ ،‬في وهن شائخ‪ ،‬الهث‪،‬‬ ‫جريح‪ ،‬منحدر تقاوم أفاعل الزمن القاسي‪.‬‬ ‫أمعنت الشجرة النظر في نفسها‪ ،‬تفحصت‬ ‫األغصان واألوراق‪ ،‬استيقظت بانكسارات داخلية‪،‬‬ ‫ما عادت المواويل المزركشة‪ ،‬وال الزغاريد‬ ‫الملونة الولهى تعلو صادحة من األعشاش‬ ‫المهجورة‪ ،‬وال الفتوة اليانعة عادت لألوراق‬ ‫الشاحبة‪ ..‬الصفراء المجعدة‪.‬‬ ‫في هذا الصبــاح وشوشــت في آذانهـــا‬ ‫عصافيرهـا الهاربة‪ ،‬أيقظتهــا من وهدتهـــا‬ ‫الهادئة‪ ،‬حملت إليها أحلى الحكايا‪ ...‬حدثتها عن‬ ‫منابع العذرية والدفء‪ ،‬عن الغابات العذراء التي‬ ‫لم تطأها قدم قناص‪ ،‬عن الشواطئ التي مع‬ ‫كل فجر تنثر لألطفال آللئ أصدافها وقالئدها‪..‬‬ ‫عن وجود األطفال الحفاة الحاملين براءتهم‬ ‫وشغبهم الطفولي‪.‬‬ ‫صدحت العصافير بشدوها الشادي‪ ..‬غنت‬ ‫ثم غنت وغابت في األفق‪ ،‬بعيدا‪ ،‬بعيدا‪.‬‬ ‫الشجرة العجوز تشهر راية التمرد‪ ..‬تعلن‬ ‫على المأل بكل حروف الجهر العنيدة عصيانها‬ ‫العاصي وهي تلعن شكوى عجوز أعياه الدهر‬ ‫فاستسلم‪.‬‬

‫تعب كلها الحياة فما أعجـ‬ ‫ب إال من راغب في ازدياد‬ ‫ ‬

‫في سرها لعنت من جديد استسالم شيخ‬ ‫المعرة‪ ،‬لعنت انهزامه المهزوم‪..‬الدفين منه‬ ‫والمعلن‪.‬‬

‫اليأس باب حالك يفضي إلى التيــه‪ ..‬إلى‬ ‫الضباب والخـــوف‪ ..‬إلى كل المتاهـــات‪ ..‬إلى‬ ‫التالشي‪...‬‬ ‫في عيد ميالدها الخريفي لم توقد شموع‪،‬‬ ‫وال تحلق أصحاب وأحباب‪ ،‬ما توهجت ومصابيح‬ ‫أو تألألت مباهج‪ ،‬وما تبادل الناس نخب التهاني‬ ‫والقبالت‪ ..‬هلل لك يا زمن الجراح‪.‬‬ ‫سكن الشجرة إحساس بالعقوق والتخلي‪..‬‬ ‫في العمق رثت حالها‪ ..‬وحدتها وغربتها‪ ..‬ما‬ ‫أقسى الوحدة‪ ،‬وأقسى قساوتها أن تكون منفيا‬ ‫وسط اآلخرين‪ ..‬غريبا وسط عشيرتك‪ ..‬وتذكرت‬ ‫أغاريد الغدير‪ ،‬ورقصات الشالالت يوم كانت‬ ‫عروسة الفصول والمواسم‪ ..‬مدرارة الثمار‪..‬‬ ‫معطاءة الظالل‪ ..‬سخية الحـب والحنــان‪ ،‬اليوم‬ ‫شحبت العروق‪ ،‬جفت ويبست‪ ،‬توارى الظل‬ ‫وانكسر‪ ،‬ومع ذلك ال يا أبا العالء‪ ..‬يا شاعر المعرة‬ ‫وضريرها‪ ..‬ال تعجب يا سجين المحبسين‪ ،‬ليس‬ ‫اإلنجاب بأيدينا‪ ،‬وال الموت بأيدينا‪ ..‬إنما نحن‬ ‫للحب‪ ،‬للجمال‪ ..‬للحياة أيها المعري‪.‬‬ ‫ولكن‪:‬‬ ‫• ما العمر؟‬ ‫هكذا تساءلت الشجرة‪.‬‬ ‫هل العمر والحياة حروف مرصوصة منمقة؟‪..‬‬ ‫كلمات وجمل نرصصها على األسطر؟ نمألها‬ ‫أمال وحزنا؟ نبوح بها بين األسطر وعلى األوراق؟‬ ‫هل هو مداد‪ ،‬ورق‪ ،‬أقالم؟‬ ‫هل العمر والحياة شخوص يبدعها الخيال‪..‬‬ ‫ندعوها من عبق التاريخ‪ ،‬ننفض عنها الغبار‬ ‫واألوهام‪ ،‬نبعث فيها الدفء والحياة‪ ،‬تحركها‬ ‫على الركح أصابع فنان ماهر؟‪.‬‬ ‫هل العمر قصيدة‪ ،‬معزوفة؟ لوحة؟ كتاب‬ ‫تنشر صفحاته على التائهين والمهووسين‬ ‫الحالمين؟‬ ‫ال‪ ،‬ال تعجب من راغــب في ازدياد‪ ،‬العمر‬ ‫والحياة‪.‬‬ ‫العمر يا سيدي مطر وأمطار‪ ،‬خضرة واخضرار‪،‬‬ ‫زيت وقناديل‪ ،‬نماء عطاء وإيثار‪.‬‬ ‫هو الحب والمحبة‪ ..‬أن تهفــو بهمـــا إلى‬ ‫المحب‪.‬‬ ‫تسبيح وتهليل وتكبير‬ ‫هي القناديل الدائمة التوهج‪.‬‬

‫اإلدارة واإلشهار والعالقات العامة ‪:‬‬

‫محمد طارق بخات‬ ‫اإلخراج والتصفيف‪:‬‬

‫«جريدة ال�شمال»‬ ‫عنوان التحرير والمراسالت والتسويق‬ ‫واإلشهار ‪:‬‬

‫‪ 7‬مـكـــرر‪ ،‬زنقـة عمــر بــن‬ ‫عبد العزيز ـ طنجــة ـ‬ ‫الهاتــف ‪:‬‬ ‫‪05.39.94.30.08‬‬ ‫‪06.22.45.30.67‬‬ ‫الفاكــ�س ‪:‬‬

‫‪05.39.94.57.09‬‬ ‫الربيد الإلكرتوين ‪:‬‬

‫‪info@achamal.com‬‬ ‫‪achamal2000 @gmail.com‬‬ ‫سحب من هذا العدد ‪:‬‬

‫‪� 10‬آالف ن�سخــة‬ ‫التوزيع‪:‬‬

‫�سبـريــ�س ‪Sapress‬‬ ‫الإيداع القانوين‪99/10 :‬‬ ‫ر‪.‬د‪.‬م‪.‬ك‪:‬‬

‫‪I.S.S.N : 1114-1832‬‬


‫الثالثـاء ‪ 30‬يوليوز �إلى ‪ 05‬غ�شت ‪2019‬‬

‫العدد ‪1004‬‬

‫درد‬

‫دردشة‬ ‫تنفرد الزوايا الكتانية بموسم سنوي‪ ،‬يحيي فيه الفقراء الكتانيون بربوع‬ ‫المملكة‪ ،‬ذكرى دخول مؤسس الطريقة الكتانية‪ ،‬الشيخ سيدي محمد بن‬ ‫عبد الكبير الكتاني إلى الكعبة المكرمة‪ ،‬وتشرّفه بمشاركة نخبة من العلماء‬ ‫والشرفاء في غسلها‪ ،‬وذلك يوم السادس والعشرين من ذي القعدة سنة ‪1321‬‬ ‫هجرية‪.‬‬ ‫ومنذ هذا التاريخ والطريقة الكتانية تحتفل بهذا الموسم الذي أوصى الشيخ‬ ‫المؤسس بإقامته ضحى يوم السادس والعشرين من ذي القعدة من كل سنة‪.‬‬ ‫والزاوية الكتانية بتطوان‪ ،‬اعتادت أن تقيم هذه السنة الحميدة‪ ،‬على الطريقة‬ ‫المتَّبعة‪ ،‬حيث تُسْتهل الفقرة األولى من الحفل بصالة ركعتين‪ :‬األولى بفاتحة‬ ‫الكتاب‪ ،‬وآية الكرسي عشر مرات‪ ،‬والثانية بالفاتحة وسورة اإلخالص عشر مرات‪.‬‬

‫م�صطفى حجاج‬

‫‪3‬‬

‫ثم يشرع الفقراء‪ -‬بكيفية جماعية‪ -‬في قراءة األذكار التي رددها الشيخ‬ ‫المؤسس رضي اهلل عنه داخل الكعبة من استغفار‪ ،‬وتسبيح‪ ،‬وحمدلة‪ ،‬وهيللة‪،‬‬ ‫وحوقلة‪ ،‬وصالة على النبي‪ ،‬وترديد يا رؤوف ‪ 287‬مرة‪ ،‬وذلك في مدة زمنية‬ ‫قدرها ساعتان وخمس وأربعون دقيقة‪.‬‬

‫شة‬

‫أما الفقرة الثانية فتشتمل على قراءة سورة يس‪ ،‬ونصاب من الهمزية‪،‬‬ ‫والدعاء الناصري‪ .‬وقد يُستبدل نصاب الهمزية بالبردة‪ ،‬والدعاء الناصري‬ ‫بالمنفرجة‪.‬‬ ‫ويختتم الحفل عادة بالدعاء ألمير المؤمنين‪ ،‬بالنصر والتمكين‪ ،‬والسداد‬ ‫والتوفيق‪ ،‬ولعامة المسلمين بالرقي والسؤدد‪ ،‬والعز والمجد‪ ،‬ولشيوخ الطريقة‬ ‫وفقرائها بالجزاء األوفى‪ ،‬والدرجات العلى‪.‬‬ ‫ثم توضع قصاع الكسكس والدجاج‪ ،‬في نهاية المطاف‪.‬‬ ‫إنه يوم من أيام اهلل‪ ،‬الذي تجتمع فيه طائفة من المؤمنين الصادقين على‬ ‫ذكر اهلل وشكره وحسن عبادته‪ ،‬فأنعمْ به ْ‬ ‫وأكرمْ‪.‬‬

‫مع‬ ‫آل العوفي *‪..‬‬ ‫عبد اللطيف �شهبون‬

‫‪abdelchahboun@hotmail.com‬‬

‫« آل العوفي» ‪:‬‬ ‫كتاب نفيس لصديقنا العزيز األستاذ عبد الحق العوفي؛ الغارس‬ ‫لهذه الشجرة الخصيبة؛ بتعبير شقيقه وعزيزنا نجيب ؛ الجامع فيها‬ ‫لبيانات حول عائلة ريفيــة متجذرة ممتــدة بحضور علمي وديني‬ ‫واجتماعي عزيز النظير على مدى ثالثة قرون أخيرة‪..‬‬ ‫كتاب زخار ب ‪:‬‬ ‫• تراجم أعالم‪..‬‬ ‫• رسائل خطية‪..‬‬ ‫• صورشخصيات‪..‬‬ ‫• تحديدات موقعية‪..‬‬ ‫• نماذج حلي ‪ :‬مشابك‪ ،‬أساور‪ ،‬خواتم‪ ،‬ألبسة‪..‬‬ ‫• طقوس اجتماعية‪..‬‬ ‫• أحداث تاريخية‪..‬‬ ‫• تراث شفوي انشادي‪..‬‬ ‫• ألعاب تربوية ‪..‬‬ ‫أقام األستاذ عبد الحق معمار مؤلفه على محاور تناولت ‪:‬‬ ‫• أسباب نزولــه‪ ،‬كيفيــات البدء فيــه‪ ،‬مادتــه‪ ،‬منهجيته‪،‬‬ ‫مصادره‪..‬‬ ‫• تنويهات ‪ /‬شهادات‬

‫مدينة شفشاون مرة أخرى‪...‬‬ ‫‪-‬‬

‫عبد الحي مفتاح‬

‫• حفريات في النسب العوفي‬ ‫• أجيال آل العوفي في سياقات تاريخية‬ ‫• حضورا نوعيا ‪ /‬وازنا آلل العوفي في مجاالت العلم والدين‬ ‫والقضاء واالجتماع والتاريخ واالقتصاد واألدب والفكر‪..‬‬ ‫• قاعدة بيانات مونوغرافية‬ ‫• تميزا خاص آلل العوفي في مجالي القضاء والطب‬ ‫وقد سعدت بمطالعة هذا المؤلف لسببين ‪:‬‬ ‫• ذاتي متعلق بصداقتي التى امتدت سنين ألفراد من هذه‬ ‫العائلة المباركة وعائلة أمزيان وعائلة عجرود في تطوان‬ ‫والرباط وطنجة‪.‬‬ ‫• موضوعي له صلة بانجذابي لخدمة ذاكرة شمال المغرب‬ ‫بعد استقراء وتتبع المكشوف الذي ظل طي نسيان ‪.‬‬ ‫لو قدر لعزيزنا المرحــوم الدكتــور سيدي عبد اهلل المرابط‬ ‫الترغي أن يقرأ هذا العلق النفيس لطار فرحا لشديد تعلقه رحمه‬ ‫اهلل بعلم األنساب في المغرب عموما والشمال خصوصا ‪.‬‬ ‫وإذا كان هذا الكتاب‪ ،‬بتعبير عزيزنا نجيب ‪:‬‬ ‫• ‬

‫هذه المدينة التي نعشقها تتحول‪ ،‬لن يزعم أحد أنه يملك‬ ‫مفاتيح التحكم في هذا التحول؛ كانت مدينة الجهاد فترك‬ ‫بصماته فيها ثم دخلها المستعمر بعد مقاومة وترك بصماته‬ ‫فيها‪ ،‬لم تفقد المدينة روحها المعمارية والثقافية والحضارية‬ ‫لقرون‪ ،‬بقيت بسيطة‪ ،‬منشرحة‪ ،‬دمثة‪ ،‬وخفرة‪ ،‬سميت بعدة‬ ‫أسماء تليق بمجاز مجدها وواستعارة أسرارها‪ ،‬وله بها الرسامون‬ ‫االنطباعيون والرومانسيون والشعراء‪ ،‬موقعها الجبلي وقربها من‬ ‫السماء الزرقاء أعطاها سحرا ال يضاهى من الصعب تفسيره‪.‬‬ ‫مع نهاية القرن الماضي وبداية الحالي ارتفعت وتيرة انفتاح‬ ‫المدينة والحاجة إلى التوسع‪ ،‬وهذا شيء طبيعي وإن بدا أحيانا‬ ‫كالسباحة ضد التيار بالنسبة لتجمع بشري كان أشبه بقبيلة‬ ‫صغيرة عاشت منزوية على نفسها ال تفتح ذراعيها للغرباء إال‬ ‫بمقدار ال يزعجها أو يسبب لها قلقا‪ ،‬ما لم يكن ربما طبيعيا هو‬ ‫ضعف استعداد المدينة وقدرتها على توجيه هذا االنفتاح والتوسع‬ ‫فيما ال يخل بانسجامها الذي يشكل امتدادا لتمازج تاريخها العريق‬ ‫بتاريخها الحديث‪.‬‬ ‫قد يقول قائل إن من السلبية ومجافاة الموضوعية أن نحكم‬ ‫على مدينة بالجمود ألن التغير أو التحول سنة الحياة‪ ،‬وإن المدينة‬ ‫ليست صورة فوتوغرافية أو ذهنية للتأمل والمتعة فقط بل هي‬ ‫مجال للتفاعل والتأثر والتأثير‪ ،‬وكيفما كان الحال فالمدينة خاضعة‬ ‫للتطور سواء أردنا أم لم نرد‪..‬‬

‫وقد يرد عليه آخر إن ال أحد ينفي سنن العمران البشري؛‬ ‫ولكن كم من مدينة تحولت وتغيرت ولم تفقد جوهرها‪ ،‬بل إن‬ ‫هذا الجوهر هو سر وجودها وتميزها‪ ،‬وهو آمانة ينقلها السلف‬ ‫للخلف كمن ينقل إرثا نفيسا إن لم نقدر على إغنائه فعلى األقل‬ ‫من واجبنا أن نحافظ عليه من التلف والهدر ما أمكن‪..‬‬ ‫تحت مجهر هاتين النظرتين توجد اآلن مدينة شفشاون‬ ‫كمدن عديدة مشابهة‪ ،‬فبعض أبنائها يعتبرون أنها فقدت روحها‬ ‫وتشوهت بل ضاعت بسبب هشاشة االستشراف وسوء التخطيط‬ ‫والتدبير‪ ،‬وبعضهم اآلخر يعتبر أن هذا الحكم متطرف قاس ينم‬ ‫عن رومانسية حالمة أو نزوع جمالي برجوازي فاقد الرتباطه‬ ‫بالواقع ودوافعه الموضوعية الملتهبة الحارقة التي تتجاوز كل‬ ‫نزوع ذاتي‪.‬‬ ‫و األكيد أن المدينة تعيش مخاضها إن سلبا أو إيجابا‪ ،‬وهذا‬ ‫المخاض عسير قد ترجح فيه الكفة حسب اإلرادة المهيمنة إلى‬ ‫تحويل الجوهر عرضا‪ ،‬وقد تميل فيه الكفة إلى إلحاق العرض‬ ‫بالجوهر والعودة إلى الرشد‪ ،‬ما تعيشه مدينة شفشاون من‬ ‫مخاض ال ينحصر في المعمار بل يمتد إلى القيم؛ وما يشكل‬ ‫مصدر خوف حقيقي‪ ،‬لدى الكثير من سكانها وعشاقها‪ ،‬هو‬ ‫انقالبها من تجمع حضري هادئ‪ ،‬جاذب‪ ،‬وديع ومطمئن إلى سوق‬ ‫فوضوي‪ ،‬وحزام عشوائي من األسمنت والحجر تغلب فيه نزعة‬ ‫التدمير الذاتي والعنف المجاني و«راسي يا راسي»‪...‬‬

‫مونوغرافيا في منحاه‪..‬‬

‫• أركيولوجيا في عمقه‪..‬‬ ‫• لمة عائلية إنسانية‪..‬‬ ‫• دعوة لمواجهة التصحر العائلي في سياق عولمي هجين‬ ‫متسارع ‪..‬‬ ‫• تربويا في مقاصده وغاياته‪..‬‬ ‫فهو في اآلن ذاته ‪:‬‬ ‫• دعوة مفتوحة الحتذاء هذا المنحى في التعريف باألسر‬ ‫العلمية بالشمال‪.‬‬ ‫• تنبيه على االستعانة بجوهر أصول ونظائر هذه الفلسفة‬ ‫التأليفية التعريفية في أفق تشييد معمارهويتنا القائمة‬ ‫على تعددية في نسق وحدة متصدية لكل انغالق هوياتي‪..‬‬ ‫أخي عبد الحق ‪:‬‬ ‫بورك عملك‪..‬‬ ‫بوركت أسرتك العالمة‪..‬‬ ‫ــــــــــــــــــــــ‬ ‫* صدر عن مطبعة الخليج العربي بتطوان سنة ‪2019‬‬


‫الشمال الفني‬ ‫‪4‬‬

‫إشراف الفنان يوسف سعدون‬

‫العدد ‪ 1004‬ـ الثالثاء ‪ 30‬يوليوز إلى ‪ 5‬غشت ‪2019‬‬

‫رحيل الفنان الكبير‬

‫فاروق الفيشاوي‬ ‫تكرمي الفنان الت�شكيلي الكبري‬

‫أحمد بن يسف‬

‫بملتقى اإللهام بتارودانت‬ ‫«بعد بعض التحاليل والفحوصات واألشعة‪،‬طبيبي المعالج أخبرني أنني مصاب‬ ‫بالسرطان‪،‬سأتعامل مع هذا المرض على أنه «صداع»‪،‬وبالعزيمة واإلصرار‪،‬سأنتصر على‬ ‫هذا المرض‪،‬سأهزمه‪،‬وسأحضر الدورة القادمة لمهرجان األسكندرية ألكون معكم‪،‬وأهنئ‬ ‫زميلة أو زميل آخر على تكريمه»‪.‬‬ ‫هكذا أعلن الفنان الكبير المرحوم فاروق الفيشاوي عن إصابته بمرض السرطان‬ ‫أثناء تكريمه في‪ ‬حفل افتتاح مهرجان اإلسكندرية السينمائي في العام الماضي‪،‬إعالن‬ ‫أظهر من خالله عدم تأثره بهذا المصاب وعزيمته القوية على االنتصار على هذا المرض‬ ‫الخبيث‪،،‬لكن‪،‬لالسف‪،‬كان المرض أقوى من عزيمة وآمال‪ ‬المرحوم فاروق الفيشاوي حيث‬ ‫كانت الكلمة األخيرة لهذا المرض اللعين‪،‬فأسلم روحه لباريها في فجر الخميس ‪ 25‬يوليوز‬ ‫‪ 2019‬عن سن يناهز ‪ 67‬سنة‪.‬‬ ‫وللمرحوم الفنان فاروق الفيشاوي مسار فني طويل انطلق منذ السبعينيات من القرن‬ ‫الماضي و توزع بين أعمال تلفزيونية وسينمائية‪،‬ومن أبرز هذه األعمال فيلم المشبوه مع‬ ‫عادل إمام والقاتلة والطوفان والرصيف والتسألني من أنا وحافلة الهاوية وحنفي األبهة‬ ‫ومطاردة في الممنوع ومخلوق إسمه إمرأة ورجال في المصعد وغيرها من األعمال التي‬ ‫ستخلده ضمن كبار الشاشة العربية‪.‬‬

‫ذاكرة فيلم‬

‫بطاقة تقنية ‪:‬‬

‫البلد ‪ :‬إيطاليا‬ ‫السنة ‪1960 :‬‬ ‫إخراج ‪ :‬مايكل أنجلو أنطونيوني‬ ‫سيناريو ‪ :‬إيليو بارتوليني – تونينو جويرا و مايكألنجلو‬ ‫أنطونيوني‬ ‫موسيقى ‪ :‬جيوفاني موسكو‬ ‫تشخيص ‪ :‬ليا ماساري – مونيكا فيتي – جابرييلي فيرزيتي‬ ‫مدة العرض ‪ 145 :‬دقيقة‪.‬‬ ‫‪------------------‬‬‫فيلم «المغامرة « هو الجزء األول من ثالثية المخرج اإليطالي‬ ‫مايكل أنجلو أنطونيوني الذي رأى النور سنة ‪ ،1960‬ليليه بعد ذلك‪،‬‬ ‫سنتي ‪ 1961‬و ‪ 1962‬فيلمي «الليل « و « األفول « ‪ ،‬وهي ثالثية‬ ‫تتناول الحداثة ومساوئها بنظرة مخرج متعدد المواهب أو كما يسميه‬

‫تنظم الجمعية المحمدية للفن التشكيلي بمدينة تارودانت الدورة الثانية لـ «ملتقى‬ ‫اإللهام» في الفترة الممتدة ما بين ‪2‬و‪ 4‬غشت ‪.2019‬‬ ‫ويحمل الملتقى في دورة هذه السنة إسم الفنان العالمي كالوديو برافو كاموس (رسام‬ ‫الواقعية الجديدة) وهو فنان من أصول شيلية أغرم بمدينة تارودانت وقضى بها جزءا من‬ ‫حياته حتى توفي ودفن بها بعد أن شيد بها متحفا يضم العديد من أعماله ومقتنياته‬ ‫الفنية‪.‬‬ ‫وتتميز هذه الدورة بتكريم الفنان التشكيلي الكبير أحمد بن يسف تقديرا لعطائه الفني‬ ‫العالمي المتميز والذي يمتد لنصف قرن‪ ،‬وكذلك بحضور الفنان يوسف سعدون كضيف‬ ‫شرف اعترافا له بحلمه األزرق الذي سافر به داخل المغرب وخارجه‪.‬‬ ‫كما تستضيف هذه الدورة الناقد الدكتور رشيد الحاحي الذي سيؤطر مجموعة من‬ ‫اللقاءات النظرية التشكيلية‪،‬في حين سيشارك في المعارض المنظمة مجموعة من الفنانين‬ ‫النشكيليين من المغرب وإفريقيا نذكر منهم عبدالحق زريعة ومحمد قرماد وزهور معناني‬ ‫وعبدالفتاح قرمان ورشيد بن عبداهلل وياسين مادجو من الكاميرون وجاكي زايا من كوت‬ ‫ديفوار وغيرهم من الفنانين‪.‬وستعرف الدورة أيضا تنظيم مجموعة من الندوات واللقاءات‬ ‫والورشات الفنية‪..‬‬

‫النقاد بالمفكر نظرا لتناوله المواضيع بطريقة مختلفة‬ ‫تنحاز إلى التأمل في التفاصيل الصغيرة والتدقيق فيها‬ ‫عبر طرح أسئلة حارقة ‪ .‬كما أنه أعاد النظر في مفهوم‬ ‫السرد السينمائي عبر انتقاده للرؤية التقليدية للكتابة‬ ‫السينمائية وما يحيط بها من مفاهيم كالواقعية‬ ‫والسرد والدراما التي في نظره تكبل اإلبداع وتكلسه ‪.‬‬ ‫في فيلم « المغامرة « يقترح علينا المخرج قصة‬ ‫بسيطة يمكن تلخيصها في جملة واحدة ‪ :‬اختفاء امرأة‬ ‫شابة ‪.‬‬ ‫انطالقـــا مـــن‬ ‫هذا االختفاء يسافـر‬ ‫بنا مايكـــل أنجلــو‬ ‫أنطونيونـــي فـــي‬ ‫عـوالمـــه المبنيــــة‬ ‫على الشخصيات المأزومة‪ ،‬رغم‬ ‫انتمائها الطبقي إلى البورجوازية‪،‬‬ ‫ورغم ذكائها ونجاحها ‪.‬‬ ‫اختفاء المرأة الشابــة التي‬ ‫تدعى «آني» ( لعبت الدور الممثلة‬ ‫ليا ماساري) سيدفع حبيبها ساندرو‬ ‫(جابرييلي فيرزيتي) رفقة صديقتها‬ ‫كلوديا (مونيكا فيتي) إلى البحث‬ ‫عنها ‪.‬‬ ‫خـالل عمليـــة البحث وــع‬ ‫تطور األحداث سيتطـور الحـــب‬ ‫بين االثنين‪ ،‬ويدخالن في عالقة‬ ‫حميمية ‪ .‬ومــع استمرار البحث‬ ‫يزداد التأكد أن «آني» لن تعود‬ ‫للظهور من جديد ‪.‬‬

‫املـغـــامـــــرة‬ ‫• محمد عابد‬

‫والفنان يوسف سعدون ضيف شرف‬

‫هذا االختفاء سيرخي بظالله على باقي العالقات‪ ،‬وسيكون‬ ‫المخرج مدققا في تفاصيلها‪ ،‬سابرا أغوارها‪ ،‬فاضحا زيفها‪ ،‬فالخيانات‬ ‫الجنسية تجعل من بعض اللحظات بؤرة للتشظي لتنطلق األزمات‪،‬‬ ‫مثل ما سيحدث لصديقة المرأة المختفية كلوديا التي ستشعر‬ ‫بالذنب وأزمة الضمير على إثر عالقتها بحبيب صديقتها الفاشل في‬ ‫عمله كمساح معماري ‪.‬‬ ‫إن لحظة القلق الروحي التي تجتاح شخصيات الفيلم الثرية‬ ‫والفاشلة‪ ،‬يريد من خاللها المخرج أن يؤكد على أن كل المظاهر‬ ‫الخارجية التي تنتجها البورجوازية هي مظاهر ال تقف على أرض صلبة‪،‬‬ ‫فهشاشتها نابعة من صلب الفراغ‬ ‫العاطفي الذي تعيشه ‪.‬‬ ‫فيلم «المغامرة» هو رصد‬ ‫دقيق الغتراب اإلنسان في أجواء‬ ‫العالم الحديث الذي أضحى في‬ ‫نظره محكوما بالزيف والتزييف‪،‬‬ ‫غارقا في السطحية والخدعة‬ ‫والتحقير ‪ .‬إنه االنحطاط األخالقي‬ ‫الذي حول اإلنسان إلى كتلة من‬ ‫المشاعر الميتة التي عندما تتحرك‬ ‫يكون النزوع إلى االنفجار متواز‬ ‫تماما مع الصمت ‪ ،‬وهذا ما لخصه‬ ‫أنطونيوني ببراعة فنية كبيرة في‬ ‫المشهد األخير من الفيلم والذي‬ ‫يعتبر من بين أهم المشاهد‬ ‫السينمائية جماال ومتعة ودهشة‪،‬‬ ‫حيث تظهر كلوديا ومن ورائها‬ ‫بركان خامد‪ ،‬بينما يحدق ساندرو‬ ‫في جدار‪ ،‬إنه الشعور بالرثاء‬ ‫المشترك كما سماه المخرج ‪.‬‬


‫العدد ‪1004‬‬

‫الشمال الفني‬

‫الثالثـاء ‪ 30‬يوليوز �إلى ‪ 05‬غ�شت ‪2019‬‬

‫‪5‬‬

‫بيــان فـنـي »‬ ‫«‬ ‫فـنـــي»‬ ‫«بيـــان‬

‫إعداد ‪ :‬يوسف سعدون‬

‫بيان فني‪ ،‬هو سلسلة لقاءات تدشنها الشمال مع مجموعة مت المبدعين‪ ،‬يقدم عبرها‬ ‫الضيوف تجاربهم الفنية وانشغاالتهم ومواقفهم‪ ،‬وهو غير ملزم ألي جهة‪..‬‬ ‫بيان هذا العدد يوقعه الفنان التشكيلية أحمد جاريد‪.‬‬ ‫‪ -‬أنا الموقعة أسفله‪:‬‬

‫أحمد جاريد بن بوشعيب بن الطيبي‪ .‬مواليد مدينة الدار البيضاء‪.‬‬ ‫فنانتشكيلي‪.‬‬ ‫اخترت منذ مدة قريبة أن أشيد مرسمي وأحط الرحال بمدينة جميلة‬ ‫وهادئة وهي بنسليمان حيث أعيش وأشتغل‪.‬‬

‫المسار الفني‪:‬‬

‫كان كلما سألني الصحافيون عنْ مِنْ أين جئتُ للرسم واأللوان أو‬ ‫مِنْ أين جاءني الفن‪ ،‬أقع في ارتباك‪ .‬و َفهْمُ هذا اللغز كان عندي أَ َ‬ ‫نْأى مٍنْ‬ ‫كوكب‪ .‬حيث ال يذهب ذهني أبْعدَ من حِ َق ِب التمدرس‪ .‬ثم ألن بيئتي كانت‬ ‫أحادية اللون (‪ )Monochrome‬أو تكاد تكون رمادية‪ .‬هكذا هي عالقة في‬ ‫ذهني اليوم‪ .‬كان مغرب الستينيات مشهدا لألسمال والفقر والرماد‪ .‬ولما‬ ‫حاولت التفكير مَليَّا في هذا األمر‬ ‫قادني الحفر في الذاكرة إلى أني‬ ‫وأنا طفل صغير في الستينيات‬ ‫من القرن الماضي‪ .‬كان في‬ ‫بيتنا منسج لنسج الزرابي‪ .‬وكانت‬ ‫أختي البكر‪ ،‬وبعض بنات الجيران‪،‬‬ ‫يطلقن عقيرتهن للغناء وهن‬ ‫داخل المنسج مغمورات في غابة‬ ‫من خيوط الصوف البرتقالية‬ ‫والبنفسجية والصفراء والسوداء‬ ‫والحمراء والخضراء‪ ،‬والمتدلية من‬ ‫حَدَب على قصبات المنسج‪.‬‬ ‫كل‬ ‫ٍ‬ ‫ُ‬ ‫فكنَّ يَطلبْنَ مني مساعدتهن‬ ‫بتقطيع قطع القياطين الصوفية‬ ‫قطعا قصيرة يستعملونها عُ َقدا‬ ‫لتطريز الزربية بأشكال هندسية‬ ‫ال تزال ماثلة بذاكرتي إلى اآلن‪.‬‬ ‫كانت البنات يَدُسَّنَّني بين‬ ‫أَ‬ ‫وْراكِهنَّ داخـل المنســج‪ ،‬وأنا‬ ‫ِ‬ ‫مدفون وســط األلـــوان‪ .‬كان‬ ‫هذا شأن يومي كلما عـدت من‬ ‫«المسيد»‪.‬‬ ‫أظن أن ملك جن األلـوان‬ ‫كان يسكن متربعا بين سيقـان‬ ‫الفنانة �أحمد جاريد‬ ‫بنات بيتنا‪.‬‬ ‫وعلى ذكر «المسيد»‪ ،‬كنت‬ ‫قضيت به مرحلة ما بعد المدرسة‪.‬‬ ‫لم تكن لي طاقة على تحمل رائحة الحصير المشبع بعرق وبول األطفال‪ .‬غير‬ ‫أن محو اللوحة بالصلصال والكتابة عليه بقلم الصمغ كانت تستهويني‪ .‬ولما‬ ‫الحظ الفقيه حرصي على ذلك أدناني منه‪ ،‬فأصبحت على مقربة من يده وهي‬ ‫تخط على اللوحات‪ .‬بل يطيب لي سماع احتكاك القلم باللوح‪ .‬وصرت ِّ‬ ‫أنفد‬ ‫النسخ بدقة تثير إعجاب الفقيه‪ .‬داخل هذا الكوخ النتن كنت أتحمل مشاق‬ ‫حفظ القران مقابل أن أمحوه كي استمتع بالكتابة بالصمغ على اللوح من‬ ‫جديد‪ .‬داخل هذا الكوخ التقطت فيروس التخطيط على اللوحات ومنه بالفحم‬ ‫على الجدرانات الجيرية‪.‬‬ ‫وبعد «البروفي» كنت أرغب في دراسة الفن‪ .‬لكن التوجيه التربوي كان‬ ‫منعدما حتى أنه لم يكن لي علم بتخصص اسمه شعبة الفنون التطبيقية وال‬ ‫فيما بعد بشيء أسمه مدرسة الفنون الجميلة‪ .‬والزمني هذا اإلحباط سنوات‬ ‫في السلك الثانوي‪ .‬فحاولت استدراك الحلم الضائع بأن أدرس الهندسة‬ ‫المعمارية‪ ،‬غير أن التوجيه التربوي أخطأ طريقي مرة أخرى‪ .‬وهكذا وجدت‬ ‫القدر يقود خطاي إلى دراسة الفلسفة والسوسيولوجيا بجامعة محمد الخامس‬ ‫بالرباط حيث تخرجت سنة ‪.1979‬‬ ‫لكن طيلة كل هذا الوقت لم أتخل عن اقتناء كتب الفن وعن زيارة‬ ‫المعارض وممارسة الرسم وضل التكوين الذاتي والعصامية يالزمني إلى‬ ‫يومنا هذا‪ .‬وهو ما سمح لي بعرض أعمالي وتنظيم معارض شخصية كان‬ ‫أولها ‪ 35‬سنة خلت‪ .‬وكي آخذ ثأري من التوجيه التربوي المشؤوم درَّسْت‬ ‫بمدرسة الفنون الجميلة بالدار البيضاء‪ .‬وأشرفت على وضع واقتناء المجموعة‬ ‫الفنية التصاالت المغرب‪ ،‬والمجموعة الفنية المخصصة لمتحف الرباط‪.‬‬ ‫ووضع مخطط إصالح المعهد الوطني للفنون الجميلة بتطوان رفقة محمد‬ ‫األشعري وعبد الكريم الوازاني‪ُ ..‬‬ ‫وك ِّلفتُ لعدة مرات مندوبا لمعارض فنية‬ ‫مغربية بالخارج ومسؤوال للجان تحكيم فنية محلية وأجنبية وحضور فعاليات‬ ‫فكرية وفنية وطنيا ودوليا من بينها ببيينالي الشارقة و(آرت فاير الدار‬ ‫البيضاء) كرئيس المشروع بالمغرب العربي والشرق األوسط وبيينالي الكويت‬ ‫واالسكندرية وطهران وتونس ومهرجان المحرس وسيمبوزيوم األصمخ‬ ‫بالدوحة‪ ،‬سيمبوزيوم األقصر بمصر‪ ،‬وأيلى بالعقبة ‪ /‬األردن‪ .‬فضال عن معارض‬ ‫فردية وجماعية محليا وبالخارج منها على سبيل المثال (ليون‪ ،‬لندن‪ ،‬مارسيليا‪،‬‬ ‫اإلمارات العربية المتحدة‪ ،‬برازيليا‪ ،‬ميكسيكو‪ ،‬مدريد وكويكنا‪ ،‬بروكسيل‪،‬‬ ‫دمشق‪ ،‬القاهرة‪ ،‬األقصر‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬عمان‪ ،‬الكويت‪ ،‬طهران‪ ،‬سلطنة عمان‪،‬‬ ‫هلسنكي‪ ،‬برلين‪ ،‬تومبوكتو‪ ،‬البحرين‪ ،‬قطر‪ ،‬تونس ‪.)...‬‬ ‫وآخر معارضي الفردية بالمغرب برواق ‪ Loft Art Gallery‬وبالخارج‬ ‫بدعوة من متحف بالكويت سنة‪.2019‬‬ ‫توجد أعمالي ضمن مجموعات فنية لمؤسسات بنكية ومتاحف وجهات‬ ‫رسمية منها‪ ،‬متحف الكويت‪ ،‬متحف عمان باألردن‪ ،‬بنك القاهرة عمان‪ ،‬صندوق‬ ‫التنمية الثقافية بالقاهرة‪ ،‬مجموعة أيلى السياحية باألردن‪ ،‬مجموعة ريجنسي‬ ‫بقطر‪ ،‬أكاديمية المملكة المغربية‪ ،‬أكاديمية العلوم بالرباط‪ ،‬مؤسسة أونا‪،‬‬ ‫مؤسسة التجاري وفا بنك‪ ،‬اتصاالت المغرب‪ ،‬مصرف المغرب‪ ،‬صندوق اإليداع‬ ‫والتدبير‪ ،‬وزارة الثقافة المغربية‪ ،‬المتحف الوطني للفن المعاصر بالرباط‪،‬‬ ‫الصندوق المغربي للتقاعد‪ .‬إضافة للمجموعات الخاصة مثل المجموعة‬ ‫الملكية بالمغرب‪ ،‬مجموعة األميرة وجدان الهاشمي ‪...‬‬

‫االهتمام بالعمل المدني‪:‬‬

‫كنت أسست سنة ‪ 1997‬جمعية قرية محترفات الفنانين‪ .‬فضال عن‬ ‫عضويتي في الجمعية الدولية للفنون التشكيلية وأمين سر اتحاد التشكيليين‬ ‫العرب ورئيس مساعد (سابقا) للجمعية المغربية للفنون التشكيلية واتحاد‬ ‫كتاب المغرب وبيت الشعر وكان هاجس إنماء الفن والثقافة بالمغرب وراء‬ ‫موافقتي على إدارة ديوان وزير الثقافة لعهدتين إلى غاية ‪; 2005‬وتأسيس ‪la‬‬ ‫‪( GENAP‬المعرض الوطني الكبير للفنون التشكيلية) وتأسيس مجلة «زُنّار»‬ ‫للفن المعاصر والتراث البصري سنة ‪ 2006‬ومدير فني لدار الفن المعاصر‬

‫بأصيلة‪-‬بريش التابعة لمؤسسة الفن والثقافة التي تنظم السيمبوزيوم‬ ‫الدولي للفن المعاصر سنويا تحت الرعاية الملكية‪.‬‬

‫المشروع الفني‪:‬‬

‫مشروع البحث عندي هو نوع من العودة إلى الذات ونسيان الجاهز‬ ‫والمسبق ونحث مفهوم جمالي يستنشق الحب من أجل معانقة قيم روحية‬ ‫وإبداعية‪ ،‬كانت معالمها مع مرحلة السواد (‪.)2003 – 1993‬‬ ‫بعد مرحلة السواد واالشتغال على التجربة الصوفية التي ميزت أعمالي‬ ‫وكتب عنها مجموعة من النقاد والكتاب منهم محمد األشعري‪ ،‬مرورا بإصدار‬ ‫كتاب فني محدود النسخ كتب نصه الناقد مليم لعروسي ثم االمتدادات التي‬ ‫ألقت بضاللها على تجربة العودة إلى الذات بمقاربة تراجيدية تعبيرية عميقة‬ ‫التوتر حللها كل من مصطفى النيسابوري وحسن نجمي في نصوص بإحدى‬ ‫دالئل المعارض التي قدمت‬ ‫تلك األعمــال التي عرضــت‬ ‫في معرض «ذهاب وإياب»‬ ‫‪ .Aller-Retour‬في نهاية‬ ‫التسعينيات كان تطور البحث‬ ‫في المعالجة التقنية وفي‬ ‫الموضوع قد قادني تلقائيا‬ ‫إلى إشكاليات أخرى تفكر في‬ ‫الذاكرة وفي األثر وفي المحو‬ ‫والالمكتمل تستلهم تارة‬ ‫الشعر وتارة تأمالت وجودية‬ ‫وتعرض لموضوعات شاعرية‬ ‫وصوفية مفتوحة على األسئلة‬ ‫وعلى المحو والنسيان كتب‬ ‫عنها الشاعر الناقد اللبناني‬ ‫شربل داغر والكاتب العراقي‬ ‫فاروق يوسف والشاعرة ثرية‬ ‫إقبال والناقد مليم لعروسي‬ ‫والناقــد مصطفــى شبــاك‬ ‫والشاعر مصطفى النيسابوري‬ ‫والشاعر حسن نجمي والفنان‬ ‫حسان بورقية ومحمد الراشدي‬ ‫والروائي نور الدين محقق‬ ‫والناقد بنيونس عميروش‬ ‫والصحافي لحسن لعسيبي‬ ‫وادريس باعقيلي وغيرهم‪.‬‬ ‫مشروعي الفني لم تزده األسئلة إال قلقا‪ .‬ومع أني لم أفقد القناعة بأن‬ ‫الرسم ال بد أن يكون مفيدا للمجتمع فإني ال أرسم للتزيين أو إلرضاء رغبة زبناء‬ ‫محتملين‪ .‬بل كي يصلح الرسم لشيء آخر غير الرسم‪ ،‬أي ليس موضوع نفسه‬ ‫وانما المتحان الحياة الداخلية (للكائن)‪ ،‬وسبر أغوار دفينة‪ .‬الرسم هو طقس‬ ‫تأملي‪ ،‬أو حالة قدف‪ ،‬لما ال طاقة للغة به‪ .‬ليس بغرض قول شيء ما بقدر ما‬ ‫هو تمجيد الصمت‪ ،‬وال ِب ِنيَّةِ حسم حقيقة ما بقدر ما هو الوقوف وجها لوجه‬ ‫وبكل الاليقين الممكن أمام العمل الفني مثل رمي قطعة نرد أمام الذاكرة‪،‬‬ ‫ذلك الوجه التراجيدي للنسيان‪.‬‬ ‫ربما أن للفلسفة والشعر والتصوف مفعول سري في تجربتي الخاصة أمام‬ ‫مثل هذا السؤال الوجودي‪« :‬لماذا أرسم؟ «‪.‬‬ ‫لكن الذي يؤرقني‪ ،‬في الواقع ليس هذا السؤال‪ ،‬بل ٌ‬ ‫سؤال أشدُّ ضراو ًة‬ ‫وأعمق معاناة‪ ،‬وهو‪ :‬ماذا أرسم وما جدوى ما أرسم؟‬

‫واقع التشكيل‪:‬‬

‫واقع التشكيل يتضمن الغث ويتضمن السمين‪ .‬إال أن الغث يفيض عن‬ ‫السمين‪ .‬والمالحظ أن أغلبية أنواع التعبير الفني المعاصر‪ ،‬التنصيبات وفن‬ ‫إعادة التدوير والغرافيك والفيديو آرت والويب آرت والكرافيتي والفوتوغرافيا‬ ‫وغيرها باتت تتعاطى لقضايا راهنة تعالج ما كان يدعى بالثالوث المحرم‪:‬‬ ‫السياسة والدين والجنس‪ .‬بكيفية تجعل من مبدأ الجرأة ومبدأ الصدمة ومبدأ‬ ‫االستفزاز (‪ )Provocation‬ومبدأ العبث مفاهيم جديدة للعمل الفني‪ .‬فالفن‬ ‫المعاصر أعلن ذهابه نحو اختراق القيم الجمالية واختراق القيم القانونية‬ ‫واألخالقية والسياسية والدينية‪ .‬وقد زاد في إلهاب هذا التحول الظروف‬ ‫الجيوسياسية تحت وطأة العولمة والتطرف بأنواعه وتوسع خريطة التوترات‪.‬‬ ‫وسيكون من السذاجة االعتقاد بأن الهاجس الديني أو السياسي هو فعال ما‬ ‫يحرك بعض هؤالء الفنانين المعاصرين‪ ،‬أو تصديق التضليل الذي تسوقه‬ ‫األقالم الصحفية التي تنتعش في بركة اإلثارة‪ .‬وتُسَوّ ُقه أروقة العرض‪ ،‬ومن‬ ‫المظاهر المخيبة لآلمال هذا الدور الماكر ألروقة العرض والمزادات الفنية منذ‬ ‫بداية هذه األلفية سواء في لندن أو نيويورك أو دبي أو حتى الدار البيضاء‬ ‫وغيرها التي تغالطنا بكثير من فقاعات مضاربات السوق والتي ال عالقة لها‬ ‫بجودة الفن‪ .‬كانت نصَبَتْ فِخاخا عَلِقَ بها فنانون (أقصد العرب منهم) وال‬ ‫يزالون رهائن حتى اآلن ال هم باعوا أعمالهم فيما بعد باألسعار التي رسَتْ‬ ‫عليها المزادات والهم استطاعوا تخفيض أسعارهم‪ ،‬فبقوا خائبين عُرْضَ ًة‬ ‫الزدراء أروقة العرض وشماتة القدر‪ .‬ولنتخيل حجم المهانة التي تُ ِركَ هؤالء‬ ‫الفنانون عرْضة لها‪.‬‬ ‫وأحب أن أشير هنا أنه إن كان ال مناص من التفكير ومن السياسة ينبغي‬ ‫أن يفكر الفن في السياسة ال أن تفكر السياسة في الفن حتى ال يتحول العمل‬ ‫الفني إلى نوع من البيان (‪ )Manifesto‬السطحي‪ .‬ومما سرَّع في انتشار هذا‬ ‫التعاطي هو انخراط الفن المعاصر في العولمة وتبنيه بسرعة من طرف أمريكا‪،‬‬ ‫فالمرجعية األمريكية أعتى ضمان لمصداقية المنجز الفني وأقوى كفيل لقيمته‬ ‫التسويقية‪ .‬وليس العيب في التعاطي لمثل هذه القضايا‪ ،‬بل العيب الشائع‬ ‫بين أغلب هذه التعابير المعاصرة هو التعاطي السطحي لهذه الموضوعات‪،‬‬ ‫تعاطي تغلب عليه العبثية والفجاجة‪ .‬العبثية هنا ليست كسؤال منشغل بهدم‬ ‫العالم من أجل إعادة بنائه بل هدمه واإلبقاء عليه مدمرا‪ .‬فالسطحية واإلسفاف‬ ‫والمزايدة هي ما يميز غالبية الفن المعاصر‪.‬‬

‫المشاريع المستقبلية‪:‬‬

‫خرجت مؤخرا من تنظيم معرض بدعوة من المجلس الوطني للفنون‬ ‫واآلداب والثقافة بالكويت‪ .‬وعلى أجندتي حتى اآلن تحضير معرض فردي‬ ‫بمدينة مراكش للموسم الثقافي المقبل‪ .‬ثم تلبية دعوة من مؤسسة فنية‬ ‫كبرى إلقامة فنية بالهند في شهر نونبر‪ ،‬وفي نفس الشهر ورشة فنية بـ‬ ‫«تشكلوت» بمجاط تحت عنوان أناقة الحبر‪.‬‬

‫• جمال أزراغيد‬ ‫بعد النجاح والتجاوب الذي لقيه األلبوم الغنائي األول الموسوم‬ ‫بــ «الصحبة» الصادر سنة‪ ،2016‬أصدر الفنان إبراهيم أسمر‬ ‫(إبراهيم العراض) ألبومه الغنائي الثاني بعنوان‪»:‬لحن الحب»‬ ‫الذي تم تسجيله باألستوديو ‪ viarecords‬بمدينة الحسيمة‪.‬‬ ‫يتضمن ست أغان( لحن الحب ـ توحشتك ـ خليك معايا ـ صورتك‬ ‫ـ أنت فبالي ـ ميا فلميا هيا )‪ ،‬قام بتوزيعها الفنان منير أخصيم‪.‬‬ ‫وهذه األغاني من إبداع المبدعتين‪ :‬شهرزاد الركينة‪ ،‬زبيدة طويل‪،‬‬ ‫والزجالتين‪ :‬بشرى الميراوي‪ ،‬ورجاء سغروشني‪ ،‬والفنانين توفيق‬ ‫فاخر وأمينة نايث‪.‬‬ ‫عند االستماع لهذه األغاني نستشف أنها تزاوج بين فن‬ ‫الفالمينكو الشهير والموسيقى األندلسية الغرناطية العريقة‬ ‫المستمدة من التراث العربي‪ .‬وال أحد ينكر أهمية هذه األنماط‬ ‫الغنائية في كونها مدعاة لالطمئنان والراحة والسفر في تاريخ‬ ‫الموسيقى األصيلة‪.‬‬ ‫منذ نزول هذا األلبوم الغنائي إلى الساحة الفنية‪ ،‬إال وهو يعرف‬ ‫رواجا سواء على مستوى إقبال الجمهور عليه‪ ،‬أو على مستوى‬ ‫تنظيم حفالت التقديم والتوقيع التي كانت في مدينة طنجة تحت‬ ‫إشراف الجمعية الوطنية لرواد الخيمة الغيوانية‪ ،‬وفي الحسيمة‬ ‫أيضا بمبادرة نخبة من األصدقاء‪.‬‬ ‫والجدير بالذكر‪ ،‬أن إبراهيم أسمر فنان عصامي شغوف‬ ‫بالموسيقى ملم بمقاماتها المتعددة ‪ ،‬متأثرا بمجموعة من‬ ‫الفنانين‪ ،‬أهمهم‪ :‬العربي والسي محمد باطما‪ ،‬عبد الحليم حافظ‪،‬‬ ‫محمد الحياني‪ ،‬وعبد الوهاب الدكالي وغيرهم‪ ..‬فضال عن سماعه‬ ‫للموسيقى الكناوية‪ ،‬الهندية والغربية التي قربته من التعرف‬ ‫على المقامات الموسيقية المتنوعة ومستجداتها‪ ،‬واالجتهاد في‬ ‫عطاءاته الفنية‪ .‬كما أن الفنان منخرط في الحقل الغنائي بموازاة‬ ‫مع اشتغاله بالتدريس‪ .‬وقد توج بالجائزة الثانية بأغنية «نظرة»‬ ‫بعد مشاركته في مسابقة األغنية المغربية التي أشرفت عليها‬ ‫النقابة الحرة للموسيقيين المغاربة بمدينة سال سنة‪.2016‬‬ ‫ومما يسجل لهذا الفنان‪ ،‬هو مشاركاته العديدة في األمسيات‬ ‫الثقافية والشعرية التي تؤطرها جمعيات المجتمع المدني في‬ ‫الحسيمة أو في غيرها من مدن المغرب‪ ،‬وكذلك انخراطه الجرئ في‬ ‫اقتحام محطات فنية مهمة كتسجيله فيديو كليب حورية في خليج‬ ‫نكور الحسيمة‪ ،‬وفيديو كليب بمناسبة شهر رمضان ألغنية « أجمل‬ ‫ما فينا محمد بيننا» من كلمات الشاعر مصطفى بنزهرة الحراث‬ ‫‪ ،‬والتوزيع الموسيقي للفنان منير أخصيم‪ ،‬وغيرها من التجارب‬ ‫الفنية‪ ،‬زيادة على مشاركته في إحدى سهرات القناة األمازيغية‪،‬‬ ‫ثم تعامله وانفتاحه على شاعرات وشعراء بمختلف حساسياتهم‬ ‫وأجيالهم ولغاتهم (الزجل ـ العربية الفصحى) واالشتغال بتعاون‬ ‫معهم على نصوصهم إلنتاج أغنيات في مستوى ذائقة الفن‬ ‫الجميل‪.‬‬ ‫أكيد بعدما تقاعد الفنان من التدريس‪ ،‬سيكرس حياته للفن‬ ‫الراقي ويضاعف مجهوداته في مجال الغناء والموسيقى خدمة‬ ‫لألغنية المغربية‪ .‬والدليل على ذلك‪ ،‬هو إقباله على طرح شريط‬ ‫غنائي جديد في الموسم المقبل ‪ 2020‬يحمل عنوان» شمس‬ ‫حياتي» الذي يحاول أن يعود فيه إلى ألحان الزمن الجميل‪ ،‬وأن‬ ‫ينتقل من الزجل إلى العربية الفصحى كما أسرّ لي‪.‬‬


‫‪6‬‬

‫الثالثـاء ‪ 30‬يوليوز �إلى ‪ 05‬غ�شت ‪2019‬‬

‫العدد ‪1004‬‬

‫مجتمع ـ سياسة ـ حقوق‬ ‫فكري ولد علي‬

‫حوار مع‬

‫(مراسل من الحسيمة)‬

‫عبد المالك بوغابة‬

‫رئيس المنتدى المتوسطي للسياحة بجهة طنجة ـ تطوان ـ الحسيمة‬

‫‪Fikri.press@gmail.com‬‬ ‫‪Tél 0661986707‬‬

‫حفل تسلم مهام المديرية‬ ‫اإلقليمية للثقافة بالحسيمة‬

‫«نجاح أي رؤية سياحية للحسيمة هو مرتبط‬ ‫أشد االرتباط بإشراك جميع الفاعلين المحليين‬ ‫في قطاع السياحة)»‬ ‫أجرى الحوار فكري ولد علي‬ ‫رغم المؤهـالت السياحيــة التي‬ ‫تتوفر عليها مدينة الحسيمة‪ ،‬إال أن‬ ‫كل المهتمين بالمجال السياحي‬ ‫يؤكدون أن السياحـة بالحسيمــة‬ ‫تراجعت بشكل ملحوظ في السنوات‬ ‫األخيرة‪ ،‬خاصة السياحة الخارجية؛‬ ‫حيث لم تعد المنطقة تستقبل‬ ‫السياح األجانب كما كـان األمر في‬ ‫الثمانينات والتسعينات من القــرن‬ ‫الماضي‪ ،‬وهذا راجع إلى مجموعة‬ ‫من األسباب الخارجية والداخلية‪ .‬في‬ ‫نظركم أين يتجلي هذا التراجع وما‬ ‫هي أسبايه؟‬ ‫تراجع النشاط السياحي‪ ،‬وذلك بالرغم من‬ ‫المجهودات المبذولة لحد اآلن إلنعاش هذا‬ ‫القطاع باإلقليم فإن مستوى السياحة الزال‬ ‫ضعيفا جدا والغريب في كل هذا هو أن هذه‬ ‫الثروة عوض أن تكون قاعدة صلبة لظهور‬ ‫تنمية سياحية بالريف ‪ ،‬أصبحت هدفا للتخريب‬ ‫والتدمير في الوقت الذي كثر فيه الحديث‬ ‫عن وضع استراتيجيه بعيدة المدى للنهوض‬ ‫بالقطاع السياحي ‪ ،‬وكذا عن تنمية مناطق‬ ‫الشمال‪ .‬أو ما يصطلح عليها «بالحسيمة منارة‬ ‫المتوسط» وهناك عدة مشاكل وعراقل تحول‬ ‫دون تحقيق تنمية مستديمة ومندمجة للقطاع‬ ‫السياحي بالمنطقة ‪ ،‬رغم أن هذا القطاع‬ ‫الزال مطلبا شعبيا «حراك الريف نموذجا»‬ ‫ملحا سيعمل في حالة هيكلته إلى استيعاب‬ ‫«فيروز» البطالة الذي يهدد المنطقة ويساهم‬ ‫كذلك في توفير العملة الصعبة‪ ،‬وليس هناك‬ ‫أي وجهة نظر محددة أو باألحرى زاوية نظر‬ ‫تجعل المنطقة تأخذ طابعا ثقافيا وسياحيا‬ ‫في آن واحد ‪ ،‬دون أن تملك رؤية شمولية‬ ‫وإستراتيجية دقيقة موازية لمشروع بهذا‬ ‫الحجم‪.‬‬ ‫فهذه التراجع الخطير و الركود الكبير‬ ‫في الحركة السياحية في الوقت الذي كانت‬ ‫فيه المنطقة تعرف رواجا سياحيا متميزا‪ .‬نظرا‬ ‫لموقعها الهام إال أن خصوصيات وإمكانيات‬ ‫المنطقة ال ترفع من النشاط السياحي‪ ،‬نظرا‬ ‫لغياب سياسة سياحية واضحة‪ ،‬وللتأمل فان‬ ‫القطاع السياحي بمجاالته المتباينة الزال‬ ‫يعاني من تعثرات تجعله بعيد عن تحقيق أو‬ ‫باألحرى المساهمة في دفع مسلسل التنمية‬ ‫إلى األمام‪ ،‬فالسياحة الجبلية بإقليم الحسيمة‬ ‫تعرف اليوم أخطر أنواع التلوث الهادف إلى‬ ‫القضاء على التنوع البيولوجي المتمثل في‬ ‫أنواع الحيوانات ‪ ،‬النباتات ‪ ،‬الغابة ‪. ...‬عالوة‬ ‫على غياب برامج واضحة في شأن تحديد معالم‬ ‫هذه السياحة وتوفير البنى الالزمة لتيسير‬ ‫األنشطة السياحية بالجبل الريفي خاصة وان‬ ‫منطقة إقليم الحسيمة الزالت تعيش في عزلة‬ ‫طبيعية وأخرى ساهمت فيها سياسة الدولة‬ ‫التي جعلت من المنطقة بدون الحدود الدنيا‬ ‫من البنية التحتية‪ ،‬وهو األمر الذي يبعدها عن‬ ‫فرص اإلستثمار السياحي‪ .‬حيث يضم ساحل‬ ‫إقليم الحسيمة عدة شواطئ يرتادها عدد‬ ‫مهم من السواح أغلبيتهم مغاربة‪ ،‬سواء من‬ ‫أفراد الجالية المهاجرة المنتمية لإلقليم أو‬ ‫من السكان المحليين أو القادمين من داخل‬

‫البالد‪ .‬وإذا كان النشاط السياحي قد عرف‬ ‫أوجه في المنطقة في الستينات والسبعينات‬ ‫من القرن الماضي‪ ،‬فإنه حاليا ‪-‬خصوصا منذ‬ ‫‪ 1990‬أصبح يعرف حالة ركود تام ساهم‬‫فيها أساسا عدم تأقلم الفاعلين السياحيين‬ ‫مع تحوالت السياحة الدولية‪ ،‬إضافة إلى تحول‬ ‫جغرافيا السياحة الوطنية نحو جنوب البالد‬ ‫(خاصة محور مراكش ‪ /‬أكادير‪ )..‬الذي أضحى‬ ‫محج السواح واالستثمارات السياحية‪.‬‬ ‫ولكون الساحل يعــد قاعـــدة السياحة‬ ‫في المنطقة‪ .‬فإن استغالله المفـــرط (زحف‬ ‫اإلسمنت‪ ،‬استنزاف الرمال‪ ،‬تلوث‪ ،‬تخييـــم‬ ‫عشوائي) وعدم إخراج التصميم المديري‬ ‫للساحل إلى حيز الوجود‪ ،‬من شأنها زيادة حدة‬ ‫التدهور وفتح شهية المضاربين العقاريين‬ ‫إلنشاء وحدات سياحية ال تلبث أن تصبح‬ ‫مساكن ثانوية‪ ،‬تتحول معها الشواطئ من‬ ‫مجاالت عمومية إلى ملك خصوصي كما‬ ‫وقع للساحل التطواني بين مرتيل والفنيدق‪.‬‬ ‫هذا يطرح‪ ،‬بالطبع‪ ،‬مسؤوليات جسيمة على‬ ‫السلطات العمومية المختصة وعلى الجماعات‬ ‫المحلية الساحلية من أجل تفادي أي انزالق‬ ‫للطابع العمومي للساحل ولوظيفته األساسية‬ ‫المتمثلة في السياحة والترفيه‪.‬‬

‫من بين أهــم القطاعات التي‬ ‫كان ينتقدها السكان المنطقة‬ ‫والجمعيات العاملة في هذا المجال‪،‬‬ ‫نجد قطاع السياحة‪ ،‬حيث كان ينتقد‬ ‫بشدة سياسة الدولة في هذا المجال‪،‬‬ ‫وكان يعتبرون أن هذه السياسة‬ ‫تقـوم على تشجيـــع استقــدام‬ ‫«بطارق الخليج» إلى الريف من أجل‬ ‫نشر الفساد وهتك عرض الريفيات‬ ‫العفيفات؟ إلى أي حد كانت سياسة‬ ‫الدولة تذهب في هذا االتجاه؟‬ ‫المغرب بدوره رفع في إستراتجياته‬ ‫التنموية مجموعة من التحديات الكبرى‪،‬‬ ‫خصوصا في مخططاته السياحية‪ ،‬وذلك من‬ ‫قبيل «رؤية ‪ »2010‬أو ما أصبح يسمى اآلن ب‬ ‫«رؤية ‪ »2020‬التي خاض المهنيون بشأنها‬ ‫العديد من النقاشات في المناظرات الدولية‬ ‫للسياحة في كل من فاس والسعيدية سنتي‬ ‫‪ ،2009 – 2008‬مستحضرين في ذات السياق‬ ‫ظروف حركة السياحة العالمية في ظل العولمة‬ ‫والمنافسة الشديدة التي يشهدها العالم من‬

‫جهة‪ ،‬والظرفية االقتصادية العالمية من جهة‬ ‫ثانية‬ ‫يوضح أن موقع منطقة الحسيمة ضمن‬ ‫الخريطة الجديدة للوجهات السياحية كان‬ ‫خارج هذه المخططات‪ ،‬في حين أن المنطقة‬ ‫لها تراكم كبير في تاريخ السياحة الشاطئية‪،‬‬ ‫وذلك منذ الستينيات من القرن الماضي وعبر‬ ‫إستراتيجيةالتنميةالسياحيةللمناطقالشمالية‬ ‫في المخطط السياحي ‪ ،1967 – 1965‬غير أن‬ ‫المنطقة عرفت نوع من التهميش واإلقصاء‬ ‫السياسي واالقتصادي‪ ،‬كان له األثر السلبي‬ ‫حتى على هذا القطاع‪ ،‬ولم تظهر بوادر التغيير‬ ‫في السياسة الرسمية اتجاه المنطقة إال على إثر‬ ‫زلزال ‪ 24‬فبراير ‪. 2004‬‬ ‫إن نجاح أي رؤية سياحية للحسيمة هو‬ ‫مرتبط أشد االرتباط بإشراك جميع الفاعلين‬ ‫المحليين في قطاع السياحة‪ ،‬وذلك من‬ ‫أجل المساهمة في التخطيط والتنفيذ ألي‬ ‫إستراتيجية تنموية في القطاع السياحي محليا‪،‬‬ ‫وهي االستراتيجية التي يمكن من خاللها بداية‬ ‫تشخيص واقع السياحة بالمنطقة‪ ،‬وبعدها رسم‬ ‫آفاق تنمية هذا القطاع‪ ،‬وذلك حتى ال تتكرر مثال‬ ‫نماذج وتجارب العديد من المشاريع السياحية‬ ‫لساحل تطوان (مرينا أسمير – ريستنكا –‬ ‫ومناطق سياحية وعقارية أخرى بالمنطقة‪)...‬‬ ‫بحيث أصبحت جل هذه المؤسسات السياحية‬ ‫شبه مغلقة أو في الطريق إلى ذلك‪ ...‬جل‬ ‫مستثمرها أجانب ومنهم على وجه الخصوص‬ ‫«دول الخليج»‪..‬‬

‫في نظركم‪ّ،‬إلى أي حد ستسطيع‬ ‫مشاريع منارة المتوسط اإلجابة عن‬ ‫أهم معظالت التنمية التي يعرفها‬ ‫إقليم الحسيمة والتي كانت سببا في‬ ‫اندالع الحركة اإلجتماعية(البطالة‪،‬‬ ‫العزلة‪ ،‬الهجرة‪)..‬؟‬ ‫أما مشروع منارة المتوسط على مستوى‬ ‫المضمون ال يحمل أي مؤشر يذكر في األفق‬ ‫يتعلق بالمشاريع السياحية‪ .‬إال بعض المشاريع‬ ‫ذات العالقة بالقطاع السياحي‪ ( ....‬أتحدث عن‬ ‫الجانب السياحي)‪ .‬المهم أسباب تدهور القطاع‬ ‫السياحي باإلقليم يعود إلى عزوف الدولة عن‬ ‫مواصلة أوراش البناء التنموي بالمنطقة سبب‬ ‫اندالع حراك الريف ويرفع مذكرة مطلبية‬ ‫مفادها التشغيل من أجل تقليص من البطالة‪..‬‬ ‫رفع العزلة عن المنطقة‪ ..‬و تخفيف من الهجرة‬ ‫ألبناء المنطقة‪ ..‬وضمان االستدامة في التنمية‬ ‫المحلية‪.‬‬

‫تسلمت رسميا األستاذة جهان الخطابي‬ ‫يوم االثنين ‪ 22‬يوليوز ‪ 2019‬على الساعة‬ ‫الثانية عشر زواال‪ ،‬مهامها كمديرة إقليمية‬ ‫لوزارة الثقافة واإلتصال‪/‬قطاع الثقافة‬ ‫بالحسيمة‪ ،‬وذلك بحضور السيد محمد خليل‬ ‫ساسي‪ ،‬ممثال عن اإلدارة المركزية لوزارة‬ ‫الثقافة واالتصال‪ ،‬والسيد كمال بن الليمون‪،‬‬ ‫المدير الجهوي للوزارة بجهة طنجة‪-‬تطوان‪-‬‬ ‫الحسيمة‪ ،‬والمدير اإلقليمي السابق بالحسيمة‬ ‫وموظفي وموظفات وأعوان المديرية ومدير‬ ‫مشروع التوطين المسرحي بالمديرية‪ .‬وخالل‬ ‫حفل تنصيب السيدة المديرة اإلقليمية‪ ،‬تناول‬ ‫الكلمة السيد محمد خليل ساسي مهنئا السيدة‬ ‫جهان بهذا المنصب‪ ،‬بمقتضى المذكرة الوزارية‬ ‫رقم ‪ 100‬بتاريخ ‪ 15‬يوليوز ‪ ،2019‬ومرحبا بها‬ ‫ضمن وزارة الثقافة باعتبارها من أطر وزارة‬ ‫التربية الوطنية وتتوفر على رصيد كبير من‬ ‫المساهمات في العمل الثقافي سواء داخل قطاع‬ ‫التعليم أو كنائبة رئيس جماعة الحسيمة أو في‬ ‫إطار هيئات مدنية أخرى‪ .‬وفي كلمته بالمناسبة‪،‬‬ ‫هنأ بدوره السيد المدير الجهوي للوزارة‪ ،‬كمال‬ ‫بن الليمون األستاذة جهان على الثقة التي‬ ‫حظيت بها من طرف الوزارة‪ ،‬مؤكدا على الصلة‬ ‫الوثيقة التي كانت تربطها سابقا بكل المحطات‬ ‫الثقافية التي كانت متواجدة فيها باستمرار‪ ،‬إذا‬ ‫رافقت مختلف اللقاءات والمهرجانات الثقافية‬

‫المنظمة بالمدينة واالقليم‪ ،‬وترافعت إنطالقا‬ ‫من صفتها كمنتخبة عن العديد من التظاهرات‬ ‫الثقافية التي عرفها اإلقليم‪.‬‬ ‫ولقد دعا السيد المدير الجهوي كافة‬ ‫الحاضرين إلى التعاون ومؤازرة السيدة المديرة‬ ‫اإلقليمية خدمة لقطاع الثقافة وللتنمية الثقافية‬ ‫بالمنطقة خصوصا مع قرب انتهاء األوراش‬ ‫الكبرى (مسرح الحسيمة‪،‬المعهد الموسيقي‬ ‫بالحسيمة‪ ،‬المركز الثقافي بإمزورن وتأهيل‬ ‫وترميم مجموعة من المواقع والمعالم التراثية)‪.‬‬ ‫و في كلمتها بالمناسبة‪ ،‬عبرت السيدة‬ ‫جهان عن سعادتها بالثقة التي حظيت بها من‬ ‫طرف وزارة الثقافة لتولي هذا المنصب‪ ،‬وعن‬ ‫رغبتها األكيدة وإستعدادها الكبير من أجل‬ ‫خدمة قطاع الثقافة والتفاعل إيجابيا مع كل‬ ‫المؤشرات الثقافية التي تلوح في األفق‪ ،‬وذلك‬ ‫بتعاون مع كافة المتدخلين‪ ،‬منوهة بالدور‬ ‫الفعال الذي قام به السيد كمال بن الليمون من‬ ‫أجل تأسيس لبنات المشروع الثقافي باإلقليم‪،‬‬ ‫مهنئة له منصبه الجديد إلدارة الشأن الثقافي‬ ‫الجهوي‪.‬‬ ‫و في ختام جلسة التنصيب هذه‪ ،‬دعا السيد‬ ‫المدير الجهوي كل الحاضرين والحاضرات إلى‬ ‫حفل شاي بالمناسبة‪.‬‬

‫نقابة تطالب برحيل المندوب اإلقليمي‬ ‫للصحة بالحسيمة‬

‫تواصل النقابة الوطنية للصحة المنضوية‬ ‫تحت لواء الكونفدرالية الديمقراطية للشغل‬ ‫بالحسيمة برنامجها النضال باعتصام ثالث‬ ‫يومه الثالثاء ‪ 23‬يوليوز ‪ 2019‬بمقر المندوبية‬ ‫اإلقليمية للصحة بالحسيمة وذلك استنكارا‬ ‫وتنديدا بما وصفته بالتسيب اإلداري والعشوائي‬ ‫الممنهج من طرف المندوب اإلقليمي للصحة‬ ‫بالحسيمة ‪.‬‬ ‫رفعت الشغيلة شعارات تطالب برحيل‬ ‫المندوب والتدخل العاجل للمسؤولين على‬ ‫المستوى الوطني والجهوي لوضع حد لالحتقان‬ ‫الذي تشهده المنظومة الصحية على المستوى‬ ‫المحلي‪.‬‬ ‫واعتبرت الـ “ك‪.‬د‪.‬ش” أن المندوب‬ ‫ومنذ تنصيبه على رأس المندوبية اإلقليمية‬ ‫للحسيمة‪ ،‬وعوض أن ينكب على المشاكل التي‬ ‫يعاني منها كل من المستشفى اإلقليمي محمد‬ ‫الخامس ومستشفى القرب بتارجيست من‬ ‫خصاص مهول على مستوى الموارد البشرية‬ ‫والمعدات الطبية والعمل على توفير األمن‬

‫والحماية التي تهدد األطر الطبية والتمريضية‬ ‫بقسمي الوالدة والصحة النفسية‪ ،‬وكذا اتخاذ‬ ‫التدابير الالزمة من أجل إعطاء اإلنطالقة‬ ‫إلستخدام جهاز “السكانير” بمستشفى القرب‬ ‫بتارجيست‪ ،‬أضحى شغله الشاغل تغيير شروط‬ ‫التباري لهيئة الممرضين وتقنيي الصحة في‬ ‫مناصب المسؤولية لرؤساء األقسام والمصالح‬ ‫حسب هواه بشكل غير قانوني ودون احترام‬ ‫المساطر المعمول بها‪ ،‬خصوصا ما جاء في‬ ‫المنشور الوزاري األخير والذي ينص على أن‬ ‫التباري حول المناصب الشاغرة من اختصاصات‬ ‫المدير الجهوي وفق ظوابط ومعايير محددة‬ ‫سلفا ‪.‬‬ ‫جدير بالذكر أن مناضلي النقابة الوطنية‬ ‫للصحة المنضوية تحت لواء الكونفدرالية‬ ‫الديمقراطية للشغل بالحسيمة قد جسدوا‬ ‫اعتصامين سابقين لنفس األسباب بعد أن‬ ‫استوفوا جميع طرق الحوار مع المندوب اإلقليمي‬ ‫والتي وصلت إلى باب مسدود‪.‬‬


‫الثالثـاء ‪ 30‬يوليوز �إلى ‪ 05‬غ�شت ‪2019‬‬

‫العدد ‪1004‬‬

‫‪7‬‬

‫مجتمع ـ سياسة ـ حقوق‬ ‫عبد العالي بن ربوحة‬

‫(مراسل من القصر الكبير)‬

‫المهرجان الثقافي والفني لجماعة بوجديان بإقليم‬ ‫العرائش يسدل الستار على دورته الثالثة‬

‫اختتمت مساء األحد ‪ 21‬يوليــوز الجاري‬ ‫فعاليات النسخة الثالثة من المهرجان الثقافي‬ ‫والفني لجماعة بوجديان بإقليم العرائش الذي‬ ‫تنظمه جماعة بوجديان تحت شعار ” الموروث‬ ‫الثقافي في خدمة التسويق الترابي ‪.‬‬ ‫عرف حفل االفتتاح مشاركة الفنان‬ ‫المغربي حاتم إدار‪ ،‬الذي ألهب الجمهور‬ ‫وتفاعل مع جميع أغانيه منذ بداياته كما شهد‬ ‫المهرجان إحياء عروض فنية من طرف الفرقة‬

‫الفلكلوریة “زهجوكة” للغياطة‪ ،‬و بني مزكلدة‬ ‫ومجموعة منانة للتبوریدة ‪.‬‬ ‫ويهدف هــذا المهرجــان حسب الجهة‬ ‫المنظمة إلى التعريف بالمؤهالت التراثية‬ ‫والفنية واإلمكانيات الطبيعية للمنطقة بهدف‬ ‫إنعاش المنطقة سياحيا وتسليط الضوء على‬ ‫الموروث الجبلي بإقليم العرائش‪ ،‬كما هو‬ ‫مناسبة لتدارس مجموعة من القضايا التنموية‬ ‫من زوايا اجتماعية واقتصادية وثقافية وطرح‬ ‫أفكار ومقترحات لمشاريع تسهم في تعزيز‬ ‫التنمية المجالية بالمنطقة ‪.‬‬

‫عقدت مؤخرا الجمعية المغربية للماء‬ ‫الشروب والتطهيــر (‪ )AMEPA‬في الربـــاط‬ ‫جمعها العام المزدوج (الجمع العام االستثنائي‬ ‫والجمع العام العادي االنتخابي) وذلك النتخاب‬ ‫مكتبها الجديد والمصادقة على برنامج العمل‬ ‫الذي يجسد الرؤية االستراتيجية الجديدة‬ ‫للجمعية على المدى المتوسط والبعيد‪.‬‬ ‫خالل الجمع العام االستثنائي‪ ،‬تم عرض‬ ‫واعتماد خارطــة الطريق الخاصــة بتقويــم‬ ‫الوضعية القانونية لـلجمعية وكذا اإلعالن عن‬ ‫إنهاء مهام وأنشطة األعضاء السابقين لمكتب‬ ‫الجمعية‪.‬‬ ‫أما بالنسبـــة للجمــع الـعام العـــادي‬ ‫االنتخابي‪ ،‬فقد تمحورت أشغاله حول عرض‬ ‫ومناقشة التقريرين األدبي والمالي‪ ،‬وكذلك‬ ‫عرض ومناقشة المذكرة اإلطار المتعلقة‬ ‫ببرنامج العمل المستقبلي للجمعية‪ .‬وعلى‬ ‫إثر هذا الجمع العام‪ ،‬تم انتخاب المكتب‬ ‫الجديد وتعيين المدير العام للمكتب الوطني‬ ‫للكهرباء والمــاء الصالــح للشــرب‪ ،‬السيد‬

‫عبد الرحيم الحافظي‪ ،‬رئيسا للجمعية المغربية‬ ‫للماء الشـروب والتطهيـر (‪ )AMEPA‬لمدة‬ ‫أربع سنوات‪.‬‬ ‫تأسست الجمعية المغربية للماء الشروب‬ ‫والتطهير سنــة ‪ ،1997‬وتضم أكثــر مـــن‬ ‫‪ 130‬عضوا فاعال في القطاعين العام والخاص‬ ‫(المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح‬ ‫للشرب‪ ،‬الوكاالت وشركات التوزيع) ومقاوالت‬ ‫الهندسة واألشغال في قطاع الماء الشروب‬ ‫والتطهير‪ :‬منتجون وموزعــون وصناعيــون‬ ‫ومكاتب الدراسات‪.‬‬

‫عبد العالي بن ربوحة‬

‫من الظواهر العابثة بالمجال العمومي‬ ‫المحلي‪ ،‬إشكالية المختلين عقليا‪ ،‬الذين‬ ‫أصبحوا يصولون ويجولون بأعداد كبيرة‬ ‫بين أحياء المدينة في وضعيات جد مأساوية‬ ‫باإلضافة إلى أن هناك حاالت تعترض سبيل‬ ‫المارة‪ ،‬كما أن بعضهم يرابط ويتخذ من‬ ‫جنبات الطرق واألرصفة وأماكن مهجورة مرتعا‬ ‫للنوم ومن يتجه بمحاذاة السكة الحديدية‬ ‫ومنهم من اتخذ مكانا ليقيم به بشكل دائم‪.‬‬ ‫ويالحظ أن المدينةعرفت تزايدا في‬ ‫اآلونة األخيرة لمجموعة من المختلين‬ ‫عقليا غرباء عن المدينة ‪ ،‬حيث غالبا ما يتم‬

‫نقلهم عبر حافالت صغيرة من مدن مجاورة‬ ‫ويتم إنزالهم بالقرب من ملتقيات الطرق‬ ‫على مشارف المدينة في أوقات متأخرة من‬ ‫الليل‪ ،‬مع العلم أن الجهة تتوفر على مصلحة‬ ‫لألمراض العقلية والنفسية‪.‬‬ ‫كما يؤكد العديد من المواطنين على انه‬ ‫بالرغم من هذا العدد الهائل من المختلين‬ ‫الذي يسيء إلى المدينة‪ ،‬فان الجهات المعنية‬ ‫لم تحرك ساكنا ولو في اإلشارة للحد من هذه‬ ‫الظاهرة وذلك بالقيام بحملة لجمع هؤالء‬ ‫ونقلهم إلى مصحات عمومية استشفائية‬ ‫خاصة أو ترحيلهم إلى مدنهم األصلية‪.‬‬

‫القصر الكبير ‪« :‬وداعا المختار‬ ‫عقيل المناضل االتحادي‬ ‫والنقابي السياسي»‬

‫المهرجان تميز أيضا بتنظيــم نـدوة‬ ‫علمية بعنوان “التراث الفني لجهجوكة‪ ..‬من‬ ‫النشأة إلى العالمية”‪ ،‬مبرزا جمالية موسيقى‬ ‫جهجوكة التي تجمع بين ألحــان مختلفــة‬ ‫ومتنوعـة‪ ،‬بإيقاعــات تقتــرب من موسيقــى‬ ‫“الروك” و”الجاز” العالميين‪ ،‬متشبثة بأصلها‬ ‫ومصدرها الشعبي العريق‪ ،‬ويبقـى تنظيــم‬ ‫هكذا مهرجانات جسـرا لدعـم القيم الفنية‬ ‫والموسيقية وإبراز الموروث الالمادي الذي‬ ‫تزخر به مناطق عدة بالمغرب ‪.‬‬

‫انتخاب السيد عبد الرحيم الحافظي‪ ،‬رئيسا للجمعية‬ ‫المغربية للماء الشروب والتطهير‬

‫المتشردون والمختلون عقليا يجتاحون‬ ‫مدينة القصر الكبير وشكوك حول‬ ‫عملية ترحيل قسرية من مدن أخرى‬

‫‪benrebouha01@gmail.com‬‬ ‫‪Tél : 0641794991‬‬

‫وباعتبارها منبرا للتفكير وتبادل الخبرات‪،‬‬ ‫تضع الجمعية المغربية للماء الشروب والتطهير‬ ‫رهن إشارة أعضائهــا مركــزا للمعلومـــات‬ ‫باإلضافة إلى تدابير للمواكبة والدعم‪ .‬عالوة‬ ‫على ذلك‪ ،‬تشارك الجمعية في المؤتمــرات‬ ‫والملتقيات الدولية الكبرى المتعلقة بقطاع‬ ‫الماء والتطهير‪ ،‬كما تنظم مهمات استطالعية‬ ‫بالخارج وتعمل على تطوير عالقات الشراكة مع‬ ‫العديد من المنظمات الدولية‪.‬‬

‫فكري ولد علي‬

‫في موكب جنائزي مهيب وغفير بمدينة‬ ‫القصر الكبير ‪ ،‬تم تشييع جنازة المناضل النقابي‬ ‫والسياسي‪ ،‬المختار عقيل‪ ،‬الذي وافته المنية يوم‬ ‫الجمعة ‪19‬يوليوز ‪ ،2019‬حيث ووري جثمانه‬ ‫الثرى بمقبرة الرحمة في جنازة مهيبة مساء‬ ‫يوم السبت ‪20‬يوليوز حضرتها ‪ ‬أسرة الفقيد‬ ‫وعدد من مناضلي حزب اإلتحاد االشتراكي‬ ‫وطنيا وجهويا ومحليا وأعضاء المكتب السياسي‬ ‫للحزب وأعضاء المكتــب المركزي للفدرالية‬ ‫الديمقراطيةللشغلباإلضافةلنشطاءحقوقيين‬ ‫ونقابيين‪ ،‬وجمعويين‪ ،‬وفعاليــات المجتمـــع‬ ‫المدني‬ ‫وفي كلمة تأبينية بالمناسبة ألقاها الكاتب‬ ‫العام للفدرالية الديمقراطية للشغل عبد الحميد‬ ‫فاتحي حيث عدد مناقب الرجل من خصال ونبل‬ ‫وتفان في العمل النضالي وتحمل للمسؤولية‬ ‫‪ ،‬كما اتسمت حياته بحب الضعفاء والدفاع عن‬ ‫مطالبهم ‪.‬‬

‫ولإلشارة الراحل كان من خيرة الفاعلين‬ ‫الجمعويين والنقابيين ‪ ،‬ومن الوجوه المعروفة‬ ‫في الحركة االتحادية‪ ،‬الراحل تقلد العديد من‬ ‫المسؤوليات النقابية والحزبية فقد كان عضوا‬ ‫بالمجلس الوطني للكنفدارلية الديمقراطية‬ ‫للشغل وعضو بالمجلس الوطني للفدرالية‬ ‫الديمقراطية للشغل وكاتبا محليا للفدرالية‬ ‫الديمقراطية للشغل وكاتب الفرع المحلي‬ ‫لالتحاد االشتراكي للقوات الشعبية ‪ ،‬كما‬ ‫ظل طيلة حياته محبوبا لدى مختلف التيارات‬ ‫واألطياف النقابية‪ ،‬الحقوقية والسياسية‪،‬‬ ‫حيث كان معروفــا بحضوره الدائم في‬ ‫المحطــات النضاليـة النقابيــة وفي الساحــة‬ ‫التعليمية والتجمعات التعبويــة‪ ،‬كما تميز‬ ‫بمداخالته وأرائه النقابية والسياسية ‪ ‬الجريئة ‪.‬‬

‫ع‪.‬ب‪.‬ر‬

‫وعكة صحية تدخل الفنان الريفي حفيظ‬ ‫تفردجاس إلى المستشفى ببلجيكا‬ ‫تعرض الفنان األمازيغي وقيدوم االغنية‬ ‫الريفية حفيظ تفرجاس لوعكة صحية بحر‬ ‫االسبوع المنصرم من شهر يوليوز الحالي‬ ‫استدعت نقله الى مستشفى سانت بيير (‪Saint‬‬ ‫‪ )Pierre‬ببروكسيل لتلقي العالجات الضرورية‪،‬‬ ‫واكدت مصادر قريبة من الفنان الريفي ان‬ ‫الطاقم الطبي البلجيكي المشرف على حالته‬ ‫الصحية قرر ابقاءه تحت المراقبة لمدة اطول‬ ‫داخل المشتشفى الخضاعه لمجموعة من‬ ‫الفحوصات ‪.‬‬ ‫الفنان حفيظ وقائد مجموعة بويا ‪ ،‬اسم‬ ‫تحفظه الذاكرة الفنية الريفية منذ ثمانينات‬ ‫القرن الماضي عبر جسور من االعمال االبداعية‬ ‫ْ‬ ‫اِرَاجًيغ‬ ‫بداية من العمل الفني تحت عنوان ”‬ ‫اِجَينْهَارْ ” (قد كنت يوما ) ‪ ،‬مرورا بما قدمه‬ ‫من رسالة لالمهات باغنية تحت عنوان ” ايماس‬ ‫الدنيا ” ( ام الدنيا ) ‪ ،‬الى جانب مجموعة من‬ ‫االعمال الفنية الراقية التي عالجت رسائل الوطن‬ ‫والهجرة والمجتمع ‪. )..‬‬ ‫حفيـــظ تفريجــاس‪ ،‬الفنــان الصدوق‬ ‫واإلنسان الصادق قد يكون اصابه الم الحالة‬

‫الصحية التي نقل على إثرها إلى المستشفى‬ ‫ببلجيكا اال انه تبقى عينه على ما قدمه للذاكرة‬ ‫الفنية الريفية بالخصوص وتحسر الساحة الفنية‬ ‫الريفية على النسيان الذي طال الفنان العصامي‬ ‫بشكل او بآخر من طرف الجمعيات والمؤسسات‬ ‫الفنية المغربية والمنابر االعالمية كوقفة ففنية‬ ‫عامة بالمقارنة ما تقدمه هذه الجهات لالطراف‬ ‫االخرى الن يمكن اعتبار الفنان بويا بشاهادات‬ ‫عديدة تجربة رائدة استطاعت ان تكون صاحبة‬ ‫رسالة نبيلة راقية بحمولة ثقافية لتراث ممتد‬ ‫في الجذور‪.‬‬

‫فكري ولد علي‬


‫‪8‬‬

‫الثالثـاء ‪ 30‬يوليوز �إلى ‪ 05‬غ�شت ‪2019‬‬

‫العدد ‪1004‬‬

‫خما�ض العدالة والتنمية‬

‫بنكيران والعثماني‬ ‫هل يؤديان دوراً سينمائياً‬ ‫بقلم ‪ :‬الدكتور عبدالحق بخات‬

‫هل نحن بصدد متابعة فيلم من درجة ثالثة‪ ،‬حيث يتم خالله‪،‬‬ ‫بكل الغباء‪ ،‬فرض وقائعه علينا من قبل عبد اإلله بنكيران‪ ،‬الذي‬ ‫يبدو بكل عناد مأخوذا برغبة االنتقام‪ ،‬وسعد الدين العثماني‬ ‫الذي يتظاهر بأنه يعي تماما بأن القافلة ينبغي أن تستمر رغم‬ ‫أن الكالب تنبح؟ أم أن هذا التوالي في المشاهــد السينمائيـة‬ ‫يعكس كارثة حقيقية داخل حزب المصباح‪ ،‬بطالها المسؤوالن‬ ‫األوالن في حزب العدالة والتنمية (‪ )PJD‬؟‬ ‫لو افترضنا أن المشاهد جعلتنا نصدق األمر‪ ،‬فإن اإلخوة‬ ‫األعداء سيكونان فعال ممثلين بارعين‪ ،‬ويتعامالن معنا ح ًقا وكأننا‬ ‫مجرد فصيلة ما من البط البري‪.‬‬ ‫الهزيمة األخيرة لبنكيران‪ ،‬كانت بمناسبة الموافقة على‬ ‫مشروع القانون اإلطار رقم ‪ 51.17‬المتعلق بتدريس المواد‬ ‫العلمية باللغات األجنبية‪ ،‬وخاصة الفرنسية واإلنجليزية‪ ،‬والتي‬ ‫تم اعتمادها أخيراً من قبل األغلبية يوم االثنين الماضي في‬ ‫مجلس النواب األول‪.‬‬ ‫نحن نعلم أن هذا المشروع كان موضوع معركة طويلة‬ ‫خاضها العديد من المعارضين بحزب العدالة والتنمية بقيادة‬ ‫عبد اإلله بنكيران‪ ،‬ومن قبل االستقالليين الذين نزلوا بكل‬ ‫ثقلهم لمعارضة تدريس اللغات األجنبية في المدرسة المغربية‪.‬‬ ‫منذ ذلك الحين‪ ،‬وعبد اإلله بنكيران يهدد بإسقاط حكومة سعد‬ ‫الدين العثماني‪.‬‬ ‫في الواقع‪ ،‬األمر كله متعلق بكون عبد اإلله بنكيران لم‬ ‫يستوعب بعد حقيقة أنه أقيل من رئاسة الحكومة‪ ،‬وأنه أيضاً‬ ‫تم عزله عن قيادة حزب العدالة والتنمية‪ .‬وما ال يستطيع أيضاً‬ ‫ابتالعه لحد اآلن أنه تم استبداله في هاتين المهمتين بالرجل‬ ‫الذي اعتبره أخا له‪ ،‬والذي سيتبين له أنه أخ عدو فيما بعد‪.‬‬ ‫العثماني الغاضب على ما يبـدو‪ ،‬لم يتأخــر في الرد على‬ ‫الخرجات اإلعالمية لبنكيران الذي يتساءل‪« :‬كيف يمكن لحزب‬ ‫بمرجعية إسالمية أن يتخلى عن اللغة العربية لتحل محلها‬ ‫لغة المستعمر؟ ناعتا هذا القرار «بالخيانة الموصوفة للمبادئ‬ ‫اإلسالمية للحزب ‪.» )PJD(.‬‬ ‫رئيس الحكومة واألمين العام لحزب العدالة والتنمية سعد‬ ‫الدين العثماني‪ ،‬فضل قص العشب من تحت أقدام بنكيران‬ ‫ورجاله‪ ،‬من خالل مساندته وتبنيه لقانون اإلطار ‪.51.17‬‬ ‫وفي حديثه ضمنياً لبنكيران‪ ،‬قال العثماني إن «حزب العدالة‬ ‫والتنمية هو حزب مؤسسات وليس حزب أفراد‪ ،‬و يجب عليه أن‬ ‫يكون فخورا بمؤسساته‪ ،‬والتي بدونها لن يكون شي ًئا يذكر»‪،‬‬ ‫مضي ًفا‪« :‬سيكون حزب العدالة والتنمية دائماً مخلصاً لمبادئه‬ ‫وتوجهاته األيديولوجية المثبتة في قوانينه»‪.‬‬ ‫هذا هو ما نحن عليه اليوم‪ ،‬حيث يعتبر المراقبون المطلعون‬ ‫أن هذه اإليماءات جزء من تكتيك يكون الغرض منه هو توفير‬ ‫الشروط اإليديولوجية للبطلين من أجل تمكينهم من حماية‬ ‫حزبهم‪ ،‬بطريقتهم الخاصة‪ ،‬والسماح له باستعادته لتعاطف‬ ‫الرأي العام الوطني‪.‬‬

‫?‬

‫وبينما تنعــت عـدة تقارير إعالميــة العالقـة بين الرجلين‬ ‫بالصاخبة والمتوترة‪ ،‬وعندما استفسر رئيس الحكومة سعد‬ ‫الدين العثماني عن صلته بسلفه عبد اإلله بنكيران أجاب بأنه‬ ‫يستحضر «صديقاً» تربطه به «وشائج جيدة جداً» لمدة ‪40‬‬ ‫سنة‪.‬‬ ‫ومع ذلك‪ ،‬ال يتردد بنكيران في توجيه طلقاته النارية من‬ ‫مسافة قريبة إلى العثماني‪ ،‬بينما يتجنب هذا األخير أخذ ثأره منه‪،‬‬ ‫باستثناء األسهم القليلة غير المباشرة التي يوجهها لسلفه‪.‬‬ ‫لقد ذهبت المصادر إلى أبعد من ذلك لتكشف أن رئيس‬ ‫الحكومة واألمين العام لحزب العدالة والتنمية‪ ،‬سعد الدين‬ ‫العثماني‪ ،‬قد انفصل عن عبد اإلله بنكيران بشكل مؤكد منذ أن‬ ‫أدلى بتصريحات تحريضية تجاهه ألصقت بعمله الحكومي صفة‬ ‫العار‪ ،‬واتهمته بالخيانة والتعاون مع المستعمر‪.‬‬ ‫الزعيـم السابق لحزب العدالة والتنميــة الغاضب دعا إلى‬ ‫التمرد‪« :‬أدعو برلمانيي حزب العدالة والتنمية بالمجلسين‪،‬‬ ‫والمناضلين للتصويت ضد هذا القانون‪ ،‬حتى وإن اقتضى األمر‬ ‫إسقاط الحكومة التي يقودها سعد الدين العثماني»‪.‬‬ ‫ولتوضيح‪ ،‬جيدا‪ ،‬الهدف من خرجته الماحقة‪ ،‬فإنه ببساطة‬ ‫يدعــو العثمانــي إلى «االستقـــالــة وحل البرلمان بد ًال من‬ ‫تحمل وصمة عـار فرنسـة التعليـم بعد أن حاز االستقالليون‬ ‫تاريخياً شرف تعريبه»‪.‬‬ ‫إنها ديماغوجية بحتة لمواجهـــة الرأي العام‪ ،‬تميل إلى‬ ‫استعادة شعار النبالة لحزب العدالة والتنمية‪ ،‬في خطوة دعائية‬ ‫سابقة ألوانها تحسباً لتشريعات لعام ‪.2021‬‬ ‫بالواضح المكشوف‪ ،‬إذا كان بنكيران لم ينجح في هضم‬ ‫إقالته‪ ،‬ويريد أن يبقى بأي ثمن الزعيم الكاريزمي لحزب العدالة‬ ‫والتنمية‪ ،‬فإن سعد الدين العثماني‪ ،‬الطبيب النفسي‪ ،‬ليس لديه‬ ‫نفس المـــزاج الديماغوجي‪ ،‬ويفضل لعب ورقـــة االسترضــاء‪،‬‬ ‫ويفضل تجنب المناقشات الجانبية مع انتقادات المناضلين‪.‬‬ ‫غير أنه يعرف أيضاً كيف يطلق النار بسهام غير مباشرة لكنها‬ ‫مؤذية‪:‬‬ ‫«أنا أعمل تحت مسؤولية جاللة الملك‪ .‬و ال أقبل أن تملى‬ ‫علي كيفية التصرف»‪ .‬مضيفا ‪« :‬نحن على دراية بالوضع الحالي‬ ‫ونفهم األمور ‪ ...‬صاحب الجاللة يدعمنا دائماً وأقول ذلك من‬ ‫أعماق قلبي»‪.‬‬ ‫وخزة صغيرة موجهة مباشرة إلى قلب بنكيران الذي ال يزال‬ ‫يكرر تمسكه بالملك محمد السادس وهو مرددا ‪« :‬أنا ملكي‪،‬‬ ‫وأكثر ملكية من الملك»‪.‬‬ ‫لعبة التوازنات هذه التي يزاولها الزعيمان األوالن لحزب‬ ‫العدالة والتنمية ليس بمقدورها أن تقنع أي شخص‪ .‬هدفهما‪،‬‬ ‫معا‪ ،‬هو الحفاظ على حزبهم في السلطة لفترة والية جديدة‬ ‫بعد عام ‪ ،2021‬وهو أمر غير مرجح‪ ،‬إذا أخذنا في االعتبار تدني‬ ‫مصداقية حزب المصباح أمام الرأي العام المغربي ‪.‬‬

‫قطرات مداد‬ ‫ُ‬ ‫• محمد إمغران‬

‫عين على‬ ‫أفراد جاليتنا بالخارج‬ ‫ها نحن في عز أيام الصيف وما يمكن أن يستشفه كل‬ ‫واحد منا‪ ،‬سواء ببيوتنا أو بأحيائنا أو بشوارعنا أوببعض‬ ‫فضاءاتنا هو غياب الحضور الكبير والمعتاد ألفراد جاليتنا‬ ‫المقيمة بأرض المهجر والذين بدا يالحظ نقصانهم‬ ‫بيننا‪ ،‬سنة بعد أخرى‪ ،‬وخاصة على مستوى تحركهم مع‬ ‫أطفالهم‪ ،‬بالمرافق واألسواق والمنتزهات وغيرها من‬ ‫أماكن االصطياف‪.‬‬ ‫واقــع هو ملموس أشبــه بالشمس التي اليمكن‬ ‫تغطيتها بالغربال والواقع اليومي غالبـا ما يفضح كثيرا‬ ‫من المعطيات المشكوك فيها‪ ،‬سواء كانــت رسميــة‬ ‫حكومية أو خصوصية حزبية‪ ،‬تتعلق بمختلف الميادين‬ ‫والمجــاالت‪ .‬ويكفي أنه منذ عهد قريــب نسبيــا كانت‬ ‫أواخرشهريونيو وبداية شهر يوليوز تشهدان قدوم‬ ‫جيش عرمرم من المغاربة المسكونين بالشوق والحنين‬ ‫إلى الوطن‪ ...‬إلى أناسه وتربته وهوائه ومائه وبحره‬ ‫وجباله وغاباته‪ ،‬عكـس واقع اليوم‪ ،‬إذ لم يعد يتجلى‬ ‫ذلك التدفق الهائل للمهاجرين المغاربة على مسقط‬ ‫رؤوسهم‪ ،‬موطن صرخاتهم األولى وأرض أجدادهم التي‬ ‫ترعرعوا فيها ردحا من الزمان‪.‬‬ ‫صحيح أن األزمة المادية التي ضربت أوروبا وبعض‬ ‫دول العالم‪ ،‬خالل العقد األخير كان لها تأثير على قدومهم‬ ‫لقضاء عطلهم السنوية بين ظهرانينا‪ ،‬لكن ال يعتقد أن‬ ‫هذا سبب لوحده يقف وراء عدم حضورهم الكبيربأرض‬ ‫الوطن كما عهدناه‪ ،‬خالل العقدين الماضيين مثال‪ ،‬وإنما‬ ‫هناك أسباب أخرى لها ارتباط بشؤون إداراتنا المختلفة‬ ‫التي يحتاجون الولوج إليها لقضاء أغراضهم والتابعة‬ ‫لمختلف القطاعات‪ ،‬بما فيها القضاء واإلسكان والتجارة‬ ‫والبلدية‪ ....‬فضال عن ظروف استقبالهم المريحة‪ ،‬فقط‬ ‫عبر أثير اإلذاعة والتلفزة وعدم إيجادهم ما يطمئنهم من‬ ‫مظاهر الحياة التي يقارنونها مع دول إقامتهم‪ ،‬فيجدون‬ ‫أن البون شاسع في كثير من مناحي الحياة بين وطنهم‬ ‫ودول المهجر‪.‬‬ ‫ألم يكن إذن من األصوب بالنسية للمسؤولين في‬ ‫الوزارات واإلدارات المعنية أن يقفوا عند هذه النقطة‬ ‫وبالتالـي يبــادرون إلى إعـــادة النظر في سياساتهــم‬ ‫والتفكير في إيجاد حلول عملية وليست شفوية لتمكين‬ ‫أفراد جاليتنا المغربية من معانقة أرض الوطن بأعدادهم‬ ‫الكبيرة ؟ أم أنه عندما تجف أرصدتهم التي كانت تنعش‬ ‫البنــوك المغربيــة يكـون المصير هو إهمالهم وسوء‬ ‫تدبيرأمورهم ؟‬ ‫ويكفــي كذلك أن يكـــون المهاجـرون المغاربــة‬ ‫من بين أكثر الشعوب الحاصلة على جنسيــات دول‬ ‫إقامتهــم بأوروبا‪ ،‬مما يعني أنهم شعــب فاهم ومحب‬ ‫للحضارة و ذواق وتواق إلى العيــش الكريم‪ ،‬وفي قرارة‬ ‫نفسه تتملكه غيرة كبيرة على وطنه الذي مهما غاب‬ ‫عنه‪ ،‬البد وأن يعود إليه زائرا وكله حنين وأمل في أن‬ ‫يالمس ثمارالتغيير والتقدم الحاصل في كثيرمن مجاالت‬ ‫الحياة‪...‬‬ ‫أكثر من هذا أن المهاجرين المغاربة لهم مؤهالت‬ ‫وكفاءات وإمكانيات يرغبون من خاللها في المساهمة‬ ‫الوطيدة في بناء تقدم وتطوير بلدهم األم المغرب‪،‬‬ ‫لكن ربما هناك رأي آخرللوزراء والبرلمانيين والمنتخبين‬ ‫وأمناء األحزاب السياسية ببالدنا والذين هم في شبه‬ ‫عطل وغيابات وأسفار‪...‬دائمة‪.‬‬


‫امللحق القانوين‬

‫‪9‬‬

‫العدد ‪ 1004‬ـ الثالثاء ‪ 30‬إلى ‪ 5‬غشت ‪2019‬‬

‫أسس و مناهج التدبير اإلداري في ظل القانون التنظيمي‬ ‫للجماعات الترابية رقم ‪14-113‬‬ ‫اجلزء الثاين والأخري‬

‫د‪ .‬حفصة الرمحاني‬ ‫وبناء عليه عملت المادة ‪ 269‬على تحديد‬ ‫مفهوم هذه القواعد بحيث جاء فيها ‪:‬‬ ‫« يراد في مدلول هذا القانون التنظيمي‬ ‫بقواعد الحكامة المتعلقة بحسن تطبيق مبدأ‬ ‫التدبير الحر العمل على الخصوص احترام المبادئ‬ ‫العامة التالية ‪:‬‬ ‫ المساواة بين المواطنين في ولوج المرافق‬‫العامة التابعة للجماعة‬ ‫ االستمرارية في أداء الخدمات من قبل‬‫الجماعة‬ ‫ ضمان جودة الخدمات‬‫ تكريس قيم الديمقراطية والشفافية‬‫والمحاسبةوالمسؤولية‬ ‫ ترسيخ سيادة القانون‬‫ التشارك والفعالية والنزاهة»‬‫وعملت المادة ‪ 270‬على إظهار إلزامية التقيد‬ ‫بهذه القواعد‪ ،‬كما وضحت إلى جانب باقي المواد‬ ‫اإلجراءات االزم اتخاذها من قبل الجماعة من اجل‬ ‫ضمان احترام هذه المبادئ ‪.‬‬ ‫ولكن وفي نظر عينة من الممارسين‬ ‫المحليين على رأسهم المدراء ( الكتاب العامون‬ ‫للجماعة سابقا ) فإن تفعيل مقتضيات هذه المواد‬ ‫تطرح إشكاالن ‪:‬‬ ‫اإلشكال األول ‪ :‬يتعلق بمدى تكامل أو‬ ‫تعارض مقتضيات المادة ‪ 3‬أي تفعيل مبدأ التدبير‬ ‫الحر‪ ،‬مع المقتضيات الخاصة بالمراقبة اإلدارية‪،‬‬ ‫حيث ورد في المادة ‪118‬مثال ‪:‬‬ ‫« ال تكون مقررات المجلس التالية قابلة‬ ‫للتنفيذ إال بعد التأشير عليها من قبل عامل العمالة‬ ‫او اإلقليم او من ينوب عنه‪ ،‬داخل أجل عشرين يوما‬ ‫من تاريخ التوصل بها من رئيس المجلس ‪:‬‬ ‫ برنامج عمل الجماعة‬‫ المقرر المتعلق بالميزانية‬‫ المقرر القاضي بتنظيم إدارة الجماعة‬‫وتحديداختصاصاتها‪.‬‬ ‫ المقررات ذات الوقع المالي على النفقات أو‬‫المداخيل والسيما االقتراضات والضمانات وتحديد‬ ‫سعر الرسوم واألتاوى ومختلف الحقوق وتفويت‬ ‫أمالك الجماعة وتخصيصها‪.‬‬ ‫ المقرر المتعلق بتسمية الساحات والطرق‬‫العمومية عندما تكون هذه التسمية تشريفا‬ ‫عموميا أو تذكيرا بحدث تاريخي‬

‫دكتوراه في القانون العام‬ ‫«باحثة في مجال التنمية المحلية»‬ ‫ المقــرر المتعلـق باتفاقيــات التعاون‬‫الالمركزي والتوأمة التي تبرمهـا الجماعــة مع‬ ‫الجماعات المحلية األجنبية‬ ‫ المقررات المتعلقة بإحداث المرافق‬‫العمومية الجماعية وطرق تدبيرها‬ ‫ غير ان المقررات المتعلقة بالتدبير‬‫المفوض للمرافق والمنشئات العمومية الجماعية‬ ‫وبإحداث شركات التنمية المحلية يؤشر عليها من‬ ‫قبل السلطة الحكومية المكلفة بالداخلية داخل‬ ‫نفس االجل المشار إليه»‪.‬‬ ‫اإلشكال الثاني ‪ :‬الوارد هنا هو سكوت‬ ‫المشرع عن اإلجراءات او المسطرة المعتمدة في‬ ‫حالة عدم التأشير على هذه المقررات‪ ،‬باستثناء‬ ‫المقرر المتعلق بالميزانية حيث تم التطرق‬ ‫بتفصيل إلى اإلجراءات المتخذة في حالة رفض‬ ‫التأشيرة في الباب الثالث من المادة ‪ 189‬إلى‬ ‫المادة ‪.195‬‬ ‫فقد جاء بصريح العبارة في المادة ‪ 191‬على‬ ‫انه إذا رفض عامل العمالة او اإلقليم التأشير على‬ ‫الميزانية ألي سبب من األسباب المشار إليها في‬ ‫المادة ‪ 189‬وهي ‪:‬‬ ‫ سبب عدم احترام أحكام القانون التنظيمي‬‫للجماعات والقوانين واألنظمة الجاري بها العمل‬ ‫ سبب توازن الميزانية على صدقية تقديرات‬‫المداخيلوالنفقات‬ ‫ سبب تسجيل النفقات االجبارية‬‫بناء على احد هذه األسباب يقوم العامل‬ ‫بتعليل أسباب رفض التأشيرة على الميزانية‬ ‫ويبلغها إلى رئيس الجماعة في أجل ‪ 15‬يوما ‪.‬‬ ‫وعلى رئيس الجماعة أن يقوم بتعديلها وبعد‬ ‫تصويت المجلس على التعديل تبعث مرة ثانية‬ ‫من اجل التأشيرة عيلها من جديد ‪.‬‬ ‫و في حالة عدم أخذ المجلس بأسباب رفض‬ ‫التأشير تطبق مقتضيات المادة ‪195،‬و التي‬ ‫تقضي حينها بتقديم استفسارات إلى رئيس‬ ‫الجماعة وحلول السلطة الحكومية المكلفة‬ ‫بالداخلية محله لوضع ميزانية التسيير ‪.‬‬ ‫أال تتعارض سلطة الحلول مع مبدأ التسيير‬ ‫الحر ؟ وبما ان هذا المثال هو الوحيد الذي ورد‬ ‫في هذا القانون التنظيمي فهل يفهم من ذلك‬ ‫وبالقياس عليه ان باقي المقررات التي تخضع‬ ‫للتأشيرة سيتم االعتماد فيها على نفس المسطرة‬ ‫أي طلب التعديل وبعدها سلطة الحلول ؟‬ ‫ويبقى أن خــروج النصــوص التنظيمية‬

‫باإلضافة إلى الممارسة العملية والنقاشات‬ ‫العلمية حول الموضوع كفيلة باإلجابة على هذه‬ ‫اإلشكاليات المطروحة ‪.‬‬ ‫و فيما يلي ننتقل إلى المبادئ األخرى التي‬ ‫أقرها القانون التنظيمي للجماعات الترابية كركائز‬ ‫يجب االعتماد عليها في تدبير شؤون الجماعة‬ ‫واالمر يتعلق بمبدأي التضامن والتعاون ‪.‬‬ ‫الفقرة الثانية ‪:‬مبدأي التضامن والتعاون‬ ‫كما الحظنا أعاله فإن المادة ‪ 136‬من دستور‬ ‫‪ 2011‬قد أقرت مبدأي التضامن والتعاون كركائز‬ ‫لتدبير الشأن المحلي‪ ،‬وتنزيال لمقتضيات الدستور‬ ‫عملت الفقرة الثانية من المادة ‪ 3‬بالتنصيص على‬ ‫هذه المبادئ حيث جاء فيها ‪:‬‬ ‫«يرتكــز التنظيـــم الجماعي على مبدأي‬ ‫التضامن والتعاون بين الجماعات ‪،‬وبينها وبين‬ ‫الجماعات الترابية األخرى من اجل بلوغ أهدافها‬ ‫وخاصة إنجاز مشاريع مشتركة وفق اآلليات‬ ‫المنصوص عليها في هذا القانون التنظيمي «‬ ‫لتفعيل هذه المبادئخول المشرع للجماعة‬ ‫مجموعة من آليات التعاون والشراكة ويتعلق االمر‬ ‫بكل من ‪:‬‬ ‫ شركات التنمية‬‫ مؤسسات التعاون بين الجماعات‬‫ مجموعات الجماعات الترابية‬‫ اتفاقيات التعاون والشراكة‬‫ التعاون الدولي‬‫و يقصد بالشراكة بصفة عامة‪ ،‬مجموعة‬ ‫من االتفاقات التي تبرمها الجماعات الترابية مع‬ ‫جماعات ترابية اخرى وباقي المؤسسات العمومية‬ ‫وجمعيات المجتمع المدني والقطاع الخاص‪ ،‬إلنجاز‬ ‫أو لتدبير مرافق عمومية سواء من طرف القطاع‬ ‫الخاص أو بواسطة شركات التنمية المحلية‪،‬‬ ‫ويفيد مفهوم االشتراك‪ ،‬العالقات التي تقيمها‬ ‫الجماعات الترابية إلنجاز مشاريع تنموية محلية‪،‬‬ ‫تقام على أساس حاجيات وإمكانيات محددة‪ ،‬في‬ ‫إطار تضامني مع غيرها‪ ،‬خاصة لمساعدة الجماعات‬ ‫الترابية الضعيفة لالستفادة من خبرة وإمكانيات‬ ‫نظيراتها الميسورة ‪.‬‬ ‫وبناء عليه وطبقا لمقتضيات المادة ‪ 149‬من‬ ‫القانون التنظيمي رقم ‪ 14-113‬بإمكان الجماعة‬ ‫بان تقوم بجميع أعمال التعاون والشراكة مع‬ ‫جميع األشخاص الفاعلين والمتدخلين من القطاع‬ ‫العام أو الخاص التي من شأنها أن تنعش التنمية‬ ‫داخل الجماعة‪ ،‬بما في ذلك الشركاء االقتصاديين‬ ‫المحسوبين على المنظمات األجنبية‪ ،‬والتعاون‬ ‫الالمركزي وكل أشكال التبادل مع الجماعات‬ ‫الترابية األجنبية‪ ،‬بعد موافقة السلطة الوصية‪،‬‬ ‫وذلك في إطار احترام االلتزامات الدولية للمملكة‪،‬‬ ‫وبناء على المادة ‪ 86‬من نفس القانون يمنع إبرام‬ ‫أي اتفاقية بين جماعة أو مؤسسة التعاون بين‬ ‫الجماعات أو مجموعة للجماعات الترابية ودولة‬ ‫أجنبية‪.‬‬ ‫ولعل الجديد في هذا الجزء هو كون المشرع‬ ‫قد قام بالفصل بشكل واضح في أشكال التعاون‬ ‫بين الجماعات خاصة في النقطة المتعلقة ب‪:‬‬ ‫ مؤسسات التعاون بين الجماعات ‪ :‬ويكون‬‫التضامن والتعاون والشراكة بين جماعات متصلة‬ ‫ترابيا ( من المادة ‪ 133‬إلى المادة ‪.) 140‬‬ ‫ مجموعات الجماعات الترابية ‪ :‬ويكون‬‫التعاون والشراكة هنا بين الجماعة مع جهة أو‬ ‫اكثر أو عمالة او إقليم او اكثر ‪ (.‬من المادة ‪141‬‬ ‫إلى المادة ‪.) 148‬‬ ‫ اتفاقيات التعاون والشراكة ‪ :‬في حالة وجود‬‫مشروع أو نشاط ذي فائدة مشتركة ال يقتضي‬ ‫اللجوء إلى إحداث شخص اعتباري خاضع للقانون‬ ‫العام او الخاص‪ ( .‬المادة ‪.) 149‬‬ ‫و الحقيقة ان مبدأي التعاون والتضامن من‬ ‫شانهما الرقي بالتنمية الترابية لمختلف الجماعات‬ ‫الترابية بحيث سيعمالن على الترشيد الحكماتي‬ ‫للموارد المالية للجماعات وكذا سيمكنان من‬ ‫تنمية ترابية قائمة على التنسيق واالنسجام بين‬ ‫مختلف المكونات‪ ،‬مما يشكل ربح للوقت وتدبير‬ ‫معقلن تتكاثف فيه الجهود وتحكم أكبر في‬ ‫الموارد المالية المتاحة لكل جماعة ‪.‬‬ ‫المطلب الثاني ‪:‬مبدأي التفريع والمناصفة‬ ‫الفقرة األولى ‪ :‬مبدأ التفريع والتدرج‪:‬‬

‫(البقية ص ‪)10‬‬

‫إعداد ‪ :‬د‪ .‬محمد البوشوكي‬ ‫دكتور في القانون العام‬ ‫‪mohamedelbouchouki@gmail.com‬‬

‫مؤسسات الحكامة‪ : ‬المكتسبات‬ ‫و النواقص ؟‬

‫شكل دستور ‪ 2011‬للمملكة المغربية قيمة نوعية في اتجاه توطيد دولة‬ ‫الحق والقانون وتفعيل الحكامة الجيدة والديمقراطية التشاركية وقد احتلت هذه‬ ‫المفاهيم حيزا مهما في الدستور حيث أكد المشرع منذ الفصل األول منه أن‬ ‫نظام الحكم بالمغرب ملكية دستورية دموقراطية واجتماعية ويقوم على أساس‬ ‫فصل السلط وتوازنها وتعاونها والديمقراطية المواطنة والتشاركية‪ ،‬وعلى مبادئ‬ ‫الحكامة الجيدة وربط المسؤولية بالمحاسبة (الفصل ‪ 1‬من الدستور)‪.‬‬ ‫ولقد خصص المشرع الباب الثاني عشر من الدستور لمبادئ الحكامة الجيدة‬ ‫ومؤسساتها حيث نص في الفصل ‪ 155‬على أن هاته الهيات المكلفة بالحكامة‬ ‫الجيدة مستقلة وتستفيد من دعم الدولة ‪.‬‬ ‫هذه المؤسسات التي تعتبر جديدة دستوريا يمكن تصنيفها إلى مؤسسات‬ ‫حقوقية كمؤسسة الوسيط ‪،‬مؤسسة الجالية المغربية المقيمة بالخارج‪ ،‬المجلس‬ ‫االستشاري لحقوق االنسان ومؤسسات الحكامة الجيدة كالهيئة العليا لإلتصال‬ ‫السمعي البصري والهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها ومجلس‬ ‫المنافسة وئة ثالثة من الهيئات المكلفة بالنهوض بالتنمية البشرية والمستدامة‬ ‫والدمقراطية التشاركية والتي تحدد بقوانين وتأليف وصالحيات وتنظيم قواعد‬ ‫تسيير المؤسسات والهيئات السالفة كما نص على ذلك الفصل ‪ 171‬من الدستور‬ ‫هنا يجب أن نقر على أن هذه المؤسسات تعتبر مكسبا للمملكة كأليات‬ ‫لتكريس دولة الحق والقانون وهيئات لتوطيد الديمقراطية التشاركية‪.‬‬ ‫غير ان هناك أسئلة تطرح حول سلطات مؤسسات وهيئات الحكامة الجيدة هل‬ ‫هي سلطات استشارية أم تقريرية ؟‬ ‫إن دسترة مؤسسات الحكامة الجيدة وعلى غرار الدول الديمقراطية يدخل‬ ‫في إطار تدعيم استقالليتها عن السلطتين التشريعية والتنفيدية وبعيدا عن‬ ‫السياسات الحزبية الضيقة إال أنه كراي شخصي يمكن القول أن مبدأ اإلستقاللية‬ ‫يكون نسبيا إال إذا ما استثنينا الشق المالي ‪.‬‬ ‫بالنظر إلى صالحيات هذه المؤسسات المشار إليها في الدستور الجديد يمكن‬ ‫اعتبار سلطات ال تتعدى أن تكون سلطات استشارية محضة فهي تقوم بإنجاز‬ ‫تقارير سنوية تبدي رأيها في السياسات العمومية والقضايا السوسيو اقتصادية‬ ‫والثقافية والحقوقية وهنا يمكن ان ندخل في مأزق تداخل االختصاصات بين‬ ‫المؤسسات السالفة الذكر واختصاصات المجتمع المدني كقوى اقتراحية ومن‬ ‫هذا المنطلق فالسلطات التقريرية الزالت بيد الهيئات التقليدية للدولة‪ ،‬وعليه‬ ‫فمؤسسات الحكامة الجيدة خص لها المشرع وظيفة ابداء التوصيات والتقييم‬ ‫كوظائف تكميلية ونحن نعلم أن التوصيات ليست بالضرورة ملزمة‪ ,‬إال إذا‬ ‫استثنينا مؤسسة الهيأة العليا لالتصال السمعي البصري التي تتمتع بوظيفة‬ ‫الضبط والتقنين والتنظيم وضمان الحق في المعلومة كما نص الفصل ‪165‬‬ ‫من الدستور‪ ,‬فالسؤال هنا ما مغزى دسترة هذه المؤسسات إذا كانت لها وظائف‬ ‫استشارية فقط ؟‬ ‫طبقا لهذه الوظائف االستشارية فإن لجان تقصي الحقائق التي يجوز أن تشكل‬ ‫بمبادرة من الملك أو بطلب من أغلبية أعضاء مجلس النواب أو ثلث أعضاء مجلس‬ ‫المستشارين يمكن أن تكون لها نفس الوظائف واألدوار حيث يناط بها جمع‬ ‫المعلومات المتعلقة بوقائع معينة أو بتدبير المصالح أو المؤسسات والمقاوالت‬ ‫العمومية وإطالع المجلس األعلى على تقاريرها وفقا للبنود الواردة في الفصل‬ ‫‪ 67‬من الدستور والقانون التنظيمي (‪ )085.13‬الذي يحدد تسيرها‪ ،‬هذا األمر ال‬ ‫يجب أن يدفعنا إلى نفي السياق اإليجابي الذي أتى به دستور ‪ 2011‬بالنسبة‬ ‫لهيأت الحكامة الجيدة كمدخل هام لإلصالح المؤسساتي‪ ،‬فالمغرب اصبح ومنذ‬ ‫الحراك العربي جزءا من النطاق العام حول الحكامة واإلصالح في المنطقة إن‬ ‫لم نقل نموذجا يحتدى به في المجال اإلصالحي ‪,‬غير أنه رهانات كبيرة ستبقى‬ ‫لصيقة بمؤسسات الحكامة الجيدة إن لم يكن هناك نوع من التقييم وإعادة النظر‬ ‫في السلطات والوظائف فمبدأ االستقاللية ضروري لضمان الحياد والشفافية‪،‬‬ ‫إضافة إلى السلطة التقريرية لتلك المؤسسات حتى ال تشكل عبأ على الدولة دون‬ ‫الوصول إلى األهداف المتوخاة منها دستوريا ‪.‬‬ ‫في هذا السياق يمكن القول أن دستور ‪ 2011‬أسس لمرحلة هامة في مجال‬ ‫النهوض بالحكامة الجيدة ومؤسساتها عبر إطالق دينامية تشريعية الستكمال‬ ‫تحيين ومالئمة الشق القانوني المؤطر لها في إطار مقاربة شمولية تهدف الى‬ ‫رفع وتعزيز أنظمة الشفافية والنزاهة والمساءلة كقواعد مؤسسة لدولة الحق‬ ‫والقانون‪.‬‬


‫الشمال القانوني‬

‫العدد ‪1004‬‬

‫أسس و مناهج التدبير اإلداري‬ ‫في ظل القانون التنظيمي‬ ‫للجماعات الترابية رقم ‪14-113‬‬ ‫تتمة ص ‪)9‬‬ ‫يعتبر مبدأ التفريع كذلك من المبادئ‬ ‫الدستورية التي تم التنصيص عليها ضمن الفصل‬ ‫‪ 140‬من دستور ‪ 2011‬والذي جاء فيه ‪:‬‬ ‫« للجماعات الترابية‪ ،‬وبناء على مبدأ‬ ‫التفريع اختصاصات ذاتية واختصاصات مشتركة‬ ‫مع الدولة واختصاصات منقولة إليها من هذه‬ ‫األخيرة‪.‬‬ ‫وبناء عليه فقد عملت المادة ‪ 4‬من القانون‬ ‫التنظيمي للجماعات رقم ‪ 14-113‬على تفعيل‬ ‫مقتضيات الدستور بدورها من خالل تنصيصها‬ ‫على هذا المبدأ كأحد الدعامات األساسية التي‬ ‫يقوم عليها ممارسة االختصاصات المشتركة‬ ‫والمنقولة‪ .‬وقد جاء فيها ‪:‬‬ ‫«طبقا للفقرة األولى من الفصــل ‪ 140‬من‬ ‫الدستور‪ ،‬وبناء على مبدأ التفريع تمارس الجماعة‬ ‫االختصاصات الذاتية المسندة إليها بموجب‬ ‫أحكام هذا القانون التنظيمي والنصوص المتخذة‬ ‫لتطبيقه‪ ،‬وتمارس أيضا االختصاصات المشتركة‬ ‫بينها وبين الدولة‪ ،‬والمنقولة إليها من هذه‬ ‫األخيرة وفق الشروط والكيفيات المنصوص عليها‬ ‫في االحكام المذكورة «‪.‬‬ ‫ويقوم مبدأ التفريــع على قاعــدة أن كــل‬ ‫مستوى من المستويات الترابية يلزمه إعطاء‬ ‫أجوبة نوعية ومحددة لتساؤالت وقضايا مشتركة‪،‬‬ ‫وبمعنى آخر ينطلق المبدأ بان الوحدات األدنى‬ ‫هي صاحبة االختصاص وال تتدخل الدولة إال عند‬ ‫عجز هذه الوحدات ‪ .‬والغاية منه هي تجاوز التداخل‬ ‫التقليدي في االختصاصات الذي كان يحد من‬ ‫فعالية ونجاعة التدخالت العمومية ‪.‬‬ ‫و بالتالي فإن مبدأ التفريع يقضي بضرورة‬ ‫توضيح االختصاصات بين مختلف المستويات‬ ‫الترابية وذلك في أفق هندسة ترابية قائمة على‬ ‫التنسيق بين المستويات الترابية وتقسيم األدوار‬ ‫فيما بينها وبالتالي تحديد المسؤوليات التي تنتج‬ ‫عن هذه األدوار‪ ،‬وهو الشيء الذي يصبح معه‬ ‫سهال ربط المسؤولية بالمحاسبة ‪.‬‬ ‫وقد عمل القانون التنظيمي رقم ‪14-113‬‬ ‫على تفعيل هذا مبدأ التفريع من خالل التنصيص‬ ‫وبوضوح على االختصاصات الموكولة إلى‬ ‫الجماعة الترابية‪ ،‬وميز بين ثالث انواع من هذه‬ ‫االختصاصات‪:‬‬ ‫االختصاصات الذاتية‪:‬تم التطرق إليها من‬ ‫المادة ‪ 78‬إلى المادة ‪86‬و تمارسها الجماعة‬ ‫الترابية بصفة فردية ‪.‬و بموجب المادة ‪ 84‬من‬ ‫هذا القانونبإمكانية الجماعة عند االقتضاء أن‬ ‫تعهد بممارسة اختصاص أو ببعض اختصاصاتها‬ ‫إلى مجلس العمالة او اإلقليم بطلب منها أومن‬ ‫الدولة التي تخصص لهذا الغرض تحفيزات مادية‬ ‫في إطار التعاضد بين الجماعات أو بمبادرة من‬ ‫العمالة أو اإلقليم المعنى‪.‬‬ ‫االختصاصات المشتركة‪ :‬تم التطرق إليها‬ ‫من المادة ‪ 87‬إلى المادة ‪ 89‬من هذا القانون‬ ‫التنظيمي وهي اختصاصات مشتركة بين كل‬ ‫من الجماعة والدولة ‪ .‬وتمارس بشكل تعاقدي إما‬ ‫بمبادرة من الدولة أو بطلب من الجماعة ‪.‬‬ ‫االختصاصات المنقولة ‪ :‬تم معالجتها في‬ ‫كل من المادة ‪ 90‬والمادة‪ 91‬وهي اختصاصات‬ ‫تنقل من الدولة إلى الجماعة وطبقا للفقرة الرابعة‬ ‫من الفصل ‪ 146‬من الدستور يكون تحويل‬ ‫االختصاصات المنقولة إلى اختصاصات ذاتية‬ ‫للجماعة أو الجماعات المعنية بموجب تعديل‬ ‫القانونالتنظيميللجماعات‪.‬‬ ‫ولعل ما يمكن مالحظتـــه على هــــذه‬ ‫االختصاصات هو كونه تم االحتفاظ من الناحية‬ ‫العددية بالتقسيم الثالثي لالختصاصات الذي‬ ‫كان معموال به في ظل الميثاق الجماعي رقم‬ ‫‪ 00/78‬ولكن هل يعني االحتفاظ بنفس العدد‬ ‫االحتفاظ بنفس االختصاص ؟ ذلك ما يمكـــن‬ ‫االجابة عنه من خالل قراءة في العناوين التي‬ ‫اطرت هذه االختصاصات ‪.‬‬ ‫بالعودة إلى هذه العناوين نالحظ أن المشرع‬ ‫قد احتفظ بنوعين من االختصاصات وهما ‪:‬‬ ‫االختصاصات الذاتية واالختصاصات المنقولة ‪ .‬في‬ ‫حين كان المستجد هو ‪:‬‬ ‫تعويــض االختصاصـــات االستشاريـــة‬ ‫باالختصاصات المشتركــة ولعل الداللــــة‬ ‫االصطالحية لكل من االختصاصين تشير إلى‬ ‫تغير طريقة النظر إلى الجماعة من طرف الدولة‬

‫وتجديد نمط العالقة بينهما‪ .‬والرقي بالجماعة‬ ‫من مجرد طرف ضعيف يقتصر دوره على تقديم‬ ‫االستشارات إلى طرف فاعل تم الرقي بها إلى‬ ‫مرتبة اعلى هي مرتبة البناء معا والتي تصنف‬ ‫وفقا للبنك الدولى كأعلى مرتبة من مراتب‬ ‫المقاربة التشاركية‪.‬‬ ‫الفقرة الثانية ‪ :‬مبدأ المناصفة بين الرجال‬ ‫والنساء‬ ‫تم التنصيص كذلك على هذا المبدأ في‬ ‫الفصل ‪ 19‬من دستور ‪ 2011‬والذي جاء فيه ‪:‬‬ ‫« يتمتع الرجل والمرأة على قدم المساواة‬ ‫بالحقوق والحريـــات المدنيـــة والسياسيـــة‬ ‫واالقتصادية واالجتماعية والثقافية والبيئية‪،‬‬ ‫الواردة في هذا الباب من الدستور‪ ،‬وفي مقتضياته‬ ‫األخرى وكذا في االتفاقيات والمواثيق الدولية‪ ،‬كما‬ ‫صادق عليها المغرب وكل ذلك في نطاق احكام‬ ‫الدستور وثوابت المملكة وقوانينها‪.‬تسعى الدولة‬ ‫الى تحقيق مبدا المناصفة بين الرجال والنساء‬ ‫وتحدث لهذه الغاية‪ ،‬هيئة للمناصفة ومكافحة كل‬ ‫اشكال التمييز « ‪.‬‬ ‫و تفعيال لهذا الفصل نصت المادة ‪ 26‬من‬ ‫القانون التنظيمي للجماعات على ما يلي ‪:‬‬

‫«الفقرة الثالثة ‪:‬‬

‫يجب ان يراعى في الترشح لرئاسة اللجان‬ ‫الدائمة السعي إلى تحقيق مبدأ المناصفة بين‬ ‫الرجال والنساء المنصوص عليه في الفصل ‪19‬‬ ‫من الدستور « ‪.‬‬ ‫و في نفس السياق نصت الفقرة الرابعة من‬ ‫المادة ‪: 78‬‬ ‫« يجب ان يتضمن برنامج عمل الجماعة‬ ‫تشخيصا لحاجيات وإمكانيات الجماعة وتحديدا‬ ‫ألولوياتها وتقييما لموارها ونفقاتها التقديرية‬ ‫الخاصة بالسنوات الثالث األولى وان يأخذ بعين‬ ‫االعتبار مقاربة النوع «‪.‬‬ ‫كما تم التأكيد على هذا المبدأ مجددا في‬ ‫المادة ‪ 120‬من هذا القانون التنظيمي والتي جاء‬ ‫فيها ‪:‬‬ ‫« تحدث لدى مجلس الجماعــــة هيئـــة‬ ‫استشارية بشراكة مع فعاليات المجتمع المدني‬ ‫تختص بدراسة القضايا المتعلقة بتفعيل مبادئ‬ ‫المساواة وتكافؤ الفرص ومقاربة النوع »‪.‬‬ ‫والحقيقة أن مقاربة المشاركة في تسيير‬ ‫الشأن العمومي المحلي لن تصل إلى المغزى‬ ‫المقصود منها ‪،‬إذا ما تم إقصاء شرائح معينة‬ ‫من المجتمع ‪ .‬بالتالي تعالت االصوات إلى ضرورة‬ ‫إشراك مختلف الشرائح االجتماعية من شباب‬ ‫ونساء وشيوخ وفقراء واغنياء‪.‬‬ ‫وبناء على ذلك ظهرت مقاربة جديدة عرفت‬ ‫بمقاربة النوع‪ ،‬حيث سيهتم علماء النفس بدراسة‬ ‫المقارنة بين الرجل والمرأة بشكل واسع ابتداء‬ ‫من الحرب العالمية األولى‪ ،‬إذ قبل هذا التاريخ كان‬ ‫اهتمامهم مركز على اإلنسان البالغ المتحضر‪ ،‬تم‬ ‫وسعوا دائرة األبحاث لتشمل الطفل والمراهق‬ ‫والرجل الغير المتحضر‪.‬و في إطار تطبيقهم‬ ‫للحقائق التي توصلوا إليها‪ ،‬اعترضت طريقهم‬ ‫حقيقة جديدة تكمن في وجود فوارق جنسية‬ ‫داخل المجتمع تميز بين الرجل والمرأة ‪.‬‬ ‫أما في الشريعة اإلسالمية نجد أن الفوارق‬ ‫النوعية تتضاءل بشكل ملفت للنظر حيث دخلت‬ ‫حياة المرأة مرحلة جديدة بعيدة كل البعد عما‬ ‫سبقها‪ .‬وأصبحت مستقلة ومتمتعة بكل حقوقها‬ ‫الفردية واالجتماعية واإلنسانية واالقتصادية ‪.‬‬ ‫وذلك ما نستشفه من خالل مواضع كثيرة في‬ ‫القرءان الكريم الذي لم يفرق بين الرجل والمرأة‬ ‫في مجموعة من آياته الذي استعمل فيها مصطلح‬ ‫« يا أيها الذين آمنوا « أو « يا أيها الناس « وأحيانا‬ ‫جاءت اآليات بشكل واضح حيث ال مجال للتفرقة‬ ‫بين الجنسين ومثال ذلك يقول تعالى ‪ « :‬من عمل‬ ‫صالحاً من ذكر أو انثى وهو مؤمن فلـنحيينه حياة‬ ‫طيـــبة ولنجزينهـــم أجرهم بأحسن ما كـــانوا‬ ‫يعملون)»‪.‬‬ ‫و إذا كانت هذه هي أهم المبادئ التي تم‬ ‫االعتماد عليها في التدبير المحلي برؤيا جديدة‬ ‫تتوخى التدبير الحكماتي للتراب المحلي والتنمية‬ ‫الديمقراطية التشاركية‪ ،‬فماذا عن المناهج‬ ‫المعتمدة ؟ السؤال سيتم اإلجابة عنه في العدد ‪.‬‬

‫(انتهى)‬

‫الثالثـاء ‪ 30‬يوليوز �إلى ‪ 05‬غ�شت ‪2019‬‬

‫‪10‬‬

‫سلطة األعراف على القوانين‬

‫زواج القاصرات نموذجاً‬

‫تعتبر األسرة نواة المجتمع‪،‬فهي اللبنة األولى‬ ‫والمكون األساسي له وهي التي سيتربى فيها أجيال‬ ‫الغد الدين من المفروض أنهم من سيحمل المشعل‬ ‫مستقبال‪.‬فهي تؤثر فيه سلبا أو إيجابا‪،‬سواء بالقوة أو‬ ‫الضعف‪،‬التقدم أو التخلف‪ ،‬فبصالحها يصلح المجتمع‬ ‫‪،‬وبفسادها يفسد‪،‬فادا أردنا بناء مجتمع محصن‬ ‫بمواطنة صالحة وبصرح تنموي حضاري امن‪،‬ومجتمع‬ ‫متقدم فلزاما علينا أن نعطي لألسرة العناية الكاملة‬ ‫ودلك بالنهوض بوضعيتها االقتصادية و االجتماعية‬ ‫و الثقافية‪.‬ودستور‪ 2011‬تدارك الدور المحوري‬ ‫والمهم الذي تلعبه األسرة في بناء المجتمع ‪ ،‬فنص‬ ‫في الفصل ‪ 32‬على تأسيس مجلس استشاري‬ ‫لألسرة والطفولة الذي سيتولى حسب الفصل ‪169‬‬ ‫من الدستور تأمين وتتبع وضعية األسرة والطفولة‪.‬‬ ‫واألسرة هي زوج وزوجة وأطفال ناتجين عن عالقة‬ ‫زوجية شرعية والزواج بدوره قد عرفه دستور ‪2011‬‬ ‫بأنه تلك العالقة القائمة على زواج شرعي ‪،‬وحسب‬ ‫المادة ‪ 19‬من مدونة األسرة تكتمل أهلية الزواج‬ ‫بإتمام الفتى والفتاة المتمتعين بقواهما العقلية ‪18‬‬ ‫سنة شمسية كاملة‪،‬ونالحظ هنا أن المشرع المغربي‬ ‫اشترط في الزواج األهلية القانونية والتي حددها‬ ‫الدستور في ‪ 18‬سنة كما اشترط توفر القوة العقلية ‪،‬‬ ‫وهذين الشرطين مهمين لتكوين أسرة فحينما يبلغ‬ ‫الفتى أو تبلغ الفتاة سن الثامنة عشر يكتمل نضجهما‬ ‫العقلي والجسماني‪ ،‬فالفتاة في هذه المرحلة من‬ ‫تكوينها الفسيولوجي يصبح جهازها التناسلي قابال‬ ‫إلقامة عالقة جنسية‪،‬وكذلك قادر على احتضان جنين‪،‬‬ ‫أما من الناحية العقلية ففي هذه المرحلة تستطيع‬ ‫الفتاة تدبير شؤونها األسرية باستقاللية تامة ‪،‬بعيدا‬ ‫عن أسرتها وأسرة زوجها‪.‬‬ ‫لكن هذين الشرطين المتمثلين في النضج‬ ‫العقلي و الجسماني ال يتوفران في الفتاة القاصر‪،‬فهده‬ ‫األخيرة غير مستعدة لتكوين أسرة ‪،‬نظرا لعدم‬ ‫اكتمال نضجها سواء العقلي أو الجسماني ‪،‬لكن‬ ‫بالمقابل وعلى ارض الواقع نجد أن زواج القاصرات‬ ‫قد استفحل في المغرب‪ ،‬فحسب اإلحصائيات الصادرة‬ ‫عن وزارة العدل والحريات نجد أن عدد هدا النوع من‬ ‫الزواج خالل سنة ‪ 2010‬بلغ ‪، 34777‬سنة ‪2011‬‬ ‫بلغ ‪ 39031‬أما سنة ‪ 2013‬فقد بلغ ‪، 35152‬فمن‬ ‫خال ل هده اإلحصائيات يتضح بان المادة ‪ 21‬من‬ ‫مدونة األسرة والتي تنص على إمكانية تزويج القاصر‬ ‫تستغل أيما استغالل بالرغم من أنها استثناء ‪،‬ناهيك‬ ‫عن التحايل الذي قد تقوم به بعض اآلسر في حالة‬ ‫رفض القاضي إعطاء اإلذن بتزويج القاصر‪،‬وهنا تطرح‬ ‫تساؤالت من قبيل ‪:‬‬

‫مارية الشرقاوي‬ ‫رئيسة منتدى أسرة‬

‫أسباب استفحال ظاهرة زواج القاصرات؟‬ ‫ماهي تداعيــــات زواج القاصرات على‬ ‫المجتمع؟‬ ‫ما السبيل للحــد من ظاهــرة زواج‬ ‫القاصرات؟‬ ‫زواج القاصرات في المغرب نجده مستفحال‬ ‫في البوادي والقرى والمناطق النائية أو ما يصطلح‬ ‫عليه بالمغرب العميق‪،‬هده المناطق التي تتجدر فيها‬ ‫أعراف وتقاليد ما أتى اهلل بها من سلطان ‪،‬بل هي‬ ‫تقاليد و أعراف كرسها الفقر واألمية والتهميش التي‬ ‫تعاني منها هده المناطق من بلدنا‪،‬فالفتاة هناك ال‬ ‫تلج المدارس ‪،‬وحتى وان ولجت المدارس ال تكمل‬ ‫دراستها اإلعدادية أو الثانوية لبعد هده األخيرة‬ ‫عن الدواوير‪ ،‬ورفض األهالي ابتعاد الفتاة عن الدوار‬ ‫أو القرية اجتنابا لما يمكن أن يصاحب دلك من‬ ‫أقاويل واتهامات في الشرف‪،‬فيكون مصيرها البيت‬ ‫مما يجعلها عبئا ثقيال على أسرتها و السبيل الوحيد‬ ‫للتخلص منها تزويجها ألول خاطب يطرق الباب‪،‬كما‬ ‫أن الفقر يعتبر من أهم أسباب تزويج الفتاة القاصر‬ ‫‪،‬فاألسر التي تعيش تحت خط الفقر تبيع فلذات‬ ‫أكبادها ألي خاطب ميسور يتقدم لخطبة ابنتهم‬ ‫ولو كان يبلغ من السن عتيا‪،‬مما يجعلنا أمام ظاهرة‬ ‫الرق في حلة جديدة‪ .‬فالرجل الذي يطلب الزواج من‬ ‫فتاة قاصر الزالت في حاجة لحنان والديها ‪،‬الزالت‬ ‫في حاجة إلى التكوين‪ ،‬لم يكتمل نضجها العقلي‬

‫بعد فأكيد هو طالب جسد‪،‬طالب متعة جنسية ال‬ ‫اقل و ال أكثر ‪،‬وبالتالي فمصير هدا النوع من الزواج‬ ‫الفشل ‪،‬فبعد سنة أو سنتين تطلق الفتاة وهي في‬ ‫ربيع عمرها بطفل أو طفلين ‪ ،‬فتجد نفسها مسئولة‬ ‫عن أطفال في حاجة لألكل والتمدرس والتطبيب بل‬ ‫األدهى من دلك غير مسلحة ال بمستوى تعليمي‬ ‫وال تكويني يؤهلها الحصول على شغل ‪ ،‬في مجتمع‬ ‫غاب فيه التكافل العائلي واالجتماعي‪ ،‬وغابت فيه‬ ‫مسؤولية الدولة اتجاه مواطنيها الضعفاء ‪،‬وفي‬ ‫هده الحالة مرحبا بطفولة محرومة ومشردة‪ ،‬ومرحبا‬ ‫بأمهات تبيع أجسادا لسد الرمق‪.‬سيما وان الوحوش‬ ‫الكاسرة التي غاب ضميرها مستعدة الغتنام الفرصة‬ ‫و شراء عفة ضحاياها ‪،‬مما سيؤول في النهاية بكارثة‬ ‫علىالمجتمع‪.‬‬ ‫وتشريع ترسانة قانونية‪،‬كتحديد سن الزواج‬ ‫في ‪ 18‬سنة ‪،‬لن يحد من ظاهرة زواج القاصرات‬ ‫ادا لم تصاحبه إصالحات وإجراءات فعلية‪،‬كتحقيق‬ ‫العدالة االجتماعية‪ ،‬وذلك بالرفع من المستوى‬ ‫المعيشي لألسر الفقيرة‪،‬محاربة األمية وتشجيع األسر‬ ‫على تعليم بناتهم ‪،‬بناء اعداديات وثانويات بالدواوير‬ ‫والقرى للحد من الهذر المدرسي‪،‬بناء مراكز تكوين‬ ‫‪،‬تقريب الخدمات لساكنة البوادي والقرى والمناطق‬ ‫النائية ‪.‬ألنه بكل بساطة إذا أردنا القضاء على ظاهرة‬ ‫معينة يجب القضاء على أسبابها ‪..‬‬

‫الشطط في استعمال‬ ‫السلطة ورقابة القضاء‬ ‫اإلداري‬ ‫من منا يتذكر «ادريس البصري» وهو في‬ ‫أوج سلطته كوزير‪ ،‬فهو الذي تقلد أهم منصب في‬ ‫الحكومات المتعاقبة في عهد الملك الراحل الحسن‬ ‫الثاني‪ ،‬وزارة «أم الوزارات»‪ .‬من يتذكر الوزير المرحوم‬ ‫يذكره كوزير‪ ،‬لكن قلة هم من يتذكرونه كأستاذ‬ ‫جامعي بكلية الحقوق أكدال بالرباط‪ ،‬وقلة قليلة ربما‬ ‫من اطلعت على كتبه (باللغة الفرنسية والتي تمت‬ ‫ترجمتها للغة العربية) في مجال اإلدارة الترابية‪ ،‬وقد‬ ‫كان من أشهرها على اإلطالق‪ ،‬كتاب»رجل السلطة»‬ ‫الذي ألفه بمعية أخرين‪ ،‬حتى أن مباحث مهمة‬ ‫من هذا الكتاب كانت تدرس في (المعهد الملكي‬ ‫الستكمال تكوين أطر وزارة الداخلية)‪ -‬التسمية‬ ‫الجديدة هي المعهد الملكي لإلدارة الترابية‪ .-‬لكن‬ ‫ومع بزوغ المفهوم الجديد للسلطة الذي تم التبشير‬ ‫به بعد تولي الملك الشاب مقاليد الحكم في ‪،1999‬‬ ‫تم االستغناء عن رجل السلطة القوي وكاتم أسرار‬ ‫الحسن الثاني‪ ،‬وتمت االستعاضة عن تنظيراته في‬ ‫مجال اإلدارة الترابية والتي كانت تؤسس على هيبة‬ ‫المخزن وهيبة رجل السلطة‪ ،‬إذ تم التدشين لمرحلة‬ ‫جديدة في تعامل اإلدارة الترابية مع المواطن‪ ،‬وليتم‬ ‫اإلعالن عن حقبة جديدة رُوِّج على أنها شكلت قطيعة‬ ‫مع عقلية السلطة البائدة التي تمتح من مرجعيات‬ ‫موغلة في التسلط واالستعالء‪ .‬إذن كان لزاما أن‬ ‫تتم مراجعة شاملة لتكوين أطر اإلدارة الترابية الذين‬ ‫من المفروض أن يقع على عاتقهم تنزيل «المفهوم‬ ‫الجديد للسلطة» ألنهم في احتكاك يومي بقضايا‬ ‫المواطنين‪ ،‬وخاصة أيضا بعد نضج تجربة مراقبة‬ ‫القضاء اإلداري لمشروعية القرارات اإلدارية‪ ،‬وذلك‬ ‫تحديدا بعد صدور قانون ‪ 80.03‬المتعلق بمحاكم‬ ‫االستئناف اإلدارية في فبراير ‪ ،2006‬وقبله بطبيعة‬ ‫الحال القانون المحدث للمحاكم اإلدارية ‪41.90‬‬ ‫(الصادر في ‪ 10‬شتنبر ‪ ،)1993‬والذي من المنتظر‬ ‫أن يستكمل هذا الصرح القضائي بإحداث مجلس‬ ‫الدولة‪ ،‬على غرار ما هو معمول به في دول عريقة في‬ ‫القضاء اإلداري كفرنسا ومصر‪ .‬وإذا ما نظرنا إلى ما‬ ‫كان سائدا قبل إحداث المحاكم اإلدارية فإننا نجد أن‬ ‫مبدأ شرعية قرارات اإلدارة كان آخر ما يُفكر به‪ ،‬كما‬ ‫أن المواطن المتضرر من القرارات اإلدارية المتسمة‬ ‫بالشطط في استعمال السلطة‪ ،‬كان آخر ما يفكر فيه‬ ‫هو مقاضاة الدولة أو من يمثلها‪ ،‬لوجود إكراه متعلق‬

‫جالل الحمدوني‬

‫باحث في العلوم القانونية‬ ‫أو ًال بجهة االختصاص الوحيدة التي كانت منحصرة‬ ‫في الغرفة اإلدارية بالمجلس األعلى (أُحدِث المجلس‬ ‫األعلى في ‪ 27‬شتنبر ‪ ،1957‬ويسمى اليوم بمحكمة‬ ‫النقض)‪ ،‬وكذلك النعدام أو غياب وعي قانوني لدى‬ ‫المواطنين بالحماية القانونية التي يخولها لهم‬ ‫القانون في مواجهة قرارات وتصرفات أشخاص‬ ‫القانون العام‪ .‬وبالرجوع لتطبيقات القضاء اإلداري‬ ‫للغرفة اإلدارية بالمجلس األعلى وذلك قبل إحداث‬ ‫المحاكم اإلدارية في سنة ‪ ،1993‬نجد حكما شهيرا‬ ‫للغرفة اإلدارية بالمجلس األعلى‪ ،‬كان يدرس للطلبة‬ ‫بكليات الحقوق‪ ،‬والقاضي بإلغاء قرار قائد الخميسات‬ ‫الذي قام بإغالق مقهى بناء على خالف نشب بين‬ ‫أرملة صاحب ذلك المقهى وشركائها‪ ،‬فجاء في‬ ‫حيثيات الحكم أن قرار قائد الخميسات مشوب بعيب‬ ‫االنحراف في استعمال السلطة‪ ،‬فالقائد ليس الجهة‬ ‫المختصة لحل الخالف‪ ،‬ألن ذلك من اختصاص‬ ‫القضاء فهو الجهة المختصة قانونيا بالفصل في‬ ‫نزاع بين الخواص‪( .‬مجموعة أحكام الغرفة اإلدارية‬ ‫بالفرنسية ‪ ،1957-1960‬تطبيقات القضاء اإلداري‬ ‫بالمغرب‪ ،‬د‪.‬عبد القادر باينة‪ ،‬ص‪ .)81‬وهنا أحب أن‬ ‫أشير أنه في ظل القانون المحدث للمجلس األعلى‬ ‫كان يعول على السلطة التقديرية للقاضي اإلداري‬ ‫لتحديد معنى الشطط في استعمال السلطة وحاالته‬

‫اعتمادا على القانون المقارن وعلى تجارب القضاء‬ ‫اإلداري الفرنسي‪ ،‬فالمشرع لم يكن يحدد بشكل‬ ‫صريح األسباب التي تؤدي لرفع دعاوى اإللغاء‪ .‬ومع‬ ‫صدور القانون المحدث للمحاكم اإلدارية تولى‬ ‫المشرع تحديد الحاالت التي تعتبر تجاوزا للسلطة‬ ‫(المادة ‪ 20‬من القانون رقم ‪ .)41.90‬وفي حكم‬ ‫آخر صادر عن المحكمة اإلدارية بمراكش بتاريخ‬ ‫‪ 1999/04/07‬ألغت المحكمة قرارا شفويا لعامل‬ ‫عمالة سيدي يوسف يقضي بسحب ترخيص من محل‬ ‫تجاري لبيع وتوزيع الوقود‪ ،‬باستعمال مضخة مرخص‬ ‫بها‪ .‬ومما جاء في حيثيات هذا الحكم أن قرار عامل‬ ‫عمالة سيدي يوسف كان مشوبا بعيب من عيوب‬ ‫المشروعية وهو يتعلق بعيب عدم االختصاص‪.‬‬ ‫وفي المحصلة يمكن القول أنه إذا كان المشرع قد‬ ‫منح ممثلي اإلدارة الترابية (رجال ونساء السلطة)‬ ‫صالحيات واختصاصات مهمة تتعلق بالضبط‬ ‫والتنظيم في مجال نفوذهم الترابي‪ ،‬فإنه جعل‬ ‫ذلك تحت منظار ومراقبة القضاء اإلداري الذي يعد‬ ‫الضمانة الفعلية للمواطن ضد أي تعسف أو شطط‬ ‫محتمل لممثلي اإلدارة الترابية‪.‬‬


‫العدد ‪1004‬‬

‫الشمال القانوني‬

‫الثالثـاء ‪ 30‬يوليوز �إلى ‪ 05‬غ�شت ‪2019‬‬

‫‪11‬‬

‫الميثاق الوطني لالتمركز اإلداري والتحول من مركزية العاصمة إلى مركزية الجهة‬ ‫اجلزء الثاين والأخري‬ ‫• تركيز الدولة على مؤسسة الوالي ومنحها جملة من االختصاصات والسلط‬ ‫و تم نسيان أو التغافل عن سياسات القرب والتي على أساسها قامت الالمركزية‬ ‫الترابية والميثاق الوطني لالتمركز اإلداري‪ .‬ومن هذا المنطلق يمكن القول أن‬ ‫الدولة لم تتبلور لديها بعد فكرة نقل اختصاصات كاملة للمؤسسات المنتخبة وعلى‬ ‫رأسها الجهات كمتصدرة للوحدات الترابية؟ وهنا يمكن أن يطرح التساؤل وهو‬ ‫أنه كيف يمكن لرئيس الجهة أن يترأس إدارة وهي تابعة لقطاعات وزارية أخرى؟‬ ‫وهو نفس التساؤل الذي يطرح حاليا لماذا يترأس الوالي التابع لوزارة الداخلية كل‬ ‫القطاعات ؟ وبالتالي ما جاء به الميثاق حول آليات التنسيق والتتبع كالكتابة العامة‬ ‫لشؤون الجهة واللجنة الجهوية للتنسيق يمكن أن تسند لرئيس مجلس الجهة؟‬ ‫و بالتالي تكون أهداف الميثاق غير جلية بالرغم من أنه جاء بتوضيح دور‬ ‫اإلدارة المركزية وحصر مهامها في التأطير والتصور والتوجيه وتقييم ومراقبة‬ ‫أداء اإلدارات الالممركزة‪ ،‬فضال عن الدور المنوط بها في مجال إعداد النصوص‬ ‫التشريعيةوالتنظيمية‪.‬‬ ‫و هنا يمكن التساؤل أيضا من خالل هذا الميثاق عن عالقة الدولة بمصالحها‬ ‫الالممركزة في مجال اإلختصاصات؟ وضوابط العالقة التي تربط كل مكونات‬ ‫مصالح الدولة فيما بينها؟‬ ‫الفرع األول‪ :‬عالقة الدولة بمصالحها الالممركزة في مجال االختصاصات‬ ‫وحدودها‪.‬‬ ‫انطالقا من المرسوم رقم ‪ 2 618-17-‬المتعلق بالميثاق الوطني لالتمركز‬ ‫اإلداري وخصوصا المادة ‪ 14‬منه فقد عهدت بالمهام التي تكتسي طابعا وطنيا‬ ‫أو تلك التي يتعذر إنجازها من قبل المصالح الالممركزة إلى اإلدارة المركزية‪ ،‬كما‬ ‫منحها ممارسة مهامها على المستوى المركزي‪ ،‬سواء كانت هذه القطاعات منظمة‬ ‫في شكل وزارات‪ ،‬أو كتابات الدولة‪ ،‬أو مندوبيات سامية أو وزارية أو عامة أو غيرها‬ ‫؛ بحيث تقوم السلطة المركزية باالرتقاء بمصالح الدولة الالممركزة‪ ،‬والعمل على‬ ‫تأهيلها وتطوير أدائها قصد تمكينها من القيام بالمهام المنوطة بها ضمانا لحسن‬ ‫سير المرافق العمومية وجودة الخدمة العمومية المقدمة للمرتفقين‪ ،‬وتفعيل‬ ‫الحلول الكفيلة بتجويد الخدمات العمومية في إطار الصالحيات واالختصاصات‬ ‫المسندة لها‪ .‬كما عمل المشرع في هذا المرسوم في مجال توزيع االختصاصات‬ ‫على مستويين هما‪ :‬المستوى الجهوي‪ ،‬والمستوى اإلقليمي‪.‬‬ ‫• على المستوى الجهوي‪ :‬تتولى المصالح الالممركزة للدولة على المستوى‬ ‫الجهوي حسب المادة ‪ 15‬من المرسوم السابق الذكر مهمة‪:‬‬ ‫ السهر على تدبير المرافق العمومية الجهوية التابعة للدولة‪ ،‬إضافة إلى‬‫تنفيذ السياسات العمومية‪ ،‬واالسهام في إعداد وتنفيذ البرامج والمشاريع العمومية‬ ‫المبرمجة على صعيد الجهة‪ ،‬وكل هذه االختصاصات الممنوحة للمصالح الجهوية‬ ‫يتم فيها مراعاة النصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل في ممارسة‬ ‫ومزاولة مهام تفعيل توجيهات وقرارات السلطة المركزية‪ ،‬الهادفة إلى تنفيذ‬ ‫سياسة الدولة المتعلقة بالقطاعات الوزارية‪ ،‬وتقوم أيضا بتنفيذ االستراتيجيات‬ ‫الوطنية القطاعية المعتمدة من قبل الدولة في مختلف مجاالت التنمية االقتصادية‬ ‫واالجتماعيةوالثقافيةوالبيئية‪.‬‬ ‫ السهر على إعداد وتنفيذ السياسات والبرامج والمشاريع العمومية المبرمجة‬‫على مستوى الجهة في حدود االختصاصات المسندة لها بالقانون‪ ،‬كما تقوم‬ ‫باإلسهام في إعداد التصاميم المديرية لالتمركز اإلداري المتعلقة بها والعمل على‬ ‫تنفيذها وفق برمجة زمنية محددة‪.‬‬ ‫ تأطير وتوجيه عمل المصالح الالممركزة اإلقليمية التابعة لها‪ ،‬وضمان حسن‬‫سيرها ومراقبة أنشطتها‪ ،‬وتقديم المقترحات والمبادرات التي من شأنها اإلسهام‬ ‫في تطوير األداء‪ ،‬وتفعيل السياسات العمومية على المستوى الجهوي‪ ،‬والعمل من‬ ‫أجل ضمان اإللتقائية () والتجانس والتناسق‪.‬‬ ‫و عل مستوى الميزانية السنوية‪ ،‬تقوم بتقديم المقترحات في مجال البرمجة‬ ‫الميزانياتية لثالث سنوات المتعلقة بها ورفعها إلى السلطات المركزية التابعة لها‪.‬‬ ‫• السهر على إعداد وتنفيذ االتفاقات والعقود المبرمة من أجل إنجاز المشاريع‬ ‫والبرامج العمومية على مستوى الجهة وتتبعها‪ ،‬واتخاذ التدابير الكفيلة بضمان‬ ‫تعاضد الوسائل المادية والبشرية الموضوعة رهن إشارتها‪.‬كما تقوم بإعداد‬ ‫مشاريع تقارير نجاعة األداء المتعلقة بمختلف المصالح التابعة لها على مستوى‬ ‫الجهة‪.‬‬ ‫• على المستوى اإلقليمي ‪ :‬بالرجوع إلى مختلف النصوص التشريعية‬ ‫والتنظيمية الجاري بها العمل تضطلع المصالح الالممركزة للدولة على المستوى‬ ‫اإلقليمي بمهام مختلفة ومنها‪:‬‬ ‫*ممارسة االختصاصات المسندة لها بموجب النصوص القانونية فيما يخص‬ ‫األنشطة والخدمات التي تقدمها المرافق العمومية المكلفة بتدبيرها‪ ،‬وتنفيذ‬ ‫التوجيهات والقرارات الصادرة عن الدولة والتي تبلغ إليها عبر رؤساء التمثيليات‬ ‫اإلدارية الجهوية‪ ،‬وكذا إنجاز البرامج والمشاريع المبرمجة على صعيد العمالة أو‬ ‫اإلقليم في نطاق االختصاصات الموكولة إليها بالقانون‪.‬‬ ‫فما هي إذن الضوابط التي جاء بها المشرع لترسيم العالقة بين المركز‬ ‫ومصالح الدولة الالممركزة ؟‬ ‫الفرع الثاني‪:‬ضوابط العالقة بين المركز والمصالح الالممركزة للدولة‪.‬‬ ‫لقد حدد المرسوم رقم ‪ 618-17-2‬المتعلق بالميثاق الوطني لالتمركز‬ ‫اإلداري الضوابط المنظمة لعالقات إدارات الدولة المتمثلة في الوزارات وكتابات‬ ‫الدولة والمندوبيات السامية وغيرها ومصالحها الالممركزة من خالل المادة ‪18‬‬ ‫والتي نصت على أنه يتعين على السلطات الحكومية اتخاذ التدابير الالزمة لتمكين‬ ‫المصالح الالممركزة التابعة لها من ممارسة صالحيات تتيح لها اتخاذ المبادرة‬ ‫في تفعيل السياسات العمومية القطاعية المكلفة بتنفيذها‪ ،‬وخلق الحلول الكفيلة‬ ‫بتجويد الخدمات العمومية التي تقدمها للمواطنين‪ ،‬وتفعيل هذه الحلول في إطار‬ ‫الصالحيات واالختصاصات المسندة لها‪.‬‬ ‫و يمارس رؤساء المصالح الالممركزة للدولة مهامهم بكامل المسؤولية‪،‬‬ ‫وتحت إشراف والي الجهة أو عامل العمالة أو اإلقليم() حسب الحالة‪ ،‬وتحت سلطة‬ ‫الوزراء المعنيين حسب كل قطاع‪.‬‬ ‫و في هذا اإلطار فقد خص المشرع الحكومة بإعداد مخططات وتصاميم‬ ‫مديرية() لالتمركز اإلداري خاصة بالمصالح الالممركزة والتي تراعى فيها مبادئ‬ ‫التناسق والتكامل ومراعاة التعاضد في الوسائل الموضوعة رهن إشارتها‪ ،‬حيث‬ ‫تحال هذه التصاميم والمخططات وجوبا على اللجنة الوزارية لالتمركز اإلداري التي‬ ‫تحدث لدى رئيس الحكومة() والتي تناط بها مهمة اقتراح التدابير الالزمة لتنفيذ‬ ‫التوجيهات العامة لسياسة الدولة‪ ،‬وتسهر على تتبع تنفيذها وتقييم نتائجها‪.‬‬ ‫و قد حدد المشرع أيضا مدة سريان تلك التصاميم المديرية في ثالث سنوات‪،‬‬ ‫على أن يتم تقييم تنفيذها وتحيينها سنويا داخل نفس األجل في إطار تعاقدي بين‬ ‫الدولة ووالة الجهات ورؤساء التمثيليات اإلدارية الجهوية المعنية()‪.‬‬ ‫و تقوم المصالح الالممركزة للدولة بتنفيذ البرامج والمشاريع المندرجة ضمن‬ ‫السياسات العمومية للدولة أو إحدى هيئاتها‪ ،‬وفق أهداف وإجراءات وآجال محددة‬ ‫تحت إشراف والي الجهة أو عامل العمالة أو اإلقليم الذي يتولى تنسيق تنفيذ تلك‬ ‫السياسات تحت سلطة الحكومة‪ .‬وتكون هذه البرامج والمشاريع موضوع اتفاقيات‬

‫د‪ .‬أحمد الجراري‬

‫دكتوراه في الحقوق – تخصص العلوم اإلدارية والمالية‪.‬‬ ‫إطار بوزارة التعليم العالي والبحث العلمي‪.‬‬

‫أو عقود بين األطراف المعنية تحدد فيها التزامات األطراف بكيفية دقيقة ورسم‬ ‫آليات مواكبة تنفيذها وتقييمها بعد إحالتها وجوبا على اللجنة الجهوية للتنسيق()‬ ‫أو على اللجنة التقنية() حسب الحالة‪ ،‬وذلك قصد إبداء الرأي في شأنها قبل الشروع‬ ‫في تنفيذها‪.‬‬ ‫و بهذا يكون كل من الوالي وعامل العمالة أو اإلقليم هم الفاعلون األساسيون‬ ‫في تدبير سياسة الدولة في الجهات والعماالت واألقاليم‪.‬‬ ‫المبحث الثاني‪ :‬الفاعلون الجدد في ظل ميثاق الالتمركز اإلداري وعالقتهم‬ ‫بالمصالحالالممركزة‪.‬‬ ‫أمام التحوالت الكبرى السياسية واالقتصادية واالجتماعية التي ميزت‬ ‫السنوات األخيرة ‪ ،‬وأمام حجم التحديات والرهانات الجديدة ‪ ،‬وجدت الدولة نفسها‬ ‫مدعوة إلقامة عالقات جديدة مع شركاء وفاعلين جدد ‪ ،‬وقد اكتسى سؤال تحديد‬ ‫مهام اإلدارات سواء الترابية أو المرفقية على ضوء الدور الجديد للدولة أهمية‬ ‫كبرى خالل السنوات األخيرة على المستويين النظري والعملي‪ ،‬السيما بعد تخلي‬ ‫الدولة عن القيام بمجموعة من المهام وإسنادها لشركاء وفاعلين جدد‪ .‬فمن هم‬ ‫هؤالء الفاعلون الجدد ؟ ( المطلب األول) وهؤالء أسند إليهم المشرع مجموعة من‬ ‫االختصاصات واألدوار ونظم العالقة بين مختلف مكونات مصالح الدولة الالممركزة‬ ‫سواء فيما بينها‪ ،‬أو بينها وبين الجماعات الترابية والهيئات األخرى (المطلب الثاني)‬ ‫المطلب األول ‪ :‬الفاعلون الجدد بعد إصدار الميثاق الوطني لالتمركز اإلداري‪.‬‬ ‫بعد التحول الكبير الذي عرفته الدولة فيما يخص االختصاصات واألدوار حيث‬ ‫تحول دورها من القيام بكل شيئ تقريبا إلى تفويض مجمل اختصاصاتها إلى‬ ‫مصالحها الخارجية حسب ما يظهر من مجمل القوانين التي صدرت لحد الساعة‬ ‫آخرها الميثاق الوطني لالتمركز اإلداري رقم ‪،618-17-2‬و أسندت بعض ا لسلط‬ ‫والتنسيق إلى جهات ومؤسسات جديدة‪ ،‬حيث أصبح فاعلون جدد يتقمصون‬ ‫هذه األدوار التي كانت تقوم بها الدولة لكن تحت إشراف ومراقبة أجهزتها من‬ ‫وزارات ومندوبيات‪ ،‬فتم إسناد مجموعة من األدوار لهم وتفويضهم مجموعة من‬ ‫االختصاصات في إطار قواعد مؤطرة بفصول الدستور من خالل الفصل ()‪145‬‬ ‫ونصوص أخرى تشريعية وتنظيمية()‪ ،‬ويتعلق األمر بوالة الجهات وعمال العماالت‬ ‫واألقاليم‪ ،‬حيث يقوم هؤالء بتنسيق كل أنشطة المصالح الالممركزة‪ ،‬ويسهرون‬ ‫على حسن سيرها تحت سلطة الحكومة‪ .‬ومن المهام الجديدة لهؤالء الوالة‬ ‫والعمال في ظل الميثاق الوطني لالتمركز اإلداري اإلشراف على تحضير البرامج‬ ‫والمشاريع التي تقررها السلطات العمومية‪ ،‬أو تلك التي كانت موضوع اتفاقيات أو‬ ‫عقود مع هيئات أخرى والتي يتم فيها تحديد التزامات األطراف بكيفية دقيقة‪ ،‬وكذا‬ ‫آليات مواكبة تنفيذها بعد اإلحالة وجوبا على اللجنة الجهوية للتنسيق أو اللجنة‬ ‫التقنية حسب الحالة‪.‬‬ ‫ويبقى دور هؤالء الفاعلين هو السهر على ضمان التقائية البرامج والمشاريع‬ ‫وانسجامها وتناسقها خدمة للجهة كوحدة ترابية‪ ،‬ورفاه لسكانها باعتبار الجهة‬ ‫تتبوأ المكانة األولى على صعيد التراتبية الترابية وبالتالي استثنى رؤساء الجهات‬ ‫من هذا الدور‪ .‬وقد حمل الميثاق الوالة والعمال كل في مجال اختصاصه المسؤولية‬ ‫في اتخاذ جميع التدابير الالزمة لتنفيذ برامج المصالح الالممركزة للدولة() لمهامها‬ ‫ولاللتزامات الملقاة على عاتقها وقيامها بانجاز البرامج والمشاريع المسطرة‪.‬‬ ‫وبالتالي سوف ينعكس ذلك على سير المصالح بالجهة حيث تبرز بين الفينة‬ ‫واألخرى مناوشات واصطدامات بين الوالي ورئيس الجهة‪.‬‬ ‫و بصفتهم ممثلين للسلطة المركزية ترجح الدولة كفتهم ‪ ،‬حيث جعل الميثاق‬ ‫الوالة والعمال كل حسب دائرة اختصاصه يسهرون على اتخاذ كل التدابير المناسبة‬ ‫لضمان مواكبة المصالح الالممركزة للدولة وللجماعات الترابية وهيئاتها في مجال‬ ‫البرامج والمشاريع التنموية()‪ .‬كما أعطى مرسوم الميثاق لهؤالء إمكانية اإلقتراح‬ ‫على السلطات الحكومية المعنية اتخاذ التدابير ذات الطابع القانوني أو المالي‬ ‫أو اإلداري أو التقني أو حتى البيئي الذي يندرج ضمن اختصاص الوالة والعمال‪،‬‬ ‫والذي من شأنه تحسين أداء المصالح الالممركزة على مستوى الجهة أو العمالة أو‬ ‫اإلقليم‪ ،‬وذلك من أجل تسريع انتظارات المرتفقين وتبسيط اجراءات استفادتهم‬ ‫من الخدمات العمومية المقدمة لهم جهويا أو إقليميا‪ .‬كما منحهم إمكانية أخرى‬ ‫وهي إحاطة السلطات الحكومية علما باإلجراءات المتخذة من أجل ضمان إنجاز‬ ‫برامج االستثمار والتجهيز التي تتولى الدولة أو المؤسسات أو المقاوالت العمومية‬ ‫أو القطاع الخاص إنجازها على مستوى الجهة أو العمالة أو اإلقليم حسب الحالة‪،‬‬ ‫وتقديم المالحظات والمقترحات المناسبة لتسهيل وتذليل الصعوبات التي تعترض‬ ‫إنجاز تلك المشاريع والبرامج داخل اآلجال القانونية‪.‬‬ ‫ومن أجل مساعدة الوالي بالجهة في ممارسة اختصاصاته في مجال تنسيق‬ ‫أنشطة المصالح الالممركزة للدولة والمؤسسات العمومية‪ ،‬تم إحداث اللجنة‬ ‫الجهوية للتنسيق() تعمل تحت رئاسة الوالي وتناط بها عدة اختصاصات ومهام‬ ‫جاءت على سبيل الحصر() وأهمها العمل على تحقيق االنسجام وااللتقائية ما بين‬ ‫السياسات والبرامج والمشاريع العمومية‪ ،‬وكذا التصاميم الجهوية إلعداد التراب‬ ‫وبرامج التنمية الجهوية‪ ،‬وتأمين استمرارية الخدمات العمومية‪ ،‬والمصادقة على‬ ‫التقرير السنوي لمنجزات اللجنة واقتراحاتها بشأن تعزيز الالتمركز اإلداري‪.‬و تبقى‬ ‫باقي المهام رغم أهميتها مجرد مهام استشارية وإبداء الرأي ومواكبة وتتبع واقتراح‬ ‫ودراسة كل قضية من قضايا يمكن أن يحيلها إليها رئيس اللجنة وتندرج في مجال‬ ‫اختصاصها‪ .‬وتجتمع هذه اللجنة مرة كل شهر على األقل أو كلما اقتضت الضرورة‬ ‫ذلك بدعوة من رئيسها وفق جدول أعمال محدد؛ ويخصص اجتماع في السنة‬

‫لتقييم حصيلة تنفيذ البرامج والمشاريع العمومية التي يتم إنجازها على مستوى‬ ‫الجهة والتي ترفع نتائجها إلى السلطات الحكومية المعنية‪.‬‬ ‫المطلب الثاني ‪ :‬عالقة المصالح الالممركزة للدولة بالجماعات الترابية‬ ‫والهيئات األخرى‪.‬‬ ‫ال يكفي فقط منح الجماعات الترابية صالحيات واسعة في تدبير الشأن العام‬ ‫محليا في الوقت الذي ال يزال فيه القرار اإلداري مركزيا‪ ،‬ولهذا حددت الدولة العالقة‬ ‫بين المصالح الالممركزة للدولة بالجماعات الترابية وهيئاتها وباقي المؤسسات‬ ‫األخرى ذات االختصاص الترابي‪ ،‬والتي يتم فيها مراعاة مبدأ التدرج في توزيع‬ ‫االختصاصات على أن يتم االنتهاء من تفعيل هذا التوزيع في أجل ال يتعدى (‪)3‬‬ ‫سنوات ابتداء من دخول مرسوم ‪ 618-17-2‬حيز التنفيذ أي ابتداء من ‪ 27‬ديسمبر‬ ‫‪ 2021‬سيتم االنتهاء من هذه العملية‪.‬‬ ‫فانطالقا من هذا التاريخ سوف تتولى المصالح الالممركزة للدولة زمام أمورها‬ ‫بيدها لكن تحت سلطة السلطات الحكومية المعنية‪ ،‬وتحت إشراف والي الجهة أو‬ ‫عامل العمالة أو اإلقليم حسب الحاالت‪.‬‬ ‫و سوف تسند لها االختصاصات التالية‪:‬‬ ‫• العمل على إرساء أسس الشراكة الفاعلة والفعالة مع الجماعات الترابية‬ ‫وهيئاتها ومع المؤسسات والمقاوالت العمومية ذات االختصاص الترابي في‬ ‫مختلف المجاالت ‪ ،‬والسيما في مجال إبرام االتفاقيات والعقود باسم الدولة بناء على‬ ‫التفويض() الذي تمنحه هذه األخيرة‪ ،‬مع التوجيهات العامة التي تصدرها الدولة في‬ ‫هذا المجال والتي غالبا ما تخص برامج التنمية الجهوية المعتمدة‪.‬‬ ‫• تقديم الدعم والمساعدة لفائدة الجماعات الترابية وهيئاتها والمؤسسات‬ ‫والمقاوالت العمومية ذات االختصاص الترابي‪ ،‬وكل هيئة مكلفة بتدبير مرفق‬ ‫عمومي‪.‬‬ ‫• المساهمة في تنمية قدرات الجماعات الترابية وهيئاتها‪ ،‬ومواكبتها في‬ ‫ممارسة االختصاصات الموكولة إليها‪ ،‬والسيما المتعلقة بإنجاز البرامج والمشاريع‬ ‫االستثمارية‪.‬‬ ‫• تعزيز آليات الحوار والتشاور مع كافة المتدخلين على مستوى الجهة وعلى‬ ‫مستوى العمالة أو اإلقليم‪.‬‬ ‫و في مجال االستثمار يتعين على المصالح الالممركزة سواء على مستوى‬ ‫الجهة أو العمالة أو اإلقليم القيام بجميع أعمال التنسيق مع المراكز الجهوية‬ ‫لالستثمار من أجل تمكينه من القيام بمهامه من أجل تسريع مساطر الحصول على‬ ‫التراخيص() التي يحتاجها المستثمرون من خالل التعاون وخلق الشباك الوحيد‪.‬‬ ‫و يمكن تحديد هذه العالقة انطالقا مما جاء به المرسوم رقم ‪40-19-2‬‬ ‫الصادر في ‪ 24‬يناير ‪ 2019‬المتعلق بتحديد نموذج التصميم المديري المرجعي‬ ‫لالتمركز اإلداري والذي شمل خمس محاور تحدد العالقات بين كل مكونات الميثاق‬ ‫الوطني لالتمركز اإلداري‪.‬‬ ‫خاتمة‪:‬‬ ‫لقد أخذت الدولة المغربية في المرحلة األولى مباشرة بعد الحماية في مجال‬ ‫تسيير شؤونها العامة بأسلوب المركزية‪ ،‬إذ كانت تسير األمور االدارية أو الترابية‬ ‫من مركز العاصمة من طرف السلطات المركزية المختصة ‪ ،‬سواء في القضايا‬ ‫الكبرى أو البسيطة‪.‬و هذا األسلوب كانت الغاية منه بسط نفوذ الدولة على ترابها‬ ‫الوطني ومرافقها العمومية‪.‬‬ ‫و في المرحلة الثانية والتي انطلقت من ‪ 1976‬إلى حدود صدور دستور‬ ‫‪ 1992‬حيث تراجعت عن المركزية واتخذت أسلوب المركزية مع عدم التركيز ‪،‬‬ ‫وبدأت تتنازل عن جزء من اختصاصاتها عن طريق التفويض بواسطة نصوص إما‬ ‫تشريعية أو تنظيمية إلى ممثليها بجهات والعماالت واألقاليم والجماعات المحلية‪،‬‬ ‫والغاية من ذلك الحرص على عقلنة وتسهيل تدبير األمور اليومية للمواطنين‬ ‫والمرتفقين‪ ،‬بارتباط ومراقبة السلطات المركزية ‪.‬‬ ‫أما في المرحلة الحالية وبعد صدور دستور ‪ 2011‬والذي جاء بمجموعة من‬ ‫المبادئ والمفاهيم الجديدة والمتطورة في مجال الالمركزية اإلدارية والمرفقية‬ ‫من خالل اعتماد مبدأ التدبير الحر ومبدأ التفريع ‪ ،‬صدرت مجموعة من النصوص‬ ‫التنظيمية الجديدة والمتعلقة بالجهات والعماالت واألقاليم والجماعات الترابية‬ ‫األخرى والغاية منها التخفيف من أعمال الوصاية والدخول في مفاهيم جديدة تجمع‬ ‫الدولة ومؤسساتها كالتعاقد والشراكة والمواكبة وحرية التدبير اإلداري والمالي‪.‬‬ ‫و بصدور مرسوم الميثاق الوطني لالتمركز اإلداري رقم ‪1440 618-17-2‬‬ ‫سنة ‪ 2018‬اتجهت غاية الدولة إلى توسيع دائرة دور الجهة في بلورة السياسة‬ ‫الوطنية لالتمركز االداري‪.‬‬ ‫و قد حمل هذا المرسوم مقاربة جديدة ذات أبعاد متكاملة تروم مراجعة االدوار‬ ‫والوظائف والعالقات القائمة بين الفاعلين الرئيسيين في تدبير الشؤون والسياسات‬ ‫العامة في الدولة‪ ،‬وهم المصالح الالممركزة للدولة في عالقتها بالمصالح المركزية‪،‬‬ ‫وو العالقة بينها وبين الفاعلين الجدد الوالة والعمال ‪ ،‬والعالقة بين تلك المصالح‬ ‫والجماعات الترابية وباقي المؤسسات األخرى‪.‬كما حمل مستجدات جديدة كوضع‬ ‫تصاميم مديرية لالتمركز خاصة بالمصالح الالممركزة والتي ستشكل خارطة طريق‬ ‫لعملها‪ ،‬وتحدد التزاماتها في تدبير المرافق العمومية‪.‬‬ ‫كما هدف الميثاق إلى تحسين آليات الحكامة من خالل إحداث لجان مختلفة‬ ‫تناط بها مهمة اقتراح التدابير الالزمة لتنفيذ التوجهات العامة لسياسة الدولة‬ ‫وتسهر على تنفيذها وتقييم النتائج‪.‬‬ ‫و أقر الميثاق أيضا مبدأ التدرج في تنزيل بنود هذا الميثاق بطريقة متناسقة‬ ‫وعقالنية تراعي خصوصيات وأدوار مختلف القطاعات والمتدخلين في هذا الورش‪.‬‬ ‫لكن السؤال الذي يطرح حاليا أو مستقبال هو هل الدولة جادة فعال في التنازل‬ ‫عن اختصاصاتها بعد كل هذه العقود والسنوات؟ خصوصا أنها نقلت تدبير شؤونها‬ ‫من العاصمة إلى الجهات وجعلت المحور هو الوالي وليس رئيس الجهة؟‪ ،‬ولماذا‬ ‫لم تسند هذه الصالحيات واالختصاصات لرؤساء الجهات عوض الوالة والعمال ‪،‬‬ ‫بل جعلت كل صالحيات اإلشراف والتنسيق بين كل المصالح الخارجية بيد هؤالء‬ ‫الفاعلين الجدد؟‪ ،‬وبالتالي هذا دليل على تحول دور الدولة في مجال تدبيرها‬ ‫للسياسات العمومية من المركز بالعاصمة إلى الوالة بالجهات‪ ،‬وغايتها في ذلك‬ ‫تخفيف العبء عنها مع الحرص على مراقبتها لألمور عن كثب و طريق اللجن‬ ‫الوزارية لالتمركز واللجن الجهوية للتنسيق واللجن التقنية‪.‬‬ ‫والدليل اآلخر على أن الدولة لم تطمئن بعد على تفويض اختصاصاتها‬ ‫لمصالحها الخارجية هو ما جاءت به المادة ‪ 46‬من الميثاق والتي استثنت بعض‬ ‫القطاعات من هذا التفويض كقطاع العدل والشؤون االسالمية وإدارة الدفاع‬ ‫الوطني واإلدارات المكلفة باألمن الداخلي‪ ،‬والقطاعات الوزارية التي ال تتوفر على‬ ‫مصالح ال ممركزة‪.‬‬ ‫وسوف ننتظر ثالث سنوات حسب ما نصت عليه المادة ‪ 45‬لمعرفة مدى‬ ‫نجاح هذا الورش الذي فتحته الدولة من أجل نقل اختصاصاتها من أجل تطوير‬ ‫التدبير العمومي وتجريب استقاللية الوحدات الترابية ونهج سياسة القرب سواء‬ ‫بالمرافق اإلدارية أو الترابية‪.‬‬ ‫(انتهى)‬


‫الشمال القانوني‬

‫العدد ‪1004‬‬

‫الثالثـاء ‪ 30‬يوليوز �إلى ‪ 05‬غ�شت ‪2019‬‬

‫‪12‬‬

‫مالمح السياسة‬ ‫الجنائية في مجال‬ ‫مكافحة الرشوة‬ ‫بالمغرب ‪ :‬محاولة‬ ‫تقييم‬ ‫الدكتور نور الدين العمراني‬ ‫أستاذ التعليم العالي بكلية الحقوق ‪ -‬مكناس‬

‫محمد لكريني‬ ‫أستاذ القانون العام جامعة ابن زهر أكادير‬

‫الشباب المغربي‬ ‫والدبلوماسية الموازية‬ ‫أكد «بانيوتيس سولداتو» أن الدبلوماسية‬ ‫الموازية تحاول تقليد الدبلوماسية الحقيقية التي‬ ‫تُمارَس وحدها من قبل دولة ذات سيادة؛ بينما اعتبر‬ ‫«ستيفان باكان» أن الدبلوماسية الموازية سياسة‬ ‫خارجية من درجة ثانية‪ .‬وفي مقابل ذلك هناك من‬ ‫اعتبر أن هذه الدبلوماسية الموازية تقوم بأدوار مهمة‪،‬‬ ‫البعض منها يعمل في الخفاء‪.‬‬ ‫إن الدبلوماسية الموازية بشتى أشكالها وقنواتها‬ ‫المختلفة (الثقافية‪ ،‬الرياضية‪ ،‬اإلعالمية والعلمية‪ )..‬التي‬ ‫يمارسها الشباب تلعب أدوارا طالئعية لخدمة القضايا‬ ‫الوطنية للدول‪ ،‬باعتبارها دبلوماسية مكملة وداعمة‬ ‫لعمل الدبلوماسية الرسمية وليست منافسة لها؛ رغم‬ ‫أنها تجد في طريقها صعوبات عدة مرتبطة بغياب‬ ‫التنسيق بين الدبلوماسية الرسمية وغير الرسمية؛‬ ‫نقص المعلومات والمعطيات الكافية‪ ،‬فضال عن سرية‬ ‫العملالدبلوماسي‪..‬‬ ‫إذن أي دور للشباب في تفعيل الدبلوماسية‬ ‫الموازية؟ ما هي أهم القنوات التي تسمح للشباب‬ ‫بممارسة نشاطهم الدبلوماسي؟ ثم عندما نتحدث‬ ‫عن فئة الشباب ما هو سنها؟ هل للمجلس االستشاري‬ ‫للشباب والعمل الجمعوي دور في المجال الدبلوماسي؟‬ ‫إلى أي حد تم تفعيل المقتضيات الدستورية الداعمة‬ ‫لحضور الشباب في مختلف السياسات العمومية للدولة؟‪.‬‬ ‫تفرض الظرفية الراهنة بأزماتها المعقدة انفتاحا‬ ‫حقيقيا من قبل صانعي القرار السياسي على الشباب‬ ‫من خالل استثمار طاقاتهم في ما يخدم المصالح العليا‬ ‫لبالدنا في المحافل اإلقليمية والدولية من جهة؛ ثم‬ ‫من جهة ثانية فهاته الفئة النشيطة بإمكانها القيام‬ ‫بمبادرات من شأنها أن تدعم القضايا الحيوية للمغرب‪،‬‬ ‫لمواكبة عمل الدبلوماسية الرسمية التقليدية التي لم‬ ‫تعد كافية لوحدها في تدبير األزمات بسبب تشابك‬ ‫القضايا التي َثبُت كل يوم صعوبة تدبيرها من فاعل‬ ‫واحد ووحيد‪.‬‬ ‫كان تدبير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي‬ ‫موقوفا في بداية األمر على السلطة التنفيذية لوحدها‪،‬‬ ‫إلى أن أصبحت البرلمانات وباقي فعاليات المجتمع‬ ‫المدني من جمعيات ومنظمات يقودها الشباب تتحرك‬ ‫في هذا المجال‪ .‬وفي ظل التحوالت الدولية الكبرى وما‬ ‫تالها من تشابك العالقات والمصالح بين الدول وتطور‬ ‫وسائل االتصال الحديثة؛ كان من المفروض على‬ ‫الدبلوماسية المغربية الرسمية أن تنفتح على فاعلين‬ ‫غير رسميين لدعمهم ومواكبة أدائهم خدمة للقضايا‬ ‫الحيوية‪.‬‬ ‫جاء الدستور المغربي لسنة ‪ 2011‬بمجموعة‬ ‫من المقتضيات التي وفرت أساسا قانونيا هاما لدعم‬ ‫الدبلوماسية الموازية التي تشكل سندا للدبلوماسية‬ ‫الرسمية وإغناء ألدائها‪ ،‬إذ أشار وبشكل صريح في فصله‬ ‫العاشر إلى الدور الذي ستقوم به المعارضة البرلمانية‬ ‫من أجل دعم الدبلوماسية الرسمية‪ ،‬وفي الفصل‬ ‫‪ 12‬سمح لجمعيات المجتمع المدني وللمنظمات غير‬ ‫الحكومية بتدبير الشأن العام؛ ثم في الفصل ‪ 33‬أولى‬ ‫أهمية كبرى للشباب من خالل تعميم مشاركتهم في‬ ‫التنمية االقتصادية واالجتماعية والثقافية والسياسية‬

‫للبالد‪ ،‬وتسهيل عملية إدماجهم في الحياة النشيطة‬ ‫والجمعوية؛ ما سينعكس بكل تأكيد على تدبير‬ ‫الملفات ذات الشأنين الداخلي والخارجي بعد منح الثقة‬ ‫للشباب من خالل مشاركة فعالة تسمح بتدبير الحقل‬ ‫الدبلوماسي من جهة؛ ومن جهة ثانية ينبغي اعتماد‬ ‫سياسات عامة موجهة لهاته الفئة ‪-‬التي تشكل رمزا‬ ‫للحاضر والمستقبل داخل المجتمع‪ -‬لرفع الهشاشة‬ ‫والتهميشوالبطالة‪..‬‬ ‫إن فتح المجال بشكل أوسع أمام الشباب ودعمهم‬ ‫وعدم الوصاية على أنشطتهم عند مناقشتهم لمواضيع‬ ‫ذات الصلة بعملية صنع القرار الخارجي في المغرب‪،‬‬ ‫وإبراز اإلشكاليات الحقيقية التي تعيق عمل الدبلوماسية‬ ‫الرسمية‪ ،‬سيسهم في تصويب التدبير الدبلوماسي‬ ‫الرسمي وسيمنحه المصداقية بعد االنفتاح على كل‬ ‫المقترحات التي تتقدم بها فعاليات المجتمع المدني‬ ‫الجادة في هذا المجال‪.‬‬ ‫بعد اإلصالحات التي عرفها المغرب سنة ‪2011‬‬ ‫يمكن القول إن دستور ‪ 2011‬وفر أساسا قانونيا مهما‬ ‫يدعم الدبلوماسية الموازية؛ وذلك من خالل الفصل‬ ‫‪ 10‬الذي نص ألول مرة على مصطلح الدبلوماسية‬ ‫البرلمانية‪ ،‬ثم الفصل ‪ 12‬الذي نص أيضا ألول مرة‬ ‫على مصطلح المجتمع المدني‪ ،‬الذي يمكن اعتباره‬ ‫اعترافا بأهمية الخدمات التي يقدمها والزال يقدمها في‬ ‫عدة مجاالت‪ ،‬إضافة إلى الفصل (‪ )12‬الذي ربط تحرك‬ ‫الجمعيات المهتمة بقضايا الشأن العام والمنظمات‬ ‫غير الحكومية بالديمقراطية التشاركية؛ وفي هذا اإلطار‬ ‫ينبغي أال تركز فعاليات المجتمع المدني على القضايا‬ ‫المحلية فقط‪ ،‬وإنما ينبغي أن تشمل أيضا القضايا ذات‬ ‫الطابع الخارجي‪.‬‬ ‫نص دستور ‪ 2011‬في فصله ‪ 170‬على أن ‪:‬‬ ‫«المجلس االستشاري للشباب والعمل الجمعوي يعتبر‬ ‫هيأة استشارية في ميادين حماية الشباب والنهوض‬ ‫بتطوير الحياة الجمعوية؛ وهو مكلف بدراسة وتتبع‬ ‫المسائل التي تهم هذه الميادين وتقديم اقتراحات‬ ‫حول كل موضوع اقتصادي واجتماعي وثقافي‪ ،‬يهم‬ ‫مباشرة النهوض بأوضاع الشباب والعمل الجمعوي‪،‬‬ ‫وتنمية طاقاتهم اإلبداعية‪ ،‬وتحفيزهم على االنخراط‬ ‫في الحياة الوطنية بروح المواطنة المسؤولة»‪ .‬هذا‬ ‫المجلس الذي يضم هيئتين‪ :‬األولى خاصة بالشباب‬ ‫والثانية تتعلق بالعمل الجمعوي‪.‬‬ ‫إن الحديث عن الشباب والدبلوماسية الموازية‬ ‫يحيلنا بالضرورة على مسألة مهمة تتعلق بتقنيات‬ ‫الترافع من أجل الدفاع عن مختلف القضايا المصيرية‬ ‫التي تهم المغرب في عالقاته الخارجية بالدليل والحجة‬ ‫دون االقتصار فقط على طرح المشاكل وعدم تقديم‬ ‫البدائل‪.‬‬ ‫تعد فئة الشباب من أهم الفئات العمرية المليئة‬ ‫بالحيوية والنشاط‪ .‬هاته المرحلة تشكل فترة مهمة‬ ‫من عمر اإلنسان من أجل الدفاع عن مستقبل األجيال‬ ‫الحاضرة والقادمة‪ ،‬في إطار مؤسساتي يسمح لها‬ ‫بالحفاظ على مصالحها‪ ،‬ومصالح الفئات األخرى‬ ‫والمصالح العليا للوطن‪ ،‬عبر طرق مختلفة عما أوردته‬ ‫المؤسسات الرسمية للدولة‪.‬‬

‫ال يماري أحد في أن الفساد اإلداري عموما‬ ‫والرشوة بصفة خاصة‪ ،‬تشكل أخطر المعوقات على‬ ‫التنمية اإلدارية‪ ،‬فهي بقدر ما تمس بالثقة العامة‬ ‫في الدولة ومؤسساتها ونظمها اإلدارية‪ ،‬وتحط من‬ ‫هيبة موظفيها‪ ،‬تؤدي إلى خلخلة البيئة االجتماعية‬ ‫التي تتفشى فيها وتضعف منظومة القيم التي تحكم‬ ‫سلوك األفراد في المجتمع وعالقات بعضهم البعض‪،‬‬ ‫حيث تحمل بعض الموظفين ‪ -‬عديمي الضمير‬ ‫المهني ‪ -‬إلى االعتقاد بقدرتهم على شراء ذمة الدولة‬ ‫من خالل موظفيها‪.‬ولذلك فإن محاربة الرشوة وكل‬ ‫أشكال الفساد اإلداري يقتضيها الدفاع عن حقوق‬ ‫المواطنة الحقة‪ ،‬كما تعد وبحق دعامة أساسية‬ ‫إلصالح الشأن العام بالبالد‪ ،‬ومرتكزا لكل المبادرات‬ ‫اإلصالحية‪ ،‬وذلك إيمانا منا بأن الدول الديمقراطية‬ ‫اليوم إنما تقوم على سواعد موظفيها الذين يعتبرون‬ ‫األمناء على المصلحة العليا للبالد والعباد‪ .‬وأي تقدم‬ ‫على مسار اإلصالح والتنمية ال يمكن بأي حال أن‬ ‫يتحقق إال في كنف إدارة ومؤسسات نزيهة ذات‬ ‫مصداقية‪.‬‬ ‫والحقيقة أنه ال يخلو مجتمع من هذه اآلفة‬ ‫وإن كانت حدتها تزداد في ظل األنظمة التي تشكو‬ ‫مؤسساتها ومرافقها اإلدارية أصال من علل بنيوية‬ ‫كما في بالدنا‪ ،‬وهو ما جسده الخطاب الملكي السامي‬ ‫بمناسبة الذكرى ‪ 18‬لعيد العرش الذي صادف يوم‬ ‫‪ 30‬يوليوز ‪ ،2017‬حيث شخص جاللته الوضع السلبي‬ ‫لإلدارة العمومية‪ ،‬معتبرا أن من بين المشاكل التي‬ ‫تعيق تقدم المغرب‪ ،‬ضعف اإلدارة العمومية‪ ،‬سواء من‬ ‫حيث الحكامة أو مستوى النجاعة أو جودة الخدمات‬ ‫التي تقدمها للمواطنين‪ ،‬كما وجه دعوته الصريحة‬ ‫إلى جعل المواطن في صلب اهتمامات اإلدارة‪ ،‬مع‬ ‫التحلي بروح المسؤولية وجعل اإلدارة في خدمة‬ ‫المواطن وليست عبئا عليه‪.‬‬ ‫ببالدنا تحديدا وعلى الرغم من المقتضيات‬ ‫الزجرية والتدابير التشريعية والتنظيمية المتخذة في‬ ‫مواجهة هذه اآلفة‪ ،‬فإن واقع الحال ولألسف يعكس‬ ‫وبالملموس استشرائها في دهاليز مرافقنا االدارية‬ ‫ومؤسساتنا العمومية‪ ،‬وتسللها في قطاعات عديدة‬ ‫داخل مجتمعنا‪ ،‬يتجسد ذلك أيضا من خالل المراتب‬ ‫المتدنية والمخجلة لبالدنا على مستوى مؤشرات‬ ‫الشفافية الدولية‪ .‬حيث يشير التقرير السنوي الصادر‬ ‫عن منظمة الشفافية الدولية لسنة ‪ 2015‬و ‪2016‬‬ ‫إلى حصول المغرب على الرتبة ‪ 88‬من أصل ‪168‬‬ ‫دولة في مؤشر إدراك الرشوة‪ ،‬مسبوقا بـ ‪ 15‬دولة‬ ‫إفريقية‪.‬‬ ‫ويهمنا في هذا البحث المتواضع تحديد مدى‬ ‫نجاعة السياسة الجنائية ببالدنا في مواجهة آفة‬ ‫الرشوة والوقاية منها من خالل استجالء مرتكزات‬ ‫هذه السياسة (محور أول) ثم رصد مواطن قصورها و‬ ‫محدوديتها (محور ثان)‪.‬‬ ‫المحور األول ‪ :‬مرتكزات السياسة الجنائية في‬ ‫مجال مكافحة الرشوة والوقاية منها سنعرض في هذا‬ ‫الصدد « في نقطة أولى » لسياسة التجريم والعقاب‬ ‫المنتهجة ببالدنا في مواجهة جريمة الرشوة‪ ،‬دون‬ ‫إغفال المقاربة الوقائية التي باتت من الدعائم التي‬ ‫ترتكز عليها السياسة الجنائية في مواجهة هذه اآلفة‬ ‫(نقطة ثانية(‬ ‫أوال ‪ :‬سياسة التجريم والعقاب المنتهجة في‬ ‫مواجهة جريمة الرشوة‬

‫نهج المشرع الجنائي المغربي في تجريمه‬ ‫للرشوة نهج التشريعات التي تأخذ بمذهب ثنائية‬ ‫الرشوة التي تتكون من جريمتين ‪ :‬جريمة المرتشي‬ ‫التي يرتكبها الموظف العمومي أو من في حكمه‪،‬‬ ‫وكذلك العامل أو المستخدم أو الموكل في القطاع‬ ‫الخاص‪ ،‬وجريمة الراشي وهو صاحب المصلحة‪ ،‬ومن‬ ‫إيجابيات هذا االختيار أنه يسمح باستقالل الجريمتين‬ ‫في المسؤولية والعقاب ‪ ،‬إذ يمكن مساءلة أحدهما‬ ‫دون اآلخر في حال رفض الطرف اآلخر‪ -‬كصاحب‬ ‫الحاجة مثال‪ -‬تقديمها للموظف أو العكس‪.‬‬

‫‪ - 1‬جريمة المرتشي‬ ‫استنادا إلى نص الفصل ‪ 248‬من القانون الجنائي‬ ‫فإن جريمة المرتشي تقوم على عناصر تكوينية‬ ‫أساسية ‪ ،‬ففضال عن الركنين المادي والمعنوي‪،‬‬ ‫فإن هذه الجريمة تعد من جرائم ذوي الصفة ‪ ،‬حيث‬ ‫اشترط المشرع أن يكون الجاني المرتشي متصفا‬ ‫بصفة «موظف عمومي أومن في حكمه» (قاضي أو‬ ‫عضو من أعضاء المحكمة‪ ،‬محكم أو خبير‪ ،‬متولي‬ ‫مركز نيابي‪ ،‬طبيب أو جراح ‪ ...‬والمالحظ في هذا‬ ‫الخصوص أن المشرع الجنائي المغربي تبنى تعريفا‬ ‫موسعا للموظف العمومي في إطار الفصل ‪ 224‬من‬ ‫القانون الجنائي ولم يتقيد بالتعريف اإلداري الضيق‬ ‫لهذا األخير‪ ،‬وذلك حتى يوسع من نطاق التجريم‬ ‫ليمتد إلى جميع األشخاص الذين يؤدون أعماال ذات‬ ‫أهمية ونفع عام‪ ،‬ولو كانت مؤقتة أو بدون أجر‪ ،‬على‬ ‫نحو تكون للمجتمع المصلحة في كفالة نزاهتها‪ ،‬كما‬ ‫توسع في تحديد اختصاص الموظف العمومي ‪ ،‬فلم‬ ‫يشترط أن يكون الموظف مختصا بكل العمل الذي‬ ‫أخذ عنه رشوة‪ ،‬كما اعتبر هذا األخير مرتشيا ولو‬ ‫كان العمل أو االمتناع الذي تقاضي من أجله رشوة‬ ‫ال يدخل في صميم اختصاصه فعال إال أن وظيفته‬ ‫سهلته أو كان من الممكن أن تسهله‪.‬‬ ‫ بالنسية للركن المادي‪ ،‬فتتحدد صوره في‬‫جريمة المرتشي في الطلب والقبول والتسلم‪ .‬ويكفي‬ ‫توفر إحدى هذه الصور لتحقق النشاط اإلجرامي‪.‬‬ ‫وتقوم جريمة المرتشي بمجرد طلب المرتشي مقابال‬ ‫نظير عمله الوظيفي ولو لم يستجب لهاصاحب‬ ‫الحاجة ‪ ،‬ألن الموظف بذلك يكون قد عرض العمل‬ ‫الوظيفي لإلتجار‪ .‬والمشرع لم يفرق بين اإلتجار‬ ‫الفعلي وعرض اإلتجار‪.‬‬ ‫بالنسبة للقبول فهو يفترض عرضا سابقا‬ ‫للرشوة من جانب صاحب المصلحة يعبر فيه عن‬ ‫إرادته وتعهده بتقديم المنفعة أو المقابل له إذا ما‬ ‫قضى له مصلحته‪ .‬ويكفي لتحقق القبول أن الموظف‬ ‫قبل الوعد بالعطية الصادر عن الراشي دون توقف‬ ‫على تنفيذ هذا األخير لما وعد به‪.‬‬ ‫أما التسليم فيقصد به اقتضاء الموظف‬ ‫فعال ثمن اتجاره بوظيفته‪ .‬ويطلق على هذه‬ ‫الصورةالرشوةالمعجلة‪ ،‬وهي الصورة الغالبة في‬ ‫الواقع‪ .‬والتهم الكيفية التي يتم بها التسليم‪ ،‬فقد‬ ‫يتم بصورة ماديةصريحةومباشرة‪ ،‬وقد يتم هذا‬ ‫التسليم بصورة ضمنية ؛ كأن يضع الراشي مبلغا من‬ ‫المال في درج مكتب الموظف وتحت نظره دونما أي‬ ‫اعتراض من جانبه‪.‬‬ ‫وبخصوص الركن المعنوي لهذه الجريمة فهي‬ ‫جريمة عمدية قوامها القصد الجنائي بعنصرين العلم‬ ‫واإلرادة لدى المرتشي‪.‬‬

‫(يتبع)‬


‫‪13‬‬

‫الثالثـاء ‪ 30‬يوليوز �إلى ‪ 05‬غ�شت ‪2019‬‬

‫العدد ‪1004‬‬

‫حوار من عاصمة األنوار‬ ‫• بقلم ‪ :‬عبد المجيد اإلدريسي‬ ‫‪ ...‬بإشعاع العبارة‪ ،‬وامتشاق القلم بمداد أزرق‪ ،‬على بياض الورق إلنتاج‬ ‫فكر االستغراب‪ ،‬من باريس عاصمة األنوار‪ .‬ها هو ذا األستاذ أحمد الشيخ‪،‬‬ ‫الكاتب والصحفي واإلنسان‪ ،‬من مواليد قرية دِيرْ نجمْ‪ ،‬سنة ‪1953‬م‬ ‫بمحافظة الشرقية من أرض الكنانة‪ .‬بعد حصوله على ليسانس من‬ ‫كلية اآلداب‪ ،‬قسم الفلسفة جامعة عين شمس‪ ،‬بالقاهرة‪ ،‬التحق بجامعة‬ ‫السوربون‪ 1‬لسنة ‪1978/79‬م ليحصل على ماجيستير الفلسفة الحديثة‬ ‫«فلسفة الفهم» عند اليسار الهيكلي (فلسفة الفعل)‪ .‬عمل األستاذ في‬ ‫الصحافة بمجلة «اليسار العربي»‪ ،‬أيام السادات‪ ،‬والتي كانت تصدر من‬ ‫باريس مع نخبة من األدباء من بينهم‪ :‬محمود أمين العالم‪ ،‬وعلي شكري‪،‬‬ ‫وميشيل كامل‪ ،‬وأمين إسكاندر‪ ،‬وأديب دي ميتري‪ ،‬وآخرين‪ .‬ثمّ عمل‬ ‫مراسال من باريس لصحيفة «الوطن الكويتية»‪ ،‬وصحيفة «الحياة اللندنية»‬ ‫و«الشرق األوسط»‪ ،‬ولعديد من المجالت والصحف العربية‪ .‬وكان قد أسس‬ ‫في مصر «المركـز العربي للدراسات العربية»‪ ،‬حيث أصدر عدَّة كتب تأليفا‬ ‫وترجمة‪ .‬منها «كتاب االستشراق» و«المثقفون العرب في الغرب»‪ .‬ونفائس‬ ‫كتاباته وترجماته من الفرنسية إلى العربيـة «الشرق والغرب زمـن الحـروب‬ ‫الصليبية»‪ ،‬لِكلود كاهن‪ ،‬و«منْ يجرؤ على نقد إسرائيل»‪ ،‬و«الحرب العالمية‬ ‫الرابعة» لباسكال بونيفاس‪ .‬ثم كتاب «دفاعا عن التاريخ»‪ ،‬لمارْك بلوخْ (هو‬ ‫الناشر أيضا)‪ .‬وقد ترجم كتاب «اليمين المسيحي األمريكي» لِمُختار امبارك من‬ ‫تونس‪ .‬هو (د‪.‬أحمد الشيخ)‪ ،‬كان قد غادر مصر لينسـج الخيوط لالستيالء على‬ ‫علم االستغراب منذ سنة ‪1978‬م‪ ،‬ليقيم في بالد الحرية والمساواة واألخوة‪.‬‬ ‫فأصبح عند ذكر اسمه يُطال االستغراب‪ ،‬ليلتقي في مداه السرّ والعالنية‪.‬‬ ‫مستقرٌّ في باريس إلى يومنا هذا‪ ،‬إذ به ضيفٌ دائمٌ على القنوات العربية‬ ‫والفرنسية والتركية والروسية‪ ،‬لتحليل الخطاب السياسي (فرانس ‪ )24‬و (روسيا‬ ‫اليوم) وقناة (الجزيرة) وقناة (الحرَّة) ‪ ..‬رغم َّ‬ ‫أن كتاباته ال تمارس التشهير‪ ،‬كان‬ ‫له موقف هجوم على «ترامب» يوم نجاحه في االنتخابات الرئاسية األمريكية‪،‬‬ ‫على القنـاة «اإلخبارية السعودية»‪ ،‬إذا بتحليله لم يرقهم‪ ،‬فكان ذلك سبـب‬ ‫القطيعـة‪ .‬آوتْ «اإلخبارية» عند «اليوتوب» إلغالق قناة الصحفي أحمد الشيخ‬ ‫الخاصة التي يضع فيها أنشطته‪ ،‬بزعمها أنه ينشر آرا ًء خطيرة !‬ ‫أحمد الشيخ يفرض هيبته على حبره الحرّ‪ ،‬وقد استضفناه مرات عند‬ ‫مقدمه من باريس بنادي االتحاد بتطوان إللقاء محاضرات والمشاركة في‬ ‫ندوات‪ ،‬منها كتاب «دفاع عن التاريخ»‪ ،‬لمارك بلوخ‪ ،‬وهو المترجم والناشر له‬ ‫باللغة العربية‪ .‬كما استاضفته كلية اآلداب – شعبة التاريخ والحضارة‪ -‬لندوة‬ ‫في نفس الموضوع‪ .‬وفا ًء منا ألفقه الواسع وعلمه الغزير ولتعاظم رصيده‬ ‫العلمي‪ ،‬ارتأينا ْ‬ ‫أن نحاوره من عاصمة األنوار‪ ،‬على غرار الدكتور طه احسين‬ ‫وتوفيق الحكيم الذي جمعتهم المعرفة والعلم في عاصمة الفكر‪ .‬ومن إصدارات‬ ‫كذلك كتب لمؤلفين مغاربة ‪ :‬كتاب للدكتور نزار التجديتي «أنور لوقا»‪ ،‬و«مصر‬ ‫في عيون المغاربة» للدكتور محمد مشبال‪ ،‬وللدكتور عبد الواحد العلمي عن‬

‫تربويات‬

‫«مدينة شفشاون»‪ .‬فكانت له الكلمة‪ ،‬وهي بناء الخطاب للعقل العربي الحرّ‬ ‫الذي يرقى إلى إبداع العلم والمعرفة‪ .‬بل هو منهج العلم في مختلف الميادين‪.‬‬ ‫من هنا سرّ إنجازاته‪ .‬إذ تطرح كتاباته نقداً بنا ًء من داخل النصوص‪ .‬تلك‬ ‫هي قيمة الكتابة في عالم يتمتع بالحرية وحقوق اإلنسان ليكون درساً وعبرة‬ ‫لمن يمارس القمع وتكميم األفواه ! القلم الذي يؤمن ب»أنا أحترم وجهة‬ ‫نظرك وأتفق مع ما تقوله‪ ،‬ولكن ما أروم بلوغه أمرٌ مختلف» (د‪.‬محمد مشبال)‪.‬‬ ‫إذ به يحاول الحفر في عمق األشياء لينتصر لطبقة المظلومين‪ .‬اختبرت فيه‬ ‫ما يسرُّهُ وما ال يسرُّهُ‪ .‬وهو ينأى عن التبجح بحوارات مع شخصيات علمية‬ ‫وسياسية‪ ،‬كأمثال الرئيس أحمد بن بلة في باريس بعد رفع اإلقامة اإلجبارية‬ ‫عنه سنة ‪1983‬م‪ ،‬وقد نشرله ذلك اللقاء بمقال على صفحات مجلة «الوطن‬ ‫العربي» ‪ ..‬فكانت له أجوبة على أربعة أسئلة ذاتية تباعاً‪.‬‬ ‫‪ - 1‬لماذا الغربة طويلة األمد ؟‬ ‫‪ - 2‬ما الذي أضافته الغربة لك ؟‬ ‫‪ - 3‬كيف كانت الغربة مفيدة لك ؟‬ ‫‪ - 4‬ما هي الحصيلة النهائية لتلك الغربة‪ ،‬وكيف يمكن ْ‬ ‫أن تكون تجربتك‬ ‫مفيدة لآلخرين ؟؟ لم يتأخر الدكتور أحمد الشيخ في تسليط الضوء عن جزء من‬ ‫ذاكرة منفاه‪ ،‬ربما لتضميد الجراح الدفينة‪ ،‬قائ ً‬ ‫ال ‪:‬‬ ‫‪ - 1‬كم تعلم أخي الكريم عبد المجيد ّ‬ ‫أن الغربة طويلة األمد‪ ،‬لم تكن من‬ ‫اختياري‪ ،‬وإنما ُفرضت علينا فرضاً‪ .‬ومن منا ال يريد أن يحيا في وسطه الطبيعي‬ ‫الذي نما وترعرع فيه‪ .‬وكما تعلم أوضاع بالدنا طا ِردة لخيرة أوالدها‪ .‬ومن يقرّر‬ ‫العوْدة من أجل المساعدة في بناء بالده يقابل أحياناً بما لم يخطر بباله قط !!‬ ‫‪ - 2‬وقد أضافت لي الغربة الكثير والكثير‪ ،‬بلقاء الثقافات والحضارات‪ ،‬في‬ ‫الغالب مثمراً‪ ،‬ويمنح الشخص أبعاداً جديدة ورؤى جديدة‪.‬‬ ‫تكون للغربة مساوئ أيضاً بحكم َّ‬ ‫ُّ‬ ‫أن المهاجر يقع ضحية «الصورة» في‬ ‫‪-3‬‬ ‫واقع قد ال يقبله أحياناً‪ ،‬أو يقبله في ّ‬ ‫ظل شروط معينة‪.‬‬ ‫‪ - 4‬حصيلة سنوات الغربة بالنسبة لي هي دعوتي التي أدعو لها منذ سنوات‪،‬‬ ‫أن نجدِّدَ إدراكنا للغرب‪َّ .‬‬ ‫وأننا ال بدَّ ْ‬ ‫وان مرحلة جديدة في اكتشاف الغرب عليها‬ ‫ْ‬ ‫أن تبدأ اآلن‪ ،‬من أجل تصحيح الخلل القائم بين بالدنا وبالد الغرب المتقدمة‪ .‬من‬ ‫أجل المساعدة في بناء مجتمعاتنا على أسس صحيحة تسمح لنا بتحقيق التقدم‬ ‫لمواطنينا ولبالدنا ‪..‬‬ ‫و محمود درويش مؤكدا هويته العربية ‪ :‬أنا عربي ‪ ..‬ورقم بطاقتي خمسون‬ ‫ألفاً‪.‬‬ ‫و أطفالي ثمانية ‪ ..‬وتاسعهم سيأتي بعد صيف ‪..‬‬

‫المديرية اإلقليمية بطنجة أصيلة تتوج التالميذ المتفوقين دراسياً‬ ‫والمدير اإلقليمي رشيد ريان يبصم على موسم دراسي متميز‬ ‫• عبد الغني بلقاسم‬

‫نظمت مديرية طنجة أصيلة‪ ،‬عشية يوم االثنين ‪15‬‬ ‫يوليوز الجاري بمدرج عبد اهلل كنون بثانوية موالي الحسن‬ ‫لألقسام التحضيرية‪ ،‬حفال تربويا بهيجا جمع بين االحتفال‬ ‫بالذكرى العشرين لتربع صاحب الجاللة الملك محمد‬ ‫السادس نصره اهلل على عرش أسالفه المنعمين‪ ،‬واالحتفاء‬ ‫بالتلميذات والتالميذ المتفوقين دراسيا‪.‬‬ ‫حضر هذا الحفل عدد من الشخصيات على رأسهم‬ ‫السيد الكاتب العام لوالية طنجة تطوان الحسيمة‪ ،‬وبعض‬ ‫رؤساء المصالح الخارجية وممثلي اإلقليم بالبرلمان‬ ‫والمنتخبين‪ ،‬وممثل االكاديمية الجهوية للتربية والتكوين‬ ‫جهة طنجة تطوان الحسيمة‪ ،‬إلى جانب السيد رشيد ريان‬ ‫المدير اإلقليمي لوزارة التربية الوطنية والسيد حسن عبو‬ ‫رئيس الفيدرالية الوطنية لجمعيات أمهات وآباء وأولياء‬ ‫التالميذ بالمغرب وعدد من الفاعلين التربويين واإلداريين‬ ‫وممثلي جمعيات المجتمع المدني بإقليم طنجة‪ ،‬وأسر‬ ‫المحتفىبهم‪.‬‬ ‫خالل الكلمة االفتتاحية؛ رحب السيد المدير اإلقليمي‪،‬‬ ‫بجميع الحاضرين مبرزا أهمية هذا الحفل‪ ‬التربوي‪ ،‬الذي‬ ‫يتزامن واالستعدادات لالحتفال بعيد العرش المجيد‪،‬‬ ‫مؤكدا أن هذه االحتفاالت أصبحت تقليدا تربويا تلتزم به‬ ‫المديرية اإلقليمية من أجل تقويم أداء المنظومة التربوية‬ ‫على مستوى اإلقليم‪ .‬وهي كذلك محطة مهمة يحتفى من‬ ‫خاللها بالتالميذ المتميزين في مختلف األسالك التعليمية‪،‬‬ ‫تشجيعا لهم وعرفانا بطاقاتهم الخالقة وقدرتهم على التميز و الخلق و اإلبداع‪ ،‬وتحفيزهم على األداء الجيد و العمل المثمر‬ ‫والدؤوب لتحقيق أفضل النتائج واالستحقاقات‪.‬‬ ‫خالل هذه الكلمة‪ ،‬ذكر السيد المدير اإلقليمي أهم العمليات التي همت تنزيل مضامين الرؤية االستراتيجية‬ ‫‪2030/2015‬؛ المتمثلة في فتح اثني عشرة(‪ )12‬مؤسسة تعليمية جديدة‪ ،‬وفتح العديد من حجرات التعليم األولي‪ ،‬وكذا‬ ‫انطالق أشغال بناء حجرات أخرى في إطار المبادرة الوطنية للتنمية البشرية‪ ،‬واإلعالن عن بناء مائة وواحد وستون (‪)161‬‬ ‫حجرة إضافية ضمن المجهودات المبذولة من طرف األكاديمية الجهوية‪ .‬وبخصوص الدعم االجتماعي فقد أشار السيد‬ ‫المدير اإلقليمي إلى أن عدد المستفيدين من هذا الدعم قد عرف ارتفاعا ملحوظا‪ ،‬وأن المديرية ستعمل خالل السنة‬ ‫المقبلة على الرفع من قيمة المنح المخصصة للمستفيدين‪.‬‬ ‫بعد ذلك استعرض المدير اإلقليمي إحصائيات دقيقة عن نتائج االمتحانات اإلشهادية لهذا الموسم والتي كانت‬

‫مشرفة وايجابية‪ ،‬حيث بلغت نسبة النجاح ‪ 71.58%‬بالنسبة‬ ‫للباكلوريا خالل الدورتين‪ ،‬و ‪ 60.08%‬بالنسبة للسلك الثانوي‬ ‫اإلعدادي خالفا للموسم الدراسي الفارط ‪ ،54.72%‬في حين بلغت‬ ‫نسبة النجاح بالمستوى اإلشهادي االبتدائي ‪ 90.83%‬مقابل‬ ‫‪ 88.17%‬بالنسبة للسنة الدراسية الماضية‪ .‬كما ذكر السيد المدير‬ ‫اإلقليمي بنسبة النجاح لدى المترشحات والمترشحين في وضعية‬ ‫إعاقة‪ ،‬والتي بلغت ‪ 94.20%‬بالنسبة لجميع األسالك التعليمية‪.‬‬ ‫وبهذه المناسبة قدم السيد المدير اإلقليمي أطيب التهاني‬ ‫للمتفوقات والمتفوقين والمتميزات والمتميزين متمنيا لهم‬ ‫المزيد من التألق و النجاح في مسيرة البذل و العطاء‪ ،‬مؤكدا أنه‬ ‫ما كان لهذه المديرية أن تحقق مثل هذه اإلنجازات المثمرة لوال‬ ‫تضافر جهود الجميع بدءا من رؤساء المصالح بالمديرية وعلى‬ ‫رأسهم رئيس مصلحة الشؤون التربوية السيد عبد اإلله الفزازي‪،‬‬ ‫والفريق اإلقليمي الساهر على إعداد وتنظيم وتتبع االمتحانات‪،‬‬ ‫واألساتذة ورؤساء المؤسسات التعليمية والمفتشين والموجهين‬ ‫واإلداريين والتقنيين الذين أبانوا عن حس وطني وغيرة تربوية‬ ‫عالية‪ ،‬كما أشاد بمساهمة شركاء المديرية في تحقيق هذه النتائج‬ ‫المحمودة‪ ‬وتحديدا‪ ‬جمعيات أمهات وآباء وأولياء التالميذ‪ ،‬والفرقاء‬ ‫االجتماعيين‪ ،‬وجمعيات المجتمع المدني‪ ،‬والقطاع الخاص واألسر‪،‬‬ ‫كما نوه بمختلف وسائل‪ ‬اإلعالم التي تواكب برامج ومشاريع‬ ‫وأنشطة المديرية‪ ،‬كما قدم الشكر والتقدير للسيد والي جهة‬ ‫طنجة تطوان الحسيمة عامل عمالة طنجة أصيلة والسيد والي أمن‬ ‫طنجة على مشاركتهم الفعالة في أنشطة الحياة المدرسية وعلى‬ ‫توفير المناخ المالئم إلنجاح مختلف محطات االمتحانات اإلشهادية‪.‬‬ ‫هذا وتميز الحفل بتقديم مقطوعات موسيقية وأغاني وطنية تخلد لذكرى عيد العرش المجيد أداها تالميذ الثانوية‬ ‫التأهيلية ابن الخطيب‪ .‬وتخلل الحفل توزيع جوائز تحفيزية وشهادات تقديرية على التالميذ المتفوقين في االمتحانات‬ ‫اإلشهادية وعلى المؤسسات الحاصلة على أعلى نسبة نجاح بالمديرية اإلقليمية باإلضافة إلى تتويج األطر اإلدارية‬ ‫والتربوية وتالمذتهم المبدعين الحاصلين على مراتب مشرفة خالل مشاركتهم في مختلف التظاهرات الثقافية والرياضية‬ ‫والفنية‪.‬‬ ‫وبهذا الحفل البهيج تكون مديرية طنجة أصيلة قد أسدلت الستار على سنة دراسية عرفت تميزا ملحوظا؛ إن‬ ‫على مستوى التدبير اإلداري للمسؤولين عن الشأن التربوي باإلقليم أو على مستوى النتائج المحصل عليها باألقسام‬ ‫اإلشهادية‪.‬‬


‫الثالثـاء ‪ 30‬يوليوز �إلى ‪ 05‬غ�شت ‪2019‬‬

‫العدد ‪1004‬‬

‫منبر المجلس العلمي‬ ‫بطنجـة‬

‫‪14‬‬

‫عيد العر�ش عرب وتوجيهات‬

‫إن في تاريخ كل امة من األممم أحداثا جليلة ومواقف‬ ‫خالدة حقق اهلل لها فيها نصرا مبينا وفتحا مكينا‪،‬وجعلها‬ ‫فاتحة عهد جديد ومفتاح صحوة ويقظة بعد كبوة وغفوة‪،‬ولقد‬ ‫دخلت أمتنا التاريخ من أوسع أبوابه وسجل رجالها من األحداث‬ ‫والمواقف ما يصعب عده ووصفه‪ ،‬فسجلوا صفحات ذهبية‬ ‫فرضت نفسها على جميع الكتاب والمؤرخين‪ ،‬كما تداولت على‬ ‫عرش هذه األمة دول إسالمية مجيدة أخذت على عاتقها خدمة‬ ‫الدين والعروبة فساهمت في نشر الحضارة اإلسالمية بين‬ ‫مختلف الشعوب واألنام‪ ،‬وناضلت من أجل الحفاظ على الدين‬ ‫اإلسالمي وتنقيته من الشوائب والزوائد‪ ،‬فوحدت هذا الوطن‬ ‫تحت راية اإلسالم وجعلت له دولة وصولة وشخصية فذة بين‬ ‫األمم‪ ،‬وتحملت كل دولة من الدول اإلسالمية المتعاقبة عليه‬ ‫مسؤوليتها التاريخية في المحافظة على الدين ورعاية مصالح‬ ‫رعاياها المسلمين‪ ،‬وعلى هذا األساس قامت الدولة العلوية‬ ‫الشريفة التي اختارتها العناية اإللهية الحكيمة لتتسلم مقاليد‬ ‫األمر بهذه الديار‪ ,‬فجمع اهلل قلوب المغاربة منذ ما يقرب من‬ ‫أربعة قرون على الوالء والطاعة إلمامة البيت العلوي الشريف‪،‬‬ ‫فكان أهله سندا عظيما للمغرب ورجاله من القادة العظام‬ ‫أهل تدبير وسياسة وبناء‪ ،‬حرروا ما وجدوه مغتصبا من أطراف‬ ‫المغرب وسواحله‪ ،‬وحصنوا المدن وبنوا المعاقل ووحدوا‬ ‫الشمل وأمنوا الديار‪،‬يهدون بأمر اهلل ويطبقون شريعته‬ ‫ويحيون السنن والواجبات ويمييتون البدع والضالالت‪ ،‬حتى‬ ‫إذا جاء العصر الحديث وتكالبت قوى االستعمار على هذا البلد‬ ‫األمين جاء دور بطل المغرب وفقيد العروبة واإلسالم جاللة‬ ‫الملك محمد الخامس طيب اهلل ثراه الذي ناضل وكافح ووقف‬ ‫أمام تحديات االستعمار بصبر وأناة‪ ،‬لم ينل منه تهديد وال نفي‬ ‫وإبعاد‪ ،‬فأعاد للمغرب كيانه واستقالله ووحدته وشخصيته‪،‬حتى‬ ‫إذا أجاب داعي ربه‪ ,‬رحل إلى رحمة اهلل ورضوانه آمنا مطمئنا‬ ‫وقد ترك المغرب في أيدي أمينة وتحت ظالل ولي عهده ووارث‬ ‫سره الذي احتفل الشعب بتولية عهده‪ ،‬وبايعه بيعة إسالمية‬ ‫على كتاب اهلل وسنة رسوله من بعده فانتصب رحمه اهلل إماما‬ ‫شرعيا للمغاربة وواصل مسيرة الجهاد األكبر على الصعيد‬ ‫الوطني والعربي واإلسالمي‪ ،‬وتابع مسيرة التشييد والبناء‬ ‫والنماء‪ ،‬والعمل الذي ال يعرف الكلل والملل للنهوض بهذا‬ ‫البلد األمين‪ ،‬فشرع في بناء المغرب الحديث بإقامة السدود‬ ‫وبناء المساجد والمدارس والمعامل والمستشفيات‪،‬وتوحيد‬ ‫البالد‪ ,‬وتحرير ما تبقى من أراضيها مغتصبا‪ ,‬فنظم معجزة‬ ‫القرن وحرر صحراء المغرب بمسيرة حسنية تنم عن عبقرية قل‬ ‫أن يجود الزمان بمثلها‪ ,‬وعمل على بناء دولة الحق والقانون‬ ‫وتأسيس الشورى اإلسالمية حتى تكون األمة المغربية أمرها‬ ‫شورى بينها كما وصف اهلل سبحانه وتعالى أصحاب رسوله‬ ‫صلى اهلل عليه وسلم بقوله تعالى ‪« :‬وأمرهم شورى بينهم»‪.‬‬ ‫ولما اختاره اهلل إلى جواره آلت أمور هذا البلد الكريم إلى‬ ‫ملك التحم الشعب حوله وبايعه بيعة إسالمية فشق محجته‬ ‫بتدبير وحكمة‪ ،‬ووفر الرصيد الهائل من وسائل العمل وتطوير‬ ‫األساليب والطرق‪ ،‬فأعطى ألفراد شعبه القاعدة الصلبة لبسط‬ ‫وجودهم على المستوى القاري والركيزة المنيعة لفرض‬

‫‪ -‬بقلم الدكتور محمد كنون احل�سني‬

‫اعتبارهم في المجال الدولي‪ ،‬وأسدل على األمة رداء التحرير‬ ‫الفكري واالطمئنان المعنوي‪ ،‬وسهر على التجديد والتربية‬ ‫والتكوين‪ ،‬وتطوير دولة الحق والقانون‪.‬‬ ‫فبين ثنايا هذا التاريخ الطويل نقف على أحداث كبرى‬ ‫ومواقف عظمى سجلها المؤرخون بمداد الفخر واالعتزاز‪ ،‬وفي‬ ‫سجل أعمال هؤالء األعالم العظام الذين اختارتهم العناية‬ ‫اإللهية الحكيمة ليتسلموا مقاليد األمر بهذه الديار مواقف‬ ‫وأعمال ومنجزات يعجز المرء عن إحصائها وتعداد محاسنها‪،‬‬ ‫فتاريخ هذه األمة حافل باألمجاد واأليام العظام التي تستدعي‬ ‫االستحضار واالحتفال كل ما دار الحول وحل األجل لتأخذ منها‬ ‫العبر وتجنى منها العظة وتقتبس الذكرى‪ .‬وبنا أن العرش في‬ ‫المغرب عقيدة واتجاه‪ ،‬ويقين والتزام وتعاقد اجتماعي راسخ‬ ‫الجذور ضارب بأصوله في أعماق التاريخ‪ ،‬جمع األمة على كلمة‬ ‫واحدة ووحد الصفوف على مبدإ واحد فإن المغاربة جعلوا‬ ‫من يوم بيعة ملكهم وتربعه على عرش أسالفه الميامين ‪,‬‬ ‫عيدا يستحضرون فيه تاريخهم الحافل باألمجاد والمكرمات‪,‬‬ ‫والزاخر بالعطاءات والخيرات‪ ،‬ويستعرضون المنجزات فيتدفق‬ ‫في شرايينهم دم جديد يوحي بالعزم الصادق واإلرادة الصلبة‬ ‫للمضي في مرحلة أخرى من مراحل البناء والتشييد‪ ،‬ويحرك‬ ‫قطار تاريخهم صوب االزدهار والنماء‪ ،‬يعبرون فيه على تعلقهم‬ ‫بملكهم وتوحدهم وراء قائدهم‪.‬‬ ‫وقد تأسس االحتفال بهذا اليوم العظيم أثناء غمرة النضال‬ ‫والتضحية والفداء من أجل تحرير الوطن واستقالل البالد‪،‬‬ ‫فقد ارتأى الوطنيون األحرار الالحتفال بهذا اليوم‪ ‬للتعبير عن‬ ‫التالحم الوثيق بين العرش والشعب‪ ,‬وللتعبير عن المحبة‬ ‫الصادقة والوالء الدائم والوفاء المستمر الذي يكنه المغاربة‬ ‫لملكهم‪ ،‬واستعدادهم الدائم للتضحية والكفاح من أجله‪ ،‬يقول‬ ‫االستاذ»عالل الفاسي» ‪« :‬ولقد أرادت – الكتلة الوطنية‪ -‬أن‬ ‫تظهر عمليا عواطف الوطنيين الحقيقية نحو ملكهم العظيم‬ ‫من جهة‪ ،‬وتفضح الفرنسيين وتكشف عن نفاقهم من جهة‬ ‫أخرى‪ ،‬فاهتدت إلى فكرة سديدة هي تأسيس عيد العرش‬ ‫المغربي يوم ‪ 18‬نونبر الذي هو يوم جلوس جاللة سيدي‬ ‫محمد‪ ،‬وقد حل ذلك اليوم وبدأت البالد تحتفل‪ ،‬ولكن اإلقامة‬ ‫وقفت موقف المندهل الذي يريد منع االحتفال ولكنه ال يستطيع‬ ‫التجرؤ في التنفيذ‪ ،‬وفعال لم تستطع الوطنية المغربية أن تجعل‬ ‫من االحتفال األول عيدا رسميا ولكنه على كل حال كان يوما‬ ‫تمهيديا للعيد الرسمي الذي أسس في السنة الموالية أي سنة‬ ‫‪ ،1934‬وهكذا انكشف للجميع أن الكتلة الوطنية ال تمثل إال‬ ‫الوفاء واإلخالص الذين يحملهما الشعب المغربي نحو عرشه‬ ‫المجيد وملكه العظيم» ‪ .‬ومنذ ذلك اليوم والمغاربة يعبرون كل‬ ‫سنة عن تعلقهم بملكهم ويحتفلون بذكرى بيعته ويجددون‬ ‫والءهم واخالصهم له‪ ،‬فكانوا يغتنمون هذه المناسبة للتعبير‬ ‫عن ارتباطهم بعرش البالد والدفاع عن مقدساته‪ ،‬وكان‬ ‫الشعراء ينطقون بمشاعر المغاربة ويترجمون شعورهم وما‬ ‫يتطلعون إليه‪ ،‬يقول األستاذ « عبد اهلل كنون» بمناسبة عيد‬ ‫العرش لسنة ‪:1950‬‬

‫العرش حجتنا فمن ذا يـجحــد‬ ‫حقا يناصــره اإلمام محـــمــد‬ ‫علمـت شعــوب األرض أنا أمـة‬ ‫ليست من النجر الذي يستعبد‬ ‫تاريخنا وجهـــادنا وطموحنــا‬ ‫تـــأبى علينــا أن تداولنـــا يد‬ ‫تا هلل ال نعطي الدنية عن يــد‪ ‬‬ ‫أبدا ولو أنــا نمـــوت ونلحـــد‬ ‫ولعل المتأمل في هذه األبيات يقف على المرمى الحقيقي‬ ‫لالحتفال بهذه الذكرى والمغزى الكامن في استحضار هذا‬ ‫الحدث كل ما مر الحول عليه‪ ،‬إنه التشخيص الدائم وعلى مر‬ ‫الحقب واألزمان لعرى التالحم الوثيق بين العرش والشعب‬ ‫والوالء الدائم والوفاء المستمر الذي يكنه الشعب المغربي‬ ‫لعاهله‪.‬‬ ‫وبعد مجيء االستقالل وتحرير البالد من قيود االستعمار‬ ‫وأغالله ظل االحتفال بهذا العيد حاضرا كل سنة شاهدا على‬ ‫تعلق المغاربة بالعرش العلوي ووالئهم وإخالصهم للجالس‬ ‫عليه الذي اختاره اهلل ليتسلم مقاليد الحكم في هذا البلد‬ ‫السعيد‪ ،‬قائما على أسس دينية ووطنية وتاريخية‪.‬‬ ‫‪ - 1‬قائما على أسس دينية باعتباره بيعة متجددة كل سنة‬ ‫وحمدا هلل على ما هيأ لنا في هذا البلد األمين وأبقى لنا من‬ ‫شروط إمارة المؤمنين بشروطها المعروفة‪.‬‬ ‫‪ - 2‬قائما على اسس وطنية باعتباره تجسيدا لعالقة الشعب‬ ‫بالعرش وتعلقهم بأسبابه وارتباطهم بملكهم وتجندهم وراءه‪،‬‬ ‫ذلك أن المغاربة منذ أن وعوا الحياة السياسية اقتنعوا بأن‬ ‫الملكية الدستورية هي األصلح واألبقى‪ ,‬وان العرش هو الرباط‬ ‫المقدس بين الملك والشعب‪.‬‬ ‫‪ - 3‬قائما على أسس تاريخية باعتبار لحظة التأسيس التي‬ ‫تعود إلى أيام النضال من أجل استقالل البالد والكفاح من أجل‬ ‫الحرية‪ ،‬وباعتبار االحتفال السنوي هو استحضار لماضي هذه‬ ‫األمة وأمجادها الغابرة‪ ،‬ووصف للحاضر ومنجزاته‪ ،‬واستشراف‬ ‫للمستقبل بما يبعثه من دم جديد في نفوس المغاربة من أجل‬ ‫البناء والتشييد‪.‬‬ ‫واليوم وقد حلت الذكرى‪ ‬العشرون العتالء صاحب الجاللة‬ ‫محمد السادس نصره اهلل على عرش أسالفه المنعمين نحتفل‬ ‫بهذا الحدث الغالي ونجدد البيعة إلمامنا ‪ ‬المقتدر‪ ،‬شاكرين‬ ‫اهلل الذي وهبنا في هذا العصر المليء باالضطرابات والمفاجآت‬ ‫في شتى أنحاء المعمور‪ ،‬وفي هذه الفترة المليئة بالتغيرات‬ ‫والتطورات ملكا مقتدرا في مستوى األحداث العالمية من جهة‪،‬‬ ‫وفي مستوى طموحات الشعب المغربي من جهة ثانية‪.‬‬ ‫فهنيئا لنا بهذه الذكرى الغالية وهنيئا لنا بهذا الملك‬ ‫العظيم‪ ،‬ونسأل اهلل أن ينصره ويعينه على ما يصبو إليه من‬ ‫خير ونماء لهذا الموطن العزيز‪ ،‬وأن يعيد عليه أمثال هذا العيد‬ ‫وهو يتمتع بالسالمة والعافية والعمر المديد‪.‬‬


‫العدد ‪1004‬‬

‫رسائل‬ ‫تطوانية‬

‫الثالثـاء ‪ 30‬يوليوز �إلى ‪ 05‬غ�شت ‪2019‬‬

‫‪15‬‬

‫من أرشيف الدبلوماسي األديب‬

‫سيدي التهامي أفيالل التطواني‬ ‫حفظه اهلل (‪)23‬‬

‫ إعداد وتقديم‪ :‬الدكتور يونس السباح‬‫‪Younes_sebbah@hotmail.com‬‬

‫تقديم‬

‫تعتبر المراسالت العلمية رافداً ثرياً لكتابة التاريخ‪ ،‬باعتبار ما تحمله في طيّاتها من المعلومات الدّفينة‪ ،‬والفوائد الغميسة النادرة‪ ،‬التي ال توجد في غيرها‪ ،‬ولكونها مرتبطة بزمان ومكان وموضوع معيّن‪،‬‬ ‫كما تعدّ أيضاً فنّاً أدبياً‬ ‫ًّ‬ ‫مستقال بنفسه‪ ،‬بما تحمله من صادق التعبير‪ ،‬وجميل اإلحساس‪ ،‬وحسن اإلنشاء‪ ،‬وبديع السّبك‪ ،‬وخصوصاً إذا أضيف إلى هذه المعاني جمال الخط‪ ،‬ورونق الحرف‪ ،‬وكانت صادقة‬ ‫اإلحساس معبّرة عن الصلة العائلية‪ ،‬والمتابعة الدراسية بين الوالد والوَلد مث ً‬ ‫ال‪ ،‬أو بين تلميذ وشيخه‪ ،‬أو الصديق وصديقه‪...‬‬ ‫ومن المراسالت المتّصفة بهذه الصفات‪ ،‬ما تحتويه خزانة األديب الشاعر‪ ،‬والدبلوماسي السابق‪ ،‬أحد أفراد بيت العلم والشرف والمجد‪ ،‬سيدي التهامي أفيالل حفظه اهلل‪ ،‬وما يشتمل عليه أرشيفه الذي‬ ‫يضمّ كمّا هائ ً‬ ‫ال من الرسائل‪ ،‬معظمها صادرة عن أفراد أسرته‪ ،‬كجدّه القاضي سيدي التهامي أفيالل‪ ،‬أو عمّه الوزير سيدي محمد بن التهامي‪ ،‬أو أخيه األديب‪ ،‬سيدي البشير أفيالل‪ ،‬أو واردة عليهم وعلى‬ ‫أفراد آخرين من هذا البيت‪.‬‬ ‫ولمّا كانت هذه المراسالت لها قيمة أدبية وتاريخية‪ ،‬ولم يسبق أن رأت النور‪ ،‬أو اهتمّ أحد بإخراجها للناس‪ ،‬استأذنّا صاحب األرشيف‪ ،‬الشريف المذكور‪ ،‬في العمل على إخراجها وتيسيرها للنّاس عبر‬ ‫صفحات جريدة الشمال الغراء‪ ،‬التي تستأثر بنشرها‪ ،‬فوافق مشكوراً مأجوراً‪ ،‬وقمنا نحن برقن هذه الرسائل‪ ،‬وصنّفناها حسب ّ‬ ‫كل شخص (منه‪/‬عليه)‪ ،‬وآثرنا أن نبتدئ باألقدم تاريخاً‪ ،‬فكان صاحب السّبق هو‬ ‫القاضي الشهير‪ ،‬والفقيه الكبير‪ ،‬سيدي التهامي بن محمد أفيالل (ت‪1339:‬هـ)‪ ،‬وقد استوفينا رسائله –حسبما عثرنا عليه‪ -‬في الحلقات الماضية من هذه الجريدة‪ ،‬ونثنّي برسائل ولده العالمة الوزير‬ ‫سيدي محمد أفيالل الصادرة منه والواردة عليه‪.‬‬

‫[الرسالة الثانية والثمانون]‬

‫[من الطالب السيد محمد أفيالل‪ ،‬إلى والده العالمة القاضي التهامي أفيالل يطمئنّ فيها على أحواله ويفيده ببعض‬ ‫األحداث التاريخية‪ ،‬واألخبار الدراسية]‪.‬‬ ‫الحمد هلل وحده وصلى اهلل على سيدنا وموالنا محمد وآله وصحبه‬ ‫بعد تقبيل راحتي سيدنا الوالد المحترم‪ ،‬أعزك اهلل وأدام عزّتك‪ ،‬وحمى من النوائب حوزتك‪ ،‬والسالم التّام عليك‬ ‫ورحمة اهلل‪.‬‬ ‫فقد وافاني كتابك األعزّ مفيداً سالمة األحوال‪ ،‬التي هي لديَّ غاية اآلمال‪ ،‬مجيبا فيه عمّا كنت أعلمتك به من إمضاء‬ ‫بيع األمة‪ ،‬وما تحصّل بيدي في بيعها بعد دفع المؤنة واألجرة‪ ،‬وآمرا لي بترك الذهب المقبوض فيها تحت يدي في حرز‬ ‫إلى أوّل المحرم‪ ،‬فيدفع منه لدافع المشاهرة ‪ 82‬ريال عن ‪ 11‬شهور‪ ،‬وبعدم استبداله بالسكة المخزنية التي هي ّ‬ ‫أذل‬ ‫السكك‪ ،‬أمّا الوقت الذي كنت أعلمتك بذلك فإني كنت الزلت لم أقبض شيئا‪ ،‬وإنّما أخبرتك بما أخبرني به الودراسي مع‬ ‫بقاء الثمن تحت يده‪ ،‬وبعد ذلك مرض فعدته فأخبرني بأن المحتسب غلظ على السمسار ورماه بأن األمة بيعت بريال ‪123‬‬ ‫حتّى أراد أن يسقط له األجرة فقبض منه من اللويز ‪ ،16‬وهاهي اآلن تحت يدي‪ .‬وذكر أنه بقيت عند السمسار ريال ‪15‬‬ ‫والزال الودراسي ينتظر قدومه لعند المحتسب ليقبض منه البعض مما بقي‬ ‫ومنه يأخذ ما يصيره عليها الذي أمرتني باإللحاح عليه في قبضه‪ ،‬وإال دفعته‬ ‫أنا له‪ .‬وذكر لي أن ذلك كله تجبّر من المحتسب على عادته‪ ،‬وأنه أراد أن ال‬ ‫يأخذ أجرته حيث كانت األمة على يد الودراسي وهو نازل عنده‪ ،‬والودراسي‬ ‫بذل المجهود وما قصر‪ ،‬وهو منذ أيام ‪ 20‬وهو مالزم الفراش‪ ،‬وها العدد تحت‬ ‫يدي إلى أن يدفع منه ما ذكر‪ .‬وصرف اللويز اليوم ‪ 6‬ريال و ‪ 12‬بليون‪ ،‬وقد‬ ‫أخبرتني بوقوع مثل ما وقع هنا بطنجة‪ ،‬وأن ذلك سيقع مثله بحضرتكم‪ ،‬وأنه‬ ‫في الغالب ال يثبت بسبب كثرة المتصرفين المختلفة آراؤهم‪ ،‬فذلك هو الواقع‬ ‫هنا في مراتب التدريس‪ ،‬فقد أحضر المخزن القضاة فرأوا سقوط كل من عجز‬ ‫عن التدريس أو شغله عنه شاغل حادث‪ ،‬ولو كان مخزنيا كالمرشحين للقضاء‬ ‫بالمراسي‪ ،‬فوجد من هذا الصنف كثير لهم اليد الطولى في المخزن‪ ،‬فألغى‬ ‫ذلك الرأي‪ ،‬ثمّ أحضر بعض العلماء على التعيين‪ ،‬فرأى سقوط المرتبة ‪ 4‬و‪3‬‬ ‫وحل الثانية وبقاء األولى بتمامها‪ ،‬فوجد ّ‬ ‫أن ذلك المقسطين هم أحوج من‬ ‫غيرهم دون أرباب األولى فجلهم عنها في غنى‪ ،‬ثم أخضر بقضاة أخر فرأى رايا‬ ‫آخر مخالفا‪ ،‬والزالت اآلراء تختلف‪ ،‬واألمر روج واألمر هلل من هذا المخزن الذي‬ ‫لم يستكثر إال ما فيه إعانة للمصالح الدينية‪ ،‬وقد صار اليوم كل من أسقط‬ ‫يعلن بأنه ال يتصدى للقاءة‪ ،‬ولم يستكثر ما يأخذه هؤالء الجبابرة من الوزراء‬ ‫ومن في حكمهم‪ ،‬الذين ال يستحقون على واليتهم ما يساوي قالمة ظفر‪،‬‬ ‫القائمون على ساق الجد في إسالم هذا القطر‪ ،‬المقربي ليد العدو‪ ،‬وقد باعو‬ ‫دينهم بدنياهم‪ ،‬واستولت عليهم أهواء نفوسهم حتى صاروا لها عابدين‪،‬‬ ‫وللشيطان اللعين مطيعين‪ ،‬وأمور الدين عندهم ملعبة وسخرية وشعبذة‪،‬‬ ‫فعياذا باهلل من هذا الوقت الذي فيه واليات المسلمين األشرار والفجار‪ ،‬الذين‬ ‫هم أقسى من الحجارة (وإن من الحجارة لما يتفجر منه األنهار)‪ .‬وقد طلبتَ أن نخبرك بالمحال التي ابتدأت منها القراءة‪،‬‬ ‫فقد ابتدأنا النّصاب األوّل من أوّل باب المرابحة‪ ،‬والثاني من قول خليل‪( :‬والكفاءة الدين والحال)‪ .‬والثالث‪ :‬من أول باب‬ ‫اإلنشاء‪ ،‬والرابع‪ :‬من باب الفاعل‪ ،‬ولم نبتدئ القراءة إ ّال في أوّل هذا األسبوع‪ ،‬وأمّا األسبوع الذي كنت أعلمتك به‪ ،‬فقد‬ ‫مضى في البطالة بسبب موت أحد العلماء يقال له‪ :‬بُوعْبيد‪ ،‬كان قاضيا بموالي بوشعيب‪ ،‬وال ترى إال ذلك في هذا الوقت‪،‬‬ ‫ونحن نظن كل وقت أن تتابع هذه البطالة ربما يزول في المستقبل‪ ،‬وهو في الزيادة كل يوم‪ ،‬والذي بعده أشر منه‪ .‬مسلما‬ ‫على جميع األهل والقرابة وأبناء العم‪ ،‬خصوصا الصهرين وسيدي الحاج محمد الصفار بأتمّه‪ ،‬ومن هنا الرفيق والركينة‬ ‫والخمّال والمؤذن وبقية طلبتنا‪ ،‬والسالم في ‪ 25‬من شوال عام ‪1324‬هـ‪.‬‬ ‫محمد وفقه اهلل‬ ‫وقد اشتريت الدسوقي على الدردير بالكاغد المخزني في أربع مجلدات من مجلدات اإلفرنج‪ ،‬بريال ‪ 5‬و‪ 10‬بليون‬ ‫بالمزايدة‪ ،‬وهو يباع في الحوانيت بريال ‪ .7‬وحاشية الشيخ حسن العطار على الجالل المحلي على السبكي‪ ،‬وبهامش حاشية‬ ‫أخرى عليه للشربيني في مجلدين ببليون ‪ ،43‬وشرح ابن سلطان على الشمائل المسمى بجمع الوسائل‪ ،‬وبهامشه شرح‬ ‫أيضا للمتن المذكور لعبد الرؤوف المناوي في سفر ببليون ‪ ،19‬ومنظومة في معاني حروف الجر وشرحها والكل لشيخنا‬ ‫موالي أحمد البلغيثي ببليون ‪ ،4‬وقد ختمنا عليه ما أدركناه معه أثناء الشيخ الطيب‪ .‬وموالي أحمد الفياللي الزال يسوفنا‬ ‫بافتتاح الشيخ الطيب‪ ،‬وقد دلت غرائب األحوال على أنه ال يفتتحه معنا‪ ،‬فقطعنا اليأس منه‪ ،‬وطلبنا الشيخ محمد بناني‪،‬‬ ‫فوعدنا بذلك وليتنا قطعنا اليأس من األوّل في القديم حتى [‪ ]...‬طلبنا من غيره‪ ،‬وقد قرأنا فيه القدر الكثير‪ ،‬وال يكون إ ّال‬ ‫ما أراد اهلل‪.‬‬

‫[الرسالة الثالثة والثمانون]‬

‫[من الطالب السيد محمد أفيالل‪ ،‬إلى أخيه السيد البشير أفيالل يطمئنّ فيها على أحواله وتابع معه ماجريات رحلته‬ ‫االستشفائية بحامة موالي يعقوب]‪.‬‬ ‫الحمد هلل وحده وصلى اهلل على سيدنا وموالنا محمد وآله‬ ‫بعد إهداء التحيّة والسالم‪ ،‬إلى الشقيق العزيز سيدي البشير‪ ،‬ورجاء تسربله بلباس العافية‪.‬‬ ‫فقد وصل كتابك األول المؤرخ بمتمّ الشهر الفارط بعد أن كان طال إليه االنتظار‪ ،‬وفقد ألجل بطئه االصطبار‪،‬‬ ‫وقامت قيامة سيدتنا الوالدة حتى ألجأنا الحال إلى تزوير مكتوب باسمك‪ ،‬وقرأت عليها مضمنه‪ ،‬وأنك بخير وعافية‪ ،‬فلم‬ ‫تحصل لها تمام الثقة‪ ،‬فناولته ثانيا للست رقوشة لتقرأه عليها‪ ،‬فكان من حسن الحظ أن توافقنا في المضمن بعد اإلشارة‬ ‫إليها بطرف خفي‪ ،‬وحيث تناولنا كتابك الحقيقي سررنا بمقدمه‪ ،‬وقر الناظر‪ ،‬ولم نشر لسيدتنا الوالدة بكون األول كان‬ ‫مزورا خشية أن يدخلها الريب في جميع المكاتيب‪ ،‬وعلى كل حال أحطنا علما بما تضمنه من كيفية أحوالكم التفصيلية‪،‬‬ ‫وتدابيركم المنزلية‪ ،‬ومن ّ‬ ‫حل بضيافتكم من األحبّة‪ ،‬وتتابع األمطار الغزيرة‪ .‬كما وصل كتابكم الثاني المؤرخ بـ ‪ 3‬من‬

‫الشهر الجاري لكاتبه‪ ،‬ومثله ألخيكم الحاج عبد السالم‪ ،‬وأحطنا أيضاً علما بما تضمناهما‪ ،‬ومضمنهما في الجملة واحد‪،‬‬ ‫بين ّ‬ ‫أن الثاني فيه مزيد البيان واإليضاح‪ .‬ومدحُ قصعة الكسكون التي أتقن صنعها العالم الجديد بعد سالمنا عليه‪،‬‬ ‫وتضجركم من الحرارة التي اشتدّت وطأتها‪ ،‬ومعاناتكم الشدائد في استنشاق روائح الماء الكبريتي‪ ،‬وتحملكم أكثر ممّا‬ ‫تطيقه قوّتكم وقوفا مع إشارة الطبيبين‪ ،‬ورجاء في التحصيل على الغاية المقصودة‪ ،‬والضالة المنشودة‪ ،‬ثمّ قلتم ّ‬ ‫إن‬ ‫نتيجة ذلك التداوي لم يظهر لها أثر بعد مضي شطر ‪ 10‬أيام التداوي‪ ،‬والتمستم أنها ذلك للطبيبين ليشيرا بالمتعين‪.‬‬ ‫فلتعلم عافاك اهلل ّ‬ ‫أن ما تضمنه كتابك من التضجر من الحرارة وما معه مما يكدر الوالدة أعرضنا عنه صفحا ولم نتل بين‬ ‫يديها إ ّال ما من شأنه أن يسرّها ويسكن خاطرها‪ ،‬أما نحن معاشر بقية األهل‪ ،‬فلقد تكدرنا من عدم ظهور أثر التداوي‬ ‫في هذه المدة‪ ،‬وفي الحال نهض أخوك الحاج عبد السالم ورفقته الحاج عبد السالم بنونة بعد سالمه عليك‪ ،‬وصحبا في‬ ‫يدهما مكتوبيك‪ ،‬وترجم بنونة للطبيبين مضمنهما مع مزيد اإليضاح والبيان‪ ،‬فتعجبا ّ‬ ‫كل العجب من عدم ظهور التأثير‬ ‫بالك ّلية‪ ،‬وقاال‪ :‬إن ذلك التداوي البد أن ّ‬ ‫يؤثر حاال‪ ،‬واستقباال‪ ،‬حسبما تقتضيه العلوم الطبية والتجارب المستعملة‪ ،‬فلتطب‬ ‫نفسا‪ ،‬وليسكن خاطرك‪ ،‬ولتجزم بالنفع إن شاء اهلل‪ ،‬ولتثابر على االستحمام إلى تمام المدة ‪ 20‬التي أشار به عليك بعد‬ ‫استعمال جهدهما ومذاكرتهما‪ ،‬ودرس قضية علبتك درس تحقيق وتدقيق‪ .‬وهذا القدر حصّل لهما اليقين التام بنجاح‬ ‫هذا االستحمام وذهاب ذلك الداء معه عاجال‪ ،‬أو [‪ ،]...‬وعلى اهلل الكمال‪ ،‬واهلل الشافي‪ .‬مسلما منا على السيد عبد العزيز‬ ‫والهاشمي وسيدي أحمد وأخوه والدباغ‪ ،‬ومنا عليكم سيدتنا الوالدة‪ ،‬والزالت مثابرة‬ ‫على الدعاء لكم في سائر اللحظات بما يرجى من اهلل قبوله‪ ،‬وغياك واليأس فإنّه‬ ‫مذموم‪ ،‬والرجا محمود‪ ،‬وظنّ خيرا تجده‪ ،‬والحديث القدسي‪( :‬أنا عند ظن عبدي‬ ‫ّ‬ ‫وسيحل بطرفكم ابن العم‬ ‫بي)‪ ،‬كما يعود عليكم سالم سائر أهل الدار والقرابة‪.‬‬ ‫سيدي الحسن عشية يوم الثالثاء في الشهر الجاري‪ .‬والسالم في عشية يوم السبت‬ ‫‪ 7‬ذي القعدة عام ‪1346‬هـ ولقد وجهت لكم مكاتيب ‪ ،3‬ولم تعرج في كتابك على‬ ‫الجواب عنها وهل وصلت أم ال؟‪.‬‬ ‫محمد لطف اهلل به‪.‬‬ ‫وحيث إن أيام إقامتك بالحمة هي أيام مشقة وأيام حرارة‪ ،‬والمحل ليست به‬ ‫أسباب الراحة‪ ،‬بل هو محل اضطرار ال اختيار‪ .‬طلبت مني أمك بعد ختم الكتاب‬ ‫أن نأمرك بالمقام بفاس نحو اليومين أو الثالثة بقصد التفسح واالستراحة‬ ‫والزيارة[‪.]...‬‬ ‫أخوكم عبد السالم‬

‫[الرسالة الرابعة والثمانون]‬

‫[من الطالب السيد محمد أفيالل‪ ،‬إلى والده العالمة القاضي التهامي أفيالل‬ ‫يطمئنّ فيها على أحواله ويفيده ببعض األحداث التي عرضت له في رحلته للحج]‪.‬‬ ‫وصلى اهلل على سيدنا وموالنا محمد وآله وصحبه‬ ‫الحمد هلل وحده‬ ‫وسلم‬ ‫بعد تقبيل راحتي سيدنا الوالد‪ ،‬الجدير من الخيرات بكل طارف وتالد‪ ،‬وإقرائك‬ ‫جميل السالم‪ ،‬وجليل التّحيّة واإلكرام‪ ،‬والسؤال عن هاتيك األحوال دامت بفضل اهلل وفق اآلمال‪ .‬فقد طلع علينا بدر‬ ‫كتابكم‪ ،‬والح لنا نجم خطابكم أفاد الغاية القصوى وهي شمول العافية لكم في السر والنجوى‪ ،‬فحمدنا المولى لذلك‪،‬‬ ‫وأن ذلك هالكم وشوّش بالكم‪ّ ،‬‬ ‫بأن أعداء الدّين يقسمون مغربنا أقسام الوارث للمال الموروث‪ّ ،‬‬ ‫وفيه إثبات ّ‬ ‫وأن الخير‬ ‫في تعجيل األوبة لحضرتكم‪ ،‬إن لم يكن علينا فيها كبير مشقة لكونه قد حمي الوطيس‪ ،‬وال دوننا من [‪ ]...‬الخ‪ ،‬فبعد أن‬ ‫كنا عزمنا على اإلقامة هنا نحو الشهرين فأكثر‪ ،‬وعقدنا الكراء مع صاحبة البيت على ذلك‪ ،‬ألذنت لنا في ذلك وقت كنا‬ ‫بحضرتكم‪ ،‬وحث غير واحد لنا من الحجاج على ذلك‪ ،‬أقلقنا نبؤك هذا‪ ،‬وضاعف منّا الزفرات‪ ،‬وأفاض من جفوننا العبرات‪،‬‬ ‫وأطار قلبنا‪ ،‬واطال كربنا‪ ،‬وضاعف ألمنا وتوجعنا‪ ،‬وزاد تحسرنا وتوجعنا‪ ،‬وصرنا نقدم رجال ونؤخر أخرى فيما نفعل‪ ،‬ألمرك‬ ‫لنا بالقدوم إن لم يكن فيه مشقة‪ ،‬مع اعتقاد ّ‬ ‫أن فيه تمام المشقة‪ ،‬أعني [‪ ]...‬بتابوك قبيل الشام‪ ،‬وببيروت عند إرادة‬ ‫الركوب في البحر‪ ،‬وبالجزائر أو مرسلية إن مررنا عليها بطنجة في الغالب‪ ،‬وأي مشقة أعظم من هذه المصائب‪ ،‬أعداء الدين‬ ‫يتصرفون بنظرهم في المسلمين‪ ،‬ويحرمون ما بدا لهم من حوائجهم‪ ،‬زيادة على المشقة في أبدانهم‪ ،‬وزد على ذلك‬ ‫خوف هول البحر في هذا الفصل الذي هو فصل الشتاء‪ .‬وبعد هذا ك ّله‪ ،‬رابنا أن في امتثال أمرك ّ‬ ‫كل خير‪ ،‬وأنّه ال يحصل‬ ‫لنا أن إن بقيت مشوش البال علينا نجاح‪ ،‬لكن بعد أن بقينا هنا هذه المدة الفارطة وقد عزمنا على السفر لحضرتكم على‬ ‫طريق الشام يوم الخميس اآلتي في رفقة المحبّين السيد الحاج الهاشمي [‪ ]...‬والحاج عبد العزيز ولدا [‪ ]...‬الرباطيين‪،‬‬ ‫لفعلهما معنا من البرور أكثر مما يظنّه ّ‬ ‫الظ ّ‬ ‫ان‪ ،‬خصوصا األمة التي معهما جزى اهلل الجميع عنا خيراً‪ ،‬وعند السفر من هنا‬ ‫نكتب لكم ونعلمكم بذلك‪ ،‬واخبرنا أن بالشام ثلجا كبيرا‪ ،‬وبردا كثيرا‪ ،‬حتى عاق الثلج بابور البر المرور بالسكة الحديدية‬ ‫في بعض األيام‪ ،‬والشكّ ّ‬ ‫أن ولد فاطمة بنت بركة في األثر يكون بحضرتكم فينبئكم بما يشفي ويكفي‪ .‬وأمّا الشويخ فهو‬ ‫نازل معنا بمحلنا يأخذ بيدنا في أمور الطبخ بدال من ولد فاطمة المذكور‪ ،‬لكونه ترك جميع دراهمه وهو ‪ 12‬ليرات عند‬ ‫ابن خالته القيرواني بالينبوع ليرجع إليها عند القفول لحضرتكم‪ ،‬فلما ّ‬ ‫تعذر ذلك أمره بتوجيه دراهمه ليذهب على طريق‬ ‫الشام‪ ،‬فأعلمه بأنه اشترى له بها الحناء بقصد البيع والشراء‪ ،‬فأجابه بأن يرسل له مائتان من دراهمه‪ ،‬وخاطب الصنو بأن‬ ‫يسلف له البقية‪ ،‬فاعتذر له بأنه كيف يسلف له ودراهمه شغلها البيع والشراء‪ .‬والحاصل أنه اآلن معنا يأكل ويشرب وال‬ ‫يلزمه كراء‪ ،‬وإن سافرنا ولم يوجه له القيرواني دراهمه أو بعضها فال يتأتى له السفر معنا إال أن يلحقنا بالشام‪ ،‬وكان ظنه‬ ‫أنه ال يفارقنا بحال‪ ،‬وانظر ما يفعل اهلل‪ .‬مسلما منا على سيدتنا الوالدة واألخوين واألختين والصهرين وسائر األحبّة‪ ،‬ومنا‬ ‫عليكم أبطيو والركيك والشويخ‪ .‬وقد أخبرونا بحلول الفرنسيس سيدي بوشعيب وعزمه على الذهاب إلى مراكش واألمر‬ ‫هلل‪ .‬والحجازيون هنا هالهم أمر الطليان واتالله طرابلس‪ ،‬وما برحو يدعون ألميرهم وللمجاهدين عقب الصلوات الخمس‬ ‫بضريح موالنا رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪ .‬وقد أمر السلطان أهل الحرمين الشريفين وأهل الطائف بأن [‪ ]...‬السكر‬ ‫منهم على خالف العادة السالفة من تحذيرهم‪ ،‬فأقلقهم ذلك وأجابوه بأن أسالفهم كانوا يحترمونهم‪ ،‬فإن سلك مسلك‬ ‫أبيه فذاك وإال فال يفرضون عسكرا منهم وهم عصاة يعمهم ما يعم جيرانهم من البدو الذين [‪ ]...‬أمرهم السلطان‪.‬‬ ‫والسالم في يوم الجمعة ‪ 7‬من صفر عام ‪1330‬هـ‪.‬‬ ‫نجلك محمد وفقه اهلل ولدك عبد السالم‬


‫‪16‬‬

‫الثالثـاء ‪ 30‬يوليوز �إلى ‪ 05‬غ�شت ‪2019‬‬

‫العدد ‪1004‬‬

‫كتابات يف تاريخ‬ ‫منطقة ال�شمال ‪:‬‬

‫(‪)906‬‬

‫“بوعبيد بوزيد ‪ -‬المتعدد‬ ‫والمتفرد”‬

‫�أ�سامـة الزكاري‬ ‫‪zougariousama@gmail.com‬‬

‫ال يمكن كتابة معالم التحول داخل منعرجات التاريخ الثقافي الراهن لمدينة تطوان بدون العودة العمل لضمان استمرار توهج عطاء “المعشوقة” ومعهدها الفني الشهير‪ .‬ونتيجة لذلك‪ ،‬أضحت السيرة‬ ‫لتجميع سير الرواد والفنانين والكتاب والمبدعين والمفكرين‪ ،‬وال يمكن تفسير المنعطفات الكبرى الفنية للمعشوقة ولمعهدها‪ ،‬جزءا من سيرة الفنان بوعبيد بوزيد‪ ،‬بشكل أصبح –معه‪ -‬من المستحيل‬ ‫التي وسمت هذه المنعرجات بدون العودة المتجددة للبحث في عطاء الفردانيات الموزعة في زمانها الفصل بينهما‪ .‬ولعل هذا ما أدركه مخلص الصغير‪ ،‬عندما قال في كلمته التقديمية‪“ :‬تتضمن هذه‬ ‫والمنتمية لفضائها الجماعي والمشترك‪ .‬وقبل ذلك‪ ،‬ال يمكن التأصيل إلواليات الخصب والجمال داخل المونوغرافيا سيرة الفنان التشكيلي بوعبيد بوزيد‪ ،‬وتجربته في الفن والحياة‪ ،‬وهي تجربة كبيرة جديرة‬ ‫ذاكرتنا الثقافية الجماعية‪ ،‬بدون االنكباب الفردي والمؤسساتي لتجميع حصيلة المنجز اإلبداعي والثقافي بأن تروى‪ .‬ومن خالل هذه المونوغرافيا أمكن لنا أن نطالع بعضا من صفحات تاريخ المعهد الوطني‬ ‫الذي راكمته نخب مدينة تطوان على امتداد العقود الممتدة لزماننا الثقافي الخالق‪.‬‬ ‫للفنون الجميلة بتطوان‪ ،‬على مدى سبعة عقود من الزمن‪ ،‬وصفحات أخرى‬ ‫من تاريخ الفن في مدينة تطوان وفي المغرب بشكل عام‪( ”...‬ص‪.)5 .‬‬ ‫لم تكن مدينة تطوان مجرد واحة داخل صحراء الردة‪ ،‬وال قبس ضوء‬ ‫داخل ظالم االنغالق‪ ،‬وال جزيرة داخل بحر التقليد‪ ،‬بقدر ما أضحت معلمة‬ ‫لقد تحولت سيرة الفنان بوعبيد إلى اختزال للكثير من تفاصيل تطور‬ ‫ظلت تشع ببهائها الثقافي على ظالل وارفة من أشكال التلقي المعرفي داخل‬ ‫الممارسة التشكيلية المحلية والوطنية‪ ،‬بل إنها تحولت إلى ذاكرة جماعية‬ ‫الضفتين الشمالية والجنوبية للبحر األبيض المتوسط‪ .‬لذلك‪ ،‬لم يكن غريبا‬ ‫من حق مدينة تطوان‪ ،‬كل مدينة تطوان‪ ،‬أن تقرأ في صفحاتها ذاتها الفنية‬ ‫أن تحسن هذه المدينة التقاط عناصر اإلشعاع والتميز داخل مجمل الروافد‬ ‫وإبداعها اإلنساني وحسها الجمالي وتميزها الحضاري‪.‬‬ ‫الحضارية التي انصهرت داخل مجاالتها الجغرافية‪ .‬هي روافد خصبة‪ ،‬منتجة‪،‬‬ ‫ لقد نجح األستاذ مخلص الصغير في تقديم متن شيق لحفظ ذاكرة‬ ‫خالقة‪ ،‬أثمرت هوية تطوان الثقافية بينابيعها الحضارية المتكاملة‪ ،‬وبأصولها‬ ‫الفنان بوعبيد عبر عشرة فصول متراكبة‪ ،‬اهتمت بتتبع مجمل المحطات التي‬ ‫الثرية ذات الجذور المركبة‪ ،‬العربية اإلسالمية األمازيغية اإلفريقية األندلسية‬ ‫صنعت تجربة الفنان‪ ،‬بدءا من مرحلة الميالد والنشأة‪ ،‬ومرورا بمراحل التكوين‬ ‫العبرية المتوسطية‪ .‬باختصار‪ ،‬فاألمر يختزل معالم البهاء الثقافي الذي ارتبط‬ ‫الفني األكاديمي داخل المغرب وخارجه‪ ،‬وعطفا على عناصر التجديد والتميز‬ ‫باسم مدينة تطوان‪ ،‬التاريخ والحضارة‪ ،‬الفن واإلبداع‪ ،‬السمو والنبوغ‪ ،‬أو‬ ‫التي أضفاها على حقل تلقي الفنون التشكيلية الوطنية الراهنة‪ .‬وقد عزز‬ ‫تطوان الجمال واالنتماء للعصر‪.‬‬ ‫المؤلف عمله بإدراج سلسلة من األعمال الفنية المرجعية في تجربة بوعبيد‪،‬‬ ‫في إطار عطاء هذا النهر الدافق‪ ،‬كان للممارسة التشكيلية عطاؤها‬ ‫إلى جانب شهادات وقراءات لنقاد ولمتتبعي تحوالت العطاء التشكيلي الوطني‬ ‫البارز‪ ،‬بل واستطاعت أن تبلور أسس مدرسة قائمة الذات‪ ،‬على األقل منذ‬ ‫المعاصر‪ ،‬ممن يصنعون معالم كتابة الذاكرة التشكيلية لمغاربة المرحلة‪.‬‬ ‫سنة ‪ 1945‬تاريخ تأسيس المدرسة الوطنية للفنون الجميلة بتطوان‪ ،‬بما‬ ‫يتعلق األمر بكل من موليم العروسي‪ ،‬وشرف الدين ماجدولين‪ ،‬وعزيز أزغاي‪،‬‬ ‫حملته من تحوالت عميقة على نظم تلقي اللوحة والصباغة والنحت واأللوان‬ ‫وإبراهيم الحيسن‪ ،‬وأحمد فاسي‪.‬‬ ‫واألشكال‪ ،‬مما ساهم في االرتقاء بالذوق الجمالي للمتلقي المحلي وفي توفير‬ ‫كل شروط االحتفاء بحميميات تطوان‪ ،‬المدينة والوجوه والرموز واألمكنة‬ ‫وعبر كل هذه المحطات‪ ،‬استطاع الكتاب التقاط تفاصيل اهتمامات‬ ‫واأللوان والنظم المعيشية واألنساق الفكرية‪ .‬لذلك‪ ،‬لم يكن غريبا أن تنتج‬ ‫الفنان بوعبيد‪ ،‬في مجاالت مختلفة‪ ،‬جمعت بين البعد األكاديمي في التكوين‪،‬‬ ‫هذه المدرسة أعالما كبار تجاوز إشعاعهم المحيط الضيق‪ ،‬لتبسط سلطها‬ ‫وبين االنفتاح على المحيط المحلي وعلى التراث المادي والالمادي لتطوان‪،‬‬ ‫اإلبداعية على امتداد جغرافي واسع‪ ،‬تجاوز المدينة وعموم منطقة الشمال‪،‬‬ ‫وبين االنخراط في مغامرة التجريب وفي تمارين البدايات قبل التحليق عاليا‬ ‫ولتكتسب أبعادا دولية واسعة‪ ،‬مثلما هو الحال مع الفنانين محمد السرغيني‬ ‫في سماء التميز والفردانية‪ .‬وبموازاة ذلك‪ ،‬ظل الفنان بوعبيد حامال لمشروع‬ ‫والمكي مغارة وعبد اهلل الفخار وسعد بن سفاج وأحمد بن يسف وأحمد‬ ‫ثقافي نبيل وجد ترجمته في مركز تطوان للفن الحديث‪ ،‬باعتباره آلية لحفظ‬ ‫الدريسي وأحمد العمراني‪...‬‬ ‫ذاكرة تطوان الفنية وتراثها اإلبداعي المتميز‪.‬‬ ‫عناصر‬ ‫داخل‬ ‫مركزي‬ ‫مكون‬ ‫إلى‬ ‫تتحول‬ ‫أن‬ ‫المدرسة‬ ‫لقد استطاعت هذه‬ ‫إنه تراث مدرسة تطوان التي رسمها معالمها رواد كبار‪ ،‬وعلى رأسهم‬ ‫التناغم الناظمة لمعالم النبوغ والجمال بالنسبة للهوية الثقافية لمدينة‬ ‫ماريانو برتوتشي‪ ،‬وزكتها أجيال عقود متتالية من فناني المدينة‪ .‬هي تجربة‬ ‫تطوان‪ ،‬بل واستطاعت اكتساب العديد من عناصر التجديد التي سبقت –‬ ‫للقراءة المتجددة تقدمها أعمال بوعبيد بوزيد‪ ،‬مادامت سيرته الفنية تشكل‬ ‫من خاللها‪ -‬عصرها‪ ،‬بعد أن نجحت في تجاوز أسوار “المعهد” وفي االلتحام‬ ‫عنوانا لنبوغ مدرسته األم‪ ،‬وهي السيرة التي اغتنت عبر محطات عالمة‪ ،‬صنفها‬ ‫غالف الكتاب‬ ‫بالفضاء العام للمدينة‪ ،‬مؤثرة فيه ومتأثرة بعناصر الخصب والجمال داخله‪ .‬تحولت مدرسة‬ ‫مخلص الصغير عبر منعرجاتها الكبرى المرتبطة بمراحل مختلفة‪ ،‬تبتدأ بمرحلة “البحث‬ ‫تطوان إلى عين ثالثة اللتقاط تفاصيل اليومي وجزئيات البهاء الساكن في النفوس‪،‬‬ ‫والفردانيات المنتجة لقيم الجمال في سعي الناس نحو تنظيم معيشهم اليومي في كل مستويات هذا عن الهوية”‪ ،‬وتغتني عير مرحلة “التشخيصية الجديدة”‪ ،‬ثم مرحلة “أركيولوجيا الفن”‪ ،‬فمرحلة “إيقاع‬ ‫التنظيم‪ ،‬مثل العمران واللباس واأللوان والعادات والعقليات‪ ...‬لكل ذلك‪ ،‬أمكن القول إنه ال يمكن –بأي الخطوط”‪ ،‬ومرحلة “شخصيات بوعبيد بوزيد”‪.‬‬ ‫وأعتقد أن في كل واحدة من هذه المراحل‪ ،‬تنتصب عناصر التجديد مثيرة قضايا جوهرية في مسار‬ ‫حال من األحوال‪ -‬قراءة صفحات تطور تاريخ الذهنيات المحلية لمدينة تطوان‪ ،‬بدون العودة للتأمل‬ ‫المبدع بوعبيد‪ ،‬بحثا في التراث المحلي‪ ،‬وتطويعا للغة التجريد‪ ،‬واستثمارا النسيابية األلوان‪ ،‬وتوجيها‬ ‫وللتنقيب في خبايا مدرستها الفنية‪ ،‬وفي تجارب روادها المؤسسين وأعالمها الخالدين‪.‬‬ ‫في إطار هذا التوجه العام‪ ،‬يندرج صدور كتاب “بوعبيد بوزيد‪ ،‬المتعدد والمتفرد‪ -‬حكاية فنان للغة الخطوط‪ ،‬واحتفاءا بتقاسيم الوجوه الحاملة لعناصر الجمال والوفاء والطراوة والعمق واالفتتان‪.‬‬ ‫تشكيلي”‪ ،‬سنة ‪ ،2017‬لمؤلفه األستاذ مخلص الصغير‪ ،‬في ما مجموعه ‪ 112‬من الصفحات ذات الحجم‬ ‫إنها وجوه بوعبيد بوزيد التي ال تشبه سواها‪ ،‬إنها تجريدات بوعبيد المقتحمة لسكينة اللوحة‬ ‫العريض‪ ،‬على شكل عمل تجميعي لحصيلة تجربة الفنان بوعبيد مع عوالم التشكيل‪ ،‬تكوينا وبحثا والمفجرة لنظيمة األلوان والصباغة‪ .‬إنها فضاءات تطوان القائمة التي ترفض االنفصال عن ذات الفنان‬ ‫وممارسة وتنظيرا وتوثيقا وتجديدا‪ .‬وقد سعى المؤلف في ذلك إلى تقديم عمل غير مسبوق‪ ،‬ال شك وعن الفعل فيها وعن توجيهها وعن بصم إبداعاتها‪ .‬إنها عوالم بوعيبد بوزيد أوال وأخيرا‪ ،‬مبدعا أصيال‪،‬‬ ‫وأنه يقدم خالصات تجربة فنان مبادر‪ ،‬ومبدع متمكن من زاد أكاديمي رفيع‪ ،‬ومن حرص متواصل على ومثقفا عميقا‪ ،‬وتشكيليا مبادرا‪.‬‬

‫عالم من‬ ‫�أ‬ ‫املغرب ‪:‬‬ ‫�شمال‬

‫الشيخ علي بن محمد بركة األندلسي التطاوني‬

‫اسمه ونسبه وأسرته ‪:‬‬ ‫هو الشيخ أبو الحسن علي بن محمد بن محمد بركة‪ ،‬أندلسي‬ ‫األصل‪ ،‬تطواني المولد والنشأة والوفاة‪.‬‬ ‫قال الفقيه محمد داود‪( :‬بركة عائلة أندلسية قديمة أشهر‬ ‫رجالها هو العالم الصالح سيدي الحاج علي بركة رحمه اهلل)‪.‬‬ ‫وقد كان منها أعالم اشتهروا بالعلم‪ ،‬منهم‪:‬‬ ‫الفقيه محمد بن محمد بركة‪ ،‬وهو والد المترجم‪.‬‬ ‫إمام جامع الربض األعلى وهو الفقيه األجل العالم العالمة‬ ‫الزكي المدرس األفضل أبو العباس أحمد بن الفقيه العالم مَحمد‬ ‫بركة األندلسي التطاوني‪ ،‬ولعله أخو المترجم‪.‬‬ ‫الفقيه العالمة أحمد بن علي بركة‪ ،‬ولد المرتجم‪.‬‬ ‫مولــده ‪:‬‬ ‫ولد بتطوان؛ لكن لم تسعفنا المصادر بتعيين سنة مولده‪،‬‬ ‫والذي يُعرف أنه عاش في النصف الثاني من القرن الحادي عشر‪،‬‬ ‫والربع األخير من القرن الثاني عشر الهجري‪.‬‬ ‫مشايخــه ‪:‬‬ ‫الشيخ علي بركة تلقى دراسته األولى بتطوان‪ ،‬ثم انتقل إلى‬ ‫فاس لتحصيل العلوم والتضلع منها‪ ،‬فامتأل وطابه فوائد ومعارف‬ ‫من مختلف العلماء والمشايخ‪ ،‬أمثال‪:‬‬ ‫والده محمد بن محمد بركة‪.‬‬ ‫• ‬ ‫حمدون المزوار (ت ‪1071‬هـ)‪.‬‬ ‫• ‬ ‫محمد بن ناصر الدرعي (ت ‪ 1089‬هـ)‪.‬‬ ‫• ‬ ‫أبو سالم العياشي (ت ‪1090‬هـ)‪.‬‬ ‫• ‬ ‫عبد القادر الفاسي (ت‪1091‬هـ)‪.‬‬ ‫• ‬ ‫أبو علي الحسن بن مسعود اليوسي (ت ‪ 1102‬هـ)‪.‬‬ ‫• ‬

‫(‪)2/1‬‬ ‫أبو العباس أحمد بن الحاج ( ت ‪1109‬هـ)‪.‬‬ ‫• ‬ ‫محمد بن عبد القادر الفاسي(ت ‪ 1116‬هـ)‪.‬‬ ‫• ‬ ‫أحمد بن محمد بن عبد اهلل بن معن ( ت ‪ 1120‬هـ)‪.‬‬ ‫• ‬ ‫تالميذه‪:‬‬ ‫تخرج على يديه جماعة من العلماء أمثال‪:‬‬ ‫محمد بن علي الرافعي التطواني (ت بعد ‪1100‬هـ)‪.‬‬ ‫• ‬ ‫محمد بن قاسم بن زاكور الفاسي (ت‪ 1120‬هـ)‪.‬‬ ‫• ‬ ‫محمد بن الطيب العلمي (ت ‪1134‬هـ)‪.‬‬ ‫• ‬ ‫أحمد بن محمد السرايري (ت ‪ 1156‬هـ)‪.‬‬ ‫• ‬ ‫محمد بن عبد السالم بناني (ت ‪ 1163‬هـ)‪.‬‬ ‫• ‬ ‫محمد بن محمد بن حمدون بناني الفاسي (ت‬ ‫• ‬ ‫‪1245‬هـ)‪.‬‬ ‫ما قيل فيه من شهادات‪:‬‬ ‫قال اليفرني في «صفوة من انتشر»‪ :‬وكان رجال صالحا‪ ،‬كثير‬ ‫المحاسبة لنفسه‪ ،‬ال يملك عينيه إذا قرأ القرآن …‬ ‫وحاله القادري في «نشر المثاني» ب‪ :‬العالمة‪ ،‬المشارك‪،‬‬ ‫الدراكة‪ ،‬الصالح البركة … كان رضي اهلل عنه من العلماء‬ ‫العاملين‪ ،‬ومن الصلحاء الكاملين‪.‬‬ ‫ووصفه تلميذه ابن زاكور ب‪ :‬العالمة الفقيه‪ ،‬الفاضل الوجيه‪،‬‬ ‫المصقع المدرة‪ ،‬الذي أنار شمس األدب وبدره …‬ ‫وزانه تلميذه ابن الطيب العلمي أيضا ب‪ :‬عالم تطوان‬ ‫وإمامها وبركتها‪ ،‬قطب رحاها وشمس ضحاها …‬ ‫ووشاه ابن عجيبة في «أزهار البستان» ب‪ :‬الصالح الولي‬ ‫الناسك‪ ،‬الفقيه العالمة‪ ،‬أبو الحسن علي بن محمد بركة …‬ ‫وقال الشيخ محمد بوخبزة‪( :‬حدثني والدي رحمه اهلل عن‬ ‫مشايخه ّ‬ ‫أن الشيخ الفقيه العالمة الصّالح الحاج علي بن محمد‬ ‫بركة األندلسي كان في أوّل أمره وعهده بطلب العلم لم يُفتح‬ ‫عليه فيه بشيء‪ ،‬وأنّه قرأ األجرومية مرارا متعدّدة ولم يفهم منها‬

‫‪-‬‬

‫بقلم‪:‬‬

‫د‪ .‬بدر العمراني‬

‫شيئا؛ حتى عزم على ترك التع ّلم واالحتراف‪ ،‬وخرج إلى الجبّانة‬ ‫ّ‬ ‫متفكرا في شأنه‪ ،‬فرأى نملة صغيرة تتس ّلق عُودَ‬ ‫بباب المقابر‬ ‫ريحان وفي فمها طعام‪ ،‬ولكنّها ما تكاد تنتصفه حتّى تسقط‬ ‫فتعود إلى التّس ّلق‪ ،‬وتكاد أحيانا تصل إلى أعاله‪ّ ،‬‬ ‫فتزل إلى غيره‬ ‫وتدخل بيتها‪ ،‬ولكنها تسقط‪ ،‬فال ترجع وتيأس‪ ،‬وبعد مدّة جازت‬ ‫ونجحت؛ فقال في نفسه‪ ،‬هذه واهلل حالتي أفتكون نملة أوثق باهلل‬ ‫منّي‪ ،‬وأصحّ عقيدة وتصميما منّي‪ ،‬والحكمة تقول‪ّ :‬‬ ‫كل من سار‬ ‫على الدّرب وصل‪ .‬وعاد إلى الدّروس ف ُفتح له وفهم وتر ّقى إلى‬ ‫أن صار إماما في الفقه والنّحو وغيرهما رحمه اهلل)‪.‬‬ ‫أخـالقـه‪:‬‬ ‫فقد سما قدر الشيخ وطار صيته في اآلفاق لما تمتع به من‬ ‫خصال حميدة‪ ،‬وخالل طيبة‪ ،‬منها‪:‬‬ ‫• االنقطاع للتعليم والتدريس‪ ،‬فقد كان رحمه اهلل ال ّ‬ ‫يمل من‬ ‫إفادة العوام والخواص‪ ،‬حيث اتخذ من مسجده « بجامع السوق‬ ‫الفوقي «بتطوان مركز إشعاعه العلمي‪.‬‬ ‫• التواضع‪ ،‬ومن مظاهر ذلك ما صدر بها إجازته لتلميذه‬ ‫ابن زاكور‪ ،‬حيث يقول رحمه اهلل‪ …« :‬فأكبرت أنا هنا األمر الذي‬ ‫اقترحه مني غاية‪ ،‬وعددته أشد استحالة من الجمع بين الفراغ‬ ‫وعدم النهاية‪ ،‬علما مني بأني عن ذلك المرام بمعزل‪ ،‬وكوني‬ ‫في الحضيض السافل ذا منزل‪ ،‬وجزما عندي بأني واهلل لم أصل‬ ‫إلى أن أكون المجاز‪ ،‬فكيف بأن أكون مجيزا لغيري ولو على سبيل‬ ‫المجاز‪ .‬وإنما المناسب لحالي أن أكون ممن يعمر عَجُزَ مجلس‬ ‫طلبة العلم ال صدره…»‪.‬‬ ‫• التنسك والزهد واإلقبال على اهلل‪ .‬فقد ذكر اليفرني أنه كان‬ ‫كثير المحاسبة لنفسه‪ ،‬ال يملك عينيه إذا قرأ القرآن‪ ،‬وربما تساقط‬ ‫من فوق المنبر يوم الجمعة‪.‬‬ ‫• محبة الصالحين وتعظيمهم؛ حيث كان ملتزما كل يوم‬ ‫خميس زيارة ضريح الولي الصالح سيدي طلحة الدُّرّيج‪.‬‬


‫العدد ‪1004‬‬

‫‪17‬‬

‫الثالثـاء ‪ 30‬يوليوز �إلى ‪ 05‬غ�شت ‪2019‬‬

‫نوقشت بكلية ا آلداب والعلوم اإلنسانية بتطوان يومه الثالثاء ‪ 13‬ذوالقعدة ‪ 1440‬الموافق‬ ‫‪ 16‬يوليوز ‪ 2019‬أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه تقدمت بها الطالبة الباحثة جليلة الخليع في‬ ‫موضوع ‪« :‬النور القوي في ذكر موالنا عبد الواحد الدباغ وشيخه موالي العربي الدرقاوي ألبي عبد‬ ‫اهلل محمد المهدي بن القاضي المتوفى سنة ‪1271‬هـ أمام لجنة علمية مكونة من األساتذة ‪:‬‬ ‫ أ‪.‬د‪ .‬محمد كنون الحسني مشرفا ‪ -‬أ‪.‬د‪ .‬محمد الحافظ الروسي رئيسا ‪ -‬أ‪.‬دة‪.‬جميلة رزقي‬‫عضوا ‪ -‬أ‪ .‬د‪.‬يوسف الناوري عضوا‪ - .‬أ‪ .‬د‪.‬أحمد هاشم الريسوني عضوا‪.‬‬ ‫وبعد المداولة قررت اللجنة منح الطالبة الباحثة جليلة الخليع درجة الدكتوراه في اآلداب تكوين النص‬ ‫األدبي العربي القديم بتقدير مشرف جدا ‪..‬‬

‫روحة‬

‫أط‬

‫تقرير حول مخطوط «النور القوي في ذكرشيخنا موالنا عبد الواحد الدباغ وشيخه موالنا العربي الدرقاوي»‬

‫بسم اهلل الرحمن الرحيم وصلى اهلل على منْ‬ ‫منْهُ انشقـت األســرار‪ ،‬وانفلقت األنوار‪ ،‬وفيه ارتقــت‬ ‫الحقائق‪،‬وتنزلت علوم آدم عليه السالم ‪،‬فأعجز الخالئق‪.‬‬ ‫وبعد‪:‬‬ ‫يشرفني أن أكون ضمن ثلة باحثي هذا الجيل‪ ،‬ألسير‬ ‫وفق مسار عبده لنا أساتذتنا‪ ،‬حاملة نفس المشعل‪ ،‬أال وهو‬ ‫النبش في الذاكرة المغربية‪ ،‬ألساهم ولو بالقليل في هذا‬ ‫المجال‪ ،‬فكل عمل جديد يخرج من رحم المخطوط‪ ،‬هو‬ ‫قيمة مضافة للفكر والتاريخ المغربيين‪ ،‬يساعد على تغيير‬ ‫بعض اآلراء واالستنتاجات السابقة ‪.‬‬ ‫في هذا السياق ‪،‬يأتي إنجاز هذا العمل الذي أمدني به‬ ‫شيخي وأستاذي د‪.‬عبد اهلل المرابط الترغي‪ -‬رحمه المولى‬ ‫وأسكنه فسيح جنانه‪ -‬واصفا لي إياه ب «قعر الخابية»‬ ‫ألهميته وقيمته الثمينة‪ ،‬مستعجال إياي في لحظاته‬ ‫األخيرة قائال‪ :‬أريد أن أتركك بالسكة ‪ »..‬ألدرك عند الرحيل‬ ‫فحوى كالمه ‪.‬‬ ‫فالتأليف الذي بين يدي لعلم من أعالم القرن التاسع‬ ‫عشر الميالدي‪/ ،‬الثالث عشر الهجري‪ ،‬أال وهو سيدي محمد‬ ‫المهدي بن القاضي‪ ،‬صاحب التأليفين المهمين «مجلي‬ ‫اآلماق وإثمد األحداق» الذي حققته د‪.‬حنان الفاضلي تحت‬ ‫إشراف المرحوم د‪.‬عبد اهلل المرابط الترغي وهو شرح‬ ‫تائية الشيخ سيدي محمد الحراق والتي مطلعها‪:‬‬

‫تل َِّت‬ ‫�أَت َْطل ُ​ُب ل َْيلَى َو ْه َي فِ يكَ جَ َ‬ ‫ت ِ�س ُب َها َغي ً‬ ‫ي َك ل َْي َ�س ِت‬ ‫َو حَ ْ‬ ‫رْا َو َغ رْ َ‬

‫وتأليفه قيد الدراسة والتحقيق «النور القوي في‬ ‫ذكرشيخنا موالنا عبد الواحد الدباغ وشيخه موالنا العربي‬ ‫الدرقاوي‪».‬‬ ‫وكانت هناك دوافع عديدة تكمن في اختياري هذا‬ ‫يمكن تلخيصها كالتالي‪:‬‬ ‫* اكتشاف التراث المغربي‪ ،‬ومحاولة سبر أغواره عن‬ ‫طريق الدراسة والتحقيق‪ ،‬فهي المرة األولى التي أتعامل‬ ‫فيها مع المخطوط‪ ،‬أفتح بابا جديدا‪ ،‬كنت أجده عصيا ‪..‬‬ ‫* التعريف بشخصية سيدي محمد المهدي بن‬ ‫القاضي باعتباره شخصية مغمورة‪ ،‬إذ القليل من الباحثين‬ ‫من يعرفه‪.‬‬ ‫* توسيع المدارك حول الطريقة الدرقاوية المتمثلة‬ ‫في شيخها موالي العربي الدرقاوي وتالمذته‪.‬‬ ‫* التعرف على جنس أدبي وتاريخي في نفس اآلن أال‬ ‫وهو «أدب المناقب» وكذا كتب األسانيد العلمية باعتبار‬ ‫تأليف « النور القوي « ينتمي إليها ومحاولة التعريف بها‪.‬‬ ‫وحتى يتحقق المراد وأبلغ الغاية التي تكمن من وراء‬ ‫تحقيق هذا العمل‪ ،‬اتبعت الخطوات التالية‪:‬‬ ‫*جرد العديد من فهارس المخطوطات قصد الوقوف‬ ‫على مختلف النسخ الموجودة للمخطوط وذلك بزيارة‬ ‫العديد من المكتبات العامة والخاصة ‪.‬‬ ‫و قبل وطء أرض المتن المحقق‪ ،‬وكما هو متعارف‬ ‫عليه في ميدان البحث العلمي‪ ،‬عبدت الطريق بتغطية‬ ‫شاملة‪ ،‬حتى نحيط باألجواء العامة لعصر المؤلف والفترة‬ ‫التي زامنهاـ ونعي المضمون‪ ،‬بكل تعقيداته ويتجلى لنا‬ ‫الغامض منه‪.‬‬ ‫ففي المبحث األول حاولت تسليط الضوء على الفترة‬ ‫من جوانب عديدة‪ ،‬سياسية اقتصادية اجتماعية وعلمية‬ ‫وأدبية‪.‬‬ ‫فالفترة هي فترة سيادة التصوف‪ ،‬إذ مر التصوف‬ ‫المغربي بعدة تجارب كان الالحق منها يكمل ما سبقه‬ ‫ويعمل على إصالحه دون إلغائه‪ ،‬بل يتأثر به ويرث عنه‬ ‫الكثير‪..‬‬ ‫كانت الطريقة الشاذلية هي السائدة في المغرب‬ ‫‪ ،‬والتي تنسب للشيخ أبي الحسن الشاذلي لكن لحقها‬ ‫الكثير من البدع‪ ،‬وهذا ما حدا بعلماء الطريقة إلى التدخل‬ ‫من جديد‪ ،‬ومحاولة إعادة هيكلة بنائها‪ ،‬اشتهر منهم‬ ‫اثنان هما ‪:‬‬ ‫العارف باهلل سيدي محمد بن سليمان الجزولي في‬ ‫جنوب المغرب ( ت ‪870‬هـ ‪ 1465‬م)والعارف باهلل الشيخ‬ ‫البُرْنُسي الفاسي (ت‪895‬هـ ‪-1490‬‬ ‫سيدي أحمد زروق‬ ‫ِ‬ ‫م) في شماله‪ ،‬وقد اتفقا معا في تجديد ها على تبني‬ ‫األصول الشاذلية مع تشديدهما على االهتمام بالعلم‬ ‫الظاهر‪.‬‬

‫من هذه الطرق تفرعت الزوايا المشهورة بالمغرب بل‬ ‫وشمال إفريقيا والمشرق والتي تزامنت مع ظهور الطريقة‬ ‫الدرقاوية محور حديثنا (الناصرية –الوزانية –الشرقاوية‪-‬‬ ‫الريسونية ‪.‬‬ ‫أما المبحث الثاني فقد خصصته للتعريف بالمؤلف‬ ‫والدة‪ ،‬نسبا‪ ،‬نشأة‪ ،‬ثقافة وآثارا‪.‬‬ ‫فمصادر التعريف بصاحب التأليــف الشيخ سيدي‬ ‫محمد المهدي بن القاضي تكاد تكـون منعدمة لوال‬ ‫إشارته السمه ونسبه في كتابيه ‪« :‬مجلي اآلماق وإثمد‬ ‫األحداق» وكتابه النور القوي « وهو التأليف قيد الدراسة‬ ‫والتحقيق ‪.‬‬ ‫إال أن التعريف المستفيض قد انفرد به سيدي محمد‬ ‫بن جعفر الكتاني صاحب كتاب «سلوة األنفاس» باعتبار‬ ‫شيخنا بن القاضي ممن أقبر بمدينة فاس‪ ،‬ويليه ابن‬ ‫سودة في كتابه‪ »:‬إتحاف المطالع بوفيات أعالم القرن‬ ‫الثالث عشر والرابع»‪ ،‬وهذا يدل على أنه كان يعد من‬ ‫أعالم القرن ‪.‬‬ ‫أما فيما يخص آثاره‪ ،‬فلم يخلف – شيخنا رحمة اهلل‬ ‫عليه‪-‬غير تأليفين‪ ،‬حيث أن حياته القصيرة لم تمهله‬ ‫ليثري الخزانة الصوفية المغربية مثلما أتاحت لمعاصره‬ ‫أبي بكر بناني‪ ،‬صاحب تأليف الفتح الوهبي» ورسائله‬ ‫مدارج السلوك إلى مالك الملوك‪ ».‬وغيرهما‪....‬‬ ‫إضافة إلى ذلك فقد قام بجمع بعض النوازل الفقهية‬ ‫للشيخ سيدي محمد الحراق‪ ،‬وبعض اآلثار الشعرية القليلة‬ ‫وهي قصائد مخطوطة في نسخة يتيمة ضمن نسخة‬ ‫الخزانة الحسنية بالرباط لمخطوط مجلي اآلماق‪.‬‬ ‫في المبحث الثالث عرفت بالكتاب مباحثه وفصوله‪،‬‬ ‫مستهلة بالعنوان باعتباره مفتاحا لألبواب العديدة التي‬ ‫تصادفنا في حصن المتن الحصين‪.‬‬ ‫قمت بتأكيد نسبة َّ‬ ‫المؤلف لصاحبه من خالل شواهد‬ ‫قيمة تمثلت فيما ذكره األستاذ محمد المنوني في كتابه‬ ‫المصادر العربية لتاريخ المغرب ‪،‬وما قاله األستاذ عبد‬ ‫السالم بن سودة في كتابه دليل مؤرخ المغرب األقصى»‪،‬‬ ‫وما أثبته ليفي بروفنصال في كتابه مؤرخو الشرفاء ‪.‬‬ ‫وفيما يخص تأليفه فلم يذكر ابن القاضي تاريخ‬ ‫تأليفه للنور القوي‪ ،‬وإنما أدرج تاريخ االنتهاء منه حيث‬ ‫أكمل تأليفه صبيحة يوم الخميس الخامس من جمادى‬ ‫الثانية سنة إحدى وسبعين ومائتين والف»‪.‬‬ ‫أما أسباب تأليفه فقد جاءت واضحة جلية في مقدمة‬ ‫الكتاب إذ قال ‪« :‬المراد من هذا التقييد‪ ،‬ذكر بعض‬

‫محاسن والدنا في المعنى‪ ،‬وشرح بعض مكارم أستاذنا في‬ ‫الوصول إلى المقام األسنى‪.».....‬‬ ‫بالنسبة لموضوع الكتاب‪ ،‬فرغم اشتماله على مناقب‬ ‫الشيخ سيدي عبد الواحد الدباغ وشيخ الطريقة الدرقاوية‬ ‫موالي العربي الدرقاوي‪ ،‬فهو كتاب علمي لتحقيق أسانيد‬ ‫الطريقة الشاذلية‪،‬وهذا ما يؤكده قول بن القاضي‬ ‫عندما انتهى من تأليفه قائال‪« :‬هذا آخر الكالم على هذه‬ ‫األسانيد‪ »....‬فقد نقل بعضا منها من كتب األسانيد التي‬ ‫سبقت تأليفه‪ ،‬كابتهاج القلوب‪ ،‬وأزهار البستان‪ ،‬وممتع‬ ‫األسماع ومرآة المحاسن وكان مرجعا أيضا لمن جاء‬ ‫بعده‪.‬‬ ‫وبخصوص المنهج‪ ،‬فقــد اتبــع بن القاضي نفس‬ ‫المنهج الذي سار عليه سابقوه ومعاصروه مقتفيا‬ ‫خطواتهم في طريقة تناول التراجم وذكر المناقب‪ ،‬وقد‬ ‫حرَص على ذكر المصادر التي اقتبس منها وهذا يدل‬ ‫على تمكنه من البحث والتحقيق‪ ،‬فقام بإثبات النصوص‬ ‫بالحرف كما وردت في األصل عند أصحابها في أغلب‬ ‫األحيان إال ما كان من تغيير طفيف ال يؤَدي إلى اإلخالل‬ ‫بالسياق العام للمتن‪ .‬وكان ينبه إلى نهاية النقول بعبارة‬ ‫«انتهى» ‪.‬مع االستدالل بالقرآن الكريم واألحاديث النبوية‬ ‫الشريفة وأقوال العلماء والصوفية ‪.‬‬ ‫أما األسلوب فقد سيطر ت عليه اإلشارة باعتبار المؤلف‬ ‫كما عرف نفسه أنه كان صوفي الحقيقة درقاوي الطريقة‪،‬‬ ‫وفيما يخص األسانيد العلمية فكان النثر المرسل العادي‬ ‫الذي يعتمد السرد والوصف الواقعيو الذي يتتبع الدقائق‬ ‫والجزئيات‪.‬‬ ‫بالنسبة لمصادر تأليفه فقد كانت عديدة ومتنوعة‬ ‫منها ما هو شفوي كأقوال شيوخه أو شيوخهم ومنها ما‬ ‫هو كتابي وكانت الكفة األعلى لكتب التراجم والتصوف‪،‬‬ ‫والكفة األخرى توزعت بين فقه وحديث وأدب وعلم‬ ‫الكالم‪...‬‬ ‫أما القسم الثاني فقد خصصته للمتن المحقق حيث‬ ‫اعتمدت على نسختين في تخريج مخطوط النور القوي‬ ‫واتخذت نسخة المكتبة العامة بالرباط والتي زودني بها‬ ‫أستاذي د‪.‬عبد اهلل المرابط الترغي رحمه المولى وأسكنه‬ ‫فسيح جناته‪ -‬أصال فالنسخة تعود لمالكها العالمة المؤرخ‬ ‫عبد الحي الكتاني واستأنست بنسخة مؤسسة عالل‬ ‫الفاسي‪ ،‬وهي نسخة غنية بالطرر التي تسلط الضوء على‬ ‫كثير من فقرات المتن ‪ .‬الناسخ فهو الشيخ العالمة فتح‬ ‫اهلل بن أبي بكر بناني‬

‫و فيما يخص منهج تحقيق «النور القوي «في ذكر‬ ‫شيخنا موالي عبد الواحد الدباغ وشيخه موالي العربي‬ ‫الدرقاوي فقد اعتمدت المنهج المتعارف عليه والذي يقوم‬ ‫على الخطوات التالية ‪:‬‬

‫أولهــا‪ ،‬استنساخـــي للنسخة التي اعتمدتها أصال‬ ‫فقابلتها بالنسخة الثانية – نسخة مكتبة عالل الفاسي‪-‬‬ ‫واإلشارة في الهامــش لمواضــع االختــالف واإلضافات‬ ‫والشواهد أيضا التي اشتملـــت عليهــا النسخة «ب»‪.‬‬ ‫وضعت عالمات الترقيم‪ ،‬التزمت بقواعد الرسم الحديث‪،‬‬ ‫كتبت االختصارات بشكلها الكامل‪ ،‬أثبت أرقام صفحات‬ ‫المخطوط داخل المتن‪ ،‬قمت بتخريج اآليات القرآنية‬ ‫واألحاديث النبوية واألشعار كما عرفت باألعالم باإليجاز‪،‬‬ ‫وببعض األماكن الموجودة في المتن‪ ،‬حاولت رد النقول‬ ‫التي وردت في النص إلى مصادرها‪،‬شرحت المصطلحات‬ ‫الصوفية وفي األخير قمت بوضع الفهارس‪.‬‬

‫أما الصعوبات التي اعترضت سبيل بحثي فتكمن‬ ‫باألساس في كثرة األعالم المغمورة‪ ،‬إذ أن المؤلف كان‬ ‫يذكر العلم إما بالكنية أو باللقب‪ ،‬فكنت أحاول أن أعرف‬ ‫بالعلم اعتمادا على نقله عنه وما يندرج ضمنه إما في‬ ‫التصوف أو في النحو أو غير ذلك‪ .‬ووجدت صعوبات مماثلة‬ ‫في األحاديث الصحيحة كشفا عند الصوفية والتي يطعن‬ ‫في صحتها بعض علماء الحديث‪.‬‬

‫• هذه هي الطريقة التي اعتمدتها والخطة التي‬ ‫انتهجتها في تحقيق هذا المخطوط‪ .‬أرجو من العلي‬ ‫القدير أن أكون قد وفقتُ في عملي هذا ‪،‬فهو أمانة علمية‬ ‫يجب أن تُؤدى كما يجب‪ .‬وفقنا المولى جميعا لما يحبه‬ ‫ويرضاه‪.‬‬

‫وال يفوتني شكر أستاذي د‪.‬محمد كنون الحسني على‬ ‫نصائحه السديدة‪ ،‬وإرشاداته العميقة وتعامله الراقي‪،‬‬ ‫تعامل العلماء الفضالء‪ ،‬فال عجب في ذلك فأستاذي‬ ‫المشرف سليل أسرة علمية توارثت العلم ومكارم األخالق‬ ‫أبا عن جد‪.‬‬

‫والشكر الجزيل أيضا للجنة المناقشة والتي تحملت‬ ‫عناء قراءة بحثي لتوجيهي لمكامن الخطأ التي علي تجنبها‬ ‫في خطواتي القادمة‪ ،‬وإنارة ما عتم بجهل مني أو سهو وال‬ ‫مباالة مع تقبل أرائها بصدر رحب‪ ،‬استزادة طالب لما في‬ ‫جراب أساتذته‪ ،‬وتقبل متعلم لنصائح معلميه‪.‬‬


‫العدد ‪1004‬‬

‫‪18‬‬

‫الثالثـاء ‪ 30‬يوليوز �إلى ‪ 05‬غ�شت ‪2019‬‬

‫هل تتقدم األمم والشعوب بتنفيذها للقوانين‬ ‫والحقوق والعدالة الحقة‪ ...‬وبالمثقفين‬ ‫والفنانين األحرار مهما كانت الظروف أم ماذا ؟!‬ ‫• بقلم ‪ :‬عبد القادر أحمد بن قدور *‬

‫لعبة السودوكو (‪)467‬‬ ‫أصل اللعبة‬

‫لعبة السودوكو اليابانية األصل «‪ ،»SUDOKU‬كانت معروفة منذ الثمانينيات‬ ‫في اليابان‪ ،‬إال أنها لم تظهر كلعبة ذات شعبية إال سنة ‪.2005‬‬

‫معنى كلمة سودوكو‬

‫كلمة سودوكو هي اختصار للجملة اليابانية (‪)Nikagiru Sujiwa Dokushin‬‬ ‫وتعني أن األعداد البد أن تكون مفردة‪ .‬وهذه اللعبة عبارة عن عالمة تجارية لشركة‬ ‫‪.Nikol‬‬

‫كيف تلعبها ؟‬

‫تنفيذ القانون والمشروع هو األساس‪ ...‬القانون البد أن‬ ‫يطبق ويحظى في وطننا وفي دول المعمور كلها ـ إذا أرادت‬ ‫أن تنجح وتتقدم ـ بالقوة والهيبة‪ ،‬كما أن العدل البد له أن‬ ‫يتساوى الكل أمامه‪ ،‬فال فرق بين هذا أو ذاك‪ ،‬وال بين كبير‬ ‫أو صغير في الجاه وغيره‪ ...‬فال استثناء فيه ولو على القاضي‬ ‫إذا حكم بالظلم أو طبق القانون تطبيقا مجحفا‪ ...‬والبد للعقاب‬ ‫لكل من يخالف القانون‪ ،‬فال يفلت منه أي أحد‪ .‬فال بد أن يكون‬ ‫للقانون قاض عادل ليطبقه ويعمل على تنفيذه‪ ،‬كما يجب أن‬ ‫يكون لهذا كله المراقب والحارس األمين للمتابعة لألحكام‬ ‫والتنفيذ لها‪ ،‬إذ يلزم أن يكون القانون هو الذي يحكمنا وهو‬ ‫الفيصل األساسي بين الحق والباطل‪ ...‬ألن القانون هو أساس‬ ‫بناء وتقدم أي مجتمع‪ ،‬وإذا تهاونا في تطبيقه وتنفيذه‪ ،‬يظل‬ ‫أي مجتمع كيفما كان مجرد تجمع يبتعد كل البعد عن الحضارة‬ ‫بالمعنى الحقيقي للتحضر‪...‬‬ ‫في النظام الديمقراطي نجد أن القانون ينعم بكل المزايا‬ ‫الجميلة‪ ،‬وذلك عندما يتيسر النقد البناء والرقابة الصارمة وتداول‬ ‫السلطة وتسيير الشأن العام‪ ،‬كما أنه ليس من المصادفة أن‬ ‫نجد القانون يتعرض للهوان في األنظمة الشمولية‪ ،‬حيث نجد‬ ‫الحاكم نفسه وغايته فوق القانون‪ ،‬إن القانون هو األساس‬ ‫القوي والمتين للمجتمع المتقدم ذي الحضارة والتحضر الراقي‬ ‫عند األمم السائرة بأوطانها إلى األمام إلى األمام‪ ...‬لكن قد‬ ‫ال يخلو أي مجتمع من فساد أو أزمات اقتصادية أو سياسية‬ ‫واجتماعية أو بطالة أو إرهاب‪ ،‬ومع ذلك يمكن لهذا المجتمع أن‬ ‫يكون متحضرا‪ ،‬ولكن إذا أهين فيه القانون أو ضعف أو تسرب‬ ‫إليه الفساد‪ ،‬إذ ذاك أشك في أن يستحق صفة التحضر‪ .‬وقد قيل‬ ‫قديما‪ :‬الحق والعدل أساس الملك واالستقرار وأضيف له بدوري‬ ‫أن العدل ما هو إال تطبيق للقانون بحذافير ألنه مصدر هام‬ ‫للثقة بالمؤسسات وباألوطان وسبب تقدمها إلى األمام ورقيها‬ ‫المتميز إذا تحقق ذلك فالغد للبالد بهذا يكون مشرقا وال معا‬ ‫ومستقرا كل االستقرار‪...‬‬ ‫لكل هذا‪ ،‬فمن حق أي نظام كيفما كان أن يدافع عن‬ ‫ذاته‪ ،‬وذلك واجب مقدس له ليدافع عن الشرعية واالستقرار‪،‬‬ ‫واألمن واألمان‪ ،‬ومن حق كل شعب في هذا‪ ،‬وكذلك من حقه‬ ‫أن يعمل على تحقيق حلمه في التقدم الروحي والمادي كذلك‬ ‫والتنمية المستدامة‪ ،‬ولكن يجب على أي نظام أن يدافع عن‬ ‫ذاته بأسلوب يناسب مبادئ شرعية‪ ،‬مع التوافق بقيمه ومثله‬ ‫العليا‪ ،‬فكما يطالب باليقظة والحزم البد له أن يعمل في ظل‬ ‫القانون والمشروعية وحقوق اإلنسان الحقيقية‪ ،‬وأال يحيد عن‬ ‫ذلك قيد شعرة ليكون بذلك يدافع عن الديمقراطية الحقيقية‪،‬‬ ‫والقانون وحقوق اإلنسان في الواقع ببالده‪ ،‬فال يمكن له أن‬ ‫يحيد أو يمس قيمة من هذه القيم السامية والعادلة‪ ،‬أو‬ ‫يتهاون في تطبيقها‪ ،‬وإال انقلب األمر من صراع بين الشرعية‬ ‫والخارجين عليها إلى صراع كبير بين فتنتين من الخارجين‬ ‫عن الشرعية والقانون الذي يتسم بالسمو إذا نفد وطبق‬ ‫بخدافيره‪.‬‬ ‫قد نؤيد النظام عند دفاعه المشروع‪ ،‬ونبارك نضال وكفاح‬ ‫رجاله ونقدر التقدير الكبير التضحيات الجسام التي بذلت‪،‬‬ ‫والدماء التي سفكت لتحقيق التغيير والتقدم والبناء المتطور‪،‬‬ ‫ولكن يعز علينا أن يشوب هذا الجهاد المتواصل شائبة‬ ‫في المعاملة يخرج بها عن مبادئه العليا واألساسية وقيمه‬ ‫المقدسة‪ ،‬فيسيء بهذا إلى سمعته التي ستنجح أكثر وتكون‬ ‫طيبة على الجميع وبذلك ليستحق التقدير من الجميع في‬ ‫العالم أجمع‪ ،‬كما يجب أن يعرف القائمون على األمر أن اإلنجاز‬ ‫الديمقراطي هو األمر األهم الذي ال يتأخر االعتراف بفضله‬ ‫والشعور الكبير بقيمته‪...‬‬ ‫قد يعمل البعض منا في ميادين كثيرة تتسم بالتجديد‬ ‫والبناء ولكن ما من ميدان إال ويحتاج إلى مدة طويلة إلنجازه‬ ‫ومواصلته حتى تنتج ثمرته‪ ،‬ويحظى بها الرجل المطحون في‬ ‫قوت يومه‪ ،‬ولكن بخالف إذا تحققت أكثر الحرية والديمقراطية‬ ‫واحترام كل االحترام لحقوق اإلنسان التي قد يتمتع بها كل‬ ‫مواطن مواطن‪ ،‬ويمارسها كل الناس عند ما يتم االعتراف بها‬ ‫وإقرارها‪ ،‬لذلك يلزم الحرص كل الحرص على ذلك اإلنجاز‪،‬‬ ‫ويجب أن نأخذ أنفسنا بتقديس ذلك مهما احتدت المعركة‬ ‫واشتد الصراع‪ ،‬لنصل إلى شاطئ النجاة‪ ،‬المحبوب لدى الجميع‪...‬‬ ‫ألنه كل من ينبه إلى الخطأ فهو الصديق الحقيقي‪ ،‬ومن‬ ‫يسوغه إليكم فهو العدو في ثياب الصديق‪...‬‬ ‫إذا نظرنا إلى تجارب األمم المتقدمة حضاريا وإنسانيا وعدال‬ ‫وحقوقيا وديمقراطيا فنجد أنها بفضل كل هذا عند تطبيقه‬ ‫بحذافيره وبالحرية التامة في األداء والنقد البناء ازدهرت بهذه‬ ‫األجواء الحرة والديمقراطية بينما تذبل وتضمحل إذا عاش‬ ‫أبناؤها وبناتها ورجاالتها ونساؤها في ظل القهر والكبت‪ ،‬وقد‬ ‫نجد استثناء لهذه القاعدة أحيانا ولكنه ال يغيرها كثيرا‪.‬‬ ‫وهكذا‪ ،‬قد نجد في نظام ديمقراطي من يبيع حريته‬ ‫للسلطة أو التجارة‪ ،‬وقد نجد في نظام شمولي من يمارس‬

‫حريته بشجاعة تامة‪ ،‬ويدفع الثمن غاليا‪ ...‬والمثقف الحقيقي‬ ‫والفنان خاصة حر إذا شاء‪ ،‬عبد إذا شاء‪ ،‬وال عذر له مهما ساءت‬ ‫ظروفه وحلكت‪ ،‬ويجب أن نعرف أنه حر ومسؤول‪ ،‬ألن الحرية‬ ‫ال تخلو من مسؤولية عليهما معا أن يزنا حريتهما بميزان‬ ‫المصلحة العامة والحاضر والمستقبل‪ ،‬ثم يصدر قرارهما‬ ‫وينحمالن عواقبها معا‪ ،‬والحرية غير العبث‪ ،‬وغير التجارة‪،‬‬ ‫إنها فعل جاد يستهدف الحقيقة والسمو مع القيم اإلنسانية‬ ‫الخالدة التي تبقى مدى الدهر‪ ،‬ألنهما المثقف والفنان يعمالن‬ ‫جهدهما الكبير إذا كانا حقيقيين من أجل المثل العليا والخير‬ ‫العميم‪ ،‬ومن يحب السالمة فهي متاحة له ومن يحب الربح‬ ‫فهو ممكن‪ ،‬ومن يصر على الحق فهو متاح وغال‪ ،‬والحياة لم‬ ‫ولن تكون لعبا ولهوا‪ ،‬ألن األعمال بالنيات ولكل امرىء ما‬ ‫نوى ‪ ...‬إلخ ‪...‬‬ ‫ـــــــــــــــ‬

‫اللعبة تعتمد على المنطق لدرجة كبيرة‪ ،‬وهي لوحة مقسمة إلى تسع مناطق كل‬ ‫منطقة مكونة من تسع خانات‪ ،‬وعليك أن تمأل هذه الخانات أفقيا أو عموديا بأرقام من‬ ‫‪ 1‬إلى ‪ ،9‬حيث ال تستخدم الرقم إال مرة واحدة في جميع المربعات على العمود نفسه‬ ‫أو السطر أو القطر‪ ،‬وتكون هناك أرقام موضوعة سابقا في بعض الخانات‪.‬‬

‫مفيدة لكن معقدة‬

‫اللعبة مفيـدة جدا لتقوية مهارات المنطـق‪ ،‬ويستخدمهـا مدرسو الرياضيات‬ ‫كتمارين للطلبة وتختلف درجة التعقيد‪ ،‬حسب الفئة المستهدفة‪.‬‬

‫* األديب واإلعالمي‬ ‫والعضو الشرفي بمنظمة العفو الدولية ‪ ‬ـ فرع المغرب‬

‫المناضل عبد القادر أحمد بن قدور‬ ‫في اعتصام جديد من أمام البرلمان‬ ‫المغربي ‪ ...‬حتى انتزاع حقوقه‪ ‬‬

‫سرعة المالحظة‬

‫دشـــن من جديـد‪ ،‬المناضل عبد القادر أحمد بن قدور‬ ‫إضرابا آخر‪ ‬من أمام البرلمان المغربي‪ ،‬وذلك بداية من يوم‬ ‫الخميس ‪ 25‬يوليوز ‪ 2019‬من الساعة ‪ 12‬زواال إلى ‪ 3‬مساء‬ ‫من كل يوم‪.‬‬ ‫وبحســـب ما‪ ‬ورد في يافطــة‪ ‬يحملها‪ ‬عبد القـــادر أحمد‬ ‫بن قدور‪ ،‬فإن هذا الشكل االحتجاجي جاء من «أجل المطالبة‬ ‫بالتعجيل الفوري لتسوية وضعيته االدارية والمالية وكل حقوقه‬ ‫المهضومة واالعتذار المعنوي من طرف المسؤولين المعنيين‬ ‫باألمر الذين ال زالوا يؤخرون العمل على إنجازها ويماطلون في‬ ‫منحها له‪ ‬رغم أنه أخبرته إحدى مؤسسات الدولة بتسوية له‬ ‫ذلك ألنه أرسل استعطافات والتماسات عديدة إلى جاللة الملك‬ ‫المفدى منذ سنوات‪..‬‬ ‫ويضيف السيد عبد القادر أحمد بن قدور ‪ « :‬وأن جاللة‬ ‫الملك أمر بتسوية حقوقي المهضومة اإلدارية وغيرها دون أن‬ ‫يعملوا‪ ‬على إنجازها لي»‪ .‬‬ ‫ويطالب بالتنفيذ الفوري واإلسراع إلنجاز توصيات هيأة‬ ‫اإلنصاف والمصالحة كلها لضحايا االنتهاكات الجسيمة لحقوق‬ ‫اإلنسان خالل السنوات السالفة وجبر الضرر المادي والمعنوي‬ ‫لهم واإلدماح االجتماعي كذلك‪.‬‬ ‫وتجذر اإلشارة إلى أن السيد بن قدور عضو شرفي في‬ ‫منظمة العفو الدولية ‪ -‬فرع المغرب ‪ ،‬معتقل سياسي سابق‪ ‬‬ ‫عانى من التعذيب‪ ،‬خالل سبعينيات‪ ‬القرن الماضي‪ ..‬‬

‫حل السودوكو‬ ‫رقم ‪467‬‬

‫بين الصورة واألصل ‪ 7‬اختالفات‪ ،‬حاول أن تهتدي إليها‪.‬‬


‫بن الطالب مديرا لمركز التكوين‬ ‫ال تحاد طنجة‬ ‫صفحة‬

‫‪19‬‬

‫�إعداد ‪ :‬م�صطفى ال�سباعي‬

‫العدد ‪1004‬‬

‫الثالثاء ‪ 30‬يوليوز �إلى ‪ 05‬غ�شت ‪2019‬‬

‫مجرد رأي ‪:‬‬

‫تعاقــد فريق اتحاد طنجــة مع‬ ‫اإلطــار الوطني محمد بن الطالــب‬ ‫كمدير تقني لمركز التكوين التابـع‬ ‫للفريق بالزياتن‪.‬‬ ‫وسبــــق للـمــدرب محمد بن‬ ‫الطالـــب أن اشتغــــل بالمديرية‬ ‫التقنية وباإلدارة التقنيـة لعصبــة‬ ‫الشمال لكرة القدم ‪ ..‬كما سبقلـــه‬ ‫تدريب فريق اتحاد طنجة في العديد‬ ‫من المناسبات‪.‬‬

‫تعيين بودربالة والنايبت في اللجنة المكلفة‬ ‫باختيار خلف للمدرب رونار‬

‫يبدو أن فريق مغرب أتلتيك تطوان لم يستوعب الدرس ولم يستفد من‬ ‫أخطاء الماضي التي كادت أن تعصف به إلى القسم الثاني‪.‬‬ ‫ونحن على أعتاب مو سم جديد حيث تستعد األتدية بشكل جدي حتى تظهر‬ ‫بمظهر جيد وتنافس بقوة في الدوري االحترافي وكأس العرش والمنافسات‬ ‫اإلفريقية والعربية‪.‬‬ ‫فريق المغرب التطواني انفصل عن مدربه طارق السكتيوي‪ ...‬المدرب الذي‬ ‫ساعده على تجاوز الصعاب وقاد سفينته إلى شاطئ النجاة وسط األمواج المتالطمة‬ ‫التي كادت أن تعصف به إلى القسم الثاني ‪.‬‬ ‫الحقيقة لم تتضح بعد والمغرب التطواني يقول أن المدرب لم يحترم بنود‬ ‫العقد الذي يربطه بالفريق ولم يحترم القانون الداخلي‪.‬‬ ‫والمدرب طارق السكتيوي لم يدل حتى اللحظة بأي تصريح يوضح أو يرد فيه‬ ‫على مسؤولي فريق الحمامة البيضاء‪ ،‬غير أن بعض األمور قد تبدو من األسباب‬ ‫التي أدت إلى االنفصال ‪..‬‬ ‫فالفريق قام بعدد من انتدابات حتى قبل مجيء المدرب من العطلة وربما‬ ‫من دون استشارته‪ ..‬ومؤخرا عين المدرب اإلسباني بيدرو بنعلي كمدير رياضي‬ ‫للفريق‪ ..‬وهذا ربما أثر سلبا على العالقة بين الطرفين‪ ...‬وأجهض الحلم الذي‬ ‫كان يراود الطرفين للسير بعيدا في الموسم المقبل وتحقيق نتائج إيجابية تسعد‬ ‫أنصاره ومؤيديه‪.‬‬ ‫ما جعلنا نثير هذا الموضوع في هذا الوقت بالذات هو غيرتنا على المغرب‬ ‫التطواني وخوفنا من تكرار أخطاء الموسم الماضي التي أدت في نهاية المطاف‬ ‫إلى الوضعية الصعبة التي أثرت على الجميع والتي كاد الفريق أن يؤدي ثمنها‬ ‫غاليا ‪.‬‬ ‫نتمنى أال يتكرر نفس السيناريو وأن يتغلب مسؤولو المغرب التطواني على‬ ‫المعوقات والصعوبات حتى يعود الفريق إلى سكة االنتصارات‪.‬‬

‫الخور القطري يحسم صفقة حمودان‬

‫اغتنمت الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم فرصة‬ ‫االجتمــاع الذي عقدته مؤخرا بالرباط وقامت بتوديــع‬ ‫الفرنســي هيرفــي رونــار الذي فك ارتباطــه بالمنتخب‬ ‫المغربي لكرة القدم‪.‬‬ ‫وشكر فوزي لقجـــع رئيس الجامعة رونــار بالمناسبة‬ ‫على الجهــود التي قام بها مع المنتخــب ومنحــه هديــة‬ ‫رمزية‪.‬‬ ‫من جهته أشاد المدرب رونار باألجواء االحترافية التي‬ ‫عمل فيها منذ تعاقده مع الجامعة وختم حديثه بالقول‬ ‫«لكل بداية نهاية متمنيا مسيرة موفقة للكرة المغربية‬ ‫خالل الفترة المقبلة»‪.‬‬

‫هذا واستقر فوزي لقجع رئيس الجامعة على النجمين‬ ‫السابقين للمنتخب المغربي عزيز بودربالة ونور الدين‬ ‫النايبت ليكونا ضمن اللجنة المكلفة باختيار المدرب‬ ‫المقبل لألسود خلفا للفرنسي رونار‪.‬‬ ‫وتم تكليف بودربالة والنايبت بدراسة طلبات الترشح‬ ‫التي تقدم بها العديد من المدربين األجانب وأغلبهم من‬ ‫فرنسا‪.‬‬ ‫ويتصدر قائمة المرشحين المدرب لوران بالن المدرب‬ ‫السابق لنادي باري سان جيرمان والبوسني وحيد خاليلو‬ ‫زيتش وبرونو ميتسو وباتريس بوميل المساعد السابق‬ ‫لرونار إضافة إلى المغربي عموتة‪.‬‬

‫الجمع العام للجامعة والعصبة االحترافية‬ ‫يوم ‪ 16‬شتنبر المقبل‬ ‫حددت الجامعة الملكية المغربية خالل اجتماعها األخير بالرباط تاريخ ‪ 16‬من شتنبر المقبل كموعد لعقد الجمع العام‬ ‫للعصبة الوطنية االحترافية والجمع العام للجامعة ‪.‬‬ ‫كما تم االتفاق على تكوين لجنة الختيار مدرب جديد للمنتخب الوطني ومديرا تقنيا جديدا‪ .‬وتحديد تاريخ ‪ 20‬غشت‬ ‫المقبل كآخر أجل لحصول أندية القسم األول على اعتماد الجمعيات الرياضية من طرف وزارة الشباب والرياضة حتى يتسنى‬ ‫لها خلق شركات رياضية قبل انطالق الموسم الرياضي‪.‬‬ ‫وتم أيضا خالل هذا االجتماع تحديد يوم‪3‬غشت القادم كموعد لليوم الدراسي لفائدة رؤساء األندية والحكام‪.‬‬

‫كأس محمد السادس لألندية األبطال‬ ‫احتاد طنجة يف املجموعة «�ألف»‬

‫أعلن نادي الخور القطري تعاقده بشكل رسمي مع مهاجم اتحاد طنجة‬ ‫أحمد حمودان «الشاوني» لموسم واحد على سبيل اإلعارة ‪.‬‬ ‫حمودان التحق بمعسكر الفريق المقام حاليا بهوالندا استعدادا للموسم‬ ‫القادم‪.‬‬ ‫وكان الالعب حمودان قد وقع قبل ذلك على عقد مع اتحاد طنجة لمدة‬ ‫موسمين قبل السماح بإعارته لنادي الخور القطري‪.‬‬

‫أوقعت قرعة كأس‬ ‫محمد السادس لألندية‬ ‫األبطال التي جرت‬ ‫نهاية األسبوع بالرباط‬ ‫فريق اتحاد طنجة في‬ ‫المجموعة األولى إلى‬ ‫جانب الزوراء العراقي‬ ‫والرفاع البحريني وبطل‬ ‫الصومال في الدور‬ ‫التمهيدي‪.‬‬ ‫ولم يحدد االتحاد‬ ‫العربي لكرة القدم بعد‬ ‫مكان إجراء منافسات‬ ‫هذا الدور‪.‬‬


‫األخيرة‬

‫الثالثـاء ‪ 30‬يوليوز �إلى ‪ 05‬غ�شت ‪2019‬‬

‫العدد ‪1004‬‬

‫تذكرة سفر‬

‫احللقة الأخرية‬

‫لقاءات حوارية‪ ،‬في حلقات متسلسلة‪ ،‬مع شخصيات مؤثرة في المجال العمومي المغربي والعربي واإلنساني‬ ‫بمختلف تعبيراته‪ ،‬تسائلها حول تجربتها في الحياة الخاصة والعامة‪ ،‬وترحل بها عبر تذكرة سفر معنوية‬ ‫وروحية إلى الماضي وإلى المستقبل‪.‬‬ ‫تذكرة السفرالثالثة مع اإلعالمية ثريا الصواف‪ ،‬أحد أبرز الوجوه التلفزيونية المغربية ما بين مرحلة‬ ‫الثمانينيات والتسعينيات و ‪ ،2000‬فقد أغنت المشاهدة التلفزية المغربية بتجربتها المؤكدة‪ ،‬وطبعتها‬ ‫بالعديد من اإلنجازات الفارقة وقتها‪ ،‬فقد حاورت المرأة بشجاعة نادرة كبار الشخصيات السياسية والثقافية‬ ‫العالمية‪ ،‬من رؤساء الدول والحكومات‪ ،‬وكانت أول إعالمية مغربية استطاعت أن تلج إلى العوالم الداخلية‬ ‫للقصر الملكي المغربي في مهمة إعالمية لم تكن سهلة على اإلطالق‪.‬‬

‫• عبد اإلله المويسي‬

‫لكن المتتبعين الحظوا أن ثورية‬ ‫الصواف اختفت عن شاشة ‪ 2M‬وهي‬ ‫في أوج عطائها‪ .‬أسئلة كثيرة طرحت‬ ‫حول هذا الغياب‬

‫كنا نعلم بوعي أن األيام الجيدة لـ ‪2M‬‬ ‫لم تكن لتستمر‪ ،‬فقد كانت بدأت المنافسة‬ ‫الشرسة مع ظهور «البارابول»‪ ،‬مما أدى إلى‬ ‫ارتباك المشهد السمعي البصري المغربي‪.‬‬ ‫وقتها كان لزاما على‪ 2M‬مضاعفة جهودها‬ ‫للحفاظ على مكانتها‪ ،‬ولضمان طول عمرها‪.‬‬ ‫كان فضــول المغــاربــة‪ ،‬محصورا‪ ،‬حتى‬ ‫لحظتها‪ ،‬في مساحة صغيـرة من الترفيه‬ ‫والمعلومات‪ ،‬وكان هذا الجمهـور قد بدأ‬ ‫يتوجه أكثر نحو قنوات فضائية مقترحة عليه‬ ‫بكل السحر‪ ،‬منحته بتكلفة زهيدة انفتاحا‬ ‫أقوى على العالم‪ ،‬ومنحته أيضا اإلحساس‬ ‫بالهروب و الحرية‪.‬‬ ‫فسخ العقــود‪ ،‬وإرجــاع أجهــزة «فك‬ ‫التشفير» وضع القناة أمام صعوبة ال تحسد‬ ‫عليها‪ .‬طبعا دون أن ننسى عامال آخر ال‬ ‫يقل تهديدا أدى إلى تفاقــم الوضع المالي‬

‫التعاطي مع أجواء قناة ‪ ،M2‬التي حلمنا بها‪،‬‬ ‫وأنشأناها بعرق أرواحنا قبل أجسادنا‪ ،‬والتي‬ ‫شكلت‪ ،‬كما سبق أن أشرت لك‪ ،‬انعطافة‬ ‫إعالمية صارخة في المجال البصري المغربي‬ ‫بتوقها الواضح‪ ،‬وبإصرارها القوي على خلق‬ ‫قناة عصرية دينامية شعارها األكبر دمقرطة‬ ‫الوصول إلى المعلومة‪ .‬وطبعا كان هذا الحلم‬ ‫يتساير مع اإلرادة العامة التي عبرت عنها‬ ‫الدولة المغربية‪.‬‬

‫لـ ‪ ،Soread 2M‬ويتعلق األمر بالقرصنة‬ ‫المقترنة بالعبقرية وبالبراعة في اختراق‬ ‫أنظمة بث برامج ‪ ،2M‬والعبث بوحدة فك‬ ‫ترميزاتها‪ .‬وهكذا‪ ،‬ومنطقيا‪ ،‬لم يعد جهاز‬ ‫«فك التشفير» هذا محصورا عند تلك الفئة‬ ‫التي كانت تستطيع تحمل مصاريفه‪ ،‬بل‬ ‫أصبح في متناول جميع الشرائح المجتمعية‪.‬‬ ‫بل أيضا أن جهازا واحدا كان قد أصبح‬ ‫يكفي لتغطية متطلبات العديد من المنازل‬

‫سأحـــاول‪ ،‬قــدر اإلمكاــن‪ ،‬التحلــي‬ ‫بالموضوعية الكاملة لإلجابـــة عن هـــذا‬ ‫السؤال‪ ،‬والذي على ما يبــدو أن شريحة‬ ‫عريضة من المتابعين تطرحه‪ .‬ودعني أقول‬ ‫لك أنني لحد اآلن أجد بعض الحرج في‬ ‫خوض حياتي اليومية بشكل اعتيادي‪ ،‬بسبب‬ ‫كثرة المرات التي يستوقفني فيها بالشارع‬ ‫العام العديد من الناس العاديين‪ ،‬إما إللقاء‬ ‫التحية وأخذ الصور التذكارية‪ ،‬وإما لإلعراب‬ ‫عن الحب اإلنساني‪ ،‬وإما أيضا لالستفسار عن‬ ‫هذا الغياب‪.‬‬ ‫أوال‪ ،‬هناك سبب موضوعي أدى إلى فتور‬

‫لمتابعة برامج ‪ .2M‬وبالتدريج بدأت القنــاة‬ ‫تفقد معظـم مشتركيها‪.‬‬ ‫وضع كهذا كان يصيب اإلدارة بالحسرة‪،‬‬ ‫بالنظر إلى المجهود المضني الذي كنا نبذله‬ ‫للرفع من أداءات قناتنا‪ ،‬وبالنظر إلى اإلرادة‬ ‫الجبارة التي كانت تحدونا ونحن نتحلى‬ ‫بقدرة تنافسية رهيبة أمام القنوات العالمية‪.‬‬ ‫ودعني أؤكد أنه‪ ،‬على الرغم من كل‬ ‫هذه المثبطات الخارجة عن إرادتنا‪ ،‬كنا‬ ‫نتسلح يوميا بالعزيمة واإلصرار على مواصلة‬ ‫المشوار‪ ،‬بل وكنا نتسلح بالمزيد من الخيال‬ ‫إلغناء تجربة قناتنا وجعلها تشد األنظار‬ ‫إليها‪.‬‬ ‫أما في ما يتعلق بالجزء الذاتي‪ ،‬فدعني‬ ‫أعرب لك بكل الصدق‪ ،‬أنني لحد اآلن أعجز‬ ‫عن تفهم طبيعة هذه الرغبة التي كانت‬ ‫وراء وضع تجربتي وإمكانياتي وخبراتي في‬ ‫منطقة الظل وهي في أوج ديناميتها‪.‬‬

‫أنت تعلم جيدا أننــي اشتغلت بـ ‪2M‬‬ ‫لفترة امتدت من ‪ 1991‬إلى ‪ .2014‬غير أن‬ ‫ديناميتي كانت قد أوقفت منذ ‪.2002‬‬ ‫دعنـي أسترجـع معـك بعض المناخات‬ ‫التي بدأنا بها‪ ،‬والتي سبق أن حدثتك عن‬ ‫بعض منها‪ ،‬فقط كي تقف على بعض أوجه‬ ‫التضحيات التي بذلناها‪ ،‬جميعا نحن الرعيل‬ ‫األول‪ ،‬من صحافيي ‪.2M‬‬ ‫في األول مــن ديسمبـــر عام ‪،1991‬‬ ‫وصلـت إلى مكتــب التحريــر‪ .‬كانت المباني‬ ‫فارغة عمليا‪ ،‬والبنية هزيلة تقريبا‪ .‬كان مذيع‬ ‫األخبار التليفزيونية بمفرده‪ ،‬مشغولاً خلف‬ ‫مكتبه‪ ،‬بالكــاد ألقى نظرة تجاهي‪ ،‬ألنه كان‬ ‫مشغولاً جدًا بسبب مهامــه المتعددة‪ .‬كان‬ ‫يتنقل ما بين تنشيط برنامج موسيقي إلى‬ ‫عرض األرصاد الجوية‪ ،‬بعدها يمر إلى عرض‬ ‫اإلعالن التجاري لبيع واستخدام وحدات «فك‬ ‫الترميز»‪ ،‬قبل أن يقدم نشرة األخبار‪.‬‬ ‫في البداية‪ ،‬كانت إدارة األخبــار تتوفر‬ ‫على عدد قليل جدًا من الصحفيين‪ ،‬واحد‬ ‫منهم تــم تكليفــه بعــرض النشرة‪ ،‬وهذا‬ ‫يعني مدى خطورة الموقــف‪ .‬يحــدث أن‬ ‫الصحفي توكل إليه لوحده الطبعة كاملة‪..‬‬ ‫يقوم بتركيب الصور‪ ،‬وإنجاز «ميكساج»‬ ‫الموضوعات‪ ،‬ثم العرض‪ .‬ولحسن الحظ‪ ،‬أن‬ ‫هذا الشاب الذي كان يتمتع بصحة جيدة لم‬ ‫يتغيب وال مرة واحدة‪ .‬وطبيعي أن محتوى‬ ‫النشرة كان يفتقر إلى العمـق‪ ،‬في الوقـت‬ ‫الذي لم نكن نتوفر فيه على الوسائل إلنجاز‬ ‫التقارير الالزمة عن مواضيع القرب‪.‬‬ ‫في هذه الظروف وصلت‪ ،‬وكان العمل‬ ‫وقتها شبيها بـ «البريكوالج»ً‪ ،‬بد ًال من أن‬ ‫يكون عمال احترافيا خالصا‪.‬‬ ‫وعلى الرغم من تعزيز البنية بعدد قليل‬ ‫من الصحفيين‪ ،‬ظلت محتويات األخبار دون‬

‫الإعالمية ثريا ال�صواف‬ ‫توقعاتنا وطموحاتنا‪ .‬ولكن رغم كل هذا لم‬ ‫نسمح بتثبيطنا مطلقا‪ ،‬فقد بذلنا جهودنا‬

‫جميعا لتحسين أداء القناة‪ .‬وما سمح لنا أيضا‬ ‫بالمثابرة هو ذلك الوعد الذي قدمته لنا‬

‫اإلدارة العامة بأن تضع تحت تصرفنا ما يلزم‬ ‫لتحقيق مهمتنا‪.‬‬ ‫هذه هي األجواء‪ ،‬بما لها وما عليهـــا‪،‬‬ ‫التي انطلقنا بها‪ .‬وأخبرك أننا كنا فخورين‬ ‫بعملنا‪ ،‬وبحلمنا‪ .‬وفي حلقــات سابقة حدثك‬ ‫عن كل المحطات المشرقة من مشواري‪،‬‬ ‫والتي بادرت فيها بكــل الجـرأة والمهنيــة‬ ‫واالحترافية إلى مراكمة منجز إعالمي ذاتي‪،‬‬ ‫ليس بالهين‪ ،‬إيمانا مني بالدور الوطني‬ ‫النضالي لإلعالمي المهني‪.‬‬ ‫أريد أن يفهــم من كـــالمـي أنني لم‬ ‫أتخل عن دوري وواجبي‪ ،‬وأنني كنت وال أزال‬ ‫أتوفر على اإلرادة والرغبة الشديدتين في‬ ‫خدمة بالدي إعالميا‪.‬‬

‫أخيرا أشكر كل قــراء جريدة الشمال‬ ‫العتيدة‪ ،‬واحدا وواحدة على تتبعهم لهذه‬ ‫الحلقات‪ ،‬وأتمنى أن أكون قد أشبعت بعضا‬ ‫من شغفهم وفضولهم في المعرفة حبا في‬ ‫وطنهم‪ ،‬وفي ما يخدم حاضره ومستقبله‪.‬‬

‫ً‬ ‫ً‬ ‫ارتباطا وثي ًقا بنجاح قناة ‪ .2M‬هذه‬ ‫مرتبطا‬ ‫سيظل اسم ثوريا الصواف‬ ‫اإلعالمية التي شكلت بمعية الرعيل األول من المهنيين فريقا ساهم في‬ ‫مسيرة المغرب نحو الحداثة والتقدم وبناء دولة الحق والقانون‪.‬‬ ‫‪ 2M‬قناة تلفزيونية‪ ،‬كانت أداة إلرساء الديمقراطية التي ستقود البالد إلى‬ ‫عهد جديد‪.‬‬ ‫ثورية الصواف‪ ،‬تمامًا‪ ،‬مثل كل األسماء الكبيرة التي وشمت األذهان‬ ‫بكفاءتها ومهنيتها‪ ،‬والتزامها بحرية التعبير واحترام القيم‪ ،‬تماما مثل كل‬ ‫األسماء الكبيرة التي اختفت اآلن من المشهد السمعي البصري المغربي‬ ‫المعاصر‪.‬‬ ‫هل يمكن أن نتحدث عن «تهميش المهارات»؟‬ ‫على أي حال‪ ،‬ستبقى األسماء الكبيرة التي صنعت األيام الجميلة لـ ‪2M‬‬ ‫محفورة إلى األبد في الذاكرة الجماعية المغربية واإلنسانية‪ ،‬مع االحترام ولكن‬ ‫أيضًا مع الحنين الكبير‪.‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.