Achamal n° 1015 le 15 Octobre 2019

Page 1

‫محمد األشعري‬

‫ضيف سلسلة «تذكرة سفر»‬

‫اليوم الوطني للمر�أة‬

‫الحلقة‬ ‫العاشرة‬

‫صحيح أن االتحاد االشتراكي طور‪ ،‬على مدى أزيد من ثالثة‬ ‫عقود‪ ،‬كثيرا من المشاريـع والمطالــب‪ ،‬وقد كان في قلب الحركــة‬ ‫النقابيـة‪ ،‬وبالتالي فقد كان على معرفة دقيقة بالمشاكل المتعلقة‬ ‫بالشغل و بالنسيج االقتصادي و باألوضاع االجتماعية‪ ...‬لكن‪،‬‬ ‫مع ذلك‪ ،‬فأنا أميل إلى االعتقاد بأنه لم يحضر نفسه من الناحية‬ ‫السياسية والتنظيمية كحزب‪.‬‬

‫الكتابة النسائية بالمغرب‬

‫الصفحة ‪24‬‬

‫الملحق الثقافي صفحات ‪11‬ـ ‪12‬ـ ‪13‬ـ ‪14‬‬

‫حوار مع الحقوقية‬ ‫والمناضلة السياسية‬

‫سعيدة‬ ‫الرويسي‬

‫صفحة ‪9‬‬

‫فعاليات مدنية تطالب‬ ‫بحماية الرأسمال‬ ‫المادي والالمادي لوزان‬

‫إعالم جهوي متقدم‬ ‫املدير امل�س�ؤول ‪ :‬عبد احلق بخات ـ الهاتف ‪ 05.39.94.30.08 :‬ـ الفاك�س ‪05.39.94.57.09 :‬‬ ‫العـدد ‪ 1015‬ـ الثمن ‪ 4‬دراهم ـ الثـالثـاء ‪� 16‬صـفـر ‪� 15 / 1441‬إلى ‪� 21‬أكـتوبـر ‪2019‬‬

‫الصفحة ‪15‬‬

‫جائزة نوبل‬ ‫الفضائح الجنسية والمآزق السياسية‬

‫كلمة الشمال‬ ‫عبد اإلله المويسي‬

‫أعلنت األكاديمية السويدية مؤخرا عن نتائج «جائزة نوبل لآلداب» برسم سنتين متتاليتين ‪ 2018‬و ‪.2019‬‬ ‫وقد نالت الجائزة لعام ‪ 2018‬الكاتبة الروائية البولندية «أولغا توكارتشوك»‪.‬‬ ‫وكانت األكاديمية‪ ،‬وألول مرة في تاريخ الجائزة‪ ،‬قد أجلت اإلعالن عن نتائج سنة ‪ 2018‬لما كان قد راج وقتها من تسريبات متعلقة بفضائح جنسية‬ ‫أسهمت في تراجع ثقة الناس بمصداقية الجائزة‪ ،‬على خلفية مزاعم بسوء سلوك نتجت عن ادعاء ما يقارب الـ ‪ 20‬امرأة بالتعرض لالعتداء الجنسي من‬ ‫قبل «جان كلود أرنو» زوج الشاعرة السويدية «كاترينا فروستين» عضوة لجنة المحلفين فى األكاديمية التى تضُم ‪ 18‬شخصية يشكلون لجنة ترشيح‬ ‫الجائزة‪ ،‬والذي كان يدير مشروعا ثقافيا بتمويل من طرف األكاديمية السويدية‪ .‬وقد اعتبرت هذه الفضيحة األكبر في تاريخ االكاديمية منذ تأسيسها‬ ‫عام ‪ .1901‬إضافة إلى فضائح أخرى متعلقة بسوء إدارة المعلومات وتسريب النتائج مسبقا‪ ،‬وهي التهمة التي الحقت عددا من أعضاء األكاديمية‪.‬‬ ‫وفي ما يبدو‪ ،‬فإن مآزق جائزة نوبل لم تنته مع فضائح العام الماضي التي أدت إلى حجب هذه الجائزة التي تقدر قيمتها بـ ‪ 9‬ماليين كرونه سويدية‬ ‫(‪ 908‬آالف دوالر)‪ ،‬بل تجددت مرة أخرى مع اختيار األكاديمية «بيتر هاندكه» المعروف بتأييده للتيار اليميني الصربي المتطرف‪.‬‬ ‫ورغم تعهدات األكاديمية باالبتعاد عن «المنظور األبيض» لألدب‪ ،‬فإن الفائز هذه السنة جاء مثيرا للجدل‪ ،‬بل وحتى للغضب الشديد‪.‬‬ ‫وكان قد سبق أن تعرض «هاندكه» النتقادات حادة بعد فوزه بجائزة «هنريك إبسن الدولية» عام ‪ 2014‬حيث احتج المتظاهرون في أوسلو حينها‬ ‫«فاش وله صالت بمجرمي الحرب»‪ ،‬ومدافع شرس عن التيار الصربي القومي المتشدد‪.‬‬ ‫على منحها لرجل وصف على نطاق واسع في وسائل اإلعالم بأنه‬ ‫ٍ‬ ‫ونقلت صحيفة واشنطن بوست األميركية ردود فعل غاضبة على فوز «هاندكه» الذي كان داعما لنظام «سلوبودان ميلوسوفيتش»‪ ،‬فيما قال‬ ‫المؤرخ والمؤلف البريطاني «أورالندو فيغز» بإنه أحس «بصدمة عميقة» من أن «مدافعًا سيئ السمعة عن نظام سلوبودان ميلوسوفيتش القاتل»‬ ‫حصل على جائزة نوبل لآلداب‪ ،‬متسائال إلى أين يتجه العالم؟!‪.‬‬

‫جريدة يوميـة جهـوية وطنية ت�صدر م� ً‬ ‫ؤقتـا كـل �أ�سبـوع • الإدارة‪ ،‬التحريـر‪ ،‬الإ�شهـار ‪ 7 :‬مكرر‪ ،‬زنقة عمر بن عبد العزيـز • الربيد الإلكـرتونـي ‪ info@achamal.ma :‬ـ املوقع الإلكرتوين ‪www.achamal.ma :‬‬


‫العدد ‪1015‬‬

‫‪2‬‬

‫الثالثـاء ‪� 15‬إلى ‪� 21‬أكـتـوبر ‪2019‬‬

‫يومية جهوية وطنية ت�صدر م� ًؤقتا كل �أ�سبوع‬

‫املوقع الإلكرتوين ‪:‬‬

‫«مناهضة‬ ‫االستبداد»!‬ ‫مغارات‪..‬‬

‫محمد سدحي‬ ‫‪sadhimed@gmail.com‬‬

‫العلم المغربي ال يحلق‬ ‫في سماء الدوحة‪!! ‬‬

‫عاد الوفد المغربي المشارك في بطولة العالم أللعاب القوى‬ ‫المقامة‪ ،‬مؤخراً‪ ،‬بالعاصمة القطرية الدوحة منخور القوى‪ ،‬ضعيفاً سقيماً‬ ‫وهناً‪ ،‬يجر خيبته التي تكررت‪ ،‬منذ أن أسندت أمور أم األلعاب في المغرب‬ ‫إلى غير أهلها الطييبين‪...‬‬ ‫األبواق النحاسية التي تبرق في عز الظهر‪ ،‬تحاول يائسة‪ ،‬كما‬ ‫عادتها السيئة‪ ،‬ستر الفضيحة بثوب شفيف ال يحجب الحقيقة حتى على‬ ‫العيون الحوالء‪...‬‬ ‫قال أحدهم‪ ،‬معلقاً االخفاق المستمر والتراجع المهول أللعاب القوى‬ ‫المغربية على األطر التقنية‪ « :‬إن المغرب يفتقد حالياً للمنهج العلمي‬ ‫المطلوب لصناعة البطل؛ ألن تخريج األبطال لم يعد قاصراً على بزوغ‬ ‫المواهب‪ ...‬المغرب اآلن يحتاج الستيراد الطاقات والخبرات من الخارج‬ ‫الستعادة الريادة في عالم القوى‪.»...‬‬ ‫صافي‪ ،‬سقطت ووجدناها‪ ،‬عوض أن نشير بأصبع الجرأة إلى من‬ ‫ساهم حقيقة في إسقاط الصومعة‪ ،‬نلفت انتباه الرأي العام نحو مقص‬ ‫الحجام‪...‬‬ ‫لنساير هذا المدعي فيما يدعيه‪ ،‬ونسأله‪ :‬عندما كان المغرب‬ ‫يحرز الرتبة الخامسة والسادسة في العالم ويحصل الذهب واألرقام‬ ‫القياسية العالمية‪ ،‬لم يكن مطروحاً لديه خرافة االفتقاد إلى المنهاج‬ ‫العلمي؟ ومن أين أتى باألطر التي صنعت المجد مع سعيد عويطة‬ ‫ونوال المتوكل وخالد السكاح وابراهيم بوطيب وفاطمة عوام ونزهة‬ ‫بيدوان وعبد العزيز صاهير وهشام الكروج وزهرة واعزيز وابراهيم‬ ‫وخالد بوالمي ومحمد إيسنكار ومحمد مغيث وحسناء بنحسي وعبد اهلل‬ ‫بحار وهشام الشاط ومحسن الشهيبي وغيرهم كثير؟‬ ‫أليست األطر التي صنعت هؤالء األبطال العالميين الكبار من‬ ‫المغاربة مائة بالمائة؟ أليست هذه األطر التزال على قيد الحياة؟ أذكر‬ ‫البعض منها على سبيل المثال‪ :‬األساتذة عزيزة داودة وفاطمة الفقير‬ ‫ومحمد ضافر وعبد القادر قادة وأحمد خويا علي وإدريس واجو وعبد‬ ‫الناصر مومن وعبد االله أوبا ومحمد الزروالي والعربي برايدوج والالئحة‬ ‫تطول‪ ،‬واهلل يطيل في عمر الجميع‪...‬‬ ‫أيها المحلل الذي يقول أي شيء‪! ‬‬ ‫أو ًال‪ ،‬ألعاب القوى المغربية ال تحتاج إلى أطر تقنية برانية‪ ،‬ويمكن‬ ‫أن أكد لك بالحجة الدامغة على أن هذا النوع من الرياضة بنى أمجاده‬ ‫وحقق منجزه بواسطة أطر مغربية‪ ،‬ولم يثبت في يوم من األيام الزاهية‬ ‫أن المغرب اعتمد على «شي خنشوش» من الخارج‪...‬‬ ‫ثانياً‪ ،‬وخذها مني على سبيل التجربة والحديث من الداخل‪ :‬دبّ‬ ‫الموت البطيء في جسم ألعاب القوى المغربية منذ مجيء أولياء النعم‪،‬‬ ‫يتقدمهم السيد عبد السالم أحيزون‪...‬‬ ‫كيف؟ ربما يقول قائل‪:‬‬ ‫نصف جواب‪ ،‬والنصف اآلخر نتركه لأليام التي بيننا‪ :‬بمجرد‬ ‫حلول أحيزون بمقر جامعة القوى‪ ،‬على أنقاض لجنة جامعية مؤقتة‬ ‫عوضت يومئذ طيب الذكر الحاج محمد المديوري الذي كان على‬ ‫رأس جامعة القوى في عز تألقها‪ ،‬تم التخلي عن جميع األطر الجامعية‬ ‫اإلدارية وتعويضهم بأشخاص من إدارة اتصاالت المغرب‪ ،‬ال يمتون‬ ‫«باتصاالت» لهذا الميدان الطاعن في التخصص‪ ...‬بعدها‪ ،‬وتدريجياً‬ ‫تم (تسريح) معظم الخبراء التقنيين وتعويضهم بأشباه أطر وبعض‬ ‫المسخرين الذين سقطوا سهوا من الزمن الجميل‪...‬‬ ‫وهكذا‪ ،‬استمرت القرارات واإلجراءات الطائشة التي اتخذتها‬ ‫اإلدارة الدخيلة على الميدان‪ .‬ورغم أكياس المال التي حملتها معها إلى‬ ‫القاعة المغطاة للمجمع الرياضي موالي عبد اهلل‪ ،‬فإنها لم تمكنها من‬ ‫الحصول على الذهب والفضة في بطوالت العالم واأللعاب األولمبية‪،‬‬ ‫حتى أصبح المغرب يصنف بعد البحرين وقطر‪ ...‬والقصة طويلة‪.‬‬

‫• نلتقي‪! ‬‬

‫‪www.achamal.com‬‬ ‫ت�صدر عن مطبعة جريدة طنجة‬ ‫المدير المسؤول ‪:‬‬

‫عبد احلــق بخــات‬ ‫رئيس التحرير ‪:‬‬

‫محمد العطالتي‬

‫عبد الإلـه املـوي�سـي‬

‫‪atlati.mohammed@gmail.com‬‬ ‫ال شك أن المُنادين والرافعين شعار «ضرورة‬ ‫اإلصالح» أصبحوا بالكثرة التي ال يمكن للواحد معها‬ ‫إنكارها أو إغفالها‪ ،‬فالكل ينادي باإلصالح ويطالب‬ ‫التعجيل به‪ ،‬لكن ال أحد‪ ،‬في واقع األمر‪ ،‬يوضح للجمهور‬ ‫المواطن طبيعة اإلصالح المنشود ومجاالت إجرائه‪،‬‬ ‫وال أحد من هؤالء بين للناس أسباب الدعوة لإلصالح‬ ‫بوضع اليد على مكامن الفساد المرجو إصالحه‪،‬‬ ‫وباعتباره مجرد كالم يمكن إعادته دون اإلضرار‬ ‫بمصلحة أحد أو اإلساءة للغير‪ ،‬فقد اعتاد الجميع ترديد‬ ‫مطلب اإلصالح في مناسبة وبدون مناسبة في كثير‬ ‫من األحيان‪ ،‬بل وبدون وعي حقيقي أو مرجعية فكرية‬ ‫علمية تُسند هذا المطلب المُبْهم‪.‬‬ ‫خطاب السياسي‪ ،‬بانتماءاته الحزبية المتنوعة‪،‬‬ ‫يطالب على وجه الدوام ب»اإلصالح»‪ ،‬دون أن يبين‬ ‫للناس طبيعة هذا الفساد وشكله أو يفصح أمام‬ ‫الجمهور عن ماهية التدابير التي ينوي مباشرتها‬ ‫لتحقيق اإلصالح المراد‪ ،‬ما يجعله في حل من أي التزام‬ ‫أدبي أو مادي أمام جمهور المنصتين‪ ،‬هذا إن لم يقع‬ ‫هو نفسه في بؤرة الفساد الذي كان ينادي بإصالحه‬ ‫قبل فترة يسيرة‪.‬‬ ‫خــــطاب «المنبر الديني»‪ ،‬بتوجهاته المذهبية‬ ‫المختلفة و«رؤاه المتجاذبة»‪ ،‬ال يحيد عن قاعدة‬ ‫المطالبة باإلصالح والدعوة لمحاربة الفساد‪ ،‬دون‬ ‫أن يمتلك في الواقع أية رؤية علمية عن طبيعة هذا‬ ‫الفساد وما إذا كان األمر يتعلق بفساد حقيقي تؤكده‬ ‫العلوم الحقة أم بمجرد تهيؤات صوفية‪ ،‬لكنه‪ ،‬في‬ ‫جميع األحوال‪ ،‬خطاب ال يقدم للجمهور منهجية‬ ‫علمية تفتح أدوات اإلصالح أمامه وتُ ْق ِبرُ أسباب‬ ‫الفساد الموجود أو المتخيل‪ ،‬فالخطاب الديني‪،‬كعادته‬ ‫التي الزمته منذ البداية‪ ،‬يلخص أسباب «الفساد»‬ ‫في التخلي عن تعاليم الدين‪ ،‬ليخْ ُلصَ في النهاية‬ ‫إلى القول إن «اإلصالح الشامل» لن يتأتى للناس‬ ‫ولمجتمعهم إال عبر التمسك بتعاليم هذا الدين‪ ،‬وهو‬ ‫ما يمكن إدراجه في خانة التفكير المتنافي والمتضاد‬ ‫مع الواقع الفعلي والطبيعي‪ ،‬لذلك فال غرابة أن ينخرط‬ ‫رجال دين أنفسهم في متاهات الفساد سواء في بعده‬ ‫الديني أو منحاه األخالقي أو حتى في شكله الجرمي‪.‬‬ ‫إن مفهوم الفساد‪ ،‬رغم كونه مجرد حكم قيمة‬ ‫في جوهره ويصعب تحديد مالمحه كداللة قابلة‬ ‫للضبط والصياغة في قالب محدد‪ ،‬فإن تجلياته‬ ‫ظاهرة للعيان وال يمكن تجاوزها أو التغاضي عنها‬ ‫وإنكار وجودها‪ ،‬فتجليات الفساد شملت دوائر السياسة‬ ‫العليا‪ ،‬كما ضمت الطبقات الدنيا من المجتمع‪ ،‬ويمكن‬

‫مالحظتها في سلوك الغني كما الفقير‪ ،‬المتعلم‬ ‫واألمي‪ ،‬العامل والعاطل‪ ،‬في سلوك حارس السيارات‬ ‫كما في ممارسات مقاول العقارات‪ ،‬لدى بائع متجول‬ ‫كما عند تاجر ثري‪ ،‬عند العالم كما عند الجاهل‪ ،‬وكل‬ ‫في فلك الفساد يسبحون‪.‬‬ ‫هناك إقرار متفق عليه بأن واقع المغرب غارق في‬ ‫الفساد‪ ،‬لكنه واقع يستشف منه أنه متصالح مع الفساد‬ ‫بل ومتعايش معه مستفيد منه‪ ،‬وال أحد من العالمين‬ ‫نوى مجرد النية في اتجاه إصالح وتقويم هذا الفساد‬ ‫المزعوم والرُّسُوِّ بالبلد على بر اإلصالح والفالح‪.‬‬ ‫إذا كانت قواعد الفلسفة والعلوم تفرض التساؤل‬ ‫عن مصدر األشياء و أسباب وجودها‪ ،‬فإن مطالب‬ ‫ودعوات اإلصالح بقيت عاجزة عن البحث في المسببات‬ ‫المعقولة لواقعة الفساد في البلد وغير قادرة عن إدراك‬ ‫أسبابه الحقيقية‪ ،‬وما إذا كانت أسبابا عرضية زائلة أم‬ ‫أنها أسباب دائمة أزلية‪ ،‬وأمام هذا العجز‪ ،‬الحقيقي أو‬ ‫المصطنع‪ ،‬بقي الجميع يردد خطاب المناداة باإلصالح‬ ‫جهرا‪ ،‬وفي نفس اآلن يواصل االنتفاع من «مزايا‬ ‫الفساد» األدبية والنقدية‪ ،‬في السر كما في العلن‪.‬‬ ‫وهذا ليس سوى دليل على غياب سلطة حقيقية‬ ‫ومستقلة تمارس مهام الرقابة المؤسسية‪ ،‬ما يجعل‬ ‫الحاكم مستبدا‪ ،‬ويؤهله‪ ،‬بانعدام الرقابة‪ ،‬لممارسة‬ ‫الفساد‪ .‬ولعل هذا األمر واقع ملموس يشهد عليه أكثر‬ ‫من دليل وأكثر من حجة‪ ،‬فحين تغيب الرقابة ينتعش‬ ‫االستبداد ومعه تمنو خاليا الفساد‪.‬‬ ‫لقد سبق للمصلح السوري عبد الرحمن‬ ‫الكواكبي‪ ،‬أواخر القرن التاسع عشر‪ ،‬أن اهتدى‪ ،‬بعد‬ ‫نظر وتمحيص‪ ،‬لفكرة جوهرية جاهزة تقول بأن أصل‬ ‫الفساد القائم إنما هو ناجم بالضرورة عن االستبداد‬ ‫بالرأي والحكم‪ ،‬وأن القضاء على هذا الفساد لن يتأتى‬ ‫إال بإنهاء االستبداد‪ ،‬ورغم أن الكواكبي مشرقي‬ ‫المولد والنشأة ولم تتح له الفرصة لزيارة بالد المغرب‪،‬‬ ‫إال أن فكرة « طبائع االستبداد» التي انتهى إليها كانت‬ ‫من طبيعة كونية أممية‪ ،‬فالرجل الذي كان موسوعي‬ ‫المعارف‪ ،‬يجمع بين الحكمة والعلم‪ ،‬وبين النظرية‬ ‫والتجريب‪ ،‬أنتج نظرية فريدة في وقتها مفادها‬ ‫أن «االستبداد»‪ ،‬بأشكاله وأنماطه المتنوعة‪ ،‬هو‬ ‫األصل األول لكل «فساد» قائم‪ ،‬وهذا قبل أن ينتهي‬ ‫الستنتاج منطقي يقول بإننا إذا كنا أمة تبغي اإلصالح‬ ‫فعلينا «مناهضة االستبداد»‪.‬‬

‫هيئة التحرير ‪:‬‬

‫عبد اللطيف �شهبون‬ ‫زبيـدة الورياغلـي‬ ‫�أ�سامـة الزكــاري‬ ‫ر�ضوان احدادو‬ ‫هدى املجاطـي‬ ‫محمد العطـالتي‬ ‫محمد �إمغــران‬ ‫محمد �سـدحــي‬ ‫عبد احلـي مفتـاح‬ ‫م�صطفى ال�سباعي‬ ‫اإلدارة واإلشهار والعالقات العامة ‪:‬‬

‫محمد طارق بخات‬ ‫اإلخراج والتصفيف‪:‬‬

‫«جريدة ال�شمال»‬ ‫عنوان التحرير والمراسالت والتسويق‬ ‫واإلشهار ‪:‬‬

‫‪ 7‬مـكـــرر‪ ،‬زنقـة عمــر بــن‬ ‫عبد العزيز ـ طنجــة ـ‬ ‫الهاتــف ‪:‬‬ ‫‪05.39.94.30.08‬‬ ‫‪06.22.45.30.67‬‬ ‫الفاكــ�س ‪:‬‬

‫‪05.39.94.57.09‬‬ ‫الربيد الإلكرتوين ‪:‬‬

‫‪info@achamal.com‬‬ ‫‪achamal2000 @gmail.com‬‬ ‫سحب من هذا العدد ‪:‬‬

‫‪� 10‬آالف ن�سخــة‬ ‫التوزيع‪:‬‬

‫�سبـريــ�س ‪Sapress‬‬ ‫الإيداع القانوين‪99/10 :‬‬ ‫ر‪.‬د‪.‬م‪.‬ك‪:‬‬

‫‪I.S.S.N : 1114-1832‬‬


‫الثالثـاء ‪� 15‬إلى ‪� 21‬أكـتـوبر ‪2019‬‬

‫العدد ‪1015‬‬

‫درد‬

‫شة‬

‫م�صطفى حجاج‬

‫‪3‬‬

‫دردشة‬ ‫ٌ‬ ‫رجال �صدقوا ما عاهدوا اهلل عليه‪ ،‬فمنهم من ق�ضى نحبه‬ ‫«مِن امل�ؤمنني‬ ‫ومنهم من ينتظر‪ ،‬وما بذَّ لوا تبدي ً‬ ‫ال» ‪ -‬صدق اهلل العظيم‪.‬‬ ‫من هؤالء الرجال‪ ،‬الوطني الغيور‪ ،‬األستاذ سيدي عبد السالم الصفار‪ ،‬الذي اختاره اهلل إلى‬ ‫جواره‪ ،‬عشية السبت ‪ 28‬محرم ‪1440‬هـ‪ /‬الموافق لـ ‪ 28‬شتنبر ‪ 2019‬م‪.‬‬ ‫وإذا كان هناك شخص ارتبط اسمه بمكان‪ ،‬فهو هذا الرجـل‪ ،‬فال تذكـر مدرسـة الفضيلـة‪،‬‬ ‫إال مقرون ًة باسم األستاذ عبد السالم الصفار‪ ،‬وال يذكر اسم َّ‬ ‫الصفار إال مقروناً بمدرسة الفضيلة‪.‬‬ ‫والرجل كان يفضل االبتعاد عن األضواء‪ ،‬ويؤْثر العمل في صمت‪ ،‬ويعتبر ما يقوم به في سبيل‬ ‫استمرار هذه المؤسسة التربوية‪ ،‬وضمان الحياة الكريمة لها ولتلميذاتها‪ ،‬واجب يؤديه بأرْيحية‬ ‫ونكران الذات‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫كما كان يتهرَّب مما أصبحنا نسميه بالتكريمات‪ ،‬وال يحضرها إال إلرضاء الخواطر‪ ،‬وترديد‬ ‫عبارات الشكر للقائمين عليها‪.‬‬ ‫والمرة الوحيدة التي انصاع فيها الجتماع كلمة أهالي تطوان على تكريمه‪ ،‬اشترط فيها على‬ ‫المنظمين‪ ،‬أن ينصب التكريم على الفضيلة‪ ،‬أعني مدرسة الفضيلة‪ ،‬فتكريمها ‪ -‬كما أقنعهم ‪-‬‬ ‫تكريم لألساتذة األفاضل الذين حملوا معه المشعل لسنوات وسنوات‪ ،‬وساروا وإياه على درب‬ ‫التربية وإصالح النشء بكفاءة واقتدار‪.‬‬ ‫وأذكر أن هذا الحفل اكتسى طابع البساطة والعفوية‪ ،‬وتحاشى مظاهر التكلف والتصنع والغ ُلوّ‪،‬‬ ‫وحضره خلق كثير‪ ،‬وجمع غفير‪ ،‬والتزم فيه المتدخلون بالوقت المحدد‪ ،‬وأشادوا بالمكرَّم وبخصاله‬ ‫الحميدة‪ ،‬وبالدور الذي تضطلع به مدرسة الفضيلة‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ومنذ حضرتُ هذه التظاهرة برحاب مدرسة الفضيلة‪ ،‬وأنا أعدُّها مقياسا وترمومترا أقيس‬ ‫به ما أشهد من تكريمات‪ ،‬ومقدار حرارتها وحميميتها‪ ،‬فال أجد فيها الطعم الذي وجدتُه في هذا‬ ‫المكان‪.‬‬ ‫التكريم ‪ -‬أيها السادة ‪ -‬له شروط ينبغي أن تتوفر فيه‪ ،‬وأهمها في رأيي البساطة والعفوية‪.‬‬ ‫فطبعُ ديوان لشاعر‪ ،‬تكريم له‪ ،‬وعرضُ وثائق لمؤرخ‪ ،‬تكريم له‪ ،‬وإقامة معرض لرسام‪ ،‬تكريم له‪،‬‬ ‫وتنظيم حفل موسيقي لفنان‪ ،‬تكريم له‪.‬‬ ‫وكفانا خطباً‪ ،‬وكفانا عروضاً تتلوها عروض‪ ،‬وتتقدمها عروض‪ .‬و ْلنطو كتاب التكريمات إلى‬ ‫حين‪ ،‬فقد يأتي يوم نشهد فيه اإلشادة بشخص‪ ،‬بشكل جديد‪ ،‬وإخراج جديد‪ ،‬وسيناريو جديد‪.‬‬ ‫رحم اهلل فقيد تطوان‪ ،‬سيدي عبد السالم الصفار‪ ،‬وجازاه على ما قدم لمدينته أحسن الجزاء‪.‬‬ ‫وأسكنه فسيح الجنان‪ ،‬مع الذين أنعم عليهم من النبيئين والصديقين والشهداء والصالحين‪.‬‬

‫مرحباً بحكومة سعد الدين المعدلة‬ ‫‪-‬‬

‫عبد الحي مفتاح‬

‫قول‬ ‫في النفقة‪..‬‬ ‫عبد اللطيف �شهبون‬

‫‪abdelchahboun@hotmail.com‬‬

‫في األسبوع المنصرم دار بيني وبين أخ عزيز حوار خاطف في‬ ‫موضوع « النفقة» ونحن متوجهان الى الزاوية‪..‬‬ ‫لم يذهب بنا الحديث بعيدا في داللتها الفقهية‪ .‬اقتصرنا على‬ ‫معناها في الحقل التربوي الصوفي وموقعها في منظومته ‪..‬‬ ‫• بادرني بسؤال الداللة اللغوية ‪ ،‬فقلت له ‪ :‬ينصرف معنى‬ ‫النفقة لما ينفق من مال ‪ ،‬لتحقيق منفعة ‪ ،‬أو سد حاجة‪..‬‬ ‫• قال لي‪ :‬وما الفرق بين النفقة واإلنفاق ؟‬ ‫• قلت له ‪ :‬كالهما أمر واحد ؛ لكن من باب التدقيق ‪ ،‬يقال ‪:‬‬ ‫االنفاق بذل المال أو أي شيء آخر في وجه من وجوه الخير ‪..‬‬ ‫• قال لي ‪ :‬لماذا ننفق ؟‬ ‫• قلت له ‪ :‬نحن المؤمنين باهلل وبرسوله الكريم ملتزمون‬ ‫بعهد رباني‪..‬‬ ‫كلمة النفقة أيها العزيز ‪ ،‬وردت في القرآن الكريم مفردا‬ ‫وجمعا‪ ..‬قال تعالى ‪« :‬وما �أنفقتم من نفقة �أو نذرمت من‬ ‫نذر‪ ،‬فان اهلل يعلمه» والمعنى أن ما يبذله مؤمن من مال وما‬ ‫ينذره من شيء يعلمه اهلل ويجازي عليه ‪..‬‬ ‫• قال لي ‪ :‬وما الفرق بين النفقة والنذر ؟‬ ‫• قلت له ‪ :‬النذر ما يقدمه مؤمن محسن لربه ‪ ،‬أو ما يوجبه‬ ‫على نفسه من فعل خير أو صدقة أو عبادة ‪ .‬فالداللة في النذر‪،‬‬ ‫أيها العزيز توضح ما توجبه على نفسك عندما تنذر مالك هلل‪..‬‬ ‫واهلل سبحانه وتعالى يؤكد في قرآنه المجيد أن ما تنفقه من مال‬ ‫هو لنفسك ؛ ال ينتفع به غيرك ؛ ألن ثوابه لك ‪ ..‬كما ينهانا بأن ال‬ ‫نجعل إنفاقنا إال لوجهه ؛ ال لغرض أو حظ دنيويين ؛ بدليل قوله‬ ‫تعالى ‪« :‬وما تنفقوا من خري فلأنف�سكم وما تنفقون اال‬

‫ابتغاء وجه اهلل ‪.»..‬‬

‫• واعلم عزيزي أن مدار النفقة في القرآن المجيد ال يخرج عن‬ ‫معنى أصلي هو‪ :‬بذل المال في سبيل اهلل‪.‬‬ ‫• قال لي ‪ :‬ما توجيهات شيوخ الطريقة القادرية البودشيشية‬ ‫في موضوع النفقة ؟‬ ‫• قلت له ‪ :‬النفقــة ثابــت من ثوابــت الطريقة القادرية‬ ‫البودشيشية المباركة‪ ،‬أخضعها شيوخها المربــون إلى نظـــام‬ ‫مؤصل ممتد معلوم‪ ..‬وتحفيزا للفقراء على االلتزام بها صدرت‬ ‫منهم أقوال كريمة‪ ..‬فالشيخ العارف باهلل سيدي أبو مدين قدس‬ ‫اهلل سره ‪ ،‬قال ‪:‬‬ ‫• « من ادعى لكم محبة اهلل ورسوله‪ ،‬فاختبروه بالبذل ‪ ،‬فإن‬ ‫استجاب ولو بدرهم أو درهمين فذاك ‪ ،‬وإال فهو مدع ال حقيقة‬ ‫لمحبته»‪.‬‬ ‫والشيخ العارف باهلل سيدي حمزة ‪ ،‬قدس اهلل سره ‪ ،‬قال ‪:‬‬ ‫• « النفقة عكاز الطريقة»‪.‬‬ ‫انتهى مسلسل التخمينات المنصب على تعديل حكومة العثماني‬ ‫األولى‪ ،‬ربما كان حظ الكثيرين خيبة االنتظار‪ ،‬فقد وصف البعض‬ ‫هذا التعديل المنتظر من قبل بالزلزال‪ ،‬كما كانت التوقعات تذهب‬ ‫شماال ويمينا وتنذر برحيل هذا الوزير أو ذاك‪ ،‬وحتى أن بعض الوزراء‬ ‫القياديين والذين لهم وزن ثقيل في ميزان التوازنات السياسية الحالية‬ ‫والمستقبلية لم يفلتوا من نيران اإلشاعة‪.‬‬ ‫وحده حزب التقدم واالشتراكية حسم األمر قبل اإلعالن عن‬ ‫نتائج التعديل الحكومي‪ ،‬وفك رباطه الوثيق بالحكومة‪ ،‬بشكل عسير‬ ‫ومجلجل وإن كان سبق أن لوح به من قبل‪ ،‬كوصيف لحزب العدالة‬ ‫والتنمية الذي عاش معه أحلى فترات الدالل أيام كانت زمام القيادة‬ ‫في يد عبداإلله ابن كيران‪.‬‬ ‫الحكومة خضعت للتعديل‪ ،‬وما يمكن استنتاجه من هذه العملية‬ ‫التي أتت في سياق انتصاف الوالية هو تقليص عدد الوزارات عن طريق‬ ‫حذف وزارات وتجميع قطاعات متقاربة أو منسجمة في وزارة واحدة‪ ،‬ثم‬ ‫احتفاظ الوزراء الكبار بمناصبهم حيث توسعت مهامهم ومسؤولياتهم‬ ‫ومساحة سلطتهم‪ ،‬وتغيير موقع بعض الوزيرات والوزراء وترقيتهم‬ ‫حسب االصطالح اإلداري والسياسي‪ ،‬ثم تعيين وزيرتين جديدتين‬ ‫وأربعة وزراء جدد نصفهم شبابا واعدين‪.‬‬ ‫ودخل الحكومة أيضا تقنوقراط انضافوا إلى التقنوقراط الذين‬ ‫يتمركزون في مواقع وزارات السيادة باألساس‪ ،‬ولم يستمر زمن الكرم‬ ‫الحاتمي في توزيع الحقائب على األحزاب‪ ،‬بل صار األمر يخضع لحساب‬ ‫القوة العددية التي تضمن األغلبية البرلمانية الضرورية لكي ال تتوقف‬ ‫عجلة الحكومة الموقرة‪.‬‬ ‫هذه النسخة الثانية لحكومة العثماني أسالت مدادا كثيرا‪ ،‬والتي‬

‫أعقبت تبخر رجة إقالة خمسة وزراء في يناير ‪ 2018‬على إثر اختالالت‬ ‫طالت مشروع منارة المتوسط‪ ،‬وقد اعتبر الكثيرون أنها لم تأت بجديد‪،‬‬ ‫بل إن المولود لم يكن في مستوى المخاض‪ ،‬حيث إن األمر انحصر‪،‬‬ ‫في رأي المتتبعين‪ ،‬في اإلطاحة بوزراء وتعويضهم بآخرين ليس غير‪،‬‬ ‫وانصبت العيون على االمتيازات التي حازها الخارجون وسيحوزها‬ ‫الداخلون‪ ،‬وتواتر الشك في كفاءة الوزراء وقدرتهم على تغيير األوضاع‬ ‫واإلصالح‪ ،‬وساد االمتعاض لعدم خروج بعد الوجوه الحكومية وتغييرها‬ ‫بأخرى رغم أن بعضها كان محط تفكه وسخرية لشهور عديدة وبعضها‬ ‫اآلخر جثم دون حراك على صدر بعض الوزارات؛ وكأن بعض الناس‬ ‫يحسون أنه جاثم على صدورهم كالهم‪ ،‬وقلقت النساء المناضالت من‬ ‫تراجع حجم تمثيلية المرأة في هذه الحكومة الذي لم يتعد الخمس‬ ‫بعيدا عن حلم المناصفة الذي يبدو أنه بعيد المنال‪ ،‬المتقدم برجل‬ ‫والمتأخر بأخرى؛ الماشي مشي السلحفاة‪.‬‬ ‫تبادل السلط تم بين الخارجين والداخلين‪ ،‬والخلفية مزركشة‬ ‫بدموع وحرقة الهجر وعناق وفرح اللقاء‪ ،‬لينطلق القطار السريع‬ ‫للحكومة الحالية؛ فزمن األوراش والعمل يالحقها إلظهار «حنة يدها»‬ ‫قبل انطالق عفريت االنتخابات من قمقمه‪ .‬وبين اليأس واألمل تدور‬ ‫العقارب في انتظار انبجاس زمن جديد لعلنا نخرج من عنق زجاجة عدم‬ ‫الثقة في السياسة الذي يبقى بالرغم من كل اإلحباطات واالنتكاسات‬ ‫خيط الحرير الذي ينسج التوازنات والتوافقات ويغذي شعاع الممكن‬ ‫في حجر المستحيل‪.‬‬ ‫مرحبا بحكومة سعد الدين المعدلة‪ ،‬ننتظر منها عالمات لتعبيد‬ ‫الطريق نحو األفضل‪.‬‬

‫• « الكرم وصف ال يفارق المحبين‪ ،‬وهو شرط يقوم عليه‬ ‫سلوك السالكين ‪ ،‬ويستقيم به سير السائرين‪ ..‬فال تجتمع‬ ‫المحبة والشح في القلب أبدا»‪.‬‬ ‫• « ال يكون السخي سخيا حتى ينسى ما أعطاه ‪ ،‬وال يذكره‬ ‫أبدا »‪.‬‬ ‫وقال في حق والده سيدي الحاج العباس ‪ ،‬قدس اهلل سره ‪:‬‬ ‫• « لقد حصل بالسخاء ما لم يحصله بالعبادة والرياضة »‪.‬‬ ‫وأما الشيخ المربـي المتحقـق المرتاض في مقامات اليقين‬ ‫سيدي جمال الدين ‪ ،‬نضر اهلل أيامه‪ ،‬فيقول ‪:‬‬ ‫• «االلتزام بالنفقة ثابت من ثوابت طريقتنا‪..‬وطريقتنا‬ ‫تعتمد أساسا على الموارد الذاتية ألبنائها ؛ مما يوجب علينا ـ‬ ‫نحن الذاكرين ـ االلتزام بأداء مستحقاتها ؛ وفاء للعهد الرباني‬ ‫الذي بيننا ؛ فال أمر يتم دون مال ‪ ،‬وال أمن يتم دون صالح‬ ‫حال ؛ فطريقتنا تخدم الوطن والصالح العام ‪ ،‬وتكون األجيال‬ ‫الصاعدة وتنشر القيم واألخالق التي يعم بها األمن واألمان‬ ‫والسلم والسالم في بالدنا وفي سائر يالد العالم «وما أرسلناك‬ ‫إال رحمة للعالمين»‪.‬‬


‫الشمال الفني‬ ‫‪4‬‬

‫ح‬ ‫و‬ ‫ا‬ ‫ر‬

‫مع‬

‫إشراف الفنان يوسف سعدون‬

‫العدد ‪ 1015‬ـ الثالثاء ‪ 15‬إلى ‪ 21‬أكتوبر ‪2019‬‬

‫الفنان الت�شكيلي‬ ‫ومدير ملتقى املكان بتون�س‬

‫عمر الغدام�سي‬ ‫أجرى الحوار يوسف سعدون‬

‫يعتبر الفنان التشكيلي التونسي عمر الغدامسي أحد الوجوه البارزة في‬ ‫الساحة التشكيلية التونسية والعربية نظرا لعطائه الفني المتميز والذي‬ ‫يسائل من خالله إشكالية الوجود‪،‬قيمته أيضا تتمثل في كونه مدير أحد‬ ‫اهم المهرجانات الفنية‪ ‬الدولية بتونس وهو ملتقى المكان والذي اختتم‬ ‫مؤخرا ومثل المغرب فيه الفنان القدير رشيد باخوز‪.‬‬ ‫بمناسبة هذا الملتقى‪ ،‬كان لجريدة الشمال مع الفنان عمر الغدامسي‬ ‫الحوار التالي ‪ :‬‬

‫في غالبيته علي فناني اللوحة المسندية وبدرجة اقل النحت‬ ‫في حين ان مفهومنا يتماشي وأساليب أخرى كفن األرض‬ ‫والفنون الزائلة عموما‪.‬‬

‫• من يكون عمر الغدامسي ؟‬

‫• اختزل نفسي في ذلك التوقيع الذي يشير إلى اسمي‪،‬‬ ‫سواء علي لوحاتي أو كتاباتي أو ضمن المهام التي اعترضت‬ ‫طريقي كأحد مؤسسي نقابة مهن الفنون التشكيلية بتونس‬ ‫أو كمؤسس لملتقي المكان الدولي‪ .‬اعتقد أن التوقيع يتجاوز‬ ‫كل وظيفة إجرائية‪ ،‬إنه داللة تكثف معني الفرد والذي يختصر‬ ‫هويته في اسمه بمساراتها المكشوفة والمغلقة وضمن‬ ‫سياقاتها الثقافية والحياتية واالجتماعية‪ ،‬كما أنه يختصر‬ ‫معني المسؤولية والواجب ‪ ،‬فما أقدمه لآلخرين هو دعوة‬ ‫للتقاسم وهو أمر يخصني وال يخص غيري‪ .‬أنا أمارس الكتابة‬ ‫منذ عقد الثمانينات أي في سن المراهقة والبداية كانت في‬ ‫صحيفة «الطريق الجديد» لسان الحزب الشيوعي التونسي‬ ‫آنذاك ‪ ،‬كتبت عدة نصوص قصصية نشرت في مجالت‬ ‫لبنانية وفي جريدة « القدس « اللندنية وصدرت لي مجموعة‬ ‫قصصية في أواسط التسعينات وعنوانها «صخور لقيطة»‬ ‫توجت آنذاك بجائزة الدولة ألدب الشباب‪ .‬بعد سنوات قليلة‬ ‫من التحاقي بجريدة الصحافة ونتيجة لعالقتي بالفنون‬ ‫التشكيلية‪ ،‬أسست سنة ‪ 1997‬ملحق «الرواق» األسبوعي‬ ‫والمختص في الفنون التشكيلية سواء علي مستوي النقد‬ ‫أو المتابعات والدراسات‪ ،‬وكان يتضمن ايضا ركن اسبوعي‬ ‫يحمل توقيعه وعنوانه «جدارية» أطرح من خالله جملة من‬ ‫القضايا التي تخص الفن في تونس خاصة‪ ،‬هذا الملحق‬ ‫توقف منذ سنة فقط وكان في مسيرته تلك مرجعا أساسيا‬ ‫للفن في تونس ومحركا للسواكن ومنبرا للحوار فيما يخص‬ ‫قضايا القطاع والجماليات‪ .‬علي مستوي الفن أقمت مثل غيري‬ ‫من الفنانين عدة معارض شخصية وعلي مستوي المعارض‬ ‫الجماعية اعتبر نفسي مقال مقارنة بأغلبية الفنانين‪ ،‬ومع ذلك‬ ‫لي مشاركات خاصة بالخارج‪.‬‬

‫• ماذا يمكن أن تقولوا لقراء الشمال عن التجربة‬ ‫التشكيلية التونسية ؟‬

‫• التجربة التشكيلية التونسية مرت ومنذ نشأتها بعدة‬ ‫أطوار وهي في عمومها تجاوزت وظيفة التعبير عن الهوية‬ ‫الجماعية من خالل رسم الحياة الشعبية للتونسيين والمعمار‬ ‫التقليدي والتي تشكلت في اعمال جيل الرواد ثم مع جيل‬ ‫عقد منتصف الخمسينات والذي قام بتوسيع مفهوم الهوية‬ ‫لتصبح تعني الموروث البصري العربي اإلسالمي كالمفردة‬ ‫والعربسة والحرف وكان ذلك من باب البحث عن لغة تشكيلية‬ ‫تجمع بين األصالة والمعاصرة‪ ،‬في بداية الثمانينات من العقد‬ ‫المنصرم أخذ يبرز جانب من التعبير الفردي غير المرتكز على‬ ‫أية هوية جماعية وهو الذي فتح الباب أمام حالة االنفجار‬ ‫الكبير الذي نعيشه اليوم على مستوي األساليب والمرجعيات‬ ‫الجمالية‪ .‬شخصيا اعتقد بأن التجربة التشكيلية في تونس‬ ‫ال تزال بحاجة الي مخاض جديد يجعلها قادرة علي إبراز‬ ‫التجارب األصيلة مقارنة بما يوجد اليوم من بروز لتجارب‬ ‫هي مجرد أصداء لما يوجد في العالم من أنماط وأساليب‬ ‫مستهلكة‪ ،‬طبعا هذا ال يعني بأن التشكيل في تونس يفتقد‬ ‫لتجارب مهمة ومبدعة‪ ،‬لكنها ال تزال في اغلبها مغمورة‪،‬‬ ‫خاصة مع وجود غالريهات ال تحبذ المغامرة و تكتفي بتبني‬ ‫من هم حققوا رقم مبيعات في الخارج‪ .‬أعتقد بأن الفن في‬ ‫تونس سيستمر في التقهقر إذا لم ينجح في أن يرسخ وجوده‬ ‫ضمن حركة ثقافية ونقدية تساعده على التطور والتخلص‬ ‫من االستسهال و االستنساخ ‪.‬‬ ‫• ماهو انطباعكم عن التشكيل بالمغرب ؟‬

‫• ماذا عن مساركم التشكيلي ؟‬

‫• مساري التشكيلي يختلف عن بقية ما يوجد من تجارب‬ ‫في تونس ‪،‬ربما هذا يعود إلي اختالف السياق الذي أتيت منه‬ ‫إلى الفن‪ .‬في أعمالي اشتغل علي مفهومي الهشاشة والزوال‬ ‫بتوظيف مواد وخامات تحيل إلى ما يعتري األشياء من تحوالت‬ ‫وفساد ‪.‬أوظف مثال الصدأ والذي أجده في الكبسوالت أو في‬ ‫العلب التي سوتها العربات باألرض او في طبقات المعلقات‬ ‫االشهارية‪ ،‬وعالقتي بمثل هذه الخامات وغيرها اعتبره‬ ‫الجانب األهم وغير المرئي في عالقتي بالفن‪ ،‬فهي مستمدة‬ ‫من حياة المدينة االستهالكية وللعثور عليها يجعلني أصف‬ ‫نفسي بالمشاء أجوب ثنايا المدينة ألبحث عن ما يمكن أن‬ ‫أجده في الطريق من مواد وأجوب األسواق القديمة بحثا عن‬ ‫خامات يمكنني تطويعها‪ .‬في أعمالي يبقي اإلنسان كوضعية‬ ‫ووجود هو جوهر عالمي التشكيلي‪ ،‬ذلك أن ما نسميه فنا هو‬ ‫في األخير شكال من أشكال التفكير في هذه «المعظلة « التي‬ ‫اسمها اإلنسان وما يحيطه من هشاشة وفساد وموت‪ .‬أعتقد‬ ‫بانني في عالقتي بالفن ال أحاور تجارب تيارات الفن الحديث‬ ‫والمعاصر‪ ،‬بقدر ما إنني أحاور ما طرحته تلك الفنون الكبري‬ ‫المؤسسة في عهد الفراعنة والحضارات القديمة من معاني‬ ‫وخصائص عن عالقة الفن بالوجود والموت ‪.‬أعتبر مثال ان‬ ‫‪ La Momification‬هي جوهر العملية الفنية‪ .‬عموما‬ ‫أنا لم أتعود الحديث عن أعمالي بقدر ما تعودت الحديث‬ ‫والكتابة عن التجارب التي تحرك في األسئلة وتمنحني‬ ‫افقأ للتفكير‪ ،‬وذلك يغض النظر عن قيمتها التشكيلية أو‬ ‫الجمالية ‪ ،‬فقط أكتفي بالقول بأن الفن بالنسبة لي هو في‬ ‫استعادة ذلك المثلث المفقود والذي يتحد ضمنه الفكر‬ ‫بالقلب وبالحرفة ‪.‬‬

‫• تنظمون ملتقى المكان الدولي‪ ،‬فماهي فلسفة‬ ‫هذه التظاهرة وماهي اهدافها ؟‬ ‫• فكرة ملتقي المكان الدولي ولدت بعد منعطف ‪14‬‬ ‫جانفي ‪ 2011‬وما كشفه ذلك التحول الكبير من هوة بين‬ ‫ما يعيشه المركز والمتمثل خاصة في تونس العاصمة‬ ‫وبين ما تعيشه الجهات الداخلية من تهميش واهمال وقد‬ ‫قامت فكرة بعث ملتقي المكان علي هذا االساس وهو بعث‬ ‫موعد سنوي يكون اشبه بالجسر الذي يربط فناني الجهات‬ ‫الداخلية بتجارب ومبادرات غيرهم من فناني العالم وذلك‬ ‫ضمن مفهوم شمولي يربط الفن بالمكان من حيث هو‬ ‫رصيد ثقافي وبيئي واجتماعي له خصوصيته ودعونا علي‬ ‫هذا األساس الفنانين للقدوم والمشاركة ليس إلنجاز أعمال‬ ‫تعودوا عليها وليس الستئناف ما ينتجونه في ورشاتهم بل‬ ‫لكي يتفاعلوا وليجربوا في المكان والذي هو عموما ضاج‬ ‫بخصائصه الحضارية والبيئية وبرهاناته وقضاياه االجتماعية‪.‬‬ ‫وعلي هذا االساس نجد ان ملتقي المكان يتأثث ضمن عدة‬ ‫محاور من بينها تلك اللقاءات والزيارات التي ننظمها لفائدة‬ ‫المشاركين لالطالع علي خصائص المكان وكذلك محور‬ ‫يربط الفن بالمجتمع في دائرة ذلك المكان الذي نلتقي‬ ‫فيه ‪ ،‬حيث اننا في جزيرة قرقنة طرحنا قضية الهجرة السرية‬ ‫ذلك أن هذه الجزيرة تعتبر من بين اهم نقاط عبور قوراب‬ ‫الموت نحو الضفة الشمالية من المتوسط‪ ،‬وقد انعكس‬ ‫هذا في إنجاز جداريات وأعمال غرافيتي في الشارع‪ .‬كذلك‬ ‫قدمنا للفنانين بسطة عن الصيد بالشرفية وهي طريقة‬ ‫صيد تقليدية مهددة باالنقراض وتختص بها الجزيرة ولها‬

‫دور بيئي هام وحتي اجتماعي ذلك أنها وإلى جانب شغل‬ ‫البحارة فإنها تعتمد ايضا علي مهارات الحرف اليدوية‪ .‬مفهوم‬ ‫المكان تأسس أيضا وفق قراءة لما يوجد على الخارطة‬ ‫المحلية والعربية من ملتقيات ومهرجانات‪ .‬فنحن في بلد مثل‬ ‫تونس حيث االمكانيات المادية متواضعة ال يمكننا وال نحتاج‬ ‫لمنافسة ذلك الكم من الملتقيات والمواعيد التي تقوم علي‬ ‫قوة المال بحساناته التنظيمية والتشريفية للفنانين‪ ،‬فنحن‬ ‫يمكننا أن نتميز ونحقق خصوصيتنا من خالل خصوصية‬ ‫المفهوم وباالعتماد علي جملة من القيم المشتركة والقائمة‬ ‫اساسا علي فكرة العيش معا وكذلك االستفادة من انفتاحنا‬ ‫الثقافي كتونسيين ومن مناخ الحريات الفردية‪ .‬كذلك فإن‬ ‫تونس ال تمثل ثقل في السوق الفنية العربية وهذا عنصر‬ ‫إيجابي لنا‪ ،‬ليكون المكان مالذا وموعدا فنيا المشاركة فيه‬ ‫ال تعتمد علي المكانة التي يحتلها هذا الفنان أو ذاك داخل‬ ‫سوق الفن بل على إبداعه وإنسانيته‪ ،‬لذلك فإن المكان‬ ‫تراه قد استضاف فنانين لهم مكانتهم العالية في السوق‬ ‫العالمية كما أنه قد استضاف فنانين مهمين ومبدعين‬ ‫ولكن ال عالقة لهم بسوق الفن العالمية وجميعهم يلتقي‬ ‫في المكان ويتقاسموا مع فناني الجهات نفس الورشة‪.‬‬ ‫خالصة القول أن فكرة المكان تطمح إلى استعادة عالقة الفن‬ ‫بالمجتمع وبالثقافة في بعدها المتعدد‪ ،‬لكن دون أن يفقد‬ ‫الفن بعده الذاتي والمنفلت عن كل تنميط وتعليب‪ .‬طبعا‬ ‫الطريق امامنا اليزال متعثرا لترسيخ هذا المفهوم بعيدا عن‬ ‫محاوالت استنساخ تجارب ملتقيات بلدان أخرى‪ ،‬كذلك نحن‬ ‫نحتاج إلى خلق شبكة تواصل مستمر مع التجارب الفنية التي‬ ‫تتقاطع مع خصوصية الملتقي‪ ،‬حيث أن الملتقي ال يزال يغتمد‬

‫اعتقد بأنه لدي فكرة عن التشكيل في المغرب االقصي‪،‬‬ ‫سواء من خالل ما ينشر من دراسات نقدية او من خالل‬ ‫الملتقيات التي التقيت فيها فنانين مغاربة بما في ذلك ملتقي‬ ‫المكان‪ ،‬وهذا يجعلني اسمح لنفسي بالقول بأن التجربة‬ ‫التشكيلية المغربية تعد مهمة وملفتة‪ ،‬فهي اوال قائمة‬ ‫علي التنوع في األساليب سواء المعاصرة أو الحديثة وهو‬ ‫تنوع يتسم بطاقة علي البحث والتجذر‪ ،‬كذلك فان التشكيل‬ ‫المغربي يتميز بوجود تجربة نقدية مرافقة تحضي باحترام‬ ‫واهتمام الفنانين ‪ ،‬أعتقد بأن التشكيل المغربي قد قطع‬ ‫اشواطا مهمة مقارنة بالتشكيل في تونس‪ ،‬منذ سنوات كان‬ ‫فريد بلكاهية في تونس وقد دعاني صديقي الراحل الفنان‬ ‫نجيب بلخوجة وهو احد اهم الفنانين الكبار التونسيين إلى‬ ‫مرافقته للقاء بلكاهية والذي تعود صداقته به الي الستينات‬ ‫عندما عرض نجيب بلخوجة اعماله في باب الرواح ‪ ،‬في ذلك‬ ‫اللقاء تحدث بلكاهية عن تأثر جيله بتجربة بلخوجة إلى حد‬ ‫يعتبرونه رائدا لهم‪ ،‬نفس هذا التقييم لمسته أيضا عند الناقد‬ ‫والباحث موليم لعروسي في لقاء كنت فيه مع نجيب بلخوجة‪.‬‬ ‫اعتقد بأن هناك أسبابا موضوعية تفسر تطور التجربة الفنية‬ ‫المغربية مقارنة بمثيالتها في البلدان العربية‪ ،‬وهي اسباب‬ ‫اجتماعية للهامش فيه قدرة على إنتاج ذوات مبدعة في‬ ‫مختلف المجالت واذكر هنا محمد شكري وعباس الصالدي‬ ‫وحتي خليل غريب والذي تعرفت على أعماله وكتبت عنها قبل‬ ‫أن التقيه في إحدى بلدات الشمال اإلسباني وبقينا نتحدث‬ ‫طويال وعلمت بأنه درس بمعهد الصحافة في تونس وتحديدا‬ ‫في نفس الشارع الذي توجد فيه الصحيفة الذي كنت اشتغل‬ ‫فيها‪ .‬هناك أيضا أسباب ثقافية ذلك أن المغرب خزان ثقافي‬ ‫تجديدي في مختلف مجاالت الفكر واألدب ‪.‬‬


‫العدد ‪1015‬‬

‫الشمال الفني‬

‫انطالق فعاليات الدورة السابعة عشرة للفيلم‬ ‫القصير المتوسطي بطنجة‬ ‫انطلقت بمدينة طنجة فعاليات الدورة السابعة عشرة للفيلم‬ ‫القصير المتوسطي يوم ‪ 3‬شتنبر‪ ،‬واستمرت إلى غاية ‪ 5‬اكتوبر‬ ‫الجاري بمشاركة ‪ 46‬فيلما من ‪ 17‬دولة‪ ،‬وهذا المهرجان ينظم‬ ‫من طرف المركز السينمائي المغربي رغبة منه في خلق فرص‬ ‫مواتية للطاقات السينمائية الشابة وإبراز عطاءاتها الفنية وخلق‬ ‫فرص للتواصل واالضطالع على مختلف التجارب التي تزخر بها دول‬ ‫الضفةالمتوسطية‪،‬‬ ‫بخصوص هذه الدورة‪ ،‬فقد تضمنت عرض األفالم المشاركة‬ ‫في المسابقة الرسمية ‪،‬باإلضافة إلى درس حول السينما أطره‬ ‫المخرج المغربي فوزي بنسعيدي ‪،‬كما استضافت الفيلم اإلسباني‬ ‫القصير وكذا المعهد العالي لمهن السمعي البصري والسينما‪،‬‬ ‫وعرفت أيضا عقد لقاءات مهنية في «كتابة الفيلم القصير بين‬ ‫االقتباس وكتابة السيناريو» وورشة حول «من الكتابة إلى الشاشة»‪.‬‬ ‫وتميز حفل افتتاح الدورة بإلقاء مجموعة من الكلمات أجمعت‬ ‫على أهمية هذا الحدث الفني والدور الذي يلعبه في تشجيع الكفاءات‬ ‫السينمائية الشابة‪ ،‬كما تم تكريم المخرج المغربي فوزي بنسعيدي‬ ‫وعرض أفالمه القصيرة األولى‪.‬‬ ‫تبقى اإلشارة إلى أن لجنة التحكيم ترأستها المخرجة المغربية‬ ‫ليلى كيالني وضمت في عضويتها ستافروال جيرناكي من النرويج‬ ‫وآن بارون من فرنسا وفرات بوسيل من تركيا ونورالدين بن ادريس‬ ‫من المغرب ووليد مطر من تونس وسعد هنداوي من مصر‪ ،‬في‬ ‫حين أن المشاركة المغربية تمثلت في عرض خمسة أفالم قصيرة‬ ‫ألسماء واعدة في هذا الجنس الفني‪.‬‬

‫فنانون تشكيليون ألمان يعرضون بتطوان‬

‫في إطــار افتتـــاح المــوسم الثقافـــي‬ ‫‪ 2020/2019‬الرامـــي إلى تعزيــز مكتسبات‬ ‫التقليد الفني بالحمامـــة البيضــــاء‪ ،‬تنظم‬ ‫المديرية اإلقليمية لوزارة الثقافــة واالتصال‬ ‫ قطــاع الثقافة بتطوان‪ ،‬معرضا تشكيليا‬‫جماعيا لفنانين متميزين من جامعة هسن‬ ‫الحرة للفنون الجميلة بألمانيا ‪ fadbk‬يتضمن‬ ‫أعماال فنية معاصرة تعرض ألول مرة بالمغرب‬ ‫تتصدرها أعمال الفنان البروفيسور ستيفان بول‬ ‫شنايدر رئيس هذه الجامعة المرموقة‪.‬‬ ‫ينطلق حفل االفتتاح مساء الجمعة ‪11‬‬ ‫أكتوبر ‪ 2019‬على الساعة السادسة والنصف‬ ‫(‪ )18.30h‬برواق برتوتشي بمدرسة الصنائع‬ ‫والفنون الوطنية – تطوان (أمام باب العقلة)‪.‬‬ ‫يستمر المعــرض إلى غايــة ‪ 31‬أكتوبـــر‬ ‫‪2019‬‬

‫الفنانون المشاركون‪:‬‬ ‫ستيفان بول شنايـــدر‪( .‬ضيف شرف‬ ‫المعرض)‪ /‬هايدي بيكر ‪ /‬دانييال ويرث ‪/‬‬ ‫كورنيليا ويسل ‪ /‬ليان لونكن ‪ /‬محمد وعمي‬

‫‪Stephan Paul Schneider (in‬‬‫‪vité d’honneur) / Heidi Becker /‬‬ ‫‪Daniela Werth / Cornelia Wes‬‬‫‪sel / Liane Lonken / Mohammed‬‬ ‫‪Ouammi‬‬

‫جائزة المغرب للكتاب‬ ‫دورة ‪2019‬‬ ‫في صنف الدراسات األدبية والفنية واللغوية‪،‬‬ ‫نال كتاب «الكاريكاتير في المغرب‪ -‬السّخرية على‬ ‫محكِّ الممنوع» للناقد ابراهيم الحيسن جائزة‬ ‫المغرب للكتاب ‪ -‬دورة ‪ 2019‬يعيد هذا الكتاب‪،‬‬ ‫الذي قدَّم له الكاتب واإلعالمي بوشعيب الضبَّار‪،‬‬ ‫االعتبار لحقل الكتابة الفنية والنقد التشكيلي بعد‬ ‫ما شهدت الجائزة طيلة الدورات الماضية هيمنة‬ ‫الدراسات األدبية‪ ،‬مثلما يوثق لتجربة الرسم‬ ‫الكاريكاتيري في المغرب الذي أضحى يحتل مكانة‬ ‫مرموقة داخل النسيج التشكيلي العربي والمغربي‬ ‫بفضل مبدعيه من جيل الرواد والمؤسسين وما‬ ‫تالهم من رسامين مرموقين من المخضرمين‬ ‫والشباب‪.‬‬

‫الثالثـاء ‪� 15‬إلى ‪� 21‬أكتوبر ‪2019‬‬

‫‪5‬‬

‫التعديل الحكومي‬ ‫والشأن الثقافي‬ ‫والفني‬ ‫• يوسف سعدون‬ ‫شخصيا‪ ،‬لم أعقد أمال كبيرا على التعديل الحكومي‪ ،‬والسبب‬ ‫راجع إليماني بكون أن مشكل المغرب أعمق من أي تعديل أو‬ ‫تغيير الوجوه‪ ،‬ال يهمني هنا الجانب السياسي في هذا اإلجراء‪ ،‬ألنه‬ ‫حسب تقديري سوف يكرس انطباعنا السلبي بواقع زرع فينا يأسا‬ ‫منذ عقود من الزمن عبر عناوين مختلفة قوامها تناوب وانتقال‬ ‫ديموقراطي وإصالح وحكامة وغيرها‪ ،‬لم أعقد األمل أيضا لكون‬ ‫هذا التعديل جاء في وقت التراجعات عن مكتسبات متعددة في‬ ‫مجاالت سياسية وحقوقية واجتماعية‪ ،...‬لنترك هذا الجانب ولنركز‬ ‫فيما يهمنا وهو المجال الثقافي و الفني في عالقته بالتعديــل‬ ‫الحكومي‪ ،‬بمعنى آخر‪ ،‬ماذا سيحمل هذا اإلجراء السياسي من‬ ‫جديد بالنسبة ألهل الثقافة والفن‪ ،‬وهل سيأتي هذا التعديــل‬ ‫بمكتسبات للمثقفين والفنانيـن؟ وهل استقطب هذا الحــدث‬ ‫اهتمام اهل الفن والثقافة ‪ ،‬وهل تفاعلوا معه؟‬ ‫تاريخيا‪ ،‬بالنسبة لنا بالمغرب ‪،‬قطاع الثقافة اعتبر والزال قطاعا‬ ‫ثانويا وغير منتج شانه في ذلك شأن القطاعات االجتماعية األخرى‬ ‫خصوصا التعليم والصحة‪ ،‬تاريخيا أيضا‪ ،‬ميزانية قطاع الثقافة‬ ‫دائما كانت أضعف ميزانية عند كل الحكومات‪ ،‬وهذا الوضع رسخ‬ ‫تدهور وضعية الفن والثقافة ببالدنا‪ ،‬ودون الدخول في التفاصيل‪،‬‬ ‫بهذه الميزانيات الضعيفة ‪،‬ارتبطت دينامية العمل الثقافي في‬ ‫الكثير من األحيان بشخصية بعض من تحملوا مسؤولية تسيير‬ ‫هذا الشأن واجتهاداتهم‪ ،‬فرأينا بعض الطفرات أحيانا‪ ،‬و سجلنا‬ ‫ركودا في أحيان أخرى‪ ،‬كذلك الشأن بخصوص وضعية المثقفين‬ ‫والفنانين حيث اختلفت درجة االهتمام بهم وبإبداعاتهم حسب‬ ‫مواسم مد وجزر االهتمام الرسمي‪.‬‬ ‫وبالرجوع إلى حدث التعديـل الحكومـي في عالقتــه بقطاع‬ ‫الثقافة‪ ،‬فيمكن تسجيل المالحظات التالية ‪:‬‬ ‫‪- 1‬شكل ضم قطاع الثقافة مع قطاع الشبيبة والرياضة مفاجأة‬ ‫باعتبار أن هذين القطاعين يعانيان من أزمة بنيوية‪ ،‬وكان من‬ ‫المفروض أن يعطى لهما اهتمام أكبر‪ ،‬كل واحد على حدة‪ ،‬إذ‬ ‫أن قطاع الثقافة لم يستجب النتظارات الثقافة والفن حينما كان‬ ‫مستقال بذاته ‪،‬فكيف سيصير عليه الحال وهو توأم لقطاع آخر‬ ‫حساس هو الرياضة وتحت مسؤولية وزير واحد‪،‬‬ ‫‪ - 2‬ضم قطاعين تحت مسؤولية واحدة يكــرس النظـرة‬ ‫الرسمية المتمثلـة في اعتبارهما قطاعين ثانويين وال يحظيان‬ ‫باألولوية‪.‬‬ ‫‪ - 3‬هل سيشتغل المسؤول الجديد على الشأن الثقافي على‬ ‫نفس مشروع الوزير السابق أم سيعمل باستراتيجيات أخرى ‪،‬‬ ‫خصوصا وأن مبادرات الوزير السابق قد خلقت بعض المراجعات‬ ‫واإلجراءات في قضايا ظلت حساسة وظلت دائما محط نقاش هما‬ ‫مسألة الدعم والبطاقة المهنية للفنان‪..‬‬ ‫‪ - 4‬سجل التعديل الحكومي ردود فعل باردة من طرف الفنانين‬ ‫والمثقفين‪ ،‬وصل لحد عدم االكتراث وهذا راجع ليأس هؤالء من‬ ‫الرعاية الرسمية للشأن الثقافي والفني‪ ،‬وإذا ما نظرنا إلى الكثير‬ ‫من حاالت البؤس االجتماعي للعديد من الفنانين سنفهم سبب‬ ‫المباالتهم‪،‬‬ ‫‪ - 5‬هذا اإلجراء‪ ،‬لم يعط قيمة لتطلعات المبدعين ألن‬ ‫أصحاب القرار يعرفـون حجم تأثير هـؤالء المبدعيـن في القرار‬ ‫الرسمي‪ ،‬حيث أنهم غائبون تماما عن الساحة وأغلبية تنظيماتهم‬ ‫واتحاداتهم ونقاباتهم متقاعسة ومنقسمة وغير منسجمة‪ ،‬ولم‬ ‫يسبق لها أن أثرت في القرارات الرسمية في الشأن الثقافي‪.‬‬


‫‪6‬‬

‫الثالثـاء ‪� 15‬إلى ‪� 21‬أكـتـوبر ‪2019‬‬

‫العدد ‪1015‬‬

‫مجتمع ـ سياسة ـ حقوق‬ ‫فكري ولد علي‬

‫(مراسل من الحسيمة‪ /‬الناظور)‬

‫شوراق يوجه تحذيرات شديدة اللهجة للمقاوالت المكلفة‬ ‫بإنجاز مشاريع منارة المتوسط‬

‫أفادت مصادر مأذونة أن السيد فريد شوراق عامل إقليم الحسيمة وجه تحذيرات شديدة اللهجة للمقاوالت المكلفة بانجاز‬ ‫مشاريع منارة المتوسط وكذا مكاتب التتبع والمراقبة‪ ،‬مفادها أن تسريع الوتيرة ال يعني القفز على معايير الجودة واالتقان‪ ،‬وأن‬ ‫حسابا عسيرا ينتظر كل من سولت له نفسه بالتالعب والغش في اإلنجاز‪.‬‬ ‫كما أن مقر العمالة يشهد جلسات واجتماعات عمل مكثفة وتعبئة عامة للمصالح المختصة‪ ،‬بخصوص تتبع مشاريع منارة‬ ‫المتوسط‪.‬‬

‫المكتب الوطني للكهرباء يوقع على اتفاقية جديدة‬ ‫مع جمهورية النيجر‬

‫وقع عبد الرحيم الحافظي‪ ،‬المدير العام‬ ‫للمكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب‬ ‫بالرباط على اتفاقية خدمات جديدة مع المدير‬ ‫العام للوكالة النيجيرية إلنعاش الكهربة‬ ‫القروية‪.‬‬ ‫تندرج هذه االتفاقية في إطار التعاون بين‬ ‫المملكة المغربية وجمهورية النيجــر في إطار‬ ‫االتفاق المبرم بين المكتب والبنك اإلسالمي‬ ‫للتنمية المتعلق بتنفيذ المبادرة المشتركة‬ ‫الداعمة للكهربــة القرويــة بإفريقيــا جنــوب‬ ‫الصحراء‪.‬‬ ‫يعمل كل من المكتب الوطني للكهرباء‬ ‫والماء الصالح للشرب والبنك اإلسالمي للتنمية‬ ‫على تقديم الدعم الالزم لمشاريع الكهربة‬ ‫القروية المؤهلة وذلك من خالل هيكلتها‬ ‫وإنجاز الدراسات المرتبطــة بها والتكويــن‬ ‫وتطوير الكفاءات وكذا الدعم التقني إلنجاز هذه‬ ‫المشاريع‪.‬‬ ‫يهدف مشروع النيجر إلى االرتقاء بنسبة‬ ‫الولوج إلى الكهرباء بالوسط القروي من خالل‬ ‫إنشاء شبكات صغرية يتم تزويدها عن طريق‬ ‫محطات شمسية مع التخزين وكذا ربط ما يقارب‬ ‫‪ 17500‬منزال وخلق ‪ 1500‬أنشطة مدرة للدخل‬ ‫(مصالح عمومية وأنشطة اقتصادية) بقرابة‬ ‫ثالثين قرية‪.‬‬

‫بهذه المناسبة‪ ،‬ذكر عبد الرحيم الحافظي‪،‬‬ ‫بالخبرات والمهارات التي يتوفر عليها المكتب‬ ‫الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب في مجال‬ ‫تطوير وتشغيل المشاريع المتعلقة بالكهربة‬ ‫القروية حيث أصبح المكتب الفاعل األول في‬ ‫هذا المجال بالسينغال وذلك من خالل عقدتين‬ ‫امتيازيتين تمتدان لـ ‪ 25‬سنة وتهمان أقاليم‬ ‫تتجاوز مساحتها ‪ 49000‬كلم مربع‪.‬‬

‫كما تستفيد بعض دول المنطقة من دعم‬ ‫المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب‬ ‫في هذا المجال أبرزها تلك التي يقودها المكتب‬ ‫بمالي‪ ،‬التشاد وغامبيا‪.‬‬ ‫ومن خالل هذا المشروع‪ ،‬يعزز المكتب‬ ‫الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب مكانته‬ ‫ودوره في مجال دعمه للدول اإلفريقية جنوب‬ ‫الصحراء فيما يتعلق بمهن الكهرباء‪.‬‬

‫اإلعالن عن تهيئة مقطع طرقي يربط بين دوار بني عيسي‬ ‫بإكاون وطريق الوحدة نواحي الحسيمة‬

‫أكد مصدر مطلع أن الطريق التي‬ ‫تربط بين دوار بني عيسي بجماعة عبد‬ ‫الغاية السواحل بإقليم الحسيمة‪ ،‬والطريق‬ ‫الجهوية رقم ‪ ( 509‬طريق الوحدة )‪ ،‬سترى‬ ‫النور قريبا بعد أن تم تقديم طلب عروض‬ ‫أثمان لتهيئتها حيث رست الصفقة على‬ ‫إحدى شركات األشغال المعروفة بتهيئة‬ ‫وشق الطرق بالمغرب‪ ،‬وذلك في إطـــار‬ ‫البرنامج الوطني الثاني للطرق‪.‬‬ ‫المصدر أكد أن مديرية الطرق‬ ‫باإلدارة المركزية بمديرية التجهيز والنقل‬ ‫بالرباط قد صادقت مؤخرا على هذا المشروع الطرقي الهام الذي يروم فك‬

‫العزلة عن المناطق النائية وتسهيل ولوجها‬ ‫للمراكز الشبه حضرية والحضرية‪ ،‬وخصصت‬ ‫له غالفا ماليا قدر في ‪ 29‬مليون درهم‪.‬‬

‫وسيمكن تهيئة هذا المقطع الطرقي‬ ‫من فك العزلة عن دوار بني عيسي بجماعة‬ ‫عبد الغاية السواحل‪ ،‬وربطـــه بالطريق‬ ‫الجهويــة رقم ‪ ،509‬التي تربط بفــاس‬ ‫والحسيمة عبــر الطريق الوطنية رقم ‪،2‬‬ ‫وكذا تسهيل ولوج ساكنة الدوار المذكور‬ ‫للمرافــق العموميـــة بالمركز الجماعي لـ «كاون»‪ ،‬وضمان تنقلها في‬ ‫الظروف المناخية المختلفة‬

‫‪Fikri.press@gmail.com‬‬ ‫‪Tél 0661986707‬‬

‫الحسيمة‪ ..‬مليار و‪ 600‬مليون إلحداث‬ ‫ثالثة مراكز لذوي االحتياجات الخاصة‬

‫أعلنت وكالة اإلنعاش والتنمية االجتماعية‬ ‫واالقتصادية ألقاليم شمال المملكة‪ ،‬عن طلبات‬ ‫عروض إلحداث ثالثة مراكز لألشخاص ذوي‬ ‫االحتياجات الخاصة بمدينة الحسيمة‪.‬‬ ‫وتأتي هذه المشاريع في إطــار برنامـج‬ ‫التنمية المجاليــة إلقليــم الحسيمــة “منارة‬ ‫المتوسط“‪ ،‬بشراكة مع والية جهــة طنجة ـ‬ ‫تطوان ـ الحسيمة‪.‬‬ ‫ورصد للمشروع األول وهو عبارة عن مركز‬

‫إليواء وادماج األشخاص في وضعية اعاقة‪،‬‬ ‫ميزانية قدرت بـ ‪ 730‬مليون سنتيم‪ ،‬فيما سينجز‬ ‫المشروع الثاني وهو عبارة عن مركز خاص‬ ‫باالشخاص المصابين بمتالزمة داون‪ ،‬بميزانية‬ ‫قدرت بـ ‪ 460‬مليون سنتيم‪.‬‬ ‫أما المشروع الثالث وهو عبارة عن مركز‬ ‫لألشخاص التوحديين‪ ،‬فقد رصدت له ميزانية‬ ‫قدرت بـ ‪ 420‬مليون سنتيم‪.‬‬

‫ورثة بالحسيمة يطالبون باإلنصاف‬ ‫بعد استيالء على مساحة واسعة‬ ‫من أراضيهم‬

‫يشتكي ورثة مكي سليمان الخطابي وهم‬ ‫مالك قطعة أرضية بمنطقة ( كونترول ) بأجدير‬ ‫بإقليم الحسيمة‪ ،‬مساحتها ‪ 12‬ألفا و‪ 500‬متر‬ ‫مربع‪ ،‬كانوا باعوا منها مساحة بلغت ‪ 4‬االف‬ ‫و‪ 433‬مترا مربعا لمواطنين اثنين ( يشتكون)‬ ‫مما أسمـوه استــيالء أحد األشخاص على ما‬ ‫تبقى من المساحة االجمالية سالفة الذكر‪،‬‬ ‫بعدما كـان اقتنى هو االخـر المساحة التي‬ ‫كان اشتراها المواطنان من الورثــة (‪ 4‬أالف‬ ‫و‪433‬متر مربع)‪.‬‬ ‫وكشفت وثيقة للورثــة أنفسهم أنهـم‬

‫وضعوا ملف قضيتهم بشكل قانوني خاضع‬ ‫لجميع االجراءات عبر محام لدى المحكمة‬ ‫المختصة منذ ‪1996‬للتداول في هذا الملف‪،‬‬ ‫غير أن هذه القضية مازالت رائجة داخل ردهات‬ ‫المحاكم‪.‬‬ ‫ويطالب الورثة بإنصافهم من قبل العدالة‬ ‫وذلك بوضع حد لهذه التجاوزات التي طالتهم‬ ‫باالستيالء على مساحة واسعة من أراضيهم‬ ‫دون وجه حق رغم أن لديهم جميع الوثائق التي‬ ‫تثبت ملكيتهم القانونية للقطعة سالفة الذكر‬ ‫المتنازععليها‪.‬‬

‫العثور على أزيد من ‪ 700‬كلغ غرام‬ ‫من مخدر الشيرا في عرض سواحل‬ ‫الحسيمة‬

‫علمت الشمال من مصدر مطلع‬ ‫أن قوات خفر الساحل المغربية التابعة‬ ‫للبحرية الملكيـــة العاملـــة بالمياه‬ ‫المتوسطية‪ ،‬قد عثرت مؤخرا على كمية‬ ‫مهمة من مخدر الشيــرا‪ ،‬في عــــرض‬ ‫سواحلالحسيمة‪.‬‬ ‫المصدر أكد أن القوات نفسها‬ ‫عثرت على عشرات الرزم من المخدرات‬ ‫وهي طافية في عرض سواحل الحسيمة‪،‬‬ ‫قدرتها مصادرنا بأزيد من ‪ 700‬كلغ من‬ ‫مخدر الشيرا‪ ،‬ورجح المصدر أن تكون‬ ‫البضاعة قد تم التخلص منها في عرض البحر من قبل مهربين‪ ،‬أو حملتها التيارات المائية في البحر‬ ‫بعد اإللقاء بها في أماكن قريبة‪.‬‬ ‫وتم شحن المخدرات من طرف قوات الخفر نفسها ونقلها باتجاه ميناء الحسيمة‪ ،‬حيث تم‬ ‫تسليمها لمركز الدرك الملكي البحري‪ ،‬الذي قام باإلجراءات المسطرية المعمول بها‪.‬‬


‫‪7‬‬

‫الثالثـاء ‪� 15‬إلى ‪� 21‬أكـتـوبر ‪2019‬‬

‫العدد ‪1015‬‬

‫مجتمع ـ سياسة ـ حقوق‬ ‫عبد العالي بن ربوحة‬

‫(مراسل من القصر الكبير)‬

‫القصر الكبير‪ :‬جمعية األعمال االجتماعية‬ ‫للمتقاعدين والمسنين تخلد اليوم العالمي للمسن‬ ‫واألبواب المفتوحة‬

‫احتفاء باليوم العالمي للمسن الذي يصادف‬ ‫الفاتح من أكتوبر من كل سنة‪ ،‬نظمت جمعية‬ ‫األعمال االجتماعية للمتقاعدين والمسنّين‬ ‫بالقصر الكبير في بادرة إنسانية متميّزة‪،‬تنم‬ ‫عن فضيلة الوفاء والعرفان و بتنسيق مع جمعية‬ ‫النادي المغربي يوم الثالثاء ‪ 8‬أكتوبر ‪2019‬‬ ‫بالنادي المغربي حفال تكريميا لفائدة منخرطي‬ ‫ومنخرطات الجمعية‪ ،‬حضر اللقاء األستاذة مليكة‬ ‫قلبي ممثلة وزارة األسرة والتضامن والمساواة‬ ‫والتنمية االجتماعية‪ ،‬واألستاذة خديجة قرباص‬ ‫المندوبة الجهوية للصندوق المغربي للتقاعد‬ ‫بتطوان كما حضره عدد كبير من المنخرطين‬ ‫والمنخرطات‪ ،‬وعدد من المهتمين‪ ،‬وبعض‬ ‫الجمعيات الفاعلة بالقصر الكبير‪ ،‬أدار اللقاء‬ ‫األستاذ حميد نويوار رئيس جمعية األعمال‬ ‫االجتماعية للمسنيــن والمتقاعديــن بالقصر‬ ‫الكبير‪.‬‬ ‫تضمن برنامج الحفل فقرات متنوعة‪،‬‬ ‫استهلت بتالوة آيات بينات من الذكر الحكيم‪،‬‬ ‫تلته كلمة األستاذ حميد نويوار رئيس جمعية‬ ‫األعمال االجتماعية للمتقاعدين والمسنّين بعد‬ ‫ترحيبه بالحاضرين والمكرّمين‪ ،‬أشار فيها إلى‬ ‫بواعث الحفل ومراميه اإلنسانية واالجتماعية‪،‬‬ ‫التي تتجلى في ربط أواصر التآخي والتعارف‪،‬‬ ‫وتكريم ثلة من األطر المتقاعدة التي أنهت‬ ‫مشوارها المهني بعد سنوات طويلة من العمل‬ ‫والعطاء ‪.‬‬ ‫بعد ذلك أعطيت الكلمة للسيدة مليكة‬ ‫قلبي ممثلة وزارة األسرة والتضامن والمساواة‬ ‫والتنمية االجتماعية‪ ،‬التي رحبت بالحضور‪،‬‬ ‫وأكدت على أهمية االعتناء بالمسن والدور الذي‬ ‫تلعبه الجمعيات في إبراز مشاكله واالهتمام‬ ‫بها ومعالجتها وأهمية اإلحتفال باليوم العالمي‬ ‫للمسن ‪.‬‬

‫العرائش ‪ :‬يوم دراسي لتقديم منهجية‬ ‫إعداد المخطط اإلقليمي للحماية االجتماعية‬

‫انعقدت بعمالة العرائـــش يــوم الخميس ‪26‬‬ ‫شتنبر ‪ ،2019‬أشغال اليوم الدراسي لتقديم منهجية‬ ‫إعداد المخطط اإلقليمي للحماية االجتماعية المنظم‬ ‫من طرف جمعية «ايكوديل» بشراكة مع المجلس‬ ‫اإلقليمي للعرائش وجمعية فرنسية ‪.‬‬ ‫وقد ترأس هذا اليوم الدراسي السيد عامل‬ ‫إقليم العرائش الذي نوه في كلمته االفتتاحية بهذه‬ ‫المبادرة وأكــد على أهميـــة التخطيط االجتماعي‬ ‫باعتباره مدخــال أساسيا أليـــة برمجة في المجال‬ ‫االجتماعي‪ ،‬وأكد على تقاطعه مع أهداف المبادرة‬ ‫الوطنية للتنمية البشرية في نسختها الثالثة خاصة‬ ‫تلك المرتبطة باألمومة وإدماج الشباب ‪.‬‬ ‫كما تنــاول الكلمــة بالمناسبة كل من السيد‬ ‫رئيـــس المجلـــس اإلقليمـــي‪ ،‬ورئيس جمعية‬

‫ايكوديل‪ ،‬ورئيس الجمعية الفرنسية‪ ،‬الذين أكدوا‬ ‫على أن هذا المخطط من شأنه تحديد المشاكل‬ ‫المطروحة بخصوص الحماية االجتماعية باعتباره‬ ‫مرافقا لها من منطلقها الوقائي‪ ،‬كما سيمكن كذلك‬ ‫من تحقيق األهداف من المشاريع وتحقيق النجاعة‬ ‫استجابة لمتطلبات المواطن‪.‬‬ ‫وعرف اللقاء أيضا تنظيم ورشات تفكيرية حول‬ ‫مختلف اإلشكاالت االجتماعية الكبرى‪ ،‬وذلك في إطار‬ ‫اإلعداد لمخطط إقليمي للحماية االجتماعية‪ ،‬أطرها‬ ‫خبراء فرنسيون في المجال االجتماعي‪.‬‬ ‫وفي األخير تم توقيع اتفاقية شراكة بين كل من‬ ‫رئيس المجلس اإلقليمي للعرائش ورئيس جمعية‬ ‫خامس ورئيس جمعية ايكوديل ‪.‬‬

‫مهرجان القصر الكبير للشعر بنكهة الفن‬ ‫والثقافة واإلبداع تحت شعار ‪:‬‬

‫«األدب‪ ،‬الذاكرة واألمكنة»‬

‫وبمناسبة األيام المفتوحة ألقت األستاذة‬ ‫خديجة قرباص المندوبة الجهوية للصندوق‬ ‫المغربي للتقاعد عرضا ذكرت فيه بأهمية اليوم‬ ‫العالمي للمسن‪ ،‬وأكدت على أهمية التواصل‬ ‫مع الصندوق عبر بوابته االلكترونية لتسريع‬ ‫التواصل بين المتقاعد واإلدارة‪ ،‬كما تتيح‬ ‫للمستخدم الدخول بسهولة ويسر إلى الخدمة‬ ‫التي يريدها‪ ،‬دون الحاجة إلى مراجعة مقر‬ ‫الصندوق‪.‬‬ ‫ودعت السيدة المندوبة كافة المتقاعدين‬ ‫إلى االنخراط الفعلي في هذه العملية و اتخاذ‬ ‫المبادرة بالتسجيل لالستفادة من الوسائل‬ ‫الحديثة‪ ،‬حيث تتيح البوابة اإللكترونية الحصول‬ ‫على المعلومات المرغوبة ومتابعتها ومعرفة‬ ‫التطورات التي جرت عليها وتمكنهم من‬ ‫المتابعة واالطالع على جميع التفاصيل التي‬ ‫تخص المتقاعد وذلك بلمسة زر ‪.‬‬

‫كما عرف الحفل وصلة موسيقية ساهمت‬ ‫بها إحدى الفرق الموسيقية‪ ‬وفي ذات السياق‬ ‫تم إلقاء قصيدة شعرية تغنت بالمحتفى بهم‬ ‫‪،‬وأشادت بعطاءاتهم وبمساراتهم المهنية في‬ ‫المجال التربوي و اإلداري و الخدماتي ألقاها‬ ‫األستاذ محمد علوى ‪.‬‬ ‫واختتم الحفل بتكريم ثلة من منخرطي‬ ‫ومنخرطات الجمعية وهم ‪:‬‬ ‫األستاذ عبد القادر جطي‬ ‫األستاذة أمينة الديوري‬ ‫األساتذة غيثة بلقايد‬ ‫األستاذ عبد السالم البوشوكي‬ ‫األساتذة الزهرة الورياغلي‬ ‫واألستاذ طابلو لعروسي‬

‫اهتمام جمعية مدينتي للتنمية والتعاون بالقصر الكبير‬ ‫بقطاع الصناعة التقليدية‬

‫في إطار اهتمام جمعية مدينتي للتنمية‬ ‫والتعاون بالقصر الكبير بقطاع الصنــــاعــة‬ ‫التقليدية باعتباره مكونا أساسيا للتراث‬ ‫الثقافي المحلي ورافعة للتنمية االقتصادية‬ ‫واالجتماعية‪ ،‬قامت الجمعية بتأطير ومواكبة‬ ‫وتتبع حرفيين تقليديين (‪( )2‬الصناعات الجلدية‬ ‫والفخار) لكي يحصال على قرضين بدون فائدة‬ ‫وبدون ضمانة لكل واحد منهما‪ .‬التأطير‬ ‫والمواكبة شمل أساســـا صياغة المشاريع‬ ‫والتواصل‪.‬‬ ‫المشروعان اللذان قدما في هذه المبادرة‬ ‫وحظيا بموافقة لجنة االعتماد المنبثقة عن‬ ‫«العرائش مبـــادرة»‪ ،‬يتعلقــان باقتناء آليات‬ ‫جديدة من شأنها أن تساهم في الرفع من‬ ‫اإلنتاج وتجويده وبالتالي تحسين دخل وظروف‬ ‫عمل الحرفيين في مجال الصناعات الجلدية‬ ‫والفخار ‪.‬‬ ‫وبهذه المناسبة يتقدم المكتب اإلداري‬ ‫لجمعية مدينتي للتنمية والتعاون بالقصر‬ ‫الكبير بجزيل الشكر والتقدير «للعرائش‬ ‫مبادرة» ومجلسها اإلداري وجميع شركائها‬ ‫على تعاونهم وعلى كل المجهودات القيمة‬

‫‪benrebouha01@gmail.com‬‬ ‫‪Tél : 0641794991‬‬

‫التي يقومون بها من أجل المساهمة في‬ ‫التنمية االقتصادية واالجتماعية في اإلقليم‬ ‫عبر خلق وتطوير المقاوالت الصغيرة جدا‪ .‬كما‬ ‫أن الجمعية تتعهد باالستمرار في تتبع ومواكبة‬

‫المشروعين إلى أن تتحقق األهداف المسطرة‪.‬‬ ‫نرجـــو من العلـــي القدير أن يوفــــق‬ ‫المستفيدين في مشروعيهما ونتمنى لهما‬ ‫المزيد من النجاح والتألق ‪.‬‬

‫انطلقت مساء الخميس ‪ 10‬اكتوبـــر الجاري‪،‬‬ ‫بقاعة دار الثقافة محمد الخمار الكنوني بالقصر‬ ‫الكبير‪ ،‬فعاليات مهرجان القصر الكبير للشعر‬ ‫واإلبداع‪ ،‬المنظم من طرف الجمعية المغربية‬ ‫لإلعالم الوسائطي‪ ،‬وبتنسيق مع الجامعة للجميع‬ ‫وبدعم من المبادرة الوطنية للتنمية البشرية‬ ‫والمجلس الجماعي لمدينة القصر الكبير وذلك تحت‬ ‫شعار «األدب ‪ :‬الذاكرة واألمكنة»‪ ،‬حيث ستمتد أطوار‬ ‫هذه الدورة « إلى غاية األحد ‪ 13‬من الشهر الجاري‪.‬‬ ‫وتميزت دورة هذه السنة باستضافة أسماء‬ ‫شعرية متألقة في المشهد الشعري المغربي ‪.‬‬ ‫واُستهلت مسائية افتتاح أطوار مهرجان الشعر‬ ‫واإلبداع‪.،‬‬ ‫اعقبتها كلمات الجهة المنظمة والمؤسسة‬ ‫المنتخبة حيث تم إبراز خاللها نبل الرسالة الرمزية‬ ‫التي ينوء بحملها الشعر والفكر ومختلف الفنون‬ ‫واإلبداع عموما ‪.‬‬

‫كما تم فسح المجال إللقاء كلمات مماثلة‬ ‫أمام كبار الشعراء الذين حلوا ضيوفا ومشاركين في‬ ‫المحفل‪ ،‬حيث أعربوا عن امتنانهم لرجاالت مدينة‬ ‫القصر الكبير الذين احتفــــوا بشعراء العالم‪،‬‬ ‫وتميز يوم االفتتاح الرسمي للمهرجان‪ ،‬بتكريم‬ ‫ذاكرة المدينة وموثقها عبـــر الصورة السيد محمد‬ ‫بنونة‪.‬‬ ‫ولحظـــة وفــاء لموثقـــ الصـــورة عبد اهلل‬ ‫الفروكي‪.‬‬ ‫هــذا‪ ،‬وعرفـت المسائية االفتتاحية قراءات‬ ‫شعرية مبدعة ارتجلتها ثلة من األسماء المعروفة‬ ‫على الصعيــد الوطنــي‪ ،‬أمثال مصطفى الشريف‬ ‫طريبق‪ ،‬أمل طريبق‪ ،‬نجية االحمدي‪ ،‬سعاد زكي‪،‬‬ ‫رباب بن قطيب‬

‫مآثر تاريخية بالقصر الكبير تلتحق بقائمة‬ ‫المعالم المحمية قانوناً باعتبارها إرثاً وطنياً‬ ‫أعلنت وزارة الثقافة واالتصال ‪-‬قطاع الثقافة‪-‬‬ ‫أنها شرعت في تقييد مجموعة من البنايات‬ ‫التاريخية والمواقع ضمن الئحة التراث الوطني‪،‬‬ ‫وذلك تنفيذا لسياستها الرامية إلى ضمان الحماية‬ ‫القانونية للتراث الوطني والحضاري للمملكة‪ ،‬وكذا‬ ‫التعريف به وإبرازه وتثمينه وإدراجه في المنظور‬ ‫التنموي الشامل‪.‬‬ ‫وفي هذا الصدد‪ ،‬أوضح بالغ للوزارة‪ ،‬أنها‬ ‫اتخذت مجموعة من اإلجراءات اإلدارية والقانونية‪،‬‬ ‫التي تقضي بتقييد مجموعة من البنايات بمدينة‬ ‫القصر الكبير‪ ،‬ويتعلق األمر بالسور الموحدي‬ ‫للمدينة‪ ،‬الذي يعتبر أحد المنشآت العسكرية الهامة‬ ‫نظرا ألدواره الدفاعية‪ ،‬ثم المسجد األعظم‪ ،‬وهو‬ ‫من الصروح المعمارية الدينية في مناطق شمال‪-‬‬ ‫غرب المغرب‪ ،‬باإلضافة إلى ضريح موالي علي‬ ‫بوغالب‪ ،‬وهو ضريح الفقيه الصوفي والشاعر وعالم‬ ‫الرياضيات األندلسي القصري‪ ،‬أبو الحسن علي بن‬ ‫خلف بن غالب الشلبي األنصاري الذي يعتبر من‬ ‫إعالم المدينة‪.‬‬

‫وأضاف البالغ أن الوزارة شرعت كذلك في‬ ‫تقييد كل من دار بنجلون‪ ،‬وهي بناية تتميز بالطابع‬ ‫المعماري المتميز الذي يستمد جذوره من الطراز‬ ‫الهندسي المغربي األندلسي‪ ،‬وسور ماسة‪ -‬تاسيال‬ ‫بإقليم اشتوكة آيت باها‪ ،‬الذي يعتبر أحد نماذج‬ ‫العمارة الدفاعية المحلية بماسة‪.‬‬ ‫وأبـــرزت الوزارة أنها واصلـــت دراســـة‬ ‫ملفات طلبــات الترتيب والتقييــد في الئحة التراث‬ ‫الوطني‪ ،‬خـــالل سنتي ‪ ،2018-2019‬حيث تم‬ ‫تقييد وترتيب ما يناهز ‪ 500‬عنصر بين منقوالت‬ ‫تراثية ومعالم تاريخية ومواقع أركيولوجية‪.‬‬


‫العدد ‪1015‬‬

‫الثالثـاء ‪� 15‬إلى ‪� 21‬أكـتـوبر ‪2019‬‬

‫«ضد اإلحباط»‪ ..‬بن شريف يعكف على تحرير‬ ‫مذكرات حول مساره المهني‬

‫يعكـف اإلعالمــي المغربــي‬ ‫عبد الصمد بن شريــف‪ ،‬الوجـــه‬ ‫التلفزيوني السابق بالقناة الثانية‬ ‫والمدير الحالي لقناة «المغربية»‪،‬‬ ‫خالل المرحلة الراهنة‪ ،‬على تدوين‬ ‫فصول كتــاب جديـــد يتناول فيه‬ ‫تجربته اإلعالميـــة منذ التحاقـــه‬ ‫بالقناة الثانية «دوزيم» إلى اآلن‪.‬‬ ‫وأوضح اإلعالمي بن شريف‪،‬‬ ‫في جواب عن سؤال يتعلق بضرورة‬ ‫توثيق األحداث وتسجيل المذكرات‬ ‫قدّمه أحد الحاضريــن في لقـــاء‬ ‫ّ‬ ‫نظمه مركز أجيال ‪ 21‬للثقافة‬ ‫والمواطنة بالخزانـــة الوسائطية‬ ‫العربي زروالي بالمحمدية مســـاء‬ ‫السبت ‪ 12‬أكتوبر ‪ ،2019‬موجها‬ ‫كالمه إلى صاحب السؤال ممازحا‪:‬‬ ‫«إنك‪ ،‬يا أخي‪ ،‬بحال إيال عندك شي‬ ‫كاميرا وكتجسس علي»‪ ،‬قبل أن‬ ‫يتابع كالمه‪« :‬فعال‪ ،‬لقد شرعت‪،‬‬ ‫خالل الفترة األخيرة‪ ،‬في تدوين‬ ‫كتاب عن التجربة التي عشتها‬ ‫في مساري اإلعالمي‪ ،‬منذ التحاقي‬ ‫بدوزيم إلى اآلن؛ وهو كتـــاب‬ ‫وضعت له عنوانا مؤقــتا كالتالي‪:‬‬ ‫«ضد اإلحباط‪ ..‬عندما يهدد التلفزيون الديمقراطية»»‪.‬‬ ‫وأضاف بن شريف‪ ،‬في اللقاء المنظم لالحتفاء بالكتاب الحواري‬ ‫«أسماء في الذاكرة‪ ..‬أسئلة اإلبداع والفكر والواقع»‪ ،‬أن الكتاب‬ ‫المقبل يتضمن معلومات كثيرة ومعطيات غير معروفة لدى الكثير من‬ ‫المتتبعين للشأن اإلعالمي في المغرب‪ ،‬الفتا إلى أنه حرص على أن يعزز‬ ‫الكتاب الجديد بوثائق تدعم الوقائع التي عاشها ويرويها في الكتاب‬ ‫سالف الذكر‪.‬‬ ‫وفي عالقة بموضوع هذه المذكرات‪ ،‬كشف صاحب «تيارات»‬ ‫و»لكل الناس» أنه أعد‪ ،‬بناء على مشاورات ولقاءات كثيرة مع مهتمين‬

‫وخبراء وبعد زيارات ميدانية لعديد‬ ‫من القنوات مثل فرانس ‪ 24‬وروسيا‬ ‫اليوم والحرة والجزيرة وغيرها وبعد‬ ‫أن وقف عن قرب على تلك التجارب‬ ‫واستخلص منها ما يصلح لخلق قناة‬ ‫إخبارية ذات خصوصيات مكتملة‪،‬‬ ‫مشروعا متكامال لقنـــاة إخباريـــة‬ ‫مغربية‪.‬‬ ‫وأضاف أنه قدّم المشروع إلى‬ ‫عبد اإلله بنكيران‪ ،‬رئيس الحكومة‬ ‫السابق‪ ،‬بحضور الراحل عبد اهلل‬ ‫باها‪ ،‬وزير الدولة الذي كان يشتغل‬ ‫إلى جانب بنكيران‪ ،‬فأبــدى هــذا‬ ‫األخير رضاه وتجاوبــه واقتناعـــه‬ ‫بالمشروع المقدم له‪ ،‬قبل أن يقبر‬ ‫المشروع في المهد ولم يكتب له‬ ‫أن يخرج إلى الوجود إلى حد اآلن‬ ‫ألسباب غيــر مفهومـــة‪« ،‬ربما تم‬ ‫تهريبه إلى جهات أخرى»‪ ،‬يعلق بن‬ ‫شريف‪.‬‬ ‫يذكر أن اإلعالمــي عبد الصمد‬ ‫اإلعالمي‬ ‫بن شريـــف‪ ،‬المزداد سنــة ‪1964‬‬ ‫عبد الصمد بن شريف بالحسيمة‪ ،‬أعــد وقـــدّم برامـــج‬ ‫تلفزيونية عديدة‪ ،‬سياسية وفكرية‬ ‫واجتماعيـــة‪ ،‬في قضايا مغربيـــة‬ ‫وعربية في القناة الثانية (دوزيم)؛ منها «تيــارات»‪ ،‬و «لكـل النـــاس»‪،‬‬ ‫و»وجوه سياسية»‪ ،‬و»دين وفكر»‪ .‬كما عمل صحافيا ومحررا في جريدة‬ ‫«الميثاق الوطني»‪ ،‬ومراسال لصحف عربية؛ منها «الخليج» اإلماراتية‪،‬‬ ‫و»الرأي العام» الكويتية‪ ،‬و «عكاظ» السعودية‪ ،‬و»الشروق» التونسية‪،‬‬ ‫وإلذاعتي مونت كارلو وأبو ظبي‪ .‬وقد أصدر الكتب التالية‪« :‬رهانات‬ ‫مشتركة»‪ ،‬و»أناشيد الذاكرة»‪ ،‬و»الرهان والرهينة»‪ ،‬و»ضد الغياب‪..‬‬ ‫حوارات مع الشاعر الفلسطيني محمود درويش» (ثالث طبعات إلى حد‬ ‫اآلن)‪ ،‬و»أسماء في الذاكرة‪ ..‬أسئلة اإلبداع والفكر والواقع»‪.‬‬

‫من المحمدية‪ :‬عبد اهلل بديع‬

‫عبد السالم الطاهري رئيساً للفرع اإلقليمي‬ ‫للفدرالية الوطنية ألمهات وآباء تالميذ وزان‬

‫وزان ‪ :‬مراسلة خاصة‬

‫اختار مبعوثي المكـــتب الوطنـــي والجهوي للفدرالية الوطنيـــة‬ ‫لجمعيات أمهات وآباء وأولياء التالميذ بالمغرب رفع الستار عن أشغال‬ ‫المؤتمر اإلقليمي للجمعية المذكورة الذي احتضنت أشغاله دار الشباب‬ ‫المسيرة ‪ ،‬بتكريم األستاذ عبد السالم الطاهري تقديرا منهم للتضحيات‬ ‫الجسام التي قدمها منذ المؤتمر التأسيسي للفرع اإلقليمي للفدرالية‬ ‫الوطنية لجمعيات أمهات وآباء التالميذ بوزان سنة ‪. 2010‬‬ ‫‪ ‬وقبل انتقال المشاركات والمشاركين إلى متابعة أشغال مؤتمر‬ ‫الفرع اإلقليمي في جلسة مغلقة ‪ ،‬شدد رئيس الجلسة االفتتاحية هشام‬ ‫بومداسة في كلمته على أن المكتب الذي سيفرزه المؤتمر سيشتغل‬ ‫بمنهجية جديدة تالمس القضايا واالشكاالت األساسية التي يعرفها‬ ‫قطاع التعليم إقليميا ‪ ،‬وأضاف بأن المكتب الجديد سيضبط اشتغاله مع‬ ‫الشركاء على ايقاع الترافع الهادئ والمسؤول ‪ .‬ولم يفت باقي المتدخلين‬ ‫خالل هذه الجلسة التعرض بإسهاب لإلكراهات والصعوبات التي يعرفها‬ ‫الدخول المدرسي الحالي ‪ ،‬كما وجهوا تحية تقدير واجالل ألسرة التربية‬ ‫والتكوين بمناسبة احتفالها باليوم العالمي للمدرس ‪.‬‬

‫‪8‬‬

‫‪ ‬األشغال الداخلية لمؤتمر الفرع اإلقليمي للفدرالية الوطنية‬ ‫لجمعيات أمهات وآباء التالميذ بالمغرب ‪ ،‬وبعد الوقوف على نقاط القوة‬ ‫والضعف التي ميزت الوالية السابقة ‪ ،‬كما صرح بذلك للجريدة مصدر‬ ‫موثوق ‪ ،‬تم االنتقال لفرز مكتب اقليمي جدد فيه ممثالت وممثلي‬ ‫جمعيات أمهات وآباء التالميذ الحاضرون ‪ ،‬الثقة في األستاذ عبد السالم‬ ‫الطاهري ‪ ،‬وينوب عنه كل من أسمهان البطروجي ‪ ،‬وهشام بومداسة‬ ‫ورشيد الحرور ‪ ،‬أما أمانة المال فقد تكلف بها نجيب بودياب ‪ ،‬وأسندت‬ ‫مهمة كتابة المكتب اإلقليمي ‪ ‬ألحمد الدرداري‪ ،‬الذي ينوب عنه‬ ‫نورالدين فليفلو‪ .‬أما العضوات واألعضاء اآلخرين يقول رئيس الجمعية‬ ‫الذي تسلم الصل المؤقت من باشوية وزان بمجرد وضع الملف لدى‬ ‫المصلحة المختصة بها ‪ ،‬فسيكلفون بمهام في أول اجتماع للمكتب‬ ‫الذي سينصب على صياغة برنامج العمل ‪ ،‬وتدقيق التوصيات الصادرة‬ ‫عن المؤتمر والشروع في تنزيلها ‪.‬‬ ‫‪ ‬يذكر بأن الجلسة االفتتاحية لمؤتمر الفرع اإلقليمي للفدرالية‬ ‫الوطنية لجمعيات أمهات وآباء وأولياء التالميذ بالمغرب تابع أشغالها‬ ‫نائب رئيس مجلس جماعة وزان ‪ ،‬وفعاليات نقابية ومدنية وحقوقية‬ ‫وإعالمية ‪ .‬‬

‫قطرات مداد‬ ‫ُ‬ ‫• محمد إمغران‬

‫الصحة النفسية‬ ‫هذا االحتياج «المخفي»‬

‫احنفل العالم يتاريخ الخميس ‪ 10‬أكتوبر باليوم‬ ‫العالمي للصحة النفسية التي الزالت في تراجع من‬ ‫حيث العناية واالهتمام بها في بلداننا العربية‪،‬‬ ‫بل هي تكاد تكون انتقاصا من شخصية األفراد‬ ‫والجماعات إن هم ركزوا عليها وتداولوها بينهم‬ ‫ونصحوا بعضهم البعض باالهتمام بها واللجوء‬ ‫إليها‪ ،‬لما لها من نتائج جد إيجابية على سلوك‬ ‫األشخاص وتصرفهم واندماجهم في المجتمعات‪،‬‬ ‫كما هو الشأن بالنسبة للغرب الذي يركز كثيرا‬ ‫على الصحة النفسية كما يعمل ويجتهد من أجلها‪،‬‬ ‫بتوفيرمعدات ولوازم ومخططات وبرامج لها‪ ،‬كما‬ ‫يهتم بها انطالقا من المدارس التعليمية وفي‬ ‫المؤسسات المنتخبة واإلدارات المختلفة‪.‬‬ ‫أما عندنا فاألمر الزال بعيد المنال‪ ،‬ألن العالج‬ ‫النفسي «حشومــة وعيــب» مـــع أنه يعــد السبب‬ ‫الرئيس لكثيرمن المشاكـــل والمعوقــات التي‬ ‫تحول دون تحقيق الفرد لتوازنـه النفسي والبدني‬ ‫والتعليمي والعملي‪ ،‬بشكل الئق وملموس‪ ،‬تظهر‬ ‫معه نتائج إيجابية كرضا الفرد على نفسه وعلى ذاته‬ ‫ورضا محيطه عليه‪ .‬بعض األخصائيين النفسانيين‬ ‫يشيرون إلى أن كل شخص‪ ،‬مهما بدا طبيعيا قد‬ ‫يكون مريضا نفسيا‪ ،‬بنسبة معينة دون أن يشعر‪،‬‬ ‫إذ تتفاوت النسب من شخص إلى آخر‪ ،‬حسب‬ ‫بيئته وظروفه ونمط ترعرعه وتكوينه‪.‬لذا البأس‬ ‫أن يقلص الفرد من نسبة إصابته النفسية‪ ،‬سواء‬ ‫باجتهاده وبحثه الذاتي‪ ،‬إن كان متعلما‪ ،‬أوبلجوئه‬ ‫إلى العيادات واألخصائيين على قلتهم‪.‬‬ ‫قد يقول قائل أن ديننا الحنيف الذي هواإلسالم‬ ‫لم يترك شيئا إال وخاض فيـــه وشرح الصعـــب‬ ‫والغامض والمحيرفي أمور حياة االنسان‪ ،‬وهذا فعال‬ ‫صحيح الغبارعليه‪.‬لكن ما بالكم أن هذا اإلنسان‪،‬‬ ‫الطاهرالمؤمن المصلي المتصدق الذاكرهلل فجرا‬ ‫والناس نيام والذي يجد نفسه منجذبا إلى كل ما هو‬ ‫روحاني‪ ،‬قد يحتاج إلى اختبارأو عالج نفسي؟ ببساطة‪،‬‬ ‫ألن الروح شيء والنفس شيء مختلف تماما‪.‬‬ ‫وما بالكم أيضا أن طبيبا نفسانيا من محيط‬ ‫كاتب هذا المقال قدم خدمات عالجية للمرضى‪،‬‬ ‫بصدق وتفان‪ ،‬لم يشعر إال وهو يمتثل للرقية‬ ‫الشرعية المثالية وعالم «الروحانيات» الذي كان‬ ‫يفتقد لفوائده الكثيرة ومزاياه العظيمة ؟‬ ‫والجميل في هذا الطبيب أنه متواضع وواع‬ ‫ومثقف جدا‪ ،‬ورغم هذا لم يخف أمره ولم يتردد في‬ ‫طرق أبواب هذا النوع من العالج‪ ،‬المثير للجدل‪،‬‬ ‫خالل بضعة أشهر األخيرة‪ ،‬مع أنه طبيب نفساني‪.‬‬ ‫والحق أقول‪ ،‬بمناسبة االحتفال باليوم العالمي‬ ‫للصحة النفسية‪ ،‬حبذا لو طبــق العالج اإلجباري‬ ‫للصحة النفسية ببالدنا‪ ،‬ليشمل على وجه الخصوص‬ ‫األشخــاص الذيــن يتحملـــون‪ ،‬أوال‪ ،‬مسؤوليات‬ ‫باإلدارات والمراكــز والمؤسسات المختلفة‪ ،‬لما‬ ‫لها من تداعيات على كل ما هو تربوي واجتماعي‬ ‫واقتصــادي وسيـــاســـي‪ ،‬كالمــدارس والشركات‬ ‫والمعامل والمصانع والمجالس المنتخبة‪ ،‬بما فيها‬ ‫الحكومة ألنها معنية جدا بمصير وحياة أكثر من ‪35‬‬ ‫مليون مغربي‪.‬‬


‫الثالثـاء ‪� 15‬إلى ‪� 21‬أكـتـوبر ‪2019‬‬

‫العدد ‪1015‬‬

‫‪ZOOM‬‬

‫‪9‬‬

‫محطات تتفاعـل من خاللها جريدة «الشمال» سياسيــاً مع األحـداث‬ ‫والوقائع المستجدة بالمجتمع المغربي‪ ،‬تحرص فيها على عرض وجهات‬ ‫نظر مختلف المرجعيات والتعبيرات السياسية المكونة للنسيج المغربي‪.‬‬

‫«بخصوص الحريات الفردية»‬ ‫حوار مع الحقوقية والمناضلة السياسية‬

‫سعيدة الرويسي‬ ‫تعتبر «سعيدة الرويسي»‪ ،‬أخت المختطف السياسي المناضل‬ ‫«الرويسي عبد الحق» والمحامية المرافعة باستمرار في القضايا‬ ‫السيلسية‪ ،‬من أبرز األصوات النسائية الفاعلة بقوة في المشهد الحقوقي‬ ‫والسياسي المغربي المعاصر‪ .‬وهي معروفة بمواقفها المناصرة لقيم‬ ‫الحق والعدل والحرية‪ .‬راكمت على امتدا سنوات من النضال رصيدا‬ ‫بوأها مكانة تحظى بكل االحترام لدى الرأي العام السياسي بالمغرب‪.‬‬ ‫واألستاذة «سعيدة الرويسي» تنحدر من عائلة بيضاوية معروفة‬ ‫بنضالها السياسي‪ ،‬تشكلت من أب مقاوم منتسب لحزب الشورى‬ ‫واالستقالل‪ ،‬وأم «صقلية» ناضلت من أجل الكشف عن مصير االبن‬

‫المختطف السياسي‪.‬‬ ‫وقد عرف مسار األستاذة عدة محطات نذكر منها‪:‬‬ ‫ـ مؤتمرة باالتحاد الوطني لطلبة المغرب المؤتمر ‪16‬‬ ‫ـ عضو بالجمعية المغربية لحقوق االنسان منذ ‪1979‬‬ ‫ـ عضو بالمجلس الوطني للمنتدى المغربي لحقوق االنسان‬ ‫ـ عضو بالمكتب التنفيذي للمرصد المغربي للسجون‬ ‫ـ عضو بالجمعية المغربية للنساء التقدميات‪.‬‬

‫ما هو المفهوم‪ /‬اإلطار المرجع للحريات الفردية الذي تستمد منه األستاذة سعيد الرويسي‬ ‫مواقفها السياسية؟‬ ‫إن إطار مرجع الحريات الفردية هو النضاالت والتضحيات الجسام التي خاضها الشعب المغربي نساء ورجاال‬ ‫عبر االحزاب والجمعيات والنقابات التقدمية من أجل الضغط‪ ،‬ومن أجل إرساء مبادئ حقوق اإلنسان والحريات‬ ‫الفردية‪ ،‬وحمل الدولة التي وقعت وصادقت دون تحفظ على المواثيق الدولية لحقوق االنسان على االلتزام‬ ‫بها‪ ،‬وبالنظر إلى أن دستور ‪ 2011‬تضمن سمو هذه المواثيق الدولية على القانون الوطني‬

‫ما حدود التالقي بين الحريات الفردية والحريات الشخصية‪ .‬بمعنى هــل كل ما يتعلــق‬ ‫بالنزوعات والمعتقدات الشخصيــة يمكـن إدراجـه في سياق الحريات الفردية؟‬ ‫إن مفهوم الحريات الفردية هي الحرية في التعبير عن الفكر والرأي وحرية المعتقد‪ ،‬ألننا نعيش في مجتمع‬ ‫متعدد‪ ،‬ويتعين قبول االختالف ألنه إيجابي لما له من دور كبير في تطور بلدنا في اطار القانون الكوني لحقوق‬ ‫االنسان الذي يستدعي انخراط الدولة المغربية بصفة فعلية على مستوى إلغاء التشريعات التي تتناقض معه‪.‬‬

‫حاورها عبد اإلله المويسي‬

‫أن تتحقق المساواة الفعلية على مستوى جميع التشريعات‪ ،‬وأن تتحمل المرأة التي تعمل إلى جانب الرجل‬ ‫وبصفة متساوية مسؤولية اإلنفاق‪ ،‬لكي تبرهن أنها ليست سلعة أو بضاعة‪ .‬فبالمساواة االقتصادية تتحقق‬ ‫المساواة الفعلية‪.‬‬

‫هل التصــدي للقوانيــن «المجحفــة» المحيط بالحريات الفردية كاف إللغائها أم أن األمر‬ ‫أعمق من ذلك ويتطلب مراجعة ثقافية تستهدف التصدي للتعسف المتجذر في العقليات ؟‬ ‫إن إلغاء القوانين التي تحد من الحريات الفردية كي تتالءم مع سمو المواثيق الدولية الموقع عليها‬ ‫والمصادق عليها من طرف المغرب على التشريعات الداخلية والتي تضمنها دستور ‪ ،2011‬إن الغاء هذه‬ ‫القوانين هو قرار سياسي ومعركة نضالية يتحملها المجتمع المدني والهيئات السياسية التقدمية من أجل‬ ‫إرساء مبادئا حقوق اإلنسان والحريات‪.‬‬

‫هل مفهوم «السرية» ينزع عن الممارسات الشخصية صفة الحريات الفردية (خصوصا الحرية‬ ‫الجنسية)‪ .‬بمعنى هل يقتضي التمسك بهذه الحريات‪ ،‬بالضرورة‪ ،‬إعالنها داخل السياق العمومي؟‬ ‫إن المجتمعات األكثر انحرافا هي التي تمارس حرياتها الفردية بالسر‪ .‬فالعالقات اإلنسانية الحميمية هي‬ ‫حريات فردية ال تمس وال تشكل أي خطورة على المجتمع‪ .‬بل إنها من صميم الحياة‪ ،‬وتساهم في تحقيق‬ ‫السعادة والتوازن النفسي لألفراد‪ .‬وأي ضرب محتمل لهذه الحريات من شأنه أن يشجع على تلبيتها بطريقة‬ ‫شاذة وملتوية‪ ،‬كاالغتصاب وزنا المحارم‪ ،‬والعنف المرتبط بتعاطي الكحول والمخدرات‪ .‬فالعالقات اإلنسانية‬ ‫يتعين أن تكون علنية عوض أن تكون سرية‪ ،‬ألنها حق إنساني‪.‬‬

‫بعض الحريات قـد تتعارض في ظاهرهـــا مع المرجعيات الثقافية والعقائدية القطعية‬ ‫للمجتمع‪ .‬كيف يقتضي األمر التعامل مع تصادم المرجعيات‪.‬‬ ‫أي تطور في المجتمع البد أن تسبقه ثورة ثقافية على المرجعيات الثقافية والعقائدية السائدة التي تقف‬ ‫مانعا أمام تحقيق الحريات الفردية‪ ،‬وهذا يقتضي نضاال كبيرا ضد الجهل والتخلف والفكر الدوغمائي المستبد‬ ‫الذي ال يقبل أي اختالف‪.‬‬

‫قد يترتب عن سيادة الحريات الجنسية بروز ظواهر طارئة ثقافيا وقانونيا عن المجتمع‬ ‫المغربي (األمهات العازبات ـ النسب العائلي لألطفال ـ اإلرث ـ العالقات الثنائية المستديمة خارج‬ ‫إطار التعاقد ـ ‪).....‬‬ ‫كيف سيتم استيعاب مثل هذه الظواهر ؟‬ ‫إن المجتمع المغربي اآلن وفي غياب الحريات الفردية ال يخلو من وجود األمهات العازبات‪ ،‬وغيرها من‬ ‫الظواهر التي ذكرت‪ ،‬والمحاكم تعج بقضايا النسب العائلي لألطفال بدون أباء‪ ،‬وأطفال الشوارع‪....‬‬ ‫إن ممارسات األفراد بالمجتمعات التي تبنى على الحرية تعطي لإلنسان اإلحساس بالمسؤولية‪ ،‬وبأنه كامل‬ ‫اإلرادة واألهلية والرشد‪ ،‬عوض إعطائه اإلحساس بأنه قاصر‪.‬‬

‫إن أصحاب هذا الفكر المستبد يمثلون األنا األعلى بالمجتمع‪ ،‬لكن بعض معتنقيه يمارسون حرياتهم‬ ‫الفردية بطريقة سرية‪.‬‬

‫هل الحرية الجنسية تشكل أولوية األولويات لدى المغاربة‪ .‬بمعنى أليست هناك إلحاحات أخرى‬ ‫يفترض أن تتصدر واجهة الدفاع عن حقوق المرأة؟‬ ‫ال يجب أن نفصل حقوق المرأة عن حقوق الرجل‪ .‬فهناك رجال يدافعون عن حقوق المرأة‪.‬‬ ‫فالحريات الفردية تشمل الجنسين معا‪ ،‬والعالقات الجنسية اإلنسانية من صميم الحياة‪ ،‬وينبغي أن تكون‬ ‫مبنية على قيم الحب والمودة والرضائية حتى تتمكن العالقات بالمجتمع من أن تكون متوازنة‪ .‬كما ينبغي‬

‫عبد الرحيم الخصار‬


‫الثالثـاء ‪� 15‬إلى ‪� 21‬أكـتـوبر ‪2019‬‬

‫العدد ‪1015‬‬

‫تربويات‬

‫‪10‬‬

‫المديرية اإلقليمية بطنجة أصيلة‬

‫تكرم األستاذات واألساتذة المتميزين تربوياً‬

‫احتفا ًال بيوم المدرس العالمي‪ ،‬نظمت مديرية طنجة أصيلة بمقر‬ ‫ثانوية موالي الحسن لألقسام التحضيرية – مدرج عبد اهلل كنون‪ -‬حفلها‬ ‫السنوي التكريمي الذي يصادف ‪ 5‬أكتوبر من كل سنة‪ ،‬والذي يتم فيه‬ ‫تكريم المدرسات والمدرسين‪ ،‬وذلك بحضور المدير اإلقليمي بمديرية‬ ‫طنجة أصيلة السيد رشيد ريان‪ ،‬والسيد عبد اإلله الفزازي رئيس مصلحة‬ ‫الشؤون التربوية‪ ،‬والشاعــر واألديب والصحفي الدكتـور عبد اللطيف‬ ‫شهبون‪ ،‬وعدد من الضيوف يمثلون المصالح الخارجية وممثلي اإلقليم‬ ‫بالبرلمان والمنتخبين وعدد من الفاعليـن التربوييـن واإلداريين وأسر‬ ‫المحتفى بهم‪.‬‬ ‫بدأ الحفل بتالوة آيات عطرة من الذكر الحكيم قدمها الطالب إبراهيم‬ ‫الحويط من الثانوية التأهيلية وادي الذهب‪ ،‬تالها كلمة السيد المدير‬ ‫اإلقليمي بطنجة أصيلة الذي رحب بالحضور‪ ،‬مهنئا المدرسات والمدرسين‬ ‫بيومهم العالمي‪ ،‬ومؤكدا على أن الخامس من شهر أكتوبر من كل عام‬ ‫يمثل قيمة كبيرة بالنسبة لنا كأسرة التعليم بالمغرب؛ إذ ننظر من خالله‬ ‫بكل التقدير واإلجالل واالحترام إلى المدرس باعتباره؛ عماد هذا الصرح‬ ‫التربوي المتألق‪ ،‬وضياء مدارسنا الذي ال يخبو وكذلك باعتباره رمزاً للوفاء‬ ‫والعطاء‪ ،‬والتضحية واإلخالص لرسالته ولألمانة التي أؤتمن عليها‪.‬‬ ‫وبهذه المناسبة؛ تم تكريم السيدات والسادة المدرسات والمدرسين‬ ‫المتميزات والمتميزين‪ ،‬حيث قدمت لهم هدايا تذكارية ‪ ،‬تقديرا لدورهم‬ ‫الفعال وجهودهم المبذولــة في قطاع التعليــم‪ ،‬وذلك تحت نغمــات‬ ‫المجموعة الصوتيــة لتالميذ الثانويــة التأهيلية ابن الخطيب برئاسة‬ ‫األستاذ محمد الحايك‪.‬‬ ‫وقد شمل التكريم األستــاذات واألساتذة‪ :‬هدى المجاطي أستـــاذة‬ ‫بالثانوية التأهيلية عبد الكريم الخطابي؛ أحمد الحويـط أستـاذ بالثانويـة‬ ‫التأهيلية وادي الذهــب؛ عبد اهلل بوهــالل أستــاذ بالثانوية التأهيلية‬ ‫الطريس؛ محمد الخمليشي أستاذ بالثانوية التأهيلية موالي سليمان؛‬ ‫ماجدة بن عمــر أستاذ التعليــم االبتدائي بمدرسة أم أيــمن؛ المودن‬ ‫عبد اللطيف أستــاذ التعليم الثانــوي التأهيلي بثانوية الجامعي؛ أحمد‬ ‫الحايك أستاذ بالثانوية التأهيلية ابن الخطيب؛ محمد لهويـــر أستـاذ‬ ‫التعليم الثانوي التأهيلي‪.‬‬ ‫وفي نهاية الحفل‪ ،‬تقدم السيد المدير اإلقليمي بالشكر لكل المدرسين‬ ‫على ما يبذلونه من مجهودات وتضحيات للنهوض بالمنظومة التربوية‪.‬‬ ‫ووسط جو من الفرح ضرب الجميع موعدا لالحتفال بنفس المناسبة خالل‬ ‫السنة القادمة بحول اهلل‪.‬‬

‫• عبد الغني بلقاسم‬


‫امللحق الثقايف‬ ‫‪11‬‬

‫العدد ‪ 1015‬ـ الثالثاء ‪ 15‬إلى ‪ 21‬أكتوبر ‪2019‬‬

‫خـا�ص‬ ‫الكتابة النسائية بالمغرب‬

‫القصة النسائية بالمغرب‬ ‫إعداد وتنسيق ‪ :‬عبد اإلله المويسي ومنى وفيق‪ ،‬تقديم الدكتور حسن المودن‬

‫الكتابة السردية النسائية بالمغرب‪:‬‬ ‫أسئلة ومالحظات أولية‬

‫‪ – 1‬مالحظات أولية‪:‬‬

‫ماذا عن الكتابة السردية النسائية بالمغرب؟ ما الذي حققته الرواية والقصة القصيرة النسائيتان‪،‬‬ ‫على مستوى الكم وعلى مستوى الكيف؟ هل تحقق من التراكم الكمي والنوعي ما يسمح بالحديث عن‬ ‫محطات وتحوالت في الكتابة السردية النسائية بالمغرب؟‬

‫الدكتور حسن المودن‬

‫أستاذ التعليم العالي‬ ‫جامعة القاضي عياض ـ مراكش‬

‫يمكن أن نسجل بأن هناك تراكما كميا ملحوظا‪ :‬فمن الخمسينيات إلى الثمانينيات من القرن‬ ‫المنصرم‪ ،‬كانت األسماء النسائية التي تكتب الرواية والقصة القصيرة قليلة جدا( آمنة اللوه‪ ،‬خناثة‬ ‫بنونة‪ ،‬رفيقة الطبيعة‪ /‬زينب فهمي‪ ،‬ليلى أبو زيد)؛ لكن من التسعينيات إلى اآلن‪ ،‬نجد األسماء‬ ‫تتكاثر وتتزايد (زهور كرام‪ ،‬ربيعة ريحان‪ ،‬رجاء الطالبي‪ ،‬لطيفة باقا‪ ،‬عائشة موقيظ‪ ،‬زهرة زيراوي‪،‬‬ ‫حنان درقاوي‪ ،‬مليكة نجيب‪ ،‬حليمة زين العابدين‪ ،‬زهرة المنصوري‪ ،‬زهرة رميج‪ ،‬فاتحة مرشيد‪ ،‬خديجة‬ ‫مروازي‪ ،‬اسمهان الزعيم‪ ،‬مليكة مستظرف‪ ،‬فاطمة بوزيان‪ ،‬سعاد الرغاي‪ ،‬دليلة حياوي‪ ،‬عائشة البصري‪،‬‬ ‫وفاء مليح‪ ،‬سناء العاجي‪...‬وقد تكون هناك أسماء أكثر أهمية‪ .)..‬ويبقى السؤال‪ :‬ماذا عن مستوى الكيف‬ ‫إذا كان التراكم الكمي في تقدم متواصل؟ وهل يمكن الحديث عن تحوالت ومحطات في تاريخ الكتابة‬ ‫السردية النسائية بالمغرب‪ ،‬وهو يمتد من منتصف القرن المنصرم إلى بدايات األلفية الجديدة؟‬

‫(البقية ص ‪)12‬‬


‫العدد ‪1015‬‬

‫يوم نسيتُ‬ ‫حذائي‬ ‫في الحلم‬ ‫األحالم هي بوصلة حياتي‪ ،‬ال أخطو خطوة من غير‬ ‫أن أستشيرها‪ ،‬أأتمر بما تمليه علي في النوم‪ .‬قد ال أغادر‬ ‫البيت أو ألغي سفرا إذا رأيت حلما يحذرني من مكروه‪.‬‬ ‫مكتبتي تعج بكتب تفسير األحالم ‪.‬‬ ‫أعشق أحالمي‪ ،‬لذا أنام أكثر مما أستيقظ‪ ،‬فالحلم‬ ‫هو المنطقة اللذيذة في حياتي‪ .‬اإليمان األعمى‬ ‫باألحالم اكتسبته منذ الطفولة‪ ،‬فأنا كنت الذكر الوحيد‬ ‫في عائلة مكونة من نساء‪ :‬جداتي‪ ،‬خاالتي‪ ،‬أخواتي‪.‬‬ ‫وكن مهووسات بقراءة الغيب وتفسير األحالم‪.‬‬ ‫كانت امرأة من البادية ‪ ،‬الصبانة‪ ،‬تمر على بيوت‬ ‫الحي مرة كل أسبوع إذا كان الجو صحوا لتأخذ األغطية‬ ‫والجالليب و الصوف المخصص للنسيج‪ ،‬لتغسلها في‬ ‫النهر‪ ،‬وكان علينا نحن األوالد أن نساعدها على حملها‬ ‫إلى هناك‪.‬‬ ‫قبل أن يتلوث النهر برغوة الصابون تطلب منا‬ ‫الصبانة أن نغطس في قاع النهر للبحث عن حجر صغير‬ ‫ذو خصائص معينة‪ :‬أهمها أن يكون أملس‪ ،‬صقيال‬ ‫وشفافا‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫تنظر إلى محتوى أيادينا الصغيرة المزرقة من‬ ‫البرد‪ ،‬تنتقي ما تراه مناسبا وترمي الباقي في النهر‪.‬‬ ‫الحَصَيات المنتقاة ال تتعدى عادة أربعا أو خمسا‪..‬‬ ‫تضعها في كومة الصوف‪« :‬الحصى التي تصبح دافئة‬ ‫بعد ساعة على األكثر هي حصاة حية‪ ،‬نادرة‪ ،‬أما التي‬ ‫تظل باردة فال حياة فيها» تشرح الصبانة وهي تحكم‬ ‫لفها في الكومة‪.‬‬ ‫عند الغروب تعود الصبانــة بالغسيــل النظيـــف‬ ‫ومجموعة من الحصي الملساء في جيب المريلة‪ .‬عادة‬ ‫تقدم واحدة لجدتي‪ ،‬وأخرى لزوجة جدي‪ .‬أعرف بحكم‬ ‫العادة أن جدتي ستضع الحجر تحت الوسادة طوال‬ ‫الليل‪ ،‬لتخبرها عبر حلم معين بحدث سعيد أو مصيبة‬ ‫قادمة‪.‬‬ ‫حتى حين نلت شهادة الباكالوريا‪ ،‬فأحالم الجدة هي‬ ‫التي اختارت لي شعبة التخصص‪ ،‬والمدينة التي يجب‬ ‫أن ألتحق بها إلتمام دراستي‪.‬‬ ‫استمر إيماني بأحالمي‪ ،‬لم أضجر منها وال كفرت‬ ‫بها‪ ،‬حتى كان ذات صباح أن انزلق حلم وتخطى عتبة‬ ‫النوم‪.‬‬ ‫فحين استيقظت استيقظ معي ‪ .‬دخلت تحت الدش‬ ‫‪،‬وفي قرارة نفسي أنني حين سأغتسل ستُغسل كل‬ ‫الكوابيس واألحالم ‪ .‬مع ذلك ‪ ،‬التصق الحلم بجلدي‪.‬‬ ‫تشبث بتالبيب القميص وخرج معي لقاعة الطعام‬ ‫‪،‬حتى إنه ألقى على الشغالة تحية الصباح بروتينيَّتي‬ ‫المعتادة‪ ،‬شاركني فنجان القهوة‪ ،‬واقتسم معي قطعة‬ ‫الخبز المحمص‪ .‬تطلع من خلف كتفي ليتفحص معي‬ ‫جريدة الصباح‪.‬‬ ‫كانت شمس الصباح قوية‪ .‬خمنت‪ ،‬هو كائن ليلي‪،‬‬ ‫ولن يخرج للضوء‪ ،‬سيظل في سلم العمارة‪ .‬رمشت بعيني‬ ‫ألنفضه عن جفني‪ ،‬ففاجأني بتعليق ساخر عن حارس‬ ‫العمارة الذي يفتعل أي حركة لينبهني أنه بات ساهرا‬ ‫يحرسني من اللصوص ‪..‬أشعلت سيجارتي األولى فمد‬ ‫يده ناهرا ‪« :‬التدخين مضر بالصحة»‪ .‬هرولت مبتعدا‬

‫الشمال الثقافي‬

‫الثالثـاء ‪� 15‬إلى ‪� 21‬أكتوبر ‪2019‬‬

‫هـ ‪ .‬ر ‪ .‬و ‪ .‬ل ‪ .‬ة‬ ‫عائشة البصري‬ ‫عن البيت‪ .‬وقفت عند محطة الترامواي‪ ،‬سمعت صوته‬ ‫يحتج على التأخر المتكرر للترام‪ ..‬لن يجرأ على ركوب‬ ‫الترام معي ‪ ،‬سيعود إلى نومي حالما ينطلق الترام في‬ ‫اتجاه مقر العمل‪ .‬لكنه اندس في زحمة المسافرين‪،‬‬ ‫وبوقاحة التصق بمِؤخرة دافئة المرأة تقف أمامه‪ ،‬تأففت‬ ‫المرأة‪ ،‬وابتعدت وهي تقذفني بنظرة معاتبة‪ .‬أشحت‬ ‫عنها نظري ألفهمها أن ال دخل لي‪ ،‬فهو ليس حلمي‪.‬‬ ‫تمنيت لو ضبطه الجابي متسلال فأنزله‪ ،‬وخلصني منه ‪..‬‬ ‫فجأة لكزني بمرفقه ألستعد للنزول‪ .‬اكتشفت أنه يعرف‬ ‫المحطة التي تؤدي إلى مقر عملي‪ .‬سخر من متسولة‬ ‫المحطة التي تدعي العمى وهي تختلس النظر إلى اليد‬ ‫التي تبحث عن بقشيش في جيبي‪ ،‬بل نبهني إلى الدرج‬ ‫الثالث المكسور عند مدخل الوزارة ‪.‬‬ ‫حين وصلت إلى العمل متأخرا بعشرين دقيقة‪،‬‬ ‫قادني من الممر الخلفي كي ال يراني رئيسي‪.‬‬ ‫متعبا من هذه المطاردة ‪،‬جلست على الكرسي‪،‬‬ ‫وضعت مرفقيَّ على المكتب ورأسي بين كفي ‪،‬أغمضت‬ ‫عيني ‪ ،‬وقررت أن أستعيد هذا الحلم اللعين ألعرف أي‬ ‫تفصيل أو خطأ في تسجيل الذاكرة‪ ،‬جعله يغادر نومي‬ ‫ويالحقني‪:‬‬ ‫رأيتني أدخل البيت القديم‪ ،‬حيث ولدت وترعرعت‪،‬‬ ‫وأقترب من البئر الذي يتوسط الفناء‪ ..‬أتلمس الجذع‬ ‫المفتول لكرمة العنب العتيقة التي تظلل الباحة وجزءا‬ ‫من البهو العلوي‪ .‬أزكمت أنفي رائحة العنب الناضج‬ ‫وعفونة الرطوبة ‪ ..‬جثث رصت في الوسط ‪ ،‬جثة جدتي‬ ‫‪ ،‬جثة جدي جثث خاالتي‪ .‬كي أقاوم الخوف افتعلت‬ ‫معرفة سابقة بموتهم وبأسبابه كالوفاة بداء السكري‪،‬‬ ‫فأنا أخضع باستمرار لتحاليل السكري الوراثي‪..‬‬ ‫كل هذه الجثث شهدت جنازاتها ورأيت نعوشها‬ ‫وهي تغادر البيت‪ .‬كان الحلم واعيا‪ ،‬إلى درجة أنني كنت‬ ‫أعي أنهم موتاي ومن فقدت على مر الخمسين عاما‬ ‫التي عشتها‪.‬‬ ‫فجأة‪ ،‬رأيت حذائي الذي ال أملك غيره للشتاء معلقا‬ ‫على غصن من أغصان الكرمة‪ ،‬وكانت عناقيد العنب‬ ‫تعصر ذاتها‪ ،‬وتسقط قطرات نبيذية في جوف الحذاء‪،‬‬ ‫حتى امتأل عن آخره‪ .‬فتحت فمي ألصرخ بالحذاء‪ »:‬كفاك‬ ‫يا هذا‪ ،‬ستسكر ولن تستطيع المشي في الصباح حتى‬ ‫مقر العمل‪ .‬سيخصم الرئيس يوما من راتبي الشهري‪»..‬‬ ‫لكن الكالم ظل عالقا بحلقي‪ ،‬حاولت مرة أخرى فخرج‬ ‫صوتي عبارة عن بخار ورسم تشكيالت في برودة‬ ‫المكان‪ .‬في المحاولة الثالثة سمعتني أصرخ بالحذاء‪»:‬‬ ‫لستُ مستعدا لخصم في آخر هذا الشهر‪ ،‬يكفي ما‬ ‫خصم مني في الشهر السابق‪ ،‬توقف عن الشرب «‪ .‬غير‬ ‫أن سربا من الوطاويط أفزعه صراخي‪ ،‬وانطلق دفعة‬ ‫واحدة ليحلق بعيدا‪ ،‬غطى على الصوت قبل أن يصل إلى‬ ‫الحذاء‪ ..‬مرعوبا‪ ،‬غادرت البيت القديم ‪..‬‬ ‫استيقظت على صوت زميلي يخبرني أن الرئيس‬ ‫يطلبني في مكتبه‪ .‬قبل أن أخرج من المكتب‪ ،‬صرخ بي‬ ‫زميلي ‪ »:‬أيها المعتوه ماذا جرى لك هذا اليوم؟ أمازلت‬ ‫نائما؟ إنك ترتدي حذاء كل فردة بشكل ‪.»..‬‬ ‫وجلجلت ضحكته بين جنبات القاعة‪.‬‬

‫‪12‬‬

‫منى وفيق‬

‫يخيّم البياض على المكان ‪ ..‬تبدين متعجّلة ‪ ..‬ارتفاع سقف الغرفة خمسون‬ ‫مترا‪ ..‬يشغلك الصّعود إلى أعلى ‪ ..‬الزّحام شديد‪ ..‬أنف‪ ،‬أذنان‪ ،‬عينان‪ ،‬فم‪ ،‬عنق‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫شعر‪..‬الكل في سباق محموم من أجل الوصول إلى فوق ‪ ..‬تراوغينهم‪..‬‬ ‫يدان‪ ،‬رجالن‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫تتعثرين ‪ ..‬تسقطين‪..‬تعاودين الكرّة ‪ ..‬هذه المرّة تسرعين الخطى‪ ..‬تصطدمين‬ ‫بهم عمدا ‪ ..‬تهوين مجددا ‪ ..‬تتعالى ضحكات الحيطان ‪ ..‬يكثر الهرج والمرج ‪..‬‬ ‫تغافلينهم ‪ ..‬تهرولين مسرعة‪ ..‬الطريق طويل‪..‬مسافة الوصول بعيدة ‪ّ ..‬‬ ‫يشكلون‬ ‫سورا منيعا ضدّك ‪ ..‬ترتطمين به ‪ ..‬تذوين ‪ ..‬تتماسكين ‪ ..‬تستسلمين لذاك‬ ‫الخاطر ‪ ..‬تمشين الهوينى صوب األعلى ‪ ..‬تمسكين بقوّة بالفم و تتس ّلقين األنف‬ ‫ثم األذنين فالرّجلين واليدين والشّعر والفم و العنق ‪ ..‬تقتربين من مقصدك‪..‬‬ ‫بقي خمسة أمتار ‪ ..‬متران ‪ ..‬هيال هــــــوب‪ ..‬تقعين ‪ ..‬يقعون معك ‪ ..‬أنف‪ ،‬أذنان‪،‬‬ ‫عينان‪ ،‬فم‪ ،‬عنق‪ ،‬يدان‪ ،‬رجالن‪ ،‬شعر‪ ..‬ظالم دامس ‪ ..‬تتحسّسين جسدك ‪ ..‬تبدين‬ ‫متعجّلة ‪ ..‬عمق الحفرة خمسون مترا ‪ ..‬يشغلك النّزول إلى أسفل‪..‬الزّحام شديد‪.‬‬

‫الكتابة السردية‬ ‫النسائية بالمغرب‪ :‬أسئلة‬ ‫ومالحظات أولية‬ ‫الدكتور حسن المودن‬ ‫(تتمة ص ‪)11‬‬ ‫‪ – 2‬محطات الكتابة النسائية بالمغرب‪ :‬أسئلة وافتراضات أولية‬

‫أ – محطة التأسيس‪:‬‬

‫إذا أخذنا بعين االعتبار النصوص المنشورة في الجرائد والمجالت‪ ،‬يمكن أن نسجل‬ ‫أن المرأة المغربية كانت حاضرة ومشاركة في لحظة تأسيس الكتابة السردية بالمغرب‪:‬‬ ‫وهنا يمكن أن نستحضر آمنة اللوه بنصها‪ :‬الملكة خناثة( الذي نشرته سنة ‪ 1955‬بمجلة‬ ‫األنوار بعد أن نالت جائزة المغرب لآلداب سنة ‪)1954‬؛ لكن إذا انطلقنا من الروايات‬ ‫والمجاميع القصصية المنشورة في شكل مؤلفات‪ ،‬فإن لحظة تأسيس الكتابة النسائية‬ ‫بالمغرب قد كانت في العقود الالحقة‪ ،‬وخاصة مع خناثة بنونة وليلى أبو زيد ورفيقة‬ ‫الطبيعة‪ /‬زينب فهمي‪..‬ويبقى السؤال‪ :‬ما الذي يميز هذه النصوص األولى‪ ،‬على مستوى‬ ‫الحكاية كما على مستوى الكتابة‪ ،‬أخذا بعين االعتبار الظروف التاريخية التي ظهرت‬ ‫فيها( االستعمار ثم االستقالل) واإليديولوجيات التي هيمنت على تلك المرحلة( المرتبطة‬ ‫بالحركات ذات النزعة الوطنية والقومية)؟‬ ‫ب ‪ -‬من محكي الرواية العائلية إلى محكي االنتساب العائلي‪:‬‬ ‫من جهة أولى‪ ،‬أفترض أن هناك محكيا معينا هيمن على الكتابة السردية‬ ‫النسائية عبر محطاتها التاريخية‪ ،‬وربما ال يزال كذلك إلى اليوم‪ ،‬وأسميه ب‪ :-‬محكي‬ ‫الرواية العائلية( وهو يهم الرواية والقصة القصيرة‪ ،‬فالرواية العائلية مفهوم وضعه‬ ‫فرويد ويقصد به‪ :‬الحكاية العائلية)‪ .‬وما يميز هذا المحكي أن المرأة هي ذات المحكي‬ ‫وموضوعه‪ ،‬وهو يركز على‪:‬‬ ‫ المرأة التي تعيش توترا أو تمزقا بين عالمها العائلي المعيش والعالم العائلي‬‫الذي تحلم به وتريده أن يكون‪..‬‬ ‫ المرأة التي تريد أن تسمع صوتها المقموع‪ ،‬وأن تبرز كينونتها المطموسة‪ ،‬وأن‬‫تتحرر من القيود والتقاليد‪..‬‬ ‫ المرأة التي تكشف المسكوت عنه في مجتمع ذكوري قاهر‪ ،‬وتقول ما ال يقال عن‬‫المرأة والرجل‪ ،‬وتسمع صوتها عن الحب والجسد والجنس‪ ،‬وتقول أنوثتها المقموعة‬ ‫والمكبوتة‪...‬‬ ‫ومن جهة ثانية‪ ،‬أفترض أن هناك محكيا بدأ يتأسس في الكتابة النسائية بالمغرب‬ ‫منذ أواخر القرن المنصرم‪ ،‬وخاصة في بدايات األلفية الجديدة‪ ،‬وأسميه ب‪ :-‬محكي‬ ‫االنتساب العائلي؛ ومن أهم خصائصه‪:‬‬ ‫ أن موضوع الكتابة قد تحول من المرأة بوصفها ذاتا منغلقة على ذاتها ومنفصلة‬‫عن كل المحددات الخارجية إلى المرأة بوصفها ذاتا بمحددات عائلية وبعالقات مركبة‬ ‫ومعقدة بذاتها‪ ،‬بآخرها‪ ،‬بذاكرتها‪ ،‬بتاريخها‪ ،‬بمجتمعها‪..‬وسؤالها المركزي‪ :‬من أين‬ ‫أتيت؟‬ ‫ أن الذات تستعيد ذاكرتها وتاريخها‪ ،‬جذورها وأصولها‪ ،‬مدركة ان ليس هناك من‬‫ذات من دون محددات عائلية‪ ،‬من دون حكاية عائلية‪ ،‬وأن البد من إعادة قراءة اإلرث‬ ‫اإلشكالي للذات‪ ،‬والبد من ممارسة الحفر في الذاكرة والتاريخ‪ ،‬وال بد من الحفر عميقا في‬ ‫الماضي العائلي‪ ،‬وال بد ان تقول شيئا عن أصولها وجذورها‪ ،‬فال يمكن بناء محكي عائلي‬ ‫بديل من دون مساءلة األصول والجذور‪ ،‬والعالقة باآلخرين( األب‪ ،‬األم‪ ،‬الجدة‪ ،‬الزوج‪ ،‬األخ‪،‬‬ ‫األخت‪ )...‬ليست بالبساطة الملحوظة في محكيات الرواية العائلية‪ ،‬فاآلخر ال يوجد خارج‬ ‫الذات دائما‪ ،‬بل هو يوجد بداخلها‪..‬‬ ‫ أن الذات تدرك أن االنتساب العائلي ال يعني دائما االنتساب المحلي إلى عائلة‬‫بيولوجية في وسط اجتماعي وثقافي معين‪ ،‬فبإمكان الذات أن تنتسب إلى ساللة أدبية‬ ‫وثقافية نسائية( من مثل فيرجينيا وولف)‪ ،‬وبإمكانها أن تقول ذاتها من خالل تخييالت‬ ‫بيوغرافية لشخصيات أجنبية( ما حدث للنساء في حروب وقعت في أرجاء أخرى من العالم‪،)..‬‬ ‫وبإمكان الذات أن تقول ذاتها من خالل تخييالت أوتوبيوغرافية ال تتطابق بالضرورة مع‬ ‫الحياة الحقيقية للكاتبة‪..‬‬ ‫وال شك في أن هذا التحول‪ ،‬على مستوى الحكاية‪ ،‬من محكي الرواية العائلية إلى‬ ‫محكي االنتساب العائلي‪ ،‬يعني في الوقت نفسه تحوال على مستوى الكتابة‪...‬وذلك هو ما‬ ‫سيكون موضوع مقالة أخرى‪..‬‬


‫الشمال الثقافي‬

‫العدد ‪1015‬‬

‫الثالثـاء ‪� 15‬إلى ‪� 21‬أكتوبر ‪2019‬‬

‫‪13‬‬

‫مجسم صغير ألبي‬ ‫سلوى ياسين‬ ‫مُجسّمٌ صغير ألبي مرتديا برنسا من ثوب الحبة األبيض يلفه‬ ‫حول عنقه و صدره‪ ،‬يلج أبي هذه القصة هادئا بشامة أسفل خده األيمن‬ ‫و»ماكس» كلب الصيد النحيف الذي ال ذيل له تقريبا‪ ،‬يتبعه بحماس‬ ‫الكالب المبالغ فيه‪ ،‬لطالما كنت مفتونة بأبي الذي كان زوجا وأبا صامتا‬ ‫ليس لديه شيء يقوله‪ .‬عوض أن يخبرنا عن المغص الشديد الذي يجعله‬ ‫يغرق في الصمت‪ ،‬ظل يرسم طيلة إقامته بالمصحة بقلم الرصاص و باأللم‬ ‫والمرض‪ ،‬و يضع كراسة الرسم تحت الوسادة حين يتعبه ألم كليتيه‪ .‬أدخل‬ ‫هذه القصة وأنا أتنهد بعد ايّام من البكاء والحداد ‪ ،‬وبعد ليال طويلة من‬ ‫الدموع المالحة على الوسادة‪ ،‬بعد عشيات من الوهم‪ ،‬و من رؤى اليقظة‬ ‫أشاهد فيها أبي يتجول أو يتراءى لي طيفه قرب نافورة وسط البيت‪ ،‬بعد‬ ‫ساعات ممتدة أتحدث فيها إلى نفسي وإليه فيما يشبه العتاب‪ ،‬اهتدى كتاب‬ ‫الرسم خاصته إلى هذه الحكاية أخيرا كي أكتشف أن كل لوحاته عبارة عن‬ ‫أشجار وعيون‪ ،‬عينا أمي على نحو دقيق‪ .‬عينان مترقرقتان في كل لوحة‪،‬‬ ‫لم أحب الزخرف على محيط الورقة‪ .‬رسومات خفيفة وهشة تشبه ضربة‬ ‫مفاجئة لساحر على قبعة‪ .‬وصلت اآلن إلى الصفحة األخيرة من الكراسة‬ ‫حيث رسم أبي نفسه أطول مما هو عليه في الواقع‪ ،‬يسير بين صفين من‬ ‫أشجار الصنوبر والقيقب نفس األشجار التي تحيط بالبيت‪ .‬في نهاية الممر‬ ‫باب مفتوح على مصراعيه‪ ،‬أسعدني أن أبي اهتدى أخيرا إلى خالصه‪ .‬وجد‬ ‫أبي دائما كوة للهرب في الرسم وفي شرب بيرتين باردتين قبل النوم‪،‬‬ ‫والتهام حلوى الكريمة في الصباح‪ ،‬وأمي التي تحرص على أن يأخذ‬

‫حقنة األنسولين في‬ ‫موعدها‪ ،‬تردد أن أبي‬ ‫انتحــر على طريقته‪،‬‬ ‫الطريقـــة الهادئة‪.‬‬ ‫تأملـــت اللـوحــــات‬ ‫طويال‪ ،‬ثم على نحــو‬ ‫غير مفهــوم اتجهت‬ ‫صوب مدخـل البيـت‬ ‫فتحت الباب الرئيسي وناديت على الجميع حتى يتفرجوا على كتاب الرسوم‬ ‫المبهر الذي خبأه أبي عن الجميع‪ ،‬لم يأت أحد‪ ،‬كان أبي أول وآخر القادمين‪،‬‬ ‫لوح إلي وأنا أشرت له أن مرحبا‪ - .‬لماذا لم تطلعني على هذه الرسومات‬ ‫من قبل ؟ لم يقل شيئا بل إنه يغادر هذه القصة اآلن وهو يرمي طرف‬ ‫سلهامه خلف ظهره تاركا كراسته وأشجاره وست بنات وزوجة و «ماكس»‬ ‫كلب الصيد عديم الذيل تقريبا‪ .‬أنزع الورقة األخيرة من الكراسة ثم أطويها‬ ‫على اثنين حتى يظهر أبي في الوسط واألشجار على الجانبين ‪ ،‬ثم على أربع‬ ‫ليظهر جزء من كل شجرة على كل ربع و بعض األطراف من سلهامه‪ ،‬ثم‬ ‫أطوي و أطوي حتى لففت أبي حول نفسه‪ ،‬لقد أحب دائما أن ينطوي على‬ ‫نفسه‪ ،‬سالحه الصمت كلما ساءت األمور‪ ،‬صار اآلن بحجم عقلة األصبع‪،‬‬ ‫مجعدا من الطي المتكرر‪ ،‬أنفخ فيه وأنفخ لكنه بالكاد يتزحزح من مكانه‪،‬‬ ‫صار أبي ثقيال بموته بعالمه وأشيائه وبسلهامه المحبب األبيض‪.‬‬

‫خرير الجدول‬ ‫الصغير‬ ‫فاطمة الزهرة الرغيوي‬ ‫خرير الجدول الصغير كانت فتاة عادية‪ ،‬لم تعرف غير خرير الماء‬ ‫المنهمر من الصنبور والصوت الدافئ للمطر يغسل نوافذ البيت‪ .‬تدبرت‬ ‫عمال في بلدية المدينة بواسطة قريب لصديق والدها‪ ،‬حيث كانت تطبع‬ ‫شهادة الحياة وتلصق بها ختما ثم تنتظر القايد ليوقعها‪ ،‬ثم بعد ساعة‬ ‫أو في الثالثة بعد الزوال أو بعد يوم أو أكثرــ حسب جدول مواعيد القايد‬ ‫ــ‪ ،‬تسلمها لطالبيها‪ .‬أغلبهم رجال ونساء متقدمون في العمر في حاجة‬ ‫إلى شهادة ليثبتوا أنهم مازالوا على هذه األرض‪ ،‬يطلبونها بخجل خفي‪.‬‬ ‫زمالؤها الخمسة متزوجون‪ ،‬باستثناء موظف شهادة الوفاة الذي كان‬ ‫يصغرها بسنتين‪ .‬لم يكن ليزعجها ذاك الفارق لو أنه تودد إليها‪ ،‬لكنه‬ ‫كان منشغال بالجميالت؛ يحمل هاتفين؛ يسارع أو يتمهل في الرد كلما‬ ‫رن أحدهما حسب مدى إعجابه بالمتصلة‪ ،‬أحيانا لم يكن يرد ألنه يكون‬ ‫قد عاد من معاينة وفاة‪ ،‬فتخفت قليال الشمعة المضيئة في عينيه ويظل‬ ‫رنين الهاتف يتردد طويال ولمرات عدة قبل أن يتوقف نهائيا‪ .‬كانت تحيا‬ ‫حياة عادية‪ .‬تتشارك البيت مع والديها وأشقائها الثالثة وجدتها وخالتها‬ ‫العانس‪ .‬تستيقظ فجرا على صوت حركة الجدة والخالة وهما تستعدان‬ ‫للصالة‪ ،‬تشاركهما أحيانا‪ .‬في الغالب تعود للنوم لوقت إضافي‪ ،‬إذا جافاها‬ ‫النوم تراقب المرأتين تقفان وتركعان وتسجدان‪ ،‬عندما تنتهيان‪ ،‬تعود‬ ‫الجدة إلى فراشها بينما تظل الخالة هناك تدعو طويال وبخشوع‪ .‬الحقا‬ ‫تنهض‪ ،‬تغتسل وتمشط شعرها األسود؛ تلفه في شينيون‪ ،‬ثم تعدّ‬ ‫الفطور لها ولوالدها؛ شاي بالنعناع وزيتون أسود وأحيانا قطعة جبن‬ ‫أو زبدة‪ .‬يلتهمان طعامهما ببطء وصمت‪ ،‬ثم يتشاركان الطريق إلى‬ ‫موقف الحافالت بنفس الصمت‪ ،‬نادرا ما يقطعه والدها ليسأل ــ كيف حال‬ ‫العمل؟ ــ بخير‪ .‬ــ سمعت أنهم سيغيرون القايد‪ .‬ــ ال علم لي بذلك‪ .‬في‬ ‫الموقف ينتظران الحافلة رقم ‪ ،13‬تركبها هي في اتجاه وسط المدينة‬ ‫ويعبر والدها الشارع ليركبها في اتجاه الضواحي حيث يعمل في معمل‬ ‫لإلسمنت‪ .‬في الواحدة زواال‪ ،‬تسد بملف النافذة الصغيرة التي تفصلها‬ ‫عن المراجعين‪ ،‬تدير كرسيها مواجهة لزميالتها لتتابع باهتمام ثرثرتهن‬ ‫عن الزواج واألطفال؛ سعداتك‪ ،‬ال رجل وال أوالد يتعبونك بمطالبهم‬ ‫ستقول إحداهن‪ ،‬سترد بابتسامة متصلبة قبل أن تتدخل أخرى لتسألها‬ ‫إن تدبرت عريسا أم ليس بعد‪ .‬أحيانا يقترحن عليها عريسا‪ ،‬ترفضه دائما‬ ‫ألنه يكون كبيرا جدا أو أميّا أو متزوجا بامرأة أخرى‪ .‬في الساعة الثالثة‬ ‫والنصف‪ ،‬أو قبل ذلك إن لم يكن القايد موجودا‪ ،‬تغادر مبنى البلدية عائدة‬ ‫إلى البيت‪ .‬تستقل الحافلة ذاتها‪ ،‬رقم ‪ 13‬وحين تنزل في موقف الحافالت‬ ‫القريب من البيت تعرج إلى شارع جانبي لتشتري بدرهم ربطة نعناع‬ ‫وبثالثة دراهم رغيف شعير لجدتها و رغيفا غير مملح لخالتها‪ .‬تشاهد‬ ‫في تمام الساعة السابعة مساء مسلسال تركيا‪ ،‬ثم تعد شايا آخر بالنعناع‬ ‫للعشاء‪ .‬تصلي أحيانا قبل أن تفرش سريرها المكون من مجموعة‬ ‫بطانيات على أرضية قاعة الجلوس حيث تنام مع جدتها وخالتها‪ .‬يحدث‬ ‫أحيانا ــ في الليل ــ أن تدوسها قدم أحد أشقائها العائد متأخرا إلى البيت‬ ‫في عبوره إلى غرفة نوم األوالد‪ ،‬أو قدم جدتها أو خالتها في ذهابهما‬ ‫المتكرر لدورة المياه‪ .‬سمعت الصوت الغريب في اليوم األول من صيفها‬ ‫الرابع والثالثين‪ ،‬كان اليوم يصادف الواحد والعشرين من شهر يونيو‪،‬‬ ‫وقد حررت التاريخ على شهادة الحياة المرأة كانت ترثي زوجها بحداد‬ ‫أبيض‪ ،‬وتردد ــ مات دون استئذان‪ ،‬قال أطفالنا في أمانتك ونام‪ ،‬حين‬ ‫حاولت إيقاظه في الصباح كان ميتا‪ ،‬وكنت قد قضيت ليلة كاملة بجانب‬ ‫رجل ميت‪ .‬كانت المرأة تريد الشهادة لتسلمها لإلدارة حيث كان يعمل‬ ‫زوجها ليحوّلوا لها تعويضات الوفاة‪ .‬وكان زميلها يحرر في نفس الوقت‬ ‫شهادة وفاة الزوج المتوفى وحين ناولته الطابع ليؤشر على الشهادة‪،‬‬ ‫سرت بجسدها‪ ،‬إذ التقت أصابعهما‪ ،‬رعشة خفيفة‪ .‬تعودت أن تؤرخ األيام‬ ‫بالوجوه المختلفة لمراجعيها‪ ،‬أحيانا تفقد أحدهم وقد تعلم صدفة أنه‬ ‫مات حين تسمع زميلها ينادي باسم تعرفه فيأتي شخص لم تره من‬ ‫قبل ليتسلم شهادة وفاة مراجعها السابق‪ .‬كان الصوت مثل خرير ماء‬ ‫منهمر‪ .‬في البداية اعتقدت أنه صادر من صنبور لم يحكم إغالقه‪ .‬لليال‬ ‫متعاقبة كانت تجول البيت لتحكم إغالق كل صنابير المياه‪ ،‬وحالما تعود‬ ‫إلى فراشها محاولة معاودة النوم كانت تسمع الصوت من جديد‪ .‬سألت‬ ‫ساكني البيت‪ ،‬لكنهم لم يكونوا قد سمعوا أي صوت غريب‪ ،‬حتى الخالة‬ ‫ذات حاسة السمع الجيدة التي تسمح لها باستراق السمع على أحاديث‬ ‫الجيران ومشاجراتهم‪ ،‬وحتى والدتها التي كانت تتعرف على العائدين‬ ‫المتأخرين من الجيران من وقع خطواتهم‪ ..‬ولم تسأل الجدة ألن سمع‬ ‫الجدة لم يكن يتعدى ما تريد اإلنصات إليه‪ .‬كخرير جدول صغير‪ ،‬كان‬

‫الصوت يأتيها كلما حاولت النوم‪ .‬لم يكن األمر مزعجا دائما‪ ،‬أحيانا كانت‬ ‫تتمكن من النوم لتحلم بزميلها في المكتب‪ ،‬يوثق شهادة وفاتها بينما‬ ‫تقف أمامه مبتسمة‪ ،‬يرفع وجهه إليها مبادال إياها ابتسامتها سأضع عليها‬ ‫ختما خاصا ألنها شهادة وفاتك‪ ،‬يقول بصوت خافت يشعرها بدغدغة‬ ‫مثيرة‪ .‬كان‪ ،‬في الحلم يحتفظ دائما بشهادة وفاتها وال يسلمها إلى‬ ‫القايد ليوقعها‪ ،‬فتظل هي سعيدة هناك معه تراقبه بينما يحرر شهادات‬ ‫ألشخاص آخرين ويسلمها إلى ذويهم مختومة وموقعة‪ .‬كان الحلم‬ ‫الغريب يتكرر كثيرا مخلفا لديها شعورا بدغدغة صغيرة تستمر حتى بعد‬ ‫استفاقتها من الحلم فتجلب الغطاء فوقها جيدا‪ ،‬وتستسلم إلى اإليحاءات‬ ‫الغريبة لخرير الجدول الصغير‪ .‬في الواحد والعشرين من شهر شتنبر‪،‬‬ ‫قالت الجدة رغم أن أحدا لم يسألها أو يخبرها عن األمر ــ أنا أيضا أسمع‬ ‫صوت خرير جدول صغير‪ .‬اعتبر أهل البيت أن الجدة أحبت قصة الحفيدة‬ ‫فجارتها في الحكاية‪ ،‬هي التي ال تسمع إال ما تريد‪ .‬حاولت الحفيدة أن‬ ‫تعرف ما تسمعه الجدة بالضبط‪ ،‬فانخرطتا في أحاديث مسترسلة‪ .‬كانتا‬ ‫تتنافسان في وصف الصوت الغريب‪ .‬تقول الجدة ــ إنه صوت ماء صافٍ‬ ‫وشفاف مثل النظرة األولى لطفل ولد قبل لحظة من اآلن‪ .‬وتقول الحفيدة‬ ‫ــ يشبه الصوت ارتباك عاشقين‪ .‬بات الصوت قصتهما المشتركة‪ ،‬كانتا‬ ‫تتهامسان حوله قبل النوم ثم تنتقل الجدة بخفة إلى أحاديثها السابقة‬ ‫عن ملحمتها الخاصة كيف خاضت الحرب‪ ،‬كيف استرسل شعرها طويال‬ ‫فسحر جنديا حاول خطفها‪ ،‬وكيف أنقذها شاب من قريتها فتزوجته‪،‬‬ ‫وكيف حملت بتوأم وكيف خبأت الرأس المقطوعة لقائد العدو في لفافة‬ ‫مالبسها لتقدمها قربانا إلى جدها الولي الصالح ليرزقها بصبي يحمل‬ ‫اسم زوجها ويقيه الفناء بعد موته‪ ..‬كانت الجدة تحكي فينساب الماء‬ ‫بهدوء غامرا صوتها بعذوبة تغمر الحفيدة‪ .‬تراكمت شهادات الحياة على‬ ‫مكتبها منذ غاب القايد لثالثة أيام‪ ،‬شعرت أن هناك حياة معلقة فوق‬ ‫مكتبها‪ ،‬حاولت االستماع لثرثرة زميالتها لكنها كانت تفكر بالتوأم الذي‬ ‫أخبرتها عنه جدتها والذي لم تعلم به قبال‪ .‬تذكرت والدها يتحدث في‬ ‫المرات القليلة حيث يخرج عن صمته عن نشأته وحيدا بين والديه‪ .‬كان‬ ‫عليها أن تستفسر جدتها عن التوأم‪ ،‬حملت حقيبتها وقالت إن لديها أمرا‬ ‫طارئا وغادرت عائدة إلى البيت‪ .‬طرقت الباب مرتين قبل أن تفتح والدتها‬ ‫التي لم تستغرب عودتها مبكرا من العمل وعادت إلى مطبخها‪ .‬ولجت‬ ‫غرفة الجلوس حيث جدتها مستلقية كعادتها على فراشها القريب من‬ ‫النافذة الوحيدة وحيث تصلها في أيام الربيع أشعة شمس دافئة‪ .‬عدتِ‬ ‫إذن‪ ،‬قالت الجدة دون أن تلتفت إليها‪ ،‬واسترسلت كأنها تكمل حديثا‬ ‫بدأته قبل عودة الحفيدة لقد كانا صغيرين؛ مثل كرتي لحم‪ ،‬قبلتهما‬ ‫وأنا أمنعهما من الصراخ ألن كتيبة الجنود كانت على مرمى شجرتين‪،‬‬ ‫كنت أتوارى خلف شجرة البلوط و نبات العليق الذي نما قربها‪ .‬لم‬ ‫أصرخ وأنا أدفع بهما الواحد تلو اآلخر خارج رحمي‪ .‬كنت قد رعيت جدك‬ ‫لليلتين متواليتين؛ ضمدت جراحه ودفنت ساقه التي انتزعها الجندي‬ ‫أمام الجدول الصغير‪ .‬لم أنقذ حياة جدك‪ .‬عاش ألن القدر كتب له عمرا‬ ‫أطول بساق واحدة‪ .‬كان فاقدا الوعي وكانا يغرغران مثل عصفورين‬ ‫مبللين‪ .‬حين اقترب جندي وكاد يكشف موقعنا‪ ،‬كممت صراخهما بيديّ‪،‬‬ ‫وحين ابتعد بعد أن قال لزميله إنه صوت خرير جدول صغير فقط‪ ،‬كانا‬ ‫قد استسلما لنوم طويل‪ .‬تركتهما هناك في ذات الحفرة مع ساق جدك‬ ‫بجانب الجدول‪ ..‬كانت الجدة تتحدث بصوت خفيض‪ ،‬انحنت عليها‬ ‫لتسمعها جيدا‪ ،‬بينما انسابت دموع هادئة على وجهيهما‪ .‬تالقت يداهما‬ ‫في عناق مرتبك‪ .‬كانا ذكرا وأنثى‪ ،‬لم أخبر أحدا عنهما‪ ..‬لم أسمهما‪ .‬بقيا‬ ‫هناك بدون أسماء تقيهما حر الصيف وبرد الشتاء‪ .‬بعد يومين‪ ،‬في الواحد‬ ‫والعشرين من شهر دجنبر‪ ،‬استقل والدها الحافلة رقم ‪ 13‬متجها صوب‬ ‫وسط المدينة‪ ،‬وحين لمحته واقفا أمام نافذتها بينما يد زميلها الذي‬ ‫يصغرها بسنتين امتدت تضم يدها‪ ،‬علمت أن جدتها قد ماتت‪.‬‬

‫ترانت‬ ‫سيس‬

‫مليكة مستظرف‬

‫كره يوم السبت‪ .‬أعرف أن هناك من يكره كل أيام األسبوع وال يشتكي‪ .‬لكن بالنسبة‬ ‫لي األمر مختلف‪ ،‬أو هذا على األقل ما أعتقد‪ .‬كل يوم سبت يحضر أبي باكرا جدا‪ ،‬يجر قدميه‬ ‫الكبيرتين‪ ،‬بطنه جد منتفخة‪ ،‬ال تتناسب مع جسمه النحيل‪ .‬وجهه مستطيل‪ ،‬جبهته بارزة‬ ‫بعروق نافرة‪ .‬ال يبدو وسيما أبدا‪ .‬كل يوم سبت تكون برفقته امرأة ال أعرفها‪ ،‬التشبه المرأة‬ ‫التي أحضرها في األسبوع الفائت‪ ،‬ولن تشبه بالتأكيد المرأة التي سيحضرها في األسبوع‬ ‫القادم‪ .‬يرسلني إلى دكان “با ابراهيم”‪ .‬دكانه معتم وتنبعث منه رائحة عطنة‪ ،‬منفرة‪ ،‬تبعث‬ ‫على القيء‪ .‬لم أكن أشتري منه المواد الغذائية التي نحتاجها‪ .‬عيناه حمراوان معمشتان‪ .‬يتنشق‬ ‫“التنفيحة” وينخرط في نوبة عطس ال نهائية‪ .‬يمسح أنفه بمنديل يبدو أنه قصه من كيس‬ ‫طحين مهترئ‪ .‬يفتح المنديل ويتأمل للحظة ذلك المخاط ثم يعاود دسه في جيبه‪ .‬يحاول أن‬ ‫يتفوه ببعض الكلمات اللطيفة‪ .‬اإلبتسامة ال تناسبه‪ .‬تبدو أسنانه طويلة وغير متناسقة بلون‬ ‫الطحالب‪ .‬أقول له جملة واحدة وأبتعد “عيشة الطويلة”‪ .‬أضم ذراعي إلى صدري وأنتظر‪ .‬تأتي‬ ‫جارتنا تحمل طفلها حديث الوالدة بين ذراعيها‪ .‬الطفل يصرخ باصرار‪ ،‬يمص رضاعته المملوءة‬ ‫بالكمون الصوفي والكروية‪ .‬قالت ل”باابراهيم”‪“ :‬هاد ولد الحرام ما بغاش يسكت”‪ .‬يسكتها‬ ‫بإشارة غاضبة من يده “هذا غير مالئكة‪ ..‬عندي دواه”‪ .‬عاودت النظر إلى الطفل حتى أعرف‬ ‫عن قرب شكل المالئكة‪ .‬كان وجهه بال رموش وال حواجب كأنه يعاني الثعلبة‪ .‬يفتح فمه عن‬ ‫آخره وهو يصرخ بعنف‪ .‬وجهه كله عبارة عن فم كبيرمفتوح‪“ ،‬حلق الموت” يرتعش كجرس‬ ‫صغير‪ .‬ينفخ “با ابراهيم” دخان السبسي بوجه الرضيع‪ ،‬مرة‪ ،‬اثنتين‪ ،‬فيصمت‪ ،‬تتشقلب عيناه‬ ‫وينام‪ .‬تمد المرأة يدها إلى صدرها‪ ،‬تنبعث منها رائحة الحموضة‪ ،‬تخرج بعض الدراهم تمدها‬ ‫للبقال‪ ،‬يضعها على جبهته ثم يقبلها‪ .‬بالتأكيد رائحة المرأة الكريهة عالقة بالدراهم‪ .‬تشكره‬ ‫المرأة بلطف يناسب امرأة في األربعين تنبعث منها الخل‪ .‬تنصرف المرأة‪ ،‬أكرر طلبي”عايشة‬ ‫الطويلة”‪ .‬يتجه إلى الداخل‪ .‬كنت أتوقع دائما أن يأتيني بامرأة طويلة وعمالقة‪ ،‬لكنه كان‬ ‫يمدني بزجاجتين ملفوفتين بورق الجرائد‪ ،‬ويقول بصوته الذي يشبه صوت النساء والذي ال‬ ‫يتناسب وشكله المخيف “ديريكت للدار”‪ .‬ثم يعود إلى ركنه المعهود‪ .‬ذات يوم أغراني ذلك‬ ‫السائل األحمر القاني‪ .‬تجرعت ما تبقى في الكأس التي نسيها أبي دفعة واحدة‪ .‬تقيأت كل ما‬ ‫في جوفي وظلت رائحة منفرة تشبه رائحة جوارب متعفنة عالقة بي تالزمني طيلة اليوم‪ .‬يقفل‬ ‫أبي علي باب غرفتي‪ .‬يعطيني نصف خبزة بها بعض السمك المعلب‪ .‬أرمي بها فور خروجه من‬ ‫النافذة‪ .‬لن أقفل الباب بالمفتاح لكن ال تحاولي الخروج‪ .‬من الغرفة األخرى تنبعث رائحة الشواء‪،‬‬ ‫يتحلب ريقي‪ .‬أفتح الباب قليال‪ .‬ضحكات خليعة‪ ،‬كلمات نابية‪ ،‬الرائحة الشهية تتسلل إلى أنفي‪.‬‬ ‫معدتي أصبحت في حالة هيجان قصوى‪ ،‬وأصبح من الصعب إسكات قرقرة مصاريني‪ .‬أبتلع‬ ‫ريقي بصعوبة‪ ،‬أتحسس الدراهم القليلة في جيب بيجامتي‪ ،‬غدا سأشتري نصف خبزة ممتلئة‬ ‫بصال وكفتة‪“ .‬العربي” شكله مقرف‪ ،‬بطنه تمتد وتتدلى فوق العربة‪ .‬يمسح مخاطه ويعاود‬ ‫قلب أصابع الكفتة والنقانق‪ .‬لكن ال يهم‪ .‬أكله لذيذ‪ ،‬وربما هذا “العفن” ما يزيد من لذة‬ ‫أكله‪ .‬فالزبائن يتجمعون حول عربته أكثر من الذباب الذي يحط على البصل والطماطم‬ ‫المفرومة‪ .‬أبي‪ ،‬أريد أن أشاهد التلفاز‪ .‬أريد أن أرى السندباد‪ .‬ال أستطيع النوم‪ .‬جدتي ألبي‬ ‫تقول إن الرسوم المتحركة مخلوقات حقيقية تعيش في مكان ما‪ .‬تأخذ سبحتها وتظل تسبح‪.‬‬ ‫أصابع يدها األخرى ال تفارق فتحة أنفها في محاولة يائسة لنزع بعض الشعيرات‪ .‬السندباد على‬ ‫مركبه يجوب العالم‪ .‬الجنية تخرج من عمق البحر‪ .‬ينقلب المركب وأسقط من سريري‪ .‬الغرفة‬ ‫مظلمة‪ .‬عالقة المالبس تصبح جنيا فاردا ذراعيه‪ .‬يتقدم نحوي‪ .‬أخفي رأسي تحت الغطاء‪ .‬أسمع‬ ‫دقات قلبي كأنه يضخ في أذني‪ .‬أين هي أمي؟ على الحائط ال أجد صورة لها‪ .‬صورة قرد كبير‬ ‫يلف ورق التواليت على جسمه الضخم المشعر‪ ،‬يفتح فكيه في بالهة‪ ،‬تظهر أسنانه الصدئة‬ ‫بحجم حبات الفول‪ .‬لماذا يصر أبي على وضع صورته وسط البهو؟ من ذاك الذي قال أن أصل‬ ‫اإلنسان قرد؟ كيف هو شكل أمي؟ هل أحمل بعضا من مالمحها؟ سمينة؟ بيضاء؟ كنت أحمل‬ ‫كراستي وأتخيلها‪ .‬كنت دائما أرسم امراة بال مالمح‪ .‬جدتي قالت لي يوم زرتها بالبادية “عيناك‬ ‫تشبهان عينا أمك”‪ .‬فرحت‪ .‬اآلن أعرف شكل عيني أمي‪ .‬أردفت وهي تفلي القمل من رأسي‬ ‫“عيناك وقحتان ترمي عليهم كمشة الملح ما يرمشوا”‪ .‬ينقبض قلبي‪ ،‬أنفلت من بين رجليها‪.‬‬ ‫كرهت جدتي وازددت حبا ألمي‪ .‬ذلك السبت ليال‪ .‬أحسست بآالم تفتك ببطني‪ ،‬وبسائل ساخن‬ ‫يتدفق من بين فخذي إلى ساقي السائل رائحته كريهة‪ .‬فهمت‪ .‬لكن لم أعرف ماذا أفعل‪ .‬أضع‬ ‫يدي بين فخذي حتى أمنع ذلك السائل المهين والكريه‪ .‬تمتلئ أصابعي بالدم‪ .‬تنزل قطع‬ ‫حمراء داكنة كالكبد‪ .‬أرتعش‪ ،‬السرير الحديدي يطقطق‪ .‬أسناني تصطك‪ .‬أحس بالمهانة‪ .‬ماذا‬ ‫لو امتالت أرض الغرفة بالدم؟ الساللم؟ الحي؟ أصرخ‪ .‬يأتي أبي‪ .‬عيناه نصف مغمضتين‪ :‬آش‬ ‫بيك؟ صوته يشبه الحشرجة‪ .‬آش بيك؟ عيناه نصف مفتوحتين‪ .‬آش بيك؟ وجهه مستطيل‬ ‫وجبهته أكثر بروزا‪ .‬شعيرات مجعدة يحاول أن يخفي بها صلعه‪ .‬آش بيك؟ صوته يزداد حدة‪.‬‬ ‫الدموع كحبات الرمل‪ ،‬كاإلبر تنغرز في العيون‪ .‬آش بيك؟ أريد أمي‪ .‬ينزع عني الغطاء‪ ،‬يرى‬ ‫سوأتي‪ .‬اإلزار تشرب الدم حتى البلل‪ .‬يدي بين فخذي‪ ،‬أحاول أن أمنع النزيف المهين‪ ..‬يتسمر‪.‬‬ ‫عيناه كقطعتي زجاج‪ ،‬ينظر إلى اإلزار الملوث بالفضيحة‪ .‬ينظر إلى نهدي‪ ،‬إلى وجهي الذي امتأل‬ ‫بثورا حمراء‪ .‬تفاحة آدم تصعد وتنزل‪ .‬يحك قفاه أهز رأسي من اليسار الى اليمين كأنني أدفع‬ ‫عني تهمة‪ .‬يفتح خزانة المالبس‪ ،‬يمدني بفوطة كنا نمسح بها أرجلنا‪ .‬يرميها بعنف باتجاهي‪.‬‬ ‫يبصق على األرض‪ .‬يخرج‪ .‬ال أزال مكورة فوق السرير‪ .‬أنظر إلى بقع الدم‪ ،‬إلى الفوطة الخشنة‪.‬‬ ‫تأتي المرأة التي تقاسم أبي مجونه إلي‪ .‬تخفي عريها بإزار أبيض‪ .‬تضحك ضحكة لزجة ماجنة‬ ‫بال معنى‪ .‬تقول بصوت خشن بفعل السجائر‪“ :‬نوضي قفزي اهلل يمسخك‪ ،‬ها انت وليتي‬ ‫امرأة”‪ .‬يومها‪ ،‬كرهت أبي‪ ،‬كرهت جسدي‪ .‬وأحببت أمي‪ .‬صباحا أستفيق على صراخ المرأة التي‬ ‫أحضرها أبي ‪.‬أفتح عيني المنتفختين‪ ،‬أوارب الباب‪.‬المرأة ترمي بورقة نقدية خضراء في وجه‬ ‫أبي‪ ,‬التفال يخرج من فمها‪ ,‬تنتفخ أوداجها‪ ،‬تبدو كضفدعة‪“ .‬على هذا بهاد الثمن؟”‪ ،‬وتشير‬ ‫الى ما تحت بطنهااألكرش في حركة وقحة‪ .‬يعاود أبي دس الورقة النقدية في جيب سرواله‬ ‫القندريصي الذي يستر نصف مؤخرته فقط‪ .‬يرفع رجله اليمنى ويصوبها نحو مؤخرتها “خرجي‬ ‫الق‪ ..‬النسا حطب جهنم”‪ .‬تنجح المرأة في اإلفالت‪ .‬يصفق الباب وراءها بعنف واضح‪ .‬تستمر‬ ‫في الصراخ حتى وهي في الشارع “حرام عليك تاكل عرق الوليات‪ ،‬اهلل يدخلهم عليك بالحرام”‪.‬‬ ‫عيناه ضيقتان كثقبين صغيرين مظلمين‪ ،‬التنسجمان مع أنفه الضخم الممتلئ بآثار الجذري‪.‬‬ ‫يسند جبهته إلى الحائط‪ ,‬أستطيع أن أسمع أنفاسه المضطربة‪ ،‬يضرب الحائط بقبضة يده‪،‬‬ ‫يبصق على األرض‪ ،‬أسمعه وهو يسب دين النساء‪ .‬المرأة ال تزال تصرخ‪ ،‬تريد جلبابها وحقيبة‬ ‫يدها‪ .‬يفتح حقيبتها ويرمي بها من النافذة‪ .‬تنتشر محتوياتها على اإلسفلت‪ .‬يتسابق األطفال‬ ‫لسرقة ما تقع عليه أيديهم‪ .‬يمزق الجلباب ويعاود رميه من النافذة‪ ،‬يجلس على حافة الكرسي‬ ‫وهو يلهث‪ ،‬ثم يضحك في ارتياح‪ .‬أستطيع أن أخمن ما سيحدث بعد ذلك‪ .‬سيدخل الحمام‪,‬‬ ‫يستحم‪ ,‬يستقبل القبلة‪ ,‬يقول‪ ” :‬اللهم إني نويت صالة ركعتين لوجه اهلل”‪ .‬نفس الحكاية‬ ‫تتكرر كل يوم سبت مع اختالف بسيط في التفاصيل‪ .‬مع اقتراب يوم السبت‪ ،‬يحط على صدري‬ ‫حجر ضخم ال يتزحزح‪ .‬أصبحت أكره يوم السبت‪ ,‬وأصبحت أفهم لماذا يسمي الجيران أبي ب‬ ‫“ترانت سيس”‪.‬‬


‫العدد ‪1015‬‬

‫هـزال‬ ‫عقارب الساعة تشير إلى السادسة صباحا أو ربما‪،‬‬ ‫مساء‪...‬لست أدري!‬ ‫ضوء خجول يداعب الغرفة‪ ،‬أشعر كأنني أمتلك‬ ‫جناحين خفيفين ولكنني واهن مثل عصفور صغير ال‬ ‫يستطيع أن يطير‪ .‬أحاول أن أعصر عيني ألحدق في‬ ‫الضوء فأرى نفسي أركض وسط باحة واسعة وأمي‬ ‫تنادي بلطف أن عودي‪ ،‬ينمو المشهد ببطء شديد‬ ‫وأنا أقهقه وأقص جناحي بعوضة صغيرة‪...‬يا إلهي!‬ ‫أخيرا أبصرت‪ ،‬ورأيت بأن لي يدين نحيلتين‪ ،‬شفافتين‬ ‫وكأنهما تطالن علي برفق‪ .‬أصابني الذعر إذ شعرت‬ ‫بأن جسدي لم يعد يحتمل دقات القلب المتالحقة وكأن‬ ‫شيئا غريبا ينقذف مني‪.‬‬ ‫تلمست وجهي بيدي‪ .‬كان ذلك أول شيء قمت‬ ‫به‪ .‬ارتعبت؛ أحسست بعظام مغروسة‪ ،‬مجرد عظام‬ ‫مغروسة‪ ،‬ونظرت إلى يدي ألرى أسالكا غريبة قد أكلت‬ ‫لحمي‪ .‬بالقرب مني تنام سيدة طاعنة في السن‪ ...‬كان‬ ‫لزاما أن أرى المرآة في تلك اللحظة‪.‬‬ ‫يا إلهي ‪...‬راح جسدي يتهاوى كأنه اسفنجة ناعمة‬ ‫تداعب عظاما واهنة‪.‬‬ ‫في المرآة تعرفت مالمحي وقد صارت ضئيلة جدا‬ ‫ونائية‪ ،‬ومع ذلك‪ ،‬أحسست بأنني ما زلت الرجل ذا‬ ‫الثالثين من العمر‪ ،‬فالعمر لم ينسحب هو أيضا‪ ،‬لحسن‬ ‫الحظ‪! ‬‬ ‫كيف أصبت بكل هذا الهزال في ليلة واحدة فقط ؟!‬ ‫لم يتوصل الطبيب إلى تشخيص حقيقي مقتع‪،‬‬ ‫حتى بعد أن مررني على كل األجهزة الكبيرة‪ ،‬والتحاليل‪،‬‬ ‫والمنظارات الطويلة العريضة التي تطل على الجسد‬ ‫من الداخل‪.‬‬ ‫كان مطمئنا لكل هذه الثعابين الطبية التي تسللت‬ ‫إلى جسدي لتتفحص كل ركن فيه‪ .‬نظر إلي مليا بعد أن‬ ‫أنهى كل فحوصاته‪ ،‬ثم أسر لي بأن ال وجود ألي مرض‪.‬‬ ‫الشيء الغريب الذي كنت أشعر به هو أنني صرت خيطا‬ ‫رفيعا يرقصه الهواء كما يريد! أحسست في تلك اللحظة‬ ‫بقيمة الجسد الرابض الذي يواجه الريح ويصدها بثبات‬ ‫وكأنه يقاوم هبوبها المتالطم الذي يجهل في كل‬ ‫اتجاه‪ ،‬وبأن الجسد فظيع لو أننا أحببناه كما هو مرسوم‬ ‫في مقرر العلوم الطبيعية‪.‬‬ ‫في سريري شعرت بارتباك غريب‪ ،‬كيف لي أن‬ ‫أتواصل مع اآلخرين بهذا الجسد الصغير المليء‬ ‫بالعظام المنغرزة بشكل عجيب‪ ،‬والتي صرت أراها‬ ‫وكأنها قريبة جدا من الجلد الشفاف األزرق‪.‬‬ ‫كنت أختبئ بأن أتكور تحت اللحاف وأشعر بشيء‬ ‫دافئ يشبه ثديا ممتلئا أنام عليه‪ ،‬بل أضع حلمته‬ ‫في فمي‪ ...‬كان في البداية ثدي أمي الناضج‪ ،‬الفوار‪،‬‬ ‫الذي تفوح منه رائحة الكعك البلدي والزيت والعسل‬ ‫والسخونة الحارة وهو يجود بالحليب الذي يشبه السيل‬ ‫المتدفق‪ ،‬حتى أنني رضعت من الثدي إلى أن طردني‬ ‫والدي رغما من الجنة ‪.‬‬ ‫كنا نرضع أنا وأخي‪ ،‬وكنا نتزاحم على ثدي كان لي‬ ‫من قبل‪ ،‬وحدي‪ .‬صارت أمي حزينة جدا مذ قدمت سيدة‬ ‫أخرى إلى بيتنا‪ .‬لم أكن أعرف من هي تلك السيدة سوى‬ ‫أنها امرأة مكتنزة‪ ،‬لها عيون حجلية مستديرة وشفاه‬ ‫حمراء متقدة ‪ ،‬مبتسمة الخدين والمؤخرة‪ ...‬شيء لذيذ‬ ‫كانت تنثره بمشيتها ولوعتها‪ .‬كانت تجعلنا نبتهج‪،‬‬ ‫بينما تظل أمي حزينة!‬ ‫كنت أنمو‪ ،‬عند النوم‪ ،‬بين سيدتين حلوبين‬ ‫دافئتين‪ ،‬أعيد تمريغ فمي في الثدي‪ .‬كنا نتناوب أنا‬ ‫وأبي على سيدتين يمتلكان ثديين مغروزين في األعلى‬ ‫وكأنهما يجمحان للركض إلى ما فوق الجيوب‪ ،‬وكثيرا ما‬

‫الشمال الثقافي‬

‫لطيفة لبصير‬ ‫كنت أضع الحلمة في فمي وأنا أكرر المصة ذاتها‪ ،‬وفي‬ ‫بعض األحيان تستيقظ السيدتان وهما تصرخان من‬ ‫لذة العض‪ ،‬فال تنهراني‪ ،‬بل تربتان علي برفق وكأنني‬ ‫أتيت فعال جميال‪.‬‬ ‫في األيام األولى لحضور هذه السيدة لزمنا أنا‬ ‫وأمي غرفة قصية في البيت‪ ،‬لكنني حين بدأت أتناوب‬ ‫على الحضنين معا‪ ،‬كنت أشعر بأنني أتكور بداخلهما‬ ‫حتى يصير جسدي مشتبكا بدفء بالغ ال أنفك عنه إال‬ ‫حين يصرخ أبي في وجهي‪ ،‬كنت أشعر بأنه بدأ يغتاظ‬ ‫من هذا االلتفاف الذي أنعم فيه مع هاتين السيدتين‪.‬‬ ‫ما زلت لحد اآلن أشعر بتلك النعومة التي تسيح‬ ‫على خدي‪ ،‬وأخاف أن تفلت مني؛ ففي كل ليلة أكون‬ ‫موعودا مع ذلك االلتصاق الغريب‪ ،‬أشعر بأن السيدتين‬ ‫معا يضمانني نفس الضمة الملتهبة التي تكاد تثملني‪،‬‬ ‫ومع األيام صرت أشتهي ذلك العناق ألنام بهدوء تام‪.‬‬ ‫أنظر‪ ،‬اللحظة‪ ،‬إلى جسدي الواهن ثم أقوم ألجوب‬ ‫حضن الغرفة؛ هل تكون السيدة التي قضت معي تلك‬ ‫الليلة هي من قامت بامتصاصي؟ وكيف شفطت كل‬ ‫اللحم الذي كان يملؤني ولم تنتفخ ؟‪ ‬‬ ‫كانت تبدوعادية جدا وهي تغادر البيت‪ ،‬لوال أنها‬ ‫تكون مذعورة وكأنها انفلتت من كابوس ثقيل‪ ،‬وضعت‬ ‫يدها تتحسس وجهي وسألتني وهي ترتدي مالبسها‪:‬‬ ‫أين اختفى اللحم الذي كان يخفي العظام؟‪! ‬‬ ‫أنظر إلى عظامي المغروسة في كل اتجاه‪ ،‬وأشعر‬ ‫بالخوف ثم أعود ألتدثر بلحاف وثير‪ .‬كنت أتدثر وكأنني‬ ‫أخشى البرد والريح والعاصفة‪ ،‬كانت تلك اللحظات‬ ‫تعودني حين قرر والدي أن يمنعني من الحضنين معا‬ ‫ويضعني في غرفة معزولة حرمتني من أن أشعر بأنني‬ ‫قرب الثدي‪ ،‬وكنت أصرخ بحدة في الليل فال يسمعني‬ ‫أحد‪.‬‬ ‫أشتاق اآلن الى حضنهما معا‪ ،‬كانت أياما شرسة‬ ‫تلك التي أنزل فيها هذان الحضنان معا في تلك الحفرة‬ ‫العميقة‪ ،‬كانوا يسدلون عليهما التراب وأنا أطل عليهما‬ ‫في سكون بركان‪.‬‬ ‫ثم سرعان ما أنفجر‪ ،‬أنتحب بجرأة‪ ،‬ويبقى أبي هادئا‬ ‫كأنه ال شيء يحدث! وبعد أسابيع قليلة فقط‪ ،‬أحضر‬ ‫سيدة أخرى للمنزل وطردني شر طردة‪.‬‬ ‫أنظر من جديد إلى شكلي ‪...‬‬ ‫قررت أن أتناول الطعام بشراهة بالغة‪ ،‬لكن جسدي‬ ‫لم يتغير‪ ،‬وحده الجلد بدا رقيقا جدا‪ ،‬شفافا ومعلوال!‬ ‫وبدأت أحدق في األجساد وأنشغل بها كما لو أنني أود‬ ‫أن أسرق منها اللحم وأغطي به عظامي التي تراني في‬ ‫كل صباح‪ .‬مرت شهور‪ ،‬ونبت لدي شارب عجيب‪ ،‬وصرت‬ ‫أسعى أن أخلق الضجيج كي ينتبه إلي المارة‪ ،‬وبدأت‬ ‫أقهقه عاليا في كل األماكن لكي يعرف الجميع بأنني ال‬ ‫أشعر بأي وهن‪ ،‬كنت أتمنى أن أحدث شيئا ما ‪.‬‬ ‫مرت ساعات‪ ،‬ساعات طويلة جدا‪ ،‬كنت مأخوذا بها‬ ‫وهي تسير ببطء‪ ،‬لكنني رأيت خالل كل تلك الساعات ما‬ ‫يخبئه اللحم عنا‪ ،‬كنا نداري حتى ال نرى ما نخفيه ‪.‬‬ ‫لم تعد السيدة إلى البيت بعد ذلك اليوم‪ ،‬كانت قد‬ ‫هربت تماما‪ ،‬وكنت أتمنى عودتها! ناديتها‪ ،‬كلمتها في‬ ‫خيالي‪،‬رجوتها‪ ،‬أردتها أن تنام بجواري وتلفني‪ ...‬لكنها‬ ‫كانت نائية!‬ ‫وبدأت أتوارى مجددا عن الوجوه‪ ،‬كنت خائفا جدا‬ ‫من العيون الوقحة‪ ،‬وكان علي أن أسبق عقارب الساعة‬ ‫وأصنع لي لحما آخر قبل أن أغادر الغرفة‪! ‬‬

‫الثالثـاء ‪� 15‬إلى ‪� 21‬أكتوبر ‪2019‬‬

‫عدوى‬ ‫الحب‬

‫‪14‬‬

‫فاتحة مرشيد‬

‫هو الحب هكذا‪ ..‬ال يحترم سوى نفسه‪.‬‬ ‫يعجبه أن يولد في الظروف واألماكن األكثر غرابة‪ ،‬كالجنائز مثال‪.‬‬ ‫في جنازته التقيتُها‪ ،‬وكان الحزن ينهش قلبي على فراقه المباغت إثر حادثة‬ ‫سير غبية‪ .‬كانت جالسة بجانب والدته‪ ،‬وكان بإمكاني أن أتوصل إلى معرفتها‬ ‫بين الماليين ودون سابق لقاء‪ .‬عرفتها من كالمه عنها ومن وصفه الدقيق لها‬ ‫ومن نبض قلبي وهو يصرخ داخلي‪ :‬إنها هي‪ ..‬إنها هي‪.‬‬ ‫كنا طلبة في سنتنا الدراسية األخيرة بالجامعة بالرباط نتقاسم نفس الغرفة‬ ‫بالحي الجامعي‪ ،‬وألننا كنا في الثمانينات من القرن الماضي فلم تكن لنا ال هواتف‬ ‫نقالة وال فيس بوك وال شبكة انترنيت‪ ..‬كان لنا التواصل المباشر والكالم لساعات‬ ‫في نفس المواضيع وكان موضوعه المفضل‪ :‬هي‪ .‬ريم ابنة عمته التي أصابت‪،‬‬ ‫دون أن تدري‪ ،‬قلبه بعمى العشق‪ .‬كان يستعين بنزار لكتابة رسالة مطولة لها‪،‬‬ ‫استغرق سنة دراسية كاملة في كتابتها ومات قبل أن يرسلها لفرط خجله‪.‬‬ ‫من قال إن مرض الحب غير معد؟‬ ‫أذكر أنني قد أصبحت أحلم بها‪ ،‬ببشرتها البيضاء وشعرها األشقر وقوامها‬ ‫الرفيع ويديها الرقيقتين وساقيها الملولبتين‪ ..‬كان مراد يملك فصاحة ودقة في‬ ‫التعبير ال يوازيهما سوى خجله المرضي‪ .‬كنت أقول له لو أنت قلت لها ما تقوله‬ ‫لي عنها لجُنّت بحبك‪ .‬لكن ريثما يفعل‪ ،‬وهذا من المستبعد جدا‪ ،‬فقد جننت أنا‬ ‫بها‪ .‬وألنه لم يكن يملك صورة لها فقد أجج المجهول شغفي بمالك كان يبرعُ‬ ‫خيالي في رسم مالمحه و»األذن تعشق قبل العين أحيانا»‪.‬‬ ‫كل ليلة قبل أن ننام‪ ،‬ونحن مستلقيان كل على فراشه‪ ،‬كان يبدأ في قراءة‬ ‫قصيدة لنزار بصوت عال كأنه يناجيها ثم يبدأ في وصفها بكلماته الخاصة ألن‬ ‫نزار نفسه لن يوفيها حقها‪ .‬مسربا لي فيروس حبها جرعة تلو جرعة‪.‬‬ ‫وذات شجن جاءت فكرة الرسالة‪ .‬يجب كتابتها أوال ثم التفكير في الكيفية‬ ‫التي تجعلها تتوصل بها‪ ،‬فالبريد العادي من سابع المستحيالت‪ ..‬سنعثر على حل‬ ‫ال محالة عندما نعود خالل العطلة الصيفية إلى الصويرة‪ ،‬هناك سنجد وسيلة‬ ‫لجعلها تعانق أناملها‪.‬‬ ‫كم مرة كتب تلك الرسالة! وكم مرة مزقها وأعاد كتابتها! ما يمكن قوله هي‬ ‫أنها أروع وأرق وأحن رسالة حب ُكتبت عبر التاريخ‪.‬‬ ‫اقتربتُ من والدته تسبقني دموعي فإذا بها تسارع الحتضاني وتبكي‬ ‫بحرقة جعلتها تهوي بين ذراعي‪ ..‬نهضت ريم لتساعدني على حملها إلى غرفتها‬ ‫وتمديدها على فراشها‪ .‬ولحظة‪ ،‬بينما والدة المرحوم مغمى عليها بيننا‪ ،‬رفعتْ‬ ‫عينيها الدامعتين فاخترقت ضباب عيني ولم أدر كم من الوقت ظللنا هكذا‬ ‫متوحدين في دمعة مالحة‪.‬‬ ‫لم تزح عينيها عني ولم أفعل‪ ،‬كان الصمت سيد الموقف‪ ،‬كما الحزن سيد‬ ‫االنفعاالت‪ .‬ساعتها تذكرت الرسالة التي كانت بجيب سترتي‪ ،‬فقد كان آخر ما طلب‬ ‫مني المرحوم قبل الحادثة الرهيبة أن ألتمس من أختي‪ ،‬زميلتها في الثانوية‪ ،‬أن‬ ‫تكون ساعية بريده وتتوسط بينهما‪ .‬ها هو قد ودعنا مخلفا لي رسالة تعبر بدقة‬ ‫عما يعتريني من ولع وما لن أستطيع التعبير عنه بنفس الجمالية‪.‬‬ ‫قلت متلعثما‪« :‬ريم‪ »..‬ارتبكت لسماع اسمها‪ « .‬أعلم أن الوقت ليس مناسبا‪،‬‬ ‫أريد فقط أن أستأذنك في إرسال رسالة لك مع أختي»‪ .‬طأطأت رأسها وأومأت‬ ‫بنعم وقد احمرت وجنتاها‪.‬‬ ‫لم أصدق نفسي‪ ،‬ما هذا الذي أفكر فيه ؟ وكيف أجسر على قول كهذا يوم‬ ‫جنازته؟ أهي طريقة نظرتها إلي ما سرب الشجاعة بداخلي؟ أم أنه الموت ما‬ ‫يجعلنا نستعجل الحياة؟‬ ‫ال أعلم‪ .‬يبدو أن الحب بالفعل ال يحترم شيئا سوى نفسه‪.‬‬ ‫هكذا‪ ،‬وجدتني بعد أربعينية مراد أرسل إليها‪ ،‬مع أختي‪ ،‬الرسالة إياها بعد‬ ‫إعادة كتابتها بخط يدي وتغيير اسم المرسل‪.‬‬ ‫بعد سنة ونصف من تسليم الرسالة‪ ،‬لم تفهم ريم‪ ،‬التي أصبحت زوجتي‪،‬‬ ‫سبب إصراري على أن نطلق اسم مراد على ابننا البكر‪.‬‬ ‫قلت في نفسي‪ :‬من يحسن الكتابة ال يموت‪.‬‬


‫الثالثـاء ‪� 15‬إلى ‪� 21‬أكـتـوبر ‪2019‬‬

‫العدد ‪1015‬‬

‫رسائل‬ ‫تطوانية‬

‫‪15‬‬

‫من أرشيف الدبلوماسي األديب‬

‫سيدي التهامي أفيالل التطواني‬ ‫حفظه اهلل (‪)30‬‬

‫ إعداد وتقديم‪ :‬الدكتور يونس السباح‬‫‪Younes_sebbah@hotmail.com‬‬

‫تقديم‬

‫تعتبر المراسالت العلمية رافداً ثرياً لكتابة التاريخ‪ ،‬باعتبار ما تحمله في طيّاتها من المعلومات الدّفينة‪ ،‬والفوائد الغميسة النادرة‪ ،‬التي ال توجد في غيرها‪ ،‬ولكونها مرتبطة بزمان ومكان وموضوع معيّن‪،‬‬ ‫كما تعدّ أيضاً فنّاً أدبياً‬ ‫ًّ‬ ‫مستقال بنفسه‪ ،‬بما تحمله من صادق التعبير‪ ،‬وجميل اإلحساس‪ ،‬وحسن اإلنشاء‪ ،‬وبديع السّبك‪ ،‬وخصوصاً إذا أضيف إلى هذه المعاني جمال الخط‪ ،‬ورونق الحرف‪ ،‬وكانت صادقة‬ ‫اإلحساس معبّرة عن الصلة العائلية‪ ،‬والمتابعة الدراسية بين الوالد والوَلد مث ً‬ ‫ال‪ ،‬أو بين تلميذ وشيخه‪ ،‬أو الصديق وصديقه‪...‬‬ ‫ومن المراسالت المتّصفة بهذه الصفات‪ ،‬ما تحتويه خزانة األديب الشاعر‪ ،‬والدبلوماسي السابق‪ ،‬أحد أفراد بيت العلم والشرف والمجد‪ ،‬سيدي التهامي أفيالل حفظه اهلل‪ ،‬وما يشتمل عليه أرشيفه الذي‬ ‫يضمّ كمّا هائ ً‬ ‫ال من الرسائل‪ ،‬معظمها صادرة عن أفراد أسرته‪ ،‬كجدّه القاضي سيدي التهامي أفيالل‪ ،‬أو عمّه الوزير سيدي محمد بن التهامي‪ ،‬أو أخيه األديب‪ ،‬سيدي البشير أفيالل‪ ،‬أو واردة عليهم وعلى‬ ‫أفراد آخرين من هذا البيت‪.‬‬ ‫ولمّا كانت هذه المراسالت لها قيمة أدبية وتاريخية‪ ،‬ولم يسبق أن رأت النور‪ ،‬أو اهتمّ أحد بإخراجها للناس‪ ،‬استأذنّا صاحب األرشيف‪ ،‬الشريف المذكور‪ ،‬في العمل على إخراجها وتيسيرها للنّاس عبر‬ ‫صفحات جريدة الشمال الغراء‪ ،‬التي تستأثر بنشرها‪ ،‬فوافق مشكوراً مأجوراً‪ ،‬وقمنا نحن برقن هذه الرسائل‪ ،‬وصنّفناها حسب ّ‬ ‫كل شخص (منه‪/‬عليه)‪ ،‬وآثرنا أن نبتدئ باألقدم تاريخاً‪ ،‬فكان صاحب السبق هو‬ ‫القاضي الشهير‪ ،‬والفقيه الكبير‪ ،‬سيدي التهامي بن محمد أفيالل (ت‪1339:‬هـ)‪ ،‬وقد استوفينا رسائله –حسبما عثرنا عليه‪ -‬في الحلقات الماضية من هذه الجريدة‪ ،‬ونثنّي برسائل ولده العالمة الوزير سيدي‬ ‫محمد أفيالل الصادرة منه والواردة عليه‪.‬‬

‫الحمد هلل وحده‬ ‫[الرسالة‪]114 :‬‬ ‫سيدنا وموالنا محمد وآله‬ ‫[من محمد المرير إلى صديقه أحمد‬ ‫السيد السنــد‪ ،‬الذي عليــه في صفــــاء‬ ‫الدراوي‪ ،‬يعزّيه فيها في والدته]‬ ‫الود وخلوصه المعتمد‪ ،‬فريد األوان‪ ،‬ووحيد‬ ‫وص ّلى اهلل‬ ‫الحمد هلل وحده‬ ‫الفضل في هـــذا الزمان‪ ،‬الع ّ‬ ‫المــة األوحد‪،‬‬ ‫على سيدنا محمد وآله وسلم‬ ‫ّ‬ ‫األجل األمجد‪ ،‬سيدي البشير أفيالل‪،‬‬ ‫الشريف‬ ‫ّ‬ ‫محـل والدنـــا األعـــزّ األرضى‪ ،‬المكرّم‬ ‫أبقاكم اهلل للمعارف تبنون معالمها‪ ،‬وللعلوم‬ ‫اهلل‬ ‫رعـــاك‬ ‫الدراوي‬ ‫أحمــد‬ ‫سيدي‬ ‫األحظى‪،‬‬ ‫تفسرون منطوقها ومفهومها‪ ،‬وسالم عليكم‬ ‫موالنا‬ ‫خير‬ ‫عن‬ ‫اهلل‪،‬‬ ‫ورحمـــة‬ ‫عليـك‬ ‫وسالم‬ ‫ورحمة اهلل‪.‬‬ ‫نصره اهلل‪.‬‬ ‫وبعد‪ ،‬وصلت مراجعتكم القيمة في‬ ‫وبعد‪ ،‬فقد بلغنا خبر موت زوجتكم رحمها‬ ‫مسألة الرجوع عن اإلقرار بوارث‪ ،‬وما ظهر‬ ‫اهلل وبرّد ضريحها‪ ،‬وأسكنها من الجنّة‬ ‫لكم في معارضة كالم المتّيطي والعقباني‪،‬‬ ‫فسيحها‪ ،‬وقد أسفنا لمصابها‪ ،‬وشاطرناكم‬ ‫وما نقله من التفصيل في ذلك للشيخ الوزاني‬ ‫األسف على فقدها‪ ،‬واألمر هلل‪ ،‬وال مردّ لما‬ ‫الخ‪ ،‬فدعتني تلك األبحاث السّامية إلى‬ ‫قضاه‪ ،‬وهذا حال الدنيا‪ّ ،‬‬ ‫وكل من عليها فان‪،‬‬ ‫مراجعة ما في القضية من النقول‪ ،‬وإمعان‬ ‫سالم‬ ‫والسيد‬ ‫كذلك‪،‬‬ ‫وقد أسفنا سيدنا الوالد‬ ‫النظر فيما يحيط بها من الفروع واألصول‪،‬‬ ‫الجلل‪،‬‬ ‫المصاب‬ ‫لذلك‬ ‫الريفي‪ ،‬وأهل الدار‬ ‫فتبيّن ألخيكم ّ‬ ‫أن الخالف في المسألة‬ ‫المذكورين‬ ‫عن‬ ‫وبالنيابة‬ ‫فنقدم لكم بنفسنا‬ ‫منشؤه فيما يظهر التخالف في المدرك الذي‬ ‫اهلل‬ ‫من‬ ‫لكم‬ ‫ونسأل‬ ‫فيها‪،‬‬ ‫مراسيم التعزية‬ ‫كل جانب‪ ،‬وال يصحّ البحث إ ّ‬ ‫الحظه ّ‬ ‫ال بنقل‬ ‫محمد المرير ومحمد عزيمان‬ ‫يبقيكم‬ ‫وأن‬ ‫الجزيل‪،‬‬ ‫واألجر‬ ‫الصبر الجميل‪،‬‬ ‫النّصوص من أصولها بكمالها‪ ،‬فأقول‪:‬‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫في نعمة وعافية‪ ،‬آمين‪ .‬مسلما عليكم‬ ‫ّ‬ ‫إن الذي سبق إلى نقل هذه المسألة هو‬ ‫والسالم‪.‬‬ ‫المحبّة‬ ‫وعلى‬ ‫يرعاكم‪،‬‬ ‫والمولى‬ ‫عنّا‪،‬‬ ‫نيابة‬ ‫وعزّهم‬ ‫المذكورين بأتمّه‪ ،‬وس ّلم منّا على أنجالكم‬ ‫اإلمام السجلماسي في شرح العمل إذ قال‪ :‬إذا رجع المقرّ بالوارث عن إقراره هل يبطل أم ال؟ ففي آخر‬ ‫في ‪ 1‬حجة عام ‪1338‬هـ‪.‬‬ ‫جواب الحفيد المنقول عنه في الشبهة األولى أنّه يبطل‪ ،‬ونصه‪ّ :‬‬ ‫إن الرجوع المقرّ بالعصوبة عمّا أقرّ‬ ‫به‪.‬‬ ‫اهلل‬ ‫لطف‬ ‫المرير‬ ‫المهدي‬ ‫بن‬ ‫محمد‬ ‫ً‬ ‫به قبل موته يبطل اإلقرار ويمحو أثره‪ ،‬ليمنع خلوّه ذلك عن أن يكون رجوعا عن الوصية أو رجوعا عن‬ ‫والجواب وجهه باسمنا بدار النيابة بطنجة‪ .‬الشهادة‪ ،‬وكالهما مسقط حكم ما تضمّنه اإلقرار‪ .‬وكذا صرّح قاضي الجزائر عبد الحق في جواب له‬ ‫أن للمقرّ الرجوع عن هذا اإلقرار‪ ،‬فانظر ذلك مع ما في ّ‬ ‫ّ‬ ‫الحطاب عن المتّيطي‪ .‬ونصّه‪ :‬فإن أقرّ هذا‬ ‫المشهد لما مرّ أنّه وارثه‪ ،‬وال وارث له غيره بعد إقراره األول‪ ،‬وبعد إقراره الثاني‪ ،‬قاله في المتّيطيّة‪.‬‬ ‫[الرسالة‪]115 :‬‬ ‫انتهى كالم ّ‬ ‫الحطاب‪ .‬ومثل ما قاله في المتّيطية مذكور في الوثائق المجموعة‪ ،‬وفصّل في طرر ابن‬ ‫ّ‬ ‫[من محمد المرير إلى صديقه السيد البشير أفيالل‪ ،‬يجيبه فيها على رقعته‪ ،‬ويتشوق فيها لزيارته] عات بين أن [‪ ]...‬أوّ ًال وثانيا إلى متساويين‪ ،‬وبين أن يكون المقرّ له ثانيا أحق‪ ،‬ومثل ذلك فقال‪ :‬مثل‬ ‫أن يقول أوّال فالن ابن عمي ووارثي‪ ،،‬ثمّ قال آخر‪ ،‬فالن ابن عمي ووارثي ألمر‪ ،‬فهو هنا يكون إقراره‬ ‫وصلى اهلل على سيدنا محمد وآله‬ ‫الحمد هلل وحده‬ ‫األول أعمل‪ ،‬وال شيء للثاني‪ ،‬وأمّا لو قال فالن ابن عمي ووارثي‪ ،‬ثمّ قال آخر فالن أخي ألبي أو شقيقي‪،‬‬ ‫سيدي وسندي‪ ،‬ومن عليه في صفاء الودّ معتمدي‪ ،‬العالم النبيل‪ ،‬الشريف الجليــل‪ ،‬أبي األفـــراح لكان اإلقرار األخير أعمل‪.‬‬ ‫موالي البشير‪ ،‬وصل اهلل بالبشر والسّرور أيامكم‪ ،‬وحرس بعين عزّه وعنايته مقامكم‪ ،‬وصلتني رسالتكم‬ ‫ولعل ما سبق يرجع إلى هذا التفصيل‪ ،‬هذا كله كالم السجلماسي بلفظه‪ .‬ولفظ ّ‬ ‫الحطاب‪ :‬فإن أمر‬ ‫األنيقة‪ ،‬وعبارتكم ال ّلطيفة الرقيقة‪ ،‬في حين اشتياق إلى طلعتكم البهية‪ ،‬وتشوّق إلى سماع صحيح‬ ‫أحاديث شمائلكم السنية‪ ،‬فكانت فاتحة سوَر السّرور‪ ،‬وطالعة كتاب سعادة لقر العيون وتبتهج الصدور‪ .‬هذا المشهد ألخبر أنه وارثه‪ ،‬وال وارث له غيره بعد إقرار األول‪ ،‬بطل األخير‪ ،‬أي‪ :‬اإلقرار الثاني‪ ،‬قال في‬ ‫المتيطية‪ .‬انتهى كالم الحطاب بلفظه‪ .‬وبهذا يتبين أن الشيخ الوزاني إنما هو ناقل كالم غيره‪ ،‬ولم‬ ‫ْ‬ ‫مبتدعـــــة‬ ‫�رشفتـنـي بـــرفعــــة‬ ‫فاحتتــني َّ‬ ‫يصدر في هذه المسألة شيئا من نظره ورأيه‪ّ ،‬‬ ‫وأن الذي أبدى المعارضة هو السجلماسي‪ ،‬وعليه‪ ،‬فيتخلص‬ ‫المسألة في أقوال ثالثة‪ :‬األول ما أفتى به الحفيد العقباني وعبد الحق قاضي الجزائر‪ ،‬هو صحة الرجوع‬ ‫منـوعـــــة‬ ‫بل رو�ضة ممطورة �أزهــــارها ّ‬ ‫وإلقاء إقرار األول‪ .‬القول الثاني‪ :‬ما نقله الحطاب عن المتّيطي وس ّلمه من ّ‬ ‫أن العمل على إقرار األول‪ ،‬وال‬ ‫بالغـــة مختــــرعـــة‬ ‫حديقــة قــد جدتــها‬ ‫اعتبار للثاني‪ .‬القول الثالث بما لتفصيل بين أن يقرّ المتساويين في العصوبة أوّال وثانيا‪ ،‬وبين أن يقر‬ ‫يف ط ّيها م�ستودعـــة‬ ‫كــــم حكــم لطيفــــة‬ ‫ثانيا بما هو أقر وأحق‪ ،‬فإن أقر لمتساويين فإن العمل على اإلقرار األوّل وال أثر للثاني‪ ،‬ويدخل باألول ما‬ ‫إذا أقرّ أوّال لمن هو أحق‪ ،‬ثم رجع‪ ،‬وغن أقر ثانيا لمن هو احق وأقر به فإنّه يلغى األول‪ ،‬ويعمل بالثاني‪.‬‬ ‫ود مرتعـــة‬ ‫�سقيتني من ف�ضلهـا‬ ‫بكـــ�أ�س ّ‬ ‫وهذا التفصيل هو الذي ترجى العالمة السجلماسي أن يكون مرجع القولين األولين إليه فيرتفع‬ ‫على عـــالك جممعــة‬ ‫فدم و�أعـالم الورى‬ ‫الخالف‪ ،‬ويؤول األمر إلى االئتالف‪ ،‬وهو منهج حسن إذ الجمع بين أقوال العلماء مطلوب ما أمكن‪ ،‬وعندي‬ ‫هو كتاب كريم ورد من صديق حميم‪ ،‬وامتأل عتاباً‪ ،‬ومالماً‪ ،‬لكنّه كان على قلبي برداً وسالماً‪ ،‬بل كان‬ ‫ّ‬ ‫أن مدرك القول األول‪ :‬هو مالحظة أن المسألة تُخرج مخرج الوصية كما صرح بذلك صاحب هذا القول‪.‬‬ ‫وثيقة ّ‬ ‫مؤكدة لصحيح العهود مجدّدة لما ال ينقطع بحول اهلل‪ ،‬وإن طال المدى من حبل الودّ المعقود‪.‬‬ ‫ومدرك الثاني‪ :‬أن هذا إقرار يحق لمخلوف صدر من صاحبه في حال صحة وطوع وجد أن األصل في‬ ‫غي ال ّن�أي املح ّبينا‬ ‫يغينا �إذ طاملا رّ‬ ‫ال حت�سبوا ن�أيكم عنّا رّ‬ ‫اإلقرار اللزوم من البر والفاجر‪ ،‬وال يصح الرجوع عنه إال بعذر مقبول‪ ،‬وال عذر هنا يصح قبوله‪ ،‬قال شهاب‬ ‫هذا سيّدي‪ ،‬وما ألفتم في تلك القضايا ور ّقيتم من األشكال التي [‪ ]...‬أن إخالكم عليه العهدة في الدين القرافي‪ :‬األصل في اإلقرار اللزوم من البر والفاجر‪ ،‬ألنه على خالف الطبع‪ ،‬قال‪ :‬فضابط ما ال يجوز‬ ‫إطالة المدّة‪ ،‬وعدم االتصال‪ ،‬وأنه المسؤول في عدم إنجاز الوعد‪ ،‬وانتهاج نهج المطال‪ ،‬فهو وإن كان الرجوع عنه من اإلقرار هو الرجوع الذي ليس فيه عذر عادي‪ ،‬وضابط ما يجوز الرجوع عنه أن يكون له‬ ‫يجب تلقيه منكم بالتسليم‪ ،‬فاإلنصاف ّ‬ ‫أن األمر مشترك إن لم نقل على سيادتكم في ذلك ك ّله الدّرك‪ ،‬إذ في الرجوع عنه عذر عادي انتهى‪.‬‬ ‫األمر‬ ‫كان‬ ‫وإذا‬ ‫أمركم‪،‬‬ ‫طوع‬ ‫وأنّه‬ ‫االجتماع‪،‬‬ ‫توقيت‬ ‫في‬ ‫وحكمكم‬ ‫كم من مرّة ألقى أخوكم األمر بيدكم‪،‬‬ ‫وأما مدرك القول الثالث‪ :‬وهو التفصيل وإعمال الرجوع إلى من هو أقرب وأحق‪ ،‬فهو ّ‬ ‫أن هذا الرجوع‬ ‫ّ‬ ‫قال‪:‬‬ ‫من‬ ‫أجاد‬ ‫كما‬ ‫االمتثال‪،‬‬ ‫ال‬ ‫إ‬ ‫عليه‬ ‫كذلك فأنتم الحاكمون‪ ،‬وما للمحكوم‬ ‫له في الجملة عذر‪ ،‬إذ يمكن أن يكون سها عن هذا األقرب‪ ،‬ثم تذكر أو تبين له أنه ال يمكن اإلقرار‬ ‫وصلى اهلل على‬

‫ترحلت عن قوم وقد قدروا‬ ‫�إذا ّ‬

‫هم‬ ‫�أن ال تفارقهم ّ‬ ‫فالراحلون ُ‬

‫ثمّ بعد هذا‪ ،‬أكرّر ألخوّتكم أن تعينوا وقت االجتماع ليجاب أمركم المطاع‪ ،‬ثمّ تقبّلوا فائق تحياتنا‬ ‫القلبية‪ ،‬والسالم في ‪ 15‬قعدة عام ‪1374‬هـ موافق ‪ 5‬يوليه سنة ‪1955‬م‪.‬‬ ‫أخوكم المخلص‪ :‬محمد المرير‬

‫[الرسالة‪]116 :‬‬ ‫[من محمد المرير إلى صديقه السيد البشير أفيالل‪ ،‬في مراجعة فقهية بينهما]‬

‫لألبعد مع وجود األقرب‪ ،‬أما في مسألتيه فإنه إن رجع وال وارث له فإنه يكون أقر لبيت المال‪ ،‬وبيت المال‬ ‫إمّا أن يقال‪ :‬إنّه جامع للضائع فقط‪ ،‬فال دخل له في العصوبة‪ ،‬وإما أن يقال إنه عاصب‪ ،‬فعلى القول‬ ‫بأنه جامع فقط فال شمول للعصوبة له ألنه خارج عنهما‪ ،‬وعلى القول بأنه عاصب فهو أحط المراتب‬ ‫ألنه ال يدخل حتى ال يبقى من يمت إلى الموروث باد في نسب من العصوبة كما هو واضح‪ ،‬فهنا يكون‬ ‫اإلقرار ثانيا لمن هو أحط‪ ،‬ويدخل في مسألة المتساويين التي حكم فيها في الضرر بإعمال اإلقرار الثاني‪،‬‬ ‫وإليكم النظر بعد في ذلك‪ ،‬واهلل [‪ ]...‬ومن كل سوء يقيكم‪ ،‬والسالم عليكم‪.‬‬ ‫من أخيكم محمد المرير وفقه اهلل‪.‬‬


‫الثالثـاء ‪� 15‬إلى ‪� 21‬أكـتـوبر ‪2019‬‬

‫العدد ‪1015‬‬

‫كتابات يف تاريخ‬ ‫منطقة ال�شمال ‪:‬‬

‫(‪)916‬‬

‫لعل من حسنات تطور مناهج البحث التاريخي المعاصر‪،‬‬ ‫انفتاحها المتواصل على حقول اإلبداع المتشعبة‪ ،‬نثرا‬ ‫وشعرا وتشكيال وتجسيدا وأنغاما‪ .‬لم يعد المؤرخ يكتفي‬ ‫باالستكانة لعطاء النص اإلسطوغرافي التقليدي قصد‬ ‫إعادة “تدوير” المعطيات والوقائع‪ ،‬كما لم يعد يطمئن‬ ‫لمتون الوثائق المدونة المتوارثة‪ ،‬بل أضحى ينحو باستمرار‬ ‫إلى توسيع مفهوم الوثائق والمصادر والمراجع والشواهد‬ ‫واللقى والمحكيات‪ ،‬في أفق البحث عن خصوبة عطاء حقول‬ ‫المعرفة التاريخية المجددة التي تطبع زماننا الراهن‪ ،‬مثل‬ ‫تاريخ الذهنيات‪ ،‬والتراث الالمادي‪ ،‬وتاريخ المعتقدات‪،‬‬ ‫وحصيلة التمثالت الرمزية للواقع وللوجود‪ ،‬وسير األحالم‪،‬‬ ‫وطقوس السحر‪ ،‬وتنوع المعتقدات الشعبية الغيبية‪...،‬‬ ‫وفي كل هذه المجاالت‪ ،‬ظلت المدونات التقليدية قاصرة‬ ‫عن تقديم األجوبة التأصيلية ألدوات اشتغال المؤرخ‪.‬‬ ‫وفي المقابل‪ ،‬أضحى واضحا أن األمر أصبح يفرض انفتاحا‬ ‫متواصال على حقول اإلبداع المتشعبة‪ ،‬قصد إعادة قراءتها‬ ‫وفق رؤى نسقية تعيد استلهام المضامين‪ ،‬عبر وضعها في‬ ‫سياقاتها الفردانية التي تتيح إمكانيات هائلة لالستماع‬ ‫لنبض األصوات الخفيضة‪ ،‬الرمزية وغير المدونة‪ ،‬مما لم‬ ‫تكن تثير أدنى انتباه لدى المشتغلين بصنعة كتابة التاريخ‬ ‫في أبعادها التخصصية الحصرية الضيقة‪.‬‬ ‫في إطار هذا التصور العام‪ ،‬يندرج اهتمامنا باالنفتاح‬ ‫على مضامين ديوان “ثملت كأسي”‪ ،‬للشاعر محمد ابن‬ ‫يعقوب‪ ،‬الصادر سنة ‪ ،2019‬في ما مجموعه ‪ 102‬من‬ ‫الصفحات ذات الحجم المتوسط‪ .‬فالعمل اختزال لمجمل‬ ‫الخصوصيات المعرفية التي حددنا أبعادها أعاله‪ ،‬بالنظر‬ ‫لخصوبة المضامين ولكثافة المعاني ولغزارة االستعارات‪،‬‬ ‫ثم بالنظر لقدرة الشاعر على التقاط التفاصيل المجردة‬ ‫المنفلتة من بين ثنايا الكتابة التاريخية التقليدانية‪ .‬وإذا‬ ‫كنا –في هذا المقام‪ -‬ال ننوي الخوض في مجال األدوات‬ ‫الشعرية والتقنيات الجمالية المميزة لبنية قصيدة الشاعر‬ ‫ابن يعقوب‪ ،‬مما يمكن أن يهتم به المتخصصون من نقاد‬ ‫الشعر المغربي المعاصر‪ ،‬فإننا –في المقابل‪ -‬نسعى للتركيز‬ ‫على تتبع عين الشاعر في التقاطها للجزئيات وللتفاصيل‬ ‫المحتضنة لطرق التوثيق اإلبداعي والجمالي واإلنساني‬ ‫للواقع ولتحوالته‪ .‬ال يتعلق األمر بتتبع استقرائي للكتابة‬ ‫التقريرية المباشرة الخاصة بالمتون التاريخية الكالسيكية‪،‬‬ ‫بقدر ما أنها قبض على طرق رصد االهتمامات الثقافية‬ ‫والذهنية لنخب المجتمع وألشكال تفاعلها مع تغيرات‬ ‫الواقع‪ .‬ومعلوم أن كتابة التاريخ الثقافي ألي مجتمع‪ ،‬ال‬

‫ديوان “ثملت ك�أ�سي”‬ ‫تستقيم إال عبر تجميع رصيد المنجز الثقافي واإلبداعي‬ ‫والجمالي الذي ينتجه المجتمع في سياق تطوراته التاريخية‬ ‫الطويلة المدى‪ .‬فبنفس القدر الذي يسمح به هذا الديوان‬ ‫برصد منعرجات تجربة الشاعر محمد ابن يعقوب‪ ،‬بدءا من‬ ‫ديوانه األول المعنون ب”لم ينطفئ الثلج” (‪ )2000‬ومرورا‬ ‫بمجمل دواوينه األخرى‪“ ،‬قليال‪ ..‬ويستيقظ القمر” (‪،)2004‬‬ ‫و”ملح في عيون وعيون” (‪ ،)2008‬و”عندما يكذب السكون”‬ ‫(‪ ،)2011‬و”خبز ومقام انصراف” (‪ ،)2016‬وبشائر وذخائر”‬ ‫(‪ ،)2016‬وانتهاءا بديوان “ثملت كأسي”‪ ،‬يسمح هذا العمل‬ ‫برصد أوجه تفاعل ذات الشاعر مع تحوالت المحيط والواقع‪،‬‬ ‫وفق رؤى متخلصة من صرامة التوثيق التقريري الحديدي‪.‬‬ ‫وبذلك‪ ،‬تقدم نصوص الديوان رؤى عميقة تعطي لنفسها‬ ‫كامل الحق قصد التوثيق لما ال يمكن التوثيق له في إطار‬ ‫الكتابات التاريخية التخصصية‪ .‬يتعلق األمر بقراءات نفسية‬ ‫وفردانية ووجدانية تتحدى شراسة الواقع وبؤس مآل‬ ‫االنحطاط والتردي المهيمن على المشهد العام‪ ،‬مثلما هو‬ ‫الحال مع النقد القاسي الذي خصصه الشاعر للواقع العربي‬ ‫الراهن في نص “وال يوم الحذاء” (ص‪ ،)29 .‬أو مع تفاعله مع‬ ‫أحداث االنقالب العسكري الفاشل على الديمقراطية الذي‬ ‫عرفته تركيا سنة ‪( 2016‬ص‪ ،)36 .‬أو مع تداعيات فشل‬ ‫المؤتمر التاسع عشر التحاد كتاب المغرب المنعقد بمدينة‬ ‫طنجة سنة ‪( 2018‬ص‪...،)60 .‬‬ ‫هي كتابة تقدم قراءة عميقة لواقع متغير‪ ،‬قراءة متحررة‬ ‫من ضغط الوالء ومن إكراه االنزياح ومن سلطة االنبطاح‬ ‫ومن سيل التنميط الجارف‪ .‬ويزداد هذا األمر عمقا‪ ،‬بتوجه‬ ‫الشاعر نحو االحتفاء بحميميات المكان عبر االستحضار‬ ‫المتواصل لفضاءات مدينته‪/‬معشوقته شفشاون‪ ،‬االبنة‬ ‫الشرعية ل”أندلس األعماق”‪ .‬وفي هذا الجانب بالذات‪،‬‬ ‫تكمن القيمة المعرفية الكبرى لمضامين الديوان‪ .‬فمن‪،‬‬ ‫غير الشاعر‪ ،‬يستطيع تخليد الوجوه واألمكنة والمحكيات‬ ‫واألهازيج والتعبيرات الرمزية والعاطفية المختلفة؟‬ ‫ولالقتراب من معالم هذا األفق العام‪ ،‬يمكن‬ ‫االستدالل ببعض مما كتبه الشاعر في ديوانه “ثملت‬ ‫كأسي”‪ .‬ففي نص “رواية ظل”‪ ،‬يقول محمد ابن يعقوب‪:‬‬ ‫“‪ ...‬في قيلولته الملتهبة‬ ‫ ‬ ‫أروي عن ظلي‬ ‫ ‬ ‫ما يفيء علي به‬ ‫ ‬ ‫في امتداده‬ ‫ ‬

‫وشما‬ ‫ ‬ ‫يأخذني‬ ‫ ‬ ‫من زمني‬ ‫ ‬ ‫نحو غرناطة‬ ‫ ‬ ‫عابرة في تبخترها‬ ‫ ‬ ‫لتعانق شفشاون أختا‬ ‫ ‬ ‫وكالما‬ ‫ ‬ ‫ومساحة عشق‬ ‫ ‬ ‫‪...‬‬ ‫ ‬ ‫كانت شفشاون‬ ‫ ‬ ‫يومه‬ ‫ ‬ ‫في حجم نهار طويل‬ ‫ ‬ ‫وبظل‬ ‫ ‬ ‫لم أزل‬ ‫ ‬ ‫أروي عنه‪( ”...‬ص ص‪.)7-5 .‬‬ ‫ ‬ ‫وفي قصيدة “بين مرور ومرور”‪ ،‬يقول الشاعر‪:‬‬ ‫“لما يمر قطار الشاون‬ ‫ ‬ ‫في صمته الهارب‬ ‫ ‬ ‫أبدا‬ ‫ ‬ ‫من محطته‬ ‫ ‬ ‫يسكن ليل المدينة‬ ‫ ‬ ‫وتموت النجوم‬ ‫ ‬ ‫تستوي أوجه‬ ‫ ‬ ‫في العراء على سوقها‬ ‫ ‬ ‫بمالمح‬ ‫ ‬ ‫أحسبها‬ ‫ ‬ ‫في حوانيتها‬ ‫ ‬ ‫تحتكرالضحكة‬ ‫ ‬ ‫والكعكة‬ ‫ ‬ ‫وتجيدالنكتة‬ ‫ ‬ ‫في سكر‬ ‫ ‬

‫فعاليات مدنية تطالب بحماية الرأسمال‬ ‫المادي والالمادي لوزان‬ ‫وزان ‪ :‬محمد حمضي‬ ‫ال يختلف اثنان بأن الرأسمال‬ ‫المادي والالمادي يشكل رافعة‬ ‫أساسية من رافعات التنمية‪ ،‬لذا يعتبر‬ ‫الحفاظ عليه بحمايته من معاول‬ ‫البشر‪ ،‬والمناخ‪ ،‬والزمن‪ ،‬والترويج له‬ ‫وفق خطة مدروسة‪ ،‬من مسؤولية‬ ‫(بدرجات متفاوتة) الفاعل العمومي‬ ‫والمدني والخاص ‪.‬‬ ‫دار الضمانة من المــدن التي‬ ‫يشهد تاريخها التليـد‪ ،‬بغنى وتنوع‬ ‫موروثها بشقيه المادي والالمادي‪،‬‬ ‫لكن هذا المــوروث المميز لهوية‬ ‫وزان‪ ،‬وبعد أن لعب دورا رياديا في تدوير‬ ‫عجلة االقتصاد المحلي‪ ،‬سرعان ما سيخفت‬ ‫حضوره في المعادلة التنموية للمدينة‪،‬‬ ‫وذلك راجع باألساس للترييف الذي لحق‬ ‫المدينة ‪ .‬ترييف دك معالمها التاريخية‪،‬‬ ‫وطبع هذه األخيرة بالقبح في أبشع صوره‪،‬‬ ‫حتى أن عملية تأهيل المدينة العتيقة التي‬ ‫انطلقن نهاية ‪2006‬ر‪ ،‬لم تطرد هذا القبح‬ ‫بل كرسته‪ ،‬والسبب في ذلك نعثر عليه‬ ‫في قتل المقاربة التشاركية‪ ،‬واالنزالق عن‬ ‫سكة اإلخالص في العمل ونظافة اليد ‪.‬‬ ‫وفي إطار «ما اجتمعــت أمتي على‬ ‫ضاللة»‪ ،‬ومساهمة من فعاليــات مدنية‬ ‫في عملية نفض الغبار عن ما تزخـر به‬ ‫دار الضمانة من مــوروث‪ ،‬سارعــت هذه‬ ‫الفعاليات في الشهور األخيرة إلى النبش‬ ‫بحي بني مرين بحثا عن منبع مائي يعود‬ ‫تاريخه لقرون خلت‪ ،‬جاور حسـب فاعـــل‬ ‫مدني مهووس باالشتغال على الرأسمال‬ ‫المادي لوزان‪ ،‬مسجدا حمل اسم « مسجد‬

‫‪16‬‬

‫موروث مادي مهدد باالندثار‬

‫عين بني مرين‬

‫المالئكة» قبل أن تعدمه هو كذلك‬ ‫نفس العوامل التي سبقت اإلشارة‬ ‫إليها ‪.‬‬ ‫عملية النبش المشــار إليها‬ ‫وكلفتها المالية المستخلصة من‬ ‫جيوب عشاق وزان فعال وليس كالما‪،‬‬ ‫انتهت بخروج «عين بني مرين»‬ ‫للوجود‪ ،‬مما خلف ارتياحــا واسعــا‬ ‫في صفوف كل من علم بالمبادرة‬ ‫المدنية الواعدة التي تجسد عمليا‬ ‫سلوك المواطنة الحقة ‪.‬‬ ‫ورش تأهيل هذا المنبع المائي‬ ‫التاريخي توقف قبــل شهـور في‬ ‫انتظار تدخل مجلس جماعـــة وزان‬ ‫إلتمام عملية تبليط المساحة المحيطة‬ ‫به‪ ،‬وحماية العين بشباك بلمسة الخيال‬ ‫المبدع للصانع التقليدي الوزاني ‪.‬‬ ‫وبمناسبة الحديـــث عن الرأسمـــال‬ ‫المادي والالمادي لوزان‪ ،‬وجبت اإلشارة‬ ‫للقوس التاريخي المعزول في زاوية عند‬ ‫مدخل المدينة من جهة طريق الرباط‪،‬‬ ‫المهدد بالسقوط واالندثار في أي لحظة‬ ‫إن لم تتدارك األمر الجهات المعنية‪،‬‬ ‫وعلى رأسها مجلس الجماعة‪ ،‬فتسارع إلى‬ ‫ترميمه وتسليط الضــوء على تاريخه‬ ‫الذي تقول بعض حكاياته بأنه كان بابا‬ ‫من بين أبواب رياض فسيح‪ ،‬زمان بنائه‬ ‫يعود لقرون مضت‪ ،‬قبل أن تدك معالمه‬ ‫التي لم ينج منها إال القوس المذكور‬ ‫الذي استعصـــى على كـــل العوامـــل‬ ‫البشرية والمناخية محـــو آثاره‪ ،‬ليظل‬ ‫شاهدا بأن وزان كانت لها بصمتها في‬ ‫الحضارة اإلنسانية ‪.‬‬

‫�أ�سامـة الزكاري‬ ‫‪zougariousama@gmail.com‬‬

‫رخيص‬ ‫ ‬ ‫في تالوينها‬ ‫ ‬ ‫وبأرشيف شاوونها‬ ‫ ‬ ‫تتساقط أوراق الخريف الوارف‬ ‫ ‬ ‫في مقصفها‬ ‫ ‬ ‫تتشظىالمرايا‬ ‫ ‬ ‫تحت صفير القطار العائد‬ ‫ ‬ ‫فجرا‬ ‫ ‬ ‫لمحطته‬ ‫ ‬ ‫ويقوم الصبح إماما‬ ‫ ‬ ‫لصالة األصفياء” ( ص ص‪.)35-33 .‬‬ ‫ ‬ ‫وعلى هذا المنوال‪ ،‬تنساب اللغة الشاعرية الشفيفة‬ ‫للشاعر محمد ابن يعقوب‪ ،‬صانعة معالم تميزها‪ ،‬ومعيدة‬ ‫تأثيث فضاءات مدينة شفشاون بقيم البهاء وبنعم الجمال‬ ‫وبخصال التميز‪ .‬هي كتابة لمحو بشاعة الواقع وإلعادة‬ ‫كنس نظم القبح داخل الفضاء العام المشترك‪ .‬هي كتابة‬ ‫الشاعر المحتفية باللحظة‪ ،‬صانعة معالم تميز الهوية‬ ‫المحلية التي تسمو بروح الشاعر المبدع في سفره اإلبداعي‬ ‫المخصوص‪.‬‬

‫وزان‪ :‬أجيال تطلق مشروعاً‬ ‫يستهدف الرفع من المشاركة‬ ‫السياسية للمرأة باإلقليم‬

‫أعطت جمعية أجيال للتنمية بمقريصات إشارة االنطالقة لمشروع «المشاركة السياسية للمرأة‬ ‫آلية أساسية للحكامة المحلية»‪ ،‬وذلك يوم الجمعة ‪ 5‬أكتوبر ‪ 2019‬بدار الشباب وزان‪ .‬حظر حفل‬ ‫االنطالقة عدد من الشخصيات المهتمة بالشأن السياسي المحلي منهم عدد من النساء وبعض‬ ‫ممثلي الهيئات السياسية والمصالح الخارجية للوزارات‪.‬‬ ‫وحسب الجمعية المشرفة على المشروع فإنه يأتي في سياق عمل المغرب على الرفع من‬ ‫التمثيلية السياسية للنساء في مراكز القرار العمومي ومالءمة قوانينه من خالل تعديل قانون األحزاب‬ ‫السياسية واعتماد مبدأ التمييز اإليجابي لصالح النساء في االنتخابات والتعيين في المؤسسات‬ ‫العمومية وكذا دعوة صاحب الجاللة إلى الرفع من تمثيلية النساء في االستحقاقات االنتخابية القادمة‪.‬‬ ‫ويهدف المشروع إلى المساهمة في ولوج المرأة إلى تدبير الشأن العام المحلي بالجماعات‬ ‫الترابية إلقليم وزان‪ ،‬وذلك بالرفع من نسبة النساء المسجالت في اللوائح االنتخابية باإلقليم وتقوية‬ ‫قدرات النساء القياديات في األحزاب السياسية على المستوى المحلي واإلقليمي في مجال المرافعة‬ ‫والتواصل وكسب التأييد وتقوية قدرات المنتخبات المحليات في تدبير الشأن المحلي والرفع من‬ ‫نسبة النساء المشاركات في االنتخابات المحلية المقبلة تصويتا وترشيحا‪.‬‬ ‫وقد وضع أصحاب المشروع نصب أعينهم استهداف النساء المستفيدات من برنامج محو األمية‬ ‫باإلقليم والتلميذات والتالميذ المنخرطين في أندية التربية على المواطنة وحقوق اإلنسان بالثانويات‬ ‫التأهيلية لإلقليم والمستشارات الجماعيات بالجماعات المحلية باإلقليم والقطاعات النسائية لألحزاب‬ ‫والفاعالت والفاعلين الجمعويين وعضوات هيئات المساواة وتكافؤ الفرص ومقاربة النوع الفاعلة‬ ‫باإلقليم‪.‬‬ ‫يذكر أن جمعية أجيال تنفذ هذا المشروع بشراكة مع وزارة الداخلية ممثل في اللجنة المكلفة‬ ‫بتفعيل صندوق الدعم المخصص لتشجيع تمثيلية النساء وعمالة إقليم وزان والمندوبية اإلقليمية‬ ‫لمحاربة األمية بإقليم وزان والمديرية اإلقليمية لوزارة التربية الوطنية والجمعيات المناصرة لقضية‬ ‫المرأة والجماعات المحلية باإلقليم‪.‬‬

‫أحمد هاللي‬


‫العدد ‪1015‬‬

‫�أعالم‬ ‫ال�شمال ‪:‬‬ ‫من‬

‫‪17‬‬

‫الثالثـاء ‪� 15‬إلى ‪� 21‬أكـتـوبر ‪2019‬‬

‫األستاذ المربي والفقيه المدرس‬ ‫سيدي عبد المجيد بن محمد أخريف(‪ 1349 )1‬ـ ‪1438‬هـ‬ ‫‪2/1‬‬

‫بيت أخريف‪:‬‬ ‫ينتمي بيت أخريف إلى األشراف العلميين المشهورين في بالد المغرب‪ ،‬وأفراد هذا البيت ينتسبون‬ ‫إلى علي بن أبي بكر بن علي بن بوحرمة بن عيسى بن سالم (العروس) بن أحمد المزوار بن علي‬ ‫حيدرة بن محمد بن إدريس األزهر بن إدريس األكبر دفين زرهون‪.‬‬ ‫ولقد أقام كثير من أبناء هذه األسرة الشريفة في كثير من قرى قبيلة بني عروس من‬ ‫شمال المغرب‪ ،‬وكان مستقرهم األصلي في مدشر دار الحيط من القبيلة المذكورة‪ ،‬ومنه انطلقوا‬ ‫لالستيطان في مداشر عديدة منها‪ :‬الحارش‪ ،‬مجمولة‪ ،‬ميصرة‪ ،‬كما وجدت هذه األسرة في بعض‬ ‫قبائل ومدن شمال المغرب مثل‪ :‬بني كرفط‪ ،‬سماتة‪ ،‬األخماس‪ ،‬بني سعيد‪ ،‬واستقر بعضهم في‬ ‫بعض الحواضر مثل‪ :‬أصيال والقصر الكبير وتطوان وطنجة‪.‬‬ ‫وهذه األسرة على امتداد تاريخها كان لها حضور علمي متميز في مختلف القبائل والمدن‬ ‫التي نزلوا بها‪ ،‬وكان أفرادها قد أكثروا التنقل إلى العديد من القبائل الشمالية للنهوض‬ ‫بمهمة اإلمامة والخطابة والتدرير‪ ،‬واالشتغال بتلقين العلوم الشرعية‪ .‬وقد أسدوا خدمات جليلة في‬ ‫هذا المضمار‪ ،‬وكان لهم فضل كبير في تلقين المعارف اللغوية والشرعية‪.‬‬ ‫ومن أشهر وجوه هذا البيت العلمي الذي سما شأن أبنائه في العلوم الشرعية‪ ،‬نذكر منهم‪:‬‬ ‫الفقيه عبدالرحمن بن الحسين أخريف الحسني‪ :‬كان حيا سنة ‪1106‬هـ‪.‬‬ ‫ •‬ ‫الفقيه عبدالقادر بن محمد أخريف الحسني السلماني‪ :‬كان حيا سنة‬ ‫ •‬ ‫‪ 1205‬هـ‪.‬‬ ‫الفقيه العدل امحمد بن محمد بن عبدالسالم أخريف (ت‬ ‫ •‬ ‫‪1355‬هـ)‪ :‬أصل أسرته من مدينة أصيال‪ ،‬درس بفاس‪ ،‬وتولى اإلمامة‬ ‫والخطابة وقام بالوعظ واإلرشاد في جامع العيون بمدينة تطوان‪.‬‬ ‫العالمة الفقيه المدرس عبدالرحمن بن محمد أخريف العلمي‬ ‫ •‬ ‫(ت ‪1377‬هـ)‪ :‬يعد من كبار شيوخ الدرس في قبيلة الساحل‪ ،‬وكان أحد‬ ‫مشاهير المدرسين في المعهد الديني بالعرائش‪.‬‬ ‫العالمة األديب والشاعر المبدع عبدالواحد بن محمد أخريف (ت‬ ‫ •‬ ‫‪1421‬هـ)‪.‬‬ ‫اإلسم والنسب والنشأة‪:‬‬ ‫هو األستاذ الفقيه العدل المدرس الخطيب سيدي عبدالمجيد بن محمد‬ ‫بن أحمد بن الحاج محمد أخريف الحسني العلمي المجمولي العروسي‪ ،‬وهو‬ ‫سليل أسرة اعتنى أفرادها بحفظ كتاب اهلل تعالى‪ ،‬واالهتمام بالعلوم الشرعية‪ .‬وكانت أسرته محط تقدير واحترام في قرية‬ ‫مجمولة‪.‬‬ ‫رأى المترجم له نور الحياة في قرية مجمولة من بني عروس حوالي سنة ‪1349‬هـ‪1931/‬م‪ ،‬من أبوين كريمين اللذين‬ ‫اهتما برعايته وتنشئته على أسس الفضيلة ومكارم األخالق‪ ،‬وكانا حريصين على أن يسلك ابنهما نهج أسالفه الطيبين‪.‬‬ ‫الدراسة األولية‪:‬‬ ‫ولما أدرك المترجم له سن التمييز أدخله والده‬ ‫إلى كتاب القرية لتعلم القراءة والكتابة واستظهار الذكر‬ ‫الحكيم‪ ،‬وقد تسنى له االختالف إلى نخبة المدررين الذين‬ ‫عهد إليهم بمهمة تعليم أبناء قريته‪ ،‬ولم يكن والده يغفل‬ ‫عن متابعة ما حفظه في هذا الطور الدراسي‪ ،‬فكان يراجع‬ ‫معه أحزبا من المحفوظات التي تلقاها بواسطة شيخه‪.‬‬ ‫ومن أبرز الفقهــاء المدرريــن الذين الزمهــم في‬ ‫هذه المرحلة الدراسية نذكر اسمين بارزين هما‪ :‬الفقيه‬ ‫الميصري‪ ،‬والفقيه أحمد بن الهاشمي أفيالل‪ ،‬وكان هذا‬ ‫الشيخ هو عمدته في حفظ الكتاب العزيز‪ ،‬وعليه أتقن رواية‬ ‫ورش عن نافع بتمامها‪ ،‬وعمره لم يتجاوز تسع سنوات‪ ،‬ثم‬ ‫تابع استظهار ختمات أخريات رغبة منه في التمكن من‬ ‫ضبط الرواية وإتقان الرسم‪ .‬وبلغ مجموع الختمات التي‬ ‫أتمها في هذا الطور الدراسي تسع ختمات‪ ،‬كما تلقى عن‬ ‫شيخه المذكور حفظ المتون العلمية المختلفة في الفقه‬ ‫والنحو والفرائض والتوحيد‪ ،‬وتلك المتون كانت تمهد له‬ ‫السبيل إلى حضور حلقات الدرس التي كانت سائدة في‬ ‫المراكز العلمية المبثوثة في مختلف القبائل الجبلية‪.‬‬ ‫حضور حلقات العلوم الشرعية بقبائل شمال‬ ‫المغرب‪:‬‬ ‫ولما نال الفقيه سيدي عبدالمجيد أخريف مبتغاه من‬ ‫استظهار المتون العلمية‪ ،‬هاجر مسقط رأسه على عادة‬ ‫طلبة العلم‪ ،‬وشدّ الرحلة إلى أحد مراكز الدرس حيث كان‬ ‫يتصدر مجالس العلم فيه عالم جليل ومدرس نفاعة هو‬ ‫العالمة الفقيه بن حليمة الذي قدر أن يتتلمذ له في قرية كور من قبيلة جبل الحبيب‪ ،‬وقد أخذ عنه علم النحو بشرح‬ ‫المكودي على متن ألفية ابن مالك‪.‬‬ ‫كما تلقى في تلك الفترة الدراسية علم الفقه على الفقيه أحمد التايدي بشرح تحفة ابن عاصم‪ ،‬وشرح الزقاقية‪.‬‬ ‫وتجدر اإلشارة إلى أن الفقيه سيدي عبدالمجيد أخريف سبق له أن تلقى العلوم األولية بقبيلته (بني عروس) على‬ ‫الفقيه عبداهلل المهرة الذي ختم بين يديه متن األجرومية بشرح األزهري في النحو‪ ،‬ومتن ابن عاشر بشرح ميارة في الفقه‪.‬‬ ‫رحلته في طلب العلم ببعض الحواضر العلمية بالمغرب‪:‬‬ ‫ورغبة منه في التزود بالمعارف العلمية التي لم تسعفه الفرص ألخذها في حلقات الدرس بقبائل الشمال‪ ،‬أبدى‬ ‫المترجم له سنة ‪1365‬هـ‪1946 /‬م‪ ،‬العزم الكبير على االنتقال إلى مدينة تطوان‪ ،‬وكانت المدينة في تلك الحقبة التاريخية‬ ‫تعتبر حاضرة علمية بامتياز‪ ،‬حيث لم تفتر بها الحلقات العلمية االختيارية في المساجد والزوايا المختلفة‪ ،‬كما كانت الحلقات‬ ‫العلمية النظامية منتعشة ومزدهرة‪ ،‬وذلك من خالل الدراسة في أسالك المعهد الديني (االبتدائي والثانوي والعالي)‪ ،‬وهذا‬ ‫المعهد خالل عقود من الزمن كان يستقبل جموعا غفيرة من طلبة العلم الوافدين من مختلف حواضر وقبائل شمال‬ ‫المغرب‪.‬‬ ‫وخالل إقامته في مدينة تطوان سكن في مدرسة لوقش مع جملة من الطلبة األفاقيين‪ ،‬وأثناء ذلك قدّم طلب‬ ‫االلتحاق بأحد أقسام هذا المعهد لمتابعة دراسته‪ .‬وقد اغتنم المترجم له فرصة حضوره في هذه المدينة‪ ،‬واجتهد في‬

‫• بقلم‪ :‬عبداللطيف السماللي‬ ‫االستفادة من الدروس االختيارية التي كانت تقدم في الجامع الكبير ومدرسة لوقش‪ ،‬ومن أهم الشيوخ الذين درس‬ ‫عليهم في تطوان‪:‬‬ ‫العالمة الفقيه محمد الطنجي‪ :‬درس عليه البالغة بكتاب الجوهر المكنون‪.‬‬ ‫ •‬ ‫العالمة محمد المرابط الترغي‪ :‬درس عليه الفقه بمختصر خليل بشرح الدردير‪.‬‬ ‫ •‬ ‫ • العالمة الفقيه التهامي الوزاني‪ :‬درس عليه التاريخ بكتاب تاريخ المغرب‪.‬‬ ‫ومما يؤسف له أن الفقيه عبدالمجيد أخريف حال بينه وبين متابعة الدراسة النظامية القرار الصادر‬ ‫من مديرية الشؤون األهلية اإلسبانية بتطوان إلى إدارة المعهد الديني‪ ،‬وكان البحث الذي أجرته تلك‬ ‫المديرية سلبيا‪ ،‬وإثر ذلك استدعاه شيخ المعهد في هذا الشأن وأطلعه على مضمون القرار‪.‬‬ ‫وأمام هذا القرار القاضي بحرمانه من الدراسة بتطوان‪ ،‬اهتدى المترجم له إلى استصدار جواز‬ ‫السفر الذي سيمكنه من االنتقال إلى المنطقة السلطانية‪ ،‬وتحديدا إلى مدينة فاس حيث جامع‬ ‫القرويين وحلقاته العلمية النظامية التي كان يتصدرها جلة الشيوخ المدرسين ونبهاء الفقهاء‬ ‫المجتهدين‪.‬‬ ‫لقد أعد المترجم له العدة الالزمة لمفارقة أهله ورفاقه‪ ،‬وهجرة موطنه الذي عاش في كنفه‪،‬‬ ‫وكان أسمى رغبات الفقيه عبدالمجيد أخريف يومئذ هو استيعاب مختلف العلوم التي حُ ِرمَ‬ ‫منها في مدينة تطوان‪ ،‬والجلوس إلى علماء كبار الذين كان لهم األثر الكبير في ميدان‬ ‫التدريس والتأليف بالمغرب‪.‬‬ ‫ولما كانت لألستاذ الفقيه عبدالمجيد أخريف معرفة جيدة بالعلوم األولية‪،‬‬ ‫وكانت له دراية ببعض شروح المتون العلمية التي سبق أن تلقاها في بعض‬ ‫البوادي الشمالية وفي مدينة تطوان‪ ،‬وبعد اختبار مستوى تحصيله لبعض‬ ‫الفنون‪ ،‬اقترحت اللجنة العلمية بالقرويين إلحاق الطالب عبدالمجيد أخريف‬ ‫بالسنة الثالثة ابتدائي‪.‬‬ ‫وخالل مقامه بعاصمة العلم والعرفان مدينة فاس‪ ،‬انكب على‬ ‫المطالعة واجتهد في أن ال تفوته الحلقات العلمية النظامية واالختيارية‪،‬‬ ‫وكان النجاح حليفه في جميع سنوات الطور الثانوي‪ ،‬وتوج هذا الطور‬ ‫بحصوله على شهادة البكالوريا في سنة ‪1372‬هـ‪ /‬يونيو‪1953‬م‪.‬‬ ‫ولم يكتف المترجم له بتلك الشهادة التي نالها‪ ،‬وهي يومئذ كانت‬ ‫تؤهله إلى الحصول على بعض الوظائف أو مزاولة بعض األعمال‪ ،‬لكنه‬ ‫فضل متابعة طريق التحصيل المتين للعلوم الشرعية‪ ،‬ورغم قلة اليد‬ ‫وضعف الحال أصر سيدي عبدالمجيد أخريف على طلب العلم واالجتماع‬ ‫بكبار العلماء واالستفادة من مذاكراتهم‪ ،‬ولم تمض مرحلة فاس سدى فقد أنهاها بحصوله سنة ‪1376‬هـ‪1956 /‬م‪ ،‬على‬ ‫شهادة العالمية‪ ،‬وهي أسمى درجة علمية كانت تمنحها جامعة القرويين لطلبتها يومذاك‪.‬‬ ‫شيوخه بالقرويين‪:‬‬ ‫دامت مدة إقامة األستاذ عبدالمجيد أخريف بفاس من أجل الدراسة في جامع القرويين تسع سنوات متواصلة (سنة‬ ‫واحدة في نهاية الطور االبتدائي‪ ،‬وست سنوات في الطور‬ ‫الثانوي‪ ،‬وسنتان في الطور النهائي)‪ ،‬وكانت تلك المدة‬ ‫الطويلة كافية إلتقان جملة فنون‪ ،‬ومطالعة مختلف‬ ‫المصنفات العلمية‪ ،‬وختم خاللها جملة كتب بين يدي‬ ‫شيوخ أكفاء وعلماء أجالء‪ ،‬وظل رحمة اهلل عليه يثني على‬ ‫عطاءاتهم العلمية ويجل فضلهم عليه‪ .‬ومن أبرز الشيوخ‬ ‫الذين أخذ عنه والزم حلقاتهم بفاس‪:‬‬ ‫• العالمة الفقيه عبدالكريم بن محمد الداودي‪ :‬درس‬ ‫عليه مختصر خليل بشرح الدردير‪.‬‬ ‫• العالمة الفقيه عبداهلل الداودي‪ :‬درس عليه متن‬ ‫التحفة بشرح التاودي بن سودة والوثائق الفرعونية‪.‬‬ ‫• العالمة الفقيه محمد مكوار‪ :‬درس عليه علم‬ ‫الفرائض بحاشية أحمد بن الخياط الزكاري على فرائض‬ ‫المختصر‪ -‬علم التوقيت‪.‬‬ ‫ • العالمة عبدالعزيز بن الخياط الزكاري‪ :‬أخذ عنه علوم‬ ‫البالغة بمتن الجوهر المكنون‪.‬‬ ‫ • العالمة الفقيه الصقلي‪ :‬تلقى عنه علم التوحيد بمتن‬ ‫السنوسية (أم البراهين)‪.‬‬ ‫ • العالمة الفقيه العربي الصقلي‪ :‬حضر دروسه في‬ ‫التفسير بكتاب روح المعاني لآللوسي‪.‬‬ ‫ • العالمة الفقيه بن عبدالقادر الصقلي‪ :‬حضر عليه دروس‬ ‫صحيح البخاري‪ ،‬ومصطلح الحديث بمتن البيقونية وشرح‬ ‫الزرقاني‪.‬‬ ‫أصول الفقه بكتاب جمع الجوامع بشرح التفتازاني‪.‬‬

‫ • العالمة الفقيه محمد الجواد الصقلي‪ :‬تلقى عنه علم‬

‫ • العالمة الفقيه المؤقت سيدي امحمد العلمي‪ :‬تلقى عنه علم التوقيت من خالل المؤلفات التي وضعها في هذا‬ ‫العلم‪.‬‬ ‫ • الفقيه العالمة إدريس اإلدريسي ‪ :‬درس عليه األدب العربي‪.‬‬ ‫ • الفقيه العالمة الحسن مزور‪ :‬أخذ عنه الوثائق الفرعونية‪.‬‬ ‫ • العالمة الفقيه محمد الزرهوني‪ :‬درس عليه علم النحو بمتن األلفية وشرح المكودي – وعلوم البالغة‪.‬‬ ‫ • العالمة الفقيه عبدالواحد العراقي‪ :‬درس عليه المية األدب‪.‬‬ ‫ • العالمة الفقيه عبدالرحمن الغريسي‪ :‬حضر دروسه في تفسير القرآن بكتاب روح المعاني لآللوسي‪.‬‬ ‫ • العالمة األستاذ األديب محمد الحلوي‪ :‬درس عليه التاريخ‪ ،‬وعلم العروض‪ ،‬واألدب العربي‪.‬‬ ‫ • العالمة األستاذ المؤرخ عبدالهادي التازي‪ :‬تلقى عنه دروس النحو في نهاية الطور االبتدائي‪.‬‬ ‫ـــــــــــــــ‬ ‫‪ )1‬أفادني السيد عبدالحميد أخريف (نجل المترجم) ـ مشكورا ـ ببعض المعلومات المتعلقة بالمترجم له‪ ،‬وزودني‬ ‫ببعض وثائق والدده‪ ،‬بارك اهلل فيه‪ ،‬وسدد خطاه في المحافظة على تراث أبيه‪.‬‬


‫‪18‬‬

‫الثالثـاء ‪� 15‬إلى ‪� 21‬أكـتـوبر ‪2019‬‬

‫العدد ‪1015‬‬

‫المقاولة بنون النسوة‬ ‫‪ ...‬في بحر هذا األسبوع (‪،)2019/10/8‬كانت ثمَّة سيّدات مقاوالت مغربيات‪،‬وقد التقين بشريكاتهنَّ‬ ‫اإلسبانيات‪،‬من خالل المنتدى الثاني لجمعية مقاولة غرناطة الدولية‪،‬و جمعيات السيدات المقاوالت‬ ‫بتطوان ‪ .‬جدير بالذكر َّ‬ ‫أن السيدات الفاتنات الرقيقات‪،‬المقاوالت بأطرها العليا لم يتأخرن في استقبال‬ ‫ضيوفهنَّ‪،‬الذي يوحي بانطباع مهني ويُضفي على المنتدى نوعا من الحرفية في شخصية رئيستها‬ ‫السيدة مونيا الوزاني التهامي بمعية رجاء الوزاني التهامي‪،‬و السيدات المحترمات األخريات الآلئي تمثل‬ ‫في سلوكهنَّ وأعمالهنَّ َّ‬ ‫محل اهتمامهنَّ بعالم المقاولة ‪ .‬ما جادتْ به قريحة رئيسة المنتدى مونيا‬ ‫الوزاني التهامي لتستفتح الحدث بلغة خطابية وصوت ندي للترحيب بشريكتها السيدة “بيالر سييرا‬ ‫كوميس” رئيسة مقاولة غرناطة الدولية والوفد المرافق لها‪،‬و الحضور المهتم بعالم المقاوالت الصناعية‬ ‫والخدماتية والمنافع ‪ ..‬أرهنتُ إليها (المقاوالت) سَمعنا‬ ‫لنستوعب المصطلحات المستعملة في عالم األعمال‬ ‫من الهيكلة إلى الشراكة واإلجراءات القانونية‪،‬بتتبع‬ ‫أحداثها االقتصادية الذي احتوى عليه جدول األعمال ‪.‬‬ ‫جاءت كلمة رئيـــس غرفــة التجـــارة والصناعــــة‬ ‫والخدمات لترسيخ ثقافة السيدات المقاوالت من أجل‬ ‫النموّ والتنمية االقتصادية‪ .‬وتبادل الخبرات بين‬ ‫السيدات المقاوالت المغربيات‪/‬اإلسبانيـــات بغرناطـــة‬ ‫وطنجة‪ ،‬تطوان‪ ،‬الحسيمــة‪ ،‬بخطة تهدف إلى عمـــل‬ ‫جماعي تستند عليها للنهوض بالمقاولة النسائية‬ ‫التطوانية‪/‬الغرناطية‪ ،‬إلى حيـــن القيـــام بالنسيــــج‬ ‫االقتصادي واالجتماعي لتدعيم الشبكة االجتماعية من‬ ‫أجل تحقيق األحالم ‪ .‬وأن تكون النساء فاعالت بعجلة‬ ‫االقتصاد من أجل االنفتاح على المقاوالت باألندلس‬ ‫وتطوان‪،‬طنجة‪،‬الحسيمة ‪َّ .‬‬ ‫إن بالمغرب اآلن شركات‬ ‫إسبانية إلى حدّ معقول ‪ .‬ولتعزيز التعاون بين ضفتيْ‬ ‫البحر األبيض المتوسط من خالل مشاريع مشتركة‬ ‫بين المقاوالت الناجحة ّ‬ ‫لكل النساء ‪ -.‬وقد تربصت نائبة المجلس اإلقليمي لغرناطة‪،‬بخطوات المقاوالت‬ ‫النسائية بغرناطة وتطوان‪،‬لتحسين النسيج الدولي التجاري بين الدولتين ‪ .‬مستوضحة تقوية االقتصاد‬ ‫المحلي لتصبح تنافسيته بشكل متزايد ‪ .‬إذ تحوَّلتْ إسبانيا إلى أوَّل موَرد للمغرب‪،‬كما للمرأة المقاولة‪،‬‬ ‫و هي تتحدّى العقبات على المستويين لكي تساهم في اقتصاد بالدها‪،‬وهذا ما تفعله في هذا المنتدى‬ ‫من أجل المشاريع الناجحة ولمصلحة الجميع ‪ – ..‬ممثلة المحافظة على الطبيعة وحماية البيئة بمدينة‬ ‫غرناطة‪،‬تمدُّ الجسور لكي تجمعنا المصالح بنسيج المقاوالت بين الضفتين ‪ .‬لتتنبأ بمستقبل موَلد‬ ‫للثروات وفرص العمل ‪ .‬هنَّ سيدات مكافحات تقترح عليهنَّ “ممثلة” البيئة الكفاح من أجل المستقبل‬ ‫وأن يُوَاكبن المغرب في طريق النموّ‪ ،‬بتبادل األفكار والخبرات‪،‬و ْ‬ ‫ْ‬ ‫أن يشتغلن سوية مع نساء غرناطة‬ ‫الدولية للمشاركة في خلق مناصب الشغل ‪ - .‬وللبحث عن الواقع تعتقد مؤسسة المقاوالت المغربية‬

‫موائدُ الحرفِ‬

‫(ديوان فوائد وعوائد ومحا�ضرات)‬ ‫ُ‬ ‫كتاب �أ�صو ٍّ‬ ‫فقهي‬ ‫‪.52‬‬ ‫يل ٍّ‬ ‫تقريظ ٍ‬

‫• بقلم ‪ :‬عبد المجيد اإلدريسي‬

‫والنائبة العامة للكنفدرالية العامة التحاد المقاوالت في الجهة َّ‬ ‫أن العراقيل التي تتعرَّض لها المقاولة‬ ‫النسائية أكثر من الرجالية‪،‬إذ الكفاءة هي التي يجب ْ‬ ‫أن تتحكم في المنتوج ‪ .‬يتكئ المقاولون على العنصر‬ ‫الرجالي‪،‬بينما النساء يسعيْنَ إلى اإلتقان والمثالية ‪ .‬وتشير إلى َّ‬ ‫أن أكثر من عشرين ألف مقاولة إسبانية‬ ‫تتعامل مع المقاوالت المغربية‪،‬فتجمعها بهم عالقات الئقة ‪ .‬حتى َّ‬ ‫إن هناك فرص المنح قبل إنشاء المقاولة‬ ‫اإلسبانية ‪ – .‬بألمعية ومهنية لمسؤوليْن بالجمارك من تطوان والعرائش “اآلمر بالصرف”‪،‬يضيؤون‬ ‫الظالل حول موضوع انشغاالت وقلق‪،‬من أجل اآلداء والقدرة التنافسية للمقاوالت المغربية ‪ .‬وقد قام‬ ‫مدير الجمارك بشرح اإلجراءات الضرورية من أجل االستثمار وأشار إلى هشاشتها بحكم تهريب السلع‬ ‫من باب سبتة ‪ .‬إليقاف هذا المُوَزّع‪،‬تمَّ االتفاق بين المغرب وإسبانيا‪،‬لتعزيز إمكانية دخول السلع بميزة‬ ‫وفوائد بأساليب معلوماتية وبالقرب من الجمارك ‪ .‬ثم‬ ‫أمسك المتحدث “اآلمر بالصرف” بزمام رُزْمانة من‬ ‫القوانين ذات الصلة التي تنظم عالم الجمارك‪،‬فصال‬ ‫وجال وأجاد ‪ – ..‬برزت سيدة مستشارة سياحية بعمالة‬ ‫المضيق‪-‬الفنيدق‪،‬لتشدَّ أنظار المقاوالت لترويج شراكة‬ ‫في المجال السياحي لما تزخر به منطقة جهة الشمال‬ ‫من الثروة الطبيعية الغابوية والبحرية التي تمتدُّ على‬ ‫مساحة ‪375‬كلم على البحر األبيض المتوسط‪،‬و حشد‬ ‫ناقالت الدَّعم لرسملة ‪292‬فندق و‪2500‬سرير التي‬ ‫بلغ عدد سواحها ‪960000‬سائح ‪ .‬هي ثمّة ثروة غنية‬ ‫بالمنطقة‪،‬من المنتجات الساحلية لمدن تاريخية من‬ ‫“تامودة” إلى “ليكسوس” ومغارات “هيريقل” ومدافن‬ ‫“الرومان والفنيقيين” والمآثر اإلسالمية واألندلسية مع‬ ‫بنية تحتية آمنة‪،‬و القرب الجغرافي من أوروبا من شأنها‬ ‫ْ‬ ‫أن تستقطب مقاوالت دولية لالستثمار في جهة طنجة‪-‬‬ ‫تطوان‪-‬الحسيمة ‪-..‬بلسان سلس للبحث عن التنمية‬ ‫واالبتكار تناولتْ الكلمة مستشارة مالية إسبانية في مجال االستيراد والتصدير بفكرة تقتضي جوّا من‬ ‫الثقة بين البلدين من أجل االستثمار خارج الحدود في إطار العوْلمة ‪ .‬هناك سيرورة مرتبطة بالتبادل‬ ‫للبيع والشراء ‪ .‬فالدعامة التي تستند عليها العولمة منها األيادي الرخيصة‪،‬لصناعة قطع غيار السيارات في‬ ‫بالد متعدّدة‪،‬ويتمُّ جمعها في بلد آخر ‪ .‬كما يحدث ذلك أيضاً فيما يخص بعض الطائرات والقطارات ‪.‬‬ ‫وتقترح المستشارة المالية مشروع شراكة للتطبيب بين إسبانيا والمغرب‪،‬و دعم االبتكار وصناعة المكننة‬ ‫ومشاريع خاصة بالطاقات المتجدّدة ‪ .‬كما يمكن االتجاه إلى تخطيط استراتيجي للمقاوالت المغربية‬ ‫اإلسبانية‪،‬من أجل التنمية وخلق الثروة منبع مناصب الشغل ‪ .‬لتحفيز مختلف العالقات االقتصادية التي‬ ‫يشتدُّ عودها في القرن الواحد و العشرين للمصلحة المشتركة‪،‬بمذاق المال و األعمال ‪..‬‬

‫بين دفتيّ هذا َ‬ ‫شكــول فوائـــدُ في الفقــه واألصول والتاريـخ‬ ‫الك‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ونخيلـــة‬ ‫حصيلــــة مطالــعـــاتٍ وسماعــاتٍ‪،‬‬ ‫واللغـــة واألدب‪ ،‬وهـــي‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫وبـــاعــــث على‬ ‫لإلينــاس‪،‬‬ ‫ة‬ ‫مجلبـــ‬ ‫ُّعهـا‬ ‫و‬ ‫وتنـــ‬ ‫تحقيقاتٍ وجواباتٍ‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫التروّح؛ َّ‬ ‫التنقــل بين‬ ‫وتستـــروحُ إلى‬ ‫ألن النفس تسأمُ النمط الواحدَ‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫أفانين الكالم‪ ..‬ولعـل القارىء يجـد فيها متنفسـهُ إذا تم ّلكه الضجرُ‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫الوحشة‪ ..‬واهلل الهادي إلى سواء السبيل‪.‬‬ ‫واستفرغتهُ‬

‫ُ‬ ‫الباحث األصوليُّ الدكتور عارف الجناحيُّ أن َ‬ ‫أقرّظ رسالته‪ ( :‬متعارض أحاديث األحكام في صحيح البخاري‬ ‫طلب مني األخ األودُّ‬ ‫‪ :‬دراسة أصولية فقهية )(‪ ،)1‬وكان قد أحرز بها درجة الدكتوراه بجامعة الشارقة بإشرافي‪َ ،‬‬ ‫ونال ثنا ًء سابغاً من األعضاء المناقشين على‬ ‫تميّزه وشفوفه على األقران‪ .‬فلبيّت طلبته تبرّكاً بخدمة السنة‪ ،‬وإسهاماً في خدمة العلم‪ ،‬وإكراماً ألهل الكفاية والجدِّ‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫مدوّنة األمّة‪ ،‬ومَعينُ السنّة‪ ،‬وليس كتابٌ فوقه بعد كتابه اهلل تعالى‪ ،‬وقد كان َّ‬ ‫َّ‬ ‫الموطُأ ـ قبل الصَّحيحين ـ‬ ‫«إن صحيحَ البخاريِّ‬ ‫رأسَ الكتب‪ ،‬وعليه يُحمَل كالم اإلمام الشافعيِّ في تقديمه‪ ،‬ثم تأخر ترتيبه عند أهل العلم؛ لما وُجد فيه من المراسيل والمقطوعات‬ ‫والموقوفاتوالبالغات‪.‬‬ ‫ِّ‬ ‫تمثيل فض ًال عن نَصْب برهان؛ إذ تعاقب العلماء على ضبط رواياته‪،‬‬ ‫إلى‬ ‫يحتاج‬ ‫ال‬ ‫للعيان‪،‬‬ ‫واضحٌ‬ ‫أمرٌ‬ ‫َّحيح‪،‬‬ ‫ص‬ ‫ال‬ ‫والتحفي بالجامع‬ ‫ٍ‬ ‫وشرح متونه‪ ،‬واستنباط فقه تراجمه‪ ،‬والكالم على رواته‪ ،‬ودبّجوا في ذلك كتباً ضخاماً‪ ،‬ما زالت المطابع ـ إلى يوم الناس ـ تزفُّ أسفارها‬ ‫َ‬ ‫سِفر‪...‬وهذا ـ وال ريب ـ من بركة السنّة‪ ،‬ويُمن خدمتها‪َّ ،‬‬ ‫المالئكة لتضع أجنحتها لطالب العلم‪ ،‬ويستغفر‬ ‫وإن‬ ‫إلى دنيا النور سفراً بعد ٍ‬ ‫له من في األرض حتى الحيتان في قاع البحر‪ ،‬فكيف بخادم حديث رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫السامقة في النُّفوس‪ ،‬واألثرُ المحمودُ في المرجعيَّة التَّشريعيَّة لألمة‪ ،‬نَهَدَت أقالمٌ‬ ‫المكانة‬ ‫لصحيح البخاريِّ‬ ‫ولما كان‬ ‫ِ‬ ‫مأجور ٌة َّ‬ ‫للطعن فيه‪ ،‬والصدِّ عنه‪ ،‬وغاية ما انتهت إليه شُبَهٌ مزوَّق ٌة في كتب المستشرقين‪ ،‬فأزاحتْ عنها رماداً‪ ،‬وأعادتها جذع ًة‪ ،‬فإذا‬ ‫بالعقول الفطيرة تنساق إليها انسياق القطيع‪ ،‬كما انساقت‪ ،‬اليوم‪ ،‬إلى التَّصفيق لكتاب (البخاري‪ :‬نهاية أسطورة)‪ ،‬وصاحبه ال في العير‬ ‫والط َ‬ ‫وال النفير‪ ،‬لكنَّ الهوى زيّن له التَّجاسر على المقدَّسات‪ِّ ،‬‬ ‫باعة فتحت له أبواب ُّ‬ ‫الذيوع‪ ،‬فرأى الناس من طغيان القلم ما رأوا‪ ،‬وال‬ ‫عجب؛ َّ‬ ‫محتس ٍب !!‬ ‫فإن على الخبازين محتسباً‪ ،‬وليس على العلم نصفُ ِ‬ ‫ً‬ ‫مناضل عن السّنة‪ ،‬ذابٍّ عن جامعها الصحيح‪ ،‬وهو‪( :‬متعارض أحاديث‬ ‫كتاب‬ ‫بتصدير‬ ‫ة‬ ‫غامر‬ ‫سعادتي‬ ‫اليوم‪،‬‬ ‫تكون‪،‬‬ ‫ال‬ ‫وكيف‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫األحكام في صحيح البخاري‪ :‬دراسة أصولية فقهية)‪ ،‬للباحث األصوليِّ ّ‬ ‫الطلعة عارف الجناحيِّ‪ ،‬وقد عقد عزمه على إذاعته في الناس‪،‬‬ ‫ِّ‬ ‫وراغب‪..‬‬ ‫وخيراً فعل؛ فمثله في أناة االستقراء‪ ،‬ونضوج اآللة‪ ،‬وصحَّة القصد‪ ،‬ال ينبغي أن يضنَّ بثمرة فكره‬ ‫ِ‬ ‫طالب ٍ‬ ‫ونائِل قلمه على كل ٍ‬ ‫بل إنني سعدت أوَّل ما سعدت حين أُسند إليَّ اإلشراف على عمله في مرحلة الدكتوراه‪ ،‬واجتزت معه الطريق درباً درباً‪ ،‬حتى بلغ مراده‬ ‫على إحسانٍ منه َّ‬ ‫قل في أترابه من طالب الدراسات العليا‪ ،‬ومن سلك الجَدَد أمِن العثار ‪.‬‬ ‫وإن َ‬ ‫َّ‬ ‫لحمة الكتاب وسداه تتبّعُ األحاديث التي يوهم ظاهرها التَّعارض في صحيح البخاريِّ‪ُ ،‬‬ ‫وبيان سَنَن الفقهاء في درئهِ‪ ،‬ومن‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫مو ّف ِق صنيعهم ما ذهبوا إليه من وجوه الجمع التي تريك النصوص الواردة في المسألةِ سبيكة واحدة تندغم فيها أواصر المعنى‪،‬‬ ‫َ‬ ‫انفراط بعده وال انفصام! ومن ّ‬ ‫تنكب هذا النَّظر‬ ‫نافر أو شاردٍ ـ في ظاهره ـ إلى رباطٍ كليٍّ ال‬ ‫ونواظمُ القصد‪ ،‬فإذا بالسياق يردّ كل ٍ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫أحاديث أُخَرَ في المسألة ذاتها تخصِّص ما كان جائزاً‪ ،‬أو‬ ‫ويستدل به على الجواز‪ ،‬في حين أن‬ ‫السِّياقِيَّ الكليَّ فإنه يقرأ الحديث‬ ‫تقيّده‪ ،‬أو تقضي بنسخه‪ ..‬وربّما تعجّل في حكمه بالتعارض‪ ،‬وله شروط ال بد من استيفائها عند أهل الصِّناعة! ولذلك ال تلفي باحثنا‬ ‫ً(‪)2‬‬ ‫ً‬ ‫سائغ‪ ،‬ونُصب عينه القاعدة األصولية المشهورة‪:‬‬ ‫صائرا إلى التَّرجيح بين أحاديث المسألة إال لماما ‪ ،‬وعند انسداد باب الحمل على وجه ٍ‬ ‫(إعمال الدليلين أولى من إهمال أحدهما)‪ ،‬وناهيكَ بها من قاعدةٍ تحفظ على النصوص وحدتها الموضوعية‪ ،‬وصيرورتها التَّشريعيَّة‪..‬‬ ‫وحتى حين صار باحثنا إلى الترجيح؛ أحسن تطبيقَ ضوابطه على النحو الذي ج ّالهُ في الممهِّدات النَّظريَّة لكتابه‪ ،‬فما شطح عن جادَّة‬ ‫الرَّاسخين‪ ،‬وال َّ‬ ‫تحكم على غير هدى أو بصيرة كما هو ديدن المتهوِّكين‪ ،‬وهذه خصلة ورثها من علماء السلف الصالح الذين أدمن على‬ ‫كتبهم مطالعاً ومستفيداً‪ ،‬والمر ُء على دين من أحبَّ ‪..‬‬ ‫وإذا كان لهذا الكتاب مزايا تُعَدُّ وتستحقُّ مني َ‬ ‫إطالة غرَّة الثناء على صاحبها‪َّ ،‬‬ ‫فإن أجدرَها بثنائي ج َلدٌ على االستقراء لم أظفر‬ ‫ِّ‬ ‫الع‪ ،‬وأدبٌ جمٌّ مع فقهاء األمة وإن بدرت منهم الهفوة‪ ،‬وكأني به يتَّخذ من قاعدة‬ ‫به عند أقرانه‪ ،‬ود ّق ٌة في‬ ‫ِ‬ ‫التوثيق تنبئ عن أمانةٍ واط ٍ‬ ‫اإلنصاف‪( :‬من ُ‬ ‫ً‬ ‫ِّغْن والنّ َفاسَةِ‬ ‫من‬ ‫أحسنهُ‬ ‫وما‬ ‫له‪،‬‬ ‫ا‬ ‫دثار‬ ‫لفضلِهِ)‪،‬‬ ‫نقصُهُ‬ ‫وُهِب‬ ‫فضله‬ ‫كثر‬ ‫دِثار يصون حرمة العلم‪ ،‬ويقطعُ على الض ِ‬ ‫ٍ‬ ‫َّ‬ ‫كل سبيل !‬

‫بقلم ‪ :‬قطب الري�سوين ـ ال�شارقة ـ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ِّ‬ ‫قصير‪ ،‬بدءاً من التَّدريس‪ ،‬ومروراً‬ ‫ولو ساعفتُ القلم وأرخيتُ له الطوَل؛ لطال بي الثناء على ٍ‬ ‫رجل خبرت علمه وخلقه ٍ‬ ‫لزمن غير ٍ‬ ‫باإلشراف‪ ،‬وانتها ًء إلى الزَّمالة في العمل‪ ،‬فما رأيت منه إال ما يقرّ العين ويثلج الصدر‪ ..‬وكنت أدعو اهلل تعالى له ـ في ظهر الغيب ـ بأن‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫يحوطه ِّ‬ ‫ويحفظه من ٍّ‬ ‫كل سوء‪ ،‬ويبقيَه ذخراً لدينه ووطنه‪..‬‬ ‫بكل نعمة‪،‬‬

‫ماثل حيٍّ‪ ..‬فدامَ عارفاً بعلمه‪ ،‬طائراً‬ ‫ومن جميل الموافقات أن يحمِل باحثنا من اسمهِ نصيباً أيَّ نصيب‪ِ ،‬‬ ‫واقع ٍ‬ ‫ويترجمه إلى ٍ‬ ‫ُ‬ ‫فكر أو وليمةِ رأي‪ ..‬قدرُ من واتاه التَّحليق‪ٌ ،‬‬ ‫وقليل ما‬ ‫أفق‪ ،‬وال يقعُ إال على غنيمةِ‬ ‫أفق إلى ٍ‬ ‫بجناحيْ قلمه‪ ..‬يزفُّ بهما حيث شاء اهلل من ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫هم‪َ !...‬‬ ‫واهلل نسأل سداد العمل‪ ،‬وخير المنقلب‪ ،‬إنه وليُّ ذلك والملي ُء به «‪.‬‬

‫ٌ‬ ‫فائدة �أدب َّي ٌة‬ ‫‪.53‬‬

‫ماري عجمي (ت‪1965‬م)‪ :‬قلمٌ دمشقيٌّ ياسمينيٌّ‪ ،‬تضوَّعت نفحاتُهُ الريّا في الروضتين‪ :‬روضةِ الشِّع ِر‪ ،‬وروضةِ النَّثر‪ ،‬ومع ذلك‬ ‫القليل ممن أدركتهم ُ‬ ‫ُ‬ ‫حرفة األدب‪..‬‬ ‫فصداهُ خافتٌ في اآلذان‪ ،‬وال يكاد يهتف بفضلهِ إال‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫األدبية‪ ،‬وخطبت في المحافل‪ ،‬وأبلت‬ ‫األندية‬ ‫نسائي بسورية‪ ،‬وغشيت‬ ‫منبر‬ ‫أول‬ ‫أصدرت ماري مجلة (العروس) سنة ‪1910‬م‪ ،‬وهي‬ ‫ّ‬ ‫ٍ‬ ‫بال ًء حسناً في مقارعةِ االستعمار‪ ..‬ومن ُطرفها النثريةِ في وصفِ ظالل األرز‪:‬‬ ‫« يا أرز لبنان‪ ،‬وملكَ النَّباتِ المهيب‪!..‬‬ ‫الغمام عرشُكَ الوطيد !‬ ‫ما أعظمَ أن يسموَ فوق‬ ‫ِ‬ ‫وأن يدومَ لكَ الملكُ‪ ،‬ولم يبقَ لملك سؤدد !‬ ‫ترنو إليكَ فواغي الوادي حاني ًة خاشع ًة‪ ..‬وتبتسمُ لكَ فرائدُ قاديشا عن آللئ بيضاء تزري بحبّك الفراقد‪..‬‬ ‫َ‬ ‫رياض هي كدرجات ساللم الهياكل مدبجة األلوان‪ ،‬مرتِّل ًة إجال ًال لسنائكَ‪ ،‬هاتف ًة على تعاقب‬ ‫تجري شالالته صافية الزّالل بين ٍ‬ ‫الفصول بحمدكَ !»‪.‬‬ ‫وعسل َّ‬ ‫ٌ‬ ‫مصفى ‪! ..‬‬ ‫زهر‪،‬‬ ‫يا لمراعفِ األنوثةِ إذا قطرتْ‪ :‬ما ُء ٍ‬

‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫فقهية‬ ‫فائدة‬ ‫‪.54‬‬

‫ُ‬ ‫مسائل في (المدونةِ) عرضها ابن القاسم على شيخه مالكٍ‪ ،‬فعدل فيها اإلمامُ‬ ‫الممحوَّاتُ األربعُ مصطلحٌ مالكيٌّ قحٌّ‪ ،‬ومعناه‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫الفيئة إلي كنفهِ‪ .‬ونصُّ هذه المسائل في‬ ‫األول لتغيّر اجتهاده‪ ،‬وذلك كان دأبه ـ رحمه اهلل ـ إذا الحَ له صوابٌ تتعيَّنُ‬ ‫عن قولهِ ِ‬ ‫(المدونة)‪:‬‬ ‫ـ األولى‪ :‬قال مالكٌ في األضحيةِ إذا ولدت‪ :‬إن َذبح ولدها معها فحسنٌ‪ ،‬وإن أبى‪ :‬لم أرَ ذلك واجباً عليه‪ ،‬ثم عرضها عليه ابن‬ ‫القاسم‪ ،‬فقال‪ :‬امحها‪ ،‬واترك منها‪ :‬إن ذبح معها فحسنٌ‪.‬‬ ‫ـ الثانية‪ :‬قال مالكٌ في الحالفِ‪ :‬ال يكسو امرأته‪ ،‬فافتكَّ لها ثيابها من الرهن‪ :‬يحنث‪ .‬ثم عرضها عليه ابن القاسم فقال‪ :‬امحها‪،‬‬ ‫وأبى أن يجيب عنها‪.‬‬ ‫ـ الثالثة‪ :‬قال مالكٌ في نكاح المريض أو المريضة‪ :‬إن نكاحها مفسوخٌ وإن صحّا دخل بها أم ال‪ .‬ثمّ عرضها عليه ابن القاسم‬ ‫فقال‪ :‬امحها‪ ،‬وأرى أنهما إذا صحّا ثبت على نكاحهما‪.‬‬ ‫ـ الرابعة‪ :‬قال مالكٌ فيمن سرق وال يمين‪ ،‬أو له يمينٌ ش ّال ُء‪ُ :‬قطعتْ رجلهُ اليسرى‪ .‬ثم عرضها عليه ابن القاسم‪ ،‬فقال‪ :‬امحها‪،‬‬ ‫وأرى أن تُقطع يده اليسرى‪ ،‬وباألول قال ابن القاسم‪.‬‬ ‫الكتاب؛ ألن ابن‬ ‫العمل بما سُمع؛ ألنه محوٌ من‬ ‫قال أبو الحسن الرجراجيُّ صاحب (مناهج التحصيل)‪( :‬المحوُ‪ :‬عبار ٌة عن تركِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِّ‬ ‫كتاب‪ ،‬إنما هي أسئل ٌة يلقيها من صدره هو‪ ،‬أو يلقيها غيره‪ ،‬فيأخذ عليها الجواب ال غير‪ ،‬والمسائل‬ ‫القاسم ما كان يعلق عنه في ٍ‬ ‫الممحوَّات من المدونة أربعٌ‪ ،‬منها هذه المسألة‪.)4())3(..‬‬ ‫ـــــــــــ‬ ‫الهوامش‪:‬‬ ‫‪ 1‬ـ طبعت بمكتبة الفرقان اإلماراتية‪ ،‬سنة ‪2018‬م‪.‬‬ ‫‪ 2‬ـ صار باحثنا إلى الترجيح في أربع مسائل من مجموع (‪ )127‬مسألة‪.‬‬ ‫‪ 3‬ـ يريد مسألة الضحايا‪.‬‬ ‫‪ 4‬ـ مناهج التحصيل للرجراجي‪.269 / 3 ،‬‬


‫العدد ‪1015‬‬

‫الثالثـاء ‪� 15‬إلى ‪� 21‬أكـتـوبر ‪2019‬‬

‫مواقف ومظاهر من التقارب النضالي والثقافي‬ ‫بين تطوان والمشرق العربي في غضون النصف األول‬ ‫من القرن العشرين (الحلقة الثالثة واألخيرة)‬ ‫‪5‬ـ الرحلة الشرقية لمؤرخ تطوان ذ‪ .‬محمد داود‪ ،‬وعالقته بأهم الشخصيات السياسية والعلمية بمصر سنة‬ ‫‪.1935‬‬ ‫كانت رحالت المغاربة إلى المشرق العربي ألداء فريضة الحج مناسبة تهيئ لهم فرصة اللقاء بإخوانهم المشارقة‪،‬‬ ‫مما كان يخلق بين هؤالء وأولئك جوا من األخوة والصداقة التي تحقق الغاية من تلك التجمعات الدينية المقدسة‪.‬‬ ‫ومعلوم أن رحالت المغاربة إلى تلك الديار‪ ،‬كانت تتطلب منهم في الغالب أن يمروا بأقطار عربية تكون لهم فيها‬ ‫إقامة قد تطول وقد تقصر‪ .‬وفي هذا الصدد سأتوقف مع األستاذ محمد داود الذي قام برحلته الحجازية ألداء فريضة‬ ‫الحج خالل سنة ‪ 1353‬هـ ‪ 1935‬م‪ ،‬ومن الجدير بالذكر أنه قضى في هذه الرحلة ستة أشهر كاملة‪ ،‬زار فيها كال من‪:‬‬ ‫مصر والحجاز ونجد والعراق وشرق األردن وفلسطين‪ .‬وهذه الرحلة يمكن أن تعتبر في الحقيقة نموذجا من الرحالت‬ ‫التي تمثل طموح الشباب المغربي الناهض في النصف األول من القرن العشرين‪ ،‬ورغبته في خلق جو من التواصل‬ ‫بين المغرب والمشرق العربيين‪ ،‬ومن هنا تبرز قيمتها‪ ،‬وذلك نظرا لما يلي‪:‬‬ ‫أوال‪ :‬أهمية الشخصية التي قامت بالرحلة كرمز من رموز النهضة الوطنية والثقافة المغربية والريادة في ميدان‬ ‫التأريخ والصحافة والبحث االجتماعي‪.‬‬ ‫ثانيا‪ :‬ما تتضمنه هذه الرحلة من قيم تاريخية وسياسية واجتماعية وأدبية وثقافية‪ ،‬تتجلى في مختلف االتصاالت‬ ‫والمبادرات والزيارات واللقاءات واالهتمامات التي كانت لصاحبها أثناء المدة التي قضاها في سفره عبر األقطار‬ ‫المذكورة سابقا‪.‬‬ ‫ثالثا‪ :‬ما ساهم به صاحب الرحلة من خاللها في التعريف بالمغرب وبأحواله السياسية والثقافية‪ ،‬وتقريب الوضع‬ ‫المغربي إلى األوساط العربية المشرقية التي كانت تجهل‬ ‫الكثير عن هذا البلد‪.‬‬ ‫رابعا‪ :‬ما تتضمنه الرحلة من وقوف على أحداث أو أوصاف‬ ‫أو تصريحات تعكس حقيقة األوضاع التاريخية والمشاهد‬ ‫الظرفية للمجتمع العربي شرقا وغربا‪ ،‬في أواسط الثالثينات‬ ‫من القرن العشرين‪ ،‬وخاصة الحالة في فلسطين وفي العراق‬ ‫وفي مصر‪ ،‬مع تقريب كل ذلك والتعريف به في األوساط‬ ‫المغربية‪.‬‬ ‫خامسا‪ :‬ما تكتسيه الرحلة من أهمية في تحديد الجزئيات‬ ‫التي يقف عندها صاحبها‪ ،‬بدءا بالحديث عن ظروف خروجه‬ ‫من مدينته‪ ،‬ومروره بمختلف المراحل التي استغرقتها رحلته‬ ‫حتى وصل إلى هدفه بالديار السعودية‪ ،‬ثم ظروف عودته‬ ‫إلى أن وصل إلى بيته بتطوان‪ ،‬مع ذكره وتفصيله لوسائل‬ ‫النقل وأنواعها ومشاكلها‪ ،‬وكذا مراحل التنقالت ومصاريفها‬ ‫وأعبائها‪ ،‬ومع التعريف بالرفقاء والزمالء واألصحاب الذين‬ ‫لقيهم في كل تلك المراحل والمحطات‪.‬‬ ‫سادسا‪ :‬أهمية توثيق أحداث الرحلة بالصور والوثائق‪،‬‬ ‫حيث إن ذ‪ .‬داود قد استصحب معه آلة فوتوغرافية خاصة‪،‬‬ ‫سار يوثق بواسطتها كل حركاته واتصاالته وزياراته‪ ،‬كما سار‬ ‫يسجل في مذكراته كل لقاءاته ومحادثاته‪ ،‬ويحتفظ بأقوال‬ ‫وتعاليق الصحافة العربية المحلية التي كانت لها عناية كبرى‬ ‫به‪ ،‬فسجلت معه حوارات ولقاءات وأخبارا‪ ،‬كما اعتنت بنشاطه‬ ‫كصحفي وكمحاضر قد عرّف ببالده أحسن تعريف في تلك‬ ‫الديار‪.‬‬ ‫والحقيقة أن هذه الرحلة كانت رحلة حج‪ ،‬إال أنها قد مثلت‬ ‫بالنسبة لصاحبها األستاذ محمد داود‪ ،‬متنفسا استطاع من‬ ‫خالله أن يتصل بمختلف الفئات التي كان يرغب في االتصال‬ ‫بها‪ ،‬من ساسة وعلماء وأدباء ومثقفين وصحافيين عرب‪،‬‬ ‫فتمكن في الحين ذاته من تعريف الرأي العام في مختلف‬ ‫األقطار التي زارها بهذا الجانب الغربي من وطنهم العربي‪،‬‬ ‫وذلك عبر صفحات أشهر الجرائد والمجالت التي استضافته‬ ‫وحاورته ونشرت تصريحاته وأحاديثه ومحاضراته‪ ،‬كما‬ ‫استطاع أن يسجل في مذكراته كثيرا من االرتسامات التي‬ ‫نقلها إلى المغرب عن ماجريات األحداث في تلك األقطار‬ ‫العربية التي زارها‪.‬‬ ‫‪6‬ـ مساهمة تطوان في المؤتمر البرلماني العربي‬ ‫للدفاع عن فلسطين بالقاهرة سنة ‪.1938‬‬ ‫لقد شهدت سنة ‪1938‬م أول مظهر من مظاهر‬ ‫التضامن العربي اإلسالمي بين المغرب والمشرق العربيين‪،‬‬ ‫وذلك من خالل انعقاد «المؤتمر البرلماني العربي للدفاع‬ ‫عن فلسطين» بالقاهرة‪ ،‬ابتداء من تاريخ ‪ 7‬أكتوبر ‪ 1938‬م‪.‬‬ ‫ويعتبر السيد «محمد علي باشا علوبة» أحد أعضاء البرلمان‬ ‫المصري‪ ،‬هو المحرك الرئيسي لعقد هذا المؤتمر(‪ ،)1‬حيث‬ ‫قامت لجنته التنظيمية بتوجيه دعوة المشاركة إلى األستاذ‬ ‫عبد الخالق الطريس (زعيم حزب اإلصالح الوطني بتطوان)‪،‬‬ ‫فلم يكن منه إال أن لبى هذه الدعوة‪ ،‬مصحوبا برفيقه‬ ‫ومساعده األول األستاذ الطيب بنونة‪ ،‬الذي تلقى بدوره‬ ‫دعوة لحضور هذا المؤتمر‪ .‬ولقد أولت الصحافة المصرية‬ ‫اهتماما كبيرا لمشاركة ممثلين مغاربة في هذا المؤتمر‬ ‫البرلماني الهام‪ ،‬حيث خصصت حيزا مهما منها للحديث‬ ‫عنهم‪ ،‬ومن هذه الصحف‪ :‬جريدة «مصر الفتاة» لسان حال‬ ‫حزب مصر الفتاة‪ ،‬وجريدة «المصري» لسان حال الوفديين‪،‬‬ ‫وجريدة «الدستور» لسان حال الحكومة المصرية‪ ،‬وكذا‬ ‫جريدة «األهرام»‪ ،‬وجريدة «البالغ»‪ ،‬وجريدة «المقطم»‪ ،)2(...‬ذلك ألن حضور األستاذ الطريس إلى مصر في أعمال‬ ‫المؤتمر البرلماني العربي كان ذا أهمية كبرى‪ ،‬كما أن مساهمته في المؤتمر المذكور تعتبر أول مساهمة لزعيم‬ ‫قيادي مغربي في تظاهرة عربية من حجم هذا المؤتمر الكبير‪.‬‬ ‫‪ .7‬استفادة تطوان من الشباب المثقف الحديث العودة من مصر سنة ‪.1945‬‬ ‫وعادت البعثات الطالبية المغربية أو التطوانية على وجه الخصوص‪ ،‬من رحالتها العلمية إلى مصر‪ ،‬فانفتح معها‬ ‫باب األمل في أن يكون هؤالء المتخرجون من الجامعات والمعاهد المصرية العليا نخبة يعتمد عليها في بث معارفهم‬ ‫العليا واستخدام تجاربهم الثقافية في ممارسة العمل التعليمي في المدارس األهلية المغربية‪ ،‬وهكذا كان من بين‬ ‫هؤالء الطلبة المذكورين شباب أخذ على عاتقه مهمة التعليم‪ ،‬كما قام حزب اإلصالح الوطني سنة ‪ 1945‬بتأسيس‬ ‫دوائر دراسية بالمدن األساسية في المنطقة الخليفية بشمال المغرب‪ ،‬بقصد إلقاء الدروس والمحاضرات لتربية‬ ‫وتعليم األميين‪ ،‬فكان المشرفون على هذه الدوائر‪ ،‬هم الشباب المثقف الحديث العودة من مصر‪.‬‬ ‫وال يفوتنا‪ ،‬أن نسجل أنه في شهر أبريل من سنة ‪ 1951‬م قدم إلى المغرب وفد من كبار رجال الصحافة المصرية‬ ‫يضم أساسا السيد صالح أبو رقيق (مبعوثا عن جامعة الدول العربية) والسيد محمود أبو الفتح والسيد محمد عبد‬ ‫القادر حمزة‪ ،‬والسيد حبيب جاماتي‪ ،‬فتمت زيار هذا الوفد لمدينة تطوان‪ ،‬حيث اهتم جمهور المثقفين في هذه‬ ‫المدينة باستقباله‪ ،‬والعناية به وإطالعه على أهم المنشآت الثقافية والعلمية بهذه الديار‪ ،‬وذلك من أجل خلق جو من‬ ‫التعاون والتقارب الثقافي بين أطراف العالم العربي شرقا وغربا‪ .‬كما ال يفوتنا ونحن نتحدث عن استفادة المغاربة من‬

‫‪19‬‬

‫بقلم‪ :‬حسناء داود‬

‫األساتذة المتخرجين من مصر‪ ،‬أن نشير إلى أهمية البعثات التعليمية المصرية التي حلت بمدينة تطوان – وخاصة‬ ‫أثناء الستينيات من القرن العشرين – والتي كان وجودها بهذه المدينة ذا تأثير كبير في تنوير الرأي العام‪ ،‬وفي إعداد‬ ‫جيل من الشبان والشابات(‪ )3‬المتشبعين بالثقافة العربية المتينة‪ ،‬وكذا بروح اإلخاء والتعاون مع كل األقطار العربية‬ ‫الشقيقة‪.‬‬ ‫‪ .8‬الوفد الخليفي إلى جامعة الدول العربية سنة ‪.1946‬‬ ‫ونصل إلى عالقة المغرب بجامعة الدول العربية منذ أوائل تأسيسها‪ ،‬فنجد أنه بعد أقل من سنة واحدة على‬ ‫تأسيس هذه المنظمة الجامعة للدول العربية‪ ،‬كان للمغرب فيها تمثيل من طرف عضوين بارزين من رجال حزب‬ ‫اإلصالح الوطني بتطوان‪ ،‬وهما السيدان مَحمد أحمد ابن عبود ومحمد عبد السالم الفاسي الحلفاوي‪ ،‬حيث إن األمين‬ ‫العام للجامعة المذكورة‪ ،‬السيد عبد الرحمن عزام باشا‪ ،‬قد طلب من الخليفة السلطاني بالمنطقة الشمالية من‬ ‫المغرب موالي الحسن بن المهدي‪ ،‬أن يرسل من يمثل المنطقة المذكورة في أعمال اللجنة الثقافية للجامعة‪ ،‬التي‬ ‫كان مقررا اجتماعها في بيروت في أواخر سنة ‪ 1945‬م‪ ،‬وهكذا قرر الخليفة المذكور إرسال األستاذين المذكورين‪،‬‬ ‫وبصحبتهما السيد مَحمد عبد السالم ابن عبود الذي انسحب من الوفد بعد ذلك‪ .‬وبما أن الوفد المعين من طرف‬ ‫الخليفة السلطاني‪ ،‬كان من المقرر أن يمثل المغرب في الجامعة بصفة دائمة‪ ،‬فقد شد هذا الوفد رحاله إلى مصر في‬ ‫أوائل سنة ‪ 1946‬م‪ ،‬ليجتمع عرب المغرب وعرب المشرق بصفة رسمية ألول مرة في التاريخ الحديث بالقاهرة تحت‬ ‫ظل هذه الهيئة الموقرة‪ ،‬ثم بعد ذلك زار هذا الوفد سوريا ولبنان والعراق واألردن‪ ،‬حيث تم استقباله من طرف ملوك‬ ‫ورؤساء هذه الدول‪ ،‬فكان له الفضل الكبير في خلق جو من التعاطف من طرف الدول العربية المشرقية مع القضية‬ ‫المغربية العادلة(‪.)4‬‬ ‫وفي هذا الصدد‪ ،‬نجد أن كال من السيد امحمد أحمد‬ ‫بن عبود والسيد محمد عبد السالم الفاسي الحلفاوي‪ ،‬قد‬ ‫مكثا في القاهرة يزاوالن نشاطهما الوطني تحت ستار‬ ‫التعاون الثقافي مع الجامعة العربية‪ ،‬إضافة إلى ما كان‬ ‫للسيد امحمد بن عبود بالخصوص‪ ،‬من حضور سياسي‬ ‫ملحوظ‪ ،‬نجد من أهم نتائجه‪ ،‬ما ترتب عنه من النجاح في‬ ‫العملية الموفقة التي قام بها ضمن رجال الحركة الوطنية‬ ‫المغربية في مصر‪ ،‬والتي أسفرت عن إنقاذ الزعيم محمد‬ ‫بن عبد الكريم الخطابي من األسر الفرنسي أثناء رحلته من‬ ‫منفاه‪ ،‬حيث تم إنزاله من الباخرة‪ ،‬وإيواؤه بالقاهرة في ‪31‬‬ ‫مارس ‪1947‬م‪.‬‬ ‫‪ .9‬جهود جامعة الدول العربية من أجل خدمة القضية‬ ‫المغاربية منذ سنة ‪.1951‬‬ ‫ومن خالل الزيارة التي أشرنا إليها سابقا لمبعوث‬ ‫جامعة الدول العربية السيد صالح أبو رقيق إلى المغرب‪،‬‬ ‫يمكننا أن نستنتج أهمية االتصاالت المكثفة التي أجراها‬ ‫المبعوث المذكور مع زعماء حزب اإلصالح الوطني بتطوان‪،‬‬ ‫ومع عدد من رجال الحركة الوطنية المغربية‪ ،‬وكذا‬ ‫المحادثات التي أجرتها البعثة الصحافية المصرية برئاسة‬ ‫الشيخ محمود أبو الفتح‪ ،‬مع مسؤولي الحزب المذكور‬ ‫وباقي األحزاب المغربية‪ ،‬حيث تمخض عن كل ذلك أن‬ ‫أوفد الحزب ممثله األستاذ الطيب بنونة إلى مصر‪ ،‬فأجرى‬ ‫هذا المبعوث خالل رحلته هاته عدة اتصاالت‪ ،‬سواء مع‬ ‫األمين العام للجامعة السيد عبد الرحمن عزام باشا أو مع‬ ‫وزير الخارجية المصري السيد محمد صالح الدين باشا أو‬ ‫مع رئيس الوزارة السيد مصطفى النحاس باشا‪ ،‬كما مثل‬ ‫السيد الطيب بنونة حزب اإلصالح الوطني في لجنة جامعة‬ ‫الدول العربية التي تكونت لدراسة ملف القضية المغربية‪،‬‬ ‫فزود وفد الجامعة بالمعلومات الكافية لعرض القضية على‬ ‫هيئة األمم المتحدة‪ ،‬وقد ضمت اللجنة المذكورة السادة‪:‬‬ ‫عبد الرحمن عزام وأحمد الشقيري وتوفيق الشاوي وصالح‬ ‫أبو رقيق وعادل ثابت وعالل الفاسي ومحمد ابن الحسن‬ ‫الوزاني والطيب بنونة (‪.)5‬‬ ‫هذا وإن الخاليا والهيئات السياسية المغربية العاملة‬ ‫في الديار المصرية بعد تأسيس جامعة الدول العربية‪ ،‬قد‬ ‫لقيت عناية كبيرة من طرف الجامعة المذكورة‪ ،‬فكان كل‬ ‫من «الوفد الخليفي بالجامعة العربية» و»رابطة الدفاع عن‬ ‫مراكش»‪ ،‬يحسون بأهمية طرح القضايا المشتركة على‬ ‫الهيئات الكفيلة بالدفاع عن الحقوق‪ ،‬بل وبضرورة تنسيق‬ ‫الجهود بين مختلف الخاليا والمنظمات الممثلة للمغرب‬ ‫العربي‪ ،‬حتى يتيسر تحقيق األهداف المشتركة‪ .‬وهكذا تم‬ ‫اتفاق ممثلي «رابطة الدفاع عن مراكش» وممثلي الوفد‬ ‫الخليفي بجامعة الدول العربية مع ممثل حزب الشعب‬ ‫الجزائري‪ ،‬ومع ممثلي حزب الدستور التونسي‪ ،‬لعقد مؤتمر‬ ‫عام يتم فيه تدارس شؤون المغرب العربي‪ ،‬وتنسيق‬ ‫أعمال هيئاته الحزبية‪ ،‬وتوحيد مكاتبه‪ ،‬تجسيدا للتضامن‬ ‫المغربي(‪ ،)6‬مما ترتب عنه إنشاء مكتب موحد للدفاع عن‬ ‫القضايا المغاربية بالمشرق‪ ،‬هو «مكتب المغرب العربي‬ ‫بالقاهرة»‪ ،‬الذي يحتاج إلى عرض خاص للحديث عن‬ ‫نشاطه المتميز في موضوع العالقة بين المغرب والمشرق‬ ‫العربيين‪.‬‬ ‫خاتمة‪ :‬هذه إشارات عابرة‪ ،‬ومحطات مختصرة‪ ،‬وقفنا‬ ‫عندها لبيان بعض المحاوالت التي تمت من طرف أسالفنا لتحقيق نوع من التواصل والتقارب السياسي والثقافي‬ ‫بين طرفي العالم العربي‪ ،‬وذلك في فترة حرجة من حياة هذا العالم ككل‪ ،‬يوم كان هؤالء األسالف يناضلون من أجل‬ ‫االستقالل والوحدة والدفاع عن المقدسات والمثل والمبادئ‪ ،‬وها نحن نشاهد هذا العالم اليوم‪ ،‬وبعد دخولنا في‬ ‫األلفية الثالثة‪ ،‬وهو ما زال يعاني من اآلفات التي تعوق طريقه لتحقيق كثير من أهدافه‪ .‬نسأل اهلل أن يمهد السبل‬ ‫لتعبيد الطريق نحو مستقبل مشرق زاهر لألمة العربية‪ ،‬إنه سبحانه وتعالى سميع مجيب‪.‬‬ ‫الهوامش‪:‬‬ ‫‪ .1‬عن كتاب نضالنا القومي – الطيب بنونة – الصفحة ‪.359‬‬ ‫‪ .2‬عن جريدة الحرية – السنة ‪ 2-‬العدد ‪ 10 – 34‬نوفمبر ‪ 1938‬م‪.‬‬ ‫‪ .3‬وقد كنت شخصيا من جملة هذه الفئة التي سعدت وتشرفت بالدراسة على يد تلك النخبة من األساتذة العرب (من مصر وسوريا ولبنان والعراق)‬ ‫الذين قاموا بمهمة التدريس لنا أثناء دراستنا الثانوية في معهد «خديجة تم المؤمنين» بتطوان‪ .‬جزاهم اهلل عنا خير الجزاء‪.‬‬ ‫‪ .4‬عن أطروحة السيد عبد المجيد ابن جلون «مساهمة في دراسة الحركة الوطنية المغربية بالمنطقة الشمالية سابقا فيما بين ‪ 1930‬و‪1956‬م»‪.‬‬ ‫‪ .5‬عن مجموعة من الرسائل الموجهة من السيد الطيب بنونة إلى حزب اإلصالح الوطني من القاهرة سنة ‪ 1951‬م‪ ،‬وهي توجد بين وثائق األمانة‬ ‫العامة لحزب اإلصالح الوطني بخزانة الحاج الطيب بنونة ضمن الملف رقم ‪ 26‬الذي يحمل اسم «رحلة الطيب بنونة إلى القاهرة موفدا من حزب اإلصالح‬ ‫الوطني في سنة ‪1951‬م‪».‬‬ ‫‪ .6‬عن كتاب «الحركات االستقاللية في المغرب العربي» – عالل الفاسي – الصفحة ‪ ،321‬مع التصرف واإلضافة‪ .‬وقد أورد األستاذ حسن الصفار‬ ‫معلومات هامة عن هذا الموضوع في رسالته لنيل دبلوم الدراسات العليا حول «حزب اإلصالح الوطني ‪.»1956 - 1936‬‬


‫العدد ‪1015‬‬

‫‪20‬‬

‫الثالثـاء ‪� 15‬إلى ‪� 21‬أكـتـوبر ‪2019‬‬

‫‪ 2‬ـ الدكتور ماني ‪1961 – 1881‬‬ ‫ مع المسلمين ‪:‬‬‫أما عالقة الدكتور ماني بأهل طنجة من المسلمين فكانت وُدِّية‪ ،‬وكان‬ ‫كبار علماء البلدة يلتمسون العالج لديه منهم الحافظ أحمد بن الصديق والعالم‬ ‫تقي الدين الهاللي وغيرهما‪ .‬وبخصوص العربية فقد كان يتقن الرطانة بها‪،‬‬ ‫حَدّثني الشيخ أبيّ بن الصديق بأنه ذات يوم لقي العالمة الحسن بن الصديق‬ ‫في الطريق فقال له‪« :‬ال ِّ‬ ‫تصل على الرسول»‪ ،‬فنازعه ابن الصديق وقال‪« :‬ال يصحّ‬ ‫تصل على الرسول[‪ - ]20‬أي‪ :‬ال ِّ‬ ‫هذا»‪ ،‬فقال له ماني‪« :‬ال ِّ‬ ‫تصل على الطريق» !!‬ ‫وقد أتى على الطنجيين زمن حين كان يمرض أحدهم كانوا ينصحونه‬ ‫َ‬ ‫بـ«وْطا‬ ‫باستشارة الدكتور موزيس ماني الطبيب اليهودي الذي فتح عيادة جديدة‬ ‫مَرْشَان»‪ ،‬على هضبة مشرفة على البلدة بجوار المشفى اإلنكليزي‪ ،‬وقبالة‬ ‫ملعب الكرة‪ ،‬فقد تناهى إلى سمع الكثيرين منهم أنه كان يعالج السلطان فمن‬ ‫دونه‪ .‬وعُ ِرف لدى أهل طنجة بحسن المعاملة‪ ،‬وتقديمه األدوية لهم‪ ،‬وإسعافهم‬ ‫في أي األوقات حتى بالمجيء إلى البيت‪ ،‬ويحكي عنه الناس أشياء غريبة في ُطرق‬ ‫العالج‪ ،‬ال سيما التي كان يعتمد فيها على اإليحاء والفراسة‪ ،‬وليس لفراسته‬ ‫عالقة بـ«فراسة المؤمن» وإنما كان هذا الطبيب يستند في أحكامه وتنبؤاته‬ ‫على قواعد مستنبطة من علم النفس اإليحائي‪ ،‬وهو علم كان جديدا في ذلك‬ ‫الوقت دَرَسَه ماني في ألمانيا‪ .‬وله في الكشف عن مرضاه طرائق وقواعد شتى‪.‬‬ ‫يُحكى أنه ذهب إليه رجل مع صديق له مريض‪ ،‬فلما دخال عليه قال ماني‬ ‫فحص صديقك نلتحق بك»‪ .‬ثم دخل على‬ ‫لذلك الرجل‪« :‬ارجع إلى دارك‪ ،‬وبَعْدَ ِ‬ ‫صديقه وقال له‪« :‬صاحبك دخله الموت‪ ،‬وقد أرسلته ليموت في داره !!»‪ .‬فكان‬ ‫األمر كما قال‪.‬‬ ‫ومرة جاءه مريض تمنعه «ال ُفوّاقة» (التجشؤ المتكرر) من الكالم‪ ،‬فقاطعه‬ ‫وأمره بحبس النَّ َفس ووضع أصبعيه على عينيه‪ ،‬وبعد فترة أمره بالتنفس‪ ،‬فلم‬ ‫يعد يعاني ذلك المريض مما كان به‪.‬‬ ‫وطلب منه الحاج محمد أج‪ .‬أن يذهب معه إلى مزرعته في ناحية العرائش‪،‬‬ ‫فلما ركب في السيارة رآه يتكلم مع ولد صغير ويأمره بشيء‪ ،‬فسأله عنه فقال‪:‬‬ ‫«إنه ابني»‪ ،‬فقال له‪« :‬ال تثق به»‪ ،‬فكرّر له القول‪« :‬إنه ابني ‪..‬؟!»‪ ،‬فلم يجبه‬ ‫ماني‪ .‬ولما وصل إلى بستانه ورأى فيه مَن يحرسه قال له‪« :‬هذا يعمل فيك الخير‬ ‫أحسن من ابنك»‪ .‬قال مُحَدِّثِيَ‪ :‬وهذا يدل على أنه كان لديه إلمام ودراية‬ ‫بعلم النفس! ألنه عندما بلغ والده السبعين من عمره َف َ‬ ‫عَل الوَ َلدُ فعلته بأبيه‬ ‫وجرّده من جميع أمالكه !!‬ ‫وكان من عادته أنه يرُدُّ بعض المرضى من باب دار مصحته وال يُدخله‬ ‫بمجرد أن مالمح وجهه أوحت له بما حمله على فعل ذلك ‪! ..‬‬ ‫ومن الطريف أنه جاءه مريض بالس ّ‬ ‫ُّل فامتنع من إدخاله‪ ،‬فعاب عليه جفاءه‬ ‫هذا‪ ،‬فاستحيى منه وقال له‪« :‬ادخل»‪ ،‬فدخل‪ ،‬وأثناء ذلك بدأ المريض يسعل‬ ‫فخاف الدكتور ماني من العدوى فقام بطرده من محل عيادته!‬ ‫وكان إذا أعطاه المريض المال يأخذه من يده وال ينظر كم أعطاه‪ ،‬فمرّة‬ ‫عاده السيد محمد الفلوس ولما فحصه أخذ عشرين فرنكا (خُمُس درهم)‬ ‫وأعطاه إياها‪.‬‬ ‫ثم صادف أن استدعي ماني لعيادة أحد الوجهاء في‬ ‫منزله‪ ،‬فلما دخل وجد السيد الفلوس جالسا مع جماعة‬ ‫في زاوية من البيت‪ ،‬فأخذه من يده وقال له ممازحا‪:‬‬ ‫«آجي أ السّارق !! ثم قصّ عليهم فعلته»‪.‬‬ ‫وعند قدوم العالمة عبد الحي بن الصديق من مصر‬ ‫سنة ‪١٣٦٦‬هـ‪1947 /‬م ذهب إلى الدكتور ماني‪ ،‬فلما‬ ‫دخل عليه ‪ -‬وكان في غاية السمن‪ -‬قال له ماني‪« :‬بزاف‬ ‫(= كثير) هذه السمانة !! فقال له العالمة عبد الحيّ ‪:‬‬ ‫«حتى أنت سمين !!»‪ ،‬فرد عليه ماني‪« :‬أنا عندي ثمانون‬ ‫سنة[‪ ،]21‬فعند بلوغك سني كم سيكون وزنك ؟!»‪.‬‬ ‫ثم قال له‪« :‬إذا وضعنا محرك السيارة في شاحنة كيف‬ ‫ستسير هذه الشاحنة ؟ ‪ ..‬فهذا حال قلبك مع جسدك ! »‪.‬‬ ‫ومرّة جيء إلى مصحته برجل يعاني شلال بإحدى‬ ‫يديه ‪ ..‬فلما دخل عليه الدكتور ماني ورآه أخذ عصا وهجم‬ ‫على المريض مُوهِما إياه بأنه سيضربه بالعصى على‬ ‫تلك اليد المشلولة ‪ ..‬فأصاب نفسية المريض بالهلع‬ ‫والذعر فانتفضت يده فجأة وعادت إلى طبيعتها تتحرك‪.‬‬ ‫وله نوادر وغرائب في عالج المرضى‪ ،‬وقد قال لي‬ ‫أحد الذين عرفوا الدكتور ماني عن قرب‪ :‬يذكرون أنه لو‬ ‫كان مُسْلِمًا الدّعى بعضهم أنه من األولياء !!‬ ‫لقد كان الطنجيون يكنون للدكتور ماني الكثير التقدير‪ ،‬كما كانوا يحفظون‬ ‫عنه الكثير من النوادر والقصص الغريبة‪ ،‬وأختم بهذا الخبر الطريف الذي سمعته‬ ‫من جار لي يسكن بحومة عين الحياني رحل عن هذه الدنيا منذ أزيد من عقد من‬ ‫السنين‪ ،‬قال لي‪« :‬أحسستُ يوما بوجع في البطن فقمت بزيارة طبيب يهودي‬ ‫يدعى ماني‪ ،‬وحال ما دخلت عليه في عيادته وجس بيده على مكان الوجع من‬ ‫بطني حتى سألني مستنكرا‪« :‬لماذا ال تحبق» (العامة تقلب الباء زايا)‪ ،‬قال لي‪:‬‬ ‫«هذا هو سبب الوجع الذي في بطنك‪ ،‬ولذلك أنصحك بأن تحبق قدر ما تستطيع‬ ‫‪ ..‬فالشطارة مذمومة في هذا األمر» ‪ ..‬ثم حكى لي قصة ذلك الرجل اإلسباني‬ ‫الذي كان يحبس الضرطة في بطنه فكان هذا سبب هالكه ووفاته ‪ ..‬وقال لي‪:‬‬ ‫حين شعر هذا اإلسباني بدنو أجله أوصى ‪ -‬وهو في النزع‪ -‬بأن يُكتب على شاهد‬ ‫قبره العبارة التالية ‪ ،)Por un peo .. aquí vio( :‬وترجمتها أنه (بسبب حبقة‬ ‫أنا أعيش هنا في هذه الحفرة)‪ .‬وكلمة (‪ )peo‬أي “الضرطة” لها في اإلسبانية‬ ‫نفس القافية أو الموسيقى التي لكلمة (‪ )vio‬أي “أعيش”‪ّ ،‬‬ ‫ولعل ماني كان صادقا‬ ‫في هذا‪ ..،‬فحين يرد المرء إلى أرذل العمر تصير موسيقى حياته شبيهة بصوت‬ ‫الضراط‪ .‬وأعتذر للقارئ عن هذا الخبر الذي تفوح منه رائحة تمجها األنوف ‪..‬‬ ‫ولكن هذه هي حياة الدكتور ماني التي كانت ضاجة بالحكايات والقصص‪ ،‬والتي‬ ‫َ‬ ‫ومستنكرها يُضحك‬ ‫كان جميلها يُبكي‪،‬‬ ‫• واقـعـة‬ ‫ثمّة في سيرة الدكتور ماني واقعة كادت أن تعصف بمنزلته بين يهود‬ ‫طنجة‪ .‬ذكر لي أحد شيوخ العلم بطنجة‪« :‬مَا ُكنّا نسمعه عنه هو أنه يهودي‬ ‫إلى أن فوجئت يوما أثناء الحديث مع العَمّ أنه قال‪« :‬هو درزي»‪ ،‬وال أدري من‬ ‫أين أتى بهذا !!»‪.‬‬ ‫أمّا يهودية الدكتور ماني‪ ،‬فهي ثابتة ال ُغبار عليها‪ ،‬شهد له بذلك أهله‬ ‫وأبناء مِ ّلته قبل غيرهم‪ ،‬منهم الكاتبة ماري بن قسيس في مذكراتها عن طنجة‪،‬‬ ‫وألكرية بن دالك في كتاب سيرتها‪ ،‬ثم إنه لو لم يكن الطبيب ماني يهوديا لما‬ ‫أُسندت إليه إدارة مشفى وملجأ بن شمول (‪،)Hopital - Asile Benchimol‬‬ ‫أو على األقل لم يكن ليصير أبرز أطباء هذا المشفى الذي هو المشفى الخاص‬

‫باليهود في طنجة‪ .‬ثم ّ‬ ‫إن ماني شُوهِدَ مرارا وهو يدخل شنوغة[‪ ]22‬اليهود‪،‬‬ ‫ولما توفي دُفن في مقابر اليهود‪ .‬وهذه الشواهد كافية للداللة على أصالته في‬ ‫الديانة اليهودية‪ ،‬وإذا سمعتَ من يقول بإنه لم يكن يهوديا‪ ،‬فاعلم ّ‬ ‫أن لذلك‬ ‫عالقة بحادثة طرأت على مسار عمل ماني‪ ،‬وما أن وقع فيها حتى بدأت حظوظه‬ ‫باالنعكاس‪ ،‬وشرعت األلسنة تنال منه ال سيما من بعض العناصر من الوسط‬ ‫اليهودي الطنجي‪ ،‬والقصة حُكيت لنا على الشكل اآلتي‪:‬‬ ‫كان الدكتور ماني طبيبا مرموقا بعين االحترام في المجتمع الطنجي‬ ‫المتعدد األصول والقوميات زمن اإلدارة الدولية‪ ،‬لكن عمال سيقوم به سيجلب‬ ‫عليه األقاويل والنقمة‪ ،‬فقد حدث أن أصيب أحد يهود طنجة بمرض خطير‬ ‫ومجهول‪ ،‬قيل إنه مرض الطاعون‪ ،‬فتولى الدكتور ماني الكشف عليه‪ ،‬ثم إنه‬ ‫كان يتوجب عليه أن يرفع تقريرا بحالته وكيفية معاملته‪ ،‬وقد فعل ذلك إذ قضى‬ ‫بالحجر الصحي على المريض‪ ،‬وأمر بأن يُحبس بفيال هاريس[‪ ،]23‬وبعدم‬ ‫االقتراب منه‪ ،‬ومناولته الطعام من تحت باب الغرفة التي يقيم فيها‪ ،‬ويُقال إنه‬ ‫أمر بإحراقه‪ .‬فقامت قائمة يهود طنجة‪ ،‬واعتبروا القرار ليس مُهينا للمريض‬ ‫فحسب وإنما لطائفتهم جمعاء‪ ،‬فانبرى للتشنيع على الطبيب ماني جماعة من‬ ‫اليهود‪ ،‬سلقوه بألسنة حِداد حتى ّ‬ ‫إن بعضهم أراد أن ينفيه من الملة اليهودية‬ ‫فأشاعوا القول بأنه درزي وليس يهوديا‪ ،‬والذين ّ‬ ‫تلطفوا في التشنيع عليه نعتوه‬ ‫بأنه شيوعي‪.‬‬ ‫ومن غريب ما ُذكِرَ لي في هذا الموضوع ّ‬ ‫أن ماني أبلغ السلطة بحجز‬ ‫اليهودي في مكان معزول عن الناس بسبب مرض مصاب به‪ ،‬فحجزوه في بيت‬ ‫بفيال هاريس‪ ،‬وجُعلت في الباب فتحة ونافذة منها يُعطى له ما يحتاجه من‬ ‫الماء والطعام‪ .‬وقد حكى حارسه ّ‬ ‫أن الدكتور ماني كان يأتي إلى الدار ويفتح الباب‬ ‫ويدخل على المريض في المساء ويلعب معه الوَرَق (الكارطة)‪ ،‬ثم بعد أن ينتهي‬ ‫من اللعب يقفل الباب عليه وينصرف‪.‬‬ ‫ويذكر أن فعله هذا حمل اليهود في طنجة على بُغْضِه‪.‬‬ ‫أما غالبية أهل طنجة من المسلمين الذين كانوا يترددون على مصحة‬ ‫الدكتور ماني‪ ،‬فلم يكن لهم علم بهذه األمور‪ ،‬ولربما كانوا على دراية بخفايا‬ ‫ذلك الصراع الذي أنتج عددا من التشنيعات على الدكتور ماني ولكنهم لم‬ ‫يكونوا بعبؤوا بها‪ .‬وبالتالي استمرت عالقتهم به مطبوعة باالحترام والتقدير‪،‬‬ ‫وقد وجدنا كبار علماء المسلمين يترددون على عيادته منهم الشيخ أحمد بن‬ ‫الصديق الغماري والشيخ السلفي تقي الدين الهاللي‪ ،‬وغيرهما من كبار علماء‬ ‫الشريعة بالثغر الطنجي المحروس‪ ،‬فضال عن عامة السكان وبسطائهم‪.‬‬ ‫• الدكتور ماني ‪ ..‬في عهد االستقالل (‪)1961-1956‬‬ ‫يذكر بعضهم أن تقليد زيارة الطبيب لدى الطنجيين عند كل وعكة صحية‬ ‫كانت تلم بهم ترسخ مع الطبيب ماني[‪ ،]24‬وهذا الكالم إن صحّ في بعض‬ ‫فترات ما بعد االستقالل إال أنه ال ينبغي أن يُؤخذ على إطالقه‪ .‬صحيح أن الدكتور‬ ‫ماني هو الذي شجع أهل طنجة من المسلمين على ذلك بما كان يُ َقدِّم لهم من‬ ‫مساعدات تصل إلى معالجتهم بالمجان‪ ،‬ولكن الحقيقة التي ال يُشَكّ فيها أيضا‬ ‫هي ّ‬ ‫أن أهل طنجة تعرّفوا على الطبابة األوربية وعلى تقاليد االستشارة الطبية‬

‫‪Hospital Benchimol‬‬ ‫قبل الدكتور ماني بعقود ترجع إلى أواخر القرن ‪19‬م‪ ،‬والشواهد على ذلك كثيرة‪.‬‬ ‫وعموما‪ ،‬فالباحث عن أخبار الدكتور ماني ال شك في أنه واجد مرويات كثيرة‬ ‫تتعلق بسلوكه ونمط حياته ونوادره‪ ،‬ومما قيل في وصفه‪:‬‬ ‫كان الدكتور ماني شخصًا يتفرد بمميزات خارجة عن المشترك العام‬ ‫عند الناس‪ ،‬سواء بطيبوبة أخالقه‪ ،‬وشَعَره األبيض الكثيف‪ ،‬ونظارته السوداء‬ ‫الكبيرة‪ ،‬أو من خالل سلوكه وتعامله الفريد‪ .‬لقد كانت لديه قاعدة‪ :‬وهي أنه‬ ‫لم يكن يدفع له فاتورة االستشارة الطبية إال الذين تسمح قدرتهم بذلك‪ .‬ولما‬ ‫سكن طنجة في بداية العقد الثاني من القرن العشرين تطوع لعالج المرضى‬ ‫في مستشفى بنشمول (‪ ،)Hopital Benchimol‬وذلك قبل أن يتولى إدارته‪،‬‬ ‫عمل لمدة طويلة نسبيا تحت إشراف الدكتور سبيفاكوف (‪ )Dr. Zpivakov‬وهو‬ ‫طبيب يهودي من أصل روسي دخل طنجة عام ‪1905‬م‪ ،‬وبعد وفاته استقل‬ ‫الدكتور ماني بإدارة المشفى اليهودي المذكور‪.‬‬ ‫وعلى الرغم من ّ‬ ‫أن ماني كان علمانيا مُتجذرا‪ ،‬إلاّ أنه حين قرّر أن يقترن‬ ‫بامرأة أرغمه الحُبّ على أن يتنازل عن راديكاليته‪ ،‬فتزوج بفرنسية مسيحية‬ ‫متجذرة في الكاثوليكية‪.‬‬ ‫أثناء عالجاته كان يبدو عليه التسرع في بعض الحاالت الخطرة‪ ،‬لكنك‬ ‫قد تجده في أحايين أخرى يكاد يختنق من الضحك وهو يستمع إلى تفاصيل‬ ‫تفسيرات سادجة لبعض مرضاه ممن كان يعرفهم‪.‬‬ ‫كانت وصفاته الطبية دقيقة وتعتمد الحد األدنى من العالج‪ ،‬بالتعاطي‬ ‫المنهجي تقريبا مع أدوية الطب التقليدي‪ .‬لقد كان الرجل الوحيد في طنجة الذي‬ ‫باستطاعته الوصول إلى جميع المنازل بالمدينة‪ ،‬وغالبا ما يكون ذلك في وقت‬ ‫متأخر من الليل بسبب جدول أعماله المزدحم‪ .‬ونظرا لخبرته وتجاربه ونزاهته‬ ‫صار معظم الطنجيين ال يحتكمون إال إليه‪ ،‬بل إن بعض المرضى كان يحلف‬ ‫بأن الدكتور ماني هو الذي أفتى عليه بطريقة عالج معينة‪ ،‬فيصير كالمة حُجّة‬ ‫عند الناس‪.‬‬ ‫نادرة هي ُ‬ ‫األسر الطنجاوية التي لم يوجد فرد منها ‪ -‬على األقل‪ -‬لم يعالجه‬ ‫الدكتور ماني من عِ ّلة ما‪ .‬وقد استمر الدكتور ماني يزاول وظيفته إلى ما قبل‬ ‫وفاته بقليل محتفظا بذات النشاط المعهود فيه أيام الشباب والكهولة وكان قد‬ ‫تجاوز الثمانين عاما‪.‬‬

‫• بقلم ‪ :‬د‪ .‬رشيد العفاقي‬

‫واعترافا بالخدمات التي قدمها الدكتور ماني لسكان المدينة‪ ،‬قرر المجلس‬ ‫البلدي األوّل الذي تأّلف بعد االستقالل تسمية شارع بحي مرشان باسمه‪ ،‬ولكن‬ ‫ما أن تم تشكيل المجلس الثاني عام ‪1962‬م حتى تقرر تغيير اسم الشارع‬ ‫المذكور[‪ ،]25‬ليس جحودا ونكرانا للمعروف كما كتب بعضهم وإنما جاء ذلك‬ ‫في إطار سياسة التعريب التي سَنّها العامل األوّل لمدينة طنجة بعد االستقالل‬ ‫الشيخ عبد اهلل كنون رحمه اهلل‪.‬‬ ‫وعلى العموم‪ ،‬فإننا نعتقد أن الدكتور ماني قد ابتهج بالعيش في طنجة‬ ‫لمدة تقرب من ستين عاما‪ ،‬كما سَرَّهُ لبضعة أعوام أن يرى جادة في أرقى أحياء‬ ‫طنجة (مرشان) تحمل اسمه ‪ ..‬سنوات قليلة قبل أن يرحل عن الدنيا‪.‬‬ ‫• وفـاتـه‬ ‫وقصص الدكتور ماني ال تنتهي حتى بعد مماته‪ .‬توفي الدكتور ماني في‬ ‫العاشر من شهر أكتوبر من سنة ‪1961‬م بمدينة طنجة‪ ،‬وقد أصرت زوجته أن‬ ‫تدفنه بالمقبرة الكاثوليكية‪ ،‬بحُجة أن الدكتور ماني لم يكن قط يمارس الشعائر‬ ‫اليهودية‪ ،‬وفعال جرى دفنه بالمقبرة المسيحية‪ ،‬وَلمّا علمت الطائفة اليهودية‬ ‫في طنجة بذلك سارعت من صباح الغد إلى نبش قبره ونقلت جثمانه إلى‬ ‫المقبرة اليهودية ببني مكادة حيث تم دفنه‪ ،‬وفي كناش هذه المقبرة سُجِّلت‬ ‫عنه البيانات التالية‪:‬‬ ‫ الدكتور موزيس ماني (‪)Dr Moises Many‬‬‫ تاريخ الوفاة ‪ 30 / 1961 – 10 - 10 :‬تشرين ‪5722‬‬‫ رقم القبر ‪( 801 :‬المنطقة ‪.]26[)2 :‬‬‫ومما تنبغي اإلشارة إليه ّ‬ ‫أن ألبير ساسون يذكر «أنّه (يعني الدكتور موشي‬ ‫ماني) خَ ّلف ولدا تخصص هو كذلك في الطب‪ ،‬وصار عميد كلية الطب بجامعة‬ ‫تل أبيب في سنوات ‪1980‬م‪ ،‬وقد تعرّف عليه ألبير ساسون في باريس بمناسبة‬ ‫ندوة دولية حول الطائفة اليهودية المغربية‪ ،‬انعقدت من ‪ 18‬إلى ‪ 21‬دجنبر‬ ‫‪1978‬م»[‪.]27‬‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫¿ التعليقات والهوامش‬

‫[‪Albert Sasson, Les couturiers du Sultan, éd. Marsam.2007, ]1‬‬ ‫‪p.59-60‬‬ ‫ ألبير ساسون‪ ،‬خياطو السلطان ‪ -‬ترجمة ‪ :‬سعيد عاهد‪.‬‬‫[‪ ]2‬ثمة في إحدى الروايات إشارة يُستفاد منها أن مولده كان قبل هذا التاريخ‬ ‫بنحو ‪ 10‬أعوام‪.‬‬ ‫[‪Omar Akalay, Du Protectorat français au Maroc : 30 mars ]3‬‬ ‫‪1912 - 16 novembre 1955, éd. 2007‬‬ ‫[‪ ]4‬جامع بيضا‪ ،‬رسالة من المولى عبد الحفيظ إلى الرئيس األمريكي ويلسن (‪30‬‬ ‫يونيو ‪ ،)1920‬مجلة كلية اآلداب والعلوم اإلنسانية (الرباط)‪ .‬العدد ‪ – 16‬سنة ‪1991‬م‪،‬‬ ‫ص‪176-178.‬‬ ‫‪[5] Norbert Allainmat, Le Maroc au début du XXe siècle sous‬‬ ‫‪le règne du Sultan Moulay Abd El Hafid 1908-1912,‬‬ ‫‪Editions de Patrimoine - Casablanca.2017, p.613‬‬ ‫‪[6] Norbert, Le Maroc au début du XXe siècle‬‬ ‫‪sous le règne du Sultan Moulay Abd El Hafid 1908‬‬‫‪1912, p.630‬‬ ‫‪[7] Norbert, Le Maroc au début du XXe siècle‬‬ ‫‪sous le règne du Sultan Moulay Abd El Hafid 1908‬‬‫‪1912, p.630-631‬‬ ‫‪[8] Ibid, p.633‬‬ ‫‪[9] Ibid, p.633‬‬ ‫[‪ ]10‬جامع بيضا‪ ،‬رسالة من المولى عبد الحفيظ إلى الرئيس‬ ‫األمريكي ويلسن (‪ 30‬يونيو ‪ ،)1920‬ص‪178.‬‬ ‫[‪Norbert, Le Maroc au début du XXe siècle ]11‬‬ ‫‪sous le règne du Sultan Moulay Abd El Hafid 1908‬‬‫‪1912, p.633-634‬‬ ‫[‪Albert Sasson, Les couturiers du Sultan, ]12‬‬ ‫‪éd. Marsam - Rabat.2007, p.64-65‬‬ ‫[‪ ]13‬جريدة (السعادة)‪ ،‬ع‪ )1927 - 09 - 06( 3144.‬ص‪3.‬‬ ‫‪[14] Mary Abécasis Obadia, Tanger, les miens‬‬ ‫‪et les autres, une Tangeroise de naissance et de‬‬ ‫‪cœur raconte les souvenirs de sa vie à Tanger. Ed.‬‬ ‫‪Phidal – Canada, p.80‬‬ ‫‪[15] Revue : Tanger – Riviera, N°4, Tanger 31 octobre 1952, p.7‬‬ ‫‪[16] voir Revue Dermatologica – Vol. 109 – année 1954, p.167‬‬ ‫‪[17] Alegria Bendelac, Mosaique .. une enfance juive à Tanger‬‬ ‫‪(1930-1945), éd. Wallada, Casablanca.1992, pp.40-41‬‬ ‫‪[18]Mary Abécasis Obadia, Tanger, les miens et les autres, une‬‬ ‫‪Tangeroise de naissance et de cœur raconte les souvenirs de sa vie‬‬ ‫‪à Tanger. Ed. Phidal – Canada.2002, p.80‬‬ ‫‪[19] Bensoussan, Il était une Le Maroc, p.72‬‬ ‫[‪ ]20‬لعله لفظها (اللسول) بالالم وليس بالراء‪ ،‬وهو يقصد اللفظة الفرنسية القريبة‬ ‫من لفظة “الرسول” وهي‪ Le Sol :‬التي تعني األرض أو الطريق‪ .‬وهذه واحدة من قفشات‬ ‫الدكتور ماني الكثيرة‪.‬‬ ‫[‪ ]21‬إذا صحّ أن الدكتور ماني كان في عام ‪1366‬هـ‪1946/‬م يبلغ من العمر ‪80‬‬ ‫عاما‪ّ ،‬‬ ‫فإن تاريخ مولده الذي ورد في بعض النصوص واعتمدناه في أوّل هذه المقالة‬ ‫(‪1881‬م) ليس صحيحا‪ ،‬وأن والدته كانت قبل هذا التاريخ بنحو ‪ 15‬عاما‪ ،‬وأنه توفي وهو‬ ‫يبلغ من العمر تسعين عاما ونيف‪ .‬مع احتمال أن يكون قد زاد على سنه الحقيقي بعضة‬ ‫أعوام‪.‬‬ ‫[‪ ]22‬شنوغة ‪ :‬كنيس اليهود‪ ،‬بهذا الرسم وردت في المصادر المغربية واألندلسية‬ ‫قديما‪ ،‬ويقابلها في اإلسبانية‪ ،)Synagoga( :‬وهي بيعة اليهود ومعبدهم‪.‬‬ ‫[‪ = Villa Harris ]23‬هذه الفيال بناها اإلنجليزي والطر هاريس الذي كان مراسال‬ ‫لجريدة التايمز اللندنية في طنجة مع بداية القرن ‪20‬م‪ .‬ازداد شهرة حين اختطفه القائد‬ ‫أحمد الريسوني‪ ،‬والكثير من أخباره معروفة‪.‬‬ ‫‪[24] Omar Akalay, Du Protectorat français au Maroc : 30 mars‬‬ ‫‪1912 - 16 novembre 1955, éd. 2007‬‬ ‫‪[25] Morad Akalay, Bref aperçu de l’Histoire récente des‬‬ ‫‪Juifs de Tanger. http://tanqueridatanger.canalblog.com/ar‬‬‫‪chives/2007/04/22/4710529.html‬‬ ‫‪[26] Cimetières Israélite de Tanger, route de Rabat‬‬ ‫‪http://www.beit-hahayim-tanger.com/livres.php‬‬ ‫‪[27] Albert Sasson, Les couturiers du Sultan, éd. Marsam, Ra‬‬‫‪bat.2007, p.60.‬‬

‫(يتبع)‬


‫العدد ‪1015‬‬

‫‪21‬‬

‫الثالثـاء ‪� 15‬إلى ‪� 21‬أكـتـوبر ‪2019‬‬

‫هل للمغرب مدرسة‬ ‫في مستوى الطموحات والتطلعات‬ ‫أزمة التعليم في المغرب‪ ،‬لم تعد شأنا داخليا بعد تدخل البنك الدولي الذي أثار انتباه المغاربة مؤخرا إلى وضعيته‬ ‫المتردية‪ ،‬التي فشلت في اختيار الطريق األصلح للخروج من حالة التخلف االجتماعي و االقتصادي الذي يعاني منه‬ ‫المغرب منذ عدة عقود‪ ،‬رغما على «المجهودات المادية» المبذولة من أجل ارتقائه وتحسين أدائه‪.‬‬ ‫التقارير الداخلية و الخارجية‪ ،‬التي أنجزت عن التعليم المغربي خالل العقود االخيرة‪ ،‬تؤكد بما ال يدع مجاال للشك‪،‬‬ ‫أن العراقيل والمشاكل التي تعيق هذا القطاع‪ ،‬تتمثل أساسا في التوسع المستمر آلفة األمية‪ ،‬من األمية األبجدية‪ ،‬إلى‬ ‫األمية التكنولوجية والسياسية والثقافية‪ /‬ضعف نسبة التمدرس خاصة في العالم القروي‪ ،‬وباألخص بالنسبة للفتيات‪/‬‬ ‫ضعف جودة التعليم في كافة اسالكه‪ ،‬انطالقا من سلك التعليم األساسي‪ ،‬وهو ما يعني‪ ،‬الفشل الكلي في تحقيق‬ ‫مبدأ التعميم‪ .‬والفشل الشامل في ربط مناهج التعليم بالتنمية‪ ،‬رغما على المجهودات المادية الهائلة التي تمت في‬ ‫هذا المجال‪ ،‬واألموال الطائلة التي تم صرفها عليه‪ .‬و هي مجهودات تصنف المغرب من بين الدول العالمتالثية التي‬ ‫تخصص نسبة عالية من مواردها لقطاع التعليم‪.‬‬ ‫ومن الجدير ذكره في هذا الصدد‪ ،‬أن كلفة التكوين الفردية السنوية للتلميذ المغربي الواحد‪ ،‬في السلك األول من‬ ‫التعليم األساسي‪ ،‬تبلغ حتى اآلن حوالي ‪ 2300‬درهم وفي السلك الثاني من هذا التعليم تبلغ ‪ 4400‬درهم و مع ذلك‬ ‫تبقى هذه األرقام متواضعة مع تكلفته في دول أخرى بأوربا ( أي حوالي ‪ 14‬مرة أقل مقارنة مع فرنسا مثال)‪.‬‬ ‫إن ميزانية التربية والتعليم‪ ،‬مثلت خالل العقود الثالثة الماضية معدال سنويا يفوق ‪ % 23‬من الميزانية العامة‬ ‫للدولة‪ ،‬و هو ما يمثل ‪ % 6‬من الناتج الداخلي الخام و ذلك دون الموارد التي تصرفها األسر مباشرة القتناء لوازم‬ ‫التمدرس‪ ،‬من كتب و دفاتر و أدوات‪ .‬ودون أداء تكاليف الرسوم و الدروس اإلضافية‪ .‬ومع ذلك لم تستطع هذه الميزانية‬ ‫الضخمة‪ ،‬تحقيق ما تحتاج إليه البالد من تكوين و قضاء على األمية‪ ،‬ورفع مستوى التعليم لمواجهة التحديات القائمة‬ ‫في القطاعات االقتصادية و االجتماعية‪ ،‬كما لم تستطيع متابعة مجموع البرامج المقررة في مجال التعميم وتحسين‬ ‫التأطير‪ ،‬ورفع المردودية الداخلية للنظام التربوي‪.‬‬ ‫السؤال الذي تطرحه هذه الحالة اإلشكالية على مغرب اليوم ‪ :‬اين يكمن الخلل…؟ هل في نظرتنا إلى التعليم…‪.‬‬ ‫أم في إدارتنا لقطاعه؟‬ ‫في اإلجابة عن هذا السؤال‪ ،‬علينا أن نتوقف عند سلك التعليم األساسي (كنموذج) باعتباره المدخل الرئيسي‬ ‫إلشكالية التعليم في كل أسالكه األخرى‪ ،‬وباعتباره أيضا األرضية الصلبة التي تقوم عليها الشخصية التعليمية بكل‬ ‫إيجابياتها وسلبياتها…‬ ‫التعليم األساسي‪ ،‬في التعريفات األكاديمية الدولية (اليونسيف‪ /‬اليونسكو‪ /‬االسيسكو)‪ ،‬هو الذي يزود المواطن‬ ‫بالمعارف و المهارات العلمية األساسية‪ ،‬لمزاولة‬ ‫بعض الحرف البسيطة‪ ،‬أو لزيادة دخل األسرة في‬ ‫المجتمعات الريفية و الحضرية … وهو الذي يكفل‬ ‫للمواطن التمدرس عن طريق التفكيرالسليم‪،‬‬ ‫ويؤمـــن له حـدا من المعــارف والمهــارات‬ ‫والخبرات التي تسمح له بالتهيء للحياة وممارسة‬ ‫دوره كمواطن منتج… وهو التعليم المناسب لجميع‬ ‫المواطنين‪ ،‬الذي يوفر لهم الحد األدنى من الفرص‬ ‫التعليمية‪.‬‬ ‫وفي الوثائــق المغربيــة الرسمية‪ ،‬التعليـــم‬ ‫األساسي‪ ،‬هو مرحلة تعليمية تربوية إجبارية‪ ،‬مدتها‬ ‫تسع سنوات‪ ،‬تثبت في المتعلم القيم اإلسالمية‪،‬‬ ‫و تكسبه القدر الضروري من المعارف والمهارات‬ ‫اإليجابية‪ ،‬مما يجعله قادرا على تحقيق الترقي الذاتي‪،‬‬ ‫ويؤهله لالندماج في مجتمعه‪ ،‬والمساهمة في‬ ‫تطويره‪ ،‬ومسايرة ركب التطور اإلنساني و اإلسهام‬ ‫فيه‪.‬‬ ‫انطالقا من هذه التعريفات «األكاديمية «تبرز‬ ‫أمامنا العديد من األسئلة األخرى‪ ،‬أهمها ‪ :‬ما هي‬ ‫أسباب تراجع تعليمنــا األساسـي عن هذه القيــم‬ ‫والمواصفات…؟‬ ‫تقول الشهادات المتوفرة عن هذا السلك من‬ ‫التعليم‪:‬‬ ‫إنه بقي حتى اليوم‪ ،‬يعاني من القطيعة التامة بينه و بين التعليم األولى (ما قبل المدرسي ) رغم ما لهذا األخير‬ ‫من أهمية في تحديد و تشكيل معالم شخصية الطفل‪ ،‬و تفتيق مواهبه و قدراته‪ ،‬األمر الذي يحتم االبتعاد عن تلقين‬ ‫المضامين وخزن المعارف‪ ،‬و يفترض اعتماد المقاربات التواصلية التي تنمي فيه سلوكات و مواقف تؤهله للتفاعل‬ ‫اإليجابي‪ ،‬مع المحيط االجتماعي والثقافي‪.‬‬ ‫إنه لم يستند إلى اختيارات اقتصادية واجتماعية و سياسية و ثقافية واضحة ومحددة‪ ،‬يسهم فيها الجميع توجيها‬ ‫و تأطيرا‪ .‬وإنما جاء نتيجة ظروف و أزمات متعددة‪ ،‬انعكست عليه‪ ،‬مما جعل الوزارة الوصية ترفع باستمرار‪ ،‬شعار الترميم‪،‬‬ ‫عوض اإلصالح والتجديد و إعادة الهيكلة والبناء‪ ،‬بغية االنسجام مع اإلكراهات المتتالية التي تواجهها من كل جانب‪.‬‬ ‫إنه رغم لجان اإلصالح المتعددة‪ ،‬بقي بعيدا عن اإلستراتيجية المتبصرة‪ ،‬التي من شانها تكييف مناهج التعليم‬ ‫األساسي‪ ،‬مع البيئة المحلية‪ ،‬و أساسا مع العالم القروي‪ ،‬الذي مازال تعليمه بعيدا في مستواه و حجمه عن التعليم في‬ ‫الحواضر‪ ،‬خاصة ما يتعلق بتعليم الفتيات‪.‬‬ ‫إنه فشل في االنفتاح على محيطه الخارجي‪ ،‬إذ لم يتمكن من جعل المدرسة االبتدائية ( األساسية ) فضاء للتنشيط‬ ‫االجتماعي و الثقافي و الفني‪ ،‬و إن يجعلها قطب انجذاب أساسي‪ ،‬في المحيط الذي تتواجد فيه و من أجله‪.‬‬ ‫إنه رغم ما يتطلبه من مصاريف ضخمة‪ ،‬و ما يشكله كعبء ثقيل على كاهل ميزانية الدولة‪ ،‬فإن مردوديته ضلت‬ ‫ضعيفة شكال و مضمونا‪ ،‬إذ يستفاد من التقارير الرسمية‪ ،‬إن ثالثة عشرة في المائة ( ‪ ) % 13‬فقط‪ ،‬ممن يلجون التعليم‬ ‫األساسي‪،‬هم الذين يحصلون على شهادة البكالوريا‪ ،‬بينما ال تشكل نسبة الحاصلين على شهادات عليا‪ ،‬سوى خمسة‬ ‫بالمائة (‪ ،)%‬وذلك دون ظاهرة مغادرة الدراسة في سن مبكرة لعدد كبير من التالميذ‪ ،‬في العالمين القروي و الحضري‪،‬‬ ‫و هي ظاهرة يستعصي تبريرها بحكم تداخل عوامل عدة‪ ،‬أبرزها أن التعليم أصبح في نظر العديد من اآلباء و األمهات‬ ‫وأولياء التالميذ ال يجدي نفعا بحكم طبيعة التباعد القائمة بينه وبين سوق الشغل‪ ،‬وبسبب صورة المعاناة اليومية‬ ‫للخرجين وحملة الشواهد الذين لم يعد بوسع ال القطاع العام‪ ،‬وال القطاع الخاص استعابهم وتشغيلهم‪.‬‬ ‫أما بالنسبة للهدر المدرسي فهي في ارتفاع مستمر وخاصة في األوساط الفقيرة ‪ :‬من بين ‪ 100‬طفل عمرهم ‪7‬‬ ‫سنوات يدخل المدرسة ‪ 85‬ويلتحق باإلعدادي ‪ ،45‬و يصل نهاية السلك اإلعدادي ‪ 32‬و يدخل الثانوي ‪ 22‬و يحصل على‬ ‫الباكالوريا ‪ ،10‬باإلضافة إلى ذلك تتعمق الفوارق بين الوسط القروي و الحضري وبين الذكور و اإلناث ‪ :‬إذ من بين ‪100‬‬ ‫طفل قروي عمرهم ‪ 7‬سنوات يدخل المدرسة ‪ .66‬ومن بين ‪ 100‬فتاة عمرهن ‪ 7‬سنوات تدخل المدرسة ‪.59‬‬ ‫إن تشخيص وضعية التعليم األساسي‪ ،‬في مطلع األلفية الثالثة بالمغرب‪ ،‬من خالل هذه األرقام‪ ،‬تكشف بالملموس‬ ‫مدى حجم التخلف الذي مازال يعاني منه نظامنا التعليمي‪ .‬تقول هذه األرقام بوضوح ‪:‬‬ ‫أن نسب التمدرس الخام بالمغرب مقارنة مع الدول السائرة في طريق النمو سجلت تأخرا بمعدل ‪ % 20‬بالنسبة‬ ‫للتعليم االبتدائي و‪ % 10‬بالنسبة لإلعدادي والثانوي‪.‬إن ما يلفت النظر في وضع التعليم األساسي بالمغرب اليوم‪،‬‬ ‫أنه بعيدا عن األرقام واإلحصائيات‪ ،‬بقي باستمرار‪ ،‬و على مدى أربعة أو خمسة عقود محل نقاش و تجاذب بين النخب‬ ‫السياسية والثقافية في البالد دون أية نتيجة تذكر‪ ،‬إذ تبلورت مناهجه و برامجه في البداية داخل اللجنة الملكية‬

‫?‬

‫بقلم ‪:‬‬

‫• محمد أديب السالوي‬

‫إلصالح التعليم التي أسسها جاللة محمد الخامس تغمده اهلل برحمته سنة ‪ ،1957‬وهي اللجنة التي وافقت على‬ ‫اختياراته األساسية ‪ :‬التعميم ‪ /‬التوحيد‪ /‬التعريب‪ /‬المغربة‪ .‬وهي نفسها االختيارات التي عكست الطابع التوافقي على‬ ‫عهد االستقالل‪ ،‬ثم أعيد النظر في هذه االختيارات و المناهج‪ ،‬داخل لجنة التربية والثقافة لسنة ‪ ،1960‬وهي اللجنة‬ ‫المتفرعة عن اللجنة الوطنية إلعداد المخطط الخماسي األول ( ‪ ) 1964 1960-‬التي دافعت عن مشروع المدرسة‬ ‫الوطنية الموحدة‪ .‬وأخيرا شكل هذا السلك من التعليم‪ ،‬بعد تنبيهات البنك الدولي‪ ،‬هاجسا للميثاق الوطني للتعليم‪،‬‬ ‫الذي رأى النور في مطلع األلفية الثالثة‪ ،‬على عهد جاللة محمد السادس‪ .‬و هو الميثاق الذي خرج إلى الوجود بعد جهد‬ ‫جهيد‪ ،‬و الذي كان اآلمل منه‪ ،‬أن يدفع تجاه إصالح المدرسة المغربية‪ ،‬و إعادة االعتبار إلى المدرسة الوطنية… و لكن‬ ‫على ما يبدو أن إصالح هذا التعليم‪ ،‬مازال في حاجة إلى مجهودات أكبر… ولربما إلى سنوات أخرى من العمل واالجتهاد‪.‬‬ ‫يعني ذلك ‪،‬إن اإلصالح الذي كان المغرب ومازال يسعى إليه منذ سنة ‪ 1957‬وحتى اليوم هو أن ال تبقى مهام‬ ‫المدرسة المغربية‪ ،‬قائمة على حشو أذهان و عقول الناشئة المغربية بمعلومات تجريدية ‪ /‬ال قيمة لها‪ ،‬وال فائدة منها‪.‬‬ ‫وأن تتحول إلى مدرسة جديدة عصرية‪ ،‬في مستوى طموحات وتحديات عصرها‪ ،‬قادرة على إعداد المواطن الصالح‪،‬‬ ‫المؤمن‪ ،‬المؤهل‪ ،‬الكفء‪ ،‬الملتزم بخدمة وطنه‪ ،‬الواع بواجبات المواطنة وحقوقها‪ ،‬المتشبت بقيمه الدينية والوطنية‪،‬‬ ‫المنفتح على ذاته و على الذات الكونية‪.‬‬ ‫اإلصالح المنشود‪ ،‬يسعى إلى جعل التعليم ركيزة أساسية في نسق التنمية االجتماعية واالقتصادية والثقافية‪ ،‬وهو‬ ‫يمثل في كل الحاالت استثمارا بشريا ضروريا لالنخراط في ركب الثورة العلمية والتكنولوجية‪ ،‬التي باتت تشترط التحاق‬ ‫الشعوب والدول بمسار النهضة الحضارية في عالم القرن الواحد والعشرين‪.‬‬ ‫لذلك‪ ،‬يرى كافة المربين المختصين‪ ،‬أن اإلصالح‪ ،‬عليه أن يتجه لجعل قطاع التربية والتعليم‪ ،‬قطاعا استراتيجيا‬ ‫في نسق التنمية االجتماعية واالقتصادية والثقافية وهو ما يشترط إلى حد بعيد إمكانية انخراط المغرب في حركة‬ ‫الثورة العلمية والتقنية والتكنولوجية‪ ،‬هذا االنخراط الذي يشترط بدوره مواكبة مسيرة التطور والتقدم واالزدهار خالل‬ ‫العقود المقبلة‪.‬‬ ‫من هذا المنطلق‪ ،‬أصبح رجال التربية والتعليم‪ ،‬والخبراء‪ ،‬و السياسيين المصلحين‪ ،‬يلحون على اإلصالح المنتج‬ ‫للتعليم األساسي‪ ،‬يلحون على جعله تعليما منفتحا على محيط المتعلمين‪ ،‬متعامال مع واقعهم بشكل جدلي‪ ،‬مؤثرا في‬ ‫واقعهم و متأثرا بهذا الواقع‪ ،‬و هو ما يعني توفير‬ ‫فرص االندماج بسهولة في النسيج االقتصادي‬ ‫للبالد‪ ،‬ليصبح المتعلم عضوا فعاال في التنمية‬ ‫الشاملة للبالد… و هو ما يشترط كمرحلة أولى و‬ ‫أساسية عدة شروط‪ ،‬منها‪:‬‬ ‫إدخال التكنولوجيا الحديثة إلى مؤسســات‬ ‫التعليم األساسي و ذلك بإحداث قاعة متخصصة‬ ‫على األقل في كل مؤسسة‪ ،‬وربـط المؤسسات‬ ‫بشبكة االنترنيت وإحــداث شبكــة لالتصال بين‬ ‫المؤسسات‪.‬‬ ‫تعميم المكتبات على المؤسسات المدرسية‬ ‫وإغنائها بالمراجع الحديثة و تفعيـل دورهـا داخــل‬ ‫المنظومة التربوية‪.‬‬ ‫وضع برامج التكوين المستمر الذي يعتبر من‬ ‫أهم الرافعات التي تعتمد عليها التربية من أجل‬ ‫تحسين أداء المدرسين و أطر اإلدارة التربوية‪.‬‬ ‫واألطر المسؤولة بكل من اإلدارة المركزية واإلدارة‬ ‫الخارجية‪.‬‬ ‫وضع إصالح المناهج على ضوء توجيهات اللجنة‬ ‫الخاصة بإصالح التربية والتكوين‪ ،‬وعلى ضوء تقويم‬ ‫المناهج الحالية‪ ،‬ووضع آليات العمل الخاصة بهذا المجال‪.‬‬ ‫وضع تقويم و تأطير المؤسسات التعليمية الذي يرمي من جهة إلى وضع سياسة ناجعة لتقويم التالميذ‬ ‫والمؤسسات و من جهة أخرى إلى تفعيل آليات التأطير التربوي واإلداري للمؤسسات التعليمية‪.‬‬ ‫وضع برامج الدعم لفائدة التالميذ المنتمين إلى الفئات االجتماعية ذات الدخل المحدود‪ ،‬ولتالميذ الوسط القروي‪.‬‬ ‫و يتمثل هذا الدعم في توزيع األدوات والكتب المدرسية وتوزيع المواد والوجبات الغذائية و منح الداخليات‪.‬‬ ‫صياغة أهداف واضحة و محددة ودقيقة لكل سلك من أسالك التعليم‪ ،‬انطالقا من ما قبل المدرسي وحتى الجامعي‪.‬‬ ‫التخفيف من المقررات و إعادة صياغتها وفق طموحات المدرسة الوطنية‪.‬‬ ‫العمل بمبدأ التناوب لخلق جسور بين التعليم األساسي‪ ،‬والتعليم الثانوي‪ ،‬ومراكز التكوين‪.‬‬ ‫تمكين المتعلم بالتعليم األساسي‪ ،‬من اللغات الحية‪ ،‬العربية‪ ،‬الفرنسية‪ ،‬اإلنجليزية‪ ،‬ومن القراءة‪ /‬الحساب‪ /‬طرائق‬ ‫التفكير‪ /‬وسائل العمل‪.‬‬ ‫إعادة النظر في مواد التربية الوطنية‪ ،‬وتعميمها على سائر التخصصات وسائر المستويات‪.‬‬ ‫العمل بمبدأ التوجيه‪ ..‬المعقلن‬ ‫بذلك نخلص إلى أن نظام التعليم األساسي المغربي‪ ،‬في المرحلة الراهنة مقرون بإصالحات جدرية‪ ،‬تتجاوز‬ ‫اإلصالحات الهيكلية إلى إصالح مناهج الكتاب المدرسي واإلدارة المدرسية وقضايا التعميم و المجانية‪ ،‬إلى تحسين‬ ‫الكفاية الداخلية والخارجية للنظام التعليمي‪ ،‬وإلى الربط ما بين التربية والتعليم‪ ،‬واعتبارهما جزء ال يتجزأ من‬ ‫استراتيجية التنمية الشاملة‪ ،‬التي تنبني على أسس نابعة من التحديات العلمية التي تواجه المغرب في محيطه العالمي‪.‬‬ ‫وعلى واقع المجتمع المغربي وطبيعة طموحاته الحضارية والثقافية‪ ،‬التي تسعى إلى تركيز موقعه على خارطة العالم‬ ‫الحديث بتجاذباته العلمية والحضارية‪.‬‬ ‫إن طرح مسألة التعليم األساسي (كنموذج) على هذا المستوى يرتبط في اعتقادنا بطرح أكبر وأشمل‪ ،‬يتعلق‬ ‫بمسألة التخلف و التقدم‪ ،‬في عصر تحولت فيه الثقافة والمعرفة إلى صناعة واستثمار‪ ،‬وإلى إصالح استراتيجي ألحكام‬ ‫السيطرة على التحديات القائمة‪.‬‬ ‫لذلك‪ ،‬نرى أن قضية إصالح التعليم في مغرب اليوم‪ ،‬يجب أن تبدأ من تفكيك األزمات المترابطة حول أسالكه‪،‬‬ ‫انطالقا من سلكي التعليم األولى ( ما قبل المدرسي) والتعليم األساسي‪ ،‬وإعادة تركيبها وفق شروطها‬ ‫العلمية أوال… ووفق طموحات المغرب الحضارية‪ /‬االجتماعية‪ /‬الثقافية‪/‬االقتصادية‪ ،‬ثانيا وأخيرا… وتلك‬ ‫مسألة تتعلق باإلرادة السياسية قبل كل شيء ‪.‬‬


‫الثالثـاء ‪� 15‬إلى ‪� 21‬أكـتـوبر ‪2019‬‬

‫العدد ‪1015‬‬

‫لعبة السودوكو (‪)476‬‬

‫اإلعالم من ضرورات التنمية‬ ‫المستدامة )‪(2/1‬‬

‫أصل اللعبة‬

‫لعبة السودوكو اليابانية األصل «‪ ،»SUDOKU‬كانت معروفة منذ الثمانينيات‬ ‫في اليابان‪ ،‬إال أنها لم تظهر كلعبة ذات شعبية إال سنة ‪.2005‬‬

‫معنى كلمة سودوكو‬

‫• بقلم ‪ :‬عبد القادر أحمد بن قدور *‬

‫إلحداث تنمية شاملة في أي مجتمع البد من استخدام كل‬ ‫الوسائل التي تساعد على عملية التغيرات المطلوبة إلنجاز العملية‬ ‫التنموية وعلى الخصوص الوسائل التكنولوجية الحديثة‪ ،‬إال أن‬ ‫عملية استخدام هذه الوسائل من أجل إدخال التغييرات البنيوية‬ ‫في الهياكل التي تؤلف النسق لكل مجتمع تتطلب بالضرورة إقناع‬ ‫المتقيد بها‪ ،‬أي إدخال هذه الوسائل والنظم إلى ميدان حياته‬ ‫اليومية واالستفادة منها إلى أقصى حد ممكن‪ .‬وقد دلت التجربة‬ ‫على أن إدخال وإحداث وسائل جديدة في أي قطاع من القطاعات‬ ‫المختلفة في المجتمع سواء الصناعة أو الزراعة أو قطاع الخدمات‬ ‫وكذلك النظم االجتماعية كعملية تنظيم اإلنتاج وتنظيم األسرة‬ ‫والصحة العامة وغيرها البد وأن يواكبها اإلعالم حتى تتم العملية‬ ‫على أحسن وجه من هنا بات من الواجب أن يدخل اإلعالم في جميع‬ ‫ميادين الحياة وأشكالها‪ .‬وبهذا نرى أن اإلعالم له عالقة وطيدة‬ ‫بجميع مرافق الحياة‪.‬‬ ‫‪ ‬إال أن درجة االرتباط تختلف من ميدان آلخر حسب طبيعته ومع‬ ‫ذلك فهذه العالقة ال تقل أهمية عن بعضها البعض‪.‬‬ ‫وسنبدأ بتحليل العالقة الموجودة ما بين اإلعالم والثقافة كأول‬ ‫مثال على ارتباط اإلعالم بمختلف مرافق الحياة األخرى‪ .‬‬ ‫وقبل ذلك نتساءل عن طبيعة العالقة الموجودة بينهما‪.‬‬

‫عالقة اإلعالم بالثقافة‪:‬‬

‫إن اإلعـــالم ال يستطيع أن يلغــي الثقافــة كما أن الثقافــة‬ ‫ال تستطيع أن تلغي اإلعالم‪ ،‬ألن بعض جوانب الثقافة تتالقى مع‬ ‫اإلعالم من حيث الطبيعة والنوع واألثر‪ .‬وأن بعض جوانب اإلعالم‬ ‫تتالقى مع الثقافة من حيث االختبار واألداء واألهداف فمثال هناك‬ ‫بعض الظواهر أقحمت نفسها على الحياة‪ ،‬فكثير من القصص‬ ‫والروايات التي كتبها كتاب وقادة فكر وعظماء لم يدر عنها أحد‬ ‫شيئا حتى إسمها إلى أن ظهرت على شاشة التلفزة في سجل سهرة‬ ‫أو مسلسل‪ ،‬وهناك ظاهرة أخرى تتعلق بالشهرة فكم عاما قضاه‬ ‫بعض الكتاب كـطه حسين والعقاد وغيرهما والمفكرين العظام‬ ‫ليصلوا إلى الشهرة‪ ،‬وإلى كم من األعوام يحتاج أدباء الشاشة‬ ‫ليحققوا نفس الشهرة‪.‬‬ ‫إن أدباء ومفكري التليفزيون يحتاجون إلى بضع ساعات وبضعة‬ ‫شهور ليصبحوا أعالما معروفين‪ ،‬وإذا انتقلنا من باب الفكر واألدب‬ ‫إلى باب الفن فسنجد أن ما بذله محمود درويش وسالمة حجازي من‬ ‫الجهد والتنقل واالتصال بالناس ليحقق كل منهما مكانته الفنية‬ ‫والنضالية‪ ،‬أصبح اليوم أغنية واحدة تغنيها مطربة شابة وجميلة‬ ‫وينقلها التلفزيون‪ .‬هذه األغنية تحقق شهرة أكبر مما حققه مشاهير‬ ‫المغنين في سنين طويلة ومتصلة من أعمارهم‪.‬‬ ‫وهكذا نجد أن التليفزيون قد أثر تأثيرا عميقا جدا في الناس‬ ‫حتى أصبح تجاهله نوعا من «غرس الرؤوس في الرمال كما تفعل‬ ‫النعام»‪ ،‬ومعنى هذا أن الثقافة لم تعد في غنى عن التليفزيون لنشر‬ ‫الفن بين الجماهير‪.‬‬ ‫والعالقة بين اإلعالم والثقافة قد تطورت تطورات مختلفة أدت‬ ‫إلى هذا التقدم الذي نلمسه اآلن ‪ ،‬لذا أصبحنا نرى أنه في وسع‬ ‫وسائل اإلعالم أن تكون ذات فائدة عظيمة بالنسبة للثقافة ولجميع‬ ‫أنواع التعليم واإلعداد داخل المدرسة وخارجها ‪ ،‬وقد‪ ‬أثبتت وسائل‬ ‫اإلعالم نفعها للتعليمين الفني والمهني كما استخدمت على إطار‬ ‫واسع وبصورة مجدية للغاية في األغراض التربوية‪ :‬مثل محو األمية‬ ‫أو بعض أشكال التعليم المدرسي‪.‬‬ ‫والتلفزة تسجل لنا برامج تنقل حياة وشعوب مختلفة مثال‬ ‫كالشعوب اإلفريقية وبهذا نستطيع أن نكون فكرة عن حياة شعوب‬ ‫لم نرها قط‪ ،‬وخاللها يتجلى لنا مدى الفرق الحضاري بيننا وبينهم‬ ‫والشعوب الغربية التي استطاعت أن تصل إلى درجات عالية‪ ‬من‬ ‫التقدم وهذا إن دل على شيء إنما يدل على مدى أهمية وسائل‬ ‫اإلعالم وخاصة التلفزة التي تتوفر على قدر كبير من األهمية نظرا‬ ‫ألنها ترتكز على الصوت والصورة في نفس الوقت‪ ،‬إذا كانت هذه‬ ‫هي العالقة بين الثقافة واإلعالم فما هي طبيعة عالقته بالميدان‬ ‫االجتماعي؟‬

‫لجميع إعالناتكم‬ ‫اإلشهارية واإلدارية‬ ‫يف جريدة‬

‫االتصال على الرقم ‪:‬‬ ‫‪0539943008‬‬

‫‪22‬‬

‫عالقة اإلعالم بالميدان االجتماعي‪ :‬‬

‫إن تقدم أي مجتمع من المجتمعات ال يتحقق إال عن طريق‬ ‫تكوين أفراده ورفع مستواهم بواسطة طرق مختلفة ومتنوعة فإن‬ ‫اإلعالم يعتبر واحدا منها إذ نالحظ دائما بأنه هو النافذة التي يطل‬ ‫منها األفراد بعضهم على بعض ويستفيدون من تجاربهم فإلى أي‬ ‫حد تستطيع الوسائل اإلعالمية أن تنفد إلى داخل الفرد المغربي‬ ‫فتساعده على تنظيم أسرته وتوعيته ورفع مستواه؟‪.‬‬

‫أ‪ /‬اإلعالم والمرأة‪:‬‬

‫إذا كانت المرأة تشكل نصف المجتمع فما هو مركزها في هذا‬ ‫المجتمع‪ ،‬وهل هناك محاوالت للرفع بها وماذا يمثل اإلعالم المغربي‬ ‫بالنسبة إليها؟‬ ‫ال يمكن أن ننكر الدور الكبير الذي تقوم به وسائل اإلعالم‬ ‫المرئية والمسموعة والمقروءة في معالجة قضايا المرأة المصيرية‬ ‫بحيث أصبحنا نسمع عن عقد ندوات خاصة تطالب بحقوق وواجبات‬ ‫المرأة كاملة وجعلها في المستوى الالئق بها وال أدل على ذلك‬ ‫من تلك المناسبات التي يخصها اإلعالم المغربي لالحتفال باليوم‬ ‫العالمي للمرأة موضحا نضالها في المجتمع والمراحل التي قطعتها‬ ‫طيلة وجودها‪ ،‬فبواسطة شاشة التلفزة استطعنا أن نتعرف على نساء‬ ‫مغربيات كثيرات ساهمن إلى جانب الرجل في تحرير بالدنا وخير‬ ‫مثال على ذلك مشاركتهن في المسيرة الخضراء سنة ‪ 1975‬بحيث‬ ‫أظهر لنا اإلعالم أن المرأة أصبحت تعي واجباتها الوطنية كاملة‬ ‫ومن هنا تتجلى لنا مدى مساهمتها الفعالة في كل الميادين‪ .‬لكن‬ ‫ماذا يقدم اإلعالم المغربي للمرأة المغربية حتى يرفع من مستواها؟‬ ‫لقد ساهم اإلعالم في توعية المرأة سواء عن طريق المجالت أو‬ ‫الجرائد أو اإلذاعة التي تستفيد منها في حياتها اليومية‪ ،‬مثال طريقة‬ ‫تربية الطفل وتنظيم األسرة وغيرها من المجاالت‪ .‬وعليه نستنتج‬ ‫أن اإلعالم أصبح يدخل البيوت ويحدث فيها تغييرات كثيرة‪ .‬كما‬ ‫أن إعالمنا لم ينس الطفل رجل المستقبل وذلك بإعداده ليكون‬ ‫شخصية قوية وسليمة تضمن له حياة شريفة في المستقبل‪.‬‬

‫كلمة سودوكو هي اختصار للجملة اليابانية (‪)Nikagiru Sujiwa Dokushin‬‬ ‫وتعني أن األعداد البد أن تكون مفردة‪ .‬وهذه اللعبة عبارة عن عالمة تجارية لشركة‬ ‫‪.Nikol‬‬

‫كيف تلعبها ؟‬

‫اللعبة تعتمد على المنطق لدرجة كبيرة‪ ،‬وهي لوحة مقسمة إلى تسع مناطق كل‬ ‫منطقة مكونة من تسع خانات‪ ،‬وعليك أن تمأل هذه الخانات أفقيا أو عموديا بأرقام من‬ ‫‪ 1‬إلى ‪ ،9‬حيث ال تستخدم الرقم إال مرة واحدة في جميع المربعات على العمود نفسه‬ ‫أو السطر أو القطر‪ ،‬وتكون هناك أرقام موضوعة سابقا في بعض الخانات‪.‬‬

‫مفيدة لكن معقدة‬

‫اللعبة مفيـدة جدا لتقوية مهارات المنطـق‪ ،‬ويستخدمهـا مدرسو الرياضيات‬ ‫كتمارين للطلبة وتختلف درجة التعقيد‪ ،‬حسب الفئة المستهدفة‪.‬‬

‫ب‪ /‬االعالم والطفل‪:‬‬

‫إذا كان إعالمنا عاجزا أمام حقيقة الطفل فيه كاملة فإنه على‬ ‫األقل اهتم ببعض الجوانب المتعلقة بحياته اليومية‪ ،‬كتقديم بعض‬ ‫المسلسالت التي تتالءم وعقليته البسيطة‪ .‬فمنها ما يعالج قضايا‬ ‫خاصة بصحته ونظافته ومنها ما يعالج بعض القضايا األخالقية‬ ‫تتجلى لنا في تلك المعامالت التي يجب أن يتبعها إزاء أصدقائه‬ ‫وأسرته ومحيطه عامة‪ .‬كما أن السوق المغربية زاخرة بأنواع‬ ‫المجالت والقصص الخاصة باألطفال تنمي عقولهم وذكاءهم‪ ،‬لكن‬ ‫كل هذا ال يمكن أن يعطي ثماره إال إذا كانت األسرة تعي طرق‬ ‫الوقاية وتطبيقها على أحسن وجه‪ ،‬وهذا لن يتسنى إال إذا كانت‬ ‫هناك حمالت إعالمية منتشرة في كل البالد‪.‬‬

‫ج‪ /‬اإلعالم والصحة‪:‬‬

‫فيما يتعلق بالناحية الصحية فإن الحمالت اإلعالمية تصبح‬ ‫ضرورية‪ ‬وهامة متى كان األمر متصال بتوفير العناية الصحية للناس‬ ‫وذلك بتعليمهم طرق العناية بأنفسهم وبصحتهم‪ .‬وهذا ما تحاول‬ ‫أن تقوم به وسائل اإلعالم المغربية‪ ،‬إذ تولي جل اإلذاعات الجهوية‬ ‫اهتماما بالبرامج الصحية فتستدعي أحد األطباء المتخصصين وتجري‬ ‫معه حوارا حول مرض معين وفي نفس الوقت يجيب على أسئلة‬ ‫المواطنين فيما يتعلق بهذا الموضوع‪.‬‬ ‫كما أن التلفزة تقوم بنفس الدور مضيفة إلى الصوت والصورة‬ ‫التي يكون لها تأثير كبير على المشاهد‪ .‬إذ تجعله يلمس بنفسه‬ ‫مدى الخطورة التي تشكلها بعض األمراض عليه وتنبهه إلى اإلسراع‬ ‫لمعالجتها قبل فوات األوان‪ .‬ولقد لعب اإلعالم دورا مهما في إنقاذ‬ ‫عدد كبير من المواطنين عن طريق تحذيرهم من استمرار استعمال‬ ‫بعض األدوية المضرة للجسم‪ .‬وال ننسى مساهمة الملصقات‬ ‫كوسيلة إعالم حديثة في هذا الميدان‪.‬‬

‫(يتبع)‬

‫ـــــــــــــــ‬

‫* األديب واإلعالمي‬ ‫والعضو الشرفي بمنظمة العفو الدولية ‪ ‬ـ فرع المغرب‬

‫حل السودوكو‬ ‫رقم ‪476‬‬

‫سرعة المالحظة‬

‫بين الصورة واألصل ‪ 7‬اختالفات‪ ،‬حاول أن تهتدي إليها‪.‬‬


‫الورياشي مدرباً لسلة اتحاد طنجة‬

‫صفحة‬

‫‪23‬‬ ‫�إعداد ‪ :‬م�صطفى ال�سباعي‬

‫العدد ‪1015‬‬

‫الثالثاء ‪� 15‬إلى ‪� 21‬أكتوبر ‪2019‬‬

‫مجرد رأي ‪:‬‬

‫عندما يكيل االتحاد اإلفريقي‬ ‫بمكيالين‬

‫قرر االتحاد اإلفريقـي لكـرة القــدم إعادة مباراة الزمالك المصــري‬ ‫ضد جينراسيون فوت السينغالي برسم منافسات دوري أبطال إفريقيا‪.‬‬ ‫رغم أن الفريق السينغالي حضر للملعب المحدد من طرف الكاف وفي‬ ‫نفس التوقيت ‪ ..‬وغاب عنه فريق الزمالك المصري ألسباب أمنية‪.‬‬ ‫وهنا تعود إلى الواجهة مباراة إياب نهائي دوري اأبطال إفريقيا بين‬ ‫الترجي التونسي والوداد البيضاوي‪ ،‬حيث اعتبر الكاف الوداد منهزما رغم‬ ‫كونه ظل في الملعب ينتظر تقنية الفار‪ ..‬ومنح التتويج للترجي التونسي‬ ‫نتيجة الضغوط التي مارستها الجامعة وفريق الترجي ‪..‬‬ ‫لقد كان على االتحــاد اإلفريقي أن يطبق القانون ويعتبر الزمالك‬ ‫منسحبا ويمنح الفوز لنادي جينراسيون فوت السينغالي غير أنه فضل‬ ‫إعادة المباراة بعد صرخات مرتضى منصور رئيس الزمالك والضغوط‬ ‫التي مارستها األجهزة المصرية‪ ،‬حيث يتواجد مقر الكاف بالقاهرة‪.‬‬ ‫وبقراره يكون االتحاد اإلفريقي قد فقد هيبته وأصبح يكيل بمكيالين‪.‬‬ ‫وهنا يجب على الوداد المغربي أن ينتفض من جديد ويحتج على‬ ‫تصرفات الكاف ألن قرار إعادة مبارة الزمالك وجينراسيون فوت يحتم‬ ‫عليه بالمقابل إعادة مباراة الترجي والوداد وأال يكيل بمكيالين‪ .‬ويعمل‬ ‫بمقولة «اباك صاحبي»‪.‬‬

‫نبيل نغيز يلحق حارس الشباب‬ ‫بالفريق األول‬

‫استدعى نبيل نغيز مدرب اتحاد طنجة الحارس الشاب عبد اهلل أمغار بتدريبات الفريق األول‬ ‫بعدما تابعه خالل المباريات األخيرة التي خاضها رفقة فريق األمل‪.‬‬ ‫الحارس أمغار ‪18‬سنة سبق أن لعب للمنتخب المغربي للشبان في العديد من المباريات‬ ‫غير أنه تعرض للتهميش من قبل فريقه األم‪ ،‬وهو منتوج اتحاد طنجة وتدرج في جميع فئاته‪.‬‬

‫في انتظار انطالق البطولة‬ ‫الوطنية لكرة السلة لهذا‬ ‫الموسم تعاقد اتحاد طنجة‬ ‫لكرة السلة مع اإلطار نوفل‬ ‫الورياشي لإلشراف على طاقمه‬ ‫الفني‪.‬‬ ‫الورياشي سبق أن حمل‬ ‫قميص اتحاد طنجة لكرة السلة‬ ‫وهو أحد الخبراء المعتمدين‬ ‫لدى االتحاد‪.‬‬ ‫الولي للعبة‪ ..‬وسبق أن‬ ‫درب العديد من األندية في‬ ‫المغرب و المكسيك واألرجنتين‬ ‫والسعودية‪.‬‬

‫بعد التعادل أمام ليبيا هل يتدارك‬ ‫األسود الخلل امام الغابون في طنجة‬

‫في ثالث ودية للمنتخب المغربي مع المدرب‬ ‫وحيد خاليلو زيتش اكتفى المنتخب المغربي‬ ‫بتعادل إيجابي أمام نظيره الليبي ‪.1-1‬‬ ‫الفريق المغربي كانت تنقصه الفعالية‬ ‫والنجاعة في الخط األمامي‪ ..‬وأمام صعوبة‬ ‫اختراق الدفاع الليبي كان الحل هو الضربات‬ ‫التابثة‪ ،‬حيـــث تمكــن الالعــب يميــق من‬ ‫تسجيل هدف االسود عبر ركنية لعبها فجر‬ ‫وحولها العب الرجاء السابق إلى هدف‪.‬‬ ‫وقبل نهاية الشوط األول بدقيقتين ومن‬ ‫ركنية أيضا لم يستطع الحارس بونو التحكم في‬ ‫الكرة التي عادت إلى سند الورفلي مدافع الر جاء‬ ‫الذي وقع هدف التعادل‪ .‬ورغم التغييرات التي أقدم عليها‬ ‫خاليلوزيتش فقد تمكن الحداد من اختراق دفاعات ليبيا لكن‬ ‫دون التسجيل لتنتهي المباراة بالتعادل في انتظار ودية طنجة‬ ‫يوم ‪ 15‬أكتوبر ‪.‬‬

‫*خاليلوزيتش مستاء‪.‬‬

‫عبر المدرب الوطني وحيد خاليلوزيتش‬ ‫عن استيائه وعدم رضاه عن النتيجة واألداء‬ ‫في ودية ليبيا‪..‬‬ ‫وقال خالل المؤتمر الصحفي الذي‬ ‫أعقب المباراة ‪:‬‬

‫«أنا مستـــاء أكثـــر من الجمهـــور‬ ‫الكبير الذي حضر لمساندتنا‪ ..‬كنا نسعى‬ ‫لتحقيق الفوز إلسعــاده لذلك نتمنى‬ ‫التعويــض في المباريات القادمة‪.‬وأعترف أن‬ ‫المنتخب سقــط في فـخ التسرع وتلقى هدفا سادجا‬ ‫«وأردف قائال» اإلصابات تقلقني وقد حرمتني من بعض‬ ‫العناصر‪ ..‬ولكن يجب أن نصبر على هذا المنتخب وأن‬ ‫نعمل إلعادة الثقة لالعبين»‪.‬‬

‫اتحاد طنجة‬ ‫يهزم الفتح ودياً‬

‫مدافع المغرب التطواني حجي‬ ‫يغيب عن المالعب لشهور‬

‫اغتنم مدرب اتحاد طنجة لكــرة القدم توقـــف البطولـــة‬ ‫والمعسكر المغلق الذي يخوضه في إطــار االستعداد‪ ،‬وخاض‬ ‫مباراة ودية أمام الفتـــح الرباطي في الرباط فاز خاللها بهدفين‬ ‫لواحد‪.‬‬ ‫وقد كان وراء هدفـــي اتحــاد طنجــة كل من موكوكو في‬ ‫الدقيقة ‪ 32‬و الديب في الدقيقة ‪.73‬‬ ‫مـــدرب اتحاد طنجـــة فضل خالل هذه الوديـــة إشراك‬ ‫االحتياطيين والشبان قصد الوقوف على مؤهالتهم‪.‬‬

‫اعلن المغرب التطواني عن نجاح العملية الجراحية التي خضع لها‬ ‫مدافعه حمز حجي في إسبانيا على الركبة‪.‬‬ ‫وكان حجي قد أصيب خالل تدريبات الفريق وبعد خضوعه للفحوصات‬ ‫الطبية تبين أنه يشكو من تمزق على مستوى األربطة الصليبية‪.‬‬ ‫وقررت إدارة الفريق التطواني إخضاعه لعملية جراحية بإسبانيا كللت‬ ‫بالنجاح‪.‬‬ ‫وسيغيب المدافع حمزة حجي عن المالعب لعدة شهور مما سيشكل‬ ‫ضربة لفريق الحمامة متصدر الدوري االحترافي المغربي‪.‬‬


‫الثالثـاء ‪� 15‬إلى ‪� 21‬أكـتـوبر ‪2019‬‬

‫العدد ‪1015‬‬

‫السلسلة الرابعة‬

‫تذكرة سفر‬

‫احللقة العا�شرة‬

‫لقاءات حوارية‪ ،‬في حلقات متسلسلة‪ ،‬مع شخصيات مؤثرة في المجال العمومي المغربـي‬ ‫والعربـي واإلنساني‪ ،‬تستحضر تجربتهم في الحياة الخاصة والعامة‪ ،‬وترحل بهم عبر تذكرة‬ ‫سفر معنوية وروحية إلى الماضي والمستقبل‪.‬‬ ‫• عبد اإلله المويسي‬

‫مع األستاذ‬

‫محمد األشعري‬ ‫المحور الثالث ـ المسار السياسي ـ‬

‫يحضر األستاذ محمد األشعري‪ ،‬في مخيال القراء المغاربة والمشتغلين بالحقل السياسي والمجتمعي الوطني‪،‬‬ ‫بصيغة الواحد المتعدد‪ ،‬فهو اإلنسان أوال‪ ،‬وهو الشاعر والكاتب الروائي والمناضل السياسي والناشط الحقوقي‪،‬‬ ‫وواحد من أبرز وجوه معتقلي سنوات الرصاص‪ .‬وهو الوزير الذي انعطف بمشروع الثقافة الوطنية نحو أفق اتسمت‬ ‫فيه بتبني مفهوم الصناعة الثقافية‪ ،‬وهو الذي سبق أن شغل قبلها منصب رئاسة اتحاد كتاب المغرب لثالث دورات‬ ‫عرفت خاللها هذه المؤسسة أقوى مراحل ديناميتها وإنتاجيتها‪.‬‬ ‫االشتراكي وحــزب االستقــالل كانا يضعـــان‬ ‫شروطا قوية النجاز هذا التناوب‪ ،‬شروطا في ما‬ ‫يخص هيكلة الحكومة والشخصيات المشاركة‬ ‫فيها‪ ،‬ولذلك فشلت تلك التجربة األولى أو‬ ‫تلك المحاولة األولى‪ .‬ولكن المحاولة الثانية‬ ‫نجحت ألنها كانت تحاول من جهة أن تحصل‬ ‫على إصالحات أساسية خصوصا في المجال‬ ‫الدستوري‪ ،‬وقد جسدها بالفعل اإلصالح الذي‬ ‫حصل سنة سمة ‪ ،1996‬وفي نفس اآلن‪ ،‬كانت‬ ‫تسعى إلى جعل هذا اإلصالح خطوة نحو تقدم‬ ‫حقيقي في مجال تحقيق الديمقراطية‪ ،‬ومع ذلك‬ ‫فقد بدا آنذاك كما لو أن األمر جاء بسرعة‪ ،‬أو‬ ‫كما أن االتحاد االشتراكي لم يكن قد هيأ نفسه‬ ‫بالقدر الكافي لهذا التحول‪ ،‬يتعلق األمر بالقفز‬ ‫في تجربة جديدة هي تجربة الحكومة األولى‬ ‫للتناوب بقيادة األستاذ عبد الرحمن اليوسفي‪.‬‬

‫بعد المؤتمر االستثنائي‪ ،‬ولعقود من‬ ‫الزمن‪ ،‬سيحضر حزب االتحاد االشتراكي‬ ‫في المشهد السياسي المغربي كأحد أقوى‬ ‫األحزاب‪ ،‬إن لم نقل‪ ،‬الحزب القوي الوحيد‬ ‫بالمغرب الذي شعر المغاربة أنهم ينتمون‬ ‫إليه‪ ،‬ويجـدون أنفسهم في أطروحاتـه‪،‬‬ ‫وسيلعب دورا مفصليا في المسار السياسي‬ ‫الوطني‪ .‬إال أنه‪ ،‬ومع توالي اطراد األحداث‬ ‫سيعرف هذا الحزب مجموعة من االهتزازت‪،‬‬ ‫سواء على المستوى التنظيمي‪ ،‬أو على‬ ‫مستوى حضوره في قلب المجتمع المغربي‪.‬‬ ‫أريد أن نتعــرف أوليــا على أسبــاب‬ ‫هذه االهتزازات ومصادرهـا‪ .‬هـل كانــت‬ ‫بسبب الصراعات الداخلية بين الحساسيات‬ ‫والتيــارات التي صـارت تتشكـل داخــل‬ ‫الحزب؟‬ ‫قبل الحديث عن االهتزازات‪ ،‬ال بد أن نذكر‬ ‫التطور الكبير الذي حصل في الحياة السياسية‬ ‫بقيادة االتحاد االشتراكي وحزب االستقالل‬ ‫عندما أسسا الكتلة الديمقراطية سنة ‪،1992‬‬ ‫وكان منضويا تحت لوائها أيضا حزب التقدم‬ ‫واالشتراكية ومنظمة العمل الديمقراطي‬ ‫الشعبي واالتحاد الوطني للقوات الشعبية‪.‬‬ ‫المذكرة التي وضعتها الكتلة الديمقراطية‬ ‫في بداية نشأتها كانت تضع برنامجا سياسيا‬ ‫طموحا ألول مرة في المغرب بقيادة تكتل‬ ‫سياسي ينتمي إلى الوطنية المغربية ولألحزاب‬ ‫التقدمية المغربية‪ ،‬وفي هذه المذكرة كان‬ ‫هناك تأكيد على ضرورة القيام باإلصالحات‬ ‫األساسية الضرورية إلخراج المغرب من النفق‬ ‫الذي كان فيه وبالتقدم على طريق البناء‬ ‫الديمقراطي بطريقة مخالفة تماما لما جرى‬ ‫حتى ذلك الوقت‪ ،‬أي بطريقة تضع المغرب على‬ ‫سكة التحول الديمقراطي الحقيقي‪ .‬وبطبيعة‬ ‫الحال فإن البرنامج‪ ،‬الذي التفت حوله أحزاب‬ ‫الكتلة‪ ،‬سيعرف تعبئة واسعة شملت مناضلي‬ ‫هذه األحزاب وشملت كذلك النقابات‪ ،‬حيث‬ ‫تأسس نوع من التنسيق الدائم والمستمر‬ ‫بين الكونفدرالية الديمقراطية للشغل واالتحاد‬ ‫العام للشغالين بالمغرب‪ ،‬ونشأ كذلك نوع‬ ‫من النضال المشترك في الساحة‪ ،‬من خالل‬ ‫الصحافة والجمعيات الحقوقية خصوصا‪ ،‬ومن‬ ‫خالل المطالب الديمقراطية التي لم تكف‬

‫الكتلة الديمقراطية عن وضعها في رأس جدول‬ ‫أعمالها‪ ،‬ومن الممكن أن نقول أن هذا العمل‪،‬‬ ‫الفريد من نوعه في تاريخ المغرب السياسي‪ ،‬هو‬ ‫الذي قاد في نهاية المطاف إلى إنجاز التناوب‬ ‫التوافقي ألول مرة‪ ،‬بعد أكثر من ثالثة عقود‬ ‫من االستبداد‪ ،‬وربما من األشياء األساسية‬ ‫التي حدثت في هذه الفترة وتتجاوز المنجز‬ ‫السياسي «التناوب» في حد ذاته‪ ،‬فأنا أعتبر أن‬ ‫ثقافة أساسية ترسخت في هذه الفترة هي ثقافة‬ ‫الدفاع عن الديمقراطية والثقافة الحقوقية‪ ،‬من‬ ‫خالل جمعيات مختلفة‪ ،‬جعلت الدفاع عن حقوق‬ ‫اإلنسان أولوية أساسية في تطلعات التغيير‬ ‫والتحول الذي كان الشعب المغربي يسعى‬ ‫من أجله‪ .‬وربما بسبب هذا التحول النوعي في‬ ‫العمل السياسي‪ ،‬وعلى هذه المقاربة المبنية‬ ‫على مشاركة الناس والحوار معهم وعلى‬ ‫تقديم مطالب واقعية ال تحاول المنازعة في‬ ‫شرعية النظام وال في وضعه السياسي ومكانته‬ ‫السياسية‪ ،‬وتلح بطريقة واضحة على أن النظام‬ ‫السياسي في المغرب‪ ،‬إذا أراد أن يستقر ويضمن‬ ‫نوعا من الحيوية في التعامل مع قضايا الناس‪،‬‬ ‫خصوصا القضايا االجتماعية التي أصبحت قضايا‬ ‫شائكة جدا‪،‬ـ ال بد أن يغير من جلده وأن يصبح‬ ‫فعال عنصرا في بناء الديمقراطية وليس عنصرا‬ ‫ضد بناء الديمقراطية‪.‬‬ ‫رجعت إلى هذه المرحلة ألنها في نظري‬ ‫كانت حساسة وجاءت لالتحاد بعدد كبير من‬ ‫المقتنعين بفكرة النضال الديمقراطي‪ ،‬ولعب‬ ‫كثير من األطر في االتحاد دورا بيداغوجيا‬ ‫أساسيا للدفاع عن المشاركة ونبذ «سياسة‬ ‫الكرسي الفارغ» والدفاع عن التمسك بالثوابت‬ ‫األساسية التي أفرزتها سنوات من النضال ومن‬ ‫االجتهاد الفكري والسياسي الذي قاده مناضلون‬ ‫أكفاء وبتضحيات جسيمة‪.‬‬ ‫ربما حينما حصل التناوب التوافقي كان‬ ‫يبدو متأخرا جدا بالقياس إلى السنوات الطويلة‬ ‫التي قضيناها في تجارب سيئة وفي مناخ‬ ‫متوتر وسلبي‪ ،‬وقد أدى هذا المناخ السلبي‬ ‫إلى اصطدامات‪ ،‬أظن أن الشيء األساسي الذي‬ ‫يمكن الوقوف عنده‪ ،‬هو‪ ،‬بالرغم من أن األمر‬ ‫كان يبدو متأخر جدا‪ ،‬خصوصا وقد عرفنا قبل‬ ‫التناوب التوافقي سنة ‪ 98‬محاولة النجاز هذا‬ ‫التناوب‪ ،‬لم تؤد المفاوضات التي كان يقودها‬ ‫آنذاك محمد اليازغي ومحمد بوستة‪ ،‬إلى توافق‬ ‫نظرا لكون الحزبين األساسيين آنذاك‪ ،‬االتحاد‬

‫صحيح أن االتحاد طور‪ ،‬على مدى أزيد من‬ ‫ثالثة عقود‪ ،‬كثيرا من المشاريع والمطالب‪ ،‬وقد‬ ‫كان في قلب الحركة النقابية وبالتالي فقد كان‬ ‫على معرفة دقيقة بالمشاكل المتعلقة بالشغل‬ ‫وبالنسيج االقتصادي وباألوضاع االجتماعية‪،‬‬ ‫خصوصا في الصحة وبالعالم القروي‪ ،‬وهذه‬ ‫المعرفة الدقيقة بالقضايا األساسية في ذلك‬ ‫الوقت كانت تؤهله لمباشرة التدبير بنوع من‬ ‫الثقة‪ ،‬وأيضا بنوع من المعرفة‪ ،‬لكن‪ ،‬مع ذلك‪،‬‬ ‫فأنا أميل إلى االعتقاد بأنه لم يحضر نفسه من‬ ‫الناحية السياسية والتنظيمية كحزب‪ ،‬ولذلك‬ ‫عوض أن يستبطن بسرعة أنه قد أصبح حزب‬ ‫تسيير وتدبير‪ ،‬فقد استمر في قواعده ملتصقا‬ ‫بفكرة المعارضة‪ ،‬وربما حدث نوع من الشرخ‬ ‫المؤسف بين القيادة التي تصدت للمسؤوليات‬ ‫التي وضعت على عاتقها‪ ،‬وبين القواعد التي‬ ‫لم تكن حاضرة بقوة في التجربة‪ ،‬والخطأ طبعا‬ ‫يرجع طبعا إلى القيادات التي لم تحافظ على نوع‬ ‫من العالقة المضبوطة والمستمرة مع قواعدها‪،‬‬ ‫حوارا ومناقشة للمشاريع وغير ذلك‪ .‬هناك كثير‬ ‫من القطاعات كان لالتحاد فيها تنظيم كبير‪،‬‬ ‫وهذا التنظيم أنتج‪ ،‬على مدى سنوات‪ ،‬كثيرا من‬ ‫األدبيات المتعلقة بالقطاع الذي يشتغل فيه‪،‬‬ ‫لكن انتفاء قنوات للتواصل مع القيادة التي تولت‬ ‫تدبير هذه القطاعات‪ ،‬وانتفاء الحوار حول ما‬ ‫يجب فعله وما يجب تجنبه‪ ،‬جعل نوعا من التنافر‬ ‫يحصل بين القيادة المسيرة والقاعدة المنتظرة‪،‬‬ ‫وهذه أولى الخطوات الخاطئة التي ارتكبناها في‬ ‫حكومة التناوب‪ .‬بعد ذلك ستتراكم أخطاء أخرى‪،‬‬

‫لكن األساس‪ ،‬في نظري‪ ،‬هو هذا الشرخ الذي‬ ‫حدث منذ البداية ولم نستطع التغلب عليه فيما‬ ‫بعد حتى عندما عقدنا مؤتمر االتحاد االشتراكي‪،‬‬ ‫وهو أول مؤتمر يعقد في ظل حكومة التناوب‪،‬‬ ‫عوض أن يكون هناك حوار عميق حول التجربة‪،‬‬ ‫واألستاذ اليوسفي قدم بشأنها تقريرا واسعا‪،‬‬ ‫لكن الجو كان مشحونا لدرجة أن كثيرا من‬ ‫المشاركين في المؤتمر فقدوا حكمة االستماع‬ ‫والتحاور‪ ،‬ومن ناحيتها‪ ،‬لم تعمل القيادة بشكل‬ ‫واضح على تقديم نقد ذاتي للفترة التي مرت‪.‬‬ ‫ولو فعلت ذلك‪ ،‬لربما تجنبت الصدع الذي حصل‬ ‫في ذلك المؤتمر‪.‬‬ ‫اإلشارة إلى نزاعات شخصية ربما يجب‬ ‫أن نستحضره‪ ،‬لكن بطريقة مختلفة عما كان‬ ‫سائدا‪ ،‬ربما تعلم أن االتحاد‪ ،‬ولفترة طويلة‪ ،‬ظل‬ ‫مختبرا كبيرا لعدد من األفكار واآلراء والتيارات‪،‬‬ ‫وهذه األشياء كلها كانت تتعايش داخل االتحاد‬ ‫ويستفيد بعضها من بعض‪ ،‬وبما أن النضال‬ ‫األساسي كان موجها ضد االستبداد‪ ،‬فإن‬ ‫الخالفات التفصيلية لم تكن لها أهمية كبرى‪،‬‬ ‫حتى أننا فيما بعد‪ ،‬عندما ووجهنا باختالفات‬ ‫وُجدَ من‬ ‫ربما منهجية أكثر منها تفصيلية‪ِ ،‬‬ ‫طالب في االتحاد بمأسسة التيارات داخل حزب‬ ‫االتحاد‪ ،‬بما أنه كانت كثير من األصوات تدعو‬ ‫إلى المشاركة بكثافة في الحياة السياسية وفي‬ ‫المؤسسات التي تفرزها هذه الحياة السياسية‪،‬‬ ‫بغض النظر عن الشوائب التي كانت تشوب‬ ‫هذه المؤسسات والطريقة التي كانت تسود‬ ‫خالل االنتخابات وبعدها‪ ،‬وكانت في نفس‬ ‫الوقت تيارات تقول على العكس من ذلك‪ ،‬أي إذا‬ ‫أردنا أن نضمن إصالحا حقيقيا فيجب أال نشارك‬ ‫في مؤسسات نعرف أنها بنيت على باطل أو أنها‬ ‫كانت في أساسها مشوبة بكثير من العيوب‪،‬‬ ‫وفيما بعد تنوعت هذه األشياء‪ ،‬ولذلك طالب‬ ‫عدد من المناضلين أن نؤسس في القوانين‬ ‫التنظيمية للحزب لهذا التعدد وللتيارات‬ ‫المتصارعة وأن ننظم هذا الصراع حتى ال يصبح‬ ‫سبيال لتفجير االتحاد من الداخل‪ ،‬وربما ما كان‬ ‫حاضرا في ذهن هؤالء هو التجربة الفرنسية‪ ،‬من‬ ‫خالل الحزب االشتراكي الفرنسي الذي كان قد‬ ‫أسس هذه التيارات وسمح لها بتقديم أرضيات‬ ‫في المؤتمرات وأن تتنافس هذه األرضيات‬ ‫وأن تصبح تلك التي تحصل على األصوات‬ ‫هي األرضية الرسمية للحزب‪ ،‬دون أن تلغى‬ ‫األرضيات األخرى التي تظل أوراق عمل داخل‬ ‫الحزب‪ ،‬لكن بطبيعة الحال لم نوفق لنقل هذه‬ ‫التجربة الفرنسية‪ ،‬أوال ألن االتحاد االشتراكي‬ ‫كان مختلفا كثيرا عن الحزب االشتراكي الفرنسي‬ ‫في تاريخه وفي بنياته‪ ،‬وثانيا‪ ،‬ألننا كنا في الواقع‬ ‫نعتبر أن األساسي هو تحقيق تقدم نوعي للحياة‬ ‫السياسية بالمغرب‪ ،‬وأن هذا األمر يتطلب أن‬ ‫نظل حزبا موحدا وقويا وأن ال نفتت مجهوداتنا‬ ‫بهذه الطريقة‪ ،‬ولذلك فأنا ال أعتبر أن المنازعات‬ ‫الشخصية أو النزاعات الشخصية كانت السبب‬ ‫األساسي والوحيد في االنتكاسة التي عرفها‬ ‫الحزب فيما بعد‪ ،‬صحيح كان دائما لدينا زعماء‬ ‫لهم آراء يدافعون عنها بقوة ويتصارعون‬ ‫فيما بينهم‪ ،‬أحيانا بعلم القاعدة وأحيانا بدون‬ ‫علمها‪ ،‬والجميع يعرف أن األموي كان يدافع‬ ‫عن بعض األفكار واليازغي كان يدافع عن أفكار‬ ‫أخرى‪ ،‬وأحيانا لم يكن األمر يتعلق بأفكار ولكن‬ ‫يتعلق بأساليب عمل في األساس‪ ،‬وبالعالقة مع‬

‫األخيرة‬

‫التنظيمات‪ ،‬وفيما بعد جرى نوع من االصطفاف‬ ‫التلقائي مع هذا القائد أو ذاك‪ ،‬وتبعات هذا‬ ‫االصطفاف كانت سيئة أحيانا‪ ،‬وأحيانا كانت‬ ‫دافعا من دوافع التنافس داخل الحزب‪ ،‬ولكن هذا‬ ‫األمر كان مقدورا عليه‪ ،‬أنا أعتقد بأن الذي ساهم‬ ‫في االنتكاسة هو التحول الذي تحدثت عنه قبل‬ ‫قليل‪ ،‬وتحول ثانٍ‪ ،‬ربما أخطر‪ ،‬هو االنتقال من‬ ‫فكرة المشروع الجماعي والمشروع النضالي إلى‬ ‫فكرة الطموح الشخصي والمصالح الشخصية‪،‬‬ ‫في كل ديمقراطية ال بد من حد أدنى من‬ ‫الطموح الشخصي‪ ،‬ولكن يجب أال يتغلب هذا‬ ‫الطموح الشخصي على الطموحات المشتركة‬ ‫وعلى األفق المشترك الذي نريد بناءه من‬ ‫خالل الحزب‪ ،‬أظن أن الحياة االنتخابية نقلت‬ ‫إلينا كثير من أمراض ما أسميه بـ»المستنقع‬ ‫االنتخابي»‪ ،‬التنافس على المقاعد‪ ،‬رغم أننا‬ ‫انطلقنا في البداية من فكرة سبق أن طورها‬ ‫المرحوم عبد الرحيم بوعبيد‪ ،‬وهي أن المقاعد‬ ‫ال تهمنا‪ ،‬ما يهمنا هو أن ننجح في ترسيخ‬ ‫القيم الديمقراطية واالختيارات الديمقراطية‬ ‫ونزاهة االنتخابات‪ ،‬هذا هو األهم‪ ،‬ولو كنا نحن‬ ‫الخاسرين في هذا األمر‪ ،‬لكن فيما بعد‪ ،‬لألسف‬ ‫الشديد‪ ،‬شيئا فشيئا‪ ،‬دخلت «سوسة» الطموح‬ ‫الشخصي و«سوسة» المصلحة الشخصية‬ ‫وطغت على ما حولها من أفكار ومشاريع‪ ،‬ولذلك‬ ‫رأينا أن النزاعات‪ ،‬التي كان منطلقها سياسيا‬ ‫وفكريا‪ ،‬سرعان ما تحولت إلى حرب مصالح‪ ،‬وهي‬ ‫حرب أهلية سيئة أدت إلى كثير من الكوارث‪،‬‬ ‫لألسف الشديد‪ ،‬وكان ممكنا أن نتدارك هذا‬ ‫األمر مباشرة بعد حكومة التناوب األولى‪ ،‬وذلك‬ ‫بعقد مؤتمر استثنائي لمناقشة هذه التجربة‪،‬‬ ‫مناقشة نقطها المضيئة‪ ،‬وهي كثيرة جدا‪،‬‬ ‫وأيضا مناقشة نقطها السوداء وهي موجودة‪،‬‬ ‫ومن السذاجة أن نتجاهلها‪ ،‬وكان البد أن‬ ‫نقوم بطريقة سريعة بنقد ذاتي وأن نأتي أمام‬ ‫المواطنين وأمام المناضلين وأن نشركهم في‬ ‫إعادة بناء مشروعنا من جديد‪ ،‬ألن إعادة بناء‬ ‫المشروع توقفت عمليا منذ نهاية التسعينات‪،‬‬ ‫وربما منذ أن بدأت حكومة التناوب‪ ،‬وحتى بعد‬ ‫مرور أزيد من عشرين سنة على هذه التجربة‪،‬‬ ‫وإلى اليوم‪ ،‬فإن إعادة بناء المشروع االتحادي‬ ‫أصبحت مبعــدة تمامــا من جدول أعمـــال‬ ‫الحزب ‪.‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.