محمد األشعري
ضيف سلسلة «تذكرة سفر»
الحلقة الخامسة
ال أعتبر أن إنصاف التجربة الشعرية يأتي من النقد ،بل يأتي من الشعر نفسه .عندما تستطيع التجربة الشعرية أن تصبح مرجعية في تاريخ األدب فذلك هو اإلنصاف الحقيقي. الصفحة 20
نظامنا التعليمي المهترئ
هل تكفي إعادة إدراج اللغة الفرنسية إلخراج المدرسة المغربية من دوامة الفشل
?
صفحة 8
امللحق القانوين
20 ال�شهري
سنة
من حكم محمد السادس.. صفحات 9ـ 10ـ 11ـ 12
إعالم جهوي متقدم املدير امل�س�ؤول :عبد احلق بخات ـ الهاتف 05.39.94.30.08 :ـ الفاك�س 05.39.94.57.09 : العـدد 1009ـ الثمن 4دراهم ـ الثـالثــاء 03مـحـرم � 03 / 1441إلى � 09شـتنبـر 2019
وداع ًا �أمينة ر�شيد صفحة 4
هويتنا اللغوية في أمن وأمان كلمة الشمال عبد اإلله المويسي
عبر التاريخ ،لم يشكل االنفتاح اللغوي أي تهديد بالنسبة للهوية العربية ،بل على العكس من ذلك كان نقطة مفصلية في تحول ثقافتنا نحو الكونية ،وتحولها نحو تبوء مكانة أكسبتها قيمة إنسانية عظيمة بين األمم. نستحضر مبادرات تاريخية استراتيجية كثيرة طبعت تاريخنا العربي القديم ،ربما يأتي على رأسها مشروع «بيت الحكمة» الذي قادة الخليفة هارون الرشيد ،ترجمت على إثره مختلف العلوم اإلنسانية من كتب في الطب والفلك والفلسفة والهندسة واآلداب ،وغيرها. وعبر التاريخ أيضا ترعرعت الثقافة العربية في ظل «تعدد لغوي» منقطع النظير نتج عن اندماج واع للثقافات ولإلثنيات القومية األخرى في مشروعها الحضاري والديني .بل إن جزء معتبرا من بنية الثقافة العربية اإلسالمية تأسس على منجز علمي ومعرفي أنتجته عقول لم تكن بالضرورة من انتماء عرقي عربي .فجزء أعظم من هذه العقول المنتجة في مجالنا التعبيري الرمزي والمادي انتمى بجدارة إلى حضارتنا. الدعوة إلى االنغالق اللغوي تنطوي على رصيد قوي من اإليديولوجية العدمية .وعدميتها تأتي من تعللها ،في موقفها ،بذريعة تسخر من ذكاءنا ،أساسها حماية الهوية. ربما ال يسمح المجال بفتح نقاش علمي وفلسفي حول مفهوم «الهوية» ذاته ،غير أن العمق في التعاطي مع األمر يدفعنا إلى التأكيد على أن الهوية بالنسبة لكل القوميات لم توجد بصفتها معطى حضاريا مكتمل المالمح والقسمات من قبل ،بل ظلت دائما منفتحة على المكونات التي تأتيها من المستقبل بكل تحدياته الوجودية التي تستجد باستمرار. العالم لن يسمح لنا بالوجود إلى جنبه متمسكين بلغة أحادية في التكوين ،عاجزة عن استيعاب منجزات عولمة مترامية األطراف في الجغرافية وفي العلم وفي االقتصاد وفي السياسة.
جريدة يوميـة جهـوية وطنية ت�صدر م� ً ؤقتـا كـل �أ�سبـوع • الإدارة ،التحريـر ،الإ�شهـار 7 :مكرر ،زنقة عمر بن عبد العزيـز • الربيد الإلكـرتونـي info@achamal.ma :ـ املوقع الإلكرتوين www.achamal.ma :
العدد 1009
2
الثالثـاء � 03إلى � 09شتنرب 2019
التخلي عن الجنسية : يومية جهوية وطنية ت�صدر م� ًؤقتا كل �أ�سبوع
مغارات..
تصرف قانوني باطل أم خطوة سياسية في اتجاه جهوية حقيقية؟
محمد سدحي
sadhimed@gmail.com
atlati.mohammed@gmail.com
حدثني العقرب يوم 29يوليوز ،2015قال« :إذا شعرت بضغط أو صداع في رأسك ،عليك أن تأخذ فسحة من الوقت للراحة ،وقم بعمل أي نشاط بدني لتنظيم النفس (بفتح الفاء) ونبضات القلب ...تساعدك الرياضة على التفكيـر بطريقة أكثر عقالنية ،خاصة عند اتخاذ القرارات.»... اتجهت ،رأساً ،إلى غابة «الميريكان» (غابتنا) وتركت الملك يخاطب الشعب ويقول له :من حق جميع المواطنين أن يستفيدوا من خيرات الوطن ...ارتحت كثيراً لهذا الكالم ونمت تحت شجرة وارفة الظالل نوماً عميقاً حتى انتفخت مني العينان وازدادتا «تبرققاً» (من البرقوق).. صاح ..في كامل قواي البدنية ..قلبي ينبض أنا اآلن ٍ برتابة ..أقل من 60نبضة في الدقيقة ..أحاول أال أسرح بالتفكير بعيداً ..خاصة في الماضي ..وال أستطيع ..الماضي الذي أريد اعتباره فائتاً يستبد بي ويطغى عليّ بحضوره.. مهما حاولت ،أنا قطعة من الماضي ..ولو أن الماضي فات، ال شمعة في األفق تضيء طريق المستقبل ..السواد مرة أخرى ..يا نفسي يا أنا ،فكر في كالم العقرب ،ال تتسرع في اتخاذ أي قرار ..المغرب يتغير ..والملك نفسه يتكلم مع الشعب بصراحة عن الجزء الفارغ من كأس الوطن ..وإن غداً لناظره قريب.. صدقني يا بعضي اآلخر :إن غدي يبدو لي بعيداً بعيداً.. وإحساسي بالظلم فات المدى ،وما عاد الكالم المرصع والحرف البرّاق يفي بالغرض ...وإذا لم أخالف كالم هذا العقرب الذي يرقدني في العسل االصطناعي فإني سأنفجر.. وبني مكادة أقرب إليّ من أي منفى ..وإن كان على الرياضة، فإن جز ًء كبيراً من حياتنا المأسوف على ذهابها مع الريح قضيناه في رحابها الشاسعة ..ودروب الطفولة وحواري الفتوة ومغارات الشباب شاهدة على أيام القوة والعزيمة واألنفة والسن بالسن والبادئ أظلم ...ومن أين لي بهذا الصبر المسيحي لكي أعطي خدّي الثاني لمن سولت له نفسه أن يوجه لي صفعة على الخد األول.. يقول لي ،أبو سمٍّ (العقرب برجي المحتوم) :عليك أن تأخذ فسحة من الوقت للراحة.. وأقول له :ها أنا نمت نومة الميت في الغابة البعيدة وأخذت قسطاً وافراً من الراحة ،لكني لن أستطيع مقاومة إحساسي بالظلم ما لم تقطع اليد التي تمتد إليّ ،حاجبة الرؤية عن المقبل من أيامي.. وإذا ما استطعت صبراً سأواصل حديثي مع العقرب.. إما أن يمحيني من الوجود ،إن استطاع ،وإال نزعت منه السم وتركته نجماً بالياً ال يصلح لشيء ...وبعدها يكون الذي يكون ..ولن أقبل أن أكون كائناً خرافياً موجوداً وغير موجود في آن..
• نلتقي!
www.achamal.com ت�صدر عن مطبعة جريدة طنجة المدير المسؤول :
عبد احلــق بخــات رئيس التحرير :
عبد الإلـه املـوي�سـي محمد العطالتي
سكيزوفرينيا.. السم بالسم!!
املوقع الإلكرتوين :
لقد شكل حادث مصرع بائع السمك الراحل محسن فكري سببا مباشرا في اندالع موجة احتجاجات عارمة بمنطقة الحسيمة واستمرت فترة طويلة في حالة من السلمية والهدوء وحسن التنظيم ،قبل أن ينقلب الوضع بصورة تكاد تكون مفاجئة نحو المواجهة العنيفة بين قوات األمن والمتظاهرين الشباب ،مواجهة كانت تتعلق ،في حقيقة األمر وجوهره ،بالموقف الذي تبناه شباب الحراك من مجموع التنظيمات السياسية القائمة بالبلد واعتبارها مجرد دكاكين ومحالت تجارية ال غير ،وهو موقف دفع،كما يبدو ،قادة بعض المنظمات السياسية إلى اإلعالن عن موقف مضاد ينسب لقادة الحراك الميدانيين تهم الخيانة واالنفصال ،مع العمالة لدوائر أجنبية ،وذلك قبل أن يعقب هذا تدخل عنيف لقوات األمن واعتقال أعداد كبيرة من الشباب تمهيدا لمحاكمتهم ثم توزيع أحكام عريضة بالسجن جزاء على مشاركتهم في التعبير عن مطالب طبيعية تَهُمُّ في المقام األول إنشاء بُنى تحتية وخدماتية إضافة لمحاربة الفساد وإرساء نمط جديد من العدالة المجالية ،وغيرها من المطالب ذات المنحى االجتماعي ،هذا بالرغم من ورود إشارات واضحة في المحاضر التي أنجزتها الشرطة تتعلق ِبتُهم مخالفة مواد القانون الجنائي المغربي. التدخل ،الذي اعتبرته السلطة مشروعا ومؤسسا على قانون حفظ النظام وعدم اإلخالل به ،فتح المجال واسعا أمام إعادة تنشيط الفعل ،السياسي في مظهره، والثقافي في جوهره .كيف ذلك؟ ال شك أن االختالفات التي تعرفها الديموغرافيا المغربية ،ال من حيث اللغة المعتمدة ،باعتبارها دالة للفكر ،وال من حيث الخصائص الثقافية المحلية المُمَيِّزَة لكل جهة على حدة ،ظلت غائبة أو مغيبة عن الدولة المركزية ،ما أنتج لديها ،بالضرورة حالة من الالوعي بأمور كهذه ،وهي حالة أفقدتها القدرة على إرساء سياسات عامة رشيدة ومؤهلة بشكل أكثر لألخذ بعين االعتبار طبيعة هذه االختالفات وإبداع الطرق األنسب الحتضانها بشكل يراعى فيه حجم ودرجة الخصائص الثقافية التي تميز جهة عن باقي جهات البلد. إن عدم حضور «الوعي الثقافي» في سياسات الدولة نتج عنه اللجوء المتسرع لكيل تهم االنفصال ومواالة األجانب ،وهي تهم تنطوي في واقع األمر على جهل كثيف بثقافة أهل الشمال وتاريخه المعاصر المنغمس في أحضان الوطنية. ال يعرف الكثيرون ،ومن بينهم أهل الشمال ،أن التاريخ غير المكتوب عن الريف تحدث عن واقعة بين قادة قبائل الريف األوسط واإلقامة العامة اإلسبانية بتطوان سنوات قليلة قبل توقيع اتفاقيات إيكس ليبان ،ذلك أن الفقيه السي عبد الكريم األزغاري ،الذي عاصر تلك الفترة وكان من القادة النشطين لحزب االستقالل بمنطقة الشمال ،أورد ،في رواياته عن عالقة
هيئة التحرير :
الريف بإسبانيا ،أن الكومانداتي آلبا دعا زعماء القبائل الريفية إلى مكتبه بتطوان من أجل بحث إمكانية و مدى استعداد هذه القبائل لقبول عرض حكومة مدريد الذي يتضمن المساعدة على نيل االستقالل وانفصال المنطقة الخليفية عن باقي المغرب بإنشاء دولة مستقلة،كمحاولة منها كما يبدو لضمان تبعية الكيان المنتظر لها ،وقد ذكر الراحل الفقيه السي عبد الكريم أن العرض اإلسباني قوبل بالرفض باعتباره غير ممكن التحقق بالنظر إلى انعدام الشروط الموضوعية، االقتصادية والبشرية ،السيما أن أغلب الزعماء الريفيين سبق أن عاينوا تجارب اعتبروها ناجحة لدول أوروبية كفرنسا وانجلترا ،بل واسبانيا نفسها ،وهكذا عبر الرفض الريفي للعرض اإلسباني عن حضور وعي موضوعي وشعور بالوطنية ،ولو في صيغتها البريئة، رغم كافة المعيقات. لقد تطورت مجريات األحداث المتعلقة باعتقال ومحاكمة قادة وناشطي الحراك أمام القضاء الجنائي بأشكال يصعب من خاللها االنحياز لطرح أو لنقيضه، فحينما يتعلق األمر بحاالت كهذه يختلط الشأن الحقوقي والقانوني مع األمور السياسية إلى درجة تخلق معها شروط ومعطيات جديدة غير قابلة لالنضباط واالحتكام سوى لصوت الحكمة والعقل الهادئ. آخر هذه التطورات إعالن عدد من معتقلي أحداث الريف ،من خالل بالغ موقع من طرفهم ،التخلي عن جنسيتهم المغربية ،وهو موقف غير قابل للتحقق عمليا على أرض الواقع ،بسبب استحالة تنفيذه في ظل سريان أحكام ومقتضيات الظهير الصادر بشأن سن قانون الجنسية المغربية وطرق اكتسابها وإسنادها أو التخلي والتجريد منها ،ما يدفع لتفسيره بأنه موقف سياسي أكثر من كونه مجرد تصرف باطل ال تنتج عنه أية آثار قانونية. من أجل كل ذلك ،وبالنظر إلى األدوار المرتبكة لكل األحزاب السياسية «الوطنية» وعدم فاعليتها وحركيتها المتجددة والمتطورة في التعاطي مع قضايا من هذا النوع ،يمكن القول ،بصرف النظر عن أحكام القيمة تجاه الموقف المعلن عنه من قبل قادة الحراك المسجونين ،وهي للتذكير أحكام ناتجة عن جهل عميق بطبيعة المكونات الثقافية الوطنية وخصائصها، فإنه موقف ينتظر منه أن يشكل بذرة أولى أو نواة صلبة لفتح المجال أمام إمكانية تشكيل أنوية سياسية ذات امتداد جهوي ،وهو ما يعد في نظر الكثير الخيار األنسب لتجاوز حالة الترهل والجمود التي بلغتها األحزاب السياسية « الوطنية» ،السيما في ظل سريان الخطاب عن مشروع الجهوية المتقدمة ،إذ ال جهوية حقيقية دون أحزاب جهوية.
عبد اللطيف �شهبون زبيـدة الورياغلـي �أ�سامـة الزكــاري ر�ضوان احدادو هدى املجاطـي �أبو اخلري النا�صري عبد احلـي مفتـاح محمد �إمغــران م�صطفى ال�سباعي محمد �سدحــي اإلدارة واإلشهار والعالقات العامة :
محمد طارق بخات اإلخراج والتصفيف:
«جريدة ال�شمال» عنوان التحرير والمراسالت والتسويق واإلشهار :
7مـكـــرر ،زنقـة عمــر بــن عبد العزيز ـ طنجــة ـ الهاتــف : 05.39.94.30.08 06.22.45.30.67 الفاكــ�س :
05.39.94.57.09 الربيد الإلكرتوين :
info@achamal.com achamal2000 @gmail.com سحب من هذا العدد :
� 10آالف ن�سخــة التوزيع:
�سبـريــ�س Sapress الإيداع القانوين99/10 : ر.د.م.ك:
I.S.S.N : 1114-1832
الثالثـاء � 03إلى � 09شتنرب 2019
العدد 1009
درد
دردشة أخيرا ،تن ّفس مرتيل الصعداء ،والفضل يعود إلى حلول الموسم الدراسي ،وظهور تباشير الخريف. والفئة المحظوظة ،هي التي ال يربطها بالدراسة رابط .فهذه يحلو لها أن تمد أرجلها لالستمتاع بهذه الفترة ،والخلود إلى الراحة ،تشبُّهاً باآلباء واألجداد .فقد كانوا ال يشدون الرحال إلى مرتيل أو المضيق ،إال مع هبات نسائم الخريف ،أي بعد أن «يضمنوا عولة العام» ،ويمألوا مخازن دورهم بما أفاء اهلل عليهم من نعم موسم الحصاد. وللتذكير ،فإن دور تطوان كانت تشهد حركة ونشاطا في الصيف .فمِن استقبال أكياس القمح ،و«تنقيته» وطحنه ،وصنع ما يصنع منه من كسكس وسميد و«محمصة»، إلى إعداد «الخليع» ،إلى تذويب الزبدة لتصير سمنا ،إلى صنع الخل ،إلى «ترقيد» الزيتون ،وطحن الفلفل األحمر ،إلى ... أغلب الدور تكون في أشهر الصيف ،عبارة عن خلية نحل ،تتحرك وتشتغل وتعمل، لتحضير المواد الغذائية وادخارها وخزنها ،الستهالكها في فصول السنة ،ورغم أن الثالجات لم تكن معروفة آنذاك ،فإن المخزون ال يتعرض للتلف.
م�صطفى حجاج
3
شة
وما من نشاط من هذه األنشطة ،إال وتجتمع له العائلة برمتها .فالخليع مثال تذبح له ذبيحة ،وتقطع وتفصل ليسهل غمسها في أوان نحاسية كبيرة ،بها قدر من التوابل والثوم ،ثم إذا امتصت هذا الخليط ،عُرضت للشمس ،لتصير قديدا ،وفي نهاية المطاف ،يخصص يوم بأكمله لطهي هذا القديد ،بحضور األقارب األقربين. والزالت لذة الخبز الذي يعجن بطريقة خاصة ،ويغمس في قدر الخليع بطريقة خاصة ،في فمي إلى اآلن. هذا تراث ذهب بذهاب األجداد والجدات ،كما ذهبت أعراف وانقرضت عادات ،كنا نعتز بها ،ونحرص عليها الحرص الشديد. ومنذ ظهرت «الكوكوت مينوت» اختفت «الشهيــوات» واختفـــى معها قاموس الطرف والحلويات ،واستغنى الناس عن إعداد الخبز ،وصنع الرغيف ،وأفسحوا المجال لألكل الجاهز ،ولألكالت الخفيفة ،وفوضوا أمورهم للمخابز والمطاعم التي انتشرت في كل مكان. هذه أمة ،وتلك أمة قد خلت ،فرحمها اهلل وأحسن إليها.
الصالون األدبي (عبد اهلل كنون)
عبد اللطيف �شهبون
abdelchahboun@hotmail.com
بين حين وحين أقرأ لصديق عزيز مكتوباته التي يحلو له توقيعها بعبارة « :غبار المسلمين» أو «القاعد الماشي». «غبار المسلمين» عاش فقيرا دائم الرحلة الذوقية لمنابع النور الرباني صدقا وتجردا ومحبة. يستن «غبار المسلمين» طرائق مخصوصة للتعبير عن رقائق وحقائق ودقائق. يصوغ كل ذلك في أجناس تؤلف بين نثر منسوج في لغة عليا وقص رامز بتلويح مستميل وشعر جامع بين تكثيف وتوسيع.. زارني «غبــار المسلمين» فانتهزتهــا مناسبــة مباركـة ميمونة الستفساره عن بعض سر ما يقول ؟ قال لي : ما يصدر عني يلقى علي في حال اصطالمي وسكرتي .. ما أنا بذائع سري سري يكشفه شيخي المربي الحي ؛ قوال وفعال وتدوينا؛ لكونه مسنودا بثقة مواله الذي منحه طهارة القلب وعلم التوحيد ومعرفة اآلالء ،وأنوار هذه المعرفة ال تنطفئ؛ ذلك أن لون مائه هو لون إنائه ؛ ال وقت له ،وهو ابن وقتــه.. تابع «غبار المسلمين» مخاطبا لي :
يحتفي بأحد رموز الحركة التعليمية والوطنية بتطوان
األستاذ عبد السالم الصفار
تحت شعار «وجوه من الثقافة والفكر واإلبداع بتطوان» ،أقام النادي الثقافي عبد القادر الشمشام ،من خالل صالونه األدبي «عبد اهلل كنون» ،يوم السبت 27يوليوز 2019مساء ،أمسية ثقافية متنوعة امتزج فيها الفكر بالفن ،والتاريخ بالغناء ،والشعر بالنقر على أوتار العود ّ .. كل ذلك في لقاء فريد تظافرتعبره هذه الفقرات على تقديم طبق ثقافي ممتع أنعش صدور الحاضرين في هذا المساء التموزي القائظ. الجلس��ة األول��ى خُصّصت لموضوع «قطار تط��وان 1918 »2018م��ن خ�لال كتــ��ابأّلف��ه باللغ��ة اإلس��بانية الكاتب والصحف��ي أحمد محم��د امغارة. قدّم الجلس��ة الناقد و المترجم رش��يد األش��قر الذي وض��ع أمام الحض��ور الكري��م اإلط��ار العامّ لموضوع الجلسة ،قبل أن يس ّلم الكلمة لصاحب الكتاب الذي ألقى عل��ى الحاضرين عرض��ا وثائقيا مدعوما بصور من األرش��يف عن تاري��خ أول قط��ار بالمغرب ،قطار تطوان،هذهالمعلمةالميكانيكية و التكنولوجية التي ال تزال بعض أطاللها ش��اهدة عل��ى وجودها بالمدينة قبل 60عاما. بعدها انتقل الحاضرون إلى مراسيم تكريم أحد رموز الحركة الوطنية ،وأحد رواد تأسيس التعليم الحر بمدينة تطوان ،األستاذ القيدوم عبد السالم الصفار ،حيث وشّحه المشرف على الصالون الثقافي «عبد اهلل كنون» الدكتور محمد الفهري بدرع التكريم. ثم أعقب ذلك فقرة غنائية شنفت فيها المطربة والملحنة األستاذة سلوى الشودري بأدائها الرائع أسماع الحاضرين من خالل أغنية صوفية بعنوان«سني يا اهلل» ،وهي من كلمات الشاعرة العزيزة الشمشام التي يعود لها الفضل في تأسيس النادي الثقافي عبد القادر الشمشام بتطوان.
زيارة..
وبعد استراحة شاي تواصل الحفل الثقافي بجلسة ثانية حول «ذاكرة عيد الكتاب في تطوان» حيث قدم الكاتب المسرحي المتميز األستاذ رضوان احدادو عرضا سلط فيه األضواء على نشأة عيد الكتاب بتطوان مشيرا إلى الدور الريادي الذي قام به األستاذ عبد الخالق الطريس إلعطاء هذا العيد صبغته العربية،بعدما كان احتفاال إسبانيا محضاعلى اعتبار أن إسبانيا كانت أول دولة احتفلت به.وقد أوضح األستاذ احدادو للحاضرين األجواء التي كان يتم فيها هذا االحتفال، سواء داخل فضاءات المدارس أو في الساحات العمومية ،كما أشار إلى بعض النماذج من األناشيد التي كانت تهيأ لهذا الغرض وتنشد خـــالل العــــيــــد ،وإلى الجوائــز المخصصة للمبدعين والكتـــــاب موضحا أنه بفضل ذلك برزت في تلك الفترة أسماء المعة سوف تقوم بأدوار طالئعية في المشهد الثقافي واألدبي بالمغرب.كما لمح ـ كذلك ـ إلى مدى االهتمام الذيكان يقدمللكتب الجديدة التي تم طبعها في بحر كل سنة ،ومدى العنايةالتي كانـــت تولـــى ـ أيضاـللمخطوط المغربي. وقد أطر هذه الجلسة في البداية األكاديمي الدكتور عبد اللطيف شهبون باحترافية كبيرة مثيرا مجموعة من األسئلة التي لها عالقة بهذا االحتفال ،وموازيا بين عيد الكتاب في حلته الجديدة وعيد الكتاب في الذاكرة التطوانية. وفي ختام هذا اللقاء استمع الحضور إلى قراءات شعرية سيساهم فيهاكل من الشواعر والشعراء فاطمة الزهراء بنيس ،ومحمد أحمد امغارة وعبد اللطيف شهبون وسعيد يفلح العمراني والعزيزة الشمشام ونور الدين مغوز الذي قرأ قصيدة زجلية وقام ـ أيضاـ بتنشيط هذا الحفل الثقافي وتسييره بمهارة فائقة.
(ف .م)
افن نفسك في شيخك المربي حتى تكون مستعدا للفناء في الحقيقة المحمدية تمهيدا لفنائك في الحقيقة الربانية المطلقة .ال بد أن يكون لك استعداد قبلي ،فافهم بالغة قولي : • بالغة وارد حق يزعج قلبي إلى اهلل ..فإذا أصغيت إلى قولي بحق تحققت. • أصخ سمع قلبك لمعناي ،وال تسمع صوتي. قلت له : وما حكاية ليالك ؟ قال لي : • ليالي إشارة لموالي • آدمية اإلسم إشارة حسية لجمال أزلي . أال تذكر قول ابن الفارض : وتظهر للع�شــاق يف كل مظهــــر من اللب�س يف �أ�شكال ح�سن بديعة ففي مرة لبنـــى ،و�أخرى بثينة و�آونة تدعــــــــــى بعـزة عـزت ول�سنا �سواها ،ال ،والكن غريها وما �أن اها يف ح�سنهـا من �شريكـة أال تذكر قول ابن عربي : كل مــــــا �أذكره مــن طلــــــــــل �أو ربـوع � ،أو مغـــــــان ،كـل مــا وكذا �إن قلت :هي� ،أو قلت :هـو �أو همو � ،أو هن جمعــا � ،أو همــا كـل مـــــا �أذكـــره ممـــا جــــرى
ذكره � ،أو مثلـــه �أن تفهـمـــــــــا
منـه �أ�سرار و�أنوار جلـــــــــــــت �أو علت ،جـاء بهــا رب ال�سمـــــــا فا�صرف اخلاطر عن ظاهرهــــــا واطلـب الباطـن حتى تعلمـــــــــا بالغتي :معين ارتواء ودليل ابانة ،فانظر تر.
الشمال الفني 4
ح و ا ر
مع
إشراف الفنان يوسف سعدون
العدد 1009ـ الثالثاء 03إلى 09شتنبر 2019
املخرج والباحث يف ال�سينما الوثائقية
محمد �سعيد الدردابي �أمل ال�سينما بال�شمال
محمد سعيد الدردابي واحد من األسمــاء الواعدة في مجـال الصورة والسينما ،له حضـور قــوي في جهــة الشمال سواء من خــالل توثيقــه لمجموعة من األحداث الفنية ،أو من خالل ورشات حول التقنيات السينمائية لفائدة المهتمين من جيل الشباب ،أو حضوره القوي في المهرجان الدولي لمدارس السينما بتطوان ،والذي يعتبر أحد أعمدته ،له عدة أفالم وثائقية، وكذا مشاريع سينمائية في المستقبل... أجرى الحوار :يوسف سعدون • من يكون محمد سعيد الدردابي ؟
محمد سعيد الدردابي مخرج وباحث في السينما الوثائقية ،من مواليد 1978بمدينة تطوان ،ترعرع بحي ديور المخزن أو ما يعرف سابقا بشارع كارسيا فالينيو ،تلقى تكوينيه األكاديمي بكلية األداب والعلوم اإلنسانية بتطوان بشعبة الدراسات السينمائية والسمعية البصرية ،حيث تدرج عبر تكويناتها الثالث :اإلجازة في الدراسات السينمائية والسمعية البصرية، ماستر متخصص في السينما الوثائقية ،مسجل حاليا بسلك الدكتوراه بأطروحة تحت عنوان «شمال المغرب في مرآة السينما الكولونيالية» .كما استفاد من عدة دورات تكوينية في مجال التصوير والمونطاج واإلخراج وصناعة األفالم عموما على يد أطر وجهات وطنية ودولية ذات كفاءة مهنية عالية .له عدة أفالم سينمائية وثائقية منها :فيلم «جدار الصمت»، فيلم «فيرناندو بيريس :قلب ،روح ،سينما» ،فيلم «الهجرة بكرامة» ،فيلم «الطاس والكافاتيرا» ،فيلم «نموت وال ننسى» ،فيلم «أنقار ..عاشق السينما» ،وعدة أفالم دعائية لشركات ومؤسسات مختلفة ،وتغطيات لمهرجانات فنية وتظاهرات ثقافية عبر المعمور من خالل شركته لإلنتاج السينمائي والخدمات السمعية البصرية ، Dream Dawnكما اشتغل في أعمال سينمائية لمخرجين مغاربة وأجانب ،حصلت أعماله على عدة جوائز في مهرجانات سينمائية وطنية .قام بتأطير عدة ورشات في اإلخراج والتصوير السينمائي .باإلضافة النتمائه إلى المهرجان الدولي لمدارس السينما الذي يعتبر عضوا بإدارته والذي يشغل به منصب مدير اإلنتاج إلى جانب أسماء وازنة بالمجال الثقافي والفني بالمغرب.
• كيف أتيت للسينما؟
كان لألندية السينمائية الفضل الكبير في تحديد مساري المهني، فقد رَ َفعت هذه األندية طيلة عقود من الزمن تحدي خلق عشق للسينما لدى الشباب ،عبر إشراكه في قراءة األفالم ومناقشتها ،وتلبية المتطلبات األساسية لتطوير وعيه الثقافي والجمالي والفني للصور ،تعرفنا من خاللها على أفالم و أعالم سينمائية تركت فينا تأثيرا سحريا ،أمثال جون فورد وتاركوفسكي وغيرهما ،فكنت دائما أحلم بأن أدخل هذا العالم الفضي، بعدها قمت بتأسيس شركة للخدمات السمعية البصرية أنا وصديق العمر هشام الحداد ،في هذه المرحلة وعبر اشتغالي في تغطية عدة تظاهرات ومهرجانات ثقافية سنحت لي فرصة التعرف على أسماء بارزة في عالم
وداع ًا �أمينة ر�شيد
السينما ،وعلى رأسهم المفكر والباحث السينمائي الدكتور حميد العيدوني ،الذي شكل لقائي به منعرجا كبيرا في مساري المهني و األكاديمي ،فكان له الفضل وال زال في عودتي مرة أخرى إلى مقاعد الدراسة الجامعية ،لكن هذه المرة في شعبة الدراسات السينمائية والسمعية البصرية ،هذا التكوين كان لي بمثابة نقلة نوعية جعلتني أجمع بين التكوين األكاديمي والمهني ،ألدخل غمار اإلخراج وأتخصص بالفيلم الوثائقي ،الذي أغرمت به ،فهذا النوع منحني اإللهام والتحفيز ،ودفعني باتجاه تحقيق ما أريد ،ومتابعة شخصيات موجودة في هذه األفالم ،شخصيات تعطيك نظرة جديدة عن الحياة.
• لمــحة عن أعمالـك ومبادراتـك في نشــر الثقافــة السينمائية؟ لطالما آمنت بثقافة تشارك المعرفة ،هذه الثقافة جعلتني أنخرط في عدة مشاريع تهتم بنشر الثقافة السينمائية ،أولها مشروع جمعية بدايات للفن والسينما وهي الجمعية المنظمة للمهرجان الدولي لمدارس السينما بتطوان ،هذا المشروع يرتكز على انفتاح الجمعية على المؤسسات التعليمية بتطوان والنواحي ،عبر تنظيم ورشات سينمائية لفائدة تالميذ هذه المؤسسات ،ورشات تؤدي إلى خلق ثقافة سينمائية لدى المتعلمين تُوجد لديهم القدرة على فهم دالالت الصورة وتفكيك الخطاب السينمائي ِ ومقاصده ،باإلضافة إلى تقديم عروض فيلمية ومناقشتها مع الجمهور. مشروع آخر ينظمه مركز أجيال للتكوين والوقاية االجتماعية التابع للرابطة المحمدية للعلماء ،في إطار البرنامج التكويني السينمائي إلنتاج كبسولة توعوية ،برنامج غايته تجميع الطاقات والمواهب وتكوينها تكوينا سينمائيا ،تكوينا يمنح الشباب المهتم فرصة التعبير عن وجهة نظره عن طريق األفالم السينمائية .هذا باإلضافة إلى مشاريع أخرى قمت فيها بتأطير ورشات سينمائية ،كالمركز السوسيوثقافي بتطوان وغيره... فهذه الورشات كانت وال تزال تشكل منارات مضيئة ،في نشر الثقافة السينمائية. • تجربة المهرجان الدولي لمدارس السينما بتطوان ؟ هي تجربة نوعية على الصعيد الوطني ،كانت نتاجا للمجهود الذي قام به مختبر األبحاث والدراسات السينمائية ( )GRECALABمنذ 1987
في مجال البحث والتكوين على حد سواء من جعل السينما محور بحث أولوي وميدان اختصاص معترف به بالجامعة .حيث أضحت كلية آداب تطوان متفردة ورائدة على مستوى التكوينات السينمائية (إجازة مهنية، ماستر متخصص في الفيلم الوثائقي وتكوين دكتوراه في الدراسات السينمائية السمعية بصرية والمسرحية) ،فالمهرجان الدولي لمدارس السينما بالمغرب يهدف إلى تشجيع أعمال المبدعين الشباب من مختلف أنحاء العالم المنتمين لمختلف مدارس السينما والجامعات العالمية ويصبو المهرجان الن يكون بمثابة قاعدة لتبادل المعارف والتجارب بين هؤالء الشباب. هذا المهرجان يشرف عليه نخبة من الحساسيات السينمائية والفنية بالمغرب على رأسهم الدكتور حميد العيدوني الذي يعتبر بحق الدينامو المحرك لهذا المهرجان.
• رأيك في واقع السينما بالمغرب؟ الحديث عن واقع السينما بالمغرب يفرض علينا التطرق بموضوعية لمكونات هذا المشهد السينمائي ،انطالقا من اإلنتاج إلى غاية مضامين اإلبداع السينمائي ومرورا ببنياته التحتية ،فال أحد ينكر أن السينما المغربية قدمت خالل السنوات األخيرة ،نموذجا رائدا على الصعيدين اإلفريقي والعربي ،على مستوى دور الدولة في النهوض باإلنتاج السينمائي عبر صندوق الدعم ،الذي نتج عنه ارتفاع كمي ملحوظ في وتيرة إنتاج األفالم، الذي يسمح بتوطيد أركان صناعة سينمائية قوية ،إال أن هذا يحيلنا إلى طرح معادلة الكم والكيف ،هذه المعادلة التي تحدد انتشار هذه األعمال وطنيا ودوليا.
• هل من مشاريع سينمائية؟ بالطبع ،هناك مشروع فيلم وثائقي أشتغل عليه ،وهو اآلن في مرحلة البحث وكتابة السيناريو.
• كلمة أخيرة : أتمنى أن يأتي يوم تكون فيه السينما ضمن المناهج التعليمية، لما لها من أهمية في تنمية الذوق الفني للناشئة ،وتمكينهم من ثقافة مرتبطة بالصورة عموما. كما أشكر جريدة الشمال على هذا االهتمام الجميل.
فقدت الساحة الفنية بالمغرب أحد اهراماتها الفنية الفنانة الكبيرة أمينة رشيد ،واحدة من كبار الشاشة والمسرح،ودعتنا عن عمر يناهز 83سنة يوم 26 غشت ,2019 وتعد الراحلة من المناضالت في المجال الفني حيث اقتحمت مجال التمثيل في بداية الستينيات في وقت كانت فيه األدوار النسائية تسند للرجال وذلك العتبارات اجتماعية وثقافية ،وشكلت رفقة المرحومة حبيبة المذكوري ثنائيا نسويا رائعا عكستاا من خالل مجموعة من االعمال الصورة االجتماعية للمراة المغربية في ذلك الوقت حيث قدمتا لنا صورا للمراة بواقعها وأحالمها وتطلعاتها وانكساراتها...لهذا فهي تعتبر مع مجموعة من الرواد وعلى رأسهم المرحوم الفنان العربي الدغمي -الذي طواه جحود النسيان-الجيل الذهبي للمسرح والتلفزيون والسينما.. المرحومة أمينة رشيد وإسممها الحقيقي جميلـة بنعمر ،هي رفيقة درب المرحوم اإلعالمي والكاتب عبداهلل شقرون، قدمت ما يزيد عن 60عم ًال مسرحي ًا ومارست المسرح اإلذاعي عبر عدد كبير من األعمال وتألقت أيضا في السينما من خالل اعمال كبيرة كالبحث عن زوج مراتي ومن بعده لال حبي،وفيها الملح والسكر برفقة الممثل رشيد الوالي،وكيد النسا،وعايدة،وغيرها،بنفس النجاح جسدت أدوارا خالدة في اعمال تلفزيونية نذكر منها هنية مبارك مسعود،العوني،الوصية وغيرها.. وكان آخر ظهور للراحلة في 23يوليوز الماضي بمناسبة تكريمها في مهرجان الشاطئ بمدينة المعمورة.
العدد 1009
الشمال الفني
بيــان فـنـي » « فـنـــي» «بيـــان
إعداد :يوسف سعدون
بيان فني ،هو سلسلة لقاءات تدشنها الشمال مع مجموعة من المبدعين ،يقدم عبرها الضيوف تجاربهم الفنية وانشغاالتهم ومواقفهم ،وهو غير ملزم ألي جهة.. بيان هذا العدد توقعه الفنانة التشكيلية ربيعة الشاهد.
الثالثـاء � 03إلى � 09شتنرب 2019
5
«عبدالسالم نوار»: نوارة تطوان المنسية • يوسف سعدون
الفنانة التشكيلية
ربيعة الشاهد -أنا الموقعة أسفله :
ربيعة الشاهد ،فنانة تشكيليــة حاصلــة على دبلـوم الدراسات العليـــا للفنـون التطبيقيـة ،أستاذة مادة التربيــة التشكيلية،شاركت في مجموعة من الدورات التكوينية في فن الحفر بإسبانيا،وكذلك في ورشات اللوحات العمالقة وبفضاء متحف اللوفر بفرنسا،رئيسة جمعية بصمات للفنون التشكيلية ورئيسة المهرجان الدولي للفنون التشكيلية بسطات،شاركت في مجموعة من المعارض الفردية والجماعية داخل المغرب وخارجه،اشتغلت على مجموعة من المواضيع عبر مساري الفني حيث كانت البداية مع محاكاة األعمال الفنية للفنانين الكبارمثل ليوناردو دافنشي،حصلت على جائزة الشباب الدولي سنة 1988عن لوحة الجوكاندا،وكانت عبارة عن إقامة باللوفر لمدة 15يوم،اشتغلت على موضوع الفرس والمرأة وشاركت سنة 1992في إكسبو 92بإشبيلية ،وظفت أيضا اإليقاعات الموسيقية في تجربتي الفنية من خالل االشتغال على موسيقى شوبان وبتهوفن ،ومؤخرا الحاج يونس وسعيد الشرايبي ومنير البشير،شاركت منذ 1987بمهرجان أصيلة عبر جداريات ومحترفات في فن الحفر صحبة جورج بهجوري وعمر حليل والمرحومين محمد القاسمي وفريد بلكاهية.
تجربة المهرجان الدولي
لم تكن تجربة المهرجان الدولي بصمات بالرهان السهل، على اعتبار أن أول دورة للمهرجان كانت سنة ، 2001أي بعد تأسيس الجمعية بسنتين ،لكن الذي جعلنا نقبل التحدي هو إيمان أعضاء الجمعية بهذا المشروع إضافة لكفاءتهم على مستوى التدبير والتسيير ،والحماس الذي كان يحركنا بمساعدة العديد من الفعاليات الفنية وطنيا ودوليا ،وفعال نجحت أول تجربة بامكاناتها المادية واللوجستية البسيطة ،لكن كان الرهان الفعلي على كفاءة الموارد البشرية ،وفعال استطعنا أن نشق الطريق حتى أصبح مهرجان بصمات الدولي حدثا فنيا وضع مكانته ضمن الخريطة الفنية والثقافية وطنيا ودوليا . ومما زاد المهرجان طموحا هو تشرفه بالرعاية الملكية السامية لصاحب الجاللة الملك محمد السادس نصره اهلل مما زادنا طموحا في تحقيق األفضل ،وأصبح المهرجان سفيرا للثقافة والفنون بالمغرب من خالل االشتغال على العديد من المواضيع والمحاور تركز في مجملها على نشر قيم التسامح والسالم في العالم ،وجعل الفن محركا لهذه القيم ،وفعال استطعنا جعل مدينة سطات عاصمة لحوار الفن والثقافة ،حيث كانت مناسبة للعديد من الفنانين لتدشين انطالقتهم على الصعيدين الوطني والدولي ،كما استطاع المهرجان من خالل بعده الدولي خلق مجال للحوار المباشر بين الفنان وجمهوره خارج نطاق صاالت العرض الضيقة إلى الفضاء الواسع ،على اعتبار أن الفن هو حق من حقوق الناس ،وأداة مهمة لتنمية وعيهم ومهاراتهم .
تجربة إيطاليا ( تشكيليو مغاربة العالم )
خرجت تجربة إيطاليا من رحم مهرجان بصمات الدولي للفنون بالنظر للتراكمات والنجاحات التي حققها طيلة 17دورة،
على مستوى الدبلوماسية الفنية والثقافية ،وجمع الفنانين المغاربة واألجانب على رسالة الفن النبيلة من خالل أنشطة الجمعية في العديد من العواصم الدولية ( فرنسا ،بلجيكا ، امريكا الشمالية ،كندا ) والعديد من الدول العربية ،لتشكل حلقة وصل بين الفنانين المغاربة عبر العالم . ولعل اختيار ايطاليا لم يكن أمرا اعتباطيا ،بل جاء بالنظر لمكانتها التاريخية والفنية والثقافية في بناء التراث اإلنساني من خالل عصر النهضة الثقافية والفنية التي أنارت أوربا والعالم، من هنا كان لزاما االهتمام بهذه المحطة لتكون منطلقا لتأسيس تجمع تشكيليي مغاربة العالم بمبادرة من طرفي كرئيسة للجمعية وكذا الفنان العالمي أحمد بن يسف ،ومشاركة العديد من الفنانين المغاربة من مختلف أرجاء المعمور ،بهدف بناء جسور للحوار الدائم ،وتبادل التجارب والمهارات من أجل تثمين الفن المغربي ،وإعطاء صورة إيجابية للثقافة والفنون ، كل من بلد إقامته .
التطلعات واآلفاق برغم اإلنجازات والتراكمات التي حققناها ،مازال يراودنا حلم تحقيق االفضل من خالل جعل مؤسسة بصمات للفنون محطة عالمية لنشر قيم السالم والحوار والتسامح ،وفتح فرصة التألق والنجاح والتألق أمام الفنانين خاصة الذين اليجدون فرصة وبيئة مناسبة لالشتغال والتواصل مع الجمهور .كما نسعى لجعل الفن في متناول الجمهور بعيدا عن الفضاءات الضيقة ( دمقرطة الفن) ،وهذا جزء من الخريطة المستقبلية، والتي تتضمن العديد من البرامج التي تستهدف في مجملها تطوير الطابع الدولي للمهرجان من خالل محطة إيطاليا ،عبر خلق قنوات للحوار بين الفنانين والشباب ،مع إعطاء االولوية للورشات المتعلقة بالمهن والحرف الفنية ،لجعل الفن جزءا من التنمية ،وإدماج الشباب في النسيج االقتصادي واالجتماعي ، كما سنعمل على جعل محطة ايطاليا نقطة متميزة في مسارنا من خالل خلق فضاء مثالي لحوار ضفتي المتوسط ،لنبذ خطاب الكراهية ،وتكريس قيم التسامح والسالم بين الشعوب ،كما سنمضي قدما في تطوير تجربة « تجمع تشكيليو مغاربة العالم» ووضع اإلطار القانوني وبرنامج العمل لجمع الفنانين على كلمة واحدة ،واالستفادة من مهاراتهم وتجاربهم .
كلمة أخيرة أخيرا أتقدم لمنبركم المحترم جريدة الشمال بالشكــر الجزيل على اهتمامكم بتجربتنا الفنية والثقافية ،وهذا دليل على دور اإلعالم كشريك أساسي في تطوير الفنون ،كما أتمنى أن نمضي قدما إعالميين وفنانين نحو األهداف السامية ،وهي جعل بلدنا الغني بتراثه وفنونه إلى األفضل من خالل االستثمار األحسن للثروة غير المادي خدمة للتنمية بالمغرب ،وخدمة للفنان وقضاياه وتطلعاته النبيلة .
عبد السالم نوار.واحد من الفنانين التشكيليين الذين بصموا الساحة التشكيلية بتطوان وبالمغرب.هو فنان مبدع مجدد و أستاذ للفنون تتلمذت على يديه أجيال كثيرة من طلبة المعهد الوطني للفنون الجميلة والزال عطاؤه التربوي مستمرا لحد اآلن.. هو من مواليد سنة 1949بتطوان.اكتشف موهبته في الرسم منذ الطفولة فكان طبيعيا أن يلج المدرسة الوطنية للفنون الجميلة بتطوان سنة .1965وفي سنة 1968سيختار الرحيل إلى بلجيكا للدراسة مستفيدا من منحة من (لونيسكو) الحكومة البلجيكية..وفي سنة 1972 سيلتحق بالمدرسة العليا لفنون الديكور واإلشهار ببروكسيل. ونظرا لمسيرته الموفقة استطاع الفوز بجائزة األكسالنس بمدينة بروكسيل. وتتويجا لمساره الفني ببلجيكا والمغرب،لم يتردد الفنان نوار في تنظيم معارض فنية بمختلف المدن البلجيكية وبعض المدن األوروبية، باإلضافة لمجموعة من المدن المغربية. ونظرا الرتباطه بالوطن .فضل الرجوع إلى تطوان رافضا بعض العروض المغرية لالشتغال في التدريس الفني ببلجيكا. فكانت العودة لتطوان مسقط رأسه سنة 1978حيث شغل منصب أستاذ الصباغة والرسم الجداري بالمدرسة الوطنية للفنون الجميلة. كما حصل على مجموعة من الجوائز والميداليات ببلجيكا وفي مختلف التخصصات الفنية أعترافا بطاقاته اإلبداعية الساحرة. وقد تنبأ لنجاحه في بلده المغرب أستـــاذه الفنـان العالمي جان رانسي عضو األكاديمية الملكية البلجيكية حيث قال أن نوار سيكون له شأن في وطنه...فهل تحققت نبوءة هذا الفنان العالمي.؟ إن مسار الفنان عبدالسالم نوار وعطاءه الفني والتربوي يؤكد أن للرجل طاقات إبداعية كبيرة ومهارات كبيرة في مجال التدريس الفني قوامها التبسيط والتواصل السلس مع طلبته..وفي سبيل تحقيق غاياته النبيلة على مستوى نشر الثقافة التشكيلية من خالل تدريس الفنون بالمعهد بذل قصارى جهوده بأريحية كبيرة..وهو ال يزال على هذا المبدأ إلى حد اآلن رغم الجحود الذي قوبل به على المستوى اإلداري حيث جمدت وضعيته في درجة ال تناسب شهاداته وأقدميته وكفاءاته.. نفس هذا الجحود عانى منه الرجل على المستوى اإلبداعي،حيث رغم قيمته الفنية التي اعترف بها الغرب الذي أراد احتضانه والمتمثلة في كونه من جيل ما بعد الرواد ويمثل توجها تشكيليا مجددا لما عرف عن المدرسة التطوانية في التشكيل وحضوره المستمر في الساحة التشكيلية من خالل المعارض والندوات واألنشطة الفنية عامة فإنه لم ينل االعتراف الذي يستحقه.. قيمتــه تتمثــل في اختياراتــه الفنية التي هي اختيــارات تتجـاوز االستنساخ التي هيمنت على أعمال الرواد حيث لم يهتم بتصوير الطبيعة بألوانها المرئية،بل عمل على التعبير بواسطة األلوان عبر إبراز قوة لمسات وحركات الفرشاة وكأنه يفكك تلك النمطية التي اعتمدها االتجاه التشخيصي،بذلك تتحول الطبيعة عنده من أصل إلى وسيط. والتمثل عنده ينجز التفكيك للكتل واألحجام.وهو بهذا ال يرسم الشيء. بل يكتفي بالتلميح المجازي وهذا تميزه.وهو أيضا فنان مبدع تتسامى صباغته عن كل سطح أملس تتجاوز المحاكاة والتقليد للنموذج لكي يسمو بالعمل اإلبداعي لالنطباع عبر تناغم األلوان وتضادها. وجل النقاد الذين تابعوا مساره الفني يجمعون على أن الفنان نوار قد قطع مع اتجاه بيرتوتشي ولو أنه تتلمذ على هذه المدرسة.فهو ال يعيد إنتاج المشاهد بتلك النظرة الكولونيالية بل يبدع بهاجس التجديد مانحا للتشكيل المغربي هويته الوطنية معتمدا على إبراز معالم بلده بطريقة حداثية ومجددة. هذا هو عبدالسالم نوار..فنان ورجل تربية نذر حياته لإلبداع والتدريس واستطاع أن يوفق بينهما حيث لم ينتصر لجانب على اآلخر. بل ظلت عالقته متوازنة مع الفن والتدريس إلى حد اآلن.. وهو أيضا إنسان وديع وطيب استطاع أن ينسج عالقات حميدة مع مختلف األجيال اإلبداعية نظرا لخصاله اإلنسانية السامية.. الفنان عبدالسالم،يستحق الكثير من االعتراف،فمتى تتحرك المبادرات إلنصاف الرجل في حياته...
6
الثالثـاء � 03إلى � 09شتنرب 2019
العدد 1009
مجتمع ـ سياسة ـ حقوق فكري ولد علي
(مراسل من الحسيمة)
من هم رجال السلطة الذين سيدبرون شؤون الحسيمة خالل السنوات األربع القادمة؟
أشرف فريد شوراق ،عامل عمالة إقليم الحسيمة ،صباح يوم الثالثاء 27غشت 2019 بمقر العمالة ،على حفل تنصيب رجال السلطة الجدد المعينين في إطار الحركة اإلنتقالية التي نظمتها وزارة الداخلية ،مؤخرا والذين سيشتغلون باإلدارات الترابية إلقليم الحسيمة، خلفا للذين تم تنقيلهم للعمل بالعديد من المدنالمغربية. وفي كلمة ألقاها عامل اإلقليم فريد شوراق بالمناسبة ،شكر رجال السلطة المغادرين ،حيث نوه بالمجهودات الجبارة التي قدموها ،وهو ما جعلهم يتبوؤون مناصب هامة في إطار الحركة االنتقالية ،كما رحب من جهة أخرى برجال السلطة الجدد ،الذين التحقوا للعمل بإدارات اإلقليم ،وحث إياهم على التفاني في العمل والمساهمة جنبا إلى جنب مع الفرقاء من أجل توفير شروط مناسبة لتقديم خدمات في مستوى طموحات الساكنة ،مع ضرورة اإلنصات لهموم المواطنين ،عمال بالتوجيهات الملكية في خطاب العرش األخير. وفيما يلي الئحة بأسماء رجال السلطة الذين تم تنصيبهم صباح الثالثاء بمقر عمالة الحسيمة:
عبد المجيد القندوسي :رئيس قسم الشؤون الداخلية بعمالة الحسيمة كمال شتوان :باشا مدينة إمزورن
مبارك العطار :رئيس دائرة تارجيست جهاد كدورة :رئيس دائرة بني ورياغل الغربية
عادل حشاد :قائد قيادة آيت يوسف وعلي فهيم النرابط :قائد قيادة بني عمارت مجيب الرحمان :أشهبار قائد قيادة بني بوفراح يوسف رويجل :قائد قيادة بني جميل مراد اعزيبة :قائد قيادة امرابطن نسيم العمري :قائد قيادة النكور إلياس قرقاش :قائد قيادة تبرانت كريم بريكت :قائد قيادة الرواضي
عبدالرحيم دكاك :قائد قيادة اكاون محمد البكباك :قائـد الملحقــة الرابعــة بالحسيمة. سعيد طهــري :قائد الملحقـة الثالثــة بالحسيمة. العربي العمري العلوي :قائد الملحقة الثانية امزورن. محمد الخطابــي :قائد الملحقــة االولى بالحسيمة. يوسف مختاري :قائد الملحقة االولى بني بوعياش.
النصب واالحتيال في األسعار والخدمات السياحية.. ـ مدينة أصيلة نموذجاً ـ
لم تعد مدينة أصيلة صديقة أصحاب الدخل المحدود كما عرفت من قبل ..ففي فصل الصيف من كل سنة تشهد إقباال كبيرا من السياح و المسافرين الراغبين في قضاء العطلة الصيفية ،من داخل المغرب وخارجه ،وذلك بما تفخر به هذه المنطقة من شواطئ جميلة ومناطق سياحية هادئة ومشهورة ،باإلضافة إلى موقعها اإلستراتيجي القريب من كل المدن األخرى كطنجة و تطوان ومرتيل والفنيدق . وأمام هذا اإلقبال المتزايد على مدينة أصيال باعتبارها عند البعض الوجهة المميزة لقضاء العطلة ،وطمعا في الجودة السياحية ليصطدمون في النهاية بمجموعة من المشاكل التي تعرقل صفوهم. أولى هذه المشاكل هو غالء الفنادق وارتفاع صارخ لوسمات الكراء ،التي تتزايد يوما عن يوم دون أي رقيب أو حسيب ،باإلضافة إلى انتشار مهول للسماسرة الواقفين جنب الطرق يلوحون بالمفاتيح ويتسابقون لجلب المسافرين ،فكما حدثنا «عمر» القادم من مدينة الرباط أنه لما وصل إلى مدينة أصيلة ،وقف عند أحد هؤالء السماسرة ليسأله عن الشقق المتوفرة ،فبدأ هذا األخير وصف له الشقق التي لديه بأنها جميلة و قريبة من الشاطئ و مؤثثة بشكل جميل، وعندما ذهب عمر ليكتشف بنفسه رأى عكس ما حكي له .فهذا مثال للعديد من الزائرين الذين يقعون في فخ هؤالء السماسرة. وفي مقابل ضعف جودة الشقق المعروضة للكراء من حيث المساحة أو من حيث تهالك «األثاث» الذي اعتراه البلى والتمزق .فيجد الزائر نفسه في كثير من األحيان مضطرا إلى صرف النظر عن المعروض والبحث عن بديل تلو اآلخر إلى أن يجد بديال أقل سوءا ،وقد ال يجد مفرا عن الفنادق وأسعارها المرتفعة. ومن جهـة أخــرى استنكــر العديد من المصطافين ارتفــاع ثمن تسعيــرة مواقف السيارات ،التي يفرضها عليهم األشخاص الذين يعملون فيها ،وكثيرا ما يدخل أصحاب السيارات في مالسنات مع الحراس المفترضين الذين أصبحوا مصدر إزعاج لكثير من الوافدين على المدينة ،كما أن بعضهم يتفادون هذه الحوارات
مع الحراس ويوجهون أصابع اإلتهام للمجلس الجماعي باعتباره المساند الرسمي لهاته التجاوزات الغير القانونية. ولم تسلم خدمات المقاهي و المطاعم في مدينة أصيلة ،من الزيادات في األثمنة باإلضافة إلى تدني مستوى الخدمات ،مثل ما هو الشأن في بعض مطاعم السمك التي تستغل هذه الفترة لتستنزف جيوب الزائرين بأثمنة «غير معقولة» مقابل أطباق متواضعة من السمك. ولم يقف غالء األسعار في الصيف عند هذا الحد ،اذ امتد ليشمل خدمات النقل هي األخرى، خصوصا وسائل النقل الرابطة بين طنجة وأصيلة ،وهي المعاناة التي يعيشها سكان المدينة وكذلك المسافرون في كل صيف ،حيث ترتفع أسعارها من 20درهم إلى 25درهما ،وفي بعض المرات قد تصل إلى 50درهم على حسب العرض والطلب بالنسبة لسيارات األجرة ،فيما رفع أصحاب الحافالت أسعار خدماتهم من 10 دراهم إلى 15درهما على مستوى نفس الخط، هذا ناهيك عن تواجد النقل السري بكثرة و تالعبهم باألثمنة وبحياة الناس.
ورغم هذا الغالء المجنون بالمدينة أصيلة، إال أن اإلقبال عليها كبير ،خاصة من طرف المغتربين والجالية المغربية التي تفضل قضاء عطلة الصيف في الوطن ،والتي تبحث عن مكان هادئ لقضاء العطلة واستغالل الفرصة لالستجمام وقضاء أوقات مريحة بالقرب من العائلة واألقارب وهذا ما جعل العديد من مغتنمي الفرص يرفعون األسعار وتالعبون باألثمنة حسب أهواءهم. وال نخفي أن مدينة أصيلة تنتعش فقط في موسمها الصيفي دون المواسم األخرى ،ولهذا فإنها تحتاج إلى العديد من التجهيزات السياحية المهمة ،وأيضا الرفع من مستوى البنية التحتية لتالئم جميع المسافرين والمصطافين. كما أن عدد من الفاعلين في القطاع السياحي استنكروا أوضاع المدينة وطالبوا بإحداث لجن خاصة لمراقبة األسعار وتحديدها معقولة في متناول شريحة مهمة من المصطافين ،من أجل استمرار الرواج السياحي بمدينة أصيلة على مدار السنة.
رباب السويحلي
Fikri.press@gmail.com Tél 0661986707
المديرية االقليمية لوزارة الشباب والرياضة بالحسيمة تنظم انشطة لفائدة األطفال
في غمرة احتفاالت الشعب المغربي بذكرى عيد الشباب المجيد الذي يخلد الذكرى السادسة والخمسين لميالد صاحب الجاللة الملك محمد السادس أيده اهلل ونصره ,نظمت المديرية االقليمية لوزارة الشباب والرياضة بالحسيمة وبشراكة مع الجمعية االقليمية لدعم أنشطة القرب بالحسيمة دوريات في كرة القدم والتي أجريت في كل من ملعب القرب التابع لدار الشباب عبد الكريم الخطابي وملعب القرب أفالي وملعب القرب الحي الجديد وكذا المركب السوسيورياضي للقرب ميرادور ,كما نظمت أيضا مسابقات في السباحة وذلك بالمسبح التابع لمعهد التكنولوجيا للصيد البحري, باإلضافة الى أنه قد تم تنظيم دوريات في كرة السلة 3X3وذلك بشراكة مع جمعية شباب
الريف الحسيمي لكرة السلة بساحة كالبونيطا, وقد عرفت هذه التظاهرة مشاركة أزيد من 1130مشاركا ومشاركة أتت على الشكل التالي: ـ مشاركا ومشاركة في كرة القدم480 ـ مشارك في كرة السلة300 وقد أقيمت هذه التظاهرة الرياضية من 17 إلى 21غشت 2019وأسفرت عن تتويج العديد من الفرق والشباب بعدة جوائز قيمة والتي تم تقديمها لهم خالل الحفل الختامي الذي نظم بدار الثقافة موالي الحسن بالحسيمة وقد عرف هذا الحفل البهيج حضور عدة شخصيات وازنة باالقليم وعلى رأسها السيد الكاتب العام لعمالة اقليمالحسيمة.
إحباط عملية تهريب 165كلغ من مخدر الشيرا بالمحطة البحرية للحسيمة
قامت المصالح األمنية والجمركية العاملة بالمحطة البحرية بميناء المسافرين بالحسيمة، مساء اليوم االثنين 26غشت الجاري ،من إحباط عملية تهريب كمية مهمة من مخدر الشيرا، كانت معبأة بدقة داخل هياكل سيارة خفيفة مرقمة بالخارج. وحسب مصدر مطلع فإن المصالح نفسها تمكنت وبعد تفتيش دقيق لسيارة خفيفة مرقمة بهولندا ،من العثور على كمية مهمة من مخدر الشيرا بلغ وزنها 165كلغ ،كانت
إنقاذ 62مهاجرا قبالة سواحل مدينة الحسيمة
تمكنت قوات البحرية الملكية المغربية من إنقاذ 62مهاجرا ينحدرون من منطقة جنوب الصحراء بينما كانوا على متن قارب يوشك على الغرق في البحر األبيضا المتوسط ،حسب ما ذكرت مصادر أمنية لـ «إفي» يوم الثالثاء. وأوضحت المصادر نفسها أن القارب كان يوجد على بعد أكثر من 15ميال من سواحل شاطئ سيدي عابد ،قبالة مدينة الحسيمة وكان معطوبا ومليئا بالمياه. وينحدر المهاجرون ،وبينهم 3نساء ،من
مخبأة بعناية داخل هياكل السيارة ،التي كانت تستعد لإلبحار على متن باخرة المسافرين التي تربط مينــاء الحسيمــة بمونتريال جنوب اسبانيا. ذات المصادر أكدت أن هذه العملية أسفرت عن اعتقال سائق السيارة ،واثنين من مرافقيه إحداهما امرأة ،وينحدرون من إقليم الدريوش، حيث تم وضعهم تحت تدابير الحراسة النظرية، رهن إشارة البحث الذي يجري بأمر من النيابة العامةالمختصة.
نيجيريا وغينيا وغامبيا والكاميرون ،وكانت حالتهم متدهورة لدى إنقاذهم ،وتم اقتيادهم إلى الحسيمة. وبحسب بيانات رسمية فقد أجهضت السلطات المغربية محاولة أكثر من 40ألفا و 300مهاجر في أول ستة أشهر من العام الجاري. وعلى مدار سنة 2018أكدت الحكومة المغربية أنها أجهضت محاولة 89ألف مهاجر غير شرعي عبور مياه البحر األبيض المتوسط.
7
الثالثـاء � 03إلى � 09شتنرب 2019
العدد 1009
مجتمع ـ سياسة ـ حقوق عبد العالي بن ربوحة
(مراسل من القصر الكبير)
صحيفة أجنبية تكشف عن الواقع المعيشي ألطفال القصر الكبير عبد العالي بن ربوحة * تحت عنوان :حلم ركوب قوارب الهجرة السرية ،أوردت جريدة بريديكو االسبانية بتاريخ 12غشت 2019مقاال بعنوان رحلة إلى مدينة القصر الكبير المغربية مدينة القاصرين الباحثين عن حلم الهجرة السرية . المقــال أنجزتــه الصحفيـــة eilsenda coleilموفدة الجريــدة إلى مدينة القصر الكبير ،هذه األخيرة التي تنحدر منها اكبر نسبة من القاصرين المتواجدين بمراكـــز اإليواء بكطالونيا ،والذين يقارب عددهم ثلث المهاجرين القاصرين الغير الشرعين الباحثين عن حياة كريمة بأوربا من اجل الحصول على تعليم في المستوى وتحسين مستوى عيش أسرهم . ويشير المقال أن مدينة القصر الكبير الذي يتواجد بها 126الف نسمة التي توجد في الجزء الجنوبي بجهة طنجة الحسيمة ،وهي األقرب إلى مضيق جبل طارق ،لقد كانت في الماضي مدينة مزدهرة وبوابة المغرب بالنسبة للبضائع المهربة . قال لنا احد السكان الذي لم يكشف عن هويته خوفا من السلطات المغربية ،لقد كنا نبيع البضائع المهربة اآلتية من سبتة إلى كل مناطق الجنوب ،النهم ال يستطيعون الحصول عليها إال بواسطتنا ،اآلن لقد انتهى كل شئ ولم يعد لهذا النشاط أي وجود . في طريقنا إلى مدينة القصر الكبير كانت تتراءى لنا حقول الفول السوداني وعباد الشمس حيث يشتغل بها األطفال المحرومون من التعليم ومع ذلك قد اكتشفنا بالمدينة مشاهد أخرى منازل جميلة بنوافذ كبيرة وشرفات، ويالحظ مرور سيارات وشوارع معبدة ومدارس مقفلة بالنسبة للعطلة الصيفية ،هناك محطة للقطار حيث تتواجد سيارات األجرة ومحالت تجارية ،أمام المقرات اإلدارية هناك صفوف طويلة لفالحي المناطق المجاورة الذين صرحوا لنا أنهم يعطوننا بعض المساعدات المالية إذا التزم أطفالنا بالذهاب إلى المدرسة طيلة السنة. وتضيف لكن عند ولوجنا لألحياء الهامشية مبتعدين عن وسط المدينة تتغير الصورة تماما ،حيت تتحول األزقة والشوارع المعبدة إلى غبار وتتحول السيارات إلى عربات مجرورة بالخيول ،انه يوم السوق تباع البطاطس ب20سنتيم (تقريبا درهمان ونصف ) «من أجل تكوين فكرة عن القدرة الشرائية للسكان»، لم نالحظ وجود اي طفل مراهق ،ولكن هناك أطفال صغار يساعدون آباءهم بجانب عربات بيع الفواكه والخضر ،يالحظ أيضا وجود مقاهي ومحالت تجارية .وفي إحدى المخابز رفوفها نصف فارغة التقينا بامرأة صرحت لنا عندما سألناها عن عدم وجود شباب بالحي أجابت بان أبناءها هم اآلن بأحد مراكز اإليواء -بليليدا ،مضيفة وهي تبتسم لنا أن احدهم يبلغ منالعمر 14سنة واألخر 16سنة وصالإلى اسبانيا، كان بإمكانهما أن يموتا في هاته المغامرة
لكن ماذا يمتلكان هنا هاته المخبرة ؟ لكن هاته مشيئة اهلل على األقل يمكنهم أن يتابعا دراستهما والحصول على عمل الئق . في المغرب ال تشكل مدينة القصر الكبير استثناء حيث يقضي الشباب حياتهم في المقهى يتناولون كؤوس الشاي بورق النعناع، سألنا احد األشخاص ودائما يقولون لنا نفس الجواب ،لن يعود هناك كثير من الشباب كلهم سيهاجرون إلى أوربا ،ألن ليس هناك أي فرص الشغل هنا ،هل شاهدت أي مصنع ؟ أي وحدة صناعية ؟ -بالطبع ال .حقول فارغة فقط ،بما أن السكان ال يتوفرون على المال ال يمكنهم شراء أي شيء الناس هناك ال يستطيعون إشباع حاجاتهم . أحياء هذه المدينة خاصة المهمشة منها هي مرتع الهجرة السرية وأيضا المناطق القروية المجاورة ،صرح لنا نادل مقهى ،والذي كان يتخوف للحديث معنا باعتبارنا صحفيين أعطىلنا مثاال عن حياته حيث أوضح لنا بان هناك فرص قليلة جدا يمكن أن تتاح لك في هذا البلد ،اآلباء يرسلون أبائهم إلى أوروبا من اجل الحصول على عيش الئق ،قد قال لنا انه درس الفيزياء والكيمياء بالجامعة وها أنا ذا اشتغل نادال اخدم الزبائن طيلة اليوم ،هل تجدين األمر طبيعيا . داخل المقهى كان الرواد يشاهدون التلفاز حيث كانت تبت مباريات كاس األمم اإلفريقية وكان المغرب قد أقصي في الدور الثاني :هناك في المغرب ال تقدر المواهب لكي تنجح حياتك يجب عليك أن تغادر كما قال لنا احد الزبناء الذي كان يتابع حديثنا . فجأة ظهرت مجموعة من المراهقين كانوا يرتدون أقمصة رياضية وسراويل قصيرة .طلبوا
منا أن نصطحبهم معنا إلى اسبانيا وقالوا لنا بان جميع أصدقائهم في برشلونة ،يضعون صورا بمواقع التواص االجتماعي تدل على أن حياتهم تغيرت إلى األحسن وهم يرتدون أحذية غالية وأيضا يرتادون المسابح ،إنهم هناك لديهم كل شيء ونحن هنا ال نتوفر على أي شيء ،وسألناهم عن استعدادهم لركوب قوارب الهجرة السرية ،فأجابونا بنعم لدينا قلب من حديد . هناك حي مهمش بالمدينة يسمى حي أوالد حميد يوجد بشمالها ال يتوفر على سوق وشوارعه غير معبدة ومنازله غير مكتملة البناء ،الدجاج يتجول بحرية ،األطفال يركضون ويطاردون الحيوانات ،في سنة 2010جاءت كثير من العائالت التي تسكن المناطق المجاورة لتستقر هنا بأكواخ وبعد بدلها لمجهودات كبيرة استطاعت شيئا فشيئا أن تبني منازلها باألجور، و يالحظ قلة تواجد الشباب بهذا الحي. وقد صرحت لنا إحدى األمهات بأننا تعودنا على األخبار السيئة دائما ما نتوصل بأخبار عن انقالب أحد القوارب في البحر وموت أطفال ورجال لن نستطيع دفنهم أبدا . هاته األحياء معروفة بتواجد شبكات الهجرة السرية حيث أصبح من المعتاد مشاهدة سيارات كبيرة تحمل الشباب قصد الهجرة السرية ،اآلن أصبحت هذه المافيا تركز فقط على األطفال القاصرين وقالت لنا احدى النساء إننا مستعدين إلى أن نعطي المال من اجل أن نرسل أبنائنا إلى أوربا انه مشروع ناجح ومضمون . * ساعدنا في ترجمــة المقــال من اإلسبانية إلى العربيـة األستاذ عبد اللطيف فنيد.
benrebouha01@gmail.com Tél : 0641794991
زيارة فضاء الذاكرة التاريخية للمقاومة والتحرير بالقصر الكبير من طرف جمعية األعمال االجتماعية للمسنين والمتقاعدين بالقصر الكبير
في سياق احتفـاالت الشعب المغربــي بالذكرى السادســة والستيــن لثورة الملك والشعب ،التي يخلدها المغاربة ،وفي طليعتهم نساء ورجال الحركــة الوطنيـــة والمقاومة وجيش التحرير ،نظمت يوم الثالثاء 20غشت الجاري جمعية األعمال االجتماعية للمسنين والمتقاعدين بالقصر الكبير بدعوة من القيم على فضاء الذاكرة التاريخية للمقاومة والتحرير الدكتور خالد الصمدي زيارة إلى فضاء الذاكرة التاريخية للمقاومة وجيش التحرير بالمدينة وذلك من أجل ربط الصلة بين المؤسسة وجمعية األعمال االجتماعية للمسنين والمتقاعدين والعمل على نسج خيوط الترابط بين الحاضر والماضي ،والتذكير بأهمية القيمة التاريخية لهذا اليوم السعيد ذكرى ثورة الملك والشعب. وخالل هذا اللقاء تبادل الطرفان أطراف الحوار من خالل تدخالت الحاضرين والتي انصبت في مجملها حول ذكرى ثورة الملك والشعب ،واألنشطة
المرتبطة بذكرى معركة واد المخازن وأهميتها في فهم حقيقة تاريخنا المجيد وعراقة وأصالة اإلنسان المغربي وارتباطه الوثيق بأرضه وهويته ،كما تطرق الجانبان إلى سبل تعزيز أواصر الصداقة وخلق جسور التعاون والشراكة بين فضاء الذاكرة التاريخية للمقاومة والتحرير وجمعية األعمال االجتماعية للمسنين والمتقاعدين بالقصر الكبير ،وقد شملت الزيارة– جولة برواق العرض الخاص بتاريخ الحركة الوطنية والمقاومة المسلحة وجيش التحرير معززا بشروحات مستفيضة حول المعروضات وصور لمقاومين ضحوا بأرواحهم وأموالهم في سبيل عزة الوطن واستقالله . كما تقدم في الختام األستاذ محمد جناح رئيس جمعية األعمال االجتماعية للمسنين والمتقاعدين وأعضاء والمنخرطين الجمعية ،للقيم على فضاء الذاكرة التاريخية للمقاومة والتحرير بالقصر الكبير ، بالشكر على حفاوة االستقبال وكرم الضيافة .
«دوكيسا” المتنفس الثقافي الجديد بالعرائش
في جو بهيج و بالقرب من حصن الفتح السعدي بمدينة العرائش ،افتتح األستاذ أحمد الركالة بمعية ثلة من أصدقائه ،الفضاء الثقافي الجديد بالمدينة الذي يحمل اسم « دوكيسا» جاء هذا المشروع الثقافي الهام ليثمن الذاكرة المشتركة ألبناء المدينة وزوارها وربطها بماضي العرائش العريق وتراثها الثقافي المتميز. كما يتوخى هذا الفضاء تقوية ملكة القراءة عبر آليات تحفيز و تشجيع الشباب .كما يهدف إلى تقريب الباحثين والمهتمين من المراجع المغربية واألجنبية
وتمكينهم من المادة المصدرية ،و يتكون هذا الفضاء من خزانة كتب قيمة ستكون موضوعة رهن إشارة القراء،و ثالث صاالت كل واحدة في طابق خاص .كما يزخر الفضاء بصور تاريخية للمدينة ،وأخرى ألهم الشخصيات التي مرت منها في جميع الميادين (تاريخ، رياضة ،أدب ،مسرح ،)..و يعتبر هذا الفضاء الثقافي متنفسا للفكر و اإلبداع واألدب والفن ،ورغم صغر مساحته فهو مثقل بحمولة ترمز لذاكرة مدينة ككل. كما يسهم في توفير سكينة للقراء ممزوجة ببهاء شرفة أطلسية مطلة على جنبات المحيط.
القافلة الدولية للسالم تنطلق من مدينة العرائش
القصر الكبير :التحقيق من طرف الفرقة الوطنية في عودة شخص توفي منذ 9سنوات حلت عناصر الفرقة الوطنية للشرطة القضائية يوم األحد 18غشت ،2019بمفوضية أمن القصر الكبير ،وفتحت بتعليمات من الوكيل العام للملك رئيس النيابة العامة بالرباط، بحثا قضائيا للوقوف ميدانيا على وقائع شريط فيديو ،جرى تداوله أخيرا على نطاق واسع بمواقع التواصل االجتماعي ،وتضمن قضية مثيرة تتعلق بشاب ثالثيني عثرت عليه أسرته بمنطقة الشمال ،بعد أزيد من تسع سنوات عن وفاته ودفن جثته بمقبرة الجماعة. وأفاد المصدر ،أن محققي الفرقة الوطنية، التي تضم ضباطا أمنيين محنكين في مجال الجريمة ،أجروا أبحاثا دقيقة ومركزة للكشف عن مالبسات هذه القضية ،التي بدأت فصولها بمنطقة الغرب منذ حوالي 13سنة تقريبا،
وانتهت بالمنطقة الشمالية بإقليم العرائش، بعد أن اكتشفت أسرة قروية بدوار “طيايرة” بجماعة ارميالت (إقليم سيدي قاسم) ،أن ابنها
“بنعيسى” الذي توفي في ظروف غامضة سنة ،2011وتسلمت جثته داخل نعش مشمع ال زال حيا يرزق.
تم يوم اإلثنين 19غشت 2019عقد اجتماع تحضيري بالسفارة المغربية بمدريد ،حضره كل من عبد اإلله احسيسن رئيس جماعة العرائش ،و عبد اإلله بنصر رئيس جمعية ابناء العرائش بالمهجر بمدريد وخديجة الشاوي الكاتبة العامة والمنسقة العامة لجمعية أبناء العرائش بالمهجر بمدريد وأحمد خاللة المستشار الجماعي وعضو غرفة الصناعة التقليدية بالعرائش ،وكذا أعضاء من المنظمة الدولية للسالم العالمية. تم خالل هذا االجتماع مدارسة اإلمكانيات وبحث السبل الكفيلة من أجل االرتقاء وإنجاح القافلة العالمية للسالم التي اختير لها شعار « ال للعنف ،نعم للسالم « والتي ستكون انطالقتها من مدينة العرائش عبورا
لتراب المملكة ابتداء من يوم 9أكتوبر . 2019 كما سيبدأ برنامج التظاهرة اإلنسانية باستقبال الوفود المشاركة بساحة التسامح بالعرائش يوم 8اكتوبر ، 2019وستعطى إشارة االنطالقة يوم 9أكتوبر نحو مدينة العيون ،لتصل إلى موريطانيا وتستمر الجولة حول العديد من مدن العالم لتحط القافلة في النهاية بمدينة مدريد اإلسبانية يوم 8مارس 2020الذي يصادف تخليد اليوم العالمي للمرأة. كما تعتبر الغاية من وراء تنظيم هذه القافلة اإلنسانية ،والتي تعد مبادرة عالمية تكريسا لتمظهرات التسامح وترسيخا لقيم السالم والمحبة واإلخاء بين الشعوب والديانات .
الثالثـاء � 03إلى � 09شتنرب 2019
العدد 1009
نظامنا التعليمي المهترئ
بقلم :الدكتور
عبد الحق بخـات
8
?
هل تكفي إعادة إدراج اللغة الفرنسية إلخراج المدرسة المغربية من دوامة الفشل
التعليم محرك أساسي للتنمية .إنه المعيار الذي نحكم من خالله قيمة األوطان ،وهو أيضا مرآة المجتمع ،لننطلق من حقيقة أن «التعليم ليس أولوية ،بل إنه األولوية! » لعقود من الزمن احتل المغرب مرتبة متدنية في مجال التعليم، حيث صنفته اليونسكو في المرتبة 143من بين 164دولة. رغم سلسلة من اإلصالحات في هذا المجال ،وتخصيص ٪ 5.4من الناتج الوطني اإلجمالي ( )GNPلنفقات غير مجدية وغير فعالة ،تحصد المملكة الفشل تلو الفشل بسبب غياب تخطيط صارم وخبراء حقيقيين، علما بأن إن نظامنا التعليمي الفاشل هذه كان في حالة طوارئ منذ عدة سنوات ،وكان موضوع نقاشات معمقة في كثير من األحيان ،لكنها تكون محكوما عليها بالجمود ،ألنه نادراً ما يتم االستئناس باألشخاص األكثر أهلية للحديث في هذا الموضوع الحساس عنهم أو وضعهم في دائرة الضوء. تكمن إحدى المشكالت في حقيقة أن البعض ما يزال يعتقد أن واق للهوية .ومع ذلك ،فإن شريحة كبيرة من المغاربة التعريب درع ٍ الذين يشكلون النخبة في البالد هم فرنكفونيون ،دون أن يمنعهم ذلك من أن كانوا يحظون باحترام عبر التاريخ وضمن وسطهم الثقافي المغربي .خاصة وأن اللغة الفرنسية هي بال شك جزء من تاريخ المغرب الحديث ،وبالتالي فهي تشكل جز ًءا من هويته. من خالل تجاهل أو التظاهر بتجاهل هذا الواقع ،فإننا نقع في االنفصام. في الواقع ،مع الحفاظ بوضوح على اللغات المتداولة التي هي اللغة العربية واألمازيغية ،سيواجه التعليم في المغرب لزاما تحديات جديدة، بما في ذلك التكيف مع العولمة والحداثة ،مما يستلزم بالضرورة االنفتاح على اللغات التفاعلية األخرى مثل الفرنسية واإلنجليزية .هذا ما سيجعل من الممكن تجسير العالقات مع الغرب. تجدر اإلشارة إلى أن المغرب ،في مرحلة معينة ،تمكن من بناء هذا الجسر ،لكن أقلية مميزة فقط هي التي تمكنت من اقتناصه. األمر المربك اليوم هو أن التعليم العالي مستمر ،دون أي خالف، في التدريس باللغة الفرنسية دون أي اعتراض ،غير أن هذا يخلق فجوة للطالب الذين درسوا بشكل شبه حصري باللغة العربية في المدارس العمومية االبتدائية و الثانوية. باختصار ،ثنائية اللغة أو ثالثيتها ،هي أولوية وليست خيارًا ،ويجب تدريس اللغة الفرنسية وأيضًا اللغة اإلنجليزية بنفس الطريقة التي يتم بها تدريس اللغة العربية واألمازيغية في المدرسة العمومية .إنها الطريقة الوحيدة لرفع مستوى وجودة التعليم للجميع على نطاق واسع. إنها أيضًا طريقة الوصول إلى سوق العمل ،حيث تعد ثنائية اللغة معيارًا أساسيًا لالنتقاء في عالم المقاوالت ،حيث يتمتع الفرانكفونيون واألنجلفونيون بفرص أكثر من نظرائهم المعربين الذين ينتقون لوظائف دونية. وبالتالي فإن التعادل الحقيقي في الفرص ينبغي أن يتم عن طريق االندماج الكامل للغات التفاعلية في نظام التعليم المغربي ،الذي أصبح اليوم آلة صدئة للغاية. إال أنه من خالل تراكم الفشل واإلصالحات غير المجدية ،فإننا نميل إلى االعتقاد بأن التغيير العميق في نظام التعليم لن يحصل في أقرب اآلجال ،وهنا تكمن شرعية طرح السؤال التالي « :هل إعادة إدخال اللغة الفرنسية كافية إلخراج المدرسة المغربية من دوامة الفشل؟». المزيد ،والمزيد من المغاربة ،الذين لديهم الموارد الالزمة ،يدرسون أطفالهم في المدارس الفرنسية أو اإلسبانية وحتى األمريكية أو المدارس الخاصة .يبحث اآلباء عن فرص أفضل ألبنائهم ،وعن مستقبل أكثر ضمانا ،هربًا من حاالت الفشل العديدة التي يتخبط فيها نظامنا التعليمي العمومي.. ومن المفارقات أن الدولة التي تكرس 46مليار درهم لقطاع التعليم تشجع على وصول مجموعات المدارس الخاصة ،ال سيما من خالل الحوافز الضريبية. وهكذا ،تزدهر المدارس الخاصة كل عام تقريبًا ،وفي كل مكان بمدننا، حيث تقدم دروسًا من مرحلة ما قبل المدرسة إلى الباكالوريا ،وتنفق األسر 30 ٪أو حتى 40٪من دخلها الضئيل لتعليم أطفالها ،على الرغم من حقيقة أن المدرسة العمومية مجانية ،وعلى الرغم من أن هذه الرسوم الدراسية ال يمكن الوصول إليها بالنسبة لغالبية السكان. تقدم المدارس الخاصة دروسا ثنائية اللغة بجودة عالية ،بل وبثالث لغات منذ المرحلة االبتدائية. باإلضافة إلى ذلك ،يعد التعليم الخاص أكثر جاذبية للمدرسين الذين يحصلون على رواتب امتيازية مقابل ذلك ،إلى جانب حقيقة أنهم يختتمون نهايات الشهر بشكل مريح بفضل الدروس الخاصة التي يتم تقديمها في المنازل. األمثل ،الذي هو في الوقت الراهن نوع من «اليوتوبيا» ،هو إنشاء مدارس عمومية إلزامية ومجانية في جميع أنحاء األراضي المغربية ،والقضاء على انتشار المؤسسات الخاصة ،أو على األقل كبحها .يجب أن تتضمن عملية إصالح النظام التعليمي «المكون من مستويين» تنسيق المناهج الدراسية ،واعتماد سياسة
تسمح للمدارس العمومية باالستفادة من جودة معادلة للتعليم الخاص، من خالل وجود هيئة تدريس مؤهلة ،وبتكوين تربوي جيد ،وباعتماد الكتب المدرسية عالية الجودة ،بد ًال من المناهج الدراسية الجامدة ،وغير المسايرة، والتي تحول دون تحقيق تقدمنا المأمول بعقلية منفتحة ،وتكف عن ان تظل مسرحا للصراعات األيديولوجية ،والتزمت ،والمآرب الميكافيلية. كما سبق أن أوضحنا بإسهاب في توضيحاتنا السابقة ،فإن هذا الموقف هو نتيجة لسياسة تعريب التعليم المفروضة منذ ثالثين عامًا من قِبل حزب سياسي تقليدي ،تعاطى مع األمر بحسابات إيديولوجية ضيقة ،غرضها الحقيقي تأهيل نخبه التي تدرس بالخارج على حساب أبناء الشعب المغربي البسطاء ،وبهدف مسكوت عنه ،وهو احتكار مواقع القيادة والقرار على مستويات مختلفة من اإلدارة وشؤون البلد. وحتى ال نسمي الحزب االستقاللي هذا ،والذي أفلح إلى اليوم في استقطاب عدد من أعضاء الحزب اإلسالمي إلى أطروحته ،فإنه يواصل المناورة من خالل وضع الحواجز أمام إصالح قطاع التعليم في المغرب. هل سنستمر في التساؤل عن أسباب ذلك؟ األمر حقيقة قائمة بذاتها أن هذا الوضع الكارثي كانت له عواقب وخيمة، وتسببت في العديد من الشرور التي آذت المجتمع المغربي :صناعة العطالة، تعزيز انعدام األمن والعنف ،تنامي ظاهرة تطور التطرف الديني ،هجرة األدمغة، غياب الوعي السياسي ،الجهل بالحقوق والواجبات المدنية ،وعدم المساواة االجتماعية التي عادة ما تؤدي إلى عدم االستقرار واالحتجاجات الشعبية المتواصلة ،و أمور أخرى. من وجهة نظر «األنتليجنسيا» المستنيرة ،أصبح التعليم موضوعًا ذا أولوية بالنسبة إلى التغيير الحقيقي واإلصالح الفعال .وهكذا ،بعد عدة سنوات من النقاش ،اعتبر التعريب ،أو حتى اللغة العربية كخيار وحيد ،السبب الرئيسي ،وبال منازع ،في فشل المدرسة المغربية. كان علينا انتظار التصريح الواضح لخطاب العرش يوم 30يوليوز 2019 حتى نعرف من جاللته بأن« :إصالح التعليم ينبغي أن ينأى عن كل أنانية ،وعن كل الحسابات السياسية التي تهدد مستقبل األجيال الصاعدة ،تحت ذريعة حماية الهوية». رسالة صارخة وواضحة لمروجي التعريب بشكل عام ،الذين حرصت الغالبية العظمى منهم على عدم إرسال أطفالهم إلى النظام التعليمي العمومي ،مفضلين إرسالهم إلى الخارج للدراسة هناك. انطال ًقا من هذه الرسالة الملكية ،بدأ التحول بشكل جدي ،من خالل إثارة التساؤل حول سياسة التعريب الكارثية التي تم تنفيذها كرها في الثمانينيات، وتم تحديدها أخيرًا ،بعد مرور 30عامًا ،كأحد األسباب الرئيسية في فشل المدرسة ،والتي وصلت إلى مستوى أقل من البلدان الفقيرة في أفريقيا. وهكذا ،اتخذ مجلس الوزراء برئاسة جاللته في 10فبراير 2016قرارًا صادمًا فيما يتعلق بالسياسة التعليمية في المغرب :سيتم اآلن تدريس المواد العلمية باللغة الفرنسية ،وسيتم تدريس هذه اللغة من السنة األولى من المدرسة االبتدائية كما ستعتمد اللغة اإلنجليزية ابتداء من السنوات الدراسية المبكرة. وبالموازاة ،هناك حاجة ملحة إلصالحات بعيدة المدى متعلقة بتكوين األساتذة وتجديد المناهج الدراسية. ويعتقد أيضا أنه في عصر اإلنترنت ،يجب أن تكون أداة الكمبيوتر أيضا مميزة. وهكذا قرر المغرب منذ ثالثين عاماً من التعريب غير المنتج بالعودة إلى اعتماد اللغتين الفرنسية واإلنجليزية ،مع إدراك كامل لحتمية هاتين اللغتين في ضمان مستقبل البالد وشبابه. وفي هذا السياق ،وُلد القانون اإلطار رقم 51-17بخصوص دفن التعريب. وعلى الرغم من معارضة حزب االستقالل صحبة مجموعة من اإلسالميين المنتمين لحزب العدالة والتنمية بقيادة عبد اإلله ،فقد تم التصويت على هذا القانون باألغلبية في البرلمان. على الفور ،وربما مبكرا جدًا ،بدأنا بالحديث عن «ظهور مدرسة منصفة تتمتع بالمساواة في الفرص ،مدرسة للتميز واالنفتاح ،والتقدم االجتماعي ». وبحذر قليل ،يمكننا القول أنه بالفعل ،ولربما لسنوات ،تم استشعار األمر من خالل محاوالت اإلصالح التي عرفتها المنظومـة :الميثـاق الوطني للتعليم ( )2005-1999والبرنامج االستعجالي للتعليم ()2012-2009؛ والرؤية االستراتيجية لإلصالح ( )2030-2015التي وضعها المجلس األعلى للتعليم. باختصار ،مئات الصفحات من التقارير والتقييمات من جميع األنواع خصصت إلصالح نظام التعليم .غير أنه حتى اآلن ،ال شيء مقنع ح ًقا من حيث النتائج. كل هذا يسمح لنا بأن نتساءل حول ما إذا كانت إعادة اعتماد اللغة الفرنسية سيكون كافيا إلخراج المدرسة المغربية من دوامة الفشل؟ ». لنكن متفائلين !...
قطرات مداد ُ • محمد إمغران
هؤالء هم األموات ويجب التعجيل بدفنهم قضية الشاب بنعيسى الذي توفي منذ تسع سنوات وشيع أهله جنازته بدوار كائن بسوق أربعاء الغرب ،ثم عاد إلى الحياة مرة أخرى ،تستحق أن ينجزلها فيلم سينمائي أو مسلسل تلفزيوني ،لتعرية الواقع المر ولتوثيق ما يجري في مغرب اليوم من أعمال اإلجرام والتسيب والفوضى والتحدي ،بناء على قوة المال وسحر الرشوة وغطرسة النفوذ ،أعمال تحيي وتميت ،إن جاز القول ،كما وقع لهذا الشاب الذي تداولت ،مؤخرا ،مختلف وسائل اإلعالم قصته الدرامية ،بل والمأساوية. وتعود تفاصيل القضية باختصارإلى أن الشاب «بنعيسى» كان حصل على فرصة عمل بضيعة فالحية بدوار سيدي بجاج ـ أربعاء الغرب سنة ،2007ومن سوء حظه أنه بعد عشرة أيام فقط تمر على شروعه في العمل ،عاين جريمة قتل استهدفت مستخدما بالضيعة ذاتها ،بعد أن ضربه ابن الباطرون بواسطة حديدة على مستوى الرأس عجلت بوفاته ،وبقدرة قادر ،خضعت هذه الجثة لإلجراءات المعمول بها ،تحت اسم «بنعيسى» الذي الزال حيا يرزق ،ثم وضعت بداخل ثابوت قبل تشميعه وتسليمه ألهل الميت من طرف المصالح األمنية بسوق األربعاء ،مع تقرير طبي وإذن بالدفن وكذا المالبس التي تم خلعها عن الشاب «بنعيسى» الحي دائما ،لتمويه ذويه بأنه فعال فارق الحياة وأن جثته بداخل الثابوت هي حقيقة الغبار عليها.وهكذا شيعوا وأبناء الدوارجنازته وبكوه بحرقة وألم.بينما بنعيسى وألنه عاين الجريمة وخوفا من أن يفضحها ،قرر الباطرون ترحيله إلى منطقة نائية مجهولة وهو معصب العينين ،وسجنه بداخل إسطبل لألغنام واألبقار ،تحت حراسة مشددة ،وهناك ذاق الجوع والتعذيب كلما طالب بإطالق سراحه ،لكن مع مرور السنوات تأقلم «بنعيسى» مع األجواء ،خاصة وأن مالك اإلسطبل صاريضع فيه بعضا من الثقة ويمنحه قليال من الحرية والتحرك ،األمرالذي ساعد «بنعيسى» على نسج عالقة صداقة وتعارف مع شخص بالمنطقة، حيث باح له بقصته وطلب منه مساعدته ،فكان هذا األخير هو من فرقع «الرمانة» وبجهوده المضنية، تمكن من الوصول إلى دوار أسرة «بنعيسى» وحكى لها كل شيء.طبعا لم يصدقوا في بداية األمر ،قبل أن ينتقلوا إلى عين المكان ويحدثوا فوضى من أجل رؤية ابنهم المختطف والمختفي قسرا والذي عاد معهم إلى البيت ،بتدخل من رجال الدرك بالمنطقة الذين أنجزوا محاضر قانونية في الموضوع ،لكن مع مرور الوقت لم يتم عرضها على النيابة العامة ،ألن المال والرشوة والنفوذ عوامل تستعصي في الكثيرمن األحيان على طالبي الحقوق من دراويش مغرب اليوم.ورغم أن أسرة «بنعيسى» وجهت العديد من الشكايات لفتح تحقيق في هذه القضية وتحركت ألكثر من ثالث سنوات بين محاكم القنيطرة والقصر الكبيروسوق أربعاء الغرب، طلبا إلنصافها ،إال أن شيئا لم يتحقق لهم ،بفعل أموات الضمائرالذين يتحركون بيننا ويقررون في أرزاق ومصائر العباد ،يحيون ويميتون وبجرة قلم يحكمون كيفما شاؤوا ومتى شاؤوا. لكن الروح عزيزة عند اهلل ،حيث تحركت ،مؤخرا، النيابة العامة وأعطت تعليماتها للفرقة الوطنية للشرطة القضائية لمعاجلة هذه القضية ،بما في ذلك مسألة استخراج الجثة للتعرف على هوية صاحبها الذي ليس إال مستخدما بالضيعة المشارإليها والذي تم قتله تحت اسم «بنعيسى» الحي ،بآالم جسدية ونفسية فرضت عليه. وهي فرصة كذلك للوصول إلى مجموعة من األموات الذين يعيشون بيننا ،أموات الضمائر والقلوب والقيم الرفيعة ،المنتشرين في مختلف مناصـــب المسؤوليـــة، كبيرا وصغيرا ،أموات يجب اإلسراع بدفنهم ،إكراما لهم، رغم أنهم اليستحقون ال إكرام وال»زفت».
امللحق القانوين
9
العدد 1009ـ الثالثاء 03إلى 09شتنبر 2019
الملك محمد السادس يضع معالم المرحلة الجديدة... رؤى وانتظارات حوار مع
المحلل السياسي محمد بودن حاوره :محمد البوشوكي
محمد بودن • كيف تابعتم مضامين الخطاب الملكي بمناسبة الذكرى 20لعيد العرش ؟ مثل الخطاب الملكي بمناسبة الذكرى 20 لعيد العرش لحظة لتجديد العهد بين الملك والشعب وتعزيز أسس التعاقد بينهما،بحيث يعد الخطاب الملكي أكثر من وقفة سنوية للتأمل فيما تحقق بل انه خطاب يؤسس لمقومات المرحلة القادمة التي يجب ان يصنع فيها المغرب قوة دفع نحو االمام ويتخلص مما يمكنه أن يجر البلد نحو الخلف. إذا أردنا ان نضع تقسيما للمراحل التي مر بها حكم جاللة الملك محمد السادس نجد أن المرحلة األولى وتهم العشرية األولى كانت مرحلة تأسيس العهد الجديد بينما تميزت المرحلة الثانية التي تهم العشرية الثانية بتبني االختيارات الكبرى أما المرحلة الثالثة التي انطلقت بخطاب العرش 29يوليوز 2019فإنها ستكون مرحلة السرعة القصوى. إن الدولة المغربية مقبلة على مرحلة جديدة قوامها إعادة البناء وعنوانها األبــرز اإلقالع الجديد للحد من الفوارق بين الفئات والجهات وتحسين ظروف عيش المغاربة. فالرؤية التي وضعها جاللــة الملك في خطابه تجمع بين النظرة المستقبلية والتدابير العملية والفكر الواقعي وستمكن المغاربة من تجاوز التحديات التي تحول بينهم وبين طموحاتهم. إن المرحلــة المقبلــة ستوفـر إمكانيات مهمة كما انها محاطة بشبكة أهداف واضحة المعالم تتمثل في تحقيق كل ما تم التخطيط له من أجل تطوير البلد وزيادة سرعته التنموية واالرتقاء به لمصاف الدول المتقدمة،وفي هذا اإلطار يتبين بوضوح أن الدولة مقبلة على إعطاء الفرصة لجيل جديد من النخب والكفاءات واجراء تعديالت هامة ستشمل الحكومة وسيمتد التغيير للهيآت السياسية واالقتصادية وعدد من المؤسسات. إن السبيل لمستقبل زاهر يرتكز باألساس جعل اإلنسان محورا للدولة وفق رؤية شمولية وهذا من صميم الخيط الناظم للنموذج التنموي الذي ستتم صياغته من طرف لجنة ملكية،إلحداث القفزة النوعية الالزمة التي يطالب بها الشعب المغربي وخاصة األجيال الشابة،فإذا كان المغرب قد حقق نتائج مهمة
على مستوى البنيات واألوراش الكبرى وحافظ على استقراره في ظل إقليم مضطرب وتقدم في في سهولة ممارسة األعمال فإن التحديات االجتماعية مثلت مؤثرا حقيقيا على هذه الوثبة الكبرى للمغرب،فالتحديات االجتماعية التي يجب التعامل معها تتمثل في خفض نسبة البطالة وتشغيل الشباب وتحقيق العدالة االجتماعية والمجالية ووتحسين ظروف عيش ساكنة العالم القروي وتوفير وتعميم الرعاية الصحية وتطوير منظومة التعليم والتربية والتكوين ودعم القدرة الشرائية للمواطن وتوفير السكن الالئق. على مستوى السياسة الخارجية يتبين أن الحصيلة تختزن إنجازات كبرى عززت اإلشعاع الدولي للمغرب وفيما يتعلق بملف الصحراء المغربية جاء الخطاب الملكي ليؤكد الثوابت التي بني عليها الموقف المغربي وتتمثل في عدم إمكانية إيجاد حل للخالف اإلقليمي خارج السيادة المغربية ومبادرة الحكم الذاتي عالوة على المسار االممي كمسار حصري و المرجعية المتمثلة في قرارات مجلس األمن،أما فيما يتعلق بالعالقات المغربية الجزائرية فالخطاب الملكي جاء في مستوى امال الشعبين وعكس حرارة األجواء التي طبعت تعاطف المغاربة مع فوز المنتخب الجزائري بكأس أمم أفريقيا وكأنه فوز للشعب المغربي. إن الخطاب الملكي عكس بدقة العبارة الدارجة المتداولة بين المغاربة والجزائريين «خاوة-خاوة» واكد ان المغرب ينظر للعالقات المغربية الجزائرية نظرة عميقة تستحضر الدم المشترك والمصير المشترك وأنها عالقات يجب أن تنطلق نحو المستقبل برصيدها التاريخي في ظل الدعوات العالمية والتجارب الدولية التي نجحت بتغليب االنفتاح على االنعزال والتكتل على الفردانية والوحدة على اإلنفصال. • ما هي الرسائل التي طبعت تسمية فوج الضباط الخريجين باسم األستاذ عبد الرحمان اليوسفي ؟ قد ال اتوفق في تقديم جواب دقيق عن هذا السؤال لكن أود ان أشير إلى أن شخصية عبد الرحمان اليوسفي استقرت حولها صورة استثنائية في ذهن عدد كبير من المغاربة، وإطالق جاللة الملك محمد السادس إلسم الرجل على فوج الضباط المتخرجين في الذكرى
20لعيد العرش يؤكد هذه الصورة،والمؤكد أن مثل هذه المبادرات ال تتكرر دائما ولها أبعاد ثقافية وإنسانية وسياسية ومستقبلية،فعلى المستوى الثقافي فشخصية األستاذ عبد الرحمان اليوسفي تمثل قدوة ونموذجا وجب استلهام أسلوبه من طرف النخب الوطنية. أما على المستوى اإلنساني فيمكن القول ان جاللة الملك محمد السادس قد قام بتقبيل رأس اليوسفي مجددا على طريقته الخاصة وعبر عن تقديره الكبير لهذه الشخصية الوطنية،وفيما يخص المستوى السياسي يتبين أن جاللة الملك يحن للمرحلة السياسية التي شهدت تأسيسا للعهد الجديد الذي ساهم فيها عبد الرحمان اليوسفي وشهد لحظة انتقال الحكم من الملك الراحل الحسن الثاني إلى الملك محمد السادس. والرسالة الكبرى لهذا التكريم االستثنائي تتجلى في كون أن اليوسفي مثل موضع فخر لألمة المغربية وتقاسم الكثير من اللحظات القوية مع الملكين الحسن الثاني ومحمد السادس ،وأعتقد أن مثل هذه التكريمات ال تتعلق بما حققه الرجل من إنجازات ،فقد يحصل أن ال تحقق مثل هذه الشخصيات الوطنية إنجازات كبرى لعدة اسباب ،او قد تكون قامت بجهود لم يكتب لها النجاح لكن المؤكد أن صدقها وصبرها وبصمتها هو العامل الحاسم في نيلها لهذه المكانة االستثنائية. المعاني السياسية تتجلى في حاجة المغرب ألمثال هذا النموذج الذي يمثل رجل دولة حقيقي والواقع أن المغرب يحتاج لرجال دولة كثر وليس لسياسيين كثر ألن الفرق كبير بين رجل الدولة والسياسي،فرجل الدولة يحرص على مصلحة الوطن وله قدرة على اتخاذ القرار الصعب من أجل صالح عام مقرر وهذا ما فعله اليوسفي في لحظات من حياته سواء في عهد الملك الحسن الثاني وكذلك في عهد الملك محمد السادس ،أما السياسي فهو الذي يسعى إلى السلطة ومنافعها وقد يبحث عن مبررات كثيرة من أجل البقاء لفترة طويلة. األستاذ عبد الرحمان اليوسفي بذرة يجب ان تنبت مجددا في التربة السياسية للمغرب،من أجل توطيد الثقة في الحياة السياسية،فاألمة الحية القوية هي التي تنجب رجال دولة من الطراز الرفيع الذين يقبلون بقاعدة التعاقب على المهام والمسؤوليات الوطنية ويقبلون باقتعادهم لمقعد مسؤول سابق التي تفرضها القواعد الديمقراطية ودوران األجيال والنخب ويتنافسون على األخالق السياسية والخطاب السياسي المسؤول بدل البحث عن تسجيل النقاط وتمييع المشهد السياسي واغراقه في السطحيةوالثقافةالسياسوية. في الواقع ال يمكن فصل الوزير االول االسبق عن انتمائه وتسجيل الكاتب األول لحزب االتحاد االشتراكي للقوات الشعبية سابقا السمه في سجالت التاريخ الوطني مفيد لحزبه معنويا رغم عدم وجود ارتباط تنظيمي حالي بين الحزب واليوسفي ،وال شك أن الحزب سيبحث عن استثمار هذه المكانة االستثنائية التي بلغها اليوسفي لمصلحته،وهذا واضح من خالل الدينامية المكثفة للحزب حيث قام إدريس لشكر واعضاء من المكتب السياسي بزيارة لمنزل اليوسفي عالوة على مضمون االعتزاز الذي عبرت عنه رسالة الحبيب المالكي. االتحاديون يعتبرون االنتماء لحزبهم امتيازا ومن حقهم أن يفخروا بأمجادهم وشخصياتهم التي طبعت الحياة السياسية المغربية في ظل التراكمات االيجابية التي
(البقية ص )10
إعداد :د .محمد البوشوكي دكتور في القانون العام mohamedelbouchouki@gmail.com
النموذج التنموي الجديد و رهان الكفاءات :ما الكفاءة التي نريد ؟
من البديهي تماما أننا عندما نريد أن نفكر في نموذج تنموي جديد أول ما يتبادر إلى أذهاننا هو الفئة التي سوف تتكلف بإعداد وتقديم ذلك النموذج هنا تتقاطر األسئلة حول الكفاءات الموجودة التي يمكن أن تكون قادرة على اقتراح حلول ومشاريع تفيد وتغني النموذج التنموي المرجو والمساهم في إقالع مفهوم التنمية في البالد علما أن مفهوم الكفاءة له عدة معان والكفاءة واالستحقاق أساس التكليف. التكليف لغة :من كلفه إذ أناط إليه مهمة وأسند إليه عمال يقوم به مع وجود كلفة ومشقة فيهما .واصطالحا :هو إلزام المكلف بمقتضى خطاب الشرع المتعلق باألوامر والنواهي .والتكليف العام هو إسناد المهام الى من توفرت فيه شروط القيام بها على الوجه المطلوب مع مراقبته ومحاسبته. للكفاءة أسس البد من توفرها في المكلف حتى يؤدي مهامه على الوجه المطلوب منها: العلم والخبرة :ألنه ال يمكن للجاهل أن يكون كفئا وهو غير خبير بما كلف به. حسن الخلق واالستقامة :والناس تهوي أفئدتهم الى من يحسن إليهم وال يسيء معاملتهم. األمانة :إذ ال بد من توفرها في المكلف يقول «ايف ميشو» في مقدّمة كتابه «ما هو اإلستحقاق» إن األهلية والعمل والجهد مفاهيم تعود بقوّة إلى الخطاب السياسي وإلى النقاش العام ،فالمفروض أن يكون المرء مؤهال من أجل استحقاق أجره أو مكافأته ،والمرتبات ينبغي تحديدها على أساس األهلية كما يتم وعد الطلبة والتالمذة المؤهلين بميداليات تدل على ما يستحقون من تقدير. من هنا يجب القول أن جميع مكونات المجتمع المغربي معنية بهذا السؤال ومن بين أبرز المعنيين األحزاب السياسية التي كانت وال تزال في صلب موضوع النموذج التنموي لما لها من مساهمات في التشريع وو البرامج والمشاريع المقترحة لفك رموز التنمية في البلد ،فعلى األحزاب تحمل مسؤوليتها في إعطاء الفرص وتشجيع الكفاءات لممارسة حقوقها كفاعل مدني وطني للنهوض بشتى األوراش التي انخرط فيها المغرب منذ سنوات فالعزوف السياسي لدى فئة الشباب مبرره هو عدم التعاطي بإيجابية مع موضوع الشباب والكفاءات وسط األحزاب السياسية والمنظومة السياسية بشكل عام. هذا ما أكد عليه الخطاب الملكي األخير حيث كان شبه اعتراف بإفالس النموذج التنموي السابق جعل المغرب يتذيل الترتيب الدولي في مؤشرات التنمية مما جعل إحداث لجنة محايدة تتكلف بإعداد تصور جديد أمر ضروري وعدم الدخول في صراعات سياسوية ضيقت تعيق وتقلص من مؤشرات التنمية في البالد، لهذا فمن المفروض البحث واستقطاب أطر بدماء جديدة تتحمل وتعرف معنى المسؤولية الحقة بعيدا عن الترضيات الحزبية والسياسية التي ال يمكن لها إال أن تبخس العمل السياسي وتوطد العزوف السياسي لدى فئة الشباب بشكل خاص الذي غالبا ما ينتج عنه هجرة هاته الكفاءات إلى الخارج علما أن هذه الظاهرة تسائل الجميع ،فهي مسؤولية مشتركة بين قطاعات وزارية تقتضي المزيد من التعبئة الوطنية لإلرتقاء بالنسيج اإلقتصادي واإلجتماعي وإنجاح النموذج التنموي الجديد الذي تسعى بالدنا إلى تحقيقه فالمجتمع المغربي األن في أمس الحاجة إلى فتح حوار ونقاش عمومي يساهم فيه جميع مكونات وكفاءات وأطر البالد للخروج من هاته األزمة أي أزمة برامج ومشاريع التي من خاللها نرتقي إلى مصاف الدول الرائدة في مجال التنمية. هذا ما أكدته مجموعة من اإلشارات في المشهد السياسي واالجتماعي والحقوقي في المغرب ،فالخطاب الملكي األخير جاء مسبوقا بتثبيت ملكية مواطنة ومستشار ملكي يتطرق إلى إمكانية اإلنتقال إلى الملكية البرلمانية كل هذا يوحي إلى إرادة قوية لإلرتقاء إلى توطيد دولة الحق والقانون مرجوة من طرف الجميع دولة وشعب ومواطن هذا ما تأكد من خالل حتمية عقد إجتماعي جديد لبلورة وتنزيل سياسات عمومية قوية هدفها األسمى المصلحة العامة للوطن والمواطن فأي عقد إجتماعي جديد ال يكون فيه المواطن بحد ذاته غاية فهو عقد باطل شكال ومضمونا.
العدد 1009
حوار مع
الشمال القانوني
المحلل السياسي
محمـد بـودن (تتمة ص )9 حققها اليوسفي،لكن واقع الحزب اليوم يتطلب جهدا كبيرا للعودة في سلم الريادة المؤسساتية،فالحزب في الذكرى 60لتأسيسه يحاول أن يلملم اطرافه فسلسلة التراجعات التي حققها وتعكسها االرقام ال زالت تشكل قوة جر نحو الخلف،وبالرغم من رئاسته لمجلس النواب فالحزب بالكاد استطاع أن يشكل فريقا بالمجلس ذاته ومشاركته في الحكومة حولها الكثير من الجدل الذي يصل لحد وصف الحزب اليساري بالحزب اإلداري. أما فيما يتعلق بالقوة االقتراحية للحزب ودوره في النقاش العمومي فحولها الكثير من المالحظات فضال عن االنطباعات التي تربط بين حصول المنتسبين السابقين -الحاليين للحزب على مواقع مهمة في مجالس الحكامة وإرث اليوسفي. • كانت هناك دعوة ملكية صريحة لرئيس الحكومة من أجل إدماج الكفاءات في البنية الحكومية هل من معالم للتعديل الحكومي في الدخول السياسي القريب ؟ عنــد النظــر لبروفايــالت بعض أعضـــاء الحكومة يتبين بالملمـوس وجود كفاءات عالية،لكن السمة الغالبة هي وجود سياسيين منغلقين على ذواتهــم ،والواقع ان التعديل الحكومي اصبح حتميا بعدما فرض األمر الواقع نفسه وتأخرت أوراش كبرى ال تقبل اإلنتظار وال التأجيل وتبين أن مكونات الحكومة تفكر بشكل مكثف في االنتخابات القادمة،عالوة على أن عدد من اعضاء الحكومة لم يعد بإمكانهم االضطالع بدور فعال في المرحلة الجديدة التي أعلن عنها الملك محمد السادس في خطاب العرش .2019 المرحلة الجديدة تتطلب من جهة توسيع قاعدة رجال الدولة باستقطاب كفاءات ونخب حديثة العهد ومن جهة ثانية التسريع في نسق اإلنجاز والعمل،ولذلك فرئيس الحكومة أثناء شروعه في حصر قائمة المقترحات التي سيتم رفعها لجاللة الملك يجب ان يستحضر عنصرين أساسيين وهما المصالح العليا للمغرب والكفاءة،واالبتعاد قد اإلمكان عن االستجابة لمصالح األحزاب واألشخاص. ثمة حاجة ملحة إلعادة النظر في األسس المعيارية للتوزير في المغرب،فإذا كان تجديد النموذج التنموي أصبح األولوية الكبرى للمرحلة فال يعقل أن يقوم بتفعيله وزراء بعقليات قديمة،ولذلك فالهدف من التعديل المرتقب يفترض ان يكون هو االستمرار في تفعيل مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة على جميع المسؤولين مهما بلغت درجاتهم او انتماءاتهم،وكذا تطوير طرق العمل وتوفير أرضية نجاح المرحلة الجديدة فضال عن تغيير العقليات وتجديد النخب. إن أعضاء الحكومة المعنيين بالتعديل المرتقب هم من تم تسجيل التأخر في إنجازهم لألوراش الكبرى وعدم قدرتهم على التوقع،ومن ظلت قطاعاتهم غارقة في التحفظ واالنغالق السلبيين عالوة على القطاعات التي طبعت عملها األنماط االنتقائية وغياب النجاعة المؤسساتية وضعف األدوار االجتماعية فضال عن من ليس لهم دور في الحكومة والمجال العام . لقد وضع الملك محمد السادس في أكثر من خطاب وأكثر من مجلس وزاري الحكومة أمام مسؤولياتها واستفسر عدد من الوزراء بشأن عدة قضايا ذات اسبقية،عالوة على عقده لعدة جلسات عمل بشأنها،ولذلك فأي تعديل مرتقب سيكون مقدمة لنشر الوعي بضرورة تطوير طرق العمل وتغيير العقليات التي تحول دون تحقيق اإلقالع المنشود. • تستمر الدعــوات الملكيـة لتمكيــن الشباب وإدماجه الكامل في الحياة الوطنية كيف تنظرون لهذه الرؤية ؟ إن التوقف مليا عند هذه الفكرة يؤكد ان الملك له تصور ثالثي األبعاد • البعد األول قائم على ضرورة تغيير طرق العمل • البعــد الثاني قـائم على تغيير يشمل العقليات بما يؤسس لتقاليد سياسية معاصرة ومعبرة عن المتغيرات المجتمعية.
• البعد الثالث قائم على صياغة تقوم على ابتكار أفكار جديدة تقدم أجوبه عن التطلعات الملحة إن الرؤية الملكية تعكس تفضيال واضحا لتجديد النخب ورغبة في اضطالع الشباب بدور مهم في المشروع الوطني،واالشراك الحقيقي يجب أن يشمل مختلف مفاصل الحياة العامة ألنه يمثل منطلقا عمليا للرفع من سرعة البالد. اعتقد ان هذه الرسائل الواضحة تؤكد على ان الشباب ليس مكونا وافدا او دخيال أو مجهوال،وأنه ابن المشهد الوطني والوقت الراهن ويجب أن يساهم فيه بشكل يوازي التزامه وطموحه. الدعوة الملكية لتمكين الشباب وتشبيب النخب تمثل فرصة حقيقية لمحاصرة الشيخوخة في المفاصل السياسية،وأعتقد أن عملية دوران النخب ال يجب ان تحصل بشكل تقليدي وإنما بشكل إرادي يجيب عن الطموح الملكي والرغبة الشعبية في وجود الشباب. هذا التحيز اإليجابي للشباب مطلــوب في وقتنا الحاضر للتغلب على الستاتيكو الذي يطبع المشهد السياسي وينعكس على أدوار األحزاب خاصة أدوار التنشئة والوساطة والعمل الدبلوماسيالحزبي. هذه الرسالة الملكية الدالة بالضرورة يجب أن يتوقف عندها الفاعلين السياسيين مطوال،وأعتقد أنهم سيلتقطون معناها جيدا،ومن شأنها دفع عدد الساسة إلى التخلي عن فكرة الترشح للمسؤوليات الوطنية في سن متقدم.، ان فكرة تشبيب المشهد السياسي هي دعوة صريحة لخلق تنوع في قادة المشروع الوطني،وهو أمر طبيعي قبل أن يكون ضروريا ويمثل مظهرا من مظاهر فهم السياق جيدا. على ضوء هذا التأكيد الملكي يتبين أن صوت الوطن في حاجة لحناجر شابة تعتنق الواقعية والموضوعية وتتملك خلفيات علمية وفكرية قوية،طالما ان متوسط أعمار القادة السياسيين في المغرب يتجاوز 62سنة وهو معدل متقدم بالمقارنة مع متوسط أعمار القادة السياسيين في المحيط اإلقليمي للمغرب. • حدد الملك محمد السادس اإلطار العام لعمل اللجنة الخاصة بالنموذج التنموي في خطاب الذكرى 66لثورة الملك والشعب،هل يمكنكم تقديم توضيحات للمهام الثالثة المحددة ؟ بات من المؤكد أن السير باتجاه بناء نموذج تنموي يحقق اإلقالع الشامل هو الرهان األكبر نحو المرحلة الجديدة واألساس المتين النبثاق عقد اجتماعي محور االنسان وشرطه االساسي يتمثل في انخراط الجميع. ولهذا الغرض قرر جاللة الملك محمد السادس احداث اللجنة الخاصة باعداد النموذج التنموي الجديد وحدد في خطاب الذكرى 66 لثورة الملك والشعب سقفا منهجيا يتمثل في نموذج تنموي مغربي -مغربي كما وضح المنطلقات األساسية للعمل الذي ستقوم به اللجنة الخاصة وتتضح هذه المنطلقات في ثالوث متكامل من المهام : أوال -المنطلق التقويمي سيقوم على توطيد المكتسبات وتقديم حلول وأجوبة عن التحديات التي واجهت أداء النموذج التنموي الحالي. ثانيا -المنطلق االستباقي،ويعني عدم الركون لالطمئنان لما تم وضعه،واالكتفاء بالقول أن األمور تسير بل وضع خطط التوقع والتعاطي مع المتغيرات وصياغة فرضيات تنموية،وهنا استحضر في منهج االستباق مثال السفينة التي تبدوا صغيرة في األفق البعيد اال انها في واقع األمر كبيرة ويتأكد هذا كلما اقتربت نحو الساحل. ثالثا -المنطلق االستشرافي،ويعني البعد اإلستراتيجي في تشكيــل مالمح المستقبل والتفكير المنهجي حولـــه لتوفيـر البيانات الالزمة لصنع القرار على المديين المتوسط والبعيد.
الثالثـاء � 03إلى � 09شتنرب 2019
10
اإلعالم الديني في توجهات أمير المؤمنين شكل تأهيل الحقل الديني بالنسبة للملك محمد السادس منذ اعتالئه عرش أسالفه الميامين في 30يوليوز ،1999أولوية خاصة مشمولة باهتمام ورعاية كبيرة ،وذلك من أجل مقاومة كل التحوالت اإلقليمية والتهديدات التي قد تشوش على العقيدة األشعرية والمذهبية للبالد ،لذا فترسيخ الهوية األصيلة للمملكة المغربية والتي تتسم بالتوازن واالعتدال والتسامح ،كانت من المقومات الهيكلية لمفهوم تأهيل الحقل الديني بالمغرب ،نتيجة لذلك أكد جاللته منذ السنوات األولى لتوليه العرش على ضرورة التأهيل ،كتصور أساسي يمزج بين األمن الروحي والعقيدة الثابتة من أجل ضمان تدبير حكيم وهادئ للشأن الديني، انطالقا من رؤية متبصرة حكيمة تأخذ بعين االعتبار تطور المجتمع المغربي مع الوفاء ألسسه الدينية ،في مقدمتها البيعة المقدسة( ) وما تليها من تعاقد شرعي ،يرتبط بكل مفاهيم الحماية الدينية والدنيوية. لقد أكد خطاب صاحب الجاللة الملك محمد السادس يوم 10ربيع األول ،1425 الموافق ل 30أبريل 2004بالدار البيضاء أمام المجلس العلمي األعلى والمجالس العلمية اإلقليمية،على هندسة إصالحية بمالمح واضحة شاملة بأهداف محددة ،تؤسس لتوجه تأهيل الحقل الديني في زمن شهد تحوالت فكرية ومعارف دخيلة ،تجعل البعض يسقط في انزالقات تحتاج إلى تقويم وتأهيل ديني سليم، لهذا شدد جاللته على ضرورة الحسم والحزم مع كل ما من شأنه أن يشوش ويعيق األمن الروحي للمغاربة ،يقول جاللة الملك في هذا الصدد . « ...وإذا كان من طبيعة تدبير الشؤون الدنيوية العامة االختالف ،الذي يعد من مظاهر الديمقراطية ،والتعددية في اآلراء لتحقيق الصالح العام ،فإن الشأن الديني ،على خالف ذلك ،يستوجب التشبث بالمرجعية التاريخية الواحدة للمذهب المالكي السني ،الذي أجمعت عليه األمة ،والذي نحن مؤتمنون على صيانته، معتبرين التزامنا دينيا بوحدته المذهبية، كالتزامنا دستوريا بالوحدة الترابية الوطنية لألمة ،حريصين على االجتهاد الصائب ،لمواكبة مستجداتالعصر». لقد تم االعتماد في مواجهة التحديات التي قد تمس صورة اإلسالم ،على نهج أساليب التصدي واالستباق والنصح واإلرشاد والمواكبة، مع إشراك وسيط تواصلي (اإلعالم) قادر على االنخراط للقيام بواجبه في مجال الوساطة اإلعالمية بكل أهدافها ،في ظل بروز بعض المشاهد الغريبة على طهرانية اإلسالم ،خاصة أن المغرب من الدول اإلسالمية التي مرت من تجربة عصيبة مكلفةإثر أحداث الهجمات اإلرهابية التي شهدتها مدينة الدار البيضاء في 16من ماي ،2003التي شكلت محطة لتالحم الموقف المشترك للملك والشعب كمنهجية فضلى دفاعية عن األمن الروحي للمغاربة ،وفق منطق الحكمة والتبصر المشترك ،ومكنت من كسب معركة اإلرهاب في ليلة واحدة أو أيام معدودةحسب تعبير جاللة الملك. ارتكز تصور أمير المؤمنين في تأهيل الحقل الديني على مقومات شمولية تمزج بين الجانب الديني والتربوي والثقافي واإلعالمي، من أجل تكوين وتربية المواطن على فضائل االنفتاح والحداثةوالعقالنية ،والجد في العمل واالستقامة واالعتدال والتسامح ،فكيف برز اإلعالم الديني في فكر اإلصالح والتأهيل كأداة أساسية استباقية للتنوير والتوعية والتحسيس لقضايا الدين والعصر ،والتي شغلت بال الرأي العام؟ وماهي المبررات التي جعلت من اإلعالم الديني نقطة مضيئة من ضمن نقط مستحدثة في فضاء تأهيل الحقل الديني؟ وماهي التصورات اإلضافية المماثلة لتأهيل شامل بعنوان« :تصورات متعددة في مجال اإلصالح ومواكبة فكر التنوير الديني». ارتبط مفهوم تأهيل الحقــل الدينــي بالمغرب بمرتكزات متعددة أبرزها ،إعادة هيكلة وزارة األوقاف والشؤون اإلسالمية وإعادة النظر في التشريع المتعلق بأماكن العبادات ،وكذا االعتماد على العنصر البشري كمكون أساسي لتنزيل استراتيجية التأهيل ،وذلك عبر تعيين مناديب جهويين للوزارة الوصية ،لإلشراف على
محسن بنتاج
إعالمي بالشركة الوطنية لإلذاعة و التلفزة التدبير الميداني الحديث للشؤون اإلسالمية بمختلف ربوع المملكة ،إضافة إلى نهج مقاربة جديدة في عملية تعيين أعضاء المجالس العلمية. برز مكون آخر من دعامات تأهيل الحقل الديني بالمغرب والذي ارتكز علىعملية ضبط إصدار الفتوى ،حيث أصبح المجلس العلمي األعلى هو الجهة الوحيدة المؤهلة إلصدار الفتاوي التي تعتمد رسميا ،في شأن المسائل المحالة إليه ،استنادا إلى مبادئ وأحكام الدين اإلسالمي الحنيف ومقاصده السمحة ،مع اقتراح الفتوى على جاللة الملك بصفته أميرا للمؤمنين ،سدا للذرائع ،وقطعا لدابر الفتنة والبلبلة. إن اإلعالم الديني كوسيط تواصلي وجد نفسه في قلب كل هاته التحوالت المرتبطة بحقلالتأهيلالديني،ليسفقطكآليةللمواكبة ولكن كوسيلة حقيقية للتفاعل واإلخبار ،وهذا ما جعل منه في قلب كل هاته المراحل أداة ،وفي قلب كل تصورات التأهيل حضورا ،وتبقى إذن وفقا لكل ما هو مفيد هو أن التوجهات السابقة التي أمر أمير المؤمنين على تنزيلها وفق رؤية تأهيلية شمولية ،ال يمكن أن تتم وتصل إلى األهداف المرجوة ،دون تواصل حقيقي فعال مع عامة الشعب المعني األول واألخير بفكر اإلصالح وبمضامينه ،لذا كان اإلعالم الديني حاضرا في توجهات واستراتيجية أمير المؤمنين لمواكبة ورش التأهيل،فما هي إذن مفاهيم اإلعالم الديني بالمغرب؟ وماهي سياقات تنزيله؟ وماذا عن بنيته المهنية؟وماذا أيضا عن فكر اإلعالم الديني في تصورات أمير المؤمنين؟ المطلب األول :سياقـــات تنزيل اإلعالم الدينيبالمغرب ارتبط تنزيل اإلعالم الديني بمفهومه الحديث ،بآليات مهنية سهلت أكثر مهمة التواصل مع الجمهور ،وسائط كان لها دور حقيقي في تجاوز األساليب التقليدية في الحصول على المعلومة الدينية ،والرفع من إيقاع التواصل الديني ،فما هو إذن واقع هذا اإلعالم بالمغرب؟ وماهي سياقات تنزيله؟ الفقرة األولى :في مفهوم اإلعالم الديني الزال مفهوم التربية اإلعالمية كفرع من فروع العلوم اإلنسانية غائبا لدى الكثيرين، ويحتاج للوقوف زمنا عند تأمل معانيه ،خاصة في ظل التحوالت اإلعالمية المتسارعة ،ببروز تصورات تواصلية حديثة مؤثرة ومتسارعة كان لها دور أساسي في التشويش على المعنى األولي لمفاهيم اإلعالموالتي تغيرت عبر الزمن، كما أن نفس الجدل بخصوص «إشكاليات التعاريف» الزالت قائمة بين التربويين وكذا اإلعالميين في الوطن العربي علىمصطلح دقيق مؤثر خلق جدل «التعريف» ،لكن على
األقل يمكن الحسم أن هؤالء الخبراءمتحدين حول منهجيته وأهميته ودوره في التنشئة االجتماعية للوقاية من أخطار الزمن ،ولعل هذا األمر يشكل إجماعا غير قابل لالختالف الفكري. يمكن تعريــف اإلعــالم عامة بأنه تلك العملية التي تبدأ بالمعرفة بمعلومات معينه عن الواقع ومشكالته ،بحيث يشكل المصدر األساسي لإلخبار في المجتمع ،واألخبار هي بيان للواقع االجتماعي وأحداثه بما ينطوي عليه من مشكالت داخليه وخارجية ،وبالتالي فإن آراء الناس في المشكالت االجتماعية وحلولها يتوقف إلى حد كبير على هذه الوقائع التي تنشر أو تذاع أو تبث. كما أن الدكتورعبد اللطيف حمزة عرف اإلعالم بقوله أن »:اإلعالم هو تزويد الناس باألخبار الصحيحة ،والمعلومــات السليمة، والحقائق الثابتة ،التي تساعدهم على تكوين رأي صائب في واقعة من الوقائع أو مشكلة من المشكالت ،بحيث يعبر هذا الرأي تعبيراً موضوعياً عن عقليـة الجماهيــر واتجاهاتهم وميولهم» . يعد مفهوم اإلعالم بمفهومه الشامل على عملية الحصول على المعلومات من مصادرها المختلفة من خالل التواجد السريع في مكان الحدث ،ثم نقل هذه المعلومات إلى اآلخرين من خالل الوسائل المتعددة وبالطريقة المناسبة ،وهو بالتالي منهج وعملية تهدف إلى التثقيف ،واإلحاطة بالمعلومات الصادقة التي تنساب عقول األفراد ووجدانهم فترفع من مستواهم الفكري ،وتدفعهم إلى العمل من أجل المصلحة العامة ،وتخلق مناخاً صحياً يُمكن األفراد من االنسجام والتكيف معه. يتضح مما سبق (مصطلحات التعاريف)أن اإلعالم يسعى عامة إلى تحقيق األهداف التالية: • التثقيف؛ • نقل المعلومات؛ • نقل األخبار واألحداث؛ • تشكيل الرأي العام؛ • التوجيه لتحقيق مصلحة المجتمع؛ إن الوظائف المعاصرة لإلعالم يمكن النظر إليها نظرة جديدة تعتمد على التوسع الذي طرأ على وظائف وسائل اإلعالم ،وعلى تطور الخدمة اإلعالميــة في المجتمعـــات المعاصرة والتي لم تعد فقط تقوم بدور اإلخبار، في ظل بروز تصورات أخرى في أدوار اإلعالم في مقدمتها التنشئة االجتماعية والتأطير الفردي واألسري ،وبالنظر لتطور وظائف اإلعالم المعاصر التي أضحت أكثر تأثيرا من السياسات الحكومية وصناعة لوبيات االقتصاد والجماعات المؤثرة ،وبالتالي يمكن الحسم أن اإلعالم
(البقية ص )11
العدد 1009
الشمال القانوني
الثالثـاء � 03إلى � 09شتنرب 2019
11
اإلعالم الديني في توجهات أمير المؤمنين (تتمة ص )10 ارتقى من مرحلة التأثير في الجمهور إلى مرحلة تشكيل الرأي العام ،ومن هنا تبرز قوته في تحقيق الوظائف التالية: 1ـ الوظيفة اإلخبارية؛ - 2وظيفة التنمية؛ - 3الوظيفة التربوية؛ - 4الوظيفة التأطيرية؛ - 5وظيفــة الشـــورى أو الوظيفـــة الديمقراطية ؛ يخضع اإلعالم الشمولي عامة حسب األستاذ عبد الحليم عويس للتوجه الوضعي وفق احترام تامللمقومات التحريرية والقوانين المؤطرة ،تشمل منها خصوصية المهنة والبث والبرمجة الشاملة دون توجه في التخصص ،فحين أن اإلعالم اإلسالمي يختلف عنه بالبعد الموضوعاتي المتخصصالداعم األساسي لمواكبة الشبكة البرامجية وأهدافها في التأثير ،أما اإلنتاجات الدينية وفق المفهوم الشامل تسعى إلى تحقيق األمن الروحي ورسم صورة حقيقة طاهرة عن اإلسالم، ومن هنا تبرز التوجهات المنهجية في خلق إعالم متخصص يقاوم التحوالت وينمي الوعي الديني للجمهور عن طريقرسائل مقدمة من طرف إعالميين وضيوف من أهل العلم والمعرفة ،واإلجابة على اإلشكاليات والمستحدثات استنادا على مقاربة دينية سليمة بأسس مرجعية مبنية على ركيزتي القرآن والسنة ،ومن هنا يمكن الحسمأن اإلعالم الديني منهج تواصلي بخصوصيات تؤمن بالمبادئ العامة لعلوم الصحافة ،كتقنيات االستجواب والربورتاج واإلخبار والمواكبة ،وتشتغل أيضا وفق األساليب المنهجية لتقنيات العمل الصحفي بكل أجناسه ،لكن يشترط في نفس العمل مقومات دينية في كل حامل «لرسالة إعالمية دينية» ترتبط بالتأطير والتكوين ،لذا فأبرز القواعد المهنية التي يجب توفرها في الوسيط اإلعالمي، يمكن اختصارها فيما يلي: الدراية والمعرفة الدينية الشاملة؛ • مواكبة التحوالت واإلجابة على النوازل؛ • األهليةالعلمية؛ • القدرة على التحليل والتفسير؛ • الخطابة وساللة التعبير؛ • التمكن من اللغات ولهجات التعبير؛ • إن االنفجار اإلعالميوالتحوالت المجتمعية الكبيرة شكلت رد فعل سلبي لدى شريحة اجتماعية كبيرة،حيث هجمت مئات القنوات والمواقع اإللكترونية والمجالت والكتب المختلفة في التوجهات الفكرية والمذهبية ،كانت بعضها يشتغل وفق أجندات محددة وبتصورات ثابتة خدمة ألهداف ظاهرة وأخرى باطنة ،ومنها برزت أهمية المقاربة التربوية في اإلعالم الديني كمكون أساسي في مجال التربية الدينية من أجل ضبط التحوالت المجتمعية المتسارعة التي شكلت وجها من أوجه االصطدام الفكري في فهم الدين ،ولكل ما سبق يبرز مفهوم «اإلعالم الديني» كعلم قائم بذاته وبخصوصياته الفكرية وإنتاجاته وبرمجته الخاصة ،وبطريقة بث ونشر مضامينه السمحة. الفقرة الثانية :اإلعالم الديني بالمغرب قدم المركز المغربي للدراسات واألبحاث المعاصرة تقريرا عن الحالة الدينية في المغرب ( ) ،خالل الفترة الممتدة مابين ،-2015 2013حول موضوع دور الدين ومكانة الهوية والقيم في الحراك الديمقراطي في الدراسات الدولية والوطنية، حيث خلصت نتائج البارومتر إلى تسجيل حضور الدين في عدة مجاالت حيوية في حياة المغاربة ،الذين وصفوا أنفسهم على أنهم «متدينون» ،حيث ترتفع نسبة الميول لديهم نحو االختيارات الدينية في القضايا الشخصية ،كاألسرة وتدبير الحياة االجتماعية والمهنية ،ومن هنا كان لزاما أن تنعكس كل هاته القيم المسجلة في التقرير المشار إليه سلفا ،على بنية اإلعالم الديني كمكون أساسي في سلطة الحياة، فكيف برزت هاته القيم في إنتاجات اإلعالم الدينيالمغربي؟ وأين تكمن خصوصياته البنيوية؟ إن انتشار الوسائط التواصلية في مجال اإلعالم الديني ( ) ،ليس ظاهرة عربية بل ظاهرة دولية يعرفها العالم ككل( ،القنوات الدينية مثال ،تحتل المرتبة الرابعة في عدد الفضائيات العربية حسب تقرير التحاد اإلذاعات العربية سنة ،)2015وإذا كان العالم العربي لم ينتبه إلى أهمية اإلعالم الديني إال في حدود سنوات التسعينيات بفعل تغيرات جيو استراتيجية مؤثرة ،واتساع التردداتاالجتماعية المتسارعة المهددة لألمن الروحي والتي تحتاج إلى ضبط ،فإنه من العادي جدا أن يتحول اإلعالم الديني بمفهومه المهني ،المرتبط ببرامجه ومنتوجاته وحموالته الدينية( ) سواء كانت عبارة عن دروس ،أو مواعظ أو فتاوى أو أناشيد أو حوارات أو نصائح أو نقل للطقوس الدينية ،أو بث للقرآن الكريم ،إلى تصور شمولي يلعب دورا روحيا للحماية من انزالقات مجتمعية محدقة. ظل تاريخ اإلعالم الديني بالمغرب حكرا على اإلعالم المكتوب ،حيث اقتصر منذ النشأة األولى على بعض المجالت المتخصصة التي تصدرها وزارة األوقاف والشؤون اإلسالمية مثل» دعوة الحق» و»سبيل الرشاد» ،أو بعض الملحقات الدينية في بعض الجرائد المغربية مثل جريدة «العلم» ،لكن المشهد اإلعالمي المكتوب سيتعززالحقا بظهور مجالت متخصصة كمجلة «الفرقان» وغيرها من اإلصدارات. انتبهت وزارة األوقاف والشؤون اإلسالمية وفقا لتوجيهات أمير المؤمنين لخطاب 30أبريل المتعلق بتأهيل الحقل الديني ،والذي كان من أبرز مبادئه الشروع في إرساء وتفعيل استراتيجية مندمجة وشمولية إلى مفهوم الوساطة اإلعالمية، وجعلها في صلب استراتيجية تأهيل الحقل الديني ،حيث أعلنت الوزارة بتاريخ 2 نونبر 2005عن االنطالقة الرسمية لبوابة إلكترونية من الجيل الجديد ،كنافذة شاملة تلبي احتياجات الزائر وتجيب عن كل تساؤالته المرتبطة بالحقل الديني، كما أصدرت الوزارة في نفس اإلطار نشرة تواصلية تأطيرية مجانية موجهة أساسا لألئمة قصد تبادل المعارف والمعلومات في مجال ديني يحتاج للمزيد من التواصل، وتعزيرا لبرامجها التكوينية في هذا اإلطار قامت هاته األخيرة عالوة على ذلكبإصدار دليل اإلمام والخطيب بتاريخ 17مارس ،2006وكذا ميثاق العلماء الذي تفضل أمير المؤمنين بإعطاء انطالقته يوم 29أبريل ،2009بهدف تمكين األئمة من إدراك شرف وظيفتهم الشرعية والتاريخية ،وتحقيق تواصل ودينامية قوية بينهم وبين العلماء.
نزلت الرابطة المحمدية للعلماء هي األخرى وفقا لتوجيهات الخطاب السامي، خطتها التواصلية المتعلقة بمواكبة تأهيل الحقل الديني ،وفق تصور شمولي يهدف إلى إعادة هيكلة الشق اإلعالمي للرابطة :يقول أمير المؤمنين في هذا اإلطار: «وفي هذا الصدد ،أبينا إال أن يشمل إصالحنا رابطة علماء المغرب ،إلخراجها من سباتها العميق ،وإحيائها بشكل يجعل منها جهازا متفاعال مع المجالس العلمية، وذلك بإصدار ظهير شريف لتنظيمها وتركيبها في إطار يحمل اسمنا الشريف ،بحيث نطلق عليها اسم «الرابطة المحمدية لعلماء المغرب» مكونة من العلماء الموقرين، الذين يحظون بوسام رضانا وعطفنا». تمكنت الرابطة المحمدية لعلماء المغرب ،بفضل نهجها لخطة تواصلية جديدة من التفاعل اإليجابي مع محيطها الخارجي ،وذلك تماشيا مع أهدافها المسطرة في ظهيرها المؤسس ( ) ،والذي تضمن طرق وسبل تنزيل مضامين االستراتيجية التواصلية ،أبرزها توثيق التعاون والتواصل بين العلماء والمفكرين، والجمعيات والهيئات العلمية ،والمؤسسات الثقافية الوطنية والدولية ،وإعداد دراسات وأبحاث علمية في مختلف مجاالت العلوم اإلسالمية ،وإلقاء محاضرات وتنظيم ندوات ولقاءات وتظاهرات علمية. لقد ساهمت االستراتيجية التواصلية الجديدة للرابطة في جعلها أكثر حضورا في وسائط التواصل ،حيث قامت المؤسسة بتحيين موقعها اإللكتروني من خالل تعزيزه بالعديد من النوافذ الجديدة التي تتيح التفاعل المباشر بين المواطن والعالم ،وتمكن الزائر من الحصول على أجوبة يقينية من طرف رجال االختصاص ،وهذا ما جعل من التحوالت في هيكلة الرابطة وفق التصور اإلعالمي ألمير المؤمنين ذو جدوى ،لكن ماذا عن تاريخ اإلعالم الديني في المشهد السمعي البصري المغربي ،المشهد األكثر تأثيرا واستهدافا؟ ماذا عن تصوراته في تحقيق األمن الروحي للمغاربة؟ وكيف عاش المغرب أبرز هاته التحوالت المتسارعة؟ اعتبرت اإلذاعة أول وسيلة اتصال سمعي بصري دخلت في المغرب ،حيث كانت مسخرة لخدمة أغراض االستعمار ،بحيث يعود الفضل إلى تشجيع الدعاية اإلعالمية في اإلذاعة إلى الجنرال ،) ( « »Noguèsحيث التفتت مبكرا إلى اإلمكانية التي توفرها هذه الوسيلة اإلعالمية الجماهيرية لتقوية الدعاية اإلذاعية للحماية،ولم تسعى السلطات االستعمارية آنذاك أبدا إلى خلق تصور شمولي مندمج في عملها من أجل التعريب وحضور المكون اإلسالمي واالهتمام بالمستمعين المغاربة المسلمين ،بل كانت اإلذاعة فقط أداة لتنفيذ أجندة المستعمر وإرضاء المقيمين الفرنسيين ،ولم تعرف اإلذاعة (راديو المغرب) القسم العربي إال في حدود سنة ،1939وذلك من خالل إدماج بث القرآن والبرامج الدينية التي كانت مقصية لمدة طويلة ،ولإلشارة شهد بث البرامج الدينية حركة احتجاجية من طرف بعض العلماء والقيمين الدينين ،الذين اعتبروا أن الراديو أنشئ لهدف الترفيه ،وأن أجهزة المذياع تنتشر في فضاءات األسواق والمقاهي ،واألماكن التي ال تتوافق وتتالءم مع الطابع المقدس لكالم اهلل ،وبالتالي فهي ال توفر الشروط المالئمة لسماعه ،إال أن قرار المغفور له محمد الخامس سيحسم في هذه النازلة بالسماح لقراءة القرآن على أمواج اإلذاعة في 4شتنبر .) (1940 إن التنظيم التشريعي المبكر في مجال « المواصالت السلكية والالسلكية» في جملة ما يشمله البرق ،والهاتف ،والراديو ،خلق أرضية وإطارا جاهزا لما سمي براديو المغرب ( ) ،واكبه فيما بعد إحداث أول مجلس لإلذاعة سنة ،1937بنص تنظيمي ارتكز في حيثياته على العديد من الظهائر الشريفة والقرارات الوزيرية التنظيمية ( ) حسب مسطرة التشريع الجاري بها العمل حينئذ ،حيث تنص المادة الثانية من هذا القرار الوزيري الذي أنشأ بمقتضاه لجنة استشارية لبرامج «راديو المغرب» باللغة العربية إلى: «تبدي اللجنة االستشارية رأيها حول تنظيم برامج راديو المغرب باللغة العربية وحول مواعد اإلرسال األكثر مالءمة للمستمعين المسلمين» وهكذا فإذا كان حضور اإلعالم الديني وفق مقاربة زمنية ،مرتبطة بخصوصية المرحلة االستعمارية والحضور الدائم لخصوصيات المجتمع المغربي ،فاألكيد أن التوجه وبشكل إجباري نحو برمجة دينية سيتم الحقا ،في ظل المنافسة على أحواض االستماع بمنطقة شمال إفريقيا ،مثل اهتمام «راديو باري» من إيطاليا و»راديو إشبيلية» من إسبانيا بالثقافة العربية واإلسالمية ،وأمام هاته المنافسة قام راديو المغرب مضطرا برفع ساعات البث الدينية. عرف مغرب االستقالل الحقا ،تحوال تدريجيا في مجال اإلعالم الديني ،حيث ارتفعت ساعات بث البرامج الدينية سنة 1960إلى 15في المائة ،شملت منها 8 ساعات من القرآن الكريم وساعتين من األحاديث النبوية ،لتصل إلى 17في المائة من مجموع البرامج المقدمة من طرف اإلذاعة الوطنية سنة ،1989وهكذا شكلت البرامج الدينية المرتبة الثالثة بعد الترفيه واألخبار( )،أما على مستوى القناة األولى، فقد شكلت البرامج الدينية جزءا من تصور شامل ضمن الخريطة البرامجية الدينية، حيث ضمت نقل صالة الجمعة والبرامج التفاعلية الدينية ،كالبرنامج الشهير الذي
طبع أجيال متعددة « ركن المفتي» ،إضافة إلى برامج دينية مناسبتيه ،لتنفتح الحقا القناة الثانية وفق نفس التصور اإلعالمي الديني ،لكن بإضافة برامج أخرى مماثلة تعنى بقضايا الفكر والدين والمسابقات القرآنية ،لكن تبقى نقطة التحول الكبرى التي عرفها المشهد السمعي البصري في المغرب ،هي المبادرة الملكية لإلعالن عن انطالقة إذاعة محمد السادس للقرآن الكريم ،والقناة السادسة ( قناة محمد السادس للقرآن الكريم ) في تصور شامل لدعم التحوالت الكبرى التي يعرفها الشأن الديني في مجال تأهيل هذا الحقل ،وفق مقاربة ترتبط بحضور «اإلعالم الديني» في فكر أمير المؤمنين. المطلب الثاني :اإلعالم الديني المعاصر في فكر أمير المؤمنين انتبه المغرب إلى حقيقة التحديات التي يعيشها العالم اإلسالمي ،واتجه في مواجهة التحوالت المجتمعية المتسارعة بسن سياسة تواصلية شاملة تسعى إلى جعل اإلعالم الديني أكثر قربا من الجمهور ،فماهي طبيعة هاته التحديات؟ وماذا عن فكر اإلعالم في التصورات التواصلية ألمير المؤمنين؟ الفقرة األولى :مواكبة أمير المؤمنين لتحديات قضايا العصر شكلت البيعة على مر التاريخ اإلسالمي ،أهم الركائز التي تنبني عليها شرعية النظام السياسي الذي أبدعه المسلمون ،وكانت الخالفة أحد ثمراته ،وقد ظلت هذه المنظومة تمثل إطارا مرجعيا شامال ،تلتقي فيه السلطتان الروحية والزمنية لدى الحاكم المسلم ،والواقع أن إمارة المؤمنين كمؤسسة سياسية وروحية ،تجمع بين هاتين السلطتين المركزيتين الهامتين لتشكال معا وفق منظور الدولة روح االستقرار التام . يستمد المغرب نظامه السياسي على شرعية مرتكزة على مرجعية دينية، بانحدار الساللة الملكية من آل البيت النبوي الشريف ،وعلى مرتكز آخر تاريخي، يرتبط بتوارث العرش منذ تأسيس الدولة العلوية خالل النصف الثاني للقرن السابع عشر( )وكذا على دعامة البيعة التي تتجدد سنويا لمبايعة أمير المؤمنين ،إضافة إلى مرتكز دستوري يوجد على رأس أسمى القوانين يتمحور في الفصل 41من الدستور المغربي في اعتبار أن: «الملك أمير المؤمنين وحامي حمى الملة والدين ،والضامن لحرية ممارسة الشؤون الدينية .يترأس الملك ،أمير المؤمنين ،المجلس العلمي األعلى ،الذي يتولى دراسة القضايا التي يعرضها عليه. ويعتبر المجلس الجهة الوحيدة المؤهلة إلصدار الفتاوي التي تعتمد رسميا، في شأن المحالة إليه ،استنادا إلى مبادئ وأحكام الدين اإلسالمي الحنيف ،ومقاصده السمحة .تحدد اختصاصات المجلس وتأليفه وكيفيات سيره بظهير .يمارس الملك الصالحيات الدينية المتعلقة بإمارة المؤمنين ،والمخولة له حصريا ،بمقتضى هذا الفصل ،بواسطة ظهائر» يرتبط عقد البيعة أساسا في حيثياته بمنهجية القانون العام في تدبير الشأن العام ،وشؤون الدولة والمؤسسات والجماعات واألفراد ،إال أنه ورغم حضور مالمح هذا األخير في التدبير ،نجد أن مبادئ قواعد قانون االلتزامات والعقود حاضرة هي األخرى في مفهوم هذا العقد ،بمعنى أن البيعة تتضمن عالقة تبادل ما بين المتعاقدين (باسم كافة المؤمنين) ،وذلك أو تلك الموجهة له ،أي المرشح لإلمامة العظمى ،وهكذا فإن عقد البيعة يتضمن حقو ًقا والتزامات ،وهذا يعني أن االلتزام رابطة قانونية بين شخصين من أجل أهداف شاملة موحدة ،تسعى لما فيه خير لألمة ومكوناتها ،وفي مقدمة هاته االلتزامات من التزامات أخرى يوجد: ضمان حرية ممارسة الشؤون الدينية؛ • الدفاع عن األمن الروحي للرعية؛ • تدبير شؤون الدولة واالطمئنان على أحوال الرعية؛ • توفير الظروف والمناخ المناسب لألمن الروحي؛ • يمثل عقد البيعة وال شك الركن األساسي الذي ال محيد عنه بالنسبة للنظام الدستوري المغربي ،الذي يجعل من الملك المكونالشرعي وحامي النظام االجتماعي ،لكنّه بالمقابل يقر للمؤمنين حقوقا والتزاماتيمكنهم ممارستها في انسجام تام مع الملك ،ومن هنا تبرز فكرة طبيعة هذا العقد ،والمهام المنوطة بإمارة المؤمنين كسلطة ومؤسسة فاعلة في النظام السياسي والدستوري المغربي، ودعامة للوحدة الوطنية والضمانة الفعلية لتحقيق أمن المغاربة السياسي والروحي، بسبب ما يجدونه من ضمان لممارسة حقوقهم الدينية ،والتعبير عن وجدانهم اإليمانية لكونهم يشعرون أن عقيدتهم في حمى أمير المؤمنين ،لكن كيفما كان الحال فالحياة مليئة بالتحوالت واإلكراهات ،التي تجعل من مهام إمارة المؤمنين قد تعترضها بعض اإلكراهات ،خاصة أن العالم اإلسالمي كجزء من مكونات العالم، يعيش تحوالت وصعوبات حقيقية مؤثرة.
(يتبع)
العدد 1009
الشمال القانوني
الثالثـاء � 03إلى � 09شتنرب 2019
12
عشرون سنة من حكم محمد السادس.. ماذا تغير في المملكة ؟ مسارات وتحوالت يكمل الملك محمد السادس نهاية هاته السنة عقدين من حكم المملكة، عشرون سنة فيها من المحطات واألحداث ما يستدعي الوقوف والتوقف ،لكن وفق مقاربات وقراءات متأنية وموضوعية ،بعيدا عن لغة «التصفيق والتهليل والتطبيل» من جهة ،وأسلوب « التبخيس والعدمية» من جهة أخرى. االبتعاد عن هكذا منهج أو اللغة التبسيطية إن صح التعبير ،أو محاولة تجنب بعض المحاذير كالتهليل أو التبخيس ومنطق الشعبوية الذي بات ينخر هذا المجتمع ،يجعل من استقراء وقراءة وتحليل فترة عشرين سنة من حكم الملك، مسألة ليست بتلك السهولة التي يعتقد البعض ،ألن الخروج ببعض االستنتاجات وَمحاولة توصيف المسارات السياسية والتنموية والديمقراطية يتطلب استحضار كافة المؤشرات واألرقام ،والوقوف كذلك عند بعض المحطات الهامة.. إن معالجة وفهم أسلوب الملك في الحكم و إدارة البالد ،يستدعي من الناحية المنهجية ،النبش ومحاولة تفكيك بعض الملفات والقضايا التي طرحت أو التي فرضت نفسها منذ سنة 1999إلى اليوم ،من قبيل ،ملف الوحدة الترابية والسياسة الخارجية ،والملف االقتصادي واالجتماعي ،والحقوقي ،وتدبير ملف المصالحة مع الريف في ظل أحداث الحسيمة ،وتدبير ملف اإلسالميون والحقلين السياسي والحزبي ،كيف دبرت أربعة انتخابات تشريعية في عهده؟ باإلضافة إلى اإلشكاالت التنموية ،واالختالالت المجالية التي طفت على السطح خالل السنتين االخيرتين. ملفات ومحطات تبدو متداخلة ومتشابكة ،مما يحول دون وضع عناوين سريعة يمكن من خاللها اختزال أو توصيف « محطة العشرين سنة» من حكم الملك محمد السادس .بالمقابل ،يمكن الحديث عن عناوين لملفات بعينها، خاصة وأن تدبير الملف االقتصادي يختلف عن الملف االجتماعي والتنموي، والملف السياسي والحزبي يختلف عن الملف األمني ،هذا باإلضافة إلى الملف الحقوقي وتدبير ملف االختالالت المجالية ،السيما فيما يتعلق بالمصالحة مع الريف وباقي المناطق التي تندرج ضمن المغرب غير النافع(أحداث زاكورة وجرادة.).. ملفات وأحداث ومعطيات يصعب القفز عليها خالل عملية رصد وتحليل «أسلوب» الملك في الحكم ،أو أثناء رصد التحوالت والتغيرات التي وقعت خالل العقدين الماضيين في المغرب.لكن ،من جانب آخر ،فرصد كل الجزئيات المرتبطة بهذه الفترة ،يدخل الباحث في النفق المسدود ،ويجعله رهينة لبعض األمور الثانوية عوض التركيز عن األحداث التي أثرت وصنعت مغرب اليوم ،والتي ساهمت في بناء المسارات التنموية والديمقراطية والحقوقية بالمغرب. وفي معرض التحليل والرصد ال بد من التذكير بمالحظة أساسية،وهي أن الحديث عن الملك ،ال يلغي وال يعني القفز عن حكومة لها صالحيات واسعة، بل المرجع األساسي المعتمدفي هذا االختيار هو منطوق الفصول ، 49 ،42 ،56 ،55 ،53من دستور ،2011التي تعتبر الملك هو رئيس الدولة ،والمشرف على الملفات اإلستراتيجية والحساسة واألمنية والعسكرية والدبلوماسية ،وتبعا لذلك ،ارتأيت في هذه الورقة ،أن أركز على سبعةمحاور/ملفات مع أخد بعين االعتبار الشرط الزمني في المعالجة والدراسة. الحقالن السياسي والحزبي..أعطاب وجمود وانسداد عندما تولى الملك محمد السادس الحكم سنة ،1999ورث حقال سياسيا سمته ظاهريا التعددية ،لكنه باطنيا ،حقل مبلقن ،بأحزاب هشة وضعيفة ،ونخب سياسية مرتبطة برواسب ثقافية لحقبة متجاوزة ،باستثناء المكون اليساري ،الذي كان يمثله حزب االتحاد االشتراكي للقوات الشعبية بزعامة الوزير األول انداك، عبد الرحمان اليوسفي .لكن ،سرعان ما انضم هذا الحزب إلى نادي « األحزاب الطيعة والضعيفة» بعد انتخابات 2002وما رافقها من انقسامات وخالفات حادة بين قياداته. إن وضع الحقلين السياسي والحزبي موضع المالحظة والتقييم طيلة عشرين سنة من حكم الملك ،يستدعي من الناحية المنهجية استحضار أربعة انتخابات تشريعية وانتخابين جماعيين،وتعديل دستوري سنة ،2011وإخراج قانونتنظيميلألحزابالسياسية،وغيرهامنالمتغيراتالمؤسساتيةوالقانونية التي مست الحقلين .وفي هذا اإلطار ،يمكن اإلشارة إلى ثالث مالحظات أساسية تخص المقومات الجوهرية للحقلين وهي ،الفعل االنتخابي ،الترسانة القانونية، واألحزاب والنخب السياسية : األولى،تتعلق باالنتخابات ،بحيث جرت أربعة انتخابات تشريعية واستحقاقان جماعيان في عهد الملك محمد السادس خالل العقدين الماضيين ،والسمة األبرز أن التعامل مع هاته االستحقاقات كان مغايرا لما كان يجري سابقا ،حيث تم القطع مع بعض الممارسات السابقة مثل التزوير ،ولم يسجل بشهادة المنظمات الداخلية والخارجية التي أشرفت على تتبع ومراقبة العملية االنتخابية ،وكذلك األحزاب السياسية ،أن تم اللجوء إلى تزوير نتائج االنتخابات لصالح طرف معين. وبقدرما يجب اإلقرار في هذا الصدد ،أن هناك جرأة وصرامة كبيرتين أبداهما الملك للقطع مع بعض الممارسات البائدة التي كانت تسيء إلى العملية السياسية في المغرب كالتزوير ،بقدر ما يجب اإلقرار كذلك أنه جرى االحتفاظ بنفس األساليب التقليدية والعتيقة التي استعملت لضبط الحقل السياسي وتسييجه ،كخلق أحزاب جديدة ،والرهان على « جيش من احتياطي األعيان»، هذا باإلضافة لتقسيم ترابي انتخابي محكوم بهواجس انتخابوية صرفة ،ولوائح انتخابية يجري تعديها وتنقيحها في كل استحقاق انتخابي عوض تجديدها بشكل كلي ،مما يؤكد أن هناك حرص على إعادة ضبط المشهد السياسي وفق قراءات وسيناريوهات مسبقة. ورغم توظيف بعض الميكانيزمات التقليدية في عملية الضبط والتأطير والتوجيه ،إال أن الحقل السياسي في العقدين األخيرين ،شهد نوعا من «االنفالت» ،وصار عنصر المفاجئة والتشويق أحد العناصر المشكلة للعملية االنتخابية ،حيث بدت أدوات الضبط المستعملة متجاوزة عندما تصدر اإلسالميين المشهد السياسي خالل ثالث استحقاقات انتخابية بعد إقرار دستور .2011 المالحظة الثانية ،تخص الترسانة القانونية المؤطرة للحقلين الحزبي
والسياسي ،ومدى عالقة هذه الترسانة بتطوير أو تراجع مسار البناء أو التحول الديمقراطي ،من خالل محاولة تجديد الحقل السياسي وعقلنة المشهد الحزبي .خطوات ومبادرات اتخذت في هذا االتجاه، من قبيل إقرار قانون تنظيمي لألحزاب السياسية وما يتضمنه من مواد تصب في اتجاه تقييد سلطات وزارة الداخلية في مسألة تأسيس األحزاب أو منعها ،مع إعطاء صالحيات أوسع لمؤسسة القضاء اإلداري ،كما تضمن هذا القانون ،مجموعة من الشروط الشكلية واإلجرائية التي تخص الديمقراطية الداخلية داخل األحزاب ،كضرورة التنصيص عن مدة االنتداب وبعض الهياكل األساسية ،هذا ،باإلضافة ،إلى إعطاء صالحيات واسعة للمجلس األعلى للحسابات لمراقبة مالية األحزاب بالشكل يسمح بمراقبة أوجه صرف األموال العمومية.وبالموازاة مع ذلك ،أقر القانونان التنظيمان الخاصان بمجلسي النواب والمستشارين منع ظاهرة الترحالالسياسي. وفي إطار محاولة عقلنة الممارسة السياسية ،وانسجاما مع التوجهات الملكية الرامية إلى إقرار جهوية متقدمة كبداية و أرضية لجهوية موسعة على غرار بعض التجارب األخرى كإسبانيا ،سوف يتم ألول مرة إقرار ثالث قوانين تنظيمية خاصة بمجالس الجهات والعماالت واألقاليم والجماعات الترابية. إن إقرار هذه القوانين التنظيمية وما تضمنته من صالحيات واسعة للمنتخبين ،باإلضافة إلى الوثيقة الدستورية التي شكلت بدورها اإلطار الدستوري لتلك القوانين ،تغيرات جاءت وفق سياقات خاصة ،السيما مع بروز حركة 20فبراير سنة 2011وخطاب 9مارس من نفس السنة ،وهذه السياقات ربما ترتبط بشكل أكبر بالمالحظة الثالثة. المالحظة الثالثة ،رغم أهمية الجانبين االنتخابي والقانوني ،إال أن الجانب المتعلق بالنخب واألحزاب السياسية ال يقل أهمية كذلك ،فعملية ضبط إيقاع الممارسة السياسية كان يمر عبر توجيه وصناعة النخب السياسية ،وتسييج الحقل الحزبي .ودون الخوض في تفاصيل الحياة السياسية طيلة العشرين سنة الماضية ،فمن المؤكد أن الملك محمد السادس تعايش مع « النخب السياسية الحسنية» نسبة إلى عهد الراحل الحسن الثاني ،ولم تدرك المؤسسة الملكية مخاطر أعطاب الحقل الحزبي وضعف وعدم قدرة النخب السياسية الموجودة على التأطير ولعب دور الوساطة ،إال عندما وجدت نفسها وجها لوجه مع الحراك الفبرايري الذي انطلق في 20فبراير من سنة 2011في محيط مضطرب شهدته الرقعة العربية انداك. «حراك شعبي» دفع بالملك إلى تصدر واجهة األحداث عبر خطاب 9مارس واإلعالن تشكيل لجنة لتعديل الدستور ،والقيام بخطوات موازية الستنفار وتعبئة كافة الموارد المادية والبشرية لتجنيب المملكة مطبات لم تكن مهيئة لها ،غير أن خروج ما يقارب 50مظاهرة في كل أسبوع ،وتالشي أو اختفاء المكون الحزبي في تلك الفترة ،فلم يجد الملك على يمينه سوى المؤسسة األمنية التي كانت في قلب الحدث وساهمت في تدبير الحراك عبر مختلف المستويات من ضبط سقف وتسييج مجاالت تحرك الفاعلين. ليتكفل إسالميو العدالة والتنمية بعد إجراء أول انتخابات تشريعية في ظل دستور ،2011بالقيام بأدوار سياسية على ما يبدو لم تكن مسطرة ومطلوبة منهم ،السيما أنهم تصدروا المشهد السياسي رغم عدم مشاركتهم في 20 فبراير. ومن خالل استقراء الحقلين السياسي والحزبي ،يالحظ أن هناك أخطاء وقعت في سياقات معينة ،أخطاء ترتبط أساسا بترتيب النتائج ،ويمكن هنا الحديث عن محطتين أساسيتين مفصليتين في تاريخ المغرب المعاصر ،األولى، تتعلق بطريقة التعامل مع نتائج انتخابات ،2002والمتمثلة في غلق قوس تجربة حكومة التناوب أي حكومة اليوسفي بطريقة لم تكن مدروسة ،بطريقة تقترب إلى المزاجية والعشوائية .لذا ،فارتدادات ونتائج تلك المرحلة حاضرة اليوم في تفاصيل المشهد السياسي بطريقة مباشرة وغير مباشرة ،خاصة فيما يتعلق ببداية تفكك أحد أهم األقطاب اليسارية وفراغ المشهد السياسي .المحطة الثانية ،ترتبط بطريقة تدبير أو ترتيب نتائج حراك 20فبراير ،خاصة بعد انتخابات ،2011حيث انتقل صراع الدولة مع اإلسالميين من مواقع أو مستويات إلى أخرى ،انتقل من خارج دوائر الحكم(،كانت تيارات اإلسالم السياسي في موقع المعارضة) ،إلى مربع السلطة(ترؤسهم للحكومة) .هذا الوضع ،أفضى إلى وجود صراع خفي يخاض داخل هياكل ومراكز مؤسسات الدولة ،مما أسفر عن وجود نوع من التنافس أو االحتكاك مما نتج عنه تعطيل وجمود على مستوى التفاعل مع انتظارات الشارع وهموم الناس. الدولة وتدبير ملف اإلسالميين..احتواء وتمرد ظهرت على الساحة السياسية المغربية ،في اآلونة األخيرة ،بعض المؤشرات التي تنذر أو تؤكد وجود سوء فهم كبير بين الدولة وإسالميي العدالة والتنمية ،وأن العالقة بينهما متشنجة ومتوترة ولم تعد كما كانت في سابق عهدها ،حيث باتت السلطة بالمغرب تسارع الزمن وتحاول جاهدة إعادة ضبط عقارب الساعة وفق النمط القديم في تدبير عالقتها بالمكونات اإلسالمية؛ وهو النمط القائم على «االحتواء» و»الضبط والتوجيه» و»رسم مجال االشتغال مسبقا»... وارتباطا باألحداث المتتالية والمتسارعة ،وباستحضار كافة المؤشرات والوقائع ،يمكن القول أن السلطة السياسية في المغرب تتجه نحو غلق قوس تجربة مشاركة االسالميين في السلطة ،أو في أقصى الحاالت محاولة إعادة هذه التجربة إلى بداياتها األولى ،من خالل تسييج مشاركتهم وضبطها وفق سقف ال يتجاوز وجودهم بأعداد محدودة داخل قبة البرلمان ،بعدما اتضح جليا أن حركات اإلسالم السياسي يصعب ترويضها وضبطها وفق الميكانيزمات والضوابطالسابقة. صحيح أن العالقة بين الطرفين مرت سابقا بحاالت ومحطات عديدة من الشد والجذب ،إال أنها بقيت مؤطرة وفق سقف لم يصل إلى مستوى التوتر الحالي ،بحيث حاول الحزب اإلسالمي أن يدبر عالقته بالدولة وهو يعيش مخاض االندماج والحصول على الشرعية والتطبيع مع المؤسسات بطريقة براغماتية
محمد الزهراوي أستاذ العلوم السياسية، جامعة القاضي عياض
قوامها التنازل والمهادنة واالصطفاف على يمين القصر في جميع المحطات، مقابل ضمان موقع سياسي/اجتماعي يسمح له باالنسياب الهادئ داخل دواليب الدولة. أما السلطة السياسية ،فكانت ترى في حزب العدالة والتنمية أداة تنظيمية وخزانا انتخابيا /اجتماعيا صاعد ،بالرغم من حساسيته اإليديولوجية وإمكانية منازعة ومزاحمة الملك في مشروعيته الدينية؛ لكن يمكن ترويضه وتوظيفه كورقة أو بيدق جديد على «رقعة الشطرنج» لتحقيق مجموعة من األهداف والتوازنات السياسية ،وفي إدارة وإعادة ضبط الحقل الحزبي. ومع توالي األحداث والوقائع ،خاصة بعد تعديل الدستور سنة ،2011وما أعقبها من نتائج أفرزت فوز الفصيل اإلسالمي بصدارة استحقاقين تشريعيين لسنتي 2011و 2016وشبه اكتساح للمجالس البلدية في مدن كبرى خالل االنتخابات الجماعية لسنة .2015 هذه النتائج والتحوالت اإلقليمية والدولية ،خاصة بعد ظهور مؤشرات تؤكد تراجع المد األصولي الذي حمله الحراك الشعبي في الرقعة العربية أواخر سنة ،2010سواء من خالل إغالق قوس تجربة اإلسالميين في كل من تونس ومصر، أو من خالل تراجع الحماس أو الدعم الغربي لتجربة إدماج اإلسالم السياسي. كل هذه العوامل دفعت بالسلطة في المغرب إلى مراجعة تدبيرها لهذا الملف ،من خالل محاولة إعادة ترسيم وضبط مجال وحدود تحرك إسالميي هذا الحزب؛ لكن المفاجأة كانت غير سارة بالنسبة إلى المدافعين عن خيار إدماج اإلسالميين من دوائر السلطة بعدما أحسوا بالخطر ،وأن األمور بدأت تنفلت من بين أيديهم ،بحيث أدركوا بعد حين أن ميكانيزمات الترويض واالحتواء لم تسعفهم في لجم وضبط إيقاع الصعود المتنامي لإلسالميين ،فوجدوا أنفسهم أمام حزب يغيّر قواعد اللعبة بطريقة ذكية تخدم تمدده وتغلغله في المجتمع.. بالموازاة مع هذه التحوالت التي مست قواعد اللعبة السياسية والمشهد الحزبي المتردي ،لوحظ أن هناك تغيرا كبيرا على مستوى خطابات الحزب اإلسالمي ونبرته تجاه السلطة والفرقاء السياسيين؛ فمقابل شعارات المهادنة والتنازل والتوافق التي اعتمدها في السابق ،صار يتعامل بالندية والتحدي وال يتردد كذلك في إشهار ورقة «شرعية الصناديق» و»االختيار الشعبي» في المواجهة مع السلطة السياسية. كما صار في حكم المتوقع أن هذا الحزب يتجه نحو اكتساح المشهد السياسي بشكل غير مسبوق ،خاصة في ظل ضعف ومحدودية الفاعلين اآلخرين وعزوف كبير للهيئة الناخبة. أمام هذا الوضع ،أصبحت السلطة تنظر بعدم الرضا وبتوجس كبير إلى هذا الحزب اإلسالمي ،وبات في نظرها «حزبا متمردا» وجب تقليم أظافره وإعادته إلى حجمه السابق؛ في حين أن حزب العدالة والتنمية يرى أن الديمقراطية تقتضي احترام إرادة الناخبين ،وأن ال شرعية تعلو على شرعية الصناديق ،وأن زمن «صناعة الخرائط االنتخابية قد ولى». وبالتالي ،فهذا الحزب ،الذي كان سابقا يصارع من أجل نيل االعتراف والحصول على الشرعية القانونية ،أصبح يحتج ويحاجج في مواجهة السلطة بالقانون والشرعية؛ وهو ما أثار حفيظتها ،ال سيما أن ضبط وتوزيع األدوار داخل الحقل السياسي كان وال يزال تعتبره السلطة من صميم قواعد اللعبة السياسية المسطرةمسبقا. من هنا ،بدأ الصراع ،كل طرف يحاول إضعاف الطرف اآلخر وإنهاكه، فاإلسالميون يراهنون على األوضاع االجتماعية الهشة و»هامش الديمقراطية الموجود» وضعف المنافسين اآلخرين للبقاء أكثر في دفة التسيير وانتظار «مرور العاصفة» داخليا ودوليا ،مع تقديم بعض التنازالت التي تسمح ببقاء التنظيم في الساحة السياسية ،والحرص كذلك على عدم ضياع مجموعة من المكاسب السياسية واالنتخابية التي حققت طيلة عشرين سنة من مشاركتهم في العملية السياسية. أما الدولة ،فهي تسعى بدورها إلى كبح أو «فرملة تمددهم داخل الحقل السياسي» من خالل المراهنة على السياسات الالشعبية التي يتخذها هذا الحزب على رأس الحكومة واللعب على التناقضات والمشاكل الداخلية التي طفحت على السطح بعد إبعاد بنكيران ،والسقطات األخالقية لبعض المنتسبين ،وذلك بهدف إنهاكه والنيل من شعبيته قبل االستحقاقات المقبلة .كما تراهن السلطة كذلك على اعتماد مقاربات ترتكز على «السخاء» في توزيع المنافع المادية والرمزية على قيادات الحزب ،الحتوائهم وضمان خضوعهم بشكل يسلبهم القدرة على التمرد أو اتخاذ المبادرة. لذلك ،بات الصراع مفتوحا على جميع القراءات والسيناريوهات ..ومن المحتمل أن توظف فيه كذلك ،في المستقبل ،جميع الميكانيزمات ،سواء المؤسساتية أو القانونية أو االنتخابية.
(يتبع)
الثالثـاء � 03إلى � 09شتنرب 2019
العدد 1009
عالم من �أ املغرب : �شمال
13
القاضي مصطفى بن محمد بلقات
هو القاضي مصطفى بن الحاج محمد بن الحاج أحمد بن عبدالبرّ بن إبراهيم بلقات التطواني مولدا ومنشأ وإقبارا ،الطنجي دارا ووفاة وقرارا. بلقات عائلة أصلها من الجزائر ،يقول الفقيه محمد داود( :أوّل من عرف من أفراد هذه العائلة هو السيد إبراهيم ابن القات ،الذي خلف أوالده :علي وعبدالبر وعبدالقادر ،فعلي لم يخلف إال إناثا ،أما أوالد ابن القات الموجودون حاليا بتطوان، فينتمون إلى أحد الفرعين :فرع السيد عبدالقادر (أو قدور) ،أو فرع السيد عبد البر). والمترجم من الفرع الثاني ،أمّا الفرع األول فينتسب إليه :الفقيه عبدالسالم بن محمد عبدالقادر بن إبراهيم بلقات(ت1404هـ1984/م). والدته :ولد بتطوان سنة 1358هـ ،موافق 14/6/1940م. نشأته :نشأ بتطوان ،في بيت عُ ِرف بالتدين وااللتزام ،والصون والعفاف، في حضن والده التاجر الورع الحاج محمد بلقات ،الذي كان محبا للعلم مياال إلى أهله ،توّاقا إلى أن يكون ابنه مصطفى من العلماء ،ولذلك كان يعتني به في هذا المجال ،ويحفزه ماديا ومعنويا على المضي في طريقه ،وقد عرف في صغره بالزهد واالنكماش واالنحياش إلى زاوية الكتانيين ،مع العزوف عن الدنيا ومباهجها ،إلى أن رآه على هذه الحال شيخنا محمد بوخبزة فأشفق عليه ،وحفزه على الرحلة إلى الحجاز واالنتظام في الجامعة اإلسالمية بالمدينة المنورة قصد استكمال الدراسة ،فامتثل وبادر. دراسته وشيوخه :درس أوال ببلده تطوان على مجموعة من المشايخ منهم الفقيه أحمد الحداد الصدر األعظم بالمنطقة الخليفية وكان له به مزيد اختصاص ،والقاضي عبد السالم بلقات … وبالسعودية في سلك الجامعة اإلسالمية تتلمذ على مجموعة من المشايخ على رأسهم الشيخ عبدالعزيز بن باز، يكل وال ّ ومحمد بن األمين الشنقيطي … وظل هناك مُكِبًّا على العلم ال ّ يمل إلى ْ أن تخرج ،فقفل راجعا إلى بلده؛ حيث انتظم بجامعة القرويين ،كلية الشريعة بفاس ،وتتلمذ على أساطينها ،أمثال :العابد الفاسي وعبدالعزيز بن أحمد بن الخياط والجواد الصقلي … وباجتهاده ومثابرته تمكن من تحصيل شهادة اإلجازة في الشريعة. وظائفه :بعد أن أتمّ تعليمه النّظامي ،توجّه إلى القضاء لالنخراط فيه، فكانت هي المهمة الوحيدة التي استحوذت عليه طيلة حياته العملية ،حيث عمل قاضيا شرعيا بغير ما مدينة من مدن المغرب :تمانرت بسوس ،طنجة ،وزان، الرّباط؛ إلى أن أُحيل على المعاش سنة 1420هـ2000/م.
موائدُ الحرفِ
(ديوان فوائد وعوائد ومحا�ضرات)
واشتغل أيضا من باب التّطوع واالختيار بالخطابة في مسجد محمد الخامس بطنجة ،وكانت خطبه مشكورة ،لما تميزّت به من فصاحة في اإللقاء، ووضوح في تناول المواضيع .والوعظ في مسجد خوصافات (وهو الحي الذي كان يقطن فيه) بطنجة أيضا بطلب من لجنة المسجد ،وظل يقوم بهذه المهمة إلى أن أعاقه المرض عن االستمرار. مكتبته :كان رحمه اهلل ولوعا باقتناء الكتب منذ صغره ،ال يخشى قلة ذات اليد أو يفكر في عاقبة األمر إذا استهواه الكتاب ،ومن طرائفه ممّا حدثنا في هذا الباب ،طرفتان: األولى :أيام كان طالبا في الجامعة اإلسالمية ،يتردد على بعض الكتبيين بالمدينة المنورة ،فرأى عنده ذات يوم رسالة أبي داود إلى أهل مكةُ ، فأعجب بها، وسأل عن ثمنها ،فلمّا أعلمه ،استغاله ،ولم يستطع اقتناء الرسالة ،ونظرا لتع ّلقه بها ،راوده خاطر يُوحي له بأخذها خفية قصد االستنساخ مع الرّدّ في أقرب وقت، وكذلك فعل .لكنه بعد مدّة ندم على ما فعل ،وعدّه من باب الخيانة ،فتاب إلى اهلل ،وذهب إلى صاحب المكتبة ،وصارحه طالبا منه الصّفح والعفو. الثانية :أنه سافر في رحلة مع أهله وأبنائه إلى فاس بقصد النزهة ،فصادف بها مزادا للكتب (الدْالَلة) ،استهوته فيه بعض المعروضات ،فاقتناها وقفل راجعا إلى طنجة ،فعندما استفسره أهله عن سبب الرجوع ،قال :المال أخذته الكتب. وبسبب هذا الحبّ والتعلق بالكتاب ،جمع رحمه اهلل مكتبة جيدة ،منتقاة، ال يخلو فن من فنون المعرفة اإلسالمية إال وفيها حظ أو نصيب ،سوى الحديث والتراجم فقد كان يقتني منهما ما تصل إليه يده. وبعد وفاته حُبِّست المكتبة على طلبة معهد اإلمام نافع بطنجة ،بوصية منه. خصاله :لقد جالسناه وخالطناه في مجالس متعددة ببيته وبمكتبة اإلخوان بطنجة ،فلمسنا فيه أسنى الخصال ،وأعرق األخالق ،من تواضع جمّ ،وتؤدة مع حلم ،وصدق في الحديث ،وكرم ضيافة ،وسالمة صدر ،وبشاشة تؤنس الجليس، ولين جانب تهدي األنيس ،إلى أمر بالمعروف ونهي عن المنكر إرضا ًء للربّ، وصونا لحرمات الشرع. أعماله وآثاره :لم يكن رحمه اهلل من هواة ال ّلهو والبطالة في أوقات الفراغ، بل كان يشغله دائما بالكتابة والتأليف ،ولو في أحوال المرض التي اعترته في أواخر حياته .وممّا خلده في هذا الباب :ترتيب أحاديث علوم الحديث للحاكم،
د .بدر العمراني
ترتيب أحاديث الفقيه والمتفقه للخطيب البغدادي ،ترتيب أحاديث التاريخ الكبير للبخاري ،ترتيب أحاديث األسماء والكنى للدُّوالبي ،ترتيب أحاديث الطبراني الصغير ،ترتيب أحاديث تاريخ جُرْجَان للسّهمي ،بذل الغاية في تخريج أحاديث البداية (خرج فيه أحاديث بداية المجتهد و نهاية المقتصد البن رشد ،وهو تخريج موسع (في ثالث مجلدات) أطال فيه النفس باستيعاب الطرق و الروايات)، تخريج أحاديث الرسالة القشيرية (طرر بهامش الرسالة ،استعاره منه بعض أقاربه فلم يردّه) ،الفوائد الحديثية ،كتاب لطيف( ،اطلعت عليه وهو عبارة عن انتقاء للعلل الخفية المتناثرة في كتب الحفاظ المتقدمين كابن حِبّان والدارقطني،).. تحريك القرائح للكالم على الجوائح (وهو بحث تخرّجه من كلية الشريعة بفاس بإشراف الشيخ العابد الفاسي رحمه اهلل ،وهو بحث جيّد عالج فيه مسألة الجوائح من خالل الحديث الذي رواه مسلم عن جابر رضي اهلل عنه قال :قال رسول اهلل صلى اهلل عليه وآله وسلم« :لو بعت من أخيك ثمرا فأصابته جائحة؛ فال يحل لك أن تأخذ منه شيئا ،بم تأخذ مال أخيك بغير حق؟») ،ونوادر القضاة قديما وحديثا (وهو مشروع ابتدأه أيام مرضه ،أطلعني على بعض مسوّدته قبل وفاته بثالث سنوات) .ومذكراته الشخصية تقرب من 500صفحة (وهي بمثابة السيرة الذاتية ،أورد فيها تراجم ألعالم عرفهم واحتكّ بهم ،مثل الفقيه أحمد الحداد الذي ذكر عنه طرائف ونوادر ،وتجده أحيانا يستطرد بذكر بعض الفوائد الفقهية أو الحديثية المناسبة للمقام ،لكن دون أن يطيل). وهذه الكتب ك ّلها مخطوطة ،وكم ح ّفزته على طبع بعضها ،فكان يمتنع، ويلوّح بكالم يُومئ إلى مقولة ابن رشد رحمه اهلل :عند الممات ،تظهر التّركات. لكن لألسف فقد أقبرت كتبه عند ولديه ،واآلن مرّت عشر سنوات على رحيله ،دون أن يحيوها. وفاته :وبعد هذه الحياة الحافلة بالعطاء ،رحل الفقيد إلى دار البقاء ،بعد أن عانى أمراضا حادة على رأسها مرض القلب العُضال ،يوم السبت 13محرم 1430هـ موافق 10يناير 2009م بطنجة .ثمّ نُقل في اليوم الموالي إلى تطوان لدفنه هناك والصّالة عليه .رحمه اهلل وأجزل له المثوبة ،آمين. مصادر الترجمة: • عائالت تطوان 1/306ـ 307 • معلومات شفهية عن :المترجم رحمه اهلل ،وعن الفقيه محمد بوخبزة حفظه اهلل.
بين دفتيّ هذا َ شكــول فوائـــدُ في الفقــه واألصول والتاريخ الك ِ ُ ُ ونخيلـــة حصيلــــة مطالــعـــاتٍ وسماعــاتٍ، واللغـــة واألدب ،وهـــي ٌ وبـــاعــــث على لإلينــاس، تحقيقاتٍ وجواباتٍ ،وتنـــوُّعهـا مجلبـــ ٌة ِ َ ّ التروّح؛ َّ التنقل بين وتستـــروحُ إلى النمط الواحدَ، ألن النفس تسأمُ ِ ِ أفانين الكالم ..ولعل القارىء يجد فيها متنفسهُ إذا تم ّلكه الضجرُ، ِ ُ الوحشة ..واهلل الهادي إلى سواء السبيل. واستفرغتهُ
ٌ فــائدة دعوي ٌَّة .18
العمل اليسي ِر شي ٌء يكون طريقاً إلى اهلل ،وسبباً للنجاة ،وربما يُجازى عليه جزا َء من دروس النبوَّةِ أال يُح َقرَ من ِ الوفير الكثير ..ودونكَ ُ الـمثل الناصعة: التبسمُ في وجهِ أخيكَ صدق ٌة.. ُ شعب اإليمان.. إماطة األذى عن ِ الطريق شعب ٌة من ِ شقُّ التمرة حجابٌ بينكَ وبين النار.. كلماتٌ ليست كالكلماتِ ..ال ُ جوانح المؤمن الذي شبَّهه طيب وبذخ البذل؛ بل تستروح ِ ِ تحفل بكثرةِ النَّصَبِ ، صاحبُ جوامع الكلم ـ عليه الصالة والسالم ـ بالنَّحلة ال تأكل إال طيّباً ،وال تضعُ إال طيّباً..
ٌ فــائدة لغوي ٌَّة . 19
اتهم ابن دريد صاحبُ (الجمهرة) بالوضع في اللغة؛ ألنه كان مدمناً للخمر ،ومتعمداً في سكره الصَّنعة والتَّوليد، وكان إبراهيم بن عرفة المشهور بـ (نفطويه) يجرِّحهُ ّ ويطرحُ روايته ،بسبب ما كان بينهما من الضّعن والنَّفاسة ،حتى هجاه ابن دريد قائ ًال: و�صي الباقي �رصاخ ًا عليهِ ِ بن�صف ا�سمهِ = �أحرقهُ الله رَّ أن اسم (نفطويه) َّ والبيتُ غاي ٌة في ّ ّ والتحطط ،ومرادُ ابن دريد منه َّ مركبٌ من لفظين( :النفط) و (ويه)، التهكم يُصاح به عليه عند الموت. فاألول يُحرق به ،والثاني ِ بالوضع من قبيل كالم والحقُّ أن العلماء ارتصدوا للدفاع عن ابن دريد؛ النفساح ذرعه في اللغة ،وعدّوا اتهامه ِ ُ الحفيظة عاد ًة ،وتذكيه حظوظ النفس! األقران الذي تثيره
ٌ ٌ أ�صولية فــائدة � .20
الفطر ُة الوصفُ األكبرُ للشَّريعةِ ،فال بدع أن تكون شهادتها للمقاصد معتدّاً بها؛ بل هي ـ عندي ـ من ضوابطِ نظاراً َ تعيين الضروريِّ ،والحاجيِّ ،والتحسينيِّ ..ولم أر أصوليّاً َّ أحفل بالفطرة ،وأعنى بها في ضبط مقاصد الشريعة كابن عاشورـ رحمه اهلل ـ ،ولو ارتصد بعض الباحثين الكفا ُة لدراسة مصطلح الفطرة وسياقه االجتهاديِّ عند الرجل لكان حسناً.
ٌ إن�شــادة � . 21
-
بقلم:
أنشدني الشَّاعرُ الكبيرُ حسن األمراني الحسنيُّ بكلية الدراسات اإلسالمية والعربية بدبي قصيد ًة موسوم ًة بعنوان( :ليت البقيع) بتاريخ (10ربيع األول 1428هـ) ،وهي من نبوياته الرَّائقةِ الفائقةِ ،ومن ّ خطهِ نقلتُ هذه األبيات: ِ وربكَ الق�سَّ ُام يا َم ْن جتَ َّم َع ْت املحا�س ُن كلُّـها = يف راحت َْيـكَ ُّ ، قدرِ َك ما ُي ُ كـــــالم حيط ح�سنِكَ ما تفيهِ ق�صائـ ٌد = وبنـورِ ْ � ُ آالء ْ ُ ُ أتوا �إليكَ وهيام �شوق ،وحتدوهم ُمنى ي�سوق ُه ْـم = ٌ َ العا�شقون � ْ ُ املحبةِ وام ؟ أ�س رد ْد ُت ويف ّ والر�ضا = مايل َ َّ ِّ ف�سق َْيت َُه ْم ك� َ ال�ض ِ َ لـوع �أُ ُ ُ حـرام علي �رشبوا ومل � ْ ُ أ�رشب ،وبي ظم�أ املدى = فك� َّأن ما نالوا َّ نحو الوردِ قلب ًا عا�شـق ًا = فغدا ودون الوِ ردِ حالَ زحام ُ ودفعت َ ُ أعاج ُم حولَ ِ نَزَ ل ال ِ إنعام � ــم ُ حو�ضكَ فا�س َتق َْوا= نور ًا ،وظلَّلَ �أيكَ ُه ْ إلهــام الفي�ض وال الهندي) ملّ ا �آنَ�سا = قب�ساً ..توالى رومي) و ( ( ُ ُّ ُ ُّ َّ �سليلُ َ قتـام ناظري ى وغط خيلي، = ـت ب ُرى ت كيف ادِ، ال�ض أنا � و ّ كَ َ ْ َّ ُ ظـالم فعم وتنك ََّب ْت �سبلَ الر�شادِ ركائبي = َ وخ َب ْت م�صابيحيَّ ، ُ موالي جئ ُتكَ موهن ًا متذلِّـ ًال = َّ آثام والظ َ َ هر �أثقَلَ حم َلـهُ ال ُ ّ قليلٌ َ عظام نوب ذ وال ، زادي الحب ،لك َّنني = نحـوك رب ُ ٌ ال َّد ُ ُ
بقلم :قطب الري�سوين ـ ال�شارقة ـ إحكـام اح ،فما لها � واملوج حول �سفينتي ،و�سفينتي = تخ�شى ّ ُ الري َ ُ َ ِ ُ �سهام؟ العاتيات ياح تنو�شـهُ = من للفتى امل�سكنيِ حني ْ الر ِ و�سط ّ ُ ٌ طالَ يلتام ال واجلرح ، مرهونة = وحمائلـي ى، ال� بي موالي سرُّ ُ َ ُ جام وح �صادٍ، مقيــ َدةٌ ،وقلبي نازِ ٌف = ُ ويدي َّ ّ والـر ُ والعيون ِ�س ُ ً رفعة وقد اغتدى = ُيغري بكَ َ أقـزام ذكرك يزداد ُ ُ ال�سفهاء وال ُ ِ بكَ أيام ل ا ن�رشوا الذي فطوى = م نفو�س د حقـ أيام ل ا على ن�رشوا هِ َ ِ ُ ْ ِ كــرام النفــــو�س نيـر ًا = يرنو �إليكَ من وبقيت وح َدك يف َ املجرةِ ِّ َّ ُ َ إ�سـالم ويعِ زُّ من نفحـاتِكَ ال �سناك ي�رسي غرب ًا = َ م�رشق ًا ُ وم ِّ ِّ ُ أفهام َحي ال ُ �آه لغفلةِ � ّأمـةٍ من هولِهـا = تت رَّ ُ أذهـان وال ُ وبهاء نورِ َك ِ �أتزيغُ عن ُ�س ُبلِ إمام ؟ الكرامةِ والهدى = ُ َ مر�ش ٌد و� ُ قلتُ :وهذه القصيد ُة عارضَ بها قصيد ًة منسوب ًة إلى الشَّاعر الكبير نزار قباني في مدح الرسول صلى اهلل عليه وسلم ،وكان قد جاد بها خاطره تأثراً بزيارة القبر النبويِّ ،ومطلعها : نيـــام أنـــام عزَّ وام و� ُ ُ ُ أرقت وحـــدي وال ُ الورود ..وطالَ فيـكَ �أُ ُ وعلى ما قيل في نسبتها إلى نزارَّ ، فإن فيها من نَ َفسهِ الطليِّ نفحاتٍ أيَّ نفحاتٍ ،وقد جاراها الشاعرُ األمرانيُّ ولم يقصر عن اإلجادة ،وكيف ال وهو من فرسان الشعريِّ العموديِّ بالمغرب ،نفع اهلل به ،وبكلماته البانية الهادية.
ٌ نـازلة طب َّي ٌة .22
ُ الربح ،وتوفيراً للوقت.. سُئلتُ :يلجأ بعض أطباء التوليدِ إلى إجراء العلميةِ القيصريةِ دون الحاجةِ إليها حرصاً على ِ فما حكم ذلك ؟ القيصرية في التوليدِ ال ُ ُ مواضع الضَّرورةِ التي يقدّرها أهل الطبِّ ،فإذا ثبتَ أن يُلجأ إليها إال في فأجبتُ :العلمية ِ َ للربح ،وتوفيراً للجهدِ والوقتِ ،فإنه يعدُّ طبيباً يُؤثِرُ هذه العملية الجراحي ََّة االستثنائي ََّة على الوالدةِ الطبيعيَّةِ ابتغا ًء ِ آثماً متعدّياً في صناعتهًِّ ، مخال بأمانة العلم ،وأصول المهنةِ؛ إذ ال يخفى على عامة الناس فض ًال عن األطباء أن للوالدةِ والجنين معاً؛ بخالف الوالدةِ القيصريةِ التي تحدث من أضرار الجراحةِ ما الحامل الطبيعيّةِ عوائدَ صحيَّ ًة جمَّ ًة على ِ ِ قريب أمراً غيرَ محمود العواقب. يجعل تكرار الحمل في وقتٍ ٍ َ الجراحة في غير موضعهاِّ ، ُ والحاصل َّ متنكباً قواعدَ الطبِّ وآدابه ،ومبتغياً االتجار في صحة أن الطبيب إذا مارس المريض؛ فإنه يضمنُ أو ًال ،ويُمنَعُ من مزاولة المهنةِ ثانياً ،جرياً على مذهب أبي حنيفة رحمه اهلل في الحجر على المتطبب الجاهل ،وفي الحديث الحسن ( :من تطبّب ولم يُعلم منه طبٌّ فهو ضامنٌ ) ،ويؤخذ منه بداللة اإلشارةِ منعُ المتطبّب الجاهل أو المعتدي من تعاطي المهنة درءاً للضرر العام الواقع على النفوس واألبدان .واهلل أعلم.
. 23فــائدة دعويّة
ُ (المواعظ إذا كثرت لم تؤثر في القلوب ،فسقط باإلكثار من ُغرر الفوائد في القواعد الكبرى للعزِّ بن عبد السالم: فائدة الوعظ)( ، )1وأين دعاتُنا ،اليوم ،من هذا النظ ِر المآليِّ ؟ إذ ترى بعضهم ال يكاد يفرغ من وعظٍ في قناةٍ فضائيةٍ حتى يتصدَّر لغيره في قناةٍ أخرى ،وكأنه سباقٌ في مضمار! وإذا ضاقت به القنوات ذرعاً ،ألفى في وسائل التواصل متنفساً أوسع ،فله في كل يوم ٌ ُ ُ االجتماعيِّ َّ َّ حديث ،حتّى َّ الطيبة ..وأيُّ غبٍّ أوخمُ من الكلمة وتُمَل معه يُمل ظهورهُ، ٍ هذا ؟ َ حديث عبد اهلل بن مسعود ـ رضي اهلل عنه ـ( :وإني أتخولكم بالموعظة كما كان النبيُّ صلى أال فليستحضر دعاتنا اهلل عليه وسلم يتخوَّلنا بها مخافة السآمة علينا)( ، )2فإنه سنّ ٌة مهجور ٌة في أدبيّات الدعوة !! الهوامش: ( )1قواعد األحكام للعز.343 / 2 ، ( )2أخرجه البخاري برقم ،70 :ومسلم برقك.2821 :
14
الثالثـاء � 03إلى � 09شتنرب 2019
العدد 1009
عبد الكريم برشيد.. رجل هو المسرح
على أوراق دفتر ثبوت الهوية جاء اسمه مكبال ،راسخا مُسَيَّجا ومنطوقا هكذا :عبد الكريم برشيد وكفى. على أوراق دفتر الوجود والتواجد ،حيث تتجلى الحياة بحيويتها هو شيء آخر غير قابل لالختزال والتنميط ،أكبر من أن يصاغ في عبارة أو يختصر في عنوان ،هو حزمة أسماء متزاحمة متعددة معتقة في اسم واحد ،وحاالت في حالة واحدة ،وقضايا في قضية واحدة ...مالحق ومطارد ومنذ البدايات بعدة نداءات ،هي المواويل ..وهي التهاليل واألغاريد. وأما عن أصله وجدارة منبثه فهو – كما أدركتُ وعلمتُ – من عراقة األعالي وساللة النجوم التي ال تتوارى أو تحجب ..دائمة السطوع ،دائمة التوهج والسموق. لذلك جاءنا وضاء ساطعا ..جاءنا حفال حافال صداحا صاخبا. ومن أسمائه الحسنى المضواعة ،الخالبة ،اآلسرة واألثيرة لديه المسرح .وبه تعودت وتعود غيري قراءته مختزال ،منمقا وممسرحا ،فكلما قرأت عمال أو شاهدت عرضا إال وكان به معي وبجانبي ،فأيقنت فعال أنه هو المسرح.. هو المسرح في أبعاده البعيدة ،وشموله الشامل ،في مده وجزره ،في استكانته الحالمة وغضبه الغاضب. المسرح ،بهذا اللقب يحلو لي أن أسميه وأناديه ..أخاطبه وأناجيه .هكذا ..مجردا من النعوت واأللقاب ،وعاريا من الصفات واألوصاف ،متحلال من الزخارف ،واألصباغ.. منمقا ،متوهجا ،عطرا ،مخضوضرا. ومن مرادفات اسمه السامقات المتأللئات أجد :االنشراح والحبور والبهجة ،وعندما أمزج الكلمات في الكلمات وأضغط الحروف والعبارات ..أعصرها ،يتولد شيء يكون هو االحتفال ..يطالعني في الزينة ،والبشاشة ،في المواسم واألعراس ،واالحتفاالت وفي األسواق ..وفي الحارات وعند أبواب المساجد وكل الفضاءات ..أحاول مرات ومرات القبض عليه فيتوارى متنكرا، مختفيا في لباس عبد السميع ،والخامسة ،وعطيل ،وعنترة ،وابن الرومي ،وابن رشد ،والمتنبي ،وسقراط ،أو أجده مداعبا (سالف لونجة) ،أو مريدا في حلقات الذكر ،وجوقة العميان الذين يبصرون ،وجدته أيضا ومرات ،في مجامع الفرجات صحبة جحا أو الحكواتي أو التابع ..والقائمة طويلة ،فيكون بكل ذلك هو الضحك وهو البكاء معا ..هو الصفاء والغيم معا.. ليست لوطنه حدود مسيجة أو مسيسة ،وطنه جغرافية الكون ،جواز سفره مفتوح على الدنيا ،على الهواء والبحر واإلنسان عند أبواب األمكنة فهو ال يحتاج إلى تأشيرة مرور ،وحيثما كان؛ فكل المدن وكل العواصم سلمته مفاتيحها
روحة
أط
-
ذ .ر�ضوان احدادو
وأودعته خرائط منغلقاتها ،ومفاتيح شرفاتها ،يدخلها فاتحا مستغورا ،يؤذن في مالطا ،يصاحب امرؤ القيس في باريس ،يسامر ابن الرومي في مدن الصفيح ،يجالس سقراط عند أعمدة التاريخ ..ترى كيف يمكن القبض على رجل بكل هذه الصفات والمواصفات؟ صاحب مشروع وقضية ،أرقته وسكنته ،مشروع مسرحي رائد ،طموح ،مقصده بدءا وختاما ما النحن ..النحن المستهلك والمستهلك ..النحن الغائبون والمغيبون في مسرح اآلخر ،بكل حموالتنا الفكرية والتاريخية والوجودية.. مشروع أوقف عليه نضاله المسرحي .معلنا فيه حق وجودنا المسرحي ،ومدافعا دفاعا مستميتا ال هوادة فيه أو معه بالبيانات والمحاضرات والندوات ،في اللقاءات والكتابات والتظاهرات ،في االستجوابات والمساجالت؛ حتى كتب له الذيوع واالنتشار والحضور البهي وفي كل مكان.. وكان طبيعيا – ولعله كان يعرف هذا قبل غيره – بروز أقالم مناوئة وكتابات معادية ،فانبرى ،وكان عند كل النازالت النقدية ريحا عاصفا ال تبقي وال تذر حسابات لما قد يعترضها.. وبهذا يكون برشيد كاتبا متمردا على كل واقع مزيف ،وتاريخ مزيف ،وكل مسرح مزيف ،فعلى كل الزيف هو متمرد ..والتمرد ضد الزيف مرادف آخر ألسمائه الحسنى.. ناضل األستاذ برشيد واشتغل في حقلين متوازيين متكاملين :حقل اإلبداع من خالل عشرات األعمال المشهود لها بالتوهج واالنتشار ،وحقل التنظير الفكري الذي لقي تجاوبا كبيرا. أما عن وجهه الذي يفصح عن دواخله ،فأحدثكم عن لحظة من تاريخ أصبح اليوم بعيدا ..مارس ،1974زمن عنفوان وتوهج المسرح الهاوي الماسوف على ضياعه وتضييعه أو موته ..كان لقاؤنا المباشر األول في مهرجان مسرح الهواة بالجديدة ،جئت مدفوعا بمسرحيتي (الدم) وجاء مجرورا ب(سالف لونجة) ..وجدته وجها طافحا بالبشر ،قلبا طافحا بالحب ،وال يزال كما وجده على بعد مسافة الزمن التي تجاوزت أربعة عقود.. فتحية إكبار لرجل أعطى بكل سخاء للمسرح ،فكان قمته.. وبارك اهلل لنا في عطائه وفكره.. ودمت حفال حافال دائم العطاء والتوهج.. وتحية لرجل شامخ هو المسرح في شموخه ،وكفى.
نوقشت بكلية اآلداب والعلوم اإلنسانية بتطوان يوم ،2019|07|22أطروحة لنيل الدكتوراه في اآلداب ،تقدمت بها الطالبة عائشة الطويل في موضوع « :األبعاد الثقافية لإلمام السهيلي (ت 581هى) مع تحقيق سورة يوسف» ،وقد تكونت اللجنة العلمية من السادة األساتذة : األستاذة الدكتورة سعاد الناصر رئيسة. األستاذ الدكتور محمد كنون الحسني مشرفا. األستاذ الدكتور محمد الفقير التمسماني مشرفا. األستاذ الدكتور األمين اقريور عضوا . األستاذ الدكتور عز الدين الشنتوف عضوا وبعد المناقشة العلمية قررت اللجنة منح الطالبة الباحثة عائشة الطويل شهادة الدكتوراه بميزة مشرف جداً .وفيما يلي تقرير عن الموضوع :
مقدمة: الحمد هلل رب العالمين والصالة والسالم على سيدنا محمد أشرف المرسلين ،وعلى اله وصحبه أجمعين ومن تبع هديه إلى يوم الدين. يشرفني اليوم ،السادة األساتذة أعضاء اللجنة العلمية الموقرة ،أن أستهل هذا التقرير بتقديم امتناني الصادق .وشكري العميق ،إلى األستاذين الجليلين المشرفين على األطروحة ،فضيلة الدكتور محمد كنون الحسني وفضيلة الدكتور محمد الفقير التمسماني على التوجيه السديد ،والتهذيب الدقيق ،والرعاية الفائقة التي شمالني بها ومالحظاتهما القيمة التي كان لها األثر الكبير في إتمام هذه األطروحة ،فجزاهما اهلل أحسن الجزاء على سعة صدرهما ،ووافر كرمهما ،وجميل تتبعهما لهذا العمل بدءاً وانتهاء .أسأل اهلل لهما عمرا مديدا وعطاء غير مجذوذ ،وأن يديم عليهما لباس العافية وموفور الصحة ،إن ربي قريب مجيب . كما أتقدم بأسمى عبارات الشكر إلى باقي أعضاء لجنة المناقشة: رئاسة وأعضاء ،على ما بذلوه من جهد ووقت في قراءة العمل وتقويمه وقبول مناقشته ،فالشكر موصول إلى فضيلة الدكتور عبد الرحمن بودرع رئيس اللجنة ،وفضيلة الدكتورة سعاد ناصر ،وفضيلة الدكتور األمين قريوار ،وفضيلة الدكتور عز الدين الشنتوف ،بارك اهلل فيكم وأمد في عمركم ،ومتعكم بالصحة والعافية ،وأدامكم ذخرا ومالذا لطالبي وطالبات العلم . كما ال يفوتني أن أشكر جميع الحاضرين الذين شرفوني بحضورهم إلى هذه المائدة العلمية. سادتي األفاضل : إنه لمن دواعي سعادتي أن أَ ُ مْث َل اليوم بين يدي لجنتكم الموقرة في هذا المحفل العلمي األكاديمي،ألحظى بشرف مناقشتكم ألطروحتي لنيل شهادة الدكتوراه في األدب تخصص «النص األدبي العربي القديم «الموسومة ب» :األبعاد الثقافية لإلمام السهيلي ،مع تحقيق «تفسير سورة يوسف» . ومعلوم أن موضوع الثقافة موضوع واسع يشمل مختلفَ النواحــي الفكريـــة والفنيــة ،واالجتماعيــــة ،واالقتصادية ،كما هو الحال فيما تقوم به وزارة الثقافة في العصر الحديث ،غير أنني سأقتصر ،في الدراسة ،على ما يتعلق بمفهوم الثقافة في عصر السهيلي. وأستأذنكم جميعا في أن أعرض أمام حضراتكم هذا العرض ،عن البحث المعروض للمناقشة في أربعة عناوين وهي : أوال :دوافع اختيار الموضوع ثانيا :صعوبات البحث وعقباته
ثالثا :خطة البحث. رابعا :خالصات واستنتاجات. إن أهم ما خلصْتُ إليه من خالل هذه الدراسة ،والتحقيق هو ما يلي: - 1أن اإلمام السهيلي شخصية فذة ،وعلم من أشهر أعالم المغرب واألندلس ،كان واسع الثقافة ،طويل الباع في جل علوم ومعارف عصره ،جمع بين الحديث ،والفقه ،والتاريخ ،واألدب ،واللغة ،والنحو، والسيرة...إلخ. - 2يمتلك حِسَّ الناقد الماهر ومقوماته ،وله اعتداد بشخصيته ،نظرا لتألقه الفكري ونظره الثاقب. - 3له من المصنفات ما تميز بالسبق فيه ،مع الشمول والتوسع ،معتمدا في ذلك على الشرح بالمأثور والنقل ،دون إهمال طريقة الشرح بالمعقول والنظر. - 4عنايته بتقرير وبيان مسائل العقيدة على منهج أهل السنة والجماعة، ُ الجملة ،ورَدُّهُ على أهل البدع والفالسفة وأهل الملل من حيث األخرى. - 5اشتمال مصنفاته على مادة وفيرة متعلقة بالتفسير ،وعلوم القرآن ،مع التوسع في ذلك ،أحيانا ،بشكل ال يكاد يوجد في الكتب المتخصصة، ويمكن اعتبارها رافدا لمصادر هذا الفن. - 6اهتمامه بتفسير غريب الحديث وبيان معاني األلفاظ ،وقد اشتملت مصنفاته على مادة وفيرة يمكن اعتبارها ،ألجلها ،مصدرا أساسيا في هذا الباب. - 7عنايته بالتوسع في إيراد المسائل الفقهية ،واهتمامه بالمسائل
الخالفية ،مع التبيسط والبيان ،والترجيح ،بحيث اشتملت مصنفاته على ثروة فقهية محررة ،ال نجدها عند غيره ،وهي بحق مصدر أساسي لهذا العلم. - 8العناية بعلوم اللغة العربية بشرح المفردات، وضبطها ،وبيان الوجوه المختلفة في ذلك ،والتنبيه على ضروب البالغة ،وأنواع األدب ،وبعض قواعد اللغة، مع التوسع في النقل عن اللغويين ،وتعتبر مؤلفاته، مصدرا أساسيا في هذا الباب. - 9االهتمام بالتواريخ والمغازي والسير. - 10اإلضافات واالختيارات في معظم ما تقدم ذكره من العلوم. - 11األمانة العلمية بعزو النقول إلى مصادرها. - 12اإلنصاف وعدم التعصب واالعتراف بالفضل
ألهله. - 13النقد ،والتمحيص والتحقيق ،وعدم التقليد ،مع الموضوعية في ذلك، والحرص على تحري الصواب. - 14التيقظ التام ،وحضور الشخصية ،بحيث كان يتنبه للسقط والتصحيف واالختالل ،والخطأ في نقول المصادر ،ويرجح في المسائل الخالفية ،ويتعقب المجيد باالستحسان ،والمقصر باالستدراك والتأمل والتصويب. - 15عمق التحليل ،ودقة النظر ،وسداد الرأي ،والحرص على تحقيق المسائل وتدقيقها. َ س ،والصبر والمداومة ف َّ ن ال وطول األسلوب، وسالمة - 16حسن التأليف، ِ على الشرح ،واسشعاره أن التأليف مسؤولية وأمانة ينبغي أداؤها على الوجه األكمل. وفي الختام أجدد شكــري وامتنــاني لألستاذيــن الجليلين :فضيلة الدكتور محمد كنون الحسني ،وفضيلة الدكتور محمد الفقير التمسماني اللذين أشرفا على هذا البحث ،كما أجدد شكري وامتناني للجنة العلمية الموقرة على تفضلها بقراءة البحث ومناقشته ،وعلى ما ستقدمه من مالحظات علمية حصيفة مؤكد ٌة لهم اعتزازي المسبق بتوجيهاتهم القيمة وتصويباتهم السديدة لتقويم كل اعوجاج وتهذيب كل نشاز. وأنا تحت أمرهم في كل ما يالحظونه على العمل شكال ،ومضمونا .فال مندوحة عن توجيهاتهم النيرة ،وتصحيحاتهم السديدة. واهلل أسأل أن يقبل مني هذا العمل ،ويجعله خالصا لوجهه الكريم ،وصلى اهلل وسلم على سيدنا وموالنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا...
العدد 1009
الثالثـاء � 03إلى � 09شتنرب 2019
15
مهرجان مرتيل لألغنية «الغيوانية»
بين طموح التنشيط السياحي و قصور الرؤية الفنية رشيـد األشقـر اختتمت يوم األحد 25غشت الجاري بمدينة مرتيل فعاليات النسخة الثانية من المهرجان الوطني لألغنية «الغيوانية» التي نظمته جمعية المحال الفنية بشراكة مع عمالة المضيق الفنيدق والجماعة الترابية لمرتيل .وقد استغرق المهرجان ثالثة أيام تخللتها أنشطة إعالمية وثقافية وفنية متنوعة استقطبت جمهورا غفيرا من ساكنة مرتيل وضيوفها من زوار المدينة خالل الموسم الصيفي. و بغضّ النظر عن القيمة الفنية والثقافية لهذا المهرجان ،فال الشك ّ أن إقامة مثل هذه التظاهرة الفنية بمدينة ساحلية صغيرة تتصدّر كافة مناطق وجهات المملكة على مستوى استقطاب السياحة الشاطئية الداخلية، ّ يظل مهرجان مرتيل لألغنية «الغيوانية» حدثا ال يخلو من أهمية لكونه يسدّ فراغا طالما عاشته المدينة لسنوات طويلة عندما لم تكن هناك أية مبادرة ثقافية أو فنية جادة تستجيب لجاجيات هذا الدفق الغزير من الزوار والمصطافين الذين يفضّلون قضاء عطلتهم الصيفية بهذا المنتجع الشاطئي األنيق والمزدحم إلى حدّ االختناق. و بالفعل فإن مجرّد التفكير في إقامة مهرجان فني ،غنائي وموسيقي، ينشّط المدينة خالل الموسم الصيفي ،يظل في حدّ ذاته عمال رائدا ومكسبا ثمينا لكافة المتدخ ّلين في شأن المدينة من ساكنة وسلطات محلية ومنتخبين وجمعيات المجتمع المدني المحلي. و في أفق الحفاظ على هذا المكسب الفني والثقافي المتميّز ،وأمال في تطوير وإثراء هذه التجربة التنشيطية الفتية بمدينة مرتيل ،ال بأس من اإلدالء ببعض المالحظات واالقتراحات حول طبيعة العروض الغنائية والفقرات الموسيقية التي تمّ تقديمها في هذه النسخة الثانية من المهرجان. - 1يبدو هناك نوع من اللبس لدى منظمي المهرجان فيما يتعلق بمصطلح «األغنية الغيوانية» أو «الظاهرة الغيوانية» .فالمصطلح يتم استعمله خالل المهرجان بطريقة فضفاضة تشمل تجارب ّ كل المجموعات الموسيقية الشبابية التي انطلق إشعاعها مع بداية السبعينيات من القرن الماضي ّ لتشكل بذلك ظاهرة «غنائية» مغربية فريدة امتدّ تأثيرها إلى بقية البلدان العربية واألجنبية .فكلمة «الغيوانية» توحي بحصر الظاهرة في مجموعة غنائية معينة هي مجموعة «ناس الغيوان» ،وتقصي بالتالي من ذهن المتلقي تجارب متميّزة ومختلفة لعدد من المجموعات الغنائية األخرى ،في مقدّمتها مجموعة «جيل جياللة» و «تاكدّا» و«إزنزارن» ..وهي مجموعات «طالئعية» ساهمت بنصيب كبير في تأسيس وترسيخ هذا النمط من األداء الغنائي التراثي المتجدّد والمستجيب لدواعي زمانه ،لذلك فإن حشر كل هذه التجارب الغنائية المختلفة والمتنوعة ضمن خانة واحدة هي خانة «األغنية الغيوانية» فيه كثير من القصور والتقزيم من حجم الظاهرة. و كان من نتائج هذا االرتباك في تحديد مفهوم «األغنية الغيوانية» لدى المنظمين، أن العروض المقدّمة طيلة يومي السبت واألحد ،جاءت خليطا من األغنية «الغيوانية و«المشهابية» و«السهامية» ..بل تعدّاها إلى األغنية «الكناوية» ،مع العلم أن الظاهرة الكناوية هو نمط آخر من الموسيقى والغناء بعيد تماما عما يقصد إليه منظمو المهرجان. - 2النسخة الثانية من المهرجان حملت شعار «األغنية الغيوانية مسار مستمرّ» ،في الوقت الذي لم نشاهد فيه من خالل العروض المقدّمة أيّة «استمرارية» لهذا النمط من الغناء؛ ّ فكل ما قدّته المجموعات المشاركة كان أغلبه عبارة عن «تقليد حرفي» و«تكرار متعثر» ألغنيات قديمة ومتداولة مرّ عليها ما يقرب من نصف قرن . وقد خلت هذه العروض تماما من كل لمسة إبداعية أو إضافة فنية ،كما افتقدت في كثير من األحيان إلى مقومات األداء الموسيقي العلمي على مستوى جودة األصوات وضبط اإليقاعات وائتالف اللحن والنغم. و الحقيقة أن القول بـ «استمرارية» األغنية الغيوانية ال يجد مصداقيته في الواقع الموسيقي والغنائي لهذا العصر وال في الذائقة الفنية لجيل اليوم؛ فاألغنية «الغيوانية» كغيرها من الظواهر الفنية عموما محكومة بشروطها التاريخية وبسياقتاها االجتماعية والثقافية ،وال يمكن لظاهرة من هذه الظواهر ،مهما عال شأنها ،أن تعيش خارج زمانها وبمعزل عن سياقها .وحتى لو افترضنا إمكانية إحياء وضمان استمرار هذا الصنف من الغناء ،فإن ذلك لن يتأتّى أبدا بمجرد االستنساخ الرديء لنماذج من األصل ،وإنما بغير قليل من االبتكار والتطوير واإلضافة الخالقة ،وهذا ما لم يتوفر للمجموعات الغنائية المشاركة في المهرجان ،بل أنه لم يتو ّفر حتى للمجموعات الرائدة على المستوى الوطني التي لم تستطع أن تواكب التغيرات والمتستجدات الطارئة على ذائقة العصر.
- 3إذا كانت الغاية من تنظيم مثل هذه التظاهرات الفنية والمهرجانات الغنائية هي المساهمة في تحقيق التنمية المحلية والتعريف بالخصوصية الثقافية والحضارية للمنطقة أو الجهة التي تقام بها هذه التظاهرات والمهرجانات ،فإن اختيار موضوع الحدث الفني والثقافي وانتقاء مفرداته وفقراته يجب أن يخضع لنوعية الغايات المسطرة ويخدم تحقيق األهداف المتوخاة .وعليه أتساءل عن عالقة الظاهرة «الغيوانية» بالخصوصية الثقافية والحضارية لمدينة مرتيل ولجهة الشمال عموما ؟ من المعلوم أن هذا النمط الغنائي (األغنية الغيوانية) قد استفاد كثيرا من ألوان موسيقية وشعرية تراثية مغربية متنوعة (العيطة ،الدقة ،كناوة ،الملحون ،)..ولم يكن للتراث الغنائي والموسيقي الشمالي أيّ حضور في هذا الغناء، كما أن مدن الشمال لم يزدهر فيها أبدا هذا النوع من الغناء ،فلم تعرف هذه المدن نشأة مجموعات غنائية تضاهي المجموعات الكبرى التي ظهرت في بقية جهات المغرب .ربما حظيت األغنية الغيوانية بانتشار واسع بين شباب مدن الشمال خالل السنوات السبعين والتمانين من القرن الماضي ،لكنها لم تكن أبدا بالظاهرة الغنائية والموسيقية النابعة من خصوصية هذا الجهة المتميزة من بالد المغرب. انطالقا من هذه المالحظات على الدورة الثانية من مهرجان مرتيل لألغنية «الغيوانية» ،ومن موقع الرغبة في الحفاظ على هذا المكسب التنشيطي للمدينة ،وأمال في تجويد هذا الفعل الفني والثقافي الذي من شأنه أن يساهم في مزيد من اإلشعاع السياحي لمدينة مرتيل ومحيطها ،وكذا في التعريف بمنتوجها الثقافي والحضاري المختلف ،أقترح على منظمي المهرجان و القائمين على توفير شروط إنجازه ونجاحه مجموعة من األفكار والخيارات التي أراها كفيلة بتطوير المهرجان واالرتقاء به إلى مصاف المهرجانات الصيفية ذات اإلشعاع واالستقطاب الوطني والدولي. أوال ،فتح المهرجان على تجارب موسيقية وغنائية متنوعة ،بدل حصره في موضوع «األغنية الغيوانية» .فالظاهرة «الغيوانية» قد استنفذت بريقها الفني منذ نهاية القرن الماضي ،ولعل اإلصرار على اختيارها محورا ّ لكل دورة من دورات مهرجان مرتيل الموسيقي والغنائي قد يُعجّل بموت ّ يتخط بعدُ نسخته الثانية .أضف إلى ذلك أن مثيل هذا المهرجان المخصص ألغاني المهرجان ولمّا المجموعات الشعبية (األغنية الغيوانية والمشاهبية وغيرهما) ،قد سبقت إلى تنظيمه غير واحدة من جهات المغرب ،كسال والقنيطرة ،تحت تسميات متطابقة حينا ومختلفة حينا آخر .لهذا ال أرى معنى ألن تستنسخ مدينة مرتيل أسلوبا في التنشيط الفني والسياحي ال يتناسب أصال مع طبيعتها الثقافية وذائقتها الفنية. ثانيا ،إعطاء األولوية للظواهر الموسيقية المحلية ،كاألغنية «الجبلية» و«الريفية» و«األندلسية» و«الغرناطية» ،وكذا األغنية الشمالية الممزوجة بالفالمينغو اإلسباني .وتعتبر هذه األخيرة تجربة فنية متميّزة تنفرد بها مدن الشمال ،وإن كانت – مع األسف -لم تحظ بما تستحقه من رعاية وتشجيع .كما يمكن توسيع مجال المهرجان ليشمل في دوراته الالحقة التعريف بمختلف التجارب الموسيقية والغنائية الشبابية الجديدة بالمنطقة وتنظيم مسابقات بشأنها. ثالثا ،توفير حدّ الئق من الدعم المالي واللوجيستيقي للمهرجان يتناسب وحجم االستقطاب السياحي لمدينة مرتيل ،ويلبي تطلعات الماليين من زوّارها ومريديها ممّن يفدون على المدينة طمعا في االستمتاع بأجواء صيفية تجمع بين المتعة والفائدة وتؤ ّلف بين سلوك االستجمام وثقافة االنتهال من معين الفن واإلبداع. رابعا ،حاجة المهرجان إلى تدبير عقالني وبراغماتي يحرص على االستثمار األمثل لهذه األعداد الهائلة من الزوار الذين يتدفقون على مدينة مرتيل ،وهي ركيزة أساسية تساعد على إنجاح ّ كل تظاهرة من هذا القبيل بما تو ّفره هذه القاعدة الجماهيرية العريضة من إمكانات هائلة لتسويق اسم المهرجان واستقطاب ما يلزمه من مدعّمين ومستشهرين على الصعيدين الوطني والدولي، و ختاما ال بدّ من القول إن مهرجان مرتيل لألغنية «الغيوانية» إلى حدود دورته الثانية قد أفلح في تحقيق أولى األهداف التي أنشئ من أجلها ،وفي مقدّمتها التأسيس لهذا التقليد الفني الموسمي الذي كانت المدينة في أمسّ الجاجة إليه .إال ّ أن استكمال بلورة ما تبقى من سلسلة األهداف والمطامح التي يتطلع إليها مؤسّسو المهرجان ،ال يزال يحتاج إلى عمل طويل وشاق أرجو أن يتحقق في الدورات الالحقة بحول اهلل.
الثالثـاء � 03إلى � 09شتنرب 2019
العدد 1009
كتابات يف تاريخ منطقة ال�شمال :
()911
16
“الوثائق الوطنية” ()6-5
�أ�سامـة الزكاري zougariousama@gmail.com
صدر العدد المزدوج من دورية “الوثائق الوطنية” ( )5/6سنة ،1990 الشمالية المبحوحة مطالبة المشاركة المتكافئة والعادلة في االستفادة وذلك في ما مجموعه 168من الصفحات ذات الحجم المتوسط ،جاءت الكافية من متاح الدعم التنموي المشروع والمبرمج ،وبالتالي منح جهود موادها وفية للخط التوجيهي العام الذي رسمته المجلة لنفسها منذ األجراء ومبادرتهم فرصة اإلقالع الالمركزي المؤمن من الجهاد األصغر إلى إطالق أولى أعدادها .والحقيقة إن توالي صدور دورية “الوثائق الوطنية” الجهاد األكبر( ”...ص ص.)3-4 . بحيوية قل نظيرها ،وبإسهامات توثيقية وعلمية دسمة ،قد جعلها تؤسس تتوزع مضامين العدد المزدوج 5/6من دورية “الوثائق الوطنية” بين لمعالم تجربة فريدة في مجال التنقيب في قضايا تاريخ الحركة الوطنية سبع مواد متكاملة في اهتماماتها ،ومختلفة في طبيعة مظانها .وقد توزعت بمنطقة الشمال ،حافزها في ذلك وعي عميق بأهمية جهود تأصيل بين األبواب الثابتة التي اعتمدتها المجلة منذ صدور أعدادها األولى .ففي النبش في خبايا هذا التاريخ ،وسالحها رؤية فاحصة في مكنونات الربائد باب “دراسات” ،أدرجت المجلة الجزء الثاني من الدراسة التوثيقية الهامة الدفينة التي لم تعرف طريقها للنشر بعد .لذلك ،فقد تحولت إلى أهم التي صدر قسمها األول بالعدد المزدوج 3/4لسنة ،1988في محاولة منبر علمي جهوي للبحث في التراث النضالي الغزير للحركة الوطنية للتمييز بين األسطورة والتاريخ في موقف الحركة الوطنية في شمال المغرب بالشمال ،وأصبحت موادها واجتهاداتها نقاطا ارتكازية أساسية في عمل الباحثين والمهتمين بالموضوع .لذلك ،نكاد نجزم أن األعمال التصنيفية من ثورة الجنرال فرانكو ومن تجنيد المغاربة في جيوشه ومشاركتهم المنشورة لهؤالء الباحثين ،قد اعتمدت –بشكل كبير -على رصيد مواد في الحرب األهلية اإلسبانية سنة .1936وفي نفس الباب كذلك ،قدمت دورية “الوثائق الوطنية” التي أصبحت -بذلك– مراجع ووثائق أساسية المجلة دراسة حول الحلف العسكري الفرنسي اإلسباني ضد الثورة الريفية في مجاالت الدراسة .وبفضل هذا النوع من األعمال ،أمكن إعادة تركيب التحريرية التي قادها محمد بن عبد الكريم الخطابي .وفي باب “مستندات”، الوقائع وتصنيف القراءات واستجماع المادة الخام الضرورية للبحث ،مما نشرت المجلة تتمة للملف الصادر بنفس العدد 3/4حول موضوع موقف ساهم في إعادة إبراز حقيقة دور منطقة الشمال ومساهمتها في رصيد كتلة العمل الوطني بالجنوب من حزب اإلصالح بالشمال سنة ،1936وذلك التجربة النضالية للحركة الوطنية المغربية خالل عهد االستعمار ،وفي استنادا إلى وثائق غير منشورة لكتلة العمل الوطني بجنوب المغرب ولكل الكشف عن حدود هذه المساهمة وعن سقفها الجهادي الذي تآمرت عليه من عالل الفاسي وعمر بن عبد الجليل ومحمد بن حسن الوزاني ومحمد الكثير من األقالم من أجل طمسه أو تشويهه بدوافع شتى وبخلفيات اليزيدي والطيب بنونة .وفي باب “بحوث” ،سعت المجلة للتعريف بمؤسسة معروفة .لذلك ،فقد آلت المجلة على نفسها التجند من أجل فضح هذا “المعهد الحر” باعتباره أول معهد للدراسة العربية الثانوية العصرية الحرة البهتان الذي لم تسلم منه حتى بعض الكتابات التي تدعي لنفسها الدقة بالمغرب ،والذي أسسه ثم دشنه عبد الخالق الطريس يوم 5نوفمبر من غالف الكتاب والمصداقية ،ووجهت جهودها إلعادة األمور إلى نصابها الحقيقي من عام .1935أخيرا ،وفي باب “وثائق تشهد” ،قدمت المجلة قراءة نقدية أولية في خالل رسم مالمح صورة الذات المجاهدة ،والكشف عن أبعاد الفعل النضالي النبيل الذي طبعته –بأدائها الرائد -نخب الشمال في سياق معركة وطنية شاملة صنعت فعل االستقالل بعض ما جاء به عبد الرحمن بن عبد اهلل الصنهاجي في مذكراته المنشورة ،وخاصة منها تلك السياسي .ولقد لخصت المجلة في افتتاحية العدد 5/6خلفيات البهتان المذكور ،وربطته بآفاق عمل المتعلقة بموقف حزب اإلصالح الوطني من حركة المقاومة وجيش التحرير .كما تم إدراج مادة المجلة ليس فقط على مستوى المساهمة في إعادة كتابة تاريخ المغرب ،ولكن كذلك على مستوى توثيقية هامة حول وثيقة الشمال للمطالبة باالستقالل والوحدة ليوم 14فبراير من سنة ،1943 توفير شروط اكتساب الرؤى التنموية الراهنة الكفيلة بتحقيق اإلقالع المنشود .في هذا اإلطار ،وذلك ردا على ما كتبه عبد الرحيم بوعبيد على صفحات جريدة “االتحاد االشتراكي” في عددها رقم تقول االفتتاحية“ :وال يغيب عن النزيه المنصف إدراك جنوح مادة المجلة إلى التركيز على تسليط 2350ليوم 11يناير من سنة .1990 الضوء خاصة على اإلسهام الفاعل لكفاح مواطني شمال المملكة بزعامة رجاالته األبرار بعدما فضح وبكل ذلك ،قدمت دورية “الوثائق الوطنية” مادة توثيقية غنية ومتنوعة ،ال شك وأنها توفر الذين في قلوبهم مرض والمرجفون أوراقهم قوال وفعال بالتعامل المغرض مع حقائق ذلك النضال الوطني الوحدوي والتدرج المخطط إلقبار دوره باإلغفال أوال فاإلنكار المطلق أخيرا .وإن مما يثير عناصر الدراسة الضرورية بالنسبة للباحثين في تاريخ الحركة الوطنية بشمال المغرب .كما أنها السخرية في تشخيص هذه المسرحية لهو موقف من يدعون االعتدال والموضوعية ،حيث يجيزون تسمح بإعادة النظر في الكثير من اإلسقاطات الجاهزة التي ألصقت بالتجربة النضالية الرائدة لنخب إمكان االعتراف بمساهمة شمال المملكة في النضال الوطني دون أن يرقى هذا النضال في منظور الشمال .وال شك أن المرحوم محمد بن عزوز حكيم قد أثبت ريادته في قضايا الدراسة الخاصة بهذا تقييمهم إلى مستوى تصنيفه ضمن النضال اإليجابي الذي قاد البالد إلى عهد الحرية واالنعتاق .المجال ،بشكل سمح بملء العديد من الفراغات والفجوات الكبرى التي ميزت ذاكرة الحركة الوطنية وبالتالي يخلصون من تحليلهم هذا واستنتاجهم إلى تجاهل اإلصغاء إلى نداءات أهالي األقاليم بالشمال.
..و الذي يخفى على المرء أكثر بكثير مما يعلمه • بقلم :عبد المجيد اإلدريسي ...ثمة شخص يتعجل قبل الفهم ليختلط عليه الصواب، في المستجدّات ومواكبة معطيات العصر .الترف الفكري أن يكون عدُوّا ،إذ يجب اإلنصات للمخالفْ ، يمكن ْ وأن ال يضيق المتحدّث برأي غيره ،وال ضاق المتلقي بموقف التناقض لمُحدّثه ،عند تجاذب أطراف الحديث .عساه ْ أن يحرس عن اللغو والتنطع ،فقد هلك المتنطعون . عند القضايا الكبرى التي تتقاذفها أدمغـة المفكريـــن .فتواضع المرْء يقوده ْ أن ال يلبس لبوسا ليس لبوسه .ثم أهل العلم وكالمهم جامعٌ للمعاني بألفاظ قليلة .إذا خاض المرْ ُء في حوار ،ال يعنيه ْ أن وأن ال يتكلم فيما ال يحسنه ،حافظاً يكون مستحقاًْ ، للسانه عن لغو الكالم .لنا مع الغرب مبادئ وعلوم ّ ولكل الحفاظ على شرعه مشتركة من القيمٌ الكوْنية، وثقافته . لقد كان الحرص على صوْن الحوار للحفاظ على العلوم العربية واإلسالمية ،بحوادث األيام ،فتعصف الريح من حين آلخر ببعض المثقفين ،باسم حرية الرأي والتعبير والجنس ،يزعمون تكسير الطابوهات، للتشدُّق سرّاً وجهراً ،بمخالفة النصــوص الصحيحـة، لسوء المقاصد ،وهــم المجاهـرون بأنفسهم .وهم ال أن اهلل َّ يعلمون َّ جــل وعال خص اإلسالم بأكمل الشرائع. واالستمساك بنهجه وسلوكه ،الذي هو سلوك التيسير .لمنع اإلفراط المؤدي إلى الملل .المثقف الذي ليس له في علم الشرْع ،يجادل بالباطل ليضحدَ به الحق .حظه في ذلك ترويع الشباب واستباحة تفكيرهم ،دون المباالة بأمن المجتمع ولحمة األمّة .يُلقي بكلكله وانبهاره بحرية المثلية والبغاء في الغرب ،ال بعلم علمائه ،لقول اهلل جل وعال :ويعلمُ الذين يجادلون في آياتنا ما لهم من محيص ..صدق اهلل العظيم، اآلية 35من سورة الشورى .هؤالء الذين يجادلون في آيات اهلل بغير سلطان العلم ،فليس لهم مَهرب من العذاب .وهم
مسؤولون عن عمرهم فيما أفنوه .فالمسلم ال يتكلف الذكاء ويمدُّ رجليه على قدْر لحافه .ولم يكن متصنعاً ،وهو الذي يترُك المحرَّمات .يشعرُ بفتح اهلل عليه وما يُغدقهُ عليه من النعم .لكي يتذوق طعم الراحة بلسان رطب بذكر اهلل تعالى. صابرٌ في الضرّاء .يداوم على فعل الخير ،من مساعدة المريض إلى كفالة األيتام ،ومالزمة العبد إلى ربه .أليام الزُهد وليال
غرّ ،لغراس الجنان .وله الحق في ضرورات الحياة ببساطة وسماحة .قصرَ يومُ الشتاء فصامه نهاراً ،وطال ليله فأقامه، ليستمتع فيه بلذة الطاعة هلل .تستشرفه األسماع في اإلصغاء لطالقة لسانه ومحياه ،وحُسن خلقه .يصيغ حديثه الدّال على التميز بلمسة حانية لحفظ الدين والدّماء والمال والعرْض. كي يغرس في قلوب المتلقين حبَّ دينهم .وقد يلمس طالب العلم بفصيح التجاوب من المسلم وجدانه بفضل خالقه عليه، لحفظ كرامة اإلنسان ،ما تعاقبت األيامَّ . إن حبَّ الخير للناس أسلم الطرُق إلى قلوبهم وهو سبيل لمقاصد القيم وألواصر
األلفة والتراحم ،بنيَّة خالصة لوجه اهلل .موصولة إلى الحق. الميزان الدقيق هي شريعة اهلل ،قطعية الثبوت وقطعية الداللة .فالفتاوى تتغير بظروف الزمان والمكان واألحداث، ْ إن لم يكن استنباطها ظنُّ الثبوت وظنُّ الداللة . .فالرجوع إلى الحق فضيلة وأفضل من التمادي في الضالل والباطل. ألوالئك الذين يتساقطون بالمظالت ،فتهوي بهم الريح في مكان سحيق ،ويتعرَّضون لالتهام والتقريع ،وال ينتهي إال بما ال تحمد عواقبه .وهذا خطرٌ ال يُدْركه ممن يزعمون تعويض اللغة العربية ب «الدّارجة». وال يتصوّرُه المارقون وهم يُعمّمون بلوى الفساد في المجتمعات اإلسالمية ،بالوكالة عن بعض الدول الكلونيالية .فالحمد هلل على آالئه البوالغ .فقد أسبغ الواحد األحد علينا نعمه ظاهرة وباطنة .اهلل الذي جعل من أمة محمد (ص) أمة وسطا بين األمم .وقد أعزّنا باإلسالم َّ وذل ّ كل شيء لعظمته .وهي رحمة مهداة ونعمة مسداة للذاكرين اهلل والذاكرات .هو سبحانه يقلب القلوب ويصرّفها أنى شاء .فاصرف قلوبنا إلى طاعتك ،وتبتنا على دينك ،وزيينا بزينة اإليمان ،دائمي التسبيح من دين الرحمة والرافة .لقول اهلل َّ جل في عاله :وما أرسلناك إال رحمة للعالمين (صدق اهلل العظيم ،اآلية) .محمد (ص) المؤيدُ بمعجزة التنزيل. ولسيرته (ص) أناشيدٌ في المديح النبوي : ْ حرام يل فعذ دعوين دعوين لأناجي حبيبي ،وال ت َْع ّذلوين، ْ الغرام و الهوى قيت بك�أ�س حب�ُ ،س ُ فكفّـوا مالمي ف�إنيّ ُم ٌّ ْ أنام .. ل ا بخري لع تو وقلبي ، هائم بحب املدينة ف�ؤادي ّ َ ٌ ْ دين اإلسالم حامل لراية السلم والسالم وهو من نعم اهلل علينا .والسالم هو تحية أبينا آدم عليه السالم ،وتحية أهل الجنّة .لقوله ّ جل وعال « :ادخلوا في السلم كافة» (صدق اهلل العظيم ،اآلية) ..وحتى تحابوا أفشوا السالم بينكم ،وأصل السالمة التقوى .اللهمّ اجعلني ممن يفرحون بلقائك ،وتوفني إذا كانت الوفاة خيراً لي ،وأحييني إذا كانت الحياة خيراً لي .
17
الثالثـاء � 03إلى � 09شتنرب 2019
العدد 1009
هكذا هبت رياح الحداثة على المغرب... من بوابة طنجة
-محمد �أديب ال�سالوي
-1-
لربما تكون مدينة طنجة ،بموقعها الحضاري /التاريخي /الجغرافي ،المطل على القارة األوروبية ،من األسباب التي جعلتها ،من أكثر المدن المغربية استيعابا لمفاهيم «الحداثة» وتقاربا مع قيمها الثقافية والفنية واالجتماعية...والحضارية عامة. على فضاء هذه المدينة ،التي استقطبت مبكرا أفواجا من األدباء والفنانين والسياسيين والتجار والمقاولين الغربيين /أوربيين وأمريكيين ،ظهرت العالمات األولى لقيم الحداثة ومفاهيمها كما هي في العالم الحديث ،إذ سبقت بذلك كل المدن العتيقة بالمغرب الراهن. على فضاء هذه المدينة ،تم ظهور أول جريدة ورقية مغربية (سنة ،)1907وتم ظهور أول فنان تشكيلي مغربي /محمد بن علي الرباطي (سنة ،)1908وتم تشييد أول مسرح حديث بالمغرب /مسرح سيرفانطس (سنة )1913وتم تأسيس أول فريق رياضي مغربي لكرة القدم (سنة )1914وأول قاعة للعرض التشكيلي (سنة .)1917 وعلى فضاء هذه المدينة ،تم تأسيس أول فندق مصنف بالمغرب ،وأول مقهى مصنفة، وأول حانة مصنفة بالمغرب أيضا. وعلى فضاء هذه المدينة ،تم تشييد أولى المؤسسات البنكية المغربية والدولية ،وأولى الشركات التجارية والصناعية والسياحية وعلى فضائها أيضا تم فتح أولى سفارات العالم الحديث بالمغرب ،وأولى مؤسسات التواصل والبريد بالمغرب نهاية القرن الثامن عشر وبداية القرن العشرين. وثقافيا ،ال يمكن أن ننسى أن مدينة طنجة هي المدينة األولى بالمغرب التي عرفت إذاعة حرة ( /إذاعة طنجة) .وهي األولى التي أعطتنا «رواية» عالمية /رواية الخبز الحافي لمحمد شكري ،التي استقطبت القراء والمترجمين من حوالي أربعين دولة.
-2-
هكذا شكلت مدينة طنجة مدخال أساسيا للحداثة بالمغرب الجديد ،ليس فقط ألنها استقطبت قامات إبداعية /ثقافية غربية في نهاية القرن التاسع عشر ،و مطلع القرن العشرين، ولكن أيضا ألنها فتحت ذراعيها على المدارس واالتجاهات والمفاهيم الثقافية الحديثة ،التي وضعت مدينة طنجة ،في موقع ريادي /ال يمكن االختالف حوله. لذلك سيكون من السهل على الباحث /المالحظ ،لمس التطورات التي عرفتها هذه المدينة ،خالل هذه الفترة من التاريخ وهو ما يوازي من حيث قيمته ،االنعكاسات التي تحكمت في تحديد هوية هذه المدينة ،وشخصيتها ورؤاها االجتماعية ،ونعني بذلك التطورات االقتصادية والسياسية التي برزت انعكاساتها ،على اإلنتاج في فضاءات جديدة /حداثية بمفاهيم وأشكال جديدة ،والذي عكست بسرعة وقوة أساليب مغايرة ألنماط الحياة في مغرب القرن العشرين، كما عكست موقعها من وضع المغرب الجديد على الخريطة اإلنسانية. ال نستطيع أن ننفي هنا ،الدور اإليجابي الذي لعبه الفنانون واألدباء والسياسيون واإلعالميون الغربيون ،الذين اتخذوا من عاصمة البوغاز /طنجة موقعا لهم حتى قبل أن تتحول إلى عاصمة للسياحة ،شمال المغرب سواء من حيث تنشيط الحركة الثقافية الحديثة ،أو من خالل إعداد أجيال جديدة من األدباء والفنانين المغاربة ،مدمجين في مناهج الحداثة وأساليبها العولمية ،أو من حيث إذكاء تجاربهم اإلبداعية ،وإعطائها وجها جديدا ومشرقا محليا وعالميا. إن رائد الفن التشكيلي الحديث ،محمد بن علي الرباطي ( )1939-1861كرائد الرواية المغربية الحديثة محمد شكري ( ) 1935-2003ال يشكلون فقط أسماء عابرة في تاريخنا الثقافي ،إنهم مؤسسون لثقافة جديدة /وضعوا المغرب على قائمة الحداثة في المجال الثقافي بالعالم الحديث.
والشك ،إن حتمية األخذ والعطاء ،كما تحكمت في الفكر واألدب والعلوم اإلنسانية خالل هذه الفترة الحالكة من التاريخ بمدينة طنجة ،تحكمت في الصناعة والتجارة والسياحة...وفي اإلبداعات البصرية واللغوية ،التي ازدادت على أرض هذه المدينة العتيقة ،بل أن هذه اإلبداعات والصنائع هي متعددة ومتنوعة وذات مرجعيات وطنية وعالمية ،مختلفة /متداخلة ومتشابكة، كانت المحور األساسي لكل أخذ ولكل عطاء ،على فضاءاتها. إن الحركية المتطورة للثقافة والفنون والصناعة والتجارة ،المتمثلة فيما احتضنته مدينة طنجة ،خالل العقود العشرة الماضية ،من إبداعات ومبدعين ،من صناعات وصناعيين وحرفيين، مرت /تمر بمرحلة غنية ،بما تحفل به من أسماء ومدارس واتجاهات وأساليب وقيم حضارية، حيث استطاعت في هذا الظرف التاريخي ،التجدر في الطموحات ،وفي مختلف التناقضات التي عاشها /يعيشها المجتمع المغربي ،قبل وبعد فترة الحماية ،واالنتقال بهذه المدينة التاريخية من مجرد موقع حضري ،إلى موقع حضاري ،يساهم بفعالية في التغيير والتنمية والتحديث والبناء القومي. إن التطور االجتماعي /االقتصادي /السياسي /الثقافي الذي عرفته مدينة طنجة خالل القرن الماضي ،مع حلول البعثات الغربية التي حملتها رياح الحماية خالل القرن المنصرم ،قد غير كثيرا من الرؤى الجمالية في هذه المدينة ،وانعكس على الصناعة والتجارة والتعليم ،كما انعكس على الثقافة والفنون البصرية ،وعلى تطور المفاهيم ،مما جعل هذه المدينة تتكيف وتتفاعل مع األنماط الجديدة للحياة االقتصادية والثقافية التي رافقت هذه البعثات ،وهو ما أعطاها في نهاية المطاف منحى دالليا له أكثر من عالقة بقضية الوجود والكرامة والحرية ،إذ انصبت خالل هذه الفترة من التاريخ ،اهتمامات العديد من المبدعين المغاربة بهذه المدينة على طرح أسئلة راهنية لتحديد الموقف االحضاري على الخريطة الثقافية المغربية ،بتناقضاتها وهمومها وتداخالتها مع القضايا الثقافية والحضارية األخرى. إن التأمل النقدي في التراكمات الحضارية التي حققتها هذه المدينة ،انطالقا من نهاية القرن التاسع عشر ،تعطي االنطباع أن البداية ،كانت تهدف إلى استشراق المستقبل ،ذلك ألن ما ميزها منذ بدايتها هو طابع االستمرارية ،وإبراز الذات المغربية ،التي كانت وما تزال تلح على سؤال الذاتية والهوية وتلك هي ميزتها الثقافية بكل تأكيد. مدينة طنجة بين الفن والرمز /بين الفن والخط /بين الفن والهندسة /بين الفن واألدب /بينه وبين البيئة والتراث والحداثة الحضارية ،لم تتجه فقط إلى نقلها السياحي ،ولكنها أيضا حاولت /تحاول إعطاء دورا جماليا /ثقافيا إلى هذه المدينة على الساحة الثقافية.
-3-
إن ذلك ال يعني إطالقا أن فعل الحداثة وجد مفرداته هنا بمدينة طنجة ،ولكنه بفعل الجذور اإلنسية /الحضارية لهذه المدينة المتعددة الصفات ،أصبحت حداثتها تجسد الوعي واليقظة والتطلع إلى المستقبل ،ومن ثمة أصبحت تسير جنبا إلى جنب مع الحركات الحداثية العالمية القائمة ،وهذا ما يجعلها جديرة بقراءة متأنية لمثنها االحضاري والحداثي. والبد هنا من اإلشارة ،إلى أن الذاكرة الجماعية وقوة المخيلة كانتا دائما وباستمرار ،سمة هذه المدينة /سمة األجيال المتالحقة والمترابطة على تاريخها ،إال أن جيل الشباب الذي برزت سماته مع األلفية الثالثة حاول /يحاول إعطاء مدينة طنجة مفاهيم ومعاني نظرية متميزة بالتحرر من قيود التخلف والرجعية ،ولكنها متأثرة بالجذور الثقافية :الرموز /األشكال الهندسية /القيم العربية واألمازيغية ،في محاولة جادة إلعطاء هذه المدينة شموليتها بأبعاد نفسية / اجتماعية /وتاريخية.
أفال تنظرون...؟
18
الثالثـاء � 03إلى � 09شتنرب 2019
العدد 1009
لعبة السودوكو ()470
مع الحق والحقوق والديمقراطية والعدل والعدالة التي ال بد منها دائما وأبدا؟!
أصل اللعبة
لعبة السودوكو اليابانية األصل « ،»SUDOKUكانت معروفة منذ الثمانينيات في اليابان ،إال أنها لم تظهر كلعبة ذات شعبية إال سنة .2005
معنى كلمة سودوكو
• بقلم :عبد القادر أحمد بن قدور *
كلمة سودوكو هي اختصار للجملة اليابانية ()Nikagiru Sujiwa Dokushin وتعني أن األعداد البد أن تكون مفردة .وهذه اللعبة عبارة عن عالمة تجارية لشركة .Nikol
كيف تلعبها ؟
اللعبة تعتمد على المنطق لدرجة كبيرة ،وهي لوحة مقسمة إلى تسع مناطق كل منطقة مكونة من تسع خانات ،وعليك أن تمأل هذه الخانات أفقيا أو عموديا بأرقام من 1إلى ،9حيث ال تستخدم الرقم إال مرة واحدة في جميع المربعات على العمود نفسه أو السطر أو القطر ،وتكون هناك أرقام موضوعة سابقا في بعض الخانات.
مفيدة لكن معقدة
اللعبة مفيـدة جدا لتقوية مهارات المنطـق ،ويستخدمهـا مدرسو الرياضيات كتمارين للطلبة وتختلف درجة التعقيد ،حسب الفئة المستهدفة.
مرت في تاريخنا وفي فترات من حياتنا سنوات أكدت بأن الخطر قريب علينا ومنا ،أو نحن نتجه نحوه ،إذ ال داعي للتذكير بهذا ،فهي ظاهرة لنا في ضمائرنا وعقولنا ،بل متخمرة في وجداننا ،وال زال الناس والبعض منا يحــس بالمر من معاناته، بل بعضنا يحارب ذلك في أكثـــر من جبهة ،ويطارد أشباح الفناء، ويتمثل هذا في الغــالء المستشري والمخــدرات ،والعنـف ،ثم التطاول على القانون الذي يجب أن يكون متساويا على الجميع... وكل هذا يشهد بأنه آن للمريض أن يحسم تردده ،وأن يعمل على اتخاذ القرارات الحاسمة ،ألن الحياة قبل كل شيء وبعد كل شيء أمانة علينا يجب أن توضع في موضعها الصحيح ،وتحظى كذلك بالصدق والجدية الالزمة مهما اقتضى ذلك من تضحيات جسام ،ولكن الحل ال يمكن أبدا يقتصر على إصدار القرارات فقط ،بل ال بد أن يتشكل في صورة سياسية جامعة وعامة تنشر جناحيها فوق الجميع ،وتقوم على الثقة المنشودة واالحترام التام ،والقوة والنزاهة وسالمة القصد ،والعقوبات الزجرية إن أخل أحد بذلك ولو بدرجات متفاوتة وحسب الخلل ،بكل ذلك يكون مناسبا لكل حالة حالة ليتعظ البعض منا ،ويرجع البعض اآلخر إلى طريق الصواب باالتعاظ ببعضنا البعض ،وبأمثلة من ذلك... على اإلدارة أن تجدد ذاتها وتتطهر من سلبياتها ،وتتجلى بالعدل والقسطاس والحزم في كل أمورها ،وتبتعد عن السلبيات والموبقات ...وتدعو الشعب إلى العمل والصبر واحتمال المكاره واالنتماء والتضحية ،عليها أن تكون قدوة في احترام حقوق اإلنسان الحقة ،وتعطي لكل ذي حق حقه كله ،وفي العمل البناء والخالق ،والشرف ،مع تقديس القانون واحترامه مع الجميع دون استثناء ،عليها أن تشعر المواطن البسيط بأنها من الشعب وللشعب ،وأنها توفر له الحرية والعدل واألمن التام ،وأنهما معا وحدة ال تتجزأ ،وتعمل من أجل هدف واحد ،هو الخير والتقدم والنماء المتواصل بكل المجهودات الممكنة... وإذا كنا تعودنا على أن نتبع سياسة الخطوة خطوة ،فعلينا أن نوسع الخطى أكثر ،وإذا قد اعتدنا على االعتماد على الغير، فعلينا أن نعتمد على أنفسنا وذواتنا ،وأن نوقد العقول والقلوب واإلرادات ذات الهمة العالية لكي تكون كذلك ...هذا ،وال بد من القول كم كابدنا في تاريخنا وتاريخ اإلنسانية والشعوب األخرى من أزمات وويالت ،ثم انطوت بعض األزمات وتالشت الكثير منها ،ثم تدفقت الحياة من جديد مكللة بالنصر المبين وابتعدت عن بعض الموبقات وتقدمت إلى األمام بالخير مع النصر المكين باألخالق الحميدة والنزاهة الخالقة والوثابة والعمل المتفاني فيه والجدية المتواصلة والالحقة باألمم والشعوب المتقدمة ذات الديمقراطية الحقة والعدالة والنزاهة والمساواة بين الناس وإحقاق الحقوق للشعوب وكل األفراد التواقة لكل هذا بالعمل الخالق والبناء المضطرد للصول إلى الحياة الهنيئة والمستقبل الباسم لكل شبابها وشاباتها وكل الناس بالحصول على األمال واألحكام السعيدة التي يتطلعون إليها بكل قاداتهم ورجاالتهم األفذاد الذين ينصفونهم كل اإلنصاف ويعملون على تحقيق جل أحالمهم ومكابداتهم بعد ألي وجهد وصبر مكين... وبهذا سنتابع إنجـــاز رجاالتنــا وقاداتنا بالعلــم واألخــالق المجيدة وإنجازاتهم العلمية والتعليمية الحقة فوق هذه األرض المعطاء ،وفي القضاء ننبهر ويستحوذ علينا اإلعجاب والعجب. بتحقيق كل ذلك ،إذا ساد تطبيق القانون بحذافيره وبغيرة وطنية حقة وبأخالق سامية وإحقاق كل الحقوق للكل بالعدل والسالم والديمقراطية الشاملة والنبيلة ،كما هي في الدول والشعوب الناضجة ،ألننا نجد فيها من آيات الحرية واحترام حقوق اإلنسان وقوة المؤسسات وهيمنة الرأي العام ما يبهرنا ويطربنا ويملؤنا نشوة أمام حياة مثالية كريمة ،وغالبا ما ننسى أن هذه الحياة هي الثمرة األخيرة لجهاد طويل عنيف غضب بالدماء ،وأنها مرت بعهود فسدت فيها العالقات والذمم واشتريت فيها الضمائر
بأبخس األثمان ،لهذا فليس هناك ما هو أظلم من دعوة تشكك في الديمقراطية بحجج عدم األهلية لها ،بسبب الفقر أو الجهل أو الفساد ،ألن الديمقراطية والحقوق الحقة هما أسلوبين من أساليب الحياة ،ال يمكن أن يماثلهما أسلـوب آخـــر ،بل حتى يقاربه ،لكنه ال يعني أنهما سحر يصنعان المعجـزات ويحــالن المشكالت ويقيان من الفساد وتبعاته ،بل قد يقع ذلك حتى في الدول الديمقراطية البناءة للحضارات والتقدم المنشود ،بل ويقع دائما في األنظمة االستبدادية ،ويستفحل أمره إذا كان بمنجاة من الرقابة الحقة ودون أمل في التغيير ...وعلى األقل في جوار الديمقراطية ال تستر على عيب أو جريمة مرتكبة ،ـ كما نجد مثاال لذلك في الصحف المغربية والتلفزة واإلذاعة الوطنية منذ انطالق ذلك أكثر خالل سنوات عديدة بكل حرية وجرأة وشجاعة من اجل تصحيح األوضاع والموبقات وفضحها أمام الرأي العام حتى نتعض وتبقى عبرة لنا من ذلك ونصلح ذواتنا وأنفسنا وعقولنا لتبتعد عن مثل ذلك ـ ونعلم دائماً بأن قوى الخير تصارع قوى الشر ،واألمل في التصحيح أجدر ويوجد مع المعارضة البناءة والرأي العام وعند االنتخابات ...إذ من الخير أن تعطى للديمقراطية الحقة فرصتها، وأن تتعرض للثواب والعقاب ،وأن تخوض غمار التجارب حلوها ومرها حتى يستقيم شأنها وتنطلق قواها الكامنة ...أال يفرض النظام االستبدادي نفسه عشرات السنين برغم فساده وهزائمه؟! فلم يضن قوم على الديمقراطية والحقوق لتحقيقها ألهلها ببضع سنين؟! إذ منذ األزل والصراع بين الخير والشر ،ولكن لن ينهزم الخير وإن طال الصراع في أمد الزمن!... االنتصار دائما للخير والعدالة والعدل والحق والديمقراطية واالخالق الحميدة التي هي كذلك أساس تقدم األمم مع العلم والتعليم األساسي المستمر والمجاني البناء للرقي والحضارات والشعوب التواقة دائما وأبدا للتغيير والتشييد والتفتح على الدول المتقدمة مهما طال الزمن أو قصر أمده ،لنصل إلى شاطئ النجاة باالستقرار التام ،وبالمستقبل الباهر لفلذات أكبادنا ،ومستقبلنا، حتى تطمئن قلوبنا جميعا على بلدنا المغوار. ـــــــــــــــ
ـ القصر الكبير في 2019/08/22
* األديب واإلعالمي والعضو الشرفي بمنظمة العفو الدولية ـ فرع المغرب
حل السودوكو رقم 470
�إعـالن قـانونـي Annonce Légale MAPS TRANS S.A.R.L A.U AU CAPITAL SOCIAL DE 100.000,- DHS SIEGE SOCIAL : 127, Avenue Hafid Ibn Abdelbar Résidence Al Andalouses Anzarane 3ème étage N°15, Tanger RC : 73343
Cession de parts sociales, Modification de l’objet social, démission de l’ancien gérant et nomination d’un nouveau gérant, I – Suivant P.V de décision extraordinaire de l’associé unique de la société «MAPS TRANS SARL A.U», société à responsabilité limitée à associé unique en date du 29 Mai 2019, enregistré le 17 juin 2019 sous le numéro 29580/48435, il a été décidé : - De déclarer son consentement irrévocable pour La cession de 1000 parts sociales détenues par Mme Nadia BOULAIZ, marocaine, titulaire de la CIN N° K112206, née à Tanger le 09 Novembre 1962, et domiciliée à Tanger, 24 Résidence Touria 1 Sejelmassa, Etg 6 Apt 32 au profit de M. Mohamed TRITACH, marocain, titulaire de la CIN N° LB119581, né à Ksar Bjir Larache, le 14 Août 1985 et domiciliée à Dr Lahlafa CR Ksar Bjir CDT Sidi Slama Ksar El Kebir - De modifier l’objet social de la société comme suit : - Principalement la Société a pour objet au Maroc et à l’étranger, pour son compte ou pour le compte des tiers, d’exercer les activités suivantes : - Transport National International Par Camion, Par Bateau Et Par Avion ; )(Terre, Mer, Air - Sous Traitance Dans Le Domaine Du Transport De La Manutention, ;Logistique ; - Sous Traitance Dans La Logistique - Transport de marchandises national par tous moyens notamment par véhicules routiers - Et généralement, toutes opérations mobilières, immobilières, financières, industrielles ou commerciales pouvant se rattacher directement ou indirectement, en tout ou en partie, à l’une ou à l’autre des opérations visées ci-dessus de manière à faciliter, favoriser ou développer l’activité de la société. - D’accepter accepte la démission de Mme Nadia BOULAIZ, titulaire de la CIN N° K112206, de son poste de gérante, lui donne quitus entier et définitif, et décide la nomination de M. Mohamed TRITACH, titulaire de la CIN N° LB119581 comme nouveau gérant de la société. - De mettre à jour les statuts de la société II- Le dépôt légal a été effectué au Greffe du Tribunal de Commerce de Tanger POUR EXTRAIT ET MENTION
الدويل املغربي نور الدين �أمرابط يتربع بـ 500مليون ل�ضحايا ملعب تيزيرت بتارودانت
صفحة
19
�إعداد :م�صطفى ال�سباعي
العدد 1009
الثالثاء � 03إلى � 09شتنرب 2019
مجرد رأي :
خاليلوزيتش يستغني عن الحرس القديم ألسود األطلس
أعلن المدرب البوسني وحيد خاليلوزيتش عن الئحة المنتخب الوطني المغربي استعدادا لوديتي النيجر وبوركينا فاسو. أولى المالحظات عن هذه القائمة خلوها من األسماء التقليدية أو ما كان يسمى بالحرس القديم الذي فرض سيطرته داخل معسكر األسود لفترة طويلة. كما رفع خاليلوزيتش تمثيل العبي الدوري االحترافي ليصل إلى 6العبين عكس فترة المدرب الفرنسي السابق هيرفي رونار. وألول مرة منذ عشر سنوات خلت قائمة المنتخـب المغربي من األسمــاء التقليديبة الممثلة في المهدي بنعطية ومروان داكوستا وكريم األحمدي وخالد بوطيب وامبارك بوصوفة. وعكس المدرب رونار رفع خاليلوزيتش من عدد العناصر المحلية في المنتخب المغربي إلى 6العبين وذلك تماشيا مع رغبته في إعادة االعتبار لالعبين المحليين بعد معاناتهم من التهميش لستوات.. الالئحة الجديدة لألسود شهدت أيضا عودة عدد من المغضوب عليهم الذين عانوا من تجاهل هيرفي رونارو في مقدمتهم عادل تاعرابت العب بنفيكا البرتغالي ووليد أزارو العب األهلي المصري.
بادرة إنسانية أقــدم عليها الدولــي المغربي نور الدين أمرابط تضامنـــا مـع أهالي قرية تيزيرت بإقليم تارودانت بعد فاجعة الفيضانات التي أودت بحياة 7 أشخاص وفقدان واحد حتى اآلن. أمرابط تبــرع بمبلـــغ 500مليــون سنتيم من ماله الخاص ألهالــي ضحايا الكارثة وقرر بناء ملعــب لشباب القريــة بعيدا عن الوادي. وكانت أمطار طوفانية غزيرة قد داهمت ملعب تيزيرت خالل مباراة لكرة القدم ،مما أدى إلى الكارثة وتدمير الملعب عن آخره.
كأس العرش
اتحاد طنجة يتجاوز عقبة الحسيمة ويواجه الفتح الرياضي في ثمن النهاية ومسيرة العديد من األندية تتوقف مبكراً
احتارين يرفض حمل القميص الهولندي
الالعب المغربي األصل والهولندي الجنسية اليزال حائرا ولم يحدد وجهته حتى اآلن. احتارين العب نادي إيندهوفن الهولنـــدي رفض دعوة المدرب رونالد كومان لاللتحاق بصفوف منتخب شباب هولندا الذي يستعد لمواجهة المجــر مؤكدا أنه لم يحسم بعد في هوية المنتخب الذي سيحمل قميصه في المستقبل. وكان الالعب احتارين قد تلقى أيضا دعوة من مدرب األسود وحيد خاليلوزيتش لاللتحاق بمعسكر أسود األطلس استعدادا لوديتي النيجر وبوركينا فاسو غير أنه اعتذر لكونه لم يحسم بعد في المنتخب الذي سينضم إليه. وتقول األخبار القادمة من هولندا أن الالعب احتارين يتعرض لضغط كبير من قبل مدرب فريقه لالنضمام إلى منتخب الطواحين.
حقق فريق اتحاد طنجة األحد فوزا كبيرا على جاره شباب الريف الحسيمة بثالثة أهداف مقابــل واحد في المباراة التي جمعتهمـــا على ملعــب ميمــون العرصي بالحسيمة. وسجــل أهــداف فارس البوغاز كـل مــن «يـــونس الديب» (هدفان) و «يوسف أنور» (هدف) ...في حين سجل هدف الشرف للفريق الريفي الالعب بالل بوزو. وسجلــت هــذه المباراة طـرد مدرب اتحـاد طنجــة نبيل نغيـز في الشوط الثاني بعدما تعـرض للطـــرد بالبطاقة الحمراء. وسيقابل اتحاد طنجة في الدور ثمن النهائي فريق
التأشيرة تؤجل وصول الليبي زكريا الهريش إلى طنجة
حمودان يقود الخور ألول فوز في الدوري القطري قاد الالعب المغربي أحمد حمودان فريقــه الخور ألول انتصار له في الدوري القطري هذا الموسم بهدف دون مقابل ضمن الجولة الثانية. وبهذا الفوز رفـع نادي الخــور رصيده إلى 3 نقاط. يذكر أن أحمد حمـودان «الشاوني» العب اتحاد طنجة السابــق لعــب الموســم الماضي في الدوري السعودي وانتقل هذا الموسم إلى الدوري القطري في ثاني تجربة احترافية.
رغم تعاقد اتحاد طنجة المبدئي مع الالعب الليبي زكريا الهريش لتعويض رحيل الالعب عبد الكبير الوادي إلى فريق دجلة المصري فإن إجراءات التوقيع الرسمي على عقد اإلعارة لموســـم واحــد تأجلــت بسبب إجراءات الحصول على التأشيـرة.
الفتح الرياضــي الذي تأهــل على حســـاب المولودية الوجدية. وبهذا التأهل يكون اتحاد طنجة قد جنى العديد من المكاسب بسبب استعداداته المبكرة سواء في طنجة أو تركيا ،وكذا مشاركته في الدور التمهيدي لكأس محمد السادس لألندية األبطال. منافسات كأس العــرش لنهــايـة األسبوع سجلت مفاجات من العيار الثقيل تمثلت في إقصاء العديد من أندية الدوري االحترافي وفي المقدمــة نهضـــة بركان حاملة اللقــب والرجـاء الرياضي والمولودية الوجدية وأولمبيك أسفي ويوسفية برشيد وأولمبيك خريبكة.
الوادي ينتقل إلى وادي دجلة المصري رسميــا توجـه العـب اتحاد طنجة عبد الكبير الوادي إلى مصر لالنضمام إلى فريقه الجديد وادي دجلة. جاء ذلك بعد توصل فارس البوغاز إلى اتفاق مع نادي وادي دجلة المصري لبيع عقد الالعب الوادي مقابل 250ألف دوالر.
الثالثـاء � 03إلى � 09شتنرب 2019
العدد 1009
األخيرة
السلسلة الرابعة
تذكرة سفر
احللقة اخلام�سة
لقاءات حوارية ،في حلقات متسلسلة ،مع شخصيات مؤثرة في المجال العمومي المغربـي والعربـي واإلنساني ،تستحضر تجربتهم في الحياة الخاصة والعامة ،وترحل بهم عبر تذكرة سفر معنوية وروحية إلى الماضي والمستقبل. • عبد اإلله المويسي
مع األستاذ
محمد األشعري المحور األول ـ المسار الخاص ـ
يحضر األستاذ محمد األشعري ،في مخيال القراء المغاربة والمشتغلين بالحقل السياسي والمجتمعي الوطني، بصيغة الواحد المتعدد ،فهو اإلنسان أوال ،وهو الشاعر والكاتب الروائي والمناضل السياسي والناشط الحقوقي ،وواحد من أبرز وجوه معتقلي سنوات الرصاص .وهو الوزير الذي انعطف بمشروع الثقافة الوطنية نحو أفق اتسمت فيه بتبني مفهوم الصناعة الثقافية ،وهو الذي سبق أن شغل قبلها منصب رئاسة اتحاد كتاب المغرب لثالث دورات عرفت خاللها هذه المؤسسة أقوى مراحل ديناميتها وإنتاجيتها. كان مخاضا عسيرا عاشه الشعراء المغاربة، وأحيانا عاشوه بطريقة مأساوية .فلسنوات ظل السلوك المهيمن في عالقة الشرق بالمغرب يطبعه االستعالء والالمباالة .فربما يمكن اعتبار التجربة في المغرب وفي تونس وفي اليمن وفي الخليج مجرد تجارب ملحقة بالتجربة األم التي هي التجربة المصرية واللبنانية السورية إلى غير ذلك ،لكنني أظن أن االهتمام المغربي بتأصيل الهوية الشعرية المغربية أعطى أكله بعد السبعينات ،فقد أصبح هناك اهتمام حقيقي بالتجربة الشعرية المغربية ،وأصبح حضور الديوان المغربي في شبكات النشر والتوزيع والمهرجانات حضورا قويا ،إلى درجة أن عددا كبيرا من التجارب الشعرية المغربية ،ومن بينها تجربتي ،كان للنشر في لبنان دور أساسي في التعريف بها خارج الحدود المغربية.
• السي محمد ،أنت تعـرف جيـداً أن تجربة القصيدة المغربية رافقتها أيضا مقاربات نقدية أكاديمية تصنيفية ،إذا صح التعبير ،نستحضر أطروحة محمد بنيس التي أدرجت تجربة جيل الستينيات ضمن بنية «السقوط واالنتظار» ،ثم أطروحة عبد اهلل راجـع التي أطرتـهـا في بنيـة «الشهـادة واالستشهـاد» .األطـروحتان معا أحدثتا جدال قويا في أوساط التداول الثقافي العام لتجربة قصيدتنا المغربية، بل وخلفتا أحيانا استياء أو عدم قبول «نظري» لما انتهت إليه األطروحتان. كيـف تعامل السي محمد األشعري مع هاتين األطروحتين ،ولربما مع غيرها من المقاربات؟ • • رأيـي الخـاص في الموضـوع أنـي ال أعتبر أن إنصاف التجربة الشعرية يأتي من النقد ،بل يأتي من الشعر نفسه .عندما تستطيع التجربة الشعرية أن تصبح مرجعية في تاريخ األدب ،فذلك هو اإلنصاف الحقيقي الذي تنتظره كل تجربة شعرية حقيقية. اآلن بطبيعة الحال عرف المغرب الكثير من االجتهادات ليس فقــط في التعريــف بالتجربة الشعرية المغربية ،ولكن أيضا في كشف دالالتها وميكانيزماتها الداخلية،
عبد اهلل راجـع
وعالقاتها بالقضايا األساسية األخرى .من السهل أن نقول بأن الكتابة الشعرية ينبغي أن تظل كتابة شعرية وليس سواها ،لكنها مرتبطة كذلك بالحياة التي نحياها ،وبالمحيط الذي نتطور به ،وبالقضايا المتعلقة بالحرية، وبالحقوق ،وبتراجيديات القمع ،ومرتبطة كذلك بالقضايا الوجودية األساسية ...الموت، الحب ،الحياة .ولذلك ال يمكن االكتفاء بالقول أن الكتابة الشعرية لها خصوصيتها ،وأن القصيدة ال يمكن أن تكتب إال بالقصيدة. نحن نكتب القصيدة بحياتنا ،ونكتبها أيضا بخصوصية الكتابة الشعرية .والتوفيق بين هذين األمرين ،أو خلق التوازن بينهما هو الذي يصنع تجربة شعرية عميقة ،أو سطحية أو دائمة .لذلك أعتبر كل االجتهادات التي قامت بها الجامعة المغربية في عهد ما ،ولألسف أن ذلك توقف بطريقة درامية اآلن ،االجتهادات التي حملها باألساس شعراء مخلصون للشعر، مثل محمد بنيس ،عبداهلل راجع ،وفيما بعد أحمد المجاطي ،وآخرون اجتهدوا في تقديم التجربة الشعرية المغربية كتجربة وليس فقط كقصائد متفرقة ،دون أن ننسى مسألة أساسية هي أن في عمق هذا االهتمام النظري والنقدي يوجد أيضا شاغل أساسي وهو محاولة إيجاد هوية للتجربة الشعرية المغربية .نحن نشأنا وتطورنا في ظل التجربة الشعرية المشرقية ،واالنسالخ عن هذه التجربة( ،االنسالخ اإليجابي أي بمعنى النضج)
• أحسست أني معنـي بإثـارة سؤال المقاربات النقدية التي رافقت القصيدة المغربية على اعتبار أن هذه المقاربات، ربما ،وقعـت في نـوع من «االنفــالت النظري» وتعاطت مع تجربتنا بكثير من التعسف ،خصوصا أطروحة محمد بنيس التي حصـرت القصيدة الستينية في خيبة أفقها القومي ،واعتبرتهـا مجرد صدى للصوت المشرقي ،وأطروحــة عبد اهلل راجع التي حصرت جيل السبعينيات في األفق اإليديولوجي بنوع من التجني على مكتسباتها الجمالية. • • أظن أنه يجب وضع األطروحتين معا
في سياقهما التاريخي ،أطروحة محمد بنيس كانت في منتصف السبعينات ،وكانت التجربة الشعرية في المغرب قد بدأت تساءل نفسها. ولذلك كان مهما أن يضع محمد بنيس نوعا من الرسم البياني للتطور الذي عرفته القصيدة المغربية .وشخصيا لم أتقاسم كليا مع محمد بنيس رأيه في هذا الموضوع ،ولكن إذا رجعنا إلى ما كان يكتب في الستينات فقد كان بالفعل نوعا من الصدى ،وال يمكن أن ننكر ذلك .هناك بالتأكيد تجارب خرجت عن طوق الصدى ،وأصبحت صوتا خاصا ،لكنها لم تتبلور في شكل تجربة كاملة ومتماسكة .ربما فيما بعد ،مع جيل السبعينات أدى الوضع إلى تبلور تجربة ال تحاكي الصدى ،وتحاول أن تجد نفسها صوتها. بالنسبة لتجربة عبداهلل راجع أظن أنه كان من المهم جدا أن يعاد االعتبار لذلك االرتباط الخـاص بين المنحـى االحتجاجــي، وبين المنحى الشعري ،ألنه يجب أن ال ننسى أنه في تلك الفترة ساد نـوع من الموقـف التحقيري لهـذا التالقـي ،ونوع من اعتبار المضمون االحتجاجي والمضمون الفكري أو اإليديولوجي كما قيل( ،وأنا في اعتقادي لم يكن أبدا أيديولوجيا) أنه كان هو األساسي. أطروحة عبد اهلل راجع أرجعت ،أوال ،األمر ليس إلى مجرد وسيلة كتابية ،أي استعمال األفكار والمبادئ والقناعات كجزء من كتابة التجربة الشعرية. ولكن ينبغي إثارة االنتباه إلى أن المغرب عرف في تلك الفترة لحظات مأساوية من الناحية السياسية والحقوقية .فنحن نتحدث عن مرحلة كان فيها عدد من الشعراء المغاربة ومن األقالم األدبية وراء القضبان ،ولسنوات. والنظام السياسي كان نظاما قمعيا وشرسا، وكان ال يسمح بأي مساحة لحرية التعبير ،وال للتعبير الديمقراطي ،وال يعير اعتبارا لحقوق اإلنسان .وهذا األمر لم يعتبر شكليا بالنسبة
للشعــراء والكتــاب ،بل اعتبر جوهريا .في تلك الفترة أيضا كانت قد منعت الكثير من المجالت ،ومنها مجالت أنشأها كتاب وشعراء، مثل مجلة «الثقافة الجديدة» ،وقبلها مجلة «أنفاس» التي أنشأها عبداللطيف اللعبي، وبعدها مجلة «جسور» التي أنشأها األستاذ عبدالحميد عقار .وكلها مجالت منعت .ومنعت جريدة «المحرر» ،مثلما منعت جرائد أخرى. فهذا الوضع كانت له عالقة مباشرة بالوضع الثقافي واألدبي ،وال يمكن فصلهما .فإعادة االعتبـار لفكرة االحتجــاج ،وفكــرة االستشهاد هي مسألــة مرتبطة بتاريخها الخاص ،مع العلم أن األستاذ عبداهلل راجع لم يقف فقط عند هذه الفكرة بل أيضا حلل التجارب الشعرية في السبعينات وأبرز أيضا إنجازاتها الفنية واألدبية.
• مســار محمــد األشعــري الشعــري عرف مراحل متنوعــة حقــق من خاللـه «إبداالت» واضحة ،في االختيارات الفنية والمعرفية .انتقـل هـذا المسار بقصيدة محمد األشعري ،ربما ،من سياقها الوطني والعربي ليجعلها تعانق أسئلة وجودية إنسانية وكونية رحبة .يظهـر «اإلبدال» بجالء عند مطالة مختلف دواوينك. • • أنا سعيد أن يكون قد حدث ذلك، كنت سأكون بئيسا لو استمرت كتابتي الشعرية على منوال واحد .أحاول أن أقوم بجهد بخصوص عالقتي بالكتابة الشعرية، وأيضا بخصوص فهمي للرؤية الشعرية. فأنا أعتبر أن الشعر في العالم يجب أن يكون عائلتنا األساسية ،وأن ال نعتبر االمر وكأننا ننتمي إلى قبيلة شعرية. اآلن نحن ننتمي إلى العالم ،وما ينجزه العالم في المجال الشعري يجب أن يهمنا. وبالطبع نحن عندما فتحنا أعيننا على الكتابة وعلى الحياة ،كان ما يهمنا هو المواجهة المباشرة مع األشياء التي نجدها أمامنا سالبة للحرية أو سالبة لإلرادة .هذا األمر لم يكن فقط اختيارا سياسيا بل كان اختيارا
شعريا أيضا .وأنا ال أتفق مع الذين وضعوا كل تجربة جيلنا ،في مرحلة ما ،داخل قالب إيديولوجي ،ثم بعد ذلك داخل قالب القطيعة مع اإليديولوجي .إذا كانت لإلنسان قناعات ومبادئ وأفكار فسيحملها معه في كل فترة من فترات حياته ،ولن يتخلى عنها ليكتب ما ال يقع تحت تأثير أفكاره واختياراته ومبادئه. ال أظن أن األمــر يقـع بهذه الميكانيكية. لكن بخصوص العالقة مع اللغة ،ومع الرؤية الشعرية ،ومع الشعريات األخرى التي نستفيد منها ونستمع إليها فاألمر يندرج في إطار نوع من التحول الثقافي ،وليس فقط تحول شعري .عندما يصبح اإلنسان على اهتمام أوسع بالقضايا التي تطرحها الكتابة ،فإنه ال يمكن أن يسمح لنفسه بالبقاء في المناطق المتخلفة لما تقدمه تجربة الشعر في العالم. البد أن ينخرط فيها .وأظن أن هذا هو وضع كثير من شعــراء السبعينات الذين كتبوا بأصوات حادة في البداية ،أصوات االحتجاج وأصوات الدفاع عن األفكار ،غير أنهم كتبوا ذلك بأدوات شعرية ،ولم يكتبوها على شكل بيانات سياسية. هنـــاك من كتـب على شكــل بيانـــات سياسية ،وكثير من الشعراء كتبوا أشياء لها وقع سياسي قوي ،ولكن كتبوها بأدوات شعرية متقدمة .ثم بعد ذلك طوروا عالقتهم بالكتابة حيث صارت بنفس آخر ،بنفس جديد. أحيانا يحاكم الشعــر على هذا التحول، وكأنـــه هو المســؤول عن هزيمة األفكــار التقدمية وأفكار اليسار واألفكار الثورية .األفكار الثورية واليسارية انهزمت في اصطدامها مع صخرة الواقع ،انهزمت في الساحة السياسية، وانهزمت في الساحة االجتماعية .وإذا كانت قد انهزمت فيجــب أن ال ننكــر أنها حققت انتصارات هامــة في وضعنـــا المغربي على األخص. الشعــر ليس سبـب االنتكاســات التي حدثت ،وليس هو المنتكس ،بل بالعكس فقد استمر فيما بعد ،واستطاع أن ينتصر على االحباط الذي تسببت فيه هذه االنتكاسات.
(يتبع في نفس السؤال)
محمد بني�س