Achamal n° 1014 le 08 Octobre 2019

Page 1

‫محمد األشعري‬

‫ضيف سلسلة «تذكرة سفر»‬

‫الحلقة‬ ‫التاسعة‬

‫بعد المؤتمر االستثنائي أصبحنـا أمـام حـزب حديــث‬ ‫بكل ما في الكلمة من معنى‪ ،‬ليس ألنه جدد اسمه وجدد‬ ‫طريقة تنظيمه واآلليـات القيادية التي وضعها المؤتمر‬ ‫االستثنائي‪ ،‬بل ألنه كذلك أنشأ فكرة حديثة‪ ،‬فكرة الربط‬ ‫بين الديموقراطية واالشتراكية‪.‬‬ ‫الصفحة ‪20‬‬

‫أسرة التعليم تحتفل يوم ‪ 5‬أكتوبر‬ ‫باليوم العالمي للمدرس‬

‫شهادات فخر واعتزاز‬ ‫بشرف المهنة‬

‫الصفحة ‪15‬‬

‫امللحق‬ ‫القانوين‬

‫عامل إقليم العرائش‬ ‫غاضب من تدني‬ ‫الخدمات الصحية‬ ‫وغياب األطر الطبية‬ ‫باإلقليم‬

‫ال�شهري‬

‫إعالم جهوي متقدم‬ ‫املدير امل�س�ؤول ‪ :‬عبد احلق بخات ـ الهاتف ‪ 05.39.94.30.08 :‬ـ الفاك�س ‪05.39.94.57.09 :‬‬ ‫صفحة ‪7‬‬

‫العـدد ‪ 1014‬ـ الثمن ‪ 4‬دراهم ـ الثـالثـاء ‪� 09‬صـفـر ‪� 08 / 1441‬إلى ‪� 14‬أكـتوبـر ‪2019‬‬

‫صفحات ‪9‬ـ ‪10‬ـ ‪11‬ـ ‪12‬‬

‫على الرغم من التصدي الحازم لقوات حفظ األمن ضد العنف والجريمة‬

‫مشاعر انعدام األمن والخوف ال تزال قائمة‬

‫(أنظر ص ‪)8‬‬

‫الجامعة المغربية تدخل السجن‬

‫كلمة الشمال‬ ‫عبد اإلله المويسي‬

‫وقعت المندوبية العامة إلدارة السجون يوم ‪ 25‬شتنبر ‪ ،2019‬بمناسبة احتضان مدينة سال فعاليات الجامعة الخريفية‪ ،‬وقعت وثيقة تفاهم مع وزارة التربية الوطنية‬ ‫والتعليم العالي وجامعة محمد الخامس ومؤسسة محمد السادس إلعادة إدماج السجناء سيتم بمقتضاها صياغة إطار عام إلحداث فضاءات للدراسة الجامعية بالسجون‪.‬‬ ‫وسيتم الشروع العملي بتنزيل هذه المبادرة االستثنائية والنوعية‪ ،‬على مستوى السياق العربي‪ ،‬بفضاء أولي سيكون مقره بمركز اإلصالح والتهذيب بمدينة سال‪ ،‬في‬ ‫انتظار أن يتم تعميمه على الصعيد الوطني‪.‬‬ ‫وستحظى هذه الفضاءات الجامعية السجنية بنفس اإلمدادات اللوجستيكية التي تعرفها باقي الجامعات الوطنية من مدرجات وأقسام ومكتبات وإدارة‪.‬‬ ‫ويجدر التذكير بأن الفضاء السجني المغربي عرف على امتداد السنوات الخمس األخيرة دينامية نوعية بخصوص إقبال النزالء على استكمال دراساتهم الجامعية وصل‬ ‫عددهم إلى ‪ 4057‬نزيل طالب‪ ،‬يتوزعون على مختلف األسالك الدراسية الجامعية‪ ،‬من إجازة وماستر ودكتوراه‪.‬‬ ‫والواقع أن المبادرة شدت انتباه المغاربة‪ ،‬بما تنطوي عليه من وعي جوهري يتطلع إلى االستثمار في الرأس المال الرمزي‪ .‬هذا الوعي الذي يعطي االنطباع بوجود إرادة‬ ‫القطع القانوني والبيداغوجي مع المقاربات العقابية المتعسفة التي طبعت مسار المؤسسة السجنية سابق ًا‪ ،‬ورسم عنها صورة حقوقية مهولة في أذهان المغاربة‪.‬‬ ‫أكيد أن هذا األفق العقالني في التعاطي مع الفئة الخارجة عن القانون سيبشر بأدوار حضارية قد تلعبها المؤسسة السجنية بالمغرب مستقبال‪ ،‬وقد تتحول معها إلى‬ ‫مزود رمزي دينامي للتنمية البشرية‪ ،‬ومساهم قوي في مد الوطن بكفاءات مفترضة‪.‬‬ ‫يبقى األمل في أن تتسع المبادرة لتشمل بعض األسالك الثانوية‪ ،‬خصوصا إذا ما استحضرنا بأن غالبية كبرى من هؤالء السجناء الخارجين عن القانون هم شباب‪.‬‬ ‫مسعى آخر يحلم المغاربة بأن يتحقق ضمن هذا المشروع المتقدم‪ ،‬هو أن تتم مراجعة بعض القوانين التنظيمية السجنية‪ ،‬خاصة المتعلقة بالمقاربة النوعية‪ ،‬حيث أن‬ ‫هذه المبادرة الجامعية ستنطلق أوليا بفئة السجناء الذكور‪ ،‬في انتظار حل مشكل عويص متعلق بإلزامية الفصل بين الجنسين‪.‬‬

‫جريدة يوميـة جهـوية وطنية ت�صدر م� ً‬ ‫ؤقتـا كـل �أ�سبـوع • الإدارة‪ ،‬التحريـر‪ ،‬الإ�شهـار ‪ 7 :‬مكرر‪ ،‬زنقة عمر بن عبد العزيـز • الربيد الإلكـرتونـي ‪ info@achamal.ma :‬ـ املوقع الإلكرتوين ‪www.achamal.ma :‬‬


‫العدد ‪1014‬‬

‫‪2‬‬

‫الثالثـاء ‪� 08‬إلى ‪� 14‬أكـتـوبر ‪2019‬‬

‫يومية جهوية وطنية ت�صدر م� ًؤقتا كل �أ�سبوع‬

‫املوقع الإلكرتوين ‪:‬‬

‫«األصالة‬ ‫المتنكرة»؟‬ ‫مغارات‪..‬‬

‫محمد سدحي‬ ‫‪sadhimed@gmail.com‬‬

‫بوهريز‪ ،‬بخات‬ ‫و زفزاف عند شكري‪!! ..‬‬

‫رحل الكاتب الكبير الذي قلب الدنيا وشغل الناس‪ ،‬وخلف وراء‬ ‫ظهره جد ًال الينتهي‪ ..‬ولن ينتهي مادام أدب الهامش نابضاً‪ ..‬عائشاً‪..‬‬ ‫وألن الحديث (بعد الميت) خسارة‪ ..‬ومحفوف بالتشكيك‪ ،‬فليسمح‬ ‫صديقي األعز حسن بيريش‪ ،‬الكاتب االستثنائي الذي كلم شكري‬ ‫تكليماً‪ ،‬أن نحشره شاهداً فيما سوف يأتي‪:‬‬ ‫قدّم القاص الطري جماع خطوه األول المكتسي بالسواد لرائد‬ ‫السيرة الذاتية الروائية على امتداد خريطة الوطن العربي‪..‬‬ ‫قرأ األستاذ شكري عتبات المجموعة واستفهم‪:‬‬ ‫ كيف نط هاذ أخينا من البطولة (يقصد الرياضة) إلى الكتابة‬‫القصصية؟‬ ‫ال السي حسن يعلق‪ ..‬وال الداعي لكم بالخير يرد‪..‬‬ ‫انتقل الحديث من مدار إلى مدار‪ ..‬ومن مستوى إلى آخر‪ ...‬إلى أن‬ ‫قال الشحرور األبيض في منتصف الكأس‪ ،‬وفي سياق الكالم ‪:‬‬ ‫ ثالثة‪ ..‬ثالثة في طنجة‪ ..‬إذا تقطعت بك «الفرانات» فاقصد‬‫أحدهم‪ ..‬إنهم نبالء المدينة‪ :‬محمد بوهريز‪ ،‬عبد الحق بخات ومحمد‬ ‫زفزاف‪.‬‬ ‫ومرة أخرى ال أحد منا يعلق‪ ..‬ثم انصرفنا وتركنا كاتب طنجة األول‬ ‫يداعب ذبابة في زاوية من مطعم «إل دورادو»‪..‬‬ ‫***‬ ‫لم أكن أعرف عن السي محمد بوهريز سوى أنه مسير رياضي في‬ ‫طنجة‪ ،‬قاد اتحاد الكرة إلى تحقيق نتائج أفرحت جمهور البوغاز العاشق‪..‬‬ ‫ثم كان رئيساً للمكتب المديري للنادي متعدد التخصصات الرياضية‪..‬‬ ‫ثم رئيساً لمجلس جهة طنجة‪-‬تطوان‪...‬‬ ‫أما زميلنا السي عبد الحق بخات‪ ،‬فإن معرفتي به أطول وأعمق‪،‬‬ ‫وذلك منذ أن فتح لي باب جريدة طنجة وبعدها أسبوعية «الخضراء»‪،‬‬ ‫وأنا لم أبرح بعد ساحة الثانوية‪..‬‬ ‫في آخر قضية صعود ونزول من وإلى المحكمة‪ ،‬تلفت حواليّ فلم‬ ‫أجد أفضل من هذا الرجل الذي ما سمعته يوماً يشهر لفظة (ال) في وجه‬ ‫أحد‪ ..‬ولألسف الشديد‪ ،‬لدى بعضهم انطباع مغلوط عن هذا اإلنسان‪..‬‬ ‫انطباع يتغير بمجرد االحتكاك األول مع مدير جريدة القرن وغزّالة‪..‬‬ ‫جريدتنا‪.‬‬ ‫وعلى أي حال‪ ،‬ال يمكنني أن أستمر في ذكر مناقب الرجل وأنا في‬ ‫عقر داره‪ ..‬هذا مقال نؤجله إلى مقام آخر‪ ،‬بحول اهلل‪.‬‬ ‫وأما بجميل وفضل وصنيع السي محمد زفزاف فحدث‪ ..‬وال حرج‪.‬‬ ‫عندما رضخت لرغبة بعض زمالء العمل واقترفت فعل المشاركة‬ ‫في انتخابات الممثلين النقابيين‪ ،‬وجدت نفسي‪ ،‬دون سبق إصرار‬ ‫وترصد‪ ،‬العضو األصغر سناً وتجربة في المكتب النقابي‪ .‬وهو منصب ال‬ ‫يدرك بسهولة‪ ،‬لمن لم يدخل غمار التجربة قط‪.‬‬ ‫وكتقليد نقابي‪ ،‬عقد المكتب لقا ًء تواصلياً مع مدير المؤسسة‬ ‫الفرنسي «أوليفيي بران»‪ ..‬كلف زفزاف زمي ًال بتقديم األعضاء لمدير‬ ‫المؤسسة‪ ..‬يذكرهم بأسمائهم وصفاتهم ويزيد‪ ،‬من عنده‪ ،‬المنصب‬ ‫في العمل وبعض «التمالح»‪ ...‬ولمّا وصل عند صاحبكم أتى على‬ ‫ذكر االسم حافياً‪ ،‬ثم أشفعه بتحديد الصفة الجرباء‪( :‬قارئ العدادات)‪..‬‬ ‫فار مني الدم‪ ،‬وكاد الطفل السوقي ينبعث من داخلي قبل أن يتدخل‬ ‫المجرّب السي محمد زفزاف مغالباً ألم ضرس كان قد تخلص منه قبيل‬ ‫موعد اللقاء‪ ،‬ليستدرك‪:‬‬ ‫ فالن كاتب وصحافي‪ ...‬وأشياء أخري‪.‬‬‫استرجعت بعضاً من توازني‪ ،‬وعدت ألستقيم في جلستي‪ ..‬ومن‬ ‫يومها مأل الرجل عيني وخاطري‪..‬‬ ‫وعندما صب علي مواطن بسيط جمّ سبابه‪ ،‬وتقيأ علي ما تكتنزه‬ ‫أحشاؤه من بغضاء وحنق وحقد على المؤسسة التي أشتغل لحسابها‪،‬‬ ‫أغلقت عليّ باب غرفتي وبكيت على غير عادتي‪ ،‬وكان في مقدوري أن‬ ‫أسل لسانه وأبصق عليه ثم أرميه للكالب‪ ،‬ولكني لم أفعل ‪ ..‬فكرت‬ ‫بعدها في التخلص من أدران «الليكتورة» اللعينة‪ ..‬طنت في رأسي‬ ‫نصيحة صاحب زمن األخطاء‪ ..‬فكان أن تأبطت ضعفي ونتائج اختياراتي‬ ‫الخاطئة وطرقت باب مكتب السي محمد زفزاف‪ ..‬لم يتركني الرجل‬ ‫أسترسل في توضيح أمري وتبرير موقفي‪ ..‬حمل سماعة الهاتف وركب‬ ‫رقم ربيعة صابر رئيستي في الشغل‪ ..‬لم أكن أسمع ما يقال في الطرف‬ ‫اآلخر من الخط‪ ،‬لكني كنت أحس بأن ربيعة تتحجج بعدم وجود بديل‪..‬‬ ‫وكان رد الكاتب العام صريحاً وصارماً إذ قال‪:‬‬ ‫ يا ربيعة‪ ..! ‬هذا رجل مثقف وكاتب معروف لدى الناس في‬‫المدينة‪ ،‬وليس من الالئق أن تجبره المؤسسة على التجوال في األزقة‬ ‫والدروب وطرق أبواب البيوت‪...‬‬ ‫بعد أيام معدودات جاء الفرج‪ ،‬وأعفاني من أشياء كثيرة كنت أفكر‬ ‫فيها‪..‬‬ ‫***‬ ‫رجال ال ينتظرون منك جزا ًء وال شكوراً‪ ..‬إنهم يحبونك فقط ألنهم‬ ‫يحبونك‪ ..‬وأنا أحبهم فقط ألنهم هكذا‪ ..‬وال أملك أمام هذا سوى‬ ‫كلمات‪ ...‬ليست كالكلمات‪.‬‬ ‫نلتقي‪! ‬‬

‫‪www.achamal.com‬‬ ‫ت�صدر عن مطبعة جريدة طنجة‬ ‫المدير المسؤول ‪:‬‬

‫عبد احلــق بخــات‬ ‫رئيس التحرير ‪:‬‬

‫محمد العطالتي‬

‫عبد الإلـه املـوي�سـي‬

‫‪atlati.mohammed@gmail.com‬‬ ‫عقب استقالل المغرب سنـة ‪ 1956‬عن اإلدارة‬ ‫الفرنسية المباشرة‪ ،‬كان البلد يعرف ما يمكن تسميته‬ ‫حالة ارتباك في الوضع السياسي القائم‪ ،‬فالقصر‪،‬‬ ‫ممثال بالملك محمد الخامس‪ ،‬لم يكن على دراية تامة‬ ‫بأساليب الحكم‪ ،‬أما التشكيالت السياسية التي ظهرت‬ ‫في البلد‪ ،‬سواء خالل فترة الحماية أو بعدها‪ ،‬فقد كانت‬ ‫خطاباتها السياسية ال تزال قيد التشكل والتكوين في‬ ‫خضم تنافس محتدم بين أفكار تقليدية وأخرى ذات‬ ‫طابع «ثوري» تأثرت لحد ما بالخطابات الرنانة التي‬ ‫كانت سائدة آنذاك في المشرق العربي كالقـومية‬ ‫الناصرية واالشتراكيــة بتفسيراتهما الضبابيـة لواقـع‬ ‫األزمة التي تعيشها البلدان العربية‪.‬‬ ‫لكن‪ ،‬مع وفاة محمد الخامس وتولي ابنه الحسن‬ ‫الثاني زمام الحكم‪ ،‬عرف المغرب صراعات حادة بين‬ ‫القصر من جهة‪ ،‬وبعض التنظيمات السياسية ذات‬ ‫المنحى اليساري بأبعاده المختلفة‪ ،‬من جهة ثانية‪،‬‬ ‫وقد شكلت هذه الصراعات‪ ،‬بالنسبة للحسن الثاني‪،‬‬ ‫الذي درس في كليات الحقوق والقانون‪ ،‬درسا تطبيقيا‬ ‫بليغا استفاد منه بشكل ممتاز حيث عمل منذ البداية‬ ‫على تقزيم الدور المتنامي لألحزاب «الثورية» وتمكين‬ ‫القصر من استعادة الدور المركزي في الحكم‪ ،‬وذلك‬ ‫قبل أن يتمكن من منح المغرب‪ ،‬سنتين بعد توليه‬ ‫السلطة‪ ،‬أول دستور يكرس دور الملك كجهة مركزية‬ ‫في إعداد السياسات العامة وتنفيذها‪.‬‬ ‫ولعل أهم معطى جديـد أتى به دستـور ‪62‬‬ ‫«الممنوح»‪ ،‬على األقل بالنسبة للملك‪ ،‬هو منع‬ ‫سياسة «الحزب الوحيد»‪ ،‬وهكذا استطاع الحسن‬ ‫الثاني عبر هذه التقنية الدستورية احتكار «األحادية»‬ ‫لصالح مؤسسة الملك بعدما تمكن من نفيها عن‬ ‫أي «مؤسسة حزبية» يُحتمل أن تستحوذ على مزايا‬ ‫الحكم وتهيمن على المشهد السياسي العام‪.‬‬ ‫لكن الحسن الثاني‪ ،‬خريج كلية الحقوق‪ ،‬عمل‬ ‫على امتداد سنوات لإلستفادة من الواقع الدستوري‬ ‫المستحدث بشكل كبير‪ ،‬بحيث عمل ما في جهده‬ ‫على فرض واقع التعددية الحزبية‪ ،‬سواء كان ذلك‬ ‫بنقل الحزب الواحد من صيغته «الوحيدية» إلى واقع‬ ‫«الثنائية»‪ ،‬أو من خالل التشجيع على صناعة أحزاب‬ ‫«جديدة»‪ ،‬ذلك أن الملك وَعى مبكرا الدور «الهام»‬ ‫لألحزاب السياسية في المشهد السياسي العام‪ ،‬على‬ ‫األقل من الناحية النظرية‪ ،‬وأنه ال غنى للقصر عنها‬ ‫إذا كانت له رغبة االستمرار وتبوأ مكان الصدارة في‬ ‫مؤسسات الحكم‪.‬‬ ‫«الفلسفة الحسنية» في أساليـب الحكــم‪ ،‬لم‬ ‫تنته بشكل مطلق مع وفـاة الملك الحسن الثاني‪،‬‬ ‫بل استطاعت تطوير نفسها والتفاعل مع األوضاع‬ ‫الجديدة التي أعلن عنها الملك محمد السادس غداة‬ ‫توليه عرش والده‪ ،‬تطوير «الفلسفة الحسنية» اتخذ‪،‬‬

‫من خالل مضامينه‪ ،‬بعدا مغايرا لما كان عليه الوضع‬ ‫في بداية مراحل حكم الحسن الثاني‪ ،‬فإذا كان األخير‬ ‫ابتعد عن اليسار نحو الوسط خالل هذه الفترة‪ ،‬فإن‬ ‫خلفه عمل من أجل المصالحة مع «اليسار»‪ ،‬لكن دون‬ ‫إقصاءلـــ»اليمين»‪.‬‬ ‫في هذا السياق‪ ،‬يمكن الحديث عن ميالد حزب‬ ‫جديد في حينه‪ ،‬اختار لنفسه إسما بمالمح تحيل على‬ ‫خاصية «الوسطية»‪ ،‬فقد قدم نفسه كحزب ال يضع‬ ‫قطيعة بين مفهومــــي «األصالــة» و «المعاصرة»‬ ‫وأنـه ال يرى مانعا في الجمع بينهما في تشكيل واحد‬ ‫يضمن ممارسة الحزب لسياسته دون حرج‪.‬‬ ‫و بالفعل‪ ،‬تشكلت النـواة األولى لهذا الحـزب‬ ‫من خالل عديد المناضليــن ممن كانـوا سباقــيـن‬ ‫لإليمان بعقيدة «اليسار الديموقراطي»‪ ،‬وكان في‬ ‫«مجموعتهــم» هاتـه‪ ،‬رجل يحمـل اســم «إلياس‬ ‫العماري»‪ ،‬وهو رجل ريفي نذر حياته للنضال النقابي‬ ‫السري في صفوف التالميذ وللنضال السياسي في‬ ‫اليسار السري منذ أواسط الثمانينات‪.‬‬ ‫الرجل‪ ،‬انتقل فيما بعد لتطوير مساره السياسي‬ ‫في هرمية الحزب الجديد قبل أن يتوجه سريعا بتقلد‬ ‫مهام قيادته العامة محمال بإرثه النضالي‪ .‬لكن‬ ‫المفاجأة المتوقعة‪ ،‬التي لم يتمكن العماري من تفادي‬ ‫حدوثها‪ ،‬هي أن الحزب المشكل على مبدأ «ثنائية‬ ‫األضالع» قد أصبح يصاب بالتشوه‪ ،‬كنتيجة لالمتداد‬ ‫األوسع واألضخم لــ «ضلع اليمين» على حساب‬ ‫تقلص وانكماش «ضلع اليسار»‪ ،‬وقد حاول إلياس‪،‬‬ ‫مستعينا بمركزه وأدبياته السياسية أن يحفظ لليسار‬ ‫هيبته وأن يحد من امتداد اليمين داخل حزبه‪ ،‬أمال في‬ ‫«ترويضه» بطريقة ال غالب وال مغلوب‪ ،‬لكن المفاجأة‬ ‫التي صدمت العماري لم تكن سوى اكتشافه بأن ما‬ ‫كان يعتبره «يمينا سياسيا» داخل الحزب لم يكن‬ ‫يمينا حقيقيا حامال لمشروع ما‪ ،‬بل هو في واقع األمر‬ ‫مجرد كتلة من االنتهازيين والمتملقين‪.‬‬ ‫و كان هذا درسا بليغا في علم السياسة المغربية‬ ‫«المعاصرة» لكنه أيضا ذلك الدرس الذي لن ينهي‬ ‫مسيرة هذا الرجل المناضل‪ ،‬ولعل واقع الحزب اآلني‬ ‫في حاجة إلى الحكمة التي اكتسبها إلياس العماري‬ ‫وطرحها أمام إمكانية إعادة التجربة على أرض‬ ‫الواقع «المعاصر» مع االستفادة من أخطاء «األصالة‬ ‫المتنكرة»‪.‬‬

‫المجلس الحضري لطنجة‬

‫نسف الجلسة األولى من الدورة العادية‬ ‫لشهر أكتوبر‪2019‬‬ ‫مرة أخرى لم يتم التوفيق النعقاد الجلسة األولى من الدورة العادية لشهرأكتوبر‪ 2019‬الخاصة بالمجلس‬ ‫الحضري لطنجة والتي حضرها عدد كبير من المواطنات والمواطنين بقاعة مجلس الجهة‪ ،‬حيث تسبب بعضهم‬ ‫في نسفها خالل بداية نقطة العرض اإلخباري لعمدة المدينة رافعين شعارات والفتات عليها صور ساخرة لرئيس‬ ‫المجلس‪ ،‬فضال عن عبارات تتضمن اإلشارة إلى مطالب السكان واستنكاراتهم بسبب سياسة‪ ،‬ينعتونها بالتهميش‬ ‫واإلقصاء‪ ،‬األمر الذي دفع بالرئيس محمد البشيرالعبدالوي إلى توقيف الجلسة لمدة عشردقائق‪ ،‬انصرف خاللها‬ ‫مجموعة من األعضاء‪ ،‬قبل أن يحولها إلى جلسة مغلقة ممنوعة في وجه المواطنين والمواطنات وكذا في وجه‬ ‫وسائل اإلعالم‪ ،‬في ظل تعذراستمرارها مفتوحة‪.‬‬ ‫وليست هذه هي المرة األولى التي تنسف فيها الدورة‪ ،‬بل عرفت الدورات السابقة لهذا المجلس أحداثا‬ ‫مشابهة‪ ،‬وذلك خالل الدورة االستثنائية لشهر دجنبر وشهر فبراير ودورة ماي العادية ودورة يوليوز االستثنائية‪،‬‬ ‫لتتعطل مصالح المواطنين أكثر فأكثر‪ ،‬وكذا مصالح وشوون المدينة التي تبقى عرضة لسياسة الشد والجذب واللعب‬ ‫بصنوفه وألوانه‪ ،‬في غياب الدورالناجع للسلطات المحلية‪.‬‬

‫م‪.‬إمغران‬

‫هيئة التحرير ‪:‬‬

‫عبد اللطيف �شهبون‬ ‫زبيـدة الورياغلـي‬ ‫�أ�سامـة الزكــاري‬ ‫ر�ضوان احدادو‬ ‫هدى املجاطـي‬ ‫محمد العطـالتي‬ ‫محمد �إمغــران‬ ‫محمد �سـدحــي‬ ‫عبد احلـي مفتـاح‬ ‫م�صطفى ال�سباعي‬ ‫اإلدارة واإلشهار والعالقات العامة ‪:‬‬

‫محمد طارق بخات‬ ‫اإلخراج والتصفيف‪:‬‬

‫«جريدة ال�شمال»‬ ‫عنوان التحرير والمراسالت والتسويق‬ ‫واإلشهار ‪:‬‬

‫‪ 7‬مـكـــرر‪ ،‬زنقـة عمــر بــن‬ ‫عبد العزيز ـ طنجــة ـ‬ ‫الهاتــف ‪:‬‬ ‫‪05.39.94.30.08‬‬ ‫‪06.22.45.30.67‬‬ ‫الفاكــ�س ‪:‬‬

‫‪05.39.94.57.09‬‬ ‫الربيد الإلكرتوين ‪:‬‬

‫‪info@achamal.com‬‬ ‫‪achamal2000 @gmail.com‬‬ ‫سحب من هذا العدد ‪:‬‬

‫‪� 10‬آالف ن�سخــة‬ ‫التوزيع‪:‬‬

‫�سبـريــ�س ‪Sapress‬‬ ‫الإيداع القانوين‪99/10 :‬‬ ‫ر‪.‬د‪.‬م‪.‬ك‪:‬‬

‫‪I.S.S.N : 1114-1832‬‬


‫الثالثـاء ‪� 08‬إلى ‪� 14‬أكـتـوبر ‪2019‬‬

‫العدد ‪1014‬‬

‫درد‬

‫شة‬

‫م�صطفى حجاج‬

‫دردشة‬ ‫انتهى الصيف‪ ،‬وحل الخريف‪ ،‬وفتحت المدارس أبوابها‪ .‬وها هو هـذا األب‬ ‫المسكين‪ ،‬قد هيأ نفسه وجيبه للمدرسة‪ ،‬ونفقات التدريس‪ ،‬وميزانية الدروس‬ ‫الخصوصية‪.‬‬ ‫ورغم أن الصيف أخذ منه ما أخذ‪ ،‬ورغم أن عيد األضحى أخذ منه ما أخذ‪ ،‬فإنه‬ ‫ال زال واقفاً على قدميه‪ ،‬يصارع الزمن‪ ،‬ومتطلبات الحياة‪.‬‬ ‫لقد قال لي ْ‬ ‫بعظمة لسانه‪ :‬إنه لم يتعود منذ وضع رجله على عتبة بيت‬ ‫الزوجية أن يقول‪« ،‬ال»‪ ،‬فال في نظره استسالم‪ ،‬ال يرضاه لنفسه‪ ،‬وال ألهل بيته‪.‬‬ ‫هذا عالوة على أن ربة البيت يجب أن تظل «على خاطرها»‪ ،‬ورغم أن خاطرها‬ ‫مك ّلف‪ ،‬فقد أَلفَ ركوب الصعاب‪ ،‬وتذليل العقبات‪ ،‬فما أن ينتهي من تذليل عقبة‪،‬‬ ‫حتى تعترضه األخرى وكأنه مروّض حيوانات‪ ،‬ما أن يطوّع واحداً منها حتى يقف‬ ‫في طريقه حيوان آخر‪ ،‬فاغرا فاه‪ ،‬مكشرا عن أنيابه‪ ،‬مستعدا لالنقضاض عليه‪.‬‬ ‫إنها المسؤولية‪ ،‬مسؤولية بيت وزوجة وأوالد‪ ،‬يريدون أن يعيشوا العيش‬ ‫الكريم‪ ،‬ويأخذوا حقهـم كامال غير منقوص في التعليم‪ ،‬ويضمنـــوا ألنفسهم‬ ‫المستقبل السعيد‪.‬‬ ‫وهو هو مفتاح هذه السعادة‪ ،‬أحب أم كره‪ ،‬توفرَ على الوسائل الموفرة لها‬ ‫أم لم يتوفر‪.‬‬ ‫لكن أمله في اهلل كبير‪ .‬وها هي تعليمات جاللة الملك‪ ،‬توشك أن تنزل‬ ‫إلى أرض الواقع‪ ،‬وآنذاك ستتوفر له وألسرته الصغيرة جميعُ الضمانات الالزمة‬ ‫للعيش الكريم‪ ،‬والحياة اآلمنة المطمئنة‪ ،‬وستفتح – إن شاء اهلل – صفح ٌة جديدة‬ ‫للطبقة التي لم تنصف‪ :‬طبقة الكادحين والمستضعفين والمهمشين‪.‬‬ ‫وإن غداً لناظره قريب‪.‬‬

‫دورة المجلس اإلقليمي لشتنبر ‪2019‬‬

‫المجلس اإلقليمي لشفشاون يساهم في‬ ‫دعم األنشطة المدرة للدخل بعد عملية تحرير‬ ‫الملك العمومي بمدينة شفشاون‬ ‫ عبد الحي مفتاح‬‫في إطار دورته العادية لشهر شتنبر ‪ 2019‬عقد المجلس اإلقليمي‬ ‫لشفشاون اجتماعه برئاسة عبدالرحيم بوعزة رئيس المجلس وحضور محمد‬ ‫علمي ودان عامل اإلقليم‪ ،‬وقد تضمن جدول أعمال هذه الدورة ‪ 14‬نقطة‪ ،‬همت‬ ‫قضايا مختلفة تتعلق بالجانب التدبيري والتنموي لإلقليم‪.‬‬ ‫في هذه الدورة صادق المجلس باإلجماع على اتفاقية شراكة مع المبادرة‬ ‫الوطنية للتنمية البشرية من أجل دعم األنشطة المدرة للدخل‪ ،‬وقد جاءت هذه‬ ‫االتفاقية‪ ،‬كما أوضح عامل اإلقليم‪ ،‬في سياق اإلجابة المسؤولة على االنعكاسات‬ ‫االجتماعية لعملية تحرير الملك العمومي التي قامت بها السلطات المحلية‬ ‫بمدينة شفشاون والتي خلفت ارتياحا واسعا لدى السكان ألنها أعادت األمور‬ ‫إلى نصابها وأنقذت المدينة من حالة الفوضى التي أغرقت فيها منذ عقود‪.‬‬ ‫وقد رصد لهذه االتفاقية‪ ،‬مراعاة للوضعية األسرية واالجتماعية لعدد من األفراد‬ ‫المتضررين الذين مستهم عملية تحرير الملك العمومي‪ 7 ،‬ماليين درهم‪،‬‬ ‫وستباشر السلطة اإلقليمية بتنسيق مع المجلس اإلقليمي‪ ،‬وفق مقاربة تشاركية‪،‬‬ ‫مشاورات مع المعنيين باألمر من أجل التنفيذ الفعال لالتفاقية والتنزيل السليم‬ ‫لها‪ ،‬وقطع الطريق أمام االستثمار السياسوي لعملية تحرير الملك العمومي‬ ‫وترويج المغالطات المجانبة لقيم المواطنة والمصلحة العامة‪.‬‬ ‫ويساهم المجلس اإلقليمي في هذه االتفاقية ب ‪ 4‬ماليين درهم‪ ،‬وفي‬ ‫هذا اإلطار عبر رئيس المجلس واألعضاء المتدخلون عن دعم كل المبادرات‬ ‫التي تستهــدف صيانــة‬ ‫كرامة المواطن ومحاربة‬ ‫الفقر والهشاشة‪ ،‬ومواصلة‬ ‫مجهودات المجلس لخدمة‬ ‫المصلحةالعامةواالستجابة‬ ‫النشغاالت السكان في إطار‬ ‫المشروعية واالختصاصات‬ ‫االجتماعية التي أناطه بها‬ ‫المشرع‪.‬‬ ‫ومن جهة أخرى وفي‬ ‫نفس السياق‪ ،‬صادق المجلس على مشروع اتفاقية شراكة إلنجاز كهربة ‪15‬‬ ‫دوارا ب ‪ 7‬جماعات بتراب اإلقليم‪ ،‬والتي ساهم فيها ب ‪ 4‬ماليين درهم‪ ،‬ويعكس‬ ‫هذا المشروع إرادة المجلس في استكمال تعميم الكهربة القروية باإلقليم وفق‬ ‫منهجية تدرجية وتضامنية تراعي االمكانيات المتاحة‪ ،‬وتستهدف الدواوير التي‬ ‫لم تستفد من البرامج السابقة‪ ،‬في إطار العدالة المجالية‪ ،‬على اعتبار أن الكهربة‬ ‫تعتبر من الدعامات األساسية لتحديث بنيات اإلقليم ورافعة للتنمية االجتماعية‬ ‫واالقتصادية والتشجيع على االنتاج المدر للدخل‪.‬‬ ‫وفي نفس القطاع صادق المجلس على اتفاقية شراكة من أجل الربط‬ ‫الكهربائي بمركز دار أقوباع‪ ،‬وذلك في إطار استكمال التأهيل الحضري لهذا‬ ‫المركز الذي سيشكل قطبا واعدا لالستثمار المنتج في المستقبل‪ ،‬والذي من‬ ‫شأنه أن يخلق فرصا للشغل بمحيط مدينة شفشاون‪.‬‬ ‫وفي إطار الجهود المبذولة لتحسين نسب التمدرس ومحاربة الهدر‪،‬‬ ‫والدفع بقطاع التربية والتكوين ليحتل المكانة التي تليق به كقطاع اجتماعي‬ ‫أساسي وحيوي‪ ،‬ولكي يتم تدارك التأخر التي يسجله اإلقليم على مستوى الجهة‪،‬‬ ‫النقل المدرسي يحظى قطاع النقل المدرسي بأولوية من طرف المجلس في هذه‬ ‫الوالية‪ .‬وفي هذا الصدد صادق هذا األخير على ثالثة مقررات تهم هذا المرفق‬ ‫العمومي وتدبيره‪ ،‬وأجل التصويت على مشروع مقرر يتعلق بالنظام االساسي‬ ‫لشركة التنمية المحلية لتدبير وتسيير مرفق النقل المدرسي‪ ،‬ووبخصوص هذه‬ ‫النقطة‪ ،‬طالب عدد من أعضاء المجلس إعادة النظر في االشتراطية المعرقلة‬ ‫التي فرضتها رئاسة مجلس جهة طنجة تطوان الحسيمة على إقليم شفشاون‬

‫‪3‬‬

‫فيما يخص ربط تسليم هبة ‪ 81‬حافلة للنقل المدرسي بعملية إحداث شركة‬ ‫التنمية اإلقليمية لتسيير مرفق النقل المدرسي‪ ،‬حيث إن اإلجراءات المسطرية‬ ‫الطويلة لخلق شركة التنمية ستكون وراء التأخر الملحوظ الستغالل الحافالت‬ ‫وبالتالي تقويض الجهود الهادفة إلى تلبية الحاجيات االجتماعية الملحة في‬ ‫مجال التربية والتكوين وحرمان العديد من التلميذات والتالميذ من استكمال‬ ‫مسارهم الدراسي‪ ،‬كما تمت مطالبة رئاسة مجلس الجهة بعدم الكيل بمكيالين‪،‬‬ ‫وبالتعامل على قدم المساواة بين أقاليم الجهة‪.‬‬ ‫هذا وفي مجال النقل العمومي‪ ،‬تدارس المجلس موضوع النقل بين‬ ‫الجماعات من خالل العرض الذي تقدمت به مصالح وزارة التجهيز والنقل إقليميا‪،‬‬ ‫حيث سجل أعضاء المجلس في نقاشهم أن قطاع النقل باإلقليم يعاني من عدة‬ ‫اختالالت مع أنه قطاع استراتجي في التنمية االقتصادية واالجتماعية‪ ،‬وفي‬ ‫الدفع بعجلة السياحة‪ .‬ودعا أعضاء المجلس إلى محاربة ظاهرة النقل السري‪،‬‬ ‫وفتح الباب أمام االستثمار المشروع في هذا القطاع وفق رؤية تراعي خصوصيات‬ ‫اإلقليم‪.‬‬ ‫ومن القطاعات االجتماعية التي تستأثر بالعناية المستمرة للمجلس ودعمه‬ ‫نجد قطاع الصحة‪ ،‬حيث إن مساهمات المجلس في هذا الباب ال يمكن ألحد‬ ‫إنكارها‪ ،‬وخالل هذه الدورة وافق المجلس على اتفاقية أبرمها مع الجماعة الترابية‬ ‫لبني فغلوم والمديرية اإلقليمية للصحة والتي تخص تأهيل وإصالح سكنيات‬ ‫ألطر الصحة بهدف توفير‬ ‫الظروف المالئمة الستقرار‬ ‫الموارد البشرية والتشجيع‬ ‫على العمل بالوسط القروي‪،‬‬ ‫وقد ثمن أعضاء المجلس‬ ‫في تدخالتهم هذه المبادرة‬ ‫مقترحين تعميم التجربة‬ ‫على مستوى اإلقليم‪ ،‬في‬ ‫إطار تعاقدي مع الجماعات‬ ‫المعنيةوالمندوبية‪.‬‬ ‫وفي إطار عناية المجلس بالعرض التكويني باإلقليم‪ ،‬تدارس المجلس‬ ‫اإلمكانيات المتاحة والواقع الحالي للتكوين المهني باإلقليم بحضور المدير‬ ‫الجهوي للتكوين المهني وإنعاش الشغل‪ ،‬حيث دعا السادة أعضاء المجلس‪،‬أثناء‬ ‫المناقشة‪ ،‬إلى مالءمة شعب التكوين مع مؤهالت اإلقليم وخصوصياته‬ ‫اإلنتاجية‪ ،‬وااللتزام بتكافؤ الفرص والمساواة بين الجنسين في الولوج إلى‬ ‫معاهد التكوين‪ ،‬مع توسيع االستفادة من الداخليات والمنح‪ ،‬وتمكين أبناء العالم‬ ‫القروي من فرص التكوين باستثمار اإلمكانيات المتاحة لدى المديرية الجهوية‬ ‫في إطار العدالة المجالية‪.‬‬ ‫وصادق المجلس على اتفاقية مالءمة مجموعة الجماعات الترابية «التعاون»‬ ‫مع مقتضيات القانون التنظيمي للعماالت واألقاليم‪ ،‬حيث من المرتقب عند‬ ‫انضمام المجلس اإلقليمي لشفشاون أن يساهم بمليون درهم في ميزانية‬ ‫المجموعة‪ ،‬وهذا سيكون دعما قويا لها لتلبية الحاجيات الملحة باإلقليم في فتح‬ ‫وصيانة المسالك وتقديم مجموعة من الخدمات الهامة‪.‬‬ ‫و في إطار تتبع برنامج التأهيل الحضري ب ‪ 26‬مركزا ب ‪ 22‬جماعة‪ ،‬تدارس‬ ‫المجلس سير تدخالت وكالة تنمية أقاليم الشمال التي تعتبر شريكا أساسيا‬ ‫وفاعال رئيسيا في النهوض باإلقليم‪ .‬ونوه أعضاء المجلس في هذا اإلطار‬ ‫بحرفية عمل الوكالة ووفائها بالتزاماتها‪ ،‬وبالدور المهم الذي لعبته في إنجاز‬ ‫ودعم ومواكبة المشاريع التنموية المختلفة ياإلقليم سواء بالوسط القروي‬ ‫أو الحضري‪.‬‬

‫رحيل‬ ‫عبد اللطيف‪..‬‬ ‫)‪(2/2‬‬

‫عبد اللطيف �شهبون‬

‫‪abdelchahboun@hotmail.com‬‬

‫أجدد شكري للصديق خالد شطيبات الذي أعد لقـاء‬ ‫مباركا للحديث عن مناقب المرحوم عبد اللطيف الزكري ‪.‬‬ ‫فتح اللقاء على أثير طنجة بعضا من أبواب عوالم‬ ‫مرحومنا العزيز‪..‬‬ ‫تذكرنا ـ مثاال ال حصرا ـ إخالص المرحوم عبد اللطيف‬ ‫لنموذج من نماذج األستاذية الحقــة الممتــدة بآداب‬ ‫تطوان ؛ هو المرحوم الدكتور محمد أنقار؛ مثال شموخ‬ ‫وعزة وأنفة وترفع عن كل استجداء واصطفاف ؛ لكونه‬ ‫عاش مستقال بمبناه ومعناه عن كل مؤسسة حزبية أو‬ ‫هيأة مدنية ثقافية أو إعالمية تبحث عن «حقها» في ريع‬ ‫مستخلص من مالية األمة‪.‬‬ ‫ظل المرحوم عبد اللطيف في منأى عن مسلكيات‬ ‫االصطفاف التي فرضها ـ وما زال يفرضها مع األسف ـ‬ ‫منطق سوق سياسي‪ ..‬ومنطق ريع واسع‪ ..‬ومنطق فساد‬ ‫مستشر‪ ..‬ومنطق تحلل وتذرع ميكيافيلي‪..‬‬ ‫لست متشائما‪ ،‬لكني أرصد واقعا مترديا ؛ فالمؤسسة‬ ‫الجامعية تعرف انهيارا هيكليـــا‪ ،‬وهذا أمـر معلوم لدى‬ ‫الجميع ؛ خاصة عند من قدر له اجتياز األسالك الشائكة‬ ‫لتعليمنا ؛ كيف كنا ؟ كيف أصبحنا ؟ كيف كانـت صورة‬ ‫العميد ؟ كيف كانت صورة األستاذ ؟ كيف كانـت صورة‬ ‫الطالب ؟‬ ‫أقول لعزيزنا المرحوم عبد اللطيف ‪:‬‬ ‫لم يعد المجتمع الجامعي منحازا الى قيم بانية ؛ نحن‬ ‫نعيش في درك أسفل‪..‬‬ ‫كان المرحوم عبد اللطيف مستقال‪ ،‬وضريبة استقالله‬ ‫بما تعنيــه ـ في هذا المقــام ـ من استقامة لسان‪..‬‬ ‫واستقامة جنان‪ ..‬واستقامة أركان ‪ ..‬جعلته يعيش بعيدا‬ ‫عن كل مستنقع‪.‬‬ ‫المؤسسة الحزبية في بلدنا لها حساسية خاصة من‬ ‫المثقفين المخلقين ؛ قادتها ال يقرأون‪ ،‬ال يهتمون‪ ،‬ال‬ ‫يكتبون في هذا الشأن أوفي غيره ؛ فال ننتظــر منهــم‬ ‫تخليقا أو حكامة أو احتكاما لقيم النزاهة في إدارة شأن‬ ‫عام ؛ ألنهم غارقون في شأنهم الخاص‪..‬‬ ‫المنحى األخالقي سمة بارزة في شخصية المرحوم‬ ‫عبد اللطيف ‪..‬‬ ‫جل متلقي نتاجه الفكري والنقدي واإلبداعي أدركوا‬ ‫أنه لم يكن يكتب من فراغ ؛ فمكتوباته نتاج مقروءاته‬ ‫الكثيفة وزاده القرائي شبيه بحاجة بيولوجية ‪.‬‬ ‫ما كتبه المرحوم عبد اللطيــف عن الشعــر والسرد‬ ‫والتشكيل خالصة أثر ؛ سواهـا ثم جالها بعمق فكري‪،‬‬ ‫وأصالة مصاغة في ثوب لغوي مبين ووظيفي‪.‬‬ ‫رحمك اهلل أيتها الروح اللطيفة‪:‬‬ ‫(انتهى)‬


‫الشمال الفني‬ ‫‪4‬‬

‫إشراف الفنان يوسف سعدون‬

‫العدد ‪ 1014‬ـ الثالثاء ‪ 08‬إلى ‪ 14‬أكتوبر ‪2019‬‬

‫التشكيل والسينما‬ ‫جتارب عاملية‬

‫للسينماعالقةوطيدةبالفنالتشكيلييتجلىعمقها‬ ‫في كون الفيلم‪ /‬النتاج السينمائي (خصوصا الحديث‬ ‫منه)‪ ،‬أصبح يعتمد كثيرا على مصطلحات تقنية ومفردات‬ ‫تعبيرية ذات هوية تشكيلية مساعدة على صناعة‬ ‫الفرجة السينمائية‪ ،‬أبرزها التكوين والحركة والتوضيب‬ ‫واللون والضوء والمشاهد واللقطات وتركيب الصور‬ ‫(الفوطومونتاج)‪ ،‬وهي عناصر من شأنها أن تسهم كثيرا‬ ‫في خلق كل سبل اإلثارة والتشويق لدى جمهور وعشاق‬ ‫السينما خارج نطاق الحكي الكالسيكي المتعب والممل‬ ‫في آن‪ .‬ويوجد سينمائيون كثر وظفوا هذه العناصر في‬ ‫الصناعة السينمائية على نحو فاعل وممتع‪ ،‬كإيزنشتاين‬ ‫وغريفيت وأكيرا كوروساوا‪...‬وستتبلور هذه التوظيفات‬ ‫بشكل إبداعي ممتد بعد انخراط التشكيليين في اإلبداع‬ ‫السينمائي السيما في أفالم لويس بونويل وسبيلبيرغ‪..‬‬ ‫وغيرهماكثير‪.‬‬

‫أريد أن أسمع اللون‬

‫استفادت السينما‪ ،‬والفيلم تحديداً من الفن‬ ‫التشكيلي بصيغه التقليدية والعصرية‪ ،‬وعلى الخصوص‬ ‫التقنيات التشكيلية الحاسوبية‪ ،‬كما هو الحال بالنسبة‬ ‫للفوتوشوب واألنفوغرافيا عموماً‪ .‬وقد ساهم ذلك في‬ ‫خَلق أنفاس جمالية جديدة في الصناعة السينمائية‬ ‫والسماح ببزوغ ثورة النص االفتراضي ‪Hypertexte‬‬ ‫بإمكانيات وافرة من التفاعل السمعي البصري بين‬ ‫اللوحة التشكيلية والفيلم السينمائي‪..‬‬

‫ونظراً لحاجة السينما إلى مجموعة من التوظيفات‬ ‫التشكيلية والجمالية القادرة على جلب الجمهور‪ ،‬نجد‬ ‫العديد من المخرجين السينمائيين العالميين قد‬ ‫«فطنوا» لفضل التشكيل على السينما حين عمدوا إلى‬ ‫االستعانة بخبرة الرسامين والفنانين التشكيليين سبيال‬

‫في إنجاز إنتاجاتهم الفيلمية وفق تصوُّرات ومفاهيم‬ ‫إبداعية واستتيقية دينامية‪ ..‬ولهذا لم يخطئ المخرج‬ ‫اإليطالي مايكل أنجلو أنطونيوني حين قال‪« :‬أستطيع‬ ‫بواسطة اللون أن أطلع المتفرج على ما يجيش في صدر‬ ‫الممثل بغير حوار أو كلمات»‪ .‬وله أيضاً مقولة شهيرة‪،‬‬ ‫هي‪« :‬أنا لست رساماً‪..‬أنا سينمائي يرسم»‪.‬‬

‫لقد بدت مالمح التوظيف التشكيلي واضحة منذ‬ ‫ظهور ما يسمى بـ«السينما الشاعرية» التي كان المخرج‬ ‫الروسي أندريه تاركوفسكي ‪ Andrei Tarkovski‬أحد‬ ‫روادها‪ .‬من التجارب السينمائية الشاهدة على هذه‬ ‫المزاوجة الجمالية أيضاً‪ ،‬نذكر تجربة المخرج والفنان‬ ‫التشكيلي األمريكي ذي النزعة السيريالية ديفيد لينش‬ ‫الذي درس الفنون التشكيلية في فيالديلفيا عام ‪،1966‬‬ ‫ومن أفالمه «الرجل الفيل» الذي نال بفضله إحدى‬ ‫جوائز مهرجان كان العالمي‪ .‬ثم تجربة مواطنه الرسام‬ ‫سكوت هيكس صاحب فيلم «عندما يسقط الثلج على‬ ‫شجرة األرز»‪ ،‬فض ًال عن المخرج األمريكي الطليعي‬ ‫ستان براكهيج المتأثر بالتعبيرية التجريدية في التصوير‬ ‫‪.. L’expressionnisme abstraite‬‬ ‫امتداداً لذلك‪ ،‬يمكن ذكر التوظيف التشكيلي‬ ‫المتميِّز الذي كان يسلكه المخرج الياباني الشهير‬ ‫أكيرا كوروساو ‪ Akira Kurosawa‬في جل أفالمه‬ ‫خاصة فيلمه «أحالم»‪ ، Dreams‬أو «أحالم كوروساوا»‬ ‫(‪ ،)1990‬عددها ثمانية عبارة عن أفالم قصيرة وظف فيها‬ ‫فانطازيا خياالت األحالم ومتناو ًال فيها ما يمأل وجدانه‬ ‫وذهنه حصيلة ما يجري في العالم من أحداث‪ .‬هذه‬ ‫األحالم التي صاغها كوروساوا في شكل لوحات فنية‬ ‫بالغة الدهشة‪ ،‬هي‪ :‬الشمس تشرق من خالل السحب‪،‬‬ ‫بستان الخوخ‪ ،‬العاصفة الثلجية‪ ،‬التنفق‪ ،‬الغربان‪ ،‬االنفجار‬ ‫األحمر لبراكين جبل‪ ،‬ما وراء الكارثة وقرية الطواحين‬

‫المائية‪ .‬ويُعَدُّ الحلم الخامس (الغربان) أهم هذه‬ ‫األحالم من حيث اللغة السينمائية‪ ،‬وفيه بحث كوروساوا‬ ‫عن الرسام الهولندي فان كوخ ‪ ،Van Gogh‬حيث‬ ‫وجده يرسم داخل مزرعة القمح وما زال الضماد على‬ ‫أذنه المقطوعة‪ .‬وقد مثل دور فان كوخ في هذا الحلم‬ ‫الممثل مارتن سكوسيزي مع توظيف موسيقي لشوبن‬ ‫الموسيقارالمعروف‪.‬‬ ‫نزيد على ذلك الفيلم الملحمي ران ‪ RAN‬الذي‬ ‫ينتمي لسينما التاريخ من خالل إعداد أهم المشاهد‬ ‫التعبيرية فيه عن طريق الرسم القبلي‪ /‬الكروكي‬ ‫كتصميم أولي‪ ،‬وهو ما يسمّى بلغة السينم ا �‪Sto‬‬ ‫‪ rybord‬عبر مختلف مراحل التصوير‪.‬‬

‫سيرياليون يكتبون «عصر الذهب»‪..‬‬ ‫ارتباطاً بعالقة السينما بالسيريالية‪ ،‬نذكر فيلم‬ ‫«مصَّاصو الدِّماء» ‪ )Vampires (1915‬لمخرجه‬ ‫لويس فوياد ‪ ،L. Feuillarde‬إلى جانب أفالم أخرى‬ ‫تنتسب إلى ستيفان سبيلبيرغ ‪Steven Spielberg:‬‬ ‫‪ (Jurassic Park‬المليء بالخدع البصرية كنموذج)‪،‬‬ ‫وكذلك تجربة المخرج اإلسباني الطليعي لويس بونويل‬ ‫‪ Luis Bunuel‬الذي كان مغرما بالسينما السريالية‬ ‫واشتهر بإعجابه الشديد بفيلم «نجمة البحر» لمان‬ ‫راي ‪ ،Man Ray‬وبدرجة أكثر «القوقعة والقسيس»‬ ‫لجيرمين دوالك‪ .‬فقد سبق له أن تعامل مع الرسام‬ ‫السريالي سلفادور دالي ‪ )S. Dali (1904- 1989‬في‬ ‫فيلم‪« :‬كلب أندلسي»‪)Chien Andalous (1929‬‬ ‫الذي ولد مصادفة من محادثة اعتيادية بينهما حين‬ ‫كان بونويل ضيفا لبعض األيام في ‪ Cadaquès‬عند‬ ‫دالي بمناسبة أعياد الميالد لعام ‪ .1928‬كتب اإلثنان‬

‫فيلم « وقائع سنوات الجمر «‪ ،‬مازال إلى يوما هذا يعتبر‬ ‫من بين أهم روائع السينما العالمية ‪ ،‬ومرجعا للطالب في معاهد‬ ‫ذاكرة فيلم‬ ‫السينما ‪ ،‬كما انه يعتبر وثيقة تاريخية تؤرخ لمرحلة مهمة من تاريخ‬ ‫المقاومة الجزائرية للمستعمر الفرنسي ‪.‬‬ ‫اعتبر النقاد السينمائيون فيلم « وقائع سنوات الجمر» من‬ ‫بين أهم وأضخم اإلنتاجات العربية في تلك المرحلة ‪ ،‬ونوهوا‬ ‫بمستواه الفني والجمالي ‪ ،‬إذ حقق قفزة نوعية مقارنة مع أفالمه‬ ‫السابقة التي أنجزها في بداياته األولى مثل ‪« :‬رياح األوراس»‬ ‫(‪ ، )1966‬فيلمه الطويل األول ‪ ،‬الذي بفضله تعرف الجمهور العربي‬ ‫على السينما الجزائرية‪ ،‬وال ننسى أيضا فيلمه الجميل «حسان‬ ‫الطيرو» او اإلرهابي (‪. )1968‬‬ ‫يعالج فيلم « وقائع سنوات الجمر» حياة القبائل في جبال‬ ‫الجزائر حصر المخرج تاريخها بين سنة ‪ 1939‬إلى ‪ 11‬نونبر‬ ‫إخراج ‪ :‬محمد األخضر حامينة‬ ‫• محمد عابد‬ ‫‪ ،1954‬بكل مالمحها ومعطياتها االقتصادية والسياسية السائدة‬ ‫آنذاك‪ ،‬والتي من سماتها القهر والفجيعة والموت بسبب المستعمر‬ ‫بطاقة تقنية ‪:‬‬ ‫الفرنسي الذي منذ دخوله سيدي فرج سنة ‪ 1830‬وهو ينكل بالمواطنين العزل‬ ‫البلد ‪ :‬الجزائر‬ ‫ويشردهم ‪.‬‬ ‫إنتاج ‪1974 :‬‬ ‫اعتمد المخرج محمد األخضر حامينة على تقسيم فيلمه إلى ستة فصول‬ ‫حامينة‬ ‫األخضر‬ ‫محمد‬ ‫إخراج ‪:‬‬ ‫وزعها على الشكل التالي ‪:‬‬ ‫فارس‬ ‫توفيق‬ ‫و‬ ‫بوجدرة‬ ‫رشيد‬ ‫‪:‬‬ ‫وحوار‬ ‫سيناريو‬ ‫سنوات الرماد – سنوات الجمر – سنوات النار‪ -‬سنوات الغربة – سنة المسؤول‬‫تشخيص ‪ :‬كلثوم – عبد الحليم ريس – العربي زكال – شيخ نور الدين – ليلى – ‪ 1‬نونبر ‪1945‬‬ ‫شنة – محمد األخصر حامينة ‪ -‬هنري كزارنياك وآخرون ‪.‬‬ ‫هذه العناوين التي تظهر على الشاشة تحيل إلى الحس الفني التسجيلي لدى‬ ‫أحمد‬ ‫وبنعروس‬ ‫تصوير ‪ :‬مارسيلله فاني و مصطفى بلمهيوب‬ ‫المخرج ‪ ،‬والمراد منه تتابع األحداث التاريخية التي أججت الثورة الجزائرية ‪ ،‬باإلضافة‬ ‫مونتاج ‪ :‬يوسف طبني‬ ‫إلى وقوفه على البدايات األولى لتشكل الوعي السياسي لدى الفالحين ‪ ،‬هذا الوعي‬ ‫أيتوس‬ ‫موسيقى ‪ :‬فيليب‬ ‫الذي كان غائبا قبل احتالل الجزائر ‪.‬‬ ‫دقيقة‬ ‫‪117‬‬ ‫مدة العرض‪:‬‬ ‫لقد صور المخرج محمد األخضر حامينة فيلمه بكثير من الحب والشغف ‪،‬‬ ‫‪------------------‬‬‫منطلقا من معاناة الفالحين في القبائل الجزائرية التي تعيش في صراع مع قسوة‬ ‫ال يمكن ألي متتبع للسينما الجزائرية أن يتحدث عنها دون الوقوف على فيلم الطبيعة ‪ ،‬هذه القبائل التي يعيش سكانها حياة التنقل في الصحراء بحثا عن‬ ‫« وقائع سنوات الجمر » للمخرج محمد األخضر حامينة الذي سجل حضوره بشكل فضاءات للرعي ‪ ،‬لكن الماء كان هو المشكل الذي فجر الصراع حوله ‪.‬‬ ‫قوي في تاريخ السينما المحلية والعالمية باعتباره أول مخرج عربي إلى يومنا هذا‬ ‫صور الجفاف والبؤس التي التقطتها كاميرا المخرج ‪ ،‬ثم النزاع على المياه ‪،‬‬ ‫يحصل على السعفة الذهبية بأعرق مهرجان سينمائي وهو مهرجان «كان» الدولي بلغة سينمائية مبهرة امتزجت فيها الشاعرية بالعنف ‪ ،‬حيث تحولت الصحراء إلى‬ ‫سنة ‪. 1975‬‬ ‫ساحة للقتال ومجازر مفتوحة أودت بحياة العديد من المواطنين من أجل قطرة ماء ‪.‬‬

‫وقائع �سنوات اجلمر‬

‫سيناريو الفيلم بطريقة أوتوماتيكية بدأت بجملة شهيرة‬ ‫«الجثة الشهية»‪ ،‬وقد أنهاه بونويل بمفرده‪..‬‬

‫لنفس المخرج فيلم «عصر الذهب»‪L’Age d’or‬‬ ‫‪ )(1930‬الذي شارك في إخراجه كل من الرسام السريالي‬ ‫ماكـس إرنســت ‪ M. Ernst‬والشـاعـر جــاك بيــريـفـر‪.‬‬ ‫‪ J. Prévert‬لبونويل كذلك أفالم سرياليـــة أخرى‪،‬‬ ‫أهمها‪ :‬المالك المحطم‪ ،‬الجاذبية الخفية للبورجوازية‪،‬‬ ‫شبح الحرية‪ ،‬تلك القطعة المعتمة من الرغبة‪..‬إلخ‪.‬‬

‫هناك أيضا تجربة المخرج ألفريد هيتشكوك‬ ‫‪ A. Hitchcock‬الـذي كـــان يتــردد على المعــارض‬ ‫ويتلهى بالرسم والصباغة‪ ،‬ويقتني األعمال الفنية لكبار‬ ‫المصورين أمثال جورج براك وبول كلي وجورجيو دي‬ ‫شيريكو ومارسيل دوشامب‪..‬وغيرهم‪ ،‬ولذا صارت له‬ ‫ثقافة تشكيلية معمقة أهلته ألن يلعب دور الرسام‬ ‫والمصور التشكيلي في إنجاز أفالمه‪ ،‬فضال عن تفوقه‬ ‫في مجال التقطيع السينمائي‪/‬المونتاج الذي اشتهر‬ ‫به‪ ،‬الشيء الذي كان يمنحه قدرة السيطرة على الرؤية‬ ‫البصريةللمتلقي‪..‬‬

‫لغز بيكاسو‬

‫إضافة إلى ما سبق‪ ،‬يجدر بنا ذكر تجارب بعض‬ ‫المخرجين الذين اشتغلوا سينمائيا على لوحات تشكيلية‬ ‫مشهورة‪ ،‬أبرزها الفيلم الوثائقي القصير‪« :‬غرنيكا» (‪13‬‬ ‫د‪ ).‬الذي أخرجه آالن رينيه عام ‪ 1950‬وأيضا شريط «لغز‬ ‫بيكاسو»‪ Mystère Picasso (78‬د‪ ).‬للمخرج هنري‬ ‫جورج كلوزو ‪ H. G. Clouzot‬الذي أنتجه عام ‪1956‬‬ ‫وقد سعى من خالله إلى استعادة لحظات رسم اللوحة‬ ‫بأهم خطوات إنجازها‪.‬‬

‫هكذا يمزج المخرج بين الماء والحرية بتكثيف فني غني بالدالالت ‪ ،‬فبسبب‬ ‫الماء سالت دماء أكثر من المياه الموجودة في المنطقة ‪ ،‬ومن اجل الحرية استشهد‬ ‫رجال ونساء وأطفال وبدمائهم ارتوت األرض لتزهر وردة الحرية ‪.‬‬ ‫مشاهد الفيلم كانت قاسية ‪ ،‬وهي تعرض علينا حياة المواطنين العزل وهم‬ ‫يواجهون مصيرهم ‪ ،‬مواطنون غارقون في الجهل والخرافة ‪ ،‬إذ سيقصدون ضريح‬ ‫ولي صالح ليتوسط لهم عند اهلل لجلب الماء للمنطقة ‪ ،‬في إحالة على درجة وعي‬ ‫المواطنين الذين لم يعوا بعد أن الخرافة ستدمرهم وتقزم أحالمهم وسيصبحون‬ ‫فريسة للمستعمر ‪.‬‬ ‫إن النقد الالذع ‪ ،‬الذي ينطلق من رؤية المخرج الخاصة للمقاومة وحركة‬ ‫التحرير التي أشار إلى تناقضاتها الداخلية ‪ ،‬جنت عليه وابال من النقد والتشكيك‬ ‫في فوزه بالسعفة الذهبية بمهرجان «كان» ‪ ،‬معتبرين هذا التتويج نتيجة لمغازلة‬ ‫األخضر حامينة لفرنسا ‪ ،‬كما أنه تعرض للتهديد بالموت من قبل حلفاء لمنظمة‬ ‫الجيش السري الفرنسية ‪ ،‬وأثناء عرض الفيلم بمهرجان «كان» أرسل وزير الداخلية‬ ‫آنذاك فرقة أمنية من أجل حماية األخضر حامينة وأطفاله الثالثة في المهرجان ‪.‬‬ ‫‪ .‬ورغم ذلك لم يصمد هذا التشويش على الفيلم ‪ ،‬إذ اعتبره نقاد سينمائيون‬ ‫كبار مثل إبراهيم العريسمن أهم األفالم التاريخية األضخم التي نجحت خارج‬ ‫هوليود واعتبره آخرون ومن بينهم الناقد السينمائي أحمد بغداد نموذجا‬ ‫حقيقيا للمخرج العالمي ‪ ،‬إذ صنفه مع لويس بونويل وفرانسوا تروفو وجون‬ ‫لوك غودار ‪.‬‬


‫العدد ‪1014‬‬

‫الشمال الفني‬

‫بيــان فـنـي »‬ ‫«‬ ‫فـنـــي»‬ ‫«بيـــان‬

‫إعداد ‪ :‬يوسف سعدون‬

‫بيان فني‪ ،‬هو سلسلة لقاءات تدشنها الشمال مع مجموعة من المبدعين‪ ،‬يقدم‬ ‫عبرها الضيوف تجاربهم الفنية وانشغاالتهم ومواقفهم‪ ،‬وهو غير ملزم ألي جهة‪..‬‬ ‫بيان هذا العدد يوقعه الفنان التشكيلي عزيز �أزغاي‬ ‫‪ – 1‬أنا الموقع أسفله‪:‬‬ ‫عزيز أزغاي‪ ،‬ولدت في الرابع من شهر نونبر من سنة ‪ ،1965‬في حي بن‬ ‫امسيك الشعبي في مدينة الدار البيضاء‪ ،‬من والدي اليتيم محمد أزغاي بن عمر‪،‬‬ ‫َ‬ ‫وَرْيَاغل الواقعة أقصى منطقة‬ ‫الذي نزح مع والدته وهو طفل‪ ،‬من قبيلة بني‬ ‫الريف‪ ،‬نحو مدينة طنجة أوال ثم منها إلى مدينة الدار البيضاء‪ ،‬هربا من المجاعة‬ ‫التي ضربت المغرب العميق في أربعينيات القرن الماضي‪ .‬أما والدتي‪ ،‬واسمها‬ ‫خديجة الكيالني‪ ،‬فقد نزحت‪ ،‬هي األخرى‪ ،‬مع أسرتها نحو مدينة الدار البيضاء‪،‬‬ ‫في نفس المرحلة تقريبا‪ ،‬قادمة إليها من إحدى قبائل السراغنة الواقعة في أحواز‬ ‫مدينة مراكش‪ .‬أرسم وأكتب الشعر منذ مطلع ثمانينيات القرن العشرين‪ .‬أقطن‪،‬‬ ‫منذ خمس سنوات‪ ،‬في مدينة القنيطرة وأعمل أستاذا للتعليم العالي في مدينة‬ ‫الرباط‪.‬‬ ‫‪ – 2‬المسار الفني‪:‬‬ ‫أنتمي‪ ،‬أنا وأخوتي العشرة‪ ،‬إلى أسرة شعبية فقيرة‪ ،‬بالكاد كانت تستطيع‬ ‫توفير ما نسد به رمقنا وحاجياتنا اليومية الملحّة‪ .‬وباستثناء جهاز المذياع‬ ‫الترونزيستور الصغير‪ ،‬نافذة والدي على أخبار العالم‪ ،‬لم يكن بيتنا يتوفر‬ ‫على أي وسيط من الوسائط الثقافية البسيطة‪ ..‬ال كتب وال هم يحزنون‪..‬‬ ‫أما تعليق الصور على جدران خشب كوخنا الصغير‪ ،‬فذلك ما كنت أتصوره‬ ‫يدخل في خانة «أعز ما يُطلب»‪ .‬وسوف أنتظر إلى حين انتقال شقيقي‬ ‫األكبر إلى الجامعة‪ ،‬كي أسعد بظهور أولى كتب الفلسفة واألشرطة‬ ‫الموسيقية المُناضلة في البيت‪ ،‬وكانت عبارة عن كاسيطات للشيخ إمام‬ ‫ومارسيل خليفة وقعبور والعظيمة فيروز‪ ...‬كنت‪ ،‬ساعتها‪ ،‬في سن‬ ‫المراهقة‪ ،‬حين بدأت أستوعب بعض ما يعتبر كالما شعريا‪،‬‬ ‫إلى جانب سحر األلوان واألشكال والعالمات التي تحفل‬ ‫بها الصور‪ .‬وفي هذه السن المبكرة‪ ،‬استُقطبت‪ ،‬في‬ ‫مطلع ثمانينيات القرن الماضي‪ ،‬إلى شبيبة حزب االتحاد‬ ‫االشتراكي للقوات الشعبية‪ ،‬وهو االنتماء الذي أنضج‬ ‫صلتي بالكتابة والرسم‪ ،‬كما قربني أكثر‪ ،‬وفي وقت‬ ‫قياسي‪ ،‬من قبيلة الفنانين والمبدعين مغاربة وعربا‪.‬‬ ‫وينبغي االعتــــراف بأن عالقتـــي بالرســم‬ ‫وبالتصوير كانت محفوفة‪ ،‬في البداية‪ ،‬بغير قليل من‬ ‫الحاجة إلى إيجاد وسيلة تعبير أستطيع من خاللها أن‬ ‫أُ ِّ‬ ‫رَفه على نفسيتي‪ ،‬فقط ال غير دونما وهم أو ادعاء‬ ‫كاذب‪ .‬والحقيقة‪ ،‬أنني ال أعتبر نفسي ولدت موهوبا‪،‬‬ ‫ال في الدراسة وال في الشعر وال في الفن كذلك‪ ،‬كل ما‬ ‫في األمر أنني قررت‪ ،‬في لحظة ما من تاريخ مراهقتي‪،‬‬ ‫أن أذهب إلى أبعد نقطة في كل هذه المجاالت‪،‬‬ ‫وبخاصة كتابة الشعر‪ ،‬ولو من باب التميز على أقراني‪ ،‬كما‬ ‫أثير انتباه زميالتي في مرحلة دراستي اإلعدادية والثانوية‪،‬‬ ‫قبل أن أنتبه‪ ،‬في مرحلة دراستي الجامعية‪ ،‬إلى قيمة وأهمية‬ ‫هذه المعاكسة المُراهقة في بناء وإنضاج شخصيتي‪ ،‬لتتحول‬ ‫إلى نوع من االلتزام اليومي الواعي بشرطه الثقافي‪ ،‬ولو في‬ ‫أبسط تجلياته اإليديولوجية‪ ،‬ألسعى‪ ،‬بعدها‪ ،‬إلى تطوير‬ ‫مسعاه وأفقه‪ ،‬بما يعنيه ذلك من مواكبة وجدية وبحث‬ ‫وتجديد وتجريب مستمرين إلى يوم الناس هذا‪.‬‬ ‫وفي حالتي‪ ،‬أنا المنحدر من أسرة فقيرة‪ ،‬كان اقتناء‬ ‫معدات الرسم‪ ،‬حتى لو تعلق األمر باألصباغ والورق فقط‪،‬‬ ‫يعتبر‪ ،‬في تقدير أسرتي الفقيرة‪ ،‬من الكماليات بعيدة المنال‪.‬‬ ‫لذلك‪ ،‬كنت مرغما على االبتعاد‪ ،‬إلى حين‪ ،‬عن الرسم والتصوير‬ ‫وتخصيص بعض اهتماماتي لكتابة الشعر وزيارة المعارض‬ ‫الفنية‪ ،‬إلى غاية إنهاء دراساتي الجامعية وااللتحاق بأسالك الوظيفة‬ ‫العمومية‪ .‬آنذاك فقط‪ ،‬صار بإمكاني استئناف نشاطي التصويري‬ ‫بوعي مختلف وبذائقة مجربة وطموحة‪ ،‬واألهم من ذلك‪ ،‬بأريحية مادية مكنتني‬ ‫من التغلب على شراء معدات الرسم الالزمة‪ .‬لذلك‪ ،‬تأخر أول معرض لي في قاعة‬ ‫ال ُقبّة في مدينة مراكش ‪ -‬وكان جماعيا ‪ -‬إلى غاية سنة ‪ .2004‬ومنذ ذلك التاريخ‪،‬‬ ‫وأنا أواظب على الحضور‪ ،‬إن فرديا أو إلى جانب فنانين آخرين مغاربة وأجانب‪ ،‬في‬ ‫عدد من األروقة المغربية واألوروبية‪.‬‬ ‫‪ – 3‬المشروع الفني‪:‬‬ ‫من حسن حظي أنني ثابرت كثيرا من أجل أن أتحصل على وظيفةٍ قارةٍ‬ ‫تحفظ ماء وجهي من تَسوُّل المُ ْقتَ ِنين وت َل ُّك ِؤ الجماعين وجشع أصحاب األروقة‬ ‫الخاصة‪ .‬ولحسن الحظ كذلك أن «بضاعتي»‪ ،‬أقصد «بضاعتنا» نحن قبيلة‬ ‫الفنانين التشكيليين‪ ،‬غير مرتهنة بشرط انتهاء الصالحية‪ ،‬أي أنها ال تفسد مع‬ ‫مرور الوقت‪ ،‬مثلما يفسد البيض والخضراوات واألسماك‪ ..‬لهذا السبب‪ ،‬وحده‪،‬‬ ‫أذهب إلى مرسمي باطمئنان كبير وأنا أفكر فيما أعتبره إضافة نوعية لِ َلمْستي‬ ‫الفنية وتطويرا لمغامراتي التقنية والشكلية‪ ..‬وال أرهن ما أنجزه بزبون محتمل‪.‬‬ ‫هذه الوضعية‪ ،‬شبه المريحة‪ ،‬شجعتني على تجديد وتمتين ثقافتي البصرية؛ قراءة‬ ‫وبحثا ومواكبة‪ .‬أقرأ كثيرا‪ ،‬وأكتب أقل ثم أرسم بوتيرة غير متعجلة؛ أفعل ذلك‪،‬‬ ‫فقط‪ ،‬كلما أحسست برغبة ملحة تشدني إلى فكرة ما‪ .‬لست من هواة الجري وراء‬ ‫األلقاب الزائفة‪ ..‬ال في الشعر وال في التصوير‪ ..‬أحاول ما أمكن أن أكون متصالحا مع‬ ‫ذاتي ومع الوسط الذي أعيش داخله‪ ،‬وأن أطهو قناعاتي وأفكاري على نار هادئة‪..‬‬ ‫وال يزعجني أن أنتقل من أسلوب إلى آخر أو من موضوعة ألخرى‪ ،‬وأعتبر العبرة‬ ‫بالخواتم فقط‪.‬‬ ‫انطالقا من هذه القناعة البسيطة‪ ،‬أتعقب أفكاري الصغيرة وأسعى وراء‬ ‫موضوعاتي المُهْمَلة‪ .‬ومن ذلك‪ ،‬على سبيل التوضيح‪ ،‬أشتغل‪ ،‬منذ مدة‪ ،‬على‬ ‫تيمة الجدار ال كما هو‪ ،‬ولكن باعتباره خزان أفكار ورؤى وقناعات‪ ،‬ولكونه‪ ،‬عطفا‬ ‫على ذلك‪ ،‬واجهة عامة ومشتركة تستقبل هواجس العابرين؛ ممن ال نعرف أي‬ ‫شيء عن حياتهم الخاصة وال عن ماضيهم الفردي‪ .‬عابرون مروا سريعا وتركوا لنا‬ ‫تلك الخربشات واالعترافات المتعجلة فقط‪ ،‬التي تعتبر سِيَراً مجهولة خطتها إما‬ ‫أياد مكلومة حاصرها األلم الداهم‪ ،‬أو أخرى فرحانة ضاقت بسعة سعادتها اآلنية‬ ‫المفترضة‪ .‬هذه العالمات أقوم بتوظيفها في لوحتي‪ ،‬مع ما يستدعيه األمر من‬ ‫إضافات لمعجم لوني أفضل جانبه اإلقاللي في أغلب األحيان‪ ،‬حيث أكتفي باألبيض‬ ‫أو األسود‪ ،‬أو هما معا‪ ،‬عبر تدرج اندماجهما‪ ،‬مع إضافة ما أعتبره إشارات تلوينية‬ ‫أو غرافيكية موزعة هنا وهناك على سطح اللوحة‪ ،‬بما يوحي بمشروع خطاب ينأى‬ ‫بنفسه عن شرط المعنى‪.‬‬ ‫إنها تجربة قد ال تروق ذلك النوع من التذوق الكالسيكي التقليدي الذي‬ ‫ينتعش بازدحام المفردات التشكيلية وكثرة العناصر وتنوع الخامات وتكاثف األلوان‬ ‫فوق السند الواحد‪ .‬ولي اليقين أن مثل هذه اللمسة‪ ،‬وهي‪ ،‬بالمناسبة‪ ،‬ليست‬ ‫جديدة في مدونة التشكيل سواء في المغرب أو في العالم العربي‪ ،‬ستجد جمهورها‬ ‫الواسع في المستقبل‪ ،‬كما حدث في التشكيل الغربي منذ أزيد من نصف قرن من‬ ‫الزمن‪.‬‬ ‫‪ – 4‬السفر بين الشعر والتشكيل‪:‬‬ ‫إن الشعر‪ ،‬كما التصوير‪ ،‬صنعة إنسانية نبيلة‪ .‬وعلى الرغم من أنهما يتطلبان‬

‫خلفية معرفية وجمالية‪ ،‬كما يفترضان وجود تجربة وجودية تستند على تاريخ‬ ‫شخصي من المكابدات واألفراح والمشاهدات واإلنصات العميق لروح العصر‪ ،‬في‬ ‫أفق تكريس رؤية خاصة للعالم ولإلنسان‪ ،‬إال أنهما يبقيان‪ ،‬مع ذلك‪ ،‬بحاجة إلى‬ ‫مزيد من الحرية والخبرة والتجربة‪ .‬وقد يحدث أن يغمرنا‪ ،‬من حين آلخر‪ ،‬إحساس‬ ‫بأننا دون مستوى التعبير عن مشاعرنا وقلقنا وعن رؤانا‪ ،‬بما يكفي من العمق‬ ‫والوضوح والجمالية‪ ،‬إما ألننا نكون عرضة لقصور في تمثل األشياء والعالم‪ ،‬أو‬ ‫لكون آالتنا التعبيرية تصطدم أحيانا‪ ،‬لهذا السبب أو ذاك‪ ،‬بقصور ممكناتها‪ .‬وفي‬ ‫لحظة االنحباس هذه‪ ،‬نحاول أن نعطي لباقي حواسنا فرصة للتعبير عن مقدراتها؛‬ ‫نلمس‪ ،‬نشم‪ ،‬نرى أو ننصت‪ ،‬نقوم بكل ذلك‪ ،‬إلعادة ترتيب شتاتنا وفق إيقاعات‬ ‫مختلفةومُنْتِجة‪.‬‬ ‫شخصيا‪ ،‬أصاب‪ ،‬من حين آلخر‪ ،‬بمثل هذا الفراغ أو العسر‪ .‬ولحسن حظي‬ ‫أنني أزعم اإلقامة فوق سريرين‪ :‬سرير الشعر وسرير التصوير‪ ،‬وأحاول – قدر الخبرة‬ ‫والمعرفة واالجتهاد – أن أنتج فيهما بروح يقظة ومتعلمة‪ .‬بهذا المعنى‪،‬‬ ‫أقوم بمعالجة ذائقتي الفنية وأضاعف خالياها‪ ،‬كما أحاول‪ ،‬قدر اإلمكان‪،‬‬ ‫َ‬ ‫وتمثل فعل مسايرة مختلف النداءات التي تعطي للذات‬ ‫فهم الجمال‬ ‫معنى إضافيا‪ ،‬دون االقتصار على تطويع آلة واحدة قد تصاب بالصدأ‬ ‫كلما أهملتُ مَعْدِنها‪.‬‬ ‫للغة آالمها الخاصة بها أحيانا‪ ،‬حينما نحس‪ ،‬في لحظات ما‪،‬‬ ‫أمام جبروتها أو قدسيتها على حد سواء‪ ،‬بضآلتنا وعجزنا؛ أي حين‬ ‫نستشعر عدم تقبلها لبعض جرأتنا الزائدة عن المألوف والسائد‬ ‫والمتواضع عليه‪ ،‬سواء كجماعات أو كأفراد ينتمون إلى جذر لغوي أو‬ ‫عقائدي أو طقوسي صارم ومنغلق‪ .‬كما أن للتصوير كذلك لحظات‬ ‫َّ‬ ‫المُرَكبة‪ ،‬التي تجعلنا وجها لوجه أمام عدد من األحاسيس‬ ‫بياضه‬ ‫المؤلمة‪ ،‬التي تتراوح بين عسر التعبير بوضوح عن أفكارنا‬ ‫وقناعاتنا ورؤانا من جهة‪ ،‬أو كيفية تحويل كل ذلك إلى ألوان‬ ‫وعالمات وخطوط ومواد فوق سطح بياض آخر هو نفسه سند‬ ‫القصيدة من جهة أخرى‪.‬‬ ‫وأظن أن خبراتنا المكتسبة وإنصاتنا العميق المتأني لكل‬ ‫ما يحيط بنا‪ ،‬بقناعة تجريبية متواضعة وبروح متعلمة ومؤمنة‬ ‫بحدودها‪ ،‬هو ما يجعلنا قادرين على تمثل تلك اللحظة الرفيعة‬ ‫الفاصلة بين شحنة االمتالء وهالة الفراغ‪ ،‬بما هما حالتان‬ ‫وجوديتان إبداعيتان تمنحاننا القدرة الواثقة على التنقل بين‬ ‫أداتين تعبيريتين أو أكثر برشاقة كبيرة وثقة منتجة‪ ،‬بخلفية‬ ‫مد القنوات وتبييء الرؤى والتصورات واألفكار‪ ،‬بما يمكن تخيله‬ ‫سباحة حرة‪ ،‬واعية وناضجة في ماء واحد‪ ،‬هو ماء اإلبداع‪.‬‬ ‫ومما ال شك فيه أن تنويع الممارسات اإلبداعية‪ ،‬مع ما‬ ‫يقتضيه ذلك من تحصيل لنسبة مقبولة من المعرفة أمر‬ ‫ضروري وملح‪ ،‬وهو بالتأكيد ما ال يتحقق لكثير من المحاولين‪،‬‬ ‫هكذا بمجرد ثبوت نية المحاولة‪ ،‬إال أن ذلك ال يمنع من‬ ‫تجريب هذه االرتماءات الخطرة والجميلة‪ ،‬كلما لمس المبدع‬ ‫في نفسه إمكانية التجريب‪ ،‬طمعا في اإلضافة والتفوق‪.‬‬ ‫شخصيا‪ ،‬ال أدعي ولم يسبق لي ادعاء الوصول أو‬ ‫التمكن الواثق من سراب هذا المسعى‪ .‬كل ما أقوم به‬ ‫هو محاولة‪ ،‬مجرد محاولة‪ ،‬لتجريب اإلمكانات التي تتيحها‬ ‫لي كتابة الشعر وممارسة التصوير في نفس الوقت‪ ،‬وفق‬ ‫قناعة شخصية تستجيب لذائقتي اإلبداعية والجتهاداتي‬ ‫الواعية بنقصانها ولخبرتي المتواضعة في مجاهل كلتا‬ ‫الممارستين‪.‬‬ ‫لقد كان مأزق االمتالء الفارغ وما يزال أحد أعداء المبدع‬ ‫المجدد‪ ،‬كما ظل طموح إخصاب ذهنه وشحنه‪ ،‬بما يمكن أن‬ ‫ينتج ويبدع ويضيف‪ ،‬أحد أكبر همومه اليومية على الدوام‪ .‬لذلك‪ ،‬فسواء تعلق األمر‬ ‫بالشعر أو بالتصوير أو سواهما‪ ،‬ينبغي تمثل هذا األمر كما لو كان صراعا يوميا من‬ ‫أجل تنقيح الذاكرة وتشحيم مواسيرها إلبداع األفضل‪ .‬وما األدوات التي نوظفها‬ ‫في مثل هذا الصراع اإلبداعي الجسور سوى آلةٍ ووسيطٍ نسخرهما لرج ماء الخيال‪،‬‬ ‫بما يعكس انفعاالتنا المنتجة ويفرغ مكنون أحاسيسنا فوق هذا السند أو ذاك‪ .‬إننا‬ ‫ال نقوم‪ ،‬في نهاية األمر‪ ،‬سوى باقتراح نظرتنا للعالم وإحساسنا به‪ ،‬كل بطريقته‬ ‫الخاصة وفي المجال ‪ /‬المجاالت التي يتقنها‪ ،‬وهو ما أعتبره لحظة تواصل بين‬ ‫نظرتين مختلفتين‪ ،‬وبين متخيلين متباينين‪ ،‬أي بين الذي يبدع والذي يستقبل‬ ‫هذا اإلبداع من منصة الجمهور‪.‬‬ ‫اإلبداع لحظة نادرة‪ ،‬بكل تأكيد‪ ،‬لكنها تنتمي للبشرية جمعاء وليست مقتصرة‬ ‫على الذات المبدعة وحدها‪ ،‬بما أنها تطمح إلى استدعاء طرف ثان للوقوف على‬ ‫حدود لحظة انفعال ودهشة مشتركة‪ .‬وتلك‪ ،‬في اعتقادي‪ ،‬إحدى وظائف اإلبداع‬ ‫األساسية كيفما كانت طبيعته أو جنسه أو مسماه‪ .‬وما محاولة تنويع األداة وتجريب‬ ‫استدعاء ما يبدو مختلفا‪ ،‬في ذات مبدعة واحدة‪ ،‬سوى محاولةِ اجتهاد نبيلة للكشف‬ ‫عن إمكاناتنا المُضْمَرة‪ ،‬وهي إلى ذلك‪ ،‬خيار إبداعي آخر إلخصاب الذاكرة وعدم‬ ‫االستسالم النحسار ذائقتنا الجمالية‪.‬‬ ‫‪ – 5‬واقع التشكيل في المغرب‪:‬‬ ‫معرفتي الصغيرة بما أعتبره تاريخا خاصا بالتشكيل في المغرب تجعلني‬ ‫مقتنعا بأن هذه الممارسة قد حققت‪ ،‬مقارنة مع واقع هذه الممارسة الجمالية في‬ ‫دول عربية كثيرة‪ ،‬تراكما محترما في مدة زمنية ال تتجاوز ستين سنة من التعاطي‬ ‫مع الفن الحديث‪ .‬وفي هذا اإلطار‪ ،‬ينبغي التذكير بأن المغرب‪ ،‬حينما كان مستعمرا‬ ‫من طرف فرنسا وإسبانيا‪ ،‬لم يشهد بناء أكاديميات أو جامعات أو معاهد فنية‬ ‫عليا على غرار ما تحقق‪ ،‬على سبيل المثال ال الحصر‪ ،‬لجيراننا في الجزائر وتونس‪.‬‬ ‫كل ما استطاعت السلطات االستعمارية خلقه في المغرب كان مجرد مدرستين‬ ‫يتيمتين (تطوان ‪ 1947‬والدار البيضاء ‪ )1952‬اللتين أعتبرهما « غنيمتا حرب «‬ ‫مكنتا الشبيبة المغربية آنذاك من اكتشاف عالم اللوحة الحديثة العجيب‪ .‬ولعل‬ ‫من حسنات هذا الفراغ الفني األكاديمي انفالت الفنانين المغاربة من تلك اللمسة‬ ‫الفنية االستشراقية التي هيمنت على أسلوبية كثير من الفنانين العرب‪ .‬هذا‬ ‫الواقع دفع جيل الفنانين المغاربة الرواد إلى االعتماد على أنفسهم وعلى ذائقتهم‬ ‫الجمالية في البحث عن آفاق مختلفة لصقل مواهبهم وتطوير تجاربهم الفنية في‬ ‫أرض التشكيل الواسعة‪ .‬من هنا ظهرت بعض مالمح التجربة الفنية المجددة في‬ ‫المغرب‪ ،‬التي كانت وال تزال تختلف عما هو سائد في كثير من البلدان العربية‪ ،‬ما‬ ‫جعلها تتبوأ‪ ،‬على األقل في الوقت الراهن‪ ،‬مكانة مشرفة‪ ،‬في انتظار ما سيؤول إليه‬ ‫األمر في قادم السنوات‪ ،‬ال سيما أننا بتنا أمام خطابات نقدية جديدة تدعو إلى‬ ‫تجاوز زمن اللوحة إلى أشكال تعبيرية وإلى حوامل أخرى على غرار ما هو سائد في‬ ‫التجربة الفنية الغربية واألمريكية تحديدا‪.‬‬ ‫‪ – 6‬كلمة أخيرة‪:‬‬ ‫توقيع‪:‬‬ ‫ال تلفتْ كثيرا‪،‬‬ ‫لستُ خلفكَ!!‬

‫الثالثـاء ‪� 08‬إلى ‪� 14‬أكتوبر ‪2019‬‬

‫‪5‬‬

‫الفن التشكيلي‬ ‫بالمغرب وأسئلة‬ ‫الهوية‬

‫(‪)2/2‬‬ ‫بقلم‪ :‬محمد ال�شاوي(*)‬ ‫(تتمة)‬

‫فضال عن ذلك‪ ،‬فتطلعات هذا الجيل ارتبطت بحركة الطليعة الفنية التي عرفها‬ ‫العالم في الفكر والسياسة واإلبداع‪ .‬فكانت هذه التطلعات تراهن على الرقي بالفن‬ ‫التشكيلي المغربي نحو أبعاد البحث الجمالي‪ .‬لكن لألسف من داخل المعاهد الفنية‬ ‫كان هناك من يدافع عن التوجه الفولكلوري باسم‪ ‬الهوية والثقافة الوطنية‪ ،‬ليس‬ ‫بالمعنى العَالِم الذي يرقى إلى مستوى البحث في العالقة الرابطة بين الهوية‬ ‫والتراث الحضاري‪ ،‬بل بدافع تكرار نفس النموذج خدمة للغرب الذي صنف فنوننا‬ ‫ضمن خانة الفولكلور الشعبي‪ .‬‬ ‫وقد تذكرت ‪ ‬وأنا أكتب هذا المقال دور الفنان واألستاذ الراحل محمد شبعة في‬ ‫تعبيد الطريق لفائدة طالب الفن بالمعهد الوطني للفنون الجميلة بتطوان نحو‬ ‫التكوين العالي قصد الرقي‪ ‬بوعيهم البصري وتنمية مداركهم اإلبداعية‪ .‬كان يروم‬ ‫النهوض بالفن‪ ‬التشكيلي المغربي نحو مدارج الفن العالم عن طريق اإلستعانة بخبرة‬ ‫أساتيذ الفلسفة‪ ‬في تدريس تاريخ الفن وفلسفته‪ ،‬باإلضافة إلى عدة أطر من األساتيذ‬ ‫الفنانين واألكاديمين من مختلف التخصصات الفنية‪ .‬فضال عن دور الصانع التقليدي‬ ‫الحرفي في الفنون الوطنية في هذا التكوين‪ ،‬وكذلك دور المهندس المعماري في‬ ‫تفعيل عملية توسيع المدركات الذهنية للطالب‪ .‬كل هؤالء باستطاعتهم إنجاز عمل‬ ‫متكامل مع الفنان التشكيلي خدمة لقاطرة الرقي بمفهوم الهوية المغربية نحو‬ ‫الكونية‪.‬‬ ‫بالموازاة مع ذلك‪ ،‬قررت إدارة المعهد تحت إشراف السيد المدير محمد‬ ‫شبعة‪ ‬أنه على كل من أراد من الطالب أن يحصل على شهادة التخرج في‪« ‬الفنون‬ ‫الجميلة» أن ‪ ‬ينجز بحثا نظريا فلسفيا‪ ،‬وآخر مكمل له ذو أساس تطبيقي إجرائي‪.‬‬ ‫سواء كان‪ ‬المشروع الفني لوحة أو نحتا أو تجهيزا‪ ... ‬وذلك إيمانا منه بأن طالب الفن‬ ‫ينبغي عليهم في مستقبلهم الفني أن‪ ‬يحللوا‪ ‬ويناقشوا قضايا الفن نظرة متخصصة‬ ‫دالة على إبداعهم‪ .‬و بهدف الرقي بهم نحو العالمية‪ ،‬لكي ال يكونوا صناع فن أو‬ ‫حرفيين‪ .‬أضف إلى ذلك اقتراحه مشروعا تشكيليا أكاديميا وهو محاولة تكوين‬ ‫الفنانين التشكيليين الشعبيين‪ .‬أوالئك الذين يزاولون الفن في شقه التجاري الذي‬ ‫ارتبط برسم نماذج من فولكلورنا المغربي‪ .‬لقد أراد أن يخضعهم لتكوين علمي‬ ‫أكاديمي شبيه بتكوين طالب الفن‪ .‬إذ ظل هذا المشروع معلقا إلى حدود اليوم‪.‬‬ ‫ج) الصنف الثالث‪ :‬وهو الجيل الراهن من الفنانين الذين تبلورت في أذهانهم‬ ‫فكرة الحداثة ومفهوم الفن المعاصر‪ ،‬عبر صعود ‪ ‬الركب الحضاري الكوني بهدف‬ ‫الرقي بالفن التشكيلي المغربي‪ .‬وهو رقي نحو المفاضلة وبلوغ أفق الممكنات من‬ ‫خالل التكوين والبحث‪ .‬إنه جيل يحمل لواء الحداثة وما بعدها‪ .‬فنانون يوجدون خارج‬ ‫الوطن وداخله يبدعون بتوجهات معاصرة‪ ،‬تستجيب لسؤال العصرنة‪ .‬استطاعوا‬ ‫من خالل منجزاتهم الحصول على مكانة مرموقة‪ .‬هم في هامش الثقافة المغربية‪،‬‬ ‫واألمثلة على ذلك كثيرة‪ .‬أنا ال أقول بأن هذا الجيل أفضل من الجيلين السابقين‪ ،‬ألن‬ ‫معيار المفاضلة من الصعب تحقيقه‪ ،‬ما دامت عملية التحول من جيل إلى آخر تخضع‬ ‫لمعيار السابق يُؤسس لالحق‪ ،‬وهكذا دواليك‪ .‬فليس من الهين الحديث عن قطيعة‬ ‫بينهما‪ .‬إن هذا الجيل بتعبير آخر استطاع خوض غمار التجريب الفني المعلومياتي‬ ‫والرقمي الذي خلق طفرة علمية في شتى المعارف والعلوم‪ .‬والمالحظ أيضا أن‬ ‫المستوى المعرفي والثقافي للفنان عرف تطورا نحو األفضل بالمقارنة مع السابق‪.‬‬ ‫لكن مع وجود خصوصيات من الصعب تعميمها‪ .‬فلكل جيل مناقبه ومثالبه‪ ،‬إذ من‬ ‫الصعب الجزم بتفوق جيل على آخر‪ ،‬إال في بعض االمتيازات الطبقية والسياسية‪.‬‬ ‫تركيب وخالصة‪:‬‬ ‫عموما ومن خالل ماسبق ذكره‪ ،‬فإن الفن التشكيلي المغربي‪ ‬ارتقى بفضل جهود‬ ‫جيل الرواد‪ ،‬والجيليين المتعاقبين له‪ .‬فمن األهمية بمكان القول بأن محاوالت تجديد‬ ‫أسئلة الهوية في عالقتها بالفن التشكيلي مازالت قائمة‪ ،‬رغم الصعوبات والعوائق‪.‬‬ ‫وهذا االرتقاء يُعزى باألساس إلى المناهج الفلسفية التي أطرت عمل الفنان‪ ،‬وارتقت‬ ‫بفنه نحو الكونية‪.‬‬ ‫أضف إلى ذلك أن شرعية الخوض في الفن التشكيلي المغربي تقتضي وضعه في‬ ‫خانة بعينها‪ .‬صحيح أنه كان فولكلوريا وما زال هذا التوجه قائما إلى حدود اليوم‪ ،‬لكن‬ ‫دون اغفال للدور الكببر الذي لعبه الجيل المعاصر في تطوير قاطرة الفن‪ ،‬والمساهمة‬ ‫به نحو الحداثة وما بعدها‪.‬‬ ‫‪ ‬إن الفن المغربي ظل يوائم إبستيمي التمثيل‪ ،‬فأقصى ما وصلنا إليه هو إعادة‬ ‫بناء الواقع المرئي‪ ،‬بينما الالمرئي أو المضمر فقد ظل يتصف بالندرة في الكتابات‬ ‫النقدية ببالدنا رغم إبداعه من طرف الفنانين المغاربة‪ .‬يذكر الفيلسوف ميشل فوكو‬ ‫في كتابه‪»:‬الكلمات واألشياء» قولة مأثورة للفنان اإلسباني فرانسيسكو باتشيكو‬ ‫سليل إشبيلية‪ .‬وهو الذي أخذ عنه دييغو فيالسكيز قواعد الرسم والصباغة‪ .‬يقول‪:‬‬ ‫«على الصورة أن تخرج من اإلطار»‪.‬‬ ‫فما مدى تحقق هذه القاعدة في اللوحات الفولكلورية التي اتسم بها تشكيلنا‬ ‫المغربي؟‬ ‫بتعبير آخر هل استطاعت اللوحات الفولكروية أن تخرج من إطارها التمثيلي‬ ‫المرئي نحو إطار تمثيلي آخر يُخرجها من نمطية النقل نحو اكتمالية التحقق‬ ‫اإلبداعي؟‬

‫______________‬ ‫(*) فنان تشكيلي مغربي وباحث في النقد الفلسفي للفن‪.‬‬

‫(انتهى)‪ ‬‬


‫‪6‬‬

‫الثالثـاء ‪� 08‬إلى ‪� 14‬أكـتـوبر ‪2019‬‬

‫العدد ‪1014‬‬

‫مجتمع ـ سياسة ـ حقوق‬ ‫فكري ولد علي‬

‫(مراسل من الحسيمة‪ /‬الناظور)‬

‫الحسيمة ‪ :‬اللجنة اإلقليمية للتنمية البشرية تصادق‬ ‫على مجموعة من المشاريع المبرمجة‬

‫انعقد اجتماع اللجنة اإلقليمية للتنمية‬ ‫البشرية بإقليم الحسيمة‪ ،‬الثالثاء‪ ،‬حيث‬ ‫تمت مناقشة والمصادقة على عدد من‬ ‫المشاريع التنمويــة المبرمــج تنفيذهـــا‬ ‫باإلقليم‪.‬‬ ‫وتم خــالل االجتمـــاع‪ ،‬الذي حضره‬ ‫الكاتب العام لعمالة الحسيمة وممثلين‬ ‫عن المجلسين اإلقليمي والبلدي ورؤساء‬ ‫المصالح الخارجية وفاعلين عن المجتمع‬ ‫المدني‪ ،‬تقديم عرض موجز حول أهم‬ ‫النقط المدرجة في جدول أعمال اجتماع‬ ‫اللجنة اإلقليمية للتنمية البشرية‪.‬‬ ‫وتطرق رئيس قسم العمل االجتماعي‬ ‫بإقليم الحسيمة‪ ،‬عبد الحق اليوسفي‪ ،‬في‬ ‫العرض إلى المشاريع المقترحة في إطار‬ ‫برنامج مواكبة األشخـــاص في وضعية‬ ‫هشاشة‪ ،‬والدراسة والمصادقة على‬ ‫المشاريع المقترحة في إطار برنامج تقليص‬ ‫الفوارق المجالية والترابية بالوسط القروي‬ ‫برسم سنة ‪ ،2020‬في الشــق المتعلق‬ ‫بالمبادرة الوطنية للتنمية البشرية‪،‬‬ ‫ودراسة والمصادقـــة على المشاريـــع‬ ‫المقترحة في إطار برنامج تحسين الدخل‬ ‫واإلدماج االقتصادي للشباب‪.‬‬ ‫كما تمت المصادقة على مقترحات‬ ‫مشاريع من طرف اللجنة االقليمية للتنمية‬ ‫البشرية لعام ‪ ،2019‬ويتعلق األمر ب ‪12‬‬ ‫مشروعا ضمن برنامج مواكبة األشخاص‬ ‫في وضعية هشاشة‪ ،‬وتهم دعم وتجهيز‬ ‫ثالث مراكز لتصفية الدم باإلقليم‪ ،‬وكذلك‬ ‫دعم وتجهيز تسعة مراكز اجتماعية‬ ‫لألطفال والمسنين والمختلين عقليا‬ ‫وتكوين المرأة في وضعية هشة‪.‬‬

‫وبلغت التكلفة اإلجمالية المرصودة‬ ‫لهذه المشاريع ‪ 3‬ماليين ‪ 95‬ألف درهم‪،‬‬ ‫حيث من المنتظر أن يستفيد من هذا‬ ‫البرنامج ‪ 773‬مستفيدا ومستفيدة من‬ ‫مختلف الجماعات الترابية باإلقليم‪.‬‬ ‫أما بخصوص برنامج تقليص الفوارق‬ ‫المجالية واالجتماعية بالعالم القروي برسم‬ ‫‪ ،2020‬الشق المتعلق بالمبادرة الوطنية‬ ‫للتنمية البشرية‪ ،‬فقد تمت المصادقة على‬ ‫مشروعين بتكلفة اجمالية بلغت ‪ 2‬مليون‬ ‫‪ 293‬ألف درهم‪ ،‬وهمت اقتناء أربع سيارات‬ ‫إسعاف رباعية الدفع لفائدة الجماعات‬

‫الترابية باإلقليم وتجهيز دور الطالب‬ ‫والطالبة بالجماعات الترابية باالقليم‪،‬‬ ‫وسيستفيـــد من هــذه البرنامــج ‪8120‬‬ ‫مستفيد ومستفيدة بمختلف الجماعات‪.‬‬ ‫وبخصوص برنامج تحسين الدخل‬ ‫واإلدماج االقتصادي للشباب لعام ‪،2019‬‬ ‫فقد تمت المصادقة على ‪ 11‬مشروعا‪،‬‬ ‫حيث سيستفيد من هذا البرنامج ثالثة‬ ‫عشر شابا وشابة من حاملي المشاريع في‬ ‫مجاالت متعددة أهمها نجارة االلمنيوم‬ ‫والخشب والصباغة والبناء والكهرباء‬ ‫والوجبات السريعة والحالقة والتجميل‪.‬‬

‫شراكة بين المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب والمختبر‬ ‫الوطني للطاقات المتجددة وسفارة الواليات المتحدة األمريكية‬ ‫ورشة عمل حول إدماج الطاقات المتجددة في الشبكة الكهربائية‬

‫‪Fikri.press@gmail.com‬‬ ‫‪Tél 0661986707‬‬

‫بودرا يوقع على ميثاق مالقة لتعزيز‬ ‫التعاون بين إسبانيا والمغرب‬

‫وقع يوم االثنين في مدينة مالقة‪ « ،‬ميثاق‬ ‫مالقة لتعزيز التعاون بين إسبانيا والمغرب عبر‬ ‫الحدود في الفترة ‪.» 2021-2027‬‬ ‫التوقيع على الوثيقة جاءت في إطار يوم‬ ‫عمل ينظمه مرصد البيئة الحضرية (‪)OMAU‬‬ ‫لمجلس المدينة‪ ،‬والذي يدور حول مستقبل‬ ‫التعاون بين الضفتين‪ ،‬باإلضافة إلى التحديات‬ ‫المشتركةللمدن‪.‬‬ ‫ويأتي ميثاق مالقة‪ ،‬كمطلب للسلطات‬ ‫المختصة المعنية بالتفاوض وتصميم البرامج‬ ‫األوروبية لفترة البرمجة القادمة ‪،2021-2027‬‬ ‫التي تؤثر على األندلس وحدودها الخارجية‪،‬‬ ‫وللتذكير بضرورة مراعاة التزام البلديات‬ ‫الموقعة ألسس التنمية الحضرية المستدامة‬ ‫والمتكاملة‪.‬‬ ‫وبهذا المعنى‪ ،‬يعبرون عن استعدادهم‬ ‫لتعزيز اإلجراءات المرتبطة باألجندة الحضرية‬ ‫الجديدة كاستراتيجية دافعة لتحقيق أهداف‬ ‫التنمية المستدامة‪ ،‬وتعزيز حماية البيئة وحفظ‬ ‫الطبيعة‪ ،‬واإلدارة المستدامة للموارد الطبيعية‬ ‫والتنوع البيولوجي‪ ،‬بما في ذلك موارد المياه‬ ‫العذبةوالبحرية‪.‬‬ ‫كما يعكس الرغبة في الترويج لالتفاقيات‬ ‫الدولية المتعلقة بتغير المناخ‪ ،‬من خالل وضع‬ ‫خطط محلية تشمل تدابير للتخفيف والتكيف‬ ‫وتشجيع التنمية االقتصادات المحلية؛ من خالل‬ ‫تعزيز العمالة وزيادة رفاهية السكان‪.‬‬ ‫وفي الوقت نفسه‪ ،‬يتم تعزيز تدابير الدعم‬ ‫للقطاعين العام والخاص‪ ،‬مع إيالء اهتمام خاص‬ ‫للمؤسسات الصغيرة ومتوسطة الحجم‪ ،‬ويتم‬ ‫تشجيع االستثمار والتبادل التجاري مع التركيز‬ ‫بشكل خاص على السياحة المستدامة‪.‬‬ ‫ويشمل الموقعون على ميثاق ملقة أيضًا‪،‬‬

‫من بين أهدافهم؛ تشجيع التعليم والتبادل‬ ‫الثقافي بين ضفتي البحر األبيض المتوسط‪ ،‬مع‬ ‫إيالء اهتمام خاص بحفظ وتجديد ونشر التراث‬ ‫والعناصر التاريخية للمدن‪.‬‬ ‫كما يهدف إلى تعزيز السياسات التي‬ ‫تعزز التنمية االجتماعية‪ ،‬واالندماج االجتماعي‪،‬‬ ‫والمساواة بين الجنسين‪ ،‬وعدم التمييز‪،‬‬ ‫والعمالة والحماية االجتماعية‪ ،‬بما في ذلك‬ ‫حماية العمال المهاجرين والحوار االجتماعي‬ ‫واحترام المواطنين‪ ،‬وكذلك الحقوق النقابية‬ ‫ومعايير العمل األساسية‪ ،‬بما في ذلك عمل‬ ‫األطفال‪.‬‬ ‫باإلضافة إلى ذلك‪ ،‬تتضمن الوثيقة دعم‬ ‫التعاون بين الشركات المحلية لتحسين الكفاءة‬ ‫اإلدارية والشفافية وتبادل المعلومات‪.‬‬ ‫ويطلب الميثاق دمج برنامج أوروبي في‬ ‫فترة البرمجة الجديدة للمشاركة في تمويل‬ ‫تنفيذ األهداف المذكورة‪ ،‬سواء كان ذلك في‬ ‫سياق سياسات الجوار‪.‬‬ ‫وتقدم الوثيقة أيضًا تعاونًا مع ممثلين‬ ‫عن رؤساء البلديات الملحقين بالمشاركة في‬ ‫تصميم البرامج الجديدة‪ ،‬وتوضح أنه سيتم‬ ‫إنشاء لجنة مراقبة للتحقق من نتائج االجتماع‪،‬‬ ‫وسيتم تنسيقه بواسطة وحدة التنسيق اإلدارية‪.‬‬ ‫وقام بتوقيع الوثيقة رؤساء بلديات أكادير‪،‬‬ ‫الحسيمة‪ ،‬أصيلة‪ ،‬آزلة‪ ،‬بلفاع‪ ،‬بركان ‪ ،‬شفشاون‪،‬‬ ‫دكالة‪ ،‬دراركة‪ ،‬الصويرة‪ ،‬فم الحصن‪ ،‬فاس‪،‬‬ ‫القنيطرة‪ ،‬العرائش‪ ،‬المضيق‪ ،‬مراكش ‪ ،‬مكناس‪،‬‬ ‫وجدة‪ ،،‬سيدي إيفني‪ ،‬طانطان‪ ،‬طنجة‪ ،‬تطوان‪،‬‬ ‫تزنيت‪ ،‬وسيدي قاسم؛ باإلضافة إلى مستشار‬ ‫من صفرو ونائب رئيس بلدية الناظور‪.‬‬

‫حرمان سكان الريف من طلب تأشيرة‬ ‫ألمانيا بالناظور‬

‫في إطار الشراكة بين المكتب الوطني‬ ‫للكهرباء والماء الصالح للشرب وسفارة الواليات‬ ‫المتحدة بالمغرب ووزارة الطاقة األمريكية‬ ‫والمختبر الوطني للطاقات المتجددة‪ ،‬نظم‬ ‫المكتب‪ ،‬يومي ‪ 25‬و ‪ 26‬شتنبر ‪ 2019‬بمركز‬ ‫علوم وتكنولوجيا الكهرباء‪ ،‬ورشة عمل حول‬ ‫مواضيع تهم إدماج الطاقات المتجددة ضمن‬ ‫الشبكة الكهربائية الوطنية‪.‬‬ ‫حضر هذه التظاهرة السيد عبد الرحيم‬ ‫الحافظي‪ ،‬المدير العام للمكتب الوطني‬ ‫للكهرباء والماء الصالح للشرب‪ ،‬والدكتور‬ ‫كريس فال‪ ،‬مدير مكتب العلوم بوزارة الطاقة‬ ‫األمريكية وكذا‪ ،‬وفد من السفارة األمريكية‪.‬‬ ‫خالل الكلمة التي ألقاها‪ ،‬ذكر السيد‬ ‫الحافظي بالسياق الخاص باالستراتيجية‬ ‫الوطنية المتعلقة بتنمية الطاقات المتجددة‬

‫التي تتميز بالتخطيط لمزيج كهربائي بنسبة‬ ‫‪ ٪ 42‬في أفق عام ‪ 2020‬وأكثر من ‪٪ 52‬‬ ‫في أفق عام ‪ .2030‬كما تطرق إلى المواضيع‬ ‫المشتركة والتي نوقشت خالل هذا اللقاء فيما‬ ‫بين خبراء المختبر الوطني للطاقات المتجددة‬ ‫ومهندسي وأطر مختلف المؤسسات المغربية‬ ‫كوزارة الطاقة والمعادن المكتب الوطني‬ ‫للكهرباء والماء الصالح للشرب ومازن‪.‬‬ ‫وتتمحور هذه المواضيع حول‪:‬‬ ‫• توقعات توقف الطاقات المتجددة‪،‬‬ ‫• االستراتيجيات الخاصة بتخزين الطاقة‬ ‫الكهربائية‪،‬‬ ‫• التدابير التقنية لضمان استقرار الشبكات‬ ‫الكهربائية‬ ‫• تأثير مصادر اإلنتاج الالمركزية على‬

‫تخطيط وتشغيـــل المنظومــة الكهربائيـــة‬ ‫المغربية‪.‬‬ ‫كما حــث السيد الحافظي على توسيع‬ ‫الشراكة الثنائــة ليتسنــى إنشــاء مختبرات‬ ‫للبحوث التطبيقية لمواجهة التحديات التي‬ ‫يشهدها المكتب الوطني للكهرباء والماء‬ ‫الصالح للشرب في إطار االستراتيجية الخاصة‬ ‫بتشجيع االبتكار والبحث وتنمية المهارات‪.‬‬ ‫وهنأ الدكتور كريس فال المنظمين على‬ ‫أهمية هذا العمل في إطار عالقات الصداقة بين‬ ‫المغرب والواليات المتحدة األمريكية‪ ،‬كما أكد‬ ‫من جديد على جاهزية وزارة الطاقة األمريكية‬ ‫للمشاركة في دعم وتعزيز الكفاءات بالمملكة‬ ‫المغربية وذلك في مجاــل التدريب والبحـــث‬ ‫والتطوير‪.‬‬

‫قرّرت الشركة المكلفة بتلقي طلبات‬ ‫التأشيرة األلمانية إغالق مكتبها بمدينة الناظور‬ ‫ابتداء من اليوم‪ ،‬بشكل نهائي‪ ،‬ونقله إلى مدينة‬ ‫طنجة‪.‬‬ ‫وأعلنت الشركة المكلفة بتلقي طلبات‬ ‫التأشيرة‪ ،‬في موقعها اإللكتروني‪ ،‬عن إغالق‬ ‫المكتب بشكل نهائي‪ ،‬وانطالق العمل في‬ ‫مكتب طنجة ابتداء من غد الثالثاء فاتح أكتوبر‪.‬‬ ‫قرار اإلغالق أثار استياء عدد من سكان‬

‫إقليم الناظور‪ ،‬معتبرين أن فتح المكتب كان‬ ‫مكسبا للمواطنين الذين كانوا مضطرين‬ ‫لقطع مئات الكيلومترات لوضع طلبات التأشيرة‬ ‫بمدينة الرباط‪.‬‬ ‫وكانت الشركة قد فتحت مكتبا لتلقي‬ ‫طلبات التأشيرة األلمانية بالناظور في الـ‪ 7‬من‬ ‫نونبر ‪ ،2016‬استجابة لمطالب سكان الريف‪،‬‬ ‫قبل أن تقرر اإلغالق النهائي لمكتبها دون‬ ‫تقديم توضيحات حول حيثيات اتخاذ هذا القرار‪.‬‬


‫‪7‬‬

‫الثالثـاء ‪� 08‬إلى ‪� 14‬أكـتـوبر ‪2019‬‬

‫العدد ‪1014‬‬

‫مجتمع ـ سياسة ـ حقوق‬ ‫عبد العالي بن ربوحة‬

‫(مراسل من القصر الكبير)‬

‫عامل إقليم العرائش غاضب من تدني الخدمات‬ ‫الصحية وغياب األطر الطبية باإلقليم‬

‫كشفت مصادر موثقـــة أن عامل إقليم العرائش «العالمين بوعاصم» غاضب من تردي الخدمات الصحية باإلقليم‪،‬‬ ‫بعد أن طالب مندوب وزارة الصحة بالعرائش بالعمل على وجه السرعة من أجل تجاوز اإلشكاالت والرفع من جودة الخدمات‬ ‫الصحية ذات جودة المقدمة للساكنة في أسرع وقت ممكن‪.‬‬ ‫ذات المصادر‪ ،‬أوضحت أن “العالمين بوعاصم ” يتابع شخصيا الوضع الصحي باإلقليم على توفير جميع الخدمات العالجية‬ ‫والصحية التي تحتاجها ساكنة اإلقليم ‪.‬‬ ‫المصادر ذاتها تحدثت عن استياء عامل اإلقليم من تـــردي الخدمــات بالمستشفـــى اإلقليمي ‪ ،‬و غياب األطر الطبية‬ ‫بعدد من المراكز الصحية بالعرائش والقصر الكبير ‪.‬‬ ‫وأضافت ذات المصادر‪ ،‬أن العامل اإلقليم يعمل بتنسيق مع الجهات المختصة من أجل تجاوز جميع اإلشكاالت التي تحول‬ ‫دون استفادة مواطنات و مواطني اإلقليم من العالج ‪.‬‬

‫«العالمين بوعاصم» يترأس اجتماعا للجنة اإلقليمية‬ ‫للتنمية البشرية خالل المرحلة الثالثة‬ ‫‪2023\2019‬‬

‫عقدت اللجنة اإلقليمية للمبادرة الوطنية‬ ‫للتنمية البشرية صبــاح يوم الثالثاء ‪1‬اكتوبر‬ ‫‪ 2019‬بقاعة االجتماعات بعمالــة العرائـــش‬ ‫‪،‬اجتماعها في إطار المرحلة الثالثــة ‪ ،‬ترأس‬ ‫االجتماع عامل إقليم العرائش العالمين بوعاصم‬ ‫وبحضور الكاتب العام للعمالة‪ ‬وممثلي السلطلة‬ ‫المحلية ورؤساء المصالح الخارجية والمنتخبين‬ ‫وممثلي جمعيات المجتمع المدني‪.‬‬ ‫وفي كلمته بالمناسبة‪ ،‬أوضح السيد‬ ‫العالمين بوعاصم على أهمية هذه المرحلة‬ ‫الثالثة التي حددت أربعة محاور ‪ ،‬وهي مواجهة‬ ‫العجز المسجل في البنية التحتية والخدمات‬ ‫األساسية في المناطق األقل تجهيزا باإلقليم‪،‬‬ ‫ومرافقة األفراد في وضع هشاشة‪ ،‬وتحسين‬ ‫الدخل واإلدماج االقتصادي للشباب‪ ،‬وتعزيز‬ ‫دينامية قوية للتنمية البشرية لصالح األجيال‬ ‫الصاعدة‪.‬‬ ‫و بعد ذلك قدم رئيس قسم العمل‬ ‫االجتماعي عرضا حول برنامج المرحلة الثالثة‬ ‫للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية‪ ،‬مؤكدا أنه في‬ ‫ظل التصور الذي أعلن عنه صاحب الجاللة الملك‬ ‫محمد السادس نصره اهلل فإن المرحلة الثالثة‬

‫من المبادرة الوطنية للتنمية البشرية ترتكز على‬ ‫هدفين أساسين ‪ :‬‬ ‫الهدف األول ‪ :‬تحصين مكتسبات برامج‬ ‫المرحلتين األولى و الثانية ‪،‬‬ ‫الهدف الثاني ‪ :‬إعادة توجيه تدخل المبادرة‬ ‫الوطنية من خالل برامج جديدة بما يضمن‬ ‫صيانة الكرامة و تحسين ظروف العيش ‪ ،‬و بناء‬ ‫المستقبل من خالل التصدي المباشر للمعيقات‬ ‫األساسية التي تواجه التنمية البشرية طيلة‬ ‫مراحل نمو الفرد و ذلك من خالل تفعيل تنفيذ‬ ‫برامج جديدة تتمثل في ‪:‬‬ ‫البرنامج األول ‪ :‬تدارك الخصـاص على‬ ‫مستوى البنيات التحتية و الخدمات األساسية‬ ‫بالمجاالت الترابية األقل تجهيزا‪.‬‬ ‫البرنامج الثاني ‪ :‬مواكبة األشخاص في‬ ‫وضعية هشاشة ‪،‬‬ ‫البرنامج الثالث ‪ :‬تحسين الدخل و اإلدماج‬ ‫االقتصادي للشباب ‪.‬‬ ‫البرنامج الرابع ‪ :‬النهوض بالتنمية البشرية‬ ‫لألجيال الصاعدة‪.‬‬ ‫وكــان هـذا االجتمــاع مناسبــة إلطـالع‬

‫المشاركين أعضاء اللجنة اإلقليمية للتنمية‬ ‫البشرية على المستجدات التي تتضمنها‬ ‫المرحلة الثالثة من المبادرة الوطنية للتنمية‬ ‫وطبيعة المشاريع المبرمجة باإلقليم‪.‬‬ ‫وقد قام أعضاء اللجنة بالدراسة والمصادقة‬ ‫على المشاريع ذات األولوية المنبثقة عن‬ ‫التشخيص الترابي والتي تهم البرامج الجديدة‬ ‫للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية خالل مرحلتها‬ ‫الثالثة‬ ‫و في األخيـــر نوه السيد عامل اإلقليم‬ ‫بالمجهودات المبذولة في هذا اإلطـار مهيبـا‬ ‫بكافة الحاضرين من سلطات محلية و مصالح‬ ‫خارجية و منتخبين و مجتمع مدنـي و فاعلين‬ ‫اقتصاديين لتكثيف الجهود من أجل النهوض‬ ‫بالرأسمال البشري و العناية باألجيال الصاعدة‬ ‫و دعم الفئات الهشة و اعتماد جيل جديد‬ ‫من المبادرات المــدرة للدخل و المحدثـــة‬ ‫لفرص الشغل وفقا لمقاربة المرحلة الثالثة‬ ‫للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية التي أعلن‬ ‫عن انطالقتها صاحب الجاللـــة الملك محمد‬ ‫السادس‪.‬‬

‫‪benrebouha01@gmail.com‬‬ ‫‪Tél : 0641794991‬‬

‫اجتماع تنظيمي للمكتب الجهوي للجامعة‬ ‫الوطنية لعمال و موظفي الجماعات المحلية‬

‫عقد المكتب الجهوي للجامعة الوطنية‬ ‫لعمال و موظفي الجماعات المحلية فرع جهة‬ ‫طنجة تطوان الحسيمة بمقر االتحاد المغربي‬ ‫للشغل بالعرائش يوم السبت ‪ 28‬شتنبر‬ ‫‪2019‬اجتماعا خصص لمناقشة مجموعة من‬ ‫القضايات التي تهم شغيلة القطاع بالجهة كما‬ ‫تم تقديم تقارير للفروع بالجهة ‪ ،‬واستكمال‬ ‫تفعيل توصيات اجتماع المكتب الجهوي بكل‬ ‫من المضيق و وزان‪ ،‬و التباحث حول سبل تجاوز‬ ‫االكراهات المبطئة للعمل التنظيمي للفروع ‪.‬‬ ‫وبعد نقاش خالق و مستفيض في جميع‬

‫نقط جدول األعمال من طرف الحاضرات و‬ ‫الحاضرين و بكل غيرة نضالية و روح المسؤولية‬ ‫خلص االجتماع إلى ضرورة العمل على ترجمة‬ ‫القرارات التنظيمية و النضالية على ارض الواقع‬ ‫بمزيد من الصمود و التحدي‪ ،‬و العمل على‬ ‫تصدي الهجوم المشان على الجامعة الوطنية‬ ‫لعمال و موظفي الجماعات المحلية بمزيد من‬ ‫اليقضة و الحذر ‪ ،‬و توحيد الصفوف ضد كل‬ ‫المحاوالت التي تهدف الى التشويش و البلبلة‪.‬‬ ‫و قد ختم االجتماع بالدعوة إلى االستعداد‬ ‫المكثف إلنجاح المؤتمر الجهوي المزمع عقده‬ ‫خالل شهر دجنبر ‪ 2019‬بالحسيمة‪.‬‬

‫مؤسسة القصر الكبير للتنمية تنظم‬ ‫حملة طبية لتصحيح البصروالكشف المبكر‬ ‫للممدرسين بالعالم القروي بإقليم العرائش‬

‫دعما للتمدرس ولتحسين ظروف التعليم‬ ‫والتحصيل لدى أبناء األسر المعوزة باإلقليم‬ ‫‪ ،‬و في إطار المجهودات المبذولة لمساعدة‬ ‫تالميذ المؤسسات التعليمية الذين يعانون‬ ‫من ضعف البصر من أبناء هذه الفئة من‬ ‫المجتمع على متابعة دراستهم في ظروف‬ ‫أحسن‪ .‬نُظمت‪ ‬مؤسسة القصر الكبير للتنمية‬ ‫بشراكة مع وكالة تنمية أقاليم الشمال ‪،‬‬ ‫والمبادرة الوطنية للتنمية البشرية ‪ ،‬وبتنسيق‬ ‫مع المديرية اإلقليمية لوزارة التربية الوطنية‬ ‫بالعرائش حملة طبية واسعة النطاق لتصحيح‬ ‫النظر والكشف المبكر لفائدة تلميذات وتالميذ‬

‫الممدرسين بالعالم القروي بإقليم العرائش ‪.‬‬ ‫الحملة الطبية انطلقت يوم الثالثاء ‪1‬‬ ‫أكتوبر ‪ 2019‬بثانوية ريصانة اإلعدادية ‪ ،‬تأتي‬ ‫هذه الحملة لتصحيح النظر لفائدة التالميذ‬ ‫الذين يعانون من ضعف البصر ووجود صعوبة‬ ‫كبيرة في متابعة دراستهم ‪.‬‬ ‫الحملة لقيت إقبال واستحسان كبير من‬ ‫آباء وأولياء التالميذ للخدمة المقدمة مجانيا‬ ‫في إطار الخدمات الصحية لفائدة ضعاف البصر‬ ‫من التالميذ المنحدرين من األسر المعوزة‬ ‫باإلقليم ‪.‬‬

‫االعتقال االحتياطي لطبيب وممرضة‬ ‫على خلفية وفاة «فرح» وجنينها بمستشفى‬ ‫األميرة لالمريم بالعرائش‬

‫أمرت النيابة العامة بالمحكمة االبتدائية‬ ‫بالعرائش‪ ،‬مساء يوم االثنين‪ 30‬شتنبر ‪ ،‬بإيداع‬ ‫طبيب وممرضة السجن المحلي ومتابعتهما‬ ‫في حالة اعتقال ‪ ،‬فيما تم تمتيع مولدة أخرى‬ ‫بالسراح المؤقت بكفالة قدرها ‪ 9000‬درهم ‪،‬‬ ‫وذلك على خلفية وفاة السيدة «فرح» وجنينها‬ ‫بمستشفى األميرة لال مريم بالعرائش ‪ ،‬حيث‬ ‫وجهت النيابة العامة للمتابعين تهم تتعلق‬ ‫بـ»عدم تقديم المساعدة المرأة حامل في‬

‫خطر»‪ ،‬و»التسبب عن غير قصد في القتل‬ ‫غير العمد نتيجة اإلهمال واالمتناع عن أداء‬ ‫الخدمة»‪ ،‬و»العنف الجسـدي والنفســي ضد‬ ‫امرأة حامل»‪.‬‬ ‫هذه المحاكمة التي عرضت على القضاء‬ ‫ضمن ملـــف عــدد ‪ ،2103/2019/ 187‬جنحي‬ ‫تلبسي تأديبي ‪ ،‬وقد تم تحديد يوم‪ ‬االثنين‬ ‫‪ 7‬أكتوبر ‪ 2019‬كموعــد للجلســـة الثانية‬ ‫للمحاكمة‪.‬‬


‫الثالثـاء ‪� 08‬إلى ‪� 14‬أكـتـوبر ‪2019‬‬

‫العدد ‪1014‬‬

‫على الرغم من التصدي الحازم لقوات حفظ األمن‬ ‫ضد العنف والجريمة‬ ‫بقلم ‪ :‬الدكتور‬

‫عبد الحق بخـات‬

‫‪8‬‬

‫مشاعر انعدام األمن والخوف‬ ‫ال تزال قائمة‬

‫مثل كل المدن الكبرى في العالم‪ ،‬فإن مدننا ليست محصنة ضد ظاهرة انعدام األمن في الشوارع‪ .‬أصبح الوضع ً‬ ‫مقلقا بشكل‬ ‫خاص‪ ،‬ومن هنا منشأ الشعور بالخوف‪.‬‬ ‫ال يمر يوم دون أن تشهد شوارعنا‪ ،‬خاصة بمناطق الهامش‪ ،‬هجومات عنيفة‪ ،‬أحيانًا باألسلحة البيضاء‪ ،‬إما بدافع السرقة أو‬ ‫االغتصاب أو االنتقام أو تسوية حساب‪ ،‬أو بسبب من بين دوافع كارثية أخرى تميز مجتمعنا‪.‬‬ ‫هذه الظاهرة منتشرة في مدننا‪ ،‬وربما أقل في طنجة منها في الدار البيضاء أو فاس‪ ،‬لكن نفس شعور عدم األمان يسود في‬ ‫كل مكان داخل التجمعات السكانية وخارجها‪ .‬وفي اآلونة األخيرة انتقلت الظاهرة إلى الطرق السيارة أيضا‪.‬‬ ‫بشكل عام‪ ،‬تبدو الحقائق المختلفة التي تنقلها الصحافة وشبكات التواصل االجتماعية‪ ،‬والتي تسبب الضرر للمجتمع أو‬ ‫تجتاح حياة الناس‪ ،‬لذات قاسم مشترك‪ :‬الجنوح الناتج عن إدمان المخدرات والكحول‪ ،‬أو بسبب عوامل أخرى مثل المشاكل‬ ‫االجتماعية (انهيار األسرة‪ ،‬الهدر المدرسي‪ ،‬البطالة‪ )...‬أو الدوافع العقلية أو النفسية المرضية‪.‬‬ ‫غالبًا ما يكون التأثير الشديد للمخدرات هو ما يشجع على سيادة مثل هذا الجو من انعدام األمن‪ ،‬ذلك أن المجرمين في‬ ‫مثل هذه الحاالت الفاقدة للوعي‪ ،‬ينسون أن هناك في هذا البلد قوانين وشرطة ودرك ومحكمة وسجن في النهاية‪.‬‬ ‫صحيح أن السلطات المسؤولة عن حفظ النظام تدرك تمامًا الموقف‪ .‬ولكن ‪ ،‬بنوع من التفكير المنطقي‪ ،‬فإن قوة الردع هذه‬ ‫وفعاليتها ال يمكن أن تتواجد في نفس اآلن بكل الجغرافيات الممكنة حيث مسرح وقوع الجرائم‪ ،‬إذ أن العنف غالبا ما يحدث‬ ‫في أمكنة وأزمنة متعددة ومتعاقبة زمنيا‪.‬‬ ‫حقيقة أخرى‪ :‬الشرطة عندنا ما زالت تتحلى بنوع من اليقظة‪ ،‬ونود أن نشير أن جميع الجرائم تقريبًا ال تمر دون عقاب‪ ،‬حيث‬ ‫يتم البحث عن المجرمين بسرعة وتقديمهم إلى العدالة‪.‬‬ ‫كلمة العدالة ستقودنا إلى نقطة محل خالف من النقاش‪ .‬ففي بعض الحاالت القصوى‪ ،‬يعتبر الرأي العام الوطني أن‬ ‫القانون‪ ،‬لألسف‪« ،‬متساهل جدًا» تجاه هذا النوع من المجرمين‪ ،‬من حيث طبيعة ونوعية وحجم العقوبات المتخذة في حقهم‪.‬‬ ‫ربما تعزز دراسة حديثة وجهة النظر هذه‪ ،‬حيث كشفت أن ‪ 81٪‬من المدانين الشباب المفرج عنهم من السجون يعودون‪،‬‬ ‫معظم الوقت‪ ،‬إلى نفس النوع من الجريمة‪.‬‬ ‫ماذا يمكننا أن نفعل أمام هذه المعضالت؟‬ ‫حتى اآلن‪ ،‬اعتمدنا حلولاً ‪ ،‬على األقل إذا لم تعدم بعض أسباب الظاهرة‪ ،‬قد تخفف من شرورها‪.‬‬ ‫وهو ما يصعب االطمئنان إليه في الغالب‪!.‬‬ ‫لقد تطور المغرب وما يزال يفعل ذلك‪ ،‬ولكن على حساب‬ ‫اتساع الفوارق االجتماعية وعلى حساب التفاوتات الجغرافية‬ ‫ً‬ ‫محاطا بالفقر والبطالة‪.‬‬ ‫والترابية‪،‬‬ ‫قد ال يكون البؤس االجتماعي مصدر الظاهرة‪ ،‬ولكن‪،‬‬ ‫بإضافة انتشار آفة المخدرات التي تضرب في عمق شبيبتنا‪ ،‬يبدو‬ ‫أنه مسؤول عن المآسي الناجمة عن انتشار تعنيف مجتمعنا من‬ ‫خالل سرقة هاتف نقال‪ ،‬أو محفظة نقود‪ ،‬أو جواهر مغشوشة‬ ‫مبتذلة‪ ،‬أو االعتراض أمام الشبابيك االوتوماتيكية البنكية‪ ،‬أو‬ ‫اغتصاب امرأة شابة متجهة إلى مصنعها عند الفجر ‪.‬‬ ‫هل يجب أن نستسلم لهذه الظاهرة؟‬ ‫بالتأكيد ال! ولكن في الممارسة العملية‪ ،‬ال تكمن المسألة‬ ‫في تبني حلول دون الوقوف عند األسباب‪.‬‬ ‫بعد أن أظهرت هذه السياسة محدوديتها‪ ،‬يقتضي األمر‬ ‫التوجه مباشرة إلى المقصدية الحقيقية من خالل التحليل‬ ‫الواعي الذي يشمل إلى جانب العوامل االجتماعية األسباب‬ ‫الجذرية المؤدية إلى ارتفاع العدوان على الناس‪ ،‬وارتفاع حجم‬ ‫انعدام األمن‪.‬‬ ‫في هذا السياق‪ ،‬ينبغي االعتراف‪ ،‬دون أي مركب نقص‪،‬‬ ‫أن عدد رجال األمن المرصود ليس كافياً لضمان سالمة ‪33‬‬ ‫مليون مواطن مغربي في جميع أنحاء التراب الوطني التي‬ ‫ضربها التوسع الهائل للمدن‪ ،‬وعرفت ديموغرافية زاحفة‪،‬‬ ‫وهجرة قروية نشطة‪.‬‬ ‫باإلضافة إلى ذلك‪ ،‬يعتبر غياب كاميرات المراقبة في‬ ‫الساحات وفي مختلف شرايين المدينة بمثابة عائق‪ ،‬في الوقت‬ ‫الذي ينتشر فيه هذا النظام اإللكتروني بالمدن األجنبية‪.‬‬ ‫بالطبع‪ ،‬سنظل على بينة من نقص الموارد‪ ،‬ولكن ينبغي‬ ‫التنصيص على أن السالمة واألمن ال يقدران بثمن‪ ،‬وعلى أننا‬ ‫قادرين على توفير الموارد عندما تكون إرادتنا واضحة تجاه‬ ‫ذلك‪.‬‬ ‫لماذا نتهرب من االعتراف بأن نقص الموارد معزو إلى سوء‬ ‫في تدبير األموال العامة؟ هل علينا مرة أخرى العودة إلى ضرب‬ ‫األمثلة البليغة عن ذلك‪ ،‬والتي تغضب المغاربة‪.‬‬ ‫دعنا نعود مرة أخرى إلى هذه الكارثة المتعلقة بالموارد‪،‬‬ ‫والتي تضرب المغرب بقوة‪ ،‬ويتعلق األمر بالمثال األكثر حدة‪،‬‬ ‫ولن نتحدث عنه بما فيه الكفاية‪ ،‬مثل األجور الباهظة‪ ،‬والمزايا‬ ‫الفلكية غير المستحقة المرتبطة بالتقاعد‪ ،‬والممنوحة دون‬ ‫مبرر إلى كتاب الدولة والمسؤولين المنتخبين‪ .‬هذه النُخب‬ ‫المزعومة‪ ،‬التي يُفترض أن تدير بعناية وتدافع عن المصالح‬ ‫العمومية من خالل المؤسسات التي تمثلها‪ :‬الحكومة‬ ‫والبرلمان واألحزاب السياسية والنقابات‪ ،‬والتي أظهرت جميعها‬ ‫محدوديتها عندما يتعلق األمر باتخاذ القرارات الكبيرة‪ ،‬مكتفية‬ ‫بتصريحات عقيمة تصدرها من داخل مكاتبها وصالوناتها‬ ‫الوبرية‪.‬‬ ‫هل يمكننا االعتماد على مثل هؤالء األشخاص لمساعدة‬

‫مديرية األمن الوطني على حل مشكلة مهمة مثل ردع الجريمة‬ ‫وتعزيز الشعور باألمان؟‬ ‫هذه المبالغ الفلكية من المال واالمتيازات الصارخة‬ ‫المخصصة لتلبية احتياجاتهم الشخصية‪ ،‬أليست أكثر نفعا لو‬ ‫أنها وجهت لتحقيق السالمة واألمن في بلدنا؟‬ ‫نترك األمر لقرائنا آملين أن يجدوا إجابة منطقية عنها‪.‬‬ ‫في غضون ذلك ‪ ،‬دعونا نشيد بشرطتنا التي تبذل قصارى‬ ‫جهدها لحمايتنا‪ .‬ولمعرفة المزيد حول أدائها ينصح باالطالع‬ ‫على مراحل األيام المفتوحة الثالثة للمديرية العامة لألمن‬ ‫الوطني (‪ )DGSN‬التي جرت بحي «ماالباطا» في طنجة‪.‬‬ ‫من ناحية أخرى‪ ،‬إلى جانب األخبار السارة التي أعلنت عن‬ ‫إحداث «شرطة الطوارئ» أو «شرطة اإلغاثة» قريبا في المدن‬ ‫المغربية‪ ،‬بما في ذلك مدينة طنجة‪ ،‬والتي يمكن االتصال بها‬ ‫على الرقم األخضر ‪ ،19‬وهي خدمة تتكون من عاملين خاصين‬ ‫قادرين على التدخل في غضون ‪ 5‬إلى ‪ 8‬دقائق بعد التنبيه‪،‬‬ ‫نحن مدركون أنه منذ بعض الوقت‪ ،‬والفرق المسماة «‪»H24‬‬ ‫تتجول باستمرار في شوارع المدن‪ ،‬وتضاعــف من عمليــات‬ ‫التوقيف واالعتقاالت في حق المجرمين‪.‬‬ ‫من ناحية أخرى‪ ،‬وهذا ما يزال يتعين تأكيده‪ ،‬فإن التفكير‬ ‫قد نضج‪ .‬وسيترجــم واقعيــا الدعوة إلى مشاركــة القوات‬ ‫المساعدة ‪ ،‬المعروف باسم‪.»Mokhaznis« .‬‬ ‫ويــروج أن هذه القــوات يمكن أن تستفيــد من دورات‬ ‫تكوينية مكثفة للمساعدة في وقف عمليات العنف‪ ،‬وفي عودة‬ ‫أجواء األمن إلى المدن‪.‬‬ ‫بهذه الطريقة‪ ،‬على األرجح‪ ،‬كما كان الحال في حقبة ماضية‬ ‫عندما كانت الشوارع آمنة‪ ،‬سيستعيد المواطن الشجاعة والثقة‬ ‫في الخروج رفقة أسرته‪ ،‬دون الشعور بأي احتمال للتعرض‬ ‫لخطر يهدد ممتلكاته وحياته ‪.‬‬ ‫خالصة القول‪ ،‬إن األجواء األمنية اليوم صعبة‪ ،‬والجريمة‬ ‫متفشية بانتظــام‪ ،‬واالتجــار في المــواد غير المشروعـــة‬ ‫واستهالكها ال يفتأ يرتفع‪ ،‬والشوارع محتجزة كرهينة بسبب‬ ‫العنف‪ ،‬والخوف يعم بالمدينة‪.‬‬ ‫نعلم جميعًا أن الوجود الرادع لرجال األمن ضرورة حيوية‬ ‫للمواطن‪.‬‬ ‫ال ينبغي للحكومة والبرلمان والمؤسسات األخرى ذات‬ ‫الصلة أن تنهج سياسة األذن الصماء تجاه المصالح الحيوية‬ ‫التي تؤثر على السير السليم الحتياجات المواطنين‪ ،‬وعلى‬ ‫رأسها الحاجة إلى االمن‪.‬‬ ‫طلب وحيد‪ ،،‬ينبغي أن تتوقـــف المشاحنات السياسوية‪،‬‬ ‫وينبغي أن تتوجه الفعالية لمساعــدة الشرطــة عن طريـق‬ ‫تمكينها من جميع الوسائل الالزمة‪ ،‬دون قيـــود‪ ،‬كي تقوم‬ ‫بوظيفتها في مكافحة الجريمة‪.‬‬ ‫السالمة واألمن ال يقدران بثمن !!!‬

‫قطرات مداد‬ ‫ُ‬ ‫• محمد إمغران‬

‫لماذا طفا «الحريك»‬ ‫على سطح المياه البحرية‬ ‫بهذا الشكل المهول ؟‬

‫قارب الموت الذي ذهب ضحيته‪ ،‬مؤخرا‪ ،‬بشاطئ‬ ‫عين حرودة (المحمدية) ما مجموعـه ‪ 12‬شخصــا‪،‬‬ ‫حسب المعطيات الرسمية وقتها‪ ،‬كشف عن مؤخرة‬ ‫المغرب كالمعتاد‪ ،‬عندما انبرت المنظمات الدولية‪،‬‬ ‫سـواء للهجرة أو لشؤون الالجئين لتسلـط الضـوء‬ ‫على ظاهرة ضحايا قوارب الموت الذين يتساقطون‬ ‫كأوراق الخريف‪ ،‬عشرات تلو عشرات‪ ،‬سواء بمياه‬ ‫غرب المتوسط أو بالمياه اإلقليميــة المغربيـة‬ ‫واألطلنتية‪ .‬وكانت عمليات اإلنقاذ التي قامــت بها‬ ‫عناصر البحرية الملكية في الشهور التسعة األولى‬ ‫من هذه السنة‪ ،‬حسب المعطيات الرسمية دائما‪ ،‬قد‬ ‫قلصت عدد القتلى باآلالف‪.‬‬ ‫والمثيـــر في القضيــة هو أن التقارير الدوليــة‬ ‫صنفت المغرب ضمن أكثر الدول التي تعرف نسبة‬ ‫مرتفعــة من المهاجريــن غيــر النظاميين صوب‬ ‫إسبانيا‪ ،‬خالل هذه السنة‪ ،‬بهدف تحسين ظــروف‬ ‫عيشهــم‪ ،‬وربما لو أتيحــت إمكانيــات «الحريــك»‬ ‫لباقي المرشحين لكانت النسبة «كتخلع» أكثر‪.‬‬ ‫واألسئلة الممكن طرحها هنا هي لمـاذا طفـــا‬ ‫«الحريك» على سطــح الميــاه البحرية بهذا الشكل‬ ‫المهول ؟‬ ‫وهل الحراسة والمراقبـــة انعدمتـــا إلى هــذه‬ ‫الدرجة؟ وهل المسألة تدخل في إطــار النمــوذج‬ ‫«التنموي» الجديد للنهوض واالتجار بقوارب الموت‬ ‫ولصالح من ؟‬ ‫والحق أقول أن هذه الظاهرة تحز في النفــس‪،‬‬ ‫خاصة وأن ضمن قتلى القوارب قد يوجد أشخاص‬ ‫متعلمون ومؤهلون وذوو شهادات وكفاءات اختاروا‬ ‫مكرهين المغامرة ومواجهة الموت في البحر غرقا‪،‬‬ ‫وربما هم بعفتهم وضميرهم ومستواهم أفضل‬ ‫ممن يقررون في مصيرهـم ويضيعون الوقت في‬ ‫«التعطيل» الحكومي وليـس التعديــل الحكومي‪،‬‬ ‫وفي نبش قبور الحكومات السابقة وفي استحقاقات‬ ‫ما بعد هــذا «التعطيــل» الحكومــي‪ ،‬فضال عن‬ ‫صراعاتهم على الحقائب الوزارية والحقائب األخرى‬ ‫التي هي في البال وكذا على المراكز والمصالح‬ ‫الذاتية‪.‬والمؤسف حقا هو أن الحديث عنهم ونشر‬ ‫صورهم وتناول أخبارهم التافهة هي أمور تبرز أكثر‬ ‫فأكثر من عملهم وعطائهم‪ ،‬بالمقارنة مع المعيش‬ ‫اليومي البئيس والملموس للمواطنين في كل شيء‬ ‫يخصهم‪.‬‬ ‫واألكثر إثارة هو أنه تزامن‪ ،‬مؤخــرا‪ ،‬مع هــذه‬ ‫المرحلة تسريب شريط «فيديو» يوثـق لوليمــة‬ ‫باذخة جدا أقامهــا حــزب في الهـواء الطلق‪ ،‬حيث‬ ‫الطبيعة الخالبة‪ ،‬لفائدة أكثر من ثالثة آالف شخص‪،‬‬ ‫حسب تصريح «السي طريطــور» لوسائل اإلعالم‪.‬‬ ‫طبعا والوليمة هاتــه تعني التبذيرأو هي حملــة‬ ‫انتخابية‪ ،‬قبل األوان‪ .‬بيد أن الغالف المالي للوليمة‬ ‫المذكورة كان من الصـواب لو استفــاد منه العديد‬ ‫من الشباب المتعلم والمتكون‪ ،‬وذلك لوضع اللبنة‬ ‫األولى في مسار تشييد مستقبله‪ ،‬أليس كذلك ؟‬


‫امللحق القانوين‬

‫‪9‬‬

‫العدد ‪ 1014‬ـ الثالثـاء ‪ 08‬إلى ‪ 14‬أكتـوبـر ‪2019‬‬

‫التدبير التشاركي في ظل القانون التنظيمي‬ ‫للجماعات الترابية رقم ‪113-14‬‬

‫إعداد ‪ :‬دة‪ .‬حفصة الرمحاني‬ ‫دكتورة في القانون العام‬ ‫إذا كـــان قانون رقـــم ‪ 08-17‬المتمــــم‬ ‫والمعــدل للميثـــاق الجماعي السابـق رقـم‬ ‫‪ 78-00‬قد نص ألول مرة على المقاربة‬ ‫التشاركية كمقاربة ضرورية إلعداد المخططات‬ ‫الجماعية للتنمية في المادة ‪ 36‬منه‪ ،‬فإن‬ ‫القانون التنظيمي للجماعات رقم ‪ 113-14‬قد‬ ‫عمل على تكريس هذه المقاربة بشكل قوي‬ ‫من خالل التنصيص عليها في مجموعة من‬ ‫مواضعه ‪.‬خاصة وان هذه المقاربة أصبحت حقا‬ ‫دستوريا بموجب دستور سنة ‪ 2011‬بموجب‬ ‫المادة ‪ 139‬منه‪.‬‬ ‫و من خالل قراءتنا وبحثنا عن المستجدات‬ ‫التي جاء بها القانون التنظيمي للجماعات والتي‬ ‫تهم جانب المناهج الحديثة للتدبير‪ ،‬وقفنا على‬ ‫اعتماده مجموعة من المناهج الحديثة في تدبير‬ ‫الشأن العام المحلي وعلى راسها ‪ :‬منهج التدبير‬ ‫التشاركي‪ ،‬ومنهج التدبير عبر األهداف وكذا‬ ‫منهج التتبع القائم على النتائج‪.‬‬ ‫و سوف نعمل من خالل هذا المقال على‬ ‫تحديد مفهوم التدبير التشاركي‪ ،‬والبحث عن‬ ‫مظاهر تطبيقه في القانون التنظيمي للجماعات‬ ‫الترابية رقم ‪ . 113.14‬أما منهجي التدبير عبر‬ ‫األهداف والنتائج فسوف نخصص لهما مقاال‬ ‫الحقا ‪.‬‬ ‫الفقرة االولى ‪ :‬مفهوم المقاربة التشاركية‬ ‫في التدبير العمومي‬ ‫و تعني المشاركة في الشأن العام ‪ :‬عمل‬ ‫تطوعي من جانب المواطن يهدف التأثير‬ ‫على إدارة الشؤون العامة واختيارات القادة‬ ‫السياسيين‪ .‬فالتدبير الحكماتي للشأن العام‬ ‫يفرض إشراك المواطنين في اتخاذ القرار بصفة‬ ‫مباشرة او غير مباشرة‪ ،‬ويرفع من مستوى االداء‬ ‫الحكومي‪.‬‬ ‫كما تعتبر المشاركة إحدى المؤشرات‬ ‫المرجعية للحكامة‪ ،‬والتي يتم االعتماد عليها‬ ‫من اجل تقييم الدول في مدى تفعيلها لمبدأ‬ ‫الحكامة الجيدة‪ .‬ويمكننا تعريف المقاربة‬ ‫التشاركية كونها عبارة عن « جهد منظم بشكل‬ ‫ذكي ومؤسساتي‪ ،‬من اجل الحصول على نتائج‬ ‫ناجعة وفعالة»‪.‬‬ ‫في هذا السياق تقول الدكتورة «أمامة‬ ‫عواد لعريشي» ‪ :‬أنه يجب أن نستشير ونسأل‬ ‫أي كان‪ ،‬نسأل الحزين والمتفائل والذي لم يجد‬ ‫رغيف لألكل والذي يعاني من التخمة نتيجة‬ ‫االفراط في االكل أن نسأل الصغير والكبير‪،‬‬ ‫الفقير والغني‪ ،‬الشاب والشيخ‪ ،‬المراة والرجل ‪ . .‬‬ ‫ويقول «المهاتما غاندي» ‪ :‬ما تقومون‬ ‫به لصالحي بدوني ‪،‬تقومون به ضدي» ‪.‬هذه‬ ‫االقوال تلخص لنا بوضوح مفهوم المقاربة‬

‫التشاركية‪ ،‬كإطار للشفافية والديمقراطية‬ ‫وكضمانة لنجاح المخططات والمشاريع‪.‬كما‬ ‫تضع قواعد المشاركة التي يجب ان تشمل كل‬ ‫ساللمالمجتمع‬ ‫إن ثقافة المشاركة من المبادئ التي حث‬ ‫الدين االسالمي على ضرورة التشبث بها فقد‬ ‫ورد مصطلح الشورى في عدة آيات من القرءان‬ ‫الكريم‪ ،‬بل وهناك صورة كاملة تسمى صورة‬ ‫الشورى ‪,‬و هناك في القرءان الكريم دعوة‬ ‫صريحة إلى النبي صلى اهلل عليه وسلم من‬ ‫أجل استشارة أصحابه قبل اتخاذ القرار‪ .‬إذ يقول‬ ‫تعالى في صورة آل عمران « ولو كنت فظا غليظ‬ ‫القلب النفضوا من حولك ‪،‬فاعف عنهم واستغفر‬ ‫لهم وشاورهم في االمر فإذا عزمت فتوكل على‬ ‫اهلل ‪،‬إن اهلل يحب المتوكلين»‪.‬‬ ‫و قدبدأ مفهوم التخطيــط التشاركــي‬ ‫باالنتشار منذ الستينات في سياسات الدول‬ ‫النامية‪.‬و في الثمانينات سيتم ترسيخ التخطيط‬ ‫التشاركي عبر الممارسات على مستوى الساكنة‬ ‫القروية‪.‬و يسمى التخطيط تشاركيا عندما‬ ‫يشرك مجموع الفرقاء في إعداد السياسات وفي‬ ‫صياغة البرامج وتطبيقها ويشركون أيضا في‬ ‫مسلسل التقييم‪ .‬فللنجاح في مشاريع معينة‪،‬‬ ‫فمن األهمية بمكان أن يكون لجميع األطراف‬ ‫المعينة نفس التصور للموضوع والمعرفة‬ ‫لنوعية المشاكل التي يجب أن يتناولها‬ ‫المشروع ‪.‬والطابع التشاركي يمكن تحقيقه من‬ ‫خالل مجموعات عمل والتي من خاللها تكون‬ ‫األطراف المعينة ممثلة فيها ومشاركة في مسار‬ ‫التخطيط التشاركي عن طريق ورشة أو ورشات‬ ‫عمل التي تنظم لهذه الغاية‪.‬‬ ‫و بعد إعطــاء نظرة شاملة عن التدبير‬ ‫والتخطيط التشاركي‪ ،‬سنعمل في الفقرة الثانية‬ ‫عن تطبيقات هذا التدبير في ظل القانون‬ ‫التنظيمي للجماعات الترابية ‪.‬‬ ‫الفقرة الثانية ‪ :‬تطبيقـــات المقاربــــة‬ ‫التشاركية في القانون التنظيمي للجماعــات‬ ‫رقم ‪.113-14‬‬ ‫أصبحت المقاربــة التشاركيــــة واعتماد‬ ‫التدبير التشاركي في الشأن العمومي كما قلنا‬ ‫سابقا ‪،‬حقا دستوريا بموجب المادة ‪ 139‬من‬ ‫دستور سنة ‪ 2011‬والتي جاء فيها ‪:‬‬ ‫« تضع مجالس الجهات والجماعات الترابية‬ ‫االخرى‪ ،‬آليات تشاركية للحوار والتشاور لتيسير‬ ‫مساهمة المواطنات والمواطنين والجمعيات‬ ‫في اعداد برامج التنمية وتتبعها‪.‬‬ ‫يمكن للمواطنات والمواطنين والجمعيات‬ ‫تقديم عرائض‪ ،‬الهدف منها مطالبة المجلس‬ ‫بإدراج نقطة تدخل في اختصاصه ضمن جدول‬ ‫أعماله»‪.‬‬

‫وقد وقفنا على تفعيل المقاربة التشاركية‬ ‫على مستوى القانون التنظيمي للجماعات رقم‬ ‫‪ 14-113‬في مجموعة من مواضع هذا القانون‬ ‫التنظيمي ولخصناها كما يلي ‪:‬‬ ‫أوال ‪ :‬فتح الباب أمام المعارضة من اجل‬ ‫المشاركة في تسيير شؤون المجلس‬ ‫و يتعلق االمر هنا بإمكانيتين ‪:‬‬ ‫• التنصيص على إمكانية طلب إدراج‬ ‫نقطة في جدول أعمال الدورة ‪:‬‬ ‫فبناء على المادة ‪ 40‬من قانون ‪113 - 14‬‬ ‫فإنه يجوز ألعضاء المجلس المزاولين مهامهم‬ ‫أن يقدموا للرئيس بصفة فردية أو عن طريق‬ ‫الفريق الذي ينتمون إليه‪ ،‬طلبا كتابيا قصد‬ ‫إدراج كل نقطة تدخل في صالحيات المجلس‬ ‫في جدول أعمال الدورات ‪.‬‬ ‫و في حالة رفض إدراج النقطة يجب أن‬ ‫يعلل هذا القرار‪ ،‬ويحاط المجلس علما بذلك‬ ‫عند افتتاح الدورة وحسب نفس المادة‪ ،‬في حالة‬ ‫تقديم الطلب من طرف نصف اعضاء المجلس‬ ‫فحينها تسجل النقطة وجوبا في جدول االعمال‪.‬‬ ‫إن هذه االمكانية تسمح بتدبير إداري‬ ‫أكثر تشاركية وتحدث قطيعة مع زمن سيطرة‬ ‫األغلبية على تسيـــر شــؤون الجماعــة‪ ،‬إذ‬ ‫بواسطتها يصبح بإمكان أي منتخب أن يكون‬ ‫رأيه مسموعا‪ ،‬وذهب المشرع إلى أبعد من ذلك‬ ‫حينما أرفق قرار رفض النقطة بتعليل‪ .‬وحتى‬ ‫بعد الرفض إذا استطاع المعني باألمر أن يقنع‬ ‫نصف المجلس بأهمية هذا المطلب تصبح‬ ‫حينها النقطة مسجلة وجوبا في جدول االعمال ‪.‬‬ ‫‪ .2‬التنصيص على إمكانية توجيه أسئلة‬ ‫كتابية إلى رئيس المجلس‪:‬‬ ‫حيث جاء في المـــادة ‪ 46‬أنه بإمكـــان‬ ‫أعضاء المجلس المزاولين مهامهم أن يوجهوا‬ ‫للرئيس بصفة فردية أو عن طريق الفريق الذي‬ ‫ينتمون إليهأسئلة كتابية حول كل مسألة تهم‬ ‫مصالحالجماعة‪.‬‬ ‫يقدم الجواب على األسئلة في جلســـة‬ ‫تخصص لذلك أثناء انعقاد كل دورة عادية‪ ،‬وفي‬ ‫حالة عدم الجواب خالل هذه الجلسة يسجل‬ ‫السؤال حسب الترتيب من طرف المعني باألمر‬ ‫ليدرج الجلسة المخصصة لألسئلة في الدورة‬ ‫الموالية‪.‬‬ ‫هذه اإلمكانية بدورها تكفل مشاركة كل‬ ‫االعضاء في تسير شؤون الجماعة بما فيهم‬ ‫المحسوبين على المعارضة‪ ،‬إذ خولت لهم‬ ‫إمكانية توجيه االسئلة إلى الرئيس‪ ،‬ولعل‬ ‫هذه المادة تكون أقوى من حيث مضمونها‬ ‫حينما جعلت الرئيس مجبر على االجابة عن‬ ‫السؤال وإن لم يتسع الوقت لذلك خالل الجلسة‬ ‫المحددة لذلك يحتفظ بالسؤال إلى الدورة‬ ‫الموالية ‪.‬‬ ‫إال أن االشكال المطروح هنا هو إمكانية‬ ‫الرئيس أن يماطل في تأخير الجواب عن السؤال‬ ‫وتأخيره إلى الجلسة الموالية ربحا للوقت خاصة‬ ‫إذا كانت المسألة ذات طابع يرتبط بالزمن‪.‬‬ ‫ثانيا ‪:‬إضافة مسالك مرور للمجتمع المدني‬ ‫من اجل تسيير الشأن المحلي‪:‬‬ ‫و يتعلق األمر ب ‪:‬‬ ‫• وضع آليات تشاركية للحوار والتشاور‬ ‫لتيسير مساهمــة المواطنين والمواطنـــات‬ ‫والجمعيات في إعداد برامج العمل وتتبعها‬ ‫عملت المادة ‪ 119‬من القانون التنظيمي‬ ‫للجماعات رقم ‪ 113-14‬على تفعيل مقتضيات‬ ‫الدستور الواردة في المادة ‪ 139‬منه ‪.‬فنصت‬ ‫على وضع مجلس الجماعة آليات تشاركية‬ ‫للحوار والتشاور مع المواطنين والجمعيات وذلك‬ ‫بهدف تمكينهم من المساهمة في تتبع وتقييم‬ ‫برنامج العمل الجماعيمع االحالة إلى النظام‬ ‫الداخلي للمجلس الجماعي الذي يقوم بتحديد‬ ‫هذه اآلليات ‪.‬‬

‫(البقية ص ‪)10‬‬

‫إعداد ‪ :‬د‪ .‬محمد البوشوكي‬ ‫دكتور في القانون العام‬ ‫‪mohamedelbouchouki@gmail.com‬‬

‫مسؤولية المجلس األعلى للحسابات‬ ‫في تدبير الشأن العام‬

‫تم إحداث المجلس األعلى للحسابات سنة ‪ 1979‬بموجب القانون ‪12.79‬وبمقتضاه‬ ‫أصبح المغرب يتوفر على هيأة عليا تتولى الرقابة العليا على تنفيذ القوانين المالية‬ ‫والتأكد من مشروعية عمليات موارد ونفقات األجهزة الخاضعة لرقابتها‪ ,‬كما تقوم‬ ‫بمراقبة تسيير دره األجهزة وتقييم مدى صالحية هدا التسيير طبقا للمادة ‪21‬من‬ ‫الفصل ‪ 1‬للقانون رقم ‪62.99‬المتعلق بمدونة «المحاكم المالية» بالمغرب ‪.‬‬ ‫ونظرا ألهمية المجلس أبى المشرع المغربي إال أن يرتقي به إلى مؤسسة دستورية‬ ‫كأعلى هيأة لمراقبة المالية العامة بالمملكة‪ ,‬عبر تخصيص الباب العاشر من دستور‬ ‫‪ 2011‬لضمان استقالليته وتخويله مهمة تدعيم وحماية مبادئ وقيم الحكامة الجيدة‬ ‫والشفافية والمحاسبة بالنسبة للدولة واألجهزة العمومية « ف ‪ »147‬كما تتولى‬ ‫المجالس الجهوية للحسابات مراقبة حسابات الجهات والجماعات الترابية وهياكلها‬ ‫الفصل «‪ »149‬من الدستور‪.‬‬ ‫في المقابل أسئلة عدة تطرح حول طبيعــة‪ ‬المجلس؟ وقيمة تقاريره؟ ومدى‬ ‫استقالليته ؟‬ ‫اد يالحظ أن األمر ال يتعلق بمحاكم بالمفهوم القضائي الدقيق حيث يقتصر‬ ‫دور المجلس على تقديم تقارير سنوية لها طابع استشاري محض دون إصدار أحكام‬ ‫وعقوبات على غرار القضاء العادي‪ ,‬هنا يجب القول وكرأي شخصي إن المجلس ال يرقى‬ ‫إلى محكمة مالية كما يذهب بعض الباحثين‪.‬‬ ‫هدا ما يحيلنا إلى قيمة التقارير التي يعدها المجلس كبيان عن جميع أنشطته ويحرر‬ ‫المالحظات التي أبداها ويبدي اقتراحاته المتعلقة بتحسين تسيير المالية العامة طبقا‬ ‫للمادة ‪100‬من الفصل السادس من القانون المتعلق بمدونة المحاكم المالية لدلك‬ ‫فقيمة التقارير تستمد مصداقيتها من مدى شفافيتها وعدم االنتقائية في المؤسسات‬ ‫الخاضعة لرقابة المجلس‪ ,‬ومدى استقالليتها عن السلطتين التشريعية والتنفيذية ‪.‬‬ ‫• مفهوم استقاللية المجلس األعلى للحسابات وتدبير الشأن العام ‪.‬‬ ‫لقد كان مفهوم استقاللية الهيات العليا للرقابة على المالية العامة الموضوع‬ ‫األساسي للمناظرة الحادية عشرة للمنظمة العالمية للهيات السالفة الذكر التي انعقدت‬ ‫في «ليما» عاصمة البيرو سنة ‪1977‬او ما يعرف بإعالن ليما فمند دالك الحين أصبح‬ ‫مفهوم االستقاللية ضرورة ملحة للمساهمة في توطيد دولة الحق والقانون ولدلك‬ ‫فما جدوى دسترة المجلس األعلى للحسابات ادا لم يضمن له االستقاللية التامة عن‬ ‫الحكومة؟ في شخص وزير العدل الذي يبقى المسؤول األول عن تحريك الدعوة المترتبة‬ ‫عن تقارير المجلس مما يضعف من اختصاصات النيابة العامة داخل المجلس األعلى‬ ‫للحسابات ‪.‬‬ ‫فاستقاللية المجلس دعامة أساسية لحسن تدبير الشأن العام خصوصا والمغرب‬ ‫يسعى إلى تثبيت مشاريع كبرى كالجهوية المتقدمة وفي هدا السياق فان المجلس‬ ‫والمجالس الجهوية يمكن أن تقوم بادوار فعالة في تحسين التسيير وفي تكريس‬ ‫قيمه األساسية التي تتمحور حول المساءلة العمومية والشفافية والفعالية والمرد ودية‬ ‫وتخليق الحياة العامة ‪.‬‬ ‫دلك أن مزاولة المجلس الختصاصاته المنصوص عليها في دستور ‪ 2011‬في‬ ‫الفصول ‪147.148.149.150‬و بكل مصداقية وحياد لن يتحقق إال بالعمل على توفير‬ ‫اآلليات القانونية واإلمكانيات الضرورية التي تخوله المساهمة بفعالية للحفاظ على‬ ‫المال العام ‪.‬‬ ‫لهدا فدور المجلس األعلى للحسابات في حسن تدبير الشأن العام هو تعميم‬ ‫الشفافية وواجب المساءلة داخل المؤسسات العمومية التي من واجبها العمل على مبدءا‬ ‫الفعالية والنجاعة والعمل على النتائج والمردودية إضافة إلى ضرورة تكريس الحق في‬ ‫الولوج للمعلومة من خالل نشر التقارير التي تعتبر أداة مهمة إلخبار الرأي العام ‪.‬‬ ‫غير أن تدعيم نظام تدبير الشأن العام يتطلب من المجلس للحسابات توفره على‬ ‫موارد بشرية مؤهلة واعتمادها معايير الرقابة المتعارف عليها دوليا هدا فضال عن‬ ‫تحسين التقنيات المستعملة للرقابة والتدقيق‪.‬‬ ‫مفاهيم عدة ادن‪ ,‬تبقي نقاشا مفتوحا حول طبيعة المجلس األعلى للحسابات‬ ‫وتقاريره ؟ ماهية ودور النيابة العامة بالمجلس؟ عالقته مع الحكومة والبرلمان ؟‬ ‫إشكاليات يطرحها الباحث قبل المواطن الرتباطها القوي بمبدأ المسؤولية مع المحاسبة‬ ‫الخصار‬ ‫والحفاظ على المال العام لضمان التنزيل السليم للدستور‪ ,‬عبد‬ ‫الرحيمالجديد‪.‬‬ ‫دستور العهد‬


‫العدد ‪1014‬‬

‫الشمال القانوني‬

‫التدبير التشاركي في ظل‬ ‫القانون التنظيمي للجماعات‬ ‫الترابية رقم ‪113-14‬‬

‫(تتمة ص ‪)9‬‬

‫و بناء عليه نص الباب السادس من النظام‬ ‫الداخلي للمجالس الجماعية على كيفية وضع‬ ‫هذه اآلليات انطالقا من المادة ‪ 82‬إلى المادة‬ ‫‪ 87‬منه‪ .‬ويكن تلخيص هذه اآلليات كما يلي ‪:‬‬ ‫وفقا للمادة ‪ 83‬من النظــام الداخلــي‬ ‫للمجالس ‪:‬‬ ‫عقد لقاءات عمومية مرتين أوأكثر من‬ ‫طرفرئيس المجلس الجماعي بتعاون مع أعضاء‬ ‫المكتبمع المواطنات والمواطنين والفاعلين‬ ‫االقتصاديين واالجتماعيين وجمعيات المجتمع‬ ‫المدني من أجل ‪:‬‬ ‫ • دراسة مواضيع عامة تدخل في‬ ‫اختصاصاتالجماعة‬ ‫ • االطالع على آرائهم بشأنها‬ ‫ • إخبـار المواطنــــات والمواطنيــــن‬ ‫والمعنيين بالبرامج التنموية المنجزة‬ ‫أو الموجودة في طور اإلنجاز‪.‬‬ ‫ينظم هذا اللقاء بمبادرة من الرئيس‬ ‫أو من الفاعلين المعنيين أو من طرف هيئة‬ ‫تمثل المواطنات والمواطنين‪.‬و يمكن لرئيس‬ ‫المجلس الجماعي أن يستدعي رؤساء اللجان‬ ‫المعنية أو نوابهم لحضور هذه الجلسات‪.‬‬ ‫وتم تحديد االجراءات والشروط المتعلقة‬ ‫بإعداد اللقاء والتقارير الصادرة عنه في المواد‬ ‫‪ 84‬و‪ 85‬و‪ 87‬من النظام الداخلي ‪ .‬في حين‬ ‫حددت المادة ‪ 86‬إمكانية إدراج التقارير الصادرة‬ ‫عن اللقاءات في جدول أعمال الدورة الموالية‬ ‫للمجلس الجماعي للتداول بشأنها‪.‬‬ ‫‪ .2‬التنصيص على إحداث هيئة المساواة‬ ‫وتكافؤ الفرص ومقاربة النوع‬ ‫إذا كان تعديل المادة ‪ 14‬من الميثــاق‬ ‫الجماعي القديم رقم ‪ 00-78‬بموجب قانون‬ ‫‪ 17/08‬قد شكل قفزة نوعية في مجال دعم‬ ‫العدالة االجتماعية عن طريق التنصيص على‬ ‫لجنة استشارية جديدة تسمى لجنة تكافؤ‬ ‫الفرص والمساواة‪ ،‬إال ان هذا المستجد وجهت‬ ‫إليه عدة انتقادات من قبيل جعل هذه اللجنة‬ ‫تحت رئاسة رئيس المجلس الجماعي وكونه هو‬ ‫المسئول عن تشكيلها ووضع قانونها الداخلي‬ ‫مما افرغها من محتواها وجعلها تسقط في‬ ‫الحسابات السياسية الضيقة ‪ .‬فكانت التطلعات‬ ‫ان يتم تعديل هذه اللجنة بجعلها لجنة دائمة‬ ‫أوهيئة منفصلة عن المجلس الجماعي‪.‬‬ ‫استجابة لهذه المطالب جاء في المادة‬ ‫‪ 120‬من القانون التنظيمي الجديد للجماعات‬ ‫رقم ‪ 113-14‬ما يلي ‪:‬‬ ‫«تحدث لدى مجلس الجماعـــة هيئـــة‬ ‫استشارية بشراكة مع فعاليات المجتمع المدني‬ ‫تختص بدراسة القضايا المتعلقة بتفعيل مبادئ‬ ‫المساواة وتكافؤ الفرص ومقاربة النوع تسمى‬ ‫هيئة المساواة وتكافؤ الفرص ومقاربة النوع‬ ‫يحدد النظام الداخلي للمجلس كيفيات‬ ‫تأليف هذه الهيئة وتسييرها «‪.‬‬ ‫أول من يمكن مالحظته في هذه المادة‬ ‫هو تعويض كلمة اللجنة بكلمة الهيئة وإضافة‬ ‫مقاربة النوع ‪ .‬ولعل الرقي بهذه اللجنة إلى هيئة‬ ‫مستقلة له داللته التي تجسدها إرادة المشرع‬ ‫في ‪:‬‬ ‫ • تجـــاوز اإلشكاليات السابقــــة التي‬ ‫طرحها تفعيل هذه اللجنة على‬ ‫أرض الواقع ورفض بعض الرؤساء‬ ‫تشكيلهاأصال‬ ‫ • منحها المــزيــد من االستقالليـــة‬ ‫من أجل القيام بدورها الحقيقي‬

‫في المشاركـــة في تسيير الشأن‬ ‫المحلي وتدعيم العدالة االجتماعية‬ ‫والديمقراطية المحلية ‪.‬‬ ‫ • إلزامية تشكيـل الهيئــة من خالل‬ ‫إدراجها ضمن مقتضيـات النظــام‬ ‫الداخلي للمجلس الجماعي ‪.‬‬ ‫وقد تضمن نموذج النظـام الداخلــي‬ ‫للمجالس الجماعية باب كامال خصص لهذه‬ ‫الهيئة تضمن مجموعة من المواد انطالقا من‬ ‫المادة ‪ 62‬إلى المادة ‪.81‬‬ ‫وقد قامت هذه المواد بتبيان ‪:‬‬ ‫ • اختصاصات هذه الهيئة‬ ‫ • تكوينها‪ ،‬عدد أعضائها‪،‬‬ ‫ • المعاييـــر التي يجب أخذها أثنـــاء‬ ‫التشكيل‬ ‫ • كيفية ومكان وعدد اجتماعات الهيئة‬ ‫ • كيفية اشتغال الهيئة‬ ‫ • التزامات رئيس الجماعة اتجاه هذه‬ ‫الهيئة‬ ‫ • توسيع مجال تسييـــر المواطنيــن‬ ‫والجمعيات للشـــأن المحلــي عبـر‬ ‫إمكانية تقديم العرائض‬ ‫إذا كان الدستور المغربي لسنة ‪2011‬‬ ‫قد جعل وضع آليات للحوار والتشاور من طرف‬ ‫الجماعة حقا دستوريا للمواطنين‪ ،‬فإنه من‬ ‫خالل نفس المادة ‪ 139‬خلق قنوات جديدة‬ ‫للمواطنين والجمعيات من اجل المساهمة في‬ ‫تسيير الشؤون المحلية‪ ،‬بحيث جاء في الفقرة‬ ‫الثانية من هذه المادة ‪:‬‬ ‫«يمكــــن للمواطنـــات والمواطنيـــــن‬ ‫والجمعيات تقديم عرائض‪ ،‬الهدف منها مطالبة‬ ‫المجلس بإدراج نقطة تدخل في اختصاصه‬ ‫ضمن جدول أعماله»‪.‬‬ ‫وبناء عليه عمل القانون التنظيمي‬ ‫للجماعات رقم ‪ 14-113‬على تفعيل مقتضيات‬ ‫المادة ‪ 139‬من دستور ‪ 2011‬وذلك في الباب‬ ‫السادس منه انطالقا من المادة ‪ 121‬وصوال‬ ‫إلى المادة ‪.125‬‬ ‫وقد حددت هذه المواد ما يلي ‪:‬‬ ‫ • مفهومالعريضة‬ ‫ • شروط تقديم العرائض من قبـل‬ ‫المواطنين‬ ‫ • شروط تقديم العرائض من قبـــل‬ ‫الجماعيات‬ ‫ • كيفيات إيداع العرائض‬ ‫و برغم من كل هذه الشروط التي تسبق‬ ‫تقديم هذه العريضة إال أن التنصيص عليها في‬ ‫حد ذاته يعد مكسب ديمقراطي حكماتي بامتياز‬ ‫للمواطنين والجمعيات ‪.‬‬ ‫وبعد التعــرف على مفهـــوم المقاربة‬ ‫التشاركية وكذا مختلف تطبيقاتها في ظـــل‬ ‫القانون التنظيمي للجماعات الترابية رقم‬ ‫‪ 14-113‬تبين ان المشرع المغربي قد مضى‬ ‫قدما في تبنى هذا النوع من المناهج الحديثة‬ ‫الذي بدأ يفرض نفسه كآلية من آليات الحكامة‬ ‫الجدية على كل الدول التي تحترم مواطنيها‬ ‫وتؤمن بالحق والقانون ‪ .‬وهي بمثابة نقطة‬ ‫قوة تحسب للمشرع المغربي‪ ،‬وعلى المنتخبين‬ ‫والمواطنين وجمعيات المجتمع المدني التشبع‬ ‫بهذه الثقافة واغتنام هذه الفرصة من اجل‬ ‫تطوير التسيير التشاركي بالجماعات الترابية‬ ‫والنهوض بالتنمية المحليــة النابعــــة من‬ ‫االحتياجات الحقيقة للمواطنين ‪.‬‬

‫الثالثـاء ‪� 08‬إلى ‪� 14‬أكتوبر ‪2019‬‬

‫‪10‬‬

‫الالمركزية مالها وما عليها (‪)10/1‬‬

‫مقدمات أولية‬

‫بزوغ مفهوم الدولة في صورتها‬ ‫األولية‪ ،‬وليست البدائية‪ ،‬ببالد ما بين‬ ‫النهرين‪ ،‬والمتجسدة أساسا في الدولة‪-‬‬ ‫المدينة‪ ،‬رافقتها خاصيتين رئيسيتين‪.‬‬ ‫منذ تأسيسها ومركز الدولة القوي‬ ‫هو اآلمر الناهي‪ ،‬المتحكم في اتخاذ‬ ‫جميع القرارات المصيرية الصغيرة منها‬ ‫والكبيرة؛ ومن جهــة أخرى جميع تلك‬ ‫القرارات‪ ،‬بل وجميع السلطات وكذا توزيع‬ ‫االختصاصات كان مصدرها ومنبعها‬ ‫شخص الملك‪ .‬إن توسع الدولة وتشعب‬ ‫اختصاصاتها وأجهزتها وترامي أطرافها‬ ‫لم يكن يعني سوى المزيد من تقوية‬ ‫نفوذ مركزها وزيادة غناه من خالل‬ ‫امتصاص ثروات باقي مناطق التابعة أو‬ ‫المندمجة في مجال نفوذها الترابي‪ .‬في‬ ‫هذا اإلطار يمكن أن نسوق العديد من‬ ‫األمثلة من روما عاصمة اإلمبراطورية‬ ‫الرومانية في أوج جبروتها إلى دمشق‬ ‫األموية في عز طغيانها وبغداد العباسية‬ ‫في أوج ازدهارها وتقدمها‪ ...‬وعلى‬ ‫إبراهيم مراكشي‬ ‫الجملة األمثلة في هذا الصدد متعددة‬ ‫أستاذ القانون العام‬ ‫ويصعب حصرها‪ .‬لهذا السبب كان من‬ ‫المنطقي أن يشكل ضعف العواصم جامعة عبد المالك السعدي «طنجة»‬ ‫قديما مؤشر على أفول مجد دولها وزوال‬ ‫حكمها‪ .‬االمبراطوريات قديما كانت تنهار بانهيار تتمتع بصالحيات جدية وباستقالل مالي حقيقي‬ ‫عواصمها‪ ،‬ألن السلطة السياسية واإلداريــة كانت في المجمل‪.‬‬ ‫في الجهة المقابلة‪ ،‬ما يميز األنظمة غير‬ ‫مشخصة غير تشاركــية‪ ،‬ممركزة في العاصمة‪،‬‬ ‫الديمقراطية‪ ،‬أو تلك التي ما تزال تتلمس طريقها‬ ‫ومحتكرة من طرف أقلية متحكمة‪.‬‬ ‫لم تكن الدول قديما تسمح بأي شكل من نحو الديمقراطية الكاملة‪ ،‬هو اختالل ميزان‬ ‫أشكال التشاور أو تقاسم السلطة التي تتيح اشراك تنظيمها الترابي المحلي بين كفتي الالتمركز‬ ‫الساكنة المحلية في تدبير شؤونها اليوميـــة‪ ،‬والالمركزيــة؛ بهيمنة األولى على الثانيــة‪ ،‬إذ‬ ‫بل ولم تكن متسامحة مع أية محاولة أو مبادرة نجد هذه األخيرة تحت وصايــة األولى‪ .‬في هذا‬ ‫في هذا الصدد‪ .‬فالمسؤول المحلي على اإلقليم النموذج الثاني من األنظمـــة‪ ،‬سنجد أن لممثل‬ ‫أو المقاطعة‪ ،‬غالبا من ذوي الخلفية العسكرية‪ ،‬المركز صالحيات تجعل منه الفاعل الرئيسي‬ ‫كان يتم تعيينه بشكل مباشر من طرف الحاكم والمحوري على صعيد التنمية المحلية‪ .‬بل‬ ‫(الملك‪ ،‬االمبراطور‪)... ،‬؛ دون أن تكون للساكنة سنكتشف الحقا لدى بعض الدول‪ ،‬المترددة في‬ ‫المحلية آنذاك أية سلطة في اختياره‪ .‬في هذه مسار بنائها الديمقراطي‪ ،‬أن رؤساء المجالس‬ ‫النقطة تحديدا نجد التشابــه الكبير بين هذه الجماعية رغم صدور نصوص قانونية متطورة‬ ‫األنظمة الغابرة مع بعض األنظمة العربية تمنحهم صالحيات جديدة‪ ،‬نجدهم مترددين‬ ‫المعاصرة‪ ،‬فليس مستغربا أن يكون جميع ومتخوفين من ممارسة تلك الصالحيات التي‬ ‫المحافظين في مصر «السيساوية» ينتمون إلى كانت في األصل من صميم اختصاصات ممثل‬ ‫المؤسسة العسكرية‪ .‬لذلك فعندما نجد األمير أو الحكومة المركزية؛ بل وال يترددون في التنازل‬ ‫السلطان أو الملك في إحدى األنظمة العربية هو عنها عند أول إشارة من لدن هذا األخير‪ .‬الحالة‬ ‫الذي يقوم بتعيين ممثل السلطة المركزية على المغربية تندرج ضمن خانــة هذه الفئة من‬ ‫الصعيد المحلي‪ ،‬ينبغي االنتباه إلى أن ذلك تقليد الدول‪ ،‬إذ نجد عمداء بعض مجالس المدن‬ ‫قديم ترجع جذوره األولى إلى بداية نشأة الدولة‪ -‬الكبرى كالدار البيضاء والرباط وطنجــة قد تنازلوا‬ ‫عن اختصاصاتهم فيما يتعلق بتدبير مشاريع‬ ‫المدينة‪.‬‬ ‫تنموية لفائدة ممثل السلطة المركزية (طنجة‬ ‫أي‬ ‫هناك‬ ‫يكن‬ ‫لم‬ ‫الغابرة‪،‬‬ ‫العصور‬ ‫في‬ ‫إذا‬ ‫الكبرى‪ ،‬رباط األنوار)‪ .‬الوالي أو العامل نجده في‬ ‫جهاز منتخب من طرف الساكنة المحلية يتقاسم هذه الحالـــة هو الماسك الحقيقي بسلطة اتخاذ‬ ‫مع «الحاكم» المحلي أو يشاركه السلطات المخولة القرارات عوض رئيس المجلس الجماعي‪ .‬هذا‬ ‫لـــه من طرف المركز؛ حتى بعض المحطات األخير يكاد ينحصر دوره على سلطة التوقيع؛ بل‬ ‫التاريخية القصيرة المشرقة والفاصلة في تاريخ إن جماعات بعينها بموظفيها ومواردها المالية‬ ‫البشريــة‪ ،‬خاصة في المدن اإلغريقية‪ ،‬وتحديدا تحولت إلى مجرد ملحقات إدارية تابعة لسيادة‬ ‫في أثينا ‪-‬مع العلم أن ‪ 90%‬من ساكنتها كانت الوالي أو العامل‪ .‬أحيانا النص القانوني مهما بدى‬ ‫تحت نير العبوديـــة‪ ،-‬أو خالل فترة الجمهورية متطورا يصعب عليه تجاوز الواقع بكل حموالته‬ ‫باإلمبراطورية الرومانية‪ ،‬ال يمكن االعتداد بها‪ ،‬التاريخية والذي تجذر مع مرور الوقت ليفرض‬ ‫فلم يكن بعد قد تشكلت حتى المؤشرات الجنينية إكراهات «نفسية» أثناء تنزيله‪ .‬وهنا نتساءل عن‬ ‫األولى لما يصطلح عليه اليوم بالالمركزية‪.‬‬ ‫األسباب التي تدفع السلطات المركزية إلى مراقبة‬ ‫هذا الوضع استمر ردحا طويال من الزمن‪ ،‬التنظيم الالمركزي عن قرب؟ األكيد أن هناك‬ ‫ولم يبدأ المشهد في التغير‪ ،‬وبشكل تدريجي‪ ،‬إال أسباب لها جانب من المعقولية والمشروعية‪.‬‬ ‫مع هبوب رياح الثورة الفرنسية التي كانت زلزاال الدولة المركزية في المغرب في غاية الذكاء‪ ،‬بل‬ ‫على النظام القديم‪ ،‬غير أن احتكار المركز في الدهاء‪ ،‬فهي تمنح اختصاصات للوحدات الترابية‬ ‫تدبير كل ما هو محلي استعصى عن التغيير‪ .‬فرغم الالمركزية بيد‪ ،‬وتقيدها باليد األخرى‪ ،‬إن لم تكن‬ ‫قيام هذه الثورة وتثبيت مبادئها وأركانها نجد أن تفرغها من محتواها‪ .‬انكشف هذا األمر بجالء في‬ ‫المجتمعات الغربية‪ ،‬واألوربية تحديدا استغرقت المرسوم رقم ‪ 2-17-618‬بمثابة ميثاق وطني‬ ‫ما يزيد عن قرنين من الزمان قبل أن تتمكن من لالتمركز اإلداري‪ .‬هذا مجرد مثال من بيتن أمثلة‬ ‫إيجاد صيغة توافقية تناسبها‪ ،‬مكنتها من إشراك أخرى عديدة سنتطرق إليها‪.‬‬ ‫الساكنة المحلية في تدبير شؤونها اليومية‪ ،‬أي ما‬ ‫في هذه الحالة يبدوا األمر برمته وكأن‬ ‫بات متعارف عليه اليوم بــمفهوم «الالمركزية»‪ .‬المركز يلوي عنق الزجاجة حتى يلتف حول مفهوم‬ ‫بيد أن اإلشراك الحقيقي والفعلي لم ينطلق في الالمركزية ليفقده غايته وجدواه؛ وكأن المركز‬ ‫القارة العجوز إال بعد الحرب العالمية الثانية‪ .‬ما ال يثق كثيرا في اختيارات الناخبين ويتوجس‬ ‫أسباب كل هذا التأخر؟ اإلجابة ستطل علينا في من انفالت األمور من بين يديه‪ .‬كيف يمكن‬ ‫القادم من الصفحات‪.‬‬ ‫تبرير هذا الوضع؟ في هذا اإلطار ينبغي أيضا‬ ‫رغم التطور الكبير الذي حصل منذ تلك استحضار مساهمة هشاشة النخبة المحلية وعدم‬ ‫الفترة فإن النظام القديم هذا‪ ،‬والمتمثل في استقالليتها في تأزيم هذا الوضع‪.‬‬ ‫تعيين المركز بشكل مباشر لممثل عنه على‬ ‫الحالـــة المغربيـــة ليســـت فريــدة من‬ ‫المستوى المحلي ومنحه صالحيات واسعـــة‪ ،‬لم نوعها‪ ،‬فهي ظاهريا تنتمي إلى خانة األنظمة‬ ‫يختفي تماما من األنظمة المعاصرة‪ .‬لقد بات الديمقراطية‪ ،‬خصوصا إذا أخذنا بعين االعتبار‬ ‫يختزل اليوم في مفهوم «الالتمركز اإلداري»‪.‬‬ ‫اإلطار القانوني المتقدم –من حيث مظهره‬ ‫إن ما يميز األنظمة الديمقراطيـــة في هذا الخارجي وطبيعة االختصاصات– الذي يؤطر‬ ‫اإلطار‪ ،‬وإن حافظت على هذا النظام القديم‪ ،‬إال تنظيمه الترابي الالمركزي؛ لكن في نفس الوقت‬ ‫أنها قلمت من أظافره‪ ،‬وقلصت من اختصاصاته‪ ،‬نجدها عمليا تنتمي للفئة الثانية من الدول إذا‬ ‫في مقابل توسيع هامش اختصاصات األجهزة دققنا في طبيعة وجوهر صالحيات المخولـــة‬ ‫النابعة مباشرة من الساكنة المحلية‪ ،‬أي األجهزة لمؤسسة الوالي أو العامل‪ .‬إن التنظيم الترابي‬ ‫المنتخبة من طرف هذه األخيرة‪ .‬فاالختصاصات اإلداري للمملكة المغربيــة يزاوج بذكاء بين‬ ‫والصالحيات التي تمنح لألجهزة التمثيلية المحلية هذين النظامين‪ .‬فهو يزاوج بين النظام القديم‬ ‫المنتخبة تفوق بكثير وتتجاوز ما يمنح للمثلي قدم مفهوم الدولة‪ ،‬الذي حافظ على استقراره‬ ‫السلطات المركزية‪ .‬هذه المجالس‪ ،‬التي باتت وثباته وتجذره بالمغرب‪ ،‬والذي يتجسد في التعيين‬ ‫تختزل اليوم في مفهوم الجماعات الترابيــة‪ ،‬المباشر من طرف الملك للمثل عنه على الصعيد‬

‫الجهوي واإلقليمي؛ وبين النظام المعاصر‬ ‫المتمثل في ترأس شخص مدني منتخب‬ ‫ومجلس منتخب بدوره من طرف الساكنة‬ ‫المحلية‪ ،‬ومكلف بتقديم خدمات القرب‬ ‫وتدبير شؤونهم اليومية على المستويات‬ ‫الثالث لالمركزية‪ .‬تركيبة هذا المجلس‬ ‫دائما ما تكون في المغرب خاضع لمجموعة‬ ‫من االنقسامات العمودية واألفقيــة بين‬ ‫أغلبية غير منسجمة ومعارضة نتيجة طبيعة‬ ‫النظام االنتخابي المعتمد وطريقة تقسيم‬ ‫الدوائر وكذا بلقنة األحزاب السياسية‪ .‬تعد‬ ‫هذه المالحظات من محددات قوانين هذه‬ ‫«اللعبة» –مجازا– والتي سنميط اللثام عنها‬ ‫في القادم من الصفحات‪ .‬إن العالقة بين‬ ‫المركزية والالتركيز مع الالمركزيــة هي‬ ‫فعال أشبــه بـ «لعبة» لها نصوصها القانونية‬ ‫المنظمة والمحددة لها‪ .‬وهنا يبرز بجالء‬ ‫جدوى اإلشكالـــــية المحورية التي ستتم‬ ‫معالجتها في هذا العمل المتواضع والمتعلقة‬ ‫بــــ‪« :‬أبعاد الالمركزية بالمغرب‪ :‬ما لها وما‬ ‫عليها»‪ .‬مع العلم أننا سنعالج تحديدا موضوع‬ ‫الالمركزية اإلدارية‪.‬‬ ‫يتضح لنا أن الدولة الحديثة التي‬ ‫تأسست بعد قيام الثورة الفرنسية لم تعمل‬ ‫على هدم جميع األسس التي شيدت عليها الدولة‪-‬‬ ‫المدينــة في بالد ما بين النهرين‪ ،‬بل حافظت على‬ ‫بعض أسسها وثوابتها‪ .‬غير أن ما يميز األنظمة‬ ‫المعاصرة ويبرز بجالء طابعها الديمقراطي هو‬ ‫أن الهيئات الالمركزية المنتخبة تحتل الصدارة‬ ‫والوجاهة سواء من حيث االختصاصات وطبيعة‬ ‫السلطات وكذا االستقاللية‪ .‬في حين‪ ،‬نجد‬ ‫األنظمة التي مازالت تبحث عن صيغة ديمقراطية‬ ‫تناسبها –تحاشيا لبعض التعابير من قبيل‬ ‫الشمولية والديكتاتورية المقنعة–تحرص على‬ ‫ابقائها للسلطة في حوزة الحكومـــة المركزية‬ ‫على حساب المجالس المحلية المنتخبة‪ ،‬بل إن‬ ‫السلطة الحقيقية والمؤثرة تحتكرها أطراف أخرى‬ ‫من خارج دائرة المربع الحكومــــي‪.‬‬ ‫الديمقراطية المحلية مرت بعدة مراحل‬ ‫تطورية قبل أن تستقر في صورتها الحالية‬ ‫المتعارف عليها في القرن الحادي والعشرون‪ .‬غير‬ ‫أن االستقرار هنا ينبغي النظر إليه بشكل نسبي‪،‬‬ ‫ذلك أن الديمقراطية كمفهوم وممارسة هي‬ ‫عصارة لتجربة إنسانية وجودية‪ ،‬تطورت وتأقلمت‬ ‫مع تطور الحضارة البشرية‪.‬‬ ‫الالمركزية الترابية ليس لها تعريف واحد‪،‬‬ ‫كما أن لها أبعاد متعددة‪ ،‬فهي في جوهرها آلية‬ ‫تمنح للساكنة المحلية إمكانيــة المساهمة في‬ ‫تدبيرشؤونهماليوميةعبرمنتخبينيتمانتخابهم‬ ‫بشكل ديمقراطي؛ هي أيضا قوانين‪ ،‬وهي كذلك‬ ‫روح جسدها المادي عبارة عن مؤسسات؛ بعبارة‬ ‫أخرى هي نتاج عالقات قوى وتجاذبات بين مصالح‬ ‫متضاربــة‪.‬‬ ‫لالمركزية الترابية هي نسق من خالله‬ ‫وعبره يتفاعل فيه جميع هذه األطراف السالفة‬ ‫الذكر بشكل يبدوا تشاركي‪ .‬وهو أمر فرضه‬ ‫الواقع‪ ،‬بعدما اتضح النتائج الكارثية الستئثار فئة‬ ‫معينة بالسلطة‪ ،‬واستحالة خروج الدولة من أزمتها‬ ‫بعد الحرب العالمية الثانية دون إشراك الفئات‬ ‫الشعبية العريضة‪ .‬اليوم تعد الالمركزية الترابية‬ ‫من أبرز تجليات الديمقراطية المحلية‪ ،‬فهي حلقة‬ ‫الوصل الرابطة بين المواطنين والنخبة السياسية‬ ‫وأجهزة الدولة المركزية والالممركزة‪ .‬في هذا‬ ‫المستوى يبدوا هذا الطرح تبسيطيا إلى حد ما‪،‬‬ ‫فاألمر يحتاج إلى التعمق أكثر في بواطن العالقة‬ ‫بين الديمقراطية المحلية والالمركزيــة‪.‬‬ ‫من المعلوم أن الالمركزية من بين ما تعنيه‬ ‫«تنازل» الدولة عن بعض اختصاصاتها لفائدة‬ ‫أجهزة محلية منتخبة متعددة المستويات (جماعة‪،‬‬ ‫عمالة أو إقليم‪ ،‬جهة)‪ .‬متى اضطرت الدولة إلى‬ ‫القيام بذلك؟ وضمن أي سياق تاريخي وسياسي‬ ‫واقتصادي واجتماعي؟ لكن قبل ذلك كيف‬ ‫توصلت الدولة إلى هذه القناعة‪ ،‬أي ضرورة اشراك‬ ‫الساكنة عبر الجماعات الترابية المنتخبة في تدبير‬ ‫بعض المجاالت بعينها على الصعيد المحلي؟ ما‬ ‫هي المحددات التاريخية التي كانت حاسمة في‬ ‫ذلك؟ ومتى حدث هذا التطور النوعي؟ ما هي‬ ‫عيوب الالمركزية؟ هل نحن في حاجة لمنظومة‬ ‫الالمركزية لتصريف الشأن العام المحلي؟ أال‬ ‫يمكن التخلص من هذا النظام؟ وما هو البديل‬ ‫المقترح؟‬ ‫ضمن عشرة مقاالت سنعمل على وضع‬ ‫الالمركزية تحت المجهر‪ ،‬بالبحث في أصولها‪،‬‬ ‫وسنحاول قدر المستطاع تفصيل أسسها وأركانها‪،‬‬ ‫وإماطة اللثام عن جوانبها الخفية‪ ،‬والتطرق أخيرا‬ ‫آلفاقهاالمستقبلية‪.‬‬


‫العدد ‪1014‬‬

‫الشمال القانوني‬

‫الثالثـاء ‪� 08‬إلى ‪� 14‬أكتوبر ‪2019‬‬

‫‪11‬‬

‫اإلعالم الديني في توجهات أمير المؤمنين‬ ‫( الجزء الثاني واألخير )‬ ‫(تتمة)‬ ‫يمثل عقد البيعة وال شك الركن األساسي الذي ال محيد عنه بالنسبة للنظام‬ ‫الدستوري المغربي‪ ،‬الذي يجعل من الملك المكون الشرعي وحامي النظــام‬ ‫االجتماعي‪ ،‬لكنّه بالمقابل يقر للمؤمنين حقوقا والتزاماتيمكنهم ممارستها في‬ ‫انسجام تام مع الملك‪ ،‬ومن هنا تبرز فكرة طبيعة هذا العقد‪ ،‬والمهام المنوطة‬ ‫بإمارة المؤمنين كسلطة ومؤسسة فاعلة في النظام السياسي والدستوري‬ ‫المغربي‪ ،‬ودعامة للوحدة الوطنية والضمانة الفعلية لتحقيق أمن المغاربة‬ ‫السياسي والروحي‪ ،‬بسبب ما يجدونه من ضمان لممارسة حقوقهم الدينية‪،‬‬ ‫والتعبير عن وجدانهم اإليمانية لكونهم يشعرون أن عقيدتهم في حمى أمير‬ ‫المؤمنين‪ ،‬لكن كيفما كان الحال فالحياة مليئة بالتحوالت واإلكراهات‪ ،‬التي‬ ‫تجعل من مهام إمارة المؤمنين قد تعترضها بعض اإلكراهات‪ ،‬خاصة أن العالم‬ ‫اإلسالمي كجزء من مكونات العالم‪ ،‬يعيش تحوالت وصعوبات حقيقية مؤثرة‪.‬‬ ‫ارتبط مفهوم التحديات وفق التصور السوسيولوجي بالظروف التي تحيط‬ ‫بعالمنا اإلسالمي‪ ،‬والمغرب كدولة منفتحة على العالم معنية هي األخرى بمجمل‬ ‫رياح العولمة‪ ،‬وتمثالت هاته التحديات التي تواجه اإلسالم ليس بوصفه الدين‬ ‫الخاتم‪ ،‬الذي تستطيع شريعته أن تواجه كل الظروف والمتغيرات في كل زمان‬ ‫ومكان لما تمتاز به من المرونة واالعتدال‪ ،‬لكن بمدى قدرة المسلمين فعال على‬ ‫استيعاب تطورات العصر المتسارعة واألحداث المتباينة ‪ ،‬الذي بدأ بعضها في‬ ‫الظهور في النصف األخير من القرن العشرين‪ ،‬في مقدمتها التوجه نحو القطبية‪،‬‬ ‫وفوبيا اإلسالم‪ ،‬وصراع الحضارات‪ ،‬وهذا ما وقف عليه خطاب صاحب الجاللة الملك‬ ‫محمد السادس فيتشخيص لهذا األمر‪.‬‬ ‫يقول أمير المؤمنين في هذا الصدد‪ ،‬بمناسبة مراسم االستقبال الرسمي‬ ‫الذي خصصه جاللته لقداسة البابا فرانسيس يوم ‪ 30‬مارس ‪ 2019‬بباحة حسان‬ ‫بالرباط‪:‬‬ ‫« تأتي زيارتكم للمغرب في سياق يواجه المجتمع الدولي‪ ،‬كما جميع المؤمنين‬ ‫تحديات كثيرة‪ ،‬وهي تحديات من نوع جديد‪ ،‬تستمد خطورتها من خيانة الرسالة‬ ‫اإللهية وتحريفها واستغاللها‪ ،‬وذلك من‬ ‫خالل االنسياق وراء سياسة رفض اآلخر‬ ‫فضال عن أطروحات دنيئة أخرى»‪.‬‬ ‫ويضيف جاللته في سياق طرحه‬ ‫للبدائل الكفيلة لمواجهة قضايا العصر‪:‬‬ ‫«ولمواجهة التطرف بكل أشكاله‪،‬‬ ‫فإن الحل لن يكون عسكريا وال ماليا‪،‬‬ ‫بل الحل يكمن في شيء واحد‪ ،‬هو‬ ‫التربية‪ ،‬فدفاعي عن قضية التربية‪،‬‬ ‫إنما هو إدانة للجهل‪ .‬ذلك أن ما يهدد‬ ‫حضاراتنا هي المقاربات الثنائية‪ ،‬وانعدام‬ ‫التعرف المتبادل‪ ،‬ولم يكن يوما الدين‪.‬‬ ‫واليوم‪ ،‬فإني بصفتي أمير المؤمنين‪،‬‬ ‫أدعو إلى إيالء الدين مجددا المكانة‬ ‫التي يستحقها في مجال التربية‪ .‬وال‬ ‫يمكنني وأنا أخاطب هؤالء الشباب‪ ،‬أال‬ ‫أحذرهم من مخاطر التطرف أو السقوط‬ ‫في نزوعات العنف‪ ،‬فليس الدين هو ما‬ ‫يجمع اإلرهابيين‪ ،‬بل يجمعهم الجهل‬ ‫بالدين»‪.‬‬ ‫ترتكز توجيهات أميـــر المؤمنين‬ ‫لحل مشاكـل عالم متجــدد وصعـــب‬ ‫يرتبط بقضايا وتحديـات روح العصر‪،‬‬ ‫أساسا على المقاربة التربوية‪ ،‬باعتبارها علم كل العلوم‪ ،‬إذ تعد التربية وفق تعاريف‬ ‫علوم التربية‪ ،‬هي أساس بناء المجتمع الديمقراطي الحر‪ ،‬وهي الجذور األساسية‬ ‫للوعي والثقافة واإلبداع والتطور العلمي والحضاري( )حيث تقع المسؤولية في‬ ‫تنزيل مبادئها وأفكارها على عاتق األفراد والمؤسسات منفردين ومجتمعين‪ ،‬كل‬ ‫حسب اختصاصه ودوره في العملية التربوية‪ ،‬ولعل اإلعالم عامة له في تحدي‬ ‫وسائل التربية التقليدية باع طويل‪ ،‬حيث أصبح المربي الحقيقي ألجيال اليوم‪،‬‬ ‫والمحدد ألنماط سلوكهم‪ ،‬وبالتالي ينبغي أن يكون هناك بديل إعالم حقيقي‬ ‫متميز‪ ،‬للحفاظ على الهوية العربية واإلسالمية والمتمثل أساسا في اإلعالم‬ ‫الديني مما يوفره من برمجة خاصة ومضامين معتدلة وتصورات تسمح له‬ ‫بتحقيق أهدافة الكبرى في مقدمتها التنشئة االجتماعية وفق مقومات فكر الهوية‬ ‫الدينية‪.‬‬ ‫الفقرة الثانية‪ :‬قناة السادسة وإذاعة محمد السادس للقرآن الكريم التحول‬ ‫التواصلي في فكر أمير المؤمنين‪.‬‬ ‫مواكبة لمختلف تحوالت العصر ووفق تصور شامل‪ ،‬أتم أمير المؤمنين‬ ‫صاحب الجاللة الملك محمد السادس االستراتيجية التواصلية في تأهيل الحقل‬ ‫اإلعالمي الديني‪ ،‬وذلك عبر إطالق دراعين إعالميين دينين‪ ،‬إذاعة محمد السادس‬ ‫للقرآن الكريم‪ ،‬وقناة محمد السادس للقرآن الكريم (السادسة) في إطار اتفاقية‬ ‫مبرمة بين وزارة األوقاف والشؤون اإلسالمية‪ ،‬ووزارة االتصال والشركة الوطنية‬ ‫لإلذاعة والتلفزة‪.‬‬ ‫شرعت (إذاعة محمد السادس للقرآن الكريم) في بث أولى برامجها يوم ‪16‬‬ ‫أكتوبر ‪ ،2004‬بعدها بشهور عزز أمير المؤمنين المشهد السمعي البصري بإطالق‬ ‫قناة محمد السادس للقرآن الكريم (السادسة)‪ ،‬التي بدأت في بث برامجها يوم ‪2‬‬ ‫نونبر‪ ،2005‬وفقا لدفتر تحمالت المؤسسة األم (الشركة الوطنية لإلذاعة والتلفزة)‬

‫خاصة في شقه المتعلق بمبادئ الخدمة العمومية لالتصال السمعي البصري ( )‪،‬‬ ‫التي تسعى من خالله المؤسسة إلى ترسيخ الثوابت األساسية للمملكة المغربية‬ ‫كما هي محددة في الدستور‪ ،‬والمتمثلة في‪:‬‬ ‫الدين اإلسالمي السمح؛‬ ‫ •‬ ‫الملكيةالدستورية؛‬ ‫ •‬ ‫تعزيز قيم الهوية الوطنية؛‬ ‫ •‬ ‫نفس المقتضيات تسعى من خاللهما الهيئتان اإلعالميتين إلى إنتاج‬ ‫برامجهما تبعا‪ ،‬للتوجهات العامة للمؤسسات الدينية الرسمية بالمملكة‪ ،‬وبشراكة‬ ‫معها في اإلعداد والمتابعة‪ ،‬كما تقومان بالتنسيق مع المصالح المختصة بالشركة‪،‬‬ ‫لتأهيل العلماء والمستشارين والمتعاونين في ميادين اإلنتاج وتقديم البرامج‪،‬‬ ‫وذلك عبر اقتراح برمجة موضوعاتية دينية موجهة لفئات واسعة من الجماهير‪،‬‬ ‫تتمحور أساسا حول قراءة وتفسير القرآن الكريم‪ ،‬وكذا الحديث النبوي الشريف‬ ‫ومعرفة اإلسالم وحضارته‪ ،‬كما تعالج برامج التربية الدينية عبر النقاش والحوار‬ ‫والنقد‪ ،‬انطالقا من المواضيع التي تستأثر باهتمام كل فئات المجتمع‪ ،‬إضافة‬ ‫إلى بث اآلذان وخطب جاللة الملك أمير المؤمنين‪ ،‬واألحداث الدينية والدروس‬ ‫الحسنيةالرمضانية‪.‬‬ ‫ومواكبة من أمير المؤمنين في إبراز الوحدة الدينية لألمة المغربية وصد‬ ‫كافة المحاوالت الرامية لتحريف سيرة وحديث النبي الكريم صلى اهلل عليه وسلم‪،‬‬ ‫أشرف جاللته يوم الجمعة ‪ 2‬نونبر ‪ 2018‬بمقر الشركة الوطنية لإلذاعة والتلفزة‪،‬‬ ‫على إطالق الدروس الحديثية إلذاعة محمد السادس للقرآن الكريم‪ ،‬حول الحديث‬ ‫الشريف‪ ،‬ويروم برنامج « الدروس الحديثية» إلذاعة محمد السادس للقرآن الكريم‬ ‫إلى تنوير المواطنين في مسائل الحديث النبوي الشريفنظرا لمكانته في اإلسالم‪،‬‬ ‫وحجية السنة النبوية من خالل الكتاب والسنة واإلجماع والعقل‪ ،‬حيث يمكن إثبات‬ ‫هذين المعنيين من خالل خمسة طرق عامة من القرآن الكريم‪ ،‬وهي كاآلتي‪:‬‬ ‫‪ - 1‬داللة اآليات القرآنية العامة على طاعة الرسول‪ ،‬مع إطالق الطاعة دون‬ ‫تقييد‪.‬‬

‫‪ - 2‬داللة القرآن على أن السنة وحيإلهي‪.‬‬ ‫‪ - 3‬داللة القرآن على أن السنة بيان للقرآن‪.‬‬ ‫‪ - 4‬داللة القرآن على حفظ السنة‪.‬‬ ‫‪ - 5‬لزوم حفظ بيان القرآن‬ ‫ونذكر هنا بعض اآليات للداللة على المعاني السابقة كاآلتي‬ ‫قال تعالى قارنًا طاعته بطاعة رسوله طاع ًة عامَّ ًة مطلق ًة دون تقييد‪:‬‬ ‫اع هَّ َ‬ ‫« َم ْن ُي ِطع ال َّر ُ�س َ‬ ‫َ‬ ‫الل َو َم ْن َت َو َّلى َف َما �أَ ْر َ�س ْلن َ‬ ‫َاك عَ ل ْيهِ ْم‬ ‫ول َف َق ْد �أَ َط َ‬ ‫ِ‬ ‫َحف ً‬ ‫ِيظا »[النساء‪ ،]80 :‬وقد جاءت في القرآن ستُّ آياتٍ تبين أن طاعة رسول‬ ‫َ‬ ‫هَّ‬ ‫َ‬ ‫اهلل من طاعة اهلل بلفظ « َو َم ْن ُي ِط ِع الل َوال َّر ُ�سول» وتصريفاتها‪ ،‬وقال تعالى‪:‬‬ ‫«و�أَ ِط ُيعوا هَّ َ‬ ‫الل َوال َّر ُ�س َ‬ ‫ول َل َع َّل ُ‬ ‫ون» [آل عمران‪ ،]132 :‬وجاء في القرآن بمثل‬ ‫َ‬ ‫ك ْم ت ُْر َح ُم َ‬ ‫هذا األمر في أحد عشر موضعًا « و�أَ ِط ُيعوا هَّ َ‬ ‫الل َو َر ُ�س َ‬ ‫ول ُه» وتصريفاتها‪.‬‬ ‫َ‬ ‫بشكل عام‪ ،‬يتوجه فكر أمير المؤمنين في برنامج الدروس الحديثية إلذاعة‬ ‫محمد السادس للقرآن الكريم إلىحماية المغاربة من الجهل واآلثام المرتبطة‬ ‫به‪ ،‬ومن التيارات التي تقوم بنشر األحاديث الموضوعة‪ ،‬عبر وسائل اإلعالم‬ ‫والسيما على شبكة األنترنيت خدمة ألهداف إيديولوجية‪ ،‬وتأخذ هذه الدروس‬ ‫(الدروسالحديثية)شكل دروس توجيهية يختار فيها العالم نماذج من الحديث‬ ‫على تفاوت درجة الصحة ويتناولها بالتوضيح‪ ،‬كما يتم االنفتاح على عدة وسائل‬ ‫الستقبال األسئلة على مستوى البرامج التفاعلية والسيما الهاتف وتطبيق‬ ‫«الواتساب»‪.‬‬ ‫إن التطور التواصلي في منهجية عمل األدرع اإلعالمية للملكة المغربية مبني‬ ‫أساسا على قاعدة مواكبة التحوالت واالنفتاح على مناقشة القضايا المجتمعية‬

‫محسن بنتاج‬

‫إعالمي بالشركة الوطنية‬ ‫لإلذاعة و التلفزة‬

‫المؤرقة‪ ،‬وعدم االنحصار الفئوي الجماهيري‪ ،‬وذلك عبر استهداف كل الفئات‬ ‫المجتمعية من أطفال وشباب وشيوخ ونساء ورجال‪ ،‬مع السعي لتغطية كل الجهات‬ ‫الترابية واستعمال كل اللغات من أجل تواصل شامل‪ ،‬غير أن هذا المستوى‬ ‫المحمود الذي حققه الفكر التواصلي ألمير المؤمنين في المجال الديني‪ ،‬يبقى‬ ‫رهينا بضرورة الحفاظ عليه‪ ،‬وهو ما يتطلب دعما أقوى‪ ،‬على مختلف المستويات‬ ‫لهذا المشروع المتميز‪ ،‬دعم من شأنه أن يساند في االستمرار في أداء الرسالة‬ ‫التربوية والدينية والقرآنية‪ ،‬خاصة وأنه قد استطاع خالل هذه الفترة تحقيق‬ ‫نسبة جد محترمة من االستماع والمشاهدة‪ ،‬وأن يتجاوزا الحدود الجغرافية نحو‬ ‫أشقائنا في الدول العربية وإفريقيا‪ ،‬ناهيك عن الجالية المغربية وأبنائنا في ديار‬ ‫المهجر‪ ،‬وهذا ما يؤكد أن التصور اإلعالمي الديني ألمير المؤمنين حقق نقطا‬ ‫مهمة في المشهد الفضائي اإلعالمي‪ ،‬إذ بلغت مثال نسبة ا ألرقام والنتائج التي‬ ‫كشف عنها مركز سيراد ‪ ،CIRAD‬وهو مركز مكلف برصد درجات قياس نسب‬ ‫االستماع لإلذاعات العمومية والخاصة بالمغرب( )‪ ،‬حيث أفظت النتائج إلى تربع‬ ‫إذاعة محمد السادس للقرآن الكريم على عرش اإلذاعات بالمغرب‪ ،‬محققة نسبة‬ ‫استماع ناهزت ‪ 16.82‬في المائة من مجموع االستماع لإلذاعات المغربية‪ ،‬وبعدد‬ ‫مستمعين بلغ ‪ 4‬ماليين و‪ 121‬ألف مستمع يوميا‪ ،‬وهو رقم لم تستطع بعد‬ ‫أن تكسره أي محطة إذاعية‪ ،‬حتى ولو كانت محطة شاملة تشتغل وفق برمجة‬ ‫شمولية متعددة األهداف والجمهور‪.‬‬ ‫إن النتائج التي كشفت عنها مركز «سيراد» المكلف بمتابعة ورصد نسب‬ ‫القياس اإلذاعات بالمغرب‪ ،‬يحمل في تحليله‬ ‫عدة معطيات ومؤشرات لها دالالتها‬ ‫عميقة‪ ،‬في مقدمتها‪:‬‬ ‫• الحاجة الملحة لدراع إعالمي ديني‬ ‫متخصص يوافــق التوجهـات الدينيــــة‬ ‫للمغاربة؛‬ ‫• تدين المغاربة وهذا ما أكده المركز‬ ‫المغربي للدراسات واألبحاث المعاصرة؛‬ ‫• تشبــت المغاربة بالهوية الدينية‬ ‫المرتكــزة على الخــيار المالكـي فقها‪،‬‬ ‫واألشعري عقيدة؛‬ ‫ممـــا سبــق يتضحـــأن المرجعيـــة‬ ‫التواصلية في تصورات إمارة المؤمنين‬ ‫حاضرة وبقوة‪ ،‬في دعــم تأهيـل الحقــل‬ ‫الديني وتنزيل استراتيجياته‪ ،‬وهي حالــة‬ ‫استثنائية جعلت من المغرب «حال ًة شبه‬ ‫فريدة في المجال التداولي اإلسالمي»‪،‬‬ ‫متمثلة أساسا في عالقة الدولة بالدين‪،‬‬ ‫وفي سلوك «التوفيق» بين «المشروعية‬ ‫السياسية» و»الشرعية الدينية»‪« ،‬فالمغرب‬ ‫هو البلد اإلسالمي الذي يتميز بوجود‬ ‫مؤسسة «إمارة المؤمنين» مؤسسة‬ ‫مجتهدة مواكبة‪ ،‬وبخاصيات متعددة منها‬ ‫أسلوبالتواصل الدائم كخيار استراتيجي وكفكر هادف يسعى إلى الوقوف ضد كل‬ ‫تشويش من أجل أمن روحي شامل مواكب للعصر‪ ،‬وهذا ما جعل من المغرب البلد‬ ‫المسلم الوحيد «الذي طلبت منه دوال عربية وإسالمية وغربية تقديم خبرتها في‬ ‫تدبير الشأن الديني‪ ،‬في حقبة ما بعد اندالع الحراك العربي حسب تعبير الباحث‬ ‫في قضايا الشؤون الدينية‪ ،‬األستاذ منتصر حمادة( )‪.‬‬ ‫خــاتمــة‪:‬‬ ‫إن المتتبع لحقل اإلعالم الديني بالمغرب‪ ،‬يستشف حقيقة تطور السياسة‬ ‫التواصلية إلمارة المؤمنين في مجال تأهيل الحقل الديني‪ ،‬ويعترف بحق بحقيقة‬ ‫التحوالت البنيوية في هيكلة إداراتها وأساليبها وتدبيرها‪ ،‬وذلك بانتقالها من‬ ‫منطق التواصل الشامل إلى منطق تواصلي مبني على االستهداف والتأطير‬ ‫واإلرشاد والدعم والمساعدة‪ ،‬لجعل المعلومة الدينية القائمة على اتباع المذهب‬ ‫المالكي والعقيدة األشعرية حاضرة بقوة في خطاب ويوميات المواطن‪ ،‬تصور‬ ‫تواصلي اليقتصر فقط على تمكين المغرب من استراتيجية منسجمة ومندمجة‬ ‫كفيلة بمساعدته في مواجهة التحديات المرتبطة بتحديات الحقل الديني‪ ،‬بل‬ ‫بتصور يسعى إلى ما هو أعمق بهدف بتصحيح صورة اإلسالم التي تتعرض‬ ‫لإلساءة من خالل حمالت مسعورة تأتي كرد فعل على التطرف واإلرهاب األعمى‬ ‫الذي الوطن وال دين له‪ ،‬في ظل سوء فهم وتشويش مستمر على الرسالة‬ ‫اإلسالمية السمحة التي من أبرز مبادئهما روح التسامح والتعايش‪ ،‬يتعلق األمر‬ ‫إذن برؤية تواصلية جاءت لتضع تدبيرا حديثا للشؤون الدينية‪ ،‬كان من أبرز‬ ‫دعائمها «فكر التواصل الديني» وفق إعالم إسالمي جامع وشامل‪ ،‬حقق في ظرفية‬ ‫وجيزة نقطا مضيئة استثنائية في فضاء تواصل شاسع يعيش على إيقاع حرب‬ ‫مستمرة مباحة ‪ ،‬عنوانها « إعالم بأهداف ظاهرة و أخرى باطنة» ‪.‬‬

‫(انتهى)‬


‫العدد ‪1014‬‬

‫الشمال القانوني‬

‫الثالثـاء ‪� 08‬إلى ‪� 14‬أكتوبر ‪2019‬‬

‫‪12‬‬

‫عشرون سنة من حكم محمد السادس‪..‬‬ ‫ماذا تغير في المملكة ؟ مسارات وتحوالت‬ ‫(تتمة)‬ ‫لذلك‪ ،‬بات الصراع مفتوحا على جميع القراءات والسيناريوهات‪ ..‬ومن‬ ‫المحتمل أن توظف فيه كذلك‪ ،‬في المستقبل‪ ،‬جميع الميكانيزمات‪ ،‬سواء‬ ‫المؤسساتية أو القانونية أو االنتخابية‪.‬‬ ‫االقتصاد والتنمية‪..‬أوراش كبرى وفشل المشروع التنموي‬ ‫بدأت المعالم الجديدة لعهد الملك محمد السادس تظهر من خالل اإلعالن‬ ‫عن مجموعة من االوراش واإلصالحات االقتصادية والسياسية و االجتماعية‪ ،‬كما‬ ‫ركز منذ وصوله إلى السلطة على المدخل التنموي بشكل الفت( اإلعالن عن‬ ‫المبادرة الوطنية للتنمية البشرية‪ ،‬االوراش الكبرى مثل طنجة المتوسط‪ ،‬إنشاء‬ ‫مناطق صناعية كبرى‪ ،‬تقوية البنيات التحتية‪.)..‬‬ ‫ويأتي في مقدمة االوراش الكبرى‪ ،‬االقطاب المينائية‪ ،‬كمشروع طنجة‬ ‫الكبرى لتعزيز المركب المينائي طنجة المتوسط الذي أطلق في فبراير ‪2003‬‬ ‫والذي يضم ميناء للمياه العميقة ومنطقة حرة للوجستيك (‪ 90‬هكتار) ومنطقة‬ ‫صناعية (‪ 600‬هكتار) ومنطقة لألنشطة التجارية (‪ 200‬هكتار) ‪ ،‬فضال عن عدة‬ ‫مشاريع سياحية‪ .‬وتمت توسعة هذا الميناء(طنجة المتوسط ‪ )2‬أواخر الشهر‬ ‫الماضي من هذه السنة‪ ،‬الذي يعتبر أكبر ميناء في إفريقيا‪ ،‬واألول في حوض‬ ‫البحر األبيض المتوسط‪.‬‬ ‫وفي إطار سياسة األقطاب المينائية‪ ،‬أشرف الملك محمد السادس‪ ،‬على‬ ‫إطالق ميناء «الناظور غرب المتوسط»‪ ،‬حيث من شأن هذا المركب المينائي‪،‬‬ ‫أن يعزز إلى جانب ميناء طنجة المتوسط مؤهالت المنطقة الشمالية للمغرب‪،‬‬ ‫ويجعال منها نقطة محورية في الخريطة العالمية للنقل البحري‪ .‬هذا باإلضافة‬ ‫إلى ميناء الداخلة األطلسي الذي سيكون منصة المغرب تجاه افريقيا‪.‬‬ ‫مشاريع أخرى ال تقل أهمية‪ ،‬مثل مشروعي ترامواي الرباط سال‪ ،‬والبيضاء‬ ‫اللذان أطلقا على التوالي في ماي ‪ 2011‬ودجنبر ‪ ،2013‬من تخفيف ضغط حركة‬ ‫السير داخل المجال الحضري‪ ،‬وتعزيز البعد البيئي من خالل استخدام الطاقة‬ ‫النظيفة‪.‬‬ ‫أما بالنسبة للبنيات األساسية‪ ،‬كالطرق السيار‪ ،‬والطرق القروية‪ ،‬والمدن‬ ‫الصناعية في كل من طنجة والقنطرة‪ ،‬فقد شكلت الجانب المضيء في العشرين‬ ‫السنة الماضية‪ ،‬والتي جعلت المملكة محط انبهار وإعجاب من طرف مختلف‬ ‫الدول العربية واإلفريقية‪ ،‬بل أصبح البعض ينظر إلى المغرب كنموذج ملهم‬ ‫وناجح على المستوى االقتصادي وعلى مستوى تطوير البنيات األساسية‪.‬‬ ‫ورش آخر حيوي ومهم يوليه الملك أهمية كبيرة‪ ،‬وهو ورش الطاقات‬ ‫المتجدد‪ ،‬حيث ألول مرة في تاريخ المغرب سيتم اعتماد مخطط للطاقة‬ ‫الشمسية في إطار اإلستراتيجية الطاقية للمملكة‪ ،‬والهدف من مخطط الطاقة‬ ‫الشمسية هو انتاج ألفي ميغاواط في أفق ‪ ، 2020‬وذلك عبر خمسة مواقع وهي‬ ‫ورزازات وبني مطهر وفم الواد وبوجدور وسبخة الطاح‪.‬‬ ‫طفرة نوعية على مستوى االقتصادي شهدها المغرب خالل العشرين سنة‬ ‫من حكم الملك محمد السادس‪ ،‬غيرت من معالم ومكانة المملكة‪ ،‬لكنها لم‬ ‫تنعكس على المستوى التنموي‪ ،‬الذي شكل ركيزة أساسية خالل هذه المرحلة‪،‬‬ ‫حيث انعكس وبشكل سلبي الجمود السياسي وضعف النخب الموجودة وغياب‬ ‫الحكامة وعدم تفعيل مؤسسات الرقابة في تغلغل وانتشار الفساد اإلداري‬ ‫والمالي‪ ،‬مما أدى في النهاية إلى انحسار وفشل النموذج التنموي باقرارا صريحا‬ ‫من طرف الملك شخصيا‪.‬‬ ‫مؤشرات تنموية لم تكن في مستوى التطلعات‪ ،‬خاصة في مجال التعليم‬ ‫والصحة والسكن والشغل‪ ،‬إذ ارتفعت نسبة البطالة بشكل كبير(حسب المندوبية‬ ‫السامية للتخطيط وصلت إلى ‪ 9,8‬سنة ‪ 10,2 /2018‬سنة‪ ،)2017‬وبروز‬ ‫اختالالت مجالية‪ ،‬األمر الذي يضع السياسات العمومية المتبعة موضع تساءل ‪،‬‬ ‫خاصة وأن االحتقان االجتماعي بلغ مستويات غير مسبوقة‪.‬‬ ‫لكن‪ ،‬المثير أنه رغم االعتراف الملكي بفشل المشروع التنموي والدعوة‬ ‫من خالل خطاب افتتاح الدورة التشريعية الخريفية األخيرة إلى تشكيل لجنة‬ ‫لإلشراف على إعداد وبلورة مشروع تنموي جديد‪ ،‬إال أنه وبعد مرور ما يقارب‬ ‫عشرة أشهر‪ ،‬ما تزال حالة االنتظار والترقب هي السائدة‪.‬‬ ‫حقوق اإلنسان والحريات ‪..‬الريف وجرادة‬ ‫المفهوم الجديد للسلطة‪ ،‬هيئة اإلنصاف والمصالحة‪ ،‬العدالة االنتقالية‪،‬‬ ‫هي عناوين كبرى طبعت بداية مسار حكم الملك محمد السادس‪،‬حيث تم اإلقرار‬ ‫واالعتراف باالختالالت التي شابت وتشوب عالقة المواطن بالسلطة‪ ،‬ومحاولة‬ ‫التأسيس لعالقة جديدة تقوم على مرتكزات ومفاهيم مغايرة للسابق‪.‬‬ ‫على مستوى الملف الحقوقي‪ ،‬وجد الملك على طاولة حكمه بعض‬ ‫الملفات الحارقة‪ ،‬وكان من بينها ملف ما يعرف بسنوات الجمر والرصاص‪،‬‬ ‫وهو ملف يتعلق بمرحلة درامية عاشها المغرب‪ ،‬اتسمت بالتعذيب واالعتقاالت‬ ‫واالختفاء القسري‪.‬‬ ‫لم يتأخر الملك في التعاطي بجرأة كبيرة مع هذا الملف‪ ،‬حيث لم يتردد في‬ ‫إعطاء موافقته على توصية للمجلس االستشاري لحقوق اإلنسان بإحداث هيئة‬ ‫اإلنصاف والمصالحة لتسوية ملف ماضي االنتهاكات الجسيمة لحقوق اإلنسان‪.‬‬ ‫ليتم اإلعالن في يناير ‪ 2004‬عن هذه الهيئة التي كلفت بطي صفحة االنتهاكات‬ ‫الجسيمة لحقوق اإلنسان خالل الفترة ما بين ‪ 1956‬و‪ ،1999‬من خالل العمل‬ ‫على الطي النهائي لهذا الملف‪ ،‬وتعزيز التسوية العادلة غير القضائية‪ ،‬وتضميد‬ ‫جراح الماضي‪ ،‬وجبر الضرر‪.‬‬ ‫ال يختلف اثنان أنه كان لهذه المحطة أثر بالغ األهمية في تاريخ المغرب‬ ‫المعاصر‪ ،‬بعدما نقلت جلسات االستماع على شاشة التلفزة وأمواج اإلذاعة‪ ،‬وتابع‬

‫المغاربة بذهول الشهادات المؤلمة لبعض الضحايا وأقاربهم‪ ،‬مما‬ ‫دفع باألكثر تشاءما في الملف الحقوقي إلى اإلقرار بأن المملكة‬ ‫دخلت منعطفا جديدا وأغلقت قوس االنتهاكات والتجاوزات‪.‬‬ ‫المصالحة مع الماضي عززت بترسانة قانونية‪ ،‬والمصادقة‬ ‫على اتفاقيات دولية تهم حقوق المرأة والطفل‪ ،‬واالنخراط في‬ ‫المنظومة الكونية على مستوى منع التعذيب وضمان شروط‬ ‫المحاكمة العادلة‪ ،‬وإقرار مدونة األسرة سنة ‪ 2004‬عبر التحكيم‬ ‫الملكي‪ ،‬بعد انقسام المجتمع‪ ،‬حيث اعتبرت هذه المدونة انداك‬ ‫ثورة غير مسبوقة لما تضمنته من حقوق وضمانات للمرأة‪.‬‬ ‫هذا التحول والنفس الجديدين على مستوى الممارسة‬ ‫الحقوقية والمنظومة القانونية المرتبطة بحقوق اإلنسان والحريات‬ ‫العامة‪ ،‬اصطدما بأحداث ووقائع أثرت سلبا على صورة المملكة‬ ‫وعلى الجهود التي بدلت سابقا‪ ،‬حيث فتحت أحداث الحسيمة التي‬ ‫وقعت سنة‪ 2017‬وأحداث جراد سنة‪ ، 2018‬النقاش من جديد حول‬ ‫الوضع الحقوقي بالمغرب‪.‬نقاش أثير من طرف المنظمات الحقوقية‬ ‫والصحافة‪ ،‬وتفاعلت مع المندوبية الوزارية لحقوق اإلنسان‪ ،‬حيث‬ ‫اصدرت تقريرا يوم ‪ 4‬يوليوز من هذه السنة‪.‬‬ ‫تفاعل الدولة مع التقارير والنقاشات‪ ،‬وإصدار المندوب الوزاري تقريرا في‬ ‫هذا الموضوع‪ ،‬يؤكد أن هناك وعي على ضرورة معالجة اإلشكاليات الراهنة‬ ‫بالشكل الذي يحفظ هيبة الدولة وفي نفس الوقت يضمن حريات وحقوق‬ ‫األفراد‪ ،‬ويجنب المغرب الوقوع في األخطاء السابقة‪.‬‬ ‫وفي هذا اإلطار‪ ،‬البد من اإلشارة‪ ،‬إلى أن ملف الريف‪ ،‬حظي باهتمام خاص‬ ‫من طرف الملك محمد السادس منذ اعتالئه العرش‪ ،‬فعند استقراء أو محاولة‬ ‫فهم ما جرى ويجري على مستوى عالقة الدولة بمنطقة الريف مند االستقالل‬ ‫إلى اليوم‪ ،‬فاألكيد أن هذه العالقة تحتاج إلى الفهم والى الدراسة‪ .‬وبقراءة‬ ‫سريعة لتاريخ و واقع ومستقبل عالقة الدولة بمنطقة الريف‪ ،‬يمكن اإلشارة إلى‬ ‫محطتين أساسيتين ‪:‬‬ ‫االولى‪ ،‬هذه المرحلة تمتد طيلة عهد الراحل الملك الحسن الثاني‪ ،‬حيث‬ ‫اتسمت هذه العالقة بشكل عام بالتوتر او سوء الفهم أو في أقصى الحاالت بنوع‬ ‫من البرود والفتور‪ ،‬بفعل تراكم مجموعة من االحداث والوقائع التي ال يتسع‬ ‫المجال للخوض فيها ‪.‬‬ ‫الثانية‪ ،‬امتدت هذه المحطة منذ تولي الملك محمد السادس الحكم إلى‬ ‫سنة ‪ ،2017‬حيث قام الملك بعدة مبادرات ومجهودات لطي صفحة الماضي‬ ‫المتشنجة‪ ،‬وعمل على فتح عدة اوراش تنموية في كافة مناطق الريف(الريف‬ ‫بمفهومه الجغرافي يمتد من طنجة الى تخوم وجدة)‪ ،‬باإلضافةإلى قيامه‬ ‫بمبادرات‪ ،‬اتسمت بالرمزية والعفوية (قضاء العديد من عطله الصيفية بهاته‬ ‫المناطق)‪ ،‬األمر الذي لقي استحسانا وصدى طيّباً من طرف ساكنة الريف‪.‬‬ ‫ال يختلف اثنان أن المجهودات الكبيرة التي قام بها الملك‪ ،‬ساهمت في‬ ‫تضميد جراح الماضي‪ ،‬وتأسيس لمرحلة جديدة على مستوى عالقة الدولة‬ ‫بهذه المناطق وساكنتها‪ ،‬وهو ما انعكس إيجاباً على تخطي الموروث الثقافي‬ ‫والتاريخي الذي تكرس وفق سياقات تحتاج إلى الفهم واالستيعاب‪.‬‬ ‫انفراج او عالقة جديدة بدت تلوح في األفق لم تعمر طوي ًال‪ ،‬نتيجة سوء‬ ‫الفهم الذي ظهر بفعل بروز وتنامي موجة االحتجاجات ذات الطابع االجتماعي‬ ‫واالقتصادي‪ ،‬سرعان ما تطورت إلي أشكاال اتارث توجس السلطة‪ ،‬واتخذت‬ ‫منحى كان من الممكن تفادي نتائجه‪.‬‬ ‫وارتباطا بالواقع الحالي فالمقاربة التي اعتمدت في معالجة هدا الوضع‬ ‫أفضت إلى ظهور قراءات مختلفة حول تدبير هذا الملف‪ ،‬وضريبته الحقوقية‬ ‫والسياسية‪ .‬حيث يرى الفريق األول أن القضاء قال كلمته في هذا الملف‪ ،‬وحسم‬ ‫األمر وأن أي تراجع قد يمس هيبة الدولة ومؤسساتها‪ ،‬أما الفريق الثاني‪ ،‬فيرى‬ ‫أن الدولة مطالبة بإعادة النظر في التعاطي مع هذا الملف من خالل بعض‬ ‫المداخل السياسية كإصدار عفو من طرف ملك البالد على المعتقلين الشباب‬ ‫وإغالق قوس التوتر وتجنيب البالد مشاكل واضطرابات ليست في حاجة إليها‪.‬‬ ‫بين الفريقين‪ ،‬من المؤكد والمرجح أن هناك تباين واختالف عميق‬ ‫اليسعف وال يساعد على تجاوز الوضعية الراهنة‪ ،‬لكن الكل ينتظر فتح نقاش‬ ‫حقيقي يؤسس لمصالحة جديدة بين المركز والريف‪ ،‬ربما من بوادر أو مؤشرات‬ ‫االنفراج هو العفو الملكي الذي تم خالل عيد الفطر األخير عن بعض معتقلي‬ ‫الحسيمة‪ ،‬مما فتح الباب حول إمكانية اإلعفاء عن الباقين على غرار معتقلي‬ ‫جرادة‪.‬‬ ‫الوحدة الترابية والمحددات الجديدة في السياسة الخارجية‬ ‫خالل العشرون سنة الماضية‪ ،‬عرفت السياسية الخارجية المغربية في عهد‬ ‫الملك محمد السادس عدة تحوالت وتغيرات جوهرية‪ ،‬يمكن إجمالها في ثالث‬ ‫مستويات أساسية‪ :‬العالقة مع الغرب خاصة اسبانيا وأمريكيا وفرنسا‪ ،‬وقضية‬ ‫الصحراء والعمق اإلفريقي‪ ،‬باإلضافة إلى العالقة مع الدول العربية والخليجية‪.‬‬ ‫العالقة مع الغرب‪..‬بين التعاون والفتور والندية‬ ‫اتسمت العالقة مع الشركاء الغربيين بدورها بالتحول‪ ،‬حيث بدا واضحا‬ ‫أن هناك عقيدة سياسية جديدة في إطار التبلور‪ ،‬عقيدة ربما ترتكز على ثالث‬ ‫مقومات‪ ،‬استقاللية القرار المغربي‪ ،‬تنويع الشركات من خالل االنفتاح على روسيا‬ ‫والصين وأمريكا الالتينية وإفريقيا‪ ،‬الدفاع عن مصالح المغرب بشكل برغماتي‬ ‫وعقالني‪..‬لكن العنوان لتدبير الملفات الخارجية طيلة العشرين سنة هو الندية‬ ‫والعقالنية أحيانا‪ ،‬والمزاجية والتسرع أحيانا أخرى‪.‬‬

‫محمد الزهراوي‬ ‫أستاذ العلوم السياسية‪،‬‬ ‫جامعة القاضي عياض‬

‫بالنسبة للجار االسباني‪ ،‬فعلى مستوى عالقة المغرب ببعض الحلفاء‬ ‫التقليديين‪ ،‬أو الجارة االسبانية‪ ،‬فقد تراوحت بين المد والجزر‪ ،‬ووصلت في بعض‬ ‫األحيان إلى درجات عالية من التوتر واالحتكاك وسوء الفهم‪.‬‬ ‫فصعود اليمين بزعامة اثنار في هذا البلد انعكس سلبا على العالقة بين‬ ‫البلدين‪ ،‬حيث سرعان ما اصطدمت هذه العالقة على صخرة جزيرة ليلى سنة‬ ‫‪ ،2002‬وكادت إلى تؤدي إلى هذه األزمة إلى وقوع سيناريوهات غير متوقعة‬ ‫وصعبة‪ ،‬لوال الوساطات األمريكية والفرنسية‪.‬‬ ‫امتحان صعب عاشه الطرفين خالل هذا الحادث‪ ،‬سرعان ما عادت العالقة‬ ‫المغربية االسبانية إلى طبيعتها‪ ،‬خاصة في ظل تزايد الطلب االسباني على‬ ‫التعاون األمني المغربي خاصة وأن درس تفجيرات ‪ 2004‬كان صادما ومؤلما‬ ‫بالنسبة للنخبة اليمنية االسبانية‪ ،‬التي أدركت أنه ال يمكن حماية أمنها القومي‬ ‫من شبح الخاليا اإلرهابية دون االعتماد على الخبرة والتمرس المغربيين في‬ ‫هذا الجانب‪.‬‬ ‫حافظ مع المغرب خالل هذين العقدين على عالقته مع الجارة االيبرية وفق‬ ‫مستويات مقبولة رغم تقلبات السياسة التي عاشتها اسبانيا‪ ،‬خاصة صعود أحزاب‬ ‫جديدة مناوئة لمصالحه ووحدته الترابية‪ ،‬مثل حزب بوديموس‪ ،‬حيث أن اندفاع‬ ‫الساسة الجدد باسبانيا اصطدم بتعقيدات الواقع والمصالح‪ ،‬السيما وأن المغرب‬ ‫في عهد الملك محمد السادس تمكن من توظيف ملفات اإلرهاب والهجرة‬ ‫والمخدرات بشكل جيد واستطاع بواسطة هذا الثالوث تطويع المارد االسباني‪.‬‬ ‫أما العالقة مع فرنسا‪ ،‬فقد حافظ المغرب طيلة العشرين سنة على عالقته‬ ‫مع هذا الحليف التقليدي‪ ،‬بل شهدت هذه العالقة طفرة نوعية فيما يتعلق‬ ‫باالقتصاد والتعاون األمني والتنسيق بين البلدين‪ .‬لكن‪ ،‬شهدت هذه العالقة‬ ‫بدورها نوع من التوتر والفتور‪ ،‬خالل أزمة سنة ‪ 2014‬التي امتدت سنة تقريبا‬ ‫بسبب محاولة اعتقال المدير العام لمديرية مراقبة التراب الوطني بسبب شكاية‬ ‫ضده عندما قام بزيارة لهذا البلد‪،‬‬ ‫لكن المتغير األساسي والجوهري‪ ،‬أنه بعد هذه األزمة التي تعامل معها‬ ‫المغرب بندية كبيرة كانت مفاجئة حتى لدوائر الحكم في االليزيه‪ ،‬أن استطاعت‬ ‫المملكة أن تؤسس لمحددات جديدة في عالقتها بفرنسا‪ ،‬عالقة ال تأثر بتغير‬ ‫الرئيس‪ ،‬السيما باالعتماد على مكانيزمات جديدة الختراق الوسط السياسي‬ ‫واالقتصادي والمالي والفني في فرنسا‪ ،‬وتوظيف حجم المصالح الفرنسية الكبيرة‬ ‫بالمغرب‪.‬‬ ‫بالنسبة للعالقة مع أمريكا‪ ،‬األصل في عالقة المغرب بأمريكا‪ ،‬أنها طبيعية‬ ‫وتدبر وفق مستويات تتداخل فيها المصالح والملفات ومدى تأثير اللوبيات في‬ ‫تطوير وتدبدب هذه العالقة‪ ،‬لكن‪ ،‬من الالفت أنها خالل العشرين سنة الماضية‬ ‫تراوحت العالقة كذلك‪ ،‬بين التعاون والتوتر والفتور‪ ،‬السيما في ظل الرئيس‬ ‫السابق بارك أوباما والرئيس الحالي ترمب‪ .‬ويمكن إجمال أبرز المتغيرات‬ ‫والمحطات في حادثين اثنين ‪:‬‬ ‫األول‪ ،‬وقوع أزمة غير مسبوقة مع إدارة أوباما سنة ‪ ،2013‬عندما تم تسريب‬ ‫مسودة مشروع القرار الخاص بالصحراء يتضمن توسيع صالحية بعثة المينورسو‬ ‫لتشمل مراقبة حقوق اإلنسان‪ ،‬ليتم استنفار كافة اإلمكانات والحلفاء واللوبيات‬ ‫من طرف المغرب‪ ،‬استنفار وتمرد مغربيين على اإلدارة األمريكية ساهم في‬ ‫تراجعها عن مسودة القرار بتلك الصيغة‪ ،‬تراجع بطعم االنتصار ما كان ليكون‬ ‫لوال توظيف جيد لبعض األوراق من طرف الملك وحزم يستدعي التأمل‪..‬‬ ‫أما الحادث الثاني‪ ،‬فيرتبط بمجيء إدارة ترامب‪ ،‬هذا األخير من الواضح أنه‬ ‫ال يحمل الكثير من الود تجاه المغرب‪ ،‬وذلك‪ ،‬بسبب المغامرة غير المحسوبة التي‬ ‫قامت بها المملكة إثر حديث بعض التقارير والتسريبات عن تمويلها بما يقارب‬ ‫‪ 12‬مليون دوالر لحملة هيالري كلنتون الرئاسية التي كانت تنافس ترمب‪.‬‬ ‫مغامرة يحاول الملك تجاوزها ويعمل على تفادي تأثيرها على مصالح‬ ‫األمن القومي المغربي‪ ،‬السيما أنها ال تزال ترخي بظاللها على العالقة‬ ‫بين الطرفين(التأخر كثيرا في تعيين سفير لدى المغرب‪ ،‬تقليص مدة بعثة‬ ‫المينورسو لستة أشهر بدل سنة‪ ،)..‬خاصة في ظل وجود طاقم كمستشار األمن‬ ‫القومي جون بولتون‪ ،‬الذي يتبنى مواقف وتصورات من المؤكد أنها ال تخدم‬ ‫الوحدة الترابية‪.‬‬

‫(يتبع)‬


‫العدد ‪1014‬‬

‫‪13‬‬

‫الثالثـاء ‪� 08‬إلى ‪� 14‬أكـتـوبر ‪2019‬‬

‫‪ 1‬ـ الدكتور ماني ‪1961 – 1881‬‬ ‫في بداية سنة ‪2010‬م‪ ،‬أَمْضَى عُمدة مدينة طنجة قرار إخراج هدم‬ ‫بناية المستشفى اليهودي بالمدينة إلى حيز التنفيذ‪ .‬وفي ليلة السبت ‪ 3‬أبريل‬ ‫‪2010‬م‪ ،‬استفاق سكان شارع الحسن الثاني على هدير الجرافات التي اختارت‬ ‫يوم الفصح اليهودي موعدا لتسوية بناية مستشفى «ابن شيمول» باألرض‪.‬‬ ‫بعضُ المسنين من أهل طنجة الذين صادف مرورهم من هناك في ذلك‬ ‫الوقت‪ ،‬وشهدوا واقعة «يوم التسوية»‪ ،‬رجعت بهم الذكريات إلى سنوات مضت‬ ‫حين كانوا يعرفون في هذا المشفى شخصا غير عادي‪ ،‬لطالما التجؤوا إليه‬ ‫لتطبيبهم والتماس العالج من يديه‪ ،‬سواء في هذا المستشفى أو في عيادته‬ ‫بحي مرشان‪ ،‬كان هذا الشخص يُعرف باسم‪ :‬الدكتور ماني‪ .‬أدركنا طنجيين ُك ُثرا‬ ‫عَرَ ُفوا الدكتور ماني و َقصّوا علينا بعض حكاياته الطريفة‪ .‬وإلى جانب الروايات‬ ‫الشفوية وقفنا في بعض النصوص والكتابات على ْ‬ ‫ذِكر لهذا الطبيب الغريب‪.‬‬

‫• ماني ‪ ..‬من فلسطين إلى المغرب في العهد العزيزي‬

‫تبدأ سيرة الدكتور ماني في المغرب مع أبراهام ساسون (‪Abraham‬‬ ‫‪ )Sassoun‬الخيّاط الرسمي للسلطان موالي عبد العزيز بفاس طوال مُدّة‬ ‫حكمه (‪1894‬م‪-1908‬م)‪ ،‬هذا الخياط كان مشتهرا بكرمه بين أهل طائفته‬ ‫الدينية‪ ،‬فكانت داره بالدرب الفوقي بملاّ ح فاس قِبْ َلة لفقراء اليهود‪ ،‬كما كان‬ ‫باب بيته مفتوحا أمام الوافدين اليهود من جميع األقطار العربية‪ .‬وفي أحد األيام‬ ‫طرق باب بيته حاخام أتى من فلسطين يُعرف بلقب ماني‪ ،‬كان هدف الزيارة هو‬ ‫جمع التبرعات للمدرسة التلمودية التي أنشأها الحاخام هناك‪ .‬لم يكن الحاخام‬ ‫منفردا في هذه الزيارة‪ ،‬وإنما كان يصطحب معه ولده موشي ماني الذي كان‬ ‫قد أنهى دراسته في الطب بألمانيا ويرغب في االستقرار بالمغرب‪ ،‬فاستضافهما‬ ‫خَيّاط السلطان‪ ،‬ونقل رغبة األب للقصر الملكي‪ ،‬ولم يمض وقت طويل حتى‬ ‫اسْتُجيب الطلب وأصبح ماني االبن الطبيب الشخصي للسلطان عبد العزيز‪،‬‬ ‫والذي سوف يرافق السلطان إلى طنجة حين لجوئه إليها بعد عزله عن الحكم‬ ‫في عام ‪1907‬م[‪.]1‬‬ ‫ينتمي الدكتور موشي ماني (‪ )Moshe Many‬إلى عائلة يهودية من‬ ‫أصل تركي‪ ،‬وُلِدَ في مدينة الخليل من فلسطين سنة ‪1881‬م[‪ ،]2‬وتع ّلم‬ ‫في القدس‪ ،‬ثم درس الطب في الجامعة األمريكية ببيروت‪ ،‬وبعد التخرّج تابع‬ ‫دراسة الطب في ألمانيا‪ ،‬ومن ألمانيا انتقل إلى باريس حيث تلقى تكوينا في‬ ‫علم الجراحة‪ ،‬ومن هناك جاء إلى المغرب‪ .‬كانت عائلة الدكتور ماني قد استقرت‬ ‫بمدينة الصويرة (‪ )Mogador‬بعض الوقت قبل أن ّ‬ ‫تحط الرحال بفاس‪ ،‬وفي‬ ‫هذه العاصمة أصبح ماني ‪ -‬كما سبق الذكر‪ -‬الطبيب الخاص للسلطان موالي‬ ‫عبد العزيز‪ ،‬وبعد تنازله عن ْ‬ ‫الحُكم ألخيه عبد الحفيظ عام ‪1907‬م استمر ماني‬ ‫يقوم بنفس الوظيفة مع السلطان الجديد في فاس ثم في طنجة التي سيتخذها‬ ‫منزال لالستقرار الدائم[‪.]3‬‬

‫• الدكتــور مانــي ‪ ..‬في العهد الحفيظـي ‪ ،‬وما تاله منْ تِبـعـات‬ ‫(‪)1919-1908‬‬

‫تق ّلد الدكتور ماني وظيفة الطبيب الخاص للسلطان عبد الحفيظ في ظروف‬ ‫تاريخية وسياسية يطبعها التوتر‪ ،‬فمن المعلوم أنه حين اعتلى هذا السلطان‬ ‫العرش بعد إزاحة أخيه السلطان عبد العزيز دخل في‬ ‫معارك مع العلماء وزعماء القبائل‪ ،‬ثم إنه في نهاية‬ ‫الصراع اضطر إلى توقيع عقد الحماية مع الفرنسيين‬ ‫وغادر المغرب إلى إسبانيا‪ ،‬ومن هناك عمل على استرجاع‬ ‫ممتلكاته وراتبه الشهري بعد أن تخلى عنه الفرنسيون‬ ‫وأصبح اإلسبان يرون فيه ضيفا مزعجا لهم‪ .‬وقد راسل‬ ‫السلطان في شأن المعاونات المالية عددا من شخصيات‬ ‫طنجة كما تدل على ذلك بعض الرسائل التي تحتفظ بها‬ ‫إلى اآلن إحدى المكتبات العائلية‪ ،‬من تلك الشخصيات‬ ‫نذكر الفقيه محمد بن يحيى والد األستاذ عبد الباقي بن‬ ‫يحيى‪ .‬ثم إنه «بمجرد انتهاء الحرب العالمية األولى سعى‬ ‫المولى عبد الحفيظ إلى إعادة عالقته بالفرنسيين‪ ،‬فبعث‬ ‫الدكتور موزيس ماني (‪ )Moses Many‬وهو يهودي‬ ‫مكلف بإدارة شؤونه – إلى اإلقامة العامة قصد جَسّ‬ ‫النبض‪ ،‬ويبدو أن الفرنسيين لم يُبْدوا أيّ استعداد‬ ‫لتلبية رغبة المولى عبد الحفيظ ِّ‬ ‫مُعَللين موقفهم بأنه‬ ‫نقض االتفاق المبرم بينه وبين السلطات الفرنسية‬ ‫واستقر بإسبانيا وعمل على الدعاية لأللمان‪ .‬وفي نونبر‬ ‫‪1919‬م رَتّب المولى عبد الحفيظ أموره ليُ ْلحِق به في‬ ‫منفاه بعض أفراد أسرته‪ ،‬بتنسيق مع الدكتور ماني‪ .‬لكن‬ ‫المشروع باء بالفشل بعد أن رفضت السلطات الفرنسية‬ ‫الترخيص لهم بمغادرة طنجة»[‪.]4‬‬ ‫وثائق األرشيف الفرنسي تسمح لنا بتتبع بعض تحركات الدكتور ماني بعد‬ ‫أن أصبح ‪ -‬فضال عن الطبيب الخاص للسلطان عبد الحفيظ ‪ -‬وكيله المالي‬ ‫ومدير أعماله المكلف بشؤون أبنائه وأسرته‪ُ ،‬‬ ‫فأولى تلك الوثائق مؤرخة ببداية‬ ‫عام ‪1913‬م‪ ،‬إذ تشير هذه الوثيقة إلى ّ‬ ‫«أن حكومة الحماية الفرنسية‪ ،‬بناء‬ ‫على طلب تَ َقدَّم به المولى عبد الحفيظ‪ ،‬ستنظم سفرا إلى مكة لكي يؤدي‬ ‫فريضة الحج‪ ،‬وقد خرج السلطان مرفوقا بحاشية كبيرة َ‬ ‫مُكوّنة من ‪ 16‬فردا‪،‬‬ ‫يُضاف إليهم النساء والخَدَم‪ ،‬ومعهم الدكتور ماني وهو يهودي سوري ورعية‬ ‫عثماني»[‪.]5‬‬ ‫وفي ‪ 3‬نونبر ‪1918‬م‪ ،‬يظهر الدكتور ماني من جديد في وثيقة جرى فيها‬ ‫إعالم السلطان بتو ّقف ألمانيا المرتقب عن دفع النفقات التي كان يتوصل بها‬ ‫ بشكل منتظم‪ -‬الدكتور ماني مُدير أمالك السلطان عبد الحفيظ بطنجة‪،‬‬‫والذي يسهر على توفير األموال الضرورية لتغطية مصاريف بناء قصره الذي‬ ‫كان يُشَيِّده في طنجة‪ ،‬وتسديد أكالف عيش أسرته‪ ،‬مما دعا الدكتور ماني –‬ ‫بحسب ما ورد في الوثيقة‪ -‬إلى رفع شكوى إلى قنصل فرنسا بطنجة[‪.]6‬‬ ‫ورَدًّا على هذا الموقف أمر السلطان عبد الحفيظ الدكتور ماني بااللتحاق‬ ‫بالعاصمة الرباط ليُقا ِبل الجنرال ليوطي‪ ،‬المقيم العام الفرنسي‪ ،‬لكي يعرض‬ ‫عليه الشروط الجديدة بهدف تسوية وضعيته متمنيا عليهم أن يحققوا رغبته‬ ‫في الذهاب إلى العيش في إسبانيا أو في مكة بالضمانات الكافية‪ .‬كما ألمح في‬ ‫الرسالة التي تضمنت ذلك الطلب إلى مسألة استرداد الحِلِيّ الخاصة ورغبته‬ ‫في أن يتدخل الصدر األعظم ّ‬ ‫لحل هذا المشكل وتحقيق مراده‪ .‬وفعال‪ ،‬حصل لقاء‬ ‫الدكتور ماني بالجنرال ليوطي‪ ،‬هذا األخير سيُجيب برسالة في الموضوع مؤرخة‬ ‫بـ ‪ 13‬دجنبر ‪1918‬م يقول فيها «إنني ّ‬ ‫اطلعت على عالقات السلطان السابق عبد‬ ‫الحفيظ ِبضُبّاط ألمان بإسبانيا مُعادين لفرنسا مما يجعلني ال أتخذ أي موقف‬ ‫داعم له‪ .‬ولكننا يمكن أن نسمح له باالستقرار على األرض الفرنسية بالشروط‬ ‫التي يحددها باتفاق مشترك بين الجمهورية وجاللة السلطان [موالي يوسف]‪،‬‬ ‫وبدون أن يُتابَع بخصوص عدم التزامه باالتفاقات َّ‬ ‫الموقعة من طرفه»‪ .‬وأشارت‬ ‫رسالة ليوطي إلى ّ‬ ‫أن الدكتور ماني سيسعى إلى إخبار السلطان السابق المولى‬ ‫عبد الحفيظ بتح ّفظ فرنسا بخصوص شروطه[‪.]7‬‬

‫بعد ذلك‪ ،‬يُشير تقرير مؤرخ في ‪ 21‬نونبر ‪ 1919‬إلى أن السلطان السابق‬ ‫موالي عبد الحفيظ طلب في هذا التاريخ بواسطة الدكتور ماني أن يلتقي‬ ‫بأوالده الكبار الثالثة الذين ال يزالون مقيمين بطنجة‪ ،‬فهو لم يكن قد رآهم‬ ‫منذ ‪ 5‬أعوام‪ ،‬وبالتالي كان يُريد من الدكتور ماني أن يتولى نقلهم إلى الجزيرة‬ ‫الخضراء لكي يُستقبلوا هناك من طرف والدهم السلطان السابق في تاريخ‬ ‫حُدِّد بيوم ‪ 25‬من الشهر المذكور‪ .‬وبحسب التقرير دائما‪ ،‬جاء الرد من اإلقامة‬ ‫العامة الفرنسية برفض االستجابة لطلب موالي عبد الحفيظ ِبحُجّة أنه ال يزال‬ ‫غير قابل للشروط التي وضعتها الحكومة الفرنسية[‪ .]8‬وفي ‪ 27‬نونبر ‪1919‬م‪،‬‬ ‫وعلى إثر الرفض الجديد‪ ،‬أخبر موالي عبد الحفيظ وكيله الدكتور ماني بأنه َقرَّرَ‬ ‫أن يقطع المرتب الذي كان يصرفه إليه نظير عنايتة بشؤون عائلته‪ .‬وبالتالي‬ ‫فإن أوالده صاروا في عداد األسرى‪ ،‬ويأمره بأن يُخبر السلطات الفرنسية بهذا‬ ‫اإلجراء[‪ .]9‬وبموازاة مع هذا اإلجراء قام «المولى عبد الحفيظ بمكاتبة بعض‬ ‫األعيان المغاربة الساكنين بطنجة كالمقري (الصدر األعظم)‪ ،‬وقاضي طنجة‪،‬‬ ‫وأحمد الرهوني الكاتب العدل بدار النيابة‪ ،‬يلتمس منهم توقيع شهادة مضمنها‬ ‫أنه (أي المولى عبد الحفيظ) تنازل عن نصف معاشه لصالح ذويه بالمغرب إذ‬ ‫حُكم َ‬ ‫أصبحوا يُعتبرون في ْ‬ ‫األسْرى بعد أن مُنعوا من االلتحاق به»[‪.]10‬‬ ‫وبعد هذا اإلجراء تدخّل الصدر األعظم الحاج محمد المقري والوزير‬ ‫قدور بن غبريط لحل هذه المشكلة‪ ،‬فتمت تسوية وضعية أوالد السلطان إذ‬ ‫جرى إسكانهم في قصر فخم بالرباط وتم تسديد رواتب لهم[‪ .]11‬ثم َلمَّا‬ ‫قرر السلطان عبد الحفيظ بيع قصره الذي شيده بطنجة كان الدكتور ماني‬ ‫هو الوكيل المتولي ذلك‪ ،‬فباعه لبعض أثرياء اليهود بطنجة قبل أن يشتريه‬ ‫اإليطاليون الذين ال يزالون يحتفظون به إلى اليوم‪.‬‬

‫• الدكتور ماني ‪ ..‬في العهد اليوسفي (‪)1927-1912‬‬

‫بعد انسحاب السلطان عبد الحفيظ من الحكم إثر توقيعه معاهدة الحماية‬ ‫ومغادرته المغرب‪ ،‬استمر الدكتور ماني في خدمة السلطان الجديد‪ :‬موالي‬ ‫يوسف‪ ،‬فكان مُ ْلزَما بالنزول بين آن وآن إلى العاصمة الرباط‪ ،‬وقد كان لبعض‬ ‫العناصر اليهودية العاملة بالبالط الملكي دَوْر في استرسال وظيفة الدكتور‬ ‫ماني كطبيب خاص للسلطان ولمن يدور في فلكه‪ .‬ويُحكى أنه حين قدم‬ ‫السلطان موالي يوسف إلى مراكش عام ‪1912‬م تَ َقدّم إليه التهامي الكالوي‬ ‫باشا مراكش مع جماعة من أعيانها وقدّموا له البيعة‪ ،‬وأهداه الباشا فتاة شابة‬ ‫ِجدّ جميلة تُدعى عويشة‪ ،‬وبدخولها القصر الملكي أصبحت تسمى‪« :‬اللة‬ ‫عائشة» محظية السلطان الذي ك ّلف وصيفة يهودية تسمى «الياقوت ساسون»‬ ‫بالسهر شخصيا على مَ ْلبسها بعد أن غادرت مراكش وجاءت إلى الرباط لتقيم‬ ‫رسميا بالقصر السلطاني‪.‬‬ ‫الكاتب اليهودي ألبير ساسون (‪ )Albert Sasson‬الذي روى هذا الخبر‬ ‫مباشرة عن عمته الياقوت‪ ،‬يحكي أيضا (رواية عن عمته دائما) أن اللة عائشة‬ ‫كانت تُبدي وُدّا كبيرا لعمّته الياقوت ساسون «بينما كانت هذه األخيرة تجد‬ ‫جمالها استثنائيا وتدلعها عبر جعلها تتذوق أفضل أطباق المطبخ اليهودي‪ .‬وقد‬ ‫توطدت العالقة بينهما لدرجة غدت معها لال عائشة تنادي خياطتها المؤتمنة‬

‫‪Hospital Benchimol‬‬ ‫على أسرارها بـ«أمي الياقوت»‪ .‬وذات يوم أسرت لال عائشة للياقوت برغبتها في‬ ‫إنجاب سليل للسلطان‪ .‬نصحت الخياطة سيدتها بإثارة الموضوع مع العاهل قبل‬ ‫استشارة الدكتور ماني الذي كان قد رافق المولى عبد العزيز إلى طنجة‪ .‬وافق‬ ‫موالي يوسف على الطلب وحضر الطبيب ماني إلى قصر الرباط حيث فحص اللة‬ ‫عائشة ووصف لها أدوية لمدة ثالثة أشهر‪ ،‬طالبا من الياقوت السهر شخصيا‬ ‫على احترام مواعيد وكميات الدواء ثم إخباره بالحالة الصحية لِلاَ ّلة عائشة عند‬ ‫انصرام المدة المحددة‪ .‬بعد هذه الفترة‪ ،‬زُفّ النبأ السعيد‪ ،‬إذ أخبرت اللة عائشة‬ ‫خياطتها بأنها حُبْلى‪ .‬فغمرت السلطان سعادة جمة حين علم بالخبر الذي انتشر‬ ‫في القصر مُخلفا جَوًّا من الفرح واالحتفاالت‪ .‬أصبح اسم «اللة عائشة» على كل‬ ‫الشفاه‪ ،‬هي التي كانت تُ َفضِّل اسم عويشة البسيط نظرا لتواضعها الكبير‪.‬‬ ‫وطوال فترة الحمل‪ ،‬كانت الياقوت تزور يوميا سيدتها المرا َقبة صحيا عَنْ بُعْد‬ ‫من طرف الدكتور ماني‪ .‬يقول ألبير ساسون‪ :‬ولألسف‪ ،‬لم يعمر الفرح طويال‪،‬‬ ‫إذ كف الجنين عن الحركة في شهره السابع‪ ،‬حسبما شعرت بذلك الّلة عائشة‬ ‫نفسها‪ .‬وعندما أُخْ ِبر الدكتور ماني باألمر‪ ،‬وصف لها دواء لمدة شهر‪ ،‬لكن‬ ‫وضعها الصحي الحرج فرض عليه التدخل كي تضع الجنين قبل األوان‪ ،‬مَيِّتًا‪.‬‬ ‫كانت حسرة األم واألب غير قابلة للوصف‪ ،‬وبما أن السلطان كان جد متعلق بحب‬ ‫محظيته لال عائشة‪ ،‬وعلى الرغم من ذلك المصاب الفادح‪ ،‬فقد عقد قرانه عليها‬ ‫لتطوي صفحة وضعيتها كمحظية‪ ،‬مُضْفيا عليها لقب «أم سيدي عويشة»‪ ،‬كما‬ ‫لو أنها والدة أمير‪ .‬لم ينتج عن هذه الواقعة المؤثرة والمؤلمة توطيد عالقات‬ ‫الثقة والمودة بين أم سيدي عويشة والياقوت فحسب‪ ،‬بل ّ‬ ‫إن ذلك ساهم في‬ ‫نسج عالئق متينة بين أفراد العائلة الملكية وبين خَيَّاطِيها الشخصيين»[‪.]12‬‬ ‫في العهد اليوسفي أصبح الدكتور ماني كثير السفر إلى العاصمة الرباط‬ ‫لإلشراف المباشر على معالجة السلطان موالي يوسف‪ ،‬وقد ّ‬ ‫ظل على هذا الحال‬ ‫حتى األيام األخيرة من حياة السلطان المذكور‪َ ،‬فتَحْت عنوان‪« :‬رجوع الحكيم‬ ‫ماني إلى طنجة» كتبت جريدة «السعادة» في عددها الصادر يوم ‪ 6‬شتنبر‬ ‫‪1927‬م‪« :‬رجع إلى طنجة جناب الحكيم ماني الذي كان قدم منها ومكث هنا‬ ‫(الرباط) نحو العشرة أيام لمعالجة صحة الجناب الشريف‪ .‬وقد ذهب مطمئن البال‬ ‫مما هي عليه حالة الجاللة الشريفة وسيعود في القريب لتفقده»[‪.]13‬‬ ‫قد يكون الدكتور ماني رجع من جديد إلى الرباط لتفقد حالة السلطان‬

‫• بقلم ‪ :‬د‪ .‬رشيد العفاقي‬

‫الصحية‪ ،‬وقد ال يكون األجل سمح له بذلك‪ ،‬ألنه بعد نحو شهرين من االستشارة‬ ‫الطبية المذكورة توفي السلطان موالي يوسف‪ ،‬فتنشر جريدة «السعادة» في‬ ‫الصفحة األولى من عددها ‪ 3173‬المؤرخ في ‪ 21‬نونبر ‪1927‬م خبر مبايعة‬ ‫المغاربة للسلطان الجديد‪ :‬محمد بن يوسف‪.‬‬ ‫أمّا على المستوى الشعبي‪ّ ،‬‬ ‫فإن الطنجيين تعرّفوا على الدكتور ماني‬ ‫بشكل مباشر وأعمق عندما فتح عيادة طبية في المنزل الذي كان يسكنه بحومة‬ ‫السقاية الجديدة (‪ )Fuente Nueva‬من طنجة‪ ،‬وذلك سنة ‪1915‬م‪ .‬ويُحكى أنه‬ ‫في بداية سيرته العَمَلِيّة كان يتنقل على َظهْر حمار بين أزقة طنجة القديمة‬ ‫لزيارة مرضاه في بيوتهم ومقر سكناهم‪ .‬تزوج من فرنسية كاثوليكية كانت‬ ‫تُدَرِّس بمعهد سانت أولير (‪ / Saint Aulaire‬إعدادية ابن بطوطة حاليا)‪،‬‬ ‫تصفها ماري أبيكاسيس بالقول‪« :‬مدام ماني‪ ،‬زوجة الدكتور‪ ،‬كانت ِّ‬ ‫مُعَلمَتي‬ ‫في مادتيْ التاريخ والجغرافيا في ليسي سانت أولير (‪،)Lycée Saint Aulaire‬‬ ‫كانت طويلة‪ ،‬وجميلة‪ ،‬ذات عينين جذابتين تنبعث منهما نظرة تنم عن ذكاء‬ ‫وجمال خارق للعادة‪ُ .‬كنَّا نُسَمِّيها‪ :‬المرأة الكبيرة ذات العيون البنفسجية»[‪.]14‬‬

‫• الدكتور ماني ‪ ..‬في العهد الدولي لطنجة (‪)1956-1923‬‬

‫َلمَّا انتقل الدكتور ماني إلى مقر سُكناه الجديد قبالة معهد باسطور بحي‬ ‫مرشان خارج أسوار المدينة‪ ،‬نَ َقل محل عمله إلى هذا الحي فأنشأ عيادة طبية‬ ‫قبالة ملعب كرة القدم قريبا من منزله‪ .‬وبفضل تجربته الفريدة في الطبابة‬ ‫قررت الجماعة اليهودية بطنجة تعيينه مديرا بمستشفى بنشمول (‪Hopital‬‬ ‫‪ .)Benchimol‬وفي زمن اإلدارة الدولية لطنجة انتُخب الدكتور ماني رئيسا‬ ‫لجمعية األطباء الفرنسيين بالمدينة (( �‪l’Association des Médeçins fran‬‬ ‫‪ .]çais)[15‬كما اعتمدته بعض الهيئات الطبية في إنجاز بعض التجارب التي‬ ‫أسفرت عن نتائج مشجعة[‪.]16‬‬

‫‪ -‬مع اليهود ‪:‬‬

‫كان الدكتور ماني رجال طيبا محبوبا عند ساكنة طنجة‪ ،‬يخدم الفقراء من‬ ‫المرضى بالمجان‪ ،‬ال سيما من أهل طائفته اليهودية‪ ،‬تحكي ألكريا بن دالك‬ ‫(‪ )Alegria Bendelac‬عن الدكتور ماني في كتابها « ُفسيفساء ‪ ..‬طفولة‬ ‫يهودية في طنجة (‪ ،»)1945-1930‬فتقول‪« :‬كان الدكتور ماني ذا شهرة في‬ ‫طنجة‪ ،‬وشخصا أصيال ِجدًّا‪ .‬وُلِدَ بفلسطين من عائلة تتحدر من تركيا‪ ،‬كان‬ ‫يتكلم لهجة يهودية إسبانية قريبة من محكيتنا (‪ )jaquetia‬ولكن باختالف‬ ‫كبير‪ .‬كان كالمه يبدو لنا فظيعا‪ .‬كانت له كتلة زبناء واسعة تنتسب إلى جميع‬ ‫الميوالت االجتماعية والدينية والوطنية لدى الساكنة‪ .‬كان يُعالج قسم أكثرية‬ ‫يهود المدينة‪ ،‬والعديد من العرب والفرنسيين واإلسبانيين‪ ،‬األكثر غنى منهم‬ ‫كما األشد فقرا‪ ،‬ولكن ما لم يكن يعبأ بترتيبه مطلقا هو سلوكه سواء كان جالسا‬ ‫عند وسادة المريض في بيته أو في عيادته‪ .‬وسواء أيضا تعلق األمر بمصرفيّ‬ ‫غني أو بجامع نفايات فقير‪ .‬كان يُعامل جميع الناس بنفس التلقائية المرحة‬ ‫والسُّ ْل َط ِويّة التي ال تقبل النقض وال التردد‪.‬‬ ‫كان يدفع باالنتقاد ويُبعد المرتابين‪ ،‬كان يدخل ويخرج َكهَبّة ريح‪ .‬ثم‬ ‫ما يلبث أن يتدحرج هابطا األدراج في الوقت الذي تكون أم مريض ال تزال قلقة‬ ‫تُلقي عليه ببعض األسئلة أو تطلب منه تعليمات محددة‬ ‫فيما يخص طريقة العناية التي سوف تُ َقدّم لولدها أو‬ ‫ابنتها‪.‬‬ ‫كان يهزّ المريض المنوَّم والخجول بصرخة كبيرة‪،‬‬ ‫ويشجع الخائفين والمرتابين بضحكاته البارقة وبتفاؤله‬ ‫العنيد‪ .‬كان يصدم الجميع‪ ،‬بحسب احتياجات اللحظة‪َ ،‬فمِنْ‬ ‫تدخّل خَشِن مُباغث‪ ،‬إلى كذبة رحيمة مالئمة ومناسبة‬ ‫ٍ‬ ‫في الدرجة قياسا بحالة كل مريض أو بالعائلة‪.‬‬ ‫كان حكيما نطاسيا متخصصا في التطبيب العام‬ ‫بالدبلوم وبالتربية‪ ،‬يقوم بكل شيء حتى التوليد والعمليات‬ ‫الجراحية التي تتطلب تخصصا دقيقا وعميقا‪ .‬لقد وضع‬ ‫نفسه في خدمة الكل‪ ،‬أو على األقل في خدمة نصف ساكنة‬ ‫طنجة‪ ،‬ويعالج جميع أنواع األمراض‪ .‬اشتُهر بأنه مُشَخِّص‬ ‫للمرض بشكل يكاد يكون َّ‬ ‫مُؤَكدًا و ِبلاَ خطأ‪ .‬والناس في‬ ‫طنجة (وحتى في المدن المجاورة لها أيضا حيث يكون‬ ‫في غالب األحيان مُستدعًى إليها‪ ،‬أو الذين يأتون منها‬ ‫الستشارته) لهم فيه اعتقاد أعمى‪ ،‬منهم والدتي التي لم‬ ‫تفكر مطلقا بأن تستشير طبيبا غيره‪ .‬لقد كان يقوم بزيارة‬ ‫مرضاه في أي ساعة من النهار أو الليل‪ ،‬وكانت عيادته‬ ‫تغصّ دائما بالمرضى‪ .‬بطريقة أو بأخرى ّ‬ ‫فإن تلقائيته وحتى‬ ‫إن لم تكن َّ‬ ‫ْ‬ ‫مُهذبَة كانت ثابتة»[‪.]17‬‬ ‫كما خصصت كاتبة يهودية من طنجة وهي ماري أبيكاسيس (‪Mary‬‬ ‫‪ )Abécassis‬بضع صفحات للكالم عن الدكتور ماني‪ ،‬لقد غدا هذا الطبيب جزءا‬ ‫من الذاكرة اليهودية الطنجاوية‪ ،‬تقول‪« :‬لم يكن الدكتور ماني طبيبا كاآلخرين‪،‬‬ ‫وإنما كان «طبيبنا» نحن الطنجيون‪ .‬مَن الذي عاش في طنجة في حياة الدكتور‬ ‫ماني ولم يقم باستشارته في عيادته الطبية بفياله بمرشان المقابلة للملعب‬ ‫البلدي؟ مَنْ لم يهاتفه ليأتي إلى منزله ألجل مشكل صحي منعه من التنقل إلى‬ ‫عيادته؟ كانوا يحكون حاالت غريبة من االستشفاء تأتي على يديه‪ .‬وقد سارت‬ ‫عنه سُمْعة أنه ال يخطأ أبدا في تشخيصاته‪ ،‬لقد كانت له «عين طبية» كما يقول‬ ‫الطنجيون‪ ،‬إلى حد أنهم يصرحون أنه عندما يدلف أحد مرضاه إلى عيادته‪ ،‬يعرف‬ ‫الدكتور ماني ‪ -‬من أوّل نظرة يلقيها عليه‪ -‬ما هي مشكلته من غير أن يفحصه‬ ‫أو حتى دون أن يتكلم المريض‪ .‬لم يكن الطنجي يلتمس ْ‬ ‫الحُكم الطبي إال من‬ ‫طريقه‪ ،‬ولم يكن يستشر طبيبا إال هو‪ ،‬وال يعتقد إال فيه‪ .‬لقد كان سعيدا وفخورا‬ ‫ّ‬ ‫بأن له طبيبه ماني»‪.‬‬ ‫ثم تقول الكاتبة ماري أبيكاسيس إنها تتذكر‪ :‬ذات يوم مرضتْ إذ استفاقتْ‬ ‫من النوم وهي تشتكي من حُمَّى شديدة من ذلك النوع المسمى «حُمَّى‬ ‫الحصان»‪ ،‬كان يوم السبت‪ ،‬فقام أخوها عمران بمهاتفة الدكتور ماني ليأتي إلى‬ ‫بيتهم وكانوا وقتذاك يسكنون بعمارة كورباصا (‪ )Corvasa‬المقابلة لسينما‬ ‫باريس بشارع فاس‪ ،‬ثم تسترسل في القول بأنه بَعْدَ نصف ساعة كان الدكتور‬ ‫ماني بالبيت يفحصها ويتكلم معها بإسبانية ذات رنّة تركية بمزاج غنائي‪ ،‬وفي‬ ‫األخير كتب لها وصفة دواء ثم قبض المبلغ المالي المُعَيّن لذلك وانصرف‪.‬‬ ‫وتُضيف ماري أبيكاسيس‪« :‬عندما أعود إلى طنجة أَمُرُّ على المقبرة‬ ‫اليهودية فأزور قبور أحبتي الراحلين وقبور بعض صديقاتي‪ ،‬وال أنسى أبدا‬ ‫أن أقف أمام قبر الدكتور ماني‪ ،‬الكائن غير بعيد عن المدخل‪ ،‬فوق ّ‬ ‫دكة ترتفع‬ ‫إلى جهة اليمين‪ .‬كنتُ أُوثره على اآلخرين‪ ،‬إذ أحنى على الرخام األبيض للقبر‪،‬‬ ‫وبحركة مؤثرة أمسح عليه من األعلى إلى األسفل‪ ،‬ثم أضع يدي على فمي مرددة‬ ‫الكلمات التي أقرأها مرارا على السيارات الكيبيكية في كندا ولكن بصيغة الجمع‪:‬‬ ‫«لنتذكر بعضنا البعض»[‪.]18‬‬ ‫ويحكي عنه اليهود قصصا كثيرة[‪.]19‬‬ ‫(يتبع)‬


‫الثالثـاء ‪� 08‬إلى ‪� 14‬أكـتـوبر ‪2019‬‬

‫العدد ‪1014‬‬

‫الكوميديا النفطية !‬ ‫‪ ...‬حظيَ أحدُ الضيوف أثناء جلسات علمية قطف زهرة من عروش أغصان شجرة وارفة تفتَّحتْ‬ ‫أوراقها‪ ،‬عندما تكون بمداد كاتب كبير ~ أ‪ .‬د‪ .‬محمد حافظ الروسي~‪ .‬هي رواية اختار لها عنوانا‬ ‫ُكتبَ بخط أبيض عريض ‪“ :‬نفطستان”‪ ،‬ذات ظالل وثمار من ثمانية فصول منظومة وثرية‪.‬‬ ‫الكتاب من القطع المتوسط‪ ،‬بين د ّفتيه ‪ 230‬صفحة ذو طبعة أنيقة بلون السماء‪ ،‬وعلى أسفل الغالف‬ ‫يُنبئ القارئ‬ ‫و ّالعة صُمّمتْ على شكل برميل للنفط في قبضة اليد‪ ،‬وأصبع اإلبهام على الزناد‪ُ ،‬‬ ‫بانفجار عند التماس‪ .‬جاء اإلهداء البهيُّ لبنات المؤلف ‪ ..‬اهتديتُ إلى قراءتها في أوقات متفارقة‪،‬‬ ‫بدءاً بفصلها األوَّل “الرؤيا”‪ .‬وهي من الجنس األدبي‪ .‬بخيال ليس له حدود‪ .‬إذا به يرى في المنام‪،‬‬ ‫وهو راقد تحت ّ‬ ‫ظل شجرة‪ ،‬يتسوَّكُ لبياض أسنانه المبتسمة‪ ،‬بينما مواطنون من شدَّة الحُزْن‬ ‫بأفواه فارغة من األسنان‪ .‬يلتقي أثناء نومه‪ ،‬عند سقوط عود السواك من يده‪ ،‬وهو يغيظ من ليس‬ ‫لهم أسنان‪ ،‬بشيخ مسنّ ذي أسنان بيضاء‪ ،‬وهو الذي يرمي العود بعد التقاطه‪ ،‬ويفاجأ َّ‬ ‫أن الشيخ‬ ‫َّ‬ ‫اطمأن‬ ‫هو نفسه إمام المسجد الذي توضّأ وصلى وراءه ثمَّ اختلى به ليسأله عن الوضع‪ ،‬بعدما‬ ‫على أسنانه وارتاح للشيخ‪ .‬بعينيْن كسيرتين أجابه هذا األخير وهو يحوْقل معبّراً عن شدَّة الحزْن‬ ‫والغصَّة تخنق حنجرته‪ .‬وقد نسج المؤلف “ادْراما” كارثية لقصة خيالية لألحداث في العالم العربي‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫السُبُل والمسالك ليغوص‬ ‫لما قد يُعانيه من تأثير المحن والمصائب على مشاعر الكاتب‪ .‬فتتشعَّبُ‬ ‫في بحار ذاكرته العلمية ليُخرج إلى القارئ مسرحية مأساوية خشبتها “المارستان”‪ .‬الرائي يضيق‬ ‫ٌ‬ ‫وعويل وموتى‪،‬‬ ‫صدرُهُ ويقلق ويضطربُ ليرى في منامه‪ ،‬جثمان تظهر عظامه على نعشه‪ ،‬وصُراخٌ‬ ‫تذكرني رؤياه بلوحة “كيرنيكا” ل “بيكاسو”معبّراً عن الحرب األهلية اإلسبانية‪ .‬ولما استيقظ من اإلغماءة وهو غارق‬ ‫ومسافر في نومه‪ ،‬وجد نفسه في أرض “نفطستان” التي تحوَّلتْ إلى مستشفى األمراض العقلية‪ ،‬وعند رأسه “النطاسي”‬ ‫الطبيب الذي يُضمّدُ الجراح السياسية ويتمتع بالهدوء والدقة‪ ،‬وهو الطبيب السوداني الذي عالج ابن “شركويه”‪ ،‬وهذا‬ ‫كان سبب تعيينه على رأس األطباء من لدن األمير أسد الدّين “شركويه” الكوردي‪ ،‬وهو الفاتح الثاني لمصر بعد عمرو‬ ‫ابن العاص‪ .‬كاتب الرواية كان منغمسا في قراءة وتتبع األحداث اليومية المؤلمة‪ ،‬لتنعكس عليه في الالوعي‪ ،‬ليُدْركها على‬ ‫صورة “الرؤيا” مناماً وليُعبّر في المُضمر والمُعلن معاً عن بذور الشرّ والفتن في العالم العربي ب “ادْراما” كوميدية في‬ ‫أرض النفط‪ .‬من وعْي باطني انعكس في مرآة “الالشعور” باسم “رؤيا”‪“ ،‬يقظة” في منام‪ ،‬فأنشأ “النطاسي” رئيس األطباء‬ ‫أقسام إلصالح المارستان منها قسم خاص بالسّواك وأمراض الفم‪ .‬ومن طرائف الخيال بدأ المريض يستأنس بمؤلف في‬ ‫طبّ األسنان لصاحبه “مركاورع” أو “منكاورع” الذي عاش في القرن في الثالث قبل الميالد‪ ،‬والذي أصبح بعد وفاته إله‬ ‫الطب في مصر الفرعونية‪ .‬أيامئذ كان الملك “ساحورع” ثمّ الطبيب الذي أتى به خيال المؤلف من الفراعنة القدماء “نفرارت‬ ‫أن تُنزع منه أسنانه‪ ،‬والصائب ْ‬ ‫أن ال يبتسم للعوام مخافة ْ‬ ‫آس”‪ ،‬إلصالح أسنان المريض بالذهب الخالص على ْ‬ ‫أن تقطع‬ ‫رأس المريض ليُقتلع الذهب منها بخفة وسهولة‪ .‬وحتى ال تتعرَّض أسنانه للسرقة َّ‬ ‫غلف أضراس الفكّ العُلوي بالذهب‬ ‫اإلبريز‪ .‬ولما أفاق المريض وجد “ النطاسي” عند رأسه‪ ،‬ليسأله عن أعراض الداء‪ ،‬مستغنيا عن األساليب الطبية المتبعة‪،‬‬ ‫فاكتفى بكلمة الباذنجان التي كانت تتكرَّرُ على لسان المريض‪ ،‬ليُقرّر الطبيب إحالة المريض على قسم الرُقية وعالج‬ ‫المسّ والسّحر‪ ،‬قبل ْ‬ ‫أن يتأكد من درجة حرارة الباذنجان الذي أصبح مختبراً في المارستان !‪ .‬وهو نوع من السخرية للتعبير‬ ‫عن مصائب الدَّهر العربي‪ .‬ثمَّ يؤول خيال الكاتب إلى عُشب الريحان المعلق على حيطان المستشفى ليوحي إليه زيارة‬ ‫المقابر بصحبة عمَّته‪ ،‬والريحان هنا عامل مشترك بين المارستان والمقابر‪ ،‬لتضع العمَّة الريحان على قبر والدها‪ .‬فيجنح‬ ‫إلى حُلم المريض فكرة المقبرة‪ ،‬ليضعوا على جثمانه تلك األعشاب لتذهب عنه السوْداء وهو في طريقه إلى الموت ليصاب‬

‫موائدُ الحرفِ‬

‫(ديوان فوائد وعوائد ومحا�ضرات)‬

‫أدب المراسالت كتابٌ من الوالد العالم األديب محمد المنتصر الريسوني ـ رحمه اهلل ـ إلى شقيق نفسه البحاثة المطلع‬ ‫من ِ‬ ‫األديب الدكتور حسن الوراكلي ـ رحمه اهلل ـ‪ ،‬مؤرخٌ بفاتح شوال ‪ 1420‬هـ ‪ .‬ومن ّ‬ ‫خط الوالد نقلتُ ‪:‬‬ ‫« أخي الدكتور حسن‬ ‫السالم عليكم ورحمة اهلل تعالى وبركاته‪ ،‬أما بعد‪:‬‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫فقد َّ‬ ‫ُ‬ ‫المؤمن‬ ‫ضراعة‬ ‫حَمَل بين عطفيْهِ رفيفَ التَّوبة‪ ،‬وتندَّتْ بشرياتهُ بالغفران‪ ،‬وانداحتْ‬ ‫رمضان األبركُ بعد أن‬ ‫ولى‬ ‫ِ‬ ‫فقطفَ من قطفَ بتوبتهِ الورود‪ ،‬وجنى من جنى بعصيانهِ األشواكَ‪ ..‬فأرجو َ‬ ‫مشرئبَّ ًة إلى رضا الغ ّفار‪َ ،‬‬ ‫اهلل سبحانه وتعالى أن تكون‬ ‫أنتَ وآلك ممن قطف الورودَ‪ ،‬واستقبل أضوا َء العيد بروح َّ‬ ‫ونفس ناغاها الحبور‪.‬‬ ‫حفها السرور‪ٍ ،‬‬ ‫ٍ‬ ‫وبالمناسبةِ الورديَّةِ َّ‬ ‫ّ‬ ‫تذكرت ما قاءهُ أميرُ الشعراء أحمد شوقي في قصيدتهِ (رمضان ولى )‪ ،‬وذلك في قوله‪:‬‬ ‫ً‬ ‫م�شتاق‬ ‫م�شتاقة ت�سعى �إلى‬ ‫رم�ضان ولَّى هاتِها يا �ساقي =‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫وإنه النحرافُ الشع ِر عن مسارهِ الحقِّ‪ ،‬يهيمُ في ِّ‬ ‫ًّ‬ ‫مستظال بغيِّه‪ ،‬نابذاً رسالته الفضلى التي ينبغي أن‬ ‫كل وادٍ‪ ،‬مكبّاً على وجههِ‪،‬‬ ‫ينضويَ تحت لوائها؛ كي يمشيَ سويّاً على صراطٍ مستقيم‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫ُ‬ ‫الفاكسيّة ) إلى مقطوعةٍ شعريةٍ تناقضُ ما َّ‬ ‫زل به شعرُ أحمد شوقي‪،‬‬ ‫ولقد ترجمتُ هذه األفكارَ التي أوحت إليَّ بها رسالتكَ (‬ ‫َ‬ ‫الهابطة ـ غفر اهلل تعالى مزالقه ـ وفيما يأتي المقطوعة ‪:‬‬ ‫وتصحِّحُ رؤيته‬ ‫الف�ســـاق‬ ‫وقلع َة‬ ‫دام‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫الــم ِ‬ ‫َ‬ ‫أ�س ُ‬ ‫رم�ضان ولَّى َه ِّ�ش َم ْن يا �ســـاقـــي = ك� َ‬ ‫ً‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫امل�شتـــاق‬ ‫مناغية ر�ؤى‬ ‫رو�ضها = تزهو‬ ‫قطف املُ نى من‬ ‫بادر �إلى‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫ٍ‬ ‫قــراق‬ ‫الر‬ ‫التــواب‬ ‫فالله قد �أ�سدى‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫لتائــــــب = يرنو �إلى غفـرانــــهِ َّ‬ ‫ِ‬ ‫إرهــــاق‬ ‫آثـــام وال‬ ‫وحذارِ من‬ ‫ِ‬ ‫�سقطات �شوقي �إنهـــا = ليــلٌ من ال ِ‬ ‫ِ‬ ‫الغَ‬ ‫داق‬ ‫ه‬ ‫بخري‬ ‫النفو�س‬ ‫أغنى‬ ‫�‬ ‫=‬ ‫قــــد‬ ‫الله‬ ‫نعـيـم‬ ‫من‬ ‫ح‬ ‫رو‬ ‫يــ ِ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫رم�ضان ْ ٌ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫الغوايـةِ‬ ‫ِ‬ ‫واخلَ‬ ‫بـــاق‬ ‫وخيـره‬ ‫يفنى‪،‬‬ ‫عندنا‬ ‫ما‬ ‫=‬ ‫نـــــا‬ ‫�شوك‬ ‫زارع‬ ‫يا‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫ملهالكِ‬ ‫ا�سرتقــــاق‬ ‫حـدا‬ ‫ما‬ ‫ال‬ ‫=‬ ‫ا‬ ‫مكــارم‬ ‫القلـوب‬ ‫ى‬ ‫رو‬ ‫ما‬ ‫ال�شعر‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫حال دينا ودنيا‪ ،‬والسالم عليكم ورحمة اهلل تعالى‬ ‫واهنأ أنتَ ومن معكَ بالعيدِ السَّعيد‪ ،‬أعاده اهلل علينا وأمتنا في أحسن ٍ‬

‫ٌ‬ ‫فائدة �أدب َّي ٌة‬ ‫‪. 47‬‬

‫َّن المغنَّى‪ُ ،‬‬ ‫قول بعضهم‪:‬‬ ‫المرقص‬ ‫من‬ ‫المطرب‪ ،‬الملح ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫زادين �شـوقـــ ًا �إليـــكِ‬ ‫ـــــت‬ ‫ما‬ ‫�شم ْم ُ‬ ‫الـورد �إ َّال = َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ــــن = ِخلـتـــهُ يحنـــو عليــكِ‬ ‫و�إذا ما‬ ‫مـا�س ُغ ْ�ص ٌ‬ ‫َ‬ ‫بـــاق لديــكِ‬ ‫يكن ج�سمي تنــاءى = فاحل�شـا‬ ‫ٍ‬ ‫� ْإن ْ‬ ‫حلَّ‬ ‫َتـــ ْيــكِ‬ ‫ل‬ ‫ق‬ ‫م‬ ‫مــن‬ ‫بي‬ ‫=‬ ‫قــد‬ ‫الذي‬ ‫ما‬ ‫تدري‬ ‫أنت‬ ‫� َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ُ َ‬ ‫حاج َب ْيــكِ‬ ‫ُر ِ‬ ‫ـــم = قـــو�سهُ من ِ‬ ‫القلــب‬ ‫ق‬ ‫�ش‬ ‫َ‬ ‫ب�ســه ٍ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫كلُّ‬ ‫من�ســــوب �إليــكِ‬ ‫نٍ‬ ‫و‬ ‫هــ‬ ‫ف‬ ‫=‬ ‫البـــرايـا‬ ‫يف‬ ‫ح�سـ‬ ‫ٌ‬ ‫َْ‬ ‫ْ‬

‫قلتُ ‪ :‬هذا هو الشِّعرُ الذي أحبٌّ‪ ..‬هودجُ حرفٍ‪ ،‬وطاووسُ نَضارةٍ !‬

‫• بقلم ‪ :‬عبد المجيد اإلدريسي‬

‫بالحمق‪ .‬فهل ينهض على غرار خالد ابن يزيد أبو الهيثم الكاتب الذي كانت تأخذه السوداء في‬ ‫َّ‬ ‫واختل عقله‪ .‬وليقوي المؤلف اإلبداع الروائي وظف عناصر‬ ‫أيام الباذنجان!؟ وكان قد أصيب بالجنون‬ ‫تاريخية كإضافة نوعية‪ .‬فيستشعر القارئ أنه في حضرة روائي ضليع وبموسوعة علمية لم تؤتَ‬ ‫لغيره‪ .‬وإذا به يذكر عدداً من الكتب ومؤلفيهم في خزانة المارستان‪ ،‬ليعثر على كتاب الطبّ‪ ،‬ألرجوزة‬ ‫ابن سينا‪ ،‬يدعو فيه إلى الطبّ الذي هو الحفاظ على صحة اإلنسان‪ ،‬بمعنى الوقاية خير من العالج‪.‬‬ ‫لضيق الصدر وعظيم “الوزر” لما يعيشه الروائي من أحداث أليمة في العالم العربي‪ ،‬أدَّى به ذلك إلى‬ ‫الغوْص في التاريخ القديم قبل وبعد ميالد المسيح عليه السالم‪ ،‬وارتدادُه إلى الذاكرة لتُوَفر له‬ ‫خزانة علمية يجتبي منها شخصيات “كاريزماتية”‪ ،‬أتاحت له في رؤياه خياال روائياً في جدال من حديث‬ ‫النفس أثناء النوم‪ ،‬على خشبة الوسادة لتفسير الوضع في رحلة تخييلية‪ ،‬وقد استمدَّ الروائي أحداث‬ ‫الزمن الحاضر إلخراج “كوميديا” من “التراجيديا” في بالد النفط ! في نفس السياق انتهى المريض‬ ‫إلى قراءة مؤلف الطبيب الفرعوْني “ني عنخ دواو” في طبّ العيون وكان أشهر متخصص في عالج‬ ‫أمراض العيون‪ ،‬متسائال عن منطق لغة العيون الجارحة ؟ بملكة متألقة أوحى بيت الشعر “من عيون‬ ‫المها” إلى المؤلف عظمة سحر العيون‪ ،‬وهو يقرأ كتاب الطب “المريض” ل “ني عنخ دواو” الفرعوني‪،‬‬ ‫ليصول ويجول “المؤلف” بخياله في عوالم العيون كشاعر من الشعراء ‪.‬وقد رضع األحاسيس الشاعرية‬ ‫من العيون األدبية‪ ،‬لينسج سجادة اإلبداع للعين الجارحة‪ ،‬من بكاء وفرح وخشوع‪ ،‬وبكاء العارفين حتى‬ ‫أدمعت عيناه ليلمح في خزانة الكتب‪ ،‬مجربات ابن عربي في الطب الروحاني والغزالي الكبير والدّربي‬ ‫الكبير‪ .‬ممّا استدعى المؤلف لمجربات في ّ‬ ‫كل ماجرى‪ ،‬كما يقال “مَنْ عرف التجارب طابت له المشارب”‪ .‬ومن تفسير رؤيا‬ ‫إن الباذنجان يُوَرث السوداء َّ‬ ‫الشيخ وأعشاب عمَّة المؤلف‪ ،‬ثمَّ َّ‬ ‫وأن الكتب تخفف من وحدة السوْداء وأخيراً شعر “نفطستان”‬ ‫أهم من خزعبالت “ني عنخ دواو” الطبيب الفرعوْني القديم‪ .‬ثمَّ مضى متسل ًال ومستغنياً عن زيارة الطبيب ومُعرّجاً على‬ ‫قاعة األطباء والممرضين‪ ،‬مندهشاً وكلهم يشاهدون التلفاز‪ ،‬لعلها تكون مباراة لكرة القدم‪ ،‬فأضحى المؤلف بألمعية‬ ‫يوصف أجواء الحراك عشية مباراة الفريق الوطني التي تخطف االنتباه في الشوارع والمقاهي وذلك إلى جانب الوقع المالي‬ ‫والتجاري للزيْ الرياضي‪ .‬فيتحو ُ‬ ‫َّل إلى مذيع للمباراة وقدرته على وصفها‪ ،‬ليشملها من ّ‬ ‫كل جوانبها‪ .‬ولم يدر ما األمر حتى‬ ‫أن الظنَّ ينحو إلى حرب بين شمال وجنوب “نفطستان” ! َّ‬ ‫صادمه ثاني شخص يسأله‪ ،‬ليجيبه هذا األخير َّ‬ ‫إن الشيطان‬ ‫قد لعب على أرض النفط‪“ ،‬نفطستان” وإنها الظنون والوسوسة !‪ .‬من الموسوعة العلمية للمؤلف وموشومة في ذاكرته‪،‬‬ ‫لتدريس كتابين البن الحارث بن علقمة المتوفى في القرن السابع للميالد للنظر وقد أحدث خالفاً بين شمالي وجنوبي‬ ‫“نفطستان” لعدم نسبتيهما إلى نظر ! ومن سخرية القدر اختلفا أيضا‪ ،‬واعترض أحدهما على نص في دستور “نفطستان”‬ ‫بسبب عجوز يهودية كانت تقطن في “كوخ” هناك منذ زمن غابر ولم يعد لها أثر‪ ،‬حتى ْ‬ ‫وإن كان ال يوجد في “نفطستان”‬ ‫مواطنون من ديانة غير اإلسالم‪ .‬ولم يبق لهم إال االختالف على النشيد الوطني‪ ،‬وأسوة بالدولة السويسرية التي اعتمدت‬ ‫في نشيدها الوطني أربع لغات‪ ،‬كما اعتمدت كندا نشيدها بلغتين ! فقد كانت “نفطستان” نموذجاً لتجمع في نشيدها‬ ‫الوطني بين لغتين ! لكي تُصبح “نفطستان” الموَحدة دولتان تتحاربان‪ ،‬لتصْدُق نبوءة “النطاسي” التي ما زالت ُّ‬ ‫ترن في‬ ‫أ ُذن المؤلف كأنها قطر اإلسكندر‪ .‬يتقاطع في كتابات المؤلف البعد العلمي والمعرفي مع إبداع ذي دالالت متعدّدة ‪..‬ربما‬ ‫كان العقل العربي ومازال في سُبات شتوي‪ ،‬إذ يملك البشر الجينات الالزمة لعملية السُبات ؟ إال َّ‬ ‫أن اختفاء الغيب والتنظير‬ ‫عند المؤلف كان أمراً مرغوبا فيه‪ ،‬الستشرافه مستقبل األيام‪ ،‬وهو الضالع في الحكي‪ ،‬ويحظى بنقاء روائي وحواس يقظة‪،‬‬ ‫فقد كان عليه أن يستثمرها لمنح القارئ حياة تعين وتدَعم القلم ‪ ،‬والقلم يبدع الحياة ‪..‬‬

‫بين دفتيّ هذا َ‬ ‫شكــول فوائـــدُ في الفقــه واألصول والتاريـخ‬ ‫الك‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ونخيلـــة‬ ‫حصيلــــة مطالــعـــاتٍ وسماعــاتٍ‪،‬‬ ‫واللغـــة واألدب‪ ،‬وهـــي‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫وبـــاعــــث على‬ ‫لإلينــاس‪،‬‬ ‫ة‬ ‫مجلبـــ‬ ‫ُّعهـا‬ ‫و‬ ‫وتنـــ‬ ‫تحقيقاتٍ وجواباتٍ‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫التروّح؛ َّ‬ ‫التنقــل بين‬ ‫وتستـــروحُ إلى‬ ‫ألن النفس تسأمُ النمط الواحدَ‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫أفانين الكالم‪ ..‬ولعـل القارىء يجـد فيها متنفسـهُ إذا تم ّلكه الضجرُ‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫الوحشة‪ ..‬واهلل الهادي إلى سواء السبيل‪.‬‬ ‫واستفرغتهُ‬

‫‪ .46‬من �أدب املرا�سالت‬

‫وبركاته‪.‬‬ ‫أخوك ‪ :‬محمد المنتصر الريسوني»‬

‫‪14‬‬

‫بقلم ‪ :‬قطب الري�سوين ـ ال�شارقة ـ‬ ‫ٌ‬ ‫أ�صولية‬ ‫‪ .48‬فتوى �‬

‫سُئلتُ‪ :‬حكى ابن النجار في ( شرح الكوكب المنير) أن إمام الحرمين ينكر المباحَ في الشريعة‪ ،‬فهل ُ‬ ‫نسبة هذا القول إليه صحيح ٌة؟‬ ‫فأجبتُ‪ :‬ال تصحُّ ُ‬ ‫القول إلى إمام الحرمين‪ ،‬والثابتُ في كتبهِ خالفهُ؛ إذ ورد في ( البرهان)‪ ( :‬إنكارُ اإلباحةِ هجومٌ‬ ‫نسبة هذا ِ‬ ‫بإجماع األمةِ على اإلباحةِ ) ‪ ،‬فكيفَ ينكر الجوينيَّ على الكعبيِّ وأضرابهِ إنكارَ‬ ‫اإلجماع؛ فإن الكعبيَّ ورهطه مسبوقون‬ ‫عظيمٌ على‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫المباح‪ ،‬ثم يُعدُّ في زمرة المنكرين له ؟ ولعل ما وقع في ( شرح الكوكب المنير) وهمٌ أو سبقُ قلم !‬ ‫ِ‬ ‫الحرج في الفعل أو التركِ ال يثبت إال بخطاب الشارع‪،‬‬ ‫وجماهيرُ علماء األصول على أن المباحَ من‬ ‫األحكام الشرعيَّةِ؛ ألن نفيَ ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫األحكام الشرعيَّةِ‪َّ ،‬‬ ‫ولعل الخالف بينهم وبين جمهور األصوليين لفظيٌّ‬ ‫وشذ بعض المعتزلة في إنكاره للمباح‪ ،‬وإخراجهِ من دائرةِ‬ ‫ِ‬ ‫المباح كما َّ‬ ‫حققه الرازيُّ في ( محصوله) ‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬ ‫راجعٌ إلى تفسير‬ ‫ِ‬

‫فائدة � ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫أدبية‬ ‫‪. 49‬‬

‫أنور المعداويُّ ( ت ‪ 1965‬م ) نجمٌ سطعَ بسرعةٍ َ‬ ‫وأفل بسرعةٍ في سماء األدب‪ ،‬ثم درجَ إلى عفوه ربِّهِ بعد محنةٍ نفسيَّةٍ‬ ‫باذخ‪ .‬وقد باب قلمه‪ ،‬اليوم‪ ،‬مهجورَ الفِناء‪ ،‬مهتَضَم‬ ‫ومرضيَّةٍ ألجأته إلى االنزواء بقريته ‪ ،‬واجتراِر ذكرياتهِ في كنفِ مجدٍ أدبيٍّ‬ ‫ٍ‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫كتاب عاصروه‪ ،‬أو ساروا في ركبهِ النقديِّ مد ًة من الزمن؛ بل إن‬ ‫الجانب‪ ،‬ال يدور عنه حديث تحليةٍ أو تطريةٍ إال لماما‪ ،‬وعلى لسانِ ٍ‬ ‫ومعاركهِ النقديةِ‪ ،‬بلهَ أن تنزله في نفسها َ‬ ‫ً‬ ‫منزلة َّ‬ ‫تجلةٍ‪ ،‬وتأتسيَ‬ ‫بال عن ترجمة الرجل‪ ،‬وكتبهِ‪،‬‬ ‫ذال‬ ‫ا‬ ‫شيئ‬ ‫تعرفُ‬ ‫األدب ال تكاد‬ ‫ناشئة ِ‬ ‫ٍ‬ ‫به في استقالل الفكر‪ ،‬ومضاء العزيمة ‪ ! ..‬هذا العبقريُّ الذي لم يعمر طوي ًال ‪ ،‬استبدَّ بنظرية األداء النفسي في األدب‪ ،‬وطبّقها في‬ ‫كتابه‪( :‬علي محمود طه الشاعر اإلنسان)‪ ،‬وأدار عليها نقده لنماذج فنيةٍ في الشعر والنثر‪ ،‬معتدّاً بمقاييس الذوق‪ ،‬والشعور‪ ،‬واالنطباع‪.‬‬ ‫مجلة الرسالةِ ساحتهَ األثير َة في الدفاع عن أفكارهِ‪ ،‬والردِّ على مناوئيه‪ ،‬ومن طالع ركنه (تعقيبات) يرَ للنقدِ لألدبيّ شعاراً‬ ‫وكانت َّ‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫االستقالل فظهرت عليه مخايلهُ منذ طراءة السنِّ؛ إذ كان عزوفاً عن التقليد والترديد‪ ،‬ولوعاً‬ ‫ُ‬ ‫وجمال)‪ .‬أما‬ ‫(استقالل‪ ،‬واحتدادٌ‪،‬‬ ‫واحداً‪:‬‬ ‫مسبوق في النقد‪ ،‬وقد كان له ذلك‪ ،‬وصارَ له أتباعٌ َّ‬ ‫وعُلقٌ‪ ،‬ورأيٌ مسموعٌ في األدب‪،‬‬ ‫مذهب غير‬ ‫بالجديد المبتكر‪ ،‬مبشِّراً باستحداث‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ومما يرويه عنه صديقه األديبُ عبد الكريم غالب ـ رحمه اهلل ـ أنه لم يكن مواظباً على محاضرات الجامعة‪ ،‬وال يعجبه العجبُ من كالم‬ ‫األساتيذ‪ ،‬وال َّ‬ ‫يتحفل برتب التفوّق في االمتحان‪.‬‬ ‫وأما احتدادُ اللسان فطبعٌ ألنور‪ ،‬وخصل ٌة شبَّ عليها‪ ،‬وهو ُ‬ ‫الرجل األنوفُ المعتدُّ برأيه وأدبه‪ ،‬وال تعدم في معاركه مع العقاد‪،‬‬ ‫وطه حسين‪ ،‬وتوفيق الحكيم‪ ،‬وسالمة موسى‪ ،‬وزكي نجيب محمود‪ ،‬إغالظاً في القول‪ ،‬وتفجيجاً للعبارة‪ ،‬وإفراغاً للشتائم‪ ..‬وكم كانت ثورة‬ ‫اليسار عارم ًة حين قال عن رواية (األرض) لعبد الرحمن الشرقاوي‪( :‬إنها روبورتاج صحفي‪ ،‬وكاتبها كاتب صاالت)‪ ،‬ومع هذا فإن من وراء‬ ‫هذا االعتداد‪ ،‬أو ذاك االحتداد‪ ،‬علماً‪ ،‬وذوقاً‪ ،‬ومنطقاً شامساً ! أو قل من ورائه (شعلة الفنّ) كما قال أحمد حسن الزيات‪.‬‬ ‫وأما الجمال فشار ُة أسلوبه المطبوع وقلمه الرشيق‪ ،‬وقد أوتي شعوراً بمواقع األلفاظ‪ ،‬وذوقاً في رصِّها‪ ،‬إلى حالوةٍ في اإليقاع‪،‬‬ ‫نول األدباء المطبوعين كالمازنيِّ وأضرابه‪..‬‬ ‫ونداوةٍ في التصوير‪ ،‬ونسجهُ من ِ‬ ‫درج المعداويُّ فخبا إحراقهُ وبقيَ إشراقهُ()‪ُّ ،‬‬ ‫يدل ناشئة األدب على الطريق‪ ،‬ويسوس النقدَ بمكاييل الذوق والشعور‪ ..‬وليت‬ ‫َّحم‬ ‫عشيرته من النقاد يوّلون وجوهم شطرَ آثاره المنثورة في بطون الصحافة‪ ،‬ويعنون بجمعها وطبعها‪ ،‬وفا ًء لحقِّ األدب‪ ،‬وحقِّ الر ِ‬ ‫بين خاصته‪.‬‬

‫ٌ‬ ‫فائدة تاريخ ّي ٌة‬ ‫‪.50‬‬

‫بعض العلماء به كمحدِّث المغرب أبي إسحاق إبراهيم بن محمد السبتي المعروف بابن‬ ‫استوقفني كثيراً لقبُ (الكمّاد) واشتهارُ ِ‬ ‫َ‬ ‫اللقب‬ ‫الكمّاد ( ت ؟ )‪ ،‬وفقيهِ‬ ‫قسنطينة أبي حفص عمر بن محمد الكمّاد األنصاريِّ المعروف بالوزّان (ت ‪ 960‬هـ)‪ ،‬وكنت ال أدركُ لهذا ِ‬ ‫أص ًال أو ِنجاراً حتى وقفتُ في كتاب (أزهار برية) ألديب العربية عبد اهلل كنون على أن (الكمَّاد) نسب ٌة إلى حرفةِ التَّكميدِ‪ ،‬أي ‪ :‬كيِّ‬ ‫كتُب الفقهِ ٌ‬ ‫حديث عن ضمانِ الكمّادِ‪..‬‬ ‫الثياب‪ ،‬وفي ِ‬ ‫بعض ِ‬ ‫ِ‬

‫ٌ‬ ‫غريبة‬ ‫‪.51‬‬

‫حدّثني األخ العزيز البحاثة الدكتور عبد السميع األنيس أنه كان يحدِّث رج ًال من (أهل الخطوة ) بحلب‪ ،‬وفجأ ًة أطلق ساقيه للرِّيح‬ ‫في سرعةٍ صاروخيّةٍ ‪ ،‬ثم رُئي ُ‬ ‫الرجل في اليوم نفسه يطوف ببيت اهلل الحرام كما أخبره بذلك أحد أصدقائه !!!‬ ‫العبارة مقتبسة من أحمد حسن الزيات‪.‬‬


‫الثالثـاء ‪� 08‬إلى ‪� 14‬أكـتـوبر ‪2019‬‬

‫العدد ‪1014‬‬

‫‪15‬‬

‫أسرة التعليم تحتفل يوم ‪ 5‬أكتوبر باليوم العالمي للمدرس‬

‫شهادات فخر واعتزاز بشرف المهنة‬

‫• عبد الغني بلقاسم‬

‫مما ال شك فيه أن كسب رهان تعليم نافع وناجع‪ ،‬له القدرة على‬ ‫التأهيل واالندماج االقتصادي واالجتماعي‪ ،‬يمر عبر االضطالع األمثل‬ ‫للمدرسة بوظائفها األساس في التنشئة االجتماعية والتربية على قيم‬ ‫المواطنة‪ ،‬وفي التعليم والتعلم‪ ،‬والتكوين والتأهيل‪ ،‬والتأطير والبحث‬ ‫المنتجوالمفيد‪.‬‬ ‫ومما ال شك فيه كذلك أن المدرسة تنجح في القيام بهذه الوظائف‬ ‫كلما كانت هيئة التدريس محفزة ومنخرطة‪ ،‬عبر الجمع بين تمتعها‬ ‫بكل حقوقها وتوفير الشروط الالزمة لعملها‪ ،‬وبين التزامها بواجباتها‬ ‫واتقانها لمهنتها وقيامها برسالتها التربوية على أحسن وجه‪.‬‬ ‫في هذا الصدد‪ ،‬أكدت اليونسكو في رسالة سابقة بمناسبة اليوم‬ ‫العالمي للمدرس؛ أن جودة أي نظام تعليمي تقاس بمستوى معلميه‪،‬‬ ‫وأنها تتطلع في خطة التنمية إلى األساسيات الالزمة لدعم فعالية‬ ‫المعلمين‪ ،‬وعلى رأسها تحسين ظروفهم المادية‪ ،‬وتوفير ظروف جيدة‬ ‫في بيئة العمل وضمان تدريبهم على الجودة‪ ،‬وحمايتهم من العنف‬ ‫بكل أنواعه‪.‬‬ ‫وتكريما لشخص المدرس(ة) على مجهوداته المتواصلة في بناء‬ ‫النشء بناء سليما‪ ،‬جعلت اليونسكو يوم ‪ 5‬أكتوبر يوما عالميا لالحتفال‬ ‫بالمدرس‪ .‬وبهذه المناسبة ‪ ،‬يشارك المجتمع المغربي أسرته التعليمية‬ ‫بهذا االحتفال‪ ،‬وتعتبره مناسبة للتحسيس والتوعية باألدوار الطالئعية‬ ‫والريادية التي يقوم بها المدرس(ة) من أجل تحرير العقول وتنويرها‪،‬‬ ‫ومحطة كذلك للمرافعة من أجل النهوض بهذه المهنة النبيلة تكوينا‬ ‫وتأطيراوتحفيزا‪.‬‬ ‫بدورنا نغتنم هذه الفرصة لنسوق جملة من الشهادات التي أدلى‬ ‫بها مجموعة من األستاذات واألساتذة في حق المدرس ومهنته‪.‬‬ ‫عبد اإلله الفزازي رئيس مصلحـة الشــؤون‬ ‫التربوية بمديرية طنجة أصيلة‬ ‫نقف في مثل هذا اليوم من كل سنة‪،‬‬ ‫وقفة إجالل وإكبار‪ ،‬لنوجه لكل نساء ورجال‬ ‫التعليم التابعين للمديرية اإلقليمية بطنجة‬ ‫أصيلة‪ ،‬رسالة محبة واعتراف بجليل األعمال‪،‬‬ ‫وجدية االلتزام في أداء الواجب المهني‪ ،‬بما‬ ‫ينمي قيم المواطنة‪ ،‬ويساهم في بناء المجتمع‬ ‫والرقي بالحضارة ‪.‬‬ ‫إنها لحظة تاريخية تكتسي دالالت رمزية متعددة األبعاد‪ ،‬باعتبارها‬ ‫محطة تربوية نستحضر من خاللها جميعا معاني النبل والتضحية‪،‬‬ ‫وسمو الرسالة التربوية التي يضطلع بها نساء ورجال التعليم الذين ال‬ ‫يدخرون أي جهد في أداء الواجب الوطني‪.‬‬ ‫إن واقع المنظومة التربوية اليوم يفرض علينا باستمرار‪ ،‬في ظل‬ ‫التحوالت العميقة التي تشهدها المجتمعات الدولية في شتى النواحي‬ ‫والمجاالت‪ ،‬أن نكون متيقظين أكثر من أي وقت مضى من أجل؛ تمثل‬ ‫واستيعاب ما يجري حولنا من متغيرات‪ ،‬والعمل على مالءمتها مع‬ ‫طموحاتنا ‪.‬‬ ‫ولتحقيق هذا المبتغى‪ ،‬فإننـــا ندعو كل الفاعلين التربويين‪،‬‬ ‫والشركاء االجتماعيين إلى بـذل كل المجهــودات إلنجـاح الرؤيـة‬ ‫االستراتيجية لإلصالح‪ ،‬دفاعا عن المدرسة العمومية‪ ،‬ومساهمة في‬ ‫إعداد وتكوين جيل الغد الذي سيحمل المشعل لمواصلة أوراش البناء‪،‬‬ ‫والتشييد ورفع التحديات ‪.‬‬ ‫علو محمد‪ :‬أستاذ اللغـة العربيـة بالثانويــة‬ ‫التأهيلية موالي سليمان‪.‬‬ ‫هو يوم بشحنات رمزية كثيفة علها تفي‬ ‫باحتواء قامة المدرس بصيغة المذكر والمؤنث‬ ‫من رجال ونساء التربية والتعليم ‪...‬‬ ‫يوم ‪ 5‬أكتوبر عيد أممي احتفاء بمن‬ ‫يخطون أبجديات المعرفة ضدا على دياجير‬ ‫الجهل والتخلف وظالمية الال أدريه‪...‬‬ ‫االحتفاء بالمدرسين والمدرسات بالمدرسة بمختلف أسالك‬ ‫التدريس؛ هو إعالن أممي للوضع االعتباري لحملة مصباح ديوجين‪،‬‬ ‫للذين يزرعون بذور ومشاتل القيم في أعماق األجيال‪ ،‬المتواترة على‬ ‫أديم الزمن والمكان الوطنيين‪ ،‬الذين واللواتي يشكلون الوجدان‬

‫الجمعي ويتعهدون شخصية اإلنسان كي تتنامى سوية دونما‬ ‫تشوهات أو انحرافات‪...‬كل يوم تصدح األجراس بين الحصص وبين‬ ‫البداية والنهاية تنبجس على أياديكم أحالم ومواهب وطاقات‪ ،‬هي‬ ‫بؤر النور باتجاه اآلتي من زمن اإلنسانية‪ .‬كل إنسان مهما عال شأنه‬ ‫يحمل في ذاكرته ووجدانه صورة وقامة أستاذ أو أستاذة تناوش حنينه‬ ‫إلى زمن متوارى‪...‬ال زلت أتذكر رائحة عطر معلمي في الصف االبتدائي‬ ‫فتمنيت أن أصير مدرسا‪...‬وكذلك صرت‪...‬ألجل أولئك وهؤالء نحتفي‬ ‫ونخلد ونبارك صعودكم معشر المدرسين والمدرسات سالما لشموخ‬ ‫رمزياتكمفينا‪.‬‬ ‫عبد الكريم الزموري‬ ‫أستاذ مادة التربية التشكيلية‬ ‫فنان تشكيلي وفوتوغرافي‪.‬‬ ‫بمناسبة اليوم العالمي للمدرس‪:‬‬ ‫لك أسمـى عبارات التقديـر واالحترام ‪،‬‬ ‫يا من يحترق كل يوم كشمعة لتنير طريقنا‬ ‫نحو العلم والمعرفة ‪ ،‬علمتنا حروفا ما كنا‬ ‫نفقه معانيها وال نعرف كيف نخطها و نقرأها‬ ‫‪ .‬المربي ‪ ،‬المعلم ‪ ،‬صلة وصل بيننا وبين بحور المعرفة ‪ .‬فألف تحية‬ ‫وتحية لك بمناسبة هذا العيد احتفاء بيومك المدرس‪.‬‬ ‫الدكتورة هدى المجاطي أستاذة اللغة العربية‬ ‫بالثانوية التأهيلية عبد الكريم الخطابي‪،‬‬ ‫كاتبة وصحفية أستاذة زائرة بكلية اآلداب‬ ‫مرتيل بتطوان‪.‬‬ ‫االهتمام بالمدرس اعتراف بحقيقة كبرى‬ ‫مؤداها أن جوهر كل إصالح تعليمي يؤول إلى‬ ‫معين األستاذية‪ ،‬ذلك أن التدريس يجمع بين‬ ‫أمرين‪ :‬العلم والمعرفة التربوية األدائية ذات‬ ‫المرتكز اإلنساني المواطن‪ ،‬فمن ال يحمل في قلبه قبل عقله فكرة‬ ‫تربية النشء على أساس من القيم البانية المحصنـة والموجهة‪ ،‬ال‬ ‫تنطبق عليه صفة األستاذية الحقة‪.‬‬ ‫لمياء القرقوري‬ ‫إطار بمديرية طنجة أصيلة ‪.‬‬ ‫نحن هنا أمام تكريم للركن األساسي‬ ‫للمثلث البيداغوجي‪ ،‬إنه المدرس باعتبــاره‬ ‫حجر األساس في العملية التربوية والتكوينية‪،‬‬ ‫والضامن لجـودة التعلمــات داخل الفضــاء‬ ‫البيداغوجي‪ ،‬بحكم عالقته اليومية المباشرة‬ ‫بالمتعلمين‪ ،‬وهو العنصر المحـوري في مــد‬ ‫الجسور مع مصادر المعرفة‪ ،‬والفاعل االجتماعي والثقافي في عالقة‬ ‫المدرسة بمحيطها‪ .‬هو أيضا المكون والباحث‪ ،‬فهو‪ ،‬حسب تقديري‪،‬‬ ‫القلب النابض للمنظومة التربوية والتكوينية‪.‬‬ ‫وبمناسبة اليوم العالمي للمدرس‪ ،‬فإنني ال أملك من القول‪ ،‬أكثر‬ ‫مما ذكره أمير الشعراء أحمد شوقي‪ ،‬في حق المدرس‪ ،‬حين قال‪:‬‬ ‫ِـــلــمــ َعــ ِّلـــــ ِم َو ِّفـــــهِ الــتَــبــجــيــــال‬ ‫قـــــم ل ُ‬ ‫ــم �أَن َيــــكــــونَ َر�ســــوال‬ ‫َ‬ ‫كــــــــاد ُ‬ ‫الــمــ َعــ ِّل ُ‬ ‫�شـــــــر َف َ�أو َ�أ َج َّ‬ ‫ـــل مِ ــنَ ا َّلــذي‬ ‫ِـــمـــــت َ�أ‬ ‫َ�أ َعـل‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ــئ �أَنـــ ُفـــ�ســـ ًا َو ُعــقــوال‬ ‫َيـــبـــنــي َو ُي‬ ‫ِ‬ ‫ـــنـــ�ش ُ‬

‫إليكن نساء التعليم وإليكم رجال التعليم تحية احترام وتقدير‪.‬‬ ‫األستاذ موالي العربي العلوي الحسناوي‬ ‫مفتش التعليم االبتدائي بمديرية طنجة أصيلة‬ ‫سـالم على من مهــد الدروب لغيــره‪،‬‬ ‫سالم على من أضاءها لغيــره‪ ،‬ســالم على‬ ‫من تحمل عناء األمانة‪ ،‬أمانة تربية وتكوين‬ ‫وتنشئة األجيال‪ ،‬أمانة التعليم الثقيل حملها‪،‬‬

‫حقكم محفوظ أيها المدرسون‪ ،‬وتوجيهاتكم وتوضيحاتكم محفورة‬ ‫في غرسكم‪ ،‬شكرا لكم على سخاكم ‪ ،‬شكرا على عطائكم ‪ ،‬وحق لكم‬ ‫أن تتبوؤوا أعلى المراتب االجتماعية مكانة وتقديرا واكتفاء لتكونوا‬ ‫بذلك أحد أهم مصادر التغيير والتجديد االجتماعي ‪ ،‬بل أن تكونوا‬ ‫مثقفيه وقادته‪ .‬دمتم في الطليعة ‪ .‬دمتم في أداء الرسالة النبيلة‬ ‫سالم عليكم‪.‬‬ ‫طريق بوزكري‪ :‬أستاذ مادة الفلسفة‬ ‫بالثانوية التأهيليــة مـوالي يوســف التقنيــة‬ ‫بمديرية طنجة أصيلة‬ ‫االحتفاء باليــوم العالمي للمدرس له‬ ‫داللــة رمزيــة عميقــة في اللحظــة الراهنة؛‬ ‫لما يعيشه المدرس والمدرسة من نكسات‬ ‫وتراجعات‪ ...‬االحتفاء بيوم المدرس ووضعيته‬ ‫بصفة خاصة‪...‬إنه يوم ينبغي أن يقف الجميع‬ ‫متأمال ومفكرا في وضعية التعليم بالمغرب الراهن للبحث عن حلول‬ ‫ألعطابه وأزماته‪ ...‬اليوم العالمي للمدرس هو فرصة لتقديم تحية‬ ‫إكبار وإجالل للعنصر الرئيسي للمثلث البيداغوجي‪ ،‬والعمود الفقري‬ ‫داخل المجتمع‪.‬‬ ‫ماجدة بنعمر أستاذة التعليم االبتدائي‬ ‫بمدرسة أم أيمن مديرية طنجة أصيلة‬ ‫الحمد هلل الذي شرفنا بهذه المهنة‪ ،‬مهنة‬ ‫األنبياء والرسل‪.‬‬ ‫مـن كـل مـن مـر على يد معلـم‪ ...‬إلى‬ ‫المعلم‪.‬‬ ‫بخط عريض وبصوت عال أردد‪« :‬‬ ‫معلمة وأفتخر» افتخر بمهنتي و بها أعتز‪ ،‬أؤدي‬ ‫أعظم أمانة وأشرف رسالة‪ ،‬وكيف ال أعتز والتعليم هو أسمى ما يمكن‬ ‫أن يُقدم للمجتمع‪.‬‬ ‫على الرغم من أن كل األيام أيامنا‪ ،‬وكل المناسبات منا وإلينا‪ ،‬إال‬ ‫أن الخامس من أكتوبر يظل يوما مميزا في ذاكرة التربية والتعليم ‪...‬‬ ‫فيوم المدرس الحقيقي هو اليوم الذي نرى فيه التالميذ قد أصبحوا‬ ‫في دروب متفرقة من المعرفة‪ ...‬هو اليوم الذي نرى فيه أنفسنا بعيون‬ ‫التالميذ‪.‬‬ ‫صحيح أن مهنة التعليم متعبة للغاية ولكنها ممتعة؛ عندما نصل‬ ‫إلى تجربة ناجحة في حل مشكلة تربوية‪ ،‬مهما اختلفت الوسائل‬ ‫وتعددت األساليب‪ ،‬تبقى الغاية واحدة وهي صناعة نهضة الوطن‬ ‫بغرس القيم واألخالق النبيلة‪ ،‬وإنتاج مواطن صالح يؤمن بربه‪ ،‬يخلص‬ ‫لبلده‪ ،‬ويبني حاضره ومستقبله‬ ‫‪..‬فمهمتنا نحن كمدرسين ال تنحصر في النقل الديدكتيكي‬ ‫للمعارف؛ بل هي مهنة مرتكزة على تمرير القيم الدينية والوطنية‬ ‫والتربوية‪ ،‬واإلرشاد والتوجيه‪ ،‬واإلعداد للحياة‪ ،‬فهي عملية إصالح‬ ‫شاملة لقاعدة مهمة في المجتمع‪ ،‬بصالحها يصلح مجال التربية‬ ‫والتعليم‪.‬‬ ‫إن تربية وتعليم األجيال تحتاج أكثر من موظف يتبع المقررات‬ ‫والمناهج‪...‬بل إنسان حر مبدع‪ ،‬يعرف كيف يتواصل مع روح التلميذ‪،‬‬ ‫وليس فقط مع ورقة امتحانه‪.‬‬ ‫«ال حضارة بدون معلم وال علم بدون معلم»‪.‬‬


‫العدد ‪1014‬‬

‫كتابات يف تاريخ‬ ‫منطقة ال�شمال ‪:‬‬

‫(‪)915‬‬

‫(تتمة)‬

‫الثالثـاء ‪� 08‬إلى ‪� 14‬أكـتـوبر ‪2019‬‬

‫“تقاطعات”‬ ‫عبد األحد السبتي ‪2/2‬‬

‫وفي المحور الرابع االحتفائي بالسيرة العلمية للرائد‬ ‫عبد األحد السبتي‪ ،‬نجد مساهمات لكل من األساتذة مديحة‬ ‫صبيوي‪ ،‬ومحمد حبيدة‪ ،‬وعبد الحميد هنية‪ .‬وفي القسم‬ ‫المكتوب باللغتين الفرنسية واإلنجليزية‪ ،‬ساهمت الباحثة‬ ‫جوسلين داخلية بدراسة حول ظاهرة سلطان الطلبة‪ ،‬وتناول‬ ‫األستاذ عبد الرحمان المودن موضوع تنوع اآلليات التي كان‬ ‫المخزن يدبر بها المجال في تاريخ المغرب وخاصة بالنسبة‬ ‫للمناطق البعيدة عن المركز‪ .‬واهتم األستاذ دانيال نوردمان‬ ‫بدور الكتابة والمعرفة الخرائطية في التعرف على المغرب‬ ‫وجواره خالل الفترة ما بين القرنين ‪17‬و‪ 19‬الميالديين‪،‬‬ ‫وقـــدم بيرنــار روزنبيرجي حصيلة سيرة علمية ذاتية عن‬ ‫معالم تطور درس التاريخ بالجامعة المغربية‪ .‬وارتباطا بعالقة‬ ‫األدب واإلبداع بحقول علم التاريخ‪ ،‬نجد دراسات تشريحية‬ ‫غالف الكتاب‬ ‫لكل من األستاذين دانييل ريفي وإدريس كسيكس‪ .‬وعلى‬ ‫مستــوى االهتمامات األنتروبولوجية المجددة‪ ،‬ساهم حسن‬ ‫رشيق بدراسة حول القداسة بالمغرب‪ ،‬وتوقف عبد الحي‬ ‫الديوري عند موضوع الطب التقليدي في المغرب من خالل مقاربة أنتروبولوجية مبنية على البحث الميداني‬ ‫وعلى استقصاء اإلفادات من النصوص العربية واإلسالمية‪ .‬وعلى مستـــوى الدراســات الحضرية‪ ،‬قــدم‬ ‫األستاذ محمد الناصري دراسة حول الظاهرة الحضرية بالمغرب من الماضي إلى الحاضر‪ ،‬وتتبع عبد الرحمن‬ ‫رشيق البنيات الحضرية وسياسة الوقاية الصحية بالدار البيضاء خالل عهد الحماية‪ .‬وفي المحور الخاص‬ ‫بقضايا حقوق اإلنسان والذاكرة في الزمن الراهن‪ ،‬نجد مساهمات لكل من األساتذة أحمد حرزني والطيب‬ ‫بن الغازي‪ .‬أما مساهمة األستاذين محمد الطوزي وفاضمة أيت موس‪ ،‬فقد اختارت البحث في قضايا الرواية‬ ‫الشفوية والممارسة النصية في العلوم االجتماعية والتاريخية‪.‬‬ ‫والحقيقة‪ ،‬إن الكتاب‪ ،‬بالنظر لقوته العلمية الواضحة‪ ،‬يشكل خير تعبير عن االمتنان تجاه تجربة األستاذ‬ ‫عبد األحد السبتي وتجاه غزارة هذه التجربة في توظيف أرقى ما عرفه مجال علم التاريخ في مدارسـه‬ ‫العالميــة الكبـرى‪ ،‬استنادا إلى زاد معرفي أصيل استفاد من قراءات األستاذ السبتي الواسعة والمتعمقة‬ ‫لألعمال الكالسيكية المؤسسة‪ ،‬مثل أعمال مارك بلوخ وبول باسكون وإرنست كيلنر وكليفورد كيرتز‬ ‫وماكس فيبر وروالن بارت وعبد اهلل العروي‪ ،...‬إلى جانب المظان اإلسطوغرافية العربية اإلسالمية ذات‬ ‫الصلة بتاريخ المغرب وبتحوالت ذهنيات نخبه العالمة ومجتمعه العميق‪ .‬وفي كل ذلك‪ ،‬نحا األستاذ السبتي‬ ‫إلى تلقيح درس التاريخ االجتماعي‪ ،‬أو الظواهر االجتماعية‪ ،‬بالحموالت األنتروبولوجية واللسانية التي أعادت‬ ‫توسيع آفاق الدراسة‪ ،‬وسمحت باختراق الكثير من منغلقات المتن اإلسطوغرافي‪ ،‬وبتفجير بؤر التفكيك‬ ‫والتأويل واالستثمار داخل متاهاته‪ .‬فلقد شكلت “شبكة النصوص” الموظفة في األعمال القطاعية لألستاذ‬ ‫السبتي‪ ،‬إضافة إلى االنفتاح على التراث الشفوي‪ ،‬وإلى إعادة تدقيق حدود الخيط الرابط بين الشهادة‬

‫سيظل يوم ‪ 26‬شتنبر ‪ 2006‬يوما مشهودا وموشوما في ذاكرة أهل‬ ‫دار الضمانة‪ .‬فقبل ‪ 13‬سنة من اليوم‪ ،‬سيدخل الملك محمد السادس‬ ‫مدينة وزان وهو في بداية حكمه في زيارة‪ ،‬السياق الوطني الذي تمت فيه‬ ‫ارتقى بها إلى مستوى الحدث التاريخي‪ .‬سياق أطره خيار المصالحة وجبر‬ ‫الضرر بعد أربعة عقود من حكم عرف فيما بعد بزمن الرصاص‪.‬‬ ‫دار الضمانة الكبــرى كـان لها‬ ‫نصيبها من المعاناة في هذا الزمن‬ ‫السيئ الذكر‪ ،‬حيث أدت فاتورة ثقيلة‬ ‫تجلت عناوينها في قمع كل األصوات‬ ‫المعارضة والزج بها في السجــون‪،‬‬ ‫وتعليق حق أهــل وزان في التمتــع‬ ‫بالكرامـــة اإلنسانيـة‪ ،‬وترجيح كفــة‬ ‫الرعايا على كفــة المواطنة الحقة‪،‬‬ ‫واألخطـــر من ذلك إحكـام القبضــة‬ ‫الحديدية على وزان حتى تظل عجلتها‬ ‫التنموية تدور في الفراغ‪ ،‬فكان أن نتج‬ ‫عن ذلك ما وقف عليه الملك محمد‬ ‫السادس في زيارته التاريخية للمدينة‪،‬‬ ‫من خصاص تنموي فادح ينخر جسد‬ ‫وزان على جميع المستويات‪ ،‬ليقرر العودة إليها من جديد وبعد أقل من‬ ‫شهرين‪ ،‬لإلشراف شخصيا على وضع اللبنات األولى لتأهيل المدينة‪،‬‬ ‫وإطالق سراح «تنمية وزان» التي عمر اعتقالها أربعة عقود‪ .‬لهذا كان على‬ ‫حق من أطر هذه الزيارة تحت شعار له رمزيته ودالالته « حفيد محمد‬ ‫الخامس يصالح وزان مع الملكية»‪ .‬‬ ‫فهل انخرطت مختلف الجهات المعنية بشكل مباشر بتنمية دار‬ ‫الضمانة‪ ،‬في روح الرسالة الملكية واستلهمتها‪ ،‬فسارعت لترجمتها‬ ‫إلى مشاريع تنموية الحمولة‪ ،‬بإمكانها أن تقفز بوزان ‪ -‬التي تتوفر على‬ ‫باقة من المؤهالت ‪ -‬إلى مقدمة سلم التنمية‪ ،‬فتتدارك‪ ‬الزمن‪ ،‬وتلوي‬ ‫عنق ‪ ‬العجز المهول المسجل في المجاالت االجتماعية‪ ،‬واالقتصادية‪،‬‬ ‫والثقافية‪ ،‬والبيئية ؟ وبلغة أكثر وضوحا بأي حال هي عليه دار الضمانة‬ ‫وهي تستقبل الذكرى ‪ 13‬للزيارة التاريخية للملك محمد السادس ؟‬ ‫‪ ‬يمكن الجزم بأن من بيدهم سلطة القرار‪ ،‬إن محليا أو إقليميا أو‬

‫�أ�سامـة الزكاري‬ ‫‪zougariousama@gmail.com‬‬

‫والكتابة التاريخية‪ ،‬إحدى النقاط االرتكازية التي وسمت آليات التجميع‬ ‫التي اعتمدها عبد األحد السبتي في سعيه لوضع أسس مشروعه العلمي‬ ‫التنقيبي التركيبي‪ ،‬األمر الذي وجد تعبيرا عن آفاقه في التحديدات‬ ‫العلمية المثيرة بخصوص قضايا مثل “الزطاطة” أو “الشاي” أو ذاكرة‬ ‫سنوات الرصاص بالمغرب‪ ،‬مما يمكن أن يختزل اآلفاق العامة التي‬ ‫وسمت حصيلة منجزه العلمي الغزير‪ .‬يتعلق األمر بمشروع علمي وثقافي‬ ‫تأصيلي‪ ،‬أصبح يرخي بظالله الوارفة على اهتمامات قطاعات واسعة من‬ ‫مؤرخي المغرب المعاصر‪ ،‬من خالل الجرأة في التأصيل لألسئلة “البديلة”‬ ‫المهيكلة للبحث وللسؤال‪ .‬لقد أضفى األستاذ السبتي بعدا إجرائيا على‬ ‫نزوعات تفكيك الهامش‪ ،‬الثقافي وليس الجغرافي بالضرورة‪ .‬فالهامش‬ ‫قد يكون حاضرا داخل بنية المركز نفسه‪ ،‬من خالل تعبيراته االجتماعية‬ ‫واألنتربولوجية التي لم تكن لتثير انتباه المؤرخ اإلسطوغرافي‬ ‫التقليداني‪ .‬في هذا اإلطار‪ ،‬استطاع األستاذ السبتي محاورة قضايا‬ ‫“التاريخ من أسفل” عبر تفكيك نسق السلط المحلية المنتجة للنخب‬ ‫والمهيكلة لحاالت التنافر الداخلي المسكوت عنه والموجه للكثير من‬ ‫عبد الأحد ال�سبتي‬ ‫المواقف ومن المسلكيات التي ما هي –في نهاية المطاف‪ -‬إال جزئيات‬ ‫الواقع االجتماعي المعاش‪ ،‬وليس الواقع المتماهي مع انتظارات سلط‬ ‫المركز ورهاناته التحكمية المتداخلة‪ .‬ولعل في نبشه العميق عن نخب المجتمع المحلي لمدينة فاس‬ ‫وعن أشكال بلورة سلطه المتداخلة‪ ،‬نموذج معبر عن هذا المنحى التجديدي األصيل في إعادة مقاربة‬ ‫إشكاليات السلطة والتحكم في مغرب ما قبل االستعمار‪ ،‬سواء على مستوى صيرورة تكون بنيتها التاريخية‬ ‫واالجتماعية المميزة‪ ،‬أم على مستوى امتدادات هذه الصيرورة بإفرازاتها المجتمعية والرمزية والتحكيمة‬ ‫والقيمية بالمركز وبالهامش‪.‬‬ ‫لم يركن األستاذ عبد األحد السبتي إلى األجوبة السهلة‪ ،‬وال إلى حلقات “تدوير” المعرفة التاريخية‬ ‫المتوارثة‪ ،‬وال لالنبهار بصيحات التنظير للحداثة الكولونيالة الكالسيكية والمجددة‪ ،‬بقدر ما أنه حمل حرصا‬ ‫كبيرا على نحت صخرة التاريخ االجتماعي من خالل نزوعه المتواصل إلخراج الكتابة التاريخية من نفق‬ ‫الكتابة األرشيفية التخصصية الحصرية‪ ،‬لتحلق داخل المجال الرحب للعلوم االجتماعية الراصدة لتحوالت‬ ‫التاريخ والمجال والذاكرة والسلط والرموز ونظيمة القيم االجتماعية المشتركة وأنساق المسلكيات‬ ‫الجماعية المعبرة عن هذه القيم‪ .‬وفي كل ذلك‪ ،‬أضحى المؤرخ عبد األحد السبتي “متمردا” أصيال على‬ ‫الحدود المدرسية التي كثيرا ما ساهمت في خنق البحث التاريخي األرشيفي وقلصت من مجال اختراقاته‬ ‫في مقابل االستكانة للقراءات الحدثية النمطية المتوارثة‪.‬‬ ‫إنه عبد األحد السبتي‪ ،‬رائد حقول دراسات الزمن الراهن‪ ،‬وعنوان االنتماء لضفاف التاريخ االجتماعي‪،‬‬ ‫وصاحب التنظير اإلجرائي الختراق الحدود بين المعارف والعلوم االجتماعية وحقل التاريخ‪ .‬وقبل كل ذلك‪،‬‬ ‫إنه عبد األحد السبتي المثقف المسكون بهاجس السؤال‪ ،‬وبميسم التقاط التفاصيل “األخرى” المنزوية في‬ ‫الهامش‪ ،‬حيث األصل وحيث العمق‪ ،‬حيث الميالد وحيث االنبثاق‪ ،‬حيث المسار وحيث التحول‪.‬‬

‫من أجهض اآلمال العريضة التي فتحتها‬ ‫الزيارة التاريخية لحفيد محمد الخامس لوزان ؟‬ ‫وزان ‪ :‬محمد حمضي‬

‫‪16‬‬

‫جهويا أو مركزيا‪ ،‬قد أخلفوا الموعد مع اآلفاق التي فتحتها هذه الزيارة‪،‬‬ ‫وبدل أن يترافعوا على أكثر من مستوى‪ ،‬معززين مرافعاتهم بسالح‬ ‫المصالحة وجبر الضرر التي جسدتها ميدانيا زيارة حفيد محمد الخامس‬ ‫لهذه البقعة من التراب الوطني‪ ،‬وقع اختيارهم االصطفاف على هامش‬ ‫االقالع التنموي للمدينة‪ ،‬وعطلوا إلى اليوم إنجاز مشاريع حملها ‪ ‬برنامج‬ ‫تأهيل وزان الذي كان توقيعه تحت أنظار الملك‪ .‬والحصيلة ما كشف عنه‬ ‫االحصاء العام للسكان (‪ )2014‬من استمرار النزيف الديمغرافي الذي‬ ‫تعيشه المدينة‪ ،‬وهو ما يعني بلغة الشعب «حتى قط م يهرب من دار‬ ‫العرس » ‪.‬‬ ‫‪ ‬المدينة اليوم منبــوذة‪ ...‬أزقتهــا ال‬ ‫تكاد تخلو من عبارات التهميش واإلقصاء‬ ‫‪ ...‬منسوب غضب أبنائها في تضخم ‪....‬‬ ‫مساحة فقدان الثقة في الغد تتوسع ‪.....‬‬ ‫وهذا الفقدان للثقة الذي يتدحرج ككرة‬ ‫الثلج ال ريب بأنه سيحول أبنائها إلى لغم‬ ‫قابل لالنفجار أو ركوب قوارب هذا االنفجار‪،‬‬ ‫لهذا لن تكف األصوات النزيهة عن ترديد‬ ‫بصوت مرتفع‪ :‬اتقوا اهلل في وزان‪ .‬‬ ‫وألن العيـــش تختنق عندما تضيق‬ ‫فسحة األمـل‪ ....‬وألن األمل رافعة تنموية‬ ‫مهمــة‪ ...‬فكيــف يجعـــل أهـل وزان من‬ ‫الذكـرى ‪ 13‬ل «مصالحـــة حفيــد محمد‬ ‫الخامس وزان مع الملكية» فرصة جديدة تستعيد الحماس الشعبي الذي‬ ‫صاحب هذه الزيارة‪ ،‬فتشكل ( ذكرى الزيارة ) مدخال أساسيا للترافع من‬ ‫أجل مدينة مواطنة‪ ،‬متصالحة مع تاريخها وثقافتها وجهتها ‪ ....‬مدينة‬ ‫موشومة بنموذج تنموي جديد ينتشلها من براثن التخلف ‪ ....‬وينتصــر‬ ‫لكرامة أبنائها ‪....‬‬ ‫‪ ‬وألن النموذج التنموي الجديد سيرهن مستقبل المدينة لثالثة عقود‬ ‫على األقل ‪ ....‬وألن دستور المملكة ينتصر للمقاربة التشاركية في معالجة‬ ‫قضايا البالد‪ ،‬فإننا ندعو مختلف الفاعلين العموميين والمدنيين والخواص‬ ‫إلى االستثمار االيجابي والواعد للذكرى ‪ 13 ‬للزيارة الملكية لدار الضمانة‪،‬‬ ‫والتعجيل بفتح ورش حوار عمومي هادئ ومسؤول يؤطره شعار « جميعا‬ ‫من مدينة مواطنة »‪ .‬في نفس اآلن على المؤسسات الدستورية والجهات‬ ‫الموكول لها حماية المال العام ‪ ،‬التسريع بتنزيل مبدأ ربط «المسؤولية‬ ‫بالمحاسبة» ومتابعة كل من كان له ولو قيد أنملة في تعطيل روح‬ ‫ومضمون جبر ضرر دار الضمانة الذي أشرف عليه الملك محمد السادس‪ .‬‬

‫(انتهى)‬

‫هذا إلى وزير التربية الوطنية‬

‫الموسم الدراسي لم ينطلق‬ ‫بمجوعة مدرسية بوزان!‬ ‫وزان‪ :‬مراسلة خاصة‬

‫هل يعلم وزير التربية الوطنية بأن أحكام الدستور التي تتحدث عن الحق في التعليم‪ ،‬والمساواة‪،‬‬ ‫وحضر التمييز بسبب االنتماء الجغرافي‪ ،‬وتكافؤ الفرص‪ ،‬تمشي على رأسها في قطاع التعليم بوزان؟‬ ‫وهل يعلم بأن المقرر الوزاري الذي حدد االنطالقة الفعلية للدراسة هو يوم ‪ 5‬شتنبر تم حجزه عند‬ ‫مدخل دار الضمانة الكبرى ؟‬ ‫لنـدع العموميـات جانبا ونطلـع القـراء على الواقـع كما هو‪ ،‬وليـس كما تحمله التقاريـر التي ال‬ ‫تقول شيئا‪.‬‬ ‫يقول الواقع كما سرد صوره بالتفاصيل المكسرة لكل اآلمال في الولوج لتعليم جيد وناجع‪،‬‬ ‫مجموعة من اآلباء التقت بهم الجريدة صباح يوم الخميس ‪ 3‬أكتوبر الجاري ‪ ،‬بأن أبناءهم الذين‬ ‫يتابعون تعليمهم بالقسم الثاني بالوحدة المدرسية الحلويين التابعة لمجموعة مدارس ابن طفيل‬ ‫بجماعة سيدي رضوان ‪ ،‬بإقليم وزان ‪ ،‬لم يتلقوا حرفا واحدا إلى حدود هذا اليوم الذي زاروا فيه‬ ‫المديرية اإلقليمية للتربية الوطنية بوزان بحثا عن مخرج ينقد أبنائهم من الضياع ‪.‬‬ ‫لقاؤهم بمسؤول بالمديرية كما جاء ذلك على لسانهم ينطبق عليه ما ردده األجداد ( طبخ الما‬ ‫تلقى الرغوة ) ‪ . ،‬فبعد أن استعرضوا أمامه المعاناة المادية والنفسية التي يذهب ضحيتها فلذات‬ ‫كبدهم ‪ ،‬الذين يتحملون يوميا معاناة قطع المسافة الطويلة التي تفصل مداشرهم عن الوحدة‬ ‫المدرسية حيث هم‪/‬ن مسجلون ‪ ،‬ليعودوا يجرون ورائهم ‪/‬ن خيباتهم‪/‬ن ‪ ،‬استنتجوا كما عبروا عن‬ ‫ذلك بحسرة ‪ ،‬بأن رفع الحصار عن حق ابنائهم في تعلم الكتابة والقراءة والحساب سيظل معلقا ‪ ،‬وأن‬ ‫صالة الجنازة على مبدأ تكافؤ الفرص بين تالميذ إقليم وزان ‪ ،‬بل بين تالميذ آتية ال ريب في ذلك ‪.‬‬ ‫معلومة طلب مصدر موثوق تعميمها ألنها تؤشر على أن اختالال ما يحيط بعملية اعادة توزيع‬ ‫الفائض ‪ ،‬مفادها أن تالميذ القسم الثاني بالوحدة المدرسية المذكورة زغردت أمهاتهم‪/‬ن لما بلغ‬ ‫إلى علمهن بأن أستاذة جديدة قد وقع تكليفها من طرف المديرية اإلقليمية للتربية الوطنية بوزان‬ ‫بتدريس أبنائهن ‪ ،‬لكن سرعان ما ستتحول زغاريد االستقبال إلى بكاء ونحيب صباح اليوم الثاني بعد‬ ‫أن تناهى إلى علم األمهات واآلباء بأن األستاذة المذكورة قد غادرتهم‪/‬ن ودائما بتكليف جديد صادر‬ ‫عن نفس المديرية ‪ .‬وهي بالمناسبة نفس العملية التي تكررت بمجموعات مدرسية أخرى‪.‬‬ ‫أمهات وآباء وأولياء تالميذ القسم الثاني بالوحدة المدرسية الحلويين يرفعون أصواتهم‪/‬ن عاليا‬ ‫من أجل انقاذ أبنائهم‪/‬ن من التجهيل الذي هم‪/‬ن ضحية له ‪ ،‬ويسجلون بانكسار كبير لمعنوياتهم‪/‬ن‬ ‫وقوف باقي الشركاء والمتدخلين العموميين والمدنيين مكتوفي األيدي أمام إقصاء أبنائهم‪/‬ن من‬ ‫الحق في الولوج للتعليم بعيدا عن أي تمييز مهما كان سببه ألنه محضور بقوة الدستور الذي ينتصر‬ ‫لسمو االتفاقيات الدولية‪ ،‬منها اتفاقية حقوق الطفل ‪ ،‬على التشريع الوطني ‪ .‬‬


‫العدد ‪1014‬‬

‫الثالثـاء ‪� 08‬إلى ‪� 14‬أكـتـوبر ‪2019‬‬

‫مواقف ومظاهر من التقارب النضالي والثقافي‬ ‫بين تطوان والمشرق العربي في غضون النصف األول‬ ‫من القرن العشرين )‪(3/2‬‬ ‫‪3‬ـ إرسال البعثات الدراسية التطوانية إلى الشرق العربي (فلسطين ومصر) منذ سنة ‪ .1928‬وإنشاء بيت‬ ‫المغرب بالقاهرة سنة ‪.1938‬‬ ‫معلوم أن القاهرة كانت منذ القديم قاعدة من القواعد العلمية الكبيرة في العالم العربي‪ ،‬وذلك ما جعلها‬ ‫مقصدا لرواد العلوم والمعارف من مختلف األقطار العربية‪ ،‬إال أن بعد المسافة بينها وبين المغرب‪ ،‬لم يكن مساعدا‬ ‫لطلبة العلم لكي يقصدوها بسهولة‪ ،‬ولكننا نجد مع كل ذلك‪ ،‬بعض العناصر التي ضحت بالغالي والنفيس‪ ،‬فالتحقت‬ ‫بتلك العاصمة للنهل من علومها ومعارفها منذ أوائل القرن العشرين‪ ،‬وهذا األستاذ محمد بن العربي الخطيب‬ ‫(‪ )1980 – 1885‬قد قصد القاهرة للدراسة باألزهر الشريف (‪ ،)1912 – 1910‬فكان من النماذج التطوانية األولى‬ ‫التي أقبلت على هذه المغامرة‪.‬‬ ‫من جهة ثانية‪ ،‬فإن رغبة أهل تطوان في التواصل مع الشرق العربي‪ ،‬كانت تراود الفئة المثقفة منهم باستمرار‪،‬‬ ‫وكدليل على ذلك نسجل أنه من أهم المبادرات التي قام بها أبناء هذه المدينة‪ ،‬تقربا إلى المشرق العربي منذ‬ ‫أوائل القرن العشرين أيضا‪ ،‬أن أب الوطنية األول األستاذ الحاج عبد السالم بنونة‪ ،‬قام بإرسال أول بعثة من التالميذ‬ ‫للدراسة بالمشرق العربي‪ ،‬وبالضبط إلى مدرسة «النجاح» بمدينة نابلس بفلسطين‪ .‬وقد تضمنت هذه البعثة أوال‬ ‫التلميذين الطيب بن الحاج عبد السالم بنونة ومحمد بن مصطفى أفيالل‪ .‬ثم تبعتها بعثات الحقة ضمت مجموعة‬ ‫من التالميذ التطوانيين أيضا إلى نفس المدرسة المذكورة‪ ،‬وهم السادة عبد السالم بن جلون‪ ،‬ومحمد بن عبد‬ ‫السالم الفاسي الحلفاوي‪ ،‬ومحمد بن محمد الخطيب‪ ،‬ومحمد بن عبد السالم الخطيب‪ ،‬والمهدي بنونة‪ .‬وفي سنة‬ ‫‪ 1931‬أصبحت البعثة تضم كل هؤالء‪ ،‬باإلضافة إلى محمد بن جلون وعبد اهلل الخطيب وأحمد بن عبد الوهاب‪.‬‬ ‫كما أرسل الحاج عبد السالم بنونة بعد ذلك ولديه عبد الكريم وإدريس‪ .‬وكما ضمت البعثة سنة ‪ 1933‬مزيدا من‬ ‫التالميذ اآلخرين الذين نذكر من بينهم‪ :‬محمد الحسيسن ومحمد بن حساين وأحمد مدينة وأحمد بن عبود وعبد‬ ‫اهلل الخطيب ‪.‬‬ ‫والحقيقة أن هذه البعثة كانت أول وخير وسيط بين تطوان ونابلس‪ ،‬بل بين المغرب وفلسطين‪ ،‬حيث برهنت‬ ‫على صدق الوشائج الرابطة بين أطراف العالم العربي شرقه وغربه‪ ،‬بما كان من تنسيق بين أفرادها المجدين وبين‬ ‫أبناء فلسطين‪ ،‬ومن تعامل وتعاون للتعريف بالقضية المغربية‪ ،‬وبما كان المغاربة يلقونه من قهر وتنكيل من‬ ‫طرف السلطة الفرنسية بالمغرب‪ ،‬ثم ما كان من التواصل والتآزر بين المغاربة والفلسطينيين‪ ،‬وقوفا مع القضية‬ ‫الفلسطينية عند تأزم األوضاع في تلك الديار المكلومة قبل النكبة المؤلمة‪.‬‬ ‫أما بالنسبة لمصر‪ ،‬فإننا نجد بعثة تطوانية متميزة قد شدت رحالها إلى تلك الديار سنة ‪ 1928‬أيضا‪ ،‬وهي‬ ‫مكونة من السادة عبد الخالق الطريس ومحمد الطنجي ومحمد المصمودي والحسين بن عبد الوهاب وعبد القادر‬ ‫الرباحي‪ .‬كما تم إرسال عدة بعثات أخرى فيما بعد إلى مصر‪ ،‬أهمها بعثة موالي الحسن بن المهدي‪ ،‬والتي عرفت‬ ‫أيضا باسم بعثة بيت المغرب بالقاهرة‪ ،‬سنة ‪ .1938‬وقد ضمت هذه البعثة نحو أربعين طالبا‪.‬‬ ‫وتهييئا للجو المناسب الذي من شأنه أن يوثق الصلة بين المغرب ومصر في هذا المجال التعليمي الهادف‪،‬‬ ‫فقد تم قبل ذلك بعث األستاذ محمد داود بصفته مفتشا للتعليم المغربي‪ ،‬إلجراء االتصاالت الالزمة في الموضوع‪.‬‬ ‫وفي هذا الصدد نشرت جريدة «الرابطة العربية المصرية»(‪ )1‬ما نصه‪( :‬هبط بمصر األستاذ محمد داود‪ ،‬منتدبا‬ ‫من قبل الحكومة المغربية الوطنية لدرس نظم التعليم وأساليبه في مصر ‪ ...‬وقد استقبله مصطفى النحاس‬ ‫باشا رئيس مجلس الوزراء‪ ،‬وكذلك قابله فضيلة األستاذ شيخ جامع األزهر‪ .‬فاألستاذ محمد داود هو أول سفير‬ ‫علمي يأتي من المغرب األقصى إلى مصر ليتزود من علومها‬ ‫وفنونها‪ ،‬تمهيدا إلدخال ذلك وتطبيقه في المدارس الوطنية‬ ‫بشمال المغرب‪ ،‬كما قام األستاذ داود بشراء كمية كبيرة من‬ ‫الكتب العلمية األصيلة‪ ،‬لتدريسها بالشمال المغربي‪ ،‬وقد‬ ‫تزامن هذا مع تحركات الشيخ محمد المكي الناصري لقبول‬ ‫طالبه بالمعاهد المصرية‪ ،‬رغم تفاوت مستوياتهم الدراسية‬ ‫وأعمارهم وجهلهم لبعض العلوم وضعفهم المادي واألدبي؛‬ ‫فما كان من المسؤولين المصريين إال اإلعراب بكل صراحة‬ ‫أن كل هذه العوائق ال وجود لها‪ ،‬وأن مصر تتعهد باحتضان‬ ‫الطالب المغاربة والعناية بهم كضيوف على دولتهم)‪ .‬وهكذا‬ ‫فقد انبثقت البعثة الدراسية التي حملت اسم «بعثة موالي‬ ‫الحسن بن المهدي» أو «بعثة بيت المغرب في مصر»‪ ،‬عن‬ ‫المعهد الخليفي برئاسة األستاذ محمد المكي الناصري‪ .‬وفيما‬ ‫يلي نص الظهير الخليفي الشريف الذي أصدره صاحب السمو‬ ‫موالي الحسن بن المهدي بتأسيس «بيت المغرب في مصر»‪:‬‬ ‫«(بعد الحمدلة والتصلية والطابع الخليفي)‬ ‫يعلم من هذا المرسوم الخليفي الشريف‪ ،‬واألمر العلي‬ ‫المنيف‪ ،‬أنه نظرا لما نحمله من حب وإخالص لوطننا العزيز‬ ‫وشعبنا المفدى‪ ،‬ونظرا لما نحسه من الحاجة الماسة إلى‬ ‫تثقيف أمتنا ثقافة واسعة‪ ،‬وتهذيبها تهذيبا شامال‪ ،‬ونظرا لما‬ ‫جرت عليه تقاليد عائلتنا المالكة‪ ،‬خصوصا في عهد سلطاننا‬ ‫المعظم المرحوم الحسن بن محمد‪ ،‬من إرسال البعثات‬ ‫العلمية إلى الخارج‪ ،‬ونظرا لما نسعى إليه من إحياء الروابط التاريخية الوثيقة التي تربط وطننا المغربي بالمملكة‬ ‫المصرية الشقيقة‪ ،‬ونظرا لما تتقلده مصر في العصر الحاضر من زعامة العالمين اإلسالمي والعربي زعامة ال نزاع‬ ‫فيها‪ ،‬ونظرا لثقتنا الكبرى باستعداد الحكومة المصرية الموقرة لمساعدة أمتنا المغربية في نهضتها‪ ،‬وبعد الحصول‬ ‫على المعونة الخالصة من جانب الدولة اإلسبانية الجديدة التي ال تألو جهدا وال تدخر وسعا في فتح أبواب النهضة‬ ‫والتقدم أمام محمييها المغاربة‪ ،‬وبعد مراجعة ظهيرنا القاضي بإنشاء المعهد الخليفي لألبحاث المغربية‪ ،‬الصادر في‬ ‫‪ 27‬ذي القعدة عام ‪1335‬هـ الموافق ‪ 8‬فبراير سنة ‪ 1937‬م‪ ،‬نأمر بما يأتي‪:‬‬ ‫الفصل األول‪ :‬تنشأ في المملكة المصرية الشقيقة مؤسسة مغربية ثقافية صرفة ملحقة بمعهدنا الخليفي في‬ ‫تطوان وموضوعة تحت رقابته المباشرة تدعى «بيت المغرب في مصر»‪.‬‬ ‫الفصل الثاني‪ :‬تؤلف هذه المؤسسة الثقافية من أقسام ثالثة‪:‬‬ ‫أ ‪ -‬قسم لتركيز جميع العالقات الثقافية والروحية‪ ،‬وهذا القسم يدعى «مكتب التبادل الثقافي بين مصر‬ ‫والمغرب»‪.‬‬ ‫ب ‪ -‬وقسم إليواء الطلبة الذين يدرسون في المعاهد المصرية على حساب الميزانية العامة لمنطقتنا الخليفية‪،‬‬ ‫وهذا القسم يدعى «مقر البعثة المغربية»‪.‬‬ ‫ج ‪ -‬وقسم لعرض بدائع صناعاتنا وفنوننا المغربية‪ ،‬وهذا القسم يدعى «معرض الفن المغربي»‪.‬‬ ‫الفصل الثالث‪ :‬يكون مديرا لبيت المغرب في مصر بجميع أقسامه نفس مدير المعهد الخليفي بتطوان‪ ،‬وله‬ ‫التفويض التام ليعين مديرا مساعدا له يقوم مقامه حين غيبته‪ ،‬وكذلك جميع الموظفين الالزمين لسير هذه‬ ‫المؤسسة سيرا حسنا‪ ،‬كما أن له حق العزل لمن يرى عزله مناسبا‪ ،‬ومدير بيت المغرب نفسه يحدد االختصاصات‪،‬‬ ‫ويعين المسؤوليات المتعلقة بكافة موظفيه‪ ،‬ويعين األجور المناسبة لكل منهم حسب اجتهاده الخاص‪.‬‬ ‫الفصل الرابع‪ :‬يكون مكلفا بكل قسم من أقسام بيت المغرب مساعد خاص‪ ،‬يعمل طبق تعليمات المدير‪،‬‬ ‫ويكون مسؤوال عن تسيير قسمه بكيفية مرضية‪.‬‬ ‫الفصل الخامس‪ :‬قسم مقر البعثة المغربية‪ ،‬يكون مكلفا بهذا القسم مساعد خاص‪ ،‬ومهمته هي إعداد كل‬ ‫ما يتوقف عليه أفراد هذا القسم من ناحية دراستهم ومعيشتهم‪ ،‬وكذلك مراقبة سلوكهم الشخصي والمدرسي‪.‬‬ ‫وإلمكان االلتحاق بمقر البعثة المغربية واالستمرار داخله‪ ،‬يلزم أن يكون الطالب مسلما مغربيا مستحقا للمساعدة‪،‬‬ ‫ذا فضيلة واستعداد وذكاء واجتهاد وقيام بجميع الواجبات المدرسية‪ ،‬وأن يحصل في نهاية كل سنة دراسية على‬ ‫نتائج علمية محسوسة‪ ،‬مع الخضوع التام للنظام الداخلي المقرر للبعثة‪ .‬ويمكن أن يلتحق بمقر البعثة المغربية‬ ‫بعض الطلبة المقيمين بمصر متى كان أصلهم مغربيا‪ ،‬وكان استعدادهم حسنا‪ ،‬واستحقاقهم للمساعدة ثابتا‪ ،‬وإذا‬

‫‪17‬‬

‫بقلم‪ :‬حسناء داود‬

‫لم تساعد بعض الظروف على التحاقهم به‪ ،‬كان من الممكن تقديم مساعدة أو مكافأة شهرية لهم‪ ،‬على شرط‬ ‫التزام العودة إلى المغرب بعد إنهاء الدراسة للعمل في المنطقة الخليفية‪.‬‬ ‫الفصل السادس‪ :‬قسم مكتب التبادل الثقافي‪ ،‬يكون مكلفا بهذا القسم مساعد خاص آخر‪ ،‬ومهمته هي اتخاذ‬ ‫التدابير المناسبة الختيار األستاذة المتخصصين في التعليم‪ ،‬وانتدابهم للتدريس في مدراس المنطقة الخليفية‬ ‫ومعاهدها الثقافية‪ ،‬واستدعاء علماء محاضرين إللقاء محاضرات نفيسة في المواد التي تخصصوا فيها‪ ،‬واقتناء‬ ‫كل الكتب والمراجع الضرورية لمعاهد المنطقة‪ ،‬وخزائنها العامة‪ ،‬واستنساخ أو تصوير كل ما يمكن استنساخه أو‬ ‫تصويره من المخطوطات المفيدة للثقافة المغربية المحفوظة بدور الكتب والخزائن المصرية‪ ،‬وإشراك علماء مصر‬ ‫ومفكريها بقدر اإلمكان‪ ،‬في جميع أنواع النشاط الفكري والثقافي التي على معهدنا الخليفي أن يقوم بها‪ ،‬وتنظيم‬ ‫رحالت تعارف وإخاء‪ ،‬خصوصا في األوساط الجامعية ومن بين األساتذة والطلبة‪ ،‬وطبع النشرات والكتب القيمة التي‬ ‫يقتضي النظر طبعها‪ ،‬مع تصحيحها والتعليق عليها‪ ،‬وتعريب الكتب األجنبية التي تكون مفيدة للنهضة المغربية‪ ،‬مع‬ ‫نشرها بعد تعريبها‪ ،‬والدعاية الواسعة للحضارة المغربية‪ ،‬والفن المغربي‪ ،‬والتعريف ببدائع هذه المنطقة ومزاياها‬ ‫الطبيعية في جميع األوساط الثقافية بمصر والشرق‪ .‬وباإلجمال‪ ،‬تنحصر مهمة المكلف بهذا المكتب في القيام بكل‬ ‫ما يساعد على توثيق العالقات الثقافية والروحية بين األمة المصرية النبيلة وأمتنا العزيزة‪.‬‬ ‫الفصل السابع‪ :‬قسم معرض الفن المغربي‪ ،‬يكون مكلفا بهذا القسم مساعد خاص يعمل طبق تعليمات‬ ‫المدير‪ ،‬ويعتبر مسؤوال عن سير هذا القسم‪ ،‬وهذا المعرض يكون صلة وصل بين منطقتنا الخليفية والمملكة‬ ‫المصرية من الناحيتين الفنية والصناعية‪ ،‬ويعتبر معرضا دائما في مصر لنماذج المصنوعات المغربية التي امتازت‬ ‫بها بالدنا عن غيرها من بلدان اإلسالم‪ ،‬ويمكن أن يورّد لعشاق الفن المغربي من المصريين وغيرهم جميع‬ ‫طلباتهم على حسابهم الخاص‪.‬‬ ‫الفصل الثامن‪ :‬لتسديد مصاريف مؤسسة بيت المغرب في مصر بجميع أقسامها‪ ،‬تخصص مساعدة سنوية‬ ‫مبلغها ثالثمائة ألف ‪ 300.000‬بسيطة إسبانية‪.‬‬ ‫الفصل التاسع‪ :‬يوضع بيت المغرب في مصر بكافة أقسامه تحت الرئاسة الشرفية لنجلنا العزيز األمير موالي‬ ‫المهدي بن الحسن أصلحه اهلل ووفقه‪ ،‬والسالم‪.‬‬ ‫صدر به أمرنا المعتز باهلل في قصرنا الخليفي العامر بتطوان في فاتح جمادى الثانية عام ‪1357‬هـ موافق ‪29‬‬ ‫يوليو سنة ‪.»1938‬‬ ‫ومن الواضح أن هذه البعثات الطالبية‪ ،‬إنما تدل على المكانة الخاصة التي كانت تحتلها آنذاك كل من فلسطين‬ ‫ومصر في قلب العالم العربي واإلسالمي‪ .‬وفي هذا الصدد‪ ،‬يمكن القول بأن أهمية إرسال البعثات المغربية إلى‬ ‫الشرق العربي قد تجسدت في مسائل عدة‪:‬‬ ‫• المسألة األولى‪ :‬أننا سنجد في وقت الحق أن عددا كبيرا من رجال الحركة الوطنية في شمال المغرب بصفة‬ ‫عامة‪ ،‬ومن قادة حزب اإلصالح الوطني على وجه الخصوص‪ ،‬هم ممن كان اسمهم واردا بين أسماء أعضاء البعثات‬ ‫المغربية إلى الشرق‪ ،‬ونذكر منهم على سبيل المثال األساتذة عبد الخالق الطريس والطيب بنونة ومحمد بن‬ ‫مصطفى أفيالل‪ ،‬وعبد السالم بن جلون ‪ ...‬إلخ‪.‬‬ ‫• المسألة الثانية‪ :‬أن هذه البعثات المبكرة إلى الشرق‪ ،‬سيكون لها تأثير على مستوى االتجاه الفكري للحركة‬ ‫الوطنية‪ ،‬سواء من حيث الدعوة اإلسالمية العربية‪ ،‬أو من‬ ‫حيث التوجه اإلصالحي والنضالي التحرري‪ ،‬وخاصة إذا علمنا‬ ‫أن هذه البعثات قد ربطت عالقات خالل دراستها مع عدد من‬ ‫الزعماء والشخصيات السياسية اإلسالمية والعربية المهمة‪،‬‬ ‫مثل األمير شكيب أرسالن(‪.)2‬‬ ‫• المسألة الثالثة‪ :‬أن هؤالء المتخرجين من المعاهد‬ ‫والجامعات العربية بالمشرق‪ ،‬قد ساهموا في الحفاظ على‬ ‫اللغة والثقافة العربيتين بالمغرب‪ ،‬وذلك في وقت يالحظ فيه‬ ‫أن اللغات األجنبية كانت قد فرضت وجودها بكيفية خطيرة‬ ‫تهدد الهوية المغربية من الجذور‪.‬‬ ‫‪4‬ـ الحملة المغربية الشعواء ضد الظهير البربري سنة‬ ‫‪ ،1930‬وتأسيس خلية سرية للدفاع عن حقوق المغرب بمصر‬ ‫سنة ‪.1931‬‬ ‫ومرت العشرينيات من القرن العشرين‪ ،‬والوطنيون‬ ‫بتطوان يعدون العدة لتهيئ الجو المالئم حتى يتخذوا‬ ‫اإلجراءات المناسبة ويقوموا بالتدابير الالزمة لخلق جبهة لها‬ ‫من القوة ومن الجرأة واالستعداد ما يخول لها أن تتكلم باسم‬ ‫الشعب‪ ،‬وأن تطالب باسم األمة‪.‬‬ ‫*وصدر الظهير البربري(‪ )3‬بالمغرب‪ ،‬فعمل الوطنيون‬ ‫داخل الوطن وكذا خارجه‪ ،‬على إحداث خاليا باستطاعتها أن‬ ‫تتكلم باسم الشعب وتدافع عن حقوقه المغتصبة‪ ،‬ومن هنا‬ ‫تكونت الهيئة الوطنية السرية األولى بتطوان‪ ،‬ثم هيئة العمل الوطني‪ ،‬ثم الكتلة الوطنية‪ ،‬حيث كان ذلك الظهير‬ ‫حافزا للوطنيين المغاربة إلشعالها حربا على المستعمر الهادف إلى التفرقة بين أبناء الشعب الواحد الموحد؛ وفي‬ ‫إطار هذه الحرب التي أشعلتها المنطقة الشمالية على الظهير البربري‪ ،‬رغبة منها في الدفاع عن وحدة المغاربة‬ ‫أجمعين‪ ،‬نجد طلبة هذه المنطقة المتواجدين ضمن البعثات الطالبية في الشرق العربي‪ ،‬وخاصة في الديار المصرية‪،‬‬ ‫قد ساهموا بدورهم في هذه الحملة‪ ،‬وعلى رأسهم األستاذ عبد الخالق الطريس الذي كان طالبا بتلك الديار آنذاك‪،‬‬ ‫والذي نشر مباشرة بعد صدور الظهير البربري وعلى طول سنتي ‪ 1930‬و‪ ،1931‬مجموعة من المقاالت بهذا الشأن‬ ‫في الصحف المصرية‪ ،‬تهدف إلى التنديد بالنوايا االستعمارية في المغرب‪ ،‬وإلى تحميس الشباب المغربي داخل‬ ‫الوطن وخارجه‪ ،‬ليقفوا ضد هذه اإلجراءات البغيضة للدولة الفرنسية‪.‬‬ ‫كما تكونت خلية سرية للدفاع عن حقوق المغرب بمصر‪ ،‬ومن الجدير بالذكر أن هذه الخلية قد ربطت أواصرها‬ ‫مع الوطنيين المغاربة بتطوان‪ ،‬فانخرط هؤالء الوطنيون فيها ولو عن بعد‪ ،‬وكانوا يؤدون اشتراكهم فيها‪ ،‬ومنهم‬ ‫الحاج عبد السالم بنونة ومحمد داود ومحمد الطيب بوهالل ومحمد المصمودي والتهامي الوزاني‪ ،‬بينما كان من‬ ‫أعضائها في مصر‪ :‬عبد الخالق الطريس والحاج مَحمد بنونة والحاج الحسن بوعياد‪ ،‬ومحمد الطنجي‪ ،‬والحسين بن‬ ‫عبدالوهاب‪ ،‬ومحمد أفيالل‪ ،‬والطيب السبتي‪ ،‬والعربي برادة‪ ،‬وعبد القادر الرباحي‪ .‬وال يخفى عن أحد أن نشاط هذه‬ ‫الخلية المغربية بمصر‪ ،‬كان نشاطا ملحوظا‪ ،‬وذلك في العالقات بينها وبين الشخصيات والهيئات المصرية الوازنة‪،‬‬ ‫سواء في الميدان السياسي أو في الميدان األدبي والصحافي‪.‬‬

‫الهوامش‪:‬‬

‫‪ .1‬في عددها الصادر في ‪ 29‬قعدة ‪ ،1355‬ونقلته جريدة الوحدة المغربية الصادرة بتطوان في ‪ 28‬فبراير ‪.1937‬‬ ‫‪ .2‬نجد مثال في صيف ‪ 1930‬رسالة موجهة من البعثة المغربية بنابلس إلى األمير شكيب أرسالن‪ ،‬تستنجد به للدفاع عن‬ ‫المغاربة والتشهير بأعمال فرنسا‪ ،‬وذلك بمناسبة صدور الظهير البربري‪ ،‬كما نجد رسالة رد األمير على أعضاء تلك البعثة بتاريخ‬ ‫‪.1930 – 11 17‬‬‫‪ .3‬هو ظهير أو مرسوم ملكي أصدره االحتالل الفرنسي للمغرب في ‪ 17‬ذو الحجة ‪ 1340‬هـ ‪ 16‬مايو ‪ 1930‬م‪ .‬وقد نص‬ ‫هذا الظهير على جعل سير العدالة في بعض مناطق القبائل األمازيغية بالمغرب تحت سلطة محاكم عرفية تستند إلى قوانين‬ ‫وأعراف أمازيغية محلية‪ ،‬وفق ما كان األمر عليه قبل دخول االستعمار‪ .‬فيما تبقى المناطق المخزنية السلطانية (مثل فاس والرباط)‬ ‫تحت سلطة قضاء حكومة المخزن والسلطان المغربي‪ .‬وكان القصد من إصدار هذا الظهير هو التفرقة بين أبناء الشعب المغربي‬ ‫الموحد بروابط الدين اإلسالمي واللغة العربية‪.‬‬

‫(يتبع)‬


‫الثالثـاء ‪� 08‬إلى ‪� 14‬أكـتـوبر ‪2019‬‬

‫العدد ‪1014‬‬

‫قصة قصيرة من ذكريات أيام زمان في سنوات‬ ‫الرصاص والجمر المتقد وهي بعنوان‪:‬‬

‫بعد انكسار القضبان!!‬ ‫المقـدمــة ‪:‬‬

‫إضــاءة ‪:‬‬

‫ـ القصة مهداة إلى رفيق دربي في النضال والثقافة والفكر األستاذ‬ ‫األعز والمناضل الفذ الناقد واألديب أنور المرتجي نائب رئيس اتحاد‬ ‫كتاب المغرب سابقا‪...‬وأستاذ بكليتي اآلداب والعلوم اإلنسانية بفاس‬ ‫وبالرباط سابقا‪...‬‬

‫القصة هي من وحي لقائي بمقهى غرناطة (القديمة) بالقصر‬ ‫الكبير بصحبة األديب الراحل محمد األمين أبو أحمد (الذي توفي في‬ ‫‪ / 05/12‬سنة ‪ 1982‬ودفن يوم ‪ 7‬دجنبر من نفس السنة بضريح سيدي‬ ‫أحمد العربي الفاسي بحي باب الواد حومة القطانين بالقصر الكبير‬ ‫في ظروف غامضة رحمة اهلل عليه‪ ،‬وأسكنه في جنة الرضوان إن شاء‬ ‫اهلل‪ )...‬وصديق آخر‪ ...‬مع االستاذ األجل أنور المرتجي يوم خروجه من‬ ‫السجن‪( :‬االعتقال السياسي)‪ ،‬وقد كان طالبا جامعيا آنذاك‪...‬سجلت فيها‬ ‫مرحلة تاريخية مهمة مرحلة جيلي الذي فتح عيونه على النضال الوطني‬ ‫المستنير وعاش سنوات الرصاص والجمر المتقد‪ ،‬وهو يعانق هموم‬ ‫الطلبة والناس وقضايا الوطن المصيرية وطموحه الذاتي‪ ،‬وذلك لنخرج‬ ‫من زمن االنكسار إلى زمن األمل‪ ،‬بحيث يكون استحضار الماضي أسلوبا‬ ‫بديال عن حياة الحاضر الزائفة‪...‬بعيدا عن فترة السجون السياسية‬ ‫الصعبة والقاسية التي عذب فيها كثير من الوطنيين األقحاح والخلص‬ ‫للوحدة والوطن وقضاياه المصيرية‪.‬‬ ‫القصة كالتالي من وحي ذلك الزمان الجامعي‬

‫تأمل عبد القادر ب وجه صديقه القديم الذي استحوذ على الكل بما‬ ‫أعطاه من شروح ضافية حول القضية المعروضة‪ ،‬وبما أنه كان ال بد أن‬ ‫يقع له من أجلها هي‪ ،‬كان جريئا في إبداء المالحظات الدقيقة أقوى مما‬ ‫يتصور كل من كان يعرفه قبل أن يدخل القفص الذي نصب له‪...‬‬ ‫خرج من الزنزانة عالي الرأس قوي الهمة‪...‬كأنه لم يذق مرارة‬ ‫السجن بمحنه وقساوته‪..‬‬ ‫اندمج مع المجتمع كعادته‪ ..‬تصافح مع كثير من أصدقائه وغيرهم‬ ‫ممن ال يهابون الحق‪ ،‬فرحوا به‪ ..‬هللوا بقدومه‪ ..‬سألهم قبل أن يسألوه‬ ‫عنها‪ ،‬كانت اإلجابات مختلفة‪...‬لكن االهتمامات واحدة‪ ..‬عن مصيره‬ ‫ومصيرها‪.‬‬

‫�إعــالن قانـونـي ‪Annonce Légale‬‬ ‫‪CLOTHES TEX SARL‬‬

‫‪CESSION DES PARTS‬‬ ‫‪MODIFICATION DE LA GERANCE‬‬

‫‪1°/ du P.V des décisions extraordinaires des associés‬‬ ‫‪en date du 28/08/2019……………… il résulte que :‬‬ ‫‪• Approuver la cession de pleine propriété de Cinquante‬‬ ‫‪(50) parts sociales de MR. REDOUAN NAKMOUCH, en‬‬ ‫‪faveur de MR.MOHAMED AMSARDA.‬‬ ‫‪• Accepter la démission de MR. REDOUAN‬‬ ‫‪NAKMOUCH de la cogérance.‬‬ ‫‪• Nomination d’un seul gérant en la personne MR.‬‬ ‫‪MOHAMED AMSARDA.‬‬ ‫‪• Modifier en conséquence les articles correspondants‬‬ ‫‪des statuts.‬‬ ‫‪2°/ Le dépôt légal a été effectué au greffe du tribunal‬‬ ‫‪de commerce de TANGER Le 03/10/2019. Sous n° de‬‬ ‫‪dépôt 6464.RC n°86 635.‬‬

‫‪Pour Extrait Conforme‬‬ ‫‪LA GERANCE‬‬

‫لعبة السودوكو (‪)475‬‬ ‫أصل اللعبة‬

‫لعبة السودوكو اليابانية األصل «‪ ،»SUDOKU‬كانت معروفة منذ الثمانينيات‬ ‫في اليابان‪ ،‬إال أنها لم تظهر كلعبة ذات شعبية إال سنة ‪.2005‬‬

‫معنى كلمة سودوكو‬

‫• بقلم ‪ :‬عبد القادر أحمد بن قدور *‬

‫باسم اهلل القوي الجبـار والقهـــار لكل الظالمين والمستبدين‬ ‫والفاسدين والمفسدين والمضطهدين لبعض الوطنيين األقحاح‬ ‫والخلص أينما كانوا بمدينة القصر الكبير المجيدة والعريقة‪ ،‬خاصة‬ ‫منذ قرون وإلى اآلن بتاريخه‪ ،‬ومن األدلة على ذلك بعض المدن األخرى‬ ‫بالمغرب العزيز خالل المدة األخيرة منحوا للبعض منهم التعويض‬ ‫المادي وجبــر األضـرار للمعتقليــن السياسيين وضحايــا االنتهــاك‬ ‫الجسيمة لحقوق اإلنسان‪ ،‬ومن القصر الكبير منحوا التعويض المادي‬ ‫والتسوية اإلدارية لضحايا محسوبين على األصابع‪ ،‬هذه هي مدينة‬ ‫الوطنيين األحرار واألبرار والخلص الذين يعملون من أجل الدفاع عن‬ ‫العدالة االجتماعية والحقوق والديمقراطية الحقة والوحدة المغربية‬ ‫والوطن كبعض المدن الوطنية الحقة بالمغرب‪ ،‬لماذا هذا ما هو السر‬ ‫في ذلك يا ترى؟ المقال التالي يوضح ما في هذه القصة بالملموس أن‬ ‫بعض المناضلين والوطنيين بدفاعاتهم عن قضايا الوطن كلها وهم‬ ‫من مدينة القصر الكبير وبعض المدن األخرى عذبوا وسجنوا أحيانا‬ ‫رغم أنهم ـ كما أظن ـ لم يرتكبوا جرما بسبب أنه ال تتوفر في أفعالهم‬ ‫وأعمالهم الشروط القانونية واألركان وهي‪:‬‬ ‫الركن المادي والقانوني والمعنوي ألنهم كما سلف كانوا يدافعون‬ ‫فقط عن الحق والحقوق للجميع والديمقراطية الحقة والعدل والعدالة‬ ‫الواجبة‪ ،‬وفلسطين السليبة والحبيبة‪ ...‬كما في القصة التالية ‪:‬‬

‫‪18‬‬

‫رغم أنها كانت هي السبب في كل ما حدث له من تخوف على‬ ‫المستقبل الغامض ومن ضياع السنوات داخل القضبان‪ ..‬فهو ال زال‬ ‫ينادي بإسمها ويتحفز لرؤيتها‪...‬والعمل من أجلها‪...‬‬ ‫الذي يراه ألول مرة وبعد غيبته الطويلة‪ ،‬ويكون ال يعرف كم قضى‬ ‫داخل السجن يظن أنه خرج نهائيا‪ ..‬وحكم عليه بالبراءة‪.‬‬ ‫قبل أن يحدث ما تعرض له من نكسة‪ ،‬كانت متعلقة به‪ ..‬تقف‬ ‫مشدوهة ألقواله الجديدة عليها‪ ...‬إنها كانت حديثة العهد بالجامعة‪..‬‬ ‫كانت أفكاره كبيرة عليها‪ ..‬تنصت وتصغي إليه‪ ..‬وتستفسر‪ ..‬وتناديه‬ ‫ليطلعها عن كل شيء لم تفهمه‪ ..‬كان ال يهاب السجن أو التعذيب‬ ‫الجهنمي والقاسي جدا عليه وعلى أمثاله من المناضلين األحرار‬ ‫والتواقين إلى التغيير والعدالة والحقوق الحقة للجميع‪ ،‬والعمل من أجل‬ ‫تحقيق النصر المبين لفلسطين الصامدة‪ ،‬وكانت هي تسعى للهروب‬ ‫منه في هذه الحاالت‪ ...‬أحدث في تفكيرها وتفكير الكثير من أمثالها‬ ‫أشياء لم يألفوها من قبل‪ ،‬تعودت السير معه‪ ..‬وكلما رأته أو رآها إال‬ ‫وانجذبت القلوب نحو األمل المنشود‪ :‬من أجلها استطاع أن يجمع‬ ‫القلوب‪ ..‬كان في كل وقت يحتاجون إليه يجدونه ساعدا قويا لهم‪ ..‬في‬ ‫الليل كانوا يطرقون بابه فيجيبهم وكان مستعدا دائما لمواصلة السعي‬ ‫إلى ما يطمحون إليه‪ ..‬ويرسم معهم الخطط فيكون أول المنفذين‪..‬‬ ‫وقدوة للمتحمسين‪ ..‬إنه ضوء وهاج‪ ..‬يسطع بنوره المتألليء‪.‬‬ ‫ومن أجلها كان يهدئ الخواطر داخل الجدران التي تحتضن بعض‬ ‫من كانوا معه في قفص االتهام‪.‬‬ ‫بقي األمـل‪ ..‬واألمـل عريض وطويل‪ ..‬داعـب خيالـه حتى داخـل‬ ‫الجدران السوداء السميكة‪ ..‬تنفس‪ ..‬تنفس الصعداء‪ ..‬رفع بصره ونظر‬ ‫بحدة إلى الهواء بين األربعة‪ ..‬والنار في الذهن‪ ..‬والفكر حاد ثاقب هل‬ ‫تفجر؟ إنه في غليان‪ ..‬في عناد وحراك مع الواقع والزمن‪..‬‬ ‫تيار فكره فيها لم ينقطع‪ ..‬لم يحدث أن شعر قط بخيبة أمل فيها‪.‬‬ ‫خرج من السجن وكأنه كان معها‪ ..‬عرف البعض منه بما لم يكن‬ ‫يعرفونه عنها وأثار انتباه البعض بتتبعه لخطواتها وكأنه لم يكن بعيدا‬ ‫عنها‪ ..‬بما قاله فيها‪ ..‬من رؤاه الجديدة والخطوات الحديثة العهد بها‪..‬‬ ‫كان يعلم كل شيء‪ ..‬ويقول كل ما عنده محاوال إبراز ما آلت إليه‪ ..‬وماذا‬ ‫يجب أن يكون في سبيلها‪ ..‬وظل يعمل دون أن يصيبه الكلل أو الملل‪..‬‬ ‫وظل األمل يراوده في كل وقت وحين‪ ..‬في المساء أو الصباح‪ ...‬في اليوم‬ ‫والغد‪ ..‬وبقي متمسكا بفكرته التي ال تفارق ذهنه أينما حل وارتحل ‪..‬‬ ‫فارضا نفسه على كل من لقيه بأنه غدا ستشرق الشمس وأول الطريق‬ ‫خطوة‪ ..‬وال بد من الباب المطروق أن يفتح‪ ..‬كما أن العين ترى واألذن‬ ‫تسمع خفقات األفئدة‪ ،‬إنه ضجيج الحب العنيف‪ ..‬هل هدأت القلوب؟ إنه‬ ‫سؤال ضخم‪ ..‬في النفس ‪ ...‬يغور في األعماق‪ ..‬ويبقى السؤال الملحاح‬ ‫معلقا في الهواء وتبقى األدمغة موصدة‪ ..‬والقلبان بدم الشرايين‬ ‫المتجدد الصافي يصنع شباب الربيع الدائم في الغد وبعد الغد‪...‬‬ ‫إنها لحظة انبهاز حب كبير تفجر‪ ...‬الليل ينتهي‪ ..‬والوقت يعلن‬ ‫ساعات الصباح‪ ..‬وأول الحب نظرة كأول الغيث قطرة‪ ..‬والقلبان لن يفترقا‬ ‫مادام فيهما نبض‪ ،‬ومع قلوب العشاق إال جزء مما قيل‪.‬‬ ‫وكما أن لغرفة الحبيبين أو العاشقين أركانا ونوافذ وجدرانا‪ ،‬كما أن‬ ‫للجريمة أركانها الثالثة‪ :‬المادي والمعنوي والقانوني‪ ..‬ومع هذا يبقى‬ ‫اتهام‪ ،‬هل حقا للحب أركان‪..‬؟ وهل لهذا الحب جذور مغروسة في األرض‬ ‫أم السماء!! إنها حقا أسئلة وكلمات وحروف من قلوب تطفح بالعشق‬ ‫داخل قفص االتهام!!‬ ‫ـــــــــــــــ‬

‫* األديب واإلعالمي‬ ‫والعضو الشرفي بمنظمة العفو الدولية ‪ ‬ـ فرع المغرب‬

‫حل السودوكو‬ ‫رقم ‪475‬‬

‫كلمة سودوكو هي اختصار للجملة اليابانية (‪)Nikagiru Sujiwa Dokushin‬‬ ‫وتعني أن األعداد البد أن تكون مفردة‪ .‬وهذه اللعبة عبارة عن عالمة تجارية لشركة‬ ‫‪.Nikol‬‬

‫كيف تلعبها ؟‬

‫اللعبة تعتمد على المنطق لدرجة كبيرة‪ ،‬وهي لوحة مقسمة إلى تسع مناطق كل‬ ‫منطقة مكونة من تسع خانات‪ ،‬وعليك أن تمأل هذه الخانات أفقيا أو عموديا بأرقام من‬ ‫‪ 1‬إلى ‪ ،9‬حيث ال تستخدم الرقم إال مرة واحدة في جميع المربعات على العمود نفسه‬ ‫أو السطر أو القطر‪ ،‬وتكون هناك أرقام موضوعة سابقا في بعض الخانات‪.‬‬

‫مفيدة لكن معقدة‬

‫اللعبة مفيـدة جدا لتقوية مهارات المنطـق‪ ،‬ويستخدمهـا مدرسو الرياضيات‬ ‫كتمارين للطلبة وتختلف درجة التعقيد‪ ،‬حسب الفئة المستهدفة‪.‬‬

‫سرعة المالحظة‬

‫بين الصورة واألصل ‪ 8‬اختالفات‪ ،‬حاول أن تهتدي إليها‪.‬‬


‫الوالي يستقبل مكتب اتحاد طنجة لكرة القدم‬ ‫صفحة‬

‫‪19‬‬

‫�إعداد ‪ :‬م�صطفى ال�سباعي‬

‫العدد ‪1014‬‬

‫الثالثاء ‪� 08‬إلى ‪� 14‬أكتوبر ‪2019‬‬

‫مجرد رأي ‪:‬‬

‫خاليلوزيتش يفي بوعده‬

‫تتذكرون انه عندما تم تعيين المدرب البوسني وجيد خاليلوزيتش على‬ ‫رأس الهرم الفني ألسود األطلس تعهد بإحداث التغيير وتكوين فريق قوي قادر‬ ‫على المنا فسة وتحقيق أماني وطموحات المغاربة‪.‬‬ ‫وفعـال وبعد مرور وقـت قصيـر على تعيينــه شـرع المدرب خاليوزيتـش في‬ ‫استبعاد األسماء التي كانت محسوبـة على الحرس القديم واستبدالها بعناصر‬ ‫شابة جديدة‪.‬‬ ‫المدرب البوسني كشف عن العناصرالتي ستواجه منتخبي ليبيا والغابون‬ ‫هذا الشهر‪ ...‬ومن خالل إلقاء نظرة على الالئحة نالحظ استبعادالالعبين نبيل‬ ‫درار وسفيان بوفال وخالد بوطيب والمهدي كارسيال ومبارك بوصوفةوكريم‬ ‫األحمدي ومروان داكوستا إضافة إلى مهدي بنعطية الذي أعلن اعتزاله دوليا ‪.‬‬ ‫وبالمقبل نادى المدرب خاليلوزيتش على الالعب كيفن مالكويت الذي‬ ‫رفض قبل سنوات تمثيل المنتخـب المغربي واختار فرنسا لينتقل بعد ذلك‬ ‫للعب في الدوري اإليطالي وبالضبط في نادي نابولي اإليطالي دون توضيح‬ ‫تاريخ وكيفية تأهيله من طرف الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم‪.‬‬ ‫المدرب البوسني وضع ثالثة العبيــن من الدوري االحترافـي المغربـي في‬ ‫القائمة التي ستواجه ليبيا والغابون وديا وهم‪ :‬اسماعيل الحداد العــب الوداد‬ ‫البيضاوي وهشام المجهد حارس اتحاد طنجة وأنس الزنيتي العب الرجاء‪..‬‬ ‫وكان استبعاد عبد الرزاق حمد اهلل العــب النصر السعــودي المشهد األبرز‬ ‫في قائمة المدرب البوسنـي‪ ..‬إذ ساد االعتقــاد أن خاليلوزيتش سيستعين بهذا‬ ‫المهاجم بعدما تلقى االنتقادات بسبب تجاهله في الوديتين السابقتين‪ ...‬مما‬ ‫أثار المزيد من الغموض بشأن حقيقة هذا التجاهل وربطه بغضب الجامعة‬ ‫منه قبل كأس األمم اإلفريقية بمصر بعدما حزم حقائبه وغادر معسكر األسود‪.‬‬ ‫وهو األمر الذي استبعده مسؤولون من داخل الجامعة وأكدوا أنه جاء من‬ ‫المدرب‪.‬‬ ‫وعلى كل حال يتضح من خالل الالئحة الجديدة للمنتخب المغربي أن‬ ‫المدرب وحيد خاليلوزيتش قد وضح حدا ونهاية للحرس القديم ألسود األطلس‪.‬‬

‫الناخب الليبي يستدعي مهاجم‬ ‫اتحاد طنجةصالح الطاهر‬

‫استدعى الناخب الوطني الليبي مهاجم اتحاد طنجة الليبي صالح الطاهر لال نضمام الى‬ ‫المعسكر اإلعدادي المغلق الذي سيخوضه بالمغرب مابين ‪ 7‬و ‪ 16‬أكتوبر الجاري استعدادا‬ ‫للمباراة الودية التي سيخوضها ضد اسود األطلس يوم‪ 11‬أكتوبر‪.‬‬

‫استقبل والي جهة طنجة‬ ‫ـ تطوان ـ الحسيمة محمد‬ ‫مهيدية يوم الجمعة مكتب‬ ‫اتحاد طنجة لكرة القدم‪.‬‬ ‫وتعهد السيد الوالي خالل‬ ‫هذا االستقبال بدعم الفريق‬ ‫أكثر حتى يحقق أحالم وأماني‬ ‫سكان عاصمة البوغاز‪.‬‬ ‫وبذلك يسير السيد الوالي‬ ‫على نهج سلفه السابق‬ ‫اليعقوبي الذي كان يضع‬ ‫الرياضة في صلب اهتماماته‬ ‫ويدعم مختلف األنواع‬ ‫الرياضية ماديا ومعنويا‪.‬‬

‫المنتخب المغربي يواجه الغابون بطنجة‬

‫قررت الجامعة الملكية المغربية لكرة‬ ‫القدم إقامة المباراة الودية بين المنتخب‬ ‫المغربي ونظيره الغابوني يوم ‪ 15‬أكتوبر‬ ‫الجـاري على الساعــة الثامنــة مساء على‬ ‫ملعب ابن بطوطة الكبير‪.‬‬

‫حارس اتحاد طنجة‬

‫هذا واستدعى الناخب الوطني وحيد‬ ‫خاليلوزيتـش حارس اتحاد طنجة هشـــام‬ ‫المجهد ضمن الئحة المنتخــب لوديتـي‬ ‫ليبيا والغابون‪.‬‬ ‫وجاء ذلك بعد تألق الحارس المجهد‬ ‫في المباريات األخيـرة سـواء في الدوري‬ ‫االحترافي أو في منافسات كأس العرش‪.‬‬ ‫وفيما يلي الئحة الالعبين المدعوين‪.‬‬

‫األندية المغربية تتحول‬ ‫إلى شركات رياضية‬

‫أعلنت الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم أن جميع أندية‬ ‫الدوري االحترافي المغربي أكملت ملفاتها وتحولت إلى شركات‬ ‫رياضية ومن ضمنها اتحاد طنجة‪.‬‬ ‫وأكدت الجامعة على موقعها الرسمي أن ‪15‬ناديا استوفت‬ ‫الشروط للتحول إلى شركات رياضية باستثناء فريق واحد هو‬ ‫الرجاء البيضاوي الذي ينتظر أن يعقد جمعه العام السنوي حتى‬ ‫يتسنى له التحول إلى شركة رياضية‪.‬‬ ‫وكان فريق الرجاء قد قرر عقد جمعه العام العادي يوم ‪17‬‬ ‫أكتوبر الجاري ليصحح أوضاعه ويلتزم بتعليمات االتحاد اإلفريقي‬ ‫لكرة القدم والتحول إلى نادي محترف‪.‬‬

‫حسنية أكادير تواجه‬ ‫اتحاد طنجة في الدور ثمن‬ ‫النهائي لكأس العرش‬

‫حسنية أكادير‬

‫اتحاد طنجة‬

‫تأهل فريق حسنيـة أكاديـر إلى الدور ثمن النهائي لكأس العرش‬ ‫بعد انتصاره على جمعية سال من اندية القسم الثاني بهدف دون مقابل‪.‬‬ ‫وسيواجه الفريق السوسي في الدور ثمن النهائي فريق اتحاد طنجة‬ ‫الذي تاهل على حساب الفتح الر باطي ‪.0-1‬‬


‫الثالثـاء ‪� 08‬إلى ‪� 14‬أكـتـوبر ‪2019‬‬

‫العدد ‪1014‬‬

‫األخيرة‬

‫السلسلة الرابعة‬

‫تذكرة سفر‬

‫احللقة التا�سعة‬

‫لقاءات حوارية‪ ،‬في حلقات متسلسلة‪ ،‬مع شخصيات مؤثرة في المجال العمومي المغربـي‬ ‫والعربـي واإلنساني‪ ،‬تستحضر تجربتهم في الحياة الخاصة والعامة‪ ،‬وترحل بهم عبر تذكرة‬ ‫سفر معنوية وروحية إلى الماضي والمستقبل‪.‬‬ ‫• عبد اإلله المويسي‬

‫مع األستاذ‬

‫محمد األشعري‬ ‫المحور الثالث ـ المسار السياسي ـ‬

‫يحضر األستاذ محمد األشعري‪ ،‬في مخيال القراء المغاربة والمشتغلين بالحقل السياسي والمجتمعي الوطني‪،‬‬ ‫بصيغة الواحد المتعدد‪ ،‬فهو اإلنسان أوال‪ ،‬وهو الشاعر والكاتب الروائي والمناضل السياسي والناشط الحقوقي‪،‬‬ ‫وواحد من أبرز وجوه معتقلي سنوات الرصاص‪ .‬وهو الوزير الذي انعطف بمشروع الثقافة الوطنية نحو أفق اتسمت‬ ‫فيه بتبني مفهوم الصناعة الثقافية‪ ،‬وهو الذي سبق أن شغل قبلها منصب رئاسة اتحاد كتاب المغرب لثالث دورات‬ ‫عرفت خاللها هذه المؤسسة أقوى مراحل ديناميتها وإنتاجيتها‪.‬‬

‫العالمة موالي العربيي العلوي‬ ‫السـي محمــد األشعــري معــروف‬ ‫في المشهـد السياسـي المغربي كأحــد‬ ‫القياديين والمناضلين الكبار المنشغلين‬ ‫بقضايا الوطن‪ ،‬وأحد األسماء البارزة في‬ ‫مواصلة الممارسة السياسية المغربية‪ ،‬إذا‬ ‫سمحت لي أريد أن أعرف البدايات األولى‪ ،‬إذا‬ ‫صح التعبير‪ ،‬أو المرجعيات السياسية األولى‬ ‫التي كان السي محمد األشعري يشعر أنه‬ ‫يميل إليها أكثر‪ ،‬سواء في الجامعة أو في‬ ‫السياق العام ‪.‬‬

‫في الواقع كان األمر بسيطا في البداية‪،‬‬ ‫فقد نشأت في عائلة قريبة من الوسط الوطني‬ ‫والتقدمي‪ ،‬فوالدي كان من مؤسسي االتحاد‬ ‫الوطني للقوات الشعبية‪ ،‬وحضر مؤتمره‬ ‫التأسيسي الذي كان ترأسه العالمة محمد‬ ‫بلعربي العلوي بالدار البيضاء‪ .‬وفي وسط‬ ‫هذه األجواء‪ ،‬كان هناك تردد مستمر لعدد من‬ ‫المناضلين األوائل على منزل والدي‪ .‬بمعنى‬ ‫أنني نشأت في بيئة سياسية‪ .‬ورغم أنني كنت‬ ‫ما أزال طفال في مراحلي األولى‪ ،‬إال أنني كنت‬ ‫قد فهمت‪ ،‬خصوصا بعد االعتقاالت المتكررة‬ ‫لوالدي‪ ،‬أن األمر يتعلق بمقاومة السلطة‬ ‫والبطش واالستبداد‪..‬‬ ‫وربما هذه البذور األولى لعبت دورا في‬ ‫كوني‪ ،‬بطريقة مبكرة ربما‪ ،‬وبمجرد ما التحقت‬ ‫بثانوية موالي إسماعيل بمكناس لمتابعة‬ ‫دراستي هناك‪ ،‬بدأت أهتم أيضا بما كان‬ ‫يعرفه آنذاك الوسط التالميذي من نضاالت‬ ‫نقابية‪ ،‬ودون أن أهتـم‪ ،‬في الواقــع‪ ،‬بالجهة‬

‫التي كانت تنظم تلك اإلضرابات‪ ،‬المتقطعة‬ ‫أحيانا والمستمرة أحيانا أخرى‪ .‬في غمرة هاته‬ ‫البدايات تعرفت على عدد من األصدقاء قادوني‬ ‫بطريقة سرية تماما ودون أن يفاتحوني في‬ ‫األمر‪ ،‬قادوني إلى بيت أستاذة كانت تدرسنا‬ ‫األدب الفرنسي آنذاك‪ ،‬وفي بيتها سأتعرف‬ ‫على المناضل الشيوعي المعروف في مكناس‬ ‫األستاذ العزاوي‪ ،‬حيث أصبحنا أصدقاء فيما بعد‪.‬‬ ‫ولذلك‪ ،‬فقد بدأت ارتباطاتي األولى‪ ،‬في الواقع‪،‬‬ ‫بالحزب الشيوعي آنذاك‪ ،‬ومن خالله تعرفت على‬ ‫كثير من األدبيات السياسية األساسية في ذلك‬ ‫الحين‪.‬‬ ‫بعدها ستتطور اإلضرابات التالميذية‬ ‫لتصبح حركة شبه مستمرة‪ .‬وآنذاك نشأ‬ ‫نوع من النزاع بين مناضلي الحزب الشيوعي‬ ‫ومناضلي االتحاد الوطني للقوات الشعبية‪.‬‬ ‫فالشيوعيون كانوا يرتأون توقيف اإلضراب بينما‬ ‫كان االتحاديون يدافعون عن فكرة التنسيق‬ ‫مع التالميذ على الصعيد الوطني‪ ،‬ومتابعة‬ ‫اإلضراب‪ .‬و قد وجدتني أميل نوعا ما إلى الفريق‬ ‫االتحادي في هذه المعركة بالذات‪ ،‬بدون أن‬ ‫يكون لألمر طابع عقالني‪ ،‬بل مجرد اندفاع أماله‬ ‫حماس البدايات‪ ،‬إذا شئنا التعبير عن ذلك بهذه‬ ‫العبارة‪ .‬وبعد ذلك التقيت بشباب االتحاد وبعض‬ ‫مناضليه القدامى‪ ،‬ووجدت نفسي طبيعيا أنتظم‬ ‫في صفوف االتحاد الوطني للقوات الشعبية‬ ‫آنذاك‪ ،‬ولكن بطريقة جد متقطعة‪ ،‬ولم تكن‬ ‫منتظمة تماما بمعنى الكلمة‪ .‬و بعدها كان‬ ‫البد أن أنتظر انصرام الدراسات في ثانوية‬ ‫موالي إسماعيل‪ ،‬ومجيئي إلى الرباط لمتابعة‬ ‫دراستي في كلية الحقوق‪ ،‬حتى سمحت الظروف‬ ‫وجعلتني أتصل مباشرة بالمناضلين الذين كانوا‬ ‫يشتغلون في االتحاد الوطني لطلبة المغرب‪.‬‬ ‫وكما يحدث بالجامعة في تلك الفترة‪ ،‬فإن األمور‬ ‫جرت بسرعة كبيرة فيما بعد ذلك‪ ،‬حيث صرت‬ ‫منخرطا في صفوف الحركة الطالبية‪ ،‬وفي‬ ‫نفس الوقت منخرطا في االتحاد الوطني للقوات‬ ‫الشعبية‪ ،‬بل وكنت على مقربة من القرارات‬ ‫الكبرى التي شهدها الحزب والمعروفة بقرارات‬ ‫‪ 30‬يوليوز‪ ،1972‬التي حسمت الصراع الذي‬ ‫كان سائدا مع االتحاد المغربي للشغل‪ ،‬وفتحت‬ ‫الطريق أمام تكوين االتحاد االشتراكي لعقد‬ ‫المؤتمر االستثنائي‪ .‬وقد كان هذا األمر منعطفا‬ ‫أساسيا في االتحاد‪.‬‬ ‫فهذه الفترة بالنسبة لي فترة قوية‪ ،‬ألنني‬ ‫شاركت في عدد من االجتماعات الحزبية التي‬ ‫كانت تفسر قرارات ‪ 30‬يوليوز‪ ،‬وتمهد الطريق‬ ‫لعقد المؤتمر االستثنائي‪.‬‬

‫طبعا السي محمد ‪ ،‬كانت هـذه‪ ،‬في‬ ‫الحقيقة‪ ،‬مرحلة تشكل وعيك السياسي‬

‫الزعيم عبد الرحيم بوعبيد‬

‫في سياقه الفردي‪ ،‬ثم تلتها مرحلة الحقة‬ ‫سيتبلور هذا الوعي في شكل التزام‬ ‫تنظيمي داخل حزب االتحاد االشتراكي‪،‬‬ ‫أريد أن أعرف هذه البدايات التي مهدت‬ ‫النتماء السي محمد األشعري إلى االتحاد‬ ‫االشتراكي‪.‬‬ ‫لقد قادتني هذه البدايات‪ ،‬كما قلت‪ ،‬إلى‬ ‫االنتظام في صفوف االتحاد االشتراكي‪ ،‬أوال‬ ‫قبل المؤتمر االستثنائي‪ ،‬و ما كان قد أثارني في‬ ‫تلك الفترة ‪ ،‬قبل انعقاد المؤتمر‪ ،‬هو خصوبة‬ ‫ذلك النقاش الذي كان يغديه‪ ،‬بالدرجة األولى‪،‬‬ ‫مناضلون مثقفون‪ ،‬على رأسهم الشهيد عمر‬ ‫بن جلون الذي استطاع في فترة وجيزة أن‬ ‫يجمع حوله نخبة الحزب آنذاك‪ ،‬من جامعيين‬ ‫وأدباء ومثقفين‪ ،‬وطرح معهم فكرة إنجاز نوع‬ ‫من الوثيقة النظرية التي تحسم في كثير من‬ ‫القضايا المتعلقة بهوية الحزب‪ ،‬و ببرنامجه‪،‬‬ ‫وباألفكار األساسية التي ينبغي اقتراحها على‬ ‫المجتمع المغربي‪ ،‬وبعبارة بسيطة المشروع‬ ‫الذي يجب أن يحمله الحزب في توجهه الجديد‪.‬‬ ‫هذه الوثيقة هي التي تبلورت فيما بعد باسم‬ ‫التقرير اإليديولوجي‪ ،‬وقد كان لها وقع كبير‬ ‫في صفوف العديد من المتابعين‪ ،‬لماذا ؟ ألن‬ ‫االتحاد الوطني للقوات الشعبية كان تيارا واسعا‬ ‫ضم عددا من الوطنيين والمقاومين والنقابيين‬ ‫كان يجمع بينهم أمر أساسي هو الدفاع عن‬ ‫فكرة كانت سائدة آنذاك‪ ،‬هي فكرة اليسار‬ ‫أو فكرة االشتراكية‪ .‬والواقع أن األمر لم يكن‬ ‫واضحا تماما‪ ،‬كان الهاجس األقوى في هذا التيار‬ ‫هو مقاومة االستبداد‪ ،‬وما عدى ذلك فاألشياء‬ ‫كانت جد ملتبسة‪ .‬فبعض الناس يؤمنون‬ ‫باالشتراكية على الطريقة الناصرية‪ ،‬و بعضهم‬ ‫يؤمن بها على الطريقة البعثية‪ ،‬وآخرون يؤمنون‬ ‫بها على الطريقة الماركسية‪ ،‬وكان هناك أيضا‬ ‫مناضلون نقابيون يتسمون بنوع من الواقعية‪،‬‬ ‫وأحيانا تكون واقعية انتهازية وتبريرية‪ .‬في هذا‬ ‫الخليط بقيت فكرة مقاومة االستبداد والحكم‬ ‫المطلق‪ ،‬كما كانت تكتب جرائد الحزب آنذاك‪،‬‬ ‫هي األقوى‪.‬‬ ‫ومع انبثاق تيارات يسارية جديدة على يسار‬ ‫االتحاد والحزب الشيوعي طرحت فكرة الهوية‬ ‫اإليديولوجية للحزب‪ ،‬وخصوصا في الوسط‬ ‫الطالبي‪ ،‬وفعال كانت هناك حاجة قوية لبلورة‬ ‫فكرة واضحة عن هذه الهوية‪ ،‬وكان عمر بن‬ ‫جلون قد اهتدى إلى صيغة مناسبة تماما في‬ ‫تلك المرحلة‪ ،‬يعتبر معها أن االتحاد هو استمرار‬ ‫لحركة التحرير الشعبية في المغرب التي تجلت‬ ‫في المقاومة المستمرة للمستعمر‪ ،‬وتجلت في‬ ‫التيارات الوطنية الكبرى التي اخترقت المغرب‪،‬‬ ‫وأنه في نفس اآلن يؤمن باشتراكية تعطي‬ ‫األهمية للبناء الديموقراطي وليست تلك التي‬ ‫تعتمد على ما كانت عليه ألدبيات الماركسية‬ ‫السوفياتية‪ ،‬خصوصا على ما كانت تسميه‬ ‫بديكتاتورية البروليتاريا‪ ،‬بل أن الجملة التي‬ ‫رسخت في ذهن المناضلين أثناء انعقاد المؤتمر‬ ‫االستثنائي‪ ،‬هي الجملة التي قالها عمر بن جلون‬ ‫في تقديمه للتقرير اإليديولوجي بأن نظرية‬ ‫ديكتاتورية البروليتاريا قد أكل الدهر عليها‬ ‫وشرب‪.‬‬ ‫فكل هذه األشياء‪ ..‬الحزب الجديد الذي‬ ‫أصبح اسمه حزب االتحاد االشتراكي والذي لم‬ ‫يعد شيئا قديما يحيل على مراحل التأسيس‬ ‫األولى‪ ،‬ثم التميز عما كان سائدا في الوسط‬ ‫النقابي آنذاك‪ ،‬خصوصا في االتحاد المغربي‬ ‫للشغل‪ ،‬والدعوة إلى نوع من االشتراكية‬ ‫التي ال تؤمن بدكتاتورية الحزب الوحيد‪ ،‬وال‬ ‫بديكتاتورية البروليتاريا‪ ،‬ولكن تؤمن بالبناء‬

‫جانب من الحضور خالل‬ ‫المؤتمر االستثنائي ‪1975‬‬ ‫الديموقراطي‪ ،‬كل ذلك كان له نوع من الجاذبية‬ ‫بالنسبة لي شخصيا بنوع من االعتزاز‪.‬‬ ‫بعد المؤتمر االستثنائي أصبحنا أمام حزب‬ ‫حديث بكل ما في الكلمة من معنى‪ ،‬ليس‬ ‫ألنه جدد اسمه وجدد طريقة تنظيمه واآلليات‬ ‫القيادية التي وضعها المؤتمر االستثنائي‪ ،‬بل‬ ‫ألنه كذلك أنشأ فكرة حديثة‪ ،‬فكرة الربط بين‬ ‫الديموقراطية واالشتراكية‪ ،‬ولم يكن ربطا‬ ‫بديهيا في ذلك الوقت‪ ،‬وأيضا‪ ،‬وعلى الخصوص‬ ‫بالنسبة لي شخصيا‪ ،‬ألنه وضع حدا لنوع من‬ ‫االزدواجية التي كانت سائدة في االتحاد بين‬ ‫تنظيم الداخل وتنظيم الخارج‪ ،‬بين التنظيم‬ ‫الذي يريد االشتغال بالسياسة والتنظيم الذي‬ ‫يريد أن يشتغل بالثورة‪ ،‬وبالثورة المسلحة‬ ‫أحيانا‪ .‬وهذه االزدواجية كانت قد خلقت كثيرا‬ ‫من المآسي في حياة األشخاص وفي حياة الحزب‬ ‫بصفة عامة‪ ،‬ولم تكن ال مفهومة وال مقبولة‪،‬‬ ‫ال من الناحية النظرية وال من الناحية العملية‪.‬‬ ‫في المحاكمات الكبيرة التي جرت لبعض‬ ‫االتحاديين على إثر اعتقاالت واسعة‪ ،‬ارتبطت‬ ‫بأحداث مترتبة عن هذه االزدواجية‪ ،‬كان االتهام‬ ‫يحاول أن يغرق االتحاديين الماثلين أمامه‪ ،‬في‬ ‫تهم كبرى كالمس باألمن الداخلي واستعمال‬ ‫العنف ضد الدولة‪ ،‬ومحاولة تقويض النظام‬ ‫وغيرها من التهم الثقيلة للوصول فيما بعد‬ ‫إلى أحكام باإلعدام وبالمؤبد‪ ،‬لكن األستاذ‬ ‫ٍ‬ ‫الرحيم بوعبيد‪ ،‬وهو أحد المدافعين عن‬ ‫عبد‬ ‫االتحاديين الواقفين في قفص االتهام‪ ،‬كان‬ ‫يردد جملة بليغة أمام المحكمة تقول‪ :‬إن اختيار‬ ‫أسلوب العنف من طرف هؤالء المناضلين‪،‬‬ ‫فيما لو كانت هذه التهم صحيحة‪ ،‬هو رد فعل‬ ‫على عنف الدولة التي ترفض الديمقراطية‬ ‫للشعب المغربي‪ ،‬وتضيق الخناق على حرياته‬ ‫وحقوقه‪.‬‬

‫ومع أننا كنا مقتنعين تماما بهذا الدفاع أو‬ ‫بهذه المرافعة‪ ،‬فقد كان وجود هذه االزدواجية‬ ‫يتسبب لنا في مشاكل كثيرة في العمل الجمعوي‬ ‫وفي النضال الديموقراطي‪ ،‬ليس أقلها أن عددا‬ ‫كبيرا من المناضلين‪ ،‬بعضهم أعرفه شخصيا‪،‬‬ ‫قد دفع من حياته ثمنا باهضا‪ ،‬سنوات طويلة‬ ‫في السجن‪ ،‬أو تشريدا أو نفيا‪ ،‬بسبب تلك‬ ‫االزدواجية التي لم يكن لهم بها إطالقا أي علم‪.‬‬ ‫والتوضيح الذي حصل سنة ‪ 75‬جعلني شخصيا‬ ‫أحسم بصفة نهائية في أمر انتمائي‪ .‬فقد‬ ‫أصبح انتماء منتظما قويا يشغل مساحة نقابية‬ ‫ومساحة سياسية‪ .‬وفيما بعد انخرطت كذلك في‬ ‫العمل االنتخابي الذي دخله الحزب‪ ،‬وبطريقة‬ ‫كذلك شاملة وقوية‪ .‬ولكن ما يهمني أن أشير‬ ‫إليه هنا هو أن هذا التوضيح اإليديولوجي‪،‬‬ ‫والتوضيح السياسي‪ ،‬والتوضيح البيداغوجي‬ ‫الكبير الذي قام به عبد الرحيم بوعبيد فيما‬ ‫يخص النضال الديموقراطي‪ ،‬كل هذا لم يقنع‬ ‫المناضلين االتحاديين فحسب‪ ،‬بل جاء لالتحاد‬ ‫بسيل كبير من المتعاطفين‪ ،‬ومن المنخرطين‬ ‫الجدد‪ ،‬بل وعرف االتحاد بين ‪ 75‬و ‪ 80‬طفرة لم‬ ‫يعرفها أبدا في حياته من قبل‪ ،‬طفرة تنظيمية‬ ‫كبرى جعلته يصبح حزبا كبيرا يضم كثيرا من‬ ‫الكفاءات والنخب المستنيرة وكثيرا من العمال‬ ‫والطالب والناس البسطاء‪ ،‬لدرجة أن الحزب كان‬ ‫يوجد في جميع مناطق المغرب‪ ،‬في أكثرها نأياً‬ ‫عن المركز‪ ،‬يكفي أن يكون هناك رجل ينتمي‬ ‫لفكرة االتحاد ولتاريخ االتحاد‪ ،‬ليكون محورا‬ ‫لحركة ذات قوة وذات مصداقية في المنطقة‬ ‫التي يكون فيها‪.‬‬ ‫هذا االتحاد طبعا سيتغير فيما بعد كثيرا‪،‬‬ ‫ولكن أنا أحتفظ من هذه الفترة بكثير من‬ ‫الذكريات الجميلة وكثير أيضا من القناعات التي‬ ‫ما زلت أحملها معي حتى اآلن ‪.‬‬

‫الشهيد عمر بنجلون‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.