Achamal n° 1007 le 20 Août 2019

Page 1

‫محمد األشعري‬

‫ضيف سلسلة «تذكرة سفر»‬

‫الحلقة‬ ‫الثالثة‬

‫صاحب البيت لم يتوقف عن التحديق في وجهي‪ .‬وفي لحظة ما‬ ‫سألني‪ :‬من أي مدينة أنت؟ فقلت من مدينة موالي إدريس زرهون‪ ،‬فقال‬ ‫مباشرة أنت ابن فالن‪ ،‬وقد سبق أن زرت بيتكم وأنت صغير‪ ،‬وكنت رفقة‬ ‫المهدي بنبركة‪ .‬هذا الشخص هو «محمد الوديع اآلسفي» الذي سأرتبط‬ ‫بعد ذلك بصداقة قوية معه‪ .‬وهو مثال للمناضل الوفي‬

‫الصفحة ‪20‬‬

‫ا قت�صا د‬

‫ت�شخي�ص مقلق من بنك املغرب‬ ‫قصور اقتصادي في ضوء تنامي‬ ‫االنتظارات االجتماعية‬

‫طبيبة الأفارقة بال�شمال‬

‫صفحة ‪8‬‬

‫صالون عبد اهلل كنون‬ ‫الثقافي بتطوان‬ ‫يكرم األستاذ‬

‫رجاء مرصو‬

‫عبد السالم الصفار‬

‫إعالم جهوي متقدم‬ ‫قصة طبيبة نذرت نفسها‬ ‫لمساعدة المهاجرين األفارقة‬ ‫صفحة ‪4‬‬

‫كلمة الشمال‬ ‫عبد اإلله المويسي‬

‫املدير امل�س�ؤول ‪ :‬عبد احلق بخات ـ الهاتف ‪ 05.39.94.30.08 :‬ـ الفاك�س ‪05.39.94.57.09 :‬‬ ‫العـدد ‪ 1007‬ـ الثمن ‪ 4‬دراهم ـ الثـالثــاء ‪ 18‬ذو احلجة ‪� 20 / 1440‬إلى ‪ 26‬غـ�شـت ‪2019‬‬

‫صفحة ‪14‬‬

‫تعرف طنجة خالل موسم الصيف اكتظاظا مهوال بالنظر إلى عدد الذين يختارونها وجهة لقضاء عطلتهم السنوية‪ .‬وال يقتصر هذا االكتظاظ‬ ‫على الفئة المحظوظة المتوفرة على ناقالتها الخاصة‪ ،‬والتي تكاد تشل حركة المرور في اغلب طرقات مدينة البوغاز‪ ،‬وإنما يشمل أيضا شرائح‬ ‫عريضة من المصطافين ومن الساكنة األصلية التي تكون مضطرة لتحقيق التنقل المريح عبر األرجاء السياحية للمدينة إلى االستعانة بخدمات‬ ‫سيارات األجرة‪.‬‬ ‫مشاكل عويصة تطرح في هذا السياق‪ .‬ربما ذات صلة بالعدد غير الكافي لسيارات األجرة المخصص لمدينة تعتبر اآلن أكبر قطب اقتصادي‬ ‫وسياحي بالمملكة‪ ،‬أو ربما بهندسة الشبكة الطرقية التي لم تضع في االعتبار التطور الذي كانت منذورة له مدينة طنجة من زمان‪ .‬غير أن ما‬ ‫يلفت االنتباه‪ ،‬ولربما ما يثير غضب شرائح من المتواجدين اآلن بمدينة طنجة هو الصعوبة القصوى في الحصول على طاكسي أجرة يقلهم‬ ‫إلى وجهتهم‪ .‬صعوبة تكاد تصل أحيانا إلى حد المستحيل‪.‬‬ ‫أمام محطات السفر‪ ،‬عند مخارج الشواطئ‪ ،‬على جنبات البولفار‪ ،‬وفي مختلف منعرجات ممرات المدينة‪ ،‬تجد صفوفا هائلة من المنتظرين‬ ‫الذين يشيرون بأيديهم بكل الرجاء والرحمة كي يحظوا بفرصة مستحيلة للتنقل‪.‬‬ ‫المحزن‪ ،‬والمثير لإلحساس بالمرارة‪ ،‬وبعدم االحترام الواجب للقوانين المنظمة للقطاع هو أن يكون جزء من هذه الشرائح المنتظرة‬ ‫مسنين وفي أعمار متقدمة‪ ،‬بل وأحيانا مرضى يتأبطون ملفاتهم الطبية‪ ،‬أو نساء متشبثات بأطفال صغار‪.‬‬ ‫السؤال المحير هو عندما تمرق بعض سيارات األجرة فارغة‪ ،‬وخارج أوقات «المبادلة» المفترضة‪ .‬السؤال األكثر حيرة هو أال يفترض وجود‬ ‫هيئة مكلفة بمراقبة جودة أداء هذه الخدمة العمومية الملحة‪.‬‬

‫جريدة يوميـة جهـوية وطنية ت�صدر م� ً‬ ‫ؤقتـا كـل �أ�سبـوع • الإدارة‪ ،‬التحريـر‪ ،‬الإ�شهـار ‪ 7 :‬مكرر‪ ،‬زنقة عمر بن عبد العزيـز • الربيد الإلكـرتونـي ‪ info@achamal.ma :‬ـ املوقع الإلكرتوين ‪www.achamal.ma :‬‬


‫العدد ‪1007‬‬

‫‪2‬‬

‫الثالثـاء ‪� 20‬إلى ‪ 26‬غ�شت ‪2019‬‬

‫في تحليل موقف اإلسالميين من المتطوعات البلجيكيات‪:‬‬

‫بؤس الفكر و قصوره‬ ‫عن معالجة الواقع‬

‫يومية جهوية وطنية ت�صدر م� ًؤقتا كل �أ�سبوع‬

‫املوقع الإلكرتوين ‪:‬‬ ‫‪www.achamal.com‬‬ ‫ت�صدر عن مطبعة جريدة طنجة‬

‫محمد العطالتي‬

‫المدير المسؤول ‪:‬‬

‫عبد احلــق بخــات‬

‫‪atlati.mohammed@gmail.com‬‬

‫مغارات‪..‬‬

‫رئيس التحرير ‪:‬‬

‫عبد الإلـه املـوي�سـي‬

‫محمد سدحي‬

‫هيئة التحرير ‪:‬‬

‫‪sadhimed@gmail.com‬‬

‫عبد اللطيف �شهبون‬ ‫زبيـدة الورياغلـي‬ ‫�أ�سامـة الزكــاري‬ ‫ر�ضوان احدادو‬ ‫هدى املجاطـي‬ ‫�أبو اخلري النا�صري‬ ‫عبد احلـي مفتـاح‬ ‫محمد �إمغــران‬ ‫م�صطفى ال�سباعي‬ ‫محمد �سدحــي‬

‫«األحرار»‪ ..‬قصة حزب‬ ‫ضابط لإليقاع !!‬ ‫في مغربنـا الحبيب‪ ،‬العجيب‪ ،‬السياسة أغنية‪ ..‬أغنية‬ ‫شعبية‪ ،‬مطلعها ‪« :‬شدّ حمامك يا ادريس‪ ..‬ال يطير وخلي‬ ‫لك غالريش‪...»! ‬‬ ‫وكان إدريس‪ ،‬الذي نذكره بخير ألنه صار من موتانا‪،‬‬ ‫ضابط إيقاع «جوقة البصراء» زمن الجمر الذي جاء إثر زمن‬ ‫الرصاص‪ ،‬أجارنا اهلل من كل إصابة‪...‬‬ ‫وكان أكثر من عازف يعزف على أوتار الوطن يصدع بما‬ ‫يؤمر‪ ،‬حتى ال يخسر الميزان أو يختل التوازن وتغ ّلب كفة‬ ‫«الحركة الوطنية» وأخواتها‪...‬‬ ‫ومن العزفين المهرة‪ ،‬الوزير األول السابق‪ ،‬ابن وجدة‪،‬‬ ‫أحمد عصمان الذي أصبح‪ ،‬بقدرة قادر‪ ،‬على رأس فريق‬ ‫برلماني مشكل من ‪ 141‬نائباً (أفرزتهم) صناديق االقتراع‬ ‫التي لم تكن من الزجاج الشفاف خالل انتخابات ‪ 76‬و‪...77‬‬ ‫وجل هذه العناصر كان من طينة الالعبين الكبار الذين‬ ‫يلعبـون بسراويـل فضفاضة ويجيدون تسجيل ضربات‬ ‫الجزاء‪ ،‬جزا ًء لهم على السمع وطاعة األوامر‪...‬‬ ‫فريق أزرق من «الحمائم» بالصيغة الجديدة‪ ،‬ال قبل له‬ ‫ال بالمادية الماركسية وال بالمثالية الهيجلية وال بالرؤية‬ ‫المستقبلية «الخبزية» المغربية‪ ،‬ولو أن األمر الذي جاءهم‬ ‫عل لدخول الحزب الجديد في أكتوبر ‪ ،1978‬أشار‬ ‫من ٍ‬ ‫عليهم بالجلوس في جهة «يمين الوسط» لقبة البرلمان‪...‬‬ ‫فريــق‪ ،‬أقـول‪ ،‬من «الحمام الزاجـل» يأخـذ الرسالــة‬ ‫ويرسلها حيثما أمر بدون زيادة وال نقصان وال اجتهاد وال‬ ‫امتداد في شساعة السياسة‪ ...‬وكل منافعه الحَب والنوى‬ ‫الذي يشتت «فحال التبروري»‪...‬‬ ‫وهكذا كان‪َ ،‬لبَدَ عصمان في كرسي زعامة الحزب‪،‬‬ ‫حزب «البرلمانيين األحرار» ‪ 29‬سنة‪ ،‬تقلد خاللها عدة‬ ‫مهام‪ :‬الوزارة األولى‪ ،‬البرلمان‪ ،‬وزير دولة في حكومة محمد‬ ‫كريم العمراني‪ ،‬باعتباره زعيم الحزب األغلبي يومها‪ ...‬ثم‬ ‫ال داعي للخوض في موضوع الطائرات و»األرنبات وذاك‬ ‫الشي»‪...‬‬ ‫وفي سنة ‪ ،2007‬وأغلبنا يذكر «سيرك ‪ 2007‬دابا»‪،‬‬ ‫فسح «الملكي الليبرالي» المجال السم آخر‪ ،‬أبرق ثم سرعان‬ ‫ما أفل نجمه‪ ،‬إنه ابن منطقة الريف مصطفى المنصوري‬ ‫الذي لم يدم مقامه على رأس الحزب طوي ً‬ ‫ال‪ ،‬وربما أدى‬ ‫أستاذ االقتصاد بالرباط ثمن محاولة اقتباسه بعض الشيء‬ ‫من حرية «األحرار»‪ ...‬ثم جيء بصالح الدين مزوار‪ ،‬العب‬ ‫كرة السلة ومستخدم وكالة توزيع الماء والكهرباء بطنجة‬ ‫قيد شبابه‪ ،‬في يناير ‪ ،2010‬ليعوض المنصوري‪ ،‬حيث كان‬ ‫من المعول عليه أن يشغل مهمة عميد الفريق الحكومي‬ ‫الذي كان يطلق عليه‪ ،‬في جنينيته‪ ،G8 :‬إال أن مياه شباب‬ ‫‪ 20‬فبراير جرت تحت جسر «مجموعة الثمانية» وجرفت‬ ‫معها الزرع والضرع‪ ،‬مخلفة الخسائر والصائر فيما حرثه‬ ‫الجرار ونقر منه «طير البقر» الذي كان يحوم حوله‪...‬‬ ‫وبدوره‪ ،‬صالح الذي «فعفعته» نتائج تشريعيات ‪7‬‬ ‫أكتوبر ‪( 2016‬األسود)‪ ،‬لم يجد بدّاً من طاعة األوامر‬ ‫والخروج من الباب األوسع من الكتف‪ ...‬ثم جاء رجل من‬ ‫أقصى‪/‬أقسى الحكومة في ‪ 29‬أكتوبر ‪« ،2016‬عزيز» عليه‬ ‫«المغرب األخضر» المهدد بصهد «اللمبة» المشتعلة‬ ‫في حي الليمون‪ ...‬ترأس الحزب‪ ،‬وهو اليوم يجوب ربوع‬ ‫المملكة السعيدة بحثاً عن فج عميق يؤدي إلى رأس حكومة‬ ‫‪...2021‬‬

‫• نلتقي‪! ‬‬

‫صورة بلجيكيات متطوعات‬ ‫أثـار رأي عبـر عنـــه المستشار بالبرلمــان‬ ‫المغربي عن حزب العدالة والتنمية‪ ،‬المدعــو‬ ‫علي العسري ردود فعل ناقمة من قبل ناشطي‬ ‫العمل السياسي والثقافــي والحقوقي بالبلد‪،‬‬ ‫وذلك على إثر نشر صور لمتطوعات أجنبيات‬ ‫قدمن إلى منطقة تارودانت جنوب المغرب من‬ ‫أجل االشتغال في ورش لتعبيد إحدى المسالك‬ ‫الطرقية بدوار «أضهار أوامان» وكانت المبادرة‬ ‫التطوعية تلك في إطار تعاون بين منظمة‬ ‫مدنية بلجيكية وأخرى محلية‪ ،‬إذ تساءل النائب‬ ‫المذكور في صيغة استنكار‪ ،‬من خالل ما نشره‬ ‫باسمه على موقع للتواصل االجتماعي‪ ،‬قائال ‪:‬‬ ‫«متى كان األوروبيون ينجزون األوراش بلباس‬ ‫السباحة؟»‪ .‬قبل أن يضيف مستطردا ‪« :‬هـل‬ ‫تكون رسالتهن من ورش‪ ،‬محمـود ظاهريا‪،‬‬ ‫هدفها إنساني‪ ،‬أم شيئا آخر‪ ،‬في منطقة ال زالت‬ ‫معروفة بمحافظتها واستعصائها على موجات‬ ‫التغريب والتعري؟»‪ .‬فقــد استنتج السيناتـور‬ ‫اإلسالمي ‪ ،‬من خالل منطوق ومفهوم المنشور‪،‬‬ ‫أن المتطوعات يعملن عبر مساعدة السكان إلى‬ ‫محاربة األخالق المحلية ونشر ما سماه «تغريبا‬ ‫وتعريّاً» في المجتمع التارودانتي المحافـظـ‪،‬‬ ‫بحسب اعتقاده‪.‬‬ ‫و اعتبر محللون سياسيون هذا الخطاب‬ ‫اإلسالموي المرَوَّج له عبر أمثال المستشـار‬ ‫المنتمي لحزب العدالة والتنمية‪ ،‬أن التصريح‬ ‫يكشف بالملموس طبيعة الفكر المؤسس على‬ ‫مذهب «الفرقة الناجية» الذي يحمله أعضاء هذا‬ ‫التنظيم السياسي‪ ،‬بالنظر لكونه خطابا يحاول‬ ‫إيجاد أساس نظري من الشيء بهدف شرعنة‬ ‫معاداة اآلخرين من حاملي الديانات غير المحلية‬ ‫والمنتمين لثقافات أخرى في العالم المتحضر‪،‬‬ ‫حتى في الحاالت التي يُقدِمُ فيها هؤالء على‬ ‫أعمال مفيدة للناس وغير هادفة للربح‪ ،‬سيما‬ ‫أن تصريح المستشار بالغرفة الثانية أتى ساعات‬ ‫قليلة بعد نداء وجهه معلم بالصف االبتدائي‬ ‫يدعو لقتـل السائحات المتطوعـات في أعمـال‬ ‫إنسانية فقط لكونهن لبسن سراويل قصيرة‬ ‫في جو حار خالل عملهن بالورش التطوعي‪.‬‬ ‫و رغم أن السلطات األمنية قامت باعتقال‬ ‫المعلم االبتدائي‪ ،‬على خلفية دعوتـه للقتل‪،‬‬ ‫ومطالبة عريضة وقعها مئات المغاربة باعتقال‬ ‫المستشار العسـري‪ ،‬باعتباره شكـال من أشكال‬ ‫التحريض على معاداة األجانـب و نمطـا من‬ ‫الدعوة المستترة إلى ممارسة جرائم اإلرهاب‪،‬‬ ‫رغم ذلك‪ ،‬فإن عـددا من المثقفيــن المغاربة‬ ‫يعتبرون األمر أكـثـر خطورة ويتطلب تفكيكا‬ ‫سريعا ونقضا شامـال لبنيـة الخطاب والفكــر‬

‫الديني القائم الترهيب والمؤسس على تراث‬ ‫قديم صنعه المتقدمون على سبيــل محض‬ ‫االجتهاد قبل أن يحوله المتأخرون إلى نصوص‬ ‫يتم وضعها على درجة المســاواة مع النص‬ ‫القرآني المنزل‪.‬‬ ‫و بحسب باحثين‪ ،‬فإن موقف «اإلسالمويين»‬ ‫من لباس متطوعات في عمل خيري وإنساني‬ ‫يكشف قصور هذا النمط من التفكير في تحليل‬ ‫الواقع بواسطة األدوات العلمية واعتبار مقتنعيه‬ ‫أن جميع اآلخرين منخرطون في «مؤامرة ضد‬ ‫اإلسالم والمجتمع وثقافته»‪.‬‬ ‫و يــرى مهتمون بالعمل السياسـي لدى‬ ‫التنظيمات الحزبية ذات المعتقدات الدينية‪ ،‬أن‬ ‫هذه الجماعات ال تحوز أي شرعية لدى الناس‪،‬‬ ‫عدا شرعية بيع األوهام واألباطيل‪ ،‬نظير الشعار‬ ‫الذي رفعه إخوان مصر ‪ :‬اإلسالم هو الحل‪ ،‬ويقول‬ ‫أحد الناشطين الحقوقيين بشمال المغرب‪ ،‬فضل‬ ‫عدم نشر اسمه‪ « : ،‬إن خطاب التكفير وكراهية‬ ‫اآلخرـ باعتباره خارجا عن الملة‪ ،‬والدعوة الغتياله‬ ‫وإعدامه‪ ،‬قد يجد أصوله في التفسير الجامد‬ ‫لبعض النصوص القرآنية مثل آية ‪« :‬و أعدوا‬ ‫لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل‬ ‫ترهبون به عدوكم وعدو اهلل»‪ ،‬غير أن المشكلة‬ ‫أعمق بكثير‪ ،‬فدعوات القتل ومناهضة اآلخرين‬ ‫لمجرد كونهم مختلفين ثقافيا ودينيا يكشف‬ ‫بؤس الفكر الديني ومحاوالتـه تبريـر فشــل‬ ‫حامليه في تطوير مجتمعاتهم المتخلفة أنطالق‬ ‫من تعليق هذا الفشل على منبر وهمــي اسمه‬ ‫المؤامرة على أخالق المجتمع وعلى دينه‪ ،‬يضيف‬ ‫الناشط الحقوقي الشمالي‪.‬‬ ‫و يعتقــد الناشـط نفسـه أن «تناقضـات‬ ‫اإلسالميين تكشــف عن وجهها بشكل جلي‬ ‫في مثل هذه الحاالت‪ ،‬إذ كيف تنخرط شابات‬ ‫متطوعـات في مشــروع وهمــي يهـدف إلى‬ ‫نشر «التغريب والتعرية» والحالة أن ماليين‬ ‫المسلمين يعيشون بين ظهراني المجتمعات‬ ‫األوروبية المتحررة وهم يتمتعون بكامل الحقوق‬ ‫الدينية بما في ذلك ارتداء بدعة النقاب التي ال‬ ‫أساس لها من الصحة في الدين» وذلك قبل‬ ‫أن يتساءل الناشط ذاته قائال ‪« :‬لماذا يشكك‬ ‫النائب علي العسري في مبادرة تطوعية خيرية‬ ‫ذات بعد إنساني واضح؟ وهل يطالب شابات في‬ ‫العشرينات بارتداء النقاب المزعوم في لهيب‬ ‫شهر أغسطس قبل االنخراط في تعبيد طريق‬ ‫سيسلكها مواطنوه؟ أم أنه يمهـد‪ ،‬لو أتيحـت‬ ‫له الفرصة‪ ،‬إلعالن الجهـاد في العالم ضد كل‬ ‫البسي والبسات السراويـل الصيفية ؟ هذا هو‬ ‫السؤال الحقيقي» يضيف الحقوقي الشمالي‪.‬‬

‫اإلدارة واإلشهار والعالقات العامة ‪:‬‬

‫محمد طارق بخات‬ ‫اإلخراج والتصفيف‪:‬‬

‫«جريدة ال�شمال»‬ ‫عنوان التحرير والمراسالت والتسويق‬ ‫واإلشهار ‪:‬‬

‫‪ 7‬مـكـــرر‪ ،‬زنقـة عمــر بــن‬ ‫عبد العزيز ـ طنجــة ـ‬ ‫الهاتــف ‪:‬‬ ‫‪05.39.94.30.08‬‬ ‫‪06.22.45.30.67‬‬ ‫الفاكــ�س ‪:‬‬

‫‪05.39.94.57.09‬‬ ‫الربيد الإلكرتوين ‪:‬‬

‫‪info@achamal.com‬‬ ‫‪achamal2000 @gmail.com‬‬ ‫سحب من هذا العدد ‪:‬‬

‫‪� 10‬آالف ن�سخــة‬ ‫التوزيع‪:‬‬

‫�سبـريــ�س ‪Sapress‬‬ ‫الإيداع القانوين‪99/10 :‬‬ ‫ر‪.‬د‪.‬م‪.‬ك‪:‬‬

‫‪I.S.S.N : 1114-1832‬‬


‫الثالثـاء ‪� 20‬إلى ‪ 26‬غ�شت ‪2019‬‬

‫العدد ‪1007‬‬

‫درد‬ ‫م�صطفى حجاج‬

‫‪3‬‬

‫دردشة‬ ‫نحاول في كل عيد‪ ،‬أن يجتمع شمل العائلة بمنزلنا الكبير بباب العقلة‪ ،‬فال نتوفق إال بمقدار‪،‬‬ ‫وال نلتئم إال بمقدار‪.‬‬ ‫وإن حصل وبلغنا النصاب‪ ،‬فإننا نحس بالفراغ الذي تركه الوالدان رضوان اهلل عليهما‪.‬‬ ‫فالوالد كان بمثابة عمود األسرة والساهر عليها‪ .‬والوالدة كانت «غطاء المكب»‪ ،‬كما نقول في‬ ‫المثل‪ ،‬وحين انتقال إلى ربهما راضيين مرضيين‪ ،‬لم يستطع أحد منا أن يحل محلهما‪ ،‬أو يمأل‬ ‫فراغهما‪.‬‬ ‫ودورهما في جمع الشمل واجتماع الكلمة‪ ،‬كان يظهر بشكل جلي في المناسبات الدينية‪.‬‬ ‫فإذا جلسنا حول مائدة‪ ،‬نتبادل الحديث‪ ،‬وندردش ونتناقش‪ ،‬ونستحسن هذا اللون من الطعام‪،‬‬ ‫أو نحاول سبر أغوار هذا اللون من الطبخ‪ ،‬أو ننكت ونضحك‪ ،‬فإن هذه الصورة كانت تبعث‬ ‫الطمأنينة في نفسيهما‪ ،‬وتحسسهما بأننا بخير‪ ،‬وعلى خير‪ ،‬وبأن أحوالنا تبشر بالخير‪.‬‬

‫مقطوعة الموت *‪..‬‬ ‫عبد اللطيف �شهبون‬

‫‪abdelchahboun@hotmail.com‬‬

‫في خمس وسبعين ومائة صفحة صدرت عن «دار كتوبيا‬ ‫للنشر والتوزيع» بمدينة األسكندرية رواية «مقطوعة الموت»‬ ‫في طبعة أنيقة رابعة ( ديسمبر ‪ ) 2018‬لألديبة الواعدة مريم‬ ‫المير ؛ مجازة في االقتصاد وحاملة لماستر في الترجمة ‪.‬‬

‫وها هي األيام تتوالى‪ ،‬فإذا لنا أحفاد‪ ،‬ال نجتمع بهم في غالب األحيان‪ ،‬إال في العطل‬ ‫واألعياد‪ ،‬فنتشوف إلى اللمة»‪ ،‬ونتطلع إلى أن يكتمل فيها العدد‪ ،‬لتؤتي أكلها‪ ،‬ولتنفث في‬ ‫النفوس حالوتها‪ ،‬وتترك في األفواه وعلى األلسن طعمها ومذاقها‪.‬‬

‫ال يرتاب قارئ هذا العمل في كون صاحبته قرأت زادا‬ ‫مكنها من كتابة سرد متميز أخاذ بناء ومفاصل وعنوانا‪..‬‬

‫وفي كل عيد‪ ،‬تجدني أتساءل عن عادة لم نعد نراعيها‪ ،‬وهي الحرص على صلة األرحام‪،‬‬ ‫بل الحرص أيضا على اصطحاب األبناء واألحفاد‪ ،‬في هذه الزيارات الموسمية لألقارب‪ ،‬لربط‬ ‫األواصر‪ ،‬وتمتين العرى‪.‬‬

‫وهي تشير إلى هذا عندما تصرح بمرجعية أصل توضحها‬ ‫في خطاب اإلهداء ‪« :‬إلى من علمتني ضبط إيقاع األحرف‬ ‫ألعزف سنفونية تردد لحنها األوراق ‪..‬إلى أمي»‪.‬‬

‫شة‬

‫ونتيجة هذا التفريط‪ ،‬أنني ال أعرف حفدة أبناء أعمامي‪ ،‬وأبناء أعمامي ال يعرفون أبنائي‪،‬‬ ‫وأبناء األخوال والخاالت‪ ،‬يجهلون الصلة التي تربطهم بمحيطهم العائلي‪.‬‬ ‫وتحضرني في هذا الباب‪ ،‬فكرة اقترحها علي ابن من أبناء أعمامي‪ ،‬وهي إقامة مأدبة‬ ‫نستدعي إليها جميع من ينتمون إلى جدنا‪ ،‬شريطة أن نخرج في نهايتها بمشروع إحداث‬ ‫صندوق للتضامن والتكافل‪ ،‬يستفيد منه ضعفاء العائلة‪.‬‬ ‫الفكرة تنطلق بالطبع من األحاديث النبوية التي تحض على صلة األرحام‪ ،‬ومن اآليات‬ ‫القرآنية التي تدعو إلى مساعدة األقارب‪ ،‬ومنها‪« :‬وآت ذا القربى حقه»‪ ،‬و «بالوالدين إحسانا‬ ‫وبذي القربى»‪« ،‬وآتى المال على حبه ذوي القربى»‪.‬‬ ‫األسبقية في الزكاة والصدقة لهؤالء‪ ،‬فكيف ال نتعرف عليهم أوال‪ ،‬ثم نساعدهم ثانيا؟‬ ‫إنها فكرة طيبة‪ ،‬تحتاج إلى اإلرادة‪ ،‬وإلى اجتماع الكلمة‪.‬‬

‫الحسيمة ‪ :‬تألق شباب مغاربة في المهرجان الدولي‬ ‫لرياضة الكيك‪-‬طاي بوكسينغ‬

‫تستحق هذه الرواية ـ باعتبارها شكال من أشكال البحث‬ ‫عن الحقيقة ـ أن يديم القارئ فيها نظره ؛ فكاتبتها تجرب‬ ‫جناحيها لتبدو ماهرة خبيرة في تقنية السرد ‪:‬‬ ‫• رسما لشخصيات‬ ‫• تقديما لمواقف وأحداث‬ ‫• أسلوبا ( وهو خالصة موهبة ودربة )‪.‬‬ ‫شخصيات هذا السرد ثابتة ومتطورة ؛ حيث تعرض مريم‬ ‫أكثر من صفة للشخصية الواحدة‪ ..‬مع جرأتها في رسم كل‬ ‫شخصية وتقديم كل بيان ضروري ‪..‬‬ ‫تتألــف روايــة «مقطوعة الموت» من وحــدات سـرد‬ ‫مستوعبة للوحدات اإلغريقية ‪ ،‬زمانا ‪ ،‬مكانا ‪ ،‬حدثا ‪:‬‬ ‫• مقدمة ‪ :‬سمتها األساس إيجاز وتركيز ‪..‬‬ ‫• صلب ‪ :‬مؤلف بين جملة أحداث ووقائــع ومشاهــد‬ ‫سريعة التحرك ‪ ،‬متممة للغرض المركزي ‪..‬مع تطوير األوجه‬ ‫المختلفة للتشخيص والتركيب والفضاء‪.‬‬ ‫• خاتمة ‪ :‬مجمعة في بؤرة‪.‬‬ ‫اعتمدت مريم في نسج خيوط عملها على حبكة ذكية‬ ‫أساسها استجابة سيكولوجية لشخصيات رئيسة في النص‬ ‫هي نتيجة منطقية لحدث درامي ‪ /‬عاطفي‪ ..‬وأكد رسمها‬ ‫تقابلها ‪ :‬شيخوخة ‪ /‬شباب مع ما تحمله هذه الثنائية من‬ ‫تنوع األمزجة‪..‬‬ ‫وأما الحوار في « مقطوعة الموت» فموف بغرض بالغي‬ ‫قائم على أداء األفكار بتركيـز خاطف‪ ،‬مع استعادة صور من‬ ‫الذاكرة‪..‬‬ ‫وأما لغة السرد فطبيعتها مشعرنة باستعارات أصيلة ‪:‬‬ ‫• «أجفف بالسراب سيل الذكرى‪»..‬‬

‫فكري ولد علي‬

‫احتضنت ساحة ‪ 3‬غشت بشاطئ المنظر‬ ‫الجميل بالحسيمة‪ ،‬مساء السبت الماضي‪،‬‬ ‫فعاليات المهرجان الدولي الثاني لرياضــة‬ ‫الكيك‪-‬طاي بوكسينغ‪ ،‬المنظم من طــرف‬ ‫جمعية صاصيبرابا بمناسبة تخليد الذكرى‬ ‫العشرين لتربع الملك محمد السادس على‬ ‫العرش‪.‬‬ ‫وقد شهــد البرنامـج العام للمهرجــان‬ ‫الدولي الثاني‪ ،‬المنظـــم بدعم من عمالة‬ ‫إقليم الحسيمة وتحت إشراف الجامعة الملكية‬ ‫المغربية لرياضات الكيك بوكسينغ المواي‬ ‫طاي الصفات والرياضات المماثلة‪ ،‬حضورا‬ ‫جماهيريا هاما لمتابعة العروض الفنية‪ ،‬التي‬ ‫تخللها ‪ 25‬نزاال رسميا بين أبطال قادمين من‬ ‫هولندا وإسبانيا والمغرب‪.‬‬ ‫واستهل المهرجــان الرياضي بعـــزف‬ ‫النشيد الوطني المغربي بحضور عــدد من‬ ‫الشخصيــات من بينهـــم على الخصوص‬

‫عامل إقليم الحسيمة‪ ،‬فريد شوراق‪ ،‬ومندوب‬ ‫الجامعة الملكية المغربية لرياضات الكيك‬ ‫بوكسينغ المواي طاي الصفات والرياضات‬ ‫المماثلة‪ ،‬وخبراء دوليون في المجال ورؤساء‬ ‫مجموعة من العصب‪.‬‬ ‫وشهدت النزاالت المبرمجة في التظاهرة‬ ‫أطوارا شيقة في مختلف األوزان‪ ،‬والتي توجت‬ ‫بتفوق األبطال المغاربة في أغلب المواجهات‪.‬‬ ‫كما تــم تكريـم مجموعــة من األبطـال‬ ‫العالميين‪ ،‬ويتعلق األمر بزكرياء التجارتي‪،‬‬ ‫الذي فاز مؤخرا بلقب الجائزة الدولية الكبرى‬ ‫للكيك بوكسينغ بالعيون‪ ،‬والبطل السابق‬ ‫فكري التجارتي‪ ،‬العضو باالتحاد الدولي للكيك‬ ‫بوكسينغ والفول كونتاكت‪ ،‬وتكريم مجموعة‬ ‫من المؤسسات والشخصيات المساهمة في‬ ‫إنجاح التظاهرة الرياضية الدولية‪.‬‬ ‫وقال عبد الفتاح اإلفريقي‪ ،‬رئيس جمعية‬ ‫صاصيبرابا لرياضة الكيك الطاي بوكسينغ‬ ‫بمدينة الحسيمة‪ ،‬أن تنظيم مثل هذه‬

‫التظاهرات تمنح األبطال الفرصة للمزيد‬ ‫من العمل والتألق والرغبة في االستمرارية‪،‬‬ ‫مضيفا أن هذا الحدث الرياضي الكبير “أعطى‬ ‫متنفسا لسكان مدينة الحسيمة وكل الزوار‬ ‫الذين اختاروا الحسيمة لقضاء عطلتهم‬ ‫الصيفية”‪ ،‬وهو الموعد الذي سيتجدد السنة‬ ‫المقبلة‪.‬‬ ‫من جهتـــه سجـــل أحمــد بارا‪ ،‬مندوب‬ ‫الجامعة الملكية المغربية لرياضات الكيك‬ ‫بوكسينغ المواي طاي الصفات والرياضات‬ ‫المماثلة‪ ،‬أن مدينة الحسيمة برهنت اليــوم‬ ‫على مدى قدرتها على تنظيم مهرجانات‬ ‫دولية في رياضة الكيغ بوكسينغ‪.‬‬ ‫وأكد بارا على أن الجامعة جندت مختلف‬ ‫أطرها من أجل السهـر على إنجـاح هــذا‬ ‫المهرجان الدولي في نسخته الثانية‪ ،‬معربا‬ ‫عن األمل في “استمرارية العمل قدما من‬ ‫أجل أن يكون تقليدا رياضيا سنويا يلتقي فيه‬ ‫مختلف األبطال على الصعيد الدولي”‪.‬‬

‫• « أنام في حضن الماضي والمستقبل‪»..‬‬ ‫• « ساد صمت األوراق‪»..‬‬ ‫• « أحفر بمعاول الشجن طريقا أنيقا للكتابة‪.»..‬‬ ‫وأما طبيعة الجمل فبسيطة ‪ ،‬محكمة السبك ‪ ،‬موجزة‪..‬‬ ‫وأما بنيات الوصــف فقـد جلت انبناءها على االقتصاد‬ ‫واستخدام مستويات من التصوير‪..‬‬ ‫مريم صوت أصيل جديد في الكتابة النسائية المغربية‬ ‫المعاصرة‪.‬‬ ‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫• رؤوس أفكار لمشروع قرائي في رواية «مقطوعة الموت» لمريم‬ ‫المير بدعوة كريمة من الجمعية المغربية لخدمة اللغة العربية بطنجة ‪،‬‬ ‫بمشاركة علمية للصديق العزيز الدكتور محمد الحافظ الروسي‪.‬‬


‫الشمال الفني‬ ‫‪4‬‬

‫إشراف الفنان يوسف سعدون‬

‫العدد ‪ 1007‬ـ الثالثاء ‪ 20‬إلى ‪ 26‬غشت ‪2019‬‬

‫طبيبة الأفارقة بال�شمال‬

‫رجاء َم ْر ُصو‬ ‫قصة طبيبة نذرت نفسها لمساعدة المهاجرين األفارقة‬

‫الدكتورة رجاء مرصو مواليد مدينة تطوان‪ ،‬خريجة كلية الطب والصيدلة بالرباط وطبيبة‬ ‫عامة بمندوبية وزارة الصحة بتطوان‪ ،‬نائبة رئيس جمعية األيادي المتضامنة بتطوان‬ ‫ومستشارة بجمعية أطباء الصحة العمومية تطوان المضيق الفنيدق‪ ،‬نذرت نفسها للعمل‬ ‫اإلنساني التطوعي‪ ،‬ما جعلها تقدّم خدمات طبية للمهاجرين من دول إفريقيا جنوب الصحراء‪،‬‬ ‫تفاصيل عن قصتها مع المهاجرين وأشياء أخرى في الحوار التالي ‪:‬‬

‫أجرى الحوار‪ :‬فكري ولدعلي‬

‫كيف بدأت قصتك مع المهاجرين األفارقة؟‬ ‫بدأت القصة مع المهاجرين سنة ‪ 2014‬بعد‬ ‫انضمامي لجمعية األيادي المتضامنة إذ بدأت العمل‬ ‫التطوعي بها كطبيبة بتقديم الفحوصات الطبية‬ ‫المجانية بمقر الجمعية وكذلك الزيارات الميدانية مع‬ ‫الفريق الطبي االجتماعي للجمعية بمنطقة بليونش‬ ‫وهي الحدود ما بين سبتة المحتلة والفنيدق‪ ،‬إذ‬ ‫نقوم بالمساعدات اإلنسانية والحمالت الطبية بهذه‬ ‫المنطقة‪ ،‬من قبيل تقديم األغذية واألدوية والمالبس‬ ‫وغيرها‪.‬‬

‫لماذا تخاطرين بحياتك إلنقاذهم؟‬ ‫ال أعتبرها مخاطرة بالعكس‪ ،‬منذ أول يوم اعتبرت‬ ‫هذا الموضوع واجبا إنسانيا وأنا من بين العديد من‬ ‫المتطوعين والمتطوعات نعمل جنبا إلى جنب من‬ ‫أجل مساعدة هذه الفئة وبصفتي طبيبة أديت القسَم‬ ‫وحلفت اليمين بأن أكرس حياتي لخدمة اإلنسانية وأن‬ ‫أمارس مهنة الطب بدون اعتبارات دينية أو عرقية …‬ ‫ألم تتعرضي يوما ما العتداء أو ما شابه خاصة وأن‬ ‫ما تقومين به مغامرة ال تخلو من مخاطر؟‬ ‫ال لم تتعرض ال أنا وال باقي المتطوعيـن إلى‬

‫اعتداءات‪ ،‬بل على العكس من ذلك‪ ،‬تجمعني عالقة‬ ‫جد طيبة مع المهاجرين‪ ،‬يحترمونني وينادونني‬ ‫“ماما” وحتى من غادروا المغرب يرسلون لي رسائل‬ ‫شكر وامتنان …‬ ‫هل تتلقين مساعدات من جهات أجنبية؟‬ ‫جمعية األيادي المتضامنة تعمل في إطار مشاريع‬ ‫شراكة مع الوزارة المنتدبة لدى وزارة الخارجية‬ ‫المكلفة بالمغاربــة المقيميــن بالخــارج وشؤون‬ ‫الهجرة والهدف من هذه المشاريع‪ ،‬يبقى هو إدماج‬ ‫المهاجرين من خالل تقديم مجموعة من الورشات‪،‬‬ ‫من بينها دروس تعليم الحالقة ودروس اللغة العربية‬ ‫وغيرها‪ ،‬فضال عن المساعدات اإلنسانية عن طريق‬ ‫مركز اإلرشاد والتوجيه الذي اسس بشراكة مع الوزارة‬ ‫في سنة ‪.2014‬‬ ‫ما هي الرسالــة التي توجهينهـا وأنـــت‬ ‫تقومين بعملك التطوعي؟‬ ‫العمل التطوعي في حد ذاته رسالة وواجب‪ ،‬فال‬ ‫يمكن إلنسان أن يترك إنسانا آخر في ظروف صعبة‬ ‫وقاسية دون مساعدة ولهذا ال مناص أن نزرع قيم‬ ‫التعايش ونتقبل اآلخرين في مجتمعنا‪.‬‬

‫ح‬ ‫و‬ ‫ا‬ ‫ر‬

‫مع‬


‫الشمال الفني‬

‫العدد ‪1007‬‬

‫الثالثـاء ‪� 20‬إلى ‪ 26‬غ�شت ‪2019‬‬

‫‪5‬‬

‫شهادة االستحقاق للفنان عبد الكريم الوزاني‬ ‫بمناسبة معرضه «ذوات»‬ ‫من أجل إعادة االعتبار‬

‫للفنان التشكيلي‬ ‫الراحل محمد الدريسي‬ ‫• يوسف سعدون‬

‫اعترافــا بمســاره الفنـي المتميـــز‬ ‫والطويل‪،‬وتثمينا لتجربتــه التشكيليـــة‬ ‫المتفردة‪،‬احتفت وزارة الثقافة في «يوم‬ ‫االستحقاق» بالفنان التشكيلـــي الكبير‬ ‫عبدالكريم الوزاني‪،‬نظم هذا الحفل بمركز‬ ‫الفن الحديث بتطوان يوم الخميس ‪8‬‬ ‫غشت ‪,2019‬وعرف الحضور الفعلي للسيد‬ ‫وزير الثقافة محمد األعرج الذي سلم للفنان‬ ‫عبدالكريم الوزاني شهادة االستحقاق‬ ‫تقديرا لمساره الفني المتميز‪.‬‬ ‫وفي كلمته بالمناسبة‪،‬أكد السيد الوزير‬

‫أن تكريم الفنان الوزاني هو اعتراف بدوره‬ ‫الريادي في الرقي بالدرس التشكيلي في‬ ‫المغرب من خالل مساره التعليمي بالمعهد‬ ‫الوطني للفنون الجميلة منذ ما يزيد عن‬ ‫‪ 40‬سنة أستاذا ومديرا وفنانا‪،‬وأشاد أيضا‬ ‫بتجربته الفنية التي يلخصها معرضه‬ ‫«ذوات» والذي يشكل سفرا شيقا عبر‬ ‫مختلف مراحل اإلبداع واالبتكار‪،‬والتي أهلته‬ ‫ليتبوأ مكانته المرموقة ضمن الفنانين‬ ‫المعاصرين‪،‬‬ ‫من جهتــه أعـرب الفنـان التشكيلي‬

‫عبدالكريم الوزانـي عن اعتزازه بهــذا‬ ‫االعتراف وبتسلمه شهادة االستحقاق من‬ ‫يد السيد الوزير مؤكدا أن معرضه هذا‬ ‫هو استرجاع لكل مساره الفني عبر مراحله‬ ‫المتعددة‪.‬‬ ‫وقد حضر هــذا االحتفــاء جمهــور‬ ‫غفير من الفنانيــن والمثقفين وأصدقاء‬ ‫الفنان‪،‬كما يأتي بمناسبة معرضه «ذوات»‬ ‫والذي ينظمه المعهد الوطني للفنون‬ ‫الجميلة بمركز الفن الحديث من ‪ 21‬يونيو‬ ‫إلى غاية نهاية شهر غشت الجاري‪.‬‬

‫جابر غريب الراقص على إيقاع األلوان‬ ‫جابر ماوان‪ ، ،‬فنان تشكيلي معروف في الوسط الفني‬ ‫بجابر غريب‪،‬هو من اختار إسمه الفني هذا إلحساسه‬ ‫الدائم باالغتراب في عوالم الغــرب الذي احتضنـه‪..‬‬ ‫يعيش في مدينة استراسبوغ منذ ما يزيد عن عشرين‬ ‫سنة‪،‬هو خريج المعهد الوطني للفنون الجميلة بتطوان‬ ‫سنة ‪,1989‬اختار إكمال دراسته الفنية بمدينة ديجون‬ ‫بفرنسا‪،‬بعدها التحق بالقصر الجامعي للفنون التشكيلية‬ ‫بستراسبوغ حيث حصل على دبلوم التخرج‪،‬بعدها اختار‬ ‫االستقرار بهذه المدينة لكي يبدأ مسيرته الفنية عبر‬ ‫مجموعة من المعارض واألنشطة الفنية سواء بفرنسا‬ ‫او في المغرب‪،‬يشتغل حاليا في المركز الثقافي للمدينة‬ ‫حيث يقدم دروسا للفنون التشكيلية‪،‬كما يمارس فن‬ ‫الكاريكاتور في الساحات العمومية‪..‬‬ ‫أسلوبه الفنـــي يعتمــد على الجــرأة في العمـــل‬ ‫اإلبداعي‪،‬يؤمن بكون الفن مفتوحا على جميع التجارب‬ ‫واآلفاق وال يمكن تأطيره في إطار ما‪.‬هو منفتح على‬ ‫مجموعة من التجارب اإلبداعية وال يحبذ أن يصنف داخل‬ ‫مدرسة معينة‪،‬تجربته ترتكز على المغامرة بمختلف‬ ‫التقنيات التخطيطية والصباغية والتي تعتمد‪ ‬التعبير‬ ‫بحرية مطلقة وتترجم انفعاالت اللحظة التي يعيشها‬ ‫أثناء إنجاز العمل‪،‬جرأته ال تقف عند اختيار المواضبع التي‬ ‫يتناولها في عمله اإلبداعي‪،‬بل أدت به إلى دخول مغامرة‬ ‫فنية فريدة تعتمد تقنية الرسم المباشر باليد والقدم‬ ‫دون فرشاة‪،‬وأنجز في هذا االتجاه مجموعة من اإلنجازات‬ ‫عبارة عن ‪ performence‬كان لها الصدى في فرنسا‪..‬‬ ‫وهو يعيد هذه التجربة في المغرب حيث يشتغل حاليا‬ ‫على رسم مجموعة من بورتريهات أصدقائه الفنانين‬ ‫التشكيليين والمثقفين وبعض معارفه بيده تارة وبقدمه‬ ‫تارة أخرى‪،‬هو حينما يرسم بالقدم‪،‬يجسد ذاك الراقص‬ ‫الذي يتناغم جسده مع اإليقاع اللوني الذي يسكنه‪،‬وهو‬ ‫بهذا التوجه‪،‬يراكم تجربة رائدة في الساحة التشكيلية‬ ‫المغربية‪،‬تجربة ستتوج بمعرضه القادم بإحدى القاعات‬ ‫بتطوان لكي يعرف الجمهور المغربي بمغامرته الفنية‪ ‬‬ ‫الجريئة والتي تضعه في قائمة الفنانين المعاصرين‬ ‫المغاربة‪..‬‬

‫ي‪،‬س‬

‫ال أدري لماذا يبدع الزمن في صور اإلجحاف للعظماء من‬ ‫الفنانين حينما يكونون قيد الحياة‪ ،‬تاريخ الفن مليء بالحاالت التي‬ ‫يعتبر الفنان «فان غوغ» أبرز نماذجها البئيسة‪ ..‬بالمغرب عندنا‬ ‫حاالت كثيرة منها من رحل ومنها من اليزال يقاوم التهميش‪،‬‬ ‫ولن يكون المرحوم عباس صالدي األول وال األخير الذي تنكر‬ ‫له الزمن الفني واالجتماعي‪،‬بل هناك مثال آخر خذله القدر ولم‬ ‫تنصفه الحياة ولم ينل حقه من االهتمام‪ ،‬إنه الفنان الكبير‬ ‫المرحوم محمد الدريسي (‪ )2003-1946‬الذي ولد لكي ال يعايش‬ ‫الوجع‪،‬فنان متمرد‪،‬خريج مدرسة الفنون الجميلة بتطوان‪،‬عاش‬ ‫في مدينة المضيق بمنزل له إطاللة على البحر فتحت له آفاقا‬ ‫رحبة لإلبداع‪،‬بعد ذلك اختار االنتقال إلى طنجة رغبة في توفير‬ ‫مناخ جديد لطقوسه اإلبداعية وتوفير فسحة جديدة لعرض‬ ‫أعماله والبحث عن مناخ مالئم لتصوراته اإلبداعية‪ ،،‬بها عاشر‬ ‫أيضا الراحل محمد شكري‪ ،‬وتماهى معه في بوهيميته واختياراته‬ ‫في الحياة‪.‬‬ ‫هو فنان متمرد بامتياز‪،‬ال يقبل االحتواء‪ ،‬ثار على كل القوالب‬ ‫التشكيلية السائدة التي أطرت مدرسة تطوان‪ ،‬اشتغل على‬ ‫مواضيع حساسة كالجسد في أسمى أبعاده الرمزية‪،‬عرى هذا‬ ‫الجسد لكي يعري من خالله عتمة الواقع والوقت‪،‬تجرأ بأسلوبه‬ ‫الفني المتفرد على كل الطابوهات في ثقافتنا العربية والمغربية‪،‬‬ ‫أسلوبه الفني اعتمد رسم الجسد كما يراه هو وكما يحس‬ ‫به‪،‬ال تهمه المقاييس وال القواعد التقنية التي تمرد عليها ليمنح‬ ‫لنفسه حرية أكبر في التعبير‪ ،‬هو بهذه الطريقة يحتفي بالجسد‬ ‫وبعريه‪ ،،،‬شخصياته تعبر عن المأساة في رحلة العمر‪،‬ال يزيف صور‬ ‫شخصياته بلمسات تجميلية‪،‬بل ينقلها بحمولة المعاناة النفسية‬ ‫التي تسكنها وباإلنطباع الذي تخلفها عنده‪،‬ال يتجه نحو اإلغواء‬ ‫بل يقدم تضاريس أجساد نال منها الزمن‪،،‬‬ ‫ونتيجــــة لهذا االختيـــار‪ ،‬عانى مــن الجحــود وبعـــض‬ ‫المضايقات‪،‬لكنه لم يستسلم وواصل مساره اإلبداعي بإصرار‪،‬إلى‬ ‫ان بدأ االعتراف به كواحد من المجددين في الحقل التشكيلي‬ ‫المغربي عبر مجموعة من المعارض بمختلف أرجاء الوطن‪،‬يقول‬ ‫عنه الناقد التشكيلي شفيق الزكاري ‪« :‬أعمال الفنان التشكيلي‬ ‫محمد الدريسي من اهم التجارب المغربية الجريئة التي رسمت‬ ‫معالمها دون قيد أو شرط او رقابة أخالقية معينة‪،‬فكانت عبارة‬ ‫عن تجربة كسرت حدود المسكوت عنه في الثقافة العربية‬ ‫والمغربية‪،‬ودشنت عهدا جديدا تجاوزت فيه مفهوم الحرية‬ ‫اصطالحا سواء على مستوى الموضوع أو الممارسة‪»،‬‬ ‫ولكون القدر يبدع في أغلــب األحيــان في رسم المآســي‬ ‫للعباقرة‪،‬اختارت حياته أن ترســم لنا الوداع األبدي في صورة‬ ‫درامية بفرنسا حينما ذهب إلى مدينة الفنون بباريز بمنحة تلقاها‬ ‫لكي ينجز أحد مشاريعه الفنية‪،‬لكنه لألسف‪،‬لم يصل لمدينة‬ ‫الفنون‪ ،‬حيث توقف قلبه عن النبض في الميترو لكي يوقف مسار‬ ‫تشكيلي ثائر كبير‪،‬‬ ‫فنان بهذا الحجم‪،‬عانى الكثير من الجحود طيلة حياته والذي‬ ‫لم ينل من عزيمته اإلبداعية‪ ،‬رسم خطوات كبيرة في تجديد‬ ‫المسار التشكيلي وإخراجه من نمطية تقليدية عرفت به التجربة‬ ‫الفنية بالشمال‪ ،‬فنان بهذه الصفات‪،‬ال بد له أن ينصف اآلن بعد‬ ‫رحيله‪ ،‬وأظن أنه قد آن األوان لكي يعاد له االعتبار عبر مبادرات‬ ‫تخلده كواحد من كبار التشكيليين المغاربة‪ ،‬والدعوة مفتوحة‬ ‫للجميع للعمل على تخليده كرائد من رواد التجديد في التشكيل‬ ‫المغربي وكذا صيانة إرثه الفني الذي يعتبر كنزا من الكنوز الفنية‬ ‫المهمة للتراث الفني للبلد‪.‬‬


‫‪6‬‬

‫الثالثـاء ‪� 20‬إلى ‪ 26‬غ�شت ‪2019‬‬

‫العدد ‪1007‬‬

‫مجتمع ـ سياسة ـ حقوق‬ ‫فكري ولد علي‬

‫(مراسل من الحسيمة)‬

‫عامل إقليم الحسيمة يترأس حفل اليوم الوطني‬ ‫للمهاجر وينوه بالمجهودات الجبارة لعمالنا بالمهجر‬ ‫نظم يوم السبت بمدينة الحسيمة لقاء‬ ‫تواصلي مع أفراد الجالية المغربية المقيمة‬ ‫بالخارج‪ .‬ويأتي هذا اللقــاء‪ ،‬الذي ترأسه عامل‬ ‫إقليم الحسيمة‪ ،‬فريد شوراق‪ ،‬في إطار االحتفال‬ ‫باليوم الوطني للمهاجر الذي يخلد هذه السنة‬ ‫تحت شعار «سياسة القرب في خدمة مغاربة‬ ‫العالم»‪.‬وذكرعاملاإلقليم‪،‬فيكلمةبالمناسبة‪،‬‬ ‫بالعطف والرعاية الملكية السامية التي ما‬ ‫فتئ يحيط بها صاحب الجاللة الملك محمد‬ ‫السادس أفراد الجالية المغربية المقيمة بالخارج‬ ‫الذين يقومون بجهود كبيرة لتنمية بالدهم‪.‬‬ ‫وأضاف السيد شوراق أن إقليم الحسيمة يشهد‬ ‫مجموعة من األوراش التنموية المفتوحة‪ ،‬في‬ ‫مقدمتها برنامج التنمية المجالية “الحسيمة‬ ‫منارة المتوسط”‪ ،‬الذي تشهد مشاريعه تقدما‬ ‫كبيرا ومن شأنه اإلسهام في تعزيز جاذبية‬ ‫المدينة‪ ،‬مبرزا في السياق ذاته الدينامية‬ ‫الهامة التي يشهدها اإلقليم في عدة مجاالت‬ ‫من بينها الصناعة والسياحة واالستثمار‪ ،‬وذلك‬ ‫بفضل انخراط جميع الفاعلين والمتدخلين‪.‬‬ ‫وأكد عامل اإلقليم على ضرورة تعبئة وانكباب‬ ‫جميع اإلدارات والمصالح الخارجية باإلقليم على‬ ‫قضاء مصالح وأغراض الجالية المغربية بالخارج‬ ‫وإيالئهم العناية التامة والالزمة‪ .‬وتضمن‬ ‫برنامج هذا اللقاء‪ ،‬الذي حضره متخبون ورؤساء‬ ‫المصالح الخارجية واألمنية باإلقليم وأفراد من‬ ‫الجالية المغربية المقيمة بالخارج‪ ،‬تقديم عرض‬ ‫من قبل مدير مركز االستثمار بالحسيمة‪ ،‬محمد‬ ‫أزرقان‪ ،‬سلط فيه الضوء على مؤهالت وفرص‬ ‫االستثمار التي يتيحها اإلقليم‪ .‬وأوضح السيد‬ ‫أزرقان‪ ،‬بالمناسبة‪ ،‬أن االستثمار يشكل أحد أهم‬ ‫األوراش المفتوحة على المستويين اإلقليمي‬ ‫والوطني وأحد أبرز األولويات التي تضمنتها‬ ‫التوجيهات الملكيــة الساميــة وانشغـــاالت‬ ‫الحكومة على المستوى الوطني واإلقليمي‪،‬‬ ‫مشيرا إلى أن إقليم الحسيمة شهد عدة برامج‬

‫للتنمية من بينها برنامج “الحسيمة منارة‬ ‫المتوسط” الذي خصصت له ميزانية إجمالية‬ ‫تفوق ‪5‬ر‪ 6‬مليون درهم ويروم بالخصوص‬ ‫النهوض بالبنية التحتية لإلقليم‪ .‬وسجل أن‬ ‫عدد المقاوالت التي تم إحداثها بإقليم الحسيمة‬ ‫بلغ ‪ 857‬مقاولة سنة ‪ 2017‬و‪ 1302‬مقاولة‬ ‫في ‪ ، 2018‬مشيرا إلى أن حجم االستثمارات‬ ‫باإلقليم انتقل من ‪24‬ر‪ 62‬مليون درهم سنة‬ ‫‪ 2017‬إلى أزيد من ‪39‬ر‪ 154‬مليون درهم سنة‬ ‫‪ ، 2018‬فيما انتقل عدد مناصب الشغل المحدثة‬ ‫من ‪ 1350‬منصب شغل سنة ‪ 2017‬إلى ‪2234‬‬ ‫منصب شغل سنة ‪ .2018‬واستعرض‪ ،‬من‬ ‫جهة أخرى‪ ،‬أهم القطاعات الواعدة باإلقليم‪،‬‬

‫من بينها القطاع السياحي الذي يشهد طفرة‬ ‫نوعية والقطاع الفالحي الذي شهد دينامية‬ ‫مهمة بفضل اعتماد مخطط المغرب األخضر‪،‬‬ ‫وقطاع الصيد البحري الذي يضطلع بدور هام‬ ‫في اقتصاد اإلقليم‪ ،‬وقطاع ترحيل الخدمات‬ ‫الذي يوفر العديد من مناصب الشغل ويساهم‬ ‫في تعزيز جاذبية اإلقليم‪ ،‬فضال عن قطاع‬ ‫الصناعة التقليدية‪ .‬ونوه عدد من أفراد الجالية‬ ‫المغربية‪ ،‬بالمناسبة‪ ،‬بالدينامية التي يشهدها‬ ‫اإلقليم في عدة مجاالت‪ ،‬معربين عن األمل‬ ‫في أن يتم إيجاد حلول للمشاكل المطروحة‬ ‫باإلقليم في أقرب اآلجال‪.‬‬

‫في لقاء حول اليوم الوطني للمهاجر‬

‫مدير مركز االستثمار بالحسيمة‪« :‬حجم االستثمارات‬ ‫ومناصب الشغل بالحسيمة في تصاعد»‬

‫قال السيد محمد أزرقـان‪ ،‬مدير مركــز‬ ‫االستثمـار بالحسيمـــة‪ ،‬أن االستثمـار يشكل‬ ‫أحد أهم األوراش المفتوحة على المستويين‬ ‫اإلقليمي والوطنــي وأحــد أبــرز األولويـــات‬ ‫التي تضمنتها التوجيهـات الملكيـة السامية‬ ‫وانشغاالت الحكومة على المستــوى الوطني‬ ‫واإلقليمي‪.‬‬ ‫وأشار أزرقان في تدخله بمناسبة لقاء‬ ‫تواصلي عقد بفضاء ميرادور بالحسيمة مع‬ ‫الجالية المغربية المقيمة بالخارج‪ ،‬إلى أن‬ ‫إقليم الحسيمة شهد عدة برامج للتنمية من‬

‫بينها برنامج “الحسيمة منارة المتوسط” الذي‬ ‫خصصت له ميزانية إجمالية تفوق ‪5‬ر‪ 6‬مليون‬ ‫درهم ويروم بالخصـــوص النهوض بالبنيــة‬ ‫التحتيةلإلقليم‪.‬‬ ‫وسجل أن عدد المقاوالت التي تم إحداثها‬ ‫بإقليم الحسيمة بلغ ‪ 857‬مقاولة سنة ‪2017‬‬ ‫و‪ 1302‬مقــاولــة في ‪ ،2018‬مشيــرا إلى‬ ‫أن حجم االستثمارات باإلقليـم انتقـل من‬ ‫‪24‬ر‪ 62‬مليون درهم سنـة ‪ 2017‬إلى أزيــد‬ ‫من ‪39‬ر‪ 154‬مليون درهم سنة ‪ ،2018‬فيما‬ ‫انتقل عـدد مناصب الشغــل المحدثــة من‬

‫‪ 1350‬منصب شغل سنة ‪ 2017‬إلى ‪2234‬‬ ‫منصب شغل سنة ‪.2018‬‬ ‫واستعرض‪ ،‬من جهة أخرى‪ ،‬أهم القطاعات‬ ‫الواعدة باإلقليم‪ ،‬من بينها القطاع السياحي‬ ‫الذي يشهد طفرة نوعية والقطاع الفالحي الذي‬ ‫شهد دينامية مهمة بفضل اعتماد مخطط‬ ‫المغرب األخضر‪ ،‬وقطاع الصيد البحري الذي‬ ‫يضطلع بدور هام في اقتصاد اإلقليم‪ ،‬وقطاع‬ ‫ترحيل الخدمات الذي يوفر العديد من مناصب‬ ‫الشغل ويساهم في تعزيز جاذبية اإلقليم‪ ،‬فضال‬ ‫عن قطاع الصناعة التقليدية‪.‬‬

‫‪Fikri.press@gmail.com‬‬ ‫‪Tél 0661986707‬‬

‫هذا هو خالصة االجتماع بين‬ ‫النقابات الصحية الثالث بالحسيمة‬ ‫والمسؤولين الجهويين‬

‫قال بيان مشتــرك للمكاتـب اإلقليمية‬ ‫بالحسيمة لكل من الجامعة الوطنية للصحة‬ ‫ اإلتحاد المغربي للشغل‪ -‬الجامعة الوطنية‬‫للصحة ‪ -‬االتحاد العام للشغالين بالمغرب ‪-‬‬ ‫والمكتب اإلقليمي للنقابة المستقلة ألطباء‬ ‫القطاع العام‪ ( ،‬توصلنا بنسخة منه )‪ ،‬أنه «استجابة‬ ‫لدعوة اللجنة التابعة للمديرية الجهوية للصحة‬ ‫تطوان – طنجة – الحسيمة لعقد اجتماع‬ ‫بالمندوبية اإلقليمية للصحة بالحسيمة‪ ،‬تم‬ ‫مساء يوم األربعاء ‪ 07‬غشت ‪ 2019‬عقد اإلجتماع‬ ‫بحضور ممثلي المكاتب اإلقليمية المذكورة‪،‬‬ ‫وتم التداول فيه حول تطبيق المنشور الوزاري‬ ‫رقم ‪ 039/2019‬المتعلق بمسطرة التعيين‬ ‫في مناصب المسؤولية بالمستشفيات والمراكز‬ ‫الصحية» ‪.‬‬ ‫وأشــار البيــان نفســـه أن «اللقاء مـــع‬ ‫المسؤولين الجهويين جاء بعد البيان الثالثي‬ ‫لهذه النقابات التي طالبت بتطبيق المنشور‬ ‫الوزاري وجميــع القوانين المتعلقــة بالتدبير‬ ‫الصحي»‪ ،‬وخلص اللقـــاء لـ «تثمين اللجنة‬ ‫الجهوية للصحة انخراط النقابات الثالث في‬ ‫مسلسل إصالح االختالالت التي يعرفها اإلقليم‬

‫بمبادرة السيد المنــدوب اإلقليمي للصحـة‬ ‫بالحسيمة وحثه على تطبيق القانون والمساطر‬ ‫اإلدارية»‪ ،‬كما تعهدت «اللجنة الجهوية للصحة‬ ‫على تطبيـق المنشور الوزاري األخيــر رقـــم‬ ‫‪ 039/2019‬المتعلق بمسطــرة التعيين في‬ ‫مناصب المسؤولية بالمستشفيات والمراكز‬ ‫الصحية بحذافيره دونما تغيير»‪ ،‬بمطالبة‬ ‫اللجنة للمندوبية اإلقليمية للصحة بالحسيمة‬ ‫بالئحة األطر التي عينت بالتباري في مناصب‬ ‫المسؤولية باإلقليم تمهيدا إلعالن التباري‬ ‫بخصوص المصالح المتبقية»‪.‬‬ ‫وحيت النقابات ما أسمته ب «مبادرة اللجنة‬ ‫الجهوية للصحة التي دعت لالجتماع من أجل‬ ‫التأكيد على» ما أسمته ب «تطبيق القانون‬ ‫واحترام المساطر اإلدارية والقطع مع سياسة‬ ‫التمييز والريع»‪ ،‬وأكدت النقابات الثالث أنها‬ ‫ماضية في « تجفيف منابع الريع وتخليق اإلدارة‬ ‫ومستعدة للتصدي لكل أنواع التمييز واإلقصاء‬ ‫في حق األطر الصحية التي تضحي بالغالي‬ ‫والنفيس في سبيل خدمة المواطن» على حد‬ ‫تعبيرالبيان‪.‬‬

‫لجنة إقليمة لمراقبة الجودة تحجز‬ ‫العديد من المواد الفاسدة‬ ‫بشاطئ كالبونيطا‬

‫بتعليمات من عامل اإلقليم السيد فريد‬ ‫شوراق‪ ،‬وحفاظا على سالمة وصحة المواطنين‬ ‫وزوار مدينة الحسيمة الذين فاقوا كل التوقعات‬ ‫هذه السنة‪ ،‬انتقلت اللجنة اإلقليمية المختلطة‬ ‫المكلفة بمراقبة األسعار وجودة المواد الغذائية‬ ‫إلى شاطى كالبونيطا في زيارة مفاجئة‪ ،‬أسفرت‬ ‫على حجز وإتالف العديد من المواد الفاسدة التي‬ ‫تشكل خطرا على صحة المواطنين‪ ،‬كما وقفت‬ ‫اللجنة وفي عين المكان على شروط السالمة‬ ‫أثناء عملية التخزين لمختلف المواد المستعملة‪.‬‬ ‫وكانت اللجنة المختلطة قد وقفت وعاينت‬

‫العديد من السلع الفاسدة من سمك وبرتقال‬ ‫وما إلى ذلك مما يقدم للزبناء وبأثمنة خيالية‪،‬‬ ‫عجلت بتشكيل اللجنة بعد الشكايات المتكررة‬ ‫لمواطنين اكتووا بنار هذه الزيادات الغير مبررة‪،‬‬ ‫وفي غياب أدنى شروط النظافة‪.‬‬ ‫ومن جانــب آخــر فإن اللجنة اإلقليمية‬ ‫المشتركة التي تشكلت بتعليمات من السيد‬ ‫عامل اإلقليم ستعمــل على مراقبـــة جـودة‬ ‫الخدمات إلى جانب حرصها على نظافة ما‬ ‫يقدم سواء كوجبات أو كمشروبات لزوار مدينة‬ ‫الحسيمة‪.‬‬


‫‪7‬‬

‫الثالثـاء ‪� 20‬إلى ‪ 26‬غ�شت ‪2019‬‬

‫العدد ‪1007‬‬

‫مجتمع ـ سياسة ـ حقوق‬ ‫عبد العالي بن ربوحة‬

‫‪benrebouha01@gmail.com‬‬ ‫‪Tél : 0641794991‬‬

‫(مراسل من القصر الكبير)‬

‫احتفاليات فنون الشارع ضمن مهرجان‬ ‫معركة القصر الكبير‬

‫عامل إقليم العرائش يقوم رفقة أعضاء اللجنة‬ ‫اإلقليمية لمراقبة السجون بزيارة تفقدية‬ ‫إلى السجن المحلي بالقصر الكبير‬

‫عبد العالي بن ربوحة‬

‫شهد السجن المحلي بالقصر الكبير‬ ‫صباح يوم الثالثاء ‪6‬غشت ‪ ،2019‬زيارة أعضاء‬ ‫اللجنة اإلقليمية لمراقبة المؤسسات السجنية‪،‬‬ ‫برئاسة السيد العالمين بوعاصم عامل إقليم‬ ‫العرائش ‪ ،‬ونائب رئيس المجلس الجماعي‪،‬‬ ‫ونائب وكيل الملك ‪ ،‬والسيد باشا المدينة ‪،‬‬ ‫والسلطات األمنية وشخصيات مدنية‪ ،‬وقدم‬ ‫خالل هذه الزيارة مدير المؤسسة ألعضاء‬ ‫الوفد‪ ،‬العديد من التوضيحــات المتعلقــة‬ ‫بالسير العادي‪ ،‬مشيرا إلى جملة من البرامج‬ ‫التي يستفيد منها السجناء طيلة قضائهم‬ ‫للعقوبات الحبسية‪ ،‬الصادرة عن الهيئات‬ ‫القضائية‪.‬‬ ‫وقـد قـام السيد العالميـــن بوعاصــم‬ ‫وأعضاء اللجنة المرافقون له بجولة شاملة‬ ‫للمرافق الداخلية للمؤسسة السجنية واألجنحة‬ ‫المتواجدة بها واالطـالع على سيــر العمـل‬ ‫داخل هذه المؤسسة والوقوف عن كثب على‬ ‫الوضعية الصحية واالجتماعية لسائر نزالئها‬ ‫ونزيالتها ‪ ،‬وكذا االستماع إلى السجناء والتأكد‬ ‫من تحسين ظروفهم المعيشية داخل هذه‬ ‫المؤسسة بالسهر على توفير وسائل األمن‬

‫والوقاية من األمراض والحفــاظ على نظام‬ ‫التغذية للسجناء مع تهيئ المناخ المناسب‬ ‫بهدف إدماجهم اجتماعيا وإحاللهم محال الئقا‬ ‫يصون كرامتهم ويزكي ثقتهم بنفوسهم بعد‬ ‫اإلفراج عنهم‪. ‬‬ ‫‪ ‬وتأتي هذه الزيارة تفعيال للدور الهام‬ ‫الذي تقوم به هذه اللجنة تنفيذا لما أوكل‬

‫لها المشـــرع من صالحيـــات متعـددة في‬ ‫ميدان مراقبة أوضاع المعتقلين بالمؤسسات‬ ‫السجنية والسهر على احترام حقوق السجناء‬ ‫والعناية بهم من اجل تحقيق اندماج داخل‬ ‫أوساط المجتمع لما بعد السجن واالستثمار‬ ‫في السجـــن حتى يصبــح فاعــال وعنصرا‬ ‫للتنمية ‪.‬‬

‫الوكالة المستقلة الجماعية لتوزيع الماء والكهرباء‬ ‫بالقصر الكبير تتصدى لمشكل ندرة الماء خالل العيد‬ ‫عرفت مدينة القصر الكبير خالل يوم عيد‬ ‫األضحى أجواء وصفت بااليجابية إزاء توفر الماء‬ ‫الصالح للشرب على خالف ما عرفته المدينة‬ ‫في السنة الماضية من نقص حاد في هذه‬ ‫المادة الحيوية أثناء ذبح األضاحي ‪.‬‬ ‫وفي نفس السياق كانت قـــد اتخذت‬ ‫الوكالة المستقلة الجماعية لتوزيـــع المـاء‬ ‫والكهرباء بالقصر الكبير وبجهـود قيمــــة‬ ‫للسلطات اإلقليمية والمحلية‪ ،‬والمدير العام‬ ‫للوكالة بالعرائش‪ ،‬ومندوب الوكالة‪ ،‬والمجلس‬ ‫الجماعي بالمدينة‪ ،‬قد اتخذت تدابير احترازية‬ ‫تحسبا ألي نقص قد يحصل في مادة الماء‬ ‫الشروب ‪.‬‬ ‫كما يعتبر هذا الفعل استباقا إلشكالية‬ ‫الطلب المتزايد على الماء خــالل يوم عيد‬ ‫األضحى خاصة فترة نحر األضحية لضمان‬ ‫تزويد المدينة بالماء الشروب وتفـادي لكل‬ ‫انقطاع محتمل ‪.‬‬ ‫ونسجــل من بيـــن االحتياطـات التي‬

‫اتخذتها الوكالة المستقلة الجماعية لتوزيع‬ ‫الماء والكهرباء بالقصر الكبير‬ ‫ تجهيز وتشغيل جميع االثقاب المائية‬‫البالغ عددها ‪ 6‬والتي توفــر كصبيب ‪180‬لتر‬ ‫من الماء في الثانية‪.‬‬

‫ تعبئة الموارد البشرية والمادية خالل‬‫فترة ارتفاع الحرارة وهذه المناسبة المباركة‬ ‫(‪30‬موظفا من مهندسين وتقنيين )‪.‬‬ ‫‪ -‬إعداد فرق خاصة للتدخل عند الطوارئ ‪.‬‬

‫احتضن مدينــة القصر الكبير احتفالية‬ ‫بشارع موالي علي بوغالب ‪ street art‬مساء‬ ‫االثنين ‪ 5‬غشت ‪ ،2019‬ضمن فعاليات‬ ‫مهرجان معركة القصر الكبير الذي ينظمه‬ ‫المجلس الجماعي و الجامعة للجميع من‬ ‫أجل التعريف بالتراث المحلي و إبراز العادات‬ ‫المحلية الموروثة و استبيان الدالالت العميقة‬ ‫للتاريخ الحافل للمدينة الذي يزخر بتراث‬ ‫المادي رصين‪.‬‬ ‫و قــد اشتملت فقــرات البرنامـج على‬ ‫مجموعة متنوعة من التراث المحلي وجاءت‬ ‫على النحو األتي ‪:‬‬ ‫اللوحة األولى ‪ :‬جنة هسبريس ‪ :‬نهر‬ ‫اللوكوس‪ ،‬هرقل‪ ،‬و التفاح الذهبي –‬ ‫مسابقة الركض باألكياس‪.‬‬ ‫اللوحة الثانيـــة ‪ :‬طقـــــس بوجلــود‬ ‫والموسيقى الجهجوكية‪.‬‬ ‫مسابقة الدراجات الهوائية وكسر الجرات‬ ‫الليلة الثالثة ‪ :‬ليلة حاكوزة‪.‬‬ ‫مسابقة أكل أكبــر عـدد من السفنــج‬ ‫التقليدي‪.‬‬ ‫اللوحة الرابعة ‪ :‬من الحايك واللثام إلى‬ ‫اللباس العصري ‪.‬‬ ‫مسابقة أطول واقصر رجلين من الحضور‬ ‫كما تخلل الحفل وصالت غنائية أطربت‬ ‫الحضور‪.‬‬

‫تعتبر احتفاليـــات فنون الشارع قيمـــة‬ ‫مضافة للمشهد الثقافي واإلبداعي لمدينة‬ ‫القصر الكبيــــر‪ ،‬ومبـادرة قيمــة إلشعاعها‬ ‫الحضاري باعتبارها تنتمي لثقافة البحر األبيض‬ ‫المتوسط‪ ،‬واالنفتاح على القيـــم اإلنسانية‬ ‫والفكرية العريقة لمختلــف الحضارات التي‬ ‫عرفها هذا الحوض‪ ،‬سيما وأن مدينة القصر‬ ‫الكبير لها امتداد تاريخي عميق يالمس عددا‬ ‫من الثقافات والحضارات المتوسطية كيف‬ ‫ال ومدينة القصر الكبير موثقة في األساطير‬ ‫اليونانية عبر جنات الهيسبرديس وملحمة‬ ‫هرقــل األسطوريــة وصراعــه مــع األطلــس‬ ‫واألقيانوس ‪ ....‬كما أن المدينة توجد على‬ ‫الطريق الروماني العالمي الشهير ‪.‬‬ ‫كما أن المدينة تحتوي على موروث مادي‬ ‫شاهد على حقب تاريخية مهمة كاألندلسيين‬ ‫والمورسكيين والملحمة الكونيــة لمعركـــة‬ ‫القصر الكبير أو معركة القصر الكبير ‪.‬‬ ‫ويبقــى فن الشـارع تعبيرا إبداعيا عن‬ ‫حضارات قديمة استوطنت مدينة القصر الكبير‬ ‫وهو مناسبة لفتح نوافذ على عوالم جديدة‪.‬‬

‫ع‪.‬ب‪.‬ر‬

‫القصر الكبير ‪ :‬العثور على رضيعين‬ ‫متخلى عنهما في أسبوع واحد‬

‫ع‪.‬ب‪.‬ر‬

‫معاناة مرضى القصر الكبير مع صيدلية الحراسة‬ ‫متواصلة‬ ‫تستمر معاناة ساكنة القصر الكبير مع صيدلية الحراسة جراء‬ ‫النقص في عدد الصيدليات المخصصة للحراسة رغم اتساع المدينة‬ ‫وتزايد سكانها وتشعب أحيائها‪ ،‬إال أن المدينة بقية تتوفر على‬ ‫صيدلية وحيدة للمداومة ذلك ما خلف استياء كبيرا من لدن الكثير‬ ‫من المواطنين الناتج عن النقص في عدد صيدليات الحراسة التي‬ ‫تؤمن المداومة خالل الليل وأثناء نهاية األسبوع والعطل واألعياد‪.‬‬ ‫حيت عرفت المدينة نهاية األسبوع ازدحاما للمواطنين على‬ ‫صيدلية الحراسة والذي يصادف موعد نهاية األسبوع وعيد األضحى‪،‬‬ ‫إذ يشتكي كثير من المواطنين الذين ساقتهم ظروفهم الصحية‬ ‫المستعجلة أو لمرضاهم على توفير صيدلية وحيدة بالمدينة‪،‬‬ ‫واستغرب البعض عن دور الجهة المسؤولة والمعنية !! وتساؤل‬ ‫البعض اآلخر عن موقف السلطة المحلية وهيئة الصيادلة حيال هذا‬ ‫الوضع المزري ‪.‬‬ ‫كما يطالب المواطنون بضرورة تخصيص العدد الكافي من‬ ‫صيدليات الحراسة بمختلف أحياء المدينة خاصة تلك البعيدة منها‪،‬‬ ‫وكذا تحديد مكان الصيدلية بالدقة لتسهيل العثور عليها‪.‬‬

‫ع‪.‬ب‪.‬ر‬

‫للمرة الثانية على التوالي داخل هذا‬ ‫األسبوع تم العثور على رضيعين األول حديث‬ ‫الوالدة وهو في صحة جيدة يوم األربعاء‬ ‫‪7‬غشت الجــاري ‪ ،‬بملعـب الساللين بالقصر‬ ‫الكبير من طرف احد األشخاص وهو بصدد‬ ‫القيام بممارسة الرياضة ‪ ،‬كما عثر مجموعة‬ ‫من المسافرين على متن القطار المتوجه‬ ‫نحو مدينة طنجة صباح يوم اإلثنين ‪5‬غشت‬ ‫الجاري‪ ،‬على الرضيع الثاني في شهره األول‬ ‫داخل إحدى مقصورات القطار ‪ ،‬حيث تم‬

‫توقيف الرحلة بمدينــة القصر الكبيــر ‪ ،‬فيما‬ ‫تم االتصال بالمصالح األمنية وعناصر الوقاية‬ ‫المدنية لمباشرة اإلجراءات القانونية ‪.‬‬ ‫و تم فتح تحقيق في هذا الحادث‪ ،‬من‬ ‫أجل الوصول لهوية األم الحقيقية لكل من‬ ‫الرضيعين فيما تم نقلهما لقسـم األطفال‬ ‫بمستشفى القصر الكبير‪ ،‬حيث أبلغت النيابة‬ ‫العامة لمعرفة ظروف ومالبسات الحادث ‪.‬‬

‫ع‪.‬ب‪.‬ر‬


‫الثالثـاء ‪� 20‬إلى ‪ 26‬غ�شت ‪2019‬‬

‫العدد ‪1007‬‬

‫ا قت�صا د‬

‫بقلم ‪ :‬الدكتور‬

‫عبد الحق بخـات‬

‫‪8‬‬

‫ت�شخي�ص مقلق من بنك املغرب‬ ‫قصور اقتصادي في ضوء تنامي‬ ‫االنتظارات االجتماعية‬

‫«ال يزال أداء االقتصاد الوطني غير كافٍ لإلجابة عن‬ ‫االنتظارات االجتماعية المتزايدة للمغاربة !»‪ .‬هذا هو التقييم‬ ‫الذي صدر عن والي بنك المغرب عبد اللطيف الجواهري من‬ ‫خالل التقرير السنوي للبنك المركزي عن الوضع االقتصادي‬ ‫والنقدي والمالي للمملكة الذي قدمه أمام جاللة الملك محمد‬ ‫السادس يوم اإلثنين ‪ 5‬أغسطس الحالي في القصر الملكي‬ ‫بتطوان فيما يتعلق بالسنة المالية ‪ ،2018‬مع العلم أنه في‬ ‫مناخ دولي متقلب‪ ،‬سجل االقتصاد الوطني معـدل نمو قدره‬ ‫‪ ٪ 3‬فقط خالل العام الجاري‪ ،‬مقارنة بنسبة ‪ ٪ 4.2‬في العام‬ ‫السابق‪ ،‬المتأثر بشكل خاص باالنتعاش البطيء للقطاعات‬ ‫غير الزراعية‪ ،‬ومع العلم أيضا أن الزراعة نفسها تخللتها‬ ‫مواسم تأرجحت بين الجيدة والسيئة‪ ،‬بمتوسط​​سنوي محدد‬ ‫يبلغ ‪.٪ 3.3‬‬ ‫ونتيجة لذلك‪ ،‬فإن الوضع االجتماعي واالقتصادي في‬ ‫المغرب يؤثر‪ ،‬أو ًال وقبل كل شيء‪ ،‬بطريقة نفسية واجتماعية‪،‬‬ ‫على اهتزاز ثقة المواطنين في أعمال الدولة‪ ،‬لكونه يدرك‬ ‫أن الوتيرة التي تسير بها ألمور اآلن سيكون من الصعب‬ ‫تحقيقها حتى في األفق البعيد‪ ،‬مما يدعو المملكة إلى اعتماد‬ ‫مستوى أعلى في النمو ‪ ،‬ويدعو أيضا إلى استمرار اإلصالحات‬ ‫التي تم االضطالع بها‪ ،‬مع اشتراط أكبر فيما يتعلق بالكفاءة‬ ‫واألداء و دراسة أفضل للتقلبات في المحيط الدولي‪.‬‬ ‫في هذا الصدد‪ ،‬يدعو والي بنك المغرب «القوى الحية»‬ ‫للبالد إلى التعبئة‪ ،‬وإلى تجاوز االعتبارات السياسية الحزبية‬ ‫الشخصية الضيقة خدمة لمصالح الوطن والمواطنين‪.‬‬ ‫في ظل هـذه الرؤية المستنيــرة‪ ،‬يطالب الملك اليوم‬ ‫بوضع سلطة اتخاذ القرار في أيدي رجال ونســاء موهوبين‬ ‫وذوي كفاءة يستحقون الثقة المغربية‪.‬‬

‫التقرير السنوي لبنك المغرب ركز على «التوازنات الماكرواقتصادية»‬ ‫و»عجز الميزانية» و «مستوى النمو» و»االستثمارات األجنبية» و «أسعار‬ ‫الصرف» و «معدالت البطالة»‬ ‫ومع ذلك‪ ،‬هذا العام‪ ،‬باإلضافة إلى هذه المؤشرات األساسية‪ ،‬كان‬ ‫الجواهري حريصا على إثارة لمسة سياسية تشجب المواقف السلبية التي‬ ‫اتخذتها بعض الجهات الفاعلة المتسمة بالرؤية غير الواضحة والذاكرة‬ ‫القصيرة‪ ،‬وعلى سبيل المثال‪ ،‬أولئك الذين اتخذوا موقفا معارضا لمشروع‬ ‫قانون ‪ 51-17‬المتعلق بإصالح التعليم‪ ،‬والذي كاد أن يسهم في تأزيم‬ ‫الوضع المقلق لنظامنا التعليمي المتأجج أصال‪ ،‬وفي الدفع باألجيال‬ ‫المتعاقبة من أطفالنا وشبابنا إلى اإلقصاء االقتصادي واالجتماعي‪ .‬باستثناء‬ ‫أطفالهمبالطبع!‬ ‫وبينما هنأ الجواهري الحكومة على نجاحها أخيرا في اعتماد هذا‬ ‫القانون األساسي لفائدة مستقبل المملكة وشبابها‪ ،‬دعا إلى اإلسراع في‬ ‫تنفيذ إصالح نظام التعليم الذي عانى‪ ،‬كما قال‪ ،‬من الحسابات السياسية‪،‬‬ ‫في وقت تزداد فيه متطلبات سوق الشغل ارتباطا بإمالءات الثورة الرقمية‬ ‫التي تعد عملية ال رجعة فيها‪ ،‬خصوصا أن سوق الشغل يعاني حتى اآلن من‬ ‫الغياب النسبي أو على األقل من نقص في اليد العاملة المعدة لوظائف الغد‪.‬‬ ‫هناك مشكلة أخرى‪ ،‬ال تقل قلقا‪ ،‬تتعلق بهجرة األدمغة العاملة في‬ ‫قطاعات تكنولوجيا المعلوميات (‪ ، )IT‬وهي ظاهرة متنامية تؤدي كل عام‬ ‫إلى هجرة مجموعات من الخريجين الذين يتم توفير فرص أفضل لهم‬ ‫بالخارج‪ ،‬وخاصة في أوروبا وكندا‪.‬‬ ‫من ناحية أخرى‪ ،‬ونظراً للتحديـات التي تواجـه النسيــج اإلنتاجي‬ ‫الوطني‪ ،‬والذي يعاني من نقاط ضعف هيكلية‪ ،‬والذي يعاني من منافسة‬ ‫من جانب القطاع غير المهيكل‪ ،‬دعا الجواهري إلى سياسة عامة تجعل من‬ ‫بين أولوياتها خلق بيئة مواتية لتنمية المقاولة المغربية‪ ،‬وتعزيز قدرتها‬ ‫التنافسية‪.‬‬ ‫في هذا الصدد‪ ،‬تجدر اإلشارة إلى أن دراسة كشفت أنه‪ ،‬من حيث‬ ‫التشريعات المتعلقة بتنظيم المشاريع‪ ،‬هناك ما ال يقل عن ‪ 7‬قوانين تعتبر‬ ‫العوائق الرئيسية أمام االستثمار وتطوير المقاوالت في المغرب‪. .‬‬ ‫لهذا السبب‪ ،‬أكد الملك في كلمته بمناسبة عيد العرش‪ ،‬على االهتمام‬ ‫بالمستثمرين في المغرب‪ ،‬مستنكراً العقبات التي تفرضها بعض القوانين‬ ‫الوطنية‪.‬‬ ‫وفيما يتعلق بالتوازنات الماكرو اقتصادية‪ ،‬قال الجواهري إن تقوية‬ ‫الميزانية تباطأت إلى حد ما‪ ،‬مع نمو العجز إلى ‪ 3.7‬في المائة من الناتج‬ ‫المحلي اإلجمالي‪ ،‬في الوقت نفسه‪ ،‬تفاقم العجز في السيولة إلى ‪ 5.5٪‬من‬ ‫الناتج المحلي اإلجمالي‪ ،‬على الرغم من استمرار األداء القوي للصادرات‪.‬‬ ‫باإلضافة إلى ذلك‪ ،‬أدى وضع رسوم وموارد الخزانة إلى عجز في‬ ‫الموازنة قدره ‪ 28‬مليار درهم (‪ )MMDH‬مقابل ‪ 24‬مليون درهم خالل‬ ‫نفس الفترة من العام الماضي‪.‬‬ ‫بالنسبة للدين العام للدولة‪ ،‬لم تتحقق األهداف التي حددتها الحكومة‪،‬‬ ‫حيث استمر االتجاه التصاعدي لهذا الدين‪ ،‬مع ارتفاع بنسبة ‪ ٪ 4.4‬للوصول‬ ‫إلى ‪..MMH 722.7‬‬ ‫يكمن سبب هذا االتجاه التصاعدي في األداء االقتصادي الضعيف لسنة‬ ‫‪ ،2018‬في الزيادة في األعباء وانخفاض المنح المقدمة من مجلس التعاون‬

‫قطرات مداد‬ ‫ُ‬ ‫• محمد إمغران‬

‫الماء‬

‫هذه النعمة العظيمة‬ ‫حسب معطيات لوزارة التجهيز والنقل واللوجستيك‬ ‫والماء‪ ،‬فإن نسبة ملء حقينة السدود التابعة لجهة طنجة‬ ‫تطوان الحسيمة إلى غاية ‪ 15‬غشت الجاري بلغت حوالي‬ ‫‪ 57.19‬في المائة‪.‬‬

‫الخليجي بنسبة ‪ 6.8‬مليار درهم‪ .‬هذا االتجاه في المديونية أثر بشكل‬ ‫طبيعي على عجز الميزانية‪.‬‬ ‫األخبار السارة تبقى‪ :‬انخفاض طفيف في ديون المقاوالت والمؤسسات‬ ‫العمومية‪ ،‬مع تراجع بنسبة ‪ 9.8٪‬من معدل البطالة‪ ،‬الذي اليزال مرتفعًا‬ ‫بين الشباب‪ ،‬وخاصة في المناطق الحضرية‪.‬‬ ‫وإضافة إلى الجوانب النقدية والمالية‪ ،‬استعرض تقرير بنك المغرب‬ ‫المؤشرات االجتماعية واالقتصادية الرئيسية في المغرب‪.‬‬ ‫في هذا الصدد‪ ،‬يعتقد السيد الجواهري أن اإلصالح الحالي للسياسة‬ ‫االجتماعية‪ ،‬والذي يركز على استهداف األسرة‪ ،‬يبدو نهجا واعدا‪ ،‬يتطلب‬ ‫استكماله في الوقت المناسب تعبئة مستمرة‪ ،‬والتي من شأنها تسهيل‬ ‫إصالح الدين‪ ،‬والسماح لخلق مساحة لالستثمار االقتصادي واالجتماعي‪.‬‬ ‫يمكننا إذن أن نستنتج أن تقرير بنك المغرب يجعلنا نكتشف الحقيقة‬ ‫المزعجة‪ ،‬بقدر ما يكشف لنا أن «أداء االقتصاد الوطني ال يزال غير كافٍ‬ ‫لإلجابة على االنتظارات االجتماعية المتنامية»‪.‬‬ ‫هذا العرض للمؤشرات االجتماعية واالقتصادية الرئيسية في المغرب‪،‬‬ ‫بكل الصراحة والشفافية‪ ،‬هو جزء من رؤية جديدة تحدث قطيعة مع ما كان‬ ‫يقدم لنا في الماضي على طبق من فضة مقترنا بمقولةا «العام زين» و «أن‬ ‫كل شيء على ما يرام »‪.‬‬ ‫هذه الطريقة لتمرير طبقة سطحية من المرهم على الجرح المستمر‬ ‫في التعفن لم تعد مناسبة‪ ،‬والوقت قد حان اآلن للجهر بالحقيقة‪ ،‬سواء‬ ‫باألخذ بها أو بتركها‪ ،‬ولم يعد األمر يسمح بقيادة الشعب المغربي إلى‬ ‫االنجراف عن طريق القوارب‪.‬‬ ‫هذه الحقيقة ينبغي أن توقظ أولئك الذين يبحرون على متن السحاب‪،‬‬ ‫والذي اعتادوا بسهولة أن يظفروا بالزبد لهم وألبنائهم‪ ،‬الذين يديرون‬ ‫ظهورهم تماماً لحقائق الوطن‪ ،‬ويجهلون كل هؤالء السكان المغاربة‬ ‫أراض نائية‪ ،‬بعيدة عن الحضارة و الحداثة‪ ،‬محرومين من‬ ‫المحاصرين في ٍ‬ ‫مياه الشرب‪ ،‬ومن التعليم والرعاية‪ ،‬بل ومحرومين حتى من أبسط مظاهر‬ ‫الكفاف اليومي‪.‬‬ ‫للمضي قدماً من أجل إيجاد حلول معقولة لضعف االقتصاد المغربي‪،‬‬ ‫فإن األمر يتعلق بإحداث قفزة حقيقية للتخلص من هذا القطيع الذي احتكر‬ ‫حتى اآلن السلطة السياسية في المغرب‪ ،.‬مانعاً الوطن من االنفتاح على‬ ‫التنمية االجتماعية واالقتصادية الحقيقية‪ ،‬ومانعاً سكانه من السعادة‪.‬‬ ‫لهذا ‪ ،‬نحن ننحـاز إلى الرؤيـة الملكية الداعية إلى ضخ دمـاء جديـدة‬ ‫في شرايين تدبير الوطن‪.‬‬ ‫ليست هناك حاجة لتسمية (مرة أخرى!) هذا القطيع الذي يتعين عليه‬ ‫أن يحزم حقائبه‪ .‬دعونا نأمل أن يكون لديهم على األقل‪ ،‬لمرة واحدة‪،‬‬ ‫الكرامة للتعرف على حقيقتهم والخروج من الباب!‬ ‫وإذا كان لديهم اإلحساس بالشرف‪ ،‬وهو أمر مشكوك فيه‪ ،‬فربما‬ ‫يذهبون إلى أبعد من ذلك أخالقياً بالتحلي بفضيلة االعتراف من خالل‬ ‫االعتذار للشعب المغربي عن األذى الكبير الذي ألحقوه بهم خالل عشرات‬ ‫السنوات؟‬

‫وأما المخزون المائي للسدود الواقعة فوق تراب‬ ‫هذه الجهة‪ ،‬حسب تقرير أعده قطاع الماء التابع للوزارة‬ ‫المذكورة‪ ،‬فقد بلغ ما مجموعه ‪ 764.28‬مليون متر‬ ‫مكعب‪ ،‬مقابل ما مجموعه ‪ 769.1‬مليون متر مكعب‪،‬‬ ‫خالل نفس الفترة من السنة الماضية‪ ،‬وهو ما يعني أن‬ ‫المخزون المائي مهدد بالتراجع أكثر‪ ،‬بناء على مجموعة‬ ‫من الظروف البيئية والعوامل الطبيعية المختلفة‪ ،‬علما‬ ‫أن بعض المناطق والقرى والمدن بالمغرب تشكو ندرة‬ ‫المياه بشكل أكبرمن هذه الجهة ويعاني سكانها ظروف‬ ‫عيش صعبة‪ ،‬وخاصة في كل فصل صيف‪ ،‬حيث تبدأ‬ ‫قيمة نعمة الماء في البروزأكثر والسيما لمن يفتقدها‬ ‫أو يعاني األمرين في جلبها واستهالكها‪ ،‬لكن يبقى‬ ‫المغرب مقارنة مع العديد من الدول محظوظا بتوفره‬ ‫على نعمة الماء‪....‬‬ ‫هذه النعمة الحاضرة بقوة في المرجعية اإلسالمية‪،‬‬ ‫بل وفي كتابه الكريم (‪...‬وجعلنا من الماء كل شيء‬ ‫حي) اآلية ‪ 30‬سورة األنبياء‪ ،‬يتجلى أساسها و دورها‬ ‫الكبيرفي وجود وسيرورة الحياة واستمرارالخلق أجمعين‬ ‫فوق البسيطة‪ .‬ورغم ذلك‪ ،‬فإن هذه الطاقة الثمينة‬ ‫الزالت تهدرببشاعة في كثيرمن نماذج ومظاهر حياتنا‬ ‫اليومية‪ ،‬دون تدخل قوي ودائم على مستوى التوعية‬ ‫أو النصح أواإلصالح‪...‬فعلى سبيل المثال‪ ،‬ال الحصر‪،‬‬ ‫إذا تم إشعارالجهة المختصة بعطب يتسبب في تسرب‬ ‫الماء الشروب‪ ،‬هنا وهناك‪ ،‬بالشارع العام‪ ،‬فإن التدخل‬ ‫بهدف إيقاف هذا «النزيف» لن يتم في الوقت المناسب‪،‬‬ ‫ولوتكررالنداء لعدة مرات‪ ،‬إال بعد أن تكون نسبة كبيرة‬ ‫من المياه قد تسربت وضاعت سدى وعبثا‪ ،‬فضال عن‬ ‫المياه الصالحة للشرب التي تستهلك وببشاعة في غسل‬ ‫السيارات وغيرها من وسائل النقل على مرأى ومسمع‬ ‫الجميع‪.‬باإلضافة إلى المياه التي تستعمل في المسابح‬ ‫وفي أمورالترفيه‪ ،‬بشكل مثير في الوقت الذي نتابع عبر‬ ‫الفضائيات والصور التلفزية كيف يعاني سكان دول‬ ‫معينة إزاء الوصول إلى «زكفة» ماء‪.‬‬ ‫وبعبارة أخرى‪ ،‬إذا كان اهلل قد حبانا بنعمة المياه‪،‬‬ ‫فالصواب هو الحفاظ عليها‪ ،‬مع استعمالها األنسب‬ ‫واألنجع‪ .‬وللتاريخ واالعتراف باألعمال‪ ،‬البد من اإلشارة‬ ‫هنا إلى دورالملك الراحل الحسن الثاني في االهتمام‬ ‫بالماء‪ ،‬حيث أطلق مبكرا‪ ،‬وبحكمة وتبصر‪ ،‬سياسة‬ ‫السدود(تشييد مجموعة من السدود الكبرى والمتوسطة‬ ‫والصغــرى)‪ ،‬منتصــف ستينــات القرن الماضي‪ ،‬والتي‬ ‫بينت مع مرور الزمن أنها استراتيجية ناجعة للمغرب‬ ‫والقتصاده‪ .‬كما واصل وارث سره جاللــة الملك محمد‬ ‫السادس تحسين استراتيجية تشييد السـدود (أكثر من‬ ‫‪ 40‬سداً منذ اعتالئه العرش) مع تشجيعه على التدبير‬ ‫المعقلن للموارد المائية في إطار المشروع المجتمعي‪.‬‬ ‫ما ينقصنــا فقـط على مستـوى المجتمــع ككل هو‬ ‫الوعي بقيمة النعمـة المائية‪ ،‬مع ضرورة الحفاظ عليها‬ ‫وتطويرها‪ ،‬بعد أن يرحمنا اهلل‪ ،‬بطبيعة الحال‪ .‬لكن كيف؟‬ ‫هذا هو السؤال‪.‬‬


‫امللحق الثقايف‬

‫‪9‬‬

‫العدد ‪ 1007‬ـ الثالثاء ‪ 20‬إلى ‪ 26‬غشت ‪2019‬‬

‫قصة قصيرة للكاتب اإلسباني‬

‫فرانسيسكو غوميس بورو‬ ‫األدب والتحليل النفسي ‪:‬‬ ‫كتاب جديد للدكتور‬

‫حسن المودن‬

‫‪Francisco Gómez-Porro‬‬ ‫ولد فرانسيسكو غوميس بورو بـ «بيا روبيا دي لوس أوخوس» (سيوداد ريال) سنة ‪ .1958‬كاتب‬ ‫وشاعر وصحافي إسباني‪ .‬مارس النقد المسرحي والكتابة النقدية واألدبية بالعديد من الصحف‬ ‫االسبانية كصحيفتي « آ بي سي» و «دياريو ‪ »16‬وترأس تحرير مجلة «كيلومتر»‪ .‬أصدر ستة دواوين‬ ‫شعرية وعددا من األعمال النقدية واإلبداعات السردية‪ ،‬كان من بينها مجموعته القصصية «حيث ال‬ ‫يصل صراخنا» ومن هذه المجموعة نقترح على قراء الجريدة هذا النص‪.‬‬

‫‪Nos está tragando la tierra‬‬ ‫األرض تبتلعنا‬ ‫ترجمة ‪ :‬محمد العربي غجو‬

‫تبتلعنا األرض‪ ،‬شيئا فشيئا‪ ،‬دون هدنة وال حنو‬ ‫بل بمحبة‪ .‬بدأ األمر على هذا النحو‪ ،‬يخرج الواحد منا‬ ‫من بيته ليهتم بأشغاله‪ :‬يشذب أشجار الزيتون‪ ،‬يجمع‬ ‫الحطب لفصل الشتاء‪ ،‬يعطي الماشية حصتها من العلف‬ ‫المجفف‪ ،‬أو ينظف اإلسطبالت‪ .‬وبشكل غير متوقع يحس‬ ‫بشد عضلي في األصبع األكبر لقدمه‪ .‬خالل ساعات يعرج‬ ‫قليال كما لو كانت بقدمه حصاة او مسمار‪ .‬هو طبعا أمر‬ ‫مزعج لكن يمكن القول بأن اليوم يمر بشكل طبيعي‬ ‫وعند نهايته تنتظره جفنة ماء ساخن مخلل للتخفيف من‬ ‫آالم الجمرة التي كانت تطأها أقدامه طوال اليوم‪ .‬لكن ال‬ ‫يجب الوثوق كثيرا‪ .‬فالشعور بالراحة أمر عابر‪ ،‬ويكفي في‬ ‫اليوم التالي أن يضع رجله على األرض حتى يحس بشعور‬ ‫غامض بأنه فقد شيئا من وزنه وخاصة شيئا من طوله‪.‬‬ ‫قد يكون األمر غير محسوس في البداية لكن مع مضي‬ ‫اليوم يبدأ هذا اإلحساس في التعاظم بالغا نقطة الذروة‬ ‫بعد األكل‪ .‬حيث إن مجرد النهوض من المائدة والقيام‬ ‫بخطوة واحدة ال يكون متيسرا إال مقابل بذل جهد خارق‬ ‫يحشد له كل طاقاته‪ ،‬سواء البدنية أو العقلية‪ .‬وهذا‬ ‫يعني بدون أدنى ريب أن األرض بدأت في بلعه‪.‬‬ ‫لن يجدي الذهاب إذن عند الطبيب‪ .‬فالمدينة‬ ‫الملكية ‪Ciudad Real‬بعيدة والغالب أن مسلسل‬ ‫االبتالع قد ينتهي قبل الوصول إليها‪ .‬لذلك يكون من‬ ‫المستحسن‪ ،‬اختيار مكان ما واالنتظار بقدم ثابتة‪ ،‬وعدم‬ ‫المقاومة واالستسالم لالبتالع الحتمي‪ .‬بعد ذلك هناك‬ ‫العائالت التي غالبا ما يُرى أفرادُها محملين بالمعاول‬ ‫والمجارف في تلك األمكنة التي ابتلعت فيها األرض‬ ‫أحباءهم سواء داخل منزل أو حي أو حقل‪.‬‬ ‫«عليك الحفر عميقا ‪ »..‬نبهت «ماريا رومبيكبيساس»‬ ‫لما مرت متجهة نحو حقل البطاطس‪ ،‬حيث ابتلعت‬ ‫األرض زوجها‪.‬‬ ‫تفهم ما أقول بسبب األرض التي وصلت إلى فمي‪.‬‬ ‫فهناك الكثير مثلي دخلوا المرحلة النهائية‪ ،‬فقط يطلون‬

‫برؤوسهم‪ ،‬بينما الماعز يلحس وجوههم كما لو كانوا‬ ‫كتال من الملح‪ ،‬فيما القطط تبللها ببولها النتن‪.‬‬ ‫تبتلعنا األرض واحدا واحدا‪ ،‬دون راحة كما لو كان‬ ‫شغلنا اآلن هو االختفاء‪ .‬نذوب معها حتى ال يتبقى شيء‬ ‫مما كناه يوم كنا نزرعها ونستخدمها في تربية أبنائنا‬ ‫وحيواناتنا‪ .‬قد يكون من األفضل أن تبتلعنا بدال من أن‬ ‫تبصق في وجوهنا كما تفعل مع من يتجمعون ‪ -‬بعيدا‬ ‫من هنا – حول النوافير االصطناعية للمتاجر الكبرى‬ ‫لمشاهدة مرور من ال يعرفونهم أويطلون على قارعة‬ ‫الطريق من نافذة إحدى العمارات السكنية شاخصين‬ ‫نحو السماء كما لو كانوا يتمنون أن تكون مدفنا لهم‪.‬‬ ‫األفضل أن تبتلعنا األرض عوض أن تمأل أجسادنا‬ ‫بالجذور وأفواهنا بالغبار والبذور‬ ‫أسمع ولدي الذي ال زال في المرحلة األولى من‬ ‫مسلسل االبتالع يقول لي‪ :‬لم يبق لك إال القليل‪ .‬قريبا‬ ‫سيبدأ يحس بأن األرض تجذبه إليها‪ ،‬بأنه يستحيل عليه‬ ‫الذهاب إلى أي مكان‪ ،‬وأنه ليس بوسعه التحرر منها‬ ‫بسهولة مثلما تتحرر كتفه من يدي‪.‬‬ ‫تبتلعنا األرض‪ ،‬ال تبتلع البشر فقط بل الحيوانات‬ ‫أيضا‪ .‬هل تسمعونه؟ إنه كلب «غريغوريو» راعي الغنم‬ ‫األلماني النبيل والشجاع‪ .‬األرض تأكله من قوائمه‬ ‫والحيوان المسكين ـ مثلي ـ لم يبق له سوى الفم لينبح‬ ‫به‪ .‬وحتى هذه اللقالق التي تزورنا كل عام منذ نشوء‬ ‫القرية لم تعد قادرة على االرتفاع عن األرض وقدأصبحت‬ ‫شبيهة بالدجاج‪ .‬القطط والطيور والسحليات والفراشات‬ ‫والنمل وفراخ الضفادع كلها تبتلعها األرض‪.‬‬ ‫إنها األرض التي تريد كل شيء‪ ،‬ال تغفر‪ ،‬تحبنا‬ ‫لدرجة ال تريد معها تركنا في العراء كحقل سيء الحرث‪.‬‬ ‫بينما نحن ننتظر من يهرع ليخلصنا من يد اإلهمال‬ ‫تبتلعنا األرض‪ ،‬وبعد قليل لن يتبقى منا شيء ‪ ..‬لن‬ ‫يتبقى سوى األرض الخالصة‪.‬‬

‫عن منشورات كتاب الدوحة( مجلـــة‬ ‫الدوحة عدد غشت ‪ ،)2019‬صدر كتاب‬ ‫جديد للباحث المغربي د‪ .‬حسن المودن‬ ‫بعنوان ‪ :‬األدب والتحليــل النفســي‪.‬‬ ‫ومعروف أن الدكتور حسن المودن‬ ‫متخصص في التحليل النفسي لألدب‪،‬‬ ‫وكان قد أصدر عــددا من المؤلفات‬ ‫النقدية‪ ،‬منهـا ‪ :‬الوعــي النــص في‬ ‫روايات الطيب صالح( ‪)2000‬؛ الرواية‬ ‫والتحليل النصي( ‪)2009‬؛ الرواية‬ ‫العربية‪ :‬من الرواية العائلية إلى‬ ‫محكي االنتساب العائلي( ‪)2017‬؛‬ ‫القصة القصيرة التحليل النفسي(‬ ‫‪..)2018‬كما أصدر ترجمات في‬ ‫هذا المجال‪ ،‬منها‪ :‬التحليل النفسي‬ ‫واألدب لجان بيلمان نويل( ‪)1997‬؛ الرواية البوليسية والتحليل النفسي(‬ ‫‪..)2015‬وقد حصل الناقد المغربي حسن المودن على جائزة كتارا للدراسات النقدية‬ ‫سنة ‪..2016‬‬ ‫ِّ‬ ‫أما كتابه الجديد‪ :‬األدب والتحليل النفسي‪ ،‬ففكرته األساس هي أن المحلـل‬ ‫النفسيّ لألدب لم يَعد اليوم يتقدَّم باعتباره يملك تلك المعرفة الجاهزة الخاصة‬ ‫التي تفهم في كل شي ٍء‪ ،‬بل إنه يمنح الفرصة لألعمال األدبية من أجل أن تحاورَه‪،‬‬ ‫َ‬ ‫تسائل معرفته النفسانية الجامدة‪ ،‬ذلك ألن األدب هو الذي بإمكانه‪ ،‬على حدِّ‬ ‫وأن‬ ‫تعبير المعلم الثاني في التحليل النفسي جاك الكان‪ ،‬أن يُرسل هوا ًء جديدًا إلى‬ ‫التحليل النفسي‪ ،‬وليس العكس‪ .‬ولهذا ينتقد الناقد النفسي المعاصر بيير بيار هذا‬ ‫ُّ‬ ‫َ‬ ‫التمــث َ‬ ‫التحليل النفسيَّ إلى استنزاف األدب‪ ،‬وذلك عندما يحصر الناقدُ‬ ‫ـــل الذي يقود‬ ‫َ‬ ‫دور ثانويٍّ‪ :‬أن يؤكدَ إلى ما النهاية صحة ما تقوله‬ ‫النفسيُّ دورَ هذا األخير في ٍ‬ ‫النظرياتُ النفسانية‪ ..‬وهكذا‪ ،‬فالشيء يمنع من أن نعود إلى نصٍّ أدبيٍّ اشتغل به‬ ‫ِّ‬ ‫ً‬ ‫حقيقة غير التي ادعاها السابقون‪ ،‬إذ بهذا‬ ‫محل ٌل نفسانيٌّ سابقٌ‪ ،‬وأن نكتشف فيه‬ ‫نحافظ لألدب على طبيعته الجوهرية‪ :‬أنه ٌ‬ ‫قابل للتأويل باستمرار؛ وعلى سبيل التمثيل‪،‬‬ ‫يكفي أن نستحضر مسرحية شكسبير‪ :‬هاملت‪ ،‬لِنَكتشفَ أن «هاملت فرويد» ليس‬ ‫هو «هاملت الكان»‪ ...‬وأنه إذا كانت أعمال سوفوكل وراء حديث فرويد عن « تراجيديا‬ ‫المصير »‪ ،‬فإن أعمال شكسبير قد كانت وراء حديث الكان عن « تراجيديا الرغبة»‪..‬‬ ‫ويتألف هذا الكتاب الجديد من أربعة فصول‪ ،‬ومقدمة وخاتمة‪ :‬تقدم المقدمة‬ ‫صورة عامة عن تاريخ هذه العالقة االشكالية بين األدب والتحليل النفسي؛ أما الفصل‬ ‫األول فمباحثه تدور كلها حول هذه العودة الى فرويد التي دشنها المحلل النفسي‬ ‫جاك الكان الذي خلق حوارا بين فرويد وسوسير‪ ،‬ودشنها الناقدان الفرنسيان روالن‬ ‫بارت الذي أعاد االعتبار لفرويد األنثروبولوجي‪ ،‬وجان بيلمان نويل الذي أعاد االعتبار‬ ‫للتحليل النصي الفرويدي؛ أما الفصل الثاني‪ ،‬فهو مكرس في مبحثيه لسؤال التحليل‬ ‫النفسي والترجمة‪ ،‬وكيف تبدو ترجمة أعمال فرويد كأنها مهمة من دون نهاية‪ ،‬وكيف‬ ‫تبدو ترجمة نصوص الكان كأنها مهمة مستحيلة؛ والفصل الثالث يقدم نظرية الناقد‬ ‫الفرنسي المعاصر بيير بيار الذي يطبق األدب على التحليل النفسي على النقيض مما‬ ‫كان سائدا من قبل‪ ،‬حيث كان التحليل النفسي هو الذي يطبق على األدب؛ وفي هذا‬ ‫اإلطار‪ ،‬يضم هذا الفصل مبحثا تطبيقيا يحاول أن يستخلص من قصص بورخيس‬ ‫تحليال نفسيا غير الذي وضعه فرويد‪ ،‬ما يفسر لماذا لم يكن هذا الكاتب االرجنتيني‬ ‫الشهير يتحدث عن فرويد و التحليل النفسي؛ أما الفصل الرابع فهو يلقي الضوء في‬ ‫مباحثه على هذا النوع الجديد من النقد الذي يؤسسه بيير بيار‪ ،‬والذي يمكن ان‬ ‫نسميه ب‪ :-‬المحكي النظري او الرواية النقدية‪ ،‬وخاصة من خالل أعماله حول الرواية‬ ‫البوليسية وأدب الرحلة‪ ،‬حيث يصعب الفصل بين التنظير والتخييل‪ ،‬بين العلم واألدب‪،‬‬ ‫بين النقد والسرد‪..‬وفي الخاتمة‪ ،‬يعود السؤال‪ :‬هل نعود من جديد إلى فرويد؟‪..‬خاصة‬ ‫إذا أخذنا بعين االعتبار أن فرويد كان يطمح إلى كتابة رواية‪ ،‬وباألخص إذا استحضرنا‬ ‫أن الكثير من الروايات اليوم تجعل من فرويد شخصية من شخصياتها التخييلية‪...‬ما‬ ‫يؤكد ان العالقة بين فرويد واألدب‪ ،‬بين التحليل النفسي واألدب أعقد مما نتصور‪،‬‬ ‫فهما معا أرض رغباتنا وأمنياتنا‪ ،‬أرض آالمنا وآمالنا‪ ،‬أرض خصوصيتنا وحميميتنا‪...‬‬


‫الشمال الثقافي‬

‫العدد ‪1007‬‬

‫الثالثـاء ‪� 20‬إلى ‪ 26‬غ�شت ‪2019‬‬

‫‪10‬‬

‫الشاعر عبد السالم الصروخ‬

‫سهوم في عيون‬ ‫الشرفة األطلسية‬

‫قصائد‬ ‫(‪)1‬‬ ‫مازلت أؤمن بارتشاح الحلم حيث ال‬ ‫أنت تنبض بالخالص كمنتظر ‪ ..‬سيأتي‬ ‫ال محال !‬ ‫وأقول في سرّي يراودني الجواب عن‬ ‫الحقول الشاسعات على مجاز صدرك‬ ‫الخصب ‪ ،‬الكليم ! ‪:‬‬ ‫هل كنت قبل اآلن بيدر ؟ !‬ ‫كلما جاع الفؤاد ألقمته من قمحك‬ ‫المحفوف بالوجد الغرام‬ ‫لتثور قافيتي على األمداء تصهل بالغناء‬ ‫هل كنت تورية لبحر!‬ ‫أو التضارع‪ ،‬بين مدّ وقمر‬ ‫كلما الح الضياء بمقلتيك ‪ ،‬على مشارف‬ ‫رؤيتي‬ ‫فاض الماء بفضتي‬ ‫ّليصير شــلاّ ًال ويفصــح عن نصاعتــه‬ ‫الخجولة ‪..‬‬ ‫تناديني النوارس على شطوط أصابع‪،‬‬ ‫هي من قطوف إنجيل وقرآن تبرعم من‬ ‫يديك‬ ‫يتطاوف الجسدان‬ ‫جسدي وقد خلع الشرانق والفراش‬

‫الشاعرة لجينة نبهان ‪ /‬سوريا‬ ‫ليعود ضوءاً خالصاً‬ ‫‪..‬‬ ‫جسدي و ظلك‬ ‫ال‬ ‫جسدي و أنت ‪ ..‬أنت‬ ‫ّ‬ ‫بكل موجك ‪..‬‬ ‫كل قمحك ‪ ،‬كل خيبات رمتك بجهلها‬ ‫و ّ‬ ‫كل ما فاتك من حليب ‪..‬ومن ُقبل‬ ‫خذني إلى هاجس يراودك ‪.‬‬ ‫وخذ مني ظنوني‬ ‫نداور األقداح فيما بيننا‬ ‫وال نصل اليقين !‬ ‫يا ك ّلي المنفيّ من زمن بعيد‬ ‫هلاّ أتيت‬ ‫ألكون ك ّلك‪.‬‬ ‫(‪)2‬‬ ‫يلوي قلبي على قلبي و ال ألوي على‬ ‫شيء!‬ ‫تؤويني الفكرة حيناً‬ ‫و تدحرجني حيناًللفكرة‪.‬‬ ‫جسد زلق‬

‫كلمات‬ ‫كاريكاتورية‬ ‫(‪)1‬‬ ‫فقدتُ حبيبتي في إحدى قصائدي‪،‬‬ ‫وبعدَ أيام‬ ‫ٍ‬ ‫مشتل ورد‪.‬‬ ‫عثرتُ عليها في‬ ‫ِ‬ ‫(‪)2‬‬ ‫لم تكن تُريدُ من الحبّ جناحين‬ ‫لتطيرَ بهما‪،‬‬ ‫بل لتضعَ رأسها تحتهما‬ ‫َّ‬ ‫وتغط في نوم عميق‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫(‪)3‬‬ ‫المَلل؛‬ ‫ألدُّ أعدائي‪ ،‬عندما ينقضُّ عليّ‬ ‫وأفلتُ من قبضته‪،‬‬ ‫أخرجُ إلى الحقول الشّاسعة وأٌقفُ َ‬ ‫مثل‬ ‫فزّاعةٍ فيها‪،‬‬

‫سطح مائل‬ ‫لوال أن األرض هالمية‬ ‫الغتالتني األفكار‬ ‫أيتها األنثى التبر‬ ‫علميني‬ ‫كيف يستحيل الصلصال فضة‬ ‫برفة شال من ضوئك‬ ‫وكيف لبحر موغل في الزبد‬ ‫أن يطوّع بين يديك لجيناً !‬ ‫بتلويحة غياب‬ ‫أيتها األنثى األم ‪..‬الوطن‬ ‫أخبريني‬ ‫كيف لقلب مني ‪..‬لي ‪..‬‬ ‫أن ينبذني !‬ ‫وكيف لوطن منه أنا‬ ‫أن يمنحني منفاه‬ ‫وكل قضاياه!‬ ‫أينك أيتها العاطفة الخضراء ؟‬ ‫لقد أدركتني الحرائق !!‪.‬‬

‫الشاعر نجد القصير ‪ /‬سوريا‬ ‫تساعدني أسمالي كثيرًا في ذلك‪.‬‬ ‫(‪)4‬‬ ‫قضيتُ اليومَ وقتًا طويل‬ ‫صن شجرةٍ‪،‬‬ ‫جالسًا على ُغ ِ‬ ‫طائر‬ ‫أحرسُ عشَّ ٍ‬ ‫ريثما يعودُ إليه‬ ‫بعدما رفضَ اإلصغا َء إلى قصائدي‪.‬‬ ‫(‪)5‬‬ ‫َ‬ ‫قبل أن يعترضَ الحبُّ طريقي‪ ،‬‬ ‫لم يكن َ‬ ‫ثمّة أشجارٌ على جانبيه‪.‬‬ ‫(‪)6‬‬ ‫قفصك الصدريّ يضيق‬ ‫وأنا وعصافيرُ الدوري سجنا ٌء‪،‬‬ ‫رَوع‬ ‫من‬ ‫لسجـين أن يُهــدئ‬ ‫فأنّى‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫سجين‪.‬‬

‫(‪)7‬‬

‫ما إن ننضجَ‬ ‫حتّى نُصبحَ ُقسا ًة‪،‬‬ ‫تمامًا كالرّغيف‪.‬‬ ‫(‪)8‬‬ ‫بحثتُ عنّي في مُعجمك‬ ‫الذي ُ‬ ‫يأخذ بقلبي‪،‬‬ ‫ولم أجدني‪.‬‬ ‫(‪)9‬‬ ‫ألوّل مرّة؛‬ ‫ِ‬ ‫زُجاج النّافذة‪ ،‬‬ ‫على‬ ‫الماء‬ ‫بخارُ‬ ‫يتكاثفُ‬ ‫ِ‬ ‫وال أكتبُ اسمك‪.‬‬ ‫(‪)10‬‬ ‫يبقى الحنين‪،‬‬ ‫أسرعَ وسائل النقل إليك‪.‬‬

‫من حين آلخر يلجأ البحر إلى عيون حدَّقت فيهِ طوي ً‬ ‫ال فيصابُ بقدر‬ ‫النرجس‪..‬‬ ‫من حين آلخر‬ ‫أَعبر ظالل لويس أراغون وأَشهد‪:‬‬ ‫جُن عند عتبات جفون إلزا‪..‬‬ ‫أنه ّ‬ ‫َ‬ ‫البندقية التي ال تزال بين عيون ريثا‬ ‫من حين آلخر أحاول أن أُسقِط‬ ‫ودرويش‪ ،‬فأفشل في الغناء‪..‬‬ ‫يتضاءل البحر في مساحة نافذة الشرفة األطلسية‬ ‫وهو يأتي بال انقطاع مزوَّداً‬ ‫وبرحيق النظرات‬ ‫المعَسَ َلةِ‬ ‫بالغيّوم‬ ‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫المستحيلة بين الشاعر المجنون وإلزا‪.‬‬ ‫من حين آلخر‪..‬‬ ‫أفقدُ صوتي‬ ‫عند بوابة أذنك المحتلة باألغاني ( العاصفية )‬ ‫من حين آلخر‪:‬‬ ‫أرقص احتفاال بالمجهول‬ ‫وبسحر الوجود الغامض لهذا البحر في عيون الشرفة األطلسية‬ ‫من حين آلخر‬ ‫أنحت ن َفسي على هواي‬ ‫فأنبلج من كلس البداية‬ ‫ومن قشرة الموج‬ ‫ومن حلم صخرة كيف تصير ماء‬ ‫من حين آلخر‪..‬‬ ‫تضيع مني األماني فأتهدهد على أوتار الشرفة االطلسية‬ ‫جنوب العيون‬ ‫شمال العيون‬ ‫غرب وشرق السهوم‪:‬‬ ‫الماء أمهرُ النحاتين‬ ‫الماء أشرسُ المخربين‬ ‫وأسحرُ العازفين‬ ‫الماء هدير الريح في مزاج الشرفة األطلسية‪..‬‬ ‫أرقصُ على كتاب األرض ودهشتي‬ ‫وأدق الرؤى بقصيدة ساذجة أُهْمِ َلتْ من الحب األول في حلقي‬ ‫الجوقة كلها هنا‪..‬‬ ‫إني أوْ ِز ُن األصواتَ واآلالت‬ ‫إني أدعو جوقة العشاق إلى صالة البوح‬ ‫( مسلك األنبياء أو أفعال السحرة )‬ ‫ال فرق‪ :‬مادام البحر يلفظ الموتى‪..‬‬ ‫عند حافة موعد‬ ‫عند أسوار قلعة الحنين‬ ‫عند قبلة ال يراها سوى هذا البحر وتلك الشمس الغاربة‬ ‫عند تلك الرغبة المحروقة كالسّكر في العيون‬ ‫أوجد بين الماء والريح والنار وكتاب المتاهة‬ ‫والناديُ في موجة القلب يقول‪( :‬إنها ال ْ‬ ‫تُكتَبْ )‬ ‫كنت قبل موعد وقبل توتر‪:‬‬ ‫ً‬ ‫أقطعُ المسافات الطويلة مشْيا على األحالم‬ ‫وأرى دنو البحر في هيأة امرأة حرة‬ ‫عاشقة وماجنة تغوي العابرين‬ ‫هذه ( البحرة ) النرجسية التي خربت أكثر العيون ضوءا‪..‬‬ ‫وألبستها نظارات السنين‬ ‫كل أصدقائي من شاربي الحبر‬ ‫ومن آكلي الورد والورق‬ ‫سلمتهم عناوينها وحاصرتهم عند باب الشرفة األطلسية‬ ‫حيلتي‪ :‬كيف أركز هذه ( البحرة ) في كبسولة كحبة دواء وأغرقها في‬ ‫أحشائي مصحوبة بكاس ماء‬ ‫من حين آلخر‬ ‫أُصَابُ بالعمى‬ ‫فألجأ إلى عيون الشرفة األطلسية لكي أرى‪...‬‬


‫الشمال الثقافي‬

‫العدد ‪1007‬‬

‫الثالثـاء ‪� 20‬إلى ‪ 26‬غ�شت ‪2019‬‬

‫‪11‬‬

‫الشاعر سامح محجوب‪ /‬مصر‬

‫لستُ‬ ‫َّ‬ ‫كل هؤالء‬ ‫لستُ حزيناً‬

‫فى السحاب الرخامي‬

‫ما دمتُ‬

‫ُّ‬ ‫كل ما فى األمرِ‬

‫أستطيعُ البكاء‬

‫َ‬ ‫يفهمون‬ ‫أن الرعاةَ ال‬

‫لستُ عارياً‬ ‫مادامتْ‬ ‫ُ‬ ‫الحقيقة بخير‬ ‫لستُ جائعاً‬ ‫بُ يتذكرني‬ ‫مادامَ الرَّ ّ‬ ‫فى المناسباتِ القوميةِ‬

‫َ‬ ‫حاجة المط ِر‬

‫رسائل‬ ‫للحياة‬

‫الشاعر إبراهيم بلعواد‬

‫من العار أن تنادي أمك باللسان فقط‬ ‫بال بداية أنت بال نهاية‪,‬‬

‫عندما تبدأ بالسقوط وحدها دون سبب ‪.‬‬

‫لستُ أناي ‪َ..‬‬

‫أكثر من شعلة هادئة في الظالم‬

‫أنتِ وحدك من كنت تفتحين هذا الباب‬

‫أكثر من وردة الروح في أصيص الحياة‪,‬‬

‫الذي يظل مفتوحا بوجودك‬

‫اكتشفتُ ذلك‬

‫أيها المالك المصغر فوق هذه األرض‪,‬‬

‫ويشرق خلفه الفرح‪.‬‬

‫للبكاء‬

‫فجأ ًة‬

‫أيها المثال‪..‬‬

‫وأنا اتف َّقدُ‬

‫سالما عليك يا أمي‪ ,‬سالما عليك‪..‬‬

‫آه كم هو حزين ذلك المساء‬

‫سالما على البيوت التي احتضنتك‬

‫كم هو ممدد بال نهاية فوق الحصير‬

‫لستُ عادياً‬

‫َ‬ ‫عمامة أبي‬

‫ولم تفش سرا لعابر سبيل‬

‫كم هو بطيء وثقيل‪,‬‬

‫مادمتُ قادراً‬

‫َ‬ ‫البسيطة‬

‫سالما عليها‪ ,‬وعليك السالم‪.‬‬

‫حين امتألت الدار بالجيران‬

‫كضحكة‬

‫ها قد حل الظالم صدفة مع غيابك‬

‫باألصوات الشحاذة مثل السياط‪،‬‬

‫والبيت الذي كنا نظنه بيتنا صار سجنا‪.‬‬

‫مثل هبة منسية بين األشياء القديمة‬

‫شال أبيض للشمس‬ ‫ٍ‬

‫ونحن ما زلنا نفرك ابتساماتنا أمام الباب‬

‫امتألتُ فجأة بالحنين إلى موالي‬

‫بينما يشعل الحزن موقدا خلفه‬

‫إلى يد تزيح عني غبار الحنين‬

‫ويشحذ أنفاسه من قنديل حيرتنا‪.‬‬

‫وحده الجدار كان يتوسدني في زاوية مظلمة‬

‫وأعيادِ الميالد‬

‫الجلوس وحيداً‬ ‫على‬ ‫ِ‬ ‫فى المقهى‬ ‫لست وحيدًا‬ ‫مادامَ المقهى‬ ‫يقاسمُني‬ ‫الحنينَ‬

‫َ‬ ‫العالية‬

‫كمئذنة‬ ‫مريدٍ تائهٍ‬

‫يسقي بكل دمعة حشدا من المصلين‬ ‫صغيرا ولدت صغيرا أموت‬

‫يهمس بأحاديث طائشة إلى‬

‫ولم أهتد بعد إلى حيلة ترشدني إليك‪,‬‬

‫وبابتسامة يذبح المجيء ظلك في خياالتي‬

‫خبت طفولتي وسط هذه الوديان‬

‫ليبقى العالم هادئا ومطمئنا‪.‬‬ ‫بينما أنا مألتني غربة عميقة وسط الصياح‬

‫لخجلكِ الطفوليِّ‬

‫فى حضرة ذاته‬

‫وأنت تقرئين‬

‫أنا لستُ‬

‫في الهذيان بأسمال تجيء مرتجفة من الحقول‬

‫قِصصَكِ‬

‫َّ‬ ‫كل هؤال ِء يا أبي‬

‫أو من الجداول الذهبية‬

‫مألني الزحام‬

‫لتتغنى قليال بنجاحها فوق هذا الجدار‬

‫مألني الخوف من السقوط على أي صدر‬

‫وترحل دون أن تطرب أحدا سواك‬

‫قد يفضي إلى البحر‪.‬‬

‫أيها البعيد‪.‬‬

‫كأني حشوت غابة في أحشائي‬

‫هذا البيت يا أمي‪..‬‬

‫ودرجت أبحث فيها عن الفكرة الضائعة‬

‫مثل سكير مبتدئ‬

‫لكي ال أجبر على الخروج كل مساء إلى حياتي‬

‫يتفوه بأشياء غامضة في غيا ِبك‬

‫فعوت ذئاب هائجة في داخلي‪.‬‬

‫الساذ َ‬ ‫َ‬ ‫جَة‬ ‫عن اآللهةِ‬ ‫والحرب‬ ‫ِ‬ ‫وخياناتِ‬ ‫أبطال المالحم‬ ‫ِ‬

‫فلتخب ِر اهلل‬ ‫راض‬ ‫أنني غيرُ ٍ‬ ‫عن الطريقةِ‬ ‫التى اصطفاني‬ ‫بها نبيًّا‬

‫ال أحد منا يفهم ما يريد‪,‬‬

‫أكلم الناس‬

‫ولماذا يفضل المشي قليال‪ ،‬لتخفيف وزنه المثقل‬

‫ابتلعها الظالم فجأة‪،‬‬

‫دِر احتياجي للصحو‬ ‫ي َق ّ‬

‫فى المهدِ‬

‫باليأس‬

‫وطفحت فوق جلدي مقبرة‪.‬‬

‫وبالنوايا السيئة‪،‬‬

‫بقبور ليس فيها أحد‪،‬‬

‫واحتياجَ المط ِر للمكوثِ‬

‫صبيا‬

‫وماذا تريد جدرانه منا‬

‫غير أمنياتنا التي ما تزال تقاوم الغرق‪.‬‬

‫لستُ سي ًئا‬ ‫مادام المُناخُ‬

‫اليد التي مددتها في الفراغ‬


‫العدد ‪1007‬‬

‫من يعلم �أكرث‪،‬‬ ‫ي�شقى �أكرث!‬ ‫ابتسمتُ بمتعة كبيرة وأنا أستمع إلى قاضي القرية وهو يتلو على‬ ‫مسامع الجماهير الغفيرة التي امتألت بهم فضاء المحكمة هذا الصباح قرارا‬ ‫يقضي بإعدامي شنقا عند شجرة التين الكبيرة في عصر هذا اليوم ‪.‬‬ ‫ابتسمتُ ألني سأتخلص أخيرا من سر ظل جاثما في صدري كل هذه‬ ‫السنين وكنت قد عاهدت والدتي أن ال أبوح به لمخلوق أبدا‪.‬‬ ‫الزلت أتذكر وانا طفل صغير عندما حذرتني والدتي من مغبة‬ ‫الحديث إلى الناس عن السر الخطير الذي اكتشفته صدفة في نفسي‪ ،‬قالت‬ ‫المسكينة بحزن‪ « :‬لو علم الناس بذلك فلن يصدقوك وسوف يأمر حاكم‬ ‫البلدةبسجنك»‪.‬‬ ‫ما الضير اآلن لو حكيتُ وبُحت؟ فليس هناك عقوبة أسوأ من اإلعدام‬ ‫الذي ينتظرني عصر هذا اليوم‪ ،‬أجمل ما في قرار موتي أنه سيلغي كل‬ ‫األحكام األخرى‪ ،‬فهناك حتما جوانب مضيئة يبدع فيها الموت إذ سيمنحني‬ ‫ترف البوح!‬ ‫اآلن بإمكاني أن أحكي‪ ،‬كيف اكتشفتُ أني أتقن القراءة والكتابة حتى‬ ‫قبل ولوجي للمدرسة الوحيدة في القرية مثل بقية الصبيان‪ ،‬تعلمت ذلك‬ ‫وأنا الزلت في بطن والدتي‪ ،‬وأنا جنين كنت أشعر بها تضع كفيها الرطبتين‬ ‫فوق سطح بطنها المنتفخة ثم تناديني‪ ،‬فأسمعها‪ .‬كنت أتفاعل مع ندائها‬ ‫بأن أضع كفيّ الرخوتين فوق الجدار اآلخر من بطنها لكي أستقبل ذبذبات‬ ‫إشارات أناملها القادمة من الخارج‪ ،‬وهكذا طيلة األشهر التسعة التي مكثتها‬ ‫في أحشائها تعلمت كثيرا عن العالم الخارجي الذي أتأهب للقدوم إليه‪.‬‬ ‫ال أدري لماذا كان يتضايق مني المعلم في الفصل ويعاقبني عندما‬ ‫وجدني أعلم منه بقواعد اللغة وأسرع في تفكيك المعادالت الرياضية؟‪،‬‬ ‫سألني مرة‪ « :‬أين تعلمت تركيب الجمل « ‪ ،‬فقلت ببراءة األطفال‪ « :‬في‬ ‫بطن والدتي‪ ،‬عندما كنت جنينا» !‬ ‫ال أدري لماذا غضب مني وصفعني بقوة وأمر بطردي من المدرسة؟‬ ‫قصدت الغابة ثم جلست أبكي وحيدا تحت شجرة البلوط المترامية‬ ‫األغصان‪ ،‬فإذا أحدهم يهمس في أذني « ال تكترث يا صديقي فقدر من‬ ‫يعلم أكثر أن يشقى أكثر»‪.‬‬ ‫صرت أبحث عن صاحب الصوت فلم أجد أحدا‪ ،‬نهضت من مكاني‬ ‫فبدت الغابة من حولي شاسعة جدا وخالية من البشر‪ .‬كاد الصمت أن يكون‬ ‫مطبقا لوال حفيف أوراق الشجر وزقزقة فراخ عصافير في أعشاشها ونقيق‬ ‫ضفدع يركب ورقة شجرة اللوتس الفاتنة تسبح في بركة ماء مجاورة‪،‬‬ ‫كدت أن أقنع نفسي أن الصوت الذي سمعته قبل قليل لم يكن حقيقيا‬ ‫إنما تهيأ لي فقط ‪ ،‬فسمعت من جديد همسا خفيفا جهة كتفي األيمن‪،‬‬ ‫التفتُ فبصرت عجبا نملة صغيرة تخاطبني‪ « :‬ال أعتقد أن بصرك ضعيفا‬ ‫إلى الحد الذي أخاطبك وأنا قريبة جدا منك فال تراني؟» ‪ ،‬قبل أن أستفيق من‬ ‫دهشتي رد الضفدع ضاحكا‪ « :‬مشكلتك أيتها النملة أن صوتك أكبر منك‬ ‫«‪ ،‬فصاحت عصفورة من وسط عش الفراخ « بسبب صراخكما المستمر لم‬ ‫تستطع صغاري النوم « ‪.‬‬ ‫ركدت نحو كوخنا وأنا أتمتم من دهشتي وفرحتي معا « إني أفهم‬ ‫لغة الحيوان «!‬ ‫ارتميت في أحضان والدتي‪ ،‬كانت أنفاسي متسارعة جدا حتى أنني لم‬ ‫أقوى على الكالم ‪ ،‬بلعت بصعوبة ريقي وأنا أضع كفي فوق قفص صدري‬ ‫المرتجف محاوال أن أسترجع أنفاسي المتقطعة‪ ،‬فقلت بحماس ‪ »:‬اكتشفتُ‬ ‫في الغابة أمرا خطيرا‪ ،‬اكتشفت أني أتقن لغة الحيوانات « !‬ ‫لم أدر لماذا حزنتْ والدتي‪ ،‬شعرتُ وكأنها صارت مشفقة عليّ من‬ ‫شيء ال أعلمه بالضبط‪ ،‬ثم طلبت مني أن يبقى هذا األمر سرا بيننا نحن‬ ‫اإلثنان وأن ال أحدث به أحدا‪ ،‬قالت المسكينة بحزن ‪ « :‬لو علم الناس بذلك‬ ‫فلن يصدقوك‪ ،‬وسيأمر حاكم البلدة بان تقيد بسالسل وأغالل في باحة‬ ‫الضريح حتى تبرأ من هلوسات الجني الذي يسكنك»‪.‬‬ ‫بعد أن عهدتها على كتمان السر قمت إلى خارج الكوخ‪ ،‬خُيل لي‬ ‫وكأني سمعتها تقول‪ « :‬ستشقى كثيرا يا ولدي‪ ،‬من يعلم أكثر يشقى أكثر»‪.‬‬ ‫بعد أن انقطعتُ عن الذهاب إلى المدرسة صرت أقضي جل يومي‬ ‫في الحقل الصغير الذي ورثناه عن والدي‪ ،‬كنت أشعر بمتعة لذيذة وأنا‬ ‫أعمل في فالحة األرض مستمتعا بالحديث واللعب مع العصافير والفراشات‬ ‫‪ .‬كان حقلي الصغير مكتظا بمختلف أنواع الطيور التي تحط فوق شجيرات‬ ‫البستان وزرعه ‪ ،‬لم أضع قط مثل بقية الفالحين تلك المجسمات والهياكل‬ ‫القصبية في البستان إلخافة العصافير‪ ،‬لقد تعلمت وأنا مازلت جنينا‪ ،‬أنه من‬ ‫الجبن ترويع الطيور وإخافتهم ‪.‬‬ ‫وألن الطيبين يرحلون باكرا توفيت والدتي ولم أكن قد أكملت بعد‬ ‫عامي الخامس عشر‪ ،‬كان عليّ أن أتعود العيش مع عمتي‪ ،‬ال أدري لماذا‬ ‫كانت الطيور تخاف منها‪ ،‬مجرد أن تلج عمتي بوابة البستان حتى تضرب‬ ‫العصافير بقوة بجناحيها وتطير فتكتظ السماء بالطيور الهاربة ‪ ،‬أنا أيضا‬ ‫بت أخشاها وكم وددت لو أني أملك جناحين ألطير بعيدا نحو فضاء السماء‬ ‫الرحب‪.‬‬ ‫ذات ليلة سمعت نقرا خفيفا على نافذتي‪ ،‬استيقظت فوجدت الهدهد‬ ‫يرتجف من الخوف‪ ،‬أخبرني أن مصيبة حلت بالبستان!‬ ‫تسللت كقط من بين دفتي النافذة وذهبت جريا نحو الحقل‪ ،‬هالني‬ ‫كثيرا مشهد الطيور الحزينة وهي في األقفاص‪.‬‬ ‫اه منك عمتي كيف طاوعتك نفسك أن تروعي طيورا آمنة في أعشاشها‬ ‫وتسجينيها في األقفاص؟ ماذا لو افتقدت الفراشات األمان وهاجرت بعيدا‬ ‫عن القرية؟ ومن سيغري العصافير بالغناء زمن الخوف؟‪ ،‬قمت وفتحت أبواب‬ ‫األقفاص‪ ،‬ولكي تنتقم مني عمتي جيدا أرسلتني لكي أشتغل عند زوجها‬ ‫الشرير‪.‬‬

‫الشمال الثقافي‬

‫الثالثـاء ‪� 20‬إلى ‪ 26‬غ�شت ‪2019‬‬

‫‪12‬‬

‫النقاد‬ ‫الشعراء‬ ‫محمد بنقدور الوهراني‬

‫القاص محمد الجباري‪ /‬هولندا‬ ‫كان زوج عمتي بحارا‪ ،‬يملك زورقا صغيرا للصيد‪ ،‬تحكي عجائز القرية‬ ‫أنه كان في األصل قاطع طريق يشتغل رفقة عصابات قراصنة البحر‪ ،‬وفي‬ ‫إحدى معاركه فقد رجله اليمنى ّ‬ ‫وركب مكانها عصا غليظة من الخشب‪ ،‬وفي‬ ‫معركة أخرى أصاب البارود احدى عينيه فوضع عليها عصابة من الجلد‪،‬‬ ‫منظره هذا كان يثير الرعب في وجوه كل األطفال‪...‬‬ ‫أنا الذي كنت ال أجرأ مجرد االقتراب منه إال عندما يكون محاطا بزحمة‬ ‫من الناس لكي أحتمي بهم‪ ،‬كيف سأتحمل معاشرته في مكان خال إال مني‬ ‫ومنه والبحر؟‬ ‫ظل طوال اليوم ونحن في البحر يلعن قدره الذي لم يجد عليه ولو‬ ‫بسمكة واحدة‪ ،‬فكان ينظر إلي من حين آلخر بغضب وكأني أنا سبب حظه‬ ‫العاثر‪ ،‬فكان ذلك يسبب لي مزيدا من الخوف واالرتباك‪.‬‬ ‫ونحن نتهيأ للعودة أمرني بسحب الشبكة من الماء‪ ،‬هذه المرة‬ ‫لم تكن فارغة‪ ،‬لقد علقت بها سمكة « الشابل « النادرة‪ ،‬فرح زوج عمتي‬ ‫وصار يرقص وسط القارب كالمجنون‪ ،‬ممنيا نفسه بالجائزة الكبرى التي‬ ‫خصصها حاكم البلدة لمن يأتيه بسمك « الشابل»‪ ،‬حيث أخبره الحكماء‬ ‫أن داء البرص الذي ظهر على جلد وجهه فجأة ال يبرأه إال سمك الشابل‬ ‫المنقرض‪ ،‬ولم يفلح الصيادون الكثر في اصطياده والفوز بالجائزة ‪ ،‬وضع‬ ‫زوج عمتي السمكة في آنية ممتلئة بالماء لتحافظ على طراوتها وجلس‬ ‫أسفل القارب يدخن حشيشه تارة ويمسك بقنينة خمر يفرغها في جوفه‬ ‫تارة أخرى‪ ،‬حتى نام‪.‬‬ ‫اقتربتُ أكثر من اآلنية فوجدت السمكة تبكي بمرارة وغبن شديدين‬ ‫فقلت لها ‪:‬‬ ‫ يؤسفني أن أراك على هذا الحال أيتها السمكة‪ ،‬هل أستطيع أن‬‫أفعل لك شيأً؟‬ ‫ إني لست حزينة من أجلي‪ ،‬فنحن األسماك قدرنا أن نكون غذاء‬‫للبشر‪ ،‬لكن ما يحزنني حقا أن فصيلة سمك الشابل ستنقرض‪ ،‬هل تعلم‬ ‫أيها الفتى أني السمكة الوحيدة المتبقية من هذه الفصيلة في البحر؟‬ ‫وكنت في طريقي إلى النهر لكي أضع مئات من البيض المتكدس في‬ ‫بطني قبل أن تصطادني الشبكة‪.‬‬ ‫ثم صمتت قبل أن تقول ‪:‬‬ ‫ آه لو سمحت أن تتفضل لي بساعة من الزمن ألضع بيضي في‬‫النهر ثم أعود‪.‬‬ ‫مسكتُ بالسمكة ورميتها في البحر‪ ،‬لم أفكر كثيرا في غضب زوج‬ ‫عمتي وكذا في المصيبة التي تنتظرني عندما يكتشف أني فرطت في‬ ‫السمكة ‪ ،‬لقد كنت منشغال باألهم من ذلك‪ :‬كيف أحافظ على فصيلة كاملة‬ ‫من االنقراض من المحيطات والبحار واألنهار ‪....‬‬ ‫من يخوض المعارك الكبرى تهون عليه الخسائر الجانبية مهما كانت‬ ‫فداحتها‪...‬‬ ‫عادت السمكة بعد ساعة فلم تجدنا‪ ،‬كان قد كبلني ذاك الصياد‬ ‫الشرير بالسالسل وذهب بي مقيدا إلى حاكم البلدة‪ ،‬الذي أمر بسجني‬ ‫ُ‬ ‫أشتغل طوال اليوم‪ ،‬ال أقوم سوى بحشو‬ ‫داخل معمله لصناعة البارود‪،‬‬ ‫الرصاص في البنادق‪ .‬كان عليّ أن أشتغل كثيرا فالقبيلتان المتجاورتان‬ ‫وصل بهما الخالف حد القطيعة‪ ،‬وقد تقوم الحرب بينهما في أي لحظة‪ ،‬في‬ ‫زمن الحرب تزدهر تجارة البارود خصوصا أننا معمل السالح الرئيسي الذي‬ ‫يزود القبيلتين المتحاربتين بالدخيرة والعتاد‪.‬‬ ‫من ألف أن يكون فالحا يغرس الحياة في األرض فتنمو السنابل من‬ ‫الصعب عليه أن يحشو الموت في البنادق‪.‬‬ ‫وألني درست الكمياء حين كنت جنينا في بطن والدتي فلقد اخترعت‬ ‫تركيبة عجيبة تفسد من مفعول البارود ‪ ،‬وهكذا في يوم المعركة‪ ،‬بدل أن‬ ‫تطلق البنادق والمدافع والرشاشات بارودا صارت تطلق صباغة وألوانا‪...‬‬ ‫وأضحى الجنود يتراشقون باأللوان بدل الرصاص والنار!‬ ‫فرح أطفال القبيلتين المتجاورتين والمتحاربتين حين تحولت ساحة‬ ‫المعركة إلى مهرجان وفلكلور لأللوان وغضب مني الحاكم والساسة وتجار‬ ‫السالح‪ ،‬بينما القاضي حكم علي باإلعدام شنقا عصر هذا اليوم عند شجرة‬ ‫التينالكبيرة‪.‬‬ ‫وها أنا اآلن مقيد بالحبال في جدع الشجرة وقد قرُبت ساعة اإلعدام‪،‬‬ ‫أسمعُ صوتا يناديني من فوق‪ ،‬أرفع رأسي فإذا بنسر عمالق فاردا جناحيه‬ ‫يغطي السماء ويتأهب أن يحط بمخالب قدميه الكبيرتين فوق الشجرة‪،‬‬ ‫وهو يقول‪:‬‬ ‫ جئت لكي أحملك على ظهري وأهرب بك بعيدا عن هذه األرض‪ ،‬كن‬‫حذرا سوف أمزّق بمخالبي الحادة حبالك‪ ،‬وما عليك إال أن تتمسك بي جيدا‪.‬‬ ‫ ال داع أيها النسر الطيب‪ ،‬ابتعد عني‪ ،‬ماذا سيقول عني أهالي القرية‬‫البسطاء حين يشاهدون أني أركب ظهر نسر وأطير في السماء؟ ربما‬ ‫عقولهم الصغيرة ال تستوعب هذا الموقف‪ ،‬وقد يعتقدون أني في مرتبة‬ ‫أعلى البشر ‪ ،‬وقد يظنون أني نبيا أو إلها فيعبدونني بدل اهلل‪ ،‬ماذا لو ألف‬ ‫الناس عبادة البشر بدل الرب؟‬ ‫صرت أهش بيدي على النسر حتى يبتعد‪ ،‬والحبل يُلف حول عنقي‪،‬‬ ‫بينما الطير لم يغادر محيط الشجرة كان يحدوه األمل إلى آخر لحظة أن‬ ‫أمسك به وأطير‪ ،‬فقالت النملة التي ألفت أن ترافقني فوق كتفي األيمن‬ ‫مخاطبةالنسر‪:‬‬ ‫‪ -‬ال تتعب نفسك كثيرا‪ ،‬فهذا حال من يعلم أكثر يشقى أكثر !‬

‫أبرز نقاد الشعر في المغرب‪ ،‬الذين درسوا وحللوا وأطروا الشعر‬ ‫المغربي الحديث‪ ،‬كانوا شعراء؛‬ ‫أولهم (أحمد المجاطي)‪ ،‬في كتابه ظاهرة الشعر الحديث‪ ،‬ثم (محمد‬ ‫بنيس) الذي اهتم بجيل الستينات في كتابه ظاهرة الشعر المعاصر في‬ ‫المغرب‪ ،‬فـ(عبد اهلل راجع) الذي اهتم بالجيل السبعيني في أطروحته‬ ‫القصيدة المغربية المعاصرة‪.‬‬ ‫جاء بعدهم (صالح بوسريف)‪ ،‬فاهتم بجيل الثمانينيات‪ ،‬وألف كتابه‬ ‫(المغايرة واالختالف في الشعر المغربي المعاصر) كرد فعل موضوعي وفني‬ ‫وجمالي على اإلقصاء المتعمد الذي تعرض له جيله‪.‬‬ ‫صالح بوسريــف كان‪ ،‬والزال‪ ،‬يتساءل عن سبـب اهتمـــام النقاد‬ ‫والمتتبعين بتجربة الستينيات والسبعينيين فقط‪ ،‬بدون االلتفات إلى‬ ‫تجربة الثمانينيين‪ ،‬إال بشكل استثنائي أو فيما ندر‪.‬‬ ‫هل يمكن اعتبار كتاب صالح بوسريف (المغايرة واالختالف في الشعر‬ ‫المغربي المعاصر) تبنيا لهذا الجيل ودفاعا عنه وعن وجوده؟‬ ‫وهل يمكن اعتبار كتاب المغايرة واالختالف تتمة موضوعية لكتاب‬ ‫محمد بنيس (ظاهرة الشعر المعصر في المغرب) الذي اهتم بجيل‬ ‫الستينيات‪ ،‬وكتاب عبد اهلل راجع (القصيدة المغربية المعاصرة) الذي اهتم‬ ‫بجيل السبعينات؟‬ ‫مثل هذه األسئلة ومثل هذه القضايا وهذه اإلشكاالت كان من‬ ‫المفروض أن يعالجها النقاد عوض الشعراء‪.‬‬ ‫بعد هؤالء‪ ،‬توالت اهتمامات بعض الشعراء المغاربة بالتجربة الشعرية‬ ‫المغربية الحديثة‪ ،‬سواء في شكل أطروحات أو دراسات أو متابعات‪ ،‬ولكن‬ ‫بدون تخصص نقدي يجعل من مثل هذه االهتمامات تحقق تراكما نقديا‬ ‫يمكنه من تتمة ما بدأه الشعراء النقاد الواردة أسماؤهم أعاله‪.‬‬ ‫في نفس السياق‪ ،‬ظهر الشاعر (عبد اللطيف الوراري) ليغرد من‬ ‫داخل سرب الشعراء النقاد‪ ،‬وخاصة في كتابه (في راهن الشعر المغربي‪،‬‬ ‫من الجيل إلى الحساسية)‪ ،‬الذي حاول فيه أن يقرأ التجربة الجديدة‪ ،‬في‬ ‫التسعينيات وما تالها‪ ،‬ليس اعتمادا على تصنيف الجيل الزمني‪ ،‬ولكن من‬ ‫جانب الحساسيات الشعرية المتباينة التي كانت غالبا ما تعتمد على قتل‬ ‫األب الشعري والبدء من درجة الصفر في الكتابة الشعرية‪ ،‬اعتمادا على‬ ‫شماعة التجريب الذي كانت سيئاته أكثر من حسناته‪.‬‬ ‫لكل هذا‪ ،‬وأنت تقرأ مجاميع هؤالء الشعراء الشعرية‪ ،‬تجد نفسك في‬ ‫كامل االنتباه‪ ،‬وفي منتهى الجاهزية لإلحاطة بالنص الشعري وخلفيته‬ ‫النقدية والمعرفية‪.‬‬ ‫وأنت تقرأ‪ ،‬شعريا‪ ،‬أحمد المجاطي ومحمد بنيس وَعَبد اهلل راجع‬ ‫وصالح بوسريف وعبد اللطيف الوراري‪ ،‬ال يمكنك إال أن تتساءل‪:‬‬ ‫كيف يستطيع الشاعر أن يتعامل مع قصيدته بمنطق الناقد الباحث‬ ‫الذي يسكنه؟‬ ‫وهل يتدخل مشرط الناقد في ما ال يعنيه من شرارة الشاعر؟‬ ‫منتهى الصعوبة هي‪ ،‬عندما يكتب الشاعر وهو محكوم بخلفية الناقد‪،‬‬ ‫ومنتهى الصعوبة‪ ،‬هي أن تقرأ لشاعر هو في نفس الوقت‪ ،‬ناقد‪.‬‬ ‫وأنت تقرأ (الفروسية)‪ ،‬وتقرأ (ورقة البهاء) وغيرها‪ ،‬وتقرأ (فاكهة الليل)‬ ‫وغيرها‪ ،‬وتقرأ (من علو هاوية) وغيره‪ ،‬وأنت تقرأ هذا لن تجد في نفسك‬ ‫سوى الحرائق التي يشعلها الشعراء أحمد المجاطي ومحمد بنيس وَعَبد‬ ‫اهلل راجع وصالح بوسريف وعبد اللطيف الوراري‪ ،‬في طريقهم الشعرية‪.‬‬ ‫هل تنزوي شخصية الناقد عند المجاطي وبنيس وراجع وبوسريف‬ ‫والوراري‪ ،‬بعيدا لتحرس النصوص الشعرية‪ ،‬أم تظهر لنا بين القصائد بارزة‬ ‫متحركة‪ ،‬ونحن نطالع أعمالهم الشعرية؟‬ ‫هل نستطيع تغييب أو استحضار أعمال هؤال الشعرية ونحن نراجع‬ ‫ونرجع إلى كتبهم النقدية؟‬ ‫الشعراء النقاد واقع شعري مغربي يكاد يكون تقليدا مغربيا خالصا‪،‬‬ ‫يبقى البحث عن تبرير له مرتبطا بالواقع الشعري المغربي نفسه‪ ،‬وبظروفه‬ ‫الذاتية والموضوعية التي أوجدته‪.‬‬ ‫يبقى السؤال‪ ،‬هل كانت والزالت ألعمال الشعراء المغاربة النقدية‬ ‫جدوى علمية ومبرر تاريخي ومردودية شعرية؟‬ ‫لنبحث عن الجواب في حاضر الشعر المغربي‪ ،‬سوف نرى عجبا‪.‬‬


‫الثالثـاء ‪� 20‬إلى ‪ 26‬غ�شت ‪2019‬‬

‫العدد ‪1007‬‬

‫عالم من‬ ‫�أ‬ ‫املغرب ‪:‬‬ ‫�شمال‬

‫الفقيه محمد بن محمد اللواجري‬

‫اسمه ونسبه‪:‬‬ ‫هو محمد بن مُحمد بن امحمد بن محمد بن محمد َّ‬ ‫واجري‬ ‫الل ِ‬ ‫التّطواني‪.‬‬ ‫وهو حفيد العالمة القاضي عبدالرّحمن الحائك‪ ،‬من جهة األمّ‪.‬‬ ‫من عائلة قديمة بتطوان‪ ،‬كان منها‪:‬‬ ‫الحاج مَحمد بن المعلم عبدالسالم اللواجري الذي كان حيا بتطوان‬ ‫عام ‪1194‬هـ‪1780/‬م‪.‬‬ ‫وعبدالكريم بن عبدالسالم اللواجري عام ‪1215‬هـ‪1800/‬م‪.‬‬ ‫وعبدالكريم اللواجري كان من جملة النّواب الذين تولوا حكم‬ ‫تطوان بالنيابة عن قائدها محمد السالوي (ت‪1230‬هـ‪1815/‬م)‪.‬‬ ‫ومحمد بن مَحمد اللواجري من جملة المقومين وأرباب البصر‬ ‫بتطوان عام ‪1265‬هـ‪1849/‬م‪.‬‬ ‫والدته‪:‬‬ ‫وُلد بتطوان سنة ‪1286‬هـ‪1870 /‬م‪.‬‬ ‫نشأته وطلبه للعلم‪:‬‬ ‫نشأ بتطوان حيث حفظ القرآن الكريم على الفقيه المقرئ المتقن‬ ‫سيدي أحمد السالسي (ت‪1306‬هـ‪1889/‬م)‪ ،‬ثم تل ّقى فنون العلم من‬ ‫نحو وعربية وفقه على علماء تطوان؛ أمثال‪:‬‬ ‫ •‬

‫أحمد بن محمد السلوي (ت‪1320‬هـ‪1903/‬م)‪.‬‬

‫ •‬

‫محمد بن أحمد البقالي (ت‪1336‬هـ‪1918/‬م)‪.‬‬

‫ •‬

‫محمد بن محمد األبار (ت‪1337‬هـ‪1919/‬م)‪.‬‬ ‫محمد بن ّ‬ ‫الطاهر الزّوّاقي (ت‪1347‬هـ‪1929/‬م)‪.‬‬

‫ •‬

‫ثمّ رحل إلى فاس لاللتحاق بجامع القرويين‪ ،‬أوائل عام‬ ‫‪1315‬هـ‪1898/‬م‪ ،‬فقرأ على أشياخه؛ أمثال‪:‬‬ ‫ •‬

‫‪13‬‬

‫الكامل األمراني (ت‪1321‬هـ‪1904/‬م)‪.‬‬

‫موائدُ الحرفِ‬

‫(ديوان فوائد وعوائد ومحا�ضرات)‬

‫ •‬

‫أحمد بن الخياط الزكاري (ت ‪1343‬هـ‪1925/‬م)‪.‬‬

‫ •‬

‫محمد بن جعفر الكتاني (ت‪1345‬هـ‪1927 /‬م)‪.‬‬

‫وظائفه‪:‬‬ ‫وبعد رجوعه من فاس أوائل عام ‪1319‬هـ‪1902/‬م استقر بمدينة‬ ‫تطوان‪ ،‬وانقطع فيها ل‪:‬‬ ‫الوعظ بالمساجد؛ فوعظ في جامع السوق الفوقي‪ ،‬وجامع‬ ‫ •‬ ‫الطرنكات‪ .‬لكنه بعد انقطع في بيته انقطاعا ك ّليا مدّة‪ ،‬ممّا اعتبره أهل‬ ‫تطوان خسارة كبيرة لهيأة الوعظ واإلرشاد؛ كما قال الفقيه محمد داود‪.‬‬ ‫اإلفتاء‪ :‬ومن فتاويه ما احتفظ به الفقيه محمد بوخبزة في‬ ‫ •‬ ‫كتابه سقيط الآلل‪ ،‬قال‪( :‬حدّثني الفقيه القاضي أبو العبّاس أحمد بن‬ ‫محمد ابن تاويت الودراسي ثم التطواني ّ‬ ‫أن والده شيخنا سيدي محمد‬ ‫بن عمر كان زوّج إحدى بناته البن حمزة ثمّ ّ‬ ‫إن هذا استكثر مصاريف‬ ‫العُرس‪ ،‬فط ّلق المرأة قبل الدخول‪ ،‬وكان رجال فقيرا‪ ،‬فاستفتى الفقيه‬ ‫ابن تاويت الفقيه محمّدا اللواجري الورع المشهور‪ ،‬فأفتاه بأن للمرأة‬ ‫نصف الصّداق‪ ،‬فأخبره الفقيه ّ‬ ‫بأن الزّوج المط ّلق فقير مملق‪ ،‬فقال له‪:‬‬ ‫ولماذا تسامحه في ح ّقك‪ .‬ثم إن الفقيه ابن تاويت األب كان اشترى‬ ‫ِجنانًا من السيّد البرّاق‪ ،‬فجاءه مرة البائع يستقيله البيع‪ ،‬ويذكر له ّ‬ ‫أن‬ ‫بجنانهم‪ ،‬وأنهم يَرْجُون اإلقالة‪ ،‬فسأل‬ ‫أوالده وزوجه لم تسمح أنفسهم ِ‬ ‫الفقيه اللواجري كذلك‪ ،‬فقال له‪ :‬قل للبراق أنت أيضا‪ّ :‬‬ ‫إن أوالدك َف ِرحُون‬ ‫بالجنان‪ ،‬وأنهم ال يسمحون برَدّه)‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫حاله‪ :‬ظل عزبا طيلة حياته لم يتزوج‪.‬‬ ‫صفاته‪:‬‬ ‫قال الفقيه محمد داود‪( :‬كان رحمه اهلل فصيح اللسان‪ ،‬وله صوت من‬ ‫أحسن األصوات‪ ،‬وكانت له ملكة وتفنّن في تنويع النغمات‪ ،‬زيادة على ما‬ ‫منحه اهلل من الخشوع والقبول‪ ،‬فكانت مجالس وعظه عامرة‪ ،‬وكان وعظه‬ ‫يؤثر في النّفوس غاية التأثير‪ ..‬وكان فيه من الزهد والورع والتّوكل ما‬ ‫يضرب به المثل بين سائر ّ‬ ‫الطبقات)‪ .‬عائالت تطوان ‪.2/245‬‬ ‫كتابته ومكتبته‪ :‬لم ُ‬ ‫يَكن رحمه اهلل ذا اعتناء بالتّأليف سوى ما‬ ‫ّ‬ ‫خطه يراعه في مذكرة له‪ .‬أمّا مكتبته فال شكّ أنّه قد جمع فيها بعض‬ ‫النفائس المخطوطة‪ ،‬ومن ذلك أنّها احتفظت بنسخة مسندة فريدة من‬

‫د‪ .‬بدر العمراني‬

‫طب العرب لعبدالملك بن حبيب‪ ،‬وعنها نُشرت بتحقيقي‪.‬‬ ‫شهادات قيلت فيه‪:‬‬ ‫قال الفقيه أحمد الرهوني‪( :‬زاهد عصره وورعه‪ ،‬الفقيه العالمة‬ ‫المح ّقق ‪ ..‬هيّأه اهلل بفضله لوعظ النّاس‪ ،‬وتذكيرهم أمر ربّهم‪،‬‬ ‫واألمر بالمعروف‪ ،‬والنهي عن المنكر‪ ،‬مع استعمال ما يُمكنه من الحيلة‬ ‫والسياسة في ذلك‪ ،‬حتّى ال يُثير الخواطر ضدّه‪ .‬ويُقاسي مع ذلك‬ ‫الشّدائد وال يُبالي؛ ألنّه مخلص في أعماله‪ ..‬وقد آتاه اهلل صوتا حسنا‬ ‫ولسانا فصيحا‪ ،‬وقدرة على التعبير‪ ،‬يخلب بها األلباب‪ ،‬مع صفاء الباطن‪،‬‬ ‫وسالمته من الحقد على أحد من النّاس‪ ،‬ورُزق من حُسن التالوة لكتاب‬ ‫اهلل‪ ،‬عزّ وجل‪ ،‬ما لم يرزقه أحد في عصره بتطوان)‪.‬‬ ‫قال الفقيه محمّد داود رحمه اهلل‪( :‬الفقيه العدل الرجل الصالح‬ ‫الواعظ الورع الزاهد‪ ..‬كانت له مشاركة في العلوم‪ ،‬وخصوصا العربية‪،‬‬ ‫فال تسمع منه لحنا أبدا‪ ،‬مع اطالع على السّنّة النّبوية التي كان يقتفي‬ ‫أثرها في أقواله وأفعاله)‪.‬‬ ‫وقال الفقيه محمّد بوخبزة حفظه اهلل في سقيط الآلل‪( :‬وأمر الفقيه‬ ‫اللواجري هذا ممّا حيّرني من شؤون كثير من أهل العلم من المغاربة‬ ‫وغيرهم‪ ،‬فقد عرفته عالما نحويا فقيها مشاركا في القراآت وغيرها‪ ،‬ورعا‬ ‫زاهدا صالحا‪ ،‬لم يتلبّس بعمل السّلطان‪ ،‬وال خالط أهله‪ ،‬وكان أمّارا‬ ‫بالمعروف‪ ،‬نها ًء عن المنكر‪ ،‬يُجابه العمال والوزراء بالحقّ ‪ ..‬وسلك في‬ ‫حياته مسلكا غريبا ربما كان سببه شدّة ورعه وخوفه ووسوته‪ ،‬ذلك أنه‬ ‫اعتزل في داره فلم يشهد جماعة وال جمعة وال عيدا‪ ،‬ومنارة الجامع الكبير‬ ‫فوق رأسه وداره على غلوة سهم من باب الجامع‪ ،‬وكان يجالس زائريه‪،‬‬ ‫ويستقصي في سؤاله عنهم وعن أحوالهم وأحوال معارفهم‪ ،‬ثم اطلعت‬ ‫على إجازات له أجيز بها من طرف مشايخ بطرق صوفية؛ منها التجانية‪.)..‬‬ ‫وفاته‪ :‬لقي ربه رحمه اهلل في ‪ 05‬شوال سنة ‪1364‬هـ‪ 12/‬شتنبر‬ ‫‪1945‬م‪ ،‬ودفن بباب المقابر بتطوان‪.‬‬ ‫مصادر الترجمة‪:‬‬ ‫ عمدة الراوين في تاريخ ّ‬‫تطاوين ‪.5/181-182‬‬ ‫ عائالت تطوان لمحمد داود ‪.2/245-246‬‬‫‪ -‬سقيط الآلل وأنس الليال لمحمد بوخبزة ‪.71‬‬

‫بين دفتيّ هذا َ‬ ‫شكــول فوائـــدُ في الفقــه واألصول والتاريخ‬ ‫الك‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ونخيلـــة‬ ‫حصيلــــة مطالــعـــاتٍ وسماعــاتٍ‪،‬‬ ‫واللغـــة واألدب‪ ،‬وهـــي‬ ‫ٌ‬ ‫وبـــاعــــث على‬ ‫لإلينــاس‪،‬‬ ‫تحقيقاتٍ وجواباتٍ‪ ،‬وتنـــوُّعهـا مجلبـــ ٌة‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫التروّح؛ َّ‬ ‫التنقل بين‬ ‫وتستـــروحُ إلى‬ ‫النمط الواحدَ‪،‬‬ ‫ألن النفس تسأمُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫أفانين الكالم‪ ..‬ولعل القارىء يجد فيها متنفسهُ إذا تم ّلكه الضجرُ‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫الوحشة‪ ..‬واهلل الهادي إلى سواء السبيل‪.‬‬ ‫واستفرغتهُ‬

‫فــائــدة �أدبـ َّي ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫ـــة‬ ‫‪. 11‬‬

‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫الكلمة ويقر ُ‬ ‫ِّطها كدميةٍ من دُمى العيد‪ ..‬وله في النقد‬ ‫مصقول يُشنِّفُ‬ ‫مارون عبّود (ت ‪1962‬م)‪ :‬قلمٌ‬ ‫ُ‬ ‫العين‪..‬‬ ‫ء‬ ‫بما‬ ‫تُشترى‬ ‫الكاملة‬ ‫وأعمالهُ‬ ‫صوالتُ وجوالتٌ‪ ،‬وعلى الفصحى أكثرُ من يدٍ ومِنَّةٍ‪،‬‬ ‫ِ ِ‬ ‫َ‬ ‫فاطمة‪ ،‬إكباراً لنبيّنا محمدٍ صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬مع كونه نصرانياً‪ ،‬وكان يُباهي‬ ‫سمَّى ابنه محمَّداً‪ ،‬وابنته‬ ‫بذلك‪ ..‬ونظيرهُ في أدبا ِء َّ‬ ‫ملتهِ عزيزٌ عزيزٌ!‬

‫ُ‬ ‫كتاب �أ�صو ٍّ‬ ‫فقهي‬ ‫‪. 12‬‬ ‫يل ٍّ‬ ‫تقريظ ٍ‬

‫‪-‬‬

‫بقلم‪:‬‬

‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫النّابغة ّ‬ ‫تقريظ رسالته في الماجستير‪ ( :‬تفاوتُ‬ ‫الط َلعة محمد حسين األحمد السوريُّ‬ ‫الباحث‬ ‫طلبَ مني‬ ‫ثبوت الخبر عند األصوليين وأثره في اختالف الفقهاء)‪ ،‬وكنت أحد المناقشين لها في رحاب كلية الشريعة بجامعة‬ ‫الشارقة‪ ،‬فلبيّتُ رغبته تقديراً لقلمه الطليِّ‪ ،‬وكفايته البحثيّةِ‪ ،‬وأجريتُ القلمَ في كتابةِ هذا التقريظ‪:‬‬ ‫ٌ‬ ‫« َّ‬ ‫ملحوظ في مدوَّناتهم‪ ،‬وعليه مدارُ بعض خالفهم‪،‬‬ ‫إن تفاوتَ ثبوتِ الخب ِر عند األصوليين‪ ،‬أمرٌ‬ ‫العمل به‪ ،‬مما كان له األثرُ‬ ‫وشرائطِ‬ ‫واآلحادِ‬ ‫َّصل ومراتبهِ‪،‬‬ ‫فقد تشعّب النَّظرُ في‬ ‫ِ‬ ‫المنقطع وحجيّتهِ‪ ،‬والمت ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫فروع الفقهِ‪ ،‬وخالفِ أصحابهِ‪ .‬وال غروَ؛ َّ‬ ‫إعمال الـمُدركِ‬ ‫فإن من مثاراتِ الخالفِ الفقهيِّ التَّفاوتَ في‬ ‫ِ‬ ‫المحققُ في ِ‬ ‫األصوليِّ والقاعدةِ الكليّةِ‪.‬‬ ‫الموضوع‪،‬‬ ‫الباحثين عن دراسةِ هذا‬ ‫َّرس األصوليِّ أستغربُ من عزوفِ‬ ‫أوائل‬ ‫ِ‬ ‫وقد كنتُ في ِ‬ ‫ِ‬ ‫اإلقبال على الد ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫الباحث المقتدرُ محمد حسين األحمد إلحراز‬ ‫الحسن ما فيهِ‪ ،‬حتّى نَهَد‬ ‫وسب ِر غورهِ األصوليِّ‪ ،‬وفيه من العائدِ‬ ‫ِ‬ ‫َّبق في رسالته الموسومة بعنوان‪( :‬تفاوت ثبوت الخبر عند األصوليين وأثره في اختالف الفقهاء)‪ ،‬وكان له‬ ‫هذا الس ِ‬ ‫َ‬ ‫المسائل‪ ،‬وع ّلل‬ ‫المأمول على جادَّةٍ موثقةٍ؛ إذ استقصى األقوال في‬ ‫من الـمُكنةِ األصوليّةِ واللغويَّةِ ما يبلغه‬ ‫ِ‬ ‫جولة أحوذيٍّ‪ ،‬صائداً ُ‬ ‫َّطبيق َ‬ ‫َّرجيح‪َ ،‬‬ ‫َّ‬ ‫الـمُث َل‬ ‫واستقل بالت‬ ‫أوسع ما يتأتّى‪،‬‬ ‫وجال في ميدانِ الت ِ‬ ‫َّصحيح والت ِ‬ ‫ِ‬ ‫الخالف على ِ‬ ‫َ‬ ‫الفقهيّة من بحا ِر المصاد ِر األصيلةِ األثيرةِ‪َّ .‬‬ ‫كالم األصوليين‪،‬‬ ‫وإن ما راقني ـ ح ّقاً ـ في عملهِ التأنيّ في فهم ِ‬ ‫حسن‪،‬‬ ‫بتأويل‬ ‫المخارجَ‪،‬‬ ‫يحسّن‬ ‫فتراه‬ ‫‪،‬‬ ‫َّناقض‬ ‫ت‬ ‫بال‬ ‫ودمغهم‬ ‫بتخطئتهم‬ ‫يجازفَ‬ ‫ال‬ ‫حتّى‬ ‫‪،‬‬ ‫األوسع‬ ‫سياقهِ‬ ‫واستحضارُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ُ‬ ‫المقام قوله‪( :‬وأما الدبوسيُّ فقد ذكر في كتابه «‬ ‫بأدب جمٍّ‪ .‬ومما يجمل التَّمثيل به في هذا‬ ‫ِ‬ ‫ويبسط األعذارَ ٍ‬ ‫تقويم األدلة» ما يفيد أنه ينحو في تفاوت الخبر المتصل نحواً مغايراً لعامة الحنفيةِ؛ إذ قال‪ « :‬األخبار التي يُعمل‬ ‫بها ضربان‪ :‬مشهورٌ وغريبٌ‪ ،‬فالمشهور ضربان‪ :‬ما بلغ حدَّ التواتر‪ ،‬وما اشتُهر ولم يبغ حدّ التواتر»‪ .‬فألول وهلةٍ‬ ‫قد يظنّ القارئ أن مذهبَ الدبوسيِّ في تفاوت الخب ِر المتَّصل مغايرٌ لعامةِ الحنفيَّةِ‪ ،‬ولكنَّ الدبوسيَّ عند‬ ‫الحديث عن تقسيمات ابن أبان لألخبار ذكر هذه العبارة‪« :‬ويُسمَّى العلم عن الخبر المتواتر علمَ يقين‪ ،‬وعن الخب ِر‬ ‫َ‬ ‫المستنكر علمَ ظنٍّ»‪ ،‬فهذه العبارة تزيل‬ ‫غالب الرأي‪ ،‬وعن الغريب‬ ‫المشتهر علمَ طمأنينة‪ ،‬وعن خبر الغريب علمَ ِ‬ ‫اإلشكال الذي يُمكن أن يُتوهَّمَ من العبارة األولى‪ ،‬وتجعل الخالفَ بين الدبوسيِّ وعامةِ الحنفيةِ خالفاً لفظيّاً؛‬ ‫لذلك أدرجتُ قوله ضمن قول عامةِ الحنفيّة)‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫مشرق في دنيا التأليفِ األصوليِّ‪ ،‬ولصاحبهِ شفوفٌ على األقرانِ في‬ ‫العمل مبشّراً بغدٍ‬ ‫وإذا كان هذا‬ ‫ٍ‬ ‫َّأن في ِّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫النقص على مجاريهِ ومباعثهِ‪ ،‬فكيفَ إذا كان باكور ًة أو‬ ‫عمل بشريٍّ استيال َء‬ ‫كل‬ ‫ش‬ ‫ال‬ ‫التمك ِن البحثيِّ‪ ،‬فإن‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬ ‫قطف ًة أولى للقلم ! َّ‬ ‫مالحظ عليه تدورُـ في الغالب ـ على ضمو ِر الحسِّ النقديِّ واالستدراكيِّ في مواضعَ‬ ‫وإن لي‬ ‫شتَّى من الرِّسالة‪ ،‬ومن ُ‬ ‫مُثله الصَّريحةِ‪:‬‬ ‫إن َ‬ ‫ً‬ ‫الحاكم النيسابوريِّ في (اإلكليل) أن مالكا ّ‬ ‫‪َّ . 1‬‬ ‫بإطالق‪ ،‬يحتاجُ إلى نقدٍ يج ّلي عوارَ‬ ‫يطرح المرسل‬ ‫نقل‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ُ‬ ‫الباحث بأنه رواي ٌة غيرُ مشهورةٍ‪ ،‬والصَّحيحُ أن َ‬ ‫يُقال‪ :‬إنه وهمٌ صريحٌ تتابعَ ّ‬ ‫خطئهِ‪ ،‬وهذا الن ُ‬ ‫حذاقُ‬ ‫َّقل قضى‬ ‫األصول والحديثِ على نقده‪ ،‬حتى قال ابن حجر في (النكت)‪ٌ :‬‬ ‫(نقل مستغرَبٌ‪ ،‬والمشهورُ خال ُفهُ)‪..‬‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫تبرئة ساحةِ أبي‬ ‫‪ . 2‬إن سياق الحديث عن شرائط العمل بخب ِر الواحد عند الحنفيَّةِ‪ ،‬كان يقتضي ـ لزوماً ـ‬ ‫َ‬ ‫كتقديم القياس على خبر الواحد إذا كان راويه متساه ًال في‬ ‫حنيفة ـ رحمه اهلل ـ مما عُزيَ إليه من بعض الشرائطِ‬ ‫ِ‬

‫بقلم ‪ :‬قطب الري�سوين ـ ال�شارقة ـ‬ ‫الرِّواية‪ِّ ،‬‬ ‫واطراح اآلحاد فيما تعمُّ به البلوى‪ ،‬وهذا افتئاتٌ على اإلمام ال يليق بجاللهِ وأبَّهتهِ في العلم‪ ،‬وإنما الذي‬ ‫ُ‬ ‫نوْل نُصِبَ‬ ‫على‬ ‫َّة‬ ‫ي‬ ‫الحنف‬ ‫نسجَ‬ ‫ثم‬ ‫ُّ‪،‬‬ ‫ي‬ ‫البصر‬ ‫أبان‬ ‫بن‬ ‫عيسى‬ ‫هو‬ ‫السنّةِ‪،‬‬ ‫طريق‬ ‫في‬ ‫األحراش‬ ‫هذه‬ ‫زَرْع‬ ‫بإثم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫باء ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِّ‬ ‫وصواعق ابن‬ ‫قواطع ابن السمعانيِّ‪،‬‬ ‫بالغث والسَّمين من اآلراء! وتجدُ في‬ ‫لهم‪ ،‬وفيهم أكابرُ ال تعوزهم البصار ُة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫القيّم سهاماً مفوَّق ًة إلى عيسى‪ ،‬وإنصافاً إلمام المذهب‪ ،‬جزاهما اهلل تعالى عن صنيعهما خير الجزاء‪.‬‬ ‫َّوائب‪،‬‬ ‫ش‬ ‫ال‬ ‫عن‬ ‫أما حديثي عن قلم محمد حسين األحمد‪ ،‬فأوَّلهُ إعجابٌ بطالوتهِ‪ ،‬وسماحتهِ‪ ،‬وتصوّنهِ‬ ‫ِ‬ ‫شوق‬ ‫على‬ ‫وإنهم‬ ‫ِّين‪ ،‬وسياد ُة األمة‪..‬‬ ‫وآخره رجا ٌء بأن يروضَهُ على البذل‪ ..‬إتحافاً لقرَّا ِء‬ ‫ِ‬ ‫األصول بما فيه نَفاعُ الد ِ‬ ‫ٍ‬ ‫لمنتظرون ‪.» ! ..‬‬

‫ٌ‬ ‫طريفــــة‬ ‫‪.13‬‬

‫واألنساب العراقية‪ ،‬أن الرئيس‬ ‫حدَّثني الوجيهُ السريُّ صالح مرعيّ السامرائيُّ‪ ،‬وهو مرجعٌ في البيوتات‬ ‫ِ‬ ‫صدام حسين سمع يوماً صوت ِّ‬ ‫مؤذنٍ‪ ،‬فأعجبَ بحسنه ونداوته‪ ،‬ودعاه لقصره إلكرامه‪ ،‬ولمّا دخل عليه‪ ،‬سأله‪:‬‬ ‫ـ ما حاجتك أقضيها لك ؟‬ ‫ِّ‬ ‫المؤذن‪:‬‬ ‫فأجاب‬ ‫ٌ‬ ‫مسجون‪ ،‬ومحكومٌ عليه باإلعدام‪ ،‬فأرجو العفو عنه‪.‬‬ ‫ـ أخي‬ ‫فسأل صدام‪:‬‬ ‫ـ وما سبب سجنه والحكم عليه ؟‬ ‫فأجاب المؤذن‪:‬‬ ‫ـ كان يخطب يوم الجمعة‪ ،‬وقال‪ :‬من لم يحكم بما أنزل اهلل فهو كافر‪ ..‬وصدام كافر‪..‬‬ ‫ومع أن صدَّاماً يغلظ العقوبة لمعارضيه‪ ،‬وال يتورّع عن البطش بهم‪ ،‬فقد عفا عن المسجون إكراماً لصوت‬ ‫أخيه‪ ..‬وكانت َ‬ ‫ساعة صفا ٍء وسخا ٍء أحسنَ المؤذن اغتنامها‪ ،‬وهذا من بركات األذان وال ريب !‬

‫ٌ‬ ‫ترجمــــة‬ ‫‪. 14‬‬

‫محمد عبد الملك حجاج العمرانيُّ الحسنيُّ نسباً‪ ،‬التطوانيُّ داراً وقراراً ومدفناً‪ ،‬عالم داعي ٌة‪ٌ ،‬‬ ‫قوّال للحقِّ‪،‬‬ ‫صلبٌ فيه‪ ،‬رأس المجلسَ البلديَّ َ‬ ‫األول في تطوان‪ ،‬وخطبَ بين يدي جاللة الملك الحسن الثاني خطب ًة حافل ًة‬ ‫أوضاع المدينةِ‪ ،‬وإيالئها من الرعايةِ ما يناسبُ عراقتها وموقعها الجغرافيَّ‪.‬‬ ‫بإصالح‬ ‫سنة (‪1962‬م)‪ ،‬طالبَ فيها‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫كانت له نظراتٌ في إصالح القضاء‪ ،‬والتعليم‪ ،‬وتوحيد األمة‪ ،‬وتجرب ٌة َّ‬ ‫فذ ٌة في الدعوة؛ إذ كان يرتادُ المقاهي‪،‬‬ ‫جانب مقاالتهِ اإلصالحيةِ والوطنية في صحف تطوان كـ‪( :‬الحياة) و (السالم)‪ ،‬و‬ ‫ويعظ العوام والحرفيين‪ ،‬إلى ِ‬ ‫(الحرية) و (الريف)‪..‬‬ ‫َ‬ ‫مسائل عصريةٍ وردت عليه من وزارة األوقاف‪،‬‬ ‫وللرجل باعٌ في الفتوى ممارس ًة وتنظيراً ونقداً‪ ،‬فقد أفتى في‬ ‫وعُني بالتنظير إلصالح اإلفتاء‪ ،‬ونقدَ شذوذ بعض الفتاوى في الصحف‪ ،‬كفتوى الرهونيِّ في جواز التحية برفع اليد‪..‬‬ ‫وعارضتهُ في الردود قوية كما تنبئ عن ذلك رسالته في حديث سماك الذي كان مدار سجال فكريٍّ بين علماء‬ ‫الوقت‪.‬‬ ‫توفي بتطوان سنة (‪1985‬م)‪ ،‬ودفن بخارج باب المقابر‬

‫ٌ‬ ‫حكـمــــة‬ ‫‪. 15‬‬

‫من درر أمير البيان محمد البشير اإلبراهيمي‪:‬‬ ‫(سِيَر النَّوابع كالنصوص يجب أن تُؤخذ كما هي‪ ،‬وإال أفسدت القدوة)‪ ،‬فأين أقالمنا من هذا الميزان‪..‬؟ وقد‬ ‫خلعت على المكرَّمين والمترجَم لهم من خُ َل ِع األلقاب والتحلياتِ ما ال يُتصوَّر في حيّ ِز الواقع وميزان العلم‪ ..‬وإني‬ ‫يُحلى ٌ‬ ‫ألعجب فرط العجب كيف َّ‬ ‫رجل في زمننا ب (اإلمام)‪ ،‬وعصر اإلمامة ُطوي بساطه منذ قرون‪!!!..‬‬


‫‪14‬‬

‫الثالثـاء ‪� 20‬إلى ‪ 26‬غ�شت ‪2019‬‬

‫العدد ‪1007‬‬

‫صالون عبد اهلل كنون الثقافي بتطوان يكرم األستاذ عبد السالم الصفار‬ ‫تكريم لقيم النبل والوفاء‪ ..‬للتربية وللجهاد الوطني‬ ‫تنتابني أحاسيس مخمليـة دافئــة‪ ،‬ورقــاء‪ ،‬حالمــة‬ ‫ناعمة‪ ،‬غريدة‪ ،‬عذبة‪ ،‬جميلة(‪.)1‬‬ ‫تغمرني نشوة النشوات‪ ،‬اعتزاز رائع صادق بانتدابي‬ ‫من لدن الصديقات واألصدقاء في الصالون الثقافي بكل‬ ‫مكوناته إللقاء كلمة اعتراف وامتنان ووفاء في حق رجل‬ ‫عزيز هو عندي أكبر من أخ‪ ،‬وأعز من صديق أستاذي‬ ‫سيدي عبد السالم الصفار‪ ،‬بارك اهلل في عمره وصحته‪،‬‬ ‫رجل ربطتني وإياه أكثر من وسيجة وأعمق وأمتن من‬ ‫آصرة‪ ،‬أو تقوى آصرة النضال عشقا في المدينة بياضا‬ ‫وربابا‪ ..‬فسيفساء وياسمين‪.‬‬ ‫عاشرته عن بعد رحيق ند‪ ،‬مضمخ‪ ،‬وبخورا متضوعا‪..‬‬ ‫عاشرته عن قرب لهيبا حارقا‪ ،‬وصالبة إيمان في مجاالت‬ ‫وميادين متعددة‪ ،‬فكان بحق في كل ذلك معدن نقاء‬ ‫وصفاء ونصاعة ال يزداد مـع األيـام إال لمعانـا‪ ،‬بريقــا‬ ‫متوهجا‪ ،‬كما عرفته شعلة وتضحية وإباء وهو حامل لواء‬ ‫التعليم الوطني الحر‪ ..‬يوم كان هذا التعليم فعال وطنيا‬ ‫عطاء وجهادا وصوتا مناهضا مقاوما لمخططات المحتل‬ ‫بإعداد ناشئة مؤمنة مقاومة‪.‬‬ ‫كما عرفتــه فـي ميـدان العمـل الوطني الجهادي‬ ‫عن بعد وقرب أيضا في زمن لم يكن النضال مطية‬ ‫تحقيق رغبة ذاتية‪ ..‬موقعا‪ ،‬كرسيا أو مقعدا‪ ،‬وال كان‬ ‫وساما وحقيبة‪ ..‬للنضال باب واحد ال يفضي إال للسجن‬ ‫أو القبر‪ ،‬إنها الوطنية التي نهل من ينابيعها األصلية‬ ‫األصيلة وتلقى أبجديتها على يد روادها ُ‬ ‫األوَّل من عيار‬ ‫بنونة والطريس وداود وابن جلون وعشرات الساطعات‬ ‫السامقات‪ ،‬دخل حضرتها يافعا مريدا‪ ،‬صوفيا‪ ،‬صادقا‪،‬‬ ‫متفانيا‪ ،‬وظل ناهال من ورده ما بدل أو غير رغم ما القاه‬ ‫في سبيلها من أذى‪ ،‬ولحقه من عنت واضطهاد وتعذيب‬ ‫على يد المحتل وزبانيته‪ ،‬تعذيب مازالت آثاره شاهدة‬ ‫ناطقة على جسده محتسبا كل ذلك هلل ولهذا الوطن‬ ‫الذي تفانى في حبه وفي الوفاء له بالرغم من إهمال‬ ‫وتقصير وتغييب الذي لحقه على يد ذوي القربى‪.‬‬ ‫وظلم ذوي القربى أشد مضاضة‬ ‫على المرء من وقع الحسام المهند‬ ‫التاريخ كشاف‪ ،‬هذا ما علمتنا إياه الوطنية الصادقة‪،‬‬ ‫وها هو اليوم ينتصب أمامنا نخلة مزهرة متميزة شامخة‪..‬‬ ‫شامخة‪ ،‬شهادة ناطقة‪ ،‬صادقة بأن الشاب الوطني عبد‬ ‫السالم الصفار في اللحظات الحرجة من تاريخ المغرب وفي‬ ‫ذروة األزمة المغربية بنفي الملك البطل محمد الخامس‬

‫سنة ‪ 1953‬إلى كورسيكا‪ ..‬لحظة اشتداد الخناق على‬ ‫الوطنية والوطنيين‪ ،‬كان بدافع الغيرة الوطنية وحماس‬ ‫الشباب قادرا بإيمانه وذكائه المفرط على تكسير طوق‬ ‫العزلة ودوس الحواجز‪ ،‬وتقريب المسافات‪ ،‬وهو يلقي‬ ‫الرماد في عيون الجواسيس والعمالء المفتوحة على‬ ‫كل الحركات الراصدة لكل األنفاس والخطوات فيبعث‬ ‫بانتظام عن طريق البريد اإلنجليزي بتطوان إلى الملك‬ ‫في منفاه أدق األخبار عن انتفاضة الشعب المغربي‪ ،‬عن‬ ‫المقاومة المغربية‪ ..‬يبعث بقصاصات الصحف والجرائد‬ ‫وصور المظاهرات العارمة التي كان يؤطرها حزب‬ ‫اإلصالح الوطني في تطوان بزعامة رئيسه المرحوم عبد‬ ‫الخالق الطريس[تحية إكبار للوطنيين العاملين وقتها‬ ‫في خفاء في هذا البريد]‬ ‫والتاريخ كشاف وهو يكشف لنا اليوم عن الدور‬ ‫التحسيسي والتعبوي والتأطيري للصفار في األحداث‬ ‫الدامية التي عرفتها تطوان – ‪ 8‬فبراير ‪ – 1948‬على إثر‬ ‫منع سلطات الحماية األستاذ الطريس من دخول مدينته‬ ‫تطوان‪.‬‬ ‫ويكشف لنا عن دوره الكبير وإسهاماته التأسيسية‬ ‫لكثير من الجمعيات الرائدة التي بصمت تاريخ المدينة‬ ‫ورسخت حضورها البهي وتوهجها اإلشعاعي في كثير‬

‫‪ -‬بقلم ر�ضوان احدادو‬

‫من المحافل انطالقا من‪ :‬جمعية الطالب المغربية –‬ ‫اتحاد الطلبة – أصدقاء تطوان – جمعية الخيام – االتحاد‬ ‫الفني – دار الندوة – قدماء المعهد الحر – جماعة الصفار‬ ‫والقائمة طويلة‪.‬‬ ‫إن ابن تطوان البار الذي سكنته المدينة قبل أن‬ ‫يسكنها ظل منافحا عن بياضها وأزهار أشجارها‪ ،‬مترنما‬ ‫بهديل حمامها وابتهاالت صلواتها قد بوأه أبناؤها‬ ‫أكثر من مرة مقعد ثقة وتقدير في مجلسها البلدي منذ‬ ‫‪ ،1961‬ورأيت ونحن نعمل معا جنبا إلى جنب في فترة‬ ‫من تلك الفترات كيف كان الصوت الذي ال يفتر عن‬ ‫المطالبة بحقوق الناس‪.‬‬ ‫أيها الحضور الكريم‬ ‫إن التاريخ ال يصنع من فراغ‪ ،‬وال تصنع األمجاد‬ ‫والبطوالت من تبن وهواء‪ ،‬وأن الفقاقيع كل الفقاقيع‬ ‫تندثر عند حوافي األمواج وال يبقى على األرض إال ما‬ ‫ينفع الناس‪.‬‬ ‫واألماني والمبتغيات ال تتحقق باألمنيات والرغبات‪،‬‬ ‫فالبد من وجود صناع‪ ،‬رجال أمناء صادقين ال يخافون‬ ‫في اهلل لومة الئم‪ ،‬يمتطون المراكب‪ ،‬ينشرون أشرعة‬ ‫اإليمان ويضربون بمجادف اإلرادة‪ ،‬ومكرمنا اليوم واحد‬ ‫من هؤالء الصناع‪ ..‬صناع التاريخ‪.‬‬ ‫أخي وأستاذي سيدي عبد السالم تعال‪ ،‬معا يدا في يد‬ ‫لنكتب من جديد تاريخ الفدان‪ ،‬نعيد له الحمام وشجيرات‬ ‫األرنج‪ ،‬فدم الشهداء ال زال يروي األشجار المغروسة في‬ ‫قلوبنا والتي أكدت أنها عصية على االجتثاث واالقتالع‪،‬‬ ‫وهدير االحتجاجات وتهاليل االنتصارات مازالت بآذاننا‪،‬‬ ‫مازالت مسكونة في هديل الحمام عند مهرجانات‬ ‫االخضرار‪.‬‬ ‫تطوان حبيبتي‪ ،‬يا مـوال األنهار والسواقــي‪ ،‬أيتها‬ ‫الحسناء الهيفاء‪ ،‬يا أم البياض والحرف والنغم‪ ،‬يا عذراء‬ ‫المدن واألحالم‪ ،‬أهديـك اليوم أطبـاق الحنـاء ووصالت‬ ‫الرباب وأنت تختالين في يوم تكريم ابنك البار‪.‬‬ ‫فسالم اهلل عليك‪ ..‬على ابنك البار‪ ..‬سالم اهلل عليكم‬ ‫جميعا‪.‬‬ ‫ـــــــــــــــ‬

‫‪ )1‬ألقيت في حفل تكريم قيدوم رجال التربية والوطنية بالشمال‬ ‫األستاذ عبد السالم الصفار كالتفاتة طيبة من الصالون الثقافي‬ ‫عبد اهلل كنون بتطوان‪.‬‬


‫العدد ‪1007‬‬

‫رسائل‬ ‫تطوانية‬

‫‪15‬‬

‫الثالثـاء ‪� 20‬إلى ‪ 26‬غ�شت ‪2019‬‬

‫من أرشيف الدبلوماسي األديب‬

‫سيدي التهامي أفيالل التطواني‬ ‫حفظه اهلل (‪)25‬‬

‫ إعداد وتقديم‪ :‬الدكتور يونس السباح‬‫‪Younes_sebbah@hotmail.com‬‬

‫تقديم‬

‫تعتبر المراسالت العلمية رافداً ثرياً لكتابة التاريخ‪ ،‬باعتبار ما تحمله في طيّاتها من المعلومات الدّفينة‪ ،‬والفوائد الغميسة النادرة‪ ،‬التي ال توجد في غيرها‪ ،‬ولكونها مرتبطة بزمان ومكان وموضوع معيّن‪،‬‬ ‫كما تعدّ أيضاً فنّاً أدبياً‬ ‫ًّ‬ ‫مستقال بنفسه‪ ،‬بما تحمله من صادق التعبير‪ ،‬وجميل اإلحساس‪ ،‬وحسن اإلنشاء‪ ،‬وبديع السّبك‪ ،‬وخصوصاً إذا أضيف إلى هذه المعاني جمال الخط‪ ،‬ورونق الحرف‪ ،‬وكانت صادقة‬ ‫اإلحساس معبّرة عن الصلة العائلية‪ ،‬والمتابعة الدراسية بين الوالد والوَلد مث ً‬ ‫ال‪ ،‬أو بين تلميذ وشيخه‪ ،‬أو الصديق وصديقه‪...‬‬ ‫ومن المراسالت المتّصفة بهذه الصفات‪ ،‬ما تحتويه خزانة األديب الشاعر‪ ،‬والدبلوماسي السابق‪ ،‬أحد أفراد بيت العلم والشرف والمجد‪ ،‬سيدي التهامي أفيالل حفظه اهلل‪ ،‬وما يشتمل عليه أرشيفه الذي‬ ‫يضمّ كمّا هائ ً‬ ‫ال من الرسائل‪ ،‬معظمها صادرة عن أفراد أسرته‪ ،‬كجدّه القاضي سيدي التهامي أفيالل‪ ،‬أو عمّه الوزير سيدي محمد بن التهامي‪ ،‬أو أخيه األديب‪ ،‬سيدي البشير أفيالل‪ ،‬أو واردة عليهم وعلى‬ ‫أفراد آخرين من هذا البيت‪.‬‬ ‫ولمّا كانت هذه المراسالت لها قيمة أدبية وتاريخية‪ ،‬ولم يسبق أن رأت النور‪ ،‬أو اهتمّ أحد بإخراجها للناس‪ ،‬استأذنّا صاحب األرشيف‪ ،‬الشريف المذكور‪ ،‬في العمل على إخراجها وتيسيرها للنّاس عبر‬ ‫صفحات جريدة الشمال الغراء‪ ،‬التي تستأثر بنشرها‪ ،‬فوافق مشكوراً مأجوراً‪ ،‬وقمنا نحن برقن هذه الرسائل‪ ،‬وصنّفناها حسب ّ‬ ‫كل شخص (منه‪/‬عليه)‪ ،‬وآثرنا أن نبتدئ باألقدم تاريخاً‪ ،‬فكان صاحب السّبق هو‬ ‫القاضي الشهير‪ ،‬والفقيه الكبير‪ ،‬سيدي التهامي بن محمد أفيالل (ت‪1339:‬هـ)‪ ،‬وقد استوفينا رسائله –حسبما عثرنا عليه‪ -‬في الحلقات الماضية من هذه الجريدة‪ ،‬ونثنّي برسائل ولده العالمة الوزير‬ ‫سيدي محمد أفيالل الصادرة منه والواردة عليه‪.‬‬ ‫[الرسالة الواحدة والتسعون]‬ ‫[من السيد محمد أفيالل‪ ،‬إلى صديقه العالمة سيدي محمد سكيرج‪ ،‬يخبره بعدم ثبوت مطلع هالل شهر ربيع األنور‪ ،‬ويرجو منه‬ ‫تأكيد األمر إن ثبت لديه ثبوتا شرعيا ]‪.‬‬ ‫الحمد هلل‬ ‫يوم األحد ثاني ربيع ‪ 1‬عام ‪1358‬هـ‬ ‫الفقيه العالمة سيدي محمد سكيرج‪ .‬تحية واحتراماً‪.‬‬ ‫وبعد‪ ،‬فنظراً لكون شهر المولد النبوي ال زال لم يثبت لدينا بموجب شرعي في هذه المنطقة الخليفية رغما عن استعمال البحث‬ ‫عن ثبوته بسائر نواحيها التي كان جوّ غالبها مغيماً عشية يوم الخمييس الفارط‪ .‬نرجو الوفاء بما واعدتمونا به من توجيه الموجب‬ ‫الشرعي الذي يلزم أن يكون تامّاً‪ .‬بثبوته عاج ًال‪ .‬ولكم مزيد الشكر‪.‬‬ ‫من صديقكم محمد‬ ‫[الرسالة الثانية والتسعون]‬ ‫[من السيد محمد أفيالل‪ ،‬إلى صديقه العالمة سيدي محمد سكيرج‪ ،‬يخبره بأنه توصل من طرفه بموجب عدلي الذي يسفر عن‬ ‫انسالخ شهر صفر الخير‪ ،‬ويهنئه بشهر ربيع األزهر]‪.‬‬ ‫الحمد هلل وحده وصلى اهلل على سيدنا وموالنا محمد وآله‬ ‫سيادة شيخ األدب وحامله‪ ،‬وجامع شتات ما انتثر ونظم جامعته وقائله‪ ،‬العالمة أبا محمد الحاج محمد سكيرج أمّنك اهلل وسالمه‬ ‫عليكم ورحمته بوجود سيدنا دامت نصرته‪.‬‬ ‫وبعد‪ ،‬فقد وصلني وصل اهلل بالسعد أوقاتكم‪ ،‬وك ّلل‬ ‫بالنجاح أعمالكم‪ ،‬الموجب العدلي الذي أسفر عن انسالخ صفر‬ ‫الماضي يوم الخميس عن تسع وعشرين‪ ،‬ودخول أول الربيعين‬ ‫يوم الجمعة يحمل البشائر لعامة المسلمين‪ ،‬فجزيتم عن هذا‬ ‫االعتناء خيرا ما يجازى به أهل الجنة في جانب من ولد في هذا‬ ‫الشهر الكريم‪ ،‬وقوبلتم بما يقرّ ناظركم‪ ،‬ويسر خاطركم من‬ ‫لدن حكيم عليم‪ ،‬وال برحتم مصادر لفضائل األعمال ونواهيها‪،‬‬ ‫ترفعون أعالمها‪ ،‬وتحمون أقالمها‪ ،‬وأنتم بعناية اهلل محفوظون‪،‬‬ ‫وبعنايته ملحوظون‪ ،‬وعلى المحبّة والسالم‪.‬‬ ‫في ‪ 9‬ربيع األول النبوي األنور عام ‪1358‬هأ موافق ‪29‬‬ ‫أبريل سنة ‪1939‬م‬ ‫مجلكم‪ :‬محمد أفيالل لطف اهلل به‬ ‫[الرسالة الثالثة والتسعون]‬ ‫[من السيد محمد أفيالل‪ ،‬إلى والده العالمة القاضي‬ ‫سيدي التهامي أفيالل‪ ،‬يخبره فيها بحلوله تزروت‪ ،‬وقصده زيارة‬ ‫الضريحالمشيشي‪]...‬‬ ‫الحمد هلل وحده وصلى اهلل على سيدنا وموالنا محمد‬ ‫وآله‪:‬‬ ‫بعد تقبيل راحتي سيّدنا الوالد‪ ،‬والسالم التّام عليك‪،‬‬ ‫فقد حللنا تزروت حلول سالمة وعافية‪ ،‬بعد أن بتنا يوم خروجنا‬ ‫بدار سيدي أحمد الخراز المعداة لنزول المسافرين‪ ،‬وصبيحة‬ ‫غده قصدت جميع الرفقة تزروت إال أنا واألخ وسيدي أحمد‬ ‫بن البشير وأخاه سيدي محمد وسيدي محمد بن المكي‪ ،‬فقد‬ ‫قصدنا ضريح موالنا عبد السالم‪ ،‬بن مشيش‪ ،‬وزرنا نفع اهلل‪ ،‬ووضعنا الزيارة بالضريح‪ ،‬وذبحنا الجدي الموصى به من قبل الوالدة‪،‬‬ ‫وذهبنا لتزروت‪ ،‬فوصلنا زوال ذلك اليوم‪ ،‬وهو يوم األحد‪ ،‬وها نحن مقيمون بدار الزاوية مع الشرفاء على أحسن ما ينبغي‪ ،‬وبعد هذا‬ ‫سنذهب للزيارة ثانيا مع بقية الرفقة بحول اهلل‪ ،‬والهواء كان طيبا خالل هذه المدة‪ ،‬إ ّال أمس تاريخه فقد نزل بعض المطر فيه‪ ،‬وعشية‬ ‫يوم حلولنا ّ‬ ‫حل الشريف الريسوني طنجة‪ ،‬ومعه ما ينيف على العشرة من أصحابه فقط‪ ،‬وقد التقينا به‪ ،‬وسنشرع في بناء دار للسكنى‬ ‫هنا‪ ،‬وبسبب قدومه وقعت عمارة كبيرة هنا ليلة المولد‪ ،‬زيادة على المعتاد بكثرة وفود القبائل‪ ،‬خصوصا األخماس‪ ،‬حتى مات طفالن‬ ‫رضيعان من كثرة االزدحام في تلك الليلة بدار الزاوية‪ ،‬والدابتان قد تكلف بهما خدام الزاوية مع دواب الشرفاء‪ ،‬وهذا ما وجب به اإلعالم‪،‬‬ ‫مسلما على سيدتنا الوالدة واإلخوة وأبناء العم‪ ،‬ومن هنا األخ والشريف سيدي أحمد وأخوه وابن المكي‪ ،‬والسالم‪ .‬في يوم األربعاء ‪13‬‬ ‫ربيع ‪ 1‬عام ‪1325‬هـ‪.‬‬ ‫نجلك محمد وفقه اهلل‬ ‫[الرسالة الرابعة والتسعون]‬ ‫[من السيد محمد أفيالل‪ ،‬إلى والدته الفاضلة‪ ،‬يخبرها فيها بحلوله تزروت‪ ،‬وما صاحب ذلك من أمور]‬ ‫الحمد هلل‬ ‫بعد تقبيل يد سيدتنا الوالدة‪ ،‬والسالم التام عليك‪ ،‬فها نحن بخير وعلى خير‪ ،‬هلل الحمد وله المنّة‪ ،‬وقد نزل هذه األيّام مطر كثير‪،‬‬ ‫وبسببه تأخرنا عن القدوم لحمل األودية وكثرة الطين‪ ،‬وقد عزمنا على الزيارة غد تاريخه‪ ،‬وهو يوم األربعاء‪ ،‬ونسافر لحضرتكم صبيحة‬ ‫يوم السبت إن لم يكن المطر كثيراً جدّاً‪ ،‬وإ ّال فال يتأتّى السفر لصعب الطريق على البهائم‪ ،‬فكوني مطمئنّة البال‪ ،‬وال تتشوّشي‪،‬‬ ‫وسيقدم معنا العطار والشرتي والفياللي وبيصَة وبعض أصحاب الشريف من أهل الجبل‪ ،‬يسّر اهلل بمنّه‪ ،‬ويس ّلم عليك األخ عبد السالم‪.‬‬ ‫والسالم في يوم الثالثاء‪.‬‬ ‫محمد‬ ‫[الرسالة الخامسة والتسعون]‬ ‫[من السيد محمد أفيالل‪ ،‬إلى والدته الفاضلة يخبره فيها بحلوله تزروت‪ ،‬وما صاحب ذلك من أمور]‬ ‫الحمد هلل وحده وصلى اهلل على سيدنا وموالنا محمد وآله‬ ‫بعد تقبيل راحتي سيدنا الوالد‪ ،‬والسالم التام عليك‪ ،‬فال زائد على ما قدمنا لك اإلعالم به من حلولنا تزروت بخير وعافية‪ ،‬نطلب اهلل‬ ‫أن يكون وصلك‪ ،‬وزدناك هذا لنعلمك بسبب توخّرنا عن القدوم لطرفكم‪ ،‬وهو كثرة األمطار الغزيرة بهذه النواحي من يوم العيد‪ ،‬إلى‬ ‫ساعة تاريخه‪ ،‬حتى حصل لنا ملل كبير‪ ،‬وقد عزم الجميع على زيارة موالنا عبد السالم ثانياً غد تاريخه‪ ،‬وهو يوم األربعاء‪ ،‬وعلى زيارة أولياء‬ ‫غابة هنا حداء تزروت‪ ،‬وربما نزور سيدي هدّي الذي بينه وبين تزروت ساعتان ونصف‪ ،‬ونتوجه لطرفكم يوم السبت الموالي‪ .‬نطلب اهلل‬ ‫أن يكون الهواء طيباً بمنه‪ ،‬وال نتخلى عن السفر يوم السبت المذكور إال إذا نزل فيه من المطر الغزير ما يعوقنا عنه‪ ،‬مسلما منا على‬ ‫الوالدة واإلخوة‪ ،‬ومن ها األخ عبد السالم والشريف سيدي أحمد وأخوه وابن المكي‪ ،‬والسالم‪ .‬في يوم الثالثاء ‪ 19‬ربيع عام ‪1326‬هـ‪.‬‬ ‫نجلك محمد وفقه اهلل‬

‫[الرسالة السادسة والتسعون]‬ ‫[من السيد محمد أفيالل‪ ،‬إلى والدته الفاضلة‪ ،‬يخبرها فيها بأحواله‪ ،‬ويرجو صالح دعائها]‬ ‫الحمد هلل وحده وصلى اهلل على سيدنا وموالنا محمد وآله‬ ‫بعد تقبيل يد سيدتنا الوالدة المحترمة‪ ،‬أعزّك اهلل وحفظك‪ ،‬والسالم التام على سيادتك ورحمة اهلل وبركاته‪.‬‬ ‫فهذا تجديد العهد بك‪ ،‬والسؤال عنك وعن كافة أحوالك‪ ،‬وأحوال سائر القرابة‪ ،‬نسأل اهلل أن يكون الجميع على أحسن حال بجاه‬ ‫النبي واآلل‪ ،‬وإن سألت عن أحوالنا فنحن في عيشة راضية‪ ،‬ونعمة شاملة كافية‪ ،‬نلتمس منكم أن تزودونا بصالح األدعية‪ ،‬ولم نزل نتبعك‬ ‫في الجواب عن الكتاب الذي أرسلته لك وأنت بالنزهة‪ ،‬وقد أحسنتم في تلك النزهة بالصحة والعافية‪ ،‬وما تطلبه مني في بعض مكاتبك‬ ‫من أن نخبرك باألخبار‪ ،‬فال نجد ما نخبرك به‪ ،‬غير أنه في أحسن ما يكون وما تقر به أعينكم من مزيد المأكل والمشرب بوجودكم‪،‬‬ ‫وبطول حياتكم‪ ،‬وقد حسُن الحال هنا ورخصت األسعار‪ ،‬وزالت األكدار‪ ،‬والحمد هلل‪ .‬وسلم منا على اإلخوة‪ ،‬البشير واألختين والسيد عالل‬ ‫واليد الحسن وسعادة والخالتين وبنت عمي والسالم‪.‬‬ ‫محمد‬ ‫[الرسالة السابعة والتسعون]‬ ‫[من السيد محمد أفيالل‪ ،‬إلى والدته الفاضلة‪ ،‬يخبرها فيها بأحواله‪ ،‬ويرجو صالح دعائها]‬ ‫الحمد هلل‬ ‫بعد تقبيل يد سيدتنا الوالدة المحترمة‪ ،‬أعزك اهلل وحفظك ومتّعنا برضاك‪ ،‬والسالم التّام عليك ورحمة اهلل وبركاته‪.‬‬ ‫وبعد فقد وصلني عزيز كتابك مفيداً سالمة أحوالكم التي هي عندي غاية المراد‪ ،‬وبها ينشرح خاطري غير أنه أحزنني ما أخبرتني‬ ‫به من مرض سيدي الحسن واألمر هلل‪ ،‬ولكن فرحت حيث أخبرتني‬ ‫بشفائه‪ ،‬فالحمد هلل على ذلك‪ ،‬أدام اهلل عافيته وال أرانا فيه وفي‬ ‫جميع األقارب ما يسوء‪ ،‬واسمعنا عن كل ما يحصل لنا الفرح بجاه‬ ‫النبي وآله‪ ،‬وإن سألت عن أحوالي فأنا بخير وعلى خير‪ ،‬طالبا‬ ‫منكم صالح الدعاء في الصباح والمساء‪ ،‬مسلما على جميع القرابة‬ ‫وأهل الدار‪ ،‬وهنّ سيدي الحسن بالعافية‪ ،‬نيابة عني‪ ،‬وخبرني‬ ‫عن حاله والبد‪ ،‬والسالم‪.‬‬ ‫وسلم على سْعادة وخبرني عن حالها هل الزال ذلك‬ ‫المرض يأتيها أم عوفيت‪ ،‬وخبرني عن األمة التي اشتريتموها‬ ‫كيف خرجت لكم‪ ،‬أمليحة أم ال؟ وأمّا األمة التي أرسلتم لهنا‬ ‫فقد بيعت‪ ،‬وقبل ذلك ما رأيت وجهها قط‪ ،‬وقد كانت ترغب‬ ‫الودراسي في أن تراني فامتنعت من ذلك‪.‬‬ ‫[الرسالة الثامنة والتسعون]‬ ‫[من السيد محمد أفيالل‪ ،‬وأخيه عبد السالم‪ ،‬إلى والدتهما‬ ‫الفاضلة‪ ،‬يخبرا فيها بأحوالهما في الحج‪ ،‬ويرجوا صالح دعائها]‬ ‫الحمد هلل وصلى اهلل على سيدنا محمد وآله‬ ‫بعد تقبيل يد سيدتنا الوالدة والسالم التّام عليك ورحمة‬ ‫اهلل وبركاته‪ ،‬والسؤال عن كافة أحوالكم‪ ،‬نطلب اهلل أن تكون‬ ‫موافقة آلمالنا وآمالكم‪ ،‬وأن يسمعنا عنكم ما ينشرح له خاطرنا‪،‬‬ ‫فموجبه تبشيرك والحمد هلل بأنّنا وقفنا بعرفات وركينا الجمرات‪،‬‬ ‫ورجعنا لمكة المشرفة‪ ،‬وقد تمّ حجنا وكانت الوقفة سالمة وهلل‬ ‫الحمد‪ ،‬لم يمت فيها إ ّال القدر اليسير ممكن كان كبير السن أو‬ ‫ضعيف الحال مريض الجسم‪ ،‬ونحن ورفقتنا وأهل بلدنا سالمون‬ ‫على أحسن ما يكون من العافية‪ ،‬ال يخصنا إال النظر في وجهكم‬ ‫الكريم‪ ،‬نطلب اهلل كما ّن بالوصول إلى هذه البقعة المشرفة أن يمنّ علينا بالدخول إلى الجنّة‪ ،‬وأن يجمعنا معكم على أحسن األحوال‬ ‫في أقرب مدة إذ ليس ذلك في جانب كرم اهلل بكثير‪ ،‬ونحن مع رفقتنا على أحسن ما ينبغي‪ ،‬متونسين مبسوطين‪ ،‬الجميع يأخذ بيدنا‬ ‫جزاهم اهلل عنا خيرا‪ ،‬ونحن ننتظر أن يأذن لنا شريف مكة للجمالين بالذهاب إلى المدينة المنورة‪ ،‬فنذهب معهم‪ ،‬وذلك بعد التاريخ بحو‬ ‫العشرة أيام بلغ اهلل بخير‪ ،‬وحين نعزم على الخروج نكتب لكم‪ ،‬وسلم على جميع األهل والسالم‪.‬‬ ‫في يوم الثالثاء ‪ 13‬من ذي الحجة عام ‪1329‬هـ‪.‬‬ ‫ولدك محمد‪ /‬ولك عبد السالم‬ ‫[الرسالة التاسعة والتسعون]‬ ‫[من السيد محمد أفيالل‪ ،‬إلى والدته الفاضلة‪ ،‬يخبرها فيها بأحواله‪ ،‬ويرجو صالح دعائها]‬ ‫الحمد هلل وحده وصلى اهلل على سيدنا محمد وآله‬ ‫بعد تقبيل يد سيدتنا الوالدة المحترمة أعزك اهلل وحفظك ومتّعنا برضاك‪ ،‬والسالم التام عليك ورحمة اهلل وبركاته‪.‬‬ ‫وبعد السؤال عن كافة أحوالك فقد تشوفنا إلى كتابك جدّا‪ ،‬وطال انتظاري إليه‪ ،‬ولم ندر ما موجب تركك له في هذه المدّة بعد أن‬ ‫كنت ترسله لنا مع ّ‬ ‫كل كتاب كتبه سيدنا الوالد‪ ،‬فتستريح به أنفسنا وتطمئن به قلوبنا‪ ،‬ونحمد اهلل على ذلك النعمة‪ ،‬ويحصل لي تي ّقن‬ ‫بسالمتك وعافيتك أكثر مما لو أخبرني بذلك سيّدنا الوالد‪ ]...[ ،‬حتّى قطعته على هذه األيام‪ ،‬وتركتني حيرة‪ ،‬سيما حيث كنت التزمت‬ ‫عدم البطالة‪ ،‬وعليه فال بد أن تكتب لنا‪ ،‬ونحبك أن ال تعود لتركه‪ ،‬وإن سألت عن أحوالنا فنحن بخير وهلل الحمد وله المنّة‪ .‬مسلما على‬ ‫جميع أهل الدار والقرابة‪ ،‬والسالم‪.‬‬ ‫[الرسالة الموفية للمائة]‬ ‫[وهي رؤوس أقالم لعودة لسيدي محمد أفيالل عودة ميمونة من طلب العلم بفاس‪ ،‬وفيها ذكر األماكن التي ّ‬ ‫حل بها‪ ،‬حتى وصل‬ ‫لبلده]‬ ‫الحمد هلل الذي امتنّ بجمع الشمل بعد شتاته‪ ،‬وحفظ عبده في ظعنه وإقامته‪ ،‬وحركاته وسكناته‪.‬‬ ‫خرجت من فاس أمّنها اهلل وأهلها من كل باس‪ ،‬في الساعة الثامنة يوم األربعاء ‪ 12‬رمضان المعظم عام ‪1329‬هـ‪ ،‬وحططنا الرحل‬ ‫للمبيت بنزالة مكس في الساعة ‪ ،2‬وانتقلنا منها في الساعة ‪ 3‬الثالثة ليال‪ ،‬ونزلنا بقصد القيلولة في الساعة ‪ 11‬بضفة سْبو‪ ،‬وانتقلنا‬ ‫منه في الساعة ‪ 5‬منه‪ ،‬ونزلنا في الساعة ‪ 7‬بمحجر الواقف بالقرب من شاطئ سبوا أيضا‪ ،‬وانتقلنا منه في الساعة الثالثة ونصف ليال منها‪،‬‬ ‫ونزلنا عند الزوال بأرضات‪ ،‬وانتقلنا منها في الساعة الثالثة ليال‪ ،‬وحططنا الرحل للمبيت بقرية الجريفي في الساعة ‪ ،11‬وانتقلنا منها في‬ ‫الساعة ‪ 2‬ليال‪ ،‬وحللنا القصر الكبير في الساعة ‪ ،7‬وانتقلنا منه في الساعة ‪ 2‬صبيحة ثالث يوم القدوم‪ ،‬وحططنا الرحل بحجر الكرني في‬ ‫الساعة ‪ ،1‬وانتقلنا منه في الساعة ‪ 3‬وحللنا ثغر طنجة في الساعة الرابعة من يوم األربعاء بعد العصر‪ ،‬وخرجنا منه يوم األحد في الساعة‬ ‫‪ 3‬ليال‪ 23 ،‬رمضان وحللنا ثغر تطوان حلول يمن وأمان عشية ذلك اليوم في الساعة ‪ 5‬والحمد هلل على السالمة‪.‬‬


‫‪16‬‬

‫الثالثـاء ‪� 20‬إلى ‪ 26‬غ�شت ‪2019‬‬

‫العدد ‪1007‬‬

‫كتابات يف تاريخ‬ ‫منطقة ال�شمال ‪:‬‬

‫“الجزائريون في تطوان‬ ‫خالل القرن ‪”19‬‬

‫(‪)909‬‬

‫�أ�سامـة الزكاري‬ ‫‪zougariousama@gmail.com‬‬

‫صدرت الطبعة الثانية لكتاب “الجزائريون في تطوان خالل القرن‬ ‫كتابات‪ ،‬والتي تؤشر على مدى وطنيتهم وقوميتهم العربية اإلسالمية؟ وما هي‬ ‫‪13‬ه‪19/‬م‪ -‬مساهمة في التاريخ االجتماعي للمغرب الكبير”‪ ،‬لمؤلفه األستاذ‬ ‫مواقفهم تجاه نظام الحكم المغربي‪ ،‬والتي تعبر عن مدى تشبثهم بالسلطان‬ ‫إدريس بوهليلة‪ ،‬سنة ‪ ،2015‬وذلك في ما مجموعه ‪ 180‬من الصفحات‬ ‫وسيادته؟ وما مدى اندماجهم في الوسط االجتماعي والثقافي بتطوان؟ وما‬ ‫ذات الحجم الكبير‪ .‬ويعد هذا العمل تتويجا لمسار أكاديمي رفيع وممتد‬ ‫هي درجة تأثيراتهم‪ ،‬وأنواعها‪ ،‬وآثارهم الباقية منها بالمدينة؟ وفي االتجاه‬ ‫في الزمن‪ ،‬انشغل –فيه‪ -‬المؤلف بالبحث وبالتنقيب في مكونات البنية‬ ‫المعاكس نتساءل عن الطرف اآلخر‪ ،‬ونعني به كتاب االستعمار‪ ،‬ونقول‪ :‬كيف‬ ‫السوسيوديمغرافية لمدينة تطوان خالل القرنين الماضيين‪ ،‬ليس ‪-‬فقط‪-‬‬ ‫فسر منظرو االستعمار‪ ،‬مفهوم الهجرة كما مارسها الجزائريون عندما حطوا‬ ‫على مستوى التوثيق الحدثي المتواتر للوقائع وللسياقات ولظروف التكون‬ ‫التاريخي‪ ،‬ولكن –أساسا‪ -‬على مستوى تفكيك المضامين الثقافية والحضارية‬ ‫رحالهم‪ ،‬في مدن وقرى المغرب سنة ‪1246‬ه‪1830/‬م وما بعدها؟ وكيف حاولوا‬ ‫واإلثنية التي صنعت معالم التميز داخل الهوية المحلية لمدينة تطوان‪.‬‬ ‫توظيفها لتحقيق مصالح دولتهم الفرنسية‪ ،‬وبث التفرقة بين أبناء المغرب‬ ‫وإذا كان العديد من الباحثين قد اهتموا بالبحث في ظروف تشكل المكون‬ ‫الكبير والتي مازالت آثارها‪ ،‬تؤثر سلبا في سياسات حكامه إلى اآلن‪( ”...‬ص‪.)10.‬‬ ‫األمازيغي أو المكون العربي أو المكون األندلسي أو المكون العبري داخل‬ ‫ولالستجابة ألفق هذه األسئلة المهيكلة للبحث‪ ،‬حرص المؤلف على توزيع‬ ‫فضاءات مدينة تطوان‪ ،‬فإن االهتمام بالبحث في أصول حضور المكون‬ ‫الجزائري وأشكال تأثيراته المتقاطعة في البيئة المحلية‪ ،‬لم ينل –في حدود‬ ‫مضامين كتابه بين سبعة فصول متكاملة‪ ،‬اهتم في أوالها بتقييم حصيلة عطاء‬ ‫علمنا المتواضع‪ -‬ما يكفي من البحث ومن التنقيب‪ ،‬العتبارات متعددة‪ ،‬لعل‬ ‫الوثائق المخزنية الخاصة بهجرة الجزائريين إلى تطوان سنة ‪ ،1830‬وانتقل‬ ‫أبرزها مرتبط بانسيابية ظاهرة التنقل بين المغرب والجزائر خالل مرحلة ما‬ ‫في الفصل الثاني لتدقيق النظر في مواقف النخبة الجزائرية التي استقرت‬ ‫قبل الهيمنة االستعمارية على المنطقتين‪ ،‬مما كان يندرج في إطار التواصل‬ ‫بالمغرب من حرب تطوان‪ .‬وفي الفصل الثالث‪ ،‬اهتم المؤلف بتجميع المعطيات‬ ‫المجتمعي االعتيادي الذي لم يكن يضع أي حواجز وال أي تمايزات بين‬ ‫التوثيقية الخاصة بالعائالت الجزائرية بتطوان من خالل كتاب “عمدة الراوين‬ ‫مكونات الواقع المجالي بالدولتين‪ .‬لذلك‪ ،‬فإن هذا التنقل بين المجالين ظل‬ ‫في تاريخ تطاوين” ألحمد الرهوني‪ ،‬وخصص الفصل الرابع للحديث عن تركيبة‬ ‫يحمل صبغة اعتيادية اندرجت في سياق حيوية المجتمع الواحد‪/‬المتعدد الذي‬ ‫كانت تتقاطع خصوصياته فوق المجالين المغربي والجزائري بدون أي مظاهر‬ ‫التشكيلة االجتماعية للجزائريين في تطوان خالل القرن ‪ .19‬وانتقل في الفصل‬ ‫تنافرية أو تأثيرات جانبية‪.‬‬ ‫الخامس للتعريف باألحياء الجزائرية بتطوان خالل القرن ‪ ،19‬مع التركيز على‬ ‫تغير‬ ‫‪،1830‬‬ ‫سنة‬ ‫للجزائر‬ ‫احتاللهم‬ ‫عقب‬ ‫للمنطقة‬ ‫الفرنسيين‬ ‫ومع وصول‬ ‫إبراز عالقة الجزائريين بالعمارة والتعمير في تطوان‪ .‬وفي الفصل السادس‪،‬‬ ‫صبغة‬ ‫تحمل‬ ‫والمغرب‬ ‫الجزائر‬ ‫بين‬ ‫التنقل‬ ‫ظاهرة‬ ‫فأضحت‬ ‫تام‪،‬‬ ‫الوضع بشكل‬ ‫تتبع المؤلف بعض مظاهر التأثيرات الجزائرية العثمانية في الحياة الثقافية‬ ‫اإلكراه المرتبط بتبعات التهجير القسري لفئات سكانية لم تقبل االستسالم‬ ‫واالجتماعية لمدينة تطوان‪ ،‬وهي التأثيرات التي التزال الكثير من مظاهرها‬ ‫غالف الكتاب‬ ‫للواقع الكولونيالي‪ ،‬فاختارت الهجرة نحو المغرب بديال عن سوء حال واقع‬ ‫قائمة إلى اليوم‪ ،‬سواء كشواهد مادية منتصبة داخل الفضاء المحلي العام‪ ،‬أم كتراث‬ ‫بالدها خالل القرن ‪ .19‬ولقد استطاع األستاذ إدريس بوهليلة توضيح آفاق البحث بهذا‬ ‫الخصوص‪ ،‬من خالل متواليات مسترسلة من األسئلة المنهجية المؤطرة للبحث وللتنقيب‪ ،‬عندما قال في رمزي والمادي يجد تعبيراته في الكثير من النظم المعيشية للسكان وفي أنساقهم الفكرية والرمزية‬ ‫كلمته التقديمية‪“ :‬في ظل هذه الظروف العصيبة من تاريخ المغرب المعاصر‪ ،‬كان البد وأن يثير الوجود المشتركة‪ ،‬ولعل هذا ما سعت إلى إبراز أبعاده العامة مضامين الفصل السابع واألخير‪ ،‬عندما ركزت على‬ ‫الجزائري على أرض المغرب إشكالية تفرعت عنها جملة من األسئلة واالستفهامات‪ .‬نستجزئ منها كيف إبراز مظاهر إسهامات الجزائريين الثقافية في تطوان خالل القرن ‪.19‬‬ ‫تعامل المخزن المغربي‪ ،‬ممثال في السلطان المغربي موالي عبد الرحمان بن هشام‪ ،‬مع ظاهرة الهجرة‬ ‫وبذلك‪ ،‬استطاع الكتاب تقديم نبش عميق في إحدى روافد الهوية المحلية لمدينة تطوان‬ ‫ ‬ ‫والوجود الجزائري بتطوان؟ وما هو موقفه منها؟ وكيف فسرها؟ وما هو الموقف الذي تبناه بعض أهالي‬ ‫تطوان من هذه الظاهرة؟ وإذا كان للطرفين المغربيين موقفا موحدا بينا‪ ،‬عبرت عنه الوثائق المخزنية‪ ،‬المعاصرة‪ ،‬مما يعزز مكانة البحث العلمي الرصين في جهود استثمار عطاء التاريخ لفهم تحوالت الواقع‬ ‫لسان حال السلطان‪ ،‬والوثائق والكتابات التاريخية‪ ،‬فكيف كانت بالمقابل‪ ،‬مواقف الجزائريين‪ ،‬إزاء الحروب ولبلورة شروط استيعاب عناصر الخصب والتميز والتنوع التي صنعت لتطوان ألقها المتميز‪ ..‬تطوان‬ ‫المفروضة على المغرب األقصى واالحتالل األوربي‪ ،‬وفي مقدمته إسبانيا وفرنسا‪ ،‬من خالل ما خلفوه من التاريخ واألصالة‪ ..‬تطوان الرقي الحضاري والتساكن المستدام‪.‬‬

‫نماذج إليجابية الفكر المدرسي‬ ‫• بقلم ‪ :‬عبد المجيد اإلدريسي‬ ‫‪...‬ليس المعلم بتلك الوسيلة التي تتمُّ من خاللها تمرير «المعرفة»‬ ‫عبر األجيال‪ ،‬أو مجرَّد موظف من أجل األجر ‪ .‬وهو المطارَد بهاجس المقررات‬ ‫إلنهائها‪ ،‬لمناهج التدريس التي تقوم على التكرار ‪ .‬ال نريد هنا من خالل هذا‬ ‫البحث االستدالل على «التخلف» الذي تعاني منه المدرسة العمومية المغربية‪،‬‬ ‫إنما نسعى إلعطائها إمكانات فعلية بمناهج دراسية تربوية على مستوى‬ ‫المضامين‪ ،‬وبمتخصصين في علم النفس المدرسي‪ ،‬لكي تنطلق من المزاوجة‬ ‫بين الفكر والواقع ‪ .‬فمتى كان اقتصار المعلم على التجارب دون القياس بمعرفة‬ ‫علم النفس المدرسي ؟ فمزاج الجسم تابع ألخالق النفس ؟ وعدّة أسئلة تفرض‬ ‫نفسها‪ ،‬منها ‪ -:‬أ‪ -‬شحُّ استخدام الوسائل النفسية ؟ ‪-‬ب‪ -‬فقدان المالئم في‬ ‫التدريس ؟ ‪-‬ج‪ -‬المدرِّس المتسلط ؟ ‪-‬ه‪ -‬فقدان الدافع في التعليم للتلميذ ؟‬ ‫و‪ -‬الترجمات المُفتعلة ال تليق باللغة العلمية ؟‬‫هذه التساؤالت وغيرها‪ ،‬لعلنا نجد أجوبتها عند الدكتور أحمد المطيلي‪،‬‬ ‫إخصائي نفسي‪ ،‬الذي أجاد في أطروحة الدكتوراة‪ ،‬المتخصصة في علم النفس‬ ‫المرضي من جامعة ديكارت بباريس ‪ .‬من مؤلفاته كتابه األوَّل في سلسلة علم‬ ‫النفس التطبيقي ومعالم نظرية ومنهجية وتطبيقيته في علم النفس المدرسي ‪.‬‬ ‫بين دفتيْ الكتاب‪ ،‬من القطع المتوسط‪ ،‬من ‪273‬صفحة في لون السماء األزرق‬ ‫الداكن‪ ،‬كالنفس البشرية ‪ .‬ويضمُّ الكتاب في جوانحه اإلهداء والمقدِّمة‪ ،‬التي‬ ‫تتعقبها أربعة فصول من المادة العلمية ‪...‬‬ ‫الفصل األول ‪ :‬علم النفس المدرسي ‪ – .‬الفصل الثاني ‪ :‬ما البيئة‬‫المدرسية ‪ -.‬الفصل الثالث ‪ :‬مشكالت دراسية ونفسية وعضوية ‪ – .‬الفصل‬ ‫الرابع ‪ :‬مجاالت التدخل ومناهجه ‪..‬و قد تكشف بحث المؤلف الضليع عن‬ ‫‪204‬مرجع بالعربية و‪161‬مرجع بالفرنسية واإلنجليزية والفرنسية ‪ .‬ثمَّ ترجمة‬ ‫معنى ‪159‬من المصطلحات الفرنسية واإلنجليزية إلى العربية ‪– ..‬الفصل ‪: 1‬‬ ‫الكتابة التي تنحو باتجاه سياق تاريخي لعلم النفس المدرسي‪ ،‬واستقالليته عن‬ ‫الفلسفة بوصفه علم قائم الذات منذ سنة ‪1879‬م‪ ،‬ومن رَحمه وُلد علم النفس‬ ‫المدرسي في حدود جغرافية ‪ .‬في ‪1920‬م أنشأ «ويليام فوندت» أوّل مختبر‬ ‫ُّ‬ ‫ويستدِل الكاتب بمثال «ن‬ ‫لعلم النفس التجريبي بمدينة «اليبزيج» بألمانيا ‪.‬‬ ‫ج ل فلوجل» ‪1933‬م بمؤلفه في علم النفس في مائة عام ‪ .‬ويذكر د‪ .‬المطيلي‬ ‫أسباب صعوبة تاريخ علم النفس المدرسي ‪ .‬ويتعلق بتحديد مجاله وأهدافه‬ ‫والتيارات السائدة التي ينهل منها الباحث من أجل اإلحاطة بما ُكتب في شأنها‪،‬‬ ‫مع عوامل التأثير والتاثر باألفكار لمختلف المدارس واالتجاهات ‪– ..‬المبحث‬ ‫األول ‪ :‬بواعث علم النفس المدرسي‪ ،‬ومراحل نشأته ‪ – .‬أ‪ -‬عامل مؤسساتي‬ ‫‪ :‬حركة إنشاء المؤسسات المدرسية لتعليم األطفال ومحاربة األميَّة ‪-..‬ب‪-‬‬ ‫عامل علميائي (إيبستيملوجي) ‪ ،:‬من تفرُع علم النفس وتشعب تخصصاته‬ ‫من القضايا المستجدّة‪ ،‬من سوء التوافق الدراسي والهجر عن التعليم مع‬ ‫التفاوت بين المتعلمين لقدراتهم الذهنية‪ ،‬ثمّ السلوك النفسي واإلعاقة‬ ‫الجسمية والذهنية ‪– .‬ج‪-‬عامل اجتماعي واقتصادي‪ :‬هي العوامل المؤثرة في‬ ‫البناء األسري واالجتماعي واالقتصادي‪ ،‬انبجست منها مطالب تربوية‪ ،‬حللها‬ ‫األطباء والفالسفة ومربون ومدرِّسون وعلماء ‪ .‬ثمَّ مراحل نشأة علم النفس‬ ‫المدرسي‪ ،‬ومراحله الثالثة ‪-..‬المبحث ‪- :2‬أ‪ -‬مرحلة اإلرهاص –(‪،)1762/1879‬‬ ‫و«جاك روسو» (‪)1787‬و دعوته إلى التربية الجديدة التي اتخذت علم النفس‬ ‫أساساً لفهم الطفل ومقدراته قبل اإلقدام على تنشئته ورعايته‪ ،‬الستكشاف‬ ‫عالمه النفسي ‪ .‬وقد جاء به كتاب «أفكار عن تربية األطفال» ل «جون لوك»‬

‫(‪ )1693‬وهو الطبيب النفساني والفيلسوف اإلنجليزي ‪ .‬وقد استوحى منه «جان‬ ‫جاك روسو» آراءاً لكتابه «إيميل» (‪ ،)1762‬ليؤكد َّ‬ ‫أن المجتمع هو المسؤول عن‬ ‫نوازع الخير والشر‪ ،‬خالفا للكنيسة القائم فكرها عن الخطيئة األصلية ‪ .‬غير َّ‬ ‫ان‬ ‫مرحلة الطفولة عند العرب تنقسم إلى جذور في الميراث النفسي العربي خالل‬ ‫الهجرة النبوية‪ ،‬ويبقى االضطالع عليها مرجواً حتى تنير للباحث فصوال مجهولة‬ ‫من تاريخ األفكار النفسية والتربوية السابقة لعصور األنوار ‪.‬و في الحديث عن‬ ‫رسول هلل (ص) ‪ :‬مُروا أوالدكم للصالة لسبع‪ ،‬وأدبه لسبع‪ ،‬وصاحبه لسبع‪ ،‬ثم‬ ‫اجعل حبله على غاربه ‪ ..‬والبحث التواتر تمَّ تأسيس «علم الطفل» ويُنسب إلى‬ ‫األمريكي «أوسكار كريسما» الذي كان أستاذاً لعلم النفس بجامعة «أوهايو»‬ ‫األمريكية ‪ – .‬ب‪ -‬مرحلة الريادة ‪ ،)1880/1912 (:‬ألمريكا واروبا‪ ،‬وقد ألفت‬ ‫المربية السويدية «أيلين كي» كتابا بعنوان «عصر الطفل» أيُّ قرن من‬ ‫الزمان (‪1900‬م) ‪– .‬ت‪»-‬فرانسيس حالتون»‪ ،‬أحد المؤسسين لعلم النفس‬ ‫(‪1822/1911‬م) ‪– .‬د‪« -‬جيميس سولي» وقد افتتح مختبراً لعلم النفس‬ ‫التجريبي بالمعهد الجامعي بلندن سنة (‪1842/1923‬م)‪– ..‬ه‪« -‬ألفريد بينيي»‬ ‫(‪1857/1911‬م)‪ ،‬وهو صاحب الروائز العقلية للذكاء في أروبا‪ ،‬وهي مجموعة‬ ‫«تيستْ» للتحصيل والذكاء والمرجع الجماعي ‪– ..‬و‪« -‬جرانفيل ستانلي هول»‬ ‫(‪1844/1924‬م)‪ ،‬وهوأحد رُواد علم النفس الثماني بالواليات المتحدة األمريكية‬ ‫‪-..‬ج‪« -‬ليتنر فيتمر»(‪1867/1956‬م)‪ ،‬وهو أيضا يُعدُّ من مؤسسي علم النفس‬ ‫العيادي ورائدٌ في المجال النفسي لألطفال‪ ،‬ومن أوائل من أرسوا دعائم علم‬ ‫النفس المدرسي ‪– ..‬ح‪« -‬ألفرد أدلير» (‪1870/1937‬م)‪ ،‬إذ هو من أوائل تالميذ‬ ‫«سيكمون فرويد» الهتمامه بالمشكالت التي يعاني منها األطفال في البيت‬ ‫والمدرسة ‪-..‬خ‪»-‬أوفيد ديكرولي» (‪1871/1932‬م)‪ ،‬وهو أول من افتتح معهداً‬ ‫لألطفال الشواذ (‪1901‬م) ِب»بروكسيليسنة» من أجل تطبيق المناهج العلمية‬ ‫لرصد مختلف أنماط سلوكهم ‪-..‬د‪« -‬إدوارد كالباريد» (‪1873/1940‬م)‪ ،‬وموقع‬ ‫الطفل في المؤسسة المدرسية‪ ،‬مما يدخل في صميم اهتمامات علم النفس‬ ‫المدرسي ‪-..‬ذ‪»-‬سيريل بيرت» (‪1883/1971‬م)‪ ،‬عالم إنجليزي لتاثير علمه البالغ‬ ‫في علم النفس الفارقي وتطبيقاته‪ ،‬وخصوصا في شأن التربية والتعليم ‪-..‬ر‪-‬‬ ‫«هانز زوليجرير» (‪1893/1956‬م)‪ ،‬وهو المحلل النفسي السويسري في مجال‬ ‫التربية والعالج النفسي للطفل ‪-..‬ز‪ -‬مرحلة الماسسة (‪1913‬م‪ ،‬وما بعدها‪ ،‬وهي‬ ‫تقتضي دراسة االستشارة النفسية وإجراء الفحوص والتتبع النفسي والتربوي‪،‬‬ ‫والتوجيه من لدن إخصائيين نفسيين‪ ،‬بعد تعيينهم في المدارس ألداء مهامهم‬ ‫في علم النفس المدرسي ‪..‬يذكر المؤلف َّ‬ ‫أن «سيرل بيرت» هو أول من تولى‬ ‫إدارة رسمية لعلم النفس المدرسي سنة (‪1913‬م)‪ ،‬بمجلس مقاطعة لندن ‪..‬‬ ‫و«أرنولد جيزيل» األمريكي هو أول من ُلقبَ بالنفساني المدرسي سنة (‪1915‬م)‬ ‫‪ .‬فانتشرت بعد ذلك في شتى الدول إلى غاية االتحاد السوفييتي سنة (‪1982‬م)‬ ‫‪ .‬واكبتها استصدار القوانين والمراسيم التنظيمية وإقرار المواثيق لمزاولة‬ ‫المهام لالختصاصيين النفسيين بالمدارس ‪ .‬ويذكر الكاتب مجموعة من العلماء‬ ‫اإلخصائيين بتواريخهم ونظرياتهم في هذا المجال ‪ – .‬وقد اختتم الباحث‬ ‫الفصل األول بعلم النفس المدرسي في األقطار العربية‪ ،‬عند إنشاء أول عيادة‬ ‫نفسية سنة (‪1934‬م) في نطاق المعهد العالي للتربية بالقاهرة ‪ .‬إذ أقيمت به‬ ‫فصول تجريبية لتطبيق المناهج الحديثة في التربية‪ ،‬لكشف رزمة ن المشكالت‬ ‫الدراسية والنفسية لدى التالميذ ‪ .‬جاء في بعض المصادر ّ‬ ‫أن العالم النفسي‬ ‫السويسري «إيدوارد كال باريد» الذي استقدمته الحكومة المصرية إلصالح‬

‫شؤون التعليم بها‪ ،‬على غرار‬ ‫تقريره ‪،‬هو الذي أوصى بإنشاء‬ ‫كلية التربية سنة(‪1929‬م)‪،‬‬ ‫وتسمى قبل ذلك بالمعهد‬ ‫العالي للتربية ‪ .‬ثم أنشئت‬ ‫عيادة تابعة للصحة بوزارة‬ ‫المعارف بالموسم الدراسي‬ ‫لتقديم‬ ‫‪1947/1948‬م‪،‬‬ ‫الخدمات لتالميذ االبتدائي‬ ‫والثانوي في القاهرة ‪.‬‬ ‫وعند عودة بعض الخريجين‬ ‫المصريين من الجامعات األمريكية ة األروبية في منتصف الخمسينيات‪ ،‬من ذوي‬ ‫االختصتص التربوي النفسي والمهني‪ ،‬لسعيهم في العمل دون أن يفلحوا في‬ ‫ذلك‪ ،‬في إنشاء هذه الخدمات ‪..‬انظر «صبري جرجس» سنة (‪1948‬م) والعيادات‬ ‫النفسية للطفولة المراهقة ‪ .‬وقد تخرجت البعثة األولى من مائتي متخصص‬ ‫سنة (‪1959‬م) (انظر – عبد اهلل محمود سليمان لسنة (‪1986‬م) ‪ .‬وإلى غاية سنة‬ ‫(‪1971‬م) في المؤتمر األول لعلم النفس في مصر‪ ،‬من بين توصياته تعميم‬ ‫نظام المرشد النفسي واإلخصائي النفسي التربوي في مختلف مراحل التعليم‪،‬‬ ‫ولم يحصل ذلك إال سنة (‪1989‬م) ‪ .‬ولم يتأخر المؤلف من تدوين وتوثيق‬ ‫المراجع العربية التي بلغ عددها ‪204‬من المراجع العلمية ‪ – .‬الفصل الثاني ‪:‬‬ ‫وإذا بالمؤلف يالمس البيئة المدرسية لتلك المحصلة من التفاعل بين المكوِّن‬ ‫البشري والمادي في المكان والزمان‪ ،‬ولكل عنصر وظيفته وتأثيره في غيره‬ ‫من العناصر من مكونات البيئة المدرسية من المتعلم وأنماطهم‪ ،‬والمدرس‬ ‫وأنماطهم‪ ،‬بشخصياتهم ثم الهيئة اإلدارية ودورها في احترام البرامج والمناهج‬ ‫بضوابط وقوانين في المناخ المدرسي‪ ،‬من عالقات تربوية ووجدانية‪ ،‬وأخيرا‬ ‫السلطة بين جماعة الفصل والمدرسين ‪ – .‬الفصل الثالث ‪ :‬تطرق المؤلف‬ ‫للمشكالت الدراسية والنفسية والعضوية‪ ،‬من عُسر القراءة واإلمالء والكتابة‬ ‫والحساب ‪ .‬وآفات الغش في االمتحانات‪ ،‬ومشكلة الفشل في الدراسة ثم‬ ‫المشكالت النفسية للطفل‪ ،‬من االنتباه إلى الكالم ماراً بالتخلف الذهني ‪..‬‬ ‫مقابل الطفل الموْهوب والمتفوِّق ‪ .‬يأتي بعد ذلك العنف المدرسي والهروب‬ ‫ثم الرُهاب المدرسي «الفوبي»‪ ،‬واإلعاقة الذهنية والعضوية ‪ -..‬الفصل الرابع‪:‬‬ ‫مجاالت التدخل ومناهجه ‪ :‬بدءاً بالمقابلة ونوعياتها بين التدخل المباشر‬ ‫والغير المباشر‪ .‬نماذج من التبليغ ضمن اإلطار الزمني للمقابلة‪ ،‬والمكاني‬ ‫واالجتماعي ‪ُّ .‬‬ ‫كل ذلك يخضع إلى آداب التدخل مع الروانز «التيستْ»‪ ،‬بشتى‬ ‫أنواعها وتطبيقها فرديا أو جماعياً‪ ،‬مع االختبار النفسي للفصل التربياني «عالم‬ ‫التربية» ‪ ،‬إلى المبيان االجتماعي للفصل ‪ .‬وآخراً الملف النفسي التربوي‪ ،‬ثم أخيراً‬ ‫االستثمارات االستطالعية واالستكشافية والتقييمية‪ ،‬واستمارات البحث ُّ‬ ‫‪.‬كل‬ ‫ذلك قابل لالستثمار في التحوُّل االجتماعي للفاعل التربوي والنفسي للمساهمة‬ ‫في ارتقاء المجتمع ‪..‬و قد أتى حين من الوقت العربي ْ‬ ‫أن اهتم العلماء العرب‬ ‫قديما في البحث‪ ،‬ومنهم ابن الهيثم الذي ألف ما يزيد عن أربعين مؤلفا في‬ ‫الفلسفة والمنطق وعلم النفس واألخالق واإللهيات واللغة ‪ ..‬تلك هي نوع من‬ ‫السيرة الذاتية لعلم النفس المدرسي تكشف للباحث عن روح هذا العلم ‪...‬‬


‫الثالثـاء ‪� 20‬إلى ‪ 26‬غ�شت ‪2019‬‬

‫العدد ‪1007‬‬

‫روحة‬

‫أط‬

‫مداخلة للدفاع عن أطروحة تحت عنوان‪:‬‬ ‫« األنوار المنبلجة من أسرار المنفرجة»‬ ‫ألبي العباس أحمد بن أبي زيد النقاوسي(‪810‬هـ)‬

‫دراسة وتحقيق‪...‬‬

‫من إنجاز الطالب الباحث ‪ :‬علي الورياغلي‬ ‫تحت إشراف‪ :‬د‪ .‬أحمد هاشم الريسوني و د‪.‬محمد كنون الحسني‬

‫بسم اهلل الرحمن الرحيم‪ ،‬والصالة والسالم‬ ‫على سيدنا محمد‪ ،‬وعلى آله وصحبه أجمعين‪،‬‬ ‫وبعد‪...‬‬ ‫البد لي في البداية أن أعترف بسعادتي‬ ‫وفخري بالمثول أمام هــذه اللجنة العلمية‬ ‫الرصينة ‪،‬‬ ‫المشهود لها بالمكانة الرفيعة في العلم‪،‬‬ ‫والعمل‪ ،‬ونبل األخالق‪.‬ويزيد من سعادتي أن‬ ‫تكون‬ ‫واسطة هذا العقد الفريد المنضود هي‬ ‫األستاذة الدكتورة الشاعرة والمبدعة والناقدة‬ ‫سعاد الناصر التي طالما استمتعت بحضورها‬ ‫الوارف في نصوصها المختلفة‪ ،‬وحان لي أن‬ ‫أستمتع بحضورها البهي‪ ،‬وتوجيهاتها العلمية‬ ‫السديدة اليوم‪.‬وعموما فإن اللجنة التي ال‬ ‫تؤنث‪ ،‬ال يعول عليها‪ .‬فلك ألف تقدير و شكر‬ ‫سيدتي‪.‬‬ ‫وإني أوجه شكري وامتناني‪ ،‬وعظيم محبتي‬ ‫وتقديري لبقية األحجار الكريمة في هذا العقد‪،‬‬ ‫أخص بالذكر أستاذي المشرفين ؛ الدكتـــور‬ ‫الناقد والشاعر الشريـف سيدي أحمد هاشم‬ ‫الريسوني‪ ،‬سليل أســرة العلم والجهاد العريقة‬ ‫في تاريخ المغــرب الحديث‪ ،‬والدكتور سيدي‬ ‫محمد كنون الحسني سليل األسرة التي اليشق‬ ‫لها غبار في العلم والصالح‪.‬‬ ‫أشكرهما على صبرهما على هناتي ومزالقي‪،‬‬ ‫وعلى توجيهاتهما السديدة‪ ،‬وإرشاداتهما التي‬ ‫أنارت طريقي في أحلك مراحل الشك والخوف‬ ‫والتردد أثناء إنجازي لهذا البحث المتواضع‪.‬‬ ‫وأؤكد لهما أنه إذا حقق خيرا‪ ،‬فإن الفضل األكبر‬ ‫بعد اهلل يعود لهما في ذلك‪.‬‬ ‫كما أشكربقية السادة األساتذة األجالء‬ ‫الذين قبلوا مناقشة هذا المنجز المتواضع؛‬ ‫الدكتور والمترجم والمسؤول عن الشأن الثقافي‬ ‫والمنغمس فيه رشيــد أمحجور‪ ،‬والدكتورين‬ ‫الجليلين إبراهيــم إمـونن‪ ،‬وأحمد بوعــود‬ ‫المثقفين والباحثين الجليلين كل في مجاله‪.‬‬ ‫ومادمنا في مقام العرفان هذا‪ ،‬البد أن أوجه‬ ‫شكري وإجاللي ومحبتي لشيخي وأستاذي الذي‬ ‫أغرقني في بحر أفضاله الزاخر‪،‬وسقاني من‬ ‫كؤوس علمه وشعره ‪ ،‬وكرمه ونبله كل تليد‬ ‫ونادر‪ ،‬إنه الدكتور الشاعر العالمة سيدي عبد‬ ‫اللطيف شهبون الذي يعطي طول حياته‪ ،‬وينزه‬ ‫عطاءه عن الفصول و الغايات‪ ،‬كما يحلو له أن‬ ‫يقول دائما‪.‬و أشهدكم أنه شيخي‪ ،‬ليس خوفا‬ ‫من كالم الغزالي‪ « :‬من ال شيخ له ‪ ،‬فالشيطان‬ ‫شيخه»‪ ،‬ولكن عمال بكالم رابعة العدوية‪:‬‬ ‫أحبك حبين ؛ حب الهوى‬ ‫وحب ألنــك أهـل لذاكا‬ ‫وإذا ذكر أهل الفضل‪ ،‬يذكر الدكتور العالمة‬ ‫شيخ المحققين المغاربة المرحوم سيدي عبد‬ ‫اهلل المرابط الترغي الذي راودني عن نفسي‪،‬‬ ‫ودعاني إلى بحر التشوف والتصوف المتالطم‬ ‫بالجمال والمحبة‪،‬بحر المنفرجة الذي وطأته‬ ‫قدماي ‪ ،‬ولم تخرجا منه إلى اآلن‪.‬‬

‫قصيدة ابن النحوي الرائعة الخالدة التي‬ ‫انشغل بها الناس من العامة‪ ،‬والفقهاء‪،‬‬ ‫والعلماء‪ ،‬واألدباء ‪ ،‬والباحثين على مر العصور‪،‬‬ ‫ومن بين هؤالء األديب العالمة الفقيه أبو‬ ‫العباس أحمد بن أبي زيد النقاوسي‪ ،‬المتوفى‬ ‫سنة‪810 ( :‬ه)‪ ،‬الذي شرحها في عمله الجليل‪:‬‬

‫مداخلة للدفاع عن أطروحة‬

‫« األنوار المنبلجة من أسرار المنفرجة» الذي‬ ‫قمنا بتخريج متنه ‪ ،‬وتحقيقه‪ ،‬ودراسته في بحثنا‬ ‫المتواضع الذي وضعناه بين أيديكم لتهذيبه‪،‬‬ ‫وتشذيبه‪ ،‬وتوجيهه‪ ،‬وتصحيح اعوجاجاته‬ ‫ومناقصه‪ ،‬حتى يصير على الحال التي تنال‬ ‫رضاكم‪ ،‬ومباركتكم‪.‬‬ ‫وقد قسمنا هذا العمل إلى جزأين‪ ،‬خصصنا‬ ‫األول منهما للتقديم والدراسة‪ .‬أما التقديم‪،‬‬ ‫فقد وضعنا له مقدمة‪ ،‬وثالثة أبواب؛ خصصنا‬ ‫األول منها للحديث عن ظاهرة «المنفرجة» ‪،‬‬ ‫وذكرنا أهم القصائد المسماة بنفس التسمية‪،‬‬ ‫وقد كان فرحي عظيما إذ اكتشفت أثناء البحث‬ ‫عن منفرجة مغربية مغمورة للشيخ سيدي أحمد‬ ‫السكيرج‪.‬كما عرجنا في هذا الباب على أشهر‬ ‫النصوص التراثية التي تناولت موضوع الفرج‬ ‫بعد الشدة‪ ،‬وسميناها منفرجات نثرية‪.‬‬ ‫وخصصنا الباب الثاني للتعريف بابن النحوي‪،‬‬ ‫ومنفرجته التي شرحها النقاوسي؛ فعرضنا متن‬ ‫القصيدة‪ ،‬وحددنا مصلحها‪ ،‬ووشرحنا تسميتها ‪،‬‬ ‫وحققنا نسبته البن النحوي‪،‬وختمنا بذكر أسباب‬ ‫وظروف نظمها‪ ،‬وشهرتها وانتشار ذكرها‪.‬‬ ‫وفي الباب الثالث عرضنا ألهم الشروح التي‬ ‫تناولتها‪،‬وقسمناها إلى مشرقية ‪ ،‬ومغربية‪ ،‬مع‬ ‫ذكر خصائص هذه الشروح‪.‬‬ ‫وأما قسم الدراسة‪ ،‬فقد خصصنا له الباب‬ ‫الرابع‪ ،‬وقد استغـــرق منا ما يفـوق األربعيــن‬ ‫صفحة‪.‬‬ ‫وقسمناه إلى ثالثة فصول؛ عرفنا بالشارح‬ ‫في أولها‪،‬وعرفنا بشرحــه‪ ،‬وذكرنــا أسبـــاب‬ ‫كتابته‪،‬ومكانته بين الشروح‪،‬ثم قمنا بوصف‬ ‫األصول المعتمدة في هذا البحث‪.‬‬ ‫أما الفصل الثالـث‪ ،‬فقـد خصـص لبحـث‬

‫ومناقشة أهم الظواهر و القضايا التي يطرحها‬ ‫هذا الشرح‪ ،‬وقد أجملناها في منهج الشارح‪،‬‬ ‫ولغته الواصفة‪ ،‬وتجليات الخطاب المنقبي‬ ‫في شرحه‪ ،‬ثم ظاهرة االنتقال من الشرح إلى‬ ‫التأليف التي عرف بها النقاوسي‪.‬‬ ‫وقد خصصت بقية البحث لعملية تخريج‬ ‫المتن ‪ ،‬وتحقيقه متبعين في ذلك قواعد‬ ‫التحقيق العلمي كما تعلمناها من أساتذتنا ‪،‬‬ ‫ومن الذين سبقونا إلى هذا المجال‪ .‬وقد راعينا‬ ‫في ذلك الصدق و الدقة‪ ،‬خاصة في تخريج‬ ‫األشعار‪ ،‬و اآليات القرآنية الكريمة ‪ ،‬واألحاديث‬ ‫النبوية الشريفة‪.‬‬ ‫وقد ختمنا عملنا بوضع الفهارس الضرورية‬ ‫للبحث‪ ،‬وهنا وبعملية إحصائية بسيطة ‪،‬يمكن‬ ‫أن أشير إلى أنني قمت بضبط وتخريج ‪233‬‬ ‫آية قرآنية كريمة‪،‬و‪ 168‬حديثا شريفا‪،‬و‪87‬‬ ‫بيتا من الشعر‪.‬كما زينت وأثريت عملي بوضع‬ ‫‪ 215‬ترجمة لألعـالم الواردة أسماؤهـــم في‬ ‫المتن‪.‬‬ ‫وقد قمت في هذا العمل المتواضع بمحاولة‬ ‫إثبات أن شرح النقاوسي للمنفرجة ‪ ،‬هو أهم‬ ‫شرح وضع لهذه القصيدة على اإلطالق‪ ،‬وبينت‬ ‫األسباب التي جعلتني أصل إلى هذه النتيجة‪،‬‬ ‫وهي ثالثة ‪:‬‬ ‫‪1‬ـ ضخامة هذا الشرح من الناحية الكمية‪،‬‬ ‫مما أتاح له إيفاء القصيدة حقها من الشرح‬ ‫والتحليل‪ ،‬والتعليق‪ .‬ومن حيث الكيف ‪،‬فإن‬ ‫صاحبه كان موسوعيا يتقن علوما عدة‪ ،‬مما أتاح‬ ‫لشرحه أن يتحول إلى دائرة من المعارف في‬ ‫األدب‪ ،‬والبالغة‪ ،‬والنحو‪ ،‬والفقه‪ ،‬والتفسير‪،‬وعلم‬ ‫الكالم‪ ،‬والتاريخ‪ ،‬واألنساب‪ ،‬وغيرها‪.‬‬

‫‪17‬‬

‫‪2‬ـ إشادة الشراح و األدباء والباحثين بعمله‪.‬‬ ‫‪3‬ـ استفادة أغلب الشراح من شرحه؛ فمنهم‬ ‫من لخصه‪ ،‬ومنهم من أخذ من طريقته وأفكاره‪،‬‬ ‫ومنهم من نقل عبارات وأفكارا منه‪ ،‬سواء اعترف‬ ‫بذلك ‪ ،‬أم لم يعترف‪.‬‬ ‫يمكن أن أشير هنا أيضا إلى أنني قد‬ ‫اشتغلت في التحقيق على ثالث نسخ للمخطوط‪،‬‬ ‫هي‪ :‬نسخة الخزانة الوطنية بالرباط‪ ،‬تحت‬ ‫رقم‪1874(:‬د)‪،‬ونسخة الخزانة الحسنية‪ ،‬تحت‬ ‫رقم‪،)1437(:‬ونسخة المسجد النبوي بعنوان‪:‬‬ ‫( األنوار المنبلجة من بسط أسرار المنفرجة)‪،‬‬ ‫تحت رقم‪ ،)903( :‬وهي نسخة جيدة واضحة‪،‬‬ ‫وقمت بجلبها من األردن‪ .‬وقد وعدني الشخص‬ ‫الذي مكنني من هذه النسخة بنسخة من مكتبة‬ ‫الحرم المكي‪ ،‬وهي أجمل ‪ ،‬وأوضح النسخ على‬ ‫اإلطالق‪ ،‬لكنه اختفى تماما رغم كل محاوالت‬ ‫االتصال به‪ .‬وهي نفسها نسخة مكتبة أم القرى‬ ‫بمكة المكرمة‪.‬‬ ‫وقد حصلت بالمناسبة على نسخ ألغلب‬ ‫شروح منفرجة ابن النحوي‪ ،‬بعضها مخطوط‪،‬‬ ‫وبعضها مطبوع‪ ،‬وقارنت بينها مثلما قارنت‬ ‫بين النسخ األصول‪.‬‬ ‫هذا مجمل العمل الذي قمت به في هذا‬ ‫البحث المتواضـــع‪ ،‬وهو ينتظر توجيهاتكـــم‪،‬‬ ‫ونصائحكـــم‪ ،‬وتصويباتكــم حتـــى يصيــــر‬ ‫على الشكل الذي يرضيكم‪ ،‬وينال إعجابكم‬ ‫ومباركتكم‪.‬واهلل ولي التوفيق‪.‬‬

‫علي الورياغلي‬

‫طنجة في‪ 15 :‬يوليو ‪2015‬‬


‫العدد ‪1007‬‬

‫الثالثـاء ‪� 20‬إلى ‪ 26‬غ�شت ‪2019‬‬

‫المغرب وفلسفة «التنمية البشرية»‪...‬‬ ‫ما العالقة ؟‬ ‫محمد أديب السالوي‬

‫‪-1-‬‬

‫مباشرة بعد الحرب العالمية الثانية‪ ،‬تزايد الوعي في‬ ‫أوروبا والواليات المتحدة األمريكية‪ ،‬بأهمية اإلنسان هدفا‬ ‫ووسيلة في التنمية الشاملة‪ ،‬بعد خروجها‪ ‬من ويالت هذه‬ ‫الحرب‪ ،‬وهي في حالة من الذهول والصدمة من هول‬ ‫ما حدت لها وللعالم نتيجة للدمار اإلنساني‪ ،‬و للخسائر‬ ‫االقتصادية العظيمة‪ ،‬فنشأت المفاهيم األولية «للتنمية‬ ‫البشرية» بهدف تحقيق خروج سريع‪ ‬من النفق المظلم‬ ‫الذي خلفته تلك الحرب المدمرة‪.‬‬

‫هكذا برز في نهاية القرن الماضي‪ ‬مصطلح التنمية‬ ‫البشرية بقوة في الخطاب السياسي‪ ،‬االقتصادي‪،‬‬ ‫االجتماعي على مستوى العالم‪ ،‬إلبراز العالقة بين ما‬ ‫يمكن تحقيقه من نمو اقتصادي‪ ،‬وبين تنمية اإلنسان ‪/‬‬ ‫تنمية القدرات البشرية من خالل زيادة خبراتها وتعزيز‬ ‫مفاهيمها للحرية واإلبداع وحقوق اإلنسان‪،‬ليكون الناس‬ ‫قادرين على أن يكونوا ما يريدون‪ ،‬على أن يفعلوا ما‬ ‫يستطيعون‪ ،‬مع التركيز على خلق فرص أفضل‪ ‬وخيارات‬ ‫عادلة لكل األشخاص‪.‬‬

‫وتقول هذه األهداف بصيغة أخرى‪ ‬أن التنمية البشرية‬ ‫هي العملية التي يتم بها توسيع القدرات البشرية الخاصة‬ ‫بمجال التعليم‪ ،‬لتمكين األفراد والمجتمعات من تحقيق‬ ‫مستوى مرتفع من اإلنتاج والدخل والحصول على حياة‬ ‫أفضل‪ ،‬صحيا واجتماعيا وثقافيا‪.‬‬ ‫وتقول هذه األهداف بصوت مرتفع‪ .‬أن التعليم من‬ ‫أهم مكونات التنمية البشرية‪ ،‬فهو أمر ضروري لنجاح‬ ‫جهودها‬

‫في مطلع األلفية الثالثة‪ ،‬قدمت األمـــم المتحدة‬ ‫«التنمية البشرية» إلى العالم بأنها العملية التي توسع‬ ‫خيارات الناس عن طريق‪ ‬توسعة القدرات البشرية لألمم‬ ‫في كافة مستويات التنمية‪ ،‬وتأمين حياة أفضل صحيا‬ ‫وتربويا وماديا لكل البشر‪ ،‬وهو ما دفع بخبرائها إلى وضع‬ ‫عشرة أهداف أساسية‪ ‬لها كميثاق دولي‪.‬‬

‫باختصار شديد‪ ،‬تكمن فلسفة التنمية البشرية في‬ ‫عملية توسيع الخيارات المتاحة للناس‪/‬المواطنين‪ ،‬أهمها‬ ‫أن يعيشوا حياة طويلة وصحية‪ ،‬وان يكتسبوا المعرفة‪،‬‬ ‫ويحصلوا على الموارد الالزمة لتحقيق حياة كريمة‪ ،‬إضافة‬ ‫إلى تأمين الحريات السياسية واالقتصادية واالجتماعية‬ ‫المؤدية إلى فرص االبتكار والخلق واإلبداع والتمتـع‬ ‫باالحترام الشخصي وحقوق اإلنسان‪.‬‬

‫تنمية المعرفة والمهارات المكتسبة من خالل‬ ‫• ‬ ‫دعم التعليم األساسي‪.‬‬

‫توفير مستوى جيد والئق في المعيشة‬ ‫• ‬ ‫للمواطنين‪ ،‬بتقديم خدمات الحماية االجتماعية لألفراد‪،‬‬ ‫وخاصة الفقراء‪ ،‬وتقديم اإلعانات الغذائية والنقدية التي‬ ‫تحتاجها األسر األكثر فقرا‪.‬‬

‫إن أوضاعنا السياسية‪،‬االقتصادية‪،‬االجتماعية تقول‬ ‫هي األخرى بصوت مرتفع‪،‬أاننا بعيدون جدا عن فلسفة‪ ‬‬ ‫وأهداف هذه التنمية‪ ،‬وأننا نمأل الوقت بالفراغ عندما‬ ‫نستمع إلى خطابات الحكومة‪/‬الحكومات عن سياساتها‬ ‫التنموية البشرية لنقل اللهم ارزقنا المزيد من الصبر‪،‬‬ ‫ونحــن نتابــع خطابـــات حكوماتنـــا عن منجـــزاتهـــا‬ ‫«العظيمة» بهذه التنمية‪...‬‬

‫توفير المساكن لمن يحتاجها‪ ،‬والطرق التي‬ ‫• ‬ ‫تساعد على رفع مستوى المعيشة‪ ،‬وتقديم قروض صغيرة‬ ‫لمن يحتاج إلى عمل‪ ‬يؤمن له كفايته ويسد حاجته‪.‬‬ ‫• ‬

‫تحسين مستوى أداء المواطن‪.‬‬

‫• ‬

‫تقليل حوادث الشغل قدر اإلمكان‪.‬‬

‫• ‬

‫تحسين ثقة المواطن بنفسه‪.‬‬

‫تحسين المستوى االجتماعي للمواطنين بما‬ ‫• ‬ ‫يضمن لهم فرصا أفضل للعمل‪،‬وللحياة‪.‬‬ ‫• ‬

‫تضييق الفجوة بين األغنياء والفقراء‪.‬‬

‫• ‬

‫سد الفجوة ببن التقدم والتخلف‪.‬‬

‫‪-3-‬‬

‫تقول هذه األهداف بصراحة ووضوح‪ ،‬أن من ركائز‬ ‫التنمية البشرية‪،‬أن يكون لجميع المواطنين حقهم في‬ ‫التعليم والرعاية الصحية والسكن والشغل‪ ،‬وأن يكون‬ ‫من حق الجميع تكافؤ الفرص‪ ،‬وأن يكون للمواطنيــن‬ ‫المشاركة الكاملــة في تنمية المجتمع‪ ،‬والمشاركــة في‬ ‫عمليات صنع القرارات المتصلة‪ ‬بالتنمية المستدامة‪.‬‬

‫لعبة السودوكو اليابانية األصل «‪ ،»SUDOKU‬كانت معروفة منذ الثمانينيات‬ ‫في اليابان‪ ،‬إال أنها لم تظهر كلعبة ذات شعبية إال سنة ‪.2005‬‬

‫معنى كلمة سودوكو‬

‫كلمة سودوكو هي اختصار للجملة اليابانية (‪)Nikagiru Sujiwa Dokushin‬‬ ‫وتعني أن األعداد البد أن تكون مفردة‪ .‬وهذه اللعبة عبارة عن عالمة تجارية لشركة‬ ‫‪.Nikol‬‬

‫كيف تلعبها ؟‬

‫اللعبة تعتمد على المنطق لدرجة كبيرة‪ ،‬وهي لوحة مقسمة إلى تسع مناطق كل‬ ‫منطقة مكونة من تسع خانات‪ ،‬وعليك أن تمأل هذه الخانات أفقيا أو عموديا بأرقام من‬ ‫‪ 1‬إلى ‪ ،9‬حيث ال تستخدم الرقم إال مرة واحدة في جميع المربعات على العمود نفسه‬ ‫أو السطر أو القطر‪ ،‬وتكون هناك أرقام موضوعة سابقا في بعض الخانات‪.‬‬

‫مفيدة لكن معقدة‬

‫اللعبة مفيـدة جدا لتقوية مهارات المنطـق‪ ،‬ويستخدمهـا مدرسو الرياضيات‬ ‫كتمارين للطلبة وتختلف درجة التعقيد‪ ،‬حسب الفئة المستهدفة‪.‬‬

‫‪-4-‬‬

‫السؤال الذي يطرح نفسه في هذه المراجعة لمرتكزات‬ ‫وقيم التنمية البشرية وأهدافها‪ .‬أين المغرب منها؟‪ .‬وماذا‬ ‫حقق حتى اآلن من هذه األهداف والمرتكزات‪ ..‬؟‪.‬‬

‫العيش في بيئة صحية‪ ،‬بتقديم خدمات‬ ‫• ‬ ‫صحية أساسية‪ ،‬وتوفير الخدمات الوقائية الطبية لكافة‬ ‫المواطنين‪.‬‬

‫أصل اللعبة‬

‫وتقول هذه األهداف أن التعليم رافد ألنشطة التنمية‬ ‫وعناصرها المختلفة‪ ،‬فالتعليم يساعد على بناء مجتمع‬ ‫قوي‪ ،‬سليم‪ ،‬يسوده السالم االجتماعي‪ ،‬يساعد المواطنين‬ ‫على االنفتاح على مجتمعهم‪ ،‬على تراثهم الحضاري‪،‬على‬ ‫قيمهم الثقافية‪،‬على عاداتهم وتقاليدهم‪ ....‬وعلى تقليل‬ ‫الفوارق بين الطبقات‪.‬‬

‫وقد ابرز هذا الخطاب (العالمي) على مستوى اإلعالم‪،‬‬ ‫أن العنصر البشري الذي كان ضحية الحروب‪ ،‬هو أول‬ ‫المحاور التي تركز عليها مفاهيم التنمية البشرية‪ ،‬وهو ما‬ ‫جعلها تحظى باهتمام متزايد من قبل المنظمات الدولية‬ ‫والشركات واإلدارات الحكومية‪ ،‬لما لها من دور مؤثر على‬ ‫نجاح التنمية المستدامة‪.‬‬

‫تقول هذه األهداف‪:‬‬

‫لعبة السودوكو (‪)469‬‬

‫التعليم يمثل للفقراء فرصة لالستثمار دون حاجة إلى‬ ‫رأسمال مادي‪ ،‬وعلى الحكومات أن تتيح هذا الحق دون‬ ‫قيد أو شرط لكافة المواطنين فقراء أو أغنياء‪ ،‬قرويون أو‬ ‫مدنيون‪.‬‬

‫وفي منظور خبراء التنمية البشرية‪ ،‬التعليم ال ينتهي‬ ‫بانتهاء المرحلة الدراسـيــة الجامعية‪ ،‬فالتعليم وتنميـة‬ ‫وتطوير المهارات‪ ،‬أمـر مستمر طول الحياة‪ ،‬حيت تهتم‬ ‫التنمية البشرية‪،‬بتوفير فرص تعليم اللغــات والمهارات‬ ‫والخبرات التي تساعد المجتمــع على التقدم الحضــاري‬ ‫والعلمي‪.‬‬

‫‪-2-‬‬

‫‪18‬‬

‫نعم‪،‬إنهم ال ينظرون‪...‬؟‬

‫حل السودوكو‬ ‫رقم ‪469‬‬

‫سرعة المالحظة‬

‫بين الصورة واألصل ‪ 10‬اختالفات‪ ،‬حاول أن تهتدي إليها‪.‬‬


‫املهدي اخلالطي يعود الحتاد طنجة‬ ‫صفحة‬

‫‪19‬‬

‫�إعداد ‪ :‬م�صطفى ال�سباعي‬

‫العدد ‪1007‬‬

‫الثالثاء ‪� 20‬إلى ‪ 26‬غ�شت ‪2019‬‬

‫مجرد رأي ‪:‬‬

‫المـدرب حاليلوزيتـش هل هو‬ ‫االختيار األنسب لقيادة األسود‬

‫?‬

‫بعد اتصاالت ومفاوضات استقر رأي فوزي لقجع رئيس الجامعة الملكية‬ ‫المغربية لكرة القدم على اختيار المدرب البوسني وحيد حاليلوزيتش لإلشراف على‬ ‫تدريب أسود األطلس في المواسم األربعة المقبلة‪.‬‬ ‫فهل كان هذا االختيار صائبا ؟ وماهي المقاييس التي اعتمدها رئيس الجامعة‬ ‫لتحديد هوية الربان الجديد للمنتخب المغربي الذي سيخلف الفرنسي هيرفي‬ ‫رونار الذي انتقل لتدريب المنتخب السعودي ؟‬ ‫يملك المدرب وحيد حاليلوزيتش فكرة كافية عن الكرة المغربية لكون أولى‬ ‫خطواته وتجاربه في القارة اإلفريقية انطلقت من المغرب وبالضبط مع نادي‬ ‫الرجاء البيضاوي في موسم‪ 1997‬حيث أحرز معه على ثنائية تاريخية تمثلت في‬ ‫الفوز بلقب البطولة ودوري أبطال إفريقيا‪.‬‬ ‫كما أنه ظل متابعا لالعبين المغاربة خالل تواجده مع منتخبي كوت ديفوار‬ ‫والجزائر وأيضا بالنسبة للمتواجدين في الدوري الفرنسي‪.‬‬ ‫ويتوفر المدرب حاليلوزيتش على سجل تدريبي حافل ومتميز مع نادي ليل‬ ‫الفرنسي ‪..‬كما تحصل مع فريق باريس سان جيرمان على كأس فرنسا وقاد أندية‬ ‫نانت ورين ودينامو زغرب ومنتخبات مختلفة لتحقيق نتائج مهمة قاريا ودوليا‪.‬‬ ‫وسبق ان شارك مع منتخبي كوت ديفوار والجزائر في كأس إفريقيا‪ ..‬وقاد‬ ‫المنتخبين معا للتأهل للمونديال‪ ..‬حيث شارك مع منتخب كوت ديفوار في‬ ‫مونديال جنوب إفريقيا عام ‪ 2010‬وقاد المنتخب الجزائري لتحقيق إنجاز غير‬ ‫مسبوق في التاريخ بالتأهل لكأس العالم ‪ 2014‬وخروجه المشرف أمام منتخب‬ ‫ألمانيا حامل اللقب بصعوبة في الدور ‪.16‬‬ ‫ويملك المدرب وحيد حاليلوزيتش شخصية قوية التتأثر أمام الالعبين النجوم‬ ‫وله مواقف عديدة في هذا الشأن وهو مايجعل منه المدرب األمثل ألسود األطلس‬ ‫الذين يحتاجون لثورة تغيير كبيرة في الفترة المقبلة بعدما طغى بعض الالعبين‬ ‫مع المدرب السابق رونار‪.‬‬ ‫وباإلضافة إلى ذلك ظل المدرب حاليلوزيتش يظهر دائما امتنانه لمسؤولي‬ ‫الرجاء البيضاوي حيث سبق أن قال بهذا الخصوص «أنا مدين لفريق الرجاء‬ ‫المغربي الذي جعل مني مدربا كبيرا وقدمني للعالم بشكل الئق»‪.‬‬ ‫بقي أن نعرف ان راتب المدرب البوسني هو ‪120‬مليون سنتيم والعقد الذي‬ ‫يربطه بالجامعة يستمر لمدة ‪ 4‬مواسم وعقدة األهداف تنص على قيادة المنتخب‬ ‫المغربي للتأهل لكأس العالم المقبلة بقطر وفي حالة الفراق يقدم أحد أطراف‬ ‫النزاع تعويضا لآلخر ال يتعدى راتب ‪ 3‬أشهر‪.‬‬

‫بطولـة إسبانيـا‬

‫برشلونة تفتتح الموسم بالهزيمة‬ ‫أمام اتلتيك بلباو‬

‫نجح نادي أتلتيك بلباو في تحقيق صدمة افتتاحية في الدوري اإلس��باني لكرة القدم‬ ‫بتغلبه على ضيفه برشلونة بهدف دون مقابل‪.‬‬ ‫ووجد برش��لونة حامل اللقب نفس��ه يزور ملعب الفريق الباس��كي محروما من نجمه‬ ‫ليونيل ميس��ي بداع��ي اإلصابة وهي المرة األول��ى التي يدخل فيها برش��لونة المباراة‬ ‫األولى في الموسم من دون نجمه ميسي منذ ‪ 10‬سنوات‪.‬‬ ‫غياب ميسي ظهر واضحا ومؤثرا خاصة على مستوى إنهاء الهجمات وإيصال الكرات‬ ‫للمهاجمين‪ ،‬على الرغم من تواجد الثالثي س��واريز وغريزمان وديمبيلي في التش��كيلة‬ ‫األساسية ‪.‬‬

‫تعاقد اتحاد طنجة لكرة‬ ‫القدم مع المدافع المهدي‬ ‫الخالطي لمدة موسمين قادما‬ ‫من فريق الجيش الملكي‪.‬‬ ‫الخالطي سبق أن تدرج‬ ‫ضمن جميع الفئات العمرية‬ ‫التحاد طنجة وصوال إلى‬ ‫الفريق األول قبل خوض‬ ‫تجربة مع العديد من األندية‬ ‫الوطنية ومنها المغرب‬ ‫التطواني والجيش الملكي‪.‬‬

‫المدرب الوطني الجديد يبدأ مهامه‬ ‫في الخامس من شتنبر‬

‫ومن جانب آخر سيعقـد المدرب الجديد لألسود‬ ‫اجتماعا مع مدربي الدوري االحترافي‪.‬‬

‫يس��تهل البوس��ني وحي��د خاليلوزيت��ش مدرب‬ ‫األس��ود الجديد مهــامه عل��ى رأس العارضة الفنية‬ ‫ألسود األطلس في الخامس من شتنبر المقبل‪.‬‬ ‫ويستهـدف من وراء هذا االجتمـاع الوقـوف على‬ ‫ويبدأ المدرب البوس��ني مهامه بع��د عودته من‬ ‫مدينة ليل بفرنسا حيث يقيم إلنهاء بعض الترتيبات مستـوى العبـي الدوري المحلـي والحديث عن الوجوه‬ ‫الخاصة به‪.‬‬ ‫وس��يــعــود حاليلــوزيت��ش للمـغ��رب ليقـ��دم المحتمل ضمها لصفوف المنتخب في الفترة المقبلة‪.‬‬ ‫طــاقـمــه المس��اعــد المش��كـــل من فرنسييـــــن‬ ‫وكان مدربو المنتخب المغربي السابقون قد تلقوا‬ ‫ومغاربة‪.‬‬ ‫ومباشرة بعد عودته سيكشف عن قائمة األسود العديد من االنتقــادات بسبب تهميشهم لالعبيـــن‬ ‫المحليين واالهتمام أكثر بالمحترفين بالخارج‪.‬‬ ‫التي اختارها لوديتي بوركينا فاسو والنيجر‪.‬‬


‫الثالثـاء ‪� 20‬إلى ‪ 26‬غ�شت ‪2019‬‬

‫العدد ‪1007‬‬

‫السلسلة الرابعة‬

‫تذكرة سفر‬

‫احللقة الثالثة‬

‫لقاءات حوارية‪ ،‬في حلقات متسلسلة‪ ،‬مع شخصيات مؤثرة في المجال العمومي المغربـي‬ ‫والعربـي واإلنساني‪ ،‬تستحضر تجربتهم في الحياة الخاصة والعامة‪ ،‬وترحل بهم عبر تذكرة سفر‬ ‫معنوية وروحية إلى الماضي والمستقبل‪.‬‬ ‫• عبد اإلله المويسي‬

‫مع األستاذ‬

‫محمد األشعري‬ ‫المحور األول ـ المسار الخاص ـ‬

‫يحضر األستاذ محمد األشعري‪ ،‬في مخيال القراء المغاربة والمشتغلين بالحقل السياسي والمجتمعي الوطني‪،‬‬ ‫بصيغة الواحد المتعدد‪ ،‬فهو اإلنسان أوال‪ ،‬وهو الشاعر والكاتب الروائي والمناضل السياسي والناشط الحقوقي‪ ،‬وواحد‬ ‫من أبرز وجوه معتقلي سنوات الرصاص‪ .‬وهو الوزير الذي انعطف بمشروع الثقافة الوطنية نحو أفق اتسمت فيه بتبني‬ ‫مفهوم الصناعة الثقافية‪ ،‬وهو الذي سبق أن شغل قبلها منصب رئاسة اتحاد كتاب المغرب لثالث دورات عرفت خاللها‬ ‫هذه المؤسسة أقوى مراحل ديناميتها وإنتاجيتها‪.‬‬

‫ـ هل كانت صداقات مع جميع شرائح‬ ‫المجتمع أم انحصرت في فئة المثقفين‬ ‫والسياسيين؟‬ ‫كانت صداقــات من جميـــــع شرائــح‬ ‫المجتمـــع‪ ،‬لكن اسمــح لي أن أركـــز على‬ ‫المجال الثقافـــي الن الصداقــة فيه كانت‬ ‫دايما وسيلة إنتاج كبيرة ففي جميـــع أنحاء‬ ‫العالم كل التيارات الفنية واألدبية والفكرية‬ ‫الكبرى نشأت من صداقات إنسانية عظيمة‪.‬‬ ‫الصداقة تخلق نوعا من التفاعل بين الذكاء‬ ‫اإلنساني و المشاعر اإلنسانية بطريقة باهرة‬ ‫الحركات الثقافية المؤثرة في العالم تقريبا‬ ‫كلها نشأت من صداقات كبيرة‪ ...‬المجالت‬ ‫الثقافية‪ ،‬الحركات الثقافية‪ ،‬المشاريع الثقافية‪.‬‬

‫ـ هل هناك أسماء معينة تستحضرها‬ ‫في إطار هذه الصداقات؟‬ ‫بكل تأكيد‪ .‬في ما يخصني شخصيا‬ ‫وفي المجال الثقافي فقد كان لصداقتي مع‬ ‫االستاذ محمد برادة تأثير كبير في مساري‬ ‫الثقافي‪ ،‬بعد ذلك سأرتبط بصداقات كبيرة‬ ‫في الوسط األدبي والسياسي والنقابي‪.‬‬ ‫وكلها صنعت ما أنا عليه اليوم‪ ،‬وتستمر‬ ‫حتى اآلن في تغذية حياتي بأشياء كثيرة‪.‬‬

‫كيف تعرفـــت على األستــاذ محمد‬ ‫برادة؟‬ ‫تعرفت عليه في بداية السبعينات عن‬ ‫طريق مناضل حزبي اتحــادي كان يسكــن‬ ‫آنذاك بمدينة مكناس‪ ،‬وكان من المعتقلين‬

‫السابقين وكان قد حكم عليه باإلعدام‪ .‬ذات‬ ‫مرة كنت سأذهب في مهمة حزبية من الرباط‬ ‫إلى مكناس‪ ،‬فطلب مني عمر بنجلون أن أذهب‬ ‫عند هذا الشخص وكان اسمه «أحمد بنقليلو»‪،‬‬ ‫وفعال التقيت به‪ ،‬والغريب أني بعد ذلك‬ ‫سأكتشف أنه كان صديقا لوالدي وهو وشخص‬ ‫نادر‪ ،‬كان يدرس في بداياته هنا في الرباط‬ ‫بمدارس محمد الخامس‪ ،‬بالمدرسة الوطنية‬ ‫طبعا‪ ،‬وبها تعرف على محمد برادة التلميذ‪،‬‬ ‫وربطت بينهما صداقة امتدت إلى أن توفي‬ ‫السي «أحمد بنقليلو»‪ .‬فليس الوسط الثقافي‬ ‫من عرفني بمحمد برادة‪ ،‬وال الجامعة‪ ،‬التي بل‬ ‫هذا الشخص النادر بكل معاني الكلمة‪.‬‬

‫األدبي‪ ،‬وتحب اهتمامي الثقافي‪ .‬فكانت تعطف‬ ‫علي إلى بعد الحدود‪:‬‬ ‫وهكذا وجدت نفسي بطريقة تلقائية‬ ‫في هذه الدائرة األولى لهؤالء المناضلين‬ ‫الشيوعيين والتي قادتني إلى اجتماعات‬ ‫في بيت أستاذة الفرنسية حيث كان زوجها‬ ‫المناضل المعروف في الحزب الشيوعي «سي‬ ‫العزاوي» هو المؤطر األساسي‪ .‬هنا بدأت أفك‬ ‫بعض األلغاز الماركسية‪.‬‬ ‫لكن‪ ،‬وبسرعة أيضا‪ ،‬وكانت قد تتالت‬ ‫اإلضرابات في تلك السنة‪ ،‬وجدت نفسي مع‬ ‫الجناح التالميذي الذي كان ضد حركة توقيف‬ ‫اإلضراب‪ ،‬بل وكان مع حركــة استمراريـة‬ ‫اإلضراب تصاديا مع باقي إلضرابات‪ .‬في‬ ‫هذه الدائرة كان أبناء االتحاد الوطني للقوات‬ ‫الشعبية هم المهيمنين‪ ،‬فلذلك‪ ،‬وأيضــا‬ ‫بطريقة تلقائية‪ ،‬وجدت نفسي في هذا السياق‬ ‫االتحادي‪ .‬و لم تمـر سوى فترة قليلة حتى‬ ‫تعرفت على مناضلين من االتحاد يعرفون‬ ‫والدي‪ ،‬فالتقيت بهم عدة مرات وانخرطت‬

‫كذلك على المرحومة زوجته «ثريا السقاط»‪،‬‬ ‫و كانت إنسانة رائعة جدا‪ ،‬ولن أنسى أبدا‬ ‫بعض الزيارات التي صاحبتها فيها لترى ابنيها‬ ‫المعتقلين صالح والمرحوم عزيز‪ .‬كانت «ثريا‬ ‫السقاط» سيدة خارقة للعادة‪ ،‬ليس فقط‬ ‫بسبب ذلك اإليمان القوي بما تفعله‪ ،‬وبما‬ ‫يفعله أبناؤها‪ ،‬وبما يفعله زوجها‪ ،‬ولكن بسبب‬ ‫ذلك اإليمان كله كان مصحوبا بنوع من‬

‫أالحظ أن هذا تركيــز على التأثيـر‬ ‫أو التفاعل الثقافي‪ ،‬و مـاذا عن الجانب‬ ‫السياسي؟‬ ‫في الجانب السياسي‪ ،‬أوال أنا فتحت‬ ‫عيني في بيت كان فيه والدي مناضال سياسيا‬ ‫معروفا‪ ،‬وكان مقاوما‪ ،‬بل ومن مؤسسي‬ ‫االتحاد الوطني‪ ،‬فقد حضر مؤتمر ‪ .1962‬وقد‬ ‫عشت هذا الجانب بشعورين متناقضين‪ ،‬شعور‬ ‫باالعتزاز كون الوالد له هذا الوقع الساحر على‬ ‫الناس‪ ،‬وهذا االحترام الكبير‪ .‬وعشته أيضا‬ ‫بخوف كبير‪ .‬فاعتقال والدي لعدة مرات كان‬ ‫دائما مصحوبا بنوع من الرعب‪ ،‬خصوصا أننا‬ ‫كنا في مدينة تقليدية ومحافظة جدا هي‬ ‫موالي ادريس زرهون التي كان العنصر األبرز‬ ‫فيها هو عنصر الشرفاء‪ .‬وبطبيعة الحال فإن‬ ‫الشرفاء بهذا المعنى التقليدي والمحافظ لم‬ ‫يكونوا ينظرون بعين الرضا لوالدي الذي بدا‬ ‫لهم مقاوما للمملكة الشريفة‪ .‬فأنا فتحت‬ ‫عيني على هذا النوع من التصرفات العدوانية‬ ‫اتجاه عائلتي‪ ،‬واتجاه الوالد باعتباره من حزب‬ ‫المهدي بنبركة‪ .‬كان اللقب الشائع هو أننا‬ ‫عائلة «بركاوية»‪ .‬وعندما تصل األمور إلى نوع‬ ‫من درجة عليا من العدوانية فإننا ‘’مساخيط‬ ‫الملك’’‪ ،‬فهذا وضع كان بالنسبة لي شيئا مثيرا‪،‬‬ ‫خصوصا في مدينة صغيرة مغلقة‪.‬‬ ‫بعد ذلك عندما جئــت إلى ثانويــة‬ ‫موالي إسماعيل‪ ،‬وكانت هناك حركة إضراب‬ ‫«تالميذية»‪ ،‬انخرطت فيها بطريقة تلقائية‪،‬‬ ‫وبدون حساب سياسي أو حتى تفكير سياسي‪،‬‬ ‫بل لم تكن لدي وسائل التمييز الضرورية‬ ‫آنذاك‪ .‬وقد حصل أن بعض نشطاء «الحزب‬ ‫الشيوعي» آنذاك التقطوني‪ ،‬أذكر منهم‬ ‫أستاذة للغة الفرنسية‪ ،‬وكانت زوجة مناضل‬ ‫شيوعي في مدينة مكناس فقد ربطتني بها‬ ‫عالقة جيدة كونها كانت تحب فيَّ الجانب‬

‫في الحركة االتحادية منذ ذلك الوقت ما بين‬ ‫‪ 1971‬و ‪.1972‬‬ ‫وحدث لي شيء غريب‪ ،‬فيما بعد‪ ،‬أظن‬ ‫في السنة األولى التي وصلت فيها إلى الرباط‪،‬‬ ‫وبالمناسبة كان دائما يروج في ذهني أن‬ ‫«المهدي بنبركة» زار والدي في مدينة موالي‬ ‫ادريس زرهون‪ ،‬أتذكر وأنا طفل أن حديثا دار‬ ‫حول هذه الزيارة لكني لم أكن متأكدا منه‬ ‫تماما‪ .‬لكن عندما كنت في الرباط وفي إطار‬ ‫اجتماعات االتحاد الوطني لطلبة المغرب مع‬ ‫الطلبة في الكليات المفتوحة آنذاك‪ ،‬ذهبت مع‬ ‫طلبة آخرين لتأطير اجتماع في الدار البيضاء‪،‬‬ ‫وتأخرنا ليال فلم نجد وسيلة لالنتقال بها إلى‬ ‫الرباط‪ ،‬فاقترح علينا أحد الطلبة أن نذهب إلى‬ ‫بيت أحد المناضلين االتحاديين المعروفين‬ ‫بالدار البيضاء‪ ،‬وقال بأنهم تعودوا على‬ ‫الذهاب إلى هذا البيت للنوم فيه كلما تأخروا‬ ‫في االجتماعات الحزبية‪ .‬فذهبت معهم إلى‬ ‫هذا البيت‪ .‬فتح لنا شخص‪ ،‬ويبدو أنه كان‬ ‫متعودا على مثل هذه الزيارات الليلية‪ ،‬فدلنا‬ ‫على الغرفة التي سنقضي بها ليلتنا‪ ،‬ونمنا‬ ‫هناك‪ .‬في الصباح وجدنا صاحب البيت في‬ ‫الصالون الصغير الذي كان يجلس فيه‪ ،‬وقد‬ ‫أعد لنا اإلفطار‪ ،‬فجلسنا على المائدة جميعا‪.‬‬ ‫غير أن صاحب البيت لم يتوقف عن التحديق‬ ‫في وجهي‪ .‬وفي لحظة ما سألني‪ :‬من أي مدينة‬ ‫أنت؟ فقلت من مدينة موالي إدريس زرهون‪،‬‬ ‫فقال مباشرة أنت ابن فالن‪ ،‬وقد سبق أن‬ ‫زرت بيتكم وأنت صغير‪ ،‬وكنت رفقة المهدي‬ ‫بنبركة‪ .‬هذا الشخص هو «محمد الوديع‬ ‫اآلسفي» الذي سأرتبط بعد ذلك بصداقة قوية‬ ‫معه‪ .‬وهو مثال للمناضل الوفي‪ ،‬ثم تعرفت‬

‫األريحية والطيبوبة التي وجدتها نادرة وقتها‪.‬‬

‫أريد أن أختم معك هذه الحلقة التي‬ ‫خصصناها لمسـارك الشخصي واإلنساني‬ ‫بسؤال حول اسـم «األشعــري» علمــت‬ ‫من بعض أصدقائك أن الحسن الثاني في‬ ‫أول تعيين للحكومة استوقفك طويال‬ ‫أكثر من الوزراء اآلخريين ربما في عالقة‬ ‫باالسم؟‬ ‫ال‪ ...‬هو استوقفني‪ ،‬نسبيا‪ ،‬أكثر من‬ ‫اآلخريين‪ ،‬وأنا شخصيا لم أتحدث كثيرا حول‬ ‫هذا الموضوع‪ ،‬لكن نسجت حوله حكايات‬ ‫طريفة‪ ،‬من ضمنها هذه الحكاية حول االسم‪،‬‬ ‫مع العلم أن الملك لم يهتم إطالقا باالسم‪،‬‬ ‫ولكن سألني ما إذا كنت سأستمر في قرض‬ ‫الشعر‪ .‬هكذا بهذه الكلمات‪ ،‬وأيضا عالقة مع ما‬ ‫كنت أكتبه يوميا في جريدة االتحاد االشتراكي‬ ‫في عمود «عين العقل»‪ ،‬حدثني عن أسلوبي‬ ‫في الكتابة‪ ،‬وقال أنه أسلوب جميل‪ .‬أنا طبعا‬ ‫سررت أنه انتبه إلى الكتابة وليس بالضرورة‬ ‫إلى السياسة‪ .‬ذلك أنه نادرا ما حصل معي‬ ‫نفس الشيء في الحياة التي خضتها فيما بعد‬ ‫عندما كنت في قلب العمل الثقافي‪ .‬فعندما‬ ‫أذهب لتقديم رواية مثال في مكان ما دائما‬ ‫يكون هناك من يترك الرواية التي لم يقرأها‬ ‫طبعا‪ ،‬ويذهب مباشرة إلى الحديث عن التجربة‬ ‫السياسية‪ ،‬ومساءلتها‪ ،‬وكأن هذا بالنسبة إليه‬ ‫هو األهم‪ .‬وأنا بنوع من الخلط بين الجد‬ ‫والهزل كنت أقول دائما أنني بين الشعراء‬ ‫كثيرا ما كان بعض األصدقاء يقولون إن فالن‬ ‫مجرد سياسي وليس بالضرورة شاعرا‪ ،‬و في‬

‫األخيرة‬

‫الحزب كثيرا ما يقال هذا مجرد شاعر و ليس‬ ‫سياسيا‪.‬‬

‫كما قلت‪ ،‬وأشرت إلى ذلك في البداية‪،‬‬ ‫أنا عشت كل هذه األشاء مرتبطة مع بعضها‪.‬‬ ‫عندما بدأت سنواتي األولى في المسار الذي‬ ‫عشته بدأتها دفعة واحدة‪ ..‬أكتب الشعر‪،‬‬ ‫أكتب المقالة الصحافية‪ ،‬أناضل نقابيا في‬ ‫االتحاد الوطني لطلبة المغرب‪ ،‬أناضل سياسيا‬ ‫في االتحاد الوطني للقوات الشعبية واالتحاد‬ ‫االشتراكي فيما بعد‪ ،‬أشتغل في الجمعيات‬ ‫الثقافية‪ ،‬ومن بينها طبعا اتحاد كتاب المغرب‪.‬‬ ‫كل هذه األشياء كانت مرتبطة فيما بينها‬ ‫ارتباطا وثيقا‪ .‬وأظن أن هذا هو وضع جيل‬ ‫بأكمله فتح عينيه في شروط سياسية صعبة‪،‬‬ ‫جيل كان في مواجهة االستبداد السياسي‬ ‫واالعتداء على حقوق اإلنسان وعلى الحريات‪.‬‬ ‫كانت منطلقاً أساسياً أنه ال يجوز ألي واحد‬ ‫يؤمن باإلبداع وبالحرية أال يكون في‬ ‫الخندق األمامي للدفاع عن الحريات‪ .‬هناك‬ ‫صورة دائما تقفز إلى ذهني هي أن كثيرا‬ ‫من األسماء الثقافية بالمغرب‪ ،‬وخصوصا في‬ ‫جيل السبعينات‪ ،‬لم يكن لهم أي انتماء حزبي‬ ‫وكانوا منخرطين في العمل السياسي‪ .‬كانوا‬ ‫يعتبرون أن الدفاع عن الحريات‪ ،‬وعن حقوق‬ ‫الناس‪ ،‬وعن الشعب والعدالة االجتماعية وعن‬ ‫الديموقراطية مسألة حياة أو موت‪ ،‬بنفس‬ ‫الطريقة التي يعتبرون معها الكتابة قضية‬ ‫حياة أو موت‪ .‬ال يمكن أن تعزل في كاتب‬ ‫حقيقي من هذا الجيل بين توجهه األدبي‬ ‫وبين توجهه الفكري والسياسي‪ .‬هذا ما أعتبره‬ ‫القاعدة األخالقية الكبيرة لجيل السبعينات‪.‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.