محمد األشعري
ضيف سلسلة «تذكرة سفر»
الحلقة
13
«تعييني في مسؤولية وزارة الثقافة لم يكن بالنسبة لي ال منتظرا وال بديهيا»
على هامش أيام األبواب الثالثة المفتوحة لألمن الوطني
ميكانيزمات التصدي لإلرهاب بالمغرب
الصفحة 24
حوار مع
فقيد البحث العلمي بالشمال
إعالم جهوي متقدم الدكتور محمد مفتاح صفحة 3
صفحة 20
املدير امل�س�ؤول :عبد احلق بخات ـ الهاتف 05.39.94.30.08 :ـ الفاك�س 05.39.94.57.09 : العدد 1018ـ الثمن 4دراهم ـ الثالثاء 7ربيع الأول � 05 / 1441إلى 11نوفمرب 2019
الإعالمية
رجاء قيباش الصفحة 4
الحكومة أمام تقارير جطو 17ألف ملزم لم ينضبطوا لتقديم تصريحاتهم بالممتلكات أمام المجلس األعلى للحسابات بخصوص السنة الجارية!!!
كلمة الشمال عبد اإلله المويسي
أثار الرئيس األول للمجلس األعلى للحسابات السيد إدريس جطو ،أثناء مناقشة ميزانية المحاكم المالية لـ 2020أمام لجنة العدل والتشريع بمجلس النواب يوم الخميس المنصرم ،قضايا عديدة متعلقة بتنزيل التوصيات ألجل تطبيق الحكامة المالية في التدبير والتسيير. وفي معرض حديثه بعث بالعديد من اإلشارات مفادها أنه يطبق المعايير الوطنية والدولية في طريقة اشتغال المجلس وإجراء االفتحاصات بعيدا عن أي حسابات مسبقة تخص المعنيين بذلك ،بل تحقيقا للمصلحة العليا للبالد. وقد أشار جطو إلى أن المجلس تابع 107معنيا في 14قضية مرتبطة بمجال ممارسة التأديب تخص الميزانية والشؤون المالية في .2019وأن المجلس أصدر 60قرارا يتعلق بمخالفات تنفيد النفقات العمومية وتدبير ممتلكات األجهزة العمومية المعنية ،وأنه افتحص 352حسابا. من جانب آخر أكد المجلس األعلى للحسابات على أنه سيصدر خالل أسابيع قادمة أول تقرير يكشف فيه عن مآالت تنفيد الوزراء والمسؤولين العموميين للتوصيات الصادرة عنه ،وأنها ستشمل حوالي 20قطاعا وزاريا للوقوف على مدى االمتثال لها ،مبرزا أن العديد منها ال تتجاوب إيجابيا معها ألسباب متنوعة المصادر. في السياق ذاته أعرب السيد إدريس جطو عن رغبته في أن يتم التفاعل اإليجابي مع كل التقارير الصادرة عن مجلسه واتخاذها أرضية سليمة إلجراء مساءلة عادلة للحكومة ،مشيرا إلى أن المحاكم المالية إلى حدود شهر أكتوبر 2019لم تتلقى سوى 75662تصريحا بالممتلكات من أصل 93096 ملزما ،أي ما يعادل نسبة 81في المائة من مجموع التصاريح الواجب إيداعها .مذكرا بأن إجراءات وتدابير في طريقها إلى المباشرة تهم الملزمين غير المصرحين ،متمثلة في إبالغ السلطات الحكومية المعنية وتوجيه اإلنذارات الالزمة لهم وفق ما يقتضيه القانون الجاري به العمل. 17ألف ملزم إذن لم يلتزموا بتقديم تصريحاتهم بالممتلكات أمام المجلس األعلى للحسابات بخصوص السنة الجارية!!! الرقم يدفع الرأي العام الوطني إلى التساؤل واالستغراب بخصوص ما إذا كان المجلس األعلى للحسابات أصبح «فزاعة» غير مخيفة!!!
جريدة يوميـة جهـوية وطنية ت�صدر م� ً ؤقتـا كـل �أ�سبـوع • الإدارة ،التحريـر ،الإ�شهـار 7 :مكرر ،زنقة عمر بن عبد العزيـز • الربيد الإلكـرتونـي info@achamal.ma :ـ املوقع الإلكرتوين www.achamal.ma :
العدد 1018
2
الثالثـاء � 05إلى 11نـوفمرب 2019
يومية جهوية وطنية ت�صدر م� ًؤقتا كل �أ�سبوع
املوقع الإلكرتوين :
حول فشل خط «الجزيرة» مغارات..
محمد سدحي sadhimed@gmail.com
التقاعد ..ها أنت قاعد..
أكدت (الشوافة) أن عدد المتقاعدين بالصندوق المغربي للتقاعد (وليس التقاعس) يتزايد بوتيرة مضطردة ..فمن 164 ألفاً سنة ،2010يرتفع هذا العدد إلى حوالي 300ألف في سنة ،2020ويتوقع أن يصل إلى 440ألفا مع اقتراب سنة ..2060 اللهم طولك يا روح.. ويؤكد الفقيه ضارب الخطوط أن عدد األرامل المتعيشات على الصندوق ذاته ،سيتضاعف خمس مرات بين سنة 2010 وسنة ..2060اهلل ال يتلي بنا أيام.. وبلغة الناس القاريين بزاف ،العارفين جيداً بخبايا الصناديق.. صناديقنا الوطنية التي أصابها التسوس من كثرة وضع األيادي السوداء عليها ..بلغة هؤالء نقول إن النسبة الديموغرافية لنظام المعاشات المدنية ستعرف تدهوراً حاداً ،حيث يرتقب أن تنتقل هذه النسبة من حوالي 4مساهمين من النشطين لكل متقاعد واحد في سنة 2007إلى حوالي 1.4في أفق سنة .2060
***
في يوم من أيامنا المغربية المنذورة للنوم والكسل الذي هو بالضرورة أحلى من العسل ،طلت علينا عدسة كاميرا الوطن في يوم جميل وشاعري بعيد إخالء دور آباء مواطنين عزّل بعدما فاجأتهم الفيضانات العارمة والسيل الذي غطى الزبى وأتى على جزء كبير من الماشي والراشي وترك أهالي البلدة البعيدة عرايا أمام عدسة الكاميرا ...سكت الرجال وتكلمت امرأة عجوز وقالت للكاميرا الشاعلة « :الفالطا ديالنا ..حنا اللي بقينا ناعسين حتى جاء الواد وادانا.»...
***
وها هو الواد هواد ..والصنيدق ..صنيدق العجب ..يغمره الماء ..يحمله إلى مصبه األخير ..إلى مطافه األخير ..إلى مثواه األخير ..ونحن كما قالت المرأة العجوز ،قبل أن تذوي الشوافة وتقول ،نائمين على جنب الراحة ..ويا صندوق ما دخلك غاشي وهو ماشي..
***
وبعد هذا الدخول والخروج من وإلى الشبوق ،كان الوزير الكبير ،شحال هذه ،عبيبس ،قد كلف نفسه مشقة ترأس لجنة وطنية إلصالح أنظمة التقاعد ،فأسند مهمة دراسة هذه األنظمة المتآكلة إلى لجنة تقنية ،وهي اللجنة التي لم تنجح في إيجاد صيغة نهائية لتقريرها األولي المرفوع (إلى أين؟) ..اللجنة التقنية تتكلم لغة األرقام المجردة في صياغة الحلول ،فيما تضغط المركزيات النقابية ،وهذا دورها الطبيعي ،في اتجاه تبني المقاربة االجتماعية في أي إصالح.. وهاك على جر لي أقطع لك حتى تطلع السوطة (الحكومية) على باب األحباب ،ويكون الوادي قد نشف ..ونشف الريق ..وبقي عمي البريق ..المتقاعد زعماً ..على باب اهلل يزدرد البلبولة...
***
وما كادت ماما فرنسا تنتهي من (إصالح) نظام معاشاتها، حتى قفز إلى فوق شجرة حكومة الربيع رجل قليل اللحية كثير «قلة الحيا» ثم أخذ ينزع ما تبقى من أوراق التوت لستر العورات وخرج على المنخرطين في صندوق التقاعد عارياً يزدرد حلوى الرضا بالهم الذي لم يرض بنا.. قالت سيدة فاضلة على باب التقاعد :سر يا بنكيران عفى اهلل عما سلف ...ولم نسمع من يرد عليها آآآآآمييييين.
-نلتقي!
www.achamal.com ت�صدر عن مطبعة جريدة طنجة المدير المسؤول :
عبد احلــق بخــات رئيس التحرير :
محمد العطالتي
عبد الإلـه املـوي�سـي
atlati.mohammed@gmail.com اعتادت اإلذاعات والقنوات التلفزية العالمية، بمشاربها وألوانهـــا «التحريريـــة» ،على امتداد التاريخ ،منذ ظهـور هــذا الجهــاز الذي سميَ تلفزيونا ،ن ْق َل صو ِر الحُروب والنزاعات التي تنشب بين الجماعات البشرية في العالم ،لكن مُراجعة أرشيف التاريخ الحربي ،ال يُسعف الباحث في العثور على صُور بمثل بشاعة أو فضاعة ما تنقله قنوات ٍ العالم في هذا العصر المليء بالحروب.
«تميم بن داعش البئيس» ،لم ْ تكتــفِ بإعالن والئـــها للجـماعات اإلسالمية المقرفة والمخزية عبر العالم ،بل «طوَّرت» اجتهاداتها في الموضوع نحو ما هـــو أ ْفضع وأ ْلعــن ،فقد صارت ت َقدِّمُ جماعاتٍ وحشية ،اعتادت تناول «أطباق الرؤوس جيوش حرَّة تمارس البشرية» ،على أنها مجردُ ِ حق ا ُلعارضة في مواجهة نظام سياسي قائم على العُنف واالستبداد.!
الصـــــوَرُ المرتبـــطـــة بحـــروب الشـــرق العروبي ،وتلك الناقلة ألحداث ما يجري في الشرق األوسط من وقائــع ،يعجزُ المر ُء عن تصنيفها في دائرة من الدوائر الكارثية ،أهي حرب مثل الحروب التي الزمت تاريخ البشرية ؟ أم هي صنفٌ «حديث» من النزاعات المسلحة التي يختلط فيها الحابل بغير النابل ؟
تلفزيونات العالم المتحضر ،ذلك العالم الذي أبدع في التقنية والعلوم ،وبلغ المدارك العليا والدرجات السامية في إنتاج ما يخْدم اإلنسان، اعتادت إمتاع الناس ومُؤانستهم وشفاء غليلهم لالستمتاع بمباهج الحياة ،لكن تلك التلفزيونات، الموغلة في أدغال البيد وفيافي الصحاري القاحلة، اتخذت لنفسها نهــجا «تحريريـــا تجديديا»، نـهجا يعتمد في «أدبياته» إفطارا بالرؤوس المقطوعة وعشا ًء بالقلوب المجْدوعة ،وصارت تعُدُّ تقديمَ الجماعــاتٍ اإلرهابيةٍ،آكلةِ األعضاء البشرية ،على شاشاتها جزءاً من «نضـالها اإلعالمـــي» ،فهي ،بحسب منهاجهــا غيـــر النبـــوي ،مجــــردُ «جماعاتٍ مسلحة».
الحروب التي اعتــاد النـــاسُ سمــاعَ َ أخبارها ومعاينة صو ِرهــا ومشاهدِهــا ،على ْ مـــرّ عصور التاريخ البشري ،لم تسجــل جرائم بمثل وَحشِيةِ تلك الجرائم ُ التي تؤثـــث النزاعـــات اللصيقــة بــ «الشرق األوســط اإلسالمي»، جرائم ومجازر أبطا ُلها َّ مُسلحون، يحملون جالبيــــب فضفاضـــة وأسمـــاء مُفزعـــة تنتمـــي لقواميس ومعاجــم العصــور السحيقة وتنال الدرجة العليا من الترويع واإلرهاب. المجــازر ،الــتـــي يجـــوز أن توصفَ بنعـــوتٍ أســـو َء مـــن لفـــظ «اإلرهــاب» ،يتعرض لها النـــاس في مواطنهم على يد جماعاتٍ َّ حلت ببلدان ابتُلِيَتْ بوباء «الداعشية» المُعاصر ،وأتت من كل فجٍّ سحيق للقيام بـ»فريضة الجهاد» وباسم إعالء كلمة اإلسالم ،وكأن اإلسالم ،الذي «نزل رحمة وهدىً للنــاس» ،أضْحـى في حاجــة القتــراف معتنقيه جرائمَ تفوقُ فضاعتُها و«حيوانيتُها» نُسب للزعيم النازي هتلر. ما ِ خالل الحرب الكونية الثانـية ،بلـــغ «حقد» األمريكان على البشرية حداَّ دفـــع بهم إللقــــاء قنبلتين ذريتين على مدينتين آهلتين بالسكان اآلمنين المطمئنين ،وكانت فاجعة يندى لها جبين البشرية ،لكن «جزيرة قطر» ،العاملة بتقاليد نظام
لقــد ،تغــاضـــى عُربان الخليج المتخلفون عن جرائم حرب حقيقية ارتكبتها جيوش األمريكـــان في حق شعــوب بكاملها ،كما غضوا الطرف عن جرائــم تقتـــرف ضـد حقــوق اإلنسان في بالد يحكمهــا أفراد ينتمون لعصـــر القرون المظلمــة، لكنهم ال يكفون عن نعت أعمال الجيش السوري بصفة اإلجرام وهو يعيد مدناً ،كحلب أو كالرقة ،إلى سابق عهدها ،وينتشلها من براثن الجاهلية ومخالب الجهل. لقد كانت الجماعات اإلرهابية ،صنيعة العربان القذرين وبمباركة من األمريكان األمبرياليين ،من أجل صناعة عالم يخدم مصلحة النهج االمبريالي، لكنها ،رغم كل الدعم الذي حازته ،ورغم األكاذيب المختلقة باسم الدين ،لم تلق سوى السراب، وانتهت شيئا فشيئا حتى تحولت إلى رماد ال يغني وال يسمن من جوع .ففي النهاية ،تموت األساطير والخزعبالت وال يدوم إال ما ينتجه العقل السليم من وباء األساطير.
الطعن في انتخاب مكتب جهة طنجة ـ تطوان ـ الحسيمة تنص الفقرة الخامسة من المادة 19من القانون التنظيمي 111.14المتعلق بالجهات على أنه « يتعين العمل على أن تتضمن الئحة ترشيحات نواب الرئيس عددا من المترشحات ال يقل عن ثلث نواب الرئيس» ،غير أن عملية انتخاب المكتب الجديد لمجلس جهة طنجة تطوان الحسيمة التي جرت األسبوع الماضي خالفت هذا المقتضى القانوني الواضح ،حيث امتنع حزب العدالة والتنمية عن االمتثال له ولم تتضمن ،تبعا لذلك ،الئحة ترشيحاته لشغل مناصب النيابة عن الرئيس ثلثا من النساء كما هو مفروض قانونا. و كنتيجة لهذه المخالفــة الصريحة لمقتضيات القانون العام المؤسس على قاعدة المناصفة بين الرجل والمرأة المنصوص عليه في الدستور المغربي ،فإن عددا من الفاعلين السياسيين والحقوقيين يتوقعون تفعيل مسطرة الطعن في نتائج انتخاب مكتب الجهة أمام القضاء المختص ،وهو في هذه الحالة المحكمة الدستورية .
هيئة التحرير :
عبد اللطيف �شهبون زبيـدة الورياغلـي �أ�سامـة الزكــاري ر�ضوان احدادو هدى املجاطـي محمد العطـالتي محمد �إمغــران محمد �سـدحــي عبد احلـي مفتـاح م�صطفى ال�سباعي اإلدارة واإلشهار والعالقات العامة :
محمد طارق بخات اإلخراج والتصفيف:
«جريدة ال�شمال» عنوان التحرير والمراسالت والتسويق واإلشهار :
7مـكـــرر ،زنقـة عمــر بــن عبد العزيز ـ طنجــة ـ الهاتــف : 05.39.94.30.08 06.22.45.30.67 الفاكــ�س : 05.39.94.57.09 الربيد الإلكرتوين : info@achamal.com achamal2000 @gmail.com سحب من هذا العدد :
� 10آالف ن�سخــة التوزيع:
�سبـريــ�س Sapress الإيداع القانوين99/10 : ر.د.م.ك:
I.S.S.N : 1114-1832
العدد 1018
درد
شة
م�صطفى حجاج
3
الثالثـاء � 05إلى 11نـوفمرب 2019
دردشة بسوق أحد الغربيةَّ ، تحلق حولي مجموعة من الصّبية ،يُلوّحون بألواحُ ،كتبت عليها آيات بينات من الذكر الحكيم ،ويتوسلون إليّ أن أمنحهم (التحريرة). والتحريرة في عُرف (مْحاضرة المسيد) هي تقديم دريهمات لفقيههم الذي يُح ّفظهم القرآن، ليمنحهم عطلة يوم أو نصف يوم ،حسب مقدار األعطية وقيمتها. وتهافتُهم هذا على (التحريرة) عاد بي إلي المسيد الذي يشرف علي الزاوية الريسونية ،والذي كان يحمل اسم الفقيه الصروخ رحمه اهلل .ففي هذا ُ الكتَّاب حفظتُ القرآن الكريم على الفقيه السيد عبد السالم بن حمزة ،طيب اهلل ذكره. ُ والكتَّاب المذكور الزال رابضا أمام باب سيدي على بن ريسون ،وطوله حوالي ستة أمتار، وعرضه متران أو ثالثة أمتار تقريبا ،وله نافذة تشرف على الطريق .وفي زاوية من زواياه ،يوجد حوض صغير ،نمحو به ألواحنا كل صباح .وفي الزاوية األخرى ،يتربع فقيهنا على مصطبة ،وبيده قضبان يهش بها على الغشاشين والمشاكسين. وكانت أسعد أيامنا ،يوم يغشى ُكتابنا محسن ،فيتصدق على فقيهنا ،ويلتمس منه أن يحررنا، أي يمنحنا عطلة نصف يوم ،أو يعفينا مما بقي من حصة المساء ،مقابل الدعاء له بالتوفيق والصالح. لهفتنا على هذه (التحريرة) كانت نفس اللهفة التي قرأتُها في عيون صبيان أحد الغربية .إال أن الفرق ،أننا لم نكن نسعى إلى التحريرة ،وإنما كانت هي التي تسعى إليناَ ،فتُرَوّح عنا ،وتمنحنا اللذة والمتاع. كان هذا في بداية الخمسينات .أما اليوم ،فإن الفضول يدعوني الكتشاف مسيدي واستنطاقه، والوقوف على أدق تفاصيله .غير أني كلما ترددت على الزاوية الريسونية لحضور (تفريق) ،أو الترحم على قريب أو صديق ،وجدتُ بابه موصدة .وال أدري ما الدور الذي أُسند إليه في عهدٍ غدا فيه القرآن غريباً. أال رحم اهلل أيام زمان ،وكتاتيبَ زمان.
حلقت الروح مطمئنة إلى بارئها، وربما بقي في نفسه شيء من حتى... عبد الحي مفتاح�إلى فقيدنا الغايل الدكتور حممد مفتاح
محمد مفتاح : استعادات.. عبد اللطيف �شهبون
abdelchahboun@hotmail.com
فارقنا في اآلونة األخيرة أخونا العزيز سيدي محمد مفتاح ؛ مفتاح علوم وخيرات ،وعمود مجادة أخالقية ؛ ما شوهد إال في منازل نقاء ..صاحب إمتاع ومؤانسة في مشاركاته العلمية وبالغاته التوجيهية ..آية في سالمة باطنه ،نبراس في حياء ظاهره ،مالك لجنة معارف ؛ أغنته عن بريق زخارف.. تلتمع في ذاكرتي اآلن جملة من صور سفره في هذه الفانية : أ ـ صورة تلميــذ شفشاونــي ،درس السلـك األول بثانويـة المشيشي ثم التحق بثانوية القاضي عياض بتطوان ليحصل منها على شهادة الباكالوريا في متم السنة الدراسية 1964ـ 1965؛ وهو أصغر أقرانه ؛ مما دل على نباهة وفطنة مبكرتين.. ب ـ صورة الطالب الجامعي المنكب على التحصيل بآداب فاس، المحظوظ بأبوة علمية ألستاذ األجيال المرحوم سيدي عبد السالم الهراس ؛ صاحب الفضل في توجيهه وتوجيهنا للعناية بالتراث اللغوي واألدبي والعلمي لألندلس وترجمة قراءات المستعربين ..وكان منزل أستاذنا سيدي عبد السالم الهراس رحمه اهلل محجا للطلبة الوافدين على فاس من حواضر وبوادي الشمال أساسا ؛ وعلى رأسهم فقيدنا العزيزسيدي محمد مفتاح. ج ـ صورة األستاذ المتمكن من علوم اللسان ،صاحب الروايات والدرايات ،الجامع لمناقــب من أخــذ عنهــم ،البارع في إبالغه التدريسـي بثانوية الشريـف االدريســي مفتتـــح السنــة الدراسية 1969ـ 1970وبعد ذلك بثانويــات القطــر الجزائري الشقيق، فقاعات الدرس بآداب فاس وتطوان.. د ـ صورة الباحث الدارس المتقن المحقق ؛ الذي ما ترك مسودة أو مبيضة اال كانت في أنهى درجات االستيفاء ،ذو السبق في اكتشاف أعالق أندلسية حتى صار شيخها وفتاها ،ومجلي ذخائرها كلما أتاها ،متعلقا بدررها ،متألقا في لمعها ،عارفا بأسرارها ،بارعا في أعالمها .. كان رحمه اهلل ملجأ وعدة لمن قصده ،وكانت أعماله التحقيقية خالصة خبرة ؛ قوامها اهتمام بأمهات األصول واستمداد من ضوابط علم التحقيق ؛ بما يفرضه من : دراية بالمادة آتقان آلليات قراءتها جمع لنسخها اختيار لألوثق منها توحيد استنساخها بنمط كتابي معاصر
أحس محمد بعياء غريب دون سابق إنذار ،لم يكن من قبل يشكو من أي شيء ،وهو المتعود على الحركة كالنحلة ،لذلك هذا العياء الذي أخذ يهده أقلقه .هل هي عالمات الشيخوخة أم أن وراء األمر أموراً أخرى خفية ال يعرفها إال الخالق...؟. كان محمد وهو ابن مدشـــر صغيـر يقطع المسافات الطويلة مع أبيه لاللتحاق بالمدرسة ،سواء زأرت الرياح أم بكت األمطار ،استعرت الشمس أم اشتد القر .ورغم تعب الطريق كان حبه ألبيه يزداد ألنه يحس أنه عزيز على أبيه و يعده القتحام عالم جميل يبدأ بعالمات نسجت من حروف وأرقام ،والينتهي بما يسعه من أنوار ال شطآن لها... بتلك القرية التي كانــت مركــزا استعماريا بقبيلة األخماس، والتي ال زالت تحتفظ لحــد اآلن ببقايا ورواسب اإلسبان ،انتعش ريشه النابت الذي مع كل خطوة كان يتكثــف ويتكاثف ليحلق في مدارج اآلفاق. كان أبو محمد الفقيه محمد بن محمد الذي تربى في أسرة بسيطة ،قد اكتوى من قبل بحرقة العلم ،وبقي في نفسه شيء من حتى ،لعدم قدرة أسرته على التحمل المادي لتلبية رغبته الجامحة في االنتقال إلى القرويين بفاس ،وقد اكتفى لذلك بالدراسة في مدارس دينية على يد مشايخ المنطقة الذين ال يقلون علما وتفقها ،وذكاء وفطنة عن غيرهم وأشهرهم الفقيه «المصري». كان القدر على موعد مع محمد «الصغير» في المدرسة العصرية ليكمل مالم يسعف أباه الفقيه محمد قطفه ،حيث في هذه المدرسة تربى وتعلم؛ فمن قرية باب تازة حلق مع أسرته إلى شفشاون التي أقامت بها وال زالت ،ثم ذهبت به السبل بشكل شبه لولبي بين هذه األخيرة وتطوان عاصمة الشمال الثقافية و فاس العاصمة العلمية ،كما مر من الجزائر بلد الشيخ عبدالقادر ومن إسبانيا اإلسكوريال... لم يكن الحب فقط هو ما يجسد العالقة بين األب الفقيه محمد بن محمد وابنه محمد ،بل كان اإلعجاب المتبادل والتواطؤ على استمرارية الفقيه في التلميذ والطالب والباحث الحديث ،وانعكاس
ثقافة االنفتاح دون ميوعة في الفقيه الذي بقدر ماكان يحرص على حفظ أبنائه للقرآن كان اليشتد في إقبالهم على الجديد الممهور بالتربية الوطنية وحب الوطن. لم يكتب لألب الفقيه محمد بن محمد دفين شفشاون الذي بعد باب تازة والشرافات حط الرحال بالريف وتقاعد بشفشاون ،أن يرى محمد ابنه البكر بعد عودته من الجزائر التي درس بها العربية الذي كادت أن تمحوها لغة االستعمار ،يكمل مساره الدراسي واألكاديمي ما بعد اإلجازة ويصبح هو نفسه واحدا من هيئة التدريس بكلية اآلداب بفاس ،وهو الذي كان يحثه دائما على عدم التوقف ويشجعه على استكمال طريق المسافات البعيدة. كان لرحيل األب المبكر وقع حزين على محمد ،ال لثقل المسؤولية التي ورثها عنه من أجل قيادة أسرة كبيرة أحد جناحيها طري العود، بل كذلك ألن محمدا كان يأمل أن يقتسم مع الراحل أبيه نشوة الفرح بتخطي الحواجز في سباق المسافات الطويلة بعد عرق السهر وسفر و ترحال في شمس وقمر وليل الكلم وعون الشيوخ؛ وعلى رأسهم المرحوم الدكتورعبدالسالم. والمعجب أن محمدا البكر رغم كل ما عاناه في طريقه الشاق العسير ،استعر من نار المعاناة هاته حبه لعلم العربية وآدابها ،خاصة أندلسيها ،الذي أصبح عالمة ملتصقة بشخصه كلكنته الجبلية ،ولم يواز هذا الحب الذي عال وارتقى إال كرمه المعرفي واإلنساني الذي تحدث به القاصي قبل الداني ،والذي كان عنوانا على طبيعته البدوية، وأثرا من أثار جود أمه ،رحمها اهلل ،الذي كان أثيرا عندها كما عند األب، والتي لم تكن تأخذ بيد إال لتعطي بأخرى. ذوى جسد محمد بصمت كصمت أبيه محمد بن محمد ،لكن ذاكرته ظلت متوقدة ،وبسمته رقراقة وعزة نفسه عالية وهو محاط بالكتب واألحباء واألصدقاء األوفياء الكثر ،ثم انطفأ بسرعة الخيال جسد محمد فأذهلنا وبكينا ،وربما بقي في نفسه شيء من حتى ،...لكن روحه حلقت ،والكل يمهرها بدعواته الرقيقة الصادقة ،مطمئنة إلى بارئها وذكراه ستظل زكية ندية في قلوبنا ما حيينا.
تنظيم وضبط لمضامينها تكشيف وفهرسة لمكوناتها تقديم لبيانات بيوغرافية لمؤلفها تعريف بسياقاتها العامة توضيح لخطوات تحقيقها وغير ذلك..مما يتعين االلتزام به من فروض التحقيق ونوافله.. وأما دروسه ومشاركاته العلمية في ملتقيات ودورات فكانت بمثابة قنوات لتخريج عدد كبير من الطلبة وتسليحهم بما ينفع .. وبعد، فقد حظيت بصحبة سيدي محمد مفتاح رحمه اهلل عمرا ناهز خمسة عقود ..كان مألفي ومقصدي ،وبفقدانه فقدت رسما من رسوم خيرات . نحمدك يا أهلل نحمدك يا واهب الحيوات .. نحمدك يا مالك أسرار األرواح.. نحمدك يا أهلل ،ونؤمن بأن ال بد من يوم ترد فيه ودائعك نحمدك على آالئك ،ونشكرك على نعمائك رحم اهلل أخانا سيدي محمد مفتاح الذي مات ،وما ماتت مكارمه ..نسأل اهلل أن يلهم ذويه ومحبيه صبرا جميال . إنا هلل وإنا إليه راجعون
الشمال الفني
4
ح و ا ر
مع
إشراف الفنان يوسف سعدون
العدد 1018ـ الثالثاء 05إلى 11نوفمبر 2019
الإعالمية
رجاء قيباش معدة برنامج «لنتفهم أبناءنا»
رجاء قيباش من إعالميات الجيل الجديد بالمشهد السمعي البصري المغربي المعاصر ،تعد وتقدم برنامجا تربويا اجتماعيا تسعى من خالله إلى تحقيق اندماج فعال في المحيط المجتمعي المغربي عبر مساءلة السلوكات المجتمعية العامة يقوم على أساس المقاربات العلمية المندمجة. وتأتي أهمية برنامج «لنتفهم أبناءنا» في كونه يفسح مجاال عموميا لمطارحة القضايا التربوية وإلعطاء دور حركي للفاعلين التربويين لإلجابة عن انتظارات المغاربة في ما يتعلق بالصعوبات التي تعترض مساراتهم في توجيه أبنائهم،التقت بها «الشمال» وأجرت معها الحوار التالي :
أجرى الحوار عبد اإلله المويسي من أين انبثقت فكرة السلسلة وما موضوعها ؟ بداية تحية طيبة مع عميق التقدير والشكر الجزيل لمنبركم على االهتمام والحرص على متابعة كل ما يهم الحقل األدبي والثقافي ونقله بكل موضوعية وصفاء للرأي العام والمهتمين . أطفالنا هم امتداداتنا ،حينما نتحسس نجاحاتهم تضحك كل األشياء من حولنا ،يتدفق حبنا لهم بشغف دون حدود فنحن بحاجة إلى فرصة لنتقرب أكثر من ذواتنا ومن أطفالنا ،نتخطى بمواضيعه هوة األجيال ،نشق طريقا جديدا نحو االستمتاع بسعادتهم ،نسعى بمواضيعه االجتماعية والتربوية إلى ضخ دماء جديدة في أسرنا . برنامج «لنتفهم أبناءنا» جسر تواصل متين بيننا نحن كفاعلين بالحقل التربوي وبين المستمعين ،سنشيده سويا بكل حب وعزيمة ورغبة في التغيير لنجتاز الصعوبات التي نعاني منها ونحن نشعر أن مياه نهر التواصل بيننا وبين فلذات أكبادنا تسير إلى الخلف .سنبحث سويا على جناحين جديدين لن تكسرهما عواصف التحديات التي نواجهها خالل مراحل نمو أبنائنا ،هو أنفاس الطبيعة الصادقة التي ستساعدنا وتساعدهم على استنشاق عبق أحالمنا وأحالمهم ،حتى لو كانت هذه األحالم صعبة وعنيدة فنحن وأنتم لن نتنازل عن تحقيقها ،برنامج إذاعي تتابعونه كل يوم إثنين وخميس مباشرة على أثير إذاعة Médina FM من 22H00إلى 23H30من إعداد وتقديم رجاء قيباش ،يتناول موضوع التعامل مع أبنائنا ومواكبة كل محطات رحلتهم العمرية بشكل سليم والحرص على تفادي الصعوبات التي توسع الهوة بين الطفل وأسرته بشكل خاص ومحيطه الخارجي بشكل عام، األمر الذي صار يشغل تفكيركل شرائح المجتمع، وهو ملف مثير للجدل بكل ما يتع ّلق بنظرياته، وماهيته ،والتغيــرات التي ُ تحكمـــه ،وخصوصـــا أهم عناصر النمو الجسدي والنفسي والذهني واالجتماعي ...والتي تحدد سالمة صحة الطفل في كل مراحله العمرية .تعنى مواضيعه بشكل مباشر بالنضج الجنسي ،العقلي واالجتماعي ،والخروج تدريجيا من جسم الطفل خالل مختلف مراحله العمرية مع تطور فكري سليم وشعور باالستقاللية وكيان منفصل عن األسرة مع ضمان اندماج سلس داخل المجتمع ،حيث تتسبب في حدوث عدد من المتغيرات تُؤثر في سلوكياته ونمط حياته . مما ال شك فيه أن األطفال في مراحل نموّهم الجسدي المختلفة يعيشون عدّة تغيّرات فيسيولوجيّة ونفسيّة ،ولكن المجتمع يلتفت عاد ًة إلى المادة ،في كل رحلة يكتسب فيها الطفل نموّاً ماديّاً يكتسب أيضاً نموّاً هذا الحين ومع ّ نفسياً.. لقاؤنا عبر األثير فرصة للتقرب أكثر من أنفسنا ومن أطفالنا والمحافظة على صحتهم النفسية بالموازاة مع صحتهم الجسدية ،فنحن ال نسعى إلى تقريب علمي أو عالج طبي للصعوبات التي يعيشونها خالل فترة نموهم النفسي والجسدي بقدر ما نهدف إلى ضخ دماء جديدية في أسرنا باعتبارها اللبنة األساسية في بناء المجتمع مع الحرص على االلتزام بقواعد التربية اإليجابية وتقبل سلوكات أبنائنا بصدر رحب لمساعدتهم على مواجهة التغيرات المجتمعية وزرع الثقة في ذواتهم وتزويدهم بطاقة إيجابية لالندماج بسالسة داخل المجتمع وعناق أحالمهم بكل ثقة في غد أفضل .
من هي رجاء قيباش ؟
أفضل وسيلة يعرف بها المبدع نفسه هي أعماله ،سيكون السؤال أعمق إذا قلنا ماذا قدمت رجاء قيباش لآلخر ؟ رجاء قيباش امرأة عاشقة للحياة ،تؤمن بأن األنثى وطن والوطن يليق به الحب ،مواطنة مغربية قررت أن تكون لها بصمة ناعمة في المجال األدبي واإلعالمي بكل إصرارو رغبة في غد أفضل، تؤمن أن المواطنة بمفهومها الشامل تحيل على ثالثة مبادئ أساسية: االنتماء للوطن ،حبه بإخالص وخدمته في كافة األوقات واألحيان .فتجسيد هذه المبادئ على أرض الواقع وتحقيق طفرة التغيير النوعية لهذا الوطن تقتضي منا جميعا وخاصة الشباب أن تكون مواطنتنا مبدعة ،بمعنى أن تكون لكل شابة وشاب بصمة مواطنة خاصة ومتفردة في انتمائه وخدمته لوطنه وهذه البصمة تجعل منه مبدعا في إبراز مقومات شخصية عطاؤها ال حدود له .
الثقافي والسياسي واالجتماعي وبالتالي المناخ االنساني بشكل عام ،مما يلزمنا التوفر على رؤية مستقبلية واضحة المالمح نخطط لها بشكل عقالني وفعال، نستطيع أن نجيب على أسئلة متعددة ،أين أنا ؟ما هو هدفي في الحياة ؟ كيف ومتى سأحققه؟ بمعنى أن نتحسس أثناء ممارستنا لدورنا اإلجتماعي أهمية استشعار الحس اإلبداعي لدى طالبنا بعيدا عن منطق الحشو والتلقين في اتجاه تعلم ذاتي يرافقنا مدى الحياة لنضمن قدرة مواكبة االنفجار التكنولوجي والفكري الذي يعرفه العالم اآلن . نحن نتحدث عن مواطن مبتكر ،متميز ،متشبع بقيم المواطنة والسلوك المدني ،قادر على التواصل اإليجابي مع اآلخر ،مواطن مبدع بكل ما تحمله الكلمة من مسؤولية وشموخ وعنفوان . نحن شباب اليوم نساء ورجال هذا الوطن هدفنا األسمى أن نعيش ال أن نتنفس فقط . رجاء قيباش كاتبة ،شاعرة ،إعالمية ،كوتش أسري وتربوي ،مدربة معتمدة في التنمية الذاتية ،باحثة في علم اإلجتماع .
كيف كانت بداياتــك في المجــال اإلعالمي ماهو أهم حدث طبع مشوارك في اإلذاعة ؟
الوطن كلمة حينما نبصرها بعيون القلب نستشعر عمقها ونرتشف معانيها ،،الواو وضوح ،الطاء طموح والنون نية ،أي نية تحقيق الطموح بكل وضوح ،النية المقترنة بالعمل ،أن ندخل في نقاش مع ذواتنا ،أن نتوفر على رؤية واضحة لوضعنا ودورنا داخل المجتمع ،أن نتمتع بصفة المواطن التي تتحدد بموجبها عدة أمور أهمها الحقوق والواجبات ،نفيد ونستفيد ليشعر كل فرد أنه هو وال أحد سواه . ليس الهدف تغيير اآلخرين بل نقطة االنطالق نحو التغيير هي التصالح مع الذات من جهة واالندماج الفعال داخل المحيط المجتمعي من جهة أخرى ،أي أن تكون لكل فاعل مجتمعي بصمة إبداعية خاصة في خدمة ذاته واآلخر وبالتالي المضي قدما نحو مستقبل مزهر بعيدا عن التحديات السلوكية والسلوكات غير الصحية التي نواكبها في كل المجاالت والتي تؤدي إلى ظواهر اجتماعية تستحق حوارا مجتمعيا جادا وتؤرق الفاعلين التربويين والتي تلوث العقول وتلوث المناخ
البدايات وشمها عميق في الذاكرة ،كنت أطل على المستمعين من خالل نافذة الشعر ،نستنشق سويا عبق الحرف ونسبح في عوالم الجمال واإلبداع من خالل قصائدي وأنا أحل ضيفة ببرامج عدة في هذا المجال بين إذاعة مكناس الجهوية وإذاعة فاس الجهوية وإذاعة ميدينا افم كذلك ،بالموازاة كنت أكتب مقاالت في المجال التربوي واألسري وأنشرها بمنابر إعالمية إلكترونية وورقية داخل وخارج المغرب ،وأقوم بدورات تدريبية ومحاضرات في مجال الكوتشينغ األسري والتربوي ،تلقيت بعدها دعوات ألحل كضيفة ببرامج أسرية مباشرة عبر األثير نناقش من خاللها كل ما يتعلق باألسرة المغربية التي تعتبر الخلية األولى واألساس داخل كيان أي مجتمع ،نظرا لما تقوم به من أدوار صعبة ،تتمثل في نقل وترسيخ القيم ،فهي الحضن الذي يتشرب فيه الفرد القيم األساسية، والتي عن طريقها يرتبط ويتشكل كيانه وتتبلور شخصيته وتطبعه بمميزات تستمر معه مدى الحياة ،باختصارهي الحَجرُ األساسُ في تكوين المجتمعاتِ ونشأتها ،لكننا صرنا نالحظ أن تفشي مظاهر التغير االجتماعي في غياب التأطير األسري والجهل بقواعد التربية اإليجابية صار يؤثر سلبا على العالقات األسرية من جهة وعلى تربية األبناء من جهة أخرى وظهور سلوكات غير صحية تلوث المناخ المجتمعي ،نسلط الضوء على تصرفات اآلباء واألمهات وهم الحريصون على إكساب أبنائهم مناع ًة أخالقية تحميهم من آفات االنفتاح العشوائي على ثقافات العالم إذا ما وجدوا صعوبة في تمرير خالصات تجاربهم الحياتية إلى أبنائهم وبالتالي يواجهون تحديات سلوكية حولت تربية األبناء من هناء ومتعة إلى صراع وشقاء ،من خيوط الثقة والمحبة نسجت عالقة وجدانية متينة وصادقة مع المستمعين ،كنت أقول دوما: «ما يحدد نجاحنا ليس» ما نرغب في الحصول عليه والتمتع به» ،ولكن «األلم الذي يمكننا تحمله في رحلة كفاحنا من أجل تحقيقه» ،األمر الذي يتطلب منا االنصهار مع ذواتنا ،أن نستنشق عبق نقاء الطبيعة من حولنا ،نصر على تحقيق
(البقية ص)5
الشمال الفني
العدد 1018
الثالثـاء � 07إلى 11نـوفمرب 2019
5
فـنـــي» «بيـــان بيــان فـنـي » «
إعداد :يوسف سعدون
بيان فني ،هو سلسلة لقاءات تدشنها الشمال مع مجموعة من المبدعين ،يقدم عبرها الضيوف تجاربهم الفنية وانشغاالتهم ومواقفهم ،وهو غير ملزم ألي جهة.. بيان هذا العدد توقعه الفنانة التشكيلية �سمرية �أيت املعلم
(تتمة ص)4 أحالمنا حتى لو كانت صعبة وعنيدة وأال نتنازل عن الوصول إليها ما دمنا على يقين أنها حق من حقوقنا ،أن نؤمن أن المستحيل سيظل مجرد وجهة نظر .ففي الحقيقة السؤال عن السعادة والمتعة سؤال سهل في متناول الكل باختالف فئتهم العمرية أو حتى انتمائهم االجتماعي ،لكن السؤال األصعب هو السؤال عن األلم ،ما هو األلم الذي يمكنك تحمله ومكابدته في حياتك لتحقيق أهدافك ؟ السعادة التي يطمح إليها كل منا ال نجد لها وجودا حقيقيا ،فلو سألنا اإلنسان عن مفهوم السعادة لن نجد على األرجح جوابا مقنعا . مهم جدا لتحقيق ما نرغب فيه أن نعيش «التوازن» بين ما نرغب فيه وبين ما يوجد من حولنا ،بين قدراتنا وأهدافنا في الحياة ،أي أن نعي مليا الجواب على سؤال « ماذا تريد الحياة منا ؟ » . أغلبيتنا يضع هدفا ويركض عمرا بأكمله من أجل الوصول إليـــه ونسعـى جاهدين لتحقيقه وننسى أنفسنــا وصحتنا وواجباتنا تجاه من هم بحاجة إلى اهتمامنا ورعايتنا، فنفاجأ في النهاية بغربة مع ذواتنا لتكبر المسافة بيننا وبين أنفسنا ويسقطنا في هوة قلق نفسي يدمر حياتنا ويقربنا أكثر من التدمر والخوف من المستقبل . في الواقـــع ،الحد الفاصل بين الشعـــور بالتعاسة أو السعادة هو إيجاد إجابة واضحة وصريحة عن أسئلة تؤرق كل فرد يطمح إلى االندماج بشكل سليم داخل مجتمعه ،ماذا تريد من الحياة ؟ ما الذي تريد الكفاح من أجل الوصول إليه ؟ ما األلم الذي أنت مستعد للشعور به من أجل تحقيق أحالمك ؟ وحدها تلك األسئلة هي التي تحدد مدى قدرتنا على تغيير نمط حياتنا أو باألحرى تحديد مصير مستقبلنا . و علينا أال ننسى أن لدينا القدرة الكافية لتحويل فشلنا إلى كون من غبار ال مالمح له في مشهد ال يراه إال من يؤمن بحقه في تحقيق أحالمه . فمهما أخطأنا ونحن نصوب نحو القمر، سنصيب النجوم ،فالسعادة مفهوم نسبي نحلم به ونمثله على مسرح الحياة ».
ما هـو التيـــار اإلعالمــي الذي تنتمين إليه ؟ االختالف سنة كونية من سنن المولى عز وجل بداية من اختالف الليل والنهار والفصول األربعة واختالف ألوان البشر واختالف الطبيعة من بلد إلى آخر ،فاألجيال تختلف في الثقافة والفهم ليكمل كل جيل ما بدأه سابقه ي ّقوم السلبيات وينمي اإليجابيات ،قد نختلف في مذاهبنا الدينية وفي قناعاتنا ومعتقداتنا لكن دون تعصب ،نختلف في التفاصيل التي جاز االختالف فيها ونتعامل معها بأسلوب الحوار واإلصغاء دون المساس بقواعد حرية االختيار وتحقيق الذات ،فنعيش عمليات اجتماعية يتحقق عن طريقها تغير في المجتمع بأكمله أي نظمه اإلجتماعية كنظامـــه السياسي واالقتصادي واألسري وذلك نتيجــة عوامــل اقتصادية وسياسية وثقافية ،فهــو يمس جوانب الحياة سواء كانت مادية أو معنوية كما يرتبط بالتحضر والتنمية والنمو والتقدم والتكنولوجيا ويؤثر بشكل ملموس في التنشئة االجتماعية وبالتالي في أسلوب حياة
األفراد .يمكننا أن نسقط الفكرة كذلك على اختالف التيارات اإلعالمية التي أعتبرها ظاهرة صحية ما دامت في خدمة الصالح العام . رجاء قيباش تنتمـي الى التيار االعالمي الواقعي تحكمه اإلنسانية ومبــدأ الحفـــاظ على حق الحياة للجميع الذي ينطلق من واقع ملموس بحثا عن مستقبل منشود بمالمح األمان والسالم للفرد والمجتمع على حد سواء .
حضـــور المحتــوى التربـــوي االجتماعــي في المجـــال السمعــي البصري غير كاف بالنظر إلى القضايا المستجدة في هذا المجــال .كيــف تنظرين إلى اهتمام هذا المجال بما هو تربوي.؟ ما هي تقديراتك لحضور اإلذاعة المسموعــة في مجال االستهـــالك اإلعالمي العمومي؟ هل ستبقــى اإلذاعـة وسيلــة إعالمية قادرة على الحيــاة ،وهــل سيظــل لها دور في عصر وسائــط التواصل االجتماعي ،ام انــها في طريقها الى التراجع واالندثار؟. هذا سؤال مثير للجدل بعد مرور أكثر من 100عام على أول بث إذاعي ،ال يزال لجهاز الراديو رونقه وأهميته ودوره كوسيلة إعالمية مهمة ،في أنحاء العالم كافة وبالرغم من توسع رقعة وسائط التواصل االجتماعي بين األفراد بعد انتشار الهواتف الذكية في معظم بقاع األرض ،ال يزال الراديو أكثر وسائل اإلعالم إتاحة للناس في سهولة ويسر وبأقل تكلفة.. ويستطيع مستمعو الراديو االستمــاع إليه وهم منهمكون في أداء عمل آخر ،على نقيض التليفزيون والصحف ،ووسائل التواصل االجتماعي .ولديه أيضا ميزة أخرى ،هي أن عدته الوحيــدة في التواصل هي الصـــوت البشري بما يحمله من لكنـــة مميزة لكل مذيع ،وما فيه من دفء ،وعاطفة ،وغضب، وألم ،وضحك أحيانا ،وما يطرأ عليه من تردد، وتوقف ،وبطء أو إسراع ،وعلو أو انخفاض في الصوت. كذلك حضور المحتوى التربوي في المجال السمعي صار قويا في ظل التغيرات المحورية التي تعيشها المنظومة التربوية في اآلونة األخيرة .
ما هو البرنامـــج الذي تتمنــيـن إنجـازه ؟ أحالمي في المجال اإلعالمي عنيدة لن أتنازل عن تحقيقها ،أتمنى أن أحظى بفرصة تقديم برنامج في مجال الشعر واألدب ،أمتطي رفقة المستمعين صهوة المجاز ونسافر بين جنون الحرف ولهيب المعاني ألن الشعر بالنسبة لي سيظل هو المنفى وهو الوطن .
كلمة أخيرة ؟
شكرا لكم على هذه الدردشة الدافئة وإلى فرصة قادمة بحول اهلل . كاتبة ،شاعرة ،إعالمية ،كوتش أسري وتربوي ،مدربة معتمدة في التنمية الذاتية، باحثة في علم االجتماع .
أنا الموقع أسفله: سميرة أيت المعلم ،فنانة تشكيلية ،من مواليد 19دجنبر 1973بمدينة أكادير ،كبرت في كنف أسرة صغيرة متواضعة، أخدت عن والدتي قيم المثابرة والتحدي والكفاح ،وعن والدي معنى الصبر والتسامح والتآلف فتشبعت من كليهما بثقافة التفرد والغنى .إرتبطت ارتباطا وثيقا بهذه المدينة التي سرى هواءها مسرى الدم في عروقي ووسم رملها جل أعمالي. المسار الفني : كانت أولى البدايات في مرحلة الدراسة اإلبتدائية ،الحدث ال يزال موشوما بذاكرتي حتى اآلن ،حين ُطلب مني المساهمة برسم من أجل تزيين جدران القسم ،لم أجرؤ حينها على رسم أي شيء ،فطلبت من والدي المساعدة ،فرسم منظرا طبيعيا استوحاه من لوحة جبصية دائرية كانت معلقة بالبيت. كانت فرحتي بالرسم عارمة فلم أشأ بعدها المساهمة به ضمن مجموعة القسم ،بل احتفظت به وأعدت رسمه مرارا وتكرارا ،إكتشفت حينها روعة التخطيط والرسم والتجسيد قبل التلوين والتزيين. هذا الفعل كان يشغل أناملي قبل تفكيري ،رسمت على السند المُتاح لي في ذلك الوقت وهو دفاتري الدراسية التي أثارت انتباه أساتذتي بمرحلة اإلعدادي فكان منهم كل التحفيز والتشجيع الختيار شعبة الفنون التشكيلية بثانوية الحسن الثاني بمراكش ،وكان من عائلتي الصغيرة كل الدعم والمساندة لمتابعة الدراسة. تواصل المشوار الفني والمهني بالتخرج من المركز التربوي الجهوي ومزاولة تدريس التربية التشكيلية تم الفنون التطبيقية بمدينة إنزكان منذ سنة .1994 إنخراطي المبكر في العمل الجمعـــوي أغنى مســاري في بداياته ،وأذكى في شغف البحث والتجريب المستمرين ،تطرقت من خاللهما لعدة مواضيع وتقنيات. هكذا كان ،بدأ المسار بأول معرض فردي سنة 1995وثق بأول حوار إذاعي لي على أمواج راديو إذاعة طنجة ،آنذاك توالت بعده عدة ورشات ،تكوينات ومعارض فردية وجماعية داخل وخارج أرض الوطن. المشروع الفني: عملي التشكيلي أحيك فيه الورق والحديد،و أمزج فيه اللون والرمل الذي أُعيد به تلك األجساد لطبيعتها «التراب» وأتقفى فيه أثر ذلك اإلنسان الذي انمحت أو استُؤصلت بعض من أشالئه بفعل الطمس والحجب .أدمج فيه مواد مختلفة قد ال تدمج أحيانا ،لكنها تتالقح كليا في تقنية الحبك على سند االشتغال ،الذي ال يسلم بدوره من التطويع .في رحلة اإلبحار بين الذات والمادة ،وفي كل مرة تشدني أركان المرسم وتحضنني ،استعدادا لوالدة جديدة ،أكون فيها المخاض ،أكون الوالد والمولود.
بناء اللوحة ال أراه من منظور بناء التركيب فقط ولكن أيضا من منظور بناء المعنى واإلحساس الذي أريد تبليغه ،ليتكامل بالتالي «الجسد والروح» لمناجاة الجسد الغابر في محاولة انتشاله من خلفيات فضاء اللوحة المتقلب. إرتبط بناء الحضارات ببناء اإلنسان أوال وقبل كل شئ ،ذلك لتتكامل كينونته وبعده اإلنساني ،فهو كائن بأمر اهلل ،وبناؤه واجب وحق مشروع ،ألنه محور كل تقدم حقيقي. مهما شيدنا من مباني ومنشآت ومهما مددنا من طرقات وجسور ،يظل ذلك كله كياناً مادياً ال روح فيه ،فاإلنسان وحده القادر على وضع اللبنات األساسيـة بفكـره وفنـه وقدراتـه التي ال يجب التغاضي عن أهميتها في محو العنف والفوضى الناتجين عن التناقضات المفرطة التي تتحكم في الطبيعة البشرية بين قطبي الخير والشر. العلم والفن ،يمكناننا من ذواتنا أوال ومن العالم واالنفتاح على الغير ثانيا ،فكل ذلك من أجل تغليب غريزة حب العمل واألمل في الحياة على غريزة الكره والتدمير والكسل فالفكرة أكرسها تكريسا في عقول الناشئة وأزاولها ما استطعت من خالل عملي الفني. واقع التشكيل في المغرب ; لن أقول «العام زين» فالحال يحكي عن معاناة الفنان وخصاص كبير في فضاءات العرض ،و الواقع يفتقر لكثير من التدبير والموضوعية ،التدبير السياسي الحالي للشؤون الثقافية بالبالد ال يتماشى مع مستوى التغيرات الطارئة حتى داخل األسر ،ناهيك عما يطرأ على مستوى العالم. كما أن الطفرة التي تشهدها الساحة الفنية اليوم أصبحت تعج بكثير من المغالطات التي تفرغ مفهوم الفن من بعده الجمالي والفلسفي واإلنساني .أسطر مالحظاتي هذه ،وأنا أفكر إما في مبادرات حقيقية ،جادة ونزيهة على المستوى الوطني والتي من شأنها توحيد الرؤى وتكثيف الجهود للنهوض بالفن على المستوى الوطني ،أو وحده الوقت كفيل بفرز كل ماهو جيد وجاد ،عما هو رديء ودخيل. التطلعات واالفاق بين والواقع بيِّن. الحلم ِِّ كيف تكون التطلعات في عالم يَركب قارب اإلفتراض بأشرعة مترهلة؟ التطلعات فيه شبيهة باألحالم والحلم في نظري استوفى كل زمن السبات ،لقد اَن األوان كي نستفيق ونشمر على السواعد ،نستميت في العمل ونصر على االستمرارية كلمة اخيرة أتقدم لجريدة الشمال بالشكر الجزيل على هذا المنبر الذي يعلي صوت الفن والفنانين من الشمال إلى الجنوب ومن الشرق إلى الغرب. توقيع:
6
الثالثـاء � 05إلى 11نـوفمرب 2019
العدد 1018
مجتمع ـ سياسة ـ حقوق فكري ولد علي
(مراسل من الحسيمة /الناظور)
Fikri.press@gmail.com Tél 0661986707
المصادقة بالناظور على برنامج عمل اللجنة الجهوية «المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب» و «ساوند انرجي لتقليص الفوارق المجالية بالوسط القروي المغرب» يوقعان على مذكرة تفاهم في مجال الغاز الطبيعي
صادقت اللجنة الجهوية لبرنامج تقليص الفوارق المجالية بالوسط القروي لجهة الشرق، في اجتماع عقدته مؤخرا بالناظور ،على برنامج عملها برسم سنة 2020الذي يتضمن إنجاز 166مشروعا بغالف مالي إجمالي يناهز 867 مليون درهم. وأفاد بالغ لوالية جهــة الشرق ،نشرته وكالة المغرب لألنباء ،أن برنامج العمل هذا الذي يشمل جميع األقاليم التابعة لجهة الشرق ،يهم إنجاز 68مشروعا للطرق والمسالك والمنشآت الفنية بغالف إجمالي يناهز 609,2مليون درهم. وسيستفيد قطاع التعليم من 18مشروعا بغالف إجمالي يناهز 44,2مليون درهم ،فيما سينجز 32مشروعا في قطاع الصحة بغالف مالي يصل إلى 26,5مليون درهم. كما سينجز 25مشروعا في قطـــاع الماء بغالف إجمالي يناهز 149,2مليون درهم، إضافة إلى 23مشروعا في قطاع الكهرباء سيتطلب إنجازها غالفا ماليا قدره 38,4مليون درهم. وأكد السيد معاذ الجامعي والي جهة الشرق عامل عمالة وجدة أنكاد ورئيس اللجنة الجهوية لبرنامج تقليص الفوارق المجالية بالوسط القروي ،الذي ترأس هذا اللقاء ،أن هذا البرنامج
الطموح جاء تنفيذا للتعليمات الملكية السامية الهادفة إلى فك العزلة عن الساكنة القروية عبر ربطها بالطرق والمسالك القروية وتحسين ولوجها للخدمات األساسية في مجال الكهرباء والماء الصالح للشرب والتعليم والصحة. وأضاف أن هذا البرنامج ساهم في تحقيق نتائج مرضية للغاية مكنت جهة الشرق من تبوأ مراكز جد متقدمة مقارنة بباقي جهات المملكة. من جهته ،ذكر ممثل جمعية تاركة للتنمية المكلفة بإعداد خارطة الفوارق المجالية واالجتماعية بالعالم القروي بمختلف المراحل والخطوات التي تم اتباعها للحصول على هذه الخارطة انطالقا من سلسلة اللق<اءات التي تم عقدها مع مختلف الفاعلين المحليين لتجميع المعطيات والقيام ببحث ميداني على مستوى الجماعات والدواوير القروية ،امتد لشهرين. كما استعرض ،وفقا للبالغ ،أهم ما خلصت إليه عملية التشخيص التي أشرفت عليها الجمعية التي همت قطاعات الصحة والتعليم والماء والكهرباء والطرق والمسالك القروية. بعد ذلك ،قدم ممثل المديرية الجهوية للفالحة عرضا حول تقدم المشاريع المدرجة
برسم سنوات 2018 ،2017و 2019والبالغ عددها 640مشروعا ،شملت القطاعات الخمس للبرنامج بكلفة إجمالية ناهزت 2,7مليار درهم. وأوضح في هذا الصدد أن 336مشروعا تم إنجازها كليا ،و 163مشروعا يوجد في مراحل متقدمة من اإلنجاز ،فيما باقي المشاريع بصدد االنطالقة. وفي ختــام هذا االجتمــاع ،عبر السيــد الجامعي عن امتنانه للمشاركين على انخراطهم الفعال وتدخالتهم البناءة التي ساهمت في إثراء برنامج عمل سنة 2020مؤكدا على ضرورة إنجاز جميع المشاريع المدرجة برسم هذه السنوات في اآلجال المحددة. ودعا جميع المتدخلين إلى بذل المزيد من الجهود للحفاظ على المكتسبات التي تم تحقيقها و بلوغ األهداف المتوخاة لتمكين الساكنة من الولوج لمختلف الخدمات في ظروف جيدة تماشيا مع التعليمات السامية لصاحب الجاللة الملك محمد السادس . يذكر أن هذا اللقاء جرى بحضور عمال أقاليم الجهة وممثــل مجلس جهــة الشرق وممثلي المصالح الالممركزة المعنية وأطر عمالة وأقاليم الجهة المشرفين على إعداد وتنفيذالبرنامج.
عن ناظور سيتي
عبد الرحيم الحافظي يلتقي بالمعنيين الجدد في المكتب الوطني للكهرباء
ترأس السيد عبد الرحيم الحافظي ،المدير العام للمكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب ،مؤخرا بالدار البيضاء ،لقاءا تواصليا مع شباب معينين جدد وذلك في إطار الثقافة المؤسساتية وقيمها. خالل هذا االجتماع الذي ضم ما يقارب 130موظ ًفين جدد ،عرض السيد الحافظي الرؤية االستراتيجية للمكتب وكذا التحديات التي يواجهها بهدف توضيح أفضل التزامات
المكتب وترسيخ ثقافة الشراكة وتعزيز روح االنتماء لدى الزمالء الشباب. كما ذكر المدير العام للمكتب بالمشاريع الكبرى التي تم تنفيذها وتلك التي يقوم بها المكتب للمساهمة في التنمية االقتصادية واالجتماعية وكذا التغيــرات المهمـــة التي يشهدها قطاع الكهرباء الشيء الذي يتطلب موظفين مؤهلين لضمان تنقيل المهارات
وتحسين األداء .وقد سلطت الكلمة التحفيزية للسيد الحافظي الضوء على استراتيجية تعزيز سياسة الموارد البشرية وتطوير المهارات التي وضعتها اإلدارة العامة. يبرز هذا االجتماع مع السيد المدير العام أهمية واهتمام اإلدارة بهذا الجيل الجديد المسؤول عن ضمان االستمرارية داخل المكتب وضمان صورته المؤسساتية.
وقع السيد عبد الرحيم الحافظي ،المدير العام للمكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب والسيد محمد الصغيري ،المدير العام لشركة ساوند انرجي المغرب يوم الثالثاء 29 أكتوبر 2019بوزارة الطاقة والمعادن والبيئة على مذكرة تفاهم تتعلق ببيع الغاز الطبيعي الصادر عن العقد االمتيازي بتيندرارا وذلك بحضور أعضاء اللجنة المتخصصة التي أشرفت على المفاوضات والتي تضم ممثلين عن وزارة الطاقة والمعادن والبيئة ووزارة المالية والمكتب الوطني للهيدروكربورات والمعادن. تتعلق مذكرة التفاهم الموقعة اليوم بالشروط الرئيسية التفاقية بيع الغاز الطبيعي من طرف شركة ساوند انرجي للمكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب والمخصص لتشغيل المحطات الكهربائية حيث تثمن
سلسلة من المفاوضات بين مختلف الشركاء المذكورين. وقد تم التوقيع على امتياز تيندرارا بتاريخ 17غشت 2018بين شركة ساوند انرجي والسيد رئيس الحكومة وقد تم نشره بالجريدة الرسمية بتاريخ 3شتنبر .2018 تجدر اإلشارة إلى أن المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب يعد الفاعل الرئيسي في مجال تخطيط وتطوير قدرات توليد الكهرباء قصد تنويع مصادر إنتاج الكهرباء في إطار المزيج الوطني للكهرباء ،مما سيمكن من الرفع من قدرة اإلنتاج من الطاقات المتجددة بالنظر الى المرونة التي توفرها تقنيات الدارة المركبة التي تشتغل بالغاز الطبيعي.
المناضل عبد القادر أحمد بن قدور : مواصلة المطالبة بالحقوق
كان من المقرر أن يلقي المناضل عبد القادر أحمد بن قدور كلمة من أمام البرلمان المغربي يوم األربعاء 23اكتوبر , 2019ونظرا لظروفه الصحية الصعبة والمؤلمة ،فقد قرر نشرها بمنبركم الرائد ،وهذا موجز عام لما ورد فيها : فبعدما ذكــر بأن كلمتــه تعتبر صرخة مؤلمة موجهة لملك البالد محمد السادس نصره اهلل ،وإلى مفوضيــة األمم المتحــدة لحقوق اإلنسان والجمعيات الحقوقية المغربية، واألحزاب الوطنية ،استعان بمقولة للملك محمد السادس نصــره اهلل عند استقبالـــه لرئيسة المجلس الوطني لحقوق اإلنسان السيدة امينة بوعياش حين قال ..( :لن نقبل أي تعسف في حق المواطنين ...في نطاق احترام المرجعيات الوطنية والكونية في هذا المجال ).. وأعاد المناضل عيد القادر احمد بن قدور إلى األذهان الظلم الذي تعرض له منذ عقود في العمل الوظيفي وغيره ،وهو مثــال صريح وواضح لما يتعرض له بعض الحقوقيين األحرار، وهو ما حدا به إلى توجيه النداءات واالستنجادات وااللتماسات واالستعطافات لجاللة الملك محمد السادس المنصور باهلل وغيره وال من مجيب. وذكر المناضل عبد القادر أحمد بن قدور بتعذيبه بالكهرباء وغيره من طرف مسؤولين بوزارة الداخلية منذ سنوات ،هذه الوزارة التي هضمته في حقوقه المكفولة بالقانون اإلداري المغربي ،رغم جديته في العمل التي توجت بوسام ملكي من طرف الملك المفدى محمد السادس .
وطالب األستاذ عبد القادر بن قدور اإلسراع بإصدار توصيات تكميليـــة خاصة باإلدمــاج االجتماعي للذين لم يحصلوا عليه ،والتسوية العاجلة للوضعية اإلدارية والمالية لكل ضحايا االنتهاكات الجسيمة لحقوق االنسان ،وإصدار التوصيات باإلدماج االجتماعي بالنسبة ألصحاب الملفات المصنفة خارج األجل .
وفي ختام رسالته أشار المناضل عبد القادر أحمد بن قدور إلى توجيهات جاللة الملك بحل مشاكل المواطنين واالستماع إليهم ،وأنه وجه عدة شكايات تظلمية ولم يتوصل باإلجابات الكافية الشافية بالرغم من توجيهـــات جاللة الملك بكون المغرب سيواصل العمل دونما كلل من أجل النهوض بثقافة حقوق أإلنسان وإحقاق كافة الحقوق ،وااللتزام الصارم بالواجبات والمسؤوليات ...
ولم تخل كلمة المناضل عبد القادر أحمد بن قدور من اإلشارة إلى الجانب االجتماعـي لعموم المواطنين حيث قال :من الواجب الوطني بأن تكون الزيادة في األجــور للمستخدمين والموظفين والعاملين وخاصة المتقاعدين ألنهم أكثر عرضة لألمراض خاصة بعد موجة الغالء التي تعرفها البالد ..لذلك طالب من ملك البالد الزيادة في أجور الفئات المحتاجة.... كل ذلك من أجل هذا الوطن ورجاالته ونسائه وبناته وشبابه وشاباته الغيورين على بلدنا الغالي والعالي باهلل.
محمد كماشين
7
الثالثـاء � 05إلى 11نـوفمرب 2019
العدد 1018
مجتمع ـ سياسة ـ حقوق عبد العالي بن ربوحة
(مراسل من القصر الكبير/العرائش)
benrebouha01@gmail.com Tél : 0641794991
لقاء تواصلي للتحسيس بأهمية تنمية وزير التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي ،يعطي االنطالقة ألشغال بناء الطفولة المبكرة ،بمقر عمالة العرائش
الكلية متعددة التخصصات بمدينة القصر الكبير
أشرف وزير التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي ،سعيد امزازي ،يوم االثنين 28أكتوبر 2019رفقة عامل إقليم العرائش السيد العالمين بوعاصم وبحضور كل من: السيد رئيس جامعة عبد الملك السعدي السيد مدير األكاديمية الجهوية للتربيةوالتكوين السيد عميد الكلية المتعددة التخصصاتبالعرائش المدير اإلقليمي لوزارة التربية والتكوينبالعرائش • رئيس المجلس اإلقليمي • رئيس المجلس الجماعي لمدينة القصر الكبير محمد السيمو ،وبعض السادة برلمانيي اإلقليم والسلطة المحلية. اشرف على إعطاء انطالقة أشغـال بنــاء الكلية المتعددة التخصصات بالقصر الكبير التي تعتبر قيمة مضافة متميزة للمدينة في مجال التربية والتعليم كما ستساهم بشكل فعال تعزيز العرض الجامعي باإلقليم ،و في مسار التنمية و وفتح أفاق واعدة في هذا اإلطار .التي توجد بالمدخل الغربي لمدينة القصر الكبير نحو ثمانية هكتارات وتبلغ المساحة اإلجمالية لمشروع الكلية متعددة االختصاصات بغالف مالي للشطر األول ،نحو 30مليون درهم، وينتظر أن تفتح أبوابها في شتنبر .2021 كما تمت بالمناسبة زيارة مدرسة ابن
خلدون االبتدائية ،بعد أن استأنفت الدراسة بها بعد نهاية أشغال اإلصالح والترميم والتهيئة التي عرفتها مؤخرا ،اعتبارا لما تمثله من ارث معماري وحضاري متميز وحضور في وجدان ساكنة المدينة هذه المؤسسة التي تخرج منها كبار المثقفين وصناع القرار في بالدنا و تأسست هذه المدرسة حوالي 1928وبعد االستقالل أصبحت تسمى مدرسة رأس الدائرة لكون كل المدارس االبتدائية بدائرة القصر الكبير كانت توجه تالمذتها إليها ،وفي سنة 1974أصبحت تسمى مدرسة ابن خلدون والزالت تحمل هذا االسم إلى اليوم .
وتعتبر هذه البرامج النوعية من المشاريع الحيوية التي تهم مكسبا هاما للمدينة سواء في إطار تعزيز مسار التنمية االجتماعية وكذا مواكبة اإلستراتيجية الوطنية إلصالح التعليم وتقريب الخدمات التعليمية . وبالمناسبة قــدم وزيــر التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالـي والبحــث العلمي سعيد امزازي ،شهـــادة تقديرية ألب التلميذ ياسر البرماكي بمناسبة حصوله على اعلي معدل عام إقليمي 18.86شعبة علوم فيزيائية خيار اللغة الفرنسية للدورة العادية يونيو . 2019
توقيع اتفاقية تعاون وشراكة بين الكلية متعددة التخصصات بالعرائش والوكالة الحضرية للعرائش-وزان والمدرسة الوطنية للهندسة المعمارية بتطوان من أجل إعداد تصور هندسي ومعماري لتهيئة مدخل وواجهة الكلية
في إطار تفعيل مقتضيــات االتفاقيــة المبرمة بين الوكالة الحضرية للعرائش- وزان والكلية المتعددة التخصصات بالعرائش من جهة ،واالتفاقية الموقعة ما بين الوكالة الحضرية للعرائش-وزان والمدرسة الوطنية للهندسة المعمارية بتطوان من جهة أخرى، وتتويجا لعدد من اللقاءات واالجتماعات التحضيرية ،انعقـــد يوم الجمعة 25أكتوبـــر 2019ابتداء من الساعة الثالثة بعد الزوال، بالكلية المتعددة التخصصات بالعرائش ،لقاء من أجل التوقيع على اتفاقية شراكة وتعاون ما بين األطراف الثالثة ،إلعداد تصور هندسي ومعماري إلعادة تهيئة مدخل الكلية المتعددة التخصصات وواجهتها الرئيسية ،مع األخذ بعين االعتبار اندراج هذا الورش في منظومة إعادة تأهيل الكلية وتمكينها من المزيد من االندماج واالنفتاح على محيطها.
هذا المشروع ،الذي يندرج في إطار التعاون المشترك بين هذه األطراف ،وبدعم من السيد عامل إقليم العرائش ،ينطلق من القناعة المشتركة بأن الواجهة الحالية ال ترقى إلى المستوى الذي تستحقه الكلية بصفة خاصة ومدينة العرائش بصفة عامة ،وبالتالي ،يتعين االشتغال من أجل أن تتوفر الكلية ،في أقرب اآلجال الممكنة ،على واجهة ومدخل يكونان في مستوى طموحات وتطلعات إدارة الكلية، مما من شأنه المساهمة في المزيد من اإلشعاع والتعريف بمدينة العرائش كمدينة جامعية، وبتراثها وطابعها العمراني والمعماري الخاص والمتميز. في هذا السياق ،فقد تم ،على هامش هذا اللقاء ،القيام بزيارة ميدانية لمداخل الكلية ولمرافقها من طرف طلبة ومؤطري المدرسة الوطنية للهندسة المعمارية بتطوان ،مرفوقين بالسيد عميد الكلية ومدير الوكالة الحضرية ورئيس قسم التعمير بعمالة العرائش والكاتب
العام للكلية ،من أجل جمع المعطيات األولية الضرورية للشروع في إعداد تصور هندسي ومعماري لهذا المشروع ،بالموازاة مع تأكيد الوكالة الحضرية على وضــع كافــة إمكاناتها وخبراتها التقنية رهن إشارة الكلية والطلبة المهندسينالمعماريين. هـــذا ،وشكلــت هذه المناسبـــة ،فرصة للتنويه بهذا النوع من الشراكات وبالعالقات المتميزة التي تجمع الكلية والوكالة الحضرية، وانخراطهما في عدد من المبادرات المشتركة التي من شأنها أن تنعكس بشكل إيجابي على عدة مستويات ،وهو ما عبرت عنه تدخالت السيد مدير الوكالة الحضرية والسيد عميد الكلية المتعددة التخصصات ،اللذان أكدا اعتزازهما بهذه الشراكـــة المؤسساتيــة النموذجيـــة وتطلعهما لتعزيزها ،من خالل بذل كافة الجهود إلنجاح هذا المشروع ،بمعية باقي الشركاء ،وكذا مواصلة االشتغال على العديد من الملفات والمشاريعالمشتركة.
احتضن مقر عمالة العرائش صباح يوم األربعاء 30اكتوبر 2019تنظيم لقاء تواصلي تمحور حول التحسيس بأهمية تنمية الطفولة المبكرة. يندرج هذا اللقاء في إطار الحملة الوطنية لتنمية الطفولة المبكرة الممتدة من 21أكتوبر الجاري إلى غاية الرابع من نونبر المقبل كما يأتي في سياق التنزيل السليم للتوجيهات الملكية السامية الموجهة إلى المشاركين في المناظرة الوطنية التي انعقدت بالصخيرات يومي الـ18 والـ 19من شهر شتنبر الماضي،التي يحث على التأكيد على أهمية موضوع تنمية الطفولة المبكرة ،كمحور أساسي للجيل الثالث . وقد افتتح اللقاء عامل إقليم العرائش بكلمة ألقاها بالمناسبة ،أمام السلطات والمنتخبين والفاعلين الجمعويين وباقي المتدخلين إلى رقع التحدي وبذل المزيد من الجهود للنهوض بالطفولة المبكرة باعتبارها رافعة أساسية لمعالجة التفاوتات االقتصادية واالجتماعية والمجالية. وأكد أن االستثمار في الرأسمال البشري
للطفل ،عبر الرعاية الصحية الكافية والتغذية الجيدة وتوفير البيئة المالئمة للتعلم المبكر، يمكنه من اكتساب الوسائل الفردية لمواجهة التحديات ويمنحه فرصة النجاح في مراحل الحياة. رئيس المبادرة الوطنية للتنمية البشرية أكد في عرضه على أهمية صحة تغذية األم والطفل لتنمية الرأسمال البشري من خالل تتبع الحالة الصحية لالم والطفل باعتبارها ضرورية للحد من وفيات األمهات والرضع والسيما في المناطق القروية المعزولة ،مقدما مجموعة من اإلحصائيات واألرقام على المستوى اإلقليمي واألهداف المتوخاة من ذلك و الحد من وفيات األمهات واستفادة الطفل من الرضاعة الطبيعية واالعتماد على منهجية المقاربة التشاركية التي ترتكز على منظومة للصحة الجماعية ، وتم خالل هذا اللقاء التواصلي تسليط الضوء على تعزيز و تعميم الولوج إلى تعليم أولي ذي جودة ومردودية. كما قام بالمناسبةالسيد العالمين بوعصا م عامل إقليم العرائش بتدشين وحدة مدرسية للتعليم األولي بدوار عين الشوك .
الجمعية المغربية لحقوق اإلنسان بالعرائش تجدد مكتبها
بحضور مناضلي ومناضالت الجمعية المغربية لحقوق اإلنسان بالعرائش وتحت إشراف عضوة اللجنة اإلدارية ،األخت صبيحة أهروش و عن اللجنة الجهوية ،األخ محمد بوشركة ،تمت صبيحة يوم األحد 27أكتوبر 2019بمقر االتحاد المغربي للشغل تجديد مكتب الفرع ،و بعد قراءة التقريرين األدبي والمالي لسنتي 2018و 2019و مناقشتهما، تمّت المصادقة عليهما باإلجماع ،حيث قدّم المكتب السابق استقالته ،و تمّ انتخاب مكتب جديد على الشكل التالي:
الرئيسة :فتحية اليعقوبي نائب الرئيس :محمد سعيد الخراز أمين المال :شفيق العبودي نائبه :صفاء الحفيان الكاتب العام :فؤاد بن عودة نائبه :نبيهة الشمسي المستشارون :موســــى الزياني ،منير بوملوي ،حمزة التميمي.
«أونسا» تخرج عن صمتها بخصوص تأثير “ذبابة الزيتون” على المنتوج
نفت المديرية الجهوية للمكتب الوطني للسالمة الصحية للمنتجات الغذائية ()ONSSA لجهة الشمال اإلشاعات ،التي يتم تداولها في مواقع التواصل االجتماعي حول تأثير ذبابة الزيتون على سالمة منتوج الزيتون بذات الجهة. وكشفت المديرية الجهوية ،في بالغ لها، أن استهالك زيت الزيتون المنتج من طرف معاصر الزيتون المرخصة من طرف المكتب الوطني للسالمة الصحية للمنتجات الغذائية ال يشكل أي خطر على صحة المستهلك. وأضــاف البــالغ ذاتـــه ،أن مصالح مكتب “أونسا” في جهة طنجـة – تطوان – الحسيمة
قد قامت بعدة جوالت استطالعية في مزارع الزيتون في الجهة ،وتبين إصابة الزيتون بهذه الذبابة عند بعض الفالحين ،خصوصا في إقليمي العرائش ،ووزان ،موضحة أنها “قامت بإخبار جميع الجهات المعنية لحث الفالحين على معالجة أشجار الزيتون للحد من تأثير هذه الحشرة”. وأوضح البالغ بأن ذبابة ثمار الزيتون معروفة بانتشارها في عدد من دول العالم وكذا في جميع دول البحر األبيض المتوسط، وإصابتها ألشجار الزيتون ،خصوصا في حالة عدم التدخل المبكر لمعالجتها.
العدد 1018
8
الثالثـاء � 05إلى 11نـوفمرب 2019
من �أعالم طنجة املعا�رصين
األستاذ النقيب محمد مصطفى الريسوني
()1
• إعداد :عنان الوهابي ينتمي األستاذ النقيب محمد مصطفى الريسوني إلى األسرة الريسونية الشهيرة في ربوع شمال المغرب ،وأفرادها ينحدرون من جد الشرفاء العلميين :يونس بن أبي بكر عم القطب الرباني موالي عبدالسالم بن مشيش .واسم ريسون الذي يدعى به أفراد األسرة الريسونية هو اسم جدتهم العليا ،كانت هذه السيدة صالحة تقية أخذت الطريقة الشاذلية عن الشيخ سيدي عبداهلل الغزواني وكانت لها مكانة في مجتمعها ،وولدها سيدي علي بن ريسون كان أول من أخذ اسم أمه ليكون نسبا لهذه األسرة ،ودعي به أبناؤه من بعده. والريسونيون موطنهم األصلي بمدشر تازروت من قبيلة بني عروس ،وهم يمثلون بيتا كبيرا اشتهر أبناؤه بالعلم والصالح والجهاد ،وكانوا دائما مدافعين عن ثغور المغرب والعرش العلوي. وكانت زاويتهم األولى بقرية تازروت ثم بنوا زاوية عظيمة بتطوان وزوايا أخرى في بعض مناطق الشمال. والد المترجم هو ابن أخ الزعيم موالي أحمد الريسوني المجاهد والثائر ضد الhستعمار اإلسباني ،وشــارك عمـــه موالي أحمـــد في ممارسة السلطــــة والنيابة عنه وخاصـــة في مجال التفاوض والعمل الديبلوماسي، وعين باشا على مدينة أصية إلى حدود 1927م ،حيث قبضت عليه السلطات اإلسبانية االستعمارية فنفتـه إلى الجـزر الجعفرية ثم سبتة ،قبل أن يخلوا سبيله سنة 1930م ليستقر بتطوان. أما أمه فهــــي الفاضلـــــة الشريفة آمنة بنت العالمــــة عبد الصمد كنون ،وأخت السادة العلماء األجلــة :محمــــد ،وعبـــد الحفيظ ،وعبد اهلل. ولد األستاذ محمد مصطفى الريسوني صبيحة يوم الجمعة رابع عشر جمادى الثانية 1358هـ، موافق 23يوليوز 1939م بحي جامع الكبير من مدينة تطوان. وقد تكفل خاله العالمة عبداهلل كنون بتربيته وتعليمه والعناية به بعد وفاة والــده رحمه اهلل، فألحقه وهو صغيـــر بالكتـــاب القرآني الذي كان تابعا للمدرسة اإلسالمية الحــرة التي أسسها عبد اهلل كنـــون بطنجة ،ونال شهادته االبتدائية عام 1952م. وفي مرحلة دراسته باالبتدائي ألقى خطبة في إذاعة طنجة الدولية باسم تالمذة المدرسة اإلسالمية الحرة ،وذلك بمناسبة زيارة جاللة الملك محمد الخامس التاريخية إلى مدينــة طنجة في أبريل 1947م. ونظرا لعدم وجود أقسام التعليم الثانوي بمدينة طنجة آنذاك ،التحق بالمعهد الرسمي بتطوان مع مجموعة من زمالئه الذين درسوا معه المرحلة االبتدائية وهم :محمد البقالي الطاهري ،وأحمد الوسيني ،وعبد القادر الورياغلي .وأثناء اجتيازه المتحان القبول أعطاه الممتحن وهو المستشرق اإلسباني بالديراما قطعة نقدية إسبانية وطلب منه ترجمة الشعارات المكتوبة فيها ،وهي شعارات تمجد الجنرال فرانكو حاكم إسبانيا يومذاك، وهو ما لم يستسغه الطالب الريسوني فأجابه بإباء وطني :من هو هذا الزعيم الذي لم يسبق في التاريخ مثله .وكانت هذه اإلجابة كافية لعدم قبوله في المعهد الرسمي. ثم عاد المترجم له إلى طنجة والتحق بالمعهد الديني بها الذي أسسه وأشرف عليه العالمة عبداهلل كنون ،وهناك درس على كبار العلماء واألساتذة من أمثال العالمة عبداهلل بن عبدالصادق، والعالمة عبدالحفيظ كنون ،والفقيه الحاج مَحمد بن العياشي السكيرج ،والعالم النحوي الفقيه محمد بن عمرو ،والفقيه الكبير الحاج محمد الوسيني الساحلي وغيرهم ،ونال شهادته االبتدائية عام 1954م. حينها التحق بالمعهد الديني بتطوان ،وحصل منه على شهادة الباكالوريا ،ثم واصل رحلة الدراسة والطلب إلى الرباط فدرس في كلية الحقوق (جامعة محمد الخامس) ،فتتلمذ على العديد
من األساتذة أمثال :عالل الفاسي ،ومحمد المكي الناصري وعزيز بالل من المغرب ،وعبد الفتاح عبد الباقي ومحسن عباس ومحمد المشرفية من المشرق وبعد ثالث سنوات من الدراسة والتحصيل نجح في الحصول على اإلجازة عام 1963م بميزة حسن جدا. وقد عرض عليه االلتحاق بالجامعة للتدريس فيها إال أنه فضل مهنة المحاماة ،فعاد إلى طنجة حيث قدم أوراقه إلى نقابة هيئة المحامين ،وفي يوم 7ماي 1964م أدى اليمين القانونية وأصبح بذلك محاميا متمرنا بمكتب المحامي بنيامين الزاوي وهو أحد كبار المحامين بطنجة في الميدان الجنائي .وانتخب عضوا بمجلس هيئة المحامين بطنجة سنة 1971م ،وظل عضوا به دون انقطاع إلى سنة .2002وفي عام 1977م انتخب نقيبا لهيئة المحامين بطنجة .وما بين 1985م و،1977 انتخب كاتبا عاما لجمعية هيئات المحامين بالمغرب ،ثم رئيسا لها سنة 1997م. وبحكم عمله القانوني كان للنقيب محمد مصطفى الريسوني اهتمام بمجال حقوق اإلنسان، فهو عضو عامل بالمجلس االستشاري لحقوق اإلنسان منذ إنشائه إلى اآلن ،وعضو هيئة اإلنصاف والمصالحة بالمجلس االستشــاري لحقوق اإلنسان ،وعضو مؤسس للمنظمة المغربية لحقوق اإلنسان، وعضو في هيئة التحكيم المستقلة للتعويض ،وعضـــو في اللجنــــة الوطنية لإلشراف على إعداد الخطة الوطنية في مجـــال الديمقراطية وحقوق اإلنسان. ولم تشغلـــه مهنــــة المحاماة عن العمل في الميــدان الجمعوي واالنشغال بقضايا مدينته والنهوض بها اجتماعيا وثقافيا ،فهو رئيس مؤسســـة عبد اهلل كنون للثقافـــة والبحث العلمي بطنجة ،ورئيـــس جمعية دعم المؤسسات الجامعية بطنجة ،ورئيـس جمعيــــة إنمـــاء طنجة ،ونقيب الشرفاء الريسونيين بالمغرب ،وعضو لجنة جائزة عبد اهلل كنون ،وعضو مؤ سس لجمعية الدراسات القرآنية وغيرها... وكما لـــه مساهمات ثقافيـــة، ومشاركات في ندوات متعددة منها: أنه ساهم ونظــم ندوة فالسفـــة اإلسالم في الغـــرب اإلسالمــــي بتطوان 1960م ،وعضو سابق في مجلس جامعة عبد المالك السعدي، وكاتب بمجلة الحديقة بتطوان عام 1954م وبمجالت حقوقية كثيرة، ورئيس تحرير مجلة الندوة الصادرة عن هيئة المحامين بطنجة. وإضافـــة إلى مقاالته الكثيرة المتنوعة في المجـــالت العلميـــة والقانونية ،فقـــد أصـــدر األستاذ النقيب محمد مصطفــى الريسوني عدة مؤلفات منها: حصاد الثمانين . وجوه ناضرة . دفاعا عن اللغة العربية. ونظرا ألعماله الجليلة في الميدان الحقوقي واالجتماعي والثقافي ،قلده جاللة الملك محمد السادس بوسام الكفاءة الوطنية من درجة ضابط. وتقديرا لعطاءاته الفكرية وجهوده المميزة في الميدان الحقوقي نظمت “ جمعية تراث للمحافظة على التراث المغربي اإلسالمي” و” مؤسسة عبد اهلل كنون للثقافة والبحث العلمي بطنجة” يومي الجمعة والسبت ( 2-1أكتوبر )2010ملتقى تكريميا للنقيب محمد مصطفى الريسوني تحت شعار “ :أضواء على حياة” .وقد حضرت شخصيات وطنية بارزة ،وأصدرت اللجنة التنظيمية للملتقى كتابا بعنوان “ :محمد مصطفى الريسوني ...أضواء على حياة” تضمن مجموعة مختارة من دراساته القانونية وإسهاماته في المجال الحقوقي. ترجمته في كتاب :محمد مصطفى الريسوني :أضواء حياة منشورات جمعية تراث للمحافظةعلى التراث المغربي واإلسالمي/مؤسسة عبد اهلل كنون للثقافة والبحث العلمي – وكتاب رجال من تطوان.
العدد 1018
الثالثـاء � 05إلى 11نـوفمرب 2019
9
المنظمة المغربية لإلعالم الجديد
3
يف ملتقـى الوفــاء الثـالــــــــث
سيرا على نهجها المعتاد ،نظمت المنظمة المغربية لإلعالم الجديد ،يوم السبت 26 أكتوبر ،2019الملتقى الثالث للوفاء واالعتراف بعطاء ثلة من رموز طنجة المتوفين ،حيث شهدت قاعة دار المحامي بطنجة ،فعاليات الملتقى الذي وقف على الخدمات الجليلة التي قدمها خمسة من أبناء وبنات المدينة للمجتمع المحلي والوطني ،ويتعلق األمر باألستاذ النقيب الطيب الدليرو واألساتذة اإلعالميين :عبد العزيز اليعقوبي ،محمد العربي الزكاف، عبد الواحد شابو واألستاذة اإلعالمية ثريا أمناد. وقـد انطلـق الملتقـى بكلمـة لرئيـس المنظمـة الحـاج أحمد قـروق الذي شكـر فيهـا األستاذ النقيب إبراهيم السماللي ومكتب هيئة المحامين بطنجة على وضعهم قاعة دار المحامي بطنجة رهن إشارة المنظمة إلحياء الملتقى ،كما شكر الحاضرين والحاضرات وأسر المتوفين المراد الوفاء واالعتراف بعطاءاتهم ،وقدم برنامج الملتقى واألسماء التي سيقف الملتقى على أعمالهم ،ثم أعطى الكلمة للسيد النقيب الذي رحب بالحضور وتمنى للملتقى النجاح ،وعبر عن سعادته الحتضان دار المحامي لنشاط المنظمة ،واعتبر ذلك
بداية إلقامة شراكـة معهـا الستقبال أنشطتها في المستقبل .بعد ذلك ،تتابعت أشغال الملتقى باالستماع للشهادات التي قدمها مجموعة من األساتذة في حق الرموز المذكورة، حيث قدم األستاذ محمد الجيدي شهادة مؤثرة في حق زميله المرحوم الطيب الدليرو.. وتناول الدكتور عبد الحق بخات الكلمة لتقديم شهادة في حق رفيقه اإلعالمي المرحوم عبد العزيز اليعقوبي ،وبعده أخذ الكلمة األستاذ محمد العسري الذي قدم شهادته في حق اإلعالمية الراحلة ثريا أمناد ،كما قدم األستاذ محمد الصمدي شهادة تناول فيها المنتوج اإلعالمي للمرحوم األستاذ عبد الواحد شابو ،واختتمت الشهادات المقدمة بكلمة اإلعالمية األستاذة زهور الغزاوي في حق زميلها اإلذاعي محمد العربي الزكاف. وعقب ذلك ،تولى األساتذة الذين قدموا شهاداتهم في حق رموز طنجة المتوفين المذكورين ،تقديم صور زيتية رسمها الفنان محمد الصنهاجي ألسرهم. واختتم الملتقى بحفل شاي على شرف الحضور النخبوي المتميز الذي تابع فعالياته.
�صور من امللتقى
ربورطاج صور :حمودة
الثالثـاء � 05إلى 11نـوفمرب 2019
العدد 1018
كيف تمتد األزمة على أرضنا من جيل آلخر... -1-
األزمة ،هي نمط معين من المشكالت أو المواقف التي يتعرض لها األفراد أو الجماعات أو الدول ،وهي في نظر العديد من الباحثين والفالسفة نتيجة تأثير لموقف أو مشكل أو قضية ،وهو ما يؤدي إلى ظهور أعراض سلوكية سلبية في الكثير من األحيان. واألزمة بهذه الصفة ،كانت وما تزال من أكثر المصطلحات في اللغة العربية ،كما في اللغات الحية استعماال في عصرنا الحديث ،فهي من أكثر الكلمات ارتباطا بجوهر الحياة في المجتمع واالقتصاد والسياسة والثقافة ،وعلى صدر القواميس والموسوعات العالمية. وعندما تحل األزمة بأمة من األمم ،تبدأ هذه الكلمة الصغيرة تتخذ لها مجاالت أوسع ،لتصبح سيدة اللغة والتعبير والبالغة ،وسيدة المواقف السياسية واالقتصادية واالجتماعية ،اذ تنتقل بسرعة فائقة من مفاهيمها المعنوية والحسية ،إلى مفاهيم أخرى ،فتتخذ صورتها في الواقع...وفي األذهان والتصورات والمخططات ،حسب الظروف والمالبسات.
-2-
وخطاب األزمة استمر في الحياة البشرية وكأنه قدرنا الذي ال هروب لنا منه. فقد وظف البعض خطاب األزمة ليظهر في اإلنسانية ما يسمى بأغنياء األزمة على طريقة أغنياء الحرب في مناطق عدة من العالم ،فباسم « األزمة « وتحت يافطتها تهربت مؤسسات كثيرة من أداء واجباتها تجاه الدولة من ضرائب وغيرها من المستحقات ،فيما يؤدي المواطن الكادح هنا وهناك ثمن أخطاء اآلخرين، فهو – أي هذا المواطن الكادح -تقتطع من مرتبه الهزيل جميع « الواجبات» دون اختيار منه خاصة وأن هذه « الواجبات» تتعدد كل سنة وتتلون وتفرض عليه بقوة القانون. لم يتوقف إذن خطاب األزمة وترديده في المغرب وبقاع الدنيا ،ليتحول إلى واقع يعايشه الجميع كعاهة تلزم صاحبها بقبولها وااللتئام معها. والغريب في األمر أن عدوى األزمة مست في العديد من الدول، مختلف المرافق ،وبذلك طبقت نظرية الجدلية في عالقاتها ،إذ نسمع في آن واحد خطابا أزمويا في الرياضة كما في االقتصاد وفي القضايا االجتماعية وكذا في الثقافة وغيرها من األزمات األخرى في التجارة والسياحة والماء واألخالق وفي التعليم وفي كل ما له عالقة بالحياة. ولكي يخرج العالم من دائرة « األزمة « انعقدت خالل العقود الماضية ندوات ومناظرات ولقاءات لدراستها والبحث عن سبل تجاوزها ،حيث تم إنشاء لجن مؤقتة (تتحول مع الزمن إلى لجن دائمة باالحتفاظ بنفس االسم المؤقت) وتصدر عنها توصيات وبرامج عمل ال تعرف طريقها إلى الترجمة الملموسة فتتراكم مشاكل وأسباب األزمة ،لتصبح أزمة مضاعفة ومزدوجة نعود بها إلى النقطة ما قبل الصفر(.)1 وألن كثيرا من القضايا األساسية لم يتم الحسم فيها نهائيا ،سقط العالم في أزمة بنيوية /هيكلية حيث أصبحنا في المعاهد والجامعات والمؤسسات اإلعالمية نحلل اآلن أزمة األزمة وليس األزمة في ذاتها كظاهرة عابرة.
?
10
-3-
هكذا أصبحت «األزمة» حاضرة في خطب الساسة والزعماء والوزراء ،وفي كتابات الشعراء واإلعالميين والمثقفين ،كل يقلب أوراقها من موقعه بصيغ مختلفة ومتباينة ،اذ تلقينا في الساحة السياسية ،خطبا وكلمات ،عن أزمات االقتصاد ،وأزمات التخطيط ،وأزمات التشغيل ،كما تلقينا في الساحة الثقافية مقاالت ومحاضرات ودراسات ،عن أزمات النص ،وأزمات النقد ،وأزمات المنهج ،وأزمات الكتابة والقراءة...وجميعها تعبر عن األزمات البنيوية والهيكلية التي لفت /تلف حياتنا من كل جانب وزاوية.. منذ عقود بعيدة ،انتقلت هذه المفردة العجيبة بهدوء من تعابير المبدعين والمثقفين و النقاد ،إلى تعابير السياسيين واالقتصاديين والحقوقيين والرياضيين ،فأصبح كل في مجال تخصصه ،يشرح لنا األزمة. أو يفعل آليات مواجهتها .ففي المؤتمرات السياسية و الملتقيات الثقافية و الفكرية و الندوات ،الصحفية، و المجالس الحكومية كما في الحمالت االنتخابية تتحول األزمة إلى أداة للعمل .وإلى خارطة طريق سالكة إلى عقول المناضلين و الناخبين و الرياضيين و االقتصاديين و المثقفين ،تتحول إلى عملة رابحة ،للذين «يصنعون» األزمة و الذين «يبحثون» لها عن حلول. و منذ عقود بعيدة أيضا ،لم يتوقف خطاب األزمة على المستوى الشعبي ،كما على المستوى الرسمي، لتصبح « األزمة « قضية منهجية تعايشنا ونعايشها في كل ثانية من حياتنا ،بعدما مست عدواها كل البيوت والمرافق والمؤسسات والقطاعات ،لتصبح شاملة تمس كل األحاسيس والمشاعر .و تسكن كل العقول والقلوب. يعني ذلك ،ان هذه الكلمة الصغيرة ،الخفيفة ،والمركزة ،اتخذت لنفسها بسبب ظروفنا االجتماعية واالقتصادية والسياسية المتردية ،أوسع مجال في حياتنا العامة ،لتصبح هذه األزمة سيدة اللغة و التعبير و البالغة في خطابنا السياسي /االجتماعي /االقتصادي /الثقافي .ولتصبح سيدة الموقف في كل خطاب وبرنامج و إيديولوجية ،تنتقل من مفهومها المادي إلى إلى مفاهيم معنوية حسية ،تتخذ صورتها في الواقع، من خالل صورتها في مكونات و هياكل هذا الواقع. يعني ذلك أيضا أن «األزمة» في حياتنا /في واقعنا ،لم تعد حالة اعتراضية ،فقد أصبحت في عالمنا اليوم
بقلم :
• محمد أديب السالوي
تمتد ،تتوسع عبر مساحات ال نهائية ،و كأنها قدر محتوم ،تنتقل بين الناس واإلدارات والمؤسسات ،تتعمق في الوجدان ،على جدارية األخالق ،تتجاوز حدود الذات الفردية ،لتشمل الذات الوطنية الشاملة.
-4-
في منتصف القرن التاسع عشر ،كانت األزمة في أوروبا وفي مناطق عديدة من العالم نتاج طبيعي و مباشر للخلخلة االقتصادية ...ولنقص اإلنتاج ،ولم تكن تمس المناحي األخرى في حياة الناس ،ألنها كانت محاصرة بموانع الثقافة و الفكر ،وبأسس التربية األولية لألفراد ...لكن يبدو أن « األزمة « في عالم اليوم، تطورت كمفهوم و كواقع اقتصادي /اجتماعي /سياسي /ثقافي عام ،إلى الحد الذي أصبحت شاملة تتحدى كل الموانع الموضوعة في طريقها. ولقياس حقيقة األزمة ،نتوقف قليال عند األزمة في المغرب الراهن .أن « أزمات « الجيل الماضي ،الذي عاصر تاريخ الحماية الفرنسية ( )1955.1912وقاسي من ويالتها ،تختلف أزماته شكال ومضمونا بكل تأكيد عن أزمات الجيل الذي بعده ،وأزمات الجيل الحالي ستختلف حتما عن أزمات اآلتي بعده...مما يعني أن الظروف التاريخية والحضارية واالجتماعية ،هي التي تتحكم بشكل أساسي ومباشر في نوعية وحجم وجنس األزمات ،وفي مسارها وتوجهاتها. إن الجيل المغربي الذي عاش عهد الحماية ،لم تمتد أزمته االقتصادية إلى انهيار مقوماته الخلقية وال إلى انهيار توازناته اإلنسانية ،بل كانت أعظم أزماته وأكبرها حجما على المستوى الفردي والجماعي هي الحرية. الحرية كانت بالنسبة لهذا الجيل هي كل األزمة ،هي الهدف ،هي المصير الذي يفصل بينه وبين المغتصب ،فتحت تأثيرها تولدت لديه كل أدوات المقاومة التي حولت مسار المغرب ،وحولت تاريخه إلى منعطف جديد ،وتحت تأثيرها جاء الجيل الجديد بمطالبه وصراعاته...وبأزماته الجديدة. أما الجيل الثاني ،جيل ما بعد االستقالل ،الذي جاء كنتاج شرعي للجيل الذي قبله ،فقد تطورت أزماته ،بتطور طموحاتــــه المتنوعة والعديدة ،أزماته لم تتركه يتنفس الصعداء ،ليعقلن أوضاعه االقتصادية واالجتماعية والحضارية عموما ،ولم تتح له الفرصة للخروج بالتاريخ إلى مرحلة أشمل وأرحب وأكبر .فبقي أسير أزماته وطموحاتها إلى أن جاء الجيل الذي يعده ،ليوسع من هذه األزمة، ويعطيها االمتداد التاريخي الالزم ،إذن هناك تصاعد في األزمة وهناك تراكم في آلياتها وهناك توسع لسلطاتها، وهو ما أدى بها إلى اكتساح إنسانية اإلنسان ،والسيطرة على صيرورته وكينونته .إذ تعمقــت في وجــدانه وحياته ،فأصبحت تربط بين الخبز والعنف ،بين الخبز واإللحاد بين الحيرة والرعب والضياع ،واالنهيار الخلقي والتجرد من القيـــم وهو ما يعنــي بوضوح أن األزمات تجاوزت اإلنسان بعدما سيطرت على أوضاع اإلنسان. إن الجيل الجديد الذي وجد نفسه في عهد االستقالل ،يتحمل أكثر من مسؤولية في ظرفه التاريخي المتميز بالصراعات اإليديولوجية والحضارية، وجد نفسه أيضا ،ينغمس في سلسلة من األزمات ال بداية لها وال نهاية، أزمات تمتد على طول وعرض جدارية األخالق والسياسة والجنس والعقيدة واإليديولوجية والفكر ...وتتجاوز أحيانا حدود الذات الفردية لتشمل الذات الوطنية ،وهذا ما يجعلها خطيرة وقاسية. إن األوضاع االقتصادية واالجتماعية والتربوية التي ارتبطت بأزمات هذا الجيل منذ ميالده ،قادته بالتأكيد إلى أن يطبع سلوكه الفردي والجماعي بسلسلة أزمات متشابكة ومتداخلة ،كما قادته ليتلبس بهذه األزمات ،لتصبح في النهاية جزء من كينونته ومن صيرورته النفسية واألخالقية. •
على المستوى االجتماعي ،يتواجد الجيل المغربي الجديد داخل أكثر الطبقات اكتظاظا وأكبرها حجما وهي طبقة الفقراء والعاطلين والمعطلين والمهمشين ،وبفعل هذا التواجد ،وجد نفسه مرغما يتفاعل مع الفقر والجوع واألمية والجهل ،بين المدن القصديرية المرمية خارج أسوار الحضارة ...وبين أرياف العالم القروي ،القابعة في التهميش ،ومن خالل هذا التفاعل تكون لهذا الجيل المسكين رصيده القوي من األزمات الروحية والمادية الخفية والظاهرة ،من أزمات الجنس، إلى أزمات اإلخصاب والتناسل ،إلى أزمات الفكر والحرية واالستمرار.
•
وعلى المستوى الفكري /الحضاري ،يتساكن هذا الجيل مع طموحاته الهادفة إلى الثورة والتغيير، ووحدة التراب الوطني وتحرير ما تبقى منه تحت السيطرة األجنبية ،ولكن صدامه المستمر مع أوضاعه االقتصادية واالجتماعية فرض /يفرض عليه حصارا خطيرا وثقيال وقاسيا.
في المدن والبوادي حيث آالف األطفال والشباب في سن الرشد والعطاء ،يقتلون حياتهم وأوقاتهم بكل السموم الصغرى والكبرى :القمار ،الحشيش،الخمور ،اللصوصية ،الفساد الجنسي واألخالقي ،وحيث آالف الشباب يمضون أوقاتهم في فراغ ممل ،ال جدوى منه ،األزمات المتراكمة على حياة هذا الجيل ،توضح أن شبابنا الذي يغطي مساحة هامة من تراثنا البشري ( %80من مجموع السكان) يعيش بفعل الفساد والبؤس والفقر والفراغ واألمية ،سلسلة تمزقات ليست عادية وال طبيعية ،فهو في المدن متسكع يمارس فراغه الروحي والجسدي بين المقاهي والحانات واألندية الليلية ،وفي البوادي بئيس يتسول ،ينتحر بين بيوت القصدير ،تتكاثف حوله األوضاع االقتصادية واالجتماعية والحضارية ،يعيش حرب إبادة غير ممنهجة ،العدو األول واألخير فيها ،أزماته..أزماته التي يكبر حجمها كل يوم بالممارسة ،وباإلعالم وبالتحدي الحضاري... والمناهج المضادة.
امللحق القانوين
11
العدد 1018ـ الثالثاء 07إلى 11نوفمبر 2019
التدبير التشاركي والمشاركة المواطنة كمدخل للتنمية الجهوية إعداد :دة .أسماء أبحكان دكتورة في القانون العام
ممــا الشــك فيه أن ورش الجهوية المتقدمة قد فتح مسارا سياسيا وديمقراطيا جديدا بالمغرب قصد تحقيــق التنميـــة المستدامـــة ،ويستمـــد هدا المشــــروع خصوصيته من كونه يروم توسيع حقل الديمقراطية التمثيلية الجهوية لتصبح رافعة للتنمية االقتصاديـــة والبشريـــة المندمجة والمستدامة ،فموضوع الجهوية المتقدمة كان وال يزال من المواضيع ذات األهمية والراهنية في مسار اإلصالح الذي أطلقه جاللة الملك محمد السادس من أجل تسريع وتيرة التنمية .وذلك من خالل التدبير التشاركي ومساهمة المواطن ناخبا كان أو منتخبا الى جانب الدولة إلنجاح أهداف الجهوية المتقدمة . فلقد شكلت الجهوية مرجعية شبه دائمة في الخطب الملكيــة الداعيــة إلى إنجاح هذا الورش الجهــوي ،وذلك ضمن تصور مغربي-مغربي ،حام للهوية المغربية وغير مقلد للتجارب المقارنة ،ففي خطاب العرش لسنة 2011يقول جاللة الملك «مولين عناية قصوى في هذا المجال للجهة والجهوية التي نعتبرها خيارا استراتيجيا وليس مجرد بناء إداري ،وننظر إليها على أنها صرح ديمقراطي أساسي لتحقيق التنمية االقتصادية واالجتماعية». وما يؤكد على أن ورش الجهوية المتقدمة يسير في طريق التطبيق الفعلي القريب ،هو صدور القانون التنظيمي حول الجهات رقم ،111.14وهو شيء يدل على أن المغرب يود إنجاح هذا الورش التنموي الذي سيجعل من هذه الوحدات الترابية شريكا فعليا في عملية التنمية. فقد نص الدستور في الفقرة األخيرة من الفصل األول ،على أن التنظيم الترابي للمملكة تنظيم ال مركزي يقوم على الجهوية المتقدمة ،ما يعني أن التنظيم الترابي تقدم على مستوى الجهوية .لكن لم يعد األمر متعلقا بجهوية موسعة وإنما بجهوية متقدمة. كما أكد كذلك في الباب التاسع من الدستور على الجهات والجماعات الترابية األخرى ،أي العماالت واألقاليم والجماعات، ما يفيد تغيير مصطلح المحلية بمصطلح الترابية ،انسجاما مع التوجهات الجديدة للتنظيم الترابي .غير أن الجهة ُذكرت ّ مستقل بالرغم من أنها تعدّ من بشكل فصيلة الجماعات الترابية .وهذا األمر يعني أنها أصبحت تتبوأ مكانة الصدارة بالنسبة للجماعات الترابية األخرى وفق مدلول الفصل 143من الدستور. و تنبني التنمية المحلية التشاركية ،في جانبها المنهجي ،على المقاربة التشاركية،
إذ تعتبر آلية مهمــة في حصــول ذلك التناغم بين المطالب االجتماعية المحلية وبين الخطط والبرامج المعتمدة ،بحيث أظهرت الطرق التقليدية في تدبير اإلدارة الترابية قصورها عن التصدي للمشاكل التي تعترض بشكل يومي تدبير الوحدات الترابية ،وذلك بسبب إتباع أساليب وأنماط للعمل أصبحت متجاوزة مقارنة مع التحديات الوطنية والدولية التي تتأثـــر بها اإلدارة الترابية ،وهو ما فرض التفكير في البحث عن مقاربات جديدة للتدبير كان أهمها التدبير التشاركي ،منهــج المشاركـة المواطنــة، المقاربـة التشاركيـــة أو الديمقراطيـــة التشاركية. واعتبارا للدور الحيوي للجهة والمهام المنوطة بها ،فإن اللجوء إلى مفهوم التعاون على أرض الواقع لتدعيم صيرورة الالمركزية من جهة ،وجعل الجهة اإلطــار األنجـــع لتحريك النشـــاط االقتصادي واالجتماعي والثقافي ،يعد ضروريا لضمان مساهمة أوسع في مجهودات التنمية .والمالحظ أن هناك مبادرات للدولة والجماعات الترابية والمؤسسات العموميـة والغــرف المهنية باإلضافة إلى القطاع الخاص ،دون أن تندرج في تصور مجالي شمولي يجعل منها أدوات حقيقية لديمقراطية تشاركية تحقق تنمية جهوية. بحيث تتأسس الديمقراطية التشاركية على مبدأ مفاده أن المواطنة تتعدى الحق في التصويت من فترة إلى فترة أخرى ،وهي تعني مجموع اإلجراءات التي تمكن من إشراك المواطنين والمواطنات في حياة الجماعة ،األمر الذي يتيح لهم من جهة التمتع بحق المشاركة ،ومن جهة ثانية التأثير في مسلسل اتخاذ القرار على هذا المستوى الترابي ،فالديمقراطية التشاركية مكملة للديمقراطية التمثيلية وهي تشكل في حد ذاتها «مدرسة» لتعليم ممارسة مواطنة كاملة ونشيطة مضيفة في ذات الوقت الفعالية والنجاعة على السياسات العمومية الترابية .ويعتبر مفهوم التدبير التشاركـي management participatif مفهوما حديثا في علم اإلدارة المعاصر، وقد شكل خطابا جديدا ونواة لعدة أبحاث ودراسات بالدول المتقدمة. فالتدبير التشاركي ،هو ذلك األسلوب التدبيري الذي يسمــح باستغالل القدرة اإلبداعية لمختلف الفاعلين في اتخاذ القرار بهدف التوصل للنتائج المنتظرة في مختلف مجاالت عمل المنظمة ،وفي معنى آخر يعرف التدبير التشاركي على أنه تفعيل وتحريك للموارد البشرية بهدف إدماج التباينات والمواقف المبينة أو المرتكزة على نشاط ذي
طبيعة جماعية .وبهذا المعنى فهو التجسيد القوي لمفهوم تنمية الموارد البشرية ،التي عرفت تحوالت عميقة على المستوى الكمي والكيفي .ومن هنا تجاوز النظرة التقليدية التي كانت تعتبر الفرد كتكلفة ،فأصبح ينظر له كثروة يجب استعمالها واستثمارها بشكل أفضل بتأهيله وتنمية قدراته الفكرية والمهنية ،وتعبئته ألجل مواجهة التحديات التي تفرزها العولمة ،هذا باإلضافة إلى انتشــار مبــادئ جديــدة في فن اإلدارة والتسيير ،كاالنتماء للمقاولة أو المنظمة. في حقل السياسات العمومية ،تنافس مفهومـــان أساسيان يالمســان اإلصـــالح السوسيو-إداري الوطني والمحلي ،ويؤطران معا المشاركة وفق المقاربة التشاركية، ولطالما شكال مرجعا أساسيا ،يستشهد به للداللة على التوجه الجديد نحو االنفتاح تجاه المواطنين والمجتمع المدني لتعزيز مشاركتهما في مسلسل القــــرار ،تمثيال للمفهوم الجديد للسلطة والميثاق الوطني لحسن التدبير. فالثقافة الجديدة المبلورة للمفهوم الجديد للسلطـــة ال تستهدف فقط تحفيز اإلصالح على صعيد الالمركزية والجهوية المتقدمة والحكامة وتحديث اإلدارة ،بحيث تشكل الحكامة المحلية الرشيـــدة إحدى الركائز اإلستراتيجية المرتبطــة ببلـــورة التنمية المستدامة ،والمنصفة للمجاالت الترابية المحلية ،وإنما ترمي كذلك إلى تقوية البعد التشاركي للمواطن في مجال تدبير الشأن المحلي ،بحيث تمكن مختلف مكونات المجتمع من إيصال صوتها وتفعيل مسألة التعاقد بين المنتخبين والناخبين، وهذا التوجه لم يأت من محض الصدفة بل هو تكملة لتوجهات بلدنا ،والدينامية المتصاعدة للمجتمع المدني ،وهذا ما أكده في أكثر من مناسبة جاللة الملك محمد السادس ،وتعترف به السلطات العمومية ،وتتم المطالبة به كحق للمواطنة ،األمر الذي يتطلب ترسيخها ،وهو ما أشـــار إليه بصريح العبارة جاللة الملك محمد السادس في خطاب العرش لسنة 2000بالقول: «سيرا على هذا النهج القويم وبعون من اهلل وتوفيقه كان منطقنــا مولين كبير اهتمامنا لترسيخ دولة الحــق والقانون، فأعطينا مفهوما جديدا للسلطة تجعلها ترعى المصالح العمومية ،وتدبير الشؤون المحلية وتحفظ األمن واالستقرار وتسهر على الحرية الفردية والجماعية وتنفتح على المواطنين في احتكاك مباشر بهم ،ومعالجة ميدانية لمشاكلهم وإشراكهم في هذه المعالجة.»...
(البقية ص)12
إعداد :د .محمد البوشوكي دكتور في القانون العام mohamedelbouchouki@gmail.com
الجهوية المتقدمة و إشكالية تدبير الكفاءات؟
تعتبر الجهوية المتقدمة مشروعا مجتمعيا هاما ستكون له انعكاسات على كل المجاالت االجتماعية واالقتصادية للمواطنين ،ونظرا لما ينتظر من تبني هذا الورش الكبير من أثار إيجابية على جميع المستويات فإن األطراف المعنية مدعوة إلى التعبئة من أجل إنجاح وضمان سيرورته ونجاعته . ونظرا إلى المهام الجسيمة الموكلة إلى جميع المتدخلين في هذا الورش الهام من منتخبين وسياسيين محليين وموظفين وإداريين باإلدارات الالمركزية في بلورة وتنزيل مضامين الجهوية المتقدمة وتفعيل سياسات عمومية محلية فعالة ،يبقى السؤال المطروح وبإلحاح ،هو دور العنصر البشري في رفع قدرات الجهات علما أن القانون التنظيمي للجهات يشدد على أن تعمل الدولة والجهات على جعل إشكالية تنمية الكفاءات التي تتحمل المسؤوليات في صلب انشغاالتها وبشكل جدي. أسئلة عدة تطرح حول موضوع الكفاءات في صلب الجهات من قبيل أي دور للكفاءات في تنزيل ورش الجهوية المتقدمة ؟ هل األحزاب قادرة على إنتاج وتأطير نخب مسؤولة إلنجاح هاته التجربة ؟ هل هناك وعي جماعي بمقدوره تثمين وتقييم هذا الورش المعول عليه في رفع وتيرة التنمية بالبالد ؟ علما أن المسؤولين على الجهات حاليا يعتبرون من النخب الوطنية من وزراء سابقين وأمناء أحزاب كبيرة وأطر حزبية المعة . ويتميز عمل الدولة على هذا المستوى بثالث خاصيات كبرى .فهو من جهة يعنى أساسا بالجماعات المحلية ،وهو من جهة أخرى يجري حسب منهج يكاد يكون حصريا ،هو التكوين المستمر ،وهو من جهة ثالثة يعتبر عمال يكاد يعود الفضل فيه كله إلى قطاع وزاري واحد ،هو وزارة الداخلية . ولكي نجيب على األسئلة السالفة الذكر ال يمكن أن نغفل التدابير أو التوصيات التي جاء بها تقرير المجلس اإلقتصادي واإلجتماعي والبيئي حول «تدبير وتنمية الكفاءات البشرية’’ رافعة أساسية لنجاح الجهوية المتقدمة» بتاريخ 28فبراير 2013وذلك عبر ثالث فئات من التدابير . تدابير اإلصالح الشامل المتخذة على مستوى اإلدارة ،مثل حظر التوظيف في ساللم األجور المصنفة من 1إلى ، 4ودعم إطار الحركية وإعادة انتشار ،وإلى حد ما ،التشجيع على المغادرة الطوعية. تمكين اإلدارات من عدد من األدوات والتقنيات وكتيبات اإلرشاد الرامية إلى مساعدتها على اإلنخراط في مسعى حديث لتدبير الموارد البشرية ،وذلك على الخصوص عبر التخطيط المسبق إلعداد العاملين ومناصب الشغل والكفاءات. اإللزام القانوني لإلدارات بتنظيم مبادرات نوعية للتكوين المستمر لفائدة مصالح الالمركزة وإن كانت هذه الخطوات ،المسماة أعمال للتكوين اإللتقائي منصوصا عليها في النص الخاص بالتكوين المستمر ،إال انه قليل ما يتم تحقيقها على أرض الواقع. إذن هي تدابير ممكنة وليست بالصعبة لتمكين الجهات من تسيير وتدبير فعال ناجع للرفع من وتيرة التنمية على الصعيد الجهوي والوطني هذا مع حث األحزاب والمجتمع المدني على تأطير واقتراح النخب واألطر القادرة على استيعاب التطلعات والمتطلبات والحد من الحسابات السياسوية الضيقة التي ال زالت تعيق مسار التنمية وتعطل عجالت الورشات الديمقراطية بالبالد. زيادة على ذلك فإن المصالح الالممركزة لإلدارات معنية كذلك ،بصفتها جزءا ال يتجزأ من اإلدارة المركزية ،بتدابير ذات طابع عام تتخذها الدولة بهدف الرفع من مستوى اإلدارة ودعم قدرة مصالحها على مواجهة متطلبات التنمية االقتصادية واالجتماعية ،وعلى مواكبة أكثر فعالية وصرامة لمسلسل تحديث البالد ،فالجهات مدعوة إلى تولي مسؤوليتها ضمن المكانة التي يخولها لها الدستور وتقديم مساهماتها من أجل تصحيح عيوب النموذج الحالي والحد من الفوارق وعدم المساواة الترابية والمضي قدما على طريق العدالة االجتماعية . من هنا تكمن مدى أهمية تدبير الكفاءات جهويا ووطنيا ،فالعنصر البشري الفعال هو الضامن الوحيد إلقامة مجالس جهوية ديمقراطية سليمة ،تجعلها منتخبة بشكل عقالني ذو مصداقية ومقبول سياسيا وإجتماعيا يؤسس لثقافة سياسية جديدة روحها الحوار البناء متعارض مع كل ما هو فئوي وسياسوي ضيق ،من هنا تتضح العالقة بين الجهوية المتقدمة والكفاءات، إذ يستحيل تنزيل هذا الورش الكبير الهام دون إعطاء الفرص للنخب القادرة على تقييم وتثمين التدابير الالزمة إلنجاح هكذا مشروع وطني معول عليه للحد من الفوارق المجالية وتثبيت العدالة اإلجتماعية. إضافة إلى ذلك ولكي تكون الجهوية المتقدمة سياسة تدبيرية للترشيد والتنمية ال بد أن تتوفر على مجموعة من المستلزمات البشرية والتنظيمية والمادية الضرورية لإلنتقال بها من الخطب إلى الممارسة والسلوك الديمقراطي أساسه كفاءات في مستوى المشروع الحداثي قادرة على إتخاد القرار بكل حرية في ما يتعلق بتدبير وتسيير المجالس محليا وجهويا وبشكل شفاف وسليم ،إذ ال ديمقراطية بدون ديمقراطيين ،مع الحث قانونيا على بند الشرط المعرفي للمسؤولين واإلصالح الشمولي للموارد البشرية الجهوية وإعادة النظر في آليات إنتاج النخب الجهوية والوطنية الالزمة لدولة الحق والقانون . و بإختصار شديد فالكل معني من دولة وأحزاب سياسية ومجتمع مدني بحسن تدبير الموارد البشرية والكفاءات للتطلع إلى سياسة جهوية فعالة للقيام بأدوارها ،من صميم تعزيز مسار الالتمركز اإلداري وإرساء الديمقراطية المحلية والتشاركية وفق نموذج تنموي مغربي
خالص من المغاربة وإلى المغاربة.
العدد 1018
الشمال القانوني
التدبير التشاركي والمشاركة المواطنة كمدخل للتنمية الجهوية
(تتمة ص)11 وركز جاللة الملك على مفهوم المواطنة والمشاركة في العديد من الخطب الملكية منذ اعتالئه العرش ،حيث أشار جاللته« :أن المواطنة التي نريدها ،ال ينبغي أن تختزل في التوفر الشكلي على بطاقة تعريف أو جواز سفر ،وإما يجب أن تجسد في الغيرة على الوطن واالعتزاز باالنتماء إليه والمشاركة الفاعلة في مختلف أوراش التنمية وتوسيع إشعاعه العالمي» كما دعا «جاللة الملك جميع المغاربة لالنخراط الفاعل والتلقائي، في كل المبادرات التنموية التي نطلقها، وإلى التنافس في تحقيق مقاصدها» والحظ جاللته أنه مهما تكن المكاسب الهامة التي حققناها ،فإن طموحنا لتوفير الغد األفضل، الذي نريده لكافة فئات جهات وطننا ،يجعلنا نعتبرها حافزا على مواصلة العمل ،سبيلنا إلى ذلك االلتزام بالوطنية الصادقة ،وروح المواطنة المسؤولة ،وتفعيل التربية على التضامن والتشارك ،وعلى ثقافة االبتكار والمبادرة». إن إشراك السكان له واقع إيجابي على عدة مستويات إذ يتيــح لهــم على سبيل المثال: • قدرة أكبر على تأكيد الذات ،ممارســة حرية التعبير ،فضال عن معرفـــة القانون، حسن التضامن. • تملك أقوى للمشاريع ،شعور بأن صوتهم مسموع ،وأنهم أهل للمسؤولية، مما يجعلهم أكثر حرصا على تطبيق وتتبع تلك المشاريع ،أما بالنسبة للمسؤولين فإن هذا اإلشراك يساعد على اتخاذ أحسن القرارات لدى القيام بالتشخيصات وتحديد السياسات ،وكذا على تقديم خدمات أكثر استجابة للحاجيات ،كما أن معرفة الجمعيات بالساكنة والمجال الترابي الذي تعمل فيه زيادة على مرونة هياكلها وطرق عملها يجعل الجمعيــات صلة وصل هامــة مـــع الفاعلين المؤسساتيين في مجال التنمية المحلية ،وإشراكها يساهم في تفعيل دورها في الجهة وذلك انطالقا من: • قوتها اإلقتراحية والترافعية واليقظة ومساءلـــة السلطـــة العموميـــة والهيئات المنتخبة. • مساهمتهــا في توعيــة وتحسيــس المواطنين والمواطنـات في إطـار تنميـــة الثقافة الديمقراطية والتعبئة واإلشــراك المتزايـــد للسكان ،خصوصا األكثر هشاشة منهم في حياة الجهة. • مشاركتها في إنجاز مشاريع تنموية، وذلك بجعل المجموعــة التي ينتمــون إليها تستفيد من اإلمكانيات المعرفية والمهارية، التي تتوفر عليها والتي يمكن أن تقلص
من تكاليف بعض الخدمات ومن خالل إنجاز مشاريع في إطار تعاقدي متعدد األطراف. وقد أثبتت التجارب الدولية بأن فضائل المشاركة ال ترتبط فقط بما يرصد لها من أهداف ،بل تتعداها إلى المسارات المؤدية لذلك ،خالل العقود األخيرة ،برزت وتطورت عدة أشكال وآليات للمشاركة المواطنة في أمريكا الالتينية وأوروبا وغيرها مثل لجان األحياء ،لجان المستفيدين من الخدمات العمومية ،مجالــس استشاريــة ،إلشـــراك جمعيات ذات اهتمام تنموي عام أو قطاعي أو فئـــوي ،منتديـــات المواطنين ،مجالس الشركات ،المبادرات الشعبية. وهذا ما كرسه نص دستور المملكة لفاتح يوليوز 2011في فصله 139على أنه «تضع مجالس الجهات ،والجماعات الترابية األخرى ،آليات تشاركيــة للحوار والتشــاور، لتيسير مساهمة المواطنــات والمواطنين والجمعيات في إعـــداد برامـج التنميـــة وتتبعها ،كما يمكن للمواطنات والمواطنين والجماعـــات حسب الفصل 139من نفس الدستور تقديم العرائض ،الهــدف منهــا مطالبة المجلس بإدراج نقطة تدخل في اختصاصه ضمن جدول أعماله. فتطبيــق هـذه المقاربــة الجديـــدة سيساهم في إشاعـــة ثقافــة المشاركة المواطنة ،التي كان غيابها في فترات سابقة سببا من أسباب تسيير اإلدارة الترابية بمقاربات الضبط األمني ،كمـــا ستساهـــم في انخراط جميع الفاعليـــن من منتخبين ومجتمع مدني ومواطنيـــن في أوراش التنمية الجهوية إلى جانب رجال السلطة، وهو ما سيخفف من عبء العمل وضغطه على هذه الفئة األخيرة ،مع عقلنــة اتخاذ القرارات الصائبة في جل المشاكل اليومية للمواطنين.والتي ستنجح ورش الجهوية المتقدمة التي تعتبر القاطرة األساسية وأحد الحلول والمداخل الممكنة من أجل تجاوز إشكاليات الحكامــة الجيدة ،والنمو االقتصادي ،والتنمية البشرية ،لكن هذا لن يتحقق إال في ظل نخب جهوية مؤهلة قادرة على إنجاح الجهوية المتقدمة ،وتفعيل حقيقي للمبادئ والهيئــــات الدستورية، من محاسبة وجودة وشفافية ومسؤولية تخضع لها المرافق العمومية ،ومن هيئات للمناصفة ومحاربة أشكال التمييز ،ومجلس للمنافسة ،وهيئة وطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها ،وانخراط واع وفاعل وواسع للمواطن في تدبير الشأن الجهوي، كل هذا من أجل إنجاح جهوية متقدمة مستوعبة لجل التطلعات ،وحــال ممكنـــا لمختلف اإلشكاليات والمشاكــل ،وقــادرة على تحقيق تنمية اقتصادية وبشرية تنتقل ببالدنا إلى مصاف الدول المتقدمة.
الثالثـاء � 07إلى 11نـوفمرب 2019
12
الالمركزية مالها وما عليها ()10/2 في تعريف الالمركزية الترابية وأبعادها
المركزية هي األم البيولوجية لجميع األشكال المعاصرة لتنظيم التراب الوطني والمحلي .فإذا استعرنا مجازا الصياغة األدبية من مقدمة األناجيل األربع- ،مع كامل االحترام والتوقير لمنتسبي هذه الديانة ،-أمكننا صياغة ذلك كاآلتي« :في بدء التنظيم الترابي كانت المركزية ،والمركزية كانت بيد الملوك والحكام ،بها كل شيء كان، وبغيرها لم يكن شيء مما كان». أي أن المركزية هي األصل التي من خاللها تطورت اإلدارة وتنظيمها لترابها عبر التاريخ إلى أن وصلت في حلتها المتعارف عليها اليوم .يمكن تشبيه األمر برمته بالخلية األم التي انقسمت إلى عدة خاليا ،فأفرزت لنا مثال التركيز والالتمركز أو عدم التركيز والالمركزية، إلخ .وكل واحدة من هذه الخاليا انقسمت بدورها إلى زمرة من الخاليا المصغرة .هكذا نجد الالمركزية قد إبراهيم مراكشي انقسمت إلى المركزية ترابية ،والمركزية سياسية ،والمركزية إدارية ،وال مركزية أستاذ القانون العام مرفقية ،والمركزية اقتصادية ...إنه جامعة عبد المالك السعدي «طنجة» تطور بيولوجي ال يتوقف وال ينضب ،فآخر الخاليا -وليست األخيرة-التي انبثقت للوطن .كما لم يعمل المغرب على إدماج المبادئ عن الالمركزية الترابية هي الالمركزية الدولية ،التي كانت تؤسس مؤسساته العريقة بالعالم وذلك حينما تمكنت بعض الجماعات في الدول القروي المتمثلة في الجماعة ومجلس األربعين األكثر تقدما ،أن تحقق نجاحات تفوق بكثير عن ضمن بوتقة مجالس جماعاته الترابية. غيرها من الجماعات ،لدرجة جعلتها من القوة في هذا السياق ،تم تغييب األسس العامة التي مكنتها من مزاحمة مركز دولها في بعض التي تحكم وضع لبنات أو األسس األولى للتنظيم االختصاصات الدبلوماسية والدولية .يتعلق األمر الالمركزي .فقد تم نهج الالمركزية دون تحديد بجماعات حضرية أصبحت غنية لدرجة أن تمكنت ما هي المصالح واالحتياجات المحلية التي تعاني من انتزاع عنوة من المركز ،بقوة الواقع وليس منها مختلف مناطق المغرب ،لكي تستجيب لها بنص القانون ،جزء من صالحياته على الصعيد الجماعات .فالالمركزية ما يبررها أوال وقبل أي الدولي ،كجماعة باريس وجماعة طوكيو على شيء آخر هو اعتراف من المركز بوجود مصالح سبيل المثال .لنا عودة لهذا الموضوع. محلية تختلف عن المصالح الوطنية .في الحقيقة تعريف الالمركزية الترابية لهو من أبسط ال ندري ما هي المعايير التي استند إليها المشرع األمور في مجال القانون اإلداري .ولعمري هو في تحديد الئحة اختصاصات الجماعات .وعندما أبسط سؤال يمكن أن يجيب عنه طالب سنة أولى عهدت إلى هيئات محلية منتخبة اإلشراف على كلية حقوق .لكن أية إجابة؟ عندما يتعلق بهذا هذه المصالح وتدبيرها ،لم يركز المركز كثيرا السؤال نجد الفقه اإلداري المغربي فضل أن يسلك على مسألة نزاهة وشفافية االنتخابات ،مما أصاب الطريق السهل ،فاكتفى مثال بتعريف الالمركزية الجماعة في مقتل بسبب حدوث تفاعل سلبي على ضوء المركزية ،كالقول مثال أن الالمركزية للمواطن مع الجماعة ،مادامت اختياراته في نهاية هي نقيض المركزية؛ أو أن يشير إلى محورية المطاف ال تحترم .وبدون تفاعل بين المواطن السلطة المركزية في منح بعض االختصاصات وجماعته ،يفقد العمل الجماعي الكثير من جاذبيته للجماعات تحت مراقبتها وإشرافها ،إلخ .مع العلم ولمعانه .الالمركزية الحقة عمادها المواطن .أيضا إلى وجود خلط لدى جانب كبير من الفقه بين من بين األسس التي لم يتم احترامها ،والتي تعد مفهومي االختصاصات والصالحيات ...إلى غير من محددات الالمركزية نجد استقالل المجالس ذلك من التعريفات ،التي ال يمكن وصفها سوى المنتخبة في ممارسة اختصاصاتها عن المركز ،أي بالسطحية. السلطة المركزية .في هذه النقطة بالذات ،أثقلت إن مسألة تحديد تعريف واضح ودقيق الجماعات بمختلف أشكال الرقابة بشكل قيد من وشامل لالمركزية ليست من األمور الثانوية حرية تدخل الجماعات وتصرفها ،وأفرغ الالمركزية الشكلية التي تأثيرها ال يتعدى حدود أنفها! من أهم مضامينها. بل هي ،بالنسبة لجميع الدول التي أخضعت الخالصة أن السلة المركزية قررت نهج لالستعمار المباشر التقليدي ،مسألة جوهرية الالمركزية في تدبير ترابها دون احترام المبادئ وتكتسي أهمية بالغة .وبطبيعة الحال ،ال يمكن العامة الرئيسية التي تحكمها .عالوة على كل استثناء المغرب من خريطة هذه الدول .لكن لماذا ما سبق ،اختيار نهج الالمركزية لم يكن نتيجة يكتسي تعريف الالمركزية كل هذه األهمية؟ فلو انصهار تفاعالت اجتماعية وصراعات سياسية طرحنا مثل هذا السؤال لدى الفقه اإلداري في داخلية ،كما حدث في أوروبا الغربية. فرنسا أو ألمانيا أو اليابان لبدى السؤال في غاية االنطالقة من األساس كانت خاطئة، البالدة وجمود التفكير. وبالتالي لقد شاب تطبيق التجربة العديد من إال أنه ليس كذلك بالنسبـة للدول التي التشوهات الخلقية .والسبب يعود إلى جملة من وجدت نفسها فجر حصولهـا على استقاللها العوامل ،البعض منها عناوين كبرى ،فيما البعض حائرة ،بعد أن هُدمت بنيات تنظيمها التقليدي مجرد تفاصيل بسيطة وجد دقيقة ،لكنها مؤثرة للتراب ،وليس أمامها سوى االقتباس ممن كان بشكل يفوق حجمها الطبيعي .في مقدمة هذه مستعمرها باألمس القريب .بل نجد أنه من بين التفاصيل ،نجد أن األطراف الفاعلة أغفلت التوافق شروط منحها «االستقالل» إلزامها واجبارها على على مضامين الالمركزية انطالقا من تعريف ربط بناء وتطوير ترسانتها القانونية وتنظيمها شامل ودقيق ومتفق عليه .كيف يمكن لمجرد اإلداري الترابي بالبلد الذي استعمرها ،والتزامها التعريف أن يكون له مثل هذا التأثير؟ بعدم تغيير القوانين التي تركها المستعمر إال بعد إعطاء تعريف لالمركزية ليس مجرد ترف انقضاء فترة زمنية محددة .وهذا ما يفسر لنا بقاء فكري ،عبارة عن جملة منمقة ،ولكنها األساس قانون االلتزامات والعقود بالمغرب مدة قرن من التي من خاللها -أي التعريف -سيساعد أصحاب الزمان تقريبا دون أن يطاله أي تعديل. القرار على تحديد أية مركزية يريد ،وبأية وسائل هذه الدول وجدت نفسها غداة االستقالل وآليات ،وبأي مضمون وأهداف ،إلخ .بمعنى آخر مجبرة على تنظيم ترابها المحلي وتقسيمه إلى وضع النموذج الذي يناسب المغرب ويراعي بيئته وحدات ترابية متباينة الحجم ،محافظة على اإلرث المتنوعة إثنيا .من بين األخطاء التي ارتكبها الذي تركه لها االستعمار .ففي المغرب مثال إرث المغرب وضعه لنموذج غير مرن يطبق على المستعمر الترابي المتجسد في المغرب النافع جميع الجماعات ،على قدم المساواة دون مراعاة والمغرب غير النافع؛ سار عليه وعلى خطاه التقسيم التفاوتات الكبرى بينهم من حيث المساحة الترابي مع بدايات االستقالل؛ بصيغة أخرى ،كيف والسكان والتركيبة اإلثنية والثروات .فال يعقل يظل المغرب النافع دائما غنيا ،ألنه يشكل دعامة مثال أن يساوي نص القانون بين جماعة صغرى الستقرار مركزية السلطة ،وكيف نجعل من المغرب وفقيرة مثل جماعة قلعة مكونة وجماعة كبرى غير النافع دائما فقيرا ،ألنه عبر التاريخ كان مصدر وغنية كجماعة الدار البيضاء في االختصاصات .أي معنى ألصحاب القرار إذا كانت قراراتهم ال تقود تمرد وقالقل للسلطة المركزية ،والزال. المغرب كان من بين الدول التي اضطرت إلى االستقرار والثبات؟ فغداة فجر االستقالل حينما قرر المغرب وضع إلى استيراد قالب جاهز للتنظيم الترابي الالمركزي من فرنسا ،قبل أن تضطر فيما بعد إلى تقويمه أولى لبناته القانونية في مسار الالمركزية الترابية وفقا لمصالحها الخاصة ،وعلى ضوء النتائج التي لم يحصل أي اتفاق أو توافق بين األطراف الفاعلة أفرزها التطبيق األولي .غير أنه لم يكن أبدا نتاج على تعريف واضح يحدد إطارها العام .كان األمر بيئة وطنية خالصة ،نابعة انطالقا من دراسات شبيها باإلبحار ليال دون بوصلة وفي سماء مظلمة ميدانية وبعد تحديد ما يناسب المصلحة العليا بال نجوم.
بمعنى آخر ،فإن تعريف الالمركزية ينبغي أن يشكل المنطلق المتين ،الذي عبره سيتم تشييد سقف التنظيم برمته ،وبدونه سينهار إن لم يكن مضمونه محددا بدقة ومتفق عليه بين مختلف األطراف الفاعلة داخل النسق السياسي .هل بالتعريف فقط؟ طبعا ال ،ولكنها اللبنة األولى في التنظيم، وعلى ضوئها سيتم الشروع في بناء التنظيم الترابي الالمركزي .إن إهمـــال مثــل هذه التفاصيل الدقيقة تعد على العموم من أسباب فشل االستراتيجيات التنموية الكبرى بالمغرب .بل األمر من ذلك ،فقد تم التعاطي مع ملف الالمركزية في بداية االستقالل كملف ثانوي ،كان الحضور فيه قويا للمصالح الشخصية الضيقة على حساب المصالح الوطنيةالكبرى. لقد كان لهذه االعتبارات أثرها السلبي على الفقه اإلداري المغربي ،إذ كان خجوال في محاوالته لتقديم تعريفات لالمركزية. في الواقع ،اختلف أساتذة القانون اإلداري المغربي بخصوص تعريف موحد لالمركزية؛ بيد أنه عند الرجوع لمؤلفاتهم وأعمالهم األكاديمية ،نجد تعريفات ال تخرج عن السياق اآللي ،أو على أقل تقدير تدور في فلكه :آلية من آليات تدبير السلطة وتنظيم التراب من خالله يتم توزيع االختصاصات اإلدارية بين الحكومة ومجالس منتخبة و/أو محلية تمارس صالحياتها تحت إشراف الحكومة ورقابتها .إن هذا التعريف يبدو سليما ،ال تشوبه شائبة فأين مكمن الخلل إذن؟ خالل محاوالته لتعريــف الالمركزية استند الفقه اإلداري المغربي واستأنس بتعريفات الفقه اإلداري الفرنســي ،التي جــاءت لكي تستجيب لخصوصيات تجربتها؛ وبالتالي في تعريفه لم يتطرق الفقه المغربي إلى االنتخابات ،والشفافية، والديمقراطية ،أو حتى إلى الغاية من الالمركزية وأهدافها ،وذلك لسبب بسيط ،وهو أن هذه المقتضيات تعد من المسلمات البديهيات في الجمهورية الفرنسية .فمثال ال أحد هناك يشك في نزاهة االنتخابات أو في مدى مصداقية مؤسساتها الديمقراطية .إن مجرد طرح مثل هذه األسئلة في فرنسا تضع صاحبها في خانة الجمود الفكري. إن جل التعريفات التي أعطيت لالمركزية من لدن الفقهاء المغاربة تندرج ضمن خانة التعريفات اإلدارية الشكلية .ركزت على الوظائف اإلدارية، وأغفلت التطرق إلى الجوانب السياسية لالمركزية وأبعادها التنموية .وفي هذا اإلطار ،ظهر الفقه المغربي وكأنه ،في ظرفية تاريخية فارقة تميزت باشتداد اآللة القمعية للسلطة العمومية ،تجنب الدخول في صدام قوي ومباشر معها .بل يحز في النفس ،أن نجد بعضا من هذا الفقه نتيجة العتبارات سياسية وايديولوجية قد انحاز لمنطق الدولة ولسلطوية سلطتها المركزية في تعاملها مع الجماعات الترابيــة ،وذلك خالل عهــد وزير الداخلية السابق السيد إدريس البصري ،الذي جعل من وزارة الداخلية أم الوزارات ،بل حكومة مصغرة قائمة الذات. الالمركزية هي أكبر من مجـرد عمليــة توزيع لالختصاصات بين المركز والهيئات المنتخبة المحلية تحت إشراف ومراقبة الحكومة المركزيـــــة كما عملت على توضيحها وتبيانها الفقه اإلداري المغربي .فليس بمجرد تحقق ذلك وتحوله ألمر واقع يكون المغرب قد أسس تنظيمه الترابي الالمركزي .القضية أعمق من ذلك بكثير. هل غاية الالمركزية فقط تخفيف العبء عن المركز وربح الوقت عبر اختزال المسافة الزمنية وتقليص المسافة المكانيـة بمنـــح الجماعات صالحيات التدخل ضمن مجاالت محددة سلفا؟ أم أن الالمركزية أبعد من مجرد ذلك؟ في الواقع ،تعريف الالمركزية بالمغرب سيظل قاصرا وناقصا في بنيته التركيبية مادام لم يأخذ في االعتبار الجوانب المرتبطة بمبادئ الحكامة (الشفافية ،النزاهة ،االستقاللية ،المحاسبة ،إلخ،). وبمبادئ الديمقراطية وقيم المواطنة. آخذين بعين االعتبار هذه العوامل ،يمكن تعريف التنظيم الترابي الالمركزي كاآلتي :آلية للتدبير الحكماتــي للتــراب الوطنـي بموجبها يتم منح لوحدات ترابية محلية ،منتخبة بشكل ديمقراطي ،مجموعة من الصالحيات واالعتمادات المالية الكافية قصد تدبير الشؤون اليومية لساكنتها بشكل يساهم في تعزيز قيم المواطنة وتحقيق رفاهية الفرد واسعاده. في هذا اإلطار ،ال بد من توفير الضمانات الضرورية للمواطن التي تجعل منه عنصرا مؤثرا، يتفاعل بشكل إيجابي ويساهم بفعاليــة في صناعة القرارات التي تهم حياته اليومية العامة .إن الالمركزية الترابية أصبحت تشكل ليوم مدرسة للديمقراطية المحلية ،ولزرع قيم المواطنة .ماذا عن مستويات الالمركزية؟ هذا السؤال سيمثل محور المقال المقبل.
العدد 1018
الشمال القانوني
الجهوية المتقدمة بالمغرب ورهان الحل السياسي
الثالثـاء � 07إلى 11نـوفمرب 2019
الجهة كأرضية لتنزيل النموذج التنموي الجديد
د .أحمد الجراري
دة .سعيدة الكداري
باحث في العلوم اإلدارية و المالية،
دكتورة في القانون العام إن الحديث عن الجهوية المتقدمة يكتسي راهنيته بالنظر للحركية التي تعرفها بعض الجهات( ،التغيير في رئاسة جهة طنجة -تطوان الحسيمة) ،وكذلك بالنظر النطالق التوطينالمعياري لهذه المؤسسة(ميثاق الالتمركز اإلداري) ،وكذا بالنظر للنقاش الدائر حول ملف الصحراء المغربية ( تمديد مجلس األمن لمهمة بعثة المينورسو في الصحراء) .في هذا اإلطار يطرح السؤال حول الحافز الذي يمكن أن تولده الجهوية المتقدمة في بلورة حل سياسي لقضية الصحراءالمغربية؟ هذا المقال هو محاولة الستعراض بعض األفكار حول عالقة الجهوية المتقدمة برهان الحل السياسي. بداية إن جل النقاشات المرتبطة بالجهوية تندرج في صلب الخطابات المرتبطة بتقييم ومساءلة آثار ونتائج مجمل التجارب التي مرت منها السياسة الجهوية بالمغرب ،والتي من شأنها أن تكرس منعطفا جديدا يتجاوز كافة المقاربات التقليدية المتعارف عليها في هذا المجال ،على اعتبار أنها مؤسسة قائمة لم تستنفذ إمكانياتها بعد ،لكنها مع ذلك لم ترق إلى مواكبة المستجدات التي يعرفها المغرب والمرتبطة أساسا بقضية الوحدة الترابية، والتي تحتم إيجاد حل لقضية الصحراء بتصور جديد للتنظيم الجهوي ،يقوم أساسا على تنظيم خاص يوفر للجهات استقاللية ذاتية على أساس ديمقراطي. وعلى هذا األساس ،فالحديث عن الجهوية ال يمكن أن يكون من دون الحديث عن الظرفية العامة التي أكدت على ضرورة تفعيل الجهوية وتبنيها كخيار استراتيجي للمغرب ،لكونها إحدى اللبنات األساسية التي تقوم عليها الدولة الديمقراطية الحديثة ،وباعتبارها كذلك تنظيما محليا يتمتع بنوع من الخصوصيات ويهدف إلى تحقيق تنمية شاملة ،في إطار تضامني بين المركز والجهات. لقد كان التأكيد على أولوية وضرورة فتح ورش إصالحي يقوم أساسا على الربط بين مسألة الوحدة الترابية والجهوية ،في إطار منظومة تطوير الحكامة على المستوى الوطني من جهة ،وبغية تأسيس دولة الجهات وإعادة االعتبار لعالقة المركزي بالمحلي من جهة أخرى، ألن الجهوية باعتبارها أسلوب جديد للحكامة الترابية ،ووسيلة للتنمية ،ستعمل على تقييم نجاح أو فشل سياسة جهة معينة ،بدل التركيز على سياسة الدولة بأكملها والتي تصاغ بعيدة عن متطلبات وحاجيات الجهات ودونما استغالل لمؤهالتها سواء المادية أو البشرية. وبشكل جدي ،كان التزام المغرب بالبحث عن حل لمشكل الصحراء المغربية في إطار السيادة الوطنية ،جعل من مقترح الحكم الذاتي وتفعيل الجهوية خياران ضروريان لتحقيق الديمقراطية أوال والتنمية ثانيا ،وهما من بين األهداف التي أعلن عنها جاللة الملك محمد السادس في خطابه بمناسبة تنصيب اللجنة االستشارية للجهوية’’ ...انبثاق مجالس ديمقراطية ،لها من الصالحيات والموارد، ما يمكنها من النهوض بالتنمية الجهوية والمندمجة ،فجهات مغرب الحكامة الترابية
13
الجيدة ،ال نريدها جهازا صوريا أو بيروقراطيا، وإنما مجالس تمثيلية للنخب المؤهلة لحسن تدبير شؤون مناطقها’’. ومن هنا ،اعتبر ورش الجهوية المتقدمة، في أفق تنزيل مبادرة الحكم الذاتي في األقاليم الجنوبية ،مدخال أساسيا لجملة من اإلصالحات، أهمها إعادة النظر في نظامي الالتمركز والالتركيز ،والعمل على تعزيز الديمقراطية المحلية لتفعيل مسلسل اإلصالحات التنموية التي أضحت أولوية وطنيــة لدى النظـــام السياسي المغربي ،غير أنه من الصعب نجاح هذا المسلسل اإلصالحي دون أن يكون لدينا تشخيص عام ورؤية شاملة لكل متطلبات المجال الجهوي باختالف خصوصياته ،وأن يكون هناك تفاعل بين المركزي والمحلي لكي نكون أمام جهوية فاعلة ومتفاعلة في اآلن نفسه. إن اعتماد المغرب مبدأ الحكم الذاتي القائم على الجهوية في تدبير ملف الصحراء المغربية ،اقترن بتدرج وتطور مسار الجهوية بالمغرب ،وذلك عن طريق جعل الجهة فضاءا جديدا للنقاش ،وتنسيق المجهودات بين مختلف الفاعلين ،بالكيفية التي تمكن من تفعيل الالمركزية من جهة ،ومن جهة أخرى لكي تحظى جميع الجهات بما فيها األقاليم الصحراوية باستقالل ذاتي يمكنها من تدبير شؤونها المحلية باستقاللية أكثر. ولهذا ،كان منح صالحيات واسعة للجهات، ما هو إال تطبيق عملي لخيار الحكم الذاتي الذي اقترحه المغرب ونموذج يحتذى به لتسيير الشأن المحلي بنوع من االستقاللية يهدف تحقيق التنمية الشاملة ،لكن دون االنسالخ عن الوحدة الوطنية ،ونظرا ألن الجهوية نظاما يسمح ببناء سياسات جهوية متنوعة تراعي الخصوصيات، وتتباين في درجة أهدافها ومستواها ،فإنه سيمكن من فسح المجال لتنافسية القرارات والسياسات الجهوية نحو األفضل. وفي نفــس السيــاق ،تعتبــر الجهويـــة المتقدمة بوصفها شكال من أشكال الجهوية السياسية التي تسمح بأقصى درجات الالمركزية في إطار الدولة الموحدة دون الوصول إلى مستوى الدولة الفدرالية وسيلة لتحديث الدولة دون تجزئة سيادتها ،وبالتالي تكون خير أداة لتمتيع الجماعات الترابية بأكبر قدر ممكن من االستقاللية ،وتدفع في إطار دعم الوحدة الترابية. ومن هنا ،يمكــن القــول بأن الجهويــة والالمركزية في أوسع معانيها وتجلياتها ،وكذا في إطار الحفاظ على السيادة الوطنية ،الخيار األنسب لتجاوز مشكل الصحـــراء المغربية، وستكون كذلك تجربة تؤثت إلصالح شامل لهياكل الدولة عن طريق ترسيخ الالمركزية والالتمركز اإلداري ،وكذلك االستثمار للمؤهالت والموارد الذاتية لكل جهــة في إطار مقاربة تشاركية هدفها تقوية الجهات وجعلها في خدمة الساكنة ،الشيء الذي يفتح آفاقا واسعة أمام الممارسة الجهوية ،ويسعى لتأهيل الجهة الستقطاب الفاعلين بمختلف مشاربهم ،وجلب االستثمارات كإحدى اآلليات األساسية لتحقيق التنميةاالقتصاديةواالجتماعية.
إطار بقطاع التعليم العالي. يعتبر البعد المجالي ركيزة من الركائز األساسية لتنزيل النموذج التنموي الجديد لحل العديد من اإلشكاالت االقتصادية واالجتماعية والثقافية؛ لذا على الفاعلين في الدولة التعجيل بالمساهمة الفعالة في بناء وتنزيل النموذج التنموي الجديــد الذي نـــادى به الملك منذ سنوات قليلة .والتربة الطبيعية والمالئمة لهذا النموذج هو الجهة بحموالتها السياسية واالقتصادية واالجتماعية والثقافية ،عوض إصدار القرارات وتنفيذها من العاصمة ،والغاية الفضلى هي ردم الهوة والفجوات المجالية بين المناطق ،وإعادة صياغة عالقة جديدة بين الجهات اإلثنى عشــر أساسها التضامن والتكامل. وعلى المستــوى الدستـــوري خصص دستور 2011حيزا واسعا من فصوله بل بابا بأكمله – الباب التاسع -للجهات والجماعات الترابية التي أصبحت هيئات المركزية تتوفر على آليات دستورية وقانونية للقيام بأدوارها كاملة ،و لتحريك عجلة التنمية الترابية.و محور هذه التنمية تجد نفسها في الفصل 136من الدستور الذي جعل «التنظيم الجهوي والترابي يرتكز على مبادئ التدبير الحر ،وعلى التعاون والتضامن ،وتأمين مشاركة السكان المعنيين في تدبير شؤونهم ،والرفع من مساهمتهم في التنمية البشرية المندمجة والمستدامة». و على المستوى التشريعي حدد المشرع المغربي للجهة اختصاصات مهمة ومصيرية بعد إصدار القانون المنظم لها رقم 14-111 بواسطة الظهير الشريف رقم 83-15-1بتاريخ 7يوليوز 2015وقد حدد هذه االختصاصات في :اختصاصات ذاتية ،واختصاصات مشتركة، واختصاصات منقولة. و هذه األنواع من اإلختصاصات ال يمكن أن تمارس إال في المجال الترابي الواسع هو الجهة باعتبارها البيئة واألرضية الطبيعية للنموذج التنموي كيفما كان نوعه وغايته؛ حيث يمكن القول في هذا الصدد بعد فشل المخططات التنموية السابقــــة والنموذج الوطني التنموي الحالي بشهادة جل التقارير الوطنية والدولية حول التنمية ،فقد أكد البنك الدولي في تقرير سنة « 2017المغرب في أفق »2040أن «المستوى المعيشي للمغاربة يعادل حاليا نظيره لدى الفرنسيين في عام 1950ولـدى اإليطاليين في ،1955واإلسبان في ،1960والبــرتغـــال في »1965ودعـــا التقرير إلى تعزيز العقد االجتماعي القائم على النهوض بمجتمع منفتح ،وإعادة تركيز عمل الدولة على مهامها السيادية وتنمية الرأسمال البشري. و قد ظهر عيب وخلل النموذج التنموي الحالي من خالل صياغة األوراش التنموية كاستراتيجيات قطاعية معزولة لم تكن ضمن سياسات عمومية مندمجة ،وبالتالي يعود فشل هذا النموذج إلى التردد في الحسم في الخيارات المتبعة في تدبير الشأن العام. فاليوم ال وقت لإلنتظار من أجل اإلسراع في تفعيل الجهوية المتقدمة ،فاالرتباط وثيق بين النموذج التنموي الجديد الذي يريده
المغرب ،وبين الجهوية المتقدمة ،فال يمكن الحديث عن تنزيل مضامين وركائز الجهوية المتقدمة بدون مشروع تنموي جديد يراعي الخصوصية المجالية والترابية للجهة ،كما ال يمكن وضع نموذج تنموي جديد بدون تنزيل ألهم مالمحه التي تراعي هذه الخصوصية؟ و نظرا لهذه العالقة الجدلية التي تربط األمرين ،كان من الضروري التعجيل بتنفيـذ هذا الورش الكبير ،وهو ما جعل جاللة الملك بمناسبة افتتاح الدورة األولى من السنة التشريعية الثانيــة من الواليــة التشريعيـــة العاشرة بتاريخ 13أكتوبر ،2017يعلن صراحة عن فشل النموذج التنموي الوطني القائم والذي أصبح غير قادر على االستجابة للمطالب الملحة والمتزايدة للمواطنين ،وغير قادر أيضا على الحد من الفوارق بين الفئات المجالية وعلى تحقيق العدالة االجتماعية،حيث دعا جاللته الحكومة والبرلمان ،ومختلف المؤسسات والهيئات العامة والخاصة المعنية كل في مجال اختصاصاته ،إلعادة النظر في النموذج التنموي الحالي لمواكبة التطورات التي تعرفها البالد. و قد أكد جاللته من خالل رؤيته السديدة من خالل الرسالة الموجهة إلى المشاركين في الدورة الرابعة لمنتدى «كرانس مونتانا» الذي احتضنته مدينة الداخلة خالل شهر مارس 2018من خالل اختياره للجهوية المتقدمة لتكون محور النموذج التنموي االقتصادي المغربي ،واعتبر في رسالته أن» الجهوية المتقدمة ليست مجرد تدبير ترابي أو إداري، بل هي تجسيد فعلي إلرادة قوية على تجديد بنيات الدولة وتحديثها ،بما يضمن توطيد دعائم التنمية المندمجة لمجاالتنا الترابية، ومن ثم تجميع طاقات كافة الفاعلين حول مشروع ينخرط فيه الجميع» و من أجل تحقيق العدالة المجالية في إطار الجهوية المتقدمة ال بد من مراعاة البعد المجالي والخصوصية لحل المعضالت االجتماعية واالقتصادية ،وتحقيق استدامة التنمية واالستقرار االجتماعي والسياسي عبر استثمار إمكانيات كل جهة أو إقليم ،وإحداث توزيع عادل ومنصف للثروات ،وتخفيف تمركز إنتاج الثروة في جهة أو جهات دون غيرها. ومن أجل الشروع في تفعيـــل هــذه اإلجراءات أعاد جاللة الملك التذكير بمناسبة الذكرى 66لثورة الملك والشعــب بتاريـــخ 20غشت 2019بالنموذج التنموي الجديد واإلعالن عن الغاية من تشكيل اللجنة الملكية لهذا النموذج والتي ستوكل إليها المهام األساسية التي تتمثل في إعادة التقويم واالستباقية واالستشراف ،أي دراسة مكامن الخلل في النموذج التنموي الحالي والسعي إلى البحث عن الحلول المالئمة لتصحيحها، مع األخذ بعين االعتبار مجموعة من المتغيرات االقتصادية وغير االقتصادية في الحاضر والمستقبل ،واقتراح آليات ناجعة لتفعيل هذه الرؤية السديدة وتتبعها وتنفيذها. كما أشار أيضا في نفس الخطاب إلى بطء تفعيل الجهوية المتقدمة حيث ركز في هذا
الصدد على ضرورة التطبيق األمثل للجهوية المتقدمة والالتمركز اإلداري ،بغية الرفع من مستوى االستثمار الترابي والعدالة المجالية. و بالرجــــوع إلى هـــذه المعطـيات والتوجيهات يمكن الجزم أن فشل النموذج التنموي الوطنـي يعود إلى أسباب متعددة منها ضعف الحكامـــة التدبيريـــة وضعف إشراك المواطـــن في العمليــة التنمويـــة بالرغم من الصورة المزيفة وغير الحقيقية للمشاركة السياسية عبر صناديق االقتراع والتمثيلية النيابية ،زيادة على هيمنة المقاربة التقنوقراطية عوض المقاربة التشاركية .وعلى هذا األساس فشل النموذج التنموي الحالي وأصبح التفكير منصبا على النموذج التنموي الجديد وطرق وأرضية تنزيله. فمن خالل الخطب الملكية والقوانين واألنظمة المعمول بها والنداءات المتكررة لجاللة الملك الموجهة للجميع من أجل االنخراط في الورش التنموي المصيري ،والذي لم يحسم في شكلياته ومضمونه بعد؟ يمكن من خالل مجموعة من المعطيات والمؤشرات رسم معالم هذا النموذج المنشود والمنتظر والتي يمكن تلخيصها في النقط التالية: • تسريع تفعيـــل الجهويـــة المتقدمـــة باعتبارها البيئة المناسبة لنجـــاح النمـــوذج التنموي المنشود. • ضرورة اإلســراع بنقل االختصاصات والكفاءات البشرية والمالية والماديــــة إلى الجهات بعد إخراج الميثاق الوطني لالتمركز اإلداري بالمرسوم رقم 618-17-2الصادر في 26دجنبر .2018 • تنمية وتعزيز الرأسمال البشري عبر الرفع من قيمة التكوين واالندماج المهني للشباب. • إرساء ميثاق اجتماعي جديد قائم على الثقة وتقليص الفوارق عبر الحماية االجتماعية وتقوية دور الطبقـــة الوسطى والتماســـك االجتماعي. • استهداف تحقيق نمـــو مستدام من خالل االستثمار األمثل لكل إمكانات البالد وفق التحوالت االقليمية والدولية. • تعزيز أرضية القيم الوطنية عبر جعل الثقافة والرياضة رافعتين للتنمية. و هذه الغايات لن تتحقق إال بتصحيح االختالالت التي شابت السياسات العمومية عبر ربط المسؤولية بالمحاسبة. و ضرورة توزيــع األنشطة والمشاريـــع االقتصادية واالجتماعية والثقافية بعدالة، مع توظيف وتسخير كل جهة لكل مؤهالتها الطبيعية والبشرية والحضارية حسب ما نص عليه الفصل 142من الدستور. و النهوض بقطــاع التعليم والثقافة والبحث العلمي والتكوين المهني نظرا للدور الريادي في إنتاج الكفاءات والمهن. و أخير تفعيل الدور الرقابي وتوفير أجواء الشفافية والحكامة التدبيرية ،وكذا تقوية دور اإلعالم باعتباره مؤثرا في كل القضايا السياسية واالقتصادية واالجتماعية.
الشمال القانوني
العدد 1018
الثالثـاء � 07إلى 11نـوفمرب 2019
14
سؤال المعارضة الجهوية بالمغرب: مداخل أولية
()3/1
د عبد المنعم لزعر باحث في العلوم السياسية والقانون الدستوري تعتبر الجهويات أحد أبرز المجاالت التمثيلية الصاعدة ،التي تتموقعبعيدا عن المجتمع ،قريبة من الدولة،في مقابل المحليات التي ينظر إليها كأقرب مجال تمثيلي للمجتمع وأبعد مجال تمثيلي عن الدولة ،وذلك ،في إطار هندسة معيارية ،توجيهية ذات بعد مزدوج، تؤسس لخريطة تمثيلية ...بديناميات ال تتوقف بالتوازي مع تبيئة مبدأ التفريع القائل« :دولة أقل ومحلي أكثر من أجل دولة أفضل» ،هذه التبيئة أفرزت على امتداد زمنية الفعل الجهوي بالمغرب مجاالت ترابية مندمجة في الثقل التقليدي واإلرث الطقوسي للدولة ومنفصلةعنه في نفس الوقت عبر دوائر معيارية معولمة تم تنزيلها بشكل هرمي تراتبي مراقب ومحروس... فالمجال الترابي بالمغرب ،يتميز بكونه مجاال ينتج من أجل إعادة انتاجه ،ويقسم من أجل إعادة تقسيمه ويوجه من أجل إعادة توجيهه ،...حيث يتداخل البعد المعياري مع االنتخابي مع الطقوسي... مع محددات أخرى ،لترتيب لعبة امتالك المجال أو تفويض امتالكه، سواء عبر بوابة الفعل االنتخابي أو عبر آليات التسويق السياسي أو عبر غيرها من بوابات العبور نحو الحكم الجهوي. فكما هو معلوم ،فإن سؤال لعبة االمتالك وفق هذا المعنى،ليس شأن الجميع جهويا ،وإنما هو شأن خاصة الخاصة ،بمعنى «النخب السياسية» ،التي تتناوب أو تتقاسم أو تتفاوض أو تتبادل فيما بينها األدوار التمثيلية والتدبيريةعبر شبكة من المواقع التي تتحكم في بناءات الفعل والقرار الجهويين ،ومن أبرز محاور هذه الشبكة ،الموقع الذي تمثله األغلبية والموقع الذي تمثله المعارضة في ترجمة سوسيو- سياسية لمنظومة االختالف وتناقض المصالح على مستوى الجهويات. وألن المجتمع السياسي الحر ال يمكنه أن يتجاهل التناقض الذي تتأسس عليه اآلراء والمصالح،فقد شكل وجود الحقول المضادة كآلية من آليات الديمقراطية أبرز تعبير عن هذا التناقض ،حيث تتكلف األغلبيات بالدفاع عن نموذجها في تملك الفعل الجهوي ،في مقابالضطالع المعارضة كحقل مضاد ،برسالته في كشف نقائص وعيوب وقصور هذا النموذج ،ومساءلة الطرائق والمنهجيات المعتمدة في الحكم الجهوي ،وبناء توجهات بديلة قابلة لتغيير بوصلة السياسات الجهوية في ظل ديناميات محلية تداولية ،غير مستقرة. من هنا ،تبرز حاجة الراهن السياسي الترابي بالمغرب ،ما بعد استحقاق 04شتنبر ،2015إلى طرح سؤال المعارضة الجهوية كحقل بحثي واعد،يسلط الضوء على جيل جديد من المعارضات المحلية ،من أجل تجاوز هيمنة المقاربات اإلعالمية الكالسيكية التي تبحث عادة عن الفرجة بدل المعرفة وعن اإلثارة بدل الرصانة وعن المعلومة بدل التحليل ،مفترضين بأن هناك متصديات ما زالت تمنع انبثاق معارضة فعلية وفعالة جهويا،معارضة قادرة في ظل اإلمكانات التي تتوفر عليها على إحداث فجوات في الدوائر المغلفة لتوجيهات ثقافة البعد الوحدوي ونزعات إرث اإلجماعية. قبل وضع هذه الفرضية موضع التجريب وجب تقديم مالحظتين موجهتين لتفصيالت سؤال المعارضة الجهوية بالمغرب: المالحظة األولى :تحيل إلى ضرورة التمييز بين مفهوم المعارضة ومفهوم األقلية ،الختالف معنى ورهانات كل مفهوم ،حيث يحيل مفهوم األقلية إلى دالالت تناقض جوهر فكرة المعارضة ،ويحيل بالمقابل مفهوم المعارضة إلى دالالت تناقض فكرة األقلية ،فاألقلية هي نتاج حسابات عددية ،وهي فكرة تظل رهينة الحسابات العددية ومجردة من أي بعد وظيفي أو حركي أو تداولي ،بمعنى ،أن فكرة األقلية ال تترجم وال تعكس في بعدها الوظيفي تلك العناصر المكونة لفكرة المعارضة من قبيل التناقض والتعارض والتداول والتنافس والصراع...وبناء عليه نخلص ،إلى أن األقلية تتموقع خارج البعد الوظيفي والتنافسي لمفهوم المعارضة كمكون تمثيلي غير راضي عن موقعه ،ينشط من أجل تغيير موقعه ويقدم نفسه كبديل وكمعارض للسلطة الجهوية القائمة؛ المالحظة الثانية :تحمل تطمينات للقلق المعرفي والسياسي الذي يمكن أن تولده االصوات المطالبة بتعزيز البعد التمثيلي والقانوني والمؤسساتي للمعارضة الجهوية ،من خالل تأكيدها على كون االعتراف بوجود معارضة جهوية كمفهوم قانوني وكمكون تمثيلي وكمؤسسة سياسية ،ال تعني في ترجمته اإلجرائية ،االنقالب على نتائج االنتخابات الجهوية أو تقليصا بشكل من األشكال من السلطات الممنوحة لألغلبية أو السلطة المالكة بشكل شرعي للقرار الجهوي، وإنما تعني ،فقط ترجمة للمدلول الفلسفي واالجرائي لفكرة التعددية السياسية التي تعني وجود مواقع متعارضة ،وتوفير الضمانات الالزمة للحيلولة دون تغول األغلبيات المسيرة وتحولها إلى دكتاتوريات محلية ،وهي في النهاية ،تعني بأن خسارة السباق نحو منصب الرئاسة أو مراكز القرار على الصعيد الجهوي ال تعني بالضرورة االقصاء من الساحة السياسية ومن الفضاءات التمثيلية داخل الجهة. وبناء عليه ،سنعالج تفاصيل هذا السؤال ،عبر محورين رئيسيين: المحور األول :معايير تحديد موقع المعارضة الجهوية
كثيرا ما يطرح السؤال :هل هناك حقول مضادة على مستوى الجهويات؟ أو بصيغة أكثر وضوحا :هل هناك معارضة أو معارضات جهوية حقيقية بالمغرب؟ اإلجابة على هذا السؤال ،توجد بين حقول معرفية متعددة ومتكاملة، تقودنا إلى االنفتاح على حيز المعارضة كمعنى قانوني،الذي يتموقع بين تقاطعات معيارية القانون واجتهادات الفقه والقضاء ،دون إهمال حيز المعارضة كمبنى تمثيلي ،ذلك الحيز ،الذي يشير إلى موقع معين بين مخرجات السياسة وتعبيرات اللعبة االنتخابية. إذن ،هناك رابط بين أكثر من رافد من روافد العلم والمعرفة ،يؤسس للمعنى العميق الذي تعلنه عملية التمييز بين حقل المساندة وحقل المعارضة ،هذا التمييز ،يمكن اعتباره القاعدة التي تتأسس عليها فكرة المعارضة الجهوية. فالمعارضة الجهوية سواء باعتبارها فعال سياسيا أو ظاهرة اجتماعية أو مؤسسة قانونية تتم قراءتها بإسناد من أربعة مؤشرات معيارية، تمكن المهتم والمتتبع والفاعل...من التمييز بين حقل السلطة والحقل المضاد للسلطة ،بين مركز القرار ونقيض مركز القرار ،حيث تبرز في هذا االطار ،أربعة معايير موجهة ومحددة: • معيار التمثيلية في مراكز القرار الجهوي من أهم تعبيرات تطبيق منطق نمط التمثيل النسبي على مستوى الجهويات ،تقلص حظوظ مكونات الجسد الحزبي في الهيمنة على تمثيلية المجالس الجهوية بالمغرب ،بالشكل الذي يستبعد تماما سيطرة لون حزبي واحد على مراكز القرار بالجهة ،حيث كشفت في هذا االطار ،مخرجات االنتخابات الجهوية لـ 04شتنبر ،2016أنه وباستثناء مجلس جهة العيون الساقية الحمراء الذي تمكن فيه حزب االستقالل من الفوز بـ % 51.28من المقاعد ،مكنته بالتالي من تدبير شؤون الجهة دون الدخول في تحالفات سياسية مع باقي التمثيالت داخل الجهة ،فإن النتائج المحققة على مستوى باقي المجالس الجهوية لم تمكن أي من األحزاب السياسية المتنافسة من الحصول على األغلبية ،حيث تراوح نتاج األحزاب السياسية المحتلـة للمراتب األولى بين % 21.05كأدنى معدل محقق بجهة بني مالل خنيفرة ،وبين % 40.35كأعلى معدل مسجل بجهة سوس ماسة،بمعنى أن العبور إلى مراكز السلطة داخل هذه الجهات تطلب الدخول في تحالفات وصفقات سياسية مع باقي المكونات التمثيلية للجهة ،حيث أفرزت عملية التفاوض التي سبقت انتخابات رئاسيات الجهات ،بروز أغلبيات ائتالفية تقلدت مقالد السلطة الجهوية في مقابل معارضات يتفاوت ثقلها التمثيلي من مجلس آلخر. ومن خالل مخرجات عملية انتخاب األجهزة التقريرية لمجالس الجهة وتعبيرات االمتدادات التدبيرية لألغلبية المسيرة ،يحاول هذا المعيار تحديد التمثيليات المدمجة في دائرة السلطة والتمثيليات المقصات من هذه الدائرة،بمعنى ،أن أي مكون غير ممثل في الرئاسة والمكتب والمجلس التداوي واللجان المرتبطة باألغلبية يمكن اعتباره من ضمن المعارضة والعكس صحيح. هذا المعيار ،رغم جدواه ونجاعته في الفصل بين من يسير ومن يعارض ،اعتمادا على نتائج انتخابية وسياسية رسمية موثقة،إال أنه يواجه عددا من االشكاالت تحد من فعالية استخدامه بشكل معزول عن باقي المعايير ،حيث تكشف الخريطة السياسية للتمثيليات الحزبية الممثلة في مراكز القرار ،بعدد من الجهات عددا من المفارقات ،أبرزها، سقوط بعض المكونات الحزبية في ازدواجية المواقع ،من خالل تواجد جزء من ممثليها داخل فضاءات السلطةوتموقع الجزء اآلخر داخل فضاءات المعارضة ،وذلك نتيجة انشقاق أو ترحال أو استقطاب، بشكل مخالف لرغبة الكمون الحزبي ،كما حدث بالنسبة لحزب التجمع الوطني لألحرار بجهة الدار البيضاء سطات ،حيث حصل منصف بلخياط على منصب النائب الخامس لرئيس الجهة ،في الوقت الذي اختار فيه أربعة من ممثلي الحزب التصويت ضد الرئيس الحالي للجهة ،وبجهة بني مالل خنيفرةحصل السيد ابراهيم المنصوري على منصب النائب الثامن باسم الحركة الشعبية ،في الوقت الذي كان فيه الحزب منافسا على الرئاسة عبر ورقة المهدي عثمون الذي نال ثقة تسعة من أعضاء حزبه مقابل تمرد 03أعضاء صوتوا لمنافسه عن حزب االصالة والمعاصرة ابراهيم مجاهد الذي تمكن من الفوز بـ 35مقابل 20 صوتا للمنافس الحركي. هذه المفارقات ،تطرح سؤاال وجيها وملحا :هل اختيار التموقع في األغلبية أو المعارضة هو اختيار شخصي أم اختيار حزبي؟ هذا السؤال يحيل إلى سؤال آخر حول األولوية الواجب صيانتها في الراهن الجهوي،بين تعزيز البعد التمثيلي الفردي وتعزيز االلتزام الحزبي والسياسي. • معيار التصويت بالرفض على مراكز القرار داخل الجهة حسب اجتهاد قضائي صادر عن المحكمة اإلدارية بالرباط فإن أي « حزب صوت أعضاؤه لصالح رئيس المكتب أثناء انتخابه وصوتوا بعد ذلك على الئحة ترشيحات النواب التي تقدم بها وعلى الكاتب ونائبه اللذان تقدمت بترشيحهما األغلبية اعتبر خارج المعارضة ،بالرغم من
عدم تحقق تمثيليته في األجهزة المسيرة»،من خالل هذا االجتهاد الذي صدر حول نزاع محلي بجغرافية إقليم القنيطرة ،يبرز للمهتم بالمحليات والجهوياتمعيارا آخر يتمثل في أن التصويت لصالح مراكز القرار ،يعد فعال سياسيا مانعا من التموقع في صف المعارضة ،في حين أن التصويت بالرفض على مراكز القرار داخل الجهة يعد عامال مؤكد النتماء المصوت بالرفض لموقع المعارضة. وعطفا على ما سبقت االشارة إليه بخصوص المعيار السابق، فإن األساس السياسيلتبيئة هذا المعيار يكشف وجود صعوبات تعسر مهام اعتماد نتائجه للحسم في المواقع التمثيلية لمكوانات المجالس الجهوية ،بفعل بروز ظواهر من قبيل عدم االنضباط الحزبي ،وغلبة البحث عن المنافع عوض االلتزام بالمواقع ،األمر الذي يؤدي إلى انشطار عدد من االجساد التمثيلية والحزبية داخل الجهة ،وتكسر وحدة عدد من التنظيمات الحزبية على عتبة التصويت على رئيس الجهة أو نوابه أو باقي الهياكل التمثيلية داخل الجهة ،بين جزءيصوت لفائدة مرشحي االغلبية وجزء آخر يصوت لصالح المرشح المنافس، فبجهة الداخلة وادي الدهب صوت عضوين من حزب االتحاد االشتراكي لصالح الخطاط ينجا من حزب االستقالل في حين صوت العضو الثالث من نفس الحزب على منافسته عزوها الكشاف عن حزب االصالة والمعاصرة ،وبجهة بجهة بني مالل صوت 03أعضاء من حزب االتحاد الدستوري لصالح إبراهيم مجاهد من حزب االصالة والمعاصرة في مقابل تصويت عضو رابع لصالح المهدي عثمون عن حزب الحركة الشعبية ،وبجهة كلميم واد نون صوت عضوين من حزب االصالة والمعاصرة لصالح عبد الرحيم بوعيدة في حين صوت أربعة أعضاء آخرين من نفس الحزب لصالح منافسه عبد الوهاب بلفقيه...كما تكشف الممارسة وجود فريق مشترك بين حزب صوت لصالح الرئيس وممثل بمكتب المجلس وحزب معارض للرئيس غير ممثل بالمكتب، كما هو الحال بجهة طنجة تطوان الحسيمة ،حيث كون حزب التقدم واالشتراكية واالتحاد الدستوري فريقا مشتركا بالمجلس مع العلم أن الحزب األول صوت لصالح مرشح العدالة والتنمية والحزب الثاني صوت لفائدة مرشح االصالة والمعاصرة. تكشف هذه الحاالت صعوبة اعتماد هذا المعيار بدوره لتحديد من يتموقع في األغلبية ومن يتموقع في المعارضة،وذلك ،بالنظر إلى تناقض توجهات التصويت خالل انتخابات الرئيس وتشكيل الكتب بين الموقعين. • معيار معارضة مخرجات دوائر القرار الجهوي: يتفق عدد من المحللين والمهتمين بالمحليات بأن المعارضة المحلية هي عبارة عن مكون تمثيلي يبحث عن البديل بمعنى البديل المناقض ،وبالتالي يتم ترجمة هذا االختيار عبر منطق الالءات فيما يتعلق باالختيارات والقرارات والسياسات كقاعدة عامة،في هذا االطار، نستحضر حكما قضائيا صدر عن المحكمة االدارية بالرباط ،اعتبر «أن النظر إلى هذا المفهوم من حيث اللفظ الذي استعمله المشرع للداللة عليه ،والذي يتمثل في كلمة «معارضة» ،يفضي إلى اعتباره داال على كل سلوك محمول على معنى الرفض والمناوأة والمنافسة واالختالف وغيرها من المعاني التي تفيد التناقض والتضاد واتخاذ موقف مقابل مستند على اسس موضوعية مغايرة للموقف المراد معارضته» ،وانطالقا من هذا المدلول ،استخلص االجتهاد القضائي الذي تضمنه الحكم المذكور ،تعريفا للمعارضة المحلية ،بكونها« :كل قوة سياسية ممثلة في شخص أو مجموعة من األشخاص تتخذ موقفا سياسيا وتدبيريا مغايرا لموقف األغلبية الممثلة في المكتب المسير بخصوص اساليب التدبير والخلفية التي تستند إليها وذلك ،بغاية تغيير سلوك األجهزة المسيرة للشأن المحلي والتصورات التي تأسس عليه منحى تحسين ادائها خدمة للمصلحة العامة ،وتقديم نموذج مختلف ترمي من خالله إلى الحلول محلها مستقبال في تقلد سلطة القرار المحلي»،يستحضر هذا المعيار جوهر فكرة المعارضة القائمة على البعد الوظيفي ،بمعنى اتخاذ موقف سياسي وتدبيري مغاير لموقف األغلبية.
(يتبع)
العدد 1018
رسائل تطوانية
15
الثالثـاء � 05إلى 11نـوفمرب 2019
من أرشيف الدبلوماسي األديب
سيدي التهامي أفيالل التطواني حفظه اهلل ()33
إعداد وتقديم :الدكتور يونس السباحYounes_sebbah@hotmail.com
تقديم
تعتبر المراسالت العلمية رافداً ثرياً لكتابة التاريخ ،باعتبار ما تحمله في طيّاتها من المعلومات الدّفينة ،والفوائد الغميسة النادرة ،التي ال توجد في غيرها ،ولكونها مرتبطة بزمان ومكان وموضوع معيّن، كما تعدّ أيضاً فنّاً أدبياً ًّ مستقال بنفسه ،بما تحمله من صادق التعبير ،وجميل اإلحساس ،وحسن اإلنشاء ،وبديع السّبك ،وخصوصاً إذا أضيف إلى هذه المعاني جمال الخط ،ورونق الحرف ،وكانت صادقة اإلحساس معبّرة عن الصلة العائلية ،والمتابعة الدراسية بين الوالد والوَلد مث ً ال ،أو بين تلميذ وشيخه ،أو الصديق وصديقه... ومن المراسالت المتّصفة بهذه الصفات ،ما تحتويه خزانة األديب الشاعر ،والدبلوماسي السابق ،أحد أفراد بيت العلم والشرف والمجد ،سيدي التهامي أفيالل حفظه اهلل ،وما يشتمل عليه أرشيفه الذي يضمّ كمّا هائ ً ال من الرسائل ،معظمها صادرة عن أفراد أسرته ،كجدّه القاضي سيدي التهامي أفيالل ،أو عمّه الوزير سيدي محمد بن التهامي ،أو أخيه األديب ،سيدي البشير أفيالل ،أو واردة عليهم وعلى أفراد آخرين من هذا البيت. ولمّا كانت هذه المراسالت لها قيمة أدبية وتاريخية ،ولم يسبق أن رأت النور ،أو اهتمّ أحد بإخراجها للناس ،استأذنّا صاحب األرشيف ،الشريف المذكور ،في العمل على إخراجها وتيسيرها للنّاس عبر صفحات جريدة الشمال الغراء ،التي تستأثر بنشرها ،فوافق مشكوراً مأجوراً ،وقمنا نحن برقن هذه الرسائل ،وصنّفناها حسب ّ كل شخص (منه/عليه) ،وآثرنا أن نبتدئ باألقدم تاريخاً ،فكان صاحب السبق هو القاضي الشهير ،والفقيه الكبير ،سيدي التهامي بن محمد أفيالل (ت1339:هـ) ،وقد استوفينا رسائله –حسبما عثرنا عليه -في الحلقات الماضية من هذه الجريدة ،ونثنّي برسائل ولده العالمة الوزير سيدي محمد أفيالل الصادرة منه والواردة عليه.
[الرسالة]121 :
تتمة.... [ من محمد المرير إلى صديقه السيد البشير أفيالل ،يجيبه على رسالة بمناسبة موسم ثمرة المشمش ،والتي كان يملك منها الفقيــه المرير بستانــا مهمـا بحي الطوابل ،وكان يجمع حوله بالمناسبة عدد من أهل العلم واألدب] ....وهذا عند التأمل واالعتبار ،إنّما يزيد المؤمن إيماناً في اعتقاده ،وينبه الغافل من غفلته ،ويوقظه من رقاده ،ويعلم ّ أن الكتاب العزيز أخبر بما كان وما سيكونّ ، وأن فيه علم األوّلين واآلخرين ،وأنّه ما ينطق لدينا إّ ال بالحقّّ ، وأن فيه خبر من يأتي ومن سبق من الخلق. فانظر إلى قوله تعالى( :قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابا من فوقكم أو من تحت أرجلكم أو يلبسكم شيعا ويذيق فإن ّ بعضكم بأس بعض)؛ ّ جل المفسرين قالوا :من فوقكم :أي :من جهة العلو ،كالصيحة والحجارة والرّيح ،وإرسال السماء ،أو من تحت أرجلكم ،أي :من جهة السفل ،كالرجفة والخسف واإلغراق .ولكن الوارد عن النبي صلى اهلل عليه وسلمّ ، أن تأويلها لم يقع ،وأنّه سيكون في المستقبلّ ، ولعل هذا وقت تأويلها .فقد أخرج اإلمام أحمد والترمذي من حديث سعد بن أبي وقاص رضي اهلل عنهّ ، أن النّبيّ ص ّلى اهلل عليه وسلم قال في هذه اآلية( :أال إنّها كانت ولم يأت تأويلها بعد) .واهلل أعلم. ثمّ ق ّفيتم رسالتكم األولى التي لم تزل محاسن عبارتها قيد النواظر ،ورقائق معانيها موضوعة بين يدي اذواق الخواطر ،برسالة أخرى ،فأولت من البر لطفا ،وأجرت من المعاني بحرا ،ونشرت من الرقة عطرا ،ومن العبارات القيمة درّا: ورد الكتاب فديته من مورد فله بقلبـــي من حياتـي مورد فرأيت درّاً عقــده منتظـــم في ّ كل فصل منه فصل مفرد فأوّل ما شاقني من فصوله ،وراقني من معسوله ،تلك الكلمات الودّيّة الثمينة ،التي أسفرت عمّا تكنه صدوركم من مواثيق الصداقة المتينة ،التي أعدّها من نفائس ّ الذخائر، وأباهي بها أخالء الزمان وأفاخر: ومن يبغ صفو الود من ّ كل صاحب يكـن صحبه ليال ومسعاته كـدا ســـواك أبا األفــــراح إنــك سيّدي ألوفاهم عهداً وأصفاهم عقــداً نعم ،نحن على قرب التجاور ،وعدم التزاور ،على حدّ قول القائل: ما أقرب الدار والجوار وما أبعد مع قربنا تالقينا لكن: نحن على البعاد والتفرق لنلتقي بالذكر إن لم نلتق أما ما أدمجتموه في غضون هذا الكتاب ،من عدم رغبتكم في «المشمش» المستطاب الخ، وإنّما مقصدكم استقداح الفكرة ،وإجالء رسم اإلخاء ،على العادة المألوفة ،إلى آخر ما نمّقتم به العبارة ،وذيّلتم به اإلشارة ،ممّا يشعر باللوم والعتاب ،على اختصار الخطاب ،وعدم اإلفاضة في اإلطناب ،وأنّه وقع لسيادتكم اإلخفاق والحرمان ،من ناحيتي البستان والبنان ،فأشبهت الحال الحال المراكشي الخ. أما ما أفصحتم به من أنه ليس مقصودكم إ ّ ال اإلحياء لمراسم اإلخاء ،فهذا هو المقصود الذي يرمي إليه أخوكم ،وعليه أسست تلك العادة السنوية التي نستفيد منها خطاباتكم الودية الوفية ،وإ ّ ال فحالنا كما قال النضر بن الحارث ،إذ بعث إلى صديق له بنعلين مخصوفين ،وكتب إليه( :بعثت إليك بهما ،وأنا أعلم ّ أن بك عنهما غنى ،ولكنني أحببت أن تعلم أنك منّي على ذكر). وأمّا ما دبّجتموه من ال ّلوم والعتاب ،على إيجاز الخطاب ،فإنّه لمّا وصلني مكتوبكم، ألفاني واشغال الوقت بي ّ مكثفة ،وأنوار البال بأسباب شتى منكسفة ،واستمرار البالدة يزداد يتزايد بالعوائق الفائقة العادة ،إلى انغالق الفهم ،واستبهام القريحة ،واستفحام ّ الطبيعة، وضعف مادة التّعبير ،وفقد قدرة التّحبير ،وظلمة مناهج البالغة ،وتكدّر مشارع البراعةّ ، وكل
لسان اليراعة ،وخروج بنان البيان عن الطاعة، ووراء ذلك ك ّله كالل الذهن ،بارتقاء السّنّ. وأمّا إخفاقكم من جهـــة االستجـــداء، فإني في هذه السنة وبستاني ،آثرنا البخل الخرساني ،ألنّه أرجح ،وبطريق الجمع أنجح، قيل ألبي األسود :أنت ظرف علم ،ووعاء حلم، إّ ال أنّك بخيل ،فقال :وما خير ظرف ال يمسك ما فيه؟. كما أنّي أقولّ : إن «مشمشي» في هذا العالم مرّ المذاق ،يقف في الحلوق والتراق، كما أجاب ذلك الصبي الخراساني ،حسبما حكاه أحمد بن رشد ،قال :كنت عند شيخ من أهل مرو ،وصبيّ له صغير يلعب بين يديه، فقلت له إمّا عابثا وإمّا ممتحنا :أطعمني من خبزكم .قال :ال تريده؛ هو مرّ .فقلت :فاسقني من مائكم .قال :ال تريده .هو مالح .قلت :هات من كذا وكذا .فقال :ال تريده .هو كذا وكذا. إلى أن عددت أصنافا كثيرةّ ، كل ذلك يمنعينه
ويبغضه إليّ. والحقيقة أنّه لو كانت تلك الثمار قطعاً ذهبية ،أو أحجاراً ألماسية ،وقدمت لجنابكم ،لما أدّينا حقّ الهدية ،وإنّما هي أسباب تذكارية ال قيمة لها إ ّ ال هذا. وأمّا نسبة أخيكم إلى األدب األندلسي؛ فذاك من حسن نواياكم الجميلة ،وعين رضاكم التي هي عن قذى العيب كليلة ،وإ ّ ال فأيّ نسبة بين الجواهر والجنادل ،وأين الثريا من يد المتناول. وبما أنّني إفريقي مغربي ،فال مناص من كون حظي من األدب القصور ،ألنّنا أعرق في العجمة والبربرية ،وقد نقل المؤرّخ ابن خلدون ّ أن بعض كتّاب القيروان كتب إلى صاحب له: (يا أخي ،ومن ال عدمت فقده :أعلمني أبو سعيد كالما أنك كنت ذكرت أنّك تكون من الذين تأتي ،وعاقنا اليوم ،فلم يتهيأ لنا الخروج ،وأمّا أهل المنزل الكالب من أمر الشين ،فقد كذبوا .هذا باط ً ال ليس من هذا حرفاً واحداً .وكتابي إليك وأنا مشتاق إليك إن شاء اهلل). فأنا من هذا القسم. أمّا األدب األندلسي ،فإنّه وحياتك األدب الرائع ،المح ّلى نثره ونظمه بفنون البدائع ،الذي يعلق بالنفوس ظرفا ،ويرق حتّى يكاد يشرب لطفا ،ويطرب ما ال تطربه الصهباء ،وتستحليه األذواق ،كأنه عسل وماء ،وناهيك بعلوّ كعبه وشأنه ،وترقرق جماله في تلك الجزيرة ،أنّه أجمل ح ّلة للملوك والوزراء ،وأكمل صفة للقضاة والعلماء ،وتحلى بزينته النساء والصبيان ،وبرز فيه حتى اليهود ،فكان لهم فيه شأن وأيّ شأن. فهذا أوحد أفالكها ،وبدر إجادتها ،الذي كان يجري من البالغة في أفالكها ،يخاطب وزيره ابن زيدون ،إذ جلس بمجلس أدون منه: ّ المنحط عني مجلسا وله فيا لنفـس أعلى مجلس أيّها بفـؤادي لك حبّ يقتضــي أن تُرى تحمل فوق األرؤس فيجيبه وزيره بقوله: أسقيط الطل فوق النرجس أم نسيم الروض تحت الحندس أم قريــض جاءني من ملك مــــالــك بالبـــر رق األنفــــس إلخ. أما أكابر علمائها وعمد فقهائها في هذا الميدان ،أظهر وأجلى ،إذ كان لهم فيه القدح المع ّلى ،حتّى إنّهم لفرط الولوع بحسنه وبهجته ،واستعذاب مورده وشرعته ،لم يتورّعوا عن إنشاء الغزل وإنشاده ،وتشبيههم مع النزاهة ،بليلى الحب وسعاده ،فهذا القاضي أبو ابن العربي اإلمام ،المرجوع إليه في الحالل والحرام ،يقول في أمير من الملثمين صغير هزّ عليه رمحا كان في يده ،مداعبا له: يهزّ عليّ الرمح ظبي مهفهف لعوب بألباب البرية عابـث ولو كان رمحا واحـدا التقيتـــه ولكنه رمح وثــان وثالــث إلى غير ذلك من محاسن أدب الجزيرة ،وأحاديثها التي هي ألطف من النسيم ،وأظرف من الوجه الوسيم.
الثالثـاء � 05إلى 11نـوفمرب 2019
العدد 1018
كتابات يف تاريخ منطقة ال�شمال :
()919
16
“شجون األدب وشؤون النقد”
كيف يمكن التوثيق إلبداالت المشهد الثقافي واإلبداعي الوطني الراهن؟ وكيف السبيل لرصد قطائعه الكبرى ومنعرجاته المميزة؟ وهل من طريق للقبض بمعالم التحول في المضمون وفي الشكل وفي القيمة وفي التراكم؟ وكيف يمكن التأسيس لمداخل التأصيل لهوية األدب المغربي بعيدا عن التنميطات الجاهزة وقريبا من األدوات المخصوصة في النبش وفي النحت وفي تفجير الحروف والكلمات واالستعارات؟ وما عالقة كل ذلك بجهود البحث التاريخي الوطني المعاصر في التوثيق للمنطلقات المنهجية لكتابة التاريخ الثقافي الراهن ،ثم للتوثيق لعطاء الذهنيات المنتجة لعناصر الخصب والتنوع والتميز في مشهدنا الثقافي الوطني الراهن؟ أسئلة متناسلة ،يفرضها االنفتاح على مضامين الكتاب التصنيفي الذي أصدره األستاذ محمد البغوري عند مطلع سنة ،2019تحت عنوان “شجون األدب وشؤون النقد :حوارات في القصة القصيرة جدا بالمغرب”، وذلك في ما مجموعه 253من الصفحات ذات الحجم الكبير .فالكتاب يقدم المادة الخام الضرورية لإلمساك بمداخل البحث في رصيد المنجز الخاص بمجال القصة القصيرة جدا بالمغرب ،وذلك من زاوية التجميع الكمي والتصنيف النوعي ،المنفتح على أسماء التجارب الصانعة للعطاء أوال ،ثم على أعالم الكتابة النقدية الموازية لهذا العطاء ثانيا .ويمكن القول ،إن صدور هذا العمل يشكل امتدادا لألفق العام الذي اشتغل عليه األستاذ البغوري في كتابه األول الصادر سنة 2014تحت عنوان “عطر القراءة وإكسير الكتابة” ،وهو العمل الذي نجح في وضع المنطلقات النظرية والخطوات اإلجرائية إلعادة مساءلة الذوات المبدعة في حميمياتها المخصوصة والفريدة التي تفجر ملكة الخلق وفطرة اإلبداع ونزوع الفردانيات الهادفة إلى خلق عوالم على عوالم ،ونصوص على نصوص ،وتجارب على تجارب ،ال شك وأنها تشكل العتبات الضرورية ألي كتابة فاحصة لتحوالت حقل الكتابة اإلبداعية الوطنية المعاصرة. لقد أضحى جليا أن االهتمام بتجميع السير الثقافية للذوات ،والغوص في الحميميات “األخرى” ،واستحضار السياقات السوسيولوجية واألنتروبولوجية المحلية ،...كلها عوامل توفر األدوات التفكيكية لكل القراءات الراشدة للنصوص ،في أفق القبض بعناصر تميزها ورصد مظاهر التجديد والتحديث الجمالي واإلنساني المرتبط بمضامينها .ولعل هذا ما جعل الدرس التاريخي الوطني المعاصر ينفتح على عطاء النصوص اإلبداعية ،نثرا ونظما وتجسيدا وتشخيصا وتمثال ،في محاولة إلدخال التجديدات المنهجية الضرورية التي أضحت تفرضها ضرورات المرحلة على مستوى تجديد الخطاب التاريخي األكاديمي ،وعلى مستوى عقلنة أدوات البحث والتفكيك ،ثم على مستوى توسيع مفهوم الوثيقة والمرجع والمصدر ليشمل الكتابات اإلبداعية المتنوعة ،بالنظر لقدرتها على التقاط معالم التراث الرمزي مما ال يمكن القبض بتفاصيله في المتون التاريخية “المدرسية” المخلصة لمنطق الوالء للوثيقة المادية ،وال شيء غير الوثيقة المادية.
�أ�سامـة الزكاري zougariousama@gmail.com
يكشف كتاب األستاذ محمد البغوري موضوع هذا التقديم عن آفاق واسعة إلعادة مد الجسور بين صنعة كتابة التاريخ وبين عطاء المتخيل الجماعي المنتج للرموز ولإلبداعات وللتراث اإلنساني الالمادي ،األمر الذي يفتح آفاقا واسعة أمام رؤى تسمح بفهم الكثير من منغلقات الكتابة التاريخية الكالسيكية الوفية لعدتها المنهجية المتوارثة .لقد استطاع األستاذ البغوري تقديم سلسلة حوارات مع مبدعين وفاعلين مباشرين في مجال القصة القصيرة جدا بالمغرب الراهن ،باحثا في التفاصيل ،ومخترقا للحميميات غير المعروفة لدى عموم المتلقين والصانعة لمعالم الفردانيات المنتجة للنصوص وللتجارب .فخلف كل متن تكمن ذات المبدع بحموالتها السيكولوجية ،وبمعالم تنشئتها االجتماعية ،وبمواقفها الخاصة من تغيرات المحيط والزمن .وال شك أن الغوص في إبداالت هذه التغيرات يشكل إطارا ناظما لفهم سياقات إنتاج المتون والمدونات كمدخل لمساءلة القيم اإلنسانية والهوياتية المؤطرة لخصوبة عطاء حقل التاريخ الثقافي والرمزي لمغاربة الزمن الراهن. وبغض النظر عن القيم الجماليــة التي تكتسيهــا تجــارب القصة القصيرة جدا والمرتبطة بقوالب الكتابة وبمرجعيات “االستعارات التي نحيا بها” ،مما ال يدخل في مجال انشغالنا واهتمامنا ،فإن اليقين يزداد ترسخا بأهمية االنكباب الجدي لتنظيم مثل هذا اإلنصات الهادئ لملكات إنتاج النصوص ،قصد تحويل هذا اإلنصات إلى مصدر خام ضروري في كل جهود كتابة التاريخ الثقافي الوطني الراهن ،خاصة إذا تم تعزيز هذا التجميع بجهد تصنيفي للدراسات النقدية الموازية ،مثلما فعل األستاذ البغوري في كتابه موضوع هذا التقديم .ولقد لخص األستاذ أبو الخير الناصري الذي كتب مقدمة الكتاب ،أهمية هذا البعد ،عندما قال“ :أحسن المؤلف غاية اإلحسان إذ لم يكتف بمحاورة األدباء وجعل من محتويات كتابه فصال خاصا بمحاورة النقاد، فحقق بذلك مقاصد جليلة من أهمها إيجاد ضرب من الحوار قلت نظائره في واقعنا الثقافي المغربي ،وهو الحوار بين األدباء والنقاد في قضايا األدب .وعندي أن في هذا الجمع بين األدباء والنقاد في كتاب واحد إشارة لطيفة وذكية إلى ضرورة الحوار بين هاتين الفئتين وأهميته في إغناء النقد وتطوير األدب( ”...ص.)6 . أسماء وازنة تعاقبت على “كرسي االعتراف اإلبداعي” في حضرة األستاذ البغوري ،لتقدم عناصر الخصب والتميز ،مما يكرس مناحي االحتفاء بالتراث الحضاري الرمزي .أسماء جمع بينها الولع بالقصة القصيرة جدا ،إبداعا ونقدا ،من أمثال مصطفى كليتي ،وزهرة رميج ،وحسن اليمالحي ،ونعيمة القضيوي اإلدريسي ،والطيب الوزاني ،ونجيب العوفي ،وحميد ركاطة...، أسماء تصنع معالم البهاء الثقافي واإلبداعي داخل قتامة المرحلة ،ضد بؤس اإلسفاف وضد مهاوي الردة ،من أجل االنتماء للعصر واالنخراط فيه ورسم نظمه الجمالية واإلبداعية واإلنسانية المميزة.
فرقة محترف الفدان تستعد لجولة وطنية لعرض مسرحية «لمعروض» بعدد من مسارح المملكة بعد انطالقة متميزة لبرنامج توطين فرقة محترف الفدان للمسرح بالمركز الثقافي الفنيدق بدعم من وزارة الثقافة والشباب والرياضة -قطاع الثقافة ،وتقديم العرض األول لعملها المسرحي الجديد المنتج في إطار برنامج توطين الفرقة ،يواصل محترف الفدان ديناميته المسرحية من خالل جولة وطنية لمسرحيته « ْلمعروض» بمسارح المملكة .إذ سيكون جمهور مدينة سيدي قاسم على موعد مع العرض المسرحي يوم 31اكتوبر 2019 بالقاعة الكبرى لمديرية الشباب والرياضة في إطار فعاليات الدورة الخامسة لمهرجان سيدي قاسم للمسرح. فيما التقى عشـاق الركح بالشمال مع مسرحيـة لمعروض يوم 02 نوفمبر 2019بالمركز الثقافي تطوان و 03نوفمبــر 2019بمسرح اللة عائشة بالمضيق. وفي إطار الدروة الرابعة للملتقى الوطني للمسرح الكوميدي بمدينة مكناس سيتم تقديم العرض الرابع للجولة المسرحية يوم 9نوفمبر ،2019 وخامس مواعد الجولة سيكون مع جمهور مدينتي سال والرباط يوم 10 نوفمبر 2019بالمركز الثقافي سال الجديدة ضمن برنامج التوطين المسرحي لفرقة ستيلكوم. وفي ختام الجولة ،تعود الجولة إلى مركز التوطين بمدينة الفنيدق لتقديم على التوالي عرضين مسرحيين يومي 23و 24نوفمبر ،2019األول في إطار الدورة الخامسة عشر لمهرجان «طنجة المشهدية» والثاني يقدم ختاما للجولة المسرحية. مسرحية « ْلمعروض» عن نص العائلة توت للكاتب الهنغاري/المجري شتيفان أوركيني من اقتباس وإخراج لعادل أبا تراب ،وتشخيص الفنانين حسنة طمطوي ،كمال كظيمي ،محسن حمود ،إيمان الرغاي وعبد اهلل الطالب ،سينوغرافيا طارق الربح ،مالبس صباح لزعر ،اإلدارة التقنية زكرياء البوتناني ،موسيقى محسن البودرار ،المحافظة العامة محمد عبو واإلدارة الفنية وإدارة اإلنتاج لرضا الدغمومي.
الثالثـاء � 05إلى 11نـوفمرب 2019
العدد 1018
طريق الممشى لألطفال..
...وقد أرهفتُ لهذا الحديث قراءتي وسمعي ألستفيد من علم ذات ثمار . نخلو إلى الباحث لبعض الوقت ليحدّثنا في ندوة لعلم النفس المدرسي للناشئة .ليكون هذا البحث العلمي شجرة ذات ظالل وارفة .فما سعينا إال لننال نصيبا من هذا العمل األكاديمي .إذا التقينا اليوم ،فثمَّة ندوة لنتزوَّدَ ،والجديد من علم النفس التربوي لألطفال ،إلغناء الخزانة الوطنية والعربية .فلن تكون نهضة األمَّة إال بتعليم النشء ورعايتهم .من هنا تأتي أهمية التنشئة الفكرية للطفل . فاألطفال هم مستقبل األمة ويُعو ُ َّل عليهم في بنائها . ّ لكل شيء في تفكير المؤلف داللة ومعنى ،إذ تستوقفنا مصطلحات من نبع الباحث ،كالتربياء والنفسائي ..فللكلمة القوة النافذة َّ . وإن أهمّ ما يذكره هي الدعوة إلى إنشاء مؤسسة تربوية تعليمية تُعنى بعلم النفس المدرسي، لكي تستقيم لهؤالء األطفال طريق الممشى .ومنها إلى العالم العربي الذي تغيَّبَ فيه علم النفس المدرسي ،إال في بعضها ! رسالة التربية هي أنبل رسالة في العلم .فالعلم بحث متواصل ما طال الزمان والمكان .ندوة بقراءة منفتحة المنهج ،غنية بنصوصها العلمية لتتراءى لنا المعرفة متنافسة على مدرجة العصور .ثمَّ االطالع على اإلطار العلمي لعلم النفس المدرسي الذي يشدُّ بنيان المعرفة لهذا التخصص .فإذا نطقتْ الطفولة من منبع شعورها بما تعانيه في النفوسَّ ، للقنتنا األجوبة التي ال نملكها .ثمَّ مألتْ نفسي غبطة الدكتورة لطيفة الوزاني الطيبي في عرضها القيم : بسم اهلل الرحمن الرحيم ،وصلى اهلل وسلم على سيدنا محمد خاتم األنبياء والمرسلين وآله وصحبه أجمعين في مستهل مداخلتي ،أود أن أقدم الشكر الجزيل لمن وجه لي دعوة المشاركة في قراءة كتاب اليوم ،وهو الموسوم ب “علم النفس المدرسي /معالم نظرية ومنهجية وتطبيقية” .وهي ثالث قراءة تنظمها جمعية الثقافة اإلسالمية بتطوان بشراكة مع جمعية قدماء تالميذ مدرسة سكينة ،وذلك بعد كتاب “الجزائريون في تطوان خالل القرن 19الميالدي” للدكتور إدريس بوهليلة، وكتاب “الفكر السياسي للزعيم عبد الخالق الطريس” لإلعالمي محمد طارق حيون... وفي مستهل حديثي عن الكتاب ،أود أن أقدم تهنئة علمية لمؤلفه األخصائي النفسي العيادي والمعالج النفسي الذي تذكر األوساط المدرسية أفضاله على تالمذتهاالدكتور أحمد المطيلي ،وذلك على توفيقه في اختيار موضوع التأليف وتفوقه في اإلحاطة بجوانبه المختلفة إحاطة علمية أكاديمية جمعت بين المعرفي والمنهجي في تناغم تام بين رهان التأليف وتعرية الواقع محاول ًة منه في المساهمة في تحسينه بما يعود نفعا على الفئات المستهدفة خاصة منها فئة المتعلمين وفئة المدرسين وأفراد األسرة... وكما للتأليف مناهجه ،فإن لقراءته مناهج متعددة تتراوح بين ما هو موضوعاتي واجتماعي وبنيوي ونفسي وفلسفي وأسطوري وغير ذلك من المناهج النقدية المختلفة .غير أني سأسلك في قراءتي للكتاب منهجا بسيطا نظرا لضيق الوقت الذي تسلمت فيه نسخة الكتاب من جهة ،ومن جهة أخرى أقر أن الكتاب يستحق قراءة أعمق ألهمية مادته وطريقة تأليفه. ويشكل العنوان عتبة كل كتاب لما يختزله من تفاصيل عن مادة الكتاب. لذا يراعي المؤلفون على اختالف مشاربهم وتخصصاتهم دقة اختيار عناوين مؤلفاتهم تلخيصا لمضامينها وجلبا للمتلقي المفترض وغير المفترض أيضا. والكتاب موضوع ندوتنا يحمل عنوان “علم النفس المدرسي /معالم نظرية ومنهجية وتطبيقية” .وهو عنوان صيغ بمكونين أساسيين هما: • علم النفس المدرسي :وهو مكون يلخص بأمانة كبيرة المادة األساسية للكتاب حيث يوجه ذهن القارئ مباشرة إلى فرع بعينه من فروع علم النفس الكثيرة .وهو غير علم النفس التربوي حسب ما ورد في الكتاب نفسه“ :فهو الفرع التطبيقي الذي يعنى بالقضايا التربوية والتعليمية والنفسية المتصلة بالمتعلم فحصا وتتبعا وإنماء ووقاية وإرشادا وعالجا قصد إقداره على التوافق النفسي والتعليمي والمدرسي مع السعي لتوفير البيئة التربوية والدراسية المتوافقة مع حاجاته وقدراته وميوله وواقعه قدر المستطاع”( .ص )47 – 46 • معالم نظرية ومنهجية وتطبيقية :وهذا المكون بقدر ما يُتم دالالت العنوان بقدر ما يفصح عن منهجية الدكتور أحمد المطيلي في تأليف كتابه؛ ذلك أن العبارة تشي بكون المؤلف سيميط اللثام عن الجانب التنظيري لعلم النفس المدرسي لينتقل بعد ذلك إلى جانبه التطبيقي مرورا بالجانب المنهجي الذي يكتسي دائما أهمية خاصة في تنزيل ما هو نظري على أرض الواقع .فجاء عنوان المؤلف جامعا بوعي شديد لمادة الكتاب بطريقة تنم عن صفاء الفكرة ووضوح منهج إيصالها كذلك. وبعد تصفحنا لفهرس الكتاب ،نجد المؤلف قد وزع مادته على مقدمة وأربعة فصول وخاتمة مذيلة بثبت المصطلحات بالعربية والفرنسية واإلنجليزية ،والئحة غنية للمراجع باللغة العربية والفرنسية واإلنجليزية كذلك. وتطالعنا مقدمة الكتاب بشرح المؤلف للدوافع واألسباب التي تقف وراء تأليف الكتاب .ولعل أبرزها افتقار المكتبة العربية لمصدر جامع حول علم النفس المدرسي الذي أصبح تطبيقه في المؤسسات التعليمية حاجة ملحة خاصة مع ما أصبحت تعرفه هذه المؤسسات من حوادث مدرسية قائمة على عنف متزايد، أضف إلى ذلك التدني المطرد في مستوى التحصيل والتواصل والرغبة في التعلم والتفوق فيه .ومن جهة ،ازدادت رغبة المؤلف في كتابة الكتابمع ما راكمه من تجارب جراء احتكاكه المباشر ببعض المؤسسات التعليمية بمختلف مستوياتها واطالعه على ما تعانيه نفسيا بكل فئاتها .ومن جهة أخرى ،مع تجاربه العيادية التي جعلته يراكم خبرة كبيرة في هذا المجال ،خاصة ما يتعلق بالفضاء المدرسي وقضاياه التعليمية والتعلمية؛ فضال عن انفتاحه على هذا العلم في األقطار
األخرى األجنبية منها على الخصوص ،والمقارنة بين وسطها التعليمي وأوساطنا التي استعصى حل مشاكلها على كل عملية إصالح لحد اآلن .وختم المؤلف مقدمة كتابه بتقديم بنية الكتاب في اختصار مكثف لكنه ملم بجميع مضامينه. أما فصول الكتاب ،فقد قسمت كالتالي: الفصل األول :وهو شقان ،جعل المؤلف الدكتور أحمد المطيلي الشق األول منه لتسليط الضوء على تاريخ علم النفس المدرسي وروافده ومهامه .فنجده قد قسم تاريخه إلى ثالث مراحل هي: مرحلة اإلرهاص ( :)1879 – 1762وفيها يعتبر المؤرخون أن الفيلسوف جون جاك روسو (ت )1787 .هو الرائد الفعلي لحركة “التربية الجديدة” التي اتخذت علم النفس أساسا لفهم الطفل قبل تنشئته ورعايته .فهو صاحب القولة المشهورة“ :ابدؤوا إذن بدراسة تالميذكم فإنكم قطعا ال تعرفونهم” .وقد سبقه إلى مثل هذه األفكار الفيلسوف اإلنجليزي جون لوك (ت )1704 .خاصة في كتابه “أفكار عن تربية األطفال” ( ،)1693والذي كان ملهما لجون جاك روسو في كتابة “إميل” ( )1762الذي يعتبرعالمة فارقة في علم التربية أو التربياء كما يحلو للدكتورالمطيليتسميته. مرحلة الريادة (:)1912 – 1880ذكر المؤلف أنها مرحلة تحلت بصبغة المنهجية الميدانية حيث تم فيها االقتراب من التالميذواتساع حركة إنشاء المدارس وتجديد مناهج التدريس خاصة في أوروبا والواليات المتحدة األمريكية. ومن رواد هذه المرحلة فرانسيس جالتون ،جيمس سولي ،ألفريد بينيه ،ألفريد أدلير ،إدوارد كالباريد ،هانز زوليجر... مرحلة المأسسة ( 1913وما بعدها) :وهي مرحلة تم فيها تعيين األخصائيين النفسيين في المؤسسات التعليمية تعيينا رسميا لمباشرة مهامهم المتمثلة في االستشارة النفسية وإجراء الفحوص والتتبع النفسي والتربوي والتوجيه واإلرشاد لمغالبة مختلف المصاعب والمشكالت واالضطرابات التي يعاني منها المتعلم في مختلف مراحله الدراسية. كما عرفت مرحلة المأسسة استخدام المراسيم وسن القوانين التنظيمية وعقد الندوات والمؤتمرات محليا ودوليا خاصة في كل من أوروبا وأمريكا ومنها تنظيم المؤتمر الدولي األول بمدينة هامبورغ األلمانية عام 1954برعاية منظمة اليونيسكو ...وفي نهاية الشق األول من الفصل األول ،انتقل المؤلف إلى تقييم الوضع المرتبط بالموضوع بالعالم العربي ليخلص إلى استنتاج مفاده أن علم النفس المدرسي يكاد يكون مغيبا عن المؤسسات التعليمية العربية إلكراهات كثيرة لمن أراد االطالع عليها فليراجع الكتاب من ص .46 – 34 أما الشق الثاني من الفصل األول فقد خصصه الدكتور أحمد المطيلي لتعريف علم النفس المدرسي (وقد أوردنا التعريف ذاته سابقا) ،وذكر روافده والتي حصرها فيما يسمى بالقياس النفسي ،علم النفس المرضي ،علم النفس العيادي ،علم نفس النمو ،علم النفس التربيائي ،علم النفس االجتماعي ،التحليل النسقيوعلم النفس المعرفي واضعا فقرة إيضاحية لكل رافد منها؛ ليختم الفصل بتعريف النفساني المدرسي بكونه “أخصائيا في مجال علم النفس يتوافر على شهادة تثبت متابعته للدراسة الجامعية في مجال علم النفس لمدة تستغرق في المتوسط خمس سنوات حسب البلدان والتشريعات والقوانين المعتمدة في هذا الشأن .وقد تشترط شهادة الدكتوراه كما هو الحال في بعض الواليات المتحدة األمريكية” .ويحدد الكتاب مهام النفساني المدرسي في خمس هي الفحص النفسي ،االستشارة النفسية والتربيائية ،التتبع النفسي والتربيائي ،المشاركة الفاعلة في حياة المؤسسة وإعداد التقارير والبحوث. الفصل الثاني :وقد خصصه الدكتور أحمد المطيلي لإلحاطة بتفاصيل البيئة المدرسية من حيث مكوناتها ،وظائف هذه المكونات ،مع تسليط الضوء على مختلف العالقات الجامعة بينها. واستهل فصله باإلشارة إلى أن البيئة المدرسية تتكون من مكونات بشرية هي المتعلم ،المدرس والهيئة اإلدارية؛ ومكونات فكرية هي المناهج والبرامج الدراسية؛ ومكونات أخرى تتمثل في الضوابط والقوانين والفضاء المكاني. وقد صنف المتعلمين حسب بعض المعايير إلى التلميذ المنبسط والتلميذ المنطوي والتلميذ القائد والتلميذ المنقاد والتلميذ المعارض والتلميذ الجاد والتلميذ الهازل والتلميذ المجتهد والتلميذ الكسول .وفي نظري ،وباعتماد المعايير المشار إليها يكون المؤلف قد أغفل أنواعا أخرى من المتعلمين أصبح لها حضور مؤرق في كل المؤسسات التعليمية ،مما يستلزم تسليط علم النفس المدرسي الضوء عليها لإلحاطة بشخصياتها وكيفية التعامل معها. وفي المقابل ،انتقل المؤلف لتصنيف أنواع المدرسين بعدما أشار لوضعهم االعتباري ومكانتهم االجتماعية وأدوارهم السامية التي من المفروض أن تُترجَم قدو ًة ومثال يُحتذى عند المتعلمين .فصنفهم إلى أنماط هي النمط األلوف والنمط المتعالي والنمط الشغوف والنمط العدواني والنمط المتسلط والنمط المشاور والنمط المتراخي .وهي أنماط قد غابت عنها أخرى تشكل صورا مشرفة للعطاء والكفاءة والتضحية في زمن قل فيه االعتراف. بعد ذلك انتقل المؤلف مرورا على الهيئة اإلدارية والتي لم تحظ في الكتاب بأكثر من صفحة ،إلى تسليط الضوء على البرامج والمناهج الدراسية والتي كشف عن أوجه الخلل التي تعاني منه ملخصا إياها في عدم التالؤم مع مراحل النمو النفسي للمتعلم ،التعالي عن واقع الطفل ،غلبة الكم على الكيف واالختالل المنهجي. ويتطرق الفصل للضوابط والقوانين المتحكمة في البيئة المدرسية بشكل مختصر .ومرد هذا االختصار هو النسبية التي تعرف بها هذه القوانين حسب الوضعيات وقوة نصوصها التي في غالب األحيان تكون داخلية .وقد أغفل الكتاب التطرق للمذكرات ودراسة مضامينها ولو مجمال للكشف عن مساهمتها فيما
17
• بقلم :عبد المجيد اإلدريسي
يعرف اليوم بنوع من التراخي والتسيب في ضبط العملية التعليمية التعلمية وكذا الحد من الشغب داخل المؤسسات. وينتهي الفصل بالحديث عن الفضاء المكاني وما ينبغي أن يكون عليه، معرجا على وظائف المدرسة والعالقات التربوية داخل المؤسسات التعليمية مشيرا إلى أن أهم ما يميزها تعدد أنواعها ومظاهرها. الفصل الثالث :خصصه المؤلف لدراسة المشكالت الدراسية والنفسية والعضوية؛ فأدرج في المشكالت الدراسية كال من اضطرابات التعلم كعسر القراءة وعسر اإلمالء وعسر الكتابة وعسر الحساب .سوء التوافق الدراسي، الرغبة عن الدراسة ،آفة الغش في االمتحان ،الفشل الدراسي ،ومشكل التوجيه المدرسي .وأدرج في المشكالت النفسية كال من اضطرابات االنتباه واضطرابات الكالم والتخلف الذهني ومشكل الطفل الموهوب والمتفوق والعنف المدرسي والهروب من المدرسة والرهاب المدرسي .وختم الفصل بالوقوف على المشكالت العضوية وحصرها في ثالثة أنواع من اإلعاقة هي اإلعاقة الحاسية واإلعاقة الحركية واإلعاقة الذهنية. الفصل الرابع :هو آخر فصول الكتاب خصصه الكاتب للحديث عن مجاالت التدخل ومناهجه ،ليظل بذلك وفيا لما تضمنه عنوان الكتاب من دالالت ومعاني. ويخبرنا في بداية الفصل بأن تدخالت النفساني المدرسي تشمل مجاالت أساسية مترابطة ثالثة وهي المجال النفسي والمجال الدراسي والمجال المؤسساتي .ورغم اختالف هذه المجاالت ،تبقى األدوات المنهجية المعتمدة من طرف النفساني المدرسي محصورة عموما في: أوال -المقابلة :وهي تواصل لفظي بين سائل ومسؤول للوصول إلى معرفة جوانب المسؤول الوجدانية والفكرية واألسرية والتواصلية والتعلمية ...وقد تكون المقابلة فردية أو ثنائية أو جماعية ،وقد تكون حسب مضمونها مقابلة نفسية أو تربيائية أو توجيهية .وقد يُجري النفساني المدرسي المقابلة مع المتعلم أو مع المدرس أو مع األسرة .وإليضاح أكبر أورد المؤلف نماذج من التبليغ تستلزم مقابلة مع النفساني المدرسي مفسرا اإلطار العام للمقابلة وما تحتاجه من إطار زماني ومكاني واجتماعي وآداب التدخل والتعامل قبل وبعد المقابلة. ثانيا – الروائز :وهي أيضا من األدوات المعتمدة من طرف النفساني المدرسي .وهي متعددة منها روائز الكفاية وتندرج فيها روائز الذكاء وروائز االستعدادات والقدرات وروائز التحصيل الدراسي .وهناك روائز الشخصية وتندرج فيها استخبارات الشخصية والروائز الموضوعية للشخصية والروائز اإلسقاطية. وهذه الروائز يمكن أن تطبق بطريقة فردية أو جماعية... ثالثا – الملف النفسي التربوي :وهو عبارة من وثيقة تتضمن عددا من البيانات المتعلقة بالمتعلم من حيث النمو النفسي والوجداني والروابط األسرية والمسيرة الدراسية بمختلف تفاصيلهاوغير ذلك من المعلومات التي تجعل من هذا الملف أداة من األدوات المساعدة للنفساني المدرسي على مزاولة مهامه. رابعا – االستمارات :وهي حسب الكتاب إما استطالعية أو استكشافية. وأخيرا ،خاتمة الكتاب التي هي عبارة عن خالصة مركزة حشد فيها الدكتور أحمد المطيلي عصارة الكتاب وزبدة بحثه. نستنتج من قراءتنا للكتاب أنه قيمة مضافة للمكتبة العربية عموما والمكتبة المغربية خصوصا لما قدمه من معلومات قيمة نظرية ومنهجية وتطبيقية حول علم أصبح وجوده في المؤسسات التعليمية بمختلف أسالكها يفرض نفسه بشدة؛ وذلك لتنامي انتشار سلوكات هجينة ومرضية داخل كل من األسرة والفضاءات التعليمية بكل مكوناتها البشرية ،خاصة وأن المجتمع بل والمنظومة التعليمية تعاني من تراجع كبير في المنظومة القيمية واألخالقية ألسباب ال يسع المجال لذكرها ،مما يستدعي تدخال عاجال من المختصين في كل المجاالت التي لها ارتباط بالتربية والتعليم وأخص بالذكر في هذا المقال األخصائيينالنفسانيين. ..وحدَّثنا األديب الكبير والصحفي أحمد الشيخ بعرض ناقد للدكتور أحمد المطيلي وقد صال وأجاد :وبعد القراءة المدققة والمعمَّقة التي قدمتها الدكتورة لطيفة الوزاني للكتاب ،فضل األستاذ أحمد الشيخ (القادم من باريس) ْ أن يتحدث أوال عن مؤلف الكتاب ومسيرته مع التأليف بدءاً من دراسة األولى عام 1986م عن علوم اإلنسان وعلم العمران ،وحتى صدور كتابه األوَّل العام الماضي عن علم النفس المدرسي ،ويتناول األستاذ الشيخ الكتاب على أنه من المراجع المهمة ،والذي بدل صاحبه جهداً كبيراً في تأليفه وأشار إلى حجم ونوعية المراجع التي استند إليها والتي ناهزتْ أربعمائة مرجع تمَّتْ اإلحالة إليها جميعاً عبر صفحات الكتاب ،ولم ْ يغفل األستاذ أحمد الشيخ عن توجيه بعض المالحظات واالنتقادات ،منها َّ أن المؤلف لم يقمْ في بداية الكتاب بتصفية حساب بصورة علمية مع الكتب التي تناولتْ الموضوع ذاته ،وصدرتْ قبل كتابه ..كما ناقش األستاذ الشيخ أيضاً بصورة مُطولة استغرق المؤلف في نحث تسميات جديدة بد ًال عن التسميات الرائجة مثل :تربوي /تربياء ،وإبستيمولوجيا /علمياء إخصائي نفسي ،وغيرها من المصطلحات التي لم تجدْ بعدُ حاضن ًة لها ..وعاب ذ.الشيخ على المؤلف أنه يتهمُ أقرانه بالتذبذب في استخدام المصطلحات ،بينما يقع هو في المحظور ذاتهَّ ، وأن الكتاب غلب عليه الطابع النظري والمنهجي على حساب الطابع العلمي والميداني ...وازدحمتْ في رأسي إجابات الدكتور أحمد المطيلي في حديثه مشيراً لما قالته الدكتورة لطيفة الوزاني والمالحظات التي أبدتْ بها كغياب ذكر المؤلف للتسيُّب والتراخي المدرسي ..وأيضاً ألحمد الشيخ مركزاً بصورة أساسية على أزمة المصطلح النفسي في البلدان العربية ،وأنه ال يوجد اتفاق على مصطلح واحد وهو ما دفع الدكتور أحمد المطيلي لنحت مصطلحات نابعة من البيئة والتراث العربي واإلسالمي ..
18
الثالثـاء � 05إلى 11نـوفمرب 2019
العدد 1018
موائدُ الحرفِ
(ديوان فوائد وعوائد ومحا�ضرات)
بين دفتيّ هذا َ شكــول فوائـــدُ في الفقــه واألصول والتاريـخ الك ِ ُ ُ ونخيلـــة حصيلــــة مطالــعـــاتٍ وسماعــاتٍ، واللغـــة واألدب ،وهـــي ٌ وبـــاعــــث على لإلينــاس، تحقيقاتٍ وجواباتٍ ،وتنـــوُّعهـا مجلبـــ ٌة ِ َ ّ التروّح؛ َّ التنقــل بين وتستـــروحُ إلى النمط الواحدَ، ألن النفس تسأمُ ِ ِ ّ أفانين الكالم ..ولعـل القارىء يجـد فيها متنفسـهُ إذا تملكه الضجرُ، ِ ُ الوحشة ..واهلل الهادي إلى سواء السبيل. واستفرغتهُ
ٌ طريفة .70
حدّثني الشيخ صالح مرعي السامرائيُّ ،وهو من بيتٍ نباهةٍ بالعراق ،ووعا ٌء لألخبار َّ والطرائفَّ ، أن شخصيَّة الرئيس صدام حسين كتل ٌة من المتناقضات تمشي على قدمين! ومن ً سماحة ،وحدّته ليناً ،حتى ليعجب أطواره في ساعات الصفاء أن ينقلب بطشه حلماً ،وغضبه الناس من حوله ويتهامسون في شأن هذا االنقالب! ومن القصص المروية في هذا الباب أن معلماً اصطدمت سيارته بجدار قصره ،فزجّ به في غياهب السجن لالشتباه ،وعلم صدامٌ بذلك، وأمر بإطالعه على نتائج التحقيق ..وبعد أيام أُخبر بأن الحادثة طبيعية ال شبهة فيها ،وسببها ِّ ٍ ٌ المعلم من السجن ،وعقاب من قضى بسجنه ،واشترى له خلل تقنيٌّ في المقود ،فأمر بإخراج سيار ًة جديدة..
بقلم :قطب الري�سوين ـ ال�شارقة ـ هيكل» النو ِر» خشوعٌ نستجيبْ فارسَ» النو ِر» المجلـّـي نحنُ فــي = ِ نحن عشاقُ الهـدى ما شا َقنا =غير حرف « نوره» ليس يغيـبْ ُ بلبل أو عَندلـيبْ دوحة « ِ الشرق» هنا ما سكتتْ= طيرها من ٍ
وعيـون الشِّعــ ِر فيها لم ْ ُ تَزَل = ثرّ ًة ما مسَّها يوماً نُضـوبْ غير أن الشمس إما غربتْ = شاقها اإلشراقُ من بعدِ الغروبْ ُ ُ الظلمة أوهامٌ تذوبْ الكون ضيا ٌء زاخـرٌ= وإذا فإذا
ُ الشـوق خفاقاً يجـوبْ هيكل « النو ِر» قصيدي عاشقٌ = وجناحُ ِ
ٌ .71 نازلة من نوازل التعليم
ُ لحمل المصحفِ للحفظ واجتياز امتحان القرآن طالبة علم شرعيٍّ أضطرُّ سئلت :أنا ِ ٍ الكريم ،فهل يجوز أن أتعاطى حبوب تأخير الدورةِ الشهريَّةِ لهذا الغرض؟ فأجبتُ :هذه مسأل ٌة يفتي فيها أهل الطبِّ أو ًال ،فإذا قرَّروا أن تناول حبوب تأخير الدورةِ الشهريةِ ال يضرُّ بصحة المرأة ،وال ّ ُ فاألصل الجواز عند يؤثر في سالمة أعضائها التناسلية، ً الفقهاء؛ إذ المنع يدور مع الضرر وجوداً لحبس نزول الدم لغرض ء دوا تناولت فمن . ا وعدم ِ ً اجتياز امتحان القرآن الكريم ،أو أداء عبادة من العبادات ،فال إثم عليها عند انتفاء الضر ِر؛ بل اغتنام أوقاتِ العبادات ،وتحصيل أجر الطاعات .وال عبر َة بحلول وقت الدورة تُثاب على نيّة ِ الشهريةِ ،ما دام الشارع قد َّ علق األحكام بسيالن الدم ،وسمّاه حيضاً ،فمن لم ينزل دمها فليست بحائض شرعاً ،وعرفاً ،وطبّاًً ، ولغة .وقد ذكر ابن فرحون المالكيُّ في منسكه أن المرأة ٍ ّ إذا تعاطتْ من األدويةِ ما يقطع الدم ويحصِّل الطهر ،فاستدام انقطاع الدم ثمانية أيام أو طهر(.)1 عشرة ،فطوافها في هذه الحال يصحُّ؛ ألنها طافتْ على ٍ َ وعلى من تتعاطى هذه الحبوب أن تحتاط لنزول الدم في فترةِ حمل القرآن أو أداء الطواف، وجيز ،وربما تتلبّس بالعبادة وهي حائضٌ وقتٍ بعد بالدم وتقدِّر لألمر حسابه ،حتى ال تُفاجأ ٍ ظنّاً منها باستدامة ّ الطهر .واهلل أعلم.
ٌ حكمة . 72
ً قال ابن مالك إمامُ نحاةِ عصره في مفتتح كتاب (التسهيل)( :وإذا كانت العلوم منحاً إلهية، ً كثير من اختصاصية ،فغير ومواهبَ مستغرب أن يُدَّخرَ منها للمتأخرين ما عَسُر نيلهُ على ٍ ٍ ٌ ٌ نبوغ المتأخرين ،وقد يتهيأ لهم المتقدّمين)( .)2وهذه حكمة باهرة ال تسدُّ البابَ في وجهِ ِ ُ نوابغ أربوا على أسالفهم، من وسائل االطالع ومواد المعرفة ما ال يتهيّأ للمتقدّمين؛ بل فيهم وجاءوا بنظريات جديدة ،وإضافاتٍ فريدة .وها هو ابن حجر العسقالني شرَحَ صحيحَ البخاريِّ ب (فتح) ال هجرة بعده ،وكم ترك له األولون ،فأتى بالعجائب ..فال أَضرَّ على العلم ،إذن ،من أن يقال :لم يترك األول لآلخر شيئاً! وهلل درُّ الشاعر: ْ لألوائـل التَّقديما قل لمن ال يرى المعاصرَ شيئاً = ويرى ِ ُ ّ الحديث قديما إن ذاك القديمَ كان حديثاً = وسيُسَمّى هذا
. 73م�ساجَ ٌلة �شعري ٌَّة
ً ً ُ أخوية رسالة شعريةٍ الداعية األديبُ محمد المنتصر الريسوني ـ رحمه اهلل ـ بعث الوالدُ إلى شعراء وجدة :حسن األمراني ،وعلي الرباوي ،ومحمد بن عمارة ،يعاتبهم فيها عتاباً رقيقاً على غيبتهم عن صحيفة (النور) مدة ليست باليسيرة ،وكان رئيساً لتحريرها .ونصُّ الرسالة: ُ ُ حرفكمْ الغالي الحـبيبْ نـورُكمْ = شا َقها الشَّـرق هذي شعرا ُء ِ الشَّرق الخصيبْ؟ هجرتْ خضرتُهُ أدواحـَـهـا = ما جرى للشِّع ِر في ِ ً الشَّرق لي ال يستــجيبْ قائلة =:ما لشع ِر قد شكتْ حرَّ الضَّنى ِ الشرق لهُ = صولـ ٌة تهدرُ ،دوماً في شــبوبْ قلتُ :إن الشِّعرَ في ِ ْ إن خال مغناكِ من أطيابــهِ = فهوَ يندى في سواهُ ،ال يغيــبْ الل َ ِّ سكني َّ وعة يا «نورُ» فقدْ = أذنتْ « وجد ُة « بالشِّع ِر المطيبْ
وأجابَ الشاعر حسن األمرانيُّ: األفق الرَّحيبْ شاعرَ اإليمانِ والحرفِ الـمُنيبْ= ناثرَ األشواق في ِ ِ
تار ًة يزجـــي عناقيدَ الجـوى = تار ًة يُهدى عصافيرَ ال َلهـيبْ بحار من طيـوبْ وأنا بينهــما ما أنثنـي = سابحاً بين ٍ
وأجابَ الشاعر محمد علي الرباوي:
نحن لم نهجرْ ربى النوّ ِر الحبيبْ = قد نذرنا الشّعرَ للنّـو ِر الحبـيبْ بأعماق الغـريبْ فتوهَّـجنا وأعطينا غناً=غرسَ الحُبَّ ِ
فإذا َّ الطاغوتُ في أدغالهِ = يحتمي بالقشِّ من هذا ال ّلهـيبْ لحقول تمتطـي َّ كل الدّروبْ قدْ وَهَبْنا بسخا ٍء حَبَّنا= ٍ وتمسَّكنا بدرب واحـدٍ = وغزَتْ أشعارُنا َّ كل القلـوبْ ٍ
أيها النوّرُ الذي نعش ُقهُ = ِّ خل عنكَ العَتْبَ فالعَتْبُ رهيبْ الغصن الرّطيبْ نحن كاألطيا ِر هاجرنا وما = هزَّنا الشوقُ إلى ِ حر ُفنا األخضرُ آتٍ بالشّذا= يطبعُ الحبَّ على صد ِر الحبيبْ
ُ المساجلة في صحيفة (النور ،العدد ،)235 :ونالتْ استحساناً من قرائها، وقد نُشرت هذه ولعلها من أجود المساجالت في ديوان الشعر المغربيِّ؛ لنداوةِ صورها ،ورشاقةِ إيقاعها، واستمساكِها ِبحبل الرسالةِ التي نُذِرَ لها الشِّعرُ الحقُّ.
ٌ فائدة �أ�صول ّي ٌة .74
ٌ بالنَّظم األصوليِّ وشرحهِ ،ومما وقفتُ عليهم من آثارهم ملحوظ لعلماء األندلس اعتنا ٌء ِ في هذا الفنِّ مطبوعاً أو مخطوطاً: .1منظومة( :الدرة السنيّة في المعالم السنيّة) البن المناصف القرطبي (ت620هـ)، وهي تتألف من أربعة معالم ،والمعلم الثاني منها يدور على النكت األصولية ،ومن نسخها المخطوطة نسخة الخزانة العامة بالرباط (رقم 1ـ 1075ك). .2منظومة( :مرتقى الوصول إلى علم األصول) البن عاصم الغرناطيِّ (ت829هـ)، طبعت بتحقيق أخينا العالم محمد بن عمر سماعي الجزائريِّ بدار البخـــاري بالمدينــة المنورة(1415هـ1994/م) ،وأجود شروحها (نيل السول) لمحمد يحيى الوالتي ،المطبوع بدار عالم الكتب (1412هـ1992 /م). .3منظومة( :مهيع الوصول إلى علم األصول) البن عاصم الغرناطي (ت 829هـ) ،وطبعت بتحقيق :األصولي مصطفى مخدوم ،بدار المعلمة بالمملكة العربية السعودية (1421هـ). .4منظومة (نيل المنى) في نظم (الموافقات) البن عاصم الغرناطي (ت829هـ) ،وعليها شرح للشيخ أبي الطيب مولود السريري ،مطبوع بدار الكتب العلمية ببيروت(2015م). .5منظومة (الحلل المرقومة في ُّ اللمع المنظومة) البن الخطيب الغرناطي (ت776هـ)، ً مخطوطة بخزانة القرويين بفاس (رقم ،)187 :واضطلع بشرحها ابن لب الغرناطيُّ وتوجد (الطرر المرسومة على الحلل المرقومة في ُّ (ت782هـ) في ُّ اللمع المنظومة) ،ويوجد الشرح مخطوطاً بالخزانة الحمزاوية (رقم.)8 : الهوامش: 1ـ إرشاد السالك إلى أفعال المناسك.1/447 ، 2ـ التسهيل ،ص .2
العدد 1018
م�ست�رشقون �أن�صفوا العرب
19
الثالثـاء � 05إلى 11نـوفمرب 2019
فرانشيسكو غابريلي ألمع المستشرقين اإليطاليين
توفي المستشرق اإليطالي الكبير فرانشيسكو غابريلي عام 1996م ،وهو واحد من ألمع خبراء القضايا العربية واإلسالمية ،وأحد أعالم الثقافة اإليطالية في القرن العشرين ،تمكن من نيل شرف عضوية أكثر من تجمع علمي في وقت واحد :المجمع العلمي العربي في دمشق عام 1948م ،ثم المجمع اللغوي في القاهرة ،وبغداد ،وعمان ،وهو رئيس المعهد الشرقي منذ عام 1969م. شارك بجد في نشر التراث العربي واإلسالمي واالهتمام به حفظا وتحقيقا وترجمة .ألف ما يزيد على مائة وخمسين بحثا وكتابا من أبرزها« :ألف ليلة وليلة في الثقافة األوربية» نشر عام 1944م ،و»تاريخ األدب العربي» نشر عام 1951م، و»عالم اإلسالم» عام 1953م ،و»خصائص الحضارة العربية اإلسالمية» عام 1956م ،و»محمد والفاتحون العرب الكبار» عام 1967م ،و»اليوميات العربية للحروب الصليبية» عام 1969م .وغيرها من المؤلفات التي كتبها هو ،أو باالشتراك مع غيره من المستشرقين ،أو التي ترجمها من العربية إلى اإليطالية. لقد جمع غابرييلي في دراساته وأبحاثه ومؤلفاته كنزا غنيا سخره في خدمة الجميع .أسس مدرسة قائمة بذاتها في عالم االستشراق اإليطالي ،وكون أجياال من الدارسين المهتمين بالعالمين العربي واإلسالمي .مستشرق وابن مستشرق سار على خطا أبيه الذي كان من كبار المستشرقين اإليطاليين في زمانه. من هو فرانشيسكو غابرييلي؟ ولد فرانشيسكو غابرييلي في روما عام 1904م ،ودرس في جامعة روما على كبار المستعربين أمثال :ناللينو ،وجويدي، والفي دلالفيدا .وتخرج عام 1965م ،وبدأ تعليم العلوم اإلسالمية واألدب العربي في المعهد بجامعة نابولي عام 1937م، وبعد أشهر قليلة كان قد حصل على كرسي جامعي في جامعة المعرفة في روما ،وحينذاك أخذ دفق عطائه يغمر مكتبات إيطاليا ،وأصبح خير معين لساسة إيطاليا في فهم العالمين اإلسالمي والعربي وتحليلهما. وفي عام 1955م درس في جامعة الجزائر أستاذا زائرا ،ونال في تلك السنة جائزة «فلتريناللي» التي تمنحها أكاديمية «لنشياي» وكان منذ عام 1948م مراسال لهذه األكاديمية ،ثم سكريتيرا مشاركا لها منذ عام 1957م ،وقد تبوأ عدة مراكز علمية في عدد من المؤسسات اإليطالية .ومنح لقب دكتوراه فخرية من جامعة السوربون الجديدة بباريس .3 اختص منذ وجوده على مقاعد الجامعة باآلداب العربية ،فعني بدراسة الشعر العربي منذ الجاهلية حتى يونا هذا. كما عني بالتاريخ والحضارة اإلسالميين .واعتمد في دراساته على أساليب البحث الدقيق ،والتنقيب األمين ،وهو مترجم دقيق وفعال. يتميز فكره بالتحرر والصدق واالطالع الواسع ،والفهم السليم للعرب ،وتقدير مقامهم في الماضي والحاضر .قدم للقارئ اإليطالي عددا من فرائد األدب العربي واإلسالمي ،نشر كثيرا من المقاالت في الصحف اليومية التي تخاطب الناس مباشرة ،وله الكثير من المداخالت اإلذاعية والتلفازية ،فقد شرح ببساطة طبيعة اإلسالم ،وتعاليم القرآن الكريم ،ورفض بوقار العالم أي إشارة أو ربط بين اإلسالم والعنف ،ودفع بالعقول قبل العواطف إلى ضرورة فهم حياة المسلم وتفكيره، وحياة العربي وعقليته ،وتلك األواصر التي تربط بين الحضارتين العربية واإلسالمية والحضارات العالمية الكبرى التي أغنت اإلنسانية بمناهل المعرفة واإلرشاد. ظل طوال عمره مثاال للعطاء الفكري ،واالتزان العلمي ،والتواضع اإلنساني، وحظي باحترام وتقدير كبيرين من طرف األدباء والمفكرين اإليطاليين والعرب. وتوفي في عام 1996م. االستشراق اإليطالي بين اإلنصاف واإلجحاف: إن االستشراق اإليطالي -أو كما يسميه فرانشيسكو غابرييلي «االستعراب» ألنه وجه لدراسة اللغة العربية وآدابها ،وحضارة المسلمين وعلومهم ،فال يكاد يوجد له أثر واضح في غير الدائرة العربية -قد ركز جهده في دراسة العربية الفصحى واإلسالم. وإليطاليا عالقة خاصة بالعالم العربي ،وباألدب والثقافة العربيين. وال تأتي هذه الخصوصية في العالقة من خالل السيطرة االستعمارية التي تمتعت بها كل من فرنسا وإنجلترا مثال في أجزاء شاسعة من المنطقة العربية ،بل جاءت نتيجة عالقة تاريخية تمتد عدة قرون بسبب وجود العرب في صقلية وجنوب إيطاليا في القرنين الحادي عشر والثاني عشر بعد الميالد .وكان لوجود الفاتيكان في إيطاليا أثر كبير في توطيد الصلة بينها وبين البالد الشرقية ،وذلك لما يوليه هذا األخير من أهمية كبيرة جدا في التبشير بالدين المسيحي ،ومحاولة تنصير الشرقيين في كل مكان ،فكان له أثر كبير كذلك في ظهور االستشراق اإليطالي وتطوره ،وللدافع الديني الذي غلب عليه ،فقد تركزت دراساته وأبحاثه في اإلسالم والمسلمينن والسيما العرب منهم ،إلى جانب االهتمام باللغة العربية ،وتأليف الكتب فيها وفي بعض لهجاتها. ولعل أقدم ما نعرفه عنهم مخطوطة محفوظة اآلن بمكتبة فلورانسا من القرن الثالث عشر ،وهي معجم بالعربية والالتينية ال يعرف مؤلفه .ولهذا المعجم أهمية خاصة ،فقد شكل األلفاظ العربية كما كانت تنطق في القرن الثالث عشر ،وهو بذلك يفيد في دراسة اللهجات العربية في ذلك القرن. وأظهر العالم اإليطالي انطونيو جيجاي اهتماما بتأليف المعجمات ،فنشر عام 1632م في مدينة ميالنو معجما باللغة العربية والالتينية في أربعة أجزاء ضخمة .واعتمد فيه على القاموس المحيط للفيروز آبادي اعتمادا كبيرا ،وبذلك كان له السبق في تعريف الغرب بالمعجمات العربية واالهتمام بها. وفي عام 1584م أسست مطبعة بفضل الكاردينال فرديناندودي مديشي عرفت بمطبعة «ميديكا» طبع فيها الكثير من المؤلفات العربية ،وأشرف عليها اإليطالي الشاب «ريموندي» وكان قد أمضى مدة في الشرق ،وأتقن العربية ،فعمل على قطع حروف عربية جديدة للمطبعة ملتصقة غير مفترقة كما كانت من قبل ،وطبع بالحروف الجديدة «قانون ابن سينا» عام ،1586و»األناجيل» عام 1591م ،و»الكافية» البن الحاجب ،و»األجرومية» البن أجروم عام 1592م ،وكتاب «نزهة المشتاق» لإلدريسي ،وكتاب «النجاة» البن سينا عام 1593م. وكان السلطان مراد الثالث (1574-1595م) قد سمح منذ عام 1577م ببيع مطبوعات هذه المطبعة في أنحاء الدولة العثمانية ،وكان أولها كتاب «تحرير أصول أقليدس» لنصير الدين الطوسي (طبع عام 1594م) وكانت المطبعة العربية في إيطاليا حافزا للهولندي رافيليجيوس (1539-1597م) إلى إنشاء مطبعة في هولندا ،ولكنها لم تصل في شكل حروفها إلى المستوى الراقي الذي وصلت إليه المطبعة اإليطالية .كما كانت أساس تفكير الطبيب األلماني «كيرسكن» (1575- 1640م) في إنشاء مطبعة عربية في ألمانيا .ولكنه لم يجد من يشجعه من حكام ألمانيا على االستمرار في مطبعته، فحملها معه إلى السويد حيث توفي هناك. لكن ماذا عن اإلسالم نفسه ،وتحديدا ماذا عن القرآن في القرن السادس عشر؟ ذكر شنورو في مراجعة الكتب العربية نشرة للقرآن صدرت عام 1530م في البندقية ،وأمر البابا بولس الثاني بإتالف جميع نسخها عام 1547م .جرى في البندقية بيع (قرآن محمد) ألندريا إريفاين وهو تجميع فاسد وعجيب ،يخلط أجزاء من التهافتات السلفية الطابع ،مع مسرد لألسماء وأجزاء مترجمة من القرآن. وفي عام 1584م أسس البابا غريغوريوس الثالث عشر الكلية المارونية في روما التي التزال قائمة حتى اليوم ،والتي تخرج فيها على مدى قرنين من الزمن نخبة من المتخصصين باللغات الشرقية انتشروا في حواضر البلدان األوربية أمثال :روما ،باريس ،فلورانسا ،األسكوريال ،مدريد ،ولشبونة ،يترجمون للملوك واألمراء ،إلى جانب التدريس في الجامعات، واالهتمام بجمع المخطوطات .ثم بدأ تأسيس مراكز للغات الشرقية في روما ،وبدأت المدارس الالهوتية تعني بتدريس اللغة العربية والعبرية والسريالية .بعد ذلك أنشئت مدارس للغات الشرقية في فلورانسا ،وميالنو ،وبادوفا .وهكذا يالحظ
-
بقلم الباحث :
محمد القاضي
أن أبرز دواعي اهتمام إيطاليا بالثقافة العربية منذ القرون الوسطى كان دافعا دينيا ثم ما لبث أن تحول إلى دافع تجاري ،ثم إلى دافع سياسي ،وخاصة عندما احتلت إيطاليا ليبيا عام 1912م .وكان من بين المعارضين األقالء في البرلمان اإليطالي لهذا االحتالل المستشرق الكبير ليوني كايتاني (مؤرخ ومستشرق اهتم بالتراث اإلسالمي) وقد تعرض لكثير من النقد الالذع إبان معركة انتخابية عام 1913م فكانت ملصقات منافسيه ترسمه وهو يرتدي الطربوش التركي .لقد كانت المؤثرات التي دعت هذا المستشرق إلى أن يقف موقف المعارضة عظيمة األثر في نفسه ،فقد ألف هذا المستشرق الحوليات العشر التي تنتهي عند القرن الرابع الهجري ،وتتعلق بدراسة تراث اإلسالم ،لقد كان كيتاني مكروها من طرف القوميين الطليان ،وألنه كان معارضا للفاشية معتدا برأيه نفي إلى كندا بعد أن حرمه موسوليني من الجنسية ،فتوفي هناك عام 1935م .ويقول عنه فرانشسكو غابرييلي :يبقى موقف «كيتاني» البعيد الدال على اقتناع سياسي وإنساني ،الذي تحدى به رأي مواطنيه .فبودنا أن تقوم ليبيا اليوم المستقلة -من بين عدد من الذكريات غير السارة لالحتالل اإليطالي -بإحياء ذكرى «كايتاني» ألنه سبق الزمن ،ونادى بالتخلص من كل سيطرة أجنبية. وال ننسى الموقف النبيل الذي وقفه المستشرق يوجينيو غريفيني الذي أنقذ المخطوطات التركية التي كاد اإليطاليون يحرقونها في طرابلس في األيام األولى لالحتالل .وقد عرفته مصر مديرا لدار الكتب من عام 1920-1925م ،وقام بنشر الموسوعة القانونية لزيد بن علي ،ووضع فهرس المخطوطات العربية المحفوظة بمكتبة (األمبروزيانا) بميالنو. لقد تمكن بعض المستشرقين اإليطاليين من الرحيل إلى المشرق والعيش فيه والتدريس في جامعاته وخاصة مصر ،وقد تتلمذ لهم عدد من قادة الفكر العربي ،وأخذ منهم -على سبيل المثال -الدكتور طه حسين الذي درس على المستشرقنللينو. يتميز االستشراق اإليطالي عن غيره أيضا بوجود الكثير من المستشرقات الالتي أسهمن بجهد وافر في مجال الدراسات الشرقية ،إضافة إلى وجود ما يسمى بالوراثة العلمية ،ففي مجال االهتمام بالدراسات الشرقية نجد األبناء يسيرون على خطى آبائهم ،ويكملون ما بدأوه ،ويجمعون ما أنجزوه ،وكمثال على ذلك :جويدي وابنه ميكل أنجلوا ،ونللينو وابنته ماريا ،وغابرييلي وابنه فانشيسكو. فرانشيسكو غابرييلي ومجهوده االستشراقي: تشعبت تيارات الدارسين للشرق ،وتعددت آراؤهم فيه ،فمنهم من كان مأخوذا بأفكار مسبقة يخدمون في كتاباتهم الحركة االستعمارية للفكر األوربي سرا وعالنية ولكن مهما وجهت من تهم لالستشراق والمستشرقين الذين أدوا للتراث العربي واإلسالمي خدمات جليلة ،سواء بأبحاثهم العلمية أو تحقيقاتهم للتراث واكتشاف مصادره ،ووضع فهارس مهمة يستفيد منها القارئ العربي ودراساته .ويرى فرانشيسكو غابرييلي أنه :حتى وقت قريب لم تكن تبدو دراسة شعوب الشرق وحضاراتهم من قبل الغربيين بحاجة إلى من يدافع عنها ،أو يثني عليها ،وذلك ألنها كانت معدودة كأحد فروع العلم األكثر مسالمة ووداعة .كان المستشرق يعد باحثا اختار بمحض إرادته أن يركز همه العلمي في أحد قطاعات المعرفة األبعد من حيث المكان والزمان (وهو ال يزال كذلك في بعض القطاعات األقل اطالعا من الرأي العام األوربي) .لقد اختار هذا القطاع المملوء بالعراقيل والعقبات :أقصد اللغة الوعرة، والكتابات المتعذرة في الفهم ثم األديان والفلسفات واآلداب األكثر بعدا عن الخط الرئيسي للتراث الكالسيكي والغربي ،أقصد الخط اليوناني والروماني. إذا ما تجاوزنا هذه النظرة المتواضعة جدا وارتفعنا إلى مستوى أعلى ،أي إلى مستوى االعتبارات األكثر تاريخية ،وجدنا أن االهتمام بالحضارات الشرقية يشكل بحد ذاته أحد الفصول المشرقة للثقافة والحضارات األوربية في العصر الحديث. والمستشرق حسب وجهة نظره ،هو إما مكتشف طليعي يسبق االستعمار ،ويمهد له الطريق ،وإما حليف ومستشار تقني للتاجر األوربي أو للسياسي األوربي أو للمشتغل الغربي ،إنه أحد المسؤولين إن لم يكن المسؤول األول عن الشرور التي أصابت الشعوب الشرقية من جراء االستعمار .ولكن من العدل واإلنصاف والشرف أيضا أال نعمم هذه الحاالت واألحداث الخاصة ،ونشمل بإدانتنا كل البحث االستشراقي .فهذه اإلدانة قائمة على خلط األمور ،ذلك أنه من الخطأ والمغالطة أن نؤكد أن الباعث الوحيد واألساسي الهتمام أوربا بالعالم الشرقي من النواحي التاريخية واللغوية واألدبية والدينية كان مرتبطا بالمخططات السياسية واالقتصادية لالستعمار. ويجب أال ننسى -كما يقول -أسماء مهمة كالمستشرق إدوارد بروان الذي قضى حياته وهو يناضل من أجل استقالل»فارس» وحريتها .ثم لويس ماسينيون الذي ضربه الفاشيون الفرنسيون ورجال البوليس مرة ،ألنه أراد أن يفي بالوعد الذي قطعه تجاه العالم العربي .ثم ليوني كايتاني الذي أصبح مدعاة للسخرية والهزء في إيطاليا، ولقبوه بالتركي ،ألنه عارض احتالل ليبا .وغيرهم كثير. لقد انتهى عهد االستعمار ،ودفن ،ولقي المصير الذي يستحقه ،ولكن هذه النهاية ال تؤثر إطالقا في المنجزات العلمية لكبار المستشرقين األوربيين ،فقد كانوا يريدون في أعمالهم منجزات مفعمة بحب العلم والبحث عن الحقيقة .لقد أمضى فرانشيسكو غابرييلي حياته كلها في الدراسة المفعمة بالحماسة لواحدة من الحضارات الشرقية ،وهي الحضارة العربية اإلسالمية «وعلى الرغم من أني كنت دائما أشعر بمدى عظمة هذه الحضارة العربية اإلسالمية ،ومدى شرفها وكرامتها بصفتها أحد المكونات الشرقية لتاريخ البشرية ،ومن ثم فإني عالم باألمور، وأستطيع أن أحكم فيها أو عليها ‘ .إني أرفض قطعيا هذا التقييم الظالم ألعمال األجيال المتتالية من المستشرقين أو المختصين بمعرفة الشرق والذين ال يهدفون إلى (خدمة العلم) مصلحة شخصية من وراء المعرفة .إنهم يهدفون إلى خدمة العلم والفضول العلمي الذي يشكل إحدى خصائص اإلنسان .وليس لي إال أمنية واحدة :هي أن يخترع الشرق قيما جديدة ومبتكرة قادرة على إغناء ميراث البشرية على األرض» (انظر هامش رقم )1 لقد كان للحضارة اإلسالمية اثر بعيد وتراث حافل في العالم الغربي ،وبخاصة ما يطل منه على البحر المتوسط حيث كانت تقوم اإلمبراطورية الرومانية التي أصبح بعض ممتلكاتها أرضا إسالمية حتى اليوم ،أو أرضا إسالمية فترة من الزمن (األندلس وصقلية) أو أرضا دخلت في نطاق حضارة اإلسالم بحكم مجاورتها لألولى أو الثانية. وهكذا سيطر المسلمون على البحر األيض المتوسط وجعلوه بحيرة إسالمية مما اضطر الغرب األوربي إلى االعتماد في اقتصاده على دواخل القارة األوربية فقط ،بدال من البحر بسبب هيمنة المسلمين عليه إلى حد كبير .وكان لهذا أثره في التدهور االقتصادي لبالد الغرب. ونجد خالصة التأثيرات العربية في الحضارة اإليطالية في الكلمات العربية التي دخلت اللغة اإليطالية ،وتتركز في المبادالت التجارية والجمركية ،وأسماء الواردات والمهن ،يضاف إليها بعض العلوم ،كالفلك أو التنجيم ،والرياضيات، والكيمياء والصيدلة ،والطب والفلسفة. المراجــع: - 1كتاب االستشراق بين دعاته ومعارضيه .ترجمة وإعداد :هاشم صالح -دار الساقي .ص.21-29: - 2كتاب االستشراق السياسي في النصف األول من القرن العشرين -مصطفى نصر المستالتي -دار اقرأ .ص.211-212: - 3كتاب الدراسات العربية واإلسالمية في أوربا .د.ميشال جحا .معهد االنتماء العربي.ص.100-105: - 4مجلة كلية الدعوة اإلسالمية الليبية .العدد الثالت1986.م/ص.288: - 5مجلة الفكر العربي .عدد 31:ص.218: - 6مجلة المجلة المصرية .عدد79-1963:م .ص40-41: - 7صحيفة الشرق األوسط .عدد.12/05/1996:ص.24:
20
الثالثـاء � 05إلى 11نـوفمرب 2019
العدد 1018
على هامش أيام األبواب الثالثة المفتوحة لألمن الوطني
ميكانيزمات التصدي لإلرهاب بالمغرب • بقلم :الدكتور عبد الحق بخـات في عام ،2003قتلت التفجيرات االنتحارية 45شخصا في الدار البيضاء .وفي أبريل 2011توفي 17شخصًا في هجوم آخر بمراكش. هكذا أدرك المغرب التهديد اإلرهابي وقرر مواجهته ومكافأه. من هذا المنظور ،تم في عام 2015إنشاء المكتب المركزي للتحقيقات القضائي ( ، )BCIJأو «مكتب التحقيقات الفيدرالي المغربي» كما يلقبه اإلعالم ،وهو على نحو ما ،الذراع المسلح للمديرية العامة للمراقبة الترابية ( )DGSTالتابعة للمديرية العامة لألمن الوطني (.)DGSN يقع مقر المركز في مدينة سال برئاسة عبد الحق خيام ،وهو مسؤول سابق بالشرطة القضائية المغربية ،تحت إشراف مدير عام ( )DGSNعبد اللطيف الحمموشي. على المستوى االستراتيجي ،أتاح إنشاء BCIJتعزيز التنسيق الداخلي مع مختلف الخدمات (القوات المساعدة ورجال السلطة الترابية الملحقون بوزارة الداخلية والشرطة والدرك ودائرة الرقابة الداخلية والمديرية العامة للدراسات والتوثيق ،ومع شركاء أجانب ،مما أدى إلى تحسين معالجة المعلومات والقدرة على منع األعمال اإلرهابية. في الوقت نفسه ،نشرت القوات المسلحة الملكية ( )FARووزارة الداخلية ،اعتبارًا من عام ، 2014جهازًا أمنيًا جديدًا يسمى «حذر (اليقظة)» من أجل تعزيز األمن في المراكز الحدودية والمطارات ومحطات القطارات .وكذلك في المدن الكبيرة. إن هذه التدابير األمنية ،المسؤولة أيضًا عن مكافحة اللصوصية واالتجار بالمخدرات ،لها الهدف األسمى المتمثل في تحييد المجرمين واإلرهابيين قبل تنفيد جرائمهم. قامت المملكة أيضًا بتحديث ترسانتها القانونية في عام .2015وقد استعرض البرلمان التشريعات الخاصة بمكافحة اإلرهاب ،بما في ذلك تجريم أنشطة جديدة مثل محاوالت االنضمام إلى الخاليا .تتيح النصوص أيضا ،من اآلن فصاعدًا ،معالجة حالة المقاتلين الذين ذهبوا إلى الخارج. وهكذا ،خالل ما يزيد قلي ًال عن أربع سنوات بعد إنشائها ،قامت BCIJبتفكيك ما يقرب من 70خلية إرهابية في المغرب ،وتقديم ألف إرهابي مشتبه بهم أمام الوكيل العام لمحكمة االستئناف المكلفة باإلرهاب. أسفرت العملية األخيرة ،في يوم الجمعة الموافق 25أكتوبر ،عن اعتقال سبعة أفراد بكل من شفشاون ووزان وتاماريس ،موالين لتنظيم الدولة اإلسالمية يعملون على نشر وترويج أيديولوجية داعش.
اليوم ،يعترف بالمغرب كالعب رئيسي في الحرب العالمية ضد اإلرهاب .في مارس ،تم بـمدينة «مالقة» اإلسبانية انتاب المملكة باإلجماع ،وللمرة الثالثة، كرئيس مشارك للمنتدى العالمي حول اإلرهاب ( ، )GCTFالذي يضم 30من أكثر األعضاء التزامًا في محاربة اإلرهاب .إن إعادة االنتخاب هذه هي بال شك اعتراف بالدور الرائد الذي يلعبه بلدنا في مكافحة هذا التهديد العالمي ،وذلك بفضل مقاربة متماسكة تدمج األبعاد األمنية والدينية والسوسيو اقتصادية ،ولكن أيضًا بفضل الثقة وسالسة معالجة المعلومات ،علميا وفي الزمن الواقعي. تعتمد اإلستراتيجية األساسية للمغرب على مقاربة عالمية ومتعددة األبعاد تركز على ثالثة محاور :األمني والديني والسوسيو االقتصادي. أدى الركن األمني إلى إنشاء المكتب المركزي للتحقيقات القضائية (.)BCIJ وفي الوقت نفسه ،أعاد المغرب صياغة المجال الديني بعمق من خالل سلسلة من التدابير الجريئة واإلصالحات المتعاقبة التي جعلت النموذج المغربي مثا ًال يحتذى به .المملكة ،التي أرادت أن تظل موحدة في القيم والخصوصيات الدينية ،شرعت في تفكيك األطروحات األيديولوجية المغلوطة التي تغذي التطرف العنيف. وهكذا ،تم ترشيد وتحديث وتوحيد التربية اإلسالمية ،والتحكم الدقيق في محتوى الفتاوى والنصوص المتلوة خالل صالة الجمعة ،وذلك لتجنب أي انحراف عن اإلسالم المعتدل ،إضافة إلى توفير تدريب قوي في العلوم اإلسالمية ،في جميع التخصصات ،مع إنشاء معهد لتكوين األئمة والمرشدين (الدعاة) هدفه توجيههم نحو القيم العظيمة المعتدلة والمنفتحة. جاءت مؤسسة أخرى من هذا النوع لتعزيز المجال الديني ،يتعلق األمر بمؤسسة علماء األفارقة المسلمين ،وهي هيئة مخصصة لتوحيد وتنسيق جهود العلماء المسلمين ،في المغرب وفي دول إفريقية أخرى ،من أجل التعريف بقيم اإلسالم المتسامح لنشرها وترسيخها .وفي الوقت نفسه ،تم إطالق حملة ضد األمية ،وفائدتها ال يمكن إنكارها مطلقا. من الناحية االجتماعية واالقتصادية ،أطلق المغرب عددًا من البرامج التي تهدف إلى مكافحة الفقر والضعف والحرمان .والهدف من ذلك هو منع دعاة الكراهية من استغالل حالة الفقر عند أطراف معينة من المتطرفين ،ودفعهم للمشاركة في برامج التطرف العنيف. وبالتالي ،وبدعم من البنك الدولي ،تم إنشاء المبادرة الوطنية للتنمية البشرية للحد من الفجوات بين المناطق الحضرية والقروية ،تشجيع روح المبادرة وخلق فرص العمل ،وأخيرا تلبي االحتياجات األساسية لألشخاص في الظروف الصعبة .كان التمويل األولي للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية 1.2مليار دوالر على مدى ست سنوات ،والذي تم استخدامه في تعزيز سياسات التنمية البشرية واالجتماعية من خالل تعزيز وتشجيع األنشطة المدرة للدخل. وهكذا ،تمكن مئات اآلالف من األشخاص الذين يعيشون في الفقر واإلقصاء من تحقيق ظروف معيشية كريمة .لقد أصبحوا فاعلين في خدمة بناء مجتمع موحد بعد أن كانوا فريسة محتملة للتلقين العقائدي المغلوط.
وبالتالي ،فإن التكامل بين هذه الركائز الثالث (األمني والديني والسوسيو- اقتصادي) هو الذي يجعل النهج المغربي في مكافحة اإلرهاب متكامال ومتماسكا يتحلى بالكثير من الفعالية ومع ذلك ،ال يزال هناك الكثير مما ينبغي عمله على المستوى السوسيو - اقتصادي ،بالنظر إلى أن اإلحصاءات تظهر زيادة في فقر سكان البوادي من 41.8 ٪إلى .٪ 54.3 على الرغم من أن المملكة هي واحدة من الدول الغنية في المنطقة ،إال أن اإلصالحات فشلت في تحقيق تحسن اقتصادي عام .وبالتالي يمكن االستنتاج بأن هذه الجهود لم يكن لها تأثير على التهديد اإلرهابي في البالد. يعالج المغرب أيضًا مصادر التطرف في السجون من خالل برنامج «مصالحة» لتشجيع المعتقلين المحكوم عليهم في قضايا اإلرهاب على إجراء مراجعات أيديولوجية .يشتغل معم رجال الدين على النصوص والخطب .وقد أدت عمليات «اجتثاث التطرف» هذه إلى حصول العديد من المدانين على العفو الملكي. على الصعيد الدولي ،بعد واليتين متتاليتين برئاسة هولندا ;باالشتراك مع رئاسة المنتدى العالمي لمكافحة اإلرهاب ،سيرأس المغرب هذه المؤسسة ،وهذه المرة مع كندا للفترة . 2022-2020 من ناحية أخرى ،تعمل أجهزة المخابرات المغربية المختلفة عن كثب مع فرنسا وإسبانيا والبرتغال كجزء من «أمن .»G4ويتعاونون أيضًا مع وكاالت أجنبية أخرى ،بما في ذلك تلك الموجودة في الواليات المتحدة وبلجيكا. كجزء من هذا التعاون ،أجرت BCIJالمغربي تحقيقات في األعمال اإلرهابية المرتكبة في الخارج ،خاصة بعد الهجمات اإلرهابية ببرشلونة في أغسطس .2017 بفضل هذا التعاون الدولي الواسع ،وأيضا استراتيجية داخلية مثبتة ضد التطرف ،فإن المغرب لديه واحدة من أكثر سياسات مكافحة اإلرهاب فعالية. ومع ذلك ،يمكن أن تحدث مشاكل أمنية كامنة لتشويه هذه السمعة، مثل القتل الشنيع الذي تعرضت له في 16ديسمبر 2018شابتان من السياح اإلسكندنافيين نفذه إرهابيون. هناك تهديد آخر للمغرب يتمثل في «نفاذية» الحدود الشرقية والجنوبية وضعف البنية األمنية خارج هذه الحدود. يمكن تلخيص ذلك بالقول إنه بعد الهجمات اإلرهابية التي ارتكبت في المغرب في األعوام 2003و 2007و ،2011وضعت المملكة الحرب ضد اإلرهاب على رأس أولوياتها ،ووضعت استراتيجية متعددة األبعاد في الحرب ضد اإلرهاب التي جلبت ثمارها .تستند هذه االستراتيجية إلى نظام الركائز الثالث :تعزيز األمن الداخلي ،ومكافحة الفقر واإلصالحات الدينية. بفضل هذه اإلستراتيجية األمنية واسعة النطاق والجهود الهائلة ،اكتسب المغرب خبرة معترف بها في مكافحة اإلرهاب على المستوى الدولي لصالح االستقرار واألمن في العالم.
قطرات مداد ُ • محمد إمغران
رميتم بهم كقطعة عظم....
من الطبيعــي ،بل ومن الضروري النهــوض بالبنيــة التحتيـــة وإحداث المرافــق العموميــة، لتسهيل سبل حياة المواطنين ولخدمة أغراضهم وشؤونهم.ومدينة طنجة التي تكبر وتتوسع كل يوم هي ماضية في هذا االتجاه وتستحق فعال أن تكون لها محطة طرقية كبيرة وواسعة وجميلة وبمواصفات راقية تليق بهذه المدينة التي سحرت والزالت تسحرألباب مشاهير العالم في الفن والفكر واألدب والسياسة والرياضة على مرالعقود.وهذه المحطة الطرقيــة الجديدة التي تم فتــح أبوابها للعموم يوم الجمعــة الماضي ،فاتح نونبرالجاري، ولو ب«:الثلث الخالي» ،تعتبربادرة طيبة تأتي في إطار برنامج التنمية المندمجة والمتوازنة «لطنجة الكبرى» والذي كان جاللة الملك أعطى انطالقته في مرحلة سابقة.لكن ما ليس طيبا ،أحب من أحب وكره من كره ،هو أن العشرات من العمال والمستخدمين بالمحطة الطرقية «رياض تطوان» بطنجة ،تنعت حاليا ب« :المحطة القديمة» وإلى غاية كتابة هذه السطور الزالوا يحتجون على إقصائهم والزالوا كذلك متذمريــن بســبب ما لحقهم من تجاهل ونكران ،بل ويبكون «فقصة» على ترحيل المحطة الطرقية إلى «طرف الدنيا» دون إدماجهم فيها أومنحهم تعويضا ولوعلى «قد الحال» ،خاصة وأنهم أفنوا زهرة شبابهم ،عماال ومستخدمين ،بهذا المرفق العمومي ،منذ عهد سيدنا «نوح» وأقلهم اشتغاال بمحطــة «رياض تطوان» يكون قد قضى بها أزيد من عشرسنوات. وهؤالء الزالوا قادرين على العمل والحرفة لهم غيرخبرتهم في مصارعة «غول» الخبز اليومي عمال بالمحطة.أكثر من هذا أنهم يعيلون أسرا كثيرة، متعــددة النفــوس والقلوب أيضا.وضمن هذه النفوس يوجد مرضى وعجزة وأطفال في حاجة إلى رعاية ،كلهم في الهم يلتقون.تصوروا ،إذن ،أنه في لحظة تم إقصاء آبائهم وأشقائهم وأبنائهم الذين كانوا يعيلونهم بما كانت تجود به عليهم المحطة المذكورة من شظف العيش ،بعد تقديم وعود لهم كانت مطرزة بخيوط من الوهم ،حسب المقصيين أنفسهم ،الذين الزالوا يشتكون في غياب وفاء «إطارهم» وفي ظل تخليه عنهم ،بعد أن قضى غرضه والهم يحزنون. تصوروا ،كذلك ،أن ملك البالد ومنــذ اعتالئــه عرش أسالفه المنعمين وهو يولي عناية فائقة للجوانب االجتماعية للمواطنين مراهنا عليها من خالل تدشينه للمرافق الصحية والطرق والسدود ودور العجزة... وعندما أعطى جاللته انطالقة برنامج «طنجة الكبرى» وضمنه المحطة الطرقية الجديدة التي تم افتتاحها ،مؤخرا ،جهة منطقة «الحرارين»، جاء بعده عباقرة التسيير الجماعي وسماسرتهم، فشردوا العشرات من عمال ومستخدمي المحطة الطرقية «القديمة» التي أصبحت في خبر كان. وهذا التصرف «الوحشي» يالحظ عند إنجازكل مشروع عمومي تشهده المدينة ،حيث يتم الدوس على الجانب االجتماعي واإلنساني ،فالمسؤول أو المكلف بمهمة ما يكاد يكون قلبه ميتا ،ألنه «البس ،واكل ،مكرع» فضال عما يحصل عليه من «هميزات» ،هنا وهناك ،األمر الذي يعمي بصيرته ويغلظ قلبه ويقتل فيه كل شيء جميل، هذا إذا كانت فيه «شي حاجة مزيونا».ومثل هذا المسؤول لن يقشعربدنه احتراما وإجالال وإنسانية أمام سيدنا «نوح» الذي حمل على كتفيه سفينة المحطة ،ذات زمن بعيد. ـ اتقوا اهلل في عمال ومستخدمين رميتم بهم كقطعة عظم نهشت لحمها سنون شقائهم.
العدد 1018
الثالثـاء � 05إلى 11نـوفمرب 2019
21
التحوّل الجنسي
()2/1
حوار مع الروائية والطبيبة
فاتحة مرشيد ال تقف الرواية الجديدة «انعتاق الرغبة» (المركز الثقافي للكتاب ـ الدار البيضاء) للكاتبة المغربية فاتحة مرشيد ( )1958عند إشكالية الجندر والتحوّل الجنسي فحسب ،بل تتجاوز ذلك ً خاصة ومعزولة، لتمتدّ إلى انتقاد المجتمع الذي يعيش فيه الفرد حاالت قد تبدو لألغلبية وبالتالي مرفوضة ،أو على األقل ينبغي أال تتجاوز دائرة التستّر واإلخفاء .تناقش الرواية اإلرث االجتماعي والديني ،وتفتح باب األسئلة بخصوص العديد من التيمات ،أبرزها احترام الخيارات النفسية لآلخر ،والدفاع عن خصوصية الفرد .لذلك ،جاء العنوان منسجماً مع ما تذهب إليه الرواية من طروحات ،حيث «انعتاق الرغبة» هو في األساس انعتاقٌ من قارورة مغلقة هي الجسد ،وهي أيضاً نظرة المجتمع إليه .تتوقف الرواية أيضاً عند الطاقات التي يهدرها الفرد في معارك خاطئة ،الفرد القادر على انتقاد المجتمع ،ومعرفة تفاصيله ،لكن الجاهل أيضاً لنفسه، والعاجز عن النظر إليها ،وتحويل النقد الخارجي الجاهز إلى نقد داخلي منتج .تعمل فاتحة مرشيد على تفكيك الموروث الثقافي الشعبي ،ونقد المتداول االجتماعي القائم على طمس المشاعر واالنحياز لثقافة األغلبية ،الرافض لالختالف والداعي إلى حياة نمطية متشابهة، يبدو فيها الخارج عن السرب عا ّقاً وغير مرغوب فيه .سيكتشف عز الدين متأخراً أنه ال ينتمي إلى الجنس الذي تمثله صورته الفيزيولوجية .سيصارح زوجته التي سترفض الوضع وتطالبه بالرحيل .لذلك سيقــوم بتصفيــة تركــة والده ويؤمّن مستقبل ابنه ،ثم يغادر باتجاه بلجيكا وبعدها كندا لكونها بلدانا «تكنّ اعتباراً للمتحولين» .بعد سنوات طويلة ،يتلقى االبن رسالة من والده تشرح له أسباب الرحيل .رسالة مكاشفة قد تكون جارحة ،لكنها أيضاً صريحة ومؤثرة، خصوصاً حين سيعلم االبن أن والده فارق الحياة ،وأن الرسالة كانت بمثابة وصية .عن الرواية الجديدة وغيرها من األعمال ،يدور هذا الحوار مع فاتحة مرشيد التي وصلت إلى أرض الكتابة شاعر ًة ،إذ أصدرت في البداية دواوين عدة من بينها« :إيماءات» ،و«ورق عاشق» ،و«تعال نمطر» ،و«أي سواد تخفي يا قوس قزح» ،قبل أن تتحوّل إلى الرواية سنة .2007إذ ستصدر «لحظات ال غير» ،لتعقبها روايات أخرى هي« :مخالــب المتعــة» ،و«الملهمات» ،و«الحق في الرحيل» ،و«التوأم» .لكنها لم تغادر الشعر ،بل أصدرت في موازاة أعمالها السردية مجاميع شعرية أخرى« :آخر الطريق أوّله»« ،ما لم يُقل بيننا»« ،اِنزع عني الخطى» ،فض ً ال عن كتب أخرى في القصة والمجال المهني .يحسّ متتبع مسار فاتحة مرشيد أنها تغلق عليها ً مؤمنة في ذلك بأن الكاتب عليه أن ينشغل بما ورشتها األدبية، تكتب يداه ،ال بما يوجد بعيداً عنهما .لذلك يلمس قارئ أعمالها هذا الدأب الواضح في تحوالت الكتابة لديها وفق مشروع يؤكد أن الكاتبة تعرف تماماً ما تريد. لنبدأ من الصفحات األولى لروايتك الجديدة «انعتاق الرغبة». يقول األب في رسالة إلى ابنه« :منذ وعيت بالدنيا وأنا سجين جسد ليس لي» .عادة ما تقف الروائية العربية في صف الدفاع عن قضايا المرأة وتسعى إلى الكشف عن معاناتها واالنتصار لها. عالمَ راهنت فاتحة مرشيد وهي تذهب بعيداً عن هذا المنحى، لتطرح مسألة الجندر ،ولتفتـــح بالتالي ملـــف الجنس الثالث؟ بدءاً ،حبذا لو نبتعد عن التعميم .ألن كل تجربة إبداعية هيتجربة إنسانية متفردة إن لم نقل استثنائية .واإلبداع ال جنس له، وحساسية المبدع غير مرتبطة بجنسه (مذكر أو مؤنث) ولكن بالفنان داخله .إنها مسألة إبداع ومرجعية ثقافية ،لهذا أنا ال أتفق مع تسمية الكتابة النسائية .وأعتبر أنني أكتب أدباً إنسانياً ال نسائياً ،أدباً ينتصر لجوهر اإلنسان ،كيفما كان جنسه أو هويته الجندرية ،ويعبر عن معاناته في بعدها اإلنساني العميق .وفي هذا الصدد جاءت رواية «انعتاق الرغبة» لتضع القارئ أمام تساؤالت فلسفية حول مفهوم الذكورة واألنوثة ،الجنس والجندر ،وتقربه من واقع األقليات الجنسية.
أحاول كسر الصورة النمطية عن األقليات الجنسية يبدو أن األمهات في المغرب ال تكتمل «سعادتهن إال بإنجاب الولد» .هذا ما تقولينه في إحدى صفحات الرواية .وهذا الوضع يشمل بلدان العالم العربي بشكل عام ،ال المغرب وحده .هل ترين أن التفكير العربي ما زال ذكوري ًا رغم الخطابات المبشرة بالحداثة والتحول االجتماعي والثقافي؟ هذه المقولة تعبر عن واقع ثقافي واجتماعي يرث فيه الذكر ضعف األنثى ،مع أنمسؤولياتها ال تقل عن مسؤولياته ،فيصبح إنجاب الذكر بمثابة تأمين مادي يحصّن هذه األم واألخوات من جشع األقرباء الذكور .هل التفكير العربي ما زال ذكورياً؟ أجل وسيظل في غياب ثورة ثقافية حقيقية. يعود األب إلى طفولته ليسرد البنه في الرسالة إياها بأن سعادته كانت تكتمل حين كان يجد نفسه مع أخواته في الحمام العربي الخاص بالنساء وهو دون الخامسة ،ثم الحقاً وهو يرتدي مالبس أخته متقمصاً شخصية صديقتها .هل كنت تحاولين النبش في الماضي لتبرير الحاضر على اعتبار أن الظواهر السيكولوجية لها منابع أساسية في طفولة اإلنسان؟
أعتقد أن الرواية كانت واضحة في هذا الصدد وبيّنت علمياً بأن التحول الجنسي ليسنتيجة تربية معينة ،بل هوية جندرية يولد بها الشخص ،وأن اإلحصائيات العالمية تقرّ بأن معدل وجود حاالت العبور الجنسي هو أكثر لدى الذكور بحيث واحدة في كل ثالثين ألف رجل يحسّ في أعماقه بأنه امرأة ،فيما واحد من كل مئة ألف امرأة تحس أن لها روح رجل .وسعادة عز الدين وهو يرتدي مالبس أخته ،كانت نابعة من إحساس داخلي بمصالحةٍ ما مع جسده ،مع أنه لم يكن بعد واعياً لطبيعة هويته الجنسية. هناك أيض ًا حضور للتمثل الديني في هذه المسألة ،فحين دخل األب ووجد ابنه يرتدي مالبس أخته ،نهره قائــال ً« :أعوذ باهلل من الشيطان الرجيم .الرجال ال يتشبهون بالنساء ،وإال نزلت عليهم اللعنة» .كيف تنظر الروائية إلى الخطاب الديني الذي يبدو حاسم ًا وصارم ًا في موضوع التحول الجنسي؟ ــــ الخطاب الديني في موضوع العبور الجنسي ليس حاسماً وال صارماً كما قلت ،بل يخضع لتأويالت رجال الدين ومدى إلمامهم علمياً بظاهرة العبور الجنسي .لهذا نجد دو ًال إسالمية مثل إيران تحتل المرتبة الثانية عالمياً ،بعد تايالند ،في عمليات تغيير الجنس، ألن فتوى الخميني كانت واضحة ّ ومكنت العابرين من المصالحة مع ذواتهم .كما أن مصر اهتمت بالموضوع وحصل فيها بعض المتحولين على إذن من األزهر لتغيير الجنس .المسألة مسألة اجتهاد من طرف علماء الدين واألطباء على حد سواء ،وهذا ما لم يحصل بعد في المغرب ،مع أن الدار البيضاء في السبعينيات والثمانينيات لغاية 1987كانت قبلة للعابرين والمتحولين جنسياً. كان فيها أشهر طبيب :الدكتور جورج بيرو الذي كان يأتيه المشاهير من العالم بأسره ،إلى مصحة الحديقة إلجراء عمليات تغيير الجنس. عودة إلى الرواية ،سيسافر االبن إلى «قرية المثليين» في كندا ،حيث عاش والده المتحول جنسي ًا بعد خروجه من بلجيكا. وحين سيلتقي بفادية الشابة التي كانت تعيش تحت رعاية والده، سيتراجع انتقاده لهذا األخير .يبدو تعاطفك مع شخصية األب الذي ينتمي إلى الجنس الثالث تعاطف ًا واضح ًا ومطلق ًا ،وأحيان ًا تنوبين عن شخصياتك في إبداء هذا الموقف ،وفي توجيه النقد للمجتمع وللعالم الخارجي .أال تخافين الوقوع في المباشَرة؟ ـــــ تعني تعاطف السارد مع والده بعد رفضه له في البداية. باختصار شديد وحتى يستطيع من لم يقرأ الرواية بعد أخذ فكرة عن الحكاية :السارد ،وهو جراح تجميل ،سيكتشف عبر رسائل تصله من مجهول ،السرَّ الذي دفع والده إلى الرحيل من المغرب من دون رجعة ،والتخلي عنه وهو ال يزال طف ً ال في عامه الثاني ،وهو كونه متحو ًال جنسياً ،امرأة في جسد رجل .هذه الرسائل التي خطها والده والتي ستصله بعد وفاته ،ستحفزه على السفر مقتفياً خطى هذا الوالد عز الدين ليتعرف على وجهه اآلخر بعدما قام بتغيير جنسه ليصبح «عزيزة» .رحلة انعتاق السارد اتخذت صبغة التعلم ،ألن كونه جراح تجميل لم يعفِه من جهله بعالم األقليات الجنسية .تقول عزيزة« :ال أحد يشك في كوني أباك البيولوجي ،لكن ما أسعى إليه هو أن أكون أباك الروحي» .من هنا سيسهم األب من خالل السفر بابنه عبر تحليل الذات والمجتمع ،في تعبيد الطريق أمامه للخروج أو االنعتاق من أسر السائد والمألوف وتجاوز ثقافة الكسل والتلقي السلبي .كل ما قيل فرضته دينامية السرد ،والروائي ليس ِّ منظراً ،وليس عليه أن يبدي رأياً أو يصدر أحكاماً أخالقية ،هو يحكي حكاية يشترط فيها أن تكون ممتعة ،وأن تحترم ذكاء القارئ باستفزاز األسئلة بداخله ،وجعله يجتهد في إيجاد أجوبته الخاصة.
(يتبع)
22
الثالثـاء � 05إلى 11نـوفمرب 2019
العدد 1018
«المهرجان الدولي لتالقح الثقافات» بالعرائش النسخة الثامنة
لعبة السودوكو ()479 أصل اللعبة
لعبة السودوكو اليابانية األصل « ،»SUDOKUكانت معروفة منذ الثمانينيات في اليابان ،إال أنها لم تظهر كلعبة ذات شعبية إال سنة .2005
معنى كلمة سودوكو
كلمة سودوكو هي اختصار للجملة اليابانية ()Nikagiru Sujiwa Dokushin وتعني أن األعداد البد أن تكون مفردة .وهذه اللعبة عبارة عن عالمة تجارية لشركة .Nikol
كيف تلعبها ؟
اللعبة تعتمد على المنطق لدرجة كبيرة ،وهي لوحة مقسمة إلى تسع مناطق كل منطقة مكونة من تسع خانات ،وعليك أن تمأل هذه الخانات أفقيا أو عموديا بأرقام من 1إلى ،9حيث ال تستخدم الرقم إال مرة واحدة في جميع المربعات على العمود نفسه أو السطر أو القطر ،وتكون هناك أرقام موضوعة سابقا في بعض الخانات.
مفيدة لكن معقدة
اللعبة مفيـدة جدا لتقوية مهارات المنطـق ،ويستخدمهـا مدرسو الرياضيات كتمارين للطلبة وتختلف درجة التعقيد ،حسب الفئة المستهدفة.
شهدت مدينة العرائش انطالق النسخة الثامنة من «المهرجان الدولي لتالقح الثقافات» ،الذي تنظمه جمعيـــة «لوكــوس للسياحة المستدامة» ،بشراكة مع الكلية متعددة التخصصات بالعرائش ،تحت شعــار «نحـــن األرض ،نحن العرائش. ويسعى المهرجان حسب ما تطمح إلى ذلك الجهات المنظمة إلى «بعث رسالة السالم والتعايش بين مختلف الثقافات، والتصدي لخطابات الكراهية والتطرف» وذلك عبر استثمار اإلمكانيات السلمية التي يتيحها الفلكلور والتراث الفني وموسيقي الشعوب ،بصفتها قيما يرتكز عليها الوجود اليومي لإلنسان. من جانبهــا أكـدت الكليـــة متعـددة التخصصات بالعرائش ،في كلمة ألقاها عميدها خالل حفل االفتتاح على أن «هذا النوع من األنشطة تمكن الطالب من بناء جسور من التواصل الفعال ،ومشاركة األفكار واآلراء الثقافية المتنوعة ،مع شباب من مختلف الجنسيات ،وتمكنه من فهم االختالف بين الثقافات ،وتجنب إطالق األحكام الجاهزة ،وذلك عبر تعزيز التقارب الثقافي ،وتعميق أسسه الفكرية». وقد توزعت فعاليات البرنامج على عدة مواقع تراثية وتاريخية بإقليم العرائش ،هيئت أساسا الحتضان مجموعة من األنشطة الثقافية والعروض الفنية والكرنفاالت التي تشارك فيها فرق فنية مغربية وأجنبية. من جانب آخر تمت برمجة العروض والندوات داخل بعض المراكز االجتماعية بالمدينة. وتجدر اإلشارة إلى أن الدورة الثامنة تميزت بحضور أزيد من مائتي شاب وشابة ،ضمن وفود فنية وثقافية تمثل اثني عشر بلدا عربيا وأجنبيا.
سرعة المالحظة
الدكتورة ثريا الليهي
بين الصورة واألصل 7اختالفات ،حاول أن تهتدي إليها.
في ذمة اهلل انتقلـت إلى عفــو اهلل تعالـــى األستـــاذة الدكتورة ثريا الليهي ليلـة الخميس 2ربيــع الثاني 31 /1441أكتوبر 2019بمدينة طنجة. وبهذه المناسبة األليمة يتقــدم مكتـــب طنجة لرابطة كاتبات المغرب وجمعية أعمدة وملتقى الدراسات المغربية واألندلسية بآداب تطوان بأحر التعازي إلى أفراد أسرتها وعائلتها الكريمتين ،سائلين المولى عز وجل أن يثيب المرحومة على ما قدمته من خدمات جليلة بأسالك التعليم الثانوي وتكوين األطر والعالي، وما كان لها من مشاركات رفيعة في المجالس العلمية داخل المغرب وخارجه ،وما خلفته من تراث علمي في األدبين األندلسي والمغربي. إنا هلل وإنا إليه راجعون
حل السودوكو لجميع إعالناتكم اإلشهارية واإلدارية يف جريدة
االتصال على الرقم : 0539943008
رقم 479
صفحة
23 �إعداد :م�صطفى ال�سباعي
العدد 1018
الثالثاء � 07إلى 11نوفمرب 2019
مجرد رأي :
كرة السلة المغربية على صفيح ساخن
أزمة كرة السلة المغربية تتواصل ..و في الوقت الذي استبشر فيه الجميع بقرب إيجاد الحلول للخرو ج من األزمة بعد تشكيل لجنة مؤقتة عهد إليها بتسيير الجامعــة الملكية المغربية لكرة السلة تعقدت األمور أكثر بعد تقديم السيد بورة رئيس اللجنة االنتقالية استقالته بعد االتهامات واالنتقادت التي وجهت إليه وإشارته إلى أن توافق األندية المتنافسة ازداد تعقيدا بمجرد رحيل وزير الرياضة السابق وتعيين وزير جديد. بورة برر استقالته بكونه ال يرغب في تكريس الضغط على الوزارة الوصية إلقرار انتخابات عاجلة تبقي الوضع على ماهو عليه واعتبر أن خالفات األندية العالقة لها بما هو رياضي بل هي صراعات شخصية. وكانت األندية المعرضة قدوجهت رسالة إلى السيد رئيس اللجنة المؤقتة اتهمته فيها بالقفز على خارطة الطريق التي تم رسمها وتبنيها باإلجماع ..وتعطيل مسار اإلصالح القانوني للجامعة من خالل الدعوة الستمرار بطولة القسمين األول والثاني التي تم حسم امرها منذ اكثر من ثالثة أشهر ..والوقوع في المحظور بجمع أندية يوجد معظمها في وضعية غير قانونية وغير معتمدة من طرف القطاع الرياضي كانت تستمد شرعيتها من الوضع الذي سمته بالفاسد الذي كان سائدا بالجامعة برعاية الرئيس المجمدة واليته و التي كان يمررها حسب رأيها لتمرير التقارير األدبية والمالية لضمان استمراره على رأس الجامعة. وذكرت األندية الرافضة رئيس اللجنة المؤقتة بضرورة االلتزام بما سطر في قرار تعيينه على رأس هذه اللجنة. استقالة السيد بورة جاءت متزامنة مع الرسالة التي وجههــا الرئيس المجمدة واليته إلى االتحاد الدولي للعبة وإلى الوزير الوصي يطالب فيها بما اسماه بالشرعية ومحاولة تلميع صورته من أجل العودة إلى الرئاسة مجددا وعقد جمع عام استثنائي لإلبقاء على الوضع كما كان عليه.
جمعية المد األزرق تلغي الوقفة االحتجاجية أمام الوالية
مدافع اتحاد طنجة الجرفي يغيب عن مباراة الوداد منح الطاقم الطبي التحاد طنجة المدافع أيوب الجرفي فترة راحة لمدة أسبوعين قبل العودة الستئناف تجريبته مع الفريق بعد تعرضه إلصابة في أوتار الركبة. وكان الالعب الجرفي قد أصيب خالل مباراة فريقه مع المولودية الوجدية التي انتهت بالتعادل السلبي ،حيث غادر الميدان قبل انتهاء اللقاء بصورة اضطرارية.
بعد استقالة المكتب المسير... اتحاد طنجة إلى أين
كما كان متوقعا تفاقمت األزمة بسرعة وأدت إلى االنفجار داخل فريق اتحاد طنجة لكرة القدم. وكما كان الشأن مع المدرب عبد الحق بنشيخة قبل ثالث سنوات عندما أقيل من منصبه بعد التعادل أمــام المغرب الفاسي واإلقصاء من منافســـات كأس العـــرش.. المدرب الجزائري اآلخر نبيل نغيز لقي نفس المصير بعد اإلقصاء من دور ربع نهاية كأس العرش على يد حسنية أكادير. وكان هذا اإلقصاء بمثابة القشة التي قصمت ظهــر البعيــر حيث أدت إلى سخط جماهيري عــارم والمطالبة بإقالة المكتب المسير. الرئيــس عبد الحميــد أبرشان وأعضاء المكتب المسير التقطوا الرسالة بسرعـــة وقدموا استقالــة جماعيــة وعزوا في بالغ نشره الموقع الرسمي للفريق ذلك إلى السب والشتم الذي يمارس بحقهم وبحق عائالتهم والضغوط الكبيرة التي تمارس على المكتب المسير منذ استالمه قيادة الفريق رغم النتائج المبهرة التي حققهــا ولم تتحقـــق منذ تأسيســـه كالفوز بالبطولة االحترافية ألول مرة في تاريخ النـــادي والمسابقات الخارجية ومنها كأس محمد السادس لألندية األبطال ...حيث لم يسلم الرئيس والمكتب المسير من ترويج الشائعات ومن الحمالت
والشائعات الممنهجة من أجــل رحيلــه عن الفريق. و وحدد المكتب المسير تار يخ 15نونبر الجاري لعقد جمع عام استثنائي. وتأتي استقالة المكتب المسير لفارس البوغاز في ظرف صعب يعيــش فيه الفريق أزمة حقيقية صامتة امتدت منذ مدة وكان مصيرها االنفجار في النهاية. فمنذ فترة ليست بالقصيــرة يتساءل األنصار والرأي العام الرياضي في طنجة عن من يقوم ويشـرف على االنتدابات خاصة بعدما قـــدم السيــد حنيفة نائـــب الرئيس استقالته احتجاجا على ما أسماه بقرارات تتخذ دون علم أعضاء المكتب. وباإلضـــافــة إلى ذلك تميــزت فتـــرة المكتب المستقيل بغياب االستقرار على مستوى اإلدارة التقنية وضرب اتحاد طنجة الرقم القياسي في استبدال وتغيير المدربين وعلى سبيل المثال ال الحصر ..فقد انفصل الفريق عن المدرب ادريس المرابط الذي قاده إلى إحراز لقب البطولة ألول مرة في مشواره الرياضي وتعـــاقــد مع التونسي العجالني غير أن غياب النتائج اإليجابية تسبب في االنفصـــال عنه والتعاقد مع عبد الرحيم طاليب الذي كان يدير اإلدارة التقنية من المدرجات والذي تمكن رغم ذلك من إنقاذ الفريق واالستغناء عنه دون ذكر األسباب.
?
وجيء بالمدرب الجزائــري نبيـــل نغيز بعد االستغنـاء عن جل الالعبيـن واستقدام مجموعة جـديــدة ،الليبيان طاهـــر صالـــح سعيــــد وزكريا الهريش وأنور سديل وطارق استاتي ويوسف أنور ومصطفى كمارا وأنور جيد وكوناطي وكمال آيت الحاج.
ورغم إقامة معسكر بتركيا أنفــق خالله الفريق الماليين فقد أخفقت هذه المجموعة في تحقيق نتائج إيجابية حتى اآلن سواء في كــأس محمد السادس لألنديـــة األبطـــال أو في كــأس العـرش أو في بطولة الدوري االحترافي ...فكان من نتائــج ذلك االنفصال عن المــدرب «نغيز» وإسناد مهمة اإلشراف التقني إلى مساعده عبد الواحد بلقاسم في انتظار التعاقد مع مدرب جديد.
نبيل نغيـــز بعــد أزمتــه مــع اتحــاد طنجة،تكون استقالة أعضاء المكتــب بعثرت جميـع األوراق وأدت بالمدرب نبيل نغيــز الذي كان يستعد لعقد جلسة مع المكتـــب المسير من أجل االنفصال بالتراضــي إلى حضــور التدريبات مرفوقــا بعون قضائي للتأكيد على منعه من القيـــام بمهامـه قبل رفع قضيته إلى الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم واالتحاد الدولي للعبة..
الصحافة اإلسبانية تشيد بعمل المدرب اإلسباني أنخيل فياديرو مع المغرب التطواني ألغت جميعة المد األزرق ألنصار اتحاد طنجة الوقفة االحتجاجية التي كان من المقرر تنظيمها أمام والية طنجة للتعبير عن عدم رضاها على رفض والي الجهة الستقالة عبد الحميد أبرشان ومكتبه المسير والمطالبة بتغيير جذري واستراتيجية جديدة في تسيير الفريق. وجاء قرار جمعية المد األزرق بإلغاء االحتجاجية بعد جلوس أعضائها مع مسؤولي الوالية وتلقيهم تطمينات بإيجاد حل لمشكل الفريق. هذا و اليزال الوضع المتأزم يخيم على كل فعاليات اتحاد طنجـة بعد تقديم المكتب الستقالته وحضور المدرب نبيل إحدى الحصص التدريبة مرفوقا بعون قضائي. وحتى التداريب اإلعدادية لمباراة الوداد البيضاوي تمر في غياب العديد من الالعبين لإلصابة وأيضا لنفسية الالعبين المنهارة.
حظيت االنطالقة القوية التي بصم عليها المغرب التطواني بداية الموسم الحالي تحت قيادة المدرب اإلسباني «أنخيل فياديرو» باهتمام كبير من قبل الصحافة اإلسبانية التي أشادت بالعمل الكبير الذي يقوم به رفقة فريق الحمامة. ومن بين الصحف اإلسبانية التي تحدثت عن االنطالقة القوية للمغرب التطواني تحت قيادة المدرب أنخيل فياديرو صحيفة «آس» التي نوهــت بما يقدمـه ابن مدينـــة سانتاندير أنخيــل فياديرو رفقة الفريق. الصحيفة اإلسبانية أشارت إلى أنه حقق ثالث انتصارات وتعادال بالبطولة االحترافية جعلته يتصدر الترتيب مع تسجيل هجومه لستة أهداف وتلقي شباكه هدفا واحدا. وقالت ذات الصحيفة أن نجاح المدرب «أنخيل فياديرو» برفقة المغرب التطواني لم يتتصر على البطولة فحسب بل قاد الفريق أيضا للتأهل إلى الدور نصف النهائي لكأس العرش ..وهو ما يجعل برأيها تحقيق أول لقب للمدرب فياديرو بالمغرب ليس ببعيد المنال.
األخيرة
الثالثـاء � 05إلى 11نـوفمرب 2019
العدد 1018
تذكرة سفر
السلسلة الرابعة
احللقة 13
لقاءات حوارية ،في حلقات متسلسلة ،مع شخصيات مؤثرة في المجال العمومي المغربـي والعربـي واإلنساني ،تستحضر تجربتهم في الحياة الخاصة والعامة ،وترحل بهم عبر تذكرة سفر معنوية وروحية إلى الماضي والمستقبل. • عبد اإلله المويسي ـ • محمد العطالتي
وزيرالثقافة السابق
محمد األشعري المحور الثالث ـ المسار السياسي ـ
يحضر األستاذ محمد األشعري ،في مخيال القراء المغاربة والمشتغلين بالحقل السياسي والمجتمعي الوطني ،بصيغة الواحد المتعدد ،فهو اإلنسان أوال ،وهو الشاعر والكاتب الروائي والمناضل السياسي والناشط الحقوقي ،وواحد من أبرز وجوه معتقلي سنوات الرصاص .وهو الوزير الذي انعطف بمشروع الثقافة الوطنية نحو أفق اتسمت فيه بتبني مفهوم الصناعة الثقافية ،وهو الذي سبق أن شغل قبلها منصب رئاسة اتحاد كتاب المغرب لثالث دورات عرفت خاللها هذه المؤسسة أقوى مراحل ديناميتها وإنتاجيتها.
حكومة اليوسفي السي محمد ،أنتقل معــك اآلن إلى محطة أساسية من محطــات مشوارك العمومي والمتعلق بدخولك الحكومة وتقلدك منصب وزارة الثقافة لواليتين، واألكيد أنها المرحلة التي خلفت انطباعا جيدا لدى المثقفيـن المغاربـــة ولــدى المهتمين بالشأن الثقافي بشكل عام، فقد كانت مرحلة اتسمت بنوع من التدبير الجيد والعقالني للفعل الثقافي بالمغرب، سواء على مستوى االهتمام بالمنشورات أو االهتمام بكل ما يتعلق بالحركية الثقافيةالمغربية. أريد أوال أن أتعرف معك عند المالبسات والظروف التي أحاطت ،أوال بترشيحك للدخول إلى الحكومة ،وثانيا بتقلدك منصب وزارة الثقافة. تعييني في مسؤولية وزارة الثقافة لم يكن بالنسبة لي ال منتظرا وال بديهيا ،وعندما كانت المفاوضات جارية لتشكيل حكومة التناوب كنت على صلة بعدد من األصدقاء الذين كانوا يشتغلون مباشرة مع األستاذ عبد الرحمن اليوسفي على الموضوع ،وكان هناك حديث عن
محمد با حنيني
بعض المسؤوليات وبعض الحقائب ،وأتذكر أنني كنت قد أشرت عليهم بضرورة االتصال باألستاذ محمد برادة ألنني كنت أعتقد أنه األجدر بتقلد هذا المنصب ،وأتذكر أيضا أن أحدهم أشار علي باالتصال به و استقراء رأيه في الموضوع .وبالفعل فقد التقيت باألستاذ محمـد برادة وناقشـــت معه الموضـــوع وطرحت عليه الفكرة ،فاعتذر بسبب وضعه العائلي الخاص آنذاك ،وفي نهاية حديثنا قال إذا كنتم بصدد تشكيل الحكومة فال تنسوا األستاذ علي أومليل ،وبطريقة تلقائية بلغت هذه المالحظة .فيما بعد ،وقد طالت المفاوضات كثيرا ،تداول الوسط االتحادي خبرا حول تكليف شخصية ثقافية مرموقة بهذا المنصب ،وأتذكر أننا كنا جميعا سعداء بذلك ،وربما بالنسبة لي ،حيـث إن أمر االستوزار لم يكن واردا ،فقد كنت أتابع هذا الموضوع ،موضوع تشكيل الحكومة ،بكثير من التجرد. وفي إحدى اللحظات الحاسمة ،وكان المرحوم الحسـن الثاني يستقبـل آنذاك األستاذ عبد الرحمن اليوسفي ،كنت مع الصديق األستاذ خالد عليوة في بيته ننتظر
خروج األستاذ عبد الرحمن اليوسفي من االستقبال الملكي ،وبدأنا نتحدث في ما سيستقبل من أحداث مرتبطة بهذا األمر، وكنا في غاية التأثر والحماس والتطلع لما ستسفر عنه األشياء غدا .فكان أن اقترح علي خالد عليوة ،في معرض هذا الحماس والتطلع واستشراف المستقبل ،فكرة أن أتولى رئاسة فريق االتحاد في مجلس النواب ألن هذا المنصب سيكون له أهمية خاصة في مرحلة تولي االتحاد مسؤولية تدبير الشأن العام ،فلم أعلق على الموضوع. لكنني في ذلك الحين لم أكن أشعر بحماس كبير ألن أتولى منصبا يضعني في الصفوف األمامية للحياة السياسية ،على اعتبار أن الحياة السياسية ،حتى ذلك الحين ،كانت بالنسبة لي هي المشاركة في بلورة بعض األفكار وصياغة بعض المشاريع والمساهمة في تنوير الرأي العام .والعمل الصحفي والثقافي كان األقرب إلى نفسي من كل شيء آخر .لكن فيما تلى ذلك من األيام كنا في عشاء عند األخت العزيزة نجاة بوعبيد، زوجة المرحوم عبد الرحيم بوعبيد ،وكان اإلعالن عن الحكومة وشيكا جدا ،في نهاية هذا العشاء اقترب مني الصديق األستاذ أحمد لحليمي وأخبرني بأن األستاذ عبد الرحمن اليوسفي يطلب مني أن أترك له في الساعات األولى من صباح الغد سيرة ذاتية بمقر الحزب ،وعندما استفهمته عن األمر، قال أنت مقترح لوزارة الثقافة .وكانت هذه هي المرة األولى ،بعد أسابيع من معالجة هذه المسألة ،وألول مرة ،وباستثناء ما كان يثار في الصحافة ،ألول مرة أخاطب بطريقة مباشرة في هذا الموضوع. في اليوم التالي وضعت تلك السيرة المطلوبة ،وبضعة أيام بعد ذلك ،سيعلن عن تشكيل الحكومة وسأكون ضمنها في منصب وزير الثقافة .لقد كان األمر ،بالنسبة لي ،على المستوى الشخصي ،مُرْ ِبكا إلى أبعد حدود اإلرباك .فأنا لم أتعود أوال على األشياء الرسمية ،وكنت مرتبطا جدا بحرياتي الشخصية وممارستي للعمل الثقافي من خالل المجتمع المدني ومن خالل الكتابة واألسفار والمشاركة في الندوات ،وكل ذلك كان بالنسبة لي جزءا أساسيا من حياتي، ولم أكن أتصور حياتي خارج هذا األمر. لكن من ناحية ثانية ،فإن فترة تشكيل حكومة التناوب كانت بالنسبة لي من الناحية السياسية ومن الناحية الثقافية انعطافا كبيرا ،وكان يسعدني أن أشارك في هذا االنعطاف .فال أخفي أن وجود أي مناضل بعد سنوات من العمل المباشر في المعارضة ومناهضة االستبداد واالنتصار للحريات ،بعد سنوات من ذلك ،من المؤكد أن اإلنسان يحس بكثير من المسؤوليات،
ولكن أيضا بقدر غير قليل من االعتزاز بأن يشارك في بناء تجربة مستجيبة لتلك التطلعات التي حملناها لمدة سنوات، ومستجيبا لتحول كان اعتقادنا الراسخ آنذاك أنه سيكون تحوال تاريخيا. وهكذا وجدت نفسي ،بعد بضعــة أيام من ذلك العشـــاء الذي أفضى إلى وضع ترشيحي ،وجدتنــي أتسلم حقيبــة وزارة الثقافة في شارع غاندي الذي كنت أؤمه كثيرا بسبب مسؤولياتي الثقافية، وفي مجاالت أخرى ،ووجدتني أدخل ذلك الممر الذي دخلته مرات كثيرة للدفاع عن مطالب اتحاد كتاب المغرب أو لمناصرة أحد األدباء أو المثقفين الذي كانوا يمرون بمرحلة صعبة ،وأنا أمر بهذا الممر للدخول إلى المكتب الذي شغله عدد من الوزراء الذين تعرفت عليهم وبعضهم أصبح
ضمن أصدقائي فيما بعد .تذكرت كذلك تلك المراحل التي قضيناها في الدفاع عن مكانة خاصة للثقافة في المغرب ،وتذكرت على وجه الخصوص ،المرة األولى التي دخلت فيها هذا المكتب ،في مرافقة األستاذ الصديق محمد برادة ،وكان رئيسا التحاد كتاب المغرب لنقدم بعض مطالب االتحاد لوزير الثقافة آنذاك ،وقد كان هو األستاذ محمد بّاحنيني ،وتذكرت على وجه الخصوص ذلك التعامل القريب جدا من الالمباالة مع قضية مثل قضية الثقافة بالمغرب ،وقد أسفر هذا اللقاء فيما أتذكر عن الموافقة على منحة هزيلة التحاد كتاب المغرب ،قبل أن نعلم فيما بعد أن وزارة الثقافة قد أرجعت جزءا من ميزانيتها إلى الميزانية العامة ألنها لم تستطع أن تنفقها في المجال الثقافي .
في الحلقة القادمة نتحول اآلن إلى السؤال الثاني .أكيد السي محمد ،أن هذه النقلة النوعية بخصوص الصورة التي ظهرت بها وزارة الثقافة ،ربما ألول مرة في المغرب ،والمتعلقة بتدبيرك شخصيا لهذه الوزارة والتي تكللت بنجاحات متعددة وخصوصا على مستوى ما يمكن أن أسميه بالصناعة الثقافية حيث ظهر نوع من الحس الجدي في الثقافة ،مثال مع المنشورات وإصدار مجموعة من المنشورات ألول مرة ،مثال األعمال الكاملة والكتاب األول وغيره ،أريد أن أعرف أنه هذا التدبير كان وراءه نوع من التخطيط الجيد ونوع من الحكامة في التعاطي مع الشأن الثقافي ،واألكيد أيضا أن السي محمد قد وجد مجوعة من الصعوبات وأكيد مجموعة من العراقيل تحول دون أن يحقق حلمه الكامل كما يراه في وزارة الثقافة ،بمعنى ما هي الصعوبات التي وجدها السي محمد في أول مرة وهو يستلم العمل بوزارة الثقافة وكيف استطاع أن يتغلب عليها وأن يخرج هذه الصورة الجيدة لوزارة الثقافة التي استبشر بها كل المغاربة والمثقفين المغاربة ؟
محمد برادة