Achamal n° 1010 le 10 Septembre 2019

Page 1

‫محمد األشعري‬

‫ضيف سلسلة «تذكرة سفر»‬

‫الحلقة‬ ‫السادسة‬

‫أنا مع الحرية المطلقة في الكتابة‪ ،‬مع حرية الذين‬ ‫يريدون أن ينتجوا نصوصا رديئة‪ ،‬وهذا ال يضايقني‪.‬‬ ‫بالطبع نحن قبل عشر سنوات كنا ننتج أقل من خمس‬ ‫روايات في السنة‪ ،‬واآلن ننتج ‪ 270‬رواية في السنة‪.‬‬ ‫الصفحة ‪20‬‬

‫تحديات الدخول المدرسي ‪2020-2019‬‬

‫لننسى ونبدأ‬ ‫من جديد‬

‫صفحة ‪8‬‬

‫عائشة الخطابي تتمنى‬ ‫نقل جثمان والدة والدها‬ ‫من أسفي إلى الحسيمة‬

‫رحيل الفنان الكبير‬

‫محمد خدي‬

‫إعالم جهوي متقدم‬ ‫املدير امل�س�ؤول ‪ :‬عبد احلق بخات ـ الهاتف ‪ 05.39.94.30.08 :‬ـ الفاك�س ‪05.39.94.57.09 :‬‬ ‫صفحة‬

‫‪4‬‬

‫العـدد ‪ 1010‬ـ الثمن ‪ 4‬دراهم ـ الثـالثــاء ‪ 10‬مـحـرم ‪� 10 / 1441‬إلى ‪� 16‬شـتنبـر ‪2019‬‬

‫صفحة‬

‫‪6‬‬

‫نهاية اإليديولوجيات‬ ‫كلمة الشمال‬ ‫عبد اإلله المويسي‬

‫في الوقت الذي يتساءل فيه المغاربة عن التشكيلة المرتقبة للحكومة‪ ،‬بنا ًء على تعليمات الملك‪ ،‬والمتعلقة بضخ دماء جديدة في شرايين‬ ‫بعض الهيئات التنفيذية واإلدارية‪ ،‬لتنشيط نموذج جديد للتنمية‪ ،‬وتسريع وتيرة اإلصالحات‪ ،‬وإعادة صياغة االستراتيجيات القطاعية‪ ،‬وفي‬ ‫الوقت الذي يكون فيه من المتوقع أن يؤدي التعديل الوزاري إلى اعتماد استراتيجية هيكلية قائمة على أساس استبعاد «البروفايالت»‬ ‫المتسمة بالعجز وعدم الكفاءة اللذين شجبهما الملك‪ ،‬وشجب معهما االحتكام في أداءات تدبير شؤون البالد إلى الحسابات القائمة على‬ ‫المرجعيات السياسوية واالفتراضات والنظريات المتعالية‪ ،‬يتراءى في األفق التنموي أن المرحلة أصبحت تستدعي لزاما التوجه نحو اإلجابة‬ ‫الواقعية والفورية عن انتظارات الوطن المتصلة مباشرة بتحقيق مستلزماته االقتصادية واالجتماعية والثقافية في مدارات حياته المعيشية‪.‬‬ ‫لم يعد المغاربة اليوم على استعداد لالستماع إلى التحليالت المرجعية اإليديولوجية في ما يتعلق باحتياجاتهم في العيش‪ ،‬بقدر ما‬ ‫ترسخت لديهم القناعات بأنهم في حاجة إلى مرجعية قائمة على أساس رفع األرقام المتعلقة بمؤشرات التنمية‪ ،‬ورفع درجات التعاطي‬ ‫«التقنوقراطي» المتفاعل باستمرار مع متطلبات السوق الوطنية والعالمية‪.‬‬ ‫المغاربة في حاجة إلى هذا النموذج التنموي الجديد‪ ،‬الذي يعدهم بتحقيق آمالهم‪ ،‬ويعدهم بوقف نزيف آالمهم‪.‬‬ ‫المغاربة في حاجة إلى نموذج تنموي حيادي يقوم على أساس «الوصف» بما هو وعي علمي بحقيقة الواقع‪ ،‬وليس على أساس «اليوتوبيا»‪.‬‬ ‫ولن يتم االنتقال إلى ذلك إال بنهاية أسطورة «اإليديولوجيا»‪ ،‬وميالد عصر الولوج إلى الضرورات اآلنية الملحة‪.‬‬ ‫قبل أكثر من خمسين سنة تحدث الفيلسوف الفرنسي «غاستون باشالر» عن علم في صورته الجنينية يحقق القطيعة اإلبيستيمولوجية‪،‬‬ ‫ويتحول إلى خطاب «وصفي حيادي»‪.‬‬

‫جريدة يوميـة جهـوية وطنية ت�صدر م� ً‬ ‫ؤقتـا كـل �أ�سبـوع • الإدارة‪ ،‬التحريـر‪ ،‬الإ�شهـار ‪ 7 :‬مكرر‪ ،‬زنقة عمر بن عبد العزيـز • الربيد الإلكـرتونـي ‪ info@achamal.ma :‬ـ املوقع الإلكرتوين ‪www.achamal.ma :‬‬


‫العدد ‪1010‬‬

‫‪2‬‬

‫الثالثـاء ‪� 10‬إلى ‪� 16‬شتنرب ‪2019‬‬

‫وجهة نظر ‪:‬‬ ‫يومية جهوية وطنية ت�صدر م� ًؤقتا كل �أ�سبوع‬

‫املوقع الإلكرتوين ‪:‬‬

‫«مجانية»‬ ‫فايسبوك‬ ‫موضوع تساؤل‬ ‫مغارات‪..‬‬

‫المدير المسؤول ‪:‬‬

‫عبد احلــق بخــات‬

‫عبد الإلـه املـوي�سـي‬

‫محمد سدحي‬

‫‪sadhimed@gmail.com‬‬

‫‪atlati.mohammed@gmail.com‬‬

‫في طريقي من مدرسـة النجـاح‪ ،‬سمعـت أصواتـاً صاخبة‬ ‫«تتقاجح» خارجة «سخونة» من صندوق العجب المسمى «قانون‬ ‫اإلطار»‪...‬‬ ‫ً‬ ‫وفي هذا اإلطار‪ ،‬يعجبني كثيرا مثل هذه المناوشات‪ ،‬خاصة‬ ‫إذا كان أبطالها يقتبسون من بطمان وسوبرمان‪ ،‬وفي هذه الحال‬ ‫«عزيمان» وبنكيرانمان»‪...‬‬ ‫أنا تلميذ قديم‪ ،‬وفهمي على قد الحال‪ ،‬ورصيدي من قاموس‬ ‫(التربية والتعليم (ضئيل جداً‪ ،‬وسوف لن أتمتع‪ ،‬في يوم من األيام‪،‬‬ ‫بالعضوية في (المجلس األعلى للتربية والتكوين)‪ ،‬ويصعب علي‬ ‫أن أفك طالسم هذه المسكوكات اللغوية التربوية التي تبدو‪،‬‬ ‫على األقل بالنسبة إلي‪ ،‬غاية في «التكتيف» (ضاعت مني نقطة‬ ‫الثاء‪ ،‬معذرة لمقدمة لسانكم السليم)‪ ،‬شيء هلل أسيدي الكتفي‬ ‫مولى «الفراجة»؛ كتفي على كتفك حتى نبلغ المقصود‪ ...‬قال لك‪:‬‬ ‫«قانون اإلطار»‪« ،‬التحديث»‪« ،‬التقدم»‪« ،‬مدرسة النجاح» وسرْ‬ ‫وسرْ‪ ،‬تتعرض للنسف من قبل «األبجديين» الذين يريدون لبالدنا‬ ‫أن تحرم مما أنعم اهلل عليها من غنيمة الحرب في زمن االستعمار‬ ‫الفرنسي الخالد‪ ...‬قال‪« :‬نتفة من االستعمار وما يمشي فالت»!‬ ‫وجاء صوت رجل مبحوح من الجهة األخرى للمدينة‪ ،‬رجل‬ ‫مكسور الجناح‪ ،‬يلعق جراحه ويتوعد خصومه في الداخل والخارج‬ ‫بقلب الطاوالت‪ ،‬ولم ال الرشق بالصحون‪ ،‬مادامت (شرعية الحزب‬ ‫انتهت) وظهرت الخبزة البيضاء من السوداء‪ ،‬وحلت (الفضيحة‬ ‫والكارثة والمصيبة) وال أمانة (لألمانة العامة) بعد هذا الذي حصل‬ ‫وفصل بين العربية والفرنسية من مقال‪...‬‬ ‫حلف «عبإياله» (بلهجتنا في شمال الوطن) بحلوفه حتى يقف‬ ‫في صف المقرئ أبي زيد وصاحبه‪ ،‬ضد العثماني رئيس المحكومة‬ ‫والناس «اللي معاه» الضاربين السداسي في الخماسي والماضين‪،‬‬ ‫طوعاً‪ ،‬في االتجاه الذي يشتهيه الضغط‪ ،‬حيث الحوت الكبير واكل‬ ‫شارب‪ ،‬والصغير ال يرفع الشارب على الغارب‪...‬‬ ‫اختلط الحابل بالنابل بالقنابل‪ ،‬كالم ينرفز وآخر يجرح القلب‬ ‫ويكفأ القب بالذي فيه‪ ،‬وأنا المسكين‪ ،‬التلميذ القديم «اللي ما‬ ‫فحاليش» ال أستقر على موقف بين المواقف الضاجة باللغط‬ ‫و«اللهط»‪...‬‬ ‫يا قوم !‬ ‫أشفق‪ ،‬ويشفق الشفق‪ ،‬لحالكم!‬ ‫أتختلفون حول لغة التدريس وفيكم محمد الهرادي؟ شيء هلل‬ ‫يا سيدي‪..‬‬ ‫ّ‬ ‫الرجل‪ ،‬طل علينا‪ ،‬منذ شبابه‪ ،‬من حجرة الدرس وهو يكرع من‬ ‫فيض اللغات‪ ،‬ولم يكن يعرفه منا أحد‪ ،‬حتى أتاه النقد واإلبداع‪ ،‬أو‬ ‫أتانا بالنقد راكباً السيمكا وأمامه طريق طويل جد وعر‪ ...‬والديك‬ ‫(ديك الشمال) على رأسه‪ ..‬وكالمه مفهوم مفهوم يا ولدي‪ ،‬ال‬ ‫يتكلم السريانية‪ ،‬لغة المالئكة واألطفال‪ ،‬بل يتكلم بالمفاتيح‪ ،‬لغة‬ ‫األولياء واألوتاد‪ ...‬ثم لم يعد يره منا أحد‪ .‬ال شك أنه اختفى في‬ ‫موالي بوسلهام‪.‬‬ ‫قبل أن أضع نقطة لباء «بوسلهام»‪ ،‬وكنت قد جلست في‬ ‫باحة «مقهى بالدي»‪ ،‬باغتني صوت رخيم من جهة يساري تسبقه‬ ‫رائحة عطر بارزي رائعة؛ سيدة في منتصف العمر‪ ،‬تعرض ابتسامة‬ ‫أصيلة وتقول ملتمسة‪:‬‬ ‫• اسمح لي آسيدي‪. ça ne vous dérange pas ? ..‬‬ ‫أجبتها بتلقائية‪:‬‬ ‫• ‪Pas du tout, allez y‬‬ ‫أخذت الكرسي الذي كان أمامي فارغاً‪ ،‬ورامت جماعتها في‬ ‫الطاولة بجاني؛ رجل مسن (جد؟) وسيدة متقدمة في السن (جدة؟)‬ ‫وكهل (إبن‪/‬أب؟) وأطفال من مختلف األعمار (أبناء‪/‬أحفاد؟)‪...‬‬ ‫كؤوس المحبة تدور والحديث العائلي يدور بسالسة متناهية‪،‬‬ ‫خليط متجانس من العربية الفرنسية‪ ،‬وكل شيء على ما يرام‪...‬‬ ‫• نلتقي‪! ‬‬

‫ت�صدر عن مطبعة جريدة طنجة‬

‫رئيس التحرير ‪:‬‬

‫محمد العطالتي‬

‫أتختلفون في أمر لغة التدريس‬ ‫وفيكم محمد الهرادي؟‬

‫‪www.achamal.com‬‬

‫لقد شهد العالم والجنس البشري‪ ،‬على امتداد‬ ‫تاريخه‪ ،‬ثورات متعددة وعلى فترات متباعدة ‪ ،‬كانت‬ ‫السبب المباشر في انتقال هذا العالم‪ ،‬مرة تلو أخرى‪،‬‬ ‫نحو مزيد من التقدم والتطويــر إلى األفضــل في‬ ‫مجاالت الحياة‪ ،‬سواء تعلق األمر بالعلوم الدقيقة أو‬ ‫العلوم اإلنسانية‪ ،‬وبهكذا شكل انتقل اإلنسان‪ ،‬على‬ ‫سبيل التمثيل‪ ،‬من مرحلة التداوي بالبركات المأمولة‬ ‫والخرافات األسطورية‪ ،‬نحو مرحلة العالج اعتمادا على‬ ‫الطب باعتباره علما قائما على قواعد معروفة ومناهج‬ ‫دقيقة ال حظ فيها للشعوذة والخيال‪.‬‬ ‫الثابت في تاريخ الثورات أنها شملت كل المجاالت‬ ‫التي تهم حياة اإلنسان سواء تعلق األمر في ذلك بما‬ ‫يخص تنظيم عالقته مع شقيقه اإلنسان‪ ،‬أم ارتبط‬ ‫األمر برؤيته للطبيعة وإمكانيات تفسير المبهم منها‪،‬‬ ‫لكن تلك الثورات كلها لم تكن لتتحقق وتنجز المأمول‬ ‫منها إال باإلعتماد على عنصر فريد ووحيد هو امتالك‬ ‫«المعلومة» حول الموضوع‪ ،‬فالحصول على المعلومة‬ ‫يصنع القدرة على كشف الحقائق ويفتح الطريق التخاذ‬ ‫ما يعتبر عائدا بالنفع‪ ،‬في نظر مالك المعلومة‪.‬‬ ‫الشك أن الكثير من عامة الناس ال زالوا تحت تأثير‬ ‫حالة االنبهار من تداعيات الثورة الرقمية وااللكترونية‬ ‫التي أنتجت وضعا جديدا ومتجددا فيما يرجع لتعامالت‬ ‫الناس فيما بينهم‪ ،‬وضع يسمح بتجاوز الحدود دون‬ ‫االكتراث بالحواجز المادية أو االهتمام بالحصول على‬ ‫تأشيرات قنصلية‪ ،‬وفي هذا السياق الخارق للحدود‬ ‫أضحى الفايسبوك‪ ،‬وهو أحد مواقع ما يعتبر تواصال‬ ‫اجتماعيا‪ ،‬الرقم األول في تداول «المعلومة» بين‬ ‫منخرطين تتضاعف أعدادهم بمتتالية هندسية كل‬ ‫يوم‪.‬‬ ‫إن حالة االنبهار التي طبعت تعامل مستهلكي‬ ‫الخدمات التواصلية مع موقع مثل فايسبوك تبدو جلية‬ ‫للناظر المتأمل‪ ،‬وهي بالمناسبة حالة مشروعة ومعقولة‬ ‫من جهة المنطق‪ ،‬فالموقع األمريكي يقدم في واقع‬ ‫األمر خدمات فائقة ومجاال أفسح بكثير مما هو معتاد‬ ‫في السابق للتجول في أرجاء العالم ونشر ما يرغب في‬ ‫نشره‪ ،‬أو أخذ ما يراد منه‪ ،‬والمدهش في األمر أن خدمة‬ ‫الفايسبوك ‪،‬كما تشير إلى ذلك صفحتها الدعائية‪ ،‬هي‬ ‫خدمة مجانية وستبقى كذلك على الدوام‪.‬‬ ‫إنه انبهار إنساني إزاء هذه الخدمة‪ ،‬لكنه‪ ،‬مع ذلك‪،‬‬ ‫يحجب عقل الناس عن التساؤل ‪ :‬هل هي بالفعل خدمة‬ ‫مجانية ؟ وهل قواعد اللبرالية‪ ،‬التي ولد الفايسبوك في‬ ‫أحضانها‪ ،‬تؤمن حقا بمفهوم اسمه «مجانية»؟ وجدير‬ ‫بالذكر في هذا الخصوص القول إن ثروة مؤسس‬ ‫ومالك شركة فيس بوك‪ ،‬تبلغ أزيد من ‪ 40‬مليار دوالر‪،‬‬ ‫باإلضافة إلى عقارات وأبنية تتخذها الشركة مقرا لها‬ ‫بوالية كاليفورنيا األمريكية‪ .‬وربما كان هذا دليال يبعث‬

‫هيئة التحرير ‪:‬‬

‫على التساؤل حول ما إذا كانت مؤسسة فايسبوك تقدم‬ ‫فعال خدماتها للمشتركين دون دفع دوالر واحد‪ ،‬أم‬ ‫أنها تحصل على عائدات ضخمة بطريقة تظل مجهولة‬ ‫المعالم بالنسبة للعوام‪.‬‬ ‫إن المشترك في خدمة مواقع التواصل االجتماعي‬ ‫يعتقد أنه أبرم صفقة مربحة‪ ،‬يتمكن بواسطتها من‬ ‫نيل ما يريده دون مقابل مادي‪ ،‬ويؤمن بإنه الطرف‬ ‫الرابح في صفقة تسمح له‪ ،‬في آن واحد‪ ،‬بنشر المعلومة‬ ‫وتلقيها‪ ،‬لكن الحقيقة غير ذلك إطالقا‪ ،‬فالمعلوم أن‬ ‫المشترك الجديد‪ ،‬في مرحلة أولى‪ ،‬يجد نفسه حينما‬ ‫يرغب في فتح حساب على موقع الفايسبوك مجبرا على‬ ‫اإلدالء بمعلومات عن سنه وجنسه وبلد إقامته إلى غير‬ ‫ذلك من البيانات «الشخصية»‪ ،‬وهي معلومات يعتبرها‬ ‫الناس‪ ،‬بسبب بساطتها‪ ،‬تافهة وغير ذات قيمة أو تأثير‪،‬‬ ‫غير أن األمر يتطور نحو درجة أكثر تعقيدا من فهم‬ ‫العقل العادي‪ ،‬إذ يجد المشترك نفسه أمام حرية اختيار‬ ‫الضغط على زر دون غيره األزرار‪ ،‬سواء تعلق األمر بنشر‬ ‫تدوينة أو التعبير عن إحساس أو حتى االعتراض على‬ ‫شيء والتبليغ عنه‪ ،‬إنها عملية سهلة في ظاهرها‪ ،‬لكنها‬ ‫تمكن إدارة الشركة من معلومات «مشفرة» يمكن‬ ‫االعتماد عليها في فهم طريقة تفكير المجتمعات وهو‬ ‫ما يعتبر مدخال كبيرا للتحكم فيها‪.‬‬ ‫إن األمر يضع إدارة الفايسبوك‪ ،‬ومقرها الواليات‬ ‫المتحدة األمريكية‪ ،‬أمام سيل عارم من المعلومات‬ ‫تخص أزيد من ملياري مشترك‪ ،‬وبالطبع‪ ،‬فإن شركة‬ ‫عمالقة كفايسبوك التي تتوفر على موارد بشرية غاية‬ ‫في البراعة البد أنها تشتغل على معالجة هذا السيل‬ ‫العارم من «المعلومة» بحسب نوعيتها وطبيعتها قصد‬ ‫تخزينها قبل مسألة توظيفها‪ ،‬من خالل إخضاع السلوك‬ ‫المعبر عنه بواسطة «التواصل االجتماعي» للدراسة‬ ‫واستقراء هذا السلوك بغاية امتالك المعلومة الدقيقة‪،‬‬ ‫وهو جهد استثماري البد أن تكون وراءه أهداف ربحية‪،‬‬ ‫مادية كانت أو أدبية أو حتى ألهداف سياسية‪.‬و حينما‬ ‫تتوفر المعلومة لطرف ما فإن ذلك يجعل منه الطرف‬ ‫األقوى على الطرف الذي ال يملك من المعلومة شيئا‪.‬‬ ‫المعنى الواضح من كل هذا الكالم هو أن أمريكا‬ ‫سيدة العالم وتسعى للبقــاء على رأسه‪ ،‬ليس فقط‬ ‫باعتبارها قوة عسكرية واقتصادية وعلمية هائلة‪،‬‬ ‫بل ألنها امتلكت ناصية العلم والمعلومة‪ ،‬ولعل هذا‬ ‫يفسر بشكل واضح كيف سعى مؤسس موقع فايسبوك‬ ‫مارك زوكربيرج تعلم جميع لغات وثقافات العالم‪ ،‬فقد‬ ‫اقتنع‪ ،‬علميا‪ ،‬بأن امتالك المعلومة هو رأس الحربة‬ ‫الستغالل الجاهل بالمعلومة في العالم الذي يعرف ثورة‬ ‫معلوماتية !‪.‬‬

‫عبد اللطيف �شهبون‬ ‫زبيـدة الورياغلـي‬ ‫�أ�سامـة الزكــاري‬ ‫ر�ضوان احدادو‬ ‫هدى املجاطـي‬ ‫�أبو اخلري النا�صري‬ ‫عبد احلـي مفتـاح‬ ‫محمد �إمغــران‬ ‫م�صطفى ال�سباعي‬ ‫محمد �سدحــي‬ ‫اإلدارة واإلشهار والعالقات العامة ‪:‬‬

‫محمد طارق بخات‬ ‫اإلخراج والتصفيف‪:‬‬

‫«جريدة ال�شمال»‬ ‫عنوان التحرير والمراسالت والتسويق‬ ‫واإلشهار ‪:‬‬

‫‪ 7‬مـكـــرر‪ ،‬زنقـة عمــر بــن‬ ‫عبد العزيز ـ طنجــة ـ‬ ‫الهاتــف ‪:‬‬ ‫‪05.39.94.30.08‬‬ ‫‪06.22.45.30.67‬‬ ‫الفاكــ�س ‪:‬‬

‫‪05.39.94.57.09‬‬ ‫الربيد الإلكرتوين ‪:‬‬

‫‪info@achamal.com‬‬ ‫‪achamal2000 @gmail.com‬‬ ‫سحب من هذا العدد ‪:‬‬

‫‪� 10‬آالف ن�سخــة‬ ‫التوزيع‪:‬‬

‫�سبـريــ�س ‪Sapress‬‬ ‫الإيداع القانوين‪99/10 :‬‬ ‫ر‪.‬د‪.‬م‪.‬ك‪:‬‬

‫‪I.S.S.N : 1114-1832‬‬


‫الثالثـاء ‪� 10‬إلى ‪� 16‬شتنرب ‪2019‬‬

‫العدد ‪1010‬‬

‫درد‬

‫شة‬

‫م�صطفى حجاج‬

‫دردشة‬ ‫حين يفاتحني شخص في موضوع يهم المدينة‪ ،‬مثل مشروع ملعب الملليين الذي أُقبر‪،‬‬ ‫ويستفسرني عن موقف جمعية تطاون أسمير منه‪ ،‬أشعر أنه ينتقص من األدوار التي تضطلع‬ ‫بها هذه الجمعية‪ ،‬أو يشكك فيها‪.‬‬ ‫وشأنه هذا‪ ،‬شأن الكثيرين الذين ال يتفاعلون مع الجمعية‪ ،‬وال يحضرون منتدياتها‪ ،‬وال‬ ‫يزورون مقرها‪ ،‬ولو زيارة وُدّ ومجاملة‪.‬‬ ‫وإذا بدا لهم الحديث عن أعضائها‪ ،‬فإنهم ال يذكرونهم بخير‪ ،‬وإنما يصفونهم بالغطرسة‬ ‫ُّ‬ ‫والتزلف إلى المسؤولين‪ ،‬و‪. ....‬‬ ‫وحب الظهور‪،‬‬ ‫وينسون أو يتناسوْن‪ ،‬أن هذه الجمعية التي تأسست على تقوى من اهلل ورضوان‪ ،‬بداية‬ ‫سنة ‪ ،1995‬وضعت هدفاً سامياً تعمل من أجله‪ ،‬هو ردُّ االعتبار لمدينة تطوان‪.‬‬ ‫وقد يسر اهلل لها الطريق‪ ،‬وهداها سواء السبيل‪ ،‬فتوفقت في نفض الغبار عن المدينة‬ ‫العتيقة‪ ،‬وكان للزيارة الملكية التي تمت يوم سادس دجنبر ‪ ،2011‬أثر وأي أثر‪ .‬فقد تهيكلت‬ ‫وترممت‪ ،‬بناء على الملتمس الذي رفعته إلى صاحب الجاللة يوم ‪ 30‬غشت ‪ ،2006‬حين دشن‬ ‫جاللته المحطة الطرقية‪ ،‬واستقبل أعضاء مكتب الجمعية‪.‬‬ ‫وجاء التقرير الذي بعثه عضو الجمعية الدكتور امحمد بن عبود إلى مستشار صاحب‬ ‫الجاللة‪ ،‬مفصّ ً‬ ‫ال فيه بالبيانات واألرقام‪ ،‬التقصير الذي وقع في تنفيذ المشروع الملكي‪ ،‬ليحرك‬ ‫هذا الملف‪ .‬فقد أبى صاحب الجاللة إال أن يخص تطوان‪ ،‬ومعها المدن العتيقة األخرى‪ ،‬بمبالغ‬ ‫مهمة من أجل إتمام اإلصالح‪.‬‬ ‫وال يقدّر المتتبعون للجمعية حقَّ التقدير‪ ،‬ما تبذله من جهود قصد تخليص الملك العام‬ ‫من أيدي الباعة الجوالين‪ ،‬وما تبذله في سبيل ربط تطوان جوياً‪ ،‬بعدد من المدن في الداخل‬ ‫والخارج‪ ،‬فقد وقفت ضد قرار حذف خط تطوان‪ -‬الحسيمة‪ .‬وسارعت إلى المطالبة بفتح خط‬ ‫جوي بين تطوان ومالقة‪ ،‬وفاتحت السيد عامل اإلقليم في إحداث خطوط أخرى‪.‬‬ ‫كما ال يقدرون االتصاالت التي نجريها مع السادة والة وعمال صاحب الجاللة والمسؤولين‬ ‫في اإلدارة المركزية‪ ،‬لصالح المدينـة‪ ،‬فنجد فيهـم اآلذان الصاغية‪ ،‬واالستجابة الفورية‪.‬‬ ‫وإذا كان ملعب الملليين هو الذي جرَّنا إلى قول ما قلناه‪ ،‬فإن هذا الملعب كان يندرج ‪-‬‬ ‫كما يعلم الجميع ‪ -‬في سلسلة المشاريع الملكية‪ .‬لكنه تعثر‪ ،‬ثم توقف ثم جاء وزير الشبيبة‬ ‫والرياضة المحترم‪ ،‬ليخبرنا في جلسة برلمانية‪ ،‬أن هناك أولويات‪ ،‬جعلت وزارته تضعه في‬ ‫قاعة أو قائمة االنتظار‪.‬‬ ‫وستدرج هذه النقطة في أول اجتماع تعقده الجمعية إن شاء اهلل‪.‬‬

‫ما بعد العطلة‬ ‫حرب الطاكسيات الكبيرة بين طنجة وتطوان‬ ‫‬‫عندما حططت الرحال في طنجة عابرا منها إلى مدينتي‪ ،‬التقيت بالمفاجأة‬ ‫األولى؛ إنها الحرب التي لم تضع أوزارها بين طاكسيات طنجة وتطوان‪ ،‬والتي‬ ‫ترتب عنها زيادة في ثمن النقل إلى شفشاون؛ زيادة تنزع من جيب الزبون‪.‬‬ ‫أصل هذه الحرب أو شرارتها كما يحكى هو عدم توافق نقالة تطوان‬ ‫وطنجة على منهجية ناجعة للنقل بين طنجة و محيط تطوان كمارتيل‬ ‫والمضيق وغيرهما الذي يعتبر نقالة تطوان استغالل خطوطه حقا مكتسبا‬ ‫لهم‪ ،‬وقد ترتب عن عدم التوافق منع ومنع مضاد في االتجاهين؛ و بال شك‬ ‫أن البراق هو الذي خلق هذه الوضعية بجعله طنجة معبرا رئيسيا لزوار مدن‬ ‫الشمال األخرى‪.‬‬ ‫إنها فوضى عارمة ويصفها البعض ب»السيبة»‪ ،‬فالنقل العمومي بين‬ ‫المدن يستند إلى قانون وتنظمه ضوابط‪ ،‬ويتساءل المتسائلون أين هي‬ ‫السلطة التنظيمية‪ ،‬أين هي الدولة لوقف هذا العبث الذي يسيئ إلى البلد‪،‬‬ ‫وإلى جهة طنجة تطوان الوجهة السياحية المتوسطية التي ال منافس لها‪...‬؟‪.! ‬‬ ‫حريق غابة «عشاشة تاسيفت»‬ ‫بالمنتــــزه الطبيعـــي الوطنـــي‬ ‫لتالسمطان ‪:‬‬ ‫كــــان رنين عــراك الرئيس‬ ‫الفرنسي مع الرئيس البرازيلي‬ ‫حول ضرورة حماية غابة األمازون‬ ‫من الحرائق وغيرها لم يبرح أذني‪،‬‬ ‫من زجاج نافذة الطاكسي كانت‬ ‫سماء الطريق إلى شفشاون‪ ،‬و من‬ ‫جانب منتجع أقشور خاصة‪ ،‬ملبدة‬ ‫بما يشبه الغيوم؛ إنه دخان لهيب‬ ‫الحرائق‪ ،‬قال لي السائق‪ ،‬نار اشتعلت‬ ‫منذ خمسة أيام ولم تنطفئ جراء‬ ‫الحالة الجوية وصعوبة المسالك‪.‬‬ ‫أطرقت حزنا ألنني أعرف أن الغابة تاج يفل فوق هامات إقليم شفشاون‪،‬‬ ‫فرغم جميع المجهودات المالية و المادية والتحسيسية لحمايتها كان تراجع‬ ‫المساحات سيد الموقف‪ ،‬بسبب تغير نمط اإلنتاج واالستهالك‪ ،‬وغياب وعي‬ ‫مدني مواطني حاد بأهميتها كثروة مستدامة صعبة التعويض‪...‬‬ ‫قلت في نفسي‪ :‬لك اهلل يا غابة شفشاون في زمن عم فيه الخطاب حول‬ ‫البيئة و التنمية المستدامة والتغيرات المناخية‪ ،‬وقد ال ينفذ هذا الخطاب إلى‬ ‫شغاف القلوب و رماد العقول ويصبح فعال إلى بعد أن يكون التصحر قد زحف‬ ‫إلى غير رجعة‪ ،‬وآنذاك ال ينفع الندم‪ .! ‬تحرير الملك العام الجماعي بمدينة‬ ‫شفشاون‪:‬‬ ‫عاش جيلي و األجيال السابقة فترات القضايا النهضوية الكبرى‪ :‬تحرير‬ ‫األرض والوطن‪ ،‬تحرير المرأة‪ ،‬تحرير العقل‪ ،‬تحرير اإلنسان‪...‬خفت شعاع هذه‬ ‫القضايا جمرة جمرة بفعل االنتكاسات المتكررة واإلحباطات المتتالية‪ ،‬فعلت‬ ‫المنابر والمنصات القضايا الصغرى التي كانت تظهر ثانوية عابرة‪.‬‬ ‫أسباب نزول هذا الكالم تسونامي تحرير الملك العام الجماعي التي‬ ‫تشهده مدينة شفشاون على غرار مدن أخرى‪ ،‬والذي يعبر المدينة طوال‬ ‫وعرضا لتطهيرها من الزوائد غير المرخصة‪ ،‬حيث خلف هذا التسونامي أطنانا‬

‫‪3‬‬

‫عبد الحي مفتاح‬

‫من المخلفات وكشف عن عقود من استباحة األرصفة والممرات والجدران‪،‬‬ ‫والشوارع واألحياء والساحات‪ ،‬و الماء والهواء‪ ...‬بالصلب والحديد والبالسيتك‪،...‬‬ ‫وكأن المدينة كانت شبحا في يد عفريت‪.‬‬ ‫لم يكن أحد يعتقد أن هذا التسونامي قادم‪ ،‬بل كان كل من يعارض بل‬ ‫ينتقد ظاهرة احتالل الملك العام التي كادت أن تصبح حقا من الحقوق المدنية‪،‬‬ ‫يتعرض للتهكم و التسفيه وكأنه نازل من كوكب آخر‪.‬‬ ‫خوضي في هذا الموضوع ليس من باب الشماتة في أحد بل من باب‬ ‫االنتماء إلى حاضرة مغربية أندلسية عريقة‪ ،‬قدر اهلل أن تحتضنني كما احتضنت‬ ‫وتحتضن اآلالف غيري‪ ،‬لذلك فعدة أسئلة استفزتني وأنا أسمع ما أسمع عن‬ ‫هذا التسونامي‪ ،‬والناس بين مصفق ومشكك‪ ،‬ورافض ومؤيد‪ ،‬وناقم ومبارك‬ ‫ومتضامن‪:‬‬ ‫كيف وصلت المدينة إلى هذه الحال من االستباحة‪،‬؟ وهل كان من‬‫الضروري أن تصل إلى هذه الحالة المزرية المؤسفة‪ ،‬خاصة في العقد األخير‪،‬‬ ‫بعد الطفرة السياحية وبركة اللة‬ ‫منانة وبناتها ودارها‪ ...‬دون حسيب‬ ‫أو رقيب؟؛‬ ‫من استفاد حقيقة من احتالل‬‫الملك العام الجماعي في حين أن‬ ‫عامة سكان المدينة‪ ،‬وخاصة التجار‪،‬‬ ‫كانوا ينظرون مشدوهين إلى هذه‬ ‫الظاهرة الطفيلية الدخيلة التي تبتلع‬ ‫رزقهم وترمي بهم إلى الهامـــش‬ ‫وتذيقهم البؤس‪ ،‬وهم متشبعون‬ ‫بقواعد التجارة الحرة وأصول المهنة‬ ‫أبا عن جد‪ ،‬صابرون منتظرون‬ ‫الفرج‪...‬؟‪.‬‬ ‫ ماذا جنت المدينة من عوائد‬‫التجارة غير المهيكلة و األنشطة الطفيلية غير الحوادث والكسور والجروح‪...‬؟‪،‬‬ ‫ولماذا لم يبادر المدبرون إلى آليات إلدماج األنشطة الطفيلية في الدورة‬ ‫االقتصادية المهيكلة من أجل تحسين البنية التحتية للمدينة وتشجيع‬ ‫االستثمار الخالق لفرص الشغل؟‪.‬‬ ‫ هل كانت برامج التأهيل والتنمية التي كلفت مبالغ مالية هائلة ضرورية‬‫في مدينة أهملت لسنين ال يدافع فيها بعض من يتقلدون أمرها‪ ،‬عن جهل‬ ‫وتخلف أو انتهازية وسبق إصرار‪ ،‬عن أولوية األولويات وهي حق سكانها في‬ ‫التمتع بمدينتهم وبجمالها و بهوائها ومائها وهدوئها وسكينتها‪ ،‬وبالكرامة‬ ‫التي تتناقض مع الفوضى والهشاشة والبلطجية سواء في السياحة أو التجارة أو‬ ‫المعمار أو النقل أو السكن أوالسير والجوالن‪...‬؟‪.‬‬ ‫البارحة قمت بجولة في مدينتي اتسعت رؤيتي وشممت هواء نقيا وشربت‬ ‫ماء باردا‪ ،...‬ولكن لن أتنفس الصعداء إال لما أسمع أن أولي األمر اجتمعوا‬ ‫لدراسة االنعكاسات االجتماعية لتسونامي التحرير ومعالجة الوضعية اإلنسانية‬ ‫بتنزيل حلول مقبولة في آجال مقبولة تجبر أخطاء الماضي وترسم الطريق إلى‬ ‫مستقبل يحلو فيه العيش المشترك بين أبناء المدينة بمختلف شرائحهم في‬ ‫تناغم بين الحياة اليومية والسياحة والتجارة وباقي األنشطة‪.‬‬

‫زيارة‪..‬‬ ‫عبد اللطيف �شهبون‬

‫‪abdelchahboun@hotmail.com‬‬

‫بين حين وحين أقرأ لصديق عزيز مكتوباته التي يحلو‬ ‫له توقيعها بعبارة ‪« :‬غبار المسلمين» أو «القاعد الماشي»‪.‬‬ ‫«غبار المسلمين» عاش فقيرا دائم الرحلة الذوقية لمنابع‬ ‫النور الرباني صدقا وتجردا ومحبة‪.‬‬ ‫يستن «غبار المسلمين» طرائق مخصوصة للتعبير عن‬ ‫رقائق وحقائق ودقائق‪.‬‬ ‫يصوغ كل ذلك في أجناس تؤلف بين نثر منسوج في‬ ‫لغة عليا وقص رامز بتلويح مستميل وشعر جامع بين تكثيف‬ ‫وتوسيع‪..‬‬ ‫زارني «غبــار المسلمين» فانتهزتهــا مناسبــة مباركـة‬ ‫ميمونة الستفساره عن بعض سر ما يقول ؟‬ ‫قال لي ‪:‬‬ ‫ما يصدر عني يلقى علي في حال اصطالمي وسكرتي ‪..‬‬ ‫ما أنا بذائع سري‬ ‫سري يكشفه شيخي المربي الحي ؛ قوال وفعال وتدوينا؛‬ ‫لكونه مسنودا بثقة مواله الذي منحه طهارة القلب وعلم‬ ‫التوحيد ومعرفة اآلالء ‪ ،‬وأنوار هذه المعرفة ال تنطفئ؛ ذلك‬ ‫أن لون مائه هو لون إنائه ؛ ال وقت له ‪ ،‬وهو ابن وقتــه‪..‬‬ ‫تابع «غبار المسلمين» مخاطبا لي ‪:‬‬ ‫افن نفسك في شيخك المربي حتى تكون مستعدا للفناء‬ ‫في الحقيقة المحمدية تمهيدا لفنائك في الحقيقة الربانية‬ ‫المطلقة‪ .‬ال بد أن يكون لك استعداد قبلي‪ ،‬فافهم بالغة‬ ‫قولي ‪:‬‬ ‫• بالغة وارد حق يزعج قلبي إلى اهلل‪ ..‬فإذا أصغيت إلى‬ ‫قولي بحق تحققت‪.‬‬ ‫• أصخ سمع قلبك لمعناي‪ ،‬وال تسمع صوتي‪.‬‬ ‫قلت له ‪:‬‬ ‫وما حكاية ليالك ؟‬ ‫قال لي ‪:‬‬ ‫• ليالي إشارة لموالي‬ ‫• آدمية اإلسم إشارة حسية لجمال أزلي ‪.‬‬ ‫أال تذكر قول ابن الفارض ‪:‬‬ ‫وتظهر للع�شــاق يف كل مظهــــر من اللب�س يف �أ�شكال ح�سن بديعة‬ ‫ففي مرة لبنـــى ‪ ،‬و�أخرى بثينة و�آونة تدعــــــــــى بعـزة عـزت‬ ‫ول�سنا �سواها‪ ،‬ال‪ ،‬ولكن غريهـا وما �إن لها يف ح�سنهـا من �شريكـة‬ ‫أال تذكر قول ابن عربي ‪:‬‬ ‫كل مــــــا �أذكره مــن طلــــــــــل �أو ربـوع ‪� ،‬أو مغـــــــان ‪ ،‬كـل مــا‬ ‫وكذا �إن قلت ‪ :‬هي‪� ،‬أو قلت ‪ :‬هـو �أو همو ‪� ،‬أو هن جمعــا ‪� ،‬أو همــا‬ ‫كـل مـــــا �أذكـــره ممـــا جــــرى‬

‫ذكره ‪� ،‬أو مثلـــه �أن تفهـمـــــــــا‬

‫منـه �أ�سرار و�أنوار جلـــــــــــــت �أو علت‪ ،‬جـاء بهــا رب ال�سمـــــــا‬ ‫فا�صرف اخلاطر عن ظاهرهــــــا واطلـب الباطـن حتى تعلمـــــــــا‬ ‫بالغتي ‪ :‬معين ارتواء ودليل ابانة ‪ ،‬فانظر تر‪.‬‬


‫الشمال الفني‬ ‫‪4‬‬

‫إشراف الفنان يوسف سعدون‬

‫العدد ‪ 1010‬ـ الثالثاء ‪ 10‬إلى ‪ 16‬شتنبر ‪2019‬‬

‫رحيل الفنان الكبري محمد خدي‬ ‫غادرنا إلى دار البقاء واحد من كبار الشاشة المغربية المرحوم الفنان المتعدد‬ ‫محمد خدي‪ ،‬غادرنا بعد رحلة مع المرض وهو في سن الستين من عمره‪ ،‬ولألسف‪،‬‬ ‫رحل دون أن ينال االهتمام المفروض باعتباره واحدا ممن كرسوا حياتهم للفن‬ ‫واإلبداع‪،‬كتب وأخرج العديد من المسرحيات والمسلسالت الكوميدية‪ ،‬وشارك في‬ ‫أعمال سينمائية متعددة أهمها فيلم الرسالة والسيد «جونز»‪.‬مسيرته الفنية‬ ‫غنية بالعطاء سواء في المجال المسرحي حيث انتمى لفرق مسرحية رائدة من‬ ‫حجم فرقة المعمورة وفرقة المسرح الوطني ومسرح اليوم والغد التي كان يشرف على إدارتها‪،‬كما كان‬ ‫له حضور في تدريس فنون المسرح بالمعهد العالي للفن الدرامي والمسرحي‪،‬أعماله توزعت بين أعمال‬ ‫تلفزية الزالت عالقة بالذاكرة ك «الشاش» ودار الغزالن‪،‬وأعمال مسرحية مثل جار ومجرور وغيرها‪.‬باإلضافة‬ ‫ألدائه في التمثيل‪ ،‬كانت له مساهمات في كتابة السيناريو واإلخراج‪ ..‬وكانت آخر أعماله المسرحية «على‬ ‫سبيل المثال»التي كتبها وأخرجها‪ ،‬الراحل رغم هذا السخاء في العطاء الفني المتنوع‪ ،‬كان زاهدا ولم يتطلع‬ ‫لمجد زائف‪ ،‬وهذا االختيار جعله يقاوم المرض بكبرياء دون استجداء لمساعدة أو التفاتة‪.‬‬

‫�سيكولوجية الفن‬

‫ال جدال في أن الفن جزء ال يتجزأ من المجتمع‪ ،‬وعمر الفن يرتبط‬ ‫بشكل ما بعمر اإلنسان‪ .‬اذ أنه شكل من أشكال النشاط اإلجتماعي‬ ‫المتسم بالحركية الدائمة وعدم الثبات‪ .‬يتأثر بالممارسة‪ ،‬وبالصيرورة‬ ‫التاريخية و بتغير األنساق االجتماعية ‪.‬‬ ‫لذا فالوقوف عند إشكاالته وفهمها‪ ،‬ضرورة كبرى وليست مجرد‬ ‫مطلب ثانوي‪ .‬فما هو الميدان اإلجتماعي الذي يتخذ من الوقائع‬ ‫الفنية مادة للدراسة‪ .‬وما التعريف الذي نستطيع أن نحيط به هذا‬ ‫الميدان؟‬ ‫إن فهم الفن هو من بين الطرق الفعالة لفهم المجتمع‪ ،‬لما‬ ‫سبقت اإلشارة إليه من كون الفن لصيق باالنسان وشكل من أشكال‬ ‫تمظهراته‪.‬‬ ‫وبالنظر إلى ما دأب عليه علم االجتماع من محاوالت مستميتة‬ ‫لفهم وتفسير الظواهر االجتماعية عبر ميادينه المتنوعة والمختلفة‪،‬‬ ‫فقد صار الحديث عن الظواهر الفنية ال يتأتى إال من خالل ما يسمى‬ ‫بسوسيولوجيا الفن‪.‬‬ ‫و برز االهتمام السوسيولوجي لدراسة الظواهر الفنية بشكل كبير‬ ‫وواضح‪ ،‬على مستوى الفنون الغربية و العربية على حد سواء‪.‬‬ ‫خاصة لما تعانيه هذه األخيـرة من أزمة ثقافية اجتماعية على‬ ‫مستوى الرؤية واألفكار والبنيات‪ .‬مجمل القول أن سوسيولوجيا الفن‬ ‫هي ميدان مستقل من ميادين علم االجتماع‪ ،‬مهمته التفكيك والبحث‬ ‫في كـل ما هـو فنـي اجتماعـي سواء األدب‪ ،‬الموسيقى‪ ،‬التشكيل‪،‬‬ ‫المسرح‪...‬‬

‫غاية سوسيولوجيا الفن إذن تتلخص في فهم وتفسير هذه الظواهر‬ ‫والتجارب الفنية واالنفتاح على الكيفية التي يمارس بها «الفنان» إنتاج‬ ‫منجزه اإلبداعي‪ ،‬و التفكير في مكانته و إسهاماته في البنية العامة‬ ‫للمجتمع‪.‬‬ ‫وقد تنوعت المقاربات التي تناولت الظواهر الفنية بالدراسة‪ ،‬بتنوع‬ ‫االتجاهات التي يتبناها علماء االجتماع أنفسهم ‪ .‬سنحاول بغنى موجز‬ ‫عرض البعض منها في طرح سريع‪.‬‬

‫ذاكرة فيلم‬

‫المقاربة البنيوية الوظيفية ‪:‬‬ ‫يبرز اسم الباحث االجتماعي «دوركايم» بهذا االتجاه النظري‪،‬‬ ‫باإلضافة لـ «بارسوتز»و «سبنسر» وآخرون‪.‬‬ ‫تقوم البنيوية الوظيفية على تفسير الظواهر االجتماعية‬ ‫في شموليتها‪ ،‬كبنية وكنظام متكامل‪ .‬بالتالي فإن المقاربة‬ ‫السيوسيولوجية للظواهر الفنية‪ ،‬تنطلق من البنية الثقافية‬ ‫الفكرية التي تحدد الفئة التي يطلق عليها اسم «فنانين»‪ .‬ورصد‬ ‫ما ينتج عنها من عالقات داخل الكل أو داخل البناء االجتماعي‪.‬‬ ‫وما تعكسه وتحققه من تكامل وتناغم‪ ،‬وما يطبعها من اتفاق‬ ‫وتماسك حول قيم جمعية معينة الجمال‪ ،‬القبح ‪ ،‬الذوق‪...،‬‬ ‫فمحاولة فهم وتفكيك ودراسة طبيعة هذه األفكار والبنيات‬ ‫و الوقوف على تالحماتها هو ما يحقق لالتجاه البنيوي الوظيفي‬ ‫غايته‪.‬‬

‫المقاربة التفاعلية الرمزية ‪:‬‬ ‫إن كان االتجاه البنيوي الوظيفي ينطلق من الظواهر في شموليتها‪،‬‬ ‫فإن االتجاه التفاعلي الرمزي الذي يمثله عالم االجتماع «ماكس فيبر»‬ ‫على عكسه تماما‪ ،‬ينطلق من الفرد أي من الفنان نفسه‪ .‬باعتبار أن هذا‬ ‫األخير جزء ال يتجزأ من المجتمع‪ ،‬بالتالي فهو كائن فاعل يؤثر ويؤثر‬ ‫عليه‪.‬‬ ‫فهناك اتصاالت متبادلة تتسم بنوع من الرمزية‪ ،‬ونتحدث هنا عن‬ ‫المنجز الفني تحديدا أكان رسما أو شعرا أو موسيقى أو قنوا ت تواصل‬ ‫رمزية فنية أخرى‪ ،‬وما تخلفه من تفاعالت الفنان داخل المجتمع والكشف‬ ‫عن تصوراته حول قضايا مجتمعية من خالل منجزاته اإلبداعية‪.‬‬

‫المقاربة النقدية الصراعية ‪:‬‬

‫اتخذ االتجاه المادي التاريخي أو ما يسمى باالتجاه النقدي‪ ،‬من‬ ‫الصراع أداة لتفسير التحوالت االجتماعية‪ .‬بمعنى أنه إن كان االتجاه‬ ‫البنيوي الوظيفي يقوم برصد التالحم والتناغم بين بنى المجتمع‪ ،‬فإن‬ ‫يعتبر فيلم «المومياء» للمخرج المصري الراحل‬ ‫شادي عبد السالم من بين أهم األفالم في تاريخ‬ ‫السينما المصرية والعربية‪ ،‬حيث اختير كأفضل‬ ‫فيلم عربي في استفتاء سنة ‪ . 2013‬كما أنه حصل‬ ‫على العديد من الجوائز المهمة من بينها ‪ :‬جائزة‬ ‫جورج سادول سنة ‪ 1970‬وجائزة النقاد في مهرجان‬ ‫قرطاج سنة ‪ 1970‬كأفضل فيلم‬ ‫روائي‪ ،‬كما أنه لفت األنظار في‬ ‫مهرجانات عالمية مثل ‪ :‬مهرجان‬ ‫لندن الدولي وفينيسيا و لوكارنو‪.‬‬ ‫لم يعرض الفيلم في القاعات‬ ‫السينمائية إال سنة ‪ ،1970‬رغم‬ ‫إنتاجة سنة ‪ ،1969‬عقــب أجـواء‬ ‫اإلنتفــاضـة الطالبيــة بفرنســا‪،‬‬ ‫وكانت أيضا أجواء هزيمـة ‪1967‬ما زالت‬ ‫مخيمة على العالم العربي ‪.‬‬ ‫لم يلق فيلم «المومياء» نجاحا جماهيريا‬ ‫في مصر ألسباب كثيرة‪ ،‬لخصها النقاد في‬ ‫أسلــوب شـــادي عبد السالم الجديـــد على‬ ‫الجمهور‪ ،‬الذي لم يتعود فيلما باللغة العربية‬ ‫الفصحى‪ ،‬ولم يتعود أيضا على مشاهدة أفالم‬ ‫تعالج قضايا سياسية أو اجتماعية بأسلوب‬ ‫غامض يطرح األسئلة الشائكة ‪ .‬فالعين العربية في هذه المرحلة لم‬ ‫تكن مهيأة الستقبال فيلم مختلف ‪.‬‬ ‫ينطلق الفيلم من قصة واقعية حدثت بإحدى قرى مصر المعروفة‬ ‫بوجود آثار فرعونية على أرضها‪ ،‬وكان سكانها يعيشون على حفر‬ ‫القبور ونهبها لبيع ما بداخلها من أجل لقمة العيش ‪ .‬وعند زيارة‬ ‫بعثة علمية للمنطقة‪ ،‬رافقها أحد أبناء القرية (بطل الفيلم) وكان‬

‫املــومـيــــاء‬ ‫• محمد عابد‬

‫بطاقة تقنية ‪:‬‬ ‫إخراج ‪ :‬شادي عبد السالم (‪)1986/1930‬‬ ‫البلد ‪ :‬مصر‬ ‫إنتاج سنة ‪1969 :‬‬ ‫قصة وسيناريو ‪ :‬شادي عبد السالم‬ ‫حوار ‪ :‬عالء الديب‬ ‫مونتاج ‪ :‬كمال أبو العال‬ ‫موسيقى تصويرية ‪ :‬ماريو ناشيمبيني‬ ‫مدير التصوير ‪ :‬عبد العزيز فهمي‬ ‫تشخيص ‪ :‬أحمد مرعي – نادية لطفي – زوزو حمدي الحكيم –‬ ‫أحمد حجازي وآخرون‬ ‫مدة العرض ‪ 102 :‬دقيقة‬

‫حنان �أورق‬

‫االتجاه المادي على العكس منه تماما يحاول الوقوف على تلك الدينامية‬ ‫والصراع بين مكونات النسق االجتماعي‪ .‬فالفن كظاهرة اجتماعية هي‬ ‫جزء من السياق السوسيواقتصادي للمجتمع‪ .‬بالتالي فإن مجال البحث‬ ‫يشمل المنتج الفني‪ ،‬طبيعته‪ ،‬والظروف التي صاحبت إنتاجه‪ ،‬والفئة‬ ‫المنتجة له كطبقة تحتل مكانتها ضمن الهرم المجتمعي‪ ،‬وتملك‬ ‫رساميل مختلفة‪ .‬رأسماال ثقافيا واجتماعيا واقتصاديا ورمزيا‪ .‬تعيد‬ ‫إنتاجها عبر آليات صراع محددة‪.‬‬

‫فوجود الفنان حسب هذا االتجاه المادي التاريخـي والذي يتمركـز‬ ‫الفيلسوف وعالم االجتماع «ماركس» على قمته يتحدد بشكل جلي‬ ‫بظروف اإلنتاج ‪.‬‬

‫خالصة القول‪ ،‬أننا كمجتمع مغربي يشهد تراكمات كمية ولما ال‬ ‫نوعية متواضعة‪ ،‬بالمجال الفني‪ ،‬في أمس الحاجة لمقاربة سوسيوفنية‪.‬‬ ‫تقوم بتناول الظواهر الفنية والمنجزات الثقافية‪ ،‬بالتفكيك ‪،‬التشريح ‪،‬‬ ‫التمحيص والدراسة‪ .‬وتضعنا كمتذوقة وكفنانين وكمجتمع ككل‪ ،‬أمام‬ ‫حقيقة المشهد الفني الثقافي المغربي‪.‬‬

‫عليه أن ال يفشي أي سر لرئيس البعثة‪ ،‬ومن بين هذه األسرار‪ ،‬وجود‬ ‫المومياوات في مقابر طيبة ‪.‬‬ ‫من صلب هذه القصة الواقعية يسافر بنا شادي عبد السالم عبر‬ ‫توالي األحداث بإيقاع هادئ وسلس وسرد متين ولقطات محكمة تنم‬ ‫عن وعي فني متقدم‪ ،‬ليقدم لنا تحفة فنية جديرة باالهتمام ‪.‬‬ ‫وسط أجواء البحث الذي تقوم به البعثة العلمية‪ ،‬والترقب‬ ‫والخوف الذي سيطر على سكان القبيلة من‬ ‫أن يفشي بطل الفيلم السر‪ ،‬تتصاعـــد وتيرة‬ ‫الشريط‪ ،‬ويجد البطل نفسه بين واجبين ‪ :‬أن‬ ‫يقوم بعمله مع البعثة العلمية بضمير مهني‬ ‫و أن اليبوح بسر وجود مقابر المومياوات‬ ‫واستغاللها ونهبها من طرف أفراد قبيلته‬ ‫التي ورثت عن أجــدادها هذا العمــل غير‬ ‫المشروع ‪.‬‬ ‫القبيلة ستلفظ البطل‪ ،‬بعد اكتشاف‬ ‫السر‪ ،‬مقابر المومياوات بطيبة‪ ،‬وتعتبره خائنا‬ ‫وستضرب عليه الحصار ويبقى وحيدا‪ ،‬ألنه‬ ‫كان سببا في ضياع أهم مورد للرزق بالنسبة‬ ‫لهم ‪.‬‬ ‫شادي عبد السالم في فيلم «المومياء»‬ ‫يسائل الهوية والعمق الثقافي للبلد الغني‬ ‫بموروثه الذي ال يجب أن يباع‪ ،‬بل وجب المحافظة عليه لتطويره‬ ‫وبعثة من جديد عبر االهتمام به ليبقى شاهدا على العمق الحضاري‬ ‫لمصر ‪.‬‬ ‫فيلم المومياء « تحفة السينما العربية»‪ ،‬الذي ما زال يحضر إلى‬ ‫يومنا هذا في أكبر االحتفاالت السينمائية الدولية كمرجع من مراجع‬ ‫السينما العالمية ‪.‬‬


‫العدد ‪1010‬‬

‫الشمال الفني‬

‫بيــان فـنـي »‬ ‫«‬ ‫فـنـــي»‬ ‫«بيـــان‬

‫إعداد ‪ :‬يوسف سعدون‬

‫بيان فني‪ ،‬هو سلسلة لقاءات تدشنها الشمال مع مجموعة من المبدعين‪ ،‬يقدم‬ ‫عبرها الضيوف تجاربهم الفنية وانشغاالتهم ومواقفهم‪ ،‬وهو غير ملزم ألي جهة‪..‬‬ ‫بيان هذا العدد يوقعه الفنان التشكيلي‬

‫رشيد باخوز‬

‫الثالثـاء ‪� 10‬إلى ‪� 16‬شتنرب ‪2019‬‬

‫‪5‬‬

‫الفن المعاصر‬ ‫ودور الناقد الفني‬

‫• واقع التشكيل في المغرب‪:‬‬

‫ أنا الموقع أسفله ‪:‬‬‫رشيد باخوز‪ ،‬فنان تشكيلي مغربي معاصر‪ ،‬ناشط وفاعل‬ ‫ثقافي وفني‪ ،‬من مواليد الدار البيضاء‪ ،‬سنة ‪ .1976‬كبرت في‬ ‫كنف أسرة مناضلة‪ ،‬إذ انتمى الوالد مبكرا إلى المجال السياسي‬ ‫والحقوقي بمدينة الدار البيضاء‪ ،‬ما جعلني أكتسب إلى جانب‬ ‫البعد الفني‪ ،‬تأثرا بالوالدة‪ ،‬بعدا سياسيا وجمعويا‪ ،‬إذ انخرطت‬ ‫مبكرا في العمل الجمعوي تحت لواء مجموعة من الجمعيات‬ ‫التقدمية الناشطة ميدانيا‪.‬‬

‫• المسار الفني‪:‬‬ ‫كما أوضحت‪ ،‬فإن مساري الفني بدأ منذ الصغر‪ ،‬بفعل‬ ‫المالحظة اليومية لما تحيكه وتطرزه أنامل أمي‪ ،‬التي كانت‬ ‫معلمة الحياكة والطرز التقليديين‪ .‬هذا التأثر واالندهاش بما‬ ‫تنتجه الوالدة من رسومات وتوريقات على األقمشة‪ ،‬سيقودني‬ ‫إلى أن أهتم كثيرا بالرسم‪ ،‬وهو األمر الذي لم يكن من اليسير أن‬ ‫يتقبله الوالد‪ ،‬إال أني استطعت أن ألج بمقاومة مني ثانوية جابر‬ ‫بن حيان شعبة الفنون التشكيلية‪ ،‬هناك حيث سأصقل موهبتي‬ ‫بفضل األساتذة الجادين والمكرسين‪ ،‬ومن ثم سأتابع تكويني‬ ‫في التصميم وبعدها تكوينا آخر في الديزاين واإلشهار‪ ،‬حيث‬ ‫سأكتسب مهارات جديدة‪ ،‬تقنية خاصة‪ .‬وهو األمر الذي أكسبني‬ ‫بعدا متعددا في االشتغال البصري على مستوى العمل الفني‪.‬‬ ‫وقد كان هو الحافز لولوج عوالم الفن المعاصر‪ .‬كان لزاما علي‬ ‫بعد التكوين األكاديمي أن أجد أسلوبا خاصا‪ ،‬هذا ما سيقودني‬ ‫إلى البحث والتجريب‪ .‬حيث تأثرت بشكل كبير بجمالية الحرف‬ ‫وحركيته وانسيابه‪ ،‬ولقد تعزز األمر لدي بفعل االقتراب من‬ ‫عالم الهندسة المعمارية‪ ،‬وخاصة المعاصرة كما نلمسها‬ ‫عند المهندسة العراقية الراحلة زها حديد‪ .‬إذ عند هذه‬ ‫األخيرة نلمس هذا البعد التأثري بحركية وانسيابية الحرف‪...‬‬ ‫بالتالي فإن مساري الفني هو مسار متعدد يبدأ منذ الصغر‬ ‫وما درسته خالل تكويني وما تعلمته عن بحث شخصي‬ ‫وميداني‪.‬‬

‫• المشروع الفني‪:‬‬ ‫من هذا التعدد تكوّن لدي مسار قادني إلى العمل على‬ ‫تجديد الممارسة الحروفية‪ ،‬باالبتعاد كليا عن االشتغال الحروفي‬ ‫التقليدي‪ ،‬وبالتالي جعل الحرف ال موثيفا إضافيا على الخلفية أو‬ ‫حرفا جافا مقروءا قد ال يتناسق مع مفردات العمل‪ ،‬إذ حاولت أن‬ ‫أجعله متدفقا وجزءا من «الفوضى» الخالقة للعمل‪ ،‬ال ينفصل‬ ‫عن باقي المفردات الصباغية والبصرية‪ .‬باإلضافة إلى نقله‬ ‫إلى مستوى معاصر‪ ،‬حيث إن األعمال الفنية ال تسعى لتصوير‬ ‫أو نحت أو إنشاء الحرف كما هو في رسمه العربي أو الالتيني‬ ‫أو العبري‪ ،‬بل إنها تسعى إلى استخالص حركيته وروحه‬ ‫المفعمة بالحرية والخفة‪ .‬وكما أشتغل على جعل الحرف جزءا‬ ‫من االشتغال البصري سواء داخل البرفورمانس أو الفيديو آرت‬ ‫أو األنستاليشن‪ .‬فالحرف ليس عالمة كتابية فحسب‪ ،‬بل إنه‬ ‫صورة للغة أي إنه يحمل التاريخ البشري في طياته‪ ،‬تراثا وحاضرا‬ ‫ومستقبال‪.‬‬

‫ال يمكن الحديث عن الواقع التشكيلي في المغرب‬ ‫اليوم‪ ،‬دونما التوقف عند الدينامية الفنية التي تشهدها‬ ‫الساحة التشكيلية في هذا البلد العزيز‪ ،‬إذ منذ عقود‬ ‫قليلة عرف المغرب حركية كبرى ساهمت في تعزيز‬ ‫المشهد التشكيلي بدور عرض جديدة ومتاحف حداثية‬ ‫ومعاصرة ودور المزادات العلنية‪ ،‬ترفع من سقف‬ ‫االهتمام بالعمل التشكيلي المغربي في السوق المحلية‬ ‫والعربية وحتى العالمية‪ ،‬رغم حاجتنا إلى المزيد‪ .‬ما‬ ‫يعزز النظرة النقدية التي ترى بأن المسار التشكيلي‬ ‫في المغرب يتجه صوب فترات أفضل‪ ،‬ما يجعله منفتحا‬ ‫على أفق مختلف متسم بالروح المعاصرة واالشتغال‬ ‫المتحمس لفنانين من أجيال مختلفة وصوال إلى جيل‬ ‫الحساسية الجديدة واأللفية الثالثة خاصة‪ ،‬الذين‬ ‫يسعون إلى إضفاء صبغة ما بعد حداثية على المنجز‬ ‫التشكيلي في هذا الوطن‪ .‬وذلك بالرجوع إلى اإلرث‬ ‫الجمالي واالعتماد على آخر مستجدات الفن‪ .‬ما يغني‬ ‫الساحة أكثر ويجعل التجارب الجديدة والقديمة تتالقح‪،‬‬ ‫األمر الذي يغني المشهد بأعمال ال تتوقف عند حدود‬ ‫بصرية وتشكيلية محددة‪ .‬هذا باإلضافة إلى الجرأة على‬ ‫مستوى المواضيع سواء السياسية واالجتماعية والدينية‬ ‫والجسدية‪ .‬بالتالي فالتشكيل المغربي يسير نحو آفاق‬ ‫مفتوحة على التجديد المستمر وكسر كل الطابوهات‬ ‫الفنية‪ ،‬ما يسمح له بأن يكون في المصاف العالمية‪.‬‬

‫• مهرجانات التشكيل في المغرب‪:‬‬ ‫بحكم اشتغالي المسبق في إدارة التظاهرات الفنية‪ ،‬يمكنني‬ ‫أن أقول بأن المغرب يعرف تعددا ملحوظا ومهما في عدد‬ ‫المهرجانات التشكيلية‪ ،‬وهذا بالنسبة لي أمر إيجابي إلى الغاية‪.‬‬ ‫هذه المهرجانات تسعى إلى تقريب األعمال الفنية من الجمهور‬ ‫الواسع الذي ال تتاح له إمكانية زيارة دور العرض‪ ،‬التي تظل‬ ‫نخبوية‪ .‬وكما تسعى إلى ربط أواصر التقارب بين الفنانين من‬ ‫مختلف األجيال والممارسات والتيارات وحتى البلدان‪ .‬قد ال يمكننا‬ ‫أن ننكر وجود عدد البأس به من الملتقيات التي تحمل فقط‬ ‫صفة «مهرجان تشكيلي» بال أي رؤية واستراتيجية‪ ،‬لكن هذا ال‬ ‫يمنعنا أبدا من أن نثمن مجهودات جمعيات معينة تشتغل منذ‬ ‫سنوات عدة وبال انقطاع وبرؤية واضحة‪ ،‬على إدارة مهرجانات‬ ‫تعنى بالفن التشكيلي‪ ،‬وتجعل الفنان يلتقي بالجمهور بشكل‬ ‫مباشر‪ ،‬وكذلك تجعل الفن يخرج إلى الشارع عبر تلك العروض‬ ‫الموسمية أو الدائمة‪ ،‬وأيضا فهناك مهرجانات قد تحولت إلى‬ ‫سامبوزيومات مختصة في ممارسة إبداعية محددة‪ ،‬كالنحت أو‬ ‫الصباغة أو األشرطة المرسومة أو الديزين مثال‪ .‬وهو ما يمنح‬ ‫الساحة الفنية المغربية روحا متجددة باستمرار وغنية بالمنجزات‬ ‫التي تتجدد باستمرار‪.‬‬

‫• التطلعات واآلفاق‪:‬‬

‫التقدم والتطور الفني في المغرب أمر حاصل وواقعي‪ ،‬إذ‬ ‫بمقارنة بسيطة بين الماضي واليوم‪ ،‬سنتمكن من إدراك اآلفاق‬ ‫التي انفتحت في وجه النشاط التشكيلي المغربي‪ ،‬ساهم فيها‬ ‫فنانون من مختلف األجيال ومقتنيون وجماع ودور المزادات‬ ‫العلنية والمؤسسات الوطنية والخاصة ودور عرض ومسؤولون‬ ‫مَتْحَفِيُّون ونقاد وكتاب صحافيون وباحثون فنيون‪ ...‬ومع‬ ‫تطور الممارسة وتطور السوق والكتابة والعرض‪ ،‬باتت التطلعات‬ ‫أكثر انفتاحا على آفاق المتناهية‪ ،‬تخدم الفن المغربي بكل تعدد‬ ‫مشاربه‪ .‬لهذا فنحن في حاجة ماسة إلى انشاء متاحف وطنية‬ ‫جديدة‪ ،‬على األقل في المدن الكبرى‪ ،‬الدار البيضاء نموذجا‪ ،‬إذ ال‬ ‫يمكن في مدينة كهذه تعبر قاطرة لالقتصاد والتنمية أال يكون‬ ‫فيها متحف وطني يُعنى بالفنون‪ .‬كما يجب تعزيز الدراسة‬ ‫الفنية بكل تخصصاتها التسويقية والنقدية والتطبيقية في‬ ‫الجامعات والمعاهد الفنية التي يتم انشاءها مؤخرا من قبل وزارة‬ ‫الثقافة مشكورة‪.‬‬

‫• كلمة أخيرة‪:‬‬

‫ال يمكن أن أختم دونما أن أقدم تحية كبرى لكل الفاعلين‬ ‫الجادين في الحقل التشكيلي المغربي‪ ،‬لجهودهم الجادة‬ ‫لتحسين الممارسة الواقعية للفن في المغرب‪ ،‬ولكل الفنانين‬ ‫الذين تحركهم الغيرة في تطوير الفعل البصري والفني في هذا‬ ‫الوطن العزيز‪ .‬وتحياتي لكم ولمنبركم‪.‬‬ ‫توقيع‪ :‬رشيد باخوز‬

‫بقلم‪ :‬محمد ال�شاوي(*)‬ ‫غني عن البيان القول بأنه من الضروري التسلح بفلسفة التأويل‪،‬‬ ‫لفهم المعاني التشكيلية للفن المعاصر‪ .‬فالقراءة النقدية المتعارف عليها‬ ‫أبجديا وتقنيا‪ ،‬ظلت جوفاء المعنى‪ ،‬تحذو حذو النعل بالنعل‪ .‬حيث تركن‬ ‫إلى عملية الوصف في بعده التحليلي‪ ،‬متناسية جوهر التفكير النقدي‪ ،‬أال‬ ‫وهو التأويل‪.‬‬ ‫‪ ‬بتعبير آخر‪ ،‬فهي تتواجد داخل نسق دائري‪ ،‬ما فتئ يتكرر بين الفينة‬ ‫واألخرى‪ .‬ال سيما إذا نظرنا إلى مختلف التحوالت التي شهدها هذا الفن‬ ‫في صيغته الراهنة‪ .‬‬ ‫وفي فلسفة التأويل‪ ،‬ال بد أن يتوفر الناقد الفني على أفق تفكير‬ ‫يساهم به في الخروج من المعنى المجازي إلى المعنى الواقعي المضمر‪.‬‬ ‫وذلك باالنفتاح على مجاالت وحقول علمية متخصصة‪ .‬فمن مراميها أنها‬ ‫تساهم في رفع صعوبات التحليل الجمالي لألعمال الفنية‪ ،‬بطرحها أبعادا‬ ‫جمالية شاسعة المجال‪ ،‬من شأنها أن تنقلنا إلى مستويات جديدة تخدم‬ ‫غرض التلقي‪ .‬فالهدف ها هنا هو الخروج بالتأويل نحو غايته الحوارية‪،‬‬ ‫وهي غاية تبتغي الوصول إلى الفهم‪ .‬إذ تروم خلق نقاش بين العمل‬ ‫الفني وكيفية تلقيه‪.‬‬ ‫نؤَوِّل عم ً‬ ‫ُ‬ ‫ال فنياً؟‬ ‫لكن كيف‬ ‫وأي طريق يمكن اتباعه في عملية التأويل؟‬ ‫إن عملية تأويل األعمال الفنية تتطلب عدة مستويات في الفهم‬ ‫والتحليل والمناقشة‪ .‬فكان الفهم هو أول مؤشر داللي على استيعاب كنه‬ ‫العمل الفني وجوهره‪ ،‬وذلك عن طريق وضعه في سياقه الجمالي بالنظر‬ ‫إلى المادة المُشتغل عليها‪ ،‬من حيث الشكل والمضمون واألبعاد الثاوية‬ ‫خلف فكرة العمل‪ .‬‬ ‫أما التحليل‪ ،‬فيمكن مقاربته من خالل محاولة الناقد الكشف عن‬ ‫مستويات القضايا والموضوعات التي يستند إليها العمل الفني بمرجعية‬ ‫أسلوب الفنان‪ ،‬ووضعه ضمن تيار من تيارات الفن المعاصر ‪ -‬مع إمكانية‬ ‫الجمع بين أكثر من تيار‪ -‬فضال عن استحضار تداخل التيارات داخل نفس‬ ‫العمل‪/‬المنجز‪ .‬فاألعمال التجهيزية ‪ Installations‬على سبيل المثال‪،‬‬ ‫تتطلب أنماطا متعددة للفضاء المكاني ودالالته‪ ،‬األحجام وهندستها‪،‬‬ ‫الظل والضوء‪ ،‬القضية المضمرة التي تقتضي من المتلقي البحث عنها‪،‬‬ ‫طريقة العرض وأبعادها الهندسية المنظورية‪ ،‬المجال اإلدراكي‪ ،‬الكل‬ ‫والجزء‪ ،‬الزمان الفني‪ ،‬رقمية الصورة وأبعادها االفتراضية‪ ،‬المستويات‬ ‫الداللية لمراحل العمل‪ :‬البداية‪ ،‬الوسط‪ ،‬النهاية‪...‬‬ ‫بينما المناقشة‪ ،‬فتعني محاورة العمل الفني عن طريق التأويله فهميا‪.‬‬ ‫وهو تأويل يروم وضع فهم ممكن لحقيقة الفكرة التي يطرحها العمل‪،‬‬ ‫من خالل بحث الناقد عن إمكانيات محتملة للتفسير‪ .‬وهذا ما قلنا عنه بأنه‬ ‫خروج من المعنى المجازي إلى المعنى الحقيقي المضمر الذي يستنبطه‬ ‫الناقد‪ .‬ويمكنه فيما بعد أن يتوسل اإلستقراء في عمليتي المقارنة‬ ‫والتركيب‪ ،‬قصد الخروج بالتفسير نحو مراميه وأهدافه‪ .‬وهنا يستعير‬ ‫الناقد مقاربات من علوم ومعارف متخصصة‪ :‬الفلسفة‪ ،‬علم النفس‪ ،‬علم‬ ‫اإلجتماع‪ ،‬الهندسة‪ ،‬الرياضيات‪ ،‬علم الجمال‪ ،‬األنثروبولوجيا‪ ،‬العلوم‬ ‫المعرفية‪ ،‬اللسانيات‪ ،‬التداوليات‪ ،‬التاريخ‪ ...‬والهدف من هذه المقاربات‬ ‫هو وضع أسس نقدية وعلمية للمعرفة التشكيلية والبصرية المؤطرة‬ ‫للكتابة النقدية‪ .‬فإذا كان مجال الفنون التشكيلية والبصرية يندرج ضمن‬ ‫الخطاب المحتمل أو الشبيه بالحقيقة (‪ ،)Le vrai semlable‬فإنه حسب‬ ‫هذا المعنى يحيلنا إلى عدة أوجه للنظر والتحليل الجماليين‪ ،‬بحسب جدارة‬ ‫الناقد وكفاءاته البحثية والمنهجية‪ .‬‬ ‫وعلى هذا األساس‪ ،‬فإن الفن المعاصر‪ ‬يبدو ناقصا للمضمون‬ ‫التأويلي‪ ،‬إذا ما تأملنا أشكاله التعبيرية‪ .‬سواء تعلق األمر ب‪ :‬اللوحة‬ ‫بمفهومها الجديد‪ ،‬التركيبات النحتية‪ ،‬األحجام والتجهيزات‪ ،‬الفيديو‬ ‫آر‪ ،‬فن األداء‪ ،‬الصباغة الديجيتالية‪ ...‬إنها أشكال غير مكتملة‪ ،‬والتأويل‬ ‫هو وحده الكفيل بملء وتدارك كل الصعوبات التي من الممكن أن‬ ‫ترتبط بالتلقي‪ ،‬دون إغفال لعمليات الفهم والتحليل والمناقشة‪ ...‬أي‬ ‫تلك العمليات التي تستند إليها وظيفة الناقد الفني ومهامه‪ .‬إنها مهام‬ ‫يساهم بها في تذليل عوائق التلقي‪ ،‬عندما يروم رفع كل مستغلق يعمل‬ ‫على تفسيره بمرجعية تسهيل الفهم وتقريب الرؤية‪ .‬وإذا ما وُجد شيء‬ ‫ناقص قد يصيب العمل الفني‪ّ ،‬‬ ‫فإن الناقد يقوم‪ ‬بإتمامه لكي تكتمل‬ ‫صورته‪ ،‬طارحا ماينبغي أن يكون عليه العمل في صورته الممكنة‪ .‬أما إذا‬ ‫اختلط األمر على المتلقي ولم يستطع التوصل إلى الفهم السليم‪ ،‬فإن‬ ‫الناقد يجب عليه أن يرتب له كل مُختلط‪ ،‬وأن يختصر كل طول أو إطناب‪،‬‬ ‫دون اإلخالل بالمضامين واألبعاد الجمالية للعمل الفني‪ .‬وفي النهاية‬ ‫يتوصل المتلقي إلى تركيب على شكل خالصة تجميعية لمراحل التأويل‬ ‫التي اتبعها الناقد‪ .‬‬

‫______________‬

‫(*) فنان تشكيلي مغربي وباحث في النقد الفلسفي للفن‪.‬‬


‫‪6‬‬

‫الثالثـاء ‪� 10‬إلى ‪� 16‬شتنرب ‪2019‬‬

‫العدد ‪1010‬‬

‫مجتمع ـ سياسة ـ حقوق‬ ‫فكري ولد علي‬

‫(مراسل من الحسيمة)‬

‫عائشة الخطابي تتمنى نقل جثمان والدة والدها‬ ‫من أسفي إلى الحسيمة‬ ‫كشفت عائشة الخطابي نجلة محمد بن عبد الكريم الخطابي‪ ،‬أنها تتمنى نقل رفات جدتها من‬ ‫أبيها من ضريح سيدي بوزيد في آسفي إلى مدينة الحسيمة لدفنها هناك‪.‬‬ ‫وقالت عائشة في تصريح لجريدة اخبار اليوم‪« :‬عندمَا كانت األسرة في مصر رفقة محمد بن‬ ‫عبدالكريم الخطابي لم يسبق لنا زيارة المغرب‪ ،‬وتركنا وراءنا جثمان جدتي مدفونا بمدينة آسفي‪ ،‬إذ‬ ‫جاءت عملية دفنها على خالف رغبة العائلة‪ ،‬إذ لو كان لدينا آنذاك اختيار لدفنت بمدينة الحسيمة»‪.‬‬ ‫وأضافت‪« :‬ما أعرفه عن قبر والدة عبد الكريم الخطابي‪ ،‬هو أنه موجود بمدينة آسفي بضريح‬ ‫«سيدي بوزيد» وقمتُ بزيارته مرة واحدة طيلة حياتي»‪ ،‬واشارت انه عندما تُوفيت جدتها في منفاها‬ ‫بجزيرة “الرينيون” سنة ‪ 1931‬ودفنت هناك‪ .‬وفي سنة ‪ 1947‬غادرت العائلة الجزيرة بعد الترخيص لها‬ ‫باالستقرار في جنوب فرنسا‪ ،‬وفي طريقها أجبر الخطابي السلطات الفرنسية على نقل رفات والدته معه‪.‬‬ ‫وعن قصة دفن جثمان والدة الخطابي في آسفي تقول ابنته إنه خالل توقف الباخرة التي كانت تقل‬ ‫العائلة بميناء بورسعيد‪ ،‬وجدنا سيارات في انتظارنا‪ ،‬ولم نحمل معنا إال حقائب اليد‪ ،‬تاركين كل األمتعة‬ ‫في الباخرة‪ ،‬لكن الفرنسيين سيرسلونها لنا الحقا‪ .‬نعش جدتي من أبي بقي‪ ،‬كذلك‪ ،‬على متن الباخرة‪،‬‬ ‫وقد أرسله لنا الفرنسيون هو اآلخر ليوارى الثرى في مدينة آسفي‪.‬‬

‫ماذا أعدت المديرية اإلقليمية للتعليم بوزان لتوفير خدمة‬ ‫اإلطعام المدرسي بعد تعليقها لمدة سنتين؟‬ ‫وزان‪ :‬مراسلة خاصة‬

‫‪ ‬من بين اآلليات التي سارعت وزارة التربية‬ ‫الوطنية إلى تنزيلها تفاعال مع التوجيهات‬ ‫الملكية الخاصة بضمان الحق في التعليم‬ ‫األساسي النافع لجميع أطفال المغرب‪ ،‬ومن‬ ‫أجل محاصرة آفة الهدر المدرسي التي تضرب‬ ‫المدرسة العمومية في معصمها‪ ،‬وبحثا عن‬ ‫األسمنت الجيد النوع لتقعيد مبدأ تكافؤ الفرص‬ ‫بين تالميذ العالمين القروي والحضري ‪ ‬اهتــدت‬ ‫الوزارة الوصية آلليـة خدمـة اإلطعام المدرسي‬ ‫الذي تم االلتزام بتجويد خدماته‪ ،‬وتوسيع‬ ‫وعائه‪ ،‬في برنامج العمل الذي قدم عناوينه‬ ‫الكبرى وزير التربية الوطنية تحت أنظار الملك‬ ‫محمد السادس وذلك يوم ‪ 17‬شتنبر ‪ .2018‬‬ ‫اإلنطالقة الرسمية للبرنامــج المذكـور‬ ‫اختزله شعار «تجويد خدمات االطعام المدرسي‬ ‫رافعة لدعم التمدرس ومحاربة الهدر المدرسي»‬ ‫الذي أطر االجتماع الذي ترأس أشغاله وزير‬ ‫التربية الوطنية يوم ‪ 19‬يونيه بمراكش‪.‬‬ ‫‪ ‬المـــادة الثـــالثــة من الباب الثـــاني‬ ‫الخـــاص بإجــراءات إعداد وانطالق الموسم‬ ‫المدرسي‪ ،‬كـما هي مدبجة في مقرر وزير‬ ‫التربية الوطنية بشأن تنظيم السنة الدراسية‬ ‫‪ 2020/2019‬تـــدعــو إلى «ضمان انطــالق‬ ‫اإلطعـــام المدرسي‪ ......‬على جميع التلميــذات‬ ‫والتالميــــذ المستهدفيـــن يوم الدخـــول‬ ‫المدرسي‪.»....‬‬ ‫وألن المناسبـة شـرط ونحن على أبواب‬ ‫الدخول المدرسي‪ ،‬أشار ‪ ‬مصدر تربوي بأن‬ ‫المديرية اإلقليمية للتعليم بوزان اتخذت جملة‬ ‫من اإلجراءات للتغلب على إكراهات شتى‪ ،‬من‬ ‫أجل ضمان نجاح الدخول المدرسي الحالي‪ .‬وفي‬ ‫هذا السياق يتسائل أمهات وآباء المتمدرسات‬ ‫والمتمدرسين بالمدرسة االبتدائية بالعالم‬ ‫القروي عن مصير خدمة اإلطعام المدرسي‬

‫عمدة بلدية الحسيمة الدكتور بودرا‬ ‫يحل ببوليفيا لحشد الدعم لرئاسة أكبر‬ ‫منظمة دولية للجماعات المحلية‬

‫في إطار اللقاءات التي يعقدها الدكتور‬ ‫محمد بودرا رئيس بلدية الحسيمة رئيس‬ ‫جمعية رؤساء مجالس الجماعات بالمغرب‪ ،‬عقد‬ ‫الدكتور محمد بودرا بداية هذا األسبوع‪ ،‬لقاء‬ ‫مع عمدة مدينة “الباس” ‪ la Paz‬البوليفية‪،‬‬ ‫ومجموعة من أعضاء قارة امريكا الالتينية‪.‬‬ ‫من أجل حشد الدعم لرئاسة المنظمة الدولية‬

‫للمدن والجهات‪. CGLU-MONDE‬‬ ‫هذا وسيواجه الدكتور مجمد بودرا مرشح‬ ‫فيدرالية روسيا السيد “إلسور ميتشين”‪ ،‬خالل‬ ‫انتخابات رئاسة هذه المنظمة التي سيعرفها‬ ‫مؤتمرها الذي سينعقد ما بين ‪ 11‬و ‪ 15‬نونبر‬ ‫من السنة الجارية في مدينة دوربان بجنوب‬ ‫افريقيا‪.‬‬

‫السياحة الداخلية بالمغرب‪..‬‬

‫لماذا فشلت ومن المسؤول ؟‬ ‫التي تم تعليقها طيلة الموسمين الدراسيين‬ ‫الماضيين‪.‬‬ ‫‪ ‬حرمـان أزيـد من ‪ 20000‬تلميـذة‬ ‫وتلميذ بدار الضمانــة الكبرى من الحق في‬ ‫االستفادة من اإلطعام المدرسي ولمدة سنتين‬ ‫متتاليتين‪ ،‬في تزامن مع جرعات المقاربة‬ ‫االجتماعية التي دعت أعلى سلطة في البالد‬ ‫إلى حقنها في شرايين المدرسة العمومية‬ ‫لتحقيق شعار من أجل مدرسة ‪ ‬مواطنة ودامجة‬ ‫فعال‪ ( ،‬حرمان ) لم يجد له كل من تناهت إلى‬ ‫علمه هذه المعلومة الشاحبة‪ ،‬ذرة من التفسير‬ ‫المقنع‪ ،‬خصوصا وأن باقي المديريات اإلقليمية‬ ‫للتعليم بأكاديمية طنجة تطوان الحسيمة‪ ،‬وكذا‬ ‫بباقي األكاديميات الجهوية للتربية والتكوين‬ ‫على امتداد تراب المملكة لم تعطل بها هذه‬ ‫الخدمة‪.‬‬ ‫انفراد المديرية اإلقليمية لوزارة التربية‬ ‫الوطنية بوزان بتعليقها لخدمة اإلطعام‬ ‫بالمدرسة االبتدائية بالعالم القروي‪ ،‬ومهما‬ ‫كانت التفسيرات والتبريرات التي قد يحاول‬ ‫البعض تقديمها للتنصل من مسؤولية ما‬ ‫حــدث‪ ،‬يسائـل بالدرجـة األولى‪ ،‬األكاديمية‬

‫الجهوية طنجة تطوان الحسيمــة‪ ،‬بحكـم‬ ‫االختصاصات الواسعة التي منحها القانون‬ ‫لألكاديميات‪ ،‬كما يسائل وبقوة القانون اإلدارة‬ ‫الترابية اإلقليمية في نسختيها خالل الفترة‬ ‫الزمنية المشار إليها؟ المثير في هذا الموضوع‬ ‫كذلك يشدد أكثر من مصدر‪ ،‬هو عدم «تسوق»‬ ‫المكتب اإلقليمي للفدرالية الوطنية ألمهات‬ ‫وآباء التالميذ‪ ،‬حرمان تلميذات وتالميذ يعدون‬ ‫باآلالف من خدمة اجتماعية ترقى إلى مستوى‬ ‫حق من الحقوق التي يقر به الدستور يضمنه‬ ‫(تكافؤ الفرص ) ‪.‬‬ ‫‪ ‬وفي انتظـار أن يجاــب أمــام الجهــات‬ ‫المختصة عن السبــــب الحقيقي الذي عطل‬ ‫خدمة اإلطعام بالمدرسة االبتدائية بإقليم وزان‬ ‫لموسميين دراسيين متتاليين‪ ،‬مع ما يترتب‬ ‫عن ذلك من جزاءات‪ ،‬فإن المديرية اإلقليمية‬ ‫للتربية الوطنية مطالبة وبشكل مستعجل بفتح‬ ‫أبواب المطاعم المدرسية في وجه التلميذات‬ ‫والتالميذ المستهدفين‪ ،‬والحرص على أن تطبع‬ ‫الخدمة االجتماعية المذكورة لمسة الجودة‪،‬‬ ‫وأن تقدم في شروط تحفظ كرامة التلميذات‬ ‫والتالميذ ‪.‬‬

‫إيقاف متهمين بالسرقة بالحسيمة على إثر شكاية تقدمت‬ ‫بها سيدة تقطن بطنجة‬

‫أحالــت عناصـر الدرك الملكي التابعـــة‬ ‫لسرية تارجيست بإقليم الحسيمة أخيرا على‬ ‫أنظار الوكيل العام للملك باستئنافية المدينة‬ ‫ثالثة أشخاص متهمين بتكوين عصابة‬ ‫إجرامية والسرقة الموصوفة باستعمال ناقلة‪.‬‬ ‫وجاء إيقاف المتهم الرئيسي بعد شكاية كانت‬ ‫تقدمت بها سيدة تقطن بمدينة طنجة وكانت‬ ‫تقوم بزيارة بمناسبة عيد األضحى لعائلتها‬ ‫بدوار «إغوجدارن» التابعة لجماعة عبد الغاية‬ ‫السواحل‪ ،‬تتهم فيها المعني باألمر بالسطو‬ ‫على مبلغ مالي قدر ب ‪ 3000‬درهم كان بداخل‬ ‫حقيبة يدوية صغيرة بالمنزل الذي كانت توجد‬ ‫فيه بالدوار ذاته‪ .‬وأكدت المعنية باألمر بعد‬ ‫االستماع إليها من قبل الضابطة القضائية‬ ‫أن المتهم استغل وجود عائلة المشتكية في‬ ‫الطابق السفلي للمنزل‪ ،‬فتسلل إلى الطابق‬ ‫العلوي متسلقا أحد األسوار وتمكن من سرقة‬

‫‪Fikri.press@gmail.com‬‬ ‫‪Tél 0661986707‬‬

‫المبلغ سالف الذكر‪ ،‬مضيفة أنها طلبت من‬ ‫المتهم الذي تعرفه باعتباره ابن الدوار إرجاع‬ ‫المسروق‪ ،‬نفى أن يكون هو من سرقه‪،‬‬ ‫فاضطرت إلى تقديم شكاية في الموضوع‪.‬‬ ‫وعند االستماع للمتهم نفى المنسوب إليه‬

‫جملة وتفصيال‪ ،‬معترفا بأنه كان قضى عقوبة‬ ‫حبسية مدتها سبعة أشهر بسبب شكاية لوالد‬ ‫المشتكية‪ ،‬وأنه اقترف سرقتين رفقة المتهمين‬ ‫اآلخرين وأنهم كانوا يبيعون المسروق ألحد‬ ‫األشخاص بالمنطقة ذاتها‪.‬‬

‫سياحيا‪ ..‬هل تستطيع وزارة‬ ‫وقد عرفت مدن الشمال‬ ‫السياحة أن تنافــس األسعــار‬ ‫المغربي (طنجة‪ ،‬تطوان‪ ،‬أصيلة‪،‬‬ ‫الخارجية كما يحدث في تركيا‬ ‫مرتيل‪ ،‬الفنيــدق‪ ،‬المضيــق‪،‬‬ ‫أو إسبانيا مثـال ؟ فالمواطن‬ ‫الحسيمة‪ )..‬خالل هذه الفترة‬ ‫من السنة إقبا ًال كبيــراً ومعه‬ ‫يقول ّ‬ ‫بأن ثالث ليال في تركيا‬ ‫اكتظــاظ خانــق بسبب أعداد‬ ‫أو فـي إسبانيــا تعـادل ليلـة‬ ‫زوارها‪ ..‬إذ يفضل العديد من‬ ‫واحدة في الفنــادق المغربية‪،‬‬ ‫األسر المغربيــة السفـــر إلى‬ ‫عـــدا عن الغــالء الفاحـــش‬ ‫هــذه المـدن الساحليــة التي‬ ‫واإلستغالل من عدة أطراف‬ ‫تتميـز باعتــدال طقسها‪..‬‬ ‫• عبد المالك بوغابة‬ ‫في مناسبات كاألعياد التي‬ ‫في الوقت الذي تشهد فيـه‬ ‫رئيس المنتدى المتوسطي للسياحة‬ ‫باقي مدن المملكة ارتفاعاً بجهة طنجة ـ تطوان ـ الحسيمة تزامنت مع فصل الصيــف‪..‬‬ ‫في درجات الحرارة‪ ..‬وعدد‬ ‫وزارة السياحة ومعها هيئة‬ ‫الصيفية‬ ‫العطلة‬ ‫كبير من المغاربة أمضـوا‬ ‫تنشيط السياحة ســـوف تستمـــر في اجترار‬ ‫خارج البالد‪ ..‬وعلى وجه الخصوص في كل من‬ ‫تركيا وإسبانيا وفرنسا‪ ،...‬وذلك نظرا للعروض الفشل حول تسويق المغرب داخليا مالم يجري‬ ‫المنافسة في هذه اإلتجاهات والتي باتت البحث عن حلول جذرية‪ ..‬وغير ذلك فعلينا ّ‬ ‫أن‬ ‫مقصدا للمواطن المغربي‪ ..‬فتكشف معطيات نقرأ الفاتحة على سياحتنا الداخلية‪ ..‬خاصة مع‬ ‫إسبانية رسمية أن عدد السياح المغاربة الذين حلول صيف كل سنة‪ ..‬يتجدّدُ النقاش بالمغرب‬ ‫زاروها قارب مليوناً خالل السنة الماضية‪ ،‬حول واقع السياحة الداخلية وتتجدد االنتقادات‬ ‫وأنفقوا ما مجموعه حوالي ‪ 500‬مليون دوالر‪ ..‬الموجهة للقطاع‪ ..‬الذي يقابل فيه إقبال‬ ‫في حين ّ‬ ‫أن برنامج مخطط بالدي الذي روّجت‬ ‫له وزارة السياحة داخل المغرب واجه فشال المغاربة على السفر‪ ..‬استياءهم من مستوى‬ ‫ذريعا‪ ..‬وليست المرّة األولى التي تواجه فيها الخدمات السياحية المقدمة وارتفاع األسعار‬ ‫برامج الوزارة الفشل حين تسويق المغرب داخل بلدهم‪...‬‬


‫‪7‬‬

‫الثالثـاء ‪� 10‬إلى ‪� 16‬شتنرب ‪2019‬‬

‫العدد ‪1010‬‬

‫مجتمع ـ سياسة ـ حقوق‬ ‫عبد العالي بن ربوحة‬

‫(مراسل من القصر الكبير)‬

‫جماعة القصر الكبير‪ ‬وبلدية الغوس البرتغالية‬ ‫تتدارس إقامة مشروع المركز المغربي البرتغالي‬ ‫لإلشعاع الثقافي‬

‫تثمينا لروح اتفاقية التوأمة التي تربط‬ ‫بلدية الغوس البرتغالية وجماعة القصر الكبير‬ ‫وفي أفق تفعيل بنودها التي تروم توطيد‬ ‫أواصر الصداقة والتعاون وتبادل الخبرات‬ ‫والتجارب في المجال الثقافي ‪ ،‬تم يوم الثالثاء‬ ‫‪ 27‬غشت ‪ 2019‬بمقـر الجماعة عقد لقــاء‬ ‫هــام ترأســه السيد محمد السيمـو رئيس‬ ‫المجلــس الجماعــي بحضور عضوات وأعضاء‬ ‫المجلس ‪ ،‬وموظفي الجماعة وكل من األستاذ‬ ‫مؤرخ المدينة محمد أخريف واألستاذ رشيد‬ ‫الجلولي عن الجامعة للجميع والسيد عبد اهلل‬ ‫المنصوري عن هيئة المساواة وتكافؤ الفرص‬ ‫ومقاربة النوع والدكتور إدريس العسري عن‬ ‫جمعية مدينتي واألستاذ الباحث في علم اآلثار‬ ‫محمد سعيد المرتجي وممثلين عن المجتمع‬

‫المدني‪ ،‬كما تميز هذا االجتماع بحضور األستاذ‬ ‫المهندس البرتغالي فرديريكو باوال‪.‬‬ ‫و قد خصص هذا اللقاء لدراسة مشروع‬ ‫إحداث المركز المغربي البرتغالي لإلشعاع‬ ‫الثقافي ‪ ،‬وهو مشروع يندرج ضمن االعتناء‬ ‫بالموروث الحضاري المشترك الذي يجمع‬ ‫المدينتين تاريخيا‪ ،‬كما أن المشروع يحبل‬ ‫بحمولة تراثية وذاكرة مشتركة غنية بدالالت‬ ‫رمزية ال تزال شاهدة على حقبة ذلك الزمان‪.‬‬ ‫كما أن المشروع ينطلق من فكرة إعادة‬ ‫تأهيل منزل القايد ابراهيم السفياني ‪ ،‬وهو‬ ‫المنزل الذي احتضن جثمان الملك سبستيان‬ ‫بعد وفاته أثناء معركة القصر الكبير ‪ ،‬هذا‬ ‫المنزل سوف يتم تحويله إلى مركز إلشعاع‬ ‫ثقافي يختزن الذاكرة التاريخية للمعركة كما‬

‫سيضم قاعة للعرض ومكتبة ومقصف ومرافق‬ ‫ضرورية أخرى ‪.‬‬ ‫خالل هذا االجتماع تمت مناقشة الجوانب‬ ‫التقنية والفنية للمشروع وبحث السبل الكفيلة‬ ‫من أجل تنزيله‪ ‬و ضمان استمراريته ‪.‬‬ ‫كما قدم المهندس فرديريكو باوال عرضا‬ ‫موسعا بيَّن من خالله الجوانب الهندسية‬ ‫والتقنية للمشروع كما قدم الخطوط العريضة‬ ‫للتصور العام األولي لذات المشروع أمام‬ ‫الحاضرين وطرحه للمناقشة‪.‬‬ ‫و في الختام‪ ،‬تم القيام بزيارة ميدانية‬ ‫لموقع منزل القايد إبراهيم السفياني لمعاينة‬ ‫عن قرب مكان احتضان المشروع المرتقب‪.‬‬

‫تشييع جنازة‬ ‫العالمة الحاج أحمد العلمي القرقري (القرقوري)‬ ‫من أعالم قبيلة آل سريف والقصر الكبير‬ ‫شيعــت بعـد ظهـــر يوم‬ ‫الجمعة ‪22‬غشت ‪ 2019‬بالقصر‬ ‫الكبير جنازة المرحوم العالمــة‬ ‫الحـاج أحمــد العلمــي القرقري‬ ‫(القرقوري) أستاذ بثانوية المعهد‬ ‫األصيل ‪ ،‬إلى مثواه األخير حيث‬ ‫ووري جثمانـــه الثـــرى بمقبرة‬ ‫الرحمة بالقصرالكبير ‪.‬‬ ‫وجدير بالذكر أن الراحل‬ ‫العالمـــة أحمـــد القرقــري ولد‬ ‫بمدشر بير دوار في ‪ 17‬يوليوز‬ ‫‪ 1941‬وبها نشأ وترعرع ودرس‪،‬‬ ‫حيث حفـظ القران الكريم في‬ ‫سنوات طفولتـــه األولى على‬ ‫يد الفقيهيـــن أحمــد القرقري‬ ‫وعبدالسالم العلمـــي وتابـــع‬ ‫تعليمــه األولي بمدشره بير دوار‪،‬‬ ‫ولما حفظ القران الكريم انتقل‬ ‫لتلقي شرح الشيخ خليل على يد‬ ‫ابن عمه بمدشر عين أبي عامر‪،‬‬ ‫قبل أن يستكمل دراسته في‬ ‫المعهد األصيل بالقصر الكبير‬ ‫لينتقل بعد ذلك إلى كلية أصول الدين بتطوان حيت حصل على‬ ‫شهادة اإلجازة ‪.‬‬ ‫و ينتمي الفقيد إلى عائلة محافظة وعريقة من أعالم قبيلة آل‬ ‫سريف والقصر الكبير‪ ،‬مشهود لها بالورع والدين والعلم ‪،‬وكان‬ ‫داعية وعالما جليال وأستاذا مطلعا‪ ،‬وصرف عمره للدعوة واإلرشاد‬ ‫والمرحوم ابتدأ مشواره المهني ككاتب بالمحكة االبتدائية‬ ‫ليغادره بعد ذلك إلى مهنة التدريس حيت عين أستاذا بثانوية‬ ‫المعهد األصيل كما كان يدرس بمدرسة سيدي عبد الجليل‬

‫القصري الخاص للتعليم العتيق‬ ‫الكائنة بلالعائشة القجيرية‪،‬‬ ‫وكان إماما خطيبا بعدة مساجد‬ ‫بالمدينة‪ ،‬وارتبط اسم مسجد‬ ‫بوربيع ومسجد الوهراني ارتباطا‬ ‫علميا وثيقا بالمرحوم ‪،‬حيث‬ ‫كانت تنظم خالل شهر رمضان‬ ‫المبارك ومنذ أزيد من عشرين‬ ‫سنة‪ ،‬جلسات للوعظ واإلرشاد‬ ‫والتوعية الدينية يجمع فيها‬ ‫المصلون وطلبة العلم والمعرفة‬ ‫حول العالمـــة أحمد القرقري‬ ‫(القرقوري) لبالغتـــه وبساطــــة‬ ‫حديثه الذي كان يتلقاه المتلقي‬ ‫من جميع المستويات‪.‬‬ ‫وقـــد حالفنــي الحـظ حيث‬ ‫تثلـــمـــذت على يديه خــــالل‬ ‫الموسم الدراسي ‪/1995/1994‬‬ ‫‪1996‬وكان محافظا على لباسه‬ ‫المغربي األصيل (جلباب وقبعة)‪،‬‬ ‫لم تفارق رأسه أبدا‪ ،‬وكان يرى‬ ‫فيها رمز األصالة والجذور‪ ،‬ومن‬ ‫أمتع الحصص إلى نفوسنا التي‬ ‫كنا نتطلع إليها بشوق حصة الحديث وكنا نتمنى لو طالت حيث‬ ‫كان رحمة اهلل يملك حسا تربويا متفردا يزود عقولنا بمختلف أنواع‬ ‫المعارف‪ ،‬ويمزج ذلك بحكايات وقصص طريفة ومستملحات‪ ،‬وال‬ ‫أذكر أبدا انه تخلف عن موعد درس‪ ،‬ومن مميزات استأذنا الجليل‬ ‫رحمة اهلل عليه روح المفاكهة ومن الالفت لالنتباه انه وهو الفقيه‬ ‫الورع المتمكن من علوم الشريعة والحامل لكتاب اهلل كان صاحب‬ ‫خيال خالق‪ ،‬رحم اهلل الفقيد واسكنه فسيح جناته وإنا هلل وإنا إليه‬ ‫راجعون‪.‬‬

‫‪benrebouha01@gmail.com‬‬ ‫‪Tél : 0641794991‬‬

‫حجز وإتالف كميات من المواد‬ ‫االستهالكية الفاسدة‬ ‫بالقصر الكبير‬

‫قامت مصالح المراقبة التابعة للمديرية‬ ‫اإلقليمية للمكتب الوطني للسالمة الصحية‬ ‫للمنتجات الغذائية ‪ ،‬بحجز وإتالف كميات من‬ ‫المواد الغذائية المنتهية صالحيتها وغير‬ ‫الصالحة لالستهالك بمدينة القصر الكبير يوم‬ ‫الثالثاء ‪27‬غشت ‪.2019‬‬ ‫وأسفرت عمليــات المراقبـة عن حجـــز‬ ‫وإتالف في المواد المحجوزة المتلفة والمتمثلة‬ ‫في «‪ 6‬علب زجاجية من مادة البن من فئة‬ ‫‪100‬غ»‪ ،‬و»‪ 4‬علب بالستيكية من مادة البن من‬ ‫فئة ‪200‬غ»‪ ،‬و»‪ 3‬علب زجاجية من مادة المتارد‬ ‫من فئة ‪100‬غ»‪ ،‬و«‪ 4‬علب من مادة الفالن‬ ‫من فئة ‪65‬غ للواحدة»‪ ،‬و«‪ 4‬علب من صلصة‬ ‫الطماطم من فئة ‪ 390‬غ»‪ ،‬و«علبة واحدة من‬ ‫مادة نيسكويك من فئة ‪180‬غ»‪ ،‬و«علبتين من‬ ‫مادة المادلين من فئة ‪150‬غ»‪ ،‬و«علبة من‬ ‫مادة البيسكوي من فئة ‪200‬غ»‪ ،‬و«‪ 13‬علبة من‬ ‫مادة الفالن من فئة ‪2.5‬غ»‪ ،‬و«علبة واحدة من‬ ‫التين المجفف من فئة ‪500‬ع»‪ ،‬و«علبة من مادة‬ ‫البيسكوي من فئة ‪425‬غ»‪ ،‬و«علبتين زجاجيتين‬ ‫من مادة كريم شكوال من فئة ‪700‬غ»‪.‬‬ ‫وفي إطار مراقبــة مـدى استجابة التجار‬ ‫الستعمال األكيـــاس الورقية بدل األكيــاس‬ ‫البالستيكية تطبيقا للقانــون رقم ‪77.15‬‬

‫المتعلق بمراقبة األكياس البالستيكية‪ ،‬تم‬ ‫تسجيل مخالفة واحدة في هذا الشأن‪.‬‬ ‫وقامت اللجنة ذاتها‪ ،‬خالل جولتها‪ ،‬بزيارة‬ ‫محل لبيع الدجاج يقع بحي الجزارين القديم‪،‬‬ ‫حيث تم إنذار صاحبه شفويا من طرف ممثل‬ ‫المصلحة البيطرة التابعة للمكتب الوطني‬ ‫للسالمة الصحية للمنتجات الغذائية‪ ،‬بسبب‬ ‫عدم توفر المحــــل على الشروط الصحيـــة‬ ‫والوقائية المعمول بها في هذا المجال‪ ،‬كما‬ ‫تم تحرير محضر مخالفة الجودة في حق شركة‬ ‫موجودة بتطوان‪ ،‬من طرف ممثل مصلحة‬ ‫مراقبة المنتجات النباتية أو ذات أصل نباتي‬ ‫التابع للمكتب الوطني للسالمة الصحية‪.‬‬ ‫هذا وقد كانت لجنة المراقبــة مكونـــة‬ ‫من ممثلين عن «قسم الشؤون االقتصادية‬ ‫والتنسيق بالعمالــة‪ ،‬و «القسم االقتصادي‬ ‫واالجتماعي بالدائرة الحضريــة المرينـــة»‪،‬‬ ‫و»المكتب الوطني للسالمة الصحية للمنتجات‬ ‫الغذائية مصلحة مراقبة المنتجات الحيوانية‬ ‫وذات أصـل حيوانــي»‪ ،‬و «المكتــب الوطني‬ ‫للسالمة الصحية للمنتجات الغذائية مصلحة‬ ‫مراقبة المنتجات النباتية وذات أصل نباتي»‪،‬‬ ‫و«المكتب الصحي الجماعي»‬

‫جمعية “باب البحر” تنظم الدورة‬ ‫السادسة لمهرجان “التاكرة”‬

‫تحت شعار (ترسيـــخ وامتــداد للهوية)‬ ‫نظمت جمعية “باب البحر” بمدينة العرائش‪،‬‬ ‫الدورة السادسة لمهرجان “التاكرة”‪ .‬بمشاركة‬ ‫جمعيات وهيآت مدنية وسياسية‪ ،‬يوم ‪25‬‬ ‫و‪26‬غشت الجاري بساحة بوكار‪.‬‬ ‫ويعتبر مهرجان تاكرة الذي تنظمه جمعية‬ ‫باب البحر بالعرائش أحد أهم المهرجانات‬ ‫بالمدينة لما له من شعبية وقبول لدى مختلف‬ ‫شرائح المجتمع بالمدينة‪ ،‬كما أنه يحتفي بالتراث‬ ‫الثقافي واالجتماعي للمدينة الملخص في أكلة‬ ‫مميزة للمطبخ العرائشي‪ ،‬وكذا التعريف بالتراث‬ ‫الثقافي والحضاري المحلي‪.‬‬ ‫و من أجل التعــريــف بالثروة السمكية‬ ‫الغنية التي تتوفــر عليهـــا سواحل مدينة‬ ‫العرائش‪ ،‬وكــذا تثميــن التـراث الالمادي‬

‫والمعنوي الذي يميز مدينة العرائش‪ ،‬ومدن‬ ‫شمال المغرب عموما‬ ‫ويعتبر طاجين “التاكرة” خاصية شمالية‪،‬‬ ‫تميز المطبخ الشمالي عن باقي مناطق البالد‪،‬‬ ‫وتحضر فيه بشكل أساسي مختلـــف أنواع‬ ‫األسماك التي تزخر بها منطقة الشمال‪ .‬أما‬ ‫الفكرة الثانية فتنطوي على تشجيع الساكنة‬ ‫من أجل االهتمام بالتاكرة كموروث ثقافي وجب‬ ‫الحفاظ عليه من االندثار ‪.‬‬ ‫وأعلنت اللجنة المنظمة للمهرجان خالل‬ ‫الحفل الختامي عن المتوجين في الدورة‬ ‫السادسة حيت فازت عائلة كرمون بالمرتبة‬ ‫األولى تلتها في المرتبة الثانية عائلة الفاللي‬ ‫فيما حصلت جمعية أمل لمرضى داء السكري‬ ‫على المرتبة الثالثة‪.‬‬


‫‪8‬‬

‫الثالثـاء ‪� 10‬إلى ‪� 16‬شتنرب ‪2019‬‬

‫العدد ‪1010‬‬

‫تحديات الدخول المدرسي ‪2020-2019‬‬

‫بقلم ‪ :‬الدكتور‬

‫عبد الحق بخـات‬

‫لننسى ونبدأ من جديد‬

‫بسبب وجود مدرسة عمومية «متدهورة» ألزيد من ثالثة عقود‪ ،‬يواجه المغرب التحدي المتمثل‬ ‫في مراجعة نظام التعليم الوطني‪.‬‬ ‫فقد أضحى التعليم أولوية األولويات الوطنية‪ ،‬وعلى الرغم من بعض التقدم المحصل‪ ،‬يبقى‬ ‫أهم ما ينبغي االضضالع به هو تجويد مستوى المدرسة العمومية‪.‬‬ ‫اآلن‪ ،‬االعتراف بالفشل هو رسمي‪ ،‬والموضوع اتخذ أهمية قصوى بالنسبة لجميع األسر المغربية‬ ‫التي تتقاذفها الخيارات الصعبة والمكلفة ما بين المدرسة الخاصة أو العمومية؟ مدرسة مغربية أم‬ ‫أجنبية؟ العربية أو الفرنسية أو اإلنجليزية؟ التعليم العالي في المغرب أم خارجه؟‬ ‫قائمة األسئلة طويلة والمخاوف صعبة جداً‪.‬‬ ‫على مستوى النخب‪ ،‬وبين صفوف «األنتليجنسيا» المغربية‪ ،‬يُنظر إلى القضية على أنها شأن‬ ‫استراتيجي وأولوي‪ ،‬وعلى أن أي تسامح في الحسابات السياسية المدمرة سيشكل عقبة أمام‬ ‫التعاطي الجاد مع المصالح العامة للوطن‪.‬‬ ‫باختصار‪ ،‬فالوضع خطير!‬ ‫انطلقت الدروس الفعلية بالنسبة للسنة الدراسية ‪ 2020-2019‬في ‪ 5‬سبتمبر بالنسبة للمستويات‬ ‫الثالثة (االبتدائي واإلعدادي والثانوي)‪ ،‬وفي ‪ 9‬سبتمبر كان االنطالق بالنسبة للتعليم العالي‪.‬‬ ‫عشية العام الدراسي‪ ،‬أعطى السيد سعيد امزازي وزير التربية الوطنية والتكوين المهني‬ ‫يجب أن تبدأ التغييرات من مرحلة التعليم األولي كقاعدة تعليمية‬ ‫أساسية للجميع‪ ،‬وكمرحلة أساسية‪ ،‬والتي تعاني من ضعف كبير بسبب‬ ‫ضعف جهود الدولة المبذولة بخصوصها‪ .‬خالل السنة الدراسية‬ ‫‪ ،2018/2017‬وصل عدد األطفال قبل سن التمدرس إلى ‪ 699265‬طف ًال‬ ‫فقط ‪ ،‬منهم ‪ ٪ 37‬مسجلون في مؤسسات خصوصية‪ ،‬مما يشير مرة‬ ‫أخرى إلى عدم المساواة االجتماعية‪ ،‬ومن هنا كانت الحاجة إلى إصالحات‬ ‫جذرية على هذا المستوى‪ ،‬لضمان تكافؤ الفرص أما جميع المواطنين‪.‬‬ ‫بعدها يأتي السلك االبتدائي‪ ،‬وبشكل أساسي في ما يتعلق بتنفيذ‬ ‫النص المثير للجدل لقانون اإلطار رقم ‪ ،51.17‬والذي أصبح اآلن ساريا‬ ‫بشكل رسمي بعد نشره في العدد األخير من الجريدة الرسمية‪ ،‬وبعد أن‬ ‫أمضى ‪ 18‬شهرًا في التداول التشريعي‪.‬‬ ‫في هذا النص اإلطار‪ ،‬الذي لم يرق لكثيرين‪ ،‬والذي سلط الضوء‬ ‫على القيم الوطنية والعالمية وروح االنتماء إلى الوطن‪،‬‬ ‫نجد إرادة قوية لتعميم التعليم الجيد المنفتح على اللغات‬ ‫الرسمية واألجنبية‪.‬‬ ‫سيتــم تطبيـق التنـاوب اللغـوي على مادتيـن‪،‬‬ ‫الرياضيات و «النشاط العلمي»‪ ،‬المبرمجتين في العامين‬ ‫الخامس والسادس من التعليم االبتدائي‪.‬‬ ‫من بين المزايا األخرى‪ ،‬أن ذلك سيتيح للطالب‬ ‫االندماج على نحو سليم وبسهولة في سلك الدراسات‬ ‫العليـا‪ ،‬حيـث يتـم تدريس جميـع المـواد باللغــــات‬ ‫األجنبية‪.‬‬ ‫أما بالنسبة للتعليم العالي‪ ،‬حيث ستنطلق الدروس‬ ‫في ‪ 9‬سبتمبر‪ ،‬فمن المتوقع أن من بين ‪900،000‬‬ ‫تلميذا بمعدل نجاح قياسي في الباكالوريا هذا العام‪،‬‬ ‫اختار ‪ 254،000‬منهم التعليم العالي‪ ،‬فيما اختارت‬ ‫نسبــة تقارب الربع التكوين المهني‪.‬‬ ‫وبالتالي‪ ،‬فحين يستمر عدد الطالب في االرتفاع‪،‬‬ ‫فإن الموارد المعبأة بالكاد تتحرك‪ .‬من عام ‪ 2011‬إلى‬ ‫عام ‪ ،2018‬زاد التحاق الطالب بنسبة ‪ ،٪ 84‬بينما زادت‬ ‫الميزانيات المخصصة بنسبة ‪ ٪ 20‬فقط‪ ،‬والمدرسين‬ ‫بنسبة ‪ ،٪ 19‬والفضاءات التعليمية بنسبة ‪.٪ 39‬‬ ‫عموما‪ ٪ 40 ،‬يتركون دراستهم بعد ‪ 2‬أو ‪ 3‬سنوات‪،‬‬ ‫دون الحصول على أي دبلوم يذكر‪ .‬ومن بين أولئك‬ ‫الذين تمكنوا من الحصول على واحد‪ ،‬حوالي الربع منهم يجدون‬ ‫أنفسهم في العطالة‪ .‬ومع إصالح نظام البكالوريوس‪ ،‬المقرر في سبتمبر‬ ‫‪ ،2020‬تأمل السلطات العمومية رفع المستوى‪.‬‬ ‫والواقع‪ ،‬أن التغيير الكبير في البرامج يكمن في الهندسة التربوية‬ ‫الجديدة القائمة على نموذج «البكالوريوس» الذي سيحل محل شهادة‬ ‫اإلجازة‪.‬‬ ‫ً‬ ‫تستهدف صيغة الجودة هذه توافقا أفضل بين التكوين والتوظيف‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫وتمكن من مواجهة التحديات التكنولوجية والعمالة الذاتية‪.‬‬ ‫مع وضع ذلك في االعتبار‪ ،‬تم تصميم برنامج «البكالوريوس»‬ ‫لتعزيز قابلية توظيف الطالب‪ ،‬مع دمج جميع الوحدات لتطوير مهاراتهم‬ ‫اإلنسانية‪ ،‬وهي القيادة والتواصل واإليجابية واإلبداع والمبادرة‬ ‫والتكوين األساسي في تقنيات المعلوميات واالتصاالت‪.)ICT( .‬‬

‫والتعليم العالي والبحث العلمي إشارة االنطالق‪ ،‬داعيا إلى تعبئة جماعية لجعل العودة إلى المدارس‬ ‫والجامعات وومراكز التكوين المهني ‪ 2020-2019‬فرصة التخاذ تدابير ملموسة وفعالة في تجسيد‬ ‫التوجيهات الملكية العليا‪ ،‬واإلسراع في تنفيذ مقتضيات القانون اإلطار رقم ‪ 51.17‬بشأن نظام‬ ‫التعليم والتكوين والبحث العلمي‪.‬‬ ‫ماذا يقول القانون اإلطار من خالل جوهره؟‬ ‫إنه يدعو إلى محو ‪ 35‬عامًا من الرداءة وفشل نظام التعليم العمومي‪ ،‬من خالل العودة إلى‬ ‫نقطة الصفر‪ ،‬والبدء وفق أسس جديدة‪ ،‬ومن خالل القطع مع الماضي‪ ،‬وإشفاء المستقبل عبر إعادة‬ ‫تأهيل نظام قديم حقق نتائج ممتازة قبل هدمه من قبل االنتهازيين‪.‬‬ ‫ليس ضروريا أن نعود مرة أخرى إلى الحديث عن الحسابات السياسية الصغيرة التي أدت إلى‬ ‫الوضع الكارثي الحالي‪ ،‬فقد سبق أن تطرقنا إلى ذلك بإسهاب في كلماتنا السابقة‪.‬‬ ‫دعونا نركز بشكل خاص على المخارج اآلمنة المؤدية إلى الحلول الالزمة إلخراج نظام التعليم‬ ‫العمومي من الركود‪ ،‬ولمكافحة المحنة الكبيرة التي يتخبط فيها الطالب واألسرة والوطن بأكمله‪.‬‬ ‫يبقى السؤال هو ما الذي سيتغير «برغماتيا» خالل العام الدراسي الجديد ‪2020-2019‬‬ ‫والسنوات التي تليه؟‬

‫من ناحية أخرى‪ ،‬من بين االختالالت التي لوحظت‪ ،‬أن هناك على‬ ‫وجه الخصوص وجود هدر في السلك األول من التعليم العالي‪ ،‬وعدم‬ ‫اعتماد خطة رقمية مهيكلة تخصه‪.‬‬ ‫يتعلق األمر‪ ،‬بنظام توجيه فعال للطالب الذين يرغبون في االلتحاق‬ ‫بالجامعة‪ ،‬والتي توفر تدابير مصاحبة لتشجيع الطالب على اختيار‬ ‫التكوين المناسب لمهاراته وميوله‪.‬‬ ‫وعلى نفس المنوال‪ ،‬فإن األمر يتعلق بمراجعة هيكلة الجامعة التي‬ ‫تعاني من االكتظاظ‪ ،‬ومن نقص مزمن في األساتذة‪ ،‬وذلك لتكييف‬ ‫قدراتها في التكوين مع متطلبات سوق العمل‪ ،‬من خالل إنشاء وحدات‬ ‫وشعب جديدة تأخذ في االعتبار تطوير وظائف جديدة متعلقة بالسوق‪.‬‬ ‫في الوقت نفسه‪ ،‬ومن أجل تخفيف الضغط على الجامعات‪ ،‬يتم‬ ‫توجيه المزيد من الطالب نحو التكوين المهني‪ .‬وهذا من شأنه أن‬

‫يسمح لهم بمزيد من الفرص‪ ،‬وباالندماج بشكل أفضل في سوق العمل‪.‬‬ ‫الهدف هو الوصول إلى تسجيل ما يقرب من ‪ ٪ 40‬من الحاصلين‬ ‫على الباكالوريا في التكوين المهني بحلول عام ‪ ،2021‬بما في ذلك‬ ‫إرساء نظام التوجيه المبكر‪ .‬وسيكون من الضروري أيضا ضخ المزيد‬ ‫من إمكانيات االستقبال وتحسين جودة المحتوى‪ ،‬بالتعاون مع المحيط‬ ‫االقتصادي‪.‬‬ ‫ويتم فتح العديد من األوراش األخرى بالتوازي‪ ،‬كجزء من خارطة‬ ‫الطريق إلصالح التعليم العالي‪.‬‬ ‫يتعلق األمر بإعادة هيكلة البحث العلمي واستقالليته‪ ،‬وإصالح نظام‬ ‫الدكتوراه العقيم دائما‪ ،‬إذ أنه ال ينتج شيئا في نهاية المطاف‪ .‬هل قمنا‬ ‫بالفعل بتسجيل اختراع مغربي لصالح اإلنسانية؟ ال شيء! كل شيء‬ ‫نستورده من الغرب‪ ،‬من حبة األسبرين إلى قاطرة ‪.TGV‬‬

‫البحث‪ ،‬بطبيعة الحال‪ ،‬مصدر دائم للمعرفة‪ ،‬لكنه يصبح مزودا‬ ‫بشكل خاص للثروة‪ ،‬بفضل االبتكار‪.‬‬ ‫ومع ذلك‪ ،‬يجب االعتراف بأن طريقة التمويل تشكل عقبة كبيرة أمام‬ ‫اإلنتاج العلمي‪ .‬ال يؤدي البحث إلى االبتكار بما فيه الكفاية‪ ،‬وعالوة على‬ ‫ذلك هناك غياب ضار للغاية بوضع طالب الدكتوراه‪.‬‬ ‫نتيجة لذلك‪ ،‬يتخلى العديد من الطالب عن أبحاثهم‪ .‬واحد فقط من‬ ‫بين كل ‪ 10‬طالب يستطيع في النهاية مناقشة أطروحته في فترة تزيد‬ ‫عن ثالث سنوات‪.‬‬ ‫يتمثل الطموح إذن في تجميع الهياكل البحثية الصغيرة في مراكز‬ ‫كبيرة تمكن من تجميع الغالبية من الباحثين حول نفس الموضوع‪،‬‬ ‫وأيضًا بروح تجميع الموارد المختلفة‪.‬‬ ‫التحدي الكبير اآلخر للجامعات هو السعي‬ ‫لتحقيق الجودة والكفاءة والفعالية واالبتكار في قضايا‬ ‫التكنولوجيا‪.‬‬ ‫أخيرًا‪ ،‬لننطلــق من حقيقــة أن كل هــذه‬ ‫االستعدادات تلتقي في هدف واحـــد‪ ،‬هو قابلية‬ ‫التوظيف‪ .،‬فقد ثبت ‪ ،‬للمفارقة‪ ،‬أن الجامعة والمقاولة‬ ‫ال يتحدثان نفس اللغة‪.‬‬ ‫ومـع ذلك‪ ،‬فمن الواضح أن هناك استثنـاءات‬ ‫مشرقة للغاية من المدارس العمومية المغربية‬ ‫في الهندسة أو في التجارة‪ .‬خارج هذه المدارس‪ ،‬ال‬ ‫تزال مشكلة عدم التوافق بين تطلعات المقاوالت‬ ‫وإمدادات التعليم قائمة‪.‬‬ ‫عــادة ما يُطلب من الخريجين الجدد الذين‬ ‫يحظون بفرصة الحصول على عمل‪ ،‬أن يخضعوا‬ ‫لتكوين جديد‪ ،‬وإال فسيكونون مطالبين ببذل جهد‬ ‫اكبر للتأقلم مع «ملغزات» العمل‪ ،‬ولكي يصبحوا‬ ‫عمليينح ًقا‪.‬‬ ‫يكمن جوهــر المشكلة في حقيقة أن الشعب‬ ‫والمسالك ال تتماشى مع المهــن المطلوبة‪ ،‬وأن‬ ‫عرض الجامعــة ال يلبي تمامــا احتياجات بيئتها‬ ‫االقتصاديةواالجتماعية‪.‬‬ ‫باختصار‪ ،‬يمكن التسجيل‪ ،‬مع االرتياح النسبي‪ ،‬بأن ريـــاح التغيير‬ ‫قادمــة وبدرجة قوية وكافية‪ .‬بالتأكيد‪ ،‬بادرنا بشكل متأخر‪ ،‬لكن يبدو أن‬ ‫األمور قد اتخذت منعط ًفا جديدًا هذا العام‪.‬‬ ‫األمر يبعث على االرتياح كوننا نعلم أن التعليم في حالة اضطراب‪،‬‬ ‫وأنه فتحت من اجل ذلك العديد من األوراش على جميع المستويات‪،‬‬ ‫وبكل اإليقاعات السريعة‪.‬‬ ‫ال شك في أن هذا سيستغرق بعض الوقت‪ ،‬ألن الجامعة لديها‬ ‫مهمتان أساسيتان ‪ :‬التدريس مع مراعاة الطلب‪ ،‬والبحث المنتج‪.‬‬ ‫بكل تأكيد األمر ليس سهال‪ ،‬لكنه سينجح باالمتثال للنداء الملكي‬ ‫األخير الذي يطمح إلى تثمين الكفاءات‪ ،‬ووضع حد للزبونية المدمرة‪.‬‬ ‫هذا‪ ،‬من بين أشكال أخرى من األمراض التي شوهت‪ ،‬حتى اآلن‪،‬‬ ‫األداء الحكومي في المغرب‪ ،‬ويندرج ضمنه قطاع التعليم‪! .‬‬


‫امللحق الثقايف‬

‫‪9‬‬

‫العدد ‪ 1010‬ـ الثالثاء ‪ 10‬إلى ‪ 16‬شتنبر ‪2019‬‬

‫كيمياء‬ ‫الشذرات‬ ‫النائية في‬ ‫شعر‬ ‫مبارك الراجي‬

‫الشاعرة‬ ‫نجية األحمدي‬

‫أنبثق من أسرار الماء‬ ‫أكتب عن سيرة األقحوان‬ ‫عن األوركيديا و الياسمين‬ ‫عن ألوان الفراشات‬ ‫تمتزج بشقائق النعمان‬

‫عزالدين بوركة‬

‫(شاعر وباحث مغربي)‬ ‫إلى أصابعك‬ ‫عيناها زرقاوان‬ ‫حدث في السر الفاغم‬ ‫أن رأت األعماق»‪.‬‬ ‫ال يتصنع مبارك الراجي كتابة الشعر‪ ،‬بل إني أجزم‬ ‫أنه ال يعيد صياغة نصوصه أكثر من مرة‪ ،‬أو ال يكاد‬ ‫يفعل‪ .‬يكتب كبحار يركب الموج ألول مرة‪ ،‬فهو ابن البحر‬ ‫وصديقه في العراء‪ ،‬وخليله في التقلب ورفيقه إلى الزبد‬ ‫‪/‬الشعر‪ .‬تعلم ترتيب الكلمات في الوقت الذي تعلم فيه‬ ‫صيد األسماء بال صنارة وبال شباك‪.‬‬ ‫«الصنارة المندهشة‬ ‫مقلوبة تماما‬ ‫على شكل عالمة‬ ‫استفهام راغيّة‪،‬‬ ‫ثمة سؤال أزرق‬ ‫طرحته عليها‬ ‫تلك الموجة البعيدة»‪.‬‬ ‫يكاد يكون ديوانه األخير «شذرات نائية‪ »...‬عامرا‬ ‫بمعجم البحر (النوارس‪ ،‬البحر‪ ،‬الصنارة‪ ،‬الصياد‪ ،‬الموجة‪،‬‬ ‫األزرق‪ ،‬المالح‪ ،‬السفن‪ ،‬السمكة‪ ،‬القصبة‪ ،)...‬إذ إنه حضور‬ ‫ينبع مما كابده الشاعر وما عاشه وخبره في الحياة‪ ،‬وهو‬ ‫هنا ال يقوم سوى بإعادة صياغة ذاته في شذرات من‬ ‫الشعر‪ ،‬محاوال أن يخيط ذكرياته ويعانق ماضيه ويتصالح‬ ‫معه‪ .‬فداللة البحر هنا تكمن في اإلشارة إلى الحياة‬ ‫المتقلبة وعامرة باأللم والمعاناة والمخاطر‪ ،‬إذ إن البحر‬ ‫رمز الرعب والخوف‪ ،‬كما هو رمز للرومانسية والطمأنينة‬ ‫وكما إنه يرمز الهجرة والمنفى‪ ،‬وحتى للوطن‪ ...‬مبارك‬ ‫الراجي شاعر سندبادي (مالح) «ضد اليابسة»‪ ،‬وطنه‬ ‫ومنفاه هو البحر‪ .‬يقول (في ص‪ 12 .‬من ضد اليابسة)‪:‬‬ ‫«كل موجة‪،‬‬ ‫هي مالح قديم‬ ‫مات غرقا»‪.‬‬ ‫وألن الشاعر بحر ال يفتأ يرتوي‪ ،‬فالراجي ال يقف عند‬ ‫ناصية الشعر ويكتفي بمائه‪ ،‬إذ يحفر أخاديد ووديانا‬ ‫عديدة‪ ،‬تصله بجبال نائية وبعيدة‪ ،‬إذ يبرز لنا ونحن‬ ‫نطالع ديوانه «شذرات نائية» اهتمامه بحقول معرفية‬ ‫وفنية كثيرة‪ ،‬إذ إن هذه المجموعة الشعرية تحتفل‬ ‫بأسماء فنانين كثر إلى جانب أسماء شعراء وكتاب‬ ‫وفنانين‪ ،‬وقدماء الذي خبروا الالمألوف‪( :‬بيكاسو‪ ،‬فان‬ ‫غوخ‪ ،‬موندريان‪ ،‬كاندانسكي‪ ،‬مارسيل دوشان‪ ،‬المعري‪،‬‬ ‫طرفة ابن العبد‪ ،‬بودلير‪ ،‬الفونتين‪ ،‬أوسكار وايلد‪ ،‬جاك‬ ‫بريل‪ ،‬إديث بياف‪ ،‬هيتشكوك‪ ،‬شارلي شابلن‪ ،‬جيرنيمو‪،‬‬ ‫سقراط‪ ،‬هيراقليدس‪ ،‬بروميثيوس‪ ،‬جلجامش‪ ،‬روميو‪،‬‬ ‫قابيل وهابيل‪ .)...‬كل هذا ليس من باب لعبة األسماء‬ ‫المبتذلة‪ ،‬أو التظاهر بعضالت معرفية خاوية وواهية‬ ‫والزينة والزخرفة‪ ،‬بل من باب ما يتطلبه النص وما‬ ‫يبتغيه من بلوغ المعنى المتصل بهؤالء األعالم‪ .‬إذ نجد‬ ‫لكل اسم سياقه المتصل بما يريد أن يقوله الشاعر عبر‬ ‫تميز مكثف‪ .‬إذ إن مبارك الراجي ال يكتب إال ما خبره‬ ‫وعرفه وعاشه وتعلمه‪ ،‬شعرا‪.‬‬ ‫يمكنني أن أخلص إلى القول بأن مبارك الراجي شاعر‬ ‫بروح كاتدرائية‪ ،‬صدى موسيقاها السَاحري وإيقاعها ال‬ ‫يتأتى إال من الداخل والذات‪ ،‬من جدرانها الرنانة‪ ،‬ال‬ ‫مكبرات صوت فيها وال مؤثرات‪ ،‬كاتدرائية قائمة بذاته‬ ‫في معمار الشعر العربي‪ ،‬منفصلة عنه ومتصلة به في‬ ‫اآلن نفسه‪ .‬إنه جذمور بهذا المعنى‪ ،‬ال جذور له ينتقل‬ ‫حرا طليقا في الصحراء‪ ،‬يعزف إيقاعه الخاص‪.‬‬

‫عن بُنِّ الصباحات‬ ‫ولهفة شفتي لفنجان المساء‬ ‫عن تلك األحالم التي‬ ‫تزهر في صدري‬ ‫حين أتذكر عينيه‬ ‫عن حبات الحصى‬ ‫تتكسر تحت قدميه‬ ‫وهو قادم إلي‬ ‫عن سريرنا الذي‬ ‫تمتد إليه ظالل القمر‬ ‫عن جسدي‬ ‫يترقرق كالماء في المرآة‬ ‫وبين يديه‬ ‫عن تلك الشجرة‬ ‫التي كنا نطل عليها‬ ‫وصدره يأويني‬ ‫عن الدفء الذي فاضت معانيه‬ ‫عن العطرالمعلق بيني وبينه‬ ‫لست قديسة ‪،‬لكني أصلي‬ ‫يا اهلل اغسل حبيبي من الخطايا‬ ‫و أمطرني بالحب‬ ‫كي أجفف دمعه‬ ‫و أعد حبات المطر داخلي و في المرايا‬ ‫يا اهلل ‪ ،‬ماذا أسمي العمر لو لم يكن فيه‬ ‫أريد أن أنهمر‬ ‫أمام العالمين وأمامه‬ ‫دون أن أتوجس من عريي‬ ‫أريد أن يكون لنا يوم عالمي للحزن‬ ‫نتوحد فيه بالسواد‬ ‫وننزل جميعنا إلى الشوارع‬ ‫كالغربان‬ ‫نحتفي بحرائقنا ونغني‬ ‫هكذا فقط أتوقف عن التفكير‬ ‫بأن للعالم ما يكفيه من الحزن‬ ‫وأن القبرات دائما دليل شؤم‬ ‫وأنشد طوبى للحزانى مثلي‬

‫دمعة ومرايا‬

‫يعد الشاعر المغربي مبارك الراجي من الشعراء‬ ‫المغاربة الذين اختروا االنعزال بعيدا إلى ذاواتهم‪،‬‬ ‫انعزال إلى الكتابة باألحرى‪ .‬شاعر قليل الحضور وقليل‬ ‫الحديث‪ ،‬هادئ جدا يشبه نصوصه الشعرية‪ :‬نصوص‬ ‫تنبع من الحياة الهشة والمفعمة بالحساسية المفرطة‪،‬‬ ‫وعامرة باأللم‪ .‬متشرد في ليالي أشعاره‪ ،‬ال مأوى له إال‬ ‫النص‪ ،‬خبر المعاناة منذ البدء‪ ،‬وال يتنفس سوى ما يكتبه‪،‬‬ ‫«أعود إلى الكتابة‪ ،‬أعود إلى الحياة»‪ ،‬يقول الشاعر عينه‪.‬‬ ‫أصدر ثالث مجاميعه الشعرية «شذرات نائية‪ ،‬من كتاب‬ ‫الغربان»‪ ،‬عن منشورات الفينك‪ ،‬سنة ‪ ،2018‬بعدما صدر‬ ‫له «ضد اليابسة أو بهاء النسيان» الفائز بجائزة عبد‬ ‫الوهاب البياتي‪ ،‬سنة ‪ ،1998‬و «ترنيمة آلدم»‪ ،‬الصادر‬ ‫عن مطبعة ‪ BOJO‬شتنبر ‪.2016‬‬ ‫وألن الشعر كما يقول مبارك الراجي «كيمياء وجودي‬ ‫وماء تلويناتي الداخلية‪ ،‬ومالذ الشهقة والنفس النفيس‪،‬‬ ‫حبر القلب الدافق الكريم»‪ ،‬فهذا الشاعر ال يكتب إال شعرا‬ ‫منسكبا ودافقا؛ شعر منساب ال يبتغي أية بالغة‪ ،‬عامر‬ ‫باللغة المرمرية المتدفقة بصمت‪ ،‬شعر هادئ ال صخبا‬ ‫مزعجا فيه‪ .‬فالكتابة أقراصه المهدئة‪ ،‬وأحالمه السعيدة‪،‬‬ ‫عالجه من أجل حياة أكثر‪ .‬يكتب الراجي شعرا يحث القارئ‬ ‫على التساؤل في ما يتصل بالحياة والموت والغياب‬ ‫واالنعزال والحضور وحتى االختالف والهوية‪ .‬فكما يقول‬ ‫موريس بالنشو «الكتابة هي متاهة الكاتب ومنفاه‪،‬‬ ‫وهو يذع خرائطها الخالسية ويترحل ملء تضاريسها‬ ‫الجذمورية كرحالة صحراوي خبر خيمياء الرمال وطروسها‬ ‫صحار ال صدى‬ ‫المعماة»‪ .‬فهذا الشاعر يتيه بالقارئ في‬ ‫ٍ‬ ‫لها إال الرمال‪ ،‬عبر قصائد جذمورية وشذرية‪ ،‬إذ ال تكاد‬ ‫تتصل بشيء حتى تنفصل عنه‪ .‬كتابة منذورة للـ«انتفاء»‬ ‫بهذا المعنى‪ ،‬ال تتوقف عن االنتقال من منفى إلى آخر‪.‬‬ ‫«أنا المتشرد الجميل‬ ‫الذي شرب الحياة‬ ‫من ثدي الزجاج المكسور‬ ‫الذي عرف الحليب األسود‬ ‫َ‬ ‫مقطر السُخام‪ /‬وهتف‬ ‫أتواطأ الحياة وأنا‬ ‫ما أنصع الجرح‬ ‫في جراب الجَمال»‪.‬‬ ‫مبارك الراجي إذن ال يكتب إال حياته‪ ،‬ال يكتب إال‬ ‫آلمه بهذا المعنى‪ ،‬يكتب كأنه يسير على شفرة حالقة أو‬ ‫كأنه يوبخ العالم حامال في يده مرآة ال تعكس إال األلم‬ ‫والمعاناة‪ ،‬غير مكترث سوى للكتابة من حيث إنها موطنه‬ ‫‪/‬منفاه‪.‬‬ ‫فهذا الشاعر الخيميائي يكتب لالأحد ويكتب للكل‪...‬‬ ‫إنه فقط يكتب‪ ،‬أو باألحرى يمارس الكتابة‪ .‬ليطفئ جمرة‬ ‫ملتهبة في داخله‪ .‬يكتب الشعر كرجل رياضيات‪ ،‬يبحث‬ ‫عن معادلة معجزة‪ ،‬لكنه ال يعرف من أين يبدأ وإلى أين‬ ‫يسير وإلى ماذا سينتهي‪ ..‬يكتب بال هدف وبال غاية‪،‬‬ ‫يكتب فقط ألنه في حاجة للكتابة حتى يعيش أكثر‪،‬‬ ‫فاألحرف هي ذرات أوكسيجينه الخاص‪ .‬يكتب كأنه رضيع‬ ‫لم يخرج من رحم الحياة بعد‪ ،‬والكتابة هي الحبل السري‬ ‫الذي يمده بالحياة‪.‬‬ ‫خبر مبارك الراجي الكتابة الشعرية في الشوارع وعلى‬ ‫أرصفة ميناء مدينة الصويرة‪ ،‬لهذا هو يحمله معه أينما‬ ‫جال وصال في عوالم نصوصه‪ ،‬لهذا يقول‪:‬‬ ‫«القصيدة التي‬ ‫قفزت من البحر‬ ‫كسمكة المرئية‬

‫دمعة‬ ‫ومرايا‬

‫أولئك الذين تسكنهم األسئلة الحارقة‬ ‫الذين ال ينامون‬ ‫يحيون معلقين في الفراغ‬ ‫ال يفكرون باألزمنة وال باألمكنة‬ ‫إال حين يصلون إليها‬ ‫أو تصل إليهم‬ ‫أولئك الذين ال يهابون الموت‬ ‫بل يمشون إليه بخطى واثقة‬ ‫الذين يركض الغد في أعينهم دون أن يدركوه‬ ‫ال ينتظرون منه‬ ‫غير حزن جميل يجملهم‬ ‫يستقبلونه بصدق أكبر‬ ‫وبمحبة ال تتهيب إال في وجه اإلله‪.‬‬


‫العدد ‪1010‬‬

‫الشمال الثقافي‬

‫قصيدتان‬ ‫الشاعرة إيناس خورشيد فاهوم‬ ‫فلسطين‬

‫‪-1-‬‬

‫يستهويني‬ ‫صوت الطائرة حين إقالع‬ ‫وهذا االنعتاق من األرض‬ ‫إلى حين عودة‬ ‫أو ربما ال‪.....‬‬

‫تستهويني جزر اليونان‬ ‫حيث المعمار المميز الذي يبلل اقدامه بشواطئ‬ ‫البحار‪.‬‬ ‫األبيض لمتطلبات المناخ‬ ‫وزرقة النوافذ امتدادا للسماء‪.‬‬ ‫تستهويني الحيتان العمالقة‬ ‫عندما تلهو في مياه المحيطات‪.‬‬ ‫تستهويني المدن التاريخية‬ ‫وتلك التجاعيد على الحيطان‬ ‫ورائحة التاريخ في الزقاقات‪.‬‬ ‫يستهويني أثر الفراشة‬ ‫لبعض كالم‪.‬‬ ‫كقصيدتين كتبهما محمــود درويش عـــن‬ ‫بروفيسور إدوارد سعيد‬ ‫حين حياة‬ ‫وحين رثاء‪.‬‬ ‫تستهويني قصائد نزار قباني‬ ‫خصوصا تلك غير المكتوبة في «أيام معه»‬ ‫لكنها تنام في احداث الكتاب‪.‬‬ ‫تستهويني خفة ظلك التي تنجح في إعادة ترتيب‬ ‫أسارير وجهي الجادة‬ ‫وتزرع ورودا عميقا في الوجدان‪.‬‬ ‫يستهويني صمتك الذكي‬ ‫وكل تلك األفكار والتساؤالت‬ ‫لماذا ابتعدت عن ضجيج البشر؟‬ ‫واخترتني أنا‬

‫‪-2-‬‬

‫من بين النساء‪.‬‬ ‫هالميٌّ هذا البنيان‬ ‫طريق‬ ‫أمشي إليه في ٍ‬ ‫أطوي نهايته‬ ‫وأحولها الى درجات‬ ‫أصعدها درج ًة درج ًة‪.‬‬ ‫حتى أصل سماء غرفتك‬ ‫امشي على السقف‬ ‫وال أقع‬ ‫وأراقبك من اعلى‬ ‫طائر بعيد‬ ‫ِ‬ ‫بعين ٍ‬ ‫صقرٌ وصياد‪.‬‬ ‫أمشي على الجدران الخارجية‬ ‫وال أقع‬ ‫أطل على النوافذ المضاءة‬ ‫وكأنها عيون سحرية تبحث عن فضاءات‪.‬‬ ‫أعرف نافذتك من بين كل النوافذ‬ ‫تأتي منها أضواء‬ ‫وحفل من ظالل‬ ‫يفوح منها عطرٌ‬ ‫تسرب في مسامات الجدران‪.‬‬ ‫المباني كما نحن‬ ‫تحلم في الليل‬ ‫وتستيقظ في الصباحات‪.‬‬ ‫وهي كما شَعري‬ ‫تجيد الرقصات‪.‬‬ ‫تارة‬ ‫ترقص مع الريح‬ ‫وتارة‬ ‫ترقص مع الماء في األعماق‬ ‫إن رأيت بيتَكَ يغرق‬ ‫ال تخف‬ ‫فلربما‬ ‫مرَّ نهرٌ ضجرٌ من هناك‪.‬‬

‫الثالثـاء ‪� 10‬إلى ‪� 16‬شتنرب ‪2019‬‬

‫فوهة‬ ‫العظام‬ ‫لست على ما يرام‬ ‫حزن عميق يعتريني‬ ‫هذا ما حدسْتُ به‬ ‫ليلة البارحة‬ ‫في منامي‪.‬‬ ‫كنت أغوص في العلو‬ ‫أشبك يدي‬ ‫وأنظر في زورق الموت‬ ‫ينقل شبحي للضفة األخرى‪.‬‬ ‫يداهم أطيافا أعرفها جيدا‬ ‫فينتصب الليل في وجهي‪،‬‬ ‫ثم يغافلني‬ ‫ويدحرجني‬ ‫على حافات شائكة‪.‬‬ ‫كانت األطياف تلملم بقاياها‬ ‫وال تقوى على المشاكسة‪،‬‬ ‫كي تراوغ الطرق‬ ‫التي ترتطم بالليل‪.‬‬ ‫ثمة تذكر ُة سفر‬ ‫لضباب كثيف‬ ‫حيث األجراس‬ ‫رنينُها مستفز‬ ‫لصفارة القطارات‪.‬‬ ‫في فوهة عظامي المتساقطة‬ ‫ثمة زوبع ُة شظايا‬ ‫تناثر لهيبها‪.‬‬ ‫رائحة اللهيب‬ ‫في قماش الجمر‬ ‫ُ‬ ‫منافذ لألشباح‪.‬‬ ‫في فوهة عظامي المتساقطة‬

‫‪10‬‬

‫الشاعرة نادية قاسمي‬ ‫كومة بياض‬ ‫تتنفس‬ ‫رائحة فأس‬ ‫ألِفت برودة التراب‪.‬‬ ‫في فوهة عظامي المتساقطة‬ ‫أرتجف‪،‬‬ ‫وأنظر إلي ُ‬ ‫خُطواتي‬ ‫تتبعني‬ ‫ما أن يسحبني السراب‪.‬‬ ‫تحتشد الحجارة‬ ‫على عتبة أسراري‬ ‫منتعلة تاريخ ميالدي‪.‬‬ ‫أشباح من أتربة‬ ‫تنثر رسائلها العابرة‬ ‫على صباح‬ ‫يتعقبه ٌ‬ ‫ليل‪،‬‬ ‫يهرول منكفئا‬ ‫مثل عمْر‬ ‫ينفلت من األصابع اليافعة‪.‬‬ ‫في ساحة االنصراف‬ ‫وشاية العظام لنفسها‬ ‫خيان ٌة للتراب‪.‬‬ ‫وبعيدا عن صراخي‪،‬‬ ‫تلتقط أصابعي‬ ‫مالمحَ وجهي‪،‬‬ ‫علها تدركني‬ ‫بين األنقاض‪.‬‬


‫الشمال الثقافي‬

‫العدد ‪1010‬‬

‫الثالثـاء ‪� 10‬إلى ‪� 16‬شتنرب ‪2019‬‬

‫‪11‬‬

‫أنا لم أحبه‬ ‫هو فقط طفلي‬ ‫الشاعرة شيرين طلعت‬ ‫المتعب‬ ‫القاهرة‪ /‬مصر‬ ‫أختار أال يسمع صوتي‬ ‫المنطلق من بين ضلعي‬

‫شبيهات أمي‬

‫مثل أي حصان جامح‬ ‫الشاعر محمد الهادي الجزيري‪ /‬تونس‬

‫يريد أن يصل النهاية‬ ‫لكن ال نهاية‬ ‫لمن مأل دمه الشوق‪.‬‬

‫أفحمتني النسا ْء‬

‫ْ‬ ‫القتلة‬ ‫حقل سبايا لجيش من الهمج‬

‫ك ّلما عضني قدري ‪ ..‬طفن بي حانيات‬

‫بائعات هوى في المعابد باسم البغاء‬

‫أختار أال يسمع صوتي‬

‫المقدّس‬

‫كي ال يكون قريبًا‬

‫مستنزفات طوال الدهور وفي ّ‬ ‫كل محكمة‬

‫ُكل هذا ال ُقرب‬

‫ساقطاتْ‬

‫فلن يشعر باألمان‬

‫يضمدن روحي بما يمتلكنَ‬ ‫وإن كان قطنَ السما ْء‬ ‫ك ّلما ضاقت األرض واألبجديّة بي‬ ‫وتجاهلني زمني‬

‫حين تكون هذه الالمسافة بيننا‪.‬‬

‫كنّ لي سفنا‬ ‫وطفقن يحوّلن ّ‬ ‫كل زقاق فضا ْء‬ ‫فلتكن شهقتي في الهزيع األخير من العمر‬ ‫ْ‬ ‫وصالة‬ ‫أغنية‬ ‫للمصابات ظلما ّ‬ ‫بكل سهام الخطايا‬ ‫وهنّ البريئات من ّ‬ ‫كل ذنب‪.‬‬

‫النسا ُء قصائد في قبضات الشيوخ‬ ‫وسائد للسيّد الفحل في جنّة النزواتِ‬ ‫وحين يؤوب من الغزواتْ‬ ‫النسا ُء حمامات هذا الخراب الذكوريِّ‬

‫فأنا لن أحبه‬ ‫لكنني دعوت له بكل جوارحي‬ ‫أن يبقى بخير وهو يفلت عن يدي يداه‬

‫يغرن على صخرة العيش فجرا‬

‫ينشدن بين الركام‬

‫ْ‬ ‫الحياة‬ ‫ويخبزن منها‬

‫لكي يطمئنّ السالمُ قليال‬

‫ونحن نفترق‬

‫ويسندن بالحبّ والصبر‬

‫تؤلمه خطواتي الواثقة‬

‫من يتداعى من اإلخوة الجشعين السكارى‬

‫ويرجفه البكاء الخفي في عيني‬

‫ّ‬ ‫تتوغل في الوقت واألرض‬ ‫لغتي‬ ‫أنثى ّ‬ ‫ْ‬ ‫تكذب ّ‬ ‫الرواة‬ ‫كل‬ ‫إخوتي اختلسوا ّ‬ ‫كل شيء من البدء‬

‫اختار أال يسمع خطاي‬

‫وينسجن من شجن شائك عائالتْ‬ ‫النساء شبيهات أمي‬

‫أنا لم أحبه‬

‫ومن البدء يغتصبون الحقيقة ت ّفاحة تلو‬

‫على الرغم من ضعفهنّ‬

‫هو فقط طفلي المتعب‬

‫ت ّفاحة‬

‫يُجرن طفولة روحيَ من إخوتي الشرسين‬ ‫ِ‬

‫واتّهموا األمّهاتْ‬

‫من صدور البناتْ‬ ‫الكهوف الخيام البيوت القصور تعي ما ُ‬ ‫أقول‬ ‫وتكتم في جوفها حسراتْ‬ ‫النساء قرابينُ آلهة صاغها إخوتي‬ ‫ْ‬ ‫الماكرون‬ ‫النساء عرائسُ للنيل‬

‫ْ‬ ‫القساة‬ ‫إخوتي ال يحبّونني مثلما قال درويشنا‬ ‫وأنا ال أرى حاقدا واحدا‬

‫الذي مارس كل عقوقه‬ ‫وكلما تعثر‬ ‫دعوت له‪ ،‬بقلوب أمهات الدنيا‬ ‫أن ترفق به الطرق‬ ‫وأن ال يتعثر صوته‬

‫ال أرى غير سرب الرفيقات حولي‬

‫حين ينطق أسمي‪،‬‬

‫وأدعية األمهاتْ‬

‫مستنجدًا‬

‫أنا لم أحبه هو فقط طفلي المتعب‬

‫رغم قلبي الرابض في صدره‬


‫العدد ‪1010‬‬

‫الشمال الثقافي‬

‫الثالثـاء ‪� 10‬إلى ‪� 16‬شتنرب ‪2019‬‬

‫‪12‬‬

‫دخول‬ ‫مدرسي‬

‫« قب�ضة ملح»‬ ‫ليصمت رقباء التاريخ‬ ‫و يعتكف مساجين الفراغ‬ ‫في استشفاف القذارة‬ ‫في مآتم النفوس الثقيلة‬ ‫و حلكة الصوت الكاتم للعواء‬ ‫بينما يصدح وكالء السماء‬ ‫بأغاني السالم و الخالص‬ ‫هناك…‬ ‫في مساقط الضوء‬ ‫سحنات الجنود‬ ‫مُدجّجة بوصايا الحشد‬ ‫كالعناقيد تتد ّلى‬ ‫تكاد تصافح نساء ش ِبقات بالحرية‬ ‫بعيدا عن رزنامة القحط‬ ‫عن همهمة الريح الموحشة‬

‫محمد بنقدور الوهراني‬ ‫الشاعرة هدى الهرمي‪ /‬تونس‬ ‫و صالفة العراء‬ ‫هذا العبث ينوس‬ ‫وراء سدّة الالمباالة‬ ‫يخترق الحاقدين‬ ‫كقبضة ملح‬ ‫ال يعارضه تيّار الهواء‬ ‫و ال ضباب الشمس‬ ‫ّ‬ ‫كل خطواتهم محشورة‬ ‫فوق الضفة الرمليّة‬ ‫صارت ألوانهم صفراء باهتة‬ ‫بعيدا عن جنّة خضراء‬ ‫و بلد صقيل‬ ‫ينهض مُنتفضا‬ ‫من مخالب السقوط‬

‫كتاب‬ ‫احلكايات‬ ‫الشاعر عز الدين بوركة‬ ‫باألمس تذاكرت مع فيل إفريقي عن أزمة‬ ‫المياه في جيبوتي‬ ‫وعن‬ ‫حديث النمل العلمي عن األكوان المتوازية‬ ‫وكيف تمكن وحيد القرن من اكتشاف كوكب‬ ‫جديد‬ ‫وهل الخنفساء مذكر أم مؤنث؟‬ ‫ومتى وأين ينام النمر الوردي؟‬ ‫باألمس كان صديقي الفيل حزينا جدا‬ ‫لهذا تناول قطعة من األسبرين قبل النوم‬ ‫تاركا كتاب الحكايات في جيبي‪،‬‬ ‫وبالصدفة لمحت قرب الموقد‬ ‫أرنبا يلتهم أسدا‬ ‫ورأيت دودة القز تتحول إلى زرافة‬ ‫وثعلبا يعظ الذئاب لتدخل في ملة النحل‬ ‫وسمعت مصادفة‪ ،‬قردا يقص على مسامع‬ ‫أفعى قصة علي بابا كاملة‬ ‫إال أني اندهشت حينما رأيت السندباد البحري‬

‫وهو يجر شهرزاد من شعرها إلى المقصلة‪.‬‬ ‫ومددتُ يدي جهة جحيم أبناء آوى ألنقذ فأرا‬ ‫من االحتراق‪،‬‬ ‫فأصابتني لعنة قديمة أفقدتني الرغبة في‬ ‫النوم إلى األبد‪.‬‬ ‫وألخرج من رأسي كان لزاما عليّ أن أمزق‬ ‫جسدي الرخوي‪:‬‬ ‫كتل من االسفنج والزبد‬ ‫معلق عليها آكل النمل‬ ‫وشرايين من نهر األمازون‬ ‫هناك‪ ! ‬ترعى تماسيح بيضاء‬ ‫وأما رأسي المائلة إلى جهة الشرق‪ ،‬فرأس إله‬ ‫أمازيغي خشبية ومقطوعة‪.‬‬ ‫وألنهي كل هذا الصداع‪ ،‬أحرقت كتاب‬ ‫الحكايات‬ ‫فانطفأ العالم‬ ‫ونمت‪.! ‬‬

‫في زمن ما‪ ،‬كانت المدرسة هي منبع الفن واألدب والرياضة‪ ،‬منها‬ ‫تتفتق المواهب‪ ،‬وفيها تبرز القدرات والكفاءات واإلمكانيات‪ ،‬وفيها تصقل‬ ‫وتؤطر وتوجه قبل أن تمشي في أرض الحياة باحثة عن موطئ قدم أو اسم‬ ‫أو بصمة في ميادين الفن واألدب والرياضة‪.‬‬ ‫كان المحرك األساسي‪ ،‬والمؤطر الرئيسي لهذه المواهب‪ ،‬األستاذ‪،‬‬ ‫بكل ما تحمله هذه الكلمة من معاني‪ ،‬كما كانت النوادي‪ ،‬بشتى أنواعها‬ ‫وتصنيفاتها‪ ،‬هي موطن التكوين والنشاط والعطاء واإلبداع‪.‬‬ ‫من هذا المكان‪ ،‬المسمى مدرسة‪ ،‬كانت انطالقة العديد من أعالم‬ ‫الفكر والفن واألدب والرياضة في المغرب‪.‬‬ ‫وفي هذا الفضاء المسمى مدرسة‪ ،‬ظهر فنانون وأدباء ورياضيون‪،‬‬ ‫قبل أن تستقطبهم جمعيات وهيئات ومعاهد ونوادي لتصنع منهم نجوما‬ ‫حققت بفضلهم مجدها وصيتها وإنجازاتها‪.‬‬ ‫كانت المدرسة في‪ ،‬هذا العهد‪ ،‬مركز تربية وتكوين وإنتاج الطاقات‪،‬‬ ‫ولم تكن مكان تعليم فقط‪ ،‬كانت األنشطة الموازية تعتبر غاية في حد‬ ‫ذاتها‪ ،‬وليس وسيلة الستكمال استعماالت الزمن وملء الفراغ‪.‬‬ ‫من يتذكر الندوات والمحاضرات واألمسيات التي كانت تنظم داخل‬ ‫المدارس الثانوية المغربية يتعجب من مستوى النقاش والحماس الكبير‬ ‫في تبني األفكار ومنهجية الطرح والتحليل‪ ،‬بغض النظر عن خلفياتها‬ ‫وانتماءات حامليها‪.‬‬ ‫المسترجع لضيوف المدارس المغربية يتعجب من انفتاحها على أسماء‬ ‫أدبية وفنية ورياضية‪ ،‬كانت تزور هذه المدارس في مناسبات ولقاءات‬ ‫عديدة‪ ،‬الغرض منها التأطير والتوجيه وإعطاء العبرة والنموذج‪.‬‬ ‫كانت المدرسة المغربية‪ ،‬في هذا العهد‪ ،‬مستنبتا وحاضنة يرعاها‬ ‫أساتذة يعتبرون أم معاركهم إنتاج شخصية سوية قادرة على التكيف مع‬ ‫الحياة‪ ،‬عوض تعليم تالميذ‪ ،‬وفق برنامج ومنهج مدرسيين محددين‪ ،‬وكفى‬ ‫المؤمنين شر القتال‪.‬‬ ‫كان األستاذ هو منبع المعرفة والقيم‪ ،‬بكل تجلياتها‪ ،‬لذلك كانت له‬ ‫سلطة وهيبة وسطوة تمكنه من غرس المدارك في نفس تلميذ اليوم‬ ‫ومواطن الغد‪ ،‬بسالسة وسهولة وإحساس بمسؤولية أن ما يغرسه اليوم‬ ‫سينتج بالتأكيد غدا‪.‬‬ ‫هكذا كان يشتغل األستاذ‪ ،‬لذلك كان هو منبع ومركز الثقافة‬ ‫المغربية األصيلة‪.‬‬ ‫اليوم‪ ،‬أين المدرسة المغربية‪ ،‬من مثل هذا العمل وهذه اإلنجازات؟‬ ‫كيف تحولت المدرسة المغربية‪ ،‬بين عشية وضحاها‪ ،‬من منتج ثقافي‬ ‫ورياضي إلى مستنقع جماعي ال حركية فيه وال حياة؟‬ ‫أين ذهبت أريحية وتضحية أساتذة المدرسة المغربية الذين كان‬ ‫همهم األساسي صناعة اإلنسان قبل أي شيء آخر‪ ،‬ماال كان أم جاها أم‬ ‫غير ذلك؟‬ ‫كيف تغير حال المدرسة المغربية‪ ،‬في رمشة عين‪ ،‬بحساب الحضارات‬ ‫اإلنسانية‪ ،‬فأضحت مهمتها عوض إيجاد حلول لمعضالت ومشاكل المغرب‬ ‫إلى سبب مباشر للكثير من مشاكل المغرب؟‬ ‫كيف أصبح الفصل الدراسي مرتعا لتصريف انحرافات الذات التالميذية‬ ‫بعد أن كان عالما للتهذيب والتثقيف والتحسيس بجدوى المدرسة وجدوى‬ ‫الوطن وجدوى الحياة‪.‬‬ ‫هل األستاذ لوحده يتحمل مسؤولية هذا التردي أم أن المنظومة‬ ‫التعليمية بأسرها تتحمل مسؤولية هذا التردي الفظيع في التربية والتعليم‪،‬‬ ‫فضال عن التوجيه والتثقيف؟‬ ‫كيف يمكن تفسير غياب إشعاع المدرسة المغربية وتأثيرها الثقافي‬ ‫والرياضي؟‬ ‫إلى عهد قريب‪ ،‬كانت النوادي الرياضية في كثير من األلعاب الجماعية‬ ‫تستقطب العبيها‪ ،‬في فئات الفتيان والشبان‪ ،‬من المدرسة المغربية‬ ‫وتعتبرها منجما مهما للتنقيب والبحث عن الكفاءات المتوفرة على المبادئ‬ ‫األولية في مدارسها‪.‬‬ ‫في العهد الحالي انقلبت اآلية‪ ،‬وأضحت المدرسة تستعين بالنوادي‬ ‫الرياضية‪ ،‬للمشاركة في األلعاب المدرسية‪ ،‬لفقر المدرسة بمناهجها‬ ‫وأطرها وآفاقها‪ ،‬ألنها لم تعد تنتج شيئا يذكر‪.‬‬ ‫وإذا كان الشيء بالشيء يذكر‪ ،‬من المستحب أن نعلم أن الكثير من‬ ‫األجيال الشعرية التي ولجت المدارس بعد مرحلة االستقالل‪ ،‬تعلمت على‬ ‫أيدي أساتذة شعراء في المدارس المغربية‪ ،‬واألمثلة كثيرة ومتعددة‪،‬‬ ‫واألسماء موجودة وشاهدة‪.‬‬ ‫هذا التراجع الثقافي الخطير الذي أضحى ملمحا يميز الواقع المغربي‪،‬‬ ‫هل هو مرتبط بتراجع دور المدرسة؟‬ ‫بالتأكيد‪ ،‬نعم‪ ،‬فدور المدرسة‪ ،‬ومن خاللها األستاذ‪ ،‬هو سبب رئيسي‪،‬‬ ‫بين أسباب أخرى‪ ،‬في هذا التراجع‪ ،‬أما القضايا األخرى‪ ،‬التنظيمية والتقنية‬ ‫والسياسية وحتى االجتماعية فهي تفاصيل‪ ،‬والشيطان دائما يكمن في‬ ‫التفاصيل‪.‬‬


‫الثالثـاء ‪� 10‬إلى ‪� 16‬شتنرب ‪2019‬‬

‫العدد ‪1010‬‬

‫عالم من‬ ‫�أ‬ ‫املغرب ‪:‬‬ ‫�شمال‬

‫‪13‬‬

‫الفقيه أحمد بن محمد اللواجري‬

‫اسمه ونسبه‪:‬‬

‫هو أحمد بن مُحمد بن امحمد بن محمد بن محمد‬ ‫َّ‬ ‫واجري التّطواني‪.‬‬ ‫الل ِ‬ ‫وهـــو حفيــد العالمــة القاضي عبد الرّحمن الحائـــك‪،‬‬ ‫من جهة األمّ‪ .‬وشقيــق الفقيه العالمــة محمد بن امحمد‬ ‫اللواجري (‪1364‬هـ‪1945/‬م)‪.‬‬

‫من عائلة قديمة بتطوان‪ ،‬كان منها‪:‬‬

‫الحاج مَحمد بن المعلم عبدالسالم اللواجري الذي كان حيا‬ ‫بتطوان عام ‪1194‬هـ‪1780/‬م‪.‬‬ ‫وعبدالكريم بن عبدالسالم اللواجري عام ‪1215‬هـ‪1800/‬م‪.‬‬ ‫وعبدالكريم اللواجــري كان من جملــة النـــواب الذين‬ ‫تولوا حكم تطـــوان بالنيابــة عن قائدها محمد السالوي‬ ‫(ت‪1230‬هـ‪1815/‬م)‪.‬‬ ‫ومحمد بن محمد اللواجري من جملة المقومين وأرباب‬ ‫البصر بتطوان عام ‪1265‬هـ‪1849/‬م‪.‬‬ ‫والدته‪ :‬وُلد بتطوان سنة ‪1297‬هـ‪1880 /‬م‪.‬‬ ‫نشأته وطلبه للعلم‪ :‬نشأ بتطـوان حيـث حفـظ القـرآن‬ ‫الكريم‪ ،‬ثم تل ّقى فنون العلم من نحو وعربية وفقه على علماء‬ ‫تطوان؛ أبرزهم‪:‬‬ ‫• أحمد الرّهوني (ت‪1373‬هـ‪1953/‬م)‪.‬‬ ‫وقد اكتفى بما حصّله عن أعالم تطوان دون أن يرحل‬ ‫إلى فاس‪.‬‬

‫موائدُ الحرفِ‬

‫(ديوان فوائد وعوائد ومحا�ضرات)‬

‫وظائفه‪:‬‬

‫بعدما نهل من العلوم‪ ،‬واستوى عدوه لإلفادة‪ ،‬تصدّر ل‪:‬‬ ‫• الكتابة‪ :‬فاستخدم كاتبا بإدارة ضريبة المباني‪ ،‬فقام‬ ‫بها أحسن قيام‪.‬‬ ‫• اإلفتاء والعدالة‪ :‬قال الفقيه محمد داود‪( :‬وكان من‬ ‫المتعاطين للفتوى والعدالة منذ عدة سنوات‪ ،‬ولم‬ ‫يتأخر عن ذلك إال حين أسند إليه وظيف خليفة القاضي‬ ‫بتطوان)‪.‬‬ ‫• خالفة قاضي تطوان من سنة ‪1360‬هـ‪1941/‬م إلى‬ ‫سنة ‪1362‬هـ‪1943/‬م‪ .‬قال الرهوني‪( :‬وقام بوظيفته‬ ‫أحسن قيام‪ ،‬من إقامة العدل‪ ،‬وحسن السياسة مع‬ ‫الناس)‪.‬‬ ‫• التدريس‪ :‬قال الفقيه محمد داود‪( :‬وهو من المدرّسين‬ ‫أيضا‪ ،‬وال يكاد ينقطع عن التدريس‪ ،‬وإن كان فيه ًّ‬ ‫مقال؛‬ ‫إّ‬ ‫ال أنه دقيق الفهم)‪.‬‬ ‫• اإلمامة‪ :‬قال الفقيه محمد داود‪( :‬وهو إمام راتب في‬ ‫مسجد ابن صالح (جامع الشحيّت)‪.‬‬ ‫حاله‪ :‬تزوّج بنت الفقيه أحمد الرهوني‪ :‬رُقية‪ ،‬عام‬ ‫‪1340‬هـ‪1922/‬م‪ ،‬ورُزق منها بولدين توفي أحدهما في‬ ‫حياته‪.‬‬ ‫صفاته‪ :‬قال الفقيه محمد داود‪( :‬وهو من المفرطين في‬ ‫التستر والتكتم واالبتعاد عن مظاهر علماء الوقت في هيأته‬ ‫وأقواله وأفعاله‪ ،‬فال يزاحم على شيء‪ ،‬وال يحضر الحفالت‬

‫د‪ .‬بدر العمراني‬

‫وغيرها من المجتمعات العامة‪ ..‬وكان مثاال للعفة والنزاهة‬ ‫واالنقطاع لعمله وإتقانه)‪.‬‬

‫شهادات قيلت فيه‪:‬‬ ‫قال الفقيه أحمد الرهوني‪( :‬الفقيه العالمة المحرّر األديب‬ ‫األريب‪ ..‬اشتغل منذ صباه برضاع ثدي العلم‪ ،‬حتّى برع في‬ ‫جملة علوم‪ ،‬من عربية وفقهية ورياضة‪ ،‬وقرأ علينا وعلى غيرنا‪،‬‬ ‫والزم المطالعة والتقييد‪ ،‬وقد تمسّك بالطريقة التجانية‪ ،‬على‬ ‫يد مقدّميها‪ ،‬فأقبل على أذكارها الالزمة وغيرها‪ ..‬وكان لنا‬ ‫نعم الصهر حفظه اهلل)‪.‬‬ ‫قال الفقيه محمد داود رحمه اهلل‪( :‬عالم مشارك‪ ،‬محقق‬ ‫في أبحاثه‪ ،‬وله مشاركة في مختلف العلوم‪ ،‬واطالع على كتب‬ ‫األدب والتاريخ)‪.‬‬ ‫وفاته‪ :‬في أوائل شوال عام ‪1362‬هـ أصيب بمرض عصبي‬ ‫أرخى مفاصله‪ ،‬وأثر في ذاكرته‪ ،‬حتى صار ال يدري ما قال‬ ‫وما فعل‪ ،‬واستمر على ذلك إلى أن لقي ربه رحمه اهلل يوم‬ ‫األربعاء ‪ 26‬ربيع األنور سنة ‪1363‬هـ‪ 22/‬مارس ‪1944‬م‪ ،‬ودفن‬ ‫بالزاوية الريسونية بتطوان‪.‬‬

‫مصادر الترجمة‪:‬‬

‫ عمدة الراوين في تاريخ ّ‬‫تطاوين ‪.5/181-183‬‬

‫‪ -‬عائالت تطوان لمحمد داود ‪.2/245-246‬‬

‫بين دفتيّ هذا َ‬ ‫شكــول فوائـــدُ في الفقــه واألصول والتاريخ‬ ‫الك‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ونخيلـــة‬ ‫حصيلــــة مطالــعـــاتٍ وسماعــاتٍ‪،‬‬ ‫واللغـــة واألدب‪ ،‬وهـــي‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫وبـــاعــــث على‬ ‫لإلينــاس‪،‬‬ ‫ة‬ ‫مجلبـــ‬ ‫ُّعهـا‬ ‫و‬ ‫وتنـــ‬ ‫تحقيقاتٍ وجواباتٍ‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫التروّح؛ َّ‬ ‫التنقل بين‬ ‫وتستـــروحُ إلى‬ ‫ألن النفس تسأمُ النمط الواحدَ‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫أفانين الكالم‪ ..‬ولعل القارىء يجد فيها متنفسهُ إذا تم ّلكه الضجرُ‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫الوحشة‪ ..‬واهلل الهادي إلى سواء السبيل‪.‬‬ ‫واستفرغتهُ‬

‫فــائـدة �أدب َّي ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫‪24‬‬ ‫ــة‬

‫ِّ‬ ‫ٌ‬ ‫فردوس أرضيٍّ ألمير من أمراء الكلمة‪ :‬أمين نخلة (ت ‪1976‬م)‪ ،‬تغنَّى فيها‬ ‫بساط أفيحُ من‬ ‫المفكر ُة الريفي َُّة‪:‬‬ ‫ٍ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫وجمال‬ ‫الريفيّةِ‪،‬‬ ‫الفطرةِ‬ ‫جمال‬ ‫بجمالين‪:‬‬ ‫ـ‬ ‫قراءتها‬ ‫عند‬ ‫ـ‬ ‫انتشيت‬ ‫وقد‬ ‫‪..‬‬ ‫عَم‬ ‫ن‬ ‫ء‬ ‫وأهرا‬ ‫‪،‬‬ ‫ال‬ ‫وسال‬ ‫‪،‬‬ ‫ال‬ ‫حقو‬ ‫الريفِ‬ ‫بمفاتن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َِ ٍ‬ ‫المجبول على السَّماحةِ‪َّ ،‬‬ ‫والطالوةِ‪ ،‬ورشِّ ما ِء الزَّه ِر‪..‬‬ ‫القلم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ً‬ ‫أدب‪ :‬أسفا على مدادٍ جَفَّ‪! ..‬‬ ‫ر‬ ‫لخي‬ ‫قلم‬ ‫خيرَ‬ ‫يا‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬

‫ُ‬ ‫كتاب �أ�صو ٍّ‬ ‫فقهي‬ ‫‪25‬‬ ‫يل ٍّ‬ ‫تقريظ ٍ‬

‫‪-‬‬

‫بقلم‪:‬‬

‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫الحافظ لكتاب اهلل تعالى الدكتور معاذ عبد اللطيف النايف ْ‬ ‫أن أقرِّظ رسالته في‬ ‫الباحث‬ ‫طلبَ مني الفقيهُ‬ ‫الدكتوراه‪( :‬فتح الذرائع وتطبيقاته في مجال االعتداء اإللكتروني)(‪ ،)1‬التي حظيت باإلشراف عليها برحاب كلية‬ ‫الشريعة بجامعة الشارقة‪ ،‬وهي أو ُ‬ ‫َّل رسالةٍ أصوليَّةٍ فقهيَّةٍ تُناقش بالكلية‪ ،‬مع جدّةٍ ملحوظةٍ في جانبها‬ ‫التطبيقيِّ‪ .‬وقد أجبت طلبته‪ ،‬وكتبتُ هذه السطور إكباراً له‪ ،‬ولباكورتهِ في دنيا التأليف‪.‬‬ ‫« َّ‬ ‫هَدْي هذه الشَّريعةِ ومعهودِها نصْبَ الميزانِ في موارد التَّجاذب والتَّناصي‪ ،‬فال غالبَ إال ما‬ ‫إن من‬ ‫ِ‬ ‫المآل‪ ،‬وال مغلوبَ إال ما َ‬ ‫َّ‬ ‫الموازين؛ بل َّ‬ ‫الدليل‪ ،‬أو ُ‬ ‫ُ‬ ‫إن اهلل‬ ‫شال في ك ّفةِ هذه‬ ‫رجحان‬ ‫غلبهُ‬ ‫وزن المصلحةِ‪ ،‬أو صالحُ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ركبَ في َ‬ ‫تعالى ّ‬ ‫الفِط ِر حبَّ القوة وكراهيَّة الضّعفِ‪ ،‬فتجدُ العاميَّ إذا خُيِّر بين أمرين اختارَ أرجَحَهُما مصلح ًة‪،‬‬ ‫وأردَّهما عليه بوفرة العائد‪ .‬فال غرو؛ ْ‬ ‫المصالح في إباحةِ ذوات األسباب من الصَّالة‬ ‫ذرائع‬ ‫ِ‬ ‫فتح ِ‬ ‫إن عمدَ الشَّارعُ إلى ِ‬ ‫بعد الفجر والعصر‪ ،‬وإباحة رؤية المخطوبة من جملة النظر المحرَّم‪ ،‬وإباحة العرايا من ربا الفضل‪ ،‬وإباحة الحرير‬ ‫للرجال بقدر ما تدعو إليه الحاجة‪ ..‬وهذا منه استثنا ٌء َّ‬ ‫معل ٌل بغلبةِ مصلحةِ المآل‪ ،‬وانغمار المفسدةِ في جانبها؛ إذِ‬ ‫السدُّ ال ّ‬ ‫واستمرار ـ عوارضُ االنكفافِ عن المباحات والتحرّ ِز عن‬ ‫موضع‪ ،‬ولو لوحظت ـ على دوام‬ ‫يطرد في كل‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ً‬ ‫وركوب جادّة ّ‬ ‫التنطع والغلواء!‬ ‫‪،‬‬ ‫ا‬ ‫شرع‬ ‫المعتبرة‬ ‫المنافع‬ ‫إهدار‬ ‫إلى‬ ‫ذلك‬ ‫ألفضى‬ ‫المشروعات‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫َّص في رعايةِ المصالح العامة والخاصة‪ ،‬مهما اختلفت األزمنة‪،‬‬ ‫وإنما تُفتَح الذرائع التفاتاً لمعنى العدل‪ ،‬المشخ ِ‬ ‫واألمكنة‪ ،‬واألحوال؛ إذ األصل أن تُراعى اإلضافاتُ والتوابعُ في صيرورتها المتجدّدة‪ ،‬وتُستبصَر المآالتُ قبل‬ ‫الحكم بالمشروعية وعدمها‪ ،‬فال يقطعُ بالمفسدة في أول أمرها وظاهر حالها‪ ،‬ومآ ُلـها إلى مصلحةٍ أرجح‪ ،‬تنقلها‬ ‫االسترسال في جانب الدرء على غير‬ ‫إلى (وضع المشروعات)‪ .‬وليس أضرّ على الحقوق‪ ،‬وأعطب ألهلها‪ ،‬من حريّة‬ ‫ِ‬ ‫هدى من موازناتٍ مصلحيَّةٍ‪.‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫لكتاب اهلل الدكتور معاذ‬ ‫الحافظ‬ ‫الفقيهَ‬ ‫الباحث‬ ‫أخانا‬ ‫تعالى‬ ‫اهلل‬ ‫ق‬ ‫ف‬ ‫و‬ ‫أن‬ ‫البدايات‬ ‫في‬ ‫ُّجْح‬ ‫ِ‬ ‫ومن عالماتِ الن ِ‬ ‫الذرائع‪ ،‬وجَرِّ تطبيقاته المعاصرة في مجال االعتداء اإللكترونيِّ‪ ،‬فجمعَ‬ ‫موضوع فتح‬ ‫عبد اللطيف النايف لمعالجةِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫َّسائل‬ ‫يُنْشَأ من‬ ‫َّفريع الفقهيِّ‪ ،‬وهو جمعٌ محمودٌ ال أرى له ضريباً فيما‬ ‫األطاريح والر ِ‬ ‫بين الت ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّأصيل األصوليِّ والت ِ‬ ‫وكأن علم األصول يستغني بنفسه عن ُ‬ ‫إال في النَّادر الذي ال يُقاس عليه‪َّ ،‬‬ ‫مُث ُل الفقهِ وشواهدِ الفروع‪ ،‬ويضرب‬ ‫سبيل غير سبيل الواقع الحيِّ الموّار بنوازله وتحدياته‪َّ .‬‬ ‫وإن من األثرةِ المذمومةِ أن يكتبَ األصوليُّ لنفسه‪،‬‬ ‫في ٍ‬ ‫تذليل تنظيراتهِ للفقهاء والمفتين ودعاة الوقت‪ ،‬وهؤالء أولى الناس باجتناء الثمرة‬ ‫وألرباب تخصّصه‪ ،‬ويتبرّمَ من‬ ‫ِ‬ ‫واإلغراب واجترار المصطلحات الباردة‪ ،‬آف ٌة استحكمت في درسنا األصوليِّ‬ ‫األصولية! لكنّ الجنوحَ إلى التفلسفِ‬ ‫ِ‬ ‫وال شاطبيَّ لها!‬ ‫ُ‬ ‫عمل رائدٍ مجوَّدٍ عنوانه‪:‬‬ ‫وإذا كان الباحث مسبوقاً إلى‬ ‫ِ‬ ‫تأصيل فتح الذرائع‪ ،‬وضبطِ مسالكهِ وشرائطه‪ ،‬في ٍ‬ ‫الجانب التأصيليِّ مدارها على نقدِ بعض‬ ‫(فتح الذرائع وأثره في الفقه اإلسالميِّ)(‪ ، )2‬فإن له إضاف ًة مشهود ًة في‬ ‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫المشككين في‬ ‫التعريفات والمفاهيم‪ ،‬واستيفاء القواعد المتع ّلقة بهذا المسلك االجتهاديِّ‪ ،‬وتفنيد شبهات‬ ‫مشروعيته‪ .‬أما الجانبُ التطبيقيُّ ٌ‬ ‫فحقل بكرٌ أثارَ حرثه‪ ،‬ونخَل زرعه‪ ،‬حتى أَعْنَقَ واستحصدَ يعجبُ الزرّاع؛ إذ لم‬ ‫َ‬ ‫مسائل االعتدا ِء اإللكترونيِّ‪ ،‬وهي من الجديدِ الذي‬ ‫الفتح الذرائعيِّ‬ ‫على‬ ‫أر مِن الباحثين المعاصرين مَن خرَّجَ‬ ‫ِ‬ ‫ال يبلى‪ !..‬وليست الجدّ ُة وحدها َ‬ ‫اإلعجاب ومَثاره؛ بل تعزّزها جود ٌة في تصوّر المسائل‪ ،‬وتحقيق المناطات‪،‬‬ ‫مناط‬ ‫ِ‬ ‫كيْس‪ ،‬وفطنةٍ‪ ،‬وفقهِ نفس‪.‬‬ ‫صاحبُ‬ ‫إال‬ ‫ـ‬ ‫عادة‬ ‫ـ‬ ‫يُؤتاه‬ ‫ال‬ ‫واستبصار المآالت قبل الجوابات‪ ،‬مما‬ ‫ٍ‬

‫بقلم ‪ :‬قطب الري�سوين ـ ال�شارقة ـ‬ ‫والحقُّ أن باحثنا َ‬ ‫بأسباب التعهّد والمران‪،‬‬ ‫َّطبيق عن ملكةٍ في الفتوى‪ ،‬لو حاطها‬ ‫َّخريج والت ِ‬ ‫ِ‬ ‫أبان في مواردِ الت ِ‬ ‫شأو في الصِّناعة؛ وقد صارحتهُ بهذا في طو ِر اإلشراف على رسالتهِ‪ ،‬وحثثتهُ على التفرّغ لما يحسنه‬ ‫ألصبح ذا ٍ‬ ‫ً‬ ‫خير أعظم للمرء من أن يُهدى إلى حاقِّ موهبته‪ ،‬ومجال إحسانه! وهاكَ نموذجا من تطبيقاته‬ ‫ويقوم عليه‪ ،‬فما من ٍ‬ ‫الذرائعية الرائقة ‪( :‬تُفتَح الذريعة في النسخ اإللكترونيِّ للبرامج المحمية بغرض االستعمال الشخصي‪ ،‬فإذا قام‬ ‫معين محميٍّ؛ حتى يستفيد منه لنفسه في قراءته‪ ،‬أو االقتباس منه ونحو ذلك‪ ،‬فإن هذا‬ ‫شخص ما بنسخ برنامج ٍ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫عمل شخصيٍّ أريد به النفع العام‪ ،‬وهو ما‬ ‫كل‬ ‫في‬ ‫ا‬ ‫ق‬ ‫ح‬ ‫للمجتمع‬ ‫ألن‬ ‫ِّ؛‬ ‫ي‬ ‫العلم‬ ‫االنتفاع‬ ‫ال بأس به إذا كان في حدود‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫يُعبَّر عنه بحق اهلل تعالى‪ ،‬ولكن فتح الذريعة هنا ال بد له من ضوابط‪ :‬أ ‪ .‬أن ال يتيسر الحصول على النسخة األصلية‬ ‫ال في األسواق وال في غيرها؛ إما لندرتها أو عدم توافرها مطلقاً‪ .‬ب ‪ .‬أن تتوافر النسخة األصلية في السوق لكنه ال‬ ‫يستطيع شراءها مع شدة الحاجة إليها‪ ،‬وذلك لثمنها الباهظ‪ ،‬أو كان سعرها يفوق القدرة المادية لإلنسان المحتاج‬ ‫إليها‪ .‬ج‪ .‬أن يتجنب الناسخ المتاجرة بهذه النسخة بقصد الربح المادي )‪ .‬فتأمّل كيفَ ح ّقق مناط الفتح‪ ،‬وفرّع‬ ‫الصُّور‪ ،‬ووضع الضوابط‪ ،‬حتى لكأنها فتوى تمور بماء الحياة‪ ،‬وتصدحُ بروعةِ الفنّ‪!..‬‬ ‫أما صياغته فجانبَ في عُظمها جفافَ الفقهِ ويباسَ الفروع‪ ،‬وضخَّ فيها ن َفساً بيانياً حُ ْلواً يجلو عن النفوس‬ ‫ضجراً يورثه استكدادُ الفهم‪ ،‬وإعناتُ الرويّة‪ ،‬حتى اعترض عليه أحد المقيّمين لرسالته قائ ًال‪( :‬إنكَّ لتكادُ تخرج‬ ‫َ‬ ‫َّوغ البيانيِّ للفقهِ‪ ،‬وتذوّقَ كالمَ فحوله‬ ‫عن بيان أهل األصول إلى بيان أهل األدب)‪ ،‬ولو درى المقيِّمُ‬ ‫مزيّة الص ِ‬ ‫كالجوينيِّ‪ ،‬والغزاليِّ‪ ،‬وابن القيّم‪ ،‬لما قال ما قال‪ ،‬والناس فيما يعشقون مذاهب!‬ ‫وبعد‪:‬‬ ‫ً‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫الشّأن في البواكي ِر‬ ‫فقد سُررت باإلشرافِ على هذه الرسَّالةِ مذ كانت مُضغة إلى أن بلغتِ األشدَّ‪ ..‬وإذا كان‬ ‫العلميّةِ أن يشوبَها شي ٌء من فجاجةِ البدايات‪ ،‬فباكور ُة باحثنا ثمر ٌة بدا صالحُها قبل األوان‪ ،‬وحال طعمها في‬ ‫فليَسرْ على درب البحثِ‬ ‫األفق ما يُبشِّر‬ ‫بسالل وال أروع‪ ،‬وقطوفٍ كأنّها الحَ َلبُ المعسول‪ِ ..‬‬ ‫مذاق أهل الشَّان‪ ،‬وفي ِ‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬ ‫المالئكة لتدعو ِّ‬ ‫ورائح‪ْ :‬‬ ‫أن طِبْتَ وطابَ في الخي ِر ممشاك‪.»..‬‬ ‫غادٍ‬ ‫لكل‬ ‫وإن‬ ‫الخطى‪،‬‬ ‫العزم‪ ،‬واثقَ‬ ‫والرأي‪ ،‬موفورَ ِ‬ ‫ٍ‬

‫‪ . 26‬فتوى من م�سائل الأ�سرة‬

‫أمر‪ ،‬ثم أمرتني والدتي بخالفه‪ ،‬فأيُّ الرغبتين ألبّي؟ وهل أرتكب إثماً‬ ‫سُئلتُ‪ :‬لقد أمرني والدي ٍ‬ ‫بفعل ٍ‬ ‫لعصيانِ أحدهما ؟‬ ‫ُ‬ ‫األصل أن تطيعَ الوالدين معاً‪ ،‬وتذعنَ ألمرهما‪ ،‬ما لم يكن األمرُ في معصيةٍ‪ ،‬فهذا مقتضى اإلحسان‬ ‫فأجبتُ‪:‬‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫َّ‬ ‫فيُمتَثلُ‬ ‫المأمور به‪ .‬فإذا تعذر الجمعُ بين األمرين لتدافعهما‪ ،‬يُنظر أيُّهما أعظمُ مصلحة وأجرى على جادة الشرع‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫َّقديم؛‬ ‫ت‬ ‫بال‬ ‫متعذِرٌ واقعاً‪ ،‬فأمرُ الوالدةِ أولى‬ ‫له؛ ألن إرضاء اهلل تعالى مقدَّمٌ‪ .‬وإذا تساويا من هذا الوجهِ‪ ،‬وهذا‬ ‫ِ‬ ‫بحسن الصُّحبةِ‪( :‬أمك‪ ،‬قال‪ :‬ثم من ؟ قال‪ :‬أمك‪ ،‬قال‪:‬‬ ‫لقول النبيَّ صلى اهلل عليه وسلم حين سُئل عن أحقِّ النَّاس‬ ‫ِ‬ ‫ثم من ؟ قال‪ :‬أمك‪ ،‬قال‪ :‬ثم من‪ :‬قال أبوك) (‪ .)2‬واهلل أعلم‪.‬‬ ‫الهوامش‪:‬‬ ‫طبع بدار ابن حزم البيروتية‪ ،‬سنة ‪2018‬م‪.‬‬ ‫تأليف ‪ :‬محمد رياض الطبقجلي‪ ،‬دار النفائس‪ ،‬األردن‪ ،‬ط ‪ 1432 ،1‬هـ ‪2011 /‬م‪.‬‬ ‫رواه مسلم برقم‪.1575 :‬‬


‫‪14‬‬

‫الثالثـاء ‪� 10‬إلى ‪� 16‬شتنرب ‪2019‬‬

‫العدد ‪1010‬‬

‫جملة �إ�سبانية تن�شر مقاال حول كتاب “يهود الق�صر الكبري” حتت عنوان‪:‬‬

‫مدينة القصر الكبير جوهرة التعايش‬ ‫‪1‬‬ ‫البشري طالها النسيان‬ ‫‪ Pedro Canales‬بيدرو كناليس‬

‫‪2‬‬

‫ترجمة محمد أخريف – محمد العربي العسري‬

‫‪3‬‬

‫ظاهرة السياحة الجماعية‪:‬‬

‫لقد أصبحت هذه الظاهرة إحدى عالمات عصرنا تساهم في الترويج للتنمية‪ ،‬والتطور‬ ‫في البلدان والمناطق والمدن التي تجذب ماليين المسافرين كل عام في كل ركن من أركان‬ ‫الكوكب‪ .‬بيد ان لها أيضًا وجها سيئا‪ ،‬يتمثل في تهميش وعزلة ونسيان أماكن أشرقت فيها‬ ‫مظاهر حضارية وثقافية‪ ،‬وكان لها تأثير في التاريخ عبر العصور‪ ،‬لتظل مثل هذه األماكن خارج‬ ‫دائرة التأثير كما حدث مع القرى المهجورة‪ ،‬التي تعرضت لهجرات جماعية من البوادي‪.‬‬ ‫هذا هو حال مدينة القصر الكبير المغربية‪ ،‬التي دخلت التاريخ لسببين رئيسيين هما‪:‬‬ ‫كونها كانت المكان الذي وقعت فيه معركة الملوك الثالثة‪ ،‬المعركة التي مثلت منعط ًفا في‬ ‫مستقبل اإلمبراطورية البرتغالية بموت الملك الشاب سيباستيان (دوم سيباستياو)‪ ،‬الذي كان‬ ‫قد هدد بتحويل جميع اليهود بالقوة إلى العقيدة المسيحية إذا نجح في غزوه القلعة اإلسالمية‪،‬‬ ‫وهكذا‪ ،‬ونتيجة لهذه المعركةأمكن لليهود عبر القرون االندماج النهائي في ذلك المجتمع‬ ‫الذي كان عبارة عن بوتقة للتعايش انصهرت فيه ثالث ثقافات مهيمنة في ذلك الوقت‪:‬‬ ‫المسلمة‪ ،‬واليهودية‪ ،‬والمسيحية‪.‬‬ ‫وإذا كانت بعض المدن الساحلية في شمال المغرب‪ ،‬مثل طنجة‪ ،‬وأصيلة‪ ،‬والعرائش‪،‬‬ ‫وموالي بوسلهام‪ ،‬وحتى تطوان‪ ،‬والقنيطرة إلى حد ما قد عرفت من مظاهر الرخاء والتنمية‬ ‫ووجهة لمئات أآلالف من المسافرين كل سنة‪ ،‬واستثمارات أجنبية ونمو اقتصادي‪ ،‬بيد أن دور‬ ‫القصر تأخر اندماجه في اإلصالحات المتعلقة بسهل الغرب الغني‪ ،‬التي عرفها أيام التوسعات‬ ‫االستعمارية الفرنسية في الجنوب‪ ،‬واإلسبانية في الشمال‪ ،‬رغم أن جزءا منه يسقي من نهر‬ ‫لوكوس‪.‬‬ ‫كان القصر الكبير‪“ ،‬القصر” بالنسبة للسكان المحليين‪ ،‬مثا ًال للتسامح والتعايش المثمر‬ ‫بين العائالت ذات الثقافات واألديان والعادات‬ ‫المختلفة؛ وما زالت المعالم والمظاهر التي‬ ‫كانت تعيش فيها هذه األسر باقية تتمثل في‬ ‫المقاهي‪ ،‬والمدارس‪ ،‬والمساجد‪ ،‬والكنائس‪،‬‬ ‫والبيع‪ ،‬والمقابر‪ ،‬شواهد تدل على الماضي‬ ‫المشتــرك والتعايـش المثمـر والبارز في‬ ‫الهندسة المعمارية الحضرية‪ ،‬مثل ضريـــح‬ ‫الحاخام ربي يهودا جبلي‪ ،‬والمسجد األعظم‬ ‫ذي األصل الموحدي‪ ،‬وكنيسة القلب المقدس‪،‬‬ ‫وضريح سيدي بوغالب راعي المدينة‪ ،‬وبيت‬ ‫هاهاجين أو المقبرة اليهودية‪.‬‬ ‫وفي بحر هذه السنــة‪ ،‬نشـرت جمعية‬ ‫البحث التاريخيي واالجتماعيـي بالمدينــة‬ ‫دراسة من تأليـــف األكاديمين القصريين؛‬ ‫محمد أخريف ومحمد العربي العسري‪ ،‬بعنوان‬ ‫“يهود القصر‪ :‬من جنة التعايش إلى جحيم‬ ‫االنفصــال والكراهيــة”‪ ،‬أبرزا من خالله أن‬ ‫المكون العبري كان “مكونًا قويًا في النسيج‬ ‫االجتماعي للمدينة”‪ ،‬وأن أحد أسبـاب بقـــاء‬ ‫واستمرارية اليهودية في المغرب كامنة في‬ ‫“هويتها ورمزيتها الدينية” التي لم تصادر‬ ‫ولم تحارب‪.‬‬ ‫وهذا يتعارض مع الذين يدعون بأن يهود‬ ‫القصر كانوا يعيشون كإسبان وأنهم اندمجوا في مجتمع القصر حتى استقالل المغرب ومغادرة‬ ‫اإلسبان للمدينة بعد نهاية الحماية‪ .‬بينما البيانات اإلحصائية تبرز أن الهجرات الرئيسية‬ ‫األولى للمهاجرين العبريين كانت في أوائل الخمسينيات من القرن العشرين‪ ،‬جذبهتم دولة‬ ‫ً‬ ‫حديثا‪ .‬وغادرت المجموعات األخيرة المغرب في نهاية الوجود‬ ‫إسرائيل التي تم إنشاؤها‬ ‫اإلسباني‪.‬‬

‫يهود القصر الكبير ‪:‬‬ ‫ترجع أصول المكون اليهودي في القصر إلى القرن الخامس عشر عندما استقر اليهود‬ ‫السفارديون البرتغاليون واألندلسيون على نطاق واسع في المدينة‪ ،‬وقد تركوا بصمات‬ ‫وشواهد في المالح أو الحي اليهودي الذي عاشوا فيه في المدينة العتيقة‪ ،‬عملوا بجد في‬ ‫مهنهم التقليدية‪ ،‬مثل‪ :‬صناعة القصدير “ الصدرية”‪ ،‬وصناعة البرادع‪ ،‬وصناعة األحذية‪،‬‬ ‫وصناعة الفضة‪ ،‬ناهيك عن التجارة التي كانت مزدهرة في عهد الحماية‪.‬‬ ‫وأصبحت المدينة بفضل الراعي والمحسن الكبير عمرام كاستيل‪ ،‬والحاخامات يهودا‬ ‫بيناسولي‪ ،‬ورحميم ملول مكانًا الستقرار المهجرين الباحثين عن أصولهم وروابطهم‬ ‫االجتماعية‪ ،‬ومن األسر العبرية التي تركت بصماتها في هذه المدينة نذكر؛ أسرة أزينكوت‪،‬‬ ‫وأسرة بناكون‪ ،‬وأسرة الباز‪ ،‬وأسرة بنيستي‪ ،‬وأسرة بناسولي‪ ،‬وأسرة مدينا‪ ،‬وأسرة كويهن‪،‬‬ ‫وأسرة الِغْرية‪ ،‬وأسرة بنرويا‪ ،‬وأسرة ملول‪ ،‬وأسرة بناحيم‪.‬‬ ‫وفي الوقت الحاضر‪ ،‬يستخدم العديد من اليهود القصريين شبكة التواصل االجتماعي‬ ‫لتبادل األخبار واألفكارفيما بينهم‪ ،‬وطرح تجاربهم‪ ،‬وصورهم‪ ،‬وأحيانا أوصاف المدينة‪ .‬ومنهم‬

‫سامويال ‪ Samuela‬بكتاباتها العديدة حول “الحماية اإلسبانية” التي جعلتنا نعرف أن إسبانيا‬ ‫كانت “مختلفة تمامًا عن طنجة وتطوان وبالطبع عن شبه الجزيرة األيبيرية‪ ،‬التي اختفت‬ ‫منها العائالت اليهودية التقليدية تمامًا قبل خمسة قرون تقريبا “‪ .‬يقولون بحزن‪“ :‬إنها‬ ‫إسبانيا القديمة”‪ ،‬ولكن مع إضافة الثقافة اإلسالمية المسيطرة‪ ،‬حيث اندمج اليهود فيها منذ‬ ‫زمن طويل‪ ،‬وعاشوا مع شعوبها”‪.‬‬

‫أجيال من المثقفين والسياسيين والشعراء ‪:‬‬

‫ربما يكون هذا الماضي من التعايش هو الذي أوجد تلك المادة الحيوية التي شكلت‬ ‫النسيج االجتماعي عبر العقود وسمحت بخلق العديد من الفنانين والكتاب والسياسيين ورجال‬ ‫العلم والدين واألكاديميين والموسيقيين والشعراء والرياضيين المشهورين‪ ،‬وآخرين‪. ....‬‬ ‫ومن هؤالء على سبيل التمثيل ال الحصر‪ ،‬نذكر‪ :‬البروفسور الدولي مصطفى العزوزي في‬ ‫ميدان جراحة األعصاب‪ ،‬وعبد الحميد بنعزوز عالم األعصاب الدولي في مرض الباركنسون‪.‬‬ ‫ومن السفراء بوغالب العطار في كوبا‪ ،‬ومحمود الرميقي في بيرو‪ ،‬ومن الشعراء والكتاب‬ ‫والروائيين؛ محمد الخمار الكنوني‪ ،‬ووفاء العمراني‪ ،‬ومحمد صيباري‪ ،‬ومحمد سعيد الريحاني‪،‬‬ ‫ورشيد الجلولي‪ ،‬وبهاء الدين الطود‪ ،‬ومحمد العربي العسري‪ ،‬وأنس الفاللي‪ .‬ومن الصحفيين‬ ‫اإلخوان الكنوني في هسبريس‪ ،‬وإدريس التيكي‪ .‬ومن الفنانين التشكيليين المختار غيالن‪،‬‬ ‫محمد ريس‪ ،‬شفيق الزكاري‪ ،‬قرمادي عبد الخالق‪ .‬ومن الموسيقيين والملحنين‪ ،‬عبد السالم‬ ‫عامر‪ ،‬ومحمد الرايسي‪ ،‬وحميد القصري‪ .‬ومن الرياضيين الحاصلين على ميداليات أولمبية‬ ‫األمين الشنتوف وعادل الكوش‪ .‬إضافة إلى شخصيات أخرى في عالم السياسة‪ ،‬مثل خالد‬ ‫السفياني المنسق العام للمؤتمر القومي العربي‪ ،‬وإدريس الضحاك األمين العام للحكومة‪.‬‬ ‫لقــد تركــت والدة ومعيشــة العديد من‬ ‫اإلسبان بالقصر بصمة في نفوسهم وفي‬ ‫الحياة العامة‪ ،‬وفي قطاع األعمال‪ ،‬واالبحـث‬ ‫األكاديمي اإلسباني‪ ،‬وتحقق ذلك في إنشاء‬ ‫جمعية أصدقاء القصر الكبير وتطوان سنة‬ ‫‪ ،2003‬بعدها بسنوات قليلة تأسست جمعية‬ ‫أصدقاء القصر الكبيـــر‪ .‬وفي سنـة ‪2015‬‬ ‫تأسس نادي أصدقاء المغرب برئاسة أحد‬ ‫اإلسبان القصرييـــن وهو‪Pedro Bofill ،‬‬ ‫‪ ،Abeilhé‬النائب السابق للحزب اإلسباني‬ ‫العمالي االشتراكي ‪ PSOE‬ومندوب الحكومة‬ ‫في كانتابريا‪ .‬إضافة إلى أسماء أخرى قصرية‬ ‫إسبانية مثل الكاتبة سونسوليس فاسكويز‬ ‫‪ ،Sonsoles Vázquez‬والمؤرخ توماس‬ ‫راميرز أورتيز‪ ،‬والمحامي أنطونيو جيا باربيرا‬ ‫الذي اشتهر بأبحاثه التاريخية حول مدينة‬ ‫القصر‪.‬‬ ‫‪ ‬وتتويجا لهــذه الجولــة التاريخيـــة‬ ‫الصغيرة التي تربط إسبانيا بالمغرب‪ ،‬يمكن‬ ‫أن نستنتج‪ ،‬أنه على الرغم من أن الموجة‬ ‫السياحيـة لم تؤت أكلهــا في المياديـــن‬ ‫التنمويــة‪ ،‬هنــاك اليوم بدائل أخرى مثل‬ ‫السياحة الثقافية والسياحة البيئية واألنشطة التاريخية والفنية والثقافية التي تجذب المزيد‬ ‫من الناس الحريصين على معرفة التاريخ والسكان وتقلبات الماضي المشترك‪.‬‬ ‫ــــــــــــــــ‬ ‫الهوامش ‪:‬‬ ‫‪ - 1‬مقال نشر بمجلة أطليار بين الضفتين “ ‪ “ Atalayar entre dos orillas‬أي المراقب لما‬ ‫بين الضفتين‪ ،‬وهي مجلة شهرية جديدة تأسست بتاريخ ‪ 2013/03/27‬بمدريد إسبانيا‪ ،‬بتعاون مع‬ ‫السفارة المغربية في إسبانيا ومعهد سرفانتس‪ ،‬وبعض المؤسسات األخرى‪ .‬ورغم أنها أسست حصريا‬ ‫لتعنى بأخبار قادة البحر األبيض المتوسط‪ ،‬فإنها تولي اهتماما خاصا لما يحدث في شمال وجنوب البحر‬ ‫األبيض المتوسط​​‪ ،‬دون إغفال العالم العربي‪ ،‬والقارة األفريقية‪ .‬فهي مرجع مهم للمعلومات السياسية‬ ‫واالقتصادية‪ ،‬والثقافية واالجتماعية والرياضية‪ ،‬وللتحليالت المتعلقة بدول البحر المتوسط ​​ والعالم‬ ‫العربي واإلفريقي بأسره‪.‬‬ ‫‪ - 2‬كاتب مرموق‪ ،‬له عدة مقاالت في الكثير من المجالت والصحف طالت أربعين سنة من أعماله‬ ‫اإلخبارية والتحليلة‪ ،‬ومنه مقاله األخير في مجلة أطاليار تحت عنوان « مدينة القصر الكبير جوهرة‬ ‫التعايش البشري طالها النسيان» على إثر إصدار كتاب حول يهود القصر الكبير للباحثين القصريين‬ ‫محمد أخريف ومحمد العربي العسري‪.‬‬ ‫‪ - 3‬قمنا بترجمة المقال المنشور في هذه المجلة الصادرة في مدريد في شهر غشت من سنة‬ ‫‪ ،2019‬ولم نتدخل إال في تصحيح اإلشكال الذي وقع فيه صاحب المقال المتعلق بإدراج صورة ضريح‬ ‫سيدي بلعباس بمراكش‪ ،‬بدل صورة ضريح سيدي بلعباس بالقصر الكبير التي أثبتناها في الترجمة‪،‬‬ ‫وكذا اسم ضريحه الذي هو ربي يهودا جبلي وليس بنسولي‪.‬‬


‫الثالثـاء ‪� 10‬إلى ‪� 16‬شتنرب ‪2019‬‬

‫العدد ‪1010‬‬

‫‪15‬‬

‫الذكرى المائوية‬

‫إلنشاء جمعية للدفاع عن الحقوق المدنية والمصالح‬ ‫العامة بتطوان سنة ‪1919‬م‬ ‫• بقلم‪ :‬األستاذة حسناء داود‬ ‫من المواضيع التي أصبحت تشغل الرأي‬ ‫العام الدولي حاليا‪ ،‬موضوع حقوق اإلنسان‪،‬‬ ‫والبحث عن الوسائل والطرق التي يمكن‬ ‫أن تحقق وتنفذ بنود الوثائق المتضمنة‬ ‫للقوانين الضامنة لحق المرء في أن يعيش‬ ‫حياة ال يتعرض فيها ألي نوع من أنواع القهر‬ ‫أو الضغط أو الحرمان‪ .‬وفي مسارنا مع هذا‬ ‫الموضوع باختصار شديد‪ ،‬نجد أنه في سنة‬ ‫‪ 1948‬تبنت األمم المتحدة ما يعرف باإلعالن‬ ‫العالمي لحقوق اإلنسان الذي يتضمن رأي‬ ‫هذه الهيئة العالمية في حقوق اإلنسان‬ ‫المحمية لدى كل الناس‪ .‬بعد أن تبنته في ‪10‬‬ ‫ديسمبر من السنة المذكورة في قصر شايو‬ ‫بباريس‪ ،‬ليصبح وثيقة حقوق دولية تمثل هذا‬ ‫المكتسب‪ .‬ولقد نالت تلك الوثيقة موقعاً هاماً‬ ‫في القانون الدولي‪ ،‬وذلك مع وثيقتي العهد‬ ‫الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية‬ ‫سنة ‪ ،1966‬وكذا العهد الدولي الخاص‬ ‫بالحقوق االقتصادية واالجتماعية والثقافية‬ ‫سنة ‪ 1966‬أيضا‪.‬‬ ‫وبغض النظر عن القوانين واإلعالنات‬ ‫المتعلقة بالمطالبة بالدفاع عن الحقوق السياسية لإلنسان على الصعيد‬ ‫العالمي‪ ،‬فإنه من الطريف جدا‪ ،‬أن نقف في فترة مبكرة جدا من تاريخ المغرب‬ ‫الحديث‪ ،‬على وثيقة انبثقت عن أفراد المجتمع المدني بمدينة تطوان المغربية‪،‬‬ ‫حيث اجتمع أهل هذه المدينة‪ ،‬وتكاتفوا لإلعالن عن تكتلهم ضمن جمعية‬ ‫تتحدث باسم الجميع‪ ،‬وتدافع عن حقوقهم الضائعة‪ ،‬وذلك في سنة ‪ ،1919‬أي‬ ‫منذ قرن كامل‪.‬‬ ‫وفي هذا الصدد‪ ،‬ووقوفا على بعض النوادر التي تتضمنها ربائد األستاذ‬ ‫محمد داود رحمه اهلل في خزانته الداودية‪ ،‬نجد مسودة تقرير بقلم مجهول‪،‬‬ ‫وهذا التقرير عبارة عن وثيقة يتم فيها اإلعالن عن تأسيس جمعية للدفاع عن‬ ‫الحقوق المادية والمعنوية لساكنة مدينة تطوان‪ ،‬أطلق عليها اسم «جمعية‬ ‫الحقوق التطوانية»‪ ،‬وذلك عام ‪1337‬هـ (الموافق لسنة ‪1919‬م)‪ ،‬وهذه الوثيقة‬ ‫مكتوبة على ظهر غالف رسالة بخط دقيق ومتداخل تصعب معه قراءة بعض‬ ‫الفقرات‪ .‬ومن الجدير بالذكر أن الورقة المذكورة تحمل تاريخين اثنين‪ ،‬فقد‬ ‫ذكر في بدايتها أن اجتماع األهالي لتأسيس الجمعية المذكورة كان بتاريخ ‪26‬‬ ‫رجب ‪1337‬هـ (أي ما يوافق ‪ 26‬أبريل ‪1919‬م)‪ ،‬بينما ورد في نهايتها تاريخ‬ ‫تقييد المذكرة أو التقرير‪ ،‬وهو ‪ 17‬جمادى األولى عام ‪( 1338‬الذي يوافق يوم ‪6‬‬ ‫فبراير سنة ‪1920‬م)‪ ،‬مما يدل على أن كاتبها قد شرع في كتابتها عند تأسيس‬ ‫الجمعية‪ ،‬ثم تابع أعمال أعضائها ومحاوالتهم لتحقيق أهدافهم بعقد اجتماعات‬ ‫مع المسؤولين‪ ،‬إلى أن مرت شهور دون أن يتحقق حلمهم المنشود‪.‬‬ ‫والوثيقة المذكورة قد طال عليها الزمن‪ ،‬فتآكلت بعض جوانبها‪ ،‬وتمزقت‬ ‫بعض حواشيها‪ ،‬مما جعل قراءتها من الصعوبة بمكان‪ .‬كما يالحظ عليها أنها‬ ‫قد اشتملت على بعض التعابير والكلمات العامية‪ ،‬مما تطلب بعض الشرح‬ ‫أو اإليضاح في الهامش‪ .‬وهذا ما تمكنا من استخالصه مما تحتويه الوثيقة‬ ‫المذكورة‪ ،‬التي ننشرها بمناسبة مرور مائة سنة على صدورها‪ ،‬حفظا للتاريخ‪،‬‬ ‫وتذكيرا بما يسم مدينة تطوان من االهتمام بمثل هذه المبادرات الهادفة‪.‬‬ ‫وهذا نص الوثيقة‪:‬‬ ‫«الحمد هلل وحده وصلى اهلل على سيدنا محمد وعلى آله‪.‬‬ ‫اجتمعت في يوم اإلثنين ‪ 26‬رجب ‪ )1( 37‬جمعية من أهل تطوان في الجامع‬ ‫الكبير في الساعة العاشرة صباحا يوم تاريخه‪ ،‬ومقصود الجمعية التكلم في‬ ‫الشؤون التي ترجع ألهل البلد ومصلحتها‪ ،‬فجلسوا‪ ،‬وعددهم يزيد على المائتين‪،‬‬ ‫أخص منهم البعض بالذكر‪ ،‬فمنهم‪:‬‬ ‫‪ )2‬وعبد القادر الرزيني‬

‫‪) 1‬‬

‫(خليفة القاضي) الحسن أفيالل‬

‫ـ‬

‫‪) 3‬‬

‫والصفار (خليفة الباشا سابقا)‬

‫ـ‬

‫‪ )4‬ومصطفى أفيالل‬

‫‪) 5‬‬

‫والحاج أحمد بريشة‬

‫ـ‬

‫‪ )6‬وبريشة بن عبد السالم‬

‫‪) 7‬‬

‫وج محمد الرهوني‬

‫ـ‬

‫‪ )8‬وأكزول‬

‫ـ ‪ )10‬وعبد الكريم اللبادي (ابن الفقيه)‬

‫‪) 9‬‬

‫وعبد القادر عزيمان‬

‫‪) 11‬‬

‫ومحمد أشعاش (الكبير)‬

‫ـ‬

‫‪) 13‬‬

‫والدفوف‬

‫ـ ‪ )14‬والجيار‬

‫‪) 15‬‬

‫وأحمد الطريس (الساكن بالعيون) ـ ‪ )16‬وأحمد الفاسي (الساكن بالطرنكات)‬

‫‪ )12‬ومدينة (الوسواس)(‪)2‬‬

‫‪) 17‬‬

‫والحاج أحمد بن جلون‬

‫‪) 19‬‬

‫وبن عبود (التاجر الذي يبيع السلعة) ـ ‪ )20‬والعربي الخطيب‬

‫ـ ‪ )18‬وأحمد أفيالل‬

‫‪) 21‬‬

‫ومحمد بن محمد الموذن‬

‫ـ ‪ )22‬والبقالي (صاحبه)‬

‫‪) 23‬‬

‫ومَحمد بيصة‬

‫ـ ‪ )24‬ومحمد اطنانة‬

‫‪) 25‬‬

‫ومحمد مدينة‬

‫ـ‬

‫‪) 27‬‬

‫والصباغ‬

‫ـ ‪ )28‬وبريشة مصطفى‬

‫‪ )26‬واليعقوبي‬

‫‪) 29‬‬

‫والعربي‬

‫ـ ‪ )30‬وعبد اهلل أشعاش (الصغير)‬

‫‪) 31‬‬

‫وعبد السالم الهواري‬

‫ـ ‪ )32‬ومحمد الحاج‬

‫‪) 33‬‬

‫وأفيالل (الذي حانوته بالسويقة) ـ ‪ )34‬والسلوي الصغير‬

‫‪) 35‬‬

‫والمهدي الموفق‬

‫‪) 37‬‬

‫ومَحمد الرزيني‬

‫ـ ‪ )36‬وأحمد اللبادي (صاحب المناظر(‪))3‬‬ ‫ـ‬

‫‪ )38‬والصفار‬

‫‪) 39‬‬

‫والعمرتي‬

‫‪) 40‬‬

‫و(المتوسط)(‪)5‬‬

‫‪) 43‬‬

‫والحسن بن مخوت‬

‫‪ )40‬والدليرو (الصغير)(‪)4‬‬

‫ـ‬

‫‪ )42‬ومحمد العمراني (الزاوية) (‪)6‬‬

‫ـ‬ ‫ـ‬

‫‪ )44‬وأحمد بوحرمة‬

‫‪) 45‬‬

‫ومحمد الفقاي‬

‫ـ‬

‫‪ )46‬والعلمي بن حليمة‬

‫‪) 47‬‬

‫وأحمد بن سفاج‬

‫ـ‬

‫‪ )48‬وأحمد سالمة‬

‫ـ ‪ )50‬والعطار (الذي يبيع الجاللب)‬

‫‪) 49‬‬

‫وعبد الكريم كرّيش‬

‫‪) 51‬‬ ‫‪) 53‬‬

‫ومحمد اللبادي (أخو الحاج أحمد‪ ،‬أي نائب إخوته) ـ ‪ )52‬والعربي (أخوه)‬ ‫ـ ‪ )54‬ومحمد بن عمر النجار (صاحب الركينة)‬ ‫والعربي الس ّقا‬

‫‪) 55‬‬

‫والسيد محمد ‪ )7(...‬وولده (األبيض) ـ ‪ )56‬ودرجاج‬

‫‪) 57‬‬

‫وحجاج الذي ‪ )8( ...‬خطيبا‬

‫وغيرهم ممن يطول ذكرهم‪ .‬ولما اجتمعوا في البالط الثاني قبالة‬ ‫الطاقة(‪ )9‬التي على المحاج(‪ ،)10‬ابتدأ بعضهم بالكالم‪ ،‬فقام العربي الخطيب‬ ‫وقال‪ :‬أيها السادات‪ ،‬إن هذه الجمعية في ‪ )11(...‬في وقت نريد الكالم فيه ‪...‬‬ ‫(‪ )12‬وإذا كان كذلك‪ ،‬فيتعين علينا أن نعين لنا أعضاء يكونوا نيابا عن بقية أهل‬ ‫البلد‪ .‬فاستحسن الجميع كالمه‪ ،‬وتكلم الدفوف كالما قال فيه‪ :‬إننا معشر أهل‬ ‫هذه الجمعية مهما اجتمعت كلمتنا والتأمنا ولم يقع بيننا نزاع إال وكان كل ما‬ ‫نريد‪ ،‬ومهما كان غير ذلك إال ولم نخرج على طائل‪ .‬ثم نظر الجميع في األعضاء‪،‬‬ ‫فاتفقوا على أن يكون رئيسا لهم أحمد أفيالل‪ ،‬وأن يكون األعضاء على أهل كل‬ ‫حومة‪ ،‬فأهل السياغين(‪ :4 )13‬الحاج أحمد بن جلون‪ ،‬وبن عبدالسالم بريشة‪،‬‬ ‫وأحمد مدينة الوسواس‪ ،‬ومحمد بن الفقيه اللبادي‪ .‬وأهل الربض األسفل ‪:4‬‬ ‫الصفار‪ ،‬ومصطفى أفيالل‪ ،‬وبن عبود‪ ،‬والدفوف‪ .‬وأهل الطرنكات ‪ :4‬أحمد ومحمد‬ ‫الفاسي‪ ،‬ومحمد أشعاش‪ ،‬والعمراني الزاوية‪ .‬وأهل العيون ‪ :3‬أكزول‪ ،‬وج محمد‬ ‫الرهوني‪ ،‬وأحمد الطريس‪.‬‬ ‫ثم اتفقوا على أن العربي الخطيب يكون هو الكاتب للجمعية‪ ،‬ثم اتفقوا على‬ ‫أن يطلعوا جميعا‪ )14(...‬الباشا السيد أحمد الطريس لمحكمته‪ ،‬فطلعوا مجتمعين‬ ‫إلى القائد‪ ،‬فاجتمعوا وازداد عليهم في الطريق عدد آخر‪ ،‬كما نقص عدد آخر من‬ ‫غير المذكورين والموظفين‪ ،‬ثم اجتمعوا في جامع الباشا‪ ،‬ثم أتى الباشا فجلس‪،‬‬ ‫فتكلم الرئيس للجمعية أحمد أفيالل‪ ،‬وقال‪ :‬يا سيدي أسسنا هذه الجمعية كي‬ ‫ننظر في مصالح أهل البلد‪ ،‬وهؤالء أعضاؤها‪ ،‬فنريد أن نتكلم‪ ،‬فهذه ستة أعوام‬ ‫ونحن نأكل ال َقدْحٍي (‪ ،)15‬واليوم أكثر‪ ،‬و‪ )16(...‬أن نتكلم على مسائل‪:‬‬ ‫أوال على مسئلة أننا نرى أمتعتنا تضيع ونحن ننظر‪ ،‬وال يستطيع أحدنا أن‬ ‫يدافع عن نفسه (يعني أمتعة الخالء (‪ ،))17‬حتى إن الرجل يذهب منا لغرسته فيجد‬ ‫فيها العساكر يأخذون متاعه‪ ،‬فال يستطيع أن يخرجهم وال أن يذهب إلى المخزن‪.‬‬ ‫وثانيا مسئلة الضريبة‪ ،‬يذهب الرجل منا إلى الضريبة ليخ ّلص(‪ ،)18‬فال يجد‬ ‫من يتكلم معه وال من يعطيه أين يجلس وال غير ذلك‪ ،‬ونرى أن اإلنسان إذا‬ ‫ذهب للديوانة ليعشّر(‪ )19‬متاعه‪ ،‬فيعطيه األمين الشلية (‪ )20‬ليجلس عليها‪،‬‬ ‫وأيضا هم ال يعطون الكواغط (‪ )21‬كما على العادة‪ ،‬فإن الرجل منا يخلص المرة‬ ‫األولى‪ ،‬وال يأخذ توصيال على ذلك‪ ،‬ثم يخ ّلص ثانيا على ما خلص عليه أوال‪ ،‬ثم‬ ‫ثالثا كذلك‪ ،‬فلماذا هذا؟‬ ‫ثالثا مسئلة ضريبة الماء‪ ،‬فإن الرجل كان إذا أراد أن يصلح معدة (‪ )22‬أو‬ ‫غيرها‪ ،‬يخلص سبعة باليين‪ ،‬واآلن صار يخلص سبعة بسّيطات‪ ،‬على م هذا‬ ‫ونحن ليس عندنا ما نخلص بذلك‪ ،‬وما نقبضه ال يكفينا‪.‬‬ ‫رابعا مسئلة الضاو(‪ )23‬الكهربائي‪ ،‬فإنه لم يوف بالشروط التي لنا عليه‪،‬‬ ‫اعتذر أوال بالكِرَّة (‪ )24‬فزاد ‪ 25‬في المائة‪ ،‬ثم زاد ‪ 10‬في المائة‪ ،‬فصار الجميع‬ ‫‪ 35‬في المائة‪ ،‬على م هذا؟ فإذا أراد أن يرجع للطريق ف ِنعْم‪ ،‬وإال فليعطينا‬ ‫الدراهم التي خ ّلصنا ويقطع ضاوه في األول من الشهر القابل‪.‬‬ ‫خامسا مسئلة تموين البلد‪ ،‬فإن البلد كلها ليس فيها مائة خنشة من‬ ‫الدقيق‪ ،‬مع أن البلد تأكل في اليوم ‪ 50‬أو‪ 60‬خنشة في اليوم‪ ،‬ونحن ليس عندنا‬ ‫ما نأكل‪ ،‬ففي الغد نصبح ننظر إلى بعضنا أو نأكل بعضنا‪.‬‬ ‫ثم تكلم ج محمد الرهوني على مسئلة التموين أيضا‪ ،‬وقال‪ :‬ليس في البلد‬ ‫مائة خنشة‪ ،‬ومن كانت عنده فليظهرها‪ ،‬ونحن معاشر التجار ال نكتب إلى دار من‬ ‫ديار السلعة وتجيبنا إلى مطلوبنا‪ ،‬لكون المخزن ثقف عليهم ذلك‪ ،‬فليت شعري‬ ‫ماذا نأكل مع أن البُر مقطوع‪ ،‬وعلى فرض وجود الزرع فأين يُطحن؟‬

‫ثم تكلم أكزول على مسئلة الضريبة‪ .‬ومن‬ ‫جملة ما قاله الرئيس‪ :‬ياهلل نمشو(‪ )25‬عشرة من‬ ‫الناس ونطلع لمدريد‪ ،‬وأنا واحد من تسعة أخلص‬ ‫من جيبي الخاص‪ ،‬وهذه ست سنين ونحن تحت‬ ‫هذا‪.‬‬ ‫ومن جملة ما قاله للباشا‪ :‬نحن نقول هذا‬ ‫ونذهب للحبس‪ ،‬على سبيل البسط‪ ،‬فأجابه‪ :‬إنه‬ ‫ال يرفدكم(‪ ،)26‬ثم خرج الباشا وقال‪ :‬أنا أذهب إلى‬ ‫الوزير وأتكلم معه في ذلك‪ ،‬ثم خرج وبقي قليال‪،‬‬ ‫ثم أرسل وراء األعضاء‪ ،‬وخرجوا وذهبوا إلى الوزير‬ ‫الصدر األعظم محمد بن عزوز ليخبروه بما عزموا‬ ‫عليه‪.‬‬ ‫وها هنا ال أحسن شيئا من القول أكتب‬ ‫مدلوله مسطرا أ ّال حول وال قوة إال باهلل العلي‬ ‫العظيم‪ ،‬ويا للعجب ولضياع محبة النفع‪ ،‬فخذ من‬ ‫المضروب له مثال للشمس مع النبات ولو ادعاء‬ ‫– إن لم يوجد حقيقة – لإلسالم‪ .‬أجاب الخئون‬ ‫بجالل‪ :‬ما كان ينبغي لكم أن تتفقوا أو تنطقوا‬ ‫بمثل هذه اللهجة‪ ،‬حيث إنكم تحصلون على هناء‬ ‫ورفاهية‪ ،‬ولعلكم أنفسكم متعلقة‪ )27(.....‬الوحيد‬ ‫إنما هو جلب المصالح لبالدكم وأنفسكم وأوالدكم‬ ‫ودرء المفاسد كذلك‪ ،‬وها أنا أتحمل ذلك من غير احتياج إلى هذه الجمعية أي‬ ‫التي تريد أن تحصل على سعادتها والكن إلخ‪ .‬ويحفظ اهلل سيدنا الخالـ‪)28( .....‬‬ ‫وإن كان مثلنا ظاهرا‪ .‬حيث قال حيث تكلمنا عما أجبت به الجمعية قال حفظه اهلل‬ ‫نعم هو يجري في مصالحنا الكن حيث يذهب إليه أحد في حاجة‪ ،‬ليت شعري ماذا‬ ‫يكون جوابه‪ ،‬إنما ذلك ال يزيد على أن يقول اذهب إلى (كشطروا) (‪ )29‬الكلب‬ ‫فهو الحكم العدل‪ ،‬قلت فليت شعري هل مثل هذا يولى‪ )30(..........‬الخئوني‪.‬‬ ‫وحفظ اهلل رئيسهم خرجوا بعد ذلك إلى جامع الباشا وهناك وجدوا بقية الناس‬ ‫ينتظرونهم وقالوا لم نجب بما كنا نؤمل والكن أنتم هل ترجعون عما عزمتم‬ ‫عليه أم ال؟ فقالوا (ما فعلتم أنتم عليه العمل وما وظفناكم حتى كنتم مفوضين)‪.‬‬ ‫ثم اتفقوا على أن ال يرجعوا عما عزموا عليه‪ .‬وفي الغد كتبوا لصاحب النور‬ ‫الكهربائي فقال لهم‪ )31(....‬الجواب بعد ‪ 15‬يوما‪ .‬وأما المسائل األخرى فأخرت‬ ‫إلى أن يأتي الخنرال برنكير(‪ )32‬المقيم العام‪ .‬وإلى اآلن ينتظر فروغ الخمسة‬ ‫عشر يوما‪ ،‬كما ينتظر حج المقيم ليتكلم في باقي المسائل‪ .‬هـ‪ .‬وقيد في ‪17‬‬ ‫جمدى ‪ )33(.»1338 .1‬وبلغني أن الذي جرى في فسخ هذه الجمعية هو خليفة‬ ‫الرئيس الصفار القصير خليفة القائد سابقا‪ .‬وكان طلب الرزيني أن يكون رئيسا‬ ‫فامتنع‪ .‬انتهى نص الوثيقة‪.‬‬ ‫الهوامش‪:‬‬ ‫‪. 1‬‬ ‫‪. 2‬‬ ‫‪. 3‬‬ ‫‪. 4‬‬ ‫‪. 5‬‬ ‫‪. 6‬‬ ‫‪. 7‬‬ ‫‪. 8‬‬ ‫‪. 9‬‬ ‫‪. 10‬‬ ‫‪. 11‬‬ ‫‪. 12‬‬ ‫‪. 13‬‬ ‫‪. 14‬‬ ‫‪. 15‬‬ ‫‪. 16‬‬ ‫‪. 17‬‬ ‫‪. 18‬‬ ‫‪. 19‬‬ ‫‪. 20‬‬ ‫‪. 21‬‬ ‫‪. 22‬‬ ‫‪. 23‬‬ ‫‪. 24‬‬ ‫‪. 25‬‬ ‫‪. 26‬‬ ‫‪. 27‬‬ ‫‪. 28‬‬ ‫‪. 29‬‬ ‫‪. 30‬‬ ‫‪. 31‬‬ ‫‪. 32‬‬ ‫‪. 33‬‬

‫أي ‪ 1337‬هـ وهذا التاريخ يوافق ‪ 26‬أبريل ‪ 1919‬م‪.‬‬ ‫الوسواس لقب للسيد أحمد بن عبد الغفور مدينة‪.‬‬ ‫يقصد صاحب النظارات‪.‬‬ ‫يقصد السيد عبد الكريم بن محمد الدليرو‪ ،‬وهو أصغر اإلخوة الثالثة ‪ :‬محمد‬ ‫وأحمد وعبد الكريم‪.‬‬ ‫يقصد أوسط اإلخوة الثالثة المذكورين من أوالد الدليرو‪ ،‬وهو أحمد‪.‬‬ ‫أي الملقب بالزاوية‬ ‫هنا كلمة ال تقرأ لتمزق الورقة‪.‬‬ ‫هنا كلمة ال تقرأ لتمزق الورقة‪.‬‬ ‫أي النافذة‪.‬‬ ‫المحج ‪ :‬أي الشارع العام‪.‬‬ ‫كلمة غير مقروءة لتمزق الورقة‪.‬‬ ‫كلمة غير مقروءة لتمزق الورقة‪.‬‬ ‫يقصد حومة الصياغين بتطوان‪.‬‬ ‫كلمة غير مقروءة لتمزق الورقة‪.‬‬ ‫عبارة عامية القصد منها أن اإلنسان يتحمل من األذى ما ال طاقة له به من‬ ‫طرف الغير‪.‬‬ ‫كلمة غير مقروءة لتمزق الورقة‪.‬‬ ‫المقصود بالخالء األراضي الواقعة خارج أسوار البلد‪.‬‬ ‫يخ ّلص = أي يؤدي الواجب الضريبي المفروض عليه أداؤه للدولة‪.‬‬ ‫يعشّر = أي يؤدي ضريبة السلعة التي استجلبها من الخارج‪.‬‬ ‫الشلية = ‪silla‬كلمة إسبانية بمعنى الكرسي‪.‬‬ ‫الكواغط = جمع كاغط (الورقة) والمقصود التواصيل أو األوراق الالزمة للتعبئة‬ ‫في اإلدارة المختصة‪.‬‬ ‫المِعْدة مكان خاص يعد لحفظ الماء الجاري (ماء السكوندو) داخل المنازل‬ ‫وغيرها داخل المدينة القديمة‪.‬‬ ‫الضاو = الضوء = النور الكهربائي‪.‬‬ ‫الكرّة = كلمة إسبانية ‪ guerra‬بمعنى الحرب‪.‬‬ ‫أي هيا بنا نمشي‪.‬‬ ‫أي ال يسع عددكم الكبير‪.‬‬ ‫هنا عبارة من نحو ‪ 6‬كلمات غير مقروءة بسبب تمزق الورقة‪.‬‬ ‫كلمة غير مقروءة لتمزق الورقة‪.‬‬ ‫‪ Castro‬أحد كبار المسؤولين في اإلقامة العامة اإلسبانية بالمغرب‪.‬‬ ‫كلمة غير مقروءة‪.‬‬ ‫كلمة غير مقروءة لتمزق الورقة‪.‬‬ ‫المقيم العام اإلسباني بالمغرب‪ :‬داماسو برنكير إي فوسطي ‪Dámaso‬‬ ‫‪.Berenguer y Fuste‬الذي تولى منصب المقيم العام من ‪ 1919‬إلى‬ ‫‪ 1922‬م‪.‬‬ ‫الموافق ‪ 7‬مارس ‪.1920‬‬


‫‪16‬‬

‫الثالثـاء ‪� 10‬إلى ‪� 16‬شتنرب ‪2019‬‬

‫العدد ‪1010‬‬

‫كتابات يف تاريخ‬ ‫منطقة ال�شمال ‪:‬‬

‫(‪)912‬‬

‫“ تاريخ مسرح الطفل‬ ‫في المغرب “‬

‫صدر كتاب “ تاريخ مسرح الطفل في المغرب “ لمؤلفه مصطفى عبد السالم المهماه سنة ‪،1986‬‬ ‫وذلك في ما مجموعه ‪ 118‬من الصفحات ذات الحجم المتوسط‪ .‬والكتاب محاولة رائدة للتوثيق‬ ‫إلحدى أبرز تجارب اإلبداع الوطنية التي الزالت تكتنف تاريخها الكثير من نقاط الظالم الكثيف‪،‬‬ ‫العتبارات شتى تتداخل فيها حيثيات النظرة التنقيصية تجاه هذا النوع من األعمال اإلبداعية‪ ،‬مع‬ ‫حداثة النشأة ومخاضات الوالدة والتطور‪ .‬وإذا كان الكتاب يسعى للتوثيق لمعالم تطور هذا الفن‬ ‫الطفولي على امتداد خريطة الوطن‪ ،‬فإن حضور منطقة الشمال يظل وازنا على مستويات عدة‪،‬‬ ‫أهمها النهل من تجارب محلية رائدة‪ ،‬وانتماء المؤلف لمدينة أصيال التي عرفت حركة مسرحية‬ ‫متميزة عند فجر االستقالل‪ ،‬تأثر بها المؤلف وتفاعل معها‪ ،‬ثم توظيف الباحث المهماه النفتاحه على‬ ‫مجال علم السوسيولوجيا قصد استنطاق الكثير من المظاهر الرمزية والثقافية والفنية والفرجوية‬ ‫السائدة بمدينته األصلية والموروثة عن القرون الماضية‪ ،‬من أجل إبراز عمقها اإلنساني واإلبداعي‬ ‫العميق والممتد في الزمن‪ .‬أضف إلى ذلك‪ ،‬أن المؤلف لم يكن – أبدا ‪ -‬شخصا غريبا عن الفعل‬ ‫الجمعوي المتواصل داخل مدينة أصيال‪ ،‬جسده من خالل الحضور الفاعل داخل العديد من اإلطارات‬ ‫الجمعوية الثقافية‪ ،‬وساهم في تخصيبه من خالل‬ ‫سلسلة إصداراته المتراتبة‪ ،‬بحثا في قضايا ماضي مدينة‬ ‫أصيال‪ ،‬وتوظيفا لنتائج تنقيباته الميدانية المباشرة‪.‬‬ ‫ولتوضيح السياق العام الذي أفرز الكتاب موضوع هذا‬ ‫التعليق‪ ،‬يقول المؤلف في التقديم العام لعمله ‪... “ :‬‬ ‫إذا كانت القصة والشعر الطفلي في المغرب قد حقق‬ ‫تقدما نوعا ما على يد كتاب بدأوا مؤخرا يتجهون نحو‬ ‫التخصص في أدب الطفل‪ ،‬فإن المسرح ظل متأخرا‪،‬‬ ‫وهذا ال نعتبره إهماال من طرف المثقفين المغاربة‪ ،‬بل‬ ‫حتى العرب‪ ،‬وإنما راجع في نظرنا إلى الظروف التاريخية‬ ‫المتمثلة في محاربة االستعمار‪ ،‬واألمية التي كان سببها‬ ‫هذا األخير ‪ ...‬فاالهتمام بمسرح الطفل بصفة جدية‪،‬‬ ‫يحتاج كذلك إلى تسجيل تاريخه من الشكل التقليدي‪ ،‬أو‬ ‫ما نسميه بالمسرح الشعبي للطفل‪ .‬ونعني به من بداية‬ ‫حرق البخور‪ ،‬وتالوة األهازيج الشعبية عند والدته ‪ ...‬إلى‬ ‫تعلمه تمثيل أدوار إيهامية مع دميته إلى مشاركته‬ ‫االجتماعية لألطفال في األلعاب الخارجية من أناشيد‬ ‫وألعاب جماعية ‪ ،‬إلى الحضور إلى جانب الكبير في الحفالت االجتماعية من أعراس‪ ،‬وعقيقة ‪ ...‬بما‬ ‫فيها حفالت البساط‪ ،‬ومحاولة تقليدها فيما بعد‪ ،‬إلى ظهور بذور لنهضة مسرحية تعتمد القواعد‬ ‫واألصول المسرحية‪ ،‬وذلك للتأثير الذي تركته الفرق الزائرة للمغرب‪ ،‬سواء العربية أو األوربية‪ .‬بعدها‬ ‫تأتي المرحلة التأسيسية‪ ،‬وإن كانت هذه المرحلة نعتبرها في مهدها‪ ،‬رغم ضعف اإلنتاج ورداءته‬ ‫في بعض األحيان من جهة‪ ،‬ولضعف كتابه من حيث التكويم التربوي والثقافي وحتى المسرحي من‬ ‫جهة ثانية ‪ ( “ ...‬ص ص‪.) 9 – 8 .‬‬ ‫ولتوسيع دوائر البحث حول موضوع الكتاب‪ ،‬قسم المؤلف عمله بين خمسة فصول‬ ‫ ‬ ‫متكاملة‪ ،‬إلى جانب تمهيد عام‪ ،‬وتقديم للمرحوم أحمد عبد السالم البقالي وخاتمة استنتاجية‬ ‫وتقييمية‪ .‬ففي القصل األول‪ ،‬سعى مصطفى المهماه إلى تحديد الجهاز المفاهيمي الموظف في‬ ‫عمله‪ ،‬مميزا بين مفهوم مسرح الطفل ومسرح للطفل‪ .‬وفي الفصل الثاني‪ ،‬انتقل المؤلف لتحديد‬ ‫سمات المسرح التقليدي أو المسرح الشعبي للطفل‪ ،‬موثقا للعديد من المظاهر االحتفالية التي‬ ‫توارثها المجتمع المغربي‪ ،‬وعبر – من خاللها – عن مظاهر فرجوية متميزة مثل حلقات الطرقية‬

‫�أ�سامـة الزكاري‬ ‫‪zougariousama@gmail.com‬‬

‫واألعراس‪ ،‬ومشاهد إطالق البارود‪ ،‬وعاشوراء‪ ،‬والعنصرة‪ ،‬والعجوز‪ ... ،‬إلى غيرها من الطقوس‬ ‫الحافلة باألشعار وباألشكال االحتفالية المتوارثة عبر األجيال‪ .‬وفي الفصل الثالث‪ ،‬انتقل المؤلف‬ ‫لرصد المظاهر والبوادر األولى لبروز المسرح المغربي عامة‪ ،‬مميزا بين أشكاله التعبيرية الجنينية‬ ‫مثل الحلقة‪ ،‬والبساط‪ ،‬وحفالت سلطان الطلبة‪ ،‬وأوراد الطريقة الجياللية‪ ،‬وأذكار الزاوية العيساوية‪،‬‬ ‫وأوراد الزاوية الحمدوشية‪ ،‬وأذكار الزاوية الحراقية‪ ،‬وأذكار الزاوية الناصرية‪ .‬وقد ختم المؤلف‬ ‫هذا الفصل بإبراز الدور الذي لعبه مسرح “ البساط “ في توعية المجتمع وفي الترفيه عنه‪ ،‬خاصة‬ ‫بالنظر لصفته الشمولية وكذا بالنظر لتطور وظائفه من الترفيه إلى إبالغ الشكاوى للحكام‪ ،‬وانتقاد‬ ‫الظواهر االجتماعية‪ ،‬والدعوات للتمسك بالدين ولمقاومة االستعمار وتعميم قيم الزهد والتصوف‬ ‫ومحاربة البدع واالنحرافات‪ .‬وفي الفصل الرابع من الكتاب‪ ،‬انتقل المؤلف لتتبع مظاهر نهضة‬ ‫المسرح المغربي عامة ومسرح الطفل خاصة‪ ،‬معرفا ببضع الفرق المسرحية والجمعيات الثقافية‬ ‫الوطنية الفاعلة في المجال خالل الفترة الممتدة بين سنتي ‪ 1924‬و‪ ،1937‬مثلما هو الحال جمعية‬ ‫الطالب المغربية بتطوان وفرقة المدرسة الحرة بالرباط‪ ،‬ثم أهم الفرق الوطنية التي ظهرت خالل‬ ‫فترة ما بين سنتي ‪ 1940‬و‪ ،1956‬مثل جمعية الكشاف‬ ‫الطنجي وفرقة المدرسة القرآنية األصيلية‪ ،‬وأخيرا أهم‬ ‫الفرق الوطنية التي برزت خالل فترة ما بين ‪1956‬‬ ‫و‪ ،1961‬مثل فرقة النجم األصيلي وفرقة الطالب‬ ‫العربي وفرقة نور الفن للتمثيل بأصيال وجمعية تالميذ‬ ‫المدرسة األمريكية وفرقة الشعب بالدار البيضاء‪ .‬وفي‬ ‫الفصل الخامس‪ ،‬انتقل المؤلف للتعريف بحركة مسرح‬ ‫الطفل بعد االستقالل أو ما سماه المؤلف بالمرحلة‬ ‫التأسيسية للحركة المسرحية المغربية المعاصرة‪،‬‬ ‫معرفا بأهم المهرجانات واللقاءات الخاصة بمسرح‬ ‫الطفل خالل الفترة الممتدة بين سنتي ‪ 1978‬و‪.1984‬‬ ‫وقد ختم المؤلف نبشه بتضمين خاتمته خالصات‬ ‫بحثه‪ ،‬إلى جانب جملة من االقتراحات العملية التي‬ ‫كان باإلمكان أن تشكل أرضية للتأمل في واقع مسرح‬ ‫الطفل ببالدنا وبآفاق تطويره وتوسيع إشعاعه‪.‬‬ ‫وبذلك‪ ،‬قدم الباحث مصطفى المهماه عمال تأسيسيا‪ ،‬ال شك وأنه يفتح المجال واسعا‬ ‫ ‬ ‫أمام جهود كتابة تاريخ المسرح المغربي‪ ،‬ويساهم في إلقاء الضوء على العتمات المنسية في الذاكرة‬ ‫اإلبداعية لمغاربة القرن ‪ ،20‬خاصة في شقها المرتبط بالممارسة المسرحية الوطنية المعاصرة‪.‬‬ ‫وإلنهاء هذا التقديم المقتضب‪ ،‬نقتبس جزءا مما كتبه األديب المرحوم أحمد عبد السالم البقالي‬ ‫في سياق تقييمه لمضامين الكتاب‪ ،‬حيث نقرأ ما يلي ‪ “ :‬كما وجدت في كتاب “ المسرح والمجتمع‬ ‫األصيلي “ وثيقة كاملة جامعة للنشاط المسرحي‪ ،‬منذ دخلت هذه الكلمة تلك المدينة‪ ،‬وجدت في‬ ‫مخطوطه الجديد إحاطة وشموال بتاريخ مسرح الطفل في المغرب‪ .‬فقد استعمل األستاذ المهماه‬ ‫ملكته التاريخية والتوثيقية المرهفة‪ ،‬وحاسته العلمية السادسة في العثور على الوثائق المالئمة‪،‬‬ ‫ونبش ذاكرة المغرب الثقافية الغنية باألدب الشعبي الذي كان يتنقل به منتجوه بين المدن‬ ‫والقرى واألسواق العامة‪ ،‬ليعرضوه على سائر طبقات الشعب‪ ،‬قبل مولد السينما والتلفزيون‬ ‫متجاوزين به أسوار األمية العالية التي كانت تحول بين أغلب شرائح المجتمع والكتاب األدبي ‪“ ...‬‬ ‫( ص ص‪.) 6 – 5 .‬‬

‫قرأتُ فلم أزدَدْ إ ّال حيرة‬ ‫• بقلم ‪ :‬عبد المجيد اإلدريسي‬ ‫‪ ...‬أريد ْ‬ ‫أن أكون في مرآتي نفس الصورة التي يراني الناس‬ ‫من خاللها‪ ،‬فتتوَّحدُ الصورة على المرآة عند انعكاسها! وأنا‬ ‫ُ‬ ‫أتحدّث مع الطفل الذي يسكنني بلغة الذاكرة البريئة‪ ،‬وله‬ ‫عليَ ذنبٌ البتعادي عنه في مجاهل سبعين عاماً من عمر‬ ‫وإن َّ‬ ‫الزمان‪َّ .‬‬ ‫كل جارحة تشهدُ له بذلك‪ ،‬منذ صدع –عزرائيل‪-‬‬ ‫بأمر خالقه فقبض روح أمّه هو وأنا غضٌّ غرير‪ .‬ولم أعدْ‬ ‫ُ‬ ‫أتخيّل في مرآة الذاكرة ذاك المشهد لصبيّ يجثو بين ذراعيْ‬ ‫أمّه ليستطعم من ثدْييْها لبنا خالصا‪ .‬تلك هي تجارب الحياة‬ ‫التي جنتْ عليه‪ ،‬ويجني اليوم ثمارَها‪ .‬فقد أصبح اليوم له‬ ‫–قلم‪ ،-‬يُمارس الكتابة‪ ،‬الختراق قضايا اجتماعية وعالمية‪،‬‬ ‫يشاهدُها ويعيشها‪ ،‬من أحداث في العالم العربي‪ ،‬وما تلتقطه‬ ‫عيناه وأذناه من كتابات افتراضية سياسية شرقية وغربية ال‬ ‫ُ‬ ‫–فيتطفل‪ -‬على أشياء تدفعه للكتابة‪ .‬ما‬ ‫يمكن الركون إليها‪.‬‬ ‫لم يكنْ يرغبُ في –مواصلة‪ -‬العيش لولم يكنْ يمتلكُ النزر‬ ‫من الكتابة‪ ،‬وهي المتعة والحياة‪ .‬قبل ْ‬ ‫أن يكون الطفل –كاتباً‪-‬‬ ‫كان قارئاً‪ .‬فيغوص في بحارها بحثا عن اللؤلؤ والمرجان‪ ،‬الذي‬ ‫يفتقده العالم النشغاله بحروب عبثية‪ .‬حينها لم يعدْ طفال‬ ‫ليحيا أجواءأً شاذ ًة‪ ،‬وفي صدْره حرج‪ ،‬تعلوه غصّ ٌة لحنجرة‬ ‫تدمعُ لها العينُ لمآسي تستصغر قدرَ العروبة وأنظمتها‬ ‫على المحك ؟‪َّ .‬‬ ‫لعل بعض األنظمة العربية ضلتْ عن الجادّة‪،‬‬ ‫فكانت عليها مظالم شعوبها‪ ،‬وقد تكون هي إحدى أسباب‬ ‫هالكها ؟‪ .‬فتعدَّدَتْ األجوبة عن هذا السؤال حدَّ التناقض‬ ‫‪ ..‬بل تُصاغ فصولها الرهيبة جرَّاء الطغيان واالستبداد‪،‬‬ ‫لتتغاضى عن واقع شعوبها ؟‪ .‬حتى أصبحتْ وأضحتْ وأمستْ‬ ‫الشعوب العربية أكباش فداء لحروب غربية بالوكالة‪ ،‬للسطو‬ ‫على ثرواتها ؟‪ .‬اإلدراة األمريكية الحالية‪ ،‬وإغراءاتها بأموال‬

‫خليجية طائلة‪ ،‬ضدَّ نفوذ إيران لعدائها إلسرائيل التي تدَمّرُ‬ ‫أبنية غزة لتقتيل أبنائها‪ّ ،‬‬ ‫وكل من بقي على قيد الحياة يخضع‬ ‫للتهجير القسري‪ ،‬خوفاً من الديمغرافية الفلسطينية‪ .‬إسرائيل‬ ‫التي تخشى من ظلها‪ ،‬قامتْ بهجمات في العراق الحليف‬ ‫ألمريكا بخمسة آالف جندي‪ ،‬على هامش قمة الدول السبع –‬ ‫الكبرى‪ ،-‬والرُّعب يعشّشُ في خالياها للتقرُّب بين أمريكا‬ ‫وإيران‪ ،‬من خالل المبادرة الفرنسية‪ .‬الجهود الفرنسية لم‬ ‫تلقَ الترحيب بإسرائيل‪ ،‬وقد أرهبها اإلعالم الفرنسي المواكب‬ ‫لألحداث‪ .‬وقد تفسدها –إسرائيل‪ -‬ورقة المكر هذه‪ْ ،‬‬ ‫إن‬ ‫تقتاربتْ أمريكا وإيران !؟ ولذلك جاءت الهجمات اإلسرائيلية‬ ‫–الضرورية‪ -‬ضدَّ العراق حتى ْ‬ ‫وإن ضربتْ الجنود األمريكيين‬ ‫على أرض العراق‪ ،‬تريد من خالل ذلك إقناع العالم َّ‬ ‫أن إيران‬ ‫–إرهابية‪ ،-‬لتزيد البنزين على النار‪ ،‬وهي المحرّك األساسي‬ ‫للحروب في الشرق األوسط‪ .‬هدف إسرائيل من هجماتها على‬ ‫العراق وسوريا وغزة‪ ،‬تريد من خاللها تخريب العالقة بين‬ ‫ُ‬ ‫أمريكا ودول الخليج؟! ثم ّ‬ ‫يحمّل المسؤولية‬ ‫إن البيت األبيض‬ ‫للمعتدى عليهم‪ ،‬مصرحاً بذلك‪ّ ،‬‬ ‫أن إلسرائيل الحق في الدفاع‬ ‫عن نفسها !؟ بينما –البنتاكون‪ -‬يُحرّم ويُحذر إسرائيل من‬ ‫الهجمات على الدول العربية‪ْ .‬‬ ‫إن هي إال لغة المصالح لإلدارة‬ ‫األمريكية –الميكيافيلية‪ ،-‬تودّ ْ‬ ‫أن تتواصل من إيران وتفصل‬ ‫بين الهجمات والعالقات اإلقتصادية والسياسية‪ ،‬كبائع‬ ‫األوهام؟! بينما فرنسا واألروبيين هم الخاسرون في الصفقات‬ ‫التي وقعوها مع إيران‪ ،‬جرّاء الحصار األمريكي على بالد‬ ‫الفرْس‪ .‬وتستمرُّ إسرائيل ماضية في جرائمها على مرمى من‬ ‫البصر والعين‪ ،‬ال تبالي على من يرضى ومن يسخط‪ ،‬بتغطية‬ ‫من اإلدارة األمريكية ؟! أما الضحية‪ ،‬الشعب العربي الفلسطيني‬

‫أصبح كاألرانب لمختبر االنتخابات اإلسرائيلية‪ ،‬فيوشك أحد‬ ‫أن يفوز بها ْ‬ ‫المرشحين الصهاينة ْ‬ ‫إن هو استجمع أكبر عدد من‬ ‫القتلى العرب المسيحيين والمسلمين‪ .‬وقد يتباهى بجرائمه‬ ‫أثناء الحملة االنتخابية‪ .‬استمرار ألي توتر في المنطقة سيؤثر‬ ‫على الجميع‪ ،‬ويتغذى في إطار لتقديم تنازالت –حقيقية‪ -‬من‬ ‫إيران لتخصيب –اليورانيوم‪ -‬أو وقوفها عند الحدّ األدنى‬ ‫المتفق عليه مع بعض دول أروبا وروسيا واليابان‪ .‬إذ تعتبر‬ ‫أمريكا الحوار مع إيران في مصلحة أمنها القومي ؟ َّ‬ ‫ألن إسرائيل‬ ‫–والية‪ -‬من الواليات المتحدة األمريكية ؟! استرتيجية إسرائيل‬ ‫تعتمد على رفع العنف في المنطقة‪ ،‬لكي يؤدي إلى إخالل سوق‬ ‫النفط العالمية‪ ،‬ليعرقل الجهد الفرنسي واأللماني خالل الجمع‬ ‫العام لألمم المتحدة في دورتها القادمة‪ْ ،‬‬ ‫إن كان ماكرون‬ ‫الرئيس الفرنسي‪ ،‬يُرَتّبُ ويهيء الجتماع الرئيسين روحاني‬ ‫وترامب ! وهو الذي ال يسعى النقالب في إيران‪ ،‬وال يريد أيضاً‬ ‫امتالكها للسالح النووي والباليستي ا اإلدارة األمريكية وقد‬ ‫تجدُ نفسها مضطرة لحوار مع الحوثيين الحتواء النفوذ‬ ‫اإليراني في اليمن‪ّ .‬‬ ‫وكل هذه التحركات السياسية تصبُّ في‬ ‫صالح إسرائيل‪ .‬فهذه الحنضلة في عين العرب‪ ،‬وزينة في عين‬ ‫الصهاينة‪ .‬مع ما تثقل إسرائيل على صدرها إحدى وثمانين‬ ‫رأساً نووياً والدول العربية في غفالتهم‪ .‬وهي لها –إسرائيل‪-‬‬ ‫بعد حين ضمير الشيطان خلف الستارة‪ .‬وقد تقبل على مغامرة‬ ‫نووية كالعقرب حين تحوم حوله النيران ‪ ،‬فيلذغ رأسَهُ ذي ُلهُ‬ ‫السام لإلنتحار !!!‪..‬‬


‫العدد ‪1010‬‬

‫تربويات‬

‫‪17‬‬

‫الثالثـاء ‪� 10‬إلى ‪� 16‬شتنرب ‪2019‬‬

‫مديرية طنجة أصيلة ‪:‬‬

‫استعداد لدخول مدرسي جيد‪ ،‬وبسط ألهم‬ ‫المستجدات التربوية والتعليمية‬

‫عرفت الساحة التربوية بحر هذا االسبوع االنطالقة الفعلية للدراسة بكافة المؤسسات التعليمية‬ ‫التابعة لمديرية طنجة أصيلة‪ ،‬طبقا للموعد الذي حدده المقرر الوزاري رقم ‪ 039.19‬بتاريخ ‪ 29‬ماي‬ ‫‪ 2019‬في شأن تنظيم السنة الدراسية ‪ 2020 /2019‬تحت شعار «من أجل مدرسة مواطنة دامجة»‪.‬‬ ‫لهذا الغرض نظمت مديرية طنجة أصيلة سلسلة من االجتماعات‪ ،‬بمقر المديرية‪ ،‬مع مختلف‬ ‫المتدخلين في الشأن التربوي‪ :‬هيئة المراقبة والتأطير التربوي‪ ،‬مدراء المؤسسات التعليمية‪...‬‬ ‫استعدادا للدخول المدرسي ‪.2020/2019‬‬ ‫بداية توجه المدير اإلقليمي بطنجة أصيلة‪ ،‬السيد رشيد ريان‪ ،‬بكلمة شكر لجميع األطر التربوية‬ ‫على مساهمتهم الفعالة في تحقيق النتائج الجيدة خالل الموسم الدراسي ‪ ،2018/2019‬وانخراطهم‬ ‫الجدي في إعداد الدخول المدرسي الحالي‪ ،‬مؤكدا على تفعيل التوجيهات الملكية في مجال التربية‬ ‫والتكوين‪ .‬وكانت هذه اللقاءات فرصة تطرق من خاللها‪ ،‬السيد المدير اإلقليمي‪ ،‬إلى أهم المستجدات‬ ‫التربوية التي تطبع الساحة التعليمية‪ ،‬مؤكدا على انخراط المديرية اإلقليمية في تنزيل المخطط‬ ‫الوزاري والجهوي واإلقليمي‪ ،‬ومواصلة تعميم التعليم األولي‪ ،‬وإعطاء أهمية كبرى لمشروع التربية‬ ‫الدامجة‪ ،‬وتنويع العرض التربوي والتدابير البيداغوجية‪ ،‬والخريطة المدرسية‪ ،‬وتدبير الموارد البشرية‪،‬‬ ‫وتقديم الدعم التربوي الالزم ألطر األكاديمية عن طريق التتبع والمواكبة‪ ،‬واالهتمام بفضاءات‬ ‫االستقبال‪ .‬كما ذكر ببعض اإلكراهات والصعوبات المطروحة والحلول المقترحة‪.‬‬ ‫هذا وقد صادف الدخول المدرسي الحالي‪ ،‬اعتماد وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني‬ ‫والتعليم العالي والبحث العلمي منهاجا دراسيا جديدا بالمستويين الثالث والرابع ابتدائي‪ ،‬يهم مواد‬ ‫اللغة العربية واللغة الفرنسية واالجتماعيات والرياضيات والعلوم‪ .‬وفق ما ورد بالرؤية االستراتيجية‬ ‫‪ 2030/2015‬خاصة المشروع رقم ‪ 7‬المتعلق بتطوير النموذج البيداغوجي‪.‬‬ ‫فيما يخص اللغة العربية‪ ،‬وبعد تثبيت الطريقة المقطعية ‪-‬ضمن مشروع تعليم القراءة المبكرة‪-‬‬ ‫في تدريس القراءة بالمستويين األول والثاني ابتدائي‪ ،‬خالل الموسم الدراسي ‪ ،2019/2018‬وإعادة‬ ‫هيكلتها وفق مكونات االستماع‪ ،‬والتحدث‪ ،‬والقراءة‪ ،‬والكتابة (الخط اإلمالء التعبير الكتابي‪ ،)..‬واعتماد‬ ‫الحكاية والوضعيات التواصلية لتعزيز مهارات االستماع والتحدث‪ ،‬عبر منهجية مبنية على البيداغوجية‬ ‫الصريحة ‪ La pédagogie explicite‬أو التدريس الصريح والمباشر للتعلمات‪ ،‬استمرت الوزارة على‬ ‫نفس النهج؛ حيث عملت على تنزيل مبادئ القراءة المبكرة بالسنتين الثالثة والرابعة ابتدائي خالل‬ ‫هذه السنة الدراسية (‪ ، )2020/2019‬باعتبارهما جسرا تربويا طبيعيا يضمن التدرج السلس للمقاربة‬ ‫البيداغوجية المعتمدة من خالل جعل مكون االستماع والتحدث مدخال للتعلم ومواصلة العمل بمبدأ‬ ‫اإلضمار في تناول الظواهر اللغوية المبرمجة في السنة الثالثة (قواعد ضمنية) والتصريح بالقواعد‬

‫‪-‬‬

‫عبد الغني بلقا�سم‬

‫(ضمن حصص) والتدرب على مهارات التعبير الكتابي في السنة الرابعة مع االستمرار في اعتماد‬ ‫مشروع خاص بكل وحدة دراسية‪.‬‬ ‫بدورها عرفت مادة الرياضيات مستجدات تمثلت في توظيف بيداغوجيا الخطأ في تجويد التعلمات‬ ‫وتطوير الممارسة الديداكتيكية بكيفية استباقية؛ وفق مقاربة تمكن باإلضافة إلى رصد تعثرات‬ ‫المتعلمين من تحسين تخطيط الدرس‪ ،‬وتدبيره‪ ،‬وتطويره بما يمنح المدرس (ة) الفرصة الستباق‬ ‫تعثر المتعلمين مستقبال خالل بناء المفاهيم‪ ،‬كما تم إدراج الحساب الذهني عبر بطاقات األعداد‪،‬‬ ‫كنشاط يومي قار مع إضافة مكون تنظيم البيانات ومعالجتها بحيث يتضمن مسائل يتم حلها عن‬ ‫طريق اختيار األسلوب األنسب (مشروع ‪.)PEEQ‬‬ ‫أما المستجدات الخاصة بالنشاط العلمي فهي مرتبطة باألساس بإعادة تنظيم المادة الدراسية‪،‬‬ ‫وتقليصها إلى ست وحدات لمساعدة المدرس(ة) على تنظيم المعلومة العلمية؛ وفق مجاالت محددة‬ ‫إضافة إلى اعتماد نهج التقصي لتعزيز تربية المتعلمات والمتعلمين على العلم ومفاهيمه وإجراءاته‬ ‫في سن مبكر‪.‬‬ ‫أما بخصوص اللغات األجنبية‪ ،‬ستعرف هذه السنة الدراسية استكمال حلقات مراجعة منهاج اللغة‬ ‫الفرنسية‪ ،‬الذي انطلق سنة ‪ 2017‬بالسلك اإلعدادي‪ ،‬والسنتين ‪ 5‬و‪ 6‬من التعليم االبتدائي ( (‪Agir‬‬ ‫‪autrement‬والعمل على التعميم بالمستويين الثالث والرابع‪ ،‬وتكييف الكتب المدرسية المعتمدة مع‬ ‫المنهاج الجديد بالنسبة للسنتين المذكورتين‪.‬‬ ‫وتشترك مختلف المواد التي شملها التعديل و التطوير إعادة تنظيمها ضمن ست وحدات من‬ ‫خمسة أسابيع‪ ،‬بدل ثمان وحدات من ثالثة أسابيع‪ ،‬وإخضاع مضامينها للتخفيف وإعادة تصنيفها بناء‬ ‫على التدرج والتسلسل المنطقي لبناء التعلمات‪.‬‬ ‫كما تم تجميع مواد التعليم االبتدائي دون حذف ألي مادة مقررة في مجاالت ثالثة؛ بهدف جعل‬ ‫مواد كل مجال متظافرة‪ ،‬ومتكاملة لتحقيق نفس الكفاية‪ .‬وهي مجال اللغات ومجال الرياضيات والعلوم‬ ‫ومجال التربية على السلوك المدني عوض التنشئة االجتماعية‪ .‬وفي هذا توجه واضح وصريح نحو‬ ‫تعزيز القيم المدنية بالمدرسة المغربية وتنمية الشخصية في أبعادها الوجدانية والقيمية والمعرفية‬ ‫والمهارية‪.‬‬ ‫وتبقى المسؤولية األكبر على المهتمين بالشأن التربوي ببالدنا من باحثين ومثقفين وفاعلين‬ ‫وممارسين بيداغوجيين فتح نقاش رصين حول هذه المستجدات للمساهمة العلمية من ذوي‬ ‫االختصاص في تنفيذ وتطوير هذه التوجهات خدمة للدينامية المتجددة التي تشهدها المدرسة‬ ‫المغربيةاليوم‪.‬‬


‫‪18‬‬

‫الثالثـاء ‪� 10‬إلى ‪� 16‬شتنرب ‪2019‬‬

‫العدد ‪1010‬‬

‫لعبة السودوكو (‪)471‬‬

‫الصــدمــات‬

‫من ذكريات أيام زمان في سنوات‬ ‫الرصاص والجمر المتقد‬

‫• بقلم ‪ :‬عبد القادر أحمد بن قدور *‬

‫أصل اللعبة‬

‫لعبة السودوكو اليابانية األصل «‪ ،»SUDOKU‬كانت معروفة منذ الثمانينيات‬ ‫في اليابان‪ ،‬إال أنها لم تظهر كلعبة ذات شعبية إال سنة ‪.2005‬‬

‫معنى كلمة سودوكو‬

‫كلمة سودوكو هي اختصار للجملة اليابانية (‪)Nikagiru Sujiwa Dokushin‬‬ ‫وتعني أن األعداد البد أن تكون مفردة‪ .‬وهذه اللعبة عبارة عن عالمة تجارية لشركة‬ ‫‪.Nikol‬‬

‫كيف تلعبها ؟‬

‫اللعبة تعتمد على المنطق لدرجة كبيرة‪ ،‬وهي لوحة مقسمة إلى تسع مناطق كل‬ ‫منطقة مكونة من تسع خانات‪ ،‬وعليك أن تمأل هذه الخانات أفقيا أو عموديا بأرقام من‬ ‫‪ 1‬إلى ‪ ،9‬حيث ال تستخدم الرقم إال مرة واحدة في جميع المربعات على العمود نفسه‬ ‫أو السطر أو القطر‪ ،‬وتكون هناك أرقام موضوعة سابقا في بعض الخانات‪.‬‬

‫مفيدة لكن معقدة‬

‫اللعبة مفيـدة جدا لتقوية مهارات المنطـق‪ ،‬ويستخدمهـا مدرسو الرياضيات‬ ‫كتمارين للطلبة وتختلف درجة التعقيد‪ ،‬حسب الفئة المستهدفة‪.‬‬

‫ـ كل شيء صعب‪ ،‬حتى العالج أو الدخول إلى المستشفى‬ ‫في هذا الزمن صعب‪ ،‬نشكو آالم المرض وعالته كما نشكو‬ ‫ثمن الدواء‪ ،‬وقد نتوجه أحيانا إلى المستشفى لنخفف من‬ ‫وطأة المرض وحدته ونشفى ال ليستفحل الداء‪.‬‬ ‫بمستشفى رابض فوق الجبل يصعد إليه بعد مشقة‬ ‫وعناء ظاهرين‪ ،‬اشتهر بين السكان بضخامة ما يحمل بين‬ ‫أسواره الراسخة في العلو من بشر موجودين قصد العالج‬ ‫كما يتراءى للجميع‪ ،‬مصنفين في أربع ردهات مختلفة‪،‬‬ ‫يعانون بها من الحرمان‪ ،‬والضياع أشكاال وألوانا‪ ،‬من بين‬ ‫المرضى كما يقال‪ :‬كاتب ـ رجل قانون ـ شاعر‪ ،‬شيء يثير‬ ‫أكثر من سؤال؟!‬ ‫نظم الشاعر قصائد كثيرة عن حبيبته يشكوها آالمه‬ ‫وآماله وكما قال (حزن في الرأس‪ ،‬وفي القلب) حبيبة بعيدة‬ ‫عني وقريبة في القلب أتذكرها حتى في لحظات صعبة‬ ‫أعيشها بين الجدران‪ ،‬إنها ال تبارح خيالي‪ ،‬سمع الطبيب‬ ‫األجنبي بعض قصائده منها التي نشرها في ديوانه الجديد‬ ‫وغضب قائال له نحن اآلن نعالجك‪ ..‬ال تشكو الهيام‪ ،‬وما‬ ‫بالوجدان‪ ،‬أنت في حاجة إلى هدوء النفس‪ .‬تذكر الكاتب‬ ‫هذا وهو في غرفته رقم (‪ )7‬بجوار صديقه رجل قانون ذي‬ ‫بال في المحكمة وهو يبحث في هذه األثناء عن ساعته‬ ‫بعد أن أخذها منه أحد الممرضين لحظة الصدمات‪ ...‬قال‬ ‫إنها صدمات تمتد حتى النجاع‪ ،‬صدمات كهربائية بقصد‬ ‫العالج كما يردد الطبيب األجنبي‪ ...‬هل حقا ذلك أم ماذا؟!‬ ‫لم يتذكر لحظة الغياب السرمدي وقت الصدمات ولو حتى‬ ‫إسمه‪ ،‬لقد غاب عنه كل شيء‪ ،‬أصبح بدون ذاكرة‪ ..‬بدون‬ ‫ذكريات‪ ،‬بدون حاضر أو مستقبل أين الساعة؟ ساعتي‬ ‫اليدوية‪ ،‬ال أعرف الزمن‪ ،‬هل نحن في المساء أم في الصباح‪،‬‬ ‫ظهرا أم ليال‪ ...‬ما إسم اليوم؟ قال القانوني نحن في‬ ‫مستشفى المجانين ال يهمنا الزمن ال تبحث عن ساعتك‬

‫وقل للشاعر أن يرثيها بقصيدة عصماء‪ ،‬كما رثى حبيبته‬ ‫حينما ظن أنها غابت عنه إلى األبد‪..‬‬ ‫في الليل بعد العشــاء‪ ..‬استعـاد بعض الذكريـات‪..‬‬ ‫انتبه‪ ،‬واستفسر نفسه‪ ،‬وسأل صديقيه بعد أن وجد ساعته‬ ‫صدفة تحت وسادته‪ ،‬هل رأيتم دهليزا كدهليز الصدمات‬ ‫الكهربائية الثمانية التي استعملت لنا‪ ،‬إذ فيه العجب‬ ‫العجاب‪ ...‬أجاب القانوني‪ :‬نعم يوجد الوسخ الكثير‪ ،‬وبشر‬ ‫يعامل كالحيوانات‪ ،‬هل هذا عالج‪ ،‬أم تعذيب خاص‪ !.‬إذ‬ ‫عالجات القرن الماضي بهذا الشكل لم تعد تنفع اآلن‪..‬‬ ‫وأضاف الشاعر لقد تفرجت عليكما قبل أن يحين دوري‬ ‫للصدمات الكهربائية‪ ،‬ونحن مسطرون كالسردين في‬ ‫العلب‪ .‬وقبلها تجولت في الدهاليز المجاورة‪ ،‬وكل واحد‬ ‫يشكي لآلخر بما ألم به‪ ،‬وروائح كريهة منبعثة من كل‬ ‫مكان‪ ،‬وأحدهم حكى لي عن سر دخوله لهذا القبو ومما‬ ‫قال‪ :‬جاؤوا عندي إلى الدكان وطلبوا مني أن أقدم معهم‬ ‫إلى حيث أنتم قابعون وهو يرددون أتينا لنأخذك في‬ ‫سيارتنا السوداء إلى المكان المناسب للعالج ألن حالتك‬ ‫غير مرغوب فيها‪.‬‬ ‫فرد الكاتب‪ :‬غير مرغوب فينا!‪..‬‬ ‫بدورنا نتفحص المستشفى فنجد أنه أشبه بمراكــز‬ ‫التحقيق للطرف الجهنمية لما يقال أنه عالج على يد هذا‬ ‫الطبيب األجنبي الذي ال يحن أو يرحم‪ ،‬بل وازع الرحمة إلى‬ ‫قلبه لم يتطرق بعد‪ ..‬ونام الجميع وهم يرددون لننم قبل‬ ‫أن يسمعنا حارس الليل‪ ..‬إذ كل ما في هذا المستشفى‬ ‫هو خاص‪ ،‬ممرضوه‪ ،‬وحراسه‪ ،‬وطبيبه الرئيسي ومحتواه‬ ‫البدائي القذر‪.‬‬ ‫ـــــــــــــــ‬

‫* األديب واإلعالمي‬ ‫والعضو الشرفي بمنظمة العفو الدولية ‪ ‬ـ فرع المغرب‬

‫حل السودوكو‬ ‫لجميع إعالناتكم‬ ‫اإلشهارية واإلدارية‬ ‫يف جريدة‬

‫رقم ‪471‬‬

‫�إعـالن قـانونـي ‪Annonce Légale‬‬ ‫‪** OUBADRISS VETM ** SARL AU‬‬

‫‪Aux termes d’un acte sous-seing privé en date 26/08/2019 à‬‬ ‫‪Tanger. Il a établi les statuts d’une société à responsabilité limitée a‬‬ ‫‪associé unique dont les caractéristiques suivantes :‬‬

‫‪DENOMINATION : ** OUBADRISS VETM**SARL AU au‬‬ ‫)‪capital social : 100.000 dirhams divise en 1000 parts de 100 (CENT‬‬ ‫‪dirhams chaque part Repartis comme suit :‬‬ ‫‪Mlle. –OUBADRISS NADIA : 1000 parts.‬‬

‫‪OBJET: la société a pour objet principalement : IMPORT ET‬‬ ‫‪EXPORT DES VETEMENTS.‬‬

‫‪SIEGE SOCIAL: MESNANA RDC LOT 6989 EN FACE SOUK‬‬ ‫‪AL KOURB –TANGER-‬‬

‫‪GERANCE :‬‬ ‫‪Mlle. –OUBADRISS NADIA est désigné‬‬ ‫‪en qualité de gérante unique de la société et cela pour une durée‬‬ ‫‪illimitée.‬‬

‫‪ANNEE SOCIALE : 1er janvier au 31 décembre de chaque‬‬ ‫‪année.‬‬

‫االتصال على الرقم ‪:‬‬ ‫‪0539943008‬‬

‫‪BENEFICES ‬‬ ‫‪: ils sont repartis entre les associés après‬‬ ‫‪prélèvement de la réserve légale (5%) proportionnellement à leurs‬‬ ‫‪apports au capital social.‬‬

‫‪DEPOT LEGAL : le dépôt légal a été effectué au secrétariat‬‬‫‪greffe du tribunal de commerce de Tanger en date du 05/09/2019.‬‬ ‫‪La gérante‬‬ ‫‪- Mlle. –OUBADRISS NADIA‬‬


‫م�ستودع املغرب التطواين على طريقة‬ ‫م�ستودعات املالعب العاملية‬ ‫صفحة‬

‫‪19‬‬

‫�إعداد ‪ :‬م�صطفى ال�سباعي‬

‫العدد ‪1010‬‬

‫على غـرار المالعـب العالميـة الكبرى وبطريقة احترافيـة تم تزيين مستودع مالبس‬ ‫المغرب التطواني بصور جميع الالعبين الذين يشكلون الئحة الفريق لموسم ‪.2020-2019‬‬ ‫هذه البادرة زادت من رونق المستودع وجعلته يكتسي حلة جميلة نالت استحسان‬ ‫الالعبين والجماهير التطوانية‪.‬‬

‫الثالثاء ‪� 10‬إلى ‪� 16‬شتنرب ‪2019‬‬

‫مجرد رأي ‪:‬‬

‫الصرامة‪ ..‬والشيشة وال سهر‬

‫ورش كبير ينتظر المدرب الوطني الجديد‬

‫المدرب الوطني الجديد وحيد خاليلوزيتش كان واضحا وصريحا خالل أول‬ ‫ندة صحفية يعقدها بعد تسلمه مقاليد العارضة الفنية ألسود األطلس‪.‬‬ ‫المدرب البوسني وبعد إحاطته بكل ما جرى أيام المدرب السابق الفرنسي‬ ‫هنري ميشيل والمشاكل التي عاشها المنتخب والتي أثرت في أغلب األحيان على‬ ‫عطاءات الالعبي قرر نهج الصرامة والقطيعة مع الماضي وتوجيه تحذير لالعبين‬ ‫باالبتعاد عن «الشيشة» والسهر وعدم تضييع الوقت وتقليص استعمال الهواتف‬ ‫النقالة ومواقع التواصل االجتماعي والتركيز و االستعداد للمباريات القادمة‪.‬‬ ‫وشـدد خاليلوزيتـش على أنه ال مجال في مرحلته ألي انفالتات مؤكدا أن‬ ‫األهداف التي وضعها فوزي لقجع رئيس الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم‬ ‫عالية جدا‪ ..‬والتحضير لكأس العالم ‪ 2022‬وكأس إفريقيا لألمم يحتاج لعمل‬ ‫جبار‪.‬‬ ‫خاليلوزيتش لم يكن موفقا في أول مباراة له مع األسود أمام بوركينا فاسو‪..‬‬ ‫ولعتة اإلصابات التي ضربت بعض العناصر أمثال بلهندة الذي سيتولى دور‬ ‫القائد في المرحلة القادمة ورومان سايس ومهدي أبو ربيعة وبدر بانون‪.‬‬ ‫المدرب البوسنـي أكـد خالل أول ندوة صحفية أن من بين أهدافـه تبني‬ ‫طريقة لعب خاصة بالفريق الوطني المغربي تتمثل في اللعب على المرتدات‬ ‫والهجمات السريعة بدل الهجمة المنظمة التي تتطلب الكثير من الوقت وتكون‬ ‫فاعليتها أقل‪.‬‬ ‫ترى هـل تتحقـق هذه األهداف ويعيـد المدرب البوسني التوهــج ألسود‬ ‫األطلس ‪ ...‬سنرى‪....‬‬

‫الناصيري رئيس للعصبة االحترافية‬ ‫لوالية ثانية‬

‫أعلنت الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم استمرار سعيد الناصيري رئيسا للعصبة‬ ‫الوطنية االحترافية لوالية ثانية‪.‬‬ ‫وقالت في بيان لها ‪« :‬نجاح رئيس الوداد الرياضي البيضاوي في االحتفاظ بمنصبه‬ ‫لوالية ثانية على التوالي ويرافقه في جهازه عبد السالم بلقشور رئيس نهضة الزمامرة‬ ‫الصاعد الجديد للدوري االحترافي‪ ،‬ومحمد كيماخ من نادي الفتح الرياضي الرباطي‬ ‫وعبدالحق رزق اهلل ممثال عن الراسينغ البيضاوي وأندية الدرجة الثانية»‪.‬‬ ‫وكان الناصيري قد أكد في تصريحات سابقة سعيه لالنسحاب من منصبه ودعم‬ ‫أي مرشح جديد إال أنه ال أحد من األصوات التي ظلت تعارضه ترشح‪ ..‬فتمت تزكيته في‬ ‫منصبه من جديد‪.‬‬

‫خاض المنتخب الوطني لكرة القدم أول مباراة له مع المدرب‬ ‫الجديد البوسني وحيد خاليلوزيتش امام منتخب بوركينا فاسو‬ ‫وانتهت بالتعادل ‪.1-1‬‬ ‫مستوى الودية كان متواضعا من طرف العبي المنتخب‬ ‫المغربي وبخاصة في الشوط األول حيث كان الالعبون تائهين‬ ‫داخل رقعة الملعب الكبير بمر اكش دون انسجام ودون فعالية‬ ‫سواء في الدفاع او الهجوم‪ .‬مما جعلنا نستقبل هدف بطريقة‬ ‫سهلة‪ ..‬مع بداية الجولة الثانية‪.‬‬ ‫وبعد التغييرات التي اقدم عليها المدرب تحسن األداء نسبيا‬ ‫واصطاد األسود ركلة جزاء‪.‬‬ ‫ومع األسف أهدرها ببشاعة المهاجم زياش وبطريقة تدعو‬ ‫للدهشة تماما كما حدث أمام بنين خالل كأس إفريقيا لألمم‬ ‫األخيرة بمصر‪.‬‬

‫النغمي‬ ‫ينتقل‬ ‫للمولودية‬ ‫الوجدية‬

‫انضم مهاجم اتحاد طنجة السابق المهدي النغمي إلى فريق‬ ‫المولودية الوجدية في صفقة انتقال حر لمدة موسمين‪.‬‬ ‫وكان النغمي من ضمن العناصر المخضرمة التي تخلى عنها‬ ‫اتحاد طنجة بعد قدوم المدرب نبيل نغيز‪.‬‬ ‫وبذلك يكون النغمي ثالث العب من اتحاد طنجة ينضم‬ ‫لفريق المولودية الوجدية بعد أسامة غريب وأيوب الخاليقي‪.‬‬

‫المنتخب المغربي ورغم ذلك واصل الضغط ‪ ..‬وغي الوقت‬ ‫الذي كنا في قاب قوسين من الهزيمة أمام بوركينا فاسو الالعب‬ ‫زهير فضال ينقذ ماء وجه االسود ويوقع هدف التعادل وهي‬ ‫النتيجة التي انتهى بها هذا اللقاء الودي األول‪.‬‬ ‫المدرب استغل الفرصة وأشرك العديد من الالعبين الذين‬ ‫غابوا عن التشكيلة ألول مرة كعادل تاعرابت ومهدي كارسيال‬ ‫وزهير فضال إضافة إلى الوافد الجديد أنور النهامي‪.‬‬ ‫ويومه الثالثاء سيخوض الفريق الوطني المغربي ثاني ودية‬ ‫له بمراكش امام منتخب النيجر ‪ ..‬وسيكون هذا اللقاء فرصة أمام‬ ‫خاليلوزيتش إلصالح ما يمكن إصالحه وتجربة عناصر جديدة‬ ‫للوقوف على مدى جاهزيتها وأخذ فكرة أولية عن أداء الالعبين‬ ‫عامة قبل عملية الغربلة‪.‬‬ ‫ويمكن القول أن المدرب وحيد خاليلوزيتش ينتظره عمل‬ ‫كبير‪.‬‬ ‫تصفيات كأس أمم إفريقيا ألقل من ‪ 23‬سنة‬

‫تعادل مخيب لآلمال لألولمبي‬ ‫المغربي أمام مالي‬

‫تعادل المنتخب األولمبــي المغربي مع نظيــره المالـي بهـدف‬ ‫لمثله في اللقاء الذي جمعهما بمراكش برسم ذهاب الدور الحاسم‬ ‫لتصفيات كأس أمم إفريقيا ألقل من ‪ 23‬سنة‪.‬‬ ‫هدف منتخب مالي حمـل توقيــع الالعــب إبراهيما كوني في‬ ‫الدقيقة ‪ 27‬قبل أن يتمكن يوسف النصيري من تعديل الكفة للفريق‬ ‫المغربي‪.‬‬ ‫ومن خالل هذه النتيجة فإن مباراة اإلياب بباماكو لن تكون سهلة‬ ‫بالنسبة لألولمبي المغربي‪.‬‬


‫الثالثـاء ‪� 10‬إلى ‪� 16‬شتنرب ‪2019‬‬

‫العدد ‪1010‬‬

‫تذكرة سفر‬

‫األخيرة‬

‫السلسلة الرابعة‬

‫احللقة ال�ساد�سة‬

‫لقاءات حوارية‪ ،‬في حلقات متسلسلة‪ ،‬مع شخصيات مؤثرة في المجال العمومي المغربـي والعربـي‬ ‫واإلنساني‪ ،‬تستحضر تجربتهم في الحياة الخاصة والعامة‪ ،‬وترحل بهم عبر تذكرة سفر معنوية وروحية‬ ‫إلى الماضي والمستقبل‪.‬‬ ‫• عبد اإلله المويسي‬

‫مع األستاذ‬

‫محمد األشعري‬ ‫المحور األول ـ المسار الخاص ـ‬

‫يحضر األستاذ محمد األشعري‪ ،‬في مخيال القراء المغاربة والمشتغلين بالحقل السياسي والمجتمعي‬ ‫الوطني‪ ،‬بصيغة الواحد المتعدد‪ ،‬فهو اإلنسان أوال‪ ،‬وهو الشاعر والكاتب الروائي والمناضل السياسي‬ ‫والناشط الحقوقي‪ ،‬وواحد من أبرز وجوه معتقلي سنوات الرصاص‪ .‬وهو الوزير الذي انعطف بمشروع الثقافة‬ ‫الوطنية نحو أفق اتسمت فيه بتبني مفهوم الصناعة الثقافية‪ ،‬وهو الذي سبق أن شغل قبلها منصب رئاسة‬ ‫اتحاد كتاب المغرب لثالث دورات عرفت خاللها هذه المؤسسة أقوى مراحل ديناميتها وإنتاجيتها‪.‬‬ ‫• مســار محمــد األشعــري الشعــري‬ ‫عرف مراحل متنوعــة حقــق من خاللـها‬ ‫«إبداالت» واضحة‪ ،‬في االختيارات الفنية‬ ‫والمعرفية‪ .‬انتقـل هـذا المسار بقصيدة‬ ‫محمد األشعري‪ ،‬ربما‪ ،‬من سياقها الوطني‬ ‫والعربي ليجعلها تعانق أسئلة وجودية‬ ‫إنسانية وكونية رحبة‪ .‬يظهـر «اإلبدال»‬ ‫بجالء عند مطالعة مختلف دواوينك‪.‬‬ ‫• • أنا سعيد أن يكون قد حدث ذلك‪ ،‬كنت‬ ‫سأكون بئيسا لو استمرت كتابتي الشعرية على‬ ‫منوال واحد‪ .‬أحاول أن أقوم بجهد بخصوص‬ ‫عالقتي بالكتابة الشعرية‪ ،‬وأيضا بخصوص‬ ‫فهمي للرؤية الشعرية‪ .‬فأنا أعتبر أن الشعر في‬ ‫العالم يجب أن يكون عائلتنا األساسية‪ ،‬وأن ال‬ ‫نعتبر االمر وكأننا ننتمي إلى قبيلة شعرية‪.‬‬ ‫اآلن نحن ننتمي إلى العالم‪ ،‬وما ينجزه‬ ‫العالم في المجال الشعري يجب أن يهمنا‪.‬‬ ‫وبالطبع نحن عندما فتحنا أعيننا على الكتابة‬ ‫وعلى الحياة‪ ،‬كان ما يهمنا هو المواجهة‬ ‫المباشرة مع األشياء التي نجدها أمامنا سالبة‬ ‫للحرية أو سالبة لإلرادة‪ .‬هذا األمر لم يكن‬ ‫فقط اختيارا سياسيا بل كان اختيارا شعريا‬ ‫أيضا‪ .‬وأنا ال أتفق مع الذين وضعوا كل تجربة‬ ‫جيلنا‪ ،‬في مرحلة ما‪ ،‬داخل قالب إيديولوجي‪ ،‬ثم‬ ‫بعد ذلك داخل قالب القطيعة مع اإليديولوجي‪.‬‬ ‫إذا كانت لإلنسان قناعـات ومبادئ وأفكــار‬ ‫فسيحملها معه في كل فترة من فترات حياته‪،‬‬ ‫ولن يتخلى عنها ليكتب ما ال يقع تحت تأثير‬ ‫أفكاره واختياراته ومبادئه‪ .‬ال أظن أن األمــر‬ ‫يقـع بهذه الميكانيكية‪ .‬لكن بخصوص العالقة‬ ‫مع اللغة‪ ،‬ومع الرؤية الشعرية‪ ،‬ومع الشعريات‬ ‫األخرى التي نستفيد منها ونستمع إليها فاألمر‬ ‫يندرج في إطار نوع من التحول الثقافي‪ ،‬وليس‬ ‫فقط تحوال شعريا‪ .‬عندما يصبح اإلنسان على‬ ‫اهتمام أوسع بالقضايا التي تطرحها الكتابة‪،‬‬ ‫فإنه ال يمكن أن يسمح لنفسه بالبقاء في‬ ‫المناطق المتخلفة لما تقدمه تجربة الشعر في‬ ‫العالم‪ .‬البد أن ينخرط فيها‪ .‬وأظن أن هذا هو‬ ‫وضع كثير من شعــراء السبعينات الذين كتبوا‬ ‫بأصوات حادة في البداية‪ ،‬أصوات االحتجاج‬ ‫وأصوات الدفاع عن األفكار‪ ،‬غير أنهم كتبوا‬ ‫ذلك بأدوات شعرية‪ ،‬ولم يكتبوها على شكل‬ ‫بيانات سياسية‪.‬‬ ‫هنـــاك من كتـب على شكــل بيانـــات‬ ‫سياسية‪ ،‬وكثير من الشعراء كتبوا أشياء لها‬ ‫وقع سياسي قوي‪ ،‬ولكن كتبوها بأدوات شعرية‬ ‫متقدمة‪ .‬ثم بعد ذلك طوروا عالقتهم بالكتابة‬ ‫حيث صارت بنفس آخر‪ ،‬بنفس جديد‪.‬‬

‫زريقة‬

‫• ولكن السي محمد‪ ..‬هذا التساهل‬ ‫مع الضوابـط والحـدود المفترضة بيــن‬ ‫األجناس قد يمهــد الطريق للولوج إلى‬ ‫الكتابة بنوع من العدمية الفنية التي قد‬ ‫تسيء إلى الكتابة نفسها‪.‬‬ ‫• • أنا مع الحرية المطلقة في الكتابة‪ ،‬مع‬

‫أحيانا يحاكم الشعــر على هذا التحول‪،‬‬ ‫وكأنـــه هو المســؤول عن هزيمة األفكــار‬ ‫التقدمية وأفكار اليسار واألفكار الثورية‪ .‬األفكار‬ ‫الثورية واليسارية انهزمت في اصطدامها مع‬ ‫صخرة الواقع‪ ،‬انهزمت في الساحة السياسية‪،‬‬ ‫وانهزمت في الساحة االجتماعية‪ .‬وإذا كانت‬ ‫قد انهزمت فيجــب أن ال ننكــر أنها حققت‬ ‫انتصارات هامــة في وضعنـــا المغربي على‬ ‫األخص‪.‬‬ ‫الشعــر ليس سبـب االنتكاســات التي‬ ‫حدثت‪ ،‬وليس هو المنتكس‪ ،‬بل بالعكس‬ ‫فقد استمر فيما بعد‪ ،‬واستطاع أن ينتصر على‬ ‫االحباط الذي تسببت فيه هذه االنتكاسات‪....‬‬ ‫تعطل الديموقراطية‪ ،‬مهاجمة الحريات‪،‬‬ ‫انتشار االنتقام‪ ،‬االعتقال‪ ،‬النفي‪ ..‬حيث كان‬ ‫الوضع مرعبا‪ .‬وفي خضم ذلك‪ ،‬استمر كثير‬ ‫من الشعراء مؤمنين بجدوى الكتابة الشعرية‪،‬‬ ‫وكانوا معنيين مباشرة بما حدث‪ ،‬لم يكونوا‬ ‫مجرد متفرجين على المشهد‪ ،‬كان جلهم في‬ ‫قلب األشياء التي حصلت‪.‬‬ ‫بالعكس أنا أعتبر أن التطور الذي عرفته‬ ‫تجربة محمد بنيس وعبد اهلل زريقة وعبد‬ ‫اهلل راجع قبل وفاته‪ ،‬وعدد كبير من الشعراء‬ ‫اآلخرين هو نوع من انتصار الشعر على الواقع‬ ‫المحبط والمؤلم الذي مررنا به‪ ،‬والذي ما نزال‬ ‫نمر به إلى اليوم‪ ،‬في أجزاء منه‪ .‬لذلك أسعد‬ ‫كثيرا عندما يتلقاني القارئ كشعر غير منتظر‪،‬‬ ‫فهذا منتهى طموح الشاعر‪ ،‬أن يوجد في‬ ‫المكان الذي ال ينتظره فيه أحد‪.‬‬

‫• في مرحلة معينة سيتكرس محمد‬ ‫األشعري كواحد من األسمــاء الشعرية‬ ‫القوية في السياق المغربي والعربي‬ ‫اإلنساني‪ ،‬في هذه اللحظة بالضبط سيصنع‬ ‫األشعري نوعــا من التحـول األجناســي‬ ‫وسينتقل إلى كتابة الروايـة‪ .‬أريد أن‬ ‫أعرف سياق هذا االنتقال من الشعر إلى‬ ‫الرواية؟‬ ‫• • أوال أتحفظ على كلمة « االنتقال» أو‬ ‫على مفهوم «االنتقال»‪ ،‬فالكتابة هي «قارة»‬ ‫واحدة‪ ،‬وال يمكن أن نضع بينها حدودا ترابية‬ ‫أو جمركية‪ .‬والغريب أن االهتمام المبالغ فيه‬ ‫في المغرب بما أسميه «الهوية األجناسية»‪،‬‬ ‫هو نوع من الضعف أيضا‪ ،‬في البنية الثقافية‬ ‫التي ما تزال عندنا ال تقبل بطريقة تلقائية‬ ‫التعدد والتجريب‪ .‬أنا كتبت المقالة الصحفية‬ ‫والقصيــدة والقصــة القصيـــرة والروايــة‬ ‫والمسرحية‪ ،‬غير أنني‪ ،‬أوال‪ ،‬لم أكن أشعر‬ ‫بأنني أستبدل جلدي أو أني أضع قبعة وألبس‬ ‫أخرى‪ .‬ثانيا‪ ،‬أن هناك شيء جوهري في عالقتي‬ ‫بالكتابة‪ ،‬هو «الرؤية الشعرية‪ ،‬وهذه المسألة‬ ‫لم تفارقني إطالقا في أي نص كتبته‪ ،‬بما في‬ ‫ذلك المقاالت الصحفية‪ .‬فكثيرا ما أطلب من‬ ‫الناس أال يلتفتوا إلى مسألة التنوع في أجناس‬ ‫الكتابة‪ ،‬بل أن يلتفتوا إلى المنجز النصي في‬ ‫حد ذاته‪ .‬عندما أكتب رواية فأنا ال يمكن أن‬ ‫أطلب من القارئ أن يلتمس لي األعذار‪ .‬ومن‬ ‫أسوء األعذار أن يقول هذه رواية شاعر‪ ،‬ويجب‬ ‫أال نحاكمه أو نحاكم الرواية بمنطق الرواية‪،‬‬ ‫بل أن نحاكمه بمنطق الشاعر الذي كتبها‪.‬‬ ‫هذه مسألة سخيفة جدا‪ .‬إذا كانت أي رواية‬ ‫ال تملك كل مقومات الكتابة الروائية‪ ،‬فسواء‬

‫حرية الذين يريدون أن ينتجوا نصوصا رديئة‪،‬‬ ‫وهذا ال يضايقني‪ .‬بالطبع نحن قبل عشر‬ ‫سنوات كنا ننتج أقل من خمس روايات في‬ ‫السنة‪ ،‬واآلن ننتج ‪ 270‬رواية في السنة‪ .‬فهل‬ ‫تعتقد أن في ‪ 270‬رواية هناك فقط خمــس‬ ‫روايات جيدة‪ ،‬أو خمس روايات استثنائيــة؟‬ ‫شخصيا ال أظن ذلك‪ .‬فال يمكن أن أطالب بمنع‬ ‫الناس من الكتابـة ما داموا يكتبون‪ .‬واألمر‬ ‫يحصل حتى في دول متقدمـة كفرنســا مثال أو‬ ‫إسبانيا‪ .‬فرنسا تنتج سنويا أزيد من ‪ 500‬رواية‪،‬‬ ‫فماذا يتبقى منها؟ وماذا يتبقى من ‪ 600‬رواية‬ ‫تنتجها إسبانيا ؟‬

‫كتبها شاعر كبير أو صغير أو متوسط‪ ،‬فيجب‬ ‫أن ترفض‪ ،‬ويجب أن تقدم كفشل ذريع في‬ ‫الكتابة نفسها‪.‬‬ ‫وشخصيا أعيب على كثيــر من الشعــراء‬ ‫الذين يحاولون كتابة رواية وال يستطيعون‬ ‫تركيبها بالمعنى الروائي للكلمة‪ ،‬بمعنى البناء‬ ‫الروائي‪...‬بناء الحكاية‪ ،‬وبناء الشخصيات‪ ،‬إلى‬ ‫غير ذلك‪ ،‬بل يكتفون بالخطاب الغنائي مثال‬ ‫ويعتبرون ذلك كتابة روائية‪ .‬وهذه مسألة‬ ‫مرفوضة‪ .‬وإذا كان هذا التنوع في أجناس‬ ‫الكتابة يضايق البعض‪ ،‬فأنا شخصيا ال‬ ‫يضايقني ‪.‬‬

‫• ولكن قد يفهم من هذه المسألة‬ ‫أن الشعر أصبح غير قادر على استيعاب‬ ‫األسئلة المعاصرة التي تطرحها الحياة‪،‬‬ ‫وقد يفهم أن الرواية بحكم مكوناتها‬ ‫تتيح للكثيرين مساحات أفضل للخوض‬ ‫في مثل هذه األسئلة‪.‬‬ ‫• • التفسيرات الخارجية ال تهمني‪.‬‬ ‫شخصيا أعتبر أن الشعر‪ ،‬حتى لو هجره جل‬ ‫سكان األرض‪ ،‬فإنه سيظل مسألة جوهرية في‬ ‫حياة البشرية‪ .‬الشعر هو التعبير الذي تلتقي‬ ‫فيه قضايا اللغة وقضايا الرؤيا وقضايا البناء‪.‬‬

‫الشعر هو ملتقى كل القضايا المتعلقة بالفكر‬ ‫وبالكتابة وبالجمال‪ .‬كل هذه األقانيم الثالثة‬ ‫الكبرى يلتقي عندها الشعر‪ .‬فهو ليس ضرورة‬ ‫استهالكية‪ ،‬وهو ليس أمرا نحتاجه‪ ،‬ونذهب‬ ‫لشرائه من األسـواق الكبـرى‪ .‬والحاجـة إلى‬ ‫الشعر هي حاجة وجودية‪ ،‬قد تحتاجه األمة‬ ‫دون أن تكــون بالضرورة تمتلك الوسائل‬ ‫لفهمه‪ ،‬فهـو يشتغـل في األعماق‪ ،‬يشتغل‬ ‫في الطبقات السفلى لألرض الثقافية التي‬ ‫نعيش عليها‪ .‬فال يمكن أن نقول إن اللجوء‬ ‫إلى الرواية هو لجوء عملي للتغلب على قضايا‬ ‫تعبيرية لم يستجب إليها الشعـر‪ ،‬فلو كان‬ ‫األمر كذلك لكان قد حدث قبل عقود‪ .‬فلماذا‬ ‫لم يحدث قبل عقود؟ ‪.‬‬ ‫هناك بعض األسباب السطحية التي ال‬ ‫أعيرها أي اهتمام‪ ،‬مثل قضايا الجوائز وقضايا‬ ‫القراءة وقضايا االهتمام النقدي‪ ..‬إلى آخره‪.‬‬ ‫هناك كثير من الناس يحسنون اللجوء إلى‬ ‫الرواية بسبب ارتباط هذه األشياء بالرواية‪،‬‬ ‫وانتفائها عالقة بالشعر‪ .‬وكل هـــذه األشياء‬ ‫سطحية في رأيي‪ ،‬ألن الشعر سيوجد بالرغم‬ ‫من كل هذا‪ ،‬وسيوجد ضــد كل هــذا‪ ،‬وألن‬ ‫الشعـــر‪ ،‬كما قلـــت قبــل قليـل‪ ،‬هو حاجة‬ ‫وجودية ‪.‬‬

‫ما قــد أتأسـف له هو مــوت «الصحافـــة‬ ‫األدبيــة»‪ ،‬أو على األقــل عجزهــا الحالي عن‬ ‫امتالك نوع من الجرأة والدقة في مواكبة ما‬ ‫ينتج‪ ،‬وهذا الغياب يجعل النصوص متساوية‬ ‫في نهاية األمر‪ .‬أنا أظن أنه هناك ضرورة‬ ‫قصوى لميالد صحافة أدبية‪ ،‬ليس بالضرورة‬ ‫صحافة أكاديمية تدرس النصوص بطريقة‬ ‫أكاديمية مملة وغير قابلة للقراءة‪ ،‬بل صحافة‬ ‫تعطي نبذة عن النص‪ ،‬تقــدمــه‪ ،‬وتقــدم‬ ‫خصائصه الفنية‪ ،‬تسخر منه‪« ،‬تبهدُله»‪ .‬كثيــر‬ ‫من الناس يحتاجون «للبهدلة» كي يصمتوا‪،‬‬ ‫وكثيــر من الناس يحتاجــون لكلمة اعتــراف‬ ‫ليستمروا‪ .‬فليس طبيعيا وال عادال أن تتساوى‬ ‫النصوص كلها في االستقبال‪.‬‬

‫أنا أقـرأ أحيانا أخبــارا عن «تكريمــات»‪،‬‬ ‫هذه الموضة السخيفة التي أصبحت سائدة في‬ ‫المغرب‪ ،‬وأجد أن الجميع يتساوى أمامها‪ ،‬بينما‬ ‫إذا صح أن يكون هناك شيء اسمه «التكريم»‬ ‫فيجب أن يخص التجارب التي أصبحت مكرسة‪،‬‬ ‫ومرجعية أساسية في الثقافة المغربية‪ ،‬وليس‬ ‫بهذه الطريقة العشوائية‪ .‬وهذا جزء من دور‬ ‫الصحافة األدبية التي أتأسف لغيابها‪.‬‬

‫بنطلحة‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.