Achamal n° 1011 le 17 Septembre 2019

Page 1

‫محمد األشعري‬

‫ضيف سلسلة «تذكرة سفر»‬

‫الحلقة‬ ‫السابعة‬

‫االتحاد في كل هذه المراحل كان له وعي عميق بدوره‬ ‫داخل المجتمع‪ ،‬وعي بأنه دور مزدوج‪ ،‬دور سياسي مباشر‪،‬‬ ‫متمثل في الدفاع عن الحريات وعن حقوق اإلنسان‪ ،‬والدفاع‬ ‫عن الديمقراطية‪ .‬وفي هذا المجال كان االتحاد حاضرا بقوة‬ ‫في جميع المناسبات‪ ،‬ودور ثقافي‪..‬‬

‫الصفحة ‪20‬‬

‫تعديل وزاري‬

‫يجب أن يستوعب العثماني‬ ‫أن مصلحة الوطن تفوق كل‬ ‫االعتبارات األخرى!‬ ‫صفحة ‪8‬‬

‫ملحق خـا�ص‬

‫ضحايا «انتفاضة‬ ‫‪ 1984‬بالقصر الكبير»‬ ‫يطالبون بإنصافهم وتسوية‬ ‫ملفاتهم كباقي الضحايا‬

‫صفحة ‪7‬‬

‫إعالم جهوي متقدم‬ ‫املدير امل�س�ؤول ‪ :‬عبد احلق بخات ـ الهاتف ‪ 05.39.94.30.08 :‬ـ الفاك�س ‪05.39.94.57.09 :‬‬ ‫العـدد ‪ 1011‬ـ الثمن ‪ 4‬دراهم ـ الثـالثــاء ‪ 17‬مـحـرم ‪� 17 / 1441‬إلى ‪� 23‬شـتنبـر ‪2019‬‬

‫الذكرى ‪ 25‬لوفاة الشاعر‬

‫أحمد بركات‬ ‫�صفحات ‪12 - 10 - 11 - 9‬‬

‫مداهمة األسعار‬

‫كلمة الشمال‬ ‫عبد اإلله المويسي‬

‫تعتبر حرية األسعار المبدأ األساسي القتصاد السوق‪ .‬حيث تلعب دورا جوهريا في وضع قواعد وآليات المنافسة االقتصادية الشريفة‪ .‬ويعتبر‬ ‫الثمن المحدد من طرف السوق‪ ،‬والذي ينتج عن التوازن بين العرض والطلب‪ ،‬الثمن األمثل الذي يحقق التوزيع المتوازن للموارد في سوق معينة‪.‬‬ ‫حاليا تكرس المادة ‪ 2‬من‪ ‬القانون ‪ 104.12‬المتعلق بحرية األسعار والمنافسة مبدأ حرية أسعار السلع والمنتوجات والخدمات اعتمادا على‬ ‫العرض والطلب‪ .‬إال أنه يحق لإلدارة التدخل من أجل تحديد أسعار بعض السلع والمنتوجات والخدمات في الحاالت التالية‪ :‬احتكار فعلي أو قانوني‪،‬‬ ‫صعوبات في التموين‪ ،‬ومقتضيات قانونية او تنظيمية‪.‬‬ ‫لكن السؤال المطروح‪ ،‬وبشكل دائم وقوي هو من الذي يحمي المستهلك من تعسف السوق؟‬ ‫في هذا اإلطار ومن الجهة القانونية أصدر المشرع المغربي قانون رقم ‪ 08‬ـ‪ 31 ‬المتعلق بإحداث تدابير لحماية المستهلك بهدف ضمانه من‬ ‫الشروط التعسفية وجشع المضاربات التجارية والمنافسة الغير شريفة‬ ‫على المستوى المحلي فقد خول المشرع المغربي مسؤولية مراقبة األسعار والمحالت للجنة مختلطة يتكلف بها القسم االقتصادي بالعماالت‬ ‫واألقاليم‪ ،‬تقوم بجوالت دورية للمحالت التجارية بهدف الوقوف على المخالفات والخروقات التي قد تكون محل شكايات وتساؤالت المواطنين‪.‬‬ ‫هذه اللجنة تعد تقريرا في الموضوع يرفع إلى السلطات المحلية قصد اتخاد اإلجراءات الالزمة في حق المخالفين لقانون السوق واألسعار‪ ،‬مع‬ ‫العلم أن هناك مجموعة من المؤسسات العمومية تدخل في إطار مراقبة األسعار وسياسة السوق‪ ،‬وبموجب تشريعي حيث نجد‪ ‬وزارة الشؤون‬ ‫العامة والحكامة‪ ،‬وزارة التجارة والصناعة‪ ،‬مجلس المنافسة‪ ،‬وجمعيات المجتمع المدني‪.‬‬ ‫غير أن اآلليات المخولة لها الزالت محط انتقادات‪ ،‬حيث الزال المواطن يشتكي من مضاربات في األسعار من مدينة ألخرى‪ ،‬ومن حي آلخر‪ ،‬مع‬ ‫افتقاد ظاهرة المداهمة التي كانت السمة األساسية لمؤسسة «المحتسب» كجهة كانت المسؤولة األولى عن مراقبة األسعار في بالدنا‪.‬‬

‫جريدة يوميـة جهـوية وطنية ت�صدر م� ً‬ ‫ؤقتـا كـل �أ�سبـوع • الإدارة‪ ،‬التحريـر‪ ،‬الإ�شهـار ‪ 7 :‬مكرر‪ ،‬زنقة عمر بن عبد العزيـز • الربيد الإلكـرتونـي ‪ info@achamal.ma :‬ـ املوقع الإلكرتوين ‪www.achamal.ma :‬‬


‫العدد ‪1011‬‬

‫‪2‬‬

‫الثالثـاء ‪� 17‬إلى ‪� 23‬شتنرب ‪2019‬‬

‫في ضرورة‬ ‫تجديد مفهوم‬ ‫السلطة‬ ‫مغارات‪..‬‬

‫محمد سدحي‬

‫‪sadhimed@gmail.com‬‬

‫التعليم العمومي‪..‬‬ ‫والتعليم «العمولي»‪!! ‬‬ ‫إلى عهد قريب‪ ،‬أواخر الثمانينيات‪ -‬بدايات التسعينيات‪ ،‬لم‬ ‫يكن التعليم «الخصوصي» براقاً يسرّ األمهات واآلباء وأولياء‬ ‫التالميذ‪...‬‬ ‫ّ‬ ‫ولم يكن هذا «الخلوصي» خالـة زيـن في الوجـه العزيز‬ ‫للتعليم في المُعَرَّب األعز‪...‬‬ ‫حتى إن الحديث عن هذا الربيب‪ ،‬الذي أخذ يدخل أياديه‬ ‫«السلطعونية» بال رقيب وال حسيب في المحافظ األسرية‪ ،‬لم يكن‬ ‫مادة تالك على طاوالت األمهات واآلباء هنا وهناك‪...‬‬ ‫وال تبجّح على الذين ال يطيقونه‪ ،‬وال «تقبّح» على من‬ ‫ال يستطيع التخلي عنه‪ ،‬وال ازدحام وال سد طرق في وجه المارة‬ ‫والعابرين بسياراتهم ودراجاتهم أمام المباني التي كانت شبيهة‬ ‫بمقرات جمعيات الجبال والوديان والخلجان والسهول والهضاب‬ ‫والبحار‪...‬‬ ‫وكان االنتماء إلى هذا التعليم «الفلوسي» بمثابة سبة‪ ..‬لذلك‬ ‫كان معظم زبنائه يخفون هذه (الصفة) عن زمالئهم‪ ،‬ألن معظم‬ ‫الذين كانون يلجأون إليه هم من الفاشلين دراسياً والمكررين‬ ‫المطرودين من المدارس العمومية‪ ،‬وهكذا‪...‬‬ ‫نمنا نومة أهل الكهف‪ ،‬ثم استيقظنا‪ ،‬فوجدنا األمور مقلوبة‬ ‫والمفاهيم معكوسة‪ ،‬وكثير أولياء التالميذ حائر متخبط في الخوف‬ ‫من المجهول‪ ...‬المجهول الذي يتربص بفلذات أكبادهم في الغد‬ ‫الذي لم يعد لناظره قريب‪...‬‬ ‫والدولة (ما الدولة؟) وجدتها سالكة ولو كانت «هالكة»‪..‬‬ ‫تضرب «الطمطام» وترقص للهم من بعيد‪ ،‬ومُت وانطعن يا من‬ ‫له فريق أبناء وأجرة يتيمة ويريد أن يكون أباً للطبيب والمهندس‬ ‫والمدير ‪...‬‬ ‫رســوم التسجيــل‪ ،‬التأميــن‪ ،‬الواجب الشهــري‪ ،‬األدوات‬ ‫و»البلوات» والبدلة الموحدة التي حلفت المديرة بحلوفها أال‬ ‫تقبل غير التي تبتاع من اإلدارة الموقرة بثمن الحرير ال البوليستر‬ ‫المصنوعة منه‪ ،‬زد عليها إتاوة السماح بتناول وجبة الغذاء‪...‬‬ ‫وألن الدنيا فوضى‪ ،‬تحولت معظم المدارس الخصوصية‬ ‫إلى مكتبات تبيع الكتب واللوازم المدرسية‪ ،‬وقيسارية للفصالة‬ ‫والخياطة وبيع المالبس بأعلى األثمان‪ ...‬ومن لم تعجبه الحال‬ ‫فاألبواب واسعة وحجرات الدرس في مدارس الدولة ضيقة‪،‬‬ ‫والرؤية المستقبلية أضيق من ثقب في الشرايين الدقيقة‪ ...‬دق‬ ‫يا قلب واخفق فإن الخفقان صنو اإلخفاق في بالد «الناجح ال يرفع‬ ‫يده»‪...‬‬ ‫• صباح الخير يا اشعيب يا صاح‪..‬‬ ‫• ال خير وال صباح‪ ..‬النواح سيد الموقف في زمن الالموقف‪..‬‬ ‫• وبعد؟‬ ‫• بعد جولة في الخاطر‪ ،‬ومقاربة ومقارنة بعض المصادر‪،‬‬ ‫خلصت إلى‪:‬‬ ‫«المدرسة العمومية تحتاج إلى بعض اإلجراءات الطفيفة لكي‬ ‫تقنعنا بالتخلي عن «المدرسة العمولية»‪ :‬تحتاج مدارسنا إلى بعض‬ ‫الحجرات اإلضافية وزيادة طفيفة في عدد األطر التربوية لفك‬ ‫االكتظاظ‪ ،‬وإجراء إصالحات طفيفة في المراحيض وجعلها صالحة‬ ‫الستقبال بني آدم‪ ،‬وغرس كمشة من الربيع في مدخل المؤسسة‪،‬‬ ‫وال بأس من بعض األصباغ والجير‪ ،‬وإذا ما غابت أستاذة برخصة‬ ‫مرض أو والدة أو غيرها تعوض في الحين وال يسمح للتالميذ‬ ‫بمغادرة المدرسة إال إذا كانوا مرَافقين‪ ،‬وإذا تخلفوا عن الدرس‬ ‫يهاتف ولي األمر لمعرفة األسباب وطمأنة األحباب‪ ...‬غير ذلك‪ ،‬ماذا‬ ‫يفرق هذا عن هذا يا سادة يا كرام‪»...‬‬ ‫• لك اهلل يا اشعيب رضيت بالدولة والدولة ما رضيت‬ ‫بك‪ ...‬ليس لدي ما أضيفه سوى ما قال أحد الطنجيين القدامي‬ ‫المتحسرين على أيام زمان‪« :‬اهلل يجعلنا نرجعوا كما كنا باشْ‬ ‫نتْقدْموا»‬

‫• نلتقي‪! ‬‬

‫يومية جهوية وطنية ت�صدر م� ًؤقتا كل �أ�سبوع‬

‫املوقع الإلكرتوين ‪:‬‬ ‫‪www.achamal.com‬‬ ‫ت�صدر عن مطبعة جريدة طنجة‬ ‫المدير المسؤول ‪:‬‬

‫عبد احلــق بخــات‬ ‫رئيس التحرير ‪:‬‬

‫محمد العطالتي‬

‫عبد الإلـه املـوي�سـي‬

‫‪atlati.mohammed@gmail.com‬‬ ‫ال تكاد تخلو كتابات الصحافة في هذا البلد من‬ ‫أحاديث يومية عن مظاهر الفساد في كل مؤسسات‬ ‫الدولة العمومية والخاصة‪ ،‬بدءاً من أتفه مظهر‬ ‫وانتهاءاً بأضخم مظهر من مظاهر هذا الفساد‪ ،‬وسواء‬ ‫تعلق األمر بتقدير أداء الموظفين العموميين أو بسلوك‬ ‫الخواص‪ ،‬فإن الوصف الجاهز لكل هذا هو « الفساد»‪،‬‬ ‫وللصدف اللغوية الماكرة فإن هذا الوصف «المبهم»‬ ‫يدل في الثقافة العامية على إتيان الرذيلة ‪.‬‬ ‫ما المقصود ً‬ ‫لغة بهذا «الفساد» ؟‬ ‫الفساد لغة‪ ،‬بحسب معجم المحيط‪ ،‬هو «التلف‬ ‫والعطب»‪ ،‬ويعني أيضا في حـاالت أخـرى «الجـدب‬ ‫والقحط»‪ ،‬ويدل كذلك على حالة «االضطراب والخلل‬ ‫وإلحاق الضرر»‪ ،‬وفي العلوم الحيوية‪ ،‬وفق المعجم ذاته‪،‬‬ ‫فالفساد هو «انحالل المواد العضوية بتأثير الجراثيم»‪.‬‬ ‫إذا قمنا باستقـراء دالالت هـذا اإلسم ومدى‬ ‫مالءمتها لالستعمال في وصف حالة كحالة المغرب‪،‬‬ ‫فال شك أننا سنجدها مطابقة له تمام المطابقة‪،‬‬ ‫ومُخْتَصِر ًة تشخيصه تمام االختصار‪ .‬كيف ذلك ؟‬ ‫بداية‪ ،‬ال بد من اإلقرار واالتفاق على أن «السياسة»‬ ‫في جوهرها هي «رياسة ورعاية الناس»‪ ،‬وإذا نظرنا إلى‬ ‫حجم ما تحقق من هذه «الرعاية»‪ ،‬بغض الطرف عن‬ ‫المدلول السلبي لهذا المصطلح في وعي المثقفين‬ ‫والنخب باعتباره يحيل على وصف العامة بالقطيع‪،‬‬ ‫فإننا نجده ضئيال ويكاد ينعدم‪ ،‬وهذا دليل على قوي‬ ‫على «عطب» السياسة الحاكمة في المغرب و«تلف»‬ ‫مؤسساتها‪ ،‬الموسومة بكونها دستورية‪ ،‬وهذا ليس‬ ‫حكم قيمة‪ ،‬بل هو حكم مؤسس على الواقع ومستنتج‬ ‫من المعاينة المباشرة‪ ،‬فال معنى ألن ينص الدستور‬ ‫المغربي على ‪ 18‬مؤسسة تستنزف خزينة الدولة‬ ‫دون أن يتحقق الهدف من إنشائها وهو رعاية مصالح‬ ‫الناس‪ ،‬ألجل ذلك‪ ،‬فال مناص أمام اعتبار سياسة الدولة‬ ‫قد أصابها التلف والعطب‪.‬‬ ‫و النتائج المعلومة بالضرورة من السياسة التي‬ ‫يتوالها الحاكم في المغرب‪ ،‬هي نتائج أكدتها التقارير‬ ‫الدولية قبل يعززها التقرير الصادر عن المجلس‬ ‫االقتصادي حين كشف ‪ ،‬ولو جزءا يسيرا من حجم‬ ‫سريان الفساد وانتشاره في مرافق الدولة‪ ،‬وهو ما‬

‫يمكن أن يوصف‪ ،‬على سبيل المجاز‪ ،‬بكونه شكال من‬ ‫أشكال «الجدب والقحط» الذي أورده معجم المحيط‪.‬‬ ‫و الفساد‪ ،‬باعتباره‪ ،‬وفق معجم المحيط‪« ،‬انحالال‬ ‫للمواد العضوية بتأثير الجراثيم» أمر متحقق في كل‬ ‫مناحي الحياة العامة‪ ،‬بدءا من سائق سيارة األجرة‬ ‫وانتهاءا بأعلى المراتب‪ ،‬إلى درجة أن الجميع أضحى في‬ ‫حالة تعايش معه‪ ،‬ما أكسبه مناعة قوية تحفظه من‬ ‫أي نية في محاربته‪ ،‬ومن أشكال التعايش مع الفساد‬ ‫واالرتواء من أحضانه‪ ،‬تلك الشعارات التي تنتجها‬ ‫التنظيمات السياسية حول «محاربة الفساد»‪ ،‬فهي‬ ‫بذلك تعد مدخال الكتساب ثقة الناخب المواطن قبل‬ ‫أن تتحول أدا ًة قانونية لتدبير الفساد والتغاضي عنه‪،‬‬ ‫واألخطر من كل ذلك أن يتحول اعتقاد المواطن بأن‬ ‫محاربة الفساد ليس إال لعبة ماكرة لتطوير أساليب‬ ‫الفساد‪ ،‬ما يدفعه إلى تبني هذا الفساد كعقيدة تحميه‬ ‫من «السقوط» في إصالح نفسه‪ ،‬وبوصولنا لهذه‬ ‫الحال‪ ،‬فإن ذلك يعد دليال غير قابل للشك في أننا‬ ‫بلغنا مرحلة متقدمة في الموت السريري‪ ،‬وأن ذلك‬ ‫يعد ال محالة بداية طبيعية النحالل «المواد العضوية»‬ ‫المشكلة لبنية النظام السياسي تحت واقع «تأثير‬ ‫الجراثيم»‪.‬‬ ‫إذا كانت السلطة العامة‪ ،‬باعتبارها أداة رئيسة‬ ‫لممارسة السياسة‪ ،‬فالبد أن تكون مؤسسة على‬ ‫رؤية سليمة للواقع‪ ،‬والرؤية السليمة للواقع ال تتأتى‪،‬‬ ‫في ممارسة السياسة والحكم‪ ،‬إال بالتجديد واإلبداع‬ ‫‪ ،‬والحال أن المغرب‪ ،‬الذي أعلن منذ عقدين عن‬ ‫«مفهومه الجديد للسلطة»‪ ،‬قد تفادى الوقوع في‬ ‫االنهيار الشامل‪ ،‬لكنه مع ذلك لم ينجح في تطوير‬ ‫المفهوم الجديد للسلطة الذي أصبح‪ ،‬في ظل التطورات‬ ‫المتسارعة‪ ،‬مفهوما متقادما‪ ،‬ويحتاج بالضرورة إلعادة‬ ‫البناء والتشكيل بصورة هادئة وسريعة‪ ،‬ألن عمال‬ ‫كهذا‪ ،‬هو لوحده الكفيل بإنقاذ هيبة الدولة وبنيانها‪.‬‬ ‫قال شاعر‪:‬‬

‫�إذا كُ ن َْت ذا ر� ٍأي فكُ ْن ذا عزميةٍ‬

‫َرتددا‪.‬‬ ‫ف�إِ َّن‬ ‫الر�أي � ْأن ت َّ‬ ‫َ‬ ‫ف�ساد َّ‬

‫هيئة التحرير ‪:‬‬

‫عبد اللطيف �شهبون‬ ‫زبيـدة الورياغلـي‬ ‫�أ�سامـة الزكــاري‬ ‫ر�ضوان احدادو‬ ‫هدى املجاطـي‬ ‫�أبو اخلري النا�صري‬ ‫عبد احلـي مفتـاح‬ ‫محمد �إمغــران‬ ‫م�صطفى ال�سباعي‬ ‫محمد �سدحــي‬ ‫اإلدارة واإلشهار والعالقات العامة ‪:‬‬

‫محمد طارق بخات‬ ‫اإلخراج والتصفيف‪:‬‬

‫«جريدة ال�شمال»‬ ‫عنوان التحرير والمراسالت والتسويق‬ ‫واإلشهار ‪:‬‬

‫‪ 7‬مـكـــرر‪ ،‬زنقـة عمــر بــن‬ ‫عبد العزيز ـ طنجــة ـ‬ ‫الهاتــف ‪:‬‬ ‫‪05.39.94.30.08‬‬ ‫‪06.22.45.30.67‬‬ ‫الفاكــ�س ‪:‬‬

‫‪05.39.94.57.09‬‬ ‫الربيد الإلكرتوين ‪:‬‬

‫‪info@achamal.com‬‬ ‫‪achamal2000 @gmail.com‬‬ ‫سحب من هذا العدد ‪:‬‬

‫‪� 10‬آالف ن�سخــة‬ ‫التوزيع‪:‬‬

‫�سبـريــ�س ‪Sapress‬‬ ‫الإيداع القانوين‪99/10 :‬‬ ‫ر‪.‬د‪.‬م‪.‬ك‪:‬‬

‫‪I.S.S.N : 1114-1832‬‬


‫الثالثـاء ‪� 17‬إلى ‪� 23‬شتنرب ‪2019‬‬

‫العدد ‪1011‬‬

‫درد‬

‫دردشة‬ ‫ودعنا سنة‪ ،‬واستقبلنا سنة‪ ،‬وكلما ردد المرددون أو المهنئون‪ :‬كل عام‬ ‫ونحن بخير‪ ،‬تمنينا‪ ،‬أن يعم هذا الخير العالم اإلسالمي‪ ،‬فما رأينا وما سمعنا‬ ‫في السنة المنصرمة وفي السنوات التي قبلها‪ ،‬إال ما يصيب النفوس المؤمنة‬ ‫باإلحباط‪ ،‬ويوردها موارد التشاؤم واليأس‪.‬‬ ‫فال تكاد تنطفئ نار في بقعة من بقاع اإلسالم‪ ،‬حتى تشتعل في رقعة‬ ‫أخرى‪ ،‬وكأن هناك أياد آثمة توقد هذه النيران المستعرة‪ ،‬وتسعد بارتفاع أرقام‬ ‫ومؤشرات ضحاياها والمكتوين بها‪.‬‬ ‫فعالوة على فلسطين والعراق‪ ،‬هناك سوريا ولبنان‪ ،‬وليبيا واليمن‪ ،‬والقائمة‬ ‫طويلة تشمل إيران‪ ،‬وقد تمتد لغيرها من دول اإلسالم‪.‬‬ ‫والمخطط مدروس ومعد إعدادا محكما‪ ،‬وينفذ بدهاء وذكاء‪.‬‬

‫شة‬

‫م�صطفى حجاج‬

‫‪3‬‬

‫ُور ُه َو ْلو َ‬ ‫كرهَ‬ ‫« ُي ُ‬ ‫تم ن ُ‬ ‫ون أ�َ ْن ُي ْط ِفئُوا ن َ‬ ‫هم َواهلل ُم ٌّ‬ ‫ريد َ‬ ‫ُور اهلل ِب�أَف َواهِ ْ‬ ‫َ‬ ‫افرون» صدق اهلل العظيم‪.‬‬ ‫الك ُ‬

‫وإننا ‪ -‬ونحن نستقبل هذا العام الجديد ‪ -‬نتطلع إلى هذا النور‪ ،‬ونرجو‬ ‫أن يعم بضيائه وإشراقه كل األصقاع‪ ،‬ويطرد الظالم من النفوس المريضة‪،‬‬ ‫واألماكن المشبوهة‪.‬‬ ‫فالمؤمن متفائل بطبعه‪ ،‬وأمله في ربه ال حدود له‪.‬‬ ‫واآلية الكريمة تقول‪َ :‬ف َّ‬ ‫إن مَعَ العُسْر يُسْراً‪ ،‬إِ َّن مَعَ العُسْر يُسْراً‪.‬‬

‫وعسى أن تكون سنوات العسر قد انقضت‪ ،‬وسنوات اليسر قد حلت بحلول‬ ‫السنة الجديدة‪.‬‬ ‫وكل عام وأملنا في اهلل كبير‪.‬‬

‫انطالق خدمات التدبير المفوض لقطاع‬ ‫النظافة والتطهير الصلب بمدينة المضيق‬

‫أعطيت يوم األربعاء الفارط انطالقــة خدمــات‬ ‫التدبير المفوض لقطاع التطهير الصلب والنظافة على‬ ‫مستوى الجماعة الترابية للمضيق‪ ،‬والتي عهدت إلى‬ ‫شركة “ميكومار – المضيق”‪.‬‬ ‫ويمتد العقد الذي يجمع الجماعة الترابية المضيق‬ ‫وشركة “ميكومار”‪ ،‬حسب االتفاقيــة‪ ،‬على مدى سبــع‬ ‫سنوات (‪ ،)2026 – 2019‬حيث تلتزم الشركة بجمع‬ ‫النفايات المنزلية بجميع تراب الجماعة مع القيام‬ ‫بعمليات الكنس والتنظيف اآللي واليدوي لشوارع هذه‬ ‫المدينة البالغ تعداد ساكنتها ‪ 80‬ألف نسمة‪ ،‬حيث من‬ ‫المتوقع أن يتم جمع ‪ 80‬طنا من النفايات يوميا‪.‬‬ ‫وحسب توقعات الشركة‪ ،‬يتضاعف سكان مدينة‬ ‫المضيق لثالث مرات خالل فصل الصيف‪ ،‬كما ترتفع‬ ‫كمية النفايات التي يتم جمعها يوميا إلى أزيد من ‪250‬‬ ‫طنا‪.‬‬ ‫كما تلتزم الشركة بتشغيل ‪ 76‬عامال كانوا يشتغلون‬ ‫في إطار االتفاقية السابقة‪ ،‬مع إضافة ‪ 40‬عامال آخر في‬ ‫وقت الحق‪ ،‬على أن يصل عددهم مع انطالقة كل موسم‬ ‫صيفي إلى ‪ 140‬عامال‪ ،‬وذلك استجابة إلى توقعات‬ ‫ارتفاع كمية النفايات المنزلية بسبب توافد الزوار على‬ ‫المدينة لقضاء عطلتهم الصيفية‪.‬‬ ‫تجدر اإلشارة إلى أن اتفاقية التدبير المفوض وقعت‬ ‫في وقت سابق من العام الجاري بعد رسو الصفقة على‬

‫شركة “ميكومار” إثر إطالق طلب عروض في مارس‬ ‫الماضي‪ ،‬حيث قدمت الشركة “أفضل عرض تقني‬ ‫وإداري ومالي‪ ،‬بقيمة تصل إلى أكثر من ‪ 30‬مليون‬ ‫درهم‪ ،‬باإلضافة إلى استثمار سنوي يصل إلى ‪22،63‬‬ ‫مليون درهم”‪ ،‬حسب تصريحات مسؤولي الشركة‪.‬‬ ‫وتروم خدمة التدبير المفوض لقطاع النظافة‪،‬‬ ‫التي أشرف على إعطاء انطالقتها الكاتب العام لعمالة‬ ‫المضيق – الفنيدق رفقة رئيس جماعة المضيق ووفد‬ ‫من المسؤولين المحليين المدنيين والعسكريين‬ ‫وممثلي الشركة‪ ،‬إلى تجويد خدمات تدبير قطاع النظافة‬ ‫بالمدينة‪ ،‬التي تعتبر من بين أهم الوجهات السياحة‬ ‫الداخلية على الصعيد الوطني‪.‬‬ ‫وتم بهذه المناسبة التوقيع البروتوكولي على عقد‬ ‫التدبير المفوض بين الجماعة الترابية المضيق وشركة‬ ‫“ميكومار”‪ ،‬كما تم االطالع على المعدات واآلليات‬ ‫اللوجيستيكية والبشرية التي وفرتها الشركة للوفاء‬ ‫بالتزاماتها المتضمنة في العقد‪.‬‬ ‫تجدر اإلشارة إلى أن شركة “ميكومار” تشتغل في‬ ‫مجال التطهير وقطاع النظافة بعدد من الجماعات‬ ‫الترابية بجهة طنجة تطوان الحسيمة ‪ ،‬من بينها تطوان‬ ‫ومرتيل ووزان‪.‬‬

‫(و‪.‬م‪.‬ع)‬

‫دليل ‪..‬؟‬ ‫عبد اللطيف �شهبون‬

‫‪abdelchahboun@hotmail.com‬‬

‫التعذيب انتهاك جسيم لحقوق اإلنسان‪ ،‬وداللته اللغوية‬ ‫ال تخرج عن ‪:‬‬ ‫المعاقبة والتنكيل والمنــع‪ ..‬فأما المعاقبة فجزاء بسوء‪..‬‬ ‫وأما التنكيل فردع بترويع‪ ..‬وأما المنع فحرمان من حق‪..‬‬ ‫والتعذيـب بهذا المعنى تعـد جائــر على حقـوق‪ ،‬وسلــوك‬ ‫مهين بكرامة آدمية‪ ،‬ال يمكن تبريره بأي وجه ‪..‬‬ ‫ومن أجل وضع حد لجرائم التعذيب تمت صياغة قواعد‪،‬‬ ‫وتحديد معايير ووضع آليات‪ ،‬واعتماد اتفاقيات وبروتوكوالت‪،‬‬ ‫واستحداث هيئات‪ ،‬وبناء اجتهادات‪ ،‬وتوسيع قاعدة الواقعين‬ ‫تحت تأثير هذه الجريمة من ضحايا وفاعلين حقوقيين وقضاة‬ ‫وضابطة قضائية ومحامين وأطباء‪..‬‬ ‫وقد عرفت بالدنا اطراد هذه الجريمة خالل سنوات الجمر‬ ‫والرصاص‪ ،‬لكنها في اآلونة األخيرة تقلصت بفضل ‪:‬‬ ‫• دينامية فعل مدني حقوقي‬ ‫• مسلسل العدالة االنتقالية‬ ‫• دستور ‪2011‬‬ ‫• مصادقة على اتفاقيات وبروتوكوالت‬ ‫• رفع وتائر االجتهاد القضائي في التعذيب‬ ‫• إعداد دالئل موجهة لفائدة معنيين بموضوع التعذيب‬ ‫• مراجعة منظومتي القانون الجنائي والمسطرة الجنائية‬ ‫• تفكير في إحداث آلية وطنية للوقاية من التعذيب‪.‬‬ ‫في يوم مساء الجمعة سادس سبتمبــر الجــاري حضرت‬ ‫واقعــة حقوقيــة في موضوع التعذيب تتعلق بإطــالق دليل‬ ‫«القانون كايـن وكلنـا معاك» بفندق فرح بطنجة‪ ،‬بمبادرة‬ ‫من فرع فاس للمنظمة المغربية لحقوق اإلنسان وشراكة مع‬ ‫جهات دولية خاصة منظمة «كرامة» الدنماركية وجمعيات‬ ‫مدنية بفاس‪..‬‬ ‫ً‬ ‫وإذ أعد هـذا العمل مطلوبـا في بلدنا نتيجة العود إلى‬ ‫ممارسات مشينــة‪ ..‬فإني لســت متفقــاً على صدور الدليل‬ ‫المذكور بصورته ومادته الحالية لكونه ‪:‬‬ ‫• ال يعتمـد رؤية منهجيـة في إعداد الدالئل الحقوقية‬ ‫صورة ومادة‪..‬‬ ‫• مدوناً بلهجة من لهجات المغرب‪..‬‬ ‫• مندرجاً في خدمة مخطط دعاة التلهيج ؛ باستهداف‬ ‫العربية وتسييد الدارج ‪..‬‬ ‫وترتفع غرابتي لصدوره من فـاس ‪ /‬القروييـن بإشراف‬ ‫لفيف جامعي ؟‬ ‫وأما الحرف العربـي الذي كتبـت به دارجـة الدليل فال‬ ‫يبسط معنى وال ييسر فهما؛ ذلك أن قارئ جمله وعباراته‬ ‫يمكنه أن يقرأهــا ويفهمها أحسن لو كتبــت بلسان عربي‬ ‫مبين مقتصد‪ ..‬وهذه بعض األمثلة ‪:‬‬ ‫«المنظمة المغربية لحقـوق اإلنسان الهدف ديالها هو‬ ‫أنها تنشر وتعمق الوعي بحقوق اإلنسـان ‪.»..‬‬ ‫«تهدف المنظمة المغربية لحقـوق اإلنسـان إلى نشـر‬ ‫وتعميق الوعي بحقوق اإلنسان»‪.‬‬ ‫« شنو هو التعذيب ؟ »‬ ‫« ما هو التعذيب ؟‬ ‫« شنو هي آثار التعذيب ؟ »‬ ‫« ما هي آثار التعذيب ؟ »‬ ‫« شنو هو الحل ؟»‬ ‫« ما الحل ؟ »‬ ‫«واش باغية قهوة ؟ »‬ ‫« هل تريدين قهوة ؟»‬ ‫« ما تخافيش هو في أمان »‬ ‫« ال تخافي هو في أمان »‬ ‫« ما تقلقيش غادي نعاونك»‬ ‫« ال تقلقي سأعينك »‪.‬‬ ‫ما رأي الجهة المسؤولة في المنظمة ؟‬ ‫ولنـا عـود‪.‬‬


‫الشمال الفني‬ ‫‪4‬‬

‫إشراف الفنان يوسف سعدون‬

‫العدد ‪ 1011‬ـ الثالثاء ‪ 17‬إلى ‪ 23‬شتنبر ‪2019‬‬

‫الفنان‬

‫ر�شيد بوع�سرية‬ ‫حاورته ‪ :‬جريدة الشمال‬

‫• من هو رشيد بوعسرية ؟‬

‫• • رشيد بوعسرية فنان مغربي من أبناء مدينة‬ ‫القصرالكبير مختص في مجال الموسيقى الغربية‪.‬‬ ‫مغني‪ ،‬كاتب كلمات وملحن‪ .‬إضافة إلى أنني مدير فني‬ ‫لمجوعة من الفنانين والمجموعات الموسيقية بالمغرب‪،‬‬ ‫ورئيس جمعية «فنون لوكوس»‪.‬‬

‫من ناحية أخرى عملت مديرا فنيا لبعض المهرجانات‬ ‫كـ «نغمات اندلسية» و«مهرجان عبدالسالم عامر»‬ ‫و«مهرجان المديح والسماع بمدينة القصرالكبير»‪.‬‬ ‫هذا دون أن أنسى أنني أيضا أعمل في مجال التنشيط‬ ‫السياحي ألكثر من ‪ 25‬سنة‪ ،‬منتقال بين مدينة تطوان‬ ‫وطنجة والدارالبيضاء ومراكش وأكادير‪.‬‬ ‫• نبدأ بالسؤال حول بداياتك األولى في مجال‬ ‫الموسيقىوالغناء؟‬

‫• • ابتدأت مسيرتي في سن مبكرة جدا‪ ،‬وكنت‬ ‫وقتها قد تعلمت العزف على آلة القيثار في سن السابعة‪،‬‬ ‫حيث وجدت اآلالت الموسيقية بوفرة في بيتنا تعود‬ ‫إلخواني الذين كانوا يتقنون العزف على عدة آالت‪،‬‬ ‫وأنماط موسيقية كان أغلبها متأثرا بمجموعة ناس‬ ‫الغيوانوالمشاهب‪.‬‬

‫من هنا انطلقت شرارة البداية‪ .‬ففي سن العاشرة‬ ‫كنت بدأت أعزف بعض األغاني الشهيرة لمجموعة‬ ‫المشاهب‪ ،‬خصوصا وأنها ألهمتني بجمالية عزفها‬ ‫وأصوات أفرادها وألحانها المتميزة‪ .‬وعندما التحقت‬ ‫بسلك اإلعدادي والثانوي برز نشاطي في المسرح‬ ‫المدرسيوالحفالتالمدرسية‪،‬خصوصاخاللالمناسبات‬ ‫الوطنية‪ .‬وخالل هذه الفترة التقيت بـ «عرابي» المرحوم‬ ‫الفنان محمد الزاوية (صكال )‪ ،‬تعرفت على أسرة‬ ‫«القرمادي»‪ ،‬ليتم احتضاني و توجيهي إلى الموسيقى‬ ‫الغربية التي اكتشفتها وعشقتها بفعل إتقاني للغات‬ ‫األجنبية‪ ،‬الفرنسية واإلنجليزية بالخصوص‪.‬‬ ‫• هل يمكن الحديث عن تيار فني ينتمي إليه‬ ‫رشيد بوعسرية ؟‬

‫• • أنا أنتمي إلى المدرسة «الميكرية»‪ ،‬وأنا أفخر‬ ‫بذلك‪ .‬وقد اكتشفت مع مرور الوقت أني أميل للتعبير‬ ‫عن هموم المجتمع من خالل األلحان األصيلة الممزوجة‬ ‫بالموسيقى الغربية‪ .‬وهذا عائد لتأثري بموسيقى الجاز‬ ‫و الفالمنكو المرتبطة بالمعاناة والعذاب‪ .‬إضافة إلى‬ ‫اهتمامي بـ «البوب العالمي»‪.‬‬

‫إنني أنتمي إلى الموسيقى العالمية‪ ،‬ولكني رغم‬ ‫ذلك أشعر أن كل من يسمع إنتاجاتي يفهمها ويتقبلها‬ ‫بتلقائية ومتعة‪ .‬وهذا بشهادة عدة فنانين و نقاد‪.‬‬ ‫• رشيد بوعسرية تميز في الساحـة الوطنيـة‬ ‫والعربية باشتغاله على المـوروث الثقافي خصوصا‬ ‫فن العيطة‪ ،‬وتقديمه بشكل متطـور‪ ،‬كيف تبلورت‬ ‫الفكرة لديك؟‬

‫• • الحمد هلل بلدنا زاخر بالموروث الثقافي‪ ،‬وضمنه‬ ‫فن «العيطة الجبلية» التي أشتغل عليها بحكم انتمائي‬ ‫لمنطقة الشمال الغربي حيث ترعرعت في حي أغلب‬ ‫سكانه من «أهل سريف» و«زهجوكة»‪ ،‬وهي مناطق‬ ‫غنية بالتراث الفني الجبلي‪.‬‬ ‫إن احتكاكي‪ ،‬منذ الصغر‪ ،‬بالمرحوم «الحاج بريطال»‪،‬‬ ‫الذي كان يعتبر من رواد الطقطوقة الحبلية‪ ،‬و تأثري‬ ‫بزيارة المجموعة الشهيرة ‪ ROLLING STONES‬إلى‬ ‫حينا‪ ،‬وإلى مدشر «زهجوكة»‪ ،‬شدا معا بانتباهي إلى هذا‬ ‫الفن االصيل‪ ،‬وإلى الموسيقى العالمية‪.‬‬

‫من جانب آخر أنا أشتغل على «فن الهيث» و«فن‬ ‫عيساوى» اللذان شكال معا مرجعية فنية لي منذ نعومة‬ ‫أظافري‪ ،‬وبحكم انتماء والدي إلى سهل اللوكوس‪،‬‬ ‫والوالدة الغرباوية األصل‪ .‬وهكذا اتسمت تجربتي‬ ‫بامتزاج األلحان واإليقاعات والجذبة والرقص واألذكار‬ ‫والبكاء والحنين إلى البلد بعد الهجرة والطابع الصوفي‬ ‫والفرجة ورقصات مختلف الطقوس‪.‬‬ ‫وألنني اكتشفت أنه قلما وجد فنان حاول عصرنة‬ ‫هذه األنماط الموسيقية‪ ،‬بادرت واستبقت الزمن لكي‬ ‫أكون من الذين حاولوا تقديم هذا التراث في قالب فني‬ ‫حديث تتقبله كل األجيال‪ ،‬وكل المجتمعات‪ ،‬خصوصا‬ ‫في المؤلفات التالية ‪ ( :‬أبياطي يا بياطي ) و(موالي‬ ‫عبدالسالم) و( طه روح السالم)‪.‬‬ ‫• ما هو أهم حدث طبع مشوارك الفني؟‬ ‫• • أهم ما ميز مشواري هو اختيار أغنيتي ( طه روح‬ ‫السالم ) كأجمل عمل فني في المغرب سنة ‪.2009‬‬ ‫وطبعا هي أغنية تدعو إلى السالم العالمي وحب اإلنسان‬ ‫وحب األرض وتقبل اآلخر‪ .‬وقد أشركت فيها مطربين‬ ‫وعازفين من عدة دول ‪ :‬أمريكا ألمانيا فرنسا والمغرب‪.‬‬ ‫وديانات متنوعة مسلمة مسيحية ويهودية‪ .‬إال أنها‪،‬‬ ‫بصراحة‪ ،‬لم تأخذ نصيبها من اإلعالم‪.‬‬ ‫• ما هي تقديراتك لحضـور األغنية في المجـال‬ ‫اإلعالمي العمومي؟‬ ‫• • اإلعــالم العمومـي في المغرب ناجح بكــل‬ ‫المقاييس في إبراز األغنية المغربية بأجمل حلة‪ .‬والواقع‬ ‫أن ما كان ينقصنا في السابق هو التعريف بالموروث‬ ‫الثقافي المغربي‪ ،‬إال أنه في العشرية األخيرة بدأنا‬ ‫نشاهد برامج تقرب المشاهد أكثر إلى الفنون التراثية‬ ‫المغربية وتساعده في فهم وتحليل كل كبيرة وصغيرة‬ ‫في موروثنا المتنوع‪.‬‬ ‫وحتى إنشاء قناة األمازيغية كان له الوقع اإليجابي‬ ‫للتعريف باإلنتاج الفني التراثي‪ ،‬وإعطاء الفرصة لعدد‬ ‫كبير من الفنانين من كل أنحاء مملكتنا العزيزة‪ .،‬كل‬

‫حسب انتمائه وهذا ساعد على وفرة اإلنتاج واإلبداع‬ ‫معا‪.‬‬ ‫• من هو نموذجك في مجال الغناء ؟‬ ‫‪ 7‬نموذحي في الغناء‪...‬هههه‪....‬هم كثر‪ .‬وطنيا‬‫فأنا أعشق «اإلخوان مكري»‪ ،‬ويونس خصوصا‪ ،‬و أنا‬ ‫أيضا أقتدي بالفنان الكبير عبدالوهاب الدكالي من‬ ‫حيث األداء واأللحان‪ .‬وعالميا‪ ،‬طبعا الفنان الكبير ستينغ‬ ‫(‪ ) STING‬خصوصا أنه فنان متكامل‪ ..‬عازف ماهر‪،‬‬ ‫ملحن رائع‪ ،‬وكاتب من الطراز الرفيع‪ ،‬وإنسان كوني‬ ‫يحب السلم والسالم و يكره ماديات هذا العصر الزائفة ‪.‬‬ ‫• ما هي األغنية التي تتمنى لو أنك من أداها ؟‬ ‫• • أغنية «ليلي طويل» للفنان يونس مكري‪.‬‬ ‫• ما هي األلبومات التي أنجزتها لحد اآلن؟‬ ‫• • أنجزت ألبومين‪ .‬األول في بداية االحتراف‪ ،‬مع أول‬ ‫مجموعة (‪ ، ) HUMAN MC‬والتي كانت تضم الفنان‬ ‫عوض بلفقيه‪ ،‬وعمر الركالة‪ ،‬وخالد بنعمران (‪، )FRIW‬‬ ‫تحت اإلدارة الفنية للمرحوم محمد الزاوية (‪) SAKALA‬‬ ‫وكان بعنوان «من أجل حياة أفضل» والثاني سنة ‪2014‬‬ ‫وعنوانه ( من سوس الى لوكوس ) والذي كان ناجحا‬

‫ح‬ ‫و‬ ‫ا‬ ‫ر‬

‫مع‬

‫بكل المقاييس‪ ،‬وقربني أكثر إلى الجمهور‪ ،‬وفتح أمامي‬ ‫أبواب التعرف على فنانين كثر‪ .‬كما قمت بكتابة وتلحين‬ ‫عدة أغاني لفنانين شباب أمثال «محي الدين مارسلي»‪،‬‬ ‫و«سعيد الحاجي»‪ ،‬و«عادل أصيل» و«أسامة عبدالدايم»‬ ‫ومجموعة مازاكان وسارة عبدالسالم وسفيان مصطفى‪.‬‬

‫وأنا بصدد إنتاج ألبوم ثالث سيصدر قريبا بنهاية‬ ‫السنة الجارية‪ .‬وهو تتمة لنشر وعيي الفني المستنبط‬ ‫من الفنون التراثية السالفة الذكر بمشاركـة ألمــع‬ ‫العازفين على اآلالت الغربية وطنيا‪.‬‬ ‫• كلمة لقراء الشمال؟‬

‫• • سعيد جدا بهذه االلتفاتة من جريدتكم الجميلة‬ ‫لتقريبي إلى قراء «الشمــال» وأتمنى أن أتوفــق في‬ ‫تبليغ رسالتي الفنية إلى قلوبهم‪ ،‬وأن اكون خير سفير‬ ‫للموروث الفني الشمالي‪ .‬فبالفن نرتقي‪ ،‬وبموروثنا‬ ‫التراثينفتخر‪.‬‬

‫وأتمنى أن تكثر المناسبات الفنية في جميع أنحاء‬ ‫مدن الشمال‪ ،‬فهناك طاقات واعدة تنتظر فرصتها‬ ‫لتقول كلمتها‪ ،‬كما أتمنى لكم جميعا مزيدا من السلم‬ ‫والسالم و أعذب األلحان‪ ،‬ولجريدكم مزيدا من النجاحات‬ ‫و أشكركم على هاته االلتفاتة اتجاهي‪.‬‬


‫العدد ‪1011‬‬

‫الشمال الفني‬

‫مجموعة حبال الوثاق» الغيوانية‬ ‫«بالقصر الكبير تمتع الجمهور في مهرجان للتراث‬ ‫الشفهي وفن الحلقة ومسرح الشارع بأسفي‬

‫الثالثـاء ‪� 17‬إلى ‪� 23‬شتنرب ‪2019‬‬

‫‪5‬‬

‫عدوى ترويج‬ ‫األعمال الفنية‬ ‫المزورة‬ ‫• يوسف سعدون‬

‫حلت مجموعة من « حبال الوثاق «مجموعة غيوانية» القصر‬ ‫الكبير‪ ،‬األحد ‪1‬شتنبر ‪ ،2019‬ضيفة على مدينة أسفي في إطار‬ ‫فعاليات المهرجان األول بأسفي للتراث الشفهي وفن الحلقة ومسرح‬ ‫الهواء الطلق تحت شعـار ‪« :‬تاريخنا بوابتنــا لمستقبـل أفضل» وذلك‬ ‫بفضاء ساحة المطار الكورس والتي تنظمه جمعية المحيط للتجار‬ ‫الصغار‪.‬‬

‫أطربت الفرقة الغيوانية الجمهور األسفي بوصالت غنائية‬ ‫خالدة «الصينية» و «غير خذوني ‪/‬ضايعين» التي تشكل منعطفا في‬ ‫مجال األغنية االجتماعية خالل السبعينات‪ ،‬كما أن الجمهور تفاعل‬ ‫مع المقطوعات الجميلة بشكل واسع ينم عن استحسان ما أبدعته‬ ‫أنامل المجموعة الغيوانية القصرية ‪.‬‬

‫ع‪ .‬بوربوحة‬

‫المهرجان الوطني للتراث الشعبي في نسخته الثالثة‬ ‫تحت شعار‪« :‬تفسير جديد للتراث المجيد» تنظم الجمعية‬ ‫المتوسطية اإلفريقية للثقافة والفنون ‪ Amaca‬بالمضيق بشراكة‬ ‫مع جماعة المضيق‪،‬وبدعم من المندوبية اإلقليمية لوزارة الثقافة‬ ‫بتطوان المهرجان الوطني للتراث الشعبي‪،‬في نسخته الثالثة دورة‬ ‫أحد أعمدة الصيد التقليدي بالمضيق‪،‬والملقب لدى ساكنة الرنكون‪:‬‬ ‫«بالزروالي» بتاريخ ‪ 28-27‬شتنبر ‪ 2019‬بقاعة دار الثقافة‪ ،‬وفضاء‬ ‫الكورنيش قرب الكنيسة‪.‬‬ ‫برنامج هذا العرس التراثي المغربي المتوسطي متنوع وغني ‪،‬‬ ‫كما أن فقرات هذه التظاهرة الثقافية تتضمن‪:‬‬ ‫ ندوة علمية ‪« :‬المعجم البحري بين المبنى والمعنى»‬‫بمشاركة نخبة أكاديمية‬ ‫ أمسيات شعرية بقاعة دار الثقافة ‪،‬في الهواء الطلق‬‫ومعزوفاتموسيقية‬ ‫ توقيع ديوان جماعي لشعراء من المغرب وإسبانيا‬‫بفضاء مقهى وسط المدينة‬

‫المهرجان الدولي‬ ‫األول للفيلم‬ ‫الكوميدي بالرباط‬ ‫ينظم المركز المغربي لمبادرات التنمية ما بين‬ ‫‪10‬و‪14‬شتنبر الجاري الدورة األولى للفيلم الكوميدي‬ ‫القصير‪ ،‬وحسب تصريحات مدير المهرجان المخرج شاكر‬ ‫أشهبار عبر ندوة صحفية ‪ ،‬فالمهرجان سيعرف مشاركة‬ ‫‪ 30‬فيلم من ‪16‬دولة منها المغرب وفرنسا وإسبانيا‬ ‫وإيطاليا ولبنان وغيرها‪ ،‬وستتبارى األفالم المنتقاة من‬ ‫بين ‪1254‬فيلم توصل بها المهرجان من ‪ 86‬دولة على‬ ‫الجائزة الكبرى‪ ،‬وجائزة الجمهور‪ ،‬وجائزة لجنة التحكيم‪،‬‬ ‫وجائزة التشخيص(ذكورا و إناثا)‪،‬وتترأس لجنة التحكيم‬ ‫التي جل أعضائها مغاربة المنتجة رشيدة السعدي‪،‬‬ ‫وتعرف فعاليات المهرجان تكريم الممثل الكوميدي‬ ‫عزيز داداس حيث سيعرض له فيلم «لحنش» الذي قام‬ ‫ببطولته كما ستنظم ندوة فكرية حول موضوع تطورات‬ ‫سينما الكوميديا بالمغرب والخارج يؤطرها مجموعة من‬ ‫النقاد المخرجين‪،‬‬ ‫وتبقى أهمية هذا المهرجان الذي ستشهد فعالياته‬ ‫قاعة با حنيني كونه األول من نوعه على المستوى العالم‬ ‫العربي واإلفريقي‪.‬‬

‫ سهرات تراثيـــة (الطقطوقــة الجبليــة‪ ،‬الهيـــت‪ ،‬رقصة‬‫الكدرة‪،‬كناوة‪)..........‬‬ ‫ معرض للوحات تشكيلية من إبداع األستاذ الفنان محمد‬‫الشاوي ‪.‬‬ ‫كما يتضمن البرنامج احتفاء بشخصيات محلية أغنت رصيد‬ ‫التراث الفني بالمنطقة‪....‬‬ ‫لذا فإن الجمعية المتوسطية اإلفريقية للثقافة والفنون تمد‬ ‫يديها لكل الفاعلين في الحقل الثقافي الجاد إلنجاح هذا العرس‬ ‫المغربي الرنكوني المتوسطي كي يحقق إشعاعا سياحيا للمدينة‬ ‫خاصة وأن هذه التظاهرة ستعرف مشاركة مبدعين ومبدعات من‬ ‫مختلف مدن المملكة المغربية‪ ،‬إضافة إلى مبدعين ومبدعات من‬ ‫إسبانيا‪.‬‬ ‫عن مكتب الجمعية المتوسطية اإلفريقية‬ ‫للثقافة والفنون بالمضيق‬

‫زارني بمرسمي شاب في مقتبل العمر‪ ،‬قدم لي نفسه بكونه‬ ‫من هواة جمع األعمال الفنية ويتوفر على أعمال مجموعة من‬ ‫األسماء التشكيلية المعروفة‪ ،‬بدا فخورا وهو يسألني عن الفنان‬ ‫عبدالسالم نوار الذي يتوفر على العديد من لوحاته‪ ،‬قال لي إنه‬ ‫اقتناها من مراكش‪ ،‬وعبر هاتفه النقال بدأ يظهر لي لوحات الفنان‬ ‫نوار‪ ،‬ذهلت وأصبت بصدمة لما رأيت ألنني أعرف الفنان عن قرب‬ ‫وأسلوبه الفني مألوف عندي‪ ،‬ودونما تحكم مني ‪،‬أكدت له أن هذه‬ ‫األعمال كلها مزورة وتسيء لتجربة الفنان‪،،‬بل هي تقليد مشوه‬ ‫لها‪ ،‬أدركت للتو أن الرجل قد سقط في فخ مافيا ترويج اللوحات‬ ‫المزورة ‪،‬حاول ضيفي إقناعي بكونه متيقن من مصدر البيع ويثق‬ ‫في الجهة التي تعامل معها‪ ،‬وأن قيمة مقتنياته من اللوحات‬ ‫تناهز مائه ألف درهم‪ ،‬هذا االعتراف زاد من دهشتي سألته إن كان‬ ‫يتوفر على شهادة أصالة تلك األعمال فأجابني بالنفي‪ ،‬حيث ال‬ ‫يتوفر على أي وثيقة تثبت حقيقة العمل الفني و الجهة التي باعت‬ ‫له تلك األعمال‪ ،‬كل ما لديه هو ملصق مثبت في ظهر العمل به‬ ‫سيرة الفنان وصورته وهذا أسلوبهم المعتمد في عملية النصب‪،‬‬ ‫وحسب تجربتي المتواضعــة فانطباعي عن كل مقتنيـــات‬ ‫صاحبي التي رأيتها عبر الهاتف كلها مزيفة‪ ،‬وإلقناعه أكثر ربطت‬ ‫له االتصال بالصديق الفنان عبدالسالم نوار الذي تبرأ من تلك‬ ‫األعمال ‪ ،‬وهذا الحدث ذكرني بواقعة حدثت للفنان أحمد بن‬ ‫يسف حيث زارته سيدة بمرسمه حاملة معها بعض اللوحات‬ ‫لتتأكد من حقيقتها‪ ،‬وأكدت له أنها قد اقتنتها بأثمنة باهظة‪،‬‬ ‫وجد الرجل نفسه محرجا‪،‬وبعد إلحاحها عليه أكد لها أن تلك‬ ‫اللوحات مزورة‪،‬حينئذ أغمي على تلك السيدة من شدة الصدمة‪.‬‬ ‫مثل هذه االحداث أصبحت منتشرة في ساحتنا الفنية ‪ ،‬وغياب‬ ‫مسطرة قانونية رادعة لمثل هذه الطرق التي يمكن أن تدخل‬ ‫في إطار جرائم النصب واالحتيال تتسبب في استفحالها‪ ،‬وهناك‬ ‫جهات أصبحت معلومة تدعي ملكيتها ألعمال فنانين كبار من‬ ‫حجم احمد الشرقاوي والجياللي الغرباوي (لوحاته حطمت الرقم‬ ‫القياسي في التزوير) فريد بلكاهية وأحمد بن يسف وعباس‬ ‫صالدي وغيرهم ‪،‬جهات لها أسلوبها في االحتيال واإلقناع بمختلف‬ ‫سيناريوهات النصب واالحتيال ‪،‬وتستهدف هذه الجهات فئات لها‬ ‫رغبة في اقتناء اللوحات وال تمتلك ثقافة تشكيلية تستطيع من‬ ‫خاللها تمييز األعمال الفنية أو حتى نهج طرق قانونية لحماية‬ ‫نفسها من خالل التوفر على شهادة أصالة العمل الفني موقعة‬ ‫من الفنان أوالرواق الذي روجه‪،‬أو توثيق عملية االقتناء عبر الطرق‬ ‫القانونية ‪ ،‬كما تعمل المافيا على اإليقاع أيضا ببعض الراغبين في‬ ‫اقتناء األعمال عبر وسطاء دون شهادة إثبات لكونهم يعتقدون أن‬ ‫اقتناء العمل الفني بطرق قانونية تكون تكلفته أكثر‪..‬‬ ‫على العموم ‪ ،‬أصبحت ظاهرة ترويج األعمال الفنية المزورة‬ ‫ببالدنا منتشرة بشكل كبير‪ ،‬و هذا األمر يسيء إلى سوق ترويج‬ ‫اللوحات الذي هو في األصل يعاني من الكساد كما أن لها انعكاس‬ ‫سلبي على اإلقبال على األعمال الفنية‪ ،‬والمتضرر أكثر هو الفنان‬ ‫الذي يوظف تاريخه وإسمه من أجل اغتناء ال مشروع لهذه المافيا‬ ‫وتؤثر على قيمته الفنية ‪..‬لهذا وجبت المبادرة في التعجيل بإخراج‬ ‫القوانين الرادعة لمثل هذه الجرائم وتنظيم سوق تداول األعمال‬ ‫الفنية والضرب بيد من حديد على هؤالء النصابين ‪.‬‬


‫‪6‬‬

‫الثالثـاء ‪� 17‬إلى ‪� 23‬شتنرب ‪2019‬‬

‫العدد ‪1011‬‬

‫مجتمع ـ سياسة ـ حقوق‬ ‫فكري ولد علي‬

‫(مراسل من الحسيمة)‬

‫عامل الحسيمة يجوب أزقة حي «وراء القدس»‬

‫في جولة ماروطونية قام بها فريـــد‬ ‫شوراق عامل الحسيمــة مؤخــرا داخــل حي‬ ‫«وراء القــدس» الذي ألفت ساكنتـه زيـارات‬ ‫السيد العامل وما فتئت تلح عليها لتجاوز كل‬ ‫المشاكل المرتبطة اساسا بالتهيئة والتجهيز‬ ‫إذ رصدت له اعتمــادات كبيرة من برنامج‬ ‫التنمية المجالية الحسيمة منارة المتوسط‬ ‫ضمن برنامج إعادة تأهيــل األحيـاء ناقصه‬ ‫التجهيز‪ .‬وقد التفت ساكنة الحي حول عامل‬ ‫اإلقليم وعبروا عن تقتهم وآمالهم في السيد‬

‫العامل الدي أبدى تفهمه لمعاناتهم ووعدهم‬ ‫بالسهر شخصيا على هذا الملف حتى إيجاد‬ ‫الصيغ التقنية والقانونية الالزمة وقد كلف‬ ‫مختبر الدراسات بإنجاز خريطة تقنية لمشكل‬ ‫انجراف التربة وتحديد كل البنايات المهددة‬ ‫باالنهيار وذلك ليتسنـى االستجابـة لطلب‬ ‫الساكنة من الربط بشبكة الماء والكهرباء‬ ‫وتم تكليف لجنة محلية لهذه الغاية مشكلة‬ ‫من الوكالــة الحضرية وجماعـة الحسيمــة‬ ‫وباقــي المصالــح األخــرى سترفــع أشغالهــا‬

‫للسيد العامل فور االنتهاء من الجرد الكامل‬ ‫والشمولي لكل البنايات‪ .‬كما أعطى عامل‬ ‫اإلقليم إلطالق الصفقة الثانية المخصصة‬ ‫إلتمام أشغال الترصيف واإلنارة العمومية التي‬ ‫ستكون وفق الشكل الموجود اآلن بباقي أحياء‬ ‫المدينة كإشارة قوية بعدم استتناء هذا الحي‬ ‫من أشغال تأهيل مدينة الحسيمة‪.‬‬ ‫هذا وقد ودعـت ساكنـة الحي بنسائها‬ ‫وأطفالها عامل اإلقليــم وعشــرات المصالح‬ ‫والمهندسين الدين استقدمهـم بفرح وآمال‬ ‫كبيرة في أفق وضع حد لمعاناتهم‪.‬‬

‫منتدى حقوق اإلنسان لشمال المغرب ـ التنسيقية العامة‬

‫لقاء تواصلي ثالث بتطوان‬ ‫بعد الحسيمة وطنجة‪ ،‬لقاء تواصلي ثالث بتطوان في مقر الحزب االشتراكي الموحد يوم‬ ‫السبت ‪ 7‬شتنبر من تنظيم منتدى حقوق اإلنسان في شمال المغرب وذلك في أفق اإلعداد‬ ‫لمؤتمره العام المقبل ‪.‬‬ ‫قبل الحديث عن اللقاء التواصلي وما نتج‬ ‫عنه من خالصات‪ ،‬تتقدم التنسيقية العامة‬ ‫والتنسيقية المحلية بتطوان بالشكر الجزيل‬ ‫للرفاق والرفيقات في الحزب االشتراكـــي‬ ‫الموحد وخاصة الكاتب العام للفـــرع الرفيق‬ ‫البالي ‪.‬‬ ‫القـول األكيـــد في شـــأن هــذا اللقــاء‬ ‫التــواصلـــي بيــــن مختلـــف المناضليــن‬ ‫والمناضالت المهتميــن بالشان الحقــوقــي‬ ‫بالمنطقـــة الشمالية خاصــة والمغرب عامة‪،‬‬ ‫هو أن اللقاء كان ناجحا وصريحا في تشخيصه‬ ‫ألوضاع حقوق اإلنسان وما يشهده هذا المجال‬ ‫من انتكاســة خطيرة تهدد كــل ما تمت‬ ‫مراكمته بفضل التضحيات التي قدمتها الحركة‬ ‫الحقوقية ومختلف القوى الحية للشعب المغربي‬ ‫‪،‬في مقابل تغول الدولة التي عمدت الى محاصرة‬ ‫كل فعل حقوقي جاد‪ ،‬وتطويــع أو قمــع أي‬ ‫صوت أو رأي معارض من أجل تسهيل عملية‬ ‫اجهازها على الحقوق األساسية للمواطنيــن‬ ‫والمواطنات‪ ،‬وتيسير استمرارها في إنتاج نظام‬ ‫التفاهة الذي يبخس العمل المؤسساتــي سواء‬ ‫كــان جمعويا او حزبيا او مؤسسات دولة ‪.‬‬ ‫كما ان اللقــاء التواصلي استحســن هذه‬ ‫المبادرة التي طرحت تجربة المنتدى للمسائلة‬ ‫من اجل استخالص الدروس على ضوء ما يشهده‬ ‫الوعي الجمعي للمجتمع من تحوالت عميقة‬ ‫اساسها انعدام الثقة في الدولة ومؤسساتها‪،‬‬ ‫بما فيها مؤسسات المجتمع المدني‪ ،‬وهو ما‬ ‫يتطلبحسبالمشاركينوالمشاركات‪،‬مراجعات‬ ‫نقدية على مستوى التصورات والتنظيم‪ ،‬من‬ ‫أجل إعادة الثقة في العمل الحقوقـي والعمل‬ ‫المنظم بصفـة عامة‪ ،‬واألخذ بعين االعتبار‬

‫‪Fikri.press@gmail.com‬‬ ‫‪Tél 0661986707‬‬

‫بعد وعود بتلبية مطالبهم‪:‬‬ ‫المجلس الجهوي لعدول استئنافية‬ ‫الحسيمة يعلق احتجاجاته‬

‫أفاد بالغ يحمل من األرقام ‪ ،1-‬صادر عن‬ ‫عدول استئنافيــة الحسيمة‪ ،‬المنضــوي تحت‬ ‫لواء الهيئة الوطنية للعدول‪ ،‬أن األخيــر التـأم‬ ‫فــي جـمــع عـام استثنــائــي يـوم الخميــس‬ ‫‪ ،2019 / 9 / 12‬على الساعة السادسة مساء‬ ‫بمقر الهيئة بالحسيمة‪ ،‬لتدارس مستجدات‬ ‫الحوار الذي جمع المكتب الجهوي برئيس‬ ‫محكمة االستئناف بالحسيمة‪ ،‬والوكيل العام‬ ‫بنفس المحكمة‪ ،‬والذي أسفر عن تفهم تام‬ ‫لمطالب العدول ووعود بحل جميع المشاكل‬ ‫التي يتعرض لها قسم التوثيق والوثيقة‬ ‫العدلية‪....‬‬ ‫نص البالغ رقم ‪:1‬‬ ‫التــأم السادة العــدول بالحسيمة في‬ ‫اجتماعهم العام االستثنائي بدعوة من المكتب‬ ‫الجهوي الستئنافية الحسيمة المنضوي تحت‬ ‫لواء الهيئة الوطنية لعدول المغرب ‪ ،‬وذلك يوم‬ ‫الخميس ‪ 12/09/2019‬على الساعة السادسة‬ ‫مساءا بمقر الهيئة بالحسيمة ‪.‬‬ ‫حيث قـــدم رئيس المكتــب الجهــوي‬ ‫المستجدات المحلية المتمثلة في ان رئيس‬ ‫محكمة االستئناف بالحسيمة استدعى المكتب‬ ‫الجهوي لعدول استئنافية الحسيمة صباح يوم‬ ‫الخميس ‪ 2019/09/12‬إلجراء حوار بحضور‬ ‫السيد الوكيل العام بنفس المحكمة وبحضور‬ ‫رئيس المحكمة االبتدائية بالحسيمة ‪ ،‬حيث‬ ‫وعدوا والتزموا بأنهم سوف يتدخلون عاجال‬ ‫لحل جميع المشاكل التي يتعرض لها قسم‬ ‫التوثيق والوثيقة العدلية‪ ،‬بما فيه تعيين قاض‬ ‫متفرغ ورسمي لقسم التوثيق في أفق إصدار‬ ‫قانون إللغاء خطاب القاضي بشكل نهائي الذي‬

‫هو مطلب جميع السادة العدول بالمملكة‪،‬‬ ‫وسوف يحرر محضر في الموضوع ويوقع عليه‬ ‫الطرفان ‪ ،‬وبعد نقاش وجدال بين السادة‬ ‫العدول ووقوفهم على الحوارات السابقة مع‬ ‫المسؤولين القضائيين على الصعيد المحلي‬ ‫وخاصة مع رئيس المحكمة االبتدائية بالحسيمة‬ ‫والرئيس األول بمحكمة االستئناف بنفس‬ ‫المدينة مع استحضار السادة العدول جميعهم‬ ‫النية الحسنة‪ ،‬وأكد جلهم أنهم ليسوا من دعاة‬ ‫اإلضراب والوقفات االحتجاجية وإنما هدفهم هو‬ ‫حل المشاكل التي تتخبط فيها الوثيقة العدلية‬ ‫سواء فيما يتعلق بالتأخير والمراقبة والتضمين‬ ‫والخطاب الن هناك من يتجاوز حد اختصاصاته‬ ‫ويصل الى محاكمة الوثيقة العدلية بدل أن‬ ‫يكتفي بمهمته الشكلية المتمثلة في مراقبة‬ ‫أركان العقد وشروطه والعلم باالداء ‪.‬‬ ‫و بعد نقاش مستفيض قرر الجمع العام ما‬ ‫يلي ‪:‬‬ ‫‪ )1‬تعليق وتأجيل اإلضراب الذي كان مقررا‬ ‫أيام ‪ 16/17/18‬من شهر شتنبر سنة ‪ 2019‬إلى‬ ‫حين التأكد من نتائج الحوار وتنفيذها عمليا في‬ ‫الواقع ‪.‬‬ ‫‪ )2‬قـــرر الجمع العام تحديــــد يـــوم‬ ‫‪ 2019/10/02‬النعقـاد الجمع العـام المقبــل‬ ‫للنظر في تطبيق االتفاقات المتفق عليها مع‬ ‫المسؤولين القضائيين على الصعيد المحلي ‪.‬‬ ‫‪ )3‬ا إلبقاء على الجمع العام مفتوحا يعقد‬ ‫كل ما دعت الضرورة الى ذلك ‪.‬‬ ‫عن المكتب الجهوي بالحسيمة‬ ‫حــرر بتاريخ ‪2019/09/13 :‬‬

‫المصالح اإلقليمية بالحسيمة تتدخل‬ ‫لفك المسالك الطرقية باإلقليم‬ ‫متطلبات الشباب واالعمل على إدماجمهم في‬ ‫المراكز القيادية‪ ،‬واالنفتاح على اإلطارات الجادة‬ ‫مع تشكيل تكتالت صلبة للمواجهة والتصدي‬ ‫لما نشهده من تراجعات تطال مختلف مناحي‬ ‫حياة المواطنين والمواطنات‪ ،‬والعمل كذلك‬ ‫من أجل اإلرتقاء إلى مستوى العمل المؤسساتي‬ ‫الذي يربط المسؤولية بالمحاسبة‪ ،‬والتركيز‬ ‫على الموضوعات الحقوقية التي تهم منطقة‬ ‫الريف الكبير التي شكلت االضافة النوعية وجدوا‬ ‫تاسيس منتدى حقوق اإلنسان لشمال المغرب‪،‬‬ ‫باإلضافـــة إلى باقــي القضايا الحقوقية على‬ ‫الوطنية‪.‬‬ ‫وقد اعتبر اللقاء التواصلي ان هذه الدينامية‬ ‫المفتوحة التي اعتمدها المنتدى‪ ،‬والتي على‬ ‫باقي االطارات الحذو بها‪ ،‬هي السبيل الى جعل‬ ‫محطة المؤتمر العام المقبل محطة نوعية‪،‬‬ ‫لالرتقاء بهذه التجربـــة إلى مستــوى العمــل‬

‫المؤسساتي المنظم الواعي بذاته وما يفرضه‬ ‫الواقع من متطلبات وتحديات‪.‬‬ ‫وفــي األخيـــر أكــد المشــاركـــون‬ ‫والمشاركات في هذا اللقاء التواصلــي عـــن‬ ‫تضامنهم المطلق مع معتقـلـــي‪ .‬حراك الريف‬ ‫وذويهم‪ ،‬ومطالبة الدولة بتحسيــن ظروف‬ ‫اعتقالهم وتلبية مطالبهم وإطالق سراحهم‬ ‫دون قيـــد أو شرط‪ .‬كما ركز اللقــاء على ضرورة‬ ‫تاسيس مركز لألبحاث والدراسات لعموم الريف‬ ‫الكبير مفتوح على الفضاء الجامعي يعنى بقضايا‬ ‫التنمية والديموقراطية والجهوية‪ .‬والعمل على‬ ‫إصدار مجلة علمية فصلية كمساهمة عملية من‬ ‫اجل مواجهة ثقافة التفاهة التي تقوم الدولة‬ ‫على تسييدها وإنتاج ثقافـة فكرية وحقوقية‬ ‫وسياسية جديدة وبديلة‪.‬‬ ‫لإلخبار ‪ :‬اللقاء التواصلي الرابع سيكون في‬ ‫مدينة العرائش يوم ‪ 21‬شتنبر ‪.2019‬‬

‫ت��ب��ع��ا ل��ل��ن��ش��رات‬ ‫ال��ج��وي��ة اإلن���ذاري���ة‬ ‫(مستوى برتقالي إلى‬ ‫أح��م��ر) التي أصدرتها‬ ‫مديرية األرصاد الجوية‪،‬‬ ‫ع��رف إقليم الحسيمة‬ ‫يوم السبت ‪ 07‬شتنبر‬ ‫‪ 2019‬اب���ت���داء من‬ ‫الساعة السادسة مساء‪،‬‬ ‫تساقطات مطرية رعدية‬ ‫قوية همت على وجه الخصوص المرتفعات‬ ‫والعديد من الجماعات القروية باإلقليم وأدت‬ ‫إلى انقطاع حركة السير ببعض المحاور الطرقية‬ ‫(ط و‪ / 2‬ط و‪ ،)8‬وبفضل الترتيبات االستباقية‬ ‫المتخذة عبر التواجد الميداني آلليات المصالح‬ ‫التقنية للعمالة ولمديرية التجهيز والنقل‬ ‫والجماعات الترابية تم فتح جميع المسالك‬ ‫الطرقية في وقت وجيز لم يتعدى ساعة واحدة‪.‬‬ ‫و عقدت اللجنة اإلقليمية لليقظة اجتماعا‬ ‫استباقيا تحت رئاسة عامل اإلقليم وتم تشكيل‬ ‫لجان محلية بكل قيادات اإلقليم للقرب من‬ ‫المواطنين وتقديم المساعدة عند الحاجة‬ ‫واعطى عامل اإلقليم تعليمات لكل المصالح‬ ‫التقنية ورجال السلطة إلى التجنــد طيلــة هذه‬

‫األي��ام‪ ،‬وتوجيه تحذيرات‬ ‫للمواطنــيـن بالمناطـــق‬ ‫المعروفــــة بخطورتهــا‪،‬‬ ‫ووجود الوديان بهـا‪ .‬كما‬ ‫تم تعبئة جميـع الموارد‬ ‫البشرية للوقاية المدنية‬ ‫للتأهب لالستجابة الفورية‬ ‫لكل نداء‪ ،‬ووضع المعدات‬ ‫واآللـيــات بالقـــرب مــن‬ ‫المناطق المحتمل حدوت‬ ‫الخطر بها ودلك لضمان سرعة التدخل واإلغاثة‬ ‫وكدا تعزير حضور دوريات الدرك الملكي بجميع‬ ‫المسالك الطرقية لتسهيل مأمورية مستعملي‬ ‫الطرق والتصدي لكل محاولة منهم المغامرة‬ ‫بأرواح الناس‪.‬‬ ‫لذا تبقى اللجنة اإلقليمية بمقر عمالة‬ ‫الحسيمة تحت رئاسة عامل اإلقليم شخصيا‬ ‫معبئة ‪ 24/24‬ساعة لالستجابة لكل نداء من‬ ‫المواطنين والمواطنات عبر أرقام الهاتف التالية‪:‬‬ ‫‪0539 98 27 46 / 0539 98 20 18‬‬ ‫أو ‪0539 98 20 47‬‬ ‫كما يرجى من جميع المواطنين والمواطنات‬ ‫توخي أقصى درجات الحيطة والحذر‪.‬‬


‫‪7‬‬

‫الثالثـاء ‪� 17‬إلى ‪� 23‬شتنرب ‪2019‬‬

‫العدد ‪1011‬‬

‫مجتمع ـ سياسة ـ حقوق‬ ‫عبد العالي بن ربوحة‬

‫(مراسل من القصر الكبير)‬

‫مديرية التعليم بالعرائش تعد للدخول المدرسي‬ ‫‪2020-2019‬‬

‫في سياق اللقـاءات التنسيقية التي تم‬ ‫عقدها على مستوى مديرية التعليم بالعرائش‬ ‫حول الدخول المدرسي ‪ ،2020-2019‬انعقدت‬ ‫عدة لقاءات تواصليــة بمقر مديرية التعليم‬ ‫بالعرائــش للوقــوف على كافة الترتيبــات‬ ‫واالستعدادات‪ ،‬وتفعيل آليات التتبع والمواكبة‬ ‫الميدانية واتخاذ كافة التدابير لضمان انطالق‬ ‫الدخول المدرسي في ظـــروف جيدة‪ ،‬اللقـاء‬ ‫الذي ترأسه السيد المدير اإلقليمي محمد‬ ‫كليل بحضور السادة رؤساء األقسام والمصالح‬ ‫باألكاديمية خصص إلنجــاز تقييم مرحلــي‬

‫لمختلف اإلجراءات المتعلقة بالدخول المدرسي‬ ‫الحالي‪ ،‬سيما التي تخص مجـاالت العــرض‬ ‫المدرسي‪ ،‬وتأهيل المؤسســات التعليميــة‪،‬‬ ‫ومجال الموارد البشريـــة‪ ،‬والمجــال التربوي‪،‬‬ ‫والخريطة المدرسية والدعم االجتماعي ومجال‬ ‫التعبئة والتواصل‪ ،‬بهــدف توفير الشـروط‬ ‫المالئمة النطالق الدراسة في أحسن الظروف‪.‬‬ ‫وقــد تميــزت هـذه اللقاءات بالتفاعــل‬ ‫اإليجابي لمختلف الهيئــات التي تعبـــأت من‬ ‫أجل إنجاح الدخول المدرسي الذي ينظم هذه‬

‫السنة تحت شعار «من أجل مدرسة مواطنة‬ ‫دامجة»‪.‬‬ ‫وكانت وزارة التربية الوطنية والتكوين‬ ‫المهني والتعليم العالي والبحث العلمي قطاع‬ ‫التربية الوطنية ‪ ،‬قد أعلنت عن التحاق اطر‬ ‫التدريس برسم السنة الدراسية ‪2019-2020‬‬ ‫يوم األربعاء ‪ 4‬شتنبر وعن انطالق الدراسة‬ ‫بشكل فعلي يوم الخميس ‪ 5‬شتنبر بالنسبة‬ ‫للسلك االبتدائـي والسلك الثانوي اإلعدادي‬ ‫والثانوي التأهيلي وباألقسام تحضير شهادة‬ ‫التقني العالي ‪.‬‬

‫القصر الكبير ‪ :‬ورشة تكوينية حول موضوع‬ ‫الميزانية التشاركية‬

‫نظمت هيئة المساواة وتكافؤ الفرص‬ ‫ومقاربة النوع بالقصر الكبير‪ ،‬الحلقة التكوينية‬ ‫االفتتاحية حول موضوع الميزانية التشاركية‬ ‫وأبعادها التنموية والسوسيو اقتصادية مساء‬ ‫يوم الجمعة ‪ 6‬شتنبر ‪ 2019‬بمقر جماعة‬ ‫القصر الكبير ‪.‬‬ ‫وتندرج هذه الورشة التكوينية‪ ،‬في إطار‬ ‫مشروع النهوض بثقافة المساءلة والمحاسبة‬ ‫وإشراك المجتمع المدني في تدبير الشأن‬ ‫العام المحلي‪.‬‬ ‫هذه الحلقة العلمية أطرتها األستاذة‬ ‫الخبيرة خديجة الرباح التي حاولــت بإيجابية‬ ‫تناول الموضــوع من كل جوانبــه‪ ،‬حيــث‬ ‫أظهرت مزاياه وطرق تنزيله وكيفية اعتماده‪،‬‬ ‫كما أبرزت خالل عرضهــا لمجمل تجليات‬ ‫الميزانية التشاركية التي تتبنى فكرة مشراكة‬ ‫المواطنات والمواطنين في تدبيــر الشؤون‬ ‫العامة ويتجلى في مساهمة المواطنين في‬ ‫مسلسل اتخاذ القرار المتعلـق بالتخطيط‬ ‫وتنفيذ السياسات والمشاريع العامـة وفــق‬ ‫تصور استشاري ملزم يحقق شراكة فعلية‬ ‫لكل المتدخلين‪ ،‬بحيث يمنح القرار المشترك‬ ‫سلطة حقيقية للمواطنين وفعاليات المجتمع‬

‫المدني في اتخاذ القرار وممارسة مسؤوليات‬ ‫سياسية هامة وفق منظور شمولي يرتكز‬ ‫على اعتماد قواعد الحكامة الجيدة في تدبير‬ ‫أمور الشأن العام المحلي‪ ،‬وتحقيق التوازنات‬ ‫المجالية ضمن رؤية هادفة إلى تنزيل مشاريع‬ ‫تنموية تستجيب وطموحات الساكنة‪ .‬وتناولت‬ ‫الدورة التكوينية آليات تنزيل وتقييم الميزانية‬ ‫التشاركية وإسهامها في مجال التنمية المحلية‪.‬‬

‫ومن بين األهداف الرئيسية لهذا اللقاء‬ ‫العلمي ‪:‬‬ ‫ تقوية قدرات أعضاء الهيئة المنتخبين‬‫المحليين في التدبير الميزانيتي‪.‬‬ ‫ إذكاء الوعي وإرساء ثقافة الحكامة‬‫التشاركية المحلية لدى الهيئات المدنية‪.‬‬ ‫كما يعرف هذا الموضوع لقاءات تكوينية‬ ‫أخرى ‪.‬‬

‫السيطرة على حريق غابة “عشاشة” بشفشاون‬

‫أكد عبد العزيز حجاجي المدير الجهوي‬ ‫للمياه والغابات ومحاربة التصحر‪ ،‬السيطرة‬ ‫على الحريق الذي شب منذ الخميس الماضي‬ ‫بغابة عشاشة‪ ‬تاسيفت‪ ‬بإقليم شفشاون‪.‬‬ ‫وأضاف المدير الجهوي للمياه والغابات‬ ‫ومحاربة التصحر‪ ،‬أن الجميع سيبقى مرابطا‬ ‫بعين المكان للتأكد من السيطرة الكاملة على‬ ‫الحريق‪ ،‬مشيرا إلى أنه لحد الساعة لم تتحدد‬ ‫أسباب الحريق‪ ،‬وقال إن األبحاث جارية في‬ ‫األمر‪.‬‬ ‫يشار إلى أن النيران التي شبّت في الغابة‬ ‫منذ يوم الخميس الماضي أتت لحد اآلن على‬ ‫ثمان مائةِ هكتار من الغِـطا ِء الغابوي حسب‬ ‫حصيلة مؤقتة‪.‬‬ ‫وحسب مصادر محلية فإن المديرية‬ ‫الجهوية للمياه والغابات ومحاربة التصحر‬ ‫جندت‪ ،‬بمعية الدرك الملكي‪ ،‬والقوات المسلحة‬

‫الملكية‪ ،‬إلى جانب السّلطة المحلية وعناصر‬ ‫الوقاية المدنية‪ ،‬كل إمكانياتها لتطويق‬ ‫الحريق وإخماده‪ ،‬مضيفة أن قوة الرياح ووعورة‬ ‫المسالك وصعوبة التضاريس كانت من بين‬ ‫العوامل التي ساهمت في اتساع رقعته‪.‬‬ ‫المصادر ذاتها كشفت أن المتدخلين‬

‫في عملية إخماد الحريق استعانوا بطائرتين‬ ‫من نوع «كانادير» خالل اليومين األوليين‪،‬‬ ‫ليتم رفع عددها إلى ثالث طائرات خالل اليوم‬ ‫الثالث‪ ،‬دون أن تفلح الجهود المبذولة في‬ ‫إطفاء ألسنة اللهب التي أتت على مساحات‬ ‫مهمة من الغطاء الغابوي‪.‬‬

‫‪benrebouha01@gmail.com‬‬ ‫‪Tél : 0641794991‬‬

‫ضحايا سنوات الرصاص‬

‫«انتفاضة ‪1984‬بالقصر الكبير»‬ ‫يطالبون بإنصافهم وتسوية‬ ‫ملفاتهم كباقي الضحايا‬

‫وجه ضحايا االنتهاكات الجسيمة لحقوق‬ ‫اإلنسان «انتفاضة ‪1984‬بالقصر الكبير « رسالة‬ ‫إلى رئيسة المجلس الوطني لحقوق اإلنسان‬ ‫أمينة بوعياش‪ ،‬يطالبــون فيها بإنصافهم‬ ‫وتسوية ملفاتهم وتمتيعهم بحقوقهم العادلة‬ ‫والمشروعة كباقي الضحايا‪.‬‬ ‫وطالب الضحايا من خــالل رساالتهـــم‬ ‫بتمكينهـم من توصية تكميليــة باإلدماج‬ ‫االجتماعي‪ ،‬مع العلم أن بعــض الضحايا كانت‬ ‫قد أقرت في حقهم التوصية من طرف لجنة‬

‫المتابعة لهيئة اإلنصاف والمصالحة‪ ،‬والتخلي‬ ‫عن االزدواجية في التعامل مع الضحايا والعمل‬ ‫على تسوية ملفات الضحايا المصنفين تعسفا‬ ‫خارج األجل‪.‬‬ ‫وأكد ضحايــا سنوات الرصاص انتفاضة‬ ‫‪1984‬بالقصر الكبير في ملفـهـم المطلبــي‬ ‫الموجه إلى رئيسة المجلس الوطني لحقوق‬ ‫اإلنسان أمينـــة بوعياش تشبثهــم الدائم‬ ‫بمطالبهم والدفاع عنها بشتى السبل والطرق‬ ‫المتاحة قصد تحقيقها ‪.‬‬

‫المهرجان الثالث لمعركة وادي‬ ‫المخازن بجماعة السواكن‬

‫انطلقت صباح يوم السبت ‪7‬شتنبر ‪،2019‬‬ ‫فعاليات النسخة الثالثة من المهرجان الثقافي‬ ‫والفني والتنموي بجماعة السواكن‪ ،‬والمنظم‬ ‫من‪ ‬طرف المجلس الجماعي لجماعة السواكن‬ ‫تحت شعار «معركة وادي المخازن عمق تاريخي‬ ‫وعنوان للتنمية االقتصادية واالجتماعية إلقليم‬ ‫العرائش»‪ ،‬في الفتــرة مابين ‪7-8-9‬شتنبر‬ ‫الجاري ‪.‬‬ ‫أعطيت االنطالقة الرسميـــة لفعاليـــات‬ ‫المهرجان‪ ،‬بتالوة آيات بينات من الذكر الحكيم‬ ‫‪،‬ثم النشيد الوطني‪ ،‬وكلمة رئيس جماعــة‬ ‫السواكن ‪،‬عبد السالم النباص وفي كلمته‬ ‫بالمناسبة تقدم بالشكر الجزيل‪،‬إلى الحضور‬ ‫على تلبيتهم الدعوة‪،‬موضحا في معرض حديثه‬ ‫‪،‬أهمية تنظيم النسخة الثالثة من المهرجان‬ ‫بتراب الجماعة‪ ،‬باعتبار فعاليات النسخة الثالثة‬ ‫من المهرجان ‪،‬جسرا متواصل بين المجلس‬ ‫الجماعي والساكنة ‪،‬كما تعتبر فرصة للتعريف‬ ‫بما تزخر به المنطقة من موروث ثقافي وتراث‬ ‫المادي‪،‬والذي‪ ‬من شأنه المساهمة بشكل فعال‬ ‫في التنمية المحلية‬ ‫وفي الختام‪ ،‬تقدم عبد السالم النباص‬ ‫‪،‬بالشكر إلى كل من ساهم من قريب أو بعيد‪،‬‬ ‫في تنظيم وإنجاح فعاليات النسخة الثالثة من‬ ‫المهرجان ‪،‬وقد خص بالذكر كافة الشركاء ‪،‬وكل‬ ‫الفاعلين‪ ‬والمشتركين‪.‬‬ ‫وتنظم هذه الدورة بمناسبة االحتفال‬ ‫بالذكرى ‪ 441‬لحدث معركة وادي المخازن التي‬ ‫تصادف عيد العرش المجيد ‪.‬‬

‫كما جاء برنامج هذه الدورة متميزا بتنوع‬ ‫فقراته التي تروم التعريف بمؤهالت المنطقة‬ ‫وتاريخها وبموروثها الثقافي والفني‪ ،‬و أن‬ ‫هذه الدورة تعتبر أيضا ملتقى لتبادل التجارب‬ ‫والخبرات بين الفرق المشاركة وفرجة ومتنفسا‬ ‫للساكنة ولزوارها ‪..‬‬ ‫وانطلقت فعاليات المهرجان باستعراض‬ ‫الفرق المشاركة في الفروسية وفن التبوريضة‪،‬‬ ‫وتم استقبال المشاركين في رياضة المشي‬ ‫واستكشاف المنطقة وكذا المآثر السياحية التي‬ ‫تزخر بها المنطقة ‪.‬‬ ‫وعرف برنامج هذه الدورة أيضا عروض‬ ‫فنية وفلكرولية متنوعة أبرزت الموروث الثقافي‬ ‫المحلي‪ ،‬وسهرة األغاني الشعبية من فن‬ ‫عيساوة والطقطوقة الجبلية وأهازيج الهياتة‬ ‫وعروض الفروسية على إيقاعات الفنون الشعبية‬ ‫وسابقات السلوقي (كالب القنص)‪ ،‬وورش‬ ‫الرسم على الجداريات لفائدة األطفال والتالميذ‪،‬‬ ‫ومقابلة في كرة القدم لفائدة الشباب بين فرق‬ ‫محلية‪ ،‬ومعرضا لمنتوجات الحرفية والصناعة‬ ‫التقليدية للمرأة القروية‪ ،‬وتقديم فقرات من فن‬ ‫المسرح من انجاز أطفال وشباب المنطقة ‪.‬‬ ‫المهرجان تميز أيضا بعرض شريط‬ ‫وثائقي يخلد لملحمة معركة وادي المخازن‪،‬‬ ‫واهم المنجزات التي حققها المغاربة في هذه‬ ‫المعركة‪.‬‬


‫‪8‬‬

‫الثالثـاء ‪� 17‬إلى ‪� 23‬شتنرب ‪2019‬‬

‫العدد ‪1011‬‬

‫تعديل وزاري‬

‫يجب أن يستوعب العثماني أن مصلحة‬ ‫الوطن تفوق كل االعتبارات األخرى!‬ ‫«يجب أال نخجل من إدراك نقاط ضعفنا أو االعتراف باألخطاء التي شابت مشوارنا‪ .‬على‬ ‫العكس من ذلك‪ ،‬يجب علينا استخالص الدروس التي ستمكننا من تصحيح أوجه القصور‬ ‫وإعادة تحديد المسار المزمع اتباعه»‪.‬‬ ‫هذا المقتطف من الخطاب الملكي الصادر في ‪ 20‬أغسطس ‪ ،2019‬يؤكد على أهمية النهج‬ ‫الجديد الذي اتبعه المغرب لوضع حد للحكم الذي اتسم حتى اآلن بالضعف وعدم الكفاءة‪،‬‬ ‫والبدء مرة أخرى على أسس جديدة إلعطاء البالد حكومة قوية ومتجانسة‪.‬‬ ‫بلدنا في مفترق طرق استراتيجي حيث يجب عليه اتخاذ القرارات الصحيحة‪ ،‬بتفكير عميق‬ ‫وبعيد المدى‪.‬‬ ‫هنا تكمن الحاجة الملحة إلى التحول‪ ،‬وهذه المرة هي ثورة في ممارسات التفكير والتحليل‪،‬‬ ‫وإنشاء إطار عمل جديد‪ ،‬وببذل كل التعاون من أجل جعل المغرب بلدًا يتجدد‪ ،‬بلدا راسخا بال‬ ‫اختالالت‪ ،‬وحيث سيجد كل مغربي نفسه فخورا باالنتماء إليه بدون مركب نقص‪.،‬‬ ‫يطلب الملك من الحكومة المستقبلية أن تكون طموحة ومتفاعلة‪ ،‬وأال تشكل عرضًا‬ ‫مسرحيا آخر يركد في الرداءة عن طريق بيع الوهم المثمر‪ ،‬للظفر بوالية جديدة عقيمة‬ ‫ومحبطة مثل سابقاتها التي لم تف بالثقة التي وضعها فيها المغاربة‪.‬‬

‫لقـد بدأت عمليـة التعديـل الوزاري‪ ،‬وبدأت الجولـة األولى من‬ ‫المفاوضات موسومة بانعدام الثقة‪.‬‬ ‫و رئيس الحكومة هو الذي أملى اتباع هذه المنهجية‪.‬‬ ‫واعترا ًفا بحلفائه‪ ،‬فقد تبنى مقاربة ال تخلو من الحسابات السياسية‪،‬‬ ‫حيث التقى بشكل منفصل بكل واحد من قادة أحزاب األغلبية‪ ،‬متجنبا‬ ‫عقد اجتماع بحضور جميع الرؤساء‪ ،‬خو ًفا من االلتفاف ضده بشكل يفرض‬ ‫عليه تدبير جماعي لعملية التعديل‪.‬‬ ‫خالل هذه االجتماعات الثنائية األولى‪ ،‬لم يتم لنا معرفة جوهر هذه‬ ‫المفاوضات‪.‬‬ ‫في األيام المقبلة‪ ،‬سيستأنف سعد الدين العثماني االتصال بحلفائه‪،‬‬ ‫لمنحهم رؤية أوضح‪ ،‬وعرضاً أكثر واقعية بخصوص الحكومة الجديدة‪.‬‬ ‫ستكون االنطالقة الحقيقية لمفاوضات تشكيل حكومة العثماني‬ ‫المستقبلية‪ ،‬أو ًال وقبل كل شيء بشرط أن يحصل تقليص في عدد‬ ‫الوزارات‪ ،‬وإلغاء كتاب الدولة التي لم تكن تجربتها منتجة‪ ،‬بالنظر إلى أن‬ ‫الحكومة الحالية تتشكل من ‪ 38‬وزيرا‪ .‬عدد ال يمكن العثور عليه في أي‬ ‫حكومة بالبلدان المتقدمة‪.‬‬ ‫وهنا تكمن المشكلـة‪ ،‬إذا كانت األحزاب قد اعتـادت فــرض‬ ‫عدد الحقائب المراد حصدها‪ ،‬كما لو أن االمر يتعلق باقتسام كنز‪،‬‬ ‫فسيضطرون هذه المرة إلى قبول عدد صغير من الوزارات‪ ،‬على الرغم‬ ‫من أنهم لم يسبق أن قبلوا بهذا النوع من المكسب ذي األفق المحدود‪،‬‬ ‫خاصة أنه يجب علينا أيضًا التفكير في وزراء تكنوقراط‪.‬‬ ‫لننطلق من العقلية المكرسة لدينا من السياسيين الشرهين‪.‬‬ ‫عاد ًة ما يكون تقاسم الكعكة على أساس االعتبارات السياسية فقط‬ ‫في اختيار الوزراء‪ ،‬األمر الذي جعل من الصعب دائمًا تحقيق االتساق‬ ‫والتجانس داخل األغلبية‪ ،‬وأدى إلى الفشل في إدارة شؤون الدولة‪.‬‬ ‫من ناحية أخرى‪ ،‬يواجه سعد الدين العثماني صقور حزبه‪( ،‬حزب‬ ‫العدالة والتنمية)‪ ،‬الذين سيمانعون بخصوص تقديم تنازالت أمام شهية‬ ‫األحزاب األخرى‪.‬‬ ‫النقطة الثانية وهي المتعلقة باألحزاب التي يجب أن تغادر االئتالف‬

‫بقلم ‪ :‬الدكتور‬

‫عبد الحق بخات‬

‫يتعلق األمر بإعادة بناء هذه الثقة عن طريق وضع مستقبل الوطن في أيدي الكفاءات‬ ‫المعرفية وليس بين أيدي االنتهازيين الجشعين والشرهين‪ .‬خالف ذلك‪ ،‬سيكون كل شيء بال‬ ‫جدوى‪ ،‬ألننا سنستمر في الدوران داخل نفس الحلقة المفرغة‪.‬‬ ‫لقد حان الوقت للقيام بعمل ما باعتباره تمهيدًا جديًا لتعريف نموذج التطوير الجديد‬ ‫الخاص بنا‪.‬‬ ‫إذا فشل النهج الحالي في وضع المغرب‪ ،‬بكل أبعاده‪ ،‬بشكل دائم على طريق التغيير‬ ‫والتقدم اإليجابي‪ ،‬فسنكون قد خسرنا معركة نقل الوطن من أجل مستقبل أفضل‪.‬‬ ‫لهذا السبب فالمطلوب من رئيس الحكومة عدم ترك قطار التقدم يمر‪ .‬يجب عليه أن يفكر‬ ‫بعمق‪ ،‬والتفكير بعيدا‪ ،‬وبمشاعر تجعل مصلحة الوطن فوق أي اعتبار آخر‪.‬‬ ‫إذا كان ال يريد أن يعانى من نفس هزيمة سلفه عبد اإلله بنكيران‪ ،‬الذي أقيل في ‪15‬‬ ‫مارس ‪ 2017‬بسبب عجزه عن استعادة مسؤوليته التنفيذية في القواعد والمعايير والمواعيد‬ ‫النهائية‪ ،‬فإن على رئيس الحكومة سعد الدين العثماني واجب النجاح‪ .‬فالفشل لم يعد‬ ‫مسموحا به!‬

‫الحالي‪ ،‬بسبب العجز الصارخ الذي أبان عنه وزراؤها‪ .‬تتركز األنظار على‬ ‫حزب التقدم واالشتراكية الذي يتزعمه نبيل بن عبد اهلل (‪ )PPS‬واالتحاد‬ ‫الدستوري الذي يتزعمه محمد ساجد (‪ ،)CU‬أو حتى االتحاد االشتراكي‬ ‫للقوات الشعبية (‪. )USFP‬‬ ‫تجدر اإلشارة إلى أنه حتى مع هذه المغادرات‪ ،‬ستظل الحكومة‬ ‫المستقبلية دائمًا تتمتع بأغلبية في مجلس النواب‪.‬‬ ‫بعد هذه الخطوة‪ ،‬ستكون مسألة توزيع الحقائب الوزارية بشكل‬ ‫ملموس بغرض معرفة الشكل الذي ستتخذه عملية تحمل إدارة أي‬ ‫قطاع‪.‬‬ ‫سيكون األمر األصعب هو العثور على الكفاءات القابلة لالستوزار‪،‬‬ ‫وف ًقا لمنطق الجدارة الذي يريده الملك‪ .‬وهنا منشأ التعقيد حيث اعتدنا‬ ‫االعتماد على ملء الفراغ بدل االحتكام إلى الجودة‪.‬‬ ‫لكن اليوم‪ ،‬اإلشارة واضحة‪« :‬انتهى زمن العجز والمكانة للكفاءة! »‪.‬‬ ‫ومن الضروري أيضا أن تحصي األحزاب السياسية بين صفوفها الكفاءات‬ ‫المأمولة‪ ،‬وإن بدا أنه أمر ليس بالسهل‪.‬‬ ‫ربما سيتعين على هذه األحزاب البحث عنها في مكان آخر‪ ،‬حتى إذا‬ ‫كانوا يريدون دمجهم في صفوفهم‪.‬‬ ‫هكذا إذن‪ ،‬ترتسم الصعوبات واضحة أمام خارطة طريق رئيس‬ ‫الحكومة‪ ،‬المحاصر بضيق الوقت‪ ،‬مع اقتراب موعد افتتاح الدورة الخريفية‬ ‫للبرلمان‪ ،‬وإعداد مسودة قانون المالية لعام ‪.2020‬‬ ‫في غضون ذلك‪ ،‬يخضع التعديل الوزاري لقواعد وبروتوكوالت‬ ‫صارمة ومحددة جيداً ‪ ،‬وقد قدم رئيس الحكومة إلى الملك تقريرًا عن‬ ‫الجولة األولى من المفاوضات‪ ،‬ومن حيث المبدأ‪ ،‬يتم تعليق استئناف‬ ‫المفاوضات في انتظار جواب اإلرادة الملكية‪.‬‬ ‫في الواقع‪ ،‬فإن المحيط السياسي‪ ،‬وكذلك المواطنين المتفاعلين‬ ‫مع األمر منذ أن كلف الملك رئيس الحكومة‪ ،‬في ‪ 29‬يوليوز‪ ،‬بمهمة‬ ‫تجويد اختيار فريقه الوزاري من خالل دمج كفاءات حقيقية قادرة على‬ ‫التعاطي بنجاح مع النموذج الجديد للتنمية الذي يأمله الملك‪.‬‬ ‫وتحت تأثير الدعوة المفاجئة تجد التكوينات السياسية نفسها غير‬

‫مهيأة بحكم عدم توفرها على الكفاءات المرجوة‪ ،‬أو تقريبًا‪ ،‬القادرة على‬ ‫مواجهة التحدي‪.‬‬ ‫إن المفاوضات التي يجريها رئيس الحكومة بكامل السرية‪ ،‬تتيح‬ ‫لنا أن نتخيل العديد من السيناريوهات المحتملة‪ ،‬متناقضة في بعض‬ ‫األحيان‪ ،‬بسبب كثرة التكهنات‪.‬‬ ‫ومع ذلك‪ ،‬وعلى الرغم من أنه يصعب الحكم على األمور‪ ،‬إال أن سعد‬ ‫الدين العثماني يبدو واث ًقا من نفسه‪ ،‬ومن المؤكد أنه يمتلك معايير‬ ‫اختيار فريقه الجديد‪ ،‬ومفاتيح الحكومة الجديدة‪.‬‬ ‫نأمل أال يتسم األمر بالثقة المفرطة ما دام أنه ليس هناك ما يؤكد‬ ‫أن العثماني يتوفر على األوراق الالزمة للضغط على شركائه‪.‬‬ ‫في الوقت الحالي‪ ،‬كل ما يمكننا فعله هو تقديم بعض السيناريوهات‬ ‫المعقولة التي يفترضها خبراء السياسة‪.‬‬ ‫في السيناريو األول‪ ،‬تحدثنا عن تخفيض عدد أعضاء الحكومة‪.‬‬ ‫يشير السيناريو الثاني أيضا إلى تقليص الكثافة‪ ،‬ولكن بشكل يسمح‬ ‫ألحزاب النواة الصلبة بالحفاظ على نفس العدد من الحقائب الوزارية‪.‬‬ ‫األمر الذي ال يمكن تحقيقه إال مع تخفيض عدد األحزاب التي تشكل‬ ‫االئتالف الحكومي‪.‬‬ ‫في السيناريو الثالث‪ ،‬يتعلق األمر بتكرار تجربة سبق خوضها في‬ ‫الماضي‪ .‬وتقوم على تعزيز األغلبية من خالل دمج قادة األحزاب الذين‬ ‫يشكلونها في الحكومة كوزراء للدولة‪ .‬في هذا السيناريو‪ ،‬تصبح الحكومة‬ ‫أكثر صالبة ‪ ،‬وقبل كل شيء‪ ،‬آمنة من المشاحنات التي ميزت مسارها‬ ‫خالل العامين الماضيين‪.‬‬ ‫السيناريو الرابع واألخير‪ ،‬واألكثر منطقية‪ ،‬وخصوصا إذا كنا على‬ ‫علم بما نريده‪ ،‬هو أن تنجز الحكومة مراجعة معمقة بحيث تحتفظ فقط‬ ‫بالكفاءات التي برهنت على جدارتها‪ ،‬بغض النظر عن انتمائها السياسي‬ ‫وعدمه‪.‬‬ ‫بمعنى آخر‪ ،‬إنها مسألة إخضاع األمر لمشرط تخليص جثة الحكومة‬ ‫من أي جهاز طفيلي‪.‬‬


‫امللحق الثقايف‬ ‫‪9‬‬

‫العدد ‪ 1011‬ـ الثالثاء ‪ 17‬إلى ‪ 23‬شتنبر ‪2019‬‬

‫خـا�ص‬

‫الذكرى ‪ 25‬لوفاة الشاعر‬

‫أحمد بركات‬

‫إعداد وتنسيق عبد اإلله المويسي‬

‫‪2019/09/09 - 1994/09/09‬‬

‫لو كان‬ ‫�أحمد بركات‬ ‫ما يزال ح ّي ًا !‬

‫أحمد بركات غير معروف عربيا‪ .‬وهذا شيء ينبغي التوقف عنده‪ ،‬استيعابه أوال‪ ،‬ثم البحث في أسبابه‪ .‬بالرغم من أنه يشبه تقريبا حالة عربية أخرى‪ ،‬يتعلق األمر بالشاعر السوري رياض‬ ‫الصالح الحسين‪ .‬فهما ينتميان إلى الجيل نفسه تقريبا‪ ،‬بركات مواليد ‪ ،1960‬والصالح ولد في ‪ .1954‬كالهما ترك أعماال شعرية قليلة‪ ،‬لبركات مجموعتان وللصالح ثالث‪ .‬وكالهما مات‬ ‫صغيرا أيضا بسبب المرض‪ ،‬رياض في الثامنة والعشرين‪ ،‬وبركات في الرابعة والثالثين‪ ،‬فضال عن انتمائهما إلى التيار األدبي نفسه‪ :‬القصيدة الجديدة في العالم العربي‪.‬‬ ‫غير أن تجربة رياض الصالح الحسين حظيت باالهتمام والتداول‪ ،‬على المستوى العربي‪ ،‬قياسا مع تجربة أحمد بركات‪ .‬من هنا ندرك ّ‬ ‫أن الشاعر المغربي عليه أن يناضل نضاال مزدوجا‬ ‫وهو يقدم إلى القارئ تجربته‪ ،‬عليه أن يبذل جهدا حتى يقنع أهل الحيّ أنه يطرب‪ ،‬أقصد حضوره على مستوى بلده‪ ،‬وعليه أن يبذل جهدا ربما مضاعفا كي يصل إلى قارئ الشعر في‬ ‫البلدان العربية األخرى‪.‬‬ ‫وعلى العكس دائما فالشاعر المشرقي يصل إلينا في الغالب دون عناء‪ .‬مردّ هذا الكالم إلى زياراتي لبلدان المشرق العربي وحديثي مع األصدقاء الشعراء والكتّاب واإلعالميين عن‬ ‫أحمد بركات الذي يجهلونه تقريبا‪ ،‬والذي يعتبر في اآلن ذاته واحدا من أروع الشعراء في تاريخ المغرب‪ .‬ربما جريرته أنه ولد في بلد ال ينتبه إلى الشعراء‪ ،‬بلد يدير إعالمه الكاميرات إلى‬ ‫الجهات التي ال يوجد فيها الشعراء‪ ،‬بلد يتفنن حتى شعراؤه في نكران بعضهم‪ .‬وربما جريرته أيضا أنه مات صغيرا‪ .‬لو كان أحمد بركات ما يزال حيا‪ ،‬في عصر التحول التواصلي المذهل‪،‬‬ ‫لكان واحدا من أكثر الشعراء العرب حضورا وتداوال‪.‬‬

‫عبد الرحيم الخصار‬


‫العدد ‪1011‬‬

‫الشمال الثقافي‬

‫الثالثـاء ‪� 17‬إلى ‪� 23‬شتنرب ‪2019‬‬

‫‪10‬‬

‫�أحمد بركات‬

‫�شعَر ومل يعُد‬

‫لو عا�ش‬ ‫�أحمد بركات‪..‬‬ ‫عبد السالم المساوي‬

‫لو عاش أحمد بركات لكان للقصيدة الثمانينية‬ ‫مذاقٌ آخر‪ ..‬كان واحداً منا في الوقت الذي بدأنا فيه‬ ‫كتابة نصّ متمرد على القواعد‪ .‬وكنا نصارع السائد‬ ‫ً‬ ‫فنقع في قبضته ً‬ ‫َّ‬ ‫نتحلل منه‪ ،‬في‬ ‫وآونة أخرى‬ ‫آونة‪،‬‬ ‫حين كان أحمد ينفلت منَّا بجرأة من مسه مسٌّ من‬ ‫الشعر والجمال المختلف؛ فكانت نصوصه في (أنوال‬ ‫الثقافي) و(االتحاد االشتراكي) تشعل فضولنا‪ ..‬وكما‬ ‫لو كان يعرف أن عدد أعوامه محدود‪ ،‬فأراد أن يضيف‬ ‫إليه من قصائده التي كانت تذهب بعيداً في المتخيل‬ ‫والمستقبل‪ ،‬وال تأبه لشراح البالغة‪ ،‬وال لمن ي ِزنون‬ ‫الحركات والسكنات في ميزان الذهب‪.‬‬ ‫كان مقبال على الشعر إقباله على الحياة‪ ،‬وكنا‬ ‫نحس أنه يعرض صحته للدمار الشامل‬ ‫أستطيع أن أقول اليوم أنني كنت أتوجس من أن‬ ‫يقرأ قبلي في األمسيات الشعرية التي جمعتنا‪ .‬فإذا‬ ‫قرأ أحمد قبلي أتوقع أن يكون جمهور األمسية قد‬ ‫اكتفى منه بما يريد‪ .‬كان إذا وقف أمام الميكروفون‬ ‫بوسامته‪ ،‬فإنه يجعل جسده خاضعا إليقاعات إنشاده‪.‬‬ ‫وترانا نشفق من اندماجه الكلي في الطقس فإذا‬ ‫هو كشجرة تنفضها الريح وصوته متصاعد بالمعنى‬ ‫الكبير الذي تحمله قصيدته‪ ،‬أما يداه فتطرزان في‬ ‫الهواء ما استغلق على السامعين من دالالت‪.‬‬ ‫عرفت أحمد بركات منذ الدورات األولى للمهرجان‬ ‫الوطني للتجربة الشعرية الجديدة في المغرب الذي‬ ‫احتضنته جمعية الشعلة بمدينة سال‪ .‬كنا مجموعة‬ ‫من الشباب الذين كانوا يحسون بإقصاء متعمد من‬ ‫الجيل الذي سبقنا‪ ،‬واستحوذ على كل شيء اتحاد‬ ‫الكتاب والجمعيات والمالحق الثقافية واألنشطة‬ ‫وكل وسائل إنتاج الثقافة‪ .‬وكانت تحذونا رغبة في‬ ‫تجاوز واقع الغطرسة التي يفرضها السيتينيون‬ ‫والسبعينيون‪ .‬وكان أحمد بركات بحكم اشتغاله في‬ ‫الصحافة مبكرا يتوفر على قدر كبير من المعلومات‪،‬‬ ‫ويعرف أكثر منا ما يدور في طاحونة الثقافة‪ .‬فكان من‬ ‫المتحمسين إليجاد إطار أو هيكل ثقافي نتحد فيه‪.‬‬ ‫كان األصدقاء السلويُّون‪ :‬مراد القادري وجالل‬ ‫الحكماوي ومحمد النجار وغيرهم‪ ...‬ممن أرسوا دعائم‬ ‫المهرجان الشعري‪ ،‬كما كان القادمون من فاس عبد‬ ‫السالم المساوي وعبد المالك أشهبون‪ ،‬ومن العرائش‬ ‫محمد حجي محمد ومن طنجة‪ :‬سعيد كوبريت‪ ،‬ومن‬ ‫البيضاء‪ :‬أحمد بركات وعزيز أزغاي ومصطفى فهمي‬ ‫وبوجمعة أشفري‪ ،‬وآخرون من جهات اختلطت علي‪،‬‬ ‫مثل واكريم بلقاسم‪ ،‬وسعيد أونوس‪ ،‬وحسن برادة‪،‬‬ ‫وغيرهم‪ ‬كثير من الشباب الذين تحمسوا إلعالن تمرد‬ ‫كبير‪ ،‬تجلى في البيانات الشعرية التي كنا نوقعها‬ ‫في ختام كل دورة‪ .‬وكانت لغة هذه البيانات أقرب‬ ‫إلى العمل النقابي االحتجاجي ولم نكن ننسى أن‬ ‫نؤكد حركتنا تبشر بقيم‪ ‬فنية جديدة‪ .‬في هذا الجو‬ ‫المتحمِّس عرفت أحمد بركات‪ ،‬وأتذكر ـ مرة ـ مبادرة‬ ‫للشاعر محمد األشعري الذي طلب من فرع سال‬ ‫لجمعية الشعلة تمكينه من النصوص الشعرية التي‬ ‫كانت قد ألقيت في المهرجان الثالث للتجربة الشعرية‬ ‫الجديدة بالمغرب‪ .‬حيث اختار نصاً ألحمد بركات‬ ‫بعنوان‪( :‬أبدا لن أساعد الزلزال)‪ ..‬ونصاً لي بعنوان‬ ‫(تعويذات لفتح الباب الكبير) ونصاً ثالثاً للشاعر‪ ‬عبد‬ ‫اإلله الصالحي‪ ،‬ونشر النصوص الثالثة في الملحق‬

‫الثقافي لجريدة االتحاد االشتراكي التي كان يشرف‬ ‫عليه‪ ،‬مصحوبة بكلمة تشجيعية‪ ،‬تشير إلى المستقبل‬ ‫الذي يعد به كتاب هذه النصوص‪ .‬وفسرنا ـ يومها ـ‬ ‫سلوك الشاعر محمد األشعري بكونه استقطاباً لنا من‬ ‫قبل رئيس جديد التحاد كتاب المغرب‪ .‬لكن األشعري‬ ‫كان على حق ألن أحمد بركات كان ـ يومها ـ يكتب‬ ‫نصا مغايراً يحمل في تضاعيفه بذوراً مخصبة لشعرية‬ ‫مغربية جديدة‪.‬‬ ‫واليوم في ذكرى رحيله المفجع أقول‪ :‬لو عاش‬ ‫أحمد بركات إلى اليوم‪ ،‬لكان للشعر المغربي المعاصر‬ ‫عالمته الفارقة‪ ..‬وأقول كذلك‪ :‬لن أنسى أبدا‪ ،‬ونحن‬ ‫في مساء من مساءات شتنبر قديم (‪ ..)1994‬كنا في‬ ‫شفشاون نعاند القصيدة وتعاندنا في إحدى دورات‬ ‫مهرجان أصدقاء المعتمد بن عباد‪ .‬وكنا على وشك‬ ‫بدء األمسية الشعرية الختامية‪ ،‬حين جاء صوت الناعي‬ ‫رهيباً كزلزال‪:‬‬ ‫ـ لقد مات أحمد بركات!!‬ ‫فأصابنا الذهول‪ ،‬ولم ندر ما نصنع‪ ،‬ونحن‬ ‫نرى‪ ‬ركنا متيناً من أركان شعريتنا الجديدة يتهاوى‪..‬‬ ‫وأذكر كيف تحامل الشاعر عبد الحميد جماهري على‬ ‫نفسه‪ ،‬وارتقى سالليم المنصة‪ ،‬وبدأ في ارتجال مرثية‬ ‫فادحة‪ ،‬مرثيةٍ بصور وعوالم نجحت في فتح كل أبواب‬ ‫أحزاننا‪ ،‬وانقلبنا‪ ،‬بعدها‪ ،‬إلى أهالينا ومدننا‪ ،‬ونحن‬ ‫نحمل في القلب دفاتر الخسران‪ ،‬وفي الروح صدى‬ ‫لقصيدة بركات الهائلة‪:‬‬ ‫وأنا حذر‪ ،‬أخطو نحوكم وكأن السحب األخيرة‬ ‫تُحمّلني‬ ‫أمطارها األخيرة‬ ‫ربما يكون الماء سؤاال حقيقيا‬ ‫وعلى أن أجيب بلهجة العطش‬ ‫ربما حتى أصل إلى القرى المعلقة في شموس‬ ‫طفولتكم‬ ‫عليَّ أن أجتاز هذا الجسر األخير وأن أتعلم السهر‬ ‫مع أقمار‬ ‫مقبلة من ليال مقبلة حتى أشيخ‬ ‫وأنا أجتاز هذا الجسر األخير‬ ‫هل أستطيع أن أقول بصراحتي الكاذبة‪ :‬لست‬ ‫حذرا ألنني‬ ‫أعرفكم واحدا واحدا؟‬ ‫حقيقة‪ ،‬لم يكن الشاعر حذراً وال ساعدته الحياة‬ ‫على أن يكون حذراً‪ .‬كان يدخن جسده نفساً نفساً‪،‬‬ ‫غير منتبه لألفعى الغادرة التي كانت تتجه صوبه‪ .‬لقد‬ ‫كانت قصيدته قوية ولم يكن جسده الواهن بقادر‬ ‫على تحمل عنفها‪ .‬رحل أحمد باكرا وهو في الرابعة‬ ‫والثالثين‪ ،‬مثلما رحل طرفة وكيتس ورامبو والشابي‬ ‫وباقي أسالفه من الشعراء الكبار الذين ماتوا شُبّاناً‪،‬‬ ‫تاركاً المشهد الشعري المغربي ذاهال‪ ،‬من موت جاء‬ ‫في غير وقته‪ ،‬ونحن ـ زمالء جيله ـ بالكاد كنا نحاول‬ ‫إقناع الجيل السابق بوعودٍ آتية‪ .‬لكن‪ ،‬مات أحمدُها‬ ‫في أوّل الطريق‪.‬‬

‫نجيب العوفي‬ ‫في مقتبل العمر والشعر والحياة‪ ،‬رحل الشاعر أحمد بركات ‪.‬‬ ‫ْ‬ ‫يُكمل‬ ‫رحل في لحظة مبكرة مفاجئة وصادمة من شهر ديسمبر ‪ 1994‬ولمّا‬ ‫ّ‬ ‫وكأن الشاعر‬ ‫المُغنّي بعدُ اغنيته ويصل الشاعرالفتى إلى قافيته المأمولة‪.‬‬ ‫بركات سائرعلى نهج الشعراء المغاربة الراحلين قبل األوان ‪،‬أحمد المجاطي‬ ‫‪،‬محمد الخمار الكنوني ‪،‬عبد اهلل راجع‪ ،‬عماد الدين السعيد‪ ،‬محمد بنعمارة‪ ،‬إلى‬ ‫آخر األحبة الذين عاجلتهم المنية قبل األوان ‪.‬‬ ‫شعَر أحمد بركات ولم يعد ‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫يستحثه للرحيل ‪.‬‬ ‫سافر بغتة بال تذكرة عودة‪ .‬وكأن نداء علويا‬ ‫( وأعرف بالبداهة‪ ،‬أنني عمّا قريب سأذهب مع األشياء التي تبحث عن‬ ‫أسمائها فوق سماء أجمل‪ ،‬ولن أساعد الزلزال ) ‪.‬‬ ‫ذلك ما هجس به الشاعر في قصيدته ( لن أساعد الزلزال ) من مجموعته‬ ‫ْ‬ ‫البكر( أبدا لن أساعد الزلزال )‪ ،‬ص ‪.7‬‬ ‫وهذا الديوان مشْ ُفوعا بصِنْوه ( دفاتر الخسران )‪ ،‬كانا بمثابة طلقة شعرية‬ ‫ثمانينية حارة وجريئة وواثقة‪ ،‬ضخّت دما جديدا في القصيدة المغربية الحداثية‬ ‫بعد البصمة القوية المُهيْمنة للتجربة الشعرية السبعينية‪ ،‬علما بأن المحاوالت‬ ‫الشعرية األولى ألحمد بركات كانت مُتاخمة زمنيا لمرحلة السبعينيات (‪. )1979‬‬ ‫لكن يبقى أحمد بركات شاعراثمانينيا ينتمي إلى هذا الجيل الطليعي الواقف‬ ‫على مفترق ُطرق حداثية صعبة ومصيرية‪ ،‬بعد انهيار كثيرمن األحالم واألشواق‬ ‫الكبرى وهُبوب الرياح العاتية للعولمة واألمبريالية الجديدة‪ ،‬ال تبقي وال تذر ‪.‬‬ ‫في هذا السياق المتحوّل – الملغوم َ‬ ‫بزغتْ مجموعته الشعرية (أبدا لن‬ ‫أصالح الزلزال) الفائزة بجائزة اتحاد كتاب المغرب‪ ،‬والتي تستعيد نصوصها‪،‬‬ ‫بصيغة شعرية مغايرة‪ ،‬حرارة تلك الصيحة الشعرية التي جَأر بها أمل دنقل في‬ ‫ستينيات القرن الفارط (ال تصالح)‪.‬‬ ‫وأشهد اني كنت عضوا في لجنة القراءة باتحاد كتاب المغرب آنئذ‪ ،‬وكان‬ ‫االختيار واقعا على هذا العمل إلى جنب أعمال أخرى‪.‬‬ ‫كان الرهان بالنسبة ألحمد بركات‪ ،‬مفتوحا على أفق انتظاريانع ‪.‬‬ ‫ولقد جسّد جيل بركات حساسية شعرية جديدة وإبداال شعريا ملحوظا في‬ ‫مسار القصيدة المغربية‪ ،‬من خالل االنتقال من مقاربة األسئلة والقضايا الكبرى‬ ‫إلى مالمسة شجون الذات والتقاط اليومي والعابر والهامشي والمُفارق ‪ ..‬بما‬ ‫يشفّ عن دالالت ورُؤى شعرية شفافة وعميقة ‪.‬‬ ‫وعلى غرارمعظم رفاق جيله‪ ،‬اختار أحمد بركات قصيدة النثر قالبا أثيرا‬ ‫ومطواعا لتجربته الشعرية‪ ،‬لكن بحساسية شعرية وموسيقية فائقة الشفافية‬ ‫والرهافة ‪.‬‬ ‫ويروي شقيقه الشاعرالكاتب عبد العالي بركات الذي كتب مقدمة ضافية‬ ‫ألعمال الشاعر‪ ،‬أن الراحل كان يتمتع بمواهب موسيقية مرهفة‪ ،‬وكان تفاعله‬ ‫كبيرا مع أغاني ناس الغيوان وجيل جياللة والمشاهب‪ ،‬ويتقن العزف على آلة‬ ‫الطمطام‪ ،‬وهي اآللة المركزية عند هذه الفرق‪.‬‬ ‫وال غرو أن يكون عازفا جيدا أيضا على أوتار الكلمة الشعرية‪ ،‬من دون أن‬ ‫يكون ملتزما بأوزان الشعر العربي وتفعيالته‪.‬‬ ‫وجدير باإلشارة‪ ،‬في خاتمة هذه السطور‪ ،‬أن أحمد بركات كان من السبّاقين‬ ‫إلى كتابة قصيدة الهايكو منذ عمله األول ( أبدا لن أصالح الزلزال ) إلى عمله‬ ‫الثاني ( دفاتر الخسران)‪.‬‬ ‫وحسبنا هنا تمثيال قراءة هذين النموذجين‪ ‬‬ ‫ من العمل األول‪ ،‬نقرأ تحت عنوان ( المطر هذا المساء )‬‫أصل المطر‬ ‫من بحرنا‬ ‫أصل البحرمن دموع مسائنا‪ .‬ص ‪30‬‬ ‫ ومن العمل الثاني‪ ،‬نقرأ تحت عنوان ( ريح العصر)‬‫هذه ليست صحراء‬ ‫هذه عباءة متصوّف مات‬ ‫وتلك عظامه ُ‬ ‫تعْبث بها ريح العصر‪ .‬ص ‪86‬‬ ‫وعلى شاكلة قصيدة الهايكو‪ ،‬القصيرة المكثفة الومْضية‪ ،‬كانت حياة أحمد‬ ‫بركات أيضا وعلى غرارها تماما‪ ،‬كانت تجربته اإلبداعية التي تشبه طلقة بارود‬ ‫شعرية ‪.‬‬


‫العدد ‪1011‬‬

‫الشمال الثقافي‬

‫يف القرن املا�ضي‬ ‫عزيز أزغاي‬ ‫(‪)...‬‬ ‫أتذكره‪ ،‬اآلن‪ ،‬وهو يتجول راجال بالقرب من حديقة الرميتاج في وسط شعب الدار البيضاء‪ ..‬وأتذكره وهو فرح بدراجته‬ ‫الموبيليت النارية‪ ..‬أتذكره بسرواله الجينز وجاكيته البنية وحذائه الرياضي األبيض‪ ..‬وأتذكر شاربه الكث األنيق وشعره‬ ‫األسود المصفوف‪ ،‬بعناية‪ ،‬على الطريقة التركية‪ ..‬أتذكر ضحكته الحقيقية الصافية‪ ..‬أتذكر معجمه المنتقى من منجم‬ ‫الرصاص‪ ..‬وأتذكر بناء جمله المفارقة‪ ،‬وهي تركض بعيدة عن خيال جيلنا النثري‪ ..‬أتذكر انخطافه عند استظهار القصائد‪..‬‬ ‫وأتذكر أصابعه المرتجفة في الهواء‪ ،‬كأنما تتعقب خطى الكبار المحلقين في سماء األبدية‪ ..‬أتذكر نبرة صوته الحارة في‬ ‫المناقشات‪ ..‬وأتذكر قصائد يده المرسومة‪ ،‬بعناية‪ ،‬على الطريقة الكوفية‪ ..‬أتذكر أماسي شُعلة سال وليالي شفشاون في‬ ‫ضيافة أصدقاء المعتمد والسيدة الحرة َ‬ ‫ووْطى حْمَامْ‪ ..‬وأتذكر قلقه الغميس من جحود أرض لم ولن تكون ألحد‪ ..‬أتذكر‬ ‫بأربع عجالتٍ‪ ..‬وأتذكر دم المحتجين‬ ‫التي‬ ‫جُمْعَتَه‬ ‫أتذكر‬ ‫الصغير‪..‬‬ ‫جامعه‬ ‫في‬ ‫عبيده وملوكه وكراسيه‪ ..‬وأتذكر الفانوس‬ ‫ِ‬ ‫الذي جرى في قصائده‪ ..‬أتذكر كل ذلك‪ ..‬وال أنسى الزلزال‪..‬‬ ‫(‪)...‬‬ ‫ثم كان الوقت ليال‪ ..‬حين كنا ننتظر أن يلحق بنا عند مرتفعات شفشاون‪ ..‬أن يفتح الباب‪ ..‬أن يرسل تلك الضحكة الشعرية‬ ‫األنيقة الهازئة‪ ..‬لكنه تأخر طويال‪ ..‬خمس وعشرون سنة مضت‪ ..‬حضر خسرانُه‪ ،‬بينما غاب خيال الشاعر الذي لم يكن يشبه‬ ‫خيال أحد‪..‬‬ ‫لقطة غريبة‪ :‬في آخر دورة‪ ،‬لمهرجان أصدقاء المعتمد بن عباد الشعري في شفشاون‪ ،‬حضرها الشاعر أحمد بركات‪ ،‬وبينما‬ ‫كان كل الشعراء مصطفين ألخذ صورة جماعية في الهواء الطلق‪ ،‬فكر الشاعر صالح الوديع أن يأخذ لنا‪ ،‬دون علمنا‪ ،‬صورة‬ ‫من الخلف‪ .‬فكان ما سيصبح مفاجأة فيما بعد‪ .‬وحده بركات‪ ،‬عوض أن ينظر إلى المصور الذي أمامنا‪ ،‬كان ملتفتا إلى الخلف!!‬

‫لتهد�أ حريتنا‬ ‫ون ْعـرف‪!!! ‬‬ ‫مراد القادري‬ ‫بشارب‬ ‫في ذلك الصّباح من مُنتصفِ شهر فبراير من سنة ‪ ،1987‬ولجَ قاعة دار الشباب تابريكت شاعِرٌ نحيفُ البنيّة‬ ‫ٍ‬ ‫ّ‬ ‫مُهذبة‪ .‬الظاهـر أنه كان يلبسُ سروال جينز‪ .‬لم أعدْ أذكر‪ ،‬إذ يفصِلني عن لقائِي األول بالشّاعر‬ ‫خاص‪ ،‬وتسريحةِ شعْر‬ ‫ُ‬ ‫ثالثة عقود عن انْعقاد الدورة األولى من مِهرجان شُعراء الحساسية الشعرية الجديدة‬ ‫أحمد بركات أزيد من ثالثين سنة‪.‬‬ ‫الذي كانت تحتضِنُه مدينة سال‪ ،‬والذي كان الشاعر أحمد بركات وفيّا له‪ ،‬ويعـتبره المِنصّة التي أعلنت‪ ،‬في المغرب‪ ،‬عن‬ ‫جيل شعريّ جديد‪ ،‬له من الخصُوصية والـتفـرّد ما يجعله إضافة أخرى في مسار شِعرنا المغربي‪.‬‬ ‫ميالدِ ٍ‬ ‫بعد هذا اللقاء األوّل‪ ،‬ستتوالى اللقاءاتُ واألمْسيات الشّعرية‪ ،‬هنا وهناك‪ ...‬وفي ّ‬ ‫كل موعِـد‪ ،‬كنت أشْعـرُ ّ‬ ‫أن ألحمد‬ ‫بركات ولشِعْـره طعْمًا خاصّا‪ ،‬ربّما لم يسبقْ للشّعـر المغربي ْ‬ ‫أن عاشَه أو عرفه‪ .‬لذلك‪ ،‬فعِندما افتقدناه‪ ،‬افتقدَ هذا‬ ‫الشّعْـرُ تلك االلتماعة‪ ،‬التي شرقت ثم انطفت على حِين غفلة‪ ،‬دُون ْ‬ ‫أن نرتويَ من مائِها الشّعـري بما يكفي‪.‬‬ ‫في تلك الفترة‪ ،‬كنا شبَابًا مُنغمِسًا في البحْث عن أجوبَة ألسئلةٍ اجتماعية حار َقة‪ ،‬عن معنى العدل واإلنسانية‬ ‫ً‬ ‫حزبية ضاجّة بالحمَاس والهُـتاف‪ ،‬ولم‬ ‫واالنتِماء لهذه األرض‪ .‬قـ ّلبنا ُكرّاساتِ الـرفاق وكنا ِنيشَهم الحـمراء‪ ،‬ولجْـنا مقراتٍ‬ ‫نعْـثر على جواب شافٍ وكافٍ لتلك األسئلة التي كانت تُقـلق مضْجَعَـنا‪ ،‬فيما كان ْ‬ ‫يكـفِـينا ْ‬ ‫أن ن ْقرأ هذين السّطرين ألحمد‬ ‫ٍ‬ ‫بركات‪ ،‬لتهدأ حيرتنا ونعْـرف ّ‬ ‫أن‪:‬‬ ‫األرض ليست ألحد‬ ‫األرض لمن ال يملك مكانا آخر‪.‬‬ ‫بلغةٍ حاسِمة‪ُ ،‬‬ ‫يقول الشّاعر كلمته قبل ْ‬ ‫أن يغادر‪ .‬اقتسامُ القول الشّعري مع اآلخرين هو ذاتُ االقتسام والمشاطرة الذي‬ ‫يُصرّح به في مكانٍ آخر من دفاتر خُسرانه‪:‬‬ ‫بخبز إلهي‪ ،‬وأريدُ أن أقتسمه مع أي كان في عشاء أخير‪.‬‬ ‫‪ ‬لديّ شيء ما أشبه ٍ‬ ‫ٌ‬ ‫والواقع أنه ُ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫منذ ْ‬ ‫أن غادر محفـلنا الشّعري أحمد بركات‪ ،‬قِـلة همُ الشّعراء الذين يقـتسمُون معنا الدّهشة الشّعرية‪،‬‬ ‫ويشاطِرُوننا خُبزهم الشّعري‪...‬‬ ‫أحمد بركات‪...‬على روحِك السالم‪.‬‬

‫الثالثـاء ‪� 17‬إلى ‪� 23‬شتنرب ‪2019‬‬

‫‪11‬‬

‫ماذا َ‬ ‫فعلت بالوردة يا �أحمد‪،‬‬ ‫ماذا فعلت بال�شعر؟‬ ‫محمد بودويك‬ ‫بشعر‪ ،‬شعرٌ يتخلع‪ ،‬مبادهة‪ ،‬بسبب من نأمةٍ نقدية عابرة فقط‪ ،،‬أو‬ ‫ليس‬ ‫ٍ‬ ‫يد زمنية باطشة عشواء وحسب‪ .‬وال بشعر‪ ،‬شعرٌ ينتسج من خيوط قماشات «‬ ‫بشعر‪ ،‬شعر يتفيء‬ ‫جمالية «‪ ،‬وبالغية بالية أ ْقوَتْ بمرور وكرور األيام والليالي‪ .‬وال ٍ‬ ‫ظالل اآلخرين‪ ،‬محاكيا‪ ،‬ومزدهيا بمحاكاته‪ ،‬ومتباهيا متفاخرا بحدو الحداء الذي‬ ‫بشعر يتسمى شعراً بما هو‬ ‫رن طويال ومديدا في سمع األزمان واألكوان‪ .‬وال‬ ‫ٍ‬ ‫مشيٌ على الموطوء القبلي‪ ،‬والمداس السابق‪ ،‬والمفترع السالف‪ ،‬والمراق الدابق‪.‬‬ ‫إنما الشعر شعرٌ إذا نجح في اإلصاخة عميقا‪ ،‬واإلصغاء بعيداً إلى دبيب ونبض‬ ‫المرئيات والالمرئيات‪ ،‬أي الفوز باللؤلؤة « المستحيلة « عند الغوص‪ ،‬والقدرة‬ ‫الخالقة على قول الجراح والعذابات الثاوية في الدواخل واألعماق‪ .‬والبوح الشافي‬ ‫القدير على تبويء األنا المهروس والمكسور والمذبوح‪ ،‬مكان الكشف والتعرية‬ ‫في تدانٍ وتصاقب بل تداخل وتشابك مع خالصات التجربة الروحية واللغوية‬ ‫والجمالية‪ .‬إن الشعر ندا ٌء أنوي‪ ،‬نفسي‪ ،‬وأنطولوجي‪ ،‬ورؤية ورؤيا‪ ،‬ترفده وتسنده‬ ‫معرفة ال مناص منها‪ ،‬وتأمل متواصل بعين العين‪ ،‬وعين القلب‪ ،‬وعين الروح‪،‬‬ ‫وعين الحدس والميتافيزيقا‪ .‬وال يخدعنا استواء بعض نماذجه باألرضي‪ ،‬والزائل‪،‬‬ ‫والمرئي‪ ،‬والمبتذل من األشياء والموجودات‪ ،‬معبرا وواصفا‪ ،‬ومستقرئا‪ ،‬ومستبطنا‬ ‫أحيانا‪ .‬فحتى تلك األشياء التي ال تتخطى الحسي والملموس والمعجون‪ ،‬إنما‬ ‫تتخطاها بقوة التخييل البديع‪ ،‬واإلنهاض الجمالي‪ ،‬والعجيب المفارق‪ ،‬والمدهش‬ ‫الخارق‪ .‬فإذا هي ماهيات‪ ،‬وكانت ـ قبل لحظة ـ حسيات وشيئيات‪ ،‬ورمليات‪.‬‬ ‫وأحمد بركات الشاعر الذي انطفأ في عز عطائه‪ ،‬وأوج إضافاته‪ ،‬وخصوبته‪،‬‬ ‫ونضوجه الفني واللغوي‪ ،‬وتجريبه المخصوص‪ ،‬يجسد ـ بما ال نقاش بعده ـ‬ ‫ذلك الشعر الذي أومأنا إليه‪ ،‬ويختزل الجمالية الشعرية في ما ترك وخلف من‬ ‫متن شعري مدهش ومفارق ومختلف ضمن المشهد الشعري المغربي‪ ،‬والمنجز‬ ‫اإلبداعي العربي العام‪ .‬فهو بهذا شبيه طرفة بن العبد‪ ،‬ورامبو‪ ،‬وتراكل‪ ،‬وكلود‬ ‫روي‪ ،‬وكافكا‪ ،‬وجبران‪ ،‬وسيلفيا بالث‪ ،‬والفوركَ‪ ،‬تمثيال ما داموا أقرانا متقاربين في‬ ‫زمنية حيواتهم القصيرة‪ ،‬وهم في أوج اشتعالهم‪ ،‬العابرين الهائلين الذين جاؤوا‬ ‫إلى الدنيا سريعا‪ ،‬وغادروها سريعا معبئين بقلق عاتٍ‪ ،‬ونياحة سوداء شجية على‬ ‫مصير اإلنسانية والوجود والموجود‪ .‬إن هؤالء أتوا محملين بنار إلهية قدسية‬ ‫أحرقتهم سريعا ألنهم سرقوها‪ .‬غير أنهم أضاؤوا بها جنبات الكون‪ ،‬وأشاعوا‬ ‫فيه روح الجمال والعذوبة‪ ،‬ونادوا بسعادة وكرامة اآلدمي‪ ،‬وإن لم يفيدوا منها‬ ‫قالمة ظفر‪.‬‬ ‫أحمد بركات هو أحد هؤالء‪ .‬سطر وجوده القصير‪ ،‬وحياته « المبتورة « بحبر‬ ‫األبدية والتاريخ‪ ،‬بحبر الشعر البديع والمختلف‪ .‬وكرس كيانية شعرية ال آنق‬ ‫وال أمتع‪ ،‬وال أكثر ابتعاثا على األلم‪ ،‬وحذقا تصويريا للقلق الوجودي الذي أكله‬ ‫أكال لمّاً‪ ،‬هو الذي لم يقدر على معايشة المواجع والفواجع والمآسي التي كانت‬ ‫تترى في واقع البالد ثمانينيا‪ ،‬وفي العالم العربي بالتالزم واالمتداد الذي نصب‬ ‫مقصلة هائلة وصدئة إلعدام األحالم والرؤى الوردية التي مجدت وتمجد الجمال‪،‬‬ ‫وهجست وتهجس بالتحول المحتوم الذي تسنه قوانين العلم والعمل واالجتهاد‬ ‫واالبتكار‪ ،‬ويحتمه منطق التطور والتاريخ‪ .‬والشعراء المرهفون ـ كما أحمد بركات‬ ‫ـ أهش من أن يستمروا في واقع ينز دما‪ ،‬ويغتصب اإلرادات الحرة‪ ،‬ويغتال األحالم‬ ‫والتطلعات المشروعة‪ .‬أهش وأضعف وأوهن من أن يحيا ( أقصد الشاعر أحمد )‪،‬‬ ‫وسط الخراب العام‪ ،‬والرماد والزيف واألقنعة‪.‬‬ ‫وليس من شك في أن شاعرنا المرهف قال كل ذلك أو بعضا منه في األقل‪،‬‬ ‫بشعر نوعي تفوق على المرحلة‪ ،‬وعلى سياقات أقاويل شعرية أخرى من السمط‬ ‫نفسه‪ ،‬والسمت عينه‪ .‬وانتسب ـ قوال وشعرا‪ ،‬ورأيا وموقفا ـ إلى حرائق زمنه‪،‬‬ ‫وإلى تاريخية وطنه‪ ،‬وتاريخيته القصيرة‪ ،‬وعصره بوجه عام‪ .‬وما يبرهن على ذلك‪،‬‬ ‫كتاباه الشعريان المتجددان كالمسك بعد الفرك‪ ( :‬أبدا لن أساعد الزلزال )‪ ،‬و‬ ‫(دفاتر الخسران )‪.‬‬ ‫وإن العنوانين ليقوالن كل شيء‪ ،‬ويختزالن ألما ما بعده ألم‪ ،‬وإحباط روحي‬ ‫ونفسي واجتماعي ما بعده من إحباط‪ .‬فالزلزال قائم ومتواصل يَدُكُّ األرض‬ ‫دكاً‪ ،‬يدك البالد والعباد‪ .‬فكيف للشاعر أن يساعد عليه‪ ،‬إذ سيصبح‪ ،‬إن فعل‪،‬‬ ‫متورطا ومتواطئا‪ ،‬ومنسلكا في صف الذين قالوا « نعم « عوض أن يقولوا « ال‬ ‫«‪ .‬أما الخسران فمُبين وساطع‪ ،‬وله دفاتر مركومة وعديدة دوَّن فيها أحمد ما‬ ‫أشقاه وأضناه‪ ،‬وأسقمه حتى أزهق روحه‪ .‬وها هم المدونون مستمرون في تسويد‬ ‫صفحات تلك الدفاتر التي تركها الشاعر‪.‬‬ ‫أما بعد‪ :‬فإن اإلنسان‪ ،‬والشاعر إنسان‪ ،‬منذور للموت والفناء والدثور‪ .‬إذ‬ ‫الموت حقيقة ال مراء فيها‪ ،‬حقيقة الحقائق‪ .‬لكن‪ ،‬ليس أقسى على المرء من أن‬ ‫يموت ميتتين‪ :‬ميتة بيولوجية‪ ،‬وهذه مفروغ منها‪ .‬وميتة إهمال ونسيان وطمر‬ ‫ذكر واستذكار وذكرى‪.‬‬ ‫فأحمد بركات حاضر بشعره المختلف‪ ،‬وبلغته وصوره‪ ،‬وتراكيب أقاويله‬ ‫الشعرية المدهشة‪ .‬وإذاً‪ ،‬لنفتح ـ في كل آونة وسانحة ـ كتابيه‪ ،‬مفسحين له‬ ‫المكان المستحق بيننا‪.‬‬


‫العدد ‪1011‬‬

‫الشمال الثقافي‬

‫الثالثـاء ‪� 17‬إلى ‪� 23‬شتنرب ‪2019‬‬

‫‪12‬‬

‫�أحمد بركات‬

‫مرحّ �ض الزالزل‬

‫ما الذي يبقى حينما‬ ‫يرحل ال�شعراء ؟؟؟‬

‫محمود عبد الغني‬

‫عبد اللطيف البازي‬ ‫رحل أحمد بركات وترجل باكرا‪ ،‬كأنه كان منذورا لغياب قبل األوان ‪ ،‬أو كأنه كان مصرا على أن يجعل من رحيله قصيدته األخيرة‪ .‬كان قد أتانا‬ ‫إلي تطوان متأبطا ديوانه المتفرد «أبدا لن أساعد الزلزال»‪ ،‬واحتفينا به في جمعية أصدقاء لوركا‪ ،‬وكانت ذريعة اإلحتفاء هي اقتسامه مع الصديق‬ ‫الشاعر حسن مرصو جائزة اتحاد كتاب المغرب للشعراء الشباب لسنة ‪ .1992‬مدنا حضوره بطاقة استثنائية وعادانا بقلقه وتوتره اللذيذ‪ .‬استوقفنا‬ ‫كونه كان يشبه أشعاره بشكل غريب‪ ،‬أشعاره التي قرأها علينا واقفا – كعادته – وكأنه يبلغنا وصاياه‪ ،‬أشعاره التي كانت نبرتها نبرة مغايرة لما كان‬ ‫متداوال حينذاك وكانت مجاورة لعوالم غير مألوفة لدينا‪.‬‬ ‫تكررت لقاءاتنا وكان آخرها بمدينة المحمدية ‪ .‬كنا معا في لجنة رئاسة المؤتمر ‪ 12‬إلتحاد كتاب المغرب وكان متوثبا‪ ،‬مستعدا للعطاء‪ ،‬وكنت‬ ‫في اآلن نفسه تستشعر غيابه رغم حضوره إلى جانبك‪ .‬كان ممتلئا بيقين غامض‪ ،‬ومكتفيا بذاته‪ ،‬راغبا في تدميرها‪ .‬وعند انتهاء أشغال المؤتمر‪،‬‬ ‫التقينا بالميناء‪ .‬كان منهكا وحزينا حزنا دفينا‪ .‬قصدنا إحدى المقاهي وتبادلنا حديثا ال أذكر تفاصيله اآلن‪ .‬كان على موعد مع محبوبته س‪ ،‬وحين أتت‬ ‫استعاد حيويته وفرحه‪ .‬ظللت رفقتهما لبعض الوقت ثم تركتهما ليستمتعا بتواطؤهما‪ .‬لم ألتفت حينها‪ ،‬وال أدري إن كان قد لوح لي تلويحة أخيرة‪.‬‬ ‫كان أحمد بركات يكابر ليهدينا – نحن أصدقاءه وقراءه – ديوانه الثاني «دفاتر الخسران» ‪ .‬ربما رغب في أن يؤكد لنا بأن للخسارة أيضا مجدها‬ ‫ووجاهتها‪ .‬لكنه رحل في نفس اليوم الذي كان من المفروض أن يقرأ علينا فيه بعض قصائده ‪ ،‬وشهدت مدينة شفشاون ومهرجانها الشعري على‬ ‫ذاك الغياب الفاجع ‪ .‬ذهلنا وتألمنا وتملكنا إحساس بالمرارة والغبن‪.‬‬ ‫تذييل ‪ ...‬في الديوان األول ألحمد بركات «أبدا لن أساعد الزلزال» (منشورات اتحاد كتاب المغرب‪ )1992 ،‬نستشعر أجواء من القلق كتلك‬ ‫التي تستبق كارثة ما‪ ،‬كارثة ستقع حتما ‪ .‬ومنذ العنوان‪ ،‬يتم إخبارنا بأن زلزاال ما ال نعلم طبيعته سيحدث‪ ،‬لذا كان الحذر ضروريا‪ ،‬وكان هو الكلمة‬ ‫األولى التي افتتح بها الشاعر أولى قصائد الديوان « حذر‪ ،‬كأني أحمل في كفي الوردة التي توبخ العالم « (ص‪ .)5‬أما في قصيدة «نشيد المنتحرين»‬ ‫فنجد إشارة إلى «خراب جميل»‪ ،‬ونجد هذين التساؤلين المرعبين‪ »:‬لماذا يقطع الطفل أصابعه‪ /‬أألن آلة العمر حديثة؟ ‪ /‬ولماذا انتحر شبيهي ‪ /‬هذا‬ ‫اإلنتحار؟» (ص‪ .)12‬وللتخفيف من وقع فجائع العالم وللتحايل على قسوته وعبثيته الالمبررة‪ ،‬استعان الشاعر بسالح أساس هو المكر‪ ،‬المكر في‬ ‫التعامل مع اللغة‪ ،‬ومع الصور التي أبدعها أو تذكرها‪ ،‬المكر باعتباره مزيجا من السخرية والنظرة الثاقبة لألشياء والقدرة على خلق المفارقات وعلى‬ ‫اإلدهاش عبر ربط صالت غير متوقعة بين عناصر تبدو متباعدة فيما بينها‪ .‬والمكر بدا واضحا عندما استعار الشاعر الخطاب الحكمي ( نسبة إلى‬ ‫الحكمة) ليسخر منه أو يوظفه قصد تعميق الشعور بالقلق لدى القاريء‪ .‬وذلك ما يلمس بوضوح في قصيدة «األرض» ‪« :‬األرض ليست ألحد‪ /‬األرض‬ ‫لمن ال يملك مكانا آخر (‪ /)...‬األرض حانوت الهم‪ /‬عويل العربات‪ /‬األرض غبار‪ /‬األرض مقهى مفتوح ليل نهار» (ص‪ .)15‬والمالحظ أن الكون الشعري‬ ‫الذي يشيده هذا الديوان ال يحيل إال على نفسه‪ ،‬وهذا ما يجعل أغلب القصائد قصائد مغلقة أو دائرية تنتهي بنفس المقطع الذي ابتدأت به ‪ .‬كما‬ ‫أن هنالك إغفاال شبه تام للتحديدات الزمانية والمكانية ‪ .‬وفي حالة ذكرها فهي ال تزيد التجريد إال تجريدا‪ .‬ففي قصيدة «برج سيدي عالل القرواني»‬ ‫التي يشي عنوانها بإحالة على عنصر يمكن التحقق منه نقرأ هذا الوصف الذي ال يوصلنا سوى إلى صورة ذهنية ‪« :‬عندما تتجمهر الظالل‪ /‬يجلس‬ ‫بحار شرب كحول األيام ‪ /‬بحار يحرق بين أصابعه‪ /‬حروف الحكاية» ( ص‪.)17‬‬ ‫إن التجربة اإلبداعية ألحمد بركات أسرتنا ألنها اتسمت بالجرأة والمجازفة اإلبداعية وألنها حرصت منذ البدء على أن يكون لها صوت خاص‬ ‫ومتفرد وراهنت على أن تكون العوالم التي تشيدها عوالم عزالء ال تحتمي إال بالشعر وحرقته‪.‬‬

‫�أحمد بركات‬ ‫محمد بوجبيري‬ ‫اخترت في هذه الورقة القصيرة أن أتحدث عن الصديق أحمد بركات اإلنسان‪ ،‬عن هذا الشاعر الذي جاء إلى العالم ليقول كلمته بسرعة‬ ‫ويمضي إلى دارة الخلود‪ .‬لم يُقم بيننا طويال كوجود فزيائي‪ ،‬لكن عَوَّض غيابه القاسي بما تركه من نصوص شعرية دالة عليه في ديوان «أبدا‬ ‫لن أساعد الزلزال» الذي نال به جائزة األدباء الشباب لعام ‪ /1990‬اتحاد كتاب المغرب‪ .‬سنة بعد ذلك طبع هذا الديوان الذي دشن‪ ،‬مع تجارب أخرى‬ ‫لشعراء آخرين‪ ،‬لحساسية شعرية جديدة في الشعر المغربي المعاصر‪ .‬أهداني الشاعر نسخة من هذا الديوان مع اإلهداء التالي‪ « :‬هذه الكلمات‪..‬‬ ‫هذه الحدود الالنهائية التي نقف عليها معا‪ .‬إلى الصديق الشاعر محمد بوجبيري‪.».‬‬ ‫بعد رحيله سنة ‪ 1994‬نشر له اتحاد كتاب المغرب (في ذات السنة) ديوان «دفاتر الخسران»‪ .‬وقد ضم هذا الكراس الشعري العديد من‬ ‫النصوص الشعرية التي تعود إلى مراحل مختلفة من حياة الشاعر القصيرة بدءا من المحاوالت األولى وانتهاء بآخر ما كتبه‪ ،‬وهو يعي أن النهاية‬ ‫وشيكة‪.‬‬ ‫تعود عالقتي بالشاعر أحمد بركات إلى أوائل العقد الثامن من القرن الماضي‪ ،‬وكان التعارف ألول مرة في مهرجان سال للشعراء الشباب‪ .‬في‬ ‫ذات المهرجان تعرفت على العديد من األسماء التي كنت أقرأ لها في صفحة «على الطريق» المخصصة إلبداعات األدباء الشباب في جريدة المحرر‪،‬‬ ‫والتي كان يشرف عليها آنذاك األستاذ الشاعر أبو الشتاء العياشي‪ .‬بعد ذلك جمعتنا لقاءات كثيرة في قراءات شعرية في الدار البيضاء‪.‬‬ ‫سنة ‪ 1986‬حصلنا معا على عضوية اتحاد كتاب المغرب‪ ،‬وشاركنا في أمسية شعرية كبرى إلى جانب شعراء من الجيلين الستيني والسبعيني‪.‬‬ ‫كان ذلك في قاعة عبد الصمد الكنفاوي بالدار البيضاء قبل انطالق أشغال مؤتمر اتحاد كتاب المغرب‪ .‬كان أحمد بركات أصغر عضو في اتحاد كتاب‬ ‫المغرب‪ ،‬كما أذكر أن بعض المشاركين من الشعراء لم ينظروا إلى مشاركتنا في تلك األمسية بعين الرضى‪ ،‬ألننا في زعمهم مجرد « بْراهْشْ»‬ ‫ال عالقة لهم بالشعر‪ .‬شكلنا أيضا مستفز ألصحاب البدل األنيقة وربطات العنق الزاهية‪ .‬شعر رأسنا كان مسدال‪ ،‬ولباسنا شبابي‪ .‬أحمد بركات في‬ ‫تلك األمسية كان يرتدي معطفا شبيها بالمعطف العسكري في حالة الطوارئ‪ .‬هذه السُّترة المعروفة في اللسان الدارج بالتْرييّي( ‪.) Thrillet‬‬ ‫توطدت العالقة بيننا فدعاني مع ثلة من األصدقاء الشعراء إلى بيته في حي اإلنارة بعمالة عين الشق‪ ،‬حيث يقطن مع والديه وإخوته (الشك‬ ‫أخوه القاص عبد العالي يذكر ذلك جيدا)‪ ,‬جمعتنا بعض الجلسات في المقاهي‪ ،‬وقبل وفاته بنحو سنة دعوته إلى بيتي بحي بورنازيل‪ .‬وهبنا تلك‬ ‫الليلة لإلنصات الجميل شعرا وطربا‪.‬‬ ‫عندما سألته عما يريد أن يسمعه‪ ،‬لم يتردد في طلب األغنية المغربية للرواد‪ ،‬والذي شجعه على ذلك هو ما الحظه من أشرطة عديدة في‬ ‫مكتبتي الموسيقية الغنية بما َّ‬ ‫لذ وراق سمعه من أعذب األغاني واأللحان‪ .‬اقترحت عليه أغنية عطشانة التي غنتها الفنانة بهيجة إدريس سنة‬ ‫‪ ،1966‬وهي من كلمات محمد الغربي‪ ،‬ولحن محمد بن عبد السالم‪.‬‬ ‫كان اإلنصات من طرف أحمد بركات عميقا‪ .‬هذه األغنية الشجية انتزعت دموعا جذلى من عينيه‪ ،‬وهي دموع امتزجت بفرح طفولي عبرت‬ ‫عنه حروف وجهه‪ ،‬وتقاسيم روحه الصاعدة من شغاف السريرة‪ .‬عبَّر لي عن اغتباطه طالبا مني أن أسجل له بعض الروائع من الطرب المغربي‬ ‫الكالسيكي‪ .‬لم أسارع إلى ذلك ظانا مني أن ثمة ما يكفي من وقت إلنجاز هذا الطلب‪ ،‬لكن الذي لم أعرفه هو أن القدر كانت له وجهة نظر أخرى‪،‬‬ ‫وأنه سيرحل بعد سنة من ذلك اللقاء األول واألخير في بيتي‪.‬‬ ‫في ‪ 9‬سبتمبر ‪ 1994‬كنا في مقهى في مدينة شفشاون ننتظر موعد القراءات الشعرية لنلتحق بالقاعة‪ ،‬عندما قدم إلينا الصديق الشاعر حسن‬ ‫الوزاني الذي نقل إلينا نعي أحمد بركات‪ .‬هذا األخير كان من المفروض أن يكون معنا قارئا لقصائده في ذات األمسية‪ .‬ساد الصمت‪ ،‬وكاد أن يطول‬ ‫لو لم يوقظنا من شرودنا األليم والحزين الصديق الشاعر عبد الحميد الجماهري‪ ،‬الذي قال بصوت أجش يكاد يخالطه البكاء» وتستمر الحياة»‪.‬‬ ‫في الختام تحية لروح الشاعر أحمد بركات‪.‬‬

‫حين كلمتني يا أخي عبد اإلله عن أحمد بركات عادت ذاكرتي مثل الشهاب إلى سنة ‪ ،1989‬حيث‬ ‫التقيت أحمد بركات في سال التي كانت تقيم مهرجانها الشعري المجيد‪ .‬كان احمد قد فاز بجائزة المغرب‬ ‫للكتاب‪ ،‬صنف الشعر‪ ،‬عن ديوانه «أبداُ لن أساعد الزلزال»‪ .‬كنا قد قرأنا هذا الديوان المدهش‪ ،‬بقصائده‬ ‫التي لم يستطع شاعر مغربي إلى اليوم كتابة قصائد مثل القصائد التي ضمّها‪ .‬كان احمد ال يغامر بكتابة‬ ‫ّ‬ ‫المبكر كان يجنّبه الوقوع في األخطاء التي يقع فيها شعراء القصيدة‬ ‫القصيدة الطويلة‪ ،‬فوعيه الشعري‬ ‫الطويلة‪.‬‬ ‫كان أحمد حاضراً مثل األمير في الملتقى‪ .‬وفعال فقد توجناه أميراً تلك الليلة أنا وجالل الحكماوي‬ ‫ومراد القادري‪ .‬اقترح جالل أن نجتمع أربعتنا لكتابة بيان شعري نوضح فيه قواعد اللعبة الشعرية الجديدة‬ ‫ونلعن فيها الشعر الرديء الذي بدأ يزحف‪ .‬وفعال اختلينا في غرفة أنا وجالل وأحمد‪ .‬كان صامتاً ال يتكلم إال‬ ‫ليتحفظ على فكرة أو ليضيف قضية أو تقنية ينبغي أن تتوفر في قصيدة النثر‪ .‬كتبنا البيان (ال أذكر بقي في‬ ‫حوزة من)‪ ،‬وما أن أردنا االنصراف حتى فاجأنا احمد بشيء سيطيل بقاءنا معه في غرفته‪.‬‬ ‫كان في بياننا الثالثي روحاً ثالثية‪ ،‬لشعراء في مقتبل العمر (أحمد من مواليد ‪ ،1961‬جالل‪:‬‬ ‫‪ ،1965‬أنا‪ ،)1967 :‬وكنا كمن يحارب طيفاً ماضوياً وتقليدياً كنا نخاف أن يخنق قصيدتنا‪ .‬لكننا‪ ،‬أنا وجالل‪،‬‬ ‫كنا نعرف أهمية ما يكتبه أحمد‪ ،‬وهي قصيدة لم تُسبق في الشعر المغربي‪ .‬لذلك كنا نصادق فوراً على‬ ‫كل فكرة يقولها‪ ،‬على الرغم من أن وعيه النظري لم يكن متيناً ومبيناً بطريقة متماسكة‪ .‬كان يقول فكرته‬ ‫وتشعر انه يقولها بسخرية‪ .‬ممن؟ من الشعر الرديء‪ .‬أفكار طليقة وجارفة تدعمها قصيدته الخاطفة‪،‬‬ ‫وصوره الشعرية القوية‪ .‬وحين مات لم يستطع أحد من الشعراء كتابة قصيدته ذات الرنين العالي‪.‬‬

‫�أحمد بركات‬

‫ال�شاعر والأثر‬

‫محمد بنقدور الوهراني‬

‫ربع قرن مر على وفاة الشاعر أحمد بركات‪ ،‬والزالت هالة الشاعر ترافق اسمه في كل مناسبة وفاته‪.‬‬ ‫ربع قرن مر‪ ،‬والزال الشاعر أحمد بركات يستطيع خلخلة الراكد الشعري في مشهدنا األدبي‪ ،‬سواء‬ ‫بقيمته الشعرية‪ ،‬وسواء بظروف وحيثيات وفاته التي الزالت تثير الكثير من األسف‪ ،‬تماما كما الزالت قصائده‬ ‫تثير اإلعجاب واإلكبار والتقدير‪.‬‬ ‫ربع قرن مر‪ ،‬والزال الشاعر أحمد بركات حيا في وجدان أصدقائه ومجايليه من شعراء المغرب‪ ،‬كما‬ ‫الزال يحتفظ بمكانة معتبرة في مفكرة الباحثين والمتعاطين مع الشعر المغربي الحديث‪ ،‬وقصيدة النثر‬ ‫بالخصوص‪.‬‬ ‫أحمد بركات‪ ،‬يكاد يتفق الجميع على أنه شاعر مختلف ومتميز‪ ،‬هو شاعر استطاع أن يحضى بتعاطف‬ ‫شعراء المغرب بكل أطيافهم وبكل توجهاتهم‪ ،‬كما استطاع نحت مكانته الشعرية بموهبة خارقة وقدرة‬ ‫فارقة‪.‬‬ ‫الشاعر أحمد بركات الزال يحافظ على سمعته الشعرية بكل إشراقتها‪،‬‬ ‫هل ألنه رحل قبل األوان؟‬ ‫هل ألنه كان يتوفر على خاصية الحياة التي خذلته في ريعان شبابه؟‬ ‫هل ألنه من الشعراء الذين خسرهم الشعر المغربي بعدما قدم له أوراق اعتماده كسفير فوق العادة‬ ‫لقصيدة النثر المغربية؟‬ ‫هل ألنه لم يستطع مساعدة الزلزال وفضل معانقة دفاتر الخسران؟‬ ‫في كل األحوال‪ ،‬يمثل الشاعر أحمد بركات قمة مأساة الشاعر المغربي الذي يمكن أن يموت في أي‬ ‫وقت‪ ،‬بدون سبب أو ألتفه األسباب‪ ،‬يمكن أن يموت من الهم والغبن والكمد‪ ،‬أو من اإلهمال والجحود‬ ‫والنكران‪ ،‬يمكن أن يموت في صمت بدون ضجيج أو صخب أو أثر‪.‬‬ ‫ولكن‪ ،‬هل رحل الشاعر أحمد بركات دون أن يترك أثرا؟‬ ‫لم تكن جائزة اتحاد كتاب المغرب للشعراء الشباب التي حصل عليها الشاعر سنة ‪ 1990‬سوى بداية‬ ‫األثر‪ ،‬ألن ما أتى بعد هذه الجائزة التي كان اسم الديوان الشعري الفائز بها (أبدا لن أساعد الزلزال)‪ ،‬كان‬ ‫بحق زلزاال شعريا الزالت عالماته قائمة إلى اآلن‪ ،‬ربما من عالماتها المنيرة األعمال الشعرية الكاملة التي‬ ‫أخرجتها للوجود وزارة الثقافة تقديرا للشاعر‪ ،‬واعترافا بقيمته الشعرية‪.‬‬ ‫من عالمات األثر الشعري ألحمد بركات‪ ،‬هو قدرة منجزه الشعري على مواكبة قصيدة النثر المغربية‬ ‫بتالوينها ومنعرجاتها ومطباتها وإشكاالتها‪ ،‬بل يمكن اعتبار قمة األثر هو استمرار حضور ديوان (أبدا لن‬ ‫أساعد الزلزال) كعالمة فارقة لمرحلة شعرية جديدة‪ ،‬سواء في حياة الشاعر اإلبداعية أو في حياة قصيدة‬ ‫النثرالمغربية‪.‬‬ ‫من أين يستمد الشاعر أحمد بركات هذه القدرة الخارقة في االستمرار في الوجود و في الحياة؟‬ ‫من أين تستمد قصيدته كل هذا الجبروت الشعري لكي تظل حية تسعى بين دروب وشعاب الشعر‬ ‫المغربيالحديث؟‬ ‫ربما أجاب عدد من المهتمين بالشعر المغربي على مثل هذه األسئلة‪ ،‬ولكن اإلجابة التي يمكن أن‬ ‫تشفي غليل المتعاطفين مع الشاعر المرحوم‪ ،‬هي أن ربع قرن من الزمن لم تستطع تفعيل عنصر النسيان‬ ‫لكي يحيط بالشاعر وبمتنه الشعري‪ ،‬فهو الزال حاضرا بهالته الشعرية يصول ويجول‪ ،‬من خالل دراسات‬ ‫ومقاالت ومتابعات تهتمه به وبشعره‪ ،‬لم تنقطع أبدا رغم مرور ربع قرن على وفاته‪ ،‬هذا في الوقت الذي‬ ‫طوى النسيان عددا من الشعراء‪ ،‬سواء كانوا من جيل الشاعر أحمد بركات أو من أجيال وحساسيات شعرية‬ ‫أخرى‪.‬‬ ‫الزال الشاعر أحمد بركات يُذكر في المجاميع والمجمعات والجمعيات والتجمعات الشعرية بخير‪ ،‬والزال‬ ‫أثره باديا للعيان رغم الزمن ورغم البؤس الشعري‪ ،‬ورغم نكوص التلقي الشعري ورغم الموت الذي خطفه‬ ‫باكرا‪ ،‬هذا الموت الذي يحيط بنا من كل جانب‪.‬‬ ‫هذا الموت الذي يتحدث عنه الشاعر‪ ،‬ضمنيا‪ ،‬فيقول‪:‬‬ ‫وأعرف بالبداهة أني عما قريب سأذهب مع األشياء‬ ‫التي تبحث عن أسمائها فوق سماء أفضل‬ ‫ويقول‪:‬‬ ‫لدي شيء ما أشبه بخبز إلهي‬ ‫وأريد أن أقتسمه مع أي كان في عشاء أخير‪.‬‬ ‫رحل الشاعر أحمد بركات باكرا‪ ،‬ولكن قصيدته الزالت حاضرة بيننا‪ ،‬تشهد أن ما يكتب بماء القلب‬ ‫من الشعر يظل‪ ،‬أبدا‪ ،‬حيا إلى يوم يبعثون‪ ،‬كصدقة شعرية جارية‪.‬‬ ‫مات الشاعر‪ ،‬ولكن أثره الزال موجودا ال يموت وال ينمحي‪.‬‬


‫‪13‬‬

‫الثالثـاء ‪� 17‬إلى ‪� 23‬شتنرب ‪2019‬‬

‫العدد ‪1011‬‬

‫قطوف جلسات علمية‬ ‫‪ ...‬نستشعر أننا حين تنطلق الجلسات العلمية‬ ‫الصيفية‪ ،‬وقد عمَّتنا نوع من السعادة الفكرية لالطالع‬ ‫المعرفي إلطار شخصية األستاذ الذي كان موضوع‬ ‫حديثه قربة لوجه اهلل تعالى‪ .‬فطال وجال في مختلف‬ ‫األجناس األدبية‪ ،‬وكلما تطرَّق إلى نسق معرفي‬ ‫إال وأفصح عن مراميه‪ ،‬بذكر أسماء الكتاب والعلماء‬ ‫ومؤلفاتهم‪ ،‬كنوع من السند ال نجدُهُ على أرض‬ ‫الواقع‪ .‬لنجد أنفسنا نستحضر اآلية الكريمة «لقد خلقنا‬ ‫اإلنسان في كبد» صدق اهلل العظيم‪ .‬مع استحضار‬ ‫أحاسن األمور لما حباه اهلل من غزارة في العلم‪،‬‬ ‫تتجانس مع رقة صوته وأسرار محياه‪ ،‬وهو يصيغ عرضه‬ ‫باستقراء ومنطق سليم‪ ،‬يُزكيه تارة بأبيات شعرية‬ ‫وتارة بمراجع وبمكاشفة علمية‪ ،‬يتفوَّقُ بها ويتألق‬ ‫بتبسيط اللفظ من أجل المتلقي‪ .‬نلمس من أ‪.‬د‪.‬‬ ‫محمد الحافظ الروسي ‪ /‬أستاذ بكلية اآلداب بجامعة‬ ‫عبد المالك السعدي‪ /‬وجدانه والبعد عن الغلوّ‪ ،‬إذ بين‬ ‫الفينة واألخرى يتدخل بعض األساتيذ مجادلون‪ ،‬فال‬ ‫ُّ‬ ‫يكل أحدٌ منهم من الجدال الرزين‪ .‬يلتفظون بآرائهم‬ ‫إلثبات وجهات نظرهم‪ ،‬وهم مَنْ هم‪ ،‬من األساتذة‬ ‫الجامعيين المتخصصين في لغة البيان‪ .‬وبعدما أشاع‬ ‫األمن والطمأنينة في صدر أحد الحاضرين‪ - ،‬تجرَّأ‪-‬‬ ‫فقدَّم ورقة بعنوان ‪ :‬ما بين الفكر والنقد‪ ،‬خصص‬ ‫فقرة منها لشخصية الجاحظ‪ .‬المُضمرُ والمُعلنُ في سخرية الجاحظ‪ .‬كانت قد أقامت‬ ‫فرقة البالغة بكلية اآلداب بمرتيل‪ ،‬ندوة علمية ترأسها أ‪.‬د‪ .‬محمد مشبال حول كتاب –‬ ‫السخرية في آداب الجاحظ – بحضور مؤلفه الدكتور علي البوجديدي‪ .‬هو ذاك الجاحظ‬ ‫الذي تفرَّس في نفسه فاستوطن الورق في بحار‪ ،‬مجادف فلكها األقالم‪ .‬وهو العالم‬ ‫باللغة العربية في المدوَّنة الجاحظية‪ ،‬وإمام من بين أئمة علم الكالم‪ .‬وبعد تقديم‬ ‫هذه النصوص التي احتوتها الورقة العلمية‪ ،‬انخرط المتلقين باهتمام فن الكالم كآلة‬ ‫التصوير ليشدّنا إليه د‪ .‬محمد الحافظ الروسي بقوة الكلمة النافذة‪ ،‬ليغوص في أعماق‬ ‫الشخصيات ‪/‬للجاحظ‪ ،‬عدة شخصيات‪ /‬المتناقضة‪ ،‬من خطاب الهزل إلى االستهزاء‪،‬‬ ‫َ‬ ‫ويشمل الذات‪ .‬وقد عمل الدكتور على فكّ شفرات خطاب الجاحظ المعتزلي‪.‬‬ ‫ليمتدَّ‬ ‫إذ سخريته ال تتقيَّدُ بضوابط الجنس األدبي‪ ،‬وهو الخطاب المزدوج القصدية‪ ،‬الذي‬ ‫أمدَّنا بهما عن تفكيك النصّ من داخله‪ .‬هذا اللقاء احتواه فضاء رومانسي مّعشوْشبٌ‬ ‫بمقهى على مقرُبة من منتجع –كابيال‪ -‬على ضفاف المتوسط‪ .‬أتحف موضوع الندوة أ‪.‬د‪.‬‬ ‫محمد بوشداق أستاذ بالكلية المتعدّدة التخصصات بمدينة تازة‪ ،‬وهو عضوٌ بمجسها‬ ‫العلمي وخطيب الجمعة بأحد مساجدها‪ ،‬فالغروَ ْ‬ ‫أن يمتلك فصاحة اللسان وأفقا واسعا‪،‬‬ ‫وقد حلل فضائل الجاحظ خدمة للعقيدة من خالل غوصه في بحار اللغة العربية‪ ،‬ومن‬ ‫إرث الجاحظ الفكري وتنظيره البالغي وهو العالم بلغة الضاد‪ ،‬وحججه التي يستقيها من‬ ‫الموروث الديني‪ .‬ولم يتأخر أ‪.‬د‪ .‬عبد الهادي الخمليشي‪ ،‬أستاذ بالمدرسة العليا لألساتذة‬ ‫وعضو المجلس العلمي بالمضيق وخطيب الجمعة بمرتيل‪ْ ،‬‬ ‫أن يضيف إضافات نوعية بين‬ ‫الفينة واألخرى بآرائه النيّرة حول قضايا هامة علمية‪ .‬ولم ُ‬ ‫يخل من التدقيق في كلماته‬ ‫وهوينتقيها ببطء‪ ،‬واثق في تفكيره واستنتاجاته‪ ،‬ومن هنا نُحسُّ به قريبا من جلسائه‪.‬‬ ‫هي شهادات أدبية علمية افتتحتْ في منتدى مقهى قرطاج بمرتيل‪ ،‬وأعقبتها دار‬

‫موائدُ الحرفِ‬

‫(ديوان فوائد وعوائد ومحا�ضرات)‬

‫الندوة بناحية منتجع –كابيال‪ -‬الذي كان فيهما الحضور متميّز من الطبيب الدكتور علي‬ ‫اللوه والدكتور الصيدالني عبد الخالق الصردو و الدكتور بوشداق والدكتور الخمليشي‬ ‫واألساتذة عبد المجيد اإلدريسي عبد اهلل الخراز وعبد الخالق العطار والمهندس عبد‬ ‫السالم الركييك ثم انضاف إليهم في جلسات أخريات األساتذة محمد شقرون وعبد‬ ‫الرحمن بن األشهب ومحمد زوزيو‪ ،‬بتنسيق من السيد عبد النور بن حمزة تلميذ‬ ‫المرحوم العالمة الشيخ إسماعيل الخطيب‪ .‬ثمَّ انتقلت دار الندوة إلى منتجع المغرب‬ ‫السياحي‪ ،‬وقد استضافنا المهندس عبد السالم الركييك‪ .‬وهنا استحضر األساتيذ حبر‬ ‫األمة عبد اهلل بن العباس والخلفاء الراشدين‪ ،‬أصحاب رسول اهلل –ص‪ ،-‬وقد لفت نظرنا‬ ‫الدكتور بوشداق حين يستحضر مقام رسول اهلل –ص‪ -‬يبتدئ كالمه ب‪-‬سيدي النبي‪،-‬‬ ‫وملتزما بآداب النبوَّة‪ .‬وهو إذ يكلمنا عن شخص مغربي وهو المجرور للتشيع عندما‬ ‫هاجر إلى الواليات المتحدة األمريكية‪ ،‬من طرف طائفة الشيعة الرافضة‪ ،‬أعانوه عن‬ ‫ضنك العيش ثم قاموا بغسل دماغ الرجل‪ .‬وقد ذهب مسلما سنّيا وعاد لالصطياف هذه‬ ‫السنة بمرتيل أمريكيا شيعيا‪ .‬وقد حاوره الدكتور بوشداق دون جدوى على شاطئ مرتيل‬ ‫! من بين القضايا التي ناقشها األساتذة في الصالون األدبي الصيفي‪ ،‬قام أحد اإلخوة‬ ‫بقراءة لكتاب من تأليف الدكتور الغشتول‪ ،‬كتب –أحد اإلخوة‪ -‬نقدا لديوان –مالي ال أرى‬ ‫الهدهد؟‪ -‬للدكتور محمد الحافظ الروسي‪ ،‬في حضوره‪ .‬وقد تكلف القارئ بسرد رياح‬ ‫النقد ‪ ،‬وهو يرصد األزمنة الحزينة بعيون طير الهدْهد‪ ،‬من تشخيص الكاتب بأسلوب‬ ‫قصصي يحكي بقدرة فائقة كيف اجتمع سرب من الطيور إلعالن عن موت بدون عزة‬ ‫النفس‪ ،‬وهم يشهدون سقوط حضارة في الهاوية‪ .‬يقارن ذلك بشهداء غزوات اليرموك‬ ‫وحنين وبدر وأحُد‪ ،‬وهو إبداع خيالي للكاتب‪ .‬ثم إن الطير يبقى على قيد الحياة آمال فيها‬ ‫ما تعاقب الليل والنهار‪ .‬يتمثل ذلك في وداعة الحمام الذي يسبّح بحمد اهلل‪ ،‬والطاووس‬

‫فهم النصِّ واستبطانِ جمالياتهِ‪ ،‬لكنَّهُ إذا َ‬ ‫نزل‬ ‫إن الناقدَ األدبيَّ يُؤتى بصراً بأسراِر الصِّناعةِ الشعريّةِ‪ ،‬وذوقاً ال يُجاري في ِ‬ ‫القول الشعريِّ َّ‬ ‫َ‬ ‫يشحذ وال َ‬ ‫ُ‬ ‫يقطعُ ! وهذه الفجو ُة بين القدرة النقدية والقدرة‬ ‫تعثرت خطاه‪ ،‬وقصر عن اإلجادةِ‪ ،‬فهو كالمِسَنِّ‬ ‫ساحة ِ‬ ‫اإلبداعية استثارتْ عَجَبَ أبي هالل العسكريِّ عند النَّظر في شعر ابن طباطبا‪ ،‬فقال‪ ( :‬ولستُ أوردُ شعره إلصابةِ معناه دون لفظهِ؛‬ ‫متكلفٌ‪َّ ،‬‬ ‫ألن أكثرَ لفظهِ َّ‬ ‫الناس نقداً لشع ِر غيرهِ‪ ،‬وقد صنَّفَ كتابَ « عيار الشعر‬ ‫وجل صنعتهِ فاسدٌ‪ ،‬وهذا من‬ ‫العجب؛ ألنه من أكث ِر ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫استعمال ما ذكرناه لم يكمل له‪ ،‬فهو كالمسنِّ يشحذ وال يقطع ! )‪.‬‬ ‫« فأجاده‪ ،‬وهو إذا أرادَ‬ ‫َّتَيْن إلى تاريخ األدب الحديث‪ ،‬تلفِ أن كبار النقاد‪ ،‬لم يسلسْ لهم الشعرُ قيادهُ إال على ُّ‬ ‫تكلفٍ واستكراهٍ‪،‬‬ ‫وارجع البصرَ كر ِ‬ ‫ودونكَ شعر العقادِ‪ :‬إسفافٌ‪ ،‬وبرود ٌة‪ ،‬وجفافٌ ‪...‬وجيَّدهُ ال يرقى إلى ردي ِء نقده !‬

‫ٌ‬ ‫‪28‬‬ ‫فائدة لغوي ٌَّة‬

‫من الفقهاء الكبار الذين اشتهروا َّ‬ ‫باللحن على جاللةِ قدرهم‪ ،‬ووفوِر علمهم‪:‬‬ ‫‪ . 1‬اإلمام أبو حنيفة _ رحمه اهلل _ وكان يُغمَزُ بالضَّعف في اللغة والنَّحو‪ ،‬مع براعته في الكالم‪ ،‬وقوّته في الخطابة‪ ،‬وقد ذكر‬ ‫َ‬ ‫حنيفة َّ‬ ‫يتكلم في الفقه ويلحن‪ ،‬فأعجبه كالمه‪ ،‬واستقبح لحنَهُ‪ ،‬فقال‪ :‬إنه‬ ‫الخطيبُ البغداديُّ بسنده إلى المازني قال‪ ( :‬سمع أبو عمرو أبا‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫حنيفة‪ :‬إنَّك ألحوجُ إلى إصالح لسا ِنكَ من جميع الناس )‪.‬‬ ‫لخطابٌ لو ساعده صوابٌ‪ ،‬ثم قال ألبي‬ ‫‪ . 2‬حجة اإلسالم أبو حامد الغزاليّ‪ ،‬وهو من العلماء الذين استعصى عليهم النَّحوُ‪ ،‬وكان يصرِّحُ بضعفه فيه‪ ،‬وتركهِ االشتغالَ‬ ‫به‪ ،‬مع كونه كاتباً بليغاً ال يُجارى في جودةِ السَّبكِ‪ ،‬وحالوةِ اإلنشا ِء‪ .‬قال تاج الدين السبكيُّ في ترجمته‪ ( :‬ومما كان يُعترضُ به‬ ‫خلل من جهةِ النَّح ِو‪ ،‬يقعُ في أثناء كالمهِ‪ ،‬وروجعَ فيه‪ ،‬فأنصفَ من نفسهِ‪ ،‬واعترفَ بأنه ما مارسَ ذلك الفنَّ‪ ،‬واكتفى‬ ‫عليه وقوعُ ٍ‬ ‫بما كان يحتاجُ إليه في كالمهِ )‪.‬‬ ‫‪ . 3‬شيخ المالكية في وقته محمد بن القاسم بن شعبان المصري‪ ،‬صاحب كتاب (الزاهي )‪ .‬وقد ذكر ابن فرحون في ترجمته _ بعد‬ ‫الثناء على سعة علمه وجودة تأليفه _ أنه ( كان يلحن‪ ،‬ولم يكن له بصرٌ بالعربيَّةِ )‪.‬‬ ‫ألقاب التزكيةِ‪ ،‬كنور الدين‪ ،‬وعماد الدين‪ ،‬وشمس الدين‪ ،‬وتقي الدين‪ ،‬وهي ألقاب ال‬ ‫نظمَ األميرُ الصنعانيُّ أبياتاً في ذمِّ ِ‬ ‫تناسبُ _ في كثير من األحيان _ َ‬ ‫وحال صاحبه‪ .‬يقول‪:‬‬ ‫حال حاملها‪ ،‬وال تطابقُ مخبره‪ ،‬فيبدو التناقضُ صارخاً بين االسم ِ‬ ‫الدين وهو لهُ خسفُ‬ ‫الدين وهو ظالمـــهُ= وهذا‬ ‫بشمس ِ‬ ‫ِ‬ ‫تَسمَّى بنور ِ‬ ‫اإلسالم يدعوهُ قومــهُ = وقد نالهمْ من جورهِ ك ّلهم عسفُ‬ ‫وذا شرف‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫الميزان وانتشر الصّحفُ‬ ‫رويدكَ يا مسكينُ سوف ترى غداً=إذا نُصِب‬ ‫بما تسمَّى هل سعيـــــداً وحبَّذا = أو اسمُ شقيٍّ بئس ذلك الوصفُ‬ ‫وللزمحشريِّ كالمٌ نفيسٌ من هذه البابةِ‪ ،‬نحا فيه َّ‬ ‫بالالئمةِ على أهل عصره الذين أطلقوا األلقابَ جزافاً في المخاطبات‬ ‫ٌ‬ ‫تلقيب من‬ ‫مبسوط في ذلك‪ ،‬فما العذرُ في‬ ‫والمكاتبات‪ ،‬دون تحرٍّ لشروطِ االستحقاق‪ ،‬وأوصافِ الكفاية‪ .‬يقول‪..( :‬وهَبْ أن العذر‬ ‫ِ‬ ‫قبيل وال دبيرٌ‪ ،‬وال له فيه ناق ٌة وال ٌ‬ ‫ليس له في الدين ٌ‬ ‫اإلسالم؟‬ ‫بجمال الدين وشرفِ‬ ‫محتو على ما يضادُّ الدين وينافيهِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫جمل؛ بل هو ٍ‬ ‫هي_ لعمر اهلل _ الغصّة التي ال تُساغ‪ ،‬والغبن الذي يتناثرُ الصَّبرُ دونه‪ ،‬نسأل اهلل إعزاز دينهِ‪ ،‬وإعالء كلمته‪ ،‬وأن يصلحَ فاسدنا‪،‬‬ ‫َ‬ ‫ويوقظ غافلنا‪:‬‬ ‫وكمْ من أسام تزدهيكَ بحس ِنها= وصاحبُها فوق السماء اسمه سَمْجُ)‪.‬‬ ‫ٍ‬

‫الفرعوْني‪ ،‬معتدرا عن الكبْر والنسر الذي يتشبّث بنياشين‬ ‫السالطين‪ .‬يبقى هدْهد النبي سليمان –عليه السالم‪ -‬يسبح بحمد‬ ‫اهلل‪ .‬اختيار الكاتب األديب والمبدع‪ ،‬الذي يخشى الفتنة في الدّين‬ ‫َ‬ ‫ليُحمّل مسؤولية ضياع فلسطين والقدس الشريف لبني‬ ‫والعقل‪،‬‬ ‫يَعْرُب‪ ،‬وهم يُمدّونها اآلن بالشجب والعويل ! وقد أثنى على ثقافة‬ ‫الخيال واإلبداع الذي تفرَّس به الكاتب‪ ،‬األستاذ الدكتور العالمة‬ ‫المرحوم حسن الوراكلي‪ .‬أ‪.‬د‪ .‬محمد الحافظ الروسي هذا الذي قدَّم‬ ‫لجلسائه عرضاً شافياً بلمسات حانية ليشفي حبّ استطالع األساتذة‬ ‫الحاضرين‪ ،‬على أسباب وظروف كتابة –مالي ال أرى الهدْهد؟‪-‬‬ ‫بمحاسن اللفظ والقول الزمزمي ‪-..‬دار زمزم كان صالونا أدبياً‬ ‫للعالمة حسن الوراكلي رحمه اهلل‪ .-‬انتقلت الندوة باألساتيذ إلى‬ ‫منتجع المغرب السياحي عند مقام المهندس عبد السالم الركييك‪،‬‬ ‫َّ‬ ‫يتخل االساتذة‬ ‫وكنا في ذروة اإلحساس بالموسيقى‪ ،‬التي لم‬ ‫للتسلح بنغماتها دفاعا عنها بالفطرة عند اإلنسان والحيوان والطيور‬ ‫واألسماك‪ ،‬ضدّ كل اإلكراهات التي ال تجيزها‪ .‬وقد انتصر الجمع لها‬ ‫مع بعض التحفظات على مستوى النصوص األدبية التي تخضعها‬ ‫للحن الوفاء والطرب لترتقي بالمستمع إلى األحاسيس المُرْهفة‪.‬‬ ‫فخرير المياه موسيقى وزقزقة الطيور موسيقى وحفيف الشجر‬ ‫موسيقى‪ ،‬ودفّ اإلبل موسيقى ‪..‬و لطالما استمتعنا بالموسيقى‬ ‫الكالسيكية وبالطرب الشرقي األصيــل‪ ،‬لمن له ٌ‬ ‫أذن موسيقيــة ‪..‬‬ ‫فأما القمامة فلها النصيــب األوْفر من –األغاني‪ ! -‬ولم ينته الحديث‬ ‫في الموضوع إال عند الطبيب الدكتور علي اللوه في منزله بمنتجع‬ ‫المغرب السياحي على ضفاف البحر األبيض المتوسط‪ .‬هنا وحين ينحو شظايا الروح‪،‬‬ ‫يصيغ أ‪.‬د‪ .‬توفيق الغلبزوري‪ ،‬أستاذ بكلية أصول الدّين بتطوان ورئيس المجلس العلمي‬ ‫بالمضيق‪ ،‬نصاً أدبياً من السيرة الذاتية للعالمة المرحوم العربي اللوه‪ ،‬أرّخها بنفسه‬ ‫أيام حياته‪ ،‬وهو والد الدكتورعلي اللوه الذي استضافنا في بيته والذي تحوَّل إلى دار‬ ‫الندوة‪ .‬بقراءة منفتحة المنهج وبملكة متألقة على لسان أ‪.‬د‪ .‬توفيق‪ ،‬تعرَّف الحاضرون‬ ‫على جزء من السيرة الذاتية لشخصية العربي اللوه رحمه اهلل تعالى‪ .‬وهو خريج جامعة‬ ‫الزيتونة بتونس الخضراء بدرجة العالمية‪ ،‬وقد تقلب في مناصب سامية عند عودته إلى‬ ‫تطوان منها وزارة األوقاف أيام الخليفة السلطاني موالي إسماعيل بن المهدي العلوي‬ ‫قبل االستقالل‪ .‬هذه الصالونات األدبية تنتج الفكر وتوقظ الذاكرة من النسيان‪ ،‬وتتالقح‬ ‫اآلراء لتنبجس منها مياه عذبة سقيا العقول والمعرفة‪ .‬بتجاوب حقيقي بين أعضاء دار‬ ‫الندوة على أسس علمية‪ .‬وأثناءها يُرْفعُ القلم عن الورق واللسان عن الخطاب وطبلة‬ ‫األذن تفسح المجال ألذان الصالة‪ ،‬وأدائها في وقتها‪ ،‬ثمّ يعود األساتيذ إلى خطاباتهم‬ ‫وترجيحاتهم لتقويم إنتاجهم الفكري‪ .‬يجهدُ الكاتب نفسه ليُقدّم للصالون األدبي‬ ‫علوما على طبق من لغة البيان‪ .‬هذه البادرة العلمية‪ ،‬أينعتْ فكرتها من وعي السيد عبد‬ ‫النور بنحمزة‪ ،‬وقد كان ال يفارق المرحوم العالمة إسماعيل الخطيب‪ ،‬ويعدُّ من تالميذه‬ ‫و – مريديه‪ ..-‬قلم الكاتب يستأسد مداد حروفه لمنح السيادة للقدس الشريف ثالث‬ ‫الحرمين ومسرى الرسول‪ ،‬صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬وعلى لسان أمير الشعراء ‪:‬‬

‫�ضيــاء‬ ‫وُ لدَ الهدى والكائنات‬ ‫وثناء‬ ‫تب�سم‬ ‫وفم الزمان‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫ُ‬ ‫ٌُ‬ ‫َّ‬ ‫اء ‪..‬‬ ‫تيه الزمان على الزمان‬ ‫�سناء و�سنا�ؤه مبحمد و�ض ُ‬ ‫ُ‬

‫بين دفتيّ هذا َ‬ ‫شكــول فوائـــدُ في الفقــه واألصول والتاريخ‬ ‫الك‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ونخيلـــة‬ ‫حصيلــــة مطالــعـــاتٍ وسماعــاتٍ‪،‬‬ ‫واللغـــة واألدب‪ ،‬وهـــي‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫وبـــاعــــث على‬ ‫لإلينــاس‪،‬‬ ‫ة‬ ‫مجلبـــ‬ ‫ُّعهـا‬ ‫و‬ ‫وتنـــ‬ ‫تحقيقاتٍ وجواباتٍ‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫التروّح؛ َّ‬ ‫التنقل بين‬ ‫وتستـــروحُ إلى‬ ‫الواحدَ‪،‬‬ ‫النمط‬ ‫تسأمُ‬ ‫ألن النفس‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫أفانين الكالم‪ ..‬ولعل القارىء يجد فيها متنفسهُ إذا تملكه الضجرُ‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫الوحشة‪ ..‬واهلل الهادي إلى سواء السبيل‪.‬‬ ‫واستفرغتهُ‬

‫ٌ‬ ‫فائدة �أدب َّي ٌة‬ ‫‪27‬‬

‫ٌ‬ ‫طريفة‬ ‫‪29‬‬

‫• بقلم ‪ :‬عبد المجيد اإلدريسي‬

‫بقلم ‪ :‬قطب الري�سوين ـ ال�شارقة ـ‬ ‫ٌ‬ ‫فائدة تاريخ َّي ٌة‬ ‫‪. 30‬‬

‫قال بعضهم في أبناء األثير الثالثة‪:‬‬ ‫وبنو األثي ِر ثالثــ ٌة = قد حازَ ٌّ‬ ‫كل مفتَخَـرْ‬ ‫فمؤرخٌ جمعَ العــلو= مَ وآخــــرٌ وليَ الـوَزَرْ‬ ‫ِّث كتبَ الحديــــ = َ‬ ‫ومحد ٌ‬ ‫ــث لهُ الن ُ‬ ‫ِّهاية في األثرْ‬ ‫األول‪ :‬هو عز الدين المؤرخ صاحب ( الكامل) في التاريخ‪ ،‬والثاني‪ :‬ضياء الدين صاحبُ ( المثل السائر )‪ ،‬والثالث‪ :‬مجد الدين‬ ‫المحدث اللغوي‪ ،‬صاحب (النهاية ) في غريب الحديث‪ ،‬و ( منال الطالب في شرح طوال الغرائب)‪ ،‬و (جامع األصول )‪ .‬وألقابهم جميعاً تطابق‬ ‫حالهم‪ ،‬فهم ـ بحقٍّ ـ عزُّ الدين‪ ،‬وضياؤه‪ ،‬ومجده‪.‬‬

‫فائدة تاريخ ّي ٌة و� ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫‪31‬‬ ‫أدبية‬

‫بكناش للفقيه اللغويِّ األديب محمد بن أحمد عالل البختي العمراني التطواني ( ت ‪1990‬م) ما نصّه ‪:‬‬ ‫وجدت‬ ‫ٍ‬ ‫« كتبتُ في حداثةِ السنِّ‪ ،‬ومبتدأ الشباب إلى شيخ العلوم يومئدٍ محمد المرير أستأويه بيتاً في مدرسةِ لوقش‪ ،‬وأنا طالبٌ‬ ‫ُ‬ ‫واإلعانة قرينتين ال تفترقان‪.‬‬ ‫بالمعهدِ الدينيِّ‪ ،‬لالستعانةِ براتبهِ الذي كان ست َ​َّة رياالتٍ حسنيّةٍ من فضَّةٍ؛ إذ كانت سكنى البيت‬ ‫حضرة الفاضل المحترم المحضار المخضرم‪ ،‬شيخ العلوم‪ ،‬وآسي الكلوم‪ ،‬معصمُ المفاخر‪ ،‬ونحرُ المآثر‪ ،‬متَّعكم المولى تعالى بخُ َل ِع‬ ‫العافية‪ ،‬والسالم عليكم ورحمة اهلل تعالى وبركاته‪:‬‬ ‫ووُكن المعارفِ والفهوم‪ ،‬أنزوي فيه لمطالعةِ‬ ‫أما بعد ‪ :‬فأرجو من سيدي المحترم أن يتفضَّل عليَّ بإيوائي في مدرسةِ العلوم‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫درسي‪ ،‬وصيانةِ نفسي‪ ،‬عسى أن َ‬ ‫أنال نجاحاً‪ ،‬وأصيبَ فوزاً‪ ،‬وأعتصمَ فيهِ من صوارفِ الفكرة‪ ،‬وأتو ّقى في خلوتهِ كل فتنةٍ ْ‬ ‫وسَكرةٍ‪ ،‬وأن‬ ‫وتحقيق تأميلهم‪ ،‬ولموالنا من اهلل األجر الوافر‪ ،‬والفضل الكاثر‪ ،‬والسالم «‪.‬‬ ‫كثير من أمثالي في مساعدتهم‬ ‫ِ‬ ‫يجريَني مجرى ٍ‬ ‫باألسجاع‪ ،‬وإذا ترسَّل أبدعَ وأصابَ من ماء الحالوة ما أصاب! وفي هذا النصِّ فائد ٌة‬ ‫مولعٌ‬ ‫تطوانيٌّ‬ ‫أديبٌ‬ ‫ُّ‬ ‫ي‬ ‫قلتُ ‪ :‬والبخت‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫مدرسة لوقش بتطوان كانت مأوى أثيراً لطالب العلم‪ ،‬وكان اإليوا ُء بها مقترناً براتب شهريٍّ مقدارهُ ُ‬ ‫ستة‬ ‫أن‬ ‫وهي‬ ‫تاريخيّ ٌة مهمَّ ٌة‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫رياالتٍ فضيّةٍ حسنيّةٍ‪.‬‬

‫فائدة � ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫أدبية‬ ‫‪32‬‬

‫الفحل محمود محمد شاكر‪( :‬فقد َ‬ ‫فرغ الشِّعرُ من بيانهِ‪ ،‬ومعارضهِ‪ ،‬وصاريتهِ الفاتنةِ‪ ،‬ووقعَ إلينا أوزاناً َّ‬ ‫تتخلجُ بما‬ ‫من درر‬ ‫األديب ِ‬ ‫ِ‬ ‫األرض الوحِلةِ‪ ،‬وما أظنُّهُ يعتصمُ في هذه األيام بشاعرين أو ثالثة‪ِّ ،‬‬ ‫تحمل ُّ‬ ‫ولكل منهم مذهبٌ‪. ) ..‬‬ ‫تخلجَ المجنون في ِ‬ ‫فأيُّ بيانٍ هذا ينضحُ روق ً‬ ‫ً‬ ‫منبر كانت (الرسالة) بأقالمها المصقولةِ النَّحيتةِ‪ ..‬لكنَّ سؤا ًال ساورني‪ :‬إذا كان الشِّعرُ‬ ‫وأي‬ ‫‪،‬‬ ‫ال‬ ‫وجما‬ ‫ة‬ ‫ٍ‬ ‫آضَ إلى هذا اإلسفافِ‪ ،‬ودارهُ بمصر مأنوس ٌة‪ ،‬ورجالهُ متوافرون‪ ،‬فماذا نقول عن الشعرِّ في أيامنا‪ ،‬وما بَقِيَ له من وزنٍ حتى َّ‬ ‫يتخلج‪،‬‬ ‫وال من روح حتى َّ‬ ‫حاو قالوا‪ :‬شاعرٌ !‬ ‫يتنفس‪ ،‬وإذا نجم في القوم ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ديوان المعاني ألبي هالل العسكري‪.216 / 1 ،‬‬ ‫طبقات الشافعية الكبري‪.211 / 6 ،‬‬ ‫الديباج المذهب البن فرحون ‪.194 / 2‬‬ ‫ربيع األبرار ونصوص األخبار‪.384 / 2 ،‬‬


‫العدد ‪1011‬‬

‫رسائل‬ ‫تطوانية‬

‫‪14‬‬

‫الثالثـاء ‪� 17‬إلى ‪� 23‬شتنرب ‪2019‬‬

‫من أرشيف الدبلوماسي األديب‬

‫سيدي التهامي أفيالل التطواني‬ ‫حفظه اهلل (‪)27‬‬

‫ إعداد وتقديم‪ :‬الدكتور يونس السباح‬‫‪Younes_sebbah@hotmail.com‬‬

‫تقديم‬

‫تعتبر المراسالت العلمية رافداً ثرياً لكتابة التاريخ‪ ،‬باعتبار ما تحمله في طيّاتها من المعلومات الدّفينة‪ ،‬والفوائد الغميسة النادرة‪ ،‬التي ال توجد في غيرها‪ ،‬ولكونها مرتبطة بزمان ومكان وموضوع معيّن‪،‬‬ ‫كما تعدّ أيضاً فنّاً أدبياً‬ ‫ًّ‬ ‫مستقال بنفسه‪ ،‬بما تحمله من صادق التعبير‪ ،‬وجميل اإلحساس‪ ،‬وحسن اإلنشاء‪ ،‬وبديع السّبك‪ ،‬وخصوصاً إذا أضيف إلى هذه المعاني جمال الخط‪ ،‬ورونق الحرف‪ ،‬وكانت صادقة‬ ‫اإلحساس معبّرة عن الصلة العائلية‪ ،‬والمتابعة الدراسية بين الوالد والوَلد مث ً‬ ‫ال‪ ،‬أو بين تلميذ وشيخه‪ ،‬أو الصديق وصديقه‪...‬‬ ‫ومن المراسالت المتّصفة بهذه الصفات‪ ،‬ما تحتويه خزانة األديب الشاعر‪ ،‬والدبلوماسي السابق‪ ،‬أحد أفراد بيت العلم والشرف والمجد‪ ،‬سيدي التهامي أفيالل حفظه اهلل‪ ،‬وما يشتمل عليه أرشيفه الذي‬ ‫يضمّ كمّا هائ ً‬ ‫ال من الرسائل‪ ،‬معظمها صادرة عن أفراد أسرته‪ ،‬كجدّه القاضي سيدي التهامي أفيالل‪ ،‬أو عمّه الوزير سيدي محمد بن التهامي‪ ،‬أو أخيه األديب‪ ،‬سيدي البشير أفيالل‪ ،‬أو واردة عليهم وعلى‬ ‫أفراد آخرين من هذا البيت‪.‬‬ ‫ولمّا كانت هذه المراسالت لها قيمة أدبية وتاريخية‪ ،‬ولم يسبق أن رأت النور‪ ،‬أو اهتمّ أحد بإخراجها للناس‪ ،‬استأذنّا صاحب األرشيف‪ ،‬الشريف المذكور‪ ،‬في العمل على إخراجها وتيسيرها للنّاس عبر‬ ‫صفحات جريدة الشمال الغراء‪ ،‬التي تستأثر بنشرها‪ ،‬فوافق مشكوراً مأجوراً‪ ،‬وقمنا نحن برقن هذه الرسائل‪ ،‬وصنّفناها حسب ّ‬ ‫كل شخص (منه‪/‬عليه)‪ ،‬وآثرنا أن نبتدئ باألقدم تاريخاً‪ ،‬فكان صاحب السّبق هو‬ ‫القاضي الشهير‪ ،‬والفقيه الكبير‪ ،‬سيدي التهامي بن محمد أفيالل (ت‪1339:‬هـ)‪ ،‬وقد استوفينا رسائله –حسبما عثرنا عليه‪ -‬في الحلقات الماضية من هذه الجريدة‪ ،‬ونثنّي برسائل ولده العالمة الوزير‬ ‫سيدي محمد أفيالل الصادرة منه والواردة عليه‪.‬‬

‫[الرسالة‪]106 :‬‬ ‫[من محمد أفيالل إلى والدته يخبرها عن حاله ويطمئنّ عليها‪]...‬‬ ‫وصلى اهلل على سيدنا محمد وآله‬ ‫الحمد هلل وحده‬ ‫بعد تقبيل يد سيدتنا الوالدة المحترمة أعزك اهلل وحفظك‪ ،‬والسالم‬ ‫التام عليك ورحمة اهلل وبركاته‪ ،‬فقد وصلني عزيز كتابك‪ ،‬وأفاد تمام‬ ‫عافيتكم والحمد هلل‪ ،‬كما أني بخير وعلى خير‪.‬‬ ‫وقد سألتَ عن حالي في هذا العيد فعلى أحسن ما ينبغي ف ِرحاً‬ ‫ ‬ ‫مسروراً والحمد هلل‪ .‬وذكرت أنك تغيرت حين تخبرت بأني سأنتقل إلى بيت‬ ‫المدرسة‪ ،‬ولم يساعدني الرفيق على ذلك‪ ،‬ألنا قد استأنسنا مع بعضنا‪ ،‬فال‬ ‫تتغير أيتها الوالدة‪ ،‬وال تظن أننا سنتفرق عن خصام‪ ،‬بل بعد أن ننتقل‬ ‫للمدرسة سنبقى على ما كنا عليه من المعاشرة أو أكثر بفضل اهلل‪ ،‬ولو‬ ‫بقينا مع بعضنا ربما أدى الحال إلى الخصام في بعض األمور على عادة‬ ‫طبيعة كل إنسان‪ ،‬هو يشتهي شيئا وأنا ال أشتهيه وبالعكس‪ ،‬بخالف ما إذا‬ ‫كان كل مقيم بمحله‪ ،‬فالمودة تزداد‪ ،‬ونحن اليوم كل منا يقدر على القيام‬ ‫بنفسه‪ ،‬حيث عرفنا عادة البلد‪ ،‬وزالت الغربة بطول المدة‪ ،‬فليس أحدنا‬ ‫محتاجا لآلخر في مئارب نفسه‪ ،‬وقد تعاطينا العهد على أن ال يغيب أحدنا‬ ‫على اآلخر‪ ،‬وقد اشتركنا في كثير من الطعام‪ ،‬وصرنا والحمد هلل كاإلخوان‪،‬‬ ‫فليطمئن خاطرك‪ ،‬وادع لنا بالتيسير‪ ،‬ونعلمك بأنه قد اشتد البرد جداً‪ ،‬فإن‬ ‫تيسر لكم أن تصنعوا لي شيئا من الزميتة المصنوعة من الحنوط من غير‬ ‫كلفة تلزمكم في ذلك‪ ،‬وبعد أن تستأذن سيدنا الوالد‪ ،‬وإال فال فارسلوا لي‬ ‫ذلك مع سيدي محمد الدليرو الوارد لطرفنا حيث كانت هذه الوجبة‪ ،‬وإن وجده الحال قد سافر فال تصنعوا‬ ‫شيئا وال تتكلفوا‪ ،‬مسلما على جميع أهل الدار والسالم‪.‬‬

‫[الرسالة‪]107 :‬‬ ‫[من محمد أفيالل إلى والده القاضي سيدي التهامي‬ ‫أفيالل‪ ،‬يطلعه فيها على أحواله‪ ،‬وماجريات األمور عنه]‬ ‫الحمد هلل وحده وصلى اهلل على سيدنا وموالنا محمد‬ ‫وآله وصحبه وسلم تسليما‬ ‫بعد تقبيل راحتي سيدنا الوالد المحترم‪ ،‬أعزك اهلل‬ ‫ ‬ ‫ومنحك جزيل العطايا وصرف عنك باغثات الدهر وأليم الرزايا‪،‬‬ ‫وإقرائك جميل السالم وجليل التحية واإلكرام‪.‬‬ ‫فقد ورد كتابك األعز‪ ،‬وخطابك األلذ األوجز‪ ،‬مفيدا‬ ‫السالمة التي لم تشبها الشوائب‪ ،‬والعافية التي لم تعصفها‬ ‫الحوادث والنوائب‪ ،‬فشكرا للمولى على ذلك‪ ،‬ومعلما‬ ‫بتشويشك على صنديق الخليع‪ ،‬وخوفك من ضياعه بسبب‬ ‫عدم أمن الطريق‪ ،‬فقد وصل وحزته فألفيته سالما مما عسى‬ ‫أن يغيره بالطريق لصيانته في ذلك الصنديق الوثيق‪ ،‬وقمت‬ ‫مسرعا للفطور منه‪ ،‬فما أشد جودته بالنسبة لخليع هذه‬ ‫الحضرة‪ ،‬بل ال نسبة بينهما إال في االسم‪ ،‬جزيتم عني خيرا‪،‬‬ ‫كما ذكرت استعظامك لحادثة الدار البيضاء‪ ،‬وتأسفك على‬ ‫من مات بها وأحرق بالنار‪ ،‬إلى غير ذلك مما لم يعهد وقوعه‬ ‫قبل إال ما انفرد به ابن األثير في اخباره عن قصة خروج التتار‬ ‫إلخ‪ ،‬فلقد ألمّ بالمسلمين طائف اعتالل‪ ،‬وصير أمرهم إلى‬ ‫اختالل‪ ،‬فقدت األخالق من البوادي وتوقد الفتن من بعد ما‬ ‫كانت عينها راقدة ونارها خامدة‪ ،‬وريحها راكدة‪ ،‬لينال العدو‬ ‫مرغوبه‪ ،‬وصرنا نحن من أصل ذلك بين محنة راصدة‪ ،‬ونكبة‬ ‫قاصدة‪ ،‬نقاسي منها قذى عيننا‪ ،‬وشجى حلقنا‪ ،‬وأذى قلبنا‪ ،‬بل‬ ‫نعاني ما لو مرّ بالحديد لذاب‪ ،‬أو بالوليد لشاب‪ ،‬فالكل جزع‪،‬‬ ‫وغصة الدهر خالع لحلة الصبر‪ ،‬فيا أسفا على زمان صارت‬ ‫أنواره ظلمات‪ ،‬وبدلت أيام سروره بأنواع الكربات‪ ،‬وخصصنا‬ ‫من مرارة ثمره وسوء أثره بما لو ألقي على الجبال لمارت‪ ،‬أو‬ ‫على البحار لغارت‪ ،‬وقد مرت بأعيننا وآذاننا آثار وأخبار‪ ،‬وما‬ ‫سمعنا وال رأينا من دارت عليه مثل هذه األدوار‪ ،‬إال من كان‬ ‫من قضية التتار كما ذكرت‪ ،‬وبعد هذا كله فقد رضينا بما قدره‬ ‫اهلل‪ ،‬وال نعترض عليه بما في أزله أمضاه‪ ،‬وقد حكي عن الشيخ عفيف الدَّيِّنُ الزاهد‪ ،‬أنه كان بمصر‬ ‫فبلغه ما وقع ببغداد من القتل‪ ،‬فإنه وقع السيف فيها أربعين يوما‪ ،‬فقتل ألف ألف‪ ،‬وعلقت النصارى‬ ‫المصاحف بأعناق الكالب‪ ،‬وجعلوا المساجد كنائس‪ ،‬وألقوا كتب األئمة في الدجلة حتى صارت كالجسر‬

‫يمر الخيل عليها‪ ،‬فأنكر الشيخ عفيف المدني ذلك‪ ،‬وقال يارب كيف هذا وفيهم‬ ‫األطفال ومن ال ذنب له‪ ،‬فرأى في النوم رجال ومعه كتاب فأخذه فإذا فيه‪:‬‬

‫(دع االعتراض فما األمر لك‬

‫وال الحكم في حركات الفلك)‬

‫فال تسأل اهلل في فعله‪ ،‬فمن خاض في لجة بحره هلكه‪ .‬وقد اتصل أيضا‬ ‫بنا خبر استيالء العدو على الجديدة برضى سكانها لما رأوا قبح فعل جوارها‪،‬‬ ‫وحنضل ثمار نخالتها‪ ،‬وخافوا أن يحل بهم ما حل بالدار البيضاء التي صارت‬ ‫اآلن بلد الشرك سوداء‪ ،‬فغدت أفراد المحن لدينا أزواجا‪ ،‬وصب الدهر علينا‬ ‫من سوط النقم أمواجا‪ ،‬واتصل الخبر أيضا بسجن العدو‪ ،‬وأيضا عامل الدار‬ ‫البيضاء وكبير الحملة موالي األمير‪ ،‬وانظرمن سالغ المجهود في استخالصها‬ ‫من سوى موليها‪ ،‬أما هو فال يلغ إال األذان الصم لذلك‪ ،‬وإن كان سجن كبير‬ ‫الحملة لم يتحقق‪ ،‬وبعد أن كان رشح المخزن بفضل العلماء والتجار واألشراف‬ ‫للذهاب لطنجة في شأن هذه القضية‪ ،‬رجع عن ذلك‪ ،‬ثم أراد أن يخلص مكلين‬ ‫من األسر فعين األشياخ الكبار كابن الخياط ومن يضاهيه لذلك‪ ،‬ثم رجع أيضاً‬ ‫وال ترى إال كالم الليل يمحوه النهار‪ ،‬والناس هنا في حيرة عظيمة‪ ،‬ودهشة‬ ‫كبيرة‪ ،‬وقد كتب الفرنسيس لمن تحت حكومته هنا يأمره بالسفر‪ ،‬ووجه تقييد‬ ‫المخزن يطلب منه أن يوهمه بالشروط‪ ،‬ويذكر له أنه بلغه ما قاله العلماء في‬ ‫الجهاد‪ ،‬وإذ ذلك هو مرغوبه‪ ،‬وأنه رام االستيالء على جميع المغرب‪ ،‬وغلظ في‬ ‫ذلك الخطاب‪.‬‬ ‫ولعل السفر سيكون لجميع األجانب‪ ،‬وأهل المخزن ال يتسمون إال‬ ‫بالحرص على دورهم من كل جانب‪ ،‬ومن أجل هذه الفتن لم تستقم إلى اآلن‬ ‫قراءة بالقرويين‪ ،‬وال تسمع إال التحدث عن هذا األمر‪ ،‬نعم قرأنا هذا األسبوع السبكي على الشرادي خارج‬ ‫القرويين‪ ،‬وقرأنا أمس تاريخه السبكي أيضا على بناني أول الكتاب األول خارجها أيضا‪ ،‬ولعل القراءة‬ ‫تستقيم داخل األسبوع اآلتي إن لم يحدث حادث‪ ،‬ألن العلماء ربما تكرر ذهابهم لدار المخزن نحو‬ ‫المرتين في اليوم‪ ،‬وهذه بضاعة العمر القصير تنفق في هذه‬ ‫البطالة‪ ،‬واألمر هلل ما عسى أن يشغل بالناس األخبار الواردة‪،‬‬ ‫والمكاذب الواضحة عن حضرتكم من حصر األعداء عليها‪ ،‬وقد‬ ‫مضى الزمان الذي صرف العلماء أوقاتهم كلها في تحصيل‬ ‫العلوم‪ ،‬وساعدهم صفاء الوقت من الشوائب الشاغلة للعقول‪،‬‬ ‫والخطوب المزعجة للقلوب‪ ،‬فوصلوا في مدارك العلوم إلى‬ ‫حد هو لمن جاء بعدهم آية إعجاز‪ ،‬ولم يتيسر لهم إلى حقيقة‬ ‫اإلحاطة به المجاز‪:‬‬

‫ثم انقضت تلك السنون وأهلها‬ ‫فكأنهــا وكأنهـــم أحـــالم‬ ‫واتفق مجيئنا والزمان قد شاب بعد شبابه‪ ،‬وقطب بعد‬ ‫ابتسامة وجوه أصحابه‪ ،‬فحالنا ينبئ عن قول أبي الطيب‬ ‫المتنبي‪:‬‬

‫َ‬ ‫الزمان بنوه في شبيبته‬ ‫أتى‬ ‫فسرهم وأتيناه على الهرم‬

‫هذا ويوم الجمعة الفارطة طلع أحد أصحاب فراش المخزن‬ ‫للمنار بجامع موالي عبد اهلل‪ ،‬وصاح بصوت رخيم‪ :‬اللهم انصر‬ ‫موالي محمد‪ ،‬والجامع غاص بأهله‪ ،‬فوقع هرج كبير‪ ،‬وقبضوا‬ ‫عليه‪ ،‬وضربوه‪ ،‬وطافوا به في األسواق حتى أدخلوه للمالح‪ ،‬ولم‬ ‫يزالوا على ضربه حتى مات‪ ،‬وما علموا أنه كان مختل العقل‪،‬‬ ‫وقد كان من أصحاب الركينة‪.‬‬ ‫وقائد المشور الزال به مرض داخلي أعيى األطباء دواؤه‪،‬‬ ‫وكلهم يقولون‪ :‬إنه ال يسلم منه‪ ،‬وقد اعتراه اصفرار فادح‪ ،‬وقد‬ ‫ذكروا اليوم أنه وقع بعقله بعض خلل‪ ،‬وانظر هل هو صحيح أم‬ ‫ال؟ وأما الطريس فال زال بحاله‪ ،‬وقد ظهر له بعض أثر الفرج‪،‬‬ ‫وأجريت عليه المؤنة‪ ،‬والركينة في غيض شديد من أجل هذه‬ ‫الحوادث‪ ،‬وقد كنا عنده أمس تاريخه‪ ،‬وقد ألفيناه متأسفا على‬ ‫ما شاع هنا من فقد المؤذن وولده‪ ،‬حتى تخبرنا بسالمتهما‬ ‫وسالمة ابن عجيبة وقتل القيرواني وهدم جل الدور بالدار‬ ‫البيضاء ألجل بلدة‪ ،‬وخبرني ببعض ما يحدث عندكم مما تمس إليه الحاجة لفشو الكذب هنا على‬ ‫حضرتنا بكثرة‪ ،‬نطلب المولى أن يأتينا بفرج يجبر كسرنا ويصلح أمرنا‪ ،‬إذ كل عسير إذا يسره يهون‪ ،‬إنما‬ ‫أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون‪ ،‬مسلما منا على الوالدة وسائر القرابة‪ ،‬ومن هنا الرفيق وسائر‬ ‫الطلبة واألحبة والسالم‪ .‬في ‪ 11‬رجب عام ‪1325‬هـ‪.‬‬


‫الثالثـاء ‪� 17‬إلى ‪� 23‬شتنرب ‪2019‬‬

‫العدد ‪1011‬‬

‫حوارمع‬

‫‪15‬‬

‫املبدعة والباحثة املخت�صة يف �أدب النا�شئة‬

‫الدكتورة أحالم نويوار‬

‫• تحضر المبدعة والباحثة أحالم نويوار في المشهد الثقافي والتربوي‬ ‫الوطني والعربي والعالمي بصفتها متخصصة في أدب الناشئة‪ .‬ما هي أهم‬ ‫المحطات التي قطعتها األستاذة أحالم في هذا المشوار‪ .‬وماذا عن أهم مالمح‬ ‫هذه التجربة الشخصية في مجال االبداع المخصص للنشء؟‬ ‫بدأت اهتماماتي األدبية بالشعر من خالل نشر اسهاماتي في العديد من‬ ‫المنابر االعالمية منذ المرحلة االعدادية ثم بعد الباكالوريا من خالل المشاركة‬ ‫في انشطة جمعية االمتداد األدبية بالقصر الكبير حيث شكل المهرجان السنوي‬ ‫الشعري محمد الخمار الكنوني الذي كنا نعد له طيلة السنة مجاال خصبا للتعرف‬ ‫على التجارب األدبية والنقدية الرائدة في األدب المغربي المعاصر اهتمامي‬ ‫باإلبداع الموجه لألطفال بدا بعد اشتغالي بالتدريس واطالعي على النصوص‬ ‫األدبية الموجهة للطفل‪ ،‬والتي كانت في الغالب من األدب العالمي‪ .‬قررت أن‬ ‫احاول الكتابة للطفل موازاة مع حصولي على اإلجازة في األدب الفرنسي عرضت‬ ‫أولى نصوصي ‘’السن اللبنية’’ باللغة الفرنسية على امينة الهاشمي العلمي التي‬ ‫كانت بصدد اإلعالن عن ثاني دار نشر مغربية متخصصة في أدب الناشئة وهي‬ ‫دار ينبع الكتاب‪ ،‬أبدت إعجابها بالنصوص التي اقترحتها عليها ووافقت على‬ ‫النشر فصدر الكتاب سنة‪ 2006‬والقى إقباال واسعا في العديد من الدول وفي‬ ‫مواقع بيع الكتب في االنترنيت وهو متوفر أيضا في ‪ Google livres‬نفدت‬ ‫الطبعة في مدة وجيزة‪ ،‬وقمت بترجمته الى العربية بطلب من الناشرة وتم توزيع‬ ‫‪ 21000‬نسخة منه في المغرب والدول العربية سنة ‪ 2017‬في إطار مبادرة‬ ‫القراءة للجميع التي تبنتها دار ينبع الكتاب الرائدة ‪ ،‬تعاملت مع عدة دور للنشر‬ ‫وبلغت إصداراتي‪ 16‬البوما باإلضافة إلى أقراص مدمجة خاصة بأغاني‬ ‫لألطفال‪ ،‬وخالل مشاركاتي في معارض الكتاب الدولية الحظت التطور‬ ‫الكبير واالهتمام المتزايد بأدب الناشئة قد دفعني الشغف بهذا االدب‬ ‫وندرة الدراسات النقدية المغربية التي تعنى به الى االنفتاح على التجارب‬ ‫الدولية في هذا المجال من خالل أطروحتي الماستر والدكتوراه بجامعة‬ ‫بوركون بفرنسا‪ ،‬حيث اشتغلت على مسالة الهوية والتعدد الثقافي في‬ ‫ادب الناشئة بالمغرب‪ ،‬وفي ‪ 2019‬صدر لي كتاب ‪Le coffret de‬‬ ‫‪ mes soucis‬مع دار النشر رمال وهو موجه للمرحلة االنتقالية من‬ ‫الطفولة الى المراهقة ويحاول مواكبة خصوصيات هذه المرحلة وطرح‬ ‫اسءلة نقدية تتعلق بمواضيع االلعاب االلكترونية‪ ،‬التدخين‪ ،‬مساءلة‬ ‫الممارسات التعليمية‪ ،‬ثنائية الحداثة والبنية التقليدية للمجتمع‪ ،‬حقوق‬ ‫الطفل وظاهرة التشرد وغيرها من المواضيع ‪،‬‬ ‫• «أدب الطفل»‪..‬أدب النشىء‪...‬أين يكمن الفرق مصطلحيا في‬ ‫نظرك؟ خصوصا وأن المتتبع لمسارك يالحظ أنك تتبنين مصطلح أدب‬ ‫النشىء؟‬ ‫ما زال هناك تعدد مصطلحي في تسمية أدب الناشئة إذ يستعمل‬ ‫في األدبيات العربية بالصور المصطلحية المركبة اآلتية‪ :‬أدب الطفل ـ‬ ‫أدب األطفال ـ أدب الطفولة ـ األدب الطفلي‪ .‬في حين تتبنى الدراسات‬ ‫الغربية واالنكلوسكسونية مصطلح‪ la littérature de jeunesse‬أو‬ ‫‪ .Youth literature‬وقد اخترت استعمال المصطلح المتداول في األدبيات‬ ‫الجامعية العالمية عموما وهو أدب الناشئة ألنه يشمل مرحلتي الطفولة‬ ‫والمراهقة وعسى أن تتاح الفرصة مستقبال لتقديم دراسة مفصلة في قضايا‬ ‫المفهوموالمصطلح‪.‬‬ ‫أدب الناشئة يتضمن كل خصائص األدب المحددة لدى النقاد‪ .‬غير أنه‬ ‫يتميز بكونه يتوجه إلى متلق خاص بكل ما تحمله شخصيته من خصائص‬ ‫ومميزات‪ .‬فهو إذن نوع أدبي خاص‪ ،‬يتوجه إلى فئة عمرية متدرجة من عمر‬ ‫اإلنسان ويتضمن الفنون النثرية والشعرية المتنوعة‪ ،‬بلغة مناسبة‪ ،‬وفقا‬ ‫لمعايير النص األدبي للناشئة‪ ...‬وفي هذا المفهوم تأكيد لخصوصية المتلقي‪،‬‬ ‫وضرورة معرفة خصائصه السيكولوجية وحاجياته المتجددة من أجل إبداع أدب‬ ‫جيد يناسبه ويجذبه إلى عوالم التشويق والخيال‪ .‬وذلك بفضل ما يوفره من‬ ‫الخصائص الفنية واإلبداعية الالزمة لجعله جذابا لألطفال يحقق لهم التسلية‬ ‫والترفيه‪ ،‬ويعودهم على التذوق الجمالي‪ .‬ومن أهم عناصر جمالية أدب الناشئة‬ ‫البساطة واالبتعاد عن التعقيد‪ ،‬إذ كلما توفر ذلك كان أسرع في الوصول إلى‬ ‫القارئ ‪ .‬غير أن البساطة المقصودة هنا ال تتنافى مع اعتماد الخيال الجميل‬ ‫المبدع‪ ،‬ألن األطفال ميّالون إلى الصور الجميلة واألحداث المشوقة والمثيرة‪،‬‬ ‫وال بد في أدب الناشئة من االعتماد ـ إضافة إلى جمالية النص ـ على جمالية‬ ‫الحكي اإليكونوكرافي وجودة شكل الكتاب وإخراجه الفني وطباعته‪ ،‬ألن ذلك‬ ‫يشكل عامال جذابا يوازي النص األدبي ذاته‪ ،‬وقد يفوقه أحيانا في بعض الفئات‬ ‫العمرية الدنيا‪ .‬ولعل الوسائل الحديثة في عصرنا تتيح هذه اإلمكانيات بدرجة‬ ‫كبيرة‪.‬‬ ‫• هل يوجد أدب للناشئة بالمغرب؟‬ ‫عند زيارة المكتبات بالمغرب ومختلف اماكن بيع الكتب المتخصصة‬ ‫منها والتجارية على السواء فإنك تجد معظم الواجهات تعرض كتب للناشئة‬ ‫لكبريات دور النشر العالمية والتي تندرج في إطار ‪ Les best sellers‬وبمجرد‬ ‫أن تقرر الدخول تطالعك وبكميات هائلة الكتب المستوردة من الدول العربية‬ ‫وغيرها‪ ،‬وهي كتب لألطفال تعرض باثمنة زهيدة في إطار ما يعرف بالتخفيضات‬ ‫بعد مرور عدة سنوات على صدورها‪ ،‬وهنا يمكن ان نتساءل هل يوجد أدب‬ ‫للناشئة بالمغرب؟ في هذا اإلطار أيضا نجد نوعين من الكتب‪ : ‬كتب لدور النشر‬ ‫المتخصصة عموما في الكتاب المدرسي وهي في الغالب كتب «تجارية» تعرض‬ ‫قصصا مستوحاة من األدب العالمي أو قصص دينية ال تحمل إسم المؤلف‬ ‫أو الرسام‪ ،‬وهناك كتب ذات قيمة فنية وادبية مرموقة صادرة عن دور نشر‬ ‫مغربية تمثل المغرب في معارض الكتاب الدولية‪ ،‬هذه الكتب رغم جودتها ال‬ ‫تلقى اقباال واسعا نظرا لعدم وجود مواكبة إعالمية ونقدية لهذه االنتاجات‬ ‫تسمح بتعريفها ودعم انتشارها باإلضافة إلى أن الكثير من االباء يفضلون‬ ‫الكتب الرخيصة المستوردة دون ان يلجؤوا إلى معايير جمالية وتربوية وأدبية‬ ‫الختيارما يقرؤه ابناؤهم‪،‬‬ ‫ومن خالل الرجوع إلى كتالوجات الناشرين المغاربة للناشئة‪ ،‬ال يمكن‬ ‫للمرء إال أن يفاجأ بالتطور النوعي والكمي وكذلك التنوع الثقافي واللغوي‬ ‫لإلنتاج المخصص لهذا الجمهور كتب باللغة العربية‪ ،‬الفرنسية‪ ،‬اللهجة‬ ‫المغربية‪ ،‬األمازيغية‪ ،‬كتب ثنائية او ثالثية اللغة‪ ،‬إلخ‪ .‬قد ال يبدو هذا مستغرباً‬ ‫‪،‬النه على مر التاريخ‪ ،‬ترسخت عدة لغات في المجال اللغوي في المغرب‪ ،‬لتشكيل‬ ‫فسيفساء من الثقافات التفاعلية‪ .‬يعكس أدب الناشئة هذه الفسيفساء‪ ،‬ويساهم‬ ‫في بناء الهوية االجتماعية للقراء‪ ،‬وفي الوقت نفسه يتيح لهم فرصة االنفتاح‬ ‫على الثقافات األخرى المتعددة‪.‬و إذا كنا نلمس في اآلونة األخيرة تنامي الوعي‬ ‫بأهمية الدور الثقافي لكتاب الناشئة ‪ ،‬فإن هذا اإلدراك يصطدم أحيانا بالتعايش‬ ‫الصعب للخطابات والتمثالت التي تنقلها هذه األعمال ضمنيا أو بشكل صريح‪.‬‬ ‫وعند معالجة الحقل اإلشكالي ألدب الناشئة في المغرب‪ ،‬تتبادر إلى الذهن عدة‬

‫أسئلة‪ :‬هل هذا األدب يعكس المشهد الثقافي في المغرب واهتمامات األطفال‬ ‫واليافعين؟ كيف ينظر االطفال الى هذا التنوع الثقافي واللغوي للكتابات التي‬ ‫تخاطب خيالهم ووجدانهم؟ كل هذه األسئلة وغيرها تقودنا إلى طرح أسئلة‬ ‫أكثر عمقا حول مستقبل هذا األدب ويمكن أن نتساءل أيضا عما إذا كان‬ ‫هناك تجديد ألدب الناشئة في المغرب في األلفية الثالثة على ضوء التطورات‬ ‫التكنولوجية والتغيرات التي تعرفها توجهات النشء واهتماماتهم وميوالتهم‪.‬‬ ‫• يالحظ أن الغالبية تتعامل مع أدب النشىء على أساس أنه مجال للترفيه‬ ‫الطفولي‪ ،‬ولربما فرصة لإللهاء‪ .‬هل في نظرك استطعنا في العالم العربي أن‬ ‫ننتقل إلى مرحلة قد يعتبر فيها أدب الناشئة كإنتاج ثقافي؟‬ ‫أدب الناشئة جزء من منظومة تربوية وثقافية تؤطر المجتمع‪ .‬وال وجود‬ ‫لثقافة خالية من القيم‪ .‬لذا فإن أدب الطفل يعدّ من الوسائل الرئيسية البانية‬ ‫للقيم التربوية والثقافية‪ .‬وهذه القيم قد تمرر بطريقة ضمنية عبر عمليات‬ ‫جمالية وبنيوية في النص‪ ،‬كما قد تكون واضحة أحيانا لصلتها المباشرة‬ ‫بالهدف التربوي للكتاب‪ .‬وهذا أمر يرجع إلى اختيارات المؤلف‪ ،‬وطبيعة النص‬ ‫األدبي‪ ،‬والمرحلة العمرية للمتلقي‪ .‬إن توظيف أدب الناشئة بشكل فعال ومالئم‬ ‫ّ‬ ‫يمكن من تحقيق األهداف اللغوية واالجتماعية ثم النفسية والوجدانية‪ ،‬فهو‬ ‫ينمي من ثروات القارىء اللغوية‪ ،‬ويزيد خياله اتساعا وإدراكا‪ ،‬ويمده بالمعلومات‬ ‫العامة حول العالم من حوله‪ .‬كما يقوم بتنمية قدراته العقلية المختلفة‬ ‫وينمي حب االستطالع لديه والرغبة في البحث‪ ،‬وتوجيهه نحو تبني االتجاهات‬

‫االجتماعية المختلفة‪ ،‬وتعويده على مواجهة المواقف‪ .‬كما يمكن هذا األدب من‬ ‫التطور االجتماعي ومن ثم يمكن أن نضمن نوعا من االستمرارية في العطاء‬ ‫اإلنساني الذي ينتقل من جيل إلى جيل عبر بناء نماذج جديدة يكون األدب أحد‬ ‫أهم روافدها‪ .‬إن أدب الناشئة هو بالضرورة أدب للمستقبل‪ ،‬بحكم طبيعة الفئة‬ ‫المتلقية‪ .‬فاألطفال هم جيل الغد‪ ،‬وأي أدب يتوجه إليهم يكون في عمقه مهيئا‬ ‫للمرحلة القادمة‪ ،‬مهما كان موضوعه‪ .‬غير ان هذا األدب ليس مجاال إلعطاء‬ ‫الدروس التعليمية والتلقين والمغاالة في الوعظ واالرشاد الن ربط الطفل‬ ‫بالكتاب يتطلب ان تكون القراءة «مجانية» بالنسبة للطفل وليست عبئا دراسيا‬ ‫او اكراها فهي مجال للمتعة والخيال والحرية‪ ،‬ولكل طفل حق اختيار نوعية‬ ‫الكتب التي تالئم ذوقه االدبي سواء كانت بوليسية او قصص الخيال العلمي أو‬ ‫القصص المصورة وغيرها تحت إشراف اآلباء أو المربين وهنا تجدر اإلشارة إلى‬ ‫اهمية دور الوساطة في ادب الناشئة واستيعاب الفرق بين ما يحب الطفل قراءته‬ ‫وما يراه «الكبار» مناسبا له‪،‬‬ ‫• كيف تطور أدب الناشئة في المغرب‪ ،‬وما هي أهم المراحل التي‬ ‫قطعها؟‬ ‫عرفت الكتابة في أدب الناشئة في المغرب والعالم العربي عموما تأخرا‬ ‫في الظهور مقارنة مع تطوره وظهوره في البلدان األخرى‪ .‬فقد أشارت بعض‬ ‫الدراسات إلى أن ظهوره قد تأخر إلى أواخر القرن التاسع عشر‪ ،‬وقد تأثر كثيرا‬ ‫بما وصلنا من ثقافة ومؤلفات فرنسية أو إنجليزية أو أوروبية بشكل عام‪ .‬وقد‬ ‫ارتبط ظهور أدب الناشئة بالمغرب عموما باالنفتاح على بلدان المشرق وأوربا‬ ‫إبان فترة الحماية حيث كانت اغلب الكتب المتوفرة انذاك مستوردة من مصر‬ ‫ولبنان وفرنسا وغيرها‪ .‬لكن بعد الحرب العالمية الثانية ظهرت بعض االنتاجات‬ ‫األدبية المغربية الموجهة لالطفال وقد تطور المشهد األدبي المقدم للشباب‬ ‫المغاربة إلى حد كبير في ضوء التغيرات االجتماعية والثقافية‪ .‬ويمكن تحديد‬ ‫ثالث مراحل كبرى لهذا األدب بالمغرب‪ ،‬وهي‪:‬‬ ‫ المرحلة األولى‪ :‬تمتد من ‪ 1936‬إلى ‪ ،1970‬وهي مرحلة الظهور‪.‬‬‫بدايات أدب الشباب المغربي تعود إلى األربعينيات مع الحركة الوطنية‪.‬‬ ‫في هذا السياق‪ ،‬كرس الكاتب أحمد أدب السالم البقالي نفسه منذ عام ‪1947‬‬ ‫للكتابة لالطفال‪ ،‬كما نشر محمد علي الرحماني عام ‪ 1948‬نصوصا مستوحاة‬ ‫من األدب العربي في الشرق األوسط‪ .‬وفي نفس الفترة‪ ،‬تذكر الدراسات المتوفرة‬ ‫أن أولى مالمح االهتمام بأدب الطفل المكتوب بالعربية في المغرب ظهرت في‬ ‫صفحات جريدة «العلم» المغربية التي أفردت لألطفال صفحة سمتها «صحيفة‬

‫أجرى الحوار ‪:‬‬ ‫عبداإلله المو يسي‬

‫األطفال»‪ ،‬وذلك انطالقا من تاريخ ‪ 20‬يوليوز ‪ .1947‬وفي السنة نفسها ظهرت‬ ‫جريدة «صوت الشباب» ثم ظهرت «مجلة األنوار» التطوانية سنة ‪ 1948‬التي‬ ‫كانت تنشر في بعض أعدادها زاوية بعنوان‪ :‬قصص لألطفال‪ .‬ومجلة «هنا كل‬ ‫شيء» التي كانت تصدر في الدار البيضاء سنة ‪ .1952‬خالل هذه الفترة‪ ،‬فإن‬ ‫معظم النصوص المقدمة هي نصوص وطنية قومية‪ ،‬كما نجد عدة إصدارات‬ ‫باللغة الفرنسية كقصص أحمد صفريوي الصادرة في عام ‪ ،1949‬من ناحية‬ ‫أخرى‪ ،‬يمكن القول ان ظهور الحركة الوطنية ساهم في تغيير المواقف تجاه‬ ‫األطفال ألن الوعي الوطني كان مصحوبا بالرغبة في الحفاظ على ما كان يعتبر‬ ‫ثوابت الشخصية المغربية والثقافة الوطنية من خالل هذا األدب‪ .‬فتم تعبئة‬ ‫العديد من وسائل اإلعالم لهذا الغرض وكذلك المدارس والجمعيات‪ .‬ومع ذلك‪،‬‬ ‫في السنوات التي أعقبت االستقالل‪ ،‬كانت الكتب المستوردة حاضرة بشكل كبير‬ ‫في المكتبات ألن سعرها أكثرتشجيعا مما ساهم في انتشارها الواسع‪.‬‬ ‫ المرحلة الثانية‪ :‬وتمتد من ‪ 1970‬إلى‪ ،1990‬وهي مرحلة التطور‪ ،‬خالل‬‫هذه الفترة‪ ،‬ازداد عدد الكتب والمجالت كالعندليب والسفينة الخاصة بالناشئة‬ ‫في المغرب وتميزت فترة السبعينيات والثمانينــات بوعي أكبر بخصوصية‬ ‫الطفولة تزامنا مع المصادقة على اإلعالن العالمي لحقوق الطفل من طرف‬ ‫المغرب وعرفت هذه الفترة اصدارات العربي بنجلون وأحمد عبد السالم البقالي‬ ‫وغيرهم ومع ذلك‪ ،‬فإن عدم وجود ارادة سياسية حقيقية للنهوض بهذا القطاع‬ ‫ودعم الناشرين لم يسمح بازدهار هذا األدب‪،‬‬ ‫ المرحلة الثالثة‪ :‬وتمتد من ‪ 1990‬إلى اليوم‪ ،‬وتتميز بكونها‬‫مرحلة ظهور كتاب متخصصين في أدب الناشئة ودور نشر متخصصة‬ ‫في أدب الناشئة مثل يوماد وينبع الكتاب وظهور خطاب أكاديمي نقدي‬ ‫حول هذا األدب‪ .‬كما ظهرت معارض الكتاب والجوائز األدبية وغيرها‬ ‫من المواعيد الثقافية بدعم من وزارة الثقافة وتم تطوير للمكتبات‬ ‫العمومية وخلق فضاءات خاصة باألطفال داخل هذه المكتبات‪ ،‬يمكن‬ ‫الحديث عن تطور كمي ونوعي ابتداءا من التسعينبات وكذلك ظهور‬ ‫التفييىء حسب السن واعطاء أهمية أكبر للصورة وجودتها وظهور‬ ‫انتاجات باالمازيغية واللغة الدارجة المغربية‪ ،‬وفي سنة ‪ 1998‬ثم إنشاء‬ ‫أول دار نشر متخصصة في أدب الناشئة من طرف نادية السلمي التي‬ ‫أسست يوماد التي اصدرت الى حدود اليوم أزيد من أربعين كتابا‪.‬‬ ‫وأسست أمينة الهاشمي العلوي في عام ‪ 2006‬دار النشر ينبع الكتاب‬ ‫كما خصصت دار النشر مرسم قسما مهما من إصدارتها ألدب الناشئة‪،‬‬ ‫وعملت مؤسسة ‪ Emaconcept‬على إصدار كتب مصحوبة بوسائط‬ ‫سمعية وبصرية كما في سلسلة أكتشف الحيوانات الصادرة لي في‬ ‫عام ‪ .2011‬وانشاء موقعً تفاعليً على الويب الكتشاف هذه المجموعة‬ ‫القصصية‪ .‬إال أنه رغم مجهودات الناشرين والمؤلفين يعاني أدب‬ ‫الناشئة من ضعف نسبة القراءة بالمغرب مما يعيق تطوره وازدهاره‬ ‫وعلى الرغم من هذا التطور الهام في قطاع النشر بالمغرب‪ ،‬فإن العديد‬ ‫من الدراسات الدولية قدمت تقارير مقل ًقة حول واقع ومستقبل القراءة‬ ‫في بلدنا‪،‬‬ ‫• طبعا عندما نتحدث عن أدب النشىء فنحن نقصد الجزء المتعلق باإلبداع‪،‬‬ ‫وماذا عن البحث األكاديمي في أدب الناشئة في المغرب؟‬ ‫إن البحث في أدب الناشئة مؤشر مهم في الداللة على مكانة هذا األدب‬ ‫وأهميته والعناية به‪ ،‬ويشمل البحث هنا مختلف الدراسات من كتب ومقاالت‪،‬‬ ‫وأبحاث ورسائل جامعية‪ ،‬ومواقع إلكترونية‪ ،‬وندوات دراسية‪ ،‬وغيرها‪ .‬إن الباحث‬ ‫في أدب الناشئة بالمغرب يصادف نقصا كبيرا في المراجع وإذا وجد شيئا ما عن‬ ‫هذا األدب في الساحة الثقافية المغربية‪ ،‬فإن ما سيصادفه هو الجانب النظري‬ ‫والتاريخي‪ :‬تحقيبا وتصنيفا وتوثيقا‪ .‬أما الجانب التطبيقي من نقد وتحليل‬ ‫وتقويم ودراسة نقدية لالصدارت‪ ،‬فهي قليلة جدا تعد على أصابع اليد‪ ،‬ومنها‬ ‫الدراسة الرائدة لألستاذ محمد أنقار‪ ،‬والتي صدرت تحت عنوان « قصص األطفال‬ ‫بالمغرب» في أواخر التسعينيات من القرن الماضي‪ ،‬والدراسات باللغة الفرنسية‬ ‫التي اشرف عليهاعبد اهلل المدغري العلوي وبعض االطروحات للدكتوراه وتشمل‬ ‫قلة الدراسات في هذا المجال أيضا‪ :‬الندوات الدراسية‪ ،‬والبحوث الجامعية‬ ‫المنجزة في مختلف المسالك في مؤسسات البحث بالتعليم العالي‪ ،‬وكذا غياب‬ ‫وحدات بحث ومراكز متخصصة في أدب الناشئة والدراسات المتصلة به‪.‬‬ ‫على الرغم من النمو الهام ألدب الناشئة خالل العقود الماضية‪ ،‬فإن غالبية‬ ‫األطفال المغاربة ال يقرؤون إما ألنهم ال يستطيعون الوصول إلى هذا اإلنتاج‬ ‫الغني والمتنوع خاصة األطفال في العالم القروي‪ ،‬أو بسبب قلة اإللمام بهذا‬ ‫النوع من الكتب‪ .‬اما أولئك الذين لديهم كل االمكانيات متاحة للقراءة غالبًا ما‬ ‫ال يجدون تحت تصرفهم كتبا توافقً اهتماماتهم وتوجهاتهم مما يبعث على‬ ‫رفضهم القراءة وتفضيل خيارات األخرى كاأللعاب االلكترونية واالنترنيت‪ .‬وعلى‬ ‫العكس من ذلك‪ ،‬فإن االطفال الذين يمارسون القراءة يجدون ضالتهم غالبا‬ ‫في الكتب المستوردة الواسعة االنتشار عالميا واعالميا ‪ .‬وأخيرًا فإن الوسائط‬ ‫والتكنولوجيات الحديثة والتقدم الرقمي والعولمة عززت أوجه عدم المساواة‬ ‫في الوصول إلى الكتاب وتظل القراءة ممارسة ثقافية نخبوية مرتبطة بشكل‬ ‫كبير بالمدن في غياب وجود مشروع مجتمعي واضح المعالم يجعل من العامل‬ ‫البشري القوة الرئيسية لتحقيق التنمية‪ .‬إن إدراج أدب الناشئة في المدرسة‬ ‫المغربية ابتداءا من مرحلة التعليم االولي يمكن أن يكون الخطوة األولى من‬ ‫أجل مغرب قارئ ‪.‬‬ ‫و سأخصص مقاال مفصال حول الدور الذي يمكن ان تلعبه المدرسة وسبل‬ ‫توطيد عالقة المتلقي بالكتاب في ظل المتغيرات التكنولوجية وذلك في العدد‬ ‫القادم إن شاء اهلل‪.‬‬


‫العدد ‪1011‬‬

‫كتابات يف تاريخ‬ ‫منطقة ال�شمال ‪:‬‬

‫(‪)913‬‬

‫‪16‬‬

‫الثالثـاء ‪� 17‬إلى ‪� 23‬شتنرب ‪2019‬‬

‫“تطوان خالل القرن ‪”18‬‬

‫�أ�سامـة الزكاري‬ ‫‪zougariousama@gmail.com‬‬

‫صدر كتاب “تطوان خالل القرن الثامن عشر (‪ ”)1822-1712‬سنة ‪ ،1994‬وذلك في ما مجموعه ‪324‬‬ ‫من الصفحات ذات الحجم المتوسط غطت قضايا تاريخية مختلفة في ماضي مدينة تطوان قبل حوالي قرنين‬ ‫من الزمن‪ .‬والكتاب –في األصل‪ -‬تجميع ألعمال الندوة العملية التي نظمتها مجموعة البحث في التاريخ‬ ‫المغربي واألندلسي‪ ،‬التابعة لكلية اآلداب والعلوم اإلنسانية بتطوان‪ ،‬سنة ‪ .1993‬وهي تندرج في سياق‬ ‫الجهود المبذولة على مستوى الكلية المذكورة من أجل التأسيس لمنطلقات جديدة في كتابة تاريخ مدينة‬ ‫تطوان‪ ،‬سواء في عمقه المونوغرافي المجهري‪ ،‬أم في تكامل مكوناته القطاعية‪ .‬ويبدو أن المسؤولين عن‬ ‫هذا العمل قد أدركوا حدود إمكانياتهم في االشتغال على هذا المستوى‪ ،‬وكذا سقف تطلعاتهم األكاديمية‬ ‫التأسيسية‪ ،‬وذلك منذ انعقاد ثم صدور أعمال الندوة األولى حول واقع مدينة تطوان خالل عهد الحماية‪.‬‬ ‫لذلك‪ ،‬بدا واضحا أن العمل قد أصبح يتدرج بخطى ثابتة –على الرغم من بطئها البين‪ -‬نحو التأصيل ألنماط‬ ‫جديدة في التعاطي مع تحوالت ماضي المدينة‪ ،‬سواء في مكوناته الداخلية أم في نسق عالقاته وامتداداته‬ ‫الجهوية والوطنية والدولية‪ .‬وبموازاة مع هذا الحرص على احترام أبجديات التقويم المنهجي واإلجرائي في‬ ‫البحث وفي التنقيب‪ ،‬سعت مجموعة البحث في التاريخ المغربي واألندلسي إلى توسيع آفاق اشتغالها من خالل‬ ‫تجاوز منطق القراءات التي تركز على رصد التطورات الحدثية‪ ،‬إلى االنفتاح على قضايا تاريخية تنتمي لحقول‬ ‫معرفية متباينة‪ ،‬هاجسها في ذلك مد الجسور بين هذه الحقول‪ ،‬وتطوير‬ ‫النظرة إلى علم كتابة التاريخ في ارتباط بغنى المناهج المعاصرة وتطور‬ ‫مجاالت العلوم اإلنسانية المختلفة‪ .‬إنها نظرة نسقية تعيد االعتبار‬ ‫ألصول المعرفة اإلنسانية وتؤسس لنمط جديد في الكتابة التاريخية‪،‬‬ ‫قوامه تغيير النظرة ألصول المعرفة التاريخية‪ ،‬وتوسيع مفهوم المصدر‬ ‫التاريخي‪ ،‬وإعادة رسم دوائر الوثائق التاريخية باعتبارها حجر األساس‬ ‫في كتابة التاريخ‪ .‬ولقد لخصت الكلمة االفتتاحية للدكتور امحمد بن‬ ‫عبود هذا األفق الجديد للبحث والدراسة‪ ،‬عندما قالت‪...“ :‬أما ندوتنا حول‬ ‫تطوان خالل القرن‪ ،18‬فالهدف منها التركيز في دراسة جوانب متعددة‬ ‫ومتنوعة من تاريخ مدينة مغربية أصيلة خالل فترة زمنية محددة اعتمادا‬ ‫على مناهج مختلفة‪ ،‬وانطالقا من مواقف متنوعة‪ ،‬واعتمادا على مصادر‬ ‫ووثائق جديدة‪ .‬إننا ال نرغب في دراسة تاريخ تطوان خالل القرن ‪18‬‬ ‫دراسة شمولية ونهائية‪ ،‬بل نرغب في تحديد اتجاهات جديدة في مجال‬ ‫البحث التاريخي ربما يمكن االستفادة منها في إطار دراسة مدينة معينة‬ ‫اعتمادا على مناهج متعددة ومتنوعة في العلوم اإلنسانية‪ ،‬مثل المناهج االجتماعية واألدبية واالقتصادية‬ ‫والسياسية‪ ...‬لقد ارتأينا أن يطغى طابع التكامل المعرفي في تخطيطنا لهذه الندوة‪ .‬كما أن المساهمات‪...‬‬ ‫ركزت على أبعاد مختلفة‪ ،‬منها التاريخ السياسي واالقتصادي واالجتماعي والثقافي لتطوان ونواحيها‪ ،‬ثم‬ ‫عالقة تطوان بالمخزن‪ ،‬وأخيرا عالقة تطوان السياسية واالقتصادية والثقافية بالخارج‪ ،‬يعني بالدول األوربية‪.‬‬ ‫وسوف يمكننا هذا االختيار من التعمق في دراسة أبعاد تاريخية محددة من جهة مع ربطها باإلطار العام‬ ‫الوطني والدولي من جهة أخرى‪ ،‬مساهمة منا في كتابة تاريخ المدن المغربية‪( ”...‬ص ص‪.)5-4 .‬‬ ‫تتوزع مضامين الكتاب بين قسمين متكاملين في اهتماماتهما‪ ،‬كتبت مواد القسم األول باللغة العربية‪،‬‬ ‫في حين كتبت مواد القسم الثاني باللغات اإلسبانية واإلنجليزية والفرنسية‪ .‬ففي القسم األول‪ ،‬نجد دراسة‬ ‫لمحمد المنصور حول عالقة مدينة تطوان بالمخزن في عهد المولى سليمان (‪ ،)1822-1712‬ودراسة‬ ‫لفاطمة الحراق تتبعت فيها ذكر مدينة تطوان في نص رحلة بوتوكي الصادر سنة ‪ .1980‬وإلى جانب‬ ‫ذلك‪ ،‬قدم امحمد بن عبود دراسة حول القرصنة من خالل وثائق القنصلية اإلنجليزية بتطوان والمفوضية‬ ‫األمريكية بطنجة‪ ،‬وساهم عبد العزيز السعود بدراسة حول دور تطوان في المبادالت الخارجية خالل مرحلة‬ ‫ما بين سنتي ‪ 1721‬و‪ .1767‬أما محمد بوكبوط‪ ،‬فقد تناول بالدراسة أوضاع تطوان خالل القرن ‪ 18‬من‬ ‫خالل مصادر أجنبية معاصرة‪ ،‬وأبرز عبد الحي بنيس دور مدينة تطوان باعتبارها محطة عبور البعثات األجنبية‬

‫تربويات‬

‫إلى مكناس في بداية القرن ‪ ،18‬وكشف عبد العزيز شهبر النقاب عن فتنة يهود تطوان على عهد السلطان‬ ‫المولى يزيد من خالل المصادر العبرانية‪ .‬وفي سياق آخر‪ ،‬اهتم مالك بنونة بموضوع الحركة الفنية بتطوان‬ ‫فيما بين ‪ 1727‬و ‪ ،1822‬وتناول عبد السالم شقور بالدراسة السيرة الذاتية للشيخ ابن عجيبة التطواني‪.‬‬ ‫أما جعفر ابن الحاج السلمي‪ ،‬فقد ساهم في الكتاب من خالل نشر وتقديم وثائق بيت شيخ الجماعة أبي‬ ‫العباس أحمد بن العربي ابن الحاج السلمي بتطوان‪ ،‬واهتم عبد اهلل المرابط الترغي بالتعريف بالنشاط‬ ‫الثقافي في تطوان أواخر القرن ‪ 12‬وأوائل القرن ‪13‬ه كما يصوره الشيخ سكيرج في تأريخه لتطوان‪ .‬وفي‬ ‫آخر مواد القسم األول من الكتاب‪ ،‬ساهمت سعاد الناصر بدراسة استقرائية نقدية حول صورة مدينة تطوان‬ ‫في عيون زوارها‪.‬‬ ‫أما في القسم الثاني من الكتاب‪ ،‬فنجد مساهمة لماريانو أريباس باالو (باإلسبانية) حول الوقائع‬ ‫واألحداث التي عرفها وادي مرتين خالل منتصف شهر فبراير من سنة ‪ ،1794‬ثم مساهمة لرامون لوريدو‬ ‫دياث (باإلسبانية) حول وضعية مدينة تطوان خالل عهد السلطان سيدي محمد بن عبد اهلل من خالل‬ ‫المصادر اإلسبانية‪ .‬وقدم كييرمو كوزالبيس مساهمة (باإلسبانية) في شكل دراسة تركيبية في وقائع خمس‬ ‫سنوات من القرن ‪ ،18‬امتدت ما بين سنتي ‪ 1727‬و‪ ،1732‬ونشر كارلوس‬ ‫بوساك مون قراءة في محطات حاسمة بالنسبة لتاريخ تطوان من خالل ما‬ ‫كان يرد في الصحافة اإلسبانية خالل الفترة الممتدة ما بين سنتي ‪1820‬‬ ‫و‪ .1823‬أما نادية الرزيني‪ ،‬فاهتمت في دراستها (باإلنجليزية) بالتنقيب عن‬ ‫التراث المعماري الذي خلفه الباشا أحمد الريفي بمدينة تطوان ونواحيها‪.‬‬ ‫وفي سياق مختلف‪ ،‬سعى جان لوي مييج في مساهمته (بالفرنسية) للتوثيق‬ ‫لموقف السلطان موالي سليمان من ثورة مدينة تطوان‪ .‬وارتباطا بنفس‬ ‫السياق‪ ،‬قدم عبد المجيد بن جلون دراسة (بالفرنسية) حول خصائص‬ ‫الزعامات الشخصية والنزوعات الفردية المتطلعة إلى االستقالل الذاتي‬ ‫بمدينة تطوان خالل النصف األول من القرن ‪ ،18‬وذلك من خالل تشريح‬ ‫التجربة المعبرة للقائد أحمد بن علي الريفي‪ .‬وفي آخر دراسات الكتاب‪،‬‬ ‫نشر بوسيف الواسطي دراسة تحليلية (بالفرنسية) حول أشكال تفاعل‬ ‫مدينة تطوان مع مواقف المنقذين واألسرى والرحالة األوربيين لمرحلة‬ ‫القرن ‪.18‬‬ ‫هذه باختصار وتركيز شديدين‪ ،‬أهم مضامين كتاب “تطوان خالل القرن ‪ ،”18‬وهي كافية إلقامة الدليل‬ ‫على القيمة العلمية الرفيعة التي سعت مجموعة البحث في التاريخ المغربي واألندلسي إلى ترسيخها داخل‬ ‫التربة المعرفية لكلية اآلداب بتطوان‪ .‬فالدراسات جاءت مجددة في وسائل اشتغالها‪ ،‬صارمة في مناقشتها‬ ‫لمضامين اإلسطوغرافيات الكالسيكية سواء منها العربية اإلسالمية أم األوربية‪ ،‬منفتحة على رصيد أحدث‬ ‫االجتهادات الجامعية ذات الصلة بالبحث في تاريخ تطوان سواء داخل المغرب أم خارجه‪ ،‬ومستغلة لرصيد ال‬ ‫بأس به من الوثائق الغميسة التي لم تكن معروفة وال متداولة بين الباحثين والمهتمين‪ .‬وبذلك‪ ،‬أضافت‬ ‫لبنة إيجابية لتراكم الدراسات العلمية المهتمة بماضي هذه المدينة العريقة في العلم وفي الجهاد وفي‬ ‫الوطنية‪ ،‬واستكملت الحلقات المسترسلة التي اشتغل عليها جيل المؤرخين المعاصرين‪ .‬ولعل من دواعي‬ ‫االحترام الكبير الذي يمكن أن يحظى به هذا العمل‪ ،‬حرص المشرفين عليه على التأكيد أن العمل ما هو‬ ‫–في نهاية المطاف‪ -‬إال خطوة أولى البد أن تتبعها خطوات أخرى قصد الكشف عن العتمات المظلمة التي‬ ‫الزالت تكتنف ماضي مدينة تطوان‪ .‬ولقد عبر الدكتور ابن عبود عن هذه القناعة بكل وضوح‪ ،‬عندما قال في‬ ‫كلمته التقديمية‪ ...“ :‬إننا ال نزعم أننا سوف نجدد كتابة تاريخ مدينة تطوان‪ ،‬فقد يختلف الحكم في مدى‬ ‫تحقيقنا هذا الهدف‪ .‬إال أننا نسجل وعينا بضرورة طرح هذا اإلشكال‪ .‬بعبارة أخرى‪ ،‬لقد وقع اختيارنا على هذا‬ ‫االتجاه آملين أن يأتي بثماره سواء كان ذلك في المدى القريب أو في المستقبل البعيد‪( ”...‬ص‪.)5 .‬‬

‫مشروع التربية الدامجة‬ ‫بين الواقع والتنظير‪! ‬؟‬

‫عملت وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي‪ ،‬خالل السنة الدراسية‬ ‫‪ ،2020/2019‬على تنزيل جملة من المشاريع التربوية‪ ،‬كان أهمها مشروع التربية الدامجة‪ .‬التي تهدف إلى‬ ‫إدماج المتعلمات والمتعلمين ذوي االحتياجات الخاصة داخل المدارس العادية مع أقرانهم األسوياء‪ ،‬والمضي‬ ‫في تعليمهم معا إلى أبعد مدى ممكن‪.‬‬ ‫ويندرج برنامج» التربية الدامجة»‪ ،‬ضمن إطار تفعيل االتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق األشخاص في‬ ‫وضعية إعاقة‪ ،‬وحقوق الطفل‪ ،‬وخطة أهداف التنمية المستدامة لألمم المتحدة لعام ‪ ،2030‬وباقي المواثيق‬ ‫واالتفاقيات الدولية ذات الصلة بمنظومة حقوق اإلنسان‪ ،‬وحقوق الطفل الكونية‪ .‬وفي إطار تنفيذ برنامج‬ ‫التعاون ‪ 2021/2017‬بين وزارة التربية الوطنية ومنظمة «اليونسيف ‪ »Unicef‬خاصة ما يتعلق بمجال تعليم‬ ‫األطفال في وضعية إعاقة‪ ،‬وكذا في إطار تنزيل مضامين الرافعة الرابعة من الرؤية اإلستراتيجية ‪،2020/2015‬‬ ‫التي ترمي إلى تأمين الحق في الولوج إلى التربية والتكوين لألشخاص في وضعية إعاقة أو في وضعيات خاصة‪.‬‬ ‫فماذا يقصد إذا بالتربية الدامجة؟ وما هي اإلجراءات التي يفترض األخذ بها عند تطبيق مبدأ الدمج في‬ ‫المدارس؟‬ ‫الدمج هو تمكين ذوي االحتياجات الخاصة من أسلوب تربوي يستجيب الحتياجاتهم الخاصة في مدارس‬ ‫عادية بدال من المؤسسات الخاصة‪ ،‬وتسهيل مشاركتهم في كامل األنشطة التربوية والجماعية والمدرسية‪.‬‬ ‫والدمج في جوهره مفهوم اجتماعي أخالقي نابع من حقوق اإلنسان التي تنادي بعدم التمييز أو العزل‬ ‫نتيجة إلصابة الفرد بإعاقة‪ ،‬وتقديم كافة الخدمات التي يحتاجها ذوو االحتياجات الخاصة في البيئة العادية‪ ،‬مع‬ ‫العمل على عدم عزلهم في أماكن منعزلة خاصة بهم‪ .‬وينطوي البعد اإلنساني واالجتماعي للدمج على إتاحة‬ ‫الفرص المتكافئة لكل فرد لكي ينمو ويتعلم وفقا لقدراته واستعداداته وميوله واحتياجاته الخاصة‪ ،‬بال تمييز‬ ‫أو تهميش أو استبعاد‪ ،‬ويعمل الدمج على تحقيق تكافؤ الفرص والعدالة االجتماعية في تعليم جميع األطفال‪،‬‬ ‫والتقليل من الضغط النفسي على أسر التالميذ ذوي االحتياجات الخاصة‪ ،‬وكذلك التقبل االجتماعي بين التالميذ‬ ‫ذوي االحتياجات الخاصة واألسوياء‪ .‬ناهيك عن شعور الطفل ذي الحاجة الخاصة بالثقة بالنفس خاصة عندما‬ ‫يالقي الترحيب والتقبل من اآلخرين‪.‬‬ ‫وتشير اإلحصائيات الرسمية إلى أن عدد األقسام الدامجة بالمؤسسات التعليمية المغربية ال تتعدى ‪700‬‬

‫‪-‬‬

‫عبد الغني بلقا�سم‬

‫قسم‪ ،‬تضم ‪ 8‬آالف تلميذ وتلميذة‪ ،‬يقوم بتدريسهم ‪ 500‬مدرس ومدرسة‪ ،‬و‪ 360‬مساعدا ومساعدة‪ .‬وهذه‬ ‫أرقام‪ ،‬بطبيعة الحال‪ ،‬ال ترقى إلى المستوى المطلوب‪ ،‬خاصة مع األعداد الكبيرة والمتزايدة لذوي االحتياجات‬ ‫الخاصة‪.‬‬ ‫إن نجاح مشروع التربية الدامجة؛ رهين بالتفاعل اإليجابي مع العديد من األسئلة‪ ،‬التي يطرحها واقع‬ ‫المؤسسات التعليمية؛ ومن جملة هذه األسئلة‪ :‬هل هناك قانون يحمي برامج الدمج ويحدد آليات التنفيذ فيما‬ ‫يتعلق بنوعية الخدمات المقدمة في مدارس الدمج‪ ،‬وعدد الطلبة الذين سيتم دمجهم‪ ،‬ونوعية ودرجة اإلعاقة‬ ‫المسموح بدمجها‪ ،‬ونوعية األشخاص القائمين على تطبيق برامج الدمج‪ ،‬والمناهج التي يفترض أن تطبق في‬ ‫المدارس المعنية بالدمج؟ هل بإمكان المؤسسات التعليمية بتجهيزاتها وبنيتها التحتية المتواضعة قادرة على‬ ‫توفير بيئة آمنة وخالية من الحواجز‪ ،‬عن طريق توفير التسهيالت البنائية الالزمة من مصاعد‪ ،‬وكراسي متحركة‪،‬‬ ‫وأرضية مائلة‪ ،‬وتعديالت داخل الفصول الدراسية من كراسي وطاوالت وأجهزة خاصة‪ ،‬والمواد الدراسية‬ ‫المكتوبة بلغة برايل‪ ،Braille‬والحواسيب الناطقة‪...‬؟ هل تم إعداد وتهيئة النظام المدرسي إلنجاح مشروع‬ ‫الدمج‪ ،‬كتكوين المديرين وتطوير كفاءاتهم في هذا المجال‪ ،‬وتدريب األساتذة الذين يعملون في نظام الدمج‪،‬‬ ‫وتزويدهم بالكفايات والمهارات الالزمة لتجاوز الصعوبات‪ ،‬وتلبية االحتياجات العقلية والجسمية والسلوكية‬ ‫لذوي االحتياجات الخاصة ؟ هل هناك إعداد وتهيئة ألسر ذوي االحتياجات الخاصة إلشراكهم بشكل كامل في‬ ‫البرامج المقدمة ألبنائهم؟‬ ‫هذه التساؤالت وغيرها تكشف لنا عن حقيقة مهمة‪ ،‬وهي أن دمج ذوي االحتياجات الخاصة ليس باألمر‬ ‫السهل‪ ،‬والدمج ليس من باب الرفاهية لذوي اإلعاقة‪ ،‬وإنما هو حق يحتاج إلى اإلعداد الجيد لألطر العاملة في‬ ‫المجال‪ ،‬وتأهيل للمباني‪ ،‬وإعداد للمناهج الدراسية المناسبة‪ ،‬والتهيئة االجتماعية‪ ،‬والتوعية اإلعالمية‪ ،‬وبناء‬ ‫فلسفة واضحة المعالم لفكرة الدمج‪ ،‬ورسم استراتيجية واقعية تراعي متطلبات هذه الفكرة‪ ،‬وسن القوانين‬ ‫واللوائح التي يمكن تطبيقها على أرض الواقع‪ .‬وأن اإلخفاق في تطبيق هذه األسس أو تجاهلها تجعل من‬ ‫عملية الدمج عملية غير مجدية بل قد تلحق الضرر بهؤالء التالميذ ذوي االحتياجات الخاصة‪.‬‬


‫الثالثـاء ‪� 17‬إلى ‪� 23‬شتنرب ‪2019‬‬

‫العدد ‪1011‬‬

‫�أعالم‬ ‫ال�شمال ‪:‬‬ ‫من‬

‫المؤرخ الفقيه‬ ‫موالي الصادق بن مختار الريسوني‬

‫نسبه‪:‬‬

‫والدته و نشأته‪:‬‬

‫ولــد موالي الصادق بمنزل والده بحـي الســوق‬ ‫بشفشـاون يـوم ‪ 19‬ربيـع الثاني ‪1282‬هـ موافـق‬ ‫‪1865‬م‪ ،‬وما كاد يصل إلى الشهرين من عمره حتى‬ ‫توفي أبوه ثم تزوجت أمه بعد انقضاء عدتها من أحد‬ ‫األشراف العلميين موالي أحمد بن عبد السالم بن‬ ‫الطاهر الغروزمي األصل‪ ،‬الساكن بجوار دار المترجم‬ ‫له‪ .‬فحرص زوج أمه على تعليمه وتثقيفه وتكوين‬ ‫شخصيته الدينية واالجتماعية‪ ،‬خاصة أنه لم يكن له‬ ‫ذرية فجعله ابنا له وأعطاه من العناية والرعاية وحسن‬ ‫التوجيه ما جعله ينكب منذ حداثة سنه على تعاطي‬ ‫معالي األمور‪.‬‬

‫دراسته ‪:‬‬

‫عندما بلغ مترجمنا سن الخامسة أدخله زوج والدته الكتاب‬ ‫القرآني قصد تحفيظه كتاب اهلل العزيز الذي قدر اهلل له أن يتم‬ ‫حفظه براوية ورش ثم بالقراءات السبع التي كان يقرأها طيلة‬ ‫إمامته بشفشاون وبجامع العيون بتطوان‪.‬‬ ‫بعد ذلك شرع في تلقي بعض المتون العلمية بالمعهد‬ ‫الديني بشفشاون ولم يكتف الصادق بما حصله من العلم‬ ‫بشفشاون‪ ،‬بل سافر إلى مدينة فاس العامرة ليلتحق بجامع‬ ‫القرويين وذلك عام ‪1302‬هـ‪ ،‬حيث قطن بمدرسة الصفارين‬ ‫وصار يختلف إلى حلقات كبار علماء القرويين‪ ،‬فيشهد دروسهم‬ ‫ويستفيد من مجالستهم‪ ،‬ويراجعهم فيما يشكل عليه‪ ،‬فكانوا‬ ‫يقدرون فيه شجاعته العلمية وعجيب ذكائه مما أكسبه‬ ‫مكانة مرموقة قلما حظي بها طالب العلم‪ ،‬أحرز على شهادته‬ ‫العالمية عام ‪1307‬هـ‪.‬‬ ‫تلقى مترجمنا العلم منذ مرحلة الكتاب على خيرة علماء‬ ‫شفشاون آنذاك أمثال سيدي أحمد الرحموني العلمي الذي‬ ‫حفظ عنه القرآن الكريم‪ ،‬وكذا الفقيه الهاشمي أشركوك‪،‬‬ ‫والفقيه الهاشمي حجاج الشريف العمراني‪ ،‬وأيضا الفقيه‬ ‫المهدي العافية الذي حفظ عنه مختصر خليل‪.‬‬ ‫أما الشيــوخ الذين تلقى عنهم المعرفة خالل دراستــه‬ ‫الثانوية فنذكر األستـاذ أحمد بن محمد الطيب بن محمد بن‬ ‫األمين العلمي‪ ،‬واألستاذ الشاعر واألديب الواعظ عبد الكريم‬

‫‪ -‬بقلم األسناذ المؤرخ ‪:‬‬

‫موالي علي بن مختار‬ ‫الريسوني‬

‫خصه بإعانة مالية من مستفــاد األحباس والســوق‬ ‫بمدينة شفشاون‪ ،‬وذلك لما أبداه مترجمنــا من‬ ‫الكفاءة والمقدرة في التوثيق والنوازل واإلفتاء‪ ،‬لذلك‬ ‫استمر على تولية هذه الخطة طيلة السنوات األولى‬ ‫من العهد العزيزي بمقتضى التعيين الحسني إلى أن‬ ‫جدد له موالي عبد العزيز القضاء على نفس القبيلة‬ ‫بتاريخ ‪ 11‬شوال ‪1316‬هـ‪ ،‬فتقوى مركــزه وجاهه‬ ‫وازدادت كلمته نفوذا‪ ،‬فقام بأدوار سياسية ووطنية‬ ‫عديدة حيث ناهض دعوة الجياللي الزرهوني الثائر‬ ‫الملقب ببوحمارة‪ ،‬كما اعتمد عليه السلطان في‬ ‫إدارة شؤون الوالء بين أهالي اإلقليم وغيرها من‬ ‫المهام الصعبة‪ ،‬وفي عهد موالي عبد الحفيظ‪ ،‬حظي‬ ‫مترجمنا بشرف استضافته في القصر لمدة ستة‬ ‫أشهر‪ ،‬ولم يتخل موالي الصادق في هذا العهد عن‬ ‫تولية القضاء بل اتسعت دائرته في هذا الباب‪ ،‬فتولى‬ ‫قضاء القصر الكبير وأقاليمه الممتدة إلى ما بعد‬ ‫سوق األربعاء الغرب‪ ،‬كما كانت له عالقة طيبة مع‬ ‫السلطان سيدي يوسف الذي كلفه بالقيام بمهمات‬ ‫سياسية ودينية عديدة‪ ،‬كما عينه الخليفة موالي‬ ‫الحسن بن المهدي وزيرا للمالية سنة ‪1924‬م‪ ،‬ثم‬ ‫أعفي سنة ألف وتسعمائة وستة وثالثين ‪1936‬م‪.‬‬ ‫عين مترجمنا مفتيا رسميا بالمنطقة من جملة‬ ‫من تقصر عليهم الفتوى حسما للفوضى الواقعة‬ ‫فيها وذلك بقرار وزيري مؤرخ في ‪ 28‬ذي القعدة‬ ‫‪1354‬هـ موافق ‪1936‬م وبطلب من أهالي حي‬ ‫العيون بتطوان ونظارة أحباسها‪ ،‬ونظرا للدروس‬ ‫التي كان يالزمها في مسجد هذا الحي فقد عين‬ ‫في أواخر عام ‪1362‬هـ خطيبا به للجمعة وإماما‬ ‫للصلوات الخمس‪ ،‬وقد قام بمهام يعسر تعدادها‬ ‫فكانت حياته كلها حركة دائمة‪ ،‬وآخرها مهمة كلف‬ ‫بها قبل مماته‪ ،‬وهي استقباله للملك الراحل محمد‬ ‫الخامس رحمه اهلل عندما عاد من اسبانيا في رحلة‬ ‫إعالن االستقالل‪.‬‬

‫الصادق بن مختار بن محمد بن العربي بن محمد‬ ‫بن عبد الرحمان بن أبي مدين بن عيسى بن سيدي‬ ‫امحمد (الجد الجامع لألشراف الريسونيين وأحد أبطال‬ ‫معركة وادي المخازن) بن علي بن عيسى بن عبد‬ ‫الرحمان بن الحسن بن موسى بن الحسن بن عبد‬ ‫الرحمان بن علي بن محمد بن عبد اهلل بن يونس‬ ‫بن أبي بكر (الجد الجامع لألشراف العلميين) بن علي‬ ‫بن حيدرة بن عيسى بن سالم بن مزوار بن علي‬ ‫بن حيدرة بن محمد بن موالي إدريس األنوار بن‬ ‫موالي إدريس األكبر بن عبد اهلل الكامل بن الحسن‬ ‫المثنى بن الحسن السبط بن علي وفاطمة الزهراء‬ ‫بنت رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم ومجد وعلى آله‬ ‫وصحبه أجمعين‪.‬‬ ‫أما نسبه من أمه فوالدته هي السيدة الشريفة‬ ‫األصيلة الزهرة بنت الصادق بن محمد بن محمد بن‬ ‫عبد العالي بن عبد اهلل بن محمد بن عبد اهلل بن‬ ‫سعيد بن ابن موسى بن عيسى بن علي بن سعيد بن‬ ‫عبد الوهاب بن عالل بن الشيخ الشهير موالي عبد‬ ‫السالم بن مشيش بن أبي بكر (الجد الجامع لألشراف‬ ‫العلميين)‪ ،‬وفيه يلتقي نسب المؤلف من أبيه وأمه‪.‬‬

‫شيوخه ‪:‬‬

‫‪17‬‬

‫وفاته‪:‬‬

‫بوجنة‪ ،‬والفقيه شيخ الجماعة أحمد بن عبد السالم حمدون‪،‬‬ ‫وقاضي األخماس األشهر محمد بن محمد ابن عمران‬ ‫البوحالتي والعالمة أحمد بن محمد ابن علوش اليالصوتي ثم‬ ‫األستاذ عبد اهلل زيطان العاصمي‪.‬‬ ‫أما أساتذته بالقرويين فنذكر الشيخ سيدي عبد الهادي‬ ‫الصقلي الذي كان مترجمنا يحظى لديه بمنزلة رفيعة‪ ،‬والقاضي‬ ‫بن رشيد العراقي‪ ،‬والقاضي حميد بناني‪ ،‬والشيخ أحمد بن‬ ‫الخياط العمراني‪ ،‬والشيخ محمد بن التهامي الوزاني‪ ،‬والمؤلف‬ ‫الشهير الشيخ المهدي الوزاني‪ ،‬والشيخ سيدي جعفر الكتاني‪،‬‬ ‫وولده المحدث الشهير سيدي محمد بن جعفر الكتاني‪ ،‬وولده‬ ‫اآلخر سيدي امحمــد‪ ،‬والشيـــخ عبد المالك الضرير العلوي‬ ‫الفياللي‪ ،‬والفقيه سيدي عبد الرحمان بن القرشي‪ ،‬والعالمة‬ ‫المؤرخ أحمد بن خالد الناصري السالوي مؤلف «االستقصا»‪،‬‬ ‫والعالمة التهامي كنون الحسني‪ ،‬والشيخ امحمد بن قاسم‬ ‫القادري والشيخ عبد العزيز بناني والشيخ الطيب بن أبي‬ ‫بكر بن الشيخ الشهير الطيب بن كيران والشيخ عبد السالم‬ ‫الهواري والشيخ عبد اهلل بن خضرا السالوي والشيخ محمد بن‬ ‫عمر الفياللي‪.‬‬

‫وظائفه ‪:‬‬

‫بعدما أتم دراسته بفاس‪ ،‬عاد إلى مسقط رأسه فتولى‬ ‫خطة القضاء واإلفتاء فضال عن توليه مهام أخرى مثل‬ ‫التدريس واإلمامة في مسجد حي السوق‪ ،‬وقد حظي بعناية‬ ‫الملوك العلويين األشراف منذ عهد المولى الحسن األول الذي‬ ‫انتقل إلى عفو اهلل تعالى المرحوم‬

‫األستاذ البشير الريسوني‬ ‫مفتش التعليم ومسؤول اإلدارة التربوية بنيابة طنجة سابقا‪،‬‬ ‫مساء يوم الجمعة ‪ 13‬محرم ‪ 13 - 1441‬شتنبر ‪.2019‬‬ ‫‪ ‬وبهذه المناسبة األليمة تتقدم هيئة تحرير جريدتـي طنجــة‬ ‫والشمال بأحر التعازي وأصدق المواساة إلى أرملته الفاضلة السيدة‬ ‫العزيزة الريسوني وابنه هشام وابنته زينب وسائر أفراد العائلة‬ ‫الريسونية‪ ،‬سائلين اهلل تعالى أن يلهمهم صبـرا جميـال ويثيــب‬ ‫المرحوم ويسكنه فسيح جناته‪ .‬‬

‫في العشر األوائل من رمضان ‪1375‬هـ ‪ ،‬حيث‬ ‫كان المطر غزيرا سقط في الطريق ما بين داره والمسجد‬ ‫وكسر فخده األيسر فالزم الفراش إلى أن انتقل إلى الرفيق‬ ‫األعلى على الساعة الرابعة والنصف من صباح الجمعة ‪ 26‬ربيع‬ ‫الثاني ‪1376‬هـ‪ ،‬فكان يوم دفن المترجم له يوما مشهودا في‬ ‫تطوان إذ خرجت فيه عن بكرة أبيها لوداع واحد من أفذاذ‬ ‫العلماء األتقياء‪.‬‬

‫آثاره العلمية ‪:‬‬

‫خلف هذا العالمة الشريف بعض التأليف القيمة تتخلص‬ ‫فيما يلي ‪:‬‬ ‫‪ 1‬ـ السـر المصون في شـرح أبيــات سيــدي عبد السالم‬ ‫ابن ريسون «وهو شرح ألبيات شعرية اشتهر بها القطب‬ ‫المشهور سيدي عبد السالم بن ريسون الذي كان شيخ الزاوية‬ ‫الريسونية بتطوان والمتوفى في سنة ‪1299‬هـ‪.‬‬ ‫‪ 2‬ـ الدر المكنون في ترجمة الزعيم بن ريسون‪.‬‬ ‫‪ 3‬ـ «موجز تاريخ شفشاون» وهو تأليف صغير وقيم حول‬ ‫تاريخ شفشاون‪ ،‬وقــد أخرجــه وقــدم له حفيده األستاذ علي‬ ‫الريسوني‪.‬‬ ‫‪ 4‬ـ لرد على من أجاز التحية برفع اليد» نشر في جريدة‬ ‫الوحدة المغربية للشيخ المكي الناصري في حلقتين‪.‬‬ ‫‪ 5‬ـ خطب الجمعة‪.‬‬ ‫فتاوى الصادق بن ريسون‪.‬‬


‫‪18‬‬

‫الثالثـاء ‪� 17‬إلى ‪� 23‬شتنرب ‪2019‬‬

‫العدد ‪1011‬‬

‫لعبة السودوكو (‪)472‬‬

‫هل مظلة األمل لدى الشعوب‬ ‫هو االستقرار‬ ‫وبماذا يتحقق؟!‬

‫أصل اللعبة‬

‫لعبة السودوكو اليابانية األصل «‪ ،»SUDOKU‬كانت معروفة منذ الثمانينيات‬ ‫في اليابان‪ ،‬إال أنها لم تظهر كلعبة ذات شعبية إال سنة ‪.2005‬‬

‫معنى كلمة سودوكو‬

‫• بقلم ‪ :‬عبد القادر أحمد بن قدور *‬

‫كلمة سودوكو هي اختصار للجملة اليابانية (‪)Nikagiru Sujiwa Dokushin‬‬ ‫وتعني أن األعداد البد أن تكون مفردة‪ .‬وهذه اللعبة عبارة عن عالمة تجارية لشركة‬ ‫‪.Nikol‬‬

‫كيف تلعبها ؟‬

‫استقرار بالدنا هو مظلة األمل لدى الجميع‪ ،‬وهو ضمان السالم‪،‬‬ ‫قد يصدق هذا على كل مجتمع وأمة‪ ،‬إذ ال تنمو دولة أو تتقدم بدون‬ ‫استقرار‪ ،‬ولكن ما نعني باالستقرار؟ هو درجة معقولة من الطمأنينة‬ ‫وكذلك األمل‪ ،‬تشمل المجتمع كهيئة كبرى من المنظمات واألفراد‪ ،‬وكل‬ ‫فرد كفرد‪ ،‬وذلك ليشمل بالبالد مناخا صالحا للعمل المثمر في وجود‬ ‫تعاون إنساني مقبول‪.‬‬ ‫إن هذا قد يبتعد على المثل األعلى‪ ،‬ولكنه يمثل القدر الضروري‬ ‫الذي ال غنى عنه لبدء العمل‪ ،‬وقد يتحقق ذلك بما أذكر كالتالي‪:‬‬ ‫• أن تتوفر للدولة الثقة والمهابة‪ ،‬إذ البد أن تكون محترمة مهابة‪،‬‬ ‫والبد أن تكون موضوع الثقة كي تمثل األب في حزمه ورحمته‪ ،‬ولن‬ ‫تتمكن من ذلك أو بعضه إال إذا كانت قدوه في النزاهة والعدل واليقظة‬ ‫والصدق والقوة‪...‬‬ ‫(ب) ـ أن تقوم المجالس المنتخبة بمهمتها الخطيرة في تمثيل‬ ‫الشعب أحسن تمثيل وعالج مشكالته‪ ،‬وإعالن رغباته‪ ،‬وتعمل على سن‬ ‫القوانين الضامنة لتقدمه وسعادته التي تيسر تقدمه‪ ،‬وأن تتجاوب مع‬ ‫تطلعاته وأحالمه وقيمه‪.‬‬ ‫(ج) ـ أن تستقل الهيئة القضائية استقالال كامال ليرفع من عزتها‬ ‫ومكانتها‪ ،‬ويثبت دعائم قوتها‪ ،‬كما تلقي أحكامها تنفيدا سريعا بال تلكؤ‬ ‫أو تردد‪ ،‬وبهذا تنتشر مظلة القانون وسيادته وقداسته وعدالته‪ ...‬كما‬ ‫تتحقق المساواة أمام ميزانه بالقسطاس المتين‪ ...‬فال يمكن أن يضيع‬ ‫فرد مهما هان شأنه‪ ،‬وال يفلت شخص مهما علت منزلته‪.‬‬ ‫(د) ـ وتمارس جميع التيارات السياسية نشاطها في النور وعلى‬ ‫سطح األرض‪ ،‬ويختفي النشاط البشري الذي يخلقه االستبداد والعسف‪.‬‬ ‫(هـ) ـ أن تحترم حقوق اإلنسان جميعا أي االحترام التام للجميع‬ ‫بحقوق اإلنسان (كما جاء ذلك في المواثيق والقوانين الدولية وفي‬ ‫الدستور المغربي الحالي بالباب الثاني‪ :‬الحريات والحقوق األساسية‬ ‫بالفصل ‪ 19‬منه كالتالي‪( :‬يتمتع الرجل والمرأة‪ ،‬على قدم المساواة‪،‬‬ ‫بالحقوق والحريات المدنية والسياسية واالقتصادية واالجتماعية‬ ‫والثقافية والبيئية‪ ،‬الواردة في هذا الباب من الدستور‪ ،‬وفي مقتضياته‬ ‫األخرى‪ ،‬وكذا في االتفاقيات والمواثيق الدولية‪ ،‬كما صادق عليها‬ ‫المغرب‪ ،‬وكل ذلك في نظام أحكام الدستور وثوابت المملكة وقوانينها‪).‬‬ ‫إلى أن يقول في الفصول التالية‪:‬‬

‫بالفصل ‪ :20‬الحق في الحياة هو أول الحقوق لكل إنسان‪ ،‬ويحمي‬ ‫القانون هذا الحق‪.‬‬ ‫وبالفصل ‪ 21‬كالتالي‪ :‬لكل فرد الحق في سالمة شخصه وأقربائه‪،‬‬ ‫وحماية ممتلكاته‪.‬‬ ‫تضمن السلطات العمومية سالمة السكان‪ ،‬وسالمة التراب الوطني‪،‬‬ ‫في إطار احترام الحريات والحقوق األساسية المكفولة للجميع‪.‬‬ ‫وبالفصل ‪ 22‬ـ يوضح ما يلي‪ :‬ال يجوز المس بالسالمة الجسدية‬ ‫أو المعنوية ألي شخص في أي ظرف‪ ،‬ومن قبل أي جهة كانت خاصة‬ ‫أو عامة‪.‬‬ ‫ال يجوز ألحد أن يعامل الغير‪ ،‬تحت أي ذريعة‪ ،‬معاملة قاسية أوال‬ ‫إنسانية أو مهينة أو حاطة بالكرامة اإلنسانية‪.‬‬ ‫ممارسة التعذيب بكافة أشكاله‪ ،‬ومن قبل أي أحد جريمة يعاقب‬ ‫عليها القانون‪.‬‬ ‫فال تتسلل التفرقة إلى الصفوف بسبب كل هذا وأشير كذلك وإلى‬ ‫اختالف العقيدة أو العنصر أو اللون‪ ،‬ألننا بشرو تتعاون‪.‬‬ ‫وأن تلقي األجيال الصاعدة الرعاية التامة والقائمة على العدل‪،‬‬ ‫وتكافؤ الفرص‪ ،‬وتعد لشتى األنشطة تبعا لمختلف االستعدادات وحاجات‬ ‫كل مجتمع‪...‬‬ ‫هذا كله مكون أساسي لالستقرار في حده األدنى‪ ،‬وقد يقودنا‬ ‫بعد كل هذا‪ ،‬بالعمل واإلبداع والتقدم بالفعل إلى االستقرار في مثله‬ ‫العليا‪ ...‬ويجعلنا متآخين ونزداد حبا ألوطاننا ولبعضنا البعض‪ ،‬ولعدالتنا‬ ‫ويزداد استقرارنا ومؤاخاتنا‪ ،‬وتزداد إنسانيتنا وعطفنا على بعضنا‬ ‫البعض بالمؤازرة وبالدفاع عن كل الحقوق التي تزداد تحققا ورسوخا‬ ‫بدفاعاتنا وبمؤازرتنا‪ ،‬ويزداد حناننا على بعضنا البعض وباستقرار بلداننا‬ ‫نزداد نعمل من أجل رسوخ تقدمنا البناء بالديمقراطية والعدالة الحقة‪،‬‬ ‫والحقوق كلها تعطي ألصحابها كاملة غير منقوصة‪ ،‬ونقوى بمتانة في‬ ‫التعاون والتعاضد والتآخي البناء للشعوب واألمم السائرة في الطريق إلى‬ ‫األمام‪ ...‬إلى األمام بالتقدم المتواصل والبناء‪ ،‬والشامل بحول اهلل‪...‬‬ ‫ـــــــــــــــ‬

‫ـ القصر الكبير في ‪2019/09/11‬‬

‫* األديب واإلعالمي‬ ‫والعضو الشرفي بمنظمة العفو الدولية ‪ ‬ـ فرع المغرب‬

‫�إعـالن قـانونـي ‪Annonce Légale‬‬

‫‪3-Siège social TANGER BELLE VUE RUE75 N°41.‬‬ ‫‪4-Durée : 99 ans à dater du jour de sa constitution‬‬ ‫‪définitive.‬‬ ‫‪5-Capital social : Le capital social est fixé à 100.000,00‬‬ ‫‪DH, devisé en 1000 parts social de 100 DH chacune attribués‬‬ ‫‪aux associés en proportion de leurs apports :‬‬ ‫‪* Mr KARIM JAOUAT, 1000 Parts du N°001 à 1000.‬‬ ‫‪6-Gérance : la gérance de la société est attribuée Mr‬‬ ‫‪KARIM JAOUAT,‬‬ ‫‪7-Année social : du 1er janvier au 31 décembre‬‬ ‫‪8-Bénéfices : sur les bénéfices il est prélevé 5% pour le‬‬ ‫‪fond de réserves légale le reste est laissé à l’affectation jugé‬‬ ‫‪utiles par l’assemblée générale.‬‬ ‫‪9-Le dépôt légal a été effectué au greffe de tribunal de‬‬ ‫‪commerce de Tanger en date du 12/09/2019 sous le n°220654.‬‬ ‫‪Pour extrait et mention‬‬

‫‪AMJA TRAVAUX DIVERS SARL AU‬‬ ‫‪TANGER BELLE VUE RUE75 N°41‬‬ ‫‪AU CAPITAL DE 100.000 ,00 DH‬‬

‫‪CONSTITUTION D’UNE SARL AU‬‬ ‫‪Au terme d’un acte sous seing privé, établi à Tanger‬‬ ‫‪le 12/09/2019 il a été constitué une société à responsabilité‬‬ ‫‪limitée d’associe unique dont les caractéristiques suivantes :‬‬ ‫‪1-Dénomination social : AMJA TRAVAUX DIVES‬‬ ‫‪SARL AU‬‬ ‫‪2-Objet : La société se fixe pour objet pour son compte ou‬‬ ‫‪pour le compte de tiers d’exercer principalement les activités‬‬ ‫‪suivantes : TRAVAUX DIVERS DE CONSTRUCTION‬‬ ‫‪Plus généralement toutes opération financière commerciale‬‬ ‫‪industrielle mobilière ou immobilière se rattachant directement‬‬ ‫‪ou indirectement à l’objet social.‬‬

‫حل السودوكو‬ ‫لجميع إعالناتكم‬ ‫اإلشهارية واإلدارية‬ ‫يف جريدة‬

‫االتصال على الرقم ‪:‬‬ ‫‪0539943008‬‬

‫رقم ‪472‬‬

‫اللعبة تعتمد على المنطق لدرجة كبيرة‪ ،‬وهي لوحة مقسمة إلى تسع مناطق كل‬ ‫منطقة مكونة من تسع خانات‪ ،‬وعليك أن تمأل هذه الخانات أفقيا أو عموديا بأرقام من‬ ‫‪ 1‬إلى ‪ ،9‬حيث ال تستخدم الرقم إال مرة واحدة في جميع المربعات على العمود نفسه‬ ‫أو السطر أو القطر‪ ،‬وتكون هناك أرقام موضوعة سابقا في بعض الخانات‪.‬‬

‫مفيدة لكن معقدة‬

‫اللعبة مفيـدة جدا لتقوية مهارات المنطـق‪ ،‬ويستخدمهـا مدرسو الرياضيات‬ ‫كتمارين للطلبة وتختلف درجة التعقيد‪ ،‬حسب الفئة المستهدفة‪.‬‬

‫سرعة المالحظة‬

‫بين الصورة واألصل ‪ 7‬اختالفات‪ ،‬حاول أن تهتدي إليها‪.‬‬


‫هذا هو موعد انتهاء الميركاتو الصيفي‬ ‫في المغرب‬ ‫صفحة‬

‫‪19‬‬

‫�إعداد ‪ :‬م�صطفى ال�سباعي‬

‫العدد ‪1011‬‬

‫الثالثاء ‪� 17‬إلى ‪� 23‬شتنرب ‪2019‬‬

‫مجرد رأي ‪:‬‬

‫بهذا المستوى‪ ...‬لن نتأهل‬ ‫إلى كأس العالم‬

‫ستنتهي فتـرة االنتقــاالت الصيفيــة في‬ ‫المغرب يوم ‪19‬شتنبر الجاري‪.‬‬ ‫وتسعى العديــد من األندية الممارسة‬ ‫بالقسمين األول والثاني لتعزيز صفوفهــا‬ ‫بالعبين ممزين وتدارك النواقص في العديد‬ ‫من المراكز‪.‬‬ ‫وعرف الميركاتو الصيفي انتقالت كثيرة‬ ‫داخل العديد كم األندية على غرار اتحاد طنجة‬ ‫ومولودية وجدة ونهضة الزمامرة ورجاء بني مالل والجيش الملكي والرجاء البيضاوي‪.‬‬ ‫وتستعد أندية أخرى إلبرام صفقات جديدة قبل إغالق سوق االنتقاالت‪.‬‬

‫عصبة الشمال تقدم الحصيلة السنوية‬ ‫للجنتها التقنية‬

‫نظمت عصبة الشمال لكرة القدم حفل تقديم الحصيلة السنوية‬ ‫للجنتها التقنية الخاص بتطوير الممارسة وتتويج أبطال العصبة والمواهب‬ ‫الصاعدة وتسليم الدبلومات لمدربي الشمال بعد اجتيازهم بنجاح الدورات‬ ‫التكوينية‪.‬‬ ‫وترأس هذا الحفل إلى جانب السيد عبد اللطيف العافية الذي أعيد‬ ‫انتخابه على رأس عصبة الشمال لكرة القدم لوالية جديدة الويليزي‬ ‫أوسيان روبيرت المدير التقني الوطني وعدة شخصيات وفعاليات رياضية‬ ‫وإعالمية‪.‬‬ ‫وخـالل هذا الحفـل وقـف الحاضرون وقفـة إجــالل واحترام لإلطار‬ ‫الطنجاوي ادريس المرابط الذي حقق أول إنجاز تاريخي تمثل في الفوز‬ ‫ألول مرة ببطولة الدوري االحترافي عبرالتاريخ‪.‬‬

‫المستوى الذي ظهر بع المنتخب المغربي لكرة القدم في وديتي بوركينا‬ ‫فاسو والنيجر ال يبشر بخير وال يجعلنا نتفاءل في المستقبل‪ .‬األسود ينقصهم‬ ‫الكثير وباإليقاع الذي ظهروا به في المقابلتين معا ال يمكن فعل أي شيء‪.‬‬ ‫المنتخب المغربي ينتظره عمل كبير في المعسكرات القادمة‪ ..‬وال بد من‬ ‫إحداث تغييرات في التعامل‪.‬‬ ‫المدرب الوطني الجديد وحيد خاليلوزيتش عليه إجراء لقاءات مع مدربي‬ ‫البطولة االحترافية من أجل التنسيق واالستفسار عن الالعبين المميزين بهدف‬ ‫ضمهم للتشكيلــة ومراقبـة أفضل العناصر في الدوري المحلى خالل الفتــرة‬ ‫المقبلة‪.‬‬ ‫ولقد تأكد للجميع أن المستوى الذي ظهر به أسود األطلس سواء أمام‬ ‫بوركينا فاسو أو ضد النيجر ال يؤهله لكاس العالم القادمة عام ‪ 2022‬بقطر‪.‬‬ ‫واليملك حظوظ بلوغ هذا الهدف‪.‬‬ ‫وباإلضافة إلى المستوى الباهث لألسود‪ ..‬فإنه من بين المشاكل األخرى‬ ‫التي تعيق مستقبل المنتخب التسيب و االنقسامات واالنفالت لدى المحترفين‬ ‫المغاربة في منصات التواصـل االجتماعي والتي قوبلت بالسخرية من طرف‬ ‫الجماهير التي طالبـت بإبعاد مجموعة من العناصر ومعاقبتها والسيما بعد‬ ‫قضية الالعب حمد اهلل ‪.‬‬ ‫األكيد أن المدرب البوسني وحيد خاليلوزيتش تعاقد مع الجامعة الملكية‬ ‫المغربية لكرة القدم من أجل هدف واحد ويتمثل في التأهل لكأس العالم‬ ‫‪ 2022‬بقطر‪ ..‬فهل يتمكن من تحقيق هذا الهدف في ظل الظروف الحالية التي‬ ‫يعيشها المنتخب المغربي‪..‬؟ إنه مجرد سؤال‪.‬‬

‫عصبة الشمال تكرم اتحاد طنجة فتيات‬

‫المغرب التطواني يتعاقد‬ ‫مع العب تانزاني‬

‫نجم شباب الريف الحسيمي‬ ‫ينتقل إلى الدوري العراقي‬

‫اتحاد طنجة يستغني عن ثالثة أفارقة‬

‫كما كان متوقعا فسخ فريق اتحاد طنجة عقد الالعبين مباي جونيور وندو بيبي‬ ‫بالتراضي‪ ،‬وأعار الغابوني ستيفين نزامبي لنادي الزوراء العراقي‪.‬‬ ‫وكان المدرب نبيل نغيز قد استغنى عن خدمات الالعبين الثالثة نظرا لتدني‬ ‫مستواهم‪.‬‬ ‫وأيضا لكي يتم السماح للفريق بانتداب العبين أجانب آخرين وهو ما تم بالفعل‪.‬‬

‫عزز فريق المغرب التطواني صفوفه بالالعب التانزاني «ماكا‬ ‫إدوارد» بعقد احترافي لمدة أربعة مواسم‪.‬‬ ‫ماكا إدوارد (‪ 20‬عاما) خــاض فتــرة اختبار رفقة المغرب‬ ‫التطواني وأبان عن مؤهالت عالية مما دفع إدارة النادي للتعاقد‬ ‫معه بتوصية من مدرب الفريق أنخيل بياديرو‪.‬‬

‫تعاقد نادي نفط الجنوب العراقي مع نجم شباب الريف الحسيمي‬ ‫عبد الخالق احميدوش بعقد يمتد لموسم واحد‪.‬‬ ‫ومباشرة بعد توقيــع العقد التحـــق الالعب احميدوش بمعسكر‬ ‫الفريق العراقي بمدينة انطاليا التركية‪.‬‬ ‫وكان فريق شباب الريف الحسمي قد نزل إلى القسم الثاني بسبب‬ ‫صراعات داخل المكتب المسير ‪.‬‬


‫الثالثـاء ‪� 17‬إلى ‪� 23‬شتنرب ‪2019‬‬

‫العدد ‪1011‬‬

‫تذكرة سفر‬

‫السلسلة الرابعة‬

‫احللقة ال�سابعة‬

‫لقاءات حوارية‪ ،‬في حلقات متسلسلة‪ ،‬مع شخصيات مؤثرة في المجال العمومي المغربـي‬ ‫والعربـي واإلنساني‪ ،‬تستحضر تجربتهم في الحياة الخاصة والعامة‪ ،‬وترحل بهم عبر تذكرة‬ ‫سفر معنوية وروحية إلى الماضي والمستقبل‪.‬‬ ‫• عبد اإلله المويسي‬

‫مع األستاذ‬

‫محمد األشعري‬ ‫المحور الثاني ـ المسار الثقافي ـ‬

‫يحضر األستاذ محمد األشعري‪ ،‬في مخيال القراء المغاربة والمشتغلين بالحقل السياسي والمجتمعي الوطني‪،‬‬ ‫بصيغة الواحد المتعدد‪ ،‬فهو اإلنسان أوال‪ ،‬وهو الشاعر والكاتب الروائي والمناضل السياسي والناشط الحقوقي‪،‬‬ ‫وواحد من أبرز وجوه معتقلي سنوات الرصاص‪ .‬وهو الوزير الذي انعطف بمشروع الثقافة الوطنية نحو أفق اتسمت‬ ‫فيه بتبني مفهوم الصناعة الثقافية‪ ،‬وهو الذي سبق أن شغل قبلها منصب رئاسة اتحاد كتاب المغرب لثالث دورات‬ ‫عرفت خاللها هذه المؤسسة أقوى مراحل ديناميتها وإنتاجيتها‪.‬‬

‫• إذن السي محمــد ننتقــل اآلن‬ ‫بعد أن تحدثنا عن مسارك الثقافي‬ ‫والفكري‪ ،‬ننتقل للحديث عن مؤسسة‬ ‫ثقافية وفكرية عتيدة طبعت التاريخ‬ ‫المغربي‪ ،‬هي مؤسسـة اتحاد كتاب‬ ‫المغرب‪ .‬أريد أعرف متى وكيف انتمى‬ ‫إليها السي محمد األشعري‪ ،‬وأهم ما‬ ‫ميزها‪ ،‬وأهم ما طبعـت به واقعنـا‬ ‫ومشهدناالثقافي‪.‬‬ ‫• • كما قلت في سيـاق جوابي السابق‪،‬‬ ‫أنا انتميت إلى اتحاد كتاب المغرب منتصف‬ ‫السبعينات‪ ،‬وبالضبط خالل المؤتمر الذي انتخب‬ ‫فيه األستاذ محمد برادة رئيسا‪ ،‬وكانت طبعا‬ ‫مرحلة قوية‪ ،‬فاتحاد كتاب المغرب لم يكن فقط‬ ‫منظمة ثقافية تهتم باإلنتاج الثقافي المغربي‪،‬‬ ‫والنصوص األدبية الجديدة‪ ،‬ولكنها أيضا‪ ،‬إذا‬ ‫شئنا القول‪ ،‬تضطلع بدور مهم جعلها منبرا‬ ‫للدفاع عن حرية الكاتب‪ ،‬األمر الذي منحها نوعا‬ ‫من التلوين السياسي‪ ،‬ربما شوش على عملها‬ ‫الثقافي‪ .‬فالعديد من الكتاب غير المنتمين‬ ‫سياسيا آنذاك كانوا يرون في اللهجة السياسية‬ ‫لالتحاد‪ ،‬وفي بعض االرتباطات المباشرة‬ ‫باألحزاب الوطنية خصوصا‪ ،‬كانوا يرون في ذلك‬ ‫نوعا من تبعية الثقافي للسياسي‪ ،‬وتعرضت لنقد‬ ‫كبير بخصوص هذا األمر‪ .‬ولكن مع ذلك‪ ،‬أظن‬ ‫أن االتحاد قام بهذا الدور «المنبري» للدفاع‬ ‫عن حرية الكاتب وعن حرية الكتابة‪ ،‬واستطاع‬ ‫أن يحافظ بقوة على هذا الدور‪ ،‬الذي اعترف به‬ ‫الجميع‪ .‬اعترفت به الهيئات الوطنية‪ ،‬واعترفت‬ ‫به أيضا الدولة التي كانت ترى في االتحاد أحد‬ ‫أعمدة المعارضة‪ ،‬إذا أمكن القول‪.‬‬ ‫كان االتحاد يحمل في جيناته منذ الرئيس‬ ‫المؤسس محمد عزيز الحبابي هاجس تطوير‬ ‫البنيات الثقافية في المغرب‪ ،‬إنتاجا أدبيا ونقديا‪،‬‬ ‫ومجالت ومنشورات ومكانة اعتبارية للكاتب‪،‬‬ ‫وهاجس االستقاللية عن الدولة‪ .‬وقد عاش‬ ‫االتحاد بخصوص استقالليته امتحانا عسيرا‬ ‫سنة ‪ ،1973‬عندما نزلت الدولة بكل رموزها‬ ‫الثقافية لالستيالء على االتحاد‪ .‬وتآزر الوطنيون‬ ‫والتقدميونوالمستقلونليمنعواذلك‪،‬وليحملوا‬ ‫ـ في انتصار لمؤسس االتحاد ـ المرحوم األستاذ‬ ‫عبد الكريم غالب إلى رئاسة االتحاد‪.‬‬ ‫في المرحلة التي اشتغلت فيها باالتحاد‪،‬‬ ‫أتذكر أن عددا من األسماء الكبيرة كانت تنتمي‬ ‫إلى االتحاد‪ ،‬بل كانت أعضاء في مكتبه المركزي‪.‬‬ ‫وقد ارتبطت مع هذه األسمـاء بصداقـات‬

‫متينة‪ ،‬واستفدت كثيرا في تكويني الثقافي‬ ‫والسياسي الثقافي من تجاربهم‪ .‬أذكر منهم‪،‬‬ ‫بطبيعة الحال‪ ،‬باإلضافة إلى األستاذ محمد‬ ‫برادة‪ ،‬األستاذ المرحوم أحمد السطاتي‪ .‬وقد‬ ‫كان السي أحمد من أكثر المثقفين‪ ،‬الذين‬ ‫عرفتهم‪ ،‬انتصارا لألفكار التقدمية‪ ،‬وأكثرهم‬ ‫أيضا قدرة على التمييز بين الخطوط السياسية‪،‬‬ ‫والخطوط الثقافية‪ .‬وكان له دور حكيم داخل‬ ‫المكتب المركزي‪ ،‬إلى درجة أن اللقب الذي كنا‬

‫ندعوه به هو لقب الحكيم‪ .‬ثم أيضا األستاذ‬ ‫أحمد اليابوري الذي كان ضمن هذه التجربة‪،‬‬ ‫واألستاذ محمد بنيس‪ .‬والواقـع أنه‪ ،‬بالرغـم من‬ ‫كل المشاكسات الظرفية التي يمكن أن تنشأ‬ ‫في مكتب مسيــر لمنظمة مثل منظمة اتحاد‬ ‫كتاب المغرب‪ ،‬والتي حدثت مرارا‪ ،‬فإن العمل‬ ‫كان ينجز بكل المسؤولية‪ ،‬سواء فيما يخص‬ ‫االهتمام بالنصوص الصادرة‪ ،‬أو االهتمام‬ ‫بحقوق الكتاب‪ ،‬أو االهتمام على وجه الخصوص‬ ‫بالوضع االعتباري للكاتب‪ ،‬وأخيرا االهتمام‬ ‫بخصوصية الحقل الثقافي وما يجب أن نقوم‬ ‫به في هذا المجال‪ .‬في كل هذه المجاالت‪،‬‬ ‫أظن أن المكتب المركزي الذي انتخب سنة ‪76‬‬ ‫برئاسة األستاذ محمد برادة لعب دورا أساسيا‬ ‫في تطوير االتحاد‪ ،‬سواء من خالل المنشورات أو‬ ‫من خالل الندوات الكبرى والعالقة مع المشرق‪،‬‬ ‫وعالقة التبادل الثقافي مع المنظمات المماثلة‪،‬‬ ‫والمجالت الثقافية‪ ،‬مجلة اآلداب‪ ،‬وأخرى في‬ ‫مصر وغيرها‪ ،‬في كل هذا لعب األستاذ محمد‬ ‫بـــرادة دورا أساسيا في تحويل االتحاد من مجرد‬ ‫منبر سياسي إلى منبر ثقافي حقيقي‪ .‬وبعد ذلك‬

‫طبعا بثالث دورات انتخب األستاذ أحمد اليابوري‬ ‫رئيسا لالتحاد‪ .‬وبالطبــع لعب األستـــاذ أحمد‬ ‫اليابوري من جانبه دورا أساسيا في استمرار‬ ‫تجربة الحوار مع المشرق العربي‪ ،‬وكذلك‬ ‫في إحداث طفرة نوعية في مجال االهتمام‬ ‫بالدراسات النقدية األدبية‪ .‬وفي ذلك راكم‬ ‫االتحاد منشورات أساسية جدا‪ ،‬سواء كملفات‬ ‫خاصة في مجلة آفاق‪ ،‬أو كمطبوعات مستقلة‪.‬‬ ‫واألستاذ أحمد اليابوري معروف بنزاهته الفكرية‪،‬‬ ‫وباستقامته وجرأته السياسية أيضا‪ .‬وقد أعطى‬ ‫لالتحاد نوعا من المصداقية ومن االحترام‬ ‫الخاصين‪ ،‬سواء لدى أصدقاء االتحاد أو حتى لدى‬ ‫خصوم االتحاد‪ .‬ومن واجبي أن أُ َذ ِّكر وأعترف أن‬ ‫األستاذ أحمد اليابوري هو الذي‪ ،‬في نهاية واليته‬ ‫الثانية‪ ،‬طلب مني أن نلتقي في مقهى قريب من‬ ‫االتحاد‪ .‬وعندما التقينا طرح علي فكرة أن أرشح‬ ‫نفسي لرئاسة االتحاد‪ .‬ولم تكن هذه المسألة‬ ‫واردة بالنسبة لي‪ ،‬سواء بالقياس إلى سني أو أو‬ ‫إلى تجربتي آنذاك‪ .‬لكن األستاذ أحمد اليابوري‬ ‫ألح علي أن أقوم بذلك‪ ،‬ووعدني بإنه سيساعدني‬ ‫ألقوم بهذه المهمة أحسن قيام‪ .‬والواقع أنني‬ ‫تأثرت‪ ،‬أوال‪ ،‬بالثقة التي وضعها في األستاذ‬ ‫أحمد اليابوري‪ ،‬وتأثرت أيضا بالقناعة الصادقة‬ ‫التي عبر عنها في هذا الخصوص‪ .‬وعندما بدأت‬ ‫اتصاالتي األولى‪ ،‬كان األستاذ أحمد اليابوري من‬ ‫الناس الذين ساندوا هذه التجربة‪ .‬وفيما بعد‬

‫بقيت دائم االتصال به‪ ،‬سواء وأنا داخل االتحاد‪،‬‬ ‫أو بعد أن أنهيت والياتي‪ ،‬حيث احتفظنا بعالقة‬ ‫صداقة متينة‪ ،‬صداقة ثقافية وسياسية أثمرت‪،‬‬ ‫فيما بعد‪ ،‬تجارب أعتز بها‪.‬‬ ‫االتحاد في كل هذه المراحل كان له وعي‬ ‫عميق بدوره داخل المجتمع‪ ،‬وعي بأنه دور‬ ‫مزدوج‪ ،‬دور سياسي مباشر‪ ،‬متمثل في الدفاع‬ ‫عن الحريات وعن حقوق اإلنسان‪ ،‬والدفاع عن‬ ‫الديمقراطية‪ .‬وفي هذا المجال كان االتحاد‬ ‫حاضرا بقوة في جميع المناسبات‪ ،‬وكان يصدر‬ ‫بيانات متفردة‪ ،‬أحيانا متصادية مع البيانات التي‬ ‫تصدرها الهيئات التقدمية في البالد‪ ،‬وأحيانا‬ ‫تحمل بعض النقد لهذه الهيئات‪ .‬ودائما كان‬ ‫االتحاد في قلب القضايا األساسية‪.‬‬ ‫في الفترة التي ترأست فيها االتحاد‪ ،‬كان‬ ‫اهتمامنا قويا بقضايا فلسطين والعراق‪ ،‬وقضايا‬ ‫كثيرة مرتبطة باألوضاع الديمقراطية في العالم‬ ‫العربي‪ .‬وكان االتحاد يلعب فيها دورا متميزا‬ ‫تشهد له به كل االتحادات األخرى‪ ،‬إلى درجة أن‬ ‫كثيرا من االتحادات التي لم يكن مسموحا لها‪،‬‬

‫سواء كهيئات أو كأشخاص‪ ،‬أن تعبر عن موقف‬ ‫واضح من السياسات التي تتبعها أنظمتها تجاه‬ ‫المثقفين والثقافة‪ ،‬كانت تطلب من اتحادنا‬ ‫بالمغرب أن يقوم بذلك نيابة عنها‪ .‬وكان‬ ‫االتحاد يفعل ذلك اقتناعا بضرورة الدفاع عن‬ ‫حرية الكاتب وحرية الكتابة في أي مكان على‬ ‫الرقعة العربية‪ .‬وربما تسبب له ذلك في كثير‬ ‫من المشاكل مع بعض األصدقاء في العراق وفي‬ ‫سوريا مثال‪ ،‬وحتى في مصر أيضا‪ .‬غير أن اتحاد‬

‫كتاب المغرب‪ ،‬في الرأي العام الثقافي العربي‪ ،‬مع‬ ‫اتحاد كتاب لبنان‪ ،‬كان وظل منظمة في طليعة‬ ‫المنظمات العربية التي تدافع عن حرية الكتاب‬ ‫وعن حقوقهم‪ ،‬وعن حقوق اإلنسان بصفة عامة‪،‬‬ ‫وعن الديمقراطية في الوطن العربي‪.‬‬ ‫إذا رجعت إلى افتتاحيات مجلة آفاق منذ ‪،76‬‬ ‫ستجد أنها كانت دائما تهتم بالقضايا الثقافية‪،‬‬ ‫ولكنها أيضا كانت تعبر عن رأي واضح في‬ ‫القضايا السياسية المطروحة‪.‬‬ ‫وكان االتحاد يضطلع بدور ثقافي مباشر‬ ‫ثان‪ ،‬وهو توسيع دائرة النشـر‪ ،‬وتوسيع دائرة‬ ‫استهالك الكتاب‪ ،‬واالهتمام النقدي بما يصدر‪،‬‬ ‫وعلى نحو عام االهتمـام بالتجارب العربية‪،‬‬ ‫واالنفتاح على تجارب العالم‪ .‬ومن جانب آخر‬ ‫االنفتاح كذلك على تجارب أدبية أو فنية في‬ ‫المغرب‪ ،‬ليست بالضرورة‪ ،‬ذات منحى أدبي‬ ‫صرف‪ .‬فمثال نشأت عالقة قوية بين االتحاد‬ ‫والفنانين التشكيليين‪ ،‬وفي فترة ما عالقة كذلك‬ ‫مع السينمائيين‪ .‬وهذه العالقة أثمرت وساهمت‬ ‫في تطور الكثير من األعمال األدبية والشعرية‪،‬‬ ‫واندمج عدد كبير من الكتاب والشعراء في‬

‫األخيرة‬

‫مجال التشكيل‪ ،‬وكتبوا نصوصا في «كاتلوغات»‬ ‫رسامين‪ ،‬بل إن عددا كبيرا منهم كتب نصوصا‬ ‫أساسية في النقد التشكيلي‪ .‬وفي المقابل‬ ‫استجلب هذا الدور عددا كبيرا من التشكيليين‬ ‫إلى المجاالت األدبية‪ ،‬ومنهم من نشر دواوين‬ ‫شعرية مثل المرحوم محمد القاسمي‪ .‬وفي‬ ‫سياق هذا التفاعل كان دائما هناك نوع من‬ ‫االنفتاح على حقول فنية وأدبية متنوعة ساهم‬ ‫فيها اتحاد كتاب المغرب بشكل كبير‪.‬‬

‫أظــن أن ما أحتفـظ به من هذا الوفاء‬ ‫للدور المزدوج لالتحاد‪ ،‬ما أحتفظ به في ذهني‪،‬‬ ‫هو أن االتحاد لم يكن ممكنا أن يوجد فقط‬ ‫بطريقة إدارية‪ ...‬أن يتوفر على مكتب‪ ،‬وأن يعقد‬ ‫اجتماعات منتظمة‪ ،‬ومؤتمرات في موعدها‪ ،‬بل‬ ‫البد أن يكون له‪ ،‬في تصوره وتصور أعضائه‬ ‫وتصور مسؤوليه‪ ،‬دورا يؤمن به‪ ،‬وهذا الدور‬ ‫هو األساسي إلقناع الناس بوظيفة االتحاد‬ ‫وبمصداقية ما يقوم به ‪.‬‬ ‫• طبعا السي محمد‪ ،‬هذه الصورة القوية‬ ‫التي حظي بهــا اتحاد كتــاب المغرب لــدى‬ ‫شرائــح متنوعـة من المثقفين المغاربة‪ ،‬من‬ ‫خالل ما أنجـزه عل امتداد سنوات من النضـال‬ ‫الجاد والمسؤول كانت تجعل الجميـع يحلـم‬ ‫ويتمنى االلتحاق واالنتساب إلى هذا المؤسسة‬ ‫العتيدة‪.‬‬ ‫بعد الكثير من المستجدات التي طرأت‬ ‫على صورة االتحاد االعتبارية‪ ،‬كيـف يتعاطــى‬ ‫السـي محمــد مع «احتماالت» ممكنــة‪ ،‬ربما‬ ‫ذات طابع سيء أو سلبي تجاه االتحاد؟‬ ‫نترك اإلجابة عنه إلى الحلقة القادمة‪.‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.