Achamal n° 1017 le 29 Octobre 2019

Page 1

‫محمد األشعري‬

‫ضيف سلسلة «تذكرة سفر»‬

‫الحلقة‬

‫‪12‬‬

‫بعد المؤتمر مباشرة‪ ،‬جاءت اللحظة التي سيطالب فيها‬ ‫بعض أعضاء المكتب السياسي‪ ،‬ومن بينهم من كانوا في‬ ‫فريق عبد الواحد الراضي مناصرين له في معركته للظفر‬ ‫بمنصب الكاتب األول‪ ،‬جاءت اللحظة التي طالبوه فيها أن‬ ‫يفي بوعده‪ ،‬وَعْد الخروج من الحكومة‬

‫عفو ملكي عن هاجر الريسوني‬

‫توضيح بخصوص عدم‬ ‫تجريم الحريات الفردية‬

‫الصفحة ‪24‬‬

‫صفحة ‪20‬‬

‫ملف خاص عن الذكرى األولى‬ ‫لرحيل الفنان التشكيلي الكبير‬

‫إعالم جهوي متقدم‬ ‫عبد الباسط بندحمان‬ ‫صفحة ‪5/4‬‬

‫املدير امل�س�ؤول ‪ :‬عبد احلق بخات ـ الهاتف ‪ 05.39.94.30.08 :‬ـ الفاك�س ‪05.39.94.57.09 :‬‬ ‫العدد ‪ 1017‬ـ الثمن ‪ 4‬دراهم ـ الثالثاء ‪� 30‬صفر ‪� 29 / 1441‬أكتوبر �إلى ‪ 04‬نوفمرب ‪2019‬‬

‫جلسة مع الحقوقي‬

‫عبد الحميد البجوقي‬ ‫الصفحة ‪21‬‬

‫التوجهات «المقاصدية» في سياسة التوفيق‬ ‫كلمة الشمال‬ ‫عبد اإلله المويسي‬

‫ألقى السيد أحمد التوفيق‪ ،‬وزير األوقاف والشؤون اإلسالمية الدرس االفتتاحي األول لكلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية عين الشق‬ ‫الدار البيضاء‪ ،‬يوم األربعاء الماضي حول موضوع «اإلفتاء والتاريخ»‪.‬‬ ‫والمتتبع للتوجهات العامة التي طبعت «أطروحات» أحمد التوفيق في هذا الدرس يلحظ بسهولة المنزع «المقاصدي» الغالب عليها‪ ،‬والمتصل‬ ‫أساسا بتغليب المصالح العامة على ما دونها‪ ،‬عمال بـ»أينما توجد المصلحة فثمة شرع اهلل»‪.‬‬ ‫ولقد تكشفت أولى معالم هذا المنزع في دعوته الصريحة إلى ضرورة االنفتاح على العلوم اإلنسانية والعلوم التجريبية أو الطبيعية الدقيقة‪ ،‬قائال‬ ‫«المستقبل هو االنفتاح على كل العلوم»‪.‬‬ ‫وتوزعت المالمح المقاصدية في درس التوفيق على عدة مستويات منها ما مس آلية «اإلفتاء» حيث ركز على ضرورة تبني سياسة إفتائية تضمن‬ ‫«اليقين» لألمة‪ ،‬مشيرا إلى أن «اإللحاح» اليوم يقتضي وجود فقهاء عدول وشهود على مراقبة هذا اليقين‪.‬‬ ‫بنفس المنظور لم يفت التوفيق التشديد على أن المستهلك ألي «بضاعة دينية» ينبغي ان يتحمل مسؤوليته كاملة في تحري سالمة ما يتلقاه‪،‬‬ ‫وذلك عمال بقاعدة «انظروا عمن تأخذوا دينكم»‪.‬‬ ‫من جانب أكثر وضوحا أبرز أحمد التوفيق أن القوانين التي تصدرها الدولة ال تحتاج إلى سند شرعي ألنها متوافقة أصال مع مقتضى «المصلحة»‬ ‫وغير متناقضة معها‪ .‬وهي إشارة مبعوث بها إلى التيارات التي تطالب الدولة باالحتكام إلى الشرع‪.‬‬ ‫وفي هذا السياق أعرب عن تحفظه القوي تجاه «المثالية» الجلية التي تشوب تفكير التيارات اإلسالمية‪ ،‬ووصفها بأنها مثالية غير ممكنة‪.‬‬ ‫وجدير بالذكر ان أحد اقطاب هذه التيارات اإلسالمية‪ ،‬بل ولربما منظرها األول هو أحمد الريسوني‪ ،‬الرئيس الحالي لـ «االتحاد العالمي للعلماء‬ ‫المسلمين»‪ ،‬وأحد العلماء المختصين في « الفقه المقاصدي»‪.‬‬

‫جريدة يوميـة جهـوية وطنية ت�صدر م� ً‬ ‫ؤقتـا كـل �أ�سبـوع • الإدارة‪ ،‬التحريـر‪ ،‬الإ�شهـار ‪ 7 :‬مكرر‪ ،‬زنقة عمر بن عبد العزيـز • الربيد الإلكـرتونـي ‪ info@achamal.ma :‬ـ املوقع الإلكرتوين ‪www.achamal.ma :‬‬


‫العدد ‪1017‬‬

‫‪2‬‬

‫الثالثـاء ‪� 29‬أكتوبر �إلى ‪ 04‬نـوفمرب ‪2019‬‬

‫يومية جهوية وطنية ت�صدر م� ًؤقتا كل �أ�سبوع‬

‫املوقع الإلكرتوين ‪:‬‬

‫«لغوُ السلفية‬ ‫القومية»‬ ‫مغارات‪..‬‬

‫محمد سدحي‬ ‫‪sadhimed@gmail.com‬‬

‫مول الطاكسي‪!! ‬‬

‫طنجة‪ ،‬هذا الصباح‪..‬‬ ‫الليل راح يمتص ليلييه المعربدين‪ ..‬والنهار يمد خيوط‬ ‫نشاطه األولى‪ ،‬ينشر دبيب حركته الدائبة في عروق النهاريين‬ ‫المهرولين إلى الفالح‪..‬‬ ‫بعد الشقف الخامس من العشبة الغالية‪ ،‬سعل احميدة سعا ًال‬ ‫حاداً حتى أيقظ الحي والميت من النوم‪ ،‬خمده بما تبقى من‬ ‫حثالة في كأس الشاي البارد‪ ،‬ثم أكمل الوقفة «خاركاً» طربوشه‬ ‫الصوفي بعد أن زرر المعطف «ثالث أرباع» المهترئ الذي ابتاعه‬ ‫من «قلب شقلب» سوق «كساباراطا»‪...‬‬ ‫إذا رأيت احْميدة وهو يترجل أمامك‪ ،‬قد يخطر ببالك أنه‬ ‫يتجه صوب أي مكان آخر‪ ،‬إال أن يكون قاصداً مكتب تسجيل‬ ‫سيارات األجرة‪...‬‬ ‫طنجة‪ ،‬في زمن مضى‪..‬‬ ‫كانت سياقة سيارة األجرة امتيازاً ال يطاله سوى المؤهلين‪..‬‬ ‫وكان ِل«مول الطاكسي» همة وشأناً‪ :‬لباس عمل خاص‪،‬‬ ‫وجه حليق بعناية‪ ،‬نظافة‪ ،‬لطافة‪ ،‬ظرافة وأخالقيات مهنة وأعراف‬ ‫مرعية‪ ...‬ولم تكن رخصة الثقة تمنح لمن هب ودب وأصبح بدون‬ ‫عمل يشغله‪ ...‬وكانت العربات في مستوى الركاب من النساء‬ ‫والرجال واألطفال‪ ،‬من الساكنة والزوار والسياح أيضاً‪ ..‬ولم يكن‬ ‫الزبناء يحسون بالخوف وهم داخل سيارة األجرة‪ ...‬ولم يكن‬ ‫تكديس الخلق وإشراكهم في نفس الرحلة كاألنعام لغة يتحدث‬ ‫بها السائقون كما هو حال الجشعين اليوم‪...‬‬ ‫واليوم بالضبط‪،‬‬ ‫قررنا أن نقتفي أثر احميدة وهو يسوق سيارة األجرة من‬ ‫الصنف الصغير‪ ،‬تحت شعار‪ :‬الفوضى‪.‬‬ ‫وقف احميدة وسطة زحمة ملتقى طرق «رياض تطوان»‬ ‫يسأل سيدة‪ ،‬عن بعد‪ ،‬إن كانت تسير في االتجاه الذي يروق له‬ ‫هو‪ .‬الزمارات من كل جانب‪ ،‬الضجيج سيد الموقف‪ .‬الحناجر تبح‬ ‫بالسباب واللعنات والدين والملة‪ ،‬واحميدة؟ وال هو هنا‪ .‬وكل ما‬ ‫استطاع شرطي المرور أن يفعله حثه على اإلسراع من أجل فسح‬ ‫المجال ألسراب السيارات األخرى‪ ...‬وأخيراً انطلق‪ .‬قال للراكبة‬ ‫جنبه‪ :‬أي نوع من الموسيقى تفضلين‪ .‬أجابت بتأفف‪ :‬بغيت ذاك‬ ‫األغنية التي مطلعها‪« :‬يا مول الطاكسي عفاك راني زربانة ** يا‬ ‫مول الطاكسي دير سوقة مزيانة»‪ .‬بلع الريق ثم ضرب الطم‪...‬‬ ‫مائة متر على خط محج محمد السادس‪ ،‬في اتجاه الرباط‪،‬‬ ‫وقف أمام جماعة من المنتظرين على قارعة الطريق‪ .‬لم يرم‬ ‫أقصى اليمين لكي يفسح المجال لمن خلفه‪ .‬ومرة أخرى تشتغل‬ ‫زمارات السيارات الخلفية‪ .‬صعد رجالن يبدوان على عجل من‬ ‫شدة التأخر عن موعد العمل‪ .‬وقبل أن يواصل السير‪ ،‬ذكرهما‬ ‫فيما يشبه التحذير‪ :‬كل واحد يؤدي ثمن الرحلة على حدة‪ .‬لم‬ ‫يتلق رداً من الرجلين‪ ،‬وسار يثرثر بما ليس فيه فائدة للراكبين‬ ‫الثالثة المتعجلين‪.‬‬ ‫وعند أول ملتقى طرق يصادفه أخرج يده اليسرى من نافذة‬ ‫العربة وأشار لمن هم على يساره من أصحاب األسبقية أن يتوقفوا‬ ‫حتى يمر هو اآلمر واألحق بالسبق ضداً على قانون السير وعلى‬ ‫الذي يأتي منه‪ .‬التزمير والسب والشتم المتبادل كما العادة‪...‬‬ ‫السيدة تحتج على تغيير االتجاه‪ ،‬واحميدة يصر على الذي‬ ‫في باله‪ ،‬األسبقية للرجلين في أفق تعويضهما بزبونين آخرين‪،‬‬ ‫والسيدة التي كانت سباقة إلى «الطاكسي» مغلوبة على أمرها‬ ‫تنظر إلى الساعة وتحوقل في غلبة من أمرها‪ ،‬وصاحبنا في فوضاه‬ ‫يسْبح بدون حسيب وال رقيب‪ ...‬وهلمّ عجائب‪.‬‬

‫نلتقي‪! ‬‬

‫‪www.achamal.com‬‬ ‫ت�صدر عن مطبعة جريدة طنجة‬ ‫المدير المسؤول ‪:‬‬

‫عبد احلــق بخــات‬ ‫رئيس التحرير ‪:‬‬

‫محمد العطالتي‬

‫عبد الإلـه املـوي�سـي‬

‫‪atlati.mohammed@gmail.com‬‬ ‫رغم مرور أزيد من ‪ 60‬سنة على قيام «ثورة»‬ ‫ضباط الجيش المصري وتوليهم مقاليد السلطة‬ ‫بمرجعية إثنية عربية‪ ،‬ورغم ما سجله التاريخ بعد‬ ‫ذلك من انهزام فعلي لهذه القيادة «الناصرية»‬ ‫المتسلحة بالخطاب القومي‪ ،‬مازالت توجد‬ ‫في أنحاء هذا الوطن المسمى»عربيا» أحزاب‬ ‫وتشكيالت سياسية تنهل من معين العروبة‬ ‫وسمفونية الوحدة العربية‪.‬‬ ‫في هذا السيـــاق‪ ،‬عقــدت «الجبهة العربية‬ ‫التقدمية» مؤتمرها في ضيافة حــزب الطليعــة‬ ‫الديمقراطي االشتراكي‪ ،‬تحت شعــار «الوحدة‬ ‫العربية ضرورة تاريخية ورهان استراتيجي»‪،‬‬ ‫بحضور أحزاب وحركـــات ومنظمـات «تقدمية‬ ‫عربية»‪ .‬وقد بدا واضحا‪ ،‬خالل لقاء مفتوح ِّ‬ ‫نُظمَ‬ ‫ببيت الصحافة حول «رهانات السياسات الدولية‬ ‫وأثرها على المنطقة المغاربية والعربية»‪ ،‬شاركت‬ ‫فيه «الجبهة الشعبية ‪ -‬القيادة العامة»‪« ،‬التيار‬ ‫الشعبي بتونس»‪« ،‬حركة الشعب بلبنان»‪« ،‬حزب‬ ‫الرفاه الموريتاني» و«حزب الطليعة» المغرب‪،‬‬ ‫بدا للجميع أن «الخطاب القومي» ال زال يصدح‬ ‫في سماء الوطن وأن حامليه لم يأخذوا العبرة‬ ‫من دروس الماضي والحاضر‪ ،‬فهم معولــون‬ ‫على استنهاض الفعل النضالــي العربــي من‬ ‫خالل معالجة قضايا االستقالل والتحرر‪ ،‬وقضية‬ ‫فلسطين وقضية مناهضة اإلمبريالية والرجعية‪،‬‬ ‫بل وقضية «إسقاط صفقة القرن» كذلك‪.‬‬ ‫القراءة السريعة لتاريخ األقطار العربية تبين‬ ‫بالحجة والبرهان أن الخطاب القومي لم ينتج‬ ‫غير الهزائم تلو أخرى ولم يفرخ سوى النكسة‬ ‫تلو األخرى‪ ،‬الرئيس الراحل جمال عبد الناصر‪،‬‬ ‫الذي نصب نفسه زعيما للجماهير العربية‪ ،‬بعد‬ ‫تنحية الملك فاروق عن عرش مصر‪ ،‬انخرط في‬ ‫وحدة مزعومة مع الجمهورية السورية لم تدم‬ ‫إال سنوات معدودة‪ ،‬قبل تنحل بانقالب عسكري‪،‬‬ ‫بعد ذلك سعى جمال عبد الناصر‪ ،‬مزهوا بشعارات‬ ‫غير ذات معنى‪ ،‬لتوريط الجيش المصري في‬ ‫حرب غير متكافئة بينه وبين إسرائيل التي كان‬ ‫يتوهم محوها من خارطة العالم‪ ،‬وذلك قبل أن‬ ‫يستيقظ على وقع خطوات الجيش اإلسرائيلي‬ ‫وهو يدق أبواب القاهرة ويستولي على ما تبقى‬ ‫من فلسطين ويضيف إليها شبه جزيرة سيناء‬ ‫وهضبة الجوالن السورية‪.‬‬

‫اآلن‪ ،‬بعد مضي عقود على انتكاسة الخطاب‬ ‫القومي وثبوت فشله‪ ،‬لم تستوعب بعد قيادة‬ ‫«الجبهة التقدمية العربية» أسباب هذا الفشل‪،‬‬ ‫ولم تستطع بعد االقتناع بأن المشكلة تكمن في‬ ‫عدم القدرة على إنتاج خطاب تحرري حقيقي تحت‬ ‫مظلة ما يعرف بالقومية العربية‪ ،‬وأن قضايا تنمية‬ ‫وتحديث المجتمعات ال ترتبط بعرق أو بدين‪ ،‬بل‬ ‫مرتبطة بضرورة تحكيم العقل السليم وترجيح‬ ‫المنطق العليم بعيدا عن خطابات جوفاء تعود‬ ‫لعصور الماضي البئيس‪.‬‬ ‫لقد ناهضت ثورة ‪ 52‬الخطاب الديني باعتباره‬ ‫قاصرا عن اإلجابة على تحديـــات االمبريالية‬ ‫والصهيونية ولكونــه ال ينهل من الحاضــر أو‬ ‫يستشرف المستقبل‪ ،‬بل يريد إعادة إنتاج الماضي‬ ‫مستلهما أدواته من «السلف الصالح»‪ ،‬ولذلك‬ ‫صنف معتنقو الناصرية والتقدمية الخطاب الديني‬ ‫ضمن دائرة ما اصطلح عليه «القوى الرجعية»‬ ‫المناوئة لتحرر الشعوب العربية‪ .‬لكن «الخطاب‬ ‫القومي»‪ ،‬لسخرية األقدار العربية‪ ،‬استمر إلى‬ ‫اليوم ينهل من معينه الماضي الجاف‪.‬‬ ‫إذا كان الكل يجمع على أن فساد الخطاب‬ ‫الديني وبؤس تفكيره القائم على تمجيد الماضي‬ ‫والتغني بأمجاده المتخيلة‪ ،‬راجعٌ لفكره «السلفي»‪،‬‬ ‫فإن «القوى التقدمية العربية» المجتمعة بطنجة‬ ‫لم تسلم بدورها من طغيان السلفية‪ ،‬ولذلك‬ ‫فقد كانت خطابات القادة المشاركين في لقاء‬ ‫بيت الصحافة مستسلمة تمام االستسالم آلليات‬ ‫التفكير «السلفي» ولخصت أزمة العرب في كونها‬ ‫ناتجة عن انعدام وحدتهم‪ ،‬وأن الوحدة هي‬ ‫السبيل األوحد لخالصهم وانعتاقهم من جبروت‬ ‫االمبريالية‪! ‬‬ ‫ال يمكن لفكر‪ ،‬أثبتت األيـــام والعصور أنه‬ ‫مجرد خطاب حماسي ال يغني وال يسمن‪ ،‬أن يقدم‬ ‫ولو مثقال ذرة من الحلول لواقع العرب المتخلف‬ ‫دون تصحيح شامل لقواعــد تحليله في اتجـــاه‬ ‫بناء أساس فكري جديد يعكس الواقع الفعلي‬ ‫للجماهير ويسعى إلبداع نظريات جديدة بإمكانها‬ ‫أن تحدث طفرة نوعية في تاريخ هذه الشعوب وأن‬ ‫تهيئها لالنتقال من مرحلة الفرجة على «الفلكلور‬ ‫النضالي» نحو مرحلة االشتغال الجدي من أجل‬ ‫استنهاض الطاقات الحقيقية وإرشادها إلى العمل‬ ‫على اكتساب سبيل العلوم المعاصرة الحقة بدل‬ ‫االستئناس بـــ«لغو السلفية القومية»‪.‬‬

‫هيئة التحرير ‪:‬‬

‫عبد اللطيف �شهبون‬ ‫زبيـدة الورياغلـي‬ ‫�أ�سامـة الزكــاري‬ ‫ر�ضوان احدادو‬ ‫هدى املجاطـي‬ ‫محمد العطـالتي‬ ‫محمد �إمغــران‬ ‫محمد �سـدحــي‬ ‫عبد احلـي مفتـاح‬ ‫م�صطفى ال�سباعي‬ ‫اإلدارة واإلشهار والعالقات العامة ‪:‬‬

‫محمد طارق بخات‬ ‫اإلخراج والتصفيف‪:‬‬

‫«جريدة ال�شمال»‬ ‫عنوان التحرير والمراسالت والتسويق‬ ‫واإلشهار ‪:‬‬

‫‪ 7‬مـكـــرر‪ ،‬زنقـة عمــر بــن‬ ‫عبد العزيز ـ طنجــة ـ‬ ‫الهاتــف ‪:‬‬ ‫‪05.39.94.30.08‬‬ ‫‪06.22.45.30.67‬‬ ‫الفاكــ�س ‪:‬‬ ‫‪05.39.94.57.09‬‬ ‫الربيد الإلكرتوين ‪:‬‬ ‫‪info@achamal.com‬‬ ‫‪achamal2000 @gmail.com‬‬ ‫سحب من هذا العدد ‪:‬‬

‫‪� 10‬آالف ن�سخــة‬ ‫التوزيع‪:‬‬

‫�سبـريــ�س ‪Sapress‬‬ ‫الإيداع القانوين‪99/10 :‬‬ ‫ر‪.‬د‪.‬م‪.‬ك‪:‬‬

‫‪I.S.S.N : 1114-1832‬‬


‫الثالثـاء ‪� 29‬أكتوبر �إلى ‪ 04‬نـوفمرب ‪2019‬‬

‫العدد ‪1017‬‬

‫درد‬

‫شة‬

‫م�صطفى حجاج‬

‫‪3‬‬

‫دردشة‬ ‫َّ‬ ‫هل هالل شهر ربيع األول‪ ،‬فأشرقت لمقدمه األنوار‪ ،‬احتفا ًء بمولد سيد األبرار‪ ،‬سيدنا محمد‬ ‫عليه أفضل الصالة وأزكى السالم‪.‬‬ ‫وقد اعتادت الزوايا التطوانية‪ ،‬أن تخلد هذه الذكرى العطرة‪ ،‬انطالقاً من أول يوم هذا في‬ ‫الشهر إلى منتهاه‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫والبرنامج‬ ‫المسطر لليالي المولد النبوي الشريف‪ ،‬غالباً ما يتوحَّد في قراءة النصاب األول‬ ‫أو النصاب األخير من الهمزية‪ ،‬وترديد قصائد معينة‪ ،‬من األمداح النبوية‪ ،‬واإلنصات للموْلدية‪،‬‬ ‫والدعاء بالخير والصالح‪ ،‬ألمير المؤمنين‪ ،‬ولكافة المسلمين وتناوُل وجبة العشاء‪ ،‬التي ال تخرُجُ‬ ‫الك ُ‬ ‫عن ُ‬ ‫سكس َّ‬ ‫باللحم أو بالدَّجاج‪.‬‬ ‫هي لحظاتٌ‪ ،‬قد تمتدُّ ألربع ساعات بالنسبة لبعض الزوايا‪ ،‬وقد َّ‬ ‫تتقلص إلى ساعتين اثنتين‬ ‫بالنسبة للبعض اآلخر‪.‬‬ ‫واحتفا ًال بمقدم هذا الشهر المبارك‪ ،‬أعددتُ عُدَّتي لحضور الليلة التي تحييها الزاوية الكتانية‬ ‫في السادس من ربيع األول من كل عام‪ :‬سلمتُ جلبابي األبيض للمصبنة‪ ،‬وسلمتُ رأسي للحالق‪،‬‬ ‫وسلمتُ مالبسي لربة البيت لتصلح من شأنها‪ ،‬وأخرجتُ بلغتي الصفراء الفاقع لونها‪ ،‬واطمأننت‬ ‫على لبدتي الحمراء‪ ،‬وسبحتي الخضراء‪.‬‬ ‫وفي الليلة الموعودة‪ ،‬سأتطهر وأتطيب‪ ،‬وأيمّم وجهي شطر الزاوية المذكورة‪.‬‬ ‫إنني حفظت تاريخ هذه الليلة عن ظهر قلب‪ ،‬حفظته منذ رافقتُ أبي ألول مرة‪ ،‬إلى زنقة‬ ‫المقدم‪ ،‬وإلى درب صغير بهذه الزنقة‪ ،‬مقابل لمسجد لوقش‪.‬‬ ‫منذ ذلك الحين‪ ،‬ترسخت في ذاكرتي بعضُ الوجوه التي تتصدر المجلس عن يمين ويسار‬ ‫المحراب‪ ،‬وبعض الوجوه التي ترفع الصوت باإلنشاد‪ ،‬وبعض الوجوه التي ترتل القرآن‪ ،‬فتحسن‬ ‫الترتيل‪ .‬وأبرز اسم انطبع في ذهني آنذاك‪ ،‬اسم الفقيه الذاكر‪ ،‬سيدي محمد بن الهاشمي – طيب‬ ‫اهلل ثراه – وهو يقرأ «المولدية» بصوته الرخيم‪ ،‬فيتردد صداه في رحاب الزاوية‪ ،‬ويترك في اآلذان‬ ‫أثراً حسناً‪ ،‬تخشع له األفئدة‪ ،‬وتتندَّى العيون‪.‬‬ ‫ومنذ تسلمتُ دفتر «المولدية» من خليفته المرحوم برحمة اهلل األستاذ عبد الواحد أخريف‪،‬‬ ‫وأنا أحاول أن أسير سيرة فقيهنا ابن الهاشمي‪ ،‬فال أتوفق إال بمقدار‪ ،‬وال يساعدني صوتي إال‬ ‫بمقدار‪.‬‬ ‫إن برنامج الحفل لم يشهد أي تغيير‪ ،‬إنه يُفتتح بسورة المُلك أو بسورة يس‪ ،‬ويُمهَّد لنصاب‬ ‫الهمزية بالصالة المشيشية‪ ،‬وتُفتح كتُب األمداح على نفس الصفحات ونفس القصائد‪ ،‬ويُفسح‬ ‫المجال لقارئ المولدية‪ ،‬ليُعدد األسرار التي رافقت مولد الرسول‪.‬‬ ‫ربما تكون «المنفرجة» و«الدعاء الناصري» هما الفقرتان اللتان أضيفتا إلى البرنامج في هذه‬ ‫السنوات األخيرة‪ ،‬تبرُّكاً بهما‪.‬‬ ‫من الليالي التي أحرص على حضورها‪ ،‬ليلة الزاوية التيجانية التي تقام في سابع يوم المولد‪،‬‬ ‫وليلة زاوية البدويين‪ ،‬وليلة زاوية سيدي الصعيدي‪ ،‬وليلة الزاوية الريسونية التي تُعتبر مسك‬ ‫الختام‪ ،‬ألنها تُحيَى في التاسع والعشرين من ربيع األول‪.‬‬ ‫إنها لحظات قرب‪ ،‬يتقرَّب فيها المؤمن من ربه‪ ،‬رجاء مغفرته ورضوانه‪ ،‬ويستحضر – فيها‬ ‫وبها – ذكريات نبيّه المختار‪ ،‬ليأخذ منها العبر والمواعظ‪« ،‬فإن الذكرى تنفع المؤمنين»‪.‬‬

‫شمس األندلس الحاضرة فينا‬ ‫‪-‬‬

‫عبد الحي مفتاح‬

‫المرحوم محمد الميموني ‪:‬‬ ‫استعادات‪2/2 ..‬‬ ‫عبد اللطيف �شهبون‬

‫‪abdelchahboun@hotmail.com‬‬

‫‪ 7‬ـ في مارس ‪ 2014‬نظم طلبة ماستر «األدب العربي في‬ ‫المغرب العلوي ‪ :‬األصول واالمتدادات» بتنسيق مع بنية البحث‬ ‫« ملتقى الدراسات المغربية واألندلسية « بأداب تطوان « ملتقى‬ ‫اإلبداع» الذي امتد يومين قدمت خاللهما ‪:‬‬ ‫• ‬

‫ورشات إعداد أنطولوجيات‬

‫• ‬

‫قراءات في األشكال واالتجاهات‬

‫• ‬

‫لوحة مسرحية تعبيرية‬

‫إنشادات شعرية ‪ :‬عبد الكريم الطبال ومحمد الشيخي‬ ‫• ‬ ‫وعبد اللطيف شهبون وأحمد هاشم الريسوني ووداد بنموسى‬ ‫وسعاد الناصر وأحمد الدمناتي وأسعد البازي ومحمد البالي‪..‬‬ ‫وفي تلك الواقعة الثقافية البديعة قدم محمد الميموني رحمه‬ ‫اهلل كلمة تلقائية موجهة قال فيها ‪:‬‬ ‫«ليس لي ما أضيفه لجوهر ما أنتم بصدد إنجازه‪ .‬حضرت‬ ‫للتعبير عن مساندتي وتعزيزي لعمل بهذا الحجم من األهمية ؛‬ ‫فتدوين بيبليوغرافيات للشعر المغربي ضرورة فرضت نفسها منذ‬ ‫عقود‪..‬ولم تجد من الجهات المعنية إرادة صادقة وال استعدادا‬ ‫جديا إلنجازها ؛ وكل ما تم من بيبليوغرافيات للشعر المغربي‬ ‫هو مبادرات فردية أو شبه فردية ؛ وهي على كل حال مبادرات‬ ‫محمودة‪ ،‬وعلى ما أتت به‪ ،‬فما كان لها أن تنجو من تقصير ‪ ..‬ربما‬ ‫أغفلت كثيرا من األسماء والنصوص المستحقة‪ ،‬وأوردت أخرى‪..‬‬ ‫ربما كان في إمكانها االنتظار قليال‪ ،‬ومع كل ما قد يؤخذ على تلك‬ ‫المبادرات من قصور‪ ،‬فيصح الحكم عليها بالعبارة المشهورة «فوق‬ ‫طاقتك ال تالم»‪.‬‬ ‫واآلن‪ ،‬وقد توالت أسماء وأجيال‪ ،‬وتناسلت نصوص وإبداعات‪،‬‬ ‫فليس لمن على عاتقه مسؤولية الحفاظ على ثرواتنا المعنوية عذر‬ ‫في التقصير واإلهمال‪..‬‬ ‫إنني كواحــد ممن عايشـوا أجيال ووثبات في حياة الشعر‬ ‫المغربي خالل الخمسين سنة الماضية على األقل‪ ،‬أؤكد باقتناع تام‬ ‫أن الشعر المغربي بلغ مرحلة النضج‪ ،‬وفرض نفسه سجال ذهبيا‬ ‫لما أبدعته الروح المغربية من عالم غاية في الخصوصية والتميز؛‬ ‫بحيث لم تعد العناية الخاصة به تنصال من جهة أو أحد ؛ بل هي‬ ‫واجب وطني ستحاسبنا عليه األجيال المقبلة على ما فرطنا في‬ ‫حقه‪..‬‬ ‫من هذه الزاوية على األقل يجب النظر إلى عملكم هذا؛ فلستم‬ ‫بصدد ورشة شعرية فحسب ؛ بل أنتم تباشرون منجزا حضاريا‬ ‫وطنيا إنسانيا ؛ باعتبار الشعر المغربي صفحة ذهبية في سجل‬ ‫المنجز الحضاري العام‪..‬‬ ‫وليس في هذا الكالم ذرة ادعاء أو مبالغة أو مزايدة ؛ فإذا كان‬ ‫شعرنا لم يغز العالم‪ ،‬فاللوم على من بيدهم زمام شؤون ثروتنا‬ ‫المعنوية الحبيسة في الرفوف ‪..‬‬ ‫ربما تتسامحون معي إن أنا استندت إلى ما يزيد عن نصف‬ ‫قرن من معاشرة الشعر كتابة وقراءة أن أختم هذه الكلمة التلقائية‬ ‫بمالحظة بسيطة ‪:‬‬

‫قبل السفر بأسابيع كان كلما وضع رأسـه على المخــدة‬ ‫لالستراحة من تعب النهار واالستعداد الستقبال يوم جديد‪،‬‬ ‫دغدغت األندلس أحالم يقظته قبل الخلود إلى النوم‪.‬‬ ‫األندلس هذا اإلسم الساحر الذي التصق في ذاكرته منذ‬ ‫الطفولة بمعاني متداخلة حد التناقض‪ ،‬إنها الفردوس المفقود‬ ‫واألرض التي أفلت فيها شمس الحضارة العربية اإلسالمية في‬ ‫الغرب والتي أعقبتها مآسي يندى لها الجبين‪.‬‬ ‫ركب عبدالرحمان الباخرة التي مع مخورها لعباب البحر‪ ،‬كان‬ ‫يبتسم بل يقهقه في سره؛ ربما من هنا مر طارق بن زياد ومن‬ ‫سار على دربه من العابرين‪ .‬وهو في غفلة بين مشاهدة قفز‬ ‫الدالفين و فك ثنائية خطبة طارق البربري‪ :‬هل هي حقيقية أم‬ ‫متخيلة‪ ،‬تراءت له تلك الصخرة التي سميت باسم طارق معلنة‬ ‫قرب الوصول إلى الضفة األخرى‪ ،‬إلى الفردوس المفقود‪.‬‬ ‫طول الطريق البري كان عبدالرحمان وكأنه مخدر بالحنين‪،‬‬ ‫ال يعرف هل كان يفكر في شيء أم ال‪ ،‬لكنه متأكد اآلن أن عينيه‬ ‫كانتا تميالن يمينا وشماال وكأنهما تبحثان عن شيء مفقود‪،‬‬ ‫وفي لحظة أحس أن المركبة غادرت األرض المستوية لتشرع‬ ‫في الصعود شيئا فشيئا‪ ،‬فزاد خفقان القلب دقة دقة مثلما يقع‬ ‫عندما يقترب العاشق من معشوقته‪.‬‬ ‫كان الحصن األخير للعرب في األندلس يقترب‪ ،‬شكل له‬

‫عبد الرحمان في رأسه ذي الجبهة العريضة عدة بروفايالت‬ ‫كانت قراءاته العديدة سببا في عدم قدرته على البت في صورة‬ ‫واحدة موحدة‪ ،‬ربما تكون غرناطة أجمل مما يتصور وربما تكون‬ ‫أقل جماال‪ ،‬وربما‪...‬وربما‪...‬باختصار لم تستطع فطنة ونباهة‬ ‫عبدالرحمان وقدرته على التصوير الحسم في األمر‪.‬‬ ‫عند الدخول إليها لم يكن شيء يشبه أي شيء منها‪ ،‬كان‬ ‫مزيج أضواء الليل وتعب الطريق يزيده حيرة على حيرة‪ ،‬حط‬ ‫بعد ذلك رحاله في الفندق الذي نام فيه نومة هادئة‪ ،‬ثم قضى‬ ‫فيه معظم غده على أحر من الجمر‪ ،‬إلى أن حل المساء حيث‬ ‫أطلق سراحهم هو وأصدقاؤه الذين أتوا في مهمة دراسية دارت‬ ‫أطوارها داخل الفندق‪.‬‬ ‫في حي البيازين‪ /‬ألبايسين لمس عبدالرحمان مسام‬ ‫األندلس وشم رائحتها حتى أدمعت عيناه وهو يطل من أعاليه‪،‬‬ ‫وفي قصر الحمراء وحدائق جنة العريف العامرة زوارا وقف‬ ‫على عبقرية الحضارة العربية اإلسالمية في ترقرقها وبهائها‬ ‫وشموخها‪ ،‬فأخذته رعشة تداخل فيها الحلم بالواقع‪ ،‬الماضي‬ ‫بالحاضر‪ ،‬اللحظة بالتاريخ‪ ،‬ثم غشي قلبه حزن ما يزال مقيما ال‬ ‫لضياع األندلس كشيء مادي وإنما لتيه قد يكون وراء ضياعها‬ ‫كروح وثابة وجسر للمستقبل‪..‬‬

‫نحن في زمن تيسرت فيه وسائل النشر والقراءة‪ ،‬وهذا شيء‬ ‫إيجابي في حد ذاته‪ ،‬ولكنه ـ ككل جديد ـ يحمل بعض السلبيات‪،‬‬ ‫يمكن تجنبها من حسن الحظ ؛ فبقدر ما أتاح هذا التيسير من‬ ‫إمكانيات االطالع على نصوص رفيعة ـ ما كان لها أن ترى النور‬ ‫في ظل احتكار لوسائل النشر ساد أزمانا ـ سمح هذا التيسير أيضا‬ ‫المجال لكل من هب ودب‪ ..‬وخطر هذا اليسر هو ما قد يؤدي إليه‬ ‫من تشويش على ذوق القارئ وحيرته من فرز الحابل من النابل‪..‬‬ ‫قلت ‪ :‬هذه السلبية يمكن تجنبها فقط باحترام الشعراء‬ ‫أنفسهم قبل أن يحترموا قارئهم‪ .‬ال أقصد ممارسة أبوية على‬ ‫أحد؛ فقد رفضت أبوية من سبقوني‪ ،‬وأحيانا قاطعت من أبوا إال أن‬ ‫يمارسوها على من يعتقدون أنهم دونهم قدرة على اإلبداع‪ ،‬وأقل‬ ‫منهم معرفة وخبرة ‪.‬‬ ‫أبرئ نفسي إذن من كل أبوية‪ ،‬وإن كان هذا ال يمنعني من‬ ‫أن أهمس في أذن الشاعرات والشعراء الشباب ألقول لهم بحب ‪:‬‬ ‫ال تستعجلوا النشر‪ ،‬وال تتسابقوا إلى الشهرة ؛ فما هي إال سراب‬ ‫يحسبه الظمآن ماء‪ ،‬فإذا جاءه لم يجده شيئا‪ ،‬والسالم عليكم‬ ‫ورحمة اهلل»‪.‬‬


‫الشمال الفني‬

‫‪4‬‬

‫إشراف الفنان يوسف سعدون‬

‫العدد ‪ 1017‬ـ الثالثاء ‪ 29‬أكتوبر إلى ‪ 04‬نوفمبر ‪2019‬‬

‫يف الذكرى الأولى لرحيل الفنان‬ ‫الت�شكيلي الكبري‬

‫عبد الباسط بندحمان‬

‫حلت مؤخرا الذكرى األولى لرحيل الفنان التشكيلي الكبير عبدالباسط بندحمان الذي ودعنا بشكل مفاجئ في أحد أيام أكتوبر من السنة الماضية‪ ،‬وشكل رحيله صدمة‬ ‫قاسية ومفاجأة كبيرة في الوسط الفني على المستوى الوطني نظرا لما تميز به المرحوم من خصال إنسانية راقية وعطاء فني متفرد ال يمكن تأطيره ضمن اتجاه فني‬ ‫معين ‪.‬‬

‫وبمناسبة حلول الذكرى األولى لرحيل الفنان بندحمان ‪ -‬كما كان يعرف ‪،-‬عملنا في الشمال الفني على إعداد ملف حول الفقيد جمعنا فيه مجموعة من الشهادات‬ ‫لمختلف معارفه من الفنانين والنقاد ‪،‬كما ارتأينا نشر مقالة نقدية في حق المرحوم سبق وأن كتبها عنه الناقد الكبير والمختص في الجماليات والفنون التشكيلية الدكتور‬ ‫الخليل المرابط والتي ترجمها وقدمها لنا مشكورا الناقد والفنان محمد خصيف‪.‬‬ ‫إعداد ‪ :‬يوسف سعدون‬

‫عبد الباسط‬ ‫بندحمان‪ ،‬األستاذ‪،‬‬ ‫اإلنسان والفنان‬

‫رسم بن دحمان بين الخطي‬ ‫والتصويري‬ ‫* خليل المرابط‬ ‫* ترجمة محمد خصيف‬

‫السعيد كرماس *‬

‫ال يكاد يذكر إسم الفقيد عبد الباسط بندحمان بطنجة‪ ،‬إال وتجد بين الحضور من يعرفه كوجه‬ ‫من وجوه المدينة‪ ،‬أو كفنان ترك أثرا متميزا في الساحة الفنية مع بعض الفنانين من جيله ‪،‬وهو‬ ‫أيضا يشكل مرجعا في التجارب التشكيلية المعاصرة‪ ،‬ومن يعرف المرحوم عن قرب بصفته أستاذا‬ ‫قضى أكثر من ثالثة عقود في تدريس مادة الفنون التشكيلية بدءا بثانوي ابن الخطيب سنوات‬ ‫السبعينيات الى أواسط الثمانينيات‪ ،‬وبعدها بثانوية موالي يوسف التقنية حين ألحقت بها مادته‬ ‫ضمن شعبة الفنون التشكيلية الى حين اختياره المغادرة الطوعية ‪،‬سيقف على مسار ذهبي للرجل‬ ‫في حقل التربية الفنية التي أبدع فيها كما أبدع في فنه‪.‬‬ ‫شخصيا‪ ،‬درست عند المرحوم بندحمان بداية الثمانينات بثانوية ابن الخطيب‪ ،‬وكان نعم‬ ‫األستاذ الذي يجعل من حصصه التعليمية مناسبة لالنفتاح على الثقافة والجمال؛ فلم تكن تخلو‬ ‫هذه الساعات من معلومات تحيلنا على عوالم التعبير التشكيلي ورواده وتقنياته‪ .‬وأذكر بالتحديد‬ ‫درس المنظور‪ ،‬حيث ربطه بالنهضة األوروبية ووالدة العصر الحديث علميا‪ ،‬أدبيا‪ ،‬فلسفيا وسياسيا‪.‬‬ ‫وبالرغم من معرفتنا بتقنية المنظور في مجال الرسم التقني الذي تعلمناه وتمرنا فيه بالمستوى‬ ‫اإلعدادي‪ ،‬إال ان مقاربته للمنظور أيقظت فينا تساؤالت حول عالقة الفن التشكيلي كممارسة عقالنية‬ ‫بباقي العلوم واآلداب‪...‬الخ‪ .‬باإلضافة الى هذا‪ ،‬لم تكن حصص األستاذ بندحمان تخلو من الممارسة‬ ‫الفنية‪ ،‬حيث ال نغادر الحصة إال وقد أنجزنا عمال فنيا مرتبطا بالحصة أو الموضوع‪ ،‬إضافة الى هذا‪،‬‬ ‫كان يحثنا على البحث الجمالي في التعبير‪ ،‬ويطالبنا بإعداد منجز تعبيري يسلم له بداية الحصة‬ ‫الموالية‪.‬‬ ‫وبما أننا كنا بشعبة اآلداب المزدوجة‪ ،‬كان يحثنا على اإلهتمام بتاريخ الفن‪ ،‬الرتباط اآلداب بسائر‬ ‫الفنون التشكيلية وروادها منذ األزل‪ ،‬وألن العديد من األدباء امثال بودلير وزوال مارسوا أيضا النقد‬ ‫الفني وأجادوا فيه تحليال وتنظيرا؛ وقبلهما كان ألدباء مثل غوته الذي ألف كتابا في نظرية اللون‪،‬‬ ‫نصيب من المساهمة في هذا المضمار‪.‬‬ ‫جانب آخر من أخالق بندحمان‪ ،‬هو التعاون والتشجيع على التميز‪ .‬هذه الخصلة‪ ،‬لمسناها فيه‬ ‫أثناء ممارستنا للمسرح بثانوية ابن الخطيب دائما‪.‬‬ ‫فقد دخل األستاذ بندحمان مع الفرقة في مغامرة تربوية تنشيطية أثناء إعدادنا لمسرحية‬ ‫«الملك أوديب» لتوفيق الحكيم‪.‬‬ ‫فقد ساعدنا بخيرته الكبيرة ولقن لنا الجوانب التقنية والفنية في مجال الديكور المسرحي‪.‬‬ ‫تعلمنا منه كيف يتم وضع الديكور الحامل للمعنى الذي يغني الموضوع المسرحي ويساهم في‬ ‫اللعبة المسرحية؛ إذ ال يخلو جانب من الفضاء الهندسي او أثاث او إكسيسوار ما‪ ،‬من دور‪ ،‬تماما‬ ‫كدور أي ممثل أو كومبارس‪.‬‬ ‫كان رحمه اهلل يؤكد على التوسع والتعمق في دراسة الفنون‪ ،‬خصوصا المسرح ألنه «ابو‬ ‫الفنون»؟ أما السينما التي بدأنا االهتمام بها‪ ،‬فكان ينعتها بأم الفنون والتقنيات‪.‬‬ ‫إن الحديث عن األستاذ والفنان عبد الباسط بندحمان‪ ،‬حديث ال ينتهي‪ ،‬لكون مكانة الرجل‬ ‫األخالقية والتربوية والفنية مكانة سامية‪ ، ،‬وال تحتاج للتأكيد على سموها هذا‪ ،‬ويكفيه فخرا ان‬ ‫طالبه ممن ساروا على دروب الفنون واآلداب كثيرون ويعترفون بفضله عليهم‪ ،‬هو الذي كرس‬ ‫عمره التربوي الذي يزيد عن ثالثين سنة لخدمة األجيال فنيا وثقافيا وجماليا‪ ،‬ويكفيه فخرا أن أسماء‬ ‫مرموقة من الفنانين تتلمذت على يديه‪ ،‬وتفتخر بذلك ‪.‬‬ ‫*ناقد ومهتم بالجماليات‬

‫عبد الباسط بن دحمان من مواليد ‪ 1952‬بمدينة طنجة‪ .‬رسام ومدرس سابق بإحدى ثانويات مدينته‪ .‬خريج شعبة الفنون التطبيقية بالدار البيضاء‪،‬‬ ‫ثم مركز تكوين أساتذة الفنون التشكيلية بالرباط‪ .‬يتبع في فنه نهجا انفراديا يحيد عن االهتمامات التشكيلية التي يعرفها الفن المعاصر في المغرب‪ .‬نقول‬ ‫فورا إن هذا الرسام تصويريا‪ ،‬وأكثر من ذلك‪ ،‬رساما مسعَّرا ك «رسام استشراقي»! ولنكن حذرين من بطاقات تجارية متسرعة! لنكن حذرين من أولئك‬ ‫الذين يخلطون بين عالمات الحرية والذين يفرضون نظاما مربحا مستقرا‪ .‬هل يريدون تجفيف حفيف العمليات اإلبداعية غير المُدَّونة؟‬ ‫ينظم الرسم الزيتي لدى ابن دحمان لعبة مستمرة‪ ،‬وهي لعبة مكانية تنطلق من «تجاورات متغيرة األلوان»« «�‪juxtapositions kaléidosco‬‬ ‫‪ ،»piques‬يتقاسمها حضور وغياب‪ ،‬محو وانبثاق شخوص ذات طبيعة مسرحية‪ .‬تبرز‪ ،‬ممتَحَة من وسائط الحلم والحقيقة‪ ،‬شخوص تُث ِبت وجودها‬ ‫الغامض لتختفي في طيات أشرعة الروعة والحجز‪ .‬إن لعبة المقياس والتراكب‪ ،‬والتأطير‪ ،‬ووجهات النظر‪ ،‬والمستويات‪ ،‬والعمق‪ ،‬والخطوط‪ ،‬والتعديالت تولد‬ ‫إيقاعاً مجزأً‪ ،‬منهجيا‪ ،‬يعيد تشكيل األجسام الرمزية‪.‬‬ ‫يزرع ابن دحمان األعمال غير المستكملة ‪ Inachevés‬وولع األشكال الحية التي تتطور؛ يعالج بدقة الوجوه ذات الواقعية المدهشة‪ .‬فتتم إعادة تشكيل‬ ‫هذه الصور باستمرار من خالل الخطوط العريضة‪ ،‬والمحددات‪ ،‬والسيولة الشفافة‪ ،‬ويتم وضعها بين نظامين للتمثيل‪ ،‬رسم ولون‪ ،‬خطي وتصويري‪.‬‬ ‫يجمعون حضور»جمال الجوهر» في مواجهة «جمال الصيرورة»‪.‬‬ ‫كسينوغراف الريب والشك‪ ،‬يفضل هذا الرسام األحجام الكبيرة التي تعزز نشر الحركات‪ ،‬لترويض فضاء اللوحات ال ِبكر‪ ،‬يهاجم المسند بالرسم‬ ‫والتخطيط‪ ،‬كل منهما ضروري بالنسبة إليه‪ .‬تبرز صورة مركزية‪ ،‬وهي نموذج حي ألنثى في حركة‪ ،‬تنبثق خارج إطار الفضاء التمثيلي‪ .‬يتم تغييرها بواسطة‬ ‫طبقة الخلفية السائلة األحادية اللون‪ ،‬السَبيْدجية ‪ .Sépia‬ثم تبدأ مرحلة مثيرة‪ ،‬غير مستقرة‪ ،‬تعتمد على مصادفة البصمة وعلى «قدرتها الخاصة لفرض‬ ‫وظيفة نوع من الالوعي التقني»‪ .‬يوجد الفنان إذن في المبهم‪ .‬االتصال بإيماءات الضغط‪ ،‬وقوتها‪ ،‬وتوجهها‪ ،‬والحياكة المختارة تُحوِّل النتيجة وتُشيِّد‬ ‫عالقة انبثاق شكل يبقى مفاجئا ومفتوحا‪.‬‬ ‫تُظهر كراساته كيف أن التأمل التحليلي الطويل لجدران معينة يدعم‬ ‫في هذا المونتاج المبهم‪ ،‬يطبّق ابن دحمان مبادئ ليوناردو دا فينشي‪ ،‬حيث ِ‬ ‫اإلبداع التشكيلي‪ ،‬وكيف يمكننا أن نميّز «نغمات شاذة من الوجوه»‪ ،‬أو أزياء غريبة‪ ،‬والعديد من األشكال األخرى‪ .‬من الفوضى أحادية اللون الخاصة‬ ‫َ‬ ‫ليُهيْكِل هذا العالم الغامض‪ ،‬حيث نطاقات واسعة‬ ‫بالطيات‪ ،‬من لعبهم غير المحتمل‪ ،‬تولد وجوه مبهمة‪ ،‬صور مبتذلة يسائلها الفنان‪ ،‬ويثبتها‪ ،‬ويعدها‪،‬‬ ‫ومتقنة تتباين مع صمت اإلنجاز غير المكتمل‪.‬‬ ‫إن تنظيم الوسائل التشكيلية وتماسك األجزاء المتجانسة عضويا يشكل أصالة مقاربة جمالية‪ .‬إنها مقاربة الفنان ابن دحمان‪.‬‬ ‫لماذا نصف هذه الصباغة ب «االستشراقية»؟ هل هذا امتياز يُمنَح لكليشيهات غرائبية؟ هل يُعتَمَد على نبل المواقف‪ ،‬وستائر القصص الخيالية‪،‬‬ ‫ووجود هذه النماذج ‪ /‬الممثلين المعمَّمَة؟ هل نشهد على صورة شرق حُ ْلمي‪ ،‬بقصصه اإليديولوجية التي ضعيف ٌة عالقتُها بالواقع‪ ،‬كما أشار إلى ذلك‬ ‫إدوارد سعيد؟‬ ‫إن ابن دحمان يسائل صورة «الشرق‪-‬الذريعة»‪ ،‬لكن دون الوقوع في فخ ما أسميه شًرْ َق َ‬ ‫نَة االستشراق‪ ، orientalisation de l’orientalisme‬حيث‬ ‫أصبح فنانون شرقيون يدينون كثيرا لما يسمى بالرسامين المستشرقين إلرضاء السوق الجنينية المحلية‪.‬‬ ‫يجب أن يتَسيَّد كل من األسلوب والقدرة التعبيرية على الموضوع المحلي‪ .‬على المثير لإلعجاب ‪.l’exotique‬‬ ‫وعيا باإلشكالية‪ ،‬يصرح ابن دحمان أن «الفنانين ملزمون بالحفاظ على أساليبهم‪ ،‬وحمايتها من االنزالق التجاري‪ .‬فاإلبداع الحقيقي ال يخضع إلكراهات‬ ‫واقتضاءات العرض والطلب»‪ .‬ليكن‪.‬‬ ‫لم ننس كذلك أن الفنان قضى طفولته بطنجة‪ ،‬وسط عائلة من الممثلين حيث يشتغل مسرح الهواة والموسيقى واألوبرا على الواقع المعيش‪ .‬فما هو‬ ‫أكثر طبيعية إذاً‪ ،‬من استحضار مقتطفات من هذه الذاكرة ألجل إعادة انبثاق نوتات جديدة داخل الفضاء الحسي للوحات؟‬ ‫ال يُخفي ابن دحمان اهتمامه‪ ،‬كثيرا‪ ،‬بالتصوير الجديد‪ ،‬تصوير زمانه‪ .‬فضبط الصور الثابتة أو المتحركة يعد من المصادر المتاحة للرسام والتي ال‬ ‫ينضب عطاؤها؛ المقاربة المجزأة‪ ،‬مساءلة التشتت وإعادة تأليف الصور الداخلية‪ ،‬والمعرفة الذاتية‪ ،‬وحقيقة الذاكرة‪ ،‬والجميع يختلط بعمق مع آثار السيرة‬ ‫الذاتية‪ .‬إنها لغة جديدة تكسر السينوغرافيا لتقحم رسالة تصويرية غامضة ومفتوحة‪ .‬ونتيجة لذلك‪ ،‬فإن هذا الفنان يبتعد عن أي تصوير مفهرس‪،‬‬ ‫أكاديمي‪ ،‬أو ساذج‪ ،‬أو سريالي‪ ،‬أو غرائبي أو واقعي‪-‬اشتراكي! فهو ينتصب في منطقة جديدة تتطلب تشفيرها‪ .‬هو في مكان آخر‪ ،‬أصبح مُخِرجا لحاضر‬ ‫مُعَوَلم‪.‬‬ ‫أخيراً‪ ،‬إن ابن دحمان ال يتجاهل شيئاً من رهانات عصره‪ .‬فهو يسجل «غياب النقاد والمدارس العليا ومراكز التكوين المتخصص»‪ ،‬ونجده يساهم في‬ ‫لمسقط رأسه‪ ،‬طنجة‪َ ،‬‬ ‫َ‬ ‫صالة عرض مهنية حقاً‪ .‬هذه مساهمة أساسية تتوافق مع ما يعتمل فؤاده‪:‬‬ ‫تطوير الفنون التشكيلية في المغرب‪ ،‬من خالل منحه‬ ‫«العمل بشكل منتظم»‪« ،‬استغالل مواهبه» لخلق عالماته التشكيلية الخاصة‪ .‬ألم يسبق لماتيس أن قال؟‪« :‬إن أهمية الفنان تقاس من خالل جودة‬ ‫العالمات الجديدة التي أدخلها على اللغة التشكيلية»‪.‬‬ ‫(انتقل الفنان عبد الباسط بن دحمان إلى دار البقاء يوم اإلثنين ‪ 8‬أكتوبر ‪ - )2018‬المترجم‪.‬‬ ‫إكس أن بروفنس (أكتوبر ‪)2007‬‬


‫العدد ‪1017‬‬

‫الشمال الفني‬

‫رحيل صادم ومفاجئ‬ ‫للفقيد عبد الباسط بندحمان‬ ‫* أحالم لمسفر‬ ‫ال أدري من أي جانب سأتكلم عن المرحوم الفنان واإلنسان عبدالباسط بندحمان‬ ‫رحمه اهلل‪ ،‬هو إنسان متعدد الكفاءات الفنية وكذلك المهارات البيداغوجية في مجال‬ ‫التدريس الفني ‪ ،‬رحيله المفاجئ والصادم ترك بيننا كفنانين فراغا كبيرا لن يعوض ‪،‬وذلك‬ ‫لعطائه السخي في كل مجاالت اهتماماته ‪،‬كان معروفا بتواضعه وسخائه ولم يكن يبخل‬ ‫بأي شيء توفر لديه ‪،‬حينما تحتاج إليه ‪،‬كان رحمه اهلل يسارع في االستجابة وتلبية الطلب‬ ‫بأريحية كبيرة ‪،‬لم يسجل عليه أن أخل بالتزام‪ ،‬وأنا هنا أذكر هذه المناقب لكي أؤكد مسألة‬ ‫أومن بها وهي أن الفنان الغير الكريم ليس فنانا‪.‬‬ ‫كان يواظب على المشاركة معنا في أنشطة دار الفن المعاصر ب «بريش» نواحي‬ ‫أصيلة ‪،‬والزلت أذكر دوره الكبير في إنجاح ورشة صناعة الورق التي شارك فيها بحماس‬ ‫كبير‪ ،‬سواء أثناء اإلعداد المادي أو اللوجستيكي‪ ،‬وأتذكر جيدا انه سارع بأخذ المبادرة في‬ ‫هذا اإلعداد حينما علم أنني أشتغل وحدي على تهييء هذه التظاهرة‪.‬‬ ‫وأما بخصوص اختياراته التشكيلية فكان المرحوم يتميز بأسلوبه الفريد والخاص به‬

‫‪،‬حيث أن أعماله التشكيلية تحيلك عليه‬ ‫دون الرجوع إلى توقيع تلك األعمال ‪،‬كان‬ ‫يعمل يواظب على البحث التشكيلي من أجل تطوير تجربته ‪،‬لكن دائما في النسق الذي‬ ‫ميزه عن باقي المدارس الفنية‪.‬‬ ‫كان أيضا رحمه اهلل ‪،‬رفيق االبتسامة ألنه كان إيجابيا في الحياة ومتفائال‪ ،‬وكان‬ ‫دائم الحضور في كل المناسبات الفنية ‪،‬وحضوره كان إيجابيا حيث لم يبخل بانطباعاته‬ ‫اإليجابية إزاء هذه التظاهرات‪ .‬كان فخورا بأبنائه وكان يصطحبهم معه في كل المحطات‬ ‫الفنية‪،،‬وكان يتطلع إلشراكهم في عشق الفن‪.‬‬ ‫أكرر ثانية ‪،‬أن رحيله كان مفاجئا وصادما ‪،‬خصوصا وأنه لم يكن يظهر أية معاناة مع‬ ‫المرض‪ ،‬ولم نظن ولو لحظة ما أن بندحمان قد يكون يعاني من مرض ما‪.‬‬ ‫رحمه اهلل‪...‬‬

‫عبدالباسط بن دحمان‬ ‫الفنان المتفرد‬ ‫* عبدالكريم الوزاني‬

‫عبدالباسط بن دحمان‪ ،‬هو واحد من كبار المبدعين الذين مروا من طنجة‪ ،‬عرفته‬ ‫رحمه اهلل‪ -‬في اول مرة من خالل تالميذه وطلبته الذين تتلمذوا على يديه بشعبة‬‫الفنون التشكيلية بطنجة والذين التحقوا اتباعا بالمعهد الوطني للفنون الجميلة‪ ،‬حيث‬ ‫كانوا يتميزون عن غيرهم بالمعهد بمستواهم الجيد‪ ،‬والفضل في ذلك يرجع للمرحوم‬ ‫بن دحمان وكذلك لألستاذ والفنان أحمد البراق الذي أتمنى له الشفاء العاجل من الوعكة‬ ‫الصحية التي يمر منها‪ .‬هذان الرجالن‪ ،‬كانا متميزين بمناهجهما التعليمية الجيدة في‬ ‫مجال تدريس الفن واللذان ساهما من خاللها في تكوين أجيال مهمة من طلبة الفنون‪.‬‬ ‫المرحوم بن دحمان ‪،‬تميز على المستوى الفني بأسلوبه المتفرد والمبهر والذي‬ ‫يجمع فيه بين التشخيص والخيال ‪ ،‬وأسلوبه هذا مختلف عن كل األساليب الفنية السائدة‬ ‫الشيء الذي أهله لكي يكون رائدا في هذا االختيار ‪،‬لوحاته تحيلك إلى التاريخ وإلى‬ ‫الخيال والحلم‪ ،‬تقنيته تؤكد على انه رسام كبير ومتمكن ‪،‬ال يكتفي بالرسم والتشخيص‪،‬‬ ‫بل يضيف لمكونات لوحاته مسحة من الخيال معتمدا على ذاكرته الحالمة والعجيبة‪...‬‬ ‫وتوظيفه لهذه المسحة من الخيال هي التي ميزت أعماله التي ال يمكن تأطيرها في‬

‫االتجاه التشخيصي المعروف ‪،‬وال أبالغ‬ ‫إن قلت أنه الوحيد الذي أتقن لعبة‬ ‫ترجمة الخيال وربطها برسوماته التشخيصية الحالمة‪ ،‬وهو ايضا معروف بإتقانه للتفاصيل‬ ‫في مكونات لوحاته سواء الوجوه المعبرة أو الشخصيات في مختلف تجلياتها‪.‬‬ ‫تجربة أخرى تحسب للمرحوم وهي فتحه لرواق جميل بطنجة أراد من خالله دعم‬ ‫الحركة الفنية وفسح المجال لمجموعة من األسماء المبدعة للعرض والتواصل الفني مع‬ ‫الجمهور ‪،‬وهذا الرواق ساهم كثيرا في الحركية الفنية المهمة بالمدينة حيث كان موطن‬ ‫لقاء العديد من األسماء الفنية وعموم المهتمين والمثقفين‪ .‬ومن مميزاته أيضا رحمه‬ ‫اهلل هو حضوره الفني المستمر في األماكن العامة والفضاءات وكذلك مواكبته للحركة‬ ‫الثقافية والفنية سواء محليا أو وطنيا‪.‬‬ ‫كان عبدالباسط بن دحمان ‪،‬إنسانا نبيال ‪،‬راقيا ‪،‬أنيقا ‪،‬ورائعا ‪،‬وحتى إسمه كان‬ ‫يعكس كل قيم النبل و الجمال لدالالته‪..‬‬ ‫رحمه اهلل وأسكنه فسيح جنانه‪.‬‬

‫بندحمان‪ ،‬الذي غيبه الموت‬ ‫عن موعد التكريم‬ ‫* بوعبيد بوزيد‬

‫طنجة التي مر منها دوالكروا ‪،‬وماتيس‪ ،‬وكالوديو برافو‪ ،‬واحتضنت بن علي‬ ‫الرباطي‪ ،‬والحمري ‪،‬والفقيه الركراكي ‪،‬وشبعة والدريسي ‪،‬ليس غريبا ان تنجب فنانا كبيرا‬ ‫من حجم المرحوم عبدالباسط بن دحمان الذي ترك بصماته الواضحة في تاريخها الفني‬ ‫عرفته عن بعد سنة ‪ 1978‬عندما كنت أستاذا للتربية التشكيلية بعروس الشمال‬ ‫‪،‬حيث لمست فيه اإلنسان الوديع والملم بمجال الفنون التشكيلية ‪ ،‬وفي بداية التسعينيات‪،‬‬ ‫كنت محظوظا حينما حضرت له معرضا تشكيليا في قاعة فالندريا بطنجة ‪ ،‬يومها تأكدت‬ ‫أنه فنان متمكن من ادواته التشكيلية سواء في الرسم أو الصباغة ‪،‬ولم يكتب لي معرفته‬ ‫عن قرب إال في حدود سنة ‪ 2000‬عندما نظمت وزارة الثقافة والخونتا دي أندلسيا تظاهرة‬ ‫فنية بعنوان ‪ :‬قوارب الحياة بميناء المضيق ‪،‬حيث تم استدعاء مجموعة من الفنانين‬ ‫المغاربة واإلسبان ليبدعوا لوحات على القوارب التي كانت تستعمل في الهجرة السرية‬ ‫والتي خلفت الكثير من الضحايا ‪،‬فكانت تجربة مهمة تميز فيها المرحوم سواء أثناء إنجاز‬ ‫العمل الفني او في مدينة مالقا حيث عرضت تلك األعمال‪.‬‬ ‫من ثمة امتدت صداقتنا التي مكنتني من التعرف على فنان طيب ‪،‬هادئ ‪،‬ذي أخالق‬ ‫سامية ‪،‬وينحو نحو الصمت والتأمل‪ ،‬ويترجم تأمالته في لوحاته الرائعة‪.‬‬ ‫جمعتنا الظروف أيضا ‪،‬سنة ‪ 2016‬بمحترفات الفن المعاصر بشاطئ بريش القريب‬

‫من أصيال حول تقنية صناعة الورق‬ ‫واالشتغال عليه والتي كانت من تأطير‬ ‫الفنان كنتور ‪،‬فكان المرحوم كعادته‬ ‫مبهرا بحضوره المتميز سواء أثناء اشتغاله أو أثناء مجالسته واإلبحار في عوالم الفن‬ ‫والثقافة‪.‬‬ ‫وفي سنة ‪,2018‬قررت وزارة الثقافة تنظيم تكريم الفنان عبدالباسط بن دحمان‬ ‫وعبد ربه بوزيد بوعبيد بمركز تطوان للفن الحديث بمناسبة ليلة األروقة وإقامة معرض‬ ‫جماعي بالمناسبة شارك فيه نخبة من الفنانين المتميزين من أصدقاء المكرمين‪ ،‬لكن‬ ‫المنية كان لها رأي آخر ‪،‬حيث رحل عنا باكرا رحمه اهلل في لحظة كانت مفاجئة وصادمة‬ ‫للجميع ‪،‬وكانت بالفعل فاجعة ‪،‬فترك رحيله الحزن العميق في نفوس كل معارفه وكل‬ ‫عائلة الفنون التشكيلية ويوم التكريم ‪،‬كانت روحه الطاهرة حاضرة معنا وكانت لوحاته‬ ‫مشرقة ووهاجة كعادتها ضمن فضاء المعرض‪.‬‬ ‫رحم اهلل الفقيد العزيز بن دحمان ‪،‬وأتمنى أن يحظى بالعناية التي يستحقها بعد‬ ‫رحيله من خالل الحفاظ على تراثه الفني وتكريمه التكريم الذي يستحق ‪،‬وأقترح على‬ ‫المسؤولين تخليده من خالل تسمية أحد شوارع المدينة باسمه اعترافا بما أسداه‬ ‫للمدينة كإنسان وفنان وأستاذ تتلمذ على يديه الكثير من المبدعين والطلبة‪.‬‬

‫عبد الباسط بن دحمان المتعدد‬ ‫* عزالدين بوركة ‪( * /‬شاعر وباحث جمالي)‬ ‫الموت وحش يأخذ عنا في غفلة وبال أي إنذار مسبق أحبة وأشخاصا نعرفهم وآخرين‬ ‫نعزهم وأقارب خبرنا معهم الحياة وتفاصيلها‪ ،‬هذا ما فعله الموت حينما فرق بيننا وبين‬ ‫التشكيلي والمبدع عبد الباسط بن دحمان‪ ،‬لكنه لم يكن ليستطيع أن يفصلنا عنه نهائيا‪،‬‬ ‫فإن رحل بن دحمان عن عالم الهنا واآلن جسدا‪ ،‬فروحه قد تفرقت بين أعماله التي ستظل‬ ‫خالدة بيننا‪ .‬يكفينا إن اشتدّ الحنين بنا إلى هذا الرجل المبدع‪ ،‬أن نلتف في كل االتجاهات‬ ‫إلى أعماله‪ ،‬وهناك سنالقيه‪ ،‬نالقي روحها الفنية ومفرداته التي خطها بين ضفاف لوحاته‪.‬‬ ‫عاشق الشمال هكذا يمكنني أن أصفه‪ ،‬فبقدر عشقه لمدينة طنجة أسلم روحه فيها‪،‬‬ ‫عشق هذه المدينة كما عشقها بولز وشكري وماتيس وغيرهم‪ ...‬مدينة ساحرة استولت‬ ‫على قلب الراحل‪ .‬هناك خبر اللون وسحره وما يتولد عنه من أشكال على مساحة السند‪.‬‬ ‫إذ أدرك بن دحمان طريقه ولمع في الرسم منذ بواكير طفولته بالمدرسة وفي الثانوية‪.‬‬ ‫ستتطور تجربة هذا التشكيلي‪ ،‬الذي اختار التشخيص توجها دائما ألعماله‪ ،‬التي تنحو‬ ‫لبعد سريالي وحكائي‪ ،‬ليصبح أحد األسماء األساسية في المشهد التشكيلي المغربي‪،‬‬ ‫وأحد األسماء البارزة من جيل االنعطاف‪ ،‬جيل تقوده الحماسة للعبور بالفن التشكيلي‬ ‫المغربي إلى تجربة تمتح من الهوية المغربية والعالمية‪ ،‬وال تتوقف عند أعتاب هوية‬ ‫واحدة وتستكين إليها‪ ،‬بل إنها حماسة ال تتوقف عن التجدد والتطور والتقدم‪ ،‬وذلك نحو‬ ‫حساسية جديدة قوامها التجريب الدائم‪ ،‬لبلوغ فضاءات الفن المعاصر الشاسعة‪.‬‬

‫اهتمام بن دحمان بالمســرح‬ ‫وآليات اشتغالــه‪ ،‬ما سيقـــوده إلى‬ ‫االشتغال على أعمال سردية تتخذ من‬ ‫مسرحة الشخوص في فضـاء اللوحة‬ ‫أسلوبا لها‪ .‬فتغدو كل لوحة مشهدا‬ ‫سينوغرافيا مستقال بذاته‪ .‬ولم يتوقف‬ ‫اهتمامه الفني عند ركح المسرح‪ ،‬بل قاده حسه الرهيف واهتمامه بالشعر إلى االشتغال‬ ‫بشاعرية على رسم الحاالت واألجواء الشعرية لدى العرب في العصور الزاهية‪ ،‬فتصبح‬ ‫بالتالي كل لوحة مشهدا شعريا عامرا بروح الشعراء وشعرهم‪ ،‬في خليط مع اللون‬ ‫والشكل‪ ،‬بل حتى الموسيقى وذلك الهتمام بن دحمان بالموسيقى التي ظلت تحرك‬ ‫دواخله للتعبير برهافة عما يريد قوله بريشته‪.‬‬ ‫شكلت تجربة عبد الباسط بن دحمان تجربة هامة ومهمة في تاريخ التشكيل‬ ‫المغربي‪ ،‬بما اكتسبته من خبرة وتفرد من حيث التعاطي مع المواضيع والحبكة الجمالية‬ ‫التي اتسمت بها‪ ،‬باإلضافة للبعد السردي والسينوغرافي الذي ظلت تحتفظ به على طول‬ ‫ما أنتجته من أعمال صباغية‪.‬‬

‫الثالثـاء ‪� 29‬أكتوبر �إلى ‪ 04‬نـوفمرب ‪2019‬‬

‫‪5‬‬

‫عبدالباسط‬ ‫بندحمان الذي‬ ‫بسط معالم‬ ‫الجمال‬ ‫• يوسف سعدون‬ ‫في الذكرى األولى للرحيل الفاجعة للفنــان الكبير‬ ‫عبدالباسط بندحمان‪ ،‬لن يسعفنا الرثاء‪ ،‬ولن يجدينا‬ ‫األسف عن الفراق لما كان للفقيد من خصال رفيعة‬ ‫سواء في الجانب اإلنساني أو في الجانـــب اإلبداعي‪،‬‬ ‫رحيله كان بحجم الفاجعــة‪ ،‬لما شكلـــه الحــدث من‬ ‫مفاجأة‪ ،‬رحل عنا في أوج عطائــه الفني ونضج تجربته‬ ‫التشكيلية‪ ،‬ال أحد منا كان ينتظر هذا الهجر‪ ،‬وال واحد‬ ‫كان مستعـدا لحضور طقــوس الوداع األبدي‪ ،‬هو أكبر‬ ‫من ذكرى أو تأبيـــن‪ ،‬ألنه كان فنانا استثنائيا بكـــل‬ ‫المقاييس‪.‬‬ ‫هو استثنائي بحبه لطنجة التي ولد فيهــا وشرب‬ ‫من ماء فنونها‪ ،‬هوالمتيم ببهائها‪ ،‬ومنها انطلق لكي‬ ‫يشيد معالم الجمال عبر أطياف فنية متميزة‪.‬‬ ‫هو استثنـــــائــي أيضــا باختياراتــه الفنـــــيـــة‬ ‫وبتجربته التشكيلية المتفردة‪.‬‬ ‫مساره اإلبداعـي‪٠‬انطلق موازاة مع تخرجـــه من‬ ‫شعبة الفنون التطبيقية بالدار البيضـــاء وكـــذا مركز‬ ‫تكوين أساتذة التربية التشكيلية بالرباط‪ ،‬واشتغاله‬ ‫في مجال التدريس حيث تتلمذ على يـــده الكثير من‬ ‫الفنانين الذين الزالوا يعترفون بفضله عليهم‪.‬‬ ‫هو واحـــد من الكبـــار الذين بصموا وسيبصمون‬ ‫تاريخ الفن المغربي‪ ،‬تميز بأسلوبه الفنــي المستعصي‬ ‫على التصنيف والبعيد عــن جـــل اهتمامات التشكيل‬ ‫الحديث والمعاصــر بالمغرب‪ ،‬أتقـــن التشخيــص‪ ،‬بل‬ ‫كان ماهرا فيــه‪ ،‬لكن توظيفه له لم يكــن بالصـــورة‬ ‫النمطية المعتادة‪ ،‬بل وظفه بطريقته الخاصة ضمن‬ ‫فضاء يشعرك بمرجعيته المسرحية‪ ،‬لوحاته عبارة عن‬ ‫مشاهد حافلة باألحــداث التي تحكيهــا لك مكونــات‬ ‫اللوحة‪ ،‬ودائما بإخراجه المتفرد‪ ،‬اشتغــل على اإلنسان‬ ‫في عالقته بجدلية الحلم والحقيقة‪ ،‬شخوصه تبرز تارة‬ ‫وتتوارى تارة أخرى وراء أشرعة وحواجز حافلة بالدالالت‪،‬‬ ‫عشق األحجام الكبيرة‪ ،‬ألن طاقاته اإلبداعية لم تكن‬ ‫لتستوفيها األحجام الصغيــرة‪ ،‬له بصمته الخاصة في‬ ‫التشكيل‪ ،‬وهذه البصمة أيضا كانت وسيلـــة تقنية له‬ ‫في مجموعة أعماله حيث وظفها توظيفا ذكيا تماهت‬ ‫مع مكونات لوحاته الفنيـــة بشكل متناغم‪ ،‬وقد كانت‬ ‫هذه البصمة أيضا بالنسبـــة له نقطة انطـالق بعض‬ ‫أعماله الفنية‪..‬‬ ‫الوجوه عند المرحوم بندحمان حاضرة بقوة‪ ،‬وجوه‬ ‫تنطق بتعبيراتها من خالل دقــــة تفاصيلها‪ ،‬قد تبدو‬ ‫في بعض األحيان غريبة لكنها أليفة ومعبـــرة وتنطق‬ ‫بالكثير من همومنا وآمالنا‪..‬‬ ‫هي بعض تفاصيل اختيــارات الفنان التشكيلـــي‬ ‫الراحل عبدالباسط بندحمان‪ ،‬تفاصيل لن تستطيع أية‬ ‫كتابة استيفاء حقها لتجذرها وتفردهـــا‪ ،‬هي هنا فقط‬ ‫للترحم على روحــه الطاهرة ‪،‬ودعوة لالهتمام بتراثه‬ ‫الفني المتفرد‪..‬‬


‫‪6‬‬

‫الثالثـاء ‪� 29‬أكتوبر �إلى ‪ 04‬نـوفمرب ‪2019‬‬

‫العدد ‪1017‬‬

‫مجتمع ـ سياسة ـ حقوق‬ ‫فكري ولد علي‬

‫(مراسل من الحسيمة‪ /‬الناظور)‬

‫عامل إقليم الحسيمة يطلب من وكالة التنمية‬ ‫االقتصادية واالجتماعية بتخصيص ميزانية لمواجهة‬ ‫كوارث األمطار‬

‫‪Fikri.press@gmail.com‬‬ ‫‪Tél 0661986707‬‬

‫انعقاد الجمع العام العادي لتجديد‬ ‫التنسيقية المحلية لمنتدى حقوق‬ ‫اإلنسان لشمال المغرب بتطوان‬

‫بطلب استعجالي من عامــل اإلقليم‬ ‫وفي اطار مشروع منارة المتوسط رصدت‬ ‫وكالة التنمية االقتصادية واالجتماعية‬ ‫ألقاليم شمال المملكــة‪ ،‬حوالي ثمانية‬ ‫ماليين درهم‪ ،‬لمشروع تصريف ميـــاه‬ ‫االمطار داخل المحيط الحضري لجماعة‬ ‫الحسيمة‪.‬‬ ‫ويأتي هذا المشروع بعد أن الحظ‬ ‫الدكتور فريــد شــوراق عامل الحسيمة‬ ‫من خالل زياراتــه التفقدية األسبوعية‬ ‫الميدانية ألحياء مدينـة الحسيمة‪ ،‬حيث‬ ‫تغرق المدينة كلما تساقطت األمطــار‬ ‫بكمية كبيرة‪ ،‬األمر الذي يخلف حالة من‬ ‫االستياء لدى ساكنة المدنية‪.‬‬ ‫كما تتسبب الفيضانات التي تحدث‬ ‫في المدينة‪ ،‬في خسائر مادية ألصحاب‬ ‫المحالت التجارية‪ ،‬حيث تغمرها المياه‪،‬‬

‫لعدم قدرة القنوات تصريــف األمطــــار‬ ‫المحدثة بالمدينة على استيعـــاب الكمية‬ ‫الهائلة من المياه‪.‬‬ ‫وحددت الميزانية التقديرية لهذا‬

‫المشروع المبرمـــج في إطـــار برنامـــج‬ ‫التنمية المجالية إلقليم الحسيمة “منارة‬ ‫المتوسط” سبعــة مالييـن وسبعمائـــة‬ ‫وسبعة وخمسون ألفا درهما‪.‬‬

‫عامل الحسيمة يتصدى للعبث‪ ..‬ويوقف رخصة أحادية‬ ‫للبناء بالحسيمة‬

‫انعقد يوم السبت الماضي بمقر الحزب‬ ‫االشتراكي الموحد بتطوان الجمع العام العادي‬ ‫لتجديد التنسيقية المحلية لمنتدى حقوق‬ ‫اإلنسان لشمال المغرب ‪ .‬وقد تميز االجتماع‬ ‫بالكلمة التوجيهية التي ألقاها المنسق العام‬ ‫للمنتدى الرفيق عبد الوهاب تدموري أبرز خاللها‬ ‫أهمية هذه المحطة التنظيمية التي تندرج في‬ ‫سياق إعادة هيكلة التنسيقيات المحلية في‬ ‫أفق عقد المؤتمر الجهوي الثالث للمنتدى‪.‬‬ ‫بعد تالوة التقرير األدبي والتقرير المالي ‪،‬‬ ‫ومناقشتهما والمصادقة عليهما باإلجماع ‪ ،‬تم‬ ‫انتخاب التنسيقية المحلية التي جاءت تشكيلتها‬

‫كالتالي‪ :‬المنسق العام المحلي ‪ :‬محمد لعجاب‬ ‫نائبة المنسق العام المحلي ‪ :‬لطيفة بنعزيز‬ ‫المنسق اإلداري ‪ :‬عبدالحي بلقاضي نائبة‬ ‫المنسق اإلداري ‪ :‬جميلة الزيتي المنسق المالي‬ ‫‪ :‬حسن الحنكوري نائب المنسق المالي ‪ :‬عبد‬ ‫المالك بوغابة المستشارون ‪ /‬ات المكلفون ‪/‬‬ ‫ات بمهام ‪ :‬دائرة المرأة ‪ :‬علية المرابط – هالة‬ ‫الغازي دائرة الشباب ‪ :‬عبداإلله علوي البيئة‬ ‫والتنمية ‪ :‬رضوان بطوتي الذاكرة والتاريخ ‪:‬‬ ‫ربيعة بولحية الشؤون القانونية ‪ :‬عبداللطيف‬ ‫قنجع – يوسف الشاط التنسيقية المحلية‬ ‫لمنتدى حقوق اإلنسان بشمال المغرب ‪ /‬تطوان‪.‬‬

‫‪ 9‬سنوات سجناً لمتهمين بالسرقة‬ ‫تحت طائلة التهديد‬

‫ذكرت مصادر جد مطلعة أن السيد فريد‬ ‫شوراق عامل اقليم الحسيمة‪ ،‬بعث بمراسلة‬ ‫مستعجلة على شكل قرار عاملي إلى مصالح‬ ‫جماعة الحسيمة إللغاء رخصة أحادية للبناء‬ ‫بكورنيش موروب يخو‪ ،‬ليضع بذلك حدا‬ ‫للعبث والعشوائية‪ .‬حيث أن الورش المعني يقع‬ ‫بمحرم طريق التهيئة رقم ‪ 59‬المنصوص عليه‬ ‫في تصميم تهيئة مدينة الحسيمة المصادق‬ ‫عليه‬

‫ذلك أن المعنية باألمر (م‪.‬ر ) لم تسلك‬ ‫المسطرة االدارية المعمول بها‪ ،‬حيث أن ملف‬ ‫طلب الرخصة لم يتم عرضه على لجنة الشباك‬ ‫الوحيد المختص حصريا بدراسة طلبات رخص‬ ‫البناء‪.‬‬ ‫وذلك بعد إيفــاد لجنــة اليقظة للتعمير‬ ‫إلى عين المكان للمعاينة‪ ،‬صباح يومه الجمعة‬ ‫الماضي تتضمن كل من السلطـــة المحلية‬

‫وممثـــال عن الوكالــة الحضرية وممثال عن‬ ‫جماعـــة الحسيمة‪ .‬بتعليمــات مـن عــامــل‬ ‫اإلقليم‪.‬‬ ‫وعليه فإن هــذه الرخصـــة األحادية‬ ‫المنافية للمقتضيات القانونية للتعمير‪ ،‬تم‬ ‫الغاؤها وسحبها حيـــث أن ما بني على باطل‬ ‫فهو باطل‪.‬‬

‫وزعت غرفة الجنايات االبتدائية بمحكمة‬ ‫االستئناف بالناظور‪ ،‬أخيرا ‪ 9‬سنوات سجنا نافذا‪،‬‬ ‫على أشخاص متهمين بالسرقة تحت طائلة‬ ‫التهديد باستعمال السالح األبيض واالعتداء‬ ‫على المواطنين والسطو على ممتلكاتهم‪.‬‬ ‫وهكذا‪ ،‬قضت الغرفة ذاتها بإدانة «أ‪.‬م»‬ ‫بثالث سنوات حبسا نافذا مع الصائر واإلجبار‪،‬‬ ‫بعد اقتناعها بارتكابه لجرائم تتعلق بالسرقة‬ ‫الموصوفة المقرونة بظروف الليل والتعدد‬ ‫واستعمال العنف‪ .‬كما أدانت الغرفة نفسها‪،‬‬ ‫متهما ثانيا «ب‪.‬ي»‪ ،‬بـ ‪ 4‬سنوات حبسا نافذا‬ ‫بعد متابعته من قبل النيابة العامة بتهم‬ ‫السرقة الموصوفة المقرونة بالتعدد والليل‬ ‫والتهديد بالعنف وجنحة التهديد بواسطة‬ ‫السالح‪ .‬أما المتهم الثالث‪ ،‬والذي تابعته النيابة‬ ‫العامة بتهمة بالسرقة الموصوفة بالتعدد‪،‬‬ ‫فقد أدانته المحكمة بسنتين حبسا نافذة مع‬ ‫الصائر واإلجبار‪ .‬وجاء إيقاف المتابعين الثالثة‬ ‫بعد ورود شكايات على مصالح األمن الجهوي‬ ‫بالناظور‪ ،‬يفيد فيها أصحابها تعرضهم للسرقة‬

‫تحت طائلة التهديد بواسطة السالح األبيض‪،‬‬ ‫من قبل أشخاص اعترضوا سبيلهم‪ ،‬مقدمين‬ ‫بعض األوصاف التي تخص المشتكى بهم‪.‬‬ ‫واستفرت مصالح األمن عناصرها وتحركت‬ ‫في جميع الجهات‪ ،‬قبل أن تقودها تجرياتها‬ ‫إلى اعتقال المتهمين سالفي الذكر في أماكن‬ ‫متفرقة‪ .‬وتأتي هذه األحكام‪ ،‬في إطار عمل‬ ‫المؤسسة القضائية على ردع أنشطة المجرمين‬ ‫الناشطين في جرام االعتداء على المواطنين‬ ‫بهدف السرقة‪ ،‬ما خلف ارتياحا وسط المتابعين‬ ‫للشأن العام المحلي‪.‬‬

‫مركز الطب الشرعي بالدار البيضاء ينهي الجدل حول وفاة سيدة بالمستشفى المحلي‬ ‫بتاركيست نواحي الحسيمة‬ ‫علمت جريدة الشمال من مصدر طبي أن التشريح الطبي الشرعي الصادر من الدار‬ ‫البيضاء حسم الجدل في حقيقة وفاة امرأة داخل المستشفى المحلي بتارجيست ضواحي‬ ‫الحسيمة‪ .‬المسماة قيد حياتها ( ع‪.‬ا ) والذي خلق ضجة كبيرة في االقليم حول مالبسات‬ ‫الوفاة والتي وصلت بعائلتها حد استبعاد فرضية انتحارها بالمستشفى‪ ،‬توصلنا اليوم بتقرير‬ ‫الطبيب الشرعي الصادر عن مركز التشريح الطبي بالبيضاء‪( ،‬نتوفر على نسخة منه )‪ ،‬والذي‬ ‫أكد أن وفاة الهالكة‪ ،‬بالمستشفى المحلي بتاركيست‪ ،‬تتعلق بحالة االختناق شنقــا‪ ،‬كما‬ ‫أشــارت خالصات التقرير أن الجثة لم تحمل أي آثار أو عوامل خارجية مثل الضرب او الجرح‬ ‫باستثناء ما تمت اإلشارة إليه سابقا‪.‬‬ ‫وتجدر اإلشارة إلى أن الهالكة ( ع‪.‬ا ) التي كانت في حوالي األربعين من عمرها ومزدادة‬ ‫بجماعة كتامة‪ ،‬كان قد عثر عليها في وقت متقدم من صباح أحد األيام‪ ،‬جثة هامدة بقسم‬ ‫الوالدة بالمستشفى المحلي بترجيست‪.‬‬


‫الثالثـاء ‪� 29‬أكتوبر �إلى ‪ 04‬نـوفمرب ‪2019‬‬

‫العدد ‪1017‬‬

‫‪7‬‬

‫مجتمع ـ سياسة ـ حقوق‬ ‫عبد العالي بن ربوحة‬

‫(مراسل من القصر الكبير‪/‬العرائش)‬

‫المخزون المائي بسد وادي المخازن بإقليم‬ ‫العرائش يسجل ارتفاعاً ملموساً‬

‫بلغت نسبة ملء حقينة السدود التابعة‬ ‫لجهـة طنجة ‪ -‬تطوان ‪ -‬الحسيمة إلى غايـــة‬ ‫‪ 22‬أكتوبــر الجاري حوالي ‪ 54،3‬في المائة‪،‬‬ ‫وذلك حسب معطيات لوزارة التجهيز والنقل‬ ‫واللوجستيك والماء‪.‬‬ ‫وأوضح تقرير أعـده قطاع الماء التابـــع‬ ‫للوزارة بأن المخزون المائي للسدود الواقعة‬ ‫فوق تراب جهة طنجة ‪ -‬تطوان ‪ -‬الحسيمة‬ ‫بلــغ ‪ 706،6‬مليون متر مكعب‪ ،‬مقابل ‪686،2‬‬ ‫مليون مترمكعب خالل نفس الفترة من السنة‬ ‫الماضية‪.‬‬ ‫وذكر التقرير أن سد وادي المخازن بإقليم‬ ‫العرائش‪ ،‬أكبر سدود الجهة‪ ،‬سجل نسبة ملء‬ ‫وصلت إلى ‪ 77،1‬في المائة مقابل ‪ 72،5‬في‬ ‫المائة العام الماضي‪ ،‬أي أن حجم المخزون‬ ‫المائي ناهز ‪ 519،078‬مليون متر مكعب‪ ،‬مقابل‬ ‫‪ 487،721‬مليون متر مكعب في اليوم نفسه من‬ ‫العام الماضي‪.‬‬ ‫كما ناهـزت حقينــة سد ‪ 9‬أبريل بعمالة‬ ‫طنجة – أصيلة ‪ 79،93‬مليون متر مكعب‪،‬‬ ‫بمعدل ملء وصل إلى ‪ 26،6‬في المائة‪ ،‬مقابل‬ ‫‪ 113،944‬مليون متر مكعب ومعدل ملء في‬ ‫حدود ‪ 38‬في المائة خالل العام الماضي‪ ،‬فيما‬ ‫سجل سد أسمير بإقليم تطوان نسبة ملء تصل‬ ‫إلى ‪ 50،2‬في المائة‪ ،‬أي بمخزون مائي بلغ‬ ‫‪ 19،55‬مليون متر مكعب‪ ،‬مقابل ‪ 21،58‬مليون‬ ‫متر مكعب و ‪ 4،55‬في المائة العام الماضي‪.‬‬ ‫وبلغ المخزون المائي لسد موالي الحسن‬

‫بن المهدي ‪ 14،81‬مليون متر مكعب (‪ 63،3‬في‬ ‫المائة)‪ ،‬مقابل ‪ 14،85‬مليون متر مكعب العام‬ ‫الماضي (‪ 63،4‬في المائة)‪.‬‬ ‫أما بالنسبة لسد طنجة المتوسط بإقليم‬ ‫الفحص أنجرة‪ ،‬فقــد بلغــت حقينتـــه ‪14،24‬‬ ‫مليون متر مكعــب (‪ 64،7‬في المائة)‪ ،‬مقابل‬ ‫‪ 18،77‬مليــون متر مكعب (‪ 85،3‬في المئة)‬ ‫العام الماضي‪ ،‬وسد ابن بطوطة ‪ 38،7‬مليون‬ ‫متر مكعب (‪ 25،4‬بالمئة) مقابل ‪ 30،18‬مليون‬ ‫د‪،‬هم‪ ،‬أي ‪ 9،62‬في المائة العام الماضي‪.‬‬ ‫وبلغـت حقينــة سد عبد الكريم الخطابي‬ ‫بإقليم الحسيمة ‪ 5،629‬مليــون متر مكعب‬

‫(‪ 47،7‬في المائة مقابل ‪ 68،7‬في المائة)‪ ،‬وسد‬ ‫النخلة بإقليم تطوان ‪ 0،843‬مليون متر مكعب‬ ‫(‪ 20‬في المائة) مقابل ‪ 16،1‬في المائة خالل‬ ‫نفس الفترة من العام الماضي‪.‬‬ ‫وبخصوص سد الجمعة بإقليم الحسيمة‪،‬‬ ‫فقد سجل حقينة بـ ‪ 0،966‬مليون متر مكعب‬ ‫بنسبة ملء بلغت ‪ 18،7‬في المائــة‪ ،‬مقابـــل‬ ‫‪ 2،239‬مليون متر مكعب خالل نفس الفت‪،‬ة‬ ‫من السنة الماضية (‪ 43،4‬في المائة)‪ ،‬بينما امتأل‬ ‫سد موالي بوشتى بإقليم شفشاون بنسبة ‪93،5‬‬ ‫في المائة‪ ،‬لتبلــغ حقينتـــه اإلجمالية ‪11،356‬‬ ‫مليون متر مكعب‪.‬‬

‫القصر الكبير ‪ :‬إعطاء انطالقة التكوين‬ ‫لفائدة مهنيي الترصيص‬

‫في إطار البرنامج الهادف إلي تكوين‬ ‫وتأطير وتنظيم الحرفيين بجميع تخصصاتهم‪،‬‬ ‫أعطيت انطالقة البرنامج التكويني لفائدة‬ ‫مهنيي الترصيص بمؤسسة التكوين المهني‬ ‫بالقصر الكبير يوم االثنين ‪ 21‬أكتوبر ‪2019‬‬ ‫‪ ،‬وقد عرف هذا اليوم التكويني حضور السادة‬ ‫‪ :‬المدير اإلقليمي للصناعة التقليدية ‪ ،‬مدير‬ ‫التكوين المهني ‪ ،‬أعضاء غرفة الصناعة‬ ‫التقليدية بجهة طنجة تطوان الحسيمة ‪ ،‬ويهم‬ ‫(البرنامج) دورة تكوينية لمدة ثالثة أيام‪ ،‬حيث‬ ‫استفاد منها عدد من حرفيي الترصيص‪.‬‬ ‫البرنامج يأتي في إطار تنفيذ مضامين‬ ‫الشراكة التي تضم كل من كتابة الدولة‬ ‫المكلفة بالصناعة التقليديـــة واالقتـــصاد‬ ‫االجتماعي ومكتــب التكوين المهني وإنعاش‬ ‫الشغل في مجال التكوين المستمر لفائدة‬ ‫الصناع المزاولين لحرف الصناعة التقليديـــة‬ ‫“صنف الخدمات”‪.‬‬ ‫كما أن البرنامج يشكل أحد تمفصالت‬ ‫برنامج عمل غرفة الصناعة التقليدية بجهة‬ ‫طنجة تطوان الحسيمة فيما يتعلق بمواكبة‬ ‫تكوين وتأطير الحرفيين وخاصة منهم الشباب‬ ‫الذين يمارسون حرفة معينة أو الذين يتابعون‬ ‫دراستهم في إحدى الشعب الحرفية بالمعاهد‬ ‫المتخصصة على مستوى الجهة‪ ،‬والهدف من‬

‫كل ذلك تمكين الحرفيين عموما من تملك‬ ‫أدوات تجويد الحرفة وتطوير المنتوج والقدرة‬ ‫على التأقلم مع العصرنة وغيرها من المستجدات‬ ‫التي يشهدها مجال الصناعة التقليدية وطنيا‬ ‫وجهويا‪.‬‬ ‫اليوم بمؤسسة التكوين المهني بالقصر‬ ‫الكبير اعطيت انطالقة التكوين لفائدة مهنيي‬ ‫الترصيص بحضور المدير اإلقليمي السي عمر‬ ‫الجعيدي ومدير التكوين المهني واعضاء الغرفة‬ ‫السي محمد بخات والسي المصطفى شمشي‬ ‫ومحمد الرفاس ونائبي رئيس السي الغرفة‬ ‫أحمد بكور وعبد ربه محمد السناني‬ ‫و قد عرف هــــذا اليوم التكويني حضور‬ ‫السادة‪:‬‬ ‫ • عبد االاله بعزيز النائب الثاني لرئيس‬ ‫الغرفة‪.‬‬ ‫ • محمـــد بودالل المديــر الجهـــوي‬ ‫للصناعة التقليدية بتازة‪.‬‬ ‫ • أحمـــد العلـــوي رئيس المصلحة‬ ‫اإلقليميةبتازة‪.‬‬ ‫ • عز الدين المــرزوك رئيس مصلحة‬ ‫الزبناء بالوكالة المستقلة لتوزيع الماء‬ ‫والكهرباء بتازة‪.‬‬ ‫ • بعض األطر التابعة للغرفة والمديرية‬ ‫والوكالة‪.‬‬

‫قام بتأطير هذا اليوم التكويني السيد‬ ‫رئيس مصلحة الزبناء بالوكالة المستقلة‬ ‫لتوزيع الماء والكهرباء بتازة ‪،‬حيث استفاد من‬ ‫هذا التكوين اثنان وعشرون( ‪ ) 22‬حرفيا في‬ ‫مجال الترصيص الصحي تعرفوا على مختلف‬ ‫الجوانب التقنية وشروط السالمة المرتبطة‬ ‫بهذه الحرفة‪ ،‬كما تم إخبارهم أنه وابتداء من‬ ‫سنة ‪ 2019‬سيتم تطبيق نظام الرخص لكل‬ ‫الممارسين لحرفة الترصيص الصحي على‬ ‫غرار ما هو معمول به في مجال كهرباء البناء‪.‬‬ ‫من جهة أخرى تم التأكيد على ضرورة تأسيس‬ ‫جمعية حرفية تضم جميع منتسبي حرفة‬ ‫الترصيص بإقليم تازة من أجل تنظيم هذه‬ ‫الحرفة واالستفادة من عدة امتيازات‪.‬‬ ‫األهداف المرتقبة ‪:‬‬ ‫ • تنمية وتحسيـــن المهارات التقنية‬ ‫المهنيةللصناعالتقليديين‬ ‫ • تأهيل الصناع في المجاالت األفقية‬ ‫المرتبطة بتدبير وحداتهم اإلنتاجية‪،‬‬ ‫بتقنيات التسويق‪ ،‬بالصحة والسالمة‪،‬‬ ‫وبالجودة‬ ‫ • تحسيـــن ظــروف عمل وعيـــش‬ ‫الصناع التقليديين‪.‬‬

‫‪benrebouha01@gmail.com‬‬ ‫‪Tél : 0641794991‬‬

‫الملتقى الوطني الثاني للمرأة المبدعة دورة‬ ‫الفقيهة المرحومة عزيزة األزرق تحت‬ ‫شعار «المرأة المبدعة أساس التنمية»‬

‫في إطار أنشطتها اإلشعاعية في المجال‬ ‫الثقافي والفني ودعمها لإلبداع بشكل عام‬ ‫والنسائي بشكل خاص ‪ ،‬ولجعل اإلبداع النسائي‬ ‫داعما للتنمية البشرية المستدامة ‪ ،‬وسعيا منها‬ ‫إلى تكريس قيم المساواة ومحاربة كل أشكال‬ ‫التمييز المبني على النوع االجتماعي ‪.‬‬ ‫رابطة‬ ‫نظمت‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫كاتبات المغرب ‪ -‬فرع القصر الكبير بشراكة‬ ‫مع المجلس الجماعي لمدينة القصر الكبير ‪،‬‬ ‫يوم الجمعة ‪18‬اكتوبر ‪ 2019‬بقاعة دار الثقافة‬ ‫محمد الخمار الكنوني الملتقى الثاني للمرأة‬ ‫المبدعة دورة الفقيهة المرحومة عزيزة األزرق‬ ‫تحت شعار»المرأة المبدعة أٍساس التنمية « ‪،‬‬ ‫افتتح الملتقى بمعرض الحروفية والتشكيل من‬ ‫توقيع الفنانة الحروفية المتألقة رجاء بن الخضر‬ ‫بن مصباح تحت شعار ذكرى‪..‬‬ ‫تلته أمسية شعرية استهلت بكلمة السيدة‬ ‫أمل طريبق رئيسة رابطة كاتبات المغرب فرع‬ ‫القصر الكبير الذي أشارت إلى األهمية التي‬ ‫تكتسيها الرابطة كإطار ثقافي منفتح على‬ ‫كتابات المرأة‪ ،‬وبما سطرته لنفسها من أهداف‪،‬‬ ‫أبرزها‪ :‬جمع شمل كل صاحبات األقالم الجادة‬ ‫من مختلف جهات المملكة واالحتفاء بإبداعهن‬ ‫وكتاباتهن وتحقيق التواصل فيما بينهن و‬ ‫متابعة إنتاجاهن‪ ،‬قراءة ومقاربة وتحليال وتعريفا‬ ‫و جعل كتابة المرأة المغربية في قلب المشهد‬ ‫الثقافيالمغربي‪.،‬‬ ‫كما أشارت إلى أهداف الملتقى التي تروم‬ ‫إلى‪:‬‬ ‫* إنعاش الحركة الثقافية بالمدينة‬ ‫* االنفتاح على تجارب إبداعية وطنية‬ ‫ومغاربية‪.‬‬ ‫* إعطاء الفرصة للمبدعة الشابة وجعلها‬ ‫تستفيد من التجارب األدبية الناضجة‪.‬‬ ‫* إبراز دور المرأة في إغناء المشهد الثقافي‬ ‫المحلي و الوطني‪.‬‬

‫وبعد ها افتتح المجال للحضور لالستماع‬ ‫لبعض النفحات الشعرية و قراءات شعرية‬ ‫لكل من فاطمة مرغيش واألستاذة فاطمة‬ ‫شيري واالستاذة الشاعرة الزهرة الحميدي‬ ‫واألستاذة مليكة الجباري واألستاذة الشاعرة‬ ‫نادية الصمدي واألستاذة الشاعرة لطيفة زعري‬ ‫والشاعرة زكية بوقديد ‪ ،‬والشاعرة نسرين‬ ‫قرمادي ‪ ،‬كما تتخللت هذه األمسية معزوفات‬ ‫على آلة الساكسفون من توقيع األديب والفنان‬ ‫محمد مرزاق ‪.‬‬ ‫وعرف اليوم الثاني من فعاليات الملتقى‬ ‫جلسة نقدية في رواية ورود تحترق للروائية‬ ‫األستاذة راضية العمري‬ ‫بمشاركة كل من األساتاذة الباحثين‬ ‫محمد مزواق والدكتور حسن اليمالحي الدكتور‬ ‫محسن بنعجيبة ‪ ،‬والدكتور مصطفى العناز‪.‬‬ ‫وعرف الحفل تكريم الفقيهة المرحومة‬ ‫عزيزة األزرق التي تعد أول امرأة قامت بتأسيس‬ ‫مدرسة التقدم الحرة للبنات ‪ ،‬أول مدرسة لتعليم‬ ‫الفتاة بالقصر الكبير ‪ ،‬حيت سارت مدرسة‬ ‫التقدم الحرة للبنات بادارة المرحومة الفقيهة‬ ‫تؤدي دورها التعليمي والديني في اطار من‬ ‫التوجه الديني الروحي مسهمة في خلق تقليد‬ ‫تربوي وتعليمي بان دفعت بالفتاة القصرية الى‬ ‫ولوج معاهد العلم والمعرفة التي انتشرت بعد‬ ‫االستقالل ‪.‬‬ ‫يعد هذا تكريما للمرأة المغربية عموما‬ ‫والمرأة القصرية خصوصا‪ ،‬وتجسيدا لثقافة‬ ‫االعتراف والتقدير واالحتفاء بمكانة المرأة‬ ‫المغربية‪.‬‬ ‫وعرف الملتقى حضور فعاليات منتخبة‬ ‫وجمعوية وثقافية واختتم الملتقى بتقديم‬ ‫شواهد تقديرية للمشاركين ‪ ،‬وتذكارات لعائلة‬ ‫المحتفى بها األستاذة الفقيهة المرحومة عزيزة‬ ‫األزرق ‪.‬‬

‫وقفة احتجاجية جراء تجاهل مطالب مهني‬ ‫سيارات األجرة أمام مقر عمالة العرائش‬

‫نظمت الهيئات النقابية الممثلة لقطاع‬ ‫سياراتاألجرةالكبيرةوالصغيرة‪ ‬بإقليم‪ ‬العرائش‬ ‫‪ ،‬وقفة احتجاجية يوم األربعاء ‪23‬اكتوبر ‪2019‬‬ ‫أمام مقر عمالة‪ ‬العرائش ‪ ،‬للتنديد بتجاهل‬ ‫المسؤولين لمطالب هذه الشريحة واحتجاجا‬

‫على المعاناة التي يعاني منها القطاع وقد‬ ‫طالبت الهيئـــات النقابيـــة المشاركـــة في‬ ‫االحتجاج ‪ ‬المسؤولين‪ ،‬بالتدخل الفوري وفتح‬ ‫باب الحوار‪ ،‬من اجل حل جذري لحل للمشاكل‬ ‫التي يعرفها القطاع ‪.‬‬


‫العدد ‪1017‬‬

‫�أعالم‬ ‫ال�شمال ‪:‬‬ ‫من‬

‫‪8‬‬

‫الثالثـاء ‪� 29‬أكتوبر �إلى ‪ 04‬نـوفمرب ‪2019‬‬

‫األستاذ المربي والشاعر المبدع محمد بن المختار العلمي‬ ‫‪ 1345‬ـ ‪1441‬هـ ‪ 1927/‬ـ ‪2019‬م‬

‫• بقلم‪ :‬عبداللطيف السماللي‬ ‫األستاذ األديب محمد المختار العلمي يعد بحق من رجال التربية والتعليم األكفاء‪ ،‬ومن‬ ‫المميزين بنشاطهم وحيويتهم في المجال الثقافي واألدبي‪ ،‬أبلى البالء الحسن على امتداد‬ ‫عقود من الزمن في تهذيب نفوس الناشئة‪ ،‬وغرس القيم النبيلة‪ ،‬ورعاية الذوق الجمالي في‬ ‫صفوف تالمذته‪ ،‬وهو معدود من الشعراء المغاربة األوفياء للقصيدة العمودية منافحا عنها‪،‬‬ ‫متغنيا من خاللها في خلواته وجلواته بما يجيش في دواخله من مشاعر عاطفية سامية‬ ‫وإشراقات صوفية صادقة‪ .‬وقد أثرى األديب الشاعر ديوان الشعر المغربي بالكثير من القصائد‬ ‫الوطنية والمدائح النبوية‪ ،‬واإلخوانيات‪...‬‬ ‫واألستاذ محمد المختار العلمي يعد من األسماء األدبية التي ساهمت بحضورها الفاعل في‬ ‫الملتقيات األدبية والشعرية بطنجة خالل سنوات طويلة‪ ،‬وقد توالت عطاءاته األدبية والفنية‪،‬‬ ‫وتألق في كثير من المنتديات الشعرية التي أقيمت في طنجة وخارجها‪ ،‬وكذلك فيما كان ينشره‬ ‫من قصائد شعرية وأبحاث فنية على أعمدة الجرائد المحلية (الخضراء األصيلة ـ طنجة ـ‬ ‫الشمال ـ صدى شفشاون) وعلى صفحات المجالت الوطنية (دعوة الحق‬ ‫ـ مواسم ـ اإلحياء ـ اللقاء ـ الندوة‪.)..‬‬ ‫ولم تكن تمر مناسبة وطنية أو دينية إال كان والشاعر‬ ‫الراحل حضور فيها‪ ،‬يدلي بدلوه في القول الشعري المفعم‬ ‫بالمشاعر الدينية الصادقة‪ ،‬وبالعواطف الوطنية والقومية‬ ‫الجياشة‪ .‬وكان يساهم المرة بعد األخرى بقصائده البديعة‬ ‫التي أطربت األسماع وكان لها الوقع الحسن في نفوس‬ ‫المتلقين‪ .‬ولعل من جميل شعره ما تغنّى به عن حدث تاسع‬ ‫أبريل المجيد(‪1947‬م)‪ ،‬حيث خطاب طنجة الشهير الذي حمل‬ ‫دالالت سياسية كبرى‪ ،‬ألهمت الشعراء الستعراض جليل معاني‬ ‫هذا اليوم التاريخي‪ ،‬يوم دوَّى صوت سلطان البالد محمد‬ ‫الخامس في اآلفاق يدعو إلى وحدة البلد ويؤكد على تماسك‬ ‫أجزائه‪ ،‬متحديا مساعي دول الحماية الرامية إلى تقطيع أوصال‬ ‫البالد وبث الفرقة بين أبنائها‪.‬‬ ‫أنتج األستاذ العلمي الكثير من األبحاث والدراسات األدبية‬ ‫والفنية‪ ،‬وخاصة ما لها ارتباط بالتراث المحلي (العروبيات ـ‬ ‫أعيوع ـ العيطة الجبيلة) عامة‪ ،‬أو ما له صلة بطرب األلة خاصة‪،‬‬ ‫الذي يعد األستاذ العلمي مع كافة أسرته من هواة هذا الطرب‬ ‫األصيل‪ ،‬وقد أنجز دراسات دقيقة في هذا الحقل الفني‪ ،‬كانت‬ ‫مثار اهتمام كبير من قبل الدارسين المتخصصين في الموسيقى‬ ‫األندلسية المغربية‪ ،‬كما خلف األستاذ المبدع ديوانا شعريا‬ ‫حافال بالقصائد الوطنيـة والقومية والدينية‪ .‬ومن‬ ‫أهم اإلنتاجات األدبية والفنية والتراثية لألستاذ‬ ‫األديــب محمد المختار العلمي ما يلي‪:‬‬ ‫• إشكالية اإلضافة الموسيقية إلى‬ ‫النوبــات األندلسيـــة بصدد التعويض‬ ‫والترميــم‪ .‬بحث ساهــم به في حفـــل‬ ‫تكريم شيخ المادحين بالمغرب األستاذ‬ ‫عبداللطيف بن منصور‪ ،‬وأعيد تقديمه‬ ‫في المهرجان الفني الذي نظمته جمعية‬ ‫هواة الموسيقـى العربية بطنجــة سنــة‬ ‫‪1998‬م‪.‬‬ ‫• إطاللة على نزعـة الشعر الصوفي‬ ‫من خالل شعر ابن الفارض‪ .‬بحث ألقاه‬ ‫في مهرجان أصيال للسماع والمديح سنة‬ ‫‪2004‬م‪.‬‬ ‫• األغاني الجبلية بربوع الشمال من خالل إنشاد (أعيوع) والطقطوقة الجبلية‪ .‬مقالة نشرت‬ ‫في جريدة الخضراء األصيلة (طنجة) سنة ‪1996‬م‪.‬‬ ‫• األناشيد المغربية‪.‬‬ ‫• الصنعة األندلسية بين فاس وتطوان‪..‬‬ ‫• إنشاد العروبيات الزجلية النسوية بمدينة شفشاون وفاس وتطوان‪ .‬وهو دراسة وثق من‬ ‫خاللها الكثير من نصوص رباعيات النساء‪ ،‬المتداولة في مدينة شفشاون ‪.‬‬ ‫• داللة مصطلحي الصنعة والشغل في النوبات األندلسية‪ .‬نشرت المقالة في العدد الثاني‬ ‫من مجلة مواسم (طنجة)‪.‬‬ ‫• ديوان شعري‪ :‬ديوان حافل بقصائد المديح النبوي واإلخوانيات والوطنيات والعرشيات‬ ‫والمرثيات‪( ....‬كان موضوع رسالة جامعية لنيل شهادة الماستر بكلية اآلداب (تطوان) تحت‬ ‫إشراف الدكتور عبداهلل المرابط الترغي)‬ ‫• شعر المديح النبوي منذ بداية اإلسالم إلى يومنا هذا‪ .‬بحث ساهم به في الموسم الثقافي‬ ‫لمدينة شفشاون سنة ‪1992‬م‪.‬‬ ‫• مدارس فن السماع والمديح النبوي‪ .‬وهو عرض قدم في ندوة علمية‪ ،‬أقيمت على هامش‬ ‫المهرجان الوطني لفن المديح والسماع الذي كانت تنظمه جمعية أبي رقراق بمدينة سال في‬ ‫سنوات التسعين من القرن الماضي‪.‬‬

‫• مسيرة األمجاد‪ .‬وهي عبارة عن ملحمة شعرية مدرسية‪ .‬نشرت بعض أجزائها في جريدة‬ ‫(الشمال) بمناسبة ذكرى ‪ 9‬أبريل التاريخية (ذكرى زيارة محمد الخامس لمدينة طنجة سنة‬ ‫‪1947‬م)‪.‬‬ ‫• مقدمة في التـأليف اللحني في الموسيقى المغربية‪ .‬تم نشر هذا البحث في نشرة جمعية‬ ‫بعث الموسيقى األندلسية (فاس) سنة ‪1982‬م‪.‬‬ ‫وتعريفا بمسار األديب الشاعر محمد المختار العلمي‪ ،‬وبالتأثيرات المباشرة التي أوحت‬ ‫إليه بولوج عالم الشعر واألدب‪ ،‬والميل إلى الموسيقى األندلسية‪ ،‬واألناشيد الوطنية‪ ،‬وتذكيرا‬ ‫بمراحل دراسته بشفشاون وفاس‪ ،‬واستعراضا للوظائف التربوية التي باشرها في فاس‬ ‫وتافوغالت (وجدة)‪ ،‬ثم في مدينة طنجة إلى أن يلغ سن التقاعد سنة ‪1989‬م‪ ،‬اخترت ترجمة‬ ‫مركزة سبق لألستاذ الراحل أن دبجها بقلمه‪ (،‬وله ترجمة أخرى ركز فيها على الجانب الفني)‪،‬‬ ‫ومن خطه نقلتها وفيما يلي نصها‪:‬‬

‫ترجمة موجزة للشاعر األديب‬

‫محمد المختار العلمي بقلمه‬ ‫هو محمد بن المختار بن أحمد بن األمين العلمي الحسني‪.‬‬ ‫ازداد بمدينة شفشاون سنة ‪1929‬م‪ ،‬وتلقى بها تعليمه األولي في‬ ‫الكتاب القرآني‪ ،‬وتعليمه االِبتدائي في المعهد األصلي‪.‬‬ ‫تابع دراسته بجامعة القرويين ابتداء من سنة ‪ 1947‬إلى سنة‬ ‫‪1953‬م‪ ،‬مارس خاللها التدريس في التعليم الحر استجابة لرغبة‬ ‫وطنية ملحة‪.‬‬ ‫انخرط في سلك الوظيفة العمومية بالتعليم االبتدائي بإقليم‬ ‫وجدة‪ ،‬ثم بمدينة طنجة ابتداء من سنة ‪1953‬م‪.‬‬ ‫انتدب لتدريس مادة التربية واللغة العربية والنصوص‬ ‫األدبية بمدرسة المعلمين اإلقليمية بطنجة سنة ‪1961‬م‪.‬‬ ‫وانتقل للعمل بالتعليم الثانوي بثانوية ابن الخطيب بطنجة‬ ‫على سبيل االنتداب أيضا‪.‬‬ ‫وفي سنة ‪1966‬م عُيِّنَ أستاذا للمواد العربية بإعدادية ابن‬ ‫بطوطة‪ ،‬وخاللها أسندت إليه مادة الموسيقى بهذه المؤسسة زهاء‬ ‫خمس سنوات‪ ،‬ثم عاد يدرس العربية‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫مرحلة شبابه األحداث الوطنية‪ ،‬فجذبه تيارها‪،‬‬ ‫واكبتْ‬ ‫فكان يحضر الحفالت الوطنية‪ ،‬ويشارك فيها شخصيا‬ ‫ِّ‬ ‫مُمَثال‪.‬‬ ‫بصفته مُ ْق ِرئاً‪ ،‬أو منشداً‪ ،‬أو‬ ‫استهوتــه القصائــد الوطنيــة الرَّنانة‬ ‫التي ترددت على مسامعه‪ ،‬أو قرأ نصوصها‬ ‫على صفحات الجرائــد الوطنيــة‪ ،‬فانكب‬ ‫على حفظ أجودها‪ ،‬ألشهر الشعراء الذين‬ ‫برزوا في ساحــة النضال الوطني؛ أمثال‪:‬‬ ‫المهدي بن إدريس‪ ،‬محمد الحلوي‪ ،‬أحمد‬ ‫بنشقرون‪ ،‬علي الصقلــي‪ ،‬الفقيه الجامعي‬ ‫وغيرهم‪.‬‬ ‫وبتذوقه لهذه النصوص ترقى ذوقه‪،‬‬ ‫وتكونـــت له حاسـة أدبية‪ ،‬ساعدته على‬ ‫قرض الشعر مبكرًا‪.‬‬ ‫ومما ساعده على إذكـــاء الموهبــة‬ ‫الشعريــة‪ ،‬ولوعــه منــذ حداثته بحفــظ‬ ‫األناشيد وترديدهــا باإلضافــة إلى بعض‬ ‫الصنائع األندلسية التي غناها بين رفاقه في الحفالت المدرسية‪ ،‬والعائلية‪ ،‬وذلك لحكم نشأته‬ ‫بين أحضان أسرته المتشبعة بهواية الموسيقى األندلسية‪ .‬ومن الطبيعي أن يكون لكل هذا‬ ‫أثر طيب ينعكس على سلوكه وتوجيه ميوالته إلى الشعر والموسيقى معا‪...‬‬ ‫مارس محمد العلمي إذن نظم الشعر بإزاء ممارسته للموسيقى‪ ،‬فكان الزدواج هذين الفنين‬ ‫عنده أثر بارز في صقل موهبته وإرهاف إحساسه‪ ،‬وقد بدا هذا األثر جليا في سلوكه الشخصي‪،‬‬ ‫وفي كل معامالته وتصرفاته وانعكست مزاياه على جل األغراض والمضامين التي تناولها على‬ ‫صعيد الشعر‪ ،‬إذ جاءت معاناته تعكس أساه وتحسره فيما أنشده من مراثي على صعيد المآتم‪.‬‬ ‫كما تعكس الفرح والتفاؤل وحب الخير واالكتراث بالواقع االجتماعي المعيش‪ ،‬وذلك شأن‬ ‫من يضم بين أطواء نفسه عواطف متأججة‪ ،‬تذوب ألما وتحرقا مهما تناول المراثي والمآسي‬ ‫االجتماعية‪ ،‬ثم تطيب ثائبة إلى الرضا واالطمئنان متى جنح إلى الطبيعة والحب والوصف أو إلى‬ ‫اإلخوانيات‪.‬‬ ‫وللشاعر العلمي اهتمام خاص بالجانب التربوي التهذيبي الهادف‪ ،‬انعكس بالخصوص على‬ ‫ما تناوله من مضامين أخالقية إنسانية مقصودة لذاتها‪ ،‬وذلك بصدد تقديمها إلى تالمذته‬ ‫كنصوص أدبية مناسبة للتالوة والمحفوظات‪.‬‬ ‫ومن أهم قصائده في هذا الموضوع‪( :‬طبيب الحي)‪( ،‬قصة تائب)‪( ،‬خروف العيد يحكي قصته)‪.‬‬ ‫للشاعر ديوان ال زال مخطوطا ينتظر فرصة إخراجه‪ .‬لكن بعض قصائده سبق أن نشرها‬ ‫في إبانها‪.‬‬ ‫هذه باختصار ترجمة متواضعة للشاعر محمد المختار العلمي وقد دبجها بقلمه‪.‬‬


‫الثالثـاء ‪� 29‬أكتوبر �إلى ‪ 04‬نـوفمرب ‪2019‬‬

‫العدد ‪1017‬‬

‫‪9‬‬

‫تحية وفاء‬ ‫وفاء‬ ‫تحية‬ ‫كلمة وفاء وتقدير خالصين وعربون مودة صادقــة‪،‬‬ ‫خطها يراع الكاتب األديـب المختار محمد التمسماني‬ ‫يوم تكريم صديقه الشاعر المبدع محمد المختار العلمي‬ ‫رحمة اهلل عليه‪ .‬وتخليدًا للذكريات الطيبة التي جمعت‬ ‫الرجلين الطيبين‪ ،‬وإحياء للحظات مشرقة أنارت مجالس‬ ‫العلم واألدب بطنجة‪ ،‬ننثر بين يدي قراء هذه الجريدة‬ ‫الغراء‪ ،‬ورقة أدبية من وحي المحفل التكريمي الذي أقيم‬ ‫منذ بضع سنوات‪ ،‬اعترافا بعطاءات األستاذ الشاعر المبدع‬ ‫الراحل محمد المختار العلمي‪ ،‬وتقديرا لما أسهم به في‬ ‫ميدان التربية والتعليم ولما أثرى به الساحة األدبية من‬ ‫بديع القول الشعري في أغراض اإلخوانيات‪ ،‬والوطنيات‪،‬‬ ‫والمدائح النبوية‪ ...‬وفيما يلي نص تلك الورقة الشاهدة‬ ‫على عمق األخوة الصادقة التي جمعت بين الرجلين‪.‬‬

‫تحية وفاء‬

‫بقلم‪ :‬المختار محمد التمسماني‬

‫معاشر األفاضل‬ ‫سالم عليكم ورحمة منه وبركاته‬ ‫وبعد‪،‬‬ ‫عن المرء ال تسأل ْ‬ ‫وسل عن قرينه = فكل قرين بالمقارن مُقتدِ‬ ‫أجل‪:‬‬ ‫واجعل صديقك سيّدًا تحظى به = حبرٌ لبيب عاقل متأدبُ‬ ‫هي الصداقة‪ ...‬تأصلت من مودة رائقة ورباط وثيق بيني وبين أخي الفاضل‪ ،‬األديب الشاعر المادح الضالع‬ ‫المتأنق‪ ،‬الفنان المبدع المتألق‪ ،‬األستاذ الجليل ـ المحتفى به ـ الشريف سيدي محمد المختار العلمي‪ ،‬رعاه اهلل‪،‬‬ ‫النجم المضيء ألخالئه‪ ،‬والغذق العذب إلخوانه‪:‬‬ ‫صدق لم تكن بنتَ ساعةٍ = وال وَرَبَتْ حينَ ارتِيَادٍ ِزنَادُهَا‬ ‫مودّ ُة ٍ‬ ‫َّ‬ ‫ولكن على مهَل سرت و توَلدَت = بطول اتصال فاستقرَّ عمَادُهَا‬ ‫صداقة‪ ..‬أثيرة دلفت حتى أربى مداها اليوم على أربعة عقود‪ ،‬وما ا ْل َ‬ ‫تَاثتْ في إخالصها‪ ،‬وما نزعت عن‬ ‫أواصرها‪ ،‬قدام وصالها‪ ،‬وكأني أسمعه يردّد في أحناء نفسه‪:‬‬ ‫لت له = �صفو املودة مني �آخر الأب ِد‬ ‫ما و َّد يِن �أحد �إال ب َذ ُ‬ ‫صداقة مفعمة تزدهي بذخائر مودة التي حظيت بها‪ ،‬وال يزيدها تعاقب األيام إال طيباً!‬ ‫سالم على الدنيا إذا لم يكن بها = صديق صدوق صادق الوعد منصفا‬ ‫صداقة مترعَة أوحت إليه ـ في إنصافٍ ـ بقصيدة أرَّجَ بها كتابي “ مع صاحبي “ ووشحه‪ ،‬وهي ذات مطلع‪:‬‬ ‫حي يف النا�س من تراه ُي َع يِان = َو ُم َعانَاة ذلك الإن�سانِ‬ ‫ِّ‬ ‫َ‬ ‫ملكَا ِب ِد ا ُ‬ ‫واح َم ْد = َ�س ْع َي هَ َذا ا ُ‬ ‫مل َتفان‬ ‫حي ْ‬ ‫ال�س ْع ِي ْ‬ ‫من َظ َّل دائ َِب ّ‬ ‫ِّ‬ ‫ومنها‪:‬‬ ‫ما بدنيا الإخاء غري �أخ َظا = َ‬ ‫ــل يغديك من معني املعاين‬ ‫وحكيم مناول ما ُيزَ كِّ يـ = َ‬ ‫ــك َث َرا ًء من حِ كْ َمة القر�آنِ‬ ‫اّ‬ ‫من اخلِ لنِ‬ ‫َو� ٍ‬ ‫أليف ُم�صن ٍَّف ْ‬ ‫من َذوِ ي اللـ = ـطف تخيرَّ ْ تَهُ َ‬ ‫َوندمي محالف راح ي�سقيـ = ـك نبيذ احلاللِ يف � ْإد َمانِ‬ ‫ي�ستجيب يف ِّ‬ ‫ـت‪ ،‬و�أن‬ ‫كل �آنِ‬ ‫متى ِ�شئْـ = َ‬ ‫َ‬ ‫هو �أحرى ب�أن ُي َ‬ ‫رام َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫من �صف َوة الأ ْخ َدانِ‬ ‫َوهْ َو من � ْأ�ص َطفِيهِ ُو ًّدا حميـ = ًـما وخدينًا ْ‬ ‫من ُن ْبلِ اخلِ َ�صالِ مزايا = ُه‪َ ،‬وتكفيه نَزْ َع ُة الإن َْ�سانِ‬ ‫َح ْ�س ُبهُ ْ‬ ‫ما بدنيا الإخاء غري � ٍأخ َظـــ ْلـ َ‬ ‫=ـل ي َغ ِّذ َ‬ ‫يك من معني املعاين‬ ‫َ‬ ‫وحكيم مناول ما ُيزَ كِّ يـ = َ‬ ‫ــك ث َرا ًء من حِ كْ َمة القر�آنِ‬ ‫اّ‬ ‫من اخلِ لنِ‬ ‫َو� ٍ‬ ‫أليف ُم�صن ٍَّف ْ‬ ‫من َذوِ ي اللـ = ـطف تخيرَّ ْ تَهُ َ‬ ‫َوندمي محالف راح ي�سقيـ = ـك نبيذ احلاللِ يف � ْإد َمانِ‬ ‫ي�ستجيب يف ِّ‬ ‫ـت‪ ،‬و�أن‬ ‫كل �آنِ‬ ‫متى ِ�شئْـ = َ‬ ‫َ‬ ‫هو �أحرى ب�أن ُي َ‬ ‫رام َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫من �صف َوة الأ ْخ َدانِ‬ ‫َوهْ َو من � ْأ�ص َطفِيهِ ُو ًّدا حميـ = ًـما وخدينًا ْ‬ ‫من ُن ْبلِ اخلِ َ�صالِ مزايا = ُه‪َ ،‬وتكفيه نَزْ َع ُة الإن َْ�سانِ‬ ‫َح ْ�س ُبهُ ْ‬ ‫لقد استروحنا من هذه األبيات نفحات من خواطر الشاعر ولوامعه الذي ما َّ‬ ‫كل فيها عن سمو البيان‪ ،‬ومكنون‬ ‫المعنى‪ ،‬وفيض القريحة‪...‬‬ ‫وال أريد ـ وال يريد المقام أيضا لتزاحم الوقت ـ أن أنصُب لهذه القصيدة ميزاناً‪ ،‬وال أن أضعها على محك‬ ‫النقد الشعري وغرباله حتى تظل مداخلتي على قدر طاقة هذا الجمع الكريم ال على قدر طاقة كلماتي‪ ،‬وحتى ال‬ ‫يقال‪ :‬مادح نفسه يحييكم !‪ .‬فإبداعها فيها ومنها‪ ..‬غير أني أحب أن أُلِمَّ بشاعريته إلمامة قصيرة عابرة وإن كنت‬ ‫من الذين يعلمون أنهم ـ في هذا الفن ـ ال يعلمون إال قلي ًال!‬

‫لقد سبرت شعره‪ ،‬وأحطت خُبْراً بكثير من ظروفه‪ ،‬فرأيت أنه يأخذ مالمحه من جالء أحاسيسه وصفاء‬ ‫وجدانه‪ ،‬فال يميل مع السوانح الوهمية‪ ،‬وال يتمسك بها‪ ،‬وال يسترسل مع األغراض الطارئة وال يتحذلق فيها‪ ،‬بل‬ ‫ِّ‬ ‫يُنقر عن المعاني فيُعاقرها صرفاً غير ممزوجة‪ ،‬ويعتقبها‪ ،‬ويطوف في أرجائها‪ ،‬ويتلمّس حرارة عباراته فيص ّقلها‬ ‫في تمحيص‪ ،‬وين ُفر من اإلغراب في التوافه العارضة من أغوار اللغة حتى ال ينقطع عنه مدد بيانها!‪ .‬هو منهج‬ ‫أصيل ارتضاه ليجرد شاعريته من عقال التعويض في متاهات الخيال األعتم وغيبوبته‪ ،‬ومن غموض الرمزية‬ ‫الجوفاء ومغرياتها التي صار التوجه إليها أثيرا لدى طائفة من شعراء البيت الحر أو النثر اإلبداعي الذين ال يجدون‬ ‫اطمئنانهم إال في اضطرابها!‪ .‬وللشعراء فيما يعشقون أوداء فيها يهيمون!‬ ‫َّ‬ ‫ّ‬ ‫وكم له في قالئده من روائع اإللهام في سالمة الذوق‪ ،‬ومن آللي المواهب في ِبلة البدائع التي ال مط فيها‬ ‫وال لتّ‪ ،‬كأنّه يسعى بنا ـ في طلق عموديته التي لها في اآلذان رنين وأي رنين ـ إلى أن نجوب في أبهى جنان‬ ‫الشعر‪ ،‬وننزِّه م َقل خواطرنا في مناكبها‪ ،‬ونتذوق قطوفها في ظليل ظ ّلها‪ ،‬ونُصْغي إلى تلك األصداء التي تنطبع‬ ‫في مضامر القلوب بين وثبات األشجان وتمويجاتها‪ ،‬وبين أحالم النفوس ومواجيدها‪ ،‬وكلها يتماسَّ في رفق‬ ‫وجالل كهمسات األوتار!‪.‬‬ ‫ويروقني هنا أن ألمع إلى أن في رثائه خاصة أنين الشجى التي تَ ِرقَّ ألنفاسها الحزينة المحترقة قساة‬ ‫األفئدة!‪ .‬وهذه صرخة رثائه لعزيزنا وفقيدنا األستاذ المرحوم سيدي عبدالصمد العشاب ما زالت أسيرة في‬ ‫مطاوي وجداننا‪ ،‬وهي ذات مطلع‪:‬‬ ‫هبَّ القريض َّ‬ ‫منكسَ األوزان = يرثي عزيزَ األهل والخِلاّ نِ‬ ‫ولنتساءل‪ :‬ما الشعر عنده؟‪ .‬فلنسمعه يجيب فيقول من قصيدة أسماها “في خيمة القريض” ‪:‬‬ ‫رجعِه ُم ْت َع ُة الأُ ْذنِ‬ ‫وما ال�شعر يف العمق �إال �ص ًدى = مدى ْ‬ ‫َ‬ ‫َي ُهزُّ ا ُ‬ ‫مل َ‬ ‫بدائعه ُم ْه َجة ال َكائنِ‬ ‫�صيخ كما ت َْ�س َتبِي = ُ‬ ‫َ‬ ‫فكيف إ� َذا نَ َّ‬ ‫افت ُم َله ُمه =‬ ‫الهزَ ار َع َلى ال َفنَنِ‬ ‫َ‬ ‫افتتان َ‬ ‫َحم ْت ب� َأ�صا َلتِهِ = َّ‬ ‫عت‬ ‫الط َرا َف ُة مِ ْن ُم ْبد ٍِع ُم نَ ِ‬ ‫�أَوِ الت َ‬ ‫َت‬ ‫وم ْفت نِ ِ‬ ‫َفك َْم ُم ْع َجب َ‬ ‫ِني بِهِ ي ْنت َُ�شون = وكم من غريرٍ ُ‬ ‫أيها الجمع الكريم‪..‬‬ ‫ال تحسبَنّي أنّي جازفت في شاعرية أخينا وصديقنا جميعا فضيلة األستاذ الجليل المكرم سيدي محمد‬ ‫المختار العلمي‪ ..‬كال وفوق ألف كال!‪ .‬هي خطرات عن غرره التي مرحتْ في ثنيّات نفسي إنصافا ووفا ًء!‬ ‫فها أنا أحييك هنا في هذا المحفل الكريم بين رفقائك ومعارفك‪ ،‬وأصدقائك ومحبيك‪َ ،‬‬ ‫تحية من تعوَّد برَّك‬ ‫فأوجب شكرك‪ ،‬ومن يحترم أدَبَك‪ُّ ،‬‬ ‫ويجل أخالقك ألنك ما جابهت أحدًا ـ حتى طلبتَك ـ بقوارس الكلمات!‬ ‫وقل لي بربك‪ :‬كيف تتعدّم وتقسو وفي قلبك نقاء‪ ،‬وفي ضميرك صدق‪ ،‬وفي نفسك طهارة‪ ،‬وعلى محياك‬ ‫تباشير المودة والدعة ونبالة النسب الشريف!‪.‬‬ ‫ومالي ال أمدحك والمدائح في المحافل زينة! فنعم زينة الرجال كرائم الخالل!‪.‬‬ ‫وما يل ال �أثني عليك وطاملا = و ّف ْي َت بعهدي والوفاء قليلُ‬ ‫و مِ َ‬ ‫ل ال �أطريك‪:‬‬ ‫إبداع‬ ‫والنا�س �أكي�س من �أن يكرموا رجال = حتى يروا عنده � َ‬ ‫آثار � ِ‬ ‫ورحم اهلل ناهج البردة إذ يقول‪:‬‬ ‫ً‬ ‫ُر َّب َم ْد ٍح �أذاع يف النا�س ف�ضال = و�أتاهم بقدوة ومثالٍ‬ ‫وثناءٍ على الفتى ع ّم قوم ًا = ُ‬ ‫قيمة العقد ح�سنُ بع�ض اللآيل‬ ‫يقدر‬ ‫وزن الرجالِ‬ ‫مي = و ُيقيم الرجال ُ‬ ‫الكرام كر ٌ‬ ‫�إمنا ُ‬ ‫َ‬ ‫أجل‪:‬‬ ‫ْ‬ ‫َّ‬ ‫إن الكِرَامَ إذا ما صادقوا صدقوا = لم يُثنهم عنه ترغيب وترهيبُ‬ ‫أخيرًا‪..‬‬ ‫أسأل اهلل ّ‬ ‫جل في عاله أن يتبوأك ـ أخي سيدي محمد ـ بالعافية‪ ،‬ويثبّتها لك‪ ،‬ويحرسها عليك‪ ،‬ويوصلك‬ ‫عُذ َ‬ ‫بمدد توفيقه وإنعامه‪ ،‬ويُج ِريَ لك خالص كل نوال وإفضال‪ ،‬ويغدِقَ عليَّ وعلى أحبائك ُ‬ ‫وبَة وُدِّكَ وصفاء‬ ‫مودتك‪..‬‬ ‫والسالم عليكم ورحمة اهلل تعالى وبركاته‪..‬‬


‫العدد ‪1017‬‬

‫‪10‬‬

‫الثالثـاء ‪� 29‬أكتوبر �إلى ‪ 04‬نـوفمرب ‪2019‬‬

‫بيت الشعر في المغرب والجمعية المغربية لنقاد السينما‬ ‫ينظمان ندوة وطنية في موضوع ‪( :‬الشعر والسينما)‬ ‫يومي ‪ 8‬و‪ 9‬نونرب ‪ 2019‬بالرباط‬ ‫عالقة السينما بالرواية عالقة مبررة بأكثر‬ ‫من سبب‪ ،‬فكل واحد منهما يسرد أحداث قصة‬ ‫بأسلوبه الخاص وتقنياته المعروفة‪ .‬وهما أيضا‬ ‫يتبادالن مصالح فنية ومادية بتكافؤ بيِّن‪ .‬فقد‬ ‫ظفرت السينما بمعين ال ينضب من المواد السردية‬ ‫القابلة للتحويل إلى سيناريوهات باذخة‪ .‬أما الرواية‬ ‫فقد حققت ارتفاع مبيعاتها بعد نجاح األفالم التي‬ ‫اقتبستها؛ ويُذكر ـ في هذا السياق ـ أن ما بيع من‬ ‫نسخ رواية (مرتفعات ويزرنج) إليميلي جين برونتي‬ ‫التي نشرت سنة ‪ ،1847‬بعد عرض الفيلم الذي أخذ‬ ‫عنها‪ ،‬يفوق ما تم بيعه خالل اإلثنين وتسعين سنة‬ ‫السابقة منذ صدورها‪ .‬في حين تبقى عالقة الشعر‬ ‫بالسينما مثيرة لاللتباس‪ ،‬بسبب انتفاء مبررات‬ ‫مراد القادري‬ ‫ظاهرةٍ وواقعية لهذه العالقة المفترضة‪ .‬لقد درج‬ ‫الناس على اعتبار الشعر فناً عصيّاً وغامضاً‪ ،‬يستلزم‬ ‫تلقيه معرف ًة عميقة ومرجعياتٍ واسعة‪ ،‬عالوة على ُّ‬ ‫التمكن من علوم اآللة وتطور االتجاهات البالغية والشعرية‬ ‫في العالم‪ ..‬في حين ظلت الشاشة الفضيّة رديفة لحكايات متناسلة وقصص متواترة‪ ،‬ال يتطلب تلقيها وفهمها‬ ‫سوى معرفة بلغة الحوار الدائر بين أبطال الفيلم وشخصوصه‪.‬‬ ‫لكن مع تطور نظريات التلقي وتقدم الدراسات السيميائية للظواهر الفنية‪ ،‬وما عرفته كذلك اللغة الشعرية‬ ‫من تحوالت كبيرة أغنت إوالياتِها وشفراتِها‪ ،‬مثلما وسعت مفهوم الشعر في حد ذاته‪ ،‬ومع تطور االتجاهات‬ ‫والمدارس السينمائية في العالم‪ ،‬وانزياح عدد من المخرجين وكتاب السيناريو‬ ‫عن المألوف‪ ،‬مع كل هذا أصبح بوسع المهتمين فتح ما انغلق من حدود‬ ‫التمييز بين األنواع األدبية والفنية‪ ،‬وأتاح فرص التقليص من معيارية لغات‬ ‫التواصل‪ ،‬مما فسح المجال الختالط الحدود بين الفنون وتحقيق تواصل‬ ‫وتبادل فعالين بينها‪ .‬وصار باالستطاعة الحديث عن إمكانية الربط بين الشعر‬ ‫والسينما‪ ،‬حيث أصبح بمقدور النقاد والدارسين من الطرفين (الشعر والسينما)‬ ‫الحديث عن فيلم مليء باللقطات الشعرية والصور الفنية‪ ،‬أو عن قصيدة‬ ‫ْ‬ ‫تُكثِر من استخدام المونتاج والتقطيع ومختلف التقنيات المعتمدة عادة في‬ ‫مجال السينما‪ ...‬بل أضحى من المعتاد تصنيف أفالم معينة في خانة السينما‬ ‫الشعرية‪ .‬كأفالم المخرج والكاتب اإليطالي بيير باولو بازوليني (‪ 1922‬ـ ‪)1975‬‬ ‫الذي مارس الكتابة الشعرية واألدبية باإلضافة إلى اهتمامه األساس بكتابة‬ ‫األفالم وإخراجها‪ .‬وهناك أفالم كثيرة صنفها النقاد في السينما الشعرية من‬ ‫قبيل (الكلب األندلسي ‪ )1929‬للويس بونويل‪ ،‬و(الجميلة والوحش ‪)1946‬‬ ‫لجان كوكتو و(ستحملنا الريح ‪ )1999‬لعباس كياروستامي‪ ،‬و(دائرة الشعراء‬ ‫المفقودين ‪ )1989‬لبيتر وير‪ ،‬و(المهاجر ‪ )1994‬ليوسف شاهين‪ ،‬والالئحة‬ ‫طويلة جدا‪ .‬وغني عن التذكير أيضا أن شعراء كبارا مارسوا السينما من خالل‬ ‫كتابة سيناريوهات وإخراج أفالم نذكر من بينهم‪ :‬أبولينير ‪Apollinaire‬‬ ‫وسندراس ‪ Cendras‬وديسنوس ‪ Desnos‬وبريفر ‪ ،Prévert‬وغيرهم‪.‬‬ ‫إن افتراض وجود سينما شعرية ال يقصد به وجود ذلك الفيلم الذي تنشد‬ ‫فيه األشعار المعروفة على لسان أبطاله‪ ،‬أو ذلك الذي يستحضر سير الشعراء‬ ‫سرداً أو توثيقاً فقط‪ ،‬وإنما ذلك الذي نجد البطل فيه هو األسلوب وطريقة سرد‬ ‫األحداث‪ ،‬ال األشياء واألحداث‪ ،‬بمعنى االهتمام المضاعف بكيفية استثمار الوسائل التعبيرية‪ .‬كما نجد البطل‬ ‫فيه أيضا هو اللقطات المكثفة والموحية بالدالالت العميقة التي تتجاوز سطوح الحوارات المبتذلة في الحياة‬ ‫اليومية إلى االحتفاء بالحمولة الرمزية لألحياز المكانية‪ ،‬تلك التي تخصبها اإلضاءة الطبيعية أو االصطناعية‬ ‫حسبما يفرضه السياق‪ .‬كما تعزز بعدها اإليقاعي المسموع بخلفيات الموسيقى التصويرية التي يجري تأليفها‬ ‫خصيصا للفيلم‪ .‬لقد كتب جان كوكتو ذات مرة‪« :‬محكوم على السينما بأن تكون شعرية‪ ،‬وال يمكنها أن تكون‬ ‫إال كذلك‪ ،‬إذ يصعب نفي هذه الخاصية عن طبيعتها‪ ،‬وسيبقى الشعر دائما ههنا‪ ،‬بين يديها‪ ،‬ال يمنعها شيء من‬ ‫استثماره»‪ .‬وهو حتما يعني الخروج من روتين الحكاية وضيقها‪ ،‬إلى أفياء السحر والحلم‪ ،‬واالنتصار لتلقٍّ ذكي‪،‬‬ ‫ينتقل بالمشاهد من حدود المرئي إلى النهائية الالمرئي‪.‬‬ ‫إن الهدف الرئيس من تنظيم ندوة حول موضوع (الشعر والسينما) هو السعي إلى جمع ثلة من المهتمين‬ ‫بالشعر والسينما والباحثين في مختلف الفنون‪ ،‬من أجل مضاعفة زوايا النظر‪ ،‬وفحص طرائق استفادة الشعر من‬ ‫فن السينما وتقنياتها التعبيرية واستدماج ذلك في مكوناته الفنية الدالة‪ ،‬وبالمقابل استكناه تحول الشعر مادة‬ ‫سائغة تستوعبها لغات السينما وتقنياتها‪ ،‬من أجل بناء أفالم بقوافي مرئية ومجازات ضاربة في أقاصي الجمال‬ ‫والحلم‪ .‬ولعل الجلسات العلمية التي ستعقد لتحقيق هذه األهداف‪ ،‬سيكون عليها أن تجيب على بعض األسئلة‬ ‫التي تشغل المهتمين بموضوع عالقة الشعر بالسينما‪ ،‬من قبيل‪:‬‬ ‫ـ ما الذي يسوغ قيام عالقة تأثير وتأثر بين الشعر والسينما‪ ،‬رغم أنهما يبدوان متباعدين من حيث أدواتهما‬ ‫ووسائلهماالتعبيرية؟‬ ‫ـ هل يقوم الفيلم (الشعري) على إواليات فنية حقيقية بانية لشعريته‪ ،‬أم أن شعريته متأتية من محض‬

‫اجتهادات القراءات التأويلية المنفتحة على مختلف‬ ‫المرجعيات الفنية والثقافية والفلسفية؟‬ ‫ـ ما حدود التشابه واالختالف بين التصوير في‬ ‫الشعر والتصوير في السينما؟‬ ‫ـ ما الذي استفاده الشعر من الفن السينمائي الذي‬ ‫تجاوز ظهوره في العصر الحديث قرنا من الزمن؟ وهل‬ ‫يمكن الحديث عن أفق مستقبلي منشود للتبادل‬ ‫والتعاون بين الشعراء والسينمائيين؟‬

‫محاور الندوة‪:‬‬

‫محمد شويكة‬ ‫• شعرية السينما (مقاربات نقدية لنماذج فيلمية)‪.‬‬ ‫• مائدة مستديرة (الشعر والسينما)‪.‬‬

‫• الشعر والسينما‪ ..‬المُتخيَّل المشترك (مداخل‬ ‫نظرية‪.)....‬‬ ‫• سينمائية الشعر (طرائق االستثمار وتقنياته‪:‬‬ ‫التصوير‪ ،‬زوايا النظر‪ ،‬التقطيع والمونتاج‪.).......‬‬

‫برنامج الندوة الوطنية‬ ‫الشعر والسينما‬

‫الرباط ‪ 8/9‬نونبر ‪2019‬‬ ‫الجمعة ‪ 08‬نونبر ‪2019‬‬ ‫‪ 10‬صباحا ـ الجلسة االفتتاحية‬ ‫• كلمة السيد مراد القادري‪ ،‬رئيس بيت الشعر في المغرب؛‬ ‫• كلمة السيد عمر بلخمار‪ ،‬رئيس جمعية نقاد السينما بالمغرب؛‬ ‫• تنسيق‪ :‬عبد السالم المساوي‪.‬‬ ‫‪ 10.30‬مائدة مستديرة (الشعر والسينما)‬ ‫• المشاركون‪ :‬رشيد المومني ـ حمادي كيروم ‪ -‬فؤاد سويبة ـ أمينة الصيباري‪.‬‬ ‫• تنسيق‪ :‬خليل الدامون‪.‬‬ ‫‪ 11.30‬الجلسة العلمية األولى (الشعر والسينما‪ ..‬المتخيل المشترك)‬ ‫• المشاركون‪ :‬بشير القمري ـ محمد اشويكة ـ نور الدين محقق ـ بنيونس‬ ‫عميروش‪.‬‬ ‫تنسيق‪ :‬محمد البوعيادي‬ ‫‪ .18‬عرض سينمائي‪ ،‬تعقبه مناقشة‪.‬‬ ‫• «ساعي البريد» (‪ ]Le facteur) [Il postino‬للمخــرج مايكـل رادفــورد‬ ‫«‪( »Michael Radford‬إنتاج ‪.)1994‬‬ ‫• تقديم‪ :‬حمادي كيروم‪.‬‬

‫ملخص الفيلم‪:‬‬

‫في جزيرة إيطالية صغيرة خالل سنوات الخمسينات‪ ،‬يتمكن الشاب ماريو من الحصول على وظيفة مؤقتة‬ ‫كساعي بريد‪ ،‬مهمته الوحيدة إيصال رسائل الشاعر الشيلي الكبير بابلو نيرودا الذي كان قد حل الجئا سياسيا‬ ‫بالجزيرة‪ .‬ونتيجة لذلك ستنشأ صداقة بين الرجلين‪ ،‬ستتقوى بالشعر‪ ،‬حيث سيستعين ماريو بقدرة الكلمات على‬ ‫جذب معشوقته بياتريس الفتاة الجميلة‪.‬‬ ‫السبت ‪ 09‬نونبر ‪2019‬‬ ‫‪ 10‬صباحا‪ :‬الجلسة العلمية الثانية (سينمائية الشعر‪ :‬طرائق االستثمار وتقنياته)‬ ‫• المشاركون‪ :‬سليمان الحقيوي ‪ -‬عبد اهلل الشيخ ـ محمد عابد‪.‬‬ ‫• تنسيق‪ :‬نور الدين محقق‪.‬‬ ‫‪ 11.30‬الجلسة العلمية الثالثة (شعرية السينما‪ :‬مقاربات نقدية ونماذج)‬ ‫• المشاركون‪ :‬محمد البوعيادي ـ محمد الشيكرـ مبارك حسني ـ محمد طروس‪ -‬أيوب العياسي‪.‬‬ ‫• تنسيق‪ :‬محمد اشويكة‪.‬‬ ‫‪ .18‬أمسية شعرية‪:‬‬ ‫• المشاركون‪ :‬نسيمة الراوي ـ نبيل منصر‪ -‬بوجمعة العوفي ـ عبد اإلله المويسي ـ أيوب العياسي‪.‬‬ ‫• تنسيق‪ :‬محمد بودويك‪.‬‬ ‫• موسيقى‪ :‬الثنائي الموسيقي‪.‬‬


‫امللحـق الثقافـي‬

‫‪11‬‬

‫العدد ‪ 1017‬ـ الثالثاء ‪ 29‬أكتوبر إلى ‪ 04‬نوفمبر ‪2019‬‬

‫َي َتحَ َّد ُث ب� ْإ�سمي َّ‬ ‫راب !‬ ‫ال�ش ْ‬ ‫• محمد بشكار‬

‫�أ ِل َف ْتنِي‬

‫�ض‬ ‫ات �أنْ َه ُ‬ ‫اح ُ‬ ‫َّ‬ ‫ال�ص َب َ‬ ‫اح ِل ْأفت َ​َح‬ ‫ال�ص َب ِ‬ ‫َق ْبلَ َّ‬

‫َنافِ َذةً‬

‫ون‬ ‫فيِ ُع ُي يِ‬ ‫ب َنادِيلَ‬ ‫َو� ْأم َ�س َح َها مِ َ‬ ‫� ْأقطِ ف َُها مِ ْن‬

‫َع َجب ًا‬

‫�ض‬ ‫ِلت ُْد ِخلَ َب ْع َ‬

‫ال َأغارِ ي َد ُم ْ�ست َْب ِد ًال‬ ‫�ض َق ْلبِي‪،‬‬ ‫بِخَ فْ َقت َِها ن َْب َ‬ ‫َو ُ�أ ْطعِ ُم َها احلَ َّب �أنْ رُ ُ‬ ‫ث‬

‫ُح َّب ُه فيِ‬ ‫�ش َفتِي‪ ،‬ل َْي َت‬ ‫رُ ْ‬ ‫الب ُذورِ ا َّلذِي َح َم َلت ُْه‬ ‫َب ْع�ض ُ‬

‫َ�ش َجر ًا‬

‫�أنْ ُظ ُر َخ ْلفِي‬ ‫إ�لَى ُغ ْر َفتِي كَ ْي َف‬ ‫ار ِت َم ْركَ َب ًة ُم رَت َِّحل ًَة ف‬ ‫َ�ص َ‬ ‫الزَّ َم ِ‬ ‫ان‪َ ،‬و� ْأ�ص َب ْح ُت مِ ن‬ ‫مي‬ ‫ال�س ِد ِ‬ ‫�ش ْفتِي فيِ‬ ‫رُ ْ‬ ‫َّ‬ ‫املُ َعت َِّق ُر َّبان َ​َها‪،‬‬

‫اب‬ ‫َ�س َح ْ‬ ‫َث َّم � ْأد ُعو ُّ‬ ‫ور‬ ‫الط ُي َ‬

‫احلَ َو ِ‬ ‫ا�صلُ ُي ْن ِب ُتنِي‬

‫اب‬ ‫فيِ ال�سرَّ َ ْ‬ ‫ني‬ ‫ِح َ‬

‫اوةِ مِ ْن َ�س ْه َر ِة‬ ‫ِللْغَ َ�ش َ‬

‫ال ْأم ِ‬ ‫�س فيِ ُمقْ َلت ََّي َوكَ ْي َف‬ ‫ت ِّو ُلنِي َب َط ًال‬ ‫حُ َ‬ ‫�ش ٍ‬ ‫فيِ رَ‬ ‫ِيط‬ ‫ب اَِل ذِ كْ َر َي ٍ‬ ‫ات‪،‬‬

‫َو� ْأح َ�س ُب �أن‬

‫انْ َت َقل ُْت �إلَى ُب ْعد َِي‬ ‫ال�س ِ‬ ‫ادِ�س‪َ ،‬ب ْين َ​َما َق َدمِ ي‬ ‫َّ‬ ‫َاب‬ ‫فيِ رُّ‬ ‫الت ْ‬

‫كم ّ‬ ‫ال�ساعة الآن يا حبيبي‬ ‫• سنيا فرجاني‪ /‬تونس‬

‫ني‬ ‫ِح َ‬ ‫�أنْ ُظ ُر َخ ْلفِي‬ ‫�إلَى ُغ ْر َفتِي � َّأي ُم ْن َقل ٍَب‬ ‫انْ َقل َ​َب ْت � ْأر ُجلٌ ف‬

‫ال�سرَّ ِيرِ ‪َ � ،‬أرى‪:‬‬ ‫ُج َثث ًا مِ ْن ث َِي ٍ‬ ‫اب َو َق ْد‬ ‫اح فيِ َدمِ َها العِ ْط ُر‬ ‫َف َ‬ ‫بِالنَّكَ َب ِ‬ ‫َاج‬ ‫ات َو حَ ْ‬ ‫تت ُ‬ ‫ل ِل َّد ْفنِ فيِ َق رْ ِ‬ ‫ب‬

‫ول ْب‪.‬‬ ‫ُد اَ‬

‫� َأرى َبينْ َ كُ لِّ‬ ‫ات � ْإمرَ�أةً مَ ْ‬ ‫الف َ​َر َ‬ ‫ل‬ ‫ا�ش ْ‬ ‫َتل ِْد َها َّ‬ ‫ِيع ُة مِ ْن َج ْو ِف‬ ‫الطب َ‬ ‫�ش َنقَةٍ َت َت َدلَّى مِ َن‬ ‫رَ ْ‬ ‫يح‬ ‫ال ْإب ِط حَ ْ‬ ‫الر ُ‬ ‫تمِ ل َُها ِّ‬

‫م ٍد‬ ‫َبينْ َ جَ ْ‬ ‫َون َْه ٍد‬

‫بِخَ ْي ِط َحرِ يرٍ َيل ُُّف‬

‫انْ حِ َط ِ‬ ‫اطي‪َ �.‬أر َّق‬ ‫مِ َن َّ‬ ‫الط ْي ِف‬

‫ت ِ�شي‬ ‫مَ ْ‬

‫ال�س ْي ِف‬ ‫َعلَى َّ‬ ‫َف ْو َق ل َِ�س يِان �إلَى‬ ‫َح ْتف َِها فيِ‬ ‫اب‪..‬‬ ‫الغِ َي ْ‬

‫ني‬ ‫ِح َ‬ ‫�أنْ ُظ ُر َخ ْلف َِي‬ ‫�َأ ْفق ُِد‬

‫فيِ َم ْ�ش َه ٍد‬ ‫َب�صرَ ِي‬ ‫َذ َ‬ ‫اك من ُثمنٍ َق ْد ت َ​َبقَّى‬ ‫ب َِج ْوفيِ ‪َ ،‬ف َو ْيلٌ لمِ َْن َق ْد‬ ‫ِا�سمِ هِ �أَ ْو‬ ‫حَ َ‬ ‫ت َّد َث ب ْ‬

‫اب! *�أ�سياد احلرب‬ ‫ال�ش ْ‬ ‫ا�سمِ ي رَّ َ‬ ‫ْ‬

‫ـــــــــــــــــ‪.‬‬

‫املو�سيقي ال�شاعر‪:‬بوب ديالن‬ ‫للمغني‬ ‫ِّ‬ ‫�س�أكون ع�س�سا علينا‬

‫�إنّهم ي�شبهون املنايف يا حبيبي‬ ‫الع�سكري يف احلرب‪،‬‬ ‫وي�شبهون الرغبة التي ت�صيب‬ ‫وطراوة على حلمنا‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫عندما يخلع حذاءه اخل�شن ويبحث يف الظالم عن‬ ‫لن يزحف الع�سكر خلف فمي‪،‬‬ ‫نهد امر�أة يح ّبها‪،‬‬ ‫�أعدك لن يزحفوا‬ ‫فيل�سعه احلنني‪.‬‬ ‫�س�أق ّبل وجهك ك� يّأن �أدور على الأر�ض وما جاورها‪،‬‬ ‫�إنّهم ي�شبهون �أ�شجار التّني‪ ،‬الفارغة‬ ‫ّ‬ ‫�س�أجيد العراك مع الطيور وال ّديكة‪،‬‬ ‫عيني‪ ،‬حني �أفتحهما لأفتّ�ش يف امل�سافة‬ ‫وي�شبهون‬ ‫ْ‬ ‫الفا�صلة بني فمك وفمي‪،‬‬ ‫ومع �سفري النوايا احل�سنة‪.‬‬ ‫عن �صورتي م� ّؤطرة‪ ،‬بورود �صغرية‬ ‫هذه اخلدو�ش التي فوق �أظافري‪،‬‬ ‫وخوامت المعة‪.‬‬ ‫ال�صلوات الطويلة �أمام عينيك‪،‬‬ ‫حدثت ب�سبب ّ‬ ‫ال�ساعة الآن يا حبيبي‪،‬‬ ‫كم ّ‬ ‫كان النمل يق�ضمها‬ ‫بداوة؟؟؟‬ ‫وكنت يف زاوية الهالل �أتابع �صوتك هابطا على‬ ‫بداوتهم ثورتهم على احل�ضارة‪،‬‬ ‫ج�سدي‪.‬‬ ‫فكيف ن�صنع ح ّبا على مقا�س ا�ستعاراتهم؟‬ ‫ال�سائد‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ورطني �أبي يف ّ‬ ‫واحلب ‪ ،‬مم�سك بيد اهة ؟‬ ‫ّغوي‪ ،‬ف�ص ّدقت‬ ‫و�أمي ا�سرتاحت على هاج�سها ال ّ‬ ‫بوابة العامل‪،‬‬ ‫رجال ‪،‬ي�ستح�رض الغيب وال ي�ستح�رضها‪.‬‬ ‫عند ّ‬ ‫رجل ق�صري جدا‪،‬‬ ‫مرة �أخرى‬ ‫ّ‬ ‫وامر�أة ت�شبهه ملفوفة يف العا�صفة‪،‬‬ ‫�سنذهب �إلى احلا�رض يا حبيبي‪،‬‬ ‫هل تظنّهما قادمني مع البط والقند�س‬ ‫لرنكب احل�صان ّ‬ ‫الطائر‬ ‫لت�شوي�ش لوحتنا البي�ضاء؟‬ ‫غرته للريح‪ ،‬حني نكون متعانقني‪،‬‬ ‫ونعر�ض ّ‬ ‫ّ‬ ‫الوح�شي‬ ‫�س�أعاند فظاعات البقر‬ ‫ّ‬ ‫هاربني من املنايف‪.‬‬ ‫�س�أعود من ال�شعر باكرا‬ ‫هم ي�شبهون الرغبة‬ ‫وعد من ما�ضيك �رسيعا‬ ‫ْ‬ ‫وي�شبهون املنفى‬ ‫ال داعي لأن نحرق الوقت يف خلع ال�ستائر والنوافذ‬ ‫ونحن ن�شبه ّ‬ ‫ال�شعر يف مخدعه‪،‬‬ ‫وال�ضوء‪،‬‬ ‫امل�سميات وي�رشبنا‪.‬‬ ‫جال�سا ‪،‬ينفث تبغ‬ ‫«ع�سكرية»‪� ،‬س�ألب�سها‪� ،‬أمام الليل‪،‬‬ ‫يل بدلة‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬


‫الشمال الثقافي‬

‫العدد ‪1017‬‬

‫الثالثـاء ‪� 29‬أكتوبر �إلى ‪ 04‬نـوفمرب ‪2019‬‬

‫‪12‬‬

‫التائه‬

‫‪The Stray‬‬

‫�أ�سياد احلرب‬ ‫للمغني الموسيقيِّ الشاعر بوب ديالن‬

‫(الفائز بجائزة نوبل لسنة ‪ 2016‬الجارية)‬

‫ترجمتها عن اإلنجليزية بيسان بن ميمون‬ ‫يا �أ�سياد احلرب‬

‫�أنتم الذين ت�صنعون الأ�سلحة الكبرية‬ ‫�أنتم الذين ت�صنعون طائرات املوت‬ ‫�أنتم الذين ت�صنعون كل القنابل‬

‫خوف �أن ت�أتوا ب�أطفال‬ ‫�إلى هذا العامل‪.‬‬ ‫****‬ ‫لأنكم تهددون ر�ضيعي‬

‫�أنتم الذين تختبئون وراء اجلدران‬

‫ي�سم بعد‬ ‫الذي ملَّا يولد ومل َّ‬

‫مثل يهوذا قدمي ًا‬ ‫تكذبون وتخدعون‬ ‫تريدونني �أن �أ�صدق‬ ‫�أننا ميكن �أن نربح حرب ًا عاملية‬ ‫لكنني �أرى من خالل عيونكم‬ ‫و�أرى عرب �أدمغتكم‬ ‫مثلما �أرى من خالل املاء‬ ‫الذي ي�سيل عرب جمرى �رصف مياه بيتي‪.‬‬

‫�أبد ًا ما تقرتفون‪.‬‬

‫�أريدكم فقط �أن تعرفوا �أنني قادر على الر�ؤية من �أنتم ال ت�ستحقون الدم‬ ‫خالل �أقنعتكم‪.‬‬ ‫الذي يجري يف �أعراقكم‪.‬‬ ‫****‬ ‫****‬ ‫�أنتم الذين مل تفعلوا �أبد ًا �شيئا‬ ‫ما مقدار ما �أعرفه‬ ‫�سوى ال�صنع من �أجل الهدم‬ ‫حتى يزعجكم كالمي؟‬ ‫�أنتم تلعبون بعاملي كما لو كان لعبتكم ال�صغرية‬ ‫�شاب‬ ‫ميكنكم رمبا �أن تقولوا �إنني‬ ‫ّ‬ ‫�أنتم ت�ضعون م�سد�س ًا يف يدي‬ ‫ميكنكم رمبا �أن تقولوا �إنني ال �أعلم‬ ‫وتختبئون عن عيني‬ ‫لكن هناك �شيئ ًا واحد ًا �أعرفه‬ ‫وت�ستديرون وترك�ضون �أبعد‬ ‫رغم �أنني �أ�صغركم �سن ًا‬ ‫عندما تطري الر�صا�صات ال�رسيعة‪.‬‬ ‫وهو �أنه حتى ي�سوع لن ي�سامح‬ ‫****‬

‫****‬ ‫�أنتم حت�رضون كل �أزندة امل�سد�سات‬ ‫ر�صا�صها الآخرون‬ ‫لكي ُيطل َِق‬ ‫َ‬ ‫وراء وتتفرجون‬ ‫ثم ترتاجعون‬ ‫ً‬ ‫عندما يرتفع عدد املوتى‬ ‫�أنتم تختبئون يف ق�صوركم‬ ‫ودماء ال�شباب‬ ‫ت�سيل خارج �أج�سادهم‬ ‫ويدفنون يف الوحل‪.‬‬ ‫****‬ ‫�أنتم �ألقيتم �أ�سو�أ خوف‬

‫قد ال يرميه �أحد �أبد ًا‬

‫****‬ ‫دعوين �أ�س�ألكم �س�ؤا ًال واحد ًا‬ ‫� َألأموا ِلكُ ُم تلك القيمة‬

‫لت�شرتي لكم الغفران؟‬

‫هل تظنون �أنها تقدرعلى ذلك؟‬ ‫�أظن �أنكم �ستجدون‬

‫عندما يح�صد املوت �أرواحكم‬

‫�أن كل املال الذي ك�سبتم‬

‫أرواحكم‪.‬‬ ‫لن يبتاع لكم من جديد � َ‬ ‫****‬

‫تشارلز سيميك‬ ‫ترجمها نور الدين الزويتني‬ ‫ذات يوم‪� ،‬سادرا �أت�سكع هنا وهناك‪،‬‬ ‫توقفت يف �أحد منعطفات نيويورك‬ ‫لألتقط �أنفا�سي‪،‬‬ ‫فيما النا�س يغذون اخلطو حويل‬ ‫كل ميمم وجهته‪،‬‬ ‫ٌّ‬ ‫عدا قلة بدوا هائمني ك�أطفال �ضلوا الطريق‪.‬‬

‫ماذا حل ب�شبابي؟‬ ‫�أردت �أن �أوقف �شخ�صا غريبا و�أ�س�أله‪.‬‬ ‫«قد اختب�أ» قالت امر�أة عجوز‬ ‫قر�أَ ْت �أفكاري‪.‬‬ ‫«هو ي�سبح مع �أ�سماك القر�ش» ‪،‬قال �سكري موافقا‪،‬‬ ‫حادجا �إياي بعني دموية‪.‬‬ ‫كان الوقت �صيفا‪ ،‬وبهدوء طيور حتط الرحال‪،‬‬ ‫غمرت الثلوج الأر�صفة‬ ‫ولأين كنت بال معطف �ألفيتني �أرتع�ش‪.‬‬ ‫كنت �آمل �أن نلتقي مرة ثانية‪ ،‬قلت لنف�سي‪،‬‬ ‫ن�رشب ك�أ�سا ونتذكر ليايل ُك ّنا‬ ‫نر�سم هذه املدينة حمراء‪.‬‬ ‫�ستقول يل‪،‬‬ ‫اعتقدت �أن �أجدك الآن الب�سا �سرتة املجانني‪،‬‬ ‫تقوم بحركات م�ضحكة يف وجه الأطباء واملمر�ضات‪.‬‬ ‫عو�ض ذلك ها �أنت هنا مثقال بالرباغيث‪،‬‬ ‫تتفادى ال�سيارات واحلافالت‬ ‫مالحقا �ساقي امراة جميلة حتى عتبة بيتها‪.‬‬

‫و�أرجو �أن متوتوا‬

‫و�أن ي�أتي موتكم �رسيع ًا‬

‫�ساتبع توابيتكم‬

‫بعد ذات ظهرية �شاحبة‬

‫و�س�أتفرج ‪،‬بينا تنزلون‪،‬‬

‫�إلى �أ�رسة موتكم‪،‬‬

‫و�س�أقف على قبوركم‬

‫حتى �أت�أكد �أنَّكُ ْم مِ ت ُّْم‪.‬‬

‫«و�أنت يا يهوذا»‪� ،‬رصخت بجماع قوتي‪،‬‬ ‫«هل �ستح�رض جنازتي؟»‬ ‫لكنه كان اختفى‪ .‬كان الوقت ت�أخر‪،‬‬ ‫ت�أخر كثريا ‪ -‬ومبا �أنه مل يكن من �شيء‬ ‫ميكن القيام به حيال ذلك ‪-‬‬ ‫قدم ّي‪.‬‬ ‫وا�صلت ال�سري جارا َ‬


‫العدد ‪1017‬‬

‫الشمال الثقافي‬

‫الثالثـاء ‪� 29‬أكتوبر �إلى ‪ 04‬نـوفمرب ‪2019‬‬

‫‪13‬‬

‫سعيد أوالد الصغيـر‬

‫على حافة عبقر‬ ‫�أخربيهم يا م�شيمتي‬ ‫�أنني يف وادي عبقر‬ ‫لن �أكتب ملحمتي‬ ‫ُ‬ ‫احلرب والنحر‬ ‫فامللحمة تعني‬ ‫َ‬ ‫و�أنا �أكره القتل والذبح‬ ‫أ�شنان يف الأ�سطورة ال�سومرية‬ ‫ا�سمي �‬ ‫ٌ‬ ‫�أنا �إلهة احلبوب واملحا�صيل‬ ‫�أخي الهار‬ ‫�إله املا�شية وراعي الغنم‬ ‫وئاما و�سالم‬ ‫تال�شى خالفنا‬ ‫ً‬ ‫الإله يف قايني‬ ‫جعلني �أقتل هابيل ‪...‬‬ ‫فلتخربيهم يا م�شيمتي‬

‫قـطــــــار‬ ‫عبد الجواد الخنيفي‬

‫من رُ‬ ‫�شفةِ القطارِ‬ ‫أ�شجار‬ ‫أيت ال‬ ‫ر� ُ‬ ‫َ‬ ‫تبت�سم يل ولغريِي‬ ‫ُ‬ ‫رقات وال َ‬ ‫ُّ‬ ‫والط ِ‬ ‫أمكنة‬ ‫ٍ‬ ‫تت�شابه‬ ‫م�سافات‬ ‫ُ‬ ‫مل والأملِ ‪..‬‬ ‫يف الأ ِ‬ ‫وال�ص ِ‬ ‫ال�ص ِ‬ ‫وت‪.‬‬ ‫مت‬ ‫ّ‬ ‫يف ّ‬ ‫***‬

‫من رُ‬ ‫�شفةِ القطارِ‬ ‫اب �إكلي ًال‬ ‫أيت رُّ‬ ‫ر� ُ‬ ‫الت َ‬ ‫ّ‬ ‫املحطةِ‬ ‫� َ‬ ‫�صفري‬ ‫أدرك‬ ‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫أجنحة‬ ‫فر �‬ ‫ال�س َ‬ ‫و� ّأن ّ‬ ‫ِ‬ ‫والن�سيان‪..‬‬ ‫احللم‬ ‫بني‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫من رُ‬ ‫�شفةِ القطارِ‬ ‫� ُ‬ ‫أترك للحيا ِة قامتي‬ ‫ُ‬ ‫أن�رصف‪.‬‬ ‫و�‬

‫مشلين بطرس‪ /‬بيروت‬ ‫ً‬ ‫أ�سلحة تتكلم‬ ‫�أنني لن �أكتب �‬ ‫ولن �أدون �أبطا ًال تتقاتل‬ ‫فالبطولة لي�ست �سوى �أكبا�ش فداء‬ ‫وقرابني �آلهة تع�شق رائحة ال�شواء‬ ‫�أخربيهم يام�شيمتي‬ ‫�أنني لن �أعود �إلى الأ�سطورة‬ ‫ففي الأ�ساطري �ألهة حقد وانتقام‬ ‫وثمار الن�رص التي �سقتها احلروب‬ ‫نواتها عطنة لي�س لها فرح‬ ‫لذا فلتخربيهم يا م�شيمتي‬ ‫�أنني يف وداي عبقر‬ ‫�س�أكتب �إن�سانيتي باملحبة‬ ‫�س�أكتب الكون باحلوار ‪.‬‬

‫بني ق�صور وق�صور‬ ‫البيـت ناك�سا‬ ‫كنـت يومها طفـال‪ِ ،‬حيـن دخل �أبي ْ‬ ‫ه‪...‬تب�س َم ْت‬ ‫جمل�س‬ ‫أ�سه‪...‬ح ّـد َث � ّأمي هـم�سا‪ ،‬ف�أخذ‬ ‫ر�‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬

‫�صدرها‪...‬ثم ا�ست�أذنته‬ ‫وجهه‪...‬و�ضم ْت يدها �إلى‬ ‫يف‬ ‫َّ‬ ‫ّ‬ ‫والتفـتت و�أعطته �شيئا‪...‬نظر �إليها نظرة طويلة حتى‬ ‫أ�رسع يف اخلروج وعاد‬ ‫عي َن‬ ‫برق ّ‬ ‫الدمع يف ْ‬ ‫يه‪...‬ثم � َ‬ ‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫ً‬ ‫هز كياين بعنـف‪،‬‬ ‫يدي‬ ‫يحمل‬ ‫ـه‪...‬م�شهد ّ‬ ‫ٌ‬ ‫ورقـة بني ْ‬ ‫ً‬ ‫غ�ص َة يف‬ ‫ل يّأن مل � ِأطـق‬ ‫دمعة تن�ساب على ّ‬ ‫خد �أبي �أو ّ‬

‫جوف � ّأمي‪...‬‬

‫مرات‪ ،‬فكنت �أالحظ �أ�ساور‬ ‫حدث هذا �أمامي ّ‬ ‫َ‬ ‫عدة ّ‬ ‫وي�ضيـق‬ ‫مبعـ�صم � ّأمي �شيئا ف�شيئا‪ ،‬ف�أحزن‬ ‫ـل‬ ‫الذّ هب َتـ ِق ُّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫�صدري‪...‬ثم ي�صادفني احلظ‪ ،‬ف�أ�سمع حديثهما عن‬ ‫ّ‬ ‫ـدري‪...‬فالـرجل‬ ‫أ�سع ُـد ب َق‬ ‫أفـرح و� َ‬ ‫ّ‬ ‫رجل لـه ق�صـور‪ ،‬ف� َ‬ ‫ف�سحـت له‬ ‫هو �أبـي طبعـ ًا‪...‬و�‬ ‫ُ‬ ‫أ�ساور � ّأمـي هي التي َ‬ ‫ـر�صـة‬ ‫َدرب الفـرح قطعـ ًا‬ ‫ّ‬ ‫ـرت قـليال حَ‬ ‫وت ّـي ْن ُ‬ ‫‪...‬فك ُ‬ ‫ـت ال ُف َ‬

‫و�س�ألـت � ّأمي‪:‬‬

‫ِل َـم ال نـرحل �إلى قُ �صـور �أبـي الآن‪!...‬؟ على الفور‪،‬‬

‫ٍ‬ ‫ِنبـرة‬ ‫�سح ْت على ر�أ�سي بيدها‪ ،‬وب‬ ‫�‬ ‫َ‬ ‫أغم�ض ْت عـي َنيها‪َ ،‬م َ‬ ‫ردت‪:‬‬ ‫حزينـة ّ‬ ‫يا ولدي‪ ،‬بني ق�صـورهم و ق�صـورنا‪َ ،‬دع عـنك لغـة‬

‫الدم‪،‬‬ ‫البالبـل‪ ...‬فال ت�س�أل وال جتـادل‪ّ � ...‬إن غ�سل ّ‬ ‫كالـو ْحم بال طا ِئـل‪!...‬‬ ‫الهم عندنـا يبقى رجاء‪،‬‬ ‫وزوال‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫نيـة‬ ‫أحتـرك من مكانـي‪ ...‬وبقيـت م�صلـوب ًا على ّ‬ ‫مل � ّ‬

‫�س�ؤالـي‪...‬‬

‫أتذكر‪ ،‬وقـوفـي عند ر�أ�س �أبي ال�ضائع يف‬ ‫الآن � ّ‬ ‫الدم يف‬ ‫و�سـادة امل�شفـى �أنتظـر‪�...‬أرقُ ـب جمـرى ّ‬

‫ِك ْل َيتـه قبل �أن ت ْنفجـر‪...‬ال �أ�س�أل وال � ِ‬ ‫أجـادل‪...‬كي ال‬

‫ِ‬ ‫العـاقـل‪.‬‬ ‫جـن ُجنـون‬ ‫وي ّ‬ ‫َ‬ ‫ي�ضيـع ُ‬ ‫ـمر ُ‬ ‫الع ُ‬


‫الشمال الثقافي‬

‫العدد ‪1017‬‬

‫الثالثـاء ‪� 29‬أكتوبر �إلى ‪ 04‬نـوفمرب ‪2019‬‬

‫�شظـايـا‬

‫‪Poignée de sel‬‬

‫هدى الهرمي ‪/‬شاعرة وباحثة ‪/‬تونس‬ ‫ترجمة ‪ :‬عبد النبي حضر ‪/‬المغرب‬

‫ليصمت رقباء التاريخ‬ ‫و يعتكف مساجين الفراغ‬ ‫في استشفاف القذارة‬ ‫في مآتم النفوس الثقيلة‬ ‫و حلكة الصوت الكاتم للعواء‬ ‫بينما يصدح وكالء السماء‬ ‫بأغاني السالم و الخالص‬ ‫هناك…‬ ‫في مساقط الضوء‬ ‫سحنات الجنود‬ ‫مُدجّجة بوصايا الحشد‬ ‫كالعناقيد تتد ّلى‬ ‫تكاد تصافح نساء ش ِبقات بالحرية‬ ‫بعيدا عن رزنامة القحط‬ ‫عن همهمة الريح الموحشة‬ ‫و صالفة العراء‬ ‫هذا العبث ينوس‬ ‫وراء سدّة الالمباالة‬ ‫يخترق الحاقدين‬ ‫كقبضة ملح‬ ‫ال يعارضه تيّار الهواء‬ ‫و ال ضباب الشمس‬ ‫ّ‬ ‫كل خطواتهم محشورة‬ ‫فوق الضفة الرمليّة‬ ‫صارت ألوانهم صفراء باهتة‬ ‫بعيدا عن جنّة خضراء‬ ‫و بلد صقيل‬ ‫ينهض مُنتفضا‬ ‫من مخالب السقوط‬

‫‪Que les censeurs de l’histoire se taisent‬‬ ‫‪Et que les prisonniers de la vacuité‬‬ ‫‪Fassent l›ascèse‬‬ ‫‪Pour vaquer à sonder la sordidité‬‬ ‫‪funèbre des âmes lourdes‬‬ ‫‪Et la voix des ténèbres qui jugule l›hurlement‬‬ ‫‪Pendant que les élus du ciel‬‬ ‫‪Scandent haut et fort‬‬ ‫‪Leurs chansons de paix et de délivrance‬‬ ‫‪Là...‬‬ ‫‪Aux berceaux de la lumière‬‬ ‫‪Des physionomies de soldats‬‬ ‫‪munies des commandements de la multitude‬‬ ‫‪Pendent telles des grappes‬‬ ‫‪Sur le point d›attoucher des femmes en rut de liberté‬‬ ‫‪Loin de l’almanach de l›aridité‬‬ ‫‪Du marmonnement du vent lugubre‬‬ ‫‪De l’insolence de la terre nue‬‬ ‫‪Ce non-sens qui s›annonce‬‬ ‫‪Derrière le paravent de l›indifférence‬‬ ‫‪Transperce les promoteurs de la haine‬‬ ‫‪Tel une poingnée de sel‬‬ ‫‪Ni le courant d’air ne le contrera‬‬ ‫‪Ni le brouillard du soleil‬‬ ‫‪Tous leurs pas s’enlisent‬‬ ‫‪Dans la berge sablonneuse‬‬ ‫‪Leur mine, devenue jaune et terne,‬‬ ‫‪Se renfrogne devant tout paradis de verdure‬‬ ‫‪Et tout pays lumineux‬‬ ‫‪Qui s›insurge et se débat‬‬ ‫‪Contre les griffes de la décadence.‬‬

‫فاطمة الزهراء فزازي‬

‫شظايا‬

‫« قب�ضة ملح»‬

‫أيا زمنا‬ ‫من وعد وطين‬ ‫لست أدرى‪..‬‬ ‫أمنك أهرب ؟!‬ ‫أم إليك‪..‬؟!‬ ‫وألف أغنية للطريق‬ ‫تراودني‪..‬‬ ‫تغريني‪..‬‬ ‫تدفن في المتاهة‬ ‫أساطير تكويني‬ ‫وتفاصيل الحكاية‪...‬‬ ‫تتناثر الكلمات شظايا‬ ‫من رمل‪..‬‬ ‫من زبد أغبر‪..‬‬ ‫من رمد‪..‬‬ ‫تنغرز في تضاريس الكون‬ ‫من ضفاف المهج‬ ‫حتى مآقي العين‪..‬‬ ‫تتصاعد الزفرات‪..‬‬ ‫كموجات بحر متالطم‬ ‫تتدافع عند األحداق‬ ‫حبات من جمر‪..‬‬ ‫أهي لحظة انهمار‬ ‫أم ساعة انشطار؟!‬ ‫يهرول فيها الرمق‬ ‫بين لوعة وأنين‪..‬‬ ‫تدك جدار القلب‬ ‫سنابك خيل‬ ‫من تيه‬ ‫من ظن‬ ‫من وجد‬ ‫من سراب‬ ‫وبراثن ظالل‬ ‫وليل‬ ‫فال الخيل خيل‪..‬‬ ‫وال الليل ليل‪..‬‬ ‫وأنا‬ ‫ال أرى لهذا اإلصباح‬ ‫إال وجها أسود كالحا‬ ‫وحبيبات من نور‬ ‫هنا ‪..‬وهناك‬ ‫تناثرت‪..‬وتشظت‬ ‫وسال من شقوقها‬ ‫دمع حارق‬ ‫حزين‪...‬‬

‫‪14‬‬

‫‪2016-9-3‬‬


‫العدد ‪1017‬‬

‫رسائل‬ ‫تطوانية‬

‫‪15‬‬

‫الثالثـاء ‪� 29‬أكتوبر �إلى ‪ 04‬نـوفمرب ‪2019‬‬

‫من أرشيف الدبلوماسي األديب‬

‫سيدي التهامي أفيالل التطواني‬ ‫حفظه اهلل (‪)32‬‬

‫ إعداد وتقديم‪ :‬الدكتور يونس السباح‬‫‪Younes_sebbah@hotmail.com‬‬

‫تقديم‬

‫تعتبر المراسالت العلمية رافداً ثرياً لكتابة التاريخ‪ ،‬باعتبار ما تحمله في طيّاتها من المعلومات الدّفينة‪ ،‬والفوائد الغميسة النادرة‪ ،‬التي ال توجد في غيرها‪ ،‬ولكونها مرتبطة بزمان ومكان وموضوع معيّن‪،‬‬ ‫كما تعدّ أيضاً فنّاً أدبياً‬ ‫ًّ‬ ‫مستقال بنفسه‪ ،‬بما تحمله من صادق التعبير‪ ،‬وجميل اإلحساس‪ ،‬وحسن اإلنشاء‪ ،‬وبديع السّبك‪ ،‬وخصوصاً إذا أضيف إلى هذه المعاني جمال الخط‪ ،‬ورونق الحرف‪ ،‬وكانت صادقة‬ ‫اإلحساس معبّرة عن الصلة العائلية‪ ،‬والمتابعة الدراسية بين الوالد والوَلد مث ً‬ ‫ال‪ ،‬أو بين تلميذ وشيخه‪ ،‬أو الصديق وصديقه‪...‬‬ ‫ومن المراسالت المتّصفة بهذه الصفات‪ ،‬ما تحتويه خزانة األديب الشاعر‪ ،‬والدبلوماسي السابق‪ ،‬أحد أفراد بيت العلم والشرف والمجد‪ ،‬سيدي التهامي أفيالل حفظه اهلل‪ ،‬وما يشتمل عليه أرشيفه الذي‬ ‫يضمّ كمّا هائ ً‬ ‫ال من الرسائل‪ ،‬معظمها صادرة عن أفراد أسرته‪ ،‬كجدّه القاضي سيدي التهامي أفيالل‪ ،‬أو عمّه الوزير سيدي محمد بن التهامي‪ ،‬أو أخيه األديب‪ ،‬سيدي البشير أفيالل‪ ،‬أو واردة عليهم وعلى‬ ‫أفراد آخرين من هذا البيت‪.‬‬ ‫ولمّا كانت هذه المراسالت لها قيمة أدبية وتاريخية‪ ،‬ولم يسبق أن رأت النور‪ ،‬أو اهتمّ أحد بإخراجها للناس‪ ،‬استأذنّا صاحب األرشيف‪ ،‬الشريف المذكور‪ ،‬في العمل على إخراجها وتيسيرها للنّاس عبر‬ ‫صفحات جريدة الشمال الغراء‪ ،‬التي تستأثر بنشرها‪ ،‬فوافق مشكوراً مأجوراً‪ ،‬وقمنا نحن برقن هذه الرسائل‪ ،‬وصنّفناها حسب ّ‬ ‫كل شخص (منه‪/‬عليه)‪ ،‬وآثرنا أن نبتدئ باألقدم تاريخاً‪ ،‬فكان صاحب السبق هو‬ ‫القاضي الشهير‪ ،‬والفقيه الكبير‪ ،‬سيدي التهامي بن محمد أفيالل (ت‪1339:‬هـ)‪ ،‬وقد استوفينا رسائله –حسبما عثرنا عليه‪ -‬في الحلقات الماضية من هذه الجريدة‪ ،‬ونثنّي برسائل ولده العالمة الوزير سيدي‬ ‫محمد أفيالل الصادرة منه والواردة عليه‪.‬‬

‫[الرسالة‪]121 :‬‬

‫في هذه البسيطة من مرتفع ونازل‪ ،‬وعال من األجناس وسافل‪ ،‬وصغير وكبير‪ ،‬وقليل وكثير‪،‬‬ ‫وحادث في الزمان وقديم‪ ،‬ومبتدع فيها ومبتذل‪ ،‬ومعروف فيها ومنكور‪ ،‬فهو بتقدير الخبير‬ ‫العليم يظن الجاهل أن هناك اختراعا اخترعه المخترعون‪ ،‬وابتداعاً ابتدعه المبتدعون‪،‬‬ ‫ويغفل عن قوله تعالى‪( :‬هو الذي خلق لكم ما في األرض جميعا)‪ ،‬وقوله‪( :‬واهلل خلقكم وما‬ ‫تعملون)‪ ،‬فالمرئي من هذه العجائب المخترعة‪ ،‬والمشاهد من هذه الغرائب المبتدعة‪،‬‬ ‫ليس للمخلوق فيها تأثير وإيجاد‪ ،‬إذ في الوجود استقرت‪ ،‬وفي الحوادث أودعت واستكنت‪،‬‬ ‫وإنّما هذه الفئة المجتهدة بحثت فوجدت‪ ،‬ألنها ال تخرج عن خواص األشياء التي أودعها‬ ‫اهلل في األكوان‪.‬‬ ‫وهذه الخواص أقسام‪ ،‬منها‪ :‬ما هو معلوم مطلق‪ ،‬مبذول عند الجمهور‪ ،‬كإرواء الماء‪،‬‬ ‫وإحراق النار‪ ،‬ونحو ذلك‪ .‬ومنها ما هو مجهول إلى اآلن‪ ،‬ومنها ما عرفه الخاصة‪ .‬ومنها األثير‬ ‫والكهرباء‪ ،‬والقنبلة الذرية‪ ،‬ونحوها‪ .‬ولقد كان األقدمون يعرفون شيئا من هذا‪ ،‬ولقد كانوا‬ ‫يخفونه‪ ،‬ويجعلونه من قبل السحر والطلسمات‪ ،‬ولقد ورد عن النبي صلى اهلل عليه وسلم‬ ‫حديث في ظهور هذه العجائب‪ ،‬غاب عني لفظه‪ ،‬ومعناه‪ :‬أننا سنرى أمورا عجيبة في آخر هذا‬ ‫الزمان‪ ،‬ونقول‪ :‬إنه ما أخبر بها نبينا‪ ،‬وإننا سنرى الجبال تزول عن مواضعها‪.‬‬

‫[من محمد المرير إلى صديقه السيد البشير أفيالل‪ ،‬يجيبه على رسالة بمناسبة موسم ثمرة‬ ‫المشمش‪ ،‬والتي كان يملك منها الفقيه المرير بستانا مهما بحي الطوابل‪ ،‬وكان يجمع حوله‬ ‫بالمناسبة عدد من أهل العلم واألدب]‬ ‫وصلى اهلل على سيّدنا وموالنا محمد وآله‬ ‫الحمد هلل وحده‬ ‫أطال اهلل بقاء سيدي األخ‪ ،‬وأمتع ببقائه أحبّاءه‪ ،‬وأبهج بحياته أولياءه وأصفياءه‪.‬‬ ‫إنّي لو حاولت تنسيق محاسنكم السّنيّة‪ ،‬وتخيير فضائلكم النيّرة الجليّة‪ ،‬وتسطير جمال‬ ‫آثاركم الصحيحة العلية‪ ،‬ل ُف ّل سنان اليراع‪َ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫وك ّل لسان البيان‪،‬‬ ‫وضل الفكر دون أن يحصل على‬ ‫إحراز خصل الحصر‪ ،‬وكيف وأنتم جمعتم ما افترق في غيركم من صنوف المحامد‪ ،‬وأحرزتم‬ ‫الكمال من ّ‬ ‫كل طارف في المعالي وتالد‪ ،‬وليس بمستبعد على اهلل أن يجمع العالم في واحد‪،‬‬ ‫فإن ذكر الشرف فأنتم قبّته‪ ،‬أو العلم فأنتم ذروته‪ ،‬أو وصف الدّين فأنتم أئمّته‪ ،‬أو حسن‬ ‫األخالق والشمائل فأنتم حليته‪ ،‬أو اآلداب األصلي فأنتم حديقته الغنّاء وروضته‪ ،‬أو اآلدب‬ ‫العصري الغض فيكم جدّته ونهضته‪ ،‬أو صفاء الود وحسن الوفاء فأنتم مورده العذب وشرعته‪،‬‬ ‫فلم يسمع واصفكم إ ّ‬ ‫ال أن يعترف بالقصور والتقصير‪ ،‬ويقرّ بالعجز عن التعبير والتفسير‪ ،‬ويعلن‬ ‫ثم إننا نعتقد أن أسرار هذا الكون وعجائبه‪ ،‬وإن ظهر منها ما ظهر‪ ،‬فما خفي منها أكثر‪،‬‬ ‫بالتهليل والتكبير‪ ،‬كخالقكم العلي الكبير‪ ،‬ثمّ يصرف القلم فيقول‪ :‬السالم على أخي ورحمة‬ ‫وقد أفصح بهذا في القرن الثامن أحد كبراء علمائنا النقاد‪ ،‬وهو أبو إسحاق الشاطبي إذ قال‪:‬‬ ‫اهلل‪.‬‬ ‫إنه لم يزل االطالع على عجائب عالم الشهادة‬ ‫الربى َع َ‬ ‫رفه‬ ‫زهر‬ ‫منه‬ ‫يناجي‬ ‫�سالم‬ ‫ّ‬ ‫مستمرا‪ ،‬وأنه ما وقع االطالع حتى على عشر‬ ‫أنــف‬ ‫�‬ ‫ه‬ ‫أنــ‬ ‫�‬ ‫لو‬ ‫ود‬ ‫فـــال �سمــع �إ ّال ّ‬ ‫المعشار‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫إنّه ألقي إليّ كتاب كريم‪ ،‬إنّه من أبي‬ ‫وأما هذه الحوادث المزعجات‪ ،‬واالضطرابات‬ ‫األفراح‪ ،‬وإنه من صديق حميم أراني من فنون‬ ‫المخيفات‪ ،‬فمنشؤها التنافس المؤدي للتضارب‬ ‫البالغة أنواعاً‪ ،‬ومن مناهج البراعة إبداعاً‬ ‫والتقاتل‪ ،‬وهي الحروب‪ .‬وهذا من طبيعة الخلق‬ ‫واختراعاً‪ ،‬ومتّعني بالقول الجزل‪ ،‬وأطربني‬ ‫منذ أنشأه اهلل وبرأه‪ ،‬وانظر إلى قوله تعالى‪:‬‬ ‫بالجدّ الممزوج بالهزل‪.‬‬ ‫(وإذ قال ربك للمالئكة إني جاعل في األرض‬ ‫وٍ‬ ‫رِ‬ ‫د‬ ‫ِ�شـــ‬ ‫ل‬ ‫ـــت‬ ‫ب‬ ‫ال َتل ُْمنِي ِب�أَ ْن َط ْ ُ‬ ‫َْ‬ ‫خليفة‪ ،‬قالوا أتدعل فيها من يفسد فيها‬ ‫ويسفك الدماء)‪ ،‬فالحروب لم تزل في الدنيا من‬ ‫وب‬ ‫�س َفالكَ رِ ُ‬ ‫مي َط ُر ُ‬ ‫َي ْب َع ُث الأُنْ َ‬ ‫خلق اهلل الخلق‪ّ ،‬‬ ‫ألن من طبيعة البشر الشره‬ ‫�س َ�ش ُّق اجلُ ُي ِ‬ ‫وب َحق ًا َعل َْينَـا‬ ‫ل َْي َ‬ ‫والغضب‪ ،‬وذلك مثير إثارة الفتن وسفك الدماء‪،‬‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫احلَ‬ ‫ُـــوب‬ ‫ل‬ ‫ق‬ ‫ال‬ ‫ق‬ ‫ُ�ش‬ ‫ت‬ ‫ن‬ ‫�‬ ‫أ‬ ‫ق‬ ‫ا‬ ‫�‬ ‫إ‬ ‫نمَّ َ‬ ‫َّ‬ ‫ُّ ْ‬ ‫ُ‬ ‫وفي الحديث‪( :‬ال تقتل نفس ظلم إ ّ‬ ‫ال كان على‬ ‫أبي‬ ‫مع‬ ‫جالس‬ ‫كأنّي‬ ‫هذا‬ ‫بخطابكم‬ ‫فكنت‬ ‫ابن آدم األوّل كفل من دمها)‪ ،‬ألنّه كان أوّل‬ ‫منه‬ ‫أسمع‬ ‫األدبية‪،‬‬ ‫الفئة‬ ‫زعيم‬ ‫الخوارزمي‬ ‫بكر‬ ‫من سنّ القتل‪.‬‬ ‫رسائله الوحيدة في هذه التراكيب المزجية‪،‬‬ ‫وكتب الهمذاني جوابا لمن يقول‪ :‬فسد‬ ‫وكأنّي حاضر مجالس البديع الهمداني‪ ،‬أتلقى‬ ‫أثناء تقدمه للسالم على صاحب الجاللة الملك الحسن الثاني‬ ‫الزمان‪ ،‬أفال يقول‪ :‬متى كان صالحا‪ ،‬أفي الدولة‬ ‫منه مقاماته العاتبة بأطراف هذه المعاني‪،‬‬ ‫بمناسبة الزيارة الملكية لمدينة تطوان سنة ‪1962‬‬ ‫العبّاسية‪ ،‬فقد رأينا آخرها‪ ،‬وسمعنا أوّلها‪،‬‬ ‫ولقد طرقت أيّدك اهلل بهذا الموضوع باباً‬ ‫أم المروانية‪ ،‬وفي أخبارها ال تكسع الشول‬ ‫من اإلجماع طالما أشجاه أفاضل األعالم‪ ،‬ألنّه‬ ‫بأغبارها‪ ،‬أم السنين الحربية‪:‬‬ ‫من الملح المحمودة‪ ،‬ومروّحات النّفس المكدودة‪ ،‬ومن قبيل المزاح والدعابة‪ ،‬الذي ما أنكره‬ ‫وال�سيف يغمد يف الطلى‬ ‫والرمح يركز يف الكلى‬ ‫أحد من أئمّة الدّين وال عابه‪ ،‬فهذا سيّد الزّهّاد‪ ،‬وعمدة األبدال واألوتاد‪ ،‬وباب مدينة العلم‪،‬‬ ‫وقدوة أهل الهداية واإلرشاد‪ ،‬سيّدنا عليّ ابن أبي طالب يضرب به المثل في هذه المشارب‪،‬‬ ‫واحلرتيــــن وكربــــــال‬ ‫ومبيت حر يف الفـــــال‬ ‫إذ كان رضي اهلل عنه مع سجاحة األخالق‪ ،‬وطالقة المحيّا‪ ،‬كثير الدّعابة‪ ،‬جميل الفكاهة‪ ،‬حتّى‬ ‫أم البيعة الهاشمية‪ ،‬وعليّ يقول‪ :‬ليت العشرة منكم برأس من بني فراس‪ ،‬أم األيام‬ ‫عابه بذلك أعداؤه‪ ،‬وقد قال معاوية لقيس بن سعد من أصحاب سيّدنا علي‪ :‬رحم اهلل أبا‬ ‫األموية‪ ،‬والنفير إلى الحجاز‪ ،‬والعيون إلى األعجاز؟ أم في الجاهلية‪ ،‬ولبيد يقول‪:‬‬ ‫الحسن‪ ،‬فلقد كان هشّا بشّا ذا فكاهة‪ ،‬فقال له قيس‪ :‬نعم‪ ،‬كان رسول اهلل صلى اهلل عليه‬ ‫ذهب الذين يعا�ش يف �أكنافهم وبقيت يف خلف كجلد الأجرب‬ ‫وسلم‪ ،‬يمزح ويسم إلى أصحابه‪ ،‬وأراك تسرّ حسواً في ارتغاء الخ‪،‬‬ ‫أم قبل ذلك‪ ،‬وأخو عاد يقول‪:‬‬ ‫ثمّ ألممتم في هذا الكتاب بما منتم فيه من التردد في المنحى الذي تخاطبون به أخاكم‪،‬‬ ‫بالد بها كنــا وكنـــا نحبهــا �إذ النا�س نا�س والزمان زمان‬ ‫وتنمقون به عبارتكم الفصحى‪ ،‬هل يوصف خدود المشمش األحمر والتغزّل بلونه الذهبي‬ ‫ّ‬ ‫والتلذذ باستطابة مذاقه‪ ،‬وتعداد محاسنه الخ ّ‬ ‫األنضر‪،‬‬ ‫البة بين قدود أغصانه‪ ،‬وسندس أوراقه‪،‬‬ ‫أم قبل ذلك‪ ،‬وروي عن آدم‪:‬‬ ‫األوصاف‬ ‫هذه‬ ‫في‬ ‫لكم‬ ‫كان‬ ‫لقد‬ ‫أجل‪،‬‬ ‫الممتع؟‪،‬‬ ‫السّنوي‬ ‫وخطابكم‬ ‫المبدع‪،‬‬ ‫قلمكم‬ ‫شأن‬ ‫كما هو‬ ‫رب قبيـــح‬ ‫تغيرّ ت البـالد ومـن عليهـــا ووجــــه الأر�ض مغ ّ‬ ‫القائل‪:‬‬ ‫كقول‬ ‫مستحسنة‪،‬‬ ‫األدب‬ ‫في‬ ‫وطريقة‬ ‫حسنة‪،‬‬ ‫أسوة‬ ‫إلى أن قال‪:‬‬ ‫حبذا م�شم�ش على الدوح �أ�ضحى ذا �شعاع ي�ستوقف الأب�صـــارا‬ ‫وما فسد الناس‪ ،‬وإنما ّ‬ ‫اطرد القياس‪ ،‬وال أظلمت األيّام‪ ،‬وإنّما امتدّ ّ‬ ‫الظالم‪ ،‬وهل يفسد‬ ‫ال عن صالح‪ ،‬ويمسي المرء إ ّ‬ ‫الشيء إ ّ‬ ‫ال عن صباح‪.‬‬ ‫ـه «تعالى» منه كما قال نارا‬ ‫�شجــر �أخ�ضــــر لنا جعــــــل الل‬ ‫نعم‪ ،‬األمر الجديد في هذه الحروب‪ ،‬هو هذه المخترعات المدمّرة‪ ،‬واآلالت المخرّبة‪،‬‬ ‫وقول اآلخر‪:‬‬ ‫واألدوات الميكانيكية السحرية‪ ،‬والقنبلة المردية الذرية‪ ،‬التي تبهر بفعلها العيون‪ ،‬وتبعث‬ ‫وم�شم�ش جاءنا من �أعجب العجب �أ�شهى �إلى من اللذات والطــــرب‬ ‫إلى الخلق رسل المنون‪ ،‬ويكاد المتفكر في أمرها أن يتخبط من الجنون‪ ،‬ويطير عقله من وكره‬ ‫ك�أنه وهبـــوب الريـــــح تنـثـــــره بنادق خرطـت من خال�ص الذهـب‬ ‫بمجرد رجم الظنون‪ .‬وهذه السابحات في الفضاء‪ ،‬السابقات لعنان السماء‪ ،‬العاصفات بالنيران‪،‬‬ ‫أم تنتحون الطريق المثلى‪ ،‬وترشدون إلى ما هو األليق بالوقت واألولى‪ ،‬وتجنحون إلى الملقيات ما يقوض صروح البنيان‪ ،‬التي هي حصون وقالع‪ ،‬تطير بأجنحتها فتروع السباع‪،‬‬ ‫وتحوم فوق الرؤوس مثنى وثالث ورباع‪ ،‬هذا إلى السابحات في البحار‪ ،‬التي تقلع من المواخير‬ ‫التفكر فيما يتقلب فيه من األطوار‪ ،‬هذا العمر القصير وطول صحبة الليل والنهار‪.‬‬ ‫أشاش الوقار‪ ،‬وتجعلها من بطن اليم في أسار‪ ،‬إلى غير ذلك ممّا سخره لخلقه الواحد القهر‪.‬‬ ‫أيّدك اهلل‪ ،‬تعلم ّ‬ ‫[أن] اإلنسان خداع المألوفات من األحوال‪ ،‬فتريه إثبات التناقض وتصحيح‬ ‫إن في ذلك لعبرة ألولي األبصار‪ّ ،‬‬ ‫المحال‪ ،‬وتريه الذرّ الصغير‪ ،‬يحمل الجبل الكبير‪ّ ،‬‬ ‫كل ما نراه‬ ‫يتبع‪...‬‬


‫العدد ‪1017‬‬

‫كتابات يف تاريخ‬ ‫منطقة ال�شمال ‪:‬‬

‫(‪)918‬‬

‫‪16‬‬

‫الثالثـاء ‪� 29‬أكتوبر �إلى ‪ 04‬نـوفمرب ‪2019‬‬

‫“ األندلس المسلمة “‬

‫يعتبر المكون األندلسي إحدى ركائز الهوية الثقافية‬ ‫والحضارية لمغاربة اليوم‪ ،‬ليس فقط بالنظر لطول الفترة الزمنية‬ ‫التي استغرقتها عمليات التخصيب المتبادل بين الموروثات‬ ‫المغربية ( عربية‪ ،‬أمازيغية‪ ،‬إفريقية‪ ) ... ،‬وبين المضامين‬ ‫الرمزية لتراث األندلس‪ ،‬وهي الفترة التي غطت مرحلة طويلة‬ ‫وصلت إلى ثمانية قرون‪ ،‬لكن – أساسا – بالنظر لزخم الواقع‬ ‫المغربي الراهن الذي اليزال يحفل بالكثير من تحوالت هذه‬ ‫المضامين في أنماطه المعيشية ونظمه الفكرية وأنساقه‬ ‫الثقافية‪ .‬ولذلك‪ ،‬فقد استطاع التراث الحضاري األندلسي أن‬ ‫يختط لنفسه معالم مميزة انصهرت داخل بنية إفرازات المجتمع‬ ‫المغربي وأضفت عليها صفات مميزة‪ ،‬تالقحت داخلها العبقريات‬ ‫وانسجم فيها التاريخ واغتنت عبرها المكتسبات‪ .‬ولعل هذا ما‬ ‫ساهم في تعزيز العمق اإلنساني للهوية المغربية في تعددها‬ ‫وفي اختالفها وفي تكاملها‪ .‬ولن نعدم إعطاء الدليل على حيوية‬ ‫هذا التالقح وعلى أبعاده المجتمعية الواسعة‪ ،‬وهي األبعاد التي‬ ‫جعلت من المستحيل الحديث عن أي خصوصية مفترضة لهذا‬ ‫المكون أو ذاك‪ ،‬مادام أن التأثير والتأثر المتبادلين قد أضحيا “‬ ‫قدرنا “ األبدي‪ ،‬وعبره استطاع المغاربة تجسيد أصالة انتمائهم‬ ‫الحضاري وخصوصية إبداعاتهم الذهنية والسلوكية اليومية‪،‬‬ ‫وخاصة على مستوى التمثالت الشعبية التي يفرزها المجتمع‬ ‫في سياق تطوراته الطويلة المدى‪.‬‬ ‫وبالعودة لموضوع التراث األندلسي‪ ،‬فال شـك أن لألمـــر‬ ‫راهنيته‪ ،‬سواء على المستوى األكاديمي أو الجمعوي أو اإلعالمي‬ ‫أو المدني‪ ،‬بدليل تواتر صدور األعمال المتخصصة‪ ،‬وتنظيم‬ ‫اللقاءات الدورية‪ ،‬وتجديد القراءات الفكرية والجمالية لألبعاد‬ ‫اإلنسانية المرتبطة بعطاء هذا التراث‪ .‬في إطار هذا األفق العام‪،‬‬ ‫يندرج صدور الدليل المرجعي المعنون ب “ األندلس المسلمة “‪،‬‬ ‫وذلك سنة ‪ ،2009‬في ما مجموعه ‪ 54‬صفحة من الحجم العريض‪ .‬والكتاب‪ ،‬في األصل‪ ،‬تجميع‬ ‫تركيبي لمواد المعرض التوثيقي الذي نظمته مؤسسة سيدي مشيش العلمي حول نفس‬ ‫الموضوع خالل شهر ماي من سنة ‪ ،2009‬وذلك بمقرها بمدينة القنيطرة‪ .‬ويمكن القول إن‬ ‫هذا العمل الصادر في طبعة فاخرة‪ ،‬وباللغات العربية واإلسبانية والفرنسية‪ ،‬قد استطاع تجميع‬ ‫ذخائر هامة من مكنونات تراثنا األندلسي الدفين‪ ،‬وإلى تحويل اإلطالع على غنى هذا التراث‬ ‫وعلى تقاطعاته الكائنة والممكنة إلى انشغال هام يستجيب لنهم إطارات المجتمع المدني الحية‬ ‫في إعادة اإلنصات لنبض تفاعل مكونات الهوية الوطنية الثرية والحية والمتفاعلة مع غنى‬ ‫وسطها ومحيطها المحلي واإلقليمي والدولي‪ .‬ولقد استطاعت الكلمة التقديمية التي وضعها‬ ‫رئيس المؤسسة المنظمة للمعرض والناشرة للدليل‪ ،‬اختزال العمق التاريخي لقضايا حضور‬ ‫التراث األندلسي في تراكماتنا الحضارية المعاصرة‪ ،‬وذلك في كلمة تقديمية جاء فيها ‪... “ :‬‬ ‫دام الوجود اإلسالمي بإسبانيا حوالي ثمانية قرون في تعايش وتساكن وتسامح تامين‪ ،‬بل‬ ‫كذلك في رخاء وازدهار‪ ،‬األمر الذي أثر إلى األبد في حضارة وعادات اإلسبانيين أو باألحرى‬ ‫اإليبيريين ( إسبانيا والبرتغال )‪ .‬كما إن هذه الحقبة من التاريخ شهدت أهم اإلنجازات اإلنسانية‬ ‫في كل الميادين‪ ،‬خاصة العلمية والفنية والثقافية‪ .‬لقد كان لهذا اإلرث تأثيرا كبيرا على مستقبل‬ ‫أوربا واإلنسانية‪ ،‬حيث ساهم في وتيرة ظهور البوادر األولى لحركة النهضة األوربية في القرن‬

‫�أ�سامـة الزكاري‬ ‫‪zougariousama@gmail.com‬‬

‫‪ 15‬و‪ 16‬الميالدي ‪ ...‬خالل تلك القرون الثمانية كان التبادل بين‬ ‫فاس ومراكش وسبتة وطنجة وقرطبة إشبيلية وغرناطة مستمرا‬ ‫ومكثفا‪ .‬وانبثق عن كل هذا ثقافة أندلسية‪ ،‬األندلس – المسلمة‪،‬‬ ‫وحضارة عربية أندلسية‪ ،‬والتي كانت الجناح الغربي للحضارة‬ ‫اإلسالمية المتواجدة من جبال البرانيص إلى آسيا الوسطى ‪...‬‬ ‫يستنتج جليا من كل ما سبق والذي يشكل الذاكرة المشتركة‬ ‫والرائعة أن العالقات التاريخية سواء العلمية أو الثقافية أو الفنية‬ ‫أو االقتصادية أو االجتماعية أو المعيشية‪ ،‬باختصار الحضارية‪،‬‬ ‫كانت تجمع بشدة وكثافة بين المغرب وشبه الجزيرة اإليبيرية‬ ‫لمدة ثمانية قرون من خالل الحوار المثمر واالحترام المتبادل‬ ‫وكرامة اإلنسان‪ .‬إن أصحاب العلم والمعرفة للديانات الوحدانية‬ ‫الثالثة‪ ،‬اإلسالم واليهودية والمسيحية‪ ،‬جعلوا من األندلس‬ ‫بصبر واستماتة وجد اجتهاد‪ ،‬مهدا لحضارة غرب البحر األبيض‬ ‫المتوسط والتي بخيراتها ونعمها تجاوزت حدودها لخدمة‬ ‫اإلنسانية جمعاء‪ .‬واليوم أكثر من أي وقت مضى‪ ،‬يبقى على دولنا‬ ‫الثالثة ( المغرب وإسبانيا والبرتغال ) كما على شعوبهم الذي‬ ‫يعيشون في عالم متقلب‪ ،‬تسيطر عليه العولمة وعواقبها‪ ،‬أن‬ ‫تقوي عالقاتهم وأن ينميها‪ ،‬جهويا ودوليا‪ ،‬من أجل مصلحتهم‬ ‫المشتركة ومن أجل صالح اإلنسانية جمعاء‪ ،‬كما كان ذلك في‬ ‫الماضي‪ ،‬في إطار من التحاور الصريح والتعاضد العميق يضمنون‬ ‫به مسارا تقدميا مشتركا مع الحفاظ على االحترام المتبادل ‪.“ ...‬‬ ‫توزعت مضامين الدليل “ األندلس المسلمة “ بين العديد‬ ‫من المواد التصنيفية التي سعت إلى التوثيق للموضوع من‬ ‫جوانبه المتكاملة‪ ،‬حيث ركزت في البداية على تقديم مدخل عام حول ظروف انتشار اإلسالم‬ ‫في األندلس‪ ،‬قبل االنتقال للتعريف بمعالم مكانية وبشرية صنعت حضارة األندلس وإشعاعها‬ ‫العلمي على امتداد المجاالت الواسعة لبالد الغرب اإلسالمي‪ ،‬مثلما الحال مع مواقع قرطبة‪،‬‬ ‫مدينة الزهراء‪ ،‬مملكة مايوركة‪ ،‬إشبيلية‪ ،‬قصر الحمراء‪ ،‬طرق المرابطين والموحدين‪ ... ،‬أو مع‬ ‫شخصيات بارزة في المجالين العلمي والسياسي كابن رشد وابن ميمون ومحيي الدين بن عربي‬ ‫والشريف اإلدريسي‪ .‬وفي كل ذلك‪ ،‬سعى الدليل إلى اختزال المعطيات التوثيقية المقدمة في‬ ‫شكل بطاقات تعريفية‪ ،‬احتوت على نصوص مدونة بلغات متعددة‪ ،‬إلى جانب صور فوتوغرافية‬ ‫حديثة ومجسمات تمثيلية وخرائط توضيحية وتصاميم مواكبة وكتابات وتآليف تصنيفية ذات‬ ‫صلة بالتاريخ األندلسي وبتأثيراته المتداخلة على واقع الثقافة واإلبداع الحضاري بمجمل بالد‬ ‫الغرب اإلسالمي بالضفة الجنوبية لحوض البحر األبيض المتوسط‪.‬‬ ‫إنه عمل مبادر‪ ،‬يفتح الباب أمام إمكانيات كبيرة لتطوير االهتمام بالنبش في أشكال‬ ‫حضور المكون األندلسي في واقعنا الراهن‪ ،‬مكون أصبح يرسم الكثير من المعالم المميزة لواقع‬ ‫التالقح الحضاري الذي يميز عطاء الثقافة المغربية على مستوى التأثيرات الذهنية والرمزية‬ ‫المتبادلة بين كل مكوناتها الحية‪ ،‬باألمس واليوم‪.‬‬

‫المدير اإلقليمي لوزارة التربية الوطنية يعقد لقاء تواصلياً‬ ‫مع الجمعية المغربية لمدرسي اللغة الفرنسية ـ فرع تطوان‬ ‫عقد السيد المدير اإلقليمي لوزارة التربيــة الوطنيــة بتطـوان يوم الثالثاء‬ ‫‪ 22‬أكتوبر ‪ 2019‬لقاء تواصليا مع أعضاء من الجمعية المغربية لمدرسي اللغة‬ ‫الفرنسية ‪ -‬فرع تطوان‪.‬‬ ‫وقد تميز هذا اللقاء بالنقاش المثمر والحوار البناء‪ ،‬استعرض فيه الطرفان‬ ‫مختلـــف جوانــب وعناصــر برنامــج العمــل المشتـــرك للموسـم الدراســـي‬ ‫‪.2020-2019‬‬ ‫وتم االتفاق على مجموعة من األنشطة التكوينية والتربوية والثقافية‪: ‬‬ ‫ التكوين المستمــر في مــادة اللغــة الفرنسية لفائدة األساتذة أطــر‬‫األكاديمية الجهوية للتربية والتكوين جهة طنجة ـ تطوان ـ الحسيمة (سلك‬ ‫التعليم االبتدائي) ؛‬ ‫ ورشات تكوينية متنوعة لفائدة مدرسي اللغة الفرنسية ؛‬‫ لقاءات أدبية مع كتاب مغاربة يكتبون باللغة الفرنسية ؛‬‫ مباريات وأنشطة تربوية وثقافية باللغة الفرنسية لفائدة المتعلمين‪.‬‬‫وقد أبدى السيد المدير اإلقليمي استعداده للعمل بشكل مشترك إلنجاح‬ ‫هذا البرنامج واالستمرار في التعاون والتواصل واالنفتاح على مختلف الفاعلين‬ ‫التربويين وتشجيع كل المبادرات التي من شأنها أن ترقى بالمستوى التعليمي‬ ‫باإلقليم وذلك باستحضار حاجيات المتعلمين للرفع من مستواهم في مادة اللغة‬ ‫الفرنسية وصقل مواهبهم وتنمية ملكاتهم الفكرية والوجدانية‪ ‬واإلبداعية‬ ‫ليكونوا في مستوى تحديات مسارهم الدراسي‪.‬‬

‫ندى المسري‬


‫‪17‬‬

‫الثالثـاء ‪� 29‬أكتوبر �إلى ‪ 04‬نـوفمرب ‪2019‬‬

‫العدد ‪1017‬‬

‫غيث في سقيا فضاء الشعر‬

‫‪ ...‬دار الشعر وقد هيأتْ المناخ الذي يساهم في تربية المبدع واكتمال دائرة اإلبداع ‪ .‬لقد صار اإلنسان المبدع‬ ‫ركيزة اإلنتاج والرُقي الحضاري‪ ،‬بشعره الذي يُصيغه في أجود تقديم ‪ .‬عبر الشعر نلمح زخمه اإلبداعي ‪ .‬ما أجمل سحر‬ ‫الكالم الشاعري وهو (الشاعر) يغمس قلمه في دواة بحبر الفردوْس ‪ .‬وقد تألأل الشعر في رعين األسد (دار الشعر) ‪ .‬في‬ ‫كالمه جمرات على مياه الشالالت ‪ .‬وأحاسيس على عذبات القلوب تُفرح المشاعر بلباب اإلبداع ‪ .‬حين استنفار المُخيّلة‬ ‫تنساب الكلمات كوْثرا وفراتا ‪ .‬كان الحضور يستشعر بحميمية نحو ثالثية شعرية ‪ .‬فقد استولت على األمسية أجواء‬ ‫رومانسية هادئة على نغمات أوتار “إنت عمري” و“ مشاعر فيروز” ‪..‬عشقتْ العين قبل األذن‪ ،‬حالوة العبارة ‪ .‬فالحبُّ‬ ‫حرف الكتابة والحبر أوتار النغم ‪ .‬نغمات الطرب بأنامل ذهبية على العود لألستاذ محمد األشراقي ‪ .‬مشاعر سقيا الروح‪،‬‬ ‫بهجة المشاعر ‪ .‬هي االستبصار والخيال والحدس لقدرات ذهنية التي يتطلبها اإلبداع ‪ .‬وقد أتحف الدار في ليلة الشعر‬ ‫الممثل المسرحي والسنيمائي الشاعر محمد الشوبي‪ ،‬والشاعرة حليمة اإلسماعيلي وزوجها الدكتور األديب الشاعر‬ ‫موالي رشيد العلوي ‪ .‬عاش الحضور ثنائية بلهيب حبّ ليلى وقيس برومانسية شاعرية ألفت بين قلبيْ زوجين بقدرات‬ ‫جمالية‪ ،‬على لسان الحبيبة “فطبْ إني شراب من عبير ~ وأكواني تفيض بغير نخب ~ ْ‬ ‫فإن تشرب ~ شربتُ حالل خمر‬ ‫~ ْ‬ ‫وإن تسكر سكرتُ بغير ذنب” ‪ ..‬ويختم هذا الزواج من الهيام‪ ،‬زوج حليمة الرشيد “قلبي ْ‬ ‫أن يسبق النسمات ~ ويلثم‬ ‫سرَّ الحياة ~ شعاع لطيف رقيق ~ وهمس كثيف عميق ~ وبحر ال كلمات” ‪ ..‬وفي حضرة الشعر لألستاذ األديب الشاعر‬ ‫مخلص الصغيَّر ‪:‬‬ ‫حل النجم السينمائي المغربي محمد الشوبي ضيفا على دار الشعر بتطوان‪ ،‬نهاية األسبوع الماضي‪ ،‬حيث تعرف‬ ‫جمهور الدار على محمد الشوبي شاعرا‪ ،‬بعدما تعرفوا إليه‪ ،‬من قبل‪ ،‬في بطولة عدد من األفالم السينمائية العالمية‬ ‫والعربية والمغربية‪ .‬ونوه محمد الشوبي باألدوار التي تضطلع بها دار الشعر في التقريب بين الفنانين من مختلف‬ ‫المجاالت الفنية واالختيارات الجمالية‪ ،‬مشددا على أهمية إقامة حوار ما بين الشعر والسينما باعتبارهما فنين ينتصران‬ ‫للخيال والجمال‪.‬‬ ‫من جهته‪ ،‬ذهب مخلص الصغير‪ ،‬مدير دار الشعر بتطوان‪ ،‬إلى أن محمد الشوبي من الممثلين النادرين الذين‬ ‫جمعوا بين الشعر والسينما‪ ،‬على غرار صناع السينما العالمية‪ ،‬أمثال باولو بازوليني وجان كوكتو ومارغريت جونسون‪،‬‬

‫موائدُ الحرفِ‬

‫(ديوان فوائد وعوائد ومحا�ضرات)‬

‫التي جازت بجائزة البوليتزر عن ديوان جميل بعنوان “أعرف لماذا يغرد الطائر المسجون”‪ .‬وعلى غرار عباس كيروستامي‬ ‫وهاياو ميازاكي‪ .‬كما أكد الصغير أن “من األمور الخبيئة في تاريخ الشعر العربي الحديث أن نازك المالئكة مثلت في‬ ‫فيلم عن تجربتها الشعرية‪ ،‬وهو فيلم المخرجة خيرية المنصور‪ ،‬كما أدى نزار قباني دور الشاعر في فيلم “القناص”‬ ‫للمخرج فيصل الياسري‪ .‬مؤكدا أن الحوار بين الشعر والسنيما من شأنه أن يغني الفنين معا‪ ،‬وأن يثري خيال الشعراء‬ ‫كما السينمائيين‪.‬‬ ‫وعلى إيقاع عازف العود الفنان المغربي محمد األشراقي‪ ،‬استهل محمد الشوبي القراءات الشعرية من ديوانه‬ ‫الجديد “وطن على حافة الرحيل”‪ ،‬ومنها قصيدته غرور المطر”‪ ،‬التي يقول فيها‪“ :‬ما جادك الغيث يا مشاغب الليل‪ /‬ما‬ ‫جادك‪ /...‬ال وصل وال زمن عادك‪ /‬احمل ظالل هذا البشر الذي أمامك‪ /‬كفاك وفاء له‪ /‬حرر أصفادك‪ /‬وشوقك بين‪ /‬وحبك‬ ‫دين‪ /‬غيث الجواري الناضجات أبادك”‪.‬‬ ‫أما الشاعرة حليمة اإلسماعيلي‪ ،‬التي صعدت إلى منصة التتويج في العديد من التظاهرات الشعرية العربية‪ ،‬فقد‬ ‫اختارت أن تشارك جمهور دار الشعر قصائد كتبتها عن زوجها الشاعر رشيد العلوي‪ ،‬ومنها قصيدة “في مهب الريح”‪،‬‬ ‫ومنها‪“ :‬أتشكوني وأنت مثير حربي‪ /‬وتؤذيني وأنت شقيق قلبي‪ .‬وتعجب كلما قد قلت‪ :‬حسبي‪ /‬وما ترضيك يا مختال‬ ‫حسبي‪ ...‬إلى أن تقول‪“ :‬فطب إني شراب من عبير‪ /‬وأكوابي تفيض بغير نخب‪ .‬فإن تشرب شربت حالل خمر‪ /‬وإن تسكر‬ ‫سكرت بغير ذنب”‪ .‬ثم تقدم الشاعر موالي رشيد العلوي ليجيب زوجته شعرا‪ ،‬وهو ينشد‪ :‬لقلبي أن يسبق الخطوات‪/‬‬ ‫ويقترف الصمت في الوكنات‪ .‬وفوق ارتعاش الصباح‪ /‬وبين اختالل السكون‪ /‬ورقص األقاح‪ .‬لقلبي أن يسبق النسمات‪/‬‬ ‫ويلثم سر الحياة‪ .‬شعاع لطيف رقيق‪ /‬وهمس كثيف عميق‪ /‬وبحر ال كلمات”‪.‬‬ ‫وإلى جانب هذا الزواج الشعري‪ ،‬شهدت ليلة الشعر في مدينة تطوان زواجا بين الشعر والسينما‪ ،‬وحوارا بين‬ ‫القصيدة الصوتية‪ ،‬كما تقدمها التجربة العمودية والتفعيلية لحليمة اإلسماعيلي وزوجها موالي رشيد العلوي‪،‬‬ ‫والقصيدة البصرية كما تصورها العين السينمائية للممثل والشاعر المغربي محمد الشوبي‪.‬‬

‫بين دفتيّ هذا َ‬ ‫شكــول فوائـــدُ في الفقــه واألصول والتاريـخ‬ ‫الك‬ ‫ِ‬ ‫حصيلــــة مطالــعـــاتٍ وسماعــاتٍ‪ ،‬ونخيلـــةُ‬ ‫ُ‬ ‫واللغـــة واألدب‪ ،‬وهـــي‬ ‫ٌ‬ ‫وبـــاعــــث على‬ ‫لإلينــاس‪،‬‬ ‫تحقيقاتٍ وجواباتٍ‪ ،‬وتنـــوُّعهـا مجلبـــ ٌة‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫التروّح؛ َّ‬ ‫التنقــل بين‬ ‫وتستـــروحُ إلى‬ ‫النمط الواحدَ‪،‬‬ ‫ألن النفس تسأمُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫أفانين الكالم‪ ..‬ولعـل القارىء يجـد فيها متنفسـهُ إذا تم ّلكه الضجرُ‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫الوحشة‪ ..‬واهلل الهادي إلى سواء السبيل‪.‬‬ ‫واستفرغتهُ‬

‫ٌ‬ ‫�شهادة‬ ‫‪.63‬‬

‫ِّث َ‬ ‫طلبَ منّي األخ الكريم والصديق الحميم محد ُ‬ ‫طنجة بدر العمرانيُّ أن أدبِّجَ شهاد ًة بمناسبة االحتفاء بنتاجه العلميِّ واألدبي‪،‬‬ ‫أصيل‪ ..‬وسميت الشهاد َة ( في مديح البدر) ‪:‬‬ ‫بقلم‬ ‫وبروره‬ ‫الحسن‬ ‫صنيعه‬ ‫فلبّيت رغبته جذ ًال مبتهجاً‪ ،‬وحمدت لمركز (عوارف)‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫(‪)1‬‬ ‫« من عادتي في‬ ‫تكريم أعيان الزمان أن أدبِّج في حقِّ المحتفى بهم شهاد ًة منمَّق ًة على طراِز شهاداتِ سيِّد األدباء محمد‬ ‫ِ‬ ‫بدر من‬ ‫وبين‬ ‫بيني‬ ‫ألن‬ ‫ومرسِلها؛‬ ‫حاديَها‬ ‫الحيٌّ‬ ‫الشعورُ‬ ‫ليكون‬ ‫‪،‬‬ ‫التنميق‬ ‫عِقال‬ ‫من‬ ‫شهادتي‬ ‫أطلقَ‬ ‫أن‬ ‫اليوم‪،‬‬ ‫الصباغ‪ ،‬لكنني آثرت‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫القلب ال من الدواة‪.‬‬ ‫أسباب الودِّ واالتصال والقرابةِ في دنيا الفكر واألدب ما يُغري بإرخاء زمام السجيَّةِ‪ ،‬ونَحْتِ الكلمات من ِ‬ ‫(‪)2‬‬ ‫ما أكثر المدائحَ المحبَّر َة في البدر !‬ ‫وما أحلى أوصافه على َّ‬ ‫اللهواتِ والرّيشات !‬ ‫إذا شُبِّه به العالمُ فهو السراجُ‪ ،‬وإذا شٌبِّه به األديبُ فهو ُ‬ ‫ُ‬ ‫الفحل‪ ،‬وإذا شبِّه به‬ ‫اإلنسان فهو سيِّدُ الصَّباحةِ والمالحةِ‪..‬‬ ‫وأخونا المحتفى به بدرٌ في علمهِ‪ ،‬وبدرٌ في أدبهِ‪ ،‬وبدرٌ في خلقهِ‪ ..‬بدورٌ تمشي كما مشتْ بدور آل كنون‪ ،‬وآل الصدّيق‪ ..‬فقدَرُ‬ ‫َ‬ ‫الليل أشبهَ‪،‬‬ ‫رْم‬ ‫الجميل‪ ،‬وكان بسواد ِ‬ ‫ِ‬ ‫باسم هذا ِ‬ ‫الج ِ‬ ‫ببدر فأزرى ِ‬ ‫طنجة أن يطلعَ النهارُ من عيونِ علمائها ! وإذا سُمِّيَ بعض الناس ٍ‬ ‫أخال البدرَ إال مسروراً‬ ‫فال ُ‬ ‫َ‬ ‫جذالن؛ ألن سميَّهُ وسفيرَه في األرض أحسنَ السِّفار َة والعمار َة‪..‬‬ ‫(‪)3‬‬ ‫َ‬ ‫إلى‬ ‫ألعالمهِ‪،‬‬ ‫والترجمةِ‬ ‫الحديثِ‪،‬‬ ‫بطنجة في صناعةِ‬ ‫أما بدرٌ العالمُ فال أعلمُ مَن يفري َفرْيَهُ‬ ‫بصر بخبايا التراثِ‪ ،‬وقيام على‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫مناهج تحقيقهِ وفهرسةِ مواده‪ ،‬وال ارتيابَ _ عندي _ أنه أفادَ من شيخهِ في هذا المضماِر المحقق الشيخ محمد أبي خبز َة حين جلس‬ ‫ِ‬ ‫أعمال تراثيَّةٍ جمّةٍ‪..‬‬ ‫إليه مستفيداً‪ ،‬وظفر بصحبتهِ في‬ ‫ِ‬ ‫تحقيق ٍ‬ ‫لألول في باكورتهِ‪( :‬وردٌ وحسكٌ)‪،‬‬ ‫وأما بدرٌ األديبُ فال تتكاءدهُ الصِّناعتان‪ :‬شعرٌ رطيبٌ‪ ،‬ونثرٌ أرطبُ‪ ،‬وقد سعدتُ بالتصدير ِ‬ ‫َ‬ ‫رسائل مفوَّفةٍ امتدَّت بيني وبينه‪ ،‬وحوت من َّ‬ ‫اللواعج والمكابداتِ والمساجالت ما حوت‪ ..‬وكان‬ ‫وسعدت بوفادة الثاني على صهوةِ‬ ‫وَسْمُها ب (العناقيد) إغرا ًء للقراء ِبحَ َل ِبها المعســول!‬ ‫ُ‬ ‫اإلنسان فما عهدتهُ إال أخاً كريماً يقدِّر لألخوةِ قدرها‪ ،‬ومعاوضاً منصفاً ال يضنُّ باإلعانةِ‪ ،‬وال يستنكف من االستعانةِ‪،‬‬ ‫وأما بدرٌ‬ ‫ِّل االسمَ ِّ‬ ‫ٌ‬ ‫خصال تُجَم ُ‬ ‫والذكرَ‪،‬‬ ‫واإلرفاق‪ ،‬وحيا ٍء جمٍّ شبيهٍ بحَياء األولين‪ ..‬وهذه‬ ‫مركوز فيه ينزعُ إلى المياسرةِ‪ ،‬والمالطفةِ‪،‬‬ ‫طبع‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫إلى ْ ٍ‬ ‫وتُطمِعُ في المصاحبةِ والمخاَل َلةِ‪.‬‬ ‫(‪)4‬‬ ‫الشيخ أبي خبز َة‪ ،‬كان خيط ضو ٍء ُ‬ ‫ُ‬ ‫يحمل من اسمهِ نصيباً‪ ،‬ثم استدارَ هذا‬ ‫حين لقيتُ بدراً في ميعةِ شبابه بدار‬ ‫الخيط ـ قبيل‬ ‫ِ‬ ‫التكريم‪ ،‬هتافاً‬ ‫بالفضل‪ ،‬وبروراً بالعلم‪ ،‬وقديماً قيل‪ :‬أمرعتْ فان ِز ْل‪..‬‬ ‫االكتهال ـ بدراً‪ ،‬فكان االسمَ بتمامهِ‪ ..‬وألجلهِ يتضوَّع بخورُ هذا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫بدر بنائلِها وثم ِرها‪ ،‬فأصبنا حال ًال‪ ،‬وغدونا ِبطاناً‪ ،‬وكنّا من الشاكرين‪.« ..‬‬ ‫وقد نزلنا على مائدةِ ٍ‬

‫ٌ‬ ‫فائدة �أ�صول َّي ٌة‬ ‫‪.64‬‬

‫• بقلم ‪ :‬عبد المجيد اإلدريسي‬

‫عُزي (كفاية طالب البيان‪ ،‬في شرح البرهان) في (الدليل التاريخي لمؤلفات المذهب المالكي)(‪ )1‬إلى أبي يحيى الشريف عبد‬ ‫الرحمن بن محمد بن أحمد التلمساني (ت ‪826‬هـ)‪ ،‬وال أعلم متَّكأ هذا العزو عند ِّ‬ ‫مؤلف الدليل؛ ذلك أن هذا الشرح لبرهان الجويني‬ ‫ثابت النسبة إلى الشريف أبي يحيى زكريا بن يحيى الحسني اإلدريسي (ت؟)‪ ،‬وقد قطع بها ابن السبكيُّ في ( طبقات الشافعية )(‪.)2‬‬ ‫والشريف الحسنيُّ مجهول الترجمة‪ ،‬وال يكاد يظفر الباحث عنها إال ِبنُدَفٍ يسيرةٍ تل ّقطها قلم أخينا البحاثة المحقق عبداإلله‬ ‫َّ‬ ‫الشعيري في القسم الدراسيِّ الذي َّ‬ ‫المحقق في رسالته للدكتوراه(‪ .)3‬والموجود‪ ،‬اآلن‪ ،‬من شروح المالكية ‪( :‬إيضاح‬ ‫وطأ به للمتن‬ ‫المحصول) للمازريِّ‪ ،‬و(التحقيق والبيان ) لألبياريِّ‪ ،‬و(كفاية طالب البيان) للشريف الحسنيِّ‪.‬‬

‫بقلم ‪ :‬قطب الري�سوين ـ ال�شارقة ـ‬ ‫‪ .65‬من �أدب املرا�سالت الإخوانية‬

‫ُ‬ ‫رسائل في شؤون عامة وخاصة‪ ،‬أقتطف منها هذه الرسالة لقيمتها‬ ‫بين الوالد ـ رحمه اهلل ـ وصاحب (النبوغ المغربي) عبد اهلل كنون‬ ‫األدبية والنقدية‪:‬‬ ‫« الحمد هلل وصلى اهلل على سيدنا محمد وآله‬ ‫طنجة في ‪ 30‬ربيع األول ‪1398‬هـ‬ ‫حضرة األستاذ األديب العبقري سيدي محمد المنتصر الريسوني‬ ‫السالم عليكم ورحمة اهلل‬ ‫وبعد‪ :‬فقد تلقيت ببالغ السرور ديوان شعركم األول‪( :‬على درب اهلل)‪ ،‬وقضيت معه لحظاتٍ ممتع ًة؛ فإنه شعرٌ أول ما ظهر كان‬ ‫مكتمل األدوات‪ ،‬صحيح البنيات‪ ،‬وقد شرفَ بموضوعه الذي آن األوان لنجعله الموضوع األساس لشعرنا الذي جنى عليه التح ّلل والضياع‪.‬‬ ‫وإني أشكركم على هذه الهدية َّ‬ ‫الثمينة‪ ،‬وأرجو لكم مستقب ًال حاف ًال باألعمال واإلبداعات‪ ،‬وتقبلوا تحياتي وموداتي‪ ،‬والسالم‪.‬‬ ‫عبد اهلل كنون‬

‫‪ .66‬فتوى من م�سائل الأ�سرة‬

‫سئلتُ‪ :‬هل يجوز شرعاً أن أصفَ لزوجي مفاتنَ امرأةٍ أجنبيَّةٍ عنه أم ال ؟‬ ‫لزوجها مفاتنَ امرأةٍ أجنبيَّةٍ عنه للحديث الصَّحيح‪( :‬ال تباشر المرأ ُة المرأ َة فتنعَتُها لزوجها‬ ‫فأجبتُ‪ :‬ال يجوز للمرأة أن تصفَ ِ‬ ‫كأنه ينظرُ إليها)‪ ،‬ووجه النهي فيه‪ :‬أن يُعجَب الزَّوجُ بالوصف المذكور‪ ،‬ويفضي ذلك إلى االفتتانِ بالمرأة الموصوفةِ‪،‬‬ ‫وتطليق الزوجة‬ ‫ِ‬ ‫الواصفة كما قال ابن حجر‪ .‬وهذا مبنيٌّ على قاعدة سدِّ الذرائع‪ ،‬والحديث شاهدٌ ناهضٌ على صحّة القاعدة‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬

‫‪ .67‬فائدة فقهية‬

‫من موضوعات السِّجال الفقهيَّ بين فقهاء المغرب في القرن الثالث الهجري‪ :‬حكم تناول قالب َّ‬ ‫السكر‪ ،‬فحرَّر أحمد بن عبد الملك‬ ‫الشريف العلوي المكناسي (ت‪1241‬هـ) رسال ًة في تحريم قالب َّ‬ ‫السكر‪ ،‬وكان ال يقبل شهادة من يشربه كما قال ابن زيدان في (اإلتحاف)‬ ‫(‪ ،)4‬وحرّر العربي بن أحمد ابن سودة (ت ‪1229‬هـ) رسالة‪( :‬تسهيل المطلب للطالب في الردّ على من حرّم ّ‬ ‫سكر القالب)‪ ،‬والرَّسائل‬ ‫في هذا الباب جمّ ٌة‪ ..‬ومردُّ الخالف إلى التصوّر الفقهيِّ للمسألة الذي تجاذبه الفقهاء على أنحاء شتّى‪ ،‬ولو كان مرجعهم جميعاً إلى‬ ‫األطباء‪ ،‬وهم أهل الخبرة‪ ،‬الستفتائهم حول رأي الطبِّ في ضرر قالب َّ‬ ‫وفاق‪..‬والقاعد ُة‪ :‬أن األصل في المآكل‬ ‫السكر‪ ،‬آلل الخالفُ إلى ٍ‬ ‫والمشارب اإلباحة إال ما حرّمه الشرع‪ ،‬أو ثبت ضررهُ طبّاً وواقعاً‪ ،‬فيدور التَّحريم مع الضّرر حيث دار‪.‬‬ ‫ِ‬

‫ٌ‬ ‫طريفة‬ ‫‪.68‬‬

‫كان العالم ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫المحققُ محمد ابن تاويت التطوانيُّ رج ًال معتدّاً بنفسهِ وقلمهِ‪ ،‬مبغضاً‬ ‫للمتملقين والمنافقين‪ ،‬ومما يُروى عنه أن‬ ‫وزير التَّعليم زار مرافق كلية اآلداب‪ ،‬واحتشد الستقباله األساتذة واإلداريون‪ ،‬فلما َ‬ ‫أقبل على صاحبنا ابن تاويت مدّ يده للسالم وهو ال‬ ‫ينظر إليه‪ ،‬فأبى ابن تاويت أن يمدّ يده انتصافاً لكرامته‪ ،‬وكان األمر محرجاً للوزير !‬

‫ٌ‬ ‫فائدة تاريخ ّي ٌة‬ ‫‪.69‬‬

‫التسمية باسم (الشاذلي)‪ ،‬ومنهم علما ُء سمُّوا بهِ كالعالم األديب محمد الشاذلي النيفر (ت‪1997‬م)‪ِّ ،‬‬ ‫ُ‬ ‫محققُ‬ ‫تشيعُ في التونسيين‬ ‫(المعلِم) للمازريِّ‪ .‬وإنما أقبلوا على هذا االسم تع ّلقاً بالطريقة الشاذلية‪ ،‬وتيمّناً بها‪ ،‬وقد كان لها بتونس أتباعٌ َّ‬ ‫وعُلقٌ‪.‬‬ ‫الهوامش‪:‬‬ ‫ص‪. 229 :‬‬ ‫‪.5/192‬‬ ‫نوقشت بكلية آداب تطوان‪ ،‬خالل الموسم الجامعي (‪ 2003‬ـ ‪2004‬م)‪.‬‬ ‫اإلتحاف البن زيدان‪ ،‬ص ‪. 351‬‬


‫العدد ‪1017‬‬

‫‪18‬‬

‫الثالثـاء ‪� 29‬أكتوبر �إلى ‪ 04‬نـوفمرب ‪2019‬‬

‫التأريخ لحقوق اإلنسان في العصر الحديث‬ ‫وفي اإلسالم إلى أين ؟‪! ‬‬

‫• بقلم ‪ :‬عبد القادر أحمد بن قدور *‬

‫ـ إذا كانت هناك انتقادات عديدة وجهت لحركة المطالبة بحقوق‬ ‫اإلنسان والزالت كذلك‪ ،‬فقد عرفت اتساعا كبيرا بعد اإلعالن سنة‬ ‫‪1789‬م عن ذلك وازداد هذا التطور منذ الحرب العالمية الثانية‪ ،‬ولما‬ ‫أعلن سنة ‪1948‬م عن االعالن العالمي لحقوق اإلنسان في السنة‬ ‫السالفة الذكر ازداد تدفق اإلعالنات عن هذه الحقوق ابتداء من إعالن‬ ‫أمريكا الجنوبية كذلك سنة ‪ 1948‬واالتفاقية األوربية سنة ‪ 1950‬إلى‬ ‫اإلعالن العالمي اإلسالمي سنة ‪1981‬‬ ‫وأضيف إلى هذه اإلعالنات‪ ،‬إعالنات أخرى عن حق األطفال‪ ،‬النساء‬ ‫والشعوب‪...‬‬ ‫وأذكر بعد هذا بعض المحطات من التاريخ لحقوق اإلنسان التالية‪:‬‬ ‫ـ اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان سنة ‪.1948‬‬ ‫ـ االتفاقية األوربية لحماية حقوق اإلنسان والحريات األساسية سنة‬ ‫‪ .1950‬ـ اإلعالن عن حقوق الطفل سنة ‪.1959‬‬ ‫ـ إعالن األمم المتحدة عن منح االستقالل للبلدان والشعوب‬ ‫المستعمرة سنة ‪ .1960‬ـ االتفاقية الدولية المتعلقة بحقوق اإلنسان‬ ‫سنة ‪ .1966‬ـ ميثاق الدول الخاص بالحقوق والواجبات االقتصادية‬ ‫سنة ‪ .1974‬ـ االتفاقية النهائية لمؤتمر هيلنسكي سنة ‪ .1975‬ـ إعالن‬ ‫اليونسكو حول العرق واألحكام العرقيه المسبقة سنة ‪.1978‬‬ ‫ـ االتفاقية المتعلقة بالقضاء على كل أشكال التمييز اتجاه النساء‬ ‫سنة ‪ 1979‬بهذا‪ ،‬نجد تعددا في الحقوق من كل صنف وتقدم في‬ ‫غالب األحيان‪ ،‬بدون تبرير مشروع‪ .‬مثل حقوق اإلنسان‪ ،‬هذا الذي‬ ‫يؤدي نتيجة لهذا اإلفراط ذاته‪ ،‬إلى إفراغ مفهوم حقوق اإلنسان‬ ‫من كل مضمون‪ :‬ألنه تمت من قبل المطالبة باسم حقوق اإلنسان‬ ‫بحق السائق في عدم استعمال حزام الوقاية؟ وذلك ألن المدرسة‬ ‫التحليلية اإلنجليزية التي ال ترى في خطاب حقوق اإلنسان إال ملفوظات‬ ‫ميتافيزيقية‪ ،‬وحسب المعنى الذي تعطيه الوضعية المنطقية لهذه‬ ‫الكلمة بدون أي معنى‪ ،‬وحقوق اإلنسان هل هو تدعيم غريب للدولة؟‪! ‬‬ ‫ألننا نجد تمت المطالبة أكثر بالحقوق االجتماعية والتي ال يمكن أن‬ ‫تمنحها إال الدولة‪ ،‬فبهذا نجد تبعية كل فرد فرد تتعاظم اتجاه الدولة‪،‬‬ ‫وهي التي تم رفعها إلى درجة الدولة الحامية‪ ،‬وبهذا فقد يساهم‬ ‫األفراد في لعبة السلطة‪.‬‬ ‫كما نجد مرة أخرى استغالل خطاب حقوق اإلنسان التي تستغله‬ ‫بعض الدول ولمصلحتها‪ ،‬وذلك ألسباب سياسية خالصة إما داخليا‬ ‫أو خارجيا‪ .‬لذا هل نقول إن مفهوم حقوق اإلنسان اليوم هو رهان‬ ‫إيديولوجي وسياسي‪ .‬وهل األمر متعلق بنزعة أوربية مركزية ونتساءل‬ ‫من جهة أخرى هل كانت عقيدة حقوق اإلنسان‪ ،‬ال تشكل دليال على‬ ‫وجود نزعة غربية مركزية‪ ،‬فالتصور المسيحي هل شكل أصال لحقوق‬ ‫اإلنسان الشخصانية‪ ،‬غير معترف بها عالميا‪ ،‬وكما يالح ظ �‪J. Mour‬‬ ‫‪ ،geon‬كان اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان وقت تبنيه من لدن‬ ‫األمم المتحدة (حيث امتنع االتحاد السوفياتي والدول االشتراكية‬ ‫عن التصويت عليه) هذا‪ ،‬يعكس مجتمعا دوليا ينتمي جل أعضائه‬ ‫تقريبا إلى الشخصانية‪ ،‬ألن األغلبية من الناس تنتمي إلى اإلسالم‪،‬‬ ‫الهندوسية‪ ،‬البوذية أو النزعة اإلحيائية‪ ،‬هذه التيارات الحضارية هي‬ ‫التي الزالت تحتفظ بقوتها‪ ،‬هي ليست بالتأكيد منكرة لبعض حقوق‬ ‫الفرد‪ ،‬ولكنها تجعلها في تصورات تخص العالقات السياسية‪ ،‬تلك‬ ‫التصورات المتميزة لهذه التيارات وهي تختلف بشكل كبير عن التصور‬ ‫ذي األصل المسيحي‪ ،‬ولهذا لم يتم إال بالمحافظة على جوهر ديني‬ ‫قللت العقالنية األوربية من شأنه بل عملت على إبعاده‪...‬‬ ‫نرى أنه بهذه التساؤالت واالحتجاجات فقد تولد إحساس‪ ،‬بتتبيط‬ ‫الهمم‪ ،‬ونرى كذلك حين نتفحص مواقف كبار الفالسفة اتجاه حقوق‬ ‫اإلنسان أن البعض منهم هم الذين أقروها‪ ،‬وبعد ذلك دافعوا عنها‬ ‫ألنه يرجع بال شك إلى كون فكرة حقوق اإلنسان ذاتها ليست عقيدة‬ ‫مؤسسة على العقل‪ ،‬إذ بمجرد ما نفكر فيها يظهر أوجه نقصها‪ ،‬بل‬ ‫وتناقضاتها‪ ،‬ولكن نجد أن هذا مرتبط ـ بدون شك ـ بما يشكل قوتها‬ ‫بالذات‪ .‬إذ فكرة حقوق اإلنسان مثلها مثل فكرة التقدم المرتبطة بها‬ ‫في أغلب األحيان‪ ،‬هي فكرة دينية باألساس‪ ،‬ألنها نتجت عما يسميه‬ ‫(باسكال) (‪ )Pascal‬بالقلب واإلحساس أكثر مما نتجت عن التفكير‬ ‫العقلي‪ ،‬وكما الحظ ذلك (ر‪ .‬أرون ‪ )R.Aron‬فإن حقوق اإلنسان‬ ‫تأسست انطالقا من تصور ديني عن الشخص‪ ،‬وانطالقا أيضا من‬ ‫تصور إنساني عند الوعي الفردي‪ ،‬وبإمكاننا أن نتساءل في إطار فلسفة‬ ‫طبيعية ـ عن أساس هذه الحقوق اإلنسانية؟ وهي أن فكرة حقوق‬ ‫اإلنسان‪ ،‬هي قبل كل شيء مبدأ لألمل‪ ،‬وعن طريقها يؤكد اإلنسان‬ ‫إيمانه بذاته وشخصيته‪ ...‬ألن اإلعالن عن حقوق اإلنسان والمواطن‬ ‫لسنة ‪ 1789‬كانت له نتائج تاريخية هامة وال يستهان بها‪ ،‬وقد شكل‬ ‫منطلقا جديدا للتصور الحديث عن الحقوق الذاتية والعامة للفرد‪ ،‬ورغم‬ ‫أنه ليس أول إعالن عبر عن حقوق اإلنسان‪ ،‬فإنه انطالقا من كونه‬ ‫قد وضع كمقدمة للدستور الفرنسي بتاريخ ‪ /03/09‬من سنة ‪،1791‬‬ ‫وحدد بذلك مجموعة من الحقوق الطبيعية والمدنية المضمونة من‬ ‫طرف القانون‪ ،‬فقد أدخل حقوق اإلنسان إلى القانون العام األوربي‪.‬‬ ‫ـ ألن القانون الوضعي لم يكن يعترف قبل هذا اإلعالن إال بحقوق‬ ‫رؤساء الدولة‪ ،‬وبامتيازات الطبقات والخواص وبعض الطوائف أو في‬ ‫أحسن األحوال لم يكن يعترف إال بحقوق شعب متميز‪ ،‬وهكذا كان‬ ‫القانون اإلنجليزي على سبيل المثال‪.‬‬ ‫ومع ظهور اإلعالن عن حقوق اإلنسان والمواطن‪ ،‬انتقل مفهوم‬

‫الحقوق الذاتية لإلنسان‪ ،‬والذي بقي إلى حدود ذلك الوقت منحصرا‬ ‫في القانون الطبيعي‪ ،‬النظري الخالص إلى القانون الوضعي ذاته‪ ،‬أي‬ ‫القانون الواقعي‪ ،‬وبهذا أصبحت حقوق اإلنسان متموضعة فوق الدولة‬ ‫وتحد من سلطتها‪.‬‬ ‫والبد من اإلشارة إلى أنه (ساهمت كل الشعوب واألمم عبر مر‬ ‫الزمان في بناء فكرة حقوق اإلنسان‪ ،‬ودافعت عن الكرامة البشرية‬ ‫ضد الطغيان واالستبداد والعبودية‪ ،‬من خالل صراعات مريرة وثورات‬ ‫متواصلة وأحداث كبرى‪ ،‬ومع اتساع رقعة التجمعات البشرية ازداد‬ ‫النضال من أجل حقوق اإلنسان والكفاح الستخالص الحرية والمساواة‬ ‫والعدل والسالم‪.‬‬ ‫ولذلك يمكن القول أن تنمية حقوق اإلنسان لها تاريخ طويل‬ ‫تنغرس جذورها في كل الحضارات اإلنسانية والشرائع السماوية) (‪)1‬‬ ‫(ص ‪ 9‬من كتاب حقوق اإلنسان الجزء األول ‪ 1‬ـ المبادئ والمعايير من‬ ‫سلسلة الخدمات التربوية واإلدارية لألستاذ الجليل محمد السكتاوي‬ ‫المدير العام لمنظمة العفو الدولية ـ فرع المغرب ـ‬ ‫لذا نجد في الدراسات االجتماعية والسياسية والقانونية أن‬ ‫الوثائق والشرائع التي شكلت حقوق اإلنسان وتحدثت عنها وقننتها قد‬ ‫نبتت تاريخيا منذ ثورة النبالء في إنجلترا التي أدت إلى انتزاع الحقوق‬ ‫التي اعترف بها الملك جان في وثيقة «الماغنا كرطا» الشهيرة سنة‬ ‫‪ 1689‬م‪ .‬كما نصت وثيقة حقوق اإلنسان الفرنسية على الحقوق‬ ‫الطبيعية مثل حق اإلنسان في ((الحرية)) وحقه في ((األمن)) و ((على‬ ‫سيادة الشعب‪ ،‬كمصدر للسلطات في المجتمع)) و((على سيادة القانون‬ ‫كمظهر إلرادة األمة)) و((على المساواة بين جميع المواطنين)) أمام‬ ‫القوانين والشرائع اإلنسانية‪ ،‬وقد عملت هذه الوثيقة على التأثير‬ ‫الكبير في الحركات اإلصالحية والثورة في أوربا أو خارجها منذ تلك‬ ‫الفترة‪.‬‬ ‫هذا هو الشائع لنشأة مواثيق حقوق اإلنسان‪ ،‬وهذا هو ملمح‬ ‫أوربي‪ ،‬ولكن الحقيقة عن الفكر والشرائع التي عرفت في تاريخ وحضارة‬ ‫األمم القديمة والغير األوربية عن حقوق اإلنسان والتي هي ضرورات‬ ‫فطرية لإلنسان من حيث هو إنسان‪ ،‬وإسالمنا هو دين الفطرة التي‬ ‫فطرنا اهلل عليها‪ ،‬فمن البديهي أن يكون الدافع لتحقيق هذه الحقوق‬ ‫وهو المصير الطبيعي لحقوق اإلنسان المسلم وغيره في العصر‬ ‫الذي نعيشه‪ ...‬ألننا نجد أن بعض الحكام في البالد اإلسالمية الذين‬ ‫اغتصبوا السلطة في بالدهم ثم بدأوا يضيفون على سلطاتهم (غاللة‬ ‫اإلسالم) ليصبحوا شرعيين‪ ،‬هؤالء الحكام الذين تمتلئ خطبهم ومواد‬ ‫((الدعاية)) لنظامهم في اإلعالم الذي يسيطرون عليه بالكالم عن‬ ‫اإلسالم‪ ...‬قد تصبح ممارستهم تعمل بالعداء لحقوق اإلنسان المسلم‬ ‫في البلد الذي يتحكمون فيه تحت ذريعة ((شريعة اإلسالم))‪ ! ‬حتى‬ ‫تصل إلى الحد الذي نراهم فيه يحرمون هذا اإلنسان من حقوقا لم‬ ‫يستطع أذكى المستعمرين حرمان هذا اإلنسان من حقوقه قبل أن‬ ‫ينتزع هذا اإلنسان استقالل وطنه من االستعمار الغاشم‪.‬‬ ‫ومعلوم أن المقصد األول لإلسالم في الشريعة وهو (العدل)‬ ‫الذي يجعل األقوياء ال يفترسون الضعفاء‪ ،‬وهو أداة لتحقيق ((الحقوق‬ ‫اإلنسانية)) لإلنسان المسلم ولعموم الناس وليست أداة لتبرير حرمان‬ ‫اإلنسان من حقوق اإلنسان وحقوقه األكيدة والضرورية والالزمة له‪،‬‬ ‫وقد عبر عن هذا الصحابي أبو بكر الصديق فقال‪(( :‬القوي فيكم ضعيف‬ ‫عندي حتى أخذ الحق منه ‪ ...‬والضعيف فيكم قوي عندي حتى أخذ الحق‬ ‫له))‪ !!! ‬لذلك فاإلنسان المعاصر عليه أن يلتمس ((السياج الفكري))‬ ‫الذي به يستطيع حماية الحقوق اإلنسانية التي تكفل له تحقيق جوهر‬ ‫إنسانيته‪ ،‬وازدهار طاقاته وملكاته‪ ،‬والنهوض بواقع أمته وحضارته في‬ ‫هذا العصر‪.‬‬ ‫وإذا بحثنا جيدا نجد كتابات عديدة تظهر سبق اإلسالم في‬ ‫التقنين ((لحقوق اإلنسان)) وهو ميدان كبير مازال ينتظر جهودا جمة‬ ‫ليتسلح اإلنسان العربي المسلم ضد االستبداد واالضطهاد واالستالب‬ ‫والقهر وليتري فكره اإلنساني بهذه القضية المحورية وننصف حضارتنا‬ ‫وأمتنا اإلسالمية والعربية وفكرنا اإلسالمي‪ ،‬ونرى أن اإلسالم قد بلغ‬ ‫من اإليمان باإلنسان‪ ،‬وفي تقديس حقوقه إلى الحد الذي تجاوز بها‬ ‫مرتبة ((الحقوق)) عندما اعتبرها ((ضرورات)) ومن ثم أدخلها في إطار‬ ‫((الواجبات))‪ !!!! ‬فالمأكل والملبس والمسكن‪ ....‬واألمن ‪ ...‬والحرية في‬ ‫الفكر واالعتقاد والتعبير ‪ ..‬والعلم والتعليم ‪ ..‬والمشاركة في صياغة‬ ‫النظام العام للمجتمع والمراقبة والمحاسبة ألولياء األمور ‪ ...‬والثورة‬ ‫لتغيير نظم الضعف أو الجور أو الفسق والفساد‪ ...‬الخ‪ ...‬كل هذه األمور‬ ‫هي في نظر اإلسالم ليست فقط ((حقوقا)) لإلنسان من حقه أن يطلبها‬ ‫ويعمل في سبيلها والحصول عليها ويحرم ضده عن طلبها‪ ...‬وإنما‬ ‫هي ضرورات واجبة لهذا اإلنسان‪ ...‬بل واجبة عليه أيضا‪ ..‬وال سبيل‬ ‫إلى حياة اإلنسان بدونها ليتمتع بها ويمارسها لكي يتحقق المعنى‬ ‫الحقيقي للحياة‪ .‬واإلسالم يقدس هذه الضرورات اإلنسانية الواجبة إلى‬ ‫حد أنه يراها هي األساس الذي يستحيل قيام ((الدين)) بدون أن يتوفر‬ ‫عليها اإلنسان‪ ،‬فعليها يتوقف ((اإليمان)) وكذلك التدين ويستحيل أن‬ ‫يصلح أمر ((الدين)) إذا لم يصلح أمر الدنيا أي إال إذا تمتع اإلنسان بهذه‬ ‫الضرورات التي أوجبها اإلسالم كما يقول اإلمام الغزالي (‪ 505‬ـ ‪450‬‬ ‫هـ ‪ 1111 //‬ـ ‪ 1058‬م‪( //‬إن نظام الدين ال يحصل إال بنظام الدنيا‪...‬‬ ‫فنظام الدين بالمعرفة والعبادة‪ ،‬ال يتوصل إليهما إال بصحة البدن‬ ‫وبقاء الحياة‪ ،‬وسالمة قدر الحاجات من الكسوة والمسكن واألقوات‬ ‫واألمن‪ ...‬فال ينتظم الدين إال بتحقيق األمن على هذه المهمات‬

‫الضرورية‪ ...‬وإال فمن كان جميع أوقاته مستغرقا بحراسة نفسه من‬ ‫سيوف الظلمة وطلب قوته من وجوه الغلبة‪ ،‬متى يتفرغ للعلم والعمل‪،‬‬ ‫وهما وسيلتان إلى سعادة اآلخرة؟ فإذن ((إن نظام الدنيا‪ ،‬أعني مقادير‬ ‫الحاجة شرط لنظام الدين)) من كتابه ((االقتصاد في االعتقاد)) ص‬ ‫‪.135‬‬ ‫وبهذا أعلى اإلسالم من قدر اإلنسان وجعل هذه الحقوق من‬ ‫الضرورات اإلنسانية الواجبة‪ ،‬ونجد كذلك في اإلسالم أن العدل هو‬ ‫المقصد األول لهذه الشريعة بل نجد أن ((العدل)) إسما من أسماء‬ ‫اهلل الحسنى‪ ،‬وصفة من صفاته سبحانه وتعالى‪ ،‬والعدل في العرف‬ ‫اإلسالمي‪ ،‬ضد الجور والظلم‪ ،‬وهو الذي يحقق اإلنصاف‪ ،‬بإعطاء كل‬ ‫إنسان ماله وأخذ ما عليه منه‪ ..‬وقد كان حديث النبي (صلعم) الذي‬ ‫عرف به الوسطية بالعدل‪ ،‬والعدل بالوسطية‪ ،‬عندما قال‪(( :‬الوسطية‪:‬‬ ‫العدل‪ ،‬جعلناكم أمة وسطا)) رواه الترمذي وابن حنبل‪.‬‬ ‫وإذا كان العدل هو الحق فإن مجاوزة الحق هي الظلم والجور‪ ،‬وإذا‬ ‫وقع هذا التجاوز في عالقة اإلنسان بأخيه اإلنسان سمي ظلما‪ ...‬وقد‬ ‫قال اهلل تبارك وتعالى‪(( :‬إنما السبيل على الذين يظلمون الناس))‪...‬‬ ‫وإذا كان (الظلم) مفسدا لشؤون الدنيا والدين‪ ،‬فإنه ((ظلمات يوم‬ ‫القيامة)) كما قال الرسول (صلعم) رواه البخاري‪.‬‬ ‫والعدل في شريعة اإلسالم فريضة واجبة وليس مجرد (حق) من‬ ‫الحقوق التي باستطاعة صاحبها التنازل عنها إذا هو أراد أو التفريط‬ ‫فيها دون إثم‪ ،‬إنه فريضة واجبة فرضها اهلل على الجميع‪ ،‬كما على‬ ‫أولياء األمور‪ ،‬من الوالة والحكام‪ ،‬اتجاه الرعية والمتحاكمين‪ ،‬وقد قال‬ ‫اهلل تعالى في هذا‪( ...‬إن اهلل يأمركم أن تؤدوا األمانات إلى أهلها وإذا‬ ‫حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل‪ ،‬إن اهلل نعما يعظكم به‪ ،‬إن اهلل‬ ‫كان سميعا بصيرا) من سورة النساء اآلية ‪.58‬‬ ‫واإلسالم ال يقف في وجه الظلم عند هذه الحدود‪ ...‬حدود‬ ‫التجريم والتحذير‪ ...‬والتخويف‪ ...‬بل يوجب على المسلم التصدي‬ ‫للظلم بالمنع واإلزالة ـ كمنكر ـ والتصدي للظلمة بالمقاومة‪ ،‬حتى‬ ‫يتطهر مجتمع اإلسالم من دنس الظلم والظالمين‪ ..‬ففضحهم واجب‪،‬‬ ‫وإثارة األمة ضد جرائمهم مطلوبة‪ ،‬بنظر اإلسالم إذ يقول اهلل تعالى‬ ‫وتبارك في هذا ((ال يحب اهلل الجهر بالسوء من القول إال ظلم‪ ،‬وكان‬ ‫اهلل شفيعا عليما))‪ ...‬النساء‪.148 :‬‬ ‫وقد رفع اهلل الحرج على المظلومين إن هم هبوا لمقاومة‬ ‫الظالمين‪ ،‬فال سبيل عليهم في ذلك‪ ،‬بل هم مأجورون‪ ...‬فالذين‬ ‫يثورون في وجه الظلم ليس عليهم سبيل‪(( ...‬ولمن انتصر بعد ظلمه‬ ‫فأولئك عليهم من سبيل‪ ..‬إنما السبيل على الذين يظلمون الناس‬ ‫ويبغون في األرض بغير الحق‪ ،‬أولئك لهم عذاب أليم)) سورة الشورى‪:‬‬ ‫‪ 42‬ـ ‪.41‬‬ ‫وهكذا نجد أن ((العدل)) في اإلسالم‪ ،‬يتجاوز نطاق ((الحق))‬ ‫اإلنساني‪ ،‬ويصبح ضرورة من ضرورات قيام الملك والملكوت‪ ،‬وشرطا‬ ‫ال غنى عنه النتظام حياة اإلنسان‪ ،‬الفرد‪ ...‬وحياة األسرة‪ ..‬ومجتمع‬ ‫األمة والدولة‪ ..‬واإلنسانية جمعاء‪...‬‬ ‫والعدل ضرورة إنسانية واجبة وفريضة وليس مجرد حق من‬ ‫الحقوق‪ ...‬وتخلف هذا العدل يهدم أركان التعاقد القائم بين الحاكمين‬ ‫وبين المحكومين‪ ،‬ويلغي شرعية ((السالم)) المفترض بين الطبقات‬ ‫االجتماعية ألن هذا السالم رهن بتكافل هذه الطبقات في تحقيق‬ ‫الضرورات الواجبة ألعضاء األمة‪.‬‬ ‫ألن أي دين لم يكرم اإلنسان كما كرمه دين اإلسالم‪ ...‬ألن أي‬ ‫شريعة من الشرائع الدينية أو الوضعية لم ترفع حقوق اإلنسان إلى‬ ‫مرتبة الضرورات الشرعية الواجبة كما صنعت ذلك شريعة اإلسالم‪...‬‬ ‫ألن أي سلطة ال تملك حق منع أو منح هذه الحقوق‪ ،‬باعتبارها حقوقا‬ ‫غير قابلة لإلنكار‪ ،‬ألنها ملك لكل إنسان أيا كان بحكم هويته اإلنسانية‬ ‫المستمدة من انتمائه إلى الجنس البشري‪ ،‬كما يقول الناشط والفاعل‬ ‫الحقوقي السالف الذكر األستاذ الجليل محمد السكتاوي‪ ،‬مضيفا‪:‬‬ ‫((وبموجب القانون الدولي فإن الدولة ليست مجبرة فقط‪ ،‬على عدم‬ ‫التعامل مع الحقوق اإلنسانية كمجرد امتيازات تمنحها وتسحبها‬ ‫لمن تشاء ووقت ما تشاء بل هي ملزمة بضمانها وحمايتها وتتحمل‬ ‫مسؤولية واضحة إذا تقاعست عن فعل ذلك‪ ،‬تماما كما تتحمل‬ ‫مسؤولية انتهاكات حقوق اإلنسان التي ترتكبها أو تلك التي يقترفها‬ ‫فاعلون غير حكوميين من منظمات أو أشخاص يتصرفون خارج اإلطار‬ ‫الرسمي للدولة))‪.‬‬ ‫ولقد صدق اهلل تعالى في كتابه الحكيم عندما قال‪(( :‬ولقد كرمنا‬ ‫بني آدم‪ ،‬وحملناهم في البر والبحر‪ ،‬ورزقناهم من الطيبات‪ ،‬وفضلناهم‬ ‫على كثير ممن خلقنا تفضيال)) اإلسراء‪ 70 :‬صدق اهلل العظيم‪...‬‬ ‫ــــــــــــ‬ ‫* العضو الشرفي بمنظمة العفو الدولية‬ ‫ـ فرع المغرب ـ‬


‫الثالثـاء ‪� 29‬أكتوبر �إلى ‪ 04‬نـوفمرب ‪2019‬‬

‫العدد ‪1017‬‬

‫م�ست�رشقون‬ ‫�أن�صفوا العرب‬

‫‪19‬‬

‫زيغريد هونكه‬

‫زيغريد هونكه والحضارة العربية‪:‬‬ ‫انطالقا من مقدمة كتابها «شمس العرب تسطع على الغرب»(الطبعة العربية) تقول المؤلفة‪ »:‬لم‬ ‫يكن من قبيل المصادفة بتة أن أكتب أنا السيدة األلمانية هذا الكتاب‪ .‬فالعرب واأللمان ال تربطهم فقط‬ ‫أيام دولتهم القوية‪ ،‬التي انقسمت اآلن‪ ،‬والتي بدأت صعودها من جديد بقوة وحيوية وعزم‪ ،‬إنما هي رابطة‬ ‫قوية من الفكر والثقافة قد وثقت العرى بينهما‪ ،‬امتدت جذورها في أعماق التاريخ واستمرت على مر القرون‬ ‫وال زالت آثارها حتى اليوم‪ .‬ولهذا صممت على كتابة هذا المؤلف وأردت أن أكرم العبقرية العربية وأن‬ ‫أتيح لمواطني فرصة العودة إلى تكريمها‪ .‬كما أردت أن أقدم للعرب الشكر على فضلهم الذي حرمهم من‬ ‫سماعه طويال تعصب ديني أعمى أو جهل أحمق»(‪ .)1‬والكتاب في سبعة أبواب وخاتمة تشتمل حلى حواشي‬ ‫الكتاب ومقارنة تاريخه مع جدول لبعض الكلمات‬ ‫األلمانية المأخوذة عن العربية والفارسية‪ ،‬وجدول‬ ‫بأسماء كواكب عربية األصل‪ .‬وقد انبرت المستشرقة‬ ‫للحديث عن الحضارة العربية‪ ،‬فكانت فيه من المنصفين‬ ‫وأبرزت إنجازات العرب الثقافية في مجاالت األدب والعلم‬ ‫والفلسفة والفن وتأثير كل هذا في الحضارة الغربية‪،‬‬ ‫فتعرضت بذلك لهجومات عديدة من طرف المتعصبين‬ ‫من أبناء جلدتها فاتهموها بالتعصب للعرب والتحيز‬ ‫لهم‪ ،‬فشهد كتابها في عامه األول معركة حامية‬ ‫الوطيس بين المتعصبين والمدافعين‪ .‬ورغم ذلك‬ ‫استمرت في نضالها ودفاعها عن العرب وحضاراتهم‪.‬‬ ‫وفي سنة ‪1987‬م ألقت محاضرة قيمة في العاصمة‬ ‫األلمانية االتحادية» بون» بعنوان‪ :‬التراث العربي في‬ ‫الغرب تحدثت فيها عن تأثير العرب وفضلهم على‬ ‫الحضارة األروبية وحضارة العالم الحديث وما ساهمت‬ ‫به في نقل التراث الحضاري القديم والتعريف بالفكر‬ ‫العربي واإلسالمي وآثاره على مظاهر الحضارة المعاصرة‬ ‫منذ قرون طويلة‪ ،‬كما تناولت تاريخ الحضارتين العربية‬ ‫واإلسالمية التي انطلقت من قلب الجزيرة العربية‬ ‫لتنير الحضارة في العالم القديم والروابط الوثيقة التي‬ ‫تجمع بين الحضارتين العربية واإلسالمية بصورة ال‬ ‫يمكن فصلهما عن بعضهما البعض‪ ،‬وأشارت إلى خطأ‬ ‫الفكرة السائدة في الغرب بأن العرب قد نقلوا الحضارة‬ ‫اإلغريقية والرومانية والهندية والفارسية القديمة‬ ‫وأن دورهم في هذا المضمار كان محدودا وأكدت‬ ‫بأنها عملت خالل سنوات طويلة على تحليل الفلسفة‬ ‫اإلسالمية والفكر العربي فوجدت بأنهما مختلفان عن‬ ‫الفلسفات القديمة األخرى‪ ،‬فالفلسفة اإلسالمية مستقلة‬ ‫تماما عن غيرها وذات طابع مميز لذلك فقد سعت إلى‬ ‫إيضاح هذه النقطة بالذات في معظم الحضارات والكتب‬ ‫التي قدمتها أو نشرتها حتى اآلن باللغة األلمانية وترجع‬ ‫معظمها إلى اللغات األخرى منها اللغة العربية‪.‬‬ ‫وركزت الدكتورة هونكه في محاضرتها التي‬ ‫حضرها عدد كبير من الشخصيات األلمانية والعربية‬ ‫واألجنبية على موضوع الحضارة العربية اإلسالمية في‬ ‫األندلس واالزدهار الحضاري الذي عم هذا الجزء من‬ ‫القارة األوربية والدور الذي لعبه في نقل الفكر والحضارة‬ ‫إلى مختلف أنحاء القارة األروبية كما تحدثت أيضا على‬ ‫األقطار المفتوحة التي أعطت لسكانها األمل والحرية في‬ ‫إطار من التسامح اإلسالمي المميز (‪.)2‬‬

‫أنهار من الشرق تسقي حقـول الثقافـة‬ ‫األلمانية‪:‬‬ ‫إنه الموضوع الثالث الذي نقتبس منه بعض آرائها‬ ‫حول العرب وحضاراتهم‪.‬‬ ‫(‪)3‬‬ ‫وقد نشر في كتاب ألمانيا والعالم العربي تقول‬ ‫هونكه‪ :‬كانت اسبانيا التي استوطنها العرب منذ عام‬ ‫‪711‬م قد شهدت طوال ثمانية قرون حكومة متسامحة ال‬ ‫مثيل لها ‪ ،‬لم تكن تتسامح مع المسيحيين واليهود فحسب‪،‬‬ ‫بل كانت تحميهم في ممارستهم لشعائر دينهم‪ .‬ثم جاءت‬ ‫محاكم التفتيش الدامية مع الغزاة المسيحيين‪ ،‬وأخذت تحرق‬ ‫منهم وتلقوا التعميد‪ ،‬وتشردهم‬ ‫المسلمين باآلالف وتطارد حتى أولئك الذين دخلوا النصرانية‬ ‫زرافات ووحدانا‪ ،‬فاشتد لدى المطرودين الحنين إلى إكرام الغريب وإلى احترامه وبلغ أقصى ما يمكن أن‬ ‫يبلغه من الحساسية‪ .‬والحق أن عرب األندلس لم يكونوا غريبين على األلمان‪ ،‬ولدينا نص من مدينة‬ ‫نورنبرج في عام ‪1479‬م يحدثنا عن أخبار احتفال بليلة الصيام ويذكر رقصة أندلسية كانت من بين فقراته‬ ‫‪ ...‬والعالقة بين العرب واأللمان ترجع إلى أزمان قبل عصر الحروب الصليبية بكثير‪ ،‬وكان اللقاء األول مثله‬ ‫مثل جميع اللقاءات تقريبا بعد ذلك – لقاء وديا‪ .‬فعندما كان (شارلمان) في عم ‪777‬م يعقد مجلس الدولة‬ ‫في باديبورن أتت إليه جماعة غريبة في مظهرها وملبسها‪ .‬كان فيها سليمان العربي‪ ،‬والي سرقسطة الذي‬ ‫طرده األمير عبد الرحمن األموي‪ ،‬أمير قرطبة ومعه بعض أقارب يوسف الفهري أمير قرطبة المخلوع‪ ،‬يطلب‬ ‫إلى ملك الفرنجة القوي‪ ،‬قاهر السكسون أن يعينه بجيوشه‪.‬‬ ‫لقد أحس الغرب المسيحي ألول مرة بأن هناك وراء الدائرة التي ينتهي عندها عالمه عالم آخر لديه‬ ‫من الكنوز والفنون ماال يخطر بباله وال بأحالمه‪ .‬إال أن الغرابة والخوف الذي استبد بالكنيسة من أن يحدث‬

‫‪2/2‬‬

‫‪-‬‬

‫بقلم الباحث ‪:‬‬

‫محمد القاضي‬

‫اإلسالم‪ ،‬وهو غريمها‪ ،‬أثرا ال تحمد عقباه‪ ،‬ومن أن تخلب الثقافة اإلسالمية الرفيعة األلباب‪ ،‬كل ذلك أدى‬ ‫طوال قرون كاملة إلى الفصل الشديد بين العالمين‪ ،‬وإلى تأجيج نار الكراهية والتعصب الديني الذي فجرته‬ ‫الكنيسة بدعوتها إلى الحروب الصليبية وبإثارتها لنعرة دينية محمومة‪ ،‬فتسببت في نكبة لم تنج هي من‬ ‫تبعاتها بل انحدرت بها إلى الهاوية‪.‬‬ ‫وثمة حقيقة مبدئية هي أن الرهبانية لم تكن النموذج الذي اتخذته الطبقة الفرسانية األروبية في‬ ‫نشأتها‪ ،‬كان النموذج الذي اتخذته هذه الطبقة هو الكتائب اإلسالمية المناضلة المرابطة على الحدود‬ ‫بنظامها الديني المحكم‪ ،‬وتدريبها المستمر ‪ ،‬تلك الكتائب التي كانت متفوقة على الفرسان المسيحيين‬ ‫تفوقا هائال ظهر في الحروب الصليبية واضحا جليا‪.‬‬ ‫لقد فتحت رحالت الشرق األفق المحدود ووسعته‪ ،‬ومكنت أهل الغرب من تذوق أسلوب حياة لم يكن‬ ‫يخطر ببالهم وال في األحالم‪ ،‬وإذا هو اآلن يشحذ األحالم‬ ‫شحذا‪ .‬وهذه هي النفوس التي كانت روح الصرامة‬ ‫الورعية والتقليب في الخطايا واآلثام المنطلقة من‬ ‫دير كلوني قد استبدت بها‪ ،‬ودفعتها إلى االنصراف‬ ‫بهمة وخوف عن بهجة الحياة والمتعة الحسية‪ ،‬لقد‬ ‫تغلغل فيها رونق حياة أكثر مرحا وجماال وسعادة‪ .‬وأدى‬ ‫االحتكاك بعالم مصطبغ بألوان خيالية إلى إحياء االبتهاج‬ ‫بالجمال والميل إلى الرومانتيكية واالندفاع إلى البطولة‬ ‫والمغامرة وفجرت ينابيع جديدة من الخيال الخالق لم‬ ‫يكن هناك من يتوقعه وجعلت اإلنسان الفرد ينفض‬ ‫عن نفسه األغالل التي كانت تربطه بالعالم األخروي‪،‬‬ ‫واكتشف الواقع‪.‬‬ ‫و في األخير تقول‪ :‬لقد انسابت تيارات الثقافة والفن‬ ‫والعلم‪ ،‬عندما فتحت أبوابها‪ ،‬فروت حقول الحياة األلمانية‬ ‫ال في العصر الوسيط فحسب‪ ،‬بل إلى يومنا هذا(‪.)4‬‬ ‫لقد نهضت هذه السيدة األلمانية التي رفع في‬ ‫وجهها متعصبون من طراز آخر تهمة التعصب للعرب‬ ‫بمهمة إرجاع الفضل ألصحابه‪ ،‬فجاءت مؤلفاتها‬ ‫ومحاضراتها كدليل على إقرار الحق واالبتعاد عن‬ ‫التعصب الذي يفقد الحقائق الكثير من وهجها في‬ ‫اإلقناع‪ .‬وحرست على تنوير األلمان بحقائق عن جهود‬ ‫العرب العلمية والثقافية وماضيهم المشرق‪ ،‬وحفزت‬ ‫كتاباتها العلماء األلمان على البحث وتقصي الحقائق‬ ‫حول ماضي العرب وإنجازاتهم الحضارية‪ ».‬وترى أن‬ ‫هناك تحامالت كثيرة ضد العرب لها جذور عميقة عند‬ ‫األروبيين منذ قرون بعيدة وامتدت لتتحول إلى سموم‬ ‫سيطرت على العلماء والمؤرخين والصحافة وأجهزة‬ ‫اإلعالم‪ ،‬وكذلك كتب التعليم‪ .‬ويشار دائما في هذه‬ ‫الوسائل إلى اإلسالم وانتشاره بالسيف والنار والتطرف‬ ‫أو األصولية اإلسالمية وإنها تشكل خطرا على أوربا ولذا‬ ‫وجبت مقاومتها‪ ،‬وأن هذه الوقائع التي زيفت تحولت‬ ‫إلى ثوابت في األذهان األروبية وهي تخالف ما عرف‬ ‫عن العرب من شهامة وتسامح وعملت على تشخيص‬ ‫أسباب هذه التحامالت وأبعادها وفسرتها بأنها صدمة‬ ‫نفسية وسقطة عميقة لوعي المسيحية الغربية التي‬ ‫كانت مرتبطة بنشاط الحروب الصليبية‪ ،‬وجاءت هزيمة‬ ‫الحمالت الصليبية بمثابة هزة تأثرت بها عقيدتهم‬ ‫وأفقدت الثقة بالبابا والكنيسة وسدت الطريق ومنعت‬ ‫لقرون طويلة أي بحث بأمور العرب أو تناولهم بنظرة‬ ‫إيجابية لتصحيح هده الصدمة»(‪.)5‬‬ ‫إنه مهما حاول بعض المستشرقين أن يشوهوا‬ ‫عقيدتنا وتراثنا ألسباب سياسية وعنصرية‪ ،‬فإن البعض‬ ‫اآلخر ساهموا بقسم كبير من الدراسات عن العرب‬ ‫والمسلمين وثقافتهم وحضارتهم‪ ،‬ومنهم من ركن في‬ ‫صومعته شهورا وأعواما ليكشف عن مخطوطة واحدة‬ ‫ويحققها ثم يدرسها فيكون بهذا العمل قد نفض عنه‬ ‫غبار النسيان وربما الموت‪ .‬ولعلنا ال ننكر أن المستعربة‬ ‫األلمانية زيغريد هونكه قد فعلت الكثير من أجلنا وتستحق‬ ‫منا كل تقدير وتنويه وهو أقل ما يمكن أن يهدى لها من‬ ‫طرف كل عربي‪.‬‬ ‫ــــــــــــــــــــــ‬ ‫الهوامش‪:‬‬ ‫‪ )1‬انظر مقدمة الكتاب ص‪8:‬‬ ‫‪ )2‬وقد نشرت جريدة «العلم» المغربية ملخصا لهذه المحاضرة في عدد‪ 16 :‬يناير ‪1987‬م ‪ .‬ص‪( 8:‬أثر الحضارة‬ ‫العربية على بالد الغرب)‪ .‬محاضرة الدكتورة زيغريد هونكه‪.‬‬ ‫‪ )3‬كتاب يشتمل على دراسات تتناول الصالت الثقافية والعلمية والفنية بين األلمان والعرب منذ أقدم العصور إلى‬ ‫أيامنا هذه‪ .‬ترجمها إلى العربية وقدم لها الدكتور مصطفى ماهر‪ .‬صدر عن دار صادر‪ .‬بيروت ‪.‬لبنان‪1974.‬م‪.‬‬ ‫‪ )4‬نشر الموضوع بكامله في الكتاب من ص‪ 237:‬إلى ‪.274‬‬ ‫‪ )5‬نقال عن صحيفة «الحياة « اللندنية‪ .‬عدد‪ 13:‬ماي ‪1992‬م‪ .‬ص‪( 17:‬كتاب جديد للباحثة األلمانية هونكه يكشف‬ ‫تحامالت الغرب على العرب) إبراهيم قود‪.‬‬


‫‪20‬‬

‫الثالثـاء ‪� 29‬أكتوبر �إلى ‪ 04‬نـوفمرب ‪2019‬‬

‫العدد ‪1017‬‬

‫عفو ملكي عن هاجر الريسوني‬

‫توضيح بخصوص عدم تجريم‬ ‫الحريات الفردية‬ ‫• بقلم ‪ :‬الدكتور عبد الحق بخـات‬ ‫اإلفراج عن الصحفية هاجر الريسوني يخلف ارتياحا ولكنه أيضا يبعث على التفكير في اإلصالح الضروري للقانون المغربي‪.‬‬ ‫كتذكير‪ ،‬حكم على هذه الفتاة البالغة من العمر ‪ 28‬عامًا بالسجن لمدة سنة واحدة‪ ،‬وتم إدانتها بممارسة الجنس خارج إطار الزواج واإلجهاض‬ ‫غير القانوني الذي دحضه خطيبها وأخصائي أمراض النساء‪.‬‬ ‫وكان القضية قد أثارت انتقادات للعدالة المغربية داخل الرأي العام في البالد وكذلك بالخارج‪ ،‬وأخيراً‪ ،‬صدر عفو ملكي بإطالق سراح جميع‬ ‫المتهمين‪ ،‬وأظهر جاللته التعاطف والتفهم تجاههم‪ ،‬مبررًا ذلك من خالل حقيقة أن الخطيبين «تعهدا بتأسيس أسرة وف ًقا للمبادئ الدينية‬ ‫والقانون»‪.‬‬ ‫بالطبع‪ ،‬هناك شعور باالرتياح الشديد لرؤية هذه الشابة المفرج عنها تغادر السجن هي وخطيبها والمهنيون الصحيون الثالثة الذين حكم‬ ‫عليهم معها في ‪ 30‬سبتمبر ‪.2019‬‬ ‫لكن‪ ،‬إذا كانت الغالبية العظمى من المغاربة قد أطلقت هذه الصرخة تلقائي ًا من القلب «شكرًا لك يا صاحب الجاللة!» إال أنها ال تخفي أن‬ ‫مشكلة الحرية الفردية ال تزال قائمة في مجملها‪.‬‬ ‫هذه اإلشارة الملكية النبيلة‪ ،‬في قضية هاجر الريسوني‪ ،‬جلبت بصيصًا من األمل‪ ،‬غير أن ذلك لم يحل المشكلة في عمقها‪ ،‬إذ أنه باسم القانون‬ ‫قد نشاهد في الغد القريب حاالت أخرى مماثلة لحالة هاجر الريسوني‪ .‬وهذا يعني أن هناك دائم ًا نفس اإلطار الديني والقانوني الذي يجب التعامل‬ ‫معه باحتراز في انتظار تغييره أو تطويره‪.‬‬ ‫لذلك فاألمر يتعلق بدراسة مجمل جوانب «قانون الحريات» من وجهة النظر القانونية والدينية بهدف إلغاء تجريم الحريات الفردية‪ ،‬تماشيا‬ ‫مع التحول الذي يعرفه المجتمع المغربي‪ .‬ألنه‪ ،‬بالمقارنة مع تطور مجتمعنا في عقلياته وتقاليده وعاداته وأخالقه‪ ،‬فإن البعض ينزهه في مسألة‬ ‫الحريات الفردية ويميزه عن حقبة العصور الوسطى‪.‬‬ ‫إذن‪ ،‬ما الذي يمكن أن يمنعنا من اتخاذ خطوة إلعادة تعديل هذا الحق؟ لنفك هذا التشفير!‬

‫من يقف مع‪ ،‬ومن يقف ضد التقدم نحو الحريات الفردية؟‬ ‫في الواقع‪ ،‬إن إزالة التجريم هي في األساس قضية ثقافية وإنسانية‪،‬‬ ‫ولكن هناك عائقان أمامها‪.‬‬ ‫األولى دينية‪ ،‬وتصف العديد من الحركات المحافظة و ‪ /‬أو اإلسالمية‬ ‫الدعوة إلى الحريات الفردية على أنها دعوة إلى الفجور أو االنحطاط أو الكفر‬ ‫أو الفساد‪.‬‬ ‫كيف نتمكن من أن نمرر رسالة بخصوص هذه الرؤية الخاطئة؟‬ ‫بالتأكيد ينبغي التعامل مع األمر بسالسة‪ ،‬بعيدا عن إثارة الحساسيات‪.‬‬ ‫يمكن أن يتم العمل‪ ،‬على وجه الخصوص‪ ،‬من خالل مجموعة من العلماء‬ ‫واألئمة والخطباء الذين ينبغي أن يكون لهم خط يتبعونه ويحترمونه في‬ ‫توجيه المؤمنين دون اإلساءة إلى قناعاتهم‪ ،‬ولكن أيضًا دون غض النظر عن‬ ‫حقائق تطورات المجتمع المغربي عبر إنكار ما نعيشه كل يوم ‪..‬‬ ‫بخالف ذلك‪ ،‬ستستمر هذه التوجيهات الدينية في إغراق المغاربة في‬ ‫نفاق تجاه التحوالت التي يعيشها مجتمعنا ح ًقا‪.‬‬ ‫وهكـــذا‪،‬فإنالمحافظـيـنالذيـــنيلتزمونبالنصوصالحاليةللقوانين‬ ‫من خالل طرح المبادئ الدينية فقط‪،‬‬ ‫وإغالق الباب أمام كل اجتهاد‪ ،‬سوف‬ ‫يصلون في نهاية المطاف إلى الوعي‬ ‫بضرورة النظر إلى الحقائق التي‬ ‫نواجهها‪.‬‬ ‫عندهـــا ستــدرك التيـــارات‬ ‫المحافظة قيمة الحريات الفردية‪،‬‬ ‫وبأنهــا هي التي تحمــي اإليمـان‬ ‫الحقيقــي‪ ،‬وتحديداً ألن المرء ال‬ ‫يمكــــن أن يؤسس إيمانه على‬ ‫النفاق‪ .‬ســوف يفهمــون أن هـــذه‬ ‫هي الطريقة الفعالة لبناء مجتمع‬ ‫متعقل ال يضع األشخاص في‬ ‫الســجن بتهم مثل تلك التي حرمت‬ ‫مؤقتا هاجــر الريسوني من الحرية‪.‬‬ ‫ما يبعث على االرتيــاح هو أننا‬ ‫بدأنا بالفعل نشعر بالتراجع الحاصل‬ ‫لدى بعض الشخصيات التي كانت‬ ‫إلى أمــس القريب معروفة بصالبتها‬ ‫تجــاه قضيــة الحريـــات الفردية وخاصة فيما يتعلق بالمرأة‪.‬‬ ‫دعنا ّ‬ ‫نذكر بأحد اإلسالميين من حزب العدالة والتنمية‪ ،‬ويتعلق األمر بعبد‬ ‫اإلله بنكيران‪ ،‬الذي فاجأ الجميع بمواقفه مرتين‪ .‬المرة األولى عندما عبر عن‬ ‫تضامنه مع أمينة ماء العينين في أعقاب إدانتها من قبل حزبها‪ ،‬حزب العدالة‬ ‫والتنمية في قضية ظهورها عارية الرأس أمام «موالن روج» في باريس؛ ثم‬ ‫تعاطف اآلن مع هاجر الريسوني‪.‬‬ ‫بنكيران‪ ،‬الذي هنأ هاجر والمتهمين اآلخرين بمناسبة إطالق سراحهم‪،‬‬ ‫معبرا عن موقفه من العفو الملكي‪ ،‬قائ ًال إن «الملك فحص قضية هاجر بدقة‬ ‫وبعناية واتخذ قرارًا حكيما مفعما باإلشارات»‪.‬‬ ‫وزير الدولة المكلف بحقوق اإلنسان والعالقات مع البرلمان‪ ،‬ووزير العدل‬ ‫السابق‪ ،‬اإلسالمي مصطفى الرميد‪ ،‬يعتقد من جانبه أن محمد السادس بهذا‬ ‫القرار «أعاد ترتيب األشياء [‪ ]...‬مع إشارة إنسانية استثنائية مليئة بالحكمة‬ ‫تلبي رغبات وتطلعات أولئك الذين يريدون الخير في البلد»‪.‬‬ ‫مثال هام آخر يتعلق بأحد الممثلين العظماء لألرثوذكسية الدينية (حركة‬ ‫التوحيد واإلصالح)‪ ،‬والذي عبر عن رأي إيجابي مؤداه أن مبادرة الملك تستحق‬ ‫الثناء والتقدير‪«...‬أهنئ هاجر وخطيبها والطبيب ومساعديه» قال الرئيس‬ ‫الحالي لالتحاد العالمي للعلماء المسلمين(‪ ،)UIOM‬أطلب منهم جميعًا أن‬ ‫يعودوا إلى مناصبهم بشكل آمن وسليم مع كل الشرف المحيط بهم من‬ ‫التعاطف الملكي والتضامن الشعبي»‪ ،.‬مضيفا «مسألة الحريات الفردية‬ ‫أصبحت عاجلة وليست ثانوية»‪.‬‬ ‫هذه التصريحات الصادرة من أشخاص كانوا باألمس غير قابلين‬

‫للتفاوض بخصوص مسألة إلغاء تجريم الحريات الفردية تبين أن الباب غدا‬ ‫مفتوح اآلن للحوار‪.‬‬ ‫العقبة الثانية هي عقبة قانونية‪ ،‬حيث توجد قوانين لإللغاء أو التلطيف‪.‬‬ ‫هذه هي الرؤية التي يدافع عنها التقدميون بشراسة‪ ،‬مطالبين بإجراء‬ ‫تغيير جوهري في القوانين المعنية‪ .‬األحزاب والشخصيات السياسية تدفع في‬ ‫هذا االتجاه‪ ،‬والجمعيات تتحرك أكثر‪.‬‬ ‫يجب أن يكون هؤالء األشخاص قادرين على مواصلة العمل والدفع ورفع‬ ‫مستوى الوعي والحمالت‪.‬‬ ‫يجب على وسائل اإلعالم العمومية أيضًا أن تفتح المجال لهذه القضية‪،‬‬ ‫خاص ًة قنوات الراديو والتلفزيون القريبة أكثر من الجماهير الشعبية‪.‬‬ ‫بالنسبة إلى الصحفية الشهيرة‪ ،‬سناء العاجي‪ ،‬فإن جز ًءا من قانــون‬ ‫العقوبات المغربي هو «بقايا نظام مـــوروث عن العصور الوسطـى»‪ .‬وقالت‬ ‫«إنه من غيـــر المعقول أن نحكم اليوم بهذه الترسانة القانونية البدائية»‪،‬‬ ‫مضيفــة إنه «يجب مراجعة بعض بنــود قانــون العقوبات باسم الحرية‬ ‫الفردية واحترام االختيارات الشخصية‬ ‫ألي فرد ناضج‪ ،‬سواء في قناعاته أو في‬ ‫حياته الخاصة وفي الحياة اليومية»‪.‬‬ ‫نجاة الرازي‪ ،‬الباحثـة في علم‬ ‫االجتماع والناشطة في مجال الدفــاع‬ ‫عن حقـــوق المرأة‪ ،‬ترى «أن قضيــة‬ ‫ً‬ ‫هاجــر الريسوني تشكل‬ ‫انتهاكـا‬ ‫لحقــوق اإلنســـان‪ ،‬فيما يتعلـــق‬ ‫بسالمته البدنية والمعنوية‪».‬يستند‬ ‫اتهامها إلى قانون تمييـــزي يعود‬ ‫إلى الستينيات‪ ،‬والذي يتم إصالحه‬ ‫حاليًا في البرلمان‪.‬‬ ‫األمثــــلـــة كثيـــرة‪ ،‬ويمكـــن‬ ‫للمـــرء أن يلخصها بتسجيل‬ ‫مالحظـــة تبعـــث على التفاؤل‬ ‫مفادها أن قضية هاجر الريسوني‬ ‫قد أوجدت تفهمًا معيناً بين صفوف‬ ‫المحافظين‪ ،‬وهو ما يعد بفتح نقاش‬ ‫بناء‪.‬‬ ‫هذا يذكرنا بالحملة القوية التي انطلقت في نهاية عام ‪ 2011‬دعماً‬ ‫للفتاة القاصر أمينة الفياللي‪ ،‬التي تم تزويجها باسم القانون من مغتصبها‪،‬‬ ‫وذلك ألن القانون المذكور يكفل اإلفالت من العقاب إذا وافق المغتصب على‬ ‫الزواج من ضحيته‪ .‬النتيجة التراجيدية لذلك كانت أن الشابة أمينة الفياللي‬ ‫أنهت حياتها منتحرة في ‪ 24‬مارس ‪.2012‬‬ ‫لنتذكر أن التعبئة المتأخرة لألسف‪ ،‬التي أحاطت بهذه القضية الحزينة‬ ‫لعبت دوراً رئيسياً في اإلصالح الجزئي لقانون العقوبات وذلك بإلغاء المادة‬ ‫‪ 475‬التي كلفت حياة أمينة الفياللي‪.‬‬ ‫اليوم‪ ،‬لن نأخذ األمر بنفس اإليقاع المتأخر !‬ ‫ونحن نتنفس الصعداء مع اإلشارات الملكية اإلنسانية القوية للغاية‪،‬‬ ‫والتي تدخلت في توقيت مثالي‪ ،‬يتحتم أن يُعاد توليد األمل من جديد‬ ‫إلحياء التصدي السلمي إللغاء تجريم الحريات الفردية‪ ،‬في إطار القانون‪،‬‬ ‫وفي إطار فقه مقبول من قبل الجميع‪ ،‬بد ًء من حقيقة أن الحريات الفردية‬ ‫ليست انحطاطا أو كفرا‪ .‬إنها دعوة لبناء مجتمع غير منافق يتحمل فيه األفراد‬ ‫مسؤولية أفعالهم وخياراتهم‪.‬‬ ‫سيكون هذا التصدي بال شك طويلاً وشا ًقا‪ ،‬ولكن حان الوقت اآلن‬ ‫ً‬ ‫محافظين وتقدميًين؛ دون تعقيدات ألن األمر في قمة النبل‪،‬‬ ‫للوقوف معاً‪،‬‬ ‫وألننا نريد أن نكون في طليعة الدول المتقدمة والحديثة مع الحفاظ على‬ ‫معتقداتنا الدينية‪.‬‬

‫قطرات مداد‬ ‫ُ‬ ‫• محمد إمغران‬

‫مسلسل‬ ‫«شي كيضحك‬ ‫على شي» إلى متى ؟‬

‫ال يجادل اثنان في أن الجمهور الرياضــي‬ ‫الطنجوي جمهور متميز جدا بعدده الضخم‬ ‫الذي يمأل مدرجات «ملعـــب طنجــة الكبير»‬ ‫وبطريقة تشجيعاتـــه الرائعة وبشكله الفريد‬ ‫من نوعه حتى يخاله كل مالحظ أنه جمهور‬ ‫أوروبي أو إسباني‪ ،‬بأناقته وانضباطه وتفاعله‬ ‫مع أطوار المقابلة‪ ،‬بحمــاس كبير وتشجيــع‬ ‫متواصل‪.‬‬ ‫تصوروا كيف أن هـــذا الجمهور العريض‬ ‫يمتطي مختلف وسائــل النقــل لقطع مسافة‬ ‫طويلة‪ ،‬صوب الملعب‪ ،‬ترهق جيوبه بما يتطلبه‬ ‫ذلك من مصاريف النقل واقتناء بعض األطعمة‬ ‫وغيرها من القهوة والشاي والمبردات‪ ،‬إن‬ ‫اقتضى األمر‪ ،‬وذلك ليتابع مباراة في كرة ماذا ؟‬ ‫إذن‪ ،‬هذا هو بيــت القصيـد‪ ،‬فهل هذا‬ ‫الجمهور‪ ،‬العاشق لكرة القدم بجنون‪ ،‬المتابع‬ ‫لمباريات «البارصــــا» و «الريـال مدريـــد»‬ ‫و«ليفيـــربـــول» و «تشيلســـي» و»مانشيستر‬ ‫يونايتيد» و«جوفنتوس» و‪..‬و‪..‬يستمتع فعال‬ ‫بكرة قدم حقيقية فوق المستطيل األخضر‬ ‫ب‪«:‬ملعب طنجة الكبير»‪ ،‬سواء برسم البطولة‬ ‫«االحترافية» أو برسم منافسات كأس العرش‬ ‫التي أقصي منها فريـق المدينة األول بعقر‬ ‫داره ضد فريق حسنية أكاديرالذي بدوره لم‬ ‫يقدم كرة قدم جميلة‪ ،‬غير تسجيله هدفا من‬ ‫ضربة جزاء‪ ،‬حافظ عليه‪ ،‬خوفا‪ ،‬إلى غاية صافرة‬ ‫الحكم المعلنة عن نهاية المقابلة‪ .‬بمعنى أن‬ ‫الفريقين معا اليليقان بمستوى القسم األول‬ ‫«االحترافي» المنشود‪ ،‬بالنظر إلى ما قدماه‬ ‫خالل مواجهتهما األخيرة‪ ،‬بملعب «الزياتن»‬ ‫بطنجة‪ ،‬حيث لم تكن حتى التمريرات موفقة‬ ‫بين الالعبين وغــاب التهديـــف لدى فريـــق‬ ‫المدينة األول‪ ،‬كما غاب عن العبيه قذف الكرة‬ ‫صوب مرمى الخصم من بعيــد‪ ،‬بل وغابت‬ ‫الفرجة وحل محلها الملل وإثارة األعصاب‬ ‫بالنسبة لمشاهدي المباراة عبر شاشة التلفزة‪،‬‬ ‫قبل أن يقاطعوها كالعادة‪ ،‬بحثا عن قناة‬ ‫تلفزية أخرى‪ ،‬ليتابعوا ما يشفي غليلهم من‬ ‫سحر كروي أوروبي جميل ممتع‪.‬‬ ‫والحق أقول أن فريق المدينة األول‪ ،‬بالعبيه‬ ‫ومسيريه «يضحكون» على هذا الجمهور الرائع‬ ‫بأداء باهت جدا‪ ،‬يتكرر من مباراة إلى أخر ى‪،‬‬ ‫وحتى الجمهور ذاته الذي يقيم احتفالية الفتة‬ ‫لألنظاربمدرجات الملعب يبدو أنه «كيضحك‬ ‫على راسو» مادام ينتظرأداء طيبا من فريقه‪،‬‬ ‫العاجز عن اإلقناع فوق المستطيل األخضر‪.‬‬ ‫وهكذا يستمر مسلسل «شي كيضحك على‬ ‫شي» ب ‪« :‬ملعب طنجة الكبير»‪ ،‬فإلى متى هذا‬ ‫الوضع ؟‬


‫العدد ‪1017‬‬

‫‪21‬‬

‫الثالثـاء ‪� 29‬أكتوبر �إلى ‪ 04‬نـوفمرب ‪2019‬‬

‫أن تجالس سياسيا ومثقفا بحجم عبدالحميد البجوقي‪،‬فتلك فرصة للسفر عبر رحلة يتماهى فيها االختيار الذاتي مع‬ ‫الحدث التاريخي عبر الزمن‪.‬‬ ‫هي جلسة للوقوف عند العشق‪ ‬المزدوج(سياسة‪/‬ثقافة) للرجل‪،‬واإلنصات لتجربته الجادة والمثيرة التي راهن من خاللها‬ ‫على األمل رغم القتامة‪.‬ومن أجل هذا األمل‪،‬ناضل الرجل سياسيا ومدنيا بالوطن وبالمهجر ‪ ،‬وهاهو يتوج هذا المسار اآلن‬ ‫بروايات يطرح من خاللها انطباعات وصور عن إشكالية الهجرة بكل تجلياتها‪.‬‬ ‫فعال هي جلسة مشوقة‪،‬تخال نفسك تسترجع التاريخ بطعم السرد الجميل‬

‫السياسي والثقافي في تجربة‬

‫عبد الحميد‬

‫البجوقي‬ ‫* إعداد ‪ :‬يوسف سعدون‬

‫عبد الحميد والسياسة ؟‬

‫أو باألحرى سؤال السياسة وعبد الحميد‪ ،‬هو سؤال يحضرني منذ‬ ‫أن بدأ يتشكل لدي وعي سياسي وأنا تلميذ في مدينة البيضاء بثانوية‬ ‫األزهر أو المعروفة باألرميطاج في سبعينيات القرن الماضي‪ ،‬وبعدها‬ ‫في مجموعة مدارس محمد الخامس في الرباط التي كان يديرها‬ ‫أحد أقطاب الحركة الوطنية المرحوم عثمان جوريو ‪ .‬كان ذلك في‬ ‫السبعينيات من القرن الماضي ‪ ،‬وكان المغرب يمر بمرحلة دقيقة من‬ ‫تاريخه السياسي‪ ..‬ال أدري إلى أي حد كان اهتمامي بالشأن السياسي‬ ‫اختيارا حرّا‪ ،‬كان المغرب يمر مما عرف بسنوات الرصاص واحتدام‬ ‫المواجهة بين النظام وأحزاب الكتلة الوطنية وبروز ما سمي باليسار‬ ‫الجذري‪ .‬لم تكن اهتماماتي السياسية تتجاوز الشعور بغضب خام‬ ‫تتقاذفه خطابات سياسية تتراوح بين ما كان يسمى باليسار الجذري‬ ‫و آخر معتدل يتصدره االتحاد االشتراكي للقوات الشعبية‪ ،‬أتذكر اليوم‬ ‫الحوارات التي جمعتني بمناضلين ساهموا في تأطيرنا كشباب يفيض‬ ‫بالحماس‪ ،‬وانتهت بانخراطي في صفوف الشبيبة االتحادية بعد‬ ‫التحاقي بالجامعة‪ .‬في كلية الحقوق بالرباط سنة ‪ 1980‬انخرطت في‬ ‫االتحاد الوطني لطلبة المغرب‪ ،‬ووجدتني في خضم الصراع الذي انفجر‬ ‫في االتحاد االشتراكي للقوات الشعبية‪ ،‬وتموقعت حينها فيما عرف بتيار‬ ‫رفاق الشهداء الذي أصبحت ممثال له في تعاضدية االتحاد الوطني‬ ‫لطلبة المغرب بكلية الحقوق‪ .‬لم أكن أتصور وأنا أخوض التجربة أنني‬ ‫امتطيت قطار السياسة دون رجعة‪ ،‬وأن اختياري سيقودني إلى المنفى‪،‬‬ ‫كنت أعتقد أن حماسي عابر‪ ،‬وكنت كغيري من الشباب نعتبر أن‬ ‫التجربة عابرة‪ ،‬وأن مستقبال ينتظرنا خارج أسوار الكلية‪ ،‬كانت‬ ‫أحالمي كثيرة‪ ،‬أبرزها أن ألتحق بسلك القضاء‪.‬‬ ‫كنت أعتقد ببراءة أن انخراطي في السياسة لن يتجاوز‬ ‫أسوارالجامعة‪ ،‬لكن بعد قمع النظام الشرس واألحكام الخيالية‬ ‫التي صدرت في حقي بعد انتفاضة ‪ ،1984‬وجدت نفسي حينها‬ ‫متابعا بملف ثقيل لم أكن أتصوره‪ ،‬انتابني مزيج من الشعور‬ ‫بالرعب والغضب والغبن والتشظي‪ ،‬وجدتُ نفسي في يوم‬ ‫من أيام أبريل من سنة ‪ 1984‬وأنا أمتطي قاربا صغيرا يشق‬ ‫بحر المتوسط الهادئ‪ ،‬كانت أشعة الشمس تطل ذلك الصباح‬ ‫من أفق بعيد وتنتشر على سطح ماء أزرق‪ ،‬في صمت رهيب ال‬ ‫يكسره سوى هدير أمواج خفيفة وصوت محرك القارب الصغير‪،‬‬ ‫عاد بي خيالي حينها إلى صور حياة قصيرة تركتها ورائي محملة‬ ‫بذكريات صاخبة في مسقط رأسي بمرتيل‪ ،‬وبعدها في تطوان‬ ‫بعد وفاة الوالد وعمري ال يتجاوز خمس سنوات‪ ،‬ثم دراستي في‬ ‫البيضاء والرباط‪ ،‬كانت رحلة لن أنساها على اإلطالق‪ ،‬انتابني‬ ‫حينها شعور غريب بالفقد والتشظي واالقتالع واأللم‪ ،‬كان القارب‬ ‫يقطع المسافة بين الضفتين ببطء وأنا في جلبابي الرمادي‬ ‫أشعل السيجارة تلو األخرى ‪,‬أسترق النظر إلى صديقي البحار الذي كان‬ ‫يتظاهر بتصفيف شباك الصيد واالستعداد لنصبها‪ .‬حينها اقتنعت أن‬ ‫السياسة اختارتني لخوضها في زواج كاثوليكي ال يسمح باالنفصال‬ ‫عنها أو طالقها‪ ،‬وابتعادي اليوم عن الفعل السياسي ال يعني أنني‬ ‫أصبحت طليقها‪.‬‬

‫عبد الحميد والثقافة؟‬

‫الهم الثقافي كان حاضرا في تجربتي السياسية‪ ،‬وكان المشهد‬ ‫الثقافي المغربي حينها يرافق السياسي في الدفاع عن الحرية والحداثة‬ ‫والديموقراطية‪ ،‬كانت مرحلة انخرط فيها المثقف المغربي في الشأن‬ ‫السياسي وتبوأ مكانته في التأطير والتأثير والفعل المباشر‪ .‬أسماء‬ ‫المعة رافقت حينها الحراك السياسي في المغرب ولعبت دورا طليعيا‬ ‫في الصراع السياسي الذي كانت تدور رحاه بشراسة‪ ،‬الئحة طويلة من‬ ‫المفكرين والمبدعين والفنانين ساهموا حينها في تأطيرنا وتوجيهنا‪،‬‬ ‫اليمكن في تقديري الفصل بين السياسي والثقافي في عالقتهما‬ ‫بالمجتمع وبالنضال من أجل العدالة والحرية وحقوق االنسان‪ ،‬وبرزت‬ ‫حينها أسماء ّأثرت في جيلنا بشكل كبير‪ .‬بعضها كانت تتحمل‬ ‫مسؤوليات سياسية مباشرة سواء داخل األحزاب التقدمية أو في إطارات‬ ‫نقابية وجمعوية‪ ،‬لم يكن المغرب استثناء في انخراط المثقف في‬ ‫السياسة وانخراط السياسي في الثقافة‪ ،‬أتذكر اليوم ببعض الحسرة‬ ‫الدور الطليعي التحاد كتاب المغرب في تأطير المجتمع ومواجهة قمع‬ ‫النظام‪ ،‬والعديد من المجالت الثقافية والفكرية‪ ،‬والمبادرات الجمعوية‬

‫الرائدة التي كانت تتموقع في جبهة الدفاع عن الحريات والعدالة‬ ‫والديموقراطية‪ ،‬ونفس األمر كان مع األغنية الملتزمة والمسرح‬ ‫والسينما‪ ،‬كانت النوادي السينمائية المنتشرة في المغرب واجهة‬ ‫لتأطير الشباب ومعْبرا لإلنخراط في الشأن السياسي‪ .‬عالقة السياسي‬ ‫بالثقافي ال يعني أن يرتبط اإلبداع بأجندات سياسية بعينها‪ ،‬وال أن‬ ‫يكون تابعا لها‪ ،‬بقدر ما هو ارتباط يتعلق بدور الثقافة في تشكيل‬ ‫الوعي‪ ،‬وفي عالقة الثقافة بهموم المجتمع‪ ،‬ال يمكن للثقافة أن تتطور‬ ‫إذا لم تتواصل بمحيطها االجتماعي وبهموم المجتمع‪ ،‬هذه العالقة‬ ‫بين الثقافي والسياسي كانت ِّ‬ ‫مؤطرة لجيلنا في السبعينيات من القرن‬ ‫الماضي‪ ،‬واستمرت كذلك بعد انتقالي االضطراري إلى المنفى‪ .‬كانت‬ ‫تجربة فريدة تلك التي عشتها في المنفى‪ ،‬وجدت نفسي فجأة في خضم‬ ‫المشهد السياسي االسباني الحديث العهد بالديموقراطية‪ ،‬التقيت‬ ‫بالعديد من المنفيين والمغتربين من جنسيات مختلفة‪ ،‬نسجتُ‬ ‫عالقات قوية مع مغتربين من أمريكا الالتينية‪ ،‬عالقات جمعنا فيها‬ ‫الشعور المشترك بالفقد والتشظي وألم االقتالع‪ ،‬كانت فرصة نهلت‬ ‫فيها الكثير من األدب الالتيني وقرأت لقامات كبيرة من أدباء وروائيين‬ ‫المعين‪ ،‬وعايشت بعضهم من الالجئين في إسبانيا‪ .‬كان لهذا االنتقال‬ ‫ألقسري إلى الضفة الشمالية تأثير كبير على اهتماماتي الثقافية‪،‬‬ ‫اهتمام تطور بعد زياراتي المتكررة ألمريكا الالتينية‪ ،‬وبعالقات شاءت‬ ‫الصدف أن أنسجها مع بعض المثقفين اإلسبان‪ ،‬أذكر منهم بشكل‬ ‫خاص الكاتب االسباني خوان غويتيصولو‪.‬‬

‫كان لالغتراب والنفي القسـري دور كبير في انخراطـي بالعمـل‬ ‫السياسي شأني في ذلك شأن أغلب المغتربين والمنفيين في‬ ‫العالم‪ ،‬لكن انخراطي في العمل النقابي والسياسي رافقه منذ البداية‬ ‫اهتمام متزايد بما هو ثقافي تمّ تتويجه أواسط تسعينيات القرن‬ ‫الماضي بتنظيم لقاءات ثقافية منتظمة أهمها «اللقاء بين ثقافتين»‬ ‫الذي كانت تنظمه جمعية العمال والمهاجرين المغاربة في إسبانيا‬ ‫المعروفة بأتيمي‪ ،‬ستة لقاءات تمحورت حول إشكاليات ثقافية وفكرية‬ ‫بين الضفتين‪ ،‬وشاركت فيها أسماء وازنة من المغرب وإسبانيا‪ ،‬كما‬ ‫ساهمتُ في تأسيس مجلة «دفاتر الشمال» وكنت عضوا في هيأة‬ ‫تحريرها‪ ،‬وكانت مجلة رائدة تركت بصماتها في المشهد الثقافي‬ ‫العربي‪..‬‬ ‫عالقتي بالكتابة التي كانت في البداية تقتصر على مقاالت رأي في‬ ‫جريدة الباييس االسبانية وبعدها جريدة الموندو‪ ،‬وأخرى في بعض‬ ‫المنابر المغربية والعربية انتهت بإصدار كتابي األول باالسبانية عن‬ ‫المشهد السياسي المغربي يحمل عنوان « االنتقال السياسي في‬ ‫المغرب» تلتها إصدارات عدة بالعربية عن الهجرة وعن الصراع السياسي‬ ‫في المغرب‪ ..‬وبعد سنوات من اعتزالي للفعل السياسي المباشر قررت‬ ‫خوض تجربة الكتابة الروائية مدفوعا برغبة ظلت ترافقني خالل سنوات‬ ‫المنفى‪ ،‬رغبة في التفريغ والتعبير عن شعور المنفي‪ ،‬عن شعور التمزق‬ ‫الذي رافقني في المنفى وال يزال‪ ،‬رغبة في وصف عناصر القلق والتيهان‬ ‫التي ترافق المنفيين وتحديات االندماج والعالقة باألنا والغير واآلخر‪.‬‬ ‫وكانت رواية «عيون المنفى» باكورة أعمالي الروائية تبعتها روايتان‬

‫عن المنفى « حكايات المنفى» والمشي على الريح التي صدرت سنة‬ ‫‪ ،2019‬هي في نهاية المطاف ثالثية المنفى‪ ،‬تصف المُعاش واليومي‬ ‫من تحديات الهجرة والمنفى‪.‬‬

‫جدلية المثقف والسياسي عند عبدالحميد؟‬

‫أن يخوض المثقف غمار السياسة ال يعني بالضرورة أية قيمة‬ ‫مضافة للسياسة‪ ،‬أو للتدبير السياسي‪ ،‬بل هناك نماذج لمثقفين أخفقوا‬ ‫في تدبير الشأن السياسي‪ ،‬بالمقابل نجد نماذج أفلح فيها السياسي‬ ‫في تدبير الشأن الثقافي والرفع من مستواه‪ ،‬عالقة السياسي بالمثقف‬ ‫ترتبط أساسا بقدرة هذا األخير على التأثير في السياسة‪ ،‬أن يتحول‬ ‫المثقف إلى قوة ضغط تُحرك الرأي العام‪ ،‬قوة قادرة على مراقبة‬ ‫السياسي وتوجيهه‪ .‬في المقابل على الثقافي أن يأخذ مسافة من‬ ‫السياسي وأن ال يكون تابعا له‪ ،‬على الثقافة أن تكون مُشاكسة وأن ال‬ ‫تخضع للتوجيه السياسي‪ .‬هي فعال عالقة جدلية تقوم على التفاعل في‬ ‫اتجاهين دون أن تخضع الثقافة للسياسة‪.‬‬ ‫فيما يتعلق بجدلية المثقف والسياسي في تجربتي المتواضعة‪،‬‬ ‫فهي تقترن حتما بتجربة المنفى‪ ،‬تقترن بتيهان السياسي والكاتب‬ ‫المنفي الذي يقف في بالد لم ينشأ فيها وعينه ترنو إلى بالده ـ كما‬ ‫يقول أمين معلوف ـ ‪ ،‬هو نفسه الذي يعود إلى بالده وعينه ترنو إلى‬ ‫بالد احتضنته‪ .‬تجربة المنفى تطبع عالقة المثقف بالسياسة‪ ،‬عالقة‬ ‫تستمد ـ في تقديري ـ مادتها من النفور والتراوح بين هويات‬ ‫متعددة ومتباينة‪ ،‬هي كتابة ال تخلو من األلم‪ ،‬هي كتابة كاشفة‬ ‫وجريحة تقوم على فرضية تفكيك عقدة انتماء متعدد‪ ،‬وهوية‬ ‫هجينة غير راضية عن ذاتها وعناصر ُّ‬ ‫تشكلها‪ ،‬هي كتابة عابرة‬ ‫للحدود الثقافية والجغرافية والتاريخية والدينية‪ ،‬هي كتابة‬ ‫تتسم بالقلق الوجودي والسخط العارم‪ .‬عن هذه الجدلية أريد‬ ‫الحديث في هذا الحوار‪ ،‬عن جدلية الكتابة والهوية والمنفى‪،‬‬ ‫عن كتابة تتسم بالقلق الوجودي‪ ،‬ويسكنها الحراك واالنشقاقية‬ ‫والسخط‪ ،‬يقول عنها الروائي العراقي عبداهلل ابراهيم أنها‬ ‫كتابة مدوِّنة‪ ،‬كاشفة لمصائر البشر ومعاناتهم مع العنف‬ ‫والمالحقة والطرد وتمزيق الشمل والهيام في األرض بحثا عن‬ ‫أماكن بديلة‪ ،‬وعن أمان خادع‪ ..‬وهي في نظري بحث سيزيفي‬ ‫عن عودة ال تكتمل‪ ،‬ورغبة مستمرة في العودة إلى حيث ال‬ ‫أدري‪ ،‬هي بحث عن هوية ال تستقيم‪ ،‬وانتماء ال يكتمل‪ ،‬ورغبة‬ ‫في تكسير السياجات الثقافية البليدة ـ بليدة في نظر المنفي‬ ‫طبعاـ‪.‬‬ ‫بعد فترة من االستقرار‪ ،‬أو باألحرى اإلقامـة في إسبانيــا‬ ‫اكتشفت أنني رهينة لقلق دائم‪ ،‬قلق االنتماء المتعدد‪ ،‬قلق‬ ‫هوية لم تعد تلك التي رافقتني‪ ،‬وأخرى حاضنة تحاول تجريدي من‬ ‫هويتي األصل‪ ..‬كابوس االنتماء المتعدد القادم من أصل هجين يجمع‬ ‫بين العنصر األمازيغي والعربي واإلفريقي والموريسكي‪ ،..‬انتماء لم‬ ‫أتبين معالمه وعمقه إ ّال بعد أن ابتعدت عن وطني‪ ،‬حضرتني حينها‬ ‫تجربة األنا االفريقية واآلخر في رواية «حجول من شوك» للروائيــة‬ ‫السودانية بثينة خضرمكي‪ ،‬تعاني بطلة الرواية نصرة قلق االنتماء‪،‬‬ ‫ألنها لم تستطع حسم أمر انتمائها إلى السودان العربي أم اإلفريقي‪،‬‬ ‫تعتز بسودانيتها وبأصلها الهجين الذي يجمع بين العنصر العربي‬ ‫والعنصر االفريقي‪ ،‬لكنها لم تحس بالقلق اتجاههما إ ّال بعد أن ابتعدت‬ ‫عن وطنها‪..‬‬ ‫عبر تجارب بعض المثقفين الذين تحملوا مسؤوليات سياسية‪ ،‬هل‬ ‫انتصروا للثقافي عبر السياسي‪ ،‬أم العكس؟‬ ‫دور المثقف في تقديري أن ينتصر للسياسي‪ ،‬أن يستفز عناصر‬ ‫التغيير والحداثة‪ ،‬أن يرافق هموم المجتمع‪ ،‬شرط أن ال يفقد استقالليته‪،‬‬ ‫التجارب التي عرفتها أو عايشتها لمثقفين خاضوا غمار السياسة‬ ‫وتحملوا مسؤوليات سياسية‪ ،‬باءت أغلبها بالفشل‪ ،‬دور المثقف في‬ ‫تقديري يقتصر على دعم مشاريع التغيير‪ ،‬ونادرا ما ينجح في التدبير‪.‬‬ ‫للمثقف دور بارز في توجيه السياسات ومراقبتها وتأطيرها‪ ،‬المثقف‬ ‫ضمير األمة الذي يساهم في تقويم السياسات‪ ،‬لكنه في نظري غير‬ ‫قادر على مواجهة إكراهات تدبيرها والتفاعل مع توازناتها‪ .‬نماذج كثيرة‬ ‫يمكن استحضارها في التجربة االسبانية التي عرفتها عن كثب‪،‬وأخرى‬ ‫في عالمنا العربي وغيرها‪.‬‬


‫‪22‬‬

‫الثالثـاء ‪� 29‬أكتوبر �إلى ‪ 04‬نـوفمرب ‪2019‬‬

‫العدد ‪1017‬‬

‫لعبة السودوكو (‪)478‬‬

‫المغرب في زمن الصناعة‬ ‫الثقافية واإلبداعية‬

‫أصل اللعبة‬

‫لعبة السودوكو اليابانية األصل «‪ ،»SUDOKU‬كانت معروفة منذ الثمانينيات‬ ‫في اليابان‪ ،‬إال أنها لم تظهر كلعبة ذات شعبية إال سنة ‪.2005‬‬

‫• بقلم ‪ :‬محمد أديب السالوي‬

‫معنى كلمة سودوكو‬

‫كلمة سودوكو هي اختصار للجملة اليابانية (‪)Nikagiru Sujiwa Dokushin‬‬ ‫وتعني أن األعداد البد أن تكون مفردة‪ .‬وهذه اللعبة عبارة عن عالمة تجارية لشركة‬ ‫‪.Nikol‬‬

‫كيف تلعبها ؟‬

‫اللعبة تعتمد على المنطق لدرجة كبيرة‪ ،‬وهي لوحة مقسمة إلى تسع مناطق كل‬ ‫منطقة مكونة من تسع خانات‪ ،‬وعليك أن تمأل هذه الخانات أفقيا أو عموديا بأرقام من‬ ‫‪ 1‬إلى ‪ ،9‬حيث ال تستخدم الرقم إال مرة واحدة في جميع المربعات على العمود نفسه‬ ‫أو السطر أو القطر‪ ،‬وتكون هناك أرقام موضوعة سابقا في بعض الخانات‪.‬‬

‫مفيدة لكن معقدة‬

‫اللعبة مفيـدة جدا لتقوية مهارات المنطـق‪ ،‬ويستخدمهـا مدرسو الرياضيات‬ ‫كتمارين للطلبة وتختلف درجة التعقيد‪ ،‬حسب الفئة المستهدفة‪.‬‬

‫بين الممكن والمستحيل‬

‫تعد الثقافة مفهومــا مركزيــا في األنتروبولوجيا‪ ،‬يشمل‬ ‫الظواهر التي تنتقل من خالل التعلم االجتماعي‪ ،‬من السلوك‬ ‫اإلنساني‪ ،‬من األشكال والرموز التعبيرية‪.‬‬ ‫الثقافة هي الكل المركــب الذي يشمل المعرفــة‪ ،‬العقائد‪،‬‬ ‫الفنون‪ ،‬العلوم‪ ،‬القيــم األخالقية‪ ،‬العـادات‪ ،‬األفكار‪ ،‬المشاعر‪،‬‬ ‫الممارسات المتوارتة اجتماعيا‪ ،‬الطقــوس‪ ،‬الطبـــخ‪ ،‬المالبس‪،‬‬ ‫الهندسـة المعمارية‪ ،‬األساطيـر‪ ،‬الفلسفــة‪ ،‬المسرح الموسيقى‪،‬‬ ‫الفنون التشكيلية النحت‪ ،‬األداب‪ ،‬الثرات الثقافي‪ ،‬وهي كل ما‬ ‫صنعه‪/‬يصنعه عقل اإلنسان من أشياء ومظاهر ومعارف وعادات‪،‬‬ ‫وهو ما يجعلها تلعب دورا فاعال وبارزا في كل العلوم اإلنسانية‪،‬‬ ‫علم االجتماع‪ ،‬علم اإلنسان‪ ،‬علم النفس‪ ،‬علم ثقافات المستقبل‪.‬‬ ‫والشك أن الموروث الثقافي للمغرب‪ ،‬كبير وعظيم وواسع‬ ‫وشامل موروت تتراكــم عليــه حضارات متنوعــة‪ ،‬أمازيغيــة‪،‬‬ ‫افريقية‪ ،‬عربية‪ ،‬أندلسية‪ ،‬وهم ما يجعلنا نملك رصيدا ثقافيا‬ ‫غنيا ومتنوعا‪ ،‬يتكون من عدد كبير من المجاالت التي تدخل في‬ ‫خامات الثرات الحضاري الوازن‪ ،‬الذي يشكل في كلياته‪ ،‬ثقافة‬ ‫انسانية غنية بكل المقاييس‪.‬‬ ‫السؤال‪ :‬ما عالقـة هذا التراث الوازن بالصناعـات الثقافية‬ ‫واإلبداعية‪ .‬في عالمنا اليوم‪ ..‬؟‬ ‫الصناعــة الثقافيـــة‪ ،‬هي كافــة األنشطــة والممارسات‬ ‫االقتصادية التي تتسم بدرجة من التعقيــد في تحويل المواد‬ ‫الثقافية إلى سلع وخدمات‪ ،‬فهي تسهم في الرفع من قيمة‬ ‫الراسمال الالمادي وتطويره ليصبح أداة اقتصادية مؤثرة في‬ ‫التنمية البشرية‪/‬المستدامة‪.‬‬ ‫استعمل هذا المصطلح “الصناعة الثقافية” ألول مرة سنة‬ ‫‪ 1947‬من طرف األلمانية أوركارمر في كتابها “جدل التنوير”‪،‬‬ ‫وبعد ثالثة عقود أصبح يستعمل في الترويج للمصنفات الفنية‬ ‫والثقافية اقتصاديا بأروبا والواليات المتحدة األمريكية‪.‬‬ ‫وحاليا أصبحت الصناعـة الثقافيـــة واإلبداعية من أسرع‬ ‫الصناعات نموا في العالـــم‪ ،‬تدر عائدات هامة‪ ،‬وهو ما جعل‪/‬‬ ‫يجعل الرأسمالية الثقافية في طريقها الى التبلور بعدما اتبتت‬ ‫انها خيارا إنمائيا مستداما‪ ،‬يعتمد على مورد فريد ومتجدد‪،‬‬ ‫هو االبداع البشري الذي يقدم للمتلقي حلوال وأفكارا جديدة‬ ‫ومبتكرة‪ ،‬نابعة من الخيال‪ ،‬أو من مهارة االبتكار‪.‬‬ ‫وألن الصناعة الثقافية واإلبداعية‪ ،‬صناعة واسعة ومترابطة‬ ‫تشمل الكتاب واللوحة والقطعة الموسيقية والبرنامج التلفزي‬ ‫والسينما والمسرح والحرف الفنية واإلعالن والسياحة وتصنيع‬ ‫األدوات الموسيقية والحرف الفنيــة التقليديـــة وغيرها‪،‬‬ ‫أصبحت هذه الصناعة فاعلة في اي مجتمع‪ ،‬لها قاعدة علمية‪،‬‬ ‫اقتصادية تمكنها من االنتشار‪ ،‬لتكون في قلب عصرها‬ ‫بتفاعالته وصراعاته وتطلعاته‪.‬‬

‫في عالم اليوم ال يمكن للمجتمــع أن ينجز تنمية بشرية‬ ‫أو تنمية مستدامة في غياب الثقافــة الداعمة لخططها‪ ،‬وهـو‬ ‫ما يتطلب من السياســات االقتصادية دعما مستمرا للصناعة‬ ‫الثقافية‪ ،‬وتوفير بنية تحتيتة متطورة لها‪ .‬يعني ذلك‪ ،‬أن الثقافة‬ ‫أصبحت في قلب االقتصـاد العالمــي‪ ،‬تتنافــس على استغالل‬ ‫قيمتها المضافة في سبيل تحقيق االهداف الكبرى للتنمية‪..‬‬ ‫مغربيا‪ ،‬وقبل أن نتطرق إلشكاليــات الصناعــة الثقافيـة‬ ‫واإلبداعية‪ ،‬علينا أن نسأل عن الموقع الذي يحتلــه المغـــرب‬ ‫اليوم في المجال الثقافي‪ ،‬ماذا قدم المفكرون والكتاب واألدباء‬ ‫التنويريون للثقافة االنسانية؟‪ .‬ماهي الفنون التي برع فيها‬ ‫الفنانون المغاربة؟‪ .‬كم عدد المتاحف واألكاديميات التي شيدها‬ ‫المغرب الحتضان مواهبه؟كم شيد من مكتبة عامة لحفظ إنتاج‬ ‫العقل المغربي عبر األزمان والقرون؟ كم شيد من مسرح وأوبرا‬ ‫لبلورة اإلبداعات المغربية؟‪ .‬من هم علماء ورموز الفكر والفن‬ ‫والمعرفة الدين أطلق المغرب أسماءهم على الشوارع والمتاحف‬ ‫والمعاهد والمدارس… ؟‬ ‫الشك أن المغــرب يملك رصيدا ثقافيا غنيا ومتنوعا‪ ،‬وأن‬ ‫موروثه الثقافي كبير وعظيم وواسع وشامل‪ ،‬يتكون من عدد‬ ‫هام من المجاالت التي تدخل في خانات التراث الثقافي القابل‬ ‫للتصنيع‪ ،‬إال أن هذا الرصيــد مازال بعيدا عن تحويــل قيمه‬ ‫المعنوية والروحية إلى قيم مادية‪ ،‬أي تحويله إلى صناعة…‬ ‫وألى سلع اقتصادية‪ ،‬على غرار الراسمال أو الرصيد المادي‪،‬وهو‬ ‫ما يجعل المغرب الراهـن يحتل رتبا عالمية متدنية‪ ،‬إن على‬ ‫مستوى التنميــة البشرية‪ ،‬أو على مستـــوى التجهيزات الني‬ ‫تتطلبها الصناعات الثقافية واإلبداعية‪.‬‬ ‫حتى اآلن القطاع الثقافي بالمغرب‪ ،‬وحده الذي ال يملك‬ ‫دراعا اقتصادية‪ ،‬كما هو حال القطاعات األخرى‪ .‬إن المجاالت‬ ‫الثقافية واإلبداعية التي أصبحت منتجاتها تصل إلى ‪ ٪ 10‬من‬ ‫إجمالي الصناعة العالمية‪ ،‬ال تشكل بالمغرب دراعا اقتصادية‪،‬‬ ‫كما هو حال الصحة والرياضة وصناعة المالبس وغيرها‪ ،‬في‬ ‫حين أن الصناعة الثقافية في عالمنا تمتد من صناعة األقالم‬ ‫والورق واألدوات التقنية إلى أقراص وأشرطة الكتاب واألغنية‬ ‫والمسرح والسينما‪ ،‬وكل المواد الثقافية المرئية والمسموعة‬ ‫والمكتوبة‪.‬‬ ‫نعم‪ .‬إن ما نطمح اليه في مغرب اليوم هو أن يكون لنا‬ ‫مشروع ثقافي يقوم على تحديت الثقافة المغربية‪ ،‬لكي تكون‬ ‫ثقافة عصرية‪ ،‬قابلة للتصنيع‪ .،‬أن يكون لنا مشروع ثقافي‬ ‫يستمد قوته من األسئلة المطروحة علينا‪ ،‬ماذا لدينا؟ ماذا‬ ‫يجري حولنا؟ وأي ظروف تحيط بنا؟ وما الذي يتوجب علينا عمله‬ ‫من أجل أن نكون في قلب عصرنا‪ ،‬ال خارجه…؟ بعد إنجاز هذا‬ ‫المشروع سيكون علينا التوجه إلى الصناعة الثقافية واإلبداعية‪.‬‬ ‫التي أصبحت تشكل طريقا ممكنا ومستحيال للصناعة التي‬ ‫نطمح إليها في زمن األلفية الثالثة‪.‬‬

‫حل السودوكو‬ ‫لجميع إعالناتكم‬ ‫اإلشهارية واإلدارية‬ ‫يف جريدة‬

‫االتصال على الرقم ‪:‬‬ ‫‪0539943008‬‬

‫رقم ‪478‬‬

‫سرعة المالحظة‬

‫بين الصورة واألصل ‪ 6‬اختالفات‪ ،‬حاول أن تهتدي إليها‪.‬‬


‫صفحة‬

‫‪23‬‬ ‫�إعداد ‪ :‬م�صطفى ال�سباعي‬

‫العدد ‪1017‬‬

‫الثالثاء ‪� 29‬أكتوبر �إلى ‪ 04‬نوفمرب ‪2019‬‬

‫مجرد رأي ‪:‬‬

‫حالل علينا‪ ..‬حرام عليكم ‪..‬‬

‫مبدأ تكافؤ الفرص يقتضي التعامل مع الجميع بمنطـق واحد دون تمييزودون‬ ‫اعتبارات‪.‬‬ ‫ولجنة البر مجة بالجامعة الملكية المغربية لكرة القدم ال تتخذ من هذا المبدا‬ ‫شعارا‪ ..‬وتقوم في بعض األحيان بأشياء غريبة وتنحاز لبعض األندية‪.‬‬ ‫واألمثلة التي سنسوقها خير دليل على ذلك فقد برمجت لجنة البرمجة مباراة دور‬ ‫ربع نهاية كأس العرش يوم الثالثاء الماضي على الساعة الرا بعة عصرا‪.‬‬ ‫اتحاد طنجة راسل اللجنة و طلب منها تغيير التوقيت إلى السابعة مساء لتمكين‬ ‫شريحة كبيرة من الر ياضيين تتبع اللقاء‪ ..‬اللجنة رفضت التغيير ‪.‬‬ ‫وبالمقابل فريق الرجاء البيضاوي كانت لجنة البرمجة قد برمجت مقابلته أمام رجاء‬ ‫بني مالل يوم الخميس الماضي على الساعة الثالثة بعد الزوال ‪..‬‬ ‫الفريق البيضاوي رفض هذا التوقيت ألنه ال يخدم مصالحه واليمكن جمهوره من‬ ‫الحضور خاصة وأن اليوم يوم عمل‪.‬‬ ‫فقامت اللجنــة بتغييــر التوقيت إلى السابعة مساء بناء على رغبة الرجاء‪ ...‬فعلى‬ ‫ماذا يدل هذا‪...‬؟‬ ‫وهل بتفضيل هذا النادي عن اآلخر ستتطور وتزدهر الكرة المغربية؟‪ ..‬وهل هذا‬ ‫هو مبدأ تكافؤ الفرص؟‪ ..‬وهل بهذا التصرف سنضمن الحضور الجماهيري؟‪ ..‬وهل بهذا‬ ‫األسلوب سنطفىء سخط وغضب الجماهير؟‪.‬‬ ‫لقد كان اإلطار الوطني حسن بنعبيشة مدرب فريق سريع وادي زم واضحا وصريحا‬ ‫عندما انتقد لجنة البرمجة بالجامعة الملكية المغربية لكرة القدم ووصفها بكونها ال‬ ‫تخدم بطولة الدوري االحترافي المغربي وال تساعد على ترسيخ مبدأ تكافؤ الفرص بين‬ ‫مختلف األندية الوطنية‪..‬‬ ‫من هنا ندعو إلى إعادة األمور إلى نصابها من أجل تطوير التنافس وتحسين‬ ‫اإليقاع‪ ..‬واالبتعاد عن طريقة حالل علينا‪ ...‬حرام عليكم‪.‬‬

‫اإلسباني غاريدو‬ ‫مرشح لتدريب اتحاد طنجة‬

‫المدرب اإلسباني خوان كارلوس غاريدو‬ ‫حسب مصادر مقربة من مكتب اتحاد طنجة فإن فارس البوغاز فتح قنوات االتصال مع‬ ‫المدرب السابق للرجاء البيضاوي اإلسباني غاريدو‪.‬‬ ‫وينتظر الفريق رد المدرب غاريدو قبل التعاقد معه لإلشراف على طاقمه الفني خلفا للمدرب‬ ‫الجزائري نبيل نغيز الذي تم االنفصال عنه بعد اإلقصاء من دور ربع نهاية كأس العرش على‬ ‫يد حسنية أكادير‪.‬‬

‫طنجة تحتضن نصف نهاية كأس العرش‬ ‫بين الجديدة واالتحاد البيضاوي‬ ‫قررت الجامعة الملكية المغربية‬ ‫لكرة القدم إجراء مباراة الدفاع‬ ‫الحسني الجديدي ضد االتحاد‬ ‫البيضاوي برسم نصف نهائي كأس‬ ‫العرش على ملعب ابن بطوطة‬ ‫بطنجة‪.‬‬ ‫فيما ستقام مباراة نصف نهاية‬ ‫الكأس بين المغرب التطواني‬ ‫وحسنية أكادير على ملعب مراكش‬ ‫الكبير‪.‬‬ ‫أما المباراة النهائية لكأس العرش‬ ‫فستجرى في ‪18‬من شهر نونبر على‬ ‫ملعب موالي عبد اهلل بالرباط‪.‬‬

‫اتحاد طنجة ينفصل عن المدرب الجزائري‬

‫نبيـل نغيـز‬

‫سلم المكتب المسير التحاد طنجة لكرة القدم للمدرب الجزائري‬ ‫نبيل نغيز قرار إعفائه من تدريب الفريـق بعد الهزيمـة اإلقصاء من‬ ‫كأس العرش أمام نادي حسنية أكادير‪.‬‬ ‫وحسب مصادرنا فإن المدرب نبيل نغيــز الذي لم يتواجـــد على‬ ‫دكــة احتيــاط اتحاد طنجة امام المولودية الوجدية برسم الجولة‬ ‫الخامسة للبطولة االحترافية وعوضه مساعده عبد الواحـد بلقاســم‬ ‫اجتمـــع أمس اإلثنيـن بمسؤولي فارس البوغاز لفك االرتباط بشكل‬ ‫ودي بالتراضي‪.‬‬

‫وسيعـوض المــدرب نغـــيــز مساعـــده عبد الواحد بلقاسم في‬ ‫الفترة المقبلة‪.‬‬ ‫وكان المدرب نبيل نغيــز قد أخفق في كســب مجموعـــة من‬ ‫الرهانات منها كأس العرش وكأس محمد السادس لألندية إضافة إلى‬ ‫تحقيقه لنتائــج متواضعة في البطولة االحترافية من خالل تــعادل‬ ‫وهزيمة رغـــم اإلمكانيات التي وفرهـــا الفريق الطنجـــاوي وتعاقده‬ ‫مع مجموعة كبيرة من الالعبين بنـــاء على طلبه وكذا إقامة معسكر‬ ‫إعدادي بتركيا‪.‬‬

‫المغرب التطواني يعبر لنصف النهاية واتحاد طنجة‬ ‫يخفق أمام الحسنية‬

‫كسب فريق المغرب التطواني بطاقة التأهل إلى دور نصف نهاية‬ ‫كأس العرش عقب فـوزه الكاسح على سريع وادي زم «‪ »4-1‬في دور‬ ‫ربع النهاية‪.‬‬ ‫ورغم إهدار الفريق التطواني لركلة جزاء في الدقيقة ‪ 13‬عن‬ ‫طريق اإلسباني «مارتين بيجوا» فقد تقدم أصحاب األرض برباعية من‬ ‫توقيع كل من يوسف بوشتة واألوغندي سينكا توكا واإلسباني بينجوا‬ ‫وإيدجو مانغوا‪.‬‬ ‫فيما سجل هدف الشرف لسريع وادي زم الالعب هشام العروي‪.‬‬ ‫وبهذا االنتصار تأهل المغرب التطواني إلى دور نصف النهاية‬ ‫حيث سيواجه فريق حسنية أكادير الذي تغلب على اتحاد طنجة‪.‬‬

‫اتحاد طنجة تذوق مرارة اإلقصاء على يد الحسنية‪.‬‬ ‫تجرع اتحاد طنجة مرارة اإلقصاء من كأس العرش بعد هزيمته‬ ‫بميدانه وأمام ازيد من ‪ 38‬الف متفرج على يد فريق حسنية أكادير ‪1-0‬‬ ‫في الوقت اإلضافي من ركلة جزاء قاسية‪.‬‬

‫فارس البوغاز لم يقو على مجاراة اإليقاع الذي فرضه عليه الفريق‬ ‫الضيف وظل منكمشا في الوراء تخوفا من هدف مفاجئ وترك المبادرة‬ ‫للضيوف الذين سيطروا وخلقوا متاعب جمة للمحليين ‪.‬‬ ‫ويبدو أن خطة المدرب الجزائري نبيل نغيز باءت بالفشل ‪ ..‬وفي‬ ‫الوقت اإلضافي تمكن فريق حسنية أكادير من اصطياد ركلة جزاء ‪.‬‬ ‫ورغم استقاظة االتحاد المتأخرة فإن النتيجة لم تتغير‪.‬‬ ‫هذه الهزيمة اإلقصاء خلفت تذمرا وغضبا شديدين بالنسبة‬ ‫ألنصار اتحاد طنجة الذين حملوا مسؤولية الفشل للمدرب الذي نهج‬ ‫خطة دفاعية وراهن منذ البداية على ركالت الجزاء‪.‬‬ ‫نبيل نغيز الذي أكد في المؤتمر الصحفي الذي أعقب المباراة أنه‬ ‫يتحمل المسؤولية معترفا بقوة فريق حسنية أكادير‪.‬‬ ‫هذا ومن المحتمل أن يتم تغريم اتحاد طنجة بعد قيام مجموعة‬ ‫من المحسوبين على أنصاره برمي القنينات الفارغة ومحاولة االعتداء‬ ‫على الحكم سمير الكزاز الذي قاد اللقاء‪.‬‬


‫العدد ‪1017‬‬

‫الثالثـاء ‪� 29‬أكتوبر �إلى ‪ 04‬نـوفمرب ‪2019‬‬

‫تذكرة سفر‬

‫األخيرة‬

‫السلسلة الرابعة‬

‫احللقة ‪12‬‬

‫لقاءات حوارية‪ ،‬في حلقات متسلسلة‪ ،‬مع شخصيات مؤثرة في المجال العمومي المغربـي‬ ‫والعربـي واإلنساني‪ ،‬تستحضر تجربتهم في الحياة الخاصة والعامة‪ ،‬وترحل بهم عبر تذكرة‬ ‫سفر معنوية وروحية إلى الماضي والمستقبل‪.‬‬ ‫• عبد اإلله المويسي ـ • محمد العطالتي‬

‫مع األستاذ‬

‫محمد األشعري‬ ‫المحور الثالث ـ المسار السياسي ـ‬

‫يحضر األستاذ محمد األشعري‪ ،‬في مخيال القراء المغاربة والمشتغلين بالحقل السياسي والمجتمعي‬ ‫الوطني‪ ،‬بصيغة الواحد المتعدد‪ ،‬فهو اإلنسان أوال‪ ،‬وهو الشاعر والكاتب الروائي والمناضل السياسي‬ ‫والناشط الحقوقي‪ ،‬وواحد من أبرز وجوه معتقلي سنوات الرصاص‪ .‬وهو الوزير الذي انعطف بمشروع‬ ‫الثقافة الوطنية نحو أفق اتسمت فيه بتبني مفهوم الصناعة الثقافية‪ ،‬وهو الذي سبق أن شغل قبلها‬ ‫منصب رئاسة اتحاد كتاب المغرب لثالث دورات عرفت خاللها هذه المؤسسة أقوى مراحل ديناميتها‬ ‫وإنتاجيتها‪.‬‬ ‫أصبح األستاذ محمد األشعري واحدا من‬ ‫القياديين البارزين في االتحاد االشتراكي‪،‬‬ ‫وبعد أن اضطلع بمهام مفصلية في الحزب‪،‬‬ ‫ونظرا لبعض المالبسات الالحقة سيضطر‬ ‫إلى إعالن انسحابه من الحزب‪.‬‬ ‫أريد أن أعـرف معـك تفاصيل هذا‬ ‫االنسحاب وظروفه وكل ما أحاط به؟‬ ‫بعد المؤتمر مباشرة‪ ،‬جاءت اللحظة‬ ‫التي سيطالب فيها بعض أعضاء المكتب‬ ‫السياسي‪ ،‬ومن بينهم من كانوا في فريق‬ ‫عبد الواحد الراضي مناصرين له في معركته‬ ‫للظفر بمنصب الكاتب األول‪ ،‬جاءت اللحظة‬ ‫التي طالبوه فيها أن يفي بوعده‪ ،‬وَعْد‬ ‫الخروج من الحكومة‪ ،‬بما أنه أصبح كاتبا‬ ‫أول منتخبا‪ ،‬هنا ستأخذ األمور مسارا عجيبا‪،‬‬ ‫فقد أخبرنا األستاذ عبد الواحد الراضي بأن‬ ‫جاللة الملك طلب منه أن يستمر على رأس‬ ‫وزارة العدل من أجل إنجاز إصالح القضاء‪،‬‬ ‫وأنه يثق فيه للقيام بهذه المهمة العسيرة‬ ‫التي لم َّ‬ ‫نُوَفقْ في إنجازها منذ سنوات‪،‬‬ ‫وأمام هذا االنعطاف الجديد‪ ،‬أقنعت شخصيا‬ ‫األستاذ عبد الواحد الراضي بضرورة طرح‬ ‫هذه المسألة على المكتب السياسي‪ ،‬لكن‬ ‫بطريقة تجعل االتحاديين والمناضلين‬ ‫يشاركون بطريقة مباشرة وفعالة في بلورة‬ ‫إصالح القضاء‪ .‬فرحب األستاذ عبد الواحد‬ ‫الراضي بهذا االقتراح‪ ،‬وحررت شخصيا‬ ‫البيان الذي أعلن فيه المكتب السياسي أنه‬ ‫يُساند عبد الواحد الراضي في مهمة إصالح‬ ‫القضاء التي أناطه بها صاحب الجاللة‪ ،‬وكنا‬ ‫قد اتفقنا مع األستاذ عبد الواحد الراضي‪،‬‬ ‫داخل المكتب السياسي على تشكيل لجنة‬ ‫حزبية لمواكبة قضايا اإلصالح‪ ،‬لألسف أن‬ ‫َّ‬ ‫تُشَك ْل هذه‬ ‫األمور تعثرت فيما بعد‪َ ،‬لمْ‬ ‫اللجنة الحزبية في الوقت المناسب‪ ،‬ومضى‬ ‫وقت طويل قبل أن تشكل بطريقة شكلية‬ ‫ودون أن يكون لها أي مردود حقيقي‪.‬‬ ‫وسمعنا أشياء كثيرة عن اإلصالح‪ ،‬دون أن‬ ‫يُ َقدِّمَ لنا األستاذ عبد الواحد الراضي وال‬

‫عبد الواحد الراضي‬

‫مرة واحدة فكر ًة واضح ًة عن محاور اإلصالح‪،‬‬ ‫وعن توجهات هذا اإلصالح‪ .‬واستمرت‬ ‫األمور هكذا إلى أن نزلت الصاعق ٌة على‬ ‫الكاتب األول‪ ،‬والتي تتمثل في إعفائه من‬ ‫وزارة العدل دون أن يكون قد قام بأي‬ ‫إصالح‪ ،‬وتعويض وزارة العدل بوزارة العالقة‬ ‫مع البرلمان‪ ،‬وبطبيعة الحال فإن الوزارة‬ ‫الجديدة المقترحة كانت تليق‪ ،‬كما يليقُ‬ ‫بشخص واحد هو األستاذ‬ ‫ُق ّفازٌ ِباليَد‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫ادريس لشكر‪ ،‬كان عبد الواحد الراضي‬ ‫يعلم علم اليقين كيف حصل هذا األمر‪،‬‬ ‫وتحدثت معه طويال في الموضوع وحاولت‬ ‫أن أقنعه بأن قبول هذا األمر هو زجٌّ باالتحاد‬ ‫االشتراكي في أزمة مُستَحكمة‪ ،‬ولكن‪ ،‬رغم‬ ‫علمه علم اليقين بما حصل‪ ،‬وكيف رُتِّبَ‬ ‫هذا األمر‪ ،‬فإن مزاجـه التوافقـي وحرصه‬ ‫على االستمرار في الجو الذي كنا فيــه‪،‬‬ ‫دفعه إلى َقبول هذا األمر‪ ،‬وهنا يجب أن‬ ‫أشير إلى واقعتين ‪:‬‬ ‫ــ الواقعـــة األولى‪ ،‬هــي‬ ‫أن األستـــاذ عبد الواحـــد‬ ‫الراضـي ذكـــر لي وهـــو‬ ‫يحاول إقناعي بمساعدته‬ ‫على تمرير هذه الجرعة‬ ‫المرة‪ ،‬أن الدوائر العليا‬ ‫قد وعدتــه بالعودة إلى‬ ‫رئاسة مجلس النواب في‬ ‫منتصــف الواليــة (أبريــل‬ ‫‪ ،)2009‬ومــن سذاجــي‬ ‫قلت لألستـــاذ الراضي أنها‬ ‫مجرد خدعــة‪ ،‬وأن األسبـــاب‬ ‫التي دعـــت إلى استبعـاده من‬ ‫الرئاســة في أول الوالية ما تــزال‬ ‫قائمة عند منتصفها‪ ،‬فلماذا يغير الفرقاء‬ ‫رأيهـم؟ ثم إن هــذه «الترتيب الفوقي‪،‬‬ ‫سيزيد في إضعاف مصداقية الحزب‪ .‬فرد‬ ‫األستاذ الراضي بأن هذه األمور في كل‬ ‫الدول ال تحل إال «بالترتيب الفوقي»‪.‬‬ ‫ــ والواقعــة الثانيــة‪ ،‬أنني رفضـــت‬

‫المشاركة في اجتمــاع المكتب السياسي‬ ‫الذي سيستصدر فيه األستاذ عبد الواحد‬ ‫الراضي قرارا بالتصفيق الستوزار لشكر‪،‬‬ ‫وبالرغم من أنني شخصيا ال أنازع األستاذ‬ ‫لشكر وال أي أحد آخر في أن يكون له طموح‬ ‫االستوزار داخل الحزب‪ ،‬فإن العملية‪ ،‬كما‬ ‫حُضِّرَت وكما رُتِّبَت‪ ،‬اعتبرتها نوعا من‬ ‫الزَّج باالتحاد االشتراكي في مستنقع فقدان‬ ‫االستقاللية‪ ،‬وهذه أمور‪ ،‬باإلضافة إلى أشياء‬ ‫أخرى‪ ،‬جعلت عالقتي تتأزم بالحزب‪ ،‬وكنا‬ ‫مجموعة داخل المكتب السياسي نحاول‬ ‫في كل مرة أن ِّ‬ ‫نُغَلب الواجب الحزبي على‬ ‫ما عداه‪ ،‬ولكننا انتهينا إلى يقين كامل بأن‬ ‫ما نفعله هو عبث‪ ،‬ألن كثيرا من األشياء‬ ‫نتفق عليها داخل المكتب السياسي‪،‬‬

‫شراء األصوات والضمائر‪ ،‬ولذلك طالبنا‬ ‫أوال بإنشاء لجنة وطنية للعضوية‪ ،‬تَبُتُّ‬ ‫في قضايا العضوية وتفحص العضوية في‬ ‫الجهات واألقاليم‪ ،‬وتحدد لوائح المناضلين‬ ‫بطريقة ال غبار عليها‪ ،‬وتُشْ ِرف على توزيع‬ ‫البطاقات الحزبية في اجتماعات الفروع‬ ‫واألقاليم والجهات الحزبية‪ ،‬ويكــون هـذا‬ ‫التوزيــع توزيعا لالنخراط في الحزب‪ ،‬وليس‬ ‫توزيعا لكسب الزبناء‪ ،‬وهذا المطلب‪ ،‬كنا‬ ‫نعتبره أساسيا إلى جانب مطلب آخر هو‬ ‫تحضير وثيقة سياسية حقيقية تقوم بنقد‬ ‫ذاتي للتجربة التي خضناها حتى ذلك‬ ‫الحين‪ ،‬وتحاول تجديد المشروع االتحادي‬ ‫القتراح شيء جديد ومُ ْق ِنع وذي مصداقية‬ ‫لدى الشعـــب المغربي‪ ،‬هذيــن‬ ‫المطلبين األساسييــن رُفِضا‬ ‫باستمرار‪ ،‬ورأينا أن المؤتمــر‬ ‫يُحَضَّر في ظروف يصبـــح‬ ‫فيهــا االتحــاد االشتراكي‬ ‫يشبه ِبمُؤْتَمَ ِره مؤتمراتٍ‬ ‫أُخرى نعـــرف سُمْعَتها‬ ‫ونعرف تفاصيلها‪ ،‬ولم يكن‬ ‫بطبيعة الحال ممكنـــا أن‬ ‫نشارك في ذلك‪ ،‬لذلك لم‬ ‫نذهب إلى المؤتمر واعتبرت‬ ‫أن عالقتي بالحزب انتهت في‬ ‫تلك اللحظة‪ ،‬لسبب أساسي‪ ،‬هو‬ ‫أنني ال يمكن أن أذهب للمشاركة‬ ‫في قيادة ال أتفق معها على شيء‪،‬‬ ‫ولماذا سأشارك إذن؟ ألضمن منصبا‬ ‫داخل القيادة الحزبية؟ فهذا شيء لم يكن‬ ‫أبدا مسألة تهمني لذاتها‪ ،‬ولقد قلت حينها‬ ‫إنني سأنسحب من العمل الحزبي ولكنني‬ ‫سأستمر مناضال بطريقتي مدافعـــا عن‬ ‫القيم التي أومن بها والتي تربيت عليها‬ ‫في االتحاد‪ ،‬وال يمكن أن أخون تلك القيم‬

‫‪...‬لكننا انتهينا‬ ‫�إلى يقيـن كامل ب�أن‬ ‫ما نفعله هو عبث‬ ‫لكنها «تُخَرّب» خارج المكتب السياسي‪،‬‬ ‫واألمور األساسية التي يفترض أن يكون‬ ‫لنا فيها رأي وقرار‪ ،‬كانت تُ ْلقى جانبا‪،‬‬ ‫وحُشِرْنا في نوع من التسيير اإلداري‬ ‫للحزب عوض التدبير السياسي‪ ،‬وهذا ما‬ ‫دفعنا‪ ،‬نحن جملة من المناضلين داخل‬ ‫المكتب السياسي‪ ،‬إلعالن انسحابنا من‬ ‫اجتماعات المكتب السياسي‪ ،‬نظرا لكونها‬ ‫لم تكن ذات جدوى بالنسبة لنا‪ ،‬ولم يكن‬ ‫لها أي طابع سياسي حقيقي‪ ،‬ومع أننا فيما‬ ‫بعد عدنا إلى اجتماعات اللجنة المركزية‪،‬‬ ‫على الخصوص‪ ،‬وبدأنا نحاول من جديد‬ ‫أن نستأنف نشاطنا السياسي‪ ،‬ولو بطريقة‬ ‫مختلفة عما كان األمر عليه في السابق‪ ،‬لكن‬ ‫اتضحت لنا األمور‪ ،‬بعدما بدأت االجتماعات‬ ‫التحضيرية للمؤتمر‪ ،‬لقد كنا نطالب‬ ‫بتحضير المؤتمر بطريقة تقطع تماما مع‬ ‫أساليب المستنقع االنتخابي‪ ،‬والقائمة على‬

‫وتلك المبادئ‪ ،‬وأنا أحترم اإلخوة واألخوات‬ ‫الذين قرروا البقاء في االتحاد والدفاع عن‬ ‫أفكارهم وتوجهاتهم في ظروف صعبة جدا‪،‬‬ ‫أحترم رأيهم وأُ َقدِّر حُسْن نيتهم‪ ،‬ولكنني‬ ‫ال أستطيع أن أشاركهم في هذا التفاؤل‬ ‫وهذا المشروع‪ ،‬الذي يعتقدونه مُمْكِناً‪،‬‬ ‫وقد بينت األيام‪ ،‬لألسف الشديد‪ ،‬أن ذلك لم‬ ‫يكن ممكنا وأن االتحاد استمر في اندحاره‬ ‫حتى وصل إلى ما وصل إليه‪ ،‬أنا مؤمن‬ ‫بأن فكرة االتحاد األساسية‪ ،‬وهي مقاومة‬ ‫االستبداد والدفاع عن العدالة االجتماعية‬ ‫والمساواة بين الرجال والنساء والدفاع عن‬ ‫الحريات والحقوق‪ ،‬هذه القيم البد أن تجد‬ ‫من سيحملها‪ ،‬إن لم يكن حزبيون من عالم‬ ‫اليوم فإنهم سيكونون أطرا وشبابا وشابات‬ ‫وطالبا وعماال من أجيال أخرى‪ ،‬والمهم‬ ‫ليس األسماء واإلطارات‪ ،‬فاألسماء واإلطارات‬ ‫ال تصنع المناضلين النزهاء‪ ،‬بل المناضلون‬ ‫النزهاء هم الذين يصنعون اإلطارات ذات‬ ‫المصداقية وذات النزاهة‪ ،‬ولذلك فأنا‬ ‫ُ‬ ‫أؤمن بأن الفكرة االتحادية‬ ‫ستُبْعَث من‬ ‫جديد ألن األوضاع في المغرب ال تحتمل‬ ‫أن يستمر هذا التزييف لإلرادات السياسية‬ ‫وهذا الترتيب الفوقي والتدبير «يوم بيوم»‬ ‫لألوضاع السياسية واالقتصادية‪ ،‬هناك‬ ‫حاجة حقيقية في المجتمع لهذه القيم التي‬ ‫بناها االتحاد بتضحيات جسيمة وبقناعات‬ ‫راسخة وبإرادة عظيمة‪ ،‬ولذلك سأظل‬ ‫قريبا منها دائما ومنخرطا في أفقها حتى‬ ‫ولو غادرت العمل الحزبي بطريقة ال رجعة‬ ‫فيها‪ .‬ثم إنني لست نادما على شيء‪ .‬إنني‬ ‫أعتز بتجربتي في االتحاد‪ ،‬وأعتز أن مغادرتي‬ ‫له اقترنت بانتظامي في الكتابة‪ ،‬وهو أمر‬ ‫طالما حلمت به ألنني أومن باألدب منتجا‬ ‫للجمال وللحرية‪.‬‬

‫فتح اهلل ولعلو‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.