Achamal n° 1009 le 03 Septembre 2019

Page 1

‫محمد األشعري‬

‫ضيف سلسلة «تذكرة سفر»‬

‫الحلقة‬ ‫الخامسة‬

‫ال أعتبر أن إنصاف التجربة الشعرية يأتي من‬ ‫النقد‪ ،‬بل يأتي من الشعر نفسه‪ .‬عندما تستطيع‬ ‫التجربة الشعرية أن تصبح مرجعية في تاريخ األدب‬ ‫فذلك هو اإلنصاف الحقيقي‪.‬‬ ‫الصفحة ‪20‬‬

‫نظامنا التعليمي المهترئ‬

‫هل تكفي إعادة إدراج اللغة‬ ‫الفرنسية إلخراج المدرسة‬ ‫المغربية من دوامة الفشل‬

‫?‬

‫صفحة ‪8‬‬

‫امللحق‬ ‫القانوين‬

‫‪20‬‬ ‫ال�شهري‬

‫سنة‬

‫من حكم‬ ‫محمد السادس‪..‬‬ ‫صفحات ‪9‬ـ ‪10‬ـ ‪11‬ـ ‪12‬‬

‫إعالم جهوي متقدم‬ ‫املدير امل�س�ؤول ‪ :‬عبد احلق بخات ـ الهاتف ‪ 05.39.94.30.08 :‬ـ الفاك�س ‪05.39.94.57.09 :‬‬ ‫العـدد ‪ 1009‬ـ الثمن ‪ 4‬دراهم ـ الثـالثــاء ‪ 03‬مـحـرم ‪� 03 / 1441‬إلى ‪� 09‬شـتنبـر ‪2019‬‬

‫وداع ًا‬ ‫�أمينة ر�شيد‬ ‫صفحة ‪4‬‬

‫هويتنا اللغوية في أمن وأمان‬ ‫كلمة الشمال‬ ‫عبد اإلله المويسي‬

‫عبر التاريخ‪ ،‬لم يشكل االنفتاح اللغوي أي تهديد بالنسبة للهوية العربية‪ ،‬بل على العكس من ذلك كان نقطة مفصلية في تحول ثقافتنا‬ ‫نحو الكونية‪ ،‬وتحولها نحو تبوء مكانة أكسبتها قيمة إنسانية عظيمة بين األمم‪.‬‬ ‫نستحضر مبادرات تاريخية استراتيجية كثيرة طبعت تاريخنا العربي القديم‪ ،‬ربما يأتي على رأسها مشروع «بيت الحكمة» الذي قادة‬ ‫الخليفة هارون الرشيد‪ ،‬ترجمت على إثره مختلف العلوم اإلنسانية من كتب في الطب والفلك والفلسفة والهندسة واآلداب‪ ،‬وغيرها‪.‬‬ ‫وعبر التاريخ أيضا ترعرعت الثقافة العربية في ظل «تعدد لغوي» منقطع النظير نتج عن اندماج واع للثقافات ولإلثنيات القومية األخرى‬ ‫في مشروعها الحضاري والديني‪ .‬بل إن جزء معتبرا من بنية الثقافة العربية اإلسالمية تأسس على منجز علمي ومعرفي أنتجته عقول لم تكن‬ ‫بالضرورة من انتماء عرقي عربي‪ .‬فجزء أعظم من هذه العقول المنتجة في مجالنا التعبيري الرمزي والمادي انتمى بجدارة إلى حضارتنا‪.‬‬ ‫الدعوة إلى االنغالق اللغوي تنطوي على رصيد قوي من اإليديولوجية العدمية‪ .‬وعدميتها تأتي من تعللها‪ ،‬في موقفها‪ ،‬بذريعة تسخر من‬ ‫ذكاءنا‪ ،‬أساسها حماية الهوية‪.‬‬ ‫ربما ال يسمح المجال بفتح نقاش علمي وفلسفي حول مفهوم «الهوية» ذاته‪ ،‬غير أن العمق في التعاطي مع األمر يدفعنا إلى التأكيد على‬ ‫أن الهوية بالنسبة لكل القوميات لم توجد بصفتها معطى حضاريا مكتمل المالمح والقسمات من قبل‪ ،‬بل ظلت دائما منفتحة على المكونات‬ ‫التي تأتيها من المستقبل بكل تحدياته الوجودية التي تستجد باستمرار‪.‬‬ ‫العالم لن يسمح لنا بالوجود إلى جنبه متمسكين بلغة أحادية في التكوين‪ ،‬عاجزة عن استيعاب منجزات عولمة مترامية األطراف في‬ ‫الجغرافية وفي العلم وفي االقتصاد وفي السياسة‪.‬‬

‫جريدة يوميـة جهـوية وطنية ت�صدر م� ً‬ ‫ؤقتـا كـل �أ�سبـوع • الإدارة‪ ،‬التحريـر‪ ،‬الإ�شهـار ‪ 7 :‬مكرر‪ ،‬زنقة عمر بن عبد العزيـز • الربيد الإلكـرتونـي ‪ info@achamal.ma :‬ـ املوقع الإلكرتوين ‪www.achamal.ma :‬‬


‫العدد ‪1009‬‬

‫‪2‬‬

‫الثالثـاء ‪� 03‬إلى ‪� 09‬شتنرب ‪2019‬‬

‫التخلي عن الجنسية ‪:‬‬ ‫يومية جهوية وطنية ت�صدر م� ًؤقتا كل �أ�سبوع‬

‫مغارات‪..‬‬

‫تصرف قانوني‬ ‫باطل أم خطوة‬ ‫سياسية في اتجاه‬ ‫جهوية حقيقية؟‬

‫محمد سدحي‬

‫‪sadhimed@gmail.com‬‬

‫‪atlati.mohammed@gmail.com‬‬

‫حدثني العقرب يوم ‪ 29‬يوليوز ‪ ،2015‬قال‪« :‬إذا شعرت‬ ‫بضغط أو صداع في رأسك‪ ،‬عليك أن تأخذ فسحة من الوقت‬ ‫للراحة‪ ،‬وقم بعمل أي نشاط بدني لتنظيم النفس (بفتح‬ ‫الفاء) ونبضات القلب‪ ...‬تساعدك الرياضة على التفكيـر‬ ‫بطريقة أكثر عقالنية‪ ،‬خاصة عند اتخاذ القرارات‪.»...‬‬ ‫اتجهت‪ ،‬رأساً‪ ،‬إلى غابة «الميريكان» (غابتنا) وتركت‬ ‫الملك يخاطب الشعب ويقول له‪ :‬من حق جميع المواطنين‬ ‫أن يستفيدوا من خيرات الوطن‪ ...‬ارتحت كثيراً لهذا الكالم‬ ‫ونمت تحت شجرة وارفة الظالل نوماً عميقاً حتى انتفخت‬ ‫مني العينان وازدادتا «تبرققاً» (من البرقوق)‪..‬‬ ‫صاح‪ ..‬في كامل قواي البدنية‪ ..‬قلبي ينبض‬ ‫أنا اآلن ٍ‬ ‫برتابة‪ ..‬أقل من ‪ 60‬نبضة في الدقيقة‪ ..‬أحاول أال أسرح‬ ‫بالتفكير بعيداً‪ ..‬خاصة في الماضي‪ ..‬وال أستطيع‪ ..‬الماضي‬ ‫الذي أريد اعتباره فائتاً يستبد بي ويطغى عليّ بحضوره‪..‬‬ ‫مهما حاولت‪ ،‬أنا قطعة من الماضي‪ ..‬ولو أن الماضي فات‪،‬‬ ‫ال شمعة في األفق تضيء طريق المستقبل‪ ..‬السواد مرة‬ ‫أخرى‪ ..‬يا نفسي يا أنا‪ ،‬فكر في كالم العقرب‪ ،‬ال تتسرع في‬ ‫اتخاذ أي قرار‪ ..‬المغرب يتغير‪ ..‬والملك نفسه يتكلم مع‬ ‫الشعب بصراحة عن الجزء الفارغ من كأس الوطن‪ ..‬وإن‬ ‫غداً لناظره قريب‪..‬‬ ‫صدقني يا بعضي اآلخر‪ :‬إن غدي يبدو لي بعيداً بعيداً‪..‬‬ ‫وإحساسي بالظلم فات المدى‪ ،‬وما عاد الكالم المرصع‬ ‫والحرف البرّاق يفي بالغرض‪ ...‬وإذا لم أخالف كالم هذا‬ ‫العقرب الذي يرقدني في العسل االصطناعي فإني سأنفجر‪..‬‬ ‫وبني مكادة أقرب إليّ من أي منفى‪ ..‬وإن كان على الرياضة‪،‬‬ ‫فإن جز ًء كبيراً من حياتنا المأسوف على ذهابها مع الريح‬ ‫قضيناه في رحابها الشاسعة‪ ..‬ودروب الطفولة وحواري‬ ‫الفتوة ومغارات الشباب شاهدة على أيام القوة والعزيمة‬ ‫واألنفة والسن بالسن والبادئ أظلم‪ ...‬ومن أين لي بهذا‬ ‫الصبر المسيحي لكي أعطي خدّي الثاني لمن سولت له‬ ‫نفسه أن يوجه لي صفعة على الخد األول‪..‬‬ ‫يقول لي‪ ،‬أبو سمٍّ (العقرب برجي المحتوم) ‪ :‬عليك أن‬ ‫تأخذ فسحة من الوقت للراحة‪..‬‬ ‫وأقول له‪ :‬ها أنا نمت نومة الميت في الغابة البعيدة‬ ‫وأخذت قسطاً وافراً من الراحة‪ ،‬لكني لن أستطيع مقاومة‬ ‫إحساسي بالظلم ما لم تقطع اليد التي تمتد إليّ‪ ،‬حاجبة‬ ‫الرؤية عن المقبل من أيامي‪..‬‬ ‫وإذا ما استطعت صبراً سأواصل حديثي مع العقرب‪..‬‬ ‫إما أن يمحيني من الوجود‪ ،‬إن استطاع‪ ،‬وإال نزعت منه‬ ‫السم وتركته نجماً بالياً ال يصلح لشيء‪ ...‬وبعدها يكون‬ ‫الذي يكون‪ ..‬ولن أقبل أن أكون كائناً خرافياً موجوداً وغير‬ ‫موجود في آن‪..‬‬

‫• نلتقي‪! ‬‬

‫‪www.achamal.com‬‬ ‫ت�صدر عن مطبعة جريدة طنجة‬ ‫المدير المسؤول ‪:‬‬

‫عبد احلــق بخــات‬ ‫رئيس التحرير ‪:‬‬

‫عبد الإلـه املـوي�سـي‬ ‫محمد العطالتي‬

‫سكيزوفرينيا‪..‬‬ ‫السم بالسم‪!! ‬‬

‫املوقع الإلكرتوين ‪:‬‬

‫لقد شكل حادث مصرع بائع السمك الراحل‬ ‫محسن فكري سببا مباشرا في اندالع موجة احتجاجات‬ ‫عارمة بمنطقة الحسيمة واستمرت فترة طويلة في‬ ‫حالة من السلمية والهدوء وحسن التنظيم‪ ،‬قبل أن‬ ‫ينقلب الوضع بصورة تكاد تكون مفاجئة نحو المواجهة‬ ‫العنيفة بين قوات األمن والمتظاهرين الشباب‪ ،‬مواجهة‬ ‫كانت تتعلق‪ ،‬في حقيقة األمر وجوهره‪ ،‬بالموقف الذي‬ ‫تبناه شباب الحراك من مجموع التنظيمات السياسية‬ ‫القائمة بالبلد واعتبارها مجرد دكاكين ومحالت تجارية‬ ‫ال غير‪ ،‬وهو موقف دفع‪،‬كما يبدو‪ ،‬قادة بعض المنظمات‬ ‫السياسية إلى اإلعالن عن موقف مضاد ينسب لقادة‬ ‫الحراك الميدانيين تهم الخيانة واالنفصال‪ ،‬مع العمالة‬ ‫لدوائر أجنبية‪ ،‬وذلك قبل أن يعقب هذا تدخل عنيف‬ ‫لقوات األمن واعتقال أعداد كبيرة من الشباب تمهيدا‬ ‫لمحاكمتهم ثم توزيع أحكام عريضة بالسجن جزاء على‬ ‫مشاركتهم في التعبير عن مطالب طبيعية تَهُمُّ في‬ ‫المقام األول إنشاء بُنى تحتية وخدماتية إضافة لمحاربة‬ ‫الفساد وإرساء نمط جديد من العدالة المجالية‪ ،‬وغيرها‬ ‫من المطالب ذات المنحى االجتماعي‪ ،‬هذا بالرغم من‬ ‫ورود إشارات واضحة في المحاضر التي أنجزتها الشرطة‬ ‫تتعلق ِبتُهم مخالفة مواد القانون الجنائي المغربي‪.‬‬ ‫التدخل‪ ،‬الذي اعتبرته السلطة مشروعا ومؤسسا‬ ‫على قانون حفظ النظام وعدم اإلخالل به‪ ،‬فتح المجال‬ ‫واسعا أمام إعادة تنشيط الفعل‪ ،‬السياسي في مظهره‪،‬‬ ‫والثقافي في جوهره‪ .‬كيف ذلك؟‬ ‫ال شك أن االختالفات التي تعرفها الديموغرافيا‬ ‫المغربية‪ ،‬ال من حيث اللغة المعتمدة‪ ،‬باعتبارها دالة‬ ‫للفكر‪ ،‬وال من حيث الخصائص الثقافية المحلية‬ ‫المُمَيِّزَة لكل جهة على حدة‪ ،‬ظلت غائبة أو مغيبة‬ ‫عن الدولة المركزية‪ ،‬ما أنتج لديها‪ ،‬بالضرورة حالة من‬ ‫الالوعي بأمور كهذه‪ ،‬وهي حالة أفقدتها القدرة على‬ ‫إرساء سياسات عامة رشيدة ومؤهلة بشكل أكثر لألخذ‬ ‫بعين االعتبار طبيعة هذه االختالفات وإبداع الطرق‬ ‫األنسب الحتضانها بشكل يراعى فيه حجم ودرجة‬ ‫الخصائص الثقافية التي تميز جهة عن باقي جهات‬ ‫البلد‪.‬‬ ‫إن عدم حضور «الوعي الثقافي» في سياسات‬ ‫الدولة نتج عنه اللجوء المتسرع لكيل تهم االنفصال‬ ‫ومواالة األجانب‪ ،‬وهي تهم تنطوي في واقع األمر‬ ‫على جهل كثيف بثقافة أهل الشمال وتاريخه المعاصر‬ ‫المنغمس في أحضان الوطنية‪.‬‬ ‫ال يعرف الكثيرون‪ ،‬ومن بينهم أهل الشمال‪ ،‬أن‬ ‫التاريخ غير المكتوب عن الريف تحدث عن واقعة بين‬ ‫قادة قبائل الريف األوسط واإلقامة العامة اإلسبانية‬ ‫بتطوان سنوات قليلة قبل توقيع اتفاقيات إيكس‬ ‫ليبان‪ ،‬ذلك أن الفقيه السي عبد الكريم األزغاري ‪ ،‬الذي‬ ‫عاصر تلك الفترة وكان من القادة النشطين لحزب‬ ‫االستقالل بمنطقة الشمال‪ ،‬أورد‪ ،‬في رواياته عن عالقة‬

‫هيئة التحرير ‪:‬‬

‫الريف بإسبانيا‪ ،‬أن الكومانداتي آلبا دعا زعماء القبائل‬ ‫الريفية إلى مكتبه بتطوان من أجل بحث إمكانية‬ ‫و مدى استعداد هذه القبائل لقبول عرض حكومة‬ ‫مدريد الذي يتضمن المساعدة على نيل االستقالل‬ ‫وانفصال المنطقة الخليفية عن باقي المغرب بإنشاء‬ ‫دولة مستقلة‪،‬كمحاولة منها كما يبدو لضمان تبعية‬ ‫الكيان المنتظر لها‪ ،‬وقد ذكر الراحل الفقيه السي عبد‬ ‫الكريم أن العرض اإلسباني قوبل بالرفض باعتباره غير‬ ‫ممكن التحقق بالنظر إلى انعدام الشروط الموضوعية‪،‬‬ ‫االقتصادية والبشرية‪ ،‬السيما أن أغلب الزعماء‬ ‫الريفيين سبق أن عاينوا تجارب اعتبروها ناجحة لدول‬ ‫أوروبية كفرنسا وانجلترا‪ ،‬بل واسبانيا نفسها‪ ،‬وهكذا‬ ‫عبر الرفض الريفي للعرض اإلسباني عن حضور وعي‬ ‫موضوعي وشعور بالوطنية ‪ ،‬ولو في صيغتها البريئة‪،‬‬ ‫رغم كافة المعيقات‪.‬‬ ‫لقد تطورت مجريات األحداث المتعلقة باعتقال‬ ‫ومحاكمة قادة وناشطي الحراك أمام القضاء الجنائي‬ ‫بأشكال يصعب من خاللها االنحياز لطرح أو لنقيضه‪،‬‬ ‫فحينما يتعلق األمر بحاالت كهذه يختلط الشأن‬ ‫الحقوقي والقانوني مع األمور السياسية إلى درجة تخلق‬ ‫معها شروط ومعطيات جديدة غير قابلة لالنضباط‬ ‫واالحتكام سوى لصوت الحكمة والعقل الهادئ‪.‬‬ ‫آخر هذه التطورات إعالن عدد من معتقلي أحداث‬ ‫الريف‪ ،‬من خالل بالغ موقع من طرفهم‪ ،‬التخلي عن‬ ‫جنسيتهم المغربية‪ ،‬وهو موقف غير قابل للتحقق‬ ‫عمليا على أرض الواقع‪ ،‬بسبب استحالة تنفيذه في ظل‬ ‫سريان أحكام ومقتضيات الظهير الصادر بشأن سن‬ ‫قانون الجنسية المغربية وطرق اكتسابها وإسنادها‬ ‫أو التخلي والتجريد منها‪ ،‬ما يدفع لتفسيره بأنه موقف‬ ‫سياسي أكثر من كونه مجرد تصرف باطل ال تنتج عنه‬ ‫أية آثار قانونية‪.‬‬ ‫من أجل كل ذلك‪ ،‬وبالنظر إلى األدوار المرتبكة‬ ‫لكل األحزاب السياسية «الوطنية» وعدم فاعليتها‬ ‫وحركيتها المتجددة والمتطورة في التعاطي مع قضايا‬ ‫من هذا النوع‪ ،‬يمكن القول‪ ،‬بصرف النظر عن أحكام‬ ‫القيمة تجاه الموقف المعلن عنه من قبل قادة الحراك‬ ‫المسجونين‪ ،‬وهي للتذكير أحكام ناتجة عن جهل‬ ‫عميق بطبيعة المكونات الثقافية الوطنية وخصائصها‪،‬‬ ‫فإنه موقف ينتظر منه أن يشكل بذرة أولى أو نواة‬ ‫صلبة لفتح المجال أمام إمكانية تشكيل أنوية سياسية‬ ‫ذات امتداد جهوي‪ ،‬وهو ما يعد في نظر الكثير الخيار‬ ‫األنسب لتجاوز حالة الترهل والجمود التي بلغتها‬ ‫األحزاب السياسية « الوطنية»‪ ،‬السيما في ظل سريان‬ ‫الخطاب عن مشروع الجهوية المتقدمة‪ ،‬إذ ال جهوية‬ ‫حقيقية دون أحزاب جهوية‪.‬‬

‫عبد اللطيف �شهبون‬ ‫زبيـدة الورياغلـي‬ ‫�أ�سامـة الزكــاري‬ ‫ر�ضوان احدادو‬ ‫هدى املجاطـي‬ ‫�أبو اخلري النا�صري‬ ‫عبد احلـي مفتـاح‬ ‫محمد �إمغــران‬ ‫م�صطفى ال�سباعي‬ ‫محمد �سدحــي‬ ‫اإلدارة واإلشهار والعالقات العامة ‪:‬‬

‫محمد طارق بخات‬ ‫اإلخراج والتصفيف‪:‬‬

‫«جريدة ال�شمال»‬ ‫عنوان التحرير والمراسالت والتسويق‬ ‫واإلشهار ‪:‬‬

‫‪ 7‬مـكـــرر‪ ،‬زنقـة عمــر بــن‬ ‫عبد العزيز ـ طنجــة ـ‬ ‫الهاتــف ‪:‬‬ ‫‪05.39.94.30.08‬‬ ‫‪06.22.45.30.67‬‬ ‫الفاكــ�س ‪:‬‬

‫‪05.39.94.57.09‬‬ ‫الربيد الإلكرتوين ‪:‬‬

‫‪info@achamal.com‬‬ ‫‪achamal2000 @gmail.com‬‬ ‫سحب من هذا العدد ‪:‬‬

‫‪� 10‬آالف ن�سخــة‬ ‫التوزيع‪:‬‬

‫�سبـريــ�س ‪Sapress‬‬ ‫الإيداع القانوين‪99/10 :‬‬ ‫ر‪.‬د‪.‬م‪.‬ك‪:‬‬

‫‪I.S.S.N : 1114-1832‬‬


‫الثالثـاء ‪� 03‬إلى ‪� 09‬شتنرب ‪2019‬‬

‫العدد ‪1009‬‬

‫درد‬

‫دردشة‬ ‫أخيرا‪ ،‬تن ّفس مرتيل الصعداء‪ ،‬والفضل يعود إلى حلول الموسم الدراسي‪ ،‬وظهور‬ ‫تباشير الخريف‪.‬‬ ‫والفئة المحظوظة‪ ،‬هي التي ال يربطها بالدراسة رابط‪ .‬فهذه يحلو لها أن تمد‬ ‫أرجلها لالستمتاع بهذه الفترة‪ ،‬والخلود إلى الراحة‪ ،‬تشبُّهاً باآلباء واألجداد‪ .‬فقد‬ ‫كانوا ال يشدون الرحال إلى مرتيل أو المضيق‪ ،‬إال مع هبات نسائم الخريف‪ ،‬أي بعد‬ ‫أن «يضمنوا عولة العام»‪ ،‬ويمألوا مخازن دورهم بما أفاء اهلل عليهم من نعم موسم‬ ‫الحصاد‪.‬‬ ‫وللتذكير‪ ،‬فإن دور تطوان كانت تشهد حركة ونشاطا في الصيف‪ .‬فمِن استقبال‬ ‫أكياس القمح‪ ،‬و«تنقيته» وطحنه‪ ،‬وصنع ما يصنع منه من كسكس وسميد و«محمصة»‪،‬‬ ‫إلى إعداد «الخليع»‪ ،‬إلى تذويب الزبدة لتصير سمنا‪ ،‬إلى صنع الخل‪ ،‬إلى «ترقيد»‬ ‫الزيتون‪ ،‬وطحن الفلفل األحمر‪ ،‬إلى ‪...‬‬ ‫أغلب الدور تكون في أشهر الصيف‪ ،‬عبارة عن خلية نحل‪ ،‬تتحرك وتشتغل وتعمل‪،‬‬ ‫لتحضير المواد الغذائية وادخارها وخزنها‪ ،‬الستهالكها في فصول السنة‪ ،‬ورغم أن‬ ‫الثالجات لم تكن معروفة آنذاك‪ ،‬فإن المخزون ال يتعرض للتلف‪.‬‬

‫م�صطفى حجاج‬

‫‪3‬‬

‫شة‬

‫وما من نشاط من هذه األنشطة‪ ،‬إال وتجتمع له العائلة برمتها‪ .‬فالخليع مثال‬ ‫تذبح له ذبيحة‪ ،‬وتقطع وتفصل ليسهل غمسها في أوان نحاسية كبيرة‪ ،‬بها قدر من‬ ‫التوابل والثوم‪ ،‬ثم إذا امتصت هذا الخليط‪ ،‬عُرضت للشمس‪ ،‬لتصير قديدا‪ ،‬وفي نهاية‬ ‫المطاف‪ ،‬يخصص يوم بأكمله لطهي هذا القديد‪ ،‬بحضور األقارب األقربين‪.‬‬ ‫والزالت لذة الخبز الذي يعجن بطريقة خاصة‪ ،‬ويغمس في قدر الخليع بطريقة‬ ‫خاصة‪ ،‬في فمي إلى اآلن‪.‬‬ ‫هذا تراث ذهب بذهاب األجداد والجدات‪ ،‬كما ذهبت أعراف وانقرضت عادات‪ ،‬كنا‬ ‫نعتز بها‪ ،‬ونحرص عليها الحرص الشديد‪.‬‬ ‫ومنذ ظهرت «الكوكوت مينوت» اختفت «الشهيــوات» واختفـــى معها قاموس‬ ‫الطرف والحلويات‪ ،‬واستغنى الناس عن إعداد الخبز‪ ،‬وصنع الرغيف‪ ،‬وأفسحوا المجال‬ ‫لألكل الجاهز‪ ،‬ولألكالت الخفيفة‪ ،‬وفوضوا أمورهم للمخابز والمطاعم التي انتشرت‬ ‫في كل مكان‪.‬‬ ‫هذه أمة‪ ،‬وتلك أمة قد خلت‪ ،‬فرحمها اهلل وأحسن إليها‪.‬‬

‫الصالون األدبي (عبد اهلل كنون)‬

‫عبد اللطيف �شهبون‬

‫‪abdelchahboun@hotmail.com‬‬

‫بين حين وحين أقرأ لصديق عزيز مكتوباته التي يحلو‬ ‫له توقيعها بعبارة ‪« :‬غبار المسلمين» أو «القاعد الماشي»‪.‬‬ ‫«غبار المسلمين» عاش فقيرا دائم الرحلة الذوقية لمنابع‬ ‫النور الرباني صدقا وتجردا ومحبة‪.‬‬ ‫يستن «غبار المسلمين» طرائق مخصوصة للتعبير عن‬ ‫رقائق وحقائق ودقائق‪.‬‬ ‫يصوغ كل ذلك في أجناس تؤلف بين نثر منسوج في‬ ‫لغة عليا وقص رامز بتلويح مستميل وشعر جامع بين تكثيف‬ ‫وتوسيع‪..‬‬ ‫زارني «غبــار المسلمين» فانتهزتهــا مناسبــة مباركـة‬ ‫ميمونة الستفساره عن بعض سر ما يقول ؟‬ ‫قال لي ‪:‬‬ ‫ما يصدر عني يلقى علي في حال اصطالمي وسكرتي ‪..‬‬ ‫ما أنا بذائع سري‬ ‫سري يكشفه شيخي المربي الحي ؛ قوال وفعال وتدوينا؛‬ ‫لكونه مسنودا بثقة مواله الذي منحه طهارة القلب وعلم‬ ‫التوحيد ومعرفة اآلالء ‪ ،‬وأنوار هذه المعرفة ال تنطفئ؛ ذلك‬ ‫أن لون مائه هو لون إنائه ؛ ال وقت له ‪ ،‬وهو ابن وقتــه‪..‬‬ ‫تابع «غبار المسلمين» مخاطبا لي ‪:‬‬

‫يحتفي بأحد رموز الحركة التعليمية والوطنية بتطوان‬

‫األستاذ عبد السالم الصفار‬

‫تحت شعار «وجوه من الثقافة والفكر واإلبداع بتطوان»‪ ،‬أقام‬ ‫النادي الثقافي عبد القادر الشمشام‪ ،‬من خالل صالونه األدبي «عبد‬ ‫اهلل كنون»‪ ،‬يوم السبت ‪ 27‬يوليوز ‪2019‬مساء ‪ ،‬أمسية ثقافية متنوعة‬ ‫امتزج فيها الفكر بالفن‪ ،‬والتاريخ بالغناء‪ ،‬والشعر بالنقر على أوتار العود‬ ‫‪ّ ..‬‬ ‫كل ذلك في لقاء فريد تظافرتعبره هذه الفقرات على تقديم طبق‬ ‫ثقافي ممتع أنعش صدور الحاضرين في هذا المساء التموزي القائظ‪.‬‬ ‫الجلس��ة األول��ى خُصّصت‬ ‫لموضوع «قطار تط��وان ‪1918‬‬ ‫ ‪ »2018‬م��ن خ�لال كتــ��اب‬‫أّلف��ه باللغ��ة اإلس��بانية الكاتب‬ ‫والصحف��ي أحمد محم��د امغارة‪.‬‬ ‫قدّم الجلس��ة الناقد و المترجم‬ ‫رش��يد األش��قر الذي وض��ع أمام‬ ‫الحض��ور الكري��م اإلط��ار العامّ‬ ‫لموضوع الجلسة‪ ،‬قبل أن يس ّلم‬ ‫الكلمة لصاحب الكتاب الذي ألقى‬ ‫عل��ى الحاضرين عرض��ا وثائقيا‬ ‫مدعوما بصور من األرش��يف عن‬ ‫تاري��خ أول قط��ار بالمغرب‪ ،‬قطار‬ ‫تطوان‪،‬هذهالمعلمةالميكانيكية‬ ‫و التكنولوجية التي ال تزال بعض‬ ‫أطاللها ش��اهدة عل��ى وجودها‬ ‫بالمدينة قبل ‪ 60‬عاما‪.‬‬ ‫بعدها انتقل الحاضرون إلى مراسيم تكريم أحد رموز الحركة‬ ‫الوطنية‪ ،‬وأحد رواد تأسيس التعليم الحر بمدينة تطوان‪ ،‬األستاذ‬ ‫القيدوم عبد السالم الصفار‪ ،‬حيث وشّحه المشرف على الصالون‬ ‫الثقافي «عبد اهلل كنون» الدكتور محمد الفهري بدرع التكريم‪.‬‬ ‫ثم أعقب ذلك فقرة غنائية شنفت فيها المطربة والملحنة األستاذة‬ ‫سلوى الشودري بأدائها الرائع أسماع الحاضرين من خالل أغنية صوفية‬ ‫بعنوان«سني يا اهلل»‪ ،‬وهي من كلمات الشاعرة العزيزة الشمشام التي‬ ‫يعود لها الفضل في تأسيس النادي الثقافي عبد القادر الشمشام‬ ‫بتطوان‪.‬‬

‫زيارة‪..‬‬

‫وبعد استراحة شاي تواصل الحفل الثقافي بجلسة ثانية حول‬ ‫«ذاكرة عيد الكتاب في تطوان» حيث قدم الكاتب المسرحي المتميز‬ ‫األستاذ رضوان احدادو عرضا سلط فيه األضواء على نشأة عيد الكتاب‬ ‫بتطوان مشيرا إلى الدور الريادي الذي قام به األستاذ عبد الخالق‬ ‫الطريس إلعطاء هذا العيد صبغته العربية‪،‬بعدما كان احتفاال إسبانيا‬ ‫محضاعلى اعتبار أن إسبانيا كانت أول دولة احتفلت به‪.‬وقد أوضح‬ ‫األستاذ احدادو للحاضرين األجواء‬ ‫التي كان يتم فيها هذا االحتفال‪،‬‬ ‫سواء داخل فضاءات المدارس أو في‬ ‫الساحات العمومية‪ ،‬كما أشار إلى‬ ‫بعض النماذج من األناشيد التي‬ ‫كانت تهيأ لهذا الغرض وتنشد‬ ‫خـــالل العــــيــــد‪ ،‬وإلى الجوائــز‬ ‫المخصصة للمبدعين والكتـــــاب‬ ‫موضحا أنه بفضل ذلك برزت في‬ ‫تلك الفترة أسماء المعة سوف‬ ‫تقوم بأدوار طالئعية في المشهد‬ ‫الثقافي واألدبي بالمغرب‪.‬كما لمح ـ‬ ‫كذلك ـ إلى مدى االهتمام الذيكان‬ ‫يقدمللكتب الجديدة التي تم طبعها‬ ‫في بحر كل سنة‪ ،‬ومدى العنايةالتي‬ ‫كانـــت تولـــى ـ أيضاـللمخطوط‬ ‫المغربي‪.‬‬ ‫وقد أطر هذه الجلسة في البداية األكاديمي الدكتور عبد اللطيف‬ ‫شهبون باحترافية كبيرة مثيرا مجموعة من األسئلة التي لها عالقة‬ ‫بهذا االحتفال‪ ،‬وموازيا بين عيد الكتاب في حلته الجديدة وعيد الكتاب‬ ‫في الذاكرة التطوانية‪.‬‬ ‫وفي ختام هذا اللقاء استمع الحضور إلى قراءات شعرية‬ ‫ ‬ ‫سيساهم فيهاكل من الشواعر والشعراء فاطمة الزهراء بنيس‪ ،‬ومحمد‬ ‫أحمد امغارة وعبد اللطيف شهبون وسعيد يفلح العمراني والعزيزة‬ ‫الشمشام ونور الدين مغوز الذي قرأ قصيدة زجلية وقام ـ أيضاـ‬ ‫بتنشيط هذا الحفل الثقافي وتسييره بمهارة فائقة‪.‬‬

‫(ف‪ .‬م)‬

‫افن نفسك في شيخك المربي حتى تكون مستعدا للفناء‬ ‫في الحقيقة المحمدية تمهيدا لفنائك في الحقيقة الربانية‬ ‫المطلقة‪ .‬ال بد أن يكون لك استعداد قبلي‪ ،‬فافهم بالغة‬ ‫قولي ‪:‬‬ ‫• بالغة وارد حق يزعج قلبي إلى اهلل‪ ..‬فإذا أصغيت إلى‬ ‫قولي بحق تحققت‪.‬‬ ‫• أصخ سمع قلبك لمعناي‪ ،‬وال تسمع صوتي‪.‬‬ ‫قلت له ‪:‬‬ ‫وما حكاية ليالك ؟‬ ‫قال لي ‪:‬‬ ‫• ليالي إشارة لموالي‬ ‫• آدمية اإلسم إشارة حسية لجمال أزلي ‪.‬‬ ‫أال تذكر قول ابن الفارض ‪:‬‬ ‫وتظهر للع�شــاق يف كل مظهــــر من اللب�س يف �أ�شكال ح�سن بديعة‬ ‫ففي مرة لبنـــى ‪ ،‬و�أخرى بثينة و�آونة تدعــــــــــى بعـزة عـزت‬ ‫ول�سنا �سواها‪ ،‬ال‪ ،‬والكن غريها وما �أن اها يف ح�سنهـا من �شريكـة‬ ‫أال تذكر قول ابن عربي ‪:‬‬ ‫كل مــــــا �أذكره مــن طلــــــــــل �أو ربـوع ‪� ،‬أو مغـــــــان ‪ ،‬كـل مــا‬ ‫وكذا �إن قلت ‪ :‬هي‪� ،‬أو قلت ‪ :‬هـو �أو همو ‪� ،‬أو هن جمعــا ‪� ،‬أو همــا‬ ‫كـل مـــــا �أذكـــره ممـــا جــــرى‬

‫ذكره ‪� ،‬أو مثلـــه �أن تفهـمـــــــــا‬

‫منـه �أ�سرار و�أنوار جلـــــــــــــت �أو علت‪ ،‬جـاء بهــا رب ال�سمـــــــا‬ ‫فا�صرف اخلاطر عن ظاهرهــــــا واطلـب الباطـن حتى تعلمـــــــــا‬ ‫بالغتي ‪ :‬معين ارتواء ودليل ابانة ‪ ،‬فانظر تر‪.‬‬


‫الشمال الفني‬ ‫‪4‬‬

‫ح‬ ‫و‬ ‫ا‬ ‫ر‬

‫مع‬

‫إشراف الفنان يوسف سعدون‬

‫العدد ‪ 1009‬ـ الثالثاء ‪ 03‬إلى ‪ 09‬شتنبر ‪2019‬‬

‫املخرج والباحث يف ال�سينما الوثائقية‬

‫محمد �سعيد الدردابي‬ ‫�أمل ال�سينما بال�شمال‬

‫محمد سعيد الدردابي واحد من األسمــاء الواعدة في مجـال الصورة‬ ‫والسينما‪ ،‬له حضـور قــوي في جهــة الشمال سواء من خــالل توثيقــه‬ ‫لمجموعة من األحداث الفنية‪ ،‬أو من خالل ورشات حول التقنيات السينمائية‬ ‫لفائدة المهتمين من جيل الشباب‪ ،‬أو حضوره القوي في المهرجان الدولي‬ ‫لمدارس السينما بتطوان‪ ،‬والذي يعتبر أحد أعمدته‪ ،‬له عدة أفالم وثائقية‪،‬‬ ‫وكذا مشاريع سينمائية في المستقبل‪...‬‬ ‫أجرى الحوار‪ :‬يوسف سعدون‬ ‫• من يكون محمد سعيد الدردابي ؟‬

‫محمد سعيد الدردابي مخرج وباحث في السينما الوثائقية‪ ،‬من مواليد‬ ‫‪ 1978‬بمدينة تطوان‪ ،‬ترعرع بحي ديور المخزن أو ما يعرف سابقا بشارع‬ ‫كارسيا فالينيو‪ ،‬تلقى تكوينيه األكاديمي بكلية األداب والعلوم اإلنسانية‬ ‫بتطوان بشعبة الدراسات السينمائية والسمعية البصرية‪ ،‬حيث تدرج عبر‬ ‫تكويناتها الثالث ‪ :‬اإلجازة في الدراسات السينمائية والسمعية البصرية‪،‬‬ ‫ماستر متخصص في السينما الوثائقية‪ ،‬مسجل حاليا بسلك الدكتوراه‬ ‫بأطروحة تحت عنوان «شمال المغرب في مرآة السينما الكولونيالية»‪ .‬كما‬ ‫استفاد من عدة دورات تكوينية في مجال التصوير والمونطاج واإلخراج‬ ‫وصناعة األفالم عموما على يد أطر وجهات وطنية ودولية ذات كفاءة‬ ‫مهنية عالية‪ .‬له عدة أفالم سينمائية وثائقية منها‪ :‬فيلم «جدار الصمت»‪،‬‬ ‫فيلم «فيرناندو بيريس‪ :‬قلب‪ ،‬روح‪ ،‬سينما»‪ ،‬فيلم «الهجرة بكرامة»‪ ،‬فيلم‬ ‫«الطاس والكافاتيرا»‪ ،‬فيلم «نموت وال ننسى»‪ ،‬فيلم «أنقار‪ ..‬عاشق‬ ‫السينما»‪ ،‬وعدة أفالم دعائية لشركات ومؤسسات مختلفة‪ ،‬وتغطيات‬ ‫لمهرجانات فنية وتظاهرات ثقافية عبر المعمور من خالل شركته لإلنتاج‬ ‫السينمائي والخدمات السمعية البصرية ‪ ، Dream Dawn‬كما اشتغل‬ ‫في أعمال سينمائية لمخرجين مغاربة وأجانب‪ ،‬حصلت أعماله على عدة‬ ‫جوائز في مهرجانات سينمائية وطنية‪ .‬قام بتأطير عدة ورشات في اإلخراج‬ ‫والتصوير السينمائي‪ .‬باإلضافة النتمائه إلى المهرجان الدولي لمدارس‬ ‫السينما الذي يعتبر عضوا بإدارته والذي يشغل به منصب مدير اإلنتاج إلى‬ ‫جانب أسماء وازنة بالمجال الثقافي والفني بالمغرب‪.‬‬

‫• كيف أتيت للسينما؟‬

‫كان لألندية السينمائية الفضل الكبير في تحديد مساري المهني‪،‬‬ ‫فقد رَ َفعت هذه األندية طيلة عقود من الزمن تحدي خلق عشق للسينما‬ ‫لدى الشباب‪ ،‬عبر إشراكه في قراءة األفالم ومناقشتها‪ ،‬وتلبية المتطلبات‬ ‫األساسية لتطوير وعيه الثقافي والجمالي والفني للصور ‪ ،‬تعرفنا من خاللها‬ ‫على أفالم و أعالم سينمائية تركت فينا تأثيرا سحريا ‪ ،‬أمثال جون فورد‬ ‫وتاركوفسكي وغيرهما‪ ،‬فكنت دائما أحلم بأن أدخل هذا العالم الفضي‪،‬‬ ‫بعدها قمت بتأسيس شركة للخدمات السمعية البصرية أنا وصديق العمر‬ ‫هشام الحداد‪ ،‬في هذه المرحلة وعبر اشتغالي في تغطية عدة تظاهرات‬ ‫ومهرجانات ثقافية سنحت لي فرصة التعرف على أسماء بارزة في عالم‬

‫وداع ًا‬ ‫�أمينة‬ ‫ر�شيد‬

‫السينما‪ ،‬وعلى رأسهم المفكر والباحث‬ ‫السينمائي الدكتور حميد العيدوني‪ ،‬الذي شكل لقائي به منعرجا كبيرا‬ ‫في مساري المهني و األكاديمي‪ ،‬فكان له الفضل وال زال في عودتي مرة‬ ‫أخرى إلى مقاعد الدراسة الجامعية‪ ،‬لكن هذه المرة في شعبة الدراسات‬ ‫السينمائية والسمعية البصرية‪ ،‬هذا التكوين كان لي بمثابة نقلة نوعية‬ ‫جعلتني أجمع بين التكوين األكاديمي والمهني‪ ،‬ألدخل غمار اإلخراج‬ ‫وأتخصص بالفيلم الوثائقي‪ ،‬الذي أغرمت به‪ ،‬فهذا النوع منحني اإللهام‬ ‫والتحفيز‪ ،‬ودفعني باتجاه تحقيق ما أريد‪ ،‬ومتابعة شخصيات موجودة في‬ ‫هذه األفالم‪ ،‬شخصيات تعطيك نظرة جديدة عن الحياة‪.‬‬

‫• لمــحة عن أعمالـك ومبادراتـك في نشــر الثقافــة‬ ‫السينمائية؟‬ ‫لطالما آمنت بثقافة تشارك المعرفة‪ ،‬هذه الثقافة جعلتني أنخرط‬ ‫في عدة مشاريع تهتم بنشر الثقافة السينمائية‪ ،‬أولها مشروع جمعية‬ ‫بدايات للفن والسينما وهي الجمعية المنظمة للمهرجان الدولي لمدارس‬ ‫السينما بتطوان‪ ،‬هذا المشروع يرتكز على انفتاح الجمعية على المؤسسات‬ ‫التعليمية بتطوان والنواحي‪ ،‬عبر تنظيم ورشات سينمائية لفائدة تالميذ‬ ‫هذه المؤسسات‪ ،‬ورشات تؤدي إلى خلق ثقافة سينمائية لدى المتعلمين‬ ‫تُوجد لديهم القدرة على فهم دالالت الصورة وتفكيك الخطاب السينمائي‬ ‫ِ‬ ‫ومقاصده‪ ،‬باإلضافة إلى تقديم عروض فيلمية ومناقشتها مع الجمهور‪.‬‬ ‫مشروع آخر ينظمه مركز أجيال للتكوين والوقاية االجتماعية التابع‬ ‫للرابطة المحمدية للعلماء‪ ،‬في إطار البرنامج التكويني السينمائي إلنتاج‬ ‫كبسولة توعوية‪ ،‬برنامج غايته تجميع الطاقات والمواهب وتكوينها تكوينا‬ ‫سينمائيا‪ ،‬تكوينا يمنح الشباب المهتم فرصة التعبير عن وجهة نظره عن‬ ‫طريق األفالم السينمائية‪ .‬هذا باإلضافة إلى مشاريع أخرى قمت فيها‬ ‫بتأطير ورشات سينمائية ‪ ،‬كالمركز السوسيوثقافي بتطوان وغيره‪...‬‬ ‫فهذه الورشات كانت وال تزال تشكل منارات مضيئة‪ ،‬في نشر الثقافة‬ ‫السينمائية‪.‬‬ ‫• تجربة المهرجان الدولي لمدارس السينما بتطوان ؟‬ ‫هي تجربة نوعية على الصعيد الوطني‪ ،‬كانت نتاجا للمجهود الذي‬ ‫قام به مختبر األبحاث والدراسات السينمائية (‪ )GRECALAB‬منذ ‪1987‬‬

‫في مجال البحث والتكوين على حد سواء من جعل السينما محور بحث‬ ‫أولوي وميدان اختصاص معترف به بالجامعة‪ .‬حيث أضحت كلية آداب‬ ‫تطوان متفردة ورائدة على مستوى التكوينات السينمائية (إجازة مهنية‪،‬‬ ‫ماستر متخصص في الفيلم الوثائقي وتكوين دكتوراه في الدراسات‬ ‫السينمائية السمعية بصرية والمسرحية)‪ ،‬فالمهرجان الدولي لمدارس‬ ‫السينما بالمغرب يهدف إلى تشجيع أعمال المبدعين الشباب من مختلف‬ ‫أنحاء العالم المنتمين لمختلف مدارس السينما والجامعات العالمية‬ ‫ويصبو المهرجان الن يكون بمثابة قاعدة لتبادل المعارف والتجارب بين‬ ‫هؤالء الشباب‪.‬‬ ‫هذا المهرجان يشرف عليه نخبة من الحساسيات السينمائية والفنية‬ ‫بالمغرب على رأسهم الدكتور حميد العيدوني الذي يعتبر بحق الدينامو‬ ‫المحرك لهذا المهرجان‪.‬‬

‫• رأيك في واقع السينما بالمغرب؟‬ ‫الحديث عن واقع السينما بالمغرب يفرض علينا التطرق بموضوعية‬ ‫لمكونات هذا المشهد السينمائي‪ ،‬انطالقا من اإلنتاج إلى غاية مضامين‬ ‫اإلبداع السينمائي ومرورا ببنياته التحتية‪ ،‬فال أحد ينكر أن السينما المغربية‬ ‫قدمت خالل السنوات األخيرة‪ ،‬نموذجا رائدا على الصعيدين اإلفريقي‬ ‫والعربي‪ ،‬على مستوى دور الدولة في النهوض باإلنتاج السينمائي عبر‬ ‫صندوق الدعم‪ ،‬الذي نتج عنه ارتفاع كمي ملحوظ في وتيرة إنتاج األفالم‪،‬‬ ‫الذي يسمح بتوطيد أركان صناعة سينمائية قوية‪ ،‬إال أن هذا يحيلنا إلى‬ ‫طرح معادلة الكم والكيف‪ ،‬هذه المعادلة التي تحدد انتشار هذه األعمال‬ ‫وطنيا ودوليا‪.‬‬

‫• هل من مشاريع سينمائية؟‬ ‫بالطبع‪ ،‬هناك مشروع فيلم وثائقي أشتغل عليه‪ ،‬وهو اآلن في مرحلة‬ ‫البحث وكتابة السيناريو‪.‬‬

‫• كلمة أخيرة ‪:‬‬ ‫أتمنى أن يأتي يوم تكون فيه السينما ضمن المناهج التعليمية‪،‬‬ ‫لما لها من أهمية في تنمية الذوق الفني للناشئة‪ ،‬وتمكينهم من ثقافة‬ ‫مرتبطة بالصورة عموما‪.‬‬ ‫كما أشكر جريدة الشمال على هذا االهتمام الجميل‪.‬‬

‫فقدت الساحة الفنية بالمغرب أحد اهراماتها الفنية الفنانة الكبيرة أمينة رشيد‪ ،‬واحدة من كبار الشاشة والمسرح‪،‬ودعتنا عن عمر يناهز ‪ 83‬سنة يوم ‪26‬‬ ‫غشت ‪,2019‬‬ ‫وتعد الراحلة من المناضالت في المجال الفني حيث اقتحمت مجال التمثيل في بداية الستينيات في وقت كانت فيه األدوار النسائية تسند‬ ‫للرجال وذلك العتبارات اجتماعية وثقافية‪ ،‬وشكلت رفقة المرحومة حبيبة المذكوري ثنائيا نسويا رائعا عكستاا من خالل مجموعة من‬ ‫االعمال الصورة االجتماعية للمراة المغربية في ذلك الوقت حيث قدمتا لنا صورا للمراة بواقعها وأحالمها وتطلعاتها وانكساراتها‪...‬لهذا‬ ‫فهي تعتبر مع مجموعة من الرواد وعلى رأسهم المرحوم الفنان العربي الدغمي ‪-‬الذي طواه جحود النسيان‪-‬الجيل الذهبي للمسرح‬ ‫والتلفزيون والسينما‪..‬‬ ‫المرحومة أمينة رشيد وإسممها الحقيقي جميلـة بنعمر‪ ،‬هي رفيقة درب المرحوم اإلعالمي والكاتب عبداهلل شقرون‪،‬‬ ‫قدمت ما يزيد عن ‪ 60‬عم ًال مسرحي ًا ومارست المسرح اإلذاعي عبر عدد كبير من األعمال وتألقت أيضا في السينما‬ ‫من خالل اعمال كبيرة كالبحث عن زوج مراتي ومن بعده لال حبي‪،‬وفيها الملح والسكر برفقة الممثل رشيد‬ ‫الوالي‪،‬وكيد النسا‪،‬وعايدة‪،‬وغيرها‪،‬بنفس النجاح جسدت أدوارا خالدة في اعمال تلفزيونية نذكر منها هنية مبارك‬ ‫مسعود‪،‬العوني‪،‬الوصية وغيرها‪..‬‬ ‫وكان آخر ظهور للراحلة في ‪23‬يوليوز الماضي بمناسبة تكريمها في مهرجان الشاطئ بمدينة المعمورة‪.‬‬


‫العدد ‪1009‬‬

‫الشمال الفني‬

‫بيــان فـنـي »‬ ‫«‬ ‫فـنـــي»‬ ‫«بيـــان‬

‫إعداد ‪ :‬يوسف سعدون‬

‫بيان فني‪ ،‬هو سلسلة لقاءات تدشنها الشمال مع مجموعة من المبدعين‪ ،‬يقدم عبرها‬ ‫الضيوف تجاربهم الفنية وانشغاالتهم ومواقفهم‪ ،‬وهو غير ملزم ألي جهة‪..‬‬ ‫بيان هذا العدد توقعه الفنانة التشكيلية ربيعة الشاهد‪.‬‬

‫الثالثـاء ‪� 03‬إلى ‪� 09‬شتنرب ‪2019‬‬

‫‪5‬‬

‫«عبدالسالم نوار»‪:‬‬ ‫نوارة تطوان‬ ‫المنسية‬ ‫• يوسف سعدون‬

‫الفنانة التشكيلية‬

‫ربيعة الشاهد‬ ‫‪ -‬أنا الموقعة أسفله ‪:‬‬

‫ربيعة الشاهد‪ ،‬فنانة تشكيليــة حاصلــة على دبلـوم‬ ‫الدراسات العليـــا للفنـون التطبيقيـة‪ ،‬أستاذة مادة التربيــة‬ ‫التشكيلية‪،‬شاركت في مجموعة من الدورات التكوينية في فن‬ ‫الحفر بإسبانيا‪،‬وكذلك في ورشات اللوحات العمالقة وبفضاء‬ ‫متحف اللوفر بفرنسا‪،‬رئيسة جمعية بصمات للفنون التشكيلية‬ ‫ورئيسة المهرجان الدولي للفنون التشكيلية بسطات‪،‬شاركت‬ ‫في مجموعة من المعارض الفردية والجماعية داخل المغرب‬ ‫وخارجه‪،‬اشتغلت على مجموعة من المواضيع عبر مساري‬ ‫الفني حيث كانت البداية مع محاكاة األعمال الفنية للفنانين‬ ‫الكبارمثل ليوناردو دافنشي‪،‬حصلت على جائزة الشباب الدولي‬ ‫سنة ‪ 1988‬عن لوحة الجوكاندا‪،‬وكانت عبارة عن إقامة باللوفر‬ ‫لمدة ‪15‬يوم‪،‬اشتغلت على موضوع الفرس والمرأة وشاركت‬ ‫سنة ‪ 1992‬في إكسبو ‪ 92‬بإشبيلية‪ ،‬وظفت أيضا اإليقاعات‬ ‫الموسيقية في تجربتي الفنية من خالل االشتغال على موسيقى‬ ‫شوبان وبتهوفن‪ ،‬ومؤخرا الحاج يونس وسعيد الشرايبي‬ ‫ومنير البشير‪،‬شاركت منذ ‪1987‬بمهرجان أصيلة عبر جداريات‬ ‫ومحترفات في فن الحفر صحبة جورج بهجوري وعمر حليل‬ ‫والمرحومين محمد القاسمي وفريد بلكاهية‪.‬‬

‫تجربة المهرجان الدولي‬

‫لم تكن تجربة المهرجان الدولي بصمات بالرهان السهل‪،‬‬ ‫على اعتبار أن أول دورة للمهرجان كانت سنة ‪ ، 2001‬أي بعد‬ ‫تأسيس الجمعية بسنتين ‪ ،‬لكن الذي جعلنا نقبل التحدي هو‬ ‫إيمان أعضاء الجمعية بهذا المشروع إضافة لكفاءتهم على‬ ‫مستوى التدبير والتسيير ‪ ،‬والحماس الذي كان يحركنا بمساعدة‬ ‫العديد من الفعاليات الفنية وطنيا ودوليا ‪ ،‬وفعال نجحت أول‬ ‫تجربة بامكاناتها المادية واللوجستية البسيطة ‪ ،‬لكن كان‬ ‫الرهان الفعلي على كفاءة الموارد البشرية ‪ ،‬وفعال استطعنا أن‬ ‫نشق الطريق حتى أصبح مهرجان بصمات الدولي حدثا فنيا‬ ‫وضع مكانته ضمن الخريطة الفنية والثقافية وطنيا ودوليا ‪.‬‬ ‫ومما زاد المهرجان طموحا هو تشرفه بالرعاية الملكية‬ ‫السامية لصاحب الجاللة الملك محمد السادس نصره اهلل‬ ‫مما زادنا طموحا في تحقيق األفضل ‪ ،‬وأصبح المهرجان سفيرا‬ ‫للثقافة والفنون بالمغرب من خالل االشتغال على العديد من‬ ‫المواضيع والمحاور تركز في مجملها على نشر قيم التسامح‬ ‫والسالم في العالم ‪ ،‬وجعل الفن محركا لهذه القيم ‪ ،‬وفعال‬ ‫استطعنا جعل مدينة سطات عاصمة لحوار الفن والثقافة ‪ ،‬حيث‬ ‫كانت مناسبة للعديد من الفنانين لتدشين انطالقتهم على‬ ‫الصعيدين الوطني والدولي ‪ ،‬كما استطاع المهرجان من خالل‬ ‫بعده الدولي خلق مجال للحوار المباشر بين الفنان وجمهوره‬ ‫خارج نطاق صاالت العرض الضيقة إلى الفضاء الواسع ‪ ،‬على‬ ‫اعتبار أن الفن هو حق من حقوق الناس ‪ ،‬وأداة مهمة لتنمية‬ ‫وعيهم ومهاراتهم ‪.‬‬

‫تجربة إيطاليا ( تشكيليو مغاربة العالم )‬

‫خرجت تجربة إيطاليا من رحم مهرجان بصمات الدولي‬ ‫للفنون بالنظر للتراكمات والنجاحات التي حققها طيلة ‪ 17‬دورة‪،‬‬

‫على مستوى الدبلوماسية الفنية والثقافية ‪ ،‬وجمع الفنانين‬ ‫المغاربة واألجانب على رسالة الفن النبيلة من خالل أنشطة‬ ‫الجمعية في العديد من العواصم الدولية ( فرنسا ‪ ،‬بلجيكا ‪،‬‬ ‫امريكا الشمالية ‪ ،‬كندا ) والعديد من الدول العربية ‪ ،‬لتشكل‬ ‫حلقة وصل بين الفنانين المغاربة عبر العالم ‪.‬‬ ‫ولعل اختيار ايطاليا لم يكن أمرا اعتباطيا ‪ ،‬بل جاء بالنظر‬ ‫لمكانتها التاريخية والفنية والثقافية في بناء التراث اإلنساني من‬ ‫خالل عصر النهضة الثقافية والفنية التي أنارت أوربا والعالم‪،‬‬ ‫من هنا كان لزاما االهتمام بهذه المحطة لتكون منطلقا‬ ‫لتأسيس تجمع تشكيليي مغاربة العالم بمبادرة من طرفي‬ ‫كرئيسة للجمعية وكذا الفنان العالمي أحمد بن يسف ‪ ،‬ومشاركة‬ ‫العديد من الفنانين المغاربة من مختلف أرجاء المعمور ‪ ،‬بهدف‬ ‫بناء جسور للحوار الدائم ‪ ،‬وتبادل التجارب والمهارات من أجل‬ ‫تثمين الفن المغربي ‪ ،‬وإعطاء صورة إيجابية للثقافة والفنون ‪،‬‬ ‫كل من بلد إقامته ‪.‬‬

‫التطلعات واآلفاق‬ ‫برغم اإلنجازات والتراكمات التي حققناها ‪ ،‬مازال يراودنا‬ ‫حلم تحقيق االفضل من خالل جعل مؤسسة بصمات للفنون‬ ‫محطة عالمية لنشر قيم السالم والحوار والتسامح ‪ ،‬وفتح فرصة‬ ‫التألق والنجاح والتألق أمام الفنانين خاصة الذين اليجدون‬ ‫فرصة وبيئة مناسبة لالشتغال والتواصل مع الجمهور ‪ .‬كما‬ ‫نسعى لجعل الفن في متناول الجمهور بعيدا عن الفضاءات‬ ‫الضيقة ( دمقرطة الفن) ‪ ،‬وهذا جزء من الخريطة المستقبلية‪،‬‬ ‫والتي تتضمن العديد من البرامج التي تستهدف في مجملها‬ ‫تطوير الطابع الدولي للمهرجان من خالل محطة إيطاليا ‪ ،‬عبر‬ ‫خلق قنوات للحوار بين الفنانين والشباب ‪ ،‬مع إعطاء االولوية‬ ‫للورشات المتعلقة بالمهن والحرف الفنية ‪ ،‬لجعل الفن جزءا من‬ ‫التنمية ‪ ،‬وإدماج الشباب في النسيج االقتصادي واالجتماعي ‪،‬‬ ‫كما سنعمل على جعل محطة ايطاليا نقطة متميزة في مسارنا‬ ‫من خالل خلق فضاء مثالي لحوار ضفتي المتوسط ‪ ،‬لنبذ خطاب‬ ‫الكراهية ‪ ،‬وتكريس قيم التسامح والسالم بين الشعوب ‪ ،‬كما‬ ‫سنمضي قدما في تطوير تجربة « تجمع تشكيليو مغاربة العالم»‬ ‫ووضع اإلطار القانوني وبرنامج العمل لجمع الفنانين على كلمة‬ ‫واحدة ‪ ،‬واالستفادة من مهاراتهم وتجاربهم ‪.‬‬

‫كلمة أخيرة‬ ‫أخيرا أتقدم لمنبركم المحترم جريدة الشمال بالشكــر‬ ‫الجزيل على اهتمامكم بتجربتنا الفنية والثقافية ‪ ،‬وهذا دليل‬ ‫على دور اإلعالم كشريك أساسي في تطوير الفنون ‪ ،‬كما أتمنى‬ ‫أن نمضي قدما إعالميين وفنانين نحو األهداف السامية ‪ ،‬وهي‬ ‫جعل بلدنا الغني بتراثه وفنونه إلى األفضل من خالل االستثمار‬ ‫األحسن للثروة غير المادي خدمة للتنمية بالمغرب ‪ ،‬وخدمة‬ ‫للفنان وقضاياه وتطلعاته النبيلة ‪.‬‬

‫عبد السالم نوار‪.‬واحد من الفنانين التشكيليين الذين بصموا‬ ‫الساحة التشكيلية بتطوان وبالمغرب‪.‬هو فنان مبدع مجدد و أستاذ‬ ‫للفنون‪ ‬تتلمذت على يديه أجيال كثيرة من طلبة المعهد الوطني‬ ‫للفنون الجميلة والزال عطاؤه التربوي مستمرا لحد اآلن‪..‬‬ ‫هو من مواليد سنة ‪ 1949‬بتطوان‪.‬اكتشف موهبته في الرسم منذ‬ ‫الطفولة فكان طبيعيا أن يلج المدرسة الوطنية للفنون الجميلة بتطوان‬ ‫سنة ‪.1965‬وفي سنة ‪ 1968‬سيختار الرحيل إلى بلجيكا للدراسة‬ ‫مستفيدا من منحة من (لونيسكو) الحكومة البلجيكية‪..‬وفي سنة ‪1972‬‬ ‫سيلتحق بالمدرسة العليا لفنون الديكور واإلشهار ببروكسيل‪.‬‬ ‫ونظرا لمسيرته الموفقة استطاع الفوز بجائزة األكسالنس بمدينة‬ ‫بروكسيل‪.‬‬ ‫وتتويجا لمساره الفني ببلجيكا والمغرب‪،‬لم يتردد الفنان نوار في‬ ‫تنظيم معارض فنية بمختلف المدن البلجيكية وبعض المدن األوروبية‪،‬‬ ‫باإلضافة لمجموعة من المدن المغربية‪.‬‬ ‫ونظرا الرتباطه بالوطن‪ .‬فضل الرجوع إلى تطوان رافضا بعض‬ ‫العروض المغرية لالشتغال في التدريس الفني ببلجيكا‪.‬‬ ‫فكانت العودة لتطوان مسقط رأسه سنة ‪ 1978‬حيث شغل منصب‬ ‫أستاذ الصباغة والرسم الجداري بالمدرسة الوطنية للفنون الجميلة‪.‬‬ ‫كما حصل على مجموعة من الجوائز والميداليات ببلجيكا وفي‬ ‫مختلف التخصصات الفنية أعترافا بطاقاته اإلبداعية الساحرة‪.‬‬ ‫وقد تنبأ لنجاحه في بلده المغرب أستـــاذه‪ ‬الفنـان العالمي جان‬ ‫رانسي عضو األكاديمية الملكية البلجيكية حيث قال أن نوار سيكون له‬ ‫شأن في وطنه‪...‬فهل تحققت نبوءة هذا الفنان العالمي‪.‬؟‬ ‫إن مسار الفنان عبدالسالم نوار وعطاءه الفني والتربوي يؤكد أن‬ ‫للرجل طاقات إبداعية كبيرة ومهارات كبيرة في مجال التدريس الفني‬ ‫قوامها التبسيط والتواصل السلس مع طلبته‪..‬وفي سبيل تحقيق غاياته‬ ‫النبيلة على مستوى نشر الثقافة التشكيلية من خالل تدريس الفنون‬ ‫بالمعهد بذل قصارى جهوده بأريحية كبيرة‪..‬وهو ال يزال على هذا‬ ‫المبدأ إلى حد اآلن رغم الجحود الذي قوبل به على المستوى اإلداري‬ ‫حيث جمدت وضعيته في درجة ال تناسب شهاداته وأقدميته وكفاءاته‪..‬‬ ‫نفس هذا الجحود عانى منه الرجل على المستوى اإلبداعي‪،‬حيث رغم‬ ‫قيمته الفنية التي اعترف بها الغرب الذي أراد احتضانه والمتمثلة في‬ ‫كونه من جيل ما بعد الرواد ويمثل توجها تشكيليا مجددا لما عرف‬ ‫عن المدرسة التطوانية في التشكيل وحضوره المستمر في الساحة‬ ‫التشكيلية من خالل المعارض والندوات واألنشطة الفنية عامة فإنه لم‬ ‫ينل االعتراف الذي يستحقه‪..‬‬ ‫قيمتــه تتمثــل في اختياراتــه الفنية التي هي اختيــارات تتجـاوز‪ ‬‬ ‫االستنساخ التي هيمنت على أعمال الرواد حيث لم يهتم بتصوير‬ ‫الطبيعة بألوانها المرئية‪،‬بل عمل على التعبير بواسطة األلوان عبر إبراز‬ ‫قوة لمسات وحركات الفرشاة وكأنه يفكك تلك النمطية التي اعتمدها‬ ‫االتجاه التشخيصي‪،‬بذلك تتحول الطبيعة عنده من أصل إلى وسيط‪.‬‬ ‫والتمثل عنده ينجز التفكيك للكتل واألحجام‪.‬وهو بهذا ال يرسم الشيء‪.‬‬ ‫بل يكتفي بالتلميح المجازي وهذا تميزه‪.‬وهو أيضا فنان مبدع تتسامى‬ ‫صباغته عن كل سطح أملس تتجاوز المحاكاة والتقليد للنموذج لكي‬ ‫يسمو بالعمل اإلبداعي لالنطباع عبر تناغم األلوان وتضادها‪.‬‬ ‫وجل النقاد الذين تابعوا مساره الفني يجمعون على أن الفنان نوار‬ ‫قد قطع مع اتجاه بيرتوتشي ولو أنه تتلمذ على هذه المدرسة‪.‬فهو‬ ‫ال يعيد إنتاج المشاهد بتلك النظرة الكولونيالية بل يبدع بهاجس‬ ‫التجديد مانحا للتشكيل المغربي هويته الوطنية معتمدا على إبراز‬ ‫معالم بلده بطريقة حداثية ومجددة‪.‬‬ ‫هذا هو عبدالسالم نوار‪..‬فنان ورجل تربية نذر حياته لإلبداع‬ ‫والتدريس واستطاع أن يوفق بينهما حيث لم ينتصر لجانب‪ ‬على اآلخر‪.‬‬ ‫بل ظلت عالقته متوازنة مع الفن والتدريس إلى حد اآلن‪..‬‬ ‫وهو أيضا إنسان وديع وطيب استطاع أن ينسج عالقات حميدة مع‬ ‫مختلف األجيال اإلبداعية نظرا لخصاله اإلنسانية السامية‪..‬‬ ‫الفنان عبدالسالم‪،‬يستحق الكثير من االعتراف‪،‬فمتى تتحرك‬ ‫المبادرات إلنصاف الرجل في حياته‪...‬‬


‫‪6‬‬

‫الثالثـاء ‪� 03‬إلى ‪� 09‬شتنرب ‪2019‬‬

‫العدد ‪1009‬‬

‫مجتمع ـ سياسة ـ حقوق‬ ‫فكري ولد علي‬

‫(مراسل من الحسيمة)‬

‫من هم رجال السلطة الذين سيدبرون شؤون الحسيمة‬ ‫خالل السنوات األربع القادمة؟‬

‫أشرف فريد شوراق‪ ،‬عامل عمالة إقليم‬ ‫الحسيمة‪ ،‬صباح يوم الثالثاء ‪ 27‬غشت ‪2019‬‬ ‫بمقر العمالة‪ ،‬على حفل تنصيب رجال السلطة‬ ‫الجدد المعينين في إطار الحركة اإلنتقالية‬ ‫التي نظمتها وزارة الداخلية‪ ،‬مؤخرا والذين‬ ‫سيشتغلون باإلدارات الترابية إلقليم الحسيمة‪،‬‬ ‫خلفا للذين تم تنقيلهم للعمل بالعديد من‬ ‫المدنالمغربية‪.‬‬ ‫وفي كلمة ألقاها عامل اإلقليم فريد شوراق‬ ‫بالمناسبة‪ ،‬شكر رجال السلطة المغادرين‪ ،‬حيث‬ ‫نوه بالمجهودات الجبارة التي قدموها‪ ،‬وهو‬ ‫ما جعلهم يتبوؤون مناصب هامة في إطار‬ ‫الحركة االنتقالية‪ ،‬كما رحب من جهة أخرى‬ ‫برجال السلطة الجدد‪ ،‬الذين التحقوا للعمل‬ ‫بإدارات اإلقليم‪ ،‬وحث إياهم على التفاني في‬ ‫العمل والمساهمة جنبا إلى جنب مع الفرقاء من‬ ‫أجل توفير شروط مناسبة لتقديم خدمات في‬ ‫مستوى طموحات الساكنة‪ ،‬مع ضرورة اإلنصات‬ ‫لهموم المواطنين‪ ،‬عمال بالتوجيهات الملكية‬ ‫في خطاب العرش األخير‪.‬‬ ‫وفيما يلي الئحة بأسماء رجال السلطة‬ ‫الذين تم تنصيبهم صباح الثالثاء بمقر عمالة‬ ‫الحسيمة‪:‬‬

‫عبد المجيد القندوسي‪ :‬رئيس قسم‬ ‫الشؤون الداخلية بعمالة الحسيمة‬ ‫كمال شتوان‪ :‬باشا مدينة إمزورن‬

‫مبارك العطار‪ :‬رئيس دائرة تارجيست‬ ‫جهاد كدورة‪ :‬رئيس دائرة بني ورياغل‬ ‫الغربية‬

‫عادل حشاد‪ :‬قائد قيادة آيت يوسف وعلي‬ ‫فهيم النرابط‪ :‬قائد قيادة بني عمارت‬ ‫مجيب الرحمان‪ :‬أشهبار قائد قيادة بني‬ ‫بوفراح‬ ‫يوسف رويجل‪ :‬قائد قيادة بني جميل‬ ‫مراد اعزيبة‪ :‬قائد قيادة امرابطن‬ ‫نسيم العمري‪ :‬قائد قيادة النكور‬ ‫إلياس قرقاش‪ :‬قائد قيادة تبرانت‬ ‫كريم بريكت‪ :‬قائد قيادة الرواضي‬

‫عبدالرحيم دكاك‪ :‬قائد قيادة اكاون‬ ‫محمد البكباك‪ :‬قائـد الملحقــة الرابعــة‬ ‫بالحسيمة‪.‬‬ ‫سعيد طهــري ‪ :‬قائد الملحقـة الثالثــة‬ ‫بالحسيمة‪.‬‬ ‫العربي العمري العلوي‪ :‬قائد الملحقة الثانية‬ ‫امزورن‪.‬‬ ‫محمد الخطابــي ‪ :‬قائد الملحقــة االولى‬ ‫بالحسيمة‪.‬‬ ‫يوسف مختاري‪ :‬قائد الملحقة االولى بني‬ ‫بوعياش‪.‬‬

‫النصب واالحتيال في األسعار والخدمات السياحية‪..‬‬ ‫ـ مدينة أصيلة نموذجاً ـ‬

‫لم تعد مدينة أصيلة صديقة أصحاب‬ ‫الدخل المحدود كما عرفت من قبل ‪ ..‬ففي فصل‬ ‫الصيف من كل سنة تشهد إقباال كبيرا من‬ ‫السياح و المسافرين الراغبين في قضاء العطلة‬ ‫الصيفية‪ ،‬من داخل المغرب وخارجه‪ ،‬وذلك‬ ‫بما تفخر به هذه المنطقة من شواطئ جميلة‬ ‫ومناطق سياحية هادئة ومشهورة‪ ،‬باإلضافة‬ ‫إلى موقعها اإلستراتيجي القريب من كل المدن‬ ‫األخرى كطنجة و تطوان ومرتيل والفنيدق ‪.‬‬ ‫وأمام هذا اإلقبال المتزايد على مدينة‬ ‫أصيال باعتبارها عند البعض الوجهة المميزة‬ ‫لقضاء العطلة‪ ،‬وطمعا في الجودة السياحية‬ ‫ليصطدمون في النهاية بمجموعة من المشاكل‬ ‫التي تعرقل صفوهم‪.‬‬ ‫أولى هذه المشاكل هو غالء الفنادق وارتفاع‬ ‫صارخ لوسمات الكراء‪ ،‬التي تتزايد يوما عن يوم‬ ‫دون أي رقيب أو حسيب‪ ،‬باإلضافة إلى انتشار‬ ‫مهول للسماسرة الواقفين جنب الطرق يلوحون‬ ‫بالمفاتيح ويتسابقون لجلب المسافرين‪ ،‬فكما‬ ‫حدثنا «عمر» القادم من مدينة الرباط أنه لما‬ ‫وصل إلى مدينة أصيلة‪ ،‬وقف عند أحد هؤالء‬ ‫السماسرة ليسأله عن الشقق المتوفرة‪ ،‬فبدأ هذا‬ ‫األخير وصف له الشقق التي لديه بأنها جميلة‬ ‫و قريبة من الشاطئ و مؤثثة بشكل جميل‪،‬‬ ‫وعندما ذهب عمر ليكتشف بنفسه رأى عكس ما‬ ‫حكي له‪ .‬فهذا مثال للعديد من الزائرين الذين‬ ‫يقعون في فخ هؤالء السماسرة‪.‬‬ ‫وفي مقابل ضعف جودة الشقق المعروضة‬ ‫للكراء من حيث المساحة أو من حيث تهالك‬ ‫«األثاث» الذي اعتراه البلى والتمزق‪ .‬فيجد الزائر‬ ‫نفسه في كثير من األحيان مضطرا إلى صرف‬ ‫النظر عن المعروض والبحث عن بديل تلو اآلخر‬ ‫إلى أن يجد بديال أقل سوءا‪ ،‬وقد ال يجد مفرا عن‬ ‫الفنادق وأسعارها المرتفعة‪.‬‬ ‫ومن جهـة أخــرى استنكــر العديد من‬ ‫المصطافين ارتفــاع ثمن تسعيــرة مواقف‬ ‫السيارات‪ ،‬التي يفرضها عليهم األشخاص الذين‬ ‫يعملون فيها‪ ،‬وكثيرا ما يدخل أصحاب السيارات‬ ‫في مالسنات مع الحراس المفترضين الذين‬ ‫أصبحوا مصدر إزعاج لكثير من الوافدين على‬ ‫المدينة‪ ،‬كما أن بعضهم يتفادون هذه الحوارات‬

‫مع الحراس ويوجهون أصابع اإلتهام للمجلس‬ ‫الجماعي باعتباره المساند الرسمي لهاته‬ ‫التجاوزات الغير القانونية‪.‬‬ ‫ولم تسلم خدمات المقاهي و المطاعم في‬ ‫مدينة أصيلة ‪ ،‬من الزيادات في األثمنة باإلضافة‬ ‫إلى تدني مستوى الخدمات‪ ،‬مثل ما هو الشأن‬ ‫في بعض مطاعم السمك التي تستغل هذه‬ ‫الفترة لتستنزف جيوب الزائرين بأثمنة «غير‬ ‫معقولة» مقابل أطباق متواضعة من السمك‪.‬‬ ‫ولم يقف غالء األسعار في الصيف عند هذا‬ ‫الحد‪ ،‬اذ امتد ليشمل خدمات النقل هي األخرى‪،‬‬ ‫خصوصا وسائل النقل الرابطة بين طنجة‬ ‫وأصيلة‪ ،‬وهي المعاناة التي يعيشها سكان‬ ‫المدينة وكذلك المسافرون في كل صيف‪ ،‬حيث‬ ‫ترتفع أسعارها من ‪ 20‬درهم إلى ‪ 25‬درهما‪ ،‬وفي‬ ‫بعض المرات قد تصل إلى ‪ 50‬درهم على حسب‬ ‫العرض والطلب بالنسبة لسيارات األجرة‪ ،‬فيما‬ ‫رفع أصحاب الحافالت أسعار خدماتهم من ‪10‬‬ ‫دراهم إلى ‪ 15‬درهما على مستوى نفس الخط‪،‬‬ ‫هذا ناهيك عن تواجد النقل السري بكثرة و‬ ‫تالعبهم باألثمنة وبحياة الناس‪.‬‬

‫ورغم هذا الغالء المجنون بالمدينة أصيلة‪،‬‬ ‫إال أن اإلقبال عليها كبير‪ ،‬خاصة من طرف‬ ‫المغتربين والجالية المغربية التي تفضل قضاء‬ ‫عطلة الصيف في الوطن‪ ،‬والتي تبحث عن‬ ‫مكان هادئ لقضاء العطلة واستغالل الفرصة‬ ‫لالستجمام وقضاء أوقات مريحة بالقرب من‬ ‫العائلة واألقارب وهذا ما جعل العديد من‬ ‫مغتنمي الفرص يرفعون األسعار وتالعبون‬ ‫باألثمنة حسب أهواءهم‪.‬‬ ‫وال نخفي أن مدينة أصيلة تنتعش فقط في‬ ‫موسمها الصيفي دون المواسم األخرى‪ ،‬ولهذا‬ ‫فإنها تحتاج إلى العديد من التجهيزات السياحية‬ ‫المهمة‪ ،‬وأيضا الرفع من مستوى البنية التحتية‬ ‫لتالئم جميع المسافرين والمصطافين‪.‬‬ ‫كما أن عدد من الفاعلين في القطاع‬ ‫السياحي استنكروا أوضاع المدينة وطالبوا‬ ‫بإحداث لجن خاصة لمراقبة األسعار وتحديدها‬ ‫معقولة في متناول شريحة مهمة من‬ ‫المصطافين‪ ،‬من أجل استمرار الرواج السياحي‬ ‫بمدينة أصيلة على مدار السنة‪.‬‬

‫رباب السويحلي‬

‫‪Fikri.press@gmail.com‬‬ ‫‪Tél 0661986707‬‬

‫المديرية االقليمية لوزارة الشباب‬ ‫والرياضة بالحسيمة تنظم انشطة‬ ‫لفائدة األطفال‬

‫في غمرة احتفاالت الشعب المغربي بذكرى‬ ‫عيد الشباب المجيد الذي يخلد الذكرى السادسة‬ ‫والخمسين لميالد صاحب الجاللة الملك محمد‬ ‫السادس أيده اهلل ونصره‪ ,‬نظمت المديرية‬ ‫االقليمية لوزارة الشباب والرياضة بالحسيمة‬ ‫وبشراكة مع الجمعية االقليمية لدعم أنشطة‬ ‫القرب بالحسيمة دوريات في كرة القدم والتي‬ ‫أجريت في كل من ملعب القرب التابع لدار‬ ‫الشباب عبد الكريم الخطابي وملعب القرب‬ ‫أفالي وملعب القرب الحي الجديد وكذا المركب‬ ‫السوسيورياضي للقرب ميرادور‪ ,‬كما نظمت‬ ‫أيضا مسابقات في السباحة وذلك بالمسبح‬ ‫التابع لمعهد التكنولوجيا للصيد البحري‪,‬‬ ‫باإلضافة الى أنه قد تم تنظيم دوريات في كرة‬ ‫السلة ‪ 3X3‬وذلك بشراكة مع جمعية شباب‬

‫الريف الحسيمي لكرة السلة بساحة كالبونيطا‪,‬‬ ‫وقد عرفت هذه التظاهرة مشاركة أزيد من‬ ‫‪ 1130‬مشاركا ومشاركة أتت على الشكل التالي‪:‬‬ ‫ـ مشاركا ومشاركة في كرة القدم‪480‬‬ ‫ـ مشارك في كرة السلة‪300‬‬ ‫وقد أقيمت هذه التظاهرة الرياضية من ‪17‬‬ ‫إلى ‪ 21‬غشت ‪ 2019‬وأسفرت عن تتويج العديد‬ ‫من الفرق والشباب بعدة جوائز قيمة والتي تم‬ ‫تقديمها لهم خالل الحفل الختامي الذي نظم‬ ‫بدار الثقافة موالي الحسن بالحسيمة وقد عرف‬ ‫هذا الحفل البهيج حضور عدة شخصيات وازنة‬ ‫باالقليم وعلى رأسها السيد الكاتب العام لعمالة‬ ‫اقليمالحسيمة‪.‬‬

‫إحباط عملية تهريب ‪ 165‬كلغ من‬ ‫مخدر الشيرا بالمحطة البحرية للحسيمة‬

‫قامت المصالح األمنية والجمركية العاملة‬ ‫بالمحطة البحرية بميناء المسافرين بالحسيمة‪،‬‬ ‫مساء اليوم االثنين ‪ 26‬غشت الجاري‪ ،‬من إحباط‬ ‫عملية تهريب كمية مهمة من مخدر الشيرا‪،‬‬ ‫كانت معبأة بدقة داخل هياكل سيارة خفيفة‬ ‫مرقمة بالخارج‪.‬‬ ‫وحسب مصدر مطلع فإن المصالح نفسها‬ ‫تمكنت وبعد تفتيش دقيق لسيارة خفيفة‬ ‫مرقمة بهولندا‪ ،‬من العثور على كمية مهمة‬ ‫من مخدر الشيرا بلغ وزنها ‪ 165‬كلغ‪ ،‬كانت‬

‫إنقاذ ‪ 62‬مهاجرا‬ ‫قبالة سواحل مدينة‬ ‫الحسيمة‬

‫تمكنت قوات البحرية الملكية المغربية‬ ‫من إنقاذ ‪ 62‬مهاجرا ينحدرون من منطقة جنوب‬ ‫الصحراء بينما كانوا على متن قارب يوشك على‬ ‫الغرق في البحر األبيضا المتوسط‪ ،‬حسب ما‬ ‫ذكرت مصادر أمنية لـ «إفي» يوم الثالثاء‪.‬‬ ‫وأوضحت المصادر نفسها أن القارب كان‬ ‫يوجد على بعد أكثر من ‪ 15‬ميال من سواحل‬ ‫شاطئ سيدي عابد‪ ،‬قبالة مدينة الحسيمة وكان‬ ‫معطوبا ومليئا بالمياه‪.‬‬ ‫وينحدر المهاجرون‪ ،‬وبينهم ‪ 3‬نساء‪ ،‬من‬

‫مخبأة بعناية داخل هياكل السيارة‪ ،‬التي كانت‬ ‫تستعد لإلبحار على متن باخرة المسافرين‬ ‫التي تربط مينــاء الحسيمــة بمونتريال‬ ‫جنوب اسبانيا‪.‬‬ ‫ذات المصادر أكدت أن هذه العملية أسفرت‬ ‫عن اعتقال سائق السيارة‪ ،‬واثنين من مرافقيه‬ ‫إحداهما امرأة‪ ،‬وينحدرون من إقليم الدريوش‪،‬‬ ‫حيث تم وضعهم تحت تدابير الحراسة النظرية‪،‬‬ ‫رهن إشارة البحث الذي يجري بأمر من النيابة‬ ‫العامةالمختصة‪.‬‬

‫نيجيريا وغينيا وغامبيا والكاميرون‪ ،‬وكانت‬ ‫حالتهم متدهورة لدى إنقاذهم‪ ،‬وتم اقتيادهم‬ ‫إلى الحسيمة‪.‬‬ ‫وبحسب بيانات رسمية فقد أجهضت‬ ‫السلطات المغربية محاولة أكثر من ‪ 40‬ألفا‬ ‫و‪ 300‬مهاجر في أول ستة أشهر من العام‬ ‫الجاري‪.‬‬ ‫وعلى مدار سنة ‪ 2018‬أكدت الحكومة‬ ‫المغربية أنها أجهضت محاولة ‪ 89‬ألف مهاجر‬ ‫غير شرعي عبور مياه البحر األبيض المتوسط‪.‬‬


‫‪7‬‬

‫الثالثـاء ‪� 03‬إلى ‪� 09‬شتنرب ‪2019‬‬

‫العدد ‪1009‬‬

‫مجتمع ـ سياسة ـ حقوق‬ ‫عبد العالي بن ربوحة‬

‫(مراسل من القصر الكبير)‬

‫صحيفة أجنبية تكشف عن الواقع المعيشي‬ ‫ألطفال القصر الكبير‬ ‫عبد العالي بن ربوحة *‬ ‫تحت عنوان ‪ :‬حلم ركوب قوارب الهجرة‬ ‫السرية‪ ،‬أوردت جريدة بريديكو االسبانية‬ ‫بتاريخ ‪12‬غشت ‪ 2019‬مقاال بعنوان رحلة إلى‬ ‫مدينة القصر الكبير المغربية مدينة القاصرين‬ ‫الباحثين عن حلم الهجرة السرية ‪.‬‬ ‫المقــال أنجزتــه الصحفيـــة ‪eilsenda‬‬ ‫‪ coleil‬موفدة الجريــدة إلى مدينة القصر‬ ‫الكبير‪ ،‬هذه األخيرة التي تنحدر منها اكبر‬ ‫نسبة من القاصرين المتواجدين بمراكـــز‬ ‫اإليواء بكطالونيا‪ ،‬والذين يقارب عددهم ثلث‬ ‫المهاجرين القاصرين الغير الشرعين الباحثين‬ ‫عن حياة كريمة بأوربا من اجل الحصول على‬ ‫تعليم في المستوى وتحسين مستوى عيش‬ ‫أسرهم ‪.‬‬ ‫ويشير المقال أن مدينة القصر الكبير الذي‬ ‫يتواجد بها ‪126‬الف نسمة التي توجد في الجزء‬ ‫الجنوبي بجهة طنجة الحسيمة‪ ،‬وهي األقرب‬ ‫إلى مضيق جبل طارق‪ ،‬لقد كانت في الماضي‬ ‫مدينة مزدهرة وبوابة المغرب بالنسبة للبضائع‬ ‫المهربة ‪.‬‬ ‫قال لنا احد السكان الذي لم يكشف عن‬ ‫هويته خوفا من السلطات المغربية‪ ،‬لقد كنا‬ ‫نبيع البضائع المهربة اآلتية من سبتة إلى كل‬ ‫مناطق الجنوب‪ ،‬النهم ال يستطيعون الحصول‬ ‫عليها إال بواسطتنا‪ ،‬اآلن لقد انتهى كل شئ ولم‬ ‫يعد لهذا النشاط أي وجود ‪.‬‬ ‫في طريقنا إلى مدينة القصر الكبير كانت‬ ‫تتراءى لنا حقول الفول السوداني وعباد الشمس‬ ‫حيث يشتغل بها األطفال المحرومون من‬ ‫التعليم ومع ذلك قد اكتشفنا بالمدينة مشاهد‬ ‫أخرى منازل جميلة بنوافذ كبيرة وشرفات‪،‬‬ ‫ويالحظ مرور سيارات وشوارع معبدة ومدارس‬ ‫مقفلة بالنسبة للعطلة الصيفية‪ ،‬هناك محطة‬ ‫للقطار حيث تتواجد سيارات األجرة ومحالت‬ ‫تجارية‪ ،‬أمام المقرات اإلدارية هناك صفوف‬ ‫طويلة لفالحي المناطق المجاورة الذين صرحوا‬ ‫لنا أنهم يعطوننا بعض المساعدات المالية‬ ‫إذا التزم أطفالنا بالذهاب إلى المدرسة طيلة‬ ‫السنة‪.‬‬ ‫وتضيف لكن عند ولوجنا لألحياء الهامشية‬ ‫مبتعدين عن وسط المدينة تتغير الصورة‬ ‫تماما‪ ،‬حيت تتحول األزقة والشوارع المعبدة‬ ‫إلى غبار وتتحول السيارات إلى عربات مجرورة‬ ‫بالخيول‪ ،‬انه يوم السوق تباع البطاطس‬ ‫ب‪20‬سنتيم (تقريبا درهمان ونصف ) «من أجل‬ ‫تكوين فكرة عن القدرة الشرائية للسكان»‪،‬‬ ‫لم نالحظ وجود اي طفل مراهق‪ ،‬ولكن هناك‬ ‫أطفال صغار يساعدون آباءهم بجانب عربات‬ ‫بيع الفواكه والخضر‪ ،‬يالحظ أيضا وجود مقاهي‬ ‫ومحالت تجارية‪ .‬وفي إحدى المخابز رفوفها‬ ‫نصف فارغة التقينا بامرأة صرحت لنا عندما‬ ‫سألناها عن عدم وجود شباب بالحي أجابت‬ ‫بان أبناءها هم اآلن بأحد مراكز اإليواء ‪ -‬بليليدا‬ ‫‪،‬مضيفة وهي تبتسم لنا أن احدهم يبلغ من‬‫العمر ‪14‬سنة واألخر ‪16‬سنة وصالإلى اسبانيا‪،‬‬ ‫كان بإمكانهما أن يموتا في هاته المغامرة‬

‫لكن ماذا يمتلكان هنا هاته المخبرة ؟ لكن‬ ‫هاته مشيئة اهلل على األقل يمكنهم أن يتابعا‬ ‫دراستهما والحصول على عمل الئق ‪.‬‬ ‫في المغرب ال تشكل مدينة القصر الكبير‬ ‫استثناء حيث يقضي الشباب حياتهم في‬ ‫المقهى يتناولون كؤوس الشاي بورق النعناع‪،‬‬ ‫سألنا احد األشخاص ودائما يقولون لنا نفس‬ ‫الجواب‪ ،‬لن يعود هناك كثير من الشباب كلهم‬ ‫سيهاجرون إلى أوربا‪ ،‬ألن ليس هناك أي فرص‬ ‫الشغل هنا‪ ،‬هل شاهدت أي مصنع ؟ أي وحدة‬ ‫صناعية ؟ ‪ -‬بالطبع ال‪ .‬حقول فارغة فقط ‪ ،‬بما‬ ‫أن السكان ال يتوفرون على المال ال يمكنهم‬ ‫شراء أي شيء الناس هناك ال يستطيعون إشباع‬ ‫حاجاتهم ‪.‬‬ ‫أحياء هذه المدينة خاصة المهمشة‬ ‫منها هي مرتع الهجرة السرية وأيضا المناطق‬ ‫القروية المجاورة‪ ،‬صرح لنا نادل مقهى ‪ ،‬والذي‬ ‫كان يتخوف للحديث معنا باعتبارنا صحفيين‬ ‫أعطىلنا مثاال عن حياته حيث أوضح لنا بان‬ ‫هناك فرص قليلة جدا يمكن أن تتاح لك في‬ ‫هذا البلد‪ ،‬اآلباء يرسلون أبائهم إلى أوروبا‬ ‫من اجل الحصول على عيش الئق‪ ،‬قد قال لنا‬ ‫انه درس الفيزياء والكيمياء بالجامعة وها أنا‬ ‫ذا اشتغل نادال اخدم الزبائن طيلة اليوم‪ ،‬هل‬ ‫تجدين األمر طبيعيا ‪.‬‬ ‫داخل المقهى كان الرواد يشاهدون التلفاز‬ ‫حيث كانت تبت مباريات كاس األمم اإلفريقية‬ ‫وكان المغرب قد أقصي في الدور الثاني ‪ :‬هناك‬ ‫في المغرب ال تقدر المواهب لكي تنجح حياتك‬ ‫يجب عليك أن تغادر كما قال لنا احد الزبناء الذي‬ ‫كان يتابع حديثنا ‪.‬‬ ‫فجأة ظهرت مجموعة من المراهقين كانوا‬ ‫يرتدون أقمصة رياضية وسراويل قصيرة ‪.‬طلبوا‬

‫منا أن نصطحبهم معنا إلى اسبانيا وقالوا لنا‬ ‫بان جميع أصدقائهم في برشلونة‪ ،‬يضعون‬ ‫صورا بمواقع التواص االجتماعي تدل على‬ ‫أن حياتهم تغيرت إلى األحسن وهم يرتدون‬ ‫أحذية غالية وأيضا يرتادون المسابح‪ ،‬إنهم‬ ‫هناك لديهم كل شيء ونحن هنا ال نتوفر على‬ ‫أي شيء‪ ،‬وسألناهم عن استعدادهم لركوب‬ ‫قوارب الهجرة السرية‪ ،‬فأجابونا بنعم لدينا قلب‬ ‫من حديد ‪.‬‬ ‫هناك حي مهمش بالمدينة يسمى حي‬ ‫أوالد حميد يوجد بشمالها ال يتوفر على سوق‬ ‫وشوارعه غير معبدة ومنازله غير مكتملة‬ ‫البناء‪ ،‬الدجاج يتجول بحرية‪ ،‬األطفال يركضون‬ ‫ويطاردون الحيوانات‪ ،‬في سنة ‪ 2010‬جاءت‬ ‫كثير من العائالت التي تسكن المناطق المجاورة‬ ‫لتستقر هنا بأكواخ وبعد بدلها لمجهودات كبيرة‬ ‫استطاعت شيئا فشيئا أن تبني منازلها باألجور‪،‬‬ ‫و يالحظ قلة تواجد الشباب بهذا الحي‪.‬‬ ‫وقد صرحت لنا إحدى األمهات بأننا تعودنا‬ ‫على األخبار السيئة دائما ما نتوصل بأخبار عن‬ ‫انقالب أحد القوارب في البحر وموت أطفال‬ ‫ورجال لن نستطيع دفنهم أبدا ‪.‬‬ ‫هاته األحياء معروفة بتواجد شبكات‬ ‫الهجرة السرية حيث أصبح من المعتاد مشاهدة‬ ‫سيارات كبيرة تحمل الشباب قصد الهجرة‬ ‫السرية‪ ،‬اآلن أصبحت هذه المافيا تركز فقط‬ ‫على األطفال القاصرين وقالت لنا احدى النساء‬ ‫إننا مستعدين إلى أن نعطي المال من اجل‬ ‫أن نرسل أبنائنا إلى أوربا انه مشروع ناجح‬ ‫ومضمون ‪.‬‬ ‫* ساعدنا في ترجمــة المقــال من‬ ‫اإلسبانية إلى العربيـة األستاذ عبد اللطيف‬ ‫فنيد‪.‬‬

‫‪benrebouha01@gmail.com‬‬ ‫‪Tél : 0641794991‬‬

‫زيارة فضاء الذاكرة التاريخية للمقاومة‬ ‫والتحرير بالقصر الكبير من طرف جمعية األعمال‬ ‫االجتماعية للمسنين والمتقاعدين بالقصر الكبير‬

‫في سياق احتفـاالت الشعب المغربــي بالذكرى‬ ‫السادســة والستيــن لثورة الملك والشعب‪ ،‬التي‬ ‫يخلدها المغاربة‪ ،‬وفي طليعتهم نساء ورجال الحركــة‬ ‫الوطنيـــة والمقاومة وجيش التحرير‪ ،‬نظمت يوم‬ ‫الثالثاء ‪20‬غشت الجاري جمعية األعمال االجتماعية‬ ‫للمسنين والمتقاعدين بالقصر الكبير بدعوة من‬ ‫القيم على فضاء الذاكرة التاريخية للمقاومة والتحرير‬ ‫الدكتور خالد الصمدي زيارة إلى فضاء الذاكرة‬ ‫التاريخية للمقاومة وجيش التحرير بالمدينة وذلك‬ ‫من أجل ربط الصلة بين المؤسسة وجمعية األعمال‬ ‫االجتماعية للمسنين والمتقاعدين والعمل على نسج‬ ‫خيوط الترابط بين الحاضر والماضي ‪ ،‬والتذكير‬ ‫بأهمية القيمة التاريخية لهذا اليوم السعيد ذكرى‬ ‫ثورة الملك والشعب‪.‬‬ ‫وخالل هذا اللقاء تبادل الطرفان أطراف الحوار‬ ‫من خالل تدخالت الحاضرين والتي انصبت في‬ ‫مجملها حول ذكرى ثورة الملك والشعب ‪ ،‬واألنشطة‬

‫المرتبطة بذكرى معركة واد المخازن وأهميتها في‬ ‫فهم حقيقة تاريخنا المجيد وعراقة وأصالة اإلنسان‬ ‫المغربي وارتباطه الوثيق بأرضه وهويته‪ ،‬كما تطرق‬ ‫الجانبان إلى سبل تعزيز أواصر الصداقة وخلق‬ ‫جسور التعاون والشراكة بين فضاء الذاكرة التاريخية‬ ‫للمقاومة والتحرير وجمعية األعمال االجتماعية‬ ‫للمسنين والمتقاعدين بالقصر الكبير ‪ ،‬وقد شملت‬ ‫الزيارة– جولة برواق العرض الخاص بتاريخ الحركة‬ ‫الوطنية والمقاومة المسلحة وجيش التحرير معززا‬ ‫بشروحات مستفيضة حول المعروضات وصور‬ ‫لمقاومين ضحوا بأرواحهم وأموالهم في سبيل عزة‬ ‫الوطن واستقالله ‪.‬‬ ‫كما تقدم في الختام األستاذ محمد جناح رئيس‬ ‫جمعية األعمال االجتماعية للمسنين والمتقاعدين‬ ‫وأعضاء والمنخرطين الجمعية ‪ ،‬للقيم على فضاء‬ ‫الذاكرة التاريخية للمقاومة والتحرير بالقصر الكبير ‪،‬‬ ‫بالشكر على حفاوة االستقبال وكرم الضيافة ‪.‬‬

‫«دوكيسا” المتنفس الثقافي الجديد بالعرائش‬

‫في جو بهيج و بالقرب من حصن الفتح السعدي‬ ‫بمدينة العرائش‪ ،‬افتتح األستاذ أحمد الركالة بمعية‬ ‫ثلة من أصدقائه‪ ،‬الفضاء الثقافي الجديد بالمدينة‬ ‫الذي يحمل اسم « دوكيسا» جاء هذا المشروع الثقافي‬ ‫الهام ليثمن الذاكرة المشتركة ألبناء المدينة وزوارها‬ ‫وربطها بماضي العرائش العريق وتراثها الثقافي‬ ‫المتميز‪.‬‬ ‫كما يتوخى هذا الفضاء تقوية ملكة القراءة عبر‬ ‫آليات تحفيز و تشجيع الشباب‪ .‬كما يهدف إلى تقريب‬ ‫الباحثين والمهتمين من المراجع المغربية واألجنبية‬

‫وتمكينهم من المادة المصدرية‪ ،‬و يتكون هذا‬ ‫الفضاء من خزانة كتب قيمة ستكون موضوعة رهن‬ ‫إشارة القراء‪،‬و ثالث صاالت كل واحدة في طابق خاص‬ ‫‪.‬كما يزخر الفضاء بصور تاريخية للمدينة‪ ،‬وأخرى ألهم‬ ‫الشخصيات التي مرت منها في جميع الميادين (تاريخ‪،‬‬ ‫رياضة‪ ،‬أدب‪ ،‬مسرح‪ ،)..‬و يعتبر هذا الفضاء الثقافي‬ ‫متنفسا للفكر و اإلبداع واألدب والفن‪ ،‬ورغم صغر‬ ‫مساحته فهو مثقل بحمولة ترمز لذاكرة مدينة ككل‪.‬‬ ‫كما يسهم في توفير سكينة للقراء ممزوجة ببهاء‬ ‫شرفة أطلسية مطلة على جنبات المحيط‪.‬‬

‫القافلة الدولية للسالم تنطلق من مدينة العرائش‬

‫القصر الكبير‪ :‬التحقيق من طرف الفرقة الوطنية‬ ‫في عودة شخص توفي منذ ‪9‬سنوات‬ ‫حلت عناصر الفرقة الوطنية للشرطة‬ ‫القضائية يوم األحد ‪18‬غشت ‪ ،2019‬بمفوضية‬ ‫أمن القصر الكبير‪ ،‬وفتحت بتعليمات من الوكيل‬ ‫العام للملك رئيس النيابة العامة بالرباط‪،‬‬ ‫بحثا قضائيا للوقوف ميدانيا على وقائع شريط‬ ‫فيديو‪ ،‬جرى تداوله أخيرا على نطاق واسع‬ ‫بمواقع‪ ‬التواصل االجتماعي‪ ،‬وتضمن قضية‬ ‫مثيرة تتعلق بشاب ثالثيني عثرت عليه أسرته‬ ‫بمنطقة الشمال‪ ،‬بعد أزيد من تسع سنوات عن‬ ‫وفاته ودفن جثته بمقبرة الجماعة‪.‬‬ ‫وأفاد المصدر‪ ،‬أن محققي الفرقة الوطنية‪،‬‬ ‫التي تضم ضباطا أمنيين محنكين في مجال‬ ‫الجريمة‪ ،‬أجروا أبحاثا دقيقة ومركزة للكشف‬ ‫عن مالبسات هذه القضية‪ ،‬التي بدأت فصولها‬ ‫بمنطقة الغرب منذ حوالي ‪ 13‬سنة تقريبا‪،‬‬

‫وانتهت بالمنطقة الشمالية بإقليم العرائش‪،‬‬ ‫بعد أن اكتشفت أسرة قروية بدوار “طيايرة”‬ ‫بجماعة ارميالت (إقليم سيدي قاسم)‪ ،‬أن ابنها‬

‫“بنعيسى” الذي توفي في ظروف غامضة سنة‬ ‫‪ ،2011‬وتسلمت جثته داخل نعش مشمع ال زال‬ ‫حيا يرزق‪.‬‬

‫تم يوم اإلثنين ‪19‬غشت ‪ 2019‬عقد اجتماع‬ ‫تحضيري بالسفارة المغربية بمدريد‪ ،‬حضره كل من‬ ‫عبد اإلله احسيسن رئيس جماعة العرائش ‪ ،‬و عبد‬ ‫اإلله بنصر رئيس جمعية ابناء العرائش بالمهجر‬ ‫بمدريد وخديجة الشاوي الكاتبة العامة والمنسقة‬ ‫العامة لجمعية أبناء العرائش بالمهجر بمدريد وأحمد‬ ‫خاللة المستشار الجماعي وعضو غرفة الصناعة‬ ‫التقليدية بالعرائش ‪ ،‬وكذا أعضاء من المنظمة‬ ‫الدولية للسالم العالمية‪.‬‬ ‫تم خالل هذا االجتماع مدارسة اإلمكانيات وبحث‬ ‫السبل الكفيلة من أجل االرتقاء وإنجاح القافلة العالمية‬ ‫للسالم التي اختير لها شعار « ال للعنف ‪ ،‬نعم للسالم‬ ‫« والتي ستكون انطالقتها من مدينة العرائش عبورا‬

‫لتراب المملكة ابتداء من يوم ‪ 9‬أكتوبر ‪. 2019‬‬ ‫كما سيبدأ برنامج التظاهرة اإلنسانية باستقبال‬ ‫الوفود المشاركة بساحة التسامح بالعرائش يوم‬ ‫‪ 8‬اكتوبر‪ ، 2019‬وستعطى إشارة االنطالقة يوم‬ ‫‪ 9‬أكتوبر نحو مدينة العيون‪ ،‬لتصل إلى موريطانيا‬ ‫وتستمر الجولة حول العديد من مدن العالم لتحط‬ ‫القافلة في النهاية بمدينة مدريد اإلسبانية يوم‬ ‫‪ 8‬مارس ‪ 2020‬الذي يصادف تخليد اليوم العالمي‬ ‫للمرأة‪.‬‬ ‫كما تعتبر الغاية من وراء تنظيم هذه القافلة‬ ‫اإلنسانية‪ ،‬والتي تعد مبادرة عالمية تكريسا‬ ‫لتمظهرات التسامح وترسيخا لقيم السالم والمحبة‬ ‫واإلخاء بين الشعوب والديانات ‪.‬‬


‫الثالثـاء ‪� 03‬إلى ‪� 09‬شتنرب ‪2019‬‬

‫العدد ‪1009‬‬

‫نظامنا التعليمي المهترئ‬

‫بقلم ‪ :‬الدكتور‬

‫عبد الحق بخـات‬

‫‪8‬‬

‫?‬

‫هل تكفي إعادة إدراج اللغة‬ ‫الفرنسية إلخراج المدرسة‬ ‫المغربية من دوامة الفشل‬

‫التعليم محرك أساسي للتنمية‪ .‬إنه المعيار الذي نحكم من خالله‬ ‫قيمة األوطان‪ ،‬وهو أيضا مرآة المجتمع‪ ،‬لننطلق من حقيقة أن «التعليم‬ ‫ليس أولوية ‪ ،‬بل إنه األولوية! »‬ ‫لعقود من الزمن احتل المغرب مرتبة متدنية في مجال التعليم‪،‬‬ ‫حيث صنفته اليونسكو في المرتبة ‪ 143‬من بين ‪ 164‬دولة‪.‬‬ ‫رغم سلسلة من اإلصالحات في هذا المجال‪ ،‬وتخصيص ‪ ٪ 5.4‬من‬ ‫الناتج الوطني اإلجمالي (‪ )GNP‬لنفقات غير مجدية وغير فعالة‪ ،‬تحصد‬ ‫المملكة الفشل تلو الفشل بسبب غياب تخطيط صارم وخبراء حقيقيين‪،‬‬ ‫علما بأن إن نظامنا التعليمي الفاشل هذه كان في حالة طوارئ منذ عدة‬ ‫سنوات‪ ،‬وكان موضوع نقاشات معمقة في كثير من األحيان‪ ،‬لكنها تكون‬ ‫محكوما عليها بالجمود‪ ،‬ألنه نادراً ما يتم االستئناس باألشخاص األكثر‬ ‫أهلية للحديث في هذا الموضوع الحساس عنهم أو وضعهم في دائرة‬ ‫الضوء‪.‬‬ ‫تكمن إحدى المشكالت في حقيقة أن البعض ما يزال يعتقد أن‬ ‫واق للهوية‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬فإن شريحة كبيرة من المغاربة‬ ‫التعريب درع ٍ‬ ‫الذين يشكلون النخبة في البالد هم فرنكفونيون‪ ،‬دون أن يمنعهم‬ ‫ذلك من أن كانوا يحظون باحترام عبر التاريخ وضمن وسطهم الثقافي‬ ‫المغربي‪ .‬خاصة وأن اللغة الفرنسية هي بال شك جزء من تاريخ المغرب‬ ‫الحديث‪ ،‬وبالتالي فهي تشكل جز ًءا من هويته‪.‬‬ ‫من خالل تجاهل أو التظاهر بتجاهل هذا الواقع ‪ ،‬فإننا نقع في‬ ‫االنفصام‪.‬‬ ‫في الواقع‪ ،‬مع الحفاظ بوضوح على اللغات المتداولة التي هي اللغة‬ ‫العربية واألمازيغية‪ ،‬سيواجه التعليم في المغرب لزاما تحديات جديدة‪،‬‬ ‫بما في ذلك التكيف مع العولمة والحداثة‪ ،‬مما يستلزم بالضرورة االنفتاح‬ ‫على اللغات التفاعلية األخرى مثل الفرنسية واإلنجليزية‪ .‬هذا ما سيجعل‬ ‫من الممكن تجسير العالقات مع الغرب‪.‬‬ ‫تجدر اإلشارة إلى أن المغرب‪ ،‬في مرحلة معينة‪ ،‬تمكن من بناء هذا‬ ‫الجسر‪ ،‬لكن أقلية مميزة فقط هي التي تمكنت من اقتناصه‪.‬‬ ‫األمر المربك اليوم هو أن التعليم العالي مستمر‪ ،‬دون أي خالف‪،‬‬ ‫في التدريس باللغة الفرنسية دون أي اعتراض‪ ،‬غير أن هذا يخلق فجوة‬ ‫للطالب الذين درسوا بشكل شبه حصري باللغة العربية في المدارس‬ ‫العمومية االبتدائية و الثانوية‪.‬‬ ‫باختصار‪ ،‬ثنائية اللغة أو ثالثيتها‪ ،‬هي أولوية وليست خيارًا‪ ،‬ويجب‬ ‫تدريس اللغة الفرنسية وأيضًا اللغة اإلنجليزية بنفس الطريقة التي‬ ‫يتم بها تدريس اللغة العربية واألمازيغية في المدرسة العمومية‪ .‬إنها‬ ‫الطريقة الوحيدة لرفع مستوى وجودة التعليم للجميع على نطاق واسع‪.‬‬ ‫إنها أيضًا طريقة الوصول إلى سوق العمل‪ ،‬حيث تعد ثنائية اللغة‬ ‫معيارًا أساسيًا لالنتقاء في عالم المقاوالت‪ ،‬حيث يتمتع الفرانكفونيون‬ ‫واألنجلفونيون بفرص أكثر من نظرائهم المعربين الذين ينتقون‬ ‫لوظائف دونية‪.‬‬ ‫وبالتالي فإن التعادل الحقيقي في الفرص ينبغي أن يتم عن طريق‬ ‫االندماج الكامل للغات التفاعلية في نظام التعليم المغربي‪ ،‬الذي أصبح‬ ‫اليوم آلة صدئة للغاية‪.‬‬ ‫إال أنه من خالل تراكم الفشل واإلصالحات غير المجدية‪ ،‬فإننا نميل‬ ‫إلى االعتقاد بأن التغيير العميق في نظام التعليم لن يحصل في أقرب‬ ‫اآلجال‪ ،‬وهنا تكمن شرعية طرح السؤال التالي‪ « :‬هل إعادة إدخال اللغة‬ ‫الفرنسية كافية إلخراج المدرسة المغربية من دوامة الفشل؟»‪.‬‬ ‫المزيد‪ ،‬والمزيد من المغاربة‪ ،‬الذين لديهم الموارد الالزمة‪ ،‬يدرسون‬ ‫أطفالهم في المدارس الفرنسية أو اإلسبانية وحتى األمريكية أو المدارس‬ ‫الخاصة‪ .‬يبحث اآلباء عن فرص أفضل ألبنائهم‪ ،‬وعن مستقبل أكثر ضمانا‪ ،‬هربًا‬ ‫من حاالت الفشل العديدة التي يتخبط فيها نظامنا التعليمي العمومي‪..‬‬ ‫ومن المفارقات أن الدولة التي تكرس ‪ 46‬مليار درهم لقطاع التعليم تشجع‬ ‫على وصول مجموعات المدارس الخاصة‪ ،‬ال سيما من خالل الحوافز الضريبية‪.‬‬ ‫وهكذا‪ ،‬تزدهر المدارس الخاصة كل عام تقريبًا‪ ،‬وفي كل مكان بمدننا‪،‬‬ ‫حيث تقدم دروسًا من مرحلة ما قبل المدرسة إلى الباكالوريا‪ ،‬وتنفق األسر ‪30‬‬ ‫‪ ٪‬أو حتى ‪ 40٪‬من دخلها الضئيل لتعليم أطفالها‪ ،‬على الرغم من حقيقة أن‬ ‫المدرسة العمومية مجانية‪ ،‬وعلى الرغم من أن هذه الرسوم الدراسية ال يمكن‬ ‫الوصول إليها بالنسبة لغالبية السكان‪.‬‬ ‫تقدم المدارس الخاصة دروسا ثنائية اللغة بجودة عالية‪ ،‬بل وبثالث لغات‬ ‫منذ المرحلة االبتدائية‪.‬‬ ‫باإلضافة إلى ذلك‪ ،‬يعد التعليم الخاص أكثر جاذبية للمدرسين الذين‬ ‫يحصلون على رواتب امتيازية مقابل ذلك‪ ،‬إلى جانب حقيقة أنهم يختتمون‬ ‫نهايات الشهر بشكل مريح بفضل الدروس الخاصة التي يتم تقديمها في‬ ‫المنازل‪.‬‬ ‫األمثل‪ ،‬الذي هو في الوقت الراهن نوع من «اليوتوبيا»‪ ،‬هو إنشاء مدارس‬ ‫عمومية إلزامية ومجانية في جميع أنحاء األراضي المغربية‪ ،‬والقضاء على انتشار‬ ‫المؤسسات الخاصة‪ ،‬أو على األقل كبحها‪ .‬يجب أن تتضمن عملية إصالح النظام‬ ‫التعليمي «المكون من مستويين» تنسيق المناهج الدراسية‪ ،‬واعتماد سياسة‬

‫تسمح للمدارس العمومية باالستفادة من جودة معادلة للتعليم الخاص‪،‬‬ ‫من خالل وجود هيئة تدريس مؤهلة‪ ،‬وبتكوين تربوي جيد‪ ،‬وباعتماد الكتب‬ ‫المدرسية عالية الجودة‪ ،‬بد ًال من المناهج الدراسية الجامدة‪ ،‬وغير المسايرة‪،‬‬ ‫والتي تحول دون تحقيق تقدمنا المأمول بعقلية منفتحة‪ ،‬وتكف عن ان تظل‬ ‫مسرحا للصراعات األيديولوجية‪ ،‬والتزمت‪ ،‬والمآرب الميكافيلية‪.‬‬ ‫كما سبق أن أوضحنا بإسهاب في توضيحاتنا السابقة‪ ،‬فإن هذا الموقف هو‬ ‫نتيجة لسياسة تعريب التعليم المفروضة منذ ثالثين عامًا من قِبل حزب سياسي‬ ‫تقليدي‪ ،‬تعاطى مع األمر بحسابات إيديولوجية ضيقة‪ ،‬غرضها الحقيقي تأهيل‬ ‫نخبه التي تدرس بالخارج على حساب أبناء الشعب المغربي البسطاء ‪ ،‬وبهدف‬ ‫مسكوت عنه‪ ،‬وهو احتكار مواقع القيادة والقرار على مستويات مختلفة من اإلدارة‬ ‫وشؤون البلد‪.‬‬ ‫وحتى ال نسمي الحزب االستقاللي هذا‪ ،‬والذي أفلح إلى اليوم في استقطاب‬ ‫عدد من أعضاء الحزب اإلسالمي إلى أطروحته‪ ،‬فإنه يواصل المناورة من خالل‬ ‫وضع الحواجز أمام إصالح قطاع التعليم في المغرب‪.‬‬ ‫هل سنستمر في التساؤل عن أسباب ذلك؟‬ ‫األمر حقيقة قائمة بذاتها أن هذا الوضع الكارثي كانت له عواقب وخيمة‪،‬‬ ‫وتسببت في العديد من الشرور التي آذت المجتمع المغربي‪ :‬صناعة العطالة‪،‬‬ ‫تعزيز انعدام األمن والعنف‪ ،‬تنامي ظاهرة تطور التطرف الديني‪ ،‬هجرة األدمغة‪،‬‬ ‫غياب الوعي السياسي‪ ،‬الجهل بالحقوق والواجبات المدنية‪ ،‬وعدم المساواة‬ ‫االجتماعية التي عادة ما تؤدي إلى عدم االستقرار واالحتجاجات الشعبية‬ ‫المتواصلة‪ ،‬و أمور أخرى‪.‬‬ ‫من وجهة نظر «األنتليجنسيا» المستنيرة‪ ،‬أصبح التعليم موضوعًا ذا أولوية‬ ‫بالنسبة إلى التغيير الحقيقي واإلصالح الفعال‪ .‬وهكذا‪ ،‬بعد عدة سنوات من‬ ‫النقاش‪ ،‬اعتبر التعريب‪ ،‬أو حتى اللغة العربية كخيار وحيد‪ ،‬السبب الرئيسي‪ ،‬وبال‬ ‫منازع‪ ،‬في فشل المدرسة المغربية‪.‬‬ ‫كان علينا انتظار التصريح الواضح لخطاب العرش يوم ‪ 30‬يوليوز ‪2019‬‬ ‫حتى نعرف من جاللته بأن‪« :‬إصالح التعليم ينبغي أن ينأى عن كل أنانية‪ ،‬وعن‬ ‫كل الحسابات السياسية التي تهدد مستقبل األجيال الصاعدة‪ ،‬تحت ذريعة حماية‬ ‫الهوية»‪.‬‬ ‫رسالة صارخة وواضحة لمروجي التعريب بشكل عام‪ ،‬الذين حرصت الغالبية‬ ‫العظمى منهم على عدم إرسال أطفالهم إلى النظام التعليمي العمومي‪ ،‬مفضلين‬ ‫إرسالهم إلى الخارج للدراسة هناك‪.‬‬ ‫انطال ًقا من هذه الرسالة الملكية‪ ،‬بدأ التحول بشكل جدي‪ ،‬من خالل إثارة‬ ‫التساؤل حول سياسة التعريب الكارثية التي تم تنفيذها كرها في الثمانينيات‪،‬‬ ‫وتم تحديدها أخيرًا‪ ،‬بعد مرور ‪ ​​ 30‬عامًا‪ ،‬كأحد األسباب الرئيسية في فشل‬ ‫المدرسة‪ ،‬والتي وصلت إلى مستوى أقل من البلدان الفقيرة في أفريقيا‪.‬‬ ‫وهكذا‪ ،‬اتخذ مجلس الوزراء برئاسة جاللته في ‪ 10‬فبراير ‪ 2016‬قرارًا‬ ‫صادمًا فيما يتعلق بالسياسة التعليمية في المغرب‪ :‬سيتم اآلن تدريس المواد‬ ‫العلمية باللغة الفرنسية ‪ ،‬وسيتم تدريس هذه اللغة من السنة األولى من‬ ‫المدرسة االبتدائية كما ستعتمد اللغة اإلنجليزية ابتداء من السنوات الدراسية‬ ‫المبكرة‪.‬‬ ‫وبالموازاة‪ ،‬هناك حاجة ملحة إلصالحات بعيدة المدى متعلقة بتكوين‬ ‫األساتذة وتجديد المناهج الدراسية‪.‬‬ ‫ويعتقد أيضا أنه في عصر اإلنترنت ‪ ،‬يجب أن تكون أداة الكمبيوتر أيضا‬ ‫مميزة‪.‬‬ ‫وهكذا قرر المغرب منذ ثالثين عاماً من التعريب غير المنتج بالعودة إلى‬ ‫اعتماد اللغتين الفرنسية واإلنجليزية‪ ،‬مع إدراك كامل لحتمية هاتين اللغتين في‬ ‫ضمان مستقبل البالد وشبابه‪.‬‬ ‫وفي هذا السياق ‪ ،‬وُلد القانون اإلطار رقم ‪ 51-17‬بخصوص دفن التعريب‪.‬‬ ‫وعلى الرغم من معارضة حزب االستقالل صحبة مجموعة من اإلسالميين‬ ‫المنتمين لحزب العدالة والتنمية بقيادة عبد اإلله‪ ،‬فقد تم التصويت على هذا‬ ‫القانون باألغلبية في البرلمان‪.‬‬ ‫على الفور‪ ،‬وربما مبكرا جدًا‪ ،‬بدأنا بالحديث عن «ظهور مدرسة منصفة‬ ‫تتمتع بالمساواة في الفرص‪ ،‬مدرسة للتميز واالنفتاح‪ ،‬والتقدم االجتماعي »‪.‬‬ ‫وبحذر قليل‪ ،‬يمكننا القول أنه بالفعل‪ ،‬ولربما لسنوات‪ ،‬تم استشعار األمر‬ ‫من خالل محاوالت اإلصالح التي عرفتها المنظومـة‪ :‬الميثـاق الوطني للتعليم‬ ‫(‪ )2005-1999‬والبرنامج االستعجالي للتعليم (‪)2012-2009‬؛ والرؤية‬ ‫االستراتيجية لإلصالح (‪ )2030-2015‬التي وضعها المجلس األعلى للتعليم‪.‬‬ ‫باختصار‪ ،‬مئات الصفحات من التقارير والتقييمات من جميع األنواع خصصت‬ ‫إلصالح نظام التعليم‪ .‬غير أنه حتى اآلن‪ ،‬ال شيء مقنع ح ًقا من حيث النتائج‪.‬‬ ‫كل هذا يسمح لنا بأن نتساءل حول ما إذا كانت إعادة اعتماد اللغة الفرنسية‬ ‫سيكون كافيا إلخراج المدرسة المغربية من دوامة الفشل؟ »‪.‬‬ ‫لنكن متفائلين ‪!...‬‬

‫قطرات مداد‬ ‫ُ‬ ‫• محمد إمغران‬

‫هؤالء هم األموات‬ ‫ويجب التعجيل بدفنهم‬ ‫قضية الشاب بنعيسى الذي توفي منذ تسع سنوات‬ ‫وشيع أهله جنازته بدوار كائن بسوق أربعاء الغرب‪ ،‬ثم‬ ‫عاد إلى الحياة مرة أخرى‪ ،‬تستحق أن ينجزلها فيلم‬ ‫سينمائي أو مسلسل تلفزيوني‪ ،‬لتعرية الواقع المر‬ ‫ولتوثيق ما يجري في مغرب اليوم من أعمال اإلجرام‬ ‫والتسيب والفوضى والتحدي‪ ،‬بناء على قوة المال وسحر‬ ‫الرشوة وغطرسة النفوذ‪ ،‬أعمال تحيي وتميت‪ ،‬إن جاز‬ ‫القول‪ ،‬كما وقع لهذا الشاب الذي تداولت‪ ،‬مؤخرا‪ ،‬مختلف‬ ‫وسائل اإلعالم قصته الدرامية‪ ،‬بل والمأساوية‪.‬‬ ‫وتعود تفاصيل القضية باختصارإلى أن الشاب‬ ‫«بنعيسى» كان حصل على فرصة عمل بضيعة فالحية‬ ‫بدوار سيدي بجاج ـ أربعاء الغرب سنة ‪ ،2007‬ومن سوء‬ ‫حظه أنه بعد عشرة أيام فقط تمر على شروعه في‬ ‫العمل‪ ،‬عاين جريمة قتل استهدفت مستخدما بالضيعة‬ ‫ذاتها‪ ،‬بعد أن ضربه ابن الباطرون بواسطة حديدة على‬ ‫مستوى الرأس عجلت بوفاته‪ ،‬وبقدرة قادر‪ ،‬خضعت هذه‬ ‫الجثة لإلجراءات المعمول بها‪ ،‬تحت اسم «بنعيسى» الذي‬ ‫الزال حيا يرزق‪ ،‬ثم وضعت بداخل ثابوت قبل تشميعه‬ ‫وتسليمه ألهل الميت من طرف المصالح األمنية بسوق‬ ‫األربعاء‪ ،‬مع تقرير طبي وإذن بالدفن وكذا المالبس التي‬ ‫تم خلعها عن الشاب «بنعيسى» الحي دائما‪ ،‬لتمويه‬ ‫ذويه بأنه فعال فارق الحياة وأن جثته بداخل الثابوت‬ ‫هي حقيقة الغبار عليها‪.‬وهكذا شيعوا وأبناء الدوارجنازته‬ ‫وبكوه بحرقة وألم‪.‬بينما بنعيسى وألنه عاين الجريمة‬ ‫وخوفا من أن يفضحها‪ ،‬قرر الباطرون ترحيله إلى منطقة‬ ‫نائية مجهولة وهو معصب العينين‪ ،‬وسجنه بداخل‬ ‫إسطبل لألغنام واألبقار‪ ،‬تحت حراسة مشددة‪ ،‬وهناك‬ ‫ذاق الجوع والتعذيب كلما طالب بإطالق سراحه‪ ،‬لكن‬ ‫مع مرور السنوات تأقلم «بنعيسى» مع األجواء‪ ،‬خاصة‬ ‫وأن مالك اإلسطبل صاريضع فيه بعضا من الثقة ويمنحه‬ ‫قليال من الحرية والتحرك‪ ،‬األمرالذي ساعد «بنعيسى»‬ ‫على نسج عالقة صداقة وتعارف مع شخص بالمنطقة‪،‬‬ ‫حيث باح له بقصته وطلب منه مساعدته‪ ،‬فكان هذا‬ ‫األخير هو من فرقع «الرمانة» وبجهوده المضنية‪،‬‬ ‫تمكن من الوصول إلى دوار أسرة «بنعيسى» وحكى‬ ‫لها كل شيء‪.‬طبعا لم يصدقوا في بداية األمر‪ ،‬قبل أن‬ ‫ينتقلوا إلى عين المكان ويحدثوا فوضى من أجل رؤية‬ ‫ابنهم المختطف والمختفي قسرا والذي عاد معهم إلى‬ ‫البيت‪ ،‬بتدخل من رجال الدرك بالمنطقة الذين أنجزوا‬ ‫محاضر قانونية في الموضوع ‪ ،‬لكن مع مرور الوقت‬ ‫لم يتم عرضها على النيابة العامة‪ ،‬ألن المال والرشوة‬ ‫والنفوذ عوامل تستعصي في الكثيرمن األحيان على‬ ‫طالبي الحقوق من دراويش مغرب اليوم‪.‬ورغم أن أسرة‬ ‫«بنعيسى» وجهت العديد من الشكايات لفتح تحقيق‬ ‫في هذه القضية وتحركت ألكثر من ثالث سنوات بين‬ ‫محاكم القنيطرة والقصر الكبيروسوق أربعاء الغرب‪،‬‬ ‫طلبا إلنصافها‪ ،‬إال أن شيئا لم يتحقق لهم‪ ،‬بفعل أموات‬ ‫الضمائرالذين يتحركون بيننا ويقررون في أرزاق ومصائر‬ ‫العباد‪ ،‬يحيون ويميتون وبجرة قلم يحكمون كيفما شاؤوا‬ ‫ومتى شاؤوا‪.‬‬ ‫لكن الروح عزيزة عند اهلل‪ ،‬حيث تحركت‪ ،‬مؤخرا‪،‬‬ ‫النيابة العامة وأعطت تعليماتها للفرقة الوطنية للشرطة‬ ‫القضائية لمعاجلة هذه القضية‪ ،‬بما في ذلك مسألة‬ ‫استخراج الجثة للتعرف على هوية صاحبها الذي ليس إال‬ ‫مستخدما بالضيعة المشارإليها والذي تم قتله تحت اسم‬ ‫«بنعيسى» الحي‪ ،‬بآالم جسدية ونفسية فرضت عليه‪.‬‬ ‫وهي فرصة كذلك للوصول إلى مجموعة من األموات‬ ‫الذين يعيشون بيننا‪ ،‬أموات الضمائر والقلوب والقيم‬ ‫الرفيعة‪ ،‬المنتشرين في مختلف مناصـــب المسؤوليـــة‪،‬‬ ‫كبيرا وصغيرا‪ ،‬أموات يجب اإلسراع بدفنهم‪ ،‬إكراما لهم‪،‬‬ ‫رغم أنهم اليستحقون ال إكرام وال»زفت»‪.‬‬


‫امللحق القانوين‬

‫‪9‬‬

‫العدد ‪ 1009‬ـ الثالثاء ‪ 03‬إلى ‪ 09‬شتنبر ‪2019‬‬

‫الملك محمد السادس يضع معالم المرحلة الجديدة‪...‬‬ ‫رؤى وانتظارات‬ ‫حوار مع‬

‫المحلل السياسي محمد بودن‬ ‫حاوره ‪ :‬محمد البوشوكي‬

‫محمد بودن‬ ‫• كيف تابعتم مضامين الخطاب الملكي‬ ‫بمناسبة الذكرى ‪ 20‬لعيد العرش ؟‬ ‫مثل الخطاب الملكي بمناسبة الذكرى ‪20‬‬ ‫لعيد العرش لحظة لتجديد العهد بين الملك‬ ‫والشعب وتعزيز أسس التعاقد بينهما‪،‬بحيث‬ ‫يعد الخطاب الملكي أكثر من وقفة سنوية‬ ‫للتأمل فيما تحقق بل انه خطاب يؤسس‬ ‫لمقومات المرحلة القادمة التي يجب ان يصنع‬ ‫فيها المغرب قوة دفع نحو االمام ويتخلص مما‬ ‫يمكنه أن يجر البلد نحو الخلف‪.‬‬ ‫إذا أردنا ان نضع تقسيما للمراحل التي‬ ‫مر بها حكم جاللة الملك محمد السادس نجد‬ ‫أن المرحلة األولى وتهم العشرية األولى كانت‬ ‫مرحلة تأسيس العهد الجديد بينما تميزت‬ ‫المرحلة الثانية التي تهم العشرية الثانية‬ ‫بتبني االختيارات الكبرى أما المرحلة الثالثة التي‬ ‫انطلقت بخطاب العرش ‪ 29‬يوليوز ‪ 2019‬فإنها‬ ‫ستكون مرحلة السرعة القصوى‪.‬‬ ‫إن الدولة المغربية مقبلة على مرحلة‬ ‫جديدة قوامها إعادة البناء وعنوانها األبــرز‬ ‫اإلقالع الجديد للحد من الفوارق بين الفئات‬ ‫والجهات وتحسين ظروف عيش المغاربة‪.‬‬ ‫فالرؤية التي وضعها جاللــة الملك في‬ ‫خطابه تجمع بين النظرة المستقبلية والتدابير‬ ‫العملية والفكر الواقعي وستمكن المغاربة‬ ‫من تجاوز التحديات التي تحول بينهم وبين‬ ‫طموحاتهم‪.‬‬ ‫إن المرحلــة المقبلــة ستوفـر إمكانيات‬ ‫مهمة كما انها محاطة بشبكة أهداف واضحة‬ ‫المعالم تتمثل في تحقيق كل ما تم التخطيط‬ ‫له من أجل تطوير البلد وزيادة سرعته التنموية‬ ‫واالرتقاء به لمصاف الدول المتقدمة‪،‬وفي هذا‬ ‫اإلطار يتبين بوضوح أن الدولة مقبلة على‬ ‫إعطاء الفرصة لجيل جديد من النخب والكفاءات‬ ‫واجراء تعديالت هامة ستشمل الحكومة‬ ‫وسيمتد التغيير للهيآت السياسية واالقتصادية‬ ‫وعدد من المؤسسات‪.‬‬ ‫إن السبيل لمستقبل زاهر يرتكز باألساس‬ ‫جعل اإلنسان محورا للدولة وفق رؤية شمولية‬ ‫وهذا من صميم الخيط الناظم للنموذج‬ ‫التنموي الذي ستتم صياغته من طرف لجنة‬ ‫ملكية‪،‬إلحداث القفزة النوعية الالزمة التي‬ ‫يطالب بها الشعب المغربي وخاصة األجيال‬ ‫الشابة‪،‬فإذا كان المغرب قد حقق نتائج مهمة‬

‫على مستوى البنيات واألوراش الكبرى وحافظ‬ ‫على استقراره في ظل إقليم مضطرب وتقدم‬ ‫في في سهولة ممارسة األعمال فإن التحديات‬ ‫االجتماعية مثلت مؤثرا حقيقيا على هذه الوثبة‬ ‫الكبرى للمغرب‪،‬فالتحديات االجتماعية التي‬ ‫يجب التعامل معها تتمثل في خفض نسبة‬ ‫البطالة وتشغيل الشباب وتحقيق العدالة‬ ‫االجتماعية والمجالية ووتحسين ظروف عيش‬ ‫ساكنة العالم القروي وتوفير وتعميم الرعاية‬ ‫الصحية وتطوير منظومة التعليم والتربية‬ ‫والتكوين ودعم القدرة الشرائية للمواطن‬ ‫وتوفير السكن الالئق‪.‬‬ ‫على مستوى السياسة الخارجية يتبين أن‬ ‫الحصيلة تختزن إنجازات كبرى عززت اإلشعاع‬ ‫الدولي للمغرب وفيما يتعلق بملف الصحراء‬ ‫المغربية جاء الخطاب الملكي ليؤكد الثوابت‬ ‫التي بني عليها الموقف المغربي وتتمثل في‬ ‫عدم إمكانية إيجاد حل للخالف اإلقليمي خارج‬ ‫السيادة المغربية ومبادرة الحكم الذاتي عالوة‬ ‫على المسار االممي كمسار حصري و المرجعية‬ ‫المتمثلة في قرارات مجلس األمن‪،‬أما فيما‬ ‫يتعلق بالعالقات المغربية الجزائرية فالخطاب‬ ‫الملكي جاء في مستوى امال الشعبين وعكس‬ ‫حرارة األجواء التي طبعت تعاطف المغاربة مع‬ ‫فوز المنتخب الجزائري بكأس أمم أفريقيا وكأنه‬ ‫فوز للشعب المغربي‪.‬‬ ‫إن الخطاب الملكي عكس بدقة العبارة‬ ‫الدارجة المتداولة بين المغاربة والجزائريين‬ ‫«خاوة‪-‬خاوة» واكد ان المغرب ينظر للعالقات‬ ‫المغربية الجزائرية نظرة عميقة تستحضر الدم‬ ‫المشترك والمصير المشترك وأنها عالقات يجب‬ ‫أن تنطلق نحو المستقبل برصيدها التاريخي في‬ ‫ظل الدعوات العالمية والتجارب الدولية التي‬ ‫نجحت بتغليب االنفتاح على االنعزال والتكتل‬ ‫على الفردانية والوحدة على اإلنفصال‪.‬‬ ‫• ما هي الرسائل التي طبعت تسمية فوج‬ ‫الضباط الخريجين باسم األستاذ عبد الرحمان‬ ‫اليوسفي ؟‬ ‫قد ال اتوفق في تقديم جواب دقيق عن‬ ‫هذا السؤال لكن أود ان أشير إلى أن شخصية‬ ‫عبد الرحمان اليوسفي استقرت حولها صورة‬ ‫استثنائية في ذهن عدد كبير من المغاربة‪،‬‬ ‫وإطالق جاللة الملك محمد السادس إلسم‬ ‫الرجل على فوج الضباط المتخرجين في الذكرى‬

‫‪ 20‬لعيد العرش يؤكد هذه الصورة‪،‬والمؤكد أن‬ ‫مثل هذه المبادرات ال تتكرر دائما ولها أبعاد‬ ‫ثقافية وإنسانية وسياسية ومستقبلية‪،‬فعلى‬ ‫المستوى الثقافي فشخصية األستاذ عبد‬ ‫الرحمان اليوسفي تمثل قدوة ونموذجا وجب‬ ‫استلهام أسلوبه من طرف النخب الوطنية‪.‬‬ ‫أما على المستوى اإلنساني فيمكن القول‬ ‫ان جاللة الملك محمد السادس قد قام بتقبيل‬ ‫رأس اليوسفي مجددا على طريقته الخاصة‬ ‫وعبر عن تقديره الكبير لهذه الشخصية‬ ‫الوطنية‪،‬وفيما يخص المستوى السياسي يتبين‬ ‫أن جاللة الملك يحن للمرحلة السياسية التي‬ ‫شهدت تأسيسا للعهد الجديد الذي ساهم فيها‬ ‫عبد الرحمان اليوسفي وشهد لحظة انتقال‬ ‫الحكم من الملك الراحل الحسن الثاني إلى‬ ‫الملك محمد السادس‪.‬‬ ‫والرسالة الكبرى لهذا التكريم االستثنائي‬ ‫تتجلى في كون أن اليوسفي مثل موضع فخر‬ ‫لألمة المغربية وتقاسم الكثير من اللحظات‬ ‫القوية مع الملكين الحسن الثاني ومحمد‬ ‫السادس‪ ،‬وأعتقد أن مثل هذه التكريمات ال‬ ‫تتعلق بما حققه الرجل من إنجازات‪ ،‬فقد يحصل‬ ‫أن ال تحقق مثل هذه الشخصيات الوطنية‬ ‫إنجازات كبرى لعدة اسباب ‪،‬او قد تكون قامت‬ ‫بجهود لم يكتب لها النجاح لكن المؤكد أن‬ ‫صدقها وصبرها وبصمتها هو العامل الحاسم‬ ‫في نيلها لهذه المكانة االستثنائية‪.‬‬ ‫المعاني السياسية تتجلى في حاجة‬ ‫المغرب ألمثال هذا النموذج الذي يمثل رجل‬ ‫دولة حقيقي والواقع أن المغرب يحتاج لرجال‬ ‫دولة كثر وليس لسياسيين كثر ألن الفرق‬ ‫كبير بين رجل الدولة والسياسي‪،‬فرجل الدولة‬ ‫يحرص على مصلحة الوطن وله قدرة على‬ ‫اتخاذ القرار الصعب من أجل صالح عام مقرر‬ ‫وهذا ما فعله اليوسفي في لحظات من حياته‬ ‫سواء في عهد الملك الحسن الثاني وكذلك في‬ ‫عهد الملك محمد السادس ‪ ،‬أما السياسي فهو‬ ‫الذي يسعى إلى السلطة ومنافعها وقد يبحث‬ ‫عن مبررات كثيرة من أجل البقاء لفترة طويلة‪.‬‬ ‫األستاذ عبد الرحمان اليوسفي بذرة يجب‬ ‫ان تنبت مجددا في التربة السياسية للمغرب‪،‬من‬ ‫أجل توطيد الثقة في الحياة السياسية‪،‬فاألمة‬ ‫الحية القوية هي التي تنجب رجال دولة من‬ ‫الطراز الرفيع الذين يقبلون بقاعدة التعاقب‬ ‫على المهام والمسؤوليات الوطنية ويقبلون‬ ‫باقتعادهم لمقعد مسؤول سابق التي تفرضها‬ ‫القواعد الديمقراطية ودوران األجيال والنخب‬ ‫ويتنافسون على األخالق السياسية والخطاب‬ ‫السياسي المسؤول بدل البحث عن تسجيل‬ ‫النقاط وتمييع المشهد السياسي واغراقه في‬ ‫السطحيةوالثقافةالسياسوية‪.‬‬ ‫في الواقع ال يمكن فصل الوزير االول‬ ‫االسبق عن انتمائه وتسجيل الكاتب األول‬ ‫لحزب االتحاد االشتراكي للقوات الشعبية‬ ‫سابقا السمه في سجالت التاريخ الوطني مفيد‬ ‫لحزبه معنويا رغم عدم وجود ارتباط تنظيمي‬ ‫حالي بين الحزب واليوسفي ‪،‬وال شك أن الحزب‬ ‫سيبحث عن استثمار هذه المكانة االستثنائية‬ ‫التي بلغها اليوسفي لمصلحته‪،‬وهذا واضح من‬ ‫خالل الدينامية المكثفة للحزب حيث قام إدريس‬ ‫لشكر واعضاء من المكتب السياسي بزيارة‬ ‫لمنزل اليوسفي عالوة على مضمون االعتزاز‬ ‫الذي عبرت عنه رسالة الحبيب المالكي‪.‬‬ ‫االتحاديون يعتبرون االنتماء لحزبهم‬ ‫امتيازا ومن حقهم أن يفخروا بأمجادهم‬ ‫وشخصياتهم التي طبعت الحياة السياسية‬ ‫المغربية في ظل التراكمات االيجابية التي‬

‫(البقية ص ‪)10‬‬

‫إعداد ‪ :‬د‪ .‬محمد البوشوكي‬ ‫دكتور في القانون العام‬ ‫‪mohamedelbouchouki@gmail.com‬‬

‫النموذج التنموي الجديد و رهان‬ ‫الكفاءات ‪ :‬ما الكفاءة التي نريد ؟‬

‫من البديهي تماما أننا عندما نريد أن نفكر في نموذج تنموي جديد أول ما‬ ‫يتبادر إلى أذهاننا هو الفئة التي سوف تتكلف بإعداد وتقديم ذلك النموذج هنا‬ ‫تتقاطر األسئلة حول الكفاءات الموجودة التي يمكن أن تكون قادرة على اقتراح‬ ‫حلول ومشاريع تفيد وتغني النموذج التنموي المرجو والمساهم في إقالع مفهوم‬ ‫التنمية في البالد علما أن مفهوم الكفاءة له عدة معان والكفاءة واالستحقاق‬ ‫أساس التكليف‪.‬‬ ‫التكليف لغة‪ :‬من كلفه إذ أناط إليه مهمة وأسند إليه عمال يقوم به مع وجود‬ ‫كلفة ومشقة فيهما‪ .‬واصطالحا‪ :‬هو إلزام المكلف بمقتضى خطاب الشرع المتعلق‬ ‫باألوامر والنواهي‪ .‬والتكليف العام هو إسناد المهام الى من توفرت فيه شروط‬ ‫القيام بها على الوجه المطلوب مع مراقبته ومحاسبته‪.‬‬ ‫للكفاءة أسس البد من توفرها في المكلف حتى يؤدي مهامه على الوجه‬ ‫المطلوب منها‪:‬‬ ‫العلم والخبرة‪ :‬ألنه ال يمكن للجاهل أن يكون كفئا وهو غير خبير بما كلف به‪.‬‬ ‫حسن الخلق واالستقامة‪ :‬والناس تهوي أفئدتهم الى من يحسن إليهم وال‬ ‫يسيء معاملتهم‪.‬‬ ‫األمانة ‪ :‬إذ ال بد من توفرها في المكلف‬ ‫يقول «ايف ميشو» في مقدّمة كتابه «ما هو اإلستحقاق» إن األهلية والعمل‬ ‫والجهد مفاهيم تعود بقوّة إلى الخطاب السياسي وإلى النقاش العام‪ ،‬فالمفروض‬ ‫أن يكون المرء مؤهال من أجل استحقاق أجره أو مكافأته‪ ،‬والمرتبات ينبغي‬ ‫تحديدها على أساس األهلية كما يتم وعد الطلبة والتالمذة المؤهلين بميداليات‬ ‫تدل على ما يستحقون من تقدير‪.‬‬ ‫من هنا يجب القول أن جميع مكونات المجتمع المغربي معنية بهذا السؤال‬ ‫ومن بين أبرز المعنيين األحزاب السياسية التي كانت وال تزال في صلب موضوع‬ ‫النموذج التنموي لما لها من مساهمات في التشريع وو البرامج والمشاريع‬ ‫المقترحة لفك رموز التنمية في البلد‪ ،‬فعلى األحزاب تحمل مسؤوليتها في إعطاء‬ ‫الفرص وتشجيع الكفاءات لممارسة حقوقها كفاعل مدني وطني للنهوض بشتى‬ ‫األوراش التي انخرط فيها المغرب منذ سنوات فالعزوف السياسي لدى فئة الشباب‬ ‫مبرره هو عدم التعاطي بإيجابية مع موضوع الشباب والكفاءات وسط األحزاب‬ ‫السياسية والمنظومة السياسية بشكل عام‪.‬‬ ‫هذا ما أكد عليه الخطاب الملكي األخير حيث كان شبه اعتراف بإفالس‬ ‫النموذج التنموي السابق جعل المغرب يتذيل الترتيب الدولي في مؤشرات التنمية‬ ‫مما جعل إحداث لجنة محايدة تتكلف بإعداد تصور جديد أمر ضروري وعدم الدخول‬ ‫في صراعات سياسوية ضيقت تعيق وتقلص من مؤشرات التنمية في البالد‪،‬‬ ‫لهذا فمن المفروض البحث واستقطاب أطر بدماء جديدة تتحمل وتعرف معنى‬ ‫المسؤولية الحقة بعيدا عن الترضيات الحزبية والسياسية التي ال يمكن لها إال أن‬ ‫تبخس العمل السياسي وتوطد العزوف السياسي لدى فئة الشباب بشكل خاص‬ ‫الذي غالبا ما ينتج عنه هجرة هاته الكفاءات إلى الخارج علما أن هذه الظاهرة‬ ‫تسائل الجميع‪ ،‬فهي مسؤولية مشتركة بين قطاعات وزارية تقتضي المزيد من‬ ‫التعبئة الوطنية لإلرتقاء بالنسيج اإلقتصادي واإلجتماعي وإنجاح النموذج التنموي‬ ‫الجديد الذي تسعى بالدنا إلى تحقيقه فالمجتمع المغربي األن في أمس الحاجة‬ ‫إلى فتح حوار ونقاش عمومي يساهم فيه جميع مكونات وكفاءات وأطر البالد‬ ‫للخروج من هاته األزمة أي أزمة برامج ومشاريع التي من خاللها نرتقي إلى مصاف‬ ‫الدول الرائدة في مجال التنمية‪.‬‬ ‫هذا ما أكدته مجموعة من اإلشارات في المشهد السياسي واالجتماعي‬ ‫والحقوقي في المغرب‪ ،‬فالخطاب الملكي األخير جاء مسبوقا بتثبيت ملكية مواطنة‬ ‫ومستشار ملكي يتطرق إلى إمكانية اإلنتقال إلى الملكية البرلمانية كل هذا يوحي‬ ‫إلى إرادة قوية لإلرتقاء إلى توطيد دولة الحق والقانون مرجوة من طرف الجميع‬ ‫دولة وشعب ومواطن هذا ما تأكد من خالل حتمية عقد إجتماعي جديد لبلورة‬ ‫وتنزيل سياسات عمومية قوية هدفها األسمى المصلحة العامة للوطن والمواطن‬ ‫فأي عقد إجتماعي جديد ال يكون فيه المواطن بحد ذاته غاية فهو عقد باطل‬ ‫شكال ومضمونا‪.‬‬


‫العدد ‪1009‬‬

‫حوار مع‬

‫الشمال القانوني‬

‫المحلل السياسي‬

‫محمـد بـودن‬ ‫(تتمة ص ‪)9‬‬ ‫حققها اليوسفي‪،‬لكن واقع الحزب اليوم‬ ‫يتطلب جهدا كبيرا للعودة في سلم الريادة‬ ‫المؤسساتية‪،‬فالحزب في الذكرى ‪ 60‬لتأسيسه‬ ‫يحاول أن يلملم اطرافه فسلسلة التراجعات‬ ‫التي حققها وتعكسها االرقام ال زالت تشكل‬ ‫قوة جر نحو الخلف‪،‬وبالرغم من رئاسته لمجلس‬ ‫النواب فالحزب بالكاد استطاع أن يشكل فريقا‬ ‫بالمجلس ذاته ومشاركته في الحكومة حولها‬ ‫الكثير من الجدل الذي يصل لحد وصف الحزب‬ ‫اليساري بالحزب اإلداري‪.‬‬ ‫أما فيما يتعلق بالقوة االقتراحية للحزب‬ ‫ودوره في النقاش العمومي فحولها الكثير من‬ ‫المالحظات فضال عن االنطباعات التي تربط‬ ‫بين حصول المنتسبين السابقين ‪ -‬الحاليين‬ ‫للحزب على مواقع مهمة في مجالس الحكامة‬ ‫وإرث اليوسفي‪.‬‬ ‫• كانت هناك دعوة ملكية صريحة لرئيس‬ ‫الحكومة من أجل إدماج الكفاءات في البنية‬ ‫الحكومية هل من معالم للتعديل الحكومي‬ ‫في الدخول السياسي القريب ؟‬ ‫عنــد النظــر لبروفايــالت بعض أعضـــاء‬ ‫الحكومة يتبين بالملمـوس وجود كفاءات‬ ‫عالية‪،‬لكن السمة الغالبة هي وجود سياسيين‬ ‫منغلقين على ذواتهــم‪ ،‬والواقع ان التعديل‬ ‫الحكومي اصبح حتميا بعدما فرض األمر الواقع‬ ‫نفسه وتأخرت أوراش كبرى ال تقبل اإلنتظار‬ ‫وال التأجيل وتبين أن مكونات الحكومة تفكر‬ ‫بشكل مكثف في االنتخابات القادمة‪،‬عالوة على‬ ‫أن عدد من اعضاء الحكومة لم يعد بإمكانهم‬ ‫االضطالع بدور فعال في المرحلة الجديدة التي‬ ‫أعلن عنها الملك محمد السادس في خطاب‬ ‫العرش ‪.2019‬‬ ‫المرحلة الجديدة تتطلب من جهة توسيع‬ ‫قاعدة رجال الدولة باستقطاب كفاءات ونخب‬ ‫حديثة العهد ومن جهة ثانية التسريع في نسق‬ ‫اإلنجاز والعمل‪،‬ولذلك فرئيس الحكومة أثناء‬ ‫شروعه في حصر قائمة المقترحات التي سيتم‬ ‫رفعها لجاللة الملك يجب ان يستحضر عنصرين‬ ‫أساسيين وهما المصالح العليا للمغرب‬ ‫والكفاءة‪،‬واالبتعاد قد اإلمكان عن االستجابة‬ ‫لمصالح األحزاب واألشخاص‪.‬‬ ‫ثمة حاجة ملحة إلعادة النظر في األسس‬ ‫المعيارية للتوزير في المغرب‪،‬فإذا كان تجديد‬ ‫النموذج التنموي أصبح األولوية الكبرى‬ ‫للمرحلة فال يعقل أن يقوم بتفعيله وزراء‬ ‫بعقليات قديمة‪،‬ولذلك فالهدف من التعديل‬ ‫المرتقب يفترض ان يكون هو االستمرار في‬ ‫تفعيل مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة على‬ ‫جميع المسؤولين مهما بلغت درجاتهم او‬ ‫انتماءاتهم‪،‬وكذا تطوير طرق العمل وتوفير‬ ‫أرضية نجاح المرحلة الجديدة فضال عن تغيير‬ ‫العقليات وتجديد النخب‪.‬‬ ‫إن أعضاء الحكومة المعنيين بالتعديل‬ ‫المرتقب هم من تم تسجيل التأخر في‬ ‫إنجازهم لألوراش الكبرى وعدم قدرتهم على‬ ‫التوقع‪،‬ومن ظلت قطاعاتهم غارقة في التحفظ‬ ‫واالنغالق السلبيين عالوة على القطاعات التي‬ ‫طبعت عملها األنماط االنتقائية وغياب النجاعة‬ ‫المؤسساتية وضعف األدوار االجتماعية فضال‬ ‫عن من ليس لهم دور في الحكومة والمجال‬ ‫العام ‪.‬‬ ‫لقد وضع الملك محمد السادس في أكثر‬ ‫من خطاب وأكثر من مجلس وزاري الحكومة‬ ‫أمام مسؤولياتها واستفسر عدد من الوزراء‬ ‫بشأن عدة قضايا ذات اسبقية‪،‬عالوة على عقده‬ ‫لعدة جلسات عمل بشأنها‪،‬ولذلك فأي تعديل‬ ‫مرتقب سيكون مقدمة لنشر الوعي بضرورة‬ ‫تطوير طرق العمل وتغيير العقليات التي تحول‬ ‫دون تحقيق اإلقالع المنشود‪.‬‬ ‫• تستمر الدعــوات الملكيـة لتمكيــن‬ ‫الشباب وإدماجه الكامل في الحياة الوطنية‬ ‫كيف تنظرون لهذه الرؤية ؟‬ ‫إن التوقف مليا عند هذه الفكرة يؤكد ان‬ ‫الملك له تصور ثالثي األبعاد‬ ‫• البعد األول قائم على ضرورة تغيير طرق‬ ‫العمل‬ ‫• البعــد الثاني قـائم على تغيير يشمل‬ ‫العقليات بما يؤسس لتقاليد سياسية معاصرة‬ ‫ومعبرة عن المتغيرات المجتمعية‪.‬‬

‫• البعد الثالث قائم على صياغة تقوم على‬ ‫ابتكار أفكار جديدة تقدم أجوبه عن التطلعات‬ ‫الملحة‬ ‫إن الرؤية الملكية تعكس تفضيال واضحا‬ ‫لتجديد النخب ورغبة في اضطالع الشباب بدور‬ ‫مهم في المشروع الوطني‪،‬واالشراك الحقيقي‬ ‫يجب أن يشمل مختلف مفاصل الحياة العامة‬ ‫ألنه يمثل منطلقا عمليا للرفع من سرعة البالد‪.‬‬ ‫اعتقد ان هذه الرسائل الواضحة تؤكد‬ ‫على ان الشباب ليس مكونا وافدا او دخيال أو‬ ‫مجهوال‪،‬وأنه ابن المشهد الوطني والوقت‬ ‫الراهن ويجب أن يساهم فيه بشكل يوازي‬ ‫التزامه وطموحه‪.‬‬ ‫الدعوة الملكية لتمكين الشباب وتشبيب‬ ‫النخب تمثل فرصة حقيقية لمحاصرة الشيخوخة‬ ‫في المفاصل السياسية‪،‬وأعتقد أن عملية دوران‬ ‫النخب ال يجب ان تحصل بشكل تقليدي وإنما‬ ‫بشكل إرادي يجيب عن الطموح الملكي والرغبة‬ ‫الشعبية في وجود الشباب‪.‬‬ ‫هذا التحيز اإليجابي للشباب مطلــوب‬ ‫في وقتنا الحاضر للتغلب على الستاتيكو الذي‬ ‫يطبع المشهد السياسي وينعكس على أدوار‬ ‫األحزاب خاصة أدوار التنشئة والوساطة والعمل‬ ‫الدبلوماسيالحزبي‪.‬‬ ‫هذه الرسالة الملكية الدالة بالضرورة‬ ‫يجب أن يتوقف عندها الفاعلين السياسيين‬ ‫مطوال‪،‬وأعتقد أنهم سيلتقطون معناها‬ ‫جيدا‪،‬ومن شأنها دفع عدد الساسة إلى التخلي‬ ‫عن فكرة الترشح للمسؤوليات الوطنية في سن‬ ‫متقدم‪.،‬‬ ‫ان فكرة تشبيب المشهد السياسي هي‬ ‫دعوة صريحة لخلق تنوع في قادة المشروع‬ ‫الوطني‪،‬وهو أمر طبيعي قبل أن يكون ضروريا‬ ‫ويمثل مظهرا من مظاهر فهم السياق جيدا‪.‬‬ ‫على ضوء هذا التأكيد الملكي يتبين أن‬ ‫صوت الوطن في حاجة لحناجر شابة تعتنق‬ ‫الواقعية والموضوعية وتتملك خلفيات علمية‬ ‫وفكرية قوية‪،‬طالما ان متوسط أعمار القادة‬ ‫السياسيين في المغرب يتجاوز ‪ 62‬سنة وهو‬ ‫معدل متقدم بالمقارنة مع متوسط أعمار القادة‬ ‫السياسيين في المحيط اإلقليمي للمغرب‪.‬‬ ‫• حدد الملك محمد السادس اإلطار العام‬ ‫لعمل اللجنة الخاصة بالنموذج التنموي في‬ ‫خطاب الذكرى ‪ 66‬لثورة الملك والشعب‪،‬هل‬ ‫يمكنكم تقديم توضيحات للمهام الثالثة‬ ‫المحددة ؟‬ ‫بات من المؤكد أن السير باتجاه بناء‬ ‫نموذج تنموي يحقق اإلقالع الشامل هو الرهان‬ ‫األكبر نحو المرحلة الجديدة واألساس المتين‬ ‫النبثاق عقد اجتماعي محور االنسان وشرطه‬ ‫االساسي يتمثل في انخراط الجميع‪.‬‬ ‫ولهذا الغرض قرر جاللة الملك محمد‬ ‫السادس احداث اللجنة الخاصة باعداد النموذج‬ ‫التنموي الجديد وحدد في خطاب الذكرى ‪66‬‬ ‫لثورة الملك والشعب سقفا منهجيا يتمثل‬ ‫في نموذج تنموي مغربي ‪ -‬مغربي كما وضح‬ ‫المنطلقات األساسية للعمل الذي ستقوم به‬ ‫اللجنة الخاصة وتتضح هذه المنطلقات في‬ ‫ثالوث متكامل من المهام ‪:‬‬ ‫أوال ‪ -‬المنطلق التقويمي سيقوم على‬ ‫توطيد المكتسبات وتقديم حلول وأجوبة عن‬ ‫التحديات التي واجهت أداء النموذج التنموي‬ ‫الحالي‪.‬‬ ‫ثانيا ‪ -‬المنطلق االستباقي‪،‬ويعني عدم‬ ‫الركون لالطمئنان لما تم وضعه‪،‬واالكتفاء‬ ‫بالقول أن األمور تسير بل وضع خطط التوقع‬ ‫والتعاطي مع المتغيرات وصياغة فرضيات‬ ‫تنموية‪،‬وهنا استحضر في منهج االستباق مثال‬ ‫السفينة التي تبدوا صغيرة في األفق البعيد‬ ‫اال انها في واقع األمر كبيرة ويتأكد هذا كلما‬ ‫اقتربت نحو الساحل‪.‬‬ ‫ثالثا ‪ -‬المنطلق االستشرافي‪،‬ويعني البعد‬ ‫اإلستراتيجي في تشكيــل مالمح المستقبل‬ ‫والتفكير المنهجي حولـــه لتوفيـر البيانات‬ ‫الالزمة لصنع القرار على المديين المتوسط‬ ‫والبعيد‪.‬‬

‫الثالثـاء ‪� 03‬إلى ‪� 09‬شتنرب ‪2019‬‬

‫‪10‬‬

‫اإلعالم الديني‬ ‫في توجهات أمير المؤمنين‬ ‫شكل تأهيل الحقل الديني بالنسبة للملك‬ ‫محمد السادس منذ اعتالئه عرش أسالفه‬ ‫الميامين في ‪ 30‬يوليوز ‪ ،1999‬أولوية خاصة‬ ‫مشمولة باهتمام ورعاية كبيرة‪ ،‬وذلك من أجل‬ ‫مقاومة كل التحوالت اإلقليمية والتهديدات التي‬ ‫قد تشوش على العقيدة األشعرية والمذهبية‬ ‫للبالد‪ ،‬لذا فترسيخ الهوية األصيلة للمملكة‬ ‫المغربية والتي تتسم بالتوازن واالعتدال‬ ‫والتسامح‪ ،‬كانت من المقومات الهيكلية‬ ‫لمفهوم تأهيل الحقل الديني بالمغرب‪ ،‬نتيجة‬ ‫لذلك أكد جاللته منذ السنوات األولى لتوليه‬ ‫العرش على ضرورة التأهيل‪ ،‬كتصور أساسي‬ ‫يمزج بين األمن الروحي والعقيدة الثابتة من‬ ‫أجل ضمان تدبير حكيم وهادئ للشأن الديني‪،‬‬ ‫انطالقا من رؤية متبصرة حكيمة تأخذ بعين‬ ‫االعتبار تطور المجتمع المغربي مع الوفاء‬ ‫ألسسه الدينية‪ ،‬في مقدمتها البيعة المقدسة( )‬ ‫وما تليها من تعاقد شرعي‪ ،‬يرتبط بكل مفاهيم‬ ‫الحماية الدينية والدنيوية‪.‬‬ ‫لقد أكد خطاب صاحب الجاللة الملك‬ ‫محمد السادس يوم ‪ 10‬ربيع األول ‪،1425‬‬ ‫الموافق ل ‪ 30‬أبريل ‪ 2004‬بالدار البيضاء أمام‬ ‫المجلس العلمي األعلى والمجالس العلمية‬ ‫اإلقليمية‪،‬على هندسة إصالحية بمالمح واضحة‬ ‫شاملة بأهداف محددة‪ ،‬تؤسس لتوجه تأهيل‬ ‫الحقل الديني في زمن شهد تحوالت فكرية‬ ‫ومعارف دخيلة‪ ،‬تجعل البعض يسقط في‬ ‫انزالقات تحتاج إلى تقويم وتأهيل ديني سليم‪،‬‬ ‫لهذا شدد جاللته على ضرورة الحسم والحزم‬ ‫مع كل ما من شأنه أن يشوش ويعيق األمن‬ ‫الروحي للمغاربة‪ ،‬يقول جاللة الملك في هذا‬ ‫الصدد ‪.‬‬ ‫«‪ ...‬وإذا كان من طبيعة تدبير الشؤون‬ ‫الدنيوية العامة االختالف‪ ،‬الذي يعد من مظاهر‬ ‫الديمقراطية‪ ،‬والتعددية في اآلراء لتحقيق‬ ‫الصالح العام‪ ،‬فإن الشأن الديني‪ ،‬على خالف‬ ‫ذلك‪ ،‬يستوجب التشبث بالمرجعية التاريخية‬ ‫الواحدة للمذهب المالكي السني‪ ،‬الذي أجمعت‬ ‫عليه األمة‪ ،‬والذي نحن مؤتمنون على صيانته‪،‬‬ ‫معتبرين التزامنا دينيا بوحدته المذهبية‪،‬‬ ‫كالتزامنا دستوريا بالوحدة الترابية الوطنية‬ ‫لألمة‪ ،‬حريصين على االجتهاد الصائب‪ ،‬لمواكبة‬ ‫مستجداتالعصر»‪.‬‬ ‫لقد تم االعتماد في مواجهة التحديات‬ ‫التي قد تمس صورة اإلسالم‪ ،‬على نهج أساليب‬ ‫التصدي واالستباق والنصح واإلرشاد والمواكبة‪،‬‬ ‫مع إشراك وسيط تواصلي (اإلعالم) قادر على‬ ‫االنخراط للقيام بواجبه في مجال الوساطة‬ ‫اإلعالمية بكل أهدافها‪ ،‬في ظل بروز بعض‬ ‫المشاهد الغريبة على طهرانية اإلسالم‪ ،‬خاصة‬ ‫أن المغرب من الدول اإلسالمية التي مرت‬ ‫من تجربة عصيبة مكلفةإثر أحداث الهجمات‬ ‫اإلرهابية التي شهدتها مدينة الدار البيضاء في‬ ‫‪ 16‬من ماي ‪ ،2003‬التي شكلت محطة لتالحم‬ ‫الموقف المشترك للملك والشعب كمنهجية‬ ‫فضلى دفاعية عن األمن الروحي للمغاربة‪ ،‬وفق‬ ‫منطق الحكمة والتبصر المشترك‪ ،‬ومكنت من‬ ‫كسب معركة اإلرهاب في ليلة واحدة أو أيام‬ ‫معدودةحسب تعبير جاللة الملك‪.‬‬ ‫ارتكز تصور أمير المؤمنين في تأهيل‬ ‫الحقل الديني على مقومات شمولية تمزج بين‬ ‫الجانب الديني والتربوي والثقافي واإلعالمي‪،‬‬ ‫من أجل تكوين وتربية المواطن على فضائل‬ ‫االنفتاح والحداثةوالعقالنية‪ ،‬والجد في العمل‬ ‫واالستقامة واالعتدال والتسامح‪ ،‬فكيف برز‬ ‫اإلعالم الديني في فكر اإلصالح والتأهيل كأداة‬ ‫أساسية استباقية للتنوير والتوعية والتحسيس‬ ‫لقضايا الدين والعصر‪ ،‬والتي شغلت بال الرأي‬ ‫العام؟ وماهي المبررات التي جعلت من اإلعالم‬ ‫الديني نقطة مضيئة من ضمن نقط مستحدثة‬ ‫في فضاء تأهيل الحقل الديني؟ وماهي‬ ‫التصورات اإلضافية المماثلة لتأهيل شامل‬ ‫بعنوان‪« :‬تصورات متعددة في مجال اإلصالح‬ ‫ومواكبة فكر التنوير الديني»‪.‬‬ ‫ارتبط مفهوم تأهيل الحقــل الدينــي‬ ‫بالمغرب بمرتكزات متعددة أبرزها‪ ،‬إعادة هيكلة‬ ‫وزارة األوقاف والشؤون اإلسالمية وإعادة النظر‬ ‫في التشريع المتعلق بأماكن العبادات‪ ،‬وكذا‬ ‫االعتماد على العنصر البشري كمكون أساسي‬ ‫لتنزيل استراتيجية التأهيل‪ ،‬وذلك عبر تعيين‬ ‫مناديب جهويين للوزارة الوصية‪ ،‬لإلشراف على‬

‫محسن بنتاج‬

‫إعالمي بالشركة الوطنية‬ ‫لإلذاعة و التلفزة‬ ‫التدبير الميداني الحديث للشؤون اإلسالمية‬ ‫بمختلف ربوع المملكة‪ ،‬إضافة إلى نهج مقاربة‬ ‫جديدة في عملية تعيين أعضاء المجالس‬ ‫العلمية‪.‬‬ ‫برز مكون آخر من دعامات تأهيل الحقل‬ ‫الديني بالمغرب والذي ارتكز علىعملية ضبط‬ ‫إصدار الفتوى‪ ،‬حيث أصبح المجلس العلمي‬ ‫األعلى هو الجهة الوحيدة المؤهلة إلصدار‬ ‫الفتاوي التي تعتمد رسميا‪ ،‬في شأن المسائل‬ ‫المحالة إليه‪ ،‬استنادا إلى مبادئ وأحكام الدين‬ ‫اإلسالمي الحنيف ومقاصده السمحة‪ ،‬مع‬ ‫اقتراح الفتوى على جاللة الملك بصفته أميرا‬ ‫للمؤمنين‪ ،‬سدا للذرائع‪ ،‬وقطعا لدابر الفتنة‬ ‫والبلبلة‪.‬‬ ‫إن اإلعالم الديني كوسيط تواصلي وجد‬ ‫نفسه في قلب كل هاته التحوالت المرتبطة‬ ‫بحقلالتأهيلالديني‪،‬ليسفقطكآليةللمواكبة‬ ‫ولكن كوسيلة حقيقية للتفاعل واإلخبار‪ ،‬وهذا ما‬ ‫جعل منه في قلب كل هاته المراحل أداة‪ ،‬وفي‬ ‫قلب كل تصورات التأهيل حضورا‪ ،‬وتبقى إذن‬ ‫وفقا لكل ما هو مفيد هو أن التوجهات السابقة‬ ‫التي أمر أمير المؤمنين على تنزيلها وفق رؤية‬ ‫تأهيلية شمولية‪ ،‬ال يمكن أن تتم وتصل إلى‬ ‫األهداف المرجوة‪ ،‬دون تواصل حقيقي فعال مع‬ ‫عامة الشعب المعني األول واألخير بفكر اإلصالح‬ ‫وبمضامينه‪ ،‬لذا كان اإلعالم الديني حاضرا في‬ ‫توجهات واستراتيجية أمير المؤمنين لمواكبة‬ ‫ورش التأهيل‪،‬فما هي إذن مفاهيم اإلعالم‬ ‫الديني بالمغرب؟ وماهي سياقات تنزيله؟ وماذا‬ ‫عن بنيته المهنية؟وماذا أيضا عن فكر اإلعالم‬ ‫الديني في تصورات أمير المؤمنين؟‬ ‫المطلب األول‪ :‬سياقـــات تنزيل اإلعالم‬ ‫الدينيبالمغرب‬ ‫ارتبط تنزيل اإلعالم الديني بمفهومه‬ ‫الحديث‪ ،‬بآليات مهنية سهلت أكثر مهمة‬ ‫التواصل مع الجمهور‪ ،‬وسائط كان لها دور‬ ‫حقيقي في تجاوز األساليب التقليدية في‬ ‫الحصول على المعلومة الدينية‪ ،‬والرفع من‬ ‫إيقاع التواصل الديني‪ ،‬فما هو إذن واقع هذا‬ ‫اإلعالم بالمغرب؟ وماهي سياقات تنزيله؟‬ ‫الفقرة األولى‪ :‬في مفهوم اإلعالم الديني‬ ‫الزال مفهوم التربية اإلعالمية كفرع من‬ ‫فروع العلوم اإلنسانية غائبا لدى الكثيرين‪،‬‬ ‫ويحتاج للوقوف زمنا عند تأمل معانيه‪ ،‬خاصة‬ ‫في ظل التحوالت اإلعالمية المتسارعة‪ ،‬ببروز‬ ‫تصورات تواصلية حديثة مؤثرة ومتسارعة كان‬ ‫لها دور أساسي في التشويش على المعنى‬ ‫األولي لمفاهيم اإلعالموالتي تغيرت عبر الزمن‪،‬‬ ‫كما أن نفس الجدل بخصوص «إشكاليات‬ ‫التعاريف» الزالت قائمة بين التربويين وكذا‬ ‫اإلعالميين في الوطن العربي علىمصطلح‬ ‫دقيق مؤثر خلق جدل «التعريف»‪ ،‬لكن على‬

‫األقل يمكن الحسم أن هؤالء الخبراءمتحدين‬ ‫حول منهجيته وأهميته ودوره في التنشئة‬ ‫االجتماعية للوقاية من أخطار الزمن‪ ،‬ولعل هذا‬ ‫األمر يشكل إجماعا غير قابل لالختالف الفكري‪.‬‬ ‫يمكن تعريــف اإلعــالم عامة بأنه تلك‬ ‫العملية التي تبدأ بالمعرفة بمعلومات معينه‬ ‫عن الواقع ومشكالته‪ ،‬بحيث يشكل المصدر‬ ‫األساسي لإلخبار في المجتمع‪ ،‬واألخبار هي‬ ‫بيان للواقع االجتماعي وأحداثه بما ينطوي عليه‬ ‫من مشكالت داخليه وخارجية‪ ،‬وبالتالي فإن‬ ‫آراء الناس في المشكالت االجتماعية وحلولها‬ ‫يتوقف إلى حد كبير على هذه الوقائع التي تنشر‬ ‫أو تذاع أو تبث‪.‬‬ ‫كما أن الدكتورعبد اللطيف حمزة عرف‬ ‫اإلعالم بقوله أن‪ »:‬اإلعالم هو تزويد الناس‬ ‫باألخبار الصحيحة‪ ،‬والمعلومــات السليمة‪،‬‬ ‫والحقائق الثابتة‪ ،‬التي تساعدهم على تكوين‬ ‫رأي صائب في واقعة من الوقائع أو مشكلة‬ ‫من المشكالت‪ ،‬بحيث يعبر هذا الرأي تعبيراً‬ ‫موضوعياً عن عقليـة الجماهيــر واتجاهاتهم‬ ‫وميولهم» ‪.‬‬ ‫يعد مفهوم اإلعالم بمفهومه الشامل‬ ‫على عملية الحصول على المعلومات من‬ ‫مصادرها المختلفة من خالل التواجد السريع‬ ‫في مكان الحدث‪ ،‬ثم نقل هذه المعلومات إلى‬ ‫اآلخرين من خالل الوسائل المتعددة وبالطريقة‬ ‫المناسبة‪ ،‬وهو بالتالي منهج وعملية تهدف‬ ‫إلى التثقيف‪ ،‬واإلحاطة بالمعلومات الصادقة‬ ‫التي تنساب عقول األفراد ووجدانهم فترفع من‬ ‫مستواهم الفكري‪ ،‬وتدفعهم إلى العمل من أجل‬ ‫المصلحة العامة‪ ،‬وتخلق مناخاً صحياً يُمكن‬ ‫األفراد من االنسجام والتكيف معه‪.‬‬ ‫يتضح مما سبق (مصطلحات التعاريف)أن‬ ‫اإلعالم يسعى عامة إلى تحقيق األهداف التالية‪:‬‬ ‫• التثقيف؛‬ ‫• نقل المعلومات؛‬ ‫• نقل األخبار واألحداث؛‬ ‫• تشكيل الرأي العام؛‬ ‫• التوجيه لتحقيق مصلحة المجتمع؛‬ ‫إن الوظائف المعاصرة لإلعالم يمكن‬ ‫النظر إليها نظرة جديدة تعتمد على التوسع‬ ‫الذي طرأ على وظائف وسائل اإلعالم‪ ،‬وعلى‬ ‫تطور الخدمة اإلعالميــة في المجتمعـــات‬ ‫المعاصرة والتي لم تعد فقط تقوم بدور اإلخبار‪،‬‬ ‫في ظل بروز تصورات أخرى في أدوار اإلعالم‬ ‫في مقدمتها التنشئة االجتماعية والتأطير‬ ‫الفردي واألسري‪ ،‬وبالنظر لتطور وظائف اإلعالم‬ ‫المعاصر التي أضحت أكثر تأثيرا من السياسات‬ ‫الحكومية وصناعة لوبيات االقتصاد والجماعات‬ ‫المؤثرة‪ ،‬وبالتالي يمكن الحسم أن اإلعالم‬

‫(البقية ص ‪)11‬‬


‫العدد ‪1009‬‬

‫الشمال القانوني‬

‫الثالثـاء ‪� 03‬إلى ‪� 09‬شتنرب ‪2019‬‬

‫‪11‬‬

‫اإلعالم الديني في توجهات أمير المؤمنين‬ ‫(تتمة ص ‪)10‬‬ ‫ارتقى من مرحلة التأثير في الجمهور إلى مرحلة تشكيل الرأي العام‪ ،‬ومن هنا تبرز‬ ‫قوته في تحقيق الوظائف التالية‪:‬‬ ‫‪1‬ـ الوظيفة اإلخبارية؛‬ ‫‪- 2‬وظيفة التنمية؛‬ ‫‪- 3‬الوظيفة التربوية؛‬ ‫‪- 4‬الوظيفة التأطيرية؛‬ ‫‪ - 5‬وظيفــة الشـــورى أو الوظيفـــة الديمقراطية ؛‬ ‫يخضع اإلعالم الشمولي عامة حسب األستاذ عبد الحليم عويس للتوجه‬ ‫الوضعي وفق احترام تامللمقومات التحريرية والقوانين المؤطرة‪ ،‬تشمل منها‬ ‫خصوصية المهنة والبث والبرمجة الشاملة دون توجه في التخصص‪ ،‬فحين أن‬ ‫اإلعالم اإلسالمي يختلف عنه بالبعد الموضوعاتي المتخصصالداعم األساسي‬ ‫لمواكبة الشبكة البرامجية وأهدافها في التأثير‪ ،‬أما اإلنتاجات الدينية وفق المفهوم‬ ‫الشامل تسعى إلى تحقيق األمن الروحي ورسم صورة حقيقة طاهرة عن اإلسالم‪،‬‬ ‫ومن هنا تبرز التوجهات المنهجية في خلق إعالم متخصص يقاوم التحوالت وينمي‬ ‫الوعي الديني للجمهور عن طريقرسائل مقدمة من طرف إعالميين وضيوف من‬ ‫أهل العلم والمعرفة‪ ،‬واإلجابة على اإلشكاليات والمستحدثات استنادا على مقاربة‬ ‫دينية سليمة بأسس مرجعية مبنية على ركيزتي القرآن والسنة‪ ،‬ومن هنا يمكن‬ ‫الحسمأن اإلعالم الديني منهج تواصلي بخصوصيات تؤمن بالمبادئ العامة لعلوم‬ ‫الصحافة‪ ،‬كتقنيات االستجواب والربورتاج واإلخبار والمواكبة‪ ،‬وتشتغل أيضا وفق‬ ‫األساليب المنهجية لتقنيات العمل الصحفي بكل أجناسه‪ ،‬لكن يشترط في نفس‬ ‫العمل مقومات دينية في كل حامل «لرسالة إعالمية دينية» ترتبط بالتأطير‬ ‫والتكوين‪ ،‬لذا فأبرز القواعد المهنية التي يجب توفرها في الوسيط اإلعالمي‪،‬‬ ‫يمكن اختصارها فيما يلي‪:‬‬ ‫الدراية والمعرفة الدينية الشاملة؛‬ ‫ •‬ ‫مواكبة التحوالت واإلجابة على النوازل؛‬ ‫ •‬ ‫األهليةالعلمية؛‬ ‫ •‬ ‫القدرة على التحليل والتفسير؛‬ ‫ •‬ ‫الخطابة وساللة التعبير؛‬ ‫ •‬ ‫التمكن من اللغات ولهجات التعبير؛‬ ‫ •‬ ‫إن االنفجار اإلعالميوالتحوالت المجتمعية الكبيرة شكلت رد فعل سلبي لدى‬ ‫شريحة اجتماعية كبيرة‪،‬حيث هجمت مئات القنوات والمواقع اإللكترونية والمجالت‬ ‫والكتب المختلفة في التوجهات الفكرية والمذهبية‪ ،‬كانت بعضها يشتغل وفق‬ ‫أجندات محددة وبتصورات ثابتة خدمة ألهداف ظاهرة وأخرى باطنة‪ ،‬ومنها برزت‬ ‫أهمية المقاربة التربوية في اإلعالم الديني كمكون أساسي في مجال التربية‬ ‫الدينية من أجل ضبط التحوالت المجتمعية المتسارعة التي شكلت وجها من أوجه‬ ‫االصطدام الفكري في فهم الدين‪ ،‬ولكل ما سبق يبرز مفهوم «اإلعالم الديني»‬ ‫كعلم قائم بذاته وبخصوصياته الفكرية وإنتاجاته وبرمجته الخاصة‪ ،‬وبطريقة بث‬ ‫ونشر مضامينه السمحة‪.‬‬ ‫الفقرة الثانية‪ :‬اإلعالم الديني بالمغرب‬ ‫قدم المركز المغربي للدراسات واألبحاث المعاصرة تقريرا عن الحالة الدينية‬ ‫في المغرب ( )‪ ،‬خالل الفترة الممتدة مابين‪ ،-2015 2013‬حول موضوع دور الدين‬ ‫ومكانة الهوية والقيم في الحراك الديمقراطي في الدراسات الدولية والوطنية‪،‬‬ ‫حيث خلصت نتائج البارومتر إلى تسجيل حضور الدين في عدة مجاالت حيوية في‬ ‫حياة المغاربة‪ ،‬الذين وصفوا أنفسهم على أنهم «متدينون»‪ ،‬حيث ترتفع نسبة‬ ‫الميول لديهم نحو االختيارات الدينية في القضايا الشخصية ‪،‬كاألسرة وتدبير الحياة‬ ‫االجتماعية والمهنية‪ ،‬ومن هنا كان لزاما أن تنعكس كل هاته القيم المسجلة في‬ ‫التقرير المشار إليه سلفا‪ ،‬على بنية اإلعالم الديني كمكون أساسي في سلطة الحياة‪،‬‬ ‫فكيف برزت هاته القيم في إنتاجات اإلعالم الدينيالمغربي؟ وأين تكمن خصوصياته‬ ‫البنيوية؟‬ ‫إن انتشار الوسائط التواصلية في مجال اإلعالم الديني ( )‪ ،‬ليس ظاهرة عربية‬ ‫بل ظاهرة دولية يعرفها العالم ككل‪( ،‬القنوات الدينية مثال‪ ،‬تحتل المرتبة الرابعة في‬ ‫عدد الفضائيات العربية حسب تقرير التحاد اإلذاعات العربية سنة ‪ ،)2015‬وإذا كان‬ ‫العالم العربي لم ينتبه إلى أهمية اإلعالم الديني إال في حدود سنوات التسعينيات‬ ‫بفعل تغيرات جيو استراتيجية مؤثرة‪ ،‬واتساع التردداتاالجتماعية المتسارعة‬ ‫المهددة لألمن الروحي والتي تحتاج إلى ضبط‪ ،‬فإنه من العادي جدا أن يتحول‬ ‫اإلعالم الديني بمفهومه المهني‪ ،‬المرتبط ببرامجه ومنتوجاته وحموالته الدينية(‬ ‫) سواء كانت عبارة عن دروس‪ ،‬أو مواعظ أو فتاوى أو أناشيد أو حوارات أو نصائح‬ ‫أو نقل للطقوس الدينية‪ ،‬أو بث للقرآن الكريم‪ ،‬إلى تصور شمولي يلعب دورا روحيا‬ ‫للحماية من انزالقات مجتمعية محدقة‪.‬‬ ‫ظل تاريخ اإلعالم الديني بالمغرب حكرا على اإلعالم المكتوب‪ ،‬حيث اقتصر‬ ‫منذ النشأة األولى على بعض المجالت المتخصصة التي تصدرها وزارة األوقاف‬ ‫والشؤون اإلسالمية مثل» دعوة الحق» و»سبيل الرشاد»‪ ،‬أو بعض الملحقات‬ ‫الدينية في بعض الجرائد المغربية مثل جريدة «العلم»‪ ،‬لكن المشهد اإلعالمي‬ ‫المكتوب سيتعززالحقا بظهور مجالت متخصصة كمجلة «الفرقان» وغيرها من‬ ‫اإلصدارات‪.‬‬ ‫انتبهت وزارة األوقاف والشؤون اإلسالمية وفقا لتوجيهات أمير المؤمنين‬ ‫لخطاب ‪ 30‬أبريل المتعلق بتأهيل الحقل الديني‪ ،‬والذي كان من أبرز مبادئه الشروع‬ ‫في إرساء وتفعيل استراتيجية مندمجة وشمولية إلى مفهوم الوساطة اإلعالمية‪،‬‬ ‫وجعلها في صلب استراتيجية تأهيل الحقل الديني‪ ،‬حيث أعلنت الوزارة بتاريخ ‪2‬‬ ‫نونبر ‪ 2005‬عن االنطالقة الرسمية لبوابة إلكترونية من الجيل الجديد‪ ،‬كنافذة‬ ‫شاملة تلبي احتياجات الزائر وتجيب عن كل تساؤالته المرتبطة بالحقل الديني‪،‬‬ ‫كما أصدرت الوزارة في نفس اإلطار نشرة تواصلية تأطيرية مجانية موجهة أساسا‬ ‫لألئمة قصد تبادل المعارف والمعلومات في مجال ديني يحتاج للمزيد من التواصل‪،‬‬ ‫وتعزيرا لبرامجها التكوينية في هذا اإلطار قامت هاته األخيرة عالوة على ذلكبإصدار‬ ‫دليل اإلمام والخطيب بتاريخ ‪ 17‬مارس ‪ ،2006‬وكذا ميثاق العلماء الذي تفضل أمير‬ ‫المؤمنين بإعطاء انطالقته يوم ‪ 29‬أبريل‪ ،2009‬بهدف تمكين األئمة من إدراك‬ ‫شرف وظيفتهم الشرعية والتاريخية‪ ،‬وتحقيق تواصل ودينامية قوية بينهم وبين‬ ‫العلماء‪.‬‬

‫نزلت الرابطة المحمدية للعلماء هي األخرى وفقا لتوجيهات الخطاب السامي‪،‬‬ ‫خطتها التواصلية المتعلقة بمواكبة تأهيل الحقل الديني‪ ،‬وفق تصور شمولي يهدف‬ ‫إلى إعادة هيكلة الشق اإلعالمي للرابطة‪ :‬يقول أمير المؤمنين في هذا اإلطار‪:‬‬ ‫«وفي هذا الصدد‪ ،‬أبينا إال أن يشمل إصالحنا رابطة علماء المغرب‪ ،‬إلخراجها‬ ‫من سباتها العميق‪ ،‬وإحيائها بشكل يجعل منها جهازا متفاعال مع المجالس العلمية‪،‬‬ ‫وذلك بإصدار ظهير شريف لتنظيمها وتركيبها في إطار يحمل اسمنا الشريف‪ ،‬بحيث‬ ‫نطلق عليها اسم «الرابطة المحمدية لعلماء المغرب» مكونة من العلماء الموقرين‪،‬‬ ‫الذين يحظون بوسام رضانا وعطفنا»‪.‬‬ ‫تمكنت الرابطة المحمدية لعلماء المغرب‪ ،‬بفضل نهجها لخطة تواصلية‬ ‫جديدة من التفاعل اإليجابي مع محيطها الخارجي‪ ،‬وذلك تماشيا مع أهدافها‬ ‫المسطرة في ظهيرها المؤسس ( )‪ ،‬والذي تضمن طرق وسبل تنزيل مضامين‬ ‫االستراتيجية التواصلية‪ ،‬أبرزها توثيق التعاون والتواصل بين العلماء والمفكرين‪،‬‬ ‫والجمعيات والهيئات العلمية‪ ،‬والمؤسسات الثقافية الوطنية والدولية‪ ،‬وإعداد‬ ‫دراسات وأبحاث علمية في مختلف مجاالت العلوم اإلسالمية‪ ،‬وإلقاء محاضرات‬ ‫وتنظيم ندوات ولقاءات وتظاهرات علمية‪.‬‬ ‫لقد ساهمت االستراتيجية التواصلية الجديدة للرابطة في جعلها أكثر‬ ‫حضورا في وسائط التواصل‪ ،‬حيث قامت المؤسسة بتحيين موقعها اإللكتروني‬ ‫من خالل تعزيزه بالعديد من النوافذ الجديدة التي تتيح التفاعل المباشر بين‬ ‫المواطن والعالم‪ ،‬وتمكن الزائر من الحصول على أجوبة يقينية من طرف رجال‬ ‫االختصاص‪ ،‬وهذا ما جعل من التحوالت في هيكلة الرابطة وفق التصور اإلعالمي‬ ‫ألمير المؤمنين ذو جدوى‪ ،‬لكن ماذا عن تاريخ اإلعالم الديني في المشهد السمعي‬ ‫البصري المغربي‪ ،‬المشهد األكثر تأثيرا واستهدافا؟ ماذا عن تصوراته في تحقيق‬ ‫األمن الروحي للمغاربة؟ وكيف عاش المغرب أبرز هاته التحوالت المتسارعة؟‬ ‫اعتبرت اإلذاعة أول وسيلة اتصال سمعي بصري دخلت في المغرب‪ ،‬حيث كانت‬ ‫مسخرة لخدمة أغراض االستعمار‪ ،‬بحيث يعود الفضل إلى تشجيع الدعاية اإلعالمية‬ ‫في اإلذاعة إلى الجنرال ‪ ،) ( « »Noguès‬حيث التفتت مبكرا إلى اإلمكانية التي‬ ‫توفرها هذه الوسيلة اإلعالمية الجماهيرية لتقوية الدعاية اإلذاعية للحماية‪،‬ولم‬ ‫تسعى السلطات االستعمارية آنذاك أبدا إلى خلق تصور شمولي مندمج في عملها‬ ‫من أجل التعريب وحضور المكون اإلسالمي واالهتمام بالمستمعين المغاربة‬ ‫المسلمين‪ ،‬بل كانت اإلذاعة فقط أداة لتنفيذ أجندة المستعمر وإرضاء المقيمين‬ ‫الفرنسيين‪ ،‬ولم تعرف اإلذاعة (راديو المغرب) القسم العربي إال في حدود سنة‬ ‫‪ ،1939‬وذلك من خالل إدماج بث القرآن والبرامج الدينية التي كانت مقصية‬ ‫لمدة طويلة‪ ،‬ولإلشارة شهد بث البرامج الدينية حركة احتجاجية من طرف بعض‬ ‫العلماء والقيمين الدينين‪ ،‬الذين اعتبروا أن الراديو أنشئ لهدف الترفيه‪ ،‬وأن أجهزة‬ ‫المذياع تنتشر في فضاءات األسواق والمقاهي‪ ،‬واألماكن التي ال تتوافق وتتالءم مع‬ ‫الطابع المقدس لكالم اهلل‪ ،‬وبالتالي فهي ال توفر الشروط المالئمة لسماعه‪ ،‬إال أن‬ ‫قرار المغفور له محمد الخامس سيحسم في هذه النازلة بالسماح لقراءة القرآن على‬ ‫أمواج اإلذاعة في ‪ 4‬شتنبر ‪.) (1940‬‬ ‫إن التنظيم التشريعي المبكر في مجال « المواصالت السلكية والالسلكية» في‬ ‫جملة ما يشمله البرق‪ ،‬والهاتف‪ ،‬والراديو‪ ،‬خلق أرضية وإطارا جاهزا لما سمي براديو‬ ‫المغرب ( )‪ ،‬واكبه فيما بعد إحداث أول مجلس لإلذاعة سنة ‪ ،1937‬بنص تنظيمي‬ ‫ارتكز في حيثياته على العديد من الظهائر الشريفة والقرارات الوزيرية التنظيمية ( )‬ ‫حسب مسطرة التشريع الجاري بها العمل حينئذ‪ ،‬حيث تنص المادة الثانية من هذا‬ ‫القرار الوزيري الذي أنشأ بمقتضاه لجنة استشارية لبرامج «راديو المغرب» باللغة‬ ‫العربية إلى‪:‬‬ ‫«تبدي اللجنة االستشارية رأيها حول تنظيم برامج راديو المغرب باللغة العربية‬ ‫وحول مواعد اإلرسال األكثر مالءمة للمستمعين المسلمين»‬ ‫وهكذا فإذا كان حضور اإلعالم الديني وفق مقاربة زمنية‪ ،‬مرتبطة بخصوصية‬ ‫المرحلة االستعمارية والحضور الدائم لخصوصيات المجتمع المغربي‪ ،‬فاألكيد أن‬ ‫التوجه وبشكل إجباري نحو برمجة دينية سيتم الحقا‪ ،‬في ظل المنافسة على أحواض‬ ‫االستماع بمنطقة شمال إفريقيا‪ ،‬مثل اهتمام «راديو باري» من إيطاليا و»راديو‬ ‫إشبيلية» من إسبانيا بالثقافة العربية واإلسالمية‪ ،‬وأمام هاته المنافسة قام راديو‬ ‫المغرب مضطرا برفع ساعات البث الدينية‪.‬‬ ‫عرف مغرب االستقالل الحقا‪ ،‬تحوال تدريجيا في مجال اإلعالم الديني‪ ،‬حيث‬ ‫ارتفعت ساعات بث البرامج الدينية سنة ‪ 1960‬إلى ‪ 15‬في المائة‪ ،‬شملت منها ‪8‬‬ ‫ساعات من القرآن الكريم وساعتين من األحاديث النبوية‪ ،‬لتصل إلى ‪ 17‬في المائة‬ ‫من مجموع البرامج المقدمة من طرف اإلذاعة الوطنية سنة ‪ ،1989‬وهكذا شكلت‬ ‫البرامج الدينية المرتبة الثالثة بعد الترفيه واألخبار( )‪،‬أما على مستوى القناة األولى‪،‬‬ ‫فقد شكلت البرامج الدينية جزءا من تصور شامل ضمن الخريطة البرامجية الدينية‪،‬‬ ‫حيث ضمت نقل صالة الجمعة والبرامج التفاعلية الدينية‪ ،‬كالبرنامج الشهير الذي‬

‫طبع أجيال متعددة « ركن المفتي»‪ ،‬إضافة إلى برامج دينية مناسبتيه‪ ،‬لتنفتح الحقا‬ ‫القناة الثانية وفق نفس التصور اإلعالمي الديني‪ ،‬لكن بإضافة برامج أخرى مماثلة‬ ‫تعنى بقضايا الفكر والدين والمسابقات القرآنية‪ ،‬لكن تبقى نقطة التحول الكبرى‬ ‫التي عرفها المشهد السمعي البصري في المغرب‪ ،‬هي المبادرة الملكية لإلعالن‬ ‫عن انطالقة إذاعة محمد السادس للقرآن الكريم‪ ،‬والقناة السادسة ( قناة محمد‬ ‫السادس للقرآن الكريم ) في تصور شامل لدعم التحوالت الكبرى التي يعرفها الشأن‬ ‫الديني في مجال تأهيل هذا الحقل‪ ،‬وفق مقاربة ترتبط بحضور «اإلعالم الديني»‬ ‫في فكر أمير المؤمنين‪.‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬اإلعالم الديني المعاصر في فكر أمير المؤمنين‬ ‫انتبه المغرب إلى حقيقة التحديات التي يعيشها العالم اإلسالمي‪ ،‬واتجه في‬ ‫مواجهة التحوالت المجتمعية المتسارعة بسن سياسة تواصلية شاملة تسعى إلى‬ ‫جعل اإلعالم الديني أكثر قربا من الجمهور‪ ،‬فماهي طبيعة هاته التحديات؟ وماذا‬ ‫عن فكر اإلعالم في التصورات التواصلية ألمير المؤمنين؟‬ ‫الفقرة األولى‪ :‬مواكبة أمير المؤمنين لتحديات قضايا العصر‬ ‫شكلت البيعة على مر التاريخ اإلسالمي‪ ،‬أهم الركائز التي تنبني عليها شرعية‬ ‫النظام السياسي الذي أبدعه المسلمون‪ ،‬وكانت الخالفة أحد ثمراته‪ ،‬وقد ظلت‬ ‫هذه المنظومة تمثل إطارا مرجعيا شامال‪ ،‬تلتقي فيه السلطتان الروحية والزمنية‬ ‫لدى الحاكم المسلم‪ ،‬والواقع أن إمارة المؤمنين كمؤسسة سياسية وروحية‪ ،‬تجمع‬ ‫بين هاتين السلطتين المركزيتين الهامتين لتشكال معا وفق منظور الدولة روح‬ ‫االستقرار التام ‪.‬‬ ‫يستمد المغرب نظامه السياسي على شرعية مرتكزة على مرجعية دينية‪،‬‬ ‫بانحدار الساللة الملكية من آل البيت النبوي الشريف‪ ،‬وعلى مرتكز آخر تاريخي‪،‬‬ ‫يرتبط بتوارث العرش منذ تأسيس الدولة العلوية خالل النصف الثاني للقرن السابع‬ ‫عشر( )وكذا على دعامة البيعة التي تتجدد سنويا لمبايعة أمير المؤمنين‪ ،‬إضافة إلى‬ ‫مرتكز دستوري يوجد على رأس أسمى القوانين يتمحور في الفصل ‪ 41‬من الدستور‬ ‫المغربي في اعتبار أن‪:‬‬ ‫«الملك أمير المؤمنين وحامي حمى الملة والدين‪ ،‬والضامن لحرية ممارسة‬ ‫الشؤون الدينية‪ .‬يترأس الملك‪ ،‬أمير المؤمنين‪ ،‬المجلس العلمي األعلى‪ ،‬الذي‬ ‫يتولى دراسة القضايا التي يعرضها عليه‪.‬‬ ‫ويعتبر المجلس الجهة الوحيدة المؤهلة إلصدار الفتاوي التي تعتمد رسميا‪،‬‬ ‫في شأن المحالة إليه‪ ،‬استنادا إلى مبادئ وأحكام الدين اإلسالمي الحنيف‪ ،‬ومقاصده‬ ‫السمحة‪ .‬تحدد اختصاصات المجلس وتأليفه وكيفيات سيره بظهير‪ .‬يمارس الملك‬ ‫الصالحيات الدينية المتعلقة بإمارة المؤمنين‪ ،‬والمخولة له حصريا‪ ،‬بمقتضى هذا‬ ‫الفصل‪ ،‬بواسطة ظهائر»‬ ‫يرتبط عقد البيعة أساسا في حيثياته بمنهجية القانون العام في تدبير الشأن‬ ‫العام‪ ،‬وشؤون الدولة والمؤسسات والجماعات واألفراد‪ ،‬إال أنه ورغم حضور مالمح‬ ‫هذا األخير في التدبير‪ ،‬نجد أن مبادئ قواعد قانون االلتزامات والعقود حاضرة‬ ‫هي األخرى في مفهوم هذا العقد‪ ،‬بمعنى أن البيعة تتضمن عالقة تبادل ما بين‬ ‫المتعاقدين (باسم كافة المؤمنين)‪ ،‬وذلك أو تلك الموجهة له‪ ،‬أي المرشح لإلمامة‬ ‫العظمى‪ ،‬وهكذا فإن عقد البيعة يتضمن حقو ًقا والتزامات‪ ،‬وهذا يعني أن االلتزام‬ ‫رابطة قانونية بين شخصين من أجل أهداف شاملة موحدة‪ ،‬تسعى لما فيه خير‬ ‫لألمة ومكوناتها‪ ،‬وفي مقدمة هاته االلتزامات من التزامات أخرى يوجد‪:‬‬ ‫ضمان حرية ممارسة الشؤون الدينية؛‬ ‫ •‬ ‫الدفاع عن األمن الروحي للرعية؛‬ ‫ •‬ ‫تدبير شؤون الدولة واالطمئنان على أحوال الرعية؛‬ ‫ •‬ ‫توفير الظروف والمناخ المناسب لألمن الروحي؛‬ ‫ •‬ ‫يمثل عقد البيعة وال شك الركن األساسي الذي ال محيد عنه بالنسبة‬ ‫للنظام الدستوري المغربي‪ ،‬الذي يجعل من الملك المكونالشرعي وحامي النظام‬ ‫االجتماعي‪ ،‬لكنّه بالمقابل يقر للمؤمنين حقوقا والتزاماتيمكنهم ممارستها في‬ ‫انسجام تام مع الملك‪ ،‬ومن هنا تبرز فكرة طبيعة هذا العقد‪ ،‬والمهام المنوطة‬ ‫بإمارة المؤمنين كسلطة ومؤسسة فاعلة في النظام السياسي والدستوري المغربي‪،‬‬ ‫ودعامة للوحدة الوطنية والضمانة الفعلية لتحقيق أمن المغاربة السياسي والروحي‪،‬‬ ‫بسبب ما يجدونه من ضمان لممارسة حقوقهم الدينية‪ ،‬والتعبير عن وجدانهم‬ ‫اإليمانية لكونهم يشعرون أن عقيدتهم في حمى أمير المؤمنين‪ ،‬لكن كيفما كان‬ ‫الحال فالحياة مليئة بالتحوالت واإلكراهات‪ ،‬التي تجعل من مهام إمارة المؤمنين قد‬ ‫تعترضها بعض اإلكراهات‪ ،‬خاصة أن العالم اإلسالمي كجزء من مكونات العالم‪،‬‬ ‫يعيش تحوالت وصعوبات حقيقية مؤثرة‪.‬‬

‫(يتبع)‬


‫العدد ‪1009‬‬

‫الشمال القانوني‬

‫الثالثـاء ‪� 03‬إلى ‪� 09‬شتنرب ‪2019‬‬

‫‪12‬‬

‫عشرون سنة من حكم محمد السادس‪..‬‬ ‫ماذا تغير في المملكة ؟ مسارات وتحوالت‬ ‫يكمل الملك محمد السادس نهاية هاته السنة عقدين من حكم المملكة‪،‬‬ ‫عشرون سنة فيها من المحطات واألحداث ما يستدعي الوقوف والتوقف‪ ،‬لكن‬ ‫وفق مقاربات وقراءات متأنية وموضوعية‪ ،‬بعيدا عن لغة «التصفيق والتهليل‬ ‫والتطبيل» من جهة‪ ،‬وأسلوب « التبخيس والعدمية» من جهة أخرى‪.‬‬ ‫االبتعاد عن هكذا منهج أو اللغة التبسيطية إن صح التعبير‪ ،‬أو محاولة تجنب‬ ‫بعض المحاذير كالتهليل أو التبخيس ومنطق الشعبوية الذي بات ينخر هذا‬ ‫المجتمع‪ ،‬يجعل من استقراء وقراءة وتحليل فترة عشرين سنة من حكم الملك‪،‬‬ ‫مسألة ليست بتلك السهولة التي يعتقد البعض‪ ،‬ألن الخروج ببعض االستنتاجات‬ ‫وَمحاولة توصيف المسارات السياسية والتنموية والديمقراطية يتطلب استحضار‬ ‫كافة المؤشرات واألرقام‪ ،‬والوقوف كذلك عند بعض المحطات الهامة‪..‬‬ ‫إن معالجة وفهم أسلوب الملك في الحكم و إدارة البالد‪ ،‬يستدعي من‬ ‫الناحية المنهجية‪ ،‬النبش ومحاولة تفكيك بعض الملفات والقضايا التي طرحت‬ ‫أو التي فرضت نفسها منذ سنة ‪ 1999‬إلى اليوم‪ ،‬من قبيل‪ ،‬ملف الوحدة الترابية‬ ‫والسياسة الخارجية‪ ،‬والملف االقتصادي واالجتماعي‪ ،‬والحقوقي‪ ،‬وتدبير ملف‬ ‫المصالحة مع الريف في ظل أحداث الحسيمة‪ ،‬وتدبير ملف اإلسالميون والحقلين‬ ‫السياسي والحزبي‪ ،‬كيف دبرت أربعة انتخابات تشريعية في عهده؟ باإلضافة إلى‬ ‫اإلشكاالت التنموية‪ ،‬واالختالالت المجالية التي طفت على السطح خالل السنتين‬ ‫االخيرتين‪.‬‬ ‫ملفات ومحطات تبدو متداخلة ومتشابكة‪ ،‬مما يحول دون وضع عناوين‬ ‫سريعة يمكن من خاللها اختزال أو توصيف « محطة العشرين سنة» من حكم‬ ‫الملك محمد السادس‪ .‬بالمقابل‪ ،‬يمكن الحديث عن عناوين لملفات بعينها‪،‬‬ ‫خاصة وأن تدبير الملف االقتصادي يختلف عن الملف االجتماعي والتنموي‪،‬‬ ‫والملف السياسي والحزبي يختلف عن الملف األمني‪ ،‬هذا باإلضافة إلى الملف‬ ‫الحقوقي وتدبير ملف االختالالت المجالية‪ ،‬السيما فيما يتعلق بالمصالحة مع‬ ‫الريف وباقي المناطق التي تندرج ضمن المغرب غير النافع(أحداث زاكورة‬ ‫وجرادة‪.)..‬‬ ‫ملفات وأحداث ومعطيات يصعب القفز عليها خالل عملية رصد وتحليل‬ ‫«أسلوب» الملك في الحكم‪ ،‬أو أثناء رصد التحوالت والتغيرات التي وقعت‬ ‫خالل العقدين الماضيين في المغرب‪.‬لكن‪ ،‬من جانب آخر‪ ،‬فرصد كل الجزئيات‬ ‫المرتبطة بهذه الفترة‪ ،‬يدخل الباحث في النفق المسدود‪ ،‬ويجعله رهينة لبعض‬ ‫األمور الثانوية عوض التركيز عن األحداث التي أثرت وصنعت مغرب اليوم‪ ،‬والتي‬ ‫ساهمت في بناء المسارات التنموية والديمقراطية والحقوقية بالمغرب‪.‬‬ ‫وفي معرض التحليل والرصد ال بد من التذكير بمالحظة أساسية‪،‬وهي أن‬ ‫الحديث عن الملك‪ ،‬ال يلغي وال يعني القفز عن حكومة لها صالحيات واسعة‪،‬‬ ‫بل المرجع األساسي المعتمدفي هذا االختيار هو منطوق الفصول ‪، 49 ،42‬‬ ‫‪ ،56 ،55 ،53‬من دستور ‪ ،2011‬التي تعتبر الملك هو رئيس الدولة‪ ،‬والمشرف‬ ‫على الملفات اإلستراتيجية والحساسة واألمنية والعسكرية والدبلوماسية‪ ،‬وتبعا‬ ‫لذلك‪ ،‬ارتأيت في هذه الورقة‪ ،‬أن أركز على سبعةمحاور‪/‬ملفات مع أخد بعين‬ ‫االعتبار الشرط الزمني في المعالجة والدراسة‪.‬‬ ‫الحقالن السياسي والحزبي‪..‬أعطاب وجمود وانسداد‬ ‫عندما تولى الملك محمد السادس الحكم سنة ‪ ،1999‬ورث حقال سياسيا‬ ‫سمته ظاهريا التعددية‪ ،‬لكنه باطنيا‪ ،‬حقل مبلقن‪ ،‬بأحزاب هشة وضعيفة‪ ،‬ونخب‬ ‫سياسية مرتبطة برواسب ثقافية لحقبة متجاوزة‪ ،‬باستثناء المكون اليساري‪ ،‬الذي‬ ‫كان يمثله حزب االتحاد االشتراكي للقوات الشعبية بزعامة الوزير األول انداك‪،‬‬ ‫عبد الرحمان اليوسفي‪ .‬لكن‪ ،‬سرعان ما انضم هذا الحزب إلى نادي « األحزاب‬ ‫الطيعة والضعيفة» بعد انتخابات ‪ 2002‬وما رافقها من انقسامات وخالفات حادة‬ ‫بين قياداته‪.‬‬ ‫إن وضع الحقلين السياسي والحزبي موضع المالحظة والتقييم طيلة‬ ‫عشرين سنة من حكم الملك‪ ،‬يستدعي من الناحية المنهجية استحضار أربعة‬ ‫انتخابات تشريعية وانتخابين جماعيين‪،‬وتعديل دستوري سنة ‪ ،2011‬وإخراج‬ ‫قانونتنظيميلألحزابالسياسية‪،‬وغيرهامنالمتغيراتالمؤسساتيةوالقانونية‬ ‫التي مست الحقلين‪ .‬وفي هذا اإلطار‪ ،‬يمكن اإلشارة إلى ثالث مالحظات أساسية‬ ‫تخص المقومات الجوهرية للحقلين وهي‪ ،‬الفعل االنتخابي‪ ،‬الترسانة القانونية‪،‬‬ ‫واألحزاب والنخب السياسية ‪:‬‬ ‫األولى‪،‬تتعلق باالنتخابات‪ ،‬بحيث جرت أربعة انتخابات تشريعية واستحقاقان‬ ‫جماعيان في عهد الملك محمد السادس خالل العقدين الماضيين‪ ،‬والسمة‬ ‫األبرز أن التعامل مع هاته االستحقاقات كان مغايرا لما كان يجري سابقا‪ ،‬حيث تم‬ ‫القطع مع بعض الممارسات السابقة مثل التزوير‪ ،‬ولم يسجل بشهادة المنظمات‬ ‫الداخلية والخارجية التي أشرفت على تتبع ومراقبة العملية االنتخابية‪ ،‬وكذلك‬ ‫األحزاب السياسية‪ ،‬أن تم اللجوء إلى تزوير نتائج االنتخابات لصالح طرف معين‪.‬‬ ‫وبقدرما يجب اإلقرار في هذا الصدد‪ ،‬أن هناك جرأة وصرامة كبيرتين‬ ‫أبداهما الملك للقطع مع بعض الممارسات البائدة التي كانت تسيء إلى العملية‬ ‫السياسية في المغرب كالتزوير‪ ،‬بقدر ما يجب اإلقرار كذلك أنه جرى االحتفاظ‬ ‫بنفس األساليب التقليدية والعتيقة التي استعملت لضبط الحقل السياسي‬ ‫وتسييجه‪ ،‬كخلق أحزاب جديدة‪ ،‬والرهان على « جيش من احتياطي األعيان»‪،‬‬ ‫هذا باإلضافة لتقسيم ترابي انتخابي محكوم بهواجس انتخابوية صرفة‪ ،‬ولوائح‬ ‫انتخابية يجري تعديها وتنقيحها في كل استحقاق انتخابي عوض تجديدها‬ ‫بشكل كلي‪ ،‬مما يؤكد أن هناك حرص على إعادة ضبط المشهد السياسي وفق‬ ‫قراءات وسيناريوهات مسبقة‪.‬‬ ‫ورغم توظيف بعض الميكانيزمات التقليدية في عملية الضبط‬ ‫والتأطير والتوجيه‪ ،‬إال أن الحقل السياسي في العقدين األخيرين‪ ،‬شهد نوعا‬ ‫من «االنفالت»‪ ،‬وصار عنصر المفاجئة والتشويق أحد العناصر المشكلة‬ ‫للعملية االنتخابية‪ ،‬حيث بدت أدوات الضبط المستعملة متجاوزة عندما تصدر‬ ‫اإلسالميين المشهد السياسي خالل ثالث استحقاقات انتخابية بعد إقرار دستور‬ ‫‪.2011‬‬ ‫المالحظة الثانية‪ ،‬تخص الترسانة القانونية المؤطرة للحقلين الحزبي‬

‫والسياسي‪ ،‬ومدى عالقة هذه الترسانة بتطوير أو تراجع مسار البناء‬ ‫أو التحول الديمقراطي‪ ،‬من خالل محاولة تجديد الحقل السياسي‬ ‫وعقلنة المشهد الحزبي‪ .‬خطوات ومبادرات اتخذت في هذا االتجاه‪،‬‬ ‫من قبيل إقرار قانون تنظيمي لألحزاب السياسية وما يتضمنه‬ ‫من مواد تصب في اتجاه تقييد سلطات وزارة الداخلية في مسألة‬ ‫تأسيس األحزاب أو منعها‪ ،‬مع إعطاء صالحيات أوسع لمؤسسة‬ ‫القضاء اإلداري‪ ،‬كما تضمن هذا القانون‪ ،‬مجموعة من الشروط‬ ‫الشكلية واإلجرائية التي تخص الديمقراطية الداخلية داخل‬ ‫األحزاب‪ ،‬كضرورة التنصيص عن مدة االنتداب وبعض الهياكل‬ ‫األساسية‪ ،‬هذا‪ ،‬باإلضافة‪ ،‬إلى إعطاء صالحيات واسعة للمجلس‬ ‫األعلى للحسابات لمراقبة مالية األحزاب بالشكل يسمح بمراقبة‬ ‫أوجه صرف األموال العمومية‪.‬وبالموازاة مع ذلك‪ ،‬أقر القانونان‬ ‫التنظيمان الخاصان بمجلسي النواب والمستشارين منع ظاهرة‬ ‫الترحالالسياسي‪.‬‬ ‫وفي إطار محاولة عقلنة الممارسة السياسية‪ ،‬وانسجاما مع‬ ‫التوجهات الملكية الرامية إلى إقرار جهوية متقدمة كبداية و أرضية‬ ‫لجهوية موسعة على غرار بعض التجارب األخرى كإسبانيا‪ ،‬سوف‬ ‫يتم ألول مرة إقرار ثالث قوانين تنظيمية خاصة بمجالس الجهات والعماالت‬ ‫واألقاليم والجماعات الترابية‪.‬‬ ‫إن إقرار هذه القوانين التنظيمية وما تضمنته من صالحيات واسعة‬ ‫للمنتخبين‪ ،‬باإلضافة إلى الوثيقة الدستورية التي شكلت بدورها اإلطار‬ ‫الدستوري لتلك القوانين‪ ،‬تغيرات جاءت وفق سياقات خاصة‪ ،‬السيما مع بروز‬ ‫حركة ‪ 20‬فبراير سنة‪ 2011‬وخطاب ‪ 9‬مارس من نفس السنة‪ ،‬وهذه السياقات‬ ‫ربما ترتبط بشكل أكبر بالمالحظة الثالثة‪.‬‬ ‫المالحظة الثالثة‪ ،‬رغم أهمية الجانبين االنتخابي والقانوني‪ ،‬إال أن الجانب‬ ‫المتعلق بالنخب واألحزاب السياسية ال يقل أهمية كذلك‪ ،‬فعملية ضبط إيقاع‬ ‫الممارسة السياسية كان يمر عبر توجيه وصناعة النخب السياسية‪ ،‬وتسييج‬ ‫الحقل الحزبي‪ .‬ودون الخوض في تفاصيل الحياة السياسية طيلة العشرين سنة‬ ‫الماضية‪ ،‬فمن المؤكد أن الملك محمد السادس تعايش مع « النخب السياسية‬ ‫الحسنية» نسبة إلى عهد الراحل الحسن الثاني‪ ،‬ولم تدرك المؤسسة الملكية‬ ‫مخاطر أعطاب الحقل الحزبي وضعف وعدم قدرة النخب السياسية الموجودة‬ ‫على التأطير ولعب دور الوساطة‪ ،‬إال عندما وجدت نفسها وجها لوجه مع الحراك‬ ‫الفبرايري الذي انطلق في ‪ 20‬فبراير من سنة ‪ 2011‬في محيط مضطرب‬ ‫شهدته الرقعة العربية انداك‪.‬‬ ‫«حراك شعبي» دفع بالملك إلى تصدر واجهة األحداث عبر خطاب ‪ 9‬مارس‬ ‫واإلعالن تشكيل لجنة لتعديل الدستور‪ ،‬والقيام بخطوات موازية الستنفار وتعبئة‬ ‫كافة الموارد المادية والبشرية لتجنيب المملكة مطبات لم تكن مهيئة لها‪ ،‬غير‬ ‫أن خروج ما يقارب ‪ 50‬مظاهرة في كل أسبوع‪ ،‬وتالشي أو اختفاء المكون الحزبي‬ ‫في تلك الفترة‪ ،‬فلم يجد الملك على يمينه سوى المؤسسة األمنية التي كانت‬ ‫في قلب الحدث وساهمت في تدبير الحراك عبر مختلف المستويات من ضبط‬ ‫سقف وتسييج مجاالت تحرك الفاعلين‪.‬‬ ‫ليتكفل إسالميو العدالة والتنمية بعد إجراء أول انتخابات تشريعية في ظل‬ ‫دستور ‪ ،2011‬بالقيام بأدوار سياسية على ما يبدو لم تكن مسطرة ومطلوبة‬ ‫منهم‪ ،‬السيما أنهم تصدروا المشهد السياسي رغم عدم مشاركتهم في ‪20‬‬ ‫فبراير‪.‬‬ ‫ومن خالل استقراء الحقلين السياسي والحزبي‪ ،‬يالحظ أن هناك أخطاء‬ ‫وقعت في سياقات معينة‪ ،‬أخطاء ترتبط أساسا بترتيب النتائج‪ ،‬ويمكن هنا‬ ‫الحديث عن محطتين أساسيتين مفصليتين في تاريخ المغرب المعاصر‪ ،‬األولى‪،‬‬ ‫تتعلق بطريقة التعامل مع نتائج انتخابات ‪ ،2002‬والمتمثلة في غلق قوس تجربة‬ ‫حكومة التناوب أي حكومة اليوسفي بطريقة لم تكن مدروسة‪ ،‬بطريقة تقترب‬ ‫إلى المزاجية والعشوائية‪ .‬لذا‪ ،‬فارتدادات ونتائج تلك المرحلة حاضرة اليوم في‬ ‫تفاصيل المشهد السياسي بطريقة مباشرة وغير مباشرة‪ ،‬خاصة فيما يتعلق‬ ‫ببداية تفكك أحد أهم األقطاب اليسارية وفراغ المشهد السياسي‪ .‬المحطة‬ ‫الثانية‪ ،‬ترتبط بطريقة تدبير أو ترتيب نتائج حراك ‪ 20‬فبراير‪ ،‬خاصة بعد‬ ‫انتخابات ‪ ،2011‬حيث انتقل صراع الدولة مع اإلسالميين من مواقع أو مستويات‬ ‫إلى أخرى‪ ،‬انتقل من خارج دوائر الحكم‪(،‬كانت تيارات اإلسالم السياسي في موقع‬ ‫المعارضة)‪ ،‬إلى مربع السلطة(ترؤسهم للحكومة)‪ .‬هذا الوضع‪ ،‬أفضى إلى وجود‬ ‫صراع خفي يخاض داخل هياكل ومراكز مؤسسات الدولة‪ ،‬مما أسفر عن وجود‬ ‫نوع من التنافس أو االحتكاك مما نتج عنه تعطيل وجمود على مستوى التفاعل‬ ‫مع انتظارات الشارع وهموم الناس‪.‬‬ ‫الدولة وتدبير ملف اإلسالميين‪..‬احتواء وتمرد‬ ‫ظهرت على الساحة السياسية المغربية‪ ،‬في اآلونة األخيرة‪ ،‬بعض‬ ‫المؤشرات التي تنذر أو تؤكد وجود سوء فهم كبير بين الدولة وإسالميي العدالة‬ ‫والتنمية‪ ،‬وأن العالقة بينهما متشنجة ومتوترة ولم تعد كما كانت في سابق‬ ‫عهدها‪ ،‬حيث باتت السلطة بالمغرب تسارع الزمن وتحاول جاهدة إعادة ضبط‬ ‫عقارب الساعة وفق النمط القديم في تدبير عالقتها بالمكونات اإلسالمية؛‬ ‫وهو النمط القائم على «االحتواء» و»الضبط والتوجيه» و»رسم مجال االشتغال‬ ‫مسبقا»‪...‬‬ ‫وارتباطا باألحداث المتتالية والمتسارعة‪ ،‬وباستحضار كافة المؤشرات‬ ‫والوقائع‪ ،‬يمكن القول أن السلطة السياسية في المغرب تتجه نحو غلق قوس‬ ‫تجربة مشاركة االسالميين في السلطة‪ ،‬أو في أقصى الحاالت محاولة إعادة‬ ‫هذه التجربة إلى بداياتها األولى‪ ،‬من خالل تسييج مشاركتهم وضبطها وفق‬ ‫سقف ال يتجاوز وجودهم بأعداد محدودة داخل قبة البرلمان‪ ،‬بعدما اتضح جليا‬ ‫أن حركات اإلسالم السياسي يصعب ترويضها وضبطها وفق الميكانيزمات‬ ‫والضوابطالسابقة‪.‬‬ ‫صحيح أن العالقة بين الطرفين مرت سابقا بحاالت ومحطات عديدة من‬ ‫الشد والجذب‪ ،‬إال أنها بقيت مؤطرة وفق سقف لم يصل إلى مستوى التوتر‬ ‫الحالي‪ ،‬بحيث حاول الحزب اإلسالمي أن يدبر عالقته بالدولة وهو يعيش مخاض‬ ‫االندماج والحصول على الشرعية والتطبيع مع المؤسسات بطريقة براغماتية‬

‫محمد الزهراوي‬ ‫أستاذ العلوم السياسية‪،‬‬ ‫جامعة القاضي عياض‬

‫قوامها التنازل والمهادنة واالصطفاف على يمين القصر في جميع المحطات‪،‬‬ ‫مقابل ضمان موقع سياسي‪/‬اجتماعي يسمح له باالنسياب الهادئ داخل دواليب‬ ‫الدولة‪.‬‬ ‫أما السلطة السياسية‪ ،‬فكانت ترى في حزب العدالة والتنمية أداة تنظيمية‬ ‫وخزانا انتخابيا‪ /‬اجتماعيا صاعد‪ ،‬بالرغم من حساسيته اإليديولوجية وإمكانية‬ ‫منازعة ومزاحمة الملك في مشروعيته الدينية؛ لكن يمكن ترويضه وتوظيفه‬ ‫كورقة أو بيدق جديد على «رقعة الشطرنج» لتحقيق مجموعة من األهداف‬ ‫والتوازنات السياسية‪ ،‬وفي إدارة وإعادة ضبط الحقل الحزبي‪.‬‬ ‫ومع توالي األحداث والوقائع‪ ،‬خاصة بعد تعديل الدستور سنة ‪ ،2011‬وما‬ ‫أعقبها من نتائج أفرزت فوز الفصيل اإلسالمي بصدارة استحقاقين تشريعيين‬ ‫لسنتي ‪ 2011‬و‪ 2016‬وشبه اكتساح للمجالس البلدية في مدن كبرى خالل‬ ‫االنتخابات الجماعية لسنة ‪.2015‬‬ ‫هذه النتائج والتحوالت اإلقليمية والدولية‪ ،‬خاصة بعد ظهور مؤشرات تؤكد‬ ‫تراجع المد األصولي الذي حمله الحراك الشعبي في الرقعة العربية أواخر سنة‬ ‫‪ ،2010‬سواء من خالل إغالق قوس تجربة اإلسالميين في كل من تونس ومصر‪،‬‬ ‫أو من خالل تراجع الحماس أو الدعم الغربي لتجربة إدماج اإلسالم السياسي‪.‬‬ ‫كل هذه العوامل دفعت بالسلطة في المغرب إلى مراجعة تدبيرها لهذا‬ ‫الملف‪ ،‬من خالل محاولة إعادة ترسيم وضبط مجال وحدود تحرك إسالميي هذا‬ ‫الحزب؛ لكن المفاجأة كانت غير سارة بالنسبة إلى المدافعين عن خيار إدماج‬ ‫اإلسالميين من دوائر السلطة بعدما أحسوا بالخطر‪ ،‬وأن األمور بدأت تنفلت‬ ‫من بين أيديهم‪ ،‬بحيث أدركوا بعد حين أن ميكانيزمات الترويض واالحتواء لم‬ ‫تسعفهم في لجم وضبط إيقاع الصعود المتنامي لإلسالميين‪ ،‬فوجدوا أنفسهم‬ ‫أمام حزب يغيّر قواعد اللعبة بطريقة ذكية تخدم تمدده وتغلغله في المجتمع‪..‬‬ ‫بالموازاة مع هذه التحوالت التي مست قواعد اللعبة السياسية والمشهد‬ ‫الحزبي المتردي‪ ،‬لوحظ أن هناك تغيرا كبيرا على مستوى خطابات الحزب‬ ‫اإلسالمي ونبرته تجاه السلطة والفرقاء السياسيين؛ فمقابل شعارات المهادنة‬ ‫والتنازل والتوافق التي اعتمدها في السابق‪ ،‬صار يتعامل بالندية والتحدي وال‬ ‫يتردد كذلك في إشهار ورقة «شرعية الصناديق» و»االختيار الشعبي» في‬ ‫المواجهة مع السلطة السياسية‪.‬‬ ‫كما صار في حكم المتوقع أن هذا الحزب يتجه نحو اكتساح المشهد‬ ‫السياسي بشكل غير مسبوق‪ ،‬خاصة في ظل ضعف ومحدودية الفاعلين اآلخرين‬ ‫وعزوف كبير للهيئة الناخبة‪.‬‬ ‫أمام هذا الوضع‪ ،‬أصبحت السلطة تنظر بعدم الرضا وبتوجس كبير إلى هذا‬ ‫الحزب اإلسالمي‪ ،‬وبات في نظرها «حزبا متمردا» وجب تقليم أظافره وإعادته‬ ‫إلى حجمه السابق؛ في حين أن حزب العدالة والتنمية يرى أن الديمقراطية‬ ‫تقتضي احترام إرادة الناخبين‪ ،‬وأن ال شرعية تعلو على شرعية الصناديق‪ ،‬وأن‬ ‫زمن «صناعة الخرائط االنتخابية قد ولى»‪.‬‬ ‫وبالتالي‪ ،‬فهذا الحزب‪ ،‬الذي كان سابقا يصارع من أجل نيل االعتراف‬ ‫والحصول على الشرعية القانونية‪ ،‬أصبح يحتج ويحاجج في مواجهة السلطة‬ ‫بالقانون والشرعية؛ وهو ما أثار حفيظتها‪ ،‬ال سيما أن ضبط وتوزيع األدوار داخل‬ ‫الحقل السياسي كان وال يزال تعتبره السلطة من صميم قواعد اللعبة السياسية‬ ‫المسطرةمسبقا‪.‬‬ ‫من هنا‪ ،‬بدأ الصراع‪ ،‬كل طرف يحاول إضعاف الطرف اآلخر وإنهاكه‪،‬‬ ‫فاإلسالميون يراهنون على األوضاع االجتماعية الهشة و»هامش الديمقراطية‬ ‫الموجود» وضعف المنافسين اآلخرين للبقاء أكثر في دفة التسيير وانتظار «مرور‬ ‫العاصفة» داخليا ودوليا‪ ،‬مع تقديم بعض التنازالت التي تسمح ببقاء التنظيم‬ ‫في الساحة السياسية‪ ،‬والحرص كذلك على عدم ضياع مجموعة من المكاسب‬ ‫السياسية واالنتخابية التي حققت طيلة عشرين سنة من مشاركتهم في العملية‬ ‫السياسية‪.‬‬ ‫أما الدولة‪ ،‬فهي تسعى بدورها إلى كبح أو «فرملة تمددهم داخل الحقل‬ ‫السياسي» من خالل المراهنة على السياسات الالشعبية التي يتخذها هذا الحزب‬ ‫على رأس الحكومة واللعب على التناقضات والمشاكل الداخلية التي طفحت على‬ ‫السطح بعد إبعاد بنكيران‪ ،‬والسقطات األخالقية لبعض المنتسبين ‪ ،‬وذلك‬ ‫بهدف إنهاكه والنيل من شعبيته قبل االستحقاقات المقبلة‪ .‬كما تراهن السلطة‬ ‫كذلك على اعتماد مقاربات ترتكز على «السخاء» في توزيع المنافع المادية‬ ‫والرمزية على قيادات الحزب‪ ،‬الحتوائهم وضمان خضوعهم بشكل يسلبهم‬ ‫القدرة على التمرد أو اتخاذ المبادرة‪.‬‬ ‫لذلك‪ ،‬بات الصراع مفتوحا على جميع القراءات والسيناريوهات‪ ..‬ومن‬ ‫المحتمل أن توظف فيه كذلك‪ ،‬في المستقبل‪ ،‬جميع الميكانيزمات‪ ،‬سواء‬ ‫المؤسساتية أو القانونية أو االنتخابية‪.‬‬

‫(يتبع)‬


‫الثالثـاء ‪� 03‬إلى ‪� 09‬شتنرب ‪2019‬‬

‫العدد ‪1009‬‬

‫عالم من‬ ‫�أ‬ ‫املغرب ‪:‬‬ ‫�شمال‬

‫‪13‬‬

‫القاضي مصطفى بن محمد بلقات‬

‫هو القاضي مصطفى بن الحاج محمد بن الحاج أحمد بن عبدالبرّ بن‬ ‫إبراهيم بلقات التطواني مولدا ومنشأ وإقبارا‪ ،‬الطنجي دارا ووفاة وقرارا‪.‬‬ ‫بلقات عائلة أصلها من الجزائر‪ ،‬يقول الفقيه محمد داود‪( :‬أوّل من عرف من‬ ‫أفراد هذه العائلة هو السيد إبراهيم ابن القات‪ ،‬الذي خلف أوالده‪ :‬علي وعبدالبر‬ ‫وعبدالقادر‪ ،‬فعلي لم يخلف إال إناثا‪ ،‬أما أوالد ابن القات الموجودون حاليا بتطوان‪،‬‬ ‫فينتمون إلى أحد الفرعين‪ :‬فرع السيد عبدالقادر (أو قدور)‪ ،‬أو فرع السيد عبد البر)‪.‬‬ ‫والمترجم من الفرع الثاني‪ ،‬أمّا الفرع األول فينتسب إليه‪ :‬الفقيه عبدالسالم‬ ‫بن محمد عبدالقادر بن إبراهيم بلقات(ت‪1404‬هـ‪1984/‬م)‪.‬‬ ‫والدته‪ :‬ولد بتطوان سنة ‪1358‬هـ‪ ،‬موافق ‪14/6/1940‬م‪.‬‬ ‫نشأته‪ :‬نشأ بتطوان‪ ،‬في بيت عُ ِرف بالتدين وااللتزام‪ ،‬والصون والعفاف‪،‬‬ ‫في حضن والده التاجر الورع الحاج محمد بلقات‪ ،‬الذي كان محبا للعلم مياال‬ ‫إلى أهله‪ ،‬توّاقا إلى أن يكون ابنه مصطفى من العلماء‪ ،‬ولذلك كان يعتني به‬ ‫في هذا المجال‪ ،‬ويحفزه ماديا ومعنويا على المضي في طريقه‪ ،‬وقد عرف في‬ ‫صغره بالزهد واالنكماش واالنحياش إلى زاوية الكتانيين‪ ،‬مع العزوف عن الدنيا‬ ‫ومباهجها‪ ،‬إلى أن رآه على هذه الحال شيخنا محمد بوخبزة فأشفق عليه‪ ،‬وحفزه‬ ‫على الرحلة إلى الحجاز واالنتظام في الجامعة اإلسالمية بالمدينة المنورة قصد‬ ‫استكمال الدراسة‪ ،‬فامتثل وبادر‪.‬‬ ‫دراسته وشيوخه‪ :‬درس أوال ببلده تطوان على مجموعة من المشايخ‬ ‫منهم الفقيه أحمد الحداد الصدر األعظم بالمنطقة الخليفية وكان له به مزيد‬ ‫اختصاص‪ ،‬والقاضي عبد السالم بلقات … وبالسعودية في سلك الجامعة‬ ‫اإلسالمية تتلمذ على مجموعة من المشايخ على رأسهم الشيخ عبدالعزيز بن باز‪،‬‬ ‫يكل وال ّ‬ ‫ومحمد بن األمين الشنقيطي … وظل هناك مُكِبًّا على العلم ال ّ‬ ‫يمل‬ ‫إلى ْ‬ ‫أن تخرج‪ ،‬فقفل راجعا إلى بلده؛ حيث انتظم بجامعة القرويين‪ ،‬كلية الشريعة‬ ‫بفاس‪ ،‬وتتلمذ على أساطينها‪ ،‬أمثال‪ :‬العابد الفاسي وعبدالعزيز بن أحمد بن‬ ‫الخياط والجواد الصقلي … وباجتهاده ومثابرته تمكن من تحصيل شهادة‬ ‫اإلجازة في الشريعة‪.‬‬ ‫وظائفه‪ :‬بعد أن أتمّ تعليمه النّظامي‪ ،‬توجّه إلى القضاء لالنخراط فيه‪،‬‬ ‫فكانت هي المهمة الوحيدة التي استحوذت عليه طيلة حياته العملية‪ ،‬حيث عمل‬ ‫قاضيا شرعيا بغير ما مدينة من مدن المغرب‪ :‬تمانرت بسوس‪ ،‬طنجة‪ ،‬وزان‪،‬‬ ‫الرّباط؛ إلى أن أُحيل على المعاش سنة ‪1420‬هـ‪2000/‬م‪.‬‬

‫موائدُ الحرفِ‬

‫(ديوان فوائد وعوائد ومحا�ضرات)‬

‫واشتغل أيضا من باب التّطوع واالختيار بالخطابة في مسجد محمد‬ ‫الخامس بطنجة‪ ،‬وكانت خطبه مشكورة‪ ،‬لما تميزّت به من فصاحة في اإللقاء‪،‬‬ ‫ووضوح في تناول المواضيع‪ .‬والوعظ في مسجد خوصافات (وهو الحي الذي كان‬ ‫يقطن فيه) بطنجة أيضا بطلب من لجنة المسجد‪ ،‬وظل يقوم بهذه المهمة إلى‬ ‫أن أعاقه المرض عن االستمرار‪.‬‬ ‫مكتبته‪ :‬كان رحمه اهلل ولوعا باقتناء الكتب منذ صغره‪ ،‬ال يخشى قلة ذات‬ ‫اليد أو يفكر في عاقبة األمر إذا استهواه الكتاب‪ ،‬ومن طرائفه ممّا حدثنا في هذا‬ ‫الباب‪ ،‬طرفتان‪:‬‬ ‫األولى‪ :‬أيام كان طالبا في الجامعة اإلسالمية‪ ،‬يتردد على بعض الكتبيين‬ ‫بالمدينة المنورة‪ ،‬فرأى عنده ذات يوم رسالة أبي داود إلى أهل مكة‪ُ ،‬‬ ‫فأعجب بها‪،‬‬ ‫وسأل عن ثمنها‪ ،‬فلمّا أعلمه‪ ،‬استغاله‪ ،‬ولم يستطع اقتناء الرسالة‪ ،‬ونظرا لتع ّلقه‬ ‫بها‪ ،‬راوده خاطر يُوحي له بأخذها خفية قصد االستنساخ مع الرّدّ في أقرب وقت‪،‬‬ ‫وكذلك فعل‪ .‬لكنه بعد مدّة ندم على ما فعل‪ ،‬وعدّه من باب الخيانة‪ ،‬فتاب إلى‬ ‫اهلل‪ ،‬وذهب إلى صاحب المكتبة‪ ،‬وصارحه طالبا منه الصّفح والعفو‪.‬‬ ‫الثانية‪ :‬أنه سافر في رحلة مع أهله وأبنائه إلى فاس بقصد النزهة‪ ،‬فصادف‬ ‫بها مزادا للكتب (الدْالَلة)‪ ،‬استهوته فيه بعض المعروضات‪ ،‬فاقتناها وقفل راجعا‬ ‫إلى طنجة‪ ،‬فعندما استفسره أهله عن سبب الرجوع‪ ،‬قال‪ :‬المال أخذته الكتب‪.‬‬ ‫وبسبب هذا الحبّ والتعلق بالكتاب‪ ،‬جمع رحمه اهلل مكتبة جيدة‪ ،‬منتقاة‪،‬‬ ‫ال يخلو فن من فنون المعرفة اإلسالمية إال وفيها حظ أو نصيب‪ ،‬سوى الحديث‬ ‫والتراجم فقد كان يقتني منهما ما تصل إليه يده‪.‬‬ ‫وبعد وفاته حُبِّست المكتبة على طلبة معهد اإلمام نافع بطنجة‪ ،‬بوصية‬ ‫منه‪.‬‬ ‫خصاله‪ :‬لقد جالسناه وخالطناه في مجالس متعددة ببيته وبمكتبة اإلخوان‬ ‫بطنجة‪ ،‬فلمسنا فيه أسنى الخصال‪ ،‬وأعرق األخالق‪ ،‬من تواضع جمّ‪ ،‬وتؤدة مع‬ ‫حلم‪ ،‬وصدق في الحديث‪ ،‬وكرم ضيافة‪ ،‬وسالمة صدر‪ ،‬وبشاشة تؤنس الجليس‪،‬‬ ‫ولين جانب تهدي األنيس‪ ،‬إلى أمر بالمعروف ونهي عن المنكر إرضا ًء للربّ‪،‬‬ ‫وصونا لحرمات الشرع‪.‬‬ ‫أعماله وآثاره‪ :‬لم يكن رحمه اهلل من هواة ال ّلهو والبطالة في أوقات الفراغ‪،‬‬ ‫بل كان يشغله دائما بالكتابة والتأليف‪ ،‬ولو في أحوال المرض التي اعترته في‬ ‫أواخر حياته‪ .‬وممّا خلده في هذا الباب‪ :‬ترتيب أحاديث علوم الحديث للحاكم‪،‬‬

‫د‪ .‬بدر العمراني‬

‫ترتيب أحاديث الفقيه والمتفقه للخطيب البغدادي‪ ،‬ترتيب أحاديث التاريخ الكبير‬ ‫للبخاري‪ ،‬ترتيب أحاديث األسماء والكنى للدُّوالبي‪ ،‬ترتيب أحاديث الطبراني‬ ‫الصغير‪ ،‬ترتيب أحاديث تاريخ جُرْجَان للسّهمي‪ ،‬بذل الغاية في تخريج أحاديث‬ ‫البداية (خرج فيه أحاديث بداية المجتهد و نهاية المقتصد البن رشد‪ ،‬وهو‬ ‫تخريج موسع (في ثالث مجلدات) أطال فيه النفس باستيعاب الطرق و الروايات)‪،‬‬ ‫تخريج أحاديث الرسالة القشيرية (طرر بهامش الرسالة‪ ،‬استعاره منه بعض أقاربه‬ ‫فلم يردّه)‪ ،‬الفوائد الحديثية‪ ،‬كتاب لطيف‪( ،‬اطلعت عليه وهو عبارة عن انتقاء‬ ‫للعلل الخفية المتناثرة في كتب الحفاظ المتقدمين كابن حِبّان والدارقطني‪،)..‬‬ ‫تحريك القرائح للكالم على الجوائح (وهو بحث تخرّجه من كلية الشريعة بفاس‬ ‫بإشراف الشيخ العابد الفاسي رحمه اهلل‪ ،‬وهو بحث جيّد عالج فيه مسألة الجوائح‬ ‫من خالل الحديث الذي رواه مسلم عن جابر رضي اهلل عنه قال‪ :‬قال رسول اهلل‬ ‫صلى اهلل عليه وآله وسلم‪« :‬لو بعت من أخيك ثمرا فأصابته جائحة؛ فال يحل‬ ‫لك أن تأخذ منه شيئا‪ ،‬بم تأخذ مال أخيك بغير حق؟»)‪ ،‬ونوادر القضاة قديما‬ ‫وحديثا (وهو مشروع ابتدأه أيام مرضه‪ ،‬أطلعني على بعض مسوّدته قبل وفاته‬ ‫بثالث سنوات)‪ .‬ومذكراته الشخصية تقرب من ‪ 500‬صفحة (وهي بمثابة السيرة‬ ‫الذاتية‪ ،‬أورد فيها تراجم ألعالم عرفهم واحتكّ بهم‪ ،‬مثل الفقيه أحمد الحداد‬ ‫الذي ذكر عنه طرائف ونوادر‪ ،‬وتجده أحيانا يستطرد بذكر بعض الفوائد الفقهية‬ ‫أو الحديثية المناسبة للمقام‪ ،‬لكن دون أن يطيل)‪.‬‬ ‫وهذه الكتب ك ّلها مخطوطة‪ ،‬وكم ح ّفزته على طبع بعضها‪ ،‬فكان يمتنع‪،‬‬ ‫ويلوّح بكالم يُومئ إلى مقولة ابن رشد رحمه اهلل‪ :‬عند الممات‪ ،‬تظهر التّركات‪.‬‬ ‫لكن لألسف فقد أقبرت كتبه عند ولديه‪ ،‬واآلن مرّت عشر سنوات على‬ ‫رحيله‪ ،‬دون أن يحيوها‪.‬‬ ‫وفاته‪ :‬وبعد هذه الحياة الحافلة بالعطاء‪ ،‬رحل الفقيد إلى دار البقاء‪ ،‬بعد‬ ‫أن عانى أمراضا حادة على رأسها مرض القلب العُضال‪ ،‬يوم السبت ‪ 13‬محرم‬ ‫‪1430‬هـ موافق ‪ 10‬يناير ‪2009‬م بطنجة‪ .‬ثمّ نُقل في اليوم الموالي إلى تطوان‬ ‫لدفنه هناك والصّالة عليه‪ .‬رحمه اهلل وأجزل له المثوبة‪ ،‬آمين‪.‬‬ ‫مصادر الترجمة‪:‬‬ ‫• عائالت تطوان ‪1/306‬ـ ‪307‬‬ ‫• معلومات شفهية عن‪ :‬المترجم رحمه اهلل‪ ،‬وعن الفقيه محمد بوخبزة‬ ‫حفظه اهلل‪.‬‬

‫بين دفتيّ هذا َ‬ ‫شكــول فوائـــدُ في الفقــه واألصول والتاريخ‬ ‫الك‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ونخيلـــة‬ ‫حصيلــــة مطالــعـــاتٍ وسماعــاتٍ‪،‬‬ ‫واللغـــة واألدب‪ ،‬وهـــي‬ ‫ٌ‬ ‫وبـــاعــــث على‬ ‫لإلينــاس‪،‬‬ ‫تحقيقاتٍ وجواباتٍ‪ ،‬وتنـــوُّعهـا مجلبـــ ٌة‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫التروّح؛ َّ‬ ‫التنقل بين‬ ‫وتستـــروحُ إلى‬ ‫النمط الواحدَ‪،‬‬ ‫ألن النفس تسأمُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫أفانين الكالم‪ ..‬ولعل القارىء يجد فيها متنفسهُ إذا تم ّلكه الضجرُ‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫الوحشة‪ ..‬واهلل الهادي إلى سواء السبيل‪.‬‬ ‫واستفرغتهُ‬

‫ٌ‬ ‫فــائدة دعوي ٌَّة‬ ‫‪.18‬‬

‫العمل اليسي ِر شي ٌء يكون طريقاً إلى اهلل‪ ،‬وسبباً للنجاة‪ ،‬وربما يُجازى عليه جزا َء‬ ‫من دروس النبوَّةِ أال يُح َقرَ من ِ‬ ‫الوفير الكثير‪ ..‬ودونكَ ُ‬ ‫الـمثل الناصعة‪:‬‬ ‫التبسمُ في وجهِ أخيكَ صدق ٌة‪..‬‬ ‫ُ‬ ‫شعب اإليمان‪..‬‬ ‫إماطة األذى عن‬ ‫ِ‬ ‫الطريق شعب ٌة من ِ‬ ‫شقُّ التمرة حجابٌ بينكَ وبين النار‪..‬‬ ‫كلماتٌ ليست كالكلماتِ‪ ..‬ال ُ‬ ‫جوانح المؤمن الذي شبَّهه‬ ‫طيب‬ ‫وبذخ البذل؛ بل تستروح ِ‬ ‫ِ‬ ‫تحفل بكثرةِ النَّصَب‪ِ ،‬‬ ‫صاحبُ جوامع الكلم ـ عليه الصالة والسالم ـ بالنَّحلة ال تأكل إال طيّباً‪ ،‬وال تضعُ إال طيّباً‪..‬‬

‫ٌ‬ ‫فــائدة لغوي ٌَّة‬ ‫‪. 19‬‬

‫اتهم ابن دريد صاحبُ (الجمهرة) بالوضع في اللغة؛ ألنه كان مدمناً للخمر‪ ،‬ومتعمداً في سكره الصَّنعة والتَّوليد‪،‬‬ ‫وكان إبراهيم بن عرفة المشهور بـ (نفطويه) يجرِّحهُ ّ‬ ‫ويطرحُ روايته‪ ،‬بسبب ما كان بينهما من الضّعن والنَّفاسة‪ ،‬حتى‬ ‫هجاه ابن دريد قائ ًال‪:‬‬ ‫و�صي الباقي �رصاخ ًا عليهِ‬ ‫ِ‬ ‫بن�صف ا�سمهِ =‬ ‫�أحرقهُ الله‬ ‫رَّ‬ ‫أن اسم (نفطويه) َّ‬ ‫والبيتُ غاي ٌة في ّ‬ ‫ّ‬ ‫والتحطط‪ ،‬ومرادُ ابن دريد منه َّ‬ ‫مركبٌ من لفظين‪( :‬النفط) و (ويه)‪،‬‬ ‫التهكم‬ ‫يُصاح به عليه عند الموت‪.‬‬ ‫فاألول يُحرق به‪ ،‬والثاني‬ ‫ِ‬ ‫بالوضع من قبيل كالم‬ ‫والحقُّ أن العلماء ارتصدوا للدفاع عن ابن دريد؛ النفساح ذرعه في اللغة‪ ،‬وعدّوا اتهامه‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫الحفيظة عاد ًة‪ ،‬وتذكيه حظوظ النفس!‬ ‫األقران الذي تثيره‬

‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫أ�صولية‬ ‫فــائدة �‬ ‫‪.20‬‬

‫الفطر ُة الوصفُ األكبرُ للشَّريعةِ‪ ،‬فال بدع أن تكون شهادتها للمقاصد معتدّاً بها؛ بل هي ـ عندي ـ من ضوابطِ‬ ‫نظاراً َ‬ ‫تعيين الضروريِّ‪ ،‬والحاجيِّ‪ ،‬والتحسينيِّ‪ ..‬ولم أر أصوليّاً َّ‬ ‫أحفل بالفطرة ‪ ،‬وأعنى بها في ضبط مقاصد الشريعة كابن‬ ‫عاشورـ رحمه اهلل ـ‪ ،‬ولو ارتصد بعض الباحثين الكفا ُة لدراسة مصطلح الفطرة وسياقه االجتهاديِّ عند الرجل لكان حسناً‪.‬‬

‫ٌ‬ ‫إن�شــادة‬ ‫‪� . 21‬‬

‫‪-‬‬

‫بقلم‪:‬‬

‫أنشدني الشَّاعرُ الكبيرُ حسن األمراني الحسنيُّ بكلية الدراسات اإلسالمية والعربية بدبي قصيد ًة موسوم ًة‬ ‫بعنوان‪( :‬ليت البقيع) بتاريخ (‪10‬ربيع األول ‪1428‬هـ)‪ ،‬وهي من نبوياته الرَّائقةِ الفائقةِ‪ ،‬ومن ّ‬ ‫خطهِ نقلتُ هذه األبيات‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫وربكَ الق�سَّ ُام‬ ‫يا َم ْن جتَ َّم َع ْت‬ ‫املحا�س ُن كلُّـها = يف راحت َْيـكَ ‪ُّ ،‬‬ ‫قدرِ َك ما ُي ُ‬ ‫كـــــالم‬ ‫حيط‬ ‫ح�سنِكَ ما تفيهِ ق�صائـ ٌد = وبنـورِ ْ‬ ‫� ُ‬ ‫آالء ْ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫أتوا �إليكَ‬ ‫وهيام‬ ‫�شوق‪ ،‬وحتدوهم ُمنى‬ ‫ي�سوق ُه ْـم =‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫العا�شقون � ْ‬ ‫ُ‬ ‫املحبةِ‬ ‫وام ؟‬ ‫أ�س‬ ‫رد ْد ُت ويف ّ‬ ‫والر�ضا = مايل َ‬ ‫َّ‬ ‫ِّ‬ ‫ف�سق َْيت َُه ْم ك� َ‬ ‫ال�ض ِ‬ ‫َ‬ ‫لـوع �أُ ُ‬ ‫ُ‬ ‫حـرام‬ ‫علي‬ ‫�رشبوا ومل �‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫أ�رشب‪ ،‬وبي ظم�أ املدى = فك� َّأن ما نالوا َّ‬ ‫نحو الوردِ قلب ًا عا�شـق ًا = فغدا ودون الوِ ردِ حالَ‬ ‫زحام‬ ‫ُ‬ ‫ودفعت َ‬ ‫ُ‬ ‫أعاج ُم حولَ‬ ‫ِ‬ ‫نَزَ ل ال ِ‬ ‫إنعام‬ ‫�‬ ‫ــم‬ ‫ُ‬ ‫حو�ضكَ فا�س َتق َْوا= نور ًا‪ ،‬وظلَّلَ �أيكَ ُه ْ‬ ‫إلهــام‬ ‫الفي�ض وال‬ ‫الهندي) ملّ ا �آنَ�سا = قب�ساً‪ ..‬توالى‬ ‫رومي) و (‬ ‫(‬ ‫ُ‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬ ‫ُّ‬ ‫َّ‬ ‫�سليلُ‬ ‫َ‬ ‫قتـام‬ ‫ناظري‬ ‫ى‬ ‫وغط‬ ‫خيلي‪،‬‬ ‫=‬ ‫ـت‬ ‫ب‬ ‫ُرى‬ ‫ت‬ ‫كيف‬ ‫ادِ‪،‬‬ ‫ال�ض‬ ‫أنا‬ ‫�‬ ‫و‬ ‫ّ‬ ‫كَ‬ ‫َ ْ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫ظـالم‬ ‫فعم‬ ‫وتنك َ​َّب ْت �سبلَ الر�شادِ ركائبي = َ‬ ‫وخ َب ْت م�صابيحي‪َّ ،‬‬ ‫ُ‬ ‫موالي جئ ُتكَ موهن ًا متذلِّـ ًال = َّ‬ ‫آثام‬ ‫والظ َ‬ ‫َ‬ ‫هر �أثقَلَ حم َلـهُ ال ُ‬ ‫ّ‬ ‫قليلٌ‬ ‫َ‬ ‫عظام‬ ‫نوب‬ ‫ذ‬ ‫وال‬ ‫‪،‬‬ ‫زادي‬ ‫الحب‪ ،‬لك َّنني =‬ ‫نحـوك‬ ‫رب‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫ال َّد ُ‬ ‫ُ‬

‫بقلم ‪ :‬قطب الري�سوين ـ ال�شارقة ـ‬ ‫إحكـام‬ ‫اح‪ ،‬فما لها �‬ ‫واملوج حول �سفينتي‪ ،‬و�سفينتي = تخ�شى ّ‬ ‫ُ‬ ‫الري َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫�سهام؟‬ ‫العاتيات‬ ‫ياح‬ ‫تنو�شـهُ =‬ ‫من للفتى امل�سكنيِ حني‬ ‫ْ‬ ‫الر ِ‬ ‫و�سط ّ‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫طالَ‬ ‫يلتام‬ ‫ال‬ ‫واجلرح‬ ‫‪،‬‬ ‫مرهونة‬ ‫=‬ ‫وحمائلـي‬ ‫ى‪،‬‬ ‫ال�‬ ‫بي‬ ‫موالي‬ ‫سرُّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫جام‬ ‫وح �صادٍ‪،‬‬ ‫مقيــ َدةٌ‪ ،‬وقلبي نازِ ٌف =‬ ‫ُ‬ ‫ويدي َّ‬ ‫ّ‬ ‫والـر ُ‬ ‫والعيون ِ�س ُ‬ ‫ً‬ ‫رفعة وقد اغتدى = ُيغري بكَ‬ ‫َ‬ ‫أقـزام‬ ‫ذكرك‬ ‫يزداد‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ال�سفهاء وال ُ‬ ‫ِ‬ ‫بكَ‬ ‫أيام‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ن�رشوا‬ ‫الذي‬ ‫فطوى‬ ‫=‬ ‫م‬ ‫نفو�س‬ ‫د‬ ‫حقـ‬ ‫أيام‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫على‬ ‫ن�رشوا‬ ‫هِ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫كــرام‬ ‫النفــــو�س‬ ‫نيـر ًا = يرنو �إليكَ من‬ ‫وبقيت وح َدك يف‬ ‫َ‬ ‫املجرةِ ِّ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫إ�سـالم‬ ‫ويعِ زُّ من نفحـاتِكَ ال‬ ‫�سناك‬ ‫ي�رسي‬ ‫غرب ًا = َ‬ ‫م�رشق ًا ُ‬ ‫وم ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ُ‬ ‫أفهام‬ ‫َحي ال‬ ‫ُ‬ ‫�آه لغفلةِ � ّأمـةٍ من هولِهـا = تت رَّ ُ‬ ‫أذهـان وال ُ‬ ‫وبهاء نورِ َك ِ‬ ‫�أتزيغُ عن ُ�س ُبلِ‬ ‫إمام ؟‬ ‫الكرامةِ والهدى =‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫مر�ش ٌد و� ُ‬ ‫قلتُ‪ :‬وهذه القصيد ُة عارضَ بها قصيد ًة منسوب ًة إلى الشَّاعر الكبير نزار قباني في مدح الرسول صلى اهلل عليه‬ ‫وسلم‪ ،‬وكان قد جاد بها خاطره تأثراً بزيارة القبر النبويِّ‪ ،‬ومطلعها ‪:‬‬ ‫نيـــام‬ ‫أنـــام‬ ‫عزَّ‬ ‫وام و� ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫أرقت وحـــدي وال ُ‬ ‫الورود ‪ ..‬وطالَ فيـكَ �أُ ُ‬ ‫وعلى ما قيل في نسبتها إلى نزار‪َّ ،‬‬ ‫فإن فيها من نَ َفسهِ الطليِّ نفحاتٍ أيَّ نفحاتٍ‪ ،‬وقد جاراها الشاعرُ األمرانيُّ ولم‬ ‫يقصر عن اإلجادة‪ ،‬وكيف ال وهو من فرسان الشعريِّ العموديِّ بالمغرب‪ ،‬نفع اهلل به‪ ،‬وبكلماته البانية الهادية‪.‬‬

‫ٌ‬ ‫نـازلة طب َّي ٌة‬ ‫‪.22‬‬

‫ُ‬ ‫الربح‪ ،‬وتوفيراً للوقت‪..‬‬ ‫سُئلتُ ‪ :‬يلجأ بعض أطباء التوليدِ إلى إجراء العلميةِ القيصريةِ دون الحاجةِ إليها حرصاً على ِ‬ ‫فما حكم ذلك ؟‬ ‫القيصرية في التوليدِ ال ُ‬ ‫ُ‬ ‫مواضع الضَّرورةِ التي يقدّرها أهل الطبِّ‪ ،‬فإذا ثبتَ أن‬ ‫يُلجأ إليها إال في‬ ‫فأجبتُ‪ :‬العلمية‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫للربح‪ ،‬وتوفيراً للجهدِ والوقتِ‪ ،‬فإنه يعدُّ‬ ‫طبيباً يُؤثِرُ هذه‬ ‫العملية الجراحي َ​َّة االستثنائي َ​َّة على الوالدةِ الطبيعيَّةِ ابتغا ًء ِ‬ ‫آثماً متعدّياً في صناعتهِ‪ًّ ،‬‬ ‫مخال بأمانة العلم‪ ،‬وأصول المهنةِ؛ إذ ال يخفى على عامة الناس فض ًال عن األطباء أن للوالدةِ‬ ‫والجنين معاً؛ بخالف الوالدةِ القيصريةِ التي تحدث من أضرار الجراحةِ ما‬ ‫الحامل‬ ‫الطبيعيّةِ عوائدَ صحيَّ ًة جمَّ ًة على‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫قريب أمراً غيرَ محمود العواقب‪.‬‬ ‫يجعل تكرار الحمل في وقتٍ ٍ‬ ‫َ‬ ‫الجراحة في غير موضعها‪ِّ ،‬‬ ‫ُ‬ ‫والحاصل َّ‬ ‫متنكباً قواعدَ الطبِّ وآدابه‪ ،‬ومبتغياً االتجار في صحة‬ ‫أن الطبيب إذا مارس‬ ‫المريض؛ فإنه يضمنُ أو ًال‪ ،‬ويُمنَعُ من مزاولة المهنةِ ثانياً‪ ،‬جرياً على مذهب أبي حنيفة رحمه اهلل في الحجر على‬ ‫المتطبب الجاهل‪ ،‬وفي الحديث الحسن‪ ( :‬من تطبّب ولم يُعلم منه طبٌّ فهو ضامنٌ )‪ ،‬ويؤخذ منه بداللة اإلشارةِ منعُ‬ ‫المتطبّب الجاهل أو المعتدي من تعاطي المهنة درءاً للضرر العام الواقع على النفوس واألبدان‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬

‫‪ . 23‬فــائدة دعويّة‬

‫ُ‬ ‫(المواعظ إذا كثرت لم تؤثر في القلوب‪ ،‬فسقط باإلكثار‬ ‫من ُغرر الفوائد في القواعد الكبرى للعزِّ بن عبد السالم‪:‬‬ ‫فائدة الوعظ)(‪ ، )1‬وأين دعاتُنا‪ ،‬اليوم‪ ،‬من هذا النظ ِر المآليِّ ؟ إذ ترى بعضهم ال يكاد يفرغ من وعظٍ في قناةٍ فضائيةٍ‬ ‫حتى يتصدَّر لغيره في قناةٍ أخرى‪ ،‬وكأنه سباقٌ في مضمار! وإذا ضاقت به القنوات ذرعاً‪ ،‬ألفى في وسائل التواصل‬ ‫متنفساً أوسع‪ ،‬فله في كل يوم ٌ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫االجتماعيِّ َّ‬ ‫َّ‬ ‫حديث‪ ،‬حتّى َّ‬ ‫الطيبة‪ ..‬وأيُّ غبٍّ أوخمُ من‬ ‫الكلمة‬ ‫وتُمَل معه‬ ‫يُمل ظهورهُ‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫هذا ؟‬ ‫َ‬ ‫حديث عبد اهلل بن مسعود ـ رضي اهلل عنه ـ‪( :‬وإني أتخولكم بالموعظة كما كان النبيُّ صلى‬ ‫أال فليستحضر دعاتنا‬ ‫اهلل عليه وسلم يتخوَّلنا بها مخافة السآمة علينا)(‪ ، )2‬فإنه سنّ ٌة مهجور ٌة في أدبيّات الدعوة !!‬ ‫الهوامش‪:‬‬ ‫(‪ )1‬قواعد األحكام للعز‪.343 / 2 ،‬‬ ‫(‪ )2‬أخرجه البخاري برقم‪ ،70 :‬ومسلم برقك‪.2821 :‬‬


‫‪14‬‬

‫الثالثـاء ‪� 03‬إلى ‪� 09‬شتنرب ‪2019‬‬

‫العدد ‪1009‬‬

‫عبد الكريم برشيد‪..‬‬ ‫رجل هو المسرح‬

‫على أوراق دفتر ثبوت الهوية جاء اسمه مكبال‪ ،‬راسخا مُسَيَّجا ومنطوقا هكذا‪ :‬عبد الكريم برشيد وكفى‪.‬‬ ‫على أوراق دفتر الوجود والتواجد‪ ،‬حيث تتجلى الحياة بحيويتها هو شيء آخر غير قابل لالختزال والتنميط‪ ،‬أكبر‬ ‫من أن يصاغ في عبارة أو يختصر في عنوان‪ ،‬هو حزمة أسماء متزاحمة متعددة معتقة في اسم واحد‪ ،‬وحاالت في‬ ‫حالة واحدة‪ ،‬وقضايا في قضية واحدة‪ ...‬مالحق ومطارد ومنذ البدايات بعدة نداءات‪ ،‬هي المواويل‪ ..‬وهي التهاليل‬ ‫واألغاريد‪.‬‬ ‫وأما عن أصله وجدارة منبثه فهو – كما أدركتُ وعلمتُ – من عراقة األعالي‬ ‫وساللة النجوم التي ال تتوارى أو تحجب‪ ..‬دائمة السطوع‪ ،‬دائمة التوهج والسموق‪.‬‬ ‫لذلك جاءنا وضاء ساطعا‪ ..‬جاءنا حفال حافال صداحا صاخبا‪.‬‬ ‫ومن أسمائه الحسنى المضواعة‪ ،‬الخالبة‪ ،‬اآلسرة واألثيرة لديه المسرح‪ .‬وبه‬ ‫تعودت وتعود غيري قراءته مختزال‪ ،‬منمقا وممسرحا‪ ،‬فكلما قرأت عمال أو شاهدت عرضا‬ ‫إال وكان به معي وبجانبي‪ ،‬فأيقنت فعال أنه هو المسرح‪..‬‬ ‫هو المسرح في أبعاده البعيدة‪ ،‬وشموله الشامل‪ ،‬في مده وجزره‪ ،‬في استكانته‬ ‫الحالمة وغضبه الغاضب‪.‬‬ ‫المسرح‪ ،‬بهذا اللقب يحلو لي أن أسميه وأناديه‪ ..‬أخاطبه وأناجيه‪ .‬هكذا‪ ..‬مجردا‬ ‫من النعوت واأللقاب‪ ،‬وعاريا من الصفات واألوصاف‪ ،‬متحلال من الزخارف‪ ،‬واألصباغ‪..‬‬ ‫منمقا‪ ،‬متوهجا‪ ،‬عطرا‪ ،‬مخضوضرا‪.‬‬ ‫ومن مرادفات اسمه السامقات المتأللئات أجد‪ :‬االنشراح والحبور والبهجة‪ ،‬وعندما‬ ‫أمزج الكلمات في الكلمات وأضغط الحروف والعبارات‪ ..‬أعصرها‪ ،‬يتولد شيء يكون هو‬ ‫االحتفال‪ ..‬يطالعني في الزينة‪ ،‬والبشاشة‪ ،‬في المواسم واألعراس‪ ،‬واالحتفاالت وفي‬ ‫األسواق‪ ..‬وفي الحارات وعند أبواب المساجد وكل الفضاءات‪ ..‬أحاول مرات ومرات القبض عليه فيتوارى متنكرا‪،‬‬ ‫مختفيا في لباس عبد السميع‪ ،‬والخامسة‪ ،‬وعطيل‪ ،‬وعنترة‪ ،‬وابن الرومي‪ ،‬وابن رشد‪ ،‬والمتنبي‪ ،‬وسقراط‪ ،‬أو أجده‬ ‫مداعبا (سالف لونجة)‪ ،‬أو مريدا في حلقات الذكر‪ ،‬وجوقة العميان الذين يبصرون‪ ،‬وجدته أيضا ومرات‪ ،‬في مجامع‬ ‫الفرجات صحبة جحا أو الحكواتي أو التابع‪ ..‬والقائمة طويلة‪ ،‬فيكون بكل ذلك هو الضحك وهو البكاء معا‪ ..‬هو الصفاء‬ ‫والغيم معا‪..‬‬ ‫ليست لوطنه حدود مسيجة أو مسيسة‪ ،‬وطنه جغرافية الكون‪ ،‬جواز سفره مفتوح على الدنيا‪ ،‬على الهواء والبحر‬ ‫واإلنسان عند أبواب األمكنة فهو ال يحتاج إلى تأشيرة مرور‪ ،‬وحيثما كان؛ فكل المدن وكل العواصم سلمته مفاتيحها‬

‫روحة‬

‫أط‬

‫‪-‬‬

‫ذ‪ .‬ر�ضوان احدادو‬

‫وأودعته خرائط منغلقاتها‪ ،‬ومفاتيح شرفاتها‪ ،‬يدخلها فاتحا مستغورا‪ ،‬يؤذن في مالطا‪ ،‬يصاحب امرؤ القيس في‬ ‫باريس‪ ،‬يسامر ابن الرومي في مدن الصفيح‪ ،‬يجالس سقراط عند أعمدة التاريخ‪ ..‬ترى كيف يمكن القبض على رجل‬ ‫بكل هذه الصفات والمواصفات؟‬ ‫صاحب مشروع وقضية‪ ،‬أرقته وسكنته‪ ،‬مشروع مسرحي رائد‪ ،‬طموح‪ ،‬مقصده بدءا وختاما ما النحن‪ ..‬النحن‬ ‫المستهلك والمستهلك‪ ..‬النحن الغائبون والمغيبون في مسرح اآلخر‪ ،‬بكل حموالتنا الفكرية والتاريخية والوجودية‪..‬‬ ‫مشروع أوقف عليه نضاله المسرحي‪ .‬معلنا فيه حق وجودنا المسرحي‪ ،‬ومدافعا دفاعا‬ ‫مستميتا ال هوادة فيه أو معه بالبيانات والمحاضرات والندوات‪ ،‬في اللقاءات والكتابات‬ ‫والتظاهرات‪ ،‬في االستجوابات والمساجالت؛ حتى كتب له الذيوع واالنتشار والحضور‬ ‫البهي وفي كل مكان‪..‬‬ ‫وكان طبيعيا – ولعله كان يعرف هذا قبل غيره – بروز أقالم مناوئة وكتابات‬ ‫معادية‪ ،‬فانبرى‪ ،‬وكان عند كل النازالت النقدية ريحا عاصفا ال تبقي وال تذر حسابات‬ ‫لما قد يعترضها‪..‬‬ ‫وبهذا يكون برشيد كاتبا متمردا على كل واقع مزيف‪ ،‬وتاريخ مزيف‪ ،‬وكل مسرح‬ ‫مزيف‪ ،‬فعلى كل الزيف هو متمرد‪ ..‬والتمرد ضد الزيف مرادف آخر ألسمائه الحسنى‪..‬‬ ‫ناضل األستاذ برشيد واشتغل في حقلين متوازيين متكاملين‪ :‬حقل اإلبداع من‬ ‫خالل عشرات األعمال المشهود لها بالتوهج واالنتشار‪ ،‬وحقل التنظير الفكري الذي‬ ‫لقي تجاوبا كبيرا‪.‬‬ ‫أما عن وجهه الذي يفصح عن دواخله‪ ،‬فأحدثكم عن لحظة من تاريخ أصبح اليوم‬ ‫بعيدا‪ ..‬مارس ‪ ،1974‬زمن عنفوان وتوهج المسرح الهاوي الماسوف على ضياعه‬ ‫وتضييعه أو موته‪ ..‬كان لقاؤنا المباشر األول في مهرجان مسرح الهواة بالجديدة‪ ،‬جئت مدفوعا بمسرحيتي (الدم)‬ ‫وجاء مجرورا ب(سالف لونجة)‪ ..‬وجدته وجها طافحا بالبشر‪ ،‬قلبا طافحا بالحب‪ ،‬وال يزال كما وجده على بعد مسافة‬ ‫الزمن التي تجاوزت أربعة عقود‪..‬‬ ‫فتحية إكبار لرجل أعطى بكل سخاء للمسرح‪ ،‬فكان قمته‪..‬‬ ‫وبارك اهلل لنا في عطائه وفكره‪..‬‬ ‫ودمت حفال حافال دائم العطاء والتوهج‪..‬‬ ‫وتحية لرجل شامخ هو المسرح في شموخه‪ ،‬وكفى‪.‬‬

‫نوقشت بكلية اآلداب والعلوم اإلنسانية بتطوان يوم ‪ ،2019|07|22‬أطروحة لنيل الدكتوراه‬ ‫في اآلداب‪ ،‬تقدمت بها الطالبة عائشة الطويل في موضوع ‪« :‬األبعاد الثقافية لإلمام السهيلي‬ ‫(ت ‪ 581‬هى) مع تحقيق سورة يوسف»‪ ،‬وقد تكونت اللجنة العلمية من السادة األساتذة ‪:‬‬ ‫األستاذة الدكتورة سعاد الناصر رئيسة‪.‬‬ ‫األستاذ الدكتور محمد كنون الحسني مشرفا‪.‬‬ ‫األستاذ الدكتور محمد الفقير التمسماني مشرفا‪.‬‬ ‫األستاذ الدكتور األمين اقريور عضوا ‪.‬‬ ‫األستاذ الدكتور عز الدين الشنتوف عضوا‬ ‫وبعد المناقشة العلمية قررت اللجنة منح الطالبة الباحثة عائشة الطويل شهادة الدكتوراه‬ ‫بميزة مشرف جداً‪ .‬وفيما يلي تقرير عن الموضوع ‪:‬‬

‫مقدمة‪:‬‬ ‫الحمد هلل رب العالمين والصالة والسالم على سيدنا‬ ‫محمد أشرف المرسلين‪ ،‬وعلى اله وصحبه أجمعين ومن‬ ‫تبع هديه إلى يوم الدين‪.‬‬ ‫يشرفني اليوم‪ ،‬السادة األساتذة أعضاء اللجنة‬ ‫العلمية الموقرة‪ ،‬أن أستهل هذا التقرير بتقديم امتناني‬ ‫الصادق‪ .‬وشكري العميق‪ ،‬إلى األستاذين الجليلين‬ ‫المشرفين على األطروحة‪ ،‬فضيلة الدكتور محمد كنون‬ ‫الحسني وفضيلة الدكتور محمد الفقير التمسماني على‬ ‫التوجيه السديد‪ ،‬والتهذيب الدقيق‪ ،‬والرعاية الفائقة‬ ‫التي شمالني بها ومالحظاتهما القيمة التي كان لها‬ ‫األثر الكبير في إتمام هذه األطروحة‪ ،‬فجزاهما اهلل‬ ‫أحسن الجزاء على سعة صدرهما‪ ،‬ووافر كرمهما‪ ،‬وجميل‬ ‫تتبعهما لهذا العمل بدءاً وانتهاء‪ .‬أسأل اهلل لهما عمرا‬ ‫مديدا وعطاء غير مجذوذ‪ ،‬وأن يديم عليهما لباس‬ ‫العافية وموفور الصحة‪ ،‬إن ربي قريب مجيب ‪.‬‬ ‫كما أتقدم بأسمى عبارات الشكر إلى باقي أعضاء لجنة المناقشة‪:‬‬ ‫رئاسة وأعضاء‪ ،‬على ما بذلوه من جهد ووقت في قراءة العمل وتقويمه وقبول‬ ‫مناقشته‪ ،‬فالشكر موصول إلى فضيلة الدكتور عبد الرحمن بودرع رئيس‬ ‫اللجنة‪ ،‬وفضيلة الدكتورة سعاد ناصر‪ ،‬وفضيلة الدكتور األمين قريوار‪ ،‬وفضيلة‬ ‫الدكتور عز الدين الشنتوف‪ ،‬بارك اهلل فيكم وأمد في عمركم‪ ،‬ومتعكم بالصحة‬ ‫والعافية‪ ،‬وأدامكم ذخرا ومالذا لطالبي وطالبات العلم ‪.‬‬ ‫كما ال يفوتني أن أشكر جميع الحاضرين الذين شرفوني بحضورهم إلى‬ ‫هذه المائدة العلمية‪.‬‬ ‫سادتي األفاضل ‪:‬‬ ‫إنه لمن دواعي سعادتي أن أَ ُ‬ ‫مْث َل اليوم بين يدي لجنتكم الموقرة‬ ‫في هذا المحفل العلمي األكاديمي‪،‬ألحظى بشرف مناقشتكم ألطروحتي لنيل‬ ‫شهادة الدكتوراه في األدب تخصص «النص األدبي العربي القديم «الموسومة‬ ‫ب‪» :‬األبعاد الثقافية لإلمام السهيلي‪ ،‬مع تحقيق «تفسير سورة يوسف»‪ .‬‬ ‫ومعلوم أن موضوع الثقافة موضوع واسع يشمل مختلفَ النواحــي‬ ‫الفكريـــة والفنيــة‪ ،‬واالجتماعيــــة‪ ،‬واالقتصادية‪ ،‬كما هو الحال فيما تقوم به‬ ‫وزارة الثقافة في العصر الحديث‪ ،‬غير أنني سأقتصر‪ ،‬في الدراسة‪ ،‬على ما يتعلق‬ ‫بمفهوم الثقافة في عصر السهيلي‪.‬‬ ‫وأستأذنكم جميعا في أن أعرض أمام حضراتكم هذا العرض‪ ،‬عن البحث‬ ‫المعروض للمناقشة في أربعة عناوين وهي ‪:‬‬ ‫أوال‪ :‬دوافع اختيار الموضوع‬ ‫ثانيا‪ :‬صعوبات البحث وعقباته‬

‫ثالثا‪ :‬خطة البحث‪.‬‬ ‫رابعا‪ :‬خالصات واستنتاجات‪.‬‬ ‫إن أهم ما خلصْتُ إليه من خالل هذه الدراسة‪ ،‬والتحقيق هو ما يلي‪:‬‬ ‫‪ - 1‬أن اإلمام السهيلي شخصية فذة‪ ،‬وعلم من أشهر أعالم المغرب‬ ‫واألندلس‪ ،‬كان واسع الثقافة‪ ،‬طويل الباع في جل علوم ومعارف‬ ‫عصره‪ ،‬جمع بين الحديث‪ ،‬والفقه‪ ،‬والتاريخ‪ ،‬واألدب‪ ،‬واللغة‪ ،‬والنحو‪،‬‬ ‫والسيرة‪...‬إلخ‪.‬‬ ‫‪ - 2‬يمتلك حِسَّ الناقد الماهر ومقوماته‪ ،‬وله اعتداد بشخصيته‪ ،‬نظرا‬ ‫لتألقه الفكري ونظره الثاقب‪.‬‬ ‫‪ - 3‬له من المصنفات ما تميز بالسبق فيه‪ ،‬مع الشمول والتوسع‪ ،‬معتمدا‬ ‫في ذلك على الشرح بالمأثور والنقل‪ ،‬دون إهمال طريقة الشرح‬ ‫بالمعقول والنظر‪.‬‬ ‫‪ - 4‬عنايته بتقرير وبيان مسائل العقيدة على منهج أهل السنة والجماعة‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫الجملة‪ ،‬ورَدُّهُ على أهل البدع والفالسفة وأهل الملل‬ ‫من حيث‬ ‫األخرى‪.‬‬ ‫‪ - 5‬اشتمال مصنفاته على مادة وفيرة متعلقة بالتفسير‪ ،‬وعلوم القرآن‪ ،‬مع‬ ‫التوسع في ذلك‪ ،‬أحيانا‪ ،‬بشكل ال يكاد يوجد في الكتب المتخصصة‪،‬‬ ‫ويمكن اعتبارها رافدا لمصادر هذا الفن‪.‬‬ ‫‪ - 6‬اهتمامه بتفسير غريب الحديث وبيان معاني األلفاظ‪ ،‬وقد اشتملت‬ ‫مصنفاته على مادة وفيرة يمكن اعتبارها‪ ،‬ألجلها‪ ،‬مصدرا أساسيا في‬ ‫هذا الباب‪.‬‬ ‫‪ - 7‬عنايته بالتوسع في إيراد المسائل الفقهية‪ ،‬واهتمامه بالمسائل‬

‫الخالفية‪ ،‬مع التبيسط والبيان‪ ،‬والترجيح‪ ،‬بحيث‬ ‫اشتملت مصنفاته على ثروة فقهية محررة‪ ،‬ال نجدها‬ ‫عند غيره‪ ،‬وهي بحق مصدر أساسي لهذا العلم‪.‬‬ ‫‪ - 8‬العناية بعلوم اللغة العربية بشرح المفردات‪،‬‬ ‫وضبطها‪ ،‬وبيان الوجوه المختلفة في ذلك‪ ،‬والتنبيه‬ ‫على ضروب البالغة‪ ،‬وأنواع األدب‪ ،‬وبعض قواعد اللغة‪،‬‬ ‫مع التوسع في النقل عن اللغويين‪ ،‬وتعتبر مؤلفاته‪،‬‬ ‫مصدرا أساسيا في هذا الباب‪.‬‬ ‫‪ - 9‬االهتمام بالتواريخ والمغازي والسير‪.‬‬ ‫‪ - 10‬اإلضافات واالختيارات في معظم ما تقدم ذكره‬ ‫من العلوم‪.‬‬ ‫‪ - 11‬األمانة العلمية بعزو النقول إلى مصادرها‪.‬‬ ‫‪ - 12‬اإلنصاف وعدم التعصب واالعتراف بالفضل‬

‫ألهله‪.‬‬ ‫‪ - 13‬النقد‪ ،‬والتمحيص والتحقيق‪ ،‬وعدم التقليد‪ ،‬مع الموضوعية في ذلك‪،‬‬ ‫والحرص على تحري الصواب‪.‬‬ ‫‪ - 14‬التيقظ التام‪ ،‬وحضور الشخصية‪ ،‬بحيث كان يتنبه للسقط‬ ‫والتصحيف واالختالل‪ ،‬والخطأ في نقول المصادر‪ ،‬ويرجح في المسائل‬ ‫الخالفية‪ ،‬ويتعقب المجيد باالستحسان‪ ،‬والمقصر باالستدراك والتأمل‬ ‫والتصويب‪.‬‬ ‫‪ - 15‬عمق التحليل‪ ،‬ودقة النظر‪ ،‬وسداد الرأي‪ ،‬والحرص على تحقيق‬ ‫المسائل وتدقيقها‪.‬‬ ‫َ‬ ‫س‪ ،‬والصبر والمداومة‬ ‫ف‬ ‫َّ‬ ‫ن‬ ‫ال‬ ‫وطول‬ ‫األسلوب‪،‬‬ ‫وسالمة‬ ‫‪ - 16‬حسن التأليف‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫على الشرح‪ ،‬واسشعاره أن التأليف مسؤولية وأمانة ينبغي أداؤها على‬ ‫الوجه األكمل‪.‬‬ ‫وفي الختام أجدد شكــري وامتنــاني لألستاذيــن الجليلين ‪ :‬فضيلة‬ ‫الدكتور محمد كنون الحسني‪ ،‬وفضيلة الدكتور محمد الفقير التمسماني‬ ‫اللذين أشرفا على هذا البحث‪ ،‬كما أجدد شكري وامتناني للجنة العلمية‬ ‫الموقرة على تفضلها بقراءة البحث ومناقشته‪ ،‬وعلى ما ستقدمه من مالحظات‬ ‫علمية حصيفة مؤكد ٌة لهم اعتزازي المسبق بتوجيهاتهم القيمة وتصويباتهم‬ ‫السديدة لتقويم كل اعوجاج وتهذيب كل نشاز‪.‬‬ ‫وأنا تحت أمرهم في كل ما يالحظونه على العمل شكال‪ ،‬ومضمونا‪ .‬فال‬ ‫مندوحة عن توجيهاتهم النيرة‪ ،‬وتصحيحاتهم السديدة‪.‬‬ ‫واهلل أسأل أن يقبل مني هذا العمل‪ ،‬ويجعله خالصا لوجهه الكريم‪ ،‬وصلى‬ ‫اهلل وسلم على سيدنا وموالنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا‪...‬‬


‫العدد ‪1009‬‬

‫الثالثـاء ‪� 03‬إلى ‪� 09‬شتنرب ‪2019‬‬

‫‪15‬‬

‫مهرجان مرتيل لألغنية «الغيوانية»‬

‫بين طموح التنشيط السياحي و قصور الرؤية الفنية‬ ‫رشيـد األشقـر‬ ‫اختتمت يوم األحد ‪ 25‬غشت الجاري بمدينة مرتيل فعاليات النسخة‬ ‫الثانية من المهرجان الوطني لألغنية «الغيوانية» التي نظمته جمعية المحال‬ ‫الفنية بشراكة مع عمالة المضيق الفنيدق والجماعة الترابية لمرتيل‪ .‬وقد‬ ‫استغرق المهرجان ثالثة أيام تخللتها أنشطة إعالمية وثقافية وفنية متنوعة‬ ‫استقطبت جمهورا غفيرا من ساكنة مرتيل وضيوفها من زوار المدينة خالل‬ ‫الموسم الصيفي‪.‬‬ ‫و بغضّ النظر عن القيمة الفنية والثقافية لهذا المهرجان‪ ،‬فال الشك‬ ‫ّ‬ ‫أن إقامة مثل هذه التظاهرة الفنية بمدينة ساحلية صغيرة تتصدّر كافة‬ ‫مناطق وجهات المملكة على مستوى استقطاب السياحة الشاطئية الداخلية‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫يظل مهرجان مرتيل لألغنية «الغيوانية» حدثا ال يخلو من أهمية لكونه‬ ‫يسدّ فراغا طالما عاشته المدينة لسنوات طويلة عندما لم تكن هناك أية‬ ‫مبادرة ثقافية أو فنية جادة تستجيب لجاجيات هذا الدفق الغزير من الزوار‬ ‫والمصطافين الذين يفضّلون قضاء عطلتهم الصيفية بهذا المنتجع‬ ‫الشاطئي األنيق والمزدحم إلى حدّ االختناق‪.‬‬ ‫و بالفعل فإن مجرّد التفكير في إقامة مهرجان فني‪ ،‬غنائي وموسيقي‪،‬‬ ‫ينشّط المدينة خالل الموسم الصيفي‪ ،‬يظل في حدّ ذاته عمال رائدا‬ ‫ومكسبا ثمينا لكافة المتدخ ّلين في شأن المدينة من ساكنة وسلطات محلية‬ ‫ومنتخبين وجمعيات المجتمع المدني المحلي‪.‬‬ ‫و في أفق الحفاظ على هذا المكسب الفني والثقافي المتميّز‪ ،‬وأمال في تطوير وإثراء هذه التجربة‬ ‫التنشيطية الفتية بمدينة مرتيل‪ ،‬ال بأس من اإلدالء ببعض المالحظات واالقتراحات حول طبيعة‬ ‫العروض الغنائية والفقرات الموسيقية التي تمّ تقديمها في هذه النسخة الثانية من المهرجان‪.‬‬ ‫‪ - 1‬يبدو هناك نوع من اللبس لدى منظمي المهرجان فيما يتعلق بمصطلح «األغنية الغيوانية»‬ ‫أو «الظاهرة الغيوانية»‪ .‬فالمصطلح يتم استعمله خالل المهرجان بطريقة فضفاضة تشمل تجارب‬ ‫ّ‬ ‫كل المجموعات الموسيقية الشبابية التي انطلق إشعاعها مع بداية السبعينيات من القرن الماضي‬ ‫ّ‬ ‫لتشكل بذلك ظاهرة «غنائية» مغربية فريدة امتدّ تأثيرها إلى بقية البلدان العربية واألجنبية‪ .‬فكلمة‬ ‫«الغيوانية» توحي بحصر الظاهرة في مجموعة غنائية معينة هي مجموعة «ناس الغيوان»‪ ،‬وتقصي‬ ‫بالتالي من ذهن المتلقي تجارب متميّزة ومختلفة لعدد من المجموعات الغنائية األخرى‪ ،‬في مقدّمتها‬ ‫مجموعة «جيل جياللة» و «تاكدّا» و«إزنزارن» ‪ ..‬وهي مجموعات «طالئعية» ساهمت بنصيب كبير‬ ‫في تأسيس وترسيخ هذا النمط من األداء الغنائي التراثي المتجدّد والمستجيب لدواعي زمانه‪ ،‬لذلك‬ ‫فإن حشر كل هذه التجارب الغنائية المختلفة‬ ‫والمتنوعة ضمن خانة واحدة هي خانة «األغنية‬ ‫الغيوانية» فيه كثير من القصور والتقزيم من‬ ‫حجم الظاهرة‪.‬‬ ‫و كان من نتائج هذا االرتباك في تحديد‬ ‫مفهوم «األغنية الغيوانية» لدى المنظمين‪،‬‬ ‫أن العروض المقدّمة طيلة يومي السبت‬ ‫واألحد‪ ،‬جاءت خليطا من األغنية «الغيوانية‬ ‫و«المشهابية» و«السهامية» ‪ ..‬بل تعدّاها إلى‬ ‫األغنية «الكناوية»‪ ،‬مع العلم أن الظاهرة الكناوية‬ ‫هو نمط آخر من الموسيقى والغناء بعيد تماما‬ ‫عما يقصد إليه منظمو المهرجان‪.‬‬ ‫‪ - 2‬النسخة الثانية من المهرجان حملت‬ ‫شعار «األغنية الغيوانية مسار مستمرّ»‪ ،‬في‬ ‫الوقت الذي لم نشاهد فيه من خالل العروض‬ ‫المقدّمة أيّة «استمرارية» لهذا النمط من الغناء؛ ّ‬ ‫فكل ما قدّته المجموعات المشاركة كان أغلبه‬ ‫عبارة عن «تقليد حرفي» و«تكرار متعثر» ألغنيات قديمة ومتداولة مرّ عليها ما يقرب من نصف قرن ‪.‬‬ ‫وقد خلت هذه العروض تماما من كل لمسة إبداعية أو إضافة فنية‪ ،‬كما افتقدت في كثير من األحيان‬ ‫إلى مقومات األداء الموسيقي العلمي على مستوى جودة األصوات وضبط اإليقاعات وائتالف اللحن‬ ‫والنغم‪.‬‬ ‫و الحقيقة أن القول بـ «استمرارية» األغنية الغيوانية ال يجد مصداقيته في الواقع الموسيقي‬ ‫والغنائي لهذا العصر وال في الذائقة الفنية لجيل اليوم؛ فاألغنية «الغيوانية» كغيرها من الظواهر‬ ‫الفنية عموما محكومة بشروطها التاريخية وبسياقتاها االجتماعية والثقافية‪ ،‬وال يمكن لظاهرة من‬ ‫هذه الظواهر‪ ،‬مهما عال شأنها‪ ،‬أن تعيش خارج زمانها وبمعزل عن سياقها‪ .‬وحتى لو افترضنا إمكانية‬ ‫إحياء وضمان استمرار هذا الصنف من الغناء ‪ ،‬فإن ذلك لن يتأتّى أبدا بمجرد االستنساخ الرديء لنماذج‬ ‫من األصل‪ ،‬وإنما بغير قليل من االبتكار والتطوير واإلضافة الخالقة‪ ،‬وهذا ما لم يتوفر للمجموعات‬ ‫الغنائية المشاركة في المهرجان‪ ،‬بل أنه لم يتو ّفر حتى للمجموعات الرائدة على المستوى الوطني التي‬ ‫لم تستطع أن تواكب التغيرات والمتستجدات الطارئة على ذائقة العصر‪.‬‬

‫‪ - 3‬إذا كانت الغاية من تنظيم مثل هذه التظاهرات الفنية والمهرجانات‬ ‫الغنائية هي المساهمة في تحقيق التنمية المحلية والتعريف بالخصوصية‬ ‫الثقافية والحضارية للمنطقة أو الجهة التي تقام بها هذه التظاهرات‬ ‫والمهرجانات‪ ،‬فإن اختيار موضوع الحدث الفني والثقافي وانتقاء مفرداته‬ ‫وفقراته يجب أن يخضع لنوعية الغايات المسطرة ويخدم تحقيق األهداف‬ ‫المتوخاة‪ .‬وعليه أتساءل عن عالقة الظاهرة «الغيوانية» بالخصوصية الثقافية‬ ‫والحضارية لمدينة مرتيل ولجهة الشمال عموما ؟‬ ‫من المعلوم أن هذا النمط الغنائي (األغنية الغيوانية) قد استفاد كثيرا من‬ ‫ألوان موسيقية وشعرية تراثية مغربية متنوعة (العيطة‪ ،‬الدقة‪ ،‬كناوة‪ ،‬الملحون‬ ‫‪ ،)..‬ولم يكن للتراث الغنائي والموسيقي الشمالي أيّ حضور في هذا الغناء‪،‬‬ ‫كما أن مدن الشمال لم يزدهر فيها أبدا هذا النوع من الغناء‪ ،‬فلم تعرف هذه‬ ‫المدن نشأة مجموعات غنائية تضاهي المجموعات الكبرى التي ظهرت في‬ ‫بقية جهات المغرب‪ .‬ربما حظيت األغنية الغيوانية بانتشار واسع بين شباب‬ ‫مدن الشمال خالل السنوات السبعين والتمانين من القرن الماضي‪ ،‬لكنها‬ ‫لم تكن أبدا بالظاهرة الغنائية والموسيقية النابعة من خصوصية هذا الجهة‬ ‫المتميزة من بالد المغرب‪.‬‬ ‫انطالقا من هذه المالحظات على الدورة الثانية من مهرجان مرتيل لألغنية‬ ‫«الغيوانية»‪ ،‬ومن موقع الرغبة في الحفاظ على هذا المكسب التنشيطي‬ ‫للمدينة‪ ،‬وأمال في تجويد هذا الفعل الفني والثقافي الذي من شأنه أن يساهم في مزيد من اإلشعاع‬ ‫السياحي لمدينة مرتيل ومحيطها‪ ،‬وكذا في التعريف بمنتوجها الثقافي والحضاري المختلف‪ ،‬أقترح على‬ ‫منظمي المهرجان و القائمين على توفير شروط إنجازه ونجاحه مجموعة من األفكار والخيارات التي‬ ‫أراها كفيلة بتطوير المهرجان واالرتقاء به إلى مصاف المهرجانات الصيفية ذات اإلشعاع واالستقطاب‬ ‫الوطني والدولي‪.‬‬ ‫أوال‪ ،‬فتح المهرجان على تجارب موسيقية وغنائية متنوعة‪ ،‬بدل حصره في موضوع «األغنية‬ ‫الغيوانية»‪ .‬فالظاهرة «الغيوانية» قد استنفذت بريقها الفني منذ نهاية القرن الماضي‪ ،‬ولعل اإلصرار‬ ‫على اختيارها محورا ّ‬ ‫لكل دورة من دورات مهرجان مرتيل الموسيقي والغنائي قد يُعجّل بموت‬ ‫ّ‬ ‫يتخط بعدُ نسخته الثانية‪ .‬أضف إلى ذلك أن مثيل هذا المهرجان المخصص ألغاني‬ ‫المهرجان ولمّا‬ ‫المجموعات الشعبية (األغنية الغيوانية والمشاهبية وغيرهما)‪ ،‬قد سبقت إلى تنظيمه غير واحدة من‬ ‫جهات المغرب‪ ،‬كسال والقنيطرة‪ ،‬تحت تسميات متطابقة حينا ومختلفة حينا آخر‪ .‬لهذا ال أرى معنى ألن‬ ‫تستنسخ مدينة مرتيل أسلوبا في التنشيط الفني‬ ‫والسياحي ال يتناسب أصال مع طبيعتها الثقافية‬ ‫وذائقتها الفنية‪.‬‬ ‫ثانيا‪ ،‬إعطاء األولوية للظواهر الموسيقية‬ ‫المحلية‪ ،‬كاألغنية «الجبلية» و«الريفية»‬ ‫و«األندلسية» و«الغرناطية»‪ ،‬وكذا األغنية‬ ‫الشمالية الممزوجة بالفالمينغو اإلسباني‪ .‬وتعتبر‬ ‫هذه األخيرة تجربة فنية متميّزة تنفرد بها مدن‬ ‫الشمال‪ ،‬وإن كانت – مع األسف ‪ -‬لم تحظ بما‬ ‫تستحقه من رعاية وتشجيع‪ .‬كما يمكن توسيع‬ ‫مجال المهرجان ليشمل في دوراته الالحقة‬ ‫التعريف بمختلف التجارب الموسيقية والغنائية‬ ‫الشبابية الجديدة بالمنطقة وتنظيم مسابقات‬ ‫بشأنها‪.‬‬ ‫ثالثا‪ ،‬توفير حدّ الئق من الدعم المالي‬ ‫واللوجيستيقي للمهرجان يتناسب وحجم االستقطاب السياحي لمدينة مرتيل‪ ،‬ويلبي تطلعات الماليين‬ ‫من زوّارها ومريديها ممّن يفدون على المدينة طمعا في االستمتاع بأجواء صيفية تجمع بين المتعة‬ ‫والفائدة وتؤ ّلف بين سلوك االستجمام وثقافة االنتهال من معين الفن واإلبداع‪.‬‬ ‫رابعا‪ ،‬حاجة المهرجان إلى تدبير عقالني وبراغماتي يحرص على االستثمار األمثل لهذه األعداد‬ ‫الهائلة من الزوار الذين يتدفقون على مدينة مرتيل‪ ،‬وهي ركيزة أساسية تساعد على إنجاح ّ‬ ‫كل‬ ‫تظاهرة من هذا القبيل بما تو ّفره هذه القاعدة الجماهيرية العريضة من إمكانات هائلة لتسويق اسم‬ ‫المهرجان واستقطاب ما يلزمه من مدعّمين ومستشهرين على الصعيدين الوطني والدولي‪،‬‬ ‫و ختاما ال بدّ من القول إن مهرجان مرتيل لألغنية «الغيوانية» إلى حدود دورته الثانية قد أفلح‬ ‫في تحقيق أولى األهداف التي أنشئ من أجلها‪ ،‬وفي مقدّمتها التأسيس لهذا التقليد الفني الموسمي‬ ‫الذي كانت المدينة في أمسّ الجاجة إليه‪ .‬إال ّ‬ ‫أن استكمال بلورة ما تبقى من سلسلة األهداف والمطامح‬ ‫التي يتطلع إليها مؤسّسو المهرجان‪ ،‬ال يزال يحتاج إلى عمل طويل وشاق أرجو أن يتحقق في الدورات‬ ‫الالحقة بحول اهلل‪.‬‬


‫الثالثـاء ‪� 03‬إلى ‪� 09‬شتنرب ‪2019‬‬

‫العدد ‪1009‬‬

‫كتابات يف تاريخ‬ ‫منطقة ال�شمال ‪:‬‬

‫(‪)911‬‬

‫‪16‬‬

‫“الوثائق الوطنية” (‪)6-5‬‬

‫�أ�سامـة الزكاري‬ ‫‪zougariousama@gmail.com‬‬

‫صدر العدد المزدوج من دورية “الوثائق الوطنية” (‪ )5/6‬سنة ‪،1990‬‬ ‫الشمالية المبحوحة مطالبة المشاركة المتكافئة والعادلة في االستفادة‬ ‫وذلك في ما مجموعه ‪ 168‬من الصفحات ذات الحجم المتوسط‪ ،‬جاءت‬ ‫الكافية من متاح الدعم التنموي المشروع والمبرمج‪ ،‬وبالتالي منح جهود‬ ‫موادها وفية للخط التوجيهي العام الذي رسمته المجلة لنفسها منذ‬ ‫األجراء ومبادرتهم فرصة اإلقالع الالمركزي المؤمن من الجهاد األصغر إلى‬ ‫إطالق أولى أعدادها‪ .‬والحقيقة إن توالي صدور دورية “الوثائق الوطنية”‬ ‫الجهاد األكبر‪( ”...‬ص ص‪.)3-4 .‬‬ ‫بحيوية قل نظيرها‪ ،‬وبإسهامات توثيقية وعلمية دسمة‪ ،‬قد جعلها تؤسس‬ ‫تتوزع مضامين العدد المزدوج ‪ 5/6‬من دورية “الوثائق الوطنية” بين‬ ‫لمعالم تجربة فريدة في مجال التنقيب في قضايا تاريخ الحركة الوطنية‬ ‫سبع مواد متكاملة في اهتماماتها‪ ،‬ومختلفة في طبيعة مظانها‪ .‬وقد توزعت‬ ‫بمنطقة الشمال‪ ،‬حافزها في ذلك وعي عميق بأهمية جهود تأصيل‬ ‫بين األبواب الثابتة التي اعتمدتها المجلة منذ صدور أعدادها األولى‪ .‬ففي‬ ‫النبش في خبايا هذا التاريخ‪ ،‬وسالحها رؤية فاحصة في مكنونات الربائد‬ ‫باب “دراسات”‪ ،‬أدرجت المجلة الجزء الثاني من الدراسة التوثيقية الهامة‬ ‫الدفينة التي لم تعرف طريقها للنشر بعد‪ .‬لذلك‪ ،‬فقد تحولت إلى أهم‬ ‫التي صدر قسمها األول بالعدد المزدوج ‪ 3/4‬لسنة ‪ ،1988‬في محاولة‬ ‫منبر علمي جهوي للبحث في التراث النضالي الغزير للحركة الوطنية‬ ‫للتمييز بين األسطورة والتاريخ في موقف الحركة الوطنية في شمال المغرب‬ ‫بالشمال‪ ،‬وأصبحت موادها واجتهاداتها نقاطا ارتكازية أساسية في عمل‬ ‫الباحثين والمهتمين بالموضوع‪ .‬لذلك‪ ،‬نكاد نجزم أن األعمال التصنيفية‬ ‫من ثورة الجنرال فرانكو ومن تجنيد المغاربة في جيوشه ومشاركتهم‬ ‫المنشورة لهؤالء الباحثين‪ ،‬قد اعتمدت –بشكل كبير‪ -‬على رصيد مواد‬ ‫في الحرب األهلية اإلسبانية سنة ‪ .1936‬وفي نفس الباب كذلك‪ ،‬قدمت‬ ‫دورية “الوثائق الوطنية” التي أصبحت ‪-‬بذلك– مراجع ووثائق أساسية‬ ‫المجلة دراسة حول الحلف العسكري الفرنسي اإلسباني ضد الثورة الريفية‬ ‫في مجاالت الدراسة‪ .‬وبفضل هذا النوع من األعمال‪ ،‬أمكن إعادة تركيب‬ ‫التحريرية التي قادها محمد بن عبد الكريم الخطابي‪ .‬وفي باب “مستندات”‪،‬‬ ‫الوقائع وتصنيف القراءات واستجماع المادة الخام الضرورية للبحث‪ ،‬مما‬ ‫نشرت المجلة تتمة للملف الصادر بنفس العدد ‪ 3/4‬حول موضوع موقف‬ ‫ساهم في إعادة إبراز حقيقة دور منطقة الشمال ومساهمتها في رصيد‬ ‫كتلة العمل الوطني بالجنوب من حزب اإلصالح بالشمال سنة ‪ ،1936‬وذلك‬ ‫التجربة النضالية للحركة الوطنية المغربية خالل عهد االستعمار‪ ،‬وفي‬ ‫استنادا إلى وثائق غير منشورة لكتلة العمل الوطني بجنوب المغرب ولكل‬ ‫الكشف عن حدود هذه المساهمة وعن سقفها الجهادي الذي تآمرت عليه‬ ‫من عالل الفاسي وعمر بن عبد الجليل ومحمد بن حسن الوزاني ومحمد‬ ‫الكثير من األقالم من أجل طمسه أو تشويهه بدوافع شتى وبخلفيات‬ ‫اليزيدي والطيب بنونة‪ .‬وفي باب “بحوث”‪ ،‬سعت المجلة للتعريف بمؤسسة‬ ‫معروفة‪ .‬لذلك‪ ،‬فقد آلت المجلة على نفسها التجند من أجل فضح هذا‬ ‫“المعهد الحر” باعتباره أول معهد للدراسة العربية الثانوية العصرية الحرة‬ ‫البهتان الذي لم تسلم منه حتى بعض الكتابات التي تدعي لنفسها الدقة‬ ‫بالمغرب‪ ،‬والذي أسسه ثم دشنه عبد الخالق الطريس يوم ‪ 5‬نوفمبر من‬ ‫غالف الكتاب‬ ‫والمصداقية‪ ،‬ووجهت جهودها إلعادة األمور إلى نصابها الحقيقي من‬ ‫عام ‪ .1935‬أخيرا‪ ،‬وفي باب “وثائق تشهد”‪ ،‬قدمت المجلة قراءة نقدية أولية في‬ ‫خالل رسم مالمح صورة الذات المجاهدة‪ ،‬والكشف عن أبعاد الفعل النضالي النبيل‬ ‫الذي طبعته –بأدائها الرائد‪ -‬نخب الشمال في سياق معركة وطنية شاملة صنعت فعل االستقالل بعض ما جاء به عبد الرحمن بن عبد اهلل الصنهاجي في مذكراته المنشورة‪ ،‬وخاصة منها تلك‬ ‫السياسي‪ .‬ولقد لخصت المجلة في افتتاحية العدد ‪ 5/6‬خلفيات البهتان المذكور‪ ،‬وربطته بآفاق عمل المتعلقة بموقف حزب اإلصالح الوطني من حركة المقاومة وجيش التحرير‪ .‬كما تم إدراج مادة‬ ‫المجلة ليس فقط على مستوى المساهمة في إعادة كتابة تاريخ المغرب‪ ،‬ولكن كذلك على مستوى توثيقية هامة حول وثيقة الشمال للمطالبة باالستقالل والوحدة ليوم ‪ 14‬فبراير من سنة ‪،1943‬‬ ‫توفير شروط اكتساب الرؤى التنموية الراهنة الكفيلة بتحقيق اإلقالع المنشود‪ .‬في هذا اإلطار‪ ،‬وذلك ردا على ما كتبه عبد الرحيم بوعبيد على صفحات جريدة “االتحاد االشتراكي” في عددها رقم‬ ‫تقول االفتتاحية‪“ :‬وال يغيب عن النزيه المنصف إدراك جنوح مادة المجلة إلى التركيز على تسليط ‪ 2350‬ليوم ‪ 11‬يناير من سنة ‪.1990‬‬ ‫الضوء خاصة على اإلسهام الفاعل لكفاح مواطني شمال المملكة بزعامة رجاالته األبرار بعدما فضح‬ ‫وبكل ذلك‪ ،‬قدمت دورية “الوثائق الوطنية” مادة توثيقية غنية ومتنوعة‪ ،‬ال شك وأنها توفر‬ ‫الذين في قلوبهم مرض والمرجفون أوراقهم قوال وفعال بالتعامل المغرض مع حقائق ذلك النضال‬ ‫الوطني الوحدوي والتدرج المخطط إلقبار دوره باإلغفال أوال فاإلنكار المطلق أخيرا‪ .‬وإن مما يثير عناصر الدراسة الضرورية بالنسبة للباحثين في تاريخ الحركة الوطنية بشمال المغرب‪ .‬كما أنها‬ ‫السخرية في تشخيص هذه المسرحية لهو موقف من يدعون االعتدال والموضوعية‪ ،‬حيث يجيزون تسمح بإعادة النظر في الكثير من اإلسقاطات الجاهزة التي ألصقت بالتجربة النضالية الرائدة لنخب‬ ‫إمكان االعتراف بمساهمة شمال المملكة في النضال الوطني دون أن يرقى هذا النضال في منظور الشمال‪ .‬وال شك أن المرحوم محمد بن عزوز حكيم قد أثبت ريادته في قضايا الدراسة الخاصة بهذا‬ ‫تقييمهم إلى مستوى تصنيفه ضمن النضال اإليجابي الذي قاد البالد إلى عهد الحرية واالنعتاق‪ .‬المجال‪ ،‬بشكل سمح بملء العديد من الفراغات والفجوات الكبرى التي ميزت ذاكرة الحركة الوطنية‬ ‫وبالتالي يخلصون من تحليلهم هذا واستنتاجهم إلى تجاهل اإلصغاء إلى نداءات أهالي األقاليم بالشمال‪.‬‬

‫‪..‬و الذي يخفى على المرء أكثر بكثير مما يعلمه‬ ‫• بقلم ‪ :‬عبد المجيد اإلدريسي‬ ‫‪ ...‬ثمة شخص يتعجل قبل الفهم ليختلط عليه الصواب‪،‬‬ ‫في المستجدّات ومواكبة معطيات العصر‪ .‬الترف الفكري‬ ‫أن يكون عدُوّا‪ ،‬إذ يجب اإلنصات للمخالف‪ْ ،‬‬ ‫يمكن ْ‬ ‫وأن ال‬ ‫يضيق المتحدّث برأي غيره‪ ،‬وال ضاق المتلقي بموقف التناقض‬ ‫لمُحدّثه‪ ،‬عند تجاذب أطراف الحديث‪ .‬عساه ْ‬ ‫أن يحرس عن‬ ‫اللغو والتنطع‪ ،‬فقد هلك المتنطعون ‪.‬‬ ‫عند القضايا الكبرى التي تتقاذفها أدمغـة‬ ‫المفكريـــن‪ .‬فتواضع المرْء يقوده ْ‬ ‫أن ال يلبس لبوسا‬ ‫ليس لبوسه‪ .‬ثم أهل العلم وكالمهم جامعٌ للمعاني‬ ‫بألفاظ قليلة‪ .‬إذا خاض المرْ ُء في حوار‪ ،‬ال يعنيه ْ‬ ‫أن‬ ‫وأن ال يتكلم فيما ال يحسنه‪ ،‬حافظاً‬ ‫يكون مستحقاً‪ْ ،‬‬ ‫للسانه عن لغو الكالم‪ .‬لنا مع الغرب مبادئ وعلوم‬ ‫ّ‬ ‫ولكل الحفاظ على شرعه‬ ‫مشتركة من القيمٌ الكوْنية‪،‬‬ ‫وثقافته ‪.‬‬ ‫لقد كان الحرص على صوْن الحوار للحفاظ على‬ ‫العلوم العربية واإلسالمية ‪ ،‬بحوادث األيام‪ ،‬فتعصف‬ ‫الريح من حين آلخر ببعض المثقفين‪ ،‬باسم حرية‬ ‫الرأي والتعبير والجنس‪ ،‬يزعمون تكسير الطابوهات‪،‬‬ ‫للتشدُّق سرّاً وجهراً‪ ،‬بمخالفة النصــوص الصحيحـة‪،‬‬ ‫لسوء المقاصد‪ ،‬وهــم المجاهـرون بأنفسهم‪ .‬وهم ال‬ ‫أن اهلل َّ‬ ‫يعلمون َّ‬ ‫جــل وعال خص اإلسالم بأكمل الشرائع‪.‬‬ ‫واالستمساك بنهجه وسلوكه‪ ،‬الذي هو سلوك التيسير‪ .‬لمنع‬ ‫اإلفراط المؤدي إلى الملل‪ .‬المثقف الذي ليس له في علم‬ ‫الشرْع‪ ،‬يجادل بالباطل ليضحدَ به الحق‪ .‬حظه في ذلك ترويع‬ ‫الشباب واستباحة تفكيرهم‪ ،‬دون المباالة بأمن المجتمع‬ ‫ولحمة األمّة‪ .‬يُلقي بكلكله وانبهاره بحرية المثلية والبغاء‬ ‫في الغرب‪ ،‬ال بعلم علمائه‪ ،‬لقول اهلل جل وعال ‪ :‬ويعلمُ الذين‬ ‫يجادلون في آياتنا ما لهم من محيص‪ ..‬صدق اهلل العظيم‪،‬‬ ‫اآلية ‪ 35‬من سورة الشورى‪ .‬هؤالء الذين يجادلون في آيات‬ ‫اهلل بغير سلطان العلم‪ ،‬فليس لهم مَهرب من العذاب‪ .‬وهم‬

‫مسؤولون عن عمرهم فيما أفنوه‪ .‬فالمسلم ال يتكلف الذكاء‬ ‫ويمدُّ رجليه على قدْر لحافه‪ .‬ولم يكن متصنعاً‪ ،‬وهو الذي‬ ‫يترُك المحرَّمات‪ .‬يشعرُ بفتح اهلل عليه وما يُغدقهُ عليه من‬ ‫النعم‪ .‬لكي يتذوق طعم الراحة بلسان رطب بذكر اهلل تعالى‪.‬‬ ‫صابرٌ في الضرّاء‪ .‬يداوم على فعل الخير‪ ،‬من مساعدة المريض‬ ‫إلى كفالة األيتام‪ ،‬ومالزمة العبد إلى ربه‪ .‬أليام الزُهد وليال‬

‫غرّ‪ ،‬لغراس الجنان‪ .‬وله الحق في ضرورات الحياة ببساطة‬ ‫وسماحة‪ .‬قصرَ يومُ الشتاء فصامه نهاراً‪ ،‬وطال ليله فأقامه‪،‬‬ ‫ليستمتع فيه بلذة الطاعة هلل‪ .‬تستشرفه األسماع في اإلصغاء‬ ‫لطالقة لسانه ومحياه‪ ،‬وحُسن خلقه‪ .‬يصيغ حديثه الدّال على‬ ‫التميز بلمسة حانية لحفظ الدين والدّماء والمال والعرْض‪.‬‬ ‫كي يغرس في قلوب المتلقين حبَّ دينهم‪ .‬وقد يلمس طالب‬ ‫العلم بفصيح التجاوب من المسلم وجدانه بفضل خالقه عليه‪،‬‬ ‫لحفظ كرامة اإلنسان‪ ،‬ما تعاقبت األيام‪َّ .‬‬ ‫إن حبَّ الخير للناس‬ ‫أسلم الطرُق إلى قلوبهم وهو سبيل لمقاصد القيم وألواصر‬

‫األلفة والتراحم‪ ،‬بنيَّة خالصة لوجه اهلل‪ .‬موصولة إلى الحق‪.‬‬ ‫الميزان الدقيق هي شريعة اهلل‪ ،‬قطعية الثبوت وقطعية‬ ‫الداللة‪ .‬فالفتاوى تتغير بظروف الزمان والمكان واألحداث‪،‬‬ ‫ْ‬ ‫إن لم يكن استنباطها ظنُّ الثبوت وظنُّ الداللة‪ . .‬فالرجوع‬ ‫إلى الحق فضيلة وأفضل من التمادي في الضالل والباطل‪.‬‬ ‫ألوالئك الذين يتساقطون بالمظالت‪ ،‬فتهوي بهم الريح‬ ‫في مكان سحيق‪ ،‬ويتعرَّضون لالتهام والتقريع‪ ،‬وال‬ ‫ينتهي إال بما ال تحمد عواقبه‪ .‬وهذا خطرٌ ال يُدْركه‬ ‫ممن يزعمون تعويض اللغة العربية ب «الدّارجة»‪.‬‬ ‫وال يتصوّرُه المارقون وهم يُعمّمون بلوى الفساد‬ ‫في المجتمعات اإلسالمية‪ ،‬بالوكالة عن بعض الدول‬ ‫الكلونيالية‪ .‬فالحمد هلل على آالئه البوالغ‪ .‬فقد أسبغ‬ ‫الواحد األحد علينا نعمه ظاهرة وباطنة‪ .‬اهلل الذي جعل‬ ‫من أمة محمد (ص) أمة وسطا بين األمم‪ .‬وقد أعزّنا‬ ‫باإلسالم َّ‬ ‫وذل ّ‬ ‫كل شيء لعظمته‪ .‬وهي رحمة مهداة‬ ‫ونعمة مسداة للذاكرين اهلل والذاكرات‪ .‬هو سبحانه‬ ‫يقلب القلوب ويصرّفها أنى شاء‪ .‬فاصرف قلوبنا إلى‬ ‫طاعتك‪ ،‬وتبتنا على دينك‪ ،‬وزيينا بزينة اإليمان‪ ،‬دائمي‬ ‫التسبيح من دين الرحمة والرافة‪ .‬لقول اهلل َّ‬ ‫جل في‬ ‫عاله ‪ :‬وما أرسلناك إال رحمة للعالمين (صدق اهلل‬ ‫العظيم‪ ،‬اآلية)‪ .‬محمد (ص) المؤيدُ بمعجزة التنزيل‪.‬‬ ‫ولسيرته (ص) أناشيدٌ في المديح النبوي ‪:‬‬ ‫ْ‬ ‫حرام‬ ‫يل‬ ‫فعذ‬ ‫دعوين دعوين لأناجي حبيبي‪ ،‬وال ت َْع ّذلوين‪،‬‬ ‫ْ‬ ‫الغرام‬ ‫و‬ ‫الهوى‬ ‫قيت بك�أ�س‬ ‫حب‪�ُ ،‬س ُ‬ ‫فكفّـوا مالمي ف�إنيّ ُم ٌّ‬ ‫ْ‬ ‫أنام ‪..‬‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫بخري‬ ‫لع‬ ‫تو‬ ‫وقلبي‬ ‫‪،‬‬ ‫هائم‬ ‫بحب املدينة‬ ‫ف�ؤادي ّ‬ ‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫ْ‬ ‫دين اإلسالم حامل لراية السلم والسالم وهو من نعم اهلل‬ ‫علينا‪ .‬والسالم هو تحية أبينا آدم عليه السالم‪ ،‬وتحية أهل‬ ‫الجنّة‪ .‬لقوله ّ‬ ‫جل وعال ‪« :‬ادخلوا في السلم كافة» (صدق اهلل‬ ‫العظيم‪ ،‬اآلية) ‪ ..‬وحتى تحابوا أفشوا السالم بينكم‪ ،‬وأصل‬ ‫السالمة التقوى‪ .‬اللهمّ اجعلني ممن يفرحون بلقائك‪ ،‬وتوفني‬ ‫إذا كانت الوفاة خيراً لي ‪ ،‬وأحييني إذا كانت الحياة خيراً لي ‪.‬‬


‫‪17‬‬

‫الثالثـاء ‪� 03‬إلى ‪� 09‬شتنرب ‪2019‬‬

‫العدد ‪1009‬‬

‫هكذا هبت رياح الحداثة على المغرب‪...‬‬ ‫من بوابة طنجة‬

‫‪ -‬محمد �أديب ال�سالوي‬

‫‪-1-‬‬

‫لربما تكون مدينة طنجة‪ ،‬بموقعها الحضاري ‪ /‬التاريخي ‪ /‬الجغرافي‪ ،‬المطل على القارة‬ ‫األوروبية‪ ،‬من األسباب التي جعلتها‪ ،‬من أكثر المدن المغربية استيعابا لمفاهيم «الحداثة»‬ ‫وتقاربا مع قيمها الثقافية والفنية واالجتماعية‪...‬والحضارية عامة‪.‬‬ ‫على فضاء هذه المدينة‪ ،‬التي استقطبت مبكرا أفواجا من األدباء والفنانين والسياسيين‬ ‫والتجار والمقاولين الغربيين ‪ /‬أوربيين وأمريكيين‪ ،‬ظهرت العالمات األولى لقيم الحداثة‬ ‫ومفاهيمها كما هي في العالم الحديث‪ ،‬إذ سبقت بذلك كل المدن العتيقة بالمغرب الراهن‪.‬‬ ‫على فضاء هذه المدينة‪ ،‬تم ظهور أول جريدة ورقية مغربية (سنة ‪ ،)1907‬وتم ظهور أول‬ ‫فنان تشكيلي مغربي ‪ /‬محمد بن علي الرباطي (سنة ‪ ،)1908‬وتم تشييد أول مسرح حديث‬ ‫بالمغرب ‪ /‬مسرح سيرفانطس (سنة ‪ )1913‬وتم تأسيس أول فريق رياضي مغربي لكرة القدم‬ ‫(سنة ‪ )1914‬وأول قاعة للعرض التشكيلي (سنة ‪.)1917‬‬ ‫وعلى فضاء هذه المدينة‪ ،‬تم تأسيس أول فندق مصنف بالمغرب‪ ،‬وأول مقهى مصنفة‪،‬‬ ‫وأول حانة مصنفة بالمغرب أيضا‪.‬‬ ‫وعلى فضاء هذه المدينة‪ ،‬تم تشييد أولى المؤسسات البنكية المغربية والدولية‪ ،‬وأولى‬ ‫الشركات التجارية والصناعية والسياحية وعلى فضائها أيضا تم فتح أولى سفارات العالم‬ ‫الحديث بالمغرب‪ ،‬وأولى مؤسسات التواصل والبريد بالمغرب نهاية القرن الثامن عشر وبداية‬ ‫القرن العشرين‪.‬‬ ‫وثقافيا‪ ،‬ال يمكن أن ننسى أن مدينة طنجة هي المدينة األولى بالمغرب التي عرفت إذاعة‬ ‫حرة ‪( /‬إذاعة طنجة)‪ .‬وهي األولى التي أعطتنا «رواية» عالمية ‪ /‬رواية الخبز الحافي لمحمد‬ ‫شكري‪ ،‬التي استقطبت القراء والمترجمين من حوالي أربعين دولة‪.‬‬

‫‪-2-‬‬

‫هكذا شكلت مدينة طنجة مدخال أساسيا للحداثة بالمغرب الجديد‪ ،‬ليس فقط ألنها‬ ‫استقطبت قامات إبداعية ‪ /‬ثقافية غربية في نهاية القرن التاسع عشر‪ ،‬و مطلع القرن العشرين‪،‬‬ ‫ولكن أيضا ألنها فتحت ذراعيها على المدارس واالتجاهات والمفاهيم الثقافية الحديثة‪ ،‬التي‬ ‫وضعت مدينة طنجة‪ ،‬في موقع ريادي ‪ /‬ال يمكن االختالف حوله‪.‬‬ ‫لذلك سيكون من السهل على الباحث ‪ /‬المالحظ‪ ،‬لمس التطورات التي عرفتها هذه المدينة‬ ‫‪،‬خالل هذه الفترة من التاريخ وهو ما يوازي من حيث قيمته‪ ،‬االنعكاسات التي تحكمت في‬ ‫تحديد هوية هذه المدينة‪ ،‬وشخصيتها ورؤاها االجتماعية‪ ،‬ونعني بذلك التطورات االقتصادية‬ ‫والسياسية التي برزت انعكاساتها‪ ،‬على اإلنتاج في فضاءات جديدة ‪ /‬حداثية بمفاهيم وأشكال‬ ‫جديدة‪ ،‬والذي عكست بسرعة وقوة أساليب مغايرة ألنماط الحياة في مغرب القرن العشرين‪،‬‬ ‫كما عكست موقعها من وضع المغرب الجديد على الخريطة اإلنسانية‪.‬‬ ‫ال نستطيع أن ننفي هنا‪ ،‬الدور اإليجابي الذي لعبه الفنانون واألدباء والسياسيون‬ ‫واإلعالميون الغربيون‪ ،‬الذين اتخذوا من عاصمة البوغاز ‪ /‬طنجة موقعا لهم حتى قبل أن تتحول‬ ‫إلى عاصمة للسياحة‪ ،‬شمال المغرب سواء من حيث تنشيط الحركة الثقافية الحديثة‪ ،‬أو من‬ ‫خالل إعداد أجيال جديدة من األدباء والفنانين المغاربة‪ ،‬مدمجين في مناهج الحداثة وأساليبها‬ ‫العولمية‪ ،‬أو من حيث إذكاء تجاربهم اإلبداعية‪ ،‬وإعطائها وجها جديدا ومشرقا محليا وعالميا‪.‬‬ ‫إن رائد الفن التشكيلي الحديث‪ ،‬محمد بن علي الرباطي ( ‪ )1939-1861‬كرائد الرواية‬ ‫المغربية الحديثة محمد شكري ( ‪ ) 1935-2003‬ال يشكلون فقط أسماء عابرة في تاريخنا‬ ‫الثقافي‪ ،‬إنهم مؤسسون لثقافة جديدة ‪ /‬وضعوا المغرب على قائمة الحداثة في المجال الثقافي‬ ‫بالعالم الحديث‪.‬‬

‫والشك‪ ،‬إن حتمية األخذ والعطاء‪ ،‬كما تحكمت في الفكر واألدب والعلوم اإلنسانية خالل‬ ‫هذه الفترة الحالكة من التاريخ بمدينة طنجة‪ ،‬تحكمت في الصناعة والتجارة والسياحة‪...‬وفي‬ ‫اإلبداعات البصرية واللغوية‪ ،‬التي ازدادت على أرض هذه المدينة العتيقة‪ ،‬بل أن هذه اإلبداعات‬ ‫والصنائع هي متعددة ومتنوعة وذات مرجعيات وطنية وعالمية‪ ،‬مختلفة ‪ /‬متداخلة ومتشابكة‪،‬‬ ‫كانت المحور األساسي لكل أخذ ولكل عطاء‪ ،‬على فضاءاتها‪.‬‬ ‫إن الحركية المتطورة للثقافة والفنون والصناعة والتجارة‪ ،‬المتمثلة فيما احتضنته مدينة‬ ‫طنجة‪ ،‬خالل العقود العشرة الماضية‪ ،‬من إبداعات ومبدعين‪ ،‬من صناعات وصناعيين وحرفيين‪،‬‬ ‫مرت ‪ /‬تمر بمرحلة غنية‪ ،‬بما تحفل به من أسماء ومدارس واتجاهات وأساليب وقيم حضارية‪،‬‬ ‫حيث استطاعت في هذا الظرف التاريخي‪ ،‬التجدر في الطموحات‪ ،‬وفي مختلف التناقضات التي‬ ‫عاشها ‪ /‬يعيشها المجتمع المغربي‪ ،‬قبل وبعد فترة الحماية‪ ،‬واالنتقال بهذه المدينة التاريخية‬ ‫من مجرد موقع حضري‪ ،‬إلى موقع حضاري‪ ،‬يساهم بفعالية في التغيير والتنمية والتحديث‬ ‫والبناء القومي‪.‬‬ ‫إن التطور االجتماعي ‪ /‬االقتصادي ‪ /‬السياسي ‪ /‬الثقافي الذي عرفته مدينة طنجة خالل‬ ‫القرن الماضي‪ ،‬مع حلول البعثات الغربية التي حملتها رياح الحماية خالل القرن المنصرم‪ ،‬قد‬ ‫غير كثيرا من الرؤى الجمالية في هذه المدينة‪ ،‬وانعكس على الصناعة والتجارة والتعليم‪ ،‬كما‬ ‫انعكس على الثقافة والفنون البصرية‪ ،‬وعلى تطور المفاهيم‪ ،‬مما جعل هذه المدينة تتكيف‬ ‫وتتفاعل مع األنماط الجديدة للحياة االقتصادية والثقافية التي رافقت هذه البعثات‪ ،‬وهو ما‬ ‫أعطاها في نهاية المطاف منحى دالليا له أكثر من عالقة بقضية الوجود والكرامة والحرية‪ ،‬إذ‬ ‫انصبت خالل هذه الفترة من التاريخ‪ ،‬اهتمامات العديد من المبدعين المغاربة بهذه المدينة‬ ‫على طرح أسئلة راهنية لتحديد الموقف االحضاري على الخريطة الثقافية المغربية‪ ،‬بتناقضاتها‬ ‫وهمومها وتداخالتها مع القضايا الثقافية والحضارية األخرى‪.‬‬ ‫إن التأمل النقدي في التراكمات الحضارية التي حققتها هذه المدينة‪ ،‬انطالقا من نهاية‬ ‫القرن التاسع عشر‪ ،‬تعطي االنطباع أن البداية ‪ ،‬كانت تهدف إلى استشراق المستقبل‪ ،‬ذلك ألن‬ ‫ما ميزها منذ بدايتها هو طابع االستمرارية‪ ،‬وإبراز الذات المغربية‪ ،‬التي كانت وما تزال تلح على‬ ‫سؤال الذاتية والهوية وتلك هي ميزتها الثقافية بكل تأكيد‪.‬‬ ‫مدينة طنجة بين الفن والرمز ‪ /‬بين الفن والخط ‪ /‬بين الفن والهندسة ‪ /‬بين الفن واألدب‬ ‫‪ /‬بينه وبين البيئة والتراث والحداثة الحضارية‪ ،‬لم تتجه فقط إلى نقلها السياحي‪ ،‬ولكنها أيضا‬ ‫حاولت ‪ /‬تحاول إعطاء دورا جماليا ‪ /‬ثقافيا إلى هذه المدينة على الساحة الثقافية‪.‬‬

‫‪-3-‬‬

‫إن ذلك ال يعني إطالقا أن فعل الحداثة وجد مفرداته هنا بمدينة طنجة‪ ،‬ولكنه بفعل الجذور‬ ‫اإلنسية ‪ /‬الحضارية لهذه المدينة المتعددة الصفات‪ ،‬أصبحت حداثتها تجسد الوعي واليقظة‬ ‫والتطلع إلى المستقبل‪ ،‬ومن ثمة أصبحت تسير جنبا إلى جنب مع الحركات الحداثية العالمية‬ ‫القائمة‪ ،‬وهذا ما يجعلها جديرة بقراءة متأنية لمثنها االحضاري والحداثي‪.‬‬ ‫والبد هنا من اإلشارة‪ ،‬إلى أن الذاكرة الجماعية وقوة المخيلة كانتا دائما وباستمرار‪ ،‬سمة‬ ‫هذه المدينة ‪ /‬سمة األجيال المتالحقة والمترابطة على تاريخها‪ ،‬إال أن جيل الشباب الذي برزت‬ ‫سماته مع األلفية الثالثة حاول ‪ /‬يحاول إعطاء مدينة طنجة مفاهيم ومعاني نظرية متميزة‬ ‫بالتحرر من قيود التخلف والرجعية‪ ،‬ولكنها متأثرة بالجذور الثقافية ‪ :‬الرموز ‪ /‬األشكال الهندسية‬ ‫‪ /‬القيم العربية واألمازيغية‪ ،‬في محاولة جادة إلعطاء هذه المدينة شموليتها بأبعاد نفسية ‪/‬‬ ‫اجتماعية ‪ /‬وتاريخية‪.‬‬

‫أفال تنظرون‪...‬؟‬


‫‪18‬‬

‫الثالثـاء ‪� 03‬إلى ‪� 09‬شتنرب ‪2019‬‬

‫العدد ‪1009‬‬

‫لعبة السودوكو (‪)470‬‬

‫مع الحق والحقوق والديمقراطية‬ ‫والعدل والعدالة‬ ‫التي ال بد منها دائما وأبدا؟!‬

‫أصل اللعبة‬

‫لعبة السودوكو اليابانية األصل «‪ ،»SUDOKU‬كانت معروفة منذ الثمانينيات‬ ‫في اليابان‪ ،‬إال أنها لم تظهر كلعبة ذات شعبية إال سنة ‪.2005‬‬

‫معنى كلمة سودوكو‬

‫• بقلم ‪ :‬عبد القادر أحمد بن قدور *‬

‫كلمة سودوكو هي اختصار للجملة اليابانية (‪)Nikagiru Sujiwa Dokushin‬‬ ‫وتعني أن األعداد البد أن تكون مفردة‪ .‬وهذه اللعبة عبارة عن عالمة تجارية لشركة‬ ‫‪.Nikol‬‬

‫كيف تلعبها ؟‬

‫اللعبة تعتمد على المنطق لدرجة كبيرة‪ ،‬وهي لوحة مقسمة إلى تسع مناطق كل‬ ‫منطقة مكونة من تسع خانات‪ ،‬وعليك أن تمأل هذه الخانات أفقيا أو عموديا بأرقام من‬ ‫‪ 1‬إلى ‪ ،9‬حيث ال تستخدم الرقم إال مرة واحدة في جميع المربعات على العمود نفسه‬ ‫أو السطر أو القطر‪ ،‬وتكون هناك أرقام موضوعة سابقا في بعض الخانات‪.‬‬

‫مفيدة لكن معقدة‬

‫اللعبة مفيـدة جدا لتقوية مهارات المنطـق‪ ،‬ويستخدمهـا مدرسو الرياضيات‬ ‫كتمارين للطلبة وتختلف درجة التعقيد‪ ،‬حسب الفئة المستهدفة‪.‬‬

‫مرت في تاريخنا وفي فترات من حياتنا سنوات أكدت بأن‬ ‫الخطر قريب علينا ومنا‪ ،‬أو نحن نتجه نحوه‪ ،‬إذ ال داعي للتذكير‬ ‫بهذا‪ ،‬فهي ظاهرة لنا في ضمائرنا وعقولنا‪ ،‬بل متخمرة في‬ ‫وجداننا‪ ،‬وال زال الناس والبعض منا يحــس بالمر من معاناته‪،‬‬ ‫بل بعضنا يحارب ذلك في أكثـــر من جبهة‪ ،‬ويطارد أشباح الفناء‪،‬‬ ‫ويتمثل هذا في الغــالء المستشري والمخــدرات‪ ،‬والعنـف‪ ،‬ثم‬ ‫التطاول على القانون الذي يجب أن يكون متساويا على الجميع‪...‬‬ ‫وكل هذا يشهد بأنه آن للمريض أن يحسم تردده‪ ،‬وأن يعمل‬ ‫على اتخاذ القرارات الحاسمة‪ ،‬ألن الحياة قبل كل شيء وبعد كل‬ ‫شيء أمانة علينا يجب أن توضع في موضعها الصحيح‪ ،‬وتحظى‬ ‫كذلك بالصدق والجدية الالزمة مهما اقتضى ذلك من تضحيات‬ ‫جسام‪ ،‬ولكن الحل ال يمكن أبدا يقتصر على إصدار القرارات‬ ‫فقط‪ ،‬بل ال بد أن يتشكل في صورة سياسية جامعة وعامة تنشر‬ ‫جناحيها فوق الجميع‪ ،‬وتقوم على الثقة المنشودة واالحترام‬ ‫التام‪ ،‬والقوة والنزاهة وسالمة القصد‪ ،‬والعقوبات الزجرية إن أخل‬ ‫أحد بذلك ولو بدرجات متفاوتة وحسب الخلل‪ ،‬بكل ذلك يكون‬ ‫مناسبا لكل حالة حالة ليتعظ البعض منا‪ ،‬ويرجع البعض اآلخر‬ ‫إلى طريق الصواب باالتعاظ ببعضنا البعض‪ ،‬وبأمثلة من ذلك‪...‬‬ ‫على اإلدارة أن تجدد ذاتها وتتطهر من سلبياتها‪ ،‬وتتجلى‬ ‫بالعدل والقسطاس والحزم في كل أمورها‪ ،‬وتبتعد عن السلبيات‬ ‫والموبقات‪ ...‬وتدعو الشعب إلى العمل والصبر واحتمال المكاره‬ ‫واالنتماء والتضحية‪ ،‬عليها أن تكون قدوة في احترام حقوق‬ ‫اإلنسان الحقة‪ ،‬وتعطي لكل ذي حق حقه كله‪ ،‬وفي العمل البناء‬ ‫والخالق‪ ،‬والشرف‪ ،‬مع تقديس القانون واحترامه مع الجميع دون‬ ‫استثناء‪ ،‬عليها أن تشعر المواطن البسيط بأنها من الشعب‬ ‫وللشعب‪ ،‬وأنها توفر له الحرية والعدل واألمن التام‪ ،‬وأنهما معا‬ ‫وحدة ال تتجزأ‪ ،‬وتعمل من أجل هدف واحد‪ ،‬هو الخير والتقدم‬ ‫والنماء المتواصل بكل المجهودات الممكنة‪...‬‬ ‫وإذا كنا تعودنا على أن نتبع سياسة الخطوة خطوة‪ ،‬فعلينا‬ ‫أن نوسع الخطى أكثر‪ ،‬وإذا قد اعتدنا على االعتماد على الغير‪،‬‬ ‫فعلينا أن نعتمد على أنفسنا وذواتنا‪ ،‬وأن نوقد العقول والقلوب‬ ‫واإلرادات ذات الهمة العالية لكي تكون كذلك‪ ...‬هذا‪ ،‬وال بد من‬ ‫القول كم كابدنا في تاريخنا وتاريخ اإلنسانية والشعوب األخرى‬ ‫من أزمات وويالت‪ ،‬ثم انطوت بعض األزمات وتالشت الكثير‬ ‫منها‪ ،‬ثم تدفقت الحياة من جديد مكللة بالنصر المبين وابتعدت‬ ‫عن بعض الموبقات وتقدمت إلى األمام بالخير مع النصر المكين‬ ‫باألخالق الحميدة والنزاهة الخالقة والوثابة والعمل المتفاني‬ ‫فيه والجدية المتواصلة والالحقة باألمم والشعوب المتقدمة‬ ‫ذات الديمقراطية الحقة والعدالة والنزاهة والمساواة بين الناس‬ ‫وإحقاق الحقوق للشعوب وكل األفراد التواقة لكل هذا بالعمل‬ ‫الخالق والبناء المضطرد للصول إلى الحياة الهنيئة والمستقبل‬ ‫الباسم لكل شبابها وشاباتها وكل الناس بالحصول على األمال‬ ‫واألحكام السعيدة التي يتطلعون إليها بكل قاداتهم ورجاالتهم‬ ‫األفذاد الذين ينصفونهم كل اإلنصاف ويعملون على تحقيق جل‬ ‫أحالمهم ومكابداتهم بعد ألي وجهد وصبر مكين‪...‬‬ ‫وبهذا سنتابع إنجـــاز رجاالتنــا وقاداتنا بالعلــم واألخــالق‬ ‫المجيدة وإنجازاتهم العلمية والتعليمية الحقة فوق هذه األرض‬ ‫المعطاء‪ ،‬وفي القضاء ننبهر ويستحوذ علينا اإلعجاب والعجب‪.‬‬ ‫بتحقيق كل ذلك‪ ،‬إذا ساد تطبيق القانون بحذافيره وبغيرة وطنية‬ ‫حقة وبأخالق سامية وإحقاق كل الحقوق للكل بالعدل والسالم‬ ‫والديمقراطية الشاملة والنبيلة‪ ،‬كما هي في الدول والشعوب‬ ‫الناضجة‪ ،‬ألننا نجد فيها من آيات الحرية واحترام حقوق اإلنسان‬ ‫وقوة المؤسسات وهيمنة الرأي العام ما يبهرنا ويطربنا ويملؤنا‬ ‫نشوة أمام حياة مثالية كريمة‪ ،‬وغالبا ما ننسى أن هذه الحياة‬ ‫هي الثمرة األخيرة لجهاد طويل عنيف غضب بالدماء‪ ،‬وأنها مرت‬ ‫بعهود فسدت فيها العالقات والذمم واشتريت فيها الضمائر‬

‫بأبخس األثمان‪ ،‬لهذا فليس هناك ما هو أظلم من دعوة تشكك‬ ‫في الديمقراطية بحجج عدم األهلية لها‪ ،‬بسبب الفقر أو الجهل‬ ‫أو الفساد‪ ،‬ألن الديمقراطية والحقوق الحقة هما أسلوبين من‬ ‫أساليب الحياة‪ ،‬ال يمكن أن يماثلهما أسلـوب آخـــر‪ ،‬بل حتى‬ ‫يقاربه‪ ،‬لكنه ال يعني أنهما سحر يصنعان المعجـزات ويحــالن‬ ‫المشكالت ويقيان من الفساد وتبعاته‪ ،‬بل قد يقع ذلك حتى في‬ ‫الدول الديمقراطية البناءة للحضارات والتقدم المنشود‪ ،‬بل ويقع‬ ‫دائما في األنظمة االستبدادية‪ ،‬ويستفحل أمره إذا كان بمنجاة‬ ‫من الرقابة الحقة ودون أمل في التغيير‪ ...‬وعلى األقل في جوار‬ ‫الديمقراطية ال تستر على عيب أو جريمة مرتكبة‪ ،‬ـ كما نجد‬ ‫مثاال لذلك في الصحف المغربية والتلفزة واإلذاعة الوطنية منذ‬ ‫انطالق ذلك أكثر خالل سنوات عديدة بكل حرية وجرأة وشجاعة‬ ‫من اجل تصحيح األوضاع والموبقات وفضحها أمام الرأي العام‬ ‫حتى نتعض وتبقى عبرة لنا من ذلك ونصلح ذواتنا وأنفسنا‬ ‫وعقولنا لتبتعد عن مثل ذلك ـ‬ ‫ونعلم دائماً بأن قوى الخير تصارع قوى الشر‪ ،‬واألمل في‬ ‫التصحيح أجدر ويوجد مع المعارضة البناءة والرأي العام وعند‬ ‫االنتخابات‪ ...‬إذ من الخير أن تعطى للديمقراطية الحقة فرصتها‪،‬‬ ‫وأن تتعرض للثواب والعقاب‪ ،‬وأن تخوض غمار التجارب حلوها‬ ‫ومرها حتى يستقيم شأنها وتنطلق قواها الكامنة‪ ...‬أال يفرض‬ ‫النظام االستبدادي نفسه عشرات السنين برغم فساده وهزائمه؟!‬ ‫فلم يضن قوم على الديمقراطية والحقوق لتحقيقها ألهلها ببضع‬ ‫سنين؟! إذ منذ األزل والصراع بين الخير والشر‪ ،‬ولكن لن ينهزم‬ ‫الخير وإن طال الصراع في أمد الزمن‪!...‬‬ ‫االنتصار دائما للخير والعدالة والعدل والحق والديمقراطية‬ ‫واالخالق الحميدة التي هي كذلك أساس تقدم األمم مع العلم‬ ‫والتعليم األساسي المستمر والمجاني البناء للرقي والحضارات‬ ‫والشعوب التواقة دائما وأبدا للتغيير والتشييد والتفتح على الدول‬ ‫المتقدمة مهما طال الزمن أو قصر أمده‪ ،‬لنصل إلى شاطئ النجاة‬ ‫باالستقرار التام‪ ،‬وبالمستقبل الباهر لفلذات أكبادنا‪ ،‬ومستقبلنا‪،‬‬ ‫حتى تطمئن قلوبنا جميعا على بلدنا المغوار‪.‬‬ ‫ـــــــــــــــ‬

‫ـ القصر الكبير في ‪2019/08/22‬‬

‫* األديب واإلعالمي‬ ‫والعضو الشرفي بمنظمة العفو الدولية ‪ ‬ـ فرع المغرب‬

‫حل السودوكو‬ ‫رقم ‪470‬‬

‫�إعـالن قـانونـي ‪Annonce Légale‬‬ ‫‪MAPS TRANS S.A.R.L A.U‬‬ ‫‪AU CAPITAL SOCIAL DE 100.000,- DHS‬‬ ‫‪SIEGE SOCIAL : 127, Avenue Hafid Ibn Abdelbar Résidence Al‬‬ ‫‪Andalouses Anzarane 3ème étage N°15, Tanger‬‬ ‫‪RC : 73343‬‬

‫‪Cession de parts sociales, Modification de l’objet social,‬‬ ‫‪démission de l’ancien gérant et nomination d’un nouveau‬‬ ‫‪gérant,‬‬ ‫‪I – Suivant P.V de décision extraordinaire de l’associé unique de la‬‬ ‫‪société «MAPS TRANS SARL A.U», société à responsabilité limitée à‬‬ ‫‪associé unique en date du 29 Mai 2019, enregistré le 17 juin 2019 sous le‬‬ ‫‪numéro 29580/48435, il a été décidé :‬‬ ‫‪- De déclarer son consentement irrévocable pour La cession de 1000‬‬ ‫‪parts sociales détenues par Mme Nadia BOULAIZ, marocaine, titulaire‬‬ ‫‪de la CIN N° K112206, née à Tanger le 09 Novembre 1962, et domiciliée‬‬ ‫‪à Tanger, 24 Résidence Touria 1 Sejelmassa, Etg 6 Apt 32 au profit de M.‬‬ ‫‪Mohamed TRITACH, marocain, titulaire de la CIN N° LB119581, né à‬‬ ‫‪Ksar Bjir Larache, le 14 Août 1985 et domiciliée à Dr Lahlafa CR Ksar Bjir‬‬ ‫‪CDT Sidi Slama Ksar El Kebir‬‬ ‫‪- De modifier l’objet social de la société comme suit :‬‬ ‫‪- Principalement la Société a pour objet au Maroc et à l’étranger, pour‬‬ ‫‪son compte ou pour le compte des tiers, d’exercer les activités suivantes :‬‬ ‫‪- Transport National International Par Camion, Par Bateau Et Par Avion‬‬ ‫; )‪(Terre, Mer, Air‬‬ ‫‪- Sous Traitance Dans Le Domaine Du Transport De La Manutention,‬‬ ‫;‪Logistique‬‬ ‫; ‪- Sous Traitance Dans La Logistique‬‬ ‫‪- Transport de marchandises national par tous moyens notamment par‬‬ ‫‪véhicules routiers‬‬ ‫‪- Et généralement, toutes opérations mobilières, immobilières,‬‬ ‫‪financières, industrielles ou commerciales pouvant se rattacher directement‬‬ ‫‪ou indirectement, en tout ou en partie, à l’une ou à l’autre des opérations‬‬ ‫‪visées ci-dessus de manière à faciliter, favoriser ou développer l’activité de‬‬ ‫‪la société.‬‬ ‫‪- D’accepter accepte la démission de Mme Nadia BOULAIZ, titulaire‬‬ ‫‪de la CIN N° K112206, de son poste de gérante, lui donne quitus entier et‬‬ ‫‪définitif, et décide la nomination de M. Mohamed TRITACH, titulaire de‬‬ ‫‪la CIN N° LB119581 comme nouveau gérant de la société.‬‬ ‫‪- De mettre à jour les statuts de la société‬‬ ‫‪II- Le dépôt légal a été effectué au Greffe du Tribunal de Commerce de‬‬ ‫‪Tanger‬‬ ‫‪POUR EXTRAIT ET MENTION‬‬


‫الدويل املغربي نور الدين �أمرابط يتربع بـ ‪ 500‬مليون‬ ‫ل�ضحايا ملعب تيزيرت بتارودانت‬

‫صفحة‬

‫‪19‬‬

‫�إعداد ‪ :‬م�صطفى ال�سباعي‬

‫العدد ‪1009‬‬

‫الثالثاء ‪� 03‬إلى ‪� 09‬شتنرب ‪2019‬‬

‫مجرد رأي ‪:‬‬

‫خاليلوزيتش يستغني عن‬ ‫الحرس القديم ألسود األطلس‬

‫أعلن المدرب البوسني وحيد خاليلوزيتش عن الئحة المنتخب الوطني‬ ‫المغربي استعدادا لوديتي النيجر وبوركينا فاسو‪.‬‬ ‫أولى المالحظات عن هذه القائمة خلوها من األسماء التقليدية أو ما كان‬ ‫يسمى بالحرس القديم الذي فرض سيطرته داخل معسكر األسود لفترة طويلة‪.‬‬ ‫كما رفع خاليلوزيتش تمثيل العبي الدوري االحترافي ليصل إلى ‪ 6‬العبين‬ ‫عكس فترة المدرب الفرنسي السابق هيرفي رونار‪.‬‬ ‫وألول مرة منذ عشر سنوات خلت قائمة المنتخـب المغربي من األسمــاء‬ ‫التقليديبة الممثلة في المهدي بنعطية ومروان داكوستا وكريم األحمدي وخالد‬ ‫بوطيب وامبارك بوصوفة‪.‬‬ ‫وعكس المدرب رونار رفع خاليلوزيتش من عدد العناصر المحلية في‬ ‫المنتخب المغربي إلى ‪ 6‬العبين وذلك تماشيا مع رغبته في إعادة االعتبار‬ ‫لالعبين المحليين بعد معاناتهم من التهميش لستوات‪..‬‬ ‫الالئحة الجديدة لألسود شهدت أيضا عودة عدد من المغضوب عليهم‬ ‫الذين عانوا من تجاهل هيرفي رونارو في مقدمتهم عادل تاعرابت العب بنفيكا‬ ‫البرتغالي ووليد أزارو العب األهلي المصري‪.‬‬

‫بادرة إنسانية أقــدم عليها الدولــي‬ ‫المغربي نور الدين أمرابط تضامنـــا مـع‬ ‫أهالي قرية تيزيرت بإقليم تارودانت بعد‬ ‫فاجعة الفيضانات التي أودت بحياة ‪7‬‬ ‫أشخاص وفقدان واحد حتى اآلن‪.‬‬ ‫أمرابط تبــرع بمبلـــغ ‪ 500‬مليــون‬ ‫سنتيم من ماله الخاص ألهالــي ضحايا‬ ‫الكارثة وقرر بناء ملعــب لشباب القريــة‬ ‫بعيدا عن الوادي‪.‬‬ ‫وكانت أمطار طوفانية غزيرة قد داهمت ملعب تيزيرت خالل مباراة لكرة القدم‪ ،‬مما أدى‬ ‫إلى الكارثة وتدمير الملعب عن آخره‪.‬‬

‫كأس العرش‬

‫اتحاد طنجة يتجاوز عقبة الحسيمة‬ ‫ويواجه الفتح الرياضي في ثمن النهاية‬ ‫ومسيرة العديد من األندية تتوقف مبكراً‬

‫احتارين يرفض حمل القميص الهولندي‬

‫الالعب المغربي األصل والهولندي الجنسية اليزال حائرا ولم يحدد وجهته حتى‬ ‫اآلن‪.‬‬ ‫احتارين العب نادي إيندهوفن الهولنـــدي رفض دعوة المدرب رونالد كومان‬ ‫لاللتحاق بصفوف منتخب شباب هولندا الذي يستعد لمواجهة المجــر مؤكدا أنه لم‬ ‫يحسم بعد في هوية المنتخب الذي سيحمل قميصه في المستقبل‪.‬‬ ‫وكان الالعب احتارين قد تلقى أيضا دعوة من مدرب األسود وحيد خاليلوزيتش‬ ‫لاللتحاق بمعسكر أسود األطلس استعدادا لوديتي النيجر وبوركينا فاسو غير أنه اعتذر‬ ‫لكونه لم يحسم بعد في المنتخب الذي سينضم إليه‪.‬‬ ‫وتقول األخبار القادمة من هولندا أن الالعب احتارين يتعرض لضغط كبير من قبل‬ ‫مدرب فريقه لالنضمام إلى منتخب الطواحين‪.‬‬

‫حقق فريق اتحاد طنجة األحد فوزا كبيرا على جاره‬ ‫شباب الريف الحسيمة بثالثة أهداف مقابــل واحد في‬ ‫المباراة التي جمعتهمـــا على ملعــب ميمــون العرصي‬ ‫بالحسيمة‪.‬‬ ‫وسجــل أهــداف فارس البوغاز كـل مــن «يـــونس‬ ‫الديب» (هدفان) و «يوسف أنور» (هدف) ‪ ...‬في حين‬ ‫سجل هدف الشرف للفريق الريفي الالعب بالل بوزو‪.‬‬ ‫وسجلــت هــذه المباراة طـرد مدرب اتحـاد طنجــة‬ ‫نبيل نغيـز في الشوط الثاني بعدما تعـرض للطـــرد‬ ‫بالبطاقة الحمراء‪.‬‬ ‫وسيقابل اتحاد طنجة في الدور ثمن النهائي فريق‬

‫التأشيرة تؤجل وصول‬ ‫الليبي زكريا الهريش‬ ‫إلى طنجة‬

‫حمودان يقود الخور ألول فوز‬ ‫في الدوري القطري‬ ‫قاد الالعب المغربي أحمد حمودان فريقــه‬ ‫الخور ألول انتصار له في الدوري القطري هذا‬ ‫الموسم بهدف دون مقابل ضمن الجولة الثانية‪.‬‬ ‫وبهذا الفوز رفـع نادي الخــور رصيده إلى ‪3‬‬ ‫نقاط‪.‬‬ ‫يذكر أن أحمد حمـودان «الشاوني» العب‬ ‫اتحاد طنجة السابــق لعــب الموســم الماضي‬ ‫في الدوري السعودي وانتقل هذا الموسم إلى‬ ‫الدوري القطري في ثاني تجربة احترافية‪.‬‬

‫رغم تعاقد اتحاد طنجة المبدئي مع الالعب الليبي زكريا‬ ‫الهريش لتعويض رحيل الالعب عبد الكبير الوادي إلى فريق‬ ‫دجلة المصري فإن إجراءات التوقيع الرسمي على عقد اإلعارة‬ ‫لموســـم واحــد تأجلــت بسبب إجراءات الحصول على‬ ‫التأشيـرة‪.‬‬

‫الفتح الرياضــي الذي تأهــل على حســـاب المولودية‬ ‫الوجدية‪.‬‬ ‫وبهذا التأهل يكون اتحاد طنجة قد جنى العديد من‬ ‫المكاسب بسبب استعداداته المبكرة سواء في طنجة أو‬ ‫تركيا‪ ،‬وكذا مشاركته في الدور التمهيدي لكأس محمد‬ ‫السادس لألندية األبطال‪.‬‬ ‫منافسات كأس العــرش لنهــايـة األسبوع سجلت‬ ‫مفاجات من العيار الثقيل تمثلت في إقصاء العديد من‬ ‫أندية الدوري االحترافي وفي المقدمــة نهضـــة بركان‬ ‫حاملة اللقــب والرجـاء الرياضي والمولودية الوجدية‬ ‫وأولمبيك أسفي ويوسفية برشيد وأولمبيك خريبكة‪.‬‬

‫الوادي‬ ‫ينتقل إلى‬ ‫وادي دجلة‬ ‫المصري‬ ‫رسميــا توجـه العـب‬ ‫اتحاد طنجة عبد الكبير‬ ‫الوادي إلى مصر لالنضمام‬ ‫إلى فريقه الجديد وادي‬ ‫دجلة‪.‬‬ ‫جاء ذلك بعد توصل‬ ‫فارس البوغاز إلى اتفاق مع‬ ‫نادي وادي دجلة المصري‬ ‫لبيع عقد الالعب الوادي‬ ‫مقابل ‪ 250‬ألف دوالر‪.‬‬


‫الثالثـاء ‪� 03‬إلى ‪� 09‬شتنرب ‪2019‬‬

‫العدد ‪1009‬‬

‫األخيرة‬

‫السلسلة الرابعة‬

‫تذكرة سفر‬

‫احللقة اخلام�سة‬

‫لقاءات حوارية‪ ،‬في حلقات متسلسلة‪ ،‬مع شخصيات مؤثرة في المجال العمومي المغربـي‬ ‫والعربـي واإلنساني‪ ،‬تستحضر تجربتهم في الحياة الخاصة والعامة‪ ،‬وترحل بهم عبر تذكرة سفر‬ ‫معنوية وروحية إلى الماضي والمستقبل‪.‬‬ ‫• عبد اإلله المويسي‬

‫مع األستاذ‬

‫محمد األشعري‬ ‫المحور األول ـ المسار الخاص ـ‬

‫يحضر األستاذ محمد األشعري‪ ،‬في مخيال القراء المغاربة والمشتغلين بالحقل السياسي والمجتمعي الوطني‪،‬‬ ‫بصيغة الواحد المتعدد‪ ،‬فهو اإلنسان أوال‪ ،‬وهو الشاعر والكاتب الروائي والمناضل السياسي والناشط الحقوقي‪ ،‬وواحد‬ ‫من أبرز وجوه معتقلي سنوات الرصاص‪ .‬وهو الوزير الذي انعطف بمشروع الثقافة الوطنية نحو أفق اتسمت فيه بتبني‬ ‫مفهوم الصناعة الثقافية‪ ،‬وهو الذي سبق أن شغل قبلها منصب رئاسة اتحاد كتاب المغرب لثالث دورات عرفت خاللها‬ ‫هذه المؤسسة أقوى مراحل ديناميتها وإنتاجيتها‪.‬‬ ‫كان مخاضا عسيرا عاشه الشعراء المغاربة‪،‬‬ ‫وأحيانا عاشوه بطريقة مأساوية‪ .‬فلسنوات‬ ‫ظل السلوك المهيمن في عالقة الشرق‬ ‫بالمغرب يطبعه االستعالء والالمباالة‪ .‬فربما‬ ‫يمكن اعتبار التجربة في المغرب وفي تونس‬ ‫وفي اليمن وفي الخليج مجرد تجارب ملحقة‬ ‫بالتجربة األم التي هي التجربة المصرية‬ ‫واللبنانية السورية إلى غير ذلك‪ ،‬لكنني أظن‬ ‫أن االهتمام المغربي بتأصيل الهوية الشعرية‬ ‫المغربية أعطى أكله بعد السبعينات‪ ،‬فقد‬ ‫أصبح هناك اهتمام حقيقي بالتجربة الشعرية‬ ‫المغربية‪ ،‬وأصبح حضور الديوان المغربي في‬ ‫شبكات النشر والتوزيع والمهرجانات حضورا‬ ‫قويا‪ ،‬إلى درجة أن عددا كبيرا من التجارب‬ ‫الشعرية المغربية‪ ،‬ومن بينها تجربتي‪ ،‬كان‬ ‫للنشر في لبنان دور أساسي في التعريف بها‬ ‫خارج الحدود المغربية‪.‬‬

‫• السي محمد‪ ،‬أنت تعـرف جيـداً أن‬ ‫تجربة القصيدة المغربية رافقتها أيضا‬ ‫مقاربات نقدية أكاديمية تصنيفية‪ ،‬إذا‬ ‫صح التعبير‪ ،‬نستحضر أطروحة محمد بنيس‬ ‫التي أدرجت تجربة جيل الستينيات ضمن‬ ‫بنية «السقوط واالنتظار»‪ ،‬ثم أطروحة‬ ‫عبد اهلل راجـع التي أطرتـهـا في بنيـة‬ ‫«الشهـادة واالستشهـاد»‪ .‬األطـروحتان‬ ‫معا أحدثتا جدال قويا في أوساط التداول‬ ‫الثقافي العام لتجربة قصيدتنا المغربية‪،‬‬ ‫بل وخلفتا أحيانا استياء أو عدم قبول‬ ‫«نظري» لما انتهت إليه األطروحتان‪.‬‬ ‫كيـف تعامل السي محمد األشعري‬ ‫مع هاتين األطروحتين‪ ،‬ولربما مع غيرها‬ ‫من المقاربات؟‬ ‫• • رأيـي الخـاص في الموضـوع أنـي‬ ‫ال أعتبر أن إنصاف التجربة الشعرية يأتي‬ ‫من النقد‪ ،‬بل يأتي من الشعر نفسه‪ .‬عندما‬ ‫تستطيع التجربة الشعرية أن تصبح مرجعية‬ ‫في تاريخ األدب‪ ،‬فذلك هو اإلنصاف الحقيقي‬ ‫الذي تنتظره كل تجربة شعرية حقيقية‪.‬‬ ‫اآلن بطبيعة الحال عرف المغرب الكثير‬ ‫من االجتهادات ليس فقــط في التعريــف‬ ‫بالتجربة الشعرية المغربية‪ ،‬ولكن أيضا‬ ‫في كشف دالالتها وميكانيزماتها الداخلية‪،‬‬

‫عبد اهلل راجـع‬

‫وعالقاتها بالقضايا األساسية األخرى‪ .‬من‬ ‫السهل أن نقول بأن الكتابة الشعرية ينبغي‬ ‫أن تظل كتابة شعرية وليس سواها‪ ،‬لكنها‬ ‫مرتبطة كذلك بالحياة التي نحياها‪ ،‬وبالمحيط‬ ‫الذي نتطور به‪ ،‬وبالقضايا المتعلقة بالحرية‪،‬‬ ‫وبالحقوق‪ ،‬وبتراجيديات القمع‪ ،‬ومرتبطة‬ ‫كذلك بالقضايا الوجودية األساسية‪ ...‬الموت‪،‬‬ ‫الحب‪ ،‬الحياة‪ .‬ولذلك ال يمكن االكتفاء بالقول‬ ‫أن الكتابة الشعرية لها خصوصيتها‪ ،‬وأن‬ ‫القصيدة ال يمكن أن تكتب إال بالقصيدة‪.‬‬ ‫نحن نكتب القصيدة بحياتنا‪ ،‬ونكتبها أيضا‬ ‫بخصوصية الكتابة الشعرية‪ .‬والتوفيق بين‬ ‫هذين األمرين‪ ،‬أو خلق التوازن بينهما هو‬ ‫الذي يصنع تجربة شعرية عميقة‪ ،‬أو سطحية أو‬ ‫دائمة‪ .‬لذلك أعتبر كل االجتهادات التي قامت‬ ‫بها الجامعة المغربية في عهد ما‪ ،‬ولألسف أن‬ ‫ذلك توقف بطريقة درامية اآلن‪ ،‬االجتهادات‬ ‫التي حملها باألساس شعراء مخلصون للشعر‪،‬‬ ‫مثل محمد بنيس‪ ،‬عبداهلل راجع‪ ،‬وفيما بعد‬ ‫أحمد المجاطي‪ ،‬وآخرون اجتهدوا في تقديم‬ ‫التجربة الشعرية المغربية كتجربة وليس‬ ‫فقط كقصائد متفرقة‪ ،‬دون أن ننسى مسألة‬ ‫أساسية هي أن في عمق هذا االهتمام‬ ‫النظري والنقدي يوجد أيضا شاغل أساسي‬ ‫وهو محاولة إيجاد هوية للتجربة الشعرية‬ ‫المغربية‪ .‬نحن نشأنا وتطورنا في ظل التجربة‬ ‫الشعرية المشرقية‪ ،‬واالنسالخ عن هذه‬ ‫التجربة‪( ،‬االنسالخ اإليجابي أي بمعنى النضج)‬

‫• أحسست أني معنـي بإثـارة سؤال‬ ‫المقاربات النقدية التي رافقت القصيدة‬ ‫المغربية على اعتبار أن هذه المقاربات‪،‬‬ ‫ربما‪ ،‬وقعـت في نـوع من «االنفــالت‬ ‫النظري» وتعاطت مع تجربتنا بكثير من‬ ‫التعسف‪ ،‬خصوصا أطروحة محمد بنيس‬ ‫التي حصـرت القصيدة الستينية في خيبة‬ ‫أفقها القومي‪ ،‬واعتبرتهـا مجرد صدى‬ ‫للصوت المشرقي‪ ،‬وأطروحــة عبد اهلل‬ ‫راجع التي حصرت جيل السبعينيات في‬ ‫األفق اإليديولوجي بنوع من التجني على‬ ‫مكتسباتها الجمالية‪.‬‬ ‫• • أظن أنه يجب وضع األطروحتين معا‬

‫في سياقهما التاريخي‪ ،‬أطروحة محمد بنيس‬ ‫كانت في منتصف السبعينات‪ ،‬وكانت التجربة‬ ‫الشعرية في المغرب قد بدأت تساءل نفسها‪.‬‬ ‫ولذلك كان مهما أن يضع محمد بنيس‬ ‫نوعا من الرسم البياني للتطور الذي عرفته‬ ‫القصيدة المغربية‪ .‬وشخصيا لم أتقاسم كليا‬ ‫مع محمد بنيس رأيه في هذا الموضوع‪ ،‬ولكن‬ ‫إذا رجعنا إلى ما كان يكتب في الستينات فقد‬ ‫كان بالفعل نوعا من الصدى‪ ،‬وال يمكن أن‬ ‫ننكر ذلك‪ .‬هناك بالتأكيد تجارب خرجت عن‬ ‫طوق الصدى‪ ،‬وأصبحت صوتا خاصا‪ ،‬لكنها لم‬ ‫تتبلور في شكل تجربة كاملة ومتماسكة‪ .‬ربما‬ ‫فيما بعد‪ ،‬مع جيل السبعينات أدى الوضع إلى‬ ‫تبلور تجربة ال تحاكي الصدى‪ ،‬وتحاول أن تجد‬ ‫نفسها صوتها‪.‬‬ ‫بالنسبة لتجربة عبداهلل راجع أظن أنه‬ ‫كان من المهم جدا أن يعاد االعتبار لذلك‬ ‫االرتباط الخـاص بين المنحـى االحتجاجــي‪،‬‬ ‫وبين المنحى الشعري‪ ،‬ألنه يجب أن ال ننسى‬ ‫أنه في تلك الفترة ساد نـوع من الموقـف‬ ‫التحقيري لهـذا التالقـي‪ ،‬ونوع من اعتبار‬ ‫المضمون االحتجاجي والمضمون الفكري أو‬ ‫اإليديولوجي كما قيل‪( ،‬وأنا في اعتقادي لم‬ ‫يكن أبدا أيديولوجيا) أنه كان هو األساسي‪.‬‬ ‫أطروحة عبد اهلل راجع أرجعت‪ ،‬أوال‪ ،‬األمر‬ ‫ليس إلى مجرد وسيلة كتابية‪ ،‬أي استعمال‬ ‫األفكار والمبادئ والقناعات كجزء من كتابة‬ ‫التجربة الشعرية‪.‬‬ ‫ولكن ينبغي إثارة االنتباه إلى أن المغرب‬ ‫عرف في تلك الفترة لحظات مأساوية من‬ ‫الناحية السياسية والحقوقية‪ .‬فنحن نتحدث‬ ‫عن مرحلة كان فيها عدد من الشعراء المغاربة‬ ‫ومن األقالم األدبية وراء القضبان‪ ،‬ولسنوات‪.‬‬ ‫والنظام السياسي كان نظاما قمعيا وشرسا‪،‬‬ ‫وكان ال يسمح بأي مساحة لحرية التعبير‪ ،‬وال‬ ‫للتعبير الديمقراطي‪ ،‬وال يعير اعتبارا لحقوق‬ ‫اإلنسان‪ .‬وهذا األمر لم يعتبر شكليا بالنسبة‬

‫للشعــراء والكتــاب‪ ،‬بل اعتبر جوهريا‪ .‬في‬ ‫تلك الفترة أيضا كانت قد منعت الكثير من‬ ‫المجالت‪ ،‬ومنها مجالت أنشأها كتاب وشعراء‪،‬‬ ‫مثل مجلة «الثقافة الجديدة»‪ ،‬وقبلها مجلة‬ ‫«أنفاس» التي أنشأها عبداللطيف اللعبي‪،‬‬ ‫وبعدها مجلة «جسور» التي أنشأها األستاذ‬ ‫عبدالحميد عقار‪ .‬وكلها مجالت منعت‪ .‬ومنعت‬ ‫جريدة «المحرر»‪ ،‬مثلما منعت جرائد أخرى‪.‬‬ ‫فهذا الوضع كانت له عالقة مباشرة بالوضع‬ ‫الثقافي واألدبي‪ ،‬وال يمكن فصلهما‪ .‬فإعادة‬ ‫االعتبـار لفكرة االحتجــاج‪ ،‬وفكــرة االستشهاد‬ ‫هي مسألــة مرتبطة بتاريخها الخاص‪ ،‬مع‬ ‫العلم أن األستاذ عبداهلل راجع لم يقف فقط‬ ‫عند هذه الفكرة بل أيضا حلل التجارب‬ ‫الشعرية في السبعينات وأبرز أيضا إنجازاتها‬ ‫الفنية واألدبية‪.‬‬

‫• مســار محمــد األشعــري الشعــري‬ ‫عرف مراحل متنوعــة حقــق من خاللـه‬ ‫«إبداالت» واضحة‪ ،‬في االختيارات الفنية‬ ‫والمعرفية‪ .‬انتقـل هـذا المسار بقصيدة‬ ‫محمد األشعري‪ ،‬ربما‪ ،‬من سياقها الوطني‬ ‫والعربي ليجعلها تعانق أسئلة وجودية‬ ‫إنسانية وكونية رحبة‪ .‬يظهـر «اإلبدال»‬ ‫بجالء عند مطالة مختلف دواوينك‪.‬‬ ‫• • أنا سعيد أن يكون قد حدث ذلك‪،‬‬ ‫كنت سأكون بئيسا لو استمرت كتابتي‬ ‫الشعرية على منوال واحد‪ .‬أحاول أن أقوم‬ ‫بجهد بخصوص عالقتي بالكتابة الشعرية‪،‬‬ ‫وأيضا بخصوص فهمي للرؤية الشعرية‪.‬‬ ‫فأنا أعتبر أن الشعر في العالم يجب أن يكون‬ ‫عائلتنا األساسية‪ ،‬وأن ال نعتبر االمر وكأننا‬ ‫ننتمي إلى قبيلة شعرية‪.‬‬ ‫اآلن نحن ننتمي إلى العالم‪ ،‬وما ينجزه‬ ‫العالم في المجال الشعري يجب أن يهمنا‪.‬‬ ‫وبالطبع نحن عندما فتحنا أعيننا على الكتابة‬ ‫وعلى الحياة‪ ،‬كان ما يهمنا هو المواجهة‬ ‫المباشرة مع األشياء التي نجدها أمامنا‬ ‫سالبة للحرية أو سالبة لإلرادة‪ .‬هذا األمر‬ ‫لم يكن فقط اختيارا سياسيا بل كان اختيارا‬

‫شعريا أيضا‪ .‬وأنا ال أتفق مع الذين وضعوا‬ ‫كل تجربة جيلنا‪ ،‬في مرحلة ما‪ ،‬داخل قالب‬ ‫إيديولوجي‪ ،‬ثم بعد ذلك داخل قالب القطيعة‬ ‫مع اإليديولوجي‪ .‬إذا كانت لإلنسان قناعات‬ ‫ومبادئ وأفكار فسيحملها معه في كل فترة‬ ‫من فترات حياته‪ ،‬ولن يتخلى عنها ليكتب ما‬ ‫ال يقع تحت تأثير أفكاره واختياراته ومبادئه‪.‬‬ ‫ال أظن أن األمــر يقـع بهذه الميكانيكية‪.‬‬ ‫لكن بخصوص العالقة مع اللغة‪ ،‬ومع الرؤية‬ ‫الشعرية‪ ،‬ومع الشعريات األخرى التي نستفيد‬ ‫منها ونستمع إليها فاألمر يندرج في إطار‬ ‫نوع من التحول الثقافي‪ ،‬وليس فقط تحول‬ ‫شعري‪ .‬عندما يصبح اإلنسان على اهتمام‬ ‫أوسع بالقضايا التي تطرحها الكتابة‪ ،‬فإنه ال‬ ‫يمكن أن يسمح لنفسه بالبقاء في المناطق‬ ‫المتخلفة لما تقدمه تجربة الشعر في العالم‪.‬‬ ‫البد أن ينخرط فيها‪ .‬وأظن أن هذا هو وضع‬ ‫كثير من شعــراء السبعينات الذين كتبوا‬ ‫بأصوات حادة في البداية‪ ،‬أصوات االحتجاج‬ ‫وأصوات الدفاع عن األفكار‪ ،‬غير أنهم كتبوا‬ ‫ذلك بأدوات شعرية‪ ،‬ولم يكتبوها على شكل‬ ‫بيانات سياسية‪.‬‬ ‫هنـــاك من كتـب على شكــل بيانـــات‬ ‫سياسية‪ ،‬وكثير من الشعراء كتبوا أشياء لها‬ ‫وقع سياسي قوي‪ ،‬ولكن كتبوها بأدوات‬ ‫شعرية متقدمة‪ .‬ثم بعد ذلك طوروا عالقتهم‬ ‫بالكتابة حيث صارت بنفس آخر‪ ،‬بنفس جديد‪.‬‬ ‫أحيانا يحاكم الشعــر على هذا التحول‪،‬‬ ‫وكأنـــه هو المســؤول عن هزيمة األفكــار‬ ‫التقدمية وأفكار اليسار واألفكار الثورية‪ .‬األفكار‬ ‫الثورية واليسارية انهزمت في اصطدامها مع‬ ‫صخرة الواقع‪ ،‬انهزمت في الساحة السياسية‪،‬‬ ‫وانهزمت في الساحة االجتماعية‪ .‬وإذا كانت‬ ‫قد انهزمت فيجــب أن ال ننكــر أنها حققت‬ ‫انتصارات هامــة في وضعنـــا المغربي على‬ ‫األخص‪.‬‬ ‫الشعــر ليس سبـب االنتكاســات التي‬ ‫حدثت‪ ،‬وليس هو المنتكس‪ ،‬بل بالعكس‬ ‫فقد استمر فيما بعد‪ ،‬واستطاع أن ينتصر على‬ ‫االحباط الذي تسببت فيه هذه االنتكاسات‪.‬‬

‫(يتبع في نفس السؤال)‬

‫محمد بني�س‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.