Achamal n° 1013 le 01 Octobre 2019

Page 1

‫محمد األشعري‬

‫ضيف سلسلة «تذكرة سفر»‬

‫الحلقة‬ ‫الثامنة‬

‫أعتقد أن هناك أجيال جديدة من الكتاب يجب عليها أن‬ ‫تكون في مقدمة من يهتم بحياة االتحاد‪ ،‬إذا كانت لديها‬ ‫هذه الرغبة‪ .‬ويجب أال نتصور مع ذلك أننا سنستعيد صورة‬ ‫ما لالتحاد من الماضي‪ .‬البد أن نعي بأن على االتحاد أن يتخذ‬ ‫شكال آخر من أشكال العمل الثقافي‪،‬‬ ‫الصفحة ‪20‬‬

‫بعد نصف قرن من عالقات الصراع‬ ‫بين «اإلخوة األعداء»‬

‫هل بإمكان المغرب والجزائر‬ ‫السير في طريق المصالحة‬

‫?‬

‫صفحة ‪8‬‬

‫خا�ص‬

‫إلياس العماري يستقيل‬ ‫من رئاسة الجهة‬

‫عن الدورة‬

‫‪25‬‬

‫من مهرجان تطوان لسينما البحر‬ ‫األبيض المتوسط‬

‫الحلقة األخيرة‬

‫إعالم جهوي متقدم‬ ‫املدير امل�س�ؤول ‪ :‬عبد احلق بخات ـ الهاتف ‪ 05.39.94.30.08 :‬ـ الفاك�س ‪05.39.94.57.09 :‬‬ ‫صفحة ‪2‬‬

‫العـدد ‪ 1013‬ـ الثمن ‪ 4‬دراهم ـ الثـالثـاء ‪� 01‬صـفـر ‪� 01 / 1441‬إلى ‪� 07‬أكـتوبـر ‪2019‬‬

‫�صفحات ‪12 - 11 - 10 - 9‬‬

‫«حركة ‪»490‬‬

‫ال‪ ..‬يا ليلى‬ ‫السليماني !!!‬

‫كلمة الشمال‬

‫تداولت مواقع التواصل االجتماعي مؤخرا شريط فيديو للكاتبة الروائية الفرنسية من أصل مغربي «ليلى السليماني» عرضت فيه مجموعة من معتقداتها المتعلقة بالدعوة إلى‬ ‫الحرية الجنسية‪ ،‬ومعربة خالله عن اندهاشها الشديد من حرمان النساء المغربيات‪ ،‬اللواتي قد يتأخر بهن الزواج إلى حدود ‪ 28‬سنة‪ ،‬من حظوظ كافية لالستمتاع بأجسادهن‪ ،‬ومن‬ ‫حظوظ كافية لتعميق تجاربهن الجنسية‪ ،‬مشيرة إلى أن المرأة حرة في جسدها‪ ،‬وأنه ليس ملكية ال للزوج ولألب وال للدولة وال للشارع‪ .‬بل أكدت ليلى السليماني على أن حرية التصرف‬ ‫في الجسد شرط أساسي من شروط استكمال»المواطنة»‪.‬‬ ‫وبمقتضى ذلك‪ ،‬طالبت الروائية ليلى السليماني‪ ،‬التي سبق أن عينها الرئيس الفرنسي «إيمانويل ماكرون» ممثلة شخصية له مكلفة بالفرنكفونية‪ ،‬بضرورة إباحة الممارسة‬ ‫الجنسية خارج مؤسسة الزواج‪ ،‬وخارج القوانين واألعراف االجتماعية‪ ،‬كما طالبت البرلمانيين والحكومة والقوى التقدمية في المغرب بالتصدي لهذه القوانين المجحفة‪ ،‬وإنهاء حالة‬ ‫الصمت المتواطئ تجاه استمراريتها‪.‬‬ ‫من جانب آخر أطلقت صاحبة رواية «أغنية هادئة»‪ ،‬والتي حصلت بها سنة ‪ 2016‬على الجائزة األدبية الشهيرة «الغونكور»‪« ،‬بيان ‪ ،»490‬نشر االثنين ‪ 23‬سبتمبر في العديد من‬ ‫وسائل اإلعالم المغربية‪ ،‬كما نشر يوم الثالثاء ‪ 24‬سبتمبر بجريدة لوموند الفرنسية‪ ،‬من أجل التنديد بالمادة ‪ 490‬من قانون العقوبات المغربي‪ ،‬والتي تعاقب بالسجن عن العالقات‬ ‫الجنسية خارج إطار الزواج‪ ،‬واإلجهاض‪.‬‬ ‫جريدة «الشمال» تفاعلت مع «دعوة» ليلى السليماني‪ ،‬ومع عريضتها أو «حركة ‪ ،»490‬بل وذهبت بعيدة في الجزء المتعلق بـ «نواياها الحسنة»‪ ،‬وتقاسمت معها جزء من المخاوف‬ ‫خصوصا المرتبطة باستغالل الحريات الفردية في التصفيات السياسية أو االنتقام الشخصي‪ ،‬وذهبت جريدة «الشمال» أبعد من ذلك واعتبرت بأن «قلب» ليلى السليماني‪ ،‬التي تعيش‬ ‫في أجواء باريس المرفهة‪ ،‬فعال مع معاناة المرأة المغربية ودراماتيكيتها‪ ،‬خصوصا المرأة المعزولة بأعالي الجبال‪ ،‬والتي لربما تشكل األغلبية العددية‪.‬‬ ‫لكن‪ ،‬ال يا ليلى!‬ ‫لم تكن «المعاناة الجنسية» أبدا أولوية قصوى لدى المغاربة نساء ورجاال‪ ،‬قد تستدعي حركة تنديدية بالحجم الذي تصديت به لها‪ .‬ولم يشعر المغاربة عبر تاريخهم الطويل أن‬ ‫القهر والظلم يتأتاهم من الحرمان الجنسي‪ ،‬أو من غياب التمرس الجنسي‪.‬‬ ‫عبد اإلله المويسي‬ ‫المرأة المغربية (ومعها الرجل) تعاني يا ليلى من ملفات حقوقية عويصة مقترنة بالوضع االعتباري‪ ،‬التزال عالقة بين تعقيدات اإلرادات القانونية‪.‬‬ ‫المرأة المغربية تحتاج لوقف نزيف التحقير االجتماعي والسياسي واالقتصادي والديني‪.‬‬ ‫المرأة المغربية تحتاج يا ليلى إلى تجويد مواد المدونة الحقوقية المتعلقة بصون كرامتها «النوعية»‪.‬‬ ‫المرأة المغربية المعزولة بأعالي الجبال تعاني من انعدام أبسط االحتياجات اإلنسانية المتعلقة بالتعليم والتطبيب وتحسين الظروف المعيشية‪.‬‬ ‫ال يا ليلى!‬ ‫رفع «السرية» عن الممارسات الجنسية‪ ،‬بالشكل الذي تطالبين به هي دعوة صريحة لتعويم المجتمع المغربي في الفوضى والعدمية‪.‬‬ ‫ال يا ليلى‪...‬النفاق االجتماعي لم يكن أبدا سببه القيود الجنسية‪.‬‬ ‫ال يا ليلى‪...‬صراع الفقراء واألغنياء لم ينتج تاريخيا بسبب التفاوت في االمتيازات الجنسية‪.‬‬ ‫أخيرا‪ ،‬لست في حاجة إلى تذكيرك بأن عزو المصائب الجنسية إلى غياب الحرية الفردية هو أمر يتحلى بكثير من السطحية و «البروباغاندا»‪ .‬ففرنسا الحرة ما تزال إلى اآلن تعيش على وقع كارثة «طارق رمضان»‪ ،‬وقبلها‬ ‫فضيحة «دومينيك ستراوس كان»‪ ،‬وأمريكا صاحبة تمثال الحرية لم تتعافى بعد من فضيحة الممثل األشهر «كيفين سبيسي»‪.‬‬ ‫نعم للحريات الفردية يا ليلى‪ ،‬لكن ال للعدمية‪.‬‬

‫جريدة يوميـة جهـوية وطنية ت�صدر م� ً‬ ‫ؤقتـا كـل �أ�سبـوع • الإدارة‪ ،‬التحريـر‪ ،‬الإ�شهـار ‪ 7 :‬مكرر‪ ،‬زنقة عمر بن عبد العزيـز • الربيد الإلكـرتونـي ‪ info@achamal.ma :‬ـ املوقع الإلكرتوين ‪www.achamal.ma :‬‬


‫العدد ‪1013‬‬

‫‪2‬‬

‫الثالثـاء ‪� 01‬إلى ‪� 07‬أكـتـوبر ‪2019‬‬

‫يومية جهوية وطنية ت�صدر م� ًؤقتا كل �أ�سبوع‬

‫املوقع الإلكرتوين ‪:‬‬ ‫‪www.achamal.com‬‬

‫السالمة الصحية‪! ‬‬

‫ت�صدر عن مطبعة جريدة طنجة‬ ‫المدير المسؤول ‪:‬‬

‫عبد احلــق بخــات‬

‫مغارات‪..‬‬

‫محمد سدحي‬

‫‪sadhimed@gmail.com‬‬

‫المناضل النقابـي !!‬ ‫في البدء كان االستغالل وكانت وحشية رأس المال‪،‬‬ ‫واليزال‪..‬‬ ‫فاهتـدى فكر اإلنسـان الحـر إلى العمل النقابــي‪..‬‬ ‫النضال‪ ..‬ثم النضال‪.‬‬ ‫ورسالة العمل النقابي لم تقتصر فقط على تحقيق‬ ‫بعض المطالب المشروعــة لألجراء وتحصين بعض‬ ‫المكتسبات‪ ،‬عبــر خــوض أشكــال نضاليــة من قبيـل‬ ‫االحتجاج والتنديد واإلضراب وما إلى ذلك‪.‬‬ ‫العمل النقابي الحقيقي سعي إلى تطوير الوعي‬ ‫الطبقي في أفق تمكين الشغيلة من أدوات القضاء على‬ ‫االستغالل المادي والمعنوي…‬ ‫لذلك فمهمة المناضل المبدئي ليست سهلة‪،‬‬ ‫واالنخراط في العمل النقابــي ليس منصباً أو درجة‬ ‫رفيعة أو وساماً يوشح كتف النقابي‪ ...‬بل األمر أخطر‬ ‫وأعظم وأهم من كل هذا‪...‬‬ ‫ال نقابياً صادقاً يجب أن تقبل شرطاً‬ ‫وأن تكون مناض ً‬ ‫بالتضحية ونكران الذات‪...‬‬ ‫ودعني من فصيلة االنتهازيين الذين ابتليت بهم‬ ‫النقابات‪ ،‬الساعين دوماً إلى تحقيق أهداف خاصة‪ ،‬في‬ ‫تحريف تام لمبادئ العمل النقابي الحقيقي‪.‬‬ ‫المناضل النقابي في نقابـــة ما‪ ،‬في مؤسسة ما‪،‬‬ ‫محكوم عليه بالتضحية بمساره المهني الخاص‪ .‬فمهما‬ ‫توفرت له شروط الترقي في العمل من مهارات وكفاءة‬ ‫وديبلومات فهو دائماً محط ريبة وشك من طرف‬ ‫المسؤولين في االدارة‪ ،‬وال تسند إليه المناصب العليا‬ ‫ولو كان يستحقها‪ ،‬وهكذا إلى أن يخرج خاوي الوفاض‬ ‫بعد مشوار طويل وسنوات عديدة من العمل‪..‬‬ ‫المناضل النقابــي الملتــزم بقضايـــا الشغيلـــة‬ ‫االقتصادية واالجتماعيــة ولم ال السياسيــة‪ ،‬والذي‬ ‫يتخذ المواقف المشرفة والقرارات الحاسمة التي تخدم‬ ‫الطبقة العاملة‪ ،‬يضحي من حيث يدري أو ال يدري‬ ‫بحياته الخاصة‪ ،‬إلى درجة إهمال األسرة أحياناً‪ ،‬أما‬ ‫الحالة الصحية فال تسأل‪..‬‬ ‫المناضل النقابي‪ ،‬في حالتنا المغربية على األقل‪،‬‬ ‫مدان من طرف الجميع ولو ثبتت براءته‪ ...‬وال تنتظر‬ ‫من يقول فيك قو ًال جمي ُ‬ ‫ال‪ ،‬حتى من طرف الذين تجندت‬ ‫من أجل خدمتهم والتضحية في سبيلهم‪.‬‬ ‫ومع ذلك ما زال في القلب ما يكفي من حب للطبقة‬ ‫العاملة‪ ،‬وفي الخاطر ما يذكي الحماس‪ ،‬وعلى العاتق‬ ‫الرسالة التي لم نقرأها كلها‪ ،‬وفي دفتر الحساب األرقام‬ ‫التي لم نطرحها بعد على قارعة النضال‪...‬‬ ‫أيها البساط حلق بنا في سماء الكادحين‪ ..‬وغرد‬ ‫أيها الشحرور على ضفاف نهر البسطاء‪ ،‬الصبح يبدد‬ ‫حلكة الليلة الميتة‪ ،‬وشهريار ينسحب إلى منطقة‬ ‫العتمة مكرهاً‪ ،‬ورموش شهرزاد بريئة من رائحة النوم‪،‬‬ ‫الطهر يوشحها بمندل جدتي في أبهى نظافته‪ ..‬ورد‬ ‫وخبز وزيت وكتب في عهدة شاعر الحب والنار‪ ،‬وبقايا‬ ‫حبيب ومنزل‪...‬‬

‫نلتقي‪! ‬‬

‫رئيس التحرير ‪:‬‬

‫محمد العطالتي‬

‫عبد الإلـه املـوي�سـي‬

‫‪atlati.mohammed@gmail.com‬‬ ‫كشفت تقارير داخلية‪ ،‬صدرت عن مؤسسات‬ ‫حكومية في المغرب‪ ،‬أن نسبة المجازر البلدية‬ ‫التي يفترض احترامها لمعايير السالمة الصحية‬ ‫المقررة‪ ،‬ال تتجاوز أربعة مجازر من أصل تسع مائة‬ ‫مجزرة بلدية‪ ،‬في حين غابت المجازر القروية عن‬ ‫أي تصنيف لكونها تفتقد حضور أي من معيار‬ ‫متعلق بالسالمة الصحية للمواد الغذائية التي‬ ‫تنتجها من أجل االستهالك اآلدمي‪ ،‬وهو أمـر‬ ‫لوحده يكشف بشكل جلي وواضح مدى خطورة‬ ‫التخبط واالرتباك الذي يطبع سياسة الدولة‪ ،‬من‬ ‫خالل مؤسساتها العمومية‪ ،‬فيما يرجع لضبط‬ ‫المواد الغذائية الموجهة الستهالك عموم‬ ‫الناس وإخضاعها للرقابة والفحص البيطري قبل‬ ‫السماح بتوجيهها للعرض في األسواق‪.‬‬ ‫واقع السالمة الصحية للمواد الغذائية يعاني‪،‬‬ ‫في واقع األمر‪ ،‬من أزمة كبيرة بلغت درجة من‬ ‫االستفحال يصعب معها اتخاذ أية إجراءات ناجحة‬ ‫للحد من خطورتها ومنع مصادر خروجها‪ ،‬ودرجة‬ ‫االستفحال هذه ال تؤكدها التقارير الرسمية فقط‬ ‫بل يمكن للمشاهد البسيط‪ ،‬غير العالم بالقواعد‬ ‫العلمية للسالمة‪ ،‬أن يعاينها بصورة مباشرة في‬ ‫كل أسواق وشوارع المدينة‪ ،‬ففي ما عرف لوقت‬ ‫قريب بأسواق القرب التي أحدثتها الجماعة‪،‬‬ ‫بإمكان المتسوق المعاينة في حاالت متكررة‬ ‫ودائمة عرض أسماك مر على انتهاء صالحية‬ ‫استهالكها زمن طويل‪ ،‬وكيف أن بعض األنواع‬ ‫المعروضة بلغت درجة من التحلل تعافها القطط‬ ‫بسببها‪ ،‬واألدهى من ذلك أن يجد المتجول في‬ ‫األسواق‪ ،‬إلى جنــب األسمـاك المهترئة أفخاذا‬ ‫يُعتقد أنها عائدة لصنف من الدواجن وهي‬ ‫مكدسة في برك من الجراثيم والباكتيريا ‪.‬‬ ‫و باإلضافة إلى هذا المشهد المقــزز الذي‬ ‫اعتاده المواطنون بل وتعايشوا معه في سالم‪،‬‬ ‫يمكن للواحد منا أن يالحظ انتشار مظهر جديد‬ ‫مثير لالشمئزاز والنفور في كل المواقع التي‬ ‫تستقطب أفواجا بشرية‪ ،‬إذ أصبحت هذه األماكن‬

‫ممتلئة عن آخرهـــا ب «مطاعـم متنقلـة» فـوق‬ ‫عربات يدوية الدفع يقوم فيها المالك‪ ،‬وفي آن‬ ‫واحد‪ ،‬بدور المدير والطباخ والنادل‪ ،‬والمثير في‬ ‫األمر أن استثمارا كهذا مُيَسَّرٌ للغاية‪ ،‬إذ يكفي‬ ‫توفير قطع من الخبز ومشواة عاملة بالفحم‬ ‫جاهزة لإليقاد وطهي كل أنواع «الكفتة» و«‬ ‫االسطوانات‪ ،‬وهي بالطبع تتضمن لحوما‪ ،‬إن جاز‬ ‫وصفها بذلك‪ ،‬ال يعلم مصدرها أو طبيعتها وال ما‬ ‫إذا كانت تعود لحيوانات أليفة أو متوحشة‪ ،‬هذا‬ ‫فضال عن معرفة مدى سالمتها الصحية وطرق‬ ‫تحضيرها لالستهالك اآلدمي‪.‬‬ ‫الشك أن هذه المطاعم المتنقلة أصبحت‬ ‫في الفترة األخيرة تشهد تزايدا مضطردا في‬ ‫أعدادها وانتشارا أوسع في كل أحياء المدينة‪ ،‬إلى‬ ‫درجة كادت تصير أعدادها موازية أو تفوق أعداد‬ ‫«المطاعم الثابتة»‪ ،‬السيما بعد دخول «تيار‬ ‫الملتحين» لسوق االستثمار فيه بشكل ملحوظ‪،‬‬ ‫فأعداد «أفغانيي المظهر» باتت تحتل سوق‬ ‫اإلطعام العشوائي بالمدينة‪ ،‬بمسميات متعددة‬ ‫وببضائع متشابهة ميزتها األساسية خلوها من‬ ‫المعايير الصحية و«إعفاؤها» من أية رقابة أمام‬ ‫المكتب المعهود له بالسالمة الصحية للمواد‬ ‫الغذائية‪.‬‬ ‫و الغريب في ظاهرة «المطاعم المتحركة»‬ ‫أنها تمارس نشاطها المخالف لكل القوانين‬ ‫اآلدمية والطبيعية بكامل الطمأنينة والراحة‪.‬‬ ‫هنا يطــرح السؤال المركــزي‪ ،‬إذا عجــزت‬ ‫السياسة العمومية عن تطبيق معايير السالمة‬ ‫الصحية في مجازر تعود ملكيتها للدولة‪ ،‬فكيف‬ ‫ينتظر أن تبسط رقابتهـــا على مختلف أوجــه‬ ‫اإلخالل بقواعد السالمة الصحية للمواد المعدة‬ ‫لالستهالك البشري التي يقترفها بشكل معتاد‬ ‫أرباب هذه العربات المتنقلة‪ ،‬هذا دون الحديث‬ ‫عن رقم معامالت ضخم يتوقع أنها تحققه في‬ ‫غفلة من الخزينة الجماعية‪.‬؟!‬

‫إلياس العماري يستقيل من رئاسة الجهة‬ ‫بعد توالي حاالت التوتر بينه وبين أغلبية أعضاء مجلس‬ ‫الجهة‪ ،‬علمت الشمال أن إلياس العماري رئيس مجلس جهة‬ ‫طنجة تطوان الحسيمة قد قدم رسميا لوالي الجهة محمد‬ ‫امهيدية ورقة استقالته من مهام الرئاسة ‪.‬‬ ‫و كانت األيام األخيرة قد عرفت مشاحنات متكررة بين‬ ‫الرئيس المستقيل وأعضاء ينتمون لتحالف أحزاب األغلبية‬ ‫بالجهة‪ ،‬وذلك نتيجة لما اعتبره هؤالء انفرادا بتدبير شؤون‬ ‫المجلس من طــرف العمــاري ودون الرجوع إلى حلفائـــه‬ ‫السياسيين في األغلبية‪.‬‬ ‫يشار إلى أن إلياس العمـاري كان يحظى‪ ،‬إلى وقت‬ ‫قريب‪ ،‬بثقة جل الفرقاء السياسيين بالجهة‪ ،‬قبل يتم االنقالب‬ ‫ضده بسبب انفراده في تسيير الجهة وعدم التنسيق مع ممثلي األغلبية بشأن القضايا واألمور الهامة‬ ‫داخل مؤسسات الجهة‪ .‬وسبق لمصادر مطلعة تأكيدها بأن العماري اتخذ القرار باالستقالة بعد «منعه»‬ ‫من السفر إلى بكين‪ ،‬فيما سبق لنفس المصادر إفادتها بأن فرق األغلبية بالمجلس‪ ،‬التجمع الوطني‬ ‫لألحرار‪ ،‬االتحاد الدستوري‪ ،‬االتحاد االشتراكي وحزب االستقالل قررت عدم المشاركة في االجتماعات‬ ‫المقبلة واالتجاه نحو مقاطعته وذلك بعد تلقيها توجيهات من األمناء العامين ألحزابها تقضي بذلك‪.‬‬ ‫كما أكدت مصادر أخرى‪ ،‬في وقت سابق‪ ،‬أن والية الجهة رفضت عقد الدورة العادية التي كانت‬ ‫مخصصة لدراسة الميزانية وذلك بسبب عدم احترام اآلجال المحددة قانونا إليداع جدول األعمال أمام‬ ‫والي الجهة محمد امهيدية ما اعتبر دليال على تشنج العالقة بين المؤسستين السيما في ظل رواج‬ ‫أإشاعات تتحدث عن قرب وضع «ملف رئيس الجهة» أمام القضاء بسبب خروقات تدبيرية ومالية تنسب‬ ‫المسؤولية عنها إللياس العماري‪.‬‬

‫هيئة التحرير ‪:‬‬

‫عبد اللطيف �شهبون‬ ‫زبيـدة الورياغلـي‬ ‫�أ�سامـة الزكــاري‬ ‫ر�ضوان احدادو‬ ‫هدى املجاطـي‬ ‫�أبو اخلري النا�صري‬ ‫عبد احلـي مفتـاح‬ ‫محمد �إمغــران‬ ‫م�صطفى ال�سباعي‬ ‫محمد �سدحــي‬ ‫اإلدارة واإلشهار والعالقات العامة ‪:‬‬

‫محمد طارق بخات‬ ‫اإلخراج والتصفيف‪:‬‬

‫«جريدة ال�شمال»‬ ‫عنوان التحرير والمراسالت والتسويق‬ ‫واإلشهار ‪:‬‬

‫‪ 7‬مـكـــرر‪ ،‬زنقـة عمــر بــن‬ ‫عبد العزيز ـ طنجــة ـ‬ ‫الهاتــف ‪:‬‬ ‫‪05.39.94.30.08‬‬ ‫‪06.22.45.30.67‬‬ ‫الفاكــ�س ‪:‬‬

‫‪05.39.94.57.09‬‬ ‫الربيد الإلكرتوين ‪:‬‬

‫‪info@achamal.com‬‬ ‫‪achamal2000 @gmail.com‬‬ ‫سحب من هذا العدد ‪:‬‬

‫‪� 10‬آالف ن�سخــة‬ ‫التوزيع‪:‬‬

‫�سبـريــ�س ‪Sapress‬‬ ‫الإيداع القانوين‪99/10 :‬‬ ‫ر‪.‬د‪.‬م‪.‬ك‪:‬‬

‫‪I.S.S.N : 1114-1832‬‬


‫العدد ‪1013‬‬

‫درد‬

‫شة‬

‫م�صطفى حجاج‬

‫الثالثـاء ‪� 01‬إلى ‪� 07‬أكـتـوبر ‪2019‬‬

‫دردشة‬ ‫في العاشرة وأربعين دقيقة من صبيحة اإلثنين الماضي‪ ،‬دخل إلى عيادة طبيب اختصاصي‪،‬‬ ‫فوجدها غاصة برجال ونساء وأطفال‪ ،‬ينتظرون دورهم في قاعات االنتظار‪ ،‬وممرات العيادة‬ ‫ومدخلها‪.‬‬ ‫استطاع أن يميز بين هذه الجموع مكتبا تجلس في صدره كاتبة تقدم إليها‪ ،‬فسلمته رقما‬ ‫ظن في أول وهلة أنه رقم ‪ 16‬لكن تبين له بعد إمعان النظر أنه رقم ‪ ،61‬فسألها متى يؤهله‬ ‫هذا الرقم لعرض نفسه على الطبيب؟ فأخبرته في تردد‪ :‬في الثانية عشرة أو الثانية عشرة‬ ‫والنصف زواال‪.‬‬ ‫اتكأ على جدار لوقت لم يطل‪ ،‬ألنه لمح مقعدا شاغرا في قاعة غادرها مريض‪ ،‬فسارع إلى‬ ‫الجلوس‪ ،‬وتناول مجلة‪ ،‬ودفن رأسه فيها مستعجال الوقت‪ ،‬ومتمنيا أن تدور عقارب الساعة لتصل‬ ‫إلى الوقت الموعود‪.‬‬ ‫بعد نصف ساعة أو أكثر‪ ،‬سمع الكاتبة وهي تنادي صاحب رقم ‪ ،44‬فتأكد أنه لن ينعم برؤية‬ ‫الطبيب في هذا الصباح‪ ،‬وأن عليه أن يراجع السيدة الكاتبة‪ ،‬فأخبرته أن موعده قد يتأخر إلى‬ ‫الثانية‪ ،‬ألن أصحاب المواعيد يعرقلون تسلسل األرقام وتتابعها‪.‬‬ ‫التمس منها أن تحدد له موعدا في أي يوم تشاء‪ ،‬وفي أية ساعة تشاء‪.‬‬ ‫حددت له اليوم والساعة‪ ،‬فشكرها وغادر العيادة وهو يتساءل‪ :‬كيف يستطيع هذا الطبيب أن‬ ‫يفحص كل هذا العدد العديد من المرضى في وقت ال يتجاوز خمس ساعات؟ مِن أين له هذه‬ ‫الطاقة؟ وكيف يُ َقسّمُ هذا الوقت الوجيز على هذا الجمع الغفير من الزبناء؟‬ ‫وفي الطريق‪ ،‬أخذ يسترجع صور وأسماء أطباء تردد عليهم في أوقات متباعدة‪ ،‬فالحظ أن‬ ‫بعضهم كان يصر على تحديد مواعيد مضبوطة لمرضاه‪ ،‬إشفاقا عليهم‪ ،‬وتسهيال لمأموريته‬ ‫ومأموريتهم‪ ،‬وأن بعضهم كان ال يفحص في الحصة الصباحية أو المسائية إال عشر حاالت‬ ‫فحسب‪ ،‬وأن بعضهم كان ال يحسب حساب الربح‪ ،‬بقدر ما يحسب حساب راحة مريضه وشفائه‪.‬‬ ‫إنهم مالئكة الرحمة‪ ،‬ومالئكة الرحمة ال يمكن أن ينال من احترامنا وتقديرنا لهم‪ ،‬اجتهادُ‬ ‫مجتهد قد يجانب الصواب‪ ،‬ويخرج عن الجادّة‪.‬‬ ‫ولكل قاعدة استثناء كما يقال‪.‬‬

‫احترسوا حتى ال يموت‬ ‫ذلك القبس‬ ‫‪-‬‬

‫األبيض أم األزرق؟‪ .‬هكذا أراد البعض أن يحرف النقاش حول‬ ‫اإلشكــاالت التي تطــال المحافظـــة على المدينة القديمة التاريخيـــة‬ ‫لشفشاون‪.‬‬ ‫ما بين تسييح المدينة وصيانة هويتها التاريخية تضيع الحكمة‬ ‫والحكامة‪ ،‬وتتيه جميع المقاييس سواء المتفق عليها حديثا أو المتوافق‬ ‫عليها باإلحساس والذوق عند األجداد‪.‬‬ ‫ما بين ميثاق الهندسة المعمارية الذي يعتبر مرجعية قانونية‪،‬‬ ‫تقنية‪ ،‬إدارية تشاركية وبين األهواء المتضاربة اللحظية والعابرة للذوات‬ ‫التي يمكن أن تتناسل إلى ما النهاية إذا لم يتم تأطيرها‪ ،‬مسافات من‬ ‫سوء الفهم‪.‬‬ ‫ما بين أزرق الواقع المعاش المستحدث‪ ،‬الغامق الذي يشبه الليل‪،‬‬ ‫واألزرق الفاتح أو األبيض المرشوش بقليل من النيلة‪ ،‬الذي يرمز إلى‬ ‫الصفاء و الذي بقي صامدا لعدة قرون‪ ،‬يشتعل التدافع بين المحو‬ ‫والذاكرة‪.‬‬ ‫ما بين العالمة التجارية التى تتغيى التسويق السياحي وجلب العملة‬ ‫والكرامة والرفاه‪ ،‬وبين الهوية التاريخية التي تنقل عبق السلف للخلف‬ ‫و تحقنهم بالجذور للتحليق في اآلفاق بأجنحتهم اليانعة‪ ،‬يمكن للذكاء‬ ‫الجماعي أن يمد جسورا من العشق والمحبة واألمل والوهج‪.‬‬

‫‪3‬‬

‫عبد الحي مفتاح‬

‫ما بين الماضي والحاضر والمستقبل قد نغتني‪ ،‬قد ننسى‪ ،‬قد‬ ‫يصيبنا دوار اللحظة‪ ،‬قد نتراجع‪ ،‬قد نتعثر‪ ،‬ولكن دائما ذلك القبس من‬ ‫النور الذي يشع من الشقوق‪ ،‬تلك الرائحة الشهية التي تعطر بيوت النار‬ ‫والكوانين‪ ،‬ذلك اإلصرار على الجمال واإلبداع الذي ينفثه في أرواحنا من‬ ‫سبقونا رغم شح اإلمكانيات‪ ،‬وربما شظف العيش‪ ،‬يرسم في اآلفاق خيوطا‬ ‫و نجمات القتحام المستقبل‪.‬‬ ‫بالمزاوجة بين السياسة والتاريخ‪ ،‬بين السياسة والثقافة‪ ،‬بين‬ ‫السياسة والعلم والمعرفة‪ ،‬بين السياسة والقيم واألخالق‪ ،‬يمكن أن‬ ‫ننحت أدوات لحراسة البيت المشترك الذي يجمعنا و أن نجعله حضنا‬ ‫لالطمئنان والتوثب‪.‬‬ ‫شفشاون شجرتنا جميعا‪ ،‬من واجبنا أن نسقيها كلنا‪ ،‬فالمدن والدول‬ ‫ال تينع إال بأبنائها األصفياء‪ ،‬األوفياء‪ ،‬البررة‪.‬‬ ‫وأنا أتابع في هذه اللحظة تأبين فرنسا لرئيسها الراحل جاك شيراك؛‬ ‫الدرس األساسي الذي أرشفه هو أنه ال يبقى في األخير من ذكرى هذا‬ ‫«الحيوان السياسي» أقوى من حبه لبلده و حبه ألبناء بلده‪ ،‬وكرمه‬ ‫اإلنساني‪ ،‬رغم األخطاء التي ارتكبها و المنجزات التي حققها عند تقلده‬ ‫للمناصب الصغرى والكبرى والعظمى خدمة لبلده‪.‬‬

‫رحيل‬ ‫عبد اللطيف‪..‬‬ ‫)‪(2/1‬‬

‫عبد اللطيف �شهبون‬

‫‪abdelchahboun@hotmail.com‬‬

‫بمبادرة كريمة من الصديق خالد شطيبات خصصت‬ ‫إذاعة طنجة حلقة من برنامجهـا «هنا طنجة» للحديث‬ ‫عن مناقب المرحوم عبد اللطيف الزكري الذي شيعت‬ ‫جنازته يوم الجمعة ‪ 20‬محرم ‪ 1441‬ـ ‪ 20‬سبتمبر ‪2019‬‬ ‫بمقبرة المجاهدين ‪.‬‬ ‫كانت شهادات ‪:‬‬ ‫ـ محمد المسعودي‬ ‫ـ عز الدين الشنتوف‬ ‫ـ جمال السعيدي‬ ‫ـ هدى المجاطي‬ ‫ـ عبد النور مزين‬ ‫وكاتب هذه اللمعة في الحلقة المذكورة‪/‬بيانات قلبية‬ ‫عن رجل عاش مخلصا لجوهر تواضعه وعفته‪..‬‬ ‫ومما قلته مهاتفة في الحلقة المذكورة ‪:‬‬ ‫• هذا لقاء يدور حول حدث جلل ؛ متعلـق بمغادرة‬ ‫فجائية صادمة لرجل حظي باحترام الناس ؛ كل‬ ‫الناس ؛ من قامات ثقافية وأكاديمية وبسطاء‪..‬‬ ‫• المرحوم عبـد اللطيف ال يمكـن أن ينسـى ؛ ألن‬ ‫حصاده العلمـي والتربــوي واألدبــي والنقــدي‬ ‫واألخالقي شاهـد على كونــه عالمــة كبيـرة من‬ ‫طنجة العالمة‪..‬‬ ‫• رحيل المرحـوم عبد اللطيف وفراقه مؤلم قاس‬ ‫بالنسبة لذويه ومحبيه ؛ وهم مؤصلون ممتدون‬ ‫في مجموع تراب البالد‪..‬‬ ‫• أتذكر بعضا من مفاصل مسيره في هذه الفانية‪،‬‬ ‫فأتصور أن المرحوم عبد اللطيف أمات نفسه قبل‬ ‫أن يموت ؛ ألن سلوكه اتسم بتبصر‪ ،‬وقـاه لهثـا‬ ‫وراء أهواء الحياة ‪..‬‬ ‫• عـــاش المرحــوم عبد اللطيف زاهــدا‪ ،‬مهووسـا‬ ‫بطموح ؛ لكن طموحه لم يكن مشتطا ؛ لكونه‬ ‫لم يستهلك نفسه في ما هــو عابر من ملــذات‬ ‫وماديات ؛ بل ظل ـ كما أتصور وأقدرـ منجذبا‬ ‫لعوالم عليا ؛ وهي عوالم معلومة ومؤكدة لدى‬ ‫كل من عرفه‪ ،‬سواء كانت معرفته به عادية أو‬ ‫معرفة ثقافية‪..‬‬ ‫• جمـــع المرحــوم عبد اللطيف في ذاته حقائـق‬ ‫عظيمة؛ فهو مثقف بارز باللسان العربي المبين‪،‬‬ ‫منفتح على الثقافة األجنبية‪ ،‬قارئ نهم للفكر‬ ‫والفلسفة والنقد‪ ،‬لكنه لم يسقــط في استتبــاع‬ ‫أعمى‪ ،‬ولم يدافــع عن منحى فرنكوفونـي في‬ ‫اإلدارة والتعليم‪ .‬ظل هادئا‪ ،‬صليبا على الحق ‪.‬‬ ‫وما يستوقفني فـــي هذا الغيــاب المؤلم هو حقيقــة‬ ‫موته ‪:‬‬ ‫• أمات المرحوم عبد اللطيف نفسه موتة بيضاء‪،‬‬ ‫لما حصنها بتمنيع ‪..‬‬ ‫• أمات المرحوم عبد اللطيف نفسه موتة سوداء‬ ‫الحتماله كل أذى بشري واقع أو محتمل‪..‬‬ ‫• أمات المرحوم عبد اللطيف نفسـه موتـة حمراء‬ ‫ألنه عاش مخلصا لعمله‪ ،‬مخلصا للناس‪.‬‬ ‫رحم اهلل عزيزنا عبد اللطيف ‪.‬‬


‫الشمال الفني‬ ‫‪4‬‬

‫ح‬ ‫و‬ ‫ا‬ ‫ر‬

‫مع‬

‫إشراف الفنان يوسف سعدون‬

‫العدد ‪ 1013‬ـ الثالثاء ‪ 01‬إلى ‪ 07‬أكتوبر ‪2019‬‬

‫الفنانة الت�شكيلية الإ�سبانية‬

‫ليديا كورديو‬ ‫‪Lydia Gordillo‬‬ ‫عا�شقة املغرب‬ ‫حاورها يوسف سعدون‬

‫تعتبر الفنانة التشكيلية ليديا كورديو المزدادة بمدينة طنجة واحدة من الفنانين التشكيليين الذين جعلوا من المغرب موضوعا لالشتغال الفني‬ ‫على غرار مجموعة من الفنانين الكبار عبر التاريخ ‪ ،‬وهي بهذا التوجه تترجم انبهارها بما يتميز به المغرب من خصائص طبيعية ملهمة من جهة‪ ،‬ومن‬ ‫جهة أخرى توقع بهذا المنحى صور االعتراف لهذا البلد‪ ،‬كان لي شرف لقائها مؤخرا وأجريت معها الحوار التالي ‪:‬‬ ‫من تكون ليديا كورديو ‪:‬‬

‫إن العالم فقد برحيل هذا الفنان واحدا من كبار الفن‬ ‫المعاصر على المستوى العالمي ‪،‬‬

‫أنا امرأه مهووسة بالفن ‪،‬وهذا الشغف جاءني‬ ‫بالوراثة‪ ،‬ألن أبي كان مبدعا كبيرا في مجال النجارة‬ ‫الفاخرة بمدينة طنجة‪ ،‬وكان معروفا في المدينة‬ ‫بمهاراته المتعدد في هذا المجال‪ ،‬وكان يبدع تحفا‬ ‫متفردة في شكلها وجمالها‪ ،‬وطبيعي أن يكون على‬ ‫أعماله اإلقبال الكبير‪ ،‬هو من زرع في حب الفن واإلبداع‪،‬‬ ‫حيث كان يشجعني على ذلك‪ ،‬لكنني اخترت مجاال فنيا‬ ‫آخر هو التعبير التشكيلي عبر الصباغة واأللوان‪ ،‬أعتبر‬ ‫نفسي مواطنة عبر العالم‪ ،‬مادمت قد ازددت بطنجة‬ ‫وأعيش حاليا بمدريد وأتنقل عبر الدول ألعرض أعمالي‪،‬‬ ‫طورت تجربتي من خالل الدراسة بجامعة الفنون الجميلة‬ ‫‪ SANTA ISABEL DE HUNGRIA‬بإشبيلية‪،‬‬ ‫ولمواصلة الدراسة العليا‪ ،‬كان لزاما علي االنقطاع عن‬ ‫الدراسة بطنجة وتغيير األجواء الدراسية بإشبيلية‪،‬‬

‫ماهي مشاريعك المستقبلية ؟‬

‫في المستقبل القريب‪ ،‬سأنظم معرضا بألمانيا في‬ ‫بداية شهر أكتوبروإلى غاية نهاية دجنبر ‪ ،‬موازاة مع‬ ‫ذلك ‪،‬سأشارك في تظاهرة عبارة عن مباراة فنية في‬ ‫‪ POZUELO DE ALCARCAN‬بمدريـد‪ ،‬ويبقى‬ ‫الهدف األساسي بالنسبة لي لسنة ‪ 2020‬هو تنظيم‬ ‫مجموعة من المعارض حول المغــرب عبر محطــات‬ ‫عالمية‪.‬‬

‫ماذا يشكل بالنسبة لك المغرب ؟‬

‫ماذا عن مشوارك الفني ؟‬

‫بعد مغادرتـي الجامعــة‪ ،‬اشتغلــت في تدريــس‬ ‫مادة الفنون التشكيلية بالتعليم الثانوي‪،‬وموازاة مع‬ ‫ذلك‪ ،‬نظمت معارض وورشات فنية بمختلف المدن ‪،‬‬ ‫واألهم بالنسبة لي دائما هو السفر ألنه يمكنني من‬ ‫االضطالع على مختلف الفنون والثقافات وزيارة المتاحف‬ ‫واألروقة‪،‬وكل هذا ينعكس إيجابيا على تجربتي الفنية‪،‬‬

‫ماذا عن مشروعك الفني ؟‬

‫أعمل حاليا على إغناء مساري الفني على المستوى‬ ‫الدولي‪ ،‬كما أسعى إلى الحصول على شيء من االعتراف‬ ‫بتجربتي من طرف بلدي األصلي المغرب الذي ولدت‬ ‫به ‪ ،‬من جهة أخرى‪ ،‬أنا بصدد إنجاز دراسة حول إحدى‬ ‫رقصات الفالمنكو )‪.)BULERIAS‬‬ ‫من أجل إنجاز مجموعة من اللوحات حــول هذا‬ ‫الموضوع‪،‬وهذا هو مشروعي الفني اآلني ‪.‬‬

‫مــاذا عــن عالقتك بالفنـــان العالمــي‬ ‫كالوديو برافو ؟‬ ‫بالنسبة لي‪ ،‬لم يكن كالوديو برافو صديقا ورفيقا‬ ‫فحسب‪ ،‬بل كان فنانا عالميا كبيرا استطاعت لوحاته أن‬ ‫تنتشر عبر كل األرجاء انطالقا من المغرب الذي عشقه‬ ‫واختار االستقرار به لخصائصه الجمالية المتعددة‪،‬‬ ‫وهذا الفنان مارس علي تأثيرا كبيرا حيث تعلمت منه‬ ‫الكثير ‪،‬خصوصا منهجية العمل الصباغي وقيمة‬ ‫الضوء والتضاد والتركيب وتناغم األلوان وكذا تفاصيل‬ ‫الموضوع وجزئياته‪ ،‬كالوديو برافو كان معروفا عالميا‬ ‫بكونه فنان شديد الدقة في نقل األشياء المرئية‪ ،‬لقد‬

‫كان ‪ Hyperréaliste‬بامتياز وكنت دائما منبهرة‬ ‫بأعماله الفنية الخالدة ‪،‬ورغم هذا االنبهار‪،‬رسمت لنفسي‬ ‫اتجاهي الفني المتمثل في المدرسة الواقعية‪ ،‬وأستلهم‬ ‫مواضيعي من المغرب ‪ .‬انا جد متأسفة وحزينة لرحيله‪،‬‬ ‫آلنه كانت لدينا مشاريع مشتركة تكلف هو بإدارتها‪،‬‬ ‫لكن لألسف لم يمهله القدر إلنجاز هذا الحلم‪...‬‬ ‫في كل لقاءاتنا‪،‬وخصوصا قبل وفاته‪ ،‬كان حديثه‬ ‫معي عبارة عن نصائح غالية وانتقادات بناءة لتجربتي‪،‬‬ ‫وكان حديثه األخير معي عبارة عن وصايا فنية تتمثل‬ ‫في ضرورة استكمال نضج عملي الفني االحترافي وان‬ ‫أحذو حذوه في تطوير تجربتي بالمغرب ‪.‬أقول صراحة‬

‫المغرب بالنسبة لي ال يشكل فقط البلد الذي رأيت‬ ‫فيه النور‪،‬هو أيضا واحد من أهم بلدان العالم حيث الضوء‬ ‫بارز بقوة واأللوان الساطعة والمتعددة ‪،‬هو بعبارة أخرى‬ ‫مصدر لإللهام والذي انعكست تجلياته في مجموعة من‬ ‫أعمالي الفنية ‪،‬عبر كل هذا المشوار الفني‪،‬يبقى المغرب‬ ‫المصدر الرئيسي لموضوعات لوحاتي خصوصا في إطار‬ ‫االتجاه الواقعي ‪،‬أشير أيضا أنني بدأت مؤخرا تجريب‬ ‫بعض التقنيات الحديثة في المجال التشكيلي‪،‬ورغم‬ ‫هذا التوجه التقني الحديث‪ ،‬سيبقى المغرب حاضرا بقوة‬ ‫كموضوع وكمصدر لإلبداع ‪،‬هذا التوجه سيعكس أيضا‬ ‫مواكبتي لتطور المغرب الحديث والمحافظ على أصالته‬ ‫وتراثه‪ .‬وأعتبرهذا االختياروفاءا لهذا البلد الذي منحني‬ ‫الكثير‪.‬‬

‫كلمة أخيرة ‪:‬‬

‫شكرا لهذا المنبر( الشمال) الذي يعكس عبر‬ ‫تسميته موقعا جميال لحسن الجوار والتواصل مع ضفتنا‬ ‫األوروبية‪..‬‬

‫رحيل الفنان امل�سرحي �أحمد ال�صعري‬ ‫أهرام الفن المغربي تتساقط اتباعا‪ ،‬وتشاء الصدف أن تتفق هذه القامات على مواعيد للرحيل‪ ،‬وموعد الوداع هذه‬ ‫المرة وقعه لنا الفنان المسرحي أحمد الصعري الذي لقي ربه يوم األحد ‪ 22‬شتنبر ‪ 2019‬بعد صراع طويل مع المرض‪،‬‬ ‫وكغيره من المبدعين الذين وهبوا حياتهم للعمل الفني‪ ،‬واجه المرحوم شراسة المرض الذي الزمه طويال بوحده‬ ‫دونما رعاية صحية أو دعم يذكر‪.‬‬ ‫المرحوم أحمد الصعري‪ ،‬من مواليد الدار لبيضاء سنة ‪ ،1940‬بدأ مساره الفني مبكرا في فرقة كانت‬ ‫تضم الطيب الصديقي وأحمد الطيب العلج ومحمد عفيفي وعبد الصمد الكنفاوي ومحمد الحبشي وغيرهم‬ ‫من رواد المسرح المغربي ‪،‬بعد ذلك انتقل إلى فرقة المعمورة وفرقة الطيب الصديقي واشتغل أيضا في‬ ‫تدريس المسرح والرقص بالمعهد البلدي للموسيقى و المسرح بالدار البيضاء‪.‬‬


‫الشمال الفني‬

‫العدد ‪1013‬‬

‫بـورتـريــه‬ ‫بورتريه‬ ‫الفنان الت�شكيلي‬

‫عبد اللطيف بلعزيز‬ ‫• عـزيـز قنجـاع‬

‫لقد اختار عبد اللطيف بلعزيز دائما بإصرار مسبق الجسد الحر‬ ‫النافر والوجوه المنبعجة بالضوء واللون‪ ،‬موضوعا للوحاته‪ ،‬وإطارا‬ ‫لتعبيراته الخاصة‪ ،‬فرغم اطالعه الواسع وتتبعه الحثيث للتحوالت‬ ‫الراهنة على مستوى االتجاهات التشكيلية الحديثة والمعاصرة فقد‬ ‫بقي وفيا لمادته التعبيرية التي الزمته دائما‪ ،‬متجها نحو التجديد‬ ‫من داخل مضامينها ‪ ،‬حافرا في موضوعة الجسد وخصوصا األنثوي‬ ‫منه مادته التعبيرية تجاه مجتمع أصر على تغييب الجسد األنثوي‬ ‫من الفضاء العام عبر حشره في خانة المحرم‪ ،‬وهذا الفنان وإن كان‬ ‫يعتبر أعماله هاته نوعا من مناهضة مترصدة لألنماط التعبيرية‬ ‫المحافظة فألنــه أراد‬ ‫تمجيد الحياة‪ ،‬كما يقول‬ ‫دائما‪ ،‬من خالل الرغبة‬ ‫والشهوانيـة وال ينفــي‬ ‫في نفـس الوقــت انه‬ ‫يمتطي الجســد أحيانــا‬ ‫أخرى للتعبير عن مظاهر‬ ‫االنحطاط البشــري في‬ ‫مالمستهللطابوهات‪.‬‬ ‫فهــــذا الفـنــــان‬ ‫الحاصـــل على دبلــوم‬ ‫الدراسات النهائية من‬ ‫األكاديميـــة الملكيـــة‬ ‫للفــنـــــون الجميلــــة‬ ‫ببروكسيــل والحاصـل‬ ‫على جائــزة ألكسندر‬ ‫باكر سنة ‪ 1980‬اتجــه‬ ‫نحــو إبـــراز األساليب‬ ‫التشكيليــــة للــــذات‬ ‫البشريــة الناجـــم عن‬ ‫تأمل عميق في جوانب‬ ‫اإلنسان المتعددة بلغة‬ ‫الصمت الغارقة في الشكل واأللوان التي يستعملهما كوسيط‬ ‫داللي لغوي لإلشارة إلى الجسد في استقالليته وتحوالته المتقطعة‬ ‫منتزعا إياه من سياقه االجتماعي حيث يضعه في شروط انتظامه‬ ‫الذاتي ‪ ،‬فالمتأمل في لوحات عبد اللطيف بلعزيز يالحظ حضور‬ ‫الجسد عاريا مستقال موضوعا على خلفية فارغة من أية مشهدية‬ ‫كالطبيعة أو المدينة أو األمكنة األخرى ‪ .‬نفس األمر بالنسبة‬ ‫للوحاته الخاصة بالوجوه التي خصص لها بلعزيز إطارا ضيقا‬ ‫لتكثيف الرؤية حول الجانب الصلب والكثيف والمظلم المغلق على‬ ‫نفسه‪ ،‬لكن في إبراز قوي للحيوية والمالمح والسؤال‪ .‬محوال الكتابة‬ ‫هنا‪ ،‬ال نصوصا يعاد تمثيلها بل كتابة ترتبط فيها عناصر اللون‬ ‫بعناصر بصرية تصويرية وتشكيلية راسما منحى تطوره وتوجهه‬ ‫الخاص بل المغرق في خصوصيته‪.‬‬ ‫يؤكد بلعزيز أنه الينشئ لوحاته‪ ،‬بل هي مخاض طويل من‬

‫البداية حتى تستقر على حال‪ ،‬وبينهما مساحة زمنية معتبرة من‬ ‫التأمل والنسيان واالستدعاء المتكرر في لحظة أو زفرة أو رغبة‪،‬‬ ‫وفي هوة هاربة يعاد تنصيب لوحة ما من محرقة التفكير إلى‬ ‫أعلى منضدة الرسم ليتحول بلعزيز إلى مضاء من لوحاته ومصدرا‬ ‫إلضاءتها‪ ،‬وليشكل مشهدا منجزا سلفا‪ .‬مستحضرا في مخاض‬ ‫الفكر مشهدا ينتحل الجسد لغة ‪ ،‬مشهدا حار وحي‪ ،‬اللون فيه هو‬ ‫جثة كالمه النفساني لتحقيق أكبر مردودية ممكنة من المعنى‪،‬‬ ‫فبلعزيز وهو يرسم بتلك االندفاعية الغريبة التي تبزغ فجأة بعد‬ ‫حالة خمود وتأمل هادئ‪ ،‬يعيد تمثيل عالم ضبابي هالمي حيث‬ ‫تنسحب الكلمات والكتابة‬ ‫وتتحـــوالن إلى حركــات‬ ‫استعــراضيـــة يؤديهــــا‬ ‫بــريشتـــه على قمـــاش‬ ‫يصب مباشــرة في اتجاه‬ ‫المضمون دون الخضوع‬ ‫لواسطة اللغة بـل تحضر‬ ‫الريشة لتعـــري جســـد‬ ‫المعنى وتحـــرر الحركـة‪.‬‬ ‫حركة باذخة تقــوم على‬ ‫إخفاء عناصر وأسرار اللوحة‬ ‫في الوقت نفسه الذي تبدو‬ ‫فيه وهي تكشف عنها‪ .‬لكن‬ ‫هذا ال يعني هنا ادعاء نوع‬ ‫من االلهام الجاهل أو نوع‬ ‫من الفوضى واالرتجالية‬ ‫والتجريبية أو مسار مجازف‬ ‫من النزوات‪ ،‬فبلعزيز يمتاح‬ ‫حركية شخوص لوحاتــــه‬ ‫ومعناهــا من االستمــاع‬ ‫إلى نبض حواسه الخاصة‬ ‫وتوجيههـــا في تنظيـــم‬ ‫مسبق‪ ،‬كما يعبر هو دائما عن ذلك‪.‬‬ ‫يُضمخ الفنان عبد اللطيف بلعزيز مواضيعه باللونين األصفر‬ ‫واألخضر منتقال دائما من لون الضوء إلى لون الخصوبة‪ ،‬الناضج‪،‬‬ ‫العشتروتي‪ ،‬إلى العوالم التحتية لنفسانيات الشخوص والجسد‬ ‫والوجوه‪ .‬متجاوزا مفاتن الجسد الباذخة إلى عوالمها الخفية‬ ‫الحاصلة بين تخوم الرغبة والشهوة وواقع ضدي معادي‪ ،‬بين‬ ‫الجوهري والعرضي بين الظاهر والباطن‪ ،‬فيغيب الرسم وتحضر‬ ‫الحكاية‪ ،‬رواية يحكيها الزمن على مضامين الجسد‪ .‬فبين الفراغ‬ ‫الذي يشغله األصفر بلون الضوء واألخضر يتدرج الظل المنقوع من‬ ‫ألوان مختلفة لتتوضح المالمح وتسرد لنا حكايات أبطال لوحاته‪،‬‬ ‫وينتقل حينها من حالة الكشف الفاضح للجسد إلى حالة اإلغراق‬ ‫المعلن للمتلقي في عوالم األسرار التي تحف الذات اإلنسانية في‬ ‫تشكيل بصري غارق في العمق الوجودي المكثف‪.‬‬

‫الثالثـاء ‪� 01‬إلى ‪� 07‬أكتوبر ‪2019‬‬

‫‪5‬‬

‫أزمة مؤسساتنا‬ ‫الثقافية والفنية‬ ‫المدنية‬ ‫• يوسف سعدون‬ ‫ال أدري لماذا تعكس مؤسساتنا الثقافية والفنية المدنية‬ ‫واقـــع البــؤس الذي تتخبــط فيه ما يمكن تسميتــه تجاوزا‬ ‫(مؤسسات سياسية) من أحزاب ونقابات‪،،‬هذا البؤس يتجلى‬ ‫في غياب الديموقراطية الداخلية في التسيير واإلدارة وكذا في‬ ‫رسم االستراتيجيات الكبرى وغيرها من الممارسات‪ ،‬ال أرنو هنا‬ ‫الحديث عن واقع األحزاب والنقابات ‪،‬فهي كما يعلم الجميع‬ ‫أضحت (دكاكين) سياسية تنعدم فيها أدنى شروط الممارسة‬ ‫الديموقراطية الداخلية‪ ،‬فمن زعيم أبدي وتعلق بأهذابه‪،‬ومكاتب‬ ‫إدارية مطبوخة ‪،‬ومن (من لم يعجبه الحال فأرض اهلل واسعة) ‪،‬‬ ‫إلى تجسيد كل صور االنبطاح والخذالن عمال بتوجيهات الجهات‬ ‫المعلومة‪ ،‬نفس الصورة نراها بمنظماتنا الثقافية والفنية التي‬ ‫أضحت ال تعكس وجـــه وتطلعات المثقــف والمبدع المتسامح‬ ‫والمتنور والمتشبع بكل القيم اإلنسانية‪،،‬وكأن الجهة المصممة‬ ‫لهذا الوضع واحدة‪ ،‬تريدها في جميع المجاالت على تلك الصورة‪،‬‬ ‫ويكفي أن نقف عند مآل مؤسسة اتحاد كتاب المغرب وما عرفته‬ ‫من تشرذم بسبب غياب الديموقراطية الداخلية ‪،‬اتحاد كتاب‬ ‫جسد باألمس القريب وهج الفعل الثقافي واإلبداعي الجاد ‪،‬وكاد‬ ‫أن يتجاوز بعض الهيآت حينها في مواقفه سواء على المستوى‬ ‫الثقافي والسياســي والحقوقــي وطنيــا وعربيا ودوليـا‪ ،‬نضيــف‬ ‫إلى هذا المثال مجموعة من التنظيمات أو االتحادات النقابية‬ ‫للكثير من األجناس اإلبداعية من مسرح وطرب وفنون تشكيلية‬ ‫وسينما‪ ،‬نقابات تتناسل نتيجة غياب هذه المسماة الديموقراطية‬ ‫الداخلية‪ ،‬فبعد كل اختالف على موقع ما أو قضية معينة ‪،‬يسارع‬ ‫البعض لتأسيس إطار آخر وكأن الساحة الفنية ال يكفيها إطار‬ ‫جاد ومنسجم يستوعب كل فناني ومثقفي ذاك الجنس اإلبداعي‪،‬‬ ‫سلوك بالتأكيد نهله هؤالء من ممارسات مؤسساتنا الحزبية التي‬ ‫تشرذمت ونال منها الوهن حتى بدا بعضها يستجدي تصالحا‬ ‫مأسوفا عنه‪..‬‬ ‫هذا الواقع انعكس سلبا على مصالح المبدع والمثقف الذي‬ ‫ضاعت حقوقه بين ملفات مطلبية صفراء منسية بالرفوف‬ ‫الرسمية‪ ،‬فعوض أن تركز هذه المؤسسات على خدمة الثقافـة‬ ‫والفن بالمغرب من أجل النهوض بهما وتوفير الشروط المناسبة‬ ‫لممارسة الفعل اإلبداعي ‪،‬وعوض أن تكون منبرا لصوت المثقف‬ ‫والمبدع والدفاع عن قضاياه‪ ،‬وعوض أن تعمل على تنشيط‬ ‫الساحة الفنية والثقافية بما يعمل على نشر ثقافة فنية هادفة‪،‬‬ ‫وعوض أن تعمل على تحقيق مطالب تاريخية للفنانين كتعزيز دور‬ ‫العمل التعاضدي وتوسيع عملية االستفادة منه في زمن تتساقط‬ ‫فيه أوراقنا الفنية اتباعا نتيجة العوز واإلهمال‪ ،‬وعوض أن تناضل‬ ‫من أجل حماية وصيانة حقوق المؤلفين عبر المطالبة بالتطبيق‬ ‫الصارم للقوانين المتعلقة بحماية الملكية الفكرية وغيرها من‬ ‫الحقوق والمطالب‪ ،‬أضحت هذه المؤسسات هياكل جوفاء تجر‬ ‫خيباتها وتعمل فقط على تأثيث ما يزكي الصورة المغشوشة‬ ‫لمجتمعنا المدني الذي يتباهى به المسؤولون كعالمة من عالمات‬ ‫التعددية والديموقراطية ‪،‬مؤسسات تتواجد بالساحة الفنية بدون‬ ‫أي مشروع واضح ‪،‬تتغذى فقط من فتات رسمي عبارة عن منح‬ ‫وهبات لن تغني ولن تسمن جوع الفن والثقافة‪ ،‬إطارات ال تحسن‬ ‫سوى االستجداء والتقاط صور باهتة مع المسؤول للتباهي بعد‬ ‫لقاء مجاملة و إصدار بيان المديح‪.‬‬ ‫أسفي كبير على هذه اإلطارات‪ ،‬وهي تعيد نسج صور الرداءة‬ ‫التي تتخبط فيها جل مؤسسات الدولة‪ ،‬رسمية كانت أو غير‬ ‫رسمية إطارات كان من المفروض أن تعطي المثال في السلوك‬ ‫الحضاري باعتبارها تعكس الهوية الفنية والثقافية للبلد‪ ،‬وأن‬ ‫تكون أيضا نموذجا ومثاال يقتدى به على مستوى تمثل القيم‬ ‫اإلنسانية السامية من ديموقراطية كسلوك راقي ومن تواصل‬ ‫شفاف وتسامح وإيثار‪ ،‬وذلك انسجاما مع التوجهات النبيلة للعمل‬ ‫اإلبداعي‪.‬‬


‫‪6‬‬

‫الثالثـاء ‪� 01‬إلى ‪� 07‬أكـتـوبر ‪2019‬‬

‫العدد ‪1013‬‬

‫أخبار من الناظور‬

‫‪Fikri.press@gmail.com‬‬ ‫‪Tél 0661986707‬‬

‫من إعداد ‪ :‬فكري ولد علي‬

‫سبتة ومليلية عبء على إسبانيا بعد إغالق المغرب‬ ‫المعابر الجمركية‬

‫يصدّر معبر سبتة نحو ‪ 700‬مليــون‬ ‫يورو من البضــائــع سنويا إلى المغرب‪،‬‬ ‫ومليلية‪ 450 ،‬مليــون يــورو وفقــا إلى‬ ‫تقديرات ‪ 10‬أعــوام األخيــرة‪ ،‬ولتحقيق‬ ‫أجرته صحيفة ‪ OrientXXI‬الفرنسية‪.‬‬ ‫وتقـــدّر الجمارك المغربيــة أن هذه‬ ‫التجارة غير الشرعية تتأرجح ما بين ‪1100‬‬ ‫و‪ 1460‬مليون يورو‪ ،‬ويشير التحقيق إلى‬ ‫أن هذ النشاط التجاري يشغل ‪20.000‬‬ ‫من الرجال والنساء في المغرب‪ ،‬ويستفيد‬ ‫آالف األشخاص بشكل غير مباشر من هذه‬ ‫التجارة في مدينتي تطوان والناظور‪ ،‬ويتم‬ ‫هذا التهريب في الغالب بعملة الدرهم‪.‬‬ ‫والتـــزم المغـــرب العام الماضــي‬ ‫بوضع حد لعمليات التهريب عبر المعابر‬ ‫الحدودية‪ ،‬بإغالق الجمارك التجارية مع‬ ‫مليلية‪ ،‬في الوقت الذي ظهرت فيه شريحة‬ ‫اجتماعية في المنطقة تعتمد على هذا‬ ‫النشاط كمصدر للعيش‪.‬‬ ‫مواجهات دامية بين مغاربة والشرطة‬ ‫اإلسبانية بمعبر سبتة تسفر عن سقوط‬ ‫‪ 3‬جرحى وتسبب اإلجراء في توترات مع‬ ‫التجار في مليلية‪ ،‬بينما تقدر الخسائر‬ ‫في المغرب على مستوى عائدات الرسوم‬

‫الجمركية ما بين ‪ 400‬و‪ 500‬مليون يورو‪،‬‬ ‫مقابل استعداد المغرب لتطوير الصناعة‬ ‫الوطنية‪ ،‬أمام إنتاج إسباني أكثر تنافسية‪.‬‬ ‫تدبير آخر في هذا االتجـاه‪ ،‬يتمثــل‬ ‫في قــرار المنــع الذي أصدرته الربــاط‬ ‫بشأن دبلوماسييها والمسؤولين رفيعي‬ ‫المستوى بالولوج إلى المناطق المتنازع‬ ‫عليها‪ ،‬حتى لو كان عبورا بسيطــا إلى‬

‫إسبانيا‪ ،‬وإلى جانب األسباب االقتصادية‬ ‫التي طرحها المغرب‪ ،‬يرى الدبلوماسيون‬ ‫األوروبيون الذين يتابعون الملف عن‬ ‫كثب‪ ،‬أنه بعد قـرار الرباط غلق المعبــر‬ ‫الحدودي الجمركي مع مليلية وسبتة‪،‬‬ ‫من شأنه جعل المدينتين عب ًئا أكبر على‬ ‫الدولة اإلسبانية‪ ،‬المدعومتين بقوة من‬ ‫مدريد‪.‬‬

‫توقيف شخص بالناظور لالشتباه في تورطه في محاولة‬ ‫القتل العمد وتكوين عصابة إجرامية‬ ‫تمكنت عناصر فرقة الشرطة القضائية‬ ‫بمدينة الناظور‪ ،‬بتنسيق وثيق مع مصالح‬ ‫المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني‪ ،‬في‬ ‫حدود الساعة الثانية والنصف من صباح يوم‬ ‫األربعاء‪ ،‬من توقيف شخص يبلغ من العمر‬ ‫‪ 31‬سنة‪ ،‬من ذوي السوابق القضائية‪ ،‬وذلك‬ ‫لالشتباه في تورطه في محاولة القتل العمد‬ ‫بواسطة السـالح الناري‪ ،‬وتكوين عصابـــة‬ ‫إجرامية تنشـــط في السرقــات الموصوفة‪،‬‬ ‫والتزوير‪ ،‬وتنظيم الهجــرة غيــر المشروعة‪،‬‬ ‫واالتجار في المخدرات والمؤثرات العقلية‪.‬‬ ‫وذكر بالغ للمديرية العامة لألمن الوطني‬ ‫أنه تم توقيف المشتبه فيه‪ ،‬برفقة شخص‬ ‫آخر يبلغ من العمر ‪ 25‬سنة‪ ،‬على متن سيارة‬ ‫مسجلة بالخارج بمحطــة للوقـود بضواحي‬ ‫مدينة العروي‪ ،‬وهو في حالـة تلبس بحيازة‬ ‫مسدس ناري من عيار ‪ 9‬ملمتر و‪ 39‬رصاصة‪،‬‬ ‫فضال عن مبلغ مالي‪ ،‬حيث أبدى مقاومة عنيفة‬ ‫قبل أن تتمكن مجموعة التدخل الخاصة من‬ ‫توقيفه وتحييد الخطر الصادر عنه‪.‬‬ ‫وأضاف المصدر ذاته أن عملية تنقيط‬ ‫المشتبه فيه الرئيسي بقاعدة بيانات األشخاص‬ ‫المبحوث عنهم أوضحت أنه يشكل موضوع ‪21‬‬ ‫مذكرة بحث صادرة في حقه من طرف مصالح‬

‫األمن الوطني والدرك الملكي بالناظور وابني‬ ‫انصار‪ ،‬وكذا الفرقة الوطنية للشرطة القضائية‪،‬‬ ‫وذلك لالشتباه في تورطه في تكوين عصابة‬ ‫إجرامية‪ ،‬وتعدد السرقــات بالعنف‪ ،‬وتنظيم‬ ‫الهجرة غير المشروعة‪ ،‬والتزويــر واستعماله‪،‬‬ ‫ومحاولة القتـــل العمـــد بواسطــة الســالح‬ ‫الناري في إطار تصفيـة الحسابات في قضايـــا‬ ‫المخدرات‪.‬‬ ‫وقد تــم‪ ،‬حســب البالغ‪ ،‬إيداع المشتبه‬

‫فيه الرئيسي ومرافقه تحت تدبير الحراسة‬ ‫النظرية على خلفية البحث القضائي الذي يجري‬ ‫تحت إشراف النيابة العامة المختصة‪ ،‬وذلك‬ ‫لتحديد جميع األفعال اإلجرامية المنسوبة‬ ‫إليه‪ ،‬والكشف عن ارتباطاته المحتملة بشبكات‬ ‫التهريب الدولي للمخدرات والمؤثرات العقلية‪،‬‬ ‫في حين تم وضع السالح الناري المحجوز رهن‬ ‫إشارة مختبر الشرطة التقنية إلخضاعه لخبرة‬ ‫باليستيكية للتحقق من الجرائم التي يحتمل أن‬ ‫يكون قد استخدم في ارتكابها‪.‬‬

‫درك العروي يعتقل شخصين قاما‬ ‫بسرقة كاميرات مراقبة خاصة بإعدادية‬ ‫تيزطوطين‬

‫تمكنــت عناصــر الدرك الملكي التابعــة‬ ‫لمركز العروي من ايقاف شخصين كانا قد قاما‬ ‫بتخريب مؤسسة تعليمية بمنطقة تيزطوطين‬ ‫و كذا سرقة كاميرات مراقبة الخاصة بالمؤسسة‬ ‫المذكورة‪.‬‬ ‫وتعود تفاصيل القضية بعد تسجيل إدارة‬ ‫اعدادية تيزطوطين شكاية مفادها ان كاميرات‬ ‫المراقبة المتواجدة بباب المؤسسة قد تعرضت‬ ‫للتخريب والسرقة من طرف مجهولين لتفتح‬ ‫تحقيقا أفضى لتحديد المتورطين في هذه‬

‫النازلة‪ ،‬حيث تمكنت من اعتقــال شخصيـــن‬ ‫لهما صلة بالفعل اإلجرامي و حجــز الكاميرات‬ ‫المسروقة لدى أحدهما ‪.‬‬ ‫و قد تم وضع المتهم الرئيسي في القضية‬ ‫الذي سبق له أن قضى عقوبة سجنية بتهمة‬ ‫السرقة الموصوفة رهن تدابير الحراسة النظرية‬ ‫بتعليمات من النيابة العامة فيما سيتم تقديم‬ ‫المشبه به الثاني أمام انظار هذه األخيرة في‬ ‫حالة سراح‪.‬‬

‫العثور على جثة طافية فوق مياه‬ ‫شاطئ «بويافر» بضواحي الناظور‬

‫قال مصدر مطلع أن أمواج شاطئ جماعة‬ ‫«إعزانن» بإقليم الناظور‪ ،‬لفظت جثة جديدة‪،‬‬ ‫تعود ألحد المهاجرين المنحدرين من دول‬ ‫جنوب الصحراء‪.‬‬ ‫ووفق المصدر ذاته‪ ،‬فقد استدعت النازلة‬ ‫حضور عناصر السلطة المحلية والدرك الملكي‪،‬‬

‫إلى عين المكان‪ ،‬بحيث جرى نقل الجثة بواسطة‬ ‫سيارة إسعاف إلى المستشفى اإلقليمي بالناظور‪.‬‬ ‫هـذا‪ ،‬وباشرت التوليفة األمنية فتح‬ ‫تحقيق في موضوع الجثة‪ ،‬بغية معرفة ظروف‬ ‫ومالبسات الحادثة التي يعرف شاطئ بويافر‬ ‫حوادث مماثلة لها‪.‬‬

‫مواطن ناظوري يحاول الهجرة إلى إسبانيا بهذه الطريقة‬ ‫تمكنت عناصر الحرس المدني اإلسباني بميناء مليلية‪ ،‬من إحباط محاولة هجرة شاب مغربي سرا إلى المدينة المحتلة‪ ،‬حيث‬ ‫اختبأ في المكان المخصص لعجلة االحتياط في سيارة كانت متجهة إلى إسبانيا‪.‬‬ ‫ووفق ما نشرته جريدة “إل دياريو” اإلسبانية‪ ،‬نقال عن الحرس المدني االسباني بالثغر المحتل‪ ،‬فعملية العثور على المهاجر‬ ‫السري تمت مساء يوم األربعاء بميناء المدينة المحتلة‪ ،‬وذلك أثناء عملية تفتيش روتينية كانت تقوم بها عناصر الحرس المدني‬ ‫للعربات المغادرة لميناء مدينة مليلية المحتلة‪.‬‬ ‫وتبعا للجريدة ذاتها‪ ،‬فلقد جرى العثور على المهاجر السري بعدما انتاب عناصر الحرس المدني الشك في حجم األغراض‬ ‫والحقائب الموضوعة داخل الصندوق الخلفي للسيارة‪ ،‬وهو الشيء الذي دفعهم إلى تفتيش الصندوق الخلفي‪ ،‬ليعثروا على المهجر‬ ‫السري مختبأ في المكان المخصص لعجلة االحتياط‪.‬‬ ‫وأضافت “إل دياريو”‪ ،‬أن المهاجر السري يبلغ من العمر ‪ 26‬سنة‪ ،‬يحمل الجنسية المغربية‪ ،‬تم إخراجه من المكان المخصص‬ ‫لعجلة االحتياط للسيارة وتم تقديم المساعدات الطبية الضرورية له‪.‬‬ ‫وأشارت ذات الجريدة‪ ،‬إلى أنه تم اعتقال سائق السيارة البالغ من العمر ‪ 34‬سنة بميناء المدينة‪ ،‬حيث اعترف لعناصر الحرس‬ ‫بكون المهاجر السري تربطه به عالقة قرابة‪.‬‬ ‫وقد تم وضع سائق السيارة رهن االعتقال االحتياطي‪ ،‬في انتظار عرضه أمام القضاء من أجل محاكمته‪.‬‬


‫‪7‬‬

‫الثالثـاء ‪� 01‬إلى ‪� 07‬أكـتـوبر ‪2019‬‬

‫العدد ‪1013‬‬

‫مجتمع ـ سياسة ـ حقوق‬ ‫عبد العالي بن ربوحة‬

‫(مراسل من القصر الكبير)‬

‫وفاة سيدة حامل يسائل الوضع المتردي‬ ‫للصحة بإقليم العرائش‬

‫ذكرت الرابطة المغربية للمواطنة وحقوق‬ ‫اإلنسان بالعرائش أن سيدة تدعى فرح تبلغ من‬ ‫العمر ‪ 23‬سنة وتنحدر من حي العروبة بمدينة‬ ‫القصر الكبير توفيت بالمستشفى اإلقليمي‬ ‫لال مريم‪ ،‬إثر إصابتها بنزيف حاد بعد ولوجها‬ ‫إلى المستشفى يوم األربعاء ‪18‬دجنبرلتفارق‬ ‫الحياة يوم الخميس ‪19‬شتبر داخل المستشفى‬ ‫اإلقليميبالعرائش‬ ‫وأضافت الرابطة أن أهل الضحية عبروا عن‬ ‫سخطهم‪ ‬من اإلهمال الذي طال ابنتهم فرح‬ ‫التي ولجت قسم الوالدة بالمستشفى اإلقليمي‬ ‫لال مريم بالعرائش قادمة من القصر الكبير‪.‬‬ ‫وحسب ذات المصدر‪ ،‬فإن المرحومة فرح‬ ‫إبنة حي العروبة بالقصر الكبير تركت طفال في‬ ‫الثامنة من العمر وزوجا شوهد وهو يبكي حسرة‬ ‫على فقدان زوجته ذات ثالثة وعشرين سنة ‪.‬‬ ‫وصرحت خالــة المرحومــة أن المرحومــة‬ ‫ظلت لساعات تتألم وهي تنزف بعد ولوجها‬ ‫المستشفى في العاشرة ليال من يوم األربعاء‬ ‫لتفارق الحياة يومه الخميس حيث‪ ‬تركت حزنا‬ ‫عميقا بين عائلتها‬ ‫كما عاينــت الجمعية الحقوقيــة حالـــة‬ ‫الهسيتريا التي أصابت عائلة المرحومـــة بعد‬ ‫أن صدموا صباح يوم الخميس بأن المرحومة‬ ‫فرح قد غادرت الحياة‪ ،‬فيما عاش قسم الوالدة‬ ‫بالمستشفى اإلقليمي لال مريم أجواء مشحونة‬ ‫وتكسير الزجاج وصياح ومطالبة بحضور رجال‬ ‫األمن التابعين للدائرة األولى لألمن‪.‬‬ ‫وفي هذا السياق‪ ،‬طالبت الرابطة المغربية‬ ‫للمواطنة وحقوق اإلنسان بالعرائش الجهات‬ ‫القضائية بفتح تحقيق في النازلة خصوصا وأن‬ ‫خالة المرحومة صرحت أن القابلة قد استشارت‬ ‫مع الطبيب المكلف ولم يعرفوا ماذا جرى أثناء‬ ‫هذه االستشارة التي جرت عبر الهاتف بل‬ ‫استمع رئيس الفرع اإلقليمي للرابطة المغربية‬ ‫للمواطنة وحقوق اإلنسان إلى خالة المرحومة‬ ‫التي قالت أن إحدى القابالت حادثت الطبيب بان‬ ‫المرحومة غير ” كتبوحط”‪.‬‬ ‫وأضافت الرابطة أن المرحومة فرح ماتت‬ ‫صباح يوم الخميس بعد ولوجها ليلة األربعاء‬ ‫على العاشرة ليال بعد أن كانت تتابع حالتها‬ ‫الصحية عند طبيب اختصاصي بالقصر الكبير‬ ‫“أ‪.‬س” وأكد للمرحومة ولزوجها أنه يجب أن‬ ‫تخضع لعملية قيصرية فما الذي وقع بقسم‬ ‫الوالدة بالمستشفى اإلقليمي لال مريم ولماذا‬ ‫لم يتم إجراء العملية القيصرية؟ ولماذا تركوا‬ ‫الضحية تعاني وتنزف دما كما صرحت عائلة‬ ‫الضحية للرابطة المغربية للمواطنة وحقوق‬ ‫اإلنسان بالعرائش ؟ وهل ستعمل المفتشية‬ ‫العامة للوزارة التي ستزور المستشفى قريبا على‬ ‫ترتيب الجزاءات اإلدارية وتتدخل النيابة العامة‬ ‫من اجل اتخاذ ما يلزم طبقا للقانون ؟ ‪.‬‬ ‫ونددت فعاليات المجتمع المدني وفعاليات‬

‫نقابيةوحقوقيةوجمعويةبمدينتيالقصرالكبير‬ ‫والعرائش باألوضاع التي وصفت ب«المزرية»‬ ‫بمستشفى القصر الكبير والمستشفى اإلقليمي‪،‬‬ ‫خاصة فيما يتعلق ب «النقص المهول والحاد‬ ‫في الموارد البشرية» بهذا القطاع ‪.‬‬ ‫رشيــد يحيــى الكاتـب المحلي للحــــزب‬ ‫االشتراكي الموحد بالقصر الكبير صرح لجريدة‬ ‫الشمال أن وفاة زوجة شابة بمستشفى آللة‬ ‫مريم بالعرائش تنحدر من مدينة القصر الكبير‪،‬‬ ‫يعودلسببين‪:‬‬ ‫أوال أن مدينــة القصــر الكبيـــر ال زالت‬ ‫تفتقر ألبسط الخدمات الصحية وأن ما يسمى‬ ‫بالمستشفى الجديد ال يحمل أي جديد على‬ ‫مستوى الخدمات الصحية العمومية بالمدينة‬ ‫وأنه ال زال في غالب الحاالت ال يتجاوز دوره‬ ‫تنقيل المرضى وتحويلهم للمستشفى اإلقليمي‬ ‫بالعرائش‪.‬‬ ‫ثانيا ولمعرفة ما يجري بمستشفى آللة‬ ‫مريم بالعرائش ال بد من اإلشارة إلى وجود‬ ‫اتهام رسمي من مندوب الصحة بالعرائش‬ ‫ألربعة أطباء من بينهما‪ ‬طبيبان مختصان في‬ ‫أمراض النساء والتوليد باإلهمال والتقصير في‬ ‫أداء الواجب المهني وذلك في شكاية موجهة‬ ‫لوكيل الملك بهؤالء األطباء وأن تحقيقا قد‬ ‫باشرته الشرطة القضائية بالموضوع منذ شهر‬ ‫تقريبا وهي نفس المدة التي كانت الشابة‬ ‫المتوفاة تتردد فيها على المستشفى اإلقليمي‬ ‫بالعرائش وكان يقال لها أن توقيت وضعها لم‬ ‫يحن بعد إلى أن دخلته اليوم دون أن تتمكن‬ ‫من تلقي الرعاية والعالج الضرورين بفعل غياب‬ ‫الطبيب المختص بعد تعرضها لنزيف حاد فهل‬ ‫سيفتح تحقيق جديد دون أن يظهر أثر للتحقيق‬ ‫القديم ؟؟؟؟؟‬ ‫وقال الكاتــب المحلــي ذاته‪ ،‬في اتصال‬ ‫هاتفي‪ ،‬إن وفاة السيدة دليل قاطع على تدهور‬ ‫القطاع الصحي باإلقليم‪ ،‬مطالبا بالتدخل العاجل‬ ‫إلصالح هذا الوضع غير المسبوق‪ ،‬وتحسين‬ ‫الخدمات المقدمة للمرضى الوافدين على‬ ‫المستشفى اإلقليمي وتوفيــر األطــر الطبيـة‬

‫لمستشفى القصر الكبير‪ ،‬وفق تعبيره ‪.‬‬ ‫كما أصدرت جمعية منتدى المرأة للمساواة‬ ‫والتنمية بشمــال المغــرب بالعرائــش بيانا‬ ‫تحمل فيه الدولة مسؤوليتها في حماية حياة‬ ‫المواطنين والمواطنات وضمان حقوقهم(هن)‬ ‫المشروعة في الحياة والسالمة البدنية واألمان‬ ‫الشخصي‪ ،‬وتوفير سبل العيش الكريم كحقوق‬ ‫دستورية والتزامات دولية صادق عليها المغرب‪.‬‬ ‫وطالبت الجهات المسؤولة بفتح تحقيق‬ ‫نزيه في هذه الفواجــع‪ ،‬وخاصــة حادث وفــاة‬ ‫الشابة فرح وجنينها وتحديــد المسؤوليــات‬ ‫ومحاسبة المتورطين مهما كانت مواقعهم‪،‬كما‬ ‫طالبت الدولة المغربية بتنفيذ التزاماتها تجاه‬ ‫مواطنيها ومواطناتها في حفظ وحماية الحقوق‬ ‫والحريات وتوفير سبل العيش الكريم واآلمن‪،‬‬ ‫ودعت القوى الحية ببالدنا إلى االنخراط الواسع‬ ‫في النضال من أجل مناهضة العنف ضد النساء‬ ‫ومن أجل إقــرار حقــوق‪ ‬النســاء في السالمــة‬ ‫البدنية واألمان الشخصي وفي الكرامة والحرية‬ ‫والمساواة‪ ‬و حمايتها والنهوض بها‪.‬‬ ‫وفي هذا السياق نظم مواطنون بمدينة‬ ‫القصر الكبير مسيرة احتجاجية جابت شوارع‬ ‫المدينة‪ ،‬كما أطلــق رواد وسائــل التواصل‬ ‫االجتماعي وتويتـر‪“ ‬هشتاغ ‪ #‬كلنا فرح”‪ ‬تضامنا‬ ‫مع عائلــة الضحيــة‪ ،‬ومحملين المسؤولية‬ ‫لمندوبية الصحة بالعرائش‪ ،‬والطبيب المقصر‬ ‫في مهامه‪ ،‬مطالبين بفتح تحقيق في النازلة‬ ‫ومحاسبة المتورطين والمسؤولين عن هذه‬ ‫لفاجعة ‪.‬‬ ‫كما دعت مجموعة من األطـر الحقوقيـة‪،‬‬ ‫الجمعية المغربية لحقوق اإلنسان‪ ،‬منتدى حقوق‬ ‫اإلنسان لشمال المغرب‪ ،‬والرابطة المغربية‬ ‫للمواطنة وحقوق اإلنسان‪ ،‬والهيئة الوطنية‬ ‫لحقوق اإلنسان‪ ،‬والعصبة المغربية للدفاع عن‬ ‫حقوق اإلنسان إلى وقفة احتجاجية تنديدية‬ ‫قابلة للتصعيد يوم األربعاء ‪25‬شتنبر ‪2019‬هلى‬ ‫الساعة الثامنة بعد الزوال بباب المستشفى‬ ‫اإلقليمي بالعرائش ‪.‬‬

‫العرائش ‪ :‬منتدى حقوق اإلنسان لشمال المغرب‬ ‫ينظم لقاءا تواصليا مفتوحا لكل الفعاليات‬ ‫الحقوقية بالعرائش‬

‫نظمت منتـــدى حقــوق اإلنسان لشمال‬ ‫المغرب لقاء تواصليا مفتوحا بحضور مناضلين‬ ‫ومناضالت المنتدى‪ ،‬ومن مختلــف الفعاليات‬ ‫الحقوقية بإقليم العرائش يوم السبت ‪21‬شتنبر‬ ‫‪ 2019‬وقد اطر هـذا اللقــاء المنسق العام‬ ‫للمنتدى‪ ،‬د عبد الوهاب التدموري‪.‬‬ ‫ويأتي هذا اللقــاء في سيـــاق استكمال‬ ‫النقاش والتداول حول مجمل القضايا الحقوقية‪،‬‬ ‫التي تستنفر األسئلة المقلقة حول التراجعات‬ ‫الخطيرة التي يعرفها المشهد الحقوقي محليا‬ ‫وجهويا ووطنيا‪ ،‬وكذا الحــث على التعبئـــة‬ ‫لمواجهة التحديات المطروحة بتفكير جديد‬ ‫متطور يقطع مع الممارسات التقليدية ويتماشى‬ ‫مع مستجدات المرحلة ‪.‬‬ ‫قد عرف هذا اللقاء نقاشـا مستفيضـــا‬ ‫غالبيتها كانت تصـب في ما آلت إليه وضعية‬ ‫حقوق اإلنسان بالمغرب و ضرورة االهتمام‬ ‫بقضايا الشباب و آليات العمل ‪ ،‬وكان اللقاء فضاء‬ ‫للتفكير الجماعي في ماهية إستراتيجية المنتدى‬ ‫على المستوى التنظيمي والموضوعاتي في أفق‬ ‫المؤتمر العام الثالث الذي اجمع المتدخلون‬ ‫والمتدخالت على ضرورة انفتاحه على الشباب‬ ‫والبحث األكاديمي والعمل الميداني من اجل‬ ‫أن تشكل محطته المقبلة قفزة نوعية في العمل‬

‫‪benrebouha01@gmail.com‬‬ ‫‪Tél : 0641794991‬‬

‫ساكنة القصر الكبير تخرج‬ ‫لالحتجاج تنديدا بتردي األوضاع‬ ‫الصحية داخل المدينة‬

‫نظم مواطنون ‪ ،‬يومي الجمعــة والسبت‬ ‫‪ 21-20‬شتنبرمسيرة احتجاجية جابت شوارع‬ ‫مدينة القصر الكبير تنديــدا بتردي الوضــع‬ ‫الصحي بالمدينة ‪.‬‬ ‫ورفع المحتجون شعارات تستنكر الوضع‬ ‫الصحي بالمدينة و تطالب بالحق في الصحة‬ ‫والعيش الكريم وبااللتفات إلى مستشفى القصر‬ ‫الكبير الذي أصبح محطة لتصدير المرضى‬ ‫إلى المستشفـى اإلقليمي بالعرائش‪ ،‬وطالبــو‬ ‫بمعاقبة كل من ثبت خطؤه أو إهماله في‬ ‫التكفل بالسيدة «فرح» التي تبلغ من العمر‬ ‫‪ 23‬سنة تنحدر من حي العروبة بمدينة القصر‬

‫الكبير والتي توفيت رفقة جنينها يوم الخميس‬ ‫‪19‬شتنبر بالمستشفــى اإلقليمــي لالمريـــم‬ ‫بالعرائــش بعد ساعــات من توجيههـــا من‬ ‫مستشفى القصر الكبير من اجل الوالدة ‪.‬‬ ‫هذا وقد شيع جثمانها ظهر يوم الثالثاء‬ ‫بحضور عدد من أقربائها وفعاليــات المجتمع‬ ‫المدني الذين جابوا بعد عملية التشييع شوارع‬ ‫المدينة مطالبيــن بتحقيـــق العدالة الصحية‬ ‫وتقليص الفوارق االجتماعية الصحية والتباين‬ ‫الكبير في الحصول على خدمات صحية ذات‬ ‫جودة لكل فئات المجتمع ‪.‬‬

‫العرائش‪ :‬إحباط محاولة للهجرة‬ ‫السرية ألكثر من ‪ 50‬شخص‬

‫‪ ‬أوضحت مصادر مطلعة‪ ،‬أن دورية للدرك‬ ‫البحري المكلفة بحراسة الشواطىء بالعرائش‪،‬‬ ‫تمكنت يوم اإلثنين ‪16‬شتنبر ‪ 2019‬من إحباط‬ ‫عملية لمحاولة الهجرة الغير الشرعية ألكثر من‬ ‫‪ 50‬مرشحــا مغربـي ينحـــدرون من جل المدن‬ ‫المغربية من مختلف األعمار واألجناس‪.‬‬ ‫و كان المهاجــرون السريون قد عمـــدوا‬

‫إلى خوض غمار عباب البحر انطالقا من نقطة‬ ‫التقاء وراء السجن المدني المحلي مستغلين‬ ‫حلكة الظالم الدامس وانعدام المراقبة بعين‬ ‫المكان‪ ،‬إال أن حلمهم لم يتحقق في اإلبحار‬ ‫نحو أوروبا وتبخر بعد أن فاجأتهم دورية الدرك‬ ‫البحري واقتادتهم إلى الميناء‪ ،‬حيث تكفلت بهم‬ ‫العناصر المعنية من أجل تعميق البحت وربط‬ ‫االتصال بالمصالح األخرى المختصة ‪.‬‬

‫العثور على جثة بمقبرة‬ ‫موالي علي بوغالب‪‎‬‬ ‫الحقوقي على مستوى الجهــة و كذا ضرورة‬ ‫انفتاحه على المشهد الحقوقي وطنيا‪.‬‬ ‫وتم التطرق لما اسماه المشاركون في‬ ‫اللقاء إلى «الصعوبات ذات الصلة بالتراجعات‬ ‫التي يشهدها العمل الحقوقي خاصة‪ ،‬والعمل‬ ‫المدني عامة ‪،‬سواء على مستوى جهة الريف‬ ‫الكبير أو على المستوى الوطني نتيجة الحصار‬ ‫الذي تفرضه الدولة على أي فعل هادف يروم‬ ‫تحقيق وتعزيز المكتسبات الحقوقية‪ .‬‬ ‫ودعا المتدخلـون إلى ضرورة تجاوز هـذا‬

‫الوضع‪ ،‬والعمل على «استنهاض الفعل الحقوقي‬ ‫باإلقليـم وبعمـوم جهــة الريف الكبير وفق‬ ‫تصورات جديدة تأخذ بعين االعتبار التحوالت‬ ‫التي يشهدها الوعي الجمعي محليا ووطنيا»‬ ‫كذلك كانت مناسبة لطرح المنتدى تجربته‬ ‫في معالجة و تتبع ملفات حقوق اإلنسان و ذلك‬ ‫في إطار تبادل الخبـرات و مشاركتها مع باقي‬ ‫اإلطارات الحقوقية‪ ،‬و كذا نية المنتدى في‬ ‫التوجه نحو خلق مكتب يعنى بالبحث و الدراسة‬ ‫لكل القضايا ذات الصلة بحقوق اإلنسان‪.‬‬

‫استنفر العثور على جثة مواطن صباح يوم‬ ‫الجمعة ‪ 20‬شتنبر ‪ 2019‬بمقبرة موالي علي‬ ‫بوغالب ‪ ،‬من طرف مواطنين ‪ ،‬مصالح الشرطة‬ ‫والسلطة المحلية التي انتقلت إلى عين المكان‪.‬‬

‫بعد المعاينة تم نقل الجثة إلى مستودع‬ ‫األموات بمستشفــى القصر الكبيـــر من طرف‬ ‫عناصر الشرطة القضائية والشرطة العلمية‬ ‫والتقنية‪.‬‬


‫العدد ‪1013‬‬

‫‪8‬‬

‫الثالثـاء ‪� 01‬إلى ‪� 07‬أكـتـوبر ‪2019‬‬

‫بعد نصف قرن من عالقات الصراع بين «اإلخوة األعداء»‬

‫هل بإمكان المغرب والجزائر‬ ‫السير في طريق المصالحة‬ ‫تكون لحد اآلن قد مرّت ‪ 56‬عام ًا على اتباع المغرب والجزائر لسياسة ال الحرب وال‬ ‫السالم‪ ،‬منخرطين في سباق تسلح صامت‪ ،‬ومن وقت آلخر منخرطين في تقديم عرض‬ ‫للقوة‪ ،‬غالب ًا ما يكون عادي ًا‪ ،‬لكنه مزعج جداً في بعض األحيان‪.‬‬ ‫مرت الخالفات المغربية الجزائرية بعدة مراحل قبل أن تؤدي إلى رفض متبادل للحوار‪.‬‬ ‫يعتقد البعض أن الجزائر بحاجة إلى تغذية هذه التوترات باستمرار ألسباب تتعلق‬ ‫بالسياسة الداخلية هدفها األكبر صــرف االنتباه عن المطالــب المشروعــة لغالبية‬ ‫مواطنيها‪.‬‬ ‫من وجهة نظر الشعبين‪ ،‬الجزائري والمغربي‪ ،‬فإنهما يعزوان تطبيع العالقات الثنائية‬ ‫إلى اإلرادة السياسية الحسنة للقادة‪ ،‬والمرتبطة باالعتبارات االقتصادية واألمنية واألخوية‬ ‫والعائلية مؤكدين على أن هناك حاجة ملحة لحل‬ ‫الملفات الخالفية بين البلدين بأسرع ما يمكن‪،‬‬ ‫وإعادة فتح الحدود الترابية وإحياء التعاون‪.‬‬

‫?‬

‫خليفته العقيد هواري بومدين وقادة الجيش الجزائري لم‬ ‫يستوعبوا أبداً هذه النتائج وأثاروا ضغينة سوداء ضد المغرب‪.‬‬ ‫ضغينة ورثها الرئيس المنتهية واليته عبد العزيز‬ ‫بوتفليقة والجنراالت من حوله بمن فيهم أحمد قايد صالح‬ ‫الذي لديه سبب إضافي لكره المغرب‪.‬‬

‫لتحديد أسباب النزاع الجزائري المغربي‪ ،‬يتطلب األمر أن‬ ‫نعود بعمق إلى تاريخ هذين البلدين المجاورين في شمال‬ ‫إفريقيا‪.‬‬

‫لماذا ال يستحمل الجنرال‬ ‫أحمد قايد صالح المغرب ؟‬

‫قبل استعمار فرنسا للمنطقة منذ القرن التاسع عشر‪ ،‬كان‬ ‫جزء من األراضي الجزائرية الحالية‪ ،‬جنوبا وغربًا‪ ،‬بما في ذلك‬ ‫منطقتي تندوف وكولومب بشار‪ ،‬تحت السيادة المغربية؛ ومع‬ ‫ذلك تم تغافل ترسيم الحدود‪.‬‬

‫منذ االستقالل عام ‪ ،1956‬طالب المغرب فرنسا بحقه في السيادة‬ ‫على أراضيه المنتهكة على الحدود الجزائرية‪ .‬في الوقت نفسه‪ ،‬قدمت‬ ‫المملكة دعمها غير المشروط للجزائر‪ ،‬حيث كانت تخوض جبهة‬ ‫التحرير الوطني كفاحا ملحوظا من أجل الحصول على االستقالل‪ .‬وتم‬ ‫الترحيب بالالجئين الجزائريين في المغرب‪ ،‬إضافة إلى تسهيل مرور‬ ‫األسلحة عبر األراضي المغربية في اتجاه الجزائر‪.‬‬ ‫من أجل وضع حد لدعم المغرب لجبهة التحرير الوطني و لالجئين‬ ‫الجزائريين‪ ،‬اقترحت فرنسا على المملكة تسوية مشكل رد أراضيها‪،‬‬ ‫شريطة رفضها إنشاء «منظمة مشتركة للمناطق الصحراوية»‬ ‫(‪ ، )OCRS‬المسؤولة عن استغالل الثروات المعدنية المكتشفة‪ .‬إنها‬ ‫طريقة لشراء تواطؤ المملكة‪.‬‬ ‫رأى الملك محمد الخامس أن هذا االقتراح «طعنة في ظهر»‬ ‫«اإلخوة الجزائريين»‪ ،‬وتوصل إلى اتفاق منفصل‪ ،‬في ‪ 6‬يوليوز سنة‬ ‫‪ 1961‬مع رئيس الحكومة المؤقتة لجمهورية الجزائر فرحات عباس‬ ‫مقتضاه أن يتم إعادة التفاوض بخصوص وضع تندوف وكولومب بشار‬ ‫المنتهكتين بمجرد حصول الجزائر على استقاللها‪.‬‬ ‫ومع ذلك‪ ،‬وعقب استقالل الجزائر‪ ،‬و والدة الجمهورية الجزائرية‬ ‫في ‪ 18‬مارس ‪ ،1962‬وقبل التصديق على هذا االتفاق‪ ،‬حصل تحالف‬ ‫من قبل أحمد بن بلة زعيم الحرب الجزائرية‪ ،‬وبدعم من جيش التحرير‬ ‫الوطني(‪ )NLA‬انتهى بطرد فرحات عباس من الحكومة‪.‬‬ ‫كانت إحدى رهانات هذا التحاف الحفاظ على «الوحدة الترابية»‪.‬‬ ‫ونتيجة لذلك عبر بن بلة وقادة ‪ ALN‬عن ممانعة واضحة بخصوص‬ ‫فكرة استعادة المغرب لحقه التاريخي على أراضيه‪،‬وعن رفض االعتراف‬ ‫بالمطالبات التاريخية أو السياسية للمغرب‪.‬‬ ‫غضبت المملكة بشكل خاص من «جحود» الجزائريين‪ ،‬ونتيجة‬ ‫لذلك بدأت التوترات بين البلدين تتصاعد شي ًئا فشي ًئا‪ ،‬ال سيما عندما‬ ‫طالب سكان تندوف بانتمائهم إلى المغرب‪.‬‬ ‫خالل صيف عام ‪ ،1963‬عــزز البلدان ترسانتهمــا العسكريـة‬ ‫على طول الحدود‪ .‬ومن جانب آخر حظر الجزائريون على المغاربة‬ ‫من «فجيج» التوجه إلى بساتين النخيل الخاصة بهم في األراضي‬ ‫الجزائرية‪ ،‬وفرضت بالقوة «الجنسية الجزائرية» على سكان «كولومب‬ ‫بشار» و»تندوف»‪ ،‬بينما تم بتعسف ترحيل المغاربة العاملين في‬ ‫الجزائر‪ ،‬والتجار الجزائريين العاملين في وجدة‪.‬‬ ‫في سبتمبر ‪ ،1963‬دخلت القوات الجزائرية طرفاية لتحريض‬ ‫السكان على التمرد ضد الملك‪ ،‬بينما احتلت المركبات المدرعة واحات‬ ‫«زغدو» و «مريجا» في األراضي المغربية‪.‬‬

‫عبد الحق بخات‬

‫إن المكسب الرئيسي الذي تحقق بالنسبة للبلدين هو الوحدة المغاربية التي تعود‬ ‫بالنفع على جميع دول شمال إفريقيا‪.‬‬ ‫ما نخشاه هو أن انجرافا ما‪ ،‬والذي ال يمكن استبعاده‪ ،‬يمكن أن يحصل جراء األحداث‬ ‫التي تعرفها الجزائر‪ ،‬بما في ذلك االنتفاضة الشعبية النشطة بشكل متزايد منذ ‪ 16‬فبراير‬ ‫‪« ،2019‬استقالة» الرئيس عبد العزيز بوتفليقة في ‪ 2‬أبريل الماضي‪ ،‬واالستيالء «المؤقت»‬ ‫على السلطة المطلقة من قبل الجيش بقيادة الجنرال أحمد قايد صالح المعروف بعدائه‬ ‫المرضي تجاه المغرب‪..‬‬ ‫في الواقع‪ ،‬فإن االفتقار إلى قيادة سياسية مدنية قوية وعملية‪ ،‬تحظى برضى الشعب‬ ‫الجزائري‪ ،‬يشكل الخطر الرئيسي‪ ،‬سـواء بالنسبــة‬ ‫للجزائر نفسها‪ ،‬أو بالنسبـة لعالقاتها مع الجار‬ ‫المغربي‪.‬‬

‫أصل الصراع‬

‫بعد استعمار المغرب في عام ‪ ،1912‬رسمت اإلدارة‬ ‫الفرنسية الحدود بين الترابين‪ ،‬غير أن هذه الحدود عرفت‬ ‫نوعا من سوء التثبيت‪ ،‬لتتغير من خريطة إلى أخرى‪.‬‬

‫(‪)2/1‬‬

‫بقلم ‪ :‬الدكتور‬

‫على الفور‪ ،‬قرر الملك الحسن الثاني إرسال قوات مساعدة الستعادة‬ ‫«تنجوب» و «حاسي بيضا»‪ ،‬في قلب األراضي المصادرة‪ .‬وقد أتاحت‬ ‫هذه المبادرة للملك الحصول على دعم واسع من قبل الشعب المغربي‪.‬‬ ‫بدء من ‪ 2‬أكتوبر ‪ ،1963‬ستحصل حول «تنجوب» و «إيش»‬ ‫و«حاسي بيضا» العديد من المناورات‪ ،‬أحياناً من قبل الجيش الجزائري‪،‬‬ ‫وأحيانًا من قبل المغاربة‪ .‬وسيتم مقتل عشرة من القوات المساعدة‬ ‫المغاربة‪.‬‬ ‫في ‪ 5‬أكتوبر‪ ،‬التقى وزيرا الخارجية المغربي أحمد رضا كديرة‬ ‫والجزائري عبد العزيز بوتفليقة في وجدة‪ ،‬وتوصال إلى اتفاق مبدئي‬ ‫حول عقد قمة بين الملك وبن بلة‪ .‬هذه القمة لم تحدث أبداً‪.‬‬ ‫في ‪ 15‬أكتوبر ‪ ،1963‬أعلنت الجزائر تعبئة عامة لجيشها ضد‬ ‫المغرب‪ .‬وفي ‪ 18‬أكتوبر‪ ،‬وصل الجزائريون المدعومون من القوات‬ ‫المصرية و كتيبة كوبية تضم ‪ 22‬عربة مدرعة من طراز ‪ ،T-34‬إلى‬ ‫«حافة فكيك»‪ .‬عندها قامت القوات المسلحة الملكية المغربية بصد‬ ‫القوات الجزائرية واستعادت» حاسي بيضا» و «تنجوب»‪.‬‬ ‫أهم المعارك دارت في ‪ 25‬أكتوبر‪ ،‬عندما تم أسر ‪ 200‬جزائري‬ ‫بالقرب من «حاسي بيضا»‪ .‬وصلت القوات المغربية إلى ‪ 12‬كم من‬ ‫تندوف‪ .‬غير أنه سيتم ثنيهم عن ذلك بدخل تشارل ديغول‪.‬‬ ‫جرت عدة محاوالت فاشلة وغير ناجحة للمفاوضات قبل أن تتوصل‬ ‫منظمة الوحدة األفريقية إلى اتفاق في ‪ 30‬أكتوبر ‪ 1963‬لوقف القتال‬ ‫والتسوية النهائية لهذه القضية من قبل التفاوض‪.‬‬ ‫ومع ذلك‪ ،‬لم تتغير األمور على األرض‪ .‬وفي ‪ 2‬نوفمبر ‪ ،1963‬أمر‬ ‫الرئيس الجزائري بن بلة بقصف سالح المدفعية المغربية بـ «فجيج»‪.‬‬ ‫وسيستأنف القتال مرة أخرى بين الطرفين‪.‬‬ ‫تم التوقيع على وقف إطالق نار نهائي في ‪ 20‬فبراير ‪ .1964‬القوات‬ ‫المغربية التي تحتل «حاسي بيضا» و «تنجوب»‪ ،‬والقوات الجزائرية‬ ‫المحيطة بـ «فجيج» ستنسحبان‪ ،‬وستعلنان حدود المنطقة منزوعة‬ ‫السالح‪.‬‬ ‫العالقات الدبلوماسية بين المغرب والجزائر ستدشن‪.‬‬ ‫في أبريل ‪ ،1964‬أعيد تقييم الحرب‪ :‬تم​​تبادل ‪ 379‬سجينًا جزائريًا‬ ‫مقابل ‪ 57‬مغربًا‪ ،‬مما يعزز أطروحة التفوق العام للقوات المغربية‬ ‫خالل النزاع‪ .‬أعلن المغرب أن عدد القتلى الرسمي هو ‪ 39‬قتي ًال‪ ،‬بينما‬ ‫الخسائر الجزائرية‪ ،‬التي لم تنشر قط‪ ،‬قد تكون وصلت إلى ‪ 300‬قتيل‪.‬‬ ‫هذا السجل السيئ هو أحد العوامل التي ساهمت في سقوط بن‬ ‫بلة في عام ‪.1965‬‬

‫تعود القصة إلى بداية عام ‪ ،1976‬بعد بضعة أسابيع فقط من‬ ‫نجاح المسيرة الخضراء المجيدة التي ستتيح للمملكة المغربية بسالم‬ ‫وذكاء استرجاع أقاليمها الصحراوية‪ .‬تم تعيين القائد أحمد قايد صالح‬ ‫رئيس قسم العمليات بالمنطقة العسكرية الثالثة المتاخمة لحدود‬ ‫الصحراء المغربية‪.‬‬ ‫يبدأ كل شيء ليلة ‪ 27‬يناير ‪ ،1976‬عندما توغلت وحدة من‬ ‫الجيش الجزائري بقيادة قايد صالح في واحة «أمغاال» المغربية‪ ،‬دعماً‬ ‫لمرتزقة الجبهة االنفصالية «البوليساريو»‪ .‬غير أن الرد الساحق للقوات‬ ‫المسلحة الملكية المغربية الشجاعة كان حاسما‪ ،‬وسيتم طرد الجنود‬ ‫الجزائريين ودحرهم‪.‬‬ ‫كان الرد المغربي قوياً لدرجة أن الضابط أحمد قايد صالح هرب‪،‬‬ ‫ً‬ ‫تاركا وحدته في أيدي الجنود المغاربة الذين تمكنوا‪ ،‬مدة ليلتين من‬ ‫المعارك الضارية من أسر مئات الجنود الجزائريين‪. .‬‬ ‫العقيد هواري بومدين‪ ،‬الرئيس الجزائري الذي خلف بن بلة‬ ‫بانقالب عسكري‪،‬انفجر غضبا في وجه القائد الهارب قايد صالح موجها‬ ‫له تأنيبا مذال قائال له «عد إلى أقسامك الدراسية!»‪ .‬ولم ينج قايد‬ ‫صالح من تبعات هذه المذلة حيث سيتم نقله على الفور إلى مركز‬ ‫تدريب ضباط االحتياط في «البليدة»‪ ،‬وحيث سيمكث مهمشا لسنوات‬ ‫عديدة‪ ،‬تنامت خاللها كراهيته للمغرب‪ ،‬والتي أصبحت دارجة على‬ ‫لسانه من خالل عبارة «العدو الخارجي الرئيسي»‪.‬‬ ‫هذا يدل على الحقد الضاري الذي ظل لصيقا بجسد وعقل هذا‬ ‫«الثمانيني» الذي أبان عن جشعه للسلطة بعد أن أزاح سيده السابق‬ ‫عبد العزيز بوتفليقة‪ ،‬وأزاح معه كل قوة مشوشة متبقية من النظام‬ ‫السابق‪.‬‬ ‫لن تتالشى كراهية الجنرال أحمد قايد صالح شديدة العداء‬ ‫للمغرب بين عشية وضحاها‪ ،‬إنها مترسخة في أعماق أحشاء هذا الرجل‪.‬‬

‫(يتبع)‬


‫امللحق الثقايف‬ ‫‪9‬‬

‫خا�ص‬

‫العدد ‪ 1013‬ـ الثالثاء ‪ 01‬إلى ‪ 07‬أكتوبر ‪2019‬‬

‫عن الدورة ‪25‬‬ ‫من مهرجان تطوان لسينما‬ ‫البحر األبيض المتوسط‪.‬‬

‫الحلقة الثانية‬ ‫واألخيرة‬ ‫إعداد وتنسيق ‪:‬‬

‫عبد اإلله المويسي‬ ‫ومحمد العطالتي‬

‫عزالدين بوركة‬

‫(شاعر وباحث مغربي)‬

‫شهادة المخرج السينمائي الشريف الطريبق‬ ‫عالقتي بمهرجان تطوان السينمائي تتجاوز السينيفيليا إلى ما هو أرحب‪ .‬إنه مدرسة تعلمت فيها السينما والحياة‪.‬‬ ‫كبرنا وكبر معنا المهرجان من ملتقى إلى مهرجان ومن أصدقاء السينما إلى مؤسسة‪ .‬المهم أن كل هذه المنعرجات‬ ‫التي مر منها المهرجان حافظت على هذا المكسب كموعد قار وثابت‪ ،‬وكما البحر المتوسط الذي كان مهد ولقاء‬ ‫الحضارات‪ ،‬فالمهرجان كان وما يزال منصة للقاء ونسج عالقات مهنية وصداقات كانت في حاالت حاسمة في مسار حياة‬ ‫البعض‪ .‬مهرجان تطوان لحظة نادرة من االنسجام بين المشروع‪ ،‬كما ولد ذات ثمانيات القرن الماضي وبين حاضره‪،‬‬ ‫وانسجام بين منظميه‪ ،‬وبينه وبين المدينة‪ ،‬انسجام عنوانه أصدقاء السينما بكل بساطة‪ .‬سيكون من المستحيل أن‬ ‫أكون موضوعيا وأنا أحاول أن أكتب شهادة عن هذا المهرجان ألنه جزء ال يتجزأ من مسيرتي الفنية ومسار حياتي‪ .‬بدأت‬ ‫عالقتي بالمهرجان وأنا ما زلت تلميذا أتابع فعالياته من خالل االعالم‪ ،‬ثم انتقلت إلى متفرج متابع لكل أنشطته وأنا‬ ‫طالب بالجامعة‪ .‬حينما لم أكن أتوفر على بطاقة الدخول إلى عروض المهرجان‪ ،‬كنت أكتفي بعروض المعهد الفرنسي‬ ‫وبالندوات‪ .‬حضرت كمتفرج‪ ،‬وكمشارك خارج المسابقة ثم داخلها‪ ،‬كمؤطر للورشات‪ ،‬كعضو لجنة التحكيم‪ ،‬كعضو للمكتب‬ ‫اإلداري‪ ،‬المهم أن عالقتي بالمهرجان كانت تجد لنفسها كل مرة مبررا لتجديــد اللقـاء‪ .‬في نظري الشخصي مهرجان‬ ‫تطوان مكون أساسي من مكونات الثقافة المغربية الحديثة‪ ،‬انه من خالل برمجته المتنوعة والمتميزة والتي ال يمكنك‬ ‫أن تجدها إال في مهرجان تطوان بحيث يمكن اعتباره تأريخا لسينما المتوسطية على مدى عقود‪ ،‬من خالل مشاهدتنا‬ ‫أفالم لكبار المخرجين المتوسطيين من الضفتين‪ ،‬مخرجين كانوا في بداية مشوارهم وآخرون في نهاية مشوارهم الفني‪،‬‬ ‫وسيتعرف عليهم الجمهور فيما بعد بمناسبة حصولهم على جوائز في مهرجانات عالمية كـ «كان»‪ ،‬كالتركي نوري بلجي‬ ‫سيالن مثال ويبقي المهرجان أيضا حالة ديموقراطية سمحت للجمهور التطواني والمغربي عموما من مشاهدة جديد‬ ‫السينما المتوسطية‪ ،‬وفي أغلب الحاالت لقاء صانعيها إلى درجـة أنه إذا تم نشر الئحة جميع األسماء المهمة التي حضرت‬ ‫دورات المهرجان والئحة األفالم التي عرضت منذ الدورة األولى‪ ،‬حتما سنصاب جميعا بالذهول‪.‬‬

‫الطريبق ي�سلم �إحدى جوائز املهرجان للمخرجة امل�صرية‬ ‫هالة خليل بح�ضور اجلميلة �سناء العلوي‬

‫بع�ض �أع�ضاء فريق املهرجان رفقة مدير املركز ال�سينمائي املغربي‬ ‫الفريق االمسير للمهرجان‬

‫عبد الرحيم الخصار‬


‫العدد ‪1013‬‬

‫الشمال الثقافي‬

‫الثالثـاء ‪� 01‬إلى ‪� 03‬أكتوبر ‪2019‬‬

‫مهرجان تطوان السينمائي‬ ‫مشروع حداثي ونضال جمالي‬ ‫يحكي التهامي الوزاني أنه كان يلقي خطبة‬ ‫الجمعة في مسجد الزاوية القادرية بتطوان‪ ،‬خالل‬ ‫أربعينيات القرن الماضي‪ ،‬قبل أن يصحب معه زوجته‬ ‫في المساء إلى سينما مونمنطال‪ ،‬لمشاهدة آخر األفالم‬ ‫السينمائيةالعربيةواإلسبانية‪.‬‬ ‫تؤكد لنا هذه الواقعة أن السينما كانت مصدر‬ ‫إلهام لهذا األديب الذي كتب أول رواية مغربية بالعربية‬ ‫هي «الزاوية» التي صدرت مطلع األربعينيات دائما‪.‬‬ ‫وهي الفترة التي شهدت تأسيس أول معهد موسيقي‬ ‫في تطوان‪ ،‬وأول معهد للفنون الجميلة‪ ،‬حيث يوجد‬ ‫المعهد الموسيقي في الطابق األرضي وفوقه يوجد‬ ‫المعهد الوطني للفنون الجميلة في الطابق األول‪ ،‬ثم‬ ‫مقر مؤسسة مهرجان تطوان السينمائي في الطابق‬ ‫الثاني‪.‬‬ ‫نحن هنا أمام طبقات من الفنون التي أسست‬ ‫لمظاهر التحديث في تطوان‪ ،‬صاحبة الريادة في‬ ‫الصحافة والشعر والسرد والسينما والمسرح‪ ،‬يوم‬ ‫كانت ثريا حسن أول ممثلة مسرحية في تاريخ المغرب‪ ،‬ويوم كان فقيه المدينة وعالمها يصحب زوجته إلى قاعة‬ ‫السينما‪ ...‬والسينما امرأة‪.‬‬ ‫وعلى خطى التحديثيين األوائل‪ ،‬أمثال محمد داود في الصحافة والتاريخ‪ ،‬والتهامي الوزاني في اآلداب‬ ‫أيضا‪ ،‬ومنانة الخراز ومحمد العربي التمسماني وعبد الصادق شقارة في الموسيقى‪ ،‬ومحمد الصباغ في الشعر‪،‬‬ ‫والسرغيني والمكي مغارة في التشكيل‪ ...‬على خطى هؤالء وآثارهم سيقوم أبناء المدينة بتأسيس النادي‬ ‫السينمائي‪ ،‬بمبادرة تقدمها الراحل حسن اليعقوبي‪ ،‬في بداية السبعينيات‪ .‬وقد انضم إلى النادي يومها مجموعة‬ ‫من المهتمين بالسينما‪ ،‬مثل محمد فرتات وإدريس سكايكة‪ ...‬أما اليعقوبي‪ ،‬الذي شرع في استقطاب الشباب إلى‬ ‫«خلية السينما» هاته‪ ،‬فال عجب أن يبدأ بأحمد حسني‪ ،‬الذي سيصبح‪ ،‬في ظرف ثالث سنوات‪ ،‬أحد أصغر ضحايا‬ ‫سنوات الرصاص‪.‬‬ ‫وكان حسني قد التحق بالنادي السينمائي‪ ،‬قبل أن يصبح رئيسا للجنة المنخرطين في النادي‪ ،‬والتي‬ ‫أحدثت سنة ‪ .1974‬وما هي إال سنة واحدة حتى اعتقل بتاريخ ‪ 31‬مارس ‪ ،1975‬إلى جانب أعضاء من النادي‪:‬‬ ‫جمال الدين بنعمر وعبد العزيز الطريبق ويونس مجاهد واألمين مشبال‪ ...‬ليتوقف النادي عن االشتغال‪ ،‬في‬ ‫ظروف عصيبة‪.‬‬ ‫لما غادر حسني السجن‪ ،‬وجد النادي السينمائي وقد تحول إلى «نادي الشاشة»‪ ،‬فالتحق به ومعه المؤسسون‬ ‫للنادي السينمائي‪ .‬ثم أصبح رئيسا له في الجمع العام الموالي‪ ،‬ليقترح تأسيس وتنظيم «ملتقى السينما‬ ‫المغربية»‪ ،‬على غرار ملتقى السينما اإلفريقية في خريبكة والملتقى المغاربي في مكناس‪ ،‬وهو الملتقى الذي‬ ‫وافق عليه وتحمس له رئيس الجامعة الوطنية لألندية السينمائية آنذاك نور الدين الصايل‪ ،‬الذي ألقى المحاضرة‬

‫نور الدين بندري�س مع الكبري يو�سف �شاهني‬

‫عبد اللطيف البازي وحرمه فاطمة الزهراء‬

‫‪10‬‬

‫• مخلص الصغير‬

‫األولى للملتقى‪ ،‬إلى جانب محاضرة أخرى للراحل سهيل‬ ‫بنبركة‪ ،‬قبل أن يتولى هذا األخير منصب مدير المركز‬ ‫السينمائيالمغربي‪.‬‬ ‫أما الدورة الثانية من ملتقى تطوان السينمائي‪،‬‬ ‫فقد انفتحت على إسبانيا‪ ،‬وحظيت بدعم من مدير معهد‬ ‫ثيرفانتيس ألفونصو خيل‪ ،‬فكانت دورة ناجحة‪ ،‬وأقيم حفل‬ ‫االفتتاح ألول مرة في قاعة سينما أبنيدا‪ .‬وقد شهدت هذه‬ ‫السنة انضمام قيدوم الكتاب المغاربة باإلسبانية محمد‬ ‫بويسف الركاب‪.‬‬ ‫وألسباب كثيرة‪ ،‬انسحب أعضاء نادي الشاشة من‬ ‫الجامعة الوطنية لألندية السينمائية‪ ،‬فلم يعد الصايل‬ ‫متحمسا لجماعة تطوان‪ ،‬الذين اختاروا تأسيس جمعية‬ ‫مستقلة هي جمعية أصدقاء السينما‪ ،‬التي حرصت على‬ ‫االستمرار في تنظيم ملتقى تطوان السينمائي‪ ،‬قبل أن‬ ‫يرقى إلى مسمى المهرجان‪ ،‬ليكون أول مهرجان سينمائي‬ ‫في المغرب‪.‬‬ ‫ولقد نجح المهرجان منذ بداياته في أن يصبح مرجعا‬ ‫في تاريخ السينما المغربية‪ ،‬والمدرسة التي تشكل فيها الوعي السينمائي المغربي‪ .‬ومنذ الدورات األولى‪ ،‬شكل‬ ‫المهرجان وجهة لكل السينفيليين المغاربة الذين توافدوا على تطوان‪ ،‬وشاهدوا فيها أكثر وأبهر األفالم‪ ،‬والتقوا‬ ‫فيها صناع ونجوم السينما‪ ،‬من قبيل فريد شوقي الذي خاض معركة كبرى في القاهرة‪ ،‬وهو ينتصر لمهرجان‬ ‫تطوان‪ .‬وقد انضم إليه كل من محمود عبد العزيز ومحمد خان‪ ،‬والتحقا به في مهرجان تطوان‪.‬‬ ‫في تطوان لم تعد السينما خياال بالنسبة إلى المغاربة‪ ،‬بل صارت واقعا‪ ،‬يمكن أن نلتقي فيه بصالح أبو‬ ‫سيف وعاطف الطيب ويوسف شاهين ونادية لطفي وفريد شوقي وأندري تشيني جياني أميليو وأنييس باردا‬ ‫وتورناتوري ولويس بيرالنكا وكالوديا كاردينالي ومحمد ملص وآخرين وأخريات‪ ...‬إليهم تعرف السينمائيون‬ ‫المغاربة ومعهم ناقشوا أسرار الصناعة‪ ،‬من نقاد ومخرجين وممثلين‪ ،‬ينتمون إلى مختلف دول المتوسط‪ ،‬وإلى‬ ‫أصقاع وجغرافيات سينمائية مترامية األطراف‪ .‬فقد أتاح المهرجان للمغاربة فرصة االطالع على تجارب سينمائية‬ ‫غير معهودة‪ ،‬من قبيل السينما اليونانية والسينما التركية والرومانية والبوسنية وسواها من التجارب التي‬ ‫تختلف عن التجربة األوروبية «التقليدية» في فرنسا وإيطاليا وإسبانيا إلى حد ما‪.‬‬ ‫لقد شكل مهرجان تطوان مشروعا حداثيا استأنف مشروع التحديث الذي قاده الرعيل األول من المثقفين‬ ‫الوطنيين‪ ،‬منذ األربعينيات وقبلها‪ .‬وهو مشروع حداثي‪ ،‬ألنه انتقل بالمغاربة من مستوى تلقي ومشاهدة األفالم‬ ‫في الشاشات السينمائية الكبيرة إلى مستوى مناقشتها ونقدها ومساءلة مبدعيها خالل مختلف دورات المهرجان‪،‬‬ ‫وعبر األسابيع السينمائية التي كان أصدقاء تطوان يعقدونها بانتظام‪ ،‬ومن خالل تظاهرات أخرى‪ ،‬ثم عبر مجلة‬ ‫«وشمة» التي يصدرها أصدقاء السينما منذ سنوات‪.‬‬ ‫وهو في النهاية‪ ،‬يبقى مشروع نضال جمالي مفتوح‪ ،‬أمام استمرار جيوب الممانعة التي تعادي السينما ألنها‬ ‫تحرض على الحلم وتنشد الحرية حين تصنع من الضياء صورا تفضح الظالم ودعاته‪.‬‬

‫الفنانة نادية لطفي رفقة ال�شاب نور الدين بندري�س‬

‫مدير املهرجان مع الفنان حممد ال�صاوي‬

‫الفنان حممد خيي رفقة ادري�س ال�سكايكة‬


‫العدد ‪1013‬‬

‫الشمال الثقافي‬

‫الثالثـاء ‪� 01‬إلى ‪� 07‬أكتوبر ‪2019‬‬

‫صور من المهرجان‬

‫جيل امل�ستقبل‬

‫تقدمي املخرج اجلزائري مالك ابن ا�سماعيل‬

‫تواط�ؤ بني ن‪.‬بندري�س و�إحدى �ضيفات املهرجان‬

‫مهرجان تطوان احتفى بالنجمة منة �شلبي‬

‫املكرم املنتج العاملي لوي�س منيارو‬

‫املت�ألقة ثريا جربان‬

‫املخرج الفل�سطيني م�ؤيد عليان‬

‫‪11‬‬


‫العدد ‪1013‬‬

‫الشمال الثقافي‬

‫الثالثـاء ‪� 01‬إلى ‪� 07‬أكتوبر ‪2019‬‬

‫نائب مدير مهرجان تطوان لسينما‬ ‫البحر األبيض المتوسط‬

‫‪12‬‬

‫عبد اللطيف البازي‬ ‫أصل الحكاية‬

‫في سنة ‪ ،1985‬قررت مجموعة من الشباب‬ ‫المتحمسين والحالمين أن تعلن على المأل عشقها‬ ‫وتعلقها بالسينما فأسست جمعية‪ ،‬هي جمعية أصدقاء‬ ‫السينما بتطوان‪ ،‬لتقتسم مع اآلخرين انجذابها الجارف‬ ‫نحو الفن السابع ولتحثهم على التعرف على عوالم‬ ‫سحرية متخيلة منتمية لجغرافياتومدارس متباينة‪ .‬وقد‬ ‫كان هذا المشروع مرتبطا بحركية النوادي السينمائية‬ ‫التي نادت بحق الشباب في فرجة سينمائية ذكية‬ ‫وتبنت مطالب التغيير والتحديث في مرحلة كان‬ ‫اإلحتقان هو ما يميز العالقة بين الدولة والمجتمع‬ ‫بالمغرب‪ .‬وتطورت هذه الجمعية‪،‬التي كان من بين‬ ‫مؤسسيها كل من ادريس اسكايكة وأحمد الحسني‬ ‫وحسن اليعقوبي ومحمد بويسف الركاب‪ ‬وآخرون ‪،‬‬ ‫وعملت على رصد انتظارات الجمهور‪ ،‬وخاصة الجمهور‬ ‫الشاب‪،‬في المجال الفني وطبيعة تفاعله مع الظاهرة‬ ‫السينمائية‪،‬وذلك عبر تنظيمها لعروض منتظمة‬ ‫وباستضافتها لتجارب سينمائية مختلفة‪ ،‬متأثرة في‬ ‫جوانب عدة باألحالم والشعارات السياسية التي روجت‬ ‫لها حركة شهرماي ‪ 68‬الباريسية‪ ،‬ومتبنية في اقترابها‬ ‫من الفعل السينمائي لطروحات النقاد الطالئعيين‬ ‫خصوصا منهم أولئك الذين نشروا كتاباتهم بمجلتي‬ ‫«دفاتر السينما ‪ »Cahiers du cinema‬و»بوزيتيف‬ ‫‪ »Positif‬أو لنقاد منتمين لإلتحاد السوفياتي قبل‬ ‫تفككه أو بعض بلدان أمريكا الالتينية‪.‬‬ ‫استمرت المغامرة سنوات عديــــدة بإمكانيـــات‬ ‫متواضعة وبطموح وبعناد قويين‪ ،‬واصطدمت أكثر‬ ‫من مرة بالباب المسدود‪ ،‬لكنها تمكنت من أن تتحايل‬ ‫على المعيقات والصعوبات إلى أن تبين لجهات عدة‬ ‫ومؤسسات رسمية وغير رسمية وجاهة الفكرة التي‬ ‫دافع عنها أولئك الشباب فانخرطت في هذا المشروع‬ ‫وسندته‪ .‬وبهذا الشكل‪ ،‬ومنذ ربيع ‪ ،1999‬تحولت‬ ‫لقاءات سينمائية هاوية إلى مهرجان متوسطي جذاب‬ ‫ال يمكن االستغناء عنه‪.‬‬

‫الفضية‪ ،‬أي في ذخيرة المهرجان ‪ 25‬دورة أساسها حب‬ ‫السينما وعشق الفن الرفيع والتعلق بالحياة‪ .‬فما يحرك‬ ‫مهرجان تطوان هي السينيفيليا(عشق السينما ) بما‬ ‫تعنيه من قدرة على اإلختيار واعتماد معايير للتمييزبين‬ ‫المنتوج السينمائي الجيد والمنتوج الهزيل‪ ،‬وبما تعنيه‬ ‫من إلحاح على حث محيطها على ضرورة اإلعتراف‬ ‫بالسينما كشكل قائم الذات‪ ،‬ومن ارتباطها بالمواقف‬ ‫السياسية والفكرية المتقدمة خاصة في المجتمعات‬ ‫الواقعة جنوب المتوسط‪.‬ثم إن مهرجان تطوان حرص‬ ‫دوما‪،‬ومايزال يحرص‪ ،‬على طابعه الحميمي وعلى قربه‬ ‫من جمهوره وضيوفه ‪ ،‬وعلى أن يساهم في تقريب‬ ‫السينما من الشباب المنجذبين اليوم إلى هوايات أخرى‬ ‫وانشغاالت مغايرة‪.‬‬ ‫وقد يكون مهرجان تطــوان هو أقـــرب في‬ ‫تصوره وهندسته إلى مهرجانات توجد في الضفة‬ ‫األخرى من المضيـق مثـــل مهرجاناــت فالنسيا‬ ‫ومونبولييومارسيليا‪،‬كما يمكن مالحظة أن العديد من‬ ‫المهرجانات المغربية المعروفة قد خرجت من معطفه‬ ‫وأن العديد من النقاد المغاربة والعرب المعروفين‬ ‫قد أصابتهم لوثة السينما في دورة من دوراته‪ .‬ثم‬ ‫إنه مهرجان أعلن دون مواربة بأنه يتعهد أحالما‬ ‫مشتركة وينتصر لإلنفتاح والحرية ضدا على اإلنغالق‬ ‫والتطرف وأنه يعلي إلى الضوء قيم الصداقة واإلبداع‬ ‫والحرية‪.‬وهو مهرجان ملتزم بمعنى أنه ال يحتمل أن‬ ‫يغض الطرف عن قضايا سياسية أو إنسانية مستعجلة‬ ‫وحارقة تفرض نفسها في الفضاء المتوسطي‪ .‬وقد‬ ‫نعطي على ذلك مثالين‪ :‬المثال األول تجسده القضية‬ ‫الفلسطينية بمختلف تعقيداتها ورهاناتها‪ ،‬ويبدولنا‬ ‫التزامه هذا ثابتا منذ الدورات األولى‪ .‬أما المثال الثاني‬ ‫عن القضايا التي حرصت هذه التظاهرة على إثارتها‬ ‫فيتمثل في ظاهرة الهجرة بآالمها وتحدياتها الرهيبة إذ‬

‫تبنى مهرجان تطوان موقفا مناهضالكل أنواع الحدود‪،‬‬ ‫وعمد في العديد من المناسبات على فضح ما تخلفه‬ ‫من مآسي إنسانية على مستوى األفراد وعلى مستوى‬ ‫الجماعات‪ ،‬سواء تعلق األمر الهجرة السرية والمد‬ ‫العنصري والحرمان اللذين يرافقانها‪ ،‬أو كانت حدودا‬ ‫فعلية أو ذهنية تتمثل في األفكار المسبقة والصور‬ ‫النمطية والتحجر ‪،‬فالسينما هي في األصل حرية‪ ،‬وهي‬ ‫إبداع إنساني مشترك يتحرك في عالم من المفترض‬ ‫أن يجعل كرامة اإلنسان أولية األولويات‪.‬‬ ‫وقد انفتح المهرجان منذ بداياته على تجارب‬ ‫سينمائية من مختلف البلدان العربية والمتوسطية‬ ‫(مصر‪ ،‬لبنان‪ ،‬سوريا‪ ،‬فلسطين‪ ،‬فرنسا‪ ،‬إسبانيا‪ ،‬وإيطاليا‪،‬‬ ‫تركيا‪ ،‬الجزائر ‪ )...‬وكان بمثابة ورشة للنقاد المغاربة‬ ‫والعرب والمتوسطيين واستضاف منهم أسماء المعة‬ ‫أمثال أمير العمري وخميس خياطي ونور الدين الصايل‬ ‫وسيد سعيد وجورج توبيانا وميشيل جوست ومحمد‬ ‫نور الدين أفاية ومصطفى المسناوي الذي سميت‬ ‫جائزة النقد بالمهرجان باسمه‪ .‬أما فيما يتعلق بالسينما‬ ‫المغربية فقد احتفى المهرجان بمسارات فنانين‬ ‫متميزين سواء الممثلين منهم أو المخرجين‪.‬‬

‫أسماء ‪...‬وأسماء‬

‫والمالحظ أن مهرجان تطوان قد تميز بالجرأة في‬ ‫البرمجة واختيار مواضيع اللقاءات والندوات‪،‬وفي انفتاحه‬ ‫في اآلن نفسه على الجمهور العريض وعلى متلقين‬ ‫جد متطلبين باستضافته لسينمائيين كبار مثاللنجوم‬ ‫المصريين يوسف شاهين وصالح أبو سيف ومحمد‬ ‫خان ونادية لطفي ونبيلة عبيد وفريد شوقيومنى زكي‬ ‫ونور الشريف وليلى علوي وهدى سلطان وحسين‬ ‫فهمي وكمال الشيخ وكمال الشناوي و محمود عبد‬ ‫العزيز وأحمد حلمي ‪،‬أو الفرنسيتين أنييس فاردا وجان‬

‫بركين وكلود لولوش والمبدعين الفلسطينيين‬ ‫ميشيل خليفي وأحمد بكري وميساء عبد الهادي ومنى‬ ‫واصف والمبدعين اإلسبان لويس بيرالنكا وبيالرطافورا‬ ‫وشوس كوتييريس و إيسياربوايلين وإيمانويل أرياس‬ ‫والسوري محمد ملص والمبدعين التونسيين ناصر‬ ‫لخميروهند صبري ورضا الباهي ‪.‬ومن دواعي اعتزاز‬ ‫فريق المهرجان عرضه في إحدى الدورات فيلم المخرج‬ ‫العبقري يوسف شاهين « المهاجر» رغم طروحاته‬ ‫الفكرية والسياسية المشاكسة‪ ،‬وعرضه في الدورة‬ ‫الفضية للمهرجان فيلم «الضيف» للمخرج هادي‬ ‫الباجوري رغم صداميته وتسميته األشياء بمسمياتها‬ ‫مما قد يسمح بوصف هذه التظاهرة بأنها غير مهادنة‬ ‫وتحاول أن تتجه نحو المستقبل‪.‬‬

‫ما يشبه الخالصة‬

‫إن مهرجان تطوان لسينما البحر األبيض‬ ‫المتوسط تظاهرة فنية راقية تحتاجها مدينة تطوان‬ ‫كما يحتاجها المغرب وتحتاجها منطقة البحر األبيض‬ ‫المتوسط التي تعرف اليوم العديد من بؤر التوتر‬ ‫والتطاحن‪ .‬وهو فسحة للتفاعل الثقافي واإلنصهار‬ ‫المنتج بين حساسيات وتجارب جمالية متباينة تؤثر في‬ ‫الوجدان وتلتقي في انتمائها لهذه المنطقة الجميلة‪،‬‬ ‫منطقة البحر األبيض المتوسط‪ ..‬وقد ظل مهرجان‬ ‫تطوان محتفظا بتلك الصلة مع بداياته اللذيذة‬ ‫األولى حينما كان عشق السينما هو الموجه وحينما‬ ‫علت الصداقة والحميمية لتصبحا شعارين مركزيين‬ ‫وتلقائيين يسندان هذه التظاهرة ويغنيانها‪.‬إنه لحظة‬ ‫جذابة تجمع بين التثقيف المرتبط بالبرمجة الجيدة‬ ‫واإلثارة التي يضمنها حضور النجوم والترويج الذي‬ ‫يعني إيجاد قنوات للتعريف باإلنتاجات السينمائية‬ ‫المتفردةوالجديدة‪.‬‬

‫حينما نحب الحياة نعشق السينما‬ ‫إن أي مهرجان فني هو فسحة للقاء والحوار‬ ‫وذريعة للدهشة واإلكتشاف ومناسبة للتأكيد على حق‬ ‫الفرد في الفرح وفي التنزيل المشترك لبعض األحالم‬ ‫الصغيرة‪ .‬والفريق الذي يقوم فيه أحمد حسني برئاسة‬ ‫مؤسسة المهرجان ويتولى فيه نور الدين بندريس‬ ‫مهمة إدارة المهرجان ويدبر فيه ادريس سكايكة‬ ‫الملفات المالية وتقترح فيه سارة الركراكي تنويع‬ ‫الشراكات والصداقات وينسق فيه محمد بويسف الركاب‬ ‫العالقات السينمائية مع الجارة إسبانيا‪ ،‬يؤمن بأهمية‬ ‫العمل الجماعي والمتضامن الذي هو أساس نجاح‬ ‫مهرجان‪ ،‬مثل مهرجان تطوان لسينما البحر األبيض‬ ‫المتوسط الذي نظم في شهر مارس ‪ 2019‬دورته‬

‫�شرف الدين ماجدولني يقدم كتاب �أفاية ال�صورة واملعنى‬


‫العدد ‪1013‬‬

‫من �أعالم طنجة‬

‫الثالثـاء ‪� 01‬إلى ‪� 07‬أكـتـوبر ‪2019‬‬

‫الكاتب الناقد عبد اللطيف الزكري‬ ‫‪ 1967‬ـ ‪2019‬‬

‫ولد الكاتب الناقد عبداللطيف الزكري بجماعة دار‬ ‫الشاوي التابعــة إلقليــم طنجـة‪ ،‬يوم (‪1967/10/8‬م)‪،‬‬ ‫تابع دراسته بمدينة طنجة إلى أن حصل على شهادة‬ ‫الباكالوريا‪ ،‬شعبة اآلداب العصرية بثانوية عالل الفاسي‬ ‫سنة (‪1986‬م)‪ ،‬و ّلى وجهته بعد ذلك نحو مدينة تطوان‬ ‫حيث كلية اآلداب والعلوم اإلنسانية (جامعة عبدالمالك‬ ‫السعدي)‪ ،‬ودرس هناك أربع سنوات‪ ،‬توج هذه المرحلة‬ ‫بنيله شهادة اإلجازة في اآلداب كان موضوعها‪« :‬‬ ‫وظيفة الصورة في الرواية المغربية‪ :‬رواية بدر زمانه‬ ‫نموذجا» بإشراف المرحوم الدكتور محمد أنقـــار‬ ‫سنة (‪ )1990‬بميزة مستحسن‪ .‬وفي الكلية نفسها‬ ‫نال شهادة دبلوم الدراسات العليا المعمقة (شهادة‬ ‫استكمال الدروس)‪ ،‬وحدة األدب العربــي الحديــث‪ ،‬في‬ ‫موضوع ‪« :‬تجليات التصوير الروائي في (رامة والتنين)‬ ‫إلدوارد الخراط»‪ ،‬بإشراف الدكتور الراحل محمد أنقار‬ ‫سنة (‪1995‬م) بميزة مستحسن‪.‬‬ ‫وكان حصول القاص واألديب والناقد عبد اللطيف‬ ‫الزكري على شهادة الدكتوراه في اآلداب‪ ،‬من جامعة‬ ‫سيدي محمد بن عبد اهلل‪ ،‬كليــة اآلداب والعلوم‬ ‫اإلنسانيـة ‪ -‬ظــهــر المهـراز‪ ،‬فـــاس‪ ،‬تخصص األدب‬ ‫الحديث‪ ،‬في موضوع‪« :‬جماليـــات القصـة القصيــرة‬ ‫العربيــة الحديثــة والمعاصرة‪ :‬دراسة في المكونـــات‬ ‫الفنية»‪ ،‬بإشراف الدكتور عمر حلي بميزة (مشرف جدا)‬ ‫سنة (‪2006‬م)‪.‬‬ ‫وبعد أن نال دبلــوم المدرسة العليـــا لألساتذة‬ ‫بمرتيل‪ ،‬تطـوان‪ ،‬شعبة اللغة العريــة وآدابها‪ ،‬سنــة‬ ‫(‪1991‬م)‪ - .‬وكان بحـــث تخـــرجـه في موضــوع ‪:‬‬ ‫«درس المؤلفات في التعليــم الثانوي‪ ،‬المقــررات‬ ‫وطرائــق التدريس»‪ ،‬بإشــراف األستــاذ عبدالواحد‬ ‫بنصبيح بميـزة (مستحسن)‪ -،‬عين أستاذا لمــادة‬ ‫اللغــة العربية بأقسام التعليم الثانوي بالمديرية اإلقليمية لوزارة التعليم بأكادير سنة (‪1991‬م)‪.‬‬ ‫وفي شتنبر (‪2007‬م) عين حارسا عاما للخارجية بالمديرية اإلقليمية لطنجة أصيلة‪ .‬كما اشتغل‬ ‫أستاذا لمادة االتجاهات الفنية والنقدية خالل الموسم الجامعي (‪2014-2013‬م) بجامعة عبد المالك‬ ‫السعدي‪ .‬المدرسة العليا لألساتذة بتطوان شعبة اللغة العربية وآدابها)‪.‬‬ ‫انخرط المترجم له في مجموعة من المؤسسات الثقافية فكان‪:‬‬ ‫عضوا في اتحاد كتاب المغرب‪،‬‬ ‫وعضوا مؤسسا وكاتب عام جمعية ملتقى المتخيل المتوسطي‪،‬‬ ‫وعضوا مؤسسا ورئيس تحرير سابق لمجلة (البحور األلف)‪.‬‬ ‫كما كانت له مشاركات علمية وثقافية متميزة مثل‪:‬‬

‫وفاته‬

‫‪13‬‬

‫إعداد‪:‬‬ ‫عدنان الوهابي‬

‫مشاركته في يوم دراسي‪ :‬أسئلة السرد الجديد‬ ‫بالمغرب‪ ،‬بدراسة تحت عنوان‪ « :‬السؤال الجمالي‬ ‫في الكتابة القصصية المشرقية والمغربية»‪ ،‬مع‬ ‫فريق البحث في الدراسات السردية والثقافية بالكلية‬ ‫المتعددة التخصصـات بالرشيديـة وذلك يوم اإلثنين‬ ‫( ‪ 20‬مارس ‪2017‬م)‪.‬‬ ‫ومشاركته يوم السبت ( ‪ 16‬أبريل ‪2016‬م)‬ ‫في حفل تقديم وقراءة الديوان الشعري «العزلــة‬ ‫غيرت عناوينها باكرا» للدكتور الناقد والشاعر أحمد‬ ‫الدمناتي بالمكتبة الوسائطية التابعة لمؤسسة‬ ‫محمد السادس للنهوض باألعمال االجتماعية للتربية‬ ‫والتكوين بطنجة‪.‬‬ ‫وكان ضيفا لمجموعة من البرامج اإلذاعية مثل ‪:‬‬ ‫برنامج «حبر وقلم» تنشيط اإلذاعية أسمهان عمور‪،‬‬ ‫في اإلذاعة الوطنية بالرباط (يوم األحد‪ 30‬دجنبر‬ ‫‪ ،)2017‬وبرنامج «الثقافة المغربية» بإذاعة كاب راديو‬ ‫بطنجة‪ ،‬الذي يشرف على تقديمه الشاعر المغربي‬ ‫إدريس علوش (يناير ‪2011‬م)‪ ،‬وبرنامج «صباح الخير‬ ‫يا طنجة» الذي يبث على أمواج إذاعة طنجة الدولية‬ ‫سنة (‪2010‬م) وغيرها من البرامج اإلذاعية المختلفة‪.‬‬ ‫توزعت أعمال الدكتور عبد اللطيف الزكري بين‬ ‫النقد األدبي والعمل اإلبداعي‪ ،‬ومن أعماله النقدية‪:‬‬ ‫كتــــاب «وظــــيفــة الصـــورة في الرواية ‪:‬‬ ‫النظريــة والممارسة»‪ ،‬وكتاب «جماليات القصـــة‬ ‫القصيـــرة العربيـــــة الحديثة والمعاصرة‪ :‬دراسة في‬ ‫المكونات الفنية»‪.‬‬ ‫وفي اإلبداع القصصي نجد‪:‬‬ ‫« األشياء ذاتها تتكلم األشياء وتقول»‪،‬‬ ‫«جرح في الحائط»‪،‬‬ ‫«المخلوقات العجيبة»‪ .‬وغيرها‬ ‫ولألستاذ عبد اللطيف الزكري مشاركات في تأليف‬

‫كتب جماعية مثل‪:‬‬ ‫كتاب «فتنة اإلبداع والسؤال النقدي في تجربة زهور كرام»‪ ،‬وكتاب‪ « :‬دراسات في السرد‬ ‫اإلماراتي»‪ ،‬وكتاب‪ « :‬محمد أمنصور‪ :‬الرواية الرؤيا»‪.‬‬ ‫وقد تنوعت مقاالت الكاتب عبداللطيف الزكري بين مقاالت في األدب‪ ،‬والنقد الروائي‪ ،‬والنقد‬ ‫القصصي‪ ،‬ونقد الشعر‪ ،‬والنقد التربوي ‪ .‬ومن أهم مقاالته المنشورة‪:‬‬ ‫« واقعية تتعدى الواقع‪ :‬قراءة في رواية ليالي الحرير لعائشة البصري» مجلة الكلمة العدد (‪)101‬‬ ‫سبتمبر (‪2015‬م)‪« ،‬مورفولوجيــة القصة القصيـــرة» الصفحة الثقافية بالقدس العربي‪ .‬األربعـاء‬ ‫‪ 26‬يوليوز (‪2017‬م)‪،‬‬ ‫«بناء المفاهيم النقدية‪ :‬قراءة في كتاب‪ :‬تحليل النص السردي تقنيات ومفاهيم) للدكتور محمد‬ ‫بوعزة» مجلة كتابات معاصرة العدد ‪ .84‬آيار – حزيران (‪2012‬م)‪.‬‬

‫وبعد حياة حافة بالعطاء األدبي ومشاركات متميزة في األنشطة الثقافية في مدينة طنجة وخارجها‪ ،‬لبى األستاذ األديب الدكتورعبد‬ ‫اللطيف الزكري نداء مواله يوم الجمعة ‪ 20‬شتنبر ‪2019‬م‪ .‬تأسف على فراقه محبوه وأهل األدب والمنابر الثقافية التي دأب على‬ ‫الكتابة فيها‪.‬‬ ‫رحم اهلل األستاذ األديب والباحث المقتدر رحمة واسعة وأسدل عليه رداء رضوانه ومغفرته‪ ،‬وأجزل له المثوبة على ما أسداه من‬ ‫صالح األعمال‪.‬‬


‫‪14‬‬

‫الثالثـاء ‪� 01‬إلى ‪� 07‬أكـتـوبر ‪2019‬‬

‫العدد ‪1013‬‬

‫رباعية دار الشعر‬ ‫‪ ...‬الشعر أنثى‪ ،‬يجتمعان على مأدبة لوحة في اللحظة اإلبداعية‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫فيُسبل الضيا ُء على الظالم‪ .‬أط ّلتْ‬ ‫وال توجد طريق منكسرة بينهما‪،‬‬ ‫علينا دار الشعر بلمسة فنية حميمة‪ ،‬على مرآة مدرسة الصنائع‬ ‫والفنون‪ ،‬لتُجسّد مداداً يُراوحُ قلم شعراء ثالث‪ ،‬مع ذات ذكرى عاطرة‬ ‫للطرب األصيل للفنانة أمال عبد القادر ‪..‬‬ ‫فأين يومك من أمسك يا دار الشعر ؟ إني ألسمع منذ ثالثة أعوام‬ ‫أطياف الشعر الرومانسي‪ ،‬وإني ألجدُ ريحَ عبير رُباعية للشعر على‬ ‫العهد يوم التقى الشعراء بدارهم بتطوان‪ُّ .‬‬ ‫كل النصوص األدبية حيَّ ٌة‬ ‫في هذا المكان‪ ،‬ليستوْقفكَ الحرْفُ العربيّ على البهاء الشاعري‪.‬‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫القرْبة مليئة بأشعار من أصول عربية نابعة من النسق اللغوي‬ ‫لعل‬ ‫احتفا ًء بالشعراء جهراً ‪.‬‬ ‫الشاعر عمر بلحسن في ~ نص حدُّ الشوْق وأجراسٌ قديمة~‬ ‫وعلى نغمات ~أنا هناك وهناك أنا~ فإني ألنشد هنا حبّي وقلبي‪،‬‬ ‫فخفقان القلب جنتي وجنتي األخيرة ‪..‬وهو حاضرٌ في الماضي وماضي‬ ‫في الحاضر ‪ ..‬ثم لمح الحضور زهرة ترفُّ في شعر شفاف‪ ،‬ويتجم ُ‬ ‫َّل‬ ‫الشعر على لسان الشاعرة خلود بناصر‪ ،‬ليستجمع الحمام ويرقص‬ ‫الهدهد‪ ،‬وتلجأ الفاتنة إلى الموسيقى وإيوانها الحبُّ ‪ ..‬بلغة أدبية‬ ‫ضاربة ‪ ،‬وتحت شجر الشعر الوارفة‪ ،‬عصف الخيال ألجراس لها رنين‬ ‫الحيرة‪ ،‬من فم الشاعر ناصر العلوي‪ ،‬بارتعاشة حلم‪ ،‬لم يبارح ظالل‬ ‫البياض‪ ،‬وهو يرسم بفحم الحليب‪ ،‬ويسترق السمع على وقع خطايا‪،‬‬ ‫للبعد الرمزي والزخرفي ‪ ..‬وانتهت األمسية على إيقاع ~الفا ْلسْ~‬ ‫للمطربة أمال عبد القادر وهي تُتحفُ دار الشعر برائعة ~دارت األيام~‬ ‫لكوكب الشرق السيدة أم كلثوم‪ ،‬والجمهور هائم في ~ وصفوا لي‬ ‫الصبر~ ويُردّدُ بخشوع ~عيني يا عيني ْ‬ ‫عل العاشقين‪ ،‬حيارى مظلومين‪ ،‬عَ‬ ‫الصبر مش قادرين‪..‬الالزمة‪ ..‬ثمَّ شدَّني صابر الرُباعي‪ ،‬على مقامات صوت‬ ‫أمال عبد القادر في أغنية ~ عللي جرى‪ ،‬من مراسيلك عللي جرى‪ ،‬وأنا أحكي لك‬ ‫عللي جرى‪..‬أمسح دموعي بمنديلك عللي جرى~‪ ..‬والنخراطها في إدمان الطرب‬ ‫األصيل أتحفت الذوق الرفيع برائعة ~ ألف ليله وليله ‪..‬أنا وحبّي ّ‬ ‫كل في يوم‬ ‫ُّ‬ ‫فتطل مستمرة بحضور شاعري بمسك الختام‪ ،‬للعندليب األسمر في‬ ‫وليله ~‪..‬‬ ‫قصيدته ~جانا الهوى‪ ،‬جانا‪ ،‬ورَمانا الهوى رمانا ‪ ..‬فأيقظت المطربة ~مَوَاجع‬ ‫~ الحبّ عند هذا اللقاء مع الشيب ألديب مُسنّ أثارتْ فيه العواطف والمشاعر‬ ‫المرهفة أليام الصبا والجمال‪ ..‬وقد أطرب خياله للذكرى ‪:‬‬ ‫ربما تجمعنا أقـدارنـا ذات يوم بعدمـــا عزَّ اللقــاء‬ ‫فإذا أنكر ٌّ‬ ‫خـــل خلــه وتالقـــينــا لقـــاء الغربـــاء‬ ‫ْ‬ ‫ومضى ٌّ‬ ‫كل إلى غايته فال تقل شئنا َّ‬ ‫فإن الحظ شاء ‪..‬‬ ‫الشاعر مخلص الصغير‪ ،‬وله في الشعر نظراء وهو يفتتح الموسم الرابع لدار‬ ‫الشعر‪ ،‬أوْدع مشاعره في قلب هذا الملتقى الموعود لهذه الوديعة‪َّ ،‬‬ ‫وإن الدار‬ ‫لتشهد له بعطر يستنشى ـ يُشمّـ وجمال يشتهى ‪..‬‬ ‫أقامت دار الشعر بتطوان حفل افتتاح الموسم الشعري ‪ ،2020-2019‬يوم‬ ‫الجمعة المنصرم‪ ،‬في فضاء مدرسة الصنائع والفنون الوطنية بتطوان‪ .‬وحضر‬ ‫المئات من عشاق الشعر وأصدقاء دار الشعر بتطوان‪ ،‬الذين توافدوا على هذا‬

‫موائدُ الحرفِ‬

‫(ديوان فوائد وعوائد ومحا�ضرات)‬

‫• بقلم ‪ :‬عبد المجيد اإلدريسي‬

‫الحفل االفتتاحي‪ ،‬وتفاعلوا مع قصائد الشعراء الذين شاركوا في هذه االحتفالية‬ ‫الشعريةالخاصة‪.‬‬ ‫كان حفل افتتاح الموسم الشعري لدار الشعر بتطوان مناسبة سانحة لعودة‬ ‫شاعرين إلى مدينة تطوان‪ ،‬وإلقاء قصائدهم فيها‪ ،‬الشاعر عمر بنلحسن والشاعر‬ ‫ناصر العلوي‪ ،‬وذلك بعدما أسسا لتجربتيهما الشعرية انطالقا من هذه المدينة‪،‬‬ ‫منذ منتصف الثمانينيات‪ .‬واألمر نفسه بالنسبة إلى الفنانة المغربية آمال عبد‬ ‫القادر‪ ،‬التي صدح صوتها ولمع نجمها في هذه المدينة‪ ،‬في تلك الفترة الزاهية‪،‬‬ ‫وهي تتغنى بروائع الشعر العربي‪ ،‬قبل أن تبهر الموسيقيين العرب‪ ،‬حين تألقت‬ ‫من على منصة دار األوبرا المصرية‪ ،‬ثم وهي تشارك في الكثير من اللقاءات‬ ‫والمهرجانات الوطنية والعربية الرفيعة‪ .‬بينما سطع نجم الشاعرة خلود بناصر‬ ‫في هذه األمسية‪ ،‬بعدما تألقت في الدورة األخيرة من برنامج “أمير الشعراء” في‬ ‫دولة اإلمارات العربية المتحدة‪ ،‬ووعدت المستمع العربي بقصيدة شعرية قادمة‬ ‫من الذاكرة الشعرية العربية بمقدار ما هي متوجهة إلى المستقبل‪.‬‬ ‫واستهل مدير دار الشعر بتطوان مخلص الصغير هذا الحفل الشعري‪ ،‬مرحبا‬ ‫بأصدقاء دار الشعر في تطوان‪ ،‬ومنوها بدورهم في استمرار هذه التجربة التي‬ ‫انطلقت منذ ربيع ‪ ،2016‬غداة تأسيس دار الشعر بتطوان‪ ،‬ضمن مبادرة سمو‬ ‫حاكم الشارقة المتعلقة بإحداث بيوت للشعر في سائر أقطار الوطن العربي‪ .‬وأكد‬ ‫مخلص الصغير أن الشعر هو أكبر مبادرة جمالية في تاريخ العرب‪ ،‬وأن مبادرة‬ ‫بيوت الشعر العربي إنما جاءت لتحرص على استمرارية الشعر العربي واستمرار‬

‫تعلق األجيال العربية الحالية بالحلم واألمل في غد أجمل وأمثل‪.‬‬ ‫الشاعر عمر بنحلسن‪ ،‬المقيم حاليا في الرباط‪ ،‬استحضر السنوات‬ ‫واألحالم التي قضاها في تطوان‪ ،‬المدينة التي شهدت ميالده الشعري‪،‬‬ ‫ليردد في قصيدة ملؤها الحنين ونبعها الذاكرة‪ :‬أنا هنا وهنا أنا‪ /‬مبنى‬ ‫بال معنى‪ /‬ومعنى بال مبنى‪ /‬حاضر في الماضي وماض في الحاضر‪ /‬وال‬ ‫مستقبل يضيء هذا األفق الغامض‪ /‬كي أقول‪ :‬لي فيك نرجسة وحمام‪/‬‬ ‫وأنت لي نبع وداليه‪ .‬الرباط ثانية‪ /‬الرباط أخيرا‪ /‬ها جرسي يرن‪ :‬آخر‬ ‫الجهات َّ‬ ‫“تِط ُ‬ ‫اوُن”‪( .‬هذا اسمها في القلب‪ /‬اسمها تطاون‪ /‬وإني أحدق‬ ‫ِّ‬ ‫عَليَ أعرف‪ /‬بكل خفقان القلب‪ /‬على هذه األرض‪ /‬جبهتي وجنتي‬ ‫األخيرة‪.‬‬ ‫وبقدر ما يعود عمر بنلحسن إلى الماضي‪ ،‬تتقدم خلود بناصر‬ ‫بخطى شاعرة وواثقة نحو المستقبل‪ ،‬وبإيقاعات شعرية وموسيقية‬ ‫سخية وشجية‪ ،‬ولسان حالها يردد‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫نوتتين حزينتين‪ ...‬سأبدأ‪ /‬سينامُ طفل ال ينامُ ويهدأ‪“ .‬دو”‬ ‫منْ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫وتهنأ‪“ .‬مي”‬ ‫القديم‬ ‫“ري” ويجتمعُ الحمامُ حمام ٌة‪ /‬ستعودُ للعُشِّ‬ ‫ِ‬ ‫“فا”وينسحبُ ّ‬ ‫الظالمُ نهارُنا‪ /‬بالنّور في أعتا ِبهِ يَتَوض َُّأ‪”.‬سول” “ال”‬ ‫ونرقبُ هُدْهُدا بسالمِنا‪ /‬هذا الشَّهيِّ لروحِنا يَتنب َُّأ‪“ .‬سي” “دو”‬ ‫ونصعدُ سُ ّلمَ اإلنسانِ ال‪ /‬برد هناك وبالمحبّةِ ُ‬ ‫نوتتين‬ ‫ندفأ‪ .‬من‬ ‫ِ‬ ‫حزينتين ونوتةٍ‪ /‬كأنايَ شاعرة ُّ‬ ‫األرواح يكبرُ‬ ‫مِنَ‬ ‫تخط وأقرأُ‪ .‬سربٌ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫نتحدث الحزنَ‬ ‫يظمأ‪ ...‬حتّى متى‬ ‫ينتمي‪ /‬لألغنياتِ إلى الموسيقى‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫المالمح ربما‪/‬‬ ‫تشكيل‬ ‫مُرجَأ؟! سنعيدُ‬ ‫الذي‪ /‬ينتابُهُ فرحٌ قديمٌ‬ ‫ِ‬ ‫ُّ‬ ‫بحمامتين‬ ‫سيُطل سرٌّ ما هناك مُـخب َُّأ‪ .‬في زحمةِ الدُّنيا فرا ٌغ موجعٌ‪/‬‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫سيُمأل!‬ ‫طليقتين‬ ‫ِ‬ ‫وفي قصيدة أخرى‪ ،‬تقدم لنا خلود بناصر صورة شاعرة شفيفة ومرهفة‪،‬‬ ‫حين تنشد‪:‬‬ ‫الغرام وأصبحُ‪ُ /‬‬ ‫الحالتين‪ ،‬يسبحُ‪ .‬أغيبُ‬ ‫وك ِّلي له‪ ،‬في‬ ‫ريش‬ ‫على‬ ‫أنامُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫لحظة أَسرَحُ‪ .‬وترقصُ روحي‬ ‫عن األشيا ِء حولي بذكرهِ‪ /‬فيزْهرُ فيَّ الغيبُ‬ ‫ِ‬ ‫َّق تجمحُ‪ .‬كراقصةِ الباليهِ‪ ،‬روحي‬ ‫في سماواتِ عشقهِ‪ /‬إلى سدرةِ النوِر المعت ِ‬ ‫العشق مَسرَحُ‪.‬‬ ‫فراش ٌة‪ /‬سماواتُها الزّرقا ُء في‬ ‫ِ‬ ‫أما الشاعر ناصر العلوي‪ ،‬فيؤكد لنا أن الشاعر كما يوغل في تخوم الذاكرة‪،‬‬ ‫فإنه يشرق في وعود المستقبل‪ :‬ألم زهور الحال من ألوانها‪ /‬أعود فأنثرها فوق‬ ‫الروائح‪ .‬أستعير السمي صيغا‪ /‬أقاربها على مرمى خطأ في اللوائح‪ .‬أرسم بالفحم‬ ‫حليبا‪ /‬لرضيع لم أكنه‪ /‬وربيعا لخطاف لم أعده‪ .‬ورجعا لصدى أنفاس لواقح‪.‬‬ ‫أسترق السمع على وقع خطاي‪ /‬يختل توازن فوضاي‪ /‬فأوشك أن أصالح‪ .‬بينما‬ ‫استطاعت دار الشعر بتطوان أن تصالح بين الشعر والناس‪ ،‬وبين اإلنسان العربي‬ ‫وبما أوتي من إحساس يجسده الشعراء في مبادرة سلطان الشعراء‪.‬‬ ‫وفي نهاية هذا الحفل الشعري‪ ،‬قدم الشاعر مخلص الصغير تفاصيل‬ ‫البرنامج الشعري السنوي لدار الشعر بتطوان‪ ،‬بما يتضمن من أمسيات وندوات‬ ‫وورشات‪ ،‬ولقاءات شعرية تقام في تطوان‪ ،‬وفي عدد من المدن المغربية‪ .‬إضافة‬ ‫إلى عدد من المفاجآت التي تعد بها دار الشعر عشاقها في األيام الشعرية‬ ‫المقبلة‪.‬‬

‫بين دفتيّ هذا َ‬ ‫شكــول فوائـــدُ في الفقــه واألصول والتاريـخ‬ ‫الك‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ونخيلـــة‬ ‫حصيلــــة مطالــعـــاتٍ وسماعــاتٍ‪،‬‬ ‫واللغـــة واألدب‪ ،‬وهـــي‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫وبـــاعــــث على‬ ‫لإلينــاس‪،‬‬ ‫ة‬ ‫مجلبـــ‬ ‫ُّعهـا‬ ‫و‬ ‫وتنـــ‬ ‫تحقيقاتٍ وجواباتٍ‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫التروّح؛ َّ‬ ‫التنقــل بين‬ ‫وتستـــروحُ إلى‬ ‫الواحدَ‪،‬‬ ‫النمط‬ ‫تسأمُ‬ ‫ألن النفس‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫أفانين الكالم‪ ..‬ولعـل القارىء يجـد فيها متنفسـهُ إذا تملكه الضجرُ‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫الوحشة‪ ..‬واهلل الهادي إلى سواء السبيل‪.‬‬ ‫واستفرغتهُ‬

‫ٌ‬ ‫فائدة �أدب َّي ٌة‬ ‫‪.38‬‬

‫بقلم ‪ :‬قطب الري�سوين ـ ال�شارقة ـ‬ ‫ٌ‬ ‫وجادة‬ ‫‪. 42‬‬

‫فهم النصِّ واستبطانِ جمالياتهِ‪ ،‬لكنَّهُ إذا َ‬ ‫نزل‬ ‫إن الناقدَ األدبيَّ يُؤتى بصراً بأسراِر الصِّناعةِ الشعريّةِ‪ ،‬وذوقاً ال يُجاري في ِ‬ ‫القول الشعريِّ َّ‬ ‫َ‬ ‫يشحذ وال َ‬ ‫ُ‬ ‫يقطعُ ! وهذه الفجو ُة بين القدرة النقدية والقدرة‬ ‫تعثرت خطاه‪ ،‬وقصر عن اإلجادةِ‪ ،‬فهو كالمِسَنِّ‬ ‫ساحة ِ‬ ‫اإلبداعية استثارتْ عَجَبَ أبي هالل العسكريِّ عند النَّظر في شعر ابن طباطبا‪ ،‬فقال‪( :‬ولستُ أوردُ شعره إلصابةِ معناه دون لفظهِ؛‬ ‫متكلفٌ‪َّ ،‬‬ ‫ألن أكثرَ لفظهِ َّ‬ ‫الناس نقداً لشع ِر غيرهِ‪ ،‬وقد صنَّفَ كتابَ «عيار الشعر»‬ ‫وجل صنعتهِ فاسدٌ‪ ،‬وهذا من‬ ‫العجب؛ ألنه من أكث ِر ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫استعمال ما ذكرناه لم يكمل له‪ ،‬فهو كالمسنِّ يشحذ وال يقطع!) ‪.‬‬ ‫فأجاده‪ ،‬وهو إذا أرادَ‬ ‫َّتَيْن إلى تاريخ األدب الحديث‪ ،‬تلفِ أن كبار النقاد‪ ،‬لم يسلسْ لهم الشعرُ قيادهُ إال على ُّ‬ ‫تكلفٍ واستكراهٍ‪،‬‬ ‫وارجع البصرَ كر ِ‬ ‫ودونكَ شعر العقادِ‪ :‬إسفافٌ‪ ،‬وبرود ٌة‪ ،‬وجفافٌ ‪...‬وجيَّدهُ ال يرقى إلى ردي ِء نقده !‪.‬‬

‫وجدتُ ِّ‬ ‫بخط الوالد األديب الشاعر محمد المنتصر الريسوني رحمه اهلل ـ وريقات ُكتب عليها ما يأتي‪:‬‬ ‫« هذه أبياتٌ ثالث ٌة كتبتُها على لسان شقيقتي تستدعي فيها صويحبات ابنتها العروس فاطمة الزهراء‪ ،‬وذلك يوم األربعاء ‪22‬‬ ‫ذي الحجة ‪1407‬هـ موافق ‪ 27‬غشت ‪1986‬م ‪:‬‬ ‫ً‬ ‫ِّ‬ ‫والرغـ ِد‬ ‫د‬ ‫عــــ‬ ‫لل�س‬ ‫لزف‬ ‫د‬ ‫البلــ‬ ‫يف‬ ‫ة‬ ‫زهر‬ ‫�أدعوكِ يا‬ ‫فاطمةٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫رو�ضـةِ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫أكرم الغايل ُمنًى َن ِد َي ْت تبقى ت�شيد ًا تغ ّنيهِ �شفــــا ُه غـ ِد‬ ‫ُ‬ ‫ح�ضوركِ ال ُ‬ ‫رعاكِ ر ِّبــي بحفــــظٍ دائـــ ٍم �أبــــد ًا يف ط ِّيه نع ٌم ت رَْتى على الأبــــد»‬ ‫قلتُ‪ :‬وقد ُطبعت الدعوة موشّا ًة بهذه األبيات‪ ،‬ووُزّعت على القريبات والصويحبات‪َّ ،‬‬ ‫ولعلها سابق ٌة في تاريخ الدعوات بتطوان‪.‬‬

‫لحم الخنزي ِر‪ ،‬فهل يجوزُ ُ‬ ‫أكل مخهِ ؟‬ ‫سئلتُ ‪:‬إذا كان النهيُ قد وردَ عن أكل ِ‬ ‫ِّجس رجسٌ‪ ،‬وإنما خُصَّ َّ‬ ‫فأجبتُ‪ :‬ال يجوز أكل شي ٍء من أجزاء الخنزير؛ فك ّ‬ ‫َّهي؛ لكونهِ معظمَ‬ ‫ن‬ ‫بال‬ ‫حم‬ ‫الل‬ ‫ر‬ ‫ال‬ ‫وبعضُ‬ ‫رجسٌ‪،‬‬ ‫هُ‬ ‫ل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫جميع أجزائهِ حقيق ًة على المعلوم من قواعدِ أهل األصول‪.‬‬ ‫المقصودِ‪ ،‬وال يُمتَث ُل النَّهيُ عن أكلهِ‪ ،‬وتُتَحرَّى مقاصدهُ‪ ،‬إال بتركِ ِ‬ ‫واهلل أعلم‪.‬‬

‫أضرب‪ :‬مقدمة منطقية كمقدمة (المستصفى) للغزاليِّ‪ ،‬ومقدمة مصطلحية كمقدمة (التمهيد)‬ ‫مقدِّمات الكتب األصولية على ٍ‬ ‫ِّ‬ ‫ٌ‬ ‫ونمط خاصٌّ في الترتيب‪..‬‬ ‫ضرب غرضٌ مرجوٌّ عند صاحبهِ‪،‬‬ ‫للكلوذاني‪ ،‬ومقدمة نقدية كمقدمات (الموافقات) للشاطبي‪ ..‬ولكل ٍ‬ ‫والحقُّ أن مقدِّمات الشاطبي لم يُنسج على نولها عند األصوليين‪ ،‬فهي ذات حمولة نقديةٍ كثيفةٍ‪ ،‬وترتيبها في غاية الشفوف‪ ،‬وال‬ ‫مقدماتها‪ ،‬واستجالء بعدها التجديديِّ‪..‬‬ ‫سبيل إلى افتضاض أسرار (الموافقات) إال بإحكام قراءة‬ ‫ِ‬

‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫النابغة المح ّقق عبد الرحمن جابر العنزي عن شيخهِ األصوليِّ ّ‬ ‫النظار الدكتور نجم الدين الزنكيِّ الكرديِّ‬ ‫الباحث‬ ‫حدّثني األخُ‬ ‫َّ‬ ‫أن الشيخَ عبد الكريم المدرِّسَ الكرديَّ (ت ‪2005‬م) مفتي العراق السَّابق ألف كتاباً في التفسير‪ ،‬ولعله‪( :‬مواهب الرحمن في تفسير‬ ‫بمسائل في االعتقاد على مذهبهِ في جواز التوسّل بالصَّالحين وتأويل الصفات‪ ..‬ثم َ‬ ‫َ‬ ‫بعث بهِ إلى شيخ السَّلفية‬ ‫القرآن)‪ ،‬وقد حشاهُ‬ ‫في وقتهِ ابن باز ليقرّظه‪ ،‬فردَّ عليه مستتيباً وداعياً له إلى التبرؤ مما يعتقد‪ ،‬وتصفيهِ التَّفسي ِر من شوائبهِ‪ ..‬وكان ذلك َ‬ ‫مبعث تغيّظِ‬ ‫صاحب (المواهب)‪ ،‬حتى قال لبعض تالميذه‪ :‬طرقتُ بابه للتَّقريظ‪ ،‬فكتب إليَّ باالستتابة !‬ ‫َ‬ ‫قلتُ‪ :‬وهذا ٌ‬ ‫تقريظ كتبهم إال ممن كان على‬ ‫ذهول من الشيخ عبد الكريم المدرس‪ ،‬فقد جرى عرف المصنِّفين أنهم ال يطلبون‬ ‫سَننهم في الفكر واالعتقاد‪ ،‬أما مع تفاوت المشارب َّ‬ ‫َّقريع ال التَّقريظ !‬ ‫فإن الدّاعيَ يلجُّ إلى الت ِ‬

‫َ‬ ‫سُئل الفقيهُ الفرضيُّ المشاركُ محمد بن أحمد عالل البختيُّ العمرانيُّ التطوانيُّ عن مطلقةٍ َّ‬ ‫طلقها زوجها ولها منه ولدٌ‪،‬‬ ‫هل هي بالحضانةِ أحقُّ ؟ ومن ّ‬ ‫خطهِ نقلتُ الجوابَ‪:‬‬ ‫كل مطلقةٍ َّ‬ ‫« ُّ‬ ‫واإلجماع‪ ،‬لما رواه أبو داود‬ ‫طلقها زوجها ولها منه ولدٌ‪ ،‬فهي أحقُّ بحضانتهِ منه‪ ،‬وهذا أمرٌ ثابتٌ بالسنةِ‬ ‫ِ‬ ‫رحمه اهلل عن عبد اهلل بن عمرو أن امرأ ًة جاءت إلى النبيِّ صلى اهلل عليه وسلم فقالت‪ :‬يا رسول اهلل‪( :‬إن ابني هذا كان بطني له وعا ٌء‪،‬‬ ‫وثديي له سقا ٌء‪ ،‬وحَجري له حِواء‪ ،‬وإن أباه طلقني وأرادَ أن ينتزعه مني‪ ،‬فقال لها رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪ :‬أنت أحقُّ به ما لم‬ ‫تنكحي‪ .)..‬قال ابن المنذر‪( :‬أجمعَ كل من يحفظ عنه من أهل العلم على أن الزوجين إذا افترقا ولهما ولدٌ‪ ،‬أن األمَّ أحقُّ به‪ ،‬ما لم تنكح)‪.‬‬ ‫فإن تزوَّجت أمه انتقلت حضانته ألمها جدةِ الولد‪ ،‬ثم ألمها جدةِ أمه‪ ،‬ثم لخالته‪ ،‬ويبقى الولدُ عند حاضنته إلى أن يبلغ الذكر‬ ‫الحلم‪ ،‬واألنثى إلى أن تزفَّ لبيت زوجها‪ .‬قال ابن عاصم ـ رحمه اهلل ـ في حقِّ الذكور‪( :‬واالحتالمُ الحدُّ في المشهوِر) ‪ ،‬وقال في اإلناث‪:‬‬ ‫(وفي اإلناثِ للدخول)‪.‬‬ ‫إذن‪َّ ،‬‬ ‫فإن للسيدة (‪ )....‬المطلقة من زوجها (‪ )....‬بثالثة أوالدهم (‪ ،).......‬وحدها الحقُّ في حضانتهم دون والدهم‪ ،‬ولهُ تعاهدهم‪،‬‬ ‫تقتير عليهم‪ ،‬وال إجحافٍ به‪.‬‬ ‫وال يبيتون إال عندها‪ ،‬وعليه نفقتهم بالمعروف بال ٍ‬ ‫كتبه بتطوان في ‪ 24‬ذي الحجة عام ‪1409‬هـ «‪.‬‬

‫‪ . 39‬فتوى من م�سائل التغذية‬

‫َ‬ ‫طريف ٌة‬ ‫‪. 40‬‬

‫ٌ‬ ‫فائدة �أدب ّي ٌة‬ ‫‪. 41‬‬

‫مستحدث استولى على اهتمام المبدعين المعاصرين؛ ببعدهِ اإليحائيِّ َّ‬ ‫ٌ‬ ‫المكثفِ‪ ،‬ون َفسهِ الشعريِّ‬ ‫القصص القصير ُة جدّاً فنٌّ‬ ‫الرّائق‪ ،‬ولعل من رواده بالمغرب القاص محمد إبراهيم بوعلو صاحبُ إضمامةِ ‪ 50( :‬أقصوصة في ‪ 50‬دقيقة)‪ ،‬ثم سار هذا الفنُّ في‬ ‫ِ‬ ‫ميدانِ اإلحسان عُنقاً فسيحاً‪ ،‬وبرزَ من أعالمه مصطفى لغتيري‪ ،‬وعبد اهلل المتقي‪ ،‬وإسماعيل البويحياوي وغيرهم‪..‬‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫المشذرةِ أو‬ ‫مجموعة (نُدَف الروح) إلسماعيل البويحياوي‪ ،‬وهي أقرب إلى السيرة الذاتية‬ ‫الفن‬ ‫ومن أجمل ما قرأت من آثار هذا ِ‬ ‫َّ‬ ‫المقطرةِ كما قال الناقدُ نجيب العوفيُّ‪ .‬وأحبُّ أن أقتطفَ هذه الشَّذر َة الذهبي َ​َّة إكباراً لصاحبها‪ ،‬وإتحافاً للقارىء‪:‬‬ ‫« ‪ 26‬رمضان ‪ 1380‬هـ في حومتي‪..‬‬ ‫أقمنا َ‬ ‫ُ‬ ‫حفتْنا ُ‬ ‫سلمنا حتى َّ‬ ‫الليل بخشوع ر َفعنا إلى كبدِ السما ِء‪ ،‬وما إن َّ‬ ‫عَرْعَر ملكيّ ٌة كبير ٌة نبتَ فيها ُ‬ ‫جبل لحم‬ ‫قصعة‬ ‫رائحة الجنةِ‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫المحراب‪ ..‬التفَّ حولها المقدّم‪ ،‬والفقيه‪ ،‬والمؤذن‪ ،‬ومن حباهُم ُ‬ ‫األول‪.‬‬ ‫وكسكس قرْبَ‬ ‫وخُضَر‬ ‫اهلل بالصفِّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫وبسمل‪ ،‬ثم وقفَ يلحسُ يدَهُ‪:‬‬ ‫حمدَل إمامنا‬ ‫ُ‬ ‫يرحمُكم اهلل»‪.‬‬ ‫أيها اإلخو ُة في اهلل‪ ..‬كلوا من طيّباتِ القصعاتِ الصَّغيرةِ هناك في الخلفِ‬

‫ٌ‬ ‫أ�صولية‬ ‫‪ . 43‬فائدة �‬

‫البختي‬ ‫‪ .44‬فتوى ملحمد بن �أحمد عالل‬ ‫ّ‬

‫فائدة � ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫أدبية‬ ‫‪. 45‬‬

‫من طريفِ الشِّعر ُ‬ ‫قول أحدِ الشعراء المغاربةِ في التغني باإلسفنج‪ ،‬وكان ال يملك ثمنه‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫كواكـــب فيا ليتها كان مغار ُبها فمـــــي‬ ‫الحت‬ ‫بدكانةِ ال�س ّف‬ ‫اج ْ‬ ‫ٌ‬ ‫ِ‬ ‫(‪)1‬‬ ‫مهرهـا فما حيلتي والله قد َّ‬ ‫قل درهمي‬ ‫وقد زعموا �أن الدره َم ُ‬ ‫والس ّفاجُ ُ‬ ‫حرفة من يصنع اإلسفنج‪ ،‬وهو من مأكوالت المغاربة في الفطور‪ ،‬تُدحى عجينته في شكل مستدير‪ ،‬ويُقلى في الزيت‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫الحرفة مآلها إلى االندثار؛ إذ ق ّلت دكاكينها في‬ ‫طعم (لقمة القاضي) عند المشارقة‪ ،‬مع اختالفٍ في الشَّكل‪ .‬وهذه‬ ‫وطعمه قريبٌ من ِ‬ ‫انتشار منقطع النظير للحلويات العصرية‪.‬‬ ‫تطوان‪ ،‬مع‬ ‫ٍ‬ ‫(‪ )1‬ذكر البيتين عبد اهلل كنون في (أزهار برية)‪ ،‬ص ‪.172‬‬


‫العدد ‪1013‬‬

‫رسائل‬ ‫تطوانية‬

‫الثالثـاء ‪� 01‬إلى ‪� 07‬أكـتـوبر ‪2019‬‬

‫‪15‬‬

‫من أرشيف الدبلوماسي األديب‬

‫سيدي التهامي أفيالل التطواني‬ ‫حفظه اهلل (‪)29‬‬

‫ إعداد وتقديم‪ :‬الدكتور يونس السباح‬‫‪Younes_sebbah@hotmail.com‬‬

‫تقديم‬

‫تعتبر المراسالت العلمية رافداً ثرياً لكتابة التاريخ‪ ،‬باعتبار ما تحمله في طيّاتها من المعلومات الدّفينة‪ ،‬والفوائد الغميسة النادرة‪ ،‬التي ال توجد في غيرها‪ ،‬ولكونها مرتبطة بزمان ومكان وموضوع معيّن‪،‬‬ ‫كما تعدّ أيضاً فنّاً أدبياً‬ ‫ًّ‬ ‫مستقال بنفسه‪ ،‬بما تحمله من صادق التعبير‪ ،‬وجميل اإلحساس‪ ،‬وحسن اإلنشاء‪ ،‬وبديع السّبك‪ ،‬وخصوصاً إذا أضيف إلى هذه المعاني جمال الخط‪ ،‬ورونق الحرف‪ ،‬وكانت صادقة‬ ‫اإلحساس معبّرة عن الصلة العائلية‪ ،‬والمتابعة الدراسية بين الوالد والوَلد مث ً‬ ‫ال‪ ،‬أو بين تلميذ وشيخه‪ ،‬أو الصديق وصديقه‪...‬‬ ‫ومن المراسالت المتّصفة بهذه الصفات‪ ،‬ما تحتويه خزانة األديب الشاعر‪ ،‬والدبلوماسي السابق‪ ،‬أحد أفراد بيت العلم والشرف والمجد‪ ،‬سيدي التهامي أفيالل حفظه اهلل‪ ،‬وما يشتمل عليه أرشيفه الذي‬ ‫يضمّ كمّا هائ ً‬ ‫ال من الرسائل‪ ،‬معظمها صادرة عن أفراد أسرته‪ ،‬كجدّه القاضي سيدي التهامي أفيالل‪ ،‬أو عمّه الوزير سيدي محمد بن التهامي‪ ،‬أو أخيه األديب‪ ،‬سيدي البشير أفيالل‪ ،‬أو واردة عليهم وعلى‬ ‫أفراد آخرين من هذا البيت‪.‬‬ ‫ولمّا كانت هذه المراسالت لها قيمة أدبية وتاريخية‪ ،‬ولم يسبق أن رأت النور‪ ،‬أو اهتمّ أحد بإخراجها للناس‪ ،‬استأذنّا صاحب األرشيف‪ ،‬الشريف المذكور‪ ،‬في العمل على إخراجها وتيسيرها للنّاس عبر‬ ‫صفحات جريدة الشمال الغراء‪ ،‬التي تستأثر بنشرها‪ ،‬فوافق مشكوراً مأجوراً‪ ،‬وقمنا نحن برقن هذه الرسائل‪ ،‬وصنّفناها حسب ّ‬ ‫كل شخص (منه‪/‬عليه)‪ ،‬وآثرنا أن نبتدئ باألقدم تاريخاً‪ ،‬فكان صاحب السّبق هو‬ ‫القاضي الشهير‪ ،‬والفقيه الكبير‪ ،‬سيدي التهامي بن محمد أفيالل (ت‪1339:‬هـ)‪ ،‬وقد استوفينا رسائله –حسبما عثرنا عليه‪ -‬في الحلقات الماضية من هذه الجريدة‪ ،‬ونثنّي برسائل ولده العالمة الوزير سيدي‬ ‫محمد أفيالل الصادرة منه والواردة عليه‪.‬‬

‫[الرسالة‪]111 :‬‬ ‫[من محمد المرير إلى صديقه السيد البشير أفيالل‪ ،‬يشكره على كتابه‪ ،‬ويجيبه على خطابه]‬ ‫وصلى اهلل على سيدنا محمد وآله‬ ‫الحمد هلل وحده‬ ‫تحفة األباء‪ ،‬وخالصة الفقهاء النجباء‪ ،‬ولبّ أهل الفطنة والذكاء‪ ،‬وجوهرة أهل الفضل والعالء‪،‬‬ ‫الشريف المنيف‪ ،‬العالم النبيه اللطيف‪ ،‬سيدي البشير أفيالل‪ ،‬حفظك اهلل وزاد في معناك‪ ،‬وأخصب بنيل‬ ‫األماني مغناك‪ ،‬وعليك سالم ما اكتحلت آماق الصحاب‪ ،‬بإثمد الحبر‪ ،‬وما تح ّلت نحور األدباء بجواهر النظم‬ ‫والنثر‪.‬‬ ‫وبعد‪ ،‬فقد طلع لديّ بدر كتابك المشرق‪ ،‬وروض خطابك المونق الجامع من البالغة ّ‬ ‫كل بديع‪ ،‬ومن‬ ‫لطائف البراعة ما ينسي ذكر الحريري والبديع‪:‬‬ ‫ْ‬ ‫اكترثن بالعطل‬ ‫هلل لؤلــؤ ألفــاظ أتــيــتَ بها ولو كنّ للغيد ما‬ ‫ومن عيون معان لو نظرن بها نجل العيـون ألغنتهـا عن َ‬ ‫الكحـل‬ ‫إلى ما ّ‬ ‫بثه من مكنون الودّ‪ ،‬وصدق العقد‪ ،‬وصحّة العهد‪ ،‬ممّا وقع في فؤاد أخيكم بالموقع األبدع‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫المحل األرفع‪ ،‬الزال معين ودّكم عذب المذاق‪ ،‬سلس االندفاق‪ ،‬ال ينكث عقده عائق‪ ،‬وال‬ ‫وحل في صدره‬ ‫يشوب صفو زالله قذى مضائق‪ ،‬آمين‪.‬‬ ‫وقد أشرتم بمكتوبكم بأن أخ الجانبين‪ ،‬وابني العم‬ ‫بعد سالمي على الكل‪ ،‬ال زالوا مخيمين بالمنارة المجرية‪،‬‬ ‫ومقيمين في تلك المناظر المبهجة البهية‪ ،‬محتفين بنسيم‬ ‫األصائل واألبكار‪ ،‬مفتضين من المسرات مخدرات األبكار‪،‬‬ ‫فهنيئاً مريئاً غير داء مخامر‪ ،‬وعلى خلوص ودكم والسالم‪.‬‬ ‫في ‪ 15‬محرم عام ‪1345‬هـ‪.‬‬ ‫أخوكم محمد المرير لطف اهلل به‬

‫[الرسالة‪]112 :‬‬ ‫[من محمد المرير إلى صديقه السيد البشير أفيالل‪،‬‬ ‫يطمئن عليه‪ ،‬ويرجو له الشفاء‪ ،‬ويجاذبه أطراف الحديث]‬ ‫وصلى اهلل على سيدنا محمد‬ ‫الحمد هلل وحده‬ ‫وآله‬ ‫األخ األوفى‪ ،‬والشقيق األصفى‪ ،‬سيدي البشير‪ ،‬أُهدي‬ ‫لك تحية وسالما‪ ،‬وأودّ لك من صميم الفؤاد العافية دواماً‪.‬‬ ‫أما بعد‪ ،‬وصل منك ذلك المكتوب الذي كان طال إليه‬ ‫االنتظار جوابا عن الكتابين الموجّهين إليك‪ .‬أهمّ ما أفاد‬ ‫البشارة لنا ّ‬ ‫بأن آثار الشفاء واالعتدال الطبيعي في البلع قد ظهرت‪ ،‬وأخذت في االزدياد يوما فيوما‪ ،‬األمر‬ ‫الذي كنا ننتظره بفارغ صبر‪ ،‬فيالها من بشارة ما أعظمها‪ ،‬وعلى النفس ما أوقعها‪ ،‬ال يمكنني أن أصف‬ ‫لك ما شملني كربّت البيت من النشاط والسرور‪ ،‬وعمّنا من الفرح والحبور‪ ،‬ووددت أن لو قارنت هذه‬ ‫البشارة مشاهدة تماثلك‪ ،‬فأعانقه أوّال‪ ،‬وأصفعه ثانيا‪ ،‬وأجعل شيئا من البصاق في فمه ثالثا‪ ،‬برهانا‬ ‫على ذلك النشاط الكامن باألحشاء كمون تلك األوهام والوساوس التي تختلج بخاطرك‪ ،‬حتى استحكم‬ ‫سلطانها عليك‪ ،‬وصيّرك معدوداً في جملة المرضى‪ ،‬وما هي إ ّ‬ ‫ال أوهام وخياالت‪ ،‬ولكن نحمد اهلل حيث لم‬ ‫تدم وهزم جيشها هزيمة شنعاء كانت القاضية على ذلك السلطان المستحكم‪ ،‬كمّل اهلل بخير‪.‬‬ ‫لكن ال ضرر وال ضرار‪ ،‬فقد فزع الطنجيون من تلك اللقيمات التي وقع بها امتحان البلع‪ ،‬وتجاوز‬ ‫عدّها األربعين‪ ،‬وكمّيّة الواحدة منها أربع أواق‪ ،‬واهتمّت البلدية بمثل هذا الحادث الذي ربما كان‬ ‫سببا لنفاذ ما بطنجة وخزائنها من المؤن والدخائر في أقرب وقت‪ ،‬وقد ذكرني هذا الحادث قضية ذلك‬ ‫المريض الذي أمره الطبيب بأكل حجلة وإتيانها بعظامها اختبارا له‪ ،‬فأكل عجلة وأماه بعظامها‪ ،‬فخشي‬ ‫الطبيب على نفسه منه ّ‬ ‫أن ما [‪ ]...‬عليه من النشاط والسرور أعرب لنا عنه السيد عبد الكريم كريش [‪]...‬‬ ‫ويظهر من كتابك أنكم إلى اآلن لم تعرّجوا على األوبة‪ ،‬وقد اشتقنا إليكم اشتياقا زائداً على العادة‪ ،‬فقد‬ ‫[‪ ]...‬علينا الدار‪ّ ،‬‬ ‫وحل بنا من فراقكم الذي الذي طال نصيب من األكدار‪ ،‬فربة البيت تردد على مسامعي‬ ‫بأنها قد كبرت عليها الدار وحدها‪ ،‬وال تجد مع من تتأنس‪ ،‬وقد فقدت أيضا تلك الحبيبة التي كانت‬ ‫تتأنس بلغيها إذا قنطت‪ ،‬أال وهي األخت الشقيقة الست فامة‪ ،‬وأن بنيتها عويشة قد عدمت من كان‬ ‫يهشّ لها ويبش‪ ،‬في سائر األماكن من الدار‪ ،‬وبألخص الدويرية التي تتدرب فيها وتتعلم ألفاظاً كثيرة‬ ‫[‪ ]...‬ومنذ خلت الدار تبدّل طبعها في الجملة‪ ،‬وصارت تكثر البكاء‪ ،‬وتطلب الذهاب لدار الصهر‪ .‬ومع هذا‬ ‫االشتياق إليكم يرجح عليه سرورنا بطيب مقامكم هنالك‪ ،‬واجتماع الشمل ّ‬ ‫يحل األهل‪ ،‬ونشاط الجميع‬ ‫وظهور نجاح رحلتكم الميمونة شفاكم اهلل وعافاكم‪ ،‬وكمّل بخير‪ .‬بيد أنّك أعرضت عن اإلشارة لدار لداء‬ ‫األخت الشقيقة‪ ،‬وما أشار به الطبيب عليها‪ ،‬وهل اهتدى للعالج وبدت مالمح إرشاداته أم ال؟ مع اهتمامنا‬ ‫بأمرها اهتماما كبيرا‪ ،‬فلتشرحوا لنا الحال‪ ،‬فإنّه أشهى إلينا من الماء الزالل‪.‬‬ ‫أفد سيّدتنا الوالدة بعد تقبيل راحتيها‪ ،‬بأنّي أعلمها مع مزيد األسف بأن ذلك اليهود كويهن الذي‬ ‫كنا سنأخذ منه كسوة الناموسية وأرواقا لها من [‪ ]...‬الزرقاء‪ ،‬لما حزت جميع ما عنده منها‪ ،‬وجدته ربما ال‬ ‫يفي بكسوة الناموسية‪ ،‬ومنتهاه ‪ 62/4‬أدرع‪ ،‬وقد كان وعدني بأن الباقي عنده يربو على ‪ .90‬لما طلبت‬ ‫الست رقوشة منها ‪ 4/3‬أذرعا للحاجب‪ّ ،‬‬ ‫فتعذر الكل وربّما يخصني شيء [‪ ]...‬التي صادفني الحال شرعت‬ ‫في تقطيعها‪ ،‬لكن في الشرافات‪ ،‬أوتكفي مع تمام المكايسة‪ ،‬وعجلت لك اإلعالم لتنظر هل هنالك مثلها‬ ‫أو أحسن‪ ،‬وإال فاأللوان هنا كثيرة منها‪ ،‬ما عدا ذلك اللون‪.‬‬

‫س ّلم منا على الوفد الذي اشتملت عليه رحلتكم‪ ،‬خصوصا سيدتي الوالدة‪ ،‬وذلك الرجل الموقر‬ ‫األشيب‪ ،‬الذي لم تسمح نفسه بكتب سطر واحد‪ ،‬واألخ واألخت وسائر األحبّة‪ ،‬ومنا عليكم أهل الدار‪،‬‬ ‫وخصوصا البنية التي هي ساعته في غاية النشاط‪ ،‬أنا أكتب وهي تريد أن تمزق الكتاب‪ ،‬فأقول لها‪ّ :‬‬ ‫إن‬ ‫هذا الكتاب لعمّو [‪ ]...‬وقد ظللنا يوم الخميس الفارط بزيانة‪ ،‬وبعد أن عرفنا يومه على ذلك‪ ،‬أصبح اليوم‬ ‫عبوسا‪ ،‬مع نزول مطر يسير جدّا‪ ،‬والناس هنا في غاية االحتياج إلى المطر‪ ،‬وربّما استمطروا بالمساجد‬ ‫والسالم‪ .‬في ‪ 25‬رجب عام ‪1341‬هـ‪.‬‬ ‫محمد‬

‫[الرسالة‪]113 :‬‬

‫[من محمد المرير إلى صديقه السيد محمد س ّ‬ ‫الم‪ ،‬يخبه فيها بأحواله وأحوال الوقت‪ ،‬وما جريات‬ ‫األحداث‪]...‬‬ ‫وصلى اهلل على سيدنا وموالنا محمد وآله‬ ‫الحمد هلل وحده‬ ‫وعلى من تضاعف على قمر الليالي جماله‪ ،‬وتألأل في أ ْفق السعادة هالله‪ ،‬من التحفّ بالمجد‬ ‫واشتمل‪ ،‬واتسق فيه الشرف واكتمل‪ ،‬الذي ترصعت جواهر وده في الفؤاد‪ ،‬وحلت محبته من القلب في‬ ‫السواد‪ ،‬الفقيه النزيه‪ ،‬سيدي محمد‪ ،‬س ّ‬ ‫الم أسنى‪ ،‬وتحيات‬ ‫زكيات حسنى‪ ،‬ما ذرعت يد النوق جالبيب البطاح‪ ،‬ورشفت‬ ‫شمس الضحا ريق الغوادي من ثغور األقاح‪.‬‬ ‫وبعد‪ ،‬فقد الح من مطلعكم البهي نجم كتابكم أسنى‪،‬‬ ‫فأقر الناظر وسر الخاطر بما نثره من جواهر معانيكم الرائقة‪،‬‬ ‫ونشله من محاسنكم األنيقة الفائقة‪ ،‬واألمنية الكبرى هي‬ ‫سالمتكـــم التي هي شفــاء العاني ومنتهـى األمل‪ ،‬وغايــة‬ ‫األماني أبقى اهلل جواهرها محفوظة‪ ،‬وبعين العناية ملحوظة‪،‬‬ ‫وما أبديته فيه حفظك اهلل‪ ،‬كله قد فهمنا معناه‪ ،‬وحفظنا‬ ‫مبناه‪ ،‬فلقد واهلل شوقتنا أي اشتياق‪ ،‬وأهطلت الدموع من‬ ‫األحداق‪ ،‬فـــوا كبـدي من فـوات هاتيــك الدروس‪ ،‬ويا لهف‬ ‫نفسي وما بلهف تشتفى النفوس‪ ،‬فإنا هلل‪ ،‬فوح ّقك يا سيدي‬ ‫لقد ندمت على مساعدتي في القبول‪ ،‬ويا ليتني الزمت بيتي‬ ‫وما أصحت لمقول‪ ،‬لكن ال مرد لما يأتي به القدر‪ ،‬وهلل الحمد‬ ‫على كل حال‪ ،‬ونرجو من المولى سبحانه أن يكون رجوعنا‬ ‫في آخر الحجة إن تيسرت األسباب وارتفعت الموانع‪ ،‬ومنكم‬ ‫نستمنح زيادة الدعاء‪ ،‬هذا ولم يظهر هنا خبر يستحق أن تعلم به بل وال غيره سوى ما أخبروا به من‬ ‫انفصال االسبنيول مع المخزن فيما كان مسطرا من الدعاوي‪ ،‬ووقع االنفصال على أن يبذل المخزن من‬ ‫المال نحو ‪ 13‬مليونا من الريال ويزيد له في حدادة سبتة‪ ،‬وأن ينشئ هنالك ديوانة مثل مليلية‪ ،‬ويكون‬ ‫مستفادها ومستفاد مليلية لإلسبنيول‪ ،‬حتى يستوفى جميع ما التزمه المخزن‪ ،‬وقد كان وفدا سيدي أحمد‬ ‫الفياللي مريضا من أصيال‪ ،‬ولم يزل مالزما للفراش إلى اآلن‪ ،‬ويظهر عليه أنه لم يجد هنالك كبير فائدة‪.‬‬ ‫وقبيل التاريخ ذهبت مع جميع الطلبة الذين يقرؤون على سيدي محمد با ّللبار لعيادته‪ ،‬ومعنا بوعسل‪،‬‬ ‫فوقع هنالك بسط كثير‪ ،‬وفي هذا اليوم كانت وقعت مذاكرة مع هؤالء الطلبة في كالم وقع في الزرقاني‬ ‫مما يتعلق بنصاب بال ّلبار‪ ،‬ومن جملة من كان حاضرا الطيب‪ ،‬والطلبة كل واحد يبدي فهمه‪ ،‬وهو يكمل‬ ‫مع كل واحد ما قال كما هي عادته‪ ،‬فمد يده بوعسل لمحفظته وأخرج كراسا وفيه بيتا الشيخ عبد القاهر‬ ‫الذان يقول فيهما‪ :‬كبر على العلم إلخ فصار يقول له‪ :‬وعش جهارا أو عشر حماراً‪ ،‬وأما مثل السيد أحمد‬ ‫اني في هذه األيام‪ ،‬فيكاد أن يكون مثل ثلث ثلث ما يميل إليك‪ ،‬هذا وما طعنت به في شهادة الشاهد‬ ‫الذي أعمل شهادته من يجب له سدده اهلل‪ ،‬فذلك ليس بشيء‪ ،‬ألن أمور االعتقاد مرجعها إلى الفؤاد‪،‬‬ ‫وال سبيل لمخلوق إلى االطالع على ذوي الصدور‪ ،‬ثم إنك رميت هذا الشاهد المبرز بالزور‪ ،‬وغير خاف‬ ‫عليكم ما يترتب على من جفا الشاهد‪ ،‬بل قد يقال‪ :‬إن الجفاء وقع هنا للقاضي والشاهد‪ ،‬فليتأمل وليراجع‬ ‫ذلك في المعيار الجديد‪ ،‬وإال فإن لم تتيسر فيه فإن كان األول غضبان من نكبة مولفه مجد ابن عاصم‬ ‫وباهلل التوفيق‪ .‬ولم تتعرض في كتابك لعزم السيد العربي الخطيب بعد سالمنا عليه على القبول للزيارة‪،‬‬ ‫ولعلك لم تكن أخبرت بذلك‪ ،‬وإلى اآلن ما بزغت شمس في هذا األفق‪ ،‬ولعلها اعتراها كسوف‪ .‬وقد عزم‬ ‫السيد علي عزيمان على توجيه ولده للقراءة بالحضرة العلية‪ ،‬وهو راغب في طلوعه معي‪ ،‬ويتمنى أن‬ ‫يكون محله معنا‪ ،‬يسر اهلل‪.‬‬ ‫وفي هذا اليوم توفيت عجوز مسنّة‪ ،‬وهي أم السيد أحمد الفتوح رحمها اهلل‪ ،‬يعود سالمنا على نجم‬ ‫الظالم‪ ،‬وقمر التمام‪ ،‬الذي لطفت شمائله وجمت فواضله وفضائله‪ ،‬شريف النسب وطاهر الحسب سيدي‬ ‫وموالي محمد الدباغ‪ ،‬وكم من نجد ذات السرور‪ ،‬أجالها بتلك السطور‪ ،‬فلله دره من صفي العهد‪ ،‬صديق‬ ‫الوعد‪.‬‬ ‫منا األخ السيد عبد السالم بنونة‪ ،‬والسيد محمد الصفار‪ ،‬وأخ الجانبين سيدي عبد السالم والسيد‬ ‫أحمد اسالمة والسيد الحاج محمد الفزاري‪ ،‬وقد يسر اهلل له في محل يستفيد منه نحو ‪ 15‬ريال في الشهر‪،‬‬ ‫وذلك في كيل األرض‪ ،‬وكما نسلم على الفقيه سيدي أحمد بن يوسف‪ ،‬وعلى أخيه السيد علي‪ ،‬وعلى‬ ‫البركة سيدي عبد الرحمان‪ ،‬وعلى محبتكم والسالم‪ .‬وفي قعدة عام ‪1328‬هـ‪.‬‬ ‫مجلكم‪ :‬محمد بن محمد المرير وفقه اهلل‬


‫الثالثـاء ‪� 01‬إلى ‪� 07‬أكـتـوبر ‪2019‬‬

‫العدد ‪1013‬‬

‫كتابات يف تاريخ‬ ‫منطقة ال�شمال ‪:‬‬

‫(‪)914‬‬

‫“تقاطعات”‬ ‫عبد األحد السبتي‬

‫استطاع المؤرخ عبد األحد السبتي اكتساب الكثير من عناصر‬ ‫التميز والريادة داخل حقل الكتابة التاريخية الوطنية المعاصرة‪،‬‬ ‫ليس –فقط‪ -‬على مستوى العطاء الكمي الذي راكمه على‬ ‫امتداد عقود زمنية ممتدة‪ ،‬ولكن –أساسا‪ -‬بالنظر الجتهاداته‬ ‫النوعية ولرؤاه النقدية التي يعود لها الفضل في وضع أسس‬ ‫رصينة إلعادة تلقي درس التاريخ االجتماعي في عالقته بمختلف‬ ‫المجاالت األنتروبولوجية واللسانية التي رسمت اآلفاق العامة‪ ،‬أو‬ ‫الطويلة المدى بالمفهوم البروديلي‪ ،‬لتاريخ المغرب المديد‪ .‬لقد‬ ‫استطاع السبتي أن يترك بصماته الناصعة على الدرس الجامعي‬ ‫الوطني المتخصص في تحوالت تاريخ المغرب االجتماعي‪ ،‬سواء‬ ‫عبر التأطير المباشر داخل رحاب كلية اآلداب والعلوم اإلنسانية‬ ‫بالرباط‪ ،‬أم من خالل إشرافه على تنسيق ندوات علمية مؤسسة‬ ‫وإصدارات جامعية أكاديمية‪ ،‬مثل كتاب “التاريخ واللسانيات‪:‬‬ ‫النص ومستويات التأويل” (‪ ،)1992‬وكتاب “اإلسطوغرافيا‬ ‫واألزمة‪ :‬دراسات في الكتابة التاريخية والثقافة” (‪ ،)1994‬أم من‬ ‫خالل سلسلة إصداراته المتواترة وعلى رأسها كتاب “المدينة‬ ‫في العصر الوسيط‪ :‬قضايا ووثائق من تاريخ الغرب اإلسالمي”‬ ‫(‪ ،)1994‬وكتاب “من الشاي إلى األتاي‪ :‬العادة والتاريخ “(‪،)1999‬‬ ‫غالف الكتاب‬ ‫وكتاب “المجتمع الحضري والسلطة في المغرب” (‪ ،)2007‬وكتاب‬ ‫“النفوذ وصراعاته في مجتمع فاس‪ :‬من القرن السابع عشر حتى‬ ‫بداية القرن العشرين” (‪ ،)2007‬وكتاب “الزطاط وقاطع الطريق‪:‬‬ ‫أمن الطرق في مغرب ما قبل االستعمار” (‪ ،)2009‬وكتاب “التاريخ والذاكرة‪ :‬أوراش في تاريخ المغرب” (‪،)2012‬‬ ‫وكتاب “الماضي المتعدد‪ :‬قراءات ومحاورات تاريخية” (‪.)2017‬‬ ‫وفي كل هذه المستويات‪ ،‬ظل المؤرخ السبتي يؤسس لعوالم أكاديمية متشعبة في البحث الجامعي‬ ‫المتخصص في تاريخ المغرب‪ ،‬من خالل التوظيفات العميقة ألرقى نتائج التطورات الهائلة التي يعرفها علم‬ ‫التاريخ على الصعيد العالمي‪ ،‬وبالعودة لتفكيك بنية النصوص اإلسطوغرافية الكالسيكية العربية اإلسالمية‬ ‫والكولونيالية الغربية‪ .‬وفي هذا المستوى‪ ،‬كان األستاذ السبتي رائدا لمجال التاريخ االجتماعي بامتياز‪ ،‬من‬ ‫خالل جرأته العلمية في اقتحام حقول الطابوهات عبر طرح األسئلة المنفلتة من بين المتون المتواترة ومن‬ ‫المحكيات المتوارثة‪ ،‬وذلك في إطار صرامة علمية نادرة‪ ،‬ال تتمايل مع األهواء‪ ،‬وال تستطيب األجوبة السهلـة‪،‬‬ ‫وال تطمئن لليقينيات الصنمية‪ ،‬سواء على مستوى المنهج‪ ،‬أم على مستوى سقف التأويل والتفكيك‪ ،‬أم على‬ ‫مستوى المضامين المعرفية المرتبطة بحقول التاريخ االجتماعي‪ .‬باختصار‪ ،‬فاألستاذ السبتي استطاع أن يتحول‬ ‫إلى أحد أعالم الكتابة التاريخية الوطنية الراهنة‪ ،‬بالنظر لألثر العميق الذي خلفته أعماله وحصيلة تراكماته في‬ ‫مجال التأصيل للمنطلقات البديلة في مجال الكتابة التاريخية المجددة‪ ،‬والوفية لضوابطها العلمية الصارمة‪،‬‬ ‫والمتسلحة بحسها النقدي الثاقب‪ ،‬والمهووسة بهاجس التركيب والتحليل والتفكيك‪ ،‬والمنفتحة على علوم‬ ‫إنسانية شتى‪ .‬وفي هذا المنحى األخير‪ ،‬يبرز اسم األستاذ السبتي كمرجع ال يمكن االستغناء عنه –بأي حال من‬ ‫األحوال‪ -‬عند كل محاوالت القبض بمعالم االنفتـــاح والتقاطــع بين علم التاريخ من جهة‪ ،‬وبين مجال الدراسات‬ ‫األنتروبولوجية والسوسيولوجية واللسانية واألدبية من جهة ثانية‪ .‬ولعـل هذا ما أكسبـــه قـدرة استثنائية‬ ‫على اإلنصــات‪ ،‬وحسـن اإلنصـات‪ ،‬لقضايـــا ظلت على هامش صناعة الكتابة التاريخيـة الوطنية‪ ،‬الكالسيكية‬ ‫والمجددة‪ ،‬مثل قضايا اإلسطوغرافيات‪ ،‬والمناقب‪ ،‬والتراث الشفوي‪ ،‬والرمـوز غيــر المدونــة‪ ،‬والذاكـرة‪ ،‬واألزمة‪،‬‬ ‫والتحقيب‪ ،‬والحركـات االحتجاجيــة‪ ،‬والشــرف‪ ،‬والدولة‪ ،‬والعنف‪ ،‬واألمن االجتماعي‪ ،‬والنخب‪ ،‬وبالد المخزن وبالد‬ ‫السيبة‪ ،‬والكرامات‪ ،‬واالستعارات “التي نحيا بها”‪ ،‬والحقول الداللية للتراث الرمزي المجرد‪ ،‬ومفهوم الحدث‪،‬‬ ‫وبنية المدينة‪ ،‬وتنازع سلط المركز والهامش‪ ،‬والدراسات ما بعد الكولونيالية‪...،‬‬ ‫ونظرا لقوة وقع مثل هذه القضايا الفكرية العميقة على أجيال مؤرخي الزمن المغربي الراهن‪ ،‬حظي‬

‫تربويات‬

‫‪16‬‬

‫‪2/1‬‬

‫�أ�سامـة الزكاري‬ ‫‪zougariousama@gmail.com‬‬

‫األستاذ عبد األحد السبتي بتتبع استثنائي وباحتفاء غير مسبوق‬ ‫وبتقدير كبير‪ ،‬ال شك وأنه يشكل إحدى معالم هذا “النبوغ‬ ‫المغربي” المعاصر الذي حققته الكتابة التاريخية الراهنة‪ .‬في‬ ‫هذا اإلطار‪ ،‬اختارت نخبة رفيعة من صانعي هذا “النبوغ المغربي”‬ ‫االحتفاء –على طريقتها الخاصة‪ -‬بتجربة األستاذ السبتي‪ ،‬من‬ ‫خالل إصدار عمل ضخم أشرف على تنسيق مواده األساتذة عبد‬ ‫الرحمان المودن وأحمد بوحسن ولطفي بوشنتوف‪ ،‬وصدر سنة‬ ‫‪ ،2018‬تحت عنوان “تقاطعات التاريخ واألنتروبولوجيا والدراسات‬ ‫األدبية‪ -‬أعمال مهداة إلى عبد األحد السبتي”‪ ،‬واحتوى دراسات‬ ‫باللغات العربية والفرنسية واإلنجليزية‪ ،‬في ما يمكن اعتباره‬ ‫رسالة تقدير واعتراف بعطاء األستاذ السبتي‪ ،‬باحثا قديرا ومؤرخا‬ ‫مجددا ومثقفا نزيها‪ .‬ولعل هذا ما اختزلته الكلمة التقديمية‬ ‫للكتاب عندما قالت‪“ :‬يندرج هذا الكتاب الجماعي التكريمي ضمن‬ ‫ممارسة ثقافة االعتراف‪ ،‬التي أصبحت حاضرة‪ ،‬ولو بإيقاعات‬ ‫التزال خجولة‪ ،‬في المشهد الثقافي واألكاديمي بالمغرب‪ .‬وتتخذ‬ ‫هذه الممارسة األخالقية الراقية أبعادا علمية رصينة وإنسانية‬ ‫نبيلة كلما تعلق األمر بأحد رموز الجيل الذين اضطلعوا منذ‬ ‫سبعينيات القرن المنصرم بأعباء التدريس والبحث في مختلف‬ ‫عبد الأحد ال�سبتي المؤسسات الجامعية وفضاءات المعرفة بالمغرب وخارجه‪ .‬ومن‬ ‫وجوه هذا الجيل عبد األحد السبتي المحتفى به في هذا الكتاب‪،‬‬ ‫أستاذا وباحثا وإنسانا‪( ”...‬ص‪.)21.‬‬ ‫لقد ساهمت وجوه من مختلف المشارب واالهتمامات في هذا االحتفاء‪ ،‬جمعت بين أساتذة المحتفى به‬ ‫أوال‪ ،‬ثم بين زمالئه ثانيا‪ ،‬وأخيرا بين مجايليه وطلبته ثالثا‪ .‬وفي هذه التركيبة‪ ،‬انصهرت اهتمامات وانشغاالت‬ ‫متشعبة بتشعب األسئلة المؤطرة للبحث وللتنقيب وللتأمل بالنسبة لكل واحد من المساهمين‪ .‬في هذا‬ ‫اإلطار‪ ،‬ساهم األستاذ محمد ياسر الهاللي بدراسة حول عالقة المدينة بالبادية من خالل نظرة الحضريين‬ ‫للبدويين في مغرب أواخر العصر الوسيط‪ ،‬وتوقف األستاذ خالد بن الصغير عند قضية تهريب األسلحة في‬ ‫عالقة ذلك بالقرصنة وباألمن الداخلي بالمغرب‪ ،‬وتناول األستاذ خالد طحطح قضايا اإلصالح عند الفقيه محمد‬ ‫المشرفي‪ ،‬وكتب األستاذ عبد الرحيم بنحادة عن أحاديث التقارير العثمانية عن األوضاع في أوربا‪ ،‬وتناول‬ ‫األستاذ مصطفى حسني إدريسي موضوع دور التاريخ كما هو مقدم في المقررات المدرسية في تشكيل الهوية‬ ‫الوطنية المغربية‪ ،‬وعاد األستاذ محمد جادور للبحث في موضوع الرهان على التاريخ المقارن من أجل تقديم‬ ‫فهم أفضل لدرس التاريخ‪.‬‬ ‫وفي المحور الثاني من المساهمات المرتبطة بقضايا الزمن الراهن‪ ،‬نجد دراسة للطيب بياض حول الفعل‬ ‫االحتجاجي في ممارسة المركزيات النقابية في مغرب ما بعد االستقالل‪ ،‬وتتبع عبد الحي المودن مسارات‬ ‫البحث األكاديمي حول االحتجاج بمغرب ما بعد ‪ 20‬فبراير ‪ ،2011‬وعاد األستاذ لطفي بوشنتوف لتفكيك معالم‬ ‫الذاكرة‪ -‬السيرة الذاتية ودورها في كتابة تاريخ الزمن الراهن‪ .‬أما األستاذ كمال عبد اللطيف‪ ،‬فتناول التحديات‬ ‫التي تواجه مشاريع تحرير الدين وتفعيل العقل من خالل توظيفات المقدس في العالم العربي الراهن‪.‬‬ ‫وفي المحور الثالث الخاص بالمساهمات الفكرية واألدبية المتنوعة‪ ،‬نجد دراسة لألستاذ عبد المجيد‬ ‫القدوري في موضوع التاريخ والمواطنة في مشروع عبد اهلل إبراهيم الفكري‪ ،‬ودراسة لعبد الكريم مادون حول‬ ‫قدسية النص من منظور العلوم االجتماعية من خالل قراءة فكر كل من محمد عابد الجابري ومحمد أركون‬ ‫ونصر حامد أبو زيد‪ .‬واستقصى عبد الجليل ناظم أوجه العالقة المتشعبة بين تخصصي األدب والتاريخ‪ .‬أما‬ ‫األستاذ أحمد بوحسن‪ ،‬فقد أعاد التفكير في مفهوم عصر االنحطاط من خالل قراءة نقدية لبدايات استعماله‪،‬‬ ‫وأعاد األستاذ عبد السالم بنعبد العالي البحث في صيغ الخيانة المرتبطة بفعل الترجمة‪ ،‬األمر الذي أضفى عليه‬ ‫األستاذ محمد زرنين بعدا إجرائيا من خالل ترجمته إلحدى نصوص لوسيان فيفر‪.‬‬

‫ظاهرة العنف بالمؤسسات التعليمية‬ ‫‪ -‬عبد الغني بلقا�سم‬

‫كانت المدرسة وال زالت إحدى الوسائط األساسية في التنشئة االجتماعية‪ ،‬التي تعمل على نقل ثقافة‬ ‫المجتمع إلى شخصية المتعلم من خالل مده بالمعارف العلمية والثقافية والبدنية والمعايير االجتماعية‪...‬‬ ‫ومساعدته على تهذيب سلوكه وفق ما يضعه المجتمع من أهداف و متطلبات‪ ،‬وحسب االستراتيجيات‬ ‫والتخطيطات المستقبلية للمجتمع‪ ،‬غير أن العملية التعليمية قد ال تحقق المطلوب بسبب ما قد يعترضها من‬ ‫الظواهر المشينة تؤثر سلبا على هذه العملية وتفرز نتائج عكسية‪.‬‬ ‫من هذه الظواهر هناك ظاهرة العنف‪ ،‬بجميع أشكاله‪ ،‬التي تنامت في اآلونة األخيرة بالمؤسسات التعليمية‪،‬‬ ‫وأضحت هذه األخيرة فضاء للصراع بين مختلف الفاعلين في العملية التعليمية‪ ،‬وتحولت المدارس إلى بيئات‬ ‫عنيفة وغير آمنة‪ ،‬ويكفي للتدليل على ذلك؛ الحيز الكبير الذي تحتله الظاهرة ضمن اإلعالم العمومي السمعي‬ ‫والبصري والمقروء‪ ،‬واالستنكار الواسع من قبل المهتمين وعموم المواطنين التساع دائرة العنف بالمؤسسات‬ ‫التعليمية‪ ،‬وأصبح الكل يدق ناقوس الخطر نظرا لحجم الظاهرة وما آلت إليه‪ ،‬خاصة وأنها تضرب في العمق‬ ‫المقصد الجوهري المدرسي الذي هو التهذيب والتربية والتعليم وتقويم السلوك وإعداد التلميذ أخالقيا وتربويا‬ ‫وتهيئه لالنخراط في المجتمع‪ .‬وفي هذا الخضم برزت الكثير من التفسيرات واالقتراحات بغية التوصل إلى‬ ‫حلول مالئمة يمكن أن تستهدي بها السلطات الوصية لتطويق المشكل أو على األقل للتخفيف من حدته داخل‬ ‫المؤسساتالتعليمية‪.‬‬ ‫وقد ظهرت أنماط وأشكال من العنف المدرسي‪ :‬منها العنف الرمزي‪ ،‬العنف الجسدي‪ ،‬العنف الثقافي والعنف‬ ‫اللفظي‪...‬وتعدد الفاعلون لهذا العنف‪ :‬المدرسون‪ ،‬اإلداريون‪ ،‬المتعلمون‪ .‬ففي السابق كان نمط العنف يأخذ‬ ‫في الغالب األعم اتجاها واحدا؛ من المدرس المتسلط نحو المتعلم‪ ،‬بدأنا نالحظ اليوم تعدد وتشابك األطراف‬ ‫الممارسة للعنف في الوسط المدرسي‪ ،‬أستاذ(ة) ضد أستاذ(ة)‪ ،‬أستاذ(ة) ضد تلميذ(ة)‪ ،‬تلميذ(ة) ضد أستاذ(ة)‪،‬‬ ‫تلميذ ضد عناصر اإلدارة التربوية‪ ،‬تلميذ(ة) ضد زميله(ها) التلميذ(ة)‪ ...‬وتحولت المؤسسة التعليمية إلى حلبة‬ ‫للرفس والركل وتبادل الشتائم والسب‪ ،‬وأصبح وضع المؤسسات التعليمية يسائلنا جميعا‪ ،‬هل هناك نية صادقة‬

‫للكشف عن بواعث ومسببات ظاهرة العنف المدرسي؟ هل هناك إجراءات واقعية لتطويق هذا الوضع الكارثي‬ ‫بمؤسساتنا ؟ ‪...‬‬ ‫في الواقع فإن أنواع العنف ال تقتصر على ما سبق ذكره وإنما هناك أنواع أخرى من العنف‪ ،‬كالتسلط التربوي‬ ‫الذي يقوم على مبدأ اإللزام واإلكراه‪ ،‬ويتجلى في منع المتعلمين من اإلعالن عن وجهات نظرهم أو من توجيه‬ ‫النقد أو إبداء الرأي المخالف‪ ،‬ويبدأ باإلحساس بالقمع لدى المتعلمين ثم يتحول إلى كراهية قد تفضي إلى‬ ‫العنف والعنف المضاد‪.‬‬ ‫كذلك األبنية المدرسية الغير مالئمة؛ قد تشكل نوعا من أنواع العنف الالمرئي ‪ ،‬خاصة تلك التي تفتقد‬ ‫البنيات التحتية األساسية كالمرافق صحية‪ ،‬حيث يضطر المتعلمون إلى قضاء حوائجهم البيولوجية بين جدران‬ ‫المؤسسة على مرأى كل المتعلمين‪ ،‬الشيء الذي يبعث إلى اإلحساس بالمهانة والذل والحقارة‪ ،‬والشعور بعدم‬ ‫االنتماء للمؤسسة‪ ،‬يتجسد هذا في ممارسة العدوانية ضد المؤسسة والعاملين بها‪ .‬كذلك االفتقار للمالعب‬ ‫الرياضية التي يمكن استغاللها لملئ أوقات المتعلم وتعزيز قدراته الفكرية والجسدية‪ ،‬وتصريف الطاقة الزائدة‬ ‫الموجودة عنده‪ ،‬وقد يتمثل العنف حتى في المناهج الدراسية غير المالئمة إلمكاناته وقدراته العمرية والذهنية‪،‬‬ ‫وأيضا إلزامه ببرامج تعليمية تقتضي بالضرورة حمل الحقيبة المدرسية التي تزن أضعاف ما يستطيع الطفل‬ ‫حمله‪.‬‬ ‫وفي األخير ينبغي التأكيد على أن المدرسة بصفتها فضاء تربويا واجتماعيا تقوم بعملية التنشئة وتطبيع‬ ‫المتعلم‪ ،‬مطالبة باستدماج كل القيم اإلنسانية واألخالقية العليا‪ ،‬لتكون كسلوكيات ينبغي للمتعلم أن يتصف‬ ‫بها ويستدمجها هو اآلخر ويتكيف معها‪ ،‬ويحافظ عليها ويعمل بها في حياته اليومية داخل المجتمع‪ ،‬وهذا هو‬ ‫الدور األسمى للمؤسسة التعليمية‪ ،‬ألن الحياد عن هذه المقاصد قد يصبح وفي االتجاه المعاكس دورا سلبيا في‬ ‫تنشئة الفرد‪ ،‬إذ تجعل منه شخصية عنيفة ومتمردة على كل القيم‪.‬‬


‫العدد ‪1013‬‬

‫الثالثـاء ‪� 01‬إلى ‪� 07‬أكـتـوبر ‪2019‬‬

‫مواقف ومظاهر من التقارب النضالي والثقافي‬ ‫بين تطوان والمشرق العربي في غضون النصف األول‬ ‫من القرن العشرين )‪(3/1‬‬ ‫تطوان‪ ،‬تلك المدينة التي أسسها األندلسيون المهاجرون في نهاية القرن الخامس عشر الميالدي بشمال‬ ‫المغرب‪ ،‬فكانت وما زالت مرتعا للحضارة األندلسية الراقية‪ ،‬ونموذجا حيا للمدينة المغربية المتنورة‪ ،‬المحافظة‬ ‫على هويتها القائمة على نسيج متميز من العناصر المكونة لساكنتها منذ إعادة بنائها من طرف األندلسيين‬ ‫المهاجرين في نهاية القرن الخامس عشر للميالد؛ وهي المدينة التي كانت عاصمة لمنطقة الشمال المغربي‬ ‫في الفترة التي خضع فيها المغرب إلى التوزيع بين الحماية الفرنسية في جنوب البالد واإلسبانية في شمالها‬ ‫في غضون النصف األول من القرن العشرين (‪ 1912‬ـ ‪ .)1956‬ولقد عرفت هذه المدينة في هذه الفترة بالذات‬ ‫صحوة كبيرة‪ ،‬برهن فيها أبناؤها على نضجهم الفكري‪ ،‬وعلى وعيهم بقيمة االنفتاح على العالم‪ ،‬والتواصل‬ ‫مع األشقاء العرب‪ ،‬والتقارب مع اإلخوة الذين يشاركونهم الدين واللغة والحضارة في مختلف أقطار المشرق‬ ‫العربي‪.‬‬ ‫ونابلس بفلسطين‪ ،‬تلك البقعة العزيزة من عالمنا العربي الحبيب‪ ،‬مهد الديانات السماوية والحضارات‬ ‫العريقة‪ ،‬ومرتع العروبة منذ العهود القديمة‪ ،‬والتي عرفت ديارها نهضة ثقافية وتعليمية تميزت بها عن‬ ‫كثير من مراكز العلوم والتربية في العالم العربي‪ ،‬ومن أهم هذه المراكز‪ ،‬مدرستها التي تحمل اسم مدرسة‬ ‫«النجاح» ‪ ،‬والتي كانت محط اهتمام أبناء تطوان‪ ،‬الذين بعثوا بفلذات كبدهم إليها لينهلوا من معينها في‬ ‫أواخر العشرينات من القرن العشرين‪ ،‬فكانت من خريجيها ثلة من الشباب المثقف الذي حمل مشعل العلم‬ ‫والثقافة في مغرب ذلك القرن‪ ،‬ومثـل النخبة العاملة في ميدان النضال والكفاح السياسي من أجل تحقيق‬ ‫االستقالل والحرية‪ ،‬واندماج آالم الشعب المغربي وآماله مع آالم وآمال بقية أبناء األمة العربية‪.‬‬ ‫والقاهرة‪ ،‬العاصمة المصرية التي كانت وما زالت تعتبر مركزا للفكر واألدب والعلوم والثقافة والسياسة‬ ‫على صعيد العالم العربي‪ ،‬والتي كانت وما زالت أبوابها مفتوحة ألبناء العروبة شرقا وغربا‪ ،‬متبنّية لمختلف‬ ‫الحركات السياسية والفكرية والثقافية الرامية إلى النهوض باألمة العربية والسير بها إلى األمام‪ .‬لقد عرفت‬ ‫هذه المدينة أبناء تطوان منذ أوائل القرن العشرين أيضا‪ ،‬ففتحت ذراعيها لتحتضن الوافدين عليها منهم‪،‬‬ ‫طلبة علم‪ ،‬وشبابا جريئا‪ ،‬ورجاال مناضلين‪ ،‬فكانت حرك ٌة‪ ،‬وكانت مواقف‪ ،‬وكانت مظاهر تعبر عن رغبة أكيدة في‬ ‫تقريب غرب العالم العربي من شرقه‪.‬‬ ‫ثالث مدن عربية‪ ،‬من غرب ووسط وشرق العالم العربي‪،‬‬ ‫كانت بينها عالقات وروابط حفظها التاريخ‪ ،‬وسجلتها الوثائق‬ ‫والصور‪ ،‬واحتفظت بها الذاكرة الحية‪ ،‬والخزانات الخاصة التي تخلد‬ ‫الذكريات‪ ،‬وتوثق األحداث‪ ،‬مما يساعدنا على الغوص في الماضي‬ ‫البعيد‪ ،‬واستحضار الوجوه والشخصيات‪ ،‬واسترجاع المشاهد‬ ‫والوقائع‪ ،‬عبرة للحاضر‪ ،‬واستشرافا لما سيأتي في المستقبل‪.‬‬ ‫ومن أبرز وأهم الخزانات والمكتبات الخاصة بمدينة تطوان‪،‬‬ ‫الخزانة الداودية‪ ،‬وهي خزانة األستاذ محمد داود‪ ،‬مؤرخ هذه‬ ‫المدينة وصاحب موسوعتها التاريخية التي تضم اثني عشر مجلدا‪.‬‬ ‫فمن خالل هذه الخزانة‪ ،‬نستمد بعض الصور والمالمح الدالة على‬ ‫كثير من المواقف والمظاهر المعبرة عن التقارب الذي كان لمدينة‬ ‫تطوان مع المشرق العربي‪ ،‬وخاصة مع هذين المركزين البارزين‪،‬‬ ‫نابلس بفلسطين الشقيقة‪ ،‬والقاهرة بمصر العريقة‪.‬‬ ‫وسنلخص هذه الصور والمالمح‪ ،‬عبر العناصر أو المحطات‬ ‫اآلتية‪:‬‬ ‫‪ - 1‬المدرسة األهلية‪ ،‬أول مدرسة عربية حرة في شمـــال‬ ‫المغرب‪ ،‬وتعاملها مع المقــررات والكتب المدرسيــة‬ ‫المصرية سنة ‪.1925‬‬ ‫‪ - 2‬بوادر العالقــــة والتــقارب الثقافــي المغربي المشرقــي‬ ‫باستقطاب الصحافة العربية إلى تطوان سنة ‪.1926‬‬ ‫‪ - 3‬إرسال البعثات الطالبيــة التطوانيــة إلى الشرق العربي‬ ‫(فلسطين ومصر) منذ سنة ‪ .1928‬وإنشاء بيت المغرب‬ ‫بالقاهرة سنة ‪.1938‬‬ ‫‪ - 4‬الحملة المغربية الشعواء ضد الظهير البربري سنة ‪،1930‬‬ ‫وتأسيس خلية سرية للدفاع عن حقوق المغرب بمصر‬ ‫سنة ‪.1931‬‬ ‫‪ - 5‬الرحلة الشرقية لمؤرخ تطوان ذ‪ .‬محمد داود‪ ،‬وعالقته‬ ‫بأهم الشخصيات السياسية والعلمية بمصر سنة ‪.1935‬‬ ‫‪ - 6‬مساهمة تطوان في المؤتمر البرلماني العربي للدفاع عن‬ ‫فلسطين بالقاهرة سنة ‪.1938‬‬ ‫‪ - 7‬استفادة تطوان من الشباب المثقف الحديث العودة من‬ ‫مصر سنة ‪.1945‬‬ ‫‪ - 8‬الوفد الخليفي إلى جامعة الدول العربية سنة ‪.1946‬‬ ‫‪ - 9‬جهود جامعة الدول العربية من أجل خدمة القضية المغاربية منذ سنة ‪.1951‬‬ ‫وفيما يلي تفصيل هذه المحطات‪:‬‬ ‫‪ - 1‬المدرسة األهلية‪ ،‬أول مدرسة عربية حرة في شمال المغرب‪ ،‬وتعاملها مع المقررات والكتب المدرسية‬ ‫المصرية سنة ‪.1925‬‬ ‫المدرسة األهلية هي أولى المشاريع التعليمية والتربوية الهادفة التي سعت نخبة الغيورين على الوطن‬ ‫بمدينة تطوان إلى تأسيسها‪ ،‬بهدف تكوين جيل من الشباب المثقف والمتفتح‪ ،‬وكان ذ‪ .‬محمد داود (‪ )1‬عقلها‬ ‫المفكر‪ ،‬ومحركها المدبر‪ ،‬حيث هيأ لها من المقررات والمناهج ما اعتمد فيه على الكتب المدرسية التي كانت‬ ‫مقررة بمصر وبسوريا الشقيقتين‪ ،‬علما منه بأن هذه المناهج قد تم إعدادها واعتمادها من طرف هيئات تربوية‬ ‫مؤهلة‪ ،‬جعلتها تستحق أن تعتـمد وأن يُنسج على منوالها في مختلف األقطار العربية‪ ،‬وخاصة في تلك التي‬ ‫ما زالت في طور االلتحاق بالركب الحضاري العربي بالشمال اإلفريقي‪ .‬هكذا إذن نلمس أوائل البوادر التي‬ ‫تدل على التقارب بين المغرب والمشرق العربيين‪ ،‬بواسطة هذه المبادرة الطيبة الرامية إلى توحيد المسار‬ ‫التعليمي األولي بين التالميذ في المغرب والمشرق العربي‪.‬‬ ‫من جهة ثانية‪ ،‬نسجل مبادرة أخرى ال تقل أهمية عن هذه‪ ،‬وهي المتعلقة بمسألة الصحافة‪ ،‬فقد تجلى‬ ‫اهتمام ذ‪ .‬محمد داود بهذا الجانب‪ ،‬حيث إنه قد قام باالشتراك باسم نادي المدرسة األهلية في عدد من الصحف‬ ‫العربية المصرية‪ ،‬مثل‪« :‬المصور»‪ ،‬و«العرفان»‪ ،‬و«اللطائف المصورة»‪ ،‬و«المنير»‪ ،‬و«الهالل»‪ ،‬و«المقتطف»‪.‬‬ ‫فاستطاع بذلك أن ينقل الرأي العام المصري إلى المجتمع المغربي في عشرينيات القرن العشرين‪ ،‬إلى جانب‬ ‫أنه كان يعقد جلسات مع تالمذته في المدرسة األهلية المذكورة‪ ،‬من أجل مناقشة المقاالت الواردة في هذه‬ ‫الصحف‪ ،‬أوال لالستفادة من معلوماتها‪ ،‬وثانيا للتدرب على الكتابة على منوالها‪ .‬وبهذا يتمكن من مد جسور‬

‫‪17‬‬

‫بقلم‪ :‬حسناء داود‬

‫بين المغرب والمشرق العربيين‪ ،‬اللذين كانت بينهما حدود وفواصل وحواجز مادية ومعنوية تعوق عملية‬ ‫التقارب والتواصل‪.‬‬ ‫‪ - 2‬بوادر العالقة والتقارب الثقافي المغربي المشرقي باستقطاب الصحافة العربية إلى تطوان سنة ‪.1926‬‬ ‫مما ال شك فيه أن الصحافة هي المرآة المعبرة عن مشاعر الشعب‪ ،‬والمترجمة ألهم انشغاالته وآماله‬ ‫وأهدافه‪ ،‬والناقلة لكل ما يدور في الوسط الذي تصدر عنه‪ ،‬وبالتالي‪ ،‬فهي الوسيلة التي يمكنها أن تمد جسرا‬ ‫من التواصل والتعارف والتقارب بين المجتمعات واألقطار‪ ،‬مهما تباعدت مسافاتها‪.‬‬ ‫ولقد ظهر اهتمام ذ‪ .‬داود بموضوع الصحافة العربية الصادرة في مختلف البالد بالمشرق العربي‪ ،‬وذلك‬ ‫منذ شبابه المبكر‪ ،‬حيث كان يستقبل الجرائد والمجالت العربية المشرقية قبل سفره للدراسة بفاس سنة‬ ‫‪ ،1920‬رغبة منه في تقريب أخبار المشرق العربي إلى مغربه‪ ،‬كما كان مراسال لجريدة األهرام المصرية إبان‬ ‫الحرب التحريرية للزعيم محمد بن عبد الكريم الخطابي ضد قوات االحتالل‪ ،‬وهو أول من نشرت له جريدتا‬ ‫«األهرام» و«البالغ» المصريتان مقاالت سياسية تاريخية إخبارية من تطوان في أوائل العشرينيات من القرن‬ ‫العشرين‪ .‬وبين يدينا نماذج من كتاباته في جريدة «األهرام» المذكورة‪.‬‬ ‫وإدراكا من األستاذ محمد داود ألهمية الصحافة في حياة الشعوب والمجتمعات‪ ،‬فقد قام في سنة ‪،1926‬‬ ‫باالشتراك في عدة صحف عربية‪ ،‬إذ يقول في إحدى مذكراته للسنة المذكورة‪« :‬الجرائد والمجالت التي عندي‬ ‫فيها االشتراك اآلن هي هذه‪ :‬بمصر = «اللطائف المصورة» و»السياسة»‪ .‬وببيروت = «المعرض» و«العرائس»‪.‬‬ ‫وببغداد = «الحرية»‪ .‬وبتونس = «الصواب» و«النديم»‪ .‬وبالمغرب = «إظهار الحق»‪ .‬وأشتري‪« :‬المندو‬ ‫كرافيكو»(‪ )2‬و«اإلصالح»(‪ .)3‬وأقرأ‪« :‬المصور» و«الهالل» و«المقتطف»(‪( )4‬بنادي المدرسة األهلية)‪ .‬وكذلك‬ ‫«المنير» التونسية به‪ .‬كما أقرأ‪« :‬الوزير» و«لسان الشعب»(‪( )5‬بجمعية إحياء الصور التاريخية)»‪.‬‬ ‫ومن جملة تصريحاته في إحدى مذكراته أيضا‪ ،‬قوله‪« :‬اإلثنين ‪ 13‬شوال ‪ 1344‬هـ ‪ 26‬أبريل ‪ 1926‬م‬ ‫= أطالع في هذه األيام أعدادا توفرت لي من «السياسة»(‪ )6‬أللحقها بمجموعتها‪ ،‬وفي بالي أن أجدد االشتراك‬ ‫في «األهرام» عند انتهاء مدة «السياسة»‪ ،‬ألن هذه رغما عن حريتها‪ ،‬مقللة من األخبار الخارجية‪ ،‬بخالف‬ ‫«األهرام»‪ ،‬وإن من مزية «السياسة» أنها إسالمية وحرة‪ ،‬أما‬ ‫«األهرام» فعمومية يطلع فيها اإلنسان على مختلف اآلراء‪،‬‬ ‫وواسعة الموضوعات‪ ،‬وتعتني باألخبار الخارجية أكثر من كل من‬ ‫عداها فيما أرى»‪.‬‬ ‫كما يستنتج من بعض مذكراته أيضا أنه كان يقرأ ‪:‬‬ ‫«الشهاب» و«النجاح»(‪ )7‬و«األهرام»(‪ )8‬و»كل شيء» و«الفكاهة»‬ ‫و«الروايات المصورة»(‪ ،)9‬إذ كان من هذه الصحف ما يقرأه عند‬ ‫صديقه أحمد بن عبد الرحيم مدينة(‪ ،)10‬ومنها ما كان يقرأه‬ ‫ألنه كان يرد عليه من أجل البيع‪ ،‬حيث كان قد اتفق مع السيد‬ ‫مدينة المذكور على أن يستوردا معا بعض الجرائد والمجالت‬ ‫لبيعها مباشرة أو على يد وكيل لهما‪ ،‬وهي‪« :‬اللطائف المصورة»‪،‬‬ ‫و«المصور»‪ ،‬و«النيل»‪ ،‬و«الروايات المصورة»‪ ،‬و«األوالد»‪ ،‬و«كل‬ ‫شيء»‪ ،‬و«البالغ»‪ ،‬و«السياسة»‪ ،‬و«العالم»(‪...)11‬‬ ‫هكذا إذن كان ذ‪ .‬محمد داود يستقبل الصحف وينظمها‬ ‫في مجموعات‪ ،‬بل إن منها ما كان يأتي باسمه لغيره‪ ،‬فيتمكن‬ ‫من قراءته ثم تسليمه لصاحبه‪ ،‬وذلك ما يفهم من قوله في‬ ‫مقدمة مذكرة سنة ‪« :1932‬الصحف التي عندي اآلن منظمة‬ ‫هي‪« :‬المصور»‪ ،‬و«كل شيء»‪ ،‬آخذهما من (األدبية)(‪ )12‬بأجر‬ ‫كبقية الناس‪ ،‬و«النديم» مشترك فيه‪ ،‬وتأتيني «أم القرى»(‪،)13‬‬ ‫و«النهضة»(‪ ،)14‬و«النجاح»(‪ ،)15‬و«العرفان»(‪ ،)16‬و«الهداية»(‪،)17‬‬ ‫(‪)19‬‬ ‫و«الكويـــت»‪ ،‬و«العراقــــي»(‪ .)18‬وبواسطتــــي ‪« :‬الشهـــاب»‬ ‫لكنون(‪.»)20‬‬ ‫وهكذا سار ذ‪ .‬داود يقتني عن طريق االشتراك أو الشراء‬ ‫مجموعات من الصحافة العربية‪ ،‬حتى مأل بها رفوف مكتبته‬ ‫العامرة التي ما زالت شاهدة إلى اآلن على ما كان له من العناية‬ ‫الكبرى بالتواصل مع إخوانه وأصدقائه المشارقة منذ تلك الفترة‬ ‫المبكرة من حياته‪.‬‬ ‫ولعله من المناسب هنا‪ ،‬أن نشير إلى أن «الخزانة الداودية»‬ ‫بتطوان تتضمن اآلن‪ ،‬مجموعات من نوادر الصحافة العربية‬ ‫الصادرة في معظم األقطار العربية في غضون القرن العشرين‪،‬‬ ‫فضال عن مجموعات ونماذج وطرائف من الصحافة العربية‬ ‫الصادرة في مختلف أنحاء العالم‪ ،‬مما يجعلها مقصدا للباحثين‬ ‫والدارسين في هذا المجال من مختلف األرجاء‪.‬‬ ‫الهوامش‪:‬‬ ‫‪. 1‬‬ ‫‪ .2‬‬ ‫‪ .3‬‬ ‫‪ .4‬‬ ‫‪ .5‬‬ ‫‪ .6‬‬ ‫‪ .7‬‬ ‫‪ .8‬‬ ‫‪ .9‬‬ ‫‪ .10‬‬ ‫‪. 11‬‬ ‫‪ .12‬‬ ‫‪ .13‬‬ ‫‪ .14‬‬ ‫‪ .15‬‬ ‫‪ .16‬‬ ‫‪ .17‬‬ ‫‪ .18‬‬ ‫‪ .19‬‬ ‫‪ .20‬‬

‫ولد األستاذ محمد داود بتطوان سنة ‪ ،1901‬وتوفي بها سنة ‪.1984‬‬ ‫‪ Mundo Gráfico‬مجلة أسبوعية مصورة كانت تصدر باللغة اإلسبانية في مدريد ما بين سنتي ‪ 1911‬و‪.1938‬‬ ‫الصادرة بتطوان‪.‬‬ ‫الصادرة بالقاهرة‪.‬‬ ‫وكلتاهما من الجرائد الصادرة بتونس‪.‬‬ ‫جريدة كانت تصدر بالقاهرة‪.‬‬ ‫الصادرتان بقسنطينة في الجزائر‪.‬‬ ‫الجريدة المصرية الشهيرة‪.‬‬ ‫وهي مجالت مصرية أيضا‪.‬‬ ‫صديقه وشريكه في تأسيس «المكتبة األدبية»‪ ،‬وهي أول مكتبة وطنية تم تأسيسها في تطوان سنة ‪ ،1930‬كشركة‬ ‫مساهمة بين داود ومدينة المذكور‪.‬‬ ‫وهذه كلها جرائد او مجالت مصرية أيضا‪.‬‬ ‫يقصد (المكتبة األدبية) التي كان قد أنشأها صحبة صديقه أحمد مدينة‪.‬‬ ‫النديم جريدة كانت تصدر بتونس‪ .‬وأم القرى جريدة كانت تصدر بمكة المكرمة‪.‬‬ ‫جريدة كانت تصدر بتونس‪.‬‬ ‫جريدة كانت تصدر بقسنطينة (الجزائر)‪.‬‬ ‫مجلة كانت تصدر بصيدا (لبنان)‪.‬‬ ‫جريدة كانت تصدر ببغداد (العراق)‪.‬‬ ‫بالعراق أيضا‪.‬‬ ‫مجلة كانت تصدر بقسنطينة (الجزائر)‪.‬‬ ‫يقصد صديقه األستاذ عبد اهلل كنون‪.‬‬

‫(يتبع)‬


18

2019 ‫ �أكـتـوبر‬07 ‫ �إلى‬01 ‫الثالثـاء‬

)474( ‫لعبة السودوكو‬ ‫أصل اللعبة‬

‫ كانت معروفة منذ الثمانينيات‬،»SUDOKU« ‫لعبة السودوكو اليابانية األصل‬ .2005 ‫ إال أنها لم تظهر كلعبة ذات شعبية إال سنة‬،‫في اليابان‬

َ ‫ون �أُ َولئ‬ ‫ِك عَ َل ْيهِ ْم‬ ِ َّ‫ين �إِ َذا �أَ َ�صا َبتْهُ ْم ُم ِ�صي َب ٌة َق ُالوا �إِ َّنا لِه‬ ِ ‫ل َو ِ�إ َّنا ِ�إ َل ْي ِه َر‬ َّ ‫�ش‬ َ ِ‫ين َّالذ‬ َ ‫ال�صا ِب ِر‬ َ ‫اج ُع‬ ِ ِّ‫} َو َب ر‬ { ‫َ�ص َل َو ٌات م ِْن َر ِّبهِ ْم َو َر ْح َم ٌة َو�أُ َولئ َِك ُه ُم مْ ُال ْه َتدُ َون‬

)‫(�صدق اهلل العظيم‬

‫انتقل إلى عفو اهلل تعالى المرحوم‬

‫معنى كلمة سودوكو‬

)Nikagiru Sujiwa Dokushin( ‫كلمة سودوكو هي اختصار للجملة اليابانية‬ ‫ وهذه اللعبة عبارة عن عالمة تجارية لشركة‬.‫وتعني أن األعداد البد أن تكون مفردة‬ .Nikol

‫كيف تلعبها ؟‬

‫ وهي لوحة مقسمة إلى تسع مناطق كل‬،‫اللعبة تعتمد على المنطق لدرجة كبيرة‬ ‫ وعليك أن تمأل هذه الخانات أفقيا أو عموديا بأرقام من‬،‫منطقة مكونة من تسع خانات‬ ‫ حيث ال تستخدم الرقم إال مرة واحدة في جميع المربعات على العمود نفسه‬،9 ‫ إلى‬1 .‫ وتكون هناك أرقام موضوعة سابقا في بعض الخانات‬،‫أو السطر أو القطر‬

‫مفيدة لكن معقدة‬

‫ ويستخدمهـا مدرسو الرياضيات‬،‫اللعبة مفيـدة جدا لتقوية مهارات المنطـق‬ .‫ حسب الفئة المستهدفة‬،‫كتمارين للطلبة وتختلف درجة التعقيد‬

1013 ‫العدد‬

‫محمد الشعري‬

‫ وشيـع جثمانـه‬،‫ بعد مــرض عضال‬،2019 ‫ شتنبر‬29 ‫وذلك يوم األحد‬ ،‫الطاهــر في موكــب جنــائـزي مهيب حضره األهـــل واألحباب واألقارب‬ ‫وووري الثـرى بمقبــرة المجاهديــن بعـد صـالة العصر بمسجد محمد‬ .‫الخامس‬ »‫وبهذه المناسبة األليمة تتقدم أسرة تحرير جريدتي «طنجة والشمال‬ ‫ حسن‬: ‫ وإلى إخواتـه‬،‫ خديجـة ومريـم وسـارة‬: ‫إلى أرملتــه وأوالده‬ ‫ وإلى كل أفراد عائلته‬،‫وعبد السالم وإسماعيل وعبد الرحمان بأحر التعازي وأصدق المواســاة القلبية‬ .‫سائلين المولى عز وجل أن يتغمد الفقيد بواسع رحمته ويلهم أهله وذويه الصبر والسلوان‬

Annonce Légale ‫�إعـالن قـانونـي‬ ** BN IMPEX ** SARL

‫سرعة المالحظة‬

.‫ حاول أن تهتدي إليها‬،‫ اختالفات‬7 ‫بين الصورة واألصل‬

Aux termes d’un acte sous-seing privé en date 19/09/2019 à Tanger. Il a établi les statuts d’une société à responsabilité limitée dont les caractéristiques suivantes : DENOMINATION : ** BN IMPEX**SARL au capital social : 100.000 dirhams divise en 1000 parts de 100 (CENT) dirhams chaque part Repartis comme suit : Mr. –NHILI AYOUB : 500 parts. Mr. –EL HACHIMI EL BELGHITI MOHAMED YASSIN : 500 parts. OBJET: la société a pour objet principalement : IMPORT ET EXPORT DES APPAREILS MENAGERS ET DE JARDINAGE. SIEGE SOCIAL: MESNANA RDC LOT 6989 EN FACE SOUK AL KOURB –TANGERGERANCE : Mr. –NHILI AYOUB est désigné en qualité de gérant de la société et cela pour une durée illimitée. Mr. –EL HACHIMI EL BELGHITI MOHAMED YASSIN est désigné en qualité de gérant de la société et cela pour une durée illimitée. ANNEE SOCIALE : 1er janvier au 31 décembre de chaque année. BENEFICES : ils sont repartis entre les associés après prélèvement de la réserve légale (5%) proportionnellement à leurs apports au capital social. DEPOT LEGAL : le dépôt légal a été effectué au secrétariat-greffe du tribunal de commerce de Tanger en date du 27/09/2019 Les gérants : - Mr. –NHILI AYOUB - Mr. – EL HACHIMI EL BELGHITI MOHAMED YASSIN ------------------------------------------------------------------

** FARIDA FLEURS ** SARL AU

Aux termes d’un acte sous-seing privé en date 05/09/2019 à Tanger. Il a établi les statuts d’une société à responsabilité limitée a associé unique dont les caractéristiques suivantes : DENOMINATION : ** FARIDA FLEURS**SARL AU au capital social : 100.000 dirhams divise en 1000 parts de 100 (CENT) dirhams chaque part Repartis comme suit : Mme. –RAHIB FARIDA : 1000 parts. OBJET: la société a pour objet principalement : VENTES DES FLEURS.

‫حل السودوكو‬ 474 ‫رقم‬

SIEGE SOCIAL: BENI OURIAGHEL LOT HAMZA 68 –TANGERGERANCE : Mme. –RAHIB FARIDA est désigné en qualité de gérante unique de la société et cela pour une durée illimitée. ANNEE SOCIALE : 1er janvier au 31 décembre de chaque année. BENEFICES : ils sont repartis entre les associés après prélèvement de la réserve légale (5%) proportionnellement à leurs apports au capital social. DEPOT LEGAL : le dépôt légal a été effectué au secrétariat-greffe du tribunal de commerce de Tanger en date du 27/09/2019. La gérante : - Mme. –RAHIB FARIDA ------------------------------------------------------------------

** KENIKSI FRUITS ** SARL

Aux termes d’un acte sous-seing privé en date 23/09/2019 à Tanger. Il a établi les statuts d’une société à responsabilité limitée dont les caractéristiques suivantes : DENOMINATION : ** KENIKSI FRUITS**SARL au capital social : 100.000 dirhams divise en 1000 parts de 100 (CENT) dirhams chaque part Repartis comme suit : Mr. –KENIKSI ABDELHAMID : 500 parts. Mme. –JARJOUR FATIMA : 500 parts. OBJET: la société a pour objet principalement : VENTE ET COMMERCIALISATION DES FRUITS. SIEGE SOCIAL: MESNANA RDC LOT 6989 EN FACE SOUK AL KOURB –TANGERGERANCE : Mr. –KENIKSI ABDELHAMID est désigné en qualité de gérant de la société et cela pour une durée illimitée. Mme. –JARJOUR FATIMA est désigné en qualité de gérante de la société et cela pour une durée illimitée. ANNEE SOCIALE : 1er janvier au 31 décembre de chaque année. BENEFICES : ils sont repartis entre les associés après prélèvement de la réserve légale (5%) proportionnellement à leurs apports au capital social. DEPOT LEGAL : le dépôt légal a été effectué au secrétariat-greffe du tribunal de commerce de Tanger en date du 27/09/2019. Les gérants : - Mr. –KENIKSI ABDELHAMID - Mme. –JARJOUR FATIMA

‫لجميع إعالناتكم‬ ‫اإلشهارية واإلدارية‬ ‫يف جريدة‬

: ‫االتصال على الرقم‬ 0539943008


‫صفحة‬

‫‪19‬‬

‫�إعداد ‪ :‬م�صطفى ال�سباعي‬

‫العدد ‪1013‬‬

‫الثالثاء ‪� 01‬إلى ‪� 07‬أكتوبر ‪2019‬‬

‫مجرد رأي ‪:‬‬

‫ماذا بعد شغب مباراة‬ ‫الوداد ـ الجيش‬

‫?‬

‫ماحدث خالل وبعدمباراة الوداد البيضاوي‪-‬الجيش الملكي برسم الدور‬ ‫السادس عشر لكأس العرش شيء يندى له الجبين ويؤشر إلى عودة العنف‬ ‫والشغب إلى محيط الكرة المغربية‪.‬‬ ‫هذه الظاهرة الغريبة على الكرة الوطنية والتي كنا نعتقــد أنها بدأت‬ ‫تنقرض نسبيا بفعل الحمالت التحسيسية واإلجراءات الردعية عادت من جديد‬ ‫وهذه المرة مع بداية الموسم الرياضي وخالل مسابقة كأس العرش الجذيرة‬ ‫باالحترام ‪.‬‬ ‫الظاهرة الغريبة تجاوزت محيط الملعب هذه المرة إلى الطريق السيار بين‬ ‫الدار البيضاء والرباط مما أدى إلى مقتل أحد مناصري فريق الجيش الملكي‬ ‫وإصابة آخرين مما شكل خطرا هدد أرواح كل مستعملي الطريق‪.‬‬ ‫هذا التصرف الطائش جعل الدولـة تتدخل بسرعـة وبحزم وتصـدر بالغا‬ ‫تستنكر فيه ما وقع وتشير إلى اعتقال بعض من قاموا به في انتظار تقديمهم‬ ‫للمحاكمة‪.‬‬ ‫ونحن إذ نعود للحديث عن هذه الظاهرة الغريبة عن المجتمع المغربي‬ ‫نحذر من تبعاتها خاصة وأن مدينة الدار البيضاء تستعد من جديد الحتضان‬ ‫مباراة قوية بين الوداد البيضاوي و اتحاد طنجة برسم بطولة الدوري االحترافي‪..‬‬ ‫ونحن نعرف حجم وعدد مناصري الفريقين مما يتطلب الحيطة والحذر واتخاذ‬ ‫كل اإلجراءات سواء داخل ملعب محمد الخامس بالدار البيضاء وخارجه وأيضا‬ ‫بالطريق السيار حتى ال يتكرر المشهد المؤلم وتذهب األرواح البريئة جراء‬ ‫الطيش واالنفعال الزائد الذي يؤدي إلى إزهاق أرواح بريئة‪.‬‬

‫وجوه جديدة‬ ‫في المنتخب‬ ‫المغربي‬

‫ياسين بن رحو‬

‫منير الشعيور‬

‫أسماء جديدة يسبق لها تمثيل أسود األطلس وضعها المدرب وحيد خاليلوزيتش ضمن‬ ‫قائمة تتألف من ‪ 56‬العبا اختارهم لوديتي ليبيا والغابون وهي القائمة التي ستتقلص إلى‬ ‫النصف بداية من يوم غد األربعاء‪.‬‬ ‫وتضمنت القائمة الجديدة اسم ياسين بن رحو مهاجم نادي بوردو الفرنسي الذي اختار‬ ‫اللعب للمغرب عوضا عن الجزائر وفرنسا ومنير الشعيور ‪ 20‬سنة والعب فريق ديجون الفرنسي‪.‬‬ ‫ويالحظ أن نصف القائمة الجديدة التي وضعها خاليلوزيتش تتشكل من العبي الدوري‬ ‫المغربي الذين شاركوا مؤخرا مع المنتخب االولمبي مثل سفيان كيين وخالد حشادي ومحمد‬ ‫المرابط العب أولمبيك أسفي وزكريا الوردي العب الرجاء البيضاوي وعبد المنعم بوطويل العب‬ ‫الجيش الملكي‪.‬‬

‫اتحاد طنجة يهزم الفتح ويعبر للدور‬ ‫ربع النهائي لكأس العرش‬

‫املدرب نبيل نغيز‪« :‬الفوز حررين يف �أول جتربة يل باملغرب»‬ ‫تأهل اتحاد طنجة إلى الدور ربع النهائي لكأس العرش في‬ ‫كرة القدم عقب انتصاره في لقاء الدور ثمن النهائي على الفتح‬ ‫الرياضي بهدف دون مقابل‪.‬‬ ‫أحرز هدف الفوز لفارس البوغاز الالعب الليبي طاهر صالح‬ ‫سعيد من ركلة جزاء في الشوط اإلضافي الثاني بعد انتهاء‬ ‫الوقت األصلي للمباراة بالتعادل السلبي‪.‬‬ ‫المباراة اتسمت بالقوة والندية والفريق الرباطي سيطر على‬ ‫وسط الميدان وأغلق كل المنافذ مما خلق متاعب لالتحاد‪.‬‬ ‫التغييرات التي أقدم عليها المدرب نغيز وخاصة بعد إشراك‬ ‫الالعب العمراوي مكنت اتحاد طنجة من الضغط واصطياد ركلة‬ ‫الجزاء منحته التأهل للدور ربع النهائي حيث سيلتقى الفائز من‬ ‫مباراة حسنية أكادير – جمعية سال‪.‬‬ ‫وأبدى نبيل نغيز مدرب اتحاد طنجة سعاد ته بتحقيق الفوز‬

‫المغرب التطواني‬ ‫يعبر للدور ربع النهائي‬ ‫لكأس العرش‬

‫فوز صعب‪ ..‬ولكنه مستحق للمغرب التطواني على الراسينغ‬ ‫البيضاوي بركــالت الجـزاء الترجيحية في مبــاراة قوية اتسمت‬ ‫بالندية والحماس‪.‬‬ ‫الوقت األصلي واإلضافي انتهى بالتعادل اإليجابي ‪.1-1‬‬ ‫سجل للمغرب التطواني الالعب النيجيري طوني إيدجومار‪..‬‬ ‫ووقع هدف الراسينغ الالعب أيوب حلوم‪.‬‬ ‫وخالل ركــالت الجــزاء الترجيحيــة ابتسـم الحــظ للفريق‬ ‫التطوانــي في هذه المباراة التي شهـــدت طرد الالعبين عتيــق‬ ‫شهاب وعدنان الوردي‪.‬‬

‫على الفتح الرباطي والتأهل للدور ربع النهائي لكأس العرش‪.‬‬ ‫وقال في تصريحات صحفية أن المباراة كانت صعبة أمام‬ ‫فريق يتوفر على تنظيم دفاعي محكم‪.‬‬ ‫وبصراحــة فزنــا اليوم بمباراة وينتظرنا عمل كبيــر في‬ ‫المستقبل وعلى الالعبين أن يفرحــوا دون أن يغتروا وعليهم‬ ‫نسيان هذا الفـوز واالستعداد بجدية للمباريات القادمة حيث‬ ‫نسعى ونطمج لللتنافس ضمن األوائل‪.‬‬ ‫نبيل نغيز شكر الالعبين والطاقم التقني والطبي واإلداري‬ ‫والجماهير الوفية التي ساهمت بتشجيعاتها طيلة المباراة‬ ‫لتحقيق هذا الفوز الذي كنت بحاجة إليه يقول المدرب نغيز ألنه‬ ‫حررني من الضغوط في أول تجربة لي بالمغرب‪ ..‬الشيء الذي‬ ‫سيعطيني الثقة واألريحية للعمل أكثر من أجل تحقيق نتائج‬ ‫إيجابية في المستقبل‪.‬‬

‫المدرب السكتيوي‬ ‫يصدم المغرب التطواني‬ ‫رفع المدرب طارق السكتيوي‬ ‫شكــوى إلى لجنـــة النـــزاعـــات‬ ‫بالجامعة الملكية المغربية لكرة‬ ‫القدم عقب إقالتـــه من منصبـــه‬ ‫دون تمكينــه مـن مستحقــاتـــه‬ ‫المالية‪.‬‬ ‫السكتيــــوي طالــــب إدارة‬ ‫المغرب التطواني بدفــع راتبـــه‬ ‫لسنة كاملـــة عقـب االستغنـــاء‬ ‫عن خدمــــاتـه من قبـــل فريـــق‬ ‫الحمامة‪ ..‬كما طالب بمنحة قيادة‬ ‫المجموعة للبقاء في القسم األول‬ ‫ومستحقات مالية أخرى‪.‬‬ ‫ويطالــب السكتيـــوي بالحصــول على ‪ 250‬مليــون سنتيــم بعد‬ ‫االستغناء عن خدماته خالل مرحلة االستعدادات الصيفية بسبب خالف‬ ‫بينه وبين مسيري النادي الذي تعاقد مع المدرب اإلسباني أنخيل بياديرو‬ ‫مكانه‪.‬‬ ‫ويرتقب أن تحسم لجنة النزاعات في الشكوى المقدمة من طرف‬ ‫السكتيوي في حق المغرب التطواني الذي عاش الموسم الماضي أزمة‬ ‫مالية خانقة ترتبت عنها ديون ونزاعات تدخلت على إثرها الجامعة‬ ‫واقتطعت مبالغ مالية هامة من منحة ‪ 200‬مليون التي كان من المنتظر‬ ‫أن يتوصل بها المغرب التطواني كدفعة أولى في إطار الدعم المخصص‬ ‫لألندية تنفيذا لألحكام المترتبة عن نزاعات قديمة مع العبين حملوا‬ ‫قميص الفريق إضافة إلى المدرب السابق اإلسباني لوبيرا الذي طالب‬ ‫بمبلغ ‪ 210‬ماليين سنتيم‪.‬‬


‫الثالثـاء ‪� 01‬إلى ‪� 07‬أكـتـوبر ‪2019‬‬

‫العدد ‪1013‬‬

‫تذكرة سفر‬

‫السلسلة الرابعة‬

‫احللقة الثامنة‬

‫لقاءات حوارية‪ ،‬في حلقات متسلسلة‪ ،‬مع شخصيات مؤثرة في المجال العمومي المغربـي‬ ‫والعربـي واإلنساني‪ ،‬تستحضر تجربتهم في الحياة الخاصة والعامة‪ ،‬وترحل بهم عبر تذكرة‬ ‫سفر معنوية وروحية إلى الماضي والمستقبل‪.‬‬ ‫• عبد اإلله المويسي‬

‫مع األستاذ‬

‫محمد األشعري‬ ‫المحور الثاني ـ المسار الثقافي ـ‬

‫يحضر األستاذ محمد األشعري‪ ،‬في مخيال القراء المغاربة والمشتغلين بالحقل السياسي والمجتمعي الوطني‪،‬‬ ‫بصيغة الواحد المتعدد‪ ،‬فهو اإلنسان أوال‪ ،‬وهو الشاعر والكاتب الروائي والمناضل السياسي والناشط الحقوقي‪،‬‬ ‫وواحد من أبرز وجوه معتقلي سنوات الرصاص‪ .‬وهو الوزير الذي انعطف بمشروع الثقافة الوطنية نحو أفق اتسمت‬ ‫فيه بتبني مفهوم الصناعة الثقافية‪ ،‬وهو الذي سبق أن شغل قبلها منصب رئاسة اتحاد كتاب المغرب لثالث دورات‬ ‫عرفت خاللها هذه المؤسسة أقوى مراحل ديناميتها وإنتاجيتها‪.‬‬

‫طبعا السي محمد‪ ،‬هذ الصورة القوية‬ ‫التي حظي بها اتحاد كتاب المغرب لــدى‬ ‫شرائــح متنوعــة من المثقفين المغاربة‪،‬‬ ‫من خالل ما أنجزه على امتداد سنوات من‬ ‫النضال الجاد والمسؤول جعلـت الجميع‬ ‫وقتها يحلم ويتمنى االلتحاق واالنتساب‬ ‫إلى هذه المؤسسة العتيدة‪.‬‬ ‫بعد الكثيـر من المستجـدات التي‬ ‫طرأت على صورة االتحاد االعتبارية‪ ،‬كيف‬ ‫يتعاطـى السي محمـد مع «احتمـاالت»‬ ‫ممكنة‪ ،‬ربما ذات طابع سيء أو سلبي تجاه‬ ‫االتحاد؟‬ ‫أظن‪ ،‬أنه يجب وضع التحول الذي عرفه‬ ‫اتحاد كتاب المغرب في سياقه العام‪ ،‬فما‬ ‫نعيشه اآلن لم يعد هو نفس سياق السبعينات‬ ‫والثمانينات‪ ،‬ألن مسار التغيير السياسي الذي‬ ‫عرفه المغرب والذي تراوح بين االنفتاح النسبي‬ ‫والقبضة الحديدية‪ ،‬حتى الوصول إلى منعطف‬ ‫مغاير بتعديل الدستور وفتح الباب أمام تجربة‬ ‫التناوب‪ ،‬كل هذا غير بعمق كثيرا من األشياء‪،‬‬ ‫ومن بينها شروط العمل السياسي والثقافي‪.‬‬ ‫هناك هيئات كثيرة لم تتكيف مع هذا التحول‬ ‫ومن بينها اتحاد كتاب المغرب‪ ،‬وعوض أن‬ ‫تبني استراتيجيات جديدة للحفاظ على نفسها‬ ‫استكانت الى إنجازات الماضي وإلى أدوار‬ ‫الماضي دون أن تدرك أن ال شيء أسهل في‬ ‫النسيان من الصورة المكرسة والجامدة‪ .‬البد‬

‫إذن أن نأخذ اتحاد كتاب المغرب في هذا السياق‪،‬‬ ‫فاألحزاب لم تعد هي األحزاب‪ ،‬والصحافة لم تعد‬ ‫هي الصحافة‪ ،‬والجمعيات لم تعد هي الجمعيات‪.‬‬ ‫إذا كان اتحاد كتاب المغرب يريد أن يستمر فعليه‬ ‫أن يجد لنفسه دورا جديدا له مصداقية وله قبول‬ ‫لدى الرأي العام الثقافي ويعبر عن حاجة حقيقية‬ ‫يستشعرها الكتاب والرأي العام الوطني‪ ،‬وهذا‬ ‫األمر البد أن تقوم به أجيال جديدة من الكتاب‬ ‫لهم رؤيتهم للعمل الثقافي وأساليب عملهم‪،‬‬ ‫وال يمكن لألجيال القديمة أن تقوم بذلك نيابة‬ ‫عنهم أو مصادرة لحقهم في انجاز شيء مختلف‬ ‫يحافظ على قيم االتحاد‪ ،‬ويبتكر صيغ المستقبل‪،‬‬ ‫إذ مهما يكن فال أحد يستطيع أن يبعث اتحادا‬ ‫بصيغةالماضي‪.‬‬ ‫أعتقد أن هناك أجيال جديدة من الكتاب‬ ‫يجب عليها أن تكون في مقدمة من يهتم بحياة‬ ‫االتحاد‪ ،‬إذا كانت لديها هذه الرغبة‪ .‬ويجب أال‬ ‫نتصور مع ذلك أننا سنستعيد صورة ما لالتحاد‬ ‫من الماضي‪ .‬البد أن نعي بأن على االتحاد أن‬ ‫يتخذ شكال آخر من أشكال العمل الثقافي‪ ،‬ليس‬ ‫بالضرورة الشكل الذي فتحنا عليه أعيننا نحن‬ ‫في السابق‪ .‬لقد كانت لمجلة «آفاق» مثال صيت‬ ‫كبير داخل الوسط الثقافي‪ ،‬ولها رصيد قوي‬ ‫من المصداقية‪ .‬اآلن ال يمكن أن تحصل على‬ ‫انخراط الناس واهتمامهم فقط بمجلة‪ .‬من‬ ‫جانب آخر‪ ،‬البد أن تلعب المواقع الكترونية‪،‬‬ ‫والحضور في وسائط التواصل االجتماعي‪،‬‬ ‫واضطالع الذين ينتمون إلى ثقافة هذا‬

‫العصر‪ ،‬وألدوات هذا العصر‪ ،‬البد أن يقوم‬ ‫كل هذا بإحياء فكرة االتحاد بطريقة تالئم‬ ‫المستجدات‪.‬‬ ‫إن كل دعوة إلى تحنيط االتحاد في صورة‬ ‫ماضوية ال عالقة لها بالواقع‪ ،‬وال بتحوالت‬ ‫الواقع هي ضرب من الجنون‪ ،‬ومسألة ال يمكن‬ ‫أن تقبل‪ .‬لست من الذين يحبون تدبيج هجاءات‬ ‫مستمرة لما نحن عليه‪ ،‬لكننا نتحول شئنا أم‬ ‫أبينا‪.‬‬ ‫يجب أن ينصب التفكير على األشياء العملية‬ ‫البسيطة‪ ،‬وأن نتوقف عن تضخيم أنفسنا‪.‬‬ ‫هذه منظمة مهنية بسيطة يجب أن تفكر‬ ‫في قضايا القراءة والنشر وتوزيع الكتاب ومكانة‬ ‫األدب في المدرسة وفي الجامعة وفي المجتمع‬ ‫بصفة عامة‪ ،‬وفي قضايا حرية التفكير والتعبير‬ ‫واإلبداع‪ ،‬وفي ربط الجسور مع الناس‪ ،‬في‬ ‫التعاون مع أندية القراءة ومع جمعيات كثيرة‬ ‫في مغرب اليوم تُقاسمنا نفس االهتمامات‪،‬‬ ‫يجب أن يقبل االتحاد أنه منظمة بسيطة وليس‬ ‫عمالقا وإال فسيكون عمالقا بأقدام من طين‪.‬‬

‫مهمة االتحاد األساسية هي أن يستعمل‬ ‫الوسائل المتاحة اليوم‪ ،‬وبالطريقة التي تستعمل‬ ‫اليوم لصالح الثقافة المغربية عموما ولصالح‬ ‫الكتاب )وألح على هذه المسألة(‪ ،‬وأن يعتبر نفسه‬ ‫لبنة ضمن لبنات كثيرة‪ .‬الصوت المفرد والوحيد‬ ‫الذي كان يمثله االتحاد لم يعد ممكنا اآلن‪،‬‬ ‫هناك أندية للقراءة تقوم بعمل كبير‪ ،‬ربما أفضل‬ ‫ألف مرة مما يقوم به االتحاد اليوم‪ ،‬وأنا شخصيا‬ ‫أستفيد كثيرا من اللقاءات التي تنظم من قبل‬ ‫أندية للقراءة‪ ،‬وأكثر مما يمكن أن أستفيد‬ ‫من هذه اللقاءات التي ينظمها االتحاد‪ .‬هناك‬ ‫أيضا مواقع تهتم بالثقافة وبالمجال الثقافي‬ ‫ولكنها تفتقر إلى فاعلين لهم عالقة مباشرة‬ ‫بهذا المجال‪ ،‬ولذلك ترى كثيرا من االضطراب‬ ‫المسجل في هذا المجال‪.‬‬ ‫نحن نحتاج اليوم إلى االهتمام بالنص‬ ‫األدبي على مستوى القراءة وعلى مستوى‬ ‫المدرسة وعلى مستوى الجامعة‪ ،‬نحتاج إلى‬ ‫تنشيط نقاش واسع حول األدب‪ ،‬حول ضرورة‬ ‫األدب‪ ،‬حول خصائص األدب‪ ،‬حول الجماليات‬ ‫التي يساهم بها األدب في تكوين رؤيتنا للعالم‪.‬‬ ‫نحن نحتاج كذلك إلى وضع اعتباري للكاتب في‬ ‫مجتمعنا‪ ،‬وأن ال يكون آخر من يلتفت إليه‪ .‬غير‬ ‫مقبول أنه حتى في بطاقة الهوية أو جواز السفر‪،‬‬ ‫ال يمكن اليوم أن تحصل على حقك‪ ،‬كما في‬

‫جميع أنحاء العالم‪ ،‬بأن تكون لك صفة كاتب أو‬ ‫شاعر في الخانة الخاصة بالمهنة‪.‬‬ ‫إذن نحتاج لوضع اعتباري للكاتب في‬ ‫مجتمعنا‪ ،‬نحتاج للدفاع عن حقوقه‪.‬‬ ‫كثير من دور النشر تهضم الكاتب في‬ ‫حقوقه‪ ،‬ونحتاج كذلك للدفاع عن حرية الكاتب‬ ‫وحرية الكتابة‪ .‬نحن حتى اليوم نعيش‪ ،‬في‬ ‫بلداننا‪ ،‬نوعا من الرقابة المزدوجة على النص‬ ‫األدبي‪ ،‬الرقابة السياسية والرقابة األخالقية‬ ‫الظالمية‪ ،‬ويجب أن تكون هناك هيئات تقوم‬

‫بمقاومة مثل هذه التعسفات‪ .‬وإذا استطاع اتحاد‬ ‫كتاب المغرب أن يتحول إلى هيئة تقوم بهذا‬ ‫العمل المباشر‪ ،‬فأنا متأكد أن الجميع سيسعد‬ ‫بوجودها‪.‬‬

‫أظن السي محمد بأن هذا ما يفترض‬ ‫أن يقوم به االتحاد‪ ،‬وطبعا قـام به في‬

‫األخيرة‬

‫السابق‪ ،‬لكنه اليوم آل إلى وضع محزن‪،‬‬ ‫وضع ينذر بانتهائه هو نفسه كمنظمة‬ ‫وليس فقط كأدوار‪.‬‬

‫كما قلت‪ ،‬إذا تطورت األمور في االتجاه‬ ‫الذي ذكرت فهذا أمر جيد‪ ،‬وسيكون منطقيا‬ ‫ومطابقا للتحوالت التي نعيشها‪ .‬وإذا لم يحصل‬ ‫فكن متأكدا أنني لست من الذين سيقيمون‬ ‫«مناحة» كبرى لوفاة االتحاد‪.‬‬ ‫إن الهيئات بدورها تصل أيضا إلى نقطة‬ ‫النهاية في حياتها‪ ،‬إما أن تتحول تحوال تصبح‬ ‫معه وجودا آخر له دور يختاره بكل حرية وبكل‬ ‫وعي‪ ،‬وإما ال تستطيع أن تقوم بهذا التحول‬ ‫فتنتهي‪.‬‬ ‫لقد حدثت أشياء مماثلة حتى في المجال‬ ‫السياسي‪ ،‬حيث األمور أكثر قوة‪ ،‬وأكثر حساسية‪.‬‬ ‫يجب أال يكــون لنـا الهوس بتقديس‬ ‫اإلطارات‪ .‬اإلطارات هي ما هي عليه‪ ،‬وليس ما‬ ‫نتمنى أن تكون عليه أو تبقى عليه‪ .‬ويجب أن‬ ‫تكون لنا الجرأة على االنتقال إلى أدوار أخرى‪.‬‬ ‫إذا تأكد أن اتحاد كتاب المغرب لم يعد صالحا‪،‬‬ ‫فيجب أن ال نتمسك بإطارات جوفاء‪ .‬فاإلطارات‬ ‫هي أيضا كائنات حية تعيش وتموت‪.‬‬ ‫إذا كان أعضاء االتحاد اليوم قادرين على‬ ‫ابتكار صيغ جديدة الستمرار االتحاد‪ ،‬فهذا‬ ‫مطلوب ونتمناه‪ ،‬لكن إذا لم يستطيعوا ذلك‪،‬‬ ‫فأظن أنهم حتى إذا لم يعلنوا هم أنفسهم‬ ‫موته‪ ،‬فالحياة ستتكفل بذلك‪.‬‬

‫في الحلقة القادمة سننتقل إلى المحور‬ ‫الثالث والمتعلـق بالمسار السياسي في‬ ‫مشوار األستاذ محمد األشعري‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.