محمد األشعري
ضيف سلسلة «تذكرة سفر»
الحلقة السادسة
أنا مع الحرية المطلقة في الكتابة ،مع حرية الذين يريدون أن ينتجوا نصوصا رديئة ،وهذا ال يضايقني. بالطبع نحن قبل عشر سنوات كنا ننتج أقل من خمس روايات في السنة ،واآلن ننتج 270رواية في السنة. الصفحة 20
تحديات الدخول المدرسي 2020-2019
لننسى ونبدأ من جديد
صفحة 8
عائشة الخطابي تتمنى نقل جثمان والدة والدها من أسفي إلى الحسيمة
رحيل الفنان الكبير
محمد خدي
إعالم جهوي متقدم املدير امل�س�ؤول :عبد احلق بخات ـ الهاتف 05.39.94.30.08 :ـ الفاك�س 05.39.94.57.09 : صفحة
4
العـدد 1010ـ الثمن 4دراهم ـ الثـالثــاء 10مـحـرم � 10 / 1441إلى � 16شـتنبـر 2019
صفحة
6
نهاية اإليديولوجيات كلمة الشمال عبد اإلله المويسي
في الوقت الذي يتساءل فيه المغاربة عن التشكيلة المرتقبة للحكومة ،بنا ًء على تعليمات الملك ،والمتعلقة بضخ دماء جديدة في شرايين بعض الهيئات التنفيذية واإلدارية ،لتنشيط نموذج جديد للتنمية ،وتسريع وتيرة اإلصالحات ،وإعادة صياغة االستراتيجيات القطاعية ،وفي الوقت الذي يكون فيه من المتوقع أن يؤدي التعديل الوزاري إلى اعتماد استراتيجية هيكلية قائمة على أساس استبعاد «البروفايالت» المتسمة بالعجز وعدم الكفاءة اللذين شجبهما الملك ،وشجب معهما االحتكام في أداءات تدبير شؤون البالد إلى الحسابات القائمة على المرجعيات السياسوية واالفتراضات والنظريات المتعالية ،يتراءى في األفق التنموي أن المرحلة أصبحت تستدعي لزاما التوجه نحو اإلجابة الواقعية والفورية عن انتظارات الوطن المتصلة مباشرة بتحقيق مستلزماته االقتصادية واالجتماعية والثقافية في مدارات حياته المعيشية. لم يعد المغاربة اليوم على استعداد لالستماع إلى التحليالت المرجعية اإليديولوجية في ما يتعلق باحتياجاتهم في العيش ،بقدر ما ترسخت لديهم القناعات بأنهم في حاجة إلى مرجعية قائمة على أساس رفع األرقام المتعلقة بمؤشرات التنمية ،ورفع درجات التعاطي «التقنوقراطي» المتفاعل باستمرار مع متطلبات السوق الوطنية والعالمية. المغاربة في حاجة إلى هذا النموذج التنموي الجديد ،الذي يعدهم بتحقيق آمالهم ،ويعدهم بوقف نزيف آالمهم. المغاربة في حاجة إلى نموذج تنموي حيادي يقوم على أساس «الوصف» بما هو وعي علمي بحقيقة الواقع ،وليس على أساس «اليوتوبيا». ولن يتم االنتقال إلى ذلك إال بنهاية أسطورة «اإليديولوجيا» ،وميالد عصر الولوج إلى الضرورات اآلنية الملحة. قبل أكثر من خمسين سنة تحدث الفيلسوف الفرنسي «غاستون باشالر» عن علم في صورته الجنينية يحقق القطيعة اإلبيستيمولوجية، ويتحول إلى خطاب «وصفي حيادي».
جريدة يوميـة جهـوية وطنية ت�صدر م� ً ؤقتـا كـل �أ�سبـوع • الإدارة ،التحريـر ،الإ�شهـار 7 :مكرر ،زنقة عمر بن عبد العزيـز • الربيد الإلكـرتونـي info@achamal.ma :ـ املوقع الإلكرتوين www.achamal.ma :
العدد 1010
2
الثالثـاء � 10إلى � 16شتنرب 2019
وجهة نظر : يومية جهوية وطنية ت�صدر م� ًؤقتا كل �أ�سبوع
املوقع الإلكرتوين :
«مجانية» فايسبوك موضوع تساؤل مغارات..
المدير المسؤول :
عبد احلــق بخــات
عبد الإلـه املـوي�سـي
محمد سدحي
sadhimed@gmail.com
atlati.mohammed@gmail.com
في طريقي من مدرسـة النجـاح ،سمعـت أصواتـاً صاخبة «تتقاجح» خارجة «سخونة» من صندوق العجب المسمى «قانون اإلطار»... ً وفي هذا اإلطار ،يعجبني كثيرا مثل هذه المناوشات ،خاصة إذا كان أبطالها يقتبسون من بطمان وسوبرمان ،وفي هذه الحال «عزيمان» وبنكيرانمان»... أنا تلميذ قديم ،وفهمي على قد الحال ،ورصيدي من قاموس (التربية والتعليم (ضئيل جداً ،وسوف لن أتمتع ،في يوم من األيام، بالعضوية في (المجلس األعلى للتربية والتكوين) ،ويصعب علي أن أفك طالسم هذه المسكوكات اللغوية التربوية التي تبدو، على األقل بالنسبة إلي ،غاية في «التكتيف» (ضاعت مني نقطة الثاء ،معذرة لمقدمة لسانكم السليم) ،شيء هلل أسيدي الكتفي مولى «الفراجة»؛ كتفي على كتفك حتى نبلغ المقصود ...قال لك: «قانون اإلطار»« ،التحديث»« ،التقدم»« ،مدرسة النجاح» وسرْ وسرْ ،تتعرض للنسف من قبل «األبجديين» الذين يريدون لبالدنا أن تحرم مما أنعم اهلل عليها من غنيمة الحرب في زمن االستعمار الفرنسي الخالد ...قال« :نتفة من االستعمار وما يمشي فالت»! وجاء صوت رجل مبحوح من الجهة األخرى للمدينة ،رجل مكسور الجناح ،يلعق جراحه ويتوعد خصومه في الداخل والخارج بقلب الطاوالت ،ولم ال الرشق بالصحون ،مادامت (شرعية الحزب انتهت) وظهرت الخبزة البيضاء من السوداء ،وحلت (الفضيحة والكارثة والمصيبة) وال أمانة (لألمانة العامة) بعد هذا الذي حصل وفصل بين العربية والفرنسية من مقال... حلف «عبإياله» (بلهجتنا في شمال الوطن) بحلوفه حتى يقف في صف المقرئ أبي زيد وصاحبه ،ضد العثماني رئيس المحكومة والناس «اللي معاه» الضاربين السداسي في الخماسي والماضين، طوعاً ،في االتجاه الذي يشتهيه الضغط ،حيث الحوت الكبير واكل شارب ،والصغير ال يرفع الشارب على الغارب... اختلط الحابل بالنابل بالقنابل ،كالم ينرفز وآخر يجرح القلب ويكفأ القب بالذي فيه ،وأنا المسكين ،التلميذ القديم «اللي ما فحاليش» ال أستقر على موقف بين المواقف الضاجة باللغط و«اللهط»... يا قوم ! أشفق ،ويشفق الشفق ،لحالكم! أتختلفون حول لغة التدريس وفيكم محمد الهرادي؟ شيء هلل يا سيدي.. ّ الرجل ،طل علينا ،منذ شبابه ،من حجرة الدرس وهو يكرع من فيض اللغات ،ولم يكن يعرفه منا أحد ،حتى أتاه النقد واإلبداع ،أو أتانا بالنقد راكباً السيمكا وأمامه طريق طويل جد وعر ...والديك (ديك الشمال) على رأسه ..وكالمه مفهوم مفهوم يا ولدي ،ال يتكلم السريانية ،لغة المالئكة واألطفال ،بل يتكلم بالمفاتيح ،لغة األولياء واألوتاد ...ثم لم يعد يره منا أحد .ال شك أنه اختفى في موالي بوسلهام. قبل أن أضع نقطة لباء «بوسلهام» ،وكنت قد جلست في باحة «مقهى بالدي» ،باغتني صوت رخيم من جهة يساري تسبقه رائحة عطر بارزي رائعة؛ سيدة في منتصف العمر ،تعرض ابتسامة أصيلة وتقول ملتمسة: • اسمح لي آسيدي. ça ne vous dérange pas ? .. أجبتها بتلقائية: • Pas du tout, allez y أخذت الكرسي الذي كان أمامي فارغاً ،ورامت جماعتها في الطاولة بجاني؛ رجل مسن (جد؟) وسيدة متقدمة في السن (جدة؟) وكهل (إبن/أب؟) وأطفال من مختلف األعمار (أبناء/أحفاد؟)... كؤوس المحبة تدور والحديث العائلي يدور بسالسة متناهية، خليط متجانس من العربية الفرنسية ،وكل شيء على ما يرام... • نلتقي!
ت�صدر عن مطبعة جريدة طنجة
رئيس التحرير :
محمد العطالتي
أتختلفون في أمر لغة التدريس وفيكم محمد الهرادي؟
www.achamal.com
لقد شهد العالم والجنس البشري ،على امتداد تاريخه ،ثورات متعددة وعلى فترات متباعدة ،كانت السبب المباشر في انتقال هذا العالم ،مرة تلو أخرى، نحو مزيد من التقدم والتطويــر إلى األفضــل في مجاالت الحياة ،سواء تعلق األمر بالعلوم الدقيقة أو العلوم اإلنسانية ،وبهكذا شكل انتقل اإلنسان ،على سبيل التمثيل ،من مرحلة التداوي بالبركات المأمولة والخرافات األسطورية ،نحو مرحلة العالج اعتمادا على الطب باعتباره علما قائما على قواعد معروفة ومناهج دقيقة ال حظ فيها للشعوذة والخيال. الثابت في تاريخ الثورات أنها شملت كل المجاالت التي تهم حياة اإلنسان سواء تعلق األمر في ذلك بما يخص تنظيم عالقته مع شقيقه اإلنسان ،أم ارتبط األمر برؤيته للطبيعة وإمكانيات تفسير المبهم منها، لكن تلك الثورات كلها لم تكن لتتحقق وتنجز المأمول منها إال باإلعتماد على عنصر فريد ووحيد هو امتالك «المعلومة» حول الموضوع ،فالحصول على المعلومة يصنع القدرة على كشف الحقائق ويفتح الطريق التخاذ ما يعتبر عائدا بالنفع ،في نظر مالك المعلومة. الشك أن الكثير من عامة الناس ال زالوا تحت تأثير حالة االنبهار من تداعيات الثورة الرقمية وااللكترونية التي أنتجت وضعا جديدا ومتجددا فيما يرجع لتعامالت الناس فيما بينهم ،وضع يسمح بتجاوز الحدود دون االكتراث بالحواجز المادية أو االهتمام بالحصول على تأشيرات قنصلية ،وفي هذا السياق الخارق للحدود أضحى الفايسبوك ،وهو أحد مواقع ما يعتبر تواصال اجتماعيا ،الرقم األول في تداول «المعلومة» بين منخرطين تتضاعف أعدادهم بمتتالية هندسية كل يوم. إن حالة االنبهار التي طبعت تعامل مستهلكي الخدمات التواصلية مع موقع مثل فايسبوك تبدو جلية للناظر المتأمل ،وهي بالمناسبة حالة مشروعة ومعقولة من جهة المنطق ،فالموقع األمريكي يقدم في واقع األمر خدمات فائقة ومجاال أفسح بكثير مما هو معتاد في السابق للتجول في أرجاء العالم ونشر ما يرغب في نشره ،أو أخذ ما يراد منه ،والمدهش في األمر أن خدمة الفايسبوك ،كما تشير إلى ذلك صفحتها الدعائية ،هي خدمة مجانية وستبقى كذلك على الدوام. إنه انبهار إنساني إزاء هذه الخدمة ،لكنه ،مع ذلك، يحجب عقل الناس عن التساؤل :هل هي بالفعل خدمة مجانية ؟ وهل قواعد اللبرالية ،التي ولد الفايسبوك في أحضانها ،تؤمن حقا بمفهوم اسمه «مجانية»؟ وجدير بالذكر في هذا الخصوص القول إن ثروة مؤسس ومالك شركة فيس بوك ،تبلغ أزيد من 40مليار دوالر، باإلضافة إلى عقارات وأبنية تتخذها الشركة مقرا لها بوالية كاليفورنيا األمريكية .وربما كان هذا دليال يبعث
هيئة التحرير :
على التساؤل حول ما إذا كانت مؤسسة فايسبوك تقدم فعال خدماتها للمشتركين دون دفع دوالر واحد ،أم أنها تحصل على عائدات ضخمة بطريقة تظل مجهولة المعالم بالنسبة للعوام. إن المشترك في خدمة مواقع التواصل االجتماعي يعتقد أنه أبرم صفقة مربحة ،يتمكن بواسطتها من نيل ما يريده دون مقابل مادي ،ويؤمن بإنه الطرف الرابح في صفقة تسمح له ،في آن واحد ،بنشر المعلومة وتلقيها ،لكن الحقيقة غير ذلك إطالقا ،فالمعلوم أن المشترك الجديد ،في مرحلة أولى ،يجد نفسه حينما يرغب في فتح حساب على موقع الفايسبوك مجبرا على اإلدالء بمعلومات عن سنه وجنسه وبلد إقامته إلى غير ذلك من البيانات «الشخصية» ،وهي معلومات يعتبرها الناس ،بسبب بساطتها ،تافهة وغير ذات قيمة أو تأثير، غير أن األمر يتطور نحو درجة أكثر تعقيدا من فهم العقل العادي ،إذ يجد المشترك نفسه أمام حرية اختيار الضغط على زر دون غيره األزرار ،سواء تعلق األمر بنشر تدوينة أو التعبير عن إحساس أو حتى االعتراض على شيء والتبليغ عنه ،إنها عملية سهلة في ظاهرها ،لكنها تمكن إدارة الشركة من معلومات «مشفرة» يمكن االعتماد عليها في فهم طريقة تفكير المجتمعات وهو ما يعتبر مدخال كبيرا للتحكم فيها. إن األمر يضع إدارة الفايسبوك ،ومقرها الواليات المتحدة األمريكية ،أمام سيل عارم من المعلومات تخص أزيد من ملياري مشترك ،وبالطبع ،فإن شركة عمالقة كفايسبوك التي تتوفر على موارد بشرية غاية في البراعة البد أنها تشتغل على معالجة هذا السيل العارم من «المعلومة» بحسب نوعيتها وطبيعتها قصد تخزينها قبل مسألة توظيفها ،من خالل إخضاع السلوك المعبر عنه بواسطة «التواصل االجتماعي» للدراسة واستقراء هذا السلوك بغاية امتالك المعلومة الدقيقة، وهو جهد استثماري البد أن تكون وراءه أهداف ربحية، مادية كانت أو أدبية أو حتى ألهداف سياسية.و حينما تتوفر المعلومة لطرف ما فإن ذلك يجعل منه الطرف األقوى على الطرف الذي ال يملك من المعلومة شيئا. المعنى الواضح من كل هذا الكالم هو أن أمريكا سيدة العالم وتسعى للبقــاء على رأسه ،ليس فقط باعتبارها قوة عسكرية واقتصادية وعلمية هائلة، بل ألنها امتلكت ناصية العلم والمعلومة ،ولعل هذا يفسر بشكل واضح كيف سعى مؤسس موقع فايسبوك مارك زوكربيرج تعلم جميع لغات وثقافات العالم ،فقد اقتنع ،علميا ،بأن امتالك المعلومة هو رأس الحربة الستغالل الجاهل بالمعلومة في العالم الذي يعرف ثورة معلوماتية !.
عبد اللطيف �شهبون زبيـدة الورياغلـي �أ�سامـة الزكــاري ر�ضوان احدادو هدى املجاطـي �أبو اخلري النا�صري عبد احلـي مفتـاح محمد �إمغــران م�صطفى ال�سباعي محمد �سدحــي اإلدارة واإلشهار والعالقات العامة :
محمد طارق بخات اإلخراج والتصفيف:
«جريدة ال�شمال» عنوان التحرير والمراسالت والتسويق واإلشهار :
7مـكـــرر ،زنقـة عمــر بــن عبد العزيز ـ طنجــة ـ الهاتــف : 05.39.94.30.08 06.22.45.30.67 الفاكــ�س :
05.39.94.57.09 الربيد الإلكرتوين :
info@achamal.com achamal2000 @gmail.com سحب من هذا العدد :
� 10آالف ن�سخــة التوزيع:
�سبـريــ�س Sapress الإيداع القانوين99/10 : ر.د.م.ك:
I.S.S.N : 1114-1832
الثالثـاء � 10إلى � 16شتنرب 2019
العدد 1010
درد
شة
م�صطفى حجاج
دردشة حين يفاتحني شخص في موضوع يهم المدينة ،مثل مشروع ملعب الملليين الذي أُقبر، ويستفسرني عن موقف جمعية تطاون أسمير منه ،أشعر أنه ينتقص من األدوار التي تضطلع بها هذه الجمعية ،أو يشكك فيها. وشأنه هذا ،شأن الكثيرين الذين ال يتفاعلون مع الجمعية ،وال يحضرون منتدياتها ،وال يزورون مقرها ،ولو زيارة وُدّ ومجاملة. وإذا بدا لهم الحديث عن أعضائها ،فإنهم ال يذكرونهم بخير ،وإنما يصفونهم بالغطرسة ُّ والتزلف إلى المسؤولين ،و. .... وحب الظهور، وينسون أو يتناسوْن ،أن هذه الجمعية التي تأسست على تقوى من اهلل ورضوان ،بداية سنة ،1995وضعت هدفاً سامياً تعمل من أجله ،هو ردُّ االعتبار لمدينة تطوان. وقد يسر اهلل لها الطريق ،وهداها سواء السبيل ،فتوفقت في نفض الغبار عن المدينة العتيقة ،وكان للزيارة الملكية التي تمت يوم سادس دجنبر ،2011أثر وأي أثر .فقد تهيكلت وترممت ،بناء على الملتمس الذي رفعته إلى صاحب الجاللة يوم 30غشت ،2006حين دشن جاللته المحطة الطرقية ،واستقبل أعضاء مكتب الجمعية. وجاء التقرير الذي بعثه عضو الجمعية الدكتور امحمد بن عبود إلى مستشار صاحب الجاللة ،مفصّ ً ال فيه بالبيانات واألرقام ،التقصير الذي وقع في تنفيذ المشروع الملكي ،ليحرك هذا الملف .فقد أبى صاحب الجاللة إال أن يخص تطوان ،ومعها المدن العتيقة األخرى ،بمبالغ مهمة من أجل إتمام اإلصالح. وال يقدّر المتتبعون للجمعية حقَّ التقدير ،ما تبذله من جهود قصد تخليص الملك العام من أيدي الباعة الجوالين ،وما تبذله في سبيل ربط تطوان جوياً ،بعدد من المدن في الداخل والخارج ،فقد وقفت ضد قرار حذف خط تطوان -الحسيمة .وسارعت إلى المطالبة بفتح خط جوي بين تطوان ومالقة ،وفاتحت السيد عامل اإلقليم في إحداث خطوط أخرى. كما ال يقدرون االتصاالت التي نجريها مع السادة والة وعمال صاحب الجاللة والمسؤولين في اإلدارة المركزية ،لصالح المدينـة ،فنجد فيهـم اآلذان الصاغية ،واالستجابة الفورية. وإذا كان ملعب الملليين هو الذي جرَّنا إلى قول ما قلناه ،فإن هذا الملعب كان يندرج - كما يعلم الجميع -في سلسلة المشاريع الملكية .لكنه تعثر ،ثم توقف ثم جاء وزير الشبيبة والرياضة المحترم ،ليخبرنا في جلسة برلمانية ،أن هناك أولويات ،جعلت وزارته تضعه في قاعة أو قائمة االنتظار. وستدرج هذه النقطة في أول اجتماع تعقده الجمعية إن شاء اهلل.
ما بعد العطلة حرب الطاكسيات الكبيرة بين طنجة وتطوان عندما حططت الرحال في طنجة عابرا منها إلى مدينتي ،التقيت بالمفاجأة األولى؛ إنها الحرب التي لم تضع أوزارها بين طاكسيات طنجة وتطوان ،والتي ترتب عنها زيادة في ثمن النقل إلى شفشاون؛ زيادة تنزع من جيب الزبون. أصل هذه الحرب أو شرارتها كما يحكى هو عدم توافق نقالة تطوان وطنجة على منهجية ناجعة للنقل بين طنجة و محيط تطوان كمارتيل والمضيق وغيرهما الذي يعتبر نقالة تطوان استغالل خطوطه حقا مكتسبا لهم ،وقد ترتب عن عدم التوافق منع ومنع مضاد في االتجاهين؛ و بال شك أن البراق هو الذي خلق هذه الوضعية بجعله طنجة معبرا رئيسيا لزوار مدن الشمال األخرى. إنها فوضى عارمة ويصفها البعض ب»السيبة» ،فالنقل العمومي بين المدن يستند إلى قانون وتنظمه ضوابط ،ويتساءل المتسائلون أين هي السلطة التنظيمية ،أين هي الدولة لوقف هذا العبث الذي يسيئ إلى البلد، وإلى جهة طنجة تطوان الوجهة السياحية المتوسطية التي ال منافس لها...؟.! حريق غابة «عشاشة تاسيفت» بالمنتــــزه الطبيعـــي الوطنـــي لتالسمطان : كــــان رنين عــراك الرئيس الفرنسي مع الرئيس البرازيلي حول ضرورة حماية غابة األمازون من الحرائق وغيرها لم يبرح أذني، من زجاج نافذة الطاكسي كانت سماء الطريق إلى شفشاون ،و من جانب منتجع أقشور خاصة ،ملبدة بما يشبه الغيوم؛ إنه دخان لهيب الحرائق ،قال لي السائق ،نار اشتعلت منذ خمسة أيام ولم تنطفئ جراء الحالة الجوية وصعوبة المسالك. أطرقت حزنا ألنني أعرف أن الغابة تاج يفل فوق هامات إقليم شفشاون، فرغم جميع المجهودات المالية و المادية والتحسيسية لحمايتها كان تراجع المساحات سيد الموقف ،بسبب تغير نمط اإلنتاج واالستهالك ،وغياب وعي مدني مواطني حاد بأهميتها كثروة مستدامة صعبة التعويض... قلت في نفسي :لك اهلل يا غابة شفشاون في زمن عم فيه الخطاب حول البيئة و التنمية المستدامة والتغيرات المناخية ،وقد ال ينفذ هذا الخطاب إلى شغاف القلوب و رماد العقول ويصبح فعال إلى بعد أن يكون التصحر قد زحف إلى غير رجعة ،وآنذاك ال ينفع الندم .! تحرير الملك العام الجماعي بمدينة شفشاون: عاش جيلي و األجيال السابقة فترات القضايا النهضوية الكبرى :تحرير األرض والوطن ،تحرير المرأة ،تحرير العقل ،تحرير اإلنسان...خفت شعاع هذه القضايا جمرة جمرة بفعل االنتكاسات المتكررة واإلحباطات المتتالية ،فعلت المنابر والمنصات القضايا الصغرى التي كانت تظهر ثانوية عابرة. أسباب نزول هذا الكالم تسونامي تحرير الملك العام الجماعي التي تشهده مدينة شفشاون على غرار مدن أخرى ،والذي يعبر المدينة طوال وعرضا لتطهيرها من الزوائد غير المرخصة ،حيث خلف هذا التسونامي أطنانا
3
عبد الحي مفتاح
من المخلفات وكشف عن عقود من استباحة األرصفة والممرات والجدران، والشوارع واألحياء والساحات ،و الماء والهواء ...بالصلب والحديد والبالسيتك،... وكأن المدينة كانت شبحا في يد عفريت. لم يكن أحد يعتقد أن هذا التسونامي قادم ،بل كان كل من يعارض بل ينتقد ظاهرة احتالل الملك العام التي كادت أن تصبح حقا من الحقوق المدنية، يتعرض للتهكم و التسفيه وكأنه نازل من كوكب آخر. خوضي في هذا الموضوع ليس من باب الشماتة في أحد بل من باب االنتماء إلى حاضرة مغربية أندلسية عريقة ،قدر اهلل أن تحتضنني كما احتضنت وتحتضن اآلالف غيري ،لذلك فعدة أسئلة استفزتني وأنا أسمع ما أسمع عن هذا التسونامي ،والناس بين مصفق ومشكك ،ورافض ومؤيد ،وناقم ومبارك ومتضامن: كيف وصلت المدينة إلى هذه الحال من االستباحة،؟ وهل كان منالضروري أن تصل إلى هذه الحالة المزرية المؤسفة ،خاصة في العقد األخير، بعد الطفرة السياحية وبركة اللة منانة وبناتها ودارها ...دون حسيب أو رقيب؟؛ من استفاد حقيقة من احتاللالملك العام الجماعي في حين أن عامة سكان المدينة ،وخاصة التجار، كانوا ينظرون مشدوهين إلى هذه الظاهرة الطفيلية الدخيلة التي تبتلع رزقهم وترمي بهم إلى الهامـــش وتذيقهم البؤس ،وهم متشبعون بقواعد التجارة الحرة وأصول المهنة أبا عن جد ،صابرون منتظرون الفرج...؟. ماذا جنت المدينة من عوائدالتجارة غير المهيكلة و األنشطة الطفيلية غير الحوادث والكسور والجروح...؟، ولماذا لم يبادر المدبرون إلى آليات إلدماج األنشطة الطفيلية في الدورة االقتصادية المهيكلة من أجل تحسين البنية التحتية للمدينة وتشجيع االستثمار الخالق لفرص الشغل؟. هل كانت برامج التأهيل والتنمية التي كلفت مبالغ مالية هائلة ضروريةفي مدينة أهملت لسنين ال يدافع فيها بعض من يتقلدون أمرها ،عن جهل وتخلف أو انتهازية وسبق إصرار ،عن أولوية األولويات وهي حق سكانها في التمتع بمدينتهم وبجمالها و بهوائها ومائها وهدوئها وسكينتها ،وبالكرامة التي تتناقض مع الفوضى والهشاشة والبلطجية سواء في السياحة أو التجارة أو المعمار أو النقل أو السكن أوالسير والجوالن...؟. البارحة قمت بجولة في مدينتي اتسعت رؤيتي وشممت هواء نقيا وشربت ماء باردا ،...ولكن لن أتنفس الصعداء إال لما أسمع أن أولي األمر اجتمعوا لدراسة االنعكاسات االجتماعية لتسونامي التحرير ومعالجة الوضعية اإلنسانية بتنزيل حلول مقبولة في آجال مقبولة تجبر أخطاء الماضي وترسم الطريق إلى مستقبل يحلو فيه العيش المشترك بين أبناء المدينة بمختلف شرائحهم في تناغم بين الحياة اليومية والسياحة والتجارة وباقي األنشطة.
زيارة.. عبد اللطيف �شهبون
abdelchahboun@hotmail.com
بين حين وحين أقرأ لصديق عزيز مكتوباته التي يحلو له توقيعها بعبارة « :غبار المسلمين» أو «القاعد الماشي». «غبار المسلمين» عاش فقيرا دائم الرحلة الذوقية لمنابع النور الرباني صدقا وتجردا ومحبة. يستن «غبار المسلمين» طرائق مخصوصة للتعبير عن رقائق وحقائق ودقائق. يصوغ كل ذلك في أجناس تؤلف بين نثر منسوج في لغة عليا وقص رامز بتلويح مستميل وشعر جامع بين تكثيف وتوسيع.. زارني «غبــار المسلمين» فانتهزتهــا مناسبــة مباركـة ميمونة الستفساره عن بعض سر ما يقول ؟ قال لي : ما يصدر عني يلقى علي في حال اصطالمي وسكرتي .. ما أنا بذائع سري سري يكشفه شيخي المربي الحي ؛ قوال وفعال وتدوينا؛ لكونه مسنودا بثقة مواله الذي منحه طهارة القلب وعلم التوحيد ومعرفة اآلالء ،وأنوار هذه المعرفة ال تنطفئ؛ ذلك أن لون مائه هو لون إنائه ؛ ال وقت له ،وهو ابن وقتــه.. تابع «غبار المسلمين» مخاطبا لي : افن نفسك في شيخك المربي حتى تكون مستعدا للفناء في الحقيقة المحمدية تمهيدا لفنائك في الحقيقة الربانية المطلقة .ال بد أن يكون لك استعداد قبلي ،فافهم بالغة قولي : • بالغة وارد حق يزعج قلبي إلى اهلل ..فإذا أصغيت إلى قولي بحق تحققت. • أصخ سمع قلبك لمعناي ،وال تسمع صوتي. قلت له : وما حكاية ليالك ؟ قال لي : • ليالي إشارة لموالي • آدمية اإلسم إشارة حسية لجمال أزلي . أال تذكر قول ابن الفارض : وتظهر للع�شــاق يف كل مظهــــر من اللب�س يف �أ�شكال ح�سن بديعة ففي مرة لبنـــى ،و�أخرى بثينة و�آونة تدعــــــــــى بعـزة عـزت ول�سنا �سواها ،ال ،ولكن غريهـا وما �إن لها يف ح�سنهـا من �شريكـة أال تذكر قول ابن عربي : كل مــــــا �أذكره مــن طلــــــــــل �أو ربـوع � ،أو مغـــــــان ،كـل مــا وكذا �إن قلت :هي� ،أو قلت :هـو �أو همو � ،أو هن جمعــا � ،أو همــا كـل مـــــا �أذكـــره ممـــا جــــرى
ذكره � ،أو مثلـــه �أن تفهـمـــــــــا
منـه �أ�سرار و�أنوار جلـــــــــــــت �أو علت ،جـاء بهــا رب ال�سمـــــــا فا�صرف اخلاطر عن ظاهرهــــــا واطلـب الباطـن حتى تعلمـــــــــا بالغتي :معين ارتواء ودليل ابانة ،فانظر تر.
الشمال الفني 4
إشراف الفنان يوسف سعدون
العدد 1010ـ الثالثاء 10إلى 16شتنبر 2019
رحيل الفنان الكبري محمد خدي غادرنا إلى دار البقاء واحد من كبار الشاشة المغربية المرحوم الفنان المتعدد محمد خدي ،غادرنا بعد رحلة مع المرض وهو في سن الستين من عمره ،ولألسف، رحل دون أن ينال االهتمام المفروض باعتباره واحدا ممن كرسوا حياتهم للفن واإلبداع،كتب وأخرج العديد من المسرحيات والمسلسالت الكوميدية ،وشارك في أعمال سينمائية متعددة أهمها فيلم الرسالة والسيد «جونز».مسيرته الفنية غنية بالعطاء سواء في المجال المسرحي حيث انتمى لفرق مسرحية رائدة من حجم فرقة المعمورة وفرقة المسرح الوطني ومسرح اليوم والغد التي كان يشرف على إدارتها،كما كان له حضور في تدريس فنون المسرح بالمعهد العالي للفن الدرامي والمسرحي،أعماله توزعت بين أعمال تلفزية الزالت عالقة بالذاكرة ك «الشاش» ودار الغزالن،وأعمال مسرحية مثل جار ومجرور وغيرها.باإلضافة ألدائه في التمثيل ،كانت له مساهمات في كتابة السيناريو واإلخراج ..وكانت آخر أعماله المسرحية «على سبيل المثال»التي كتبها وأخرجها ،الراحل رغم هذا السخاء في العطاء الفني المتنوع ،كان زاهدا ولم يتطلع لمجد زائف ،وهذا االختيار جعله يقاوم المرض بكبرياء دون استجداء لمساعدة أو التفاتة.
�سيكولوجية الفن
ال جدال في أن الفن جزء ال يتجزأ من المجتمع ،وعمر الفن يرتبط بشكل ما بعمر اإلنسان .اذ أنه شكل من أشكال النشاط اإلجتماعي المتسم بالحركية الدائمة وعدم الثبات .يتأثر بالممارسة ،وبالصيرورة التاريخية و بتغير األنساق االجتماعية . لذا فالوقوف عند إشكاالته وفهمها ،ضرورة كبرى وليست مجرد مطلب ثانوي .فما هو الميدان اإلجتماعي الذي يتخذ من الوقائع الفنية مادة للدراسة .وما التعريف الذي نستطيع أن نحيط به هذا الميدان؟ إن فهم الفن هو من بين الطرق الفعالة لفهم المجتمع ،لما سبقت اإلشارة إليه من كون الفن لصيق باالنسان وشكل من أشكال تمظهراته. وبالنظر إلى ما دأب عليه علم االجتماع من محاوالت مستميتة لفهم وتفسير الظواهر االجتماعية عبر ميادينه المتنوعة والمختلفة، فقد صار الحديث عن الظواهر الفنية ال يتأتى إال من خالل ما يسمى بسوسيولوجيا الفن. و برز االهتمام السوسيولوجي لدراسة الظواهر الفنية بشكل كبير وواضح ،على مستوى الفنون الغربية و العربية على حد سواء. خاصة لما تعانيه هذه األخيـرة من أزمة ثقافية اجتماعية على مستوى الرؤية واألفكار والبنيات .مجمل القول أن سوسيولوجيا الفن هي ميدان مستقل من ميادين علم االجتماع ،مهمته التفكيك والبحث في كـل ما هـو فنـي اجتماعـي سواء األدب ،الموسيقى ،التشكيل، المسرح...
غاية سوسيولوجيا الفن إذن تتلخص في فهم وتفسير هذه الظواهر والتجارب الفنية واالنفتاح على الكيفية التي يمارس بها «الفنان» إنتاج منجزه اإلبداعي ،و التفكير في مكانته و إسهاماته في البنية العامة للمجتمع. وقد تنوعت المقاربات التي تناولت الظواهر الفنية بالدراسة ،بتنوع االتجاهات التي يتبناها علماء االجتماع أنفسهم .سنحاول بغنى موجز عرض البعض منها في طرح سريع.
ذاكرة فيلم
المقاربة البنيوية الوظيفية : يبرز اسم الباحث االجتماعي «دوركايم» بهذا االتجاه النظري، باإلضافة لـ «بارسوتز»و «سبنسر» وآخرون. تقوم البنيوية الوظيفية على تفسير الظواهر االجتماعية في شموليتها ،كبنية وكنظام متكامل .بالتالي فإن المقاربة السيوسيولوجية للظواهر الفنية ،تنطلق من البنية الثقافية الفكرية التي تحدد الفئة التي يطلق عليها اسم «فنانين» .ورصد ما ينتج عنها من عالقات داخل الكل أو داخل البناء االجتماعي. وما تعكسه وتحققه من تكامل وتناغم ،وما يطبعها من اتفاق وتماسك حول قيم جمعية معينة الجمال ،القبح ،الذوق...، فمحاولة فهم وتفكيك ودراسة طبيعة هذه األفكار والبنيات و الوقوف على تالحماتها هو ما يحقق لالتجاه البنيوي الوظيفي غايته.
المقاربة التفاعلية الرمزية : إن كان االتجاه البنيوي الوظيفي ينطلق من الظواهر في شموليتها، فإن االتجاه التفاعلي الرمزي الذي يمثله عالم االجتماع «ماكس فيبر» على عكسه تماما ،ينطلق من الفرد أي من الفنان نفسه .باعتبار أن هذا األخير جزء ال يتجزأ من المجتمع ،بالتالي فهو كائن فاعل يؤثر ويؤثر عليه. فهناك اتصاالت متبادلة تتسم بنوع من الرمزية ،ونتحدث هنا عن المنجز الفني تحديدا أكان رسما أو شعرا أو موسيقى أو قنوا ت تواصل رمزية فنية أخرى ،وما تخلفه من تفاعالت الفنان داخل المجتمع والكشف عن تصوراته حول قضايا مجتمعية من خالل منجزاته اإلبداعية.
المقاربة النقدية الصراعية :
اتخذ االتجاه المادي التاريخي أو ما يسمى باالتجاه النقدي ،من الصراع أداة لتفسير التحوالت االجتماعية .بمعنى أنه إن كان االتجاه البنيوي الوظيفي يقوم برصد التالحم والتناغم بين بنى المجتمع ،فإن يعتبر فيلم «المومياء» للمخرج المصري الراحل شادي عبد السالم من بين أهم األفالم في تاريخ السينما المصرية والعربية ،حيث اختير كأفضل فيلم عربي في استفتاء سنة . 2013كما أنه حصل على العديد من الجوائز المهمة من بينها :جائزة جورج سادول سنة 1970وجائزة النقاد في مهرجان قرطاج سنة 1970كأفضل فيلم روائي ،كما أنه لفت األنظار في مهرجانات عالمية مثل :مهرجان لندن الدولي وفينيسيا و لوكارنو. لم يعرض الفيلم في القاعات السينمائية إال سنة ،1970رغم إنتاجة سنة ،1969عقــب أجـواء اإلنتفــاضـة الطالبيــة بفرنســا، وكانت أيضا أجواء هزيمـة 1967ما زالت مخيمة على العالم العربي . لم يلق فيلم «المومياء» نجاحا جماهيريا في مصر ألسباب كثيرة ،لخصها النقاد في أسلــوب شـــادي عبد السالم الجديـــد على الجمهور ،الذي لم يتعود فيلما باللغة العربية الفصحى ،ولم يتعود أيضا على مشاهدة أفالم تعالج قضايا سياسية أو اجتماعية بأسلوب غامض يطرح األسئلة الشائكة .فالعين العربية في هذه المرحلة لم تكن مهيأة الستقبال فيلم مختلف . ينطلق الفيلم من قصة واقعية حدثت بإحدى قرى مصر المعروفة بوجود آثار فرعونية على أرضها ،وكان سكانها يعيشون على حفر القبور ونهبها لبيع ما بداخلها من أجل لقمة العيش .وعند زيارة بعثة علمية للمنطقة ،رافقها أحد أبناء القرية (بطل الفيلم) وكان
املــومـيــــاء • محمد عابد
بطاقة تقنية : إخراج :شادي عبد السالم ()1986/1930 البلد :مصر إنتاج سنة 1969 : قصة وسيناريو :شادي عبد السالم حوار :عالء الديب مونتاج :كمال أبو العال موسيقى تصويرية :ماريو ناشيمبيني مدير التصوير :عبد العزيز فهمي تشخيص :أحمد مرعي – نادية لطفي – زوزو حمدي الحكيم – أحمد حجازي وآخرون مدة العرض 102 :دقيقة
حنان �أورق
االتجاه المادي على العكس منه تماما يحاول الوقوف على تلك الدينامية والصراع بين مكونات النسق االجتماعي .فالفن كظاهرة اجتماعية هي جزء من السياق السوسيواقتصادي للمجتمع .بالتالي فإن مجال البحث يشمل المنتج الفني ،طبيعته ،والظروف التي صاحبت إنتاجه ،والفئة المنتجة له كطبقة تحتل مكانتها ضمن الهرم المجتمعي ،وتملك رساميل مختلفة .رأسماال ثقافيا واجتماعيا واقتصاديا ورمزيا .تعيد إنتاجها عبر آليات صراع محددة.
فوجود الفنان حسب هذا االتجاه المادي التاريخـي والذي يتمركـز الفيلسوف وعالم االجتماع «ماركس» على قمته يتحدد بشكل جلي بظروف اإلنتاج .
خالصة القول ،أننا كمجتمع مغربي يشهد تراكمات كمية ولما ال نوعية متواضعة ،بالمجال الفني ،في أمس الحاجة لمقاربة سوسيوفنية. تقوم بتناول الظواهر الفنية والمنجزات الثقافية ،بالتفكيك ،التشريح ، التمحيص والدراسة .وتضعنا كمتذوقة وكفنانين وكمجتمع ككل ،أمام حقيقة المشهد الفني الثقافي المغربي.
عليه أن ال يفشي أي سر لرئيس البعثة ،ومن بين هذه األسرار ،وجود المومياوات في مقابر طيبة . من صلب هذه القصة الواقعية يسافر بنا شادي عبد السالم عبر توالي األحداث بإيقاع هادئ وسلس وسرد متين ولقطات محكمة تنم عن وعي فني متقدم ،ليقدم لنا تحفة فنية جديرة باالهتمام . وسط أجواء البحث الذي تقوم به البعثة العلمية ،والترقب والخوف الذي سيطر على سكان القبيلة من أن يفشي بطل الفيلم السر ،تتصاعـــد وتيرة الشريط ،ويجد البطل نفسه بين واجبين :أن يقوم بعمله مع البعثة العلمية بضمير مهني و أن اليبوح بسر وجود مقابر المومياوات واستغاللها ونهبها من طرف أفراد قبيلته التي ورثت عن أجــدادها هذا العمــل غير المشروع . القبيلة ستلفظ البطل ،بعد اكتشاف السر ،مقابر المومياوات بطيبة ،وتعتبره خائنا وستضرب عليه الحصار ويبقى وحيدا ،ألنه كان سببا في ضياع أهم مورد للرزق بالنسبة لهم . شادي عبد السالم في فيلم «المومياء» يسائل الهوية والعمق الثقافي للبلد الغني بموروثه الذي ال يجب أن يباع ،بل وجب المحافظة عليه لتطويره وبعثة من جديد عبر االهتمام به ليبقى شاهدا على العمق الحضاري لمصر . فيلم المومياء « تحفة السينما العربية» ،الذي ما زال يحضر إلى يومنا هذا في أكبر االحتفاالت السينمائية الدولية كمرجع من مراجع السينما العالمية .
العدد 1010
الشمال الفني
بيــان فـنـي » « فـنـــي» «بيـــان
إعداد :يوسف سعدون
بيان فني ،هو سلسلة لقاءات تدشنها الشمال مع مجموعة من المبدعين ،يقدم عبرها الضيوف تجاربهم الفنية وانشغاالتهم ومواقفهم ،وهو غير ملزم ألي جهة.. بيان هذا العدد يوقعه الفنان التشكيلي
رشيد باخوز
الثالثـاء � 10إلى � 16شتنرب 2019
5
الفن المعاصر ودور الناقد الفني
• واقع التشكيل في المغرب:
أنا الموقع أسفله :رشيد باخوز ،فنان تشكيلي مغربي معاصر ،ناشط وفاعل ثقافي وفني ،من مواليد الدار البيضاء ،سنة .1976كبرت في كنف أسرة مناضلة ،إذ انتمى الوالد مبكرا إلى المجال السياسي والحقوقي بمدينة الدار البيضاء ،ما جعلني أكتسب إلى جانب البعد الفني ،تأثرا بالوالدة ،بعدا سياسيا وجمعويا ،إذ انخرطت مبكرا في العمل الجمعوي تحت لواء مجموعة من الجمعيات التقدمية الناشطة ميدانيا.
• المسار الفني: كما أوضحت ،فإن مساري الفني بدأ منذ الصغر ،بفعل المالحظة اليومية لما تحيكه وتطرزه أنامل أمي ،التي كانت معلمة الحياكة والطرز التقليديين .هذا التأثر واالندهاش بما تنتجه الوالدة من رسومات وتوريقات على األقمشة ،سيقودني إلى أن أهتم كثيرا بالرسم ،وهو األمر الذي لم يكن من اليسير أن يتقبله الوالد ،إال أني استطعت أن ألج بمقاومة مني ثانوية جابر بن حيان شعبة الفنون التشكيلية ،هناك حيث سأصقل موهبتي بفضل األساتذة الجادين والمكرسين ،ومن ثم سأتابع تكويني في التصميم وبعدها تكوينا آخر في الديزاين واإلشهار ،حيث سأكتسب مهارات جديدة ،تقنية خاصة .وهو األمر الذي أكسبني بعدا متعددا في االشتغال البصري على مستوى العمل الفني. وقد كان هو الحافز لولوج عوالم الفن المعاصر .كان لزاما علي بعد التكوين األكاديمي أن أجد أسلوبا خاصا ،هذا ما سيقودني إلى البحث والتجريب .حيث تأثرت بشكل كبير بجمالية الحرف وحركيته وانسيابه ،ولقد تعزز األمر لدي بفعل االقتراب من عالم الهندسة المعمارية ،وخاصة المعاصرة كما نلمسها عند المهندسة العراقية الراحلة زها حديد .إذ عند هذه األخيرة نلمس هذا البعد التأثري بحركية وانسيابية الحرف... بالتالي فإن مساري الفني هو مسار متعدد يبدأ منذ الصغر وما درسته خالل تكويني وما تعلمته عن بحث شخصي وميداني.
• المشروع الفني: من هذا التعدد تكوّن لدي مسار قادني إلى العمل على تجديد الممارسة الحروفية ،باالبتعاد كليا عن االشتغال الحروفي التقليدي ،وبالتالي جعل الحرف ال موثيفا إضافيا على الخلفية أو حرفا جافا مقروءا قد ال يتناسق مع مفردات العمل ،إذ حاولت أن أجعله متدفقا وجزءا من «الفوضى» الخالقة للعمل ،ال ينفصل عن باقي المفردات الصباغية والبصرية .باإلضافة إلى نقله إلى مستوى معاصر ،حيث إن األعمال الفنية ال تسعى لتصوير أو نحت أو إنشاء الحرف كما هو في رسمه العربي أو الالتيني أو العبري ،بل إنها تسعى إلى استخالص حركيته وروحه المفعمة بالحرية والخفة .وكما أشتغل على جعل الحرف جزءا من االشتغال البصري سواء داخل البرفورمانس أو الفيديو آرت أو األنستاليشن .فالحرف ليس عالمة كتابية فحسب ،بل إنه صورة للغة أي إنه يحمل التاريخ البشري في طياته ،تراثا وحاضرا ومستقبال.
ال يمكن الحديث عن الواقع التشكيلي في المغرب اليوم ،دونما التوقف عند الدينامية الفنية التي تشهدها الساحة التشكيلية في هذا البلد العزيز ،إذ منذ عقود قليلة عرف المغرب حركية كبرى ساهمت في تعزيز المشهد التشكيلي بدور عرض جديدة ومتاحف حداثية ومعاصرة ودور المزادات العلنية ،ترفع من سقف االهتمام بالعمل التشكيلي المغربي في السوق المحلية والعربية وحتى العالمية ،رغم حاجتنا إلى المزيد .ما يعزز النظرة النقدية التي ترى بأن المسار التشكيلي في المغرب يتجه صوب فترات أفضل ،ما يجعله منفتحا على أفق مختلف متسم بالروح المعاصرة واالشتغال المتحمس لفنانين من أجيال مختلفة وصوال إلى جيل الحساسية الجديدة واأللفية الثالثة خاصة ،الذين يسعون إلى إضفاء صبغة ما بعد حداثية على المنجز التشكيلي في هذا الوطن .وذلك بالرجوع إلى اإلرث الجمالي واالعتماد على آخر مستجدات الفن .ما يغني الساحة أكثر ويجعل التجارب الجديدة والقديمة تتالقح، األمر الذي يغني المشهد بأعمال ال تتوقف عند حدود بصرية وتشكيلية محددة .هذا باإلضافة إلى الجرأة على مستوى المواضيع سواء السياسية واالجتماعية والدينية والجسدية .بالتالي فالتشكيل المغربي يسير نحو آفاق مفتوحة على التجديد المستمر وكسر كل الطابوهات الفنية ،ما يسمح له بأن يكون في المصاف العالمية.
• مهرجانات التشكيل في المغرب: بحكم اشتغالي المسبق في إدارة التظاهرات الفنية ،يمكنني أن أقول بأن المغرب يعرف تعددا ملحوظا ومهما في عدد المهرجانات التشكيلية ،وهذا بالنسبة لي أمر إيجابي إلى الغاية. هذه المهرجانات تسعى إلى تقريب األعمال الفنية من الجمهور الواسع الذي ال تتاح له إمكانية زيارة دور العرض ،التي تظل نخبوية .وكما تسعى إلى ربط أواصر التقارب بين الفنانين من مختلف األجيال والممارسات والتيارات وحتى البلدان .قد ال يمكننا أن ننكر وجود عدد البأس به من الملتقيات التي تحمل فقط صفة «مهرجان تشكيلي» بال أي رؤية واستراتيجية ،لكن هذا ال يمنعنا أبدا من أن نثمن مجهودات جمعيات معينة تشتغل منذ سنوات عدة وبال انقطاع وبرؤية واضحة ،على إدارة مهرجانات تعنى بالفن التشكيلي ،وتجعل الفنان يلتقي بالجمهور بشكل مباشر ،وكذلك تجعل الفن يخرج إلى الشارع عبر تلك العروض الموسمية أو الدائمة ،وأيضا فهناك مهرجانات قد تحولت إلى سامبوزيومات مختصة في ممارسة إبداعية محددة ،كالنحت أو الصباغة أو األشرطة المرسومة أو الديزين مثال .وهو ما يمنح الساحة الفنية المغربية روحا متجددة باستمرار وغنية بالمنجزات التي تتجدد باستمرار.
• التطلعات واآلفاق:
التقدم والتطور الفني في المغرب أمر حاصل وواقعي ،إذ بمقارنة بسيطة بين الماضي واليوم ،سنتمكن من إدراك اآلفاق التي انفتحت في وجه النشاط التشكيلي المغربي ،ساهم فيها فنانون من مختلف األجيال ومقتنيون وجماع ودور المزادات العلنية والمؤسسات الوطنية والخاصة ودور عرض ومسؤولون مَتْحَفِيُّون ونقاد وكتاب صحافيون وباحثون فنيون ...ومع تطور الممارسة وتطور السوق والكتابة والعرض ،باتت التطلعات أكثر انفتاحا على آفاق المتناهية ،تخدم الفن المغربي بكل تعدد مشاربه .لهذا فنحن في حاجة ماسة إلى انشاء متاحف وطنية جديدة ،على األقل في المدن الكبرى ،الدار البيضاء نموذجا ،إذ ال يمكن في مدينة كهذه تعبر قاطرة لالقتصاد والتنمية أال يكون فيها متحف وطني يُعنى بالفنون .كما يجب تعزيز الدراسة الفنية بكل تخصصاتها التسويقية والنقدية والتطبيقية في الجامعات والمعاهد الفنية التي يتم انشاءها مؤخرا من قبل وزارة الثقافة مشكورة.
• كلمة أخيرة:
ال يمكن أن أختم دونما أن أقدم تحية كبرى لكل الفاعلين الجادين في الحقل التشكيلي المغربي ،لجهودهم الجادة لتحسين الممارسة الواقعية للفن في المغرب ،ولكل الفنانين الذين تحركهم الغيرة في تطوير الفعل البصري والفني في هذا الوطن العزيز .وتحياتي لكم ولمنبركم. توقيع :رشيد باخوز
بقلم :محمد ال�شاوي(*) غني عن البيان القول بأنه من الضروري التسلح بفلسفة التأويل، لفهم المعاني التشكيلية للفن المعاصر .فالقراءة النقدية المتعارف عليها أبجديا وتقنيا ،ظلت جوفاء المعنى ،تحذو حذو النعل بالنعل .حيث تركن إلى عملية الوصف في بعده التحليلي ،متناسية جوهر التفكير النقدي ،أال وهو التأويل. بتعبير آخر ،فهي تتواجد داخل نسق دائري ،ما فتئ يتكرر بين الفينة واألخرى .ال سيما إذا نظرنا إلى مختلف التحوالت التي شهدها هذا الفن في صيغته الراهنة . وفي فلسفة التأويل ،ال بد أن يتوفر الناقد الفني على أفق تفكير يساهم به في الخروج من المعنى المجازي إلى المعنى الواقعي المضمر. وذلك باالنفتاح على مجاالت وحقول علمية متخصصة .فمن مراميها أنها تساهم في رفع صعوبات التحليل الجمالي لألعمال الفنية ،بطرحها أبعادا جمالية شاسعة المجال ،من شأنها أن تنقلنا إلى مستويات جديدة تخدم غرض التلقي .فالهدف ها هنا هو الخروج بالتأويل نحو غايته الحوارية، وهي غاية تبتغي الوصول إلى الفهم .إذ تروم خلق نقاش بين العمل الفني وكيفية تلقيه. نؤَوِّل عم ً ُ ال فنياً؟ لكن كيف وأي طريق يمكن اتباعه في عملية التأويل؟ إن عملية تأويل األعمال الفنية تتطلب عدة مستويات في الفهم والتحليل والمناقشة .فكان الفهم هو أول مؤشر داللي على استيعاب كنه العمل الفني وجوهره ،وذلك عن طريق وضعه في سياقه الجمالي بالنظر إلى المادة المُشتغل عليها ،من حيث الشكل والمضمون واألبعاد الثاوية خلف فكرة العمل . أما التحليل ،فيمكن مقاربته من خالل محاولة الناقد الكشف عن مستويات القضايا والموضوعات التي يستند إليها العمل الفني بمرجعية أسلوب الفنان ،ووضعه ضمن تيار من تيارات الفن المعاصر -مع إمكانية الجمع بين أكثر من تيار -فضال عن استحضار تداخل التيارات داخل نفس العمل/المنجز .فاألعمال التجهيزية Installationsعلى سبيل المثال، تتطلب أنماطا متعددة للفضاء المكاني ودالالته ،األحجام وهندستها، الظل والضوء ،القضية المضمرة التي تقتضي من المتلقي البحث عنها، طريقة العرض وأبعادها الهندسية المنظورية ،المجال اإلدراكي ،الكل والجزء ،الزمان الفني ،رقمية الصورة وأبعادها االفتراضية ،المستويات الداللية لمراحل العمل :البداية ،الوسط ،النهاية... بينما المناقشة ،فتعني محاورة العمل الفني عن طريق التأويله فهميا. وهو تأويل يروم وضع فهم ممكن لحقيقة الفكرة التي يطرحها العمل، من خالل بحث الناقد عن إمكانيات محتملة للتفسير .وهذا ما قلنا عنه بأنه خروج من المعنى المجازي إلى المعنى الحقيقي المضمر الذي يستنبطه الناقد .ويمكنه فيما بعد أن يتوسل اإلستقراء في عمليتي المقارنة والتركيب ،قصد الخروج بالتفسير نحو مراميه وأهدافه .وهنا يستعير الناقد مقاربات من علوم ومعارف متخصصة :الفلسفة ،علم النفس ،علم اإلجتماع ،الهندسة ،الرياضيات ،علم الجمال ،األنثروبولوجيا ،العلوم المعرفية ،اللسانيات ،التداوليات ،التاريخ ...والهدف من هذه المقاربات هو وضع أسس نقدية وعلمية للمعرفة التشكيلية والبصرية المؤطرة للكتابة النقدية .فإذا كان مجال الفنون التشكيلية والبصرية يندرج ضمن الخطاب المحتمل أو الشبيه بالحقيقة ( ،)Le vrai semlableفإنه حسب هذا المعنى يحيلنا إلى عدة أوجه للنظر والتحليل الجماليين ،بحسب جدارة الناقد وكفاءاته البحثية والمنهجية . وعلى هذا األساس ،فإن الفن المعاصر يبدو ناقصا للمضمون التأويلي ،إذا ما تأملنا أشكاله التعبيرية .سواء تعلق األمر ب :اللوحة بمفهومها الجديد ،التركيبات النحتية ،األحجام والتجهيزات ،الفيديو آر ،فن األداء ،الصباغة الديجيتالية ...إنها أشكال غير مكتملة ،والتأويل هو وحده الكفيل بملء وتدارك كل الصعوبات التي من الممكن أن ترتبط بالتلقي ،دون إغفال لعمليات الفهم والتحليل والمناقشة ...أي تلك العمليات التي تستند إليها وظيفة الناقد الفني ومهامه .إنها مهام يساهم بها في تذليل عوائق التلقي ،عندما يروم رفع كل مستغلق يعمل على تفسيره بمرجعية تسهيل الفهم وتقريب الرؤية .وإذا ما وُجد شيء ناقص قد يصيب العمل الفنيّ ، فإن الناقد يقوم بإتمامه لكي تكتمل صورته ،طارحا ماينبغي أن يكون عليه العمل في صورته الممكنة .أما إذا اختلط األمر على المتلقي ولم يستطع التوصل إلى الفهم السليم ،فإن الناقد يجب عليه أن يرتب له كل مُختلط ،وأن يختصر كل طول أو إطناب، دون اإلخالل بالمضامين واألبعاد الجمالية للعمل الفني .وفي النهاية يتوصل المتلقي إلى تركيب على شكل خالصة تجميعية لمراحل التأويل التي اتبعها الناقد .
______________
(*) فنان تشكيلي مغربي وباحث في النقد الفلسفي للفن.
6
الثالثـاء � 10إلى � 16شتنرب 2019
العدد 1010
مجتمع ـ سياسة ـ حقوق فكري ولد علي
(مراسل من الحسيمة)
عائشة الخطابي تتمنى نقل جثمان والدة والدها من أسفي إلى الحسيمة كشفت عائشة الخطابي نجلة محمد بن عبد الكريم الخطابي ،أنها تتمنى نقل رفات جدتها من أبيها من ضريح سيدي بوزيد في آسفي إلى مدينة الحسيمة لدفنها هناك. وقالت عائشة في تصريح لجريدة اخبار اليوم« :عندمَا كانت األسرة في مصر رفقة محمد بن عبدالكريم الخطابي لم يسبق لنا زيارة المغرب ،وتركنا وراءنا جثمان جدتي مدفونا بمدينة آسفي ،إذ جاءت عملية دفنها على خالف رغبة العائلة ،إذ لو كان لدينا آنذاك اختيار لدفنت بمدينة الحسيمة». وأضافت« :ما أعرفه عن قبر والدة عبد الكريم الخطابي ،هو أنه موجود بمدينة آسفي بضريح «سيدي بوزيد» وقمتُ بزيارته مرة واحدة طيلة حياتي» ،واشارت انه عندما تُوفيت جدتها في منفاها بجزيرة “الرينيون” سنة 1931ودفنت هناك .وفي سنة 1947غادرت العائلة الجزيرة بعد الترخيص لها باالستقرار في جنوب فرنسا ،وفي طريقها أجبر الخطابي السلطات الفرنسية على نقل رفات والدته معه. وعن قصة دفن جثمان والدة الخطابي في آسفي تقول ابنته إنه خالل توقف الباخرة التي كانت تقل العائلة بميناء بورسعيد ،وجدنا سيارات في انتظارنا ،ولم نحمل معنا إال حقائب اليد ،تاركين كل األمتعة في الباخرة ،لكن الفرنسيين سيرسلونها لنا الحقا .نعش جدتي من أبي بقي ،كذلك ،على متن الباخرة، وقد أرسله لنا الفرنسيون هو اآلخر ليوارى الثرى في مدينة آسفي.
ماذا أعدت المديرية اإلقليمية للتعليم بوزان لتوفير خدمة اإلطعام المدرسي بعد تعليقها لمدة سنتين؟ وزان :مراسلة خاصة
من بين اآلليات التي سارعت وزارة التربية الوطنية إلى تنزيلها تفاعال مع التوجيهات الملكية الخاصة بضمان الحق في التعليم األساسي النافع لجميع أطفال المغرب ،ومن أجل محاصرة آفة الهدر المدرسي التي تضرب المدرسة العمومية في معصمها ،وبحثا عن األسمنت الجيد النوع لتقعيد مبدأ تكافؤ الفرص بين تالميذ العالمين القروي والحضري اهتــدت الوزارة الوصية آلليـة خدمـة اإلطعام المدرسي الذي تم االلتزام بتجويد خدماته ،وتوسيع وعائه ،في برنامج العمل الذي قدم عناوينه الكبرى وزير التربية الوطنية تحت أنظار الملك محمد السادس وذلك يوم 17شتنبر .2018 اإلنطالقة الرسمية للبرنامــج المذكـور اختزله شعار «تجويد خدمات االطعام المدرسي رافعة لدعم التمدرس ومحاربة الهدر المدرسي» الذي أطر االجتماع الذي ترأس أشغاله وزير التربية الوطنية يوم 19يونيه بمراكش. المـــادة الثـــالثــة من الباب الثـــاني الخـــاص بإجــراءات إعداد وانطالق الموسم المدرسي ،كـما هي مدبجة في مقرر وزير التربية الوطنية بشأن تنظيم السنة الدراسية 2020/2019تـــدعــو إلى «ضمان انطــالق اإلطعـــام المدرسي ......على جميع التلميــذات والتالميــــذ المستهدفيـــن يوم الدخـــول المدرسي.».... وألن المناسبـة شـرط ونحن على أبواب الدخول المدرسي ،أشار مصدر تربوي بأن المديرية اإلقليمية للتعليم بوزان اتخذت جملة من اإلجراءات للتغلب على إكراهات شتى ،من أجل ضمان نجاح الدخول المدرسي الحالي .وفي هذا السياق يتسائل أمهات وآباء المتمدرسات والمتمدرسين بالمدرسة االبتدائية بالعالم القروي عن مصير خدمة اإلطعام المدرسي
عمدة بلدية الحسيمة الدكتور بودرا يحل ببوليفيا لحشد الدعم لرئاسة أكبر منظمة دولية للجماعات المحلية
في إطار اللقاءات التي يعقدها الدكتور محمد بودرا رئيس بلدية الحسيمة رئيس جمعية رؤساء مجالس الجماعات بالمغرب ،عقد الدكتور محمد بودرا بداية هذا األسبوع ،لقاء مع عمدة مدينة “الباس” la Pazالبوليفية، ومجموعة من أعضاء قارة امريكا الالتينية. من أجل حشد الدعم لرئاسة المنظمة الدولية
للمدن والجهات. CGLU-MONDE هذا وسيواجه الدكتور مجمد بودرا مرشح فيدرالية روسيا السيد “إلسور ميتشين” ،خالل انتخابات رئاسة هذه المنظمة التي سيعرفها مؤتمرها الذي سينعقد ما بين 11و 15نونبر من السنة الجارية في مدينة دوربان بجنوب افريقيا.
السياحة الداخلية بالمغرب..
لماذا فشلت ومن المسؤول ؟ التي تم تعليقها طيلة الموسمين الدراسيين الماضيين. حرمـان أزيـد من 20000تلميـذة وتلميذ بدار الضمانــة الكبرى من الحق في االستفادة من اإلطعام المدرسي ولمدة سنتين متتاليتين ،في تزامن مع جرعات المقاربة االجتماعية التي دعت أعلى سلطة في البالد إلى حقنها في شرايين المدرسة العمومية لتحقيق شعار من أجل مدرسة مواطنة ودامجة فعال ( ،حرمان ) لم يجد له كل من تناهت إلى علمه هذه المعلومة الشاحبة ،ذرة من التفسير المقنع ،خصوصا وأن باقي المديريات اإلقليمية للتعليم بأكاديمية طنجة تطوان الحسيمة ،وكذا بباقي األكاديميات الجهوية للتربية والتكوين على امتداد تراب المملكة لم تعطل بها هذه الخدمة. انفراد المديرية اإلقليمية لوزارة التربية الوطنية بوزان بتعليقها لخدمة اإلطعام بالمدرسة االبتدائية بالعالم القروي ،ومهما كانت التفسيرات والتبريرات التي قد يحاول البعض تقديمها للتنصل من مسؤولية ما حــدث ،يسائـل بالدرجـة األولى ،األكاديمية
الجهوية طنجة تطوان الحسيمــة ،بحكـم االختصاصات الواسعة التي منحها القانون لألكاديميات ،كما يسائل وبقوة القانون اإلدارة الترابية اإلقليمية في نسختيها خالل الفترة الزمنية المشار إليها؟ المثير في هذا الموضوع كذلك يشدد أكثر من مصدر ،هو عدم «تسوق» المكتب اإلقليمي للفدرالية الوطنية ألمهات وآباء التالميذ ،حرمان تلميذات وتالميذ يعدون باآلالف من خدمة اجتماعية ترقى إلى مستوى حق من الحقوق التي يقر به الدستور يضمنه (تكافؤ الفرص ) . وفي انتظـار أن يجاــب أمــام الجهــات المختصة عن السبــــب الحقيقي الذي عطل خدمة اإلطعام بالمدرسة االبتدائية بإقليم وزان لموسميين دراسيين متتاليين ،مع ما يترتب عن ذلك من جزاءات ،فإن المديرية اإلقليمية للتربية الوطنية مطالبة وبشكل مستعجل بفتح أبواب المطاعم المدرسية في وجه التلميذات والتالميذ المستهدفين ،والحرص على أن تطبع الخدمة االجتماعية المذكورة لمسة الجودة، وأن تقدم في شروط تحفظ كرامة التلميذات والتالميذ .
إيقاف متهمين بالسرقة بالحسيمة على إثر شكاية تقدمت بها سيدة تقطن بطنجة
أحالــت عناصـر الدرك الملكي التابعـــة لسرية تارجيست بإقليم الحسيمة أخيرا على أنظار الوكيل العام للملك باستئنافية المدينة ثالثة أشخاص متهمين بتكوين عصابة إجرامية والسرقة الموصوفة باستعمال ناقلة. وجاء إيقاف المتهم الرئيسي بعد شكاية كانت تقدمت بها سيدة تقطن بمدينة طنجة وكانت تقوم بزيارة بمناسبة عيد األضحى لعائلتها بدوار «إغوجدارن» التابعة لجماعة عبد الغاية السواحل ،تتهم فيها المعني باألمر بالسطو على مبلغ مالي قدر ب 3000درهم كان بداخل حقيبة يدوية صغيرة بالمنزل الذي كانت توجد فيه بالدوار ذاته .وأكدت المعنية باألمر بعد االستماع إليها من قبل الضابطة القضائية أن المتهم استغل وجود عائلة المشتكية في الطابق السفلي للمنزل ،فتسلل إلى الطابق العلوي متسلقا أحد األسوار وتمكن من سرقة
Fikri.press@gmail.com Tél 0661986707
المبلغ سالف الذكر ،مضيفة أنها طلبت من المتهم الذي تعرفه باعتباره ابن الدوار إرجاع المسروق ،نفى أن يكون هو من سرقه، فاضطرت إلى تقديم شكاية في الموضوع. وعند االستماع للمتهم نفى المنسوب إليه
جملة وتفصيال ،معترفا بأنه كان قضى عقوبة حبسية مدتها سبعة أشهر بسبب شكاية لوالد المشتكية ،وأنه اقترف سرقتين رفقة المتهمين اآلخرين وأنهم كانوا يبيعون المسروق ألحد األشخاص بالمنطقة ذاتها.
سياحيا ..هل تستطيع وزارة وقد عرفت مدن الشمال السياحة أن تنافــس األسعــار المغربي (طنجة ،تطوان ،أصيلة، الخارجية كما يحدث في تركيا مرتيل ،الفنيــدق ،المضيــق، أو إسبانيا مثـال ؟ فالمواطن الحسيمة )..خالل هذه الفترة من السنة إقبا ًال كبيــراً ومعه يقول ّ بأن ثالث ليال في تركيا اكتظــاظ خانــق بسبب أعداد أو فـي إسبانيــا تعـادل ليلـة زوارها ..إذ يفضل العديد من واحدة في الفنــادق المغربية، األسر المغربيــة السفـــر إلى عـــدا عن الغــالء الفاحـــش هــذه المـدن الساحليــة التي واإلستغالل من عدة أطراف تتميـز باعتــدال طقسها.. • عبد المالك بوغابة في مناسبات كاألعياد التي في الوقت الذي تشهد فيـه رئيس المنتدى المتوسطي للسياحة باقي مدن المملكة ارتفاعاً بجهة طنجة ـ تطوان ـ الحسيمة تزامنت مع فصل الصيــف.. في درجات الحرارة ..وعدد وزارة السياحة ومعها هيئة الصيفية العطلة كبير من المغاربة أمضـوا تنشيط السياحة ســـوف تستمـــر في اجترار خارج البالد ..وعلى وجه الخصوص في كل من تركيا وإسبانيا وفرنسا ،...وذلك نظرا للعروض الفشل حول تسويق المغرب داخليا مالم يجري المنافسة في هذه اإلتجاهات والتي باتت البحث عن حلول جذرية ..وغير ذلك فعلينا ّ أن مقصدا للمواطن المغربي ..فتكشف معطيات نقرأ الفاتحة على سياحتنا الداخلية ..خاصة مع إسبانية رسمية أن عدد السياح المغاربة الذين حلول صيف كل سنة ..يتجدّدُ النقاش بالمغرب زاروها قارب مليوناً خالل السنة الماضية ،حول واقع السياحة الداخلية وتتجدد االنتقادات وأنفقوا ما مجموعه حوالي 500مليون دوالر ..الموجهة للقطاع ..الذي يقابل فيه إقبال في حين ّ أن برنامج مخطط بالدي الذي روّجت له وزارة السياحة داخل المغرب واجه فشال المغاربة على السفر ..استياءهم من مستوى ذريعا ..وليست المرّة األولى التي تواجه فيها الخدمات السياحية المقدمة وارتفاع األسعار برامج الوزارة الفشل حين تسويق المغرب داخل بلدهم...
7
الثالثـاء � 10إلى � 16شتنرب 2019
العدد 1010
مجتمع ـ سياسة ـ حقوق عبد العالي بن ربوحة
(مراسل من القصر الكبير)
جماعة القصر الكبير وبلدية الغوس البرتغالية تتدارس إقامة مشروع المركز المغربي البرتغالي لإلشعاع الثقافي
تثمينا لروح اتفاقية التوأمة التي تربط بلدية الغوس البرتغالية وجماعة القصر الكبير وفي أفق تفعيل بنودها التي تروم توطيد أواصر الصداقة والتعاون وتبادل الخبرات والتجارب في المجال الثقافي ،تم يوم الثالثاء 27غشت 2019بمقـر الجماعة عقد لقــاء هــام ترأســه السيد محمد السيمـو رئيس المجلــس الجماعــي بحضور عضوات وأعضاء المجلس ،وموظفي الجماعة وكل من األستاذ مؤرخ المدينة محمد أخريف واألستاذ رشيد الجلولي عن الجامعة للجميع والسيد عبد اهلل المنصوري عن هيئة المساواة وتكافؤ الفرص ومقاربة النوع والدكتور إدريس العسري عن جمعية مدينتي واألستاذ الباحث في علم اآلثار محمد سعيد المرتجي وممثلين عن المجتمع
المدني ،كما تميز هذا االجتماع بحضور األستاذ المهندس البرتغالي فرديريكو باوال. و قد خصص هذا اللقاء لدراسة مشروع إحداث المركز المغربي البرتغالي لإلشعاع الثقافي ،وهو مشروع يندرج ضمن االعتناء بالموروث الحضاري المشترك الذي يجمع المدينتين تاريخيا ،كما أن المشروع يحبل بحمولة تراثية وذاكرة مشتركة غنية بدالالت رمزية ال تزال شاهدة على حقبة ذلك الزمان. كما أن المشروع ينطلق من فكرة إعادة تأهيل منزل القايد ابراهيم السفياني ،وهو المنزل الذي احتضن جثمان الملك سبستيان بعد وفاته أثناء معركة القصر الكبير ،هذا المنزل سوف يتم تحويله إلى مركز إلشعاع ثقافي يختزن الذاكرة التاريخية للمعركة كما
سيضم قاعة للعرض ومكتبة ومقصف ومرافق ضرورية أخرى . خالل هذا االجتماع تمت مناقشة الجوانب التقنية والفنية للمشروع وبحث السبل الكفيلة من أجل تنزيله و ضمان استمراريته . كما قدم المهندس فرديريكو باوال عرضا موسعا بيَّن من خالله الجوانب الهندسية والتقنية للمشروع كما قدم الخطوط العريضة للتصور العام األولي لذات المشروع أمام الحاضرين وطرحه للمناقشة. و في الختام ،تم القيام بزيارة ميدانية لموقع منزل القايد إبراهيم السفياني لمعاينة عن قرب مكان احتضان المشروع المرتقب.
تشييع جنازة العالمة الحاج أحمد العلمي القرقري (القرقوري) من أعالم قبيلة آل سريف والقصر الكبير شيعــت بعـد ظهـــر يوم الجمعة 22غشت 2019بالقصر الكبير جنازة المرحوم العالمــة الحـاج أحمــد العلمــي القرقري (القرقوري) أستاذ بثانوية المعهد األصيل ،إلى مثواه األخير حيث ووري جثمانـــه الثـــرى بمقبرة الرحمة بالقصرالكبير . وجدير بالذكر أن الراحل العالمـــة أحمـــد القرقــري ولد بمدشر بير دوار في 17يوليوز 1941وبها نشأ وترعرع ودرس، حيث حفـظ القران الكريم في سنوات طفولتـــه األولى على يد الفقيهيـــن أحمــد القرقري وعبدالسالم العلمـــي وتابـــع تعليمــه األولي بمدشره بير دوار، ولما حفظ القران الكريم انتقل لتلقي شرح الشيخ خليل على يد ابن عمه بمدشر عين أبي عامر، قبل أن يستكمل دراسته في المعهد األصيل بالقصر الكبير لينتقل بعد ذلك إلى كلية أصول الدين بتطوان حيت حصل على شهادة اإلجازة . و ينتمي الفقيد إلى عائلة محافظة وعريقة من أعالم قبيلة آل سريف والقصر الكبير ،مشهود لها بالورع والدين والعلم ،وكان داعية وعالما جليال وأستاذا مطلعا ،وصرف عمره للدعوة واإلرشاد والمرحوم ابتدأ مشواره المهني ككاتب بالمحكة االبتدائية ليغادره بعد ذلك إلى مهنة التدريس حيت عين أستاذا بثانوية المعهد األصيل كما كان يدرس بمدرسة سيدي عبد الجليل
القصري الخاص للتعليم العتيق الكائنة بلالعائشة القجيرية، وكان إماما خطيبا بعدة مساجد بالمدينة ،وارتبط اسم مسجد بوربيع ومسجد الوهراني ارتباطا علميا وثيقا بالمرحوم ،حيث كانت تنظم خالل شهر رمضان المبارك ومنذ أزيد من عشرين سنة ،جلسات للوعظ واإلرشاد والتوعية الدينية يجمع فيها المصلون وطلبة العلم والمعرفة حول العالمـــة أحمد القرقري (القرقوري) لبالغتـــه وبساطــــة حديثه الذي كان يتلقاه المتلقي من جميع المستويات. وقـــد حالفنــي الحـظ حيث تثلـــمـــذت على يديه خــــالل الموسم الدراسي /1995/1994 1996وكان محافظا على لباسه المغربي األصيل (جلباب وقبعة)، لم تفارق رأسه أبدا ،وكان يرى فيها رمز األصالة والجذور ،ومن أمتع الحصص إلى نفوسنا التي كنا نتطلع إليها بشوق حصة الحديث وكنا نتمنى لو طالت حيث كان رحمة اهلل يملك حسا تربويا متفردا يزود عقولنا بمختلف أنواع المعارف ،ويمزج ذلك بحكايات وقصص طريفة ومستملحات ،وال أذكر أبدا انه تخلف عن موعد درس ،ومن مميزات استأذنا الجليل رحمة اهلل عليه روح المفاكهة ومن الالفت لالنتباه انه وهو الفقيه الورع المتمكن من علوم الشريعة والحامل لكتاب اهلل كان صاحب خيال خالق ،رحم اهلل الفقيد واسكنه فسيح جناته وإنا هلل وإنا إليه راجعون.
benrebouha01@gmail.com Tél : 0641794991
حجز وإتالف كميات من المواد االستهالكية الفاسدة بالقصر الكبير
قامت مصالح المراقبة التابعة للمديرية اإلقليمية للمكتب الوطني للسالمة الصحية للمنتجات الغذائية ،بحجز وإتالف كميات من المواد الغذائية المنتهية صالحيتها وغير الصالحة لالستهالك بمدينة القصر الكبير يوم الثالثاء 27غشت .2019 وأسفرت عمليــات المراقبـة عن حجـــز وإتالف في المواد المحجوزة المتلفة والمتمثلة في « 6علب زجاجية من مادة البن من فئة 100غ» ،و» 4علب بالستيكية من مادة البن من فئة 200غ» ،و» 3علب زجاجية من مادة المتارد من فئة 100غ» ،و« 4علب من مادة الفالن من فئة 65غ للواحدة» ،و« 4علب من صلصة الطماطم من فئة 390غ» ،و«علبة واحدة من مادة نيسكويك من فئة 180غ» ،و«علبتين من مادة المادلين من فئة 150غ» ،و«علبة من مادة البيسكوي من فئة 200غ» ،و« 13علبة من مادة الفالن من فئة 2.5غ» ،و«علبة واحدة من التين المجفف من فئة 500ع» ،و«علبة من مادة البيسكوي من فئة 425غ» ،و«علبتين زجاجيتين من مادة كريم شكوال من فئة 700غ». وفي إطار مراقبــة مـدى استجابة التجار الستعمال األكيـــاس الورقية بدل األكيــاس البالستيكية تطبيقا للقانــون رقم 77.15
المتعلق بمراقبة األكياس البالستيكية ،تم تسجيل مخالفة واحدة في هذا الشأن. وقامت اللجنة ذاتها ،خالل جولتها ،بزيارة محل لبيع الدجاج يقع بحي الجزارين القديم، حيث تم إنذار صاحبه شفويا من طرف ممثل المصلحة البيطرة التابعة للمكتب الوطني للسالمة الصحية للمنتجات الغذائية ،بسبب عدم توفر المحــــل على الشروط الصحيـــة والوقائية المعمول بها في هذا المجال ،كما تم تحرير محضر مخالفة الجودة في حق شركة موجودة بتطوان ،من طرف ممثل مصلحة مراقبة المنتجات النباتية أو ذات أصل نباتي التابع للمكتب الوطني للسالمة الصحية. هذا وقد كانت لجنة المراقبــة مكونـــة من ممثلين عن «قسم الشؤون االقتصادية والتنسيق بالعمالــة ،و «القسم االقتصادي واالجتماعي بالدائرة الحضريــة المرينـــة»، و»المكتب الوطني للسالمة الصحية للمنتجات الغذائية مصلحة مراقبة المنتجات الحيوانية وذات أصـل حيوانــي» ،و «المكتــب الوطني للسالمة الصحية للمنتجات الغذائية مصلحة مراقبة المنتجات النباتية وذات أصل نباتي»، و«المكتب الصحي الجماعي»
جمعية “باب البحر” تنظم الدورة السادسة لمهرجان “التاكرة”
تحت شعار (ترسيـــخ وامتــداد للهوية) نظمت جمعية “باب البحر” بمدينة العرائش، الدورة السادسة لمهرجان “التاكرة” .بمشاركة جمعيات وهيآت مدنية وسياسية ،يوم 25 و26غشت الجاري بساحة بوكار. ويعتبر مهرجان تاكرة الذي تنظمه جمعية باب البحر بالعرائش أحد أهم المهرجانات بالمدينة لما له من شعبية وقبول لدى مختلف شرائح المجتمع بالمدينة ،كما أنه يحتفي بالتراث الثقافي واالجتماعي للمدينة الملخص في أكلة مميزة للمطبخ العرائشي ،وكذا التعريف بالتراث الثقافي والحضاري المحلي. و من أجل التعــريــف بالثروة السمكية الغنية التي تتوفــر عليهـــا سواحل مدينة العرائش ،وكــذا تثميــن التـراث الالمادي
والمعنوي الذي يميز مدينة العرائش ،ومدن شمال المغرب عموما ويعتبر طاجين “التاكرة” خاصية شمالية، تميز المطبخ الشمالي عن باقي مناطق البالد، وتحضر فيه بشكل أساسي مختلـــف أنواع األسماك التي تزخر بها منطقة الشمال .أما الفكرة الثانية فتنطوي على تشجيع الساكنة من أجل االهتمام بالتاكرة كموروث ثقافي وجب الحفاظ عليه من االندثار . وأعلنت اللجنة المنظمة للمهرجان خالل الحفل الختامي عن المتوجين في الدورة السادسة حيت فازت عائلة كرمون بالمرتبة األولى تلتها في المرتبة الثانية عائلة الفاللي فيما حصلت جمعية أمل لمرضى داء السكري على المرتبة الثالثة.
8
الثالثـاء � 10إلى � 16شتنرب 2019
العدد 1010
تحديات الدخول المدرسي 2020-2019
بقلم :الدكتور
عبد الحق بخـات
لننسى ونبدأ من جديد
بسبب وجود مدرسة عمومية «متدهورة» ألزيد من ثالثة عقود ،يواجه المغرب التحدي المتمثل في مراجعة نظام التعليم الوطني. فقد أضحى التعليم أولوية األولويات الوطنية ،وعلى الرغم من بعض التقدم المحصل ،يبقى أهم ما ينبغي االضضالع به هو تجويد مستوى المدرسة العمومية. اآلن ،االعتراف بالفشل هو رسمي ،والموضوع اتخذ أهمية قصوى بالنسبة لجميع األسر المغربية التي تتقاذفها الخيارات الصعبة والمكلفة ما بين المدرسة الخاصة أو العمومية؟ مدرسة مغربية أم أجنبية؟ العربية أو الفرنسية أو اإلنجليزية؟ التعليم العالي في المغرب أم خارجه؟ قائمة األسئلة طويلة والمخاوف صعبة جداً. على مستوى النخب ،وبين صفوف «األنتليجنسيا» المغربية ،يُنظر إلى القضية على أنها شأن استراتيجي وأولوي ،وعلى أن أي تسامح في الحسابات السياسية المدمرة سيشكل عقبة أمام التعاطي الجاد مع المصالح العامة للوطن. باختصار ،فالوضع خطير! انطلقت الدروس الفعلية بالنسبة للسنة الدراسية 2020-2019في 5سبتمبر بالنسبة للمستويات الثالثة (االبتدائي واإلعدادي والثانوي) ،وفي 9سبتمبر كان االنطالق بالنسبة للتعليم العالي. عشية العام الدراسي ،أعطى السيد سعيد امزازي وزير التربية الوطنية والتكوين المهني يجب أن تبدأ التغييرات من مرحلة التعليم األولي كقاعدة تعليمية أساسية للجميع ،وكمرحلة أساسية ،والتي تعاني من ضعف كبير بسبب ضعف جهود الدولة المبذولة بخصوصها .خالل السنة الدراسية ،2018/2017وصل عدد األطفال قبل سن التمدرس إلى 699265طف ًال فقط ،منهم ٪ 37مسجلون في مؤسسات خصوصية ،مما يشير مرة أخرى إلى عدم المساواة االجتماعية ،ومن هنا كانت الحاجة إلى إصالحات جذرية على هذا المستوى ،لضمان تكافؤ الفرص أما جميع المواطنين. بعدها يأتي السلك االبتدائي ،وبشكل أساسي في ما يتعلق بتنفيذ النص المثير للجدل لقانون اإلطار رقم ،51.17والذي أصبح اآلن ساريا بشكل رسمي بعد نشره في العدد األخير من الجريدة الرسمية ،وبعد أن أمضى 18شهرًا في التداول التشريعي. في هذا النص اإلطار ،الذي لم يرق لكثيرين ،والذي سلط الضوء على القيم الوطنية والعالمية وروح االنتماء إلى الوطن، نجد إرادة قوية لتعميم التعليم الجيد المنفتح على اللغات الرسمية واألجنبية. سيتــم تطبيـق التنـاوب اللغـوي على مادتيـن، الرياضيات و «النشاط العلمي» ،المبرمجتين في العامين الخامس والسادس من التعليم االبتدائي. من بين المزايا األخرى ،أن ذلك سيتيح للطالب االندماج على نحو سليم وبسهولة في سلك الدراسات العليـا ،حيـث يتـم تدريس جميـع المـواد باللغــــات األجنبية. أما بالنسبة للتعليم العالي ،حيث ستنطلق الدروس في 9سبتمبر ،فمن المتوقع أن من بين 900،000 تلميذا بمعدل نجاح قياسي في الباكالوريا هذا العام، اختار 254،000منهم التعليم العالي ،فيما اختارت نسبــة تقارب الربع التكوين المهني. وبالتالي ،فحين يستمر عدد الطالب في االرتفاع، فإن الموارد المعبأة بالكاد تتحرك .من عام 2011إلى عام ،2018زاد التحاق الطالب بنسبة ،٪ 84بينما زادت الميزانيات المخصصة بنسبة ٪ 20فقط ،والمدرسين بنسبة ،٪ 19والفضاءات التعليمية بنسبة .٪ 39 عموما ٪ 40 ،يتركون دراستهم بعد 2أو 3سنوات، دون الحصول على أي دبلوم يذكر .ومن بين أولئك الذين تمكنوا من الحصول على واحد ،حوالي الربع منهم يجدون أنفسهم في العطالة .ومع إصالح نظام البكالوريوس ،المقرر في سبتمبر ،2020تأمل السلطات العمومية رفع المستوى. والواقع ،أن التغيير الكبير في البرامج يكمن في الهندسة التربوية الجديدة القائمة على نموذج «البكالوريوس» الذي سيحل محل شهادة اإلجازة. ً تستهدف صيغة الجودة هذه توافقا أفضل بين التكوين والتوظيف، ّ وتمكن من مواجهة التحديات التكنولوجية والعمالة الذاتية. مع وضع ذلك في االعتبار ،تم تصميم برنامج «البكالوريوس» لتعزيز قابلية توظيف الطالب ،مع دمج جميع الوحدات لتطوير مهاراتهم اإلنسانية ،وهي القيادة والتواصل واإليجابية واإلبداع والمبادرة والتكوين األساسي في تقنيات المعلوميات واالتصاالت.)ICT( .
والتعليم العالي والبحث العلمي إشارة االنطالق ،داعيا إلى تعبئة جماعية لجعل العودة إلى المدارس والجامعات وومراكز التكوين المهني 2020-2019فرصة التخاذ تدابير ملموسة وفعالة في تجسيد التوجيهات الملكية العليا ،واإلسراع في تنفيذ مقتضيات القانون اإلطار رقم 51.17بشأن نظام التعليم والتكوين والبحث العلمي. ماذا يقول القانون اإلطار من خالل جوهره؟ إنه يدعو إلى محو 35عامًا من الرداءة وفشل نظام التعليم العمومي ،من خالل العودة إلى نقطة الصفر ،والبدء وفق أسس جديدة ،ومن خالل القطع مع الماضي ،وإشفاء المستقبل عبر إعادة تأهيل نظام قديم حقق نتائج ممتازة قبل هدمه من قبل االنتهازيين. ليس ضروريا أن نعود مرة أخرى إلى الحديث عن الحسابات السياسية الصغيرة التي أدت إلى الوضع الكارثي الحالي ،فقد سبق أن تطرقنا إلى ذلك بإسهاب في كلماتنا السابقة. دعونا نركز بشكل خاص على المخارج اآلمنة المؤدية إلى الحلول الالزمة إلخراج نظام التعليم العمومي من الركود ،ولمكافحة المحنة الكبيرة التي يتخبط فيها الطالب واألسرة والوطن بأكمله. يبقى السؤال هو ما الذي سيتغير «برغماتيا» خالل العام الدراسي الجديد 2020-2019 والسنوات التي تليه؟
من ناحية أخرى ،من بين االختالالت التي لوحظت ،أن هناك على وجه الخصوص وجود هدر في السلك األول من التعليم العالي ،وعدم اعتماد خطة رقمية مهيكلة تخصه. يتعلق األمر ،بنظام توجيه فعال للطالب الذين يرغبون في االلتحاق بالجامعة ،والتي توفر تدابير مصاحبة لتشجيع الطالب على اختيار التكوين المناسب لمهاراته وميوله. وعلى نفس المنوال ،فإن األمر يتعلق بمراجعة هيكلة الجامعة التي تعاني من االكتظاظ ،ومن نقص مزمن في األساتذة ،وذلك لتكييف قدراتها في التكوين مع متطلبات سوق العمل ،من خالل إنشاء وحدات وشعب جديدة تأخذ في االعتبار تطوير وظائف جديدة متعلقة بالسوق. في الوقت نفسه ،ومن أجل تخفيف الضغط على الجامعات ،يتم توجيه المزيد من الطالب نحو التكوين المهني .وهذا من شأنه أن
يسمح لهم بمزيد من الفرص ،وباالندماج بشكل أفضل في سوق العمل. الهدف هو الوصول إلى تسجيل ما يقرب من ٪ 40من الحاصلين على الباكالوريا في التكوين المهني بحلول عام ،2021بما في ذلك إرساء نظام التوجيه المبكر .وسيكون من الضروري أيضا ضخ المزيد من إمكانيات االستقبال وتحسين جودة المحتوى ،بالتعاون مع المحيط االقتصادي. ويتم فتح العديد من األوراش األخرى بالتوازي ،كجزء من خارطة الطريق إلصالح التعليم العالي. يتعلق األمر بإعادة هيكلة البحث العلمي واستقالليته ،وإصالح نظام الدكتوراه العقيم دائما ،إذ أنه ال ينتج شيئا في نهاية المطاف .هل قمنا بالفعل بتسجيل اختراع مغربي لصالح اإلنسانية؟ ال شيء! كل شيء نستورده من الغرب ،من حبة األسبرين إلى قاطرة .TGV
البحث ،بطبيعة الحال ،مصدر دائم للمعرفة ،لكنه يصبح مزودا بشكل خاص للثروة ،بفضل االبتكار. ومع ذلك ،يجب االعتراف بأن طريقة التمويل تشكل عقبة كبيرة أمام اإلنتاج العلمي .ال يؤدي البحث إلى االبتكار بما فيه الكفاية ،وعالوة على ذلك هناك غياب ضار للغاية بوضع طالب الدكتوراه. نتيجة لذلك ،يتخلى العديد من الطالب عن أبحاثهم .واحد فقط من بين كل 10طالب يستطيع في النهاية مناقشة أطروحته في فترة تزيد عن ثالث سنوات. يتمثل الطموح إذن في تجميع الهياكل البحثية الصغيرة في مراكز كبيرة تمكن من تجميع الغالبية من الباحثين حول نفس الموضوع، وأيضًا بروح تجميع الموارد المختلفة. التحدي الكبير اآلخر للجامعات هو السعي لتحقيق الجودة والكفاءة والفعالية واالبتكار في قضايا التكنولوجيا. أخيرًا ،لننطلــق من حقيقــة أن كل هــذه االستعدادات تلتقي في هدف واحـــد ،هو قابلية التوظيف .،فقد ثبت ،للمفارقة ،أن الجامعة والمقاولة ال يتحدثان نفس اللغة. ومـع ذلك ،فمن الواضح أن هناك استثنـاءات مشرقة للغاية من المدارس العمومية المغربية في الهندسة أو في التجارة .خارج هذه المدارس ،ال تزال مشكلة عدم التوافق بين تطلعات المقاوالت وإمدادات التعليم قائمة. عــادة ما يُطلب من الخريجين الجدد الذين يحظون بفرصة الحصول على عمل ،أن يخضعوا لتكوين جديد ،وإال فسيكونون مطالبين ببذل جهد اكبر للتأقلم مع «ملغزات» العمل ،ولكي يصبحوا عمليينح ًقا. يكمن جوهــر المشكلة في حقيقة أن الشعب والمسالك ال تتماشى مع المهــن المطلوبة ،وأن عرض الجامعــة ال يلبي تمامــا احتياجات بيئتها االقتصاديةواالجتماعية. باختصار ،يمكن التسجيل ،مع االرتياح النسبي ،بأن ريـــاح التغيير قادمــة وبدرجة قوية وكافية .بالتأكيد ،بادرنا بشكل متأخر ،لكن يبدو أن األمور قد اتخذت منعط ًفا جديدًا هذا العام. األمر يبعث على االرتياح كوننا نعلم أن التعليم في حالة اضطراب، وأنه فتحت من اجل ذلك العديد من األوراش على جميع المستويات، وبكل اإليقاعات السريعة. ال شك في أن هذا سيستغرق بعض الوقت ،ألن الجامعة لديها مهمتان أساسيتان :التدريس مع مراعاة الطلب ،والبحث المنتج. بكل تأكيد األمر ليس سهال ،لكنه سينجح باالمتثال للنداء الملكي األخير الذي يطمح إلى تثمين الكفاءات ،ووضع حد للزبونية المدمرة. هذا ،من بين أشكال أخرى من األمراض التي شوهت ،حتى اآلن، األداء الحكومي في المغرب ،ويندرج ضمنه قطاع التعليم! .
امللحق الثقايف
9
العدد 1010ـ الثالثاء 10إلى 16شتنبر 2019
كيمياء الشذرات النائية في شعر مبارك الراجي
الشاعرة نجية األحمدي
أنبثق من أسرار الماء أكتب عن سيرة األقحوان عن األوركيديا و الياسمين عن ألوان الفراشات تمتزج بشقائق النعمان
عزالدين بوركة
(شاعر وباحث مغربي) إلى أصابعك عيناها زرقاوان حدث في السر الفاغم أن رأت األعماق». ال يتصنع مبارك الراجي كتابة الشعر ،بل إني أجزم أنه ال يعيد صياغة نصوصه أكثر من مرة ،أو ال يكاد يفعل .يكتب كبحار يركب الموج ألول مرة ،فهو ابن البحر وصديقه في العراء ،وخليله في التقلب ورفيقه إلى الزبد /الشعر .تعلم ترتيب الكلمات في الوقت الذي تعلم فيه صيد األسماء بال صنارة وبال شباك. «الصنارة المندهشة مقلوبة تماما على شكل عالمة استفهام راغيّة، ثمة سؤال أزرق طرحته عليها تلك الموجة البعيدة». يكاد يكون ديوانه األخير «شذرات نائية »...عامرا بمعجم البحر (النوارس ،البحر ،الصنارة ،الصياد ،الموجة، األزرق ،المالح ،السفن ،السمكة ،القصبة ،)...إذ إنه حضور ينبع مما كابده الشاعر وما عاشه وخبره في الحياة ،وهو هنا ال يقوم سوى بإعادة صياغة ذاته في شذرات من الشعر ،محاوال أن يخيط ذكرياته ويعانق ماضيه ويتصالح معه .فداللة البحر هنا تكمن في اإلشارة إلى الحياة المتقلبة وعامرة باأللم والمعاناة والمخاطر ،إذ إن البحر رمز الرعب والخوف ،كما هو رمز للرومانسية والطمأنينة وكما إنه يرمز الهجرة والمنفى ،وحتى للوطن ...مبارك الراجي شاعر سندبادي (مالح) «ضد اليابسة» ،وطنه ومنفاه هو البحر .يقول (في ص 12 .من ضد اليابسة): «كل موجة، هي مالح قديم مات غرقا». وألن الشاعر بحر ال يفتأ يرتوي ،فالراجي ال يقف عند ناصية الشعر ويكتفي بمائه ،إذ يحفر أخاديد ووديانا عديدة ،تصله بجبال نائية وبعيدة ،إذ يبرز لنا ونحن نطالع ديوانه «شذرات نائية» اهتمامه بحقول معرفية وفنية كثيرة ،إذ إن هذه المجموعة الشعرية تحتفل بأسماء فنانين كثر إلى جانب أسماء شعراء وكتاب وفنانين ،وقدماء الذي خبروا الالمألوف( :بيكاسو ،فان غوخ ،موندريان ،كاندانسكي ،مارسيل دوشان ،المعري، طرفة ابن العبد ،بودلير ،الفونتين ،أوسكار وايلد ،جاك بريل ،إديث بياف ،هيتشكوك ،شارلي شابلن ،جيرنيمو، سقراط ،هيراقليدس ،بروميثيوس ،جلجامش ،روميو، قابيل وهابيل .)...كل هذا ليس من باب لعبة األسماء المبتذلة ،أو التظاهر بعضالت معرفية خاوية وواهية والزينة والزخرفة ،بل من باب ما يتطلبه النص وما يبتغيه من بلوغ المعنى المتصل بهؤالء األعالم .إذ نجد لكل اسم سياقه المتصل بما يريد أن يقوله الشاعر عبر تميز مكثف .إذ إن مبارك الراجي ال يكتب إال ما خبره وعرفه وعاشه وتعلمه ،شعرا. يمكنني أن أخلص إلى القول بأن مبارك الراجي شاعر بروح كاتدرائية ،صدى موسيقاها السَاحري وإيقاعها ال يتأتى إال من الداخل والذات ،من جدرانها الرنانة ،ال مكبرات صوت فيها وال مؤثرات ،كاتدرائية قائمة بذاته في معمار الشعر العربي ،منفصلة عنه ومتصلة به في اآلن نفسه .إنه جذمور بهذا المعنى ،ال جذور له ينتقل حرا طليقا في الصحراء ،يعزف إيقاعه الخاص.
عن بُنِّ الصباحات ولهفة شفتي لفنجان المساء عن تلك األحالم التي تزهر في صدري حين أتذكر عينيه عن حبات الحصى تتكسر تحت قدميه وهو قادم إلي عن سريرنا الذي تمتد إليه ظالل القمر عن جسدي يترقرق كالماء في المرآة وبين يديه عن تلك الشجرة التي كنا نطل عليها وصدره يأويني عن الدفء الذي فاضت معانيه عن العطرالمعلق بيني وبينه لست قديسة ،لكني أصلي يا اهلل اغسل حبيبي من الخطايا و أمطرني بالحب كي أجفف دمعه و أعد حبات المطر داخلي و في المرايا يا اهلل ،ماذا أسمي العمر لو لم يكن فيه أريد أن أنهمر أمام العالمين وأمامه دون أن أتوجس من عريي أريد أن يكون لنا يوم عالمي للحزن نتوحد فيه بالسواد وننزل جميعنا إلى الشوارع كالغربان نحتفي بحرائقنا ونغني هكذا فقط أتوقف عن التفكير بأن للعالم ما يكفيه من الحزن وأن القبرات دائما دليل شؤم وأنشد طوبى للحزانى مثلي
دمعة ومرايا
يعد الشاعر المغربي مبارك الراجي من الشعراء المغاربة الذين اختروا االنعزال بعيدا إلى ذاواتهم، انعزال إلى الكتابة باألحرى .شاعر قليل الحضور وقليل الحديث ،هادئ جدا يشبه نصوصه الشعرية :نصوص تنبع من الحياة الهشة والمفعمة بالحساسية المفرطة، وعامرة باأللم .متشرد في ليالي أشعاره ،ال مأوى له إال النص ،خبر المعاناة منذ البدء ،وال يتنفس سوى ما يكتبه، «أعود إلى الكتابة ،أعود إلى الحياة» ،يقول الشاعر عينه. أصدر ثالث مجاميعه الشعرية «شذرات نائية ،من كتاب الغربان» ،عن منشورات الفينك ،سنة ،2018بعدما صدر له «ضد اليابسة أو بهاء النسيان» الفائز بجائزة عبد الوهاب البياتي ،سنة ،1998و «ترنيمة آلدم» ،الصادر عن مطبعة BOJOشتنبر .2016 وألن الشعر كما يقول مبارك الراجي «كيمياء وجودي وماء تلويناتي الداخلية ،ومالذ الشهقة والنفس النفيس، حبر القلب الدافق الكريم» ،فهذا الشاعر ال يكتب إال شعرا منسكبا ودافقا؛ شعر منساب ال يبتغي أية بالغة ،عامر باللغة المرمرية المتدفقة بصمت ،شعر هادئ ال صخبا مزعجا فيه .فالكتابة أقراصه المهدئة ،وأحالمه السعيدة، عالجه من أجل حياة أكثر .يكتب الراجي شعرا يحث القارئ على التساؤل في ما يتصل بالحياة والموت والغياب واالنعزال والحضور وحتى االختالف والهوية .فكما يقول موريس بالنشو «الكتابة هي متاهة الكاتب ومنفاه، وهو يذع خرائطها الخالسية ويترحل ملء تضاريسها الجذمورية كرحالة صحراوي خبر خيمياء الرمال وطروسها صحار ال صدى المعماة» .فهذا الشاعر يتيه بالقارئ في ٍ لها إال الرمال ،عبر قصائد جذمورية وشذرية ،إذ ال تكاد تتصل بشيء حتى تنفصل عنه .كتابة منذورة للـ«انتفاء» بهذا المعنى ،ال تتوقف عن االنتقال من منفى إلى آخر. «أنا المتشرد الجميل الذي شرب الحياة من ثدي الزجاج المكسور الذي عرف الحليب األسود َ مقطر السُخام /وهتف أتواطأ الحياة وأنا ما أنصع الجرح في جراب الجَمال». مبارك الراجي إذن ال يكتب إال حياته ،ال يكتب إال آلمه بهذا المعنى ،يكتب كأنه يسير على شفرة حالقة أو كأنه يوبخ العالم حامال في يده مرآة ال تعكس إال األلم والمعاناة ،غير مكترث سوى للكتابة من حيث إنها موطنه /منفاه. فهذا الشاعر الخيميائي يكتب لالأحد ويكتب للكل... إنه فقط يكتب ،أو باألحرى يمارس الكتابة .ليطفئ جمرة ملتهبة في داخله .يكتب الشعر كرجل رياضيات ،يبحث عن معادلة معجزة ،لكنه ال يعرف من أين يبدأ وإلى أين يسير وإلى ماذا سينتهي ..يكتب بال هدف وبال غاية، يكتب فقط ألنه في حاجة للكتابة حتى يعيش أكثر، فاألحرف هي ذرات أوكسيجينه الخاص .يكتب كأنه رضيع لم يخرج من رحم الحياة بعد ،والكتابة هي الحبل السري الذي يمده بالحياة. خبر مبارك الراجي الكتابة الشعرية في الشوارع وعلى أرصفة ميناء مدينة الصويرة ،لهذا هو يحمله معه أينما جال وصال في عوالم نصوصه ،لهذا يقول: «القصيدة التي قفزت من البحر كسمكة المرئية
دمعة ومرايا
أولئك الذين تسكنهم األسئلة الحارقة الذين ال ينامون يحيون معلقين في الفراغ ال يفكرون باألزمنة وال باألمكنة إال حين يصلون إليها أو تصل إليهم أولئك الذين ال يهابون الموت بل يمشون إليه بخطى واثقة الذين يركض الغد في أعينهم دون أن يدركوه ال ينتظرون منه غير حزن جميل يجملهم يستقبلونه بصدق أكبر وبمحبة ال تتهيب إال في وجه اإلله.
العدد 1010
الشمال الثقافي
قصيدتان الشاعرة إيناس خورشيد فاهوم فلسطين
-1-
يستهويني صوت الطائرة حين إقالع وهذا االنعتاق من األرض إلى حين عودة أو ربما ال.....
تستهويني جزر اليونان حيث المعمار المميز الذي يبلل اقدامه بشواطئ البحار. األبيض لمتطلبات المناخ وزرقة النوافذ امتدادا للسماء. تستهويني الحيتان العمالقة عندما تلهو في مياه المحيطات. تستهويني المدن التاريخية وتلك التجاعيد على الحيطان ورائحة التاريخ في الزقاقات. يستهويني أثر الفراشة لبعض كالم. كقصيدتين كتبهما محمــود درويش عـــن بروفيسور إدوارد سعيد حين حياة وحين رثاء. تستهويني قصائد نزار قباني خصوصا تلك غير المكتوبة في «أيام معه» لكنها تنام في احداث الكتاب. تستهويني خفة ظلك التي تنجح في إعادة ترتيب أسارير وجهي الجادة وتزرع ورودا عميقا في الوجدان. يستهويني صمتك الذكي وكل تلك األفكار والتساؤالت لماذا ابتعدت عن ضجيج البشر؟ واخترتني أنا
-2-
من بين النساء. هالميٌّ هذا البنيان طريق أمشي إليه في ٍ أطوي نهايته وأحولها الى درجات أصعدها درج ًة درج ًة. حتى أصل سماء غرفتك امشي على السقف وال أقع وأراقبك من اعلى طائر بعيد ِ بعين ٍ صقرٌ وصياد. أمشي على الجدران الخارجية وال أقع أطل على النوافذ المضاءة وكأنها عيون سحرية تبحث عن فضاءات. أعرف نافذتك من بين كل النوافذ تأتي منها أضواء وحفل من ظالل يفوح منها عطرٌ تسرب في مسامات الجدران. المباني كما نحن تحلم في الليل وتستيقظ في الصباحات. وهي كما شَعري تجيد الرقصات. تارة ترقص مع الريح وتارة ترقص مع الماء في األعماق إن رأيت بيتَكَ يغرق ال تخف فلربما مرَّ نهرٌ ضجرٌ من هناك.
الثالثـاء � 10إلى � 16شتنرب 2019
فوهة العظام لست على ما يرام حزن عميق يعتريني هذا ما حدسْتُ به ليلة البارحة في منامي. كنت أغوص في العلو أشبك يدي وأنظر في زورق الموت ينقل شبحي للضفة األخرى. يداهم أطيافا أعرفها جيدا فينتصب الليل في وجهي، ثم يغافلني ويدحرجني على حافات شائكة. كانت األطياف تلملم بقاياها وال تقوى على المشاكسة، كي تراوغ الطرق التي ترتطم بالليل. ثمة تذكر ُة سفر لضباب كثيف حيث األجراس رنينُها مستفز لصفارة القطارات. في فوهة عظامي المتساقطة ثمة زوبع ُة شظايا تناثر لهيبها. رائحة اللهيب في قماش الجمر ُ منافذ لألشباح. في فوهة عظامي المتساقطة
10
الشاعرة نادية قاسمي كومة بياض تتنفس رائحة فأس ألِفت برودة التراب. في فوهة عظامي المتساقطة أرتجف، وأنظر إلي ُ خُطواتي تتبعني ما أن يسحبني السراب. تحتشد الحجارة على عتبة أسراري منتعلة تاريخ ميالدي. أشباح من أتربة تنثر رسائلها العابرة على صباح يتعقبه ٌ ليل، يهرول منكفئا مثل عمْر ينفلت من األصابع اليافعة. في ساحة االنصراف وشاية العظام لنفسها خيان ٌة للتراب. وبعيدا عن صراخي، تلتقط أصابعي مالمحَ وجهي، علها تدركني بين األنقاض.
الشمال الثقافي
العدد 1010
الثالثـاء � 10إلى � 16شتنرب 2019
11
أنا لم أحبه هو فقط طفلي الشاعرة شيرين طلعت المتعب القاهرة /مصر أختار أال يسمع صوتي المنطلق من بين ضلعي
شبيهات أمي
مثل أي حصان جامح الشاعر محمد الهادي الجزيري /تونس
يريد أن يصل النهاية لكن ال نهاية لمن مأل دمه الشوق.
أفحمتني النسا ْء
ْ القتلة حقل سبايا لجيش من الهمج
ك ّلما عضني قدري ..طفن بي حانيات
بائعات هوى في المعابد باسم البغاء
أختار أال يسمع صوتي
المقدّس
كي ال يكون قريبًا
مستنزفات طوال الدهور وفي ّ كل محكمة
ُكل هذا ال ُقرب
ساقطاتْ
فلن يشعر باألمان
يضمدن روحي بما يمتلكنَ وإن كان قطنَ السما ْء ك ّلما ضاقت األرض واألبجديّة بي وتجاهلني زمني
حين تكون هذه الالمسافة بيننا.
كنّ لي سفنا وطفقن يحوّلن ّ كل زقاق فضا ْء فلتكن شهقتي في الهزيع األخير من العمر ْ وصالة أغنية للمصابات ظلما ّ بكل سهام الخطايا وهنّ البريئات من ّ كل ذنب.
النسا ُء قصائد في قبضات الشيوخ وسائد للسيّد الفحل في جنّة النزواتِ وحين يؤوب من الغزواتْ النسا ُء حمامات هذا الخراب الذكوريِّ
فأنا لن أحبه لكنني دعوت له بكل جوارحي أن يبقى بخير وهو يفلت عن يدي يداه
يغرن على صخرة العيش فجرا
ينشدن بين الركام
ْ الحياة ويخبزن منها
لكي يطمئنّ السالمُ قليال
ونحن نفترق
ويسندن بالحبّ والصبر
تؤلمه خطواتي الواثقة
من يتداعى من اإلخوة الجشعين السكارى
ويرجفه البكاء الخفي في عيني
ّ تتوغل في الوقت واألرض لغتي أنثى ّ ْ تكذب ّ الرواة كل إخوتي اختلسوا ّ كل شيء من البدء
اختار أال يسمع خطاي
وينسجن من شجن شائك عائالتْ النساء شبيهات أمي
أنا لم أحبه
ومن البدء يغتصبون الحقيقة ت ّفاحة تلو
على الرغم من ضعفهنّ
هو فقط طفلي المتعب
ت ّفاحة
يُجرن طفولة روحيَ من إخوتي الشرسين ِ
واتّهموا األمّهاتْ
من صدور البناتْ الكهوف الخيام البيوت القصور تعي ما ُ أقول وتكتم في جوفها حسراتْ النساء قرابينُ آلهة صاغها إخوتي ْ الماكرون النساء عرائسُ للنيل
ْ القساة إخوتي ال يحبّونني مثلما قال درويشنا وأنا ال أرى حاقدا واحدا
الذي مارس كل عقوقه وكلما تعثر دعوت له ،بقلوب أمهات الدنيا أن ترفق به الطرق وأن ال يتعثر صوته
ال أرى غير سرب الرفيقات حولي
حين ينطق أسمي،
وأدعية األمهاتْ
مستنجدًا
أنا لم أحبه هو فقط طفلي المتعب
رغم قلبي الرابض في صدره
العدد 1010
الشمال الثقافي
الثالثـاء � 10إلى � 16شتنرب 2019
12
دخول مدرسي
« قب�ضة ملح» ليصمت رقباء التاريخ و يعتكف مساجين الفراغ في استشفاف القذارة في مآتم النفوس الثقيلة و حلكة الصوت الكاتم للعواء بينما يصدح وكالء السماء بأغاني السالم و الخالص هناك… في مساقط الضوء سحنات الجنود مُدجّجة بوصايا الحشد كالعناقيد تتد ّلى تكاد تصافح نساء ش ِبقات بالحرية بعيدا عن رزنامة القحط عن همهمة الريح الموحشة
محمد بنقدور الوهراني الشاعرة هدى الهرمي /تونس و صالفة العراء هذا العبث ينوس وراء سدّة الالمباالة يخترق الحاقدين كقبضة ملح ال يعارضه تيّار الهواء و ال ضباب الشمس ّ كل خطواتهم محشورة فوق الضفة الرمليّة صارت ألوانهم صفراء باهتة بعيدا عن جنّة خضراء و بلد صقيل ينهض مُنتفضا من مخالب السقوط
كتاب احلكايات الشاعر عز الدين بوركة باألمس تذاكرت مع فيل إفريقي عن أزمة المياه في جيبوتي وعن حديث النمل العلمي عن األكوان المتوازية وكيف تمكن وحيد القرن من اكتشاف كوكب جديد وهل الخنفساء مذكر أم مؤنث؟ ومتى وأين ينام النمر الوردي؟ باألمس كان صديقي الفيل حزينا جدا لهذا تناول قطعة من األسبرين قبل النوم تاركا كتاب الحكايات في جيبي، وبالصدفة لمحت قرب الموقد أرنبا يلتهم أسدا ورأيت دودة القز تتحول إلى زرافة وثعلبا يعظ الذئاب لتدخل في ملة النحل وسمعت مصادفة ،قردا يقص على مسامع أفعى قصة علي بابا كاملة إال أني اندهشت حينما رأيت السندباد البحري
وهو يجر شهرزاد من شعرها إلى المقصلة. ومددتُ يدي جهة جحيم أبناء آوى ألنقذ فأرا من االحتراق، فأصابتني لعنة قديمة أفقدتني الرغبة في النوم إلى األبد. وألخرج من رأسي كان لزاما عليّ أن أمزق جسدي الرخوي: كتل من االسفنج والزبد معلق عليها آكل النمل وشرايين من نهر األمازون هناك ! ترعى تماسيح بيضاء وأما رأسي المائلة إلى جهة الشرق ،فرأس إله أمازيغي خشبية ومقطوعة. وألنهي كل هذا الصداع ،أحرقت كتاب الحكايات فانطفأ العالم ونمت.!
في زمن ما ،كانت المدرسة هي منبع الفن واألدب والرياضة ،منها تتفتق المواهب ،وفيها تبرز القدرات والكفاءات واإلمكانيات ،وفيها تصقل وتؤطر وتوجه قبل أن تمشي في أرض الحياة باحثة عن موطئ قدم أو اسم أو بصمة في ميادين الفن واألدب والرياضة. كان المحرك األساسي ،والمؤطر الرئيسي لهذه المواهب ،األستاذ، بكل ما تحمله هذه الكلمة من معاني ،كما كانت النوادي ،بشتى أنواعها وتصنيفاتها ،هي موطن التكوين والنشاط والعطاء واإلبداع. من هذا المكان ،المسمى مدرسة ،كانت انطالقة العديد من أعالم الفكر والفن واألدب والرياضة في المغرب. وفي هذا الفضاء المسمى مدرسة ،ظهر فنانون وأدباء ورياضيون، قبل أن تستقطبهم جمعيات وهيئات ومعاهد ونوادي لتصنع منهم نجوما حققت بفضلهم مجدها وصيتها وإنجازاتها. كانت المدرسة في ،هذا العهد ،مركز تربية وتكوين وإنتاج الطاقات، ولم تكن مكان تعليم فقط ،كانت األنشطة الموازية تعتبر غاية في حد ذاتها ،وليس وسيلة الستكمال استعماالت الزمن وملء الفراغ. من يتذكر الندوات والمحاضرات واألمسيات التي كانت تنظم داخل المدارس الثانوية المغربية يتعجب من مستوى النقاش والحماس الكبير في تبني األفكار ومنهجية الطرح والتحليل ،بغض النظر عن خلفياتها وانتماءات حامليها. المسترجع لضيوف المدارس المغربية يتعجب من انفتاحها على أسماء أدبية وفنية ورياضية ،كانت تزور هذه المدارس في مناسبات ولقاءات عديدة ،الغرض منها التأطير والتوجيه وإعطاء العبرة والنموذج. كانت المدرسة المغربية ،في هذا العهد ،مستنبتا وحاضنة يرعاها أساتذة يعتبرون أم معاركهم إنتاج شخصية سوية قادرة على التكيف مع الحياة ،عوض تعليم تالميذ ،وفق برنامج ومنهج مدرسيين محددين ،وكفى المؤمنين شر القتال. كان األستاذ هو منبع المعرفة والقيم ،بكل تجلياتها ،لذلك كانت له سلطة وهيبة وسطوة تمكنه من غرس المدارك في نفس تلميذ اليوم ومواطن الغد ،بسالسة وسهولة وإحساس بمسؤولية أن ما يغرسه اليوم سينتج بالتأكيد غدا. هكذا كان يشتغل األستاذ ،لذلك كان هو منبع ومركز الثقافة المغربية األصيلة. اليوم ،أين المدرسة المغربية ،من مثل هذا العمل وهذه اإلنجازات؟ كيف تحولت المدرسة المغربية ،بين عشية وضحاها ،من منتج ثقافي ورياضي إلى مستنقع جماعي ال حركية فيه وال حياة؟ أين ذهبت أريحية وتضحية أساتذة المدرسة المغربية الذين كان همهم األساسي صناعة اإلنسان قبل أي شيء آخر ،ماال كان أم جاها أم غير ذلك؟ كيف تغير حال المدرسة المغربية ،في رمشة عين ،بحساب الحضارات اإلنسانية ،فأضحت مهمتها عوض إيجاد حلول لمعضالت ومشاكل المغرب إلى سبب مباشر للكثير من مشاكل المغرب؟ كيف أصبح الفصل الدراسي مرتعا لتصريف انحرافات الذات التالميذية بعد أن كان عالما للتهذيب والتثقيف والتحسيس بجدوى المدرسة وجدوى الوطن وجدوى الحياة. هل األستاذ لوحده يتحمل مسؤولية هذا التردي أم أن المنظومة التعليمية بأسرها تتحمل مسؤولية هذا التردي الفظيع في التربية والتعليم، فضال عن التوجيه والتثقيف؟ كيف يمكن تفسير غياب إشعاع المدرسة المغربية وتأثيرها الثقافي والرياضي؟ إلى عهد قريب ،كانت النوادي الرياضية في كثير من األلعاب الجماعية تستقطب العبيها ،في فئات الفتيان والشبان ،من المدرسة المغربية وتعتبرها منجما مهما للتنقيب والبحث عن الكفاءات المتوفرة على المبادئ األولية في مدارسها. في العهد الحالي انقلبت اآلية ،وأضحت المدرسة تستعين بالنوادي الرياضية ،للمشاركة في األلعاب المدرسية ،لفقر المدرسة بمناهجها وأطرها وآفاقها ،ألنها لم تعد تنتج شيئا يذكر. وإذا كان الشيء بالشيء يذكر ،من المستحب أن نعلم أن الكثير من األجيال الشعرية التي ولجت المدارس بعد مرحلة االستقالل ،تعلمت على أيدي أساتذة شعراء في المدارس المغربية ،واألمثلة كثيرة ومتعددة، واألسماء موجودة وشاهدة. هذا التراجع الثقافي الخطير الذي أضحى ملمحا يميز الواقع المغربي، هل هو مرتبط بتراجع دور المدرسة؟ بالتأكيد ،نعم ،فدور المدرسة ،ومن خاللها األستاذ ،هو سبب رئيسي، بين أسباب أخرى ،في هذا التراجع ،أما القضايا األخرى ،التنظيمية والتقنية والسياسية وحتى االجتماعية فهي تفاصيل ،والشيطان دائما يكمن في التفاصيل.
الثالثـاء � 10إلى � 16شتنرب 2019
العدد 1010
عالم من �أ املغرب : �شمال
13
الفقيه أحمد بن محمد اللواجري
اسمه ونسبه:
هو أحمد بن مُحمد بن امحمد بن محمد بن محمد َّ واجري التّطواني. الل ِ وهـــو حفيــد العالمــة القاضي عبد الرّحمن الحائـــك، من جهة األمّ .وشقيــق الفقيه العالمــة محمد بن امحمد اللواجري (1364هـ1945/م).
من عائلة قديمة بتطوان ،كان منها:
الحاج مَحمد بن المعلم عبدالسالم اللواجري الذي كان حيا بتطوان عام 1194هـ1780/م. وعبدالكريم بن عبدالسالم اللواجري عام 1215هـ1800/م. وعبدالكريم اللواجــري كان من جملــة النـــواب الذين تولوا حكم تطـــوان بالنيابــة عن قائدها محمد السالوي (ت1230هـ1815/م). ومحمد بن محمد اللواجري من جملة المقومين وأرباب البصر بتطوان عام 1265هـ1849/م. والدته :وُلد بتطوان سنة 1297هـ1880 /م. نشأته وطلبه للعلم :نشأ بتطـوان حيـث حفـظ القـرآن الكريم ،ثم تل ّقى فنون العلم من نحو وعربية وفقه على علماء تطوان؛ أبرزهم: • أحمد الرّهوني (ت1373هـ1953/م). وقد اكتفى بما حصّله عن أعالم تطوان دون أن يرحل إلى فاس.
موائدُ الحرفِ
(ديوان فوائد وعوائد ومحا�ضرات)
وظائفه:
بعدما نهل من العلوم ،واستوى عدوه لإلفادة ،تصدّر ل: • الكتابة :فاستخدم كاتبا بإدارة ضريبة المباني ،فقام بها أحسن قيام. • اإلفتاء والعدالة :قال الفقيه محمد داود( :وكان من المتعاطين للفتوى والعدالة منذ عدة سنوات ،ولم يتأخر عن ذلك إال حين أسند إليه وظيف خليفة القاضي بتطوان). • خالفة قاضي تطوان من سنة 1360هـ1941/م إلى سنة 1362هـ1943/م .قال الرهوني( :وقام بوظيفته أحسن قيام ،من إقامة العدل ،وحسن السياسة مع الناس). • التدريس :قال الفقيه محمد داود( :وهو من المدرّسين أيضا ،وال يكاد ينقطع عن التدريس ،وإن كان فيه ًّ مقال؛ إّ ال أنه دقيق الفهم). • اإلمامة :قال الفقيه محمد داود( :وهو إمام راتب في مسجد ابن صالح (جامع الشحيّت). حاله :تزوّج بنت الفقيه أحمد الرهوني :رُقية ،عام 1340هـ1922/م ،ورُزق منها بولدين توفي أحدهما في حياته. صفاته :قال الفقيه محمد داود( :وهو من المفرطين في التستر والتكتم واالبتعاد عن مظاهر علماء الوقت في هيأته وأقواله وأفعاله ،فال يزاحم على شيء ،وال يحضر الحفالت
د .بدر العمراني
وغيرها من المجتمعات العامة ..وكان مثاال للعفة والنزاهة واالنقطاع لعمله وإتقانه).
شهادات قيلت فيه: قال الفقيه أحمد الرهوني( :الفقيه العالمة المحرّر األديب األريب ..اشتغل منذ صباه برضاع ثدي العلم ،حتّى برع في جملة علوم ،من عربية وفقهية ورياضة ،وقرأ علينا وعلى غيرنا، والزم المطالعة والتقييد ،وقد تمسّك بالطريقة التجانية ،على يد مقدّميها ،فأقبل على أذكارها الالزمة وغيرها ..وكان لنا نعم الصهر حفظه اهلل). قال الفقيه محمد داود رحمه اهلل( :عالم مشارك ،محقق في أبحاثه ،وله مشاركة في مختلف العلوم ،واطالع على كتب األدب والتاريخ). وفاته :في أوائل شوال عام 1362هـ أصيب بمرض عصبي أرخى مفاصله ،وأثر في ذاكرته ،حتى صار ال يدري ما قال وما فعل ،واستمر على ذلك إلى أن لقي ربه رحمه اهلل يوم األربعاء 26ربيع األنور سنة 1363هـ 22/مارس 1944م ،ودفن بالزاوية الريسونية بتطوان.
مصادر الترجمة:
عمدة الراوين في تاريخ ّتطاوين .5/181-183
-عائالت تطوان لمحمد داود .2/245-246
بين دفتيّ هذا َ شكــول فوائـــدُ في الفقــه واألصول والتاريخ الك ِ ُ ُ ونخيلـــة حصيلــــة مطالــعـــاتٍ وسماعــاتٍ، واللغـــة واألدب ،وهـــي ٌ ٌ وبـــاعــــث على لإلينــاس، ة مجلبـــ ُّعهـا و وتنـــ تحقيقاتٍ وجواباتٍ، ِ َ ّ التروّح؛ َّ التنقل بين وتستـــروحُ إلى ألن النفس تسأمُ النمط الواحدَ، ِ ِ أفانين الكالم ..ولعل القارىء يجد فيها متنفسهُ إذا تم ّلكه الضجرُ، ِ ُ الوحشة ..واهلل الهادي إلى سواء السبيل. واستفرغتهُ
فــائـدة �أدب َّي ٌ ٌ 24 ــة
ِّ ٌ فردوس أرضيٍّ ألمير من أمراء الكلمة :أمين نخلة (ت 1976م) ،تغنَّى فيها بساط أفيحُ من المفكر ُة الريفي َُّة: ٍ ً ً وجمال الريفيّةِ، الفطرةِ جمال بجمالين: ـ قراءتها عند ـ انتشيت وقد .. عَم ن ء وأهرا ، ال وسال ، ال حقو الريفِ بمفاتن ِ ِ َِ ٍ المجبول على السَّماحةَِّ ، والطالوةِ ،ورشِّ ما ِء الزَّه ِر.. القلم ِ ِ ً أدب :أسفا على مدادٍ جَفَّ! .. ر لخي قلم خيرَ يا ِ ٍ ٍ
ُ كتاب �أ�صو ٍّ فقهي 25 يل ٍّ تقريظ ٍ
-
بقلم:
ُ ُ الحافظ لكتاب اهلل تعالى الدكتور معاذ عبد اللطيف النايف ْ أن أقرِّظ رسالته في الباحث طلبَ مني الفقيهُ الدكتوراه( :فتح الذرائع وتطبيقاته في مجال االعتداء اإللكتروني)( ،)1التي حظيت باإلشراف عليها برحاب كلية الشريعة بجامعة الشارقة ،وهي أو ُ َّل رسالةٍ أصوليَّةٍ فقهيَّةٍ تُناقش بالكلية ،مع جدّةٍ ملحوظةٍ في جانبها التطبيقيِّ .وقد أجبت طلبته ،وكتبتُ هذه السطور إكباراً له ،ولباكورتهِ في دنيا التأليف. « َّ هَدْي هذه الشَّريعةِ ومعهودِها نصْبَ الميزانِ في موارد التَّجاذب والتَّناصي ،فال غالبَ إال ما إن من ِ المآل ،وال مغلوبَ إال ما َ َّ الموازين؛ بل َّ الدليل ،أو ُ ُ إن اهلل شال في ك ّفةِ هذه رجحان غلبهُ وزن المصلحةِ ،أو صالحُ ِ ِ ِ ركبَ في َ تعالى ّ الفِط ِر حبَّ القوة وكراهيَّة الضّعفِ ،فتجدُ العاميَّ إذا خُيِّر بين أمرين اختارَ أرجَحَهُما مصلح ًة، وأردَّهما عليه بوفرة العائد .فال غرو؛ ْ المصالح في إباحةِ ذوات األسباب من الصَّالة ذرائع ِ فتح ِ إن عمدَ الشَّارعُ إلى ِ بعد الفجر والعصر ،وإباحة رؤية المخطوبة من جملة النظر المحرَّم ،وإباحة العرايا من ربا الفضل ،وإباحة الحرير للرجال بقدر ما تدعو إليه الحاجة ..وهذا منه استثنا ٌء َّ معل ٌل بغلبةِ مصلحةِ المآل ،وانغمار المفسدةِ في جانبها؛ إذِ السدُّ ال ّ واستمرار ـ عوارضُ االنكفافِ عن المباحات والتحرّ ِز عن موضع ،ولو لوحظت ـ على دوام يطرد في كل ٍ ٍ ٍ ً وركوب جادّة ّ التنطع والغلواء! ، ا شرع المعتبرة المنافع إهدار إلى ذلك ألفضى المشروعات، ِ َّص في رعايةِ المصالح العامة والخاصة ،مهما اختلفت األزمنة، وإنما تُفتَح الذرائع التفاتاً لمعنى العدل ،المشخ ِ واألمكنة ،واألحوال؛ إذ األصل أن تُراعى اإلضافاتُ والتوابعُ في صيرورتها المتجدّدة ،وتُستبصَر المآالتُ قبل الحكم بالمشروعية وعدمها ،فال يقطعُ بالمفسدة في أول أمرها وظاهر حالها ،ومآ ُلـها إلى مصلحةٍ أرجح ،تنقلها االسترسال في جانب الدرء على غير إلى (وضع المشروعات) .وليس أضرّ على الحقوق ،وأعطب ألهلها ،من حريّة ِ هدى من موازناتٍ مصلحيَّةٍ. َ َ ّ لكتاب اهلل الدكتور معاذ الحافظ الفقيهَ الباحث أخانا تعالى اهلل ق ف و أن البدايات في ُّجْح ِ ومن عالماتِ الن ِ الذرائع ،وجَرِّ تطبيقاته المعاصرة في مجال االعتداء اإللكترونيِّ ،فجمعَ موضوع فتح عبد اللطيف النايف لمعالجةِ ِ ِ ُ َّسائل يُنْشَأ من َّفريع الفقهيِّ ،وهو جمعٌ محمودٌ ال أرى له ضريباً فيما األطاريح والر ِ بين الت ِ ِ َّأصيل األصوليِّ والت ِ وكأن علم األصول يستغني بنفسه عن ُ إال في النَّادر الذي ال يُقاس عليهَّ ، مُث ُل الفقهِ وشواهدِ الفروع ،ويضرب سبيل غير سبيل الواقع الحيِّ الموّار بنوازله وتحدياتهَّ . وإن من األثرةِ المذمومةِ أن يكتبَ األصوليُّ لنفسه، في ٍ تذليل تنظيراتهِ للفقهاء والمفتين ودعاة الوقت ،وهؤالء أولى الناس باجتناء الثمرة وألرباب تخصّصه ،ويتبرّمَ من ِ واإلغراب واجترار المصطلحات الباردة ،آف ٌة استحكمت في درسنا األصوليِّ األصولية! لكنّ الجنوحَ إلى التفلسفِ ِ وال شاطبيَّ لها! ُ عمل رائدٍ مجوَّدٍ عنوانه: وإذا كان الباحث مسبوقاً إلى ِ تأصيل فتح الذرائع ،وضبطِ مسالكهِ وشرائطه ،في ٍ الجانب التأصيليِّ مدارها على نقدِ بعض (فتح الذرائع وأثره في الفقه اإلسالميِّ)( ، )2فإن له إضاف ًة مشهود ًة في ِ ّ المشككين في التعريفات والمفاهيم ،واستيفاء القواعد المتع ّلقة بهذا المسلك االجتهاديِّ ،وتفنيد شبهات مشروعيته .أما الجانبُ التطبيقيُّ ٌ فحقل بكرٌ أثارَ حرثه ،ونخَل زرعه ،حتى أَعْنَقَ واستحصدَ يعجبُ الزرّاع؛ إذ لم َ مسائل االعتدا ِء اإللكترونيِّ ،وهي من الجديدِ الذي الفتح الذرائعيِّ على أر مِن الباحثين المعاصرين مَن خرَّجَ ِ ال يبلى !..وليست الجدّ ُة وحدها َ اإلعجاب ومَثاره؛ بل تعزّزها جود ٌة في تصوّر المسائل ،وتحقيق المناطات، مناط ِ كيْس ،وفطنةٍ ،وفقهِ نفس. صاحبُ إال ـ عادة ـ يُؤتاه ال واستبصار المآالت قبل الجوابات ،مما ٍ
بقلم :قطب الري�سوين ـ ال�شارقة ـ والحقُّ أن باحثنا َ بأسباب التعهّد والمران، َّطبيق عن ملكةٍ في الفتوى ،لو حاطها َّخريج والت ِ ِ أبان في مواردِ الت ِ شأو في الصِّناعة؛ وقد صارحتهُ بهذا في طو ِر اإلشراف على رسالتهِ ،وحثثتهُ على التفرّغ لما يحسنه ألصبح ذا ٍ ً خير أعظم للمرء من أن يُهدى إلى حاقِّ موهبته ،ومجال إحسانه! وهاكَ نموذجا من تطبيقاته ويقوم عليه ،فما من ٍ الذرائعية الرائقة ( :تُفتَح الذريعة في النسخ اإللكترونيِّ للبرامج المحمية بغرض االستعمال الشخصي ،فإذا قام معين محميٍّ؛ حتى يستفيد منه لنفسه في قراءته ،أو االقتباس منه ونحو ذلك ،فإن هذا شخص ما بنسخ برنامج ٍ ً ّ عمل شخصيٍّ أريد به النفع العام ،وهو ما كل في ا ق ح للمجتمع ألن ِّ؛ ي العلم االنتفاع ال بأس به إذا كان في حدود ِ ٍ يُعبَّر عنه بحق اهلل تعالى ،ولكن فتح الذريعة هنا ال بد له من ضوابط :أ .أن ال يتيسر الحصول على النسخة األصلية ال في األسواق وال في غيرها؛ إما لندرتها أو عدم توافرها مطلقاً .ب .أن تتوافر النسخة األصلية في السوق لكنه ال يستطيع شراءها مع شدة الحاجة إليها ،وذلك لثمنها الباهظ ،أو كان سعرها يفوق القدرة المادية لإلنسان المحتاج إليها .ج .أن يتجنب الناسخ المتاجرة بهذه النسخة بقصد الربح المادي ) .فتأمّل كيفَ ح ّقق مناط الفتح ،وفرّع الصُّور ،ووضع الضوابط ،حتى لكأنها فتوى تمور بماء الحياة ،وتصدحُ بروعةِ الفنّ!.. أما صياغته فجانبَ في عُظمها جفافَ الفقهِ ويباسَ الفروع ،وضخَّ فيها ن َفساً بيانياً حُ ْلواً يجلو عن النفوس ضجراً يورثه استكدادُ الفهم ،وإعناتُ الرويّة ،حتى اعترض عليه أحد المقيّمين لرسالته قائ ًال( :إنكَّ لتكادُ تخرج َ َّوغ البيانيِّ للفقهِ ،وتذوّقَ كالمَ فحوله عن بيان أهل األصول إلى بيان أهل األدب) ،ولو درى المقيِّمُ مزيّة الص ِ كالجوينيِّ ،والغزاليِّ ،وابن القيّم ،لما قال ما قال ،والناس فيما يعشقون مذاهب! وبعد: ً ْ ُ الشّأن في البواكي ِر فقد سُررت باإلشرافِ على هذه الرسَّالةِ مذ كانت مُضغة إلى أن بلغتِ األشدَّ ..وإذا كان العلميّةِ أن يشوبَها شي ٌء من فجاجةِ البدايات ،فباكور ُة باحثنا ثمر ٌة بدا صالحُها قبل األوان ،وحال طعمها في فليَسرْ على درب البحثِ األفق ما يُبشِّر بسالل وال أروع ،وقطوفٍ كأنّها الحَ َلبُ المعسولِ .. مذاق أهل الشَّان ،وفي ِ ٍ َ المالئكة لتدعو ِّ ورائحْ : أن طِبْتَ وطابَ في الخي ِر ممشاك.».. غادٍ لكل وإن الخطى، العزم ،واثقَ والرأي ،موفورَ ِ ٍ
. 26فتوى من م�سائل الأ�سرة
أمر ،ثم أمرتني والدتي بخالفه ،فأيُّ الرغبتين ألبّي؟ وهل أرتكب إثماً سُئلتُ :لقد أمرني والدي ٍ بفعل ٍ لعصيانِ أحدهما ؟ ُ األصل أن تطيعَ الوالدين معاً ،وتذعنَ ألمرهما ،ما لم يكن األمرُ في معصيةٍ ،فهذا مقتضى اإلحسان فأجبتُ: َ ً َّ فيُمتَثلُ المأمور به .فإذا تعذر الجمعُ بين األمرين لتدافعهما ،يُنظر أيُّهما أعظمُ مصلحة وأجرى على جادة الشرع، ّ َّقديم؛ ت بال متعذِرٌ واقعاً ،فأمرُ الوالدةِ أولى له؛ ألن إرضاء اهلل تعالى مقدَّمٌ .وإذا تساويا من هذا الوجهِ ،وهذا ِ بحسن الصُّحبةِ( :أمك ،قال :ثم من ؟ قال :أمك ،قال: لقول النبيَّ صلى اهلل عليه وسلم حين سُئل عن أحقِّ النَّاس ِ ثم من ؟ قال :أمك ،قال :ثم من :قال أبوك) ( .)2واهلل أعلم. الهوامش: طبع بدار ابن حزم البيروتية ،سنة 2018م. تأليف :محمد رياض الطبقجلي ،دار النفائس ،األردن ،ط 1432 ،1هـ 2011 /م. رواه مسلم برقم.1575 :
14
الثالثـاء � 10إلى � 16شتنرب 2019
العدد 1010
جملة �إ�سبانية تن�شر مقاال حول كتاب “يهود الق�صر الكبري” حتت عنوان:
مدينة القصر الكبير جوهرة التعايش 1 البشري طالها النسيان Pedro Canalesبيدرو كناليس
2
ترجمة محمد أخريف – محمد العربي العسري
3
ظاهرة السياحة الجماعية:
لقد أصبحت هذه الظاهرة إحدى عالمات عصرنا تساهم في الترويج للتنمية ،والتطور في البلدان والمناطق والمدن التي تجذب ماليين المسافرين كل عام في كل ركن من أركان الكوكب .بيد ان لها أيضًا وجها سيئا ،يتمثل في تهميش وعزلة ونسيان أماكن أشرقت فيها مظاهر حضارية وثقافية ،وكان لها تأثير في التاريخ عبر العصور ،لتظل مثل هذه األماكن خارج دائرة التأثير كما حدث مع القرى المهجورة ،التي تعرضت لهجرات جماعية من البوادي. هذا هو حال مدينة القصر الكبير المغربية ،التي دخلت التاريخ لسببين رئيسيين هما: كونها كانت المكان الذي وقعت فيه معركة الملوك الثالثة ،المعركة التي مثلت منعط ًفا في مستقبل اإلمبراطورية البرتغالية بموت الملك الشاب سيباستيان (دوم سيباستياو) ،الذي كان قد هدد بتحويل جميع اليهود بالقوة إلى العقيدة المسيحية إذا نجح في غزوه القلعة اإلسالمية، وهكذا ،ونتيجة لهذه المعركةأمكن لليهود عبر القرون االندماج النهائي في ذلك المجتمع الذي كان عبارة عن بوتقة للتعايش انصهرت فيه ثالث ثقافات مهيمنة في ذلك الوقت: المسلمة ،واليهودية ،والمسيحية. وإذا كانت بعض المدن الساحلية في شمال المغرب ،مثل طنجة ،وأصيلة ،والعرائش، وموالي بوسلهام ،وحتى تطوان ،والقنيطرة إلى حد ما قد عرفت من مظاهر الرخاء والتنمية ووجهة لمئات أآلالف من المسافرين كل سنة ،واستثمارات أجنبية ونمو اقتصادي ،بيد أن دور القصر تأخر اندماجه في اإلصالحات المتعلقة بسهل الغرب الغني ،التي عرفها أيام التوسعات االستعمارية الفرنسية في الجنوب ،واإلسبانية في الشمال ،رغم أن جزءا منه يسقي من نهر لوكوس. كان القصر الكبير“ ،القصر” بالنسبة للسكان المحليين ،مثا ًال للتسامح والتعايش المثمر بين العائالت ذات الثقافات واألديان والعادات المختلفة؛ وما زالت المعالم والمظاهر التي كانت تعيش فيها هذه األسر باقية تتمثل في المقاهي ،والمدارس ،والمساجد ،والكنائس، والبيع ،والمقابر ،شواهد تدل على الماضي المشتــرك والتعايـش المثمـر والبارز في الهندسة المعمارية الحضرية ،مثل ضريـــح الحاخام ربي يهودا جبلي ،والمسجد األعظم ذي األصل الموحدي ،وكنيسة القلب المقدس، وضريح سيدي بوغالب راعي المدينة ،وبيت هاهاجين أو المقبرة اليهودية. وفي بحر هذه السنــة ،نشـرت جمعية البحث التاريخيي واالجتماعيـي بالمدينــة دراسة من تأليـــف األكاديمين القصريين؛ محمد أخريف ومحمد العربي العسري ،بعنوان “يهود القصر :من جنة التعايش إلى جحيم االنفصــال والكراهيــة” ،أبرزا من خالله أن المكون العبري كان “مكونًا قويًا في النسيج االجتماعي للمدينة” ،وأن أحد أسبـاب بقـــاء واستمرارية اليهودية في المغرب كامنة في “هويتها ورمزيتها الدينية” التي لم تصادر ولم تحارب. وهذا يتعارض مع الذين يدعون بأن يهود القصر كانوا يعيشون كإسبان وأنهم اندمجوا في مجتمع القصر حتى استقالل المغرب ومغادرة اإلسبان للمدينة بعد نهاية الحماية .بينما البيانات اإلحصائية تبرز أن الهجرات الرئيسية األولى للمهاجرين العبريين كانت في أوائل الخمسينيات من القرن العشرين ،جذبهتم دولة ً حديثا .وغادرت المجموعات األخيرة المغرب في نهاية الوجود إسرائيل التي تم إنشاؤها اإلسباني.
يهود القصر الكبير : ترجع أصول المكون اليهودي في القصر إلى القرن الخامس عشر عندما استقر اليهود السفارديون البرتغاليون واألندلسيون على نطاق واسع في المدينة ،وقد تركوا بصمات وشواهد في المالح أو الحي اليهودي الذي عاشوا فيه في المدينة العتيقة ،عملوا بجد في مهنهم التقليدية ،مثل :صناعة القصدير “ الصدرية” ،وصناعة البرادع ،وصناعة األحذية، وصناعة الفضة ،ناهيك عن التجارة التي كانت مزدهرة في عهد الحماية. وأصبحت المدينة بفضل الراعي والمحسن الكبير عمرام كاستيل ،والحاخامات يهودا بيناسولي ،ورحميم ملول مكانًا الستقرار المهجرين الباحثين عن أصولهم وروابطهم االجتماعية ،ومن األسر العبرية التي تركت بصماتها في هذه المدينة نذكر؛ أسرة أزينكوت، وأسرة بناكون ،وأسرة الباز ،وأسرة بنيستي ،وأسرة بناسولي ،وأسرة مدينا ،وأسرة كويهن، وأسرة الِغْرية ،وأسرة بنرويا ،وأسرة ملول ،وأسرة بناحيم. وفي الوقت الحاضر ،يستخدم العديد من اليهود القصريين شبكة التواصل االجتماعي لتبادل األخبار واألفكارفيما بينهم ،وطرح تجاربهم ،وصورهم ،وأحيانا أوصاف المدينة .ومنهم
سامويال Samuelaبكتاباتها العديدة حول “الحماية اإلسبانية” التي جعلتنا نعرف أن إسبانيا كانت “مختلفة تمامًا عن طنجة وتطوان وبالطبع عن شبه الجزيرة األيبيرية ،التي اختفت منها العائالت اليهودية التقليدية تمامًا قبل خمسة قرون تقريبا “ .يقولون بحزن“ :إنها إسبانيا القديمة” ،ولكن مع إضافة الثقافة اإلسالمية المسيطرة ،حيث اندمج اليهود فيها منذ زمن طويل ،وعاشوا مع شعوبها”.
أجيال من المثقفين والسياسيين والشعراء :
ربما يكون هذا الماضي من التعايش هو الذي أوجد تلك المادة الحيوية التي شكلت النسيج االجتماعي عبر العقود وسمحت بخلق العديد من الفنانين والكتاب والسياسيين ورجال العلم والدين واألكاديميين والموسيقيين والشعراء والرياضيين المشهورين ،وآخرين. .... ومن هؤالء على سبيل التمثيل ال الحصر ،نذكر :البروفسور الدولي مصطفى العزوزي في ميدان جراحة األعصاب ،وعبد الحميد بنعزوز عالم األعصاب الدولي في مرض الباركنسون. ومن السفراء بوغالب العطار في كوبا ،ومحمود الرميقي في بيرو ،ومن الشعراء والكتاب والروائيين؛ محمد الخمار الكنوني ،ووفاء العمراني ،ومحمد صيباري ،ومحمد سعيد الريحاني، ورشيد الجلولي ،وبهاء الدين الطود ،ومحمد العربي العسري ،وأنس الفاللي .ومن الصحفيين اإلخوان الكنوني في هسبريس ،وإدريس التيكي .ومن الفنانين التشكيليين المختار غيالن، محمد ريس ،شفيق الزكاري ،قرمادي عبد الخالق .ومن الموسيقيين والملحنين ،عبد السالم عامر ،ومحمد الرايسي ،وحميد القصري .ومن الرياضيين الحاصلين على ميداليات أولمبية األمين الشنتوف وعادل الكوش .إضافة إلى شخصيات أخرى في عالم السياسة ،مثل خالد السفياني المنسق العام للمؤتمر القومي العربي ،وإدريس الضحاك األمين العام للحكومة. لقــد تركــت والدة ومعيشــة العديد من اإلسبان بالقصر بصمة في نفوسهم وفي الحياة العامة ،وفي قطاع األعمال ،واالبحـث األكاديمي اإلسباني ،وتحقق ذلك في إنشاء جمعية أصدقاء القصر الكبير وتطوان سنة ،2003بعدها بسنوات قليلة تأسست جمعية أصدقاء القصر الكبيـــر .وفي سنـة 2015 تأسس نادي أصدقاء المغرب برئاسة أحد اإلسبان القصرييـــن وهوPedro Bofill ، ،Abeilhéالنائب السابق للحزب اإلسباني العمالي االشتراكي PSOEومندوب الحكومة في كانتابريا .إضافة إلى أسماء أخرى قصرية إسبانية مثل الكاتبة سونسوليس فاسكويز ،Sonsoles Vázquezوالمؤرخ توماس راميرز أورتيز ،والمحامي أنطونيو جيا باربيرا الذي اشتهر بأبحاثه التاريخية حول مدينة القصر. وتتويجا لهــذه الجولــة التاريخيـــة الصغيرة التي تربط إسبانيا بالمغرب ،يمكن أن نستنتج ،أنه على الرغم من أن الموجة السياحيـة لم تؤت أكلهــا في المياديـــن التنمويــة ،هنــاك اليوم بدائل أخرى مثل السياحة الثقافية والسياحة البيئية واألنشطة التاريخية والفنية والثقافية التي تجذب المزيد من الناس الحريصين على معرفة التاريخ والسكان وتقلبات الماضي المشترك. ــــــــــــــــ الهوامش : - 1مقال نشر بمجلة أطليار بين الضفتين “ “ Atalayar entre dos orillasأي المراقب لما بين الضفتين ،وهي مجلة شهرية جديدة تأسست بتاريخ 2013/03/27بمدريد إسبانيا ،بتعاون مع السفارة المغربية في إسبانيا ومعهد سرفانتس ،وبعض المؤسسات األخرى .ورغم أنها أسست حصريا لتعنى بأخبار قادة البحر األبيض المتوسط ،فإنها تولي اهتماما خاصا لما يحدث في شمال وجنوب البحر األبيض المتوسط ،دون إغفال العالم العربي ،والقارة األفريقية .فهي مرجع مهم للمعلومات السياسية واالقتصادية ،والثقافية واالجتماعية والرياضية ،وللتحليالت المتعلقة بدول البحر المتوسط والعالم العربي واإلفريقي بأسره. - 2كاتب مرموق ،له عدة مقاالت في الكثير من المجالت والصحف طالت أربعين سنة من أعماله اإلخبارية والتحليلة ،ومنه مقاله األخير في مجلة أطاليار تحت عنوان « مدينة القصر الكبير جوهرة التعايش البشري طالها النسيان» على إثر إصدار كتاب حول يهود القصر الكبير للباحثين القصريين محمد أخريف ومحمد العربي العسري. - 3قمنا بترجمة المقال المنشور في هذه المجلة الصادرة في مدريد في شهر غشت من سنة ،2019ولم نتدخل إال في تصحيح اإلشكال الذي وقع فيه صاحب المقال المتعلق بإدراج صورة ضريح سيدي بلعباس بمراكش ،بدل صورة ضريح سيدي بلعباس بالقصر الكبير التي أثبتناها في الترجمة، وكذا اسم ضريحه الذي هو ربي يهودا جبلي وليس بنسولي.
الثالثـاء � 10إلى � 16شتنرب 2019
العدد 1010
15
الذكرى المائوية
إلنشاء جمعية للدفاع عن الحقوق المدنية والمصالح العامة بتطوان سنة 1919م • بقلم :األستاذة حسناء داود من المواضيع التي أصبحت تشغل الرأي العام الدولي حاليا ،موضوع حقوق اإلنسان، والبحث عن الوسائل والطرق التي يمكن أن تحقق وتنفذ بنود الوثائق المتضمنة للقوانين الضامنة لحق المرء في أن يعيش حياة ال يتعرض فيها ألي نوع من أنواع القهر أو الضغط أو الحرمان .وفي مسارنا مع هذا الموضوع باختصار شديد ،نجد أنه في سنة 1948تبنت األمم المتحدة ما يعرف باإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان الذي يتضمن رأي هذه الهيئة العالمية في حقوق اإلنسان المحمية لدى كل الناس .بعد أن تبنته في 10 ديسمبر من السنة المذكورة في قصر شايو بباريس ،ليصبح وثيقة حقوق دولية تمثل هذا المكتسب .ولقد نالت تلك الوثيقة موقعاً هاماً في القانون الدولي ،وذلك مع وثيقتي العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية سنة ،1966وكذا العهد الدولي الخاص بالحقوق االقتصادية واالجتماعية والثقافية سنة 1966أيضا. وبغض النظر عن القوانين واإلعالنات المتعلقة بالمطالبة بالدفاع عن الحقوق السياسية لإلنسان على الصعيد العالمي ،فإنه من الطريف جدا ،أن نقف في فترة مبكرة جدا من تاريخ المغرب الحديث ،على وثيقة انبثقت عن أفراد المجتمع المدني بمدينة تطوان المغربية، حيث اجتمع أهل هذه المدينة ،وتكاتفوا لإلعالن عن تكتلهم ضمن جمعية تتحدث باسم الجميع ،وتدافع عن حقوقهم الضائعة ،وذلك في سنة ،1919أي منذ قرن كامل. وفي هذا الصدد ،ووقوفا على بعض النوادر التي تتضمنها ربائد األستاذ محمد داود رحمه اهلل في خزانته الداودية ،نجد مسودة تقرير بقلم مجهول، وهذا التقرير عبارة عن وثيقة يتم فيها اإلعالن عن تأسيس جمعية للدفاع عن الحقوق المادية والمعنوية لساكنة مدينة تطوان ،أطلق عليها اسم «جمعية الحقوق التطوانية» ،وذلك عام 1337هـ (الموافق لسنة 1919م) ،وهذه الوثيقة مكتوبة على ظهر غالف رسالة بخط دقيق ومتداخل تصعب معه قراءة بعض الفقرات .ومن الجدير بالذكر أن الورقة المذكورة تحمل تاريخين اثنين ،فقد ذكر في بدايتها أن اجتماع األهالي لتأسيس الجمعية المذكورة كان بتاريخ 26 رجب 1337هـ (أي ما يوافق 26أبريل 1919م) ،بينما ورد في نهايتها تاريخ تقييد المذكرة أو التقرير ،وهو 17جمادى األولى عام ( 1338الذي يوافق يوم 6 فبراير سنة 1920م) ،مما يدل على أن كاتبها قد شرع في كتابتها عند تأسيس الجمعية ،ثم تابع أعمال أعضائها ومحاوالتهم لتحقيق أهدافهم بعقد اجتماعات مع المسؤولين ،إلى أن مرت شهور دون أن يتحقق حلمهم المنشود. والوثيقة المذكورة قد طال عليها الزمن ،فتآكلت بعض جوانبها ،وتمزقت بعض حواشيها ،مما جعل قراءتها من الصعوبة بمكان .كما يالحظ عليها أنها قد اشتملت على بعض التعابير والكلمات العامية ،مما تطلب بعض الشرح أو اإليضاح في الهامش .وهذا ما تمكنا من استخالصه مما تحتويه الوثيقة المذكورة ،التي ننشرها بمناسبة مرور مائة سنة على صدورها ،حفظا للتاريخ، وتذكيرا بما يسم مدينة تطوان من االهتمام بمثل هذه المبادرات الهادفة. وهذا نص الوثيقة: «الحمد هلل وحده وصلى اهلل على سيدنا محمد وعلى آله. اجتمعت في يوم اإلثنين 26رجب )1( 37جمعية من أهل تطوان في الجامع الكبير في الساعة العاشرة صباحا يوم تاريخه ،ومقصود الجمعية التكلم في الشؤون التي ترجع ألهل البلد ومصلحتها ،فجلسوا ،وعددهم يزيد على المائتين، أخص منهم البعض بالذكر ،فمنهم: )2وعبد القادر الرزيني
) 1
(خليفة القاضي) الحسن أفيالل
ـ
) 3
والصفار (خليفة الباشا سابقا)
ـ
)4ومصطفى أفيالل
) 5
والحاج أحمد بريشة
ـ
)6وبريشة بن عبد السالم
) 7
وج محمد الرهوني
ـ
)8وأكزول
ـ )10وعبد الكريم اللبادي (ابن الفقيه)
) 9
وعبد القادر عزيمان
) 11
ومحمد أشعاش (الكبير)
ـ
) 13
والدفوف
ـ )14والجيار
) 15
وأحمد الطريس (الساكن بالعيون) ـ )16وأحمد الفاسي (الساكن بالطرنكات)
)12ومدينة (الوسواس)()2
) 17
والحاج أحمد بن جلون
) 19
وبن عبود (التاجر الذي يبيع السلعة) ـ )20والعربي الخطيب
ـ )18وأحمد أفيالل
) 21
ومحمد بن محمد الموذن
ـ )22والبقالي (صاحبه)
) 23
ومَحمد بيصة
ـ )24ومحمد اطنانة
) 25
ومحمد مدينة
ـ
) 27
والصباغ
ـ )28وبريشة مصطفى
)26واليعقوبي
) 29
والعربي
ـ )30وعبد اهلل أشعاش (الصغير)
) 31
وعبد السالم الهواري
ـ )32ومحمد الحاج
) 33
وأفيالل (الذي حانوته بالسويقة) ـ )34والسلوي الصغير
) 35
والمهدي الموفق
) 37
ومَحمد الرزيني
ـ )36وأحمد اللبادي (صاحب المناظر())3 ـ
)38والصفار
) 39
والعمرتي
) 40
و(المتوسط)()5
) 43
والحسن بن مخوت
)40والدليرو (الصغير)()4
ـ
)42ومحمد العمراني (الزاوية) ()6
ـ ـ
)44وأحمد بوحرمة
) 45
ومحمد الفقاي
ـ
)46والعلمي بن حليمة
) 47
وأحمد بن سفاج
ـ
)48وأحمد سالمة
ـ )50والعطار (الذي يبيع الجاللب)
) 49
وعبد الكريم كرّيش
) 51 ) 53
ومحمد اللبادي (أخو الحاج أحمد ،أي نائب إخوته) ـ )52والعربي (أخوه) ـ )54ومحمد بن عمر النجار (صاحب الركينة) والعربي الس ّقا
) 55
والسيد محمد )7(...وولده (األبيض) ـ )56ودرجاج
) 57
وحجاج الذي )8( ...خطيبا
وغيرهم ممن يطول ذكرهم .ولما اجتمعوا في البالط الثاني قبالة الطاقة( )9التي على المحاج( ،)10ابتدأ بعضهم بالكالم ،فقام العربي الخطيب وقال :أيها السادات ،إن هذه الجمعية في )11(...في وقت نريد الكالم فيه ... ( )12وإذا كان كذلك ،فيتعين علينا أن نعين لنا أعضاء يكونوا نيابا عن بقية أهل البلد .فاستحسن الجميع كالمه ،وتكلم الدفوف كالما قال فيه :إننا معشر أهل هذه الجمعية مهما اجتمعت كلمتنا والتأمنا ولم يقع بيننا نزاع إال وكان كل ما نريد ،ومهما كان غير ذلك إال ولم نخرج على طائل .ثم نظر الجميع في األعضاء، فاتفقوا على أن يكون رئيسا لهم أحمد أفيالل ،وأن يكون األعضاء على أهل كل حومة ،فأهل السياغين( :4 )13الحاج أحمد بن جلون ،وبن عبدالسالم بريشة، وأحمد مدينة الوسواس ،ومحمد بن الفقيه اللبادي .وأهل الربض األسفل :4 الصفار ،ومصطفى أفيالل ،وبن عبود ،والدفوف .وأهل الطرنكات :4أحمد ومحمد الفاسي ،ومحمد أشعاش ،والعمراني الزاوية .وأهل العيون :3أكزول ،وج محمد الرهوني ،وأحمد الطريس. ثم اتفقوا على أن العربي الخطيب يكون هو الكاتب للجمعية ،ثم اتفقوا على أن يطلعوا جميعا )14(...الباشا السيد أحمد الطريس لمحكمته ،فطلعوا مجتمعين إلى القائد ،فاجتمعوا وازداد عليهم في الطريق عدد آخر ،كما نقص عدد آخر من غير المذكورين والموظفين ،ثم اجتمعوا في جامع الباشا ،ثم أتى الباشا فجلس، فتكلم الرئيس للجمعية أحمد أفيالل ،وقال :يا سيدي أسسنا هذه الجمعية كي ننظر في مصالح أهل البلد ،وهؤالء أعضاؤها ،فنريد أن نتكلم ،فهذه ستة أعوام ونحن نأكل ال َقدْحٍي ( ،)15واليوم أكثر ،و )16(...أن نتكلم على مسائل: أوال على مسئلة أننا نرى أمتعتنا تضيع ونحن ننظر ،وال يستطيع أحدنا أن يدافع عن نفسه (يعني أمتعة الخالء ( ،))17حتى إن الرجل يذهب منا لغرسته فيجد فيها العساكر يأخذون متاعه ،فال يستطيع أن يخرجهم وال أن يذهب إلى المخزن. وثانيا مسئلة الضريبة ،يذهب الرجل منا إلى الضريبة ليخ ّلص( ،)18فال يجد من يتكلم معه وال من يعطيه أين يجلس وال غير ذلك ،ونرى أن اإلنسان إذا ذهب للديوانة ليعشّر( )19متاعه ،فيعطيه األمين الشلية ( )20ليجلس عليها، وأيضا هم ال يعطون الكواغط ( )21كما على العادة ،فإن الرجل منا يخلص المرة األولى ،وال يأخذ توصيال على ذلك ،ثم يخ ّلص ثانيا على ما خلص عليه أوال ،ثم ثالثا كذلك ،فلماذا هذا؟ ثالثا مسئلة ضريبة الماء ،فإن الرجل كان إذا أراد أن يصلح معدة ( )22أو غيرها ،يخلص سبعة باليين ،واآلن صار يخلص سبعة بسّيطات ،على م هذا ونحن ليس عندنا ما نخلص بذلك ،وما نقبضه ال يكفينا. رابعا مسئلة الضاو( )23الكهربائي ،فإنه لم يوف بالشروط التي لنا عليه، اعتذر أوال بالكِرَّة ( )24فزاد 25في المائة ،ثم زاد 10في المائة ،فصار الجميع 35في المائة ،على م هذا؟ فإذا أراد أن يرجع للطريق ف ِنعْم ،وإال فليعطينا الدراهم التي خ ّلصنا ويقطع ضاوه في األول من الشهر القابل. خامسا مسئلة تموين البلد ،فإن البلد كلها ليس فيها مائة خنشة من الدقيق ،مع أن البلد تأكل في اليوم 50أو 60خنشة في اليوم ،ونحن ليس عندنا ما نأكل ،ففي الغد نصبح ننظر إلى بعضنا أو نأكل بعضنا. ثم تكلم ج محمد الرهوني على مسئلة التموين أيضا ،وقال :ليس في البلد مائة خنشة ،ومن كانت عنده فليظهرها ،ونحن معاشر التجار ال نكتب إلى دار من ديار السلعة وتجيبنا إلى مطلوبنا ،لكون المخزن ثقف عليهم ذلك ،فليت شعري ماذا نأكل مع أن البُر مقطوع ،وعلى فرض وجود الزرع فأين يُطحن؟
ثم تكلم أكزول على مسئلة الضريبة .ومن جملة ما قاله الرئيس :ياهلل نمشو( )25عشرة من الناس ونطلع لمدريد ،وأنا واحد من تسعة أخلص من جيبي الخاص ،وهذه ست سنين ونحن تحت هذا. ومن جملة ما قاله للباشا :نحن نقول هذا ونذهب للحبس ،على سبيل البسط ،فأجابه :إنه ال يرفدكم( ،)26ثم خرج الباشا وقال :أنا أذهب إلى الوزير وأتكلم معه في ذلك ،ثم خرج وبقي قليال، ثم أرسل وراء األعضاء ،وخرجوا وذهبوا إلى الوزير الصدر األعظم محمد بن عزوز ليخبروه بما عزموا عليه. وها هنا ال أحسن شيئا من القول أكتب مدلوله مسطرا أ ّال حول وال قوة إال باهلل العلي العظيم ،ويا للعجب ولضياع محبة النفع ،فخذ من المضروب له مثال للشمس مع النبات ولو ادعاء – إن لم يوجد حقيقة – لإلسالم .أجاب الخئون بجالل :ما كان ينبغي لكم أن تتفقوا أو تنطقوا بمثل هذه اللهجة ،حيث إنكم تحصلون على هناء ورفاهية ،ولعلكم أنفسكم متعلقة )27(.....الوحيد إنما هو جلب المصالح لبالدكم وأنفسكم وأوالدكم ودرء المفاسد كذلك ،وها أنا أتحمل ذلك من غير احتياج إلى هذه الجمعية أي التي تريد أن تحصل على سعادتها والكن إلخ .ويحفظ اهلل سيدنا الخالـ)28( ..... وإن كان مثلنا ظاهرا .حيث قال حيث تكلمنا عما أجبت به الجمعية قال حفظه اهلل نعم هو يجري في مصالحنا الكن حيث يذهب إليه أحد في حاجة ،ليت شعري ماذا يكون جوابه ،إنما ذلك ال يزيد على أن يقول اذهب إلى (كشطروا) ( )29الكلب فهو الحكم العدل ،قلت فليت شعري هل مثل هذا يولى )30(..........الخئوني. وحفظ اهلل رئيسهم خرجوا بعد ذلك إلى جامع الباشا وهناك وجدوا بقية الناس ينتظرونهم وقالوا لم نجب بما كنا نؤمل والكن أنتم هل ترجعون عما عزمتم عليه أم ال؟ فقالوا (ما فعلتم أنتم عليه العمل وما وظفناكم حتى كنتم مفوضين). ثم اتفقوا على أن ال يرجعوا عما عزموا عليه .وفي الغد كتبوا لصاحب النور الكهربائي فقال لهم )31(....الجواب بعد 15يوما .وأما المسائل األخرى فأخرت إلى أن يأتي الخنرال برنكير( )32المقيم العام .وإلى اآلن ينتظر فروغ الخمسة عشر يوما ،كما ينتظر حج المقيم ليتكلم في باقي المسائل .هـ .وقيد في 17 جمدى )33(.»1338 .1وبلغني أن الذي جرى في فسخ هذه الجمعية هو خليفة الرئيس الصفار القصير خليفة القائد سابقا .وكان طلب الرزيني أن يكون رئيسا فامتنع .انتهى نص الوثيقة. الهوامش: . 1 . 2 . 3 . 4 . 5 . 6 . 7 . 8 . 9 . 10 . 11 . 12 . 13 . 14 . 15 . 16 . 17 . 18 . 19 . 20 . 21 . 22 . 23 . 24 . 25 . 26 . 27 . 28 . 29 . 30 . 31 . 32 . 33
أي 1337هـ وهذا التاريخ يوافق 26أبريل 1919م. الوسواس لقب للسيد أحمد بن عبد الغفور مدينة. يقصد صاحب النظارات. يقصد السيد عبد الكريم بن محمد الدليرو ،وهو أصغر اإلخوة الثالثة :محمد وأحمد وعبد الكريم. يقصد أوسط اإلخوة الثالثة المذكورين من أوالد الدليرو ،وهو أحمد. أي الملقب بالزاوية هنا كلمة ال تقرأ لتمزق الورقة. هنا كلمة ال تقرأ لتمزق الورقة. أي النافذة. المحج :أي الشارع العام. كلمة غير مقروءة لتمزق الورقة. كلمة غير مقروءة لتمزق الورقة. يقصد حومة الصياغين بتطوان. كلمة غير مقروءة لتمزق الورقة. عبارة عامية القصد منها أن اإلنسان يتحمل من األذى ما ال طاقة له به من طرف الغير. كلمة غير مقروءة لتمزق الورقة. المقصود بالخالء األراضي الواقعة خارج أسوار البلد. يخ ّلص = أي يؤدي الواجب الضريبي المفروض عليه أداؤه للدولة. يعشّر = أي يؤدي ضريبة السلعة التي استجلبها من الخارج. الشلية = sillaكلمة إسبانية بمعنى الكرسي. الكواغط = جمع كاغط (الورقة) والمقصود التواصيل أو األوراق الالزمة للتعبئة في اإلدارة المختصة. المِعْدة مكان خاص يعد لحفظ الماء الجاري (ماء السكوندو) داخل المنازل وغيرها داخل المدينة القديمة. الضاو = الضوء = النور الكهربائي. الكرّة = كلمة إسبانية guerraبمعنى الحرب. أي هيا بنا نمشي. أي ال يسع عددكم الكبير. هنا عبارة من نحو 6كلمات غير مقروءة بسبب تمزق الورقة. كلمة غير مقروءة لتمزق الورقة. Castroأحد كبار المسؤولين في اإلقامة العامة اإلسبانية بالمغرب. كلمة غير مقروءة. كلمة غير مقروءة لتمزق الورقة. المقيم العام اإلسباني بالمغرب :داماسو برنكير إي فوسطي Dámaso .Berenguer y Fusteالذي تولى منصب المقيم العام من 1919إلى 1922م. الموافق 7مارس .1920
16
الثالثـاء � 10إلى � 16شتنرب 2019
العدد 1010
كتابات يف تاريخ منطقة ال�شمال :
()912
“ تاريخ مسرح الطفل في المغرب “
صدر كتاب “ تاريخ مسرح الطفل في المغرب “ لمؤلفه مصطفى عبد السالم المهماه سنة ،1986 وذلك في ما مجموعه 118من الصفحات ذات الحجم المتوسط .والكتاب محاولة رائدة للتوثيق إلحدى أبرز تجارب اإلبداع الوطنية التي الزالت تكتنف تاريخها الكثير من نقاط الظالم الكثيف، العتبارات شتى تتداخل فيها حيثيات النظرة التنقيصية تجاه هذا النوع من األعمال اإلبداعية ،مع حداثة النشأة ومخاضات الوالدة والتطور .وإذا كان الكتاب يسعى للتوثيق لمعالم تطور هذا الفن الطفولي على امتداد خريطة الوطن ،فإن حضور منطقة الشمال يظل وازنا على مستويات عدة، أهمها النهل من تجارب محلية رائدة ،وانتماء المؤلف لمدينة أصيال التي عرفت حركة مسرحية متميزة عند فجر االستقالل ،تأثر بها المؤلف وتفاعل معها ،ثم توظيف الباحث المهماه النفتاحه على مجال علم السوسيولوجيا قصد استنطاق الكثير من المظاهر الرمزية والثقافية والفنية والفرجوية السائدة بمدينته األصلية والموروثة عن القرون الماضية ،من أجل إبراز عمقها اإلنساني واإلبداعي العميق والممتد في الزمن .أضف إلى ذلك ،أن المؤلف لم يكن – أبدا -شخصا غريبا عن الفعل الجمعوي المتواصل داخل مدينة أصيال ،جسده من خالل الحضور الفاعل داخل العديد من اإلطارات الجمعوية الثقافية ،وساهم في تخصيبه من خالل سلسلة إصداراته المتراتبة ،بحثا في قضايا ماضي مدينة أصيال ،وتوظيفا لنتائج تنقيباته الميدانية المباشرة. ولتوضيح السياق العام الذي أفرز الكتاب موضوع هذا التعليق ،يقول المؤلف في التقديم العام لعمله ... “ : إذا كانت القصة والشعر الطفلي في المغرب قد حقق تقدما نوعا ما على يد كتاب بدأوا مؤخرا يتجهون نحو التخصص في أدب الطفل ،فإن المسرح ظل متأخرا، وهذا ال نعتبره إهماال من طرف المثقفين المغاربة ،بل حتى العرب ،وإنما راجع في نظرنا إلى الظروف التاريخية المتمثلة في محاربة االستعمار ،واألمية التي كان سببها هذا األخير ...فاالهتمام بمسرح الطفل بصفة جدية، يحتاج كذلك إلى تسجيل تاريخه من الشكل التقليدي ،أو ما نسميه بالمسرح الشعبي للطفل .ونعني به من بداية حرق البخور ،وتالوة األهازيج الشعبية عند والدته ...إلى تعلمه تمثيل أدوار إيهامية مع دميته إلى مشاركته االجتماعية لألطفال في األلعاب الخارجية من أناشيد وألعاب جماعية ،إلى الحضور إلى جانب الكبير في الحفالت االجتماعية من أعراس ،وعقيقة ...بما فيها حفالت البساط ،ومحاولة تقليدها فيما بعد ،إلى ظهور بذور لنهضة مسرحية تعتمد القواعد واألصول المسرحية ،وذلك للتأثير الذي تركته الفرق الزائرة للمغرب ،سواء العربية أو األوربية .بعدها تأتي المرحلة التأسيسية ،وإن كانت هذه المرحلة نعتبرها في مهدها ،رغم ضعف اإلنتاج ورداءته في بعض األحيان من جهة ،ولضعف كتابه من حيث التكويم التربوي والثقافي وحتى المسرحي من جهة ثانية ( “ ...ص ص.) 9 – 8 . ولتوسيع دوائر البحث حول موضوع الكتاب ،قسم المؤلف عمله بين خمسة فصول متكاملة ،إلى جانب تمهيد عام ،وتقديم للمرحوم أحمد عبد السالم البقالي وخاتمة استنتاجية وتقييمية .ففي القصل األول ،سعى مصطفى المهماه إلى تحديد الجهاز المفاهيمي الموظف في عمله ،مميزا بين مفهوم مسرح الطفل ومسرح للطفل .وفي الفصل الثاني ،انتقل المؤلف لتحديد سمات المسرح التقليدي أو المسرح الشعبي للطفل ،موثقا للعديد من المظاهر االحتفالية التي توارثها المجتمع المغربي ،وعبر – من خاللها – عن مظاهر فرجوية متميزة مثل حلقات الطرقية
�أ�سامـة الزكاري zougariousama@gmail.com
واألعراس ،ومشاهد إطالق البارود ،وعاشوراء ،والعنصرة ،والعجوز ... ،إلى غيرها من الطقوس الحافلة باألشعار وباألشكال االحتفالية المتوارثة عبر األجيال .وفي الفصل الثالث ،انتقل المؤلف لرصد المظاهر والبوادر األولى لبروز المسرح المغربي عامة ،مميزا بين أشكاله التعبيرية الجنينية مثل الحلقة ،والبساط ،وحفالت سلطان الطلبة ،وأوراد الطريقة الجياللية ،وأذكار الزاوية العيساوية، وأوراد الزاوية الحمدوشية ،وأذكار الزاوية الحراقية ،وأذكار الزاوية الناصرية .وقد ختم المؤلف هذا الفصل بإبراز الدور الذي لعبه مسرح “ البساط “ في توعية المجتمع وفي الترفيه عنه ،خاصة بالنظر لصفته الشمولية وكذا بالنظر لتطور وظائفه من الترفيه إلى إبالغ الشكاوى للحكام ،وانتقاد الظواهر االجتماعية ،والدعوات للتمسك بالدين ولمقاومة االستعمار وتعميم قيم الزهد والتصوف ومحاربة البدع واالنحرافات .وفي الفصل الرابع من الكتاب ،انتقل المؤلف لتتبع مظاهر نهضة المسرح المغربي عامة ومسرح الطفل خاصة ،معرفا ببضع الفرق المسرحية والجمعيات الثقافية الوطنية الفاعلة في المجال خالل الفترة الممتدة بين سنتي 1924و ،1937مثلما هو الحال جمعية الطالب المغربية بتطوان وفرقة المدرسة الحرة بالرباط ،ثم أهم الفرق الوطنية التي ظهرت خالل فترة ما بين سنتي 1940و ،1956مثل جمعية الكشاف الطنجي وفرقة المدرسة القرآنية األصيلية ،وأخيرا أهم الفرق الوطنية التي برزت خالل فترة ما بين 1956 و ،1961مثل فرقة النجم األصيلي وفرقة الطالب العربي وفرقة نور الفن للتمثيل بأصيال وجمعية تالميذ المدرسة األمريكية وفرقة الشعب بالدار البيضاء .وفي الفصل الخامس ،انتقل المؤلف للتعريف بحركة مسرح الطفل بعد االستقالل أو ما سماه المؤلف بالمرحلة التأسيسية للحركة المسرحية المغربية المعاصرة، معرفا بأهم المهرجانات واللقاءات الخاصة بمسرح الطفل خالل الفترة الممتدة بين سنتي 1978و.1984 وقد ختم المؤلف نبشه بتضمين خاتمته خالصات بحثه ،إلى جانب جملة من االقتراحات العملية التي كان باإلمكان أن تشكل أرضية للتأمل في واقع مسرح الطفل ببالدنا وبآفاق تطويره وتوسيع إشعاعه. وبذلك ،قدم الباحث مصطفى المهماه عمال تأسيسيا ،ال شك وأنه يفتح المجال واسعا أمام جهود كتابة تاريخ المسرح المغربي ،ويساهم في إلقاء الضوء على العتمات المنسية في الذاكرة اإلبداعية لمغاربة القرن ،20خاصة في شقها المرتبط بالممارسة المسرحية الوطنية المعاصرة. وإلنهاء هذا التقديم المقتضب ،نقتبس جزءا مما كتبه األديب المرحوم أحمد عبد السالم البقالي في سياق تقييمه لمضامين الكتاب ،حيث نقرأ ما يلي “ :كما وجدت في كتاب “ المسرح والمجتمع األصيلي “ وثيقة كاملة جامعة للنشاط المسرحي ،منذ دخلت هذه الكلمة تلك المدينة ،وجدت في مخطوطه الجديد إحاطة وشموال بتاريخ مسرح الطفل في المغرب .فقد استعمل األستاذ المهماه ملكته التاريخية والتوثيقية المرهفة ،وحاسته العلمية السادسة في العثور على الوثائق المالئمة، ونبش ذاكرة المغرب الثقافية الغنية باألدب الشعبي الذي كان يتنقل به منتجوه بين المدن والقرى واألسواق العامة ،ليعرضوه على سائر طبقات الشعب ،قبل مولد السينما والتلفزيون متجاوزين به أسوار األمية العالية التي كانت تحول بين أغلب شرائح المجتمع والكتاب األدبي “ ... ( ص ص.) 6 – 5 .
قرأتُ فلم أزدَدْ إ ّال حيرة • بقلم :عبد المجيد اإلدريسي ...أريد ْ أن أكون في مرآتي نفس الصورة التي يراني الناس من خاللها ،فتتوَّحدُ الصورة على المرآة عند انعكاسها! وأنا ُ أتحدّث مع الطفل الذي يسكنني بلغة الذاكرة البريئة ،وله عليَ ذنبٌ البتعادي عنه في مجاهل سبعين عاماً من عمر وإن َّ الزمانَّ . كل جارحة تشهدُ له بذلك ،منذ صدع –عزرائيل- بأمر خالقه فقبض روح أمّه هو وأنا غضٌّ غرير .ولم أعدْ ُ أتخيّل في مرآة الذاكرة ذاك المشهد لصبيّ يجثو بين ذراعيْ أمّه ليستطعم من ثدْييْها لبنا خالصا .تلك هي تجارب الحياة التي جنتْ عليه ،ويجني اليوم ثمارَها .فقد أصبح اليوم له –قلم ،-يُمارس الكتابة ،الختراق قضايا اجتماعية وعالمية، يشاهدُها ويعيشها ،من أحداث في العالم العربي ،وما تلتقطه عيناه وأذناه من كتابات افتراضية سياسية شرقية وغربية ال ُ –فيتطفل -على أشياء تدفعه للكتابة .ما يمكن الركون إليها. لم يكنْ يرغبُ في –مواصلة -العيش لولم يكنْ يمتلكُ النزر من الكتابة ،وهي المتعة والحياة .قبل ْ أن يكون الطفل –كاتباً- كان قارئاً .فيغوص في بحارها بحثا عن اللؤلؤ والمرجان ،الذي يفتقده العالم النشغاله بحروب عبثية .حينها لم يعدْ طفال ليحيا أجواءأً شاذ ًة ،وفي صدْره حرج ،تعلوه غصّ ٌة لحنجرة تدمعُ لها العينُ لمآسي تستصغر قدرَ العروبة وأنظمتها على المحك ؟َّ . لعل بعض األنظمة العربية ضلتْ عن الجادّة، فكانت عليها مظالم شعوبها ،وقد تكون هي إحدى أسباب هالكها ؟ .فتعدَّدَتْ األجوبة عن هذا السؤال حدَّ التناقض ..بل تُصاغ فصولها الرهيبة جرَّاء الطغيان واالستبداد، لتتغاضى عن واقع شعوبها ؟ .حتى أصبحتْ وأضحتْ وأمستْ الشعوب العربية أكباش فداء لحروب غربية بالوكالة ،للسطو على ثرواتها ؟ .اإلدراة األمريكية الحالية ،وإغراءاتها بأموال
خليجية طائلة ،ضدَّ نفوذ إيران لعدائها إلسرائيل التي تدَمّرُ أبنية غزة لتقتيل أبنائهاّ ، وكل من بقي على قيد الحياة يخضع للتهجير القسري ،خوفاً من الديمغرافية الفلسطينية .إسرائيل التي تخشى من ظلها ،قامتْ بهجمات في العراق الحليف ألمريكا بخمسة آالف جندي ،على هامش قمة الدول السبع – الكبرى ،-والرُّعب يعشّشُ في خالياها للتقرُّب بين أمريكا وإيران ،من خالل المبادرة الفرنسية .الجهود الفرنسية لم تلقَ الترحيب بإسرائيل ،وقد أرهبها اإلعالم الفرنسي المواكب لألحداث .وقد تفسدها –إسرائيل -ورقة المكر هذهْ ، إن تقتاربتْ أمريكا وإيران !؟ ولذلك جاءت الهجمات اإلسرائيلية –الضرورية -ضدَّ العراق حتى ْ وإن ضربتْ الجنود األمريكيين على أرض العراق ،تريد من خالل ذلك إقناع العالم َّ أن إيران –إرهابية ،-لتزيد البنزين على النار ،وهي المحرّك األساسي للحروب في الشرق األوسط .هدف إسرائيل من هجماتها على العراق وسوريا وغزة ،تريد من خاللها تخريب العالقة بين ُ أمريكا ودول الخليج؟! ثم ّ يحمّل المسؤولية إن البيت األبيض للمعتدى عليهم ،مصرحاً بذلكّ ، أن إلسرائيل الحق في الدفاع عن نفسها !؟ بينما –البنتاكون -يُحرّم ويُحذر إسرائيل من الهجمات على الدول العربيةْ . إن هي إال لغة المصالح لإلدارة األمريكية –الميكيافيلية ،-تودّ ْ أن تتواصل من إيران وتفصل بين الهجمات والعالقات اإلقتصادية والسياسية ،كبائع األوهام؟! بينما فرنسا واألروبيين هم الخاسرون في الصفقات التي وقعوها مع إيران ،جرّاء الحصار األمريكي على بالد الفرْس .وتستمرُّ إسرائيل ماضية في جرائمها على مرمى من البصر والعين ،ال تبالي على من يرضى ومن يسخط ،بتغطية من اإلدارة األمريكية ؟! أما الضحية ،الشعب العربي الفلسطيني
أصبح كاألرانب لمختبر االنتخابات اإلسرائيلية ،فيوشك أحد أن يفوز بها ْ المرشحين الصهاينة ْ إن هو استجمع أكبر عدد من القتلى العرب المسيحيين والمسلمين .وقد يتباهى بجرائمه أثناء الحملة االنتخابية .استمرار ألي توتر في المنطقة سيؤثر على الجميع ،ويتغذى في إطار لتقديم تنازالت –حقيقية -من إيران لتخصيب –اليورانيوم -أو وقوفها عند الحدّ األدنى المتفق عليه مع بعض دول أروبا وروسيا واليابان .إذ تعتبر أمريكا الحوار مع إيران في مصلحة أمنها القومي ؟ َّ ألن إسرائيل –والية -من الواليات المتحدة األمريكية ؟! استرتيجية إسرائيل تعتمد على رفع العنف في المنطقة ،لكي يؤدي إلى إخالل سوق النفط العالمية ،ليعرقل الجهد الفرنسي واأللماني خالل الجمع العام لألمم المتحدة في دورتها القادمةْ ، إن كان ماكرون الرئيس الفرنسي ،يُرَتّبُ ويهيء الجتماع الرئيسين روحاني وترامب ! وهو الذي ال يسعى النقالب في إيران ،وال يريد أيضاً امتالكها للسالح النووي والباليستي ا اإلدارة األمريكية وقد تجدُ نفسها مضطرة لحوار مع الحوثيين الحتواء النفوذ اإليراني في اليمنّ . وكل هذه التحركات السياسية تصبُّ في صالح إسرائيل .فهذه الحنضلة في عين العرب ،وزينة في عين الصهاينة .مع ما تثقل إسرائيل على صدرها إحدى وثمانين رأساً نووياً والدول العربية في غفالتهم .وهي لها –إسرائيل- بعد حين ضمير الشيطان خلف الستارة .وقد تقبل على مغامرة نووية كالعقرب حين تحوم حوله النيران ،فيلذغ رأسَهُ ذي ُلهُ السام لإلنتحار !!!..
العدد 1010
تربويات
17
الثالثـاء � 10إلى � 16شتنرب 2019
مديرية طنجة أصيلة :
استعداد لدخول مدرسي جيد ،وبسط ألهم المستجدات التربوية والتعليمية
عرفت الساحة التربوية بحر هذا االسبوع االنطالقة الفعلية للدراسة بكافة المؤسسات التعليمية التابعة لمديرية طنجة أصيلة ،طبقا للموعد الذي حدده المقرر الوزاري رقم 039.19بتاريخ 29ماي 2019في شأن تنظيم السنة الدراسية 2020 /2019تحت شعار «من أجل مدرسة مواطنة دامجة». لهذا الغرض نظمت مديرية طنجة أصيلة سلسلة من االجتماعات ،بمقر المديرية ،مع مختلف المتدخلين في الشأن التربوي :هيئة المراقبة والتأطير التربوي ،مدراء المؤسسات التعليمية... استعدادا للدخول المدرسي .2020/2019 بداية توجه المدير اإلقليمي بطنجة أصيلة ،السيد رشيد ريان ،بكلمة شكر لجميع األطر التربوية على مساهمتهم الفعالة في تحقيق النتائج الجيدة خالل الموسم الدراسي ،2018/2019وانخراطهم الجدي في إعداد الدخول المدرسي الحالي ،مؤكدا على تفعيل التوجيهات الملكية في مجال التربية والتكوين .وكانت هذه اللقاءات فرصة تطرق من خاللها ،السيد المدير اإلقليمي ،إلى أهم المستجدات التربوية التي تطبع الساحة التعليمية ،مؤكدا على انخراط المديرية اإلقليمية في تنزيل المخطط الوزاري والجهوي واإلقليمي ،ومواصلة تعميم التعليم األولي ،وإعطاء أهمية كبرى لمشروع التربية الدامجة ،وتنويع العرض التربوي والتدابير البيداغوجية ،والخريطة المدرسية ،وتدبير الموارد البشرية، وتقديم الدعم التربوي الالزم ألطر األكاديمية عن طريق التتبع والمواكبة ،واالهتمام بفضاءات االستقبال .كما ذكر ببعض اإلكراهات والصعوبات المطروحة والحلول المقترحة. هذا وقد صادف الدخول المدرسي الحالي ،اعتماد وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي منهاجا دراسيا جديدا بالمستويين الثالث والرابع ابتدائي ،يهم مواد اللغة العربية واللغة الفرنسية واالجتماعيات والرياضيات والعلوم .وفق ما ورد بالرؤية االستراتيجية 2030/2015خاصة المشروع رقم 7المتعلق بتطوير النموذج البيداغوجي. فيما يخص اللغة العربية ،وبعد تثبيت الطريقة المقطعية -ضمن مشروع تعليم القراءة المبكرة- في تدريس القراءة بالمستويين األول والثاني ابتدائي ،خالل الموسم الدراسي ،2019/2018وإعادة هيكلتها وفق مكونات االستماع ،والتحدث ،والقراءة ،والكتابة (الخط اإلمالء التعبير الكتابي ،)..واعتماد الحكاية والوضعيات التواصلية لتعزيز مهارات االستماع والتحدث ،عبر منهجية مبنية على البيداغوجية الصريحة La pédagogie expliciteأو التدريس الصريح والمباشر للتعلمات ،استمرت الوزارة على نفس النهج؛ حيث عملت على تنزيل مبادئ القراءة المبكرة بالسنتين الثالثة والرابعة ابتدائي خالل هذه السنة الدراسية ( ، )2020/2019باعتبارهما جسرا تربويا طبيعيا يضمن التدرج السلس للمقاربة البيداغوجية المعتمدة من خالل جعل مكون االستماع والتحدث مدخال للتعلم ومواصلة العمل بمبدأ اإلضمار في تناول الظواهر اللغوية المبرمجة في السنة الثالثة (قواعد ضمنية) والتصريح بالقواعد
-
عبد الغني بلقا�سم
(ضمن حصص) والتدرب على مهارات التعبير الكتابي في السنة الرابعة مع االستمرار في اعتماد مشروع خاص بكل وحدة دراسية. بدورها عرفت مادة الرياضيات مستجدات تمثلت في توظيف بيداغوجيا الخطأ في تجويد التعلمات وتطوير الممارسة الديداكتيكية بكيفية استباقية؛ وفق مقاربة تمكن باإلضافة إلى رصد تعثرات المتعلمين من تحسين تخطيط الدرس ،وتدبيره ،وتطويره بما يمنح المدرس (ة) الفرصة الستباق تعثر المتعلمين مستقبال خالل بناء المفاهيم ،كما تم إدراج الحساب الذهني عبر بطاقات األعداد، كنشاط يومي قار مع إضافة مكون تنظيم البيانات ومعالجتها بحيث يتضمن مسائل يتم حلها عن طريق اختيار األسلوب األنسب (مشروع .)PEEQ أما المستجدات الخاصة بالنشاط العلمي فهي مرتبطة باألساس بإعادة تنظيم المادة الدراسية، وتقليصها إلى ست وحدات لمساعدة المدرس(ة) على تنظيم المعلومة العلمية؛ وفق مجاالت محددة إضافة إلى اعتماد نهج التقصي لتعزيز تربية المتعلمات والمتعلمين على العلم ومفاهيمه وإجراءاته في سن مبكر. أما بخصوص اللغات األجنبية ،ستعرف هذه السنة الدراسية استكمال حلقات مراجعة منهاج اللغة الفرنسية ،الذي انطلق سنة 2017بالسلك اإلعدادي ،والسنتين 5و 6من التعليم االبتدائي ( (Agir autrementوالعمل على التعميم بالمستويين الثالث والرابع ،وتكييف الكتب المدرسية المعتمدة مع المنهاج الجديد بالنسبة للسنتين المذكورتين. وتشترك مختلف المواد التي شملها التعديل و التطوير إعادة تنظيمها ضمن ست وحدات من خمسة أسابيع ،بدل ثمان وحدات من ثالثة أسابيع ،وإخضاع مضامينها للتخفيف وإعادة تصنيفها بناء على التدرج والتسلسل المنطقي لبناء التعلمات. كما تم تجميع مواد التعليم االبتدائي دون حذف ألي مادة مقررة في مجاالت ثالثة؛ بهدف جعل مواد كل مجال متظافرة ،ومتكاملة لتحقيق نفس الكفاية .وهي مجال اللغات ومجال الرياضيات والعلوم ومجال التربية على السلوك المدني عوض التنشئة االجتماعية .وفي هذا توجه واضح وصريح نحو تعزيز القيم المدنية بالمدرسة المغربية وتنمية الشخصية في أبعادها الوجدانية والقيمية والمعرفية والمهارية. وتبقى المسؤولية األكبر على المهتمين بالشأن التربوي ببالدنا من باحثين ومثقفين وفاعلين وممارسين بيداغوجيين فتح نقاش رصين حول هذه المستجدات للمساهمة العلمية من ذوي االختصاص في تنفيذ وتطوير هذه التوجهات خدمة للدينامية المتجددة التي تشهدها المدرسة المغربيةاليوم.
18
الثالثـاء � 10إلى � 16شتنرب 2019
العدد 1010
لعبة السودوكو ()471
الصــدمــات
من ذكريات أيام زمان في سنوات الرصاص والجمر المتقد
• بقلم :عبد القادر أحمد بن قدور *
أصل اللعبة
لعبة السودوكو اليابانية األصل « ،»SUDOKUكانت معروفة منذ الثمانينيات في اليابان ،إال أنها لم تظهر كلعبة ذات شعبية إال سنة .2005
معنى كلمة سودوكو
كلمة سودوكو هي اختصار للجملة اليابانية ()Nikagiru Sujiwa Dokushin وتعني أن األعداد البد أن تكون مفردة .وهذه اللعبة عبارة عن عالمة تجارية لشركة .Nikol
كيف تلعبها ؟
اللعبة تعتمد على المنطق لدرجة كبيرة ،وهي لوحة مقسمة إلى تسع مناطق كل منطقة مكونة من تسع خانات ،وعليك أن تمأل هذه الخانات أفقيا أو عموديا بأرقام من 1إلى ،9حيث ال تستخدم الرقم إال مرة واحدة في جميع المربعات على العمود نفسه أو السطر أو القطر ،وتكون هناك أرقام موضوعة سابقا في بعض الخانات.
مفيدة لكن معقدة
اللعبة مفيـدة جدا لتقوية مهارات المنطـق ،ويستخدمهـا مدرسو الرياضيات كتمارين للطلبة وتختلف درجة التعقيد ،حسب الفئة المستهدفة.
ـ كل شيء صعب ،حتى العالج أو الدخول إلى المستشفى في هذا الزمن صعب ،نشكو آالم المرض وعالته كما نشكو ثمن الدواء ،وقد نتوجه أحيانا إلى المستشفى لنخفف من وطأة المرض وحدته ونشفى ال ليستفحل الداء. بمستشفى رابض فوق الجبل يصعد إليه بعد مشقة وعناء ظاهرين ،اشتهر بين السكان بضخامة ما يحمل بين أسواره الراسخة في العلو من بشر موجودين قصد العالج كما يتراءى للجميع ،مصنفين في أربع ردهات مختلفة، يعانون بها من الحرمان ،والضياع أشكاال وألوانا ،من بين المرضى كما يقال :كاتب ـ رجل قانون ـ شاعر ،شيء يثير أكثر من سؤال؟! نظم الشاعر قصائد كثيرة عن حبيبته يشكوها آالمه وآماله وكما قال (حزن في الرأس ،وفي القلب) حبيبة بعيدة عني وقريبة في القلب أتذكرها حتى في لحظات صعبة أعيشها بين الجدران ،إنها ال تبارح خيالي ،سمع الطبيب األجنبي بعض قصائده منها التي نشرها في ديوانه الجديد وغضب قائال له نحن اآلن نعالجك ..ال تشكو الهيام ،وما بالوجدان ،أنت في حاجة إلى هدوء النفس .تذكر الكاتب هذا وهو في غرفته رقم ( )7بجوار صديقه رجل قانون ذي بال في المحكمة وهو يبحث في هذه األثناء عن ساعته بعد أن أخذها منه أحد الممرضين لحظة الصدمات ...قال إنها صدمات تمتد حتى النجاع ،صدمات كهربائية بقصد العالج كما يردد الطبيب األجنبي ...هل حقا ذلك أم ماذا؟! لم يتذكر لحظة الغياب السرمدي وقت الصدمات ولو حتى إسمه ،لقد غاب عنه كل شيء ،أصبح بدون ذاكرة ..بدون ذكريات ،بدون حاضر أو مستقبل أين الساعة؟ ساعتي اليدوية ،ال أعرف الزمن ،هل نحن في المساء أم في الصباح، ظهرا أم ليال ...ما إسم اليوم؟ قال القانوني نحن في مستشفى المجانين ال يهمنا الزمن ال تبحث عن ساعتك
وقل للشاعر أن يرثيها بقصيدة عصماء ،كما رثى حبيبته حينما ظن أنها غابت عنه إلى األبد.. في الليل بعد العشــاء ..استعـاد بعض الذكريـات.. انتبه ،واستفسر نفسه ،وسأل صديقيه بعد أن وجد ساعته صدفة تحت وسادته ،هل رأيتم دهليزا كدهليز الصدمات الكهربائية الثمانية التي استعملت لنا ،إذ فيه العجب العجاب ...أجاب القانوني :نعم يوجد الوسخ الكثير ،وبشر يعامل كالحيوانات ،هل هذا عالج ،أم تعذيب خاص !.إذ عالجات القرن الماضي بهذا الشكل لم تعد تنفع اآلن.. وأضاف الشاعر لقد تفرجت عليكما قبل أن يحين دوري للصدمات الكهربائية ،ونحن مسطرون كالسردين في العلب .وقبلها تجولت في الدهاليز المجاورة ،وكل واحد يشكي لآلخر بما ألم به ،وروائح كريهة منبعثة من كل مكان ،وأحدهم حكى لي عن سر دخوله لهذا القبو ومما قال :جاؤوا عندي إلى الدكان وطلبوا مني أن أقدم معهم إلى حيث أنتم قابعون وهو يرددون أتينا لنأخذك في سيارتنا السوداء إلى المكان المناسب للعالج ألن حالتك غير مرغوب فيها. فرد الكاتب :غير مرغوب فينا!.. بدورنا نتفحص المستشفى فنجد أنه أشبه بمراكــز التحقيق للطرف الجهنمية لما يقال أنه عالج على يد هذا الطبيب األجنبي الذي ال يحن أو يرحم ،بل وازع الرحمة إلى قلبه لم يتطرق بعد ..ونام الجميع وهم يرددون لننم قبل أن يسمعنا حارس الليل ..إذ كل ما في هذا المستشفى هو خاص ،ممرضوه ،وحراسه ،وطبيبه الرئيسي ومحتواه البدائي القذر. ـــــــــــــــ
* األديب واإلعالمي والعضو الشرفي بمنظمة العفو الدولية ـ فرع المغرب
حل السودوكو لجميع إعالناتكم اإلشهارية واإلدارية يف جريدة
رقم 471
�إعـالن قـانونـي Annonce Légale ** OUBADRISS VETM ** SARL AU
Aux termes d’un acte sous-seing privé en date 26/08/2019 à Tanger. Il a établi les statuts d’une société à responsabilité limitée a associé unique dont les caractéristiques suivantes :
DENOMINATION : ** OUBADRISS VETM**SARL AU au )capital social : 100.000 dirhams divise en 1000 parts de 100 (CENT dirhams chaque part Repartis comme suit : Mlle. –OUBADRISS NADIA : 1000 parts.
OBJET: la société a pour objet principalement : IMPORT ET EXPORT DES VETEMENTS.
SIEGE SOCIAL: MESNANA RDC LOT 6989 EN FACE SOUK AL KOURB –TANGER-
GERANCE : Mlle. –OUBADRISS NADIA est désigné en qualité de gérante unique de la société et cela pour une durée illimitée.
ANNEE SOCIALE : 1er janvier au 31 décembre de chaque année.
االتصال على الرقم : 0539943008
BENEFICES : ils sont repartis entre les associés après prélèvement de la réserve légale (5%) proportionnellement à leurs apports au capital social.
DEPOT LEGAL : le dépôt légal a été effectué au secrétariatgreffe du tribunal de commerce de Tanger en date du 05/09/2019. La gérante - Mlle. –OUBADRISS NADIA
م�ستودع املغرب التطواين على طريقة م�ستودعات املالعب العاملية صفحة
19
�إعداد :م�صطفى ال�سباعي
العدد 1010
على غـرار المالعـب العالميـة الكبرى وبطريقة احترافيـة تم تزيين مستودع مالبس المغرب التطواني بصور جميع الالعبين الذين يشكلون الئحة الفريق لموسم .2020-2019 هذه البادرة زادت من رونق المستودع وجعلته يكتسي حلة جميلة نالت استحسان الالعبين والجماهير التطوانية.
الثالثاء � 10إلى � 16شتنرب 2019
مجرد رأي :
الصرامة ..والشيشة وال سهر
ورش كبير ينتظر المدرب الوطني الجديد
المدرب الوطني الجديد وحيد خاليلوزيتش كان واضحا وصريحا خالل أول ندة صحفية يعقدها بعد تسلمه مقاليد العارضة الفنية ألسود األطلس. المدرب البوسني وبعد إحاطته بكل ما جرى أيام المدرب السابق الفرنسي هنري ميشيل والمشاكل التي عاشها المنتخب والتي أثرت في أغلب األحيان على عطاءات الالعبي قرر نهج الصرامة والقطيعة مع الماضي وتوجيه تحذير لالعبين باالبتعاد عن «الشيشة» والسهر وعدم تضييع الوقت وتقليص استعمال الهواتف النقالة ومواقع التواصل االجتماعي والتركيز و االستعداد للمباريات القادمة. وشـدد خاليلوزيتـش على أنه ال مجال في مرحلته ألي انفالتات مؤكدا أن األهداف التي وضعها فوزي لقجع رئيس الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم عالية جدا ..والتحضير لكأس العالم 2022وكأس إفريقيا لألمم يحتاج لعمل جبار. خاليلوزيتش لم يكن موفقا في أول مباراة له مع األسود أمام بوركينا فاسو.. ولعتة اإلصابات التي ضربت بعض العناصر أمثال بلهندة الذي سيتولى دور القائد في المرحلة القادمة ورومان سايس ومهدي أبو ربيعة وبدر بانون. المدرب البوسنـي أكـد خالل أول ندوة صحفية أن من بين أهدافـه تبني طريقة لعب خاصة بالفريق الوطني المغربي تتمثل في اللعب على المرتدات والهجمات السريعة بدل الهجمة المنظمة التي تتطلب الكثير من الوقت وتكون فاعليتها أقل. ترى هـل تتحقـق هذه األهداف ويعيـد المدرب البوسني التوهــج ألسود األطلس ...سنرى....
الناصيري رئيس للعصبة االحترافية لوالية ثانية
أعلنت الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم استمرار سعيد الناصيري رئيسا للعصبة الوطنية االحترافية لوالية ثانية. وقالت في بيان لها « :نجاح رئيس الوداد الرياضي البيضاوي في االحتفاظ بمنصبه لوالية ثانية على التوالي ويرافقه في جهازه عبد السالم بلقشور رئيس نهضة الزمامرة الصاعد الجديد للدوري االحترافي ،ومحمد كيماخ من نادي الفتح الرياضي الرباطي وعبدالحق رزق اهلل ممثال عن الراسينغ البيضاوي وأندية الدرجة الثانية». وكان الناصيري قد أكد في تصريحات سابقة سعيه لالنسحاب من منصبه ودعم أي مرشح جديد إال أنه ال أحد من األصوات التي ظلت تعارضه ترشح ..فتمت تزكيته في منصبه من جديد.
خاض المنتخب الوطني لكرة القدم أول مباراة له مع المدرب الجديد البوسني وحيد خاليلوزيتش امام منتخب بوركينا فاسو وانتهت بالتعادل .1-1 مستوى الودية كان متواضعا من طرف العبي المنتخب المغربي وبخاصة في الشوط األول حيث كان الالعبون تائهين داخل رقعة الملعب الكبير بمر اكش دون انسجام ودون فعالية سواء في الدفاع او الهجوم .مما جعلنا نستقبل هدف بطريقة سهلة ..مع بداية الجولة الثانية. وبعد التغييرات التي اقدم عليها المدرب تحسن األداء نسبيا واصطاد األسود ركلة جزاء. ومع األسف أهدرها ببشاعة المهاجم زياش وبطريقة تدعو للدهشة تماما كما حدث أمام بنين خالل كأس إفريقيا لألمم األخيرة بمصر.
النغمي ينتقل للمولودية الوجدية
انضم مهاجم اتحاد طنجة السابق المهدي النغمي إلى فريق المولودية الوجدية في صفقة انتقال حر لمدة موسمين. وكان النغمي من ضمن العناصر المخضرمة التي تخلى عنها اتحاد طنجة بعد قدوم المدرب نبيل نغيز. وبذلك يكون النغمي ثالث العب من اتحاد طنجة ينضم لفريق المولودية الوجدية بعد أسامة غريب وأيوب الخاليقي.
المنتخب المغربي ورغم ذلك واصل الضغط ..وغي الوقت الذي كنا في قاب قوسين من الهزيمة أمام بوركينا فاسو الالعب زهير فضال ينقذ ماء وجه االسود ويوقع هدف التعادل وهي النتيجة التي انتهى بها هذا اللقاء الودي األول. المدرب استغل الفرصة وأشرك العديد من الالعبين الذين غابوا عن التشكيلة ألول مرة كعادل تاعرابت ومهدي كارسيال وزهير فضال إضافة إلى الوافد الجديد أنور النهامي. ويومه الثالثاء سيخوض الفريق الوطني المغربي ثاني ودية له بمراكش امام منتخب النيجر ..وسيكون هذا اللقاء فرصة أمام خاليلوزيتش إلصالح ما يمكن إصالحه وتجربة عناصر جديدة للوقوف على مدى جاهزيتها وأخذ فكرة أولية عن أداء الالعبين عامة قبل عملية الغربلة. ويمكن القول أن المدرب وحيد خاليلوزيتش ينتظره عمل كبير. تصفيات كأس أمم إفريقيا ألقل من 23سنة
تعادل مخيب لآلمال لألولمبي المغربي أمام مالي
تعادل المنتخب األولمبــي المغربي مع نظيــره المالـي بهـدف لمثله في اللقاء الذي جمعهما بمراكش برسم ذهاب الدور الحاسم لتصفيات كأس أمم إفريقيا ألقل من 23سنة. هدف منتخب مالي حمـل توقيــع الالعــب إبراهيما كوني في الدقيقة 27قبل أن يتمكن يوسف النصيري من تعديل الكفة للفريق المغربي. ومن خالل هذه النتيجة فإن مباراة اإلياب بباماكو لن تكون سهلة بالنسبة لألولمبي المغربي.
الثالثـاء � 10إلى � 16شتنرب 2019
العدد 1010
تذكرة سفر
األخيرة
السلسلة الرابعة
احللقة ال�ساد�سة
لقاءات حوارية ،في حلقات متسلسلة ،مع شخصيات مؤثرة في المجال العمومي المغربـي والعربـي واإلنساني ،تستحضر تجربتهم في الحياة الخاصة والعامة ،وترحل بهم عبر تذكرة سفر معنوية وروحية إلى الماضي والمستقبل. • عبد اإلله المويسي
مع األستاذ
محمد األشعري المحور األول ـ المسار الخاص ـ
يحضر األستاذ محمد األشعري ،في مخيال القراء المغاربة والمشتغلين بالحقل السياسي والمجتمعي الوطني ،بصيغة الواحد المتعدد ،فهو اإلنسان أوال ،وهو الشاعر والكاتب الروائي والمناضل السياسي والناشط الحقوقي ،وواحد من أبرز وجوه معتقلي سنوات الرصاص .وهو الوزير الذي انعطف بمشروع الثقافة الوطنية نحو أفق اتسمت فيه بتبني مفهوم الصناعة الثقافية ،وهو الذي سبق أن شغل قبلها منصب رئاسة اتحاد كتاب المغرب لثالث دورات عرفت خاللها هذه المؤسسة أقوى مراحل ديناميتها وإنتاجيتها. • مســار محمــد األشعــري الشعــري عرف مراحل متنوعــة حقــق من خاللـها «إبداالت» واضحة ،في االختيارات الفنية والمعرفية .انتقـل هـذا المسار بقصيدة محمد األشعري ،ربما ،من سياقها الوطني والعربي ليجعلها تعانق أسئلة وجودية إنسانية وكونية رحبة .يظهـر «اإلبدال» بجالء عند مطالعة مختلف دواوينك. • • أنا سعيد أن يكون قد حدث ذلك ،كنت سأكون بئيسا لو استمرت كتابتي الشعرية على منوال واحد .أحاول أن أقوم بجهد بخصوص عالقتي بالكتابة الشعرية ،وأيضا بخصوص فهمي للرؤية الشعرية .فأنا أعتبر أن الشعر في العالم يجب أن يكون عائلتنا األساسية ،وأن ال نعتبر االمر وكأننا ننتمي إلى قبيلة شعرية. اآلن نحن ننتمي إلى العالم ،وما ينجزه العالم في المجال الشعري يجب أن يهمنا. وبالطبع نحن عندما فتحنا أعيننا على الكتابة وعلى الحياة ،كان ما يهمنا هو المواجهة المباشرة مع األشياء التي نجدها أمامنا سالبة للحرية أو سالبة لإلرادة .هذا األمر لم يكن فقط اختيارا سياسيا بل كان اختيارا شعريا أيضا .وأنا ال أتفق مع الذين وضعوا كل تجربة جيلنا ،في مرحلة ما ،داخل قالب إيديولوجي ،ثم بعد ذلك داخل قالب القطيعة مع اإليديولوجي. إذا كانت لإلنسان قناعـات ومبادئ وأفكــار فسيحملها معه في كل فترة من فترات حياته، ولن يتخلى عنها ليكتب ما ال يقع تحت تأثير أفكاره واختياراته ومبادئه .ال أظن أن األمــر يقـع بهذه الميكانيكية .لكن بخصوص العالقة مع اللغة ،ومع الرؤية الشعرية ،ومع الشعريات األخرى التي نستفيد منها ونستمع إليها فاألمر يندرج في إطار نوع من التحول الثقافي ،وليس فقط تحوال شعريا .عندما يصبح اإلنسان على اهتمام أوسع بالقضايا التي تطرحها الكتابة، فإنه ال يمكن أن يسمح لنفسه بالبقاء في المناطق المتخلفة لما تقدمه تجربة الشعر في العالم .البد أن ينخرط فيها .وأظن أن هذا هو وضع كثير من شعــراء السبعينات الذين كتبوا بأصوات حادة في البداية ،أصوات االحتجاج وأصوات الدفاع عن األفكار ،غير أنهم كتبوا ذلك بأدوات شعرية ،ولم يكتبوها على شكل بيانات سياسية. هنـــاك من كتـب على شكــل بيانـــات سياسية ،وكثير من الشعراء كتبوا أشياء لها وقع سياسي قوي ،ولكن كتبوها بأدوات شعرية متقدمة .ثم بعد ذلك طوروا عالقتهم بالكتابة حيث صارت بنفس آخر ،بنفس جديد.
زريقة
• ولكن السي محمد ..هذا التساهل مع الضوابـط والحـدود المفترضة بيــن األجناس قد يمهــد الطريق للولوج إلى الكتابة بنوع من العدمية الفنية التي قد تسيء إلى الكتابة نفسها. • • أنا مع الحرية المطلقة في الكتابة ،مع
أحيانا يحاكم الشعــر على هذا التحول، وكأنـــه هو المســؤول عن هزيمة األفكــار التقدمية وأفكار اليسار واألفكار الثورية .األفكار الثورية واليسارية انهزمت في اصطدامها مع صخرة الواقع ،انهزمت في الساحة السياسية، وانهزمت في الساحة االجتماعية .وإذا كانت قد انهزمت فيجــب أن ال ننكــر أنها حققت انتصارات هامــة في وضعنـــا المغربي على األخص. الشعــر ليس سبـب االنتكاســات التي حدثت ،وليس هو المنتكس ،بل بالعكس فقد استمر فيما بعد ،واستطاع أن ينتصر على االحباط الذي تسببت فيه هذه االنتكاسات.... تعطل الديموقراطية ،مهاجمة الحريات، انتشار االنتقام ،االعتقال ،النفي ..حيث كان الوضع مرعبا .وفي خضم ذلك ،استمر كثير من الشعراء مؤمنين بجدوى الكتابة الشعرية، وكانوا معنيين مباشرة بما حدث ،لم يكونوا مجرد متفرجين على المشهد ،كان جلهم في قلب األشياء التي حصلت. بالعكس أنا أعتبر أن التطور الذي عرفته تجربة محمد بنيس وعبد اهلل زريقة وعبد اهلل راجع قبل وفاته ،وعدد كبير من الشعراء اآلخرين هو نوع من انتصار الشعر على الواقع المحبط والمؤلم الذي مررنا به ،والذي ما نزال نمر به إلى اليوم ،في أجزاء منه .لذلك أسعد كثيرا عندما يتلقاني القارئ كشعر غير منتظر، فهذا منتهى طموح الشاعر ،أن يوجد في المكان الذي ال ينتظره فيه أحد.
• في مرحلة معينة سيتكرس محمد األشعري كواحد من األسمــاء الشعرية القوية في السياق المغربي والعربي اإلنساني ،في هذه اللحظة بالضبط سيصنع األشعري نوعــا من التحـول األجناســي وسينتقل إلى كتابة الروايـة .أريد أن أعرف سياق هذا االنتقال من الشعر إلى الرواية؟ • • أوال أتحفظ على كلمة « االنتقال» أو على مفهوم «االنتقال» ،فالكتابة هي «قارة» واحدة ،وال يمكن أن نضع بينها حدودا ترابية أو جمركية .والغريب أن االهتمام المبالغ فيه في المغرب بما أسميه «الهوية األجناسية»، هو نوع من الضعف أيضا ،في البنية الثقافية التي ما تزال عندنا ال تقبل بطريقة تلقائية التعدد والتجريب .أنا كتبت المقالة الصحفية والقصيــدة والقصــة القصيـــرة والروايــة والمسرحية ،غير أنني ،أوال ،لم أكن أشعر بأنني أستبدل جلدي أو أني أضع قبعة وألبس أخرى .ثانيا ،أن هناك شيء جوهري في عالقتي بالكتابة ،هو «الرؤية الشعرية ،وهذه المسألة لم تفارقني إطالقا في أي نص كتبته ،بما في ذلك المقاالت الصحفية .فكثيرا ما أطلب من الناس أال يلتفتوا إلى مسألة التنوع في أجناس الكتابة ،بل أن يلتفتوا إلى المنجز النصي في حد ذاته .عندما أكتب رواية فأنا ال يمكن أن أطلب من القارئ أن يلتمس لي األعذار .ومن أسوء األعذار أن يقول هذه رواية شاعر ،ويجب أال نحاكمه أو نحاكم الرواية بمنطق الرواية، بل أن نحاكمه بمنطق الشاعر الذي كتبها. هذه مسألة سخيفة جدا .إذا كانت أي رواية ال تملك كل مقومات الكتابة الروائية ،فسواء
حرية الذين يريدون أن ينتجوا نصوصا رديئة، وهذا ال يضايقني .بالطبع نحن قبل عشر سنوات كنا ننتج أقل من خمس روايات في السنة ،واآلن ننتج 270رواية في السنة .فهل تعتقد أن في 270رواية هناك فقط خمــس روايات جيدة ،أو خمس روايات استثنائيــة؟ شخصيا ال أظن ذلك .فال يمكن أن أطالب بمنع الناس من الكتابـة ما داموا يكتبون .واألمر يحصل حتى في دول متقدمـة كفرنســا مثال أو إسبانيا .فرنسا تنتج سنويا أزيد من 500رواية، فماذا يتبقى منها؟ وماذا يتبقى من 600رواية تنتجها إسبانيا ؟
كتبها شاعر كبير أو صغير أو متوسط ،فيجب أن ترفض ،ويجب أن تقدم كفشل ذريع في الكتابة نفسها. وشخصيا أعيب على كثيــر من الشعــراء الذين يحاولون كتابة رواية وال يستطيعون تركيبها بالمعنى الروائي للكلمة ،بمعنى البناء الروائي...بناء الحكاية ،وبناء الشخصيات ،إلى غير ذلك ،بل يكتفون بالخطاب الغنائي مثال ويعتبرون ذلك كتابة روائية .وهذه مسألة مرفوضة .وإذا كان هذا التنوع في أجناس الكتابة يضايق البعض ،فأنا شخصيا ال يضايقني .
• ولكن قد يفهم من هذه المسألة أن الشعر أصبح غير قادر على استيعاب األسئلة المعاصرة التي تطرحها الحياة، وقد يفهم أن الرواية بحكم مكوناتها تتيح للكثيرين مساحات أفضل للخوض في مثل هذه األسئلة. • • التفسيرات الخارجية ال تهمني. شخصيا أعتبر أن الشعر ،حتى لو هجره جل سكان األرض ،فإنه سيظل مسألة جوهرية في حياة البشرية .الشعر هو التعبير الذي تلتقي فيه قضايا اللغة وقضايا الرؤيا وقضايا البناء.
الشعر هو ملتقى كل القضايا المتعلقة بالفكر وبالكتابة وبالجمال .كل هذه األقانيم الثالثة الكبرى يلتقي عندها الشعر .فهو ليس ضرورة استهالكية ،وهو ليس أمرا نحتاجه ،ونذهب لشرائه من األسـواق الكبـرى .والحاجـة إلى الشعر هي حاجة وجودية ،قد تحتاجه األمة دون أن تكــون بالضرورة تمتلك الوسائل لفهمه ،فهـو يشتغـل في األعماق ،يشتغل في الطبقات السفلى لألرض الثقافية التي نعيش عليها .فال يمكن أن نقول إن اللجوء إلى الرواية هو لجوء عملي للتغلب على قضايا تعبيرية لم يستجب إليها الشعـر ،فلو كان األمر كذلك لكان قد حدث قبل عقود .فلماذا لم يحدث قبل عقود؟ . هناك بعض األسباب السطحية التي ال أعيرها أي اهتمام ،مثل قضايا الجوائز وقضايا القراءة وقضايا االهتمام النقدي ..إلى آخره. هناك كثير من الناس يحسنون اللجوء إلى الرواية بسبب ارتباط هذه األشياء بالرواية، وانتفائها عالقة بالشعر .وكل هـــذه األشياء سطحية في رأيي ،ألن الشعر سيوجد بالرغم من كل هذا ،وسيوجد ضــد كل هــذا ،وألن الشعـــر ،كما قلـــت قبــل قليـل ،هو حاجة وجودية .
ما قــد أتأسـف له هو مــوت «الصحافـــة األدبيــة» ،أو على األقــل عجزهــا الحالي عن امتالك نوع من الجرأة والدقة في مواكبة ما ينتج ،وهذا الغياب يجعل النصوص متساوية في نهاية األمر .أنا أظن أنه هناك ضرورة قصوى لميالد صحافة أدبية ،ليس بالضرورة صحافة أكاديمية تدرس النصوص بطريقة أكاديمية مملة وغير قابلة للقراءة ،بل صحافة تعطي نبذة عن النص ،تقــدمــه ،وتقــدم خصائصه الفنية ،تسخر منه« ،تبهدُله» .كثيــر من الناس يحتاجون «للبهدلة» كي يصمتوا، وكثيــر من الناس يحتاجــون لكلمة اعتــراف ليستمروا .فليس طبيعيا وال عادال أن تتساوى النصوص كلها في االستقبال.
أنا أقـرأ أحيانا أخبــارا عن «تكريمــات»، هذه الموضة السخيفة التي أصبحت سائدة في المغرب ،وأجد أن الجميع يتساوى أمامها ،بينما إذا صح أن يكون هناك شيء اسمه «التكريم» فيجب أن يخص التجارب التي أصبحت مكرسة، ومرجعية أساسية في الثقافة المغربية ،وليس بهذه الطريقة العشوائية .وهذا جزء من دور الصحافة األدبية التي أتأسف لغيابها.
بنطلحة