محمد األشعري
ضيف سلسلة «تذكرة سفر»
الحلقة
12
بعد المؤتمر مباشرة ،جاءت اللحظة التي سيطالب فيها بعض أعضاء المكتب السياسي ،ومن بينهم من كانوا في فريق عبد الواحد الراضي مناصرين له في معركته للظفر بمنصب الكاتب األول ،جاءت اللحظة التي طالبوه فيها أن يفي بوعده ،وَعْد الخروج من الحكومة
عفو ملكي عن هاجر الريسوني
توضيح بخصوص عدم تجريم الحريات الفردية
الصفحة 24
صفحة 20
ملف خاص عن الذكرى األولى لرحيل الفنان التشكيلي الكبير
إعالم جهوي متقدم عبد الباسط بندحمان صفحة 5/4
املدير امل�س�ؤول :عبد احلق بخات ـ الهاتف 05.39.94.30.08 :ـ الفاك�س 05.39.94.57.09 : العدد 1017ـ الثمن 4دراهم ـ الثالثاء � 30صفر � 29 / 1441أكتوبر �إلى 04نوفمرب 2019
جلسة مع الحقوقي
عبد الحميد البجوقي الصفحة 21
التوجهات «المقاصدية» في سياسة التوفيق كلمة الشمال عبد اإلله المويسي
ألقى السيد أحمد التوفيق ،وزير األوقاف والشؤون اإلسالمية الدرس االفتتاحي األول لكلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية عين الشق الدار البيضاء ،يوم األربعاء الماضي حول موضوع «اإلفتاء والتاريخ». والمتتبع للتوجهات العامة التي طبعت «أطروحات» أحمد التوفيق في هذا الدرس يلحظ بسهولة المنزع «المقاصدي» الغالب عليها ،والمتصل أساسا بتغليب المصالح العامة على ما دونها ،عمال بـ»أينما توجد المصلحة فثمة شرع اهلل». ولقد تكشفت أولى معالم هذا المنزع في دعوته الصريحة إلى ضرورة االنفتاح على العلوم اإلنسانية والعلوم التجريبية أو الطبيعية الدقيقة ،قائال «المستقبل هو االنفتاح على كل العلوم». وتوزعت المالمح المقاصدية في درس التوفيق على عدة مستويات منها ما مس آلية «اإلفتاء» حيث ركز على ضرورة تبني سياسة إفتائية تضمن «اليقين» لألمة ،مشيرا إلى أن «اإللحاح» اليوم يقتضي وجود فقهاء عدول وشهود على مراقبة هذا اليقين. بنفس المنظور لم يفت التوفيق التشديد على أن المستهلك ألي «بضاعة دينية» ينبغي ان يتحمل مسؤوليته كاملة في تحري سالمة ما يتلقاه، وذلك عمال بقاعدة «انظروا عمن تأخذوا دينكم». من جانب أكثر وضوحا أبرز أحمد التوفيق أن القوانين التي تصدرها الدولة ال تحتاج إلى سند شرعي ألنها متوافقة أصال مع مقتضى «المصلحة» وغير متناقضة معها .وهي إشارة مبعوث بها إلى التيارات التي تطالب الدولة باالحتكام إلى الشرع. وفي هذا السياق أعرب عن تحفظه القوي تجاه «المثالية» الجلية التي تشوب تفكير التيارات اإلسالمية ،ووصفها بأنها مثالية غير ممكنة. وجدير بالذكر ان أحد اقطاب هذه التيارات اإلسالمية ،بل ولربما منظرها األول هو أحمد الريسوني ،الرئيس الحالي لـ «االتحاد العالمي للعلماء المسلمين» ،وأحد العلماء المختصين في « الفقه المقاصدي».
جريدة يوميـة جهـوية وطنية ت�صدر م� ً ؤقتـا كـل �أ�سبـوع • الإدارة ،التحريـر ،الإ�شهـار 7 :مكرر ،زنقة عمر بن عبد العزيـز • الربيد الإلكـرتونـي info@achamal.ma :ـ املوقع الإلكرتوين www.achamal.ma :
العدد 1017
2
الثالثـاء � 29أكتوبر �إلى 04نـوفمرب 2019
يومية جهوية وطنية ت�صدر م� ًؤقتا كل �أ�سبوع
املوقع الإلكرتوين :
«لغوُ السلفية القومية» مغارات..
محمد سدحي sadhimed@gmail.com
مول الطاكسي!!
طنجة ،هذا الصباح.. الليل راح يمتص ليلييه المعربدين ..والنهار يمد خيوط نشاطه األولى ،ينشر دبيب حركته الدائبة في عروق النهاريين المهرولين إلى الفالح.. بعد الشقف الخامس من العشبة الغالية ،سعل احميدة سعا ًال حاداً حتى أيقظ الحي والميت من النوم ،خمده بما تبقى من حثالة في كأس الشاي البارد ،ثم أكمل الوقفة «خاركاً» طربوشه الصوفي بعد أن زرر المعطف «ثالث أرباع» المهترئ الذي ابتاعه من «قلب شقلب» سوق «كساباراطا»... إذا رأيت احْميدة وهو يترجل أمامك ،قد يخطر ببالك أنه يتجه صوب أي مكان آخر ،إال أن يكون قاصداً مكتب تسجيل سيارات األجرة... طنجة ،في زمن مضى.. كانت سياقة سيارة األجرة امتيازاً ال يطاله سوى المؤهلين.. وكان ِل«مول الطاكسي» همة وشأناً :لباس عمل خاص، وجه حليق بعناية ،نظافة ،لطافة ،ظرافة وأخالقيات مهنة وأعراف مرعية ...ولم تكن رخصة الثقة تمنح لمن هب ودب وأصبح بدون عمل يشغله ...وكانت العربات في مستوى الركاب من النساء والرجال واألطفال ،من الساكنة والزوار والسياح أيضاً ..ولم يكن الزبناء يحسون بالخوف وهم داخل سيارة األجرة ...ولم يكن تكديس الخلق وإشراكهم في نفس الرحلة كاألنعام لغة يتحدث بها السائقون كما هو حال الجشعين اليوم... واليوم بالضبط، قررنا أن نقتفي أثر احميدة وهو يسوق سيارة األجرة من الصنف الصغير ،تحت شعار :الفوضى. وقف احميدة وسطة زحمة ملتقى طرق «رياض تطوان» يسأل سيدة ،عن بعد ،إن كانت تسير في االتجاه الذي يروق له هو .الزمارات من كل جانب ،الضجيج سيد الموقف .الحناجر تبح بالسباب واللعنات والدين والملة ،واحميدة؟ وال هو هنا .وكل ما استطاع شرطي المرور أن يفعله حثه على اإلسراع من أجل فسح المجال ألسراب السيارات األخرى ...وأخيراً انطلق .قال للراكبة جنبه :أي نوع من الموسيقى تفضلين .أجابت بتأفف :بغيت ذاك األغنية التي مطلعها« :يا مول الطاكسي عفاك راني زربانة ** يا مول الطاكسي دير سوقة مزيانة» .بلع الريق ثم ضرب الطم... مائة متر على خط محج محمد السادس ،في اتجاه الرباط، وقف أمام جماعة من المنتظرين على قارعة الطريق .لم يرم أقصى اليمين لكي يفسح المجال لمن خلفه .ومرة أخرى تشتغل زمارات السيارات الخلفية .صعد رجالن يبدوان على عجل من شدة التأخر عن موعد العمل .وقبل أن يواصل السير ،ذكرهما فيما يشبه التحذير :كل واحد يؤدي ثمن الرحلة على حدة .لم يتلق رداً من الرجلين ،وسار يثرثر بما ليس فيه فائدة للراكبين الثالثة المتعجلين. وعند أول ملتقى طرق يصادفه أخرج يده اليسرى من نافذة العربة وأشار لمن هم على يساره من أصحاب األسبقية أن يتوقفوا حتى يمر هو اآلمر واألحق بالسبق ضداً على قانون السير وعلى الذي يأتي منه .التزمير والسب والشتم المتبادل كما العادة... السيدة تحتج على تغيير االتجاه ،واحميدة يصر على الذي في باله ،األسبقية للرجلين في أفق تعويضهما بزبونين آخرين، والسيدة التي كانت سباقة إلى «الطاكسي» مغلوبة على أمرها تنظر إلى الساعة وتحوقل في غلبة من أمرها ،وصاحبنا في فوضاه يسْبح بدون حسيب وال رقيب ...وهلمّ عجائب.
نلتقي!
www.achamal.com ت�صدر عن مطبعة جريدة طنجة المدير المسؤول :
عبد احلــق بخــات رئيس التحرير :
محمد العطالتي
عبد الإلـه املـوي�سـي
atlati.mohammed@gmail.com رغم مرور أزيد من 60سنة على قيام «ثورة» ضباط الجيش المصري وتوليهم مقاليد السلطة بمرجعية إثنية عربية ،ورغم ما سجله التاريخ بعد ذلك من انهزام فعلي لهذه القيادة «الناصرية» المتسلحة بالخطاب القومي ،مازالت توجد في أنحاء هذا الوطن المسمى»عربيا» أحزاب وتشكيالت سياسية تنهل من معين العروبة وسمفونية الوحدة العربية. في هذا السيـــاق ،عقــدت «الجبهة العربية التقدمية» مؤتمرها في ضيافة حــزب الطليعــة الديمقراطي االشتراكي ،تحت شعــار «الوحدة العربية ضرورة تاريخية ورهان استراتيجي»، بحضور أحزاب وحركـــات ومنظمـات «تقدمية عربية» .وقد بدا واضحا ،خالل لقاء مفتوح ِّ نُظمَ ببيت الصحافة حول «رهانات السياسات الدولية وأثرها على المنطقة المغاربية والعربية» ،شاركت فيه «الجبهة الشعبية -القيادة العامة»« ،التيار الشعبي بتونس»« ،حركة الشعب بلبنان»« ،حزب الرفاه الموريتاني» و«حزب الطليعة» المغرب، بدا للجميع أن «الخطاب القومي» ال زال يصدح في سماء الوطن وأن حامليه لم يأخذوا العبرة من دروس الماضي والحاضر ،فهم معولــون على استنهاض الفعل النضالــي العربــي من خالل معالجة قضايا االستقالل والتحرر ،وقضية فلسطين وقضية مناهضة اإلمبريالية والرجعية، بل وقضية «إسقاط صفقة القرن» كذلك. القراءة السريعة لتاريخ األقطار العربية تبين بالحجة والبرهان أن الخطاب القومي لم ينتج غير الهزائم تلو أخرى ولم يفرخ سوى النكسة تلو األخرى ،الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، الذي نصب نفسه زعيما للجماهير العربية ،بعد تنحية الملك فاروق عن عرش مصر ،انخرط في وحدة مزعومة مع الجمهورية السورية لم تدم إال سنوات معدودة ،قبل تنحل بانقالب عسكري، بعد ذلك سعى جمال عبد الناصر ،مزهوا بشعارات غير ذات معنى ،لتوريط الجيش المصري في حرب غير متكافئة بينه وبين إسرائيل التي كان يتوهم محوها من خارطة العالم ،وذلك قبل أن يستيقظ على وقع خطوات الجيش اإلسرائيلي وهو يدق أبواب القاهرة ويستولي على ما تبقى من فلسطين ويضيف إليها شبه جزيرة سيناء وهضبة الجوالن السورية.
اآلن ،بعد مضي عقود على انتكاسة الخطاب القومي وثبوت فشله ،لم تستوعب بعد قيادة «الجبهة التقدمية العربية» أسباب هذا الفشل، ولم تستطع بعد االقتناع بأن المشكلة تكمن في عدم القدرة على إنتاج خطاب تحرري حقيقي تحت مظلة ما يعرف بالقومية العربية ،وأن قضايا تنمية وتحديث المجتمعات ال ترتبط بعرق أو بدين ،بل مرتبطة بضرورة تحكيم العقل السليم وترجيح المنطق العليم بعيدا عن خطابات جوفاء تعود لعصور الماضي البئيس. لقد ناهضت ثورة 52الخطاب الديني باعتباره قاصرا عن اإلجابة على تحديـــات االمبريالية والصهيونية ولكونــه ال ينهل من الحاضــر أو يستشرف المستقبل ،بل يريد إعادة إنتاج الماضي مستلهما أدواته من «السلف الصالح» ،ولذلك صنف معتنقو الناصرية والتقدمية الخطاب الديني ضمن دائرة ما اصطلح عليه «القوى الرجعية» المناوئة لتحرر الشعوب العربية .لكن «الخطاب القومي» ،لسخرية األقدار العربية ،استمر إلى اليوم ينهل من معينه الماضي الجاف. إذا كان الكل يجمع على أن فساد الخطاب الديني وبؤس تفكيره القائم على تمجيد الماضي والتغني بأمجاده المتخيلة ،راجعٌ لفكره «السلفي»، فإن «القوى التقدمية العربية» المجتمعة بطنجة لم تسلم بدورها من طغيان السلفية ،ولذلك فقد كانت خطابات القادة المشاركين في لقاء بيت الصحافة مستسلمة تمام االستسالم آلليات التفكير «السلفي» ولخصت أزمة العرب في كونها ناتجة عن انعدام وحدتهم ،وأن الوحدة هي السبيل األوحد لخالصهم وانعتاقهم من جبروت االمبريالية! ال يمكن لفكر ،أثبتت األيـــام والعصور أنه مجرد خطاب حماسي ال يغني وال يسمن ،أن يقدم ولو مثقال ذرة من الحلول لواقع العرب المتخلف دون تصحيح شامل لقواعــد تحليله في اتجـــاه بناء أساس فكري جديد يعكس الواقع الفعلي للجماهير ويسعى إلبداع نظريات جديدة بإمكانها أن تحدث طفرة نوعية في تاريخ هذه الشعوب وأن تهيئها لالنتقال من مرحلة الفرجة على «الفلكلور النضالي» نحو مرحلة االشتغال الجدي من أجل استنهاض الطاقات الحقيقية وإرشادها إلى العمل على اكتساب سبيل العلوم المعاصرة الحقة بدل االستئناس بـــ«لغو السلفية القومية».
هيئة التحرير :
عبد اللطيف �شهبون زبيـدة الورياغلـي �أ�سامـة الزكــاري ر�ضوان احدادو هدى املجاطـي محمد العطـالتي محمد �إمغــران محمد �سـدحــي عبد احلـي مفتـاح م�صطفى ال�سباعي اإلدارة واإلشهار والعالقات العامة :
محمد طارق بخات اإلخراج والتصفيف:
«جريدة ال�شمال» عنوان التحرير والمراسالت والتسويق واإلشهار :
7مـكـــرر ،زنقـة عمــر بــن عبد العزيز ـ طنجــة ـ الهاتــف : 05.39.94.30.08 06.22.45.30.67 الفاكــ�س : 05.39.94.57.09 الربيد الإلكرتوين : info@achamal.com achamal2000 @gmail.com سحب من هذا العدد :
� 10آالف ن�سخــة التوزيع:
�سبـريــ�س Sapress الإيداع القانوين99/10 : ر.د.م.ك:
I.S.S.N : 1114-1832
الثالثـاء � 29أكتوبر �إلى 04نـوفمرب 2019
العدد 1017
درد
شة
م�صطفى حجاج
3
دردشة َّ هل هالل شهر ربيع األول ،فأشرقت لمقدمه األنوار ،احتفا ًء بمولد سيد األبرار ،سيدنا محمد عليه أفضل الصالة وأزكى السالم. وقد اعتادت الزوايا التطوانية ،أن تخلد هذه الذكرى العطرة ،انطالقاً من أول يوم هذا في الشهر إلى منتهاه. َّ والبرنامج المسطر لليالي المولد النبوي الشريف ،غالباً ما يتوحَّد في قراءة النصاب األول أو النصاب األخير من الهمزية ،وترديد قصائد معينة ،من األمداح النبوية ،واإلنصات للموْلدية، والدعاء بالخير والصالح ،ألمير المؤمنين ،ولكافة المسلمين وتناوُل وجبة العشاء ،التي ال تخرُجُ الك ُ عن ُ سكس َّ باللحم أو بالدَّجاج. هي لحظاتٌ ،قد تمتدُّ ألربع ساعات بالنسبة لبعض الزوايا ،وقد َّ تتقلص إلى ساعتين اثنتين بالنسبة للبعض اآلخر. واحتفا ًال بمقدم هذا الشهر المبارك ،أعددتُ عُدَّتي لحضور الليلة التي تحييها الزاوية الكتانية في السادس من ربيع األول من كل عام :سلمتُ جلبابي األبيض للمصبنة ،وسلمتُ رأسي للحالق، وسلمتُ مالبسي لربة البيت لتصلح من شأنها ،وأخرجتُ بلغتي الصفراء الفاقع لونها ،واطمأننت على لبدتي الحمراء ،وسبحتي الخضراء. وفي الليلة الموعودة ،سأتطهر وأتطيب ،وأيمّم وجهي شطر الزاوية المذكورة. إنني حفظت تاريخ هذه الليلة عن ظهر قلب ،حفظته منذ رافقتُ أبي ألول مرة ،إلى زنقة المقدم ،وإلى درب صغير بهذه الزنقة ،مقابل لمسجد لوقش. منذ ذلك الحين ،ترسخت في ذاكرتي بعضُ الوجوه التي تتصدر المجلس عن يمين ويسار المحراب ،وبعض الوجوه التي ترفع الصوت باإلنشاد ،وبعض الوجوه التي ترتل القرآن ،فتحسن الترتيل .وأبرز اسم انطبع في ذهني آنذاك ،اسم الفقيه الذاكر ،سيدي محمد بن الهاشمي – طيب اهلل ثراه – وهو يقرأ «المولدية» بصوته الرخيم ،فيتردد صداه في رحاب الزاوية ،ويترك في اآلذان أثراً حسناً ،تخشع له األفئدة ،وتتندَّى العيون. ومنذ تسلمتُ دفتر «المولدية» من خليفته المرحوم برحمة اهلل األستاذ عبد الواحد أخريف، وأنا أحاول أن أسير سيرة فقيهنا ابن الهاشمي ،فال أتوفق إال بمقدار ،وال يساعدني صوتي إال بمقدار. إن برنامج الحفل لم يشهد أي تغيير ،إنه يُفتتح بسورة المُلك أو بسورة يس ،ويُمهَّد لنصاب الهمزية بالصالة المشيشية ،وتُفتح كتُب األمداح على نفس الصفحات ونفس القصائد ،ويُفسح المجال لقارئ المولدية ،ليُعدد األسرار التي رافقت مولد الرسول. ربما تكون «المنفرجة» و«الدعاء الناصري» هما الفقرتان اللتان أضيفتا إلى البرنامج في هذه السنوات األخيرة ،تبرُّكاً بهما. من الليالي التي أحرص على حضورها ،ليلة الزاوية التيجانية التي تقام في سابع يوم المولد، وليلة زاوية البدويين ،وليلة زاوية سيدي الصعيدي ،وليلة الزاوية الريسونية التي تُعتبر مسك الختام ،ألنها تُحيَى في التاسع والعشرين من ربيع األول. إنها لحظات قرب ،يتقرَّب فيها المؤمن من ربه ،رجاء مغفرته ورضوانه ،ويستحضر – فيها وبها – ذكريات نبيّه المختار ،ليأخذ منها العبر والمواعظ« ،فإن الذكرى تنفع المؤمنين».
شمس األندلس الحاضرة فينا -
عبد الحي مفتاح
المرحوم محمد الميموني : استعادات2/2 .. عبد اللطيف �شهبون
abdelchahboun@hotmail.com
7ـ في مارس 2014نظم طلبة ماستر «األدب العربي في المغرب العلوي :األصول واالمتدادات» بتنسيق مع بنية البحث « ملتقى الدراسات المغربية واألندلسية « بأداب تطوان « ملتقى اإلبداع» الذي امتد يومين قدمت خاللهما : •
ورشات إعداد أنطولوجيات
•
قراءات في األشكال واالتجاهات
•
لوحة مسرحية تعبيرية
إنشادات شعرية :عبد الكريم الطبال ومحمد الشيخي • وعبد اللطيف شهبون وأحمد هاشم الريسوني ووداد بنموسى وسعاد الناصر وأحمد الدمناتي وأسعد البازي ومحمد البالي.. وفي تلك الواقعة الثقافية البديعة قدم محمد الميموني رحمه اهلل كلمة تلقائية موجهة قال فيها : «ليس لي ما أضيفه لجوهر ما أنتم بصدد إنجازه .حضرت للتعبير عن مساندتي وتعزيزي لعمل بهذا الحجم من األهمية ؛ فتدوين بيبليوغرافيات للشعر المغربي ضرورة فرضت نفسها منذ عقود..ولم تجد من الجهات المعنية إرادة صادقة وال استعدادا جديا إلنجازها ؛ وكل ما تم من بيبليوغرافيات للشعر المغربي هو مبادرات فردية أو شبه فردية ؛ وهي على كل حال مبادرات محمودة ،وعلى ما أتت به ،فما كان لها أن تنجو من تقصير ..ربما أغفلت كثيرا من األسماء والنصوص المستحقة ،وأوردت أخرى.. ربما كان في إمكانها االنتظار قليال ،ومع كل ما قد يؤخذ على تلك المبادرات من قصور ،فيصح الحكم عليها بالعبارة المشهورة «فوق طاقتك ال تالم». واآلن ،وقد توالت أسماء وأجيال ،وتناسلت نصوص وإبداعات، فليس لمن على عاتقه مسؤولية الحفاظ على ثرواتنا المعنوية عذر في التقصير واإلهمال.. إنني كواحــد ممن عايشـوا أجيال ووثبات في حياة الشعر المغربي خالل الخمسين سنة الماضية على األقل ،أؤكد باقتناع تام أن الشعر المغربي بلغ مرحلة النضج ،وفرض نفسه سجال ذهبيا لما أبدعته الروح المغربية من عالم غاية في الخصوصية والتميز؛ بحيث لم تعد العناية الخاصة به تنصال من جهة أو أحد ؛ بل هي واجب وطني ستحاسبنا عليه األجيال المقبلة على ما فرطنا في حقه.. من هذه الزاوية على األقل يجب النظر إلى عملكم هذا؛ فلستم بصدد ورشة شعرية فحسب ؛ بل أنتم تباشرون منجزا حضاريا وطنيا إنسانيا ؛ باعتبار الشعر المغربي صفحة ذهبية في سجل المنجز الحضاري العام.. وليس في هذا الكالم ذرة ادعاء أو مبالغة أو مزايدة ؛ فإذا كان شعرنا لم يغز العالم ،فاللوم على من بيدهم زمام شؤون ثروتنا المعنوية الحبيسة في الرفوف .. ربما تتسامحون معي إن أنا استندت إلى ما يزيد عن نصف قرن من معاشرة الشعر كتابة وقراءة أن أختم هذه الكلمة التلقائية بمالحظة بسيطة :
قبل السفر بأسابيع كان كلما وضع رأسـه على المخــدة لالستراحة من تعب النهار واالستعداد الستقبال يوم جديد، دغدغت األندلس أحالم يقظته قبل الخلود إلى النوم. األندلس هذا اإلسم الساحر الذي التصق في ذاكرته منذ الطفولة بمعاني متداخلة حد التناقض ،إنها الفردوس المفقود واألرض التي أفلت فيها شمس الحضارة العربية اإلسالمية في الغرب والتي أعقبتها مآسي يندى لها الجبين. ركب عبدالرحمان الباخرة التي مع مخورها لعباب البحر ،كان يبتسم بل يقهقه في سره؛ ربما من هنا مر طارق بن زياد ومن سار على دربه من العابرين .وهو في غفلة بين مشاهدة قفز الدالفين و فك ثنائية خطبة طارق البربري :هل هي حقيقية أم متخيلة ،تراءت له تلك الصخرة التي سميت باسم طارق معلنة قرب الوصول إلى الضفة األخرى ،إلى الفردوس المفقود. طول الطريق البري كان عبدالرحمان وكأنه مخدر بالحنين، ال يعرف هل كان يفكر في شيء أم ال ،لكنه متأكد اآلن أن عينيه كانتا تميالن يمينا وشماال وكأنهما تبحثان عن شيء مفقود، وفي لحظة أحس أن المركبة غادرت األرض المستوية لتشرع في الصعود شيئا فشيئا ،فزاد خفقان القلب دقة دقة مثلما يقع عندما يقترب العاشق من معشوقته. كان الحصن األخير للعرب في األندلس يقترب ،شكل له
عبد الرحمان في رأسه ذي الجبهة العريضة عدة بروفايالت كانت قراءاته العديدة سببا في عدم قدرته على البت في صورة واحدة موحدة ،ربما تكون غرناطة أجمل مما يتصور وربما تكون أقل جماال ،وربما...وربما...باختصار لم تستطع فطنة ونباهة عبدالرحمان وقدرته على التصوير الحسم في األمر. عند الدخول إليها لم يكن شيء يشبه أي شيء منها ،كان مزيج أضواء الليل وتعب الطريق يزيده حيرة على حيرة ،حط بعد ذلك رحاله في الفندق الذي نام فيه نومة هادئة ،ثم قضى فيه معظم غده على أحر من الجمر ،إلى أن حل المساء حيث أطلق سراحهم هو وأصدقاؤه الذين أتوا في مهمة دراسية دارت أطوارها داخل الفندق. في حي البيازين /ألبايسين لمس عبدالرحمان مسام األندلس وشم رائحتها حتى أدمعت عيناه وهو يطل من أعاليه، وفي قصر الحمراء وحدائق جنة العريف العامرة زوارا وقف على عبقرية الحضارة العربية اإلسالمية في ترقرقها وبهائها وشموخها ،فأخذته رعشة تداخل فيها الحلم بالواقع ،الماضي بالحاضر ،اللحظة بالتاريخ ،ثم غشي قلبه حزن ما يزال مقيما ال لضياع األندلس كشيء مادي وإنما لتيه قد يكون وراء ضياعها كروح وثابة وجسر للمستقبل..
نحن في زمن تيسرت فيه وسائل النشر والقراءة ،وهذا شيء إيجابي في حد ذاته ،ولكنه ـ ككل جديد ـ يحمل بعض السلبيات، يمكن تجنبها من حسن الحظ ؛ فبقدر ما أتاح هذا التيسير من إمكانيات االطالع على نصوص رفيعة ـ ما كان لها أن ترى النور في ظل احتكار لوسائل النشر ساد أزمانا ـ سمح هذا التيسير أيضا المجال لكل من هب ودب ..وخطر هذا اليسر هو ما قد يؤدي إليه من تشويش على ذوق القارئ وحيرته من فرز الحابل من النابل.. قلت :هذه السلبية يمكن تجنبها فقط باحترام الشعراء أنفسهم قبل أن يحترموا قارئهم .ال أقصد ممارسة أبوية على أحد؛ فقد رفضت أبوية من سبقوني ،وأحيانا قاطعت من أبوا إال أن يمارسوها على من يعتقدون أنهم دونهم قدرة على اإلبداع ،وأقل منهم معرفة وخبرة . أبرئ نفسي إذن من كل أبوية ،وإن كان هذا ال يمنعني من أن أهمس في أذن الشاعرات والشعراء الشباب ألقول لهم بحب : ال تستعجلوا النشر ،وال تتسابقوا إلى الشهرة ؛ فما هي إال سراب يحسبه الظمآن ماء ،فإذا جاءه لم يجده شيئا ،والسالم عليكم ورحمة اهلل».
الشمال الفني
4
إشراف الفنان يوسف سعدون
العدد 1017ـ الثالثاء 29أكتوبر إلى 04نوفمبر 2019
يف الذكرى الأولى لرحيل الفنان الت�شكيلي الكبري
عبد الباسط بندحمان
حلت مؤخرا الذكرى األولى لرحيل الفنان التشكيلي الكبير عبدالباسط بندحمان الذي ودعنا بشكل مفاجئ في أحد أيام أكتوبر من السنة الماضية ،وشكل رحيله صدمة قاسية ومفاجأة كبيرة في الوسط الفني على المستوى الوطني نظرا لما تميز به المرحوم من خصال إنسانية راقية وعطاء فني متفرد ال يمكن تأطيره ضمن اتجاه فني معين .
وبمناسبة حلول الذكرى األولى لرحيل الفنان بندحمان -كما كان يعرف ،-عملنا في الشمال الفني على إعداد ملف حول الفقيد جمعنا فيه مجموعة من الشهادات لمختلف معارفه من الفنانين والنقاد ،كما ارتأينا نشر مقالة نقدية في حق المرحوم سبق وأن كتبها عنه الناقد الكبير والمختص في الجماليات والفنون التشكيلية الدكتور الخليل المرابط والتي ترجمها وقدمها لنا مشكورا الناقد والفنان محمد خصيف. إعداد :يوسف سعدون
عبد الباسط بندحمان ،األستاذ، اإلنسان والفنان
رسم بن دحمان بين الخطي والتصويري * خليل المرابط * ترجمة محمد خصيف
السعيد كرماس *
ال يكاد يذكر إسم الفقيد عبد الباسط بندحمان بطنجة ،إال وتجد بين الحضور من يعرفه كوجه من وجوه المدينة ،أو كفنان ترك أثرا متميزا في الساحة الفنية مع بعض الفنانين من جيله ،وهو أيضا يشكل مرجعا في التجارب التشكيلية المعاصرة ،ومن يعرف المرحوم عن قرب بصفته أستاذا قضى أكثر من ثالثة عقود في تدريس مادة الفنون التشكيلية بدءا بثانوي ابن الخطيب سنوات السبعينيات الى أواسط الثمانينيات ،وبعدها بثانوية موالي يوسف التقنية حين ألحقت بها مادته ضمن شعبة الفنون التشكيلية الى حين اختياره المغادرة الطوعية ،سيقف على مسار ذهبي للرجل في حقل التربية الفنية التي أبدع فيها كما أبدع في فنه. شخصيا ،درست عند المرحوم بندحمان بداية الثمانينات بثانوية ابن الخطيب ،وكان نعم األستاذ الذي يجعل من حصصه التعليمية مناسبة لالنفتاح على الثقافة والجمال؛ فلم تكن تخلو هذه الساعات من معلومات تحيلنا على عوالم التعبير التشكيلي ورواده وتقنياته .وأذكر بالتحديد درس المنظور ،حيث ربطه بالنهضة األوروبية ووالدة العصر الحديث علميا ،أدبيا ،فلسفيا وسياسيا. وبالرغم من معرفتنا بتقنية المنظور في مجال الرسم التقني الذي تعلمناه وتمرنا فيه بالمستوى اإلعدادي ،إال ان مقاربته للمنظور أيقظت فينا تساؤالت حول عالقة الفن التشكيلي كممارسة عقالنية بباقي العلوم واآلداب...الخ .باإلضافة الى هذا ،لم تكن حصص األستاذ بندحمان تخلو من الممارسة الفنية ،حيث ال نغادر الحصة إال وقد أنجزنا عمال فنيا مرتبطا بالحصة أو الموضوع ،إضافة الى هذا، كان يحثنا على البحث الجمالي في التعبير ،ويطالبنا بإعداد منجز تعبيري يسلم له بداية الحصة الموالية. وبما أننا كنا بشعبة اآلداب المزدوجة ،كان يحثنا على اإلهتمام بتاريخ الفن ،الرتباط اآلداب بسائر الفنون التشكيلية وروادها منذ األزل ،وألن العديد من األدباء امثال بودلير وزوال مارسوا أيضا النقد الفني وأجادوا فيه تحليال وتنظيرا؛ وقبلهما كان ألدباء مثل غوته الذي ألف كتابا في نظرية اللون، نصيب من المساهمة في هذا المضمار. جانب آخر من أخالق بندحمان ،هو التعاون والتشجيع على التميز .هذه الخصلة ،لمسناها فيه أثناء ممارستنا للمسرح بثانوية ابن الخطيب دائما. فقد دخل األستاذ بندحمان مع الفرقة في مغامرة تربوية تنشيطية أثناء إعدادنا لمسرحية «الملك أوديب» لتوفيق الحكيم. فقد ساعدنا بخيرته الكبيرة ولقن لنا الجوانب التقنية والفنية في مجال الديكور المسرحي. تعلمنا منه كيف يتم وضع الديكور الحامل للمعنى الذي يغني الموضوع المسرحي ويساهم في اللعبة المسرحية؛ إذ ال يخلو جانب من الفضاء الهندسي او أثاث او إكسيسوار ما ،من دور ،تماما كدور أي ممثل أو كومبارس. كان رحمه اهلل يؤكد على التوسع والتعمق في دراسة الفنون ،خصوصا المسرح ألنه «ابو الفنون»؟ أما السينما التي بدأنا االهتمام بها ،فكان ينعتها بأم الفنون والتقنيات. إن الحديث عن األستاذ والفنان عبد الباسط بندحمان ،حديث ال ينتهي ،لكون مكانة الرجل األخالقية والتربوية والفنية مكانة سامية ، ،وال تحتاج للتأكيد على سموها هذا ،ويكفيه فخرا ان طالبه ممن ساروا على دروب الفنون واآلداب كثيرون ويعترفون بفضله عليهم ،هو الذي كرس عمره التربوي الذي يزيد عن ثالثين سنة لخدمة األجيال فنيا وثقافيا وجماليا ،ويكفيه فخرا أن أسماء مرموقة من الفنانين تتلمذت على يديه ،وتفتخر بذلك . *ناقد ومهتم بالجماليات
عبد الباسط بن دحمان من مواليد 1952بمدينة طنجة .رسام ومدرس سابق بإحدى ثانويات مدينته .خريج شعبة الفنون التطبيقية بالدار البيضاء، ثم مركز تكوين أساتذة الفنون التشكيلية بالرباط .يتبع في فنه نهجا انفراديا يحيد عن االهتمامات التشكيلية التي يعرفها الفن المعاصر في المغرب .نقول فورا إن هذا الرسام تصويريا ،وأكثر من ذلك ،رساما مسعَّرا ك «رسام استشراقي»! ولنكن حذرين من بطاقات تجارية متسرعة! لنكن حذرين من أولئك الذين يخلطون بين عالمات الحرية والذين يفرضون نظاما مربحا مستقرا .هل يريدون تجفيف حفيف العمليات اإلبداعية غير المُدَّونة؟ ينظم الرسم الزيتي لدى ابن دحمان لعبة مستمرة ،وهي لعبة مكانية تنطلق من «تجاورات متغيرة األلوان»« «�juxtapositions kaléidosco ،»piquesيتقاسمها حضور وغياب ،محو وانبثاق شخوص ذات طبيعة مسرحية .تبرز ،ممتَحَة من وسائط الحلم والحقيقة ،شخوص تُث ِبت وجودها الغامض لتختفي في طيات أشرعة الروعة والحجز .إن لعبة المقياس والتراكب ،والتأطير ،ووجهات النظر ،والمستويات ،والعمق ،والخطوط ،والتعديالت تولد إيقاعاً مجزأً ،منهجيا ،يعيد تشكيل األجسام الرمزية. يزرع ابن دحمان األعمال غير المستكملة Inachevésوولع األشكال الحية التي تتطور؛ يعالج بدقة الوجوه ذات الواقعية المدهشة .فتتم إعادة تشكيل هذه الصور باستمرار من خالل الخطوط العريضة ،والمحددات ،والسيولة الشفافة ،ويتم وضعها بين نظامين للتمثيل ،رسم ولون ،خطي وتصويري. يجمعون حضور»جمال الجوهر» في مواجهة «جمال الصيرورة». كسينوغراف الريب والشك ،يفضل هذا الرسام األحجام الكبيرة التي تعزز نشر الحركات ،لترويض فضاء اللوحات ال ِبكر ،يهاجم المسند بالرسم والتخطيط ،كل منهما ضروري بالنسبة إليه .تبرز صورة مركزية ،وهي نموذج حي ألنثى في حركة ،تنبثق خارج إطار الفضاء التمثيلي .يتم تغييرها بواسطة طبقة الخلفية السائلة األحادية اللون ،السَبيْدجية .Sépiaثم تبدأ مرحلة مثيرة ،غير مستقرة ،تعتمد على مصادفة البصمة وعلى «قدرتها الخاصة لفرض وظيفة نوع من الالوعي التقني» .يوجد الفنان إذن في المبهم .االتصال بإيماءات الضغط ،وقوتها ،وتوجهها ،والحياكة المختارة تُحوِّل النتيجة وتُشيِّد عالقة انبثاق شكل يبقى مفاجئا ومفتوحا. تُظهر كراساته كيف أن التأمل التحليلي الطويل لجدران معينة يدعم في هذا المونتاج المبهم ،يطبّق ابن دحمان مبادئ ليوناردو دا فينشي ،حيث ِ اإلبداع التشكيلي ،وكيف يمكننا أن نميّز «نغمات شاذة من الوجوه» ،أو أزياء غريبة ،والعديد من األشكال األخرى .من الفوضى أحادية اللون الخاصة َ ليُهيْكِل هذا العالم الغامض ،حيث نطاقات واسعة بالطيات ،من لعبهم غير المحتمل ،تولد وجوه مبهمة ،صور مبتذلة يسائلها الفنان ،ويثبتها ،ويعدها، ومتقنة تتباين مع صمت اإلنجاز غير المكتمل. إن تنظيم الوسائل التشكيلية وتماسك األجزاء المتجانسة عضويا يشكل أصالة مقاربة جمالية .إنها مقاربة الفنان ابن دحمان. لماذا نصف هذه الصباغة ب «االستشراقية»؟ هل هذا امتياز يُمنَح لكليشيهات غرائبية؟ هل يُعتَمَد على نبل المواقف ،وستائر القصص الخيالية، ووجود هذه النماذج /الممثلين المعمَّمَة؟ هل نشهد على صورة شرق حُ ْلمي ،بقصصه اإليديولوجية التي ضعيف ٌة عالقتُها بالواقع ،كما أشار إلى ذلك إدوارد سعيد؟ إن ابن دحمان يسائل صورة «الشرق-الذريعة» ،لكن دون الوقوع في فخ ما أسميه شًرْ َق َ نَة االستشراق ، orientalisation de l’orientalismeحيث أصبح فنانون شرقيون يدينون كثيرا لما يسمى بالرسامين المستشرقين إلرضاء السوق الجنينية المحلية. يجب أن يتَسيَّد كل من األسلوب والقدرة التعبيرية على الموضوع المحلي .على المثير لإلعجاب .l’exotique وعيا باإلشكالية ،يصرح ابن دحمان أن «الفنانين ملزمون بالحفاظ على أساليبهم ،وحمايتها من االنزالق التجاري .فاإلبداع الحقيقي ال يخضع إلكراهات واقتضاءات العرض والطلب» .ليكن. لم ننس كذلك أن الفنان قضى طفولته بطنجة ،وسط عائلة من الممثلين حيث يشتغل مسرح الهواة والموسيقى واألوبرا على الواقع المعيش .فما هو أكثر طبيعية إذاً ،من استحضار مقتطفات من هذه الذاكرة ألجل إعادة انبثاق نوتات جديدة داخل الفضاء الحسي للوحات؟ ال يُخفي ابن دحمان اهتمامه ،كثيرا ،بالتصوير الجديد ،تصوير زمانه .فضبط الصور الثابتة أو المتحركة يعد من المصادر المتاحة للرسام والتي ال ينضب عطاؤها؛ المقاربة المجزأة ،مساءلة التشتت وإعادة تأليف الصور الداخلية ،والمعرفة الذاتية ،وحقيقة الذاكرة ،والجميع يختلط بعمق مع آثار السيرة الذاتية .إنها لغة جديدة تكسر السينوغرافيا لتقحم رسالة تصويرية غامضة ومفتوحة .ونتيجة لذلك ،فإن هذا الفنان يبتعد عن أي تصوير مفهرس، أكاديمي ،أو ساذج ،أو سريالي ،أو غرائبي أو واقعي-اشتراكي! فهو ينتصب في منطقة جديدة تتطلب تشفيرها .هو في مكان آخر ،أصبح مُخِرجا لحاضر مُعَوَلم. أخيراً ،إن ابن دحمان ال يتجاهل شيئاً من رهانات عصره .فهو يسجل «غياب النقاد والمدارس العليا ومراكز التكوين المتخصص» ،ونجده يساهم في لمسقط رأسه ،طنجةَ ، َ صالة عرض مهنية حقاً .هذه مساهمة أساسية تتوافق مع ما يعتمل فؤاده: تطوير الفنون التشكيلية في المغرب ،من خالل منحه «العمل بشكل منتظم»« ،استغالل مواهبه» لخلق عالماته التشكيلية الخاصة .ألم يسبق لماتيس أن قال؟« :إن أهمية الفنان تقاس من خالل جودة العالمات الجديدة التي أدخلها على اللغة التشكيلية». (انتقل الفنان عبد الباسط بن دحمان إلى دار البقاء يوم اإلثنين 8أكتوبر - )2018المترجم. إكس أن بروفنس (أكتوبر )2007
العدد 1017
الشمال الفني
رحيل صادم ومفاجئ للفقيد عبد الباسط بندحمان * أحالم لمسفر ال أدري من أي جانب سأتكلم عن المرحوم الفنان واإلنسان عبدالباسط بندحمان رحمه اهلل ،هو إنسان متعدد الكفاءات الفنية وكذلك المهارات البيداغوجية في مجال التدريس الفني ،رحيله المفاجئ والصادم ترك بيننا كفنانين فراغا كبيرا لن يعوض ،وذلك لعطائه السخي في كل مجاالت اهتماماته ،كان معروفا بتواضعه وسخائه ولم يكن يبخل بأي شيء توفر لديه ،حينما تحتاج إليه ،كان رحمه اهلل يسارع في االستجابة وتلبية الطلب بأريحية كبيرة ،لم يسجل عليه أن أخل بالتزام ،وأنا هنا أذكر هذه المناقب لكي أؤكد مسألة أومن بها وهي أن الفنان الغير الكريم ليس فنانا. كان يواظب على المشاركة معنا في أنشطة دار الفن المعاصر ب «بريش» نواحي أصيلة ،والزلت أذكر دوره الكبير في إنجاح ورشة صناعة الورق التي شارك فيها بحماس كبير ،سواء أثناء اإلعداد المادي أو اللوجستيكي ،وأتذكر جيدا انه سارع بأخذ المبادرة في هذا اإلعداد حينما علم أنني أشتغل وحدي على تهييء هذه التظاهرة. وأما بخصوص اختياراته التشكيلية فكان المرحوم يتميز بأسلوبه الفريد والخاص به
،حيث أن أعماله التشكيلية تحيلك عليه دون الرجوع إلى توقيع تلك األعمال ،كان يعمل يواظب على البحث التشكيلي من أجل تطوير تجربته ،لكن دائما في النسق الذي ميزه عن باقي المدارس الفنية. كان أيضا رحمه اهلل ،رفيق االبتسامة ألنه كان إيجابيا في الحياة ومتفائال ،وكان دائم الحضور في كل المناسبات الفنية ،وحضوره كان إيجابيا حيث لم يبخل بانطباعاته اإليجابية إزاء هذه التظاهرات .كان فخورا بأبنائه وكان يصطحبهم معه في كل المحطات الفنية،،وكان يتطلع إلشراكهم في عشق الفن. أكرر ثانية ،أن رحيله كان مفاجئا وصادما ،خصوصا وأنه لم يكن يظهر أية معاناة مع المرض ،ولم نظن ولو لحظة ما أن بندحمان قد يكون يعاني من مرض ما. رحمه اهلل...
عبدالباسط بن دحمان الفنان المتفرد * عبدالكريم الوزاني
عبدالباسط بن دحمان ،هو واحد من كبار المبدعين الذين مروا من طنجة ،عرفته رحمه اهلل -في اول مرة من خالل تالميذه وطلبته الذين تتلمذوا على يديه بشعبةالفنون التشكيلية بطنجة والذين التحقوا اتباعا بالمعهد الوطني للفنون الجميلة ،حيث كانوا يتميزون عن غيرهم بالمعهد بمستواهم الجيد ،والفضل في ذلك يرجع للمرحوم بن دحمان وكذلك لألستاذ والفنان أحمد البراق الذي أتمنى له الشفاء العاجل من الوعكة الصحية التي يمر منها .هذان الرجالن ،كانا متميزين بمناهجهما التعليمية الجيدة في مجال تدريس الفن واللذان ساهما من خاللها في تكوين أجيال مهمة من طلبة الفنون. المرحوم بن دحمان ،تميز على المستوى الفني بأسلوبه المتفرد والمبهر والذي يجمع فيه بين التشخيص والخيال ،وأسلوبه هذا مختلف عن كل األساليب الفنية السائدة الشيء الذي أهله لكي يكون رائدا في هذا االختيار ،لوحاته تحيلك إلى التاريخ وإلى الخيال والحلم ،تقنيته تؤكد على انه رسام كبير ومتمكن ،ال يكتفي بالرسم والتشخيص، بل يضيف لمكونات لوحاته مسحة من الخيال معتمدا على ذاكرته الحالمة والعجيبة... وتوظيفه لهذه المسحة من الخيال هي التي ميزت أعماله التي ال يمكن تأطيرها في
االتجاه التشخيصي المعروف ،وال أبالغ إن قلت أنه الوحيد الذي أتقن لعبة ترجمة الخيال وربطها برسوماته التشخيصية الحالمة ،وهو ايضا معروف بإتقانه للتفاصيل في مكونات لوحاته سواء الوجوه المعبرة أو الشخصيات في مختلف تجلياتها. تجربة أخرى تحسب للمرحوم وهي فتحه لرواق جميل بطنجة أراد من خالله دعم الحركة الفنية وفسح المجال لمجموعة من األسماء المبدعة للعرض والتواصل الفني مع الجمهور ،وهذا الرواق ساهم كثيرا في الحركية الفنية المهمة بالمدينة حيث كان موطن لقاء العديد من األسماء الفنية وعموم المهتمين والمثقفين .ومن مميزاته أيضا رحمه اهلل هو حضوره الفني المستمر في األماكن العامة والفضاءات وكذلك مواكبته للحركة الثقافية والفنية سواء محليا أو وطنيا. كان عبدالباسط بن دحمان ،إنسانا نبيال ،راقيا ،أنيقا ،ورائعا ،وحتى إسمه كان يعكس كل قيم النبل و الجمال لدالالته.. رحمه اهلل وأسكنه فسيح جنانه.
بندحمان ،الذي غيبه الموت عن موعد التكريم * بوعبيد بوزيد
طنجة التي مر منها دوالكروا ،وماتيس ،وكالوديو برافو ،واحتضنت بن علي الرباطي ،والحمري ،والفقيه الركراكي ،وشبعة والدريسي ،ليس غريبا ان تنجب فنانا كبيرا من حجم المرحوم عبدالباسط بن دحمان الذي ترك بصماته الواضحة في تاريخها الفني عرفته عن بعد سنة 1978عندما كنت أستاذا للتربية التشكيلية بعروس الشمال ،حيث لمست فيه اإلنسان الوديع والملم بمجال الفنون التشكيلية ،وفي بداية التسعينيات، كنت محظوظا حينما حضرت له معرضا تشكيليا في قاعة فالندريا بطنجة ،يومها تأكدت أنه فنان متمكن من ادواته التشكيلية سواء في الرسم أو الصباغة ،ولم يكتب لي معرفته عن قرب إال في حدود سنة 2000عندما نظمت وزارة الثقافة والخونتا دي أندلسيا تظاهرة فنية بعنوان :قوارب الحياة بميناء المضيق ،حيث تم استدعاء مجموعة من الفنانين المغاربة واإلسبان ليبدعوا لوحات على القوارب التي كانت تستعمل في الهجرة السرية والتي خلفت الكثير من الضحايا ،فكانت تجربة مهمة تميز فيها المرحوم سواء أثناء إنجاز العمل الفني او في مدينة مالقا حيث عرضت تلك األعمال. من ثمة امتدت صداقتنا التي مكنتني من التعرف على فنان طيب ،هادئ ،ذي أخالق سامية ،وينحو نحو الصمت والتأمل ،ويترجم تأمالته في لوحاته الرائعة. جمعتنا الظروف أيضا ،سنة 2016بمحترفات الفن المعاصر بشاطئ بريش القريب
من أصيال حول تقنية صناعة الورق واالشتغال عليه والتي كانت من تأطير الفنان كنتور ،فكان المرحوم كعادته مبهرا بحضوره المتميز سواء أثناء اشتغاله أو أثناء مجالسته واإلبحار في عوالم الفن والثقافة. وفي سنة ,2018قررت وزارة الثقافة تنظيم تكريم الفنان عبدالباسط بن دحمان وعبد ربه بوزيد بوعبيد بمركز تطوان للفن الحديث بمناسبة ليلة األروقة وإقامة معرض جماعي بالمناسبة شارك فيه نخبة من الفنانين المتميزين من أصدقاء المكرمين ،لكن المنية كان لها رأي آخر ،حيث رحل عنا باكرا رحمه اهلل في لحظة كانت مفاجئة وصادمة للجميع ،وكانت بالفعل فاجعة ،فترك رحيله الحزن العميق في نفوس كل معارفه وكل عائلة الفنون التشكيلية ويوم التكريم ،كانت روحه الطاهرة حاضرة معنا وكانت لوحاته مشرقة ووهاجة كعادتها ضمن فضاء المعرض. رحم اهلل الفقيد العزيز بن دحمان ،وأتمنى أن يحظى بالعناية التي يستحقها بعد رحيله من خالل الحفاظ على تراثه الفني وتكريمه التكريم الذي يستحق ،وأقترح على المسؤولين تخليده من خالل تسمية أحد شوارع المدينة باسمه اعترافا بما أسداه للمدينة كإنسان وفنان وأستاذ تتلمذ على يديه الكثير من المبدعين والطلبة.
عبد الباسط بن دحمان المتعدد * عزالدين بوركة ( * /شاعر وباحث جمالي) الموت وحش يأخذ عنا في غفلة وبال أي إنذار مسبق أحبة وأشخاصا نعرفهم وآخرين نعزهم وأقارب خبرنا معهم الحياة وتفاصيلها ،هذا ما فعله الموت حينما فرق بيننا وبين التشكيلي والمبدع عبد الباسط بن دحمان ،لكنه لم يكن ليستطيع أن يفصلنا عنه نهائيا، فإن رحل بن دحمان عن عالم الهنا واآلن جسدا ،فروحه قد تفرقت بين أعماله التي ستظل خالدة بيننا .يكفينا إن اشتدّ الحنين بنا إلى هذا الرجل المبدع ،أن نلتف في كل االتجاهات إلى أعماله ،وهناك سنالقيه ،نالقي روحها الفنية ومفرداته التي خطها بين ضفاف لوحاته. عاشق الشمال هكذا يمكنني أن أصفه ،فبقدر عشقه لمدينة طنجة أسلم روحه فيها، عشق هذه المدينة كما عشقها بولز وشكري وماتيس وغيرهم ...مدينة ساحرة استولت على قلب الراحل .هناك خبر اللون وسحره وما يتولد عنه من أشكال على مساحة السند. إذ أدرك بن دحمان طريقه ولمع في الرسم منذ بواكير طفولته بالمدرسة وفي الثانوية. ستتطور تجربة هذا التشكيلي ،الذي اختار التشخيص توجها دائما ألعماله ،التي تنحو لبعد سريالي وحكائي ،ليصبح أحد األسماء األساسية في المشهد التشكيلي المغربي، وأحد األسماء البارزة من جيل االنعطاف ،جيل تقوده الحماسة للعبور بالفن التشكيلي المغربي إلى تجربة تمتح من الهوية المغربية والعالمية ،وال تتوقف عند أعتاب هوية واحدة وتستكين إليها ،بل إنها حماسة ال تتوقف عن التجدد والتطور والتقدم ،وذلك نحو حساسية جديدة قوامها التجريب الدائم ،لبلوغ فضاءات الفن المعاصر الشاسعة.
اهتمام بن دحمان بالمســرح وآليات اشتغالــه ،ما سيقـــوده إلى االشتغال على أعمال سردية تتخذ من مسرحة الشخوص في فضـاء اللوحة أسلوبا لها .فتغدو كل لوحة مشهدا سينوغرافيا مستقال بذاته .ولم يتوقف اهتمامه الفني عند ركح المسرح ،بل قاده حسه الرهيف واهتمامه بالشعر إلى االشتغال بشاعرية على رسم الحاالت واألجواء الشعرية لدى العرب في العصور الزاهية ،فتصبح بالتالي كل لوحة مشهدا شعريا عامرا بروح الشعراء وشعرهم ،في خليط مع اللون والشكل ،بل حتى الموسيقى وذلك الهتمام بن دحمان بالموسيقى التي ظلت تحرك دواخله للتعبير برهافة عما يريد قوله بريشته. شكلت تجربة عبد الباسط بن دحمان تجربة هامة ومهمة في تاريخ التشكيل المغربي ،بما اكتسبته من خبرة وتفرد من حيث التعاطي مع المواضيع والحبكة الجمالية التي اتسمت بها ،باإلضافة للبعد السردي والسينوغرافي الذي ظلت تحتفظ به على طول ما أنتجته من أعمال صباغية.
الثالثـاء � 29أكتوبر �إلى 04نـوفمرب 2019
5
عبدالباسط بندحمان الذي بسط معالم الجمال • يوسف سعدون في الذكرى األولى للرحيل الفاجعة للفنــان الكبير عبدالباسط بندحمان ،لن يسعفنا الرثاء ،ولن يجدينا األسف عن الفراق لما كان للفقيد من خصال رفيعة سواء في الجانب اإلنساني أو في الجانـــب اإلبداعي، رحيله كان بحجم الفاجعــة ،لما شكلـــه الحــدث من مفاجأة ،رحل عنا في أوج عطائــه الفني ونضج تجربته التشكيلية ،ال أحد منا كان ينتظر هذا الهجر ،وال واحد كان مستعـدا لحضور طقــوس الوداع األبدي ،هو أكبر من ذكرى أو تأبيـــن ،ألنه كان فنانا استثنائيا بكـــل المقاييس. هو استثنائي بحبه لطنجة التي ولد فيهــا وشرب من ماء فنونها ،هوالمتيم ببهائها ،ومنها انطلق لكي يشيد معالم الجمال عبر أطياف فنية متميزة. هو استثنـــــائــي أيضــا باختياراتــه الفنـــــيـــة وبتجربته التشكيلية المتفردة. مساره اإلبداعـي٠انطلق موازاة مع تخرجـــه من شعبة الفنون التطبيقية بالدار البيضـــاء وكـــذا مركز تكوين أساتذة التربية التشكيلية بالرباط ،واشتغاله في مجال التدريس حيث تتلمذ على يـــده الكثير من الفنانين الذين الزالوا يعترفون بفضله عليهم. هو واحـــد من الكبـــار الذين بصموا وسيبصمون تاريخ الفن المغربي ،تميز بأسلوبه الفنــي المستعصي على التصنيف والبعيد عــن جـــل اهتمامات التشكيل الحديث والمعاصــر بالمغرب ،أتقـــن التشخيــص ،بل كان ماهرا فيــه ،لكن توظيفه له لم يكــن بالصـــورة النمطية المعتادة ،بل وظفه بطريقته الخاصة ضمن فضاء يشعرك بمرجعيته المسرحية ،لوحاته عبارة عن مشاهد حافلة باألحــداث التي تحكيهــا لك مكونــات اللوحة ،ودائما بإخراجه المتفرد ،اشتغــل على اإلنسان في عالقته بجدلية الحلم والحقيقة ،شخوصه تبرز تارة وتتوارى تارة أخرى وراء أشرعة وحواجز حافلة بالدالالت، عشق األحجام الكبيرة ،ألن طاقاته اإلبداعية لم تكن لتستوفيها األحجام الصغيــرة ،له بصمته الخاصة في التشكيل ،وهذه البصمة أيضا كانت وسيلـــة تقنية له في مجموعة أعماله حيث وظفها توظيفا ذكيا تماهت مع مكونات لوحاته الفنيـــة بشكل متناغم ،وقد كانت هذه البصمة أيضا بالنسبـــة له نقطة انطـالق بعض أعماله الفنية.. الوجوه عند المرحوم بندحمان حاضرة بقوة ،وجوه تنطق بتعبيراتها من خالل دقــــة تفاصيلها ،قد تبدو في بعض األحيان غريبة لكنها أليفة ومعبـــرة وتنطق بالكثير من همومنا وآمالنا.. هي بعض تفاصيل اختيــارات الفنان التشكيلـــي الراحل عبدالباسط بندحمان ،تفاصيل لن تستطيع أية كتابة استيفاء حقها لتجذرها وتفردهـــا ،هي هنا فقط للترحم على روحــه الطاهرة ،ودعوة لالهتمام بتراثه الفني المتفرد..
6
الثالثـاء � 29أكتوبر �إلى 04نـوفمرب 2019
العدد 1017
مجتمع ـ سياسة ـ حقوق فكري ولد علي
(مراسل من الحسيمة /الناظور)
عامل إقليم الحسيمة يطلب من وكالة التنمية االقتصادية واالجتماعية بتخصيص ميزانية لمواجهة كوارث األمطار
Fikri.press@gmail.com Tél 0661986707
انعقاد الجمع العام العادي لتجديد التنسيقية المحلية لمنتدى حقوق اإلنسان لشمال المغرب بتطوان
بطلب استعجالي من عامــل اإلقليم وفي اطار مشروع منارة المتوسط رصدت وكالة التنمية االقتصادية واالجتماعية ألقاليم شمال المملكــة ،حوالي ثمانية ماليين درهم ،لمشروع تصريف ميـــاه االمطار داخل المحيط الحضري لجماعة الحسيمة. ويأتي هذا المشروع بعد أن الحظ الدكتور فريــد شــوراق عامل الحسيمة من خالل زياراتــه التفقدية األسبوعية الميدانية ألحياء مدينـة الحسيمة ،حيث تغرق المدينة كلما تساقطت األمطــار بكمية كبيرة ،األمر الذي يخلف حالة من االستياء لدى ساكنة المدنية. كما تتسبب الفيضانات التي تحدث في المدينة ،في خسائر مادية ألصحاب المحالت التجارية ،حيث تغمرها المياه،
لعدم قدرة القنوات تصريــف األمطــــار المحدثة بالمدينة على استيعـــاب الكمية الهائلة من المياه. وحددت الميزانية التقديرية لهذا
المشروع المبرمـــج في إطـــار برنامـــج التنمية المجالية إلقليم الحسيمة “منارة المتوسط” سبعــة مالييـن وسبعمائـــة وسبعة وخمسون ألفا درهما.
عامل الحسيمة يتصدى للعبث ..ويوقف رخصة أحادية للبناء بالحسيمة
انعقد يوم السبت الماضي بمقر الحزب االشتراكي الموحد بتطوان الجمع العام العادي لتجديد التنسيقية المحلية لمنتدى حقوق اإلنسان لشمال المغرب .وقد تميز االجتماع بالكلمة التوجيهية التي ألقاها المنسق العام للمنتدى الرفيق عبد الوهاب تدموري أبرز خاللها أهمية هذه المحطة التنظيمية التي تندرج في سياق إعادة هيكلة التنسيقيات المحلية في أفق عقد المؤتمر الجهوي الثالث للمنتدى. بعد تالوة التقرير األدبي والتقرير المالي ، ومناقشتهما والمصادقة عليهما باإلجماع ،تم انتخاب التنسيقية المحلية التي جاءت تشكيلتها
كالتالي :المنسق العام المحلي :محمد لعجاب نائبة المنسق العام المحلي :لطيفة بنعزيز المنسق اإلداري :عبدالحي بلقاضي نائبة المنسق اإلداري :جميلة الزيتي المنسق المالي :حسن الحنكوري نائب المنسق المالي :عبد المالك بوغابة المستشارون /ات المكلفون / ات بمهام :دائرة المرأة :علية المرابط – هالة الغازي دائرة الشباب :عبداإلله علوي البيئة والتنمية :رضوان بطوتي الذاكرة والتاريخ : ربيعة بولحية الشؤون القانونية :عبداللطيف قنجع – يوسف الشاط التنسيقية المحلية لمنتدى حقوق اإلنسان بشمال المغرب /تطوان.
9سنوات سجناً لمتهمين بالسرقة تحت طائلة التهديد
ذكرت مصادر جد مطلعة أن السيد فريد شوراق عامل اقليم الحسيمة ،بعث بمراسلة مستعجلة على شكل قرار عاملي إلى مصالح جماعة الحسيمة إللغاء رخصة أحادية للبناء بكورنيش موروب يخو ،ليضع بذلك حدا للعبث والعشوائية .حيث أن الورش المعني يقع بمحرم طريق التهيئة رقم 59المنصوص عليه في تصميم تهيئة مدينة الحسيمة المصادق عليه
ذلك أن المعنية باألمر (م.ر ) لم تسلك المسطرة االدارية المعمول بها ،حيث أن ملف طلب الرخصة لم يتم عرضه على لجنة الشباك الوحيد المختص حصريا بدراسة طلبات رخص البناء. وذلك بعد إيفــاد لجنــة اليقظة للتعمير إلى عين المكان للمعاينة ،صباح يومه الجمعة الماضي تتضمن كل من السلطـــة المحلية
وممثـــال عن الوكالــة الحضرية وممثال عن جماعـــة الحسيمة .بتعليمــات مـن عــامــل اإلقليم. وعليه فإن هــذه الرخصـــة األحادية المنافية للمقتضيات القانونية للتعمير ،تم الغاؤها وسحبها حيـــث أن ما بني على باطل فهو باطل.
وزعت غرفة الجنايات االبتدائية بمحكمة االستئناف بالناظور ،أخيرا 9سنوات سجنا نافذا، على أشخاص متهمين بالسرقة تحت طائلة التهديد باستعمال السالح األبيض واالعتداء على المواطنين والسطو على ممتلكاتهم. وهكذا ،قضت الغرفة ذاتها بإدانة «أ.م» بثالث سنوات حبسا نافذا مع الصائر واإلجبار، بعد اقتناعها بارتكابه لجرائم تتعلق بالسرقة الموصوفة المقرونة بظروف الليل والتعدد واستعمال العنف .كما أدانت الغرفة نفسها، متهما ثانيا «ب.ي» ،بـ 4سنوات حبسا نافذا بعد متابعته من قبل النيابة العامة بتهم السرقة الموصوفة المقرونة بالتعدد والليل والتهديد بالعنف وجنحة التهديد بواسطة السالح .أما المتهم الثالث ،والذي تابعته النيابة العامة بتهمة بالسرقة الموصوفة بالتعدد، فقد أدانته المحكمة بسنتين حبسا نافذة مع الصائر واإلجبار .وجاء إيقاف المتابعين الثالثة بعد ورود شكايات على مصالح األمن الجهوي بالناظور ،يفيد فيها أصحابها تعرضهم للسرقة
تحت طائلة التهديد بواسطة السالح األبيض، من قبل أشخاص اعترضوا سبيلهم ،مقدمين بعض األوصاف التي تخص المشتكى بهم. واستفرت مصالح األمن عناصرها وتحركت في جميع الجهات ،قبل أن تقودها تجرياتها إلى اعتقال المتهمين سالفي الذكر في أماكن متفرقة .وتأتي هذه األحكام ،في إطار عمل المؤسسة القضائية على ردع أنشطة المجرمين الناشطين في جرام االعتداء على المواطنين بهدف السرقة ،ما خلف ارتياحا وسط المتابعين للشأن العام المحلي.
مركز الطب الشرعي بالدار البيضاء ينهي الجدل حول وفاة سيدة بالمستشفى المحلي بتاركيست نواحي الحسيمة علمت جريدة الشمال من مصدر طبي أن التشريح الطبي الشرعي الصادر من الدار البيضاء حسم الجدل في حقيقة وفاة امرأة داخل المستشفى المحلي بتارجيست ضواحي الحسيمة .المسماة قيد حياتها ( ع.ا ) والذي خلق ضجة كبيرة في االقليم حول مالبسات الوفاة والتي وصلت بعائلتها حد استبعاد فرضية انتحارها بالمستشفى ،توصلنا اليوم بتقرير الطبيب الشرعي الصادر عن مركز التشريح الطبي بالبيضاء( ،نتوفر على نسخة منه ) ،والذي أكد أن وفاة الهالكة ،بالمستشفى المحلي بتاركيست ،تتعلق بحالة االختناق شنقــا ،كما أشــارت خالصات التقرير أن الجثة لم تحمل أي آثار أو عوامل خارجية مثل الضرب او الجرح باستثناء ما تمت اإلشارة إليه سابقا. وتجدر اإلشارة إلى أن الهالكة ( ع.ا ) التي كانت في حوالي األربعين من عمرها ومزدادة بجماعة كتامة ،كان قد عثر عليها في وقت متقدم من صباح أحد األيام ،جثة هامدة بقسم الوالدة بالمستشفى المحلي بترجيست.
الثالثـاء � 29أكتوبر �إلى 04نـوفمرب 2019
العدد 1017
7
مجتمع ـ سياسة ـ حقوق عبد العالي بن ربوحة
(مراسل من القصر الكبير/العرائش)
المخزون المائي بسد وادي المخازن بإقليم العرائش يسجل ارتفاعاً ملموساً
بلغت نسبة ملء حقينة السدود التابعة لجهـة طنجة -تطوان -الحسيمة إلى غايـــة 22أكتوبــر الجاري حوالي 54،3في المائة، وذلك حسب معطيات لوزارة التجهيز والنقل واللوجستيك والماء. وأوضح تقرير أعـده قطاع الماء التابـــع للوزارة بأن المخزون المائي للسدود الواقعة فوق تراب جهة طنجة -تطوان -الحسيمة بلــغ 706،6مليون متر مكعب ،مقابل 686،2 مليون مترمكعب خالل نفس الفترة من السنة الماضية. وذكر التقرير أن سد وادي المخازن بإقليم العرائش ،أكبر سدود الجهة ،سجل نسبة ملء وصلت إلى 77،1في المائة مقابل 72،5في المائة العام الماضي ،أي أن حجم المخزون المائي ناهز 519،078مليون متر مكعب ،مقابل 487،721مليون متر مكعب في اليوم نفسه من العام الماضي. كما ناهـزت حقينــة سد 9أبريل بعمالة طنجة – أصيلة 79،93مليون متر مكعب، بمعدل ملء وصل إلى 26،6في المائة ،مقابل 113،944مليون متر مكعب ومعدل ملء في حدود 38في المائة خالل العام الماضي ،فيما سجل سد أسمير بإقليم تطوان نسبة ملء تصل إلى 50،2في المائة ،أي بمخزون مائي بلغ 19،55مليون متر مكعب ،مقابل 21،58مليون متر مكعب و 4،55في المائة العام الماضي. وبلغ المخزون المائي لسد موالي الحسن
بن المهدي 14،81مليون متر مكعب ( 63،3في المائة) ،مقابل 14،85مليون متر مكعب العام الماضي ( 63،4في المائة). أما بالنسبة لسد طنجة المتوسط بإقليم الفحص أنجرة ،فقــد بلغــت حقينتـــه 14،24 مليون متر مكعــب ( 64،7في المائة) ،مقابل 18،77مليــون متر مكعب ( 85،3في المئة) العام الماضي ،وسد ابن بطوطة 38،7مليون متر مكعب ( 25،4بالمئة) مقابل 30،18مليون د،هم ،أي 9،62في المائة العام الماضي. وبلغـت حقينــة سد عبد الكريم الخطابي بإقليم الحسيمة 5،629مليــون متر مكعب
( 47،7في المائة مقابل 68،7في المائة) ،وسد النخلة بإقليم تطوان 0،843مليون متر مكعب ( 20في المائة) مقابل 16،1في المائة خالل نفس الفترة من العام الماضي. وبخصوص سد الجمعة بإقليم الحسيمة، فقد سجل حقينة بـ 0،966مليون متر مكعب بنسبة ملء بلغت 18،7في المائــة ،مقابـــل 2،239مليون متر مكعب خالل نفس الفت،ة من السنة الماضية ( 43،4في المائة) ،بينما امتأل سد موالي بوشتى بإقليم شفشاون بنسبة 93،5 في المائة ،لتبلــغ حقينتـــه اإلجمالية 11،356 مليون متر مكعب.
القصر الكبير :إعطاء انطالقة التكوين لفائدة مهنيي الترصيص
في إطار البرنامج الهادف إلي تكوين وتأطير وتنظيم الحرفيين بجميع تخصصاتهم، أعطيت انطالقة البرنامج التكويني لفائدة مهنيي الترصيص بمؤسسة التكوين المهني بالقصر الكبير يوم االثنين 21أكتوبر 2019 ،وقد عرف هذا اليوم التكويني حضور السادة :المدير اإلقليمي للصناعة التقليدية ،مدير التكوين المهني ،أعضاء غرفة الصناعة التقليدية بجهة طنجة تطوان الحسيمة ،ويهم (البرنامج) دورة تكوينية لمدة ثالثة أيام ،حيث استفاد منها عدد من حرفيي الترصيص. البرنامج يأتي في إطار تنفيذ مضامين الشراكة التي تضم كل من كتابة الدولة المكلفة بالصناعة التقليديـــة واالقتـــصاد االجتماعي ومكتــب التكوين المهني وإنعاش الشغل في مجال التكوين المستمر لفائدة الصناع المزاولين لحرف الصناعة التقليديـــة “صنف الخدمات”. كما أن البرنامج يشكل أحد تمفصالت برنامج عمل غرفة الصناعة التقليدية بجهة طنجة تطوان الحسيمة فيما يتعلق بمواكبة تكوين وتأطير الحرفيين وخاصة منهم الشباب الذين يمارسون حرفة معينة أو الذين يتابعون دراستهم في إحدى الشعب الحرفية بالمعاهد المتخصصة على مستوى الجهة ،والهدف من
كل ذلك تمكين الحرفيين عموما من تملك أدوات تجويد الحرفة وتطوير المنتوج والقدرة على التأقلم مع العصرنة وغيرها من المستجدات التي يشهدها مجال الصناعة التقليدية وطنيا وجهويا. اليوم بمؤسسة التكوين المهني بالقصر الكبير اعطيت انطالقة التكوين لفائدة مهنيي الترصيص بحضور المدير اإلقليمي السي عمر الجعيدي ومدير التكوين المهني واعضاء الغرفة السي محمد بخات والسي المصطفى شمشي ومحمد الرفاس ونائبي رئيس السي الغرفة أحمد بكور وعبد ربه محمد السناني و قد عرف هــــذا اليوم التكويني حضور السادة: • عبد االاله بعزيز النائب الثاني لرئيس الغرفة. • محمـــد بودالل المديــر الجهـــوي للصناعة التقليدية بتازة. • أحمـــد العلـــوي رئيس المصلحة اإلقليميةبتازة. • عز الدين المــرزوك رئيس مصلحة الزبناء بالوكالة المستقلة لتوزيع الماء والكهرباء بتازة. • بعض األطر التابعة للغرفة والمديرية والوكالة.
قام بتأطير هذا اليوم التكويني السيد رئيس مصلحة الزبناء بالوكالة المستقلة لتوزيع الماء والكهرباء بتازة ،حيث استفاد من هذا التكوين اثنان وعشرون( ) 22حرفيا في مجال الترصيص الصحي تعرفوا على مختلف الجوانب التقنية وشروط السالمة المرتبطة بهذه الحرفة ،كما تم إخبارهم أنه وابتداء من سنة 2019سيتم تطبيق نظام الرخص لكل الممارسين لحرفة الترصيص الصحي على غرار ما هو معمول به في مجال كهرباء البناء. من جهة أخرى تم التأكيد على ضرورة تأسيس جمعية حرفية تضم جميع منتسبي حرفة الترصيص بإقليم تازة من أجل تنظيم هذه الحرفة واالستفادة من عدة امتيازات. األهداف المرتقبة : • تنمية وتحسيـــن المهارات التقنية المهنيةللصناعالتقليديين • تأهيل الصناع في المجاالت األفقية المرتبطة بتدبير وحداتهم اإلنتاجية، بتقنيات التسويق ،بالصحة والسالمة، وبالجودة • تحسيـــن ظــروف عمل وعيـــش الصناع التقليديين.
benrebouha01@gmail.com Tél : 0641794991
الملتقى الوطني الثاني للمرأة المبدعة دورة الفقيهة المرحومة عزيزة األزرق تحت شعار «المرأة المبدعة أساس التنمية»
في إطار أنشطتها اإلشعاعية في المجال الثقافي والفني ودعمها لإلبداع بشكل عام والنسائي بشكل خاص ،ولجعل اإلبداع النسائي داعما للتنمية البشرية المستدامة ،وسعيا منها إلى تكريس قيم المساواة ومحاربة كل أشكال التمييز المبني على النوع االجتماعي . رابطة نظمت كاتبات المغرب -فرع القصر الكبير بشراكة مع المجلس الجماعي لمدينة القصر الكبير ، يوم الجمعة 18اكتوبر 2019بقاعة دار الثقافة محمد الخمار الكنوني الملتقى الثاني للمرأة المبدعة دورة الفقيهة المرحومة عزيزة األزرق تحت شعار»المرأة المبدعة أٍساس التنمية « ، افتتح الملتقى بمعرض الحروفية والتشكيل من توقيع الفنانة الحروفية المتألقة رجاء بن الخضر بن مصباح تحت شعار ذكرى.. تلته أمسية شعرية استهلت بكلمة السيدة أمل طريبق رئيسة رابطة كاتبات المغرب فرع القصر الكبير الذي أشارت إلى األهمية التي تكتسيها الرابطة كإطار ثقافي منفتح على كتابات المرأة ،وبما سطرته لنفسها من أهداف، أبرزها :جمع شمل كل صاحبات األقالم الجادة من مختلف جهات المملكة واالحتفاء بإبداعهن وكتاباتهن وتحقيق التواصل فيما بينهن و متابعة إنتاجاهن ،قراءة ومقاربة وتحليال وتعريفا و جعل كتابة المرأة المغربية في قلب المشهد الثقافيالمغربي.، كما أشارت إلى أهداف الملتقى التي تروم إلى: * إنعاش الحركة الثقافية بالمدينة * االنفتاح على تجارب إبداعية وطنية ومغاربية. * إعطاء الفرصة للمبدعة الشابة وجعلها تستفيد من التجارب األدبية الناضجة. * إبراز دور المرأة في إغناء المشهد الثقافي المحلي و الوطني.
وبعد ها افتتح المجال للحضور لالستماع لبعض النفحات الشعرية و قراءات شعرية لكل من فاطمة مرغيش واألستاذة فاطمة شيري واالستاذة الشاعرة الزهرة الحميدي واألستاذة مليكة الجباري واألستاذة الشاعرة نادية الصمدي واألستاذة الشاعرة لطيفة زعري والشاعرة زكية بوقديد ،والشاعرة نسرين قرمادي ،كما تتخللت هذه األمسية معزوفات على آلة الساكسفون من توقيع األديب والفنان محمد مرزاق . وعرف اليوم الثاني من فعاليات الملتقى جلسة نقدية في رواية ورود تحترق للروائية األستاذة راضية العمري بمشاركة كل من األساتاذة الباحثين محمد مزواق والدكتور حسن اليمالحي الدكتور محسن بنعجيبة ،والدكتور مصطفى العناز. وعرف الحفل تكريم الفقيهة المرحومة عزيزة األزرق التي تعد أول امرأة قامت بتأسيس مدرسة التقدم الحرة للبنات ،أول مدرسة لتعليم الفتاة بالقصر الكبير ،حيت سارت مدرسة التقدم الحرة للبنات بادارة المرحومة الفقيهة تؤدي دورها التعليمي والديني في اطار من التوجه الديني الروحي مسهمة في خلق تقليد تربوي وتعليمي بان دفعت بالفتاة القصرية الى ولوج معاهد العلم والمعرفة التي انتشرت بعد االستقالل . يعد هذا تكريما للمرأة المغربية عموما والمرأة القصرية خصوصا ،وتجسيدا لثقافة االعتراف والتقدير واالحتفاء بمكانة المرأة المغربية. وعرف الملتقى حضور فعاليات منتخبة وجمعوية وثقافية واختتم الملتقى بتقديم شواهد تقديرية للمشاركين ،وتذكارات لعائلة المحتفى بها األستاذة الفقيهة المرحومة عزيزة األزرق .
وقفة احتجاجية جراء تجاهل مطالب مهني سيارات األجرة أمام مقر عمالة العرائش
نظمت الهيئات النقابية الممثلة لقطاع سياراتاألجرةالكبيرةوالصغيرة بإقليم العرائش ،وقفة احتجاجية يوم األربعاء 23اكتوبر 2019 أمام مقر عمالة العرائش ،للتنديد بتجاهل المسؤولين لمطالب هذه الشريحة واحتجاجا
على المعاناة التي يعاني منها القطاع وقد طالبت الهيئـــات النقابيـــة المشاركـــة في االحتجاج المسؤولين ،بالتدخل الفوري وفتح باب الحوار ،من اجل حل جذري لحل للمشاكل التي يعرفها القطاع .
العدد 1017
�أعالم ال�شمال : من
8
الثالثـاء � 29أكتوبر �إلى 04نـوفمرب 2019
األستاذ المربي والشاعر المبدع محمد بن المختار العلمي 1345ـ 1441هـ 1927/ـ 2019م
• بقلم :عبداللطيف السماللي األستاذ األديب محمد المختار العلمي يعد بحق من رجال التربية والتعليم األكفاء ،ومن المميزين بنشاطهم وحيويتهم في المجال الثقافي واألدبي ،أبلى البالء الحسن على امتداد عقود من الزمن في تهذيب نفوس الناشئة ،وغرس القيم النبيلة ،ورعاية الذوق الجمالي في صفوف تالمذته ،وهو معدود من الشعراء المغاربة األوفياء للقصيدة العمودية منافحا عنها، متغنيا من خاللها في خلواته وجلواته بما يجيش في دواخله من مشاعر عاطفية سامية وإشراقات صوفية صادقة .وقد أثرى األديب الشاعر ديوان الشعر المغربي بالكثير من القصائد الوطنية والمدائح النبوية ،واإلخوانيات... واألستاذ محمد المختار العلمي يعد من األسماء األدبية التي ساهمت بحضورها الفاعل في الملتقيات األدبية والشعرية بطنجة خالل سنوات طويلة ،وقد توالت عطاءاته األدبية والفنية، وتألق في كثير من المنتديات الشعرية التي أقيمت في طنجة وخارجها ،وكذلك فيما كان ينشره من قصائد شعرية وأبحاث فنية على أعمدة الجرائد المحلية (الخضراء األصيلة ـ طنجة ـ الشمال ـ صدى شفشاون) وعلى صفحات المجالت الوطنية (دعوة الحق ـ مواسم ـ اإلحياء ـ اللقاء ـ الندوة.).. ولم تكن تمر مناسبة وطنية أو دينية إال كان والشاعر الراحل حضور فيها ،يدلي بدلوه في القول الشعري المفعم بالمشاعر الدينية الصادقة ،وبالعواطف الوطنية والقومية الجياشة .وكان يساهم المرة بعد األخرى بقصائده البديعة التي أطربت األسماع وكان لها الوقع الحسن في نفوس المتلقين .ولعل من جميل شعره ما تغنّى به عن حدث تاسع أبريل المجيد(1947م) ،حيث خطاب طنجة الشهير الذي حمل دالالت سياسية كبرى ،ألهمت الشعراء الستعراض جليل معاني هذا اليوم التاريخي ،يوم دوَّى صوت سلطان البالد محمد الخامس في اآلفاق يدعو إلى وحدة البلد ويؤكد على تماسك أجزائه ،متحديا مساعي دول الحماية الرامية إلى تقطيع أوصال البالد وبث الفرقة بين أبنائها. أنتج األستاذ العلمي الكثير من األبحاث والدراسات األدبية والفنية ،وخاصة ما لها ارتباط بالتراث المحلي (العروبيات ـ أعيوع ـ العيطة الجبيلة) عامة ،أو ما له صلة بطرب األلة خاصة، الذي يعد األستاذ العلمي مع كافة أسرته من هواة هذا الطرب األصيل ،وقد أنجز دراسات دقيقة في هذا الحقل الفني ،كانت مثار اهتمام كبير من قبل الدارسين المتخصصين في الموسيقى األندلسية المغربية ،كما خلف األستاذ المبدع ديوانا شعريا حافال بالقصائد الوطنيـة والقومية والدينية .ومن أهم اإلنتاجات األدبية والفنية والتراثية لألستاذ األديــب محمد المختار العلمي ما يلي: • إشكالية اإلضافة الموسيقية إلى النوبــات األندلسيـــة بصدد التعويض والترميــم .بحث ساهــم به في حفـــل تكريم شيخ المادحين بالمغرب األستاذ عبداللطيف بن منصور ،وأعيد تقديمه في المهرجان الفني الذي نظمته جمعية هواة الموسيقـى العربية بطنجــة سنــة 1998م. • إطاللة على نزعـة الشعر الصوفي من خالل شعر ابن الفارض .بحث ألقاه في مهرجان أصيال للسماع والمديح سنة 2004م. • األغاني الجبلية بربوع الشمال من خالل إنشاد (أعيوع) والطقطوقة الجبلية .مقالة نشرت في جريدة الخضراء األصيلة (طنجة) سنة 1996م. • األناشيد المغربية. • الصنعة األندلسية بين فاس وتطوان.. • إنشاد العروبيات الزجلية النسوية بمدينة شفشاون وفاس وتطوان .وهو دراسة وثق من خاللها الكثير من نصوص رباعيات النساء ،المتداولة في مدينة شفشاون . • داللة مصطلحي الصنعة والشغل في النوبات األندلسية .نشرت المقالة في العدد الثاني من مجلة مواسم (طنجة). • ديوان شعري :ديوان حافل بقصائد المديح النبوي واإلخوانيات والوطنيات والعرشيات والمرثيات( ....كان موضوع رسالة جامعية لنيل شهادة الماستر بكلية اآلداب (تطوان) تحت إشراف الدكتور عبداهلل المرابط الترغي) • شعر المديح النبوي منذ بداية اإلسالم إلى يومنا هذا .بحث ساهم به في الموسم الثقافي لمدينة شفشاون سنة 1992م. • مدارس فن السماع والمديح النبوي .وهو عرض قدم في ندوة علمية ،أقيمت على هامش المهرجان الوطني لفن المديح والسماع الذي كانت تنظمه جمعية أبي رقراق بمدينة سال في سنوات التسعين من القرن الماضي.
• مسيرة األمجاد .وهي عبارة عن ملحمة شعرية مدرسية .نشرت بعض أجزائها في جريدة (الشمال) بمناسبة ذكرى 9أبريل التاريخية (ذكرى زيارة محمد الخامس لمدينة طنجة سنة 1947م). • مقدمة في التـأليف اللحني في الموسيقى المغربية .تم نشر هذا البحث في نشرة جمعية بعث الموسيقى األندلسية (فاس) سنة 1982م. وتعريفا بمسار األديب الشاعر محمد المختار العلمي ،وبالتأثيرات المباشرة التي أوحت إليه بولوج عالم الشعر واألدب ،والميل إلى الموسيقى األندلسية ،واألناشيد الوطنية ،وتذكيرا بمراحل دراسته بشفشاون وفاس ،واستعراضا للوظائف التربوية التي باشرها في فاس وتافوغالت (وجدة) ،ثم في مدينة طنجة إلى أن يلغ سن التقاعد سنة 1989م ،اخترت ترجمة مركزة سبق لألستاذ الراحل أن دبجها بقلمه (،وله ترجمة أخرى ركز فيها على الجانب الفني)، ومن خطه نقلتها وفيما يلي نصها:
ترجمة موجزة للشاعر األديب
محمد المختار العلمي بقلمه هو محمد بن المختار بن أحمد بن األمين العلمي الحسني. ازداد بمدينة شفشاون سنة 1929م ،وتلقى بها تعليمه األولي في الكتاب القرآني ،وتعليمه االِبتدائي في المعهد األصلي. تابع دراسته بجامعة القرويين ابتداء من سنة 1947إلى سنة 1953م ،مارس خاللها التدريس في التعليم الحر استجابة لرغبة وطنية ملحة. انخرط في سلك الوظيفة العمومية بالتعليم االبتدائي بإقليم وجدة ،ثم بمدينة طنجة ابتداء من سنة 1953م. انتدب لتدريس مادة التربية واللغة العربية والنصوص األدبية بمدرسة المعلمين اإلقليمية بطنجة سنة 1961م. وانتقل للعمل بالتعليم الثانوي بثانوية ابن الخطيب بطنجة على سبيل االنتداب أيضا. وفي سنة 1966م عُيِّنَ أستاذا للمواد العربية بإعدادية ابن بطوطة ،وخاللها أسندت إليه مادة الموسيقى بهذه المؤسسة زهاء خمس سنوات ،ثم عاد يدرس العربية. ُ مرحلة شبابه األحداث الوطنية ،فجذبه تيارها، واكبتْ فكان يحضر الحفالت الوطنية ،ويشارك فيها شخصيا ِّ مُمَثال. بصفته مُ ْق ِرئاً ،أو منشداً ،أو استهوتــه القصائــد الوطنيــة الرَّنانة التي ترددت على مسامعه ،أو قرأ نصوصها على صفحات الجرائــد الوطنيــة ،فانكب على حفظ أجودها ،ألشهر الشعراء الذين برزوا في ساحــة النضال الوطني؛ أمثال: المهدي بن إدريس ،محمد الحلوي ،أحمد بنشقرون ،علي الصقلــي ،الفقيه الجامعي وغيرهم. وبتذوقه لهذه النصوص ترقى ذوقه، وتكونـــت له حاسـة أدبية ،ساعدته على قرض الشعر مبكرًا. ومما ساعده على إذكـــاء الموهبــة الشعريــة ،ولوعــه منــذ حداثته بحفــظ األناشيد وترديدهــا باإلضافــة إلى بعض الصنائع األندلسية التي غناها بين رفاقه في الحفالت المدرسية ،والعائلية ،وذلك لحكم نشأته بين أحضان أسرته المتشبعة بهواية الموسيقى األندلسية .ومن الطبيعي أن يكون لكل هذا أثر طيب ينعكس على سلوكه وتوجيه ميوالته إلى الشعر والموسيقى معا... مارس محمد العلمي إذن نظم الشعر بإزاء ممارسته للموسيقى ،فكان الزدواج هذين الفنين عنده أثر بارز في صقل موهبته وإرهاف إحساسه ،وقد بدا هذا األثر جليا في سلوكه الشخصي، وفي كل معامالته وتصرفاته وانعكست مزاياه على جل األغراض والمضامين التي تناولها على صعيد الشعر ،إذ جاءت معاناته تعكس أساه وتحسره فيما أنشده من مراثي على صعيد المآتم. كما تعكس الفرح والتفاؤل وحب الخير واالكتراث بالواقع االجتماعي المعيش ،وذلك شأن من يضم بين أطواء نفسه عواطف متأججة ،تذوب ألما وتحرقا مهما تناول المراثي والمآسي االجتماعية ،ثم تطيب ثائبة إلى الرضا واالطمئنان متى جنح إلى الطبيعة والحب والوصف أو إلى اإلخوانيات. وللشاعر العلمي اهتمام خاص بالجانب التربوي التهذيبي الهادف ،انعكس بالخصوص على ما تناوله من مضامين أخالقية إنسانية مقصودة لذاتها ،وذلك بصدد تقديمها إلى تالمذته كنصوص أدبية مناسبة للتالوة والمحفوظات. ومن أهم قصائده في هذا الموضوع( :طبيب الحي)( ،قصة تائب)( ،خروف العيد يحكي قصته). للشاعر ديوان ال زال مخطوطا ينتظر فرصة إخراجه .لكن بعض قصائده سبق أن نشرها في إبانها. هذه باختصار ترجمة متواضعة للشاعر محمد المختار العلمي وقد دبجها بقلمه.
الثالثـاء � 29أكتوبر �إلى 04نـوفمرب 2019
العدد 1017
9
تحية وفاء وفاء تحية كلمة وفاء وتقدير خالصين وعربون مودة صادقــة، خطها يراع الكاتب األديـب المختار محمد التمسماني يوم تكريم صديقه الشاعر المبدع محمد المختار العلمي رحمة اهلل عليه .وتخليدًا للذكريات الطيبة التي جمعت الرجلين الطيبين ،وإحياء للحظات مشرقة أنارت مجالس العلم واألدب بطنجة ،ننثر بين يدي قراء هذه الجريدة الغراء ،ورقة أدبية من وحي المحفل التكريمي الذي أقيم منذ بضع سنوات ،اعترافا بعطاءات األستاذ الشاعر المبدع الراحل محمد المختار العلمي ،وتقديرا لما أسهم به في ميدان التربية والتعليم ولما أثرى به الساحة األدبية من بديع القول الشعري في أغراض اإلخوانيات ،والوطنيات، والمدائح النبوية ...وفيما يلي نص تلك الورقة الشاهدة على عمق األخوة الصادقة التي جمعت بين الرجلين.
تحية وفاء
بقلم :المختار محمد التمسماني
معاشر األفاضل سالم عليكم ورحمة منه وبركاته وبعد، عن المرء ال تسأل ْ وسل عن قرينه = فكل قرين بالمقارن مُقتدِ أجل: واجعل صديقك سيّدًا تحظى به = حبرٌ لبيب عاقل متأدبُ هي الصداقة ...تأصلت من مودة رائقة ورباط وثيق بيني وبين أخي الفاضل ،األديب الشاعر المادح الضالع المتأنق ،الفنان المبدع المتألق ،األستاذ الجليل ـ المحتفى به ـ الشريف سيدي محمد المختار العلمي ،رعاه اهلل، النجم المضيء ألخالئه ،والغذق العذب إلخوانه: صدق لم تكن بنتَ ساعةٍ = وال وَرَبَتْ حينَ ارتِيَادٍ ِزنَادُهَا مودّ ُة ٍ َّ ولكن على مهَل سرت و توَلدَت = بطول اتصال فاستقرَّ عمَادُهَا صداقة ..أثيرة دلفت حتى أربى مداها اليوم على أربعة عقود ،وما ا ْل َ تَاثتْ في إخالصها ،وما نزعت عن أواصرها ،قدام وصالها ،وكأني أسمعه يردّد في أحناء نفسه: لت له = �صفو املودة مني �آخر الأب ِد ما و َّد يِن �أحد �إال ب َذ ُ صداقة مفعمة تزدهي بذخائر مودة التي حظيت بها ،وال يزيدها تعاقب األيام إال طيباً! سالم على الدنيا إذا لم يكن بها = صديق صدوق صادق الوعد منصفا صداقة مترعَة أوحت إليه ـ في إنصافٍ ـ بقصيدة أرَّجَ بها كتابي “ مع صاحبي “ ووشحه ،وهي ذات مطلع: حي يف النا�س من تراه ُي َع يِان = َو ُم َعانَاة ذلك الإن�سانِ ِّ َ ملكَا ِب ِد ا ُ واح َم ْد = َ�س ْع َي هَ َذا ا ُ مل َتفان حي ْ ال�س ْع ِي ْ من َظ َّل دائ َِب ّ ِّ ومنها: ما بدنيا الإخاء غري �أخ َظا = َ ــل يغديك من معني املعاين وحكيم مناول ما ُيزَ كِّ يـ = َ ــك َث َرا ًء من حِ كْ َمة القر�آنِ اّ من اخلِ لنِ َو� ٍ أليف ُم�صن ٍَّف ْ من َذوِ ي اللـ = ـطف تخيرَّ ْ تَهُ َ َوندمي محالف راح ي�سقيـ = ـك نبيذ احلاللِ يف � ْإد َمانِ ي�ستجيب يف ِّ ـت ،و�أن كل �آنِ متى ِ�شئْـ = َ َ هو �أحرى ب�أن ُي َ رام َ َ ْ من �صف َوة الأ ْخ َدانِ َوهْ َو من � ْأ�ص َطفِيهِ ُو ًّدا حميـ = ًـما وخدينًا ْ من ُن ْبلِ اخلِ َ�صالِ مزايا = ُهَ ،وتكفيه نَزْ َع ُة الإن َْ�سانِ َح ْ�س ُبهُ ْ ما بدنيا الإخاء غري � ٍأخ َظـــ ْلـ َ =ـل ي َغ ِّذ َ يك من معني املعاين َ وحكيم مناول ما ُيزَ كِّ يـ = َ ــك ث َرا ًء من حِ كْ َمة القر�آنِ اّ من اخلِ لنِ َو� ٍ أليف ُم�صن ٍَّف ْ من َذوِ ي اللـ = ـطف تخيرَّ ْ تَهُ َ َوندمي محالف راح ي�سقيـ = ـك نبيذ احلاللِ يف � ْإد َمانِ ي�ستجيب يف ِّ ـت ،و�أن كل �آنِ متى ِ�شئْـ = َ َ هو �أحرى ب�أن ُي َ رام َ َ ْ من �صف َوة الأ ْخ َدانِ َوهْ َو من � ْأ�ص َطفِيهِ ُو ًّدا حميـ = ًـما وخدينًا ْ من ُن ْبلِ اخلِ َ�صالِ مزايا = ُهَ ،وتكفيه نَزْ َع ُة الإن َْ�سانِ َح ْ�س ُبهُ ْ لقد استروحنا من هذه األبيات نفحات من خواطر الشاعر ولوامعه الذي ما َّ كل فيها عن سمو البيان ،ومكنون المعنى ،وفيض القريحة... وال أريد ـ وال يريد المقام أيضا لتزاحم الوقت ـ أن أنصُب لهذه القصيدة ميزاناً ،وال أن أضعها على محك النقد الشعري وغرباله حتى تظل مداخلتي على قدر طاقة هذا الجمع الكريم ال على قدر طاقة كلماتي ،وحتى ال يقال :مادح نفسه يحييكم ! .فإبداعها فيها ومنها ..غير أني أحب أن أُلِمَّ بشاعريته إلمامة قصيرة عابرة وإن كنت من الذين يعلمون أنهم ـ في هذا الفن ـ ال يعلمون إال قلي ًال!
لقد سبرت شعره ،وأحطت خُبْراً بكثير من ظروفه ،فرأيت أنه يأخذ مالمحه من جالء أحاسيسه وصفاء وجدانه ،فال يميل مع السوانح الوهمية ،وال يتمسك بها ،وال يسترسل مع األغراض الطارئة وال يتحذلق فيها ،بل ِّ يُنقر عن المعاني فيُعاقرها صرفاً غير ممزوجة ،ويعتقبها ،ويطوف في أرجائها ،ويتلمّس حرارة عباراته فيص ّقلها في تمحيص ،وين ُفر من اإلغراب في التوافه العارضة من أغوار اللغة حتى ال ينقطع عنه مدد بيانها! .هو منهج أصيل ارتضاه ليجرد شاعريته من عقال التعويض في متاهات الخيال األعتم وغيبوبته ،ومن غموض الرمزية الجوفاء ومغرياتها التي صار التوجه إليها أثيرا لدى طائفة من شعراء البيت الحر أو النثر اإلبداعي الذين ال يجدون اطمئنانهم إال في اضطرابها! .وللشعراء فيما يعشقون أوداء فيها يهيمون! َّ ّ وكم له في قالئده من روائع اإللهام في سالمة الذوق ،ومن آللي المواهب في ِبلة البدائع التي ال مط فيها وال لتّ ،كأنّه يسعى بنا ـ في طلق عموديته التي لها في اآلذان رنين وأي رنين ـ إلى أن نجوب في أبهى جنان الشعر ،وننزِّه م َقل خواطرنا في مناكبها ،ونتذوق قطوفها في ظليل ظ ّلها ،ونُصْغي إلى تلك األصداء التي تنطبع في مضامر القلوب بين وثبات األشجان وتمويجاتها ،وبين أحالم النفوس ومواجيدها ،وكلها يتماسَّ في رفق وجالل كهمسات األوتار!. ويروقني هنا أن ألمع إلى أن في رثائه خاصة أنين الشجى التي تَ ِرقَّ ألنفاسها الحزينة المحترقة قساة األفئدة! .وهذه صرخة رثائه لعزيزنا وفقيدنا األستاذ المرحوم سيدي عبدالصمد العشاب ما زالت أسيرة في مطاوي وجداننا ،وهي ذات مطلع: هبَّ القريض َّ منكسَ األوزان = يرثي عزيزَ األهل والخِلاّ نِ ولنتساءل :ما الشعر عنده؟ .فلنسمعه يجيب فيقول من قصيدة أسماها “في خيمة القريض” : رجعِه ُم ْت َع ُة الأُ ْذنِ وما ال�شعر يف العمق �إال �ص ًدى = مدى ْ َ َي ُهزُّ ا ُ مل َ بدائعه ُم ْه َجة ال َكائنِ �صيخ كما ت َْ�س َتبِي = ُ َ فكيف إ� َذا نَ َّ افت ُم َله ُمه = الهزَ ار َع َلى ال َفنَنِ َ افتتان َ َحم ْت ب� َأ�صا َلتِهِ = َّ عت الط َرا َف ُة مِ ْن ُم ْبد ٍِع ُم نَ ِ �أَوِ الت َ َت وم ْفت نِ ِ َفك َْم ُم ْع َجب َ ِني بِهِ ي ْنت َُ�شون = وكم من غريرٍ ُ أيها الجمع الكريم.. ال تحسبَنّي أنّي جازفت في شاعرية أخينا وصديقنا جميعا فضيلة األستاذ الجليل المكرم سيدي محمد المختار العلمي ..كال وفوق ألف كال! .هي خطرات عن غرره التي مرحتْ في ثنيّات نفسي إنصافا ووفا ًء! فها أنا أحييك هنا في هذا المحفل الكريم بين رفقائك ومعارفك ،وأصدقائك ومحبيكَ ، تحية من تعوَّد برَّك فأوجب شكرك ،ومن يحترم أدَبَكُّ ، ويجل أخالقك ألنك ما جابهت أحدًا ـ حتى طلبتَك ـ بقوارس الكلمات! وقل لي بربك :كيف تتعدّم وتقسو وفي قلبك نقاء ،وفي ضميرك صدق ،وفي نفسك طهارة ،وعلى محياك تباشير المودة والدعة ونبالة النسب الشريف!. ومالي ال أمدحك والمدائح في المحافل زينة! فنعم زينة الرجال كرائم الخالل!. وما يل ال �أثني عليك وطاملا = و ّف ْي َت بعهدي والوفاء قليلُ و مِ َ ل ال �أطريك: إبداع والنا�س �أكي�س من �أن يكرموا رجال = حتى يروا عنده � َ آثار � ِ ورحم اهلل ناهج البردة إذ يقول: ً ُر َّب َم ْد ٍح �أذاع يف النا�س ف�ضال = و�أتاهم بقدوة ومثالٍ وثناءٍ على الفتى ع ّم قوم ًا = ُ قيمة العقد ح�سنُ بع�ض اللآيل يقدر وزن الرجالِ مي = و ُيقيم الرجال ُ الكرام كر ٌ �إمنا ُ َ أجل: ْ َّ إن الكِرَامَ إذا ما صادقوا صدقوا = لم يُثنهم عنه ترغيب وترهيبُ أخيرًا.. أسأل اهلل ّ جل في عاله أن يتبوأك ـ أخي سيدي محمد ـ بالعافية ،ويثبّتها لك ،ويحرسها عليك ،ويوصلك عُذ َ بمدد توفيقه وإنعامه ،ويُج ِريَ لك خالص كل نوال وإفضال ،ويغدِقَ عليَّ وعلى أحبائك ُ وبَة وُدِّكَ وصفاء مودتك.. والسالم عليكم ورحمة اهلل تعالى وبركاته..
العدد 1017
10
الثالثـاء � 29أكتوبر �إلى 04نـوفمرب 2019
بيت الشعر في المغرب والجمعية المغربية لنقاد السينما ينظمان ندوة وطنية في موضوع ( :الشعر والسينما) يومي 8و 9نونرب 2019بالرباط عالقة السينما بالرواية عالقة مبررة بأكثر من سبب ،فكل واحد منهما يسرد أحداث قصة بأسلوبه الخاص وتقنياته المعروفة .وهما أيضا يتبادالن مصالح فنية ومادية بتكافؤ بيِّن .فقد ظفرت السينما بمعين ال ينضب من المواد السردية القابلة للتحويل إلى سيناريوهات باذخة .أما الرواية فقد حققت ارتفاع مبيعاتها بعد نجاح األفالم التي اقتبستها؛ ويُذكر ـ في هذا السياق ـ أن ما بيع من نسخ رواية (مرتفعات ويزرنج) إليميلي جين برونتي التي نشرت سنة ،1847بعد عرض الفيلم الذي أخذ عنها ،يفوق ما تم بيعه خالل اإلثنين وتسعين سنة السابقة منذ صدورها .في حين تبقى عالقة الشعر بالسينما مثيرة لاللتباس ،بسبب انتفاء مبررات مراد القادري ظاهرةٍ وواقعية لهذه العالقة المفترضة .لقد درج الناس على اعتبار الشعر فناً عصيّاً وغامضاً ،يستلزم تلقيه معرف ًة عميقة ومرجعياتٍ واسعة ،عالوة على ُّ التمكن من علوم اآللة وتطور االتجاهات البالغية والشعرية في العالم ..في حين ظلت الشاشة الفضيّة رديفة لحكايات متناسلة وقصص متواترة ،ال يتطلب تلقيها وفهمها سوى معرفة بلغة الحوار الدائر بين أبطال الفيلم وشخصوصه. لكن مع تطور نظريات التلقي وتقدم الدراسات السيميائية للظواهر الفنية ،وما عرفته كذلك اللغة الشعرية من تحوالت كبيرة أغنت إوالياتِها وشفراتِها ،مثلما وسعت مفهوم الشعر في حد ذاته ،ومع تطور االتجاهات والمدارس السينمائية في العالم ،وانزياح عدد من المخرجين وكتاب السيناريو عن المألوف ،مع كل هذا أصبح بوسع المهتمين فتح ما انغلق من حدود التمييز بين األنواع األدبية والفنية ،وأتاح فرص التقليص من معيارية لغات التواصل ،مما فسح المجال الختالط الحدود بين الفنون وتحقيق تواصل وتبادل فعالين بينها .وصار باالستطاعة الحديث عن إمكانية الربط بين الشعر والسينما ،حيث أصبح بمقدور النقاد والدارسين من الطرفين (الشعر والسينما) الحديث عن فيلم مليء باللقطات الشعرية والصور الفنية ،أو عن قصيدة ْ تُكثِر من استخدام المونتاج والتقطيع ومختلف التقنيات المعتمدة عادة في مجال السينما ...بل أضحى من المعتاد تصنيف أفالم معينة في خانة السينما الشعرية .كأفالم المخرج والكاتب اإليطالي بيير باولو بازوليني ( 1922ـ )1975 الذي مارس الكتابة الشعرية واألدبية باإلضافة إلى اهتمامه األساس بكتابة األفالم وإخراجها .وهناك أفالم كثيرة صنفها النقاد في السينما الشعرية من قبيل (الكلب األندلسي )1929للويس بونويل ،و(الجميلة والوحش )1946 لجان كوكتو و(ستحملنا الريح )1999لعباس كياروستامي ،و(دائرة الشعراء المفقودين )1989لبيتر وير ،و(المهاجر )1994ليوسف شاهين ،والالئحة طويلة جدا .وغني عن التذكير أيضا أن شعراء كبارا مارسوا السينما من خالل كتابة سيناريوهات وإخراج أفالم نذكر من بينهم :أبولينير Apollinaire وسندراس Cendrasوديسنوس Desnosوبريفر ،Prévertوغيرهم. إن افتراض وجود سينما شعرية ال يقصد به وجود ذلك الفيلم الذي تنشد فيه األشعار المعروفة على لسان أبطاله ،أو ذلك الذي يستحضر سير الشعراء سرداً أو توثيقاً فقط ،وإنما ذلك الذي نجد البطل فيه هو األسلوب وطريقة سرد األحداث ،ال األشياء واألحداث ،بمعنى االهتمام المضاعف بكيفية استثمار الوسائل التعبيرية .كما نجد البطل فيه أيضا هو اللقطات المكثفة والموحية بالدالالت العميقة التي تتجاوز سطوح الحوارات المبتذلة في الحياة اليومية إلى االحتفاء بالحمولة الرمزية لألحياز المكانية ،تلك التي تخصبها اإلضاءة الطبيعية أو االصطناعية حسبما يفرضه السياق .كما تعزز بعدها اإليقاعي المسموع بخلفيات الموسيقى التصويرية التي يجري تأليفها خصيصا للفيلم .لقد كتب جان كوكتو ذات مرة« :محكوم على السينما بأن تكون شعرية ،وال يمكنها أن تكون إال كذلك ،إذ يصعب نفي هذه الخاصية عن طبيعتها ،وسيبقى الشعر دائما ههنا ،بين يديها ،ال يمنعها شيء من استثماره» .وهو حتما يعني الخروج من روتين الحكاية وضيقها ،إلى أفياء السحر والحلم ،واالنتصار لتلقٍّ ذكي، ينتقل بالمشاهد من حدود المرئي إلى النهائية الالمرئي. إن الهدف الرئيس من تنظيم ندوة حول موضوع (الشعر والسينما) هو السعي إلى جمع ثلة من المهتمين بالشعر والسينما والباحثين في مختلف الفنون ،من أجل مضاعفة زوايا النظر ،وفحص طرائق استفادة الشعر من فن السينما وتقنياتها التعبيرية واستدماج ذلك في مكوناته الفنية الدالة ،وبالمقابل استكناه تحول الشعر مادة سائغة تستوعبها لغات السينما وتقنياتها ،من أجل بناء أفالم بقوافي مرئية ومجازات ضاربة في أقاصي الجمال والحلم .ولعل الجلسات العلمية التي ستعقد لتحقيق هذه األهداف ،سيكون عليها أن تجيب على بعض األسئلة التي تشغل المهتمين بموضوع عالقة الشعر بالسينما ،من قبيل: ـ ما الذي يسوغ قيام عالقة تأثير وتأثر بين الشعر والسينما ،رغم أنهما يبدوان متباعدين من حيث أدواتهما ووسائلهماالتعبيرية؟ ـ هل يقوم الفيلم (الشعري) على إواليات فنية حقيقية بانية لشعريته ،أم أن شعريته متأتية من محض
اجتهادات القراءات التأويلية المنفتحة على مختلف المرجعيات الفنية والثقافية والفلسفية؟ ـ ما حدود التشابه واالختالف بين التصوير في الشعر والتصوير في السينما؟ ـ ما الذي استفاده الشعر من الفن السينمائي الذي تجاوز ظهوره في العصر الحديث قرنا من الزمن؟ وهل يمكن الحديث عن أفق مستقبلي منشود للتبادل والتعاون بين الشعراء والسينمائيين؟
محاور الندوة:
محمد شويكة • شعرية السينما (مقاربات نقدية لنماذج فيلمية). • مائدة مستديرة (الشعر والسينما).
• الشعر والسينما ..المُتخيَّل المشترك (مداخل نظرية.).... • سينمائية الشعر (طرائق االستثمار وتقنياته: التصوير ،زوايا النظر ،التقطيع والمونتاج.).......
برنامج الندوة الوطنية الشعر والسينما
الرباط 8/9نونبر 2019 الجمعة 08نونبر 2019 10صباحا ـ الجلسة االفتتاحية • كلمة السيد مراد القادري ،رئيس بيت الشعر في المغرب؛ • كلمة السيد عمر بلخمار ،رئيس جمعية نقاد السينما بالمغرب؛ • تنسيق :عبد السالم المساوي. 10.30مائدة مستديرة (الشعر والسينما) • المشاركون :رشيد المومني ـ حمادي كيروم -فؤاد سويبة ـ أمينة الصيباري. • تنسيق :خليل الدامون. 11.30الجلسة العلمية األولى (الشعر والسينما ..المتخيل المشترك) • المشاركون :بشير القمري ـ محمد اشويكة ـ نور الدين محقق ـ بنيونس عميروش. تنسيق :محمد البوعيادي .18عرض سينمائي ،تعقبه مناقشة. • «ساعي البريد» ( ]Le facteur) [Il postinoللمخــرج مايكـل رادفــورد «( »Michael Radfordإنتاج .)1994 • تقديم :حمادي كيروم.
ملخص الفيلم:
في جزيرة إيطالية صغيرة خالل سنوات الخمسينات ،يتمكن الشاب ماريو من الحصول على وظيفة مؤقتة كساعي بريد ،مهمته الوحيدة إيصال رسائل الشاعر الشيلي الكبير بابلو نيرودا الذي كان قد حل الجئا سياسيا بالجزيرة .ونتيجة لذلك ستنشأ صداقة بين الرجلين ،ستتقوى بالشعر ،حيث سيستعين ماريو بقدرة الكلمات على جذب معشوقته بياتريس الفتاة الجميلة. السبت 09نونبر 2019 10صباحا :الجلسة العلمية الثانية (سينمائية الشعر :طرائق االستثمار وتقنياته) • المشاركون :سليمان الحقيوي -عبد اهلل الشيخ ـ محمد عابد. • تنسيق :نور الدين محقق. 11.30الجلسة العلمية الثالثة (شعرية السينما :مقاربات نقدية ونماذج) • المشاركون :محمد البوعيادي ـ محمد الشيكرـ مبارك حسني ـ محمد طروس -أيوب العياسي. • تنسيق :محمد اشويكة. .18أمسية شعرية: • المشاركون :نسيمة الراوي ـ نبيل منصر -بوجمعة العوفي ـ عبد اإلله المويسي ـ أيوب العياسي. • تنسيق :محمد بودويك. • موسيقى :الثنائي الموسيقي.
امللحـق الثقافـي
11
العدد 1017ـ الثالثاء 29أكتوبر إلى 04نوفمبر 2019
َي َتحَ َّد ُث ب� ْإ�سمي َّ راب ! ال�ش ْ • محمد بشكار
�أ ِل َف ْتنِي
�ض ات �أنْ َه ُ اح ُ َّ ال�ص َب َ اح ِل ْأفت ََح ال�ص َب ِ َق ْبلَ َّ
َنافِ َذةً
ون فيِ ُع ُي يِ ب َنادِيلَ َو� ْأم َ�س َح َها مِ َ � ْأقطِ ف َُها مِ ْن
َع َجب ًا
�ض ِلت ُْد ِخلَ َب ْع َ
ال َأغارِ ي َد ُم ْ�ست َْب ِد ًال �ض َق ْلبِي، بِخَ فْ َقت َِها ن َْب َ َو ُ�أ ْطعِ ُم َها احلَ َّب �أنْ رُ ُ ث
ُح َّب ُه فيِ �ش َفتِي ،ل َْي َت رُ ْ الب ُذورِ ا َّلذِي َح َم َلت ُْه َب ْع�ض ُ
َ�ش َجر ًا
�أنْ ُظ ُر َخ ْلفِي إ�لَى ُغ ْر َفتِي كَ ْي َف ار ِت َم ْركَ َب ًة ُم رَت َِّحل ًَة ف َ�ص َ الزَّ َم ِ انَ ،و� ْأ�ص َب ْح ُت مِ ن مي ال�س ِد ِ �ش ْفتِي فيِ رُ ْ َّ املُ َعت َِّق ُر َّبان ََها،
اب َ�س َح ْ َث َّم � ْأد ُعو ُّ ور الط ُي َ
احلَ َو ِ ا�صلُ ُي ْن ِب ُتنِي
اب فيِ ال�سرَّ َ ْ ني ِح َ
اوةِ مِ ْن َ�س ْه َر ِة ِللْغَ َ�ش َ
ال ْأم ِ �س فيِ ُمقْ َلت ََّي َوكَ ْي َف ت ِّو ُلنِي َب َط ًال حُ َ �ش ٍ فيِ رَ ِيط ب اَِل ذِ كْ َر َي ٍ ات،
َو� ْأح َ�س ُب �أن
انْ َت َقل ُْت �إلَى ُب ْعد َِي ال�س ِ ادِ�سَ ،ب ْين ََما َق َدمِ ي َّ َاب فيِ رُّ الت ْ
كم ّ ال�ساعة الآن يا حبيبي • سنيا فرجاني /تونس
ني ِح َ �أنْ ُظ ُر َخ ْلفِي �إلَى ُغ ْر َفتِي � َّأي ُم ْن َقل ٍَب انْ َقل ََب ْت � ْأر ُجلٌ ف
ال�سرَّ ِيرِ َ � ،أرى: ُج َثث ًا مِ ْن ث َِي ٍ اب َو َق ْد اح فيِ َدمِ َها العِ ْط ُر َف َ بِالنَّكَ َب ِ َاج ات َو حَ ْ تت ُ ل ِل َّد ْفنِ فيِ َق رْ ِ ب
ول ْب. ُد اَ
� َأرى َبينْ َ كُ لِّ ات � ْإمرَ�أةً مَ ْ الف ََر َ ل ا�ش ْ َتل ِْد َها َّ ِيع ُة مِ ْن َج ْو ِف الطب َ �ش َنقَةٍ َت َت َدلَّى مِ َن رَ ْ يح ال ْإب ِط حَ ْ الر ُ تمِ ل َُها ِّ
م ٍد َبينْ َ جَ ْ َون َْه ٍد
بِخَ ْي ِط َحرِ يرٍ َيل ُُّف
انْ حِ َط ِ اطيَ �.أر َّق مِ َن َّ الط ْي ِف
ت ِ�شي مَ ْ
ال�س ْي ِف َعلَى َّ َف ْو َق ل َِ�س يِان �إلَى َح ْتف َِها فيِ اب.. الغِ َي ْ
ني ِح َ �أنْ ُظ ُر َخ ْلف َِي �َأ ْفق ُِد
فيِ َم ْ�ش َه ٍد َب�صرَ ِي َذ َ اك من ُثمنٍ َق ْد ت ََبقَّى ب َِج ْوفيِ َ ،ف َو ْيلٌ لمِ َْن َق ْد ِا�سمِ هِ �أَ ْو حَ َ ت َّد َث ب ْ
اب! *�أ�سياد احلرب ال�ش ْ ا�سمِ ي رَّ َ ْ
ـــــــــــــــــ.
املو�سيقي ال�شاعر:بوب ديالن للمغني ِّ �س�أكون ع�س�سا علينا
�إنّهم ي�شبهون املنايف يا حبيبي الع�سكري يف احلرب، وي�شبهون الرغبة التي ت�صيب وطراوة على حلمنا. ّ عندما يخلع حذاءه اخل�شن ويبحث يف الظالم عن لن يزحف الع�سكر خلف فمي، نهد امر�أة يح ّبها، �أعدك لن يزحفوا فيل�سعه احلنني. �س�أق ّبل وجهك ك� يّأن �أدور على الأر�ض وما جاورها، �إنّهم ي�شبهون �أ�شجار التّني ،الفارغة ّ �س�أجيد العراك مع الطيور وال ّديكة، عيني ،حني �أفتحهما لأفتّ�ش يف امل�سافة وي�شبهون ْ الفا�صلة بني فمك وفمي، ومع �سفري النوايا احل�سنة. عن �صورتي م� ّؤطرة ،بورود �صغرية هذه اخلدو�ش التي فوق �أظافري، وخوامت المعة. ال�صلوات الطويلة �أمام عينيك، حدثت ب�سبب ّ ال�ساعة الآن يا حبيبي، كم ّ كان النمل يق�ضمها بداوة؟؟؟ وكنت يف زاوية الهالل �أتابع �صوتك هابطا على بداوتهم ثورتهم على احل�ضارة، ج�سدي. فكيف ن�صنع ح ّبا على مقا�س ا�ستعاراتهم؟ ال�سائد، ّ ورطني �أبي يف ّ واحلب ،مم�سك بيد اهة ؟ ّغوي ،ف�ص ّدقت و�أمي ا�سرتاحت على هاج�سها ال ّ بوابة العامل، رجال ،ي�ستح�رض الغيب وال ي�ستح�رضها. عند ّ رجل ق�صري جدا، مرة �أخرى ّ وامر�أة ت�شبهه ملفوفة يف العا�صفة، �سنذهب �إلى احلا�رض يا حبيبي، هل تظنّهما قادمني مع البط والقند�س لرنكب احل�صان ّ الطائر لت�شوي�ش لوحتنا البي�ضاء؟ غرته للريح ،حني نكون متعانقني، ونعر�ض ّ ّ الوح�شي �س�أعاند فظاعات البقر ّ هاربني من املنايف. �س�أعود من ال�شعر باكرا هم ي�شبهون الرغبة وعد من ما�ضيك �رسيعا ْ وي�شبهون املنفى ال داعي لأن نحرق الوقت يف خلع ال�ستائر والنوافذ ونحن ن�شبه ّ ال�شعر يف مخدعه، وال�ضوء، امل�سميات وي�رشبنا. جال�سا ،ينفث تبغ «ع�سكرية»� ،س�ألب�سها� ،أمام الليل، يل بدلة ّ ّ
الشمال الثقافي
العدد 1017
الثالثـاء � 29أكتوبر �إلى 04نـوفمرب 2019
12
التائه
The Stray
�أ�سياد احلرب للمغني الموسيقيِّ الشاعر بوب ديالن
(الفائز بجائزة نوبل لسنة 2016الجارية)
ترجمتها عن اإلنجليزية بيسان بن ميمون يا �أ�سياد احلرب
�أنتم الذين ت�صنعون الأ�سلحة الكبرية �أنتم الذين ت�صنعون طائرات املوت �أنتم الذين ت�صنعون كل القنابل
خوف �أن ت�أتوا ب�أطفال �إلى هذا العامل. **** لأنكم تهددون ر�ضيعي
�أنتم الذين تختبئون وراء اجلدران
ي�سم بعد الذي ملَّا يولد ومل َّ
مثل يهوذا قدمي ًا تكذبون وتخدعون تريدونني �أن �أ�صدق �أننا ميكن �أن نربح حرب ًا عاملية لكنني �أرى من خالل عيونكم و�أرى عرب �أدمغتكم مثلما �أرى من خالل املاء الذي ي�سيل عرب جمرى �رصف مياه بيتي.
�أبد ًا ما تقرتفون.
�أريدكم فقط �أن تعرفوا �أنني قادر على الر�ؤية من �أنتم ال ت�ستحقون الدم خالل �أقنعتكم. الذي يجري يف �أعراقكم. **** **** �أنتم الذين مل تفعلوا �أبد ًا �شيئا ما مقدار ما �أعرفه �سوى ال�صنع من �أجل الهدم حتى يزعجكم كالمي؟ �أنتم تلعبون بعاملي كما لو كان لعبتكم ال�صغرية �شاب ميكنكم رمبا �أن تقولوا �إنني ّ �أنتم ت�ضعون م�سد�س ًا يف يدي ميكنكم رمبا �أن تقولوا �إنني ال �أعلم وتختبئون عن عيني لكن هناك �شيئ ًا واحد ًا �أعرفه وت�ستديرون وترك�ضون �أبعد رغم �أنني �أ�صغركم �سن ًا عندما تطري الر�صا�صات ال�رسيعة. وهو �أنه حتى ي�سوع لن ي�سامح ****
**** �أنتم حت�رضون كل �أزندة امل�سد�سات ر�صا�صها الآخرون لكي ُيطل َِق َ وراء وتتفرجون ثم ترتاجعون ً عندما يرتفع عدد املوتى �أنتم تختبئون يف ق�صوركم ودماء ال�شباب ت�سيل خارج �أج�سادهم ويدفنون يف الوحل. **** �أنتم �ألقيتم �أ�سو�أ خوف
قد ال يرميه �أحد �أبد ًا
**** دعوين �أ�س�ألكم �س�ؤا ًال واحد ًا � َألأموا ِلكُ ُم تلك القيمة
لت�شرتي لكم الغفران؟
هل تظنون �أنها تقدرعلى ذلك؟ �أظن �أنكم �ستجدون
عندما يح�صد املوت �أرواحكم
�أن كل املال الذي ك�سبتم
أرواحكم. لن يبتاع لكم من جديد � َ ****
تشارلز سيميك ترجمها نور الدين الزويتني ذات يوم� ،سادرا �أت�سكع هنا وهناك، توقفت يف �أحد منعطفات نيويورك لألتقط �أنفا�سي، فيما النا�س يغذون اخلطو حويل كل ميمم وجهته، ٌّ عدا قلة بدوا هائمني ك�أطفال �ضلوا الطريق.
ماذا حل ب�شبابي؟ �أردت �أن �أوقف �شخ�صا غريبا و�أ�س�أله. «قد اختب�أ» قالت امر�أة عجوز قر�أَ ْت �أفكاري. «هو ي�سبح مع �أ�سماك القر�ش» ،قال �سكري موافقا، حادجا �إياي بعني دموية. كان الوقت �صيفا ،وبهدوء طيور حتط الرحال، غمرت الثلوج الأر�صفة ولأين كنت بال معطف �ألفيتني �أرتع�ش. كنت �آمل �أن نلتقي مرة ثانية ،قلت لنف�سي، ن�رشب ك�أ�سا ونتذكر ليايل ُك ّنا نر�سم هذه املدينة حمراء. �ستقول يل، اعتقدت �أن �أجدك الآن الب�سا �سرتة املجانني، تقوم بحركات م�ضحكة يف وجه الأطباء واملمر�ضات. عو�ض ذلك ها �أنت هنا مثقال بالرباغيث، تتفادى ال�سيارات واحلافالت مالحقا �ساقي امراة جميلة حتى عتبة بيتها.
و�أرجو �أن متوتوا
و�أن ي�أتي موتكم �رسيع ًا
�ساتبع توابيتكم
بعد ذات ظهرية �شاحبة
و�س�أتفرج ،بينا تنزلون،
�إلى �أ�رسة موتكم،
و�س�أقف على قبوركم
حتى �أت�أكد �أنَّكُ ْم مِ ت ُّْم.
«و�أنت يا يهوذا»� ،رصخت بجماع قوتي، «هل �ستح�رض جنازتي؟» لكنه كان اختفى .كان الوقت ت�أخر، ت�أخر كثريا -ومبا �أنه مل يكن من �شيء ميكن القيام به حيال ذلك - قدم ّي. وا�صلت ال�سري جارا َ
العدد 1017
الشمال الثقافي
الثالثـاء � 29أكتوبر �إلى 04نـوفمرب 2019
13
سعيد أوالد الصغيـر
على حافة عبقر �أخربيهم يا م�شيمتي �أنني يف وادي عبقر لن �أكتب ملحمتي ُ احلرب والنحر فامللحمة تعني َ و�أنا �أكره القتل والذبح أ�شنان يف الأ�سطورة ال�سومرية ا�سمي � ٌ �أنا �إلهة احلبوب واملحا�صيل �أخي الهار �إله املا�شية وراعي الغنم وئاما و�سالم تال�شى خالفنا ً الإله يف قايني جعلني �أقتل هابيل ... فلتخربيهم يا م�شيمتي
قـطــــــار عبد الجواد الخنيفي
من رُ �شفةِ القطارِ أ�شجار أيت ال ر� ُ َ تبت�سم يل ولغريِي ُ رقات وال َ ُّ والط ِ أمكنة ٍ تت�شابه م�سافات ُ مل والأملِ .. يف الأ ِ وال�ص ِ ال�ص ِ وت. مت ّ يف ّ ***
من رُ �شفةِ القطارِ اب �إكلي ًال أيت رُّ ر� ُ الت َ ّ املحطةِ � َ �صفري أدرك َ ٌ أجنحة فر � ال�س َ و� ّأن ّ ِ والن�سيان.. احللم بني َ ِ من رُ �شفةِ القطارِ � ُ أترك للحيا ِة قامتي ُ أن�رصف. و�
مشلين بطرس /بيروت ً أ�سلحة تتكلم �أنني لن �أكتب � ولن �أدون �أبطا ًال تتقاتل فالبطولة لي�ست �سوى �أكبا�ش فداء وقرابني �آلهة تع�شق رائحة ال�شواء �أخربيهم يام�شيمتي �أنني لن �أعود �إلى الأ�سطورة ففي الأ�ساطري �ألهة حقد وانتقام وثمار الن�رص التي �سقتها احلروب نواتها عطنة لي�س لها فرح لذا فلتخربيهم يا م�شيمتي �أنني يف وداي عبقر �س�أكتب �إن�سانيتي باملحبة �س�أكتب الكون باحلوار .
بني ق�صور وق�صور البيـت ناك�سا كنـت يومها طفـالِ ،حيـن دخل �أبي ْ ه...تب�س َم ْت جمل�س أ�سه...ح ّـد َث � ّأمي هـم�سا ،ف�أخذ ر� َ ّ َ
�صدرها...ثم ا�ست�أذنته وجهه...و�ضم ْت يدها �إلى يف َّ ّ والتفـتت و�أعطته �شيئا...نظر �إليها نظرة طويلة حتى أ�رسع يف اخلروج وعاد عي َن برق ّ الدمع يف ْ يه...ثم � َ ّ ِ ً هز كياين بعنـف، يدي يحمل ـه...م�شهد ّ ٌ ورقـة بني ْ ً غ�ص َة يف ل يّأن مل � ِأطـق دمعة تن�ساب على ّ خد �أبي �أو ّ
جوف � ّأمي...
مرات ،فكنت �أالحظ �أ�ساور حدث هذا �أمامي ّ َ عدة ّ وي�ضيـق مبعـ�صم � ّأمي �شيئا ف�شيئا ،ف�أحزن ـل الذّ هب َتـ ِق ُّ ُ َ �صدري...ثم ي�صادفني احلظ ،ف�أ�سمع حديثهما عن ّ ـدري...فالـرجل أ�سع ُـد ب َق أفـرح و� َ ّ رجل لـه ق�صـور ،ف� َ ف�سحـت له هو �أبـي طبعـ ًا...و� ُ أ�ساور � ّأمـي هي التي َ ـر�صـة َدرب الفـرح قطعـ ًا ّ ـرت قـليال حَ وت ّـي ْن ُ ...فك ُ ـت ال ُف َ
و�س�ألـت � ّأمي:
ِل َـم ال نـرحل �إلى قُ �صـور �أبـي الآن!...؟ على الفور،
ٍ ِنبـرة �سح ْت على ر�أ�سي بيدها ،وب � َ أغم�ض ْت عـي َنيهاَ ،م َ ردت: حزينـة ّ يا ولدي ،بني ق�صـورهم و ق�صـورناَ ،دع عـنك لغـة
الدم، البالبـل ...فال ت�س�أل وال جتـادلّ � ...إن غ�سل ّ كالـو ْحم بال طا ِئـل!... الهم عندنـا يبقى رجاء، وزوال َ ّ نيـة أحتـرك من مكانـي ...وبقيـت م�صلـوب ًا على ّ مل � ّ
�س�ؤالـي...
أتذكر ،وقـوفـي عند ر�أ�س �أبي ال�ضائع يف الآن � ّ الدم يف و�سـادة امل�شفـى �أنتظـر�...أرقُ ـب جمـرى ّ
ِك ْل َيتـه قبل �أن ت ْنفجـر...ال �أ�س�أل وال � ِ أجـادل...كي ال
ِ العـاقـل. جـن ُجنـون وي ّ َ ي�ضيـع ُ ـمر ُ الع ُ
الشمال الثقافي
العدد 1017
الثالثـاء � 29أكتوبر �إلى 04نـوفمرب 2019
�شظـايـا
Poignée de sel
هدى الهرمي /شاعرة وباحثة /تونس ترجمة :عبد النبي حضر /المغرب
ليصمت رقباء التاريخ و يعتكف مساجين الفراغ في استشفاف القذارة في مآتم النفوس الثقيلة و حلكة الصوت الكاتم للعواء بينما يصدح وكالء السماء بأغاني السالم و الخالص هناك… في مساقط الضوء سحنات الجنود مُدجّجة بوصايا الحشد كالعناقيد تتد ّلى تكاد تصافح نساء ش ِبقات بالحرية بعيدا عن رزنامة القحط عن همهمة الريح الموحشة و صالفة العراء هذا العبث ينوس وراء سدّة الالمباالة يخترق الحاقدين كقبضة ملح ال يعارضه تيّار الهواء و ال ضباب الشمس ّ كل خطواتهم محشورة فوق الضفة الرمليّة صارت ألوانهم صفراء باهتة بعيدا عن جنّة خضراء و بلد صقيل ينهض مُنتفضا من مخالب السقوط
Que les censeurs de l’histoire se taisent Et que les prisonniers de la vacuité Fassent l›ascèse Pour vaquer à sonder la sordidité funèbre des âmes lourdes Et la voix des ténèbres qui jugule l›hurlement Pendant que les élus du ciel Scandent haut et fort Leurs chansons de paix et de délivrance Là... Aux berceaux de la lumière Des physionomies de soldats munies des commandements de la multitude Pendent telles des grappes Sur le point d›attoucher des femmes en rut de liberté Loin de l’almanach de l›aridité Du marmonnement du vent lugubre De l’insolence de la terre nue Ce non-sens qui s›annonce Derrière le paravent de l›indifférence Transperce les promoteurs de la haine Tel une poingnée de sel Ni le courant d’air ne le contrera Ni le brouillard du soleil Tous leurs pas s’enlisent Dans la berge sablonneuse Leur mine, devenue jaune et terne, Se renfrogne devant tout paradis de verdure Et tout pays lumineux Qui s›insurge et se débat Contre les griffes de la décadence.
فاطمة الزهراء فزازي
شظايا
« قب�ضة ملح»
أيا زمنا من وعد وطين لست أدرى.. أمنك أهرب ؟! أم إليك..؟! وألف أغنية للطريق تراودني.. تغريني.. تدفن في المتاهة أساطير تكويني وتفاصيل الحكاية... تتناثر الكلمات شظايا من رمل.. من زبد أغبر.. من رمد.. تنغرز في تضاريس الكون من ضفاف المهج حتى مآقي العين.. تتصاعد الزفرات.. كموجات بحر متالطم تتدافع عند األحداق حبات من جمر.. أهي لحظة انهمار أم ساعة انشطار؟! يهرول فيها الرمق بين لوعة وأنين.. تدك جدار القلب سنابك خيل من تيه من ظن من وجد من سراب وبراثن ظالل وليل فال الخيل خيل.. وال الليل ليل.. وأنا ال أرى لهذا اإلصباح إال وجها أسود كالحا وحبيبات من نور هنا ..وهناك تناثرت..وتشظت وسال من شقوقها دمع حارق حزين...
14
2016-9-3
العدد 1017
رسائل تطوانية
15
الثالثـاء � 29أكتوبر �إلى 04نـوفمرب 2019
من أرشيف الدبلوماسي األديب
سيدي التهامي أفيالل التطواني حفظه اهلل ()32
إعداد وتقديم :الدكتور يونس السباحYounes_sebbah@hotmail.com
تقديم
تعتبر المراسالت العلمية رافداً ثرياً لكتابة التاريخ ،باعتبار ما تحمله في طيّاتها من المعلومات الدّفينة ،والفوائد الغميسة النادرة ،التي ال توجد في غيرها ،ولكونها مرتبطة بزمان ومكان وموضوع معيّن، كما تعدّ أيضاً فنّاً أدبياً ًّ مستقال بنفسه ،بما تحمله من صادق التعبير ،وجميل اإلحساس ،وحسن اإلنشاء ،وبديع السّبك ،وخصوصاً إذا أضيف إلى هذه المعاني جمال الخط ،ورونق الحرف ،وكانت صادقة اإلحساس معبّرة عن الصلة العائلية ،والمتابعة الدراسية بين الوالد والوَلد مث ً ال ،أو بين تلميذ وشيخه ،أو الصديق وصديقه... ومن المراسالت المتّصفة بهذه الصفات ،ما تحتويه خزانة األديب الشاعر ،والدبلوماسي السابق ،أحد أفراد بيت العلم والشرف والمجد ،سيدي التهامي أفيالل حفظه اهلل ،وما يشتمل عليه أرشيفه الذي يضمّ كمّا هائ ً ال من الرسائل ،معظمها صادرة عن أفراد أسرته ،كجدّه القاضي سيدي التهامي أفيالل ،أو عمّه الوزير سيدي محمد بن التهامي ،أو أخيه األديب ،سيدي البشير أفيالل ،أو واردة عليهم وعلى أفراد آخرين من هذا البيت. ولمّا كانت هذه المراسالت لها قيمة أدبية وتاريخية ،ولم يسبق أن رأت النور ،أو اهتمّ أحد بإخراجها للناس ،استأذنّا صاحب األرشيف ،الشريف المذكور ،في العمل على إخراجها وتيسيرها للنّاس عبر صفحات جريدة الشمال الغراء ،التي تستأثر بنشرها ،فوافق مشكوراً مأجوراً ،وقمنا نحن برقن هذه الرسائل ،وصنّفناها حسب ّ كل شخص (منه/عليه) ،وآثرنا أن نبتدئ باألقدم تاريخاً ،فكان صاحب السبق هو القاضي الشهير ،والفقيه الكبير ،سيدي التهامي بن محمد أفيالل (ت1339:هـ) ،وقد استوفينا رسائله –حسبما عثرنا عليه -في الحلقات الماضية من هذه الجريدة ،ونثنّي برسائل ولده العالمة الوزير سيدي محمد أفيالل الصادرة منه والواردة عليه.
[الرسالة]121 :
في هذه البسيطة من مرتفع ونازل ،وعال من األجناس وسافل ،وصغير وكبير ،وقليل وكثير، وحادث في الزمان وقديم ،ومبتدع فيها ومبتذل ،ومعروف فيها ومنكور ،فهو بتقدير الخبير العليم يظن الجاهل أن هناك اختراعا اخترعه المخترعون ،وابتداعاً ابتدعه المبتدعون، ويغفل عن قوله تعالى( :هو الذي خلق لكم ما في األرض جميعا) ،وقوله( :واهلل خلقكم وما تعملون) ،فالمرئي من هذه العجائب المخترعة ،والمشاهد من هذه الغرائب المبتدعة، ليس للمخلوق فيها تأثير وإيجاد ،إذ في الوجود استقرت ،وفي الحوادث أودعت واستكنت، وإنّما هذه الفئة المجتهدة بحثت فوجدت ،ألنها ال تخرج عن خواص األشياء التي أودعها اهلل في األكوان. وهذه الخواص أقسام ،منها :ما هو معلوم مطلق ،مبذول عند الجمهور ،كإرواء الماء، وإحراق النار ،ونحو ذلك .ومنها ما هو مجهول إلى اآلن ،ومنها ما عرفه الخاصة .ومنها األثير والكهرباء ،والقنبلة الذرية ،ونحوها .ولقد كان األقدمون يعرفون شيئا من هذا ،ولقد كانوا يخفونه ،ويجعلونه من قبل السحر والطلسمات ،ولقد ورد عن النبي صلى اهلل عليه وسلم حديث في ظهور هذه العجائب ،غاب عني لفظه ،ومعناه :أننا سنرى أمورا عجيبة في آخر هذا الزمان ،ونقول :إنه ما أخبر بها نبينا ،وإننا سنرى الجبال تزول عن مواضعها.
[من محمد المرير إلى صديقه السيد البشير أفيالل ،يجيبه على رسالة بمناسبة موسم ثمرة المشمش ،والتي كان يملك منها الفقيه المرير بستانا مهما بحي الطوابل ،وكان يجمع حوله بالمناسبة عدد من أهل العلم واألدب] وصلى اهلل على سيّدنا وموالنا محمد وآله الحمد هلل وحده أطال اهلل بقاء سيدي األخ ،وأمتع ببقائه أحبّاءه ،وأبهج بحياته أولياءه وأصفياءه. إنّي لو حاولت تنسيق محاسنكم السّنيّة ،وتخيير فضائلكم النيّرة الجليّة ،وتسطير جمال آثاركم الصحيحة العلية ،ل ُف ّل سنان اليراعَ ، ّ وك ّل لسان البيان، وضل الفكر دون أن يحصل على إحراز خصل الحصر ،وكيف وأنتم جمعتم ما افترق في غيركم من صنوف المحامد ،وأحرزتم الكمال من ّ كل طارف في المعالي وتالد ،وليس بمستبعد على اهلل أن يجمع العالم في واحد، فإن ذكر الشرف فأنتم قبّته ،أو العلم فأنتم ذروته ،أو وصف الدّين فأنتم أئمّته ،أو حسن األخالق والشمائل فأنتم حليته ،أو اآلداب األصلي فأنتم حديقته الغنّاء وروضته ،أو اآلدب العصري الغض فيكم جدّته ونهضته ،أو صفاء الود وحسن الوفاء فأنتم مورده العذب وشرعته، فلم يسمع واصفكم إ ّ ال أن يعترف بالقصور والتقصير ،ويقرّ بالعجز عن التعبير والتفسير ،ويعلن ثم إننا نعتقد أن أسرار هذا الكون وعجائبه ،وإن ظهر منها ما ظهر ،فما خفي منها أكثر، بالتهليل والتكبير ،كخالقكم العلي الكبير ،ثمّ يصرف القلم فيقول :السالم على أخي ورحمة وقد أفصح بهذا في القرن الثامن أحد كبراء علمائنا النقاد ،وهو أبو إسحاق الشاطبي إذ قال: اهلل. إنه لم يزل االطالع على عجائب عالم الشهادة الربى َع َ رفه زهر منه يناجي �سالم ّ مستمرا ،وأنه ما وقع االطالع حتى على عشر أنــف � ه أنــ � لو ود فـــال �سمــع �إ ّال ّ المعشار. ّ إنّه ألقي إليّ كتاب كريم ،إنّه من أبي وأما هذه الحوادث المزعجات ،واالضطرابات األفراح ،وإنه من صديق حميم أراني من فنون المخيفات ،فمنشؤها التنافس المؤدي للتضارب البالغة أنواعاً ،ومن مناهج البراعة إبداعاً والتقاتل ،وهي الحروب .وهذا من طبيعة الخلق واختراعاً ،ومتّعني بالقول الجزل ،وأطربني منذ أنشأه اهلل وبرأه ،وانظر إلى قوله تعالى: بالجدّ الممزوج بالهزل. (وإذ قال ربك للمالئكة إني جاعل في األرض وٍ رِ د ِ�شـــ ل ـــت ب ال َتل ُْمنِي ِب�أَ ْن َط ْ ُ َْ خليفة ،قالوا أتدعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء) ،فالحروب لم تزل في الدنيا من وب �س َفالكَ رِ ُ مي َط ُر ُ َي ْب َع ُث الأُنْ َ خلق اهلل الخلقّ ، ألن من طبيعة البشر الشره �س َ�ش ُّق اجلُ ُي ِ وب َحق ًا َعل َْينَـا ل َْي َ والغضب ،وذلك مثير إثارة الفتن وسفك الدماء، َ ُ َ احلَ ُـــوب ل ق ال ق ُ�ش ت ن � أ ق ا � إ نمَّ َ َّ ُّ ْ ُ وفي الحديث( :ال تقتل نفس ظلم إ ّ ال كان على أبي مع جالس كأنّي هذا بخطابكم فكنت ابن آدم األوّل كفل من دمها) ،ألنّه كان أوّل منه أسمع األدبية، الفئة زعيم الخوارزمي بكر من سنّ القتل. رسائله الوحيدة في هذه التراكيب المزجية، وكتب الهمذاني جوابا لمن يقول :فسد وكأنّي حاضر مجالس البديع الهمداني ،أتلقى أثناء تقدمه للسالم على صاحب الجاللة الملك الحسن الثاني الزمان ،أفال يقول :متى كان صالحا ،أفي الدولة منه مقاماته العاتبة بأطراف هذه المعاني، بمناسبة الزيارة الملكية لمدينة تطوان سنة 1962 العبّاسية ،فقد رأينا آخرها ،وسمعنا أوّلها، ولقد طرقت أيّدك اهلل بهذا الموضوع باباً أم المروانية ،وفي أخبارها ال تكسع الشول من اإلجماع طالما أشجاه أفاضل األعالم ،ألنّه بأغبارها ،أم السنين الحربية: من الملح المحمودة ،ومروّحات النّفس المكدودة ،ومن قبيل المزاح والدعابة ،الذي ما أنكره وال�سيف يغمد يف الطلى والرمح يركز يف الكلى أحد من أئمّة الدّين وال عابه ،فهذا سيّد الزّهّاد ،وعمدة األبدال واألوتاد ،وباب مدينة العلم، وقدوة أهل الهداية واإلرشاد ،سيّدنا عليّ ابن أبي طالب يضرب به المثل في هذه المشارب، واحلرتيــــن وكربــــــال ومبيت حر يف الفـــــال إذ كان رضي اهلل عنه مع سجاحة األخالق ،وطالقة المحيّا ،كثير الدّعابة ،جميل الفكاهة ،حتّى أم البيعة الهاشمية ،وعليّ يقول :ليت العشرة منكم برأس من بني فراس ،أم األيام عابه بذلك أعداؤه ،وقد قال معاوية لقيس بن سعد من أصحاب سيّدنا علي :رحم اهلل أبا األموية ،والنفير إلى الحجاز ،والعيون إلى األعجاز؟ أم في الجاهلية ،ولبيد يقول: الحسن ،فلقد كان هشّا بشّا ذا فكاهة ،فقال له قيس :نعم ،كان رسول اهلل صلى اهلل عليه ذهب الذين يعا�ش يف �أكنافهم وبقيت يف خلف كجلد الأجرب وسلم ،يمزح ويسم إلى أصحابه ،وأراك تسرّ حسواً في ارتغاء الخ، أم قبل ذلك ،وأخو عاد يقول: ثمّ ألممتم في هذا الكتاب بما منتم فيه من التردد في المنحى الذي تخاطبون به أخاكم، بالد بها كنــا وكنـــا نحبهــا �إذ النا�س نا�س والزمان زمان وتنمقون به عبارتكم الفصحى ،هل يوصف خدود المشمش األحمر والتغزّل بلونه الذهبي ّ والتلذذ باستطابة مذاقه ،وتعداد محاسنه الخ ّ األنضر، البة بين قدود أغصانه ،وسندس أوراقه، أم قبل ذلك ،وروي عن آدم: األوصاف هذه في لكم كان لقد أجل، الممتع؟، السّنوي وخطابكم المبدع، قلمكم شأن كما هو رب قبيـــح تغيرّ ت البـالد ومـن عليهـــا ووجــــه الأر�ض مغ ّ القائل: كقول مستحسنة، األدب في وطريقة حسنة، أسوة إلى أن قال: حبذا م�شم�ش على الدوح �أ�ضحى ذا �شعاع ي�ستوقف الأب�صـــارا وما فسد الناس ،وإنما ّ اطرد القياس ،وال أظلمت األيّام ،وإنّما امتدّ ّ الظالم ،وهل يفسد ال عن صالح ،ويمسي المرء إ ّ الشيء إ ّ ال عن صباح. ـه «تعالى» منه كما قال نارا �شجــر �أخ�ضــــر لنا جعــــــل الل نعم ،األمر الجديد في هذه الحروب ،هو هذه المخترعات المدمّرة ،واآلالت المخرّبة، وقول اآلخر: واألدوات الميكانيكية السحرية ،والقنبلة المردية الذرية ،التي تبهر بفعلها العيون ،وتبعث وم�شم�ش جاءنا من �أعجب العجب �أ�شهى �إلى من اللذات والطــــرب إلى الخلق رسل المنون ،ويكاد المتفكر في أمرها أن يتخبط من الجنون ،ويطير عقله من وكره ك�أنه وهبـــوب الريـــــح تنـثـــــره بنادق خرطـت من خال�ص الذهـب بمجرد رجم الظنون .وهذه السابحات في الفضاء ،السابقات لعنان السماء ،العاصفات بالنيران، أم تنتحون الطريق المثلى ،وترشدون إلى ما هو األليق بالوقت واألولى ،وتجنحون إلى الملقيات ما يقوض صروح البنيان ،التي هي حصون وقالع ،تطير بأجنحتها فتروع السباع، وتحوم فوق الرؤوس مثنى وثالث ورباع ،هذا إلى السابحات في البحار ،التي تقلع من المواخير التفكر فيما يتقلب فيه من األطوار ،هذا العمر القصير وطول صحبة الليل والنهار. أشاش الوقار ،وتجعلها من بطن اليم في أسار ،إلى غير ذلك ممّا سخره لخلقه الواحد القهر. أيّدك اهلل ،تعلم ّ [أن] اإلنسان خداع المألوفات من األحوال ،فتريه إثبات التناقض وتصحيح إن في ذلك لعبرة ألولي األبصارّ ، المحال ،وتريه الذرّ الصغير ،يحمل الجبل الكبيرّ ، كل ما نراه يتبع...
العدد 1017
كتابات يف تاريخ منطقة ال�شمال :
()918
16
الثالثـاء � 29أكتوبر �إلى 04نـوفمرب 2019
“ األندلس المسلمة “
يعتبر المكون األندلسي إحدى ركائز الهوية الثقافية والحضارية لمغاربة اليوم ،ليس فقط بالنظر لطول الفترة الزمنية التي استغرقتها عمليات التخصيب المتبادل بين الموروثات المغربية ( عربية ،أمازيغية ،إفريقية ) ... ،وبين المضامين الرمزية لتراث األندلس ،وهي الفترة التي غطت مرحلة طويلة وصلت إلى ثمانية قرون ،لكن – أساسا – بالنظر لزخم الواقع المغربي الراهن الذي اليزال يحفل بالكثير من تحوالت هذه المضامين في أنماطه المعيشية ونظمه الفكرية وأنساقه الثقافية .ولذلك ،فقد استطاع التراث الحضاري األندلسي أن يختط لنفسه معالم مميزة انصهرت داخل بنية إفرازات المجتمع المغربي وأضفت عليها صفات مميزة ،تالقحت داخلها العبقريات وانسجم فيها التاريخ واغتنت عبرها المكتسبات .ولعل هذا ما ساهم في تعزيز العمق اإلنساني للهوية المغربية في تعددها وفي اختالفها وفي تكاملها .ولن نعدم إعطاء الدليل على حيوية هذا التالقح وعلى أبعاده المجتمعية الواسعة ،وهي األبعاد التي جعلت من المستحيل الحديث عن أي خصوصية مفترضة لهذا المكون أو ذاك ،مادام أن التأثير والتأثر المتبادلين قد أضحيا “ قدرنا “ األبدي ،وعبره استطاع المغاربة تجسيد أصالة انتمائهم الحضاري وخصوصية إبداعاتهم الذهنية والسلوكية اليومية، وخاصة على مستوى التمثالت الشعبية التي يفرزها المجتمع في سياق تطوراته الطويلة المدى. وبالعودة لموضوع التراث األندلسي ،فال شـك أن لألمـــر راهنيته ،سواء على المستوى األكاديمي أو الجمعوي أو اإلعالمي أو المدني ،بدليل تواتر صدور األعمال المتخصصة ،وتنظيم اللقاءات الدورية ،وتجديد القراءات الفكرية والجمالية لألبعاد اإلنسانية المرتبطة بعطاء هذا التراث .في إطار هذا األفق العام، يندرج صدور الدليل المرجعي المعنون ب “ األندلس المسلمة “، وذلك سنة ،2009في ما مجموعه 54صفحة من الحجم العريض .والكتاب ،في األصل ،تجميع تركيبي لمواد المعرض التوثيقي الذي نظمته مؤسسة سيدي مشيش العلمي حول نفس الموضوع خالل شهر ماي من سنة ،2009وذلك بمقرها بمدينة القنيطرة .ويمكن القول إن هذا العمل الصادر في طبعة فاخرة ،وباللغات العربية واإلسبانية والفرنسية ،قد استطاع تجميع ذخائر هامة من مكنونات تراثنا األندلسي الدفين ،وإلى تحويل اإلطالع على غنى هذا التراث وعلى تقاطعاته الكائنة والممكنة إلى انشغال هام يستجيب لنهم إطارات المجتمع المدني الحية في إعادة اإلنصات لنبض تفاعل مكونات الهوية الوطنية الثرية والحية والمتفاعلة مع غنى وسطها ومحيطها المحلي واإلقليمي والدولي .ولقد استطاعت الكلمة التقديمية التي وضعها رئيس المؤسسة المنظمة للمعرض والناشرة للدليل ،اختزال العمق التاريخي لقضايا حضور التراث األندلسي في تراكماتنا الحضارية المعاصرة ،وذلك في كلمة تقديمية جاء فيها ... “ : دام الوجود اإلسالمي بإسبانيا حوالي ثمانية قرون في تعايش وتساكن وتسامح تامين ،بل كذلك في رخاء وازدهار ،األمر الذي أثر إلى األبد في حضارة وعادات اإلسبانيين أو باألحرى اإليبيريين ( إسبانيا والبرتغال ) .كما إن هذه الحقبة من التاريخ شهدت أهم اإلنجازات اإلنسانية في كل الميادين ،خاصة العلمية والفنية والثقافية .لقد كان لهذا اإلرث تأثيرا كبيرا على مستقبل أوربا واإلنسانية ،حيث ساهم في وتيرة ظهور البوادر األولى لحركة النهضة األوربية في القرن
�أ�سامـة الزكاري zougariousama@gmail.com
15و 16الميالدي ...خالل تلك القرون الثمانية كان التبادل بين فاس ومراكش وسبتة وطنجة وقرطبة إشبيلية وغرناطة مستمرا ومكثفا .وانبثق عن كل هذا ثقافة أندلسية ،األندلس – المسلمة، وحضارة عربية أندلسية ،والتي كانت الجناح الغربي للحضارة اإلسالمية المتواجدة من جبال البرانيص إلى آسيا الوسطى ... يستنتج جليا من كل ما سبق والذي يشكل الذاكرة المشتركة والرائعة أن العالقات التاريخية سواء العلمية أو الثقافية أو الفنية أو االقتصادية أو االجتماعية أو المعيشية ،باختصار الحضارية، كانت تجمع بشدة وكثافة بين المغرب وشبه الجزيرة اإليبيرية لمدة ثمانية قرون من خالل الحوار المثمر واالحترام المتبادل وكرامة اإلنسان .إن أصحاب العلم والمعرفة للديانات الوحدانية الثالثة ،اإلسالم واليهودية والمسيحية ،جعلوا من األندلس بصبر واستماتة وجد اجتهاد ،مهدا لحضارة غرب البحر األبيض المتوسط والتي بخيراتها ونعمها تجاوزت حدودها لخدمة اإلنسانية جمعاء .واليوم أكثر من أي وقت مضى ،يبقى على دولنا الثالثة ( المغرب وإسبانيا والبرتغال ) كما على شعوبهم الذي يعيشون في عالم متقلب ،تسيطر عليه العولمة وعواقبها ،أن تقوي عالقاتهم وأن ينميها ،جهويا ودوليا ،من أجل مصلحتهم المشتركة ومن أجل صالح اإلنسانية جمعاء ،كما كان ذلك في الماضي ،في إطار من التحاور الصريح والتعاضد العميق يضمنون به مسارا تقدميا مشتركا مع الحفاظ على االحترام المتبادل .“ ... توزعت مضامين الدليل “ األندلس المسلمة “ بين العديد من المواد التصنيفية التي سعت إلى التوثيق للموضوع من جوانبه المتكاملة ،حيث ركزت في البداية على تقديم مدخل عام حول ظروف انتشار اإلسالم في األندلس ،قبل االنتقال للتعريف بمعالم مكانية وبشرية صنعت حضارة األندلس وإشعاعها العلمي على امتداد المجاالت الواسعة لبالد الغرب اإلسالمي ،مثلما الحال مع مواقع قرطبة، مدينة الزهراء ،مملكة مايوركة ،إشبيلية ،قصر الحمراء ،طرق المرابطين والموحدين ... ،أو مع شخصيات بارزة في المجالين العلمي والسياسي كابن رشد وابن ميمون ومحيي الدين بن عربي والشريف اإلدريسي .وفي كل ذلك ،سعى الدليل إلى اختزال المعطيات التوثيقية المقدمة في شكل بطاقات تعريفية ،احتوت على نصوص مدونة بلغات متعددة ،إلى جانب صور فوتوغرافية حديثة ومجسمات تمثيلية وخرائط توضيحية وتصاميم مواكبة وكتابات وتآليف تصنيفية ذات صلة بالتاريخ األندلسي وبتأثيراته المتداخلة على واقع الثقافة واإلبداع الحضاري بمجمل بالد الغرب اإلسالمي بالضفة الجنوبية لحوض البحر األبيض المتوسط. إنه عمل مبادر ،يفتح الباب أمام إمكانيات كبيرة لتطوير االهتمام بالنبش في أشكال حضور المكون األندلسي في واقعنا الراهن ،مكون أصبح يرسم الكثير من المعالم المميزة لواقع التالقح الحضاري الذي يميز عطاء الثقافة المغربية على مستوى التأثيرات الذهنية والرمزية المتبادلة بين كل مكوناتها الحية ،باألمس واليوم.
المدير اإلقليمي لوزارة التربية الوطنية يعقد لقاء تواصلياً مع الجمعية المغربية لمدرسي اللغة الفرنسية ـ فرع تطوان عقد السيد المدير اإلقليمي لوزارة التربيــة الوطنيــة بتطـوان يوم الثالثاء 22أكتوبر 2019لقاء تواصليا مع أعضاء من الجمعية المغربية لمدرسي اللغة الفرنسية -فرع تطوان. وقد تميز هذا اللقاء بالنقاش المثمر والحوار البناء ،استعرض فيه الطرفان مختلـــف جوانــب وعناصــر برنامــج العمــل المشتـــرك للموسـم الدراســـي .2020-2019 وتم االتفاق على مجموعة من األنشطة التكوينية والتربوية والثقافية: التكوين المستمــر في مــادة اللغــة الفرنسية لفائدة األساتذة أطــراألكاديمية الجهوية للتربية والتكوين جهة طنجة ـ تطوان ـ الحسيمة (سلك التعليم االبتدائي) ؛ ورشات تكوينية متنوعة لفائدة مدرسي اللغة الفرنسية ؛ لقاءات أدبية مع كتاب مغاربة يكتبون باللغة الفرنسية ؛ مباريات وأنشطة تربوية وثقافية باللغة الفرنسية لفائدة المتعلمين.وقد أبدى السيد المدير اإلقليمي استعداده للعمل بشكل مشترك إلنجاح هذا البرنامج واالستمرار في التعاون والتواصل واالنفتاح على مختلف الفاعلين التربويين وتشجيع كل المبادرات التي من شأنها أن ترقى بالمستوى التعليمي باإلقليم وذلك باستحضار حاجيات المتعلمين للرفع من مستواهم في مادة اللغة الفرنسية وصقل مواهبهم وتنمية ملكاتهم الفكرية والوجدانية واإلبداعية ليكونوا في مستوى تحديات مسارهم الدراسي.
ندى المسري
17
الثالثـاء � 29أكتوبر �إلى 04نـوفمرب 2019
العدد 1017
غيث في سقيا فضاء الشعر
...دار الشعر وقد هيأتْ المناخ الذي يساهم في تربية المبدع واكتمال دائرة اإلبداع .لقد صار اإلنسان المبدع ركيزة اإلنتاج والرُقي الحضاري ،بشعره الذي يُصيغه في أجود تقديم .عبر الشعر نلمح زخمه اإلبداعي .ما أجمل سحر الكالم الشاعري وهو (الشاعر) يغمس قلمه في دواة بحبر الفردوْس .وقد تألأل الشعر في رعين األسد (دار الشعر) .في كالمه جمرات على مياه الشالالت .وأحاسيس على عذبات القلوب تُفرح المشاعر بلباب اإلبداع .حين استنفار المُخيّلة تنساب الكلمات كوْثرا وفراتا .كان الحضور يستشعر بحميمية نحو ثالثية شعرية .فقد استولت على األمسية أجواء رومانسية هادئة على نغمات أوتار “إنت عمري” و“ مشاعر فيروز” ..عشقتْ العين قبل األذن ،حالوة العبارة .فالحبُّ حرف الكتابة والحبر أوتار النغم .نغمات الطرب بأنامل ذهبية على العود لألستاذ محمد األشراقي .مشاعر سقيا الروح، بهجة المشاعر .هي االستبصار والخيال والحدس لقدرات ذهنية التي يتطلبها اإلبداع .وقد أتحف الدار في ليلة الشعر الممثل المسرحي والسنيمائي الشاعر محمد الشوبي ،والشاعرة حليمة اإلسماعيلي وزوجها الدكتور األديب الشاعر موالي رشيد العلوي .عاش الحضور ثنائية بلهيب حبّ ليلى وقيس برومانسية شاعرية ألفت بين قلبيْ زوجين بقدرات جمالية ،على لسان الحبيبة “فطبْ إني شراب من عبير ~ وأكواني تفيض بغير نخب ~ ْ فإن تشرب ~ شربتُ حالل خمر ~ ْ وإن تسكر سكرتُ بغير ذنب” ..ويختم هذا الزواج من الهيام ،زوج حليمة الرشيد “قلبي ْ أن يسبق النسمات ~ ويلثم سرَّ الحياة ~ شعاع لطيف رقيق ~ وهمس كثيف عميق ~ وبحر ال كلمات” ..وفي حضرة الشعر لألستاذ األديب الشاعر مخلص الصغيَّر : حل النجم السينمائي المغربي محمد الشوبي ضيفا على دار الشعر بتطوان ،نهاية األسبوع الماضي ،حيث تعرف جمهور الدار على محمد الشوبي شاعرا ،بعدما تعرفوا إليه ،من قبل ،في بطولة عدد من األفالم السينمائية العالمية والعربية والمغربية .ونوه محمد الشوبي باألدوار التي تضطلع بها دار الشعر في التقريب بين الفنانين من مختلف المجاالت الفنية واالختيارات الجمالية ،مشددا على أهمية إقامة حوار ما بين الشعر والسينما باعتبارهما فنين ينتصران للخيال والجمال. من جهته ،ذهب مخلص الصغير ،مدير دار الشعر بتطوان ،إلى أن محمد الشوبي من الممثلين النادرين الذين جمعوا بين الشعر والسينما ،على غرار صناع السينما العالمية ،أمثال باولو بازوليني وجان كوكتو ومارغريت جونسون،
موائدُ الحرفِ
(ديوان فوائد وعوائد ومحا�ضرات)
التي جازت بجائزة البوليتزر عن ديوان جميل بعنوان “أعرف لماذا يغرد الطائر المسجون” .وعلى غرار عباس كيروستامي وهاياو ميازاكي .كما أكد الصغير أن “من األمور الخبيئة في تاريخ الشعر العربي الحديث أن نازك المالئكة مثلت في فيلم عن تجربتها الشعرية ،وهو فيلم المخرجة خيرية المنصور ،كما أدى نزار قباني دور الشاعر في فيلم “القناص” للمخرج فيصل الياسري .مؤكدا أن الحوار بين الشعر والسنيما من شأنه أن يغني الفنين معا ،وأن يثري خيال الشعراء كما السينمائيين. وعلى إيقاع عازف العود الفنان المغربي محمد األشراقي ،استهل محمد الشوبي القراءات الشعرية من ديوانه الجديد “وطن على حافة الرحيل” ،ومنها قصيدته غرور المطر” ،التي يقول فيها“ :ما جادك الغيث يا مشاغب الليل /ما جادك /...ال وصل وال زمن عادك /احمل ظالل هذا البشر الذي أمامك /كفاك وفاء له /حرر أصفادك /وشوقك بين /وحبك دين /غيث الجواري الناضجات أبادك”. أما الشاعرة حليمة اإلسماعيلي ،التي صعدت إلى منصة التتويج في العديد من التظاهرات الشعرية العربية ،فقد اختارت أن تشارك جمهور دار الشعر قصائد كتبتها عن زوجها الشاعر رشيد العلوي ،ومنها قصيدة “في مهب الريح”، ومنها“ :أتشكوني وأنت مثير حربي /وتؤذيني وأنت شقيق قلبي .وتعجب كلما قد قلت :حسبي /وما ترضيك يا مختال حسبي ...إلى أن تقول“ :فطب إني شراب من عبير /وأكوابي تفيض بغير نخب .فإن تشرب شربت حالل خمر /وإن تسكر سكرت بغير ذنب” .ثم تقدم الشاعر موالي رشيد العلوي ليجيب زوجته شعرا ،وهو ينشد :لقلبي أن يسبق الخطوات/ ويقترف الصمت في الوكنات .وفوق ارتعاش الصباح /وبين اختالل السكون /ورقص األقاح .لقلبي أن يسبق النسمات/ ويلثم سر الحياة .شعاع لطيف رقيق /وهمس كثيف عميق /وبحر ال كلمات”. وإلى جانب هذا الزواج الشعري ،شهدت ليلة الشعر في مدينة تطوان زواجا بين الشعر والسينما ،وحوارا بين القصيدة الصوتية ،كما تقدمها التجربة العمودية والتفعيلية لحليمة اإلسماعيلي وزوجها موالي رشيد العلوي، والقصيدة البصرية كما تصورها العين السينمائية للممثل والشاعر المغربي محمد الشوبي.
بين دفتيّ هذا َ شكــول فوائـــدُ في الفقــه واألصول والتاريـخ الك ِ حصيلــــة مطالــعـــاتٍ وسماعــاتٍ ،ونخيلـــةُ ُ واللغـــة واألدب ،وهـــي ٌ وبـــاعــــث على لإلينــاس، تحقيقاتٍ وجواباتٍ ،وتنـــوُّعهـا مجلبـــ ٌة ِ َ ّ التروّح؛ َّ التنقــل بين وتستـــروحُ إلى النمط الواحدَ، ألن النفس تسأمُ ِ ِ أفانين الكالم ..ولعـل القارىء يجـد فيها متنفسـهُ إذا تم ّلكه الضجرُ، ِ ُ الوحشة ..واهلل الهادي إلى سواء السبيل. واستفرغتهُ
ٌ �شهادة .63
ِّث َ طلبَ منّي األخ الكريم والصديق الحميم محد ُ طنجة بدر العمرانيُّ أن أدبِّجَ شهاد ًة بمناسبة االحتفاء بنتاجه العلميِّ واألدبي، أصيل ..وسميت الشهاد َة ( في مديح البدر) : بقلم وبروره الحسن صنيعه فلبّيت رغبته جذ ًال مبتهجاً ،وحمدت لمركز (عوارف) ٍ ٍ ()1 « من عادتي في تكريم أعيان الزمان أن أدبِّج في حقِّ المحتفى بهم شهاد ًة منمَّق ًة على طراِز شهاداتِ سيِّد األدباء محمد ِ بدر من وبين بيني ألن ومرسِلها؛ حاديَها الحيٌّ الشعورُ ليكون ، التنميق عِقال من شهادتي أطلقَ أن اليوم، الصباغ ،لكنني آثرت، ِ ٍ القلب ال من الدواة. أسباب الودِّ واالتصال والقرابةِ في دنيا الفكر واألدب ما يُغري بإرخاء زمام السجيَّةِ ،ونَحْتِ الكلمات من ِ ()2 ما أكثر المدائحَ المحبَّر َة في البدر ! وما أحلى أوصافه على َّ اللهواتِ والرّيشات ! إذا شُبِّه به العالمُ فهو السراجُ ،وإذا شٌبِّه به األديبُ فهو ُ ُ الفحل ،وإذا شبِّه به اإلنسان فهو سيِّدُ الصَّباحةِ والمالحةِ.. وأخونا المحتفى به بدرٌ في علمهِ ،وبدرٌ في أدبهِ ،وبدرٌ في خلقهِ ..بدورٌ تمشي كما مشتْ بدور آل كنون ،وآل الصدّيق ..فقدَرُ َ الليل أشبهَ، رْم الجميل ،وكان بسواد ِ ِ باسم هذا ِ الج ِ ببدر فأزرى ِ طنجة أن يطلعَ النهارُ من عيونِ علمائها ! وإذا سُمِّيَ بعض الناس ٍ أخال البدرَ إال مسروراً فال ُ َ جذالن؛ ألن سميَّهُ وسفيرَه في األرض أحسنَ السِّفار َة والعمار َة.. ()3 َ إلى ألعالمهِ، والترجمةِ الحديثِ، بطنجة في صناعةِ أما بدرٌ العالمُ فال أعلمُ مَن يفري َفرْيَهُ بصر بخبايا التراثِ ،وقيام على ٍ ٍ مناهج تحقيقهِ وفهرسةِ مواده ،وال ارتيابَ _ عندي _ أنه أفادَ من شيخهِ في هذا المضماِر المحقق الشيخ محمد أبي خبز َة حين جلس ِ أعمال تراثيَّةٍ جمّةٍ.. إليه مستفيداً ،وظفر بصحبتهِ في ِ تحقيق ٍ لألول في باكورتهِ( :وردٌ وحسكٌ)، وأما بدرٌ األديبُ فال تتكاءدهُ الصِّناعتان :شعرٌ رطيبٌ ،ونثرٌ أرطبُ ،وقد سعدتُ بالتصدير ِ َ رسائل مفوَّفةٍ امتدَّت بيني وبينه ،وحوت من َّ اللواعج والمكابداتِ والمساجالت ما حوت ..وكان وسعدت بوفادة الثاني على صهوةِ وَسْمُها ب (العناقيد) إغرا ًء للقراء ِبحَ َل ِبها المعســول! ُ اإلنسان فما عهدتهُ إال أخاً كريماً يقدِّر لألخوةِ قدرها ،ومعاوضاً منصفاً ال يضنُّ باإلعانةِ ،وال يستنكف من االستعانةِ، وأما بدرٌ ِّل االسمَ ِّ ٌ خصال تُجَم ُ والذكرَ، واإلرفاق ،وحيا ٍء جمٍّ شبيهٍ بحَياء األولين ..وهذه مركوز فيه ينزعُ إلى المياسرةِ ،والمالطفةِ، طبع ِ ٍ إلى ْ ٍ وتُطمِعُ في المصاحبةِ والمخاَل َلةِ. ()4 الشيخ أبي خبز َة ،كان خيط ضو ٍء ُ ُ يحمل من اسمهِ نصيباً ،ثم استدارَ هذا حين لقيتُ بدراً في ميعةِ شبابه بدار الخيط ـ قبيل ِ التكريم ،هتافاً بالفضل ،وبروراً بالعلم ،وقديماً قيل :أمرعتْ فان ِز ْل.. االكتهال ـ بدراً ،فكان االسمَ بتمامهِ ..وألجلهِ يتضوَّع بخورُ هذا ِ ِ بدر بنائلِها وثم ِرها ،فأصبنا حال ًال ،وغدونا ِبطاناً ،وكنّا من الشاكرين.« .. وقد نزلنا على مائدةِ ٍ
ٌ فائدة �أ�صول َّي ٌة .64
• بقلم :عبد المجيد اإلدريسي
عُزي (كفاية طالب البيان ،في شرح البرهان) في (الدليل التاريخي لمؤلفات المذهب المالكي)( )1إلى أبي يحيى الشريف عبد الرحمن بن محمد بن أحمد التلمساني (ت 826هـ) ،وال أعلم متَّكأ هذا العزو عند ِّ مؤلف الدليل؛ ذلك أن هذا الشرح لبرهان الجويني ثابت النسبة إلى الشريف أبي يحيى زكريا بن يحيى الحسني اإلدريسي (ت؟) ،وقد قطع بها ابن السبكيُّ في ( طبقات الشافعية )(.)2 والشريف الحسنيُّ مجهول الترجمة ،وال يكاد يظفر الباحث عنها إال ِبنُدَفٍ يسيرةٍ تل ّقطها قلم أخينا البحاثة المحقق عبداإلله َّ الشعيري في القسم الدراسيِّ الذي َّ المحقق في رسالته للدكتوراه( .)3والموجود ،اآلن ،من شروح المالكية ( :إيضاح وطأ به للمتن المحصول) للمازريِّ ،و(التحقيق والبيان ) لألبياريِّ ،و(كفاية طالب البيان) للشريف الحسنيِّ.
بقلم :قطب الري�سوين ـ ال�شارقة ـ .65من �أدب املرا�سالت الإخوانية
ُ رسائل في شؤون عامة وخاصة ،أقتطف منها هذه الرسالة لقيمتها بين الوالد ـ رحمه اهلل ـ وصاحب (النبوغ المغربي) عبد اهلل كنون األدبية والنقدية: « الحمد هلل وصلى اهلل على سيدنا محمد وآله طنجة في 30ربيع األول 1398هـ حضرة األستاذ األديب العبقري سيدي محمد المنتصر الريسوني السالم عليكم ورحمة اهلل وبعد :فقد تلقيت ببالغ السرور ديوان شعركم األول( :على درب اهلل) ،وقضيت معه لحظاتٍ ممتع ًة؛ فإنه شعرٌ أول ما ظهر كان مكتمل األدوات ،صحيح البنيات ،وقد شرفَ بموضوعه الذي آن األوان لنجعله الموضوع األساس لشعرنا الذي جنى عليه التح ّلل والضياع. وإني أشكركم على هذه الهدية َّ الثمينة ،وأرجو لكم مستقب ًال حاف ًال باألعمال واإلبداعات ،وتقبلوا تحياتي وموداتي ،والسالم. عبد اهلل كنون
.66فتوى من م�سائل الأ�سرة
سئلتُ :هل يجوز شرعاً أن أصفَ لزوجي مفاتنَ امرأةٍ أجنبيَّةٍ عنه أم ال ؟ لزوجها مفاتنَ امرأةٍ أجنبيَّةٍ عنه للحديث الصَّحيح( :ال تباشر المرأ ُة المرأ َة فتنعَتُها لزوجها فأجبتُ :ال يجوز للمرأة أن تصفَ ِ كأنه ينظرُ إليها) ،ووجه النهي فيه :أن يُعجَب الزَّوجُ بالوصف المذكور ،ويفضي ذلك إلى االفتتانِ بالمرأة الموصوفةِ، وتطليق الزوجة ِ الواصفة كما قال ابن حجر .وهذا مبنيٌّ على قاعدة سدِّ الذرائع ،والحديث شاهدٌ ناهضٌ على صحّة القاعدة .واهلل أعلم.
.67فائدة فقهية
من موضوعات السِّجال الفقهيَّ بين فقهاء المغرب في القرن الثالث الهجري :حكم تناول قالب َّ السكر ،فحرَّر أحمد بن عبد الملك الشريف العلوي المكناسي (ت1241هـ) رسال ًة في تحريم قالب َّ السكر ،وكان ال يقبل شهادة من يشربه كما قال ابن زيدان في (اإلتحاف) ( ،)4وحرّر العربي بن أحمد ابن سودة (ت 1229هـ) رسالة( :تسهيل المطلب للطالب في الردّ على من حرّم ّ سكر القالب) ،والرَّسائل في هذا الباب جمّ ٌة ..ومردُّ الخالف إلى التصوّر الفقهيِّ للمسألة الذي تجاذبه الفقهاء على أنحاء شتّى ،ولو كان مرجعهم جميعاً إلى األطباء ،وهم أهل الخبرة ،الستفتائهم حول رأي الطبِّ في ضرر قالب َّ وفاق..والقاعد ُة :أن األصل في المآكل السكر ،آلل الخالفُ إلى ٍ والمشارب اإلباحة إال ما حرّمه الشرع ،أو ثبت ضررهُ طبّاً وواقعاً ،فيدور التَّحريم مع الضّرر حيث دار. ِ
ٌ طريفة .68
كان العالم ِّ ِّ المحققُ محمد ابن تاويت التطوانيُّ رج ًال معتدّاً بنفسهِ وقلمهِ ،مبغضاً للمتملقين والمنافقين ،ومما يُروى عنه أن وزير التَّعليم زار مرافق كلية اآلداب ،واحتشد الستقباله األساتذة واإلداريون ،فلما َ أقبل على صاحبنا ابن تاويت مدّ يده للسالم وهو ال ينظر إليه ،فأبى ابن تاويت أن يمدّ يده انتصافاً لكرامته ،وكان األمر محرجاً للوزير !
ٌ فائدة تاريخ ّي ٌة .69
التسمية باسم (الشاذلي) ،ومنهم علما ُء سمُّوا بهِ كالعالم األديب محمد الشاذلي النيفر (ت1997م)ِّ ، ُ محققُ تشيعُ في التونسيين (المعلِم) للمازريِّ .وإنما أقبلوا على هذا االسم تع ّلقاً بالطريقة الشاذلية ،وتيمّناً بها ،وقد كان لها بتونس أتباعٌ َّ وعُلقٌ. الهوامش: ص. 229 : .5/192 نوقشت بكلية آداب تطوان ،خالل الموسم الجامعي ( 2003ـ 2004م). اإلتحاف البن زيدان ،ص . 351
العدد 1017
18
الثالثـاء � 29أكتوبر �إلى 04نـوفمرب 2019
التأريخ لحقوق اإلنسان في العصر الحديث وفي اإلسالم إلى أين ؟!
• بقلم :عبد القادر أحمد بن قدور *
ـ إذا كانت هناك انتقادات عديدة وجهت لحركة المطالبة بحقوق اإلنسان والزالت كذلك ،فقد عرفت اتساعا كبيرا بعد اإلعالن سنة 1789م عن ذلك وازداد هذا التطور منذ الحرب العالمية الثانية ،ولما أعلن سنة 1948م عن االعالن العالمي لحقوق اإلنسان في السنة السالفة الذكر ازداد تدفق اإلعالنات عن هذه الحقوق ابتداء من إعالن أمريكا الجنوبية كذلك سنة 1948واالتفاقية األوربية سنة 1950إلى اإلعالن العالمي اإلسالمي سنة 1981 وأضيف إلى هذه اإلعالنات ،إعالنات أخرى عن حق األطفال ،النساء والشعوب... وأذكر بعد هذا بعض المحطات من التاريخ لحقوق اإلنسان التالية: ـ اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان سنة .1948 ـ االتفاقية األوربية لحماية حقوق اإلنسان والحريات األساسية سنة .1950ـ اإلعالن عن حقوق الطفل سنة .1959 ـ إعالن األمم المتحدة عن منح االستقالل للبلدان والشعوب المستعمرة سنة .1960ـ االتفاقية الدولية المتعلقة بحقوق اإلنسان سنة .1966ـ ميثاق الدول الخاص بالحقوق والواجبات االقتصادية سنة .1974ـ االتفاقية النهائية لمؤتمر هيلنسكي سنة .1975ـ إعالن اليونسكو حول العرق واألحكام العرقيه المسبقة سنة .1978 ـ االتفاقية المتعلقة بالقضاء على كل أشكال التمييز اتجاه النساء سنة 1979بهذا ،نجد تعددا في الحقوق من كل صنف وتقدم في غالب األحيان ،بدون تبرير مشروع .مثل حقوق اإلنسان ،هذا الذي يؤدي نتيجة لهذا اإلفراط ذاته ،إلى إفراغ مفهوم حقوق اإلنسان من كل مضمون :ألنه تمت من قبل المطالبة باسم حقوق اإلنسان بحق السائق في عدم استعمال حزام الوقاية؟ وذلك ألن المدرسة التحليلية اإلنجليزية التي ال ترى في خطاب حقوق اإلنسان إال ملفوظات ميتافيزيقية ،وحسب المعنى الذي تعطيه الوضعية المنطقية لهذه الكلمة بدون أي معنى ،وحقوق اإلنسان هل هو تدعيم غريب للدولة؟! ألننا نجد تمت المطالبة أكثر بالحقوق االجتماعية والتي ال يمكن أن تمنحها إال الدولة ،فبهذا نجد تبعية كل فرد فرد تتعاظم اتجاه الدولة، وهي التي تم رفعها إلى درجة الدولة الحامية ،وبهذا فقد يساهم األفراد في لعبة السلطة. كما نجد مرة أخرى استغالل خطاب حقوق اإلنسان التي تستغله بعض الدول ولمصلحتها ،وذلك ألسباب سياسية خالصة إما داخليا أو خارجيا .لذا هل نقول إن مفهوم حقوق اإلنسان اليوم هو رهان إيديولوجي وسياسي .وهل األمر متعلق بنزعة أوربية مركزية ونتساءل من جهة أخرى هل كانت عقيدة حقوق اإلنسان ،ال تشكل دليال على وجود نزعة غربية مركزية ،فالتصور المسيحي هل شكل أصال لحقوق اإلنسان الشخصانية ،غير معترف بها عالميا ،وكما يالح ظ �J. Mour ،geonكان اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان وقت تبنيه من لدن األمم المتحدة (حيث امتنع االتحاد السوفياتي والدول االشتراكية عن التصويت عليه) هذا ،يعكس مجتمعا دوليا ينتمي جل أعضائه تقريبا إلى الشخصانية ،ألن األغلبية من الناس تنتمي إلى اإلسالم، الهندوسية ،البوذية أو النزعة اإلحيائية ،هذه التيارات الحضارية هي التي الزالت تحتفظ بقوتها ،هي ليست بالتأكيد منكرة لبعض حقوق الفرد ،ولكنها تجعلها في تصورات تخص العالقات السياسية ،تلك التصورات المتميزة لهذه التيارات وهي تختلف بشكل كبير عن التصور ذي األصل المسيحي ،ولهذا لم يتم إال بالمحافظة على جوهر ديني قللت العقالنية األوربية من شأنه بل عملت على إبعاده... نرى أنه بهذه التساؤالت واالحتجاجات فقد تولد إحساس ،بتتبيط الهمم ،ونرى كذلك حين نتفحص مواقف كبار الفالسفة اتجاه حقوق اإلنسان أن البعض منهم هم الذين أقروها ،وبعد ذلك دافعوا عنها ألنه يرجع بال شك إلى كون فكرة حقوق اإلنسان ذاتها ليست عقيدة مؤسسة على العقل ،إذ بمجرد ما نفكر فيها يظهر أوجه نقصها ،بل وتناقضاتها ،ولكن نجد أن هذا مرتبط ـ بدون شك ـ بما يشكل قوتها بالذات .إذ فكرة حقوق اإلنسان مثلها مثل فكرة التقدم المرتبطة بها في أغلب األحيان ،هي فكرة دينية باألساس ،ألنها نتجت عما يسميه (باسكال) ( )Pascalبالقلب واإلحساس أكثر مما نتجت عن التفكير العقلي ،وكما الحظ ذلك (ر .أرون )R.Aronفإن حقوق اإلنسان تأسست انطالقا من تصور ديني عن الشخص ،وانطالقا أيضا من تصور إنساني عند الوعي الفردي ،وبإمكاننا أن نتساءل في إطار فلسفة طبيعية ـ عن أساس هذه الحقوق اإلنسانية؟ وهي أن فكرة حقوق اإلنسان ،هي قبل كل شيء مبدأ لألمل ،وعن طريقها يؤكد اإلنسان إيمانه بذاته وشخصيته ...ألن اإلعالن عن حقوق اإلنسان والمواطن لسنة 1789كانت له نتائج تاريخية هامة وال يستهان بها ،وقد شكل منطلقا جديدا للتصور الحديث عن الحقوق الذاتية والعامة للفرد ،ورغم أنه ليس أول إعالن عبر عن حقوق اإلنسان ،فإنه انطالقا من كونه قد وضع كمقدمة للدستور الفرنسي بتاريخ /03/09من سنة ،1791 وحدد بذلك مجموعة من الحقوق الطبيعية والمدنية المضمونة من طرف القانون ،فقد أدخل حقوق اإلنسان إلى القانون العام األوربي. ـ ألن القانون الوضعي لم يكن يعترف قبل هذا اإلعالن إال بحقوق رؤساء الدولة ،وبامتيازات الطبقات والخواص وبعض الطوائف أو في أحسن األحوال لم يكن يعترف إال بحقوق شعب متميز ،وهكذا كان القانون اإلنجليزي على سبيل المثال. ومع ظهور اإلعالن عن حقوق اإلنسان والمواطن ،انتقل مفهوم
الحقوق الذاتية لإلنسان ،والذي بقي إلى حدود ذلك الوقت منحصرا في القانون الطبيعي ،النظري الخالص إلى القانون الوضعي ذاته ،أي القانون الواقعي ،وبهذا أصبحت حقوق اإلنسان متموضعة فوق الدولة وتحد من سلطتها. والبد من اإلشارة إلى أنه (ساهمت كل الشعوب واألمم عبر مر الزمان في بناء فكرة حقوق اإلنسان ،ودافعت عن الكرامة البشرية ضد الطغيان واالستبداد والعبودية ،من خالل صراعات مريرة وثورات متواصلة وأحداث كبرى ،ومع اتساع رقعة التجمعات البشرية ازداد النضال من أجل حقوق اإلنسان والكفاح الستخالص الحرية والمساواة والعدل والسالم. ولذلك يمكن القول أن تنمية حقوق اإلنسان لها تاريخ طويل تنغرس جذورها في كل الحضارات اإلنسانية والشرائع السماوية) ()1 (ص 9من كتاب حقوق اإلنسان الجزء األول 1ـ المبادئ والمعايير من سلسلة الخدمات التربوية واإلدارية لألستاذ الجليل محمد السكتاوي المدير العام لمنظمة العفو الدولية ـ فرع المغرب ـ لذا نجد في الدراسات االجتماعية والسياسية والقانونية أن الوثائق والشرائع التي شكلت حقوق اإلنسان وتحدثت عنها وقننتها قد نبتت تاريخيا منذ ثورة النبالء في إنجلترا التي أدت إلى انتزاع الحقوق التي اعترف بها الملك جان في وثيقة «الماغنا كرطا» الشهيرة سنة 1689م .كما نصت وثيقة حقوق اإلنسان الفرنسية على الحقوق الطبيعية مثل حق اإلنسان في ((الحرية)) وحقه في ((األمن)) و ((على سيادة الشعب ،كمصدر للسلطات في المجتمع)) و((على سيادة القانون كمظهر إلرادة األمة)) و((على المساواة بين جميع المواطنين)) أمام القوانين والشرائع اإلنسانية ،وقد عملت هذه الوثيقة على التأثير الكبير في الحركات اإلصالحية والثورة في أوربا أو خارجها منذ تلك الفترة. هذا هو الشائع لنشأة مواثيق حقوق اإلنسان ،وهذا هو ملمح أوربي ،ولكن الحقيقة عن الفكر والشرائع التي عرفت في تاريخ وحضارة األمم القديمة والغير األوربية عن حقوق اإلنسان والتي هي ضرورات فطرية لإلنسان من حيث هو إنسان ،وإسالمنا هو دين الفطرة التي فطرنا اهلل عليها ،فمن البديهي أن يكون الدافع لتحقيق هذه الحقوق وهو المصير الطبيعي لحقوق اإلنسان المسلم وغيره في العصر الذي نعيشه ...ألننا نجد أن بعض الحكام في البالد اإلسالمية الذين اغتصبوا السلطة في بالدهم ثم بدأوا يضيفون على سلطاتهم (غاللة اإلسالم) ليصبحوا شرعيين ،هؤالء الحكام الذين تمتلئ خطبهم ومواد ((الدعاية)) لنظامهم في اإلعالم الذي يسيطرون عليه بالكالم عن اإلسالم ...قد تصبح ممارستهم تعمل بالعداء لحقوق اإلنسان المسلم في البلد الذي يتحكمون فيه تحت ذريعة ((شريعة اإلسالم)) ! حتى تصل إلى الحد الذي نراهم فيه يحرمون هذا اإلنسان من حقوقا لم يستطع أذكى المستعمرين حرمان هذا اإلنسان من حقوقه قبل أن ينتزع هذا اإلنسان استقالل وطنه من االستعمار الغاشم. ومعلوم أن المقصد األول لإلسالم في الشريعة وهو (العدل) الذي يجعل األقوياء ال يفترسون الضعفاء ،وهو أداة لتحقيق ((الحقوق اإلنسانية)) لإلنسان المسلم ولعموم الناس وليست أداة لتبرير حرمان اإلنسان من حقوق اإلنسان وحقوقه األكيدة والضرورية والالزمة له، وقد عبر عن هذا الصحابي أبو بكر الصديق فقال(( :القوي فيكم ضعيف عندي حتى أخذ الحق منه ...والضعيف فيكم قوي عندي حتى أخذ الحق له)) !!! لذلك فاإلنسان المعاصر عليه أن يلتمس ((السياج الفكري)) الذي به يستطيع حماية الحقوق اإلنسانية التي تكفل له تحقيق جوهر إنسانيته ،وازدهار طاقاته وملكاته ،والنهوض بواقع أمته وحضارته في هذا العصر. وإذا بحثنا جيدا نجد كتابات عديدة تظهر سبق اإلسالم في التقنين ((لحقوق اإلنسان)) وهو ميدان كبير مازال ينتظر جهودا جمة ليتسلح اإلنسان العربي المسلم ضد االستبداد واالضطهاد واالستالب والقهر وليتري فكره اإلنساني بهذه القضية المحورية وننصف حضارتنا وأمتنا اإلسالمية والعربية وفكرنا اإلسالمي ،ونرى أن اإلسالم قد بلغ من اإليمان باإلنسان ،وفي تقديس حقوقه إلى الحد الذي تجاوز بها مرتبة ((الحقوق)) عندما اعتبرها ((ضرورات)) ومن ثم أدخلها في إطار ((الواجبات)) !!!! فالمأكل والملبس والمسكن ....واألمن ...والحرية في الفكر واالعتقاد والتعبير ..والعلم والتعليم ..والمشاركة في صياغة النظام العام للمجتمع والمراقبة والمحاسبة ألولياء األمور ...والثورة لتغيير نظم الضعف أو الجور أو الفسق والفساد ...الخ ...كل هذه األمور هي في نظر اإلسالم ليست فقط ((حقوقا)) لإلنسان من حقه أن يطلبها ويعمل في سبيلها والحصول عليها ويحرم ضده عن طلبها ...وإنما هي ضرورات واجبة لهذا اإلنسان ...بل واجبة عليه أيضا ..وال سبيل إلى حياة اإلنسان بدونها ليتمتع بها ويمارسها لكي يتحقق المعنى الحقيقي للحياة .واإلسالم يقدس هذه الضرورات اإلنسانية الواجبة إلى حد أنه يراها هي األساس الذي يستحيل قيام ((الدين)) بدون أن يتوفر عليها اإلنسان ،فعليها يتوقف ((اإليمان)) وكذلك التدين ويستحيل أن يصلح أمر ((الدين)) إذا لم يصلح أمر الدنيا أي إال إذا تمتع اإلنسان بهذه الضرورات التي أوجبها اإلسالم كما يقول اإلمام الغزالي ( 505ـ 450 هـ 1111 //ـ 1058م( //إن نظام الدين ال يحصل إال بنظام الدنيا... فنظام الدين بالمعرفة والعبادة ،ال يتوصل إليهما إال بصحة البدن وبقاء الحياة ،وسالمة قدر الحاجات من الكسوة والمسكن واألقوات واألمن ...فال ينتظم الدين إال بتحقيق األمن على هذه المهمات
الضرورية ...وإال فمن كان جميع أوقاته مستغرقا بحراسة نفسه من سيوف الظلمة وطلب قوته من وجوه الغلبة ،متى يتفرغ للعلم والعمل، وهما وسيلتان إلى سعادة اآلخرة؟ فإذن ((إن نظام الدنيا ،أعني مقادير الحاجة شرط لنظام الدين)) من كتابه ((االقتصاد في االعتقاد)) ص .135 وبهذا أعلى اإلسالم من قدر اإلنسان وجعل هذه الحقوق من الضرورات اإلنسانية الواجبة ،ونجد كذلك في اإلسالم أن العدل هو المقصد األول لهذه الشريعة بل نجد أن ((العدل)) إسما من أسماء اهلل الحسنى ،وصفة من صفاته سبحانه وتعالى ،والعدل في العرف اإلسالمي ،ضد الجور والظلم ،وهو الذي يحقق اإلنصاف ،بإعطاء كل إنسان ماله وأخذ ما عليه منه ..وقد كان حديث النبي (صلعم) الذي عرف به الوسطية بالعدل ،والعدل بالوسطية ،عندما قال(( :الوسطية: العدل ،جعلناكم أمة وسطا)) رواه الترمذي وابن حنبل. وإذا كان العدل هو الحق فإن مجاوزة الحق هي الظلم والجور ،وإذا وقع هذا التجاوز في عالقة اإلنسان بأخيه اإلنسان سمي ظلما ...وقد قال اهلل تبارك وتعالى(( :إنما السبيل على الذين يظلمون الناس))... وإذا كان (الظلم) مفسدا لشؤون الدنيا والدين ،فإنه ((ظلمات يوم القيامة)) كما قال الرسول (صلعم) رواه البخاري. والعدل في شريعة اإلسالم فريضة واجبة وليس مجرد (حق) من الحقوق التي باستطاعة صاحبها التنازل عنها إذا هو أراد أو التفريط فيها دون إثم ،إنه فريضة واجبة فرضها اهلل على الجميع ،كما على أولياء األمور ،من الوالة والحكام ،اتجاه الرعية والمتحاكمين ،وقد قال اهلل تعالى في هذا( ...إن اهلل يأمركم أن تؤدوا األمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل ،إن اهلل نعما يعظكم به ،إن اهلل كان سميعا بصيرا) من سورة النساء اآلية .58 واإلسالم ال يقف في وجه الظلم عند هذه الحدود ...حدود التجريم والتحذير ...والتخويف ...بل يوجب على المسلم التصدي للظلم بالمنع واإلزالة ـ كمنكر ـ والتصدي للظلمة بالمقاومة ،حتى يتطهر مجتمع اإلسالم من دنس الظلم والظالمين ..ففضحهم واجب، وإثارة األمة ضد جرائمهم مطلوبة ،بنظر اإلسالم إذ يقول اهلل تعالى وتبارك في هذا ((ال يحب اهلل الجهر بالسوء من القول إال ظلم ،وكان اهلل شفيعا عليما)) ...النساء.148 : وقد رفع اهلل الحرج على المظلومين إن هم هبوا لمقاومة الظالمين ،فال سبيل عليهم في ذلك ،بل هم مأجورون ...فالذين يثورون في وجه الظلم ليس عليهم سبيل(( ...ولمن انتصر بعد ظلمه فأولئك عليهم من سبيل ..إنما السبيل على الذين يظلمون الناس ويبغون في األرض بغير الحق ،أولئك لهم عذاب أليم)) سورة الشورى: 42ـ .41 وهكذا نجد أن ((العدل)) في اإلسالم ،يتجاوز نطاق ((الحق)) اإلنساني ،ويصبح ضرورة من ضرورات قيام الملك والملكوت ،وشرطا ال غنى عنه النتظام حياة اإلنسان ،الفرد ...وحياة األسرة ..ومجتمع األمة والدولة ..واإلنسانية جمعاء... والعدل ضرورة إنسانية واجبة وفريضة وليس مجرد حق من الحقوق ...وتخلف هذا العدل يهدم أركان التعاقد القائم بين الحاكمين وبين المحكومين ،ويلغي شرعية ((السالم)) المفترض بين الطبقات االجتماعية ألن هذا السالم رهن بتكافل هذه الطبقات في تحقيق الضرورات الواجبة ألعضاء األمة. ألن أي دين لم يكرم اإلنسان كما كرمه دين اإلسالم ...ألن أي شريعة من الشرائع الدينية أو الوضعية لم ترفع حقوق اإلنسان إلى مرتبة الضرورات الشرعية الواجبة كما صنعت ذلك شريعة اإلسالم... ألن أي سلطة ال تملك حق منع أو منح هذه الحقوق ،باعتبارها حقوقا غير قابلة لإلنكار ،ألنها ملك لكل إنسان أيا كان بحكم هويته اإلنسانية المستمدة من انتمائه إلى الجنس البشري ،كما يقول الناشط والفاعل الحقوقي السالف الذكر األستاذ الجليل محمد السكتاوي ،مضيفا: ((وبموجب القانون الدولي فإن الدولة ليست مجبرة فقط ،على عدم التعامل مع الحقوق اإلنسانية كمجرد امتيازات تمنحها وتسحبها لمن تشاء ووقت ما تشاء بل هي ملزمة بضمانها وحمايتها وتتحمل مسؤولية واضحة إذا تقاعست عن فعل ذلك ،تماما كما تتحمل مسؤولية انتهاكات حقوق اإلنسان التي ترتكبها أو تلك التي يقترفها فاعلون غير حكوميين من منظمات أو أشخاص يتصرفون خارج اإلطار الرسمي للدولة)). ولقد صدق اهلل تعالى في كتابه الحكيم عندما قال(( :ولقد كرمنا بني آدم ،وحملناهم في البر والبحر ،ورزقناهم من الطيبات ،وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيال)) اإلسراء 70 :صدق اهلل العظيم... ــــــــــــ * العضو الشرفي بمنظمة العفو الدولية ـ فرع المغرب ـ
الثالثـاء � 29أكتوبر �إلى 04نـوفمرب 2019
العدد 1017
م�ست�رشقون �أن�صفوا العرب
19
زيغريد هونكه
زيغريد هونكه والحضارة العربية: انطالقا من مقدمة كتابها «شمس العرب تسطع على الغرب»(الطبعة العربية) تقول المؤلفة »:لم يكن من قبيل المصادفة بتة أن أكتب أنا السيدة األلمانية هذا الكتاب .فالعرب واأللمان ال تربطهم فقط أيام دولتهم القوية ،التي انقسمت اآلن ،والتي بدأت صعودها من جديد بقوة وحيوية وعزم ،إنما هي رابطة قوية من الفكر والثقافة قد وثقت العرى بينهما ،امتدت جذورها في أعماق التاريخ واستمرت على مر القرون وال زالت آثارها حتى اليوم .ولهذا صممت على كتابة هذا المؤلف وأردت أن أكرم العبقرية العربية وأن أتيح لمواطني فرصة العودة إلى تكريمها .كما أردت أن أقدم للعرب الشكر على فضلهم الذي حرمهم من سماعه طويال تعصب ديني أعمى أو جهل أحمق»( .)1والكتاب في سبعة أبواب وخاتمة تشتمل حلى حواشي الكتاب ومقارنة تاريخه مع جدول لبعض الكلمات األلمانية المأخوذة عن العربية والفارسية ،وجدول بأسماء كواكب عربية األصل .وقد انبرت المستشرقة للحديث عن الحضارة العربية ،فكانت فيه من المنصفين وأبرزت إنجازات العرب الثقافية في مجاالت األدب والعلم والفلسفة والفن وتأثير كل هذا في الحضارة الغربية، فتعرضت بذلك لهجومات عديدة من طرف المتعصبين من أبناء جلدتها فاتهموها بالتعصب للعرب والتحيز لهم ،فشهد كتابها في عامه األول معركة حامية الوطيس بين المتعصبين والمدافعين .ورغم ذلك استمرت في نضالها ودفاعها عن العرب وحضاراتهم. وفي سنة 1987م ألقت محاضرة قيمة في العاصمة األلمانية االتحادية» بون» بعنوان :التراث العربي في الغرب تحدثت فيها عن تأثير العرب وفضلهم على الحضارة األروبية وحضارة العالم الحديث وما ساهمت به في نقل التراث الحضاري القديم والتعريف بالفكر العربي واإلسالمي وآثاره على مظاهر الحضارة المعاصرة منذ قرون طويلة ،كما تناولت تاريخ الحضارتين العربية واإلسالمية التي انطلقت من قلب الجزيرة العربية لتنير الحضارة في العالم القديم والروابط الوثيقة التي تجمع بين الحضارتين العربية واإلسالمية بصورة ال يمكن فصلهما عن بعضهما البعض ،وأشارت إلى خطأ الفكرة السائدة في الغرب بأن العرب قد نقلوا الحضارة اإلغريقية والرومانية والهندية والفارسية القديمة وأن دورهم في هذا المضمار كان محدودا وأكدت بأنها عملت خالل سنوات طويلة على تحليل الفلسفة اإلسالمية والفكر العربي فوجدت بأنهما مختلفان عن الفلسفات القديمة األخرى ،فالفلسفة اإلسالمية مستقلة تماما عن غيرها وذات طابع مميز لذلك فقد سعت إلى إيضاح هذه النقطة بالذات في معظم الحضارات والكتب التي قدمتها أو نشرتها حتى اآلن باللغة األلمانية وترجع معظمها إلى اللغات األخرى منها اللغة العربية. وركزت الدكتورة هونكه في محاضرتها التي حضرها عدد كبير من الشخصيات األلمانية والعربية واألجنبية على موضوع الحضارة العربية اإلسالمية في األندلس واالزدهار الحضاري الذي عم هذا الجزء من القارة األوربية والدور الذي لعبه في نقل الفكر والحضارة إلى مختلف أنحاء القارة األروبية كما تحدثت أيضا على األقطار المفتوحة التي أعطت لسكانها األمل والحرية في إطار من التسامح اإلسالمي المميز (.)2
أنهار من الشرق تسقي حقـول الثقافـة األلمانية: إنه الموضوع الثالث الذي نقتبس منه بعض آرائها حول العرب وحضاراتهم. ()3 وقد نشر في كتاب ألمانيا والعالم العربي تقول هونكه :كانت اسبانيا التي استوطنها العرب منذ عام 711م قد شهدت طوال ثمانية قرون حكومة متسامحة ال مثيل لها ،لم تكن تتسامح مع المسيحيين واليهود فحسب، بل كانت تحميهم في ممارستهم لشعائر دينهم .ثم جاءت محاكم التفتيش الدامية مع الغزاة المسيحيين ،وأخذت تحرق منهم وتلقوا التعميد ،وتشردهم المسلمين باآلالف وتطارد حتى أولئك الذين دخلوا النصرانية زرافات ووحدانا ،فاشتد لدى المطرودين الحنين إلى إكرام الغريب وإلى احترامه وبلغ أقصى ما يمكن أن يبلغه من الحساسية .والحق أن عرب األندلس لم يكونوا غريبين على األلمان ،ولدينا نص من مدينة نورنبرج في عام 1479م يحدثنا عن أخبار احتفال بليلة الصيام ويذكر رقصة أندلسية كانت من بين فقراته ...والعالقة بين العرب واأللمان ترجع إلى أزمان قبل عصر الحروب الصليبية بكثير ،وكان اللقاء األول مثله مثل جميع اللقاءات تقريبا بعد ذلك – لقاء وديا .فعندما كان (شارلمان) في عم 777م يعقد مجلس الدولة في باديبورن أتت إليه جماعة غريبة في مظهرها وملبسها .كان فيها سليمان العربي ،والي سرقسطة الذي طرده األمير عبد الرحمن األموي ،أمير قرطبة ومعه بعض أقارب يوسف الفهري أمير قرطبة المخلوع ،يطلب إلى ملك الفرنجة القوي ،قاهر السكسون أن يعينه بجيوشه. لقد أحس الغرب المسيحي ألول مرة بأن هناك وراء الدائرة التي ينتهي عندها عالمه عالم آخر لديه من الكنوز والفنون ماال يخطر بباله وال بأحالمه .إال أن الغرابة والخوف الذي استبد بالكنيسة من أن يحدث
2/2
-
بقلم الباحث :
محمد القاضي
اإلسالم ،وهو غريمها ،أثرا ال تحمد عقباه ،ومن أن تخلب الثقافة اإلسالمية الرفيعة األلباب ،كل ذلك أدى طوال قرون كاملة إلى الفصل الشديد بين العالمين ،وإلى تأجيج نار الكراهية والتعصب الديني الذي فجرته الكنيسة بدعوتها إلى الحروب الصليبية وبإثارتها لنعرة دينية محمومة ،فتسببت في نكبة لم تنج هي من تبعاتها بل انحدرت بها إلى الهاوية. وثمة حقيقة مبدئية هي أن الرهبانية لم تكن النموذج الذي اتخذته الطبقة الفرسانية األروبية في نشأتها ،كان النموذج الذي اتخذته هذه الطبقة هو الكتائب اإلسالمية المناضلة المرابطة على الحدود بنظامها الديني المحكم ،وتدريبها المستمر ،تلك الكتائب التي كانت متفوقة على الفرسان المسيحيين تفوقا هائال ظهر في الحروب الصليبية واضحا جليا. لقد فتحت رحالت الشرق األفق المحدود ووسعته ،ومكنت أهل الغرب من تذوق أسلوب حياة لم يكن يخطر ببالهم وال في األحالم ،وإذا هو اآلن يشحذ األحالم شحذا .وهذه هي النفوس التي كانت روح الصرامة الورعية والتقليب في الخطايا واآلثام المنطلقة من دير كلوني قد استبدت بها ،ودفعتها إلى االنصراف بهمة وخوف عن بهجة الحياة والمتعة الحسية ،لقد تغلغل فيها رونق حياة أكثر مرحا وجماال وسعادة .وأدى االحتكاك بعالم مصطبغ بألوان خيالية إلى إحياء االبتهاج بالجمال والميل إلى الرومانتيكية واالندفاع إلى البطولة والمغامرة وفجرت ينابيع جديدة من الخيال الخالق لم يكن هناك من يتوقعه وجعلت اإلنسان الفرد ينفض عن نفسه األغالل التي كانت تربطه بالعالم األخروي، واكتشف الواقع. و في األخير تقول :لقد انسابت تيارات الثقافة والفن والعلم ،عندما فتحت أبوابها ،فروت حقول الحياة األلمانية ال في العصر الوسيط فحسب ،بل إلى يومنا هذا(.)4 لقد نهضت هذه السيدة األلمانية التي رفع في وجهها متعصبون من طراز آخر تهمة التعصب للعرب بمهمة إرجاع الفضل ألصحابه ،فجاءت مؤلفاتها ومحاضراتها كدليل على إقرار الحق واالبتعاد عن التعصب الذي يفقد الحقائق الكثير من وهجها في اإلقناع .وحرست على تنوير األلمان بحقائق عن جهود العرب العلمية والثقافية وماضيهم المشرق ،وحفزت كتاباتها العلماء األلمان على البحث وتقصي الحقائق حول ماضي العرب وإنجازاتهم الحضارية ».وترى أن هناك تحامالت كثيرة ضد العرب لها جذور عميقة عند األروبيين منذ قرون بعيدة وامتدت لتتحول إلى سموم سيطرت على العلماء والمؤرخين والصحافة وأجهزة اإلعالم ،وكذلك كتب التعليم .ويشار دائما في هذه الوسائل إلى اإلسالم وانتشاره بالسيف والنار والتطرف أو األصولية اإلسالمية وإنها تشكل خطرا على أوربا ولذا وجبت مقاومتها ،وأن هذه الوقائع التي زيفت تحولت إلى ثوابت في األذهان األروبية وهي تخالف ما عرف عن العرب من شهامة وتسامح وعملت على تشخيص أسباب هذه التحامالت وأبعادها وفسرتها بأنها صدمة نفسية وسقطة عميقة لوعي المسيحية الغربية التي كانت مرتبطة بنشاط الحروب الصليبية ،وجاءت هزيمة الحمالت الصليبية بمثابة هزة تأثرت بها عقيدتهم وأفقدت الثقة بالبابا والكنيسة وسدت الطريق ومنعت لقرون طويلة أي بحث بأمور العرب أو تناولهم بنظرة إيجابية لتصحيح هده الصدمة»(.)5 إنه مهما حاول بعض المستشرقين أن يشوهوا عقيدتنا وتراثنا ألسباب سياسية وعنصرية ،فإن البعض اآلخر ساهموا بقسم كبير من الدراسات عن العرب والمسلمين وثقافتهم وحضارتهم ،ومنهم من ركن في صومعته شهورا وأعواما ليكشف عن مخطوطة واحدة ويحققها ثم يدرسها فيكون بهذا العمل قد نفض عنه غبار النسيان وربما الموت .ولعلنا ال ننكر أن المستعربة األلمانية زيغريد هونكه قد فعلت الكثير من أجلنا وتستحق منا كل تقدير وتنويه وهو أقل ما يمكن أن يهدى لها من طرف كل عربي. ــــــــــــــــــــــ الهوامش: )1انظر مقدمة الكتاب ص8: )2وقد نشرت جريدة «العلم» المغربية ملخصا لهذه المحاضرة في عدد 16 :يناير 1987م .ص( 8:أثر الحضارة العربية على بالد الغرب) .محاضرة الدكتورة زيغريد هونكه. )3كتاب يشتمل على دراسات تتناول الصالت الثقافية والعلمية والفنية بين األلمان والعرب منذ أقدم العصور إلى أيامنا هذه .ترجمها إلى العربية وقدم لها الدكتور مصطفى ماهر .صدر عن دار صادر .بيروت .لبنان1974.م. )4نشر الموضوع بكامله في الكتاب من ص 237:إلى .274 )5نقال عن صحيفة «الحياة « اللندنية .عدد 13:ماي 1992م .ص( 17:كتاب جديد للباحثة األلمانية هونكه يكشف تحامالت الغرب على العرب) إبراهيم قود.
20
الثالثـاء � 29أكتوبر �إلى 04نـوفمرب 2019
العدد 1017
عفو ملكي عن هاجر الريسوني
توضيح بخصوص عدم تجريم الحريات الفردية • بقلم :الدكتور عبد الحق بخـات اإلفراج عن الصحفية هاجر الريسوني يخلف ارتياحا ولكنه أيضا يبعث على التفكير في اإلصالح الضروري للقانون المغربي. كتذكير ،حكم على هذه الفتاة البالغة من العمر 28عامًا بالسجن لمدة سنة واحدة ،وتم إدانتها بممارسة الجنس خارج إطار الزواج واإلجهاض غير القانوني الذي دحضه خطيبها وأخصائي أمراض النساء. وكان القضية قد أثارت انتقادات للعدالة المغربية داخل الرأي العام في البالد وكذلك بالخارج ،وأخيراً ،صدر عفو ملكي بإطالق سراح جميع المتهمين ،وأظهر جاللته التعاطف والتفهم تجاههم ،مبررًا ذلك من خالل حقيقة أن الخطيبين «تعهدا بتأسيس أسرة وف ًقا للمبادئ الدينية والقانون». بالطبع ،هناك شعور باالرتياح الشديد لرؤية هذه الشابة المفرج عنها تغادر السجن هي وخطيبها والمهنيون الصحيون الثالثة الذين حكم عليهم معها في 30سبتمبر .2019 لكن ،إذا كانت الغالبية العظمى من المغاربة قد أطلقت هذه الصرخة تلقائي ًا من القلب «شكرًا لك يا صاحب الجاللة!» إال أنها ال تخفي أن مشكلة الحرية الفردية ال تزال قائمة في مجملها. هذه اإلشارة الملكية النبيلة ،في قضية هاجر الريسوني ،جلبت بصيصًا من األمل ،غير أن ذلك لم يحل المشكلة في عمقها ،إذ أنه باسم القانون قد نشاهد في الغد القريب حاالت أخرى مماثلة لحالة هاجر الريسوني .وهذا يعني أن هناك دائم ًا نفس اإلطار الديني والقانوني الذي يجب التعامل معه باحتراز في انتظار تغييره أو تطويره. لذلك فاألمر يتعلق بدراسة مجمل جوانب «قانون الحريات» من وجهة النظر القانونية والدينية بهدف إلغاء تجريم الحريات الفردية ،تماشيا مع التحول الذي يعرفه المجتمع المغربي .ألنه ،بالمقارنة مع تطور مجتمعنا في عقلياته وتقاليده وعاداته وأخالقه ،فإن البعض ينزهه في مسألة الحريات الفردية ويميزه عن حقبة العصور الوسطى. إذن ،ما الذي يمكن أن يمنعنا من اتخاذ خطوة إلعادة تعديل هذا الحق؟ لنفك هذا التشفير!
من يقف مع ،ومن يقف ضد التقدم نحو الحريات الفردية؟ في الواقع ،إن إزالة التجريم هي في األساس قضية ثقافية وإنسانية، ولكن هناك عائقان أمامها. األولى دينية ،وتصف العديد من الحركات المحافظة و /أو اإلسالمية الدعوة إلى الحريات الفردية على أنها دعوة إلى الفجور أو االنحطاط أو الكفر أو الفساد. كيف نتمكن من أن نمرر رسالة بخصوص هذه الرؤية الخاطئة؟ بالتأكيد ينبغي التعامل مع األمر بسالسة ،بعيدا عن إثارة الحساسيات. يمكن أن يتم العمل ،على وجه الخصوص ،من خالل مجموعة من العلماء واألئمة والخطباء الذين ينبغي أن يكون لهم خط يتبعونه ويحترمونه في توجيه المؤمنين دون اإلساءة إلى قناعاتهم ،ولكن أيضًا دون غض النظر عن حقائق تطورات المجتمع المغربي عبر إنكار ما نعيشه كل يوم .. بخالف ذلك ،ستستمر هذه التوجيهات الدينية في إغراق المغاربة في نفاق تجاه التحوالت التي يعيشها مجتمعنا ح ًقا. وهكـــذا،فإنالمحافظـيـنالذيـــنيلتزمونبالنصوصالحاليةللقوانين من خالل طرح المبادئ الدينية فقط، وإغالق الباب أمام كل اجتهاد ،سوف يصلون في نهاية المطاف إلى الوعي بضرورة النظر إلى الحقائق التي نواجهها. عندهـــا ستــدرك التيـــارات المحافظة قيمة الحريات الفردية، وبأنهــا هي التي تحمــي اإليمـان الحقيقــي ،وتحديداً ألن المرء ال يمكــــن أن يؤسس إيمانه على النفاق .ســوف يفهمــون أن هـــذه هي الطريقة الفعالة لبناء مجتمع متعقل ال يضع األشخاص في الســجن بتهم مثل تلك التي حرمت مؤقتا هاجــر الريسوني من الحرية. ما يبعث على االرتيــاح هو أننا بدأنا بالفعل نشعر بالتراجع الحاصل لدى بعض الشخصيات التي كانت إلى أمــس القريب معروفة بصالبتها تجــاه قضيــة الحريـــات الفردية وخاصة فيما يتعلق بالمرأة. دعنا ّ نذكر بأحد اإلسالميين من حزب العدالة والتنمية ،ويتعلق األمر بعبد اإلله بنكيران ،الذي فاجأ الجميع بمواقفه مرتين .المرة األولى عندما عبر عن تضامنه مع أمينة ماء العينين في أعقاب إدانتها من قبل حزبها ،حزب العدالة والتنمية في قضية ظهورها عارية الرأس أمام «موالن روج» في باريس؛ ثم تعاطف اآلن مع هاجر الريسوني. بنكيران ،الذي هنأ هاجر والمتهمين اآلخرين بمناسبة إطالق سراحهم، معبرا عن موقفه من العفو الملكي ،قائ ًال إن «الملك فحص قضية هاجر بدقة وبعناية واتخذ قرارًا حكيما مفعما باإلشارات». وزير الدولة المكلف بحقوق اإلنسان والعالقات مع البرلمان ،ووزير العدل السابق ،اإلسالمي مصطفى الرميد ،يعتقد من جانبه أن محمد السادس بهذا القرار «أعاد ترتيب األشياء [ ]...مع إشارة إنسانية استثنائية مليئة بالحكمة تلبي رغبات وتطلعات أولئك الذين يريدون الخير في البلد». مثال هام آخر يتعلق بأحد الممثلين العظماء لألرثوذكسية الدينية (حركة التوحيد واإلصالح) ،والذي عبر عن رأي إيجابي مؤداه أن مبادرة الملك تستحق الثناء والتقدير«...أهنئ هاجر وخطيبها والطبيب ومساعديه» قال الرئيس الحالي لالتحاد العالمي للعلماء المسلمين( ،)UIOMأطلب منهم جميعًا أن يعودوا إلى مناصبهم بشكل آمن وسليم مع كل الشرف المحيط بهم من التعاطف الملكي والتضامن الشعبي» ،.مضيفا «مسألة الحريات الفردية أصبحت عاجلة وليست ثانوية». هذه التصريحات الصادرة من أشخاص كانوا باألمس غير قابلين
للتفاوض بخصوص مسألة إلغاء تجريم الحريات الفردية تبين أن الباب غدا مفتوح اآلن للحوار. العقبة الثانية هي عقبة قانونية ،حيث توجد قوانين لإللغاء أو التلطيف. هذه هي الرؤية التي يدافع عنها التقدميون بشراسة ،مطالبين بإجراء تغيير جوهري في القوانين المعنية .األحزاب والشخصيات السياسية تدفع في هذا االتجاه ،والجمعيات تتحرك أكثر. يجب أن يكون هؤالء األشخاص قادرين على مواصلة العمل والدفع ورفع مستوى الوعي والحمالت. يجب على وسائل اإلعالم العمومية أيضًا أن تفتح المجال لهذه القضية، خاص ًة قنوات الراديو والتلفزيون القريبة أكثر من الجماهير الشعبية. بالنسبة إلى الصحفية الشهيرة ،سناء العاجي ،فإن جز ًءا من قانــون العقوبات المغربي هو «بقايا نظام مـــوروث عن العصور الوسطـى» .وقالت «إنه من غيـــر المعقول أن نحكم اليوم بهذه الترسانة القانونية البدائية»، مضيفــة إنه «يجب مراجعة بعض بنــود قانــون العقوبات باسم الحرية الفردية واحترام االختيارات الشخصية ألي فرد ناضج ،سواء في قناعاته أو في حياته الخاصة وفي الحياة اليومية». نجاة الرازي ،الباحثـة في علم االجتماع والناشطة في مجال الدفــاع عن حقـــوق المرأة ،ترى «أن قضيــة ً هاجــر الريسوني تشكل انتهاكـا لحقــوق اإلنســـان ،فيما يتعلـــق بسالمته البدنية والمعنوية».يستند اتهامها إلى قانون تمييـــزي يعود إلى الستينيات ،والذي يتم إصالحه حاليًا في البرلمان. األمثــــلـــة كثيـــرة ،ويمكـــن للمـــرء أن يلخصها بتسجيل مالحظـــة تبعـــث على التفاؤل مفادها أن قضية هاجر الريسوني قد أوجدت تفهمًا معيناً بين صفوف المحافظين ،وهو ما يعد بفتح نقاش بناء. هذا يذكرنا بالحملة القوية التي انطلقت في نهاية عام 2011دعماً للفتاة القاصر أمينة الفياللي ،التي تم تزويجها باسم القانون من مغتصبها، وذلك ألن القانون المذكور يكفل اإلفالت من العقاب إذا وافق المغتصب على الزواج من ضحيته .النتيجة التراجيدية لذلك كانت أن الشابة أمينة الفياللي أنهت حياتها منتحرة في 24مارس .2012 لنتذكر أن التعبئة المتأخرة لألسف ،التي أحاطت بهذه القضية الحزينة لعبت دوراً رئيسياً في اإلصالح الجزئي لقانون العقوبات وذلك بإلغاء المادة 475التي كلفت حياة أمينة الفياللي. اليوم ،لن نأخذ األمر بنفس اإليقاع المتأخر ! ونحن نتنفس الصعداء مع اإلشارات الملكية اإلنسانية القوية للغاية، والتي تدخلت في توقيت مثالي ،يتحتم أن يُعاد توليد األمل من جديد إلحياء التصدي السلمي إللغاء تجريم الحريات الفردية ،في إطار القانون، وفي إطار فقه مقبول من قبل الجميع ،بد ًء من حقيقة أن الحريات الفردية ليست انحطاطا أو كفرا .إنها دعوة لبناء مجتمع غير منافق يتحمل فيه األفراد مسؤولية أفعالهم وخياراتهم. سيكون هذا التصدي بال شك طويلاً وشا ًقا ،ولكن حان الوقت اآلن ً محافظين وتقدميًين؛ دون تعقيدات ألن األمر في قمة النبل، للوقوف معاً، وألننا نريد أن نكون في طليعة الدول المتقدمة والحديثة مع الحفاظ على معتقداتنا الدينية.
قطرات مداد ُ • محمد إمغران
مسلسل «شي كيضحك على شي» إلى متى ؟
ال يجادل اثنان في أن الجمهور الرياضــي الطنجوي جمهور متميز جدا بعدده الضخم الذي يمأل مدرجات «ملعـــب طنجــة الكبير» وبطريقة تشجيعاتـــه الرائعة وبشكله الفريد من نوعه حتى يخاله كل مالحظ أنه جمهور أوروبي أو إسباني ،بأناقته وانضباطه وتفاعله مع أطوار المقابلة ،بحمــاس كبير وتشجيــع متواصل. تصوروا كيف أن هـــذا الجمهور العريض يمتطي مختلف وسائــل النقــل لقطع مسافة طويلة ،صوب الملعب ،ترهق جيوبه بما يتطلبه ذلك من مصاريف النقل واقتناء بعض األطعمة وغيرها من القهوة والشاي والمبردات ،إن اقتضى األمر ،وذلك ليتابع مباراة في كرة ماذا ؟ إذن ،هذا هو بيــت القصيـد ،فهل هذا الجمهور ،العاشق لكرة القدم بجنون ،المتابع لمباريات «البارصــــا» و «الريـال مدريـــد» و«ليفيـــربـــول» و «تشيلســـي» و»مانشيستر يونايتيد» و«جوفنتوس» و..و..يستمتع فعال بكرة قدم حقيقية فوق المستطيل األخضر ب«:ملعب طنجة الكبير» ،سواء برسم البطولة «االحترافية» أو برسم منافسات كأس العرش التي أقصي منها فريـق المدينة األول بعقر داره ضد فريق حسنية أكاديرالذي بدوره لم يقدم كرة قدم جميلة ،غير تسجيله هدفا من ضربة جزاء ،حافظ عليه ،خوفا ،إلى غاية صافرة الحكم المعلنة عن نهاية المقابلة .بمعنى أن الفريقين معا اليليقان بمستوى القسم األول «االحترافي» المنشود ،بالنظر إلى ما قدماه خالل مواجهتهما األخيرة ،بملعب «الزياتن» بطنجة ،حيث لم تكن حتى التمريرات موفقة بين الالعبين وغــاب التهديـــف لدى فريـــق المدينة األول ،كما غاب عن العبيه قذف الكرة صوب مرمى الخصم من بعيــد ،بل وغابت الفرجة وحل محلها الملل وإثارة األعصاب بالنسبة لمشاهدي المباراة عبر شاشة التلفزة، قبل أن يقاطعوها كالعادة ،بحثا عن قناة تلفزية أخرى ،ليتابعوا ما يشفي غليلهم من سحر كروي أوروبي جميل ممتع. والحق أقول أن فريق المدينة األول ،بالعبيه ومسيريه «يضحكون» على هذا الجمهور الرائع بأداء باهت جدا ،يتكرر من مباراة إلى أخر ى، وحتى الجمهور ذاته الذي يقيم احتفالية الفتة لألنظاربمدرجات الملعب يبدو أنه «كيضحك على راسو» مادام ينتظرأداء طيبا من فريقه، العاجز عن اإلقناع فوق المستطيل األخضر. وهكذا يستمر مسلسل «شي كيضحك على شي» ب « :ملعب طنجة الكبير» ،فإلى متى هذا الوضع ؟
العدد 1017
21
الثالثـاء � 29أكتوبر �إلى 04نـوفمرب 2019
أن تجالس سياسيا ومثقفا بحجم عبدالحميد البجوقي،فتلك فرصة للسفر عبر رحلة يتماهى فيها االختيار الذاتي مع الحدث التاريخي عبر الزمن. هي جلسة للوقوف عند العشق المزدوج(سياسة/ثقافة) للرجل،واإلنصات لتجربته الجادة والمثيرة التي راهن من خاللها على األمل رغم القتامة.ومن أجل هذا األمل،ناضل الرجل سياسيا ومدنيا بالوطن وبالمهجر ،وهاهو يتوج هذا المسار اآلن بروايات يطرح من خاللها انطباعات وصور عن إشكالية الهجرة بكل تجلياتها. فعال هي جلسة مشوقة،تخال نفسك تسترجع التاريخ بطعم السرد الجميل
السياسي والثقافي في تجربة
عبد الحميد
البجوقي * إعداد :يوسف سعدون
عبد الحميد والسياسة ؟
أو باألحرى سؤال السياسة وعبد الحميد ،هو سؤال يحضرني منذ أن بدأ يتشكل لدي وعي سياسي وأنا تلميذ في مدينة البيضاء بثانوية األزهر أو المعروفة باألرميطاج في سبعينيات القرن الماضي ،وبعدها في مجموعة مدارس محمد الخامس في الرباط التي كان يديرها أحد أقطاب الحركة الوطنية المرحوم عثمان جوريو .كان ذلك في السبعينيات من القرن الماضي ،وكان المغرب يمر بمرحلة دقيقة من تاريخه السياسي ..ال أدري إلى أي حد كان اهتمامي بالشأن السياسي اختيارا حرّا ،كان المغرب يمر مما عرف بسنوات الرصاص واحتدام المواجهة بين النظام وأحزاب الكتلة الوطنية وبروز ما سمي باليسار الجذري .لم تكن اهتماماتي السياسية تتجاوز الشعور بغضب خام تتقاذفه خطابات سياسية تتراوح بين ما كان يسمى باليسار الجذري و آخر معتدل يتصدره االتحاد االشتراكي للقوات الشعبية ،أتذكر اليوم الحوارات التي جمعتني بمناضلين ساهموا في تأطيرنا كشباب يفيض بالحماس ،وانتهت بانخراطي في صفوف الشبيبة االتحادية بعد التحاقي بالجامعة .في كلية الحقوق بالرباط سنة 1980انخرطت في االتحاد الوطني لطلبة المغرب ،ووجدتني في خضم الصراع الذي انفجر في االتحاد االشتراكي للقوات الشعبية ،وتموقعت حينها فيما عرف بتيار رفاق الشهداء الذي أصبحت ممثال له في تعاضدية االتحاد الوطني لطلبة المغرب بكلية الحقوق .لم أكن أتصور وأنا أخوض التجربة أنني امتطيت قطار السياسة دون رجعة ،وأن اختياري سيقودني إلى المنفى، كنت أعتقد أن حماسي عابر ،وكنت كغيري من الشباب نعتبر أن التجربة عابرة ،وأن مستقبال ينتظرنا خارج أسوار الكلية ،كانت أحالمي كثيرة ،أبرزها أن ألتحق بسلك القضاء. كنت أعتقد ببراءة أن انخراطي في السياسة لن يتجاوز أسوارالجامعة ،لكن بعد قمع النظام الشرس واألحكام الخيالية التي صدرت في حقي بعد انتفاضة ،1984وجدت نفسي حينها متابعا بملف ثقيل لم أكن أتصوره ،انتابني مزيج من الشعور بالرعب والغضب والغبن والتشظي ،وجدتُ نفسي في يوم من أيام أبريل من سنة 1984وأنا أمتطي قاربا صغيرا يشق بحر المتوسط الهادئ ،كانت أشعة الشمس تطل ذلك الصباح من أفق بعيد وتنتشر على سطح ماء أزرق ،في صمت رهيب ال يكسره سوى هدير أمواج خفيفة وصوت محرك القارب الصغير، عاد بي خيالي حينها إلى صور حياة قصيرة تركتها ورائي محملة بذكريات صاخبة في مسقط رأسي بمرتيل ،وبعدها في تطوان بعد وفاة الوالد وعمري ال يتجاوز خمس سنوات ،ثم دراستي في البيضاء والرباط ،كانت رحلة لن أنساها على اإلطالق ،انتابني حينها شعور غريب بالفقد والتشظي واالقتالع واأللم ،كان القارب يقطع المسافة بين الضفتين ببطء وأنا في جلبابي الرمادي أشعل السيجارة تلو األخرى ,أسترق النظر إلى صديقي البحار الذي كان يتظاهر بتصفيف شباك الصيد واالستعداد لنصبها .حينها اقتنعت أن السياسة اختارتني لخوضها في زواج كاثوليكي ال يسمح باالنفصال عنها أو طالقها ،وابتعادي اليوم عن الفعل السياسي ال يعني أنني أصبحت طليقها.
عبد الحميد والثقافة؟
الهم الثقافي كان حاضرا في تجربتي السياسية ،وكان المشهد الثقافي المغربي حينها يرافق السياسي في الدفاع عن الحرية والحداثة والديموقراطية ،كانت مرحلة انخرط فيها المثقف المغربي في الشأن السياسي وتبوأ مكانته في التأطير والتأثير والفعل المباشر .أسماء المعة رافقت حينها الحراك السياسي في المغرب ولعبت دورا طليعيا في الصراع السياسي الذي كانت تدور رحاه بشراسة ،الئحة طويلة من المفكرين والمبدعين والفنانين ساهموا حينها في تأطيرنا وتوجيهنا، اليمكن في تقديري الفصل بين السياسي والثقافي في عالقتهما بالمجتمع وبالنضال من أجل العدالة والحرية وحقوق االنسان ،وبرزت حينها أسماء ّأثرت في جيلنا بشكل كبير .بعضها كانت تتحمل مسؤوليات سياسية مباشرة سواء داخل األحزاب التقدمية أو في إطارات نقابية وجمعوية ،لم يكن المغرب استثناء في انخراط المثقف في السياسة وانخراط السياسي في الثقافة ،أتذكر اليوم ببعض الحسرة الدور الطليعي التحاد كتاب المغرب في تأطير المجتمع ومواجهة قمع النظام ،والعديد من المجالت الثقافية والفكرية ،والمبادرات الجمعوية
الرائدة التي كانت تتموقع في جبهة الدفاع عن الحريات والعدالة والديموقراطية ،ونفس األمر كان مع األغنية الملتزمة والمسرح والسينما ،كانت النوادي السينمائية المنتشرة في المغرب واجهة لتأطير الشباب ومعْبرا لإلنخراط في الشأن السياسي .عالقة السياسي بالثقافي ال يعني أن يرتبط اإلبداع بأجندات سياسية بعينها ،وال أن يكون تابعا لها ،بقدر ما هو ارتباط يتعلق بدور الثقافة في تشكيل الوعي ،وفي عالقة الثقافة بهموم المجتمع ،ال يمكن للثقافة أن تتطور إذا لم تتواصل بمحيطها االجتماعي وبهموم المجتمع ،هذه العالقة بين الثقافي والسياسي كانت ِّ مؤطرة لجيلنا في السبعينيات من القرن الماضي ،واستمرت كذلك بعد انتقالي االضطراري إلى المنفى .كانت تجربة فريدة تلك التي عشتها في المنفى ،وجدت نفسي فجأة في خضم المشهد السياسي االسباني الحديث العهد بالديموقراطية ،التقيت بالعديد من المنفيين والمغتربين من جنسيات مختلفة ،نسجتُ عالقات قوية مع مغتربين من أمريكا الالتينية ،عالقات جمعنا فيها الشعور المشترك بالفقد والتشظي وألم االقتالع ،كانت فرصة نهلت فيها الكثير من األدب الالتيني وقرأت لقامات كبيرة من أدباء وروائيين المعين ،وعايشت بعضهم من الالجئين في إسبانيا .كان لهذا االنتقال ألقسري إلى الضفة الشمالية تأثير كبير على اهتماماتي الثقافية، اهتمام تطور بعد زياراتي المتكررة ألمريكا الالتينية ،وبعالقات شاءت الصدف أن أنسجها مع بعض المثقفين اإلسبان ،أذكر منهم بشكل خاص الكاتب االسباني خوان غويتيصولو.
كان لالغتراب والنفي القسـري دور كبير في انخراطـي بالعمـل السياسي شأني في ذلك شأن أغلب المغتربين والمنفيين في العالم ،لكن انخراطي في العمل النقابي والسياسي رافقه منذ البداية اهتمام متزايد بما هو ثقافي تمّ تتويجه أواسط تسعينيات القرن الماضي بتنظيم لقاءات ثقافية منتظمة أهمها «اللقاء بين ثقافتين» الذي كانت تنظمه جمعية العمال والمهاجرين المغاربة في إسبانيا المعروفة بأتيمي ،ستة لقاءات تمحورت حول إشكاليات ثقافية وفكرية بين الضفتين ،وشاركت فيها أسماء وازنة من المغرب وإسبانيا ،كما ساهمتُ في تأسيس مجلة «دفاتر الشمال» وكنت عضوا في هيأة تحريرها ،وكانت مجلة رائدة تركت بصماتها في المشهد الثقافي العربي.. عالقتي بالكتابة التي كانت في البداية تقتصر على مقاالت رأي في جريدة الباييس االسبانية وبعدها جريدة الموندو ،وأخرى في بعض المنابر المغربية والعربية انتهت بإصدار كتابي األول باالسبانية عن المشهد السياسي المغربي يحمل عنوان « االنتقال السياسي في المغرب» تلتها إصدارات عدة بالعربية عن الهجرة وعن الصراع السياسي في المغرب ..وبعد سنوات من اعتزالي للفعل السياسي المباشر قررت خوض تجربة الكتابة الروائية مدفوعا برغبة ظلت ترافقني خالل سنوات المنفى ،رغبة في التفريغ والتعبير عن شعور المنفي ،عن شعور التمزق الذي رافقني في المنفى وال يزال ،رغبة في وصف عناصر القلق والتيهان التي ترافق المنفيين وتحديات االندماج والعالقة باألنا والغير واآلخر. وكانت رواية «عيون المنفى» باكورة أعمالي الروائية تبعتها روايتان
عن المنفى « حكايات المنفى» والمشي على الريح التي صدرت سنة ،2019هي في نهاية المطاف ثالثية المنفى ،تصف المُعاش واليومي من تحديات الهجرة والمنفى.
جدلية المثقف والسياسي عند عبدالحميد؟
أن يخوض المثقف غمار السياسة ال يعني بالضرورة أية قيمة مضافة للسياسة ،أو للتدبير السياسي ،بل هناك نماذج لمثقفين أخفقوا في تدبير الشأن السياسي ،بالمقابل نجد نماذج أفلح فيها السياسي في تدبير الشأن الثقافي والرفع من مستواه ،عالقة السياسي بالمثقف ترتبط أساسا بقدرة هذا األخير على التأثير في السياسة ،أن يتحول المثقف إلى قوة ضغط تُحرك الرأي العام ،قوة قادرة على مراقبة السياسي وتوجيهه .في المقابل على الثقافي أن يأخذ مسافة من السياسي وأن ال يكون تابعا له ،على الثقافة أن تكون مُشاكسة وأن ال تخضع للتوجيه السياسي .هي فعال عالقة جدلية تقوم على التفاعل في اتجاهين دون أن تخضع الثقافة للسياسة. فيما يتعلق بجدلية المثقف والسياسي في تجربتي المتواضعة، فهي تقترن حتما بتجربة المنفى ،تقترن بتيهان السياسي والكاتب المنفي الذي يقف في بالد لم ينشأ فيها وعينه ترنو إلى بالده ـ كما يقول أمين معلوف ـ ،هو نفسه الذي يعود إلى بالده وعينه ترنو إلى بالد احتضنته .تجربة المنفى تطبع عالقة المثقف بالسياسة ،عالقة تستمد ـ في تقديري ـ مادتها من النفور والتراوح بين هويات متعددة ومتباينة ،هي كتابة ال تخلو من األلم ،هي كتابة كاشفة وجريحة تقوم على فرضية تفكيك عقدة انتماء متعدد ،وهوية هجينة غير راضية عن ذاتها وعناصر ُّ تشكلها ،هي كتابة عابرة للحدود الثقافية والجغرافية والتاريخية والدينية ،هي كتابة تتسم بالقلق الوجودي والسخط العارم .عن هذه الجدلية أريد الحديث في هذا الحوار ،عن جدلية الكتابة والهوية والمنفى، عن كتابة تتسم بالقلق الوجودي ،ويسكنها الحراك واالنشقاقية والسخط ،يقول عنها الروائي العراقي عبداهلل ابراهيم أنها كتابة مدوِّنة ،كاشفة لمصائر البشر ومعاناتهم مع العنف والمالحقة والطرد وتمزيق الشمل والهيام في األرض بحثا عن أماكن بديلة ،وعن أمان خادع ..وهي في نظري بحث سيزيفي عن عودة ال تكتمل ،ورغبة مستمرة في العودة إلى حيث ال أدري ،هي بحث عن هوية ال تستقيم ،وانتماء ال يكتمل ،ورغبة في تكسير السياجات الثقافية البليدة ـ بليدة في نظر المنفي طبعاـ. بعد فترة من االستقرار ،أو باألحرى اإلقامـة في إسبانيــا اكتشفت أنني رهينة لقلق دائم ،قلق االنتماء المتعدد ،قلق هوية لم تعد تلك التي رافقتني ،وأخرى حاضنة تحاول تجريدي من هويتي األصل ..كابوس االنتماء المتعدد القادم من أصل هجين يجمع بين العنصر األمازيغي والعربي واإلفريقي والموريسكي ،..انتماء لم أتبين معالمه وعمقه إ ّال بعد أن ابتعدت عن وطني ،حضرتني حينها تجربة األنا االفريقية واآلخر في رواية «حجول من شوك» للروائيــة السودانية بثينة خضرمكي ،تعاني بطلة الرواية نصرة قلق االنتماء، ألنها لم تستطع حسم أمر انتمائها إلى السودان العربي أم اإلفريقي، تعتز بسودانيتها وبأصلها الهجين الذي يجمع بين العنصر العربي والعنصر االفريقي ،لكنها لم تحس بالقلق اتجاههما إ ّال بعد أن ابتعدت عن وطنها.. عبر تجارب بعض المثقفين الذين تحملوا مسؤوليات سياسية ،هل انتصروا للثقافي عبر السياسي ،أم العكس؟ دور المثقف في تقديري أن ينتصر للسياسي ،أن يستفز عناصر التغيير والحداثة ،أن يرافق هموم المجتمع ،شرط أن ال يفقد استقالليته، التجارب التي عرفتها أو عايشتها لمثقفين خاضوا غمار السياسة وتحملوا مسؤوليات سياسية ،باءت أغلبها بالفشل ،دور المثقف في تقديري يقتصر على دعم مشاريع التغيير ،ونادرا ما ينجح في التدبير. للمثقف دور بارز في توجيه السياسات ومراقبتها وتأطيرها ،المثقف ضمير األمة الذي يساهم في تقويم السياسات ،لكنه في نظري غير قادر على مواجهة إكراهات تدبيرها والتفاعل مع توازناتها .نماذج كثيرة يمكن استحضارها في التجربة االسبانية التي عرفتها عن كثب،وأخرى في عالمنا العربي وغيرها.
22
الثالثـاء � 29أكتوبر �إلى 04نـوفمرب 2019
العدد 1017
لعبة السودوكو ()478
المغرب في زمن الصناعة الثقافية واإلبداعية
أصل اللعبة
لعبة السودوكو اليابانية األصل « ،»SUDOKUكانت معروفة منذ الثمانينيات في اليابان ،إال أنها لم تظهر كلعبة ذات شعبية إال سنة .2005
• بقلم :محمد أديب السالوي
معنى كلمة سودوكو
كلمة سودوكو هي اختصار للجملة اليابانية ()Nikagiru Sujiwa Dokushin وتعني أن األعداد البد أن تكون مفردة .وهذه اللعبة عبارة عن عالمة تجارية لشركة .Nikol
كيف تلعبها ؟
اللعبة تعتمد على المنطق لدرجة كبيرة ،وهي لوحة مقسمة إلى تسع مناطق كل منطقة مكونة من تسع خانات ،وعليك أن تمأل هذه الخانات أفقيا أو عموديا بأرقام من 1إلى ،9حيث ال تستخدم الرقم إال مرة واحدة في جميع المربعات على العمود نفسه أو السطر أو القطر ،وتكون هناك أرقام موضوعة سابقا في بعض الخانات.
مفيدة لكن معقدة
اللعبة مفيـدة جدا لتقوية مهارات المنطـق ،ويستخدمهـا مدرسو الرياضيات كتمارين للطلبة وتختلف درجة التعقيد ،حسب الفئة المستهدفة.
بين الممكن والمستحيل
تعد الثقافة مفهومــا مركزيــا في األنتروبولوجيا ،يشمل الظواهر التي تنتقل من خالل التعلم االجتماعي ،من السلوك اإلنساني ،من األشكال والرموز التعبيرية. الثقافة هي الكل المركــب الذي يشمل المعرفــة ،العقائد، الفنون ،العلوم ،القيــم األخالقية ،العـادات ،األفكار ،المشاعر، الممارسات المتوارتة اجتماعيا ،الطقــوس ،الطبـــخ ،المالبس، الهندسـة المعمارية ،األساطيـر ،الفلسفــة ،المسرح الموسيقى، الفنون التشكيلية النحت ،األداب ،الثرات الثقافي ،وهي كل ما صنعه/يصنعه عقل اإلنسان من أشياء ومظاهر ومعارف وعادات، وهو ما يجعلها تلعب دورا فاعال وبارزا في كل العلوم اإلنسانية، علم االجتماع ،علم اإلنسان ،علم النفس ،علم ثقافات المستقبل. والشك أن الموروث الثقافي للمغرب ،كبير وعظيم وواسع وشامل موروت تتراكــم عليــه حضارات متنوعــة ،أمازيغيــة، افريقية ،عربية ،أندلسية ،وهم ما يجعلنا نملك رصيدا ثقافيا غنيا ومتنوعا ،يتكون من عدد كبير من المجاالت التي تدخل في خامات الثرات الحضاري الوازن ،الذي يشكل في كلياته ،ثقافة انسانية غنية بكل المقاييس. السؤال :ما عالقـة هذا التراث الوازن بالصناعـات الثقافية واإلبداعية .في عالمنا اليوم ..؟ الصناعــة الثقافيـــة ،هي كافــة األنشطــة والممارسات االقتصادية التي تتسم بدرجة من التعقيــد في تحويل المواد الثقافية إلى سلع وخدمات ،فهي تسهم في الرفع من قيمة الراسمال الالمادي وتطويره ليصبح أداة اقتصادية مؤثرة في التنمية البشرية/المستدامة. استعمل هذا المصطلح “الصناعة الثقافية” ألول مرة سنة 1947من طرف األلمانية أوركارمر في كتابها “جدل التنوير”، وبعد ثالثة عقود أصبح يستعمل في الترويج للمصنفات الفنية والثقافية اقتصاديا بأروبا والواليات المتحدة األمريكية. وحاليا أصبحت الصناعـة الثقافيـــة واإلبداعية من أسرع الصناعات نموا في العالـــم ،تدر عائدات هامة ،وهو ما جعل/ يجعل الرأسمالية الثقافية في طريقها الى التبلور بعدما اتبتت انها خيارا إنمائيا مستداما ،يعتمد على مورد فريد ومتجدد، هو االبداع البشري الذي يقدم للمتلقي حلوال وأفكارا جديدة ومبتكرة ،نابعة من الخيال ،أو من مهارة االبتكار. وألن الصناعة الثقافية واإلبداعية ،صناعة واسعة ومترابطة تشمل الكتاب واللوحة والقطعة الموسيقية والبرنامج التلفزي والسينما والمسرح والحرف الفنية واإلعالن والسياحة وتصنيع األدوات الموسيقية والحرف الفنيــة التقليديـــة وغيرها، أصبحت هذه الصناعة فاعلة في اي مجتمع ،لها قاعدة علمية، اقتصادية تمكنها من االنتشار ،لتكون في قلب عصرها بتفاعالته وصراعاته وتطلعاته.
في عالم اليوم ال يمكن للمجتمــع أن ينجز تنمية بشرية أو تنمية مستدامة في غياب الثقافــة الداعمة لخططها ،وهـو ما يتطلب من السياســات االقتصادية دعما مستمرا للصناعة الثقافية ،وتوفير بنية تحتيتة متطورة لها .يعني ذلك ،أن الثقافة أصبحت في قلب االقتصـاد العالمــي ،تتنافــس على استغالل قيمتها المضافة في سبيل تحقيق االهداف الكبرى للتنمية.. مغربيا ،وقبل أن نتطرق إلشكاليــات الصناعــة الثقافيـة واإلبداعية ،علينا أن نسأل عن الموقع الذي يحتلــه المغـــرب اليوم في المجال الثقافي ،ماذا قدم المفكرون والكتاب واألدباء التنويريون للثقافة االنسانية؟ .ماهي الفنون التي برع فيها الفنانون المغاربة؟ .كم عدد المتاحف واألكاديميات التي شيدها المغرب الحتضان مواهبه؟كم شيد من مكتبة عامة لحفظ إنتاج العقل المغربي عبر األزمان والقرون؟ كم شيد من مسرح وأوبرا لبلورة اإلبداعات المغربية؟ .من هم علماء ورموز الفكر والفن والمعرفة الدين أطلق المغرب أسماءهم على الشوارع والمتاحف والمعاهد والمدارس… ؟ الشك أن المغــرب يملك رصيدا ثقافيا غنيا ومتنوعا ،وأن موروثه الثقافي كبير وعظيم وواسع وشامل ،يتكون من عدد هام من المجاالت التي تدخل في خانات التراث الثقافي القابل للتصنيع ،إال أن هذا الرصيــد مازال بعيدا عن تحويــل قيمه المعنوية والروحية إلى قيم مادية ،أي تحويله إلى صناعة… وألى سلع اقتصادية ،على غرار الراسمال أو الرصيد المادي،وهو ما يجعل المغرب الراهـن يحتل رتبا عالمية متدنية ،إن على مستوى التنميــة البشرية ،أو على مستـــوى التجهيزات الني تتطلبها الصناعات الثقافية واإلبداعية. حتى اآلن القطاع الثقافي بالمغرب ،وحده الذي ال يملك دراعا اقتصادية ،كما هو حال القطاعات األخرى .إن المجاالت الثقافية واإلبداعية التي أصبحت منتجاتها تصل إلى ٪ 10من إجمالي الصناعة العالمية ،ال تشكل بالمغرب دراعا اقتصادية، كما هو حال الصحة والرياضة وصناعة المالبس وغيرها ،في حين أن الصناعة الثقافية في عالمنا تمتد من صناعة األقالم والورق واألدوات التقنية إلى أقراص وأشرطة الكتاب واألغنية والمسرح والسينما ،وكل المواد الثقافية المرئية والمسموعة والمكتوبة. نعم .إن ما نطمح اليه في مغرب اليوم هو أن يكون لنا مشروع ثقافي يقوم على تحديت الثقافة المغربية ،لكي تكون ثقافة عصرية ،قابلة للتصنيع .،أن يكون لنا مشروع ثقافي يستمد قوته من األسئلة المطروحة علينا ،ماذا لدينا؟ ماذا يجري حولنا؟ وأي ظروف تحيط بنا؟ وما الذي يتوجب علينا عمله من أجل أن نكون في قلب عصرنا ،ال خارجه…؟ بعد إنجاز هذا المشروع سيكون علينا التوجه إلى الصناعة الثقافية واإلبداعية. التي أصبحت تشكل طريقا ممكنا ومستحيال للصناعة التي نطمح إليها في زمن األلفية الثالثة.
حل السودوكو لجميع إعالناتكم اإلشهارية واإلدارية يف جريدة
االتصال على الرقم : 0539943008
رقم 478
سرعة المالحظة
بين الصورة واألصل 6اختالفات ،حاول أن تهتدي إليها.
صفحة
23 �إعداد :م�صطفى ال�سباعي
العدد 1017
الثالثاء � 29أكتوبر �إلى 04نوفمرب 2019
مجرد رأي :
حالل علينا ..حرام عليكم ..
مبدأ تكافؤ الفرص يقتضي التعامل مع الجميع بمنطـق واحد دون تمييزودون اعتبارات. ولجنة البر مجة بالجامعة الملكية المغربية لكرة القدم ال تتخذ من هذا المبدا شعارا ..وتقوم في بعض األحيان بأشياء غريبة وتنحاز لبعض األندية. واألمثلة التي سنسوقها خير دليل على ذلك فقد برمجت لجنة البرمجة مباراة دور ربع نهاية كأس العرش يوم الثالثاء الماضي على الساعة الرا بعة عصرا. اتحاد طنجة راسل اللجنة و طلب منها تغيير التوقيت إلى السابعة مساء لتمكين شريحة كبيرة من الر ياضيين تتبع اللقاء ..اللجنة رفضت التغيير . وبالمقابل فريق الرجاء البيضاوي كانت لجنة البرمجة قد برمجت مقابلته أمام رجاء بني مالل يوم الخميس الماضي على الساعة الثالثة بعد الزوال .. الفريق البيضاوي رفض هذا التوقيت ألنه ال يخدم مصالحه واليمكن جمهوره من الحضور خاصة وأن اليوم يوم عمل. فقامت اللجنــة بتغييــر التوقيت إلى السابعة مساء بناء على رغبة الرجاء ...فعلى ماذا يدل هذا...؟ وهل بتفضيل هذا النادي عن اآلخر ستتطور وتزدهر الكرة المغربية؟ ..وهل هذا هو مبدأ تكافؤ الفرص؟ ..وهل بهذا التصرف سنضمن الحضور الجماهيري؟ ..وهل بهذا األسلوب سنطفىء سخط وغضب الجماهير؟. لقد كان اإلطار الوطني حسن بنعبيشة مدرب فريق سريع وادي زم واضحا وصريحا عندما انتقد لجنة البرمجة بالجامعة الملكية المغربية لكرة القدم ووصفها بكونها ال تخدم بطولة الدوري االحترافي المغربي وال تساعد على ترسيخ مبدأ تكافؤ الفرص بين مختلف األندية الوطنية.. من هنا ندعو إلى إعادة األمور إلى نصابها من أجل تطوير التنافس وتحسين اإليقاع ..واالبتعاد عن طريقة حالل علينا ...حرام عليكم.
اإلسباني غاريدو مرشح لتدريب اتحاد طنجة
المدرب اإلسباني خوان كارلوس غاريدو حسب مصادر مقربة من مكتب اتحاد طنجة فإن فارس البوغاز فتح قنوات االتصال مع المدرب السابق للرجاء البيضاوي اإلسباني غاريدو. وينتظر الفريق رد المدرب غاريدو قبل التعاقد معه لإلشراف على طاقمه الفني خلفا للمدرب الجزائري نبيل نغيز الذي تم االنفصال عنه بعد اإلقصاء من دور ربع نهاية كأس العرش على يد حسنية أكادير.
طنجة تحتضن نصف نهاية كأس العرش بين الجديدة واالتحاد البيضاوي قررت الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم إجراء مباراة الدفاع الحسني الجديدي ضد االتحاد البيضاوي برسم نصف نهائي كأس العرش على ملعب ابن بطوطة بطنجة. فيما ستقام مباراة نصف نهاية الكأس بين المغرب التطواني وحسنية أكادير على ملعب مراكش الكبير. أما المباراة النهائية لكأس العرش فستجرى في 18من شهر نونبر على ملعب موالي عبد اهلل بالرباط.
اتحاد طنجة ينفصل عن المدرب الجزائري
نبيـل نغيـز
سلم المكتب المسير التحاد طنجة لكرة القدم للمدرب الجزائري نبيل نغيز قرار إعفائه من تدريب الفريـق بعد الهزيمـة اإلقصاء من كأس العرش أمام نادي حسنية أكادير. وحسب مصادرنا فإن المدرب نبيل نغيــز الذي لم يتواجـــد على دكــة احتيــاط اتحاد طنجة امام المولودية الوجدية برسم الجولة الخامسة للبطولة االحترافية وعوضه مساعده عبد الواحـد بلقاســم اجتمـــع أمس اإلثنيـن بمسؤولي فارس البوغاز لفك االرتباط بشكل ودي بالتراضي.
وسيعـوض المــدرب نغـــيــز مساعـــده عبد الواحد بلقاسم في الفترة المقبلة. وكان المدرب نبيل نغيــز قد أخفق في كســب مجموعـــة من الرهانات منها كأس العرش وكأس محمد السادس لألندية إضافة إلى تحقيقه لنتائــج متواضعة في البطولة االحترافية من خالل تــعادل وهزيمة رغـــم اإلمكانيات التي وفرهـــا الفريق الطنجـــاوي وتعاقده مع مجموعة كبيرة من الالعبين بنـــاء على طلبه وكذا إقامة معسكر إعدادي بتركيا.
المغرب التطواني يعبر لنصف النهاية واتحاد طنجة يخفق أمام الحسنية
كسب فريق المغرب التطواني بطاقة التأهل إلى دور نصف نهاية كأس العرش عقب فـوزه الكاسح على سريع وادي زم « »4-1في دور ربع النهاية. ورغم إهدار الفريق التطواني لركلة جزاء في الدقيقة 13عن طريق اإلسباني «مارتين بيجوا» فقد تقدم أصحاب األرض برباعية من توقيع كل من يوسف بوشتة واألوغندي سينكا توكا واإلسباني بينجوا وإيدجو مانغوا. فيما سجل هدف الشرف لسريع وادي زم الالعب هشام العروي. وبهذا االنتصار تأهل المغرب التطواني إلى دور نصف النهاية حيث سيواجه فريق حسنية أكادير الذي تغلب على اتحاد طنجة.
اتحاد طنجة تذوق مرارة اإلقصاء على يد الحسنية. تجرع اتحاد طنجة مرارة اإلقصاء من كأس العرش بعد هزيمته بميدانه وأمام ازيد من 38الف متفرج على يد فريق حسنية أكادير 1-0 في الوقت اإلضافي من ركلة جزاء قاسية.
فارس البوغاز لم يقو على مجاراة اإليقاع الذي فرضه عليه الفريق الضيف وظل منكمشا في الوراء تخوفا من هدف مفاجئ وترك المبادرة للضيوف الذين سيطروا وخلقوا متاعب جمة للمحليين . ويبدو أن خطة المدرب الجزائري نبيل نغيز باءت بالفشل ..وفي الوقت اإلضافي تمكن فريق حسنية أكادير من اصطياد ركلة جزاء . ورغم استقاظة االتحاد المتأخرة فإن النتيجة لم تتغير. هذه الهزيمة اإلقصاء خلفت تذمرا وغضبا شديدين بالنسبة ألنصار اتحاد طنجة الذين حملوا مسؤولية الفشل للمدرب الذي نهج خطة دفاعية وراهن منذ البداية على ركالت الجزاء. نبيل نغيز الذي أكد في المؤتمر الصحفي الذي أعقب المباراة أنه يتحمل المسؤولية معترفا بقوة فريق حسنية أكادير. هذا ومن المحتمل أن يتم تغريم اتحاد طنجة بعد قيام مجموعة من المحسوبين على أنصاره برمي القنينات الفارغة ومحاولة االعتداء على الحكم سمير الكزاز الذي قاد اللقاء.
العدد 1017
الثالثـاء � 29أكتوبر �إلى 04نـوفمرب 2019
تذكرة سفر
األخيرة
السلسلة الرابعة
احللقة 12
لقاءات حوارية ،في حلقات متسلسلة ،مع شخصيات مؤثرة في المجال العمومي المغربـي والعربـي واإلنساني ،تستحضر تجربتهم في الحياة الخاصة والعامة ،وترحل بهم عبر تذكرة سفر معنوية وروحية إلى الماضي والمستقبل. • عبد اإلله المويسي ـ • محمد العطالتي
مع األستاذ
محمد األشعري المحور الثالث ـ المسار السياسي ـ
يحضر األستاذ محمد األشعري ،في مخيال القراء المغاربة والمشتغلين بالحقل السياسي والمجتمعي الوطني ،بصيغة الواحد المتعدد ،فهو اإلنسان أوال ،وهو الشاعر والكاتب الروائي والمناضل السياسي والناشط الحقوقي ،وواحد من أبرز وجوه معتقلي سنوات الرصاص .وهو الوزير الذي انعطف بمشروع الثقافة الوطنية نحو أفق اتسمت فيه بتبني مفهوم الصناعة الثقافية ،وهو الذي سبق أن شغل قبلها منصب رئاسة اتحاد كتاب المغرب لثالث دورات عرفت خاللها هذه المؤسسة أقوى مراحل ديناميتها وإنتاجيتها. أصبح األستاذ محمد األشعري واحدا من القياديين البارزين في االتحاد االشتراكي، وبعد أن اضطلع بمهام مفصلية في الحزب، ونظرا لبعض المالبسات الالحقة سيضطر إلى إعالن انسحابه من الحزب. أريد أن أعـرف معـك تفاصيل هذا االنسحاب وظروفه وكل ما أحاط به؟ بعد المؤتمر مباشرة ،جاءت اللحظة التي سيطالب فيها بعض أعضاء المكتب السياسي ،ومن بينهم من كانوا في فريق عبد الواحد الراضي مناصرين له في معركته للظفر بمنصب الكاتب األول ،جاءت اللحظة التي طالبوه فيها أن يفي بوعده ،وَعْد الخروج من الحكومة ،بما أنه أصبح كاتبا أول منتخبا ،هنا ستأخذ األمور مسارا عجيبا، فقد أخبرنا األستاذ عبد الواحد الراضي بأن جاللة الملك طلب منه أن يستمر على رأس وزارة العدل من أجل إنجاز إصالح القضاء، وأنه يثق فيه للقيام بهذه المهمة العسيرة التي لم َّ نُوَفقْ في إنجازها منذ سنوات، وأمام هذا االنعطاف الجديد ،أقنعت شخصيا األستاذ عبد الواحد الراضي بضرورة طرح هذه المسألة على المكتب السياسي ،لكن بطريقة تجعل االتحاديين والمناضلين يشاركون بطريقة مباشرة وفعالة في بلورة إصالح القضاء .فرحب األستاذ عبد الواحد الراضي بهذا االقتراح ،وحررت شخصيا البيان الذي أعلن فيه المكتب السياسي أنه يُساند عبد الواحد الراضي في مهمة إصالح القضاء التي أناطه بها صاحب الجاللة ،وكنا قد اتفقنا مع األستاذ عبد الواحد الراضي، داخل المكتب السياسي على تشكيل لجنة حزبية لمواكبة قضايا اإلصالح ،لألسف أن َّ تُشَك ْل هذه األمور تعثرت فيما بعدَ ،لمْ اللجنة الحزبية في الوقت المناسب ،ومضى وقت طويل قبل أن تشكل بطريقة شكلية ودون أن يكون لها أي مردود حقيقي. وسمعنا أشياء كثيرة عن اإلصالح ،دون أن يُ َقدِّمَ لنا األستاذ عبد الواحد الراضي وال
عبد الواحد الراضي
مرة واحدة فكر ًة واضح ًة عن محاور اإلصالح، وعن توجهات هذا اإلصالح .واستمرت األمور هكذا إلى أن نزلت الصاعق ٌة على الكاتب األول ،والتي تتمثل في إعفائه من وزارة العدل دون أن يكون قد قام بأي إصالح ،وتعويض وزارة العدل بوزارة العالقة مع البرلمان ،وبطبيعة الحال فإن الوزارة الجديدة المقترحة كانت تليق ،كما يليقُ بشخص واحد هو األستاذ ُق ّفازٌ ِباليَد، ٍ ادريس لشكر ،كان عبد الواحد الراضي يعلم علم اليقين كيف حصل هذا األمر، وتحدثت معه طويال في الموضوع وحاولت أن أقنعه بأن قبول هذا األمر هو زجٌّ باالتحاد االشتراكي في أزمة مُستَحكمة ،ولكن ،رغم علمه علم اليقين بما حصل ،وكيف رُتِّبَ هذا األمر ،فإن مزاجـه التوافقـي وحرصه على االستمرار في الجو الذي كنا فيــه، دفعه إلى َقبول هذا األمر ،وهنا يجب أن أشير إلى واقعتين : ــ الواقعـــة األولى ،هــي أن األستـــاذ عبد الواحـــد الراضـي ذكـــر لي وهـــو يحاول إقناعي بمساعدته على تمرير هذه الجرعة المرة ،أن الدوائر العليا قد وعدتــه بالعودة إلى رئاسة مجلس النواب في منتصــف الواليــة (أبريــل ،)2009ومــن سذاجــي قلت لألستـــاذ الراضي أنها مجرد خدعــة ،وأن األسبـــاب التي دعـــت إلى استبعـاده من الرئاســة في أول الوالية ما تــزال قائمة عند منتصفها ،فلماذا يغير الفرقاء رأيهـم؟ ثم إن هــذه «الترتيب الفوقي، سيزيد في إضعاف مصداقية الحزب .فرد األستاذ الراضي بأن هذه األمور في كل الدول ال تحل إال «بالترتيب الفوقي». ــ والواقعــة الثانيــة ،أنني رفضـــت
المشاركة في اجتمــاع المكتب السياسي الذي سيستصدر فيه األستاذ عبد الواحد الراضي قرارا بالتصفيق الستوزار لشكر، وبالرغم من أنني شخصيا ال أنازع األستاذ لشكر وال أي أحد آخر في أن يكون له طموح االستوزار داخل الحزب ،فإن العملية ،كما حُضِّرَت وكما رُتِّبَت ،اعتبرتها نوعا من الزَّج باالتحاد االشتراكي في مستنقع فقدان االستقاللية ،وهذه أمور ،باإلضافة إلى أشياء أخرى ،جعلت عالقتي تتأزم بالحزب ،وكنا مجموعة داخل المكتب السياسي نحاول في كل مرة أن ِّ نُغَلب الواجب الحزبي على ما عداه ،ولكننا انتهينا إلى يقين كامل بأن ما نفعله هو عبث ،ألن كثيرا من األشياء نتفق عليها داخل المكتب السياسي،
شراء األصوات والضمائر ،ولذلك طالبنا أوال بإنشاء لجنة وطنية للعضوية ،تَبُتُّ في قضايا العضوية وتفحص العضوية في الجهات واألقاليم ،وتحدد لوائح المناضلين بطريقة ال غبار عليها ،وتُشْ ِرف على توزيع البطاقات الحزبية في اجتماعات الفروع واألقاليم والجهات الحزبية ،ويكــون هـذا التوزيــع توزيعا لالنخراط في الحزب ،وليس توزيعا لكسب الزبناء ،وهذا المطلب ،كنا نعتبره أساسيا إلى جانب مطلب آخر هو تحضير وثيقة سياسية حقيقية تقوم بنقد ذاتي للتجربة التي خضناها حتى ذلك الحين ،وتحاول تجديد المشروع االتحادي القتراح شيء جديد ومُ ْق ِنع وذي مصداقية لدى الشعـــب المغربي ،هذيــن المطلبين األساسييــن رُفِضا باستمرار ،ورأينا أن المؤتمــر يُحَضَّر في ظروف يصبـــح فيهــا االتحــاد االشتراكي يشبه ِبمُؤْتَمَ ِره مؤتمراتٍ أُخرى نعـــرف سُمْعَتها ونعرف تفاصيلها ،ولم يكن بطبيعة الحال ممكنـــا أن نشارك في ذلك ،لذلك لم نذهب إلى المؤتمر واعتبرت أن عالقتي بالحزب انتهت في تلك اللحظة ،لسبب أساسي ،هو أنني ال يمكن أن أذهب للمشاركة في قيادة ال أتفق معها على شيء، ولماذا سأشارك إذن؟ ألضمن منصبا داخل القيادة الحزبية؟ فهذا شيء لم يكن أبدا مسألة تهمني لذاتها ،ولقد قلت حينها إنني سأنسحب من العمل الحزبي ولكنني سأستمر مناضال بطريقتي مدافعـــا عن القيم التي أومن بها والتي تربيت عليها في االتحاد ،وال يمكن أن أخون تلك القيم
...لكننا انتهينا �إلى يقيـن كامل ب�أن ما نفعله هو عبث لكنها «تُخَرّب» خارج المكتب السياسي، واألمور األساسية التي يفترض أن يكون لنا فيها رأي وقرار ،كانت تُ ْلقى جانبا، وحُشِرْنا في نوع من التسيير اإلداري للحزب عوض التدبير السياسي ،وهذا ما دفعنا ،نحن جملة من المناضلين داخل المكتب السياسي ،إلعالن انسحابنا من اجتماعات المكتب السياسي ،نظرا لكونها لم تكن ذات جدوى بالنسبة لنا ،ولم يكن لها أي طابع سياسي حقيقي ،ومع أننا فيما بعد عدنا إلى اجتماعات اللجنة المركزية، على الخصوص ،وبدأنا نحاول من جديد أن نستأنف نشاطنا السياسي ،ولو بطريقة مختلفة عما كان األمر عليه في السابق ،لكن اتضحت لنا األمور ،بعدما بدأت االجتماعات التحضيرية للمؤتمر ،لقد كنا نطالب بتحضير المؤتمر بطريقة تقطع تماما مع أساليب المستنقع االنتخابي ،والقائمة على
وتلك المبادئ ،وأنا أحترم اإلخوة واألخوات الذين قرروا البقاء في االتحاد والدفاع عن أفكارهم وتوجهاتهم في ظروف صعبة جدا، أحترم رأيهم وأُ َقدِّر حُسْن نيتهم ،ولكنني ال أستطيع أن أشاركهم في هذا التفاؤل وهذا المشروع ،الذي يعتقدونه مُمْكِناً، وقد بينت األيام ،لألسف الشديد ،أن ذلك لم يكن ممكنا وأن االتحاد استمر في اندحاره حتى وصل إلى ما وصل إليه ،أنا مؤمن بأن فكرة االتحاد األساسية ،وهي مقاومة االستبداد والدفاع عن العدالة االجتماعية والمساواة بين الرجال والنساء والدفاع عن الحريات والحقوق ،هذه القيم البد أن تجد من سيحملها ،إن لم يكن حزبيون من عالم اليوم فإنهم سيكونون أطرا وشبابا وشابات وطالبا وعماال من أجيال أخرى ،والمهم ليس األسماء واإلطارات ،فاألسماء واإلطارات ال تصنع المناضلين النزهاء ،بل المناضلون النزهاء هم الذين يصنعون اإلطارات ذات المصداقية وذات النزاهة ،ولذلك فأنا ُ أؤمن بأن الفكرة االتحادية ستُبْعَث من جديد ألن األوضاع في المغرب ال تحتمل أن يستمر هذا التزييف لإلرادات السياسية وهذا الترتيب الفوقي والتدبير «يوم بيوم» لألوضاع السياسية واالقتصادية ،هناك حاجة حقيقية في المجتمع لهذه القيم التي بناها االتحاد بتضحيات جسيمة وبقناعات راسخة وبإرادة عظيمة ،ولذلك سأظل قريبا منها دائما ومنخرطا في أفقها حتى ولو غادرت العمل الحزبي بطريقة ال رجعة فيها .ثم إنني لست نادما على شيء .إنني أعتز بتجربتي في االتحاد ،وأعتز أن مغادرتي له اقترنت بانتظامي في الكتابة ،وهو أمر طالما حلمت به ألنني أومن باألدب منتجا للجمال وللحرية.
فتح اهلل ولعلو