محمد األشعري
ضيف سلسلة «تذكرة سفر»
اليوم الوطني للمر�أة
الحلقة العاشرة
صحيح أن االتحاد االشتراكي طور ،على مدى أزيد من ثالثة عقود ،كثيرا من المشاريـع والمطالــب ،وقد كان في قلب الحركــة النقابيـة ،وبالتالي فقد كان على معرفة دقيقة بالمشاكل المتعلقة بالشغل و بالنسيج االقتصادي و باألوضاع االجتماعية ...لكن، مع ذلك ،فأنا أميل إلى االعتقاد بأنه لم يحضر نفسه من الناحية السياسية والتنظيمية كحزب.
الكتابة النسائية بالمغرب
الصفحة 24
الملحق الثقافي صفحات 11ـ 12ـ 13ـ 14
حوار مع الحقوقية والمناضلة السياسية
سعيدة الرويسي
صفحة 9
فعاليات مدنية تطالب بحماية الرأسمال المادي والالمادي لوزان
إعالم جهوي متقدم املدير امل�س�ؤول :عبد احلق بخات ـ الهاتف 05.39.94.30.08 :ـ الفاك�س 05.39.94.57.09 : العـدد 1015ـ الثمن 4دراهم ـ الثـالثـاء � 16صـفـر � 15 / 1441إلى � 21أكـتوبـر 2019
الصفحة 15
جائزة نوبل الفضائح الجنسية والمآزق السياسية
كلمة الشمال عبد اإلله المويسي
أعلنت األكاديمية السويدية مؤخرا عن نتائج «جائزة نوبل لآلداب» برسم سنتين متتاليتين 2018و .2019 وقد نالت الجائزة لعام 2018الكاتبة الروائية البولندية «أولغا توكارتشوك». وكانت األكاديمية ،وألول مرة في تاريخ الجائزة ،قد أجلت اإلعالن عن نتائج سنة 2018لما كان قد راج وقتها من تسريبات متعلقة بفضائح جنسية أسهمت في تراجع ثقة الناس بمصداقية الجائزة ،على خلفية مزاعم بسوء سلوك نتجت عن ادعاء ما يقارب الـ 20امرأة بالتعرض لالعتداء الجنسي من قبل «جان كلود أرنو» زوج الشاعرة السويدية «كاترينا فروستين» عضوة لجنة المحلفين فى األكاديمية التى تضُم 18شخصية يشكلون لجنة ترشيح الجائزة ،والذي كان يدير مشروعا ثقافيا بتمويل من طرف األكاديمية السويدية .وقد اعتبرت هذه الفضيحة األكبر في تاريخ االكاديمية منذ تأسيسها عام .1901إضافة إلى فضائح أخرى متعلقة بسوء إدارة المعلومات وتسريب النتائج مسبقا ،وهي التهمة التي الحقت عددا من أعضاء األكاديمية. وفي ما يبدو ،فإن مآزق جائزة نوبل لم تنته مع فضائح العام الماضي التي أدت إلى حجب هذه الجائزة التي تقدر قيمتها بـ 9ماليين كرونه سويدية ( 908آالف دوالر) ،بل تجددت مرة أخرى مع اختيار األكاديمية «بيتر هاندكه» المعروف بتأييده للتيار اليميني الصربي المتطرف. ورغم تعهدات األكاديمية باالبتعاد عن «المنظور األبيض» لألدب ،فإن الفائز هذه السنة جاء مثيرا للجدل ،بل وحتى للغضب الشديد. وكان قد سبق أن تعرض «هاندكه» النتقادات حادة بعد فوزه بجائزة «هنريك إبسن الدولية» عام 2014حيث احتج المتظاهرون في أوسلو حينها «فاش وله صالت بمجرمي الحرب» ،ومدافع شرس عن التيار الصربي القومي المتشدد. على منحها لرجل وصف على نطاق واسع في وسائل اإلعالم بأنه ٍ ونقلت صحيفة واشنطن بوست األميركية ردود فعل غاضبة على فوز «هاندكه» الذي كان داعما لنظام «سلوبودان ميلوسوفيتش» ،فيما قال المؤرخ والمؤلف البريطاني «أورالندو فيغز» بإنه أحس «بصدمة عميقة» من أن «مدافعًا سيئ السمعة عن نظام سلوبودان ميلوسوفيتش القاتل» حصل على جائزة نوبل لآلداب ،متسائال إلى أين يتجه العالم؟!.
جريدة يوميـة جهـوية وطنية ت�صدر م� ً ؤقتـا كـل �أ�سبـوع • الإدارة ،التحريـر ،الإ�شهـار 7 :مكرر ،زنقة عمر بن عبد العزيـز • الربيد الإلكـرتونـي info@achamal.ma :ـ املوقع الإلكرتوين www.achamal.ma :
العدد 1015
2
الثالثـاء � 15إلى � 21أكـتـوبر 2019
يومية جهوية وطنية ت�صدر م� ًؤقتا كل �أ�سبوع
املوقع الإلكرتوين :
«مناهضة االستبداد»! مغارات..
محمد سدحي sadhimed@gmail.com
العلم المغربي ال يحلق في سماء الدوحة!!
عاد الوفد المغربي المشارك في بطولة العالم أللعاب القوى المقامة ،مؤخراً ،بالعاصمة القطرية الدوحة منخور القوى ،ضعيفاً سقيماً وهناً ،يجر خيبته التي تكررت ،منذ أن أسندت أمور أم األلعاب في المغرب إلى غير أهلها الطييبين... األبواق النحاسية التي تبرق في عز الظهر ،تحاول يائسة ،كما عادتها السيئة ،ستر الفضيحة بثوب شفيف ال يحجب الحقيقة حتى على العيون الحوالء... قال أحدهم ،معلقاً االخفاق المستمر والتراجع المهول أللعاب القوى المغربية على األطر التقنية « :إن المغرب يفتقد حالياً للمنهج العلمي المطلوب لصناعة البطل؛ ألن تخريج األبطال لم يعد قاصراً على بزوغ المواهب ...المغرب اآلن يحتاج الستيراد الطاقات والخبرات من الخارج الستعادة الريادة في عالم القوى.»... صافي ،سقطت ووجدناها ،عوض أن نشير بأصبع الجرأة إلى من ساهم حقيقة في إسقاط الصومعة ،نلفت انتباه الرأي العام نحو مقص الحجام... لنساير هذا المدعي فيما يدعيه ،ونسأله :عندما كان المغرب يحرز الرتبة الخامسة والسادسة في العالم ويحصل الذهب واألرقام القياسية العالمية ،لم يكن مطروحاً لديه خرافة االفتقاد إلى المنهاج العلمي؟ ومن أين أتى باألطر التي صنعت المجد مع سعيد عويطة ونوال المتوكل وخالد السكاح وابراهيم بوطيب وفاطمة عوام ونزهة بيدوان وعبد العزيز صاهير وهشام الكروج وزهرة واعزيز وابراهيم وخالد بوالمي ومحمد إيسنكار ومحمد مغيث وحسناء بنحسي وعبد اهلل بحار وهشام الشاط ومحسن الشهيبي وغيرهم كثير؟ أليست األطر التي صنعت هؤالء األبطال العالميين الكبار من المغاربة مائة بالمائة؟ أليست هذه األطر التزال على قيد الحياة؟ أذكر البعض منها على سبيل المثال :األساتذة عزيزة داودة وفاطمة الفقير ومحمد ضافر وعبد القادر قادة وأحمد خويا علي وإدريس واجو وعبد الناصر مومن وعبد االله أوبا ومحمد الزروالي والعربي برايدوج والالئحة تطول ،واهلل يطيل في عمر الجميع... أيها المحلل الذي يقول أي شيء! أو ًال ،ألعاب القوى المغربية ال تحتاج إلى أطر تقنية برانية ،ويمكن أن أكد لك بالحجة الدامغة على أن هذا النوع من الرياضة بنى أمجاده وحقق منجزه بواسطة أطر مغربية ،ولم يثبت في يوم من األيام الزاهية أن المغرب اعتمد على «شي خنشوش» من الخارج... ثانياً ،وخذها مني على سبيل التجربة والحديث من الداخل :دبّ الموت البطيء في جسم ألعاب القوى المغربية منذ مجيء أولياء النعم، يتقدمهم السيد عبد السالم أحيزون... كيف؟ ربما يقول قائل: نصف جواب ،والنصف اآلخر نتركه لأليام التي بيننا :بمجرد حلول أحيزون بمقر جامعة القوى ،على أنقاض لجنة جامعية مؤقتة عوضت يومئذ طيب الذكر الحاج محمد المديوري الذي كان على رأس جامعة القوى في عز تألقها ،تم التخلي عن جميع األطر الجامعية اإلدارية وتعويضهم بأشخاص من إدارة اتصاالت المغرب ،ال يمتون «باتصاالت» لهذا الميدان الطاعن في التخصص ...بعدها ،وتدريجياً تم (تسريح) معظم الخبراء التقنيين وتعويضهم بأشباه أطر وبعض المسخرين الذين سقطوا سهوا من الزمن الجميل... وهكذا ،استمرت القرارات واإلجراءات الطائشة التي اتخذتها اإلدارة الدخيلة على الميدان .ورغم أكياس المال التي حملتها معها إلى القاعة المغطاة للمجمع الرياضي موالي عبد اهلل ،فإنها لم تمكنها من الحصول على الذهب والفضة في بطوالت العالم واأللعاب األولمبية، حتى أصبح المغرب يصنف بعد البحرين وقطر ...والقصة طويلة.
• نلتقي!
www.achamal.com ت�صدر عن مطبعة جريدة طنجة المدير المسؤول :
عبد احلــق بخــات رئيس التحرير :
محمد العطالتي
عبد الإلـه املـوي�سـي
atlati.mohammed@gmail.com ال شك أن المُنادين والرافعين شعار «ضرورة اإلصالح» أصبحوا بالكثرة التي ال يمكن للواحد معها إنكارها أو إغفالها ،فالكل ينادي باإلصالح ويطالب التعجيل به ،لكن ال أحد ،في واقع األمر ،يوضح للجمهور المواطن طبيعة اإلصالح المنشود ومجاالت إجرائه، وال أحد من هؤالء بين للناس أسباب الدعوة لإلصالح بوضع اليد على مكامن الفساد المرجو إصالحه، وباعتباره مجرد كالم يمكن إعادته دون اإلضرار بمصلحة أحد أو اإلساءة للغير ،فقد اعتاد الجميع ترديد مطلب اإلصالح في مناسبة وبدون مناسبة في كثير من األحيان ،بل وبدون وعي حقيقي أو مرجعية فكرية علمية تُسند هذا المطلب المُبْهم. خطاب السياسي ،بانتماءاته الحزبية المتنوعة، يطالب على وجه الدوام ب»اإلصالح» ،دون أن يبين للناس طبيعة هذا الفساد وشكله أو يفصح أمام الجمهور عن ماهية التدابير التي ينوي مباشرتها لتحقيق اإلصالح المراد ،ما يجعله في حل من أي التزام أدبي أو مادي أمام جمهور المنصتين ،هذا إن لم يقع هو نفسه في بؤرة الفساد الذي كان ينادي بإصالحه قبل فترة يسيرة. خــــطاب «المنبر الديني» ،بتوجهاته المذهبية المختلفة و«رؤاه المتجاذبة» ،ال يحيد عن قاعدة المطالبة باإلصالح والدعوة لمحاربة الفساد ،دون أن يمتلك في الواقع أية رؤية علمية عن طبيعة هذا الفساد وما إذا كان األمر يتعلق بفساد حقيقي تؤكده العلوم الحقة أم بمجرد تهيؤات صوفية ،لكنه ،في جميع األحوال ،خطاب ال يقدم للجمهور منهجية علمية تفتح أدوات اإلصالح أمامه وتُ ْق ِبرُ أسباب الفساد الموجود أو المتخيل ،فالخطاب الديني،كعادته التي الزمته منذ البداية ،يلخص أسباب «الفساد» في التخلي عن تعاليم الدين ،ليخْ ُلصَ في النهاية إلى القول إن «اإلصالح الشامل» لن يتأتى للناس ولمجتمعهم إال عبر التمسك بتعاليم هذا الدين ،وهو ما يمكن إدراجه في خانة التفكير المتنافي والمتضاد مع الواقع الفعلي والطبيعي ،لذلك فال غرابة أن ينخرط رجال دين أنفسهم في متاهات الفساد سواء في بعده الديني أو منحاه األخالقي أو حتى في شكله الجرمي. إن مفهوم الفساد ،رغم كونه مجرد حكم قيمة في جوهره ويصعب تحديد مالمحه كداللة قابلة للضبط والصياغة في قالب محدد ،فإن تجلياته ظاهرة للعيان وال يمكن تجاوزها أو التغاضي عنها وإنكار وجودها ،فتجليات الفساد شملت دوائر السياسة العليا ،كما ضمت الطبقات الدنيا من المجتمع ،ويمكن
مالحظتها في سلوك الغني كما الفقير ،المتعلم واألمي ،العامل والعاطل ،في سلوك حارس السيارات كما في ممارسات مقاول العقارات ،لدى بائع متجول كما عند تاجر ثري ،عند العالم كما عند الجاهل ،وكل في فلك الفساد يسبحون. هناك إقرار متفق عليه بأن واقع المغرب غارق في الفساد ،لكنه واقع يستشف منه أنه متصالح مع الفساد بل ومتعايش معه مستفيد منه ،وال أحد من العالمين نوى مجرد النية في اتجاه إصالح وتقويم هذا الفساد المزعوم والرُّسُوِّ بالبلد على بر اإلصالح والفالح. إذا كانت قواعد الفلسفة والعلوم تفرض التساؤل عن مصدر األشياء و أسباب وجودها ،فإن مطالب ودعوات اإلصالح بقيت عاجزة عن البحث في المسببات المعقولة لواقعة الفساد في البلد وغير قادرة عن إدراك أسبابه الحقيقية ،وما إذا كانت أسبابا عرضية زائلة أم أنها أسباب دائمة أزلية ،وأمام هذا العجز ،الحقيقي أو المصطنع ،بقي الجميع يردد خطاب المناداة باإلصالح جهرا ،وفي نفس اآلن يواصل االنتفاع من «مزايا الفساد» األدبية والنقدية ،في السر كما في العلن. وهذا ليس سوى دليل على غياب سلطة حقيقية ومستقلة تمارس مهام الرقابة المؤسسية ،ما يجعل الحاكم مستبدا ،ويؤهله ،بانعدام الرقابة ،لممارسة الفساد .ولعل هذا األمر واقع ملموس يشهد عليه أكثر من دليل وأكثر من حجة ،فحين تغيب الرقابة ينتعش االستبداد ومعه تمنو خاليا الفساد. لقد سبق للمصلح السوري عبد الرحمن الكواكبي ،أواخر القرن التاسع عشر ،أن اهتدى ،بعد نظر وتمحيص ،لفكرة جوهرية جاهزة تقول بأن أصل الفساد القائم إنما هو ناجم بالضرورة عن االستبداد بالرأي والحكم ،وأن القضاء على هذا الفساد لن يتأتى إال بإنهاء االستبداد ،ورغم أن الكواكبي مشرقي المولد والنشأة ولم تتح له الفرصة لزيارة بالد المغرب، إال أن فكرة « طبائع االستبداد» التي انتهى إليها كانت من طبيعة كونية أممية ،فالرجل الذي كان موسوعي المعارف ،يجمع بين الحكمة والعلم ،وبين النظرية والتجريب ،أنتج نظرية فريدة في وقتها مفادها أن «االستبداد» ،بأشكاله وأنماطه المتنوعة ،هو األصل األول لكل «فساد» قائم ،وهذا قبل أن ينتهي الستنتاج منطقي يقول بإننا إذا كنا أمة تبغي اإلصالح فعلينا «مناهضة االستبداد».
هيئة التحرير :
عبد اللطيف �شهبون زبيـدة الورياغلـي �أ�سامـة الزكــاري ر�ضوان احدادو هدى املجاطـي محمد العطـالتي محمد �إمغــران محمد �سـدحــي عبد احلـي مفتـاح م�صطفى ال�سباعي اإلدارة واإلشهار والعالقات العامة :
محمد طارق بخات اإلخراج والتصفيف:
«جريدة ال�شمال» عنوان التحرير والمراسالت والتسويق واإلشهار :
7مـكـــرر ،زنقـة عمــر بــن عبد العزيز ـ طنجــة ـ الهاتــف : 05.39.94.30.08 06.22.45.30.67 الفاكــ�س :
05.39.94.57.09 الربيد الإلكرتوين :
info@achamal.com achamal2000 @gmail.com سحب من هذا العدد :
� 10آالف ن�سخــة التوزيع:
�سبـريــ�س Sapress الإيداع القانوين99/10 : ر.د.م.ك:
I.S.S.N : 1114-1832
الثالثـاء � 15إلى � 21أكـتـوبر 2019
العدد 1015
درد
شة
م�صطفى حجاج
3
دردشة ٌ رجال �صدقوا ما عاهدوا اهلل عليه ،فمنهم من ق�ضى نحبه «مِن امل�ؤمنني ومنهم من ينتظر ،وما بذَّ لوا تبدي ً ال» -صدق اهلل العظيم. من هؤالء الرجال ،الوطني الغيور ،األستاذ سيدي عبد السالم الصفار ،الذي اختاره اهلل إلى جواره ،عشية السبت 28محرم 1440هـ /الموافق لـ 28شتنبر 2019م. وإذا كان هناك شخص ارتبط اسمه بمكان ،فهو هذا الرجـل ،فال تذكـر مدرسـة الفضيلـة، إال مقرون ًة باسم األستاذ عبد السالم الصفار ،وال يذكر اسم َّ الصفار إال مقروناً بمدرسة الفضيلة. والرجل كان يفضل االبتعاد عن األضواء ،ويؤْثر العمل في صمت ،ويعتبر ما يقوم به في سبيل استمرار هذه المؤسسة التربوية ،وضمان الحياة الكريمة لها ولتلميذاتها ،واجب يؤديه بأرْيحية ونكران الذات. َّ كما كان يتهرَّب مما أصبحنا نسميه بالتكريمات ،وال يحضرها إال إلرضاء الخواطر ،وترديد عبارات الشكر للقائمين عليها. والمرة الوحيدة التي انصاع فيها الجتماع كلمة أهالي تطوان على تكريمه ،اشترط فيها على المنظمين ،أن ينصب التكريم على الفضيلة ،أعني مدرسة الفضيلة ،فتكريمها -كما أقنعهم - تكريم لألساتذة األفاضل الذين حملوا معه المشعل لسنوات وسنوات ،وساروا وإياه على درب التربية وإصالح النشء بكفاءة واقتدار. وأذكر أن هذا الحفل اكتسى طابع البساطة والعفوية ،وتحاشى مظاهر التكلف والتصنع والغ ُلوّ، وحضره خلق كثير ،وجمع غفير ،والتزم فيه المتدخلون بالوقت المحدد ،وأشادوا بالمكرَّم وبخصاله الحميدة ،وبالدور الذي تضطلع به مدرسة الفضيلة. ً ً ومنذ حضرتُ هذه التظاهرة برحاب مدرسة الفضيلة ،وأنا أعدُّها مقياسا وترمومترا أقيس به ما أشهد من تكريمات ،ومقدار حرارتها وحميميتها ،فال أجد فيها الطعم الذي وجدتُه في هذا المكان. التكريم -أيها السادة -له شروط ينبغي أن تتوفر فيه ،وأهمها في رأيي البساطة والعفوية. فطبعُ ديوان لشاعر ،تكريم له ،وعرضُ وثائق لمؤرخ ،تكريم له ،وإقامة معرض لرسام ،تكريم له، وتنظيم حفل موسيقي لفنان ،تكريم له. وكفانا خطباً ،وكفانا عروضاً تتلوها عروض ،وتتقدمها عروض .و ْلنطو كتاب التكريمات إلى حين ،فقد يأتي يوم نشهد فيه اإلشادة بشخص ،بشكل جديد ،وإخراج جديد ،وسيناريو جديد. رحم اهلل فقيد تطوان ،سيدي عبد السالم الصفار ،وجازاه على ما قدم لمدينته أحسن الجزاء. وأسكنه فسيح الجنان ،مع الذين أنعم عليهم من النبيئين والصديقين والشهداء والصالحين.
مرحباً بحكومة سعد الدين المعدلة -
عبد الحي مفتاح
قول في النفقة.. عبد اللطيف �شهبون
abdelchahboun@hotmail.com
في األسبوع المنصرم دار بيني وبين أخ عزيز حوار خاطف في موضوع « النفقة» ونحن متوجهان الى الزاوية.. لم يذهب بنا الحديث بعيدا في داللتها الفقهية .اقتصرنا على معناها في الحقل التربوي الصوفي وموقعها في منظومته .. • بادرني بسؤال الداللة اللغوية ،فقلت له :ينصرف معنى النفقة لما ينفق من مال ،لتحقيق منفعة ،أو سد حاجة.. • قال لي :وما الفرق بين النفقة واإلنفاق ؟ • قلت له :كالهما أمر واحد ؛ لكن من باب التدقيق ،يقال : االنفاق بذل المال أو أي شيء آخر في وجه من وجوه الخير .. • قال لي :لماذا ننفق ؟ • قلت له :نحن المؤمنين باهلل وبرسوله الكريم ملتزمون بعهد رباني.. كلمة النفقة أيها العزيز ،وردت في القرآن الكريم مفردا وجمعا ..قال تعالى « :وما �أنفقتم من نفقة �أو نذرمت من نذر ،فان اهلل يعلمه» والمعنى أن ما يبذله مؤمن من مال وما ينذره من شيء يعلمه اهلل ويجازي عليه .. • قال لي :وما الفرق بين النفقة والنذر ؟ • قلت له :النذر ما يقدمه مؤمن محسن لربه ،أو ما يوجبه على نفسه من فعل خير أو صدقة أو عبادة .فالداللة في النذر، أيها العزيز توضح ما توجبه على نفسك عندما تنذر مالك هلل.. واهلل سبحانه وتعالى يؤكد في قرآنه المجيد أن ما تنفقه من مال هو لنفسك ؛ ال ينتفع به غيرك ؛ ألن ثوابه لك ..كما ينهانا بأن ال نجعل إنفاقنا إال لوجهه ؛ ال لغرض أو حظ دنيويين ؛ بدليل قوله تعالى « :وما تنفقوا من خري فلأنف�سكم وما تنفقون اال
ابتغاء وجه اهلل .»..
• واعلم عزيزي أن مدار النفقة في القرآن المجيد ال يخرج عن معنى أصلي هو :بذل المال في سبيل اهلل. • قال لي :ما توجيهات شيوخ الطريقة القادرية البودشيشية في موضوع النفقة ؟ • قلت له :النفقــة ثابــت من ثوابــت الطريقة القادرية البودشيشية المباركة ،أخضعها شيوخها المربــون إلى نظـــام مؤصل ممتد معلوم ..وتحفيزا للفقراء على االلتزام بها صدرت منهم أقوال كريمة ..فالشيخ العارف باهلل سيدي أبو مدين قدس اهلل سره ،قال : • « من ادعى لكم محبة اهلل ورسوله ،فاختبروه بالبذل ،فإن استجاب ولو بدرهم أو درهمين فذاك ،وإال فهو مدع ال حقيقة لمحبته». والشيخ العارف باهلل سيدي حمزة ،قدس اهلل سره ،قال : • « النفقة عكاز الطريقة». انتهى مسلسل التخمينات المنصب على تعديل حكومة العثماني األولى ،ربما كان حظ الكثيرين خيبة االنتظار ،فقد وصف البعض هذا التعديل المنتظر من قبل بالزلزال ،كما كانت التوقعات تذهب شماال ويمينا وتنذر برحيل هذا الوزير أو ذاك ،وحتى أن بعض الوزراء القياديين والذين لهم وزن ثقيل في ميزان التوازنات السياسية الحالية والمستقبلية لم يفلتوا من نيران اإلشاعة. وحده حزب التقدم واالشتراكية حسم األمر قبل اإلعالن عن نتائج التعديل الحكومي ،وفك رباطه الوثيق بالحكومة ،بشكل عسير ومجلجل وإن كان سبق أن لوح به من قبل ،كوصيف لحزب العدالة والتنمية الذي عاش معه أحلى فترات الدالل أيام كانت زمام القيادة في يد عبداإلله ابن كيران. الحكومة خضعت للتعديل ،وما يمكن استنتاجه من هذه العملية التي أتت في سياق انتصاف الوالية هو تقليص عدد الوزارات عن طريق حذف وزارات وتجميع قطاعات متقاربة أو منسجمة في وزارة واحدة ،ثم احتفاظ الوزراء الكبار بمناصبهم حيث توسعت مهامهم ومسؤولياتهم ومساحة سلطتهم ،وتغيير موقع بعض الوزيرات والوزراء وترقيتهم حسب االصطالح اإلداري والسياسي ،ثم تعيين وزيرتين جديدتين وأربعة وزراء جدد نصفهم شبابا واعدين. ودخل الحكومة أيضا تقنوقراط انضافوا إلى التقنوقراط الذين يتمركزون في مواقع وزارات السيادة باألساس ،ولم يستمر زمن الكرم الحاتمي في توزيع الحقائب على األحزاب ،بل صار األمر يخضع لحساب القوة العددية التي تضمن األغلبية البرلمانية الضرورية لكي ال تتوقف عجلة الحكومة الموقرة. هذه النسخة الثانية لحكومة العثماني أسالت مدادا كثيرا ،والتي
أعقبت تبخر رجة إقالة خمسة وزراء في يناير 2018على إثر اختالالت طالت مشروع منارة المتوسط ،وقد اعتبر الكثيرون أنها لم تأت بجديد، بل إن المولود لم يكن في مستوى المخاض ،حيث إن األمر انحصر، في رأي المتتبعين ،في اإلطاحة بوزراء وتعويضهم بآخرين ليس غير، وانصبت العيون على االمتيازات التي حازها الخارجون وسيحوزها الداخلون ،وتواتر الشك في كفاءة الوزراء وقدرتهم على تغيير األوضاع واإلصالح ،وساد االمتعاض لعدم خروج بعد الوجوه الحكومية وتغييرها بأخرى رغم أن بعضها كان محط تفكه وسخرية لشهور عديدة وبعضها اآلخر جثم دون حراك على صدر بعض الوزارات؛ وكأن بعض الناس يحسون أنه جاثم على صدورهم كالهم ،وقلقت النساء المناضالت من تراجع حجم تمثيلية المرأة في هذه الحكومة الذي لم يتعد الخمس بعيدا عن حلم المناصفة الذي يبدو أنه بعيد المنال ،المتقدم برجل والمتأخر بأخرى؛ الماشي مشي السلحفاة. تبادل السلط تم بين الخارجين والداخلين ،والخلفية مزركشة بدموع وحرقة الهجر وعناق وفرح اللقاء ،لينطلق القطار السريع للحكومة الحالية؛ فزمن األوراش والعمل يالحقها إلظهار «حنة يدها» قبل انطالق عفريت االنتخابات من قمقمه .وبين اليأس واألمل تدور العقارب في انتظار انبجاس زمن جديد لعلنا نخرج من عنق زجاجة عدم الثقة في السياسة الذي يبقى بالرغم من كل اإلحباطات واالنتكاسات خيط الحرير الذي ينسج التوازنات والتوافقات ويغذي شعاع الممكن في حجر المستحيل. مرحبا بحكومة سعد الدين المعدلة ،ننتظر منها عالمات لتعبيد الطريق نحو األفضل.
• « الكرم وصف ال يفارق المحبين ،وهو شرط يقوم عليه سلوك السالكين ،ويستقيم به سير السائرين ..فال تجتمع المحبة والشح في القلب أبدا». • « ال يكون السخي سخيا حتى ينسى ما أعطاه ،وال يذكره أبدا ». وقال في حق والده سيدي الحاج العباس ،قدس اهلل سره : • « لقد حصل بالسخاء ما لم يحصله بالعبادة والرياضة ». وأما الشيخ المربـي المتحقـق المرتاض في مقامات اليقين سيدي جمال الدين ،نضر اهلل أيامه ،فيقول : • «االلتزام بالنفقة ثابت من ثوابت طريقتنا..وطريقتنا تعتمد أساسا على الموارد الذاتية ألبنائها ؛ مما يوجب علينا ـ نحن الذاكرين ـ االلتزام بأداء مستحقاتها ؛ وفاء للعهد الرباني الذي بيننا ؛ فال أمر يتم دون مال ،وال أمن يتم دون صالح حال ؛ فطريقتنا تخدم الوطن والصالح العام ،وتكون األجيال الصاعدة وتنشر القيم واألخالق التي يعم بها األمن واألمان والسلم والسالم في بالدنا وفي سائر يالد العالم «وما أرسلناك إال رحمة للعالمين».
الشمال الفني 4
ح و ا ر
مع
إشراف الفنان يوسف سعدون
العدد 1015ـ الثالثاء 15إلى 21أكتوبر 2019
الفنان الت�شكيلي ومدير ملتقى املكان بتون�س
عمر الغدام�سي أجرى الحوار يوسف سعدون
يعتبر الفنان التشكيلي التونسي عمر الغدامسي أحد الوجوه البارزة في الساحة التشكيلية التونسية والعربية نظرا لعطائه الفني المتميز والذي يسائل من خالله إشكالية الوجود،قيمته أيضا تتمثل في كونه مدير أحد اهم المهرجانات الفنية الدولية بتونس وهو ملتقى المكان والذي اختتم مؤخرا ومثل المغرب فيه الفنان القدير رشيد باخوز. بمناسبة هذا الملتقى ،كان لجريدة الشمال مع الفنان عمر الغدامسي الحوار التالي :
في غالبيته علي فناني اللوحة المسندية وبدرجة اقل النحت في حين ان مفهومنا يتماشي وأساليب أخرى كفن األرض والفنون الزائلة عموما.
• من يكون عمر الغدامسي ؟
• اختزل نفسي في ذلك التوقيع الذي يشير إلى اسمي، سواء علي لوحاتي أو كتاباتي أو ضمن المهام التي اعترضت طريقي كأحد مؤسسي نقابة مهن الفنون التشكيلية بتونس أو كمؤسس لملتقي المكان الدولي .اعتقد أن التوقيع يتجاوز كل وظيفة إجرائية ،إنه داللة تكثف معني الفرد والذي يختصر هويته في اسمه بمساراتها المكشوفة والمغلقة وضمن سياقاتها الثقافية والحياتية واالجتماعية ،كما أنه يختصر معني المسؤولية والواجب ،فما أقدمه لآلخرين هو دعوة للتقاسم وهو أمر يخصني وال يخص غيري .أنا أمارس الكتابة منذ عقد الثمانينات أي في سن المراهقة والبداية كانت في صحيفة «الطريق الجديد» لسان الحزب الشيوعي التونسي آنذاك ،كتبت عدة نصوص قصصية نشرت في مجالت لبنانية وفي جريدة « القدس « اللندنية وصدرت لي مجموعة قصصية في أواسط التسعينات وعنوانها «صخور لقيطة» توجت آنذاك بجائزة الدولة ألدب الشباب .بعد سنوات قليلة من التحاقي بجريدة الصحافة ونتيجة لعالقتي بالفنون التشكيلية ،أسست سنة 1997ملحق «الرواق» األسبوعي والمختص في الفنون التشكيلية سواء علي مستوي النقد أو المتابعات والدراسات ،وكان يتضمن ايضا ركن اسبوعي يحمل توقيعه وعنوانه «جدارية» أطرح من خالله جملة من القضايا التي تخص الفن في تونس خاصة ،هذا الملحق توقف منذ سنة فقط وكان في مسيرته تلك مرجعا أساسيا للفن في تونس ومحركا للسواكن ومنبرا للحوار فيما يخص قضايا القطاع والجماليات .علي مستوي الفن أقمت مثل غيري من الفنانين عدة معارض شخصية وعلي مستوي المعارض الجماعية اعتبر نفسي مقال مقارنة بأغلبية الفنانين ،ومع ذلك لي مشاركات خاصة بالخارج.
• ماذا يمكن أن تقولوا لقراء الشمال عن التجربة التشكيلية التونسية ؟
• التجربة التشكيلية التونسية مرت ومنذ نشأتها بعدة أطوار وهي في عمومها تجاوزت وظيفة التعبير عن الهوية الجماعية من خالل رسم الحياة الشعبية للتونسيين والمعمار التقليدي والتي تشكلت في اعمال جيل الرواد ثم مع جيل عقد منتصف الخمسينات والذي قام بتوسيع مفهوم الهوية لتصبح تعني الموروث البصري العربي اإلسالمي كالمفردة والعربسة والحرف وكان ذلك من باب البحث عن لغة تشكيلية تجمع بين األصالة والمعاصرة ،في بداية الثمانينات من العقد المنصرم أخذ يبرز جانب من التعبير الفردي غير المرتكز على أية هوية جماعية وهو الذي فتح الباب أمام حالة االنفجار الكبير الذي نعيشه اليوم على مستوي األساليب والمرجعيات الجمالية .شخصيا اعتقد بأن التجربة التشكيلية في تونس ال تزال بحاجة الي مخاض جديد يجعلها قادرة علي إبراز التجارب األصيلة مقارنة بما يوجد اليوم من بروز لتجارب هي مجرد أصداء لما يوجد في العالم من أنماط وأساليب مستهلكة ،طبعا هذا ال يعني بأن التشكيل في تونس يفتقد لتجارب مهمة ومبدعة ،لكنها ال تزال في اغلبها مغمورة، خاصة مع وجود غالريهات ال تحبذ المغامرة و تكتفي بتبني من هم حققوا رقم مبيعات في الخارج .أعتقد بأن الفن في تونس سيستمر في التقهقر إذا لم ينجح في أن يرسخ وجوده ضمن حركة ثقافية ونقدية تساعده على التطور والتخلص من االستسهال و االستنساخ . • ماهو انطباعكم عن التشكيل بالمغرب ؟
• ماذا عن مساركم التشكيلي ؟
• مساري التشكيلي يختلف عن بقية ما يوجد من تجارب في تونس ،ربما هذا يعود إلي اختالف السياق الذي أتيت منه إلى الفن .في أعمالي اشتغل علي مفهومي الهشاشة والزوال بتوظيف مواد وخامات تحيل إلى ما يعتري األشياء من تحوالت وفساد .أوظف مثال الصدأ والذي أجده في الكبسوالت أو في العلب التي سوتها العربات باألرض او في طبقات المعلقات االشهارية ،وعالقتي بمثل هذه الخامات وغيرها اعتبره الجانب األهم وغير المرئي في عالقتي بالفن ،فهي مستمدة من حياة المدينة االستهالكية وللعثور عليها يجعلني أصف نفسي بالمشاء أجوب ثنايا المدينة ألبحث عن ما يمكن أن أجده في الطريق من مواد وأجوب األسواق القديمة بحثا عن خامات يمكنني تطويعها .في أعمالي يبقي اإلنسان كوضعية ووجود هو جوهر عالمي التشكيلي ،ذلك أن ما نسميه فنا هو في األخير شكال من أشكال التفكير في هذه «المعظلة « التي اسمها اإلنسان وما يحيطه من هشاشة وفساد وموت .أعتقد بانني في عالقتي بالفن ال أحاور تجارب تيارات الفن الحديث والمعاصر ،بقدر ما إنني أحاور ما طرحته تلك الفنون الكبري المؤسسة في عهد الفراعنة والحضارات القديمة من معاني وخصائص عن عالقة الفن بالوجود والموت .أعتبر مثال ان La Momificationهي جوهر العملية الفنية .عموما أنا لم أتعود الحديث عن أعمالي بقدر ما تعودت الحديث والكتابة عن التجارب التي تحرك في األسئلة وتمنحني افقأ للتفكير ،وذلك يغض النظر عن قيمتها التشكيلية أو الجمالية ،فقط أكتفي بالقول بأن الفن بالنسبة لي هو في استعادة ذلك المثلث المفقود والذي يتحد ضمنه الفكر بالقلب وبالحرفة .
• تنظمون ملتقى المكان الدولي ،فماهي فلسفة هذه التظاهرة وماهي اهدافها ؟ • فكرة ملتقي المكان الدولي ولدت بعد منعطف 14 جانفي 2011وما كشفه ذلك التحول الكبير من هوة بين ما يعيشه المركز والمتمثل خاصة في تونس العاصمة وبين ما تعيشه الجهات الداخلية من تهميش واهمال وقد قامت فكرة بعث ملتقي المكان علي هذا االساس وهو بعث موعد سنوي يكون اشبه بالجسر الذي يربط فناني الجهات الداخلية بتجارب ومبادرات غيرهم من فناني العالم وذلك ضمن مفهوم شمولي يربط الفن بالمكان من حيث هو رصيد ثقافي وبيئي واجتماعي له خصوصيته ودعونا علي هذا األساس الفنانين للقدوم والمشاركة ليس إلنجاز أعمال تعودوا عليها وليس الستئناف ما ينتجونه في ورشاتهم بل لكي يتفاعلوا وليجربوا في المكان والذي هو عموما ضاج بخصائصه الحضارية والبيئية وبرهاناته وقضاياه االجتماعية. وعلي هذا االساس نجد ان ملتقي المكان يتأثث ضمن عدة محاور من بينها تلك اللقاءات والزيارات التي ننظمها لفائدة المشاركين لالطالع علي خصائص المكان وكذلك محور يربط الفن بالمجتمع في دائرة ذلك المكان الذي نلتقي فيه ،حيث اننا في جزيرة قرقنة طرحنا قضية الهجرة السرية ذلك أن هذه الجزيرة تعتبر من بين اهم نقاط عبور قوراب الموت نحو الضفة الشمالية من المتوسط ،وقد انعكس هذا في إنجاز جداريات وأعمال غرافيتي في الشارع .كذلك قدمنا للفنانين بسطة عن الصيد بالشرفية وهي طريقة صيد تقليدية مهددة باالنقراض وتختص بها الجزيرة ولها
دور بيئي هام وحتي اجتماعي ذلك أنها وإلى جانب شغل البحارة فإنها تعتمد ايضا علي مهارات الحرف اليدوية .مفهوم المكان تأسس أيضا وفق قراءة لما يوجد على الخارطة المحلية والعربية من ملتقيات ومهرجانات .فنحن في بلد مثل تونس حيث االمكانيات المادية متواضعة ال يمكننا وال نحتاج لمنافسة ذلك الكم من الملتقيات والمواعيد التي تقوم علي قوة المال بحساناته التنظيمية والتشريفية للفنانين ،فنحن يمكننا أن نتميز ونحقق خصوصيتنا من خالل خصوصية المفهوم وباالعتماد علي جملة من القيم المشتركة والقائمة اساسا علي فكرة العيش معا وكذلك االستفادة من انفتاحنا الثقافي كتونسيين ومن مناخ الحريات الفردية .كذلك فإن تونس ال تمثل ثقل في السوق الفنية العربية وهذا عنصر إيجابي لنا ،ليكون المكان مالذا وموعدا فنيا المشاركة فيه ال تعتمد علي المكانة التي يحتلها هذا الفنان أو ذاك داخل سوق الفن بل على إبداعه وإنسانيته ،لذلك فإن المكان تراه قد استضاف فنانين لهم مكانتهم العالية في السوق العالمية كما أنه قد استضاف فنانين مهمين ومبدعين ولكن ال عالقة لهم بسوق الفن العالمية وجميعهم يلتقي في المكان ويتقاسموا مع فناني الجهات نفس الورشة. خالصة القول أن فكرة المكان تطمح إلى استعادة عالقة الفن بالمجتمع وبالثقافة في بعدها المتعدد ،لكن دون أن يفقد الفن بعده الذاتي والمنفلت عن كل تنميط وتعليب .طبعا الطريق امامنا اليزال متعثرا لترسيخ هذا المفهوم بعيدا عن محاوالت استنساخ تجارب ملتقيات بلدان أخرى ،كذلك نحن نحتاج إلى خلق شبكة تواصل مستمر مع التجارب الفنية التي تتقاطع مع خصوصية الملتقي ،حيث أن الملتقي ال يزال يغتمد
اعتقد بأنه لدي فكرة عن التشكيل في المغرب االقصي، سواء من خالل ما ينشر من دراسات نقدية او من خالل الملتقيات التي التقيت فيها فنانين مغاربة بما في ذلك ملتقي المكان ،وهذا يجعلني اسمح لنفسي بالقول بأن التجربة التشكيلية المغربية تعد مهمة وملفتة ،فهي اوال قائمة علي التنوع في األساليب سواء المعاصرة أو الحديثة وهو تنوع يتسم بطاقة علي البحث والتجذر ،كذلك فان التشكيل المغربي يتميز بوجود تجربة نقدية مرافقة تحضي باحترام واهتمام الفنانين ،أعتقد بأن التشكيل المغربي قد قطع اشواطا مهمة مقارنة بالتشكيل في تونس ،منذ سنوات كان فريد بلكاهية في تونس وقد دعاني صديقي الراحل الفنان نجيب بلخوجة وهو احد اهم الفنانين الكبار التونسيين إلى مرافقته للقاء بلكاهية والذي تعود صداقته به الي الستينات عندما عرض نجيب بلخوجة اعماله في باب الرواح ،في ذلك اللقاء تحدث بلكاهية عن تأثر جيله بتجربة بلخوجة إلى حد يعتبرونه رائدا لهم ،نفس هذا التقييم لمسته أيضا عند الناقد والباحث موليم لعروسي في لقاء كنت فيه مع نجيب بلخوجة. اعتقد بأن هناك أسبابا موضوعية تفسر تطور التجربة الفنية المغربية مقارنة بمثيالتها في البلدان العربية ،وهي اسباب اجتماعية للهامش فيه قدرة على إنتاج ذوات مبدعة في مختلف المجالت واذكر هنا محمد شكري وعباس الصالدي وحتي خليل غريب والذي تعرفت على أعماله وكتبت عنها قبل أن التقيه في إحدى بلدات الشمال اإلسباني وبقينا نتحدث طويال وعلمت بأنه درس بمعهد الصحافة في تونس وتحديدا في نفس الشارع الذي توجد فيه الصحيفة الذي كنت اشتغل فيها .هناك أيضا أسباب ثقافية ذلك أن المغرب خزان ثقافي تجديدي في مختلف مجاالت الفكر واألدب .
العدد 1015
الشمال الفني
انطالق فعاليات الدورة السابعة عشرة للفيلم القصير المتوسطي بطنجة انطلقت بمدينة طنجة فعاليات الدورة السابعة عشرة للفيلم القصير المتوسطي يوم 3شتنبر ،واستمرت إلى غاية 5اكتوبر الجاري بمشاركة 46فيلما من 17دولة ،وهذا المهرجان ينظم من طرف المركز السينمائي المغربي رغبة منه في خلق فرص مواتية للطاقات السينمائية الشابة وإبراز عطاءاتها الفنية وخلق فرص للتواصل واالضطالع على مختلف التجارب التي تزخر بها دول الضفةالمتوسطية، بخصوص هذه الدورة ،فقد تضمنت عرض األفالم المشاركة في المسابقة الرسمية ،باإلضافة إلى درس حول السينما أطره المخرج المغربي فوزي بنسعيدي ،كما استضافت الفيلم اإلسباني القصير وكذا المعهد العالي لمهن السمعي البصري والسينما، وعرفت أيضا عقد لقاءات مهنية في «كتابة الفيلم القصير بين االقتباس وكتابة السيناريو» وورشة حول «من الكتابة إلى الشاشة». وتميز حفل افتتاح الدورة بإلقاء مجموعة من الكلمات أجمعت على أهمية هذا الحدث الفني والدور الذي يلعبه في تشجيع الكفاءات السينمائية الشابة ،كما تم تكريم المخرج المغربي فوزي بنسعيدي وعرض أفالمه القصيرة األولى. تبقى اإلشارة إلى أن لجنة التحكيم ترأستها المخرجة المغربية ليلى كيالني وضمت في عضويتها ستافروال جيرناكي من النرويج وآن بارون من فرنسا وفرات بوسيل من تركيا ونورالدين بن ادريس من المغرب ووليد مطر من تونس وسعد هنداوي من مصر ،في حين أن المشاركة المغربية تمثلت في عرض خمسة أفالم قصيرة ألسماء واعدة في هذا الجنس الفني.
فنانون تشكيليون ألمان يعرضون بتطوان
في إطــار افتتـــاح المــوسم الثقافـــي 2020/2019الرامـــي إلى تعزيــز مكتسبات التقليد الفني بالحمامـــة البيضــــاء ،تنظم المديرية اإلقليمية لوزارة الثقافــة واالتصال قطــاع الثقافة بتطوان ،معرضا تشكيلياجماعيا لفنانين متميزين من جامعة هسن الحرة للفنون الجميلة بألمانيا fadbkيتضمن أعماال فنية معاصرة تعرض ألول مرة بالمغرب تتصدرها أعمال الفنان البروفيسور ستيفان بول شنايدر رئيس هذه الجامعة المرموقة. ينطلق حفل االفتتاح مساء الجمعة 11 أكتوبر 2019على الساعة السادسة والنصف ( )18.30hبرواق برتوتشي بمدرسة الصنائع والفنون الوطنية – تطوان (أمام باب العقلة). يستمر المعــرض إلى غايــة 31أكتوبـــر 2019
الفنانون المشاركون: ستيفان بول شنايـــدر( .ضيف شرف المعرض) /هايدي بيكر /دانييال ويرث / كورنيليا ويسل /ليان لونكن /محمد وعمي
Stephan Paul Schneider (invité d’honneur) / Heidi Becker / Daniela Werth / Cornelia Wessel / Liane Lonken / Mohammed Ouammi
جائزة المغرب للكتاب دورة 2019 في صنف الدراسات األدبية والفنية واللغوية، نال كتاب «الكاريكاتير في المغرب -السّخرية على محكِّ الممنوع» للناقد ابراهيم الحيسن جائزة المغرب للكتاب -دورة 2019يعيد هذا الكتاب، الذي قدَّم له الكاتب واإلعالمي بوشعيب الضبَّار، االعتبار لحقل الكتابة الفنية والنقد التشكيلي بعد ما شهدت الجائزة طيلة الدورات الماضية هيمنة الدراسات األدبية ،مثلما يوثق لتجربة الرسم الكاريكاتيري في المغرب الذي أضحى يحتل مكانة مرموقة داخل النسيج التشكيلي العربي والمغربي بفضل مبدعيه من جيل الرواد والمؤسسين وما تالهم من رسامين مرموقين من المخضرمين والشباب.
الثالثـاء � 15إلى � 21أكتوبر 2019
5
التعديل الحكومي والشأن الثقافي والفني • يوسف سعدون شخصيا ،لم أعقد أمال كبيرا على التعديل الحكومي ،والسبب راجع إليماني بكون أن مشكل المغرب أعمق من أي تعديل أو تغيير الوجوه ،ال يهمني هنا الجانب السياسي في هذا اإلجراء ،ألنه حسب تقديري سوف يكرس انطباعنا السلبي بواقع زرع فينا يأسا منذ عقود من الزمن عبر عناوين مختلفة قوامها تناوب وانتقال ديموقراطي وإصالح وحكامة وغيرها ،لم أعقد األمل أيضا لكون هذا التعديل جاء في وقت التراجعات عن مكتسبات متعددة في مجاالت سياسية وحقوقية واجتماعية ،...لنترك هذا الجانب ولنركز فيما يهمنا وهو المجال الثقافي و الفني في عالقته بالتعديــل الحكومي ،بمعنى آخر ،ماذا سيحمل هذا اإلجراء السياسي من جديد بالنسبة ألهل الثقافة والفن ،وهل سيأتي هذا التعديــل بمكتسبات للمثقفين والفنانيـن؟ وهل استقطب هذا الحــدث اهتمام اهل الفن والثقافة ،وهل تفاعلوا معه؟ تاريخيا ،بالنسبة لنا بالمغرب ،قطاع الثقافة اعتبر والزال قطاعا ثانويا وغير منتج شانه في ذلك شأن القطاعات االجتماعية األخرى خصوصا التعليم والصحة ،تاريخيا أيضا ،ميزانية قطاع الثقافة دائما كانت أضعف ميزانية عند كل الحكومات ،وهذا الوضع رسخ تدهور وضعية الفن والثقافة ببالدنا ،ودون الدخول في التفاصيل، بهذه الميزانيات الضعيفة ،ارتبطت دينامية العمل الثقافي في الكثير من األحيان بشخصية بعض من تحملوا مسؤولية تسيير هذا الشأن واجتهاداتهم ،فرأينا بعض الطفرات أحيانا ،و سجلنا ركودا في أحيان أخرى ،كذلك الشأن بخصوص وضعية المثقفين والفنانين حيث اختلفت درجة االهتمام بهم وبإبداعاتهم حسب مواسم مد وجزر االهتمام الرسمي. وبالرجوع إلى حدث التعديـل الحكومـي في عالقتــه بقطاع الثقافة ،فيمكن تسجيل المالحظات التالية : - 1شكل ضم قطاع الثقافة مع قطاع الشبيبة والرياضة مفاجأة باعتبار أن هذين القطاعين يعانيان من أزمة بنيوية ،وكان من المفروض أن يعطى لهما اهتمام أكبر ،كل واحد على حدة ،إذ أن قطاع الثقافة لم يستجب النتظارات الثقافة والفن حينما كان مستقال بذاته ،فكيف سيصير عليه الحال وهو توأم لقطاع آخر حساس هو الرياضة وتحت مسؤولية وزير واحد، - 2ضم قطاعين تحت مسؤولية واحدة يكــرس النظـرة الرسمية المتمثلـة في اعتبارهما قطاعين ثانويين وال يحظيان باألولوية. - 3هل سيشتغل المسؤول الجديد على الشأن الثقافي على نفس مشروع الوزير السابق أم سيعمل باستراتيجيات أخرى ، خصوصا وأن مبادرات الوزير السابق قد خلقت بعض المراجعات واإلجراءات في قضايا ظلت حساسة وظلت دائما محط نقاش هما مسألة الدعم والبطاقة المهنية للفنان.. - 4سجل التعديل الحكومي ردود فعل باردة من طرف الفنانين والمثقفين ،وصل لحد عدم االكتراث وهذا راجع ليأس هؤالء من الرعاية الرسمية للشأن الثقافي والفني ،وإذا ما نظرنا إلى الكثير من حاالت البؤس االجتماعي للعديد من الفنانين سنفهم سبب المباالتهم، - 5هذا اإلجراء ،لم يعط قيمة لتطلعات المبدعين ألن أصحاب القرار يعرفـون حجم تأثير هـؤالء المبدعيـن في القرار الرسمي ،حيث أنهم غائبون تماما عن الساحة وأغلبية تنظيماتهم واتحاداتهم ونقاباتهم متقاعسة ومنقسمة وغير منسجمة ،ولم يسبق لها أن أثرت في القرارات الرسمية في الشأن الثقافي.
6
الثالثـاء � 15إلى � 21أكـتـوبر 2019
العدد 1015
مجتمع ـ سياسة ـ حقوق فكري ولد علي
(مراسل من الحسيمة /الناظور)
شوراق يوجه تحذيرات شديدة اللهجة للمقاوالت المكلفة بإنجاز مشاريع منارة المتوسط
أفادت مصادر مأذونة أن السيد فريد شوراق عامل إقليم الحسيمة وجه تحذيرات شديدة اللهجة للمقاوالت المكلفة بانجاز مشاريع منارة المتوسط وكذا مكاتب التتبع والمراقبة ،مفادها أن تسريع الوتيرة ال يعني القفز على معايير الجودة واالتقان ،وأن حسابا عسيرا ينتظر كل من سولت له نفسه بالتالعب والغش في اإلنجاز. كما أن مقر العمالة يشهد جلسات واجتماعات عمل مكثفة وتعبئة عامة للمصالح المختصة ،بخصوص تتبع مشاريع منارة المتوسط.
المكتب الوطني للكهرباء يوقع على اتفاقية جديدة مع جمهورية النيجر
وقع عبد الرحيم الحافظي ،المدير العام للمكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب بالرباط على اتفاقية خدمات جديدة مع المدير العام للوكالة النيجيرية إلنعاش الكهربة القروية. تندرج هذه االتفاقية في إطار التعاون بين المملكة المغربية وجمهورية النيجــر في إطار االتفاق المبرم بين المكتب والبنك اإلسالمي للتنمية المتعلق بتنفيذ المبادرة المشتركة الداعمة للكهربــة القرويــة بإفريقيــا جنــوب الصحراء. يعمل كل من المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب والبنك اإلسالمي للتنمية على تقديم الدعم الالزم لمشاريع الكهربة القروية المؤهلة وذلك من خالل هيكلتها وإنجاز الدراسات المرتبطــة بها والتكويــن وتطوير الكفاءات وكذا الدعم التقني إلنجاز هذه المشاريع. يهدف مشروع النيجر إلى االرتقاء بنسبة الولوج إلى الكهرباء بالوسط القروي من خالل إنشاء شبكات صغرية يتم تزويدها عن طريق محطات شمسية مع التخزين وكذا ربط ما يقارب 17500منزال وخلق 1500أنشطة مدرة للدخل (مصالح عمومية وأنشطة اقتصادية) بقرابة ثالثين قرية.
بهذه المناسبة ،ذكر عبد الرحيم الحافظي، بالخبرات والمهارات التي يتوفر عليها المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب في مجال تطوير وتشغيل المشاريع المتعلقة بالكهربة القروية حيث أصبح المكتب الفاعل األول في هذا المجال بالسينغال وذلك من خالل عقدتين امتيازيتين تمتدان لـ 25سنة وتهمان أقاليم تتجاوز مساحتها 49000كلم مربع.
كما تستفيد بعض دول المنطقة من دعم المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب في هذا المجال أبرزها تلك التي يقودها المكتب بمالي ،التشاد وغامبيا. ومن خالل هذا المشروع ،يعزز المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب مكانته ودوره في مجال دعمه للدول اإلفريقية جنوب الصحراء فيما يتعلق بمهن الكهرباء.
اإلعالن عن تهيئة مقطع طرقي يربط بين دوار بني عيسي بإكاون وطريق الوحدة نواحي الحسيمة
أكد مصدر مطلع أن الطريق التي تربط بين دوار بني عيسي بجماعة عبد الغاية السواحل بإقليم الحسيمة ،والطريق الجهوية رقم ( 509طريق الوحدة ) ،سترى النور قريبا بعد أن تم تقديم طلب عروض أثمان لتهيئتها حيث رست الصفقة على إحدى شركات األشغال المعروفة بتهيئة وشق الطرق بالمغرب ،وذلك في إطـــار البرنامج الوطني الثاني للطرق. المصدر أكد أن مديرية الطرق باإلدارة المركزية بمديرية التجهيز والنقل بالرباط قد صادقت مؤخرا على هذا المشروع الطرقي الهام الذي يروم فك
العزلة عن المناطق النائية وتسهيل ولوجها للمراكز الشبه حضرية والحضرية ،وخصصت له غالفا ماليا قدر في 29مليون درهم.
وسيمكن تهيئة هذا المقطع الطرقي من فك العزلة عن دوار بني عيسي بجماعة عبد الغاية السواحل ،وربطـــه بالطريق الجهويــة رقم ،509التي تربط بفــاس والحسيمة عبــر الطريق الوطنية رقم ،2 وكذا تسهيل ولوج ساكنة الدوار المذكور للمرافــق العموميـــة بالمركز الجماعي لـ «كاون» ،وضمان تنقلها في الظروف المناخية المختلفة
Fikri.press@gmail.com Tél 0661986707
الحسيمة ..مليار و 600مليون إلحداث ثالثة مراكز لذوي االحتياجات الخاصة
أعلنت وكالة اإلنعاش والتنمية االجتماعية واالقتصادية ألقاليم شمال المملكة ،عن طلبات عروض إلحداث ثالثة مراكز لألشخاص ذوي االحتياجات الخاصة بمدينة الحسيمة. وتأتي هذه المشاريع في إطــار برنامـج التنمية المجاليــة إلقليــم الحسيمــة “منارة المتوسط“ ،بشراكة مع والية جهــة طنجة ـ تطوان ـ الحسيمة. ورصد للمشروع األول وهو عبارة عن مركز
إليواء وادماج األشخاص في وضعية اعاقة، ميزانية قدرت بـ 730مليون سنتيم ،فيما سينجز المشروع الثاني وهو عبارة عن مركز خاص باالشخاص المصابين بمتالزمة داون ،بميزانية قدرت بـ 460مليون سنتيم. أما المشروع الثالث وهو عبارة عن مركز لألشخاص التوحديين ،فقد رصدت له ميزانية قدرت بـ 420مليون سنتيم.
ورثة بالحسيمة يطالبون باإلنصاف بعد استيالء على مساحة واسعة من أراضيهم
يشتكي ورثة مكي سليمان الخطابي وهم مالك قطعة أرضية بمنطقة ( كونترول ) بأجدير بإقليم الحسيمة ،مساحتها 12ألفا و 500متر مربع ،كانوا باعوا منها مساحة بلغت 4االف و 433مترا مربعا لمواطنين اثنين ( يشتكون) مما أسمـوه استــيالء أحد األشخاص على ما تبقى من المساحة االجمالية سالفة الذكر، بعدما كـان اقتنى هو االخـر المساحة التي كان اشتراها المواطنان من الورثــة ( 4أالف و433متر مربع). وكشفت وثيقة للورثــة أنفسهم أنهـم
وضعوا ملف قضيتهم بشكل قانوني خاضع لجميع االجراءات عبر محام لدى المحكمة المختصة منذ 1996للتداول في هذا الملف، غير أن هذه القضية مازالت رائجة داخل ردهات المحاكم. ويطالب الورثة بإنصافهم من قبل العدالة وذلك بوضع حد لهذه التجاوزات التي طالتهم باالستيالء على مساحة واسعة من أراضيهم دون وجه حق رغم أن لديهم جميع الوثائق التي تثبت ملكيتهم القانونية للقطعة سالفة الذكر المتنازععليها.
العثور على أزيد من 700كلغ غرام من مخدر الشيرا في عرض سواحل الحسيمة
علمت الشمال من مصدر مطلع أن قوات خفر الساحل المغربية التابعة للبحرية الملكيـــة العاملـــة بالمياه المتوسطية ،قد عثرت مؤخرا على كمية مهمة من مخدر الشيــرا ،في عــــرض سواحلالحسيمة. المصدر أكد أن القوات نفسها عثرت على عشرات الرزم من المخدرات وهي طافية في عرض سواحل الحسيمة، قدرتها مصادرنا بأزيد من 700كلغ من مخدر الشيرا ،ورجح المصدر أن تكون البضاعة قد تم التخلص منها في عرض البحر من قبل مهربين ،أو حملتها التيارات المائية في البحر بعد اإللقاء بها في أماكن قريبة. وتم شحن المخدرات من طرف قوات الخفر نفسها ونقلها باتجاه ميناء الحسيمة ،حيث تم تسليمها لمركز الدرك الملكي البحري ،الذي قام باإلجراءات المسطرية المعمول بها.
7
الثالثـاء � 15إلى � 21أكـتـوبر 2019
العدد 1015
مجتمع ـ سياسة ـ حقوق عبد العالي بن ربوحة
(مراسل من القصر الكبير)
القصر الكبير :جمعية األعمال االجتماعية للمتقاعدين والمسنين تخلد اليوم العالمي للمسن واألبواب المفتوحة
احتفاء باليوم العالمي للمسن الذي يصادف الفاتح من أكتوبر من كل سنة ،نظمت جمعية األعمال االجتماعية للمتقاعدين والمسنّين بالقصر الكبير في بادرة إنسانية متميّزة،تنم عن فضيلة الوفاء والعرفان و بتنسيق مع جمعية النادي المغربي يوم الثالثاء 8أكتوبر 2019 بالنادي المغربي حفال تكريميا لفائدة منخرطي ومنخرطات الجمعية ،حضر اللقاء األستاذة مليكة قلبي ممثلة وزارة األسرة والتضامن والمساواة والتنمية االجتماعية ،واألستاذة خديجة قرباص المندوبة الجهوية للصندوق المغربي للتقاعد بتطوان كما حضره عدد كبير من المنخرطين والمنخرطات ،وعدد من المهتمين ،وبعض الجمعيات الفاعلة بالقصر الكبير ،أدار اللقاء األستاذ حميد نويوار رئيس جمعية األعمال االجتماعية للمسنيــن والمتقاعديــن بالقصر الكبير. تضمن برنامج الحفل فقرات متنوعة، استهلت بتالوة آيات بينات من الذكر الحكيم، تلته كلمة األستاذ حميد نويوار رئيس جمعية األعمال االجتماعية للمتقاعدين والمسنّين بعد ترحيبه بالحاضرين والمكرّمين ،أشار فيها إلى بواعث الحفل ومراميه اإلنسانية واالجتماعية، التي تتجلى في ربط أواصر التآخي والتعارف، وتكريم ثلة من األطر المتقاعدة التي أنهت مشوارها المهني بعد سنوات طويلة من العمل والعطاء . بعد ذلك أعطيت الكلمة للسيدة مليكة قلبي ممثلة وزارة األسرة والتضامن والمساواة والتنمية االجتماعية ،التي رحبت بالحضور، وأكدت على أهمية االعتناء بالمسن والدور الذي تلعبه الجمعيات في إبراز مشاكله واالهتمام بها ومعالجتها وأهمية اإلحتفال باليوم العالمي للمسن .
العرائش :يوم دراسي لتقديم منهجية إعداد المخطط اإلقليمي للحماية االجتماعية
انعقدت بعمالة العرائـــش يــوم الخميس 26 شتنبر ،2019أشغال اليوم الدراسي لتقديم منهجية إعداد المخطط اإلقليمي للحماية االجتماعية المنظم من طرف جمعية «ايكوديل» بشراكة مع المجلس اإلقليمي للعرائش وجمعية فرنسية . وقد ترأس هذا اليوم الدراسي السيد عامل إقليم العرائش الذي نوه في كلمته االفتتاحية بهذه المبادرة وأكــد على أهميـــة التخطيط االجتماعي باعتباره مدخــال أساسيا أليـــة برمجة في المجال االجتماعي ،وأكد على تقاطعه مع أهداف المبادرة الوطنية للتنمية البشرية في نسختها الثالثة خاصة تلك المرتبطة باألمومة وإدماج الشباب . كما تنــاول الكلمــة بالمناسبة كل من السيد رئيـــس المجلـــس اإلقليمـــي ،ورئيس جمعية
ايكوديل ،ورئيس الجمعية الفرنسية ،الذين أكدوا على أن هذا المخطط من شأنه تحديد المشاكل المطروحة بخصوص الحماية االجتماعية باعتباره مرافقا لها من منطلقها الوقائي ،كما سيمكن كذلك من تحقيق األهداف من المشاريع وتحقيق النجاعة استجابة لمتطلبات المواطن. وعرف اللقاء أيضا تنظيم ورشات تفكيرية حول مختلف اإلشكاالت االجتماعية الكبرى ،وذلك في إطار اإلعداد لمخطط إقليمي للحماية االجتماعية ،أطرها خبراء فرنسيون في المجال االجتماعي. وفي األخير تم توقيع اتفاقية شراكة بين كل من رئيس المجلس اإلقليمي للعرائش ورئيس جمعية خامس ورئيس جمعية ايكوديل .
مهرجان القصر الكبير للشعر بنكهة الفن والثقافة واإلبداع تحت شعار :
«األدب ،الذاكرة واألمكنة»
وبمناسبة األيام المفتوحة ألقت األستاذة خديجة قرباص المندوبة الجهوية للصندوق المغربي للتقاعد عرضا ذكرت فيه بأهمية اليوم العالمي للمسن ،وأكدت على أهمية التواصل مع الصندوق عبر بوابته االلكترونية لتسريع التواصل بين المتقاعد واإلدارة ،كما تتيح للمستخدم الدخول بسهولة ويسر إلى الخدمة التي يريدها ،دون الحاجة إلى مراجعة مقر الصندوق. ودعت السيدة المندوبة كافة المتقاعدين إلى االنخراط الفعلي في هذه العملية و اتخاذ المبادرة بالتسجيل لالستفادة من الوسائل الحديثة ،حيث تتيح البوابة اإللكترونية الحصول على المعلومات المرغوبة ومتابعتها ومعرفة التطورات التي جرت عليها وتمكنهم من المتابعة واالطالع على جميع التفاصيل التي تخص المتقاعد وذلك بلمسة زر .
كما عرف الحفل وصلة موسيقية ساهمت بها إحدى الفرق الموسيقية وفي ذات السياق تم إلقاء قصيدة شعرية تغنت بالمحتفى بهم ،وأشادت بعطاءاتهم وبمساراتهم المهنية في المجال التربوي و اإلداري و الخدماتي ألقاها األستاذ محمد علوى . واختتم الحفل بتكريم ثلة من منخرطي ومنخرطات الجمعية وهم : األستاذ عبد القادر جطي األستاذة أمينة الديوري األساتذة غيثة بلقايد األستاذ عبد السالم البوشوكي األساتذة الزهرة الورياغلي واألستاذ طابلو لعروسي
اهتمام جمعية مدينتي للتنمية والتعاون بالقصر الكبير بقطاع الصناعة التقليدية
في إطار اهتمام جمعية مدينتي للتنمية والتعاون بالقصر الكبير بقطاع الصنــــاعــة التقليدية باعتباره مكونا أساسيا للتراث الثقافي المحلي ورافعة للتنمية االقتصادية واالجتماعية ،قامت الجمعية بتأطير ومواكبة وتتبع حرفيين تقليديين (( )2الصناعات الجلدية والفخار) لكي يحصال على قرضين بدون فائدة وبدون ضمانة لكل واحد منهما .التأطير والمواكبة شمل أساســـا صياغة المشاريع والتواصل. المشروعان اللذان قدما في هذه المبادرة وحظيا بموافقة لجنة االعتماد المنبثقة عن «العرائش مبـــادرة» ،يتعلقــان باقتناء آليات جديدة من شأنها أن تساهم في الرفع من اإلنتاج وتجويده وبالتالي تحسين دخل وظروف عمل الحرفيين في مجال الصناعات الجلدية والفخار . وبهذه المناسبة يتقدم المكتب اإلداري لجمعية مدينتي للتنمية والتعاون بالقصر الكبير بجزيل الشكر والتقدير «للعرائش مبادرة» ومجلسها اإلداري وجميع شركائها على تعاونهم وعلى كل المجهودات القيمة
benrebouha01@gmail.com Tél : 0641794991
التي يقومون بها من أجل المساهمة في التنمية االقتصادية واالجتماعية في اإلقليم عبر خلق وتطوير المقاوالت الصغيرة جدا .كما أن الجمعية تتعهد باالستمرار في تتبع ومواكبة
المشروعين إلى أن تتحقق األهداف المسطرة. نرجـــو من العلـــي القدير أن يوفــــق المستفيدين في مشروعيهما ونتمنى لهما المزيد من النجاح والتألق .
انطلقت مساء الخميس 10اكتوبـــر الجاري، بقاعة دار الثقافة محمد الخمار الكنوني بالقصر الكبير ،فعاليات مهرجان القصر الكبير للشعر واإلبداع ،المنظم من طرف الجمعية المغربية لإلعالم الوسائطي ،وبتنسيق مع الجامعة للجميع وبدعم من المبادرة الوطنية للتنمية البشرية والمجلس الجماعي لمدينة القصر الكبير وذلك تحت شعار «األدب :الذاكرة واألمكنة» ،حيث ستمتد أطوار هذه الدورة « إلى غاية األحد 13من الشهر الجاري. وتميزت دورة هذه السنة باستضافة أسماء شعرية متألقة في المشهد الشعري المغربي . واُستهلت مسائية افتتاح أطوار مهرجان الشعر واإلبداع.، اعقبتها كلمات الجهة المنظمة والمؤسسة المنتخبة حيث تم إبراز خاللها نبل الرسالة الرمزية التي ينوء بحملها الشعر والفكر ومختلف الفنون واإلبداع عموما .
كما تم فسح المجال إللقاء كلمات مماثلة أمام كبار الشعراء الذين حلوا ضيوفا ومشاركين في المحفل ،حيث أعربوا عن امتنانهم لرجاالت مدينة القصر الكبير الذين احتفــــوا بشعراء العالم، وتميز يوم االفتتاح الرسمي للمهرجان ،بتكريم ذاكرة المدينة وموثقها عبـــر الصورة السيد محمد بنونة. ولحظـــة وفــاء لموثقـــ الصـــورة عبد اهلل الفروكي. هــذا ،وعرفـت المسائية االفتتاحية قراءات شعرية مبدعة ارتجلتها ثلة من األسماء المعروفة على الصعيــد الوطنــي ،أمثال مصطفى الشريف طريبق ،أمل طريبق ،نجية االحمدي ،سعاد زكي، رباب بن قطيب
مآثر تاريخية بالقصر الكبير تلتحق بقائمة المعالم المحمية قانوناً باعتبارها إرثاً وطنياً أعلنت وزارة الثقافة واالتصال -قطاع الثقافة- أنها شرعت في تقييد مجموعة من البنايات التاريخية والمواقع ضمن الئحة التراث الوطني، وذلك تنفيذا لسياستها الرامية إلى ضمان الحماية القانونية للتراث الوطني والحضاري للمملكة ،وكذا التعريف به وإبرازه وتثمينه وإدراجه في المنظور التنموي الشامل. وفي هذا الصدد ،أوضح بالغ للوزارة ،أنها اتخذت مجموعة من اإلجراءات اإلدارية والقانونية، التي تقضي بتقييد مجموعة من البنايات بمدينة القصر الكبير ،ويتعلق األمر بالسور الموحدي للمدينة ،الذي يعتبر أحد المنشآت العسكرية الهامة نظرا ألدواره الدفاعية ،ثم المسجد األعظم ،وهو من الصروح المعمارية الدينية في مناطق شمال- غرب المغرب ،باإلضافة إلى ضريح موالي علي بوغالب ،وهو ضريح الفقيه الصوفي والشاعر وعالم الرياضيات األندلسي القصري ،أبو الحسن علي بن خلف بن غالب الشلبي األنصاري الذي يعتبر من إعالم المدينة.
وأضاف البالغ أن الوزارة شرعت كذلك في تقييد كل من دار بنجلون ،وهي بناية تتميز بالطابع المعماري المتميز الذي يستمد جذوره من الطراز الهندسي المغربي األندلسي ،وسور ماسة -تاسيال بإقليم اشتوكة آيت باها ،الذي يعتبر أحد نماذج العمارة الدفاعية المحلية بماسة. وأبـــرزت الوزارة أنها واصلـــت دراســـة ملفات طلبــات الترتيب والتقييــد في الئحة التراث الوطني ،خـــالل سنتي ،2018-2019حيث تم تقييد وترتيب ما يناهز 500عنصر بين منقوالت تراثية ومعالم تاريخية ومواقع أركيولوجية.
العدد 1015
الثالثـاء � 15إلى � 21أكـتـوبر 2019
«ضد اإلحباط» ..بن شريف يعكف على تحرير مذكرات حول مساره المهني
يعكـف اإلعالمــي المغربــي عبد الصمد بن شريــف ،الوجـــه التلفزيوني السابق بالقناة الثانية والمدير الحالي لقناة «المغربية»، خالل المرحلة الراهنة ،على تدوين فصول كتــاب جديـــد يتناول فيه تجربته اإلعالميـــة منذ التحاقـــه بالقناة الثانية «دوزيم» إلى اآلن. وأوضح اإلعالمي بن شريف، في جواب عن سؤال يتعلق بضرورة توثيق األحداث وتسجيل المذكرات قدّمه أحد الحاضريــن في لقـــاء ّ نظمه مركز أجيال 21للثقافة والمواطنة بالخزانـــة الوسائطية العربي زروالي بالمحمدية مســـاء السبت 12أكتوبر ،2019موجها كالمه إلى صاحب السؤال ممازحا: «إنك ،يا أخي ،بحال إيال عندك شي كاميرا وكتجسس علي» ،قبل أن يتابع كالمه« :فعال ،لقد شرعت، خالل الفترة األخيرة ،في تدوين كتاب عن التجربة التي عشتها في مساري اإلعالمي ،منذ التحاقي بدوزيم إلى اآلن؛ وهو كتـــاب وضعت له عنوانا مؤقــتا كالتالي: «ضد اإلحباط ..عندما يهدد التلفزيون الديمقراطية»». وأضاف بن شريف ،في اللقاء المنظم لالحتفاء بالكتاب الحواري «أسماء في الذاكرة ..أسئلة اإلبداع والفكر والواقع» ،أن الكتاب المقبل يتضمن معلومات كثيرة ومعطيات غير معروفة لدى الكثير من المتتبعين للشأن اإلعالمي في المغرب ،الفتا إلى أنه حرص على أن يعزز الكتاب الجديد بوثائق تدعم الوقائع التي عاشها ويرويها في الكتاب سالف الذكر. وفي عالقة بموضوع هذه المذكرات ،كشف صاحب «تيارات» و»لكل الناس» أنه أعد ،بناء على مشاورات ولقاءات كثيرة مع مهتمين
وخبراء وبعد زيارات ميدانية لعديد من القنوات مثل فرانس 24وروسيا اليوم والحرة والجزيرة وغيرها وبعد أن وقف عن قرب على تلك التجارب واستخلص منها ما يصلح لخلق قناة إخبارية ذات خصوصيات مكتملة، مشروعا متكامال لقنـــاة إخباريـــة مغربية. وأضاف أنه قدّم المشروع إلى عبد اإلله بنكيران ،رئيس الحكومة السابق ،بحضور الراحل عبد اهلل باها ،وزير الدولة الذي كان يشتغل إلى جانب بنكيران ،فأبــدى هــذا األخير رضاه وتجاوبــه واقتناعـــه بالمشروع المقدم له ،قبل أن يقبر المشروع في المهد ولم يكتب له أن يخرج إلى الوجود إلى حد اآلن ألسباب غيــر مفهومـــة« ،ربما تم تهريبه إلى جهات أخرى» ،يعلق بن شريف. يذكر أن اإلعالمــي عبد الصمد اإلعالمي بن شريـــف ،المزداد سنــة 1964 عبد الصمد بن شريف بالحسيمة ،أعــد وقـــدّم برامـــج تلفزيونية عديدة ،سياسية وفكرية واجتماعيـــة ،في قضايا مغربيـــة وعربية في القناة الثانية (دوزيم)؛ منها «تيــارات» ،و «لكـل النـــاس»، و»وجوه سياسية» ،و»دين وفكر» .كما عمل صحافيا ومحررا في جريدة «الميثاق الوطني» ،ومراسال لصحف عربية؛ منها «الخليج» اإلماراتية، و»الرأي العام» الكويتية ،و «عكاظ» السعودية ،و»الشروق» التونسية، وإلذاعتي مونت كارلو وأبو ظبي .وقد أصدر الكتب التالية« :رهانات مشتركة» ،و»أناشيد الذاكرة» ،و»الرهان والرهينة» ،و»ضد الغياب.. حوارات مع الشاعر الفلسطيني محمود درويش» (ثالث طبعات إلى حد اآلن) ،و»أسماء في الذاكرة ..أسئلة اإلبداع والفكر والواقع».
من المحمدية :عبد اهلل بديع
عبد السالم الطاهري رئيساً للفرع اإلقليمي للفدرالية الوطنية ألمهات وآباء تالميذ وزان
وزان :مراسلة خاصة
اختار مبعوثي المكـــتب الوطنـــي والجهوي للفدرالية الوطنيـــة لجمعيات أمهات وآباء وأولياء التالميذ بالمغرب رفع الستار عن أشغال المؤتمر اإلقليمي للجمعية المذكورة الذي احتضنت أشغاله دار الشباب المسيرة ،بتكريم األستاذ عبد السالم الطاهري تقديرا منهم للتضحيات الجسام التي قدمها منذ المؤتمر التأسيسي للفرع اإلقليمي للفدرالية الوطنية لجمعيات أمهات وآباء التالميذ بوزان سنة . 2010 وقبل انتقال المشاركات والمشاركين إلى متابعة أشغال مؤتمر الفرع اإلقليمي في جلسة مغلقة ،شدد رئيس الجلسة االفتتاحية هشام بومداسة في كلمته على أن المكتب الذي سيفرزه المؤتمر سيشتغل بمنهجية جديدة تالمس القضايا واالشكاالت األساسية التي يعرفها قطاع التعليم إقليميا ،وأضاف بأن المكتب الجديد سيضبط اشتغاله مع الشركاء على ايقاع الترافع الهادئ والمسؤول .ولم يفت باقي المتدخلين خالل هذه الجلسة التعرض بإسهاب لإلكراهات والصعوبات التي يعرفها الدخول المدرسي الحالي ،كما وجهوا تحية تقدير واجالل ألسرة التربية والتكوين بمناسبة احتفالها باليوم العالمي للمدرس .
8
األشغال الداخلية لمؤتمر الفرع اإلقليمي للفدرالية الوطنية لجمعيات أمهات وآباء التالميذ بالمغرب ،وبعد الوقوف على نقاط القوة والضعف التي ميزت الوالية السابقة ،كما صرح بذلك للجريدة مصدر موثوق ،تم االنتقال لفرز مكتب اقليمي جدد فيه ممثالت وممثلي جمعيات أمهات وآباء التالميذ الحاضرون ،الثقة في األستاذ عبد السالم الطاهري ،وينوب عنه كل من أسمهان البطروجي ،وهشام بومداسة ورشيد الحرور ،أما أمانة المال فقد تكلف بها نجيب بودياب ،وأسندت مهمة كتابة المكتب اإلقليمي ألحمد الدرداري ،الذي ينوب عنه نورالدين فليفلو .أما العضوات واألعضاء اآلخرين يقول رئيس الجمعية الذي تسلم الصل المؤقت من باشوية وزان بمجرد وضع الملف لدى المصلحة المختصة بها ،فسيكلفون بمهام في أول اجتماع للمكتب الذي سينصب على صياغة برنامج العمل ،وتدقيق التوصيات الصادرة عن المؤتمر والشروع في تنزيلها . يذكر بأن الجلسة االفتتاحية لمؤتمر الفرع اإلقليمي للفدرالية الوطنية لجمعيات أمهات وآباء وأولياء التالميذ بالمغرب تابع أشغالها نائب رئيس مجلس جماعة وزان ،وفعاليات نقابية ومدنية وحقوقية وإعالمية .
قطرات مداد ُ • محمد إمغران
الصحة النفسية هذا االحتياج «المخفي»
احنفل العالم يتاريخ الخميس 10أكتوبر باليوم العالمي للصحة النفسية التي الزالت في تراجع من حيث العناية واالهتمام بها في بلداننا العربية، بل هي تكاد تكون انتقاصا من شخصية األفراد والجماعات إن هم ركزوا عليها وتداولوها بينهم ونصحوا بعضهم البعض باالهتمام بها واللجوء إليها ،لما لها من نتائج جد إيجابية على سلوك األشخاص وتصرفهم واندماجهم في المجتمعات، كما هو الشأن بالنسبة للغرب الذي يركز كثيرا على الصحة النفسية كما يعمل ويجتهد من أجلها، بتوفيرمعدات ولوازم ومخططات وبرامج لها ،كما يهتم بها انطالقا من المدارس التعليمية وفي المؤسسات المنتخبة واإلدارات المختلفة. أما عندنا فاألمر الزال بعيد المنال ،ألن العالج النفسي «حشومــة وعيــب» مـــع أنه يعــد السبب الرئيس لكثيرمن المشاكـــل والمعوقــات التي تحول دون تحقيق الفرد لتوازنـه النفسي والبدني والتعليمي والعملي ،بشكل الئق وملموس ،تظهر معه نتائج إيجابية كرضا الفرد على نفسه وعلى ذاته ورضا محيطه عليه .بعض األخصائيين النفسانيين يشيرون إلى أن كل شخص ،مهما بدا طبيعيا قد يكون مريضا نفسيا ،بنسبة معينة دون أن يشعر، إذ تتفاوت النسب من شخص إلى آخر ،حسب بيئته وظروفه ونمط ترعرعه وتكوينه.لذا البأس أن يقلص الفرد من نسبة إصابته النفسية ،سواء باجتهاده وبحثه الذاتي ،إن كان متعلما ،أوبلجوئه إلى العيادات واألخصائيين على قلتهم. قد يقول قائل أن ديننا الحنيف الذي هواإلسالم لم يترك شيئا إال وخاض فيـــه وشرح الصعـــب والغامض والمحيرفي أمور حياة االنسان ،وهذا فعال صحيح الغبارعليه.لكن ما بالكم أن هذا اإلنسان، الطاهرالمؤمن المصلي المتصدق الذاكرهلل فجرا والناس نيام والذي يجد نفسه منجذبا إلى كل ما هو روحاني ،قد يحتاج إلى اختبارأو عالج نفسي؟ ببساطة، ألن الروح شيء والنفس شيء مختلف تماما. وما بالكم أيضا أن طبيبا نفسانيا من محيط كاتب هذا المقال قدم خدمات عالجية للمرضى، بصدق وتفان ،لم يشعر إال وهو يمتثل للرقية الشرعية المثالية وعالم «الروحانيات» الذي كان يفتقد لفوائده الكثيرة ومزاياه العظيمة ؟ والجميل في هذا الطبيب أنه متواضع وواع ومثقف جدا ،ورغم هذا لم يخف أمره ولم يتردد في طرق أبواب هذا النوع من العالج ،المثير للجدل، خالل بضعة أشهر األخيرة ،مع أنه طبيب نفساني. والحق أقول ،بمناسبة االحتفال باليوم العالمي للصحة النفسية ،حبذا لو طبــق العالج اإلجباري للصحة النفسية ببالدنا ،ليشمل على وجه الخصوص األشخــاص الذيــن يتحملـــون ،أوال ،مسؤوليات باإلدارات والمراكــز والمؤسسات المختلفة ،لما لها من تداعيات على كل ما هو تربوي واجتماعي واقتصــادي وسيـــاســـي ،كالمــدارس والشركات والمعامل والمصانع والمجالس المنتخبة ،بما فيها الحكومة ألنها معنية جدا بمصير وحياة أكثر من 35 مليون مغربي.
الثالثـاء � 15إلى � 21أكـتـوبر 2019
العدد 1015
ZOOM
9
محطات تتفاعـل من خاللها جريدة «الشمال» سياسيــاً مع األحـداث والوقائع المستجدة بالمجتمع المغربي ،تحرص فيها على عرض وجهات نظر مختلف المرجعيات والتعبيرات السياسية المكونة للنسيج المغربي.
«بخصوص الحريات الفردية» حوار مع الحقوقية والمناضلة السياسية
سعيدة الرويسي تعتبر «سعيدة الرويسي» ،أخت المختطف السياسي المناضل «الرويسي عبد الحق» والمحامية المرافعة باستمرار في القضايا السيلسية ،من أبرز األصوات النسائية الفاعلة بقوة في المشهد الحقوقي والسياسي المغربي المعاصر .وهي معروفة بمواقفها المناصرة لقيم الحق والعدل والحرية .راكمت على امتدا سنوات من النضال رصيدا بوأها مكانة تحظى بكل االحترام لدى الرأي العام السياسي بالمغرب. واألستاذة «سعيدة الرويسي» تنحدر من عائلة بيضاوية معروفة بنضالها السياسي ،تشكلت من أب مقاوم منتسب لحزب الشورى واالستقالل ،وأم «صقلية» ناضلت من أجل الكشف عن مصير االبن
المختطف السياسي. وقد عرف مسار األستاذة عدة محطات نذكر منها: ـ مؤتمرة باالتحاد الوطني لطلبة المغرب المؤتمر 16 ـ عضو بالجمعية المغربية لحقوق االنسان منذ 1979 ـ عضو بالمجلس الوطني للمنتدى المغربي لحقوق االنسان ـ عضو بالمكتب التنفيذي للمرصد المغربي للسجون ـ عضو بالجمعية المغربية للنساء التقدميات.
ما هو المفهوم /اإلطار المرجع للحريات الفردية الذي تستمد منه األستاذة سعيد الرويسي مواقفها السياسية؟ إن إطار مرجع الحريات الفردية هو النضاالت والتضحيات الجسام التي خاضها الشعب المغربي نساء ورجاال عبر االحزاب والجمعيات والنقابات التقدمية من أجل الضغط ،ومن أجل إرساء مبادئ حقوق اإلنسان والحريات الفردية ،وحمل الدولة التي وقعت وصادقت دون تحفظ على المواثيق الدولية لحقوق االنسان على االلتزام بها ،وبالنظر إلى أن دستور 2011تضمن سمو هذه المواثيق الدولية على القانون الوطني
ما حدود التالقي بين الحريات الفردية والحريات الشخصية .بمعنى هــل كل ما يتعلــق بالنزوعات والمعتقدات الشخصيــة يمكـن إدراجـه في سياق الحريات الفردية؟ إن مفهوم الحريات الفردية هي الحرية في التعبير عن الفكر والرأي وحرية المعتقد ،ألننا نعيش في مجتمع متعدد ،ويتعين قبول االختالف ألنه إيجابي لما له من دور كبير في تطور بلدنا في اطار القانون الكوني لحقوق االنسان الذي يستدعي انخراط الدولة المغربية بصفة فعلية على مستوى إلغاء التشريعات التي تتناقض معه.
حاورها عبد اإلله المويسي
أن تتحقق المساواة الفعلية على مستوى جميع التشريعات ،وأن تتحمل المرأة التي تعمل إلى جانب الرجل وبصفة متساوية مسؤولية اإلنفاق ،لكي تبرهن أنها ليست سلعة أو بضاعة .فبالمساواة االقتصادية تتحقق المساواة الفعلية.
هل التصــدي للقوانيــن «المجحفــة» المحيط بالحريات الفردية كاف إللغائها أم أن األمر أعمق من ذلك ويتطلب مراجعة ثقافية تستهدف التصدي للتعسف المتجذر في العقليات ؟ إن إلغاء القوانين التي تحد من الحريات الفردية كي تتالءم مع سمو المواثيق الدولية الموقع عليها والمصادق عليها من طرف المغرب على التشريعات الداخلية والتي تضمنها دستور ،2011إن الغاء هذه القوانين هو قرار سياسي ومعركة نضالية يتحملها المجتمع المدني والهيئات السياسية التقدمية من أجل إرساء مبادئا حقوق اإلنسان والحريات.
هل مفهوم «السرية» ينزع عن الممارسات الشخصية صفة الحريات الفردية (خصوصا الحرية الجنسية) .بمعنى هل يقتضي التمسك بهذه الحريات ،بالضرورة ،إعالنها داخل السياق العمومي؟ إن المجتمعات األكثر انحرافا هي التي تمارس حرياتها الفردية بالسر .فالعالقات اإلنسانية الحميمية هي حريات فردية ال تمس وال تشكل أي خطورة على المجتمع .بل إنها من صميم الحياة ،وتساهم في تحقيق السعادة والتوازن النفسي لألفراد .وأي ضرب محتمل لهذه الحريات من شأنه أن يشجع على تلبيتها بطريقة شاذة وملتوية ،كاالغتصاب وزنا المحارم ،والعنف المرتبط بتعاطي الكحول والمخدرات .فالعالقات اإلنسانية يتعين أن تكون علنية عوض أن تكون سرية ،ألنها حق إنساني.
بعض الحريات قـد تتعارض في ظاهرهـــا مع المرجعيات الثقافية والعقائدية القطعية للمجتمع .كيف يقتضي األمر التعامل مع تصادم المرجعيات. أي تطور في المجتمع البد أن تسبقه ثورة ثقافية على المرجعيات الثقافية والعقائدية السائدة التي تقف مانعا أمام تحقيق الحريات الفردية ،وهذا يقتضي نضاال كبيرا ضد الجهل والتخلف والفكر الدوغمائي المستبد الذي ال يقبل أي اختالف.
قد يترتب عن سيادة الحريات الجنسية بروز ظواهر طارئة ثقافيا وقانونيا عن المجتمع المغربي (األمهات العازبات ـ النسب العائلي لألطفال ـ اإلرث ـ العالقات الثنائية المستديمة خارج إطار التعاقد ـ )..... كيف سيتم استيعاب مثل هذه الظواهر ؟ إن المجتمع المغربي اآلن وفي غياب الحريات الفردية ال يخلو من وجود األمهات العازبات ،وغيرها من الظواهر التي ذكرت ،والمحاكم تعج بقضايا النسب العائلي لألطفال بدون أباء ،وأطفال الشوارع.... إن ممارسات األفراد بالمجتمعات التي تبنى على الحرية تعطي لإلنسان اإلحساس بالمسؤولية ،وبأنه كامل اإلرادة واألهلية والرشد ،عوض إعطائه اإلحساس بأنه قاصر.
إن أصحاب هذا الفكر المستبد يمثلون األنا األعلى بالمجتمع ،لكن بعض معتنقيه يمارسون حرياتهم الفردية بطريقة سرية.
هل الحرية الجنسية تشكل أولوية األولويات لدى المغاربة .بمعنى أليست هناك إلحاحات أخرى يفترض أن تتصدر واجهة الدفاع عن حقوق المرأة؟ ال يجب أن نفصل حقوق المرأة عن حقوق الرجل .فهناك رجال يدافعون عن حقوق المرأة. فالحريات الفردية تشمل الجنسين معا ،والعالقات الجنسية اإلنسانية من صميم الحياة ،وينبغي أن تكون مبنية على قيم الحب والمودة والرضائية حتى تتمكن العالقات بالمجتمع من أن تكون متوازنة .كما ينبغي
عبد الرحيم الخصار
الثالثـاء � 15إلى � 21أكـتـوبر 2019
العدد 1015
تربويات
10
المديرية اإلقليمية بطنجة أصيلة
تكرم األستاذات واألساتذة المتميزين تربوياً
احتفا ًال بيوم المدرس العالمي ،نظمت مديرية طنجة أصيلة بمقر ثانوية موالي الحسن لألقسام التحضيرية – مدرج عبد اهلل كنون -حفلها السنوي التكريمي الذي يصادف 5أكتوبر من كل سنة ،والذي يتم فيه تكريم المدرسات والمدرسين ،وذلك بحضور المدير اإلقليمي بمديرية طنجة أصيلة السيد رشيد ريان ،والسيد عبد اإلله الفزازي رئيس مصلحة الشؤون التربوية ،والشاعــر واألديب والصحفي الدكتـور عبد اللطيف شهبون ،وعدد من الضيوف يمثلون المصالح الخارجية وممثلي اإلقليم بالبرلمان والمنتخبين وعدد من الفاعليـن التربوييـن واإلداريين وأسر المحتفى بهم. بدأ الحفل بتالوة آيات عطرة من الذكر الحكيم قدمها الطالب إبراهيم الحويط من الثانوية التأهيلية وادي الذهب ،تالها كلمة السيد المدير اإلقليمي بطنجة أصيلة الذي رحب بالحضور ،مهنئا المدرسات والمدرسين بيومهم العالمي ،ومؤكدا على أن الخامس من شهر أكتوبر من كل عام يمثل قيمة كبيرة بالنسبة لنا كأسرة التعليم بالمغرب؛ إذ ننظر من خالله بكل التقدير واإلجالل واالحترام إلى المدرس باعتباره؛ عماد هذا الصرح التربوي المتألق ،وضياء مدارسنا الذي ال يخبو وكذلك باعتباره رمزاً للوفاء والعطاء ،والتضحية واإلخالص لرسالته ولألمانة التي أؤتمن عليها. وبهذه المناسبة؛ تم تكريم السيدات والسادة المدرسات والمدرسين المتميزات والمتميزين ،حيث قدمت لهم هدايا تذكارية ،تقديرا لدورهم الفعال وجهودهم المبذولــة في قطاع التعليــم ،وذلك تحت نغمــات المجموعة الصوتيــة لتالميذ الثانويــة التأهيلية ابن الخطيب برئاسة األستاذ محمد الحايك. وقد شمل التكريم األستــاذات واألساتذة :هدى المجاطي أستـــاذة بالثانوية التأهيلية عبد الكريم الخطابي؛ أحمد الحويـط أستـاذ بالثانويـة التأهيلية وادي الذهــب؛ عبد اهلل بوهــالل أستــاذ بالثانوية التأهيلية الطريس؛ محمد الخمليشي أستاذ بالثانوية التأهيلية موالي سليمان؛ ماجدة بن عمــر أستاذ التعليــم االبتدائي بمدرسة أم أيــمن؛ المودن عبد اللطيف أستــاذ التعليم الثانــوي التأهيلي بثانوية الجامعي؛ أحمد الحايك أستاذ بالثانوية التأهيلية ابن الخطيب؛ محمد لهويـــر أستـاذ التعليم الثانوي التأهيلي. وفي نهاية الحفل ،تقدم السيد المدير اإلقليمي بالشكر لكل المدرسين على ما يبذلونه من مجهودات وتضحيات للنهوض بالمنظومة التربوية. ووسط جو من الفرح ضرب الجميع موعدا لالحتفال بنفس المناسبة خالل السنة القادمة بحول اهلل.
• عبد الغني بلقاسم
امللحق الثقايف 11
العدد 1015ـ الثالثاء 15إلى 21أكتوبر 2019
خـا�ص الكتابة النسائية بالمغرب
القصة النسائية بالمغرب إعداد وتنسيق :عبد اإلله المويسي ومنى وفيق ،تقديم الدكتور حسن المودن
الكتابة السردية النسائية بالمغرب: أسئلة ومالحظات أولية
– 1مالحظات أولية:
ماذا عن الكتابة السردية النسائية بالمغرب؟ ما الذي حققته الرواية والقصة القصيرة النسائيتان، على مستوى الكم وعلى مستوى الكيف؟ هل تحقق من التراكم الكمي والنوعي ما يسمح بالحديث عن محطات وتحوالت في الكتابة السردية النسائية بالمغرب؟
الدكتور حسن المودن
أستاذ التعليم العالي جامعة القاضي عياض ـ مراكش
يمكن أن نسجل بأن هناك تراكما كميا ملحوظا :فمن الخمسينيات إلى الثمانينيات من القرن المنصرم ،كانت األسماء النسائية التي تكتب الرواية والقصة القصيرة قليلة جدا( آمنة اللوه ،خناثة بنونة ،رفيقة الطبيعة /زينب فهمي ،ليلى أبو زيد)؛ لكن من التسعينيات إلى اآلن ،نجد األسماء تتكاثر وتتزايد (زهور كرام ،ربيعة ريحان ،رجاء الطالبي ،لطيفة باقا ،عائشة موقيظ ،زهرة زيراوي، حنان درقاوي ،مليكة نجيب ،حليمة زين العابدين ،زهرة المنصوري ،زهرة رميج ،فاتحة مرشيد ،خديجة مروازي ،اسمهان الزعيم ،مليكة مستظرف ،فاطمة بوزيان ،سعاد الرغاي ،دليلة حياوي ،عائشة البصري، وفاء مليح ،سناء العاجي...وقد تكون هناك أسماء أكثر أهمية .)..ويبقى السؤال :ماذا عن مستوى الكيف إذا كان التراكم الكمي في تقدم متواصل؟ وهل يمكن الحديث عن تحوالت ومحطات في تاريخ الكتابة السردية النسائية بالمغرب ،وهو يمتد من منتصف القرن المنصرم إلى بدايات األلفية الجديدة؟
(البقية ص )12
العدد 1015
يوم نسيتُ حذائي في الحلم األحالم هي بوصلة حياتي ،ال أخطو خطوة من غير أن أستشيرها ،أأتمر بما تمليه علي في النوم .قد ال أغادر البيت أو ألغي سفرا إذا رأيت حلما يحذرني من مكروه. مكتبتي تعج بكتب تفسير األحالم . أعشق أحالمي ،لذا أنام أكثر مما أستيقظ ،فالحلم هو المنطقة اللذيذة في حياتي .اإليمان األعمى باألحالم اكتسبته منذ الطفولة ،فأنا كنت الذكر الوحيد في عائلة مكونة من نساء :جداتي ،خاالتي ،أخواتي. وكن مهووسات بقراءة الغيب وتفسير األحالم. كانت امرأة من البادية ،الصبانة ،تمر على بيوت الحي مرة كل أسبوع إذا كان الجو صحوا لتأخذ األغطية والجالليب و الصوف المخصص للنسيج ،لتغسلها في النهر ،وكان علينا نحن األوالد أن نساعدها على حملها إلى هناك. قبل أن يتلوث النهر برغوة الصابون تطلب منا الصبانة أن نغطس في قاع النهر للبحث عن حجر صغير ذو خصائص معينة :أهمها أن يكون أملس ،صقيال وشفافا. ّ تنظر إلى محتوى أيادينا الصغيرة المزرقة من البرد ،تنتقي ما تراه مناسبا وترمي الباقي في النهر. الحَصَيات المنتقاة ال تتعدى عادة أربعا أو خمسا.. تضعها في كومة الصوف« :الحصى التي تصبح دافئة بعد ساعة على األكثر هي حصاة حية ،نادرة ،أما التي تظل باردة فال حياة فيها» تشرح الصبانة وهي تحكم لفها في الكومة. عند الغروب تعود الصبانــة بالغسيــل النظيـــف ومجموعة من الحصي الملساء في جيب المريلة .عادة تقدم واحدة لجدتي ،وأخرى لزوجة جدي .أعرف بحكم العادة أن جدتي ستضع الحجر تحت الوسادة طوال الليل ،لتخبرها عبر حلم معين بحدث سعيد أو مصيبة قادمة. حتى حين نلت شهادة الباكالوريا ،فأحالم الجدة هي التي اختارت لي شعبة التخصص ،والمدينة التي يجب أن ألتحق بها إلتمام دراستي. استمر إيماني بأحالمي ،لم أضجر منها وال كفرت بها ،حتى كان ذات صباح أن انزلق حلم وتخطى عتبة النوم. فحين استيقظت استيقظ معي .دخلت تحت الدش ،وفي قرارة نفسي أنني حين سأغتسل ستُغسل كل الكوابيس واألحالم .مع ذلك ،التصق الحلم بجلدي. تشبث بتالبيب القميص وخرج معي لقاعة الطعام ،حتى إنه ألقى على الشغالة تحية الصباح بروتينيَّتي المعتادة ،شاركني فنجان القهوة ،واقتسم معي قطعة الخبز المحمص .تطلع من خلف كتفي ليتفحص معي جريدة الصباح. كانت شمس الصباح قوية .خمنت ،هو كائن ليلي، ولن يخرج للضوء ،سيظل في سلم العمارة .رمشت بعيني ألنفضه عن جفني ،ففاجأني بتعليق ساخر عن حارس العمارة الذي يفتعل أي حركة لينبهني أنه بات ساهرا يحرسني من اللصوص ..أشعلت سيجارتي األولى فمد يده ناهرا « :التدخين مضر بالصحة» .هرولت مبتعدا
الشمال الثقافي
الثالثـاء � 15إلى � 21أكتوبر 2019
هـ .ر .و .ل .ة عائشة البصري عن البيت .وقفت عند محطة الترامواي ،سمعت صوته يحتج على التأخر المتكرر للترام ..لن يجرأ على ركوب الترام معي ،سيعود إلى نومي حالما ينطلق الترام في اتجاه مقر العمل .لكنه اندس في زحمة المسافرين، وبوقاحة التصق بمِؤخرة دافئة المرأة تقف أمامه ،تأففت المرأة ،وابتعدت وهي تقذفني بنظرة معاتبة .أشحت عنها نظري ألفهمها أن ال دخل لي ،فهو ليس حلمي. تمنيت لو ضبطه الجابي متسلال فأنزله ،وخلصني منه .. فجأة لكزني بمرفقه ألستعد للنزول .اكتشفت أنه يعرف المحطة التي تؤدي إلى مقر عملي .سخر من متسولة المحطة التي تدعي العمى وهي تختلس النظر إلى اليد التي تبحث عن بقشيش في جيبي ،بل نبهني إلى الدرج الثالث المكسور عند مدخل الوزارة . حين وصلت إلى العمل متأخرا بعشرين دقيقة، قادني من الممر الخلفي كي ال يراني رئيسي. متعبا من هذه المطاردة ،جلست على الكرسي، وضعت مرفقيَّ على المكتب ورأسي بين كفي ،أغمضت عيني ،وقررت أن أستعيد هذا الحلم اللعين ألعرف أي تفصيل أو خطأ في تسجيل الذاكرة ،جعله يغادر نومي ويالحقني: رأيتني أدخل البيت القديم ،حيث ولدت وترعرعت، وأقترب من البئر الذي يتوسط الفناء ..أتلمس الجذع المفتول لكرمة العنب العتيقة التي تظلل الباحة وجزءا من البهو العلوي .أزكمت أنفي رائحة العنب الناضج وعفونة الرطوبة ..جثث رصت في الوسط ،جثة جدتي ،جثة جدي جثث خاالتي .كي أقاوم الخوف افتعلت معرفة سابقة بموتهم وبأسبابه كالوفاة بداء السكري، فأنا أخضع باستمرار لتحاليل السكري الوراثي.. كل هذه الجثث شهدت جنازاتها ورأيت نعوشها وهي تغادر البيت .كان الحلم واعيا ،إلى درجة أنني كنت أعي أنهم موتاي ومن فقدت على مر الخمسين عاما التي عشتها. فجأة ،رأيت حذائي الذي ال أملك غيره للشتاء معلقا على غصن من أغصان الكرمة ،وكانت عناقيد العنب تعصر ذاتها ،وتسقط قطرات نبيذية في جوف الحذاء، حتى امتأل عن آخره .فتحت فمي ألصرخ بالحذاء »:كفاك يا هذا ،ستسكر ولن تستطيع المشي في الصباح حتى مقر العمل .سيخصم الرئيس يوما من راتبي الشهري».. لكن الكالم ظل عالقا بحلقي ،حاولت مرة أخرى فخرج صوتي عبارة عن بخار ورسم تشكيالت في برودة المكان .في المحاولة الثالثة سمعتني أصرخ بالحذاء»: لستُ مستعدا لخصم في آخر هذا الشهر ،يكفي ما خصم مني في الشهر السابق ،توقف عن الشرب « .غير أن سربا من الوطاويط أفزعه صراخي ،وانطلق دفعة واحدة ليحلق بعيدا ،غطى على الصوت قبل أن يصل إلى الحذاء ..مرعوبا ،غادرت البيت القديم .. استيقظت على صوت زميلي يخبرني أن الرئيس يطلبني في مكتبه .قبل أن أخرج من المكتب ،صرخ بي زميلي »:أيها المعتوه ماذا جرى لك هذا اليوم؟ أمازلت نائما؟ إنك ترتدي حذاء كل فردة بشكل .».. وجلجلت ضحكته بين جنبات القاعة.
12
منى وفيق
يخيّم البياض على المكان ..تبدين متعجّلة ..ارتفاع سقف الغرفة خمسون مترا ..يشغلك الصّعود إلى أعلى ..الزّحام شديد ..أنف ،أذنان ،عينان ،فم ،عنق، ّ شعر..الكل في سباق محموم من أجل الوصول إلى فوق ..تراوغينهم.. يدان ،رجالن، ّ تتعثرين ..تسقطين..تعاودين الكرّة ..هذه المرّة تسرعين الخطى ..تصطدمين بهم عمدا ..تهوين مجددا ..تتعالى ضحكات الحيطان ..يكثر الهرج والمرج .. تغافلينهم ..تهرولين مسرعة ..الطريق طويل..مسافة الوصول بعيدة ّ .. يشكلون سورا منيعا ضدّك ..ترتطمين به ..تذوين ..تتماسكين ..تستسلمين لذاك الخاطر ..تمشين الهوينى صوب األعلى ..تمسكين بقوّة بالفم و تتس ّلقين األنف ثم األذنين فالرّجلين واليدين والشّعر والفم و العنق ..تقتربين من مقصدك.. بقي خمسة أمتار ..متران ..هيال هــــــوب ..تقعين ..يقعون معك ..أنف ،أذنان، عينان ،فم ،عنق ،يدان ،رجالن ،شعر ..ظالم دامس ..تتحسّسين جسدك ..تبدين متعجّلة ..عمق الحفرة خمسون مترا ..يشغلك النّزول إلى أسفل..الزّحام شديد.
الكتابة السردية النسائية بالمغرب :أسئلة ومالحظات أولية الدكتور حسن المودن (تتمة ص )11 – 2محطات الكتابة النسائية بالمغرب :أسئلة وافتراضات أولية
أ – محطة التأسيس:
إذا أخذنا بعين االعتبار النصوص المنشورة في الجرائد والمجالت ،يمكن أن نسجل أن المرأة المغربية كانت حاضرة ومشاركة في لحظة تأسيس الكتابة السردية بالمغرب: وهنا يمكن أن نستحضر آمنة اللوه بنصها :الملكة خناثة( الذي نشرته سنة 1955بمجلة األنوار بعد أن نالت جائزة المغرب لآلداب سنة )1954؛ لكن إذا انطلقنا من الروايات والمجاميع القصصية المنشورة في شكل مؤلفات ،فإن لحظة تأسيس الكتابة النسائية بالمغرب قد كانت في العقود الالحقة ،وخاصة مع خناثة بنونة وليلى أبو زيد ورفيقة الطبيعة /زينب فهمي..ويبقى السؤال :ما الذي يميز هذه النصوص األولى ،على مستوى الحكاية كما على مستوى الكتابة ،أخذا بعين االعتبار الظروف التاريخية التي ظهرت فيها( االستعمار ثم االستقالل) واإليديولوجيات التي هيمنت على تلك المرحلة( المرتبطة بالحركات ذات النزعة الوطنية والقومية)؟ ب -من محكي الرواية العائلية إلى محكي االنتساب العائلي: من جهة أولى ،أفترض أن هناك محكيا معينا هيمن على الكتابة السردية النسائية عبر محطاتها التاريخية ،وربما ال يزال كذلك إلى اليوم ،وأسميه ب :-محكي الرواية العائلية( وهو يهم الرواية والقصة القصيرة ،فالرواية العائلية مفهوم وضعه فرويد ويقصد به :الحكاية العائلية) .وما يميز هذا المحكي أن المرأة هي ذات المحكي وموضوعه ،وهو يركز على: المرأة التي تعيش توترا أو تمزقا بين عالمها العائلي المعيش والعالم العائليالذي تحلم به وتريده أن يكون.. المرأة التي تريد أن تسمع صوتها المقموع ،وأن تبرز كينونتها المطموسة ،وأنتتحرر من القيود والتقاليد.. المرأة التي تكشف المسكوت عنه في مجتمع ذكوري قاهر ،وتقول ما ال يقال عنالمرأة والرجل ،وتسمع صوتها عن الحب والجسد والجنس ،وتقول أنوثتها المقموعة والمكبوتة... ومن جهة ثانية ،أفترض أن هناك محكيا بدأ يتأسس في الكتابة النسائية بالمغرب منذ أواخر القرن المنصرم ،وخاصة في بدايات األلفية الجديدة ،وأسميه ب :-محكي االنتساب العائلي؛ ومن أهم خصائصه: أن موضوع الكتابة قد تحول من المرأة بوصفها ذاتا منغلقة على ذاتها ومنفصلةعن كل المحددات الخارجية إلى المرأة بوصفها ذاتا بمحددات عائلية وبعالقات مركبة ومعقدة بذاتها ،بآخرها ،بذاكرتها ،بتاريخها ،بمجتمعها..وسؤالها المركزي :من أين أتيت؟ أن الذات تستعيد ذاكرتها وتاريخها ،جذورها وأصولها ،مدركة ان ليس هناك منذات من دون محددات عائلية ،من دون حكاية عائلية ،وأن البد من إعادة قراءة اإلرث اإلشكالي للذات ،والبد من ممارسة الحفر في الذاكرة والتاريخ ،وال بد من الحفر عميقا في الماضي العائلي ،وال بد ان تقول شيئا عن أصولها وجذورها ،فال يمكن بناء محكي عائلي بديل من دون مساءلة األصول والجذور ،والعالقة باآلخرين( األب ،األم ،الجدة ،الزوج ،األخ، األخت )...ليست بالبساطة الملحوظة في محكيات الرواية العائلية ،فاآلخر ال يوجد خارج الذات دائما ،بل هو يوجد بداخلها.. أن الذات تدرك أن االنتساب العائلي ال يعني دائما االنتساب المحلي إلى عائلةبيولوجية في وسط اجتماعي وثقافي معين ،فبإمكان الذات أن تنتسب إلى ساللة أدبية وثقافية نسائية( من مثل فيرجينيا وولف) ،وبإمكانها أن تقول ذاتها من خالل تخييالت بيوغرافية لشخصيات أجنبية( ما حدث للنساء في حروب وقعت في أرجاء أخرى من العالم،).. وبإمكان الذات أن تقول ذاتها من خالل تخييالت أوتوبيوغرافية ال تتطابق بالضرورة مع الحياة الحقيقية للكاتبة.. وال شك في أن هذا التحول ،على مستوى الحكاية ،من محكي الرواية العائلية إلى محكي االنتساب العائلي ،يعني في الوقت نفسه تحوال على مستوى الكتابة...وذلك هو ما سيكون موضوع مقالة أخرى..
الشمال الثقافي
العدد 1015
الثالثـاء � 15إلى � 21أكتوبر 2019
13
مجسم صغير ألبي سلوى ياسين مُجسّمٌ صغير ألبي مرتديا برنسا من ثوب الحبة األبيض يلفه حول عنقه و صدره ،يلج أبي هذه القصة هادئا بشامة أسفل خده األيمن و»ماكس» كلب الصيد النحيف الذي ال ذيل له تقريبا ،يتبعه بحماس الكالب المبالغ فيه ،لطالما كنت مفتونة بأبي الذي كان زوجا وأبا صامتا ليس لديه شيء يقوله .عوض أن يخبرنا عن المغص الشديد الذي يجعله يغرق في الصمت ،ظل يرسم طيلة إقامته بالمصحة بقلم الرصاص و باأللم والمرض ،و يضع كراسة الرسم تحت الوسادة حين يتعبه ألم كليتيه .أدخل هذه القصة وأنا أتنهد بعد ايّام من البكاء والحداد ،وبعد ليال طويلة من الدموع المالحة على الوسادة ،بعد عشيات من الوهم ،و من رؤى اليقظة أشاهد فيها أبي يتجول أو يتراءى لي طيفه قرب نافورة وسط البيت ،بعد ساعات ممتدة أتحدث فيها إلى نفسي وإليه فيما يشبه العتاب ،اهتدى كتاب الرسم خاصته إلى هذه الحكاية أخيرا كي أكتشف أن كل لوحاته عبارة عن أشجار وعيون ،عينا أمي على نحو دقيق .عينان مترقرقتان في كل لوحة، لم أحب الزخرف على محيط الورقة .رسومات خفيفة وهشة تشبه ضربة مفاجئة لساحر على قبعة .وصلت اآلن إلى الصفحة األخيرة من الكراسة حيث رسم أبي نفسه أطول مما هو عليه في الواقع ،يسير بين صفين من أشجار الصنوبر والقيقب نفس األشجار التي تحيط بالبيت .في نهاية الممر باب مفتوح على مصراعيه ،أسعدني أن أبي اهتدى أخيرا إلى خالصه .وجد أبي دائما كوة للهرب في الرسم وفي شرب بيرتين باردتين قبل النوم، والتهام حلوى الكريمة في الصباح ،وأمي التي تحرص على أن يأخذ
حقنة األنسولين في موعدها ،تردد أن أبي انتحــر على طريقته، الطريقـــة الهادئة. تأملـــت اللـوحــــات طويال ،ثم على نحــو غير مفهــوم اتجهت صوب مدخـل البيـت فتحت الباب الرئيسي وناديت على الجميع حتى يتفرجوا على كتاب الرسوم المبهر الذي خبأه أبي عن الجميع ،لم يأت أحد ،كان أبي أول وآخر القادمين، لوح إلي وأنا أشرت له أن مرحبا - .لماذا لم تطلعني على هذه الرسومات من قبل ؟ لم يقل شيئا بل إنه يغادر هذه القصة اآلن وهو يرمي طرف سلهامه خلف ظهره تاركا كراسته وأشجاره وست بنات وزوجة و «ماكس» كلب الصيد عديم الذيل تقريبا .أنزع الورقة األخيرة من الكراسة ثم أطويها على اثنين حتى يظهر أبي في الوسط واألشجار على الجانبين ،ثم على أربع ليظهر جزء من كل شجرة على كل ربع و بعض األطراف من سلهامه ،ثم أطوي و أطوي حتى لففت أبي حول نفسه ،لقد أحب دائما أن ينطوي على نفسه ،سالحه الصمت كلما ساءت األمور ،صار اآلن بحجم عقلة األصبع، مجعدا من الطي المتكرر ،أنفخ فيه وأنفخ لكنه بالكاد يتزحزح من مكانه، صار أبي ثقيال بموته بعالمه وأشيائه وبسلهامه المحبب األبيض.
خرير الجدول الصغير فاطمة الزهرة الرغيوي خرير الجدول الصغير كانت فتاة عادية ،لم تعرف غير خرير الماء المنهمر من الصنبور والصوت الدافئ للمطر يغسل نوافذ البيت .تدبرت عمال في بلدية المدينة بواسطة قريب لصديق والدها ،حيث كانت تطبع شهادة الحياة وتلصق بها ختما ثم تنتظر القايد ليوقعها ،ثم بعد ساعة أو في الثالثة بعد الزوال أو بعد يوم أو أكثرــ حسب جدول مواعيد القايد ــ ،تسلمها لطالبيها .أغلبهم رجال ونساء متقدمون في العمر في حاجة إلى شهادة ليثبتوا أنهم مازالوا على هذه األرض ،يطلبونها بخجل خفي. زمالؤها الخمسة متزوجون ،باستثناء موظف شهادة الوفاة الذي كان يصغرها بسنتين .لم يكن ليزعجها ذاك الفارق لو أنه تودد إليها ،لكنه كان منشغال بالجميالت؛ يحمل هاتفين؛ يسارع أو يتمهل في الرد كلما رن أحدهما حسب مدى إعجابه بالمتصلة ،أحيانا لم يكن يرد ألنه يكون قد عاد من معاينة وفاة ،فتخفت قليال الشمعة المضيئة في عينيه ويظل رنين الهاتف يتردد طويال ولمرات عدة قبل أن يتوقف نهائيا .كانت تحيا حياة عادية .تتشارك البيت مع والديها وأشقائها الثالثة وجدتها وخالتها العانس .تستيقظ فجرا على صوت حركة الجدة والخالة وهما تستعدان للصالة ،تشاركهما أحيانا .في الغالب تعود للنوم لوقت إضافي ،إذا جافاها النوم تراقب المرأتين تقفان وتركعان وتسجدان ،عندما تنتهيان ،تعود الجدة إلى فراشها بينما تظل الخالة هناك تدعو طويال وبخشوع .الحقا تنهض ،تغتسل وتمشط شعرها األسود؛ تلفه في شينيون ،ثم تعدّ الفطور لها ولوالدها؛ شاي بالنعناع وزيتون أسود وأحيانا قطعة جبن أو زبدة .يلتهمان طعامهما ببطء وصمت ،ثم يتشاركان الطريق إلى موقف الحافالت بنفس الصمت ،نادرا ما يقطعه والدها ليسأل ــ كيف حال العمل؟ ــ بخير .ــ سمعت أنهم سيغيرون القايد .ــ ال علم لي بذلك .في الموقف ينتظران الحافلة رقم ،13تركبها هي في اتجاه وسط المدينة ويعبر والدها الشارع ليركبها في اتجاه الضواحي حيث يعمل في معمل لإلسمنت .في الواحدة زواال ،تسد بملف النافذة الصغيرة التي تفصلها عن المراجعين ،تدير كرسيها مواجهة لزميالتها لتتابع باهتمام ثرثرتهن عن الزواج واألطفال؛ سعداتك ،ال رجل وال أوالد يتعبونك بمطالبهم ستقول إحداهن ،سترد بابتسامة متصلبة قبل أن تتدخل أخرى لتسألها إن تدبرت عريسا أم ليس بعد .أحيانا يقترحن عليها عريسا ،ترفضه دائما ألنه يكون كبيرا جدا أو أميّا أو متزوجا بامرأة أخرى .في الساعة الثالثة والنصف ،أو قبل ذلك إن لم يكن القايد موجودا ،تغادر مبنى البلدية عائدة إلى البيت .تستقل الحافلة ذاتها ،رقم 13وحين تنزل في موقف الحافالت القريب من البيت تعرج إلى شارع جانبي لتشتري بدرهم ربطة نعناع وبثالثة دراهم رغيف شعير لجدتها و رغيفا غير مملح لخالتها .تشاهد في تمام الساعة السابعة مساء مسلسال تركيا ،ثم تعد شايا آخر بالنعناع للعشاء .تصلي أحيانا قبل أن تفرش سريرها المكون من مجموعة بطانيات على أرضية قاعة الجلوس حيث تنام مع جدتها وخالتها .يحدث أحيانا ــ في الليل ــ أن تدوسها قدم أحد أشقائها العائد متأخرا إلى البيت في عبوره إلى غرفة نوم األوالد ،أو قدم جدتها أو خالتها في ذهابهما المتكرر لدورة المياه .سمعت الصوت الغريب في اليوم األول من صيفها الرابع والثالثين ،كان اليوم يصادف الواحد والعشرين من شهر يونيو، وقد حررت التاريخ على شهادة الحياة المرأة كانت ترثي زوجها بحداد أبيض ،وتردد ــ مات دون استئذان ،قال أطفالنا في أمانتك ونام ،حين حاولت إيقاظه في الصباح كان ميتا ،وكنت قد قضيت ليلة كاملة بجانب رجل ميت .كانت المرأة تريد الشهادة لتسلمها لإلدارة حيث كان يعمل زوجها ليحوّلوا لها تعويضات الوفاة .وكان زميلها يحرر في نفس الوقت شهادة وفاة الزوج المتوفى وحين ناولته الطابع ليؤشر على الشهادة، سرت بجسدها ،إذ التقت أصابعهما ،رعشة خفيفة .تعودت أن تؤرخ األيام بالوجوه المختلفة لمراجعيها ،أحيانا تفقد أحدهم وقد تعلم صدفة أنه مات حين تسمع زميلها ينادي باسم تعرفه فيأتي شخص لم تره من قبل ليتسلم شهادة وفاة مراجعها السابق .كان الصوت مثل خرير ماء منهمر .في البداية اعتقدت أنه صادر من صنبور لم يحكم إغالقه .لليال متعاقبة كانت تجول البيت لتحكم إغالق كل صنابير المياه ،وحالما تعود إلى فراشها محاولة معاودة النوم كانت تسمع الصوت من جديد .سألت ساكني البيت ،لكنهم لم يكونوا قد سمعوا أي صوت غريب ،حتى الخالة ذات حاسة السمع الجيدة التي تسمح لها باستراق السمع على أحاديث الجيران ومشاجراتهم ،وحتى والدتها التي كانت تتعرف على العائدين المتأخرين من الجيران من وقع خطواتهم ..ولم تسأل الجدة ألن سمع الجدة لم يكن يتعدى ما تريد اإلنصات إليه .كخرير جدول صغير ،كان
الصوت يأتيها كلما حاولت النوم .لم يكن األمر مزعجا دائما ،أحيانا كانت تتمكن من النوم لتحلم بزميلها في المكتب ،يوثق شهادة وفاتها بينما تقف أمامه مبتسمة ،يرفع وجهه إليها مبادال إياها ابتسامتها سأضع عليها ختما خاصا ألنها شهادة وفاتك ،يقول بصوت خافت يشعرها بدغدغة مثيرة .كان ،في الحلم يحتفظ دائما بشهادة وفاتها وال يسلمها إلى القايد ليوقعها ،فتظل هي سعيدة هناك معه تراقبه بينما يحرر شهادات ألشخاص آخرين ويسلمها إلى ذويهم مختومة وموقعة .كان الحلم الغريب يتكرر كثيرا مخلفا لديها شعورا بدغدغة صغيرة تستمر حتى بعد استفاقتها من الحلم فتجلب الغطاء فوقها جيدا ،وتستسلم إلى اإليحاءات الغريبة لخرير الجدول الصغير .في الواحد والعشرين من شهر شتنبر، قالت الجدة رغم أن أحدا لم يسألها أو يخبرها عن األمر ــ أنا أيضا أسمع صوت خرير جدول صغير .اعتبر أهل البيت أن الجدة أحبت قصة الحفيدة فجارتها في الحكاية ،هي التي ال تسمع إال ما تريد .حاولت الحفيدة أن تعرف ما تسمعه الجدة بالضبط ،فانخرطتا في أحاديث مسترسلة .كانتا تتنافسان في وصف الصوت الغريب .تقول الجدة ــ إنه صوت ماء صافٍ وشفاف مثل النظرة األولى لطفل ولد قبل لحظة من اآلن .وتقول الحفيدة ــ يشبه الصوت ارتباك عاشقين .بات الصوت قصتهما المشتركة ،كانتا تتهامسان حوله قبل النوم ثم تنتقل الجدة بخفة إلى أحاديثها السابقة عن ملحمتها الخاصة كيف خاضت الحرب ،كيف استرسل شعرها طويال فسحر جنديا حاول خطفها ،وكيف أنقذها شاب من قريتها فتزوجته، وكيف حملت بتوأم وكيف خبأت الرأس المقطوعة لقائد العدو في لفافة مالبسها لتقدمها قربانا إلى جدها الولي الصالح ليرزقها بصبي يحمل اسم زوجها ويقيه الفناء بعد موته ..كانت الجدة تحكي فينساب الماء بهدوء غامرا صوتها بعذوبة تغمر الحفيدة .تراكمت شهادات الحياة على مكتبها منذ غاب القايد لثالثة أيام ،شعرت أن هناك حياة معلقة فوق مكتبها ،حاولت االستماع لثرثرة زميالتها لكنها كانت تفكر بالتوأم الذي أخبرتها عنه جدتها والذي لم تعلم به قبال .تذكرت والدها يتحدث في المرات القليلة حيث يخرج عن صمته عن نشأته وحيدا بين والديه .كان عليها أن تستفسر جدتها عن التوأم ،حملت حقيبتها وقالت إن لديها أمرا طارئا وغادرت عائدة إلى البيت .طرقت الباب مرتين قبل أن تفتح والدتها التي لم تستغرب عودتها مبكرا من العمل وعادت إلى مطبخها .ولجت غرفة الجلوس حيث جدتها مستلقية كعادتها على فراشها القريب من النافذة الوحيدة وحيث تصلها في أيام الربيع أشعة شمس دافئة .عدتِ إذن ،قالت الجدة دون أن تلتفت إليها ،واسترسلت كأنها تكمل حديثا بدأته قبل عودة الحفيدة لقد كانا صغيرين؛ مثل كرتي لحم ،قبلتهما وأنا أمنعهما من الصراخ ألن كتيبة الجنود كانت على مرمى شجرتين، كنت أتوارى خلف شجرة البلوط و نبات العليق الذي نما قربها .لم أصرخ وأنا أدفع بهما الواحد تلو اآلخر خارج رحمي .كنت قد رعيت جدك لليلتين متواليتين؛ ضمدت جراحه ودفنت ساقه التي انتزعها الجندي أمام الجدول الصغير .لم أنقذ حياة جدك .عاش ألن القدر كتب له عمرا أطول بساق واحدة .كان فاقدا الوعي وكانا يغرغران مثل عصفورين مبللين .حين اقترب جندي وكاد يكشف موقعنا ،كممت صراخهما بيديّ، وحين ابتعد بعد أن قال لزميله إنه صوت خرير جدول صغير فقط ،كانا قد استسلما لنوم طويل .تركتهما هناك في ذات الحفرة مع ساق جدك بجانب الجدول ..كانت الجدة تتحدث بصوت خفيض ،انحنت عليها لتسمعها جيدا ،بينما انسابت دموع هادئة على وجهيهما .تالقت يداهما في عناق مرتبك .كانا ذكرا وأنثى ،لم أخبر أحدا عنهما ..لم أسمهما .بقيا هناك بدون أسماء تقيهما حر الصيف وبرد الشتاء .بعد يومين ،في الواحد والعشرين من شهر دجنبر ،استقل والدها الحافلة رقم 13متجها صوب وسط المدينة ،وحين لمحته واقفا أمام نافذتها بينما يد زميلها الذي يصغرها بسنتين امتدت تضم يدها ،علمت أن جدتها قد ماتت.
ترانت سيس
مليكة مستظرف
كره يوم السبت .أعرف أن هناك من يكره كل أيام األسبوع وال يشتكي .لكن بالنسبة لي األمر مختلف ،أو هذا على األقل ما أعتقد .كل يوم سبت يحضر أبي باكرا جدا ،يجر قدميه الكبيرتين ،بطنه جد منتفخة ،ال تتناسب مع جسمه النحيل .وجهه مستطيل ،جبهته بارزة بعروق نافرة .ال يبدو وسيما أبدا .كل يوم سبت تكون برفقته امرأة ال أعرفها ،التشبه المرأة التي أحضرها في األسبوع الفائت ،ولن تشبه بالتأكيد المرأة التي سيحضرها في األسبوع القادم .يرسلني إلى دكان “با ابراهيم” .دكانه معتم وتنبعث منه رائحة عطنة ،منفرة ،تبعث على القيء .لم أكن أشتري منه المواد الغذائية التي نحتاجها .عيناه حمراوان معمشتان .يتنشق “التنفيحة” وينخرط في نوبة عطس ال نهائية .يمسح أنفه بمنديل يبدو أنه قصه من كيس طحين مهترئ .يفتح المنديل ويتأمل للحظة ذلك المخاط ثم يعاود دسه في جيبه .يحاول أن يتفوه ببعض الكلمات اللطيفة .اإلبتسامة ال تناسبه .تبدو أسنانه طويلة وغير متناسقة بلون الطحالب .أقول له جملة واحدة وأبتعد “عيشة الطويلة” .أضم ذراعي إلى صدري وأنتظر .تأتي جارتنا تحمل طفلها حديث الوالدة بين ذراعيها .الطفل يصرخ باصرار ،يمص رضاعته المملوءة بالكمون الصوفي والكروية .قالت ل”باابراهيم”“ :هاد ولد الحرام ما بغاش يسكت” .يسكتها بإشارة غاضبة من يده “هذا غير مالئكة ..عندي دواه” .عاودت النظر إلى الطفل حتى أعرف عن قرب شكل المالئكة .كان وجهه بال رموش وال حواجب كأنه يعاني الثعلبة .يفتح فمه عن آخره وهو يصرخ بعنف .وجهه كله عبارة عن فم كبيرمفتوح“ ،حلق الموت” يرتعش كجرس صغير .ينفخ “با ابراهيم” دخان السبسي بوجه الرضيع ،مرة ،اثنتين ،فيصمت ،تتشقلب عيناه وينام .تمد المرأة يدها إلى صدرها ،تنبعث منها رائحة الحموضة ،تخرج بعض الدراهم تمدها للبقال ،يضعها على جبهته ثم يقبلها .بالتأكيد رائحة المرأة الكريهة عالقة بالدراهم .تشكره المرأة بلطف يناسب امرأة في األربعين تنبعث منها الخل .تنصرف المرأة ،أكرر طلبي”عايشة الطويلة” .يتجه إلى الداخل .كنت أتوقع دائما أن يأتيني بامرأة طويلة وعمالقة ،لكنه كان يمدني بزجاجتين ملفوفتين بورق الجرائد ،ويقول بصوته الذي يشبه صوت النساء والذي ال يتناسب وشكله المخيف “ديريكت للدار” .ثم يعود إلى ركنه المعهود .ذات يوم أغراني ذلك السائل األحمر القاني .تجرعت ما تبقى في الكأس التي نسيها أبي دفعة واحدة .تقيأت كل ما في جوفي وظلت رائحة منفرة تشبه رائحة جوارب متعفنة عالقة بي تالزمني طيلة اليوم .يقفل أبي علي باب غرفتي .يعطيني نصف خبزة بها بعض السمك المعلب .أرمي بها فور خروجه من النافذة .لن أقفل الباب بالمفتاح لكن ال تحاولي الخروج .من الغرفة األخرى تنبعث رائحة الشواء، يتحلب ريقي .أفتح الباب قليال .ضحكات خليعة ،كلمات نابية ،الرائحة الشهية تتسلل إلى أنفي. معدتي أصبحت في حالة هيجان قصوى ،وأصبح من الصعب إسكات قرقرة مصاريني .أبتلع ريقي بصعوبة ،أتحسس الدراهم القليلة في جيب بيجامتي ،غدا سأشتري نصف خبزة ممتلئة بصال وكفتة“ .العربي” شكله مقرف ،بطنه تمتد وتتدلى فوق العربة .يمسح مخاطه ويعاود قلب أصابع الكفتة والنقانق .لكن ال يهم .أكله لذيذ ،وربما هذا “العفن” ما يزيد من لذة أكله .فالزبائن يتجمعون حول عربته أكثر من الذباب الذي يحط على البصل والطماطم المفرومة .أبي ،أريد أن أشاهد التلفاز .أريد أن أرى السندباد .ال أستطيع النوم .جدتي ألبي تقول إن الرسوم المتحركة مخلوقات حقيقية تعيش في مكان ما .تأخذ سبحتها وتظل تسبح. أصابع يدها األخرى ال تفارق فتحة أنفها في محاولة يائسة لنزع بعض الشعيرات .السندباد على مركبه يجوب العالم .الجنية تخرج من عمق البحر .ينقلب المركب وأسقط من سريري .الغرفة مظلمة .عالقة المالبس تصبح جنيا فاردا ذراعيه .يتقدم نحوي .أخفي رأسي تحت الغطاء .أسمع دقات قلبي كأنه يضخ في أذني .أين هي أمي؟ على الحائط ال أجد صورة لها .صورة قرد كبير يلف ورق التواليت على جسمه الضخم المشعر ،يفتح فكيه في بالهة ،تظهر أسنانه الصدئة بحجم حبات الفول .لماذا يصر أبي على وضع صورته وسط البهو؟ من ذاك الذي قال أن أصل اإلنسان قرد؟ كيف هو شكل أمي؟ هل أحمل بعضا من مالمحها؟ سمينة؟ بيضاء؟ كنت أحمل كراستي وأتخيلها .كنت دائما أرسم امراة بال مالمح .جدتي قالت لي يوم زرتها بالبادية “عيناك تشبهان عينا أمك” .فرحت .اآلن أعرف شكل عيني أمي .أردفت وهي تفلي القمل من رأسي “عيناك وقحتان ترمي عليهم كمشة الملح ما يرمشوا” .ينقبض قلبي ،أنفلت من بين رجليها. كرهت جدتي وازددت حبا ألمي .ذلك السبت ليال .أحسست بآالم تفتك ببطني ،وبسائل ساخن يتدفق من بين فخذي إلى ساقي السائل رائحته كريهة .فهمت .لكن لم أعرف ماذا أفعل .أضع يدي بين فخذي حتى أمنع ذلك السائل المهين والكريه .تمتلئ أصابعي بالدم .تنزل قطع حمراء داكنة كالكبد .أرتعش ،السرير الحديدي يطقطق .أسناني تصطك .أحس بالمهانة .ماذا لو امتالت أرض الغرفة بالدم؟ الساللم؟ الحي؟ أصرخ .يأتي أبي .عيناه نصف مغمضتين :آش بيك؟ صوته يشبه الحشرجة .آش بيك؟ عيناه نصف مفتوحتين .آش بيك؟ وجهه مستطيل وجبهته أكثر بروزا .شعيرات مجعدة يحاول أن يخفي بها صلعه .آش بيك؟ صوته يزداد حدة. الدموع كحبات الرمل ،كاإلبر تنغرز في العيون .آش بيك؟ أريد أمي .ينزع عني الغطاء ،يرى سوأتي .اإلزار تشرب الدم حتى البلل .يدي بين فخذي ،أحاول أن أمنع النزيف المهين ..يتسمر. عيناه كقطعتي زجاج ،ينظر إلى اإلزار الملوث بالفضيحة .ينظر إلى نهدي ،إلى وجهي الذي امتأل بثورا حمراء .تفاحة آدم تصعد وتنزل .يحك قفاه أهز رأسي من اليسار الى اليمين كأنني أدفع عني تهمة .يفتح خزانة المالبس ،يمدني بفوطة كنا نمسح بها أرجلنا .يرميها بعنف باتجاهي. يبصق على األرض .يخرج .ال أزال مكورة فوق السرير .أنظر إلى بقع الدم ،إلى الفوطة الخشنة. تأتي المرأة التي تقاسم أبي مجونه إلي .تخفي عريها بإزار أبيض .تضحك ضحكة لزجة ماجنة بال معنى .تقول بصوت خشن بفعل السجائر“ :نوضي قفزي اهلل يمسخك ،ها انت وليتي امرأة” .يومها ،كرهت أبي ،كرهت جسدي .وأحببت أمي .صباحا أستفيق على صراخ المرأة التي أحضرها أبي .أفتح عيني المنتفختين ،أوارب الباب.المرأة ترمي بورقة نقدية خضراء في وجه أبي ,التفال يخرج من فمها ,تنتفخ أوداجها ،تبدو كضفدعة“ .على هذا بهاد الثمن؟” ،وتشير الى ما تحت بطنهااألكرش في حركة وقحة .يعاود أبي دس الورقة النقدية في جيب سرواله القندريصي الذي يستر نصف مؤخرته فقط .يرفع رجله اليمنى ويصوبها نحو مؤخرتها “خرجي الق ..النسا حطب جهنم” .تنجح المرأة في اإلفالت .يصفق الباب وراءها بعنف واضح .تستمر في الصراخ حتى وهي في الشارع “حرام عليك تاكل عرق الوليات ،اهلل يدخلهم عليك بالحرام”. عيناه ضيقتان كثقبين صغيرين مظلمين ،التنسجمان مع أنفه الضخم الممتلئ بآثار الجذري. يسند جبهته إلى الحائط ,أستطيع أن أسمع أنفاسه المضطربة ،يضرب الحائط بقبضة يده، يبصق على األرض ،أسمعه وهو يسب دين النساء .المرأة ال تزال تصرخ ،تريد جلبابها وحقيبة يدها .يفتح حقيبتها ويرمي بها من النافذة .تنتشر محتوياتها على اإلسفلت .يتسابق األطفال لسرقة ما تقع عليه أيديهم .يمزق الجلباب ويعاود رميه من النافذة ،يجلس على حافة الكرسي وهو يلهث ،ثم يضحك في ارتياح .أستطيع أن أخمن ما سيحدث بعد ذلك .سيدخل الحمام, يستحم ,يستقبل القبلة ,يقول ” :اللهم إني نويت صالة ركعتين لوجه اهلل” .نفس الحكاية تتكرر كل يوم سبت مع اختالف بسيط في التفاصيل .مع اقتراب يوم السبت ،يحط على صدري حجر ضخم ال يتزحزح .أصبحت أكره يوم السبت ,وأصبحت أفهم لماذا يسمي الجيران أبي ب “ترانت سيس”.
العدد 1015
هـزال عقارب الساعة تشير إلى السادسة صباحا أو ربما، مساء...لست أدري! ضوء خجول يداعب الغرفة ،أشعر كأنني أمتلك جناحين خفيفين ولكنني واهن مثل عصفور صغير ال يستطيع أن يطير .أحاول أن أعصر عيني ألحدق في الضوء فأرى نفسي أركض وسط باحة واسعة وأمي تنادي بلطف أن عودي ،ينمو المشهد ببطء شديد وأنا أقهقه وأقص جناحي بعوضة صغيرة...يا إلهي! أخيرا أبصرت ،ورأيت بأن لي يدين نحيلتين ،شفافتين وكأنهما تطالن علي برفق .أصابني الذعر إذ شعرت بأن جسدي لم يعد يحتمل دقات القلب المتالحقة وكأن شيئا غريبا ينقذف مني. تلمست وجهي بيدي .كان ذلك أول شيء قمت به .ارتعبت؛ أحسست بعظام مغروسة ،مجرد عظام مغروسة ،ونظرت إلى يدي ألرى أسالكا غريبة قد أكلت لحمي .بالقرب مني تنام سيدة طاعنة في السن ...كان لزاما أن أرى المرآة في تلك اللحظة. يا إلهي ...راح جسدي يتهاوى كأنه اسفنجة ناعمة تداعب عظاما واهنة. في المرآة تعرفت مالمحي وقد صارت ضئيلة جدا ونائية ،ومع ذلك ،أحسست بأنني ما زلت الرجل ذا الثالثين من العمر ،فالعمر لم ينسحب هو أيضا ،لحسن الحظ! كيف أصبت بكل هذا الهزال في ليلة واحدة فقط ؟! لم يتوصل الطبيب إلى تشخيص حقيقي مقتع، حتى بعد أن مررني على كل األجهزة الكبيرة ،والتحاليل، والمنظارات الطويلة العريضة التي تطل على الجسد من الداخل. كان مطمئنا لكل هذه الثعابين الطبية التي تسللت إلى جسدي لتتفحص كل ركن فيه .نظر إلي مليا بعد أن أنهى كل فحوصاته ،ثم أسر لي بأن ال وجود ألي مرض. الشيء الغريب الذي كنت أشعر به هو أنني صرت خيطا رفيعا يرقصه الهواء كما يريد! أحسست في تلك اللحظة بقيمة الجسد الرابض الذي يواجه الريح ويصدها بثبات وكأنه يقاوم هبوبها المتالطم الذي يجهل في كل اتجاه ،وبأن الجسد فظيع لو أننا أحببناه كما هو مرسوم في مقرر العلوم الطبيعية. في سريري شعرت بارتباك غريب ،كيف لي أن أتواصل مع اآلخرين بهذا الجسد الصغير المليء بالعظام المنغرزة بشكل عجيب ،والتي صرت أراها وكأنها قريبة جدا من الجلد الشفاف األزرق. كنت أختبئ بأن أتكور تحت اللحاف وأشعر بشيء دافئ يشبه ثديا ممتلئا أنام عليه ،بل أضع حلمته في فمي ...كان في البداية ثدي أمي الناضج ،الفوار، الذي تفوح منه رائحة الكعك البلدي والزيت والعسل والسخونة الحارة وهو يجود بالحليب الذي يشبه السيل المتدفق ،حتى أنني رضعت من الثدي إلى أن طردني والدي رغما من الجنة . كنا نرضع أنا وأخي ،وكنا نتزاحم على ثدي كان لي من قبل ،وحدي .صارت أمي حزينة جدا مذ قدمت سيدة أخرى إلى بيتنا .لم أكن أعرف من هي تلك السيدة سوى أنها امرأة مكتنزة ،لها عيون حجلية مستديرة وشفاه حمراء متقدة ،مبتسمة الخدين والمؤخرة ...شيء لذيذ كانت تنثره بمشيتها ولوعتها .كانت تجعلنا نبتهج، بينما تظل أمي حزينة! كنت أنمو ،عند النوم ،بين سيدتين حلوبين دافئتين ،أعيد تمريغ فمي في الثدي .كنا نتناوب أنا وأبي على سيدتين يمتلكان ثديين مغروزين في األعلى وكأنهما يجمحان للركض إلى ما فوق الجيوب ،وكثيرا ما
الشمال الثقافي
لطيفة لبصير كنت أضع الحلمة في فمي وأنا أكرر المصة ذاتها ،وفي بعض األحيان تستيقظ السيدتان وهما تصرخان من لذة العض ،فال تنهراني ،بل تربتان علي برفق وكأنني أتيت فعال جميال. في األيام األولى لحضور هذه السيدة لزمنا أنا وأمي غرفة قصية في البيت ،لكنني حين بدأت أتناوب على الحضنين معا ،كنت أشعر بأنني أتكور بداخلهما حتى يصير جسدي مشتبكا بدفء بالغ ال أنفك عنه إال حين يصرخ أبي في وجهي ،كنت أشعر بأنه بدأ يغتاظ من هذا االلتفاف الذي أنعم فيه مع هاتين السيدتين. ما زلت لحد اآلن أشعر بتلك النعومة التي تسيح على خدي ،وأخاف أن تفلت مني؛ ففي كل ليلة أكون موعودا مع ذلك االلتصاق الغريب ،أشعر بأن السيدتين معا يضمانني نفس الضمة الملتهبة التي تكاد تثملني، ومع األيام صرت أشتهي ذلك العناق ألنام بهدوء تام. أنظر ،اللحظة ،إلى جسدي الواهن ثم أقوم ألجوب حضن الغرفة؛ هل تكون السيدة التي قضت معي تلك الليلة هي من قامت بامتصاصي؟ وكيف شفطت كل اللحم الذي كان يملؤني ولم تنتفخ ؟ كانت تبدوعادية جدا وهي تغادر البيت ،لوال أنها تكون مذعورة وكأنها انفلتت من كابوس ثقيل ،وضعت يدها تتحسس وجهي وسألتني وهي ترتدي مالبسها: أين اختفى اللحم الذي كان يخفي العظام؟! أنظر إلى عظامي المغروسة في كل اتجاه ،وأشعر بالخوف ثم أعود ألتدثر بلحاف وثير .كنت أتدثر وكأنني أخشى البرد والريح والعاصفة ،كانت تلك اللحظات تعودني حين قرر والدي أن يمنعني من الحضنين معا ويضعني في غرفة معزولة حرمتني من أن أشعر بأنني قرب الثدي ،وكنت أصرخ بحدة في الليل فال يسمعني أحد. أشتاق اآلن الى حضنهما معا ،كانت أياما شرسة تلك التي أنزل فيها هذان الحضنان معا في تلك الحفرة العميقة ،كانوا يسدلون عليهما التراب وأنا أطل عليهما في سكون بركان. ثم سرعان ما أنفجر ،أنتحب بجرأة ،ويبقى أبي هادئا كأنه ال شيء يحدث! وبعد أسابيع قليلة فقط ،أحضر سيدة أخرى للمنزل وطردني شر طردة. أنظر من جديد إلى شكلي ... قررت أن أتناول الطعام بشراهة بالغة ،لكن جسدي لم يتغير ،وحده الجلد بدا رقيقا جدا ،شفافا ومعلوال! وبدأت أحدق في األجساد وأنشغل بها كما لو أنني أود أن أسرق منها اللحم وأغطي به عظامي التي تراني في كل صباح .مرت شهور ،ونبت لدي شارب عجيب ،وصرت أسعى أن أخلق الضجيج كي ينتبه إلي المارة ،وبدأت أقهقه عاليا في كل األماكن لكي يعرف الجميع بأنني ال أشعر بأي وهن ،كنت أتمنى أن أحدث شيئا ما . مرت ساعات ،ساعات طويلة جدا ،كنت مأخوذا بها وهي تسير ببطء ،لكنني رأيت خالل كل تلك الساعات ما يخبئه اللحم عنا ،كنا نداري حتى ال نرى ما نخفيه . لم تعد السيدة إلى البيت بعد ذلك اليوم ،كانت قد هربت تماما ،وكنت أتمنى عودتها! ناديتها ،كلمتها في خيالي،رجوتها ،أردتها أن تنام بجواري وتلفني ...لكنها كانت نائية! وبدأت أتوارى مجددا عن الوجوه ،كنت خائفا جدا من العيون الوقحة ،وكان علي أن أسبق عقارب الساعة وأصنع لي لحما آخر قبل أن أغادر الغرفة!
الثالثـاء � 15إلى � 21أكتوبر 2019
عدوى الحب
14
فاتحة مرشيد
هو الحب هكذا ..ال يحترم سوى نفسه. يعجبه أن يولد في الظروف واألماكن األكثر غرابة ،كالجنائز مثال. في جنازته التقيتُها ،وكان الحزن ينهش قلبي على فراقه المباغت إثر حادثة سير غبية .كانت جالسة بجانب والدته ،وكان بإمكاني أن أتوصل إلى معرفتها بين الماليين ودون سابق لقاء .عرفتها من كالمه عنها ومن وصفه الدقيق لها ومن نبض قلبي وهو يصرخ داخلي :إنها هي ..إنها هي. كنا طلبة في سنتنا الدراسية األخيرة بالجامعة بالرباط نتقاسم نفس الغرفة بالحي الجامعي ،وألننا كنا في الثمانينات من القرن الماضي فلم تكن لنا ال هواتف نقالة وال فيس بوك وال شبكة انترنيت ..كان لنا التواصل المباشر والكالم لساعات في نفس المواضيع وكان موضوعه المفضل :هي .ريم ابنة عمته التي أصابت، دون أن تدري ،قلبه بعمى العشق .كان يستعين بنزار لكتابة رسالة مطولة لها، استغرق سنة دراسية كاملة في كتابتها ومات قبل أن يرسلها لفرط خجله. من قال إن مرض الحب غير معد؟ أذكر أنني قد أصبحت أحلم بها ،ببشرتها البيضاء وشعرها األشقر وقوامها الرفيع ويديها الرقيقتين وساقيها الملولبتين ..كان مراد يملك فصاحة ودقة في التعبير ال يوازيهما سوى خجله المرضي .كنت أقول له لو أنت قلت لها ما تقوله لي عنها لجُنّت بحبك .لكن ريثما يفعل ،وهذا من المستبعد جدا ،فقد جننت أنا بها .وألنه لم يكن يملك صورة لها فقد أجج المجهول شغفي بمالك كان يبرعُ خيالي في رسم مالمحه و»األذن تعشق قبل العين أحيانا». كل ليلة قبل أن ننام ،ونحن مستلقيان كل على فراشه ،كان يبدأ في قراءة قصيدة لنزار بصوت عال كأنه يناجيها ثم يبدأ في وصفها بكلماته الخاصة ألن نزار نفسه لن يوفيها حقها .مسربا لي فيروس حبها جرعة تلو جرعة. وذات شجن جاءت فكرة الرسالة .يجب كتابتها أوال ثم التفكير في الكيفية التي تجعلها تتوصل بها ،فالبريد العادي من سابع المستحيالت ..سنعثر على حل ال محالة عندما نعود خالل العطلة الصيفية إلى الصويرة ،هناك سنجد وسيلة لجعلها تعانق أناملها. كم مرة كتب تلك الرسالة! وكم مرة مزقها وأعاد كتابتها! ما يمكن قوله هي أنها أروع وأرق وأحن رسالة حب ُكتبت عبر التاريخ. اقتربتُ من والدته تسبقني دموعي فإذا بها تسارع الحتضاني وتبكي بحرقة جعلتها تهوي بين ذراعي ..نهضت ريم لتساعدني على حملها إلى غرفتها وتمديدها على فراشها .ولحظة ،بينما والدة المرحوم مغمى عليها بيننا ،رفعتْ عينيها الدامعتين فاخترقت ضباب عيني ولم أدر كم من الوقت ظللنا هكذا متوحدين في دمعة مالحة. لم تزح عينيها عني ولم أفعل ،كان الصمت سيد الموقف ،كما الحزن سيد االنفعاالت .ساعتها تذكرت الرسالة التي كانت بجيب سترتي ،فقد كان آخر ما طلب مني المرحوم قبل الحادثة الرهيبة أن ألتمس من أختي ،زميلتها في الثانوية ،أن تكون ساعية بريده وتتوسط بينهما .ها هو قد ودعنا مخلفا لي رسالة تعبر بدقة عما يعتريني من ولع وما لن أستطيع التعبير عنه بنفس الجمالية. قلت متلعثما« :ريم »..ارتبكت لسماع اسمها « .أعلم أن الوقت ليس مناسبا، أريد فقط أن أستأذنك في إرسال رسالة لك مع أختي» .طأطأت رأسها وأومأت بنعم وقد احمرت وجنتاها. لم أصدق نفسي ،ما هذا الذي أفكر فيه ؟ وكيف أجسر على قول كهذا يوم جنازته؟ أهي طريقة نظرتها إلي ما سرب الشجاعة بداخلي؟ أم أنه الموت ما يجعلنا نستعجل الحياة؟ ال أعلم .يبدو أن الحب بالفعل ال يحترم شيئا سوى نفسه. هكذا ،وجدتني بعد أربعينية مراد أرسل إليها ،مع أختي ،الرسالة إياها بعد إعادة كتابتها بخط يدي وتغيير اسم المرسل. بعد سنة ونصف من تسليم الرسالة ،لم تفهم ريم ،التي أصبحت زوجتي، سبب إصراري على أن نطلق اسم مراد على ابننا البكر. قلت في نفسي :من يحسن الكتابة ال يموت.
الثالثـاء � 15إلى � 21أكـتـوبر 2019
العدد 1015
رسائل تطوانية
15
من أرشيف الدبلوماسي األديب
سيدي التهامي أفيالل التطواني حفظه اهلل ()30
إعداد وتقديم :الدكتور يونس السباحYounes_sebbah@hotmail.com
تقديم
تعتبر المراسالت العلمية رافداً ثرياً لكتابة التاريخ ،باعتبار ما تحمله في طيّاتها من المعلومات الدّفينة ،والفوائد الغميسة النادرة ،التي ال توجد في غيرها ،ولكونها مرتبطة بزمان ومكان وموضوع معيّن، كما تعدّ أيضاً فنّاً أدبياً ًّ مستقال بنفسه ،بما تحمله من صادق التعبير ،وجميل اإلحساس ،وحسن اإلنشاء ،وبديع السّبك ،وخصوصاً إذا أضيف إلى هذه المعاني جمال الخط ،ورونق الحرف ،وكانت صادقة اإلحساس معبّرة عن الصلة العائلية ،والمتابعة الدراسية بين الوالد والوَلد مث ً ال ،أو بين تلميذ وشيخه ،أو الصديق وصديقه... ومن المراسالت المتّصفة بهذه الصفات ،ما تحتويه خزانة األديب الشاعر ،والدبلوماسي السابق ،أحد أفراد بيت العلم والشرف والمجد ،سيدي التهامي أفيالل حفظه اهلل ،وما يشتمل عليه أرشيفه الذي يضمّ كمّا هائ ً ال من الرسائل ،معظمها صادرة عن أفراد أسرته ،كجدّه القاضي سيدي التهامي أفيالل ،أو عمّه الوزير سيدي محمد بن التهامي ،أو أخيه األديب ،سيدي البشير أفيالل ،أو واردة عليهم وعلى أفراد آخرين من هذا البيت. ولمّا كانت هذه المراسالت لها قيمة أدبية وتاريخية ،ولم يسبق أن رأت النور ،أو اهتمّ أحد بإخراجها للناس ،استأذنّا صاحب األرشيف ،الشريف المذكور ،في العمل على إخراجها وتيسيرها للنّاس عبر صفحات جريدة الشمال الغراء ،التي تستأثر بنشرها ،فوافق مشكوراً مأجوراً ،وقمنا نحن برقن هذه الرسائل ،وصنّفناها حسب ّ كل شخص (منه/عليه) ،وآثرنا أن نبتدئ باألقدم تاريخاً ،فكان صاحب السبق هو القاضي الشهير ،والفقيه الكبير ،سيدي التهامي بن محمد أفيالل (ت1339:هـ) ،وقد استوفينا رسائله –حسبما عثرنا عليه -في الحلقات الماضية من هذه الجريدة ،ونثنّي برسائل ولده العالمة الوزير سيدي محمد أفيالل الصادرة منه والواردة عليه.
الحمد هلل وحده [الرسالة]114 : سيدنا وموالنا محمد وآله [من محمد المرير إلى صديقه أحمد السيد السنــد ،الذي عليــه في صفــــاء الدراوي ،يعزّيه فيها في والدته] الود وخلوصه المعتمد ،فريد األوان ،ووحيد وص ّلى اهلل الحمد هلل وحده الفضل في هـــذا الزمان ،الع ّ المــة األوحد، على سيدنا محمد وآله وسلم ّ األجل األمجد ،سيدي البشير أفيالل، الشريف ّ محـل والدنـــا األعـــزّ األرضى ،المكرّم أبقاكم اهلل للمعارف تبنون معالمها ،وللعلوم اهلل رعـــاك الدراوي أحمــد سيدي األحظى، تفسرون منطوقها ومفهومها ،وسالم عليكم موالنا خير عن اهلل، ورحمـــة عليـك وسالم ورحمة اهلل. نصره اهلل. وبعد ،وصلت مراجعتكم القيمة في وبعد ،فقد بلغنا خبر موت زوجتكم رحمها مسألة الرجوع عن اإلقرار بوارث ،وما ظهر اهلل وبرّد ضريحها ،وأسكنها من الجنّة لكم في معارضة كالم المتّيطي والعقباني، فسيحها ،وقد أسفنا لمصابها ،وشاطرناكم وما نقله من التفصيل في ذلك للشيخ الوزاني األسف على فقدها ،واألمر هلل ،وال مردّ لما الخ ،فدعتني تلك األبحاث السّامية إلى قضاه ،وهذا حال الدنياّ ، وكل من عليها فان، مراجعة ما في القضية من النقول ،وإمعان سالم والسيد كذلك، وقد أسفنا سيدنا الوالد النظر فيما يحيط بها من الفروع واألصول، الجلل، المصاب لذلك الريفي ،وأهل الدار فتبيّن ألخيكم ّ أن الخالف في المسألة المذكورين عن وبالنيابة فنقدم لكم بنفسنا منشؤه فيما يظهر التخالف في المدرك الذي اهلل من لكم ونسأل فيها، مراسيم التعزية كل جانب ،وال يصحّ البحث إ ّ الحظه ّ ال بنقل محمد المرير ومحمد عزيمان يبقيكم وأن الجزيل، واألجر الصبر الجميل، النّصوص من أصولها بكمالها ،فأقول: ً ّ في نعمة وعافية ،آمين .مسلما عليكم ّ إن الذي سبق إلى نقل هذه المسألة هو والسالم. المحبّة وعلى يرعاكم، والمولى عنّا، نيابة وعزّهم المذكورين بأتمّه ،وس ّلم منّا على أنجالكم اإلمام السجلماسي في شرح العمل إذ قال :إذا رجع المقرّ بالوارث عن إقراره هل يبطل أم ال؟ ففي آخر في 1حجة عام 1338هـ. جواب الحفيد المنقول عنه في الشبهة األولى أنّه يبطل ،ونصهّ : إن الرجوع المقرّ بالعصوبة عمّا أقرّ به. اهلل لطف المرير المهدي بن محمد ً به قبل موته يبطل اإلقرار ويمحو أثره ،ليمنع خلوّه ذلك عن أن يكون رجوعا عن الوصية أو رجوعا عن والجواب وجهه باسمنا بدار النيابة بطنجة .الشهادة ،وكالهما مسقط حكم ما تضمّنه اإلقرار .وكذا صرّح قاضي الجزائر عبد الحق في جواب له أن للمقرّ الرجوع عن هذا اإلقرار ،فانظر ذلك مع ما في ّ ّ الحطاب عن المتّيطي .ونصّه :فإن أقرّ هذا المشهد لما مرّ أنّه وارثه ،وال وارث له غيره بعد إقراره األول ،وبعد إقراره الثاني ،قاله في المتّيطيّة. [الرسالة]115 : انتهى كالم ّ الحطاب .ومثل ما قاله في المتّيطية مذكور في الوثائق المجموعة ،وفصّل في طرر ابن ّ [من محمد المرير إلى صديقه السيد البشير أفيالل ،يجيبه فيها على رقعته ،ويتشوق فيها لزيارته] عات بين أن [ ]...أوّ ًال وثانيا إلى متساويين ،وبين أن يكون المقرّ له ثانيا أحق ،ومثل ذلك فقال :مثل أن يقول أوّال فالن ابن عمي ووارثي ،،ثمّ قال آخر ،فالن ابن عمي ووارثي ألمر ،فهو هنا يكون إقراره وصلى اهلل على سيدنا محمد وآله الحمد هلل وحده األول أعمل ،وال شيء للثاني ،وأمّا لو قال فالن ابن عمي ووارثي ،ثمّ قال آخر فالن أخي ألبي أو شقيقي، سيدي وسندي ،ومن عليه في صفاء الودّ معتمدي ،العالم النبيل ،الشريف الجليــل ،أبي األفـــراح لكان اإلقرار األخير أعمل. موالي البشير ،وصل اهلل بالبشر والسّرور أيامكم ،وحرس بعين عزّه وعنايته مقامكم ،وصلتني رسالتكم ولعل ما سبق يرجع إلى هذا التفصيل ،هذا كله كالم السجلماسي بلفظه .ولفظ ّ الحطاب :فإن أمر األنيقة ،وعبارتكم ال ّلطيفة الرقيقة ،في حين اشتياق إلى طلعتكم البهية ،وتشوّق إلى سماع صحيح أحاديث شمائلكم السنية ،فكانت فاتحة سوَر السّرور ،وطالعة كتاب سعادة لقر العيون وتبتهج الصدور .هذا المشهد ألخبر أنه وارثه ،وال وارث له غيره بعد إقرار األول ،بطل األخير ،أي :اإلقرار الثاني ،قال في المتيطية .انتهى كالم الحطاب بلفظه .وبهذا يتبين أن الشيخ الوزاني إنما هو ناقل كالم غيره ،ولم ْ مبتدعـــــة �رشفتـنـي بـــرفعــــة فاحتتــني َّ يصدر في هذه المسألة شيئا من نظره ورأيهّ ، وأن الذي أبدى المعارضة هو السجلماسي ،وعليه ،فيتخلص المسألة في أقوال ثالثة :األول ما أفتى به الحفيد العقباني وعبد الحق قاضي الجزائر ،هو صحة الرجوع منـوعـــــة بل رو�ضة ممطورة �أزهــــارها ّ وإلقاء إقرار األول .القول الثاني :ما نقله الحطاب عن المتّيطي وس ّلمه من ّ أن العمل على إقرار األول ،وال بالغـــة مختــــرعـــة حديقــة قــد جدتــها اعتبار للثاني .القول الثالث بما لتفصيل بين أن يقرّ المتساويين في العصوبة أوّال وثانيا ،وبين أن يقر يف ط ّيها م�ستودعـــة كــــم حكــم لطيفــــة ثانيا بما هو أقر وأحق ،فإن أقر لمتساويين فإن العمل على اإلقرار األوّل وال أثر للثاني ،ويدخل باألول ما إذا أقرّ أوّال لمن هو أحق ،ثم رجع ،وغن أقر ثانيا لمن هو احق وأقر به فإنّه يلغى األول ،ويعمل بالثاني. ود مرتعـــة �سقيتني من ف�ضلهـا بكـــ�أ�س ّ وهذا التفصيل هو الذي ترجى العالمة السجلماسي أن يكون مرجع القولين األولين إليه فيرتفع على عـــالك جممعــة فدم و�أعـالم الورى الخالف ،ويؤول األمر إلى االئتالف ،وهو منهج حسن إذ الجمع بين أقوال العلماء مطلوب ما أمكن ،وعندي هو كتاب كريم ورد من صديق حميم ،وامتأل عتاباً ،ومالماً ،لكنّه كان على قلبي برداً وسالماً ،بل كان ّ أن مدرك القول األول :هو مالحظة أن المسألة تُخرج مخرج الوصية كما صرح بذلك صاحب هذا القول. وثيقة ّ مؤكدة لصحيح العهود مجدّدة لما ال ينقطع بحول اهلل ،وإن طال المدى من حبل الودّ المعقود. ومدرك الثاني :أن هذا إقرار يحق لمخلوف صدر من صاحبه في حال صحة وطوع وجد أن األصل في غي ال ّن�أي املح ّبينا يغينا �إذ طاملا رّ ال حت�سبوا ن�أيكم عنّا رّ اإلقرار اللزوم من البر والفاجر ،وال يصح الرجوع عنه إال بعذر مقبول ،وال عذر هنا يصح قبوله ،قال شهاب هذا سيّدي ،وما ألفتم في تلك القضايا ور ّقيتم من األشكال التي [ ]...أن إخالكم عليه العهدة في الدين القرافي :األصل في اإلقرار اللزوم من البر والفاجر ،ألنه على خالف الطبع ،قال :فضابط ما ال يجوز إطالة المدّة ،وعدم االتصال ،وأنه المسؤول في عدم إنجاز الوعد ،وانتهاج نهج المطال ،فهو وإن كان الرجوع عنه من اإلقرار هو الرجوع الذي ليس فيه عذر عادي ،وضابط ما يجوز الرجوع عنه أن يكون له يجب تلقيه منكم بالتسليم ،فاإلنصاف ّ أن األمر مشترك إن لم نقل على سيادتكم في ذلك ك ّله الدّرك ،إذ في الرجوع عنه عذر عادي انتهى. األمر كان وإذا أمركم، طوع وأنّه االجتماع، توقيت في وحكمكم كم من مرّة ألقى أخوكم األمر بيدكم، وأما مدرك القول الثالث :وهو التفصيل وإعمال الرجوع إلى من هو أقرب وأحق ،فهو ّ أن هذا الرجوع ّ قال: من أجاد كما االمتثال، ال إ عليه كذلك فأنتم الحاكمون ،وما للمحكوم له في الجملة عذر ،إذ يمكن أن يكون سها عن هذا األقرب ،ثم تذكر أو تبين له أنه ال يمكن اإلقرار وصلى اهلل على
ترحلت عن قوم وقد قدروا �إذا ّ
هم �أن ال تفارقهم ّ فالراحلون ُ
ثمّ بعد هذا ،أكرّر ألخوّتكم أن تعينوا وقت االجتماع ليجاب أمركم المطاع ،ثمّ تقبّلوا فائق تحياتنا القلبية ،والسالم في 15قعدة عام 1374هـ موافق 5يوليه سنة 1955م. أخوكم المخلص :محمد المرير
[الرسالة]116 : [من محمد المرير إلى صديقه السيد البشير أفيالل ،في مراجعة فقهية بينهما]
لألبعد مع وجود األقرب ،أما في مسألتيه فإنه إن رجع وال وارث له فإنه يكون أقر لبيت المال ،وبيت المال إمّا أن يقال :إنّه جامع للضائع فقط ،فال دخل له في العصوبة ،وإما أن يقال إنه عاصب ،فعلى القول بأنه جامع فقط فال شمول للعصوبة له ألنه خارج عنهما ،وعلى القول بأنه عاصب فهو أحط المراتب ألنه ال يدخل حتى ال يبقى من يمت إلى الموروث باد في نسب من العصوبة كما هو واضح ،فهنا يكون اإلقرار ثانيا لمن هو أحط ،ويدخل في مسألة المتساويين التي حكم فيها في الضرر بإعمال اإلقرار الثاني، وإليكم النظر بعد في ذلك ،واهلل [ ]...ومن كل سوء يقيكم ،والسالم عليكم. من أخيكم محمد المرير وفقه اهلل.
الثالثـاء � 15إلى � 21أكـتـوبر 2019
العدد 1015
كتابات يف تاريخ منطقة ال�شمال :
()916
لعل من حسنات تطور مناهج البحث التاريخي المعاصر، انفتاحها المتواصل على حقول اإلبداع المتشعبة ،نثرا وشعرا وتشكيال وتجسيدا وأنغاما .لم يعد المؤرخ يكتفي باالستكانة لعطاء النص اإلسطوغرافي التقليدي قصد إعادة “تدوير” المعطيات والوقائع ،كما لم يعد يطمئن لمتون الوثائق المدونة المتوارثة ،بل أضحى ينحو باستمرار إلى توسيع مفهوم الوثائق والمصادر والمراجع والشواهد واللقى والمحكيات ،في أفق البحث عن خصوبة عطاء حقول المعرفة التاريخية المجددة التي تطبع زماننا الراهن ،مثل تاريخ الذهنيات ،والتراث الالمادي ،وتاريخ المعتقدات، وحصيلة التمثالت الرمزية للواقع وللوجود ،وسير األحالم، وطقوس السحر ،وتنوع المعتقدات الشعبية الغيبية...، وفي كل هذه المجاالت ،ظلت المدونات التقليدية قاصرة عن تقديم األجوبة التأصيلية ألدوات اشتغال المؤرخ. وفي المقابل ،أضحى واضحا أن األمر أصبح يفرض انفتاحا متواصال على حقول اإلبداع المتشعبة ،قصد إعادة قراءتها وفق رؤى نسقية تعيد استلهام المضامين ،عبر وضعها في سياقاتها الفردانية التي تتيح إمكانيات هائلة لالستماع لنبض األصوات الخفيضة ،الرمزية وغير المدونة ،مما لم تكن تثير أدنى انتباه لدى المشتغلين بصنعة كتابة التاريخ في أبعادها التخصصية الحصرية الضيقة. في إطار هذا التصور العام ،يندرج اهتمامنا باالنفتاح على مضامين ديوان “ثملت كأسي” ،للشاعر محمد ابن يعقوب ،الصادر سنة ،2019في ما مجموعه 102من الصفحات ذات الحجم المتوسط .فالعمل اختزال لمجمل الخصوصيات المعرفية التي حددنا أبعادها أعاله ،بالنظر لخصوبة المضامين ولكثافة المعاني ولغزارة االستعارات، ثم بالنظر لقدرة الشاعر على التقاط التفاصيل المجردة المنفلتة من بين ثنايا الكتابة التاريخية التقليدانية .وإذا كنا –في هذا المقام -ال ننوي الخوض في مجال األدوات الشعرية والتقنيات الجمالية المميزة لبنية قصيدة الشاعر ابن يعقوب ،مما يمكن أن يهتم به المتخصصون من نقاد الشعر المغربي المعاصر ،فإننا –في المقابل -نسعى للتركيز على تتبع عين الشاعر في التقاطها للجزئيات وللتفاصيل المحتضنة لطرق التوثيق اإلبداعي والجمالي واإلنساني للواقع ولتحوالته .ال يتعلق األمر بتتبع استقرائي للكتابة التقريرية المباشرة الخاصة بالمتون التاريخية الكالسيكية، بقدر ما أنها قبض على طرق رصد االهتمامات الثقافية والذهنية لنخب المجتمع وألشكال تفاعلها مع تغيرات الواقع .ومعلوم أن كتابة التاريخ الثقافي ألي مجتمع ،ال
ديوان “ثملت ك�أ�سي” تستقيم إال عبر تجميع رصيد المنجز الثقافي واإلبداعي والجمالي الذي ينتجه المجتمع في سياق تطوراته التاريخية الطويلة المدى .فبنفس القدر الذي يسمح به هذا الديوان برصد منعرجات تجربة الشاعر محمد ابن يعقوب ،بدءا من ديوانه األول المعنون ب”لم ينطفئ الثلج” ( )2000ومرورا بمجمل دواوينه األخرى“ ،قليال ..ويستيقظ القمر” (،)2004 و”ملح في عيون وعيون” ( ،)2008و”عندما يكذب السكون” ( ،)2011و”خبز ومقام انصراف” ( ،)2016وبشائر وذخائر” ( ،)2016وانتهاءا بديوان “ثملت كأسي” ،يسمح هذا العمل برصد أوجه تفاعل ذات الشاعر مع تحوالت المحيط والواقع، وفق رؤى متخلصة من صرامة التوثيق التقريري الحديدي. وبذلك ،تقدم نصوص الديوان رؤى عميقة تعطي لنفسها كامل الحق قصد التوثيق لما ال يمكن التوثيق له في إطار الكتابات التاريخية التخصصية .يتعلق األمر بقراءات نفسية وفردانية ووجدانية تتحدى شراسة الواقع وبؤس مآل االنحطاط والتردي المهيمن على المشهد العام ،مثلما هو الحال مع النقد القاسي الذي خصصه الشاعر للواقع العربي الراهن في نص “وال يوم الحذاء” (ص ،)29 .أو مع تفاعله مع أحداث االنقالب العسكري الفاشل على الديمقراطية الذي عرفته تركيا سنة ( 2016ص ،)36 .أو مع تداعيات فشل المؤتمر التاسع عشر التحاد كتاب المغرب المنعقد بمدينة طنجة سنة ( 2018ص...،)60 . هي كتابة تقدم قراءة عميقة لواقع متغير ،قراءة متحررة من ضغط الوالء ومن إكراه االنزياح ومن سلطة االنبطاح ومن سيل التنميط الجارف .ويزداد هذا األمر عمقا ،بتوجه الشاعر نحو االحتفاء بحميميات المكان عبر االستحضار المتواصل لفضاءات مدينته/معشوقته شفشاون ،االبنة الشرعية ل”أندلس األعماق” .وفي هذا الجانب بالذات، تكمن القيمة المعرفية الكبرى لمضامين الديوان .فمن، غير الشاعر ،يستطيع تخليد الوجوه واألمكنة والمحكيات واألهازيج والتعبيرات الرمزية والعاطفية المختلفة؟ ولالقتراب من معالم هذا األفق العام ،يمكن االستدالل ببعض مما كتبه الشاعر في ديوانه “ثملت كأسي” .ففي نص “رواية ظل” ،يقول محمد ابن يعقوب: “ ...في قيلولته الملتهبة أروي عن ظلي ما يفيء علي به في امتداده
وشما يأخذني من زمني نحو غرناطة عابرة في تبخترها لتعانق شفشاون أختا وكالما ومساحة عشق ... كانت شفشاون يومه في حجم نهار طويل وبظل لم أزل أروي عنه( ”...ص ص.)7-5 . وفي قصيدة “بين مرور ومرور” ،يقول الشاعر: “لما يمر قطار الشاون في صمته الهارب أبدا من محطته يسكن ليل المدينة وتموت النجوم تستوي أوجه في العراء على سوقها بمالمح أحسبها في حوانيتها تحتكرالضحكة والكعكة وتجيدالنكتة في سكر
فعاليات مدنية تطالب بحماية الرأسمال المادي والالمادي لوزان وزان :محمد حمضي ال يختلف اثنان بأن الرأسمال المادي والالمادي يشكل رافعة أساسية من رافعات التنمية ،لذا يعتبر الحفاظ عليه بحمايته من معاول البشر ،والمناخ ،والزمن ،والترويج له وفق خطة مدروسة ،من مسؤولية (بدرجات متفاوتة) الفاعل العمومي والمدني والخاص . دار الضمانة من المــدن التي يشهد تاريخها التليـد ،بغنى وتنوع موروثها بشقيه المادي والالمادي، لكن هذا المــوروث المميز لهوية وزان ،وبعد أن لعب دورا رياديا في تدوير عجلة االقتصاد المحلي ،سرعان ما سيخفت حضوره في المعادلة التنموية للمدينة، وذلك راجع باألساس للترييف الذي لحق المدينة .ترييف دك معالمها التاريخية، وطبع هذه األخيرة بالقبح في أبشع صوره، حتى أن عملية تأهيل المدينة العتيقة التي انطلقن نهاية 2006ر ،لم تطرد هذا القبح بل كرسته ،والسبب في ذلك نعثر عليه في قتل المقاربة التشاركية ،واالنزالق عن سكة اإلخالص في العمل ونظافة اليد . وفي إطار «ما اجتمعــت أمتي على ضاللة» ،ومساهمة من فعاليــات مدنية في عملية نفض الغبار عن ما تزخـر به دار الضمانة من مــوروث ،سارعــت هذه الفعاليات في الشهور األخيرة إلى النبش بحي بني مرين بحثا عن منبع مائي يعود تاريخه لقرون خلت ،جاور حسـب فاعـــل مدني مهووس باالشتغال على الرأسمال المادي لوزان ،مسجدا حمل اسم « مسجد
16
موروث مادي مهدد باالندثار
عين بني مرين
المالئكة» قبل أن تعدمه هو كذلك نفس العوامل التي سبقت اإلشارة إليها . عملية النبش المشــار إليها وكلفتها المالية المستخلصة من جيوب عشاق وزان فعال وليس كالما، انتهت بخروج «عين بني مرين» للوجود ،مما خلف ارتياحــا واسعــا في صفوف كل من علم بالمبادرة المدنية الواعدة التي تجسد عمليا سلوك المواطنة الحقة . ورش تأهيل هذا المنبع المائي التاريخي توقف قبــل شهـور في انتظار تدخل مجلس جماعـــة وزان إلتمام عملية تبليط المساحة المحيطة به ،وحماية العين بشباك بلمسة الخيال المبدع للصانع التقليدي الوزاني . وبمناسبة الحديـــث عن الرأسمـــال المادي والالمادي لوزان ،وجبت اإلشارة للقوس التاريخي المعزول في زاوية عند مدخل المدينة من جهة طريق الرباط، المهدد بالسقوط واالندثار في أي لحظة إن لم تتدارك األمر الجهات المعنية، وعلى رأسها مجلس الجماعة ،فتسارع إلى ترميمه وتسليط الضــوء على تاريخه الذي تقول بعض حكاياته بأنه كان بابا من بين أبواب رياض فسيح ،زمان بنائه يعود لقرون مضت ،قبل أن تدك معالمه التي لم ينج منها إال القوس المذكور الذي استعصـــى على كـــل العوامـــل البشرية والمناخية محـــو آثاره ،ليظل شاهدا بأن وزان كانت لها بصمتها في الحضارة اإلنسانية .
�أ�سامـة الزكاري zougariousama@gmail.com
رخيص في تالوينها وبأرشيف شاوونها تتساقط أوراق الخريف الوارف في مقصفها تتشظىالمرايا تحت صفير القطار العائد فجرا لمحطته ويقوم الصبح إماما لصالة األصفياء” ( ص ص.)35-33 . وعلى هذا المنوال ،تنساب اللغة الشاعرية الشفيفة للشاعر محمد ابن يعقوب ،صانعة معالم تميزها ،ومعيدة تأثيث فضاءات مدينة شفشاون بقيم البهاء وبنعم الجمال وبخصال التميز .هي كتابة لمحو بشاعة الواقع وإلعادة كنس نظم القبح داخل الفضاء العام المشترك .هي كتابة الشاعر المحتفية باللحظة ،صانعة معالم تميز الهوية المحلية التي تسمو بروح الشاعر المبدع في سفره اإلبداعي المخصوص.
وزان :أجيال تطلق مشروعاً يستهدف الرفع من المشاركة السياسية للمرأة باإلقليم
أعطت جمعية أجيال للتنمية بمقريصات إشارة االنطالقة لمشروع «المشاركة السياسية للمرأة آلية أساسية للحكامة المحلية» ،وذلك يوم الجمعة 5أكتوبر 2019بدار الشباب وزان .حظر حفل االنطالقة عدد من الشخصيات المهتمة بالشأن السياسي المحلي منهم عدد من النساء وبعض ممثلي الهيئات السياسية والمصالح الخارجية للوزارات. وحسب الجمعية المشرفة على المشروع فإنه يأتي في سياق عمل المغرب على الرفع من التمثيلية السياسية للنساء في مراكز القرار العمومي ومالءمة قوانينه من خالل تعديل قانون األحزاب السياسية واعتماد مبدأ التمييز اإليجابي لصالح النساء في االنتخابات والتعيين في المؤسسات العمومية وكذا دعوة صاحب الجاللة إلى الرفع من تمثيلية النساء في االستحقاقات االنتخابية القادمة. ويهدف المشروع إلى المساهمة في ولوج المرأة إلى تدبير الشأن العام المحلي بالجماعات الترابية إلقليم وزان ،وذلك بالرفع من نسبة النساء المسجالت في اللوائح االنتخابية باإلقليم وتقوية قدرات النساء القياديات في األحزاب السياسية على المستوى المحلي واإلقليمي في مجال المرافعة والتواصل وكسب التأييد وتقوية قدرات المنتخبات المحليات في تدبير الشأن المحلي والرفع من نسبة النساء المشاركات في االنتخابات المحلية المقبلة تصويتا وترشيحا. وقد وضع أصحاب المشروع نصب أعينهم استهداف النساء المستفيدات من برنامج محو األمية باإلقليم والتلميذات والتالميذ المنخرطين في أندية التربية على المواطنة وحقوق اإلنسان بالثانويات التأهيلية لإلقليم والمستشارات الجماعيات بالجماعات المحلية باإلقليم والقطاعات النسائية لألحزاب والفاعالت والفاعلين الجمعويين وعضوات هيئات المساواة وتكافؤ الفرص ومقاربة النوع الفاعلة باإلقليم. يذكر أن جمعية أجيال تنفذ هذا المشروع بشراكة مع وزارة الداخلية ممثل في اللجنة المكلفة بتفعيل صندوق الدعم المخصص لتشجيع تمثيلية النساء وعمالة إقليم وزان والمندوبية اإلقليمية لمحاربة األمية بإقليم وزان والمديرية اإلقليمية لوزارة التربية الوطنية والجمعيات المناصرة لقضية المرأة والجماعات المحلية باإلقليم.
أحمد هاللي
العدد 1015
�أعالم ال�شمال : من
17
الثالثـاء � 15إلى � 21أكـتـوبر 2019
األستاذ المربي والفقيه المدرس سيدي عبد المجيد بن محمد أخريف( 1349 )1ـ 1438هـ 2/1
بيت أخريف: ينتمي بيت أخريف إلى األشراف العلميين المشهورين في بالد المغرب ،وأفراد هذا البيت ينتسبون إلى علي بن أبي بكر بن علي بن بوحرمة بن عيسى بن سالم (العروس) بن أحمد المزوار بن علي حيدرة بن محمد بن إدريس األزهر بن إدريس األكبر دفين زرهون. ولقد أقام كثير من أبناء هذه األسرة الشريفة في كثير من قرى قبيلة بني عروس من شمال المغرب ،وكان مستقرهم األصلي في مدشر دار الحيط من القبيلة المذكورة ،ومنه انطلقوا لالستيطان في مداشر عديدة منها :الحارش ،مجمولة ،ميصرة ،كما وجدت هذه األسرة في بعض قبائل ومدن شمال المغرب مثل :بني كرفط ،سماتة ،األخماس ،بني سعيد ،واستقر بعضهم في بعض الحواضر مثل :أصيال والقصر الكبير وتطوان وطنجة. وهذه األسرة على امتداد تاريخها كان لها حضور علمي متميز في مختلف القبائل والمدن التي نزلوا بها ،وكان أفرادها قد أكثروا التنقل إلى العديد من القبائل الشمالية للنهوض بمهمة اإلمامة والخطابة والتدرير ،واالشتغال بتلقين العلوم الشرعية .وقد أسدوا خدمات جليلة في هذا المضمار ،وكان لهم فضل كبير في تلقين المعارف اللغوية والشرعية. ومن أشهر وجوه هذا البيت العلمي الذي سما شأن أبنائه في العلوم الشرعية ،نذكر منهم: الفقيه عبدالرحمن بن الحسين أخريف الحسني :كان حيا سنة 1106هـ. • الفقيه عبدالقادر بن محمد أخريف الحسني السلماني :كان حيا سنة • 1205هـ. الفقيه العدل امحمد بن محمد بن عبدالسالم أخريف (ت • 1355هـ) :أصل أسرته من مدينة أصيال ،درس بفاس ،وتولى اإلمامة والخطابة وقام بالوعظ واإلرشاد في جامع العيون بمدينة تطوان. العالمة الفقيه المدرس عبدالرحمن بن محمد أخريف العلمي • (ت 1377هـ) :يعد من كبار شيوخ الدرس في قبيلة الساحل ،وكان أحد مشاهير المدرسين في المعهد الديني بالعرائش. العالمة األديب والشاعر المبدع عبدالواحد بن محمد أخريف (ت • 1421هـ). اإلسم والنسب والنشأة: هو األستاذ الفقيه العدل المدرس الخطيب سيدي عبدالمجيد بن محمد بن أحمد بن الحاج محمد أخريف الحسني العلمي المجمولي العروسي ،وهو سليل أسرة اعتنى أفرادها بحفظ كتاب اهلل تعالى ،واالهتمام بالعلوم الشرعية .وكانت أسرته محط تقدير واحترام في قرية مجمولة. رأى المترجم له نور الحياة في قرية مجمولة من بني عروس حوالي سنة 1349هـ1931/م ،من أبوين كريمين اللذين اهتما برعايته وتنشئته على أسس الفضيلة ومكارم األخالق ،وكانا حريصين على أن يسلك ابنهما نهج أسالفه الطيبين. الدراسة األولية: ولما أدرك المترجم له سن التمييز أدخله والده إلى كتاب القرية لتعلم القراءة والكتابة واستظهار الذكر الحكيم ،وقد تسنى له االختالف إلى نخبة المدررين الذين عهد إليهم بمهمة تعليم أبناء قريته ،ولم يكن والده يغفل عن متابعة ما حفظه في هذا الطور الدراسي ،فكان يراجع معه أحزبا من المحفوظات التي تلقاها بواسطة شيخه. ومن أبرز الفقهــاء المدرريــن الذين الزمهــم في هذه المرحلة الدراسية نذكر اسمين بارزين هما :الفقيه الميصري ،والفقيه أحمد بن الهاشمي أفيالل ،وكان هذا الشيخ هو عمدته في حفظ الكتاب العزيز ،وعليه أتقن رواية ورش عن نافع بتمامها ،وعمره لم يتجاوز تسع سنوات ،ثم تابع استظهار ختمات أخريات رغبة منه في التمكن من ضبط الرواية وإتقان الرسم .وبلغ مجموع الختمات التي أتمها في هذا الطور الدراسي تسع ختمات ،كما تلقى عن شيخه المذكور حفظ المتون العلمية المختلفة في الفقه والنحو والفرائض والتوحيد ،وتلك المتون كانت تمهد له السبيل إلى حضور حلقات الدرس التي كانت سائدة في المراكز العلمية المبثوثة في مختلف القبائل الجبلية. حضور حلقات العلوم الشرعية بقبائل شمال المغرب: ولما نال الفقيه سيدي عبدالمجيد أخريف مبتغاه من استظهار المتون العلمية ،هاجر مسقط رأسه على عادة طلبة العلم ،وشدّ الرحلة إلى أحد مراكز الدرس حيث كان يتصدر مجالس العلم فيه عالم جليل ومدرس نفاعة هو العالمة الفقيه بن حليمة الذي قدر أن يتتلمذ له في قرية كور من قبيلة جبل الحبيب ،وقد أخذ عنه علم النحو بشرح المكودي على متن ألفية ابن مالك. كما تلقى في تلك الفترة الدراسية علم الفقه على الفقيه أحمد التايدي بشرح تحفة ابن عاصم ،وشرح الزقاقية. وتجدر اإلشارة إلى أن الفقيه سيدي عبدالمجيد أخريف سبق له أن تلقى العلوم األولية بقبيلته (بني عروس) على الفقيه عبداهلل المهرة الذي ختم بين يديه متن األجرومية بشرح األزهري في النحو ،ومتن ابن عاشر بشرح ميارة في الفقه. رحلته في طلب العلم ببعض الحواضر العلمية بالمغرب: ورغبة منه في التزود بالمعارف العلمية التي لم تسعفه الفرص ألخذها في حلقات الدرس بقبائل الشمال ،أبدى المترجم له سنة 1365هـ1946 /م ،العزم الكبير على االنتقال إلى مدينة تطوان ،وكانت المدينة في تلك الحقبة التاريخية تعتبر حاضرة علمية بامتياز ،حيث لم تفتر بها الحلقات العلمية االختيارية في المساجد والزوايا المختلفة ،كما كانت الحلقات العلمية النظامية منتعشة ومزدهرة ،وذلك من خالل الدراسة في أسالك المعهد الديني (االبتدائي والثانوي والعالي) ،وهذا المعهد خالل عقود من الزمن كان يستقبل جموعا غفيرة من طلبة العلم الوافدين من مختلف حواضر وقبائل شمال المغرب. وخالل إقامته في مدينة تطوان سكن في مدرسة لوقش مع جملة من الطلبة األفاقيين ،وأثناء ذلك قدّم طلب االلتحاق بأحد أقسام هذا المعهد لمتابعة دراسته .وقد اغتنم المترجم له فرصة حضوره في هذه المدينة ،واجتهد في
• بقلم :عبداللطيف السماللي االستفادة من الدروس االختيارية التي كانت تقدم في الجامع الكبير ومدرسة لوقش ،ومن أهم الشيوخ الذين درس عليهم في تطوان: العالمة الفقيه محمد الطنجي :درس عليه البالغة بكتاب الجوهر المكنون. • العالمة محمد المرابط الترغي :درس عليه الفقه بمختصر خليل بشرح الدردير. • • العالمة الفقيه التهامي الوزاني :درس عليه التاريخ بكتاب تاريخ المغرب. ومما يؤسف له أن الفقيه عبدالمجيد أخريف حال بينه وبين متابعة الدراسة النظامية القرار الصادر من مديرية الشؤون األهلية اإلسبانية بتطوان إلى إدارة المعهد الديني ،وكان البحث الذي أجرته تلك المديرية سلبيا ،وإثر ذلك استدعاه شيخ المعهد في هذا الشأن وأطلعه على مضمون القرار. وأمام هذا القرار القاضي بحرمانه من الدراسة بتطوان ،اهتدى المترجم له إلى استصدار جواز السفر الذي سيمكنه من االنتقال إلى المنطقة السلطانية ،وتحديدا إلى مدينة فاس حيث جامع القرويين وحلقاته العلمية النظامية التي كان يتصدرها جلة الشيوخ المدرسين ونبهاء الفقهاء المجتهدين. لقد أعد المترجم له العدة الالزمة لمفارقة أهله ورفاقه ،وهجرة موطنه الذي عاش في كنفه، وكان أسمى رغبات الفقيه عبدالمجيد أخريف يومئذ هو استيعاب مختلف العلوم التي حُ ِرمَ منها في مدينة تطوان ،والجلوس إلى علماء كبار الذين كان لهم األثر الكبير في ميدان التدريس والتأليف بالمغرب. ولما كانت لألستاذ الفقيه عبدالمجيد أخريف معرفة جيدة بالعلوم األولية، وكانت له دراية ببعض شروح المتون العلمية التي سبق أن تلقاها في بعض البوادي الشمالية وفي مدينة تطوان ،وبعد اختبار مستوى تحصيله لبعض الفنون ،اقترحت اللجنة العلمية بالقرويين إلحاق الطالب عبدالمجيد أخريف بالسنة الثالثة ابتدائي. وخالل مقامه بعاصمة العلم والعرفان مدينة فاس ،انكب على المطالعة واجتهد في أن ال تفوته الحلقات العلمية النظامية واالختيارية، وكان النجاح حليفه في جميع سنوات الطور الثانوي ،وتوج هذا الطور بحصوله على شهادة البكالوريا في سنة 1372هـ /يونيو1953م. ولم يكتف المترجم له بتلك الشهادة التي نالها ،وهي يومئذ كانت تؤهله إلى الحصول على بعض الوظائف أو مزاولة بعض األعمال ،لكنه فضل متابعة طريق التحصيل المتين للعلوم الشرعية ،ورغم قلة اليد وضعف الحال أصر سيدي عبدالمجيد أخريف على طلب العلم واالجتماع بكبار العلماء واالستفادة من مذاكراتهم ،ولم تمض مرحلة فاس سدى فقد أنهاها بحصوله سنة 1376هـ1956 /م ،على شهادة العالمية ،وهي أسمى درجة علمية كانت تمنحها جامعة القرويين لطلبتها يومذاك. شيوخه بالقرويين: دامت مدة إقامة األستاذ عبدالمجيد أخريف بفاس من أجل الدراسة في جامع القرويين تسع سنوات متواصلة (سنة واحدة في نهاية الطور االبتدائي ،وست سنوات في الطور الثانوي ،وسنتان في الطور النهائي) ،وكانت تلك المدة الطويلة كافية إلتقان جملة فنون ،ومطالعة مختلف المصنفات العلمية ،وختم خاللها جملة كتب بين يدي شيوخ أكفاء وعلماء أجالء ،وظل رحمة اهلل عليه يثني على عطاءاتهم العلمية ويجل فضلهم عليه .ومن أبرز الشيوخ الذين أخذ عنه والزم حلقاتهم بفاس: • العالمة الفقيه عبدالكريم بن محمد الداودي :درس عليه مختصر خليل بشرح الدردير. • العالمة الفقيه عبداهلل الداودي :درس عليه متن التحفة بشرح التاودي بن سودة والوثائق الفرعونية. • العالمة الفقيه محمد مكوار :درس عليه علم الفرائض بحاشية أحمد بن الخياط الزكاري على فرائض المختصر -علم التوقيت. • العالمة عبدالعزيز بن الخياط الزكاري :أخذ عنه علوم البالغة بمتن الجوهر المكنون. • العالمة الفقيه الصقلي :تلقى عنه علم التوحيد بمتن السنوسية (أم البراهين). • العالمة الفقيه العربي الصقلي :حضر دروسه في التفسير بكتاب روح المعاني لآللوسي. • العالمة الفقيه بن عبدالقادر الصقلي :حضر عليه دروس صحيح البخاري ،ومصطلح الحديث بمتن البيقونية وشرح الزرقاني. أصول الفقه بكتاب جمع الجوامع بشرح التفتازاني.
• العالمة الفقيه محمد الجواد الصقلي :تلقى عنه علم
• العالمة الفقيه المؤقت سيدي امحمد العلمي :تلقى عنه علم التوقيت من خالل المؤلفات التي وضعها في هذا العلم. • الفقيه العالمة إدريس اإلدريسي :درس عليه األدب العربي. • الفقيه العالمة الحسن مزور :أخذ عنه الوثائق الفرعونية. • العالمة الفقيه محمد الزرهوني :درس عليه علم النحو بمتن األلفية وشرح المكودي – وعلوم البالغة. • العالمة الفقيه عبدالواحد العراقي :درس عليه المية األدب. • العالمة الفقيه عبدالرحمن الغريسي :حضر دروسه في تفسير القرآن بكتاب روح المعاني لآللوسي. • العالمة األستاذ األديب محمد الحلوي :درس عليه التاريخ ،وعلم العروض ،واألدب العربي. • العالمة األستاذ المؤرخ عبدالهادي التازي :تلقى عنه دروس النحو في نهاية الطور االبتدائي. ـــــــــــــــ )1أفادني السيد عبدالحميد أخريف (نجل المترجم) ـ مشكورا ـ ببعض المعلومات المتعلقة بالمترجم له ،وزودني ببعض وثائق والدده ،بارك اهلل فيه ،وسدد خطاه في المحافظة على تراث أبيه.
18
الثالثـاء � 15إلى � 21أكـتـوبر 2019
العدد 1015
المقاولة بنون النسوة ...في بحر هذا األسبوع (،)2019/10/8كانت ثمَّة سيّدات مقاوالت مغربيات،وقد التقين بشريكاتهنَّ اإلسبانيات،من خالل المنتدى الثاني لجمعية مقاولة غرناطة الدولية،و جمعيات السيدات المقاوالت بتطوان .جدير بالذكر َّ أن السيدات الفاتنات الرقيقات،المقاوالت بأطرها العليا لم يتأخرن في استقبال ضيوفهنَّ،الذي يوحي بانطباع مهني ويُضفي على المنتدى نوعا من الحرفية في شخصية رئيستها السيدة مونيا الوزاني التهامي بمعية رجاء الوزاني التهامي،و السيدات المحترمات األخريات الآلئي تمثل في سلوكهنَّ وأعمالهنَّ َّ محل اهتمامهنَّ بعالم المقاولة .ما جادتْ به قريحة رئيسة المنتدى مونيا الوزاني التهامي لتستفتح الحدث بلغة خطابية وصوت ندي للترحيب بشريكتها السيدة “بيالر سييرا كوميس” رئيسة مقاولة غرناطة الدولية والوفد المرافق لها،و الحضور المهتم بعالم المقاوالت الصناعية والخدماتية والمنافع ..أرهنتُ إليها (المقاوالت) سَمعنا لنستوعب المصطلحات المستعملة في عالم األعمال من الهيكلة إلى الشراكة واإلجراءات القانونية،بتتبع أحداثها االقتصادية الذي احتوى عليه جدول األعمال . جاءت كلمة رئيـــس غرفــة التجـــارة والصناعــــة والخدمات لترسيخ ثقافة السيدات المقاوالت من أجل النموّ والتنمية االقتصادية .وتبادل الخبرات بين السيدات المقاوالت المغربيات/اإلسبانيـــات بغرناطـــة وطنجة ،تطوان ،الحسيمــة ،بخطة تهدف إلى عمـــل جماعي تستند عليها للنهوض بالمقاولة النسائية التطوانية/الغرناطية ،إلى حيـــن القيـــام بالنسيــــج االقتصادي واالجتماعي لتدعيم الشبكة االجتماعية من أجل تحقيق األحالم .وأن تكون النساء فاعالت بعجلة االقتصاد من أجل االنفتاح على المقاوالت باألندلس وتطوان،طنجة،الحسيمة َّ . إن بالمغرب اآلن شركات إسبانية إلى حدّ معقول .ولتعزيز التعاون بين ضفتيْ البحر األبيض المتوسط من خالل مشاريع مشتركة بين المقاوالت الناجحة ّ لكل النساء -.وقد تربصت نائبة المجلس اإلقليمي لغرناطة،بخطوات المقاوالت النسائية بغرناطة وتطوان،لتحسين النسيج الدولي التجاري بين الدولتين .مستوضحة تقوية االقتصاد المحلي لتصبح تنافسيته بشكل متزايد .إذ تحوَّلتْ إسبانيا إلى أوَّل موَرد للمغرب،كما للمرأة المقاولة، و هي تتحدّى العقبات على المستويين لكي تساهم في اقتصاد بالدها،وهذا ما تفعله في هذا المنتدى من أجل المشاريع الناجحة ولمصلحة الجميع – ..ممثلة المحافظة على الطبيعة وحماية البيئة بمدينة غرناطة،تمدُّ الجسور لكي تجمعنا المصالح بنسيج المقاوالت بين الضفتين .لتتنبأ بمستقبل موَلد للثروات وفرص العمل .هنَّ سيدات مكافحات تقترح عليهنَّ “ممثلة” البيئة الكفاح من أجل المستقبل وأن يُوَاكبن المغرب في طريق النموّ ،بتبادل األفكار والخبرات،و ْ ْ أن يشتغلن سوية مع نساء غرناطة الدولية للمشاركة في خلق مناصب الشغل - .وللبحث عن الواقع تعتقد مؤسسة المقاوالت المغربية
موائدُ الحرفِ
(ديوان فوائد وعوائد ومحا�ضرات) ُ كتاب �أ�صو ٍّ فقهي .52 يل ٍّ تقريظ ٍ
• بقلم :عبد المجيد اإلدريسي
والنائبة العامة للكنفدرالية العامة التحاد المقاوالت في الجهة َّ أن العراقيل التي تتعرَّض لها المقاولة النسائية أكثر من الرجالية،إذ الكفاءة هي التي يجب ْ أن تتحكم في المنتوج .يتكئ المقاولون على العنصر الرجالي،بينما النساء يسعيْنَ إلى اإلتقان والمثالية .وتشير إلى َّ أن أكثر من عشرين ألف مقاولة إسبانية تتعامل مع المقاوالت المغربية،فتجمعها بهم عالقات الئقة .حتى َّ إن هناك فرص المنح قبل إنشاء المقاولة اإلسبانية – .بألمعية ومهنية لمسؤوليْن بالجمارك من تطوان والعرائش “اآلمر بالصرف”،يضيؤون الظالل حول موضوع انشغاالت وقلق،من أجل اآلداء والقدرة التنافسية للمقاوالت المغربية .وقد قام مدير الجمارك بشرح اإلجراءات الضرورية من أجل االستثمار وأشار إلى هشاشتها بحكم تهريب السلع من باب سبتة .إليقاف هذا المُوَزّع،تمَّ االتفاق بين المغرب وإسبانيا،لتعزيز إمكانية دخول السلع بميزة وفوائد بأساليب معلوماتية وبالقرب من الجمارك .ثم أمسك المتحدث “اآلمر بالصرف” بزمام رُزْمانة من القوانين ذات الصلة التي تنظم عالم الجمارك،فصال وجال وأجاد – ..برزت سيدة مستشارة سياحية بعمالة المضيق-الفنيدق،لتشدَّ أنظار المقاوالت لترويج شراكة في المجال السياحي لما تزخر به منطقة جهة الشمال من الثروة الطبيعية الغابوية والبحرية التي تمتدُّ على مساحة 375كلم على البحر األبيض المتوسط،و حشد ناقالت الدَّعم لرسملة 292فندق و2500سرير التي بلغ عدد سواحها 960000سائح .هي ثمّة ثروة غنية بالمنطقة،من المنتجات الساحلية لمدن تاريخية من “تامودة” إلى “ليكسوس” ومغارات “هيريقل” ومدافن “الرومان والفنيقيين” والمآثر اإلسالمية واألندلسية مع بنية تحتية آمنة،و القرب الجغرافي من أوروبا من شأنها ْ أن تستقطب مقاوالت دولية لالستثمار في جهة طنجة- تطوان-الحسيمة -..بلسان سلس للبحث عن التنمية واالبتكار تناولتْ الكلمة مستشارة مالية إسبانية في مجال االستيراد والتصدير بفكرة تقتضي جوّا من الثقة بين البلدين من أجل االستثمار خارج الحدود في إطار العوْلمة .هناك سيرورة مرتبطة بالتبادل للبيع والشراء .فالدعامة التي تستند عليها العولمة منها األيادي الرخيصة،لصناعة قطع غيار السيارات في بالد متعدّدة،ويتمُّ جمعها في بلد آخر .كما يحدث ذلك أيضاً فيما يخص بعض الطائرات والقطارات . وتقترح المستشارة المالية مشروع شراكة للتطبيب بين إسبانيا والمغرب،و دعم االبتكار وصناعة المكننة ومشاريع خاصة بالطاقات المتجدّدة .كما يمكن االتجاه إلى تخطيط استراتيجي للمقاوالت المغربية اإلسبانية،من أجل التنمية وخلق الثروة منبع مناصب الشغل .لتحفيز مختلف العالقات االقتصادية التي يشتدُّ عودها في القرن الواحد و العشرين للمصلحة المشتركة،بمذاق المال و األعمال ..
بين دفتيّ هذا َ شكــول فوائـــدُ في الفقــه واألصول والتاريـخ الك ِ ُ ُ ونخيلـــة حصيلــــة مطالــعـــاتٍ وسماعــاتٍ، واللغـــة واألدب ،وهـــي ٌ ٌ وبـــاعــــث على لإلينــاس، ة مجلبـــ ُّعهـا و وتنـــ تحقيقاتٍ وجواباتٍ، ِ َ ّ التروّح؛ َّ التنقــل بين وتستـــروحُ إلى ألن النفس تسأمُ النمط الواحدَ، ِ ِ أفانين الكالم ..ولعـل القارىء يجـد فيها متنفسـهُ إذا تم ّلكه الضجرُ، ِ ُ الوحشة ..واهلل الهادي إلى سواء السبيل. واستفرغتهُ
ُ الباحث األصوليُّ الدكتور عارف الجناحيُّ أن َ أقرّظ رسالته ( :متعارض أحاديث األحكام في صحيح البخاري طلب مني األخ األودُّ :دراسة أصولية فقهية )( ،)1وكان قد أحرز بها درجة الدكتوراه بجامعة الشارقة بإشرافيَ ، ونال ثنا ًء سابغاً من األعضاء المناقشين على تميّزه وشفوفه على األقران .فلبيّت طلبته تبرّكاً بخدمة السنة ،وإسهاماً في خدمة العلم ،وإكراماً ألهل الكفاية والجدِّ. ُ مدوّنة األمّة ،ومَعينُ السنّة ،وليس كتابٌ فوقه بعد كتابه اهلل تعالى ،وقد كان َّ َّ الموطُأ ـ قبل الصَّحيحين ـ «إن صحيحَ البخاريِّ رأسَ الكتب ،وعليه يُحمَل كالم اإلمام الشافعيِّ في تقديمه ،ثم تأخر ترتيبه عند أهل العلم؛ لما وُجد فيه من المراسيل والمقطوعات والموقوفاتوالبالغات. ِّ تمثيل فض ًال عن نَصْب برهان؛ إذ تعاقب العلماء على ضبط رواياته، إلى يحتاج ال للعيان، واضحٌ أمرٌ َّحيح، ص ال والتحفي بالجامع ٍ وشرح متونه ،واستنباط فقه تراجمه ،والكالم على رواته ،ودبّجوا في ذلك كتباً ضخاماً ،ما زالت المطابع ـ إلى يوم الناس ـ تزفُّ أسفارها َ سِفر...وهذا ـ وال ريب ـ من بركة السنّة ،ويُمن خدمتهاَّ ، المالئكة لتضع أجنحتها لطالب العلم ،ويستغفر وإن إلى دنيا النور سفراً بعد ٍ له من في األرض حتى الحيتان في قاع البحر ،فكيف بخادم حديث رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم. ُ ُ السامقة في النُّفوس ،واألثرُ المحمودُ في المرجعيَّة التَّشريعيَّة لألمة ،نَهَدَت أقالمٌ المكانة لصحيح البخاريِّ ولما كان ِ مأجور ٌة َّ للطعن فيه ،والصدِّ عنه ،وغاية ما انتهت إليه شُبَهٌ مزوَّق ٌة في كتب المستشرقين ،فأزاحتْ عنها رماداً ،وأعادتها جذع ًة ،فإذا بالعقول الفطيرة تنساق إليها انسياق القطيع ،كما انساقت ،اليوم ،إلى التَّصفيق لكتاب (البخاري :نهاية أسطورة) ،وصاحبه ال في العير والط َ وال النفير ،لكنَّ الهوى زيّن له التَّجاسر على المقدَّساتِّ ، باعة فتحت له أبواب ُّ الذيوع ،فرأى الناس من طغيان القلم ما رأوا ،وال عجب؛ َّ محتس ٍب !! فإن على الخبازين محتسباً ،وليس على العلم نصفُ ِ ً مناضل عن السّنة ،ذابٍّ عن جامعها الصحيح ،وهو( :متعارض أحاديث كتاب بتصدير ة غامر سعادتي اليوم، تكون، ال وكيف ٍ ٍ األحكام في صحيح البخاري :دراسة أصولية فقهية) ،للباحث األصوليِّ ّ الطلعة عارف الجناحيِّ ،وقد عقد عزمه على إذاعته في الناس، ِّ وراغب.. وخيراً فعل؛ فمثله في أناة االستقراء ،ونضوج اآللة ،وصحَّة القصد ،ال ينبغي أن يضنَّ بثمرة فكره ِ طالب ٍ ونائِل قلمه على كل ٍ بل إنني سعدت أوَّل ما سعدت حين أُسند إليَّ اإلشراف على عمله في مرحلة الدكتوراه ،واجتزت معه الطريق درباً درباً ،حتى بلغ مراده على إحسانٍ منه َّ قل في أترابه من طالب الدراسات العليا ،ومن سلك الجَدَد أمِن العثار . وإن َ َّ لحمة الكتاب وسداه تتبّعُ األحاديث التي يوهم ظاهرها التَّعارض في صحيح البخاريُِّ ، وبيان سَنَن الفقهاء في درئهِ ،ومن ً ً مو ّف ِق صنيعهم ما ذهبوا إليه من وجوه الجمع التي تريك النصوص الواردة في المسألةِ سبيكة واحدة تندغم فيها أواصر المعنى، َ انفراط بعده وال انفصام! ومن ّ تنكب هذا النَّظر نافر أو شاردٍ ـ في ظاهره ـ إلى رباطٍ كليٍّ ال ونواظمُ القصد ،فإذا بالسياق يردّ كل ٍ َ ّ أحاديث أُخَرَ في المسألة ذاتها تخصِّص ما كان جائزاً ،أو ويستدل به على الجواز ،في حين أن السِّياقِيَّ الكليَّ فإنه يقرأ الحديث تقيّده ،أو تقضي بنسخه ..وربّما تعجّل في حكمه بالتعارض ،وله شروط ال بد من استيفائها عند أهل الصِّناعة! ولذلك ال تلفي باحثنا ً()2 ً سائغ ،ونُصب عينه القاعدة األصولية المشهورة: صائرا إلى التَّرجيح بين أحاديث المسألة إال لماما ،وعند انسداد باب الحمل على وجه ٍ (إعمال الدليلين أولى من إهمال أحدهما) ،وناهيكَ بها من قاعدةٍ تحفظ على النصوص وحدتها الموضوعية ،وصيرورتها التَّشريعيَّة.. وحتى حين صار باحثنا إلى الترجيح؛ أحسن تطبيقَ ضوابطه على النحو الذي ج ّالهُ في الممهِّدات النَّظريَّة لكتابه ،فما شطح عن جادَّة الرَّاسخين ،وال َّ تحكم على غير هدى أو بصيرة كما هو ديدن المتهوِّكين ،وهذه خصلة ورثها من علماء السلف الصالح الذين أدمن على كتبهم مطالعاً ومستفيداً ،والمر ُء على دين من أحبَّ .. وإذا كان لهذا الكتاب مزايا تُعَدُّ وتستحقُّ مني َ إطالة غرَّة الثناء على صاحبهاَّ ، فإن أجدرَها بثنائي ج َلدٌ على االستقراء لم أظفر ِّ الع ،وأدبٌ جمٌّ مع فقهاء األمة وإن بدرت منهم الهفوة ،وكأني به يتَّخذ من قاعدة به عند أقرانه ،ود ّق ٌة في ِ التوثيق تنبئ عن أمانةٍ واط ٍ اإلنصاف( :من ُ ً ِّغْن والنّ َفاسَةِ من أحسنهُ وما له، ا دثار لفضلِهِ)، نقصُهُ وُهِب فضله كثر دِثار يصون حرمة العلم ،ويقطعُ على الض ِ ٍ َّ كل سبيل !
بقلم :قطب الري�سوين ـ ال�شارقة ـ َّ َ ِّ قصير ،بدءاً من التَّدريس ،ومروراً ولو ساعفتُ القلم وأرخيتُ له الطوَل؛ لطال بي الثناء على ٍ رجل خبرت علمه وخلقه ٍ لزمن غير ٍ باإلشراف ،وانتها ًء إلى الزَّمالة في العمل ،فما رأيت منه إال ما يقرّ العين ويثلج الصدر ..وكنت أدعو اهلل تعالى له ـ في ظهر الغيب ـ بأن َ َ يحوطه ِّ ويحفظه من ٍّ كل سوء ،ويبقيَه ذخراً لدينه ووطنه.. بكل نعمة،
ماثل حيٍّ ..فدامَ عارفاً بعلمه ،طائراً ومن جميل الموافقات أن يحمِل باحثنا من اسمهِ نصيباً أيَّ نصيبِ ، واقع ٍ ويترجمه إلى ٍ ُ فكر أو وليمةِ رأي ..قدرُ من واتاه التَّحليقٌ ، وقليل ما أفق ،وال يقعُ إال على غنيمةِ أفق إلى ٍ بجناحيْ قلمه ..يزفُّ بهما حيث شاء اهلل من ٍ ٍ ٍ همَ !... واهلل نسأل سداد العمل ،وخير المنقلب ،إنه وليُّ ذلك والملي ُء به «.
ٌ فائدة �أدب َّي ٌة .53
ماري عجمي (ت1965م) :قلمٌ دمشقيٌّ ياسمينيٌّ ،تضوَّعت نفحاتُهُ الريّا في الروضتين :روضةِ الشِّع ِر ،وروضةِ النَّثر ،ومع ذلك القليل ممن أدركتهم ُ ُ حرفة األدب.. فصداهُ خافتٌ في اآلذان ،وال يكاد يهتف بفضلهِ إال ٍ َ َ األدبية ،وخطبت في المحافل ،وأبلت األندية نسائي بسورية ،وغشيت منبر أول أصدرت ماري مجلة (العروس) سنة 1910م ،وهي ّ ٍ بال ًء حسناً في مقارعةِ االستعمار ..ومن ُطرفها النثريةِ في وصفِ ظالل األرز: « يا أرز لبنان ،وملكَ النَّباتِ المهيب!.. الغمام عرشُكَ الوطيد ! ما أعظمَ أن يسموَ فوق ِ وأن يدومَ لكَ الملكُ ،ولم يبقَ لملك سؤدد ! ترنو إليكَ فواغي الوادي حاني ًة خاشع ًة ..وتبتسمُ لكَ فرائدُ قاديشا عن آللئ بيضاء تزري بحبّك الفراقد.. َ رياض هي كدرجات ساللم الهياكل مدبجة األلوان ،مرتِّل ًة إجال ًال لسنائكَ ،هاتف ًة على تعاقب تجري شالالته صافية الزّالل بين ٍ الفصول بحمدكَ !». وعسل َّ ٌ مصفى ! .. زهر، يا لمراعفِ األنوثةِ إذا قطرتْ :ما ُء ٍ
ٌ ٌ فقهية فائدة .54
ُ مسائل في (المدونةِ) عرضها ابن القاسم على شيخه مالكٍ ،فعدل فيها اإلمامُ الممحوَّاتُ األربعُ مصطلحٌ مالكيٌّ قحٌّ ،ومعناه: ُ الفيئة إلي كنفهِ .ونصُّ هذه المسائل في األول لتغيّر اجتهاده ،وذلك كان دأبه ـ رحمه اهلل ـ إذا الحَ له صوابٌ تتعيَّنُ عن قولهِ ِ (المدونة): ـ األولى :قال مالكٌ في األضحيةِ إذا ولدت :إن َذبح ولدها معها فحسنٌ ،وإن أبى :لم أرَ ذلك واجباً عليه ،ثم عرضها عليه ابن القاسم ،فقال :امحها ،واترك منها :إن ذبح معها فحسنٌ. ـ الثانية :قال مالكٌ في الحالفِ :ال يكسو امرأته ،فافتكَّ لها ثيابها من الرهن :يحنث .ثم عرضها عليه ابن القاسم فقال :امحها، وأبى أن يجيب عنها. ـ الثالثة :قال مالكٌ في نكاح المريض أو المريضة :إن نكاحها مفسوخٌ وإن صحّا دخل بها أم ال .ثمّ عرضها عليه ابن القاسم فقال :امحها ،وأرى أنهما إذا صحّا ثبت على نكاحهما. ـ الرابعة :قال مالكٌ فيمن سرق وال يمين ،أو له يمينٌ ش ّال ُءُ :قطعتْ رجلهُ اليسرى .ثم عرضها عليه ابن القاسم ،فقال :امحها، وأرى أن تُقطع يده اليسرى ،وباألول قال ابن القاسم. الكتاب؛ ألن ابن العمل بما سُمع؛ ألنه محوٌ من قال أبو الحسن الرجراجيُّ صاحب (مناهج التحصيل)( :المحوُ :عبار ٌة عن تركِ ِ ِ ِّ كتاب ،إنما هي أسئل ٌة يلقيها من صدره هو ،أو يلقيها غيره ،فيأخذ عليها الجواب ال غير ،والمسائل القاسم ما كان يعلق عنه في ٍ الممحوَّات من المدونة أربعٌ ،منها هذه المسألة.)4())3(.. ـــــــــــ الهوامش: 1ـ طبعت بمكتبة الفرقان اإلماراتية ،سنة 2018م. 2ـ صار باحثنا إلى الترجيح في أربع مسائل من مجموع ( )127مسألة. 3ـ يريد مسألة الضحايا. 4ـ مناهج التحصيل للرجراجي.269 / 3 ،
العدد 1015
الثالثـاء � 15إلى � 21أكـتـوبر 2019
مواقف ومظاهر من التقارب النضالي والثقافي بين تطوان والمشرق العربي في غضون النصف األول من القرن العشرين (الحلقة الثالثة واألخيرة) 5ـ الرحلة الشرقية لمؤرخ تطوان ذ .محمد داود ،وعالقته بأهم الشخصيات السياسية والعلمية بمصر سنة .1935 كانت رحالت المغاربة إلى المشرق العربي ألداء فريضة الحج مناسبة تهيئ لهم فرصة اللقاء بإخوانهم المشارقة، مما كان يخلق بين هؤالء وأولئك جوا من األخوة والصداقة التي تحقق الغاية من تلك التجمعات الدينية المقدسة. ومعلوم أن رحالت المغاربة إلى تلك الديار ،كانت تتطلب منهم في الغالب أن يمروا بأقطار عربية تكون لهم فيها إقامة قد تطول وقد تقصر .وفي هذا الصدد سأتوقف مع األستاذ محمد داود الذي قام برحلته الحجازية ألداء فريضة الحج خالل سنة 1353هـ 1935م ،ومن الجدير بالذكر أنه قضى في هذه الرحلة ستة أشهر كاملة ،زار فيها كال من: مصر والحجاز ونجد والعراق وشرق األردن وفلسطين .وهذه الرحلة يمكن أن تعتبر في الحقيقة نموذجا من الرحالت التي تمثل طموح الشباب المغربي الناهض في النصف األول من القرن العشرين ،ورغبته في خلق جو من التواصل بين المغرب والمشرق العربيين ،ومن هنا تبرز قيمتها ،وذلك نظرا لما يلي: أوال :أهمية الشخصية التي قامت بالرحلة كرمز من رموز النهضة الوطنية والثقافة المغربية والريادة في ميدان التأريخ والصحافة والبحث االجتماعي. ثانيا :ما تتضمنه هذه الرحلة من قيم تاريخية وسياسية واجتماعية وأدبية وثقافية ،تتجلى في مختلف االتصاالت والمبادرات والزيارات واللقاءات واالهتمامات التي كانت لصاحبها أثناء المدة التي قضاها في سفره عبر األقطار المذكورة سابقا. ثالثا :ما ساهم به صاحب الرحلة من خاللها في التعريف بالمغرب وبأحواله السياسية والثقافية ،وتقريب الوضع المغربي إلى األوساط العربية المشرقية التي كانت تجهل الكثير عن هذا البلد. رابعا :ما تتضمنه الرحلة من وقوف على أحداث أو أوصاف أو تصريحات تعكس حقيقة األوضاع التاريخية والمشاهد الظرفية للمجتمع العربي شرقا وغربا ،في أواسط الثالثينات من القرن العشرين ،وخاصة الحالة في فلسطين وفي العراق وفي مصر ،مع تقريب كل ذلك والتعريف به في األوساط المغربية. خامسا :ما تكتسيه الرحلة من أهمية في تحديد الجزئيات التي يقف عندها صاحبها ،بدءا بالحديث عن ظروف خروجه من مدينته ،ومروره بمختلف المراحل التي استغرقتها رحلته حتى وصل إلى هدفه بالديار السعودية ،ثم ظروف عودته إلى أن وصل إلى بيته بتطوان ،مع ذكره وتفصيله لوسائل النقل وأنواعها ومشاكلها ،وكذا مراحل التنقالت ومصاريفها وأعبائها ،ومع التعريف بالرفقاء والزمالء واألصحاب الذين لقيهم في كل تلك المراحل والمحطات. سادسا :أهمية توثيق أحداث الرحلة بالصور والوثائق، حيث إن ذ .داود قد استصحب معه آلة فوتوغرافية خاصة، سار يوثق بواسطتها كل حركاته واتصاالته وزياراته ،كما سار يسجل في مذكراته كل لقاءاته ومحادثاته ،ويحتفظ بأقوال وتعاليق الصحافة العربية المحلية التي كانت لها عناية كبرى به ،فسجلت معه حوارات ولقاءات وأخبارا ،كما اعتنت بنشاطه كصحفي وكمحاضر قد عرّف ببالده أحسن تعريف في تلك الديار. والحقيقة أن هذه الرحلة كانت رحلة حج ،إال أنها قد مثلت بالنسبة لصاحبها األستاذ محمد داود ،متنفسا استطاع من خالله أن يتصل بمختلف الفئات التي كان يرغب في االتصال بها ،من ساسة وعلماء وأدباء ومثقفين وصحافيين عرب، فتمكن في الحين ذاته من تعريف الرأي العام في مختلف األقطار التي زارها بهذا الجانب الغربي من وطنهم العربي، وذلك عبر صفحات أشهر الجرائد والمجالت التي استضافته وحاورته ونشرت تصريحاته وأحاديثه ومحاضراته ،كما استطاع أن يسجل في مذكراته كثيرا من االرتسامات التي نقلها إلى المغرب عن ماجريات األحداث في تلك األقطار العربية التي زارها. 6ـ مساهمة تطوان في المؤتمر البرلماني العربي للدفاع عن فلسطين بالقاهرة سنة .1938 لقد شهدت سنة 1938م أول مظهر من مظاهر التضامن العربي اإلسالمي بين المغرب والمشرق العربيين، وذلك من خالل انعقاد «المؤتمر البرلماني العربي للدفاع عن فلسطين» بالقاهرة ،ابتداء من تاريخ 7أكتوبر 1938م. ويعتبر السيد «محمد علي باشا علوبة» أحد أعضاء البرلمان المصري ،هو المحرك الرئيسي لعقد هذا المؤتمر( ،)1حيث قامت لجنته التنظيمية بتوجيه دعوة المشاركة إلى األستاذ عبد الخالق الطريس (زعيم حزب اإلصالح الوطني بتطوان)، فلم يكن منه إال أن لبى هذه الدعوة ،مصحوبا برفيقه ومساعده األول األستاذ الطيب بنونة ،الذي تلقى بدوره دعوة لحضور هذا المؤتمر .ولقد أولت الصحافة المصرية اهتماما كبيرا لمشاركة ممثلين مغاربة في هذا المؤتمر البرلماني الهام ،حيث خصصت حيزا مهما منها للحديث عنهم ،ومن هذه الصحف :جريدة «مصر الفتاة» لسان حال حزب مصر الفتاة ،وجريدة «المصري» لسان حال الوفديين، وجريدة «الدستور» لسان حال الحكومة المصرية ،وكذا جريدة «األهرام» ،وجريدة «البالغ» ،وجريدة «المقطم» ،)2(...ذلك ألن حضور األستاذ الطريس إلى مصر في أعمال المؤتمر البرلماني العربي كان ذا أهمية كبرى ،كما أن مساهمته في المؤتمر المذكور تعتبر أول مساهمة لزعيم قيادي مغربي في تظاهرة عربية من حجم هذا المؤتمر الكبير. .7استفادة تطوان من الشباب المثقف الحديث العودة من مصر سنة .1945 وعادت البعثات الطالبية المغربية أو التطوانية على وجه الخصوص ،من رحالتها العلمية إلى مصر ،فانفتح معها باب األمل في أن يكون هؤالء المتخرجون من الجامعات والمعاهد المصرية العليا نخبة يعتمد عليها في بث معارفهم العليا واستخدام تجاربهم الثقافية في ممارسة العمل التعليمي في المدارس األهلية المغربية ،وهكذا كان من بين هؤالء الطلبة المذكورين شباب أخذ على عاتقه مهمة التعليم ،كما قام حزب اإلصالح الوطني سنة 1945بتأسيس دوائر دراسية بالمدن األساسية في المنطقة الخليفية بشمال المغرب ،بقصد إلقاء الدروس والمحاضرات لتربية وتعليم األميين ،فكان المشرفون على هذه الدوائر ،هم الشباب المثقف الحديث العودة من مصر. وال يفوتنا ،أن نسجل أنه في شهر أبريل من سنة 1951م قدم إلى المغرب وفد من كبار رجال الصحافة المصرية يضم أساسا السيد صالح أبو رقيق (مبعوثا عن جامعة الدول العربية) والسيد محمود أبو الفتح والسيد محمد عبد القادر حمزة ،والسيد حبيب جاماتي ،فتمت زيار هذا الوفد لمدينة تطوان ،حيث اهتم جمهور المثقفين في هذه المدينة باستقباله ،والعناية به وإطالعه على أهم المنشآت الثقافية والعلمية بهذه الديار ،وذلك من أجل خلق جو من التعاون والتقارب الثقافي بين أطراف العالم العربي شرقا وغربا .كما ال يفوتنا ونحن نتحدث عن استفادة المغاربة من
19
بقلم :حسناء داود
األساتذة المتخرجين من مصر ،أن نشير إلى أهمية البعثات التعليمية المصرية التي حلت بمدينة تطوان – وخاصة أثناء الستينيات من القرن العشرين – والتي كان وجودها بهذه المدينة ذا تأثير كبير في تنوير الرأي العام ،وفي إعداد جيل من الشبان والشابات( )3المتشبعين بالثقافة العربية المتينة ،وكذا بروح اإلخاء والتعاون مع كل األقطار العربية الشقيقة. .8الوفد الخليفي إلى جامعة الدول العربية سنة .1946 ونصل إلى عالقة المغرب بجامعة الدول العربية منذ أوائل تأسيسها ،فنجد أنه بعد أقل من سنة واحدة على تأسيس هذه المنظمة الجامعة للدول العربية ،كان للمغرب فيها تمثيل من طرف عضوين بارزين من رجال حزب اإلصالح الوطني بتطوان ،وهما السيدان مَحمد أحمد ابن عبود ومحمد عبد السالم الفاسي الحلفاوي ،حيث إن األمين العام للجامعة المذكورة ،السيد عبد الرحمن عزام باشا ،قد طلب من الخليفة السلطاني بالمنطقة الشمالية من المغرب موالي الحسن بن المهدي ،أن يرسل من يمثل المنطقة المذكورة في أعمال اللجنة الثقافية للجامعة ،التي كان مقررا اجتماعها في بيروت في أواخر سنة 1945م ،وهكذا قرر الخليفة المذكور إرسال األستاذين المذكورين، وبصحبتهما السيد مَحمد عبد السالم ابن عبود الذي انسحب من الوفد بعد ذلك .وبما أن الوفد المعين من طرف الخليفة السلطاني ،كان من المقرر أن يمثل المغرب في الجامعة بصفة دائمة ،فقد شد هذا الوفد رحاله إلى مصر في أوائل سنة 1946م ،ليجتمع عرب المغرب وعرب المشرق بصفة رسمية ألول مرة في التاريخ الحديث بالقاهرة تحت ظل هذه الهيئة الموقرة ،ثم بعد ذلك زار هذا الوفد سوريا ولبنان والعراق واألردن ،حيث تم استقباله من طرف ملوك ورؤساء هذه الدول ،فكان له الفضل الكبير في خلق جو من التعاطف من طرف الدول العربية المشرقية مع القضية المغربية العادلة(.)4 وفي هذا الصدد ،نجد أن كال من السيد امحمد أحمد بن عبود والسيد محمد عبد السالم الفاسي الحلفاوي ،قد مكثا في القاهرة يزاوالن نشاطهما الوطني تحت ستار التعاون الثقافي مع الجامعة العربية ،إضافة إلى ما كان للسيد امحمد بن عبود بالخصوص ،من حضور سياسي ملحوظ ،نجد من أهم نتائجه ،ما ترتب عنه من النجاح في العملية الموفقة التي قام بها ضمن رجال الحركة الوطنية المغربية في مصر ،والتي أسفرت عن إنقاذ الزعيم محمد بن عبد الكريم الخطابي من األسر الفرنسي أثناء رحلته من منفاه ،حيث تم إنزاله من الباخرة ،وإيواؤه بالقاهرة في 31 مارس 1947م. .9جهود جامعة الدول العربية من أجل خدمة القضية المغاربية منذ سنة .1951 ومن خالل الزيارة التي أشرنا إليها سابقا لمبعوث جامعة الدول العربية السيد صالح أبو رقيق إلى المغرب، يمكننا أن نستنتج أهمية االتصاالت المكثفة التي أجراها المبعوث المذكور مع زعماء حزب اإلصالح الوطني بتطوان، ومع عدد من رجال الحركة الوطنية المغربية ،وكذا المحادثات التي أجرتها البعثة الصحافية المصرية برئاسة الشيخ محمود أبو الفتح ،مع مسؤولي الحزب المذكور وباقي األحزاب المغربية ،حيث تمخض عن كل ذلك أن أوفد الحزب ممثله األستاذ الطيب بنونة إلى مصر ،فأجرى هذا المبعوث خالل رحلته هاته عدة اتصاالت ،سواء مع األمين العام للجامعة السيد عبد الرحمن عزام باشا أو مع وزير الخارجية المصري السيد محمد صالح الدين باشا أو مع رئيس الوزارة السيد مصطفى النحاس باشا ،كما مثل السيد الطيب بنونة حزب اإلصالح الوطني في لجنة جامعة الدول العربية التي تكونت لدراسة ملف القضية المغربية، فزود وفد الجامعة بالمعلومات الكافية لعرض القضية على هيئة األمم المتحدة ،وقد ضمت اللجنة المذكورة السادة: عبد الرحمن عزام وأحمد الشقيري وتوفيق الشاوي وصالح أبو رقيق وعادل ثابت وعالل الفاسي ومحمد ابن الحسن الوزاني والطيب بنونة (.)5 هذا وإن الخاليا والهيئات السياسية المغربية العاملة في الديار المصرية بعد تأسيس جامعة الدول العربية ،قد لقيت عناية كبيرة من طرف الجامعة المذكورة ،فكان كل من «الوفد الخليفي بالجامعة العربية» و»رابطة الدفاع عن مراكش» ،يحسون بأهمية طرح القضايا المشتركة على الهيئات الكفيلة بالدفاع عن الحقوق ،بل وبضرورة تنسيق الجهود بين مختلف الخاليا والمنظمات الممثلة للمغرب العربي ،حتى يتيسر تحقيق األهداف المشتركة .وهكذا تم اتفاق ممثلي «رابطة الدفاع عن مراكش» وممثلي الوفد الخليفي بجامعة الدول العربية مع ممثل حزب الشعب الجزائري ،ومع ممثلي حزب الدستور التونسي ،لعقد مؤتمر عام يتم فيه تدارس شؤون المغرب العربي ،وتنسيق أعمال هيئاته الحزبية ،وتوحيد مكاتبه ،تجسيدا للتضامن المغربي( ،)6مما ترتب عنه إنشاء مكتب موحد للدفاع عن القضايا المغاربية بالمشرق ،هو «مكتب المغرب العربي بالقاهرة» ،الذي يحتاج إلى عرض خاص للحديث عن نشاطه المتميز في موضوع العالقة بين المغرب والمشرق العربيين. خاتمة :هذه إشارات عابرة ،ومحطات مختصرة ،وقفنا عندها لبيان بعض المحاوالت التي تمت من طرف أسالفنا لتحقيق نوع من التواصل والتقارب السياسي والثقافي بين طرفي العالم العربي ،وذلك في فترة حرجة من حياة هذا العالم ككل ،يوم كان هؤالء األسالف يناضلون من أجل االستقالل والوحدة والدفاع عن المقدسات والمثل والمبادئ ،وها نحن نشاهد هذا العالم اليوم ،وبعد دخولنا في األلفية الثالثة ،وهو ما زال يعاني من اآلفات التي تعوق طريقه لتحقيق كثير من أهدافه .نسأل اهلل أن يمهد السبل لتعبيد الطريق نحو مستقبل مشرق زاهر لألمة العربية ،إنه سبحانه وتعالى سميع مجيب. الهوامش: .1عن كتاب نضالنا القومي – الطيب بنونة – الصفحة .359 .2عن جريدة الحرية – السنة 2-العدد 10 – 34نوفمبر 1938م. .3وقد كنت شخصيا من جملة هذه الفئة التي سعدت وتشرفت بالدراسة على يد تلك النخبة من األساتذة العرب (من مصر وسوريا ولبنان والعراق) الذين قاموا بمهمة التدريس لنا أثناء دراستنا الثانوية في معهد «خديجة تم المؤمنين» بتطوان .جزاهم اهلل عنا خير الجزاء. .4عن أطروحة السيد عبد المجيد ابن جلون «مساهمة في دراسة الحركة الوطنية المغربية بالمنطقة الشمالية سابقا فيما بين 1930و1956م». .5عن مجموعة من الرسائل الموجهة من السيد الطيب بنونة إلى حزب اإلصالح الوطني من القاهرة سنة 1951م ،وهي توجد بين وثائق األمانة العامة لحزب اإلصالح الوطني بخزانة الحاج الطيب بنونة ضمن الملف رقم 26الذي يحمل اسم «رحلة الطيب بنونة إلى القاهرة موفدا من حزب اإلصالح الوطني في سنة 1951م». .6عن كتاب «الحركات االستقاللية في المغرب العربي» – عالل الفاسي – الصفحة ،321مع التصرف واإلضافة .وقد أورد األستاذ حسن الصفار معلومات هامة عن هذا الموضوع في رسالته لنيل دبلوم الدراسات العليا حول «حزب اإلصالح الوطني .»1956 - 1936
العدد 1015
20
الثالثـاء � 15إلى � 21أكـتـوبر 2019
2ـ الدكتور ماني 1961 – 1881 مع المسلمين :أما عالقة الدكتور ماني بأهل طنجة من المسلمين فكانت وُدِّية ،وكان كبار علماء البلدة يلتمسون العالج لديه منهم الحافظ أحمد بن الصديق والعالم تقي الدين الهاللي وغيرهما .وبخصوص العربية فقد كان يتقن الرطانة بها، حَدّثني الشيخ أبيّ بن الصديق بأنه ذات يوم لقي العالمة الحسن بن الصديق في الطريق فقال له« :ال ِّ تصل على الرسول» ،فنازعه ابن الصديق وقال« :ال يصحّ تصل على الرسول[ - ]20أي :ال ِّ هذا» ،فقال له ماني« :ال ِّ تصل على الطريق» !! وقد أتى على الطنجيين زمن حين كان يمرض أحدهم كانوا ينصحونه َ بـ«وْطا باستشارة الدكتور موزيس ماني الطبيب اليهودي الذي فتح عيادة جديدة مَرْشَان» ،على هضبة مشرفة على البلدة بجوار المشفى اإلنكليزي ،وقبالة ملعب الكرة ،فقد تناهى إلى سمع الكثيرين منهم أنه كان يعالج السلطان فمن دونه .وعُ ِرف لدى أهل طنجة بحسن المعاملة ،وتقديمه األدوية لهم ،وإسعافهم في أي األوقات حتى بالمجيء إلى البيت ،ويحكي عنه الناس أشياء غريبة في ُطرق العالج ،ال سيما التي كان يعتمد فيها على اإليحاء والفراسة ،وليس لفراسته عالقة بـ«فراسة المؤمن» وإنما كان هذا الطبيب يستند في أحكامه وتنبؤاته على قواعد مستنبطة من علم النفس اإليحائي ،وهو علم كان جديدا في ذلك الوقت دَرَسَه ماني في ألمانيا .وله في الكشف عن مرضاه طرائق وقواعد شتى. يُحكى أنه ذهب إليه رجل مع صديق له مريض ،فلما دخال عليه قال ماني فحص صديقك نلتحق بك» .ثم دخل على لذلك الرجل« :ارجع إلى دارك ،وبَعْدَ ِ صديقه وقال له« :صاحبك دخله الموت ،وقد أرسلته ليموت في داره !!» .فكان األمر كما قال. ومرة جاءه مريض تمنعه «ال ُفوّاقة» (التجشؤ المتكرر) من الكالم ،فقاطعه وأمره بحبس النَّ َفس ووضع أصبعيه على عينيه ،وبعد فترة أمره بالتنفس ،فلم يعد يعاني ذلك المريض مما كان به. وطلب منه الحاج محمد أج .أن يذهب معه إلى مزرعته في ناحية العرائش، فلما ركب في السيارة رآه يتكلم مع ولد صغير ويأمره بشيء ،فسأله عنه فقال: «إنه ابني» ،فقال له« :ال تثق به» ،فكرّر له القول« :إنه ابني ..؟!» ،فلم يجبه ماني .ولما وصل إلى بستانه ورأى فيه مَن يحرسه قال له« :هذا يعمل فيك الخير أحسن من ابنك» .قال مُحَدِّثِيَ :وهذا يدل على أنه كان لديه إلمام ودراية بعلم النفس! ألنه عندما بلغ والده السبعين من عمره َف َ عَل الوَ َلدُ فعلته بأبيه وجرّده من جميع أمالكه !! وكان من عادته أنه يرُدُّ بعض المرضى من باب دار مصحته وال يُدخله بمجرد أن مالمح وجهه أوحت له بما حمله على فعل ذلك ! .. ومن الطريف أنه جاءه مريض بالس ّ ُّل فامتنع من إدخاله ،فعاب عليه جفاءه هذا ،فاستحيى منه وقال له« :ادخل» ،فدخل ،وأثناء ذلك بدأ المريض يسعل فخاف الدكتور ماني من العدوى فقام بطرده من محل عيادته! وكان إذا أعطاه المريض المال يأخذه من يده وال ينظر كم أعطاه ،فمرّة عاده السيد محمد الفلوس ولما فحصه أخذ عشرين فرنكا (خُمُس درهم) وأعطاه إياها. ثم صادف أن استدعي ماني لعيادة أحد الوجهاء في منزله ،فلما دخل وجد السيد الفلوس جالسا مع جماعة في زاوية من البيت ،فأخذه من يده وقال له ممازحا: «آجي أ السّارق !! ثم قصّ عليهم فعلته». وعند قدوم العالمة عبد الحي بن الصديق من مصر سنة ١٣٦٦هـ1947 /م ذهب إلى الدكتور ماني ،فلما دخل عليه -وكان في غاية السمن -قال له ماني« :بزاف (= كثير) هذه السمانة !! فقال له العالمة عبد الحيّ : «حتى أنت سمين !!» ،فرد عليه ماني« :أنا عندي ثمانون سنة[ ،]21فعند بلوغك سني كم سيكون وزنك ؟!». ثم قال له« :إذا وضعنا محرك السيارة في شاحنة كيف ستسير هذه الشاحنة ؟ ..فهذا حال قلبك مع جسدك ! ». ومرّة جيء إلى مصحته برجل يعاني شلال بإحدى يديه ..فلما دخل عليه الدكتور ماني ورآه أخذ عصا وهجم على المريض مُوهِما إياه بأنه سيضربه بالعصى على تلك اليد المشلولة ..فأصاب نفسية المريض بالهلع والذعر فانتفضت يده فجأة وعادت إلى طبيعتها تتحرك. وله نوادر وغرائب في عالج المرضى ،وقد قال لي أحد الذين عرفوا الدكتور ماني عن قرب :يذكرون أنه لو كان مُسْلِمًا الدّعى بعضهم أنه من األولياء !! لقد كان الطنجيون يكنون للدكتور ماني الكثير التقدير ،كما كانوا يحفظون عنه الكثير من النوادر والقصص الغريبة ،وأختم بهذا الخبر الطريف الذي سمعته من جار لي يسكن بحومة عين الحياني رحل عن هذه الدنيا منذ أزيد من عقد من السنين ،قال لي« :أحسستُ يوما بوجع في البطن فقمت بزيارة طبيب يهودي يدعى ماني ،وحال ما دخلت عليه في عيادته وجس بيده على مكان الوجع من بطني حتى سألني مستنكرا« :لماذا ال تحبق» (العامة تقلب الباء زايا) ،قال لي: «هذا هو سبب الوجع الذي في بطنك ،ولذلك أنصحك بأن تحبق قدر ما تستطيع ..فالشطارة مذمومة في هذا األمر» ..ثم حكى لي قصة ذلك الرجل اإلسباني الذي كان يحبس الضرطة في بطنه فكان هذا سبب هالكه ووفاته ..وقال لي: حين شعر هذا اإلسباني بدنو أجله أوصى -وهو في النزع -بأن يُكتب على شاهد قبره العبارة التالية ،)Por un peo .. aquí vio( :وترجمتها أنه (بسبب حبقة أنا أعيش هنا في هذه الحفرة) .وكلمة ( )peoأي “الضرطة” لها في اإلسبانية نفس القافية أو الموسيقى التي لكلمة ( )vioأي “أعيش”ّ ، ولعل ماني كان صادقا في هذا ..،فحين يرد المرء إلى أرذل العمر تصير موسيقى حياته شبيهة بصوت الضراط .وأعتذر للقارئ عن هذا الخبر الذي تفوح منه رائحة تمجها األنوف .. ولكن هذه هي حياة الدكتور ماني التي كانت ضاجة بالحكايات والقصص ،والتي َ ومستنكرها يُضحك كان جميلها يُبكي، • واقـعـة ثمّة في سيرة الدكتور ماني واقعة كادت أن تعصف بمنزلته بين يهود طنجة .ذكر لي أحد شيوخ العلم بطنجة« :مَا ُكنّا نسمعه عنه هو أنه يهودي إلى أن فوجئت يوما أثناء الحديث مع العَمّ أنه قال« :هو درزي» ،وال أدري من أين أتى بهذا !!». أمّا يهودية الدكتور ماني ،فهي ثابتة ال ُغبار عليها ،شهد له بذلك أهله وأبناء مِ ّلته قبل غيرهم ،منهم الكاتبة ماري بن قسيس في مذكراتها عن طنجة، وألكرية بن دالك في كتاب سيرتها ،ثم إنه لو لم يكن الطبيب ماني يهوديا لما أُسندت إليه إدارة مشفى وملجأ بن شمول (،)Hopital - Asile Benchimol أو على األقل لم يكن ليصير أبرز أطباء هذا المشفى الذي هو المشفى الخاص
باليهود في طنجة .ثم ّ إن ماني شُوهِدَ مرارا وهو يدخل شنوغة[ ]22اليهود، ولما توفي دُفن في مقابر اليهود .وهذه الشواهد كافية للداللة على أصالته في الديانة اليهودية ،وإذا سمعتَ من يقول بإنه لم يكن يهوديا ،فاعلم ّ أن لذلك عالقة بحادثة طرأت على مسار عمل ماني ،وما أن وقع فيها حتى بدأت حظوظه باالنعكاس ،وشرعت األلسنة تنال منه ال سيما من بعض العناصر من الوسط اليهودي الطنجي ،والقصة حُكيت لنا على الشكل اآلتي: كان الدكتور ماني طبيبا مرموقا بعين االحترام في المجتمع الطنجي المتعدد األصول والقوميات زمن اإلدارة الدولية ،لكن عمال سيقوم به سيجلب عليه األقاويل والنقمة ،فقد حدث أن أصيب أحد يهود طنجة بمرض خطير ومجهول ،قيل إنه مرض الطاعون ،فتولى الدكتور ماني الكشف عليه ،ثم إنه كان يتوجب عليه أن يرفع تقريرا بحالته وكيفية معاملته ،وقد فعل ذلك إذ قضى بالحجر الصحي على المريض ،وأمر بأن يُحبس بفيال هاريس[ ،]23وبعدم االقتراب منه ،ومناولته الطعام من تحت باب الغرفة التي يقيم فيها ،ويُقال إنه أمر بإحراقه .فقامت قائمة يهود طنجة ،واعتبروا القرار ليس مُهينا للمريض فحسب وإنما لطائفتهم جمعاء ،فانبرى للتشنيع على الطبيب ماني جماعة من اليهود ،سلقوه بألسنة حِداد حتى ّ إن بعضهم أراد أن ينفيه من الملة اليهودية فأشاعوا القول بأنه درزي وليس يهوديا ،والذين ّ تلطفوا في التشنيع عليه نعتوه بأنه شيوعي. ومن غريب ما ُذكِرَ لي في هذا الموضوع ّ أن ماني أبلغ السلطة بحجز اليهودي في مكان معزول عن الناس بسبب مرض مصاب به ،فحجزوه في بيت بفيال هاريس ،وجُعلت في الباب فتحة ونافذة منها يُعطى له ما يحتاجه من الماء والطعام .وقد حكى حارسه ّ أن الدكتور ماني كان يأتي إلى الدار ويفتح الباب ويدخل على المريض في المساء ويلعب معه الوَرَق (الكارطة) ،ثم بعد أن ينتهي من اللعب يقفل الباب عليه وينصرف. ويذكر أن فعله هذا حمل اليهود في طنجة على بُغْضِه. أما غالبية أهل طنجة من المسلمين الذين كانوا يترددون على مصحة الدكتور ماني ،فلم يكن لهم علم بهذه األمور ،ولربما كانوا على دراية بخفايا ذلك الصراع الذي أنتج عددا من التشنيعات على الدكتور ماني ولكنهم لم يكونوا بعبؤوا بها .وبالتالي استمرت عالقتهم به مطبوعة باالحترام والتقدير، وقد وجدنا كبار علماء المسلمين يترددون على عيادته منهم الشيخ أحمد بن الصديق الغماري والشيخ السلفي تقي الدين الهاللي ،وغيرهما من كبار علماء الشريعة بالثغر الطنجي المحروس ،فضال عن عامة السكان وبسطائهم. • الدكتور ماني ..في عهد االستقالل ()1961-1956 يذكر بعضهم أن تقليد زيارة الطبيب لدى الطنجيين عند كل وعكة صحية كانت تلم بهم ترسخ مع الطبيب ماني[ ،]24وهذا الكالم إن صحّ في بعض فترات ما بعد االستقالل إال أنه ال ينبغي أن يُؤخذ على إطالقه .صحيح أن الدكتور ماني هو الذي شجع أهل طنجة من المسلمين على ذلك بما كان يُ َقدِّم لهم من مساعدات تصل إلى معالجتهم بالمجان ،ولكن الحقيقة التي ال يُشَكّ فيها أيضا هي ّ أن أهل طنجة تعرّفوا على الطبابة األوربية وعلى تقاليد االستشارة الطبية
Hospital Benchimol قبل الدكتور ماني بعقود ترجع إلى أواخر القرن 19م ،والشواهد على ذلك كثيرة. وعموما ،فالباحث عن أخبار الدكتور ماني ال شك في أنه واجد مرويات كثيرة تتعلق بسلوكه ونمط حياته ونوادره ،ومما قيل في وصفه: كان الدكتور ماني شخصًا يتفرد بمميزات خارجة عن المشترك العام عند الناس ،سواء بطيبوبة أخالقه ،وشَعَره األبيض الكثيف ،ونظارته السوداء الكبيرة ،أو من خالل سلوكه وتعامله الفريد .لقد كانت لديه قاعدة :وهي أنه لم يكن يدفع له فاتورة االستشارة الطبية إال الذين تسمح قدرتهم بذلك .ولما سكن طنجة في بداية العقد الثاني من القرن العشرين تطوع لعالج المرضى في مستشفى بنشمول ( ،)Hopital Benchimolوذلك قبل أن يتولى إدارته، عمل لمدة طويلة نسبيا تحت إشراف الدكتور سبيفاكوف ( )Dr. Zpivakovوهو طبيب يهودي من أصل روسي دخل طنجة عام 1905م ،وبعد وفاته استقل الدكتور ماني بإدارة المشفى اليهودي المذكور. وعلى الرغم من ّ أن ماني كان علمانيا مُتجذرا ،إلاّ أنه حين قرّر أن يقترن بامرأة أرغمه الحُبّ على أن يتنازل عن راديكاليته ،فتزوج بفرنسية مسيحية متجذرة في الكاثوليكية. أثناء عالجاته كان يبدو عليه التسرع في بعض الحاالت الخطرة ،لكنك قد تجده في أحايين أخرى يكاد يختنق من الضحك وهو يستمع إلى تفاصيل تفسيرات سادجة لبعض مرضاه ممن كان يعرفهم. كانت وصفاته الطبية دقيقة وتعتمد الحد األدنى من العالج ،بالتعاطي المنهجي تقريبا مع أدوية الطب التقليدي .لقد كان الرجل الوحيد في طنجة الذي باستطاعته الوصول إلى جميع المنازل بالمدينة ،وغالبا ما يكون ذلك في وقت متأخر من الليل بسبب جدول أعماله المزدحم .ونظرا لخبرته وتجاربه ونزاهته صار معظم الطنجيين ال يحتكمون إال إليه ،بل إن بعض المرضى كان يحلف بأن الدكتور ماني هو الذي أفتى عليه بطريقة عالج معينة ،فيصير كالمة حُجّة عند الناس. نادرة هي ُ األسر الطنجاوية التي لم يوجد فرد منها -على األقل -لم يعالجه الدكتور ماني من عِ ّلة ما .وقد استمر الدكتور ماني يزاول وظيفته إلى ما قبل وفاته بقليل محتفظا بذات النشاط المعهود فيه أيام الشباب والكهولة وكان قد تجاوز الثمانين عاما.
• بقلم :د .رشيد العفاقي
واعترافا بالخدمات التي قدمها الدكتور ماني لسكان المدينة ،قرر المجلس البلدي األوّل الذي تأّلف بعد االستقالل تسمية شارع بحي مرشان باسمه ،ولكن ما أن تم تشكيل المجلس الثاني عام 1962م حتى تقرر تغيير اسم الشارع المذكور[ ،]25ليس جحودا ونكرانا للمعروف كما كتب بعضهم وإنما جاء ذلك في إطار سياسة التعريب التي سَنّها العامل األوّل لمدينة طنجة بعد االستقالل الشيخ عبد اهلل كنون رحمه اهلل. وعلى العموم ،فإننا نعتقد أن الدكتور ماني قد ابتهج بالعيش في طنجة لمدة تقرب من ستين عاما ،كما سَرَّهُ لبضعة أعوام أن يرى جادة في أرقى أحياء طنجة (مرشان) تحمل اسمه ..سنوات قليلة قبل أن يرحل عن الدنيا. • وفـاتـه وقصص الدكتور ماني ال تنتهي حتى بعد مماته .توفي الدكتور ماني في العاشر من شهر أكتوبر من سنة 1961م بمدينة طنجة ،وقد أصرت زوجته أن تدفنه بالمقبرة الكاثوليكية ،بحُجة أن الدكتور ماني لم يكن قط يمارس الشعائر اليهودية ،وفعال جرى دفنه بالمقبرة المسيحية ،وَلمّا علمت الطائفة اليهودية في طنجة بذلك سارعت من صباح الغد إلى نبش قبره ونقلت جثمانه إلى المقبرة اليهودية ببني مكادة حيث تم دفنه ،وفي كناش هذه المقبرة سُجِّلت عنه البيانات التالية: الدكتور موزيس ماني ()Dr Moises Many تاريخ الوفاة 30 / 1961 – 10 - 10 :تشرين 5722 رقم القبر ( 801 :المنطقة .]26[)2 :ومما تنبغي اإلشارة إليه ّ أن ألبير ساسون يذكر «أنّه (يعني الدكتور موشي ماني) خَ ّلف ولدا تخصص هو كذلك في الطب ،وصار عميد كلية الطب بجامعة تل أبيب في سنوات 1980م ،وقد تعرّف عليه ألبير ساسون في باريس بمناسبة ندوة دولية حول الطائفة اليهودية المغربية ،انعقدت من 18إلى 21دجنبر 1978م»[.]27 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ¿ التعليقات والهوامش
[Albert Sasson, Les couturiers du Sultan, éd. Marsam.2007, ]1 p.59-60 ألبير ساسون ،خياطو السلطان -ترجمة :سعيد عاهد.[ ]2ثمة في إحدى الروايات إشارة يُستفاد منها أن مولده كان قبل هذا التاريخ بنحو 10أعوام. [Omar Akalay, Du Protectorat français au Maroc : 30 mars ]3 1912 - 16 novembre 1955, éd. 2007 [ ]4جامع بيضا ،رسالة من المولى عبد الحفيظ إلى الرئيس األمريكي ويلسن (30 يونيو ،)1920مجلة كلية اآلداب والعلوم اإلنسانية (الرباط) .العدد – 16سنة 1991م، ص176-178. [5] Norbert Allainmat, Le Maroc au début du XXe siècle sous le règne du Sultan Moulay Abd El Hafid 1908-1912, Editions de Patrimoine - Casablanca.2017, p.613 [6] Norbert, Le Maroc au début du XXe siècle sous le règne du Sultan Moulay Abd El Hafid 19081912, p.630 [7] Norbert, Le Maroc au début du XXe siècle sous le règne du Sultan Moulay Abd El Hafid 19081912, p.630-631 [8] Ibid, p.633 [9] Ibid, p.633 [ ]10جامع بيضا ،رسالة من المولى عبد الحفيظ إلى الرئيس األمريكي ويلسن ( 30يونيو ،)1920ص178. [Norbert, Le Maroc au début du XXe siècle ]11 sous le règne du Sultan Moulay Abd El Hafid 19081912, p.633-634 [Albert Sasson, Les couturiers du Sultan, ]12 éd. Marsam - Rabat.2007, p.64-65 [ ]13جريدة (السعادة) ،ع )1927 - 09 - 06( 3144.ص3. [14] Mary Abécasis Obadia, Tanger, les miens et les autres, une Tangeroise de naissance et de cœur raconte les souvenirs de sa vie à Tanger. Ed. Phidal – Canada, p.80 [15] Revue : Tanger – Riviera, N°4, Tanger 31 octobre 1952, p.7 [16] voir Revue Dermatologica – Vol. 109 – année 1954, p.167 [17] Alegria Bendelac, Mosaique .. une enfance juive à Tanger (1930-1945), éd. Wallada, Casablanca.1992, pp.40-41 [18]Mary Abécasis Obadia, Tanger, les miens et les autres, une Tangeroise de naissance et de cœur raconte les souvenirs de sa vie à Tanger. Ed. Phidal – Canada.2002, p.80 [19] Bensoussan, Il était une Le Maroc, p.72 [ ]20لعله لفظها (اللسول) بالالم وليس بالراء ،وهو يقصد اللفظة الفرنسية القريبة من لفظة “الرسول” وهي Le Sol :التي تعني األرض أو الطريق .وهذه واحدة من قفشات الدكتور ماني الكثيرة. [ ]21إذا صحّ أن الدكتور ماني كان في عام 1366هـ1946/م يبلغ من العمر 80 عاماّ ، فإن تاريخ مولده الذي ورد في بعض النصوص واعتمدناه في أوّل هذه المقالة (1881م) ليس صحيحا ،وأن والدته كانت قبل هذا التاريخ بنحو 15عاما ،وأنه توفي وهو يبلغ من العمر تسعين عاما ونيف .مع احتمال أن يكون قد زاد على سنه الحقيقي بعضة أعوام. [ ]22شنوغة :كنيس اليهود ،بهذا الرسم وردت في المصادر المغربية واألندلسية قديما ،ويقابلها في اإلسبانية ،)Synagoga( :وهي بيعة اليهود ومعبدهم. [ = Villa Harris ]23هذه الفيال بناها اإلنجليزي والطر هاريس الذي كان مراسال لجريدة التايمز اللندنية في طنجة مع بداية القرن 20م .ازداد شهرة حين اختطفه القائد أحمد الريسوني ،والكثير من أخباره معروفة. [24] Omar Akalay, Du Protectorat français au Maroc : 30 mars 1912 - 16 novembre 1955, éd. 2007 [25] Morad Akalay, Bref aperçu de l’Histoire récente des Juifs de Tanger. http://tanqueridatanger.canalblog.com/archives/2007/04/22/4710529.html [26] Cimetières Israélite de Tanger, route de Rabat http://www.beit-hahayim-tanger.com/livres.php [27] Albert Sasson, Les couturiers du Sultan, éd. Marsam, Rabat.2007, p.60.
(يتبع)
العدد 1015
21
الثالثـاء � 15إلى � 21أكـتـوبر 2019
هل للمغرب مدرسة في مستوى الطموحات والتطلعات أزمة التعليم في المغرب ،لم تعد شأنا داخليا بعد تدخل البنك الدولي الذي أثار انتباه المغاربة مؤخرا إلى وضعيته المتردية ،التي فشلت في اختيار الطريق األصلح للخروج من حالة التخلف االجتماعي و االقتصادي الذي يعاني منه المغرب منذ عدة عقود ،رغما على «المجهودات المادية» المبذولة من أجل ارتقائه وتحسين أدائه. التقارير الداخلية و الخارجية ،التي أنجزت عن التعليم المغربي خالل العقود االخيرة ،تؤكد بما ال يدع مجاال للشك، أن العراقيل والمشاكل التي تعيق هذا القطاع ،تتمثل أساسا في التوسع المستمر آلفة األمية ،من األمية األبجدية ،إلى األمية التكنولوجية والسياسية والثقافية /ضعف نسبة التمدرس خاصة في العالم القروي ،وباألخص بالنسبة للفتيات/ ضعف جودة التعليم في كافة اسالكه ،انطالقا من سلك التعليم األساسي ،وهو ما يعني ،الفشل الكلي في تحقيق مبدأ التعميم .والفشل الشامل في ربط مناهج التعليم بالتنمية ،رغما على المجهودات المادية الهائلة التي تمت في هذا المجال ،واألموال الطائلة التي تم صرفها عليه .و هي مجهودات تصنف المغرب من بين الدول العالمتالثية التي تخصص نسبة عالية من مواردها لقطاع التعليم. ومن الجدير ذكره في هذا الصدد ،أن كلفة التكوين الفردية السنوية للتلميذ المغربي الواحد ،في السلك األول من التعليم األساسي ،تبلغ حتى اآلن حوالي 2300درهم وفي السلك الثاني من هذا التعليم تبلغ 4400درهم و مع ذلك تبقى هذه األرقام متواضعة مع تكلفته في دول أخرى بأوربا ( أي حوالي 14مرة أقل مقارنة مع فرنسا مثال). إن ميزانية التربية والتعليم ،مثلت خالل العقود الثالثة الماضية معدال سنويا يفوق % 23من الميزانية العامة للدولة ،و هو ما يمثل % 6من الناتج الداخلي الخام و ذلك دون الموارد التي تصرفها األسر مباشرة القتناء لوازم التمدرس ،من كتب و دفاتر و أدوات .ودون أداء تكاليف الرسوم و الدروس اإلضافية .ومع ذلك لم تستطع هذه الميزانية الضخمة ،تحقيق ما تحتاج إليه البالد من تكوين و قضاء على األمية ،ورفع مستوى التعليم لمواجهة التحديات القائمة في القطاعات االقتصادية و االجتماعية ،كما لم تستطيع متابعة مجموع البرامج المقررة في مجال التعميم وتحسين التأطير ،ورفع المردودية الداخلية للنظام التربوي. السؤال الذي تطرحه هذه الحالة اإلشكالية على مغرب اليوم :اين يكمن الخلل…؟ هل في نظرتنا إلى التعليم…. أم في إدارتنا لقطاعه؟ في اإلجابة عن هذا السؤال ،علينا أن نتوقف عند سلك التعليم األساسي (كنموذج) باعتباره المدخل الرئيسي إلشكالية التعليم في كل أسالكه األخرى ،وباعتباره أيضا األرضية الصلبة التي تقوم عليها الشخصية التعليمية بكل إيجابياتها وسلبياتها… التعليم األساسي ،في التعريفات األكاديمية الدولية (اليونسيف /اليونسكو /االسيسكو) ،هو الذي يزود المواطن بالمعارف و المهارات العلمية األساسية ،لمزاولة بعض الحرف البسيطة ،أو لزيادة دخل األسرة في المجتمعات الريفية و الحضرية … وهو الذي يكفل للمواطن التمدرس عن طريق التفكيرالسليم، ويؤمـــن له حـدا من المعــارف والمهــارات والخبرات التي تسمح له بالتهيء للحياة وممارسة دوره كمواطن منتج… وهو التعليم المناسب لجميع المواطنين ،الذي يوفر لهم الحد األدنى من الفرص التعليمية. وفي الوثائــق المغربيــة الرسمية ،التعليـــم األساسي ،هو مرحلة تعليمية تربوية إجبارية ،مدتها تسع سنوات ،تثبت في المتعلم القيم اإلسالمية، و تكسبه القدر الضروري من المعارف والمهارات اإليجابية ،مما يجعله قادرا على تحقيق الترقي الذاتي، ويؤهله لالندماج في مجتمعه ،والمساهمة في تطويره ،ومسايرة ركب التطور اإلنساني و اإلسهام فيه. انطالقا من هذه التعريفات «األكاديمية «تبرز أمامنا العديد من األسئلة األخرى ،أهمها :ما هي أسباب تراجع تعليمنــا األساسـي عن هذه القيــم والمواصفات…؟ تقول الشهادات المتوفرة عن هذا السلك من التعليم: إنه بقي حتى اليوم ،يعاني من القطيعة التامة بينه و بين التعليم األولى (ما قبل المدرسي ) رغم ما لهذا األخير من أهمية في تحديد و تشكيل معالم شخصية الطفل ،و تفتيق مواهبه و قدراته ،األمر الذي يحتم االبتعاد عن تلقين المضامين وخزن المعارف ،و يفترض اعتماد المقاربات التواصلية التي تنمي فيه سلوكات و مواقف تؤهله للتفاعل اإليجابي ،مع المحيط االجتماعي والثقافي. إنه لم يستند إلى اختيارات اقتصادية واجتماعية و سياسية و ثقافية واضحة ومحددة ،يسهم فيها الجميع توجيها و تأطيرا .وإنما جاء نتيجة ظروف و أزمات متعددة ،انعكست عليه ،مما جعل الوزارة الوصية ترفع باستمرار ،شعار الترميم، عوض اإلصالح والتجديد و إعادة الهيكلة والبناء ،بغية االنسجام مع اإلكراهات المتتالية التي تواجهها من كل جانب. إنه رغم لجان اإلصالح المتعددة ،بقي بعيدا عن اإلستراتيجية المتبصرة ،التي من شانها تكييف مناهج التعليم األساسي ،مع البيئة المحلية ،و أساسا مع العالم القروي ،الذي مازال تعليمه بعيدا في مستواه و حجمه عن التعليم في الحواضر ،خاصة ما يتعلق بتعليم الفتيات. إنه فشل في االنفتاح على محيطه الخارجي ،إذ لم يتمكن من جعل المدرسة االبتدائية ( األساسية ) فضاء للتنشيط االجتماعي و الثقافي و الفني ،و إن يجعلها قطب انجذاب أساسي ،في المحيط الذي تتواجد فيه و من أجله. إنه رغم ما يتطلبه من مصاريف ضخمة ،و ما يشكله كعبء ثقيل على كاهل ميزانية الدولة ،فإن مردوديته ضلت ضعيفة شكال و مضمونا ،إذ يستفاد من التقارير الرسمية ،إن ثالثة عشرة في المائة ( ) % 13فقط ،ممن يلجون التعليم األساسي،هم الذين يحصلون على شهادة البكالوريا ،بينما ال تشكل نسبة الحاصلين على شهادات عليا ،سوى خمسة بالمائة ( ،)%وذلك دون ظاهرة مغادرة الدراسة في سن مبكرة لعدد كبير من التالميذ ،في العالمين القروي و الحضري، و هي ظاهرة يستعصي تبريرها بحكم تداخل عوامل عدة ،أبرزها أن التعليم أصبح في نظر العديد من اآلباء و األمهات وأولياء التالميذ ال يجدي نفعا بحكم طبيعة التباعد القائمة بينه وبين سوق الشغل ،وبسبب صورة المعاناة اليومية للخرجين وحملة الشواهد الذين لم يعد بوسع ال القطاع العام ،وال القطاع الخاص استعابهم وتشغيلهم. أما بالنسبة للهدر المدرسي فهي في ارتفاع مستمر وخاصة في األوساط الفقيرة :من بين 100طفل عمرهم 7 سنوات يدخل المدرسة 85ويلتحق باإلعدادي ،45و يصل نهاية السلك اإلعدادي 32و يدخل الثانوي 22و يحصل على الباكالوريا ،10باإلضافة إلى ذلك تتعمق الفوارق بين الوسط القروي و الحضري وبين الذكور و اإلناث :إذ من بين 100 طفل قروي عمرهم 7سنوات يدخل المدرسة .66ومن بين 100فتاة عمرهن 7سنوات تدخل المدرسة .59 إن تشخيص وضعية التعليم األساسي ،في مطلع األلفية الثالثة بالمغرب ،من خالل هذه األرقام ،تكشف بالملموس مدى حجم التخلف الذي مازال يعاني منه نظامنا التعليمي .تقول هذه األرقام بوضوح : أن نسب التمدرس الخام بالمغرب مقارنة مع الدول السائرة في طريق النمو سجلت تأخرا بمعدل % 20بالنسبة للتعليم االبتدائي و % 10بالنسبة لإلعدادي والثانوي.إن ما يلفت النظر في وضع التعليم األساسي بالمغرب اليوم، أنه بعيدا عن األرقام واإلحصائيات ،بقي باستمرار ،و على مدى أربعة أو خمسة عقود محل نقاش و تجاذب بين النخب السياسية والثقافية في البالد دون أية نتيجة تذكر ،إذ تبلورت مناهجه و برامجه في البداية داخل اللجنة الملكية
?
بقلم :
• محمد أديب السالوي
إلصالح التعليم التي أسسها جاللة محمد الخامس تغمده اهلل برحمته سنة ،1957وهي اللجنة التي وافقت على اختياراته األساسية :التعميم /التوحيد /التعريب /المغربة .وهي نفسها االختيارات التي عكست الطابع التوافقي على عهد االستقالل ،ثم أعيد النظر في هذه االختيارات و المناهج ،داخل لجنة التربية والثقافة لسنة ،1960وهي اللجنة المتفرعة عن اللجنة الوطنية إلعداد المخطط الخماسي األول ( ) 1964 1960-التي دافعت عن مشروع المدرسة الوطنية الموحدة .وأخيرا شكل هذا السلك من التعليم ،بعد تنبيهات البنك الدولي ،هاجسا للميثاق الوطني للتعليم، الذي رأى النور في مطلع األلفية الثالثة ،على عهد جاللة محمد السادس .و هو الميثاق الذي خرج إلى الوجود بعد جهد جهيد ،و الذي كان اآلمل منه ،أن يدفع تجاه إصالح المدرسة المغربية ،و إعادة االعتبار إلى المدرسة الوطنية… و لكن على ما يبدو أن إصالح هذا التعليم ،مازال في حاجة إلى مجهودات أكبر… ولربما إلى سنوات أخرى من العمل واالجتهاد. يعني ذلك ،إن اإلصالح الذي كان المغرب ومازال يسعى إليه منذ سنة 1957وحتى اليوم هو أن ال تبقى مهام المدرسة المغربية ،قائمة على حشو أذهان و عقول الناشئة المغربية بمعلومات تجريدية /ال قيمة لها ،وال فائدة منها. وأن تتحول إلى مدرسة جديدة عصرية ،في مستوى طموحات وتحديات عصرها ،قادرة على إعداد المواطن الصالح، المؤمن ،المؤهل ،الكفء ،الملتزم بخدمة وطنه ،الواع بواجبات المواطنة وحقوقها ،المتشبت بقيمه الدينية والوطنية، المنفتح على ذاته و على الذات الكونية. اإلصالح المنشود ،يسعى إلى جعل التعليم ركيزة أساسية في نسق التنمية االجتماعية واالقتصادية والثقافية ،وهو يمثل في كل الحاالت استثمارا بشريا ضروريا لالنخراط في ركب الثورة العلمية والتكنولوجية ،التي باتت تشترط التحاق الشعوب والدول بمسار النهضة الحضارية في عالم القرن الواحد والعشرين. لذلك ،يرى كافة المربين المختصين ،أن اإلصالح ،عليه أن يتجه لجعل قطاع التربية والتعليم ،قطاعا استراتيجيا في نسق التنمية االجتماعية واالقتصادية والثقافية وهو ما يشترط إلى حد بعيد إمكانية انخراط المغرب في حركة الثورة العلمية والتقنية والتكنولوجية ،هذا االنخراط الذي يشترط بدوره مواكبة مسيرة التطور والتقدم واالزدهار خالل العقود المقبلة. من هذا المنطلق ،أصبح رجال التربية والتعليم ،والخبراء ،و السياسيين المصلحين ،يلحون على اإلصالح المنتج للتعليم األساسي ،يلحون على جعله تعليما منفتحا على محيط المتعلمين ،متعامال مع واقعهم بشكل جدلي ،مؤثرا في واقعهم و متأثرا بهذا الواقع ،و هو ما يعني توفير فرص االندماج بسهولة في النسيج االقتصادي للبالد ،ليصبح المتعلم عضوا فعاال في التنمية الشاملة للبالد… و هو ما يشترط كمرحلة أولى و أساسية عدة شروط ،منها: إدخال التكنولوجيا الحديثة إلى مؤسســات التعليم األساسي و ذلك بإحداث قاعة متخصصة على األقل في كل مؤسسة ،وربـط المؤسسات بشبكة االنترنيت وإحــداث شبكــة لالتصال بين المؤسسات. تعميم المكتبات على المؤسسات المدرسية وإغنائها بالمراجع الحديثة و تفعيـل دورهـا داخــل المنظومة التربوية. وضع برامج التكوين المستمر الذي يعتبر من أهم الرافعات التي تعتمد عليها التربية من أجل تحسين أداء المدرسين و أطر اإلدارة التربوية. واألطر المسؤولة بكل من اإلدارة المركزية واإلدارة الخارجية. وضع إصالح المناهج على ضوء توجيهات اللجنة الخاصة بإصالح التربية والتكوين ،وعلى ضوء تقويم المناهج الحالية ،ووضع آليات العمل الخاصة بهذا المجال. وضع تقويم و تأطير المؤسسات التعليمية الذي يرمي من جهة إلى وضع سياسة ناجعة لتقويم التالميذ والمؤسسات و من جهة أخرى إلى تفعيل آليات التأطير التربوي واإلداري للمؤسسات التعليمية. وضع برامج الدعم لفائدة التالميذ المنتمين إلى الفئات االجتماعية ذات الدخل المحدود ،ولتالميذ الوسط القروي. و يتمثل هذا الدعم في توزيع األدوات والكتب المدرسية وتوزيع المواد والوجبات الغذائية و منح الداخليات. صياغة أهداف واضحة و محددة ودقيقة لكل سلك من أسالك التعليم ،انطالقا من ما قبل المدرسي وحتى الجامعي. التخفيف من المقررات و إعادة صياغتها وفق طموحات المدرسة الوطنية. العمل بمبدأ التناوب لخلق جسور بين التعليم األساسي ،والتعليم الثانوي ،ومراكز التكوين. تمكين المتعلم بالتعليم األساسي ،من اللغات الحية ،العربية ،الفرنسية ،اإلنجليزية ،ومن القراءة /الحساب /طرائق التفكير /وسائل العمل. إعادة النظر في مواد التربية الوطنية ،وتعميمها على سائر التخصصات وسائر المستويات. العمل بمبدأ التوجيه ..المعقلن بذلك نخلص إلى أن نظام التعليم األساسي المغربي ،في المرحلة الراهنة مقرون بإصالحات جدرية ،تتجاوز اإلصالحات الهيكلية إلى إصالح مناهج الكتاب المدرسي واإلدارة المدرسية وقضايا التعميم و المجانية ،إلى تحسين الكفاية الداخلية والخارجية للنظام التعليمي ،وإلى الربط ما بين التربية والتعليم ،واعتبارهما جزء ال يتجزأ من استراتيجية التنمية الشاملة ،التي تنبني على أسس نابعة من التحديات العلمية التي تواجه المغرب في محيطه العالمي. وعلى واقع المجتمع المغربي وطبيعة طموحاته الحضارية والثقافية ،التي تسعى إلى تركيز موقعه على خارطة العالم الحديث بتجاذباته العلمية والحضارية. إن طرح مسألة التعليم األساسي (كنموذج) على هذا المستوى يرتبط في اعتقادنا بطرح أكبر وأشمل ،يتعلق بمسألة التخلف و التقدم ،في عصر تحولت فيه الثقافة والمعرفة إلى صناعة واستثمار ،وإلى إصالح استراتيجي ألحكام السيطرة على التحديات القائمة. لذلك ،نرى أن قضية إصالح التعليم في مغرب اليوم ،يجب أن تبدأ من تفكيك األزمات المترابطة حول أسالكه، انطالقا من سلكي التعليم األولى ( ما قبل المدرسي) والتعليم األساسي ،وإعادة تركيبها وفق شروطها العلمية أوال… ووفق طموحات المغرب الحضارية /االجتماعية /الثقافية/االقتصادية ،ثانيا وأخيرا… وتلك مسألة تتعلق باإلرادة السياسية قبل كل شيء .
الثالثـاء � 15إلى � 21أكـتـوبر 2019
العدد 1015
لعبة السودوكو ()476
اإلعالم من ضرورات التنمية المستدامة )(2/1
أصل اللعبة
لعبة السودوكو اليابانية األصل « ،»SUDOKUكانت معروفة منذ الثمانينيات في اليابان ،إال أنها لم تظهر كلعبة ذات شعبية إال سنة .2005
معنى كلمة سودوكو
• بقلم :عبد القادر أحمد بن قدور *
إلحداث تنمية شاملة في أي مجتمع البد من استخدام كل الوسائل التي تساعد على عملية التغيرات المطلوبة إلنجاز العملية التنموية وعلى الخصوص الوسائل التكنولوجية الحديثة ،إال أن عملية استخدام هذه الوسائل من أجل إدخال التغييرات البنيوية في الهياكل التي تؤلف النسق لكل مجتمع تتطلب بالضرورة إقناع المتقيد بها ،أي إدخال هذه الوسائل والنظم إلى ميدان حياته اليومية واالستفادة منها إلى أقصى حد ممكن .وقد دلت التجربة على أن إدخال وإحداث وسائل جديدة في أي قطاع من القطاعات المختلفة في المجتمع سواء الصناعة أو الزراعة أو قطاع الخدمات وكذلك النظم االجتماعية كعملية تنظيم اإلنتاج وتنظيم األسرة والصحة العامة وغيرها البد وأن يواكبها اإلعالم حتى تتم العملية على أحسن وجه من هنا بات من الواجب أن يدخل اإلعالم في جميع ميادين الحياة وأشكالها .وبهذا نرى أن اإلعالم له عالقة وطيدة بجميع مرافق الحياة. إال أن درجة االرتباط تختلف من ميدان آلخر حسب طبيعته ومع ذلك فهذه العالقة ال تقل أهمية عن بعضها البعض. وسنبدأ بتحليل العالقة الموجودة ما بين اإلعالم والثقافة كأول مثال على ارتباط اإلعالم بمختلف مرافق الحياة األخرى . وقبل ذلك نتساءل عن طبيعة العالقة الموجودة بينهما.
عالقة اإلعالم بالثقافة:
إن اإلعـــالم ال يستطيع أن يلغــي الثقافــة كما أن الثقافــة ال تستطيع أن تلغي اإلعالم ،ألن بعض جوانب الثقافة تتالقى مع اإلعالم من حيث الطبيعة والنوع واألثر .وأن بعض جوانب اإلعالم تتالقى مع الثقافة من حيث االختبار واألداء واألهداف فمثال هناك بعض الظواهر أقحمت نفسها على الحياة ،فكثير من القصص والروايات التي كتبها كتاب وقادة فكر وعظماء لم يدر عنها أحد شيئا حتى إسمها إلى أن ظهرت على شاشة التلفزة في سجل سهرة أو مسلسل ،وهناك ظاهرة أخرى تتعلق بالشهرة فكم عاما قضاه بعض الكتاب كـطه حسين والعقاد وغيرهما والمفكرين العظام ليصلوا إلى الشهرة ،وإلى كم من األعوام يحتاج أدباء الشاشة ليحققوا نفس الشهرة. إن أدباء ومفكري التليفزيون يحتاجون إلى بضع ساعات وبضعة شهور ليصبحوا أعالما معروفين ،وإذا انتقلنا من باب الفكر واألدب إلى باب الفن فسنجد أن ما بذله محمود درويش وسالمة حجازي من الجهد والتنقل واالتصال بالناس ليحقق كل منهما مكانته الفنية والنضالية ،أصبح اليوم أغنية واحدة تغنيها مطربة شابة وجميلة وينقلها التلفزيون .هذه األغنية تحقق شهرة أكبر مما حققه مشاهير المغنين في سنين طويلة ومتصلة من أعمارهم. وهكذا نجد أن التليفزيون قد أثر تأثيرا عميقا جدا في الناس حتى أصبح تجاهله نوعا من «غرس الرؤوس في الرمال كما تفعل النعام» ،ومعنى هذا أن الثقافة لم تعد في غنى عن التليفزيون لنشر الفن بين الجماهير. والعالقة بين اإلعالم والثقافة قد تطورت تطورات مختلفة أدت إلى هذا التقدم الذي نلمسه اآلن ،لذا أصبحنا نرى أنه في وسع وسائل اإلعالم أن تكون ذات فائدة عظيمة بالنسبة للثقافة ولجميع أنواع التعليم واإلعداد داخل المدرسة وخارجها ،وقد أثبتت وسائل اإلعالم نفعها للتعليمين الفني والمهني كما استخدمت على إطار واسع وبصورة مجدية للغاية في األغراض التربوية :مثل محو األمية أو بعض أشكال التعليم المدرسي. والتلفزة تسجل لنا برامج تنقل حياة وشعوب مختلفة مثال كالشعوب اإلفريقية وبهذا نستطيع أن نكون فكرة عن حياة شعوب لم نرها قط ،وخاللها يتجلى لنا مدى الفرق الحضاري بيننا وبينهم والشعوب الغربية التي استطاعت أن تصل إلى درجات عالية من التقدم وهذا إن دل على شيء إنما يدل على مدى أهمية وسائل اإلعالم وخاصة التلفزة التي تتوفر على قدر كبير من األهمية نظرا ألنها ترتكز على الصوت والصورة في نفس الوقت ،إذا كانت هذه هي العالقة بين الثقافة واإلعالم فما هي طبيعة عالقته بالميدان االجتماعي؟
لجميع إعالناتكم اإلشهارية واإلدارية يف جريدة
االتصال على الرقم : 0539943008
22
عالقة اإلعالم بالميدان االجتماعي :
إن تقدم أي مجتمع من المجتمعات ال يتحقق إال عن طريق تكوين أفراده ورفع مستواهم بواسطة طرق مختلفة ومتنوعة فإن اإلعالم يعتبر واحدا منها إذ نالحظ دائما بأنه هو النافذة التي يطل منها األفراد بعضهم على بعض ويستفيدون من تجاربهم فإلى أي حد تستطيع الوسائل اإلعالمية أن تنفد إلى داخل الفرد المغربي فتساعده على تنظيم أسرته وتوعيته ورفع مستواه؟.
أ /اإلعالم والمرأة:
إذا كانت المرأة تشكل نصف المجتمع فما هو مركزها في هذا المجتمع ،وهل هناك محاوالت للرفع بها وماذا يمثل اإلعالم المغربي بالنسبة إليها؟ ال يمكن أن ننكر الدور الكبير الذي تقوم به وسائل اإلعالم المرئية والمسموعة والمقروءة في معالجة قضايا المرأة المصيرية بحيث أصبحنا نسمع عن عقد ندوات خاصة تطالب بحقوق وواجبات المرأة كاملة وجعلها في المستوى الالئق بها وال أدل على ذلك من تلك المناسبات التي يخصها اإلعالم المغربي لالحتفال باليوم العالمي للمرأة موضحا نضالها في المجتمع والمراحل التي قطعتها طيلة وجودها ،فبواسطة شاشة التلفزة استطعنا أن نتعرف على نساء مغربيات كثيرات ساهمن إلى جانب الرجل في تحرير بالدنا وخير مثال على ذلك مشاركتهن في المسيرة الخضراء سنة 1975بحيث أظهر لنا اإلعالم أن المرأة أصبحت تعي واجباتها الوطنية كاملة ومن هنا تتجلى لنا مدى مساهمتها الفعالة في كل الميادين .لكن ماذا يقدم اإلعالم المغربي للمرأة المغربية حتى يرفع من مستواها؟ لقد ساهم اإلعالم في توعية المرأة سواء عن طريق المجالت أو الجرائد أو اإلذاعة التي تستفيد منها في حياتها اليومية ،مثال طريقة تربية الطفل وتنظيم األسرة وغيرها من المجاالت .وعليه نستنتج أن اإلعالم أصبح يدخل البيوت ويحدث فيها تغييرات كثيرة .كما أن إعالمنا لم ينس الطفل رجل المستقبل وذلك بإعداده ليكون شخصية قوية وسليمة تضمن له حياة شريفة في المستقبل.
كلمة سودوكو هي اختصار للجملة اليابانية ()Nikagiru Sujiwa Dokushin وتعني أن األعداد البد أن تكون مفردة .وهذه اللعبة عبارة عن عالمة تجارية لشركة .Nikol
كيف تلعبها ؟
اللعبة تعتمد على المنطق لدرجة كبيرة ،وهي لوحة مقسمة إلى تسع مناطق كل منطقة مكونة من تسع خانات ،وعليك أن تمأل هذه الخانات أفقيا أو عموديا بأرقام من 1إلى ،9حيث ال تستخدم الرقم إال مرة واحدة في جميع المربعات على العمود نفسه أو السطر أو القطر ،وتكون هناك أرقام موضوعة سابقا في بعض الخانات.
مفيدة لكن معقدة
اللعبة مفيـدة جدا لتقوية مهارات المنطـق ،ويستخدمهـا مدرسو الرياضيات كتمارين للطلبة وتختلف درجة التعقيد ،حسب الفئة المستهدفة.
ب /االعالم والطفل:
إذا كان إعالمنا عاجزا أمام حقيقة الطفل فيه كاملة فإنه على األقل اهتم ببعض الجوانب المتعلقة بحياته اليومية ،كتقديم بعض المسلسالت التي تتالءم وعقليته البسيطة .فمنها ما يعالج قضايا خاصة بصحته ونظافته ومنها ما يعالج بعض القضايا األخالقية تتجلى لنا في تلك المعامالت التي يجب أن يتبعها إزاء أصدقائه وأسرته ومحيطه عامة .كما أن السوق المغربية زاخرة بأنواع المجالت والقصص الخاصة باألطفال تنمي عقولهم وذكاءهم ،لكن كل هذا ال يمكن أن يعطي ثماره إال إذا كانت األسرة تعي طرق الوقاية وتطبيقها على أحسن وجه ،وهذا لن يتسنى إال إذا كانت هناك حمالت إعالمية منتشرة في كل البالد.
ج /اإلعالم والصحة:
فيما يتعلق بالناحية الصحية فإن الحمالت اإلعالمية تصبح ضرورية وهامة متى كان األمر متصال بتوفير العناية الصحية للناس وذلك بتعليمهم طرق العناية بأنفسهم وبصحتهم .وهذا ما تحاول أن تقوم به وسائل اإلعالم المغربية ،إذ تولي جل اإلذاعات الجهوية اهتماما بالبرامج الصحية فتستدعي أحد األطباء المتخصصين وتجري معه حوارا حول مرض معين وفي نفس الوقت يجيب على أسئلة المواطنين فيما يتعلق بهذا الموضوع. كما أن التلفزة تقوم بنفس الدور مضيفة إلى الصوت والصورة التي يكون لها تأثير كبير على المشاهد .إذ تجعله يلمس بنفسه مدى الخطورة التي تشكلها بعض األمراض عليه وتنبهه إلى اإلسراع لمعالجتها قبل فوات األوان .ولقد لعب اإلعالم دورا مهما في إنقاذ عدد كبير من المواطنين عن طريق تحذيرهم من استمرار استعمال بعض األدوية المضرة للجسم .وال ننسى مساهمة الملصقات كوسيلة إعالم حديثة في هذا الميدان.
(يتبع)
ـــــــــــــــ
* األديب واإلعالمي والعضو الشرفي بمنظمة العفو الدولية ـ فرع المغرب
حل السودوكو رقم 476
سرعة المالحظة
بين الصورة واألصل 7اختالفات ،حاول أن تهتدي إليها.
الورياشي مدرباً لسلة اتحاد طنجة
صفحة
23 �إعداد :م�صطفى ال�سباعي
العدد 1015
الثالثاء � 15إلى � 21أكتوبر 2019
مجرد رأي :
عندما يكيل االتحاد اإلفريقي بمكيالين
قرر االتحاد اإلفريقـي لكـرة القــدم إعادة مباراة الزمالك المصــري ضد جينراسيون فوت السينغالي برسم منافسات دوري أبطال إفريقيا. رغم أن الفريق السينغالي حضر للملعب المحدد من طرف الكاف وفي نفس التوقيت ..وغاب عنه فريق الزمالك المصري ألسباب أمنية. وهنا تعود إلى الواجهة مباراة إياب نهائي دوري اأبطال إفريقيا بين الترجي التونسي والوداد البيضاوي ،حيث اعتبر الكاف الوداد منهزما رغم كونه ظل في الملعب ينتظر تقنية الفار ..ومنح التتويج للترجي التونسي نتيجة الضغوط التي مارستها الجامعة وفريق الترجي .. لقد كان على االتحــاد اإلفريقي أن يطبق القانون ويعتبر الزمالك منسحبا ويمنح الفوز لنادي جينراسيون فوت السينغالي غير أنه فضل إعادة المباراة بعد صرخات مرتضى منصور رئيس الزمالك والضغوط التي مارستها األجهزة المصرية ،حيث يتواجد مقر الكاف بالقاهرة. وبقراره يكون االتحاد اإلفريقي قد فقد هيبته وأصبح يكيل بمكيالين. وهنا يجب على الوداد المغربي أن ينتفض من جديد ويحتج على تصرفات الكاف ألن قرار إعادة مبارة الزمالك وجينراسيون فوت يحتم عليه بالمقابل إعادة مباراة الترجي والوداد وأال يكيل بمكيالين .ويعمل بمقولة «اباك صاحبي».
نبيل نغيز يلحق حارس الشباب بالفريق األول
استدعى نبيل نغيز مدرب اتحاد طنجة الحارس الشاب عبد اهلل أمغار بتدريبات الفريق األول بعدما تابعه خالل المباريات األخيرة التي خاضها رفقة فريق األمل. الحارس أمغار 18سنة سبق أن لعب للمنتخب المغربي للشبان في العديد من المباريات غير أنه تعرض للتهميش من قبل فريقه األم ،وهو منتوج اتحاد طنجة وتدرج في جميع فئاته.
في انتظار انطالق البطولة الوطنية لكرة السلة لهذا الموسم تعاقد اتحاد طنجة لكرة السلة مع اإلطار نوفل الورياشي لإلشراف على طاقمه الفني. الورياشي سبق أن حمل قميص اتحاد طنجة لكرة السلة وهو أحد الخبراء المعتمدين لدى االتحاد. الولي للعبة ..وسبق أن درب العديد من األندية في المغرب و المكسيك واألرجنتين والسعودية.
بعد التعادل أمام ليبيا هل يتدارك األسود الخلل امام الغابون في طنجة
في ثالث ودية للمنتخب المغربي مع المدرب وحيد خاليلو زيتش اكتفى المنتخب المغربي بتعادل إيجابي أمام نظيره الليبي .1-1 الفريق المغربي كانت تنقصه الفعالية والنجاعة في الخط األمامي ..وأمام صعوبة اختراق الدفاع الليبي كان الحل هو الضربات التابثة ،حيـــث تمكــن الالعــب يميــق من تسجيل هدف االسود عبر ركنية لعبها فجر وحولها العب الرجاء السابق إلى هدف. وقبل نهاية الشوط األول بدقيقتين ومن ركنية أيضا لم يستطع الحارس بونو التحكم في الكرة التي عادت إلى سند الورفلي مدافع الر جاء الذي وقع هدف التعادل .ورغم التغييرات التي أقدم عليها خاليلوزيتش فقد تمكن الحداد من اختراق دفاعات ليبيا لكن دون التسجيل لتنتهي المباراة بالتعادل في انتظار ودية طنجة يوم 15أكتوبر .
*خاليلوزيتش مستاء.
عبر المدرب الوطني وحيد خاليلوزيتش عن استيائه وعدم رضاه عن النتيجة واألداء في ودية ليبيا.. وقال خالل المؤتمر الصحفي الذي أعقب المباراة :
«أنا مستـــاء أكثـــر من الجمهـــور الكبير الذي حضر لمساندتنا ..كنا نسعى لتحقيق الفوز إلسعــاده لذلك نتمنى التعويــض في المباريات القادمة.وأعترف أن المنتخب سقــط في فـخ التسرع وتلقى هدفا سادجا «وأردف قائال» اإلصابات تقلقني وقد حرمتني من بعض العناصر ..ولكن يجب أن نصبر على هذا المنتخب وأن نعمل إلعادة الثقة لالعبين».
اتحاد طنجة يهزم الفتح ودياً
مدافع المغرب التطواني حجي يغيب عن المالعب لشهور
اغتنم مدرب اتحاد طنجة لكــرة القدم توقـــف البطولـــة والمعسكر المغلق الذي يخوضه في إطــار االستعداد ،وخاض مباراة ودية أمام الفتـــح الرباطي في الرباط فاز خاللها بهدفين لواحد. وقد كان وراء هدفـــي اتحــاد طنجــة كل من موكوكو في الدقيقة 32و الديب في الدقيقة .73 مـــدرب اتحاد طنجـــة فضل خالل هذه الوديـــة إشراك االحتياطيين والشبان قصد الوقوف على مؤهالتهم.
اعلن المغرب التطواني عن نجاح العملية الجراحية التي خضع لها مدافعه حمز حجي في إسبانيا على الركبة. وكان حجي قد أصيب خالل تدريبات الفريق وبعد خضوعه للفحوصات الطبية تبين أنه يشكو من تمزق على مستوى األربطة الصليبية. وقررت إدارة الفريق التطواني إخضاعه لعملية جراحية بإسبانيا كللت بالنجاح. وسيغيب المدافع حمزة حجي عن المالعب لعدة شهور مما سيشكل ضربة لفريق الحمامة متصدر الدوري االحترافي المغربي.
الثالثـاء � 15إلى � 21أكـتـوبر 2019
العدد 1015
السلسلة الرابعة
تذكرة سفر
احللقة العا�شرة
لقاءات حوارية ،في حلقات متسلسلة ،مع شخصيات مؤثرة في المجال العمومي المغربـي والعربـي واإلنساني ،تستحضر تجربتهم في الحياة الخاصة والعامة ،وترحل بهم عبر تذكرة سفر معنوية وروحية إلى الماضي والمستقبل. • عبد اإلله المويسي
مع األستاذ
محمد األشعري المحور الثالث ـ المسار السياسي ـ
يحضر األستاذ محمد األشعري ،في مخيال القراء المغاربة والمشتغلين بالحقل السياسي والمجتمعي الوطني، بصيغة الواحد المتعدد ،فهو اإلنسان أوال ،وهو الشاعر والكاتب الروائي والمناضل السياسي والناشط الحقوقي، وواحد من أبرز وجوه معتقلي سنوات الرصاص .وهو الوزير الذي انعطف بمشروع الثقافة الوطنية نحو أفق اتسمت فيه بتبني مفهوم الصناعة الثقافية ،وهو الذي سبق أن شغل قبلها منصب رئاسة اتحاد كتاب المغرب لثالث دورات عرفت خاللها هذه المؤسسة أقوى مراحل ديناميتها وإنتاجيتها. االشتراكي وحــزب االستقــالل كانا يضعـــان شروطا قوية النجاز هذا التناوب ،شروطا في ما يخص هيكلة الحكومة والشخصيات المشاركة فيها ،ولذلك فشلت تلك التجربة األولى أو تلك المحاولة األولى .ولكن المحاولة الثانية نجحت ألنها كانت تحاول من جهة أن تحصل على إصالحات أساسية خصوصا في المجال الدستوري ،وقد جسدها بالفعل اإلصالح الذي حصل سنة سمة ،1996وفي نفس اآلن ،كانت تسعى إلى جعل هذا اإلصالح خطوة نحو تقدم حقيقي في مجال تحقيق الديمقراطية ،ومع ذلك فقد بدا آنذاك كما لو أن األمر جاء بسرعة ،أو كما أن االتحاد االشتراكي لم يكن قد هيأ نفسه بالقدر الكافي لهذا التحول ،يتعلق األمر بالقفز في تجربة جديدة هي تجربة الحكومة األولى للتناوب بقيادة األستاذ عبد الرحمن اليوسفي.
بعد المؤتمر االستثنائي ،ولعقود من الزمن ،سيحضر حزب االتحاد االشتراكي في المشهد السياسي المغربي كأحد أقوى األحزاب ،إن لم نقل ،الحزب القوي الوحيد بالمغرب الذي شعر المغاربة أنهم ينتمون إليه ،ويجـدون أنفسهم في أطروحاتـه، وسيلعب دورا مفصليا في المسار السياسي الوطني .إال أنه ،ومع توالي اطراد األحداث سيعرف هذا الحزب مجموعة من االهتزازت، سواء على المستوى التنظيمي ،أو على مستوى حضوره في قلب المجتمع المغربي. أريد أن نتعــرف أوليــا على أسبــاب هذه االهتزازات ومصادرهـا .هـل كانــت بسبب الصراعات الداخلية بين الحساسيات والتيــارات التي صـارت تتشكـل داخــل الحزب؟ قبل الحديث عن االهتزازات ،ال بد أن نذكر التطور الكبير الذي حصل في الحياة السياسية بقيادة االتحاد االشتراكي وحزب االستقالل عندما أسسا الكتلة الديمقراطية سنة ،1992 وكان منضويا تحت لوائها أيضا حزب التقدم واالشتراكية ومنظمة العمل الديمقراطي الشعبي واالتحاد الوطني للقوات الشعبية. المذكرة التي وضعتها الكتلة الديمقراطية في بداية نشأتها كانت تضع برنامجا سياسيا طموحا ألول مرة في المغرب بقيادة تكتل سياسي ينتمي إلى الوطنية المغربية ولألحزاب التقدمية المغربية ،وفي هذه المذكرة كان هناك تأكيد على ضرورة القيام باإلصالحات األساسية الضرورية إلخراج المغرب من النفق الذي كان فيه وبالتقدم على طريق البناء الديمقراطي بطريقة مخالفة تماما لما جرى حتى ذلك الوقت ،أي بطريقة تضع المغرب على سكة التحول الديمقراطي الحقيقي .وبطبيعة الحال فإن البرنامج ،الذي التفت حوله أحزاب الكتلة ،سيعرف تعبئة واسعة شملت مناضلي هذه األحزاب وشملت كذلك النقابات ،حيث تأسس نوع من التنسيق الدائم والمستمر بين الكونفدرالية الديمقراطية للشغل واالتحاد العام للشغالين بالمغرب ،ونشأ كذلك نوع من النضال المشترك في الساحة ،من خالل الصحافة والجمعيات الحقوقية خصوصا ،ومن خالل المطالب الديمقراطية التي لم تكف
الكتلة الديمقراطية عن وضعها في رأس جدول أعمالها ،ومن الممكن أن نقول أن هذا العمل، الفريد من نوعه في تاريخ المغرب السياسي ،هو الذي قاد في نهاية المطاف إلى إنجاز التناوب التوافقي ألول مرة ،بعد أكثر من ثالثة عقود من االستبداد ،وربما من األشياء األساسية التي حدثت في هذه الفترة وتتجاوز المنجز السياسي «التناوب» في حد ذاته ،فأنا أعتبر أن ثقافة أساسية ترسخت في هذه الفترة هي ثقافة الدفاع عن الديمقراطية والثقافة الحقوقية ،من خالل جمعيات مختلفة ،جعلت الدفاع عن حقوق اإلنسان أولوية أساسية في تطلعات التغيير والتحول الذي كان الشعب المغربي يسعى من أجله .وربما بسبب هذا التحول النوعي في العمل السياسي ،وعلى هذه المقاربة المبنية على مشاركة الناس والحوار معهم وعلى تقديم مطالب واقعية ال تحاول المنازعة في شرعية النظام وال في وضعه السياسي ومكانته السياسية ،وتلح بطريقة واضحة على أن النظام السياسي في المغرب ،إذا أراد أن يستقر ويضمن نوعا من الحيوية في التعامل مع قضايا الناس، خصوصا القضايا االجتماعية التي أصبحت قضايا شائكة جدا،ـ ال بد أن يغير من جلده وأن يصبح فعال عنصرا في بناء الديمقراطية وليس عنصرا ضد بناء الديمقراطية. رجعت إلى هذه المرحلة ألنها في نظري كانت حساسة وجاءت لالتحاد بعدد كبير من المقتنعين بفكرة النضال الديمقراطي ،ولعب كثير من األطر في االتحاد دورا بيداغوجيا أساسيا للدفاع عن المشاركة ونبذ «سياسة الكرسي الفارغ» والدفاع عن التمسك بالثوابت األساسية التي أفرزتها سنوات من النضال ومن االجتهاد الفكري والسياسي الذي قاده مناضلون أكفاء وبتضحيات جسيمة. ربما حينما حصل التناوب التوافقي كان يبدو متأخرا جدا بالقياس إلى السنوات الطويلة التي قضيناها في تجارب سيئة وفي مناخ متوتر وسلبي ،وقد أدى هذا المناخ السلبي إلى اصطدامات ،أظن أن الشيء األساسي الذي يمكن الوقوف عنده ،هو ،بالرغم من أن األمر كان يبدو متأخر جدا ،خصوصا وقد عرفنا قبل التناوب التوافقي سنة 98محاولة النجاز هذا التناوب ،لم تؤد المفاوضات التي كان يقودها آنذاك محمد اليازغي ومحمد بوستة ،إلى توافق نظرا لكون الحزبين األساسيين آنذاك ،االتحاد
صحيح أن االتحاد طور ،على مدى أزيد من ثالثة عقود ،كثيرا من المشاريع والمطالب ،وقد كان في قلب الحركة النقابية وبالتالي فقد كان على معرفة دقيقة بالمشاكل المتعلقة بالشغل وبالنسيج االقتصادي وباألوضاع االجتماعية، خصوصا في الصحة وبالعالم القروي ،وهذه المعرفة الدقيقة بالقضايا األساسية في ذلك الوقت كانت تؤهله لمباشرة التدبير بنوع من الثقة ،وأيضا بنوع من المعرفة ،لكن ،مع ذلك، فأنا أميل إلى االعتقاد بأنه لم يحضر نفسه من الناحية السياسية والتنظيمية كحزب ،ولذلك عوض أن يستبطن بسرعة أنه قد أصبح حزب تسيير وتدبير ،فقد استمر في قواعده ملتصقا بفكرة المعارضة ،وربما حدث نوع من الشرخ المؤسف بين القيادة التي تصدت للمسؤوليات التي وضعت على عاتقها ،وبين القواعد التي لم تكن حاضرة بقوة في التجربة ،والخطأ طبعا يرجع طبعا إلى القيادات التي لم تحافظ على نوع من العالقة المضبوطة والمستمرة مع قواعدها، حوارا ومناقشة للمشاريع وغير ذلك .هناك كثير من القطاعات كان لالتحاد فيها تنظيم كبير، وهذا التنظيم أنتج ،على مدى سنوات ،كثيرا من األدبيات المتعلقة بالقطاع الذي يشتغل فيه، لكن انتفاء قنوات للتواصل مع القيادة التي تولت تدبير هذه القطاعات ،وانتفاء الحوار حول ما يجب فعله وما يجب تجنبه ،جعل نوعا من التنافر يحصل بين القيادة المسيرة والقاعدة المنتظرة، وهذه أولى الخطوات الخاطئة التي ارتكبناها في حكومة التناوب .بعد ذلك ستتراكم أخطاء أخرى،
لكن األساس ،في نظري ،هو هذا الشرخ الذي حدث منذ البداية ولم نستطع التغلب عليه فيما بعد حتى عندما عقدنا مؤتمر االتحاد االشتراكي، وهو أول مؤتمر يعقد في ظل حكومة التناوب، عوض أن يكون هناك حوار عميق حول التجربة، واألستاذ اليوسفي قدم بشأنها تقريرا واسعا، لكن الجو كان مشحونا لدرجة أن كثيرا من المشاركين في المؤتمر فقدوا حكمة االستماع والتحاور ،ومن ناحيتها ،لم تعمل القيادة بشكل واضح على تقديم نقد ذاتي للفترة التي مرت. ولو فعلت ذلك ،لربما تجنبت الصدع الذي حصل في ذلك المؤتمر. اإلشارة إلى نزاعات شخصية ربما يجب أن نستحضره ،لكن بطريقة مختلفة عما كان سائدا ،ربما تعلم أن االتحاد ،ولفترة طويلة ،ظل مختبرا كبيرا لعدد من األفكار واآلراء والتيارات، وهذه األشياء كلها كانت تتعايش داخل االتحاد ويستفيد بعضها من بعض ،وبما أن النضال األساسي كان موجها ضد االستبداد ،فإن الخالفات التفصيلية لم تكن لها أهمية كبرى، حتى أننا فيما بعد ،عندما ووجهنا باختالفات وُجدَ من ربما منهجية أكثر منها تفصيليةِ ، طالب في االتحاد بمأسسة التيارات داخل حزب االتحاد ،بما أنه كانت كثير من األصوات تدعو إلى المشاركة بكثافة في الحياة السياسية وفي المؤسسات التي تفرزها هذه الحياة السياسية، بغض النظر عن الشوائب التي كانت تشوب هذه المؤسسات والطريقة التي كانت تسود خالل االنتخابات وبعدها ،وكانت في نفس الوقت تيارات تقول على العكس من ذلك ،أي إذا أردنا أن نضمن إصالحا حقيقيا فيجب أال نشارك في مؤسسات نعرف أنها بنيت على باطل أو أنها كانت في أساسها مشوبة بكثير من العيوب، وفيما بعد تنوعت هذه األشياء ،ولذلك طالب عدد من المناضلين أن نؤسس في القوانين التنظيمية للحزب لهذا التعدد وللتيارات المتصارعة وأن ننظم هذا الصراع حتى ال يصبح سبيال لتفجير االتحاد من الداخل ،وربما ما كان حاضرا في ذهن هؤالء هو التجربة الفرنسية ،من خالل الحزب االشتراكي الفرنسي الذي كان قد أسس هذه التيارات وسمح لها بتقديم أرضيات في المؤتمرات وأن تتنافس هذه األرضيات وأن تصبح تلك التي تحصل على األصوات هي األرضية الرسمية للحزب ،دون أن تلغى األرضيات األخرى التي تظل أوراق عمل داخل الحزب ،لكن بطبيعة الحال لم نوفق لنقل هذه التجربة الفرنسية ،أوال ألن االتحاد االشتراكي كان مختلفا كثيرا عن الحزب االشتراكي الفرنسي في تاريخه وفي بنياته ،وثانيا ،ألننا كنا في الواقع نعتبر أن األساسي هو تحقيق تقدم نوعي للحياة السياسية بالمغرب ،وأن هذا األمر يتطلب أن نظل حزبا موحدا وقويا وأن ال نفتت مجهوداتنا بهذه الطريقة ،ولذلك فأنا ال أعتبر أن المنازعات الشخصية أو النزاعات الشخصية كانت السبب األساسي والوحيد في االنتكاسة التي عرفها الحزب فيما بعد ،صحيح كان دائما لدينا زعماء لهم آراء يدافعون عنها بقوة ويتصارعون فيما بينهم ،أحيانا بعلم القاعدة وأحيانا بدون علمها ،والجميع يعرف أن األموي كان يدافع عن بعض األفكار واليازغي كان يدافع عن أفكار أخرى ،وأحيانا لم يكن األمر يتعلق بأفكار ولكن يتعلق بأساليب عمل في األساس ،وبالعالقة مع
األخيرة
التنظيمات ،وفيما بعد جرى نوع من االصطفاف التلقائي مع هذا القائد أو ذاك ،وتبعات هذا االصطفاف كانت سيئة أحيانا ،وأحيانا كانت دافعا من دوافع التنافس داخل الحزب ،ولكن هذا األمر كان مقدورا عليه ،أنا أعتقد بأن الذي ساهم في االنتكاسة هو التحول الذي تحدثت عنه قبل قليل ،وتحول ثانٍ ،ربما أخطر ،هو االنتقال من فكرة المشروع الجماعي والمشروع النضالي إلى فكرة الطموح الشخصي والمصالح الشخصية، في كل ديمقراطية ال بد من حد أدنى من الطموح الشخصي ،ولكن يجب أال يتغلب هذا الطموح الشخصي على الطموحات المشتركة وعلى األفق المشترك الذي نريد بناءه من خالل الحزب ،أظن أن الحياة االنتخابية نقلت إلينا كثير من أمراض ما أسميه بـ»المستنقع االنتخابي» ،التنافس على المقاعد ،رغم أننا انطلقنا في البداية من فكرة سبق أن طورها المرحوم عبد الرحيم بوعبيد ،وهي أن المقاعد ال تهمنا ،ما يهمنا هو أن ننجح في ترسيخ القيم الديمقراطية واالختيارات الديمقراطية ونزاهة االنتخابات ،هذا هو األهم ،ولو كنا نحن الخاسرين في هذا األمر ،لكن فيما بعد ،لألسف الشديد ،شيئا فشيئا ،دخلت «سوسة» الطموح الشخصي و«سوسة» المصلحة الشخصية وطغت على ما حولها من أفكار ومشاريع ،ولذلك رأينا أن النزاعات ،التي كان منطلقها سياسيا وفكريا ،سرعان ما تحولت إلى حرب مصالح ،وهي حرب أهلية سيئة أدت إلى كثير من الكوارث، لألسف الشديد ،وكان ممكنا أن نتدارك هذا األمر مباشرة بعد حكومة التناوب األولى ،وذلك بعقد مؤتمر استثنائي لمناقشة هذه التجربة، مناقشة نقطها المضيئة ،وهي كثيرة جدا، وأيضا مناقشة نقطها السوداء وهي موجودة، ومن السذاجة أن نتجاهلها ،وكان البد أن نقوم بطريقة سريعة بنقد ذاتي وأن نأتي أمام المواطنين وأمام المناضلين وأن نشركهم في إعادة بناء مشروعنا من جديد ،ألن إعادة بناء المشروع توقفت عمليا منذ نهاية التسعينات، وربما منذ أن بدأت حكومة التناوب ،وحتى بعد مرور أزيد من عشرين سنة على هذه التجربة، وإلى اليوم ،فإن إعادة بناء المشروع االتحادي أصبحت مبعــدة تمامــا من جدول أعمـــال الحزب .