Achamal n° 1005 le 06 Août 2019

Page 1

‫محمد األشعري‬

‫ضيف سلسلة «تذكرة سفر»‬ ‫أتذكر أن أول مرة أقوم فيها بنشاط حزبي هو سفري مع‬ ‫الشهيد عمر بنجلون والمرحوم محمد الوديع اآلسفي إلى‬ ‫مدينة مكناس لحضور لقاء حول قرارات ‪ 30‬يوليوز‪،‬‬ ‫(الحلقة األولى)‬

‫عيد العر�ش ‪2019‬‬

‫التوجيهات الخمس‬ ‫للخطاب الملكي‬

‫الصفحة ‪20‬‬

‫صفحة ‪8‬‬

‫ال�سياحة ب�شمال املغرب ‪:‬‬

‫وزير العدل محمد أوجار‬ ‫يدشن المقر الجديد‬ ‫لقضاء األسرة‬ ‫صفحة ‪7‬‬

‫إعالم جهوي متقدم‬

‫املدير امل�س�ؤول ‪ :‬عبد احلق بخات ـ الهاتف ‪ 05.39.94.30.08 :‬ـ الفاك�س ‪05.39.94.57.09 :‬‬ ‫العـدد ‪ 1005‬ـ الثمن ‪ 4‬دراهم ـ الثـالثــاء ‪ 29‬ذو القعـدة ‪� 06 / 1440‬إلى ‪ 12‬غـ�شـت ‪2019‬‬

‫مؤهالت غير معتنى بها‬ ‫وسياسة غير رشيدة‬ ‫صفحة ‪2‬‬

‫بين تضحيتين‬ ‫كلمة الشمال‬ ‫عبد اإلله المويسي‬

‫يعيش المغاربة هذه السنة شهر غشت بطعمين ضاغطين على ميزانيته‪ .‬ضغط الرضوخ لرغبات األبناء في الحصول على حقهم‬ ‫السنوي من عطلة الصيف كباقي عباد اهلل‪ ،‬وضغط الواجب الديني المؤكد في مزاولة شعيرة عيد األضحى كما دعت إليها شريعتنا السمحة‪.‬‬ ‫كثيرون يصعب عليهم الجمع بين الرغبتين معا‪ ،‬بالنظر إلى الكلفة التي تلزمانه بها‪ .‬وطبعا‪ ،‬نعتقد في هذا ونحن نضع في االعتبار‬ ‫المالبسات المصاحبة للمناسبتين والتي تجعل الكثير من المضاربين الجشعين يغتنمونها فرصة للمتاجرة في آالم المغاربة‪ ،‬سواء تعلق‬ ‫األمر بالرفع المهول في أثمنة األضحيات‪ ،‬أو فيما يتعلق بالغالء الفاحش الذي تعرفه المصطافات المغربية‪.‬‬ ‫معلوم أن أغلبية ساحقة من األسر المعوزة في المغرب تجد نفسها مضطرة الى استدرار عطف المحسنين والجمعيات الخيرية المدنية‬ ‫لتلبية النداء الديني‪ ،‬ومعلوم أيضا أن شريحة واسعة من ذوي الدخل المحدود‪ ،‬أو من الطبقة الوسطى تجد نفسها بدورها أمام الخيار‬ ‫األسهل وهو االلتجاء لالقتراض من المؤسسات البنكية مع ما يستتبعه ذلك من معاناة يعرفون مسبقا أنها ستمتد على طول آجال القرض‪.‬‬ ‫أكيد أن كثيرين‪ ،‬في ظل هذا الوضع الخانق‪ ،‬يلجؤون إلى خيار التضحية‪ ،‬بمعناها الديني وبمعناها االستعاري أيضاً‪ .‬يختارون االلتزام‬ ‫بمزاولة شعيرة التضحية اإلبراهيمية‪ ،‬ويختارون معها التضحية باستبعاد إمكانية الظفر بعطلة صيفية تريحهم‪ ،‬وتخفف عنهم قهر سنة‬ ‫بكاملها من العمل المضني الدؤوب بين المكاتب اإلدارية ومقرَّات الشغل‪.‬‬ ‫حقا إنه اختيار صعب ما بين شواء العيد وشواء شمس الصيف الحارقة‪.‬‬

‫جريدة يوميـة جهـوية وطنية ت�صدر م� ً‬ ‫ؤقتـا كـل �أ�سبوع • الإدارة‪ ،‬التحرير‪ ،‬الإ�شهار ‪ 7 :‬مكرر‪ ،‬زنقة عمر بن عبد العزيـز • الربيد الإلكـرتوين ‪ info@achamal.ma :‬ـ املوقع الإلكرتوين ‪www.achamal.ma :‬‬


‫العدد ‪1005‬‬

‫‪2‬‬

‫الثالثـاء ‪� 06‬إلى ‪ 12‬غ�شت ‪2019‬‬

‫ال�سياحة ب�شمال املغرب ‪:‬‬ ‫يومية جهوية وطنية ت�صدر م� ًؤقتا كل �أ�سبوع‬

‫مؤهالت غير معتنى بها‬ ‫وسياسة غير رشيدة‬

‫املوقع الإلكرتوين ‪:‬‬ ‫‪www.achamal.com‬‬ ‫ت�صدر عن مطبعة جريدة طنجة‬

‫محمد العطالتي‬

‫المدير المسؤول ‪:‬‬

‫عبد احلــق بخــات‬

‫‪atlati.mohammed@gmail.com‬‬

‫مغارات‪..‬‬

‫محمد سدحي‬

‫‪sadhimed@gmail.com‬‬

‫في ندوة االنفجار الجنسي‪..‬‬ ‫منانة «تقجّ» جمانة ! !‬ ‫عندما تجشأت الكاتبة الفرنسية سيمون دي بوفوار (وهي‬ ‫من ساللة بني فوار) عنا َء إصدار كتابها «الجنس اآلخر» سنة‬ ‫‪ ،1949‬كانت تعتقد أنها‪ ،‬بهذا العمل‪ ،‬تؤسس للحركة النَّسَوية‬ ‫في العالم‪ .‬ولم تكن تعرف تماماً «العياالت» عندنا في المغرب‬ ‫«عالش قادّات»‪...‬‬ ‫وهي التي (الفوارية أعني) ذهبت إلى أن الرجل يمارس على‬ ‫المرأة سطوة عاطفية‪ ،‬وهو من يجعلها تعاني من االضطهاد‪،‬‬ ‫ألنها قبلت بتحول الرجل من إنسان واقعي (فحال شعيبة في‬ ‫وجع التراب مث ًال) إلى رمز شبيه ب»الراي د باسطوس» في أوراق‬ ‫اللعب‪...‬‬ ‫وال أحد‪ ،‬منا‪ ،‬خبّرها بأن نسـا ًء كثيــرات‪ ،‬من بنــات جلدتنا‬ ‫المالحة‪« ،‬خْالت دار بو» عدداً من (أشباه الرجــال) حتى صاروا‬ ‫أضحوكة لدى العادي والبادي‪ ،‬وهنّ الالئي تربعن على عروش‬ ‫كثيرة ووضعن األقدام الطرية على ما ال يعد من الرؤوس الحليقة‬ ‫بموسى األيام الغادرة‪ ،‬كما جعلن‪ ،‬للحقيقة وللتاريخ الذي خانته‬ ‫الجغرافيا‪ ،‬الرجال‪ ،‬خاصة رجال المال واألعمال‪ ،‬رعايا في مملكاتهن‬ ‫السعيدة‪...‬‬ ‫وإذا ّ‬ ‫كذبتني يا سيمون‪ ،‬تعالي معي إلى فندق «بارسيلو»‬ ‫(ولد الموحديين في طنجة)‪ ،‬ألقدم لك الدليل وأعطيك العصير في‬ ‫الكأس الكبير والخير كثير‪...‬‬ ‫يا نساء بلدي الواشمات‪! ‬‬ ‫هذه جمانة‪ ،‬جمانة بنــت الحــداد‪ ،‬الكاتبــة والمترجمـــة‬ ‫والصحافية والنَّسَوية اللبنانية التي تركت القصيدة تبرد مع‬ ‫العصيدة‪ ،‬وتطايرت شظي ًة مع شظايا «االنفجار الجنسي الجندري»‬ ‫الذي ن ّفذه «االنفجاري» الخطير عبد الصمد الديالمي (أبو جندر)‪...‬‬ ‫هلل دركن‪ِّ ،‬‬ ‫علمنها كيف أن المغاربة ال ينقصهم الجنس قبل‬ ‫الزواج‪ ،‬وإنما تعوزهم المضاجع والبيوتات المغلقة في وجوه غالبية‬ ‫المواطنين‪ ،‬وخاصة الشابات والشباب منهم‪...‬‬ ‫وقلن لها‪ :‬إن لقمة العيـــش‪ ،‬في وطننا الغني‪ ،‬أعز على‬ ‫المواطنين الفقراء من لحظة حب‪...‬‬ ‫اهلل يعطيها الصحة !‬ ‫ها هي منانة خرجــت لجمانة من وسط القاعة‪ ،‬ناويـة على‬ ‫أخ الزيت ال محالة‪ ،‬تمسك المكروفون الجوال بيد وتعدل باألخرى‬ ‫«الفوالر» الذي يغطي ثالثة أرباع رأسها المرفوع‪ ..‬نحنحت‪ ،‬مهدت‪،‬‬ ‫شكرت‪ ،‬قيّمت‪ ،‬وأخيراً تكلمت وقالت‪« :‬يا بنت لبنان العزيزة !‬ ‫المغرب بلد الحُريات وال مُشكلة لديه مع المثليّين‪ ،‬أو مع من‬ ‫يُريد ممارسة الجنس خارج إطار الزواج‪ ،‬وال داعي للنظر إلى‬ ‫موضوع الجنس‪ ،‬من جهتك‪ ،‬بكل هذا التطرف وهذه السطحية‪ .‬أنا‬ ‫ألمس في طريقة تناولك لموضوع الجنس نوعاً من الهيستيريا‪،‬‬ ‫وهذا ال يقبل منك‪ ...‬قد يكون النقاش حول غشاء البكارة سخيفاً‬ ‫حسب قولك‪ ،‬ولكنني أرى أيضاً غشاوة وذراً للرماد في العيون‬ ‫الشاخصة‪ ،‬وال شيء يبدو‪ ،‬والحال هذه‪ ،‬بريئاً‪.»...‬‬

‫أفادت إحصاءات صدرت أخيرا عن المنظمة الدولية‬ ‫للسياحة‪ ،‬وهي منظمة تابعة لهيئة األمم المتحدة‪ ،‬أن‬ ‫مملكة اسبانيا تولت الرتبة األولى كأفضل وجهة في‬ ‫العالم يقصدها السواح من مختلف بقاع العالم‪ ،‬وصنفت‬ ‫اإلحصائيات ذاتها المملكة المغربية كأول وجهة سياحية‬ ‫في منطقة شمال أفريقيا‪ ،‬والثالثة في الئحة أفضل الوجهات‬ ‫السياحية بالقارة السوداء‪ ،‬بعد جمهورية جنوب أفريقيا وجزر‬ ‫موريشيوس قرب مدغشقر‪.‬‬ ‫ترتيب الوجهات السياحية‪ ،‬وفقا ألرقام المنظمة‬ ‫الدولية‪ ،‬يتم عبر دراسة سنوية لتنقالت السياح عبر العالم‬ ‫والدول التي تستأثر باهتمامهم السياحي على مدار فصول‬ ‫العام الواحد‪ ،‬وذلك قبل االطالع على المؤهالت السياحية‬ ‫المختلفة التي تتوفر عليها هذه الدول وتُعْتَبَرُ عنصر‬ ‫جذب أساسي يجعل منها وبعينها وجهة مفضلة للسياحة‬ ‫والزيارة دون غيرها من البلدان‪ ،‬والكشف عن طبيعة هذه‬ ‫المؤهالت وما إذا كانت متعلقة بجودة البنى التحتية أو‬ ‫بجمالية المشاهد الطبيعية أو بمالءمة األحوال المناخية أم‬ ‫أنها مرتبطة أيضا بالتراث الثقافي والتاريخي‪.‬‬ ‫لقد صنفت اإلحصائيات المذكورة‪ ،‬وهي إحصاءات‬ ‫بمكن القول إنها صحيحة وعلى درجة من الموضوعية‪،‬‬ ‫الدولة اإليبيرية كأول وجهة سياحية في العالم‪ ،‬وعلى‬ ‫الضفة الجنوبية للمتوسط‪ ،‬صنفت المغرب في الرتبة‬ ‫األولى على قائمة بلدان شمال أفريقيا وفي الرتبة الثالثة‬ ‫على مستوى القارة بكاملها‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫يْن‬ ‫ما الذي جعل واحدا من بلدين متوسطيين‪ ،‬مُطِل ِ‬ ‫على مضيق جبل طارق من َّ‬ ‫ضِفتَيْن ال يبعدان سوى بأميال‬ ‫معدودة‪ ،‬أول وجهة سياحية عالمية والثاني يرقد في مراتب‬ ‫متأخرة عنه بدرجات كبرى ؟ هذا هو السؤال المركزي في‬ ‫رأي المهتمين بموضوع السياحة‪.‬‬

‫سياسة غير فعالة في تدبير السياحة‪:‬‬

‫ال شــك في أن مملكتين مثل المغرب وإسبانيـــا‬ ‫تشتركان‪ ،‬على األقل من زاوية الجغرافيا‪ ،‬في كون االثنتين‬ ‫معا تنتميان لحضيرة دول حوض البحر األبيض المتوسط‪،‬‬ ‫مع امتياز مضاف للمغرب باعتباره ينتمي أيضا لقائمة‬ ‫َّ‬ ‫المُطِلة على بحر المحيط األطلسي بساحل‬ ‫البلدان‬ ‫يبلغ مداه مئات األميال‪ ،‬فضال عن تنوع المجال الطبيعي‬ ‫المسجل على الضفة المغربية‪.‬‬ ‫لكن سياسة الجارين في تدبير موضوع «السياحة»‬ ‫وضعت حدا لهذا االشتراك في الخصائص الطبيعية بشكل‬ ‫جعل البلدين يفترقان في المخرجات والنتائج‪ ،‬أولها الفرق‬ ‫المؤكد بين أعداد السائحين الوافدين على كل واحد‬ ‫منهما‪ ،‬وثانيها في رقم العائدات المحققة‪ ،‬ففي الوقت الذي‬ ‫استقطبت فيه اسبانيا‪ ،‬خالل العام الماضي‪ ،‬ما يفوق ‪80‬‬ ‫مليون سائح من مختلف بقاع العالم محققة من وراء ذلك‬ ‫عائدا يقدر بما يفوق ‪ 33‬مليار يورو‪ ،‬توقف السياح الوافدون‬ ‫على المغرب‪ ،‬خالل نفس السنة‪ ،‬عند حدود ما قيمته ‪60‬‬ ‫مليار درهم من العمالت األجنبية‪ ،‬وهذا فارق كبير بالنسبة‬ ‫لبلدين متالصقين جغرافيا‪ ،‬فارق يجب البحث في أسبابه‪،‬‬ ‫أي التساؤل بشكل أكثر وضوحا عن مدى قدرة التدبير‬ ‫الحكومي على إبداع سياسة فعالة وقابلة لالستمرارية‪،‬‬ ‫سياسة تمكن من تصحيح الفارق مع الجوار وتحقق إنعاش‬ ‫السياحة‪ ،‬باعتبارها محركا للنمو االقتصادي‪ ،‬ومالءمة‬ ‫عروضها مع الطلب الدولي و في الوقت ذاته مالءمتها مع‬ ‫خصوصيات المغرب الجغرافية‪ ،‬التاريخية والثقافية التي لم‬ ‫يتم توظيفها إلى اآلن بشكل فعال‪.‬‬ ‫إن غياب سياسة فعالة في شأن التدبير السياحي‪ ،‬أو‬ ‫ارتجاليتها في كثير من األحيان‪ ،‬أبقى مؤهالت المغرب‬ ‫السياحية المتنوعة مجرد مادة خام لم يتسن لحدود اآلن‬ ‫استغاللها بشكل مستدام‪ ،‬وهو ما اعترف به وزير السياحة‬ ‫في الحكومة المغربية حينما اعتبر «أن المغرب مدعو‬ ‫لالشتغال بشكل كبير إلبراز مؤهالته السياحية والثقافية‬ ‫والحضارية التي يزخر بها»‪.‬‬

‫عبد الإلـه املـوي�سـي‬ ‫هيئة التحرير ‪:‬‬

‫عبد اللطيف �شهبون‬ ‫زبيـدة الورياغلـي‬ ‫�أ�سامـة الزكــاري‬ ‫ر�ضوان احدادو‬ ‫هدى املجاطـي‬ ‫�أبو اخلري النا�صري‬ ‫عبد احلـي مفتـاح‬ ‫محمد �إمغــران‬ ‫م�صطفى ال�سباعي‬ ‫محمد �سدحــي‬ ‫اإلدارة واإلشهار والعالقات العامة ‪:‬‬

‫محمد طارق بخات‬ ‫اإلخراج والتصفيف‪:‬‬

‫«جريدة ال�شمال»‬ ‫عنوان التحرير والمراسالت والتسويق‬ ‫واإلشهار ‪:‬‬

‫‪ 7‬مـكـــرر‪ ،‬زنقـة عمــر بــن‬ ‫عبد العزيز ـ طنجــة ـ‬ ‫الهاتــف ‪:‬‬ ‫‪05.39.94.30.08‬‬ ‫‪06.22.45.30.67‬‬ ‫الفاكــ�س ‪:‬‬

‫‪05.39.94.57.09‬‬ ‫الربيد الإلكرتوين ‪:‬‬

‫‪info@achamal.com‬‬ ‫‪achamal2000 @gmail.com‬‬ ‫سحب من هذا العدد ‪:‬‬

‫‪� 10‬آالف ن�سخــة‬ ‫التوزيع‪:‬‬

‫�سبـريــ�س ‪Sapress‬‬

‫لو أن الشاعرة المبدعة جمانة حداد‪ ،‬ومعها الشاعرة وداد‬ ‫بنموسى مسيرة تلك الندوة‪ ،‬تركت «االنفجار الجنسي والجندري»‬ ‫ألهله من ذوي االختصاص‪ ،‬وتمادت في إمتاع الحضور بما جادت‬ ‫به القريحة من همس القوافي وعذبها ومن شعر اآلهات التي ال‬ ‫تشبه في شيء (آهات غضون الليل)‪...‬‬

‫• نلتقي !‬

‫مؤهالت غير مستثمر فيها ‪:‬‬

‫تتنوع تصنيفات السياحة‪ ،‬كما هو معروف‪ ،‬بحسب‬ ‫الغاية من ورائها‪ ،‬فإلى جانب السياحة الترفيهية‪ ،‬التي تحتل‬ ‫النسبة األكبر‪ ،‬يتجه السكان في العالم إلى تشكيل أنماط‬ ‫أخرى من السياحة تشمل البيئة والثقافة ‪ ،‬بل السياحة‬ ‫الدينية الروحية كذلك‪.‬‬ ‫السياحة البيئية ‪ :‬يتوفر المغرب على مؤهالت طبيعية‬ ‫متعددة‪ ،‬فالجنوب‪ ،‬الذي يعد امتدادا صحراويا‪ ،‬يزخر‬ ‫بمشاهد طبيعية بإمكانها أن تتحول لعنصر استقطاب‬ ‫سياحي يستهدف فئة عريضة من سياح العالم العاشقين‬ ‫للصحاري والواحات‪ ،‬الراغبين في التعرف على أنماط العيش‬ ‫في الصحراء وثقافة أهلها التي مازالت تحتفظ بخصوصيتها‬ ‫وتميزها عن باقي أنماط الحياة في المجتمعات غير‬ ‫الصحراوية‪ ،‬لكن ضعف التنظيم ونقص االستثمارات التي‬ ‫تهم البنيات الطرقية والمنشآت المينائية‪ ،‬ال زال عائقا يمنع‬ ‫انتعاش هذا الصنف من السياحة‪ ،‬ووسط البالد‪ ،‬الذي يعتبر‬ ‫مجاال جغرافيا متعدد الخصائص والسمات‪ ،‬يضم تضاريس‬ ‫منوعة وغطاء إيكولوجيا مختلفا‪ ،‬ال يستقطب إال عددا‬ ‫محدودا من السياح‪.‬‬ ‫وفي شمال البالد‪ ،‬بفضل إطاللته على ساحلين‪،‬‬ ‫متوسطي وأطلسي‪ ،‬فإن الوضع السياحي به‪ ،‬يعرف تراجعا‬ ‫ملحوظا مقارنة مع فترة السبعينات والثمانينات‪ ،‬ألسباب‬ ‫عديدة‪ ،‬إذ استمرت الدولة في الوقت الحالي على سياسة‬ ‫إغفال تسويق المنتوج السياحي البيئي الذي يتوفر عليه‬ ‫شمال المغرب‪ ،‬إذ رغم توفر المنطقة على منتزه وطني يقع‬ ‫على مساحة تبلغ أزيد من ‪ 50‬هكتارا ويضم أشكاال متنوعة‬ ‫من الحياة البرية والبحرية‪ ،‬لم تبد السلطات الحاكمة أي نية‬ ‫تخص توفير البنيات المادية والمرافق الضرورية التي من‬ ‫شأنها تشجيع استهالك المنتوج السياحي البيئي بشكل‬ ‫مستدام ومهني‪.‬‬ ‫السياحة الروحية والتراثية ‪ :‬يضم شمال المغرب‪ ،‬أو ما‬ ‫كان يعرف سابقا بــ»المنطقة الخليفية» عددا من األشكال‬ ‫التراثية للحياة‪ ،‬فقبائل الشمال الرئيسية‪ ،‬كجبالة وغمارة‬ ‫وكتامة وقبائل الريف األوسط‪ ،‬يتميز جميعها بخصائص في‬ ‫أشكال اللباس والغذاء والسكن‪ ،‬والزال معظمها يقاوم زحف‬ ‫الحداثة غير المعقلنة‪ ،‬وهذه معطيات باإلمكان دراستها‬ ‫وتوظيفها في إبداع سياسة سياحية تعتمد على الخصائص‬ ‫التراثية كمنتوج سياحي قابل للتسويق واستقطاب اهتمام‬ ‫المزيد من الزبناء ‪.‬‬ ‫كما تضم المنطقة مؤسسات تاريخية تكتسي طابعا‬ ‫دينيا‪ ،‬نظير المزارات وأضرحة أشخاص ترسخوا في ذاكرة‬ ‫الناس كــ»أولياء صالحين» ومقامات لوليات اهلل الصالحات‪،‬‬ ‫ويعتبر ضريح الولية «لال ميمونة» المنتصب فوق قمة جبل‬ ‫مطل على البحر في مدشر «إيدسوليين» البقيوي‪ ،‬واحدا‬ ‫األضرحة النسوية القليلة التي مازالت في ذاكرة الناس رغم‬ ‫مرور قرون على وفاتها‪ ،‬وتتناقل األجيال المتالحقة حكايات‬ ‫عن هذه الولية التي عرفت شدائد ال تطاق قبل أن تتحرر‬ ‫وتتفرغ للعبادة عبر ترنيمتها الفريدة» اهلل يعرف ميمونة‬ ‫وميمونة تعرف اهلل»‪.‬‬ ‫و تضم تمسمان‪ ،‬القبيلة البحرية‪ ،‬موقع انتحار الجنرال‬ ‫االسباني سلفستري بعد انهزام جيشه في موقعة أنوال‪،‬‬ ‫حيث غاب عن مدبري القطاع التفكير في تهييء الموقع‬ ‫واستقطاب السواح‪ ،‬ففي الوقت الذي مازالت فيه عائالت‬ ‫اسبانية تواظب على زيارة موقع هذه المعركة للترحم على‬ ‫أرواح الجنود اإلسبان ممن قضوا فيها‪ ،‬لم تبد السلطات‬ ‫السياسية أية نية في استثمار هذه المواقع سياحيا عبر‬ ‫تهييئها والتعريف بها كتراث وتاريخ يخص منطقة الشمال‪.‬‬ ‫إن توظيف المؤهالت الطبيعية والتاريخية بعد تثمينها‬ ‫وإعدادها للتسويق السياحي‪ ،‬يعتمد‪ ،‬في رأي المهتمين‬ ‫بموضوعات السياحة‪ ،‬على درجة كبرى من الوعي الملموس‬ ‫بالواقع الملموس من أجل االستثمار في البنيات الثقافية‬ ‫واالجتماعية والطبيعية المحلية من خالل تثمينها وتوفير‬ ‫أسباب الدعاية لها وتسويقها للعالم بمختلف مكوناته‬ ‫وأذواقه وأعراقه‪ ،‬وهو ما سيكون خطوة صحيحة لتنمية‬ ‫السياحة بكل أبعادها الثقافية والتنموية‪.‬‬

‫رئيس التحرير ‪:‬‬

‫الإيداع القانوين‪99/10 :‬‬ ‫ر‪.‬د‪.‬م‪.‬ك‪:‬‬

‫سواح في المنتزه الوطني ب «تفسنة»‬

‫ضريح لال ميمونة‬

‫‪I.S.S.N : 1114-1832‬‬


‫العدد ‪1005‬‬

‫الثالثـاء ‪� 06‬إلى ‪ 12‬غ�شت ‪2019‬‬

‫درد‬

‫دردشة‬ ‫حين يأخذنا الحديث إلى الطب واألطباء‪ ،‬والداء والدواء‪ ،‬تجدنا نتساءل عن‬ ‫الطب النفسي‪ ،‬ولِمَ ال يواكب التقدم الذي عرفه العالم في عدة مجاالت‪.‬‬ ‫وغالبا ما نخرج بنتيجة واحدة‪ ،‬هي أن األمراض العصبية والنفسية‪ ،‬لم تجد‬ ‫من يعالجها‪ ،‬أو يصف الوصفة المناسبة لها‪ ،‬بوسائل عصرنا هذا‪ ،‬وأن النفس‬ ‫عصِي ٌة على الفهم‪ ،‬ال يستطيع سبر أغوارها وفك طالسيمها‪ ،‬إال الراسخون في‬ ‫ّ‬ ‫والمتمكنون منه‪.‬‬ ‫العلم‪،‬‬ ‫فأنت إذا استنجدتَ بطبيب نفسي‪ ،‬فإنه ال يملك إال أن ينصت إليك‪ ،‬ويطيل‬ ‫اإلنصات‪ ،‬وقد تستغرق مدة اإلنصات ساعة كاملة من الزمن‪ ،‬تخرج بعدها‬ ‫بوصفة قوامها المسكنات أو المهدئات التي ستجعلك طريح الفراش‪ ،‬خامال‬ ‫خامدا‪ ،‬ال تستطيع أن تحرك ساكنا‪ ،‬أو ّ‬ ‫تسكن متحركا‪.‬‬ ‫ومع األيام‪ ،‬تصبح مدمناً لهذه األقراص المخدرة‪ ،‬فتصاب في ذاكرتك‪،‬‬ ‫وتصاب في حواسك كلها أو بعضها‪ ،‬وتؤثر العزلة‪ ،‬وتفضل البعد عن الحياة‬ ‫واألحياء‪.‬‬ ‫دليلي أو شاهدي على ما أقول‪ ،‬هذه األم التي أصيبت في ولدها‪ ،‬فلمْ تتحمل‬ ‫المصاب‪ ،‬وأخذت صحتها تسوء يوما بعد يوم‪ ،‬فلما نصحها األقرباء بزيارة طبيب‬ ‫نفسي‪ ،‬ازدادت حالتها تدهورا‪.‬‬

‫م�صطفى حجاج‬

‫‪3‬‬

‫أين قطارنا ؟‬ ‫عبد اللطيف �شهبون‬

‫‪abdelchahboun@hotmail.com‬‬

‫بذكاء وجداني مستميل يؤصل «النادي الثقافي عبد القادر‬ ‫الشمشام » بتطوان تجربته الثقافية الجهوية الفريدة ‪ ..‬وقد أشرت‬ ‫فعاليات «الصالون األدبي عبد اهلل كنون» المنبثق من هذا النادي‬ ‫على هذا المنحى بهندسة هادفة يوم السبت ‪ 27‬يوليوز ‪2019‬‬ ‫كان الجمهورالحاضر منتقى مقصورا بلفيف باحثين ونقاد‬ ‫وأدباء وفنانين وفاعلين مدنيين ومهتمين ‪..‬‬ ‫كان الجمهور يصغي بيقظة وحب لفقرات تفنن في تقديمها‬ ‫عزيزنا نور الدين مغوز ‪:‬‬ ‫• تقديم هوية وبرنامج الصالون‬ ‫• مصاحبة فنية بالعود للفنان عادل ابن حكيم‬ ‫• تكريم رمز من رموز التربية والتعليم ‪« :‬سيدي عبد السالم‬ ‫الصفار»‪.‬‬

‫شة‬

‫والعُقدة التي كان يمكن استكشافها أو الكشف عنها في الجلسات الطبية‪،‬‬ ‫التي خضعت لها‪ ،‬هي عقدة الخوف‪ ،‬الخوف من المجهول‪ ،‬الخوف من الغد‪،‬‬ ‫الخوف من قلة ذات اليد‪ ،‬الخوف من الحسد‪ ،‬الخوف من أن تمتدّ يَدُ الغدر إلى‬ ‫ابنها الثاني‪ ،‬الخوف من ال شيء‪ ،‬ومن كل شيء‪.‬‬

‫• بسط حوار حول‪ « :‬تطوان وقطارها « أحمد مغارة ‪ /‬رشيد‬ ‫األشقر‪.‬‬

‫لو وضع الطبيب يده على هذه العقدة‪ ،‬وحاول تفكيكها بما آتاه اهلل من‬ ‫حكمة وفصل الخطاب‪ ،‬لما وصلت المسكينة إلى ما وصلت إليه‪.‬‬

‫• أداء الفنانة سلوى الشودري لنص ‪ « :‬سني يا أهلل» للشاعرة‬ ‫العزيزة الشمشام‪.‬‬

‫وأعود فأقول‪ :‬إننا نخرج من هذه الدردشات بحصيلة واحدة‪ ،‬هي أن الطب‬ ‫النفسي لم يواكب التطور الهائل الذي عرفه العالم في ميدان التسلح‪ ،‬أو في‬ ‫وسائل االتصال والمواصالت‪ ،‬أو في ميادين أخرى‪.‬‬ ‫وأنا هنا ال أتحامل على هذا التخصُّص أو أتهم المتخصصين فيه ‪ -‬كان اهلل‬ ‫في عونهم‪ -‬بالتقصير‪ ،‬وإنما أتطلع إلى المستقبل القريب‪ ،‬ع ّله يأتينا بالجديد‪،‬‬ ‫لتسليط الضوء على هذه البقعة العميقة الغور من نفوسنا‪ ،‬واستخراج أسرارها‬ ‫ومكنوناتها‪.‬‬ ‫وما هذا على همم أطبائنا بعزيز‪.‬‬

‫�إ�صدار روائي جديد‬

‫• عرض بيانات تأصيلية حول ‪« :‬عيد الكتاب بتطوان»‬ ‫رضوان احدادو ‪ /‬عبد اللطيف شهبون‪.‬‬ ‫• انشاد شعري ‪ :‬سعيد يفلح العمراني ‪ /‬فاطمة الزهراء بنيس‬ ‫‪ /‬العزيزة الشمشام ‪ /‬عبد اللطيف شهبون‪.‬‬ ‫شعرت بسعادة كبرى وأنا أشارك في برنامج الصالون المذكور‪،‬‬ ‫وال أخفي استفادتي من حوار األستاذ رشيد األشقرالذي تميز بقراءة‬ ‫نقدية موجهة لظاهرة قطار تطوان ـ وقد أصبح هذا القطار في خبر‬ ‫كان وأخواتها ـ للباحث المتميز األديب أحمد مغارة ؛ ابن المرحوم‬ ‫األمين القيم محمد مغارة ‪.‬‬ ‫كتاب «تطوان وقطارها ‪ 1918‬ـ ‪ »2018‬يقع في خمس وثالثين‬ ‫صفحة‪ ،‬تحتوي على ‪:‬‬ ‫• تقديم عام لتطوان سنة ‪1918‬‬ ‫• تطوان وقطارها ‪ :‬بداية وامتدادا‬ ‫• المسافات الكيلومترية بين محطة تطوان حتى آخر محطة‬ ‫بميناء سبتة‬ ‫• ملحق صور لمجموع المحطات‬ ‫• شذرة بيوغرافية للباحث أحمد مغارة‪.‬‬ ‫كتاب السي أحمد مغارة يؤرخ ويوثق لمعلمة حضارية كبرى‬ ‫من تركة االحتالل اإلسباني‪..‬‬ ‫كان حريا بالمسؤولين بعد االستقالل السياسي االهتمام بها‬ ‫إما ‪ :‬بالسعي إلى تطويرها ودمجها في النسق االقتصادي‬ ‫تصنيفها وترتيبها ضمن مكونات الرأسمال الالمادي ‪..‬‬ ‫لكن ما حصل بالفعل والقوة هو االجهاز عليها بمنطق « فائق‬ ‫السرعة»‪..‬‬ ‫االحتالل اإلسباني لتطوان يا سادة ‪:‬‬ ‫ترك قطارا‪ ،‬وملعــب كرة‪ ،‬ومـدارس‪ ،‬ومتاحـف‪ ،‬وحدائــق‪،‬‬ ‫ومؤسسات ثقافيــة واقتصادية‪ ،‬ومحطة طرقــية‪ ،‬ودور سينما‪،‬‬ ‫وأسواقا‪ ،‬ونظام معيش‪..‬‬ ‫حظينا ـ وهلل الحمد ـ بنعمة الحرية واالستقالل‪ ،‬لكننا حرمنا‬ ‫من فرص استثمار ما يمكن أن يربطنــا بالحداثــة ويبعدنــا عن‬ ‫منزلقات الفساد والريع وشراء الضمائر‪..‬‬ ‫ساكنة تطوان ومعها ساكنة الشمال‪ ،‬تتساءل ‪ :‬أين قطارنا ؟‬

‫يواصل الدكتور محمد الحافظ الروسي مسيره األدبي بهذا اإلصدار الروائي الجديد «نفطستان»‪.‬‬

‫بدهي أن هذا السؤال ونظائره ال يمكن أن يحمل همه من‬ ‫أفسده ريـع‪ ،‬أو رضع لبنـه في مؤسسات‪ ..‬وفي تنظيمات حزبية‬ ‫ونقابية وحقوقية لم أمرها خافيا ‪..‬‬

‫‪ ‬الدكتور محمد الحافظ الروسي أستاذ جامعي‪ ،‬شاعر أصيل‪ ،‬ناقد حصيف وسارد متقن ماهر‪ ،‬وهذا‬ ‫العمل يؤشر على تنوع عطائه األدبي بنفس جديد‪.‬‬

‫ما السبيل لجعل حد لكل أنمـاط التدمير المنهجي لحضارة‬ ‫الشمال ؟‬

‫‪ ‬صدرت «نفطستان» عن دار األمان بالرباط في طبعة ذات جودة وأناقة‪.‬‬

‫أين قطارنا ؟‬


‫الشمال الفني‬ ‫‪4‬‬

‫إشراف الفنان يوسف سعدون‬

‫العدد ‪ 1005‬ـ الثالثاء ‪ 06‬إلى ‪ 12‬غشت ‪2019‬‬

‫املمثل ال�سينمائي‬

‫محمد بوصبع‬

‫• السي محمد كيف تمت أول مـرة عملية‬ ‫التقائك بالسينما كفنان؟‬

‫••• طبعا كانت االنطالقة من ‪ 2011‬مع الفيلم‬ ‫الطويل حياة اآلخرين لمخرجته بوشرى بلواد الذي‬ ‫كانت لي أول تجربة سينمائية نالت إعجاب المتتبعين‬ ‫بعد عرضه ما قبل األول في مسرح محمد الخامس‬ ‫بالرباط واألجمل من ذلك نلت إعجاب المشاهدين‬ ‫للفيلم بعد عرضه في المسابقة الرسمية في المهرجان‬ ‫الوطني للفيلم بطنجة وخصوصا من بعض المخرجين‬ ‫الذين هنؤوني كحسن بنجلون ونبيل لحلو وكذلك‬ ‫بعض النقاد منهم األستاذ عمر بلخمّار الذي قال لي‬ ‫بهذه العبارة ‪« :‬فاين كنتِ مخبع؟ نحن محتاجون‬ ‫لوجوه مثلك» فأخذتها كشهادات اعتز بها دائما‪.‬‬

‫لكن الفضل في كل هذا راجع لألستاذة والفنانة‬ ‫والسيناريست وكاتبة كلمــات والطبيبــة النفسانية‬ ‫الصديقة سميــة عبد العزيز هي اول من اكتشفني‬ ‫ودفعتني للميدان‪ .‬والصدفة الجميلة هي مشاركتي‬ ‫المتواضعة في سلسلة دارت ليام إلبراهيم الشكيري‬ ‫وحكيم القباب التي كانت تبث على قناة ميدي‪ 1‬تيفي‬ ‫والتي كانت من قصة األستاذة سمية عبدالعزيز ولم‬ ‫يكن أحد منا يعلم‪.‬‬ ‫• ما هو الفيلم الذي تجده أقرب إلى نفسك؟‬

‫••• الفيلــم الذي أجــده قريبا إلى نفســي هو‬ ‫كيليكيس دوار البوم لمخرجه األستاذ عز العرب‬ ‫العلوي لمحارزي والذي شخصت فيه دور الكولونيل‬ ‫بمساحة البأس بها لكن بظهور أبهر المشاهدين في‬ ‫جميع مناسبات عرضه الشيء الذي جعل بعض النقاد‬ ‫الذين تابعوا العرض سواء في ما قبل األول بالرباط‬ ‫وخصيصا في المهرجـان الوطنـي للفيلم بطنجـــة‬ ‫يصفونني بالمفاجأة السارة التي ذكرتهم بالملك‬ ‫الراحل الحسن الثاني مما يدل على مدى إتقان الدور‬ ‫كما أراده المخرج‪ .‬هذا الفيلم ألقى استحسانا لدى‬ ‫النقا‪ v‬عبر العالم لجدية موضوعه ولمصداقية ابطاله‬ ‫فهو قد ترشح واختير في مهرجانات عالمية للمشاركة‬ ‫الرسمية وجب علينا ذكرها وهي كالتالي ‪ :‬الجزائر‬ ‫ومصر وفرنسا وإسبانية وإطاليا وأمريكا وإنجلترا‬ ‫والبنغالديش وسويسرا والهند والنمسا والبوركينا‬ ‫فاصو وروندا وكندا ومهرجان أمنيستي بفرنسا‬ ‫ومهرجان سانت ديكو بكاليفورنيا ومهرجان جنيف‬ ‫الدولي للفيلم الشرقي وال زال لحد اآلن لم يعرض في‬ ‫القاعات السينمائية المغربية وأنا واثق من انه سيلقى‬ ‫استحسانا لدى الجمهور المتعطش لمثل هذه األفالم‪.‬‬

‫هذا فيما يخص األفالم السينمائية‪ ،‬لكن لن‬ ‫أنسى فضل األفالم التلفزية على تعريفي لدى الجمهور‬ ‫المغربي داخل وخارج الوطن‪ .‬وهنا أذكر أول عمل لي‬ ‫في فيلم تلفزي وهو للمخرج ابراهيم الشكيري بعنوان‬ ‫لمحبة الزايدة‪-‬نال إعجاب الجمهور الذي اكتشفني‬‫وبسببه فقدت ‪ .l’anonymat‬جاء من بعده الفيلم‬ ‫التلفزي لمخرجه عبد الحي العراقي بعنوان ‪ -‬حبائل‬ ‫العنكبوت‪ -‬والذي زادني حبا من جمهور شاسع من كل‬ ‫المستويات‪ ،‬ومما يثلج صدري هي تلك العينة المثقفة‬ ‫كأساتذة جامعيين‪ ،‬كتاب‪ ،‬شعراء يعتبرون أدواري لها‬ ‫قيمتها المضافة فنيا ويسألونني عن الجديد وهذا‬ ‫جميل ومشجع ‪.‬‬

‫• ما هو األمر الطريف الذي يطبع عالقتك‬ ‫بالسينما؟‬ ‫••• من بين الطرائف‪ ،‬كنا بصدد تصوير فيلم‬ ‫قصير مع المخرج الشاب علوان منير ‪ :‬في مشهد‬ ‫البني وهو يمتطي عربة يجرها حصان أبيض‬ ‫وصاحبها يرتدي مالبس قديمة ثم أوقفنا التصوير‬ ‫من أجل تناول وجبة الغأاء‪ .‬ولما عدنا إلتمام المشهد‬ ‫وإذا بصاحب العربة رجع إلى البالطو وهو قد غير كل‬ ‫شيء من مظهره بعدما ذهب إلى الحمام وحلق رأسه‬ ‫ولحيته وارتدى مالبس جديدة بل غير حتى الحصان‬ ‫والعربة ظانا أنه في التصوير السابق لم يكن على‬ ‫استعداد عندما طلب منه المشاركة في العمل‪ .‬وهنا‬ ‫طرح مشكل الرّاكور!‬ ‫• ما طبيعة عالقتك بالمخرج أثناء العمل؟‬ ‫••• طبيعة عالقتي بالمخــرج أثنــاء العمل هي‬ ‫طبيعة التلميذ باألستاذ‪ ،‬فأنا أحرص على أن ال أتدخل‬ ‫في تعليمات المخرج وأطبق حرفيا ما يريده في إدارة‬ ‫الممثل إ ّال إذا طلب مني ان أدلي برأيي أو أن أرتجل أو‬ ‫أن أتصرف بحريتي في دوري‪ ،‬وعلى العموم إذا اقتنعت‬ ‫بالدور أو إذا كان قد نودي علي بقناعة من المخرج‬ ‫فاألجواء البد أن تمر بمهنية عالية وبتفاهم تام وهذا‬ ‫هو المطلوب‪.‬‬ ‫• ما هو تقييمك للسينما المغربية اآلن؟‬ ‫هل نتكلم عن الكم أو الكيف؟ فالكل على علم بما‬ ‫يجري في بالدنا في هذا المجال‪ .‬وباختصار شاد‪ ،‬ما‬ ‫زالت أفالمنا تتخبط في ما هو حالل أو حرام‪ ،‬وما زالت‬ ‫تخضع لخطوط حمراء تفرض على سينمائييننا الرقابة‬ ‫الذاتية لن نطمح أبدا إلى العالمية وستبقى أفالمنا‬

‫تنتج من أجل المشاركة في المهرجانات والبعض منها‬ ‫لن يعرض إال في ما تبقى حاليا من القاعات المغربية‪.‬‬ ‫ثم السؤال الذي يطرح نفسه‪ ،‬بغض النظر عن هذه‬ ‫المعيقات‪ ،‬هل أفالمنا سبق لها أن أنتجت نجوم‬ ‫عالميين؟ لألسف حتى ما لدينا من نجوم ال تسند لها‬ ‫في األفالم األجنبية إذا صورت في المغرب إال أدوار‬ ‫تكاد تمر دون إثارة االنتباه بالنسبة للممثل المغربي‬ ‫أو نادرا‪ .‬إذن من المسؤول ؟‬ ‫• ما رأيـك في مـا يجــري في التلفزيـون‬ ‫المغربي فنيا؟‬ ‫••• ما يجري في التلفزيون المغربي فنيا بالنسبة‬ ‫للمنتوج الدرامي يقع له ما يقع لألفالم السينمائية‬ ‫معمولة للمستهلك الداخلي ليس إ ّال‪ .‬وبهذا الشكل‬ ‫لن نصدر اعمالنا لقنوات أجنبية حتى ولو كانت‬ ‫عربية‪ .‬ولهذا رأيي لن يكون مختلفا عن آراء كل‬ ‫المشاهدين‪ .‬فانا اقدر كل المجهودات التي يقوم بها‬ ‫كل الطاقم التقني والفني وخصوصا الممثلين الذين‬ ‫يتحملون عبء كل ما يتطلبه أداء الدور‪ .‬طبعا لقمة‬ ‫العيش تفرض كثرة الظهور لبعض الوجوه المحترمة‬ ‫والتي استهلكت في أعمال كثيرة إن لم نقل في كل‬ ‫األعمال بل حتى في اإلشهار وهذا قد يسبب في عزوف‬ ‫المشاهد لكن لكل له عذره وظروفه‪.‬‬ ‫كيف تنظر إلى النقـد السينمائي؟‬ ‫رأيي في النقد السنمائي‪ ،‬أنا لست مؤهال ليكون‬ ‫عندي رأي في النقد السينمائي المغربي‪ ،‬فالناقد‬ ‫له ما يكفي من المؤهالت ليكون كذلك‪ ،‬فهو يرى‬ ‫العمل من كل الجوانب وقد تكون لديه مقاييس أنا‬ ‫ال أعرفها‪ .‬لكن من خالل تطلعاتي لبعض اآلراء لدينا‬ ‫نقاد في المستوى غالبا ما يفقدون صديقاً أو صديقة‬ ‫عندما يتجرؤون بكل موضوعية على نقد عمل ما من‬ ‫أعماله حتى ولو كان النقد بناءاً وهم قليلون مع العلم‬ ‫أن بعض تدخالتهم في حوارات عبر الصحافة المرئية‬ ‫أو الورقية أو اإلذاعية يجب قراءتها بين السطور حفاظا‬ ‫على العالقات الشخصية التي قد تربطه بصاحب‬ ‫العمل‪ .‬فبالمقابل‪ ،‬وهذا يزعجني‪ ،‬عندما يكون النقد‬ ‫من أجل الضرب تحت الحزام لغرض في نفس يعقوب‬ ‫قد يؤدي ذالك إلى كالشات ال تنتهي وتسيء إلى‬

‫حو‬ ‫ا‬ ‫ر‬ ‫مع‬

‫فـ‬ ‫ن‬ ‫ـ‬ ‫ا‬ ‫ن‬

‫العمل عن قصد ال لشيء إال لحسابات شخصية‪ .‬وبعيدا‬ ‫عن كل هذا وذاك‪ ،‬فيجب قبل كل أن تكون هنا مادة‬ ‫قابلة للنقد‪ .‬زمان كانت اإلنتاجات قليلة ونقاد كثر‬ ‫واآلن اإلنتاجات كثرت نسبيا بمعدل عشرين فيلما‬ ‫سنويا والنقاد قليلون هذا إذا ما تكلمنا عن السينما‪.‬‬

‫• ما العمل الفني الذي يتمنى أن ينجزه محمد‬ ‫بوصبع ولم ينجزه لحد اآلن؟‬

‫••• طبعا تبقــى األفــالم الطويلة أو القصيـــرة‬ ‫محصورة في جمهورها الخاص وعددهم محدود‪.‬‬ ‫لكن التلفزة تلعب دورا كبيرا في إبراز الممثلين هنا‬ ‫أذكر أول المخرجين الذي وثق بي وهو السي ابراهيم‬ ‫الشكيري وأكثر أعمالي كانت معه كمسلسل دارت ليام‬ ‫الذي كانت تبثه القناة ميدي‪1‬تيفي‪ ،‬ثم مسلسل أربعة‬ ‫من الربعين ثم مسلسل حديدان في كيليز ثم فيلم‬ ‫تلفزي لمحبة الزايدة ثم أخيرا فيلم سينمائي سعيدة‬ ‫ومسعود وسعدون الذي ال زال حاليا في القاعات‬ ‫المغربية‪ .‬تعاملت كذلك مع مخرجين آخرين منهم‬ ‫عادل الفاضلي ويونس الركــاب في مسلسل شيـــب‬ ‫وشباب‪ ،‬ثم مع المخرجة زكية الطاهري في مسلسل‬ ‫نعام أالال ثم مع المخرج ياسين فنان في مسلسل‬ ‫حياتي الخ‪.‬‬ ‫أما سينمائيا‪ ،‬فقد عملــت مع المخــرج ادريس‬ ‫اشويكة في فيلم فداء ومع محمد اسماعيل في فيلم‬ ‫إحباط مع محمد عهد بنسودة في فيلم البحث عن‬ ‫السلطة المفقودة ثم مع عزالعرب العلوي لمحارزي‬ ‫في فيلم كيليكيس دوار البوم‪ .‬هذا بالنسبة لألفالم‬ ‫الطويلة‪.‬‬ ‫أما بالنسبة لألفالم القصيرة فبدأت مع المخرج‬ ‫محمد كومان في فيلم الطفـل والخبـــز وفي دوار‬ ‫السوليما ألسماء المدير والمفاجأة لعلوان منير‬ ‫والمسرحية لخالد الضواش الخ‪...‬‬ ‫و من آخر أعمالي‪ ،‬اشتغلت مع المخرج عبدالسالم‬ ‫الكالعي في مسلسل عين الحق الذي بث أخيرا ويعاد‬ ‫بثه حاليا على القناة الثانية ‪ 2M‬ثم آخر آخر أعمالي‬ ‫مشاركة متواضعة في فيلم تلفزي ‪-‬قلبي بغاه‪ -‬للمخرج‬ ‫هشام الجباري والذي سوف يبث على القناة الثانية في‬ ‫هذا رمضان‪.‬‬


‫الشمال الفني‬

‫العدد ‪1005‬‬

‫الفنانة سكينة فحصي‬ ‫تؤدي بشكل مذهل أغنية «خربوشة»‬

‫كالوديو برافو‬ ‫كاموس المغربي‬

‫انتشر مؤخرا في وسائط التواصــل االجتماعي شريط‬ ‫فيديو تؤدي فيه الفنانة الشابة سكينــة فحصي األغنيــة‬ ‫التراثية الشهيرة لـ «خربوشة» المعروفـة بصراعهــا مع‬ ‫القايــد عيـسى بن عمر‪ ،‬رفقة فريق موسيقي مكون من‬ ‫مجموعة من الشباب الماهرين في أداءاتهم الموسيقية‪.‬‬ ‫وقد تم تلقي األغنية باستحسان كبير من قبل مختلف‬ ‫الشرائح المهتمة بالفن الراقي‪.‬‬ ‫ً‬ ‫وتتميز سكينة فحصي بصوت مثيـر جدا يتوفر على‬ ‫إمكانيات عالية جداً على مستويــات المقامـات‪ ،‬تشتغــل‬ ‫به على إعادة إنتـــاج أنماط ثقافية من األغاني المغربيــة‬ ‫العريقة‪ .‬وتجب اإلشــارة إلى أن سكينة فحصي باإلضافة‬ ‫إلى تألقها في برنامج «‪ ،»Arab Got Talent‬فهي كفاءة‬ ‫أكاديمية تهيئ أطروحة دكتوراه في البيولوجية‪.‬‬

‫• يوسف سعدون‬ ‫أن يقترن إسم مدينة مغربية بإسم مبدع عالمي اختار المكوث بها‬ ‫واالندماج بمحيطها‪ ،‬ظاهرة تتكرر عندنا باستمرار‪ ،‬لكن حالة كالوديو‬ ‫برافو كاموس مغايرة واستثنائية‪ ،‬فعالقة الرجل بمدينة تارودانت‬ ‫تجاوزت ذلك االرتباط المبني على االنبهار بالمجال‪ ،‬وتحولت إلى عالقة‬ ‫صوفية سكن من خاللها المكان كالوديو فوهبها حياته وكل تراثه‬ ‫الفني‪،‬‬

‫ذاكرة فيلم‬

‫راشومون‬ ‫• محمد عابد‬

‫بطاقة تقنية ‪:‬‬ ‫إنتاج سنة ‪1950 :‬‬ ‫البلد ‪ :‬اليابان‬ ‫سيناريو ‪ :‬شينوهـــا شيموتــو و أكيـــرا‬ ‫كوروساوا‬ ‫عن قصص كتبها ‪ :‬ريوتو سوكي ألوتاجاوا‬ ‫موسيقى ‪ :‬فوميو هاياساكا‬ ‫تصوير ‪ :‬كازوو مياجاوا دايي‬ ‫تشخيص ‪ :‬تيشوري ميفوني – ماشيكو كيو‬ ‫– ناسايوكي موري –تاكاشي شيمورا‬ ‫إخراج ‪ :‬أكيرا كوروساوا‬ ‫مدة العرض ‪ 83 :‬دقيقة‬ ‫‪---------‬‬‫عندما فاز فيلم راشومون بالجائزة األولى‬ ‫في مهرجان فينيسيا السينمائي عام ‪،1951‬‬ ‫وبعدها حصل على جائزة أوسكار أفضل فيلم‬ ‫أجنبي‪ ،‬سلطت الصحافة العالمية األضواء على‬ ‫الفيلم ومخرجه‪ ،‬وكتــب النقــاد السينمائيون‬ ‫عن الفيلم واعتبروه فيلما يتمتع بفرادة نادرة‪.‬‬ ‫كانت هذه اللحظة من التتويج مدخال للسينما‬ ‫اليابانية واكتشافا من طرف المهتمين بالحقل‬ ‫السينمائي من الغربيين ‪.‬‬ ‫قصة الفيلم مبنية على حدث جريمة وقعت‬ ‫بغابة‪ ،‬فأحد النبالء وجد مقتوال وزوجته تعرضت‬ ‫لالغتصاب‪ ،‬ووجهت التهمة ألحد قطاع الطرق ‪.‬‬ ‫الشاهد الوحيد على هـــذه الجـــريمــة‪،‬‬ ‫وبمحض الصدفة‪ ،‬هو أحد الحطابين‪ .‬وانطالقا‬ ‫من هذا الحدث يسافر بنا المخرج وهو يسترجع‬ ‫أربع روايات للحادثـــة‪ ،‬كل رواية تختــلف عن‬ ‫األخرى‪.‬‬ ‫اعتمد اكيرا كوروساوا في هذا الشريط‬ ‫على مواقع تاريخية لتصوير بعض المشاهد‪،‬‬ ‫مظهرا براعته الفنية في سرد وقائع الجريمة‬ ‫الغامضة التي ترجمها عبر اعتماده على تأللؤ‬ ‫أشعة الشمس عبر األشجار في غموض يشبه‬ ‫غموض القضية‪ ،‬معتمدا أيضا على الموسيقى‬ ‫لتعميق اإلحساس بالحيرة والسؤال عن الحقيقة‪.‬‬ ‫مشهد النبيل الميت وهو يدلي بشهادته‬ ‫عن طريق طبيب نفسي‪ ،‬من أغرب المشاهد‬ ‫سريالية‪ ،‬وكأن الحقيقة‪ ،‬لفهمها‪ ،‬وجب تشريح‬ ‫الذات‪ ،‬هكذا يضعنا المخرج أمام مجموعة من‬ ‫المفاهيم المعقدة لفهم الذات البشرية وفهم‬ ‫الحقيقة كمعطى صعب المنال ‪.‬‬

‫الثالثـاء ‪� 06‬إلى ‪ 12‬غ�شت ‪2019‬‬

‫‪5‬‬

‫اجتمعت مجموعة من العوامل والشروط‬ ‫الفنية لتجعل من هذا الفيلم فيلما ناجحا‬ ‫ومثيرا‪ .‬فباإلضافة للموسيقى والديكور‪ ،‬فإن‬ ‫الممثلين ساهموا بقسط كبير في جعل أجواء‬ ‫الفيلم تحبس األنفاس‪ ،‬وذلك عبر أدائهم الذي‬ ‫عمق بشكل مكثف التوتر ‪.‬‬ ‫التوتر واإلحساس بالخطر‪ ،‬تجلى في دور‬ ‫قاطع الطريق الذي لعبه الممثل البارع توشيرو‬ ‫ميفوني الذي بأدائه المبهر جعل المتلقي يشعر‬ ‫بالتهديد الجسدي‪ ،‬وبالحيوان الذي يوجد‬ ‫داخل اإلنسان‪ ،‬كما أن الممثلة ماشيكو كيو‬ ‫التي لعبت دور الزوجة المغتصبة‪ ،‬الزوجة التي‬ ‫تخفي أشياء كثيرة داخل شخصيتها والغامضة‬

‫كغموض الجريمة والمتنكرة في الحشمة‪ ،‬رغم‬ ‫أن شيئا من الفسق يحتل شخصيتها ‪.‬‬ ‫ونحن نتتبع الفيلم‪ ،‬النعثر على أثر‬ ‫للحقيقة‪ ،‬الغموض هو سيد األجواء‪ ،‬بل إن‬ ‫الفيلم زاد من تعميق الغموض وفتح كوة ضوء‬ ‫صغيرة لتتسلل منها بعض من الحقيقة‪.‬‬ ‫أكيرا كوروساوا مولع بالذهاب إلى الحدود‬ ‫القصوى لألسئلة‪ ،‬والغوص في األنا والمعاناة‬ ‫وتحويل المأساة إلى مهزلة ‪ ،‬فالهدف في نظره‬ ‫ليس البحث عن حقيقة الجريمة‪ ،‬وإنما البحث‬ ‫عن مفتاح كل شخصية وميولها نحو اإلنحراف‬ ‫الذي هو جزء من النفس اإلنسانية‪ ،‬أو الجزء‬ ‫المعقد من ذواتنا ‪.‬‬

‫وهذا الفنان التشكيلي المعروف بأسلوبه التقني الشديد الواقعية‬ ‫رغم كونه يؤطر تجربته في االتجاه السريالي‪،‬و القادم من دولة الشيلي‪،‬‬ ‫اختار المغرب كموطن لإلبداع بعد رحلة بحث عن ذاته الفنية في مناطق‬ ‫عديدة أهمها مدريد‪،‬ومسار فني حافل عبر العالم‪ ..‬حل بطنجة‪ ‬سنة‬ ‫‪ ،1972‬ثم انتقل إلى مدينة تارودانت التي عشقها عشقا جنونيا فشيد‬ ‫بها قصرا جميال يعتبر تحفة معمارية أصيلة راعى فيها كل خصائص‬ ‫معمار الجنوب المغربي‪،‬وجعل من هذا القصر فضاءا لالستقرار واإلبداع‬ ‫الفني‪.‬‬ ‫مدينة تارودانت بالنسبة لكالوديو لم تكن محطة لإللهام واإلبداع‬ ‫فقط‪،‬بل ارتبط بها وجدانيا بشكل كبير‪،‬لم يكن يعتبر نفسه عابرا‪ ،‬بل‬ ‫واحدا من سكان المدينة التي كبرت مع األيام غيرته عليها‪،‬فساهم في‬ ‫تطورها من خالل مجموعة من المبادرات التي الزالت الساكنة تذكرها‪..‬‬ ‫منها أنه عمل على إنشاء جناح «الدياليز» بمستشفى المختار السوسي‬ ‫وتصميم وبناء ساحة ‪ 20‬غشت‪ ‬وبناء مدرسة تعليمية وترميم الصور‬ ‫التاريخي‪،‬ويبقى القصر الرائع الذي تركه والذي جعل منه إقامة ومتحفا‬ ‫جمع فيه مجموعة من التحف الفنية التي كان يبدعها أو يقتنيها من‬ ‫بقاع العالم أو من مناطق المغرب خصوصا جهة تارودانت‪ ،‬معلمة‬ ‫باذخة تستقطب كبار المثقفين والسياسيين والفنانين على المستوى‬ ‫العالمي‪ ..‬وبعد رحيله المفاجئ سنة ‪ 2011‬إثر نوبة قلبية‪ ،‬الزال‬ ‫حلم كالوديو برافو كاموس مجسدا ومحفوظا عبر تراثه الفني وكذا‬ ‫تراث المنطقة من خالل‪ ‬كنوز هذا القصر‪/‬المتحف‪ ،‬ومن حسن حظ‬ ‫تارودانت أن هذا اإلرث النفيس بقي في أيادي أمينة تصونه وتعمل‬ ‫على تطويره‪،‬على عكس ما وقع لبعض فنانينا الذين بمجرد وفاتهم بدأ‬ ‫التهافت على تقسيم تركتهم‪ ‬الفنية بجشع وصل بعضه للمحاكم‪،‬وكان‪ ‬‬ ‫من األجدر أن تصان تلك التركة عبر مؤسسة‪ ‬من أجل حفظ الذاكرة‬ ‫الفنية كما كان الحال ‪ -‬من حسن الحظ ‪ -‬بالنسبة لمؤسسة المرحوم‬ ‫فريد بلكاهية‪..‬‬ ‫ذكرتني مبادرة كالوديو برافو بتارودانت بالفنان الكبير سالفادور‬ ‫دالي الذي تحول منزله‪ -‬والذي كان في نفس الوقت مرسمه‪ -‬بمدينة‬ ‫صغيرة ساحرة هي كاداكيس بشمال إسبانيا بعد رحيله لملك عمومي‬ ‫ومزار عالمي أعطى إشعاعا كبيرا للمدينة على المستوى العالمي‪ .‬وأظن‬ ‫أن تارودانت بإمكانها أن تقتدي بكاداكيس و توظف إسم كالوديو برافو‬ ‫كاموس وإرثه بالمدينة من أجل الترويج الثقافي والسياحي‪ ،‬وسوف لن‬ ‫يتحقق لها ذلك إال بتضافر جهود كل الجهات‪ ..‬وأظن أن الخطوات من‬ ‫أجل هذه الغاية قد بدأت مع الجمعية المحمدية للفنون التشكيلية‬ ‫التي جعلت من إسمه وتراثه عناوين رئيسية لكل تظاهراتها الفنية‪.‬‬ ‫والرهان يبقى كبيراعلى نجاح هذه التجربة لكي تلفت نظر مسؤولينا‬ ‫على الشأن الثقافي والسياحي لتوظيف رموزنا الفنية والثقافية‪ ‬للترويج‬ ‫السياحي والثقافي خدمة للتنمية المنشودة‪ ،‬والرهان يبقى على تغيير‬ ‫األسلوب المعتمد وتوظيف الكثير من القامات الفنية والثقافية الكبيرة‬ ‫لكي تكون مفاتيح للتنمية عبر توظيفها في الترويج السياحي بعقلية‬ ‫جديدة تتجاوز المألوف الذي يختزل‪ ‬صورة المغرب في تراث فولكلوري‬ ‫أو جمال الطبيعة‪.‬‬


‫‪6‬‬

‫الثالثـاء ‪� 06‬إلى ‪ 12‬غ�شت ‪2019‬‬

‫العدد ‪1005‬‬

‫مجتمع ـ سياسة ـ حقوق‬ ‫فكري ولد علي‬

‫(مراسل من الحسيمة)‬

‫‪Fikri.press@gmail.com‬‬ ‫‪Tél 0661986707‬‬

‫مبنا�سبة عيد العر�ش‬ ‫الشواطئ والسياحة بـ«تمودةباي»‬ ‫عامل الحسيمة يعطي انطالقة أشغال بناء مركز تعرف رواجاً وإقبا ًال كبيرين‪..‬‬ ‫لكن ال تأتي بالصدفة‬ ‫للخدمات والتجارة اإللكترونية‬

‫بمناسبة االحتفـــال بالذكــرى العشـــريــن‬ ‫لتربع صاحـب الجاللـــة الملــك محمد السادس‬ ‫نصره اهلل وأيده على عرش أسالفه الميامن‪ ،‬وفي‬ ‫إطــار الجهــود الراميــة إلى النهــوض بالنسيج‬ ‫االقتصادي وخلق مناصب الشغــل باإلقليم‪ ،‬أشرف‬ ‫عامل إقليــم الحسيمة‪ ،‬يوم اإلثنين الماضي على‬ ‫إعطــاء انطالقة أشغال بناء مركز لألعمال بمدينة‬ ‫الحسيمة‪.‬‬ ‫السيد العامل استمع إلى الشروحات التي‬ ‫قدمها الرئيس المدير العام للشركـــة الرائدة‬ ‫(‪ ،)MYOPLA‬حـــول مكـــونــات وخصائــص‬ ‫المشروع الجديد الذي يشمل بنـــاء مركــز لألعمال‬ ‫‪ Business Center‬علــى مساحــة ‪ 1070‬م‪2‬‬ ‫وبمجموع مساحة مغطــاة تصل إلى ‪ 2950‬م‪2‬‬ ‫بتكلفة إجمالية تفوق ‪ 15‬مليون درهم‪.‬‬ ‫ويندرج هذا المشروع في إطار المجهودات‬ ‫التي تبذلها السلطات بإقليم الحسيمــة الستقطاب‬ ‫المستتمرين للتخفيف من أزمة البطالة وخلق فرص‬ ‫الشغل للشباب باإلقليم وسيمكن مركز األعمال هدا‬ ‫مع نهاية األشغال (يونيو ‪ )2020‬من خلق أزيد من‬ ‫‪ 250‬منصب شغل قار ومباشر في مجال الخدمات‬

‫عن بعد‪ ،‬كما سيوفر منصة مجهزة مخصصة‬ ‫الحتضان مكاتب ومقرات لعدد من المقاوالت‬ ‫الخدماتية‪ ،‬كما يتضمن هذا المشروع النموذجي‬

‫إنشاء أكاديمية للتكوين في مجال مهن ترحيل‬ ‫الخدمات ستمكن شباب اإلقليم من تكوين عال في‬ ‫مجال اللغات وتقنيات التواصل‪.‬‬

‫مكتب الكهرباء والماء يقود مشاريع طموحة‬ ‫ويراهن على مواصلة تطوير مشاريع الطاقة‬ ‫النظيفة للفترة ما بين ‪2023-2019‬‬ ‫أعلن المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح‬ ‫للشرب‪ ،‬عن تدشين مرحلة جديدة ببرنامج استثماري‬ ‫للفترة ‪ ،2023-2019‬انطالقا من خارطة طريق‬ ‫لتحسين المردودية وإصالح المكتب وفق الرؤية‬ ‫االستراتيجية في أفق ‪.2030‬‬ ‫وذكر بيان للمكتب توصلت جريدة “نفس”‬ ‫بنسخة منه‪ ،‬أن اجتماع الدورة الثالثة للمجلس‬ ‫اإلداري للمكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح‬ ‫للشرب المنعقد بتاريخ ‪ 10‬يوليوز ‪ 2019‬بالرباط‪،‬‬ ‫برئاسة رئيس الحكومة سعد الدين العثماني‪ ،‬شكل‬ ‫فرصة لتقديم إنجازات المكتب في هاته المجاالت‪.‬‬ ‫وهمت أشغال المجلس اإلداري بالخصوص تقديم‬ ‫حصيلة المنجزات للفترة ‪ 2016-2018‬والبيانات‬ ‫المالية الموحدة للفترة ‪ 2015‬و‪ ،2018‬وميزانية‬ ‫التسيير واالستثمار لسنوات ‪ 2017‬و‪ 2018‬و‪،2019‬‬ ‫وكذا مخطط التجهيز المتعلق بالفترة ‪.2019-2023‬‬ ‫وأضاف البيان‪ ،‬أن هذا االجتماع ّ‬ ‫شكل أيضا‪،‬‬ ‫فرصة لالطالع على حصيلة العقد‪-‬البرنامج المبرم‬ ‫بين المكتب والدولة بخصوص الفترة ‪،2017-2014‬‬ ‫والمصادقة على التوجهات العامة إلعداد عقد‪-‬‬ ‫برنامج جديد للفترة ‪ 2019-2023‬وكذلك تقديم‬ ‫الرؤية االستراتيجية الجديدة للمكتب‪.‬‬ ‫عقد‪-‬برنامج جديد‬ ‫أما بالنسبة لإلعداد لعقد‪-‬برنامج جديد بين‬ ‫المكتب والدولة للفترة ‪ ،2023-2019‬أشار عبد‬ ‫الرحيم الحافظي المدير العام للمكتب الوطني‬ ‫للكهرباء والماء الصالح للشرب‪ ،‬إلى أن مجمل‬ ‫االلتزامات المبرمة بين المكتب والدولة قد تم‬ ‫تحقيقها‪ .‬ويهم ذلك بالخصوص تلبية الطلب‬ ‫والتحكم فيه وأنشطة التوعية المرتبطة وخفض‬ ‫حصة الوقود (الفيول) في إنتاج الكهرباء ومخطط‬ ‫التنمية وبرنامج االستثمار وتحسين األداء التقني‬ ‫والتجاري وعقلنة وتحسين النفقات والحكامة‪.‬‬ ‫وقدم الحافظي‪ ،‬التوجهـــات العامــة للعقد‪-‬‬ ‫البرنامج الجديد على ضوء التحوالت العميقة التي‬ ‫يعرفها قطاعا الكهرباء والماء بالمغرب (إعادة هيكلة‬ ‫قطاع الطاقات المتجددة‪ ،‬وإعادة تشكيل التوزيع‬ ‫متعدد الخدمات‪ ،‬والتزويد بالماء الشروب والري‪،)..‬‬ ‫وكذلك الجمع بين المكتبين (الكهرباء والماء) وعملية‬ ‫الرقمنة وتحديث التدبير وتحسين تسيير المكتب‪.‬‬ ‫رؤية استراتيجية‬ ‫أما بخصوص الرؤية االستراتيجية لتحسين‬ ‫المردودية واإلصالح في أفق ‪ ،2030‬فقدم الحافظي‬ ‫خارطة طريق لتحسين المردودية وإصالح المكتب‪،‬‬

‫من أجل تحقيق األهداف واإلجراءات الرئيسية‬ ‫المتمثلة أساسا‪ ،‬في تحقيق التوازن االقتصادي‬ ‫والمالي وتطوير نموذج أعمال المكتب‪ ،‬ال سيما من‬ ‫خالل تعزيز رأس مال المكتب‪ ،‬وترشيد االستثمارات‬ ‫وتحسين النفقات‪ ،‬وإنشاء غرفة للمعامالت التجارية‪،‬‬ ‫وتنويع مصادر التمويل‪ ،‬وتحسين األرباح واألداء‬ ‫التقني والتجاري لكونه تحد رئيسي بالنظر إلى‬ ‫األرباح التي يتعين تحقيقها ومدى تأثيرها على‬ ‫حسابات المكتب‪ ،‬وتعزيز الحكامة عبر تفعيل عملية‬ ‫جمع المكتبين‪ ،‬وأيضا الجهوية‪ ،‬ثم تحديث التدبير‬ ‫من خالل اعتماد الرقمنة وتعزيز العالقة مع شركاء‬ ‫المكتب‪ ،‬وتعميم منهجية اعتماد معايير الجودة‪،‬‬ ‫والتواصل المستمر والشفاف مع اإلدارات العمومية‬ ‫والشركاء وكذا ترشيد التسويق‪.‬‬ ‫وفضال عن ذلك‪ ،‬سيواصل المكتب إتمام خطة‬ ‫االستثمار عبر تحسين برمجة مواقع مشاريع االستثمار‬ ‫ورفع القيود المتعلقة بتعبئة الوعاء العقاري‪ ،‬وتحسين‬ ‫اإلطار القانوني والتشريعي‪ ،‬ال سيما من خالل مالئمة‬ ‫النصوص القانونية لتبسيط إجراءات نزع الملكية‬ ‫للمنفعة العامة‪ ،‬وإنشاء إطار جبائي مالئم‪ ،‬وتعزيز‬ ‫إطار التعاقد‪ ،‬وتطبيع العالقة مع الموزعين‪ ،‬ودعم‬ ‫المكتب لتعبئة الوعاء العقاري‪ ،‬ودعم المكتب في‬ ‫استرداد المتأخرات‪ ،‬وإنشاء الوسائل القانونية لحماية‬ ‫الممتلكات والحفاظ على مرافق المكتب ضد األفعال‬ ‫اإلجرامية ومكافحة ظاهرة السرقة‪.‬‬ ‫برنامج استثماري‬ ‫أما بالنسبة للبرنامج االستثماري للفترة ‪2019-‬‬ ‫‪ ،2023‬وفي إطار التوجهات االستراتيجية لـلمكتب‪،‬‬ ‫وبالخصوص فيما يتعلق بتأمين التزويد بالكهرباء‬ ‫والماء الشروب والتدخل المستمر في مجال التطهير‬

‫السائل‪ ،‬فإن مخطط التجهيز للمكتب للفترة ‪2019-‬‬ ‫‪ 2023‬يبلغ غالفا استثماريا ب ‪ 51،6‬مليار درهم‪ ،‬إذ‬ ‫يتوقع المخطط أن يصل الغالف االستثماري في‬ ‫مجال الكهرباء إلى ‪ 26,1‬مليار درهم‪ .‬حيث‪ ،‬وفي‬ ‫مجال إنتاج الكهرباء الذي يصل االستثمار فيه إلى‬ ‫‪ 8.6‬مليار درهم‪ ،‬سيتم تنفيذ العديد من المشاريع‬ ‫ذات قدرة منشأة إضافية بقيمة ‪ 4263‬ميغاواط‪،‬‬ ‫منها ‪ 4240‬ميغاواط معتمدة على الطاقة المتجددة‬ ‫(بما في ذلك منتجي الطاقة المستقلين والمشاريع‬ ‫المتعلقة بالقانون ‪13‬ـ‪ )09‬والتي تندرج في إطار‬ ‫البرنامج المغربــي المتكامــل للطاقـة الشمسية‪،‬‬ ‫والبرنامج الهيدرومائي والمشروع المغربي المتكامل‬ ‫للطاقةالريحية‪.‬‬ ‫أما في مجال الماء الصالح للشرب والتطهير‬ ‫السائل‪ ،‬فيتوقع مخطط التجهيز غالفا استثماريا يبلغ‬ ‫‪ 25،5‬مليار درهم‪ .‬وسيتم رصد ‪ 15،2‬مليار درهم‬ ‫لمداومة وتعزيز التزويد بالماء الشروب بالوسط‬ ‫الحضري مما سيمكن من تقوية اإلنتاج ب ‪ 12،4‬متر‬ ‫مكعب في الثانية إضافية ووضع ‪ 3400‬كيلومتر من‬ ‫القنوات‪ .‬وستعرف هذه الفترة الشروع في استغالل‬ ‫المشاريع وإطالق مشاريع مهمة جديدة‪.‬‬ ‫أما فيما يتعلق بتعميم الولوج إلى الماء الشروب‬ ‫بالوسط القروي‪ ،‬فسيعمد المكتب على استثمار ‪5،7‬‬ ‫مليار درهم إلنجاز عدة مشاريع من شأنها رفع نسبة‬ ‫الولوج إلى الماء الشروب بالوسط القروي إلى ‪99،3‬‬ ‫في المائة لفائدة ساكنة إضافية تزيد عن ‪308000‬‬ ‫نسمة‪ .‬كما سيتم تخصيص غالف مالي قدره ‪4،6‬‬ ‫مليار درهم للتطهير السائل إلنجاز ‪ 64‬محطة جديدة‬ ‫لمعالجة المياه العادمة بقدرة للتصفية ستبلغ أزيد‬ ‫من ‪ 157000‬متر مكعب في اليوم‪.‬‬

‫قامت الجماعات التابعة للعمالة‬ ‫تحولــت عمالة المضيق‪-‬‬ ‫بالتراخيص الموسمية إلقامة‬ ‫الفنيدق خالل السنوات األخيرة‬ ‫األنشطة التجارية والترفيهية‬ ‫إلى وجهــة سيــاحيـة هامـة‬ ‫على طول شواطئ المنطقة‬ ‫بالمملكــة وذلك ما أدى إلى‬ ‫حيث أن جماعة المضيق وافقت‬ ‫استقطاب مجموعـات فندقيــة‬ ‫على جميـع طلبـات الشبــاب‬ ‫ذات شهرة عالمية‪ ..‬وعلى طول‬ ‫الراغبين في إقامة أنشطتهم‬ ‫الشريط الساحلي للعمالة توجد‬ ‫على طول الشاطئ‪ ،‬مشددا أن‬ ‫مجموعة كبيرة من الفنادق‬ ‫هذه األنشطة ستنجز وفق‬ ‫ذات التصنيف الدولي وقد‬ ‫• عبد المالك بوغابة‬ ‫معاييـر تنظيمية واضحة‪..‬‬ ‫تم تشييد الكثير منها حديثا‬ ‫على سبيل الذكر صوفطيل رئيس المنتدى المتوسطي للسياحة حيث ستخصص الجماعــة‬ ‫تمودة بيتش ‪ -‬تمودة بجهة طنجة ـ تطوان ـ الحسيمة نسبة ‪ % 20‬من المساحة‬ ‫اإلجمالية لمجموع الشواطئ‬ ‫باي‪-‬وغيرها من الوحدات‬ ‫الفندقية‪...‬ومنها ما تمّ تحديثه ليتناسب مع لألنشطة التجارية فيما نسبة ‪ % 80‬ستكون‬ ‫المتطلبات واألذواق السياحية لكافة الزوار مفتوحة للعموم وبشكل مجاني لالستمتاع‬ ‫ويمتاز طابع المعمار الفندقي المتوسطي بجمالية الشاطئ‪ ....‬بالمقابل تتسأل الجمعيات‬ ‫بخصوصية مستمدة من الطبيعة‪ ..‬و ما زال المهتمة بالمجال السياحي عن معنى مبدأ‬ ‫كثير من الفنادق واإلقامات والمركبات االصلية مجانية الشواطئ‪ ..‬هل المقصود بها مجانية‬ ‫قائماً حتى اليوم نادي البحر األبيض المتوسط‪ -‬السباحة‪ ..‬أم مجانية الجلوس على الشاطئ أم‬ ‫كبيال ‪ -‬رستنكا سمير ‪ -‬مرينا سمير ‪ -‬بهية مجانية دخول مجاله؟‪ ..‬مستغربة التناقض بين‬ ‫سمير ‪ -‬جوارا سمير ريزيدانس ووكي ًال فيستا‪ ...‬تصريحات كبار المسؤولين التي تشدد على هذه‬ ‫كما تتوفر المنطقة على حزام أخضراء وتتكثر المجانية وبين الواقع المخالف‪ ..‬بسبب سيطرت‬ ‫فيه البساتين المزدهرة‪ ..‬ويترافق مع وجود بعض البلطجية على شواطئ المنطقة مع‬ ‫هذه السلسة الفندقية الضخمة‪ ..‬وجود عدد حلول كل موسم صيف‪ ..‬فيفرضون إتاوات على‬ ‫كبير من األماكن الترفيهية الراقية وهي تعتبر رواد البحر ويغ ّلفون سلوكهم بحجج اجتماعية‬ ‫كالبطالة في ظاهرة تتكرر يومياً ضحيتها‬ ‫من أجمل أماكن السياحة في المنطقة وأكثرها‬ ‫المواطن‪ ...‬ومن الجانب اآلخر نجد أصحاب‬ ‫ازدحاما بالسائحين‪ ..‬بحكم بنيتها التحتية‬ ‫مهن موسمية يقدمون «خدمات صيفية»‬ ‫الحديثة والشاملة‪ ..‬مما يساعد على إقامة‬ ‫إلى مرتادي الشواطئ‪ ..‬وذلك بكراء المظالت‬ ‫المشاريع السياحية الكبري مستقبال‪...‬‬ ‫الشمسيةوالكراسيالبالستيكيةمهنةموسمية‬ ‫ولقد وضعت هذه السنة عمالة المضيق كباقي نظيراتها‪ ..‬تكسب قوت يوم أشخاص‬ ‫ الفنيدق حوالي ‪ 6000‬مظلة شمسية مجانية يقضون اليوم كله تحت أشعة شمس حارقة‪..‬‬‫على طول الوجهات الشاطئية‪ ..‬بشراكة مع ورمال ساخنة اعتادوا أن تحرق أقدامهم‪ ..‬في‬ ‫المكتب الوطني للمطارات الذي يعتبر الشريك سبيل مصروف يومي ال يتجاوز ‪ 200‬درهم‬ ‫الرسمي للجماعة في تدبير الموسم الصيفي‪ ..‬في أحسن األحوال‪ ...‬أال أنهم يجب االستجابة‬ ‫من توفير ولوجيات خاصة باألشخاص في لطلب السلطات المحلية بإحداث خيام‬ ‫وضعية إعاقة لتيسير ولوجهم إلى البحر نموذجية يتركن فيها الموائد والكراسي وكل‬ ‫واالستمتاع بعطلتهم الصيفية‪ ..‬باالضافة الى سلعهم الصيفية وتنظيف المحيط المخصص‬ ‫العديد من المرافق الصحية والخدماتية الخاصة لهم من طرف الجماعة (مكان تجاري)‪ ..‬وبعد‬ ‫بشرطة القرب والمصالح الصحية على طول إنهاء ساعات العمل يجب عليهم تنظيف‬ ‫الشريط البحري التابع لمدينة المضيق الفندقي مكان االستغالل من أجل شواطئ نظيفة‪..‬‬ ‫و مرتيل‪ ..‬من أجل التنظيم المحكم للموسم وال تسبب فى تلوث بيئى فى البحر ويؤثر على‬ ‫الصيف لهذه السنة التي تراهن عليه الجماعة الثروة السمكية بسبب مخلفات المواطنين‪...‬‬ ‫بهدف التجاوزات اإلشكاالت التي يعرفها الى جانب التواجد رجال النظافة لمساعدتهم‬ ‫الموسم الصيفي خصوصا بعد تزايد نسبة فى إزالة كافة المخلفات إلعادة المنظر العام‬ ‫الوافدين والسياح بالمنطقة بشكل كبير‪ ..‬كما للشاطئ‪.‬‬


‫‪7‬‬

‫الثالثـاء ‪� 06‬إلى ‪ 12‬غ�شت ‪2019‬‬

‫العدد ‪1005‬‬

‫مجتمع ـ سياسة ـ حقوق‬ ‫عبد العالي بن ربوحة‬

‫‪benrebouha01@gmail.com‬‬ ‫‪Tél : 0641794991‬‬

‫(مراسل من القصر الكبير)‬

‫الوكالة المستقلة الجماعية لتوزيع‬ ‫وزير العدل محمد أوجار يشرف على تدشين المقر‬ ‫الجديد لقسم قضاء األسرة التابع للمحكمة االبتدائية الماء والكهرباء تنزل مشاريع تنموية‬ ‫هامة بإقليم العرائش‬ ‫بالقصر الكبير‬ ‫عبد العالي بن ربوحة‬

‫أشرف وزير العدل محمد أوجـــار‪ ،‬صباح‬ ‫يوم الجمعة ‪26‬يوليوز الجاري‪ ،‬على تدشين‬ ‫المقر الجديد للمحكمة االبتدائية لقسم قضاء‬ ‫األسرة بالقصر الكبير رفقة السيد محمد األعرج‬ ‫وزير الثقافة واالتصال والسيد إدريس الضحاك‬ ‫األمين العـــام السابــق للحكومة والدكتور‬ ‫مصطفى العــزوزي‪ ،‬و عامــل إقليم العرائش‬ ‫السيد العالمين بوعاصم‪ ،‬والسيد رئيــس‬ ‫المجلس الجماعي للمدينة محمد السيمو‬ ‫باإلضافة إلى الرئيس األول لمحكمة االستئناف‬ ‫بطنجة والوكيل العام لذات المحكمة‪ ،‬ووكيل‬ ‫الملك ورئيس المحكمـة االبتدائيـة بالقصر‬ ‫الكبير‪ ،‬وعدد كبير من المسؤولين المركزيين‬ ‫بوزارة العدل‪ ،‬وبحضور البرلمانيين ورؤساء‬ ‫الجماعات الترابية باإلقليم وشخصيات أمنية‬ ‫وعسكرية‪.‬‬ ‫ويضم المقر الجديد للمحكمة‪ ،‬أقسام ذات‬ ‫معايير و مواصفات ذات بعد جمالي وعصري‬ ‫ستساهم في جعل المرفق القضائي في خدمة‬ ‫كافة المواطنين‪ ،‬عموما والمتقاضين على‬ ‫وجه الخصوص‪ ،‬كما ستشكل إضافة نوعية‬ ‫للخدمات القضائية المقدمة للمرتفقين‪.‬‬ ‫وفي تصريح له‪ ،‬أكد وزير العدل أن الوزارة‬ ‫عازمة كل العزم على تشييـد مجموعـــة من‬ ‫المقرات الجديدة للمحاكـم بمختلف المدن‬ ‫المغربية وبمواصفات جديدة وعصرية‪ ،‬تضمن‬ ‫كل شروط العمل للسادة القضاة والموظفين‬ ‫وكذا شروط الراحة للمتقاضين مع تجهيزها‬ ‫بمختلف التجهيزات اإللكترونية التي تسمح‬ ‫للمتقاضين باالطالع على ملفاتهم وتتبع‬ ‫مسارها ومعرفة كل جديد بخصوصها‪ ،‬مؤكدا‬

‫في الختام أن الوزارة تعمل جاهدة لتخليص‬ ‫اإلدارة من األوضاع غير مرضية لتي كان يعمل‬ ‫بها القضاة في بعض المراكز التي ال تتوفر‬ ‫فيها حتى أدنى الشروط المطلوبة‪ ،‬وأن الوزارة‬ ‫تعكف على تطوير وتأهيل البنيات التحتية‬ ‫للقضاء بجميع ربوع المملكة عن طريق تأهيل‬ ‫عدد من المحاكم وإحداث أخرى جديدة وفق‬ ‫تصور جديد ورؤية جديدة تضمن االرتقاء‬ ‫بالمنظومة القضائية ‪.‬‬ ‫و تبلغ مساحة مشروع قسم قضاء األسرة‬ ‫اإلجمالية ‪ 4518‬متر مربع بكلفــة ‪17‬مليون‬ ‫و‪ 836‬ألف درهم‪.‬‬ ‫وتتكون بناية هذه المحكمة من طابقين‬ ‫وقاعتين للجلسات وقاعتين للمداومة وقاعة‬ ‫شهود إضافة إلى خزانـــة وقاعـة اجتماعات‬ ‫و‪ 31‬مكتبا‪ ،‬وجنــاح الطفــل كتجربة متميزة‬

‫تهدف إلى تحسين ظروف االستقبال لألطفال‬ ‫بمناسبة ولوجهم للمحكمة أثنــاء سريـــان‬ ‫الدعوى القضائيــة وغيـرهــا من اإلجراءات‬ ‫القانونية و اإلدارية التي تتطلب تواجد األطفال‬ ‫بالمحكمة وذلك لمراعاة ظروفهم النفسية‬ ‫ووضعيتهم الخاصـة‪ ،‬فضال عـن عدة مرافـق‬ ‫أخرى‪ .‬‬ ‫ويندرج هذا المشروع في إطار سلسلة‬ ‫اإلصالحات الجذرية من أجل تحديث و عصرنة‬ ‫جهاز القضاء لمواكبة التطورات التي يشهدها‬ ‫المجتمع‪ ،‬نظرا لما يكتسيه قطاع العدل من‬ ‫أهمية بالغة في تخليق الحياة العامة وحماية‬ ‫األسرة من التفكك‪ ،‬األمر الذي يقتضي معه‬ ‫االرتقاء بالبنية التحتية للمحاكم وتكثيف‬ ‫استعمال التكنلوجيا الحديثة في إدارة القضايا‬ ‫من أجل تسريع اإلجراءات القانونية ‪.‬‬

‫وزير الثقافة واالتصال محمد األعرج يعطي انطالقة‬ ‫األشغال لبناء مكتبة عبد السالم احسيسن‬ ‫بمدينة القصر الكبير‬

‫أشرف عامل إقليـــم العرائـــش السيد‬ ‫العالمين بوعاصــم رفقـــة مدير الوكالة‬ ‫المستقلة الجماعية لتوزيع الماء والكهرباء‬ ‫بالعرائش السيد حسن زغراد ورئيس المجلس‬ ‫الجماعي بمدينة القصر الكبير السيد محمد‬ ‫السيمو والسيد حسن عقار مندوب الوكالة‬ ‫المستقلة الجماعية لتوزيع الماء والكهرباء‬ ‫بالقصر الكبير و المصالح الخارجية باإلقليم‬ ‫و برلمانيي اإلقليم يوم األربعاء ‪ 24‬يوليوز‬ ‫‪- 2019‬اشرف على تدشين خزان جديد‬ ‫للماء الشروب بسعة ‪7000‬متر مربع الذي‬ ‫سوف يمكن من االستجابة لفئة عريضة من‬ ‫المواطنين في االستفادة من الماء الشروب‬ ‫كما يدخل هذا المشروع في إطار تعزيز‬ ‫البنيات التحتية الضرورية المرتبطة بالتوسع‬ ‫العمراني الذي تعرفه المدينة والذي هو في‬ ‫تزايد مستمر ‪.‬‬ ‫يأتي هذا المشروع في إطار المجهودات‬ ‫المتواصلة التي تقوم بها الوكالة لسد‬ ‫الحاجيات الضرورية من الماء الصالح للشرب‬ ‫للمواطنين وتحسين ظروف التوزيع وتجويد‬ ‫الخدمات المقدمة للمرتفقين‪ ،‬كما أن هذا‬ ‫المشروع الحيوي جاء استجابــة للتصميم‬ ‫المديري للماء الصالح للشرب وهو يعتبر من‬ ‫بين أهم البرامج التنموية التي تواكب التطور‬ ‫العمراني والتأهيل الحضري لمدينة القصر‬ ‫الكبير ‪.‬‬ ‫وتبلغ تكلفة المشروع ‪10‬ماليين درهم‬ ‫تموله الوكالة المستقلة الجماعية لتوزيع الماء‬

‫والكهرباء مدة االنجاز ‪15‬شهرا ابتداء من شهر‬ ‫يوليوز الجاري ‪.‬‬ ‫كما قام يوم الخميس ‪ 26‬يوليوز ‪2019‬‬ ‫السيد عامل صاحب الجاللة على إقليم العرائش‬ ‫والسيد المدير العام للوكالة المستقلة لتوزيع‬ ‫الماء والكهرباء بالعرائش‪ ،‬بتدشين مشروع‬ ‫إنجاز الشطر األول من المجمع الجنوبي رقم‪1‬‬ ‫الخاص بتجميع المياه العادمة بأحياء الوفاء‬ ‫وشعبان والذي يصل طوله ‪ 2،16‬كلم وعرضه‬ ‫يتراوح بين ‪ 2،5‬و ‪ 3،6‬متر و سيتم إنجاز هذا‬ ‫المجمع التحت أرضي بتقنية الدهاليز‪.‬‬ ‫وتبلغ تكلفة هذا المشروع‪ 76،09 :‬مليون‬ ‫درهم‪ ،‬على أن تقوم الوكالة بتمويل نسبة‬ ‫‪ 60%‬من خالل قرض بنكي‪ ،‬وسيتكفل البرنامج‬ ‫الوطني للتطهير السائل بتغطية نسبة ‪% 40‬‬ ‫المتبقية‪ ،‬وستصل مدة إنجاز هذا المشروع ‪20‬‬ ‫شهرا ابتداء من شهر يوليوز ‪.2019‬‬ ‫وسيمكن هذا المجمع من التغلب بشكل‬ ‫نهائي على مشكل الفيضانات الذي تعاني منه‬ ‫هذه األحياء أثناء التساقطات المطرية الهامة‬ ‫التي تعرفها المدينة‪ ،‬كما سيضمن المعالجة‬ ‫النهائية لتصريف المياه العادمة بالمنطقة‪.‬‬ ‫وتعــد هـذه المشاريع من بين التدابير‬ ‫التي يتم اعتمادهــا من أجل تقويــة وإنتاج‬ ‫الماء الصالح للشرب وتعزيز البنيات الرئيسية‬ ‫باإلقليم ‪.‬‬

‫ع‪.‬ب‪.‬ر‬

‫«غطيت وجهي ونظفت مدينتي»‬ ‫شعار لحملة تحسيسية تالمس‬ ‫تنظيف شوارع المدينة‬

‫‪ ‬أشرف السيد محمد األعرج وزير الثقافة‬ ‫واالتصال رفقــة السيد محمد أوجــــار وزيـــر‬ ‫العدل والسيد العالمين بوعاصم عامل إقليم‬ ‫العرائش والوفد المرافق لهما وبعض السادة‬ ‫برلمانيي اإلقليم والسلطة المحلية‪ ،‬على إعطاء‬ ‫انطالقة األشغال لبنـاء مكتبــــة عبد السالم‬ ‫احسيسن بمدينة القصر الكبير ‪ ،‬يوم الجمعــة‬ ‫‪ 26‬يوليوز ‪.2019‬‬

‫و يشتمل هذا المشروع الذي سينفذ على‬ ‫مساحة تبلغ ‪ 508 ،‬متر مربع بكلفة مالية تقدر‬ ‫ب ‪ 5604786.00‬درهم‪ ،‬و مدة إنجاز ‪ 12‬شهر‪،‬‬ ‫وتأتي هـذه المنشــأة الثقافية لتدعيم‬ ‫البنية التحتية الثقافية بالمدينة والنهوض‬ ‫بمجال التنشيط الثقافــي واإلبداعي وإبراز‬ ‫دورهما الحيـــوي في مسار التنمية الشاملـة‬ ‫والمستدامة ‪.‬‬

‫كما سوف تعتمد المكتبة على مواصفات‬ ‫حديثــة تليــق باإلرث الحضاري والثقـــافــي‬ ‫المتميز لمدينة القصر الكبيـــر العريقــة ومـا‬ ‫تحفل به من طاقــات وكفاءات علمية وأدبية‬ ‫وقانونية من أبناء وبنات المدينة‪.‬‬

‫ع‪.‬ب‪.‬ر‬

‫«غطيت وجهي ونظفــت مدينتي» هو‬ ‫عنوان لبــادرة طيبة ومحمودة‪ ،‬قامــت بها‬ ‫جمعية سفراء الفن للثقافة والتنمية بالقصر‬ ‫الكبير‪ ،‬بهدف تنظيف شوارع المدينة‪ ،‬كما‬ ‫أنها تعد حملة لتطهير البيئة والحفاظ عليها‬ ‫في حلة مغربية على غرار مجموعة من المدن‬ ‫العالميـــة التي بادرت إلى اعتمــاد «تحدي‬ ‫المهمالت» و المتمثلة في تنظيف الشوارع‬ ‫وتطهيرها وتنقيتها من القمامة‬

‫كما يتوخى من خالل هذه الحملة توعية‬ ‫المواطنين وتحسيسهم بأهمية الحفاظ على‬ ‫نظافة المحيط الذي نعيش فيه‪ ،‬كما تعتبر‬ ‫هذه الحملة نقطة ضوء مضيئة تهدف إلى‬ ‫تحقيق وقاية أفضل من األمراض المنتشرة‬ ‫والناتجة عن األوساخ والقادروات كما يقصد‬ ‫كذلك من الحملة إلى خلق فضاءات جميلة‬ ‫وأحياء أجمل ‪.‬‬

‫ع‪.‬ب‪.‬ر‬


‫العدد ‪1005‬‬

‫‪8‬‬

‫الثالثـاء ‪� 06‬إلى ‪ 12‬غ�شت ‪2019‬‬

‫التوجيهات الخمس للخطاب الملكي‬ ‫بقلم ‪ :‬الدكتور‬ ‫عبدالحق بخات‬

‫يبدو أن المغرب قد تغير بشكل جيد وحقيقي‪ ،‬غير أن طعم التغيير هذا لم يكتمل بعد‪ ،‬ال سيما من حيث التنمية البشرية واالجتماعية‪.‬‬ ‫يعترف الملك محمد السادس بذلك ‪ « :‬إال أننا ندرك بأن البنيات التحتية‪ ،‬واإلصالحات المؤسسية‪ ،‬على أهميتها‪ ،‬ال تكفي وحدها»‪.‬‬ ‫إن التقدم االقتصادي لم ينعكس بشكل جلي على المستوى االجتماعي‪ ،‬وعلى جميع شرائح المجتمع المغربي‪ ،‬التي ال تزال تعيش في حالة هشاشة‬ ‫وحرمان مدقع! وحسب تقديرات جاللته فقد أكد ‪« :‬ذلك أن بعض المواطنين قد ال يلمسون مباشرة‪ ،‬تأثيرها في تحسين ظروف عيشهم‪ ،‬وتلبية‬ ‫حاجياتهم اليومية‪ ،‬خاصة في مجال الخدمات االجتماعية األساسية‪ ،‬والحد من الفوارق االجتماعية‪ ،‬وتعزيز الطبقة الوسطى»‪.‬‬ ‫بالنظر إلى هذه الحقيقة‪ ،‬يعلن جاللته عن حقبة جديدة لتحقيق قدر أكبر من العدالة االجتماعية‪.‬‬

‫بانتقال الحكم إلى الملك محمد السادس في يوليوز ‪ ، 1999‬انتقل المغرب أيضاً إلى مرحلة قام‬ ‫فيها بتغيير رؤيته واستراتيجياته‪.‬‬ ‫وها هو هذا اليقين يتجلى من جديد في الخطاب الذي ألقاه الملك محمد السادس مساء يوم‬ ‫االثنين بمناسبة عيد العرش‪ ،‬والذي أثار فيه جاللته عدة نقاط ذات الصلة‪ ،‬وأعلن عن إصالحات غير‬ ‫مسبوقة‪.‬‬ ‫بعد أن قدم باقتضاب أهم إنجازات المملكة خالل فترة حكمه البالغة ‪ 20‬عاماً‪ ،‬قام جاللته‬ ‫بتسليط الضوء على القفزة النوعية المنجزة في تعزيز وتوطيد الحقوق والحريات والبنية التحتية‪:‬‬ ‫الطرق السيارة‪ ،‬القطار فائق السرعة‪ ،‬الموانئ الضخمة‪ ،‬الطاقات المتجددة‪ ،‬والتهييئات الحضرية‪،‬‬ ‫وأمور أخرى‪ ،‬يعتقد الملك محمد السادس أن اإلصالحات المؤسساتة والبنية التحتية‪ ،‬رغم أهميتها‪،‬‬ ‫ليست كافية‪ ،‬ألن التقدم االقتصادي لم ينعكس على المستـوى االجتماعــي وعلى جميع طبقات‬ ‫المجتمع المغربي‪.‬‬ ‫إن قيادة الشعب المغربي مسؤولية كبيرة‪ .‬يقول جاللته «وقد عاهدتك‪ ،‬وعاهدت اهلل تعالى‪،‬‬ ‫على أن أعمل صادقا على أدائها‪.‬ويشهد اهلل أنني لم ولن أدخر أي جهد‪ ،‬في سبيل الدفاع عن‬ ‫مصالحك العليا‪ ،‬وقضاياك العادلة»‪ ،‬وقال صاحب الجاللة‪ ،‬معترفا‪« :‬صحيح أننا لم نتمكن أحيانا‪،‬‬ ‫من تحقيق كل ما نطمح إليه‪ .‬ولكننا اليوم‪ ،‬أكثر عزما على مواصلة الجهود‪ ،‬وترصيد المكتسبات‪،‬‬ ‫واستكمال مسيرة اإلصالح‪ ،‬وتقويم االختالالت‪ ،‬التي أبانت عنها التجربة»‪ ،‬مضيفاً «ويعلم اهلل أنني‬ ‫أتألم شخصيا‪ ،‬ما دامت فئة من المغاربة‪ ،‬ولو أصبحت واحدا في المائة‪ ،‬تعيش في ظروف صعبة من‬ ‫الفقر أو الحاجة‪ ،».‬مؤكدا أنه لن يرتاح له بال إال بعد إزالة جميع العقبات‪ ،‬وبعد إيجاد الحلول المناسبة‬ ‫للقضايا اإلنمائية واالجتماعية‪ ،‬مع التشديد على األهمية الخاصة التي يوليها لبرامج التنمية البشرية‪،‬‬ ‫وتشجيع السياسات االجتماعية لتحقيق ما يرضي توقعات المغاربة الملحة‪.‬‬ ‫وقال جاللته «ولن يتأتى لنا ذلك‪ ،‬إال بعد توفر النظرة الشمولية‪ ،‬ووجود الكفاءات المؤهلة‪،‬‬ ‫والشروط الالزمة‪ ،‬إلنجاز المشاريع المبرمجة»‪ ،‬مشيراً إلى «أن بعض المواطنين قد ال يلمسون‬ ‫مباشرة‪ ،‬تأثيرها في تحسين ظروف عيشهم‪ ،‬وتلبية حاجياتهم اليومية‪ ،‬خاصة في مجال الخدمات‬ ‫االجتماعية األساسية‪ ،‬والحد من الفوارق االجتماعية‪ ،‬وتعزيز الطبقة الوسطى»‪.‬‬ ‫وفي معرض حديثه عن االستثمارات األجنبية‪ ،‬انتقد الملك المدافعين عن عدم فتح السوق‬ ‫المغربي في وجه المستثمرين األجانب‪ ،‬خاصة في بعض القطاعات االقتصادية‪ ،‬وأكد جاللته‬ ‫«فالذين يرفضون انفتاح بعض القطاعات‪ ،‬التي ال أريد تسميتها هنا‪ ،‬بدعوى أن ذلك يتسبب في‬ ‫فقدان مناصب الشغل‪ ،‬فإنهم ال يفكرون في المغاربة‪ ،‬وإنما يخافون على مصالحهم الشخصية»‪،‬‬ ‫ملحا على ضرورة تحسين جودة الخدمة العامة‪ ،‬وعلى دعوة الحكومة إلى إعداد برامج جديدة كبرى‬ ‫تشكل قاعدة وأسسا لنموذج تنمية جديد بالمغرب يجعل المملكة تدخل مرحلة حديثة قوامها‬ ‫المسؤولية والتقدم‪.‬‬ ‫وعلى نفس المنوال‪ ،‬دعا الملك رئيس الحكومة إلى أن يقدم له‪ ،‬بمناسبة الدخول السياسي‬ ‫المقبل‪ ،‬مقترحات لتعديل وزاري‪ ،‬وتغيير في مواقع المسؤولية بالدولة‪.‬‬

‫بقلم ‪ :‬الدكتور عبدالحق بخات‬

‫وأعرب جاللته في السياق ذاته عزمه على ضخ نفس جديد في دينامية التقدم المحرز مسبقاً‪،‬‬ ‫وذلك بتجديد مناصب المسؤولية على أساس الكفاءات والمؤهالت‪.‬‬ ‫باختصار‪ ،‬إنها مسألة إبعاد عدم الكفاءة ‪ ،‬وضخ دماء جديدة في آليات إدارة شؤون الدولة‪.‬‬ ‫وتجدر المالحظة‪ ،‬بالمناسبة‪ ،‬أن التدبير الحكومي لحد اآلن‪ ،‬يعمد إلى إسناد مناصب المسؤولية‬ ‫الوزارية أو غيرها لمرشحين تقترحهم أحزاب سياسية مع القليل من االهتمام لقدراتهم وكفاءتهم‪.‬‬ ‫في الحقيقة‪ ،‬الجميع ينال نصيبه ! فاألحزاب تحصد أكبر عدد ممكن من الحقائب‪ ،‬ويحظى رئيس‬ ‫الحكومة بأغلبية مريحة‪ ،‬مما يسمح له بإفشال عمل المعارضة‪ ،‬وتمرير مشاريعه للتنفيذ‪..‬‬ ‫كل هذا العالم الجميل يركز بشكل أكبر على الدفاع عن المصالح الشخصية الضيقة أكثر من‬ ‫تركيزه على مصالح الوطن‪ ،‬الخاسر األكبر هو والشعب‪.‬‬ ‫وإلعطاء حرية تدبير حقيقية لصناع القرار المعينين لهذا التغيير المأمول‪ ،‬قرر جاللته إنشاء لجنة‬ ‫استشارية مكونة من الكفاءات الوطنية من القطاعين العام والخاص‪ ،‬قصد إجراء تشخيص عام‪،‬‬ ‫يسمح بمواجهة العقبات والمشاكل بشكل فعال‪ ،‬ويسمح بالحد من عدم المساواة االجتماعية‪ ،‬في‬ ‫أفق إنشاء نموذج للتنمية يميل إلى تصحيح االختالالت في المشاريع‪.‬‬ ‫«وإننا ننتظر منها أن تباشر عملها‪ ،‬بكل تجرد وموضوعية‪ ،‬وأن ترفع لنا الحقيقة‪ ،‬ولو كانت قاسية‬ ‫أو مؤلمة‪ ،‬وأن تتحلى بالشجاعة واالبتكار في اقتراح الحلول»‪.‬‬ ‫يشير جاللة الملك‪ ،‬معتبراً أنه « ويبقى األهم هو التحلي بالحزم واإلقدام‪ ،‬وبروح المسؤولية‬ ‫العالية‪ ،‬في تنفيذ الخالصات والتوصيات الوجيهة‪ ،‬التي سيتم اعتمادها‪ ،‬ولو كانت صعبة أو مكلفة »‪،‬‬ ‫نصص جاللته‪ ،‬معلنا أنه سيعود إلى الموضوع في المستقبل القريب‪.‬‬ ‫وفيما يتعلق بالوحدة الترابية المغربية وعالقات المملكة مع الجزائر‪ ،‬أكد الملك التزام المغرب‬ ‫الصادق بالعالقات الممتدة مع األشقاء الجزائريين‪ ،‬من أجل توطيد أواصر األخوة والدين واللغة‬ ‫وحسن الجوار الذي يجمع دائما الشعبين الشقيقين‪.‬‬ ‫جاللته مد يده مرة أخرى إلى الجزائر‪ ،‬مرحبا بمشاعر الحماس والتآزر التي عبر عنها المغاربة عبر‬ ‫مساندتهم المنتخب الجزائري لكرة القدم خالل منافسات كأس إفريقيا في مصر‪.‬‬ ‫هذا اإليمان الراسخ بوحدة المصير والتراث التاريخي والثقافي المشترك يشجع على النظر إلى‬ ‫المستقبل بتفاؤل‪ ،‬من أجل تحقيق تطلعات الشعوب المغاربية فيما يتعلق بالوحدة والتكامل‪.‬‬ ‫وقال الملك‪ ،‬مصرا على الحقيقة غير القابلة للتصرف المتعلقة بقضية الصحراء « كما أنه واضح‬ ‫في قناعته المبدئية‪ ،‬بأن المسلك الوحيد للتسوية المنشودة‪ ،‬لن يكون إال ضمن السيادة المغربية‬ ‫الشاملة‪ ،‬في إطار مبادرة الحكم الذاتي‪.‬‬ ‫وأكد جاللته ‪« :‬إن االحتفال بعيد العرش المجيد‪ ،‬أبلغ لحظة لتأكيد تعلقنا الراسخ بمغربية‬ ‫صحرائنا‪ ،‬ووحدتنا الوطنية والترابية‪ ،‬وسيادتنا الكاملة على كل شبر من أرض مملكتنا»‪.‬‬ ‫بكل اختصار ‪ ،‬إن سيادة المغرب على صحرائه غير قابلة للتفاوض‪ .‬رسالة واضحة وثابتة‪.‬‬


‫امللحق الثقايف‬ ‫‪9‬‬

‫العدد ‪ 1005‬ـ الثالثاء ‪ 06‬إلى ‪ 12‬غشت ‪2019‬‬

‫الزاوية التسعون‬ ‫الشاعر صالح فائق‬

‫الشاعرة والترجمة رجاء مرجاني‬ ‫قصائد للشاعر صالح فائق ترجمتها رجاء مرجاني‬

‫‪POEMES DE SALAH FAIK TRADUITS PAR RAJA MORJANI‬‬

‫‪On m’a kidnappé‬‬ ‫‪Pour lire mes poèmes‬‬ ‫‪Dans un festival‬‬ ‫‪Entouré de vin‬‬ ‫‪Et de belles femmes‬‬ ‫‪J’ai lu ici et là‬‬ ‫‪Des poèmes à moi‬‬ ‫‪Que personne d’autre n’a entendu‬‬ ‫‪A part moi.‬‬ ‫‪Et à chaque fois‬‬ ‫‪Je rencontrais‬‬ ‫‪Mes aïeux qui me dévisageaient ‬‬ ‫‪Avec colère.‬‬

‫******‬

‫‪.‬‬ ‫تجردتُ من مالبسي ‪ ,‬حاولتُ ان انامَ ألحلمَ‬ ‫لم استطعْ ‪ :‬فجأة اقتحمَ غرفتي ٌ‬ ‫رجال عراة ‪ ,‬ال اعرفهم‬ ‫غطوني بمخطوطاتٍ مسروقة من بغداد‬ ‫ثم داروا حوليَ راقصين‬ ‫بدفوفٍ من جلودِ كالب‬ ‫‪J’ai ôté mes vêtements‬‬ ‫‪J’ai essayé de dormir‬‬ ‫‪Pour rêver‬‬ ‫‪Je n’ai pas pu‬‬ ‫‪Soudain ma chambre fut encombrée‬‬ ‫‪Par des hommes nus‬‬ ‫‪Que je ne connaissais pas‬‬ ‫‪Ils me drapèrent‬‬ ‫‪De manuscrits volés à Baghdâd‬‬ ‫‪Puis ils se mirent à tourner en dansant‬‬ ‫‪Autour de moi‬‬ ‫‪Leurs tambours faits‬‬ ‫!‪De peaux de chiens ‬‬

‫******‬

‫في فمي طيورٌ تغرّدُ ‪ ،‬واخريات‬ ‫أمام بيتي ‪.‬‬ ‫حصير‬ ‫أحجارٌ تتكلمُ ‪ ،‬أسمعها وأنا أضطجعُ على‬ ‫ٍ‬ ‫متذكراً غابات شبابي ‪ :‬اشاهدُ شاعراً يمشي بمش ّقة‬ ‫ليشفي جدو ًال أصيب بالجنونِ قبل ايام‬ ‫*‬ ‫‪Dans ma bouche‬‬ ‫‪Des oiseaux chantent‬‬ ‫‪D’autres sont devant ma maison. ‬‬ ‫‪Des pierres parlent‬‬ ‫‪Je les entends tandis que sur une natte‬‬ ‫‪Je m’étends,‬‬ ‫‪Me rappelant les forêts de ma jeunesse:‬‬ ‫‪Je vois un poète marchant péniblement‬‬ ‫‪Pour guérir un ruisseau ‬‬ ‫‪Qui quelques jours avant‬‬ ‫‪Fut pris de folie ! ‬‬

‫******‬ ‫إستيقظتُ صباح اليوم في زنزانة ‪.‬‬ ‫لم أسكر ليلة أمس ‪ ,‬لم أعربد‪ ‬‬ ‫وال إعتقلني أحد ـ لم احرقْ مبنى وال صفعتُ وزيراً‬ ‫أو شتمتُ رجال أديان ‪.‬‬ ‫لماذا أنا هنا ؟ أتجهُ الى نافذة ‪ ,‬أصرخُ ‪:‬‬

‫‪Ce matin‬‬ ‫‪Je me suis réveillé ‬‬ ‫‪Dans une cellule‬‬ ‫‪Pourtant, hier ‬‬ ‫‪Je n’ai pas bu d’alcool‬‬ ‫‪Ni fait de tapage‬‬ ‫‪Et personne ne m’a arrêté ‬‬ ‫‪Je n’ai brûlé aucun bâtiment ‬‬ ‫‪Ni giflé de ministre ! ‬‬ ‫‪Et je n’ai pas non plus‬‬ ‫‪Insulté de religieux ! ‬‬ ‫‪Pourquoi suis-je ici ? ‬‬ ‫‪Je me dirige vers une fenêtre ‬‬ ‫‪Et je crie:‬‬ ‫‪P o u r q u o i suis-je ici ? ‬‬ ‫‪Pas de réponse ‬‬ ‫‪Je crie encore :‬‬ ‫‪Hé gardien ! ‬‬ ‫‪J’ai besoin de me raser‬‬ ‫‪Et de prendre un bain! ‬‬ ‫‪Pas de réponse ‬‬ ‫‪Je pousse la porte ‬‬ ‫‪Elle s’ouvre‬‬ ‫‪Dans la cour de la prison ‬‬ ‫‪Je tombe sur une femme‬‬ ‫‪Baignant son enfant ‬‬ ‫‪Je m’avance vers elle ‬‬ ‫‪Pour lui poser des questions ‬‬ ‫‪Sur cet endroit :‬‬ ‫‪- Tu ne le connais pas ? ‬‬ ‫‪Me demande t-elle en riant, ‬‬ ‫‪En se retournant‬‬ ‫‪Je découvre que c’est ma mère ! ‬‬ ‫‪-Et qui est cet enfant ? ‬‬ ‫‪Il se retourne et.... ‬‬ ‫‪je me reconnais ! ‬‬ ‫‪Je les invite ‬‬ ‫‪Et nous allons dans la cellule ‬‬ ‫‪J’y trouve notre petit-déjeuner ‬‬ ‫‪Déjà préparé ‬‬ ‫‪Et mon chien ‬‬ ‫‪Qui m’attend. ‬‬

‫كانت تلك أول مَرة نلتقي فيها منذ عشر سنوات‬ ‫أتى متأخرا ومحمال بكيس ثقيل محشو بحفاظات األطفال‬ ‫وأغراض أخرى قال إنها لزوجته‪.‬‬ ‫تبادلنا سيال من التفاهات‪.‬‬ ‫تحدثنا عن اآلخرين‬ ‫عن خبثهم وقصصهم العقيمة‬ ‫قبل أن نُعَرِّجَ على أنفسنا‪.‬‬ ‫كذبتُ حين حدثتُه عن بعض تفاصيل حياتي‬ ‫هو‪ ،‬زايدَ عليَّ‬ ‫بصدق مريع عن مشاكله‪.‬‬ ‫وتحدث‬ ‫ٍ‬ ‫فجأ ًة جَ َلسَتْ ُقبالتنا زبونة عابرة‪.‬‬ ‫كانت تضحك وهي تتحدث في التلفون‪.‬‬ ‫َقصفناها على الفور بنظرات خاطفة‬

‫إلى أن فاض صدرها البض بسكرتنا‪.‬‬ ‫حاولنا مغالبة‬ ‫الخجل‬ ‫والخوف‬ ‫والحرج‬ ‫القريب جدا من ما يَنْ ُقصُنا‪.‬‬ ‫من تواجدنا‬ ‫ِ‬ ‫شربنا كأسا على نخبها بصمت‬ ‫منبطحينَ خلف الزاوية التسعين ألكاذيبنا‪.‬‬

‫الزاوية التسعون‬

‫خطفوني ألقرأ قصائدي في مهرجان‬ ‫احاطوني بنبيذٍ وجميالت‬ ‫القيتُ ‪ ,‬هنا وهناك ‪ ,‬من شعري ‪ ،‬لم يسمعهُ غيري ‪,‬‬ ‫وصادفتُ ‪ ،‬في كل مرة ‪،‬‬ ‫اسالفي يتطلعون اليّ بغضب‬

‫أيها الحارس لماذا أنا هنا ؟ ال جواب ‪.‬‬ ‫ثم مر ًة أخرى ‪ :‬أيها الحارس ‪ ,‬إفتحْ الباب‬ ‫أحتاجُ حالقة ذقني وأتحمّمَ‬ ‫أدفعُ البابَ ‪ ,‬ينفتحُ ‪.‬‬ ‫بعد الحالقةِ والتحمم والتفكير ‪,‬‬ ‫أصادفُ إمرأ ًة ُ‬ ‫تغسل إبنها في باحة السجن ‪.‬‬ ‫أذهبُ إليها ألسألها عن هذا المكان‬ ‫ اﻻ تعرف هذا المكان ؟ تسالني وهي تضحك‪ ‬‬‫تلتفتُ ‪ ,‬فإذا هي أمي‬ ‫ ومن هذا الطفل ؟ يديرُ رأسهُ ‪ ,‬فإذا هو أنا ‪:‬‬‫أدعوهما ‪ ,‬نذهبُ الى الزنزانة‬ ‫أجدُ فطورنا مرتَباً‬ ‫وكلبيينتظر‬

‫الشاعر عبد اإلله الصالحي‬ ‫ـ باريس ـ‬

‫*********‬ ‫في مديح بطاقتي البنكية‬ ‫إَلعبْ اللعبة‬ ‫حتى النهاية‪.‬‬ ‫إخترعْ للزالت‬ ‫أسماء يسهل نسيانها‪.‬‬ ‫أخرسْ‬ ‫وافتح فمكَ للكارثة‪.‬‬ ‫الحقير ُة التي دفعتُ بال حساب ثمنَ كؤوسها الكثيرة‬ ‫قبّلتني في الفم‬ ‫وانسلتْ إلى وجهة مجهولة‪.‬‬ ‫مبالغ فيه يمأل النادل كأسي‬ ‫بتعاطفٍ ٍ‬ ‫ويغير المنفضة‪.‬‬ ‫فجأ َة يحدق فيّ ٌ‬ ‫رجل من الطرفِ اآلخر للبار‬ ‫ّ‬ ‫يبدو أن نظريته حول النساء تأكدتْ صحتُها للمرة األلف‪.‬‬ ‫النساء يا صديقي‪ ،‬خاطبني رافعا يده للسماء‪ ،‬كلهنَّ كلباتٌ حقيرات ال يهمهنَّ سوى المال‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫وأتحمل صراخ طفل‬ ‫إسمعْ‪ :‬عشتُ خمس سنوات مع إحداهنَ‪ .‬كنتُ أدفعُ إيجار الشقة والفواتير‬ ‫حبلت به من ضحية أخرى قبل أن تطرده من حياتها‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫رجل أسود‪ .‬أسودٌ‪،‬‬ ‫مع‬ ‫وتصاحبت‬ ‫الكلبة‬ ‫ة‬ ‫ابن‬ ‫هجرتني‬ ‫وفي األخير‪ ،‬صرخَ في وجهي رافعا قبضته‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫يا إلهي!‬ ‫نظريتُهُ التافهة لطختْ قميصي األبيض الجديد‬ ‫وهو يشرحُ لي بأنه يميَّزُ جيدا بين العرب والسود‪.‬‬ ‫دفعتُ له بيرة وطلبتُ كأس ويسكي بدون ثلج‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫حل العنصري المعتوه محل الحقيرة (تلك التي باستني في الفم)‬ ‫وقضيتُ الليل بأكمله أنكحُ بطاقتي البنكية‪.‬‬


‫الشمال الثقافي‬

‫العدد ‪1005‬‬

‫الثالثـاء ‪� 06‬إلى ‪ 12‬غ�شت ‪2019‬‬

‫‪10‬‬

‫شعرية النص وسردية الخطاب في «ولي النعمة»‬

‫الدكتور عبد السالم أقلمون‬ ‫الروائية سلمى مختار أمانة اهلل‬ ‫هذه الرواية صرح فني نُسج بكثافة رمزية شديدة‬ ‫التدفق‪ ،‬تمنح سردا مدثرا في غنائية تقود الخطاب‬ ‫والحكاية مثل شالل ناعم الرذاذ هادر االنصباب‪،‬‬ ‫وفي اللحمة السردية والصوغ الحكائي‪ ،‬تتناسل‬ ‫الحكاية‪ ،‬ومن حولها تتناثر محكيات صغرى كثيرة‬ ‫وشديدة التنوع‪ ،‬فيها عوالم داخلية لشخوص تصنع‬ ‫وقائعها‪ ،‬وشخوص أخرى تصنعها وقائعها‪ ،‬الجميع‬ ‫في عالم ورقي مغلق مثل قبو بال منافذ‪ ،‬سوى‬ ‫شعاعات تكشف ضوءا خلفها؛ كل ذلك والقارئ يتقدم‬ ‫في رحلة معلومة الوجهة‪ ،‬عبر مسافة نصية أريد له‬ ‫أن يسمع إيقاع خطوه بداخلها‪ ،‬ثمة سارد مصر أن‬ ‫يناديه ويدعوه ويملي عليه‪ ...‬ليُ ُل ِبس زمنه الخارجي‬ ‫شيئا من الزمن الداخلي؛ ثم فضاءات محمولة على‬ ‫رؤى ونفسيات تجعلها الرواية ‪،‬أحيانا كثيرة‪ ،‬لغة‬ ‫تتشظى كما تشظت أعماق موجوعة‪ ،‬فال تلتئم‬ ‫المسارات السردية المتناكرة‪ ،‬إال عبر تركيب ينهيها‬ ‫لوحة لمخلوقة كانت شأنا‪-‬حياة حقيقية‪ ،‬ثم صارت‬ ‫لونا‪-‬لوحةفنية‪.‬‬ ‫رواية اختارت أن تترنح اللغة بين التشكيل‬ ‫والتوصيل‪ ،‬تشكيل شعري بديع ال ينفك عن توصيل‬ ‫داللي موجع‪ ،‬عالم أحكم صوغه ليزف لك معنى غائبا‪،‬‬ ‫شيئا يسكنك مثل الزمردتين‪ ،‬على تلك اللوحة‪،‬‬ ‫تتوهجان بضياء مهدور‪.‬‬ ‫هذه هي مالمح كتابة سردية أبدعتها صاحبة «تي‬ ‫جي في» لتلج بها ساحة الكتابة المغربية‪ ،‬معلنة‬ ‫انضمامها إلى كوكبة من الكتاب المغاربة شبابا‬ ‫ومخضرمين‪ ،‬يجدون الرواية خزّانا مناسبا إليداع‬ ‫تمثالت المجتمع وواقعه‪ ،‬وهذا الزخم السردي العام‬ ‫يعكس حيوية الفتة لتحسّس كينونة هذا المجتمع‬ ‫والنظر في مساراته الجديدة على ضوء مواقف‬ ‫شخوص روائية أريد لها أن تكون ذات تمثيلية كبيرة‪،‬‬ ‫وذات قدرة على استقطاب النبض االجتماعي وإعادة‬ ‫تدويره في حلة تشخيصية‪.‬‬ ‫التركيب السردي‬ ‫تقدم لنا رواية «ولي النعمة» متنا سرديا يعج‬ ‫بالراهنية‪ ،‬كتابة فيها الكثير من التماس بين زمن‬ ‫المغامرة وزمن الكتابة‪ ،‬مما يحدث اهتزازا دوريا ناجما‬ ‫عن ذبذبات تتجمع في دائرة اإلطار المرجعي للتلقي‬ ‫لتقوم بلحم بعض المقاطع السردية بما يدركه‬ ‫القارئ بدوره من أحداث الرواية وخلفيات شخوصها‪،‬‬ ‫التكنيك الروائي هنا يتجاوز الدعوة المباشرة للمتلقي‬ ‫ليلج العالم الداخلي للنص‪ ،‬فيما يشبه تجاوز الجدار‬ ‫الرابع على طريقة المسرح‪ ،‬وهو صريح نصيا‪ ،‬إلى‬ ‫مشاركة ضمنية تفرضها وقائع الرواية وهي حادثة‬ ‫بجوار اإلدراك الواقعي للمسرود له النموذجي‪.‬‬ ‫وإذا نظرنا في بعض نماذج التوظيف الروائي لهذا‬ ‫التكنيك‪ ،‬سنجد الرواية وفقت في استعماله بصفته‬ ‫مكونا بانيا للنسيج السردي‪ ،‬وملتحما بالمآالت‬ ‫الداللية المنشودة‪ ،‬وهذا النوع من الرهان إذا لم يتم‬ ‫تشغيله بدقة‪ ،‬وإذا لم يتم التحكم في وتيرة دفعه إلى‬ ‫سطح السرد‪ ،‬ال يضطلع بوظيفته بقدر ما يصير عبئا‬ ‫على التدفق السردي‪ ،‬ويشوش على اللحمة الداخلية‬ ‫للنص الروائي‪ ،‬وهو بنية ذات انسجام داخلي في‬ ‫األصل ال يمكن كسرها بانفتاحات خارج نصية دون‬ ‫توظيف محكم وقدرة إبداعية تمسح آثار الندبة‬ ‫الناجمة عن تقطيع النسيج الداخلي لفائدة مكون‬ ‫براني يراد له أن يلتحم به‪.‬‬ ‫وفي هذا النص يندرج االستدعاء السردي للمتلقي‬ ‫ضمن وظائف سردية ذات طموح فني وداللي‪ ،‬كما‬ ‫يمكن إبراز ذلك في النماذج اآلتية‪:‬‬ ‫النموذج األول‪:‬االستجالء الداخلي من خالل موالي‬ ‫العربي ‪Introspection‬‬ ‫«(يصر موالي العربي على انتزاع مقود الحكي‬ ‫مني‪ ،‬معذرة عزيزي القارئ فالمثل المغربي يقول اهلل‬ ‫ينجيك من الساكت إال دوا)» ص‪.19:‬‬ ‫هذا الملفوظ السردي يستشرف به النص صورة‬ ‫شخصية إشكالية‪ ،‬غارقة في صمت دائم‪ ،‬علما بأن‬ ‫وظيفته الرئيسية هي الكالم بشكل دائم‪ ،‬فهو‬ ‫مؤنس ولي النعمة‪ ،‬فما بين الوصف (ساكت) ووصف‬ ‫(دوا) تنشأ زوبعة داللية تحيط بشخصية روائية‬ ‫لم يفلح ساكتة ولم تفلح متكلمة‪ ،‬فحجم المعاناة‬ ‫التي اختار النص موالي العربي ليكون موضوعا‬

‫الختبارها‪ ،‬تعقد اللسان إلى األبد‪ .‬لقد جاءت هذه‬ ‫الوقفة السردية لتجعل القارئ شريكا في طوطولوجيا‬ ‫اصطنعت نصيا للتعليق على محكي الكالم الداخلي‬ ‫الذي تولت الشخصية سرده بنفسها‪ ،‬وحيث تحوّل‬ ‫«أنا» المسرود إلى «أنا» السارد‪ ،‬وحيث تنازل السارد‬ ‫عن وظيفته الرئيسية لفائدة الشخصية‪ ،‬ولكن السارد‬ ‫يشرك القارئ معتذرا بأنه لم يتنازل عن هذه الوظيفة‬ ‫طوعا‪ ،‬ولكن موالي العربي انتزع مقود الحكي قسرا‪،‬‬ ‫وهنا يستشعر المسرود له (القارئ الضمني) نفوذ‬ ‫القسوة التي جعلت الشخصية تتولى حكي جيشانها‬ ‫الداخلي‪ ،‬ما حك جلدك مثل ظفرك‪ ،‬الفورة الداخلية‪،‬‬ ‫تجعل هذه الشخصية بصفتها عالمة نصية‪ ،‬وليس‬ ‫عالمة لسانية‪ ،‬بطاقة مواجع نكتشفها عبر متواليات‬ ‫سردية مصدرها األولي هو السارد الخارجي حين‬ ‫يقدم لنا طالئع المأساة‪ ،‬في ملفوظ يتناغم مع النص‬ ‫األول‪« :‬بقي العربي بعد حادثة مقتل أمه عاجزا عن‬ ‫النطق» ‪ .18‬أب العربي قتل أمه بسبب شك تافه‪،‬‬ ‫فجيعة تسلب الشخصية حاسة الكالم‪ ،‬سوف يسكت‬ ‫ولكن حتى حين‪.‬‬ ‫سوف يتكلم العربي بعد ذلك كالما كثيرا‪ ،‬لكنه‬ ‫سيهجره مرة أخرى‪ ،‬ليصير أبكم الجوارح‪.‬‬ ‫ماذا يفعل العربي يتكلم أم يصمت؟ الجواب هو‬ ‫الذي أفضى بهذه الشخصية إلى أن تنتزع مقود‬ ‫الحكي‪ ،‬وهو الذي حمل السارد على أن يستنجد‬ ‫بالقارئ‪ ،‬حين وجد نفسه فجأة أمام محكي أعماق‬ ‫مشوشة‪ ،‬تندفع إلى سطح النص مندفعة من أعماق‬ ‫شخصية ال تهمل السارد إلى حين توضيب سياق‬ ‫مالئم لخروجها النصي‪ ،‬إنها الماكما السيكولوجية‬ ‫تندلق من تلقاء نفسها‪:‬‬ ‫«انشغلت عن الكالم بمراقبة الكلمات وهي تنمو‬ ‫لتتدحرج بداخلي دون أن أستعجل قطافها‪ .‬أحوم‬ ‫حولها بشغف طفل يكتشف حقوال شاسعة من عباد‬ ‫الشمس‪ ...‬أمتطي صهوة الصوت فيصهل المعنى‬ ‫بداخلي دون أن يبرح مربطه‪ .‬أسابقه فيسبقني‪ .‬قبل‬ ‫أن يقفز من فوق لساني ليعود لالختفاء بعيدا هناك‬ ‫بمشرق الدهشة» ‪.19‬‬ ‫في هذا النص تكتنز الداللة وتكتسي حلة رمزية‬ ‫في أسلوب شعري‪ ،‬لتعبر مساحات شاسعة من معاني‬ ‫الشقاء‪ ،‬وهي بعد مجرد هواجس يهدر بها عمق تائه‪.‬‬ ‫النموذج الثاني‪:‬االستجالء الخارجي من خالل عبد‬ ‫الغني الضعيف ‪Extrospection‬‬ ‫«(ما هو تعريف الحقيقة من وجهة نظرك أنت‬ ‫عزيزي القارئ؟ ال تتردد كثيرا اقبض على طرف الخيط‬ ‫ودعه يجذبك إلى حقيقتك)» ص‪.37 :‬‬ ‫في هذا النموذج الثاني يستشرف النص أفق اإللغاز‬ ‫الذي سينقاد إليه القارئ الحقا عبر تنسيب المعاني‬ ‫والمعايير‪ ،‬سؤال فلسفي كبير يصدم القارئ‪ ،‬ويربكه‬ ‫وهو في رحلة ال يراد لها أن تستروح معاني الحكي‬ ‫من حكاية باردة‪ ،‬حكاية تجمع في حيزها النصي‬ ‫المحدود كاليغرافيا‪ ،‬شظايا المعاني الالنهائية تلك‬ ‫التي بإمكانها أن تسائل الوجود وتسائل الحياة‪ .‬فهل‬ ‫كان بمقدور القارئ أن يجيب‪ ،‬أو هو مدعو لإلمساك‬ ‫بخيط نصي تمد الرواية طرفه نحوه في إغراء‬ ‫بيّن‪ ،‬إذن الحقيقة مجردة أم الحقيقة الذاتية؟ كان‬ ‫القديس أوغسطين يردد وهو يستغرق في دوامة‬ ‫سؤال فلسفي حول الزمان‪ ،‬تتأرجح فيه اإلجابة بين‬ ‫النفي واإلثبات‪ :‬ما هو الزمن؟ قال‪ :‬عندما ال يسألني‬ ‫أحد فانا أعرف‪ ،‬ولكن عندما أُسأل أصير ال أعرف‪ .‬هل‬ ‫ينبغي أن يستعير القارئ هذا الجواب فينزوي لعدم‬ ‫معرفة الحقيقة‪ ،‬أم يتعاطى مع الرواية يستجمع‬ ‫شذرات المعاني المنتثرة‪ ،‬ليلملم بها وجها من‬ ‫وجوه الحقيقة‪ ،‬ثم حقيقة ماذا؟ هل حقيقة الشمس‬ ‫الساطعة التي ال يستطيع أحد أن يجحظ بإزائها‬ ‫مركزا‪ ،‬أم حقيقة العمى الطوعي المتكتم على النور‬ ‫الطافح تحت األقدام‪ ،‬أم حقيقة عبد الغني الضعيف‬ ‫التي تشع من جريدة «تفوكت» نورا وهّاجا ال يضيء‬ ‫غير البقع المحددة‪ ،‬فيما الظمأ ينهك العتمات األخرى‪،‬‬ ‫وهي تشتاق لبقعة ضوء‪.‬‬ ‫«الشمس أو تفوكت باألمازيغية‪ ،‬الحقيقة كما‬ ‫يعرفها الكل وكما يخشاها الكل وكما يجهلها الكل‪،‬‬ ‫الحقيقة ذاك السراب الذي حجت إليه عقول الفالسفة‪،‬‬ ‫وحلمت بامتالكه نزوة المجانين‪ ،‬الحقيقة التي‬

‫�أ�ستاذ باحث‬ ‫جامعة ابن زهر‪�/‬أكادير‬

‫تعففت عن ذكرها الحكمة وزهد في معرفتها الحكام‬ ‫والسالطين‪ ،‬تلك التي سجنت أنبياء وهاجر من أجل‬ ‫إعالئها رسل‪ ،‬شردت بالدا وأحرقت أوطانا‪ ،‬ثم نامت‪،‬‬ ‫كأي مومس في حضن الخديعة» ‪.36‬‬ ‫في هذه البؤرة السردية تتحرك استفهامات‬ ‫بتحريض من النص لمساءلة وظيفة اإلعالم‪ ،‬أينشر‬ ‫الحقيقة أم يئد األمل‪ ،‬يبني المستقبل بسلوك الكلمة‬ ‫النيّرة التي تبرعم قيما إيجابية تسمو‪ ،‬أم ِّ‬ ‫يدثر البؤس‬ ‫بإزار الكلمات ليميطه على روح المجتمع‪ ،‬كلها أسئلة‬ ‫تنشأ في جدل سردي يصطنع النص أدواره ِّ‬ ‫الممثلية‬ ‫لفائدة‪ :‬عبد الغني الضعيف بصفته شخصية روائية‬ ‫ينجز وظائفه الفنية في إبراز دور اإلعالم وانتصاراته‬ ‫وانكساراته‪ ،‬ولفائدة السارد ّْ‬ ‫مؤطرا ولفائدة القارئ‬ ‫مشاركا افتراضيا (مدعوا للمشاركة)‪.‬‬ ‫النموذج الثالث‪ ،‬االنفتاح النصي‬ ‫«على سالمتك عزيزي القارئ‪ ،‬انتهى درس‬ ‫االقتصاد والعولمة والغطرسة ولك أن تنعم بانتمائك‬ ‫لعصر الهامبورغر بنكهة الكبسة وسوشي براس‬ ‫الحانوت» ‪.46‬‬ ‫ينفتح هذا النموذج الثالث على خارج النص بشكل‬ ‫قوي‪ ،‬ليعلن عن جزء من المحكيات السردية التي‬ ‫ساهمت في بناء العالم الداخلي لنص الرواية‪ ،‬قضايا‬ ‫الفشل االقتصادي واالختيارات السياسية الخاطئة‪،‬‬ ‫واالنعكاسات االجتماعية لذلك الفشل يترجمها‬ ‫الجهل والخرافة‪ ،‬والسقوط في أحضان البدائل‬ ‫المفلسة تلك التي تحيط بالمجتمع وتغرسه في أرض‬ ‫الجهالة شتيلة موعودة بنمو لعين‪ ،‬وهذا النوع من‬ ‫الحكي يفترض أن يستغرق المتلقي ويدمجه في‬ ‫بواطنه ألنه معني بالقضايا االقتصادية وانعكاساتها‬ ‫عليه‪ ،‬لماذا يترك الناس فروض العلم ودواعيه‬ ‫متجلية في حقائق الطب ومنجزاته‪ ،‬ويتوجهون‬ ‫للجهالة يركبون رهانها شعوذة وبالدة أحيانا‪ ،‬وأحيانا‬ ‫أخرى عجزا وإفالسا‪:‬‬ ‫«جيش من العشابة والدكاترة والدجالين‬ ‫والعطارين مدجج لمقاومة أمراض المغاربة الفتاكة‪،‬‬ ‫بوحمرون وبوجلود وبوهزاز‪ ،‬يبدو أن ألمراضنا أصوال‬ ‫وسالالت عربية عريقة‪ ،‬أسماؤها المركبة تدل على‬ ‫ذلك‪.‬‬ ‫هو الطب البديل أو الطب الذي لم يعد من بديل‬ ‫عنه وال مفر منه أمام إفالس مستشفيات الدولة‬ ‫وارتفاع أسعار االستشارات الطبية‪ ،‬وجشع المصحات‬ ‫الخاصة‪...‬‬ ‫هذا هو االختالف الحقيقي وليس ذاك الذي تقحمنا‬ ‫فيه خطابات الزعماء والسياسيين والمسؤولين‬ ‫بألسنتها الخشبية» ‪.44‬‬ ‫لكن لغة االقتصاد وقضاياه حين تظفرها‬ ‫الرواية في نسيج حكي يفترض النص أن يشد‬ ‫القارئ ويستلبه‪ ،‬ويدخله في لحظة ذهول وشرود‪،‬‬ ‫تقرر بشكل مفاجئ مرة أخرى أن ترج هذا القارئ‬ ‫المفترض وتنبهه من غفوته السردية‪ ،‬ليستجمع‬ ‫قواه ويستحضر طاقته الذهنية الستقبال زخم سردي‬ ‫ما زال النص يحبل بالكثير منه‪.‬‬ ‫تستعمل الرواية تقنية االنفتاح النصي بين الفينة‬ ‫واألخرى إلدماج المتلقي بصفته قارئا حاضرا‪ ،‬لتهجين‬ ‫الزمن الداخلي بزمن خارجي‪ ،‬حيث يراد للرواية‬ ‫أن تستفيد من المردود الداللي الناجم عن تفاعل‬ ‫الزمنين‪ ،‬وهما في األصل غير متباعدين‪ ،‬فالرواية‬ ‫تتحرك في مساحة زمنية تشترك في بنائها ثالثة‬ ‫أزمنة‪ :‬زمن المغامرة‪ ،‬أو الزمن الداخلي حيث تنغرس‬ ‫حكاية موالي العربي وعبد الغني الضعيف في تربة‬ ‫الحاضر بصفتهما اختبارا لهذا الزمن‪ ،‬وكشفا لدالالته‬ ‫اإلنسانية من خالل النماذج المذكورة؛ وزمن الكتابة‪،‬‬ ‫بصفته متلبسا بزمن الكاتبة يتسلل من خالله نبض‬ ‫الواقع المعيش منعكسا على منظور الزمن الحديث‪،‬‬ ‫ليتشكل فنيا في تالفيف زمن المغامرة يحسس‬ ‫بوجوده هو اآلخر من خالل موضوعات مصدرها‬ ‫الحاضر الذي يمثله هذا الزمن؛ وأخيرا زمن القراءة‬ ‫بصفته حاضرا من خالل اشتغال نصي يصر على‬ ‫إدماجه ضمن الصيرورة الخطابية للرواية من خالل‬ ‫استدعاء القارئ لالقتراب من العوالم التخييلية للسارد‬ ‫قصد مشاركته ومشاكسته‪.‬‬

‫الشاعرة فزازي فاطمة الزهرة‬ ‫األبواب موصدة‬ ‫والطريق متاهة‪..‬‬ ‫وهذا الحارس المارد‬ ‫يباهي العابرين‬ ‫والمنتظرين‪..‬‬ ‫يمد صدره سياجا‪،‬‬ ‫وينصب ذراعه‬ ‫مشنقة‪..‬‬ ‫بقبضته يطوي المسافة‬ ‫بين الصرخة‬ ‫والدمعة‬ ‫والشهقة‬ ‫والمقبرة‪..‬‬ ‫عند كل المعابر ‪،‬‬ ‫يقف فارها كمئذنة‪..‬‬ ‫وذاك اللسان بين فكيه‬ ‫منجنيق‪،‬‬ ‫يقذف حمما نتنة‪،‬‬ ‫كاشفا‬ ‫ببذاءة‬ ‫عورات نواياه‬ ‫المضمرة‪..‬‬ ‫وتظل األبواب موصدة‪..‬‬ ‫والريح تحمل على األكف‬ ‫غيمات‪..‬‬ ‫سيأتي خراجها‬ ‫كصرخة وليد‬ ‫تشق صدر السماء‪..‬‬ ‫وكرقصة غجرية ‪،‬‬ ‫في خضم لفاتها القزحية‪،‬‬ ‫تطرق بكعبها العالي‬ ‫أديم األرض ‪..‬‬ ‫وتنثر من ساللها‬ ‫زهورا وسنابل‪..‬‬ ‫مارتيل ‪ 25‬ماي ‪2019‬‬

‫*********‬ ‫أفق آخر لالنتظار‬ ‫لهفي عليك‬ ‫أنت الساكن‬ ‫قرص القمر !!‬ ‫في المهد‪،‬‬ ‫تُغتال عند شطآنك‬ ‫تراتيل الصبح‪..‬‬

‫تغادر أسراب النوارس‬ ‫مكنونات النفس‬ ‫منذ انسداد األفق‪..‬‬ ‫كم تسبيحة فجر‬ ‫تقيك شر القهر؟!‬ ‫أيوب صاح‬ ‫في كل واد‪،‬‬ ‫ومرتفع ‪،‬‬ ‫وأرض‪..‬‬ ‫أيوب ناح‬ ‫وفي الكف‬ ‫خارطة للبتر‪..‬‬ ‫لم يعد يجدي‬ ‫غير االرتماء‬ ‫في حضن البحر‪..‬‬ ‫حيث االغتسال‬ ‫بالملح والماء‬ ‫شرط التطهر‬ ‫من عسف القدر‪..‬‬ ‫حيث االنقالب‬ ‫على سطور الشعر‬ ‫ليس سوى طقس‬ ‫من طقوس الغدر‪...‬‬ ‫وملحمة بذيئة‬ ‫لِ َليّ عنق الشمس‪..‬‬ ‫فهل للمرتَهَن‬ ‫منذ غابر العهد‬ ‫من ارتقاء؟!‬ ‫وهل للفجر الملون‬ ‫في األفق‬ ‫من سفور؟!‬ ‫قد تضيع األلوان‪،‬‬ ‫قد تغيب‬ ‫عن مرمى النظر‪،‬‬ ‫لكن لها موعدا‬ ‫عند كل قوس قزح‬ ‫تلتقي‪..‬‬ ‫كلما أشرقت‬ ‫بعد مط ِر‪..‬‬


‫الشمال الثقافي‬

‫العدد ‪1005‬‬

‫الشاعر أحمد العمراوي‬

‫�أ�شياء حتدث‬ ‫يف ميغامول‬ ‫انظرْ‬

‫يزداد الحر‬

‫أنت هنا‬

‫مع السيقان‬

‫ال حقّ لك في غير النظر‬ ‫انظر ‪...‬‬ ‫في الحرّ البراني‪،‬‬ ‫النظر ُة تطفئ صهدك أو تعميك‬ ‫نفحاتُ مكيف الهواء‬ ‫قد ال تكفي‬

‫وأفّ للتحليل النفسي‬ ‫والعفة والضبط‬ ‫ولكل قانون وُضع ليزدهر القاموس‬ ‫ما زال الحر يالمس فلقة تلك الفاتنة‬ ‫ما زال األجنبي يتظاهر‬

‫لسدّ المسافة بين العين‬

‫بغض البصر عن النهدين‬

‫وداخلك المفتون‬

‫الناتئتين‬

‫ثمّ‬ ‫فيهنّ‬ ‫انظر‪ ،‬وتمعن ِ‬ ‫طويالت‬ ‫نحيالت‬ ‫مكتنزات أو ‪...‬‬

‫صوت خرير الماء‬ ‫يطفئ لهباً مغروساً في العينين‬ ‫وانظر‬

‫ْ‬ ‫تنظرن مباشرة نحوكَ‬ ‫هنّ ال‬

‫أو انتظر الوقت‬

‫مشغوالتٌ‪ ،‬تَبْدين‬

‫لتَخرج عن مخك‬

‫• أريد مبردا‬

‫بخيل أقوى من لذغات مسعورة‬

‫• هات كالص شوكوال‬

‫تكسر النبر واإليقاع‬

‫النادل ال يتلفت‬ ‫مشغول هو بحساب آخر‬ ‫يرتبط بفواتير محددة‬ ‫في الميقات أي آخر الشهر‬ ‫نصف قميص في األعلى‬ ‫نصفٌ آخر في األسفل‬ ‫أقل قلي ًال‬

‫فماذا لو أدخلتَ‬ ‫نظرتكَ ألعماق الفاتنة إياها‬ ‫بال ميعاد‬ ‫واخترقتَ قبتك المحظورة‬ ‫ما دمتَ مع أشياء‬ ‫مجرد أشياء تحدث في ميغامول‪.‬‬

‫ْ‬ ‫« ُبو ُتوك ْ�س»‬ ‫الوقت متأخر‪ ،‬والساعة تشير إلى الواحدة والنصف‬ ‫بعد منتصف الليل‪ ،‬ذلك ما يشير إليه هاتفها المحمول‪،‬‬ ‫تنزل من سيارتها‪ ،‬بيد تكاد تحرك المفتاح في الباب‬ ‫من شدة التعب‪ ،‬تدفع دفعا ذلك األخير‪ ،‬تستعين‬ ‫بقدمها أيضا في القيام بذلك‪ ،‬متمايلة من شدة التعب‬ ‫تدخل البيت‪ ،‬برجلها اليمنى تغلق الباب‪ ،‬ترمي بحذائها‬ ‫ذي الكعب العالي‪ ،‬وكأنها تسترد حرية قدميها‪ ،‬حافية‬ ‫تتوجه إلى غرفتها‪ ،‬تخلص جسدها من القفطان المثقل‬ ‫بأنواع جذابة من العقيق والخرز‪ ،‬قفطان جميل جعل‬ ‫منها في حفل زفاف صديقتها‪ ،‬العروس الثانية ‪..‬‬ ‫عارية إال من مالبس داخلية تتوجه نحو الدوش‪،‬‬ ‫على زر بسخان الماء تضغط ‪ ،‬ثم تطلق الماء بحرارة‬ ‫معتدلة في حوض االستحمام‪ ،‬جالسة على حافة هذا‬ ‫األخير تنتظر امتالءه‪ ،‬تطلق العنان لسمعها وهو يلتقط‬ ‫ثرثرة الجريان ‪ ،‬وعلى صفحة مويجاته تتأمل وجهها‬ ‫وقد تفككت مالمحه وتعرجت‪..‬‬ ‫ليتها ‪-‬بعد الغطس بذلك الحوض‪ -‬تنجح في‬ ‫التخلص من أشياء عالقة تحت جلد ذاكرة هذا الجسد‬ ‫االذي تحمله في كثير من األحيان بدل أن يحملها‪ ،‬حتى‬ ‫يكتمل االستحمام‪ ،‬ويتحقق االسترخاء التام ‪..‬‬ ‫فأثقال الجسد ليست عرقا يخنق المسام ‪ ،‬وليست‬ ‫تشنجات يسببها اإلفراط في الحركة أو السكون‪ ،‬هي‬ ‫ذاكرة عنيدة‪ ،‬عصية على النسيان‪ ،‬هي عجلة تفكير ال‬ ‫يؤلمه رأسه من كثرة دِّي وْجيبْ‪..‬‬ ‫الفقر شاهد إثبات وليس قاتال‪ ..‬تقول وهي تتذكر‬ ‫ماض قريبا‪ ،‬يجيبها النسيان ‪:‬‬ ‫لتفعل الرياح ما تشاء باألوراق الميتة‪ ،‬ولتفعل يد‬ ‫سمائك ما تشاء بما سيأتي من الصباحات‬ ‫ليس لِ ْلبَ ْل ِع خُلِقَ بعض الكالم‪..‬‬ ‫َّ‬ ‫مُحَالة بعسل مغشوش‪ ،‬تقاطعه قائلة‪:‬‬ ‫بنبرة‬ ‫ال وقت لدي في عد أشواك الصبار‬ ‫في اتجاهك ستهب بي ذاكرة األيام‪.‬‬ ‫يتوقف الكالم عن الكالم‪ ،‬يمعن الصمت في صمته‪،‬‬ ‫وتبتسم الحكمة‬ ‫بعلبة استقبال المكالمات يترك ذلك الصمتَ‬ ‫رسالة ‪..‬‬ ‫أُجيدُ قراءتك بعيدا عن ضجيج متقطع يقذف بي‬ ‫إلى الالاتجاه‪..‬‬ ‫كطفلة ضائعة‪ ،‬إليك سأعيدك‬ ‫أبطِل دغدغة فقاعات الفرح‪ ،‬وأذكرك بسابق‬ ‫حزنك‪..‬‬ ‫منك سأتدلى مشنقة تلتَفُّ حول عنق مُضْغة‬ ‫حب‪..‬‬ ‫بعدما فرغت من االستحمام‪ ،‬بمنشفة زرقاء اللون‬ ‫تلف الجزء األعلى من جسمها‪ ،‬تنتعل شبشبا من نفس‬ ‫اللون‪ ،‬ثم تتوجه إلى غرفتها‪ ،‬ليس لديها رغبة في‬ ‫ارتداء منامتها‪ ،‬ما يلح عليها اآلن هو الجلوس إليها‬ ‫والتحدث ‪ ،‬تريد أن تغير أشياء في ذلك الجسد الذي‬ ‫تجره خلفها‪ ،‬إلى مرآة الكوافوز تنظر‪ ،‬تحدق‪ ،‬برأسها‬ ‫تتفحص عينين صغيرتين وقد غزتهما الهاالت‬

‫الثالثـاء ‪� 06‬إلى ‪ 12‬غ�شت ‪2019‬‬

‫‪11‬‬

‫القاصة سعيدة لقراري‬ ‫السوداء‪ ،‬كمجسات تستعمل أناملها الرشيقة والطويلة‬ ‫وتمررها على خديها ‪ ،‬بشكل دائري تعيد نفس الحركة‪،‬‬ ‫وبنفس المكان‪ ،‬بعد لحظات قليلة‪ ،‬تتدحرج مجساتها‬ ‫نحو شفتيها الذابلتين‪..‬‬ ‫التجديد ينشط دورة الزمن في الشرايين‪ ،‬يطيل‬ ‫العمر ويكسبنا براعة في تهييئ كعك الفرح‪ ،‬تريد أن‬ ‫تمسح أثر لمسات وهمسات أغرقت مالمح ذلك الوجه‬ ‫‪ ..‬وإلى األبد ‪..‬‬ ‫ستجند الذاكـــرة للقيـــام بذلك‪ ،‬وستستعيـــن‬ ‫بمستجدات عمليات التجميل‪..‬‬ ‫تمد الذاكرة بالنسيان والنظر إلى األمام‪ ،‬ثم تحدد‬ ‫موعدا مع طبيب التجميل‪ ،‬لتحقن عضالت عينيها‪،‬‬ ‫خديها وشفتيها‪ ،‬بالبوتوكس‪ ،‬والفيلر‪..‬‬ ‫قد تقترح على الطبيب تغيير شكل عينيها‬ ‫أيضا‪ ،‬لونهما يشبه لون عيني فاتن حمامة‪ ،‬فلما ال‬ ‫يشبهانهما في الشكل أيضا! ‪..‬‬ ‫تمسك بأنفها وتتذكر أنه يفتقد أَنَفة ضاعت‬ ‫منه ذات ألم‪. .‬هذه فرصة أيضا لجبر ما لحق به من‬ ‫االنكسارات‪..‬‬ ‫أرجو أن ينعكس ترميم ما يعلو وجهي من خراب‪،‬‬ ‫على الفوضى التي بالداخل‪. .‬‬ ‫على أي‪ ،‬األمر ليس بيد آخر غيري‪ ..‬وفي سلة واحدة‬ ‫لن أضعني بيضا وحجرا‪.‬‬ ‫كلباس العيد‪ ،‬نحتاج أحيانا ارتداء هذه الحياة‪.‬‬ ‫ما يملؤني ‪...‬عطر ال تسعه زجاجة ‪ ،‬أهداني إياه‬ ‫القدر‪..‬‬ ‫رذاذه – من دون شك ‪ -‬سيوقف توسيع مساحات‬ ‫يشغلها الفائض من األمنيات‪..‬‬ ‫يزعجني النفخ في بطن األحالم وتمطيطها‪ ،‬في‬ ‫مرأب األوهام أركن قاطرة أمل مشحونة بالهدايا‪ ،‬ال‬ ‫أدري هل سأعود لإلقالع بها‪ ،‬أم أن انتظارها لعودتي‬ ‫سيطول ‪..‬‬ ‫على عتبة شمس باردة‪ ،‬تَتَوَسّدني ركبتي‪،‬‬ ‫وبمحاذاة حدودي أنام مطمئنة‪ ،‬بجيوب الحلم أحتمي‪،‬‬ ‫هناك‪ ،‬أغزل حكايات على مقاسي‪ ،‬أفرغني من الضجيج‪،‬‬ ‫وعلى كرسي هزاز بشرفة تطل على وجه البحر أحط وأنا‬ ‫أجتر هزائمي أمام العطش واالنتظارات‪..‬‬ ‫ساخِرة أغسل وجه الحزن‪ ،‬خارج األنين أغريه برحلة‬ ‫إلى ديار تأويه و تلبسه دفءا ‪...‬‬ ‫أترجَّل ما تبقى لي من الطريق‪ ،‬وعلى أديم السماء‬ ‫ُ‬ ‫أنثرني أصواتا ال تسمعها إال النجوم!‪..‬‬ ‫من كوة في رأسي‪ ،‬أتفقد ذخيرتي على رفوف‬ ‫الذاكرة‪..‬‬ ‫وابتسامات الصباح الصفراء‪ ،‬ثم أردد‪ :‬طِ ْلعِت يا‬ ‫ما احْلى نورْها‪..‬‬


‫العدد ‪1005‬‬

‫الشمال الثقافي‬

‫الثالثـاء ‪� 06‬إلى ‪ 12‬غ�شت ‪2019‬‬

‫‪12‬‬

‫ال تغامر‬ ‫بتصليب طيني‬ ‫كنحات بارع‬ ‫وقد أدركت‬ ‫أني محض بقايا حلم‬ ‫لطفولة عالقة ‪...‬‬ ‫‪..................‬‬

‫الدعم‬ ‫الثقافي في‬ ‫المغرب‬

‫ما قبل الحقيقة‬ ‫َ‬ ‫موكادور‬ ‫ال شيء يشتهيه صبحي‬ ‫غير ربيع متأنق‬ ‫يعبر الخاصرة بسمة لزجة تنشمس‬ ‫فقبل أن يرتد إليك حلمك‬ ‫أشح إللهة الريح‬ ‫تكوم فجرك بأعتابي‬ ‫خطوا يوازي خطوي‬ ‫فرحلتك بالحدس خاتمة النار‬ ‫تتجاوز البوابات المغلقة‬ ‫وإن كان بالظن أشباح هرمت‬ ‫برؤوس تشبه الحقيقة‬ ‫لنعش صلب قصيد‬ ‫فأنا عادة ال أغضب‬ ‫حين أكون الريح‬ ‫فقط أوقظ الزهر ليتنفس‬ ‫وال أغضب‬ ‫حين أكون خطو نورس يتيم‬ ‫فقظ أوقظ البحر ليتيمم‬ ‫وأؤجج عطش الشطآن‬ ‫ألصير هسيس ليل انقمر‬ ‫قبل األوج‬ ‫فأقم على يمناك الحد‬ ‫وال تسابق ريحا تعاكس سنابلي‬ ‫كي ال تجرف الطين ألوان الحريق‬ ‫وتعلم من زوربا رقصا بالنار‬ ‫فعزفي ليس ثقب ريح‬ ‫عزفي‬ ‫مخاض لمولد جديد‬

‫محمد بنقدور الوهراني‬

‫الشاعرة نعيمة زايد‬ ‫لشجر جديد‬ ‫َ‬ ‫لتانكارو اليوم أن تعير كأسي‬ ‫للعابرين بعشقي‬ ‫لها ان تؤجج الحنين‬ ‫لها اكتمال الفرح‬ ‫لها ليلي يرفع عرش القصيد لما بعد التجلي‬ ‫لها نبض الزهر بطراوة األصيص‬ ‫أيا َ‬ ‫موكادور‬ ‫احضني ريحي ثانية‬ ‫فلك الرشفة األولى‬ ‫ولي ما بعد النهاية‬ ‫حلم أثير ‪.‬‬ ‫من ديوان «بحيرة الصمت»‬

‫أيوب‪ ....‬ما كنتُ ألخبئ‬ ‫ممشاي ويداي تحمالن‬ ‫قطعة من فراغ‪ ‬‬ ‫الشاعرة فاطمة الزهرة أمسكين‬ ‫أخضر هذا القلب‬ ‫كالموت الذي‬ ‫أحمله وال يحملني‬ ‫كبراءة البياض‬ ‫من سواد النهارات‬ ‫كشتائل أحالم مكتظة بالفراغ‬ ‫يحملها أيوب‬ ‫يزرعها‪ ‬‬ ‫لينبت الغياب ناصعا‪ ‬‬ ‫و قد أفرغ خطوه دفعة‬ ‫خلف ظله المستباح‬ ‫كيف أرسم وجه أيوب‪ ‬‬ ‫وقد اكتظ بوجوه اآلخرين‪ ‬‬ ‫واجتمعت فيه أطالل السحاب؟‬ ‫ما خان أيوب الفراش المتطاير من دمه‬ ‫بل وأد إكراما‬ ‫وجوهه المستعملة‪ ‬‬ ‫كلما خبأ طينه كي ال يبقى حافيا‬ ‫كجرة مكسورة بقارعة طريق‬ ‫أو كوشم على ذراع شيخ‬

‫داهمه اإلنتحار‬ ‫ما كان أيوب سليل الرذاذ‬ ‫ليخْفِر الماء من عيون النوارس‬ ‫وال كان أكثر حرية‬ ‫َ‬ ‫بشَظفِ الطريق‬ ‫لينتمي لشارات الليل‬ ‫وبقميص نومه الوحيد‬ ‫دائرة سحاب‬ ‫يمتدّ فيه سر شابح‬ ‫كالمساء الذي يزرع‬ ‫موسيقى استرافنسكي بخطوه‬ ‫فيرقص‬ ‫يرقص وهو يدحرج‬ ‫سرة الصمت‬ ‫يتأبط الليل‬ ‫يُغرق الغيم‬ ‫عند خط البداية‬ ‫ليصير أكبر من مجاز‪...‬‬

‫بعدَ السياسة‪ ،‬أصبح الدعم المالي للثقافة بمثابة حق وواجب‪ ،‬ومع‬ ‫توالي التجارب والنماذج أضحى هذا الدعم‪ ،‬في كثير من جوانبه‪ ،‬الظاهر‬ ‫منها والمخفي‪ ،‬يشبه الريع ويقترب منه‪ ،‬خاصة عندما يصبح ماال سائبا‬ ‫يفسد أكثر مما يصلح‪.‬‬ ‫في كثير من أنحاء المغرب‪ ،‬الكثير والكثير من الجمعيات والمؤسسات‬ ‫الثقافية‪ ،‬والكثير من المهرجانات واللقاءات‪ ،‬والكثير من مشاريع طبع‬ ‫وإصدار الكتب وغير ذلك‪ ،‬أغلبيتها الساحقة جعجعة بال طحين‪ ،‬وكالم‬ ‫بدون أثر‪ ،‬ونهب للمال العام بدون حسيب وبدون رقيب‪.‬‬ ‫هل هذا المال الكثير الذي يستفيد منه الحقل الثقافي المغربي يذهب‬ ‫إلى حيث يجب أن يذهب‪ ،‬أم يقدم لغاية في نفس يعقوب أو يقدم هكذا‬ ‫لوجه اهلل؟‬ ‫في نفس السياق‪ ،‬ومن جانب تنظيمي آخر‪ ،‬وزعت وزارة الثقافة‬ ‫واالتصال‪ ،‬قطاع الثقافة‪ ،‬منذ مدة قصيرة‪ ،‬ما يفوق ‪ 11‬مليار سنتيم‪ ،‬من‬ ‫أجل دعم مجال النشر والكتاب والقراءة العمومية‪ ،‬انسجاما مع‪ ،‬وتطبيقا‬ ‫للمواد والنصوص المؤطرة لدعم المشاريع الثقافية والفنية‪ ،‬في هذه‬ ‫السنة‪.2019 ،‬‬ ‫أول انطباع يمكن الخروج به ونحن نطالع بيان الوزارة الرسمي لنتائج‬ ‫دعم النشر والكتاب‪ ،‬بعد مصادقة لجنة الدراسة‪ ،‬هو الدهشة‪ ،‬أو باألحرى‬ ‫الصدمة من هول رقم ‪ 11‬مليار سنتيم الذي يثير في النفس ذاك الحديث‬ ‫الذي يوصف بذي شجون‪ ،‬حول المال العام الذي يسخر لخدمة الكتاب‬ ‫والقراءة في واقع ومجتمع يبتعد أكثر فأكثر عن الكتاب وعن القراءة‪.‬‬ ‫في السياق نفسه‪ ،‬الكثير من اإلحصائيات التفصيلية المرافقة لبيان‬ ‫وزارة الثقافة يمكن قراءتها من منظور التدهور المتالحق في سوق‬ ‫الكتاب‪ ،‬والتراجع الكبير في الحقل التداولي الذي يتحرك داخله المرتبطون‬ ‫بالكتاب‪ ،‬وفي نفس الوقت‪ ،‬من خالل حاالت الشكوى‪ ،‬القريبة من اإلفالس‪،‬‬ ‫التي يسوقها المشتغلون في مجال الكتاب‪.‬‬ ‫أول سؤال يمكن طرحه‪ ،‬والذي يمكن أن تتفرع عنه أسئلة النهائية‪،‬‬ ‫هو‪:‬‬ ‫من المستفيد األول من دعم الكتاب؟‬ ‫هل هذا الكم الهائل من المال المخصص للدعم يظهر له من األثر ما‬ ‫يفيد الكاتب والمجتمع؟‬ ‫ماهي حصة الكاتب المغربي من هذا الدعم السخي جدا؟‬ ‫لماذا يتحمل الكاتب وحده محدودية نشر الكتاب المدعم‪ ،‬وال يتحمله‬ ‫غيره من المتدخلين في المنظومة؟‬ ‫لماذا ال يتقاضى الكاتب أجره كامال‪ ،‬وفق تحديد حسابي‪ ،‬من هذا‬ ‫الدعم المالي الهائل المقدم للكتاب؟‬ ‫لماذا ال تنتبه وزارة الثقافة‪ ،‬في دعمها للكتاب‪ ،‬إلى الكاتب باعتباره‬ ‫أهم عامل وأهم عنصر في المعادلة؟‬ ‫كيف يمكن تبرير اعتبار تسليم الكاتب ‪ 150‬نسخة من كتابه‪ ،‬أجرا؟‬ ‫وهل من الجائز أداء أجر الكاتب عينا‪ ،‬وليس نقدا؟‬ ‫ولماذا يقبل الكاتب بهذا العرف المجحف‪ ،‬وهو يعلم أن كتابه مدعوم‬ ‫من طرف الدولة‪ ،‬ومن حقه االستفادة من هذا الدعم؟‬ ‫لماذا ال تغير الوزارة الوصية بوصلتها‪ ،‬وتغير ريح الدعم في اتجاه‬ ‫الكاتب عوض االقتصار على المشتغلين في مجال الكتاب والمرتبطين به‪،‬‬ ‫من دور النشر والمطابع ودور التوزيع وغيرهم‪ ،‬أو على األقل إيجاد قسمة‬ ‫وسطى بينهما؟‬ ‫لماذا ال تؤسس الدولة ميثاقا قانونيا وأخالقيا‪ ،‬وفق معايير وشروط‬ ‫محددة‪ ،‬يجمع بينها وبين الفاعلين في مجال الكتاب‪ ،‬وبين الكاتب‪ ،‬حتى‬ ‫تكون الفائدة أعم وأشمل؟‬ ‫إلى متى سيظل الكاتب هو الحلقة األضعف في منظومة دعم الكتاب‬ ‫وطبعه ونشره وتوزيعه؟‬ ‫متى يستفيق الكاتب‪ ،‬ويطالب بحقه من المال الكثير المخصص لدعم‬ ‫الكتاب؟‬ ‫هل يكون هناك تفكير جدي في خلق نقابة خاصة بالكتاب المحترفين‪،‬‬ ‫تدافع عن حقهم وحقوقهم؟‬ ‫من فواجع األمور أن نسمع بهذا الكم الهائل من األموال المخصصة‬ ‫لدعم الكتاب‪ ،‬ونجد كتّابا يموتون في بؤسهم وفقرهم وبأمراضهم‪ ،‬ال‬ ‫داعم لهم سوى مبادرات‪ ،‬قليلة وفردية في أغلب األحيان‪ ،‬ال تسمن وال‬ ‫تغني من جوع‪.‬‬ ‫هل من المستساغ والمقبول أن يموت كاتب ما من الكمد أو من‬ ‫اإلهمال أو من المرض أمام وجود هذا الكم المهول من المال المتعلق‬ ‫بدعم الكتاب؟‬ ‫ربما يكون السؤال عن الواضحات من المفضحات‪.‬‬


‫‪13‬‬

‫الثالثـاء ‪� 06‬إلى ‪ 12‬غ�شت ‪2019‬‬

‫العدد ‪1005‬‬

‫تراجم آل العوفي‬ ‫• بقلم ‪ :‬عبد المجيد اإلدريسي‬ ‫‪ ...‬تعلموا من أنسابكم ما تصلون به أرحامكم‪..‬حديث‪ .‬علم األنساب مشتل من علم التاريخ (المقريزي)‪ .‬وقد‬ ‫تباعدت األجيال آلل العوفي‪ ،‬بعضها عن بعض ‪ ،‬وكي تصل أرحامها ارتآى حنين وفكر األستاذ عبد الحق العوفي‬ ‫أن يؤلف كتابا للتراجم والسير ألنساب آل العوفي ‪ .‬وقد حظيت بنسخة ثمينة من يد األستاذ علي العوفي ‪ .‬الكتاب‬ ‫من القطع المتوسط‪ ،‬ذو لون رمادي‪ ،‬على صفحته الرئيسية أربع صوَرالتي شكلت أربعة أجيال متتالية‪ ،‬وقد احتوى‬ ‫على ثمانية محاور لألجيال األربعة‪ ،‬انحصرت في تحديد شجرة نسل آل العوفي بد ًءا من سنة ‪ 1310‬للهجرة النبوية‬ ‫(‪1893‬م) وهو تاريخ وفاة الجد األكبر‪ ،‬القاضي سي محمد بن سي الطاهر‪ ،‬و(لم يذكر تاريخ والدته )‪ .‬وهو ابن سي‬ ‫الطاهر الذي عاش في أواخر القرن الثامن عشر إلى منتصف القرن العشرين للميالد‪1850/1770( ،‬م) ‪.‬‬ ‫نهج المؤلف األسلوب العلمي مقارنا ومقابال‪ ،‬بين رسمين آلل العوفي وآل عوائل فرع زمو ‪ .‬يتوخى من أجل‬ ‫ذلك توثيق الخبر لتعميم الفائدة‪ ،‬واعتماداً على تاريخ الحكي األسري بين أفراد العوائل األموات منهم واألحياء ‪.‬‬ ‫جاء للدكتور جميل الحمداوي في تحت عنوان «هجرة األندلسيين إلى منطقة الريف الشرقي ببني وْليشكْ»‪ .‬أسماء‬ ‫أبناؤها عربي بما يعني أنها عربية األصل من الجزيرة العربية ‪ .‬ثم جاء في الوثيقتين‪ ،‬عند محاولة تأسيس شجرة‬ ‫األنساب‪ ،‬ليصل بذلك إلى أعقاب علي بن أبي طالب (كرم اهلل وجهه)‪ ،‬وفاطمة الزهراء ريحانة رسول هلل (ص) ‪ .‬وهي‬ ‫من أعقاب سليمان بن عبد اهلل بن الحسن بن الحسيْن بن علي ‪ .‬إن كانت الوثيقة التي تضمها خزانة سي محمد‬ ‫العوفي «توثق» لسليمان وهو أخ إدريس األكبر‪ ،‬وهم ستة أبناء ل عبد اهلل الكامل بن الحسن المثنى بن الحسن‬ ‫الصبط بن علي وفاطمة بنت رسول اهلل (ص) ‪ .‬وسليمان بن عبد اهلل (الكامل) بن الحسن (المثنى)‪ ،‬والحسن هذا هو‬ ‫بن الحسن الصبط وليس بن الحسيْن ؟ ألن الحسيْن هو أخ الحسن أبناء علي وفاطمة ‪ .‬اللذان قال عنهما رسول‬ ‫اهلل (ص) ‪ :‬الحسن والخسيْن شباب أهل الجنة ‪ .‬أعقب ذلك الباحث وسائل علمية بأسانيد للتعريف بشجرة األنساب‬ ‫«الجيونلوجية آلل العوفي من خالل ثمانية محاور ‪ – .‬المحور ‪ : 1‬ارتآى المؤلف تقديم الكتاب من جينة أحفاد عوائل‬ ‫العوفي‪ ،‬وبذكر الهيأة المشاركة في الكتاب‪ ،‬ومنهجية جمع المعلومات من مصادرها‪ ،‬ثم األخبار والصور والوثائق‬ ‫المتعلقة بأسر العوفي في عصور األجيال األربعة بمنطق التراتبية ‪ – .‬المحور ‪ :2‬نهج المؤلف أسلوب الببليوغرافية‬ ‫ألنساب وأصول العوفي‪ ،‬لشخصيات في أزمنتها وأمكنتها عاشت أزمنة و واكبت أحداثا تاريخية وجغرافية معينة‪،‬‬ ‫يخص بها الجدّين األوليين لمناخ سياسي في القرن الثامن والتاسع عشر الميالدي‪ ،‬مشفوعة بخرائط (مستعينا‬ ‫باإلعالميات)‪ .‬اختوت أيضا السيرة الذاتية لهما من الكتاب القرآني إلى الدرجة العلمية والوظيفية ‪ – .‬المحور ‪:3‬‬ ‫ويضمّ ثالثة مباحث ‪ .‬المبحث‪ ،1‬احتالل المغرب وتجزئته إلى أربعة أجزاء – منطقتيْ أقصى الشمال وأقضى الجنوب‬ ‫الخاضعين للحماية اإلسبانية ‪ ،‬ومنطقة طنجة الدولية‪ ،‬ثم منطقة الجنوب الخاضعة للحماية الفرنسية ‪ .‬المبحث ‪2‬‬ ‫‪ :‬ثورة الريف بزعامة األمير محمد بن عبد الكريم الخطابي ‪ .‬المبحث ‪ :3‬وقد تطرق فيه الكاتب إلى عام القحط أو‬ ‫عام المجاعة «بوهيوف» ‪ .‬ويسترسل في وصف أحوال السكان المعوزين من جراء الجوع والبؤس الذي كان سببا‬ ‫في الهجرة إلى الجزائر وإلى مناطق الشمال بحثا عن لقمة العيش ‪ .‬ثم يعود المؤلف إلى أسلوب الببليوغرافية‬ ‫ألعقاب أبناء سي محمد الطاهر الذين عمروا في أواخر القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين من قبيلة بني‬ ‫وليشك‪ ،‬مشفوعا ببعض الصور ‪ .‬يقول المؤرخ الغربي «فرانز رونزال» ‪ :‬إن التأليف التاريخي لقي عناية وتقديرا في‬ ‫العالم اإلسالمي‪ ،‬ومنه علم األنساب‪ ،‬إذ استخدم في غرس اإلحساس بمغزى الوجود اإلنساني ‪.‬وهو حافظ لذاكرة‬ ‫العوائل لكي يجد الباحث المتعة في الدراسة واالستقصاء ‪ .‬عكف الكاتب بأسلوب شهي الحكي عن السيرة الذاتية‬ ‫للقاضي سي محمد أمقران العوفي‪ ،‬وما قيل عن شيخ الطريقة الدرقاوية‪ ،‬وهو يسأل آلل العوفي دوام العلم ‪ .‬كما‬ ‫وثق الباحث كلمة الزعيم محمد بن عبد الكريم الخطابي‪ ،‬في منفاه بالقاهرة في حق عائلة العوفي‪ ،‬أنهم من خيرة‬ ‫طلبة العلم ‪ .‬ولتحقيق ساللة سي محمد أمقران العوفي انتهج المنقب أسلوب اللمات العائلية و وزعها إلى خمس‬ ‫لمّات‪ ،‬وهي ثقافة األجداد الذين كانوا يحافظون على لمّة وجمع أبنائهم وأحفادهم تحت سقفهم بعد زواجهم‬ ‫‪ .‬أجاد الكاتب وصف اللمّات بدِقة الستزادة من العلم والمعرفة لألجيال الحالية والقادمة ‪ .‬فقد وضع لكل لمة‬ ‫موضوعا ومكانا وزمانا‪ ،‬وكذا األشخاص الذين حضروها ‪.‬إن كان موضوعها للزواج أو لمن يلتحق بجامعة القرويين‬ ‫للدرس والتحصيل‪ ،‬أو لإلعالن عن الخطوبة‪ ،‬أو حتى زيارة القبر للترحم على زوجة القاضي محمد أمقران ‪ .‬اللمة‬ ‫الخمسة ‪ :‬كانت الستضافة شعيب اإلدريسي في تغزوت‪ ،‬بحضور السادة‪ :‬امحند وعبد الرحمن ومحمد وعبد السالم‪،‬‬ ‫وقد كان هذا مجتمع أجداد الكاتب وهي دائرة بشرية لمّتها صلة الرحم ‪ .‬وقد ترجم األستاذ عبد الحق أيضا ل‬

‫موائدُ الحرفِ‬

‫(ديوان فوائد وعوائد ومحا�ضرات)‬

‫بين دفتيّ هذا َ‬ ‫شكــول فوائـــدُ في الفقــه واألصول والتاريخ‬ ‫الك‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ونخيلـــة‬ ‫حصيلــــة مطالــعـــاتٍ وسماعــاتٍ‪،‬‬ ‫واللغـــة واألدب‪ ،‬وهـــي‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫وبـــاعــــث على‬ ‫لإلينــاس‪،‬‬ ‫ة‬ ‫مجلبـــ‬ ‫ُّعهـا‬ ‫و‬ ‫وتنـــ‬ ‫تحقيقاتٍ وجواباتٍ‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫التروّح؛ َّ‬ ‫وتستـــروحُ إلى التنقل بين‬ ‫ألن النفس تسأمُ النمط الواحدَ‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫أفانين الكالم‪ ..‬ولعل القارىء يجد فيها متنفسهُ إذا تم ّلكه الضجرُ‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫الوحشة‪ ..‬واهلل الهادي إلى سواء السبيل‪.‬‬ ‫واستفرغتهُ‬

‫ٌ‬ ‫طـريفـة‬ ‫‪.1‬‬

‫َ‬ ‫مأدبة عَشا ٍء على‬ ‫حدَّثني األديبُ الكبيرُ حسن عبد الكريم الوراكلي ـ رحمه اهلل ـ أنَّه حضرَ بمكة المكرمة‬ ‫َ‬ ‫العالم المفسِّ ِر ّ‬ ‫المنزل حيّى‬ ‫الذائع الصِّيت متولي الشَّعراويِّ‪ ،‬ومما استغرب له الحاضرون أنه لـمّا دخل‬ ‫شرف‬ ‫ِ‬ ‫وصلى ركعتين‪ ،‬ولما َ‬ ‫ركن َّ‬ ‫فرغ من صالته سئل عن داعي الركعتين فقال‪ :‬إنهما‬ ‫في‬ ‫انزوى‬ ‫ثم‬ ‫اإلسالم‪،‬‬ ‫بتحيّة‬ ‫الجمع‬ ‫ٍ‬ ‫تحيّ ٌة ألهل البيتِ من الجنِّ المسلم‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫أهل البيت من المسلمين إنساً‬ ‫على‬ ‫َّالمُ‬ ‫س‬ ‫ال‬ ‫ابتُ‬ ‫الث‬ ‫والصحيحُ‬ ‫للركعتين‪،‬‬ ‫َّحيحةِ‬ ‫وال أعلم أص ًال في السنّةِ الص‬ ‫ِ‬ ‫كانوا أو ِجنّاً‪ ..‬والخيرُ ُّ‬ ‫كل الخير في االتّباع‪.‬‬

‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫أدبيــة‬ ‫فــائــدة �‬ ‫‪.2‬‬

‫لألديب المفنِّ حسن الوراكلي ـ رحمه اهلل‬ ‫أجمل ما قرأتُ من تحفِ النثر الفنيِّ كتاب‪ ( :‬وَشْيٌ وَحَ ْليٌ )‬ ‫من ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫أعالم العص ِر بكلماتِ وفا ٍء وبها ٍء‪..‬لكنَّ الص َ‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫َّ‬ ‫المجاملة جنحتْ‬ ‫ِّناعة أو‬ ‫بعض‬ ‫تْ‬ ‫حل‬ ‫ة‬ ‫َّ‬ ‫ي‬ ‫ياسمين‬ ‫ة‬ ‫َّ‬ ‫ي‬ ‫نثر‬ ‫ة‬ ‫ـ‪ ،‬وهو إضمام‬ ‫ِ‬ ‫نصاب الحقيقة !‬ ‫بصاحب اإلضمامةِ ـ أحياناً ـ إلى تحلياتٍ فائقةٍ ال قرارَ لها في‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫وضالتهُ‪ ..‬فهي ليست شعراً‪ ،‬إال أنَّها ت ِز ُن بميزانِ‬ ‫أما مَن ابتغى وضاء َة البيانِ‪ ،‬ففي اإلضمامةِ مبتغاهُ‬ ‫الفاصلة الصُّغرى والفاصلة الكبرى‪ ،‬وتغرفُ من البحو ِر الشعريّةِ األلف‪! ..‬‬ ‫رحمَ اهلل تعالى أديبَ تطوان‪ ،‬وعوّضنا خيراً عن تحفهِ إذا وشَّتْ‪ ..‬وإذا َّ‬ ‫حلتْ ‪..‬‬

‫ٌ‬ ‫وجــادة‬ ‫‪.3‬‬

‫وجدتُ ِّ‬ ‫بخط الوالد األديب الشاعر محمد المنتصر الريسوني ـ رحمه اهلل ـ وريقاتٍ ُكتب عليها ما يأتي‪:‬‬ ‫“ كتبَ إليَّ األخ الشاعر محمد بن عمارة يخبرني بتحوله إلى الشعر اإلسالمي‪ ،‬فأرسلتُ إليه هذه المقطوعة‬ ‫مباركاً هذا التحول ومهنِّئاً به‪ ،‬وذلك في فاتح جمادى األولى ‪1400‬هـ‪:‬‬ ‫و َفـــدتْ علــيَّ تزرونــــي وبحَرْفِها عَبَقُ السّـما ْء‬ ‫َّ‬ ‫روْض الوال ْء‬ ‫زفتْ لنا عُرْسَ الشَّـــذى ينـــــداحُ في ِ‬ ‫الشِّعرُ إن جـارى الهـــوى صــارَ على الدّنيــــا بــال ْء‬

‫ٌ‬ ‫نـازلـــة من‬ ‫‪.4‬‬ ‫نوازل احلـــجِّ‬ ‫ِ‬

‫سي الطاهر وساللته وأعقابه ببعض الصور‪ ،‬والسي‬ ‫عالل والسي حدّو والسي محمد أمزيان وابنائهم ‪..‬‬ ‫– المحور ‪ :4‬خصصه الكاتب للجيل الثاني ودورهم‬ ‫في مقاومة االستعمار في النصف األول من القرن‬ ‫العشرين‪ ،‬وتسليط الضوْء على الحياة االجتماعية‬ ‫والسياسية‪ ،‬مدليا بصورة لوثيقــة االستقـــالل‬ ‫بتاريخ ‪11‬يناير ‪1944‬م‪ ،‬إلى حين توقيع معاهدة‬ ‫استقالل شمال المغرب عن الحماية اإلسبانية‬ ‫بين السلطـــان محمد بن يوســف والجنيـــرال‬ ‫فرانكو بمدريد بتاريخ ‪1956/4/7‬م بعد العودة‬ ‫المظفرة لملك البالد يوم ‪1955/11/16‬م‬ ‫وإعالن االستقالل عن الحماية الفرنسة ‪ .‬قبل‬ ‫هذا وذاك سيتجلى للقارئ أن آل العوفي‪ ،‬عرفو‬ ‫وسيلة التعليم من «مسيد» القرية مرورا‬ ‫بنوع من التعاقد مع الفقيه الذي الذي يتولى‬ ‫تدريس «المحاضرة»‪ ،‬واصفا أدوات الكتاب‬ ‫وتوقينه في مرحلته الولى إلى المرحلة «التحنيش» وهي‬ ‫المرحلة الثانية‪ ،‬إلى غاية تحصيل العلوم الشرعية بجامعة القرويين ‪ .‬فقد تعرض المؤلف للخرب األهلية‬ ‫اإلسبانية ‪1936/1939‬م‪ ،‬وكيف زُجَّ بالمغاربة في حرب ال تعنيهم في شيء‪ ،‬وقد ارتكب «فرانكو» جرائم خرب‬ ‫اسبانية في حق أهل الريف مرتين‪ ،‬أثناء خرب التحرير الريفية‪ ،‬وفي الحرب اإلسبانية –اإلسبانية ‪ .‬بعد هذه الحرب‬ ‫أدى سي محمد شعائر الحاج على متن باخرة «ماركيس ذي كوميياس» لنقل الحجيج من وضع «الخنيراليسمو»‬ ‫بأثمان (‪1950/1400‬بسيطة)‪ ،‬مشفوعة بصور ووثائق السفر ‪ .‬وإذا بالمؤلف وقد اجتمعت له عدة صور وهي التي‬ ‫أصبحت نوعا من «الخفريات» التاريخية كمستندات إدارية‪ ،‬إلى جانب صور آلل العوفي‪ ،‬من أبناء سي محمد وسي‬ ‫امحند وسي عبد الرحمن وسي محمد بن سي محمد ‪ .‬وقد نقل الكاتب ما ترجمه العربي الورياشي عن شخصية‬ ‫ج‪.‬محمد العوفي ‪ .‬ثم يرجع أخيرا إلى مقابر سيدي المنظري بتطوان ليلتقط لمدفن سي محمد وحرمه وابنه جمال‬ ‫صورا ‪..‬الكتاب غني بصور أل العوفي وبعض ظهائر خليفية ومستندات هامة‪ ،‬وبهذا يكون الكاتب الباحث قد أرَّخ‬ ‫إلحدى السالالت المغربية‪ ،‬لميله إلى مادة التاريخ‪ ،‬من باب توثيق شجرة أنساب آل العوفي‪ ،‬وعلى غرارها قد أجاد‬ ‫أيضا آلل محمد زمو وأعقابه ‪ – .‬المحور ‪ :5‬انتقل به إلى قراءة واسعة ومعرفة بالجيل الثالث‪ ،‬بمنهج سليم‪ ،‬وهو‬ ‫الجيل المخضرم بين عهد الحماية وعهد االستقالل في النصف الثاني من القرن العشرين ‪ .‬تعرض فيه لظاهرات‬ ‫اجتماعية مادية ودينية ‪ .‬وهو الجيل الذي ينتمي إليه المؤلف وهو ابن ج‪.‬سي محمد العوفي وأبناؤه الثمانية (أبناء‬ ‫ج محمد) وأحفاده‪ ،‬ولم يأل أن يقدم الباحث أفكارا عن بعض الظواهر ‪.‬كما سهر على تقديم بطاقات التعريف لكل‬ ‫من أبنائه وأحفاده (ج‪.‬سي محمد العوفي) والد الكاتب‪ ،‬والذي تجمعني وبعض أبنائه صداقة وثيقة منهم األخ علي‬ ‫والدكتور نجيب صديق القمطر والمدرجات والندوات ‪..‬أجاد األستاذ عبد الحق بمنهج علمي تأسيس عمود أنساب آل‬ ‫العوفي وآل محمد زمو‪ ،‬وفي مقدمة البحث قصد جمع شذرات الساللة وأعقابها‪ ،‬حيث إن كتابته ال تمارس التشهير‬ ‫بل جاءت بمنهج البخث‪ ،‬أساسه كتابة تأريخية ‪ .‬كما ازدادت هذه األشجار المثمرة في المحور ‪ :6‬الذي استهدف جيل‬ ‫العولمة الرابع ‪– .‬المحور ‪ :7‬خصص لذائعي الصيت من آل العوفي المعاصرين ‪ – .‬المحور ‪ :8‬غلبت عليه الرسومات‬ ‫البيانية‪ ،‬فكأنما تعرفنا من خالل هذا البحث عن آل العوفي ومنهم العائلة القضائية والعلمية‪ ،‬مع ذكر عِلة أمراض‬ ‫القلب إن كانت لها عالقة وراثية ‪ .‬ومسك الختام توجه الباحث بشهادات أدلت بها شخصيات‪ ،‬التي جمعتهم عُرى‬ ‫الصداقة والقرابة بآل العوفي ‪..‬شجرة األنساب «الجيولنوجي»‪ ،‬بمنهج أكاديمي وبصياغة علمية وأدبية تستحق كل‬ ‫‪...‬إن ّ‬ ‫التقدير ّ‬ ‫كل شيء خاضع للتطور‪ ،‬فاإلنسان يولد وينمو ويموت ‪..‬فإذا مات اإلنسان انقطع عمله إال من ثالث ‪:‬‬ ‫علم ينتفع به أو ولدِ صالح يدعو له ‪...‬‬ ‫صدقة جاريةِ أو ِ‬

‫سُئلتُ‪ :‬لقد َّ‬ ‫توفر لدي مبل ٌغ ماليٌّ ال يكفي لسدِّ مصاريفِ الحج عن طريق الطائرة‪ ،‬فراودتني فكرة السفر عن‬ ‫أخطار وسط البحر‪ ،‬وقد علم الناس جميعاً أمر العبَّارة المصريةِ التي أصابها‬ ‫من‬ ‫يكتنفها‬ ‫ما‬ ‫طريق العبَّارة‪ ،‬على‬ ‫ٍ‬ ‫ما أصابها بسبب ضعف الصِّيانة‪ ،‬فهلك كثيرٌ من الناس بسبب ذلك‪ ،‬فهل يتعيّن علي الحج إذا لم أجد سبي ًال إال‬ ‫العبَّارة ؟‬

‫بقلم ‪ :‬قطب الري�سوين ـ ال�شارقة ـ‬ ‫فأجبتُ‪ :‬إذا كانتِ العبَّار ُة متهالك ًة‪ ،‬ومالكها ال يتعهَّدها بالصيانةِ‪ ،‬فالسفرُ فيها مظِن َُّة الغرق والهالك‪،‬‬ ‫ٌ‬ ‫مشروط باالستطاعة‪ ،‬ومن خصالها أمنُ الطريق‪ ،‬ولذلك أفتى فقهاء المغرب واألندلس بسقوط الحجِّ في‬ ‫والحجُ‬ ‫تأثيم من حجَّ لتغريرهِ بنفسه وماله‪ .‬وعلى األخ السائل‬ ‫إلى‬ ‫ُّ‬ ‫ي‬ ‫الطرطوش‬ ‫وذهب‬ ‫األمن‪،‬‬ ‫حبل‬ ‫واضطراب‬ ‫الفتن‬ ‫زمن‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫اآلمنة‪ ،‬وال يكلف اهلل نفساً إال وسعها‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬ ‫الوسيلة‬ ‫أن يتريَّث في أمره‪ ،‬حتى تتهي َ​َّأ له‬

‫فـائـــدة تاريخ ّي ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫ــة‬ ‫‪.5‬‬

‫حدثني الشيخ المحقق المطلع محمد أبو خبزة الحسنيُّ في جلسة خاصةٍ فقال‪( :‬جدك سيدي أحمد بن الصادق‬ ‫الريسوني‪ ،‬كان ماهراً في الفرائض‪ ،‬مطلعاً على التاريخ‪ ،‬وقد جالسته مرات‪ ،‬وأفدت منه معلوماتٍ عن تاريخ شمال‬ ‫المغرب وبعض أعالمه‪ .‬ولما طبعت ترجمة سليمان الحوات لنفسه‪ “ :‬ثمرة أنسي في التعريف بنفسي”‪ ،‬ألفيت تطابقاً‬ ‫تاماً بين الوارد في الترجمة وإفادات جدّك )‪.‬‬ ‫والجد ـ رحمه اهلل ـ إلى تض ّلعه من الفرائض‪ ،‬واطالعه على التاريخ‪ ،‬نساب ٌة مطلعٌ‪ ،‬وله رسالة موسومة بعنوان‪:‬‬ ‫( المنح القدوسية في النسبة الريسونية اإلدريسية )‪ .‬وكان دمث الخلق‪ ،‬لين العريكة‪ ،‬عزوفاً عن األضواء‪ ..‬وقد تنازل‬ ‫لوالده موالي الصادق عن العضوية في المجلس الخليفي‪ ،‬وترجم به في كتاب‪ ( :‬المجد الزاهر الواقد في ترجمة‬ ‫السيد الوالد )‪.‬‬

‫فـائـــدة لغــوي ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫َّـــة‬ ‫‪.6‬‬

‫عدَّ العلماء من اللغاتِ‪ :‬المنكرَ‪ ،‬والمتروكَ‪ ،‬والمماتَ‪ ،‬وميَّزوا بين هذه األنواعَ‪ ،‬وانتزعوا لها ُ‬ ‫كالم‬ ‫الـمُث َل من ِ‬ ‫العرب‪ .‬فالمنكر ما ال يعرفه أئم َُّة اللغةِ لهجرهِ في االستعمال‪ ،‬وهو دون الضَّعيف‪ ،‬ومثاله قول أهل الحجاز‪ ( :‬يذأي‬ ‫)‪ ،‬أي‪ ( :‬يذوي)‪ .‬والمتروكُ ما كان قديماً في اللغةِ‪ ،‬ثم ترك واستعيضَ عنه بغيره في االستعمال‪ ،‬ومثاله‪ ( :‬الغزَّين‬ ‫ٌ‬ ‫دوران على األلسنة‪ ،‬كأسماء األيام ‪ ( :‬جُبار‪ :‬الثالثاء )‬ ‫)‪ ،‬أي‪ ( :‬الشدقين )‪ .‬والممات‪ :‬ما أميتَ استعماله‪ ،‬فلم يبقَ له‬ ‫و ( دُبار‪ :‬األربعاء )‪ ،‬و ( مونس ‪ :‬الخميس) و(وعَروبة‪ :‬الجمعة )‪ ،‬و ( شِيار‪ :‬السبت )‪.‬‬

‫ٌ‬ ‫حكمــــة‬ ‫‪.7‬‬

‫ِّ‬ ‫المحقق محمد ابن تاويت التطوانيِّ‪ ،‬كان يردُّ بها على الدّاعين‬ ‫العالم‬ ‫“ كتبي ستكرِّمني “ مقول ٌة مأثور ٌة عن‬ ‫ِ‬ ‫إلى تكريمهِ في محفل كبير‪ ،‬فأيُ رجل كان ع ّف ًة‪ ،‬وأنف ً‬ ‫ً‬ ‫رجال نرى اليوم‪ ،‬يُساقُ الواحدُ منهم إلى‬ ‫وأي‬ ‫‪..‬‬ ‫ة‬ ‫وزهاد‬ ‫‪،‬‬ ‫ة‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ ٍ‬ ‫َ‬ ‫بالمديح الزائفِ‪ ،‬والناسُ يسمعون !‬ ‫ويُقطعُ عنقهُ‬ ‫سوق التكريم مراتٍ ومراتٍ‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ٍّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫حافل بالدراسات والشهادات‪ ،‬وقد‬ ‫التكريم في كتاب‬ ‫أعمال‬ ‫الرجل بعد مماتهِ‪ ،‬ونُشرت‬ ‫وقد ُكرِّم‬ ‫ِ‬ ‫مستقل ٍ‬ ‫َّ‬ ‫استوقفتني شهاد ُة تلميذه أحمد الطريبق‪( :‬من أين يبدأ الحوار مع البحر ؟)؛ لحالوتها المقطرةِ من مراشِف النَّحل‪،‬‬ ‫فأكبرتُ وفا َء قلم لقلم‪..‬‬ ‫ٍ ٍ‬ ‫فقصيد ُة علي الصقليِّ ( ش ّالل نور )‪ ،‬تسنَّمتِ ِّ‬ ‫الذرو َة‪ ،‬ومطلعُها‪:‬‬ ‫أما في الشعر‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬ ‫(يتبع)‬ ‫َّ‬ ‫نور على صد ِر ابن تاويتِ‬ ‫الفكرُ أومضَ في زيِّ اليواقيتِ شالل ٍ‬


‫الثالثـاء ‪� 06‬إلى ‪ 12‬غ�شت ‪2019‬‬

‫العدد ‪1005‬‬

‫منبر المجلس العلمي‬ ‫بطنجـة‬

‫‪14‬‬

‫ف�ضل يوم عرفة و�أحكام الأ�ضحية‬

‫إن من أفضل أيام العام العشر األوائل من ذي الحجة التي جعلها اهلل‬ ‫زمن وفادة على بيته الحرام كما جعلها ميقاتا لنبيه موسى عليه السالم‪،‬‬ ‫�ش َو ّ َ‬ ‫ال�شف ِْع َوا ْل َوت ِْر‪ ‬‬ ‫ال عَ رْ ٍ‬ ‫وأقسم بها في القرآن الكريم فقال‪َ ( :‬وا ْل َف ْج ِر َو َل َي ٍ‬ ‫َو ّ َ‬ ‫ذل َ‬ ‫ِك َق َ�س ٌم لِذِي حِ ْج ٍر ) وكفى لها بذلك‬ ‫الل ْي ِل �إِ َذا َي�سرْ ِ هَ ْل يِف َ ٰ‬ ‫إعظاما وتبيانا لفضلها‪ ،‬وعن ابن عباس رضي اهلل عنهما عن النبي صلى‬ ‫اهلل عليه وسلم قال‪« :‬ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى اهلل منه‬ ‫في هذه األيام العشر‪ .‬قالوا وال الجهاد في سبيل اهلل !! قال‪ :‬وال الجهاد‬ ‫في سبيل اهلل‪ ،‬إال رجل خرج بنفسه وماله ولم يرجع من ذلك بشيء»‪،‬‬ ‫وفضل هذه األيام ثابت بأمور كثيرة منها‪:‬‬ ‫·‪ ‬أن اهلل تعالى أقسم بها في اآلية السابقة‪ ،‬وقد ورد عن ابن‬ ‫عباس وابن الزبير ومجاهد وغير واحد من السلف والخلف أن‬ ‫المقصود بها عشر ذي الحجة‪.‬‬ ‫·‪ ‬أن النبي صلى اهلل عليه وسلم شهد بأنها أفضل أيام الدنيا كما‬ ‫تقدم في الحديث الصحيح‪.‬‬ ‫·‪ ‬أنه حث فيها على العمل الصالح ‪ :‬لشرف الزمان بالنسبة ألهل‬ ‫األمصار‪ ،‬وشرف المكان لحجاج بيت اهلل الحرام‬ ‫·‪ ‬أنه أمر فيها بكثرة التسبيح والتحميد والتكبير كما جاء عن عبد‬ ‫اهلل بن عمر رضي اهلل عنهما عن النبي صلى اهلل عليه وسلم‬ ‫قال‪« :‬ما من أيام أعظم عند اهلل وال أحب إليه العمل فيهن من‬ ‫هذه األيام العشر فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد‪.‬‬ ‫وأنه صلى اهلل عليه وسلم كان يصومها ‪.‬فعن هنيدة بن خالد‬ ‫عن امرأته عن بعض أزواج النبي صلى اهلل عليه وسلم قالت‪:‬‬ ‫كان النبي صلى اهلل عليه وسلم يصوم تسع ذي الحجة ويوم‬ ‫عاشوراء وثالثة أيام من كل شهر‪ .‬وأول اثنين من الشهر‬ ‫وخميسين « أخرجه النسائي وأبو داود‪.‬‬ ‫·‪ ‬أن فيها يوم عرفة الذي هو من أعظم أيام السنة وأفضلها‪،‬‬ ‫أخرج البزار عن جابر بن عبد اهلل‪ :‬أفضل أيام الدنيا األيام‬ ‫العشر وأفضل أيام العشر يوم عرفة الذي يقف فيه حجاج بيت‬ ‫اهلل الحرام آالف مؤلفة من جميع أقطار الدنيا يقفون هلل وحده‬ ‫بعرفة وقفة ضراعة وابتهال وعبادة ودعاء وإن في هذا االجتماع‬ ‫من الفوائد الدينية والدنيوية الخير الكثير‪ ،‬فاالجتماع داعية إلى‬ ‫التآلف والتعاون وتبادل الرأي في مصلحة الجماعة اإلسالمية‬ ‫دينا ودنيا‪.‬‬ ‫فاغتنموا إخواني فضل هذه األيام وتقربوا فيها إلى اهلل بأنواع‬ ‫الخيرات من إحسان وصدقة‪ ،‬وإعانة إخوانكم على الخير‪ ،‬ونصحهم‬ ‫وتوجيههم إلى أنجع الطرق وأحسنها‪ ،‬وتنفيس كربهم وإماطة األذى عن‬ ‫طريقهم‪ ،‬والتمسوا الثواب واألجر بالصيام‪ ،‬فعن النبي صلى اهلل عليه‬ ‫وسلم أنه قال‪ « :‬صيام يوم عرفة إني أحتسب على اهلل أن يكفر السنة‬ ‫التي قبله والسنة التي بعده»‪ .‬ومن فضائل يوم التاسع من ذي الحجة أن‬ ‫اهلل تعالى أنزل فيه على نبينا وهو واقف بعرفة في حجة الوداع التي هي‬ ‫ك َم ْل ُ‬ ‫ك ْم دِ ين ُ‬ ‫ت َل ُ‬ ‫آخر حجة حجها صلى اهلل عليه وسلم‪( :‬ا ْل َي ْو َم �أَ ْ‬ ‫َك ْم‬ ‫ك ْم ن ِْع َمتِي َو َر ِ�ض ُ‬ ‫َو�أَ مْتَ ْم ُ‬ ‫يت َل ُ‬ ‫ت عَ َل ْي ُ‬ ‫ال ْ�س اَل َم دِ ينًا) المائدة ‪،3‬‬ ‫ك ُم ِْ إ‬

‫‪ -‬بقلم الدكتور محمد كنون احل�سني‬

‫ففي البخاري عن عمر رضي اهلل عنه‪ ‬أن رجال من اليهود قال له يا أمير‬ ‫المومنين آية في كتابكم تقرؤونها‪ ،‬لو علينا معشر اليهود نزلت التخذنا‬ ‫ذلك اليوم عيدا‪ ،‬قال أي آية؟ قال‪« :‬اليوم أكملت لكم دينكم‪ »...‬قال عمر‪:‬‬ ‫قد عرفنا ذلك اليوم والمكان الذي نزلت فيه على النبي صلى اهلل عليه‬ ‫وسلم‪ ،‬وهو واقف بعرفة يوم عرفة‪.‬‬ ‫ومن أجل أيام العشر أيضا يوم عيد األضحى الذي هو يوم‪ ‬الحج‬ ‫األكبر ‪ ،‬حض فيه النبي صلى اهلل عليه وسلم على األضحية لمن وجد‬ ‫سعة‪ ،‬وقدر عليها‪ ،‬وقصد صاحبها اتباع السنة‪ .‬فللمضحي بكل شعرة من‬ ‫شعراتها حسنة إذا أخلص نيته هلل وقصد بذبحها التقرب إليه‪ ،‬وهي من‬ ‫شعائر اإلسالم ومن سنن نبينا إبراهيم عليه السالم‪ ،‬ففي الحديث قيل‬ ‫يارسول اهلل‪ :‬ما هذه األضاحي؟ قال‪ :‬سنة أبيكم إبراهيم‪ ،‬قالوا‪ :‬ما لنا‬ ‫فيها؟ قال‪ :‬بكل شعرة حسنة‪ ،‬قالوا‪ :‬فالصوف؟ قال‪ :‬بكل صوفة حسنة‪،‬‬ ‫وعنه أيضا صلى اهلل عليه وسلم أنه قال‪ « :‬من ضحى طيبة نفسه‬ ‫محتسبا ألضحيته كانت له حجابا من النار»‪.‬‬ ‫فاألضحية سنة مرغب فيها لمن قدر عليها وقربة من القربات‪،‬‬ ‫وجل الناس يعتقدون فرضيتها بل فوق الفروض المحتمة حتى أوقعوا‬ ‫أنفسهم في الضيق والحرج الذي لم يجعله اهلل تعالى في شريعة رسولنا‬ ‫صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬فترى اإلنسان يقتحم المشاق والحرج الشديد في‬ ‫تحصيل هذه السنة بنحو السؤال والدين‪ ،‬فيكثر المتسولون الراغبون‬ ‫في شراء أضحية العيد‪ ،‬ويتعدد الباحثون عن السلف والدين لنفس‬ ‫الغرض‪ ،‬وربما ارتكبوا ما فيه محذور من أمور ديننا كاالستدانة بالربا‬ ‫ونحو ذلك‪ ،‬وهم في ارتكاب هذا كله يعتقدون أنهم يتقربون إلى اهلل‪،‬‬ ‫وفي الحقيقة يتقربون إلى أنفسهم‪ ‬وأهليهم‪ ،‬فالسنة والقربة ال تكونا إال‬ ‫بالحالل وصفاء المعامالت‪ ،‬وبدون تضييق على النفس واألهل واألوالد‪،‬‬ ‫واستعمال اإلخالص الذي هو روح األعمال وتصحيح العبادات‪ ،‬وقد قال‬ ‫موالنا رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪ « :‬من كسب ماال حراما لم يقبل‬ ‫اهلل منه صدقة وال عتقا وال حجا وال عمرة‪ ،‬وكان له بعدده أوزارا ‪ ،‬وما بقي‬ ‫منه كان زاده إلى النار» ‪ .‬وقد علق صلى اهلل عليه وسلم أمر األضحية‬ ‫على‪ ‬السعة واإلمكان فقال‪« :‬من وجد سعة ولم يضح فال يحضر مصالنا»‬ ‫فالضعيف الذي المال له لشراء األضحية‪ ‬ليس عليه شيء‪ ،‬إذ اليجوز أن‬ ‫يبيع اإلنسان من حوائجه الضروريات ويسعى في تحصيل ثمن األضحية‬ ‫من أوجه محرمة أو مكروهة‪ ،‬فقد ضحى رسول اهلل صلى اله عليه وسلم‬ ‫عن ضعفاء أمته‪ ،‬فمن لم يجد سعة وعجز عن األضحية فالثواب حاصل‬ ‫له من رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم وحسب نيابته‪ ،‬فقد روي أنه صلى‬ ‫اهلل عليه وسلم ضحى بكبشين أملحين فقرب أحدهما فقال‪ « :‬اللهم منك‬ ‫ولك‪ ،‬اللهم هذا عن محمد وآل بيته»‪ ،‬ثم قرب اآلخر فقال‪« :‬بسم اهلل‬ ‫اللهم هذا منك ولك‪ ،‬اللهم هذا عن من وحدك من أمتي»‪.‬‬ ‫وإذا كان النبي صلى اهلل عليه وسلم قد رفع الحرج على الضعفاء‬ ‫والمساكين فناب عنهم في أضحيتهم وضمن لهم الثواب واألجر‪،‬‬ ‫فإنه نبه الذين ال يقومون بهذه السنة مع قدرتهم عليها بتنبيه دقيق‬ ‫وإشارة موحية بالزجر والتقريع‪ ،‬فقد قال صلى اهلل عليه وسلم‪« :‬من وجد‬ ‫سعة ولم يضح فال يحضر مصالنا» وهي كلمة يقال نظيرها في األسر‬ ‫والمجتمعات كثيرا‪ ،‬ويكون قذف الشخص بها عنوانا على أنه أتى أمرا‬

‫قبيحا جعله غير أهل لمشاركة إخوانه فيما هم قائمون به من أعمال‬ ‫نافعة طيبة‪ ،‬ويجتمعون ألجله من خير وبر‪ ،‬أما في موضوعنا فإن المقرر‬ ‫أن صالة العيد سنة من سنن الرسول‪ ،‬والضحايا سنة نبي اهلل إبراهيم‪،‬‬ ‫وكلتا السنتين من مظاهر التحبب إلى اهلل في ذلك اليوم‪ ،‬وهما شعيرتا‬ ‫اليوم لغير الحاج‪ ،‬فالتارك لألضحية مع يسر وسعة رزق إما بخيل والبخيل‬ ‫بغيض إلى اهلل‪ ،‬وإما مستهين بالسنة مستهتر بمناسك دينه مستخف‬ ‫بالشعيرة‪ ،‬فصالته العيد ألصق بالرياء وأقرب إلى النفاق‪ ،‬وقد أصبح‬ ‫البعض يفضل السفر إلى الخارج أو شراء اللحم الجاهز ‪ ،‬استهتارا بسنة‬ ‫نبي اهلل وتكبرا عن التقرب إلى اهلل في هذا اليوم المبارك‪.‬‬ ‫فاحرصوا إخواني على فعل هذه السنة الكربمة‪ ،‬وتأهبوا إلقامة‬ ‫صالة العيد بالمصلى في وقتها وعلى سنتها وهيئتها‪ ،‬مكبرين بتكبير‬ ‫اإلمام فيها وفي خطبتها وفي طريقكم إلى المصلى وما دمتم جالسين‬ ‫في مصالكم قبل خروج اإلمام‪ ،‬واحرصوا على الذهاب للمصلى العام‪،‬‬ ‫فإن صالة العيد في غير المصلى من غير ضرورة داعية بدعة مكروهة‪،‬‬ ‫ألن في خروج المسلمين إلى المصلى إظهار لشعيرة اإلسالم وزينته‪،‬‬ ‫فتزينوا بلبس الجديد من الثياب‪ ،‬واغتسلوا استحباب ومسوا الطيب‪،‬‬ ‫وأخروا الفطر إلى أن ترجعوا من المصلى ومن صبر حتى يكون أول أكله‬ ‫من كبد أضحيته فهوا أفضل ‪ ،‬لما رواه أصحاب السنن عن عائشة قالت‪:‬‬ ‫كان رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم يفطر يوم الفطر قبل أن يغدو إلى‬ ‫المصلى‪ ،‬وكان ال يطعم يوم النحر حتى يصلي وينحر‪ ،‬فيأكل من كبد‬ ‫أضحيته‪.‬‬ ‫·‪ ‬وقد أمر صلى اهلل عليه وسلم الذابح بحد شفرته والرفق‬ ‫بذبيحته‪ ،‬كما أمر من ذبح قبل الصالة وذبح اإلمام بإعادة‬ ‫أضحيته‪.‬‬ ‫·‪ ‬ومن السنة أن يذبح اإلنسان األضحية بيده‪ ،‬وإن عجز ينيب عنه‬ ‫من يقوم بذبحها مع حضوره على ذلك‪.‬‬ ‫·‪ ‬وكلوا من أضاحيكم وتصدقوا منها على الفقراء والمحتاجين‪،‬‬ ‫واحذروا بيع جلودها أو شيء منها‪ ،‬فإنه حرام باإلجماع‪ ،‬ففي‬ ‫الحديث‪« :‬من باع جلد أضحيته فال أضحية له»‪ ،‬وعنه صلى اهلل‬ ‫عليه وسلم أيضا‪ « :‬ال تبيعوا لحوم الهدي واألضاحي واستمتعوا‬ ‫بجلودها وال تبيعوها» ‪.‬‬ ‫·‪ ‬وكبروا اهلل ثالث تكبيرات إثر خمس عشرة فريضة من ظهر يوم‬ ‫العيد إلى صبح يوم الرابع‪.‬‬ ‫·‪ ‬واحرصوا إخواني المسلمين على نظافتكم ونظافة حيكم‬ ‫وأزقتكم ‪ ،‬فليس من اإلسالم ما نشاهده من أوساخ وأوحال‬ ‫بالطرق والساحات‪ ،‬وما يرمى به من األزبال‪ ‬والقاذورات في‬ ‫الممرات والشوارع‪ ،‬فلنحرص جميعا على جمع األزبال في‬ ‫األكياس وتسليمها للمشرفين على جمعها‪ ،‬ولنعمل على‬ ‫نظافة بيئتنا من كل ما يضر بها‪ ،‬ونظافة محيطنا من كل ما‬ ‫يشوه به‪ ،‬ولنكن أحرص الناس على التحلي بالمظهر الالئق‬ ‫باإلسالم والمسلمين من نظافة وسماحة ونصح وتصافح‪،‬‬ ‫وعيدكم مبارك سعيد‪.‬‬


‫العدد ‪1005‬‬

‫روحة‬

‫أط‬

‫الثالثـاء ‪� 06‬إلى ‪ 12‬غ�شت ‪2019‬‬

‫برحاب كلية اآلداب والعلوم اإلنسانية جامعة‬ ‫نوقشت صباح يوم الخميس‪ 18 ‬يوليوز ‪،2019‬‬ ‫ِ‬ ‫عبد المالك السعدي بتطوان‪ ،‬أطروحة جامعية لنيل الدكتوراه‪ ،‬في وحدة التكوين‪ :‬النص األدبي‬ ‫العربـي القديـم‪ ،‬أعدها الطالـب الباحث محمد كريم فكري‪ ،‬في موضوع ‪ :‬نصيحـة اإلخوان في‬

‫التحذير من الدخول في طريقة متصوفة هذا الزمان للعالمة محمد الحفيد كنون الحسني‬ ‫(ت‪1416‬هـ‪1996/‬م) تحقيق ودراسة‪ :‬بإشراف‪ :‬األستاذ الدكتور أحمد هاشم الريسوني واألستاذ‬

‫الدكتور محمد كنون الحسني‪ .‬وبعد مناقشة الطالب الباحث ودفاعه عن أطروحته ‪ ،‬منحت اللجنة العلمية‬ ‫للطالب الباحث شهادة الدكتوراه بميزة مشرف جداً‪.‬‬

‫بسم اهلل الرحمان الرحيم‬ ‫الحمد هلل ربّ العالمين والصالة والسّالم على سيدنا‬ ‫محمد وعلى آله وصحبه وإخوانه وحزبه‪.‬‬ ‫الساد ُة األساتذة األفاضل‪ ،‬أعضا ُء اللجنةِ الموقرة‪.‬‬ ‫الحضورُ الكرام؛‬ ‫السالم عليكم ورحمة اهلل وبركاته‪.‬‬ ‫وبعد‪:‬‬ ‫غاية السعادةِ أن َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫اليوم‬ ‫هذا‬ ‫في‬ ‫ل‬ ‫ث‬ ‫مْ‬ ‫أ‬ ‫يُسعدني‬ ‫ِ‬ ‫المباركِ‪ ،‬بين يدي لجنتكم العلمية الموقرة المكونة‬ ‫من ثلةٍ من األساتذة األفاضل المتمكنين والمعروفين‬ ‫بإبداعاتهم في مجال البحث العلمي الرصين‪ .‬ألتتلمذ‬ ‫على أيديهم‪ .‬ومن بينهم من كان له الفضل الكبير في‬ ‫تكويني وإرشادي طيلة إعداد هذه األطروحة العلمية‪،‬‬ ‫الموسومة بعنوان «نصيحة اإلخوان في التحذير من‬ ‫الدخول في طريقة متصوفة هذا الزمان» لسيدي محمد‬ ‫الحفيد كنون الحسني المتوفى‪1996:‬م‪.‬‬ ‫يقول رسولنا الكريم صلى اهلل عليه وسلم‪َ « :‬منْ َ�صن َ​َع‬ ‫تدُوا َما ُت َكا ِفئُونَهُ َفادْ ُعوا‬ ‫�إِ َل ْي ُك ْم َم ْعروف ًا َف َكا ِفئُو ُه‪ ،‬ف�إِ ْن مَ ْل جَ ِ‬ ‫َلهُ َح َّتى ت َ​َروا �أَ َّن ُك ْم َقدْ َكا َف�أْ مُ ُ‬ ‫تو ُه»‪ ،‬وأنوه في البداية من كان‬ ‫له الفضل الكبير في تجسيد هذه األطروحة وأقصد فضيلة‬ ‫الدكتور محمد كنون الحسني‪ ،‬وفضيلة الدكتور أحمد هاشم‬ ‫الريسُوني أطال اهلل في عمرهما‪ ،‬وشكري لكل أساتذتي‬ ‫األجالء الذين نلت حظوة التَّتلمذ على أيديهم في وحدة‪:‬‬ ‫النص األدبي العربي القديم‪ ،‬وعلى رأسهم الدكتور عبد‬ ‫اللطيف شهبون أمد اهلل في عمره‪ ،‬والدكتور عبد اهلل المرابط‬ ‫الترغي تغمده اهلل بواسع رحمته ولهم مني جميعا كل التقدير‪.‬‬ ‫كما أتقدم بجزيل الشكر إلى أساتذتي أعضاء لجنة‬ ‫المناقشة الموقرين على ما تكبدوه من عناء في قراءة هذه‬ ‫الرسالة المتواضعة‪ ،‬وإغنائها بمقترحاتهم القيمة والسديدة‪،‬‬ ‫أستاذتنا الفاضلة الدّكتورة سعاد الناصر حفظها اهلل‪،‬‬ ‫وأستاذنا الفاضل الدكتور أحمد بوعود حفظه اهلل‪ ،‬واألستاذ‬ ‫الفاضل الدكتور يحيى بن الوليد بارك اهلل فيه‪ ،‬وذلك لما‬ ‫تجشموه من عناء القراءة والمناقشة والتصويب‪ ،‬وعلى ما‬ ‫سيقدمونه من مالحظات علمية حصيفة‪ ،‬مؤكدا لهم اعتزازي‬ ‫المسبق بتوجيهاتهم الرشيدة وتصويباتهم السديدة التي‬ ‫سأستفيد منها في تجاوز ما قد يعتري األطروحة من نقص أو‬ ‫قصور‪ .‬فجزاكم اهلل خير الجزاء ونفعنا اهلل بعلمكم وجعلني في‬ ‫مستوىتطلعاتكم‪.‬‬ ‫وال يفوتني أن أشكر كل من شرفني بالحضور في هذا‬ ‫الملتقى العلمي المبارك ومنهم عائلتي وزوجتي وأبنائي‬ ‫وزمالئي‪.‬‬ ‫وإليكم أيها السادة الكرام‪ ،‬موجزا عن األطروحة‪ ،‬فأقول‬ ‫وباهلل التوفيق‪:‬‬ ‫دواعي االختيار ‪:‬‬ ‫ال يخفى على الجميع أن ّ‬ ‫لكل أطروحة أهميتها العلمية‪،‬‬ ‫ودوافعها التي تجعل الطالب يقبل عليها‪ ،‬والنص الذي‬ ‫أعمل عليه لم يخرج عن هذا المألوف؛ إذ كان من جملة ما‬ ‫استهواني لإلقبال على تحقيقه‪:‬‬ ‫أوال‪ :‬الرغبة في خوض غمار التحقيق‪ ،‬والتعرف على‬ ‫كيفية التعامل مع المخطوطات ومعالجتها‪ ،‬وذلك بالرغم من‬ ‫أن عملية التحقيق ليست باألمر الهين‪.‬‬ ‫ثانيا‪ :‬المساهمة بهذا العمل في إحياء التراث المغربي‬ ‫األصيل‪ ،‬اقتداء بمن سبقني من الباحثين والمهتمين‪ ،‬واقتناعا‬ ‫بما نبهوا عليه من ضرورة تظافر الجهود المبذولة في هذا‬ ‫الميدان ليتم نفض الغبار عن الموروث الثقافي للبالد ألجل‬ ‫إغناء المكتبة المغربية‪.‬‬ ‫ثالثا‪ :‬التعريف بعالِم مغربي جليل كانت له المنزلة‬ ‫الكبرى بين أهل زمانه وفي المدينة التي عاش فيها‪ ،‬وبتراثه‬ ‫النفيس الذي َّ‬ ‫خَطهُ بقلمه‪.‬‬ ‫رابعا‪ :‬إتحاف الدارسين بمادة تمزجُ بين الفقه والتصوف‪،‬‬ ‫أخلص فيها صاحبها للمذهب المالكي‪ ،‬على عادة علماء‬ ‫المغرب خاصة‪ ،‬وعلماء الغرب اإلسالمي عامة‪ ،‬آمل أن تكون‬ ‫مرجعا يستند إليه من يأتي بعدنا من الدارسين ‪.‬‬ ‫خامسا‪ :‬تمكين الباحثين من مؤرخين وأدباء وعُلماء‬ ‫وباحثين في التصوف من مادة تاريخية غنية‪ ،‬تسلط الضوء‬ ‫على فترة معينة من تاريخ المغرب‪ ،‬قد تكون أغفلتها‬ ‫المدونات التاريخية لد ّقتها‪ ،‬حيث تتخلل نصوص الكتاب‬ ‫إشارات أدبية ودينية واجتماعية دقيقة‪ ،‬تفيد في تحليل بنية‬ ‫التصوف المغربي خالل الفترة التي عاش فيها سيدي محمد‬ ‫الحفيد كنون الحسني ‪.‬‬ ‫سادسا‪ :‬التعرف على الطرق الصوفية وما أحدثتها من‬ ‫البدع‪ ،‬والتعرف على اهتمامات الزوايا ومشاكلهم وقضاياهم ‪.‬‬ ‫أهمية األطروحة ‪:‬‬ ‫ويُعد موضوع ال ِبدَع الصوفية من المواضيع التي كان‬ ‫للعلماء المغاربة اليد ُّ‬ ‫الطولى في مقاومة أصحابها‪ ،‬وكتب‬ ‫التّاريخ والتراجم والنوازل والفهارس تشهد بذلك‪ .‬وجهودهم‬ ‫في هذا الباب جزء من مهمة األمر بالمعروف والنهي عن‬ ‫المنكر التي أوجبها اهلل عز وجل عليهم وشرفهم بحملها‪،‬‬ ‫وكان من آثارها الجلية إحياء السنة وإماتة البدعة أو التضييقُ‬ ‫عليها‪.‬‬

‫ومن أشهر من ألف في هذا الباب من علماء المغرب‬ ‫نذكر سعيد بن المنعم الحاحي (ت ‪957‬هـ)‪ ،‬أحمد بن عبد‬ ‫الرحمان التزركيني(ت‪958‬هـ) الشيخ عبد الواحد بن أحمد بن‬ ‫عاشر (ت‪1040‬هـ)‪ ،‬الشيخ صالح الفاسي(ت‪1057‬هـ) ومحمد‬ ‫بن ناصر الدرعي (‪)1085‬مؤسس الزاوية الناصرية‪ ،‬وتلميذهُ‬ ‫اإلمام أبي الحسن اليوسي (ت ‪ 1102‬هـ )وغيرهم‪.‬‬ ‫وفي العصر الحديث قاد الشيخ عبد الحي الكتاني عام‬ ‫(‪1345‬هـ) وما بعدها الحملة التي قام بها علماء المغرب ضد‬ ‫البدع والمنكرات التي تفشت في المجتمع المغربي‪ ،‬وضمن‬ ‫هؤالء ينخرط مؤلفنا العالمة سيدي محمد الحفيد كنون‬ ‫الحسني‪ ،‬حيث ألف َّ‬ ‫مؤلفا في هذا الموضوع سماه‪« :‬نصيحة‬ ‫اإلخوان في التحذير من الدخول في طريقة متصوفة هذا‬ ‫الزمان» وهو المخطوط الذي قمنا بتحقيقه ودراسته في هذه‬ ‫األطروحة‪.‬‬ ‫ويُعدُّ البحث والتنقيب في تراث المخطوطات عَمَ ًال‬ ‫مضنيّاً‪ ،‬وفع ًال مقتدراً وهامّاً بالنظر إلى ما يَحُفُّ هذه‬ ‫الممارسة أو المغامرة من صُعوبات َكبيرة في الجمع والتحقيق‬ ‫والدراسة والتحليل من جهة‪ ،‬ولما ينطوي عليه هذا العمل من‬ ‫غِنىً في المعارف والقضايا والظواهر التي ما زالت مجهُولة‬ ‫اإلدراك‪ ،‬وبعيدة عن التناول الدراسي من ِجهة ثانية‪ ،‬خاصة‬ ‫منه ما يتعلق بإشكالية موضوع التصوف وما أُ َ‬ ‫حدِث فيه من‬ ‫بدع من طرف الطرق الوقتية‪ ،‬وما يكتنفه من تساؤالت كبرى‬ ‫تتعلق بالممارسة‪ ،‬وما يرتبط بذلك من تصورات اجتماعية‬ ‫وثقافية وفكرية حول هذه البدع المُحدثة‪.‬‬ ‫وفي السياق ذاته يندرج تحقيق هذا الكتاب الضخم‬ ‫لمؤلفه سيدي محمد الحفيد كنون الحسني‪ ،‬الذي وقف فيه‬ ‫من جهته على مجموعة كبيرة من البدع المخَالفة للشريعة‬ ‫والممَارسات والعادات التي اعتبرها بدعاً ومنكراتٍ‪ ،‬والتي‬ ‫كانت متفشي ًة بصفة عادية بين بعض الزوايا الطرقية في‬ ‫أواخر القرن الرابع عشر وأوائل القرن الخامس عشر الهجري‪،‬‬ ‫الشي ُء الذي يجعل من هذا الكتاب كنزاً ال يقدرُ بثمن‪ ،‬ال سيما‬ ‫بالنسبة للباحث في تاريخ التصوفِ والزوايا وما أحدثوه من‬ ‫بدع وأعراف وتقاليد سلوكيا واجتماعيا‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫ِّ‬ ‫المؤلف‪،‬‬ ‫والمخطوط في نسخة فريدة‪ُ ،‬كتِبَتْ ِبخط‬ ‫ولقد أشار إلى أهمية تحقيق النسخة الفريدة الدكتور محمد‬ ‫عبد الحفيظ كنون حفظه اهلل مُلفتا االنتباه إلى أهميتها‬ ‫ونفاستها عكس ما يروج له البعض من أن النسخة الوحيدة‬ ‫تكون قاصرة وغير ذات جدوى‪ ،‬حيث يقول‪ :‬فإن كان المحقق‬ ‫في حاجه إلى مؤهالت تكمن في دقة الفهم وحسن‬ ‫التمحيص وكمال الفطنة‪ ،‬وأخرى سلوكية تتمثل فيه االجتهاد‬ ‫والصبر واإلخالص‪ ،‬وثالثة علمية تتجلى في اإللمام بجملة‬ ‫من المعارف والعلوم ذات الصلة بموضوع النص المحقق‪،‬‬ ‫ومؤلفه‪ ،‬وأصول العمل وقدراته فإن المحقق على النسخة‬ ‫الفريدة في حاجة إلى مؤهالت إضافية منها‪:‬‬ ‫ االطالعُ الواسع واإللمام الكبير بكل جوانب الموضوع‪،‬‬‫وأصوله ومصادره‪.‬‬ ‫ الدُّربَة العلمية والتجربة المكتسبة في التعامل مع‬‫المخطوطوالمخطوطات‪.‬‬ ‫حصول نوع من ُ‬ ‫ُ‬ ‫األلفة بينه بين النص المحقق‪.‬‬ ‫‬‫ُ‬ ‫امتالكهُ لحاسةٍ تساهم في تكميل ما لم يستطع‬ ‫‬‫البصرُ قراءته‪.‬‬ ‫ امتالكهُ لملكةٍ علميةٍ توجهه إلى المضان التي‬‫تساعده على القراءة والتوثيق والتحقيق‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫الجميل»‪.‬‬ ‫الطويل والصبرُ‬ ‫التأمل‬ ‫‬‫ِّ‬ ‫المحَقق جهدا‬ ‫وفعال تحقيق النسخة الفريدة يتطلب من‬ ‫أكبر وعم ًال شاقاً‪ ،‬لكن النتيجة هي إخراج عمل يستفيد منه‬ ‫الباحثون‪.‬‬

‫والكتاب يقدم لنا فتاوى وأجوبة فقهية ومواقف طريفة‬ ‫فريدة لعلماء أفاضوا واستفاضوا في الدفاع عن حياض‬ ‫التصوف السني المست ِند إلى كتاب اهلل وسنة رسوله ومحَاربة‬ ‫البدع المُحدثة التي عرفتها الطرق والزوايا في وقتهم‪.‬‬ ‫كنت قد اطلعت على بعض التوضيحات عن الكتاب‪ ،‬على‬ ‫يد الشاعر األديب محمد ياسين العشاب حفيد الشيخ محمد‬ ‫الحفيد كنون الحسني‪ ،‬فاقترحته على فضيلة الدكتور عبد‬ ‫اللطيف شهبون حفظه اهلل‪ ،‬الذي عرف ضالتي ووجهني إليه‪،‬‬ ‫فكنت محظوظا جداً بأبُوّته وبتوْجيهاته وعنايته الفائقة‪.‬‬ ‫وبعدها عرضته على األستاذ الدكتور أحمد هاشم‬ ‫الريسوني الذي نوَّهَ بالكتاب ودعَّمني في تحقيقِه ودراسته‪،‬‬ ‫كما ال تفوتني الفرصة أن أنَوه بمساهمة األستاذ الدكتور‬ ‫محمد كنون الحسني الذي زَوّدني بالنسخة الفريدة بمكتبة‬ ‫عبد اهلل كنون كما زودني بمعطيات مُفِيدة حول والده‪،‬‬ ‫كيف ال وهو من قام بترجمة مستفيضة للمؤلف‪ ،‬فلهم مني‬ ‫كل الدعوات بالخير والجزاء الحسن‪ ،‬ورحم اهلل مؤلف الكتاب‬ ‫سيدي محمد الحفيد كنون الحسني رحمة واسعة‪.‬‬ ‫خطة األطروحة‪ :‬في المنهج الدراسي والتحقيق ‪:‬‬ ‫كما هو معلوم فإن هذه األطروحة ما كانت لتتم لوال‬ ‫االلتزام بخطة علمية محكمة ومنهج رصين ال يختلفان في‬ ‫الحقيقة عما هو معهود ومعروف في األبحاث األكاديمية‪،‬‬ ‫وهكذا جاءت األطروحة مقسمة إلى قسمين بعد المقدمة‪،‬‬ ‫قسمٌ للدراسة‪ ،‬وقسمٌ خاصٌ بتحقيق النص‪.‬‬ ‫فأمّا المقدمة‪ ،‬فقد خصصتها للحديث عن أهمية‬ ‫الموضوع‪ ،‬ثمّ الدوافع التي حفزتني لالشتغال عليه‪ ،‬مع بيان‬ ‫الخطة والمنهج المتبع في ذلك‪.‬‬ ‫أما القسم الدراسي فقد قسمْتُه إلى فصلين‪ ،‬تناولت‬ ‫في الفصل األول‪ُ :‬‬ ‫الرجل والعصر‪ ،‬وقسمته إلى مبحثين‪ :‬ففي‬ ‫المبحث األول تطرقت إلى ظروف الفترة التي كان يعيش فيها‬ ‫المؤلف سياسيا واقتصاديا واجتماعيا‪ ،‬فضال عن الحديث عن‬ ‫الحياة الصوفية في تلك الفترة‪ ،‬بعد ذلك جاء المبحث الثاني‬ ‫الذي تناولت فيه الحديث عن ترجمة المؤلف بالتفصيل‬ ‫وذلك بذكر نسبه ووالدته ونشأته‪ ،‬والتعريف بأسرة آل كنون‬ ‫العلمية‪ ،‬ثم نشأة المؤلف وبداية طلبه للعلم‪ ،‬وذكر شيوخه‬ ‫وتالمذته‪ ،‬ومؤلفاته‪ ،‬وثناء العلماء عليه ثم وفاته‪.‬‬ ‫وخصّصت الفصل الثاني للحديث عن الكتاب الذي هو‬ ‫موضوع األطروحة‪ ،‬فافتتحته بمبحث تمهيدي عن مفهومي‬ ‫النصيحة والبدعة شرحا وتفصيال‪ ،‬مبيناً األلفاظ األخرى‬ ‫المتشابهة وختمته بالحديث عن مفهوم التصوف وخصائصه‬ ‫بالمغرب‪.‬‬ ‫أما القسم الدراسي فقد قسمْتُه إلى فصلين‪ ،‬تناولت‬ ‫في الفصل األول‪ :‬الرجل والعصر‪ ،‬وقسمته إلى مبحثين‪ :‬ففي‬ ‫المبحث األول تطرقت إلى ظروف الفترة التي كان يعيش فيها‬ ‫المؤلف سياسيا واقتصاديا واجتماعيا فضال عن الحديث عن‬ ‫الحياة الصوفية في تلك الفترة‪ ،‬بعد ذلك جاء المبحث الثاني‬ ‫الذي تناولت فيه الحديث عن ترجمة المؤلف بالتفصيل‬ ‫وذلك بذكر نسبه ووالدته ونشأته‪ ،‬والتعريف بأسرة آل كنون‬ ‫العلمية‪ ،‬ثم نشأة المؤلف وبداية طلبه للعلم‪ ،‬وذكر شيوخه‬ ‫وتالمذته‪ ،‬ومؤلفاته‪ ،‬وثناء العلماء عليه ثم وفاته‪.‬‬ ‫بعد ذلك تحدثت عن اسم الكتاب ونسبته للمؤلف‪ ،‬وعن‬ ‫منهجه واألصول المعتمدة عنده‪ ،‬ومصادره من أمهات الكتب‪.‬‬ ‫وأما القسم الثاني المتعلق بالتحقيق‪ ،‬فافتتحته بوصف‬ ‫المخطوط‪ ،‬ثم بذكر المنهج المتبع في التحقيق‪ :‬فخصصته‬ ‫للنّص المحقق‪ ،‬وسرت فيه وفق المنهج اآلتي‪:‬‬ ‫• قمت بكتابة النص المخطوط وفق ما تمليه قواعد‬ ‫الكتابة‪ ،‬وحاولت إخراج نصّه سليما بقدر االستطاعة‪ ،‬كما‬ ‫خدمت النّص بوضع عالمات الترقيم (كالنقطة والفاصلة‬

‫‪15‬‬

‫وعالمة االستفهام والتّعجب‪ ،‬وتقسيم الفقرات‪ ،)..‬وغير ذلك‬ ‫من إشارات تضيء التركيب‪ ،‬وتحدّد معناه وتزيد النّص‬ ‫وضوحا‪.‬‬ ‫• أشرت إلى نهاية الصفحات من النسخة المخطوطة‬ ‫بعد آخر كلمة من ّ‬ ‫كل صفحة‪.‬‬ ‫• شرَحت في الهامش المصطلحات الصوفية وبعض‬ ‫األلفاظ الغريبة الواردة في الكتاب‪.‬‬ ‫• خرَّجتُ اآليات القرآنية الواردة في «الكتاب˝ برواية‬ ‫ورش وااللتزام بالرّسم العثماني‪ ،‬وضبطها بالشكل التام‪،‬‬ ‫وجعلتها بين قوسين مزهرين مع ذكر اسم سورها ورقم‬ ‫اآلية‪.‬‬ ‫• قمت بتخريج األحاديث النبوية التي استشهد بها‬ ‫المؤلِّف في كتابه‪ ،‬وعزوتُها إلى مظانها‪ ،‬مشيرا حسب قدرتي‬ ‫إلى درجة الحديث من الصّحة والضعف‪ ،‬مع ضبط كلماتها‬ ‫بالشكل‪ ،‬كما وضعت هذه األحاديث بين قوسين ( )‪.‬‬ ‫• نقل سيدي محمد الحفيد كثيرا من النصوص عن‬ ‫مجموعة من العلماء دون أن يذكر موارد نقوله‪ ،‬مكتفيا بإيراد‬ ‫ذلك إما بالمعنى أو بالنّص أو مع التصرف فيها‪ ،‬فبذلت‬ ‫جهدي قدر المستطاع في عزوها إلى أصحابها بذكر الكتب‬ ‫والصفحات‪ ،‬ووضعتها بين عالمة التنصيص « «‪.‬‬ ‫• ترجمت لألعالم المذكورة في النّص‪ ،‬واعتمدت على‬ ‫كتب التّراجم‪ ،‬وذلك بتقديم نبذة مختصرة عن حياة المترجم‬ ‫له تتضمن حسب اإلمكان‪( :‬اسمه ونسبه وكنيته‪ ،‬والدته‬ ‫ووفاته‪ ،‬مؤلفاته‪ ،‬مصادر ترجمته)‪.‬‬ ‫• ذكرت في الهامش بعض الكتب التي أخذ سيدي‬ ‫محمد الحفيد الكثير من تفاصيلها في متنه‪.‬‬ ‫• عرّفت ببعض األماكن والبلدان الواردة في النّص من‬ ‫معاجم البلدان المعتمدة‪.‬‬ ‫• قمت بضبط األبيات الشعرية‪ ،‬ونسبتها إلى أصحابها‬ ‫مع اإلرشاد إلى بعض المراجع الواردة فيها‪.‬‬ ‫• َّ‬ ‫ذيلتُ عملي بفهارس علمية متنوعة تيسيرا للقارئ‬ ‫وتقريبا للفائدة‪ ،‬وهي كاآلتي ‪:‬‬ ‫• فهرس لآليات القرآنية‪.‬‬ ‫• فهرس لألحاديث النبوية الشريفة‪.‬‬ ‫• فهرس األبيات الشعرية‬ ‫• فهرس لألعالم‪.‬‬ ‫• فهرس المصطلحات الصوفية‪.‬‬ ‫• فهرس الطرق الصوفية‪.‬‬ ‫• فهرس الكتب‪.‬‬ ‫• فهرس األماكن والبلدان‪.‬‬ ‫• فهرس المصادر والمراجع‪.‬‬ ‫• فهرس الموضوعات‪.‬‬ ‫والشك أن للبحث صعوبات واجهتني منذ البداية تتمثل‬ ‫في ‪:‬‬ ‫• عدم وجود نسخ متعددة من المخطوط‪.‬‬ ‫• صعوبة قراءة الخط في بعض الصفحات‪.‬‬ ‫• توثيق بعض نصوص المخطوط‪ ،‬فإن المؤلف رحمه‬ ‫اهلل ينقل في بعض األحيان من غير أن يشير للمصادر التي‬ ‫اعتمدعليها‪.‬‬ ‫• انفردت المخطوطة بمادة علمية غزيرة ومتنوعة‬ ‫المصادر‪ ،‬مما شكل تحديا حقيقيا اقتضى ضرورة مضاعفة‬ ‫الجهد في البحث والتنقيب‪ ،‬والتعامل مع ميادين علمية‬ ‫مختلفةومتنوعة‪.‬‬ ‫وقد تم تذليل جزء كبير منها بواسطة األستاذين‬ ‫الفاضلين المشرفين على هذا العمل الدكتور محمد كنون‬ ‫الحسني‪ ،‬والدكتور أحمد هاشم الريسوني‪ ،‬اللذان كانا لي‬ ‫عونا وسندا في إنجاز هذه األطروحة‪ ،‬فلهم مني كل الشكر‬ ‫والتقدير واالحترام‪.‬‬ ‫أخيرا ال أدعي أني قد استوفيت الكفاية والنهاية في‬ ‫التحقيق والدراسة‪ ،‬وإنما هو جَهدٌ توخيت فيه الجد في‬ ‫العمل‪ ،‬والصدق في البحث وحسن النية ‪.‬‬ ‫وفي الختام أجدد شكري وامتناني لألستاذين المشرفين‬ ‫على تفضلهما باإلشراف على هذه األطروحة‪ ،‬كما أجدد‬ ‫شكري وامتناني للجنة العلمية الموقرة على تفضلها بقراءة‬ ‫األطروحة ومناقشتها‪ ،‬وعلى ما ستقدمه من مالحظات علمية‬ ‫رصينة مؤكدا على اعتزازي وافتخاري بتوجيهاتهم الرشيدة‪.‬‬ ‫والسالم عليكم ورحمة اهلل وبركاته‪.‬‬


‫الثالثـاء ‪� 06‬إلى ‪ 12‬غ�شت ‪2019‬‬

‫العدد ‪1005‬‬

‫كتابات يف تاريخ‬ ‫منطقة ال�شمال ‪:‬‬

‫(‪)907‬‬

‫‪16‬‬

‫“عناقيد ‪ -‬رسائل”‬

‫�أ�سامـة الزكاري‬ ‫‪zougariousama@gmail.com‬‬

‫هل انتهى –فعال‪ -‬أدب الرسالة إلى االندثار؟ وهل فقد قيمته البيانية وأبعاده اإلنسانية ومعالمه‬ ‫والحقيقة إن مضامين نصوص هذه المراسالت تشكل توثيقا أدبيا راقيا لغزارة عطاء الحقل الثقافي‬ ‫الجمالية؟ وهل سنقبل بواقع التواري واالنقراض في ظل هيمنة ثقافة الصورة وآليات التواصل الحي بشمال المغرب‪ ،‬ليس فقط بالنسبة الهتمامات المؤلف‪ ،‬ولكن –أساسا‪ -‬بالنسبة لمجمل اإلبداالت‬ ‫اإللكترونية الحديثة؟ وفي المقابل‪ ،‬هل سنقبل بالتفريط في تراث أدبي ومعرفي هائل خلفه األقدمون والتحوالت التي يحبل بها هذا الحقل‪ .‬يتعلق األمر‪ ،‬بكتابات متفاعلة مع لحظتها وموثقة لتفاصيلها‬ ‫في شكل مراسالت ثنائية أضحت منجما لتداول عيون الشعر واألدب والفن والمعرفة بين نخب المجتمع التي تلتقطها عين الكاتب المبدع ورهافة ذوق المفكر الحصيف وصرامة الناقد المفتتن بعناصر اإلبداع‬ ‫ومبدعيه ومثقفيه؟ وهل باإلمكان كتابة التاريخ الثقافي العربي اإلسالمي بدون النهل من معين هذا‬ ‫التراث الثقافي الذي يأبى االندثار؟ وأخيرا‪ ،‬هل بإمكان أي من مثقفي المغرب الراهن ومبدعيه ومفكريه العربي الذي يعطي للهوية الثقافية المشتركة ميسمها الخاص وطابعها المميز‪ .‬وإذا أضفنا إلى ذلك‬ ‫سحر اللغة المعتمدة في تدوين التفاصيل وفي االحتفاء بالحميميات‪ ،‬أمكن القول‬ ‫التنكر لما خطت أياديهم من خربشات الصبا ومن تمارين البداية المكونة لتمارين‬ ‫إننا أمام متن شيق تظل قراءته المتجددة مدخال البد منه الستكشاف عوالم‬ ‫األوراش األولى للكتابة وللتدوين وللتأليف؟‬ ‫الكتابة لدى الرائدين قطب الريسوني وبدر العمراني‪.‬‬ ‫أسئلة متناسلة‪ ،‬يفرضها االطالع على مضامين العمل النثري الجديد لألستاذ‬ ‫بدر العمراني الصادر سنة ‪ ،2017‬تحت عنوان “عناقيد”‪ ،‬في محاولة اللتقاط تفاصيل‬ ‫ولالقتراب من أفق السقف العام للتدوين المعتمد في الكتاب‪ ،‬يمكن أن‬ ‫اللحظة من خالل تدوينات تقاسم فيها صاحبها انشغاالته المعرفية وانتظاراته‬ ‫نستشهد ببعض من مضامين رسالة مؤرخة في ‪ 22‬شعبان ‪1436‬ه‪ ،‬كتبها المؤلف‬ ‫اإلبداعية مع قطاعات واسعة من أعالم الفكر والثقافة بمغربنا الراهن‪ .‬ال يتعلق األمر‬ ‫تحت وقع فاجعة فقدان الباحث العالمة المرحوم عبد اهلل المرابط الترغي‪ ،‬ففيها‬ ‫بمناجاة شخصية تفرضها سياقات اللحظة والحنين لألهل ولألصدقاء‪ ،‬وال بمواقف‬ ‫اختزال لنبل المسعى ولصفاء المقصد ولقيمة الوفاء‪ .‬تقول الرسالة‪...“ :‬وبعد‪ ،‬فأخط‬ ‫آنية من شؤون الحياة اليومية‪ ،‬وال بمذكرات كرونولوجية للوقائع ولألحداث‪ ،‬بقدر‬ ‫إليك هذه الكلمات‪ ،‬وكلي أسى بعد فقد األستاذ األديب البحاثة المطلع على التراث‬ ‫ما أنها توظيف متميز لملكة التخييل والتأمل والتفكير في االنشغاالت الفكرية‬ ‫المخطوط ومؤرخ األدب المغربي والخبير في فن تراجم الرجال الدكتور عبد اهلل‬ ‫والثقافية‪ ،‬قبل تقاسم قيمها مع رعيل من المفكرين ومن الباحثين ممن يصنعون‬ ‫المرابط الترغي‪ ،‬رحمه اهلل وغفر له‪ ..‬تخونني األلفاظ والعبارات‪ ،‬وتهرب من بين‬ ‫للمغرب الثقافي بهاءه االستثنائي وألقه المستدام‪ .‬ولعلي في ذلك أستحضر نماذج‬ ‫رائدة في تراثنا األدبي والفكري العربي‪ ،‬القديم والمعاصر‪ ،‬من خالل أعمال مؤسسة‬ ‫أناملي الحروف والكلمات‪ ..‬فما عساي أن أقول سوى‪ :‬إنا هلل وإنا إليه راجعون‪ .‬إن‬ ‫جعلت من الهاجس الثقافي انشغاال مشتركا‪ ،‬تقاسمت فيه النخب مداخل التفكير‬ ‫هلل ما أخذ وهلل ما أعطى وكل شيء بأجل مسمى‪ .‬سيدي عبد اهلل عايشته في أيامه‬ ‫والسؤال والتفكيك حول قضايا مجتمعية وثقافية متداخلة‪ ،‬مرتبطة باالنشغاالت‬ ‫األخيرة بوما بيوم‪ ..‬كنت أجالسه وهو ذو معنويات عالية‪ ..‬وآمال في أن يشفى‪..‬‬ ‫الفردانية للمبدعين في تقاطعاتها مع إواليات الوعي الجمعي المنتج للقيم وللرموز‬ ‫وتعود إليه حيوته ونشاطه‪ ..‬ليكمل مشروعه في تراجم أعالم شمال المغرب الذي‬ ‫ولمكونات الهوية الثقافية المركبة‪ .‬نقول هذا الكالم‪ ،‬ونحن نستحضر أعماال خالدة‬ ‫طبع منه الجزء األول‪ ،‬وقد بلغ فيه ثالثة أجزاء‪ ..‬وخالل أيام مكثه بالمستشفى‪ ،‬كان‬ ‫ألسماء بصمت حقل “أدب الرسالة” في الفكر العربي‪ ،‬مثلما هو الحال –على سبيل‬ ‫مهموما بطباعة الجزء الثاني تنفيذا للوعد بنشره‪ ..‬وفي تلك األيام رغم مرضه‬ ‫المثال ال الحصر‪ -‬مع كل من أبي العالء المعري‪ ،‬والجاحظ‪ ،‬وابن حزم‪ ،‬ومحمد صادق‬ ‫وتعبه‪ ،‬إال أنه لم يستسلم للمرض‪ ،‬بل قام بكتابة مقدمة الجزء األول على ورقة‬ ‫الرافعي‪ ،‬وشكيب أرسالن‪ ،‬ونزار قباني‪ ،‬وسهيل إدريس‪ ،‬ومحمود درويش‪ ،‬وسامح‬ ‫دواء‪ ،‬واهتم بأطروحة كان عضوا في لجنة المناقشة‪ ،‬فأعدها وسلمها للدكتور‬ ‫القاسم‪ ،‬وحسن الوراكلي‪...،‬‬ ‫غالف الكتاب‬ ‫البشير الريسوني لينوب عنه في الحضور وقراءة المالحظات التي حررها األستاذ‬ ‫في سياق هذا التصور العام‪ ،‬تندرج مضامين الكتاب موضوع هذا التقديم‪ ،‬بالنظر‬ ‫الترغي‪ ..‬بل أخذ يتابعها بالهاتف حتى أجيزت‪ ..‬وقد عجبت من هذه الهمة وهذا الصبر‪..‬‬ ‫لحرص صاحبه الشديد على الوفاء لثوابت “أدب الرسالة” ولقيمه الجمالية المميزة‪ .‬وقد حرص األستاذ‬ ‫العمراني على توضيح اإلطار الفني والجمالي ألبعاد االهتمام بهذا الجانب‪ ،‬عندما قال في كلمته فقد كانت تفد عليه الوفود لزيارته‪ ..‬فيذاكرهم ويفيدهم بما يطلبون من سؤال عن مخطوط أو مصدر‬ ‫التقديمية‪“ :‬فن التراسل فن راق وجميل‪ ،‬عرف عند العرب مهيعا مسلوكا للتواصل عبر العصور‪ ،‬وقد أو مطبوع أو أطروحة أو ترجمة علم‪ ..‬وقد ذكرني حاله هذا بحال العلماء المتقدمين الذين كانوا ال‬ ‫ارتفع وعال شأوه على مر الدهور بزكاء صنعته ورفعة صناعه‪ .‬فهم المبدعون في رصف األلفاظ‪ ،‬وتوليد يكترثون لحالهم مرضى كانوا أو أصحاء‪ ،‬إنما همهم العلم إفادة واستفادة‪ ...‬ولحبي له‪ ..‬وحدبه علي‪..‬‬ ‫المعاني‪ ،‬وتجديد الحكم واألسرار‪ ..‬وفي كتب التواريخ والمحاضرات نماذج مضيئة تزدان بوشيها قلت فيه مرثية‪ ...‬وقبل أن أوردها أخبرك بآخر لقاء لي به‪ ،‬وآخر كالم له معي‪ :‬ففي آخر ليلة تكلم معي‬ ‫الطروس‪ ،‬وتنعم بقراءتها النفوس‪( ”...‬ص‪.)7 .‬‬ ‫فيها قبل وفاته‪ ،‬قال لي بعد أن ذاكرني في تراجم أعدها لنشرها لجريدة الشمال‪ :‬ال تغب عني يا بدر‪..‬‬ ‫الحجم‬ ‫ذات‬ ‫الصفحات‬ ‫من‬ ‫‪86‬‬ ‫مجموعه‬ ‫ما‬ ‫بين‬ ‫الموزعة‬ ‫كتابه‪،‬‬ ‫وقد اختار المؤلف تخصيص مضامين‬ ‫ال تغب عني يا بدر‪...‬‬ ‫المتوسط‪ ،‬لنشر باقة من مراسالته مع األستاذ قطب الريسوني‪ ،‬الباحث المرموق وأحد أبرز الوجوه‬ ‫أخي قطب‪ ...‬اعذرني فيما ألقيت بين ناظريك‪ ..‬من أسى وحزن‪ ..‬فإني أحببت أن تشاركني مشاعري‪..‬‬ ‫األكاديمية الرائدة بمنطقة شمال المغرب خالل المرحلة الراهنة‪ .‬وقد أوضح المؤلف سقف اختياره في‬ ‫كلمة شاعرية عميقة جاء فيها‪“ :‬وهذه األخيرة (أي مراسالته مع قطب الريسوني) هي مضمون ومحتوى خصوصا وأن المرثي أستاذك‪ ،‬بل من أحب أساتذتك‪ ...‬كل هذا الصنيع يخفف عني ما ألم بي‪( ”...‬ص‬ ‫هذا الكتاب الذي أزفه إلى القارئ في غاللة من الشفوف والضياء‪ ،‬حامال بين طياته حلو المعاني‪ ،‬وطلي ص‪.)34-27 .‬‬ ‫المباني‪ ،‬مما بثته المواجيد‪ ،‬وصدقت به المواعيد‪ ،‬في قالب نثري‪ ،‬قد خولط أحيانا بأنغام الشعور‪ ،‬وأوتار‬ ‫وعلى هذا المنوال‪ ،‬تنساب المراسالت لتقرأ تفاصيل اللحظة الثقافية ولتوجه أشكال التفاعل معها‬ ‫البحور‪ .‬مواضيعها طريفة تتقلب في أودية األدب شعرا ونثرا‪ ،‬تقويما ألسلوب‪ ،‬وإعجازا برمز‪ ،‬وإيقادا‬ ‫لفكرة‪ ،‬وتنويرا لعبرة‪ ،‬وتنويها بفطرة‪ ،‬وإبرازا إلبداع‪ ...‬وخشية تناثر حباتها الدانية‪ ..‬فتضيع وهي حانية‪ ..‬نحو عوالم إنسانية راقية‪ ،‬تسمو بالقيم إلى مستوى الخلود‪ ،‬وبالمواقف إلى مستوى النبل‪ ،‬وباإلبداع إلى‬ ‫مستوى الجمال‪ ،‬وباللغة إلى مستوى االفتتان‪.‬‬ ‫لملمتها في هذا السفر‪ ،‬كما تلملم قطوف الكرم مصونة مكنونة‪( ”...‬ص ص‪.)10-9 .‬‬

‫عالم من‬ ‫�أ‬ ‫املغرب ‪:‬‬ ‫�شمال‬

‫الشيخ علي بن محمد بركة األندلسي التطاوني‬

‫مؤلفاته‪:‬‬ ‫صنف الشيخ علي بن محمد بركة في مختلف الفنون‪:‬‬ ‫الحديث‪:‬‬ ‫ «األربعين حديثا في الجهاد» طبعت بتخريج وتحقيق شيخنا محمد‬‫بوخبزة بتطوان‪ .‬ثم شرحها المحفوظ بإحدى الخزائن الخاصة‪ ،‬وهو‬ ‫المنشور بعنايتي عن دار الكتب العلمية ببيروت‪« .‬وهذه األحاديث‪ ،‬جمعها‬ ‫وأمالها على المجاهدين المحاصرين لمدينة سبتة السليبة‪ ،‬داعيا إياهم‬ ‫للثبات واالستشهاد في سبيل نصرة دين اهلل»‪.‬‬ ‫ األربعون حديثا في بيان قدر الصالة‪ .‬منه نسخة مخطوطة بخزانة‬‫شيخنا محمد بوخبزة‪.‬‬ ‫ إجازته البن زاكور طبعت ضمن‪« :‬نشر أزاهر البستان»‪.‬‬‫الفقه‪:‬‬ ‫ منظومة في « سمت القبلة» طبعت ضمن حاشية العلمي على‬‫شرح الفشتالي لرسالة المارديني‪.‬‬ ‫ منظومة في الفقه‪ :‬ذكرها ابن عجيبة في «أزهار البستان» ص ‪183‬‬‫ كتاب في الفقه سمّاه‪ :‬الدُّرر الحِسان فيما يُخاطب به اإلنسان من‬‫اإلسالم واإليمان واإلحسان‪ .‬وهذا حققه باحثان بكلية أصول الدين في‬ ‫إطار بحث الماستر‪ ،‬وهما‪ :‬بالل زروق وعزيز السباح‪.‬‬ ‫ حاشية على شرح أبي الحسن على الرسالة‪ :‬ذكره أيضا ابن عجيبة‬‫في «أزهار البستان» ص ‪.183‬‬ ‫ مناسك الحج‪ :‬وهو مخطوط في نحو خمسة عشر صفحة‪ ،‬محفوظ‬‫بالخزانة الداودية تحت رقم ‪ .50/5‬عار عن اسم الناسخ وزمن النسخ‪ .‬ومنه‬ ‫نسخة أخرى بالخزانة العامة بالرباط تحت رقم رقم ‪ 2150‬د‪.‬‬ ‫ تقييد حول أسئلة وأجوبة في الفقه وغيره‪ :‬محفوظ بالخزانة العامة‬‫بتطوان تحت رقم ‪ 607‬ضمن مجموع‪ ،‬يحتوي على ‪ 13‬مسألة‪ ،‬يبتدئ من‬ ‫أول صفحة ‪ 245‬إلى آخر صفحة ‪ ،278‬أي المخطوط يقع في ‪ 25‬صفحة‪.‬‬ ‫نشر عن دار الكتب العلمية ببيروت‪.‬‬ ‫ أسئلة الشيخ الحاج علي بركة حول إشكاالت اعترضته في مختصر‬‫خليل‪ :‬أجابه عنها الشيخ مصطفى الرماصي الجزائري‪ ،‬محفوظة بالخزانة‬ ‫العامة بتطوان تحت رقم ‪ .9/3/11‬وتوجد منها نسخ أخرى بتطوان‬ ‫والرباط‪.‬‬ ‫ جواب له مع جماعة من علماء فاس بإبطال ما استظهر به يهودها‬‫من عهد منسوب إلى الرسول صلى اهلل عليه وسلم‪ :‬محفوظ بالخزانة‬ ‫العامة بالرباط تحت رقم ‪ 2120‬د‪.‬‬ ‫النحو‪:‬‬ ‫‪ -‬شرح المقدمة األجرومية‪ :‬وهو شرح مطوّل في نحو أربعمائة‬

‫(‪)2/2‬‬ ‫صفحة‪ ،‬منه ‪ 3‬نسخ‪:‬‬ ‫نسختان بتطوان‪ :‬إحداهما محفوظة بالخزانة الداودية رقم ‪.51‬‬ ‫والثانية محفوظة بخزانة شيخنا الفقيه محمد بوخبزة‪ .‬أما الثالثة‬ ‫فمحفوظة بالخزانة العامة بالرباط تحت رقم ‪2223‬د‪.‬‬ ‫ حاشية على المكودي‪ :‬وهي حاشية على شرح اإلمام المكودي‬‫أللفية ابن مالك‪ .‬منه نسخ متعددة بتطوان وطنجة والرباط‪:‬‬ ‫تطوان‪ :‬نسختان بالخزانة الداودية تحت رقم‪.50/4 – 50/3 :‬‬ ‫نسختان بالخزانة العامة تحت رقم‪.1009 – 345/3 :‬‬ ‫طنجة‪ :‬نسخة بالخزانة الكنونية ضمن مجموع تحت رقم‪.10301 :‬‬ ‫الرباط‪ :‬نسخة بالخزانة العامة بالرباط تحت رقم‪ 489 :‬د‪.‬‬ ‫وقد اعتنت به بعض الطالبات في بحث جامعي‪.‬‬ ‫األدب‪:‬‬ ‫ قصائد ومقطوعات شعرية‪ ،‬أورد بعضها الفقيه محمد داود في‬‫كتابه تاريخ تطوان‪ ،‬منها هذه الالمية‪:‬‬ ‫متعال‬ ‫بآلل = هذي فرائد خطرها‬ ‫ِ‬ ‫هذي خرائد ُطوّقت ِ‬ ‫وغوال‬ ‫هذي خمائل قد تضوّع عَرْفها = يُزري بمسك أذفر‬ ‫ِ‬ ‫عال‬ ‫خذي عرائس جُ ّليتْ إذ جُ ّليت = أسنى منصّتها بمجلى ِ‬ ‫غال‬ ‫هذي نفائس ال تُباع فتشترى = إال بأنفس كل عِ ْل ٍق ِ‬ ‫كّ‬ ‫األموال‬ ‫ال فال يُلفى لها من معدل = أنّى تُفيد نفائس‬ ‫ِ‬ ‫وجمال‬ ‫لِمْ ال وقد برقت بوارقها بما = وسع البالد ببهجنة‬ ‫ِ‬ ‫حوت ّ‬ ‫بتوال‬ ‫الطريف من المديح وتالدا = وأتتْ عليه مقسّما‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫السّلسال‬ ‫الوَدْق في تَوْكافهِ = وكفتْ بوردٍ سائغ‬ ‫وَك َفتْ كمثل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫بظالل‬ ‫محفوفة‬ ‫فينانة‬ ‫أنّى تُضاهيها الرّياض ولو غدتْ =‬ ‫ِ‬ ‫متوال‬ ‫أقنتْ معانيها متاجر تقتنى = ما إن تبور وربحها‬ ‫ِ‬ ‫بال‬ ‫بخالف ما أجلى زهيرٌ من حُلى = يجني أزاهر ما لها من ِ‬ ‫اإلضالل‬ ‫عانى فما أغنى لديه من عنا = بثنائه عن ِربقة‬ ‫ِ‬ ‫األفضال‬ ‫أيُقاس ذاك بمن تغنّى واعتنى = بمديح خير الخلق ذي‬ ‫ِ‬ ‫إقبال‬ ‫وغدا به متبحبحا مترنّحا = يمسي ويصبح منه في ِ‬ ‫كّ‬ ‫المتعال‬ ‫ال فذا يحظى بما ال ينقضي = عند اإلاله الواحد‬ ‫ِ‬ ‫قال‬ ‫إذ قد ثنى بأغنة لثنائه = ونوى الخليق بما أتى من ِ‬ ‫كهف الخالئق عند ّ‬ ‫األمثال‬ ‫كل مأرب = ضخم الخالئق عادم‬ ‫ِ‬ ‫الحال‬ ‫منّ اإلاله على الجميع بوصله = وأنالنا ختما بحسن‬ ‫ِ‬ ‫واآلل‬ ‫أثنى عليه دائما صلواته = وسالمه معْ صحبه ِ‬ ‫التصوف‪:‬‬ ‫ شرح صلوات ابن ناصر‪ :‬ذكره صاحب نشر المثاني ‪196/2‬‬‫‪ -‬منظومة في التوسل‪ :‬محفوظة بالخزانة العامة بتطوان‪ ،‬ضمن‬

‫‪-‬‬

‫بقلم‪:‬‬

‫د‪ .‬بدر العمراني‬

‫مجموع تحت رقم ‪ ،463‬وهي قصيدة في ‪ 21‬بيتا‪ ،‬وقد نالت منها الرطوبة‬ ‫واألرضة‪ .‬وأولها‪ »:‬الحمد هلل‪ ،‬ولشيخنا اإلمام العالمة الهمام البركة‪،‬‬ ‫الفهامة‪ ،‬القدرة‪ ،‬البركة شيخ االسالم‪ ،‬أبي الحسن سيدي الحاج علي بركة‬ ‫… يتوسل بها للنبي واألولياء كالشيخ عبد القادر الجيالني‪ ،‬وابن مشيش‬ ‫… وببنات المصطفى ونسائه…»‬ ‫الجدول واألوفاق‪:‬‬ ‫ تذكرة المشتاق في علم التكسير واألوفاق‪ :‬محفوظ بالخزانة العامة‬‫بالرباط‪ ،‬ضمن مجموع يحمل رقم ‪.97/80‬‬ ‫وفاته وذريته‪:‬‬ ‫توفي رحمه اهلل في ‪ 29‬شوال سنة ‪1120‬هـ‪ .‬ودفن قرب مسجده‪،‬‬ ‫حيث بنيت بعد دفنه زاويته المشهورة المجاورة له‪ .‬وهي المعروفة اآلن‬ ‫بزاوية سيدي بركة‪.‬‬ ‫وقد رثاه تلميذه األديب محمد بن ّ‬ ‫الطيب العلمي فقال‪:‬‬ ‫والبركة = يا واحد العصر ساعليّ ْ‬ ‫ْ‬ ‫بركة‬ ‫منّي عليك السّالم‬ ‫ْ‬ ‫ملكة‬ ‫أدب = وذا مدارسة وذا‬ ‫ورع وذا ٍ‬ ‫قد كنتَ ذا ٍ‬ ‫عُ ّلمت علما وكنتَ مالكهُ = وجُزتَ حلما سواك ما ملكهْ‬ ‫ْ‬ ‫شبكة‬ ‫لم يبق علم إال وتعلمهُ = فهل رميت عليه من‬ ‫ْ‬ ‫سَبكتَ صعب الكالم حتى بدا = وما رأينا سواك من سبكهْ‬ ‫وكان نجمُ العلوم في فلكٍ = حتّى أدرتَ على الورى فلكهْ‬ ‫سلكتَ بالنّاس نهج مصلحةٍ = لوالك ما كان واحدٌ سلكهْ‬ ‫وكنتَ في النّحو غير مشترك = والنّاس كم ناصب له شركهْ‬ ‫ْ‬ ‫حركة‬ ‫صيَّرْتَ تطوان ك ّلها عَرَبًا = فما ترى ال ّلحْنَ َثمَّ في‬ ‫أما ذرّيته فاستمرّت بتطوان ولم تنقرض إال في القرن ‪ 13‬هـ‪.‬‬ ‫مصادر الترجمة‪:‬‬ ‫ صفوة من انتشر من أخبار صلحاء القرن الحادي عشر لمحمد‬‫الصغير االفراني‪ .‬ص‪.221 :‬‬ ‫ نشر المثاني ألهل القرن الحادي عشر والثاني لمحمد بن الطيب‬‫القادري‪ .‬ص‪.195 :‬‬ ‫ نشر أزاهر البستان فيمن أجازني بالجزائر وتطوان لمحمد بن‬‫قاسم بن زاكور‪ .‬ص‪.40 :‬‬ ‫ األنيس المطرب فيمن لقيته من أدباء المغرب لمحمد بن الطيب‬‫العلمي‪ .‬ص‪.293 :‬‬ ‫ أزهار البستان في طبقات األعيان ألحمد بن عجيبة‪ .‬ص‪.182 :‬‬‫ تاريخ تطوان لمحمد داود‪.360/3 .‬‬‫ عائالت تطوان لمحمد داود ‪.380-1/375‬‬‫ سقيط الآلل وأنس َّ‬‫الليال لمحمّد بوخبزة ‪.160‬‬


‫العدد ‪1005‬‬

‫‪17‬‬

‫الثالثـاء ‪� 06‬إلى ‪ 12‬غ�شت ‪2019‬‬

‫مستشرقون أنصفوا العرب ‪:‬‬

‫(‪)3/1‬‬

‫أندريه ميكيل والحوار بين الثقافتين‬ ‫االستشراق الحديث من وجهة نظر فرنسية‪:‬‬ ‫يرى المستشرق الفرنسي جاك بيرك‪« :‬أن‬ ‫االستشراق الفرنسي الذي تأثر تأثرا كبيرا بالنقاش‬ ‫التاريخي الذي وضعه في عالقة خاصة وثيقة مع‬ ‫العالم اإلسالمي والعربي ثم عاش تجربة التحرر‬ ‫من االستعمار كظاهرة داخلية‪ ،‬وقد ظهر هذا‬ ‫الجانب أكثر وأكثر بسبب الهجرة الغربية‪ ،‬وألن‬ ‫أكثر من مليون مواطن فرنسي يعتنقون اإلسالم‬ ‫اآلن‪ :‬هاتان الظاهرتان حيتان على ترابنا الوطني‬ ‫(‪)1‬‬ ‫وتؤثران تأثيرا مباشرا على استشراقنا»‬ ‫لقد استأثـــرت الدراسات االستشراقيــة في‬ ‫السنـــوات األخيرة باهتمام العديد من الباحثين‬ ‫والدارسين والمفكرين الفرنسيين واتسع مجالها‬ ‫وكثر الجدل حولها بين ناقد ورافض ومتهم ‪.‬‬ ‫وما دام االستشراق في نظر البعض (‪)2‬علما غريبا‬ ‫يقدم التصور الغربي للعرب ولإلسالم‪ .‬وهو في‬ ‫نظر إدوارد سعيد عبارة عن رد الفعل الغربي اتجاه‬ ‫الشرق‪ ،‬وهو أمر له جذوره في السياسة‪ ،‬ولكنه مع‬ ‫ذلك يعتبر ظاهرة ثقافية(‪.)3‬‬ ‫ومهمـا يكــن هذا التطــور الذي طرأ على‬ ‫البحــث االستشراقي في السنوات األخيرة‪ ،‬وظهور‬ ‫مناهج جديدة في ميدان البحث العلمي والميل إلى‬ ‫إبراز الحقيقة العلمية الخالصة‪ ،‬و المستشرقون‬ ‫اليوم غيرهم باألمس إذ يالحظ أن أعدادا متزايدة منهم في مختلف الجامعات الفرنسية يتجهون إلى‬ ‫الدراسات المعاصرة والتاريخ المعاصر واألدب المعاصر كل حسب تخصصه كما ترى المستشرقة الفرنسية‬ ‫(كلود أودبير) ‪« :‬أن االستشراق بمعناه القديم ليس موجودا‪ ،‬بل يتعلق االستشراق اليوم بالتخصصات‪،‬‬ ‫فهناك تخصص في علم االجتماع أو اللغة أو التاريخ ثم يتجهون للعربية يتفاعلون معها‪ ،‬فاالستشراق‬ ‫عندهم ليس هدفا بقدر ما يعتبر امتدادا لتخصصهم األصلي ومتعلقا به‪ .‬أشك أن مفهوم االستشراق‬ ‫(‪)4‬‬ ‫الكالسيكي ما زال موجودا بالمفهوم الحديث»‬ ‫وهو ما يؤكده كذلك المستشرق الفرنسي (مكسيم رودنسون) الذي يقول ‪«:‬إن الدراسات االستشراقية‬ ‫الحديثة التي كتبها جيلي والجيل االحق من المتخصصين المعنيين بشؤون‬ ‫الشرق العربي واإلسالمي‪ ،‬لم تكن سوى دراسات تتوخى الكشف العلمي بصدد‬ ‫الموضوع الذي تتناوله‪ .‬وإن كان هناك شيئ (تنتقد) بسببه فهو انطالقا من‬ ‫نظرة مسبقة أو رؤية غربية للعالم دون أن تكون هذه النظرة ذات تعصب أو‬ ‫(‪)5‬‬ ‫مراهنة على حيادية البحث العلمي»‬ ‫أما الدكتور محمد أركــون فيــرى في تقييمــه لثقافــة المستشـرق‪ ،‬أن‬ ‫المستشرقين الذين يكتبون ال يستطيعون اإلفالت من التضامن مع الثقافة‬ ‫التي يكتبون فيها والتي كبروا في ظلها‪ ،‬وهي الثقافة العربية (‪ )6‬ولهذا فإننا ال‬ ‫نستطيع أن نقيم ستارا حديديا بيننا وبينهم‪ ،‬ولكن علينا أن نباريهم في ميدان‬ ‫البحث والتنقيب وحب المعرفة والجد واالجتهاد والتحدي‪ ،‬كما أن التواصل‬ ‫يمكن أن يلعب دورا كبيرا في تحطيم الجدران القائمة‪ .‬يقول المستشرق‬ ‫الفرنسي (كلودكاهن) «إنه بقدر ما يحتاج الباحث العربي بمناهجه العلمية‪ ،‬إلى‬ ‫معرفة لغة المجتمع العربي الذي يدرسه بقدر ما هو ضروري بالنسبة للباحث‬ ‫العربي المسلم أن يلم بمناهج البحث العلمي‪ ،‬ومعرفة اللغات األجنبية‪ .‬إن‬ ‫هناك تعارضات وسوء تفاهم لما يقوله المستشرق الغربي كباحث‪ ،‬وما يشعر‬ ‫به المسلم الذي له انطباع خاص حول عالمه ومحيطه وطبيعة تفكيره‪ ...‬وهذا‬ ‫واقع ال يمكن إنكاره‪ ،‬إال أن هذا اليعني بالضرورة أن كل الكتابات االستشراقية‬ ‫وكل ما يقوله المستشرقون هو خطأ وال يمت إلى الحقيقة بصلة‪ ...‬وعندما‬ ‫أدعو إلى التحلي بالرؤية العلمية فإني أطرحها في شموليتها العامة بطبيعة‬ ‫(‪)7‬‬ ‫الحال»‬ ‫إن الفرق بين ما قام به مستشرقو األمس وما يقوم به مستشرقو اليوم‬ ‫فرق شاسع‪ ،‬فقد تبدلت الصورة وأخذت حركة االستشراق طريقا جديدا يتماشى وطبيعة المرحلة والوضع‬ ‫الجديد الذي تعرفه األمة العربية‪ .‬وانطالقا من هذا المعطى شق طريقه المستشرق الفرنسي أندريه‬ ‫ميكيل أحد أبرز وأشهر المختصين في الثقافة والحضارة العربية اإلسالمية‪ ،‬فأضحى من الوجوه المعروفة‬ ‫في مجال الدراسات العربية بأروبا والعالم العربي‪« .‬تميز أكثر من أقرانه بسعة أفق اهتماماته بحيث كانت‬ ‫له إلى جانب بحوثه العلمية في الجغرافية والتاريخ العربيين انشغاالت جدية واجتهادات مثمرة في باب‬ ‫قراءة وترجمة أعمال إبداعية من األدب العربي الكالسيكي والمعاصر»(‪ )8‬والعمل على توطيد أواصر الحوار‬ ‫بين ثقافتين وحضارتين‪ ،‬امتدادا من الماضي ووصوال إلى الحاضر‪ .‬وقد لقيت أعماله العديدة شهرة‬ ‫واسعة وعالمية‪ ،‬فأثرى بها معرفة الغرب بتراث العرب وحضارتهم منذ أكثر من أربعة عقود‪ ،‬برز خالل‬ ‫مسيرته العلمية وندواته ومحاضراته الجامعية في جامعات باريس سابقا (كوليج دي فرانس) الشهير حاليا‪،‬‬ ‫فكان بذلك أصغر من التحق بهذا (الكوليج) كأستاذ كرسي ألزيد من عشرين سنة‪ .‬تنقل بين عدد من‬ ‫األقطار العربية دارسا وباحثا وموظفا بالسلك الدبلوماسي (ملحقا ثقافيا لبالده في القاهرة ودمشق) يتقن‬ ‫الحديث باللغة العربية كواحد من أهلها‪ ،‬معروف بتلهفه دوما إلى فعل الكتابة‪ ،‬فهي بالنسبة إليه كانت‬ ‫دائما أمرا مستعجال‪ ،‬فمتى اختمرت في ذهنه فكرة ما يحولها بعد حين إلى إبداع أدبي‪ ،‬مما جعله يغني‬ ‫المكتبة األدبية الفرنسية بالعديد من المؤلفات في الشعر والرواية والقصة‪ ،‬إضافة إلى مشروعه الضخم‬ ‫في حقل الدراسات العربية اإلسالمية‪ ،‬كما ترجم إلى الفرنسية أمهات النصوص القديمة والمعاصرة‪.‬‬ ‫سيرة حياة ‪:‬‬ ‫ولد في قرية (ميز ‪ )MEZE‬جنوب فرنسا في ‪ 26‬سبتمبر ‪ 1929‬من عائلة فرنسية لها جذورها‬ ‫التاريخية العميقة في فرنسا حيث كان والداه يعمالن في ميدان التعليم‪ ،‬وفي شهر ماي ‪1940‬م أسر أبوه‬ ‫في جبهة القتال وقضي خمس سنوات في ألمانيا‪.‬‬ ‫انتقل إلى مدينة (مونبيليه) حيث تابع دراسته الثانوية‪ ،‬فحصل على شهادة البكالوريا سنة ‪1946‬م‪،‬‬

‫‪-‬‬

‫بقلم الباحث ‪:‬‬

‫محمد القاضي‬

‫«كنت قد حصلت في الثانوية على الرتبة الثانية في‬ ‫المباراة العامة للجغرافيا‪ :‬وكانت الجائزة رحلة إلى‬ ‫البلدان المغاربية‪ ،‬وقد تركت لدي تلك الرحلة عبر‬ ‫المشاهد الخالبة لكل من تونس والجزائر والمغرب‬ ‫(‪)9‬‬ ‫انطباعات مؤثرة»‬ ‫تهيأ لمباراة دخول مدرسة المعلمين العليا في‬ ‫باريس حصل منها على اإلجازة ثم درجة األستاذية‬ ‫في اللغات الفرنسية واليونانية والالتينية ‪ .‬بعد‬ ‫ذلك غير اتجاهه وقرر أن ينصرف إلى تعلم اللغة‬ ‫العربية التي كان ال يعرفها إال عبر ترجمة القرآن‬ ‫التي قرأها وهو في سن الثامنة عشرة بمدينة‬ ‫(مونبيليه) وهي ترجمة سافاري (‪« )SAVARI‬التي‬ ‫بهرتني واهتممت بها حقيقة‪ ،‬غير أنها كانت‬ ‫طريقة للتمييز عن اآلخرين‪ ،‬فكل واحد منا كان‬ ‫يبحث لنفسه عن (مظهر) الفت أو تفرد يشوبه‬ ‫بعض التباهي‪ ...‬لم يكن في نيتي تعلم العربية‪،‬‬ ‫بل الفارسية‪ ،‬كنت أحدث نفسي‪ ،‬وأرى أن إضافة لغة‬ ‫هندية – أروبية خامسة إلى اللغات التي أجيدها‪ ،‬قد‬ ‫تقودني الحقا إلى دراسات في اللسانيات أو في‬ ‫(‪)10‬‬ ‫األدب المقارن»‬ ‫انعرج به المسار من الفارسيـــة إلى العربيــة‪،‬‬ ‫فتلقـــى دروسهـــا على يـــد المستشــرق ريجيس‬ ‫بالشيــر من سنة ‪1950‬م إلى سنة ‪1953‬م‪ ،‬والذي‬ ‫كان له أثر كبير في توجهه إلى دراسة األدب الجغرافي عند العرب‪.‬‬ ‫ومن أجل هذه اللغة قضى سنة كاملــة في دمشــق (‪1954-1953‬م) مبعوثا إلى المعهد الفرنسي‬ ‫للدراسات العربية‪ ،‬وكلف وقتها بإلقاء دروس في المدرسة العليا لآلداب ببيروت‪« .‬كرست ذلك العام في‬ ‫سوريا بشكل خاص الستكشاف المنطقة‪ ،‬وشرعت في وضع كتابي األول‪ :‬ترجمة كتاب «كليلة ودمنة»‬ ‫لعبد اهلل بن المقفع‪ )11(».‬عاد بعدها إلى وطنه ليؤدي الخدمة العسكرية اإللزامية (‪1955-1954‬م)‪.‬‬ ‫تقلب في مناصب عديدة‪ ،‬فعمل في مديرية العالقات الثقافية والفنية في وزارة الخارجية (خدمة‬ ‫التعليم‪ ،‬قسم الشرق األدنى) من سنة ‪ 1957‬إلى ‪1961‬م‪ ،‬وكان يستغل أوقات فراغه خالل هذه الفترة في‬ ‫تحضير أطروحته المتممة لنيل درجة الدكتوراه في اآلداب‪ ،‬وهي تقوم أساسا‬ ‫على ترجمة جزئية لكتاب (أحسن التقاسيم في معرفة األقاليم) للمقدسي‪ ،‬مع‬ ‫وضع مقدمة وافية ومالحظات وفهارس (نشرها المعهد الفرنسي بدمشق سنة‬ ‫‪1963‬م)‪ .‬وفي سن ‪1961‬م عين رئيسا للبعثة الجامعية والثقافية الفرنسية في‬ ‫القاهرة «وحصل لدي انطباع مفاده أن مساري قد اكتمل رسمه ‪ :‬تصورت أنه‬ ‫سوف يمتد بي المقام في القاهرة لسنوات عدة‪ ...‬وصلتها في سبتمبر من عام‬ ‫‪1961‬م وفي شهر نوفمبر أوقفتني الشرطة‪ ،‬فوجدت نفسي مع عدد آخرين من‬ ‫الفرنسيين في قبضة األجهزة الخاصة‪ ،‬أتهمنا بالتجسس‪ ،‬ومن غير المجدي‬ ‫القول بأن التهمة لم يكن لها أي أساس من الصحة‪...‬وبعدها كان علي انتظار‬ ‫المحاكمة ثم السجن لمدة خمسة أشهر تقريبا ما بين نوفمبر ‪ 1961‬إلى أبريل‬ ‫‪1962‬م‪ ..‬كانت تلك التجربة بالنسبة لي بداية الوعي‪ .‬فقد جعلتني الشهور‬ ‫الخمسة التي قضيتها في السجن اعتقد أنه بالفعل ليس هناك مهنة أبهى‬ ‫(‪)12‬‬ ‫من البحث والكتابة»‬ ‫وفي سنة ‪1962‬م عاد إلى فرنسا‪ ،‬لينطلق مساره الجامعي بكيفية‬ ‫كالسيكية‪ ،‬أستاذا مساعدا للغة العربية وآدابها‪ ،‬ثم أستاذا مساعدا أيضا لعلم‬ ‫اجتماع اللغة العربية وآدابها‪ ،‬ثم أستاذا محاضرا للغة العربية وآدابها في‬ ‫العصر الوسيط‪ ،‬كما قام بتدريس األدب الجغرافي العربي‪ ،‬واألدب الشعبي‬ ‫المتمثل في (ألف ليلة وليلة)‪.‬‬ ‫فقضى عامين في كلية (إكس إن بروفانص) ثم تالها بأربع سنوات في‬ ‫القسم السادس من (المدرسة التطبيقية للدراسات العليا) التي تحولت فيما‬ ‫بعد إلى مدرسة الدراسات العليا في العلوم االجتماعية‪ .‬انتقل بعدها إلى‬ ‫جامعة (فانسين) الفتية التي قضى بها سنتين‪ ،‬ليتحول إلى جامعة «باريس الثالثة» (‪1976-1970‬م)‬ ‫ومنها إلى (الكوليج دي فرانس) وهو المنصب الذي تقلده لغاية عام ‪1997‬م‪ ،‬وبالموازاة مع ذلك تقلد‬ ‫مهامّاً أخرى إضافية‪ :‬المدير العام للمكتبة الوطنية (‪ )1987-1984‬ثم المدير العام للكوليج دي فرانس‬ ‫(‪1997-1991‬م) مع إلقاء دروسه بشكل طبيعي‪ ،‬يضاف إلى هذا كله مشاركته النشيطة في المؤتمرات‬ ‫والندوات التي تتعلق باهتماماته (مدريد ‪1965‬م) (استنبول ‪1966‬م) (تونس ‪1968‬م) (المحمدية بالمغرب‬ ‫‪( )1970‬باريس ‪1973‬م) (عمان ‪ .)1974‬كما حاضر في جامعات عربية (دمشق‪ ،‬عمان‪ ،‬تونس‪ ،‬المغرب‬ ‫وغيرها)‪.‬‬ ‫الهوامش‪:‬‬ ‫‪ - 1‬انظر حوارا معه نشر في صحيفة االتحاد االشتراكي المغربي عدد‪7/1/1992 :‬م‪ /‬ص‪.10:‬‬ ‫‪ - 2‬الدكتور غالي شكري ‪ /‬ندوة حول الغزو الثقافي االمبريالي للوطن العربي‪ .‬مجلة المعرفة السورية‪ .‬عدد‪ .227 :‬ص‪.110 :‬‬ ‫‪ - 3‬انظر لقاء معه في صحيفة (الجزيرة) السعودية‪ .‬عدد‪ 19 :‬نوفمبر ‪1983‬م ‪ .‬ص‪.16 :‬‬ ‫‪ - 4‬لقاء معه في جريدة (الرياض) السعودية ‪ /‬عدد ‪.1985 / 1 /3 :‬‬ ‫‪ - 5‬لقاء معه في مجلة (رسالة الجهاد) الليبية ‪ /‬عدد‪1988 / 70 :‬م‪ /‬ص‪..59 :‬‬ ‫‪ - 6‬لقاء معه في مجلة الفكر العربي المعاصر ‪ /‬عدد‪( /21 /20 :‬عدد مزدوج) ص‪.82 :‬‬ ‫‪ - 7‬لقاء معه في مجلة (شؤون عربية) عدد‪1982 /12 :‬م ص‪.276 :‬‬ ‫‪ - 8‬أنظر كتاب (االستشراق في أفق انسداده) ‪ /‬الدكتور سالم حميش‪ /‬ص‪( 85 :‬منشورات المجلس القومي للثقافة العربية)‬ ‫الطبعة األولى ‪1991‬م‪.‬‬ ‫‪ - 9‬لقاء معه في مجلة (سيميائيات) عدد‪ 2/2009 :‬ص‪.6 :‬‬ ‫‪ - 10‬نفس المرجع ‪ /‬ص‪.7 :‬‬ ‫‪ - 11‬نفس المرجع ‪ /‬ص‪.8 :‬‬ ‫‪ - 12‬نفس المرجع ‪ /‬ص‪.10 :‬‬


‫العدد ‪1005‬‬

‫‪18‬‬

‫الثالثـاء ‪� 06‬إلى ‪ 12‬غ�شت ‪2019‬‬

‫لعبة السودوكو (‪)468‬‬ ‫إعالن اتحاد العمل النسائي‬

‫“ال تسامح مطلقا مع العنف ضد النساء‬

‫أمينة الفياللي ابنة ‪ 16‬سنة انتحرت في مارس ‪ 2012‬بعد أن تم‬ ‫تزويجها لمغتصبها الذي عذبها وأساء معاملتها هو وعائلته‪ ،‬ورفضت‬ ‫عائلتها عودتها إليهم‪.‬‬ ‫خديجة السويدي ابنة ‪ 17‬سنة انتحرت حرقا أمام المأل في نونبر‬ ‫‪ 2015‬بعد أن أفرج عن ستة من مغتصبيها اصبحوا يبتزونها بالفيديو‬ ‫الذي يثبت جريمتهم ‪.‬‬ ‫حسناء ابنة ‪ 18‬سنة ألقت بنفسها في بئر قرب منزل عائلتها بعد‬ ‫تعرضها لالغتصاب واالبتزاز هي و‪ 14‬فتاة أخرى بالرماني‪.‬‬ ‫فاطمة ريحان شابة في ‪ 24‬سنة من عمرها وأم لطفلة في ‪7‬سنوات‬ ‫وهي المعيلة الوحيدة ألسرتها المكونة من أبيها المريض وطفلتها قتلت‬ ‫وفصل رأسها عن جسدها من طرف راعي غنم يتحرش بها ألنها رفضت‬ ‫الزواج منه سنة ‪.2018‬‬ ‫ربيعة الزايدي تفارق الحياة في مستشفى ابن سينا بالرباط جراء‬ ‫التعذيب واالغتصاب الذي تعرضت له من طرف زوجها الموظف بالشرطة‬ ‫رفقة صديق له بالعرائش سنة ‪ 2016‬بعد تأخر اجراء عملية لها بدعوى‬ ‫عدم وجود سرير شاغر‪.‬‬ ‫جدة يغتصبها حفيدها ويكسر حوضها سنة ‪ 2016‬بابن سليمان‬ ‫سبع طفالت يغتصبهن فقيه وضعن في عهدته ليدرسهن بضواحي‬ ‫مراكش في ماي ‪.2018‬‬ ‫وفي يونيو ‪ 2019‬حنان ابنة ‪ 24‬سنة تعذب وتغتصب وتقتل بالرباط‬ ‫من طرف مجرم ظل يالحقها ويأخذها لجحره بالقوة دون أن تجد أي دعم‬ ‫او حماية‪.‬‬ ‫نساء وفتيات من مختلف األعمار‪ ,‬طفالت‪ ,‬مسنات‪ ،‬شابات‪ ,‬ومن‬ ‫مختلف مناطق المغرب‪.‬‬ ‫لهيب فقط من نار تحرق نساء وفتيات تمتلئ بهن المحاكم ومخافر‬ ‫الشرطة القضائية وأقسام المستعجالت والطب الشرعي للمستشفيات‪.‬‬ ‫أغلب النساء والفتيات الضحايا ال يقدمن نهائيا شكاياتهن إذا لم‬ ‫تصل الجرائم المرتكبة في حقهن الى درجة كبيرة من الخطورة اما خوفا‬ ‫مما يعقدنه «عارا» او خوفا من المجرمين أو عدم تقتهن في االنتصاف‪،‬‬ ‫وغالبا ال تتحرك السلطات االمنية اال حين تقتل الضحية ‪.‬‬ ‫أغلب الضحايا سبق لهن تقديم شكايات ‪ ,‬لم تؤخذ بالجدية الالزمة ‪,‬‬ ‫اما لم يتبعها أي اجراء او اعتقل الجناة و أطلق سراحهم ليعودوا للتهديد‬ ‫او تنفيذ باقي فصول الجريمة ‪.‬‬ ‫نساء وفتيات ما كنا لنعرف ما جرى لهن لو لم تعمم آالمهن‬ ‫وعذاباتهن علينا عبر مختلف وسائل االعالم والتواصل االجتماعي‪.‬‬ ‫المجرمون لم يعودوا يتحرجون من اشهار جرائمهم ونشر بشاعتهم‬ ‫ليراها الجميع ‪.‬‬ ‫الخطير هو أن نتطبع مع هذا الوضع ‪.‬واألخطر أن يتحول الى تشهير‬ ‫بالضحية وليس بالجاني وننسى أو نتناسى ما يقع وننصرف ألعمالنا‬ ‫بشكل اعتيادي مادام األمر ال يتعلق بنا مباشرة‪.‬‬ ‫فما العمل حتى ال تموت ضمائرنا ويتنصل المسؤولون من‬ ‫مسؤولياتهم؟؟‬ ‫يجب في البداية أن نحدد المسؤوليات حتى ال نعوم القضايا في‬ ‫شعارات فارغة ونردد « كلنا مسؤولون»‬ ‫المسؤولية األولى تقع على الدولة هي المعنية بتوفير األمن‬ ‫والطمأنينة والسالمة لمواطنيها ومواطناتها علما أن أكبر ميزانية هي‬ ‫التي تحصل عليها وزارة الداخلية لهذا الغرض‬ ‫المسؤولية تقع على الحكومة المعنية بإعداد مشاريع القوانين‬ ‫الكفيلة بالقضاء على العنف ضد النساء توفر الحماية لهن وهي المسؤولة‬ ‫عن إعداد برامج للوقاية منه باعتماد المدرسة واإلعالم ومختلف وسائل‬ ‫التواصل االجتماعي‪ ،‬وتتكفل بالناجيات ‪ ،‬وال تترك للجناة أي فرصة لإلفالت‬ ‫من العقاب ‪.‬‬ ‫وزارة األسرة والتضامن والمساواة والتنمية االجتماعية المسؤولة‬ ‫عن تنسيق العمل الحكومي في هذا المجال مع الوزارات المعنية وهي‬ ‫المؤهلة إلعداد مشاريع القوانين والسياسات العمومية ‪،‬والترافع اتجاه‬ ‫رئاسة الحكومة وباقي مكوناتها للحصول على الميزانيات الالزمة‬ ‫للقضاء على العنف ضد النساء علما أن هذه الوزارة تتوصل بدعم مالي‬ ‫كبير أيضا من االتحاد األوروبي لهذه المهمة وللنهوض بحقوق‬ ‫النساء بصفة عامة ‪.‬‬ ‫البرلمان مسؤول على اعداد مقترحات القوانين ومناقشة والتصويت‬ ‫على مشاريع القوانين الضامنة للقضاء على العنف وتخصيص ميزانية‬ ‫حقيقية لذلك ضمن الميزانية العامة ومراقبة عمل الحكومة في هذا‬ ‫المجال‪.‬‬ ‫القضاء مسؤول على توفير المحاكمة العادلة لفائدة الضحايا كما‬ ‫للمتهمين بتسهيل ولوجهن للعدالة وبمجانية هذا الولوج وتوفير‬ ‫كل الضمانات في البحث التمهيدي والتحقيق او عند المحاكمة وصدور‬ ‫األحكام‪ ،‬والتحلي باليقظة الضرورية لمساعدة الضحايا على إثبات ما‬ ‫يتعرضن له من عنف وإصدار األوامر الكفيلة بحمايتهن قبل وأثناء وبعد‬ ‫صدور األحكام‪.‬‬ ‫الجماعات الترابية مسؤولة على التكفل بالنساء ضحايا العنف بتوفير‬ ‫مراكز استقبالهن وتوجيههن وايوائهن ودعم الجمعيات التي تناهض‬ ‫العنف وتدعم ضحاياه ‪.‬‬ ‫األحزاب والنقابات والجمعيات والقطاع الخاص والمنظمات المهنية‬ ‫مسؤولة على نشر الوعي في أوساط منخرطيها بخطورة العنف ضد النساء‬ ‫وارتفاع كلفته المادية واالجتماعية وإشاعة ثقافة حقوق اإلنسان والحقوق‬ ‫اإلنسانية للنساء والتحسيس بأهمية فض المنازعات بالطرق السلمية‬ ‫وعدم التمييز بين الجنسين في الممارسة اليومية وفي تقلد مناصب‬ ‫المسؤولية وحماية النساء والفتيات من التحرش والعنف الجنسي بصفة‬ ‫عامة في تنظيماتها ومحيطها ومجال عملها ‪.‬‬

‫المواطنون والمواطنات مسؤولون عن حماية النساء ضحايا العنف‬ ‫وعدم التعامل بالمباالة حين يرون امرأة تعنف وعدم كتمان الشهادة‬ ‫والمبادرة الستدعاء الشرطة القضائية ال نقاد النساء و الفتيات من‬ ‫العنف‪.‬‬ ‫تلك بعض مقترحاتنا فيما يتعلق بتحديد المسؤوليات حتى ال نقول‬ ‫كلنا مسؤولون فقط بل يجب أن نحدد مسؤولية كل جهة إذا أردنا القضاء‬ ‫على العنف المبني على نوع الجنس ألننا بصدد ظاهرة متجذرة في عمق‬ ‫التاريخ وفي البنى االجتماعية وتبرز بشكل متوحش مع التحوالت الكبرى‬ ‫التي تعرفها المجتمعات‪.‬‬ ‫لهذا البد أن نسائل هذه الجهات هل تحملت هذه مسؤولياتها؟؟‬ ‫أول معيار يمكننا أن نقيس به مسؤولية الدولة هو شعور المواطنين‬ ‫والمواطنات باألمن واالطمئنان وسيادة سلطة القانون؟‬ ‫سؤال اذا طرحناه على أي امرأة ستجيب عنه بالسلب‬ ‫فالقانون الشامل للقضاء على العنف الذي انتظرته النساء والمغاربة‬ ‫والمغربيات بصفة عامة ال زيد من عشرين سنة جاء مبتورا ولم يعد أن‬ ‫يكون عبارة عن تعديالت جزئية على المجموعة الجنائية المنهكة بكثرة‬ ‫التعديالت واألهم من هذا أنه لم يتضمن جريمة االغتصاب التي تركت‬ ‫لبعض فصول القانون الجنائي‪.‬‬ ‫قانون محاربة العنف ضد النساء يفتقد لبعد الوقاية اما الحماية فغير‬ ‫واضحة ومدققة ورغم ترافعنا وطلب سحبه حين كان معروضا على مجلس‬ ‫المستشارين لمراجعته فقد صدر هكذا بعالته وها هو يفشل في أول‬ ‫امتحان‪.‬‬ ‫المنظومة القانونية المغربية تتضمن قوانين تمييزية اتجاه النساء‬ ‫و تسهل العنف ضدهن وعلى رأسها مدونة األسرة و القانون الجنائي‬ ‫إضافة إلصدار قوانين تمثل انقالبا على الدستور كالقانون المنظم لهيئة‬ ‫المناصفة ومحاربة التمييز الذي كان من المفروض أن يشكل هيئة وطنية‬ ‫تعنى بحماية حقوق النساء و النهوض بها الزالت لحد االن لم تهيكل رغم‬ ‫مرور حوالي ثمان سنوات على صدور دستور ‪2011‬‬ ‫اما مجال السياسات العمومية المتعلقة بمناهضة العنف ضد النساء‬ ‫فال نلمسها على المستوى العملي وفي الواقع المعاش للنساء فتقارير‬ ‫مراكز الجمعيات وتقارير المندوبية السامية للتخطيط ووزارة الصحة‬ ‫والعدل ووزارة األسرة والتضامن والمساواة والتنمية االجتماعية‪ ،‬وكذا‬ ‫التقارير والروبورتاجات الصحفية كلها تفيد ارتفاع العنف ضد النساء‬ ‫ووحشيته وتغوله واستعراضه عالنية على المأل اضافة لهذا فتكلفته‬ ‫االقتصادية باهظة سواء بالنسبة للدولة ومرافقتها (صحة‪,‬عدل‪ .....‬الخ) أو‬ ‫بالنسبة للضحية ‪.‬‬ ‫اما الميزانيات المخصصة لمحاربته فغير مرئية ضمن الميزانية‬ ‫العامة أو ميزانية القطاع الحكومي المعني باستثناء الدعم الذي يقدم‬ ‫للجمعيات التي تستقبل النساء ضحايا العنف‬ ‫النساء الضحايا يشتكين من صعوبة الولوج للعدالة وصعوبة اثبات‬ ‫الجرائم التي يتعرضن لها وهو ما يفسر ما ورد في بحث مندوبية التخطيط‬ ‫الذي ورد فيه ان‪ 3،8‬في المائة فقط من الضحايا يلجأن للعدالة في قضايا‬ ‫العنف الزوجي ‪.‬‬ ‫الفقر و األمية و الهشاشة االجتماعية تنهك النساء و تجعلهن ضحايا‬ ‫سهلة للعنف و التمييز ‪.‬‬ ‫فمن أين يبدأ العنف ضد النساء ؟‬ ‫العنف ضد النساء يبدأ حين نهمس في أذن الحامل التي يعلو الكلف‬ ‫وجهها بأنك حامل ببنت فهي التي تشوه وجه أمها‬ ‫العنف يبدأ حين نقرأ في المطالعة «سعاد تساعد أمها في المطبخ و‬ ‫أحمد يشاهد مباراة كرة القدم مع أبيه في المقهى «‬ ‫العنف يبدأ حين نقرأ في كتب التربية اإلسالمية و باقي الكتب‬ ‫المدرسية الحاملة قيم التمييز و المس بكرامة النساء‬ ‫يبدأ العنف حين تستعمل المرأة اداة لتصريف السلع في االشهارات‬ ‫يبدأ العنف ضد النساء حين تحقر المرأة و يطلب منها في إذاعة أن‬ ‫تتابع برامج شوميسة للطبخ و تترك كرة القدم ألصحابها ‪.‬‬ ‫يبدأ ويبدأ ويمتد ويتسع حتى يقتل حنان و خديجة وامينة وحسناء و و‬ ‫و‪ ........‬ولن يحده اال عمل حقيقي و شامل‬ ‫يجعلنا جميعا ال نتسامح مطلقا مع العنف ضد النساء‬

‫حل السودوكو‬ ‫رقم ‪468‬‬

‫أصل اللعبة‬

‫لعبة السودوكو اليابانية األصل «‪ ،»SUDOKU‬كانت معروفة منذ الثمانينيات‬ ‫في اليابان‪ ،‬إال أنها لم تظهر كلعبة ذات شعبية إال سنة ‪.2005‬‬

‫معنى كلمة سودوكو‬

‫كلمة سودوكو هي اختصار للجملة اليابانية (‪)Nikagiru Sujiwa Dokushin‬‬ ‫وتعني أن األعداد البد أن تكون مفردة‪ .‬وهذه اللعبة عبارة عن عالمة تجارية لشركة‬ ‫‪.Nikol‬‬

‫كيف تلعبها ؟‬

‫اللعبة تعتمد على المنطق لدرجة كبيرة‪ ،‬وهي لوحة مقسمة إلى تسع مناطق كل‬ ‫منطقة مكونة من تسع خانات‪ ،‬وعليك أن تمأل هذه الخانات أفقيا أو عموديا بأرقام من‬ ‫‪ 1‬إلى ‪ ،9‬حيث ال تستخدم الرقم إال مرة واحدة في جميع المربعات على العمود نفسه‬ ‫أو السطر أو القطر‪ ،‬وتكون هناك أرقام موضوعة سابقا في بعض الخانات‪.‬‬

‫مفيدة لكن معقدة‬

‫اللعبة مفيـدة جدا لتقوية مهارات المنطـق‪ ،‬ويستخدمهـا مدرسو الرياضيات‬ ‫كتمارين للطلبة وتختلف درجة التعقيد‪ ،‬حسب الفئة المستهدفة‪.‬‬

‫سرعة المالحظة‬

‫بين الصورة واألصل ‪ 8‬اختالفات‪ ،‬حاول أن تهتدي إليها‪.‬‬


‫انطالق المعسكر التدريبي المغلق‬ ‫التحاد طنجة بإسطنبول‬ ‫صفحة‬

‫‪19‬‬

‫�إعداد ‪ :‬م�صطفى ال�سباعي‬

‫العدد ‪1005‬‬

‫الثالثاء ‪� 06‬إلى ‪ 12‬غ�شت ‪2019‬‬

‫مجرد رأي ‪:‬‬

‫االنضباط‬

‫شـــرع اتحـاد طنجـة في معسكـــره‬ ‫اإلعــدادي المغلــق بضواحـــي مدينــة‬ ‫إسطنبول التركية استعدادا لالستحقاقات‬ ‫القادمـة وأولهـــا كــأس محمد السادس‬ ‫لألندية األبطــال والمباراة األولى أمــام‬ ‫نادي الرفاع البحريني‪ .‬وسيخوض االتحاد‬ ‫بالمناسبة ثالث مباريات ودية‪.‬‬ ‫وتضم بعثة اتحاد طنجة إلى إسطنبول حوالي ‪32‬فرداً منهم ‪ 23‬العباً‪.‬‬ ‫ويتواجد ضمن البعثة المدافع كمال آيت الحاج العب أولمبيك آسفي السابق الذي من‬ ‫المحتمل أن يتعاقد مع فارس البوغاز بعد انتهاء المعسكر‪.‬‬

‫بعد تعيين عموتة مدرباً للمنتخب المحلي‪..‬‬ ‫اإلعالن عن ربان األسود الجديد هذا األسبوع‬

‫الطاقم الفني الجديد التحاد طنجة‬

‫انتهى زمن التسيب‪ ..‬وانتهت معه بعض العادات التي كانت تتسبب في‬ ‫المشاكل والنتائج السلبية وحان وقت اال نضباط‪.‬‬ ‫هذا هو المفهوم الجديد لمدرب اتحاد طنجة الجديد الجزائري نبيل نغيز‪.‬‬ ‫لقد الحظ منذ مجيئه وإشرافه على التداريب األولى لفارس البوغاز أن هناك‬ ‫رؤوسا أينعت وحان قطافها‪ ..‬وأن هناك بعض المجموعات وبعض التكتالت‬ ‫داخل الفريق ما يعرقل مسيرته كمجموعة ويؤثر بالتالي على السير العادي‬ ‫وعلى النتائج‪.‬‬ ‫وفعال حتى ال يتأثر الفريق وتتسع دائـرة االنضباط أبعــد المدرب بعض‬ ‫الالعبين ووضع آخرين على الئحة االنتقاالت وأبعدهم عن معسكر تركيـــا وفي‬ ‫مقدمتهم الثالثي اإلفريقي المشكل من اإليفواري ندو بيبي والغامبي نزامبي‬ ‫والكامروني مباي جونيور وثالثتهم كانوا يشكلون كيانا اليفيد الفريق في شيء‬ ‫بقدر ما يتسبب في سلبية النتائج وإهدار األموال‪.‬‬ ‫وهناك إجراءات أخرى في الطريق لفرض االنضباط وإبعاد الفوضى والتسيب‬ ‫قبل انطالق الموسم الكروي حتى يظهر الفريق بثوب جديد ويعرف كل العب ماله‬ ‫وما عليه‪ ...‬ورويدا رويدا تتم تنقية األجواء وتأتي النتائج اإليجابية‪.‬‬ ‫فتحية للمدرب نبيل نغيز والطاقم التقني المساعد ونتمنى التحاد طنجة‬ ‫موسما موفقا‪ ،‬حيث سيلعب الموسـم القـادم على ثـالث واجهـات كأس محمد‬ ‫السادس لألندية األبطال وكأس العرش وبطولة الدوري االحترافي‪.‬‬

‫اتحاد طنجة يتعاقد مع طارق الستاتي‬

‫يواصل فريــق اتحــاد طنجــة‬ ‫تعزيــز صفـوفــه تحضيرا للموسم‬ ‫القادم ‪.‬‬ ‫وقبل الرحيل إلى معسكر تركيا‬ ‫تعاقد مع المدافـــع األيمن طـارق‬ ‫الستاتي لمدة موسمين قادما من‬ ‫الدفاع الحسني الجديدي‪.‬‬ ‫ويبلغ الستاتي ‪ 28‬سنـة وهو‬ ‫سادس انتدابــات اتحــاد طنجــة‬ ‫حتى اآلن‪.‬‬

‫اتحاد طنجة يتعاقد مع المدافع‬ ‫السينغالي يوسوفا كوناطي‬ ‫وضـع المدرب نبـيـل نغـيـــز الغامبـــي نزامبــي‬ ‫والكامروني مبـــاي جونيــور على الئحـــة االنتقـــاالت‪.‬‬ ‫وألحق المدافع ندو بيبي بفريـق األمل بسبـــب عــدم‬ ‫االنضباط‬ ‫وبناء على رغبتــه تعاقد اتحاد طنجة مع المدافع‬ ‫السينغالي «يوسوفا كوناطي» لمدة ثالث سنوات قادما‬ ‫من فريق شبيبة الساورة الجزائري‪.‬‬ ‫يوسوفــا كوناطــي سبــق أن لعــب في الدوري‬ ‫السينغالي والجزائــري‪ ،‬كما حمل قميـص المنتخـــب‬ ‫السينغالي األول في العديد من المناسبات‪.‬‬ ‫ويعتبر يوسوفا كوناطي خامس انتدابات اتحاد‬ ‫طنجة حتى اآلن بعد أيمن سديل «الرجاء البيضاوي» وفوزي عبد المطلب من الرشاد‬ ‫البرنوصي ويوسف أنور من الفتح الرباضي واإليفواري مصطفى كمارا‪.‬‬

‫وحيـد حاليلوزيتش‬ ‫أفــرز اجتمـاع المكتب التنفيذي للجامعة الملكيــة المغربية‬ ‫لكرة القـــدم عـدة تغييـــرات فيمـا يخص مهام المنتخبــات‬ ‫المغربيـة المختلفة واإلعالن عن األسماء المعنية باإلشراف عن‬ ‫األجهزة التقنية‪.‬‬ ‫وهكذا تم تعييــن الوليـزي روبيــرت أوسيان مديرا تقنيا‬ ‫خلفا لناصر الركيط الذي تمت إقالته والحسين عموتة مدربا‬ ‫للمنتخب المغربي للمحليين المقبل بعد شهــر من اآلن على‬ ‫تصفيات «الشان» في مواجهة قوية مع المنتخب الجزائري‪..‬‬ ‫كما تمت تسمية الفرنسي باتريس بوميل مدربا للمنتخب‬

‫لوران بالن‬

‫المغربي األولمبي الذي سيقابل الشهر المقبل منتخب مالي‬ ‫برسم التصفيات المؤهلة لكأس أمم إفريقيا‪ ...‬كما عين جمال‬ ‫السالمي مدربا لمنتخب الشبان ألقل من‪19‬سنة ‪.‬‬ ‫وسيعقد فوزي لقجــع رئيس الجامعة الملكيــة المغربيـــة‬ ‫لكرة القــدم هذا األسبوع اجتماعــا موسعـا مع المدير التقني‬ ‫الجديد ومـع ودادية المدربين المغاربة لحسم هويــة المدرب‬ ‫الجديد لألسود والتي يتنافس عليها كل من البوسني وحيـــد‬ ‫حاليلوزيتش والفرنسي لوران بالن‪.‬‬

‫المغرب التطواني‬ ‫يرد على قضية الالعب الميموني‬ ‫رد المكتب المسير لفريق المغرب‬ ‫أتلتيك تطوان على ما تم تداوله حول‬ ‫قضية العبه نصير الميموني بعــد‬ ‫اإلصابة التي تعرض لها و إهماله من‬ ‫طرف المكتب‪.‬‬ ‫وأكـدت إدارة الفريـق في بيان‬ ‫نشرتـــه على موقــعهــا الرسمـــي‬ ‫أن الميموني تعرض إلصابة في‬ ‫الجولة األخيــرة من بطولـة الدوري‬ ‫االحترافي الماضي‪ ..‬وبعد خضوعه‬ ‫لفحص طبــي تأكـــد أن اإلصابـــة‬ ‫ستبعده عن الميادين لفترة‪ ..‬مشيرة‬ ‫إلى أنه وقع عقد النصف موسم فقط‬ ‫مع الفريق‪.‬‬ ‫وأضاف البيان أن النــادي أخـــذ‬ ‫بعين االعتبار مجموعة من األمور األدبية و االجتماعية باإلبقاء‬ ‫على راتبه الشهري‪ ،‬ولكن الالعب‪ ،‬كما أوضح البيان طالب برفع‬ ‫راتبه وكأن األمر يتعلق بحق مكتسب وليس بمساعدة إنسانية‬ ‫واجتماعية من النادي‪.‬‬ ‫وأشــار البيان إلى أن المغـرب أتلتيـك تطوان عرض على‬ ‫الالعب العالج لدى أي طبيب مغربي وبأي مصحة يختارها إال‬

‫اإلسباني أنخيل فياديرو‬ ‫مدرباً للمغرب التطواني‬ ‫تعاقد فريق المغـرب التطوانـــي مع المدرب اإلسبانــي‬ ‫«أنخيـــل فياديـرو» لتدريبه في الموسم القادم خلفا للمدرب‬ ‫طارق السكتيوي الذي أقيل من منصبه‪.‬‬ ‫فيـــاديــرو «‪ 50‬سنة» سبـق أن درب أنديـــة بوركــوس‬ ‫وسانتاندير وإيبار ‪.‬‬

‫أنه اختار العالج خارج الوطن وبمبلغ‬ ‫يفوق إمكانيـــات النادي ويتجــــاوز‬ ‫الكلفة الحقيقية للعالج على يد أشهر‬ ‫المختصين في المجال‪.‬‬ ‫وختـــم البيـــان بأن الالعـــب‬ ‫الميموني توصل بكامل مستحقاته‬ ‫المالية سواء الحاليــة أو التي كانت‬ ‫عالقة بذمة اإلدارة السابقة‪.‬‬ ‫المغرب التطواني يختم أسبوع‬ ‫التحضيرات الثالث‬ ‫مـن جـانــب آخــر‪ ،‬أختــم فريــق‬ ‫المغرب أتلتيـــك تطــوان األسبـــوع‬ ‫الثالث مـن التحضيـــرات استعــدادا‬ ‫للموسم القادم‪.‬‬ ‫وشهد هذا األسبوع إجراء العديد من الحصص التدريبية‬ ‫إضافة إلى مباراة ودية إعدادية ضد فريق اتحاد سيدي قاسم‬ ‫انتهت بالتعادل ‪.1-1‬‬ ‫وأشرف على تداريب الفريق المدرب جمال الدريدب في‬ ‫انتظار تعيين مدرب جديد خلفا للمدرب طارق السكتيوي الذي‬ ‫تمت إقالته‪.‬‬


‫الثالثـاء ‪� 06‬إلى ‪ 12‬غ�شت ‪2019‬‬

‫العدد ‪1005‬‬

‫تذكرة سفر‬

‫السلسلة الرابعة‬

‫احللقة الأولى‬

‫لقاءات حوارية‪ ،‬في حلقات متسلسلة‪ ،‬مع شخصيات مؤثرة في المجال العمومي المغربـي‬ ‫والعربـي واإلنساني‪ ،‬تستحضر تجربتهم في الحياة الخاصة والعامة‪ ،‬وترحل بهم عبر تذكرة‬ ‫سفر معنوية وروحية إلى الماضي والمستقبل‪.‬‬ ‫• عبد اإلله المويسي‬

‫مع األستاذ‬

‫محمد األشعري‬ ‫المحور األول ـ المسار الخاص ـ‬

‫يحضر األستاذ محمد األشعري‪ ،‬في مخيال القراء المغاربة والمشتغلين بالحقل السياسي والمجتمعي الوطني‪،‬‬ ‫بصيغة الواحد المتعدد‪ ،‬فهو اإلنسان أوال‪ ،‬وهو الشاعر والكاتب الروائي والمناضل السياسي والناشط الحقوقي‪،‬‬ ‫وواحد من أبرز وجوه معتقلي سنوات الرصاص‪ .‬وهو الوزير الذي انعطف بمشروع الثقافة الوطنية نحو أفق اتسمت‬ ‫فيه بتبني مفهوم الصناعة الثقافية‪ ،‬وهو الذي سبق أن شغل قبلها منصب رئاسة اتحاد كتاب المغرب لثالث‬ ‫دورات عرفت خاللها هذه المؤسسة أقوى مراحل ديناميتها وإنتاجيتها‪.‬‬ ‫لجعل السي محمد يستوعب بعض قيم‬ ‫البادية‪ ،‬طبعا بمعناها اإليجابي المتأصل؟‬

‫في الواقع‪ ،‬إن كل ما هو مرتبط بالقيم‬ ‫عرفته فيما بعد عن طريق الحكي‪ .‬أما أنا فقد‬ ‫كنت قد غادرت القرية وأنا صغير جدا‪ ،‬ربما‬ ‫في عمر الخمس سنوات‪ ،‬ولم أستوعب ما‬ ‫حصل لي إال فيما بعد عن طريق االستعادة‬ ‫والمرويات الشفهية‪.‬‬

‫السرعة الممكنة‪ ،‬أعود إلى العش القديم‪.‬‬ ‫لكن‪ ،‬وبعد انخراطي في الحركة الطالبية‬ ‫باالتحاد الوطني لطلبة المغرب‪ ،‬وأيضا بعد‬ ‫انخراطي في الحركة اليسارية عبر االتحاد‬ ‫االشتراكي الذي كان قد عرف تأسيسا جديدا‬ ‫سنة ‪ ،1972‬أي وقت وصولي إلى الرباط‪،‬‬ ‫وأتذكر أن أول مرة أقوم فيها بنشاط حزبي‬ ‫هو سفري مع الشهيد عمر بنجلون والمرحوم‬ ‫محمد الوديع اآلسفي إلى مدينة مكناس‬ ‫لحضور لقاء حول قرارات ‪ 30‬يوليوز‪ ،‬وكان‬ ‫هذا أول عمل مباشر أقوم به في هذا اإلطار‪.‬‬ ‫وهكذا تآلفت مرة أخرى مع األشياء بالرباط‬ ‫أكثر مما تآلفت مع األمكنة‪ ،‬من خالل الحركة‬ ‫السياسية والصحافة‪.‬‬

‫ما الذي ميز إقامتك بمكناس؟‬

‫السي محمد‪ ،‬قبل أن نأخذ في حديثنا‬ ‫عن أهم ما طبع هـذه التمفصـالت في‬ ‫مشوار حياتك‪ ،‬أريد أن أبـدأ معــك من‬ ‫النقط األصولية األولى التي تفجرت منها‬ ‫شخصيتكالعمومية‪.‬‬ ‫ماذا تستحضر على وجه الخصوص‬ ‫من بداياتك األولى‪ ..‬من دفق شبابك‪ ،‬من‬ ‫عنفوان مراهقتك‪ ،‬ومن طفولتك على وجه‬ ‫التحديد؟ ماذا تستحضر أيضا من عالقتك‬ ‫المميزة جدا باألم‪ ،‬ومن حضور والدك في‬ ‫مسيرتك؟‬

‫ربما تعرف أننــي ولــدت في قريـــة‬ ‫صغيرة جدا في ضواحــي مدينــة مـــوالي‬ ‫إدريس زرهون‪ ،‬وهي القرية التي استعملت‬ ‫اسمها كثيرا في أعمالــي الروائيــــة على‬ ‫وجه الخصوص‪« ..‬بومندارة»‪ .‬وهي أصال‬ ‫توجد ضمن مجموعة دواوير تكونت بفعل‬ ‫الهجرة من منطقة الريف إلى جبال زرهون‪،‬‬ ‫وتشكلت في مكان محدد كمحاولة لتجميع‬ ‫كل الشتات القبلي الريفي في تلك المنطقة‪.‬‬ ‫فأنا ولدت في هذه القرية التي بدورها ولدت‬ ‫في رحم الهجرة‪ ،‬وأيضا بسبب تردد جدي‬ ‫على القرويين فقد تعرف على أحد العلماء‬ ‫الفاسيين الذي ارتبط بهذه القرية ألسباب‬ ‫صوفية و ألسباب شخصية تخصه‪ ،‬فتزوج‬ ‫فيها امرأة من الريف هي التي أصبحت‬ ‫جدتي من أمي‪ .‬فهذا الخليط الغريب نوعا‬ ‫ما أشرت إليه في وصف بعض شخصيات‬ ‫رواية «جنوب الروح»‪ ،‬عندما تحدث عن‬ ‫رجال ونساء من هذه الزيجات المختلطة‬ ‫الذين لهم وجوه بيضاء وعيون زرق‪ ،‬وفي‬ ‫نفس اآلن يتحدثون باللغة األمازيغية‪ .‬وهذه‬ ‫القرية إذا كنت قد تعلمت منها شيئا أساسيا‬ ‫فهو الصمت‪ .‬فالقرية المتواجدة وسط غابة‬ ‫من أشجار الزيتون والتين كانت تهمس‬ ‫وال تصرخ‪ ،‬ولذلك فأنا مرتبط ارتباطا وثيقا‬ ‫بأصوات األرض‪..‬أصوات األشجار‪ ،‬أو أصوات‬

‫«الصمت» إذا شئت‪ .‬والعالقة مع األم تكونت‬ ‫في هذا الصمت‪ .‬حتى األوجاع لم نكن نصرخ‬ ‫بها‪ ،‬نعيشها بنوع من الحياء والجلد ونفضل‬ ‫أال نتحدث عنها‪ .‬بطبيعة الحال‪ ،‬عندما‬ ‫سقطت المدرسة كنيزك تائه على قريتنا‬ ‫أدخلني الوالد إليها‪ ،‬وعندما انتهت السنة‬ ‫التحضيرية األولى لم تكن الدولة قد فكرت‬ ‫في بناء أو في تهييئ األقسام الموالية‪،‬‬ ‫فاضطررت مع طفلين آخرين‪ ،‬كانا رفيقي‬ ‫في هذه الرحلة‪ ،‬إلى االنتقال إلى مدرسة‬ ‫أخرى بعيدة نعبر‪ ،‬من أجل الوصول إليها‪،‬‬ ‫جغرافيات وعرة وصعبة‪ .‬كل هذا دفع والدي‬ ‫إلى أخذي إلى مدينة مكناس عند عائلة هناك‬ ‫لمتابعة دراستي االبتدائية‪.‬‬ ‫كان هذا أول اقتالع حقيقي وحاسم‬ ‫وموجع تعرضت له‪ .‬ومن عجائب الصدف أن‬ ‫المدرسة التي ذهبت إليها في مدينة مكناس‬ ‫بالمدينة القديمة‪ ،‬كان اسمها مدينة‬ ‫«الحبس القديم»‪ ،‬فكان االنتقال من صمت‬ ‫القرية إلى ضجيج الدراسة بالحبس القديم‬ ‫والمدينة القديمة‪ .‬وكل ما يلتصق بها من‬ ‫أحياء كان بالنسبة إلي هوال حقيقيا‪ .‬فيما بعد‪،‬‬ ‫انتقلت العائلة إلى مدينة مكناس‪ ،‬ثم بعدها‬ ‫رجعنا إلى موالي إدريس زرهون لنستقر فيها‬ ‫بصفة نهائية‪ .‬لكن هذا االستقرار لم يدم‬ ‫طويال‪ ،‬ألن والدي توفي ونحن كلنا صغار‪،‬‬ ‫وربما لهذا السبب كان االرتباط مع األم‬ ‫ارتباطا جوهريا منذ هذه الفترة‪.‬‬

‫طفولتك بالقرية‪ ،‬قبل االنتقال إلى‬ ‫مكناس‪ ،‬ربما فيما يبدو لي‪ ،‬كانت قصيرة‬ ‫جدا‪ .‬هل كانت هذه المدة الوجيزة كافية‬

‫في مكناس قضيت هذه السنة التي‬ ‫تحدثنا عنها‪ ،‬ثم رجعت إلى زرهون وبقيت‬ ‫بها حتى نهاية اإلعدادي‪ ،‬وبما أنه لم تكن‬ ‫هناك ثانوية بموالي إدريس زرهون‪ ،‬انتقلت‬ ‫إلى ثانوية موالي إسماعيل بمكناس‪ ،‬وأقمت‬ ‫«بداخليتها»‪ ،‬وقضيت هناك ثالث سنوات‬ ‫بين سنة ‪ 1968‬وسنة ‪ ،1971‬وكان لمرحلة‬ ‫الدراسة بهذه الثانوية تأثير كبير جدا على‬ ‫حياتي‪ .‬أوال ألن طبيعة النظام الداخلي‬ ‫للثانوية تفرض نوعا من االنضباط الدراسي‪،‬‬ ‫مكنني من تنمية معارفي األساسية‪ ،‬وثانيا أن‬ ‫هذه الثانوية كانت من المؤسسات التعليمية‬ ‫العريقة بالمغرب‪ ،‬وكانت تتوفر على مكتبة‬ ‫هائلة وهامة‪ ،‬ويدرس بها أساتذة متميزون‪،‬‬ ‫وأيضا لكون مدينة مكناس كانت تعرف‬ ‫حضورا نشيطا للبعثة الثقافية الفرنسية‪،‬‬ ‫وهذه البعثة كانت بدورها تتوفر على مكتبة‬ ‫كبيرة جدا‪ ،‬وتتوفر على ناد سينمائي ممتاز‪،‬‬ ‫وتقوم بأنشطة منتظمة‪ ،‬تستضيف خاللها‬ ‫فنانين فرنسيين مرموقين وفرقا مسرحية‬ ‫فرنسية شهيرة‪ .‬وكانت لثانويتنا تقريبا‬ ‫عالقة شراكة منظمة بشكل جيد مع هذه‬ ‫البعثة‪ ،‬جعلتني أكتشف ألول مرة المسرح‬ ‫مثال‪ ،‬خصوصا وأن مدينة مكناس وقتها‬ ‫كانت تعرف حركة مسرح هواة متميزة‪ ،‬كانت‬ ‫بدورها تنشط في إطار المعهد الفرنسي‪.‬‬ ‫واكتشفت بها كذلك‪ ،‬وأقصد مكتبة المعهد‬ ‫الفرنسي‪ ،‬كبار الكتاب‪.‬‬ ‫فهذه الفترة كانت أساسية في تكويني‬ ‫وفي عالقتي باألدب‪ ،‬وهي التي فعال بنت‬ ‫األسس الحقيقية لميوالتي األدبية فيما بعد‪.‬‬

‫ـ على هذا األساس‪ ،‬فأنـت عرفـت‬ ‫«اقتالعات»‪ ،‬فهـل يتعلق األمر بصعوبة‬ ‫تجدها مع ما يمكن أن أسميـه بـ «ألفة‬ ‫المكان»؟‬

‫ليست مسألة ألفة‪ ،‬أنا فتحت عيني‬ ‫في قرية يعتبر الناس أنفسهم فيها مجرد‬ ‫عابرين‪ ،‬ألنهم يعتقدون أنه ذات يوم‬ ‫سيعودون إلى الريف‪ ،‬وفيما بعد ذهبت إلى‬ ‫مكناس‪ ،‬وارتبطت فيها بأشياء أكثر مما‬ ‫ارتبطت فيها باألمكنة‪ .‬وعندما جئت إلى‬ ‫الرباط قضيت بها السنتين األوليتين في‬ ‫وضع اغتراب حقيقي‪ .‬لم أحب إطالقا مدينة‬ ‫الرباط ‪ .‬كنت بعد ثالثة أو أربعة أيام‪ ،‬وبكل‬

‫وللتذكير‪ ،‬فأنا كنت قد بدأت أكتب‬ ‫بالصحافة قبل مجيئي إلى الرباط‪ ،‬وذلك‬ ‫عبر المراسلة‪ ،‬وكنت أكتب بالضبط بجريدة‬ ‫العلم التي لم أكن أعرف أبدا مالمح العاملين‬ ‫بها‪ ،‬فقد كنت أرسل إليها بعض المحاوالت‬ ‫الشعرية وتنشرها‪ ،‬بل كانت تنشر لي وأنا‬ ‫تلميذ في المستوى اإلعدادي‪ ،‬وأذكر أن‬ ‫أول ما نشرته لي كان عمال قصصيا‪ .‬ولذلك‬ ‫كانت لي عالقة قوية مع هذه الجريدة‪ ،‬حتى‬ ‫أنني لما توجهت إلى مقرها للتعرف عليه‬ ‫بشارع عالل بنعبداهلل وجدت واجهة زجاجية‬ ‫كبيرة تلصق عليها كل صفحات الجريدة‬ ‫لعدد اليوم‪ ،‬وهكذا تعودت أن أذهب كل يوم‬ ‫ألقرأ الجريدة على تلك الواجهة‪ ،‬ألنه أحيانا‬ ‫لم تكن تسمح اإلمكانيات القتناء الجريدة‬ ‫بشكل مواظب‪ .‬وكثيرا ما وفرت لي هذه‬ ‫الواجهة اعتزازا ال يضاهى بنصوصي التي‬

‫األخيرة‬

‫تحملها صفحاتها‪ ،‬وكان حقا لذلك وقع كبير‬ ‫على نفسي في ذلك الوقت‪.‬‬ ‫ورجوعا إلى قضية المكان‪ ،‬فأنا أشعر‬ ‫بنفسي متحررا من دكتاتورية المكان‪ .‬كثير‬ ‫من أصدقائي لهم ارتباط وجودي بأمكنة ما‪،‬‬ ‫مساقط رأسهم مثال أو أمكنة صنعوا حياتهم‬ ‫بها‪ .‬أما بالنسبة إلي‪ ،‬ولربما بسبب فكرة‬ ‫أنني جئت من مكان أصلي‪ ،‬أو عائلتي جاءت‬ ‫من مكان أصلي‪ ،‬وأنها ذات يوم ستعود إليه‪،‬‬ ‫وعالقة باالقتالع الذي أشرت إليه‪ ،‬ال أشعر‬ ‫بضغط المكان في حياتي‪ .‬فأنا أستطيع‬ ‫أن أعيش بدون المكان األصلي‪ .‬بل من‬ ‫الممكن أن أعيش في أي مكان‪.‬‬

‫ـ فهل كانت خطوة الرباط الستكمال‬ ‫المشوار الدراسي‪ ،‬أو أنها ارتبطت بااللتحاق‬ ‫بالعمل؟‬

‫ال‪ ..‬أنا التحقــت بكليــة الحقـــوق‪،‬‬ ‫وبالمدرسة الوطنيـــة لإلدارة العموميـــة‪،‬‬ ‫واشتغلت بالمعهد العالي للزراعة من ‪1976‬‬ ‫إلى ‪ ،1981‬وهي السنة التي شهدت اعتقالي‬ ‫في إطار اإلضراب العام‪ ،‬وكان ذلك قد وضع‬ ‫حدا لمساري الوظيفي الذي لم يعمر طويال‪.‬‬ ‫ولربما بشكل مفارق فتح لي االعتقال آفاقا‬ ‫أخرى‪ ،‬ألنني بكل الصدق لم أكن مرتاحا‬ ‫أبدا في الوظيفة اإلدارية‪ ،‬فرجعت إلى هواي‬ ‫األول‪...‬إلى الصحافة‪ ،‬وألنني أصال كنت دائم‬ ‫االتصال بالصحافة الحزبية التي اشتغلت‬ ‫بها بطريقة تطوعية كلما كانت تسمح لي‬ ‫الظروف بذلك‪ ،‬وألنني أيضا لم أنقطع عن‬ ‫ذلك حتى وأنا موظف إداريا‪ .‬ولكن بعد‬ ‫خروجي من السجن سنة ‪ 1982‬كان صديقي‬ ‫المرحوم محمد بنيحيى قد أسس جريدة‬ ‫البالغ‪ ،‬وكانت جريدة المحرر قد منعت‪،‬‬ ‫فاقترح علي مباشرة أن أستلم جريدة البالغ‪.‬‬ ‫بالنسبة إلي الشيء الذي كان دائما يثيرني‬ ‫هو العمل الصحافي‪ .‬بعد ذلك‪ ،‬ساهمت في‬ ‫تأسيس جريدة االتحاد االشتراكي واستمر‬ ‫عملي بها‪.‬‬

‫ـ السي محمد‪ ،‬سنكتفي هنا عند هذه‬ ‫الحلقة‪ ،‬وسنترك للحلقة القادمة الحديث عن‬ ‫نواح أكثر حميمية في حياتك‪ .‬سنحاول في‬ ‫الحلقة القادمة أن نتعرف على السي محمد‬ ‫األشعري الزوج‪ ،‬ورب األسرة‪ ،‬وكيف يدير‬ ‫السي محمد عواطفه الخاصة الحميمية‪.‬‬

‫(يتبع)‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.