Achamal n° 1018 le 05 Novembre 2019

Page 1

‫محمد األشعري‬

‫ضيف سلسلة «تذكرة سفر»‬

‫الحلقة‬

‫‪13‬‬

‫«تعييني في مسؤولية وزارة الثقافة‬ ‫لم يكن بالنسبة لي ال منتظرا وال بديهيا»‬

‫على هامش أيام األبواب الثالثة المفتوحة‬ ‫لألمن الوطني‬

‫ميكانيزمات التصدي‬ ‫لإلرهاب بالمغرب‬

‫الصفحة ‪24‬‬

‫حوار مع‬

‫فقيد البحث العلمي‬ ‫بالشمال‬

‫إعالم جهوي متقدم‬ ‫الدكتور محمد مفتاح‬ ‫صفحة ‪3‬‬

‫صفحة ‪20‬‬

‫املدير امل�س�ؤول ‪ :‬عبد احلق بخات ـ الهاتف ‪ 05.39.94.30.08 :‬ـ الفاك�س ‪05.39.94.57.09 :‬‬ ‫العدد ‪ 1018‬ـ الثمن ‪ 4‬دراهم ـ الثالثاء ‪ 7‬ربيع الأول ‪� 05 / 1441‬إلى ‪ 11‬نوفمرب ‪2019‬‬

‫الإعالمية‬

‫رجاء قيباش‬ ‫الصفحة ‪4‬‬

‫الحكومة أمام تقارير جطو‬ ‫‪ 17‬ألف ملزم لم ينضبطوا لتقديم تصريحاتهم بالممتلكات‬ ‫أمام المجلس األعلى للحسابات بخصوص السنة الجارية‪!!! ‬‬

‫كلمة الشمال‬ ‫عبد اإلله المويسي‬

‫أثار الرئيس األول للمجلس األعلى للحسابات السيد إدريس جطو‪ ،‬أثناء مناقشة ميزانية المحاكم المالية لـ ‪ 2020‬أمام لجنة العدل والتشريع‬ ‫بمجلس النواب يوم الخميس المنصرم‪ ،‬قضايا عديدة متعلقة بتنزيل التوصيات ألجل تطبيق الحكامة المالية في التدبير والتسيير‪.‬‬ ‫وفي معرض حديثه بعث بالعديد من اإلشارات مفادها أنه يطبق المعايير الوطنية والدولية في طريقة اشتغال المجلس وإجراء االفتحاصات بعيدا‬ ‫عن أي حسابات مسبقة تخص المعنيين بذلك‪ ،‬بل تحقيقا للمصلحة العليا للبالد‪.‬‬ ‫وقد أشار جطو إلى أن المجلس تابع ‪ 107‬معنيا في ‪ 14‬قضية مرتبطة بمجال ممارسة التأديب تخص الميزانية والشؤون المالية في ‪ .2019‬وأن‬ ‫المجلس أصدر ‪ 60‬قرارا يتعلق بمخالفات تنفيد النفقات العمومية وتدبير ممتلكات األجهزة العمومية المعنية‪ ،‬وأنه افتحص ‪ 352‬حسابا‪.‬‬ ‫من جانب آخر أكد المجلس األعلى للحسابات على أنه سيصدر خالل أسابيع قادمة أول تقرير يكشف فيه عن مآالت تنفيد الوزراء والمسؤولين‬ ‫العموميين للتوصيات الصادرة عنه‪ ،‬وأنها ستشمل حوالي ‪ 20‬قطاعا وزاريا للوقوف على مدى االمتثال لها‪ ،‬مبرزا أن العديد منها ال تتجاوب إيجابيا‬ ‫معها ألسباب متنوعة المصادر‪.‬‬ ‫في السياق ذاته أعرب السيد إدريس جطو عن رغبته في أن يتم التفاعل اإليجابي مع كل التقارير الصادرة عن مجلسه واتخاذها أرضية سليمة إلجراء‬ ‫مساءلة عادلة للحكومة‪ ،‬مشيرا إلى أن المحاكم المالية إلى حدود شهر أكتوبر ‪ 2019‬لم تتلقى سوى ‪ 75662‬تصريحا بالممتلكات من أصل ‪93096‬‬ ‫ملزما‪ ،‬أي ما يعادل نسبة ‪ 81‬في المائة من مجموع التصاريح الواجب إيداعها‪ .‬مذكرا بأن إجراءات وتدابير في طريقها إلى المباشرة تهم الملزمين غير‬ ‫المصرحين‪ ،‬متمثلة في إبالغ السلطات الحكومية المعنية وتوجيه اإلنذارات الالزمة لهم وفق ما يقتضيه القانون الجاري به العمل‪.‬‬ ‫‪ 17‬ألف ملزم إذن لم يلتزموا بتقديم تصريحاتهم بالممتلكات أمام المجلس األعلى للحسابات بخصوص السنة الجارية‪!!! ‬‬ ‫الرقم يدفع الرأي العام الوطني إلى التساؤل واالستغراب بخصوص ما إذا كان المجلس األعلى للحسابات أصبح «فزاعة» غير مخيفة‪!!! ‬‬

‫جريدة يوميـة جهـوية وطنية ت�صدر م� ً‬ ‫ؤقتـا كـل �أ�سبـوع • الإدارة‪ ،‬التحريـر‪ ،‬الإ�شهـار ‪ 7 :‬مكرر‪ ،‬زنقة عمر بن عبد العزيـز • الربيد الإلكـرتونـي ‪ info@achamal.ma :‬ـ املوقع الإلكرتوين ‪www.achamal.ma :‬‬


‫العدد ‪1018‬‬

‫‪2‬‬

‫الثالثـاء ‪� 05‬إلى ‪ 11‬نـوفمرب ‪2019‬‬

‫يومية جهوية وطنية ت�صدر م� ًؤقتا كل �أ�سبوع‬

‫املوقع الإلكرتوين ‪:‬‬

‫حول فشل‬ ‫خط «الجزيرة»‬ ‫مغارات‪..‬‬

‫محمد سدحي‬ ‫‪sadhimed@gmail.com‬‬

‫التقاعد‪ ..‬ها أنت قاعد‪..‬‬

‫أكدت (الشوافة) أن عدد المتقاعدين بالصندوق المغربي‬ ‫للتقاعد (وليس التقاعس) يتزايد بوتيرة مضطردة‪ ..‬فمن ‪164‬‬ ‫ألفاً سنة ‪ ،2010‬يرتفع هذا العدد إلى حوالي ‪ 300‬ألف في سنة‬ ‫‪ ،2020‬ويتوقع أن يصل إلى ‪ 440‬ألفا مع اقتراب سنة ‪..2060‬‬ ‫اللهم طولك يا روح‪..‬‬ ‫ويؤكد الفقيه ضارب الخطوط أن عدد األرامل المتعيشات‬ ‫على الصندوق ذاته‪ ،‬سيتضاعف خمس مرات بين سنة ‪2010‬‬ ‫وسنة ‪ ..2060‬اهلل ال يتلي بنا أيام‪..‬‬ ‫وبلغة الناس القاريين بزاف‪ ،‬العارفين جيداً بخبايا الصناديق‪..‬‬ ‫صناديقنا الوطنية التي أصابها التسوس من كثرة وضع األيادي‬ ‫السوداء عليها‪ ..‬بلغة هؤالء نقول إن النسبة الديموغرافية لنظام‬ ‫المعاشات المدنية ستعرف تدهوراً حاداً‪ ،‬حيث يرتقب أن تنتقل‬ ‫هذه النسبة من حوالي ‪ 4‬مساهمين من النشطين لكل متقاعد‬ ‫واحد في سنة ‪ 2007‬إلى حوالي ‪ 1.4‬في أفق سنة ‪.2060‬‬

‫***‬

‫في يوم من أيامنا المغربية المنذورة للنوم والكسل الذي‬ ‫هو بالضرورة أحلى من العسل‪ ،‬طلت علينا عدسة كاميرا الوطن‬ ‫في يوم جميل وشاعري بعيد إخالء دور آباء مواطنين عزّل بعدما‬ ‫فاجأتهم الفيضانات العارمة والسيل الذي غطى الزبى وأتى على‬ ‫جزء كبير من الماشي والراشي وترك أهالي البلدة البعيدة عرايا‬ ‫أمام عدسة الكاميرا‪ ...‬سكت الرجال وتكلمت امرأة عجوز وقالت‬ ‫للكاميرا الشاعلة‪ « :‬الفالطا ديالنا‪ ..‬حنا اللي بقينا ناعسين حتى‬ ‫جاء الواد وادانا‪.»...‬‬

‫***‬

‫وها هو الواد هواد‪ ..‬والصنيدق‪ ..‬صنيدق العجب‪ ..‬يغمره‬ ‫الماء‪ ..‬يحمله إلى مصبه األخير‪ ..‬إلى مطافه األخير‪ ..‬إلى مثواه‬ ‫األخير‪ ..‬ونحن كما قالت المرأة العجوز‪ ،‬قبل أن تذوي الشوافة‬ ‫وتقول‪ ،‬نائمين على جنب الراحة‪ ..‬ويا صندوق ما دخلك غاشي‬ ‫وهو ماشي‪..‬‬

‫***‬

‫وبعد هذا الدخول والخروج من وإلى الشبوق‪ ،‬كان الوزير‬ ‫الكبير‪ ،‬شحال هذه‪ ،‬عبيبس‪ ،‬قد كلف نفسه مشقة ترأس لجنة‬ ‫وطنية إلصالح أنظمة التقاعد‪ ،‬فأسند مهمة دراسة هذه األنظمة‬ ‫المتآكلة إلى لجنة تقنية‪ ،‬وهي اللجنة التي لم تنجح في إيجاد‬ ‫صيغة نهائية لتقريرها األولي المرفوع (إلى أين؟)‪ ..‬اللجنة التقنية‬ ‫تتكلم لغة األرقام المجردة في صياغة الحلول‪ ،‬فيما تضغط‬ ‫المركزيات النقابية‪ ،‬وهذا دورها الطبيعي‪ ،‬في اتجاه تبني المقاربة‬ ‫االجتماعية في أي إصالح‪..‬‬ ‫وهاك على جر لي أقطع لك حتى تطلع السوطة (الحكومية)‬ ‫على باب األحباب‪ ،‬ويكون الوادي قد نشف‪ ..‬ونشف الريق‪ ..‬وبقي‬ ‫عمي البريق‪ ..‬المتقاعد زعماً‪ ..‬على باب اهلل يزدرد البلبولة‪...‬‬

‫***‬

‫وما كادت ماما فرنسا تنتهي من (إصالح) نظام معاشاتها‪،‬‬ ‫حتى قفز إلى فوق شجرة حكومة الربيع رجل قليل اللحية كثير‬ ‫«قلة الحيا» ثم أخذ ينزع ما تبقى من أوراق التوت لستر العورات‬ ‫وخرج على المنخرطين في صندوق التقاعد عارياً يزدرد حلوى‬ ‫الرضا بالهم الذي لم يرض بنا‪..‬‬ ‫قالت سيدة فاضلة على باب التقاعد‪ :‬سر يا بنكيران عفى اهلل‬ ‫عما سلف‪ ...‬ولم نسمع من يرد عليها آآآآآمييييين‪.‬‬

‫‪ -‬نلتقي‪! ‬‬

‫‪www.achamal.com‬‬ ‫ت�صدر عن مطبعة جريدة طنجة‬ ‫المدير المسؤول ‪:‬‬

‫عبد احلــق بخــات‬ ‫رئيس التحرير ‪:‬‬

‫محمد العطالتي‬

‫عبد الإلـه املـوي�سـي‬

‫‪atlati.mohammed@gmail.com‬‬ ‫اعتادت اإلذاعات والقنوات التلفزية العالمية‪،‬‬ ‫بمشاربها وألوانهـــا «التحريريـــة»‪ ،‬على امتداد‬ ‫التاريخ‪ ،‬منذ ظهـور هــذا الجهــاز الذي سميَ‬ ‫تلفزيونا‪ ،‬ن ْق َل صو ِر الحُروب والنزاعات التي تنشب‬ ‫بين الجماعات البشرية في العالم‪ ،‬لكن مُراجعة‬ ‫أرشيف التاريخ الحربي‪ ،‬ال يُسعف الباحث في العثور‬ ‫على‬ ‫صُور بمثل بشاعة أو فضاعة ما تنقله قنوات‬ ‫ٍ‬ ‫العالم في هذا العصر المليء بالحروب‪.‬‬

‫«تميم بن داعش البئيس»‪ ،‬لم ْ‬ ‫تكتــفِ بإعالن‬ ‫والئـــها للجـماعات اإلسالمية المقرفة والمخزية‬ ‫عبر العالم‪ ،‬بل «طوَّرت» اجتهاداتها في الموضوع‬ ‫نحو ما هـــو أ ْفضع وأ ْلعــن‪ ،‬فقد صارت ت َقدِّمُ‬ ‫جماعاتٍ وحشية‪ ،‬اعتادت تناول «أطباق الرؤوس‬ ‫جيوش حرَّة تمارس‬ ‫البشرية»‪ ،‬على أنها مجردُ‬ ‫ِ‬ ‫حق ا ُلعارضة في مواجهة نظام سياسي قائم على‬ ‫العُنف واالستبداد‪.! ‬‬

‫الصـــــوَرُ المرتبـــطـــة بحـــروب الشـــرق‬ ‫العروبي‪ ،‬وتلك الناقلة ألحداث ما يجري في الشرق‬ ‫األوسط من وقائــع‪ ،‬يعجزُ المر ُء عن تصنيفها‬ ‫في دائرة من الدوائر الكارثية‪ ،‬أهي حرب مثل‬ ‫الحروب التي الزمت تاريخ البشرية ؟ أم هي صنفٌ‬ ‫«حديث» من النزاعات المسلحة التي يختلط‬ ‫فيها الحابل بغير النابل ؟‬

‫تلفزيونات العالم المتحضر‪ ،‬ذلك العالم الذي‬ ‫أبدع في التقنية والعلوم‪ ،‬وبلغ المدارك العليا‬ ‫والدرجات السامية في إنتاج ما يخْدم اإلنسان‪،‬‬ ‫اعتادت إمتاع الناس ومُؤانستهم وشفاء غليلهم‬ ‫لالستمتاع بمباهج الحياة‪ ،‬لكن تلك التلفزيونات‪،‬‬ ‫الموغلة في أدغال البيد وفيافي الصحاري القاحلة‪،‬‬ ‫اتخذت لنفسها نهــجا «تحريريـــا تجديديا»‪،‬‬ ‫نـهجا يعتمد في «أدبياته» إفطارا بالرؤوس‬ ‫المقطوعة وعشا ًء بالقلوب المجْدوعة‪ ،‬وصارت‬ ‫تعُدُّ تقديمَ الجماعــاتٍ اإلرهابيةٍ‪،‬آكلةِ‬ ‫األعضاء البشرية‪ ،‬على شاشاتها جزءاً من‬ ‫«نضـالها اإلعالمـــي»‪ ،‬فهي‪ ،‬بحسب‬ ‫منهاجهــا غيـــر النبـــوي‪ ،‬مجــــردُ‬ ‫«جماعاتٍ مسلحة»‪.‬‬

‫الحروب التي اعتــاد النـــاسُ سمــاعَ‬ ‫َ‬ ‫أخبارها‬ ‫ومعاينة صو ِرهــا ومشاهدِهــا‪ ،‬على‬ ‫ْ‬ ‫مـــرّ عصور التاريخ البشري‪ ،‬لم‬ ‫تسجــل‬ ‫جرائم بمثل وَحشِيةِ تلك الجرائم‬ ‫ُ‬ ‫التي‬ ‫تؤثـــث النزاعـــات اللصيقــة‬ ‫بــ «الشرق األوســط اإلسالمي»‪،‬‬ ‫جرائم ومجازر أبطا ُلها َّ‬ ‫مُسلحون‪،‬‬ ‫يحملون جالبيــــب فضفاضـــة‬ ‫وأسمـــاء مُفزعـــة تنتمـــي‬ ‫لقواميس ومعاجــم العصــور‬ ‫السحيقة وتنال الدرجة العليا‬ ‫من الترويع واإلرهاب‪.‬‬ ‫المجــازر‪ ،‬الــتـــي يجـــوز أن‬ ‫توصفَ بنعـــوتٍ أســـو َء مـــن لفـــظ‬ ‫«اإلرهــاب»‪ ،‬يتعرض لها النـــاس في‬ ‫مواطنهم على يد جماعاتٍ َّ‬ ‫حلت ببلدان ابتُلِيَتْ‬ ‫بوباء «الداعشية» المُعاصر‪ ،‬وأتت من كل فجٍّ‬ ‫سحيق للقيام بـ»فريضة الجهاد» وباسم إعالء‬ ‫كلمة اإلسالم‪ ،‬وكأن اإلسالم‪ ،‬الذي «نزل رحمة‬ ‫وهدىً للنــاس»‪ ،‬أضْحـى في حاجــة القتــراف‬ ‫معتنقيه جرائمَ تفوقُ فضاعتُها و«حيوانيتُها»‬ ‫نُسب للزعيم النازي هتلر‪.‬‬ ‫ما ِ‬ ‫خالل الحرب الكونية الثانـية‪ ،‬بلـــغ «حقد»‬ ‫األمريكان على البشرية حداَّ دفـــع بهم إللقــــاء‬ ‫قنبلتين ذريتين على مدينتين آهلتين بالسكان‬ ‫اآلمنين المطمئنين‪ ،‬وكانت فاجعة يندى لها جبين‬ ‫البشرية‪ ،‬لكن «جزيرة قطر»‪ ،‬العاملة بتقاليد نظام‬

‫لقــد‪ ،‬تغــاضـــى عُربان‬ ‫الخليج المتخلفون عن جرائم‬ ‫حرب حقيقية ارتكبتها جيوش‬ ‫األمريكـــان في حق شعــوب‬ ‫بكاملها‪ ،‬كما غضوا الطرف عن‬ ‫جرائــم تقتـــرف ضـد حقــوق‬ ‫اإلنسان في بالد يحكمهــا أفراد‬ ‫ينتمون لعصـــر القرون المظلمــة‪،‬‬ ‫لكنهم ال يكفون عن نعت أعمال الجيش‬ ‫السوري بصفة اإلجرام وهو يعيد مدناً‪ ،‬كحلب أو‬ ‫كالرقة‪ ،‬إلى سابق عهدها‪ ،‬وينتشلها من براثن‬ ‫الجاهلية ومخالب الجهل‪.‬‬ ‫لقد كانت الجماعات اإلرهابية‪ ،‬صنيعة العربان‬ ‫القذرين وبمباركة من األمريكان األمبرياليين‪ ،‬من‬ ‫أجل صناعة عالم يخدم مصلحة النهج االمبريالي‪،‬‬ ‫لكنها‪ ،‬رغم كل الدعم الذي حازته‪ ،‬ورغم األكاذيب‬ ‫المختلقة باسم الدين‪ ،‬لم تلق سوى السراب‪،‬‬ ‫وانتهت شيئا فشيئا حتى تحولت إلى رماد ال يغني‬ ‫وال يسمن من جوع‪ .‬ففي النهاية‪ ،‬تموت األساطير‬ ‫والخزعبالت وال يدوم إال ما ينتجه العقل السليم‬ ‫من وباء األساطير‪.‬‬

‫الطعن في انتخاب‬ ‫مكتب جهة طنجة ـ تطوان ـ الحسيمة‬ ‫تنص الفقرة الخامسة من المادة ‪ 19‬من القانون التنظيمي ‪ 111.14‬المتعلق بالجهات‬ ‫على أنه « يتعين العمل على أن تتضمن الئحة ترشيحات نواب الرئيس عددا من المترشحات‬ ‫ال يقل عن ثلث نواب الرئيس»‪ ،‬غير أن عملية انتخاب المكتب الجديد لمجلس جهة طنجة‬ ‫تطوان الحسيمة التي جرت األسبوع الماضي خالفت هذا المقتضى القانوني الواضح‪ ،‬حيث‬ ‫امتنع حزب العدالة والتنمية عن االمتثال له ولم تتضمن‪ ،‬تبعا لذلك‪ ،‬الئحة ترشيحاته لشغل‬ ‫مناصب النيابة عن الرئيس ثلثا من النساء كما هو مفروض قانونا‪.‬‬ ‫و كنتيجة لهذه المخالفــة الصريحة لمقتضيات القانون العام المؤسس على قاعدة‬ ‫المناصفة بين الرجل والمرأة المنصوص عليه في الدستور المغربي‪ ،‬فإن عددا من الفاعلين‬ ‫السياسيين والحقوقيين يتوقعون تفعيل مسطرة الطعن في نتائج انتخاب مكتب الجهة‬ ‫أمام القضاء المختص‪ ،‬وهو في هذه الحالة المحكمة الدستورية ‪.‬‬

‫هيئة التحرير ‪:‬‬

‫عبد اللطيف �شهبون‬ ‫زبيـدة الورياغلـي‬ ‫�أ�سامـة الزكــاري‬ ‫ر�ضوان احدادو‬ ‫هدى املجاطـي‬ ‫محمد العطـالتي‬ ‫محمد �إمغــران‬ ‫محمد �سـدحــي‬ ‫عبد احلـي مفتـاح‬ ‫م�صطفى ال�سباعي‬ ‫اإلدارة واإلشهار والعالقات العامة ‪:‬‬

‫محمد طارق بخات‬ ‫اإلخراج والتصفيف‪:‬‬

‫«جريدة ال�شمال»‬ ‫عنوان التحرير والمراسالت والتسويق‬ ‫واإلشهار ‪:‬‬

‫‪ 7‬مـكـــرر‪ ،‬زنقـة عمــر بــن‬ ‫عبد العزيز ـ طنجــة ـ‬ ‫الهاتــف ‪:‬‬ ‫‪05.39.94.30.08‬‬ ‫‪06.22.45.30.67‬‬ ‫الفاكــ�س ‪:‬‬ ‫‪05.39.94.57.09‬‬ ‫الربيد الإلكرتوين ‪:‬‬ ‫‪info@achamal.com‬‬ ‫‪achamal2000 @gmail.com‬‬ ‫سحب من هذا العدد ‪:‬‬

‫‪� 10‬آالف ن�سخــة‬ ‫التوزيع‪:‬‬

‫�سبـريــ�س ‪Sapress‬‬ ‫الإيداع القانوين‪99/10 :‬‬ ‫ر‪.‬د‪.‬م‪.‬ك‪:‬‬

‫‪I.S.S.N : 1114-1832‬‬


‫العدد ‪1018‬‬

‫درد‬

‫شة‬

‫م�صطفى حجاج‬

‫‪3‬‬

‫الثالثـاء ‪� 05‬إلى ‪ 11‬نـوفمرب ‪2019‬‬

‫دردشة‬ ‫بسوق أحد الغربية‪َّ ،‬‬ ‫تحلق حولي مجموعة من الصّبية‪ ،‬يُلوّحون بألواح‪ُ ،‬كتبت عليها آيات‬ ‫بينات من الذكر الحكيم‪ ،‬ويتوسلون إليّ أن أمنحهم (التحريرة)‪.‬‬ ‫والتحريرة في عُرف (مْحاضرة المسيد) هي تقديم دريهمات لفقيههم الذي يُح ّفظهم القرآن‪،‬‬ ‫ليمنحهم عطلة يوم أو نصف يوم‪ ،‬حسب مقدار األعطية وقيمتها‪.‬‬ ‫وتهافتُهم هذا على (التحريرة) عاد بي إلي المسيد الذي يشرف علي الزاوية الريسونية‪ ،‬والذي‬ ‫كان يحمل اسم الفقيه الصروخ رحمه اهلل‪ .‬ففي هذا ُ‬ ‫الكتَّاب حفظتُ القرآن الكريم على الفقيه‬ ‫السيد عبد السالم بن حمزة‪ ،‬طيب اهلل ذكره‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫والكتَّاب المذكور الزال رابضا أمام باب سيدي على بن ريسون‪ ،‬وطوله حوالي ستة أمتار‪،‬‬ ‫وعرضه متران أو ثالثة أمتار تقريبا‪ ،‬وله نافذة تشرف على الطريق‪ .‬وفي زاوية من زواياه‪ ،‬يوجد‬ ‫حوض صغير‪ ،‬نمحو به ألواحنا كل صباح‪ .‬وفي الزاوية األخرى‪ ،‬يتربع فقيهنا على مصطبة‪ ،‬وبيده‬ ‫قضبان يهش بها على الغشاشين والمشاكسين‪.‬‬ ‫وكانت أسعد أيامنا‪ ،‬يوم يغشى ُكتابنا محسن‪ ،‬فيتصدق على فقيهنا‪ ،‬ويلتمس منه أن يحررنا‪،‬‬ ‫أي يمنحنا عطلة نصف يوم‪ ،‬أو يعفينا مما بقي من حصة المساء‪ ،‬مقابل الدعاء له بالتوفيق‬ ‫والصالح‪.‬‬ ‫لهفتنا على هذه (التحريرة) كانت نفس اللهفة التي قرأتُها في عيون صبيان أحد الغربية‪ .‬إال‬ ‫أن الفرق‪ ،‬أننا لم نكن نسعى إلى التحريرة‪ ،‬وإنما كانت هي التي تسعى إلينا‪َ ،‬فتُرَوّح عنا‪ ،‬وتمنحنا‬ ‫اللذة والمتاع‪.‬‬ ‫كان هذا في بداية الخمسينات‪ .‬أما اليوم‪ ،‬فإن الفضول يدعوني الكتشاف مسيدي واستنطاقه‪،‬‬ ‫والوقوف على أدق تفاصيله‪ .‬غير أني كلما ترددت على الزاوية الريسونية لحضور (تفريق)‪ ،‬أو‬ ‫الترحم على قريب أو صديق‪ ،‬وجدتُ بابه موصدة‪ .‬وال أدري ما الدور الذي أُسند إليه في عهدٍ غدا‬ ‫فيه القرآن غريباً‪.‬‬ ‫أال رحم اهلل أيام زمان‪ ،‬وكتاتيبَ زمان‪.‬‬

‫حلقت الروح مطمئنة إلى بارئها‪،‬‬ ‫وربما بقي في نفسه شيء‬ ‫من حتى‪...‬‬ ‫ عبد الحي مفتاح‬‫�إلى فقيدنا الغايل الدكتور حممد مفتاح‬

‫محمد مفتاح ‪:‬‬ ‫استعادات‪..‬‬ ‫عبد اللطيف �شهبون‬

‫‪abdelchahboun@hotmail.com‬‬

‫فارقنا في اآلونة األخيرة أخونا العزيز سيدي محمد مفتاح ؛‬ ‫مفتاح علوم وخيرات‪ ،‬وعمود مجادة أخالقية ؛ ما شوهد إال في‬ ‫منازل نقاء‪ ..‬صاحب إمتاع ومؤانسة في مشاركاته العلمية وبالغاته‬ ‫التوجيهية‪ ..‬آية في سالمة باطنه‪ ،‬نبراس في حياء ظاهره‪ ،‬مالك‬ ‫لجنة معارف ؛ أغنته عن بريق زخارف‪..‬‬ ‫تلتمع في ذاكرتي اآلن جملة من صور سفره في هذه الفانية ‪:‬‬ ‫أ ـ صورة تلميــذ شفشاونــي‪ ،‬درس السلـك األول بثانويـة‬ ‫المشيشي ثم التحق بثانوية القاضي عياض بتطوان ليحصل منها‬ ‫على شهادة الباكالوريا في متم السنة الدراسية ‪ 1964‬ـ ‪ 1965‬؛‬ ‫وهو أصغر أقرانه ؛ مما دل على نباهة وفطنة مبكرتين‪..‬‬ ‫ب ـ صورة الطالب الجامعي المنكب على التحصيل بآداب فاس‪،‬‬ ‫المحظوظ بأبوة علمية ألستاذ األجيال المرحوم سيدي عبد السالم‬ ‫الهراس ؛ صاحب الفضل في توجيهه وتوجيهنا للعناية بالتراث‬ ‫اللغوي واألدبي والعلمي لألندلس وترجمة قراءات المستعربين‬ ‫‪..‬وكان منزل أستاذنا سيدي عبد السالم الهراس رحمه اهلل محجا‬ ‫للطلبة الوافدين على فاس من حواضر وبوادي الشمال أساسا ؛‬ ‫وعلى رأسهم فقيدنا العزيزسيدي محمد مفتاح‪.‬‬ ‫ج ـ صورة األستاذ المتمكن من علوم اللسان‪ ،‬صاحب الروايات‬ ‫والدرايات‪ ،‬الجامع لمناقــب من أخــذ عنهــم‪ ،‬البارع في إبالغه‬ ‫التدريسـي بثانوية الشريـف االدريســي مفتتـــح السنــة الدراسية‬ ‫‪ 1969‬ـ ‪ 1970‬وبعد ذلك بثانويــات القطــر الجزائري الشقيق‪،‬‬ ‫فقاعات الدرس بآداب فاس وتطوان‪..‬‬ ‫د ـ صورة الباحث الدارس المتقن المحقق ؛ الذي ما ترك مسودة‬ ‫أو مبيضة اال كانت في أنهى درجات االستيفاء‪ ،‬ذو السبق في‬ ‫اكتشاف أعالق أندلسية حتى صار شيخها وفتاها‪ ،‬ومجلي ذخائرها‬ ‫كلما أتاها‪ ،‬متعلقا بدررها‪ ،‬متألقا في لمعها‪ ،‬عارفا بأسرارها‪ ،‬بارعا‬ ‫في أعالمها ‪..‬‬ ‫كان رحمه اهلل ملجأ وعدة لمن قصده‪ ،‬وكانت أعماله التحقيقية‬ ‫خالصة خبرة ؛ قوامها اهتمام بأمهات األصول واستمداد من‬ ‫ضوابط علم التحقيق ؛ بما يفرضه من ‪:‬‬ ‫دراية بالمادة‬ ‫آتقان آلليات قراءتها‬ ‫جمع لنسخها‬ ‫اختيار لألوثق منها‬ ‫توحيد استنساخها بنمط كتابي معاصر‬

‫أحس محمد بعياء غريب دون سابق إنذار‪ ،‬لم يكن من قبل يشكو‬ ‫من أي شيء‪ ،‬وهو المتعود على الحركة كالنحلة‪ ،‬لذلك هذا العياء الذي‬ ‫أخذ يهده أقلقه‪ .‬هل هي عالمات الشيخوخة أم أن وراء األمر أموراً أخرى‬ ‫خفية ال يعرفها إال الخالق‪...‬؟‪.‬‬ ‫كان محمد وهو ابن مدشـــر صغيـر يقطع المسافات الطويلة مع‬ ‫أبيه لاللتحاق بالمدرسة‪ ،‬سواء زأرت الرياح أم بكت األمطار‪ ،‬استعرت‬ ‫الشمس أم اشتد القر‪ .‬ورغم تعب الطريق كان حبه ألبيه يزداد ألنه‬ ‫يحس أنه عزيز على أبيه و يعده القتحام عالم جميل يبدأ بعالمات‬ ‫نسجت من حروف وأرقام‪ ،‬والينتهي بما يسعه من أنوار ال شطآن لها‪...‬‬ ‫بتلك القرية التي كانــت مركــزا استعماريا بقبيلة األخماس‪،‬‬ ‫والتي ال زالت تحتفظ لحــد اآلن ببقايا ورواسب اإلسبان‪ ،‬انتعش ريشه‬ ‫النابت الذي مع كل خطوة كان يتكثــف ويتكاثف ليحلق في مدارج‬ ‫اآلفاق‪.‬‬ ‫كان أبو محمد الفقيه محمد بن محمد الذي تربى في أسرة‬ ‫بسيطة‪ ،‬قد اكتوى من قبل بحرقة العلم‪ ،‬وبقي في نفسه شيء من‬ ‫حتى‪ ،‬لعدم قدرة أسرته على التحمل المادي لتلبية رغبته الجامحة في‬ ‫االنتقال إلى القرويين بفاس‪ ،‬وقد اكتفى لذلك بالدراسة في مدارس‬ ‫دينية على يد مشايخ المنطقة الذين ال يقلون علما وتفقها‪ ،‬وذكاء‬ ‫وفطنة عن غيرهم وأشهرهم الفقيه «المصري»‪.‬‬ ‫كان القدر على موعد مع محمد «الصغير» في المدرسة العصرية‬ ‫ليكمل مالم يسعف أباه الفقيه محمد قطفه‪ ،‬حيث في هذه المدرسة‬ ‫تربى وتعلم؛ فمن قرية باب تازة حلق مع أسرته إلى شفشاون التي‬ ‫أقامت بها وال زالت‪ ،‬ثم ذهبت به السبل بشكل شبه لولبي بين هذه‬ ‫األخيرة وتطوان عاصمة الشمال الثقافية و فاس العاصمة العلمية‪ ،‬كما‬ ‫مر من الجزائر بلد الشيخ عبدالقادر ومن إسبانيا اإلسكوريال‪...‬‬ ‫لم يكن الحب فقط هو ما يجسد العالقة بين األب الفقيه محمد‬ ‫بن محمد وابنه محمد‪ ،‬بل كان اإلعجاب المتبادل والتواطؤ على‬ ‫استمرارية الفقيه في التلميذ والطالب والباحث الحديث‪ ،‬وانعكاس‬

‫ثقافة االنفتاح دون ميوعة في الفقيه الذي بقدر ماكان يحرص على‬ ‫حفظ أبنائه للقرآن كان اليشتد في إقبالهم على الجديد الممهور‬ ‫بالتربية الوطنية وحب الوطن‪.‬‬ ‫لم يكتب لألب الفقيه محمد بن محمد دفين شفشاون الذي بعد‬ ‫باب تازة والشرافات حط الرحال بالريف وتقاعد بشفشاون‪ ،‬أن يرى‬ ‫محمد ابنه البكر بعد عودته من الجزائر التي درس بها العربية الذي‬ ‫كادت أن تمحوها لغة االستعمار‪ ،‬يكمل مساره الدراسي واألكاديمي ما‬ ‫بعد اإلجازة ويصبح هو نفسه واحدا من هيئة التدريس بكلية اآلداب‬ ‫بفاس‪ ،‬وهو الذي كان يحثه دائما على عدم التوقف ويشجعه على‬ ‫استكمال طريق المسافات البعيدة‪.‬‬ ‫كان لرحيل األب المبكر وقع حزين على محمد‪ ،‬ال لثقل المسؤولية‬ ‫التي ورثها عنه من أجل قيادة أسرة كبيرة أحد جناحيها طري العود‪،‬‬ ‫بل كذلك ألن محمدا كان يأمل أن يقتسم مع الراحل أبيه نشوة الفرح‬ ‫بتخطي الحواجز في سباق المسافات الطويلة بعد عرق السهر وسفر‬ ‫و ترحال في شمس وقمر وليل الكلم وعون الشيوخ؛ وعلى رأسهم‬ ‫المرحوم الدكتورعبدالسالم‪.‬‬ ‫والمعجب أن محمدا البكر رغم كل ما عاناه في طريقه الشاق‬ ‫العسير‪ ،‬استعر من نار المعاناة هاته حبه لعلم العربية وآدابها‪ ،‬خاصة‬ ‫أندلسيها‪ ،‬الذي أصبح عالمة ملتصقة بشخصه كلكنته الجبلية‪ ،‬ولم‬ ‫يواز هذا الحب الذي عال وارتقى إال كرمه المعرفي واإلنساني الذي‬ ‫تحدث به القاصي قبل الداني‪ ،‬والذي كان عنوانا على طبيعته البدوية‪،‬‬ ‫وأثرا من أثار جود أمه‪ ،‬رحمها اهلل‪ ،‬الذي كان أثيرا عندها كما عند األب‪،‬‬ ‫والتي لم تكن تأخذ بيد إال لتعطي بأخرى‪.‬‬ ‫ذوى جسد محمد بصمت كصمت أبيه محمد بن محمد‪ ،‬لكن‬ ‫ذاكرته ظلت متوقدة‪ ،‬وبسمته رقراقة وعزة نفسه عالية وهو محاط‬ ‫بالكتب واألحباء واألصدقاء األوفياء الكثر‪ ،‬ثم انطفأ بسرعة الخيال جسد‬ ‫محمد فأذهلنا وبكينا‪ ،‬وربما بقي في نفسه شيء من حتى‪ ،...‬لكن روحه‬ ‫حلقت‪ ،‬والكل يمهرها بدعواته الرقيقة الصادقة‪ ،‬مطمئنة إلى بارئها‬ ‫وذكراه ستظل زكية ندية في قلوبنا ما حيينا‪.‬‬

‫تنظيم وضبط لمضامينها‬ ‫تكشيف وفهرسة لمكوناتها‬ ‫تقديم لبيانات بيوغرافية لمؤلفها‬ ‫تعريف بسياقاتها العامة‬ ‫توضيح لخطوات تحقيقها‬ ‫وغير ذلك‪..‬مما يتعين االلتزام به من فروض التحقيق ونوافله‪..‬‬ ‫وأما دروسه ومشاركاته العلمية في ملتقيات ودورات فكانت‬ ‫بمثابة قنوات لتخريج عدد كبير من الطلبة وتسليحهم بما ينفع ‪..‬‬ ‫وبعد‪،‬‬ ‫فقد حظيت بصحبة سيدي محمد مفتاح رحمه اهلل عمرا ناهز‬ ‫خمسة عقود‪ ..‬كان مألفي ومقصدي‪ ،‬وبفقدانه فقدت رسما من‬ ‫رسوم خيرات ‪.‬‬ ‫نحمدك يا أهلل‬ ‫نحمدك يا واهب الحيوات ‪..‬‬ ‫نحمدك يا مالك أسرار األرواح‪..‬‬ ‫نحمدك يا أهلل‪ ،‬ونؤمن بأن ال بد من يوم ترد فيه ودائعك‬ ‫نحمدك على آالئك‪ ،‬ونشكرك على نعمائك‬ ‫رحم اهلل أخانا سيدي محمد مفتاح الذي مات‪ ،‬وما ماتت‬ ‫مكارمه‪ ..‬نسأل اهلل أن يلهم ذويه ومحبيه صبرا جميال ‪.‬‬ ‫إنا هلل وإنا إليه راجعون‬


‫الشمال الفني‬

‫‪4‬‬

‫ح‬ ‫و‬ ‫ا‬ ‫ر‬

‫مع‬

‫إشراف الفنان يوسف سعدون‬

‫العدد ‪ 1018‬ـ الثالثاء ‪ 05‬إلى ‪ 11‬نوفمبر ‪2019‬‬

‫الإعالمية‬

‫رجاء قيباش‬ ‫معدة برنامج «لنتفهم أبناءنا»‬

‫رجاء قيباش من إعالميات الجيل الجديد بالمشهد السمعي البصري المغربي المعاصر‪ ،‬تعد وتقدم‬ ‫برنامجا تربويا اجتماعيا تسعى من خالله إلى تحقيق اندماج فعال في المحيط المجتمعي المغربي عبر‬ ‫مساءلة السلوكات المجتمعية العامة يقوم على أساس المقاربات العلمية المندمجة‪.‬‬ ‫وتأتي أهمية برنامج «لنتفهم أبناءنا» في كونه يفسح مجاال عموميا لمطارحة القضايا التربوية‬ ‫وإلعطاء دور حركي للفاعلين التربويين لإلجابة عن انتظارات المغاربة في ما يتعلق بالصعوبات التي‬ ‫تعترض مساراتهم في توجيه أبنائهم‪،‬التقت بها «الشمال» وأجرت معها الحوار التالي ‪:‬‬

‫أجرى الحوار عبد اإلله المويسي‬ ‫من أين انبثقت فكرة السلسلة وما موضوعها ؟‬ ‫بداية تحية طيبة مع عميق التقدير والشكر الجزيل لمنبركم على االهتمام‬ ‫والحرص على متابعة كل ما يهم الحقل األدبي والثقافي ونقله بكل موضوعية‬ ‫وصفاء للرأي العام والمهتمين ‪.‬‬ ‫أطفالنا هم امتداداتنا‪ ،‬حينما نتحسس نجاحاتهم تضحك كل األشياء من‬ ‫حولنا‪ ،‬يتدفق حبنا لهم بشغف دون حدود فنحن بحاجة إلى فرصة لنتقرب أكثر‬ ‫من ذواتنا ومن أطفالنا‪ ،‬نتخطى بمواضيعه هوة األجيال‪ ،‬نشق طريقا جديدا نحو‬ ‫االستمتاع بسعادتهم‪ ،‬نسعى بمواضيعه االجتماعية والتربوية إلى ضخ دماء‬ ‫جديدة في أسرنا ‪.‬‬ ‫برنامج «لنتفهم أبناءنا» جسر تواصل متين بيننا نحن كفاعلين بالحقل‬ ‫التربوي وبين المستمعين‪ ،‬سنشيده سويا بكل حب وعزيمة ورغبة في التغيير‬ ‫لنجتاز الصعوبات التي نعاني منها ونحن نشعر أن مياه نهر التواصل بيننا وبين‬ ‫فلذات أكبادنا تسير إلى الخلف ‪ .‬سنبحث سويا على‬ ‫جناحين جديدين لن تكسرهما عواصف التحديات‬ ‫التي نواجهها خالل مراحل نمو أبنائنا ‪،‬هو أنفاس‬ ‫الطبيعة الصادقة التي ستساعدنا وتساعدهم على‬ ‫استنشاق عبق أحالمنا وأحالمهم‪ ،‬حتى لو كانت‬ ‫هذه األحالم صعبة وعنيدة فنحن وأنتم لن نتنازل‬ ‫عن تحقيقها‪ ،‬برنامج إذاعي تتابعونه كل يوم إثنين‬ ‫وخميس مباشرة على أثير إذاعة ‪Médina FM‬‬ ‫من ‪ 22H00‬إلى ‪ 23H30‬من إعداد وتقديم رجاء‬ ‫قيباش‪ ،‬يتناول موضوع التعامل مع أبنائنا ومواكبة‬ ‫كل محطات رحلتهم العمرية بشكل سليم والحرص‬ ‫على تفادي الصعوبات التي توسع الهوة بين الطفل‬ ‫وأسرته بشكل خاص ومحيطه الخارجي بشكل عام‪،‬‬ ‫األمر الذي صار يشغل تفكيركل شرائح المجتمع‪،‬‬ ‫وهو ملف مثير للجدل بكل ما يتع ّلق بنظرياته‪،‬‬ ‫وماهيته‪ ،‬والتغيــرات التي ُ‬ ‫تحكمـــه‪ ،‬وخصوصـــا‬ ‫أهم عناصر النمو الجسدي والنفسي والذهني‬ ‫واالجتماعي‪ ...‬والتي تحدد سالمة صحة الطفل في‬ ‫كل مراحله العمرية ‪ .‬تعنى مواضيعه بشكل مباشر‬ ‫بالنضج الجنسي‪ ،‬العقلي واالجتماعي‪ ،‬والخروج‬ ‫تدريجيا من جسم الطفل خالل مختلف مراحله‬ ‫العمرية مع تطور فكري سليم وشعور باالستقاللية‬ ‫وكيان منفصل عن األسرة مع ضمان اندماج سلس‬ ‫داخل المجتمع‪ ،‬حيث تتسبب في حدوث عدد من‬ ‫المتغيرات تُؤثر في سلوكياته ونمط حياته ‪.‬‬ ‫مما ال شك فيه أن األطفال في مراحل نموّهم الجسدي المختلفة يعيشون‬ ‫عدّة تغيّرات فيسيولوجيّة ونفسيّة‪ ،‬ولكن المجتمع يلتفت عاد ًة إلى المادة ‪،‬في‬ ‫كل رحلة يكتسب فيها الطفل نموّاً ماديّاً يكتسب أيضاً نموّاً‬ ‫هذا الحين ومع ّ‬ ‫نفسياً‪..‬‬ ‫لقاؤنا عبر األثير فرصة للتقرب أكثر من أنفسنا ومن أطفالنا والمحافظة على‬ ‫صحتهم النفسية بالموازاة مع صحتهم الجسدية‪ ،‬فنحن ال نسعى إلى تقريب‬ ‫علمي أو عالج طبي للصعوبات التي يعيشونها خالل فترة نموهم النفسي‬ ‫والجسدي بقدر ما نهدف إلى ضخ دماء جديدية في أسرنا باعتبارها اللبنة‬ ‫األساسية في بناء المجتمع مع الحرص على االلتزام بقواعد التربية اإليجابية‬ ‫وتقبل سلوكات أبنائنا بصدر رحب لمساعدتهم على مواجهة التغيرات المجتمعية‬ ‫وزرع الثقة في ذواتهم وتزويدهم بطاقة إيجابية لالندماج بسالسة داخل المجتمع‬ ‫وعناق أحالمهم بكل ثقة في غد أفضل ‪.‬‬

‫من هي رجاء قيباش ؟‬

‫أفضل وسيلة يعرف بها المبدع نفسه هي أعماله‪ ،‬سيكون السؤال أعمق إذا‬ ‫قلنا ماذا قدمت رجاء قيباش لآلخر ؟‬ ‫رجاء قيباش امرأة عاشقة للحياة‪ ،‬تؤمن بأن األنثى وطن والوطن يليق‬ ‫به الحب‪ ،‬مواطنة مغربية قررت أن تكون لها بصمة ناعمة في المجال األدبي‬ ‫واإلعالمي بكل إصرارو رغبة في غد أفضل‪،‬‬ ‫تؤمن أن المواطنة بمفهومها الشامل تحيل على ثالثة مبادئ أساسية‪:‬‬ ‫االنتماء للوطن‪ ،‬حبه بإخالص وخدمته في كافة األوقات واألحيان ‪ .‬فتجسيد هذه‬ ‫المبادئ على أرض الواقع وتحقيق طفرة التغيير النوعية لهذا الوطن تقتضي منا‬ ‫جميعا وخاصة الشباب أن تكون مواطنتنا مبدعة‪ ،‬بمعنى أن تكون لكل شابة‬ ‫وشاب بصمة مواطنة خاصة ومتفردة في انتمائه وخدمته لوطنه وهذه البصمة‬ ‫تجعل منه مبدعا في إبراز مقومات شخصية عطاؤها ال حدود له ‪.‬‬

‫الثقافي والسياسي واالجتماعي وبالتالي المناخ االنساني بشكل عام‪ ،‬مما يلزمنا‬ ‫التوفر على رؤية مستقبلية واضحة المالمح نخطط لها بشكل عقالني وفعال‪،‬‬ ‫نستطيع أن نجيب على أسئلة متعددة‪ ،‬أين أنا ؟ما هو هدفي في الحياة ؟ كيف‬ ‫ومتى سأحققه؟ بمعنى أن نتحسس أثناء ممارستنا لدورنا اإلجتماعي أهمية‬ ‫استشعار الحس اإلبداعي لدى طالبنا بعيدا عن منطق الحشو والتلقين في اتجاه‬ ‫تعلم ذاتي يرافقنا مدى الحياة لنضمن قدرة مواكبة االنفجار التكنولوجي والفكري‬ ‫الذي يعرفه العالم اآلن ‪.‬‬ ‫نحن نتحدث عن مواطن مبتكر‪ ،‬متميز ‪،‬متشبع بقيم المواطنة والسلوك‬ ‫المدني ‪،‬قادر على التواصل اإليجابي مع اآلخر ‪،‬مواطن مبدع بكل ما تحمله الكلمة‬ ‫من مسؤولية وشموخ وعنفوان ‪.‬‬ ‫نحن شباب اليوم نساء ورجال هذا الوطن هدفنا األسمى أن نعيش ال أن‬ ‫نتنفس فقط ‪.‬‬ ‫رجاء قيباش كاتبة‪ ،‬شاعرة‪ ،‬إعالمية‪ ،‬كوتش أسري وتربوي‪ ،‬مدربة معتمدة في‬ ‫التنمية الذاتية‪ ،‬باحثة في علم اإلجتماع ‪.‬‬

‫كيف كانت بداياتــك في المجــال‬ ‫اإلعالمي ماهو أهم حدث طبع مشوارك‬ ‫في اإلذاعة ؟‬

‫الوطن كلمة حينما نبصرها بعيون القلب نستشعر عمقها ونرتشف‬ ‫معانيها‪ ،،‬الواو وضوح‪ ،‬الطاء طموح والنون نية ‪،‬أي نية تحقيق الطموح بكل‬ ‫وضوح ‪ ،‬النية المقترنة بالعمل‪ ،‬أن ندخل في نقاش مع ذواتنا‪ ،‬أن نتوفر على‬ ‫رؤية واضحة لوضعنا ودورنا داخل المجتمع ‪،‬أن نتمتع بصفة المواطن التي تتحدد‬ ‫بموجبها عدة أمور أهمها الحقوق والواجبات‪ ،‬نفيد ونستفيد ليشعر كل فرد أنه‬ ‫هو وال أحد سواه ‪.‬‬ ‫ليس الهدف تغيير اآلخرين بل نقطة االنطالق نحو التغيير هي التصالح مع‬ ‫الذات من جهة واالندماج الفعال داخل المحيط المجتمعي من جهة أخرى ‪،‬أي أن‬ ‫تكون لكل فاعل مجتمعي بصمة إبداعية خاصة في خدمة ذاته واآلخر وبالتالي‬ ‫المضي قدما نحو مستقبل مزهر بعيدا عن التحديات السلوكية والسلوكات غير‬ ‫الصحية التي نواكبها في كل المجاالت والتي تؤدي إلى ظواهر اجتماعية تستحق‬ ‫حوارا مجتمعيا جادا وتؤرق الفاعلين التربويين والتي تلوث العقول وتلوث المناخ‬

‫البدايات وشمها عميق في الذاكرة‪ ،‬كنت أطل‬ ‫على المستمعين من خالل نافذة الشعر‪ ،‬نستنشق‬ ‫سويا عبق الحرف ونسبح في عوالم الجمال واإلبداع‬ ‫من خالل قصائدي وأنا أحل ضيفة ببرامج عدة في‬ ‫هذا المجال بين إذاعة مكناس الجهوية وإذاعة‬ ‫فاس الجهوية وإذاعة ميدينا افم كذلك‪ ،‬بالموازاة‬ ‫كنت أكتب مقاالت في المجال التربوي واألسري‬ ‫وأنشرها بمنابر إعالمية إلكترونية وورقية داخل‬ ‫وخارج المغرب‪ ،‬وأقوم بدورات تدريبية ومحاضرات‬ ‫في مجال الكوتشينغ األسري والتربوي‪ ،‬تلقيت‬ ‫بعدها دعوات ألحل كضيفة ببرامج أسرية مباشرة‬ ‫عبر األثير نناقش من خاللها كل ما يتعلق باألسرة‬ ‫المغربية التي تعتبر الخلية األولى واألساس‬ ‫داخل كيان أي مجتمع‪ ،‬نظرا لما تقوم به من‬ ‫أدوار صعبة‪ ،‬تتمثل في نقل وترسيخ القيم‪ ،‬فهي‬ ‫الحضن الذي يتشرب فيه الفرد القيم األساسية‪،‬‬ ‫والتي عن طريقها يرتبط ويتشكل كيانه وتتبلور‬ ‫شخصيته وتطبعه بمميزات تستمر معه مدى‬ ‫الحياة‪ ،‬باختصارهي الحَجرُ األساسُ في تكوين‬ ‫المجتمعاتِ ونشأتها‪ ،‬لكننا صرنا نالحظ أن تفشي‬ ‫مظاهر التغير االجتماعي في غياب التأطير األسري‬ ‫والجهل بقواعد التربية اإليجابية صار يؤثر سلبا على‬ ‫العالقات األسرية من جهة وعلى تربية األبناء من جهة أخرى وظهور سلوكات‬ ‫غير صحية تلوث المناخ المجتمعي‪ ،‬نسلط الضوء على تصرفات اآلباء واألمهات‬ ‫وهم الحريصون على إكساب أبنائهم مناع ًة أخالقية تحميهم من آفات االنفتاح‬ ‫العشوائي على ثقافات العالم إذا ما وجدوا صعوبة في تمرير خالصات تجاربهم‬ ‫الحياتية إلى أبنائهم وبالتالي يواجهون تحديات سلوكية حولت تربية األبناء من‬ ‫هناء ومتعة إلى صراع وشقاء‪ ،‬من خيوط الثقة والمحبة نسجت عالقة وجدانية‬ ‫متينة وصادقة مع المستمعين‪ ،‬كنت أقول دوما‪: ‬‬ ‫«ما يحدد نجاحنا ليس» ما نرغب في الحصول عليه والتمتع به»‪ ،‬ولكن «األلم‬ ‫الذي يمكننا تحمله في رحلة كفاحنا من أجل تحقيقه»‪ ،‬األمر الذي يتطلب منا‬ ‫االنصهار مع ذواتنا‪ ،‬أن نستنشق عبق نقاء الطبيعة من حولنا‪ ،‬نصر على تحقيق‬

‫(البقية ص‪)5‬‬


‫الشمال الفني‬

‫العدد ‪1018‬‬

‫الثالثـاء ‪� 07‬إلى ‪ 11‬نـوفمرب ‪2019‬‬

‫‪5‬‬

‫فـنـــي»‬ ‫«بيـــان‬ ‫بيــان فـنـي »‬ ‫«‬

‫إعداد ‪ :‬يوسف سعدون‬

‫بيان فني‪ ،‬هو سلسلة لقاءات تدشنها الشمال مع مجموعة من المبدعين‪ ،‬يقدم‬ ‫عبرها الضيوف تجاربهم الفنية وانشغاالتهم ومواقفهم‪ ،‬وهو غير ملزم ألي جهة‪..‬‬ ‫بيان هذا العدد توقعه الفنانة التشكيلية �سمرية �أيت املعلم‬

‫(تتمة ص‪)4‬‬ ‫أحالمنا حتى لو كانت صعبة وعنيدة وأال نتنازل‬ ‫عن الوصول إليها ما دمنا على يقين أنها حق‬ ‫من حقوقنا‪ ،‬أن نؤمن أن المستحيل سيظل‬ ‫مجرد وجهة نظر ‪ .‬ففي الحقيقة السؤال عن‬ ‫السعادة والمتعة سؤال سهل في متناول الكل‬ ‫باختالف فئتهم العمرية أو حتى انتمائهم‬ ‫االجتماعي‪ ،‬لكن السؤال األصعب هو السؤال‬ ‫عن األلم‪ ،‬ما هو األلم الذي يمكنك تحمله‬ ‫ومكابدته في حياتك لتحقيق أهدافك ؟‬ ‫السعادة التي يطمح إليها كل منا ال نجد‬ ‫لها وجودا حقيقيا‪ ،‬فلو سألنا اإلنسان عن‬ ‫مفهوم السعادة لن نجد على األرجح جوابا‬ ‫مقنعا ‪.‬‬ ‫مهم جدا لتحقيق ما نرغب فيه أن نعيش‬ ‫«التوازن» بين ما نرغب فيه وبين ما يوجد من‬ ‫حولنا‪ ،‬بين قدراتنا وأهدافنا في الحياة‪ ،‬أي أن‬ ‫نعي مليا الجواب على سؤال « ماذا تريد الحياة‬ ‫منا ؟ » ‪.‬‬ ‫أغلبيتنا يضع هدفا ويركض عمرا بأكمله‬ ‫من أجل الوصول إليـــه ونسعـى جاهدين‬ ‫لتحقيقه وننسى أنفسنــا وصحتنا وواجباتنا‬ ‫تجاه من هم بحاجة إلى اهتمامنا ورعايتنا‪،‬‬ ‫فنفاجأ في النهاية بغربة مع ذواتنا لتكبر‬ ‫المسافة بيننا وبين أنفسنا ويسقطنا في هوة‬ ‫قلق نفسي يدمر حياتنا ويقربنا أكثر من التدمر‬ ‫والخوف من المستقبل ‪.‬‬ ‫في الواقـــع‪ ،‬الحد الفاصل بين الشعـــور‬ ‫بالتعاسة أو السعادة هو إيجاد إجابة واضحة‬ ‫وصريحة عن أسئلة تؤرق كل فرد يطمح إلى‬ ‫االندماج بشكل سليم داخل مجتمعه ‪ ،‬ماذا‬ ‫تريد من الحياة ؟ ما الذي تريد الكفاح من‬ ‫أجل الوصول إليه ؟ ما األلم الذي أنت مستعد‬ ‫للشعور به من أجل تحقيق أحالمك ؟‬ ‫وحدها تلك األسئلة هي التي تحدد مدى‬ ‫قدرتنا على تغيير نمط حياتنا أو باألحرى‬ ‫تحديد مصير مستقبلنا ‪.‬‬ ‫و علينا أال ننسى أن لدينا القدرة الكافية‬ ‫لتحويل فشلنا إلى كون من غبار ال مالمح‬ ‫له في مشهد ال يراه إال من يؤمن بحقه في‬ ‫تحقيق أحالمه ‪.‬‬ ‫فمهما أخطأنا ونحن نصوب نحو القمر‪،‬‬ ‫سنصيب النجوم ‪ ،‬فالسعادة مفهوم نسبي‬ ‫نحلم به ونمثله على مسرح الحياة ‪».‬‬

‫ما هـو التيـــار اإلعالمــي الذي‬ ‫تنتمين إليه ؟‬ ‫االختالف سنة كونية من سنن المولى عز‬ ‫وجل بداية من اختالف الليل والنهار والفصول‬ ‫األربعة واختالف ألوان البشر واختالف الطبيعة‬ ‫من بلد إلى آخر‪ ،‬فاألجيال تختلف في الثقافة‬ ‫والفهم ليكمل كل جيل ما بدأه سابقه ي ّقوم‬ ‫السلبيات وينمي اإليجابيات‪ ،‬قد نختلف في‬ ‫مذاهبنا الدينية وفي قناعاتنا ومعتقداتنا لكن‬ ‫دون تعصب‪ ،‬نختلف في التفاصيل التي جاز‬ ‫االختالف فيها ونتعامل معها بأسلوب الحوار‬ ‫واإلصغاء دون المساس بقواعد حرية االختيار‬ ‫وتحقيق الذات‪ ،‬فنعيش عمليات اجتماعية‬ ‫يتحقق عن طريقها تغير في المجتمع بأكمله‬ ‫أي نظمه اإلجتماعية كنظامـــه السياسي‬ ‫واالقتصادي واألسري وذلك نتيجــة عوامــل‬ ‫اقتصادية وسياسية وثقافية‪ ،‬فهــو يمس‬ ‫جوانب الحياة سواء كانت مادية أو معنوية‬ ‫كما يرتبط بالتحضر والتنمية والنمو والتقدم‬ ‫والتكنولوجيا ويؤثر بشكل ملموس في‬ ‫التنشئة االجتماعية وبالتالي في أسلوب حياة‬

‫األفراد ‪ .‬يمكننا أن نسقط الفكرة كذلك على‬ ‫اختالف التيارات اإلعالمية التي أعتبرها ظاهرة‬ ‫صحية ما دامت في خدمة الصالح العام ‪.‬‬ ‫رجاء قيباش تنتمـي الى التيار االعالمي‬ ‫الواقعي تحكمه اإلنسانية ومبــدأ الحفـــاظ‬ ‫على حق الحياة للجميع الذي ينطلق من واقع‬ ‫ملموس بحثا عن مستقبل منشود بمالمح‬ ‫األمان والسالم للفرد والمجتمع على حد سواء ‪.‬‬

‫حضـــور المحتــوى التربـــوي‬ ‫االجتماعــي في المجـــال السمعــي‬ ‫البصري غير كاف بالنظر إلى القضايا‬ ‫المستجدة في هذا المجــال‪ .‬كيــف‬ ‫تنظرين إلى اهتمام هذا المجال بما‬ ‫هو تربوي‪.‬؟‬ ‫ما هي تقديراتك لحضور اإلذاعة‬ ‫المسموعــة في مجال االستهـــالك‬ ‫اإلعالمي العمومي؟‬ ‫هل ستبقــى اإلذاعـة وسيلــة‬ ‫إعالمية قادرة على الحيــاة‪ ،‬وهــل‬ ‫سيظــل لها دور في عصر وسائــط‬ ‫التواصل االجتماعي‪ ،‬ام انــها في‬ ‫طريقها الى التراجع واالندثار؟‪.‬‬ ‫هذا سؤال مثير للجدل بعد مرور أكثر‬ ‫من ‪ 100‬عام على أول بث إذاعي‪ ،‬ال يزال‬ ‫لجهاز الراديو رونقه وأهميته ودوره كوسيلة‬ ‫إعالمية مهمة‪ ،‬في أنحاء العالم كافة وبالرغم‬ ‫من توسع رقعة وسائط التواصل االجتماعي‬ ‫بين األفراد بعد انتشار الهواتف الذكية في‬ ‫معظم بقاع األرض‪ ،‬ال يزال الراديو أكثر وسائل‬ ‫اإلعالم إتاحة للناس في سهولة ويسر وبأقل‬ ‫تكلفة‪..‬‬ ‫ويستطيع مستمعو الراديو االستمــاع‬ ‫إليه وهم منهمكون في أداء عمل آخر‪ ،‬على‬ ‫نقيض التليفزيون والصحف‪ ،‬ووسائل التواصل‬ ‫االجتماعي‪ .‬ولديه أيضا ميزة أخرى‪ ،‬هي أن‬ ‫عدته الوحيــدة في التواصل هي الصـــوت‬ ‫البشري بما يحمله من لكنـــة مميزة لكل‬ ‫مذيع‪ ،‬وما فيه من دفء‪ ،‬وعاطفة‪ ،‬وغضب‪،‬‬ ‫وألم‪ ،‬وضحك أحيانا‪ ،‬وما يطرأ عليه من تردد‪،‬‬ ‫وتوقف‪ ،‬وبطء أو إسراع‪ ،‬وعلو أو انخفاض في‬ ‫الصوت‪.‬‬ ‫كذلك حضور المحتوى التربوي في المجال‬ ‫السمعي صار قويا في ظل التغيرات المحورية‬ ‫التي تعيشها المنظومة التربوية في اآلونة‬ ‫األخيرة ‪.‬‬

‫ما هو البرنامـــج الذي تتمنــيـن‬ ‫إنجـازه ؟‬ ‫أحالمي في المجال اإلعالمي عنيدة لن‬ ‫أتنازل عن تحقيقها‪ ،‬أتمنى أن أحظى بفرصة‬ ‫تقديم برنامج في مجال الشعر واألدب‪ ،‬أمتطي‬ ‫رفقة المستمعين صهوة المجاز ونسافر بين‬ ‫جنون الحرف ولهيب المعاني ألن الشعر‬ ‫بالنسبة لي سيظل هو المنفى وهو الوطن ‪.‬‬

‫كلمة أخيرة ؟‬

‫شكرا لكم على هذه الدردشة الدافئة وإلى‬ ‫فرصة قادمة بحول اهلل ‪.‬‬ ‫كاتبة‪ ،‬شاعرة‪ ،‬إعالمية‪ ،‬كوتش أسري‬ ‫وتربوي‪ ،‬مدربة معتمدة في التنمية الذاتية‪،‬‬ ‫باحثة في علم االجتماع ‪.‬‬

‫أنا الموقع أسفله‪:‬‬ ‫سميرة أيت المعلم ‪ ،‬فنانة تشكيلية‪ ،‬من مواليد ‪ 19‬دجنبر‬ ‫‪ 1973‬بمدينة أكادير‪ ،‬كبرت في كنف أسرة صغيرة متواضعة‪،‬‬ ‫أخدت عن والدتي قيم المثابرة والتحدي والكفاح ‪ ،‬وعن والدي‬ ‫معنى الصبر والتسامح والتآلف فتشبعت من كليهما بثقافة‬ ‫التفرد والغنى‪ .‬إرتبطت ارتباطا وثيقا بهذه المدينة التي سرى‬ ‫هواءها مسرى الدم في عروقي ووسم رملها جل أعمالي‪.‬‬ ‫المسار الفني ‪:‬‬ ‫كانت أولى البدايات في مرحلة الدراسة اإلبتدائية‪ ،‬الحدث‬ ‫ال يزال موشوما بذاكرتي حتى اآلن‪ ،‬حين ُطلب مني المساهمة‬ ‫برسم من أجل تزيين جدران القسم‪ ،‬لم أجرؤ حينها على رسم‬ ‫أي شيء ‪ ،‬فطلبت من والدي المساعدة ‪ ،‬فرسم منظرا طبيعيا‬ ‫استوحاه من لوحة جبصية دائرية كانت معلقة بالبيت‪.‬‬ ‫كانت فرحتي بالرسم عارمة فلم أشأ بعدها المساهمة به‬ ‫ضمن مجموعة القسم‪ ،‬بل احتفظت به وأعدت رسمه مرارا‬ ‫وتكرارا‪ ،‬إكتشفت حينها روعة التخطيط والرسم والتجسيد قبل‬ ‫التلوين والتزيين‪.‬‬ ‫هذا الفعل كان يشغل أناملي قبل تفكيري‪ ،‬رسمت على‬ ‫السند المُتاح لي في ذلك الوقت وهو دفاتري الدراسية التي‬ ‫أثارت انتباه أساتذتي بمرحلة اإلعدادي فكان منهم كل التحفيز‬ ‫والتشجيع الختيار شعبة الفنون التشكيلية بثانوية الحسن الثاني‬ ‫بمراكش‪ ،‬وكان من عائلتي الصغيرة كل الدعم والمساندة‬ ‫لمتابعة الدراسة‪.‬‬ ‫تواصل المشوار الفني والمهني بالتخرج من المركز‬ ‫التربوي الجهوي ومزاولة تدريس التربية التشكيلية تم الفنون‬ ‫التطبيقية بمدينة إنزكان منذ سنة ‪.1994‬‬ ‫إنخراطي المبكر في العمل الجمعـــوي أغنى مســاري في‬ ‫بداياته‪ ،‬وأذكى في شغف البحث والتجريب المستمرين‪ ،‬تطرقت‬ ‫من خاللهما لعدة مواضيع وتقنيات‪.‬‬ ‫هكذا كان ‪ ،‬بدأ المسار بأول معرض فردي سنة ‪ 1995‬وثق‬ ‫بأول حوار إذاعي لي على أمواج راديو إذاعة طنجة ‪ ،‬آنذاك توالت‬ ‫بعده عدة ورشات‪ ،‬تكوينات ومعارض فردية وجماعية داخل‬ ‫وخارج أرض الوطن‪.‬‬ ‫المشروع الفني‪:‬‬ ‫عملي التشكيلي أحيك فيه الورق والحديد‪،‬و أمزج فيه‬ ‫اللون والرمل الذي أُعيد به تلك األجساد لطبيعتها «التراب»‬ ‫وأتقفى فيه أثر ذلك اإلنسان الذي انمحت أو استُؤصلت بعض‬ ‫من أشالئه بفعل الطمس والحجب‪ .‬أدمج فيه مواد مختلفة قد‬ ‫ال تدمج أحيانا‪ ،‬لكنها تتالقح كليا في تقنية الحبك على سند‬ ‫االشتغال‪ ،‬الذي ال يسلم بدوره من التطويع‪ .‬في رحلة اإلبحار‬ ‫بين الذات والمادة‪ ،‬وفي كل مرة تشدني أركان المرسم‬ ‫وتحضنني‪ ،‬استعدادا لوالدة جديدة‪ ،‬أكون فيها المخاض‪ ،‬أكون‬ ‫الوالد والمولود‪.‬‬

‫بناء اللوحة ال أراه من منظور بناء التركيب فقط ولكن أيضا‬ ‫من منظور بناء المعنى واإلحساس الذي أريد تبليغه‪ ،‬ليتكامل‬ ‫بالتالي «الجسد والروح» لمناجاة الجسد الغابر في محاولة‬ ‫انتشاله من خلفيات فضاء اللوحة المتقلب‪.‬‬ ‫إرتبط بناء الحضارات ببناء اإلنسان أوال وقبل كل شئ‪ ،‬ذلك‬ ‫لتتكامل كينونته وبعده اإلنساني‪ ،‬فهو كائن بأمر اهلل‪ ،‬وبناؤه‬ ‫واجب وحق مشروع‪ ،‬ألنه محور كل تقدم حقيقي‪.‬‬ ‫مهما شيدنا من مباني ومنشآت ومهما مددنا من طرقات‬ ‫وجسور‪ ،‬يظل ذلك كله كياناً مادياً ال روح فيه‪ ،‬فاإلنسان وحده‬ ‫القادر على وضع اللبنات األساسيـة بفكـره وفنـه وقدراتـه التي‬ ‫ال يجب التغاضي عن أهميتها في محو العنف والفوضى الناتجين‬ ‫عن التناقضات المفرطة التي تتحكم في الطبيعة البشرية بين‬ ‫قطبي الخير والشر‪.‬‬ ‫العلم والفن‪ ،‬يمكناننا من ذواتنا أوال ومن العالم واالنفتاح‬ ‫على الغير ثانيا ‪ ،‬فكل ذلك من أجل تغليب غريزة حب العمل‬ ‫واألمل في الحياة على غريزة الكره والتدمير والكسل فالفكرة‬ ‫أكرسها تكريسا في عقول الناشئة وأزاولها ما استطعت من‬ ‫خالل عملي الفني‪.‬‬ ‫واقع التشكيل في المغرب ;‬ ‫لن أقول «العام زين» فالحال يحكي عن معاناة الفنان‬ ‫وخصاص كبير في فضاءات العرض ‪،‬و الواقع يفتقر لكثير من‬ ‫التدبير والموضوعية‪ ،‬التدبير السياسي الحالي للشؤون الثقافية‬ ‫بالبالد ال يتماشى مع مستوى التغيرات الطارئة حتى داخل‬ ‫األسر‪ ،‬ناهيك عما يطرأ على مستوى العالم‪.‬‬ ‫كما أن الطفرة التي تشهدها الساحة الفنية اليوم أصبحت‬ ‫تعج بكثير من المغالطات التي تفرغ مفهوم الفن من بعده‬ ‫الجمالي والفلسفي واإلنساني‪ .‬أسطر مالحظاتي هذه ‪ ،‬وأنا أفكر‬ ‫إما في مبادرات حقيقية‪ ،‬جادة ونزيهة على المستوى الوطني‬ ‫والتي من شأنها توحيد الرؤى وتكثيف الجهود للنهوض بالفن‬ ‫على المستوى الوطني‪ ،‬أو وحده الوقت كفيل بفرز كل ماهو جيد‬ ‫وجاد‪ ،‬عما هو رديء ودخيل‪.‬‬ ‫التطلعات واالفاق‬ ‫بين والواقع بيِّن‪.‬‬ ‫الحلم ِ​ِّ‬ ‫كيف تكون التطلعات في عالم يَركب قارب اإلفتراض‬ ‫بأشرعة مترهلة؟ التطلعات فيه شبيهة باألحالم والحلم في‬ ‫نظري استوفى كل زمن السبات‪ ،‬لقد اَن األوان كي نستفيق‬ ‫ونشمر على السواعد‪ ،‬نستميت في العمل ونصر على االستمرارية‬ ‫كلمة اخيرة‬ ‫أتقدم لجريدة الشمال بالشكر الجزيل على هذا المنبر الذي‬ ‫يعلي صوت الفن والفنانين من الشمال إلى الجنوب ومن الشرق‬ ‫إلى الغرب‪.‬‬ ‫توقيع‪:‬‬


‫‪6‬‬

‫الثالثـاء ‪� 05‬إلى ‪ 11‬نـوفمرب ‪2019‬‬

‫العدد ‪1018‬‬

‫مجتمع ـ سياسة ـ حقوق‬ ‫فكري ولد علي‬

‫(مراسل من الحسيمة‪ /‬الناظور)‬

‫‪Fikri.press@gmail.com‬‬ ‫‪Tél 0661986707‬‬

‫المصادقة بالناظور على برنامج عمل اللجنة الجهوية «المكتب الوطني للكهرباء والماء‬ ‫الصالح للشرب» و «ساوند انرجي‬ ‫لتقليص الفوارق المجالية بالوسط القروي‬ ‫المغرب» يوقعان على مذكرة تفاهم‬ ‫في مجال الغاز الطبيعي‬

‫صادقت اللجنة الجهوية لبرنامج تقليص‬ ‫الفوارق المجالية بالوسط القروي لجهة الشرق‪،‬‬ ‫في اجتماع عقدته مؤخرا بالناظور‪ ،‬على برنامج‬ ‫عملها برسم سنة ‪ 2020‬الذي يتضمن إنجاز‬ ‫‪ 166‬مشروعا بغالف مالي إجمالي يناهز ‪867‬‬ ‫مليون درهم‪.‬‬ ‫وأفاد بالغ لوالية جهــة الشرق‪ ،‬نشرته‬ ‫وكالة المغرب لألنباء‪ ،‬أن برنامج العمل هذا الذي‬ ‫يشمل جميع األقاليم التابعة لجهة الشرق‪ ،‬يهم‬ ‫إنجاز ‪ 68‬مشروعا للطرق والمسالك والمنشآت‬ ‫الفنية بغالف إجمالي يناهز ‪ 609,2‬مليون درهم‪.‬‬ ‫وسيستفيد قطاع التعليم من ‪ 18‬مشروعا‬ ‫بغالف إجمالي يناهز ‪ 44,2‬مليون درهم‪ ،‬فيما‬ ‫سينجز ‪ 32‬مشروعا في قطاع الصحة بغالف مالي‬ ‫يصل إلى ‪ 26,5‬مليون درهم‪.‬‬ ‫كما سينجز ‪ 25‬مشروعا في قطـــاع الماء‬ ‫بغالف إجمالي يناهز ‪ 149,2‬مليون درهم‪،‬‬ ‫إضافة إلى ‪ 23‬مشروعا في قطاع الكهرباء‬ ‫سيتطلب إنجازها غالفا ماليا قدره ‪ 38,4‬مليون‬ ‫درهم‪.‬‬ ‫وأكد السيد معاذ الجامعي والي جهة الشرق‬ ‫عامل عمالة وجدة أنكاد ورئيس اللجنة الجهوية‬ ‫لبرنامج تقليص الفوارق المجالية بالوسط‬ ‫القروي‪ ،‬الذي ترأس هذا اللقاء‪ ،‬أن هذا البرنامج‬

‫الطموح جاء تنفيذا للتعليمات الملكية السامية‬ ‫الهادفة إلى فك العزلة عن الساكنة القروية‬ ‫عبر ربطها بالطرق والمسالك القروية وتحسين‬ ‫ولوجها للخدمات األساسية في مجال الكهرباء‬ ‫والماء الصالح للشرب والتعليم والصحة‪.‬‬ ‫وأضاف أن هذا البرنامج ساهم في تحقيق‬ ‫نتائج مرضية للغاية مكنت جهة الشرق من‬ ‫تبوأ مراكز جد متقدمة مقارنة بباقي جهات‬ ‫المملكة‪.‬‬ ‫من جهته‪ ،‬ذكر ممثل جمعية تاركة للتنمية‬ ‫المكلفة بإعداد خارطة الفوارق المجالية‬ ‫واالجتماعية بالعالم القروي بمختلف المراحل‬ ‫والخطوات التي تم اتباعها للحصول على‬ ‫هذه الخارطة انطالقا من سلسلة اللق<اءات‬ ‫التي تم عقدها مع مختلف الفاعلين المحليين‬ ‫لتجميع المعطيات والقيام ببحث ميداني على‬ ‫مستوى الجماعات والدواوير القروية‪ ،‬امتد‬ ‫لشهرين‪.‬‬ ‫كما استعرض‪ ،‬وفقا للبالغ‪ ،‬أهم ما خلصت‬ ‫إليه عملية التشخيص التي أشرفت عليها‬ ‫الجمعية التي همت قطاعات الصحة والتعليم‬ ‫والماء والكهرباء والطرق والمسالك القروية‪.‬‬ ‫بعد ذلك‪ ،‬قدم ممثل المديرية الجهوية‬ ‫للفالحة عرضا حول تقدم المشاريع المدرجة‬

‫برسم سنوات ‪ 2018 ،2017‬و‪ 2019‬والبالغ‬ ‫عددها ‪ 640‬مشروعا‪ ،‬شملت القطاعات الخمس‬ ‫للبرنامج بكلفة إجمالية ناهزت ‪ 2,7‬مليار درهم‪.‬‬ ‫وأوضح في هذا الصدد أن ‪ 336‬مشروعا‬ ‫تم إنجازها كليا‪ ،‬و ‪ 163‬مشروعا يوجد في مراحل‬ ‫متقدمة من اإلنجاز‪ ،‬فيما باقي المشاريع بصدد‬ ‫االنطالقة‪.‬‬ ‫وفي ختــام هذا االجتمــاع‪ ،‬عبر السيــد‬ ‫الجامعي عن امتنانه للمشاركين على انخراطهم‬ ‫الفعال وتدخالتهم البناءة التي ساهمت في إثراء‬ ‫برنامج عمل سنة ‪ 2020‬مؤكدا على ضرورة‬ ‫إنجاز جميع المشاريع المدرجة برسم هذه‬ ‫السنوات في اآلجال المحددة‪.‬‬ ‫ودعا جميع المتدخلين إلى بذل المزيد‬ ‫من الجهود للحفاظ على المكتسبات التي تم‬ ‫تحقيقها و بلوغ األهداف المتوخاة لتمكين‬ ‫الساكنة من الولوج لمختلف الخدمات في ظروف‬ ‫جيدة تماشيا مع التعليمات السامية لصاحب‬ ‫الجاللة الملك محمد السادس ‪.‬‬ ‫يذكر أن هذا اللقاء جرى بحضور عمال‬ ‫أقاليم الجهة وممثــل مجلس جهــة الشرق‬ ‫وممثلي المصالح الالممركزة المعنية وأطر‬ ‫عمالة وأقاليم الجهة المشرفين على إعداد‬ ‫وتنفيذالبرنامج‪.‬‬

‫عن ناظور سيتي‬

‫عبد الرحيم الحافظي يلتقي بالمعنيين الجدد‬ ‫في المكتب الوطني للكهرباء‬

‫ترأس السيد عبد الرحيم الحافظي‪ ،‬المدير‬ ‫العام للمكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح‬ ‫للشرب‪ ،‬مؤخرا بالدار البيضاء‪ ،‬لقاءا تواصليا‬ ‫مع شباب معينين جدد وذلك في إطار الثقافة‬ ‫المؤسساتية وقيمها‪.‬‬ ‫خالل هذا االجتماع الذي ضم ما يقارب‬ ‫‪ 130‬موظ ًفين جدد‪ ،‬عرض السيد الحافظي‬ ‫الرؤية االستراتيجية للمكتب وكذا التحديات‬ ‫التي يواجهها بهدف توضيح أفضل التزامات‬

‫المكتب وترسيخ ثقافة الشراكة وتعزيز روح‬ ‫االنتماء لدى الزمالء الشباب‪.‬‬ ‫كما ذكر المدير العام للمكتب بالمشاريع‬ ‫الكبرى التي تم تنفيذها وتلك التي يقوم بها‬ ‫المكتب للمساهمة في التنمية االقتصادية‬ ‫واالجتماعية وكذا التغيــرات المهمـــة التي‬ ‫يشهدها قطاع الكهرباء الشيء الذي يتطلب‬ ‫موظفين مؤهلين لضمان تنقيل المهارات‬

‫وتحسين األداء‪ .‬وقد سلطت الكلمة التحفيزية‬ ‫للسيد الحافظي الضوء على استراتيجية تعزيز‬ ‫سياسة الموارد البشرية وتطوير المهارات التي‬ ‫وضعتها اإلدارة العامة‪.‬‬ ‫يبرز هذا االجتماع مع السيد المدير العام‬ ‫أهمية واهتمام اإلدارة بهذا الجيل الجديد‬ ‫المسؤول عن ضمان االستمرارية داخل المكتب‬ ‫وضمان صورته المؤسساتية‪.‬‬

‫وقع السيد عبد الرحيم الحافظي‪ ،‬المدير‬ ‫العام للمكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح‬ ‫للشرب والسيد محمد الصغيري‪ ،‬المدير العام‬ ‫لشركة ساوند انرجي المغرب يوم الثالثاء ‪29‬‬ ‫أكتوبر ‪ 2019‬بوزارة الطاقة والمعادن والبيئة‬ ‫على مذكرة تفاهم تتعلق ببيع الغاز الطبيعي‬ ‫الصادر عن العقد االمتيازي بتيندرارا وذلك‬ ‫بحضور أعضاء اللجنة المتخصصة التي أشرفت‬ ‫على المفاوضات والتي تضم ممثلين عن وزارة‬ ‫الطاقة والمعادن والبيئة ووزارة المالية والمكتب‬ ‫الوطني للهيدروكربورات والمعادن‪.‬‬ ‫تتعلق مذكرة التفاهم الموقعة اليوم‬ ‫بالشروط الرئيسية التفاقية بيع الغاز الطبيعي‬ ‫من طرف شركة ساوند انرجي للمكتب الوطني‬ ‫للكهرباء والماء الصالح للشرب والمخصص‬ ‫لتشغيل المحطات الكهربائية حيث تثمن‬

‫سلسلة من المفاوضات بين مختلف الشركاء‬ ‫المذكورين‪.‬‬ ‫وقد تم التوقيع على امتياز تيندرارا بتاريخ‬ ‫‪ 17‬غشت ‪ 2018‬بين شركة ساوند انرجي‬ ‫والسيد رئيس الحكومة وقد تم نشره بالجريدة‬ ‫الرسمية بتاريخ ‪ 3‬شتنبر ‪.2018‬‬ ‫تجدر اإلشارة إلى أن المكتب الوطني‬ ‫للكهرباء والماء الصالح للشرب يعد الفاعل‬ ‫الرئيسي في مجال تخطيط وتطوير قدرات توليد‬ ‫الكهرباء قصد تنويع مصادر إنتاج الكهرباء في‬ ‫إطار المزيج الوطني للكهرباء‪ ،‬مما سيمكن من‬ ‫الرفع من قدرة اإلنتاج من الطاقات المتجددة‬ ‫بالنظر الى المرونة التي توفرها تقنيات الدارة‬ ‫المركبة التي تشتغل بالغاز الطبيعي‪.‬‬

‫المناضل عبد القادر أحمد بن قدور ‪:‬‬ ‫مواصلة المطالبة بالحقوق‬

‫كان من المقرر أن يلقي المناضل عبد‬ ‫القادر أحمد بن قدور كلمة من أمام البرلمان‬ ‫المغربي يوم األربعاء ‪ 23‬اكتوبر ‪ , 2019‬ونظرا‬ ‫لظروفه الصحية الصعبة والمؤلمة ‪ ،‬فقد قرر‬ ‫نشرها بمنبركم الرائد‪ ،‬وهذا موجز عام لما ورد‬ ‫فيها‪ :‬‬ ‫فبعدما ذكــر بأن كلمتــه تعتبر صرخة‬ ‫مؤلمة موجهة لملك البالد محمد السادس‬ ‫نصره اهلل‪ ،‬وإلى مفوضيــة األمم المتحــدة‬ ‫لحقوق اإلنسان‪ ‬والجمعيات الحقوقية المغربية‪،‬‬ ‫واألحزاب الوطنية‪ ،‬استعان بمقولة للملك محمد‬ ‫السادس نصــره اهلل‪ ‬عند استقبالـــه لرئيسة‬ ‫المجلس الوطني لحقوق اإلنسان السيدة امينة‬ ‫بوعياش حين قال ‪ ..( :‬لن نقبل أي تعسف في‬ ‫حق المواطنين ‪...‬في نطاق احترام المرجعيات‬ ‫الوطنية والكونية في هذا المجال ‪ )..‬‬ ‫وأعاد المناضل‪ ‬عيد القادر احمد بن قدور‬ ‫إلى األذهان الظلم الذي تعرض له منذ عقود‬ ‫في العمل الوظيفي وغيره‪ ،‬وهو مثــال صريح‬ ‫وواضح لما يتعرض له بعض الحقوقيين األحرار‪،‬‬ ‫وهو ما حدا به إلى توجيه النداءات واالستنجادات‬ ‫وااللتماسات واالستعطافات لجاللة الملك محمد‬ ‫السادس المنصور باهلل وغيره وال من مجيب‪.‬‬ ‫وذكر‪ ‬المناضل عبد القادر أحمد بن قدور‬ ‫بتعذيبه بالكهرباء وغيره من طرف مسؤولين‬ ‫بوزارة الداخلية منذ سنوات‪ ،‬هذه الوزارة التي‬ ‫هضمته في‪ ‬حقوقه المكفولة بالقانون اإلداري‪ ‬‬ ‫المغربي‪ ،‬رغم جديته في العمل التي توجت‬ ‫بوسام ملكي من طرف الملك المفدى محمد‬ ‫السادس ‪.‬‬

‫وطالب األستاذ عبد القادر بن قدور اإلسراع‬ ‫بإصدار توصيات تكميليـــة خاصة باإلدمــاج‬ ‫االجتماعي للذين لم يحصلوا عليه‪ ،‬والتسوية‬ ‫العاجلة للوضعية اإلدارية والمالية لكل ضحايا‬ ‫االنتهاكات الجسيمة لحقوق االنسان‪ ،‬وإصدار‬ ‫التوصيات باإلدماج االجتماعي بالنسبة ألصحاب‬ ‫الملفات المصنفة خارج األجل‪ .‬‬

‫وفي ختام رسالته أشار المناضل عبد القادر‬ ‫أحمد بن قدور إلى‪ ‬توجيهات جاللة الملك بحل‬ ‫مشاكل المواطنين واالستماع إليهم‪ ،‬وأنه وجه‬ ‫عدة شكايات تظلمية ولم يتوصل باإلجابات‬ ‫الكافية الشافية بالرغم من توجيهـــات‪ ‬جاللة‬ ‫الملك‪ ‬بكون‪ ‬المغرب سيواصل العمل دونما‬ ‫كلل من أجل النهوض بثقافة حقوق أإلنسان‪ ‬‬ ‫وإحقاق كافة الحقوق‪ ،‬وااللتزام الصارم بالواجبات‬ ‫والمسؤوليات ‪...‬‬

‫ولم تخل كلمة المناضل عبد القادر أحمد‬ ‫بن قدور من اإلشارة إلى الجانب االجتماعـي‬ ‫لعموم المواطنين حيث قال ‪ :‬من الواجب الوطني‬ ‫بأن تكون الزيادة في األجــور للمستخدمين‬ ‫والموظفين والعاملين وخاصة المتقاعدين‬ ‫ألنهم أكثر عرضة لألمراض خاصة بعد موجة‬ ‫الغالء التي تعرفها البالد‪ ..‬لذلك طالب من‬ ‫ملك البالد الزيادة في أجور الفئات المحتاجة‪....‬‬ ‫كل ذلك من أجل هذا الوطن ورجاالته ونسائه‬ ‫وبناته وشبابه وشاباته الغيورين على بلدنا‬ ‫الغالي والعالي باهلل‪.‬‬

‫محمد كماشين‬


‫‪7‬‬

‫الثالثـاء ‪� 05‬إلى ‪ 11‬نـوفمرب ‪2019‬‬

‫العدد ‪1018‬‬

‫مجتمع ـ سياسة ـ حقوق‬ ‫عبد العالي بن ربوحة‬

‫(مراسل من القصر الكبير‪/‬العرائش)‬

‫‪benrebouha01@gmail.com‬‬ ‫‪Tél : 0641794991‬‬

‫لقاء تواصلي للتحسيس بأهمية تنمية‬ ‫وزير التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم‬ ‫العالي والبحث العلمي‪ ،‬يعطي االنطالقة ألشغال بناء الطفولة المبكرة‪ ،‬بمقر عمالة العرائش‬

‫الكلية متعددة التخصصات بمدينة القصر الكبير‬

‫أشرف وزير التربية الوطنية والتكوين‬ ‫المهني والتعليم العالي والبحث العلمي‪ ،‬سعيد‬ ‫امزازي‪ ،‬يوم االثنين ‪ 28‬أكتوبر ‪ 2019‬رفقة‬ ‫عامل إقليم العرائش السيد العالمين بوعاصم‬ ‫وبحضور كل من‪:‬‬ ‫ السيد رئيس جامعة عبد الملك السعدي‬‫ السيد مدير األكاديمية الجهوية للتربية‬‫والتكوين‬ ‫ السيد عميد الكلية المتعددة التخصصات‬‫بالعرائش‬ ‫ المدير اإلقليمي لوزارة التربية والتكوين‬‫بالعرائش‬ ‫• رئيس المجلس اإلقليمي‬ ‫• رئيس المجلس الجماعي لمدينة القصر‬ ‫الكبير محمد السيمو ‪ ،‬وبعض السادة برلمانيي‬ ‫اإلقليم والسلطة المحلية‪.‬‬ ‫اشرف على إعطاء انطالقة أشغـال بنــاء‬ ‫الكلية المتعددة التخصصات بالقصر الكبير‪ ‬التي‬ ‫تعتبر قيمة مضافة متميزة للمدينة في مجال‬ ‫التربية والتعليم كما ستساهم بشكل فعال‬ ‫تعزيز العرض الجامعي باإلقليم ‪ ،‬و في مسار‬ ‫التنمية و وفتح أفاق واعدة في هذا اإلطار‪ .‬التي‬ ‫توجد بالمدخل الغربي لمدينة القصر الكبير‬ ‫نحو ثمانية هكتارات وتبلغ المساحة اإلجمالية‬ ‫لمشروع الكلية متعددة االختصاصات بغالف‬ ‫مالي‪ ‬للشطر األول‪ ،‬نحو ‪ 30‬مليون درهم‪،‬‬ ‫وينتظر أن تفتح أبوابها في شتنبر ‪.2021‬‬ ‫كما تمت بالمناسبة زيارة مدرسة ابن‬

‫خلدون االبتدائية ‪ ،‬بعد أن استأنفت الدراسة بها‬ ‫بعد نهاية أشغال اإلصالح والترميم والتهيئة‬ ‫التي عرفتها مؤخرا ‪ ،‬اعتبارا لما تمثله من ارث‬ ‫معماري وحضاري متميز وحضور في وجدان‬ ‫ساكنة المدينة هذه المؤسسة التي تخرج منها‬ ‫كبار المثقفين وصناع القرار في بالدنا و تأسست‬ ‫هذه المدرسة حوالي ‪ 1928‬وبعد االستقالل‬ ‫أصبحت تسمى مدرسة رأس الدائرة لكون كل‬ ‫المدارس االبتدائية بدائرة القصر الكبير كانت‬ ‫توجه تالمذتها إليها ‪ ،‬وفي سنة ‪ 1974‬أصبحت‬ ‫تسمى مدرسة ابن خلدون والزالت تحمل هذا‬ ‫االسم إلى اليوم ‪.‬‬

‫وتعتبر هذه البرامج النوعية من المشاريع‬ ‫الحيوية التي تهم مكسبا هاما للمدينة سواء في‬ ‫إطار تعزيز مسار التنمية االجتماعية وكذا مواكبة‬ ‫اإلستراتيجية الوطنية إلصالح التعليم وتقريب‬ ‫الخدمات التعليمية ‪.‬‬ ‫وبالمناسبة قــدم وزيــر التربية الوطنية‬ ‫والتكوين المهني والتعليم العالـي والبحــث‬ ‫العلمي سعيد امزازي‪ ،‬شهـــادة تقديرية ألب‬ ‫التلميذ ياسر البرماكي بمناسبة حصوله على‬ ‫اعلي معدل عام إقليمي ‪ 18.86‬شعبة علوم‬ ‫فيزيائية خيار اللغة الفرنسية للدورة العادية‬ ‫يونيو ‪. 2019‬‬

‫توقيع اتفاقية تعاون وشراكة بين الكلية متعددة‬ ‫التخصصات بالعرائش والوكالة الحضرية للعرائش‪-‬وزان‬ ‫والمدرسة الوطنية للهندسة المعمارية بتطوان‬ ‫من أجل إعداد تصور هندسي ومعماري‬ ‫لتهيئة مدخل وواجهة الكلية‬

‫في إطار تفعيل مقتضيــات االتفاقيــة‬ ‫المبرمة بين الوكالة الحضرية للعرائش‪-‬‬ ‫وزان والكلية المتعددة التخصصات بالعرائش‬ ‫من جهة‪ ،‬واالتفاقية الموقعة ما بين الوكالة‬ ‫الحضرية للعرائش‪-‬وزان والمدرسة الوطنية‬ ‫للهندسة المعمارية بتطوان من جهة أخرى‪،‬‬ ‫وتتويجا لعدد من اللقاءات واالجتماعات‬ ‫التحضيرية‪ ،‬انعقـــد يوم الجمعة ‪ 25‬أكتوبـــر‬ ‫‪ 2019‬ابتداء من الساعة الثالثة بعد الزوال‪،‬‬ ‫بالكلية المتعددة التخصصات بالعرائش ‪ ،‬لقاء‬ ‫من أجل التوقيع على اتفاقية شراكة وتعاون‬ ‫ما بين األطراف الثالثة‪ ،‬إلعداد تصور هندسي‬ ‫ومعماري إلعادة تهيئة مدخل الكلية المتعددة‬ ‫التخصصات وواجهتها الرئيسية‪ ،‬مع األخذ بعين‬ ‫االعتبار اندراج هذا الورش في منظومة إعادة‬ ‫تأهيل الكلية وتمكينها من المزيد من االندماج‬ ‫واالنفتاح على محيطها‪.‬‬

‫هذا المشروع‪ ،‬الذي يندرج في إطار التعاون‬ ‫المشترك بين هذه األطراف‪ ،‬وبدعم من السيد‬ ‫عامل إقليم العرائش ‪ ،‬ينطلق من القناعة‬ ‫المشتركة بأن الواجهة الحالية ال ترقى إلى‬ ‫المستوى الذي تستحقه الكلية بصفة خاصة‬ ‫ومدينة العرائش بصفة عامة‪ ،‬وبالتالي‪ ،‬يتعين‬ ‫االشتغال من أجل أن تتوفر الكلية‪ ،‬في أقرب‬ ‫اآلجال الممكنة‪ ،‬على واجهة ومدخل يكونان‬ ‫في مستوى طموحات وتطلعات إدارة الكلية‪،‬‬ ‫مما من شأنه المساهمة في المزيد من اإلشعاع‬ ‫والتعريف بمدينة العرائش كمدينة جامعية‪،‬‬ ‫وبتراثها وطابعها العمراني والمعماري الخاص‬ ‫والمتميز‪.‬‬ ‫في هذا السياق‪ ،‬فقد تم‪ ،‬على هامش هذا‬ ‫اللقاء‪ ،‬القيام بزيارة ميدانية لمداخل الكلية‬ ‫ولمرافقها من طرف طلبة ومؤطري المدرسة‬ ‫الوطنية للهندسة المعمارية بتطوان‪ ،‬مرفوقين‬ ‫بالسيد عميد الكلية ومدير الوكالة الحضرية‬ ‫ورئيس قسم التعمير بعمالة العرائش والكاتب‬

‫العام للكلية‪ ،‬من أجل جمع المعطيات األولية‬ ‫الضرورية للشروع في إعداد تصور هندسي‬ ‫ومعماري لهذا المشروع‪ ،‬بالموازاة مع تأكيد‬ ‫الوكالة الحضرية على وضــع كافــة إمكاناتها‬ ‫وخبراتها التقنية رهن إشارة الكلية والطلبة‬ ‫المهندسينالمعماريين‪.‬‬ ‫هـــذا‪ ،‬وشكلــت هذه المناسبـــة‪ ،‬فرصة‬ ‫للتنويه بهذا النوع من الشراكات وبالعالقات‬ ‫المتميزة التي تجمع الكلية والوكالة الحضرية‪،‬‬ ‫وانخراطهما في عدد من المبادرات المشتركة‬ ‫التي من شأنها أن تنعكس بشكل إيجابي على‬ ‫عدة مستويات‪ ،‬وهو ما عبرت عنه تدخالت السيد‬ ‫مدير الوكالة الحضرية والسيد عميد الكلية‬ ‫المتعددة التخصصات‪ ،‬اللذان أكدا اعتزازهما‬ ‫بهذه الشراكـــة المؤسساتيــة النموذجيـــة‬ ‫وتطلعهما لتعزيزها‪ ،‬من خالل بذل كافة الجهود‬ ‫إلنجاح هذا المشروع‪ ،‬بمعية باقي الشركاء‪ ،‬وكذا‬ ‫مواصلة االشتغال على العديد من الملفات‬ ‫والمشاريعالمشتركة‪.‬‬

‫احتضن مقر عمالة العرائش صباح يوم‬ ‫األربعاء ‪30‬اكتوبر ‪ 2019‬تنظيم لقاء تواصلي‬ ‫تمحور حول التحسيس بأهمية تنمية الطفولة‬ ‫المبكرة‪.‬‬ ‫يندرج هذا اللقاء في إطار الحملة الوطنية‬ ‫لتنمية الطفولة المبكرة الممتدة من ‪ 21‬أكتوبر‬ ‫الجاري إلى غاية الرابع من نونبر المقبل كما يأتي‬ ‫في سياق التنزيل السليم للتوجيهات الملكية‬ ‫السامية الموجهة إلى المشاركين في المناظرة‬ ‫الوطنية التي انعقدت بالصخيرات يومي الـ‪18‬‬ ‫والـ‪ 19‬من شهر شتنبر الماضي‪،‬التي يحث على‬ ‫التأكيد على أهمية موضوع تنمية الطفولة‬ ‫المبكرة‪ ،‬كمحور أساسي للجيل الثالث ‪.‬‬ ‫وقد افتتح اللقاء عامل إقليم العرائش بكلمة‬ ‫ألقاها بالمناسبة‪ ،‬أمام السلطات والمنتخبين‬ ‫والفاعلين الجمعويين وباقي المتدخلين إلى‬ ‫رقع التحدي وبذل المزيد من الجهود للنهوض‬ ‫بالطفولة المبكرة باعتبارها رافعة أساسية‬ ‫لمعالجة التفاوتات االقتصادية واالجتماعية‬ ‫والمجالية‪.‬‬ ‫وأكد أن االستثمار في الرأسمال البشري‬

‫للطفل‪ ،‬عبر الرعاية الصحية الكافية والتغذية‬ ‫الجيدة وتوفير البيئة المالئمة للتعلم المبكر‪،‬‬ ‫يمكنه من اكتساب الوسائل الفردية لمواجهة‬ ‫التحديات ويمنحه فرصة النجاح في مراحل‬ ‫الحياة‪.‬‬ ‫رئيس المبادرة الوطنية للتنمية البشرية‬ ‫أكد في عرضه على أهمية صحة تغذية األم‬ ‫والطفل لتنمية الرأسمال البشري من خالل تتبع‬ ‫الحالة الصحية لالم والطفل باعتبارها ضرورية‬ ‫للحد من وفيات األمهات والرضع والسيما في‬ ‫المناطق القروية المعزولة ‪ ،‬مقدما مجموعة من‬ ‫اإلحصائيات واألرقام على المستوى اإلقليمي‬ ‫واألهداف المتوخاة من ذلك و الحد من وفيات‬ ‫األمهات واستفادة الطفل من الرضاعة الطبيعية‬ ‫واالعتماد على منهجية المقاربة التشاركية‬ ‫التي ترتكز على منظومة للصحة الجماعية ‪،‬‬ ‫وتم‪ ‬خالل هذا اللقاء التواصلي‪ ‬تسليط‪ ‬الضوء‬ ‫على‪ ‬تعزيز و تعميم الولوج إلى تعليم أولي ذي‬ ‫جودة‪ ‬ومردودية‪.‬‬ ‫كما قام بالمناسبةالسيد العالمين‪ ‬بوعصا‬ ‫م‪ ‬عامل‪ ‬إقليم‪ ‬العرائش بتدشين وحدة مدرسية‬ ‫للتعليم‪ ‬األولي‪ ‬بدوار‪ ‬عين الشوك ‪.‬‬

‫الجمعية المغربية لحقوق اإلنسان بالعرائش‬ ‫تجدد مكتبها‬

‫بحضور مناضلي ومناضالت الجمعية‬ ‫المغربية لحقوق اإلنسان بالعرائش وتحت‬ ‫إشراف عضوة اللجنة اإلدارية ‪ ،‬األخت صبيحة‬ ‫أهروش و عن اللجنة الجهوية‪ ،‬األخ محمد‬ ‫بوشركة‪ ،‬تمت صبيحة يوم األحد ‪ 27‬أكتوبر‬ ‫‪ 2019‬بمقر االتحاد المغربي للشغل تجديد‬ ‫مكتب الفرع ‪ ،‬و بعد قراءة التقريرين األدبي‬ ‫والمالي لسنتي ‪ 2018‬و ‪ 2019‬و مناقشتهما‪،‬‬ ‫تمّت المصادقة عليهما باإلجماع‪ ،‬حيث قدّم‬ ‫المكتب السابق استقالته‪ ،‬و تمّ انتخاب مكتب‬ ‫جديد على الشكل التالي‪:‬‬

‫الرئيسة‪ :‬فتحية اليعقوبي‬ ‫نائب الرئيس ‪ :‬محمد سعيد الخراز‬ ‫أمين المال ‪ :‬شفيق العبودي‬ ‫نائبه ‪ :‬صفاء الحفيان‬ ‫الكاتب العام ‪ :‬فؤاد بن عودة‬ ‫نائبه ‪ :‬نبيهة الشمسي‬ ‫المستشارون ‪ :‬موســــى الزياني‪ ،‬منير‬ ‫بوملوي ‪ ،‬حمزة التميمي‪.‬‬

‫«أونسا» تخرج عن صمتها بخصوص تأثير‬ ‫“ذبابة الزيتون” على المنتوج‬

‫نفت المديرية الجهوية للمكتب الوطني‬ ‫للسالمة الصحية للمنتجات الغذائية (‪)ONSSA‬‬ ‫لجهة الشمال اإلشاعات‪ ،‬التي يتم تداولها في‬ ‫مواقع التواصل االجتماعي حول تأثير ذبابة‬ ‫الزيتون على سالمة منتوج الزيتون بذات الجهة‪.‬‬ ‫وكشفت المديرية الجهوية‪ ،‬في بالغ لها‪،‬‬ ‫أن استهالك زيت الزيتون المنتج من طرف‬ ‫معاصر الزيتون المرخصة من طرف المكتب‬ ‫الوطني للسالمة الصحية للمنتجات الغذائية ال‬ ‫يشكل أي خطر على صحة المستهلك‪.‬‬ ‫وأضــاف البــالغ ذاتـــه‪ ،‬أن مصالح مكتب‬ ‫“أونسا” في جهة طنجـة – تطوان – الحسيمة‬

‫قد قامت بعدة جوالت استطالعية في مزارع‬ ‫الزيتون في الجهة‪ ،‬وتبين إصابة الزيتون بهذه‬ ‫الذبابة عند بعض الفالحين‪ ،‬خصوصا في‬ ‫إقليمي العرائش‪ ،‬ووزان‪ ،‬موضحة أنها “قامت‬ ‫بإخبار جميع الجهات المعنية لحث الفالحين‬ ‫على معالجة أشجار الزيتون للحد من تأثير هذه‬ ‫الحشرة”‪.‬‬ ‫وأوضح البالغ بأن ذبابة ثمار الزيتون‬ ‫معروفة بانتشارها في عدد من دول العالم‬ ‫وكذا في جميع دول البحر األبيض المتوسط‪،‬‬ ‫وإصابتها ألشجار الزيتون‪ ،‬خصوصا في حالة‬ ‫عدم التدخل المبكر لمعالجتها‪.‬‬


‫العدد ‪1018‬‬

‫‪8‬‬

‫الثالثـاء ‪� 05‬إلى ‪ 11‬نـوفمرب ‪2019‬‬

‫من �أعالم طنجة املعا�رصين‬

‫األستاذ النقيب محمد مصطفى الريسوني‬

‫(‪)1‬‬

‫• إعداد‪ :‬عنان الوهابي‬ ‫ينتمي األستاذ النقيب محمد مصطفى الريسوني إلى األسرة الريسونية الشهيرة في ربوع‬ ‫شمال المغرب‪ ،‬وأفرادها ينحدرون من جد الشرفاء العلميين‪ :‬يونس بن أبي بكر عم القطب الرباني‬ ‫موالي عبدالسالم بن مشيش‪ .‬واسم ريسون الذي يدعى به أفراد األسرة الريسونية هو اسم‬ ‫جدتهم العليا‪ ،‬كانت هذه السيدة صالحة تقية أخذت الطريقة الشاذلية عن الشيخ سيدي عبداهلل‬ ‫الغزواني وكانت لها مكانة في مجتمعها‪ ،‬وولدها سيدي علي بن ريسون كان أول من أخذ اسم أمه‬ ‫ليكون نسبا لهذه األسرة‪ ،‬ودعي به أبناؤه من بعده‪.‬‬ ‫والريسونيون موطنهم األصلي بمدشر تازروت من قبيلة بني عروس‪ ،‬وهم يمثلون بيتا كبيرا‬ ‫اشتهر أبناؤه بالعلم والصالح والجهاد‪ ،‬وكانوا دائما مدافعين عن ثغور المغرب والعرش العلوي‪.‬‬ ‫وكانت زاويتهم األولى بقرية تازروت ثم بنوا زاوية عظيمة بتطوان وزوايا أخرى في بعض مناطق‬ ‫الشمال‪.‬‬ ‫والد المترجم هو ابن أخ الزعيم موالي أحمد الريسوني المجاهد والثائر ضد ال‪h‬ستعمار‬ ‫اإلسباني‪ ،‬وشــارك عمـــه موالي‬ ‫أحمـــد في ممارسة السلطــــة‬ ‫والنيابة عنه وخاصـــة في مجال‬ ‫التفاوض والعمل الديبلوماسي‪،‬‬ ‫وعين باشا على مدينة أصية إلى‬ ‫حدود ‪1927‬م‪ ،‬حيث قبضت عليه‬ ‫السلطات اإلسبانية االستعمارية‬ ‫فنفتـه إلى الجـزر الجعفرية ثم‬ ‫سبتة‪ ،‬قبل أن يخلوا سبيله سنة‬ ‫‪1930‬م ليستقر بتطوان‪.‬‬ ‫أما أمه فهــــي الفاضلـــــة‬ ‫الشريفة آمنة بنت العالمــــة‬ ‫عبد الصمد كنون‪ ،‬وأخت السادة‬ ‫العلماء األجلــة‪ :‬محمــــد‪ ،‬وعبـــد‬ ‫الحفيظ‪ ،‬وعبد اهلل‪.‬‬ ‫ولد األستاذ محمد مصطفى‬ ‫الريسوني صبيحة يوم الجمعة‬ ‫رابع عشر جمادى الثانية ‪1358‬هـ‪،‬‬ ‫موافق ‪ 23‬يوليوز ‪1939‬م بحي‬ ‫جامع الكبير من مدينة تطوان‪.‬‬ ‫وقد تكفل خاله العالمة عبداهلل‬ ‫كنون بتربيته وتعليمه والعناية‬ ‫به بعد وفاة والــده رحمه اهلل‪،‬‬ ‫فألحقه وهو صغيـــر بالكتـــاب‬ ‫القرآني الذي كان تابعا للمدرسة‬ ‫اإلسالمية الحــرة التي أسسها‬ ‫عبد اهلل كنـــون بطنجة‪ ،‬ونال‬ ‫شهادته االبتدائية عام ‪1952‬م‪.‬‬ ‫وفي مرحلة دراسته باالبتدائي‬ ‫ألقى خطبة في إذاعة طنجة‬ ‫الدولية باسم تالمذة المدرسة‬ ‫اإلسالمية الحرة‪ ،‬وذلك بمناسبة‬ ‫زيارة جاللة الملك محمد الخامس‬ ‫التاريخية إلى مدينــة طنجة في‬ ‫أبريل ‪1947‬م‪.‬‬ ‫ونظرا لعدم وجود أقسام‬ ‫التعليم الثانوي بمدينة طنجة‬ ‫آنذاك‪ ،‬التحق بالمعهد الرسمي‬ ‫بتطوان مع مجموعة من زمالئه‬ ‫الذين درسوا معه المرحلة‬ ‫االبتدائية وهم‪ :‬محمد البقالي الطاهري‪ ،‬وأحمد الوسيني‪ ،‬وعبد القادر الورياغلي‪ .‬وأثناء اجتيازه‬ ‫المتحان القبول أعطاه الممتحن وهو المستشرق اإلسباني بالديراما قطعة نقدية إسبانية وطلب‬ ‫منه ترجمة الشعارات المكتوبة فيها‪ ،‬وهي شعارات تمجد الجنرال فرانكو حاكم إسبانيا يومذاك‪،‬‬ ‫وهو ما لم يستسغه الطالب الريسوني فأجابه بإباء وطني‪ :‬من هو هذا الزعيم الذي لم يسبق في‬ ‫التاريخ مثله‪ .‬وكانت هذه اإلجابة كافية لعدم قبوله في المعهد الرسمي‪.‬‬ ‫ثم عاد المترجم له إلى طنجة والتحق بالمعهد الديني بها الذي أسسه وأشرف عليه العالمة‬ ‫عبداهلل كنون‪ ،‬وهناك درس على كبار العلماء واألساتذة من أمثال العالمة عبداهلل بن عبدالصادق‪،‬‬ ‫والعالمة عبدالحفيظ كنون‪ ،‬والفقيه الحاج مَحمد بن العياشي السكيرج‪ ،‬والعالم النحوي الفقيه‬ ‫محمد بن عمرو‪ ،‬والفقيه الكبير الحاج محمد الوسيني الساحلي وغيرهم‪ ،‬ونال شهادته االبتدائية‬ ‫عام ‪1954‬م‪.‬‬ ‫حينها التحق بالمعهد الديني بتطوان‪ ،‬وحصل منه على شهادة الباكالوريا‪ ،‬ثم واصل رحلة‬ ‫الدراسة والطلب إلى الرباط فدرس في كلية الحقوق (جامعة محمد الخامس)‪ ،‬فتتلمذ على العديد‬

‫من األساتذة أمثال‪ :‬عالل الفاسي‪ ،‬ومحمد المكي الناصري وعزيز بالل من المغرب‪ ،‬وعبد الفتاح عبد‬ ‫الباقي ومحسن عباس ومحمد المشرفية من المشرق وبعد ثالث سنوات من الدراسة والتحصيل‬ ‫نجح في الحصول على اإلجازة عام ‪1963‬م بميزة حسن جدا‪.‬‬ ‫وقد عرض عليه االلتحاق بالجامعة للتدريس فيها إال أنه فضل مهنة المحاماة‪ ،‬فعاد إلى طنجة‬ ‫حيث قدم أوراقه إلى نقابة هيئة المحامين‪ ،‬وفي يوم ‪ 7‬ماي ‪1964‬م أدى اليمين القانونية وأصبح‬ ‫بذلك محاميا متمرنا بمكتب المحامي بنيامين الزاوي وهو أحد كبار المحامين بطنجة في الميدان‬ ‫الجنائي‪ .‬وانتخب عضوا بمجلس هيئة المحامين بطنجة سنة ‪1971‬م‪ ،‬وظل عضوا به دون انقطاع‬ ‫إلى سنة ‪ .2002‬وفي عام ‪1977‬م انتخب نقيبا لهيئة المحامين بطنجة‪ .‬وما بين ‪1985‬م و‪،1977‬‬ ‫انتخب كاتبا عاما لجمعية هيئات المحامين بالمغرب‪ ،‬ثم رئيسا لها سنة ‪1997‬م‪.‬‬ ‫وبحكم عمله القانوني كان للنقيب محمد مصطفى الريسوني اهتمام بمجال حقوق اإلنسان‪،‬‬ ‫فهو عضو عامل بالمجلس االستشاري لحقوق اإلنسان منذ إنشائه إلى اآلن‪ ،‬وعضو هيئة اإلنصاف‬ ‫والمصالحة بالمجلس االستشــاري‬ ‫لحقوق اإلنسان‪ ،‬وعضو مؤسس‬ ‫للمنظمة المغربية لحقوق اإلنسان‪،‬‬ ‫وعضو في هيئة التحكيم المستقلة‬ ‫للتعويض‪ ،‬وعضـــو في اللجنــــة‬ ‫الوطنية لإلشراف على إعداد الخطة‬ ‫الوطنية في مجـــال الديمقراطية‬ ‫وحقوق اإلنسان‪.‬‬ ‫ولم تشغلـــه مهنــــة المحاماة‬ ‫عن العمل في الميــدان الجمعوي‬ ‫واالنشغال بقضايا مدينته والنهوض‬ ‫بها اجتماعيا وثقافيا ‪ ،‬فهو رئيس‬ ‫مؤسســـة عبد اهلل كنون للثقافـــة‬ ‫والبحث العلمي بطنجة‪ ،‬ورئيـــس‬ ‫جمعية دعم المؤسسات الجامعية‬ ‫بطنجة‪ ،‬ورئيـس جمعيــــة إنمـــاء‬ ‫طنجة‪ ،‬ونقيب الشرفاء الريسونيين‬ ‫بالمغرب‪ ،‬وعضو لجنة جائزة عبد‬ ‫اهلل كنون‪ ،‬وعضو مؤ سس لجمعية‬ ‫الدراسات القرآنية وغيرها‪...‬‬ ‫وكما لـــه مساهمات ثقافيـــة‪،‬‬ ‫ومشاركات في ندوات متعددة منها‪:‬‬ ‫أنه ساهم ونظــم ندوة فالسفـــة‬ ‫اإلسالم في الغـــرب اإلسالمــــي‬ ‫بتطوان ‪1960‬م‪ ،‬وعضو سابق في‬ ‫مجلس جامعة عبد المالك السعدي‪،‬‬ ‫وكاتب بمجلة الحديقة بتطوان عام‬ ‫‪1954‬م وبمجالت حقوقية كثيرة‪،‬‬ ‫ورئيس تحرير مجلة الندوة الصادرة‬ ‫عن هيئة المحامين بطنجة‪.‬‬ ‫وإضافـــة إلى مقاالته الكثيرة‬ ‫المتنوعة في المجـــالت العلميـــة‬ ‫والقانونية‪ ،‬فقـــد أصـــدر األستاذ‬ ‫النقيب محمد مصطفــى الريسوني‬ ‫عدة مؤلفات منها‪:‬‬ ‫حصاد الثمانين ‪.‬‬ ‫وجوه ناضرة ‪.‬‬ ‫دفاعا عن اللغة العربية‪.‬‬ ‫ونظرا ألعماله الجليلة في الميدان الحقوقي واالجتماعي والثقافي‪ ،‬قلده جاللة الملك محمد‬ ‫السادس بوسام الكفاءة الوطنية من درجة ضابط‪.‬‬ ‫وتقديرا لعطاءاته الفكرية وجهوده المميزة في الميدان الحقوقي نظمت “ جمعية تراث‬ ‫للمحافظة على التراث المغربي اإلسالمي” و” مؤسسة عبد اهلل كنون للثقافة والبحث العلمي‬ ‫بطنجة” يومي الجمعة والسبت (‪ 2-1‬أكتوبر ‪ )2010‬ملتقى تكريميا للنقيب محمد مصطفى‬ ‫الريسوني تحت شعار ‪ “ :‬أضواء على حياة”‪ .‬وقد حضرت شخصيات وطنية بارزة‪ ،‬وأصدرت اللجنة‬ ‫التنظيمية للملتقى كتابا بعنوان‪ “ :‬محمد مصطفى الريسوني ‪ ...‬أضواء على حياة” تضمن مجموعة‬ ‫مختارة من دراساته القانونية وإسهاماته في المجال الحقوقي‪.‬‬ ‫ ترجمته في كتاب‪ :‬محمد مصطفى الريسوني‪ :‬أضواء حياة منشورات جمعية تراث للمحافظة‬‫على التراث المغربي واإلسالمي‪/‬مؤسسة عبد اهلل كنون للثقافة والبحث العلمي – وكتاب رجال من‬ ‫تطوان‪.‬‬


‫العدد ‪1018‬‬

‫الثالثـاء ‪� 05‬إلى ‪ 11‬نـوفمرب ‪2019‬‬

‫‪9‬‬

‫المنظمة المغربية لإلعالم الجديد‬

‫‪3‬‬

‫يف ملتقـى الوفــاء الثـالــــــــث‬

‫سيرا على نهجها المعتاد‪ ،‬نظمت المنظمة المغربية لإلعالم الجديد‪ ،‬يوم السبت ‪26‬‬ ‫أكتوبر ‪ ،2019‬الملتقى الثالث للوفاء واالعتراف بعطاء ثلة من رموز طنجة المتوفين‪ ،‬حيث‬ ‫شهدت قاعة دار المحامي بطنجة‪ ،‬فعاليات الملتقى الذي وقف على الخدمات الجليلة التي‬ ‫قدمها خمسة من أبناء وبنات المدينة للمجتمع المحلي والوطني‪ ،‬ويتعلق األمر باألستاذ‬ ‫النقيب الطيب الدليرو واألساتذة اإلعالميين ‪ :‬عبد العزيز اليعقوبي‪ ،‬محمد العربي الزكاف‪،‬‬ ‫عبد الواحد شابو واألستاذة اإلعالمية ثريا أمناد‪.‬‬ ‫وقـد انطلـق الملتقـى بكلمـة لرئيـس المنظمـة الحـاج أحمد قـروق الذي شكـر فيهـا‬ ‫األستاذ النقيب إبراهيم السماللي ومكتب هيئة المحامين بطنجة على وضعهم قاعة دار‬ ‫المحامي بطنجة رهن إشارة المنظمة إلحياء الملتقى‪ ،‬كما شكر الحاضرين والحاضرات‬ ‫وأسر المتوفين المراد الوفاء واالعتراف بعطاءاتهم‪ ،‬وقدم برنامج الملتقى واألسماء التي‬ ‫سيقف الملتقى على أعمالهم‪ ،‬ثم أعطى الكلمة للسيد النقيب الذي رحب بالحضور وتمنى‬ ‫للملتقى النجاح‪ ،‬وعبر عن سعادته الحتضان دار المحامي لنشاط المنظمة‪ ،‬واعتبر ذلك‬

‫بداية إلقامة شراكـة معهـا الستقبال أنشطتها في المستقبل‪ .‬بعد ذلك‪ ،‬تتابعت أشغال‬ ‫الملتقى باالستماع للشهادات التي قدمها مجموعة من األساتذة في حق الرموز المذكورة‪،‬‬ ‫حيث قدم األستاذ محمد الجيدي شهادة مؤثرة في حق زميله المرحوم الطيب الدليرو‪..‬‬ ‫وتناول الدكتور عبد الحق بخات الكلمة لتقديم شهادة في حق رفيقه اإلعالمي المرحوم‬ ‫عبد العزيز اليعقوبي‪ ،‬وبعده أخذ الكلمة األستاذ محمد العسري الذي قدم شهادته في حق‬ ‫اإلعالمية الراحلة ثريا أمناد‪ ،‬كما قدم األستاذ محمد الصمدي شهادة تناول فيها المنتوج‬ ‫اإلعالمي للمرحوم األستاذ عبد الواحد شابو‪ ،‬واختتمت الشهادات المقدمة بكلمة اإلعالمية‬ ‫األستاذة زهور الغزاوي في حق زميلها اإلذاعي محمد العربي الزكاف‪.‬‬ ‫وعقب ذلك‪ ،‬تولى األساتذة الذين قدموا شهاداتهم في حق رموز طنجة المتوفين‬ ‫المذكورين‪ ،‬تقديم صور زيتية رسمها الفنان محمد الصنهاجي ألسرهم‪.‬‬ ‫واختتم الملتقى بحفل شاي على شرف الحضور النخبوي المتميز الذي تابع فعالياته‪.‬‬

‫�صور من امللتقى‬

‫ربورطاج صور ‪ :‬حمودة‬


‫الثالثـاء ‪� 05‬إلى ‪ 11‬نـوفمرب ‪2019‬‬

‫العدد ‪1018‬‬

‫كيف تمتد األزمة على أرضنا‬ ‫من جيل آلخر‪...‬‬ ‫‪-1-‬‬

‫األزمة‪ ،‬هي نمط معين من المشكالت أو المواقف التي يتعرض لها األفراد أو الجماعات أو الدول‪ ،‬وهي‬ ‫في نظر العديد من الباحثين والفالسفة نتيجة تأثير لموقف أو مشكل أو قضية‪ ،‬وهو ما يؤدي إلى ظهور‬ ‫أعراض سلوكية سلبية في الكثير من األحيان‪.‬‬ ‫واألزمة بهذه الصفة‪ ،‬كانت وما تزال من أكثر المصطلحات في اللغة العربية‪ ،‬كما في اللغات الحية‬ ‫استعماال في عصرنا الحديث‪ ،‬فهي من أكثر الكلمات ارتباطا بجوهر الحياة في المجتمع واالقتصاد والسياسة‬ ‫والثقافة‪ ،‬وعلى صدر القواميس والموسوعات العالمية‪.‬‬ ‫وعندما تحل األزمة بأمة من األمم‪ ،‬تبدأ هذه الكلمة الصغيرة تتخذ لها مجاالت أوسع‪ ،‬لتصبح سيدة‬ ‫اللغة والتعبير والبالغة‪ ،‬وسيدة المواقف السياسية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬اذ تنتقل بسرعة فائقة من‬ ‫مفاهيمها المعنوية والحسية‪ ،‬إلى مفاهيم أخرى‪ ،‬فتتخذ صورتها في الواقع‪...‬وفي األذهان والتصورات‬ ‫والمخططات‪ ،‬حسب الظروف والمالبسات‪.‬‬

‫‪-2-‬‬

‫وخطاب األزمة استمر في الحياة البشرية وكأنه قدرنا الذي ال هروب لنا منه‪.‬‬ ‫فقد وظف البعض خطاب األزمة ليظهر في اإلنسانية ما يسمى بأغنياء األزمة على طريقة أغنياء الحرب‬ ‫في مناطق عدة من العالم‪ ،‬فباسم « األزمة « وتحت يافطتها تهربت مؤسسات كثيرة من أداء واجباتها تجاه‬ ‫الدولة من ضرائب وغيرها من المستحقات‪ ،‬فيما يؤدي المواطن الكادح هنا وهناك ثمن أخطاء اآلخرين‪،‬‬ ‫فهو – أي هذا المواطن الكادح‪ -‬تقتطع من مرتبه الهزيل جميع « الواجبات» دون اختيار منه خاصة وأن هذه‬ ‫« الواجبات» تتعدد كل سنة وتتلون وتفرض عليه بقوة القانون‪.‬‬ ‫لم يتوقف إذن خطاب األزمة وترديده في المغرب وبقاع الدنيا‪ ،‬ليتحول إلى واقع يعايشه الجميع كعاهة‬ ‫تلزم صاحبها بقبولها وااللتئام معها‪.‬‬ ‫والغريب في األمر أن عدوى‬ ‫األزمة مست في العديد من الدول‪،‬‬ ‫مختلف المرافق‪ ،‬وبذلك طبقت نظرية‬ ‫الجدلية في عالقاتها‪ ،‬إذ نسمع في آن‬ ‫واحد خطابا أزمويا في الرياضة كما‬ ‫في االقتصاد وفي القضايا االجتماعية‬ ‫وكذا في الثقافة وغيرها من األزمات‬ ‫األخرى في التجارة والسياحة والماء‬ ‫واألخالق وفي التعليم وفي كل ما له‬ ‫عالقة بالحياة‪.‬‬ ‫ولكي يخرج العالم من دائرة «‬ ‫األزمة « انعقدت خالل العقود الماضية‬ ‫ندوات ومناظرات ولقاءات لدراستها‬ ‫والبحث عن سبل تجاوزها‪ ،‬حيث تم‬ ‫إنشاء لجن مؤقتة (تتحول مع الزمن‬ ‫إلى لجن دائمة باالحتفاظ بنفس‬ ‫االسم المؤقت) وتصدر عنها توصيات‬ ‫وبرامج عمل ال تعرف طريقها إلى‬ ‫الترجمة الملموسة فتتراكم مشاكل‬ ‫وأسباب األزمة‪ ،‬لتصبح أزمة مضاعفة‬ ‫ومزدوجة نعود بها إلى النقطة ما قبل‬ ‫الصفر(‪.)1‬‬ ‫وألن كثيرا من القضايا األساسية‬ ‫لم يتم الحسم فيها نهائيا‪ ،‬سقط‬ ‫العالم في أزمة بنيوية ‪ /‬هيكلية‬ ‫حيث أصبحنا في المعاهد والجامعات‬ ‫والمؤسسات اإلعالمية نحلل اآلن أزمة‬ ‫األزمة وليس األزمة في ذاتها كظاهرة عابرة‪.‬‬

‫?‬

‫‪10‬‬

‫‪-3-‬‬

‫هكذا أصبحت «األزمة» حاضرة في خطب الساسة والزعماء والوزراء‪ ،‬وفي كتابات الشعراء واإلعالميين‬ ‫والمثقفين‪ ،‬كل يقلب أوراقها من موقعه بصيغ مختلفة ومتباينة‪ ،‬اذ تلقينا في الساحة السياسية‪ ،‬خطبا‬ ‫وكلمات‪ ،‬عن أزمات االقتصاد‪ ،‬وأزمات التخطيط‪ ،‬وأزمات التشغيل‪ ،‬كما تلقينا في الساحة الثقافية مقاالت‬ ‫ومحاضرات ودراسات‪ ،‬عن أزمات النص‪ ،‬وأزمات النقد‪ ،‬وأزمات المنهج‪ ،‬وأزمات الكتابة والقراءة‪...‬وجميعها‬ ‫تعبر عن األزمات البنيوية والهيكلية التي لفت‪ /‬تلف حياتنا من كل جانب وزاوية‪..‬‬ ‫منذ عقود بعيدة‪ ،‬انتقلت هذه المفردة العجيبة بهدوء من تعابير المبدعين والمثقفين و النقاد‪ ،‬إلى‬ ‫تعابير السياسيين واالقتصاديين والحقوقيين والرياضيين‪ ،‬فأصبح كل في مجال تخصصه‪ ،‬يشرح لنا األزمة‪.‬‬ ‫أو يفعل آليات مواجهتها‪ .‬ففي المؤتمرات السياسية و الملتقيات الثقافية و الفكرية و الندوات‪ ،‬الصحفية‪،‬‬ ‫و المجالس الحكومية كما في الحمالت االنتخابية تتحول األزمة إلى أداة للعمل‪ .‬وإلى خارطة طريق سالكة‬ ‫إلى عقول المناضلين و الناخبين و الرياضيين و االقتصاديين و المثقفين‪ ،‬تتحول إلى عملة رابحة‪ ،‬للذين‬ ‫«يصنعون» األزمة و الذين «يبحثون» لها عن حلول‪.‬‬ ‫و منذ عقود بعيدة أيضا‪ ،‬لم يتوقف خطاب األزمة على المستوى الشعبي‪ ،‬كما على المستوى الرسمي‪،‬‬ ‫لتصبح « األزمة « قضية منهجية تعايشنا ونعايشها في كل ثانية من حياتنا‪ ،‬بعدما مست عدواها كل البيوت‬ ‫والمرافق والمؤسسات والقطاعات‪ ،‬لتصبح شاملة تمس كل األحاسيس والمشاعر‪ .‬و تسكن كل العقول‬ ‫والقلوب‪.‬‬ ‫يعني ذلك‪ ،‬ان هذه الكلمة الصغيرة‪ ،‬الخفيفة‪ ،‬والمركزة‪ ،‬اتخذت لنفسها بسبب ظروفنا االجتماعية‬ ‫واالقتصادية والسياسية المتردية‪ ،‬أوسع مجال في حياتنا العامة‪ ،‬لتصبح هذه األزمة سيدة اللغة و التعبير‬ ‫و البالغة في خطابنا السياسي‪ /‬االجتماعي‪ /‬االقتصادي‪ /‬الثقافي‪ .‬ولتصبح سيدة الموقف في كل خطاب‬ ‫وبرنامج و إيديولوجية‪ ،‬تنتقل من مفهومها المادي إلى إلى مفاهيم معنوية حسية‪ ،‬تتخذ صورتها في الواقع‪،‬‬ ‫من خالل صورتها في مكونات و هياكل هذا الواقع‪.‬‬ ‫يعني ذلك أيضا أن «األزمة» في حياتنا ‪ /‬في واقعنا‪ ،‬لم تعد حالة اعتراضية‪ ،‬فقد أصبحت في عالمنا اليوم‬

‫بقلم ‪:‬‬

‫• محمد أديب السالوي‬

‫تمتد‪ ،‬تتوسع عبر مساحات ال نهائية‪ ،‬و كأنها قدر محتوم‪ ،‬تنتقل بين الناس واإلدارات والمؤسسات‪ ،‬تتعمق‬ ‫في الوجدان‪ ،‬على جدارية األخالق‪ ،‬تتجاوز حدود الذات الفردية‪ ،‬لتشمل الذات الوطنية الشاملة‪.‬‬

‫‪-4-‬‬

‫في منتصف القرن التاسع عشر‪ ،‬كانت األزمة في أوروبا وفي مناطق عديدة من العالم نتاج طبيعي و‬ ‫مباشر للخلخلة االقتصادية ‪...‬ولنقص اإلنتاج‪ ،‬ولم تكن تمس المناحي األخرى في حياة الناس‪ ،‬ألنها كانت‬ ‫محاصرة بموانع الثقافة و الفكر‪ ،‬وبأسس التربية األولية لألفراد‪ ...‬لكن يبدو أن « األزمة « في عالم اليوم‪،‬‬ ‫تطورت كمفهوم و كواقع اقتصادي‪ /‬اجتماعي‪ /‬سياسي‪ /‬ثقافي عام‪ ،‬إلى الحد الذي أصبحت شاملة تتحدى‬ ‫كل الموانع الموضوعة في طريقها‪.‬‬ ‫ولقياس حقيقة األزمة‪ ،‬نتوقف قليال عند األزمة في المغرب الراهن‪ .‬أن « أزمات « الجيل الماضي‪ ،‬الذي‬ ‫عاصر تاريخ الحماية الفرنسية (‪ )1955.1912‬وقاسي من ويالتها‪ ،‬تختلف أزماته شكال ومضمونا بكل تأكيد‬ ‫عن أزمات الجيل الذي بعده‪ ،‬وأزمات الجيل الحالي ستختلف حتما عن أزمات اآلتي بعده‪...‬مما يعني أن‬ ‫الظروف التاريخية والحضارية واالجتماعية‪ ،‬هي التي تتحكم بشكل أساسي ومباشر في نوعية وحجم وجنس‬ ‫األزمات‪ ،‬وفي مسارها وتوجهاتها‪.‬‬ ‫إن الجيل المغربي الذي عاش عهد الحماية‪ ،‬لم تمتد أزمته االقتصادية إلى انهيار مقوماته الخلقية وال‬ ‫إلى انهيار توازناته اإلنسانية‪ ،‬بل كانت أعظم أزماته وأكبرها حجما على المستوى الفردي والجماعي هي‬ ‫الحرية‪.‬‬ ‫الحرية كانت بالنسبة لهذا الجيل هي كل األزمة‪ ،‬هي الهدف‪ ،‬هي المصير الذي يفصل بينه وبين‬ ‫المغتصب‪ ،‬فتحت تأثيرها تولدت لديه كل أدوات المقاومة التي حولت مسار المغرب‪ ،‬وحولت تاريخه إلى‬ ‫منعطف جديد‪ ،‬وتحت تأثيرها جاء الجيل الجديد بمطالبه وصراعاته‪...‬وبأزماته الجديدة‪.‬‬ ‫أما الجيل الثاني‪ ،‬جيل ما بعد االستقالل‪ ،‬الذي جاء كنتاج شرعي للجيل الذي قبله‪ ،‬فقد تطورت‬ ‫أزماته‪ ،‬بتطور طموحاتــــه المتنوعة‬ ‫والعديدة‪ ،‬أزماته لم تتركه يتنفس‬ ‫الصعداء‪ ،‬ليعقلن أوضاعه االقتصادية‬ ‫واالجتماعية والحضارية عموما‪ ،‬ولم‬ ‫تتح له الفرصة للخروج بالتاريخ إلى‬ ‫مرحلة أشمل وأرحب وأكبر‪ .‬فبقي أسير‬ ‫أزماته وطموحاتها إلى أن جاء الجيل‬ ‫الذي يعده‪ ،‬ليوسع من هذه األزمة‪،‬‬ ‫ويعطيها االمتداد التاريخي الالزم‪ ،‬إذن‬ ‫هناك تصاعد في األزمة وهناك تراكم‬ ‫في آلياتها وهناك توسع لسلطاتها‪،‬‬ ‫وهو ما أدى بها إلى اكتساح إنسانية‬ ‫اإلنسان‪ ،‬والسيطرة على صيرورته‬ ‫وكينونته‪ .‬إذ تعمقــت في وجــدانه‬ ‫وحياته‪ ،‬فأصبحت تربط بين الخبز‬ ‫والعنف‪ ،‬بين الخبز واإللحاد بين الحيرة‬ ‫والرعب والضياع‪ ،‬واالنهيار الخلقي‬ ‫والتجرد من القيـــم وهو ما يعنــي‬ ‫بوضوح أن األزمات تجاوزت اإلنسان‬ ‫بعدما سيطرت على أوضاع اإلنسان‪.‬‬ ‫إن الجيل الجديد الذي وجد نفسه‬ ‫في عهد االستقالل‪ ،‬يتحمل أكثر من‬ ‫مسؤولية في ظرفه التاريخي المتميز‬ ‫بالصراعات اإليديولوجية والحضارية‪،‬‬ ‫وجد نفسه أيضا‪ ،‬ينغمس في سلسلة‬ ‫من األزمات ال بداية لها وال نهاية‪،‬‬ ‫أزمات تمتد على طول وعرض جدارية األخالق والسياسة والجنس والعقيدة واإليديولوجية والفكر‪ ...‬وتتجاوز‬ ‫أحيانا حدود الذات الفردية لتشمل الذات الوطنية‪ ،‬وهذا ما يجعلها خطيرة وقاسية‪.‬‬ ‫إن األوضاع االقتصادية واالجتماعية والتربوية التي ارتبطت بأزمات هذا الجيل منذ ميالده‪ ،‬قادته‬ ‫بالتأكيد إلى أن يطبع سلوكه الفردي والجماعي بسلسلة أزمات متشابكة ومتداخلة‪ ،‬كما قادته ليتلبس‬ ‫بهذه األزمات‪ ،‬لتصبح في النهاية جزء من كينونته ومن صيرورته النفسية واألخالقية‪.‬‬ ‫ •‬

‫على المستوى االجتماعي‪ ،‬يتواجد الجيل المغربي الجديد داخل أكثر الطبقات اكتظاظا وأكبرها‬ ‫حجما وهي طبقة الفقراء والعاطلين والمعطلين والمهمشين‪ ،‬وبفعل هذا التواجد‪ ،‬وجد نفسه‬ ‫مرغما يتفاعل مع الفقر والجوع واألمية والجهل‪ ،‬بين المدن القصديرية المرمية خارج أسوار‬ ‫الحضارة‪ ...‬وبين أرياف العالم القروي‪ ،‬القابعة في التهميش‪ ،‬ومن خالل هذا التفاعل تكون لهذا‬ ‫الجيل المسكين رصيده القوي من األزمات الروحية والمادية الخفية والظاهرة‪ ،‬من أزمات الجنس‪،‬‬ ‫إلى أزمات اإلخصاب والتناسل‪ ،‬إلى أزمات الفكر والحرية واالستمرار‪.‬‬

‫ •‬

‫وعلى المستوى الفكري‪ /‬الحضاري‪ ،‬يتساكن هذا الجيل مع طموحاته الهادفة إلى الثورة والتغيير‪،‬‬ ‫ووحدة التراب الوطني وتحرير ما تبقى منه تحت السيطرة األجنبية‪ ،‬ولكن صدامه المستمر مع‬ ‫أوضاعه االقتصادية واالجتماعية فرض ‪ /‬يفرض عليه حصارا خطيرا وثقيال وقاسيا‪.‬‬

‫في المدن والبوادي حيث آالف األطفال والشباب في سن الرشد والعطاء‪ ،‬يقتلون حياتهم وأوقاتهم بكل‬ ‫السموم الصغرى والكبرى ‪ :‬القمار‪ ،‬الحشيش‪،‬الخمور‪ ،‬اللصوصية‪ ،‬الفساد الجنسي واألخالقي‪ ،‬وحيث آالف‬ ‫الشباب يمضون أوقاتهم في فراغ ممل‪ ،‬ال جدوى منه‪ ،‬األزمات المتراكمة على حياة هذا الجيل‪ ،‬توضح أن‬ ‫شبابنا الذي يغطي مساحة هامة من تراثنا البشري (‪ %80‬من مجموع السكان) يعيش بفعل الفساد والبؤس‬ ‫والفقر والفراغ واألمية‪ ،‬سلسلة تمزقات ليست عادية وال طبيعية‪ ،‬فهو في المدن متسكع يمارس فراغه‬ ‫الروحي والجسدي بين المقاهي والحانات واألندية الليلية‪ ،‬وفي البوادي بئيس يتسول‪ ،‬ينتحر بين بيوت‬ ‫القصدير‪ ،‬تتكاثف حوله األوضاع االقتصادية واالجتماعية والحضارية‪ ،‬يعيش حرب إبادة غير ممنهجة‪ ،‬العدو‬ ‫األول واألخير فيها‪ ،‬أزماته‪..‬أزماته التي يكبر حجمها كل يوم بالممارسة‪ ،‬وباإلعالم وبالتحدي الحضاري‪...‬‬ ‫والمناهج المضادة‪.‬‬


‫امللحق القانوين‬

‫‪11‬‬

‫العدد ‪ 1018‬ـ الثالثاء ‪ 07‬إلى ‪ 11‬نوفمبر ‪2019‬‬

‫التدبير التشاركي‬ ‫والمشاركة المواطنة‬ ‫كمدخل للتنمية‬ ‫الجهوية‬ ‫إعداد ‪ :‬دة‪ .‬أسماء أبحكان‬ ‫دكتورة في القانون العام‬

‫ممــا الشــك فيه أن ورش الجهوية‬ ‫المتقدمة قد فتح مسارا سياسيا وديمقراطيا‬ ‫جديدا بالمغرب قصد تحقيــق التنميـــة‬ ‫المستدامـــة‪ ،‬ويستمـــد هدا المشــــروع‬ ‫خصوصيته من كونه يروم توسيع حقل‬ ‫الديمقراطية التمثيلية الجهوية لتصبح‬ ‫رافعة للتنمية االقتصاديـــة والبشريـــة‬ ‫المندمجة والمستدامة‪ ،‬فموضوع الجهوية‬ ‫المتقدمة كان وال يزال من المواضيع ذات‬ ‫األهمية والراهنية في مسار اإلصالح الذي‬ ‫أطلقه جاللة الملك محمد السادس من‬ ‫أجل تسريع وتيرة التنمية‪ .‬وذلك من خالل‬ ‫التدبير التشاركي ومساهمة المواطن ناخبا‬ ‫كان أو منتخبا الى جانب الدولة إلنجاح‬ ‫أهداف الجهوية المتقدمة ‪.‬‬ ‫فلقد شكلت الجهوية مرجعية شبه‬ ‫دائمة في الخطب الملكيــة الداعيــة إلى‬ ‫إنجاح هذا الورش الجهــوي‪ ،‬وذلك ضمن‬ ‫تصور مغربي‪-‬مغربي‪ ،‬حام للهوية المغربية‬ ‫وغير مقلد للتجارب المقارنة‪ ،‬ففي خطاب‬ ‫العرش لسنة ‪ 2011‬يقول جاللة الملك‬ ‫«مولين عناية قصوى في هذا المجال للجهة‬ ‫والجهوية التي نعتبرها خيارا استراتيجيا‬ ‫وليس مجرد بناء إداري‪ ،‬وننظر إليها على‬ ‫أنها صرح ديمقراطي أساسي لتحقيق‬ ‫التنمية االقتصادية واالجتماعية»‪.‬‬ ‫وما يؤكد على أن ورش الجهوية‬ ‫المتقدمة يسير في طريق التطبيق الفعلي‬ ‫القريب‪ ،‬هو صدور القانون التنظيمي حول‬ ‫الجهات رقم ‪ ،111.14‬وهو شيء يدل على‬ ‫أن المغرب يود إنجاح هذا الورش التنموي‬ ‫الذي سيجعل من هذه الوحدات الترابية‬ ‫شريكا فعليا في عملية التنمية‪.‬‬ ‫‪ ‬فقد‪ ‬نص الدستور في الفقرة األخيرة‬ ‫من الفصل األول‪ ،‬على أن التنظيم الترابي‬ ‫للمملكة تنظيم ال مركزي يقوم على‬ ‫الجهوية المتقدمة‪ ،‬ما يعني أن التنظيم‬ ‫الترابي تقدم على مستوى الجهوية‪ .‬لكن‬ ‫لم يعد األمر متعلقا بجهوية موسعة وإنما‬ ‫بجهوية متقدمة‪.‬‬ ‫‪ ‬كما أكد كذلك في الباب التاسع من‬ ‫الدستور على الجهات والجماعات الترابية‬ ‫األخرى‪ ،‬أي العماالت واألقاليم والجماعات‪،‬‬ ‫ما يفيد تغيير مصطلح المحلية بمصطلح‬ ‫الترابية‪ ،‬انسجاما مع التوجهات الجديدة‬ ‫للتنظيم الترابي‪ .‬غير أن الجهة ُذكرت‬ ‫ّ‬ ‫مستقل بالرغم من أنها تعدّ من‬ ‫بشكل‬ ‫فصيلة الجماعات الترابية‪ .‬وهذا األمر يعني‬ ‫أنها أصبحت تتبوأ مكانة الصدارة بالنسبة‬ ‫للجماعات الترابية األخرى وفق مدلول‬ ‫الفصل ‪ 143‬من الدستور‪.‬‬ ‫و تنبني التنمية المحلية التشاركية‪ ،‬في‬ ‫جانبها المنهجي‪ ،‬على المقاربة التشاركية‪،‬‬

‫إذ تعتبر آلية مهمــة في حصــول ذلك‬ ‫التناغم بين المطالب االجتماعية المحلية‬ ‫وبين الخطط والبرامج المعتمدة‪ ،‬بحيث‬ ‫أظهرت الطرق التقليدية في تدبير اإلدارة‬ ‫الترابية قصورها عن التصدي للمشاكل‬ ‫التي تعترض بشكل يومي تدبير الوحدات‬ ‫الترابية‪ ،‬وذلك بسبب إتباع أساليب وأنماط‬ ‫للعمل أصبحت متجاوزة مقارنة مع التحديات‬ ‫الوطنية والدولية التي تتأثـــر بها اإلدارة‬ ‫الترابية‪ ،‬وهو ما فرض التفكير في البحث عن‬ ‫مقاربات جديدة للتدبير كان أهمها التدبير‬ ‫التشاركي‪ ،‬منهــج المشاركـة المواطنــة‪،‬‬ ‫المقاربـة التشاركيـــة أو الديمقراطيـــة‬ ‫التشاركية‪.‬‬ ‫واعتبارا للدور الحيوي للجهة والمهام‬ ‫المنوطة بها‪ ،‬فإن اللجوء إلى مفهوم التعاون‬ ‫على أرض الواقع لتدعيم صيرورة الالمركزية‬ ‫من جهة‪ ،‬وجعل الجهة اإلطــار األنجـــع‬ ‫لتحريك النشـــاط االقتصادي واالجتماعي‬ ‫والثقافي‪ ،‬يعد ضروريا لضمان مساهمة‬ ‫أوسع في مجهودات التنمية‪ .‬والمالحظ أن‬ ‫هناك مبادرات للدولة والجماعات الترابية‬ ‫والمؤسسات العموميـة والغــرف المهنية‬ ‫باإلضافة إلى القطاع الخاص‪ ،‬دون أن تندرج‬ ‫في تصور مجالي شمولي يجعل منها أدوات‬ ‫حقيقية لديمقراطية تشاركية تحقق تنمية‬ ‫جهوية‪.‬‬ ‫بحيث تتأسس الديمقراطية التشاركية‬ ‫على مبدأ مفاده أن المواطنة تتعدى الحق‬ ‫في التصويت من فترة إلى فترة أخرى‪ ،‬وهي‬ ‫تعني مجموع اإلجراءات التي تمكن من‬ ‫إشراك المواطنين والمواطنات في حياة‬ ‫الجماعة‪ ،‬األمر الذي يتيح لهم من جهة‬ ‫التمتع بحق المشاركة‪ ،‬ومن جهة ثانية‬ ‫التأثير في مسلسل اتخاذ القرار على هذا‬ ‫المستوى الترابي‪ ،‬فالديمقراطية التشاركية‬ ‫مكملة للديمقراطية التمثيلية وهي تشكل‬ ‫في حد ذاتها «مدرسة» لتعليم ممارسة‬ ‫مواطنة كاملة ونشيطة مضيفة في ذات‬ ‫الوقت الفعالية والنجاعة على السياسات‬ ‫العمومية الترابية‪ .‬ويعتبر مفهوم التدبير‬ ‫التشاركـي ‪management participatif‬‬ ‫مفهوما حديثا في علم اإلدارة المعاصر‪،‬‬ ‫وقد شكل خطابا جديدا ونواة لعدة أبحاث‬ ‫ودراسات بالدول المتقدمة‪.‬‬ ‫فالتدبير التشاركي‪ ،‬هو ذلك األسلوب‬ ‫التدبيري الذي يسمــح باستغالل القدرة‬ ‫اإلبداعية لمختلف الفاعلين في اتخاذ القرار‬ ‫بهدف التوصل للنتائج المنتظرة في مختلف‬ ‫مجاالت عمل المنظمة‪ ،‬وفي معنى آخر يعرف‬ ‫التدبير التشاركي على أنه تفعيل وتحريك‬ ‫للموارد البشرية بهدف إدماج التباينات‬ ‫والمواقف المبينة أو المرتكزة على نشاط ذي‬

‫طبيعة جماعية‪ .‬وبهذا المعنى فهو التجسيد‬ ‫القوي لمفهوم تنمية الموارد البشرية‪ ،‬التي‬ ‫عرفت تحوالت عميقة على المستوى الكمي‬ ‫والكيفي‪ .‬ومن هنا تجاوز النظرة التقليدية‬ ‫التي كانت تعتبر الفرد كتكلفة‪ ،‬فأصبح‬ ‫ينظر له كثروة يجب استعمالها واستثمارها‬ ‫بشكل أفضل بتأهيله وتنمية قدراته الفكرية‬ ‫والمهنية‪ ،‬وتعبئته ألجل مواجهة التحديات‬ ‫التي تفرزها العولمة‪ ،‬هذا باإلضافة إلى‬ ‫انتشــار مبــادئ جديــدة في فن اإلدارة‬ ‫والتسيير‪ ،‬كاالنتماء للمقاولة أو المنظمة‪.‬‬ ‫في حقل السياسات العمومية‪ ،‬تنافس‬ ‫مفهومـــان أساسيان يالمســان اإلصـــالح‬ ‫السوسيو‪-‬إداري الوطني والمحلي‪ ،‬ويؤطران‬ ‫معا المشاركة وفق المقاربة التشاركية‪،‬‬ ‫ولطالما شكال مرجعا أساسيا‪ ،‬يستشهد به‬ ‫للداللة على التوجه الجديد نحو االنفتاح‬ ‫تجاه المواطنين والمجتمع المدني لتعزيز‬ ‫مشاركتهما في مسلسل القــــرار‪ ،‬تمثيال‬ ‫للمفهوم الجديد للسلطة والميثاق الوطني‬ ‫لحسن التدبير‪.‬‬ ‫فالثقافة الجديدة المبلورة للمفهوم‬ ‫الجديد للسلطـــة ال تستهدف فقط تحفيز‬ ‫اإلصالح على صعيد الالمركزية والجهوية‬ ‫المتقدمة والحكامة وتحديث اإلدارة‪ ،‬بحيث‬ ‫تشكل الحكامة المحلية الرشيـــدة إحدى‬ ‫الركائز اإلستراتيجية المرتبطــة ببلـــورة‬ ‫التنمية المستدامة‪ ،‬والمنصفة للمجاالت‬ ‫الترابية المحلية‪ ،‬وإنما ترمي كذلك إلى‬ ‫تقوية البعد التشاركي للمواطن في مجال‬ ‫تدبير الشأن المحلي‪ ،‬بحيث تمكن مختلف‬ ‫مكونات المجتمع من إيصال صوتها وتفعيل‬ ‫مسألة التعاقد بين المنتخبين والناخبين‪،‬‬ ‫وهذا التوجه لم يأت من محض الصدفة‬ ‫بل هو تكملة لتوجهات بلدنا ‪،‬والدينامية‬ ‫المتصاعدة للمجتمع المدني‪ ،‬وهذا ما أكده‬ ‫في أكثر من مناسبة جاللة الملك محمد‬ ‫السادس‪ ،‬وتعترف به السلطات العمومية‬ ‫‪،‬وتتم المطالبة به كحق للمواطنة ‪،‬األمر‬ ‫الذي يتطلب ترسيخها‪ ،‬وهو ما أشـــار إليه‬ ‫بصريح العبارة جاللة الملك محمد السادس‬ ‫في خطاب العرش لسنة ‪ 2000‬بالقول‪:‬‬ ‫«سيرا على هذا النهج القويم وبعون من‬ ‫اهلل وتوفيقه كان منطقنــا مولين كبير‬ ‫اهتمامنا لترسيخ دولة الحــق والقانون‪،‬‬ ‫فأعطينا مفهوما جديدا للسلطة تجعلها‬ ‫ترعى المصالح العمومية‪ ،‬وتدبير الشؤون‬ ‫المحلية وتحفظ األمن واالستقرار وتسهر‬ ‫على الحرية الفردية والجماعية وتنفتح على‬ ‫المواطنين في احتكاك مباشر بهم‪ ،‬ومعالجة‬ ‫ميدانية لمشاكلهم وإشراكهم في هذه‬ ‫المعالجة‪.»...‬‬

‫(البقية ص‪)12‬‬

‫إعداد ‪ :‬د‪ .‬محمد البوشوكي‬ ‫دكتور في القانون العام‬ ‫‪mohamedelbouchouki@gmail.com‬‬

‫الجهوية المتقدمة و إشكالية‬ ‫تدبير الكفاءات؟‬

‫تعتبر الجهوية المتقدمة مشروعا مجتمعيا هاما ستكون له انعكاسات على كل المجاالت‬ ‫االجتماعية واالقتصادية للمواطنين‪ ،‬ونظرا لما ينتظر من تبني هذا الورش الكبير من أثار‬ ‫إيجابية على جميع المستويات فإن األطراف المعنية مدعوة إلى التعبئة من أجل إنجاح وضمان‬ ‫سيرورته ونجاعته ‪.‬‬ ‫ونظرا إلى المهام الجسيمة الموكلة إلى جميع المتدخلين في هذا الورش الهام من‬ ‫منتخبين وسياسيين محليين وموظفين وإداريين باإلدارات الالمركزية في بلورة وتنزيل‬ ‫مضامين الجهوية المتقدمة وتفعيل سياسات عمومية محلية فعالة ‪،‬يبقى السؤال المطروح‬ ‫وبإلحاح‪ ،‬هو دور العنصر البشري في رفع قدرات الجهات علما أن القانون التنظيمي للجهات‬ ‫يشدد على أن تعمل الدولة والجهات على جعل إشكالية تنمية الكفاءات التي تتحمل المسؤوليات‬ ‫في صلب انشغاالتها وبشكل جدي‪.‬‬ ‫أسئلة عدة تطرح حول موضوع الكفاءات في صلب الجهات من قبيل أي دور للكفاءات في‬ ‫تنزيل ورش الجهوية المتقدمة ؟ هل األحزاب قادرة على إنتاج وتأطير نخب مسؤولة إلنجاح هاته‬ ‫التجربة ؟ هل هناك وعي جماعي بمقدوره تثمين وتقييم هذا الورش المعول عليه في رفع وتيرة‬ ‫التنمية بالبالد ؟‬ ‫علما أن المسؤولين على الجهات حاليا يعتبرون من النخب الوطنية من وزراء سابقين‬ ‫وأمناء أحزاب كبيرة وأطر حزبية المعة ‪.‬‬ ‫ويتميز عمل الدولة على هذا المستوى بثالث خاصيات كبرى‪ .‬فهو من جهة يعنى أساسا‬ ‫بالجماعات المحلية‪ ،‬وهو من جهة أخرى يجري حسب منهج يكاد يكون حصريا‪ ،‬هو التكوين‬ ‫المستمر‪ ،‬وهو من جهة ثالثة يعتبر عمال يكاد يعود الفضل فيه كله إلى قطاع وزاري واحد‪ ،‬هو‬ ‫وزارة الداخلية ‪.‬‬ ‫ولكي نجيب على األسئلة السالفة الذكر ال يمكن أن نغفل التدابير أو التوصيات التي جاء‬ ‫بها تقرير المجلس اإلقتصادي واإلجتماعي والبيئي حول «تدبير وتنمية الكفاءات البشرية’’‬ ‫رافعة أساسية لنجاح الجهوية المتقدمة» بتاريخ‪ 28‬فبراير ‪ 2013‬وذلك عبر ثالث فئات من‬ ‫التدابير ‪ .‬‬ ‫تدابير اإلصالح الشامل المتخذة على مستوى اإلدارة‪ ،‬مثل حظر التوظيف في ساللم األجور‬ ‫المصنفة من ‪ 1‬إلى ‪، 4‬ودعم إطار الحركية وإعادة انتشار‪ ،‬وإلى حد ما‪ ،‬التشجيع على المغادرة‬ ‫الطوعية‪.‬‬ ‫تمكين اإلدارات من عدد من األدوات والتقنيات وكتيبات اإلرشاد الرامية إلى مساعدتها‬ ‫على اإلنخراط في مسعى حديث لتدبير الموارد البشرية‪ ،‬وذلك على الخصوص عبر التخطيط‬ ‫المسبق إلعداد العاملين ومناصب الشغل والكفاءات‪.‬‬ ‫اإللزام القانوني لإلدارات بتنظيم مبادرات نوعية للتكوين المستمر لفائدة مصالح‬ ‫الالمركزة وإن كانت هذه الخطوات‪ ،‬المسماة أعمال للتكوين اإللتقائي منصوصا عليها في‬ ‫النص الخاص بالتكوين المستمر‪ ،‬إال انه قليل ما يتم تحقيقها على أرض الواقع‪.‬‬ ‫إذن هي تدابير ممكنة وليست بالصعبة لتمكين الجهات من تسيير وتدبير فعال ناجع للرفع‬ ‫من وتيرة التنمية على الصعيد الجهوي والوطني هذا مع حث األحزاب والمجتمع المدني على‬ ‫تأطير واقتراح النخب واألطر القادرة على استيعاب التطلعات والمتطلبات والحد من الحسابات‬ ‫السياسوية الضيقة التي ال زالت تعيق مسار التنمية وتعطل عجالت الورشات الديمقراطية‬ ‫بالبالد‪.‬‬ ‫زيادة على ذلك فإن المصالح الالممركزة لإلدارات معنية كذلك‪ ،‬بصفتها جزءا ال يتجزأ من‬ ‫اإلدارة المركزية‪ ،‬بتدابير ذات طابع عام تتخذها الدولة بهدف الرفع من مستوى اإلدارة ودعم‬ ‫قدرة مصالحها على مواجهة متطلبات التنمية االقتصادية واالجتماعية‪ ،‬وعلى مواكبة أكثر‬ ‫فعالية وصرامة لمسلسل تحديث البالد‪ ،‬فالجهات مدعوة إلى تولي مسؤوليتها ضمن المكانة‬ ‫التي يخولها لها الدستور وتقديم مساهماتها من أجل تصحيح عيوب النموذج الحالي والحد من‬ ‫الفوارق وعدم المساواة الترابية والمضي قدما على طريق العدالة االجتماعية‪ .‬‬ ‫من هنا تكمن مدى أهمية تدبير الكفاءات جهويا ووطنيا‪ ،‬فالعنصر البشري الفعال هو‬ ‫الضامن الوحيد إلقامة مجالس جهوية ديمقراطية سليمة‪ ،‬تجعلها منتخبة بشكل عقالني ذو‬ ‫مصداقية ومقبول سياسيا وإجتماعيا يؤسس لثقافة سياسية جديدة روحها الحوار البناء متعارض‬ ‫مع كل ما هو فئوي وسياسوي ضيق‪ ،‬من هنا تتضح العالقة بين الجهوية المتقدمة والكفاءات‪،‬‬ ‫إذ يستحيل تنزيل هذا الورش الكبير الهام دون إعطاء الفرص للنخب القادرة على تقييم وتثمين‬ ‫التدابير الالزمة إلنجاح هكذا مشروع وطني معول عليه للحد من الفوارق المجالية وتثبيت‬ ‫العدالة اإلجتماعية‪.‬‬ ‫إضافة إلى ذلك ولكي تكون الجهوية المتقدمة سياسة تدبيرية للترشيد والتنمية ال بد‬ ‫أن تتوفر على مجموعة من المستلزمات البشرية والتنظيمية والمادية الضرورية لإلنتقال بها‬ ‫من الخطب إلى الممارسة والسلوك الديمقراطي أساسه كفاءات في مستوى المشروع الحداثي‬ ‫قادرة على إتخاد القرار بكل حرية في ما يتعلق بتدبير وتسيير المجالس محليا وجهويا وبشكل‬ ‫شفاف وسليم‪ ،‬إذ ال ديمقراطية بدون ديمقراطيين‪ ،‬مع الحث قانونيا على بند الشرط المعرفي‬ ‫للمسؤولين واإلصالح الشمولي للموارد البشرية الجهوية وإعادة النظر في آليات إنتاج النخب‬ ‫الجهوية والوطنية الالزمة لدولة الحق والقانون ‪.‬‬ ‫و بإختصار شديد فالكل معني من دولة وأحزاب سياسية ومجتمع مدني بحسن تدبير‬ ‫الموارد البشرية والكفاءات للتطلع إلى سياسة جهوية فعالة للقيام بأدوارها‪ ،‬من صميم تعزيز‬ ‫مسار الالتمركز اإلداري وإرساء الديمقراطية المحلية والتشاركية وفق نموذج تنموي مغربي‬

‫خالص من المغاربة وإلى المغاربة‪.‬‬


‫العدد ‪1018‬‬

‫الشمال القانوني‬

‫التدبير التشاركي والمشاركة‬ ‫المواطنة كمدخل للتنمية‬ ‫الجهوية‬

‫(تتمة ص‪)11‬‬ ‫وركز جاللة الملك على مفهوم المواطنة‬ ‫والمشاركة في العديد من الخطب الملكية‬ ‫منذ اعتالئه العرش‪ ،‬حيث أشار جاللته‪« :‬أن‬ ‫المواطنة التي نريدها‪ ،‬ال ينبغي أن تختزل‬ ‫في التوفر الشكلي على بطاقة تعريف أو جواز‬ ‫سفر‪ ،‬وإما يجب أن تجسد في الغيرة على‬ ‫الوطن واالعتزاز باالنتماء إليه والمشاركة‬ ‫الفاعلة في مختلف أوراش التنمية وتوسيع‬ ‫إشعاعه العالمي» كما دعا «جاللة الملك‬ ‫جميع المغاربة لالنخراط الفاعل والتلقائي‪،‬‬ ‫في كل المبادرات التنموية التي نطلقها‪،‬‬ ‫وإلى التنافس في تحقيق مقاصدها» والحظ‬ ‫جاللته أنه مهما تكن المكاسب الهامة التي‬ ‫حققناها‪ ،‬فإن طموحنا لتوفير الغد األفضل‪،‬‬ ‫الذي نريده لكافة فئات جهات وطننا‪ ،‬يجعلنا‬ ‫نعتبرها حافزا على مواصلة العمل‪ ،‬سبيلنا‬ ‫إلى ذلك االلتزام بالوطنية الصادقة‪ ،‬وروح‬ ‫المواطنة المسؤولة‪ ،‬وتفعيل التربية على‬ ‫التضامن والتشارك‪ ،‬وعلى ثقافة االبتكار‬ ‫والمبادرة»‪.‬‬ ‫إن إشراك السكان له واقع إيجابي على‬ ‫عدة مستويات إذ يتيــح لهــم على سبيل‬ ‫المثال‪:‬‬ ‫• قدرة أكبر على تأكيد الذات‪ ،‬ممارســة‬ ‫حرية التعبير‪ ،‬فضال عن معرفـــة القانون‪،‬‬ ‫حسن التضامن‪.‬‬ ‫• تملك أقوى للمشاريع‪ ،‬شعور بأن‬ ‫صوتهم مسموع‪ ،‬وأنهم أهل للمسؤولية‪،‬‬ ‫مما يجعلهم أكثر حرصا على تطبيق وتتبع‬ ‫تلك المشاريع‪ ،‬أما بالنسبة للمسؤولين‬ ‫فإن هذا اإلشراك يساعد على اتخاذ أحسن‬ ‫القرارات لدى القيام بالتشخيصات وتحديد‬ ‫السياسات‪ ،‬وكذا على تقديم خدمات أكثر‬ ‫استجابة للحاجيات‪ ،‬كما أن معرفة الجمعيات‬ ‫بالساكنة والمجال الترابي الذي تعمل فيه‬ ‫زيادة على مرونة هياكلها وطرق عملها‬ ‫يجعل الجمعيــات صلة وصل هامــة مـــع‬ ‫الفاعلين المؤسساتيين في مجال التنمية‬ ‫المحلية‪ ،‬وإشراكها يساهم في تفعيل دورها‬ ‫في الجهة وذلك انطالقا من‪:‬‬ ‫• قوتها اإلقتراحية والترافعية واليقظة‬ ‫ومساءلـــة السلطـــة العموميـــة والهيئات‬ ‫المنتخبة‪.‬‬ ‫• مساهمتهــا في توعيــة وتحسيــس‬ ‫المواطنين والمواطنـات في إطـار تنميـــة‬ ‫الثقافة الديمقراطية والتعبئة واإلشــراك‬ ‫المتزايـــد للسكان‪ ،‬خصوصا األكثر هشاشة‬ ‫منهم في حياة الجهة‪.‬‬ ‫• مشاركتها في إنجاز مشاريع تنموية‪،‬‬ ‫وذلك بجعل المجموعــة التي ينتمــون إليها‬ ‫تستفيد من اإلمكانيات المعرفية والمهارية‪،‬‬ ‫التي تتوفر عليها والتي يمكن أن تقلص‬

‫من تكاليف بعض الخدمات ومن خالل إنجاز‬ ‫مشاريع في إطار تعاقدي متعدد األطراف‪.‬‬ ‫وقد أثبتت التجارب الدولية بأن فضائل‬ ‫المشاركة ال ترتبط فقط بما يرصد لها من‬ ‫أهداف‪ ،‬بل تتعداها إلى المسارات المؤدية‬ ‫لذلك‪ ،‬خالل العقود األخيرة‪ ،‬برزت وتطورت‬ ‫عدة أشكال وآليات للمشاركة المواطنة في‬ ‫أمريكا الالتينية وأوروبا وغيرها مثل لجان‬ ‫األحياء‪ ،‬لجان المستفيدين من الخدمات‬ ‫العمومية‪ ،‬مجالــس استشاريــة‪ ،‬إلشـــراك‬ ‫جمعيات ذات اهتمام تنموي عام أو قطاعي‬ ‫أو فئـــوي‪ ،‬منتديـــات المواطنين‪ ،‬مجالس‬ ‫الشركات‪ ،‬المبادرات الشعبية‪.‬‬ ‫وهذا ما كرسه نص دستور المملكة‬ ‫لفاتح يوليوز ‪ 2011‬في فصله ‪ 139‬على أنه‬ ‫«تضع مجالس الجهات‪ ،‬والجماعات الترابية‬ ‫األخرى‪ ،‬آليات تشاركيــة للحوار والتشــاور‪،‬‬ ‫لتيسير مساهمة المواطنــات والمواطنين‬ ‫والجمعيات في إعـــداد برامـج التنميـــة‬ ‫وتتبعها‪ ،‬كما يمكن للمواطنات والمواطنين‬ ‫والجماعـــات حسب الفصل ‪ 139‬من نفس‬ ‫الدستور تقديم العرائض‪ ،‬الهــدف منهــا‬ ‫مطالبة المجلس بإدراج نقطة تدخل في‬ ‫اختصاصه ضمن جدول أعماله‪.‬‬ ‫فتطبيــق هـذه المقاربــة الجديـــدة‬ ‫سيساهم في إشاعـــة ثقافــة المشاركة‬ ‫المواطنة‪ ،‬التي كان غيابها في فترات سابقة‬ ‫سببا من أسباب تسيير اإلدارة الترابية‬ ‫بمقاربات الضبط األمني‪ ،‬كمـــا ستساهـــم‬ ‫في انخراط جميع الفاعليـــن من منتخبين‬ ‫ومجتمع مدني ومواطنيـــن في أوراش‬ ‫التنمية الجهوية إلى جانب رجال السلطة‪،‬‬ ‫وهو ما سيخفف من عبء العمل وضغطه‬ ‫على هذه الفئة األخيرة‪ ،‬مع عقلنــة اتخاذ‬ ‫القرارات الصائبة في جل المشاكل اليومية‬ ‫للمواطنين‪.‬والتي ستنجح ورش الجهوية‬ ‫المتقدمة التي تعتبر القاطرة األساسية‬ ‫وأحد الحلول والمداخل الممكنة من أجل‬ ‫تجاوز إشكاليات الحكامــة الجيدة‪ ،‬والنمو‬ ‫االقتصادي‪ ،‬والتنمية البشرية‪ ،‬لكن هذا‬ ‫لن يتحقق إال في ظل نخب جهوية مؤهلة‬ ‫قادرة على إنجاح الجهوية المتقدمة‪ ،‬وتفعيل‬ ‫حقيقي للمبادئ والهيئــــات الدستورية‪،‬‬ ‫من محاسبة وجودة وشفافية ومسؤولية‬ ‫تخضع لها المرافق العمومية‪ ،‬ومن هيئات‬ ‫للمناصفة ومحاربة أشكال التمييز‪ ،‬ومجلس‬ ‫للمنافسة‪ ،‬وهيئة وطنية للنزاهة والوقاية‬ ‫من الرشوة ومحاربتها‪ ،‬وانخراط واع وفاعل‬ ‫وواسع للمواطن في تدبير الشأن الجهوي‪،‬‬ ‫كل هذا من أجل إنجاح جهوية متقدمة‬ ‫مستوعبة لجل التطلعات‪ ،‬وحــال ممكنـــا‬ ‫لمختلف اإلشكاليات والمشاكــل‪ ،‬وقــادرة‬ ‫على تحقيق تنمية اقتصادية وبشرية تنتقل‬ ‫ببالدنا إلى مصاف الدول المتقدمة‪.‬‬

‫الثالثـاء ‪� 07‬إلى ‪ 11‬نـوفمرب ‪2019‬‬

‫‪12‬‬

‫الالمركزية مالها وما عليها (‪)10/2‬‬ ‫في تعريف الالمركزية الترابية وأبعادها‬

‫المركزية هي األم البيولوجية‬ ‫لجميع األشكال المعاصرة لتنظيم التراب‬ ‫الوطني والمحلي‪ .‬فإذا استعرنا مجازا‬ ‫الصياغة األدبية من مقدمة األناجيل‬ ‫األربع‪- ،‬مع كامل االحترام والتوقير‬ ‫لمنتسبي هذه الديانة‪ ،-‬أمكننا صياغة‬ ‫ذلك كاآلتي‪« :‬في بدء التنظيم الترابي‬ ‫كانت المركزية‪ ،‬والمركزية كانت بيد‬ ‫الملوك والحكام‪ ،‬بها كل شيء كان‪،‬‬ ‫وبغيرها لم يكن شيء مما كان»‪.‬‬ ‫أي أن المركزية هي األصل التي من‬ ‫خاللها تطورت اإلدارة وتنظيمها لترابها‬ ‫عبر التاريخ إلى أن وصلت في حلتها‬ ‫المتعارف عليها اليوم‪ .‬يمكن تشبيه‬ ‫األمر برمته بالخلية األم التي انقسمت‬ ‫إلى عدة خاليا‪ ،‬فأفرزت لنا مثال التركيز‬ ‫والالتمركز أو عدم التركيز والالمركزية‪،‬‬ ‫إلخ‪ .‬وكل واحدة من هذه الخاليا‬ ‫انقسمت بدورها إلى زمرة من الخاليا‬ ‫المصغرة‪ .‬هكذا نجد الالمركزية قد‬ ‫إبراهيم مراكشي‬ ‫انقسمت إلى المركزية ترابية‪ ،‬والمركزية‬ ‫سياسية‪ ،‬والمركزية إدارية‪ ،‬وال مركزية‬ ‫أستاذ القانون العام‬ ‫مرفقية‪ ،‬والمركزية اقتصادية‪ ...‬إنه جامعة عبد المالك السعدي «طنجة»‬ ‫تطور بيولوجي ال يتوقف وال ينضب‪ ،‬فآخر‬ ‫الخاليا ‪-‬وليست األخيرة‪-‬التي انبثقت‬ ‫للوطن‪ .‬كما لم يعمل المغرب على إدماج المبادئ‬ ‫عن الالمركزية الترابية هي الالمركزية الدولية‪ ،‬التي كانت تؤسس مؤسساته العريقة بالعالم‬ ‫وذلك حينما تمكنت بعض الجماعات في الدول القروي المتمثلة في الجماعة ومجلس األربعين‬ ‫األكثر تقدما‪ ،‬أن تحقق نجاحات تفوق بكثير عن ضمن بوتقة مجالس جماعاته الترابية‪.‬‬ ‫غيرها من الجماعات‪ ،‬لدرجة جعلتها من القوة‬ ‫في هذا السياق‪ ،‬تم تغييب األسس العامة‬ ‫التي مكنتها من مزاحمة مركز دولها في بعض التي تحكم وضع لبنات أو األسس األولى للتنظيم‬ ‫االختصاصات الدبلوماسية والدولية‪ .‬يتعلق األمر الالمركزي‪ .‬فقد تم نهج الالمركزية دون تحديد‬ ‫بجماعات حضرية أصبحت غنية لدرجة أن تمكنت ما هي المصالح واالحتياجات المحلية التي تعاني‬ ‫من انتزاع عنوة من المركز‪ ،‬بقوة الواقع وليس منها مختلف مناطق المغرب‪ ،‬لكي تستجيب لها‬ ‫بنص القانون‪ ،‬جزء من صالحياته على الصعيد الجماعات‪ .‬فالالمركزية ما يبررها أوال وقبل أي‬ ‫الدولي‪ ،‬كجماعة باريس وجماعة طوكيو على شيء آخر هو اعتراف من المركز بوجود مصالح‬ ‫سبيل المثال‪ .‬لنا عودة لهذا الموضوع‪.‬‬ ‫محلية تختلف عن المصالح الوطنية‪ .‬في الحقيقة‬ ‫تعريف الالمركزية الترابية لهو من أبسط ال ندري ما هي المعايير التي استند إليها المشرع‬ ‫األمور في مجال القانون اإلداري‪ .‬ولعمري هو في تحديد الئحة اختصاصات الجماعات‪ .‬وعندما‬ ‫أبسط سؤال يمكن أن يجيب عنه طالب سنة أولى عهدت إلى هيئات محلية منتخبة اإلشراف على‬ ‫كلية حقوق‪ .‬لكن أية إجابة؟ عندما يتعلق بهذا هذه المصالح وتدبيرها‪ ،‬لم يركز المركز كثيرا‬ ‫السؤال نجد الفقه اإلداري المغربي فضل أن يسلك على مسألة نزاهة وشفافية االنتخابات‪ ،‬مما أصاب‬ ‫الطريق السهل‪ ،‬فاكتفى مثال بتعريف الالمركزية الجماعة في مقتل بسبب حدوث تفاعل سلبي‬ ‫على ضوء المركزية‪ ،‬كالقول مثال أن الالمركزية للمواطن مع الجماعة‪ ،‬مادامت اختياراته في نهاية‬ ‫هي نقيض المركزية؛ أو أن يشير إلى محورية المطاف ال تحترم‪ .‬وبدون تفاعل بين المواطن‬ ‫السلطة المركزية في منح بعض االختصاصات وجماعته‪ ،‬يفقد العمل الجماعي الكثير من جاذبيته‬ ‫للجماعات تحت مراقبتها وإشرافها‪ ،‬إلخ‪ .‬مع العلم ولمعانه‪ .‬الالمركزية الحقة عمادها المواطن‪ .‬أيضا‬ ‫إلى وجود خلط لدى جانب كبير من الفقه بين من بين األسس التي لم يتم احترامها‪ ،‬والتي تعد‬ ‫مفهومي االختصاصات والصالحيات‪ ...‬إلى غير من محددات الالمركزية نجد استقالل المجالس‬ ‫ذلك من التعريفات‪ ،‬التي ال يمكن وصفها سوى المنتخبة في ممارسة اختصاصاتها عن المركز‪ ،‬أي‬ ‫بالسطحية‪.‬‬ ‫السلطة المركزية‪ .‬في هذه النقطة بالذات‪ ،‬أثقلت‬ ‫إن مسألة تحديد تعريف واضح ودقيق الجماعات بمختلف أشكال الرقابة بشكل قيد من‬ ‫وشامل لالمركزية ليست من األمور الثانوية حرية تدخل الجماعات وتصرفها‪ ،‬وأفرغ الالمركزية‬ ‫الشكلية التي تأثيرها ال يتعدى حدود أنفها! من أهم مضامينها‪.‬‬ ‫بل هي‪ ،‬بالنسبة لجميع الدول التي أخضعت‬ ‫الخالصة أن السلة المركزية قررت نهج‬ ‫لالستعمار المباشر التقليدي‪ ،‬مسألة جوهرية الالمركزية في تدبير ترابها دون احترام المبادئ‬ ‫وتكتسي أهمية بالغة‪ .‬وبطبيعة الحال‪ ،‬ال يمكن العامة الرئيسية التي تحكمها‪ .‬عالوة على كل‬ ‫استثناء المغرب من خريطة هذه الدول‪ .‬لكن لماذا ما سبق‪ ،‬اختيار نهج الالمركزية لم يكن نتيجة‬ ‫يكتسي تعريف الالمركزية كل هذه األهمية؟ فلو انصهار تفاعالت اجتماعية وصراعات سياسية‬ ‫طرحنا مثل هذا السؤال لدى الفقه اإلداري في داخلية‪ ،‬كما حدث في أوروبا الغربية‪.‬‬ ‫فرنسا أو ألمانيا أو اليابان لبدى السؤال في غاية‬ ‫االنطالقة من األساس كانت خاطئة‪،‬‬ ‫البالدة وجمود التفكير‪.‬‬ ‫وبالتالي لقد شاب تطبيق التجربة العديد من‬ ‫إال أنه ليس كذلك بالنسبـة للدول التي التشوهات الخلقية‪ .‬والسبب يعود إلى جملة من‬ ‫وجدت نفسها فجر حصولهـا على استقاللها العوامل‪ ،‬البعض منها عناوين كبرى‪ ،‬فيما البعض‬ ‫حائرة‪ ،‬بعد أن هُدمت بنيات تنظيمها التقليدي مجرد تفاصيل بسيطة وجد دقيقة‪ ،‬لكنها مؤثرة‬ ‫للتراب‪ ،‬وليس أمامها سوى االقتباس ممن كان بشكل يفوق حجمها الطبيعي‪ .‬في مقدمة هذه‬ ‫مستعمرها باألمس القريب‪ .‬بل نجد أنه من بين التفاصيل‪ ،‬نجد أن األطراف الفاعلة أغفلت التوافق‬ ‫شروط منحها «االستقالل» إلزامها واجبارها على على مضامين الالمركزية انطالقا من تعريف‬ ‫ربط بناء وتطوير ترسانتها القانونية وتنظيمها شامل ودقيق ومتفق عليه‪ .‬كيف يمكن لمجرد‬ ‫اإلداري الترابي بالبلد الذي استعمرها‪ ،‬والتزامها التعريف أن يكون له مثل هذا التأثير؟‬ ‫بعدم تغيير القوانين التي تركها المستعمر إال بعد‬ ‫إعطاء تعريف لالمركزية ليس مجرد ترف‬ ‫انقضاء فترة زمنية محددة‪ .‬وهذا ما يفسر لنا بقاء فكري‪ ،‬عبارة عن جملة منمقة‪ ،‬ولكنها األساس‬ ‫قانون االلتزامات والعقود بالمغرب مدة قرن من التي من خاللها ‪-‬أي التعريف‪ -‬سيساعد أصحاب‬ ‫الزمان تقريبا دون أن يطاله أي تعديل‪.‬‬ ‫القرار على تحديد أية مركزية يريد‪ ،‬وبأية وسائل‬ ‫هذه الدول وجدت نفسها غداة االستقالل وآليات‪ ،‬وبأي مضمون وأهداف‪ ،‬إلخ‪ .‬بمعنى آخر‬ ‫مجبرة على تنظيم ترابها المحلي وتقسيمه إلى وضع النموذج الذي يناسب المغرب ويراعي بيئته‬ ‫وحدات ترابية متباينة الحجم‪ ،‬محافظة على اإلرث المتنوعة إثنيا‪ .‬من بين األخطاء التي ارتكبها‬ ‫الذي تركه لها االستعمار‪ .‬ففي المغرب مثال إرث المغرب وضعه لنموذج غير مرن يطبق على‬ ‫المستعمر الترابي المتجسد في المغرب النافع جميع الجماعات‪ ،‬على قدم المساواة دون مراعاة‬ ‫والمغرب غير النافع؛ سار عليه وعلى خطاه التقسيم التفاوتات الكبرى بينهم من حيث المساحة‬ ‫الترابي مع بدايات االستقالل؛ بصيغة أخرى‪ ،‬كيف والسكان والتركيبة اإلثنية والثروات‪ .‬فال يعقل‬ ‫يظل المغرب النافع دائما غنيا‪ ،‬ألنه يشكل دعامة مثال أن يساوي نص القانون بين جماعة صغرى‬ ‫الستقرار مركزية السلطة‪ ،‬وكيف نجعل من المغرب وفقيرة مثل جماعة قلعة مكونة وجماعة كبرى‬ ‫غير النافع دائما فقيرا‪ ،‬ألنه عبر التاريخ كان مصدر وغنية كجماعة الدار البيضاء في االختصاصات‪ .‬أي‬ ‫معنى ألصحاب القرار إذا كانت قراراتهم ال تقود‬ ‫تمرد وقالقل للسلطة المركزية‪ ،‬والزال‪.‬‬ ‫المغرب كان من بين الدول التي اضطرت إلى االستقرار والثبات؟‬ ‫فغداة فجر االستقالل حينما قرر المغرب وضع‬ ‫إلى استيراد قالب جاهز للتنظيم الترابي الالمركزي‬ ‫من فرنسا‪ ،‬قبل أن تضطر فيما بعد إلى تقويمه أولى لبناته القانونية في مسار الالمركزية الترابية‬ ‫وفقا لمصالحها الخاصة‪ ،‬وعلى ضوء النتائج التي لم يحصل أي اتفاق أو توافق بين األطراف الفاعلة‬ ‫أفرزها التطبيق األولي‪ .‬غير أنه لم يكن أبدا نتاج على تعريف واضح يحدد إطارها العام‪ .‬كان األمر‬ ‫بيئة وطنية خالصة‪ ،‬نابعة انطالقا من دراسات شبيها باإلبحار ليال دون بوصلة وفي سماء مظلمة‬ ‫ميدانية وبعد تحديد ما يناسب المصلحة العليا بال نجوم‪.‬‬

‫بمعنى آخر‪ ،‬فإن تعريف الالمركزية‬ ‫ينبغي أن يشكل المنطلق المتين‪ ،‬الذي عبره‬ ‫سيتم تشييد سقف التنظيم برمته‪ ،‬وبدونه‬ ‫سينهار إن لم يكن مضمونه محددا بدقة‬ ‫ومتفق عليه بين مختلف األطراف الفاعلة‬ ‫داخل النسق السياسي‪ .‬هل بالتعريف فقط؟‬ ‫طبعا ال‪ ،‬ولكنها اللبنة األولى في التنظيم‪،‬‬ ‫وعلى ضوئها سيتم الشروع في بناء التنظيم‬ ‫الترابي الالمركزي‪ .‬إن إهمـــال مثــل هذه‬ ‫التفاصيل الدقيقة تعد على العموم من‬ ‫أسباب فشل االستراتيجيات التنموية الكبرى‬ ‫بالمغرب‪ .‬بل األمر من ذلك‪ ،‬فقد تم التعاطي‬ ‫مع ملف الالمركزية في بداية االستقالل‬ ‫كملف ثانوي‪ ،‬كان الحضور فيه قويا للمصالح‬ ‫الشخصية الضيقة على حساب المصالح‬ ‫الوطنيةالكبرى‪.‬‬ ‫لقد كان لهذه االعتبارات أثرها السلبي‬ ‫على الفقه اإلداري المغربي‪ ،‬إذ كان خجوال‬ ‫في محاوالته لتقديم تعريفات لالمركزية‪.‬‬ ‫في الواقع‪ ،‬اختلف أساتذة القانون اإلداري‬ ‫المغربي بخصوص تعريف موحد لالمركزية؛‬ ‫بيد أنه عند الرجوع لمؤلفاتهم وأعمالهم‬ ‫األكاديمية‪ ،‬نجد تعريفات ال تخرج عن السياق‬ ‫اآللي‪ ،‬أو على أقل تقدير تدور في فلكه‪ :‬آلية‬ ‫من آليات تدبير السلطة وتنظيم التراب‬ ‫من خالله يتم توزيع االختصاصات اإلدارية بين‬ ‫الحكومة ومجالس منتخبة و‪/‬أو محلية تمارس‬ ‫صالحياتها تحت إشراف الحكومة ورقابتها‪ .‬إن هذا‬ ‫التعريف يبدو سليما‪ ،‬ال تشوبه شائبة فأين مكمن‬ ‫الخلل إذن؟‬ ‫خالل محاوالته لتعريــف الالمركزية استند‬ ‫الفقه اإلداري المغربي واستأنس بتعريفات الفقه‬ ‫اإلداري الفرنســي‪ ،‬التي جــاءت لكي تستجيب‬ ‫لخصوصيات تجربتها؛ وبالتالي في تعريفه لم‬ ‫يتطرق الفقه المغربي إلى االنتخابات‪ ،‬والشفافية‪،‬‬ ‫والديمقراطية‪ ،‬أو حتى إلى الغاية من الالمركزية‬ ‫وأهدافها‪ ،‬وذلك لسبب بسيط‪ ،‬وهو أن هذه‬ ‫المقتضيات تعد من المسلمات البديهيات في‬ ‫الجمهورية الفرنسية‪ .‬فمثال ال أحد هناك يشك في‬ ‫نزاهة االنتخابات أو في مدى مصداقية مؤسساتها‬ ‫الديمقراطية‪ .‬إن مجرد طرح مثل هذه األسئلة في‬ ‫فرنسا تضع صاحبها في خانة الجمود الفكري‪.‬‬ ‫إن جل التعريفات التي أعطيت لالمركزية من‬ ‫لدن الفقهاء المغاربة تندرج ضمن خانة التعريفات‬ ‫اإلدارية الشكلية‪ .‬ركزت على الوظائف اإلدارية‪،‬‬ ‫وأغفلت التطرق إلى الجوانب السياسية لالمركزية‬ ‫وأبعادها التنموية‪ .‬وفي هذا اإلطار‪ ،‬ظهر الفقه‬ ‫المغربي وكأنه‪ ،‬في ظرفية تاريخية فارقة تميزت‬ ‫باشتداد اآللة القمعية للسلطة العمومية‪ ،‬تجنب‬ ‫الدخول في صدام قوي ومباشر معها‪ .‬بل يحز‬ ‫في النفس‪ ،‬أن نجد بعضا من هذا الفقه نتيجة‬ ‫العتبارات سياسية وايديولوجية قد انحاز لمنطق‬ ‫الدولة ولسلطوية سلطتها المركزية في تعاملها‬ ‫مع الجماعات الترابيــة‪ ،‬وذلك خالل عهــد وزير‬ ‫الداخلية السابق السيد إدريس البصري‪ ،‬الذي جعل‬ ‫من وزارة الداخلية أم الوزارات‪ ،‬بل حكومة مصغرة‬ ‫قائمة الذات‪.‬‬ ‫الالمركزية هي أكبر من مجـرد عمليــة‬ ‫توزيع لالختصاصات بين المركز والهيئات‬ ‫المنتخبة المحلية تحت إشراف ومراقبة الحكومة‬ ‫المركزيـــــة كما عملت على توضيحها وتبيانها‬ ‫الفقه اإلداري المغربي‪ .‬فليس بمجرد تحقق ذلك‬ ‫وتحوله ألمر واقع يكون المغرب قد أسس تنظيمه‬ ‫الترابي الالمركزي‪ .‬القضية أعمق من ذلك بكثير‪.‬‬ ‫هل غاية الالمركزية فقط تخفيف العبء عن‬ ‫المركز وربح الوقت عبر اختزال المسافة الزمنية‬ ‫وتقليص المسافة المكانيـة بمنـــح الجماعات‬ ‫صالحيات التدخل ضمن مجاالت محددة سلفا؟ أم‬ ‫أن الالمركزية أبعد من مجرد ذلك؟‬ ‫في الواقع‪ ،‬تعريف الالمركزية بالمغرب سيظل‬ ‫قاصرا وناقصا في بنيته التركيبية مادام لم يأخذ‬ ‫في االعتبار الجوانب المرتبطة بمبادئ الحكامة‬ ‫(الشفافية‪ ،‬النزاهة‪ ،‬االستقاللية‪ ،‬المحاسبة‪ ،‬إلخ‪،).‬‬ ‫وبمبادئ الديمقراطية وقيم المواطنة‪.‬‬ ‫آخذين بعين االعتبار هذه العوامل‪ ،‬يمكن‬ ‫تعريف التنظيم الترابي الالمركزي كاآلتي‪ :‬آلية‬ ‫للتدبير الحكماتــي للتــراب الوطنـي بموجبها‬ ‫يتم منح لوحدات ترابية محلية‪ ،‬منتخبة بشكل‬ ‫ديمقراطي‪ ،‬مجموعة من الصالحيات واالعتمادات‬ ‫المالية الكافية قصد تدبير الشؤون اليومية‬ ‫لساكنتها بشكل يساهم في تعزيز قيم المواطنة‬ ‫وتحقيق رفاهية الفرد واسعاده‪.‬‬ ‫في هذا اإلطار‪ ،‬ال بد من توفير الضمانات‬ ‫الضرورية للمواطن التي تجعل منه عنصرا مؤثرا‪،‬‬ ‫يتفاعل بشكل إيجابي ويساهم بفعاليــة في‬ ‫صناعة القرارات التي تهم حياته اليومية العامة‪ .‬إن‬ ‫الالمركزية الترابية أصبحت تشكل ليوم مدرسة‬ ‫للديمقراطية المحلية‪ ،‬ولزرع قيم المواطنة‪ .‬ماذا‬ ‫عن مستويات الالمركزية؟ هذا السؤال سيمثل‬ ‫محور المقال المقبل‪.‬‬


‫العدد ‪1018‬‬

‫الشمال القانوني‬

‫الجهوية المتقدمة بالمغرب‬ ‫ورهان الحل السياسي‬

‫الثالثـاء ‪� 07‬إلى ‪ 11‬نـوفمرب ‪2019‬‬

‫الجهة كأرضية لتنزيل النموذج‬ ‫التنموي الجديد‬

‫د‪ .‬أحمد الجراري‬

‫دة‪ .‬سعيدة الكداري‬

‫باحث في العلوم اإلدارية و المالية‪،‬‬

‫دكتورة في القانون العام‬ ‫إن الحديث عن الجهوية المتقدمة يكتسي‬ ‫راهنيته بالنظر للحركية التي تعرفها بعض‬ ‫الجهات‪( ،‬التغيير في رئاسة جهة طنجة‪ -‬تطوان‬ ‫الحسيمة)‪ ،‬وكذلك بالنظر النطالق التوطين‬‫المعياري لهذه المؤسسة(ميثاق الالتمركز‬ ‫اإلداري)‪ ،‬وكذا بالنظر للنقاش الدائر حول ملف‬ ‫الصحراء المغربية ( تمديد مجلس األمن لمهمة‬ ‫بعثة المينورسو في الصحراء)‪ .‬في هذا اإلطار‬ ‫يطرح السؤال حول الحافز الذي يمكن أن تولده‬ ‫الجهوية المتقدمة في بلورة حل سياسي لقضية‬ ‫الصحراءالمغربية؟‬ ‫هذا المقال هو محاولة الستعراض بعض‬ ‫األفكار حول عالقة الجهوية المتقدمة برهان‬ ‫الحل السياسي‪.‬‬ ‫بداية إن جل النقاشات المرتبطة بالجهوية‬ ‫تندرج في صلب الخطابات المرتبطة بتقييم‬ ‫ومساءلة آثار ونتائج مجمل التجارب التي مرت‬ ‫منها السياسة الجهوية بالمغرب‪ ،‬والتي من‬ ‫شأنها أن تكرس منعطفا جديدا يتجاوز كافة‬ ‫المقاربات التقليدية المتعارف عليها في هذا‬ ‫المجال‪ ،‬على اعتبار أنها مؤسسة قائمة لم‬ ‫تستنفذ إمكانياتها بعد‪ ،‬لكنها مع ذلك لم ترق‬ ‫إلى مواكبة المستجدات التي يعرفها المغرب‬ ‫والمرتبطة أساسا بقضية الوحدة الترابية‪،‬‬ ‫والتي تحتم إيجاد حل لقضية الصحراء بتصور‬ ‫جديد للتنظيم الجهوي‪ ،‬يقوم أساسا على تنظيم‬ ‫خاص يوفر للجهات استقاللية ذاتية على أساس‬ ‫ديمقراطي‪.‬‬ ‫وعلى هذا األساس‪ ،‬فالحديث عن الجهوية‬ ‫ال يمكن أن يكون من دون الحديث عن الظرفية‬ ‫العامة التي أكدت على ضرورة تفعيل الجهوية‬ ‫وتبنيها كخيار استراتيجي للمغرب‪ ،‬لكونها‬ ‫إحدى اللبنات األساسية التي تقوم عليها الدولة‬ ‫الديمقراطية الحديثة‪ ،‬وباعتبارها كذلك تنظيما‬ ‫محليا يتمتع بنوع من الخصوصيات ويهدف إلى‬ ‫تحقيق تنمية شاملة‪ ،‬في إطار تضامني بين‬ ‫المركز والجهات‪.‬‬ ‫لقد كان التأكيد على أولوية وضرورة فتح‬ ‫ورش إصالحي يقوم أساسا على الربط بين‬ ‫مسألة الوحدة الترابية والجهوية‪ ،‬في إطار‬ ‫منظومة تطوير الحكامة على المستوى الوطني‬ ‫من جهة‪ ،‬وبغية تأسيس دولة الجهات وإعادة‬ ‫االعتبار لعالقة المركزي بالمحلي من جهة أخرى‪،‬‬ ‫ألن الجهوية باعتبارها أسلوب جديد للحكامة‬ ‫الترابية‪ ،‬ووسيلة للتنمية‪ ،‬ستعمل على تقييم‬ ‫نجاح أو فشل سياسة جهة معينة‪ ،‬بدل التركيز‬ ‫على سياسة الدولة بأكملها والتي تصاغ بعيدة‬ ‫عن متطلبات وحاجيات الجهات ودونما استغالل‬ ‫لمؤهالتها سواء المادية أو البشرية‪.‬‬ ‫وبشكل جدي‪ ،‬كان التزام المغرب بالبحث‬ ‫عن حل لمشكل الصحراء المغربية في إطار‬ ‫السيادة الوطنية‪ ،‬جعل من مقترح الحكم‬ ‫الذاتي وتفعيل الجهوية خياران ضروريان‬ ‫لتحقيق الديمقراطية أوال والتنمية ثانيا‪ ،‬وهما‬ ‫من بين األهداف التي أعلن عنها جاللة الملك‬ ‫محمد السادس في خطابه بمناسبة تنصيب‬ ‫اللجنة االستشارية للجهوية’’ ‪...‬انبثاق مجالس‬ ‫ديمقراطية‪ ،‬لها من الصالحيات والموارد‪،‬‬ ‫ما يمكنها من النهوض بالتنمية الجهوية‬ ‫والمندمجة‪ ،‬فجهات مغرب الحكامة الترابية‬

‫‪13‬‬

‫الجيدة ‪ ،‬ال نريدها جهازا صوريا أو بيروقراطيا‪،‬‬ ‫وإنما مجالس تمثيلية للنخب المؤهلة لحسن‬ ‫تدبير شؤون مناطقها’’‪.‬‬ ‫ومن هنا‪ ،‬اعتبر ورش الجهوية المتقدمة‪،‬‬ ‫في أفق تنزيل مبادرة الحكم الذاتي في األقاليم‬ ‫الجنوبية‪ ،‬مدخال أساسيا لجملة من اإلصالحات‪،‬‬ ‫أهمها إعادة النظر في نظامي الالتمركز‬ ‫والالتركيز‪ ،‬والعمل على تعزيز الديمقراطية‬ ‫المحلية لتفعيل مسلسل اإلصالحات التنموية‬ ‫التي أضحت أولوية وطنيــة لدى النظـــام‬ ‫السياسي المغربي‪ ،‬غير أنه من الصعب نجاح‬ ‫هذا المسلسل اإلصالحي دون أن يكون لدينا‬ ‫تشخيص عام ورؤية شاملة لكل متطلبات‬ ‫المجال الجهوي باختالف خصوصياته‪ ،‬وأن‬ ‫يكون هناك تفاعل بين المركزي والمحلي لكي‬ ‫نكون أمام جهوية فاعلة ومتفاعلة في اآلن‬ ‫نفسه‪.‬‬ ‫إن اعتماد المغرب مبدأ الحكم الذاتي‬ ‫القائم على الجهوية في تدبير ملف الصحراء‬ ‫المغربية‪ ،‬اقترن بتدرج وتطور مسار الجهوية‬ ‫بالمغرب‪ ،‬وذلك عن طريق جعل الجهة فضاءا‬ ‫جديدا للنقاش‪ ،‬وتنسيق المجهودات بين‬ ‫مختلف الفاعلين‪ ،‬بالكيفية التي تمكن من‬ ‫تفعيل الالمركزية من جهة‪ ،‬ومن جهة أخرى‬ ‫لكي تحظى جميع الجهات بما فيها األقاليم‬ ‫الصحراوية باستقالل ذاتي يمكنها من تدبير‬ ‫شؤونها المحلية باستقاللية أكثر‪.‬‬ ‫ولهذا‪ ،‬كان منح صالحيات واسعة للجهات‪،‬‬ ‫ما هو إال تطبيق عملي لخيار الحكم الذاتي الذي‬ ‫اقترحه المغرب ونموذج يحتذى به لتسيير الشأن‬ ‫المحلي بنوع من االستقاللية يهدف تحقيق‬ ‫التنمية الشاملة‪ ،‬لكن دون االنسالخ عن الوحدة‬ ‫الوطنية‪ ،‬ونظرا ألن الجهوية نظاما يسمح ببناء‬ ‫سياسات جهوية متنوعة تراعي الخصوصيات‪،‬‬ ‫وتتباين في درجة أهدافها ومستواها‪ ،‬فإنه‬ ‫سيمكن من فسح المجال لتنافسية القرارات‬ ‫والسياسات الجهوية نحو األفضل‪.‬‬ ‫وفي نفــس السيــاق‪ ،‬تعتبــر الجهويـــة‬ ‫المتقدمة بوصفها شكال من أشكال الجهوية‬ ‫السياسية التي تسمح بأقصى درجات الالمركزية‬ ‫في إطار الدولة الموحدة دون الوصول إلى‬ ‫مستوى الدولة الفدرالية وسيلة لتحديث الدولة‬ ‫دون تجزئة سيادتها‪ ،‬وبالتالي تكون خير أداة‬ ‫لتمتيع الجماعات الترابية بأكبر قدر ممكن‬ ‫من االستقاللية‪ ،‬وتدفع في إطار دعم الوحدة‬ ‫الترابية‪.‬‬ ‫ومن هنا‪ ،‬يمكــن القــول بأن الجهويــة‬ ‫والالمركزية في أوسع معانيها وتجلياتها‪ ،‬وكذا‬ ‫في إطار الحفاظ على السيادة الوطنية‪ ،‬الخيار‬ ‫األنسب لتجاوز مشكل الصحـــراء المغربية‪،‬‬ ‫وستكون كذلك تجربة تؤثت إلصالح شامل‬ ‫لهياكل الدولة عن طريق ترسيخ الالمركزية‬ ‫والالتمركز اإلداري‪ ،‬وكذلك االستثمار للمؤهالت‬ ‫والموارد الذاتية لكل جهــة في إطار مقاربة‬ ‫تشاركية هدفها تقوية الجهات وجعلها في‬ ‫خدمة الساكنة‪ ،‬الشيء الذي يفتح آفاقا واسعة‬ ‫أمام الممارسة الجهوية‪ ،‬ويسعى لتأهيل الجهة‬ ‫الستقطاب الفاعلين بمختلف مشاربهم‪ ،‬وجلب‬ ‫االستثمارات كإحدى اآلليات األساسية لتحقيق‬ ‫التنميةاالقتصاديةواالجتماعية‪.‬‬

‫إطار بقطاع التعليم العالي‪.‬‬ ‫يعتبر البعد المجالي ركيزة من الركائز‬ ‫األساسية لتنزيل النموذج التنموي الجديد لحل‬ ‫العديد من اإلشكاالت االقتصادية واالجتماعية‬ ‫والثقافية؛ لذا على الفاعلين في الدولة التعجيل‬ ‫بالمساهمة الفعالة في بناء وتنزيل النموذج‬ ‫التنموي الجديــد الذي نـــادى به الملك منذ‬ ‫سنوات قليلة‪ .‬والتربة الطبيعية والمالئمة‬ ‫لهذا النموذج هو الجهة بحموالتها السياسية‬ ‫واالقتصادية واالجتماعية والثقافية‪ ،‬عوض‬ ‫إصدار القرارات وتنفيذها من العاصمة‪ ،‬والغاية‬ ‫الفضلى هي ردم الهوة والفجوات المجالية‬ ‫بين المناطق‪ ،‬وإعادة صياغة عالقة جديدة‬ ‫بين الجهات اإلثنى عشــر أساسها التضامن‬ ‫والتكامل‪.‬‬ ‫وعلى المستــوى الدستـــوري خصص‬ ‫دستور ‪ 2011‬حيزا واسعا من فصوله بل بابا‬ ‫بأكمله – الباب التاسع‪ -‬للجهات والجماعات‬ ‫الترابية التي أصبحت هيئات المركزية تتوفر‬ ‫على آليات دستورية وقانونية للقيام بأدوارها‬ ‫كاملة‪ ،‬و لتحريك عجلة التنمية الترابية‪.‬و محور‬ ‫هذه التنمية تجد نفسها في الفصل ‪ 136‬من‬ ‫الدستور الذي جعل «التنظيم الجهوي والترابي‬ ‫يرتكز على مبادئ التدبير الحر‪ ،‬وعلى التعاون‬ ‫والتضامن‪ ،‬وتأمين مشاركة السكان المعنيين‬ ‫في تدبير شؤونهم‪ ،‬والرفع من مساهمتهم‬ ‫في التنمية البشرية المندمجة والمستدامة»‪.‬‬ ‫و على المستوى التشريعي حدد المشرع‬ ‫المغربي للجهة اختصاصات مهمة ومصيرية‬ ‫بعد إصدار القانون المنظم لها رقم ‪14-111‬‬ ‫بواسطة الظهير الشريف رقم ‪ 83-15-1‬بتاريخ‬ ‫‪ 7‬يوليوز ‪ 2015‬وقد حدد هذه االختصاصات‬ ‫في‪ :‬اختصاصات ذاتية‪ ،‬واختصاصات مشتركة‪،‬‬ ‫واختصاصات منقولة‪.‬‬ ‫و هذه األنواع من اإلختصاصات ال يمكن‬ ‫أن تمارس إال في المجال الترابي الواسع هو‬ ‫الجهة باعتبارها البيئة واألرضية الطبيعية‬ ‫للنموذج التنموي كيفما كان نوعه وغايته؛‬ ‫حيث يمكن القول في هذا الصدد بعد فشل‬ ‫المخططات التنموية السابقــــة والنموذج‬ ‫الوطني التنموي الحالي بشهادة جل التقارير‬ ‫الوطنية والدولية حول التنمية‪ ،‬فقد أكد البنك‬ ‫الدولي في تقرير سنة ‪« 2017‬المغرب في‬ ‫أفق ‪ »2040‬أن «المستوى المعيشي للمغاربة‬ ‫يعادل حاليا نظيره لدى الفرنسيين في عام‬ ‫‪ 1950‬ولـدى اإليطاليين في ‪ ،1955‬واإلسبان‬ ‫في ‪ ،1960‬والبــرتغـــال في ‪ »1965‬ودعـــا‬ ‫التقرير إلى تعزيز العقد االجتماعي القائم على‬ ‫النهوض بمجتمع منفتح‪ ،‬وإعادة تركيز عمل‬ ‫الدولة على مهامها السيادية وتنمية الرأسمال‬ ‫البشري‪.‬‬ ‫و قد ظهر عيب وخلل النموذج التنموي‬ ‫الحالي من خالل صياغة األوراش التنموية‬ ‫كاستراتيجيات قطاعية معزولة لم تكن ضمن‬ ‫سياسات عمومية مندمجة‪ ،‬وبالتالي يعود‬ ‫فشل هذا النموذج إلى التردد في الحسم في‬ ‫الخيارات المتبعة في تدبير الشأن العام‪.‬‬ ‫فاليوم ال وقت لإلنتظار من أجل اإلسراع‬ ‫في تفعيل الجهوية المتقدمة‪ ،‬فاالرتباط وثيق‬ ‫بين النموذج التنموي الجديد الذي يريده‬

‫المغرب‪ ،‬وبين الجهوية المتقدمة‪ ،‬فال يمكن‬ ‫الحديث عن تنزيل مضامين وركائز الجهوية‬ ‫المتقدمة بدون مشروع تنموي جديد يراعي‬ ‫الخصوصية المجالية والترابية للجهة‪ ،‬كما ال‬ ‫يمكن وضع نموذج تنموي جديد بدون تنزيل‬ ‫ألهم مالمحه التي تراعي هذه الخصوصية؟‬ ‫و نظرا لهذه العالقة الجدلية التي تربط‬ ‫األمرين‪ ،‬كان من الضروري التعجيل بتنفيـذ‬ ‫هذا الورش الكبير‪ ،‬وهو ما جعل جاللة الملك‬ ‫بمناسبة افتتاح الدورة األولى من السنة‬ ‫التشريعية الثانيــة من الواليــة التشريعيـــة‬ ‫العاشرة بتاريخ ‪ 13‬أكتوبر ‪ ،2017‬يعلن‬ ‫صراحة عن فشل النموذج التنموي الوطني‬ ‫القائم والذي أصبح غير قادر على االستجابة‬ ‫للمطالب الملحة والمتزايدة للمواطنين‪ ،‬وغير‬ ‫قادر أيضا على الحد من الفوارق بين الفئات‬ ‫المجالية وعلى تحقيق العدالة االجتماعية‪،‬حيث‬ ‫دعا جاللته الحكومة والبرلمان‪ ،‬ومختلف‬ ‫المؤسسات والهيئات العامة والخاصة المعنية‬ ‫كل في مجال اختصاصاته‪ ،‬إلعادة النظر في‬ ‫النموذج التنموي الحالي لمواكبة التطورات‬ ‫التي تعرفها البالد‪.‬‬ ‫و قد أكد جاللته من خالل رؤيته السديدة‬ ‫من خالل الرسالة الموجهة إلى المشاركين في‬ ‫الدورة الرابعة لمنتدى «كرانس مونتانا» الذي‬ ‫احتضنته مدينة الداخلة خالل شهر مارس‬ ‫‪ 2018‬من خالل اختياره للجهوية المتقدمة‬ ‫لتكون محور النموذج التنموي االقتصادي‬ ‫المغربي‪ ،‬واعتبر في رسالته أن» الجهوية‬ ‫المتقدمة ليست مجرد تدبير ترابي أو إداري‪،‬‬ ‫بل هي تجسيد فعلي إلرادة قوية على تجديد‬ ‫بنيات الدولة وتحديثها‪ ،‬بما يضمن توطيد‬ ‫دعائم التنمية المندمجة لمجاالتنا الترابية‪،‬‬ ‫ومن ثم تجميع طاقات كافة الفاعلين حول‬ ‫مشروع ينخرط فيه الجميع»‬ ‫و من أجل تحقيق العدالة المجالية في‬ ‫إطار الجهوية المتقدمة ال بد من مراعاة‬ ‫البعد المجالي والخصوصية لحل المعضالت‬ ‫االجتماعية واالقتصادية‪ ،‬وتحقيق استدامة‬ ‫التنمية واالستقرار االجتماعي والسياسي عبر‬ ‫استثمار إمكانيات كل جهة أو إقليم‪ ،‬وإحداث‬ ‫توزيع عادل ومنصف للثروات‪ ،‬وتخفيف تمركز‬ ‫إنتاج الثروة في جهة أو جهات دون غيرها‪.‬‬ ‫ومن أجل الشروع في تفعيـــل هــذه‬ ‫اإلجراءات أعاد جاللة الملك التذكير بمناسبة‬ ‫الذكرى ‪ 66‬لثورة الملك والشعــب بتاريـــخ‬ ‫‪ 20‬غشت ‪ 2019‬بالنموذج التنموي الجديد‬ ‫واإلعالن عن الغاية من تشكيل اللجنة الملكية‬ ‫لهذا النموذج والتي ستوكل إليها المهام‬ ‫األساسية التي تتمثل في إعادة التقويم‬ ‫واالستباقية واالستشراف‪ ،‬أي دراسة مكامن‬ ‫الخلل في النموذج التنموي الحالي والسعي‬ ‫إلى البحث عن الحلول المالئمة لتصحيحها‪،‬‬ ‫مع األخذ بعين االعتبار مجموعة من المتغيرات‬ ‫االقتصادية وغير االقتصادية في الحاضر‬ ‫والمستقبل‪ ،‬واقتراح آليات ناجعة لتفعيل هذه‬ ‫الرؤية السديدة وتتبعها وتنفيذها‪.‬‬ ‫كما أشار أيضا في نفس الخطاب إلى بطء‬ ‫تفعيل الجهوية المتقدمة حيث ركز في هذا‬

‫الصدد على ضرورة التطبيق األمثل للجهوية‬ ‫المتقدمة والالتمركز اإلداري‪ ،‬بغية الرفع من‬ ‫مستوى االستثمار الترابي والعدالة المجالية‪.‬‬ ‫و بالرجــــوع إلى هـــذه المعطـيات‬ ‫والتوجيهات يمكن الجزم أن فشل النموذج‬ ‫التنموي الوطنـي يعود إلى أسباب متعددة‬ ‫منها ضعف الحكامـــة التدبيريـــة وضعف‬ ‫إشراك المواطـــن في العمليــة التنمويـــة‬ ‫بالرغم من الصورة المزيفة وغير الحقيقية‬ ‫للمشاركة السياسية عبر صناديق االقتراع‬ ‫والتمثيلية النيابية‪ ،‬زيادة على هيمنة المقاربة‬ ‫التقنوقراطية عوض المقاربة التشاركية‪ .‬وعلى‬ ‫هذا األساس فشل النموذج التنموي الحالي‬ ‫وأصبح التفكير منصبا على النموذج التنموي‬ ‫الجديد وطرق وأرضية تنزيله‪.‬‬ ‫فمن خالل الخطب الملكية والقوانين‬ ‫واألنظمة المعمول بها والنداءات المتكررة‬ ‫لجاللة الملك الموجهة للجميع من أجل‬ ‫االنخراط في الورش التنموي المصيري‪ ،‬والذي‬ ‫لم يحسم في شكلياته ومضمونه بعد؟ يمكن‬ ‫من خالل مجموعة من المعطيات والمؤشرات‬ ‫رسم معالم هذا النموذج المنشود والمنتظر‬ ‫والتي يمكن تلخيصها في النقط التالية‪:‬‬ ‫• تسريع تفعيـــل الجهويـــة المتقدمـــة‬ ‫باعتبارها البيئة المناسبة لنجـــاح النمـــوذج‬ ‫التنموي المنشود‪.‬‬ ‫• ضرورة اإلســراع بنقل االختصاصات‬ ‫والكفاءات البشرية والمالية والماديــــة إلى‬ ‫الجهات بعد إخراج الميثاق الوطني لالتمركز‬ ‫اإلداري بالمرسوم رقم ‪ 618-17-2‬الصادر في‬ ‫‪ 26‬دجنبر ‪.2018‬‬ ‫• تنمية وتعزيز الرأسمال البشري عبر‬ ‫الرفع من قيمة التكوين واالندماج المهني‬ ‫للشباب‪.‬‬ ‫• إرساء ميثاق اجتماعي جديد قائم على‬ ‫الثقة وتقليص الفوارق عبر الحماية االجتماعية‬ ‫وتقوية دور الطبقـــة الوسطى والتماســـك‬ ‫االجتماعي‪.‬‬ ‫• استهداف تحقيق نمـــو مستدام من‬ ‫خالل االستثمار األمثل لكل إمكانات البالد وفق‬ ‫التحوالت االقليمية والدولية‪.‬‬ ‫• تعزيز أرضية القيم الوطنية عبر جعل‬ ‫الثقافة والرياضة رافعتين للتنمية‪.‬‬ ‫و هذه الغايات لن تتحقق إال بتصحيح‬ ‫االختالالت التي شابت السياسات العمومية‬ ‫عبر ربط المسؤولية بالمحاسبة‪.‬‬ ‫و ضرورة توزيــع األنشطة والمشاريـــع‬ ‫االقتصادية واالجتماعية والثقافية بعدالة‪،‬‬ ‫مع توظيف وتسخير كل جهة لكل مؤهالتها‬ ‫الطبيعية والبشرية والحضارية حسب ما نص‬ ‫عليه الفصل ‪ 142‬من الدستور‪.‬‬ ‫و النهوض بقطــاع التعليم والثقافة‬ ‫والبحث العلمي والتكوين المهني نظرا للدور‬ ‫الريادي في إنتاج الكفاءات والمهن‪.‬‬ ‫و أخير تفعيل الدور الرقابي وتوفير أجواء‬ ‫الشفافية والحكامة التدبيرية‪ ،‬وكذا تقوية‬ ‫دور اإلعالم باعتباره مؤثرا في كل القضايا‬ ‫السياسية واالقتصادية واالجتماعية‪.‬‬


‫الشمال القانوني‬

‫العدد ‪1018‬‬

‫الثالثـاء ‪� 07‬إلى ‪ 11‬نـوفمرب ‪2019‬‬

‫‪14‬‬

‫سؤال المعارضة الجهوية بالمغرب‪:‬‬ ‫مداخل أولية‬

‫(‪)3/1‬‬

‫د عبد المنعم لزعر‬ ‫باحث في العلوم السياسية والقانون الدستوري‬ ‫تعتبر الجهويات أحد أبرز المجاالت التمثيلية الصاعدة‪ ،‬التي‬ ‫تتموقعبعيدا عن المجتمع‪ ،‬قريبة من الدولة‪،‬في مقابل المحليات التي‬ ‫ينظر إليها كأقرب مجال تمثيلي للمجتمع وأبعد مجال تمثيلي عن‬ ‫الدولة‪ ،‬وذلك‪ ،‬في إطار هندسة معيارية‪ ،‬توجيهية ذات بعد مزدوج‪،‬‬ ‫تؤسس لخريطة تمثيلية‪ ...‬بديناميات ال تتوقف بالتوازي مع تبيئة مبدأ‬ ‫التفريع القائل‪« :‬دولة أقل ومحلي أكثر من أجل دولة أفضل»‪ ،‬هذه‬ ‫التبيئة أفرزت على امتداد زمنية الفعل الجهوي بالمغرب مجاالت ترابية‬ ‫مندمجة في الثقل التقليدي واإلرث الطقوسي للدولة ومنفصلةعنه‬ ‫في نفس الوقت عبر دوائر معيارية معولمة تم تنزيلها بشكل هرمي‬ ‫تراتبي مراقب ومحروس‪...‬‬ ‫فالمجال الترابي بالمغرب‪ ،‬يتميز بكونه مجاال ينتج من أجل‬ ‫إعادة انتاجه‪ ،‬ويقسم من أجل إعادة تقسيمه ويوجه من أجل إعادة‬ ‫توجيهه‪ ،...‬حيث يتداخل البعد المعياري مع االنتخابي مع الطقوسي‪...‬‬ ‫مع محددات أخرى‪ ،‬لترتيب لعبة امتالك المجال أو تفويض امتالكه‪،‬‬ ‫سواء عبر بوابة الفعل االنتخابي أو عبر آليات التسويق السياسي أو عبر‬ ‫غيرها من بوابات العبور نحو الحكم الجهوي‪.‬‬ ‫فكما هو معلوم‪ ،‬فإن سؤال لعبة االمتالك وفق هذا المعنى‪،‬ليس‬ ‫شأن الجميع جهويا‪ ،‬وإنما هو شأن خاصة الخاصة‪ ،‬بمعنى «النخب‬ ‫السياسية»‪ ،‬التي تتناوب أو تتقاسم أو تتفاوض أو تتبادل فيما بينها‬ ‫األدوار التمثيلية والتدبيريةعبر شبكة من المواقع التي تتحكم في‬ ‫بناءات الفعل والقرار الجهويين‪ ،‬ومن أبرز محاور هذه الشبكة‪ ،‬الموقع‬ ‫الذي تمثله األغلبية والموقع الذي تمثله المعارضة في ترجمة سوسيو‪-‬‬ ‫سياسية لمنظومة االختالف وتناقض المصالح على مستوى الجهويات‪.‬‬ ‫وألن المجتمع السياسي الحر ال يمكنه أن يتجاهل التناقض‬ ‫الذي تتأسس عليه اآلراء والمصالح‪،‬فقد شكل وجود الحقول المضادة‬ ‫كآلية من آليات الديمقراطية أبرز تعبير عن هذا التناقض‪ ،‬حيث‬ ‫تتكلف األغلبيات بالدفاع عن نموذجها في تملك الفعل الجهوي‪ ،‬في‬ ‫مقابالضطالع المعارضة كحقل مضاد‪ ،‬برسالته في كشف نقائص‬ ‫وعيوب وقصور هذا النموذج‪ ،‬ومساءلة الطرائق والمنهجيات المعتمدة‬ ‫في الحكم الجهوي‪ ،‬وبناء توجهات بديلة قابلة لتغيير بوصلة السياسات‬ ‫الجهوية في ظل ديناميات محلية تداولية‪ ،‬غير مستقرة‪.‬‬ ‫من هنا‪ ،‬تبرز حاجة الراهن السياسي الترابي بالمغرب‪ ،‬ما بعد‬ ‫استحقاق ‪ 04‬شتنبر ‪ ،2015‬إلى طرح سؤال المعارضة الجهوية كحقل‬ ‫بحثي واعد‪،‬يسلط الضوء على جيل جديد من المعارضات المحلية‪ ،‬من‬ ‫أجل تجاوز هيمنة المقاربات اإلعالمية الكالسيكية التي تبحث عادة‬ ‫عن الفرجة بدل المعرفة وعن اإلثارة بدل الرصانة وعن المعلومة بدل‬ ‫التحليل‪ ،‬مفترضين بأن هناك متصديات ما زالت تمنع انبثاق معارضة‬ ‫فعلية وفعالة جهويا‪،‬معارضة قادرة في ظل اإلمكانات التي تتوفر عليها‬ ‫على إحداث فجوات في الدوائر المغلفة لتوجيهات ثقافة البعد الوحدوي‬ ‫ونزعات إرث اإلجماعية‪.‬‬ ‫قبل وضع هذه الفرضية موضع التجريب وجب تقديم مالحظتين‬ ‫موجهتين لتفصيالت سؤال المعارضة الجهوية بالمغرب‪:‬‬ ‫المالحظة األولى‪ :‬تحيل إلى ضرورة التمييز بين مفهوم المعارضة‬ ‫ومفهوم األقلية‪ ،‬الختالف معنى ورهانات كل مفهوم‪ ،‬حيث يحيل‬ ‫مفهوم األقلية إلى دالالت تناقض جوهر فكرة المعارضة‪ ،‬ويحيل‬ ‫بالمقابل مفهوم المعارضة إلى دالالت تناقض فكرة األقلية‪ ،‬فاألقلية‬ ‫هي نتاج حسابات عددية‪ ،‬وهي فكرة تظل رهينة الحسابات العددية‬ ‫ومجردة من أي بعد وظيفي أو حركي أو تداولي‪ ،‬بمعنى‪ ،‬أن فكرة‬ ‫األقلية ال تترجم وال تعكس في بعدها الوظيفي تلك العناصر المكونة‬ ‫لفكرة المعارضة من قبيل التناقض والتعارض والتداول والتنافس‬ ‫والصراع‪...‬وبناء عليه نخلص‪ ،‬إلى أن األقلية تتموقع خارج البعد‬ ‫الوظيفي والتنافسي لمفهوم المعارضة كمكون تمثيلي غير راضي عن‬ ‫موقعه‪ ،‬ينشط من أجل تغيير موقعه ويقدم نفسه كبديل وكمعارض‬ ‫للسلطة الجهوية القائمة؛‬ ‫المالحظة الثانية‪ :‬تحمل تطمينات للقلق المعرفي والسياسي الذي‬ ‫يمكن أن تولده االصوات المطالبة بتعزيز البعد التمثيلي والقانوني‬ ‫والمؤسساتي للمعارضة الجهوية‪ ،‬من خالل تأكيدها على كون‬ ‫االعتراف بوجود معارضة جهوية كمفهوم قانوني وكمكون تمثيلي‬ ‫وكمؤسسة سياسية‪ ،‬ال تعني في ترجمته اإلجرائية‪ ،‬االنقالب على‬ ‫نتائج االنتخابات الجهوية أو تقليصا بشكل من األشكال من السلطات‬ ‫الممنوحة لألغلبية أو السلطة المالكة بشكل شرعي للقرار الجهوي‪،‬‬ ‫وإنما تعني‪ ،‬فقط ترجمة للمدلول الفلسفي واالجرائي لفكرة التعددية‬ ‫السياسية التي تعني وجود مواقع متعارضة‪ ،‬وتوفير الضمانات الالزمة‬ ‫للحيلولة دون تغول األغلبيات المسيرة وتحولها إلى دكتاتوريات‬ ‫محلية‪ ،‬وهي في النهاية‪ ،‬تعني بأن خسارة السباق نحو منصب الرئاسة‬ ‫أو مراكز القرار على الصعيد الجهوي ال تعني بالضرورة االقصاء من‬ ‫الساحة السياسية ومن الفضاءات التمثيلية داخل الجهة‪.‬‬ ‫وبناء عليه‪ ،‬سنعالج تفاصيل هذا السؤال‪ ،‬عبر محورين رئيسيين‪:‬‬ ‫المحور األول‪ :‬معايير تحديد موقع المعارضة الجهوية‬

‫كثيرا ما يطرح السؤال‪ :‬هل هناك حقول مضادة على‬ ‫مستوى الجهويات؟ أو بصيغة أكثر وضوحا ‪ :‬هل هناك‬ ‫معارضة أو معارضات جهوية حقيقية بالمغرب؟ اإلجابة على‬ ‫هذا السؤال‪ ،‬توجد بين حقول معرفية متعددة ومتكاملة‪،‬‬ ‫تقودنا إلى االنفتاح على حيز المعارضة كمعنى قانوني‪،‬الذي‬ ‫يتموقع بين تقاطعات معيارية القانون واجتهادات الفقه‬ ‫والقضاء‪ ،‬دون إهمال حيز المعارضة كمبنى تمثيلي‪ ،‬ذلك‬ ‫الحيز‪ ،‬الذي يشير إلى موقع معين بين مخرجات السياسة‬ ‫وتعبيرات اللعبة االنتخابية‪.‬‬ ‫إذن‪ ،‬هناك رابط بين أكثر من رافد من روافد العلم‬ ‫والمعرفة‪ ،‬يؤسس للمعنى العميق الذي تعلنه عملية التمييز‬ ‫بين حقل المساندة وحقل المعارضة‪ ،‬هذا التمييز‪ ،‬يمكن‬ ‫اعتباره القاعدة التي تتأسس عليها فكرة المعارضة الجهوية‪.‬‬ ‫فالمعارضة الجهوية سواء باعتبارها فعال سياسيا أو ظاهرة اجتماعية‬ ‫أو مؤسسة قانونية تتم قراءتها بإسناد من أربعة مؤشرات معيارية‪،‬‬ ‫تمكن المهتم والمتتبع والفاعل‪...‬من التمييز بين حقل السلطة‬ ‫والحقل المضاد للسلطة‪ ،‬بين مركز القرار ونقيض مركز القرار‪ ،‬حيث‬ ‫تبرز في هذا االطار‪ ،‬أربعة معايير موجهة ومحددة‪:‬‬ ‫• معيار التمثيلية في مراكز القرار الجهوي‬ ‫من أهم تعبيرات تطبيق منطق نمط التمثيل النسبي على‬ ‫مستوى الجهويات‪ ،‬تقلص حظوظ مكونات الجسد الحزبي في الهيمنة‬ ‫على تمثيلية المجالس الجهوية بالمغرب‪ ،‬بالشكل الذي يستبعد تماما‬ ‫سيطرة لون حزبي واحد على مراكز القرار بالجهة‪ ،‬حيث كشفت في هذا‬ ‫االطار‪ ،‬مخرجات االنتخابات الجهوية لـ ‪ 04‬شتنبر ‪ ،2016‬أنه وباستثناء‬ ‫مجلس جهة العيون الساقية الحمراء الذي تمكن فيه حزب االستقالل‬ ‫من الفوز بـ ‪ % 51.28‬من المقاعد‪ ،‬مكنته بالتالي من تدبير شؤون‬ ‫الجهة دون الدخول في تحالفات سياسية مع باقي التمثيالت داخل‬ ‫الجهة‪ ،‬فإن النتائج المحققة على مستوى باقي المجالس الجهوية‬ ‫لم تمكن أي من األحزاب السياسية المتنافسة من الحصول على‬ ‫األغلبية‪ ،‬حيث تراوح نتاج األحزاب السياسية المحتلـة للمراتب األولى‬ ‫بين ‪ % 21.05‬كأدنى معدل محقق بجهة بني مالل خنيفرة‪ ،‬وبين‬ ‫‪ % 40.35‬كأعلى معدل مسجل بجهة سوس ماسة‪،‬بمعنى أن العبور‬ ‫إلى مراكز السلطة داخل هذه الجهات تطلب الدخول في تحالفات‬ ‫وصفقات سياسية مع باقي المكونات التمثيلية للجهة‪ ،‬حيث أفرزت‬ ‫عملية التفاوض التي سبقت انتخابات رئاسيات الجهات‪ ،‬بروز أغلبيات‬ ‫ائتالفية تقلدت مقالد السلطة الجهوية في مقابل معارضات يتفاوت‬ ‫ثقلها التمثيلي من مجلس آلخر‪.‬‬ ‫ومن خالل مخرجات عملية انتخاب األجهزة التقريرية لمجالس‬ ‫الجهة وتعبيرات االمتدادات التدبيرية لألغلبية المسيرة‪ ،‬يحاول هذا‬ ‫المعيار تحديد التمثيليات المدمجة في دائرة السلطة والتمثيليات‬ ‫المقصات من هذه الدائرة‪،‬بمعنى‪ ،‬أن أي مكون غير ممثل في الرئاسة‬ ‫والمكتب والمجلس التداوي واللجان المرتبطة باألغلبية يمكن اعتباره‬ ‫من ضمن المعارضة والعكس صحيح‪.‬‬ ‫هذا المعيار‪ ،‬رغم جدواه ونجاعته في الفصل بين من يسير ومن‬ ‫يعارض‪ ،‬اعتمادا على نتائج انتخابية وسياسية رسمية موثقة‪،‬إال أنه‬ ‫يواجه عددا من االشكاالت تحد من فعالية استخدامه بشكل معزول‬ ‫عن باقي المعايير‪ ،‬حيث تكشف الخريطة السياسية للتمثيليات الحزبية‬ ‫الممثلة في مراكز القرار‪ ،‬بعدد من الجهات عددا من المفارقات‪ ،‬أبرزها‪،‬‬ ‫سقوط بعض المكونات الحزبية في ازدواجية المواقع‪ ،‬من خالل‬ ‫تواجد جزء من ممثليها داخل فضاءات السلطةوتموقع الجزء اآلخر‬ ‫داخل فضاءات المعارضة‪ ،‬وذلك نتيجة انشقاق أو ترحال أو استقطاب‪،‬‬ ‫بشكل مخالف لرغبة الكمون الحزبي‪ ،‬كما حدث بالنسبة لحزب التجمع‬ ‫الوطني لألحرار بجهة الدار البيضاء سطات‪ ،‬حيث حصل منصف بلخياط‬ ‫على منصب النائب الخامس لرئيس الجهة‪ ،‬في الوقت الذي اختار فيه‬ ‫أربعة من ممثلي الحزب التصويت ضد الرئيس الحالي للجهة‪ ،‬وبجهة‬ ‫بني مالل خنيفرةحصل السيد ابراهيم المنصوري على منصب النائب‬ ‫الثامن باسم الحركة الشعبية‪ ،‬في الوقت الذي كان فيه الحزب منافسا‬ ‫على الرئاسة عبر ورقة المهدي عثمون الذي نال ثقة تسعة من‬ ‫أعضاء حزبه مقابل تمرد ‪ 03‬أعضاء صوتوا لمنافسه عن حزب االصالة‬ ‫والمعاصرة ابراهيم مجاهد الذي تمكن من الفوز بـ ‪ 35‬مقابل ‪20‬‬ ‫صوتا للمنافس الحركي‪.‬‬ ‫هذه المفارقات‪ ،‬تطرح سؤاال وجيها وملحا‪ :‬هل اختيار التموقع‬ ‫في األغلبية أو المعارضة هو اختيار شخصي أم اختيار حزبي؟ هذا‬ ‫السؤال يحيل إلى سؤال آخر حول األولوية الواجب صيانتها في الراهن‬ ‫الجهوي‪،‬بين تعزيز البعد التمثيلي الفردي وتعزيز االلتزام الحزبي‬ ‫والسياسي‪.‬‬ ‫• معيار التصويت بالرفض على مراكز القرار داخل الجهة‬ ‫حسب اجتهاد قضائي صادر عن المحكمة اإلدارية بالرباط فإن أي‬ ‫« حزب صوت أعضاؤه لصالح رئيس المكتب أثناء انتخابه وصوتوا بعد‬ ‫ذلك على الئحة ترشيحات النواب التي تقدم بها وعلى الكاتب ونائبه‬ ‫اللذان تقدمت بترشيحهما األغلبية اعتبر خارج المعارضة‪ ،‬بالرغم من‬

‫عدم تحقق تمثيليته في األجهزة المسيرة»‪،‬من خالل هذا االجتهاد‬ ‫الذي صدر حول نزاع محلي بجغرافية إقليم القنيطرة‪ ،‬يبرز للمهتم‬ ‫بالمحليات والجهوياتمعيارا آخر يتمثل في أن التصويت لصالح مراكز‬ ‫القرار‪ ،‬يعد فعال سياسيا مانعا من التموقع في صف المعارضة‪ ،‬في حين‬ ‫أن التصويت بالرفض على مراكز القرار داخل الجهة يعد عامال مؤكد‬ ‫النتماء المصوت بالرفض لموقع المعارضة‪.‬‬ ‫وعطفا على ما سبقت االشارة إليه بخصوص المعيار السابق‪،‬‬ ‫فإن األساس السياسيلتبيئة هذا المعيار يكشف وجود صعوبات تعسر‬ ‫مهام اعتماد نتائجه للحسم في المواقع التمثيلية لمكوانات المجالس‬ ‫الجهوية‪ ،‬بفعل بروز ظواهر من قبيل عدم االنضباط الحزبي‪ ،‬وغلبة‬ ‫البحث عن المنافع عوض االلتزام بالمواقع‪ ،‬األمر الذي يؤدي إلى‬ ‫انشطار عدد من االجساد التمثيلية والحزبية داخل الجهة‪ ،‬وتكسر‬ ‫وحدة عدد من التنظيمات الحزبية على عتبة التصويت على رئيس‬ ‫الجهة أو نوابه أو باقي الهياكل التمثيلية داخل الجهة‪ ،‬بين جزءيصوت‬ ‫لفائدة مرشحي االغلبية وجزء آخر يصوت لصالح المرشح المنافس‪،‬‬ ‫فبجهة الداخلة وادي الدهب صوت عضوين من حزب االتحاد‬ ‫االشتراكي لصالح الخطاط ينجا من حزب االستقالل في حين صوت‬ ‫العضو الثالث من نفس الحزب على منافسته عزوها الكشاف عن حزب‬ ‫االصالة والمعاصرة‪ ،‬وبجهة بجهة بني مالل صوت ‪ 03‬أعضاء من حزب‬ ‫االتحاد الدستوري لصالح إبراهيم مجاهد من حزب االصالة والمعاصرة‬ ‫في مقابل تصويت عضو رابع لصالح المهدي عثمون عن حزب الحركة‬ ‫الشعبية‪ ،‬وبجهة كلميم واد نون صوت عضوين من حزب االصالة‬ ‫والمعاصرة لصالح عبد الرحيم بوعيدة في حين صوت أربعة أعضاء‬ ‫آخرين من نفس الحزب لصالح منافسه عبد الوهاب بلفقيه‪...‬كما‬ ‫تكشف الممارسة وجود فريق مشترك بين حزب صوت لصالح الرئيس‬ ‫وممثل بمكتب المجلس وحزب معارض للرئيس غير ممثل بالمكتب‪،‬‬ ‫كما هو الحال بجهة طنجة تطوان الحسيمة‪ ،‬حيث كون حزب التقدم‬ ‫واالشتراكية واالتحاد الدستوري فريقا مشتركا بالمجلس مع العلم أن‬ ‫الحزب األول صوت لصالح مرشح العدالة والتنمية والحزب الثاني صوت‬ ‫لفائدة مرشح االصالة والمعاصرة‪.‬‬ ‫تكشف هذه الحاالت صعوبة اعتماد هذا المعيار بدوره لتحديد‬ ‫من يتموقع في األغلبية ومن يتموقع في المعارضة‪،‬وذلك‪ ،‬بالنظر إلى‬ ‫تناقض توجهات التصويت خالل انتخابات الرئيس وتشكيل الكتب بين‬ ‫الموقعين‪.‬‬ ‫• معيار معارضة مخرجات دوائر القرار الجهوي‪:‬‬ ‫يتفق عدد من المحللين والمهتمين بالمحليات بأن المعارضة‬ ‫المحلية هي عبارة عن مكون تمثيلي يبحث عن البديل بمعنى البديل‬ ‫المناقض‪ ،‬وبالتالي يتم ترجمة هذا االختيار عبر منطق الالءات فيما‬ ‫يتعلق باالختيارات والقرارات والسياسات كقاعدة عامة‪،‬في هذا االطار‪،‬‬ ‫نستحضر حكما قضائيا صدر عن المحكمة االدارية بالرباط‪ ،‬اعتبر‬ ‫«أن النظر إلى هذا المفهوم من حيث اللفظ الذي استعمله المشرع‬ ‫للداللة عليه‪ ،‬والذي يتمثل في كلمة «معارضة»‪ ،‬يفضي إلى اعتباره‬ ‫داال على كل سلوك محمول على معنى الرفض والمناوأة والمنافسة‬ ‫واالختالف وغيرها من المعاني التي تفيد التناقض والتضاد واتخاذ‬ ‫موقف مقابل مستند على اسس موضوعية مغايرة للموقف المراد‬ ‫معارضته»‪ ،‬وانطالقا من هذا المدلول‪ ،‬استخلص االجتهاد القضائي‬ ‫الذي تضمنه الحكم المذكور‪ ،‬تعريفا للمعارضة المحلية‪ ،‬بكونها‪« :‬كل‬ ‫قوة سياسية ممثلة في شخص أو مجموعة من األشخاص تتخذ موقفا‬ ‫سياسيا وتدبيريا مغايرا لموقف األغلبية الممثلة في المكتب المسير‬ ‫بخصوص اساليب التدبير والخلفية التي تستند إليها وذلك‪ ،‬بغاية‬ ‫تغيير سلوك األجهزة المسيرة للشأن المحلي والتصورات التي تأسس‬ ‫عليه منحى تحسين ادائها خدمة للمصلحة العامة‪ ،‬وتقديم نموذج‬ ‫مختلف ترمي من خالله إلى الحلول محلها مستقبال في تقلد سلطة‬ ‫القرار المحلي»‪،‬يستحضر هذا المعيار جوهر فكرة المعارضة القائمة‬ ‫على البعد الوظيفي‪ ،‬بمعنى اتخاذ موقف سياسي وتدبيري مغاير‬ ‫لموقف األغلبية‪.‬‬

‫(يتبع)‬


‫العدد ‪1018‬‬

‫رسائل‬ ‫تطوانية‬

‫‪15‬‬

‫الثالثـاء ‪� 05‬إلى ‪ 11‬نـوفمرب ‪2019‬‬

‫من أرشيف الدبلوماسي األديب‬

‫سيدي التهامي أفيالل التطواني‬ ‫حفظه اهلل (‪)33‬‬

‫ إعداد وتقديم‪ :‬الدكتور يونس السباح‬‫‪Younes_sebbah@hotmail.com‬‬

‫تقديم‬

‫تعتبر المراسالت العلمية رافداً ثرياً لكتابة التاريخ‪ ،‬باعتبار ما تحمله في طيّاتها من المعلومات الدّفينة‪ ،‬والفوائد الغميسة النادرة‪ ،‬التي ال توجد في غيرها‪ ،‬ولكونها مرتبطة بزمان ومكان وموضوع معيّن‪،‬‬ ‫كما تعدّ أيضاً فنّاً أدبياً‬ ‫ًّ‬ ‫مستقال بنفسه‪ ،‬بما تحمله من صادق التعبير‪ ،‬وجميل اإلحساس‪ ،‬وحسن اإلنشاء‪ ،‬وبديع السّبك‪ ،‬وخصوصاً إذا أضيف إلى هذه المعاني جمال الخط‪ ،‬ورونق الحرف‪ ،‬وكانت صادقة‬ ‫اإلحساس معبّرة عن الصلة العائلية‪ ،‬والمتابعة الدراسية بين الوالد والوَلد مث ً‬ ‫ال‪ ،‬أو بين تلميذ وشيخه‪ ،‬أو الصديق وصديقه‪...‬‬ ‫ومن المراسالت المتّصفة بهذه الصفات‪ ،‬ما تحتويه خزانة األديب الشاعر‪ ،‬والدبلوماسي السابق‪ ،‬أحد أفراد بيت العلم والشرف والمجد‪ ،‬سيدي التهامي أفيالل حفظه اهلل‪ ،‬وما يشتمل عليه أرشيفه الذي‬ ‫يضمّ كمّا هائ ً‬ ‫ال من الرسائل‪ ،‬معظمها صادرة عن أفراد أسرته‪ ،‬كجدّه القاضي سيدي التهامي أفيالل‪ ،‬أو عمّه الوزير سيدي محمد بن التهامي‪ ،‬أو أخيه األديب‪ ،‬سيدي البشير أفيالل‪ ،‬أو واردة عليهم وعلى‬ ‫أفراد آخرين من هذا البيت‪.‬‬ ‫ولمّا كانت هذه المراسالت لها قيمة أدبية وتاريخية‪ ،‬ولم يسبق أن رأت النور‪ ،‬أو اهتمّ أحد بإخراجها للناس‪ ،‬استأذنّا صاحب األرشيف‪ ،‬الشريف المذكور‪ ،‬في العمل على إخراجها وتيسيرها للنّاس عبر‬ ‫صفحات جريدة الشمال الغراء‪ ،‬التي تستأثر بنشرها‪ ،‬فوافق مشكوراً مأجوراً‪ ،‬وقمنا نحن برقن هذه الرسائل‪ ،‬وصنّفناها حسب ّ‬ ‫كل شخص (منه‪/‬عليه)‪ ،‬وآثرنا أن نبتدئ باألقدم تاريخاً‪ ،‬فكان صاحب السبق هو‬ ‫القاضي الشهير‪ ،‬والفقيه الكبير‪ ،‬سيدي التهامي بن محمد أفيالل (ت‪1339:‬هـ)‪ ،‬وقد استوفينا رسائله –حسبما عثرنا عليه‪ -‬في الحلقات الماضية من هذه الجريدة‪ ،‬ونثنّي برسائل ولده العالمة الوزير سيدي‬ ‫محمد أفيالل الصادرة منه والواردة عليه‪.‬‬

‫[الرسالة‪]121 :‬‬

‫تتمة‪....‬‬ ‫[ من محمد المرير إلى صديقه السيد‬ ‫البشير أفيالل‪ ،‬يجيبه على رسالة بمناسبة‬ ‫موسم ثمرة المشمش‪ ،‬والتي كان يملك‬ ‫منها الفقيــه المرير بستانــا مهمـا بحي‬ ‫الطوابل‪ ،‬وكان يجمع حوله بالمناسبة عدد‬ ‫من أهل العلم واألدب]‬ ‫‪ ....‬وهذا عند التأمل واالعتبار‪ ،‬إنّما يزيد‬ ‫المؤمن إيماناً في اعتقاده‪ ،‬وينبه الغافل من‬ ‫غفلته‪ ،‬ويوقظه من رقاده‪ ،‬ويعلم ّ‬ ‫أن الكتاب‬ ‫العزيز أخبر بما كان وما سيكون‪ّ ،‬‬ ‫وأن فيه‬ ‫علم األوّلين واآلخرين‪ ،‬وأنّه ما ينطق لدينا‬ ‫إّ‬ ‫ال بالحقّ‪ّ ،‬‬ ‫وأن فيه خبر من يأتي ومن سبق‬ ‫من الخلق‪.‬‬ ‫فانظر إلى قوله تعالى‪( :‬قل هو القادر‬ ‫على أن يبعث عليكم عذابا من فوقكم أو‬ ‫من تحت أرجلكم أو يلبسكم شيعا ويذيق‬ ‫فإن ّ‬ ‫بعضكم بأس بعض)؛ ّ‬ ‫جل المفسرين قالوا‪ :‬من فوقكم‪ :‬أي‪ :‬من جهة العلو‪ ،‬كالصيحة‬ ‫والحجارة والرّيح‪ ،‬وإرسال السماء‪ ،‬أو من تحت أرجلكم‪ ،‬أي‪ :‬من جهة السفل‪ ،‬كالرجفة والخسف‬ ‫واإلغراق‪ .‬ولكن الوارد عن النبي صلى اهلل عليه وسلم‪ّ ،‬‬ ‫أن تأويلها لم يقع‪ ،‬وأنّه سيكون في‬ ‫المستقبل‪ّ ،‬‬ ‫ولعل هذا وقت تأويلها‪ .‬فقد أخرج اإلمام أحمد والترمذي من حديث سعد بن أبي‬ ‫وقاص رضي اهلل عنه‪ّ ،‬‬ ‫أن النّبيّ ص ّلى اهلل عليه وسلم قال في هذه اآلية‪( :‬أال إنّها كانت ولم‬ ‫يأت تأويلها بعد)‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬ ‫ثمّ ق ّفيتم رسالتكم األولى التي لم تزل محاسن عبارتها قيد النواظر‪ ،‬ورقائق معانيها‬ ‫موضوعة بين يدي اذواق الخواطر‪ ،‬برسالة أخرى‪ ،‬فأولت من البر لطفا‪ ،‬وأجرت من المعاني‬ ‫بحرا‪ ،‬ونشرت من الرقة عطرا‪ ،‬ومن العبارات القيمة درّا‪:‬‬ ‫ورد الكتاب فديته من مورد فله بقلبـــي من حياتـي مورد‬ ‫فرأيت درّاً عقــده منتظـــم في ّ‬ ‫كل فصل منه فصل مفرد‬ ‫فأوّل ما شاقني من فصوله‪ ،‬وراقني من معسوله‪ ،‬تلك الكلمات الودّيّة الثمينة‪ ،‬التي‬ ‫أسفرت عمّا تكنه صدوركم من مواثيق الصداقة المتينة‪ ،‬التي أعدّها من نفائس ّ‬ ‫الذخائر‪،‬‬ ‫وأباهي بها أخالء الزمان وأفاخر‪:‬‬ ‫ومن يبغ صفو الود من ّ‬ ‫كل صاحب يكـن صحبه ليال ومسعاته كـدا‬ ‫ســـواك أبا األفــــراح إنــك سيّدي ألوفاهم عهداً وأصفاهم عقــداً‬ ‫نعم‪ ،‬نحن على قرب التجاور‪ ،‬وعدم التزاور‪ ،‬على حدّ قول القائل‪:‬‬ ‫ما أقرب الدار والجوار وما أبعد مع قربنا تالقينا‬ ‫لكن‪:‬‬ ‫نحن على البعاد والتفرق لنلتقي بالذكر إن لم نلتق‬ ‫أما ما أدمجتموه في غضون هذا الكتاب‪ ،‬من عدم رغبتكم في «المشمش» المستطاب الخ‪،‬‬ ‫وإنّما مقصدكم استقداح الفكرة‪ ،‬وإجالء رسم اإلخاء‪ ،‬على العادة المألوفة‪ ،‬إلى آخر ما نمّقتم‬ ‫به العبارة‪ ،‬وذيّلتم به اإلشارة‪ ،‬ممّا يشعر باللوم والعتاب‪ ،‬على اختصار الخطاب‪ ،‬وعدم اإلفاضة‬ ‫في اإلطناب‪ ،‬وأنّه وقع لسيادتكم اإلخفاق والحرمان‪ ،‬من ناحيتي البستان والبنان‪ ،‬فأشبهت‬ ‫الحال الحال المراكشي الخ‪.‬‬ ‫أما ما أفصحتم به من أنه ليس مقصودكم إ ّ‬ ‫ال اإلحياء لمراسم اإلخاء‪ ،‬فهذا هو المقصود‬ ‫الذي يرمي إليه أخوكم‪ ،‬وعليه أسست تلك العادة السنوية التي نستفيد منها خطاباتكم الودية‬ ‫الوفية‪ ،‬وإ ّ‬ ‫ال فحالنا كما قال النضر بن الحارث‪ ،‬إذ بعث إلى صديق له بنعلين مخصوفين‪ ،‬وكتب‬ ‫إليه‪( :‬بعثت إليك بهما‪ ،‬وأنا أعلم ّ‬ ‫أن بك عنهما غنى‪ ،‬ولكنني أحببت أن تعلم أنك منّي على‬ ‫ذكر)‪.‬‬ ‫وأمّا ما دبّجتموه من ال ّلوم والعتاب‪ ،‬على إيجاز الخطاب‪ ،‬فإنّه لمّا وصلني مكتوبكم‪،‬‬ ‫ألفاني واشغال الوقت بي ّ‬ ‫مكثفة‪ ،‬وأنوار البال بأسباب شتى منكسفة‪ ،‬واستمرار البالدة يزداد‬ ‫يتزايد بالعوائق الفائقة العادة‪ ،‬إلى انغالق الفهم‪ ،‬واستبهام القريحة‪ ،‬واستفحام ّ‬ ‫الطبيعة‪،‬‬ ‫وضعف مادة التّعبير‪ ،‬وفقد قدرة التّحبير‪ ،‬وظلمة مناهج البالغة‪ ،‬وتكدّر مشارع البراعة‪ّ ،‬‬ ‫وكل‬

‫لسان اليراعة‪ ،‬وخروج بنان البيان عن الطاعة‪،‬‬ ‫ووراء ذلك ك ّله كالل الذهن‪ ،‬بارتقاء السّنّ‪.‬‬ ‫وأمّا إخفاقكم من جهـــة االستجـــداء‪،‬‬ ‫فإني في هذه السنة وبستاني‪ ،‬آثرنا البخل‬ ‫الخرساني‪ ،‬ألنّه أرجح‪ ،‬وبطريق الجمع أنجح‪،‬‬ ‫قيل ألبي األسود‪ :‬أنت ظرف علم‪ ،‬ووعاء حلم‪،‬‬ ‫إّ‬ ‫ال أنّك بخيل‪ ،‬فقال‪ :‬وما خير ظرف ال يمسك‬ ‫ما فيه؟‪.‬‬ ‫كما أنّي أقول‪ّ :‬‬ ‫إن «مشمشي» في هذا‬ ‫العالم مرّ المذاق‪ ،‬يقف في الحلوق والتراق‪،‬‬ ‫كما أجاب ذلك الصبي الخراساني‪ ،‬حسبما‬ ‫حكاه أحمد بن رشد‪ ،‬قال‪ :‬كنت عند شيخ من‬ ‫أهل مرو‪ ،‬وصبيّ له صغير يلعب بين يديه‪،‬‬ ‫فقلت له إمّا عابثا وإمّا ممتحنا‪ :‬أطعمني من‬ ‫خبزكم‪ .‬قال‪ :‬ال تريده؛ هو مرّ‪ .‬فقلت‪ :‬فاسقني‬ ‫من مائكم‪ .‬قال‪ :‬ال تريده‪ .‬هو مالح‪ .‬قلت‪ :‬هات‬ ‫من كذا وكذا‪ .‬فقال‪ :‬ال تريده‪ .‬هو كذا وكذا‪.‬‬ ‫إلى أن عددت أصنافا كثيرة‪ّ ،‬‬ ‫كل ذلك يمنعينه‬

‫ويبغضه إليّ‪.‬‬ ‫والحقيقة أنّه لو كانت تلك الثمار قطعاً ذهبية‪ ،‬أو أحجاراً ألماسية‪ ،‬وقدمت لجنابكم‪ ،‬لما‬ ‫أدّينا حقّ الهدية‪ ،‬وإنّما هي أسباب تذكارية ال قيمة لها إ ّ‬ ‫ال هذا‪.‬‬ ‫وأمّا نسبة أخيكم إلى األدب األندلسي؛ فذاك من حسن نواياكم الجميلة‪ ،‬وعين رضاكم‬ ‫التي هي عن قذى العيب كليلة‪ ،‬وإ ّ‬ ‫ال فأيّ نسبة بين الجواهر والجنادل‪ ،‬وأين الثريا من يد‬ ‫المتناول‪.‬‬ ‫وبما أنّني إفريقي مغربي‪ ،‬فال مناص من كون حظي من األدب القصور‪ ،‬ألنّنا أعرق في‬ ‫العجمة والبربرية‪ ،‬وقد نقل المؤرّخ ابن خلدون ّ‬ ‫أن بعض كتّاب القيروان كتب إلى صاحب له‪:‬‬ ‫(يا أخي‪ ،‬ومن ال عدمت فقده‪ :‬أعلمني أبو سعيد كالما أنك كنت ذكرت أنّك تكون من‬ ‫الذين تأتي‪ ،‬وعاقنا اليوم‪ ،‬فلم يتهيأ لنا الخروج‪ ،‬وأمّا أهل المنزل الكالب من أمر الشين‪ ،‬فقد‬ ‫كذبوا‪ .‬هذا باط ً‬ ‫ال ليس من هذا حرفاً واحداً‪ .‬وكتابي إليك وأنا مشتاق إليك إن شاء اهلل)‪.‬‬ ‫فأنا من هذا القسم‪.‬‬ ‫أمّا األدب األندلسي‪ ،‬فإنّه وحياتك األدب الرائع‪ ،‬المح ّلى نثره ونظمه بفنون البدائع‪ ،‬الذي‬ ‫يعلق بالنفوس ظرفا‪ ،‬ويرق حتّى يكاد يشرب لطفا‪ ،‬ويطرب ما ال تطربه الصهباء‪ ،‬وتستحليه‬ ‫األذواق‪ ،‬كأنه عسل وماء‪ ،‬وناهيك بعلوّ كعبه وشأنه‪ ،‬وترقرق جماله في تلك الجزيرة‪ ،‬أنّه أجمل‬ ‫ح ّلة للملوك والوزراء‪ ،‬وأكمل صفة للقضاة والعلماء‪ ،‬وتحلى بزينته النساء والصبيان‪ ،‬وبرز فيه‬ ‫حتى اليهود‪ ،‬فكان لهم فيه شأن وأيّ شأن‪.‬‬ ‫فهذا أوحد أفالكها‪ ،‬وبدر إجادتها‪ ،‬الذي كان يجري من البالغة في أفالكها‪ ،‬يخاطب وزيره‬ ‫ابن زيدون‪ ،‬إذ جلس بمجلس أدون منه‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫المنحط عني مجلسا وله فيا لنفـس أعلى مجلس‬ ‫أيّها‬ ‫بفـؤادي لك حبّ يقتضــي أن تُرى تحمل فوق األرؤس‬ ‫فيجيبه وزيره بقوله‪:‬‬ ‫أسقيط الطل فوق النرجس أم نسيم الروض تحت الحندس‬ ‫أم قريــض جاءني من ملك مــــالــك بالبـــر رق األنفــــس‬ ‫إلخ‪.‬‬ ‫أما أكابر علمائها وعمد فقهائها في هذا الميدان‪ ،‬أظهر وأجلى‪ ،‬إذ كان لهم فيه القدح‬ ‫المع ّلى‪ ،‬حتّى إنّهم لفرط الولوع بحسنه وبهجته‪ ،‬واستعذاب مورده وشرعته‪ ،‬لم يتورّعوا‬ ‫عن إنشاء الغزل وإنشاده‪ ،‬وتشبيههم مع النزاهة‪ ،‬بليلى الحب وسعاده‪ ،‬فهذا القاضي أبو ابن‬ ‫العربي اإلمام‪ ،‬المرجوع إليه في الحالل والحرام‪ ،‬يقول في أمير من الملثمين صغير هزّ عليه‬ ‫رمحا كان في يده‪ ،‬مداعبا له‪:‬‬ ‫يهزّ عليّ الرمح ظبي مهفهف لعوب بألباب البرية عابـث‬ ‫ولو كان رمحا واحـدا التقيتـــه ولكنه رمح وثــان وثالــث‬ ‫إلى غير ذلك من محاسن أدب الجزيرة‪ ،‬وأحاديثها التي هي ألطف من النسيم‪ ،‬وأظرف من‬ ‫الوجه الوسيم‪.‬‬


‫الثالثـاء ‪� 05‬إلى ‪ 11‬نـوفمرب ‪2019‬‬

‫العدد ‪1018‬‬

‫كتابات يف تاريخ‬ ‫منطقة ال�شمال ‪:‬‬

‫(‪)919‬‬

‫‪16‬‬

‫“شجون األدب وشؤون النقد”‬

‫كيف يمكن التوثيق إلبداالت المشهد الثقافي واإلبداعي الوطني‬ ‫الراهن؟ وكيف السبيل لرصد قطائعه الكبرى‪ ‬ومنعرجاته المميزة؟ وهل‬ ‫من طريق للقبض بمعالم التحول في المضمون وفي الشكل وفي القيمة‬ ‫وفي التراكم؟ وكيف يمكن التأسيس لمداخل التأصيل لهوية األدب‬ ‫المغربي بعيدا عن التنميطات الجاهزة وقريبا من األدوات المخصوصة‬ ‫في النبش وفي النحت وفي تفجير الحروف والكلمات واالستعارات؟ وما‬ ‫عالقة كل ذلك بجهود البحث التاريخي الوطني المعاصر في التوثيق‬ ‫للمنطلقات المنهجية لكتابة التاريخ الثقافي الراهن‪ ،‬ثم للتوثيق لعطاء‬ ‫الذهنيات المنتجة لعناصر الخصب والتنوع والتميز في مشهدنا الثقافي‬ ‫الوطني الراهن؟‬ ‫أسئلة متناسلة‪ ،‬يفرضها االنفتاح على مضامين الكتاب التصنيفي‬ ‫الذي أصدره األستاذ محمد البغوري عند مطلع سنة ‪ ،2019‬تحت عنوان‬ ‫“شجون األدب وشؤون النقد‪ :‬حوارات في القصة القصيرة جدا بالمغرب”‪،‬‬ ‫وذلك في ما مجموعه ‪ 253‬من الصفحات ذات الحجم الكبير‪ .‬فالكتاب‬ ‫يقدم المادة الخام الضرورية لإلمساك بمداخل البحث في رصيد المنجز‬ ‫الخاص بمجال القصة القصيرة جدا بالمغرب‪ ،‬وذلك من زاوية التجميع‬ ‫الكمي والتصنيف النوعي‪ ،‬المنفتح على أسماء التجارب الصانعة للعطاء‬ ‫أوال‪ ،‬ثم على أعالم الكتابة النقدية الموازية لهذا العطاء ثانيا‪ .‬ويمكن‬ ‫القول‪ ،‬إن صدور هذا العمل يشكل امتدادا لألفق العام الذي اشتغل‬ ‫عليه األستاذ البغوري في كتابه األول الصادر سنة ‪ 2014‬تحت عنوان‬ ‫“عطر القراءة وإكسير الكتابة”‪ ،‬وهو العمل الذي نجح في وضع المنطلقات النظرية والخطوات‬ ‫اإلجرائية إلعادة مساءلة الذوات المبدعة في حميمياتها المخصوصة والفريدة التي تفجر ملكة‬ ‫الخلق وفطرة اإلبداع ونزوع الفردانيات الهادفة إلى خلق عوالم على عوالم‪ ،‬ونصوص على‬ ‫نصوص‪ ،‬وتجارب على تجارب‪ ،‬ال شك وأنها تشكل العتبات الضرورية ألي كتابة فاحصة لتحوالت‬ ‫حقل الكتابة اإلبداعية الوطنية المعاصرة‪.‬‬ ‫لقد أضحى جليا أن االهتمام بتجميع السير الثقافية للذوات‪ ،‬والغوص في الحميميات‬ ‫“األخرى”‪ ،‬واستحضار السياقات السوسيولوجية واألنتروبولوجية المحلية‪ ،...‬كلها عوامل توفر‬ ‫األدوات التفكيكية لكل القراءات الراشدة للنصوص‪ ،‬في أفق القبض بعناصر تميزها ورصد‬ ‫مظاهر التجديد والتحديث الجمالي واإلنساني المرتبط بمضامينها‪ .‬ولعل هذا ما جعل الدرس‬ ‫التاريخي الوطني المعاصر ينفتح على عطاء النصوص اإلبداعية‪ ،‬نثرا ونظما وتجسيدا وتشخيصا‬ ‫وتمثال‪ ،‬في محاولة إلدخال التجديدات المنهجية الضرورية التي أضحت تفرضها ضرورات‬ ‫المرحلة على مستوى تجديد الخطاب التاريخي األكاديمي‪ ،‬وعلى مستوى عقلنة أدوات البحث‬ ‫والتفكيك‪ ،‬ثم على مستوى توسيع مفهوم الوثيقة والمرجع والمصدر ليشمل الكتابات اإلبداعية‬ ‫المتنوعة‪ ،‬بالنظر لقدرتها على التقاط معالم التراث الرمزي مما ال يمكن القبض بتفاصيله في‬ ‫المتون التاريخية “المدرسية” المخلصة لمنطق الوالء للوثيقة المادية‪ ،‬وال شيء غير الوثيقة‬ ‫المادية‪.‬‬

‫�أ�سامـة الزكاري‬ ‫‪zougariousama@gmail.com‬‬

‫يكشف كتاب األستاذ محمد البغوري موضوع هذا التقديم عن آفاق‬ ‫واسعة إلعادة مد الجسور بين صنعة كتابة التاريخ وبين عطاء المتخيل‬ ‫الجماعي المنتج للرموز ولإلبداعات وللتراث اإلنساني الالمادي‪ ،‬األمر‬ ‫الذي يفتح آفاقا واسعة أمام رؤى تسمح بفهم الكثير من منغلقات‬ ‫الكتابة التاريخية الكالسيكية الوفية لعدتها المنهجية المتوارثة‪ .‬لقد‬ ‫استطاع األستاذ البغوري تقديم سلسلة حوارات مع مبدعين وفاعلين‬ ‫مباشرين في مجال القصة القصيرة جدا بالمغرب الراهن‪ ،‬باحثا في‬ ‫التفاصيل‪ ،‬ومخترقا للحميميات غير المعروفة لدى عموم المتلقين‬ ‫والصانعة لمعالم الفردانيات المنتجة للنصوص وللتجارب‪ .‬فخلف كل‬ ‫متن تكمن ذات المبدع بحموالتها السيكولوجية‪ ،‬وبمعالم تنشئتها‬ ‫االجتماعية‪ ،‬وبمواقفها الخاصة من تغيرات المحيط والزمن‪ .‬وال شك‬ ‫أن الغوص في إبداالت هذه التغيرات يشكل إطارا ناظما لفهم سياقات‬ ‫إنتاج المتون والمدونات كمدخل لمساءلة القيم اإلنسانية والهوياتية‬ ‫المؤطرة لخصوبة عطاء حقل التاريخ الثقافي والرمزي لمغاربة الزمن‬ ‫الراهن‪.‬‬ ‫وبغض النظر عن القيم الجماليــة التي تكتسيهــا تجــارب القصة‬ ‫القصيرة جدا والمرتبطة بقوالب الكتابة وبمرجعيات “االستعارات التي‬ ‫نحيا بها”‪ ،‬مما ال يدخل في مجال انشغالنا واهتمامنا‪ ،‬فإن اليقين يزداد‬ ‫ترسخا بأهمية االنكباب الجدي لتنظيم مثل هذا اإلنصات الهادئ لملكات‬ ‫إنتاج النصوص‪ ،‬قصد تحويل هذا اإلنصات إلى مصدر خام ضروري في كل جهود كتابة التاريخ‬ ‫الثقافي الوطني الراهن‪ ،‬خاصة إذا تم تعزيز هذا التجميع بجهد تصنيفي للدراسات النقدية‬ ‫الموازية‪ ،‬مثلما فعل األستاذ البغوري في كتابه موضوع هذا التقديم‪ .‬ولقد لخص األستاذ أبو‬ ‫الخير الناصري الذي كتب مقدمة الكتاب‪ ،‬أهمية هذا البعد‪ ،‬عندما قال‪“ :‬أحسن المؤلف غاية‬ ‫اإلحسان إذ لم يكتف بمحاورة األدباء وجعل من محتويات كتابه فصال خاصا بمحاورة النقاد‪،‬‬ ‫فحقق بذلك مقاصد جليلة من أهمها إيجاد ضرب من الحوار قلت نظائره في واقعنا الثقافي‬ ‫المغربي‪ ،‬وهو الحوار بين األدباء والنقاد في قضايا األدب‪ .‬وعندي أن في هذا الجمع بين األدباء‬ ‫والنقاد في كتاب واحد إشارة لطيفة وذكية إلى ضرورة الحوار بين هاتين الفئتين وأهميته في‬ ‫إغناء النقد وتطوير األدب‪( ”...‬ص‪.)6 .‬‬ ‫أسماء وازنة تعاقبت على “كرسي االعتراف اإلبداعي” في حضرة األستاذ البغوري‪ ،‬لتقدم‬ ‫عناصر الخصب والتميز‪ ،‬مما يكرس مناحي االحتفاء بالتراث الحضاري الرمزي‪ .‬أسماء جمع بينها‬ ‫الولع بالقصة القصيرة جدا‪ ،‬إبداعا ونقدا‪ ،‬من أمثال مصطفى كليتي‪ ،‬وزهرة رميج‪ ،‬وحسن‬ ‫اليمالحي‪ ،‬ونعيمة القضيوي اإلدريسي‪ ،‬والطيب الوزاني‪ ،‬ونجيب العوفي‪ ،‬وحميد ركاطة‪...،‬‬ ‫أسماء تصنع معالم البهاء الثقافي واإلبداعي داخل قتامة المرحلة‪ ،‬ضد بؤس اإلسفاف وضد‬ ‫مهاوي الردة‪ ،‬من أجل االنتماء للعصر واالنخراط فيه ورسم نظمه الجمالية واإلبداعية‬ ‫واإلنسانية المميزة‪.‬‬

‫فرقة محترف الفدان تستعد لجولة وطنية لعرض مسرحية‬ ‫«لمعروض» بعدد من مسارح المملكة‬ ‫بعد انطالقة متميزة لبرنامج توطين فرقة محترف الفدان للمسرح‬ ‫بالمركز الثقافي الفنيدق بدعم من وزارة الثقافة والشباب والرياضة ‪ -‬قطاع‬ ‫الثقافة‪ ،‬وتقديم العرض األول لعملها المسرحي الجديد المنتج في إطار‬ ‫برنامج توطين الفرقة‪ ،‬يواصل محترف الفدان ديناميته المسرحية من خالل‬ ‫جولة وطنية لمسرحيته « ْلمعروض» بمسارح المملكة‪ .‬إذ سيكون جمهور‬ ‫مدينة سيدي قاسم على موعد مع العرض المسرحي يوم ‪ 31‬اكتوبر ‪2019‬‬ ‫بالقاعة الكبرى لمديرية الشباب والرياضة في إطار فعاليات الدورة الخامسة‬ ‫لمهرجان سيدي قاسم للمسرح‪.‬‬ ‫فيما التقى عشـاق الركح بالشمال مع مسرحيـة لمعروض يوم ‪02‬‬ ‫نوفمبر ‪ 2019‬بالمركز الثقافي تطوان و ‪ 03‬نوفمبــر ‪ 2019‬بمسرح اللة‬ ‫عائشة بالمضيق‪.‬‬ ‫وفي إطار الدروة الرابعة للملتقى الوطني للمسرح الكوميدي بمدينة‬ ‫مكناس سيتم تقديم العرض الرابع للجولة المسرحية يوم ‪ 9‬نوفمبر ‪،2019‬‬ ‫وخامس مواعد الجولة سيكون مع جمهور مدينتي سال والرباط يوم ‪10‬‬ ‫نوفمبر ‪ 2019‬بالمركز الثقافي سال الجديدة ضمن برنامج التوطين‬ ‫المسرحي لفرقة ستيلكوم‪.‬‬ ‫وفي ختام الجولة‪ ،‬تعود الجولة إلى مركز التوطين بمدينة الفنيدق‬ ‫لتقديم على التوالي عرضين مسرحيين يومي ‪ 23‬و ‪ 24‬نوفمبر ‪ ،2019‬األول‬ ‫في إطار الدورة الخامسة عشر لمهرجان «طنجة المشهدية» والثاني يقدم‬ ‫ختاما للجولة المسرحية‪.‬‬ ‫مسرحية « ْلمعروض» عن نص العائلة توت للكاتب الهنغاري‪/‬المجري‬ ‫شتيفان أوركيني من اقتباس وإخراج لعادل أبا تراب‪ ،‬وتشخيص الفنانين‬ ‫حسنة طمطوي‪ ،‬كمال كظيمي‪ ،‬محسن حمود‪ ،‬إيمان الرغاي وعبد اهلل‬ ‫الطالب‪ ،‬سينوغرافيا طارق الربح‪ ،‬مالبس صباح لزعر‪ ،‬اإلدارة التقنية زكرياء‬ ‫البوتناني‪ ،‬موسيقى محسن البودرار‪ ،‬المحافظة العامة محمد عبو واإلدارة‬ ‫الفنية وإدارة اإلنتاج لرضا الدغمومي‪.‬‬


‫الثالثـاء ‪� 05‬إلى ‪ 11‬نـوفمرب ‪2019‬‬

‫العدد ‪1018‬‬

‫طريق الممشى لألطفال‪..‬‬

‫‪ ...‬وقد أرهفتُ لهذا الحديث قراءتي وسمعي ألستفيد من علم ذات ثمار ‪.‬‬ ‫نخلو إلى الباحث لبعض الوقت ليحدّثنا في ندوة لعلم النفس المدرسي للناشئة‬ ‫‪ .‬ليكون هذا البحث العلمي شجرة ذات ظالل وارفة ‪ .‬فما سعينا إال لننال نصيبا‬ ‫من هذا العمل األكاديمي ‪ .‬إذا التقينا اليوم‪ ،‬فثمَّة ندوة لنتزوَّدَ‪ ،‬والجديد من‬ ‫علم النفس التربوي لألطفال‪ ،‬إلغناء الخزانة الوطنية والعربية ‪ .‬فلن تكون نهضة‬ ‫األمَّة إال بتعليم النشء ورعايتهم ‪ .‬من هنا تأتي أهمية التنشئة الفكرية للطفل ‪.‬‬ ‫فاألطفال هم مستقبل األمة ويُعو ُ‬ ‫َّل عليهم في بنائها ‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫لكل شيء في تفكير المؤلف داللة ومعنى‪ ،‬إذ تستوقفنا مصطلحات من‬ ‫نبع الباحث‪ ،‬كالتربياء والنفسائي ‪..‬فللكلمة القوة النافذة ‪َّ .‬‬ ‫وإن أهمّ ما يذكره‬ ‫هي الدعوة إلى إنشاء مؤسسة تربوية تعليمية تُعنى بعلم النفس المدرسي‪،‬‬ ‫لكي تستقيم لهؤالء األطفال طريق الممشى ‪ .‬ومنها إلى العالم العربي الذي‬ ‫تغيَّبَ فيه علم النفس المدرسي‪ ،‬إال في بعضها ! رسالة التربية هي أنبل رسالة‬ ‫في العلم ‪ .‬فالعلم بحث متواصل ما طال الزمان والمكان ‪ .‬ندوة بقراءة منفتحة‬ ‫المنهج‪ ،‬غنية بنصوصها العلمية لتتراءى لنا المعرفة متنافسة على مدرجة‬ ‫العصور ‪ .‬ثمَّ االطالع على اإلطار العلمي لعلم النفس المدرسي الذي يشدُّ بنيان‬ ‫المعرفة لهذا التخصص ‪ .‬فإذا نطقتْ الطفولة من منبع شعورها بما تعانيه في‬ ‫النفوس‪َّ ،‬‬ ‫للقنتنا األجوبة التي ال نملكها ‪ .‬ثمَّ مألتْ نفسي غبطة الدكتورة لطيفة‬ ‫الوزاني الطيبي في عرضها القيم ‪:‬‬ ‫بسم اهلل الرحمن الرحيم‪ ،‬وصلى اهلل وسلم على سيدنا محمد خاتم األنبياء‬ ‫والمرسلين وآله وصحبه أجمعين‬ ‫في مستهل مداخلتي‪ ،‬أود أن أقدم الشكر الجزيل لمن وجه لي دعوة‬ ‫المشاركة في قراءة كتاب اليوم‪ ،‬وهو الموسوم ب “علم النفس المدرسي‪ /‬معالم‬ ‫نظرية ومنهجية وتطبيقية”‪ .‬وهي ثالث قراءة تنظمها جمعية الثقافة اإلسالمية‬ ‫بتطوان بشراكة مع جمعية قدماء تالميذ مدرسة سكينة‪ ،‬وذلك بعد كتاب‬ ‫“الجزائريون في تطوان خالل القرن ‪ 19‬الميالدي” للدكتور إدريس بوهليلة‪،‬‬ ‫وكتاب “الفكر السياسي للزعيم عبد الخالق الطريس” لإلعالمي محمد طارق‬ ‫حيون‪...‬‬ ‫وفي مستهل حديثي عن الكتاب‪ ،‬أود أن أقدم تهنئة علمية لمؤلفه‬ ‫األخصائي النفسي العيادي والمعالج النفسي الذي تذكر األوساط المدرسية‬ ‫أفضاله على تالمذتهاالدكتور أحمد المطيلي‪ ،‬وذلك على توفيقه في اختيار‬ ‫موضوع التأليف وتفوقه في اإلحاطة بجوانبه المختلفة إحاطة علمية أكاديمية‬ ‫جمعت بين المعرفي والمنهجي في تناغم تام بين رهان التأليف وتعرية الواقع‬ ‫محاول ًة منه في المساهمة في تحسينه بما يعود نفعا على الفئات المستهدفة‬ ‫خاصة منها فئة المتعلمين وفئة المدرسين وأفراد األسرة‪...‬‬ ‫وكما للتأليف مناهجه‪ ،‬فإن لقراءته مناهج متعددة تتراوح بين ما هو‬ ‫موضوعاتي واجتماعي وبنيوي ونفسي وفلسفي وأسطوري وغير ذلك من‬ ‫المناهج النقدية المختلفة‪ .‬غير أني سأسلك في قراءتي للكتاب منهجا بسيطا‬ ‫نظرا لضيق الوقت الذي تسلمت فيه نسخة الكتاب من جهة‪ ،‬ومن جهة أخرى أقر‬ ‫أن الكتاب يستحق قراءة أعمق ألهمية مادته وطريقة تأليفه‪.‬‬ ‫ويشكل العنوان عتبة كل كتاب لما يختزله من تفاصيل عن مادة الكتاب‪.‬‬ ‫لذا يراعي المؤلفون على اختالف مشاربهم وتخصصاتهم دقة اختيار عناوين‬ ‫مؤلفاتهم تلخيصا لمضامينها وجلبا للمتلقي المفترض وغير المفترض أيضا‪.‬‬ ‫والكتاب موضوع ندوتنا يحمل عنوان “علم النفس المدرسي ‪ /‬معالم نظرية‬ ‫ومنهجية وتطبيقية”‪ .‬وهو عنوان صيغ بمكونين أساسيين هما‪:‬‬ ‫• علم النفس المدرسي‪ :‬وهو مكون يلخص بأمانة كبيرة المادة األساسية‬ ‫للكتاب حيث يوجه ذهن القارئ مباشرة إلى فرع بعينه من فروع علم النفس‬ ‫الكثيرة‪ .‬وهو غير علم النفس التربوي حسب ما ورد في الكتاب نفسه‪“ :‬فهو الفرع‬ ‫التطبيقي الذي يعنى بالقضايا التربوية والتعليمية والنفسية المتصلة بالمتعلم‬ ‫فحصا وتتبعا وإنماء ووقاية وإرشادا وعالجا قصد إقداره على التوافق النفسي‬ ‫والتعليمي والمدرسي مع السعي لتوفير البيئة التربوية والدراسية المتوافقة مع‬ ‫حاجاته وقدراته وميوله وواقعه قدر المستطاع”‪( .‬ص ‪)47 – 46‬‬ ‫• معالم نظرية ومنهجية وتطبيقية‪ :‬وهذا المكون بقدر ما يُتم دالالت‬ ‫العنوان بقدر ما يفصح عن منهجية الدكتور أحمد المطيلي في تأليف كتابه؛ ذلك‬ ‫أن العبارة تشي بكون المؤلف سيميط اللثام عن الجانب التنظيري لعلم النفس‬ ‫المدرسي لينتقل بعد ذلك إلى جانبه التطبيقي مرورا بالجانب المنهجي الذي‬ ‫يكتسي دائما أهمية خاصة في تنزيل ما هو نظري على أرض الواقع‪ .‬فجاء عنوان‬ ‫المؤلف جامعا بوعي شديد لمادة الكتاب بطريقة تنم عن صفاء الفكرة ووضوح‬ ‫منهج إيصالها كذلك‪.‬‬ ‫وبعد تصفحنا لفهرس الكتاب‪ ،‬نجد المؤلف قد وزع مادته على مقدمة‬ ‫وأربعة فصول وخاتمة‬ ‫مذيلة بثبت المصطلحات بالعربية والفرنسية واإلنجليزية‪ ،‬والئحة غنية‬ ‫للمراجع باللغة العربية والفرنسية واإلنجليزية كذلك‪.‬‬ ‫وتطالعنا مقدمة الكتاب بشرح المؤلف للدوافع واألسباب التي تقف وراء‬ ‫تأليف الكتاب‪ .‬ولعل أبرزها افتقار المكتبة العربية لمصدر جامع حول علم النفس‬ ‫المدرسي الذي أصبح تطبيقه في المؤسسات التعليمية حاجة ملحة خاصة مع‬ ‫ما أصبحت تعرفه هذه المؤسسات من حوادث مدرسية قائمة على عنف متزايد‪،‬‬ ‫أضف إلى ذلك التدني المطرد في مستوى التحصيل والتواصل والرغبة في التعلم‬ ‫والتفوق فيه‪ .‬ومن جهة‪ ،‬ازدادت رغبة المؤلف في كتابة الكتابمع ما راكمه من‬ ‫تجارب جراء احتكاكه المباشر ببعض المؤسسات التعليمية بمختلف مستوياتها‬ ‫واطالعه على ما تعانيه نفسيا بكل فئاتها‪ .‬ومن جهة أخرى‪ ،‬مع تجاربه العيادية‬ ‫التي جعلته يراكم خبرة كبيرة في هذا المجال‪ ،‬خاصة ما يتعلق بالفضاء المدرسي‬ ‫وقضاياه التعليمية والتعلمية؛ فضال عن انفتاحه على هذا العلم في األقطار‬

‫األخرى األجنبية منها على الخصوص‪ ،‬والمقارنة بين وسطها التعليمي وأوساطنا‬ ‫التي استعصى حل مشاكلها على كل عملية إصالح لحد اآلن‪ .‬وختم المؤلف‬ ‫مقدمة كتابه بتقديم بنية الكتاب في اختصار مكثف لكنه ملم بجميع مضامينه‪.‬‬ ‫أما فصول الكتاب‪ ،‬فقد قسمت كالتالي‪:‬‬ ‫الفصل األول‪ :‬وهو شقان‪ ،‬جعل المؤلف الدكتور أحمد المطيلي الشق األول‬ ‫منه لتسليط الضوء على تاريخ علم النفس المدرسي وروافده ومهامه‪ .‬فنجده قد‬ ‫قسم تاريخه إلى ثالث مراحل هي‪:‬‬ ‫مرحلة اإلرهاص (‪ :)1879 – 1762‬وفيها يعتبر المؤرخون أن الفيلسوف‬ ‫جون جاك روسو (ت‪ )1787 .‬هو الرائد الفعلي لحركة “التربية الجديدة” التي‬ ‫اتخذت علم النفس أساسا لفهم الطفل قبل تنشئته ورعايته‪ .‬فهو صاحب القولة‬ ‫المشهورة‪“ :‬ابدؤوا إذن بدراسة تالميذكم فإنكم قطعا ال تعرفونهم”‪ .‬وقد سبقه‬ ‫إلى مثل هذه األفكار الفيلسوف اإلنجليزي جون لوك (ت‪ )1704 .‬خاصة في كتابه‬ ‫“أفكار عن تربية األطفال” (‪ ،)1693‬والذي كان ملهما لجون جاك روسو في كتابة‬ ‫“إميل” (‪ )1762‬الذي يعتبرعالمة فارقة في علم التربية أو التربياء كما يحلو‬ ‫للدكتورالمطيليتسميته‪.‬‬ ‫مرحلة الريادة (‪:)1912 – 1880‬ذكر المؤلف أنها مرحلة تحلت بصبغة‬ ‫المنهجية الميدانية حيث تم فيها االقتراب من التالميذواتساع حركة إنشاء‬ ‫المدارس وتجديد مناهج التدريس خاصة في أوروبا والواليات المتحدة األمريكية‪.‬‬ ‫ومن رواد هذه المرحلة فرانسيس جالتون‪ ،‬جيمس سولي‪ ،‬ألفريد بينيه‪ ،‬ألفريد‬ ‫أدلير‪ ،‬إدوارد كالباريد‪ ،‬هانز زوليجر‪...‬‬ ‫مرحلة المأسسة (‪ 1913‬وما بعدها)‪ :‬وهي مرحلة تم فيها تعيين األخصائيين‬ ‫النفسيين في المؤسسات التعليمية تعيينا رسميا لمباشرة مهامهم المتمثلة في‬ ‫االستشارة النفسية وإجراء الفحوص والتتبع النفسي والتربوي والتوجيه واإلرشاد‬ ‫لمغالبة مختلف المصاعب والمشكالت واالضطرابات التي يعاني منها المتعلم‬ ‫في مختلف مراحله الدراسية‪.‬‬ ‫كما عرفت مرحلة المأسسة استخدام المراسيم وسن القوانين التنظيمية‬ ‫وعقد الندوات والمؤتمرات محليا ودوليا خاصة في كل من أوروبا وأمريكا ومنها‬ ‫تنظيم المؤتمر الدولي األول بمدينة هامبورغ األلمانية عام ‪ 1954‬برعاية‬ ‫منظمة اليونيسكو‪ ...‬وفي نهاية الشق األول من الفصل األول‪ ،‬انتقل المؤلف‬ ‫إلى تقييم الوضع المرتبط بالموضوع بالعالم العربي ليخلص إلى استنتاج مفاده‬ ‫أن علم النفس المدرسي يكاد يكون مغيبا عن المؤسسات التعليمية العربية‬ ‫إلكراهات كثيرة لمن أراد االطالع عليها فليراجع الكتاب من ص ‪.46 – 34‬‬ ‫أما الشق الثاني من الفصل األول فقد خصصه الدكتور أحمد المطيلي‬ ‫لتعريف علم النفس المدرسي (وقد أوردنا التعريف ذاته سابقا)‪ ،‬وذكر روافده‬ ‫والتي حصرها فيما يسمى بالقياس‬ ‫النفسي‪ ،‬علم النفس المرضي‪ ،‬علم النفس العيادي‪ ،‬علم نفس النمو‪ ،‬علم‬ ‫النفس التربيائي‪ ،‬علم النفس االجتماعي‪ ،‬التحليل النسقيوعلم النفس المعرفي‬ ‫واضعا فقرة إيضاحية لكل رافد منها؛ ليختم الفصل بتعريف النفساني المدرسي‬ ‫بكونه “أخصائيا في مجال علم النفس يتوافر على شهادة تثبت متابعته للدراسة‬ ‫الجامعية في مجال علم النفس لمدة تستغرق في المتوسط خمس سنوات حسب‬ ‫البلدان والتشريعات والقوانين المعتمدة في هذا الشأن‪ .‬وقد تشترط شهادة‬ ‫الدكتوراه كما هو الحال في بعض الواليات المتحدة األمريكية”‪ .‬ويحدد الكتاب‬ ‫مهام النفساني المدرسي في خمس هي الفحص النفسي‪ ،‬االستشارة النفسية‬ ‫والتربيائية‪ ،‬التتبع النفسي والتربيائي‪ ،‬المشاركة الفاعلة في حياة المؤسسة‬ ‫وإعداد التقارير والبحوث‪.‬‬ ‫الفصل الثاني‪ :‬وقد خصصه الدكتور أحمد المطيلي لإلحاطة بتفاصيل‬ ‫البيئة المدرسية من حيث مكوناتها‪ ،‬وظائف هذه المكونات‪ ،‬مع تسليط الضوء‬ ‫على مختلف العالقات الجامعة بينها‪.‬‬ ‫واستهل فصله باإلشارة إلى أن البيئة المدرسية تتكون من مكونات بشرية‬ ‫هي المتعلم‪ ،‬المدرس والهيئة اإلدارية؛ ومكونات فكرية هي المناهج والبرامج‬ ‫الدراسية؛ ومكونات أخرى تتمثل في الضوابط والقوانين والفضاء المكاني‪.‬‬ ‫وقد صنف المتعلمين حسب بعض المعايير إلى التلميذ المنبسط والتلميذ‬ ‫المنطوي والتلميذ القائد والتلميذ المنقاد والتلميذ المعارض والتلميذ الجاد‬ ‫والتلميذ الهازل والتلميذ المجتهد والتلميذ الكسول‪ .‬وفي نظري‪ ،‬وباعتماد‬ ‫المعايير المشار إليها يكون المؤلف قد أغفل أنواعا أخرى من المتعلمين أصبح‬ ‫لها حضور مؤرق في كل المؤسسات التعليمية‪ ،‬مما يستلزم تسليط علم النفس‬ ‫المدرسي الضوء عليها لإلحاطة بشخصياتها وكيفية التعامل معها‪.‬‬ ‫وفي المقابل‪ ،‬انتقل المؤلف لتصنيف أنواع المدرسين بعدما أشار لوضعهم‬ ‫االعتباري ومكانتهم االجتماعية وأدوارهم السامية التي من المفروض أن‬ ‫تُترجَم قدو ًة ومثال يُحتذى عند المتعلمين‪ .‬فصنفهم إلى أنماط هي النمط‬ ‫األلوف والنمط المتعالي والنمط الشغوف والنمط العدواني والنمط المتسلط‬ ‫والنمط المشاور والنمط المتراخي‪ .‬وهي أنماط قد غابت عنها أخرى تشكل صورا‬ ‫مشرفة للعطاء والكفاءة والتضحية في زمن قل فيه االعتراف‪.‬‬ ‫بعد ذلك انتقل المؤلف مرورا على الهيئة اإلدارية والتي لم تحظ في الكتاب‬ ‫بأكثر من صفحة‪ ،‬إلى تسليط الضوء على البرامج والمناهج الدراسية والتي‬ ‫كشف عن أوجه الخلل التي تعاني منه ملخصا إياها في عدم التالؤم مع مراحل‬ ‫النمو النفسي للمتعلم‪ ،‬التعالي عن واقع الطفل‪ ،‬غلبة الكم على الكيف واالختالل‬ ‫المنهجي‪.‬‬ ‫ويتطرق الفصل للضوابط والقوانين المتحكمة في البيئة المدرسية بشكل‬ ‫مختصر‪ .‬ومرد هذا االختصار هو النسبية التي تعرف بها هذه القوانين حسب‬ ‫الوضعيات وقوة نصوصها التي في غالب األحيان تكون داخلية‪ .‬وقد أغفل الكتاب‬ ‫التطرق للمذكرات ودراسة مضامينها ولو مجمال للكشف عن مساهمتها فيما‬

‫‪17‬‬

‫• بقلم ‪ :‬عبد المجيد اإلدريسي‬

‫يعرف اليوم بنوع من التراخي والتسيب في ضبط العملية التعليمية التعلمية‬ ‫وكذا الحد من الشغب داخل المؤسسات‪.‬‬ ‫وينتهي الفصل بالحديث عن الفضاء المكاني وما ينبغي أن يكون عليه‪،‬‬ ‫معرجا على وظائف المدرسة والعالقات التربوية داخل المؤسسات التعليمية‬ ‫مشيرا إلى أن أهم ما يميزها تعدد أنواعها ومظاهرها‪.‬‬ ‫الفصل الثالث‪ :‬خصصه المؤلف لدراسة المشكالت الدراسية والنفسية‬ ‫والعضوية؛ فأدرج في المشكالت الدراسية كال من اضطرابات التعلم كعسر‬ ‫القراءة وعسر اإلمالء وعسر الكتابة وعسر الحساب‪ .‬سوء التوافق الدراسي‪،‬‬ ‫الرغبة عن الدراسة‪ ،‬آفة الغش في االمتحان‪ ،‬الفشل الدراسي‪ ،‬ومشكل التوجيه‬ ‫المدرسي‪ .‬وأدرج في المشكالت النفسية كال من اضطرابات االنتباه واضطرابات‬ ‫الكالم والتخلف الذهني ومشكل الطفل الموهوب والمتفوق والعنف المدرسي‬ ‫والهروب من المدرسة والرهاب المدرسي‪ .‬وختم الفصل بالوقوف على‬ ‫المشكالت العضوية وحصرها في ثالثة أنواع من اإلعاقة هي اإلعاقة الحاسية‬ ‫واإلعاقة الحركية واإلعاقة الذهنية‪.‬‬ ‫الفصل الرابع‪ :‬هو آخر فصول الكتاب خصصه الكاتب للحديث عن مجاالت‬ ‫التدخل‬ ‫ومناهجه‪ ،‬ليظل بذلك وفيا لما تضمنه عنوان الكتاب من دالالت ومعاني‪.‬‬ ‫ويخبرنا في بداية الفصل بأن تدخالت النفساني المدرسي تشمل مجاالت‬ ‫أساسية مترابطة ثالثة وهي المجال النفسي والمجال الدراسي والمجال‬ ‫المؤسساتي‪ .‬ورغم اختالف هذه المجاالت‪ ،‬تبقى األدوات المنهجية المعتمدة من‬ ‫طرف النفساني المدرسي محصورة عموما في‪:‬‬ ‫أوال‪ -‬المقابلة‪ :‬وهي تواصل لفظي بين سائل ومسؤول للوصول إلى معرفة‬ ‫جوانب المسؤول الوجدانية والفكرية واألسرية والتواصلية والتعلمية‪ ...‬وقد‬ ‫تكون المقابلة فردية أو ثنائية أو جماعية‪ ،‬وقد تكون حسب مضمونها مقابلة‬ ‫نفسية أو تربيائية أو توجيهية‪ .‬وقد يُجري النفساني المدرسي المقابلة مع‬ ‫المتعلم أو مع المدرس أو مع األسرة‪ .‬وإليضاح أكبر أورد المؤلف نماذج من التبليغ‬ ‫تستلزم مقابلة مع النفساني المدرسي مفسرا اإلطار العام للمقابلة وما تحتاجه‬ ‫من إطار زماني ومكاني واجتماعي وآداب التدخل والتعامل قبل وبعد المقابلة‪.‬‬ ‫ثانيا – الروائز‪ :‬وهي أيضا من األدوات المعتمدة من طرف النفساني‬ ‫المدرسي‪ .‬وهي متعددة منها روائز الكفاية وتندرج فيها روائز الذكاء وروائز‬ ‫االستعدادات والقدرات وروائز التحصيل الدراسي‪ .‬وهناك روائز الشخصية وتندرج‬ ‫فيها استخبارات الشخصية والروائز الموضوعية للشخصية والروائز اإلسقاطية‪.‬‬ ‫وهذه الروائز يمكن أن تطبق بطريقة فردية أو جماعية‪...‬‬ ‫ثالثا – الملف النفسي التربوي‪ :‬وهو عبارة من وثيقة تتضمن عددا من‬ ‫البيانات المتعلقة بالمتعلم من حيث النمو النفسي والوجداني والروابط األسرية‬ ‫والمسيرة الدراسية بمختلف تفاصيلهاوغير ذلك من المعلومات التي تجعل من‬ ‫هذا الملف أداة من األدوات المساعدة للنفساني المدرسي على مزاولة مهامه‪.‬‬ ‫رابعا – االستمارات‪ :‬وهي حسب الكتاب إما استطالعية أو استكشافية‪.‬‬ ‫وأخيرا‪ ،‬خاتمة الكتاب التي هي عبارة عن خالصة مركزة حشد فيها الدكتور‬ ‫أحمد المطيلي عصارة الكتاب وزبدة بحثه‪.‬‬ ‫نستنتج من قراءتنا للكتاب أنه قيمة مضافة للمكتبة العربية عموما‬ ‫والمكتبة المغربية خصوصا لما قدمه من معلومات قيمة نظرية ومنهجية‬ ‫وتطبيقية حول علم أصبح وجوده في المؤسسات التعليمية بمختلف أسالكها‬ ‫يفرض نفسه بشدة؛ وذلك لتنامي انتشار سلوكات هجينة ومرضية داخل كل‬ ‫من األسرة والفضاءات التعليمية بكل مكوناتها البشرية‪ ،‬خاصة وأن المجتمع بل‬ ‫والمنظومة التعليمية تعاني من تراجع كبير في المنظومة القيمية واألخالقية‬ ‫ألسباب ال يسع المجال لذكرها‪ ،‬مما يستدعي تدخال عاجال من المختصين في‬ ‫كل المجاالت التي لها ارتباط بالتربية والتعليم وأخص بالذكر في هذا المقال‬ ‫األخصائيينالنفسانيين‪.‬‬ ‫‪ ..‬وحدَّثنا األديب الكبير والصحفي أحمد الشيخ بعرض ناقد للدكتور‬ ‫أحمد المطيلي وقد صال وأجاد ‪ :‬وبعد القراءة المدققة والمعمَّقة التي قدمتها‬ ‫الدكتورة لطيفة الوزاني للكتاب‪ ،‬فضل األستاذ أحمد الشيخ (القادم من باريس)‬ ‫ْ‬ ‫أن يتحدث أوال عن مؤلف الكتاب ومسيرته مع التأليف بدءاً من دراسة األولى‬ ‫عام ‪1986‬م عن علوم اإلنسان وعلم العمران‪ ،‬وحتى صدور كتابه األوَّل العام‬ ‫الماضي عن علم النفس المدرسي‪ ،‬ويتناول األستاذ الشيخ الكتاب على أنه من‬ ‫المراجع المهمة‪ ،‬والذي بدل صاحبه جهداً كبيراً في تأليفه وأشار إلى حجم ونوعية‬ ‫المراجع التي استند إليها والتي ناهزتْ أربعمائة مرجع تمَّتْ اإلحالة إليها جميعاً‬ ‫عبر صفحات الكتاب‪ ،‬ولم ْ‬ ‫يغفل األستاذ أحمد الشيخ عن توجيه بعض المالحظات‬ ‫واالنتقادات‪ ،‬منها َّ‬ ‫أن المؤلف لم يقمْ في بداية الكتاب بتصفية حساب بصورة‬ ‫علمية مع الكتب التي تناولتْ الموضوع ذاته‪ ،‬وصدرتْ قبل كتابه ‪ ..‬كما ناقش‬ ‫األستاذ الشيخ أيضاً بصورة مُطولة استغرق المؤلف في نحث تسميات جديدة‬ ‫بد ًال عن التسميات الرائجة مثل ‪ :‬تربوي ‪ /‬تربياء‪ ،‬وإبستيمولوجيا ‪ /‬علمياء إخصائي‬ ‫نفسي‪ ،‬وغيرها من المصطلحات التي لم تجدْ بعدُ حاضن ًة لها ‪ ..‬وعاب ذ‪.‬الشيخ‬ ‫على المؤلف أنه يتهمُ أقرانه بالتذبذب في استخدام المصطلحات‪ ،‬بينما يقع هو‬ ‫في المحظور ذاته‪َّ ،‬‬ ‫وأن الكتاب غلب عليه الطابع النظري والمنهجي على حساب‬ ‫الطابع العلمي والميداني ‪ ...‬وازدحمتْ في رأسي إجابات الدكتور أحمد المطيلي‬ ‫في حديثه مشيراً لما قالته الدكتورة لطيفة الوزاني والمالحظات التي أبدتْ بها‬ ‫كغياب ذكر المؤلف للتسيُّب والتراخي المدرسي ‪ ..‬وأيضاً ألحمد الشيخ مركزاً‬ ‫بصورة أساسية على أزمة المصطلح النفسي في البلدان العربية‪ ،‬وأنه ال يوجد‬ ‫اتفاق على مصطلح واحد وهو ما دفع الدكتور أحمد المطيلي لنحت مصطلحات‬ ‫نابعة من البيئة والتراث العربي واإلسالمي ‪..‬‬


‫‪18‬‬

‫الثالثـاء ‪� 05‬إلى ‪ 11‬نـوفمرب ‪2019‬‬

‫العدد ‪1018‬‬

‫موائدُ الحرفِ‬

‫(ديوان فوائد وعوائد ومحا�ضرات)‬

‫بين دفتيّ هذا َ‬ ‫شكــول فوائـــدُ في الفقــه واألصول والتاريـخ‬ ‫الك‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ونخيلـــة‬ ‫حصيلــــة مطالــعـــاتٍ وسماعــاتٍ‪،‬‬ ‫واللغـــة واألدب‪ ،‬وهـــي‬ ‫ٌ‬ ‫وبـــاعــــث على‬ ‫لإلينــاس‪،‬‬ ‫تحقيقاتٍ وجواباتٍ‪ ،‬وتنـــوُّعهـا مجلبـــ ٌة‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫التروّح؛ َّ‬ ‫التنقــل بين‬ ‫وتستـــروحُ إلى‬ ‫النمط الواحدَ‪،‬‬ ‫ألن النفس تسأمُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫أفانين الكالم‪ ..‬ولعـل القارىء يجـد فيها متنفسـهُ إذا تملكه الضجرُ‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫الوحشة‪ ..‬واهلل الهادي إلى سواء السبيل‪.‬‬ ‫واستفرغتهُ‬

‫ٌ‬ ‫طريفة‬ ‫‪.70‬‬

‫حدّثني الشيخ صالح مرعي السامرائيُّ‪ ،‬وهو من بيتٍ نباهةٍ بالعراق‪ ،‬ووعا ٌء لألخبار‬ ‫َّ‬ ‫والطرائف‪َّ ،‬‬ ‫أن شخصيَّة الرئيس صدام حسين كتل ٌة من المتناقضات تمشي على قدمين! ومن‬ ‫ً‬ ‫سماحة‪ ،‬وحدّته ليناً‪ ،‬حتى ليعجب‬ ‫أطواره في ساعات الصفاء أن ينقلب بطشه حلماً‪ ،‬وغضبه‬ ‫الناس من حوله ويتهامسون في شأن هذا االنقالب! ومن القصص المروية في هذا الباب أن‬ ‫معلماً اصطدمت سيارته بجدار قصره‪ ،‬فزجّ به في غياهب السجن لالشتباه‪ ،‬وعلم صدامٌ بذلك‪،‬‬ ‫وأمر بإطالعه على نتائج التحقيق‪ ..‬وبعد أيام أُخبر بأن الحادثة طبيعية ال شبهة فيها‪ ،‬وسببها‬ ‫ِّ ٍ‬ ‫ٌ‬ ‫المعلم من السجن‪ ،‬وعقاب من قضى بسجنه‪ ،‬واشترى له‬ ‫خلل تقنيٌّ في المقود‪ ،‬فأمر بإخراج‬ ‫سيار ًة جديدة‪..‬‬

‫بقلم ‪ :‬قطب الري�سوين ـ ال�شارقة ـ‬ ‫هيكل» النو ِر» خشوعٌ نستجيبْ‬ ‫فارسَ» النو ِر» المجلـّـي نحنُ فــي =‬ ‫ِ‬ ‫نحن عشاقُ الهـدى ما شا َقنا =غير حرف « نوره» ليس يغيـبْ‬ ‫ُ‬ ‫بلبل أو عَندلـيبْ‬ ‫دوحة «‬ ‫ِ‬ ‫الشرق» هنا ما سكتتْ= طيرها من ٍ‬

‫وعيـون الشِّعــ ِر فيها لم ْ‬ ‫ُ‬ ‫تَزَل = ثرّ ًة ما مسَّها يوماً نُضـوبْ‬ ‫غير أن الشمس إما غربتْ = شاقها اإلشراقُ من بعدِ الغروبْ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫الظلمة أوهامٌ تذوبْ‬ ‫الكون ضيا ٌء زاخـرٌ= وإذا‬ ‫فإذا‬

‫ُ‬ ‫الشـوق خفاقاً يجـوبْ‬ ‫هيكل « النو ِر» قصيدي عاشقٌ = وجناحُ‬ ‫ِ‬

‫‪ٌ .71‬‬ ‫نازلة من نوازل التعليم‬

‫ُ‬ ‫لحمل المصحفِ للحفظ واجتياز امتحان القرآن‬ ‫طالبة علم شرعيٍّ أضطرُّ‬ ‫سئلت ‪ :‬أنا‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫الكريم‪ ،‬فهل يجوز أن أتعاطى حبوب تأخير الدورةِ الشهريَّةِ لهذا الغرض؟‬ ‫فأجبتُ ‪ :‬هذه مسأل ٌة يفتي فيها أهل الطبِّ أو ًال‪ ،‬فإذا قرَّروا أن تناول حبوب تأخير الدورةِ‬ ‫الشهريةِ ال يضرُّ بصحة المرأة‪ ،‬وال ّ‬ ‫ُ‬ ‫فاألصل الجواز عند‬ ‫يؤثر في سالمة أعضائها التناسلية‪،‬‬ ‫ً‬ ‫الفقهاء؛ إذ المنع يدور مع الضرر وجوداً‬ ‫لحبس نزول الدم لغرض‬ ‫ء‬ ‫دوا‬ ‫تناولت‬ ‫فمن‬ ‫‪.‬‬ ‫ا‬ ‫وعدم‬ ‫ِ‬ ‫ً‬ ‫اجتياز امتحان القرآن الكريم‪ ،‬أو أداء عبادة من العبادات‪ ،‬فال إثم عليها عند انتفاء الضر ِر؛ بل‬ ‫اغتنام أوقاتِ العبادات‪ ،‬وتحصيل أجر الطاعات‪ .‬وال عبر َة بحلول وقت الدورة‬ ‫تُثاب على نيّة‬ ‫ِ‬ ‫الشهريةِ‪ ،‬ما دام الشارع قد َّ‬ ‫علق األحكام بسيالن الدم‪ ،‬وسمّاه حيضاً‪ ،‬فمن لم ينزل دمها‬ ‫فليست بحائض شرعاً‪ ،‬وعرفاً‪ ،‬وطبّاً‪ً ،‬‬ ‫ولغة‪ .‬وقد ذكر ابن فرحون المالكيُّ في منسكه أن المرأة‬ ‫ٍ‬ ‫ّ‬ ‫إذا تعاطتْ من األدويةِ ما يقطع الدم ويحصِّل الطهر‪ ،‬فاستدام انقطاع الدم ثمانية أيام أو‬ ‫طهر(‪.)1‬‬ ‫عشرة‪ ،‬فطوافها في هذه الحال يصحُّ؛ ألنها طافتْ على ٍ‬ ‫َ‬ ‫وعلى من تتعاطى هذه الحبوب أن‬ ‫تحتاط لنزول الدم في فترةِ حمل القرآن أو أداء الطواف‪،‬‬ ‫وجيز‪ ،‬وربما تتلبّس بالعبادة وهي حائضٌ‬ ‫وقتٍ‬ ‫بعد‬ ‫بالدم‬ ‫وتقدِّر لألمر حسابه‪ ،‬حتى ال تُفاجأ‬ ‫ٍ‬ ‫ظنّاً منها باستدامة ّ‬ ‫الطهر‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬

‫ٌ‬ ‫حكمة‬ ‫‪. 72‬‬

‫ً‬ ‫قال ابن مالك إمامُ نحاةِ عصره في مفتتح كتاب (التسهيل)‪( :‬وإذا كانت العلوم منحاً‬ ‫إلهية‪،‬‬ ‫ً‬ ‫كثير من‬ ‫اختصاصية‪ ،‬فغير‬ ‫ومواهبَ‬ ‫مستغرب أن يُدَّخرَ منها للمتأخرين ما عَسُر نيلهُ على ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫نبوغ المتأخرين‪ ،‬وقد يتهيأ لهم‬ ‫المتقدّمين)(‪ .)2‬وهذه حكمة باهرة ال تسدُّ البابَ في وجهِ ِ‬ ‫ُ‬ ‫نوابغ أربوا على أسالفهم‪،‬‬ ‫من وسائل االطالع ومواد المعرفة ما ال يتهيّأ للمتقدّمين؛ بل فيهم‬ ‫وجاءوا بنظريات جديدة‪ ،‬وإضافاتٍ فريدة‪ .‬وها هو ابن حجر العسقالني شرَحَ صحيحَ البخاريِّ‬ ‫ب (فتح) ال هجرة بعده‪ ،‬وكم ترك له األولون‪ ،‬فأتى بالعجائب‪ ..‬فال أَضرَّ على العلم‪ ،‬إذن‪ ،‬من أن‬ ‫يقال‪ :‬لم يترك األول لآلخر شيئاً! وهلل درُّ الشاعر‪:‬‬ ‫ْ‬ ‫لألوائـل التَّقديما‬ ‫قل لمن ال يرى المعاصرَ شيئاً = ويرى‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫الحديث قديما‬ ‫إن ذاك القديمَ كان حديثاً = وسيُسَمّى هذا‬

‫‪ . 73‬م�ساجَ ٌلة �شعري ٌَّة‬

‫ً‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫أخوية‬ ‫رسالة شعريةٍ‬ ‫الداعية األديبُ محمد المنتصر الريسوني ـ رحمه اهلل ـ‬ ‫بعث الوالدُ‬ ‫إلى شعراء وجدة‪ :‬حسن األمراني‪ ،‬وعلي الرباوي‪ ،‬ومحمد بن عمارة‪ ،‬يعاتبهم فيها عتاباً رقيقاً‬ ‫على غيبتهم عن صحيفة (النور) مدة ليست باليسيرة‪ ،‬وكان رئيساً لتحريرها‪ .‬ونصُّ الرسالة‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫حرفكمْ الغالي الحـبيبْ‬ ‫نـورُكمْ = شا َقها‬ ‫الشَّـرق هذي‬ ‫شعرا ُء‬ ‫ِ‬ ‫الشَّرق الخصيبْ؟‬ ‫هجرتْ خضرتُهُ أدواحـَـهـا = ما جرى للشِّع ِر في‬ ‫ِ‬ ‫ً‬ ‫الشَّرق لي ال يستــجيبْ‬ ‫قائلة‪ =:‬ما لشع ِر‬ ‫قد شكتْ حرَّ الضَّنى‬ ‫ِ‬ ‫الشرق لهُ = صولـ ٌة تهدرُ‪ ،‬دوماً في شــبوبْ‬ ‫قلتُ‪ :‬إن الشِّعرَ في‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫إن خال مغناكِ من أطيابــهِ = فهوَ يندى في سواهُ‪ ،‬ال يغيــبْ‬ ‫الل َ‬ ‫ِّ‬ ‫سكني َّ‬ ‫وعة يا «نورُ» فقدْ = أذنتْ « وجد ُة « بالشِّع ِر المطيبْ‬

‫وأجابَ الشاعر حسن األمرانيُّ‪:‬‬ ‫األفق الرَّحيبْ‬ ‫شاعرَ اإليمانِ والحرفِ الـمُنيبْ= ناثرَ‬ ‫األشواق في ِ‬ ‫ِ‬

‫تار ًة يزجـــي عناقيدَ الجـوى = تار ًة يُهدى عصافيرَ ال َلهـيبْ‬ ‫بحار من طيـوبْ‬ ‫وأنا بينهــما ما أنثنـي = سابحاً بين ٍ‬

‫وأجابَ الشاعر محمد علي الرباوي‪:‬‬

‫نحن لم نهجرْ ربى النوّ ِر الحبيبْ = قد نذرنا الشّعرَ للنّـو ِر الحبـيبْ‬ ‫بأعماق الغـريبْ‬ ‫فتوهَّـجنا وأعطينا غناً=غرسَ الحُبَّ‬ ‫ِ‬

‫فإذا َّ‬ ‫الطاغوتُ في أدغالهِ = يحتمي بالقشِّ من هذا ال ّلهـيبْ‬ ‫لحقول تمتطـي َّ‬ ‫كل الدّروبْ‬ ‫قدْ وَهَبْنا بسخا ٍء حَبَّنا=‬ ‫ٍ‬ ‫وتمسَّكنا بدرب واحـدٍ = وغزَتْ أشعارُنا َّ‬ ‫كل القلـوبْ‬ ‫ٍ‬

‫أيها النوّرُ الذي نعش ُقهُ = ِّ‬ ‫خل عنكَ العَتْبَ فالعَتْبُ رهيبْ‬ ‫الغصن الرّطيبْ‬ ‫نحن كاألطيا ِر هاجرنا وما = هزَّنا الشوقُ إلى‬ ‫ِ‬ ‫حر ُفنا األخضرُ آتٍ بالشّذا= يطبعُ الحبَّ على صد ِر الحبيبْ‬

‫ُ‬ ‫المساجلة في صحيفة (النور‪ ،‬العدد‪ ،)235 :‬ونالتْ استحساناً من قرائها‪،‬‬ ‫وقد نُشرت هذه‬ ‫ولعلها من أجود المساجالت في ديوان الشعر المغربيِّ؛ لنداوةِ صورها‪ ،‬ورشاقةِ إيقاعها‪،‬‬ ‫واستمساكِها ِبحبل الرسالةِ التي نُذِرَ لها الشِّعرُ الحقُّ‪.‬‬

‫ٌ‬ ‫فائدة �أ�صول ّي ٌة‬ ‫‪.74‬‬

‫ٌ‬ ‫بالنَّظم األصوليِّ وشرحهِ‪ ،‬ومما وقفتُ عليهم من آثارهم‬ ‫ملحوظ‬ ‫لعلماء األندلس اعتنا ٌء‬ ‫ِ‬ ‫في هذا الفنِّ مطبوعاً أو مخطوطا‪ً:‬‬ ‫‪ .1‬منظومة‪( :‬الدرة السنيّة في المعالم السنيّة) البن المناصف القرطبي (ت‪620‬هـ)‪،‬‬ ‫وهي تتألف من أربعة معالم‪ ،‬والمعلم الثاني منها يدور على النكت األصولية‪ ،‬ومن نسخها‬ ‫المخطوطة نسخة الخزانة العامة بالرباط (رقم ‪ 1‬ـ ‪1075‬ك)‪.‬‬ ‫‪ .2‬منظومة‪( :‬مرتقى الوصول إلى علم األصول) البن عاصم الغرناطيِّ (ت‪829‬هـ)‪،‬‬ ‫طبعت بتحقيق أخينا العالم محمد بن عمر سماعي الجزائريِّ بدار البخـــاري بالمدينــة‬ ‫المنورة(‪1415‬هـ‪1994/‬م)‪ ،‬وأجود شروحها (نيل السول) لمحمد يحيى الوالتي‪ ،‬المطبوع بدار‬ ‫عالم الكتب (‪1412‬هـ‪1992 /‬م)‪.‬‬ ‫‪ .3‬منظومة‪( :‬مهيع الوصول إلى علم األصول) البن عاصم الغرناطي (ت ‪829‬هـ)‪ ،‬وطبعت‬ ‫بتحقيق‪ :‬األصولي مصطفى مخدوم‪ ،‬بدار المعلمة بالمملكة العربية السعودية (‪1421‬هـ)‪.‬‬ ‫‪ .4‬منظومة (نيل المنى) في نظم (الموافقات) البن عاصم الغرناطي (ت‪829‬هـ)‪ ،‬وعليها‬ ‫شرح للشيخ أبي الطيب مولود السريري‪ ،‬مطبوع بدار الكتب العلمية ببيروت(‪2015‬م)‪.‬‬ ‫‪ .5‬منظومة (الحلل المرقومة في ُّ‬ ‫اللمع المنظومة) البن الخطيب الغرناطي (ت‪776‬هـ)‪،‬‬ ‫ً‬ ‫مخطوطة بخزانة القرويين بفاس (رقم‪ ،)187 :‬واضطلع بشرحها ابن لب الغرناطيُّ‬ ‫وتوجد‬ ‫(الطرر المرسومة على الحلل المرقومة في ُّ‬ ‫(ت‪782‬هـ) في ُّ‬ ‫اللمع المنظومة)‪ ،‬ويوجد الشرح‬ ‫مخطوطاً بالخزانة الحمزاوية (رقم‪.)8 :‬‬ ‫الهوامش‪:‬‬ ‫‪ 1‬ـ إرشاد السالك إلى أفعال المناسك‪.1/447 ،‬‬ ‫‪ 2‬ـ التسهيل‪ ،‬ص ‪.2‬‬


‫العدد ‪1018‬‬

‫م�ست�رشقون‬ ‫�أن�صفوا العرب‬

‫‪19‬‬

‫الثالثـاء ‪� 05‬إلى ‪ 11‬نـوفمرب ‪2019‬‬

‫فرانشيسكو غابريلي‬ ‫ألمع المستشرقين اإليطاليين‬

‫توفي المستشرق اإليطالي الكبير فرانشيسكو غابريلي عام ‪1996‬م‪ ،‬وهو واحد من ألمع خبراء القضايا العربية‬ ‫واإلسالمية‪ ،‬وأحد أعالم الثقافة اإليطالية في القرن العشرين‪ ،‬تمكن من نيل شرف عضوية أكثر من تجمع علمي في وقت‬ ‫واحد‪ :‬المجمع العلمي العربي في دمشق عام ‪1948‬م‪ ،‬ثم المجمع اللغوي في القاهرة‪ ،‬وبغداد‪ ،‬وعمان‪ ،‬وهو رئيس المعهد‬ ‫الشرقي منذ عام ‪1969‬م‪.‬‬ ‫شارك بجد في نشر التراث العربي واإلسالمي واالهتمام به حفظا وتحقيقا وترجمة‪ .‬ألف ما يزيد على مائة وخمسين‬ ‫بحثا وكتابا من أبرزها‪« :‬ألف ليلة وليلة في الثقافة األوربية» نشر عام ‪1944‬م‪ ،‬و»تاريخ األدب العربي» نشر عام ‪1951‬م‪،‬‬ ‫و»عالم اإلسالم» عام ‪1953‬م‪ ،‬و»خصائص الحضارة العربية اإلسالمية» عام ‪1956‬م‪ ،‬و»محمد والفاتحون العرب الكبار»‬ ‫عام ‪1967‬م‪ ،‬و»اليوميات العربية للحروب الصليبية» عام ‪1969‬م‪ .‬وغيرها من المؤلفات التي كتبها هو‪ ،‬أو باالشتراك مع‬ ‫غيره من المستشرقين‪ ،‬أو التي ترجمها من العربية إلى اإليطالية‪.‬‬ ‫لقد جمع غابرييلي في دراساته وأبحاثه ومؤلفاته كنزا غنيا سخره في خدمة الجميع‪ .‬أسس مدرسة قائمة بذاتها في‬ ‫عالم االستشراق اإليطالي‪ ،‬وكون أجياال من الدارسين المهتمين بالعالمين العربي واإلسالمي‪ .‬مستشرق وابن مستشرق‬ ‫سار على خطا أبيه الذي كان من كبار المستشرقين اإليطاليين في زمانه‪.‬‬ ‫من هو فرانشيسكو غابرييلي؟‬ ‫ولد فرانشيسكو غابرييلي في روما عام ‪1904‬م‪ ،‬ودرس في جامعة روما على كبار المستعربين أمثال‪ :‬ناللينو‪ ،‬وجويدي‪،‬‬ ‫والفي دلالفيدا‪ .‬وتخرج عام ‪1965‬م‪ ،‬وبدأ تعليم العلوم اإلسالمية واألدب العربي في المعهد بجامعة نابولي عام ‪1937‬م‪،‬‬ ‫وبعد أشهر قليلة كان قد حصل على كرسي جامعي في جامعة المعرفة في روما‪ ،‬وحينذاك أخذ دفق عطائه يغمر مكتبات‬ ‫إيطاليا‪ ،‬وأصبح خير معين لساسة إيطاليا في فهم العالمين اإلسالمي والعربي وتحليلهما‪.‬‬ ‫وفي عام ‪1955‬م درس في جامعة الجزائر أستاذا زائرا‪ ،‬ونال في تلك السنة جائزة «فلتريناللي» التي تمنحها أكاديمية‬ ‫«لنشياي» وكان منذ عام ‪1948‬م مراسال لهذه األكاديمية‪ ،‬ثم سكريتيرا مشاركا لها منذ عام ‪1957‬م‪ ،‬وقد تبوأ عدة مراكز‬ ‫علمية في عدد من المؤسسات اإليطالية‪ .‬ومنح لقب دكتوراه فخرية من جامعة السوربون الجديدة بباريس ‪.3‬‬ ‫اختص منذ وجوده على مقاعد الجامعة باآلداب العربية‪ ،‬فعني بدراسة الشعر العربي منذ الجاهلية حتى يونا هذا‪.‬‬ ‫كما عني بالتاريخ والحضارة اإلسالميين‪ .‬واعتمد في دراساته على أساليب البحث الدقيق‪ ،‬والتنقيب األمين‪ ،‬وهو‬ ‫مترجم دقيق وفعال‪.‬‬ ‫يتميز فكره بالتحرر والصدق واالطالع الواسع‪ ،‬والفهم السليم للعرب‪ ،‬وتقدير مقامهم في الماضي والحاضر‪ .‬قدم‬ ‫للقارئ اإليطالي عددا من فرائد األدب العربي واإلسالمي‪ ،‬نشر كثيرا من المقاالت في الصحف اليومية التي تخاطب الناس‬ ‫مباشرة‪ ،‬وله الكثير من المداخالت اإلذاعية والتلفازية‪ ،‬فقد شرح ببساطة طبيعة اإلسالم‪ ،‬وتعاليم القرآن الكريم‪ ،‬ورفض‬ ‫بوقار العالم أي إشارة أو ربط بين اإلسالم والعنف‪ ،‬ودفع بالعقول قبل العواطف إلى ضرورة فهم حياة المسلم وتفكيره‪،‬‬ ‫وحياة العربي وعقليته‪ ،‬وتلك األواصر التي تربط بين الحضارتين العربية واإلسالمية‬ ‫والحضارات العالمية الكبرى التي أغنت اإلنسانية بمناهل المعرفة واإلرشاد‪.‬‬ ‫ظل طوال عمره مثاال للعطاء الفكري‪ ،‬واالتزان العلمي‪ ،‬والتواضع اإلنساني‪،‬‬ ‫وحظي باحترام وتقدير كبيرين من طرف األدباء والمفكرين اإليطاليين والعرب‪.‬‬ ‫وتوفي في عام ‪1996‬م‪.‬‬ ‫االستشراق اإليطالي بين اإلنصاف واإلجحاف‪:‬‬ ‫إن االستشراق اإليطالي ‪-‬أو كما يسميه فرانشيسكو غابرييلي «االستعراب» ألنه‬ ‫وجه لدراسة اللغة العربية وآدابها‪ ،‬وحضارة المسلمين وعلومهم‪ ،‬فال يكاد يوجد له‬ ‫أثر واضح في غير الدائرة العربية‪ -‬قد ركز جهده في دراسة العربية الفصحى واإلسالم‪.‬‬ ‫وإليطاليا عالقة خاصة بالعالم العربي‪ ،‬وباألدب والثقافة العربيين‪.‬‬ ‫وال تأتي هذه الخصوصية في العالقة من خالل السيطرة االستعمارية التي‬ ‫تمتعت بها كل من فرنسا وإنجلترا مثال في أجزاء شاسعة من المنطقة العربية‪ ،‬بل‬ ‫جاءت نتيجة عالقة تاريخية تمتد عدة قرون بسبب وجود العرب في صقلية وجنوب‬ ‫إيطاليا في القرنين الحادي عشر والثاني عشر بعد الميالد‪ .‬وكان لوجود الفاتيكان‬ ‫في إيطاليا أثر كبير في توطيد الصلة بينها وبين البالد الشرقية‪ ،‬وذلك لما يوليه‬ ‫هذا األخير من أهمية كبيرة جدا في التبشير بالدين المسيحي‪ ،‬ومحاولة تنصير‬ ‫الشرقيين في كل مكان‪ ،‬فكان له أثر كبير كذلك في ظهور االستشراق اإليطالي‬ ‫وتطوره‪ ،‬وللدافع الديني الذي غلب عليه‪ ،‬فقد تركزت دراساته وأبحاثه في اإلسالم‬ ‫والمسلمينن والسيما العرب منهم‪ ،‬إلى جانب االهتمام باللغة العربية‪ ،‬وتأليف الكتب‬ ‫فيها وفي بعض لهجاتها‪.‬‬ ‫ولعل أقدم ما نعرفه عنهم مخطوطة محفوظة اآلن بمكتبة فلورانسا من القرن‬ ‫الثالث عشر‪ ،‬وهي معجم بالعربية والالتينية ال يعرف مؤلفه‪ .‬ولهذا المعجم أهمية خاصة‪ ،‬فقد شكل األلفاظ العربية كما‬ ‫كانت تنطق في القرن الثالث عشر‪ ،‬وهو بذلك يفيد في دراسة اللهجات العربية في ذلك القرن‪.‬‬ ‫وأظهر العالم اإليطالي انطونيو جيجاي اهتماما بتأليف المعجمات‪ ،‬فنشر عام ‪1632‬م في مدينة ميالنو معجما باللغة‬ ‫العربية والالتينية في أربعة أجزاء ضخمة‪ .‬واعتمد فيه على القاموس المحيط للفيروز آبادي اعتمادا كبيرا‪ ،‬وبذلك كان له‬ ‫السبق في تعريف الغرب بالمعجمات العربية واالهتمام بها‪.‬‬ ‫وفي عام ‪1584‬م أسست مطبعة بفضل الكاردينال فرديناندودي مديشي عرفت بمطبعة «ميديكا» طبع فيها الكثير‬ ‫من المؤلفات العربية‪ ،‬وأشرف عليها اإليطالي الشاب «ريموندي» وكان قد أمضى مدة في الشرق‪ ،‬وأتقن العربية‪ ،‬فعمل‬ ‫على قطع حروف عربية جديدة للمطبعة ملتصقة غير مفترقة كما كانت من قبل‪ ،‬وطبع بالحروف الجديدة «قانون ابن سينا»‬ ‫عام ‪ ،1586‬و»األناجيل» عام ‪1591‬م‪ ،‬و»الكافية» البن الحاجب‪ ،‬و»األجرومية» البن أجروم عام ‪1592‬م‪ ،‬وكتاب «نزهة‬ ‫المشتاق» لإلدريسي‪ ،‬وكتاب «النجاة» البن سينا عام ‪1593‬م‪.‬‬ ‫وكان السلطان مراد الثالث (‪1574-1595‬م) قد سمح منذ عام ‪1577‬م ببيع مطبوعات هذه المطبعة في أنحاء الدولة‬ ‫العثمانية‪ ،‬وكان أولها كتاب «تحرير أصول أقليدس» لنصير الدين الطوسي (طبع عام ‪1594‬م) وكانت المطبعة العربية‬ ‫في إيطاليا حافزا للهولندي رافيليجيوس (‪1539-1597‬م) إلى إنشاء مطبعة في هولندا‪ ،‬ولكنها لم تصل في شكل حروفها‬ ‫إلى المستوى الراقي الذي وصلت إليه المطبعة اإليطالية‪ .‬كما كانت أساس تفكير الطبيب األلماني «كيرسكن» (‪1575-‬‬ ‫‪1640‬م) في إنشاء مطبعة عربية في ألمانيا‪ .‬ولكنه لم يجد من يشجعه من حكام ألمانيا على االستمرار في مطبعته‪،‬‬ ‫فحملها معه إلى السويد حيث توفي هناك‪.‬‬ ‫لكن ماذا عن اإلسالم نفسه‪ ،‬وتحديدا ماذا عن القرآن في القرن السادس عشر؟ ذكر شنورو في مراجعة الكتب العربية‬ ‫نشرة للقرآن صدرت عام ‪1530‬م في البندقية‪ ،‬وأمر البابا بولس الثاني بإتالف جميع نسخها عام ‪1547‬م‪ .‬جرى في البندقية‬ ‫بيع (قرآن محمد) ألندريا إريفاين وهو تجميع فاسد وعجيب‪ ،‬يخلط أجزاء من التهافتات السلفية الطابع‪ ،‬مع مسرد لألسماء‬ ‫وأجزاء مترجمة من القرآن‪.‬‬ ‫وفي عام ‪1584‬م أسس البابا غريغوريوس الثالث عشر الكلية المارونية في روما التي التزال قائمة حتى اليوم‪ ،‬والتي‬ ‫تخرج فيها على مدى قرنين من الزمن نخبة من المتخصصين باللغات الشرقية انتشروا في حواضر البلدان األوربية‬ ‫أمثال‪ :‬روما‪ ،‬باريس‪ ،‬فلورانسا‪ ،‬األسكوريال‪ ،‬مدريد‪ ،‬ولشبونة‪ ،‬يترجمون للملوك واألمراء‪ ،‬إلى جانب التدريس في الجامعات‪،‬‬ ‫واالهتمام بجمع المخطوطات‪ .‬ثم بدأ تأسيس مراكز للغات الشرقية في روما‪ ،‬وبدأت المدارس الالهوتية تعني بتدريس‬ ‫اللغة العربية والعبرية والسريالية‪ .‬بعد ذلك أنشئت مدارس للغات الشرقية في فلورانسا‪ ،‬وميالنو‪ ،‬وبادوفا‪ .‬وهكذا يالحظ‬

‫‪-‬‬

‫بقلم الباحث ‪:‬‬

‫محمد القاضي‬

‫أن أبرز دواعي اهتمام إيطاليا بالثقافة العربية منذ القرون الوسطى كان دافعا دينيا ثم ما لبث أن تحول إلى دافع تجاري‪ ،‬ثم‬ ‫إلى دافع سياسي‪ ،‬وخاصة عندما احتلت إيطاليا ليبيا عام ‪1912‬م‪ .‬وكان من بين المعارضين األقالء في البرلمان اإليطالي‬ ‫لهذا االحتالل المستشرق الكبير ليوني كايتاني (مؤرخ ومستشرق اهتم بالتراث اإلسالمي) وقد تعرض لكثير من النقد‬ ‫الالذع إبان معركة انتخابية عام ‪1913‬م فكانت ملصقات منافسيه ترسمه وهو يرتدي الطربوش التركي‪ .‬لقد كانت‬ ‫المؤثرات التي دعت هذا المستشرق إلى أن يقف موقف المعارضة عظيمة األثر في نفسه‪ ،‬فقد ألف هذا المستشرق الحوليات‬ ‫العشر التي تنتهي عند القرن الرابع الهجري‪ ،‬وتتعلق بدراسة تراث اإلسالم‪ ،‬لقد كان كيتاني مكروها من طرف القوميين‬ ‫الطليان‪ ،‬وألنه كان معارضا للفاشية معتدا برأيه نفي إلى كندا بعد أن حرمه موسوليني من الجنسية‪ ،‬فتوفي هناك عام‬ ‫‪1935‬م‪ .‬ويقول عنه فرانشسكو غابرييلي‪ :‬يبقى موقف «كيتاني» البعيد الدال على اقتناع سياسي وإنساني‪ ،‬الذي تحدى به‬ ‫رأي مواطنيه‪ .‬فبودنا أن تقوم ليبيا اليوم المستقلة‪ -‬من بين عدد من الذكريات غير السارة لالحتالل اإليطالي‪ -‬بإحياء ذكرى‬ ‫«كايتاني» ألنه سبق الزمن‪ ،‬ونادى بالتخلص من كل سيطرة أجنبية‪.‬‬ ‫وال ننسى الموقف النبيل الذي وقفه المستشرق يوجينيو غريفيني الذي أنقذ المخطوطات التركية التي كاد اإليطاليون‬ ‫يحرقونها في طرابلس في األيام األولى لالحتالل‪ .‬وقد عرفته مصر مديرا لدار الكتب من عام ‪1920-1925‬م‪ ،‬وقام بنشر‬ ‫الموسوعة القانونية لزيد بن علي‪ ،‬ووضع فهرس المخطوطات العربية المحفوظة بمكتبة (األمبروزيانا) بميالنو‪.‬‬ ‫لقد تمكن بعض المستشرقين اإليطاليين من الرحيل إلى المشرق والعيش فيه والتدريس في جامعاته وخاصة‬ ‫مصر‪ ،‬وقد تتلمذ لهم عدد من قادة الفكر العربي‪ ،‬وأخذ منهم ‪-‬على سبيل المثال‪ -‬الدكتور طه حسين الذي درس على‬ ‫المستشرقنللينو‪.‬‬ ‫يتميز االستشراق اإليطالي عن غيره أيضا بوجود الكثير من المستشرقات الالتي أسهمن بجهد وافر في مجال‬ ‫الدراسات الشرقية‪ ،‬إضافة إلى وجود ما يسمى بالوراثة العلمية‪ ،‬ففي مجال االهتمام بالدراسات الشرقية نجد األبناء يسيرون‬ ‫على خطى آبائهم‪ ،‬ويكملون ما بدأوه‪ ،‬ويجمعون ما أنجزوه‪ ،‬وكمثال على ذلك‪ :‬جويدي وابنه ميكل أنجلوا‪ ،‬ونللينو وابنته‬ ‫ماريا‪ ،‬وغابرييلي وابنه فانشيسكو‪.‬‬ ‫فرانشيسكو غابرييلي ومجهوده االستشراقي‪:‬‬ ‫تشعبت تيارات الدارسين للشرق‪ ،‬وتعددت آراؤهم فيه‪ ،‬فمنهم من كان مأخوذا بأفكار مسبقة يخدمون في كتاباتهم‬ ‫الحركة االستعمارية للفكر األوربي سرا وعالنية ولكن مهما وجهت من تهم لالستشراق والمستشرقين الذين أدوا للتراث‬ ‫العربي واإلسالمي خدمات جليلة‪ ،‬سواء بأبحاثهم العلمية أو تحقيقاتهم للتراث واكتشاف مصادره‪ ،‬ووضع فهارس مهمة‬ ‫يستفيد منها القارئ العربي ودراساته‪ .‬ويرى فرانشيسكو غابرييلي أنه‪ :‬حتى وقت قريب لم تكن تبدو دراسة شعوب الشرق‬ ‫وحضاراتهم من قبل الغربيين بحاجة إلى من يدافع عنها‪ ،‬أو يثني عليها‪ ،‬وذلك ألنها كانت معدودة كأحد فروع العلم األكثر‬ ‫مسالمة ووداعة‪ .‬كان المستشرق يعد باحثا اختار بمحض إرادته أن يركز همه العلمي في أحد قطاعات المعرفة األبعد من‬ ‫حيث المكان والزمان (وهو ال يزال كذلك في بعض القطاعات األقل اطالعا من الرأي‬ ‫العام األوربي)‪ .‬لقد اختار هذا القطاع المملوء بالعراقيل والعقبات‪ :‬أقصد اللغة الوعرة‪،‬‬ ‫والكتابات المتعذرة في الفهم ثم األديان والفلسفات واآلداب األكثر بعدا عن الخط‬ ‫الرئيسي للتراث الكالسيكي والغربي‪ ،‬أقصد الخط اليوناني والروماني‪.‬‬ ‫إذا ما تجاوزنا هذه النظرة المتواضعة جدا وارتفعنا إلى مستوى أعلى‪ ،‬أي إلى‬ ‫مستوى االعتبارات األكثر تاريخية‪ ،‬وجدنا أن االهتمام بالحضارات الشرقية يشكل بحد‬ ‫ذاته أحد الفصول المشرقة للثقافة والحضارات األوربية في العصر الحديث‪.‬‬ ‫والمستشرق حسب وجهة نظره‪ ،‬هو إما مكتشف طليعي يسبق االستعمار‪ ،‬ويمهد‬ ‫له الطريق‪ ،‬وإما حليف ومستشار تقني للتاجر األوربي أو للسياسي األوربي أو للمشتغل‬ ‫الغربي‪ ،‬إنه أحد المسؤولين إن لم يكن المسؤول األول عن الشرور التي أصابت‬ ‫الشعوب الشرقية من جراء االستعمار‪ .‬ولكن من العدل واإلنصاف والشرف أيضا أال‬ ‫نعمم هذه الحاالت واألحداث الخاصة‪ ،‬ونشمل بإدانتنا كل البحث االستشراقي‪ .‬فهذه‬ ‫اإلدانة قائمة على خلط األمور ‪ ،‬ذلك أنه من الخطأ والمغالطة أن نؤكد أن الباعث‬ ‫الوحيد واألساسي الهتمام أوربا بالعالم الشرقي من النواحي التاريخية واللغوية‬ ‫واألدبية والدينية كان مرتبطا بالمخططات السياسية واالقتصادية لالستعمار‪.‬‬ ‫ويجب أال ننسى ‪-‬كما يقول‪ -‬أسماء مهمة كالمستشرق إدوارد بروان الذي قضى‬ ‫حياته وهو يناضل من أجل استقالل»فارس» وحريتها‪ .‬ثم لويس ماسينيون الذي‬ ‫ضربه الفاشيون الفرنسيون ورجال البوليس مرة‪ ،‬ألنه أراد أن يفي بالوعد الذي قطعه‬ ‫تجاه العالم العربي‪ .‬ثم ليوني كايتاني الذي أصبح مدعاة للسخرية والهزء في إيطاليا‪،‬‬ ‫ولقبوه بالتركي‪ ،‬ألنه عارض احتالل ليبا‪ .‬وغيرهم كثير‪.‬‬ ‫لقد انتهى عهد االستعمار‪ ،‬ودفن‪ ،‬ولقي المصير الذي يستحقه‪ ،‬ولكن هذه‬ ‫النهاية ال تؤثر إطالقا في المنجزات العلمية لكبار المستشرقين األوربيين‪ ،‬فقد كانوا يريدون في أعمالهم منجزات مفعمة‬ ‫بحب العلم والبحث عن الحقيقة‪ .‬لقد أمضى فرانشيسكو غابرييلي حياته كلها في الدراسة المفعمة بالحماسة لواحدة من‬ ‫الحضارات الشرقية‪ ،‬وهي الحضارة العربية اإلسالمية «وعلى الرغم من أني كنت دائما أشعر بمدى عظمة هذه الحضارة‬ ‫العربية اإلسالمية‪ ،‬ومدى شرفها وكرامتها بصفتها أحد المكونات الشرقية لتاريخ البشرية‪ ،‬ومن ثم فإني عالم باألمور‪،‬‬ ‫وأستطيع أن أحكم فيها أو عليها ‪‘ .‬إني أرفض قطعيا هذا التقييم الظالم ألعمال األجيال المتتالية من المستشرقين أو‬ ‫المختصين بمعرفة الشرق والذين ال يهدفون إلى (خدمة العلم) مصلحة شخصية من وراء المعرفة‪ .‬إنهم يهدفون إلى‬ ‫خدمة العلم والفضول العلمي الذي يشكل إحدى خصائص اإلنسان‪ .‬وليس لي إال أمنية واحدة‪ :‬هي أن يخترع الشرق قيما‬ ‫جديدة ومبتكرة قادرة على إغناء ميراث البشرية على األرض» (انظر هامش رقم ‪)1‬‬ ‫لقد كان للحضارة اإلسالمية اثر بعيد وتراث حافل في العالم الغربي‪ ،‬وبخاصة ما يطل منه على البحر المتوسط حيث‬ ‫كانت تقوم اإلمبراطورية الرومانية التي أصبح بعض ممتلكاتها أرضا إسالمية حتى اليوم‪ ،‬أو أرضا إسالمية فترة من الزمن‬ ‫(األندلس وصقلية) أو أرضا دخلت في نطاق حضارة اإلسالم بحكم مجاورتها لألولى أو الثانية‪.‬‬ ‫وهكذا سيطر المسلمون على البحر األيض المتوسط وجعلوه بحيرة إسالمية مما اضطر الغرب األوربي إلى االعتماد‬ ‫في اقتصاده على دواخل القارة األوربية فقط‪ ،‬بدال من البحر بسبب هيمنة المسلمين عليه إلى حد كبير‪ .‬وكان لهذا أثره‬ ‫في التدهور االقتصادي لبالد الغرب‪.‬‬ ‫ونجد خالصة التأثيرات العربية في الحضارة اإليطالية في الكلمات العربية التي دخلت اللغة اإليطالية‪ ،‬وتتركز في‬ ‫المبادالت التجارية والجمركية‪ ،‬وأسماء الواردات والمهن‪ ،‬يضاف إليها بعض العلوم‪ ،‬كالفلك أو التنجيم‪ ،‬والرياضيات‪،‬‬ ‫والكيمياء والصيدلة‪ ،‬والطب والفلسفة‪.‬‬ ‫المراجــع‪:‬‬ ‫‪ - 1‬كتاب االستشراق بين دعاته ومعارضيه‪ .‬ترجمة وإعداد‪ :‬هاشم صالح ‪ -‬دار الساقي‪ .‬ص‪.21-29:‬‬ ‫‪ - 2‬كتاب االستشراق السياسي في النصف األول من القرن العشرين ‪-‬مصطفى نصر المستالتي ‪-‬دار اقرأ‪ .‬ص‪.211-212:‬‬ ‫‪ - 3‬كتاب الدراسات العربية واإلسالمية في أوربا‪ .‬د‪.‬ميشال جحا‪ .‬معهد االنتماء العربي‪.‬ص‪.100-105:‬‬ ‫‪ - 4‬مجلة كلية الدعوة اإلسالمية الليبية ‪.‬العدد الثالت‪1986.‬م‪/‬ص‪.288:‬‬ ‫‪ - 5‬مجلة الفكر العربي ‪.‬عدد ‪31:‬ص‪.218:‬‬ ‫‪ - 6‬مجلة المجلة المصرية ‪.‬عدد‪79-1963:‬م‪ .‬ص‪40-41:‬‬ ‫‪ - 7‬صحيفة الشرق األوسط‪ .‬عدد‪.12/05/1996:‬ص‪.24:‬‬


‫‪20‬‬

‫الثالثـاء ‪� 05‬إلى ‪ 11‬نـوفمرب ‪2019‬‬

‫العدد ‪1018‬‬

‫على هامش أيام األبواب الثالثة المفتوحة لألمن الوطني‬

‫ميكانيزمات التصدي‬ ‫لإلرهاب بالمغرب‬ ‫• بقلم ‪ :‬الدكتور عبد الحق بخـات‬ ‫في عام ‪ ،2003‬قتلت التفجيرات االنتحارية ‪ 45‬شخصا في الدار البيضاء‪ .‬وفي أبريل ‪ 2011‬توفي ‪ 17‬شخصًا في هجوم آخر بمراكش‪.‬‬ ‫هكذا أدرك المغرب التهديد اإلرهابي وقرر مواجهته ومكافأه‪.‬‬ ‫من هذا المنظور‪ ،‬تم في عام ‪ 2015‬إنشاء المكتب المركزي للتحقيقات القضائي (‪ ، )BCIJ‬أو «مكتب التحقيقات الفيدرالي المغربي» كما يلقبه‬ ‫اإلعالم‪ ،‬وهو على نحو ما‪ ،‬الذراع المسلح للمديرية العامة للمراقبة الترابية (‪ )DGST‬التابعة للمديرية العامة لألمن الوطني (‪.)DGSN‬‬ ‫يقع مقر المركز في مدينة سال برئاسة عبد الحق خيام‪ ،‬وهو مسؤول سابق بالشرطة القضائية المغربية‪ ،‬تحت إشراف مدير عام (‪ )DGSN‬عبد‬ ‫اللطيف الحمموشي‪.‬‬ ‫على المستوى االستراتيجي‪ ،‬أتاح إنشاء‪ BCIJ‬تعزيز التنسيق الداخلي مع مختلف الخدمات (القوات المساعدة ورجال السلطة الترابية الملحقون‬ ‫بوزارة الداخلية والشرطة والدرك ودائرة الرقابة الداخلية والمديرية العامة للدراسات والتوثيق‪ ،‬ومع شركاء أجانب‪ ،‬مما أدى إلى تحسين معالجة‬ ‫المعلومات والقدرة على منع األعمال اإلرهابية‪.‬‬ ‫في الوقت نفسه‪ ،‬نشرت القوات المسلحة الملكية (‪ )FAR‬ووزارة الداخلية‪ ،‬اعتبارًا من عام ‪ ، 2014‬جهازًا أمنيًا جديدًا يسمى «حذر (اليقظة)»‬ ‫من أجل تعزيز األمن في المراكز الحدودية والمطارات ومحطات القطارات‪ .‬وكذلك في المدن الكبيرة‪.‬‬ ‫إن هذه التدابير األمنية‪ ،‬المسؤولة أيضًا عن مكافحة اللصوصية واالتجار بالمخدرات‪ ،‬لها الهدف األسمى المتمثل في تحييد المجرمين‬ ‫واإلرهابيين قبل تنفيد جرائمهم‪.‬‬ ‫قامت المملكة أيضًا بتحديث ترسانتها القانونية في عام ‪ .2015‬وقد استعرض البرلمان التشريعات الخاصة بمكافحة اإلرهاب‪ ،‬بما في ذلك‬ ‫تجريم أنشطة جديدة مثل محاوالت االنضمام إلى الخاليا‪ .‬تتيح النصوص أيضا‪ ،‬من اآلن فصاعدًا‪ ،‬معالجة حالة المقاتلين الذين ذهبوا إلى الخارج‪.‬‬ ‫وهكذا‪ ،‬خالل ما يزيد قلي ًال عن أربع سنوات بعد إنشائها‪ ،‬قامت ‪ BCIJ‬بتفكيك ما يقرب من ‪ 70‬خلية إرهابية في المغرب‪ ،‬وتقديم ألف إرهابي‬ ‫مشتبه بهم أمام الوكيل العام لمحكمة االستئناف المكلفة باإلرهاب‪.‬‬ ‫أسفرت العملية األخيرة‪ ،‬في يوم الجمعة الموافق ‪ 25‬أكتوبر‪ ،‬عن اعتقال سبعة أفراد بكل من شفشاون ووزان وتاماريس‪ ،‬موالين لتنظيم‬ ‫الدولة اإلسالمية يعملون على نشر وترويج أيديولوجية داعش‪.‬‬

‫اليوم‪ ،‬يعترف بالمغرب كالعب رئيسي في الحرب العالمية ضد اإلرهاب‪ .‬في‬ ‫مارس‪ ،‬تم بـمدينة «مالقة» اإلسبانية انتاب المملكة باإلجماع‪ ،‬وللمرة الثالثة‪،‬‬ ‫كرئيس مشارك للمنتدى العالمي حول اإلرهاب (‪ ، )GCTF‬الذي يضم ‪ 30‬من أكثر‬ ‫األعضاء التزامًا في محاربة اإلرهاب‪ .‬إن إعادة االنتخاب هذه هي بال شك اعتراف‬ ‫بالدور الرائد الذي يلعبه بلدنا في مكافحة هذا التهديد العالمي‪ ،‬وذلك بفضل‬ ‫مقاربة متماسكة تدمج األبعاد األمنية والدينية والسوسيو اقتصادية‪ ،‬ولكن أيضًا‬ ‫بفضل الثقة وسالسة معالجة المعلومات‪ ،‬علميا وفي الزمن الواقعي‪.‬‬ ‫تعتمد اإلستراتيجية األساسية للمغرب على مقاربة عالمية ومتعددة األبعاد‬ ‫تركز على ثالثة محاور‪ :‬األمني والديني والسوسيو االقتصادي‪.‬‬ ‫أدى الركن األمني إلى إنشاء المكتب المركزي للتحقيقات القضائية (‪.)BCIJ‬‬ ‫وفي الوقت نفسه‪ ،‬أعاد المغرب صياغة المجال الديني بعمق من خالل‬ ‫سلسلة من التدابير الجريئة واإلصالحات المتعاقبة التي جعلت النموذج المغربي‬ ‫مثا ًال يحتذى به‪ .‬المملكة‪ ،‬التي أرادت أن تظل موحدة في القيم والخصوصيات‬ ‫الدينية‪ ،‬شرعت في تفكيك األطروحات األيديولوجية المغلوطة التي تغذي التطرف‬ ‫العنيف‪.‬‬ ‫وهكذا‪ ،‬تم ترشيد وتحديث وتوحيد التربية اإلسالمية‪ ،‬والتحكم الدقيق في‬ ‫محتوى الفتاوى والنصوص المتلوة خالل صالة الجمعة‪ ،‬وذلك لتجنب أي انحراف‬ ‫عن اإلسالم المعتدل‪ ،‬إضافة إلى توفير تدريب قوي في العلوم اإلسالمية‪ ،‬في‬ ‫جميع التخصصات‪ ،‬مع إنشاء معهد لتكوين األئمة والمرشدين (الدعاة) هدفه‬ ‫توجيههم نحو القيم العظيمة المعتدلة والمنفتحة‪.‬‬ ‫جاءت مؤسسة أخرى من هذا النوع لتعزيز المجال الديني‪ ،‬يتعلق األمر‬ ‫بمؤسسة علماء األفارقة المسلمين‪ ،‬وهي هيئة مخصصة لتوحيد وتنسيق جهود‬ ‫العلماء المسلمين‪ ،‬في المغرب وفي دول إفريقية أخرى‪ ،‬من أجل التعريف بقيم‬ ‫اإلسالم المتسامح لنشرها وترسيخها‪ .‬وفي الوقت نفسه ‪ ،‬تم إطالق حملة ضد‬ ‫األمية‪ ،‬وفائدتها ال يمكن إنكارها مطلقا‪.‬‬ ‫من الناحية االجتماعية واالقتصادية ‪ ،‬أطلق المغرب عددًا من البرامج التي‬ ‫تهدف إلى مكافحة الفقر والضعف والحرمان‪ .‬والهدف من ذلك هو منع دعاة‬ ‫الكراهية من استغالل حالة الفقر عند أطراف معينة من المتطرفين‪ ،‬ودفعهم‬ ‫للمشاركة في برامج التطرف العنيف‪.‬‬ ‫وبالتالي‪ ،‬وبدعم من البنك الدولي‪ ،‬تم إنشاء المبادرة الوطنية للتنمية‬ ‫البشرية للحد من الفجوات بين المناطق الحضرية والقروية‪ ،‬تشجيع روح المبادرة‬ ‫وخلق فرص العمل‪ ،‬وأخيرا تلبي االحتياجات األساسية لألشخاص في الظروف‬ ‫الصعبة‪ .‬كان التمويل األولي للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية ‪ 1.2‬مليار دوالر‬ ‫على مدى ست سنوات‪ ،‬والذي تم استخدامه في تعزيز سياسات التنمية البشرية‬ ‫واالجتماعية من خالل تعزيز وتشجيع األنشطة المدرة للدخل‪.‬‬ ‫وهكذا‪ ،‬تمكن مئات اآلالف من األشخاص الذين يعيشون في الفقر واإلقصاء‬ ‫من تحقيق ظروف معيشية كريمة‪ .‬لقد أصبحوا فاعلين في خدمة بناء مجتمع‬ ‫موحد بعد أن كانوا فريسة محتملة للتلقين العقائدي المغلوط‪.‬‬

‫وبالتالي‪ ،‬فإن التكامل بين هذه الركائز الثالث (األمني والديني والسوسيو‪-‬‬ ‫اقتصادي) هو الذي يجعل النهج المغربي في مكافحة اإلرهاب متكامال ومتماسكا‬ ‫يتحلى بالكثير من الفعالية‬ ‫ومع ذلك‪ ،‬ال يزال هناك الكثير مما ينبغي عمله على المستوى السوسيو ‪-‬‬ ‫اقتصادي‪ ،‬بالنظر إلى أن اإلحصاءات تظهر زيادة في فقر سكان البوادي من ‪41.8‬‬ ‫‪ ٪‬إلى ‪.٪ 54.3‬‬ ‫على الرغم من أن المملكة هي واحدة من الدول الغنية في المنطقة‪ ،‬إال أن‬ ‫اإلصالحات فشلت في تحقيق تحسن اقتصادي عام‪ .‬وبالتالي يمكن االستنتاج بأن‬ ‫هذه الجهود لم يكن لها تأثير على التهديد اإلرهابي في البالد‪.‬‬ ‫يعالج المغرب أيضًا مصادر التطرف في السجون من خالل برنامج «مصالحة»‬ ‫لتشجيع المعتقلين المحكوم عليهم في قضايا اإلرهاب على إجراء مراجعات‬ ‫أيديولوجية‪ .‬يشتغل معم رجال الدين على النصوص والخطب‪ .‬وقد أدت عمليات‬ ‫«اجتثاث التطرف» هذه إلى حصول العديد من المدانين على العفو الملكي‪.‬‬ ‫على الصعيد الدولي‪ ،‬بعد واليتين متتاليتين برئاسة هولندا ;باالشتراك مع‬ ‫رئاسة المنتدى العالمي لمكافحة اإلرهاب‪ ،‬سيرأس المغرب هذه المؤسسة‪ ،‬وهذه‬ ‫المرة مع كندا للفترة ‪. 2022-2020‬‬ ‫من ناحية أخرى‪ ،‬تعمل أجهزة المخابرات المغربية المختلفة عن كثب مع‬ ‫فرنسا وإسبانيا والبرتغال كجزء من «أمن ‪ .»G4‬ويتعاونون أيضًا مع وكاالت‬ ‫أجنبية أخرى‪ ،‬بما في ذلك تلك الموجودة في الواليات المتحدة وبلجيكا‪.‬‬ ‫كجزء من هذا التعاون‪ ،‬أجرت ‪ BCIJ‬المغربي تحقيقات في األعمال اإلرهابية‬ ‫المرتكبة في الخارج‪ ،‬خاصة بعد الهجمات اإلرهابية ببرشلونة في أغسطس ‪.2017‬‬ ‫بفضل هذا التعاون الدولي الواسع‪ ،‬وأيضا استراتيجية داخلية مثبتة ضد‬ ‫التطرف‪ ،‬فإن المغرب لديه واحدة من أكثر سياسات مكافحة اإلرهاب فعالية‪.‬‬ ‫ومع ذلك‪ ،‬يمكن أن تحدث مشاكل أمنية كامنة لتشويه هذه السمعة‪،‬‬ ‫مثل القتل الشنيع الذي تعرضت له في ‪ 16‬ديسمبر ‪ 2018‬شابتان من السياح‬ ‫اإلسكندنافيين نفذه إرهابيون‪.‬‬ ‫هناك تهديد آخر للمغرب يتمثل في «نفاذية» الحدود الشرقية والجنوبية‬ ‫وضعف البنية األمنية خارج هذه الحدود‪.‬‬ ‫يمكن تلخيص ذلك بالقول إنه بعد الهجمات اإلرهابية التي ارتكبت في‬ ‫المغرب في األعوام ‪ 2003‬و ‪ 2007‬و ‪ ،2011‬وضعت المملكة الحرب ضد اإلرهاب‬ ‫على رأس أولوياتها‪ ،‬ووضعت استراتيجية متعددة األبعاد في الحرب ضد اإلرهاب‬ ‫التي جلبت ثمارها‪ .‬تستند هذه االستراتيجية إلى نظام الركائز الثالث‪ :‬تعزيز األمن‬ ‫الداخلي ‪ ،‬ومكافحة الفقر واإلصالحات الدينية‪.‬‬ ‫بفضل هذه اإلستراتيجية األمنية واسعة النطاق والجهود الهائلة‪ ،‬اكتسب‬ ‫المغرب خبرة معترف بها في مكافحة اإلرهاب على المستوى الدولي لصالح‬ ‫االستقرار واألمن في العالم‪.‬‬

‫قطرات مداد‬ ‫ُ‬ ‫• محمد إمغران‬

‫رميتم بهم كقطعة‬ ‫عظم‪....‬‬

‫من الطبيعــي‪ ،‬بل ومن الضروري النهــوض‬ ‫بالبنيــة التحتيـــة وإحداث المرافــق العموميــة‪،‬‬ ‫لتسهيل سبل حياة المواطنين ولخدمة أغراضهم‬ ‫وشؤونهم‪.‬ومدينة طنجة التي تكبر وتتوسع كل‬ ‫يوم هي ماضية في هذا االتجاه وتستحق فعال أن‬ ‫تكون لها محطة طرقية كبيرة وواسعة وجميلة‬ ‫وبمواصفات راقية تليق بهذه المدينة التي سحرت‬ ‫والزالت تسحرألباب مشاهير العالم في الفن والفكر‬ ‫واألدب والسياسة والرياضة على مرالعقود‪.‬وهذه‬ ‫المحطة الطرقيــة الجديدة التي تم فتــح أبوابها‬ ‫للعموم يوم الجمعــة الماضي‪ ،‬فاتح نونبرالجاري‪،‬‬ ‫ولو ب‪«:‬الثلث الخالي»‪ ،‬تعتبربادرة طيبة تأتي في‬ ‫إطار برنامج التنمية المندمجة والمتوازنة «لطنجة‬ ‫الكبرى» والذي كان جاللة الملك أعطى انطالقته‬ ‫في مرحلة سابقة‪.‬لكن ما ليس طيبا‪ ،‬أحب من‬ ‫أحب وكره من كره‪ ،‬هو أن العشرات من العمال‬ ‫والمستخدمين بالمحطة الطرقية «رياض تطوان»‬ ‫بطنجة‪ ،‬تنعت حاليا ب‪« :‬المحطة القديمة» وإلى‬ ‫غاية كتابة هذه السطور الزالوا يحتجون على‬ ‫إقصائهم والزالوا كذلك متذمريــن بســبب ما‬ ‫لحقهم من تجاهل ونكران‪ ،‬بل ويبكون «فقصة»‬ ‫على ترحيل المحطة الطرقية إلى «طرف الدنيا»‬ ‫دون إدماجهم فيها أومنحهم تعويضا ولوعلى «قد‬ ‫الحال»‪ ،‬خاصة وأنهم أفنوا زهرة شبابهم‪ ،‬عماال‬ ‫ومستخدمين‪ ،‬بهذا المرفق العمومي‪ ،‬منذ عهد‬ ‫سيدنا «نوح» وأقلهم اشتغاال بمحطــة «رياض‬ ‫تطوان» يكون قد قضى بها أزيد من عشرسنوات‪.‬‬ ‫وهؤالء الزالوا قادرين على العمل والحرفة لهم‬ ‫غيرخبرتهم في مصارعة «غول» الخبز اليومي عمال‬ ‫بالمحطة‪.‬أكثر من هذا أنهم يعيلون أسرا كثيرة‪،‬‬ ‫متعــددة النفــوس والقلوب أيضا‪.‬وضمن هذه‬ ‫النفوس يوجد مرضى وعجزة وأطفال في حاجة إلى‬ ‫رعاية‪ ،‬كلهم في الهم يلتقون‪.‬تصوروا‪ ،‬إذن‪ ،‬أنه‬ ‫في لحظة تم إقصاء آبائهم وأشقائهم وأبنائهم‬ ‫الذين كانوا يعيلونهم بما كانت تجود به عليهم‬ ‫المحطة المذكورة من شظف العيش‪ ،‬بعد تقديم‬ ‫وعود لهم كانت مطرزة بخيوط من الوهم‪ ،‬حسب‬ ‫المقصيين أنفسهم‪ ،‬الذين الزالوا يشتكون في‬ ‫غياب وفاء «إطارهم» وفي ظل تخليه عنهم‪ ،‬بعد‬ ‫أن قضى غرضه والهم يحزنون‪.‬‬ ‫تصوروا‪ ،‬كذلك‪ ،‬أن ملك البالد ومنــذ اعتالئــه‬ ‫عرش أسالفه المنعمين وهو يولي عناية فائقة‬ ‫للجوانب االجتماعية للمواطنين مراهنا عليها من‬ ‫خالل تدشينه للمرافق الصحية والطرق والسدود‬ ‫ودور العجزة‪...‬‬ ‫وعندما أعطى جاللته انطالقة برنامج «طنجة‬ ‫الكبرى» وضمنه المحطة الطرقية الجديدة التي‬ ‫تم افتتاحها‪ ،‬مؤخرا‪ ،‬جهة منطقة «الحرارين»‪،‬‬ ‫جاء بعده عباقرة التسيير الجماعي وسماسرتهم‪،‬‬ ‫فشردوا العشرات من عمال ومستخدمي المحطة‬ ‫الطرقية «القديمة» التي أصبحت في خبر كان‪.‬‬ ‫وهذا التصرف «الوحشي» يالحظ عند إنجازكل‬ ‫مشروع عمومي تشهده المدينة‪ ،‬حيث يتم الدوس‬ ‫على الجانب االجتماعي واإلنساني‪ ،‬فالمسؤول‬ ‫أو المكلف بمهمة ما يكاد يكون قلبه ميتا‪ ،‬ألنه‬ ‫«البس‪ ،‬واكل‪ ،‬مكرع» فضال عما يحصل عليه‬ ‫من «هميزات»‪ ،‬هنا وهناك‪ ،‬األمر الذي يعمي‬ ‫بصيرته ويغلظ قلبه ويقتل فيه كل شيء جميل‪،‬‬ ‫هذا إذا كانت فيه «شي حاجة مزيونا»‪.‬ومثل هذا‬ ‫المسؤول لن يقشعربدنه احتراما وإجالال وإنسانية‬ ‫أمام سيدنا «نوح» الذي حمل على كتفيه سفينة‬ ‫المحطة‪ ،‬ذات زمن بعيد‪.‬‬ ‫ـ اتقوا اهلل في عمال ومستخدمين رميتم بهم‬ ‫كقطعة عظم نهشت لحمها سنون شقائهم‪.‬‬


‫العدد ‪1018‬‬

‫الثالثـاء ‪� 05‬إلى ‪ 11‬نـوفمرب ‪2019‬‬

‫‪21‬‬

‫التحوّل الجنسي‬

‫(‪)2/1‬‬

‫حوار مع الروائية والطبيبة‬

‫فاتحة مرشيد‬ ‫ال تقف الرواية الجديدة «انعتاق الرغبة» (المركز الثقافي للكتاب ـ الدار البيضاء) للكاتبة‬ ‫المغربية فاتحة مرشيد (‪ )1958‬عند إشكالية الجندر والتحوّل الجنسي فحسب‪ ،‬بل تتجاوز ذلك‬ ‫ً‬ ‫خاصة ومعزولة‪،‬‬ ‫لتمتدّ إلى انتقاد المجتمع الذي يعيش فيه الفرد حاالت قد تبدو لألغلبية‬ ‫وبالتالي مرفوضة‪ ،‬أو على األقل ينبغي أال تتجاوز دائرة التستّر واإلخفاء‪ .‬تناقش الرواية اإلرث‬ ‫االجتماعي والديني‪ ،‬وتفتح باب األسئلة بخصوص العديد من التيمات‪ ،‬أبرزها احترام الخيارات‬ ‫النفسية لآلخر‪ ،‬والدفاع عن خصوصية الفرد‪ .‬لذلك‪ ،‬جاء العنوان منسجماً مع ما تذهب إليه‬ ‫الرواية من طروحات‪ ،‬حيث «انعتاق الرغبة» هو في األساس انعتاقٌ من قارورة مغلقة هي‬ ‫الجسد‪ ،‬وهي أيضاً نظرة المجتمع إليه‪ .‬تتوقف الرواية أيضاً عند الطاقات التي يهدرها الفرد في‬ ‫معارك خاطئة‪ ،‬الفرد القادر على انتقاد المجتمع‪ ،‬ومعرفة تفاصيله‪ ،‬لكن الجاهل أيضاً لنفسه‪،‬‬ ‫والعاجز عن النظر إليها‪ ،‬وتحويل النقد الخارجي الجاهز إلى نقد داخلي منتج‪ .‬تعمل فاتحة‬ ‫مرشيد على تفكيك الموروث الثقافي الشعبي‪ ،‬ونقد المتداول االجتماعي القائم على طمس‬ ‫المشاعر واالنحياز لثقافة األغلبية‪ ،‬الرافض لالختالف والداعي إلى حياة نمطية متشابهة‪،‬‬ ‫يبدو فيها الخارج عن السرب عا ّقاً وغير مرغوب فيه‪ .‬سيكتشف عز الدين متأخراً أنه ال ينتمي‬ ‫إلى الجنس الذي تمثله صورته الفيزيولوجية‪ .‬سيصارح زوجته التي سترفض الوضع وتطالبه‬ ‫بالرحيل‪ .‬لذلك سيقــوم بتصفيــة تركــة والده ويؤمّن مستقبل ابنه‪ ،‬ثم يغادر باتجاه بلجيكا‬ ‫وبعدها كندا لكونها بلدانا «تكنّ اعتباراً للمتحولين»‪ .‬بعد سنوات طويلة‪ ،‬يتلقى االبن رسالة‬ ‫من والده تشرح له أسباب الرحيل‪ .‬رسالة مكاشفة قد تكون جارحة‪ ،‬لكنها أيضاً صريحة ومؤثرة‪،‬‬ ‫خصوصاً حين سيعلم االبن أن والده فارق الحياة‪ ،‬وأن الرسالة كانت‬ ‫بمثابة وصية‪ .‬عن الرواية الجديدة وغيرها من األعمال‪ ،‬يدور هذا‬ ‫الحوار مع فاتحة مرشيد التي وصلت إلى أرض الكتابة شاعر ًة‪ ،‬إذ‬ ‫أصدرت في البداية دواوين عدة من بينها‪« :‬إيماءات»‪ ،‬و«ورق‬ ‫عاشق»‪ ،‬و«تعال نمطر»‪ ،‬و«أي سواد تخفي يا قوس قزح»‪ ،‬قبل أن‬ ‫تتحوّل إلى الرواية سنة ‪ .2007‬إذ ستصدر «لحظات ال غير»‪ ،‬لتعقبها‬ ‫روايات أخرى هي‪« :‬مخالــب المتعــة»‪ ،‬و«الملهمات»‪ ،‬و«الحق في‬ ‫الرحيل»‪ ،‬و«التوأم»‪ .‬لكنها لم تغادر الشعر‪ ،‬بل أصدرت في موازاة‬ ‫أعمالها السردية مجاميع شعرية أخرى‪« :‬آخر الطريق أوّله»‪« ،‬ما لم‬ ‫يُقل بيننا»‪« ،‬اِنزع عني الخطى»‪ ،‬فض ً‬ ‫ال عن كتب أخرى في القصة‬ ‫والمجال المهني‪ .‬يحسّ متتبع مسار فاتحة مرشيد أنها تغلق عليها‬ ‫ً‬ ‫مؤمنة في ذلك بأن الكاتب عليه أن ينشغل بما‬ ‫ورشتها األدبية‪،‬‬ ‫تكتب يداه‪ ،‬ال بما يوجد بعيداً عنهما‪ .‬لذلك يلمس قارئ أعمالها‬ ‫هذا الدأب الواضح في تحوالت الكتابة لديها وفق مشروع يؤكد أن‬ ‫الكاتبة تعرف تماماً ما تريد‪.‬‬ ‫لنبدأ من الصفحات األولى لروايتك الجديدة «انعتاق الرغبة»‪.‬‬ ‫يقول األب في رسالة إلى ابنه‪« :‬منذ وعيت بالدنيا وأنا سجين‬ ‫جسد ليس لي»‪ .‬عادة ما تقف الروائية العربية في صف الدفاع‬ ‫عن قضايا المرأة وتسعى إلى الكشف عن معاناتها واالنتصار لها‪.‬‬ ‫عالمَ راهنت فاتحة مرشيد وهي تذهب بعيداً عن هذا المنحى‪،‬‬ ‫لتطرح مسألة الجندر‪ ،‬ولتفتـــح بالتالي ملـــف الجنس الثالث؟‬ ‫ بدءاً‪ ،‬حبذا لو نبتعد عن التعميم‪ .‬ألن كل تجربة إبداعية هي‬‫تجربة إنسانية متفردة إن لم نقل استثنائية‪ .‬واإلبداع ال جنس له‪،‬‬ ‫وحساسية المبدع غير مرتبطة بجنسه (مذكر أو مؤنث) ولكن بالفنان‬ ‫داخله‪ .‬إنها مسألة إبداع ومرجعية ثقافية‪ ،‬لهذا أنا ال أتفق مع تسمية‬ ‫الكتابة النسائية‪ .‬وأعتبر أنني أكتب أدباً إنسانياً ال نسائياً‪ ،‬أدباً ينتصر‬ ‫لجوهر اإلنسان‪ ،‬كيفما كان جنسه أو هويته الجندرية‪ ،‬ويعبر عن‬ ‫معاناته في بعدها اإلنساني العميق‪ .‬وفي هذا الصدد جاءت رواية‬ ‫«انعتاق الرغبة» لتضع القارئ أمام تساؤالت فلسفية حول مفهوم‬ ‫الذكورة واألنوثة‪ ،‬الجنس والجندر‪ ،‬وتقربه من واقع األقليات الجنسية‪.‬‬

‫أحاول كسر الصورة النمطية عن األقليات الجنسية‬ ‫يبدو أن األمهات في المغرب ال تكتمل «سعادتهن إال بإنجاب الولد»‪ .‬هذا ما تقولينه‬ ‫في إحدى صفحات الرواية‪ .‬وهذا الوضع يشمل بلدان العالم العربي بشكل عام‪ ،‬ال المغرب‬ ‫وحده‪ .‬هل ترين أن التفكير العربي ما زال ذكوري ًا رغم الخطابات المبشرة بالحداثة‬ ‫والتحول االجتماعي والثقافي؟‬ ‫ هذه المقولة تعبر عن واقع ثقافي واجتماعي يرث فيه الذكر ضعف األنثى‪ ،‬مع أن‬‫مسؤولياتها ال تقل عن مسؤولياته‪ ،‬فيصبح إنجاب الذكر بمثابة تأمين مادي يحصّن هذه األم‬ ‫واألخوات من جشع األقرباء الذكور‪ .‬هل التفكير العربي ما زال ذكورياً؟ أجل وسيظل في غياب‬ ‫ثورة ثقافية حقيقية‪.‬‬ ‫يعود األب إلى طفولته ليسرد البنه في الرسالة إياها بأن سعادته كانت تكتمل حين كان‬ ‫يجد نفسه مع أخواته في الحمام العربي الخاص بالنساء وهو دون الخامسة‪ ،‬ثم الحقاً وهو‬ ‫يرتدي مالبس أخته متقمصاً شخصية صديقتها‪ .‬هل كنت تحاولين النبش في الماضي لتبرير‬ ‫الحاضر على اعتبار أن الظواهر السيكولوجية لها منابع أساسية في طفولة اإلنسان؟‬

‫ أعتقد أن الرواية كانت واضحة في هذا الصدد وبيّنت علمياً بأن التحول الجنسي ليس‬‫نتيجة تربية معينة‪ ،‬بل هوية جندرية يولد بها الشخص‪ ،‬وأن اإلحصائيات العالمية تقرّ بأن‬ ‫معدل وجود حاالت العبور الجنسي هو أكثر لدى الذكور بحيث واحدة في كل ثالثين ألف رجل‬ ‫يحسّ في أعماقه بأنه امرأة‪ ،‬فيما واحد من كل مئة ألف امرأة تحس أن لها روح رجل‪ .‬وسعادة‬ ‫عز الدين وهو يرتدي مالبس أخته‪ ،‬كانت نابعة من إحساس داخلي‬ ‫بمصالحةٍ ما مع جسده‪ ،‬مع أنه لم يكن بعد واعياً لطبيعة هويته‬ ‫الجنسية‪.‬‬ ‫هناك أيض ًا حضور للتمثل الديني في هذه المسألة‪ ،‬فحين‬ ‫دخل األب ووجد ابنه يرتدي مالبس أخته‪ ،‬نهره قائــال ً‪« :‬أعوذ‬ ‫باهلل من الشيطان الرجيم‪ .‬الرجال ال يتشبهون بالنساء‪ ،‬وإال نزلت‬ ‫عليهم اللعنة»‪ .‬كيف تنظر الروائية إلى الخطاب الديني الذي‬ ‫يبدو حاسم ًا وصارم ًا في موضوع التحول الجنسي؟‬ ‫ــــ الخطاب الديني في موضوع العبور الجنسي ليس حاسماً وال‬ ‫صارماً كما قلت‪ ،‬بل يخضع لتأويالت رجال الدين ومدى إلمامهم‬ ‫علمياً بظاهرة العبور الجنسي‪ .‬لهذا نجد دو ًال إسالمية مثل إيران‬ ‫تحتل المرتبة الثانية عالمياً‪ ،‬بعد تايالند‪ ،‬في عمليات تغيير الجنس‪،‬‬ ‫ألن فتوى الخميني كانت واضحة ّ‬ ‫ومكنت العابرين من المصالحة‬ ‫مع ذواتهم‪ .‬كما أن مصر اهتمت بالموضوع وحصل فيها بعض‬ ‫المتحولين على إذن من األزهر لتغيير الجنس‪ .‬المسألة مسألة‬ ‫اجتهاد من طرف علماء الدين واألطباء على حد سواء‪ ،‬وهذا ما‬ ‫لم يحصل بعد في المغرب‪ ،‬مع أن الدار البيضاء في السبعينيات‬ ‫والثمانينيات لغاية ‪ 1987‬كانت قبلة للعابرين والمتحولين جنسياً‪.‬‬ ‫كان فيها أشهر طبيب‪ :‬الدكتور جورج بيرو الذي كان يأتيه المشاهير‬ ‫من العالم بأسره‪ ،‬إلى مصحة الحديقة إلجراء عمليات تغيير الجنس‪.‬‬ ‫عودة إلى الرواية‪ ،‬سيسافر االبن إلى «قرية المثليين» في‬ ‫كندا‪ ،‬حيث عاش والده المتحول جنسي ًا بعد خروجه من بلجيكا‪.‬‬ ‫وحين سيلتقي بفادية الشابة التي كانت تعيش تحت رعاية والده‪،‬‬ ‫سيتراجع انتقاده لهذا األخير‪ .‬يبدو تعاطفك مع شخصية األب‬ ‫الذي ينتمي إلى الجنس الثالث تعاطف ًا واضح ًا ومطلق ًا‪ ،‬وأحيان ًا‬ ‫تنوبين عن شخصياتك في إبداء هذا الموقف‪ ،‬وفي توجيه النقد‬ ‫للمجتمع وللعالم الخارجي‪ .‬أال تخافين الوقوع في المباشَرة؟‬ ‫ـــــ تعني تعاطف السارد مع والده بعد رفضه له في البداية‪.‬‬ ‫باختصار شديد وحتى يستطيع من لم يقرأ الرواية بعد أخذ فكرة عن الحكاية‪ :‬السارد‪ ،‬وهو‬ ‫جراح تجميل‪ ،‬سيكتشف عبر رسائل تصله من مجهول‪ ،‬السرَّ الذي دفع والده إلى الرحيل من‬ ‫المغرب من دون رجعة‪ ،‬والتخلي عنه وهو ال يزال طف ً‬ ‫ال في عامه الثاني‪ ،‬وهو كونه متحو ًال‬ ‫جنسياً‪ ،‬امرأة في جسد رجل‪ .‬هذه الرسائل التي خطها والده والتي ستصله بعد وفاته‪ ،‬ستحفزه‬ ‫على السفر مقتفياً خطى هذا الوالد عز الدين ليتعرف على وجهه اآلخر بعدما قام بتغيير جنسه‬ ‫ليصبح «عزيزة»‪ .‬رحلة انعتاق السارد اتخذت صبغة التعلم‪ ،‬ألن كونه جراح تجميل لم يعفِه من‬ ‫جهله بعالم األقليات الجنسية‪ .‬تقول عزيزة‪« :‬ال أحد يشك في كوني أباك البيولوجي‪ ،‬لكن ما‬ ‫أسعى إليه هو أن أكون أباك الروحي»‪ .‬من هنا سيسهم األب من خالل السفر بابنه عبر تحليل‬ ‫الذات والمجتمع‪ ،‬في تعبيد الطريق أمامه للخروج أو االنعتاق من أسر السائد والمألوف وتجاوز‬ ‫ثقافة الكسل والتلقي السلبي‪ .‬كل ما قيل فرضته دينامية السرد‪ ،‬والروائي ليس ِّ‬ ‫منظراً‪ ،‬وليس‬ ‫عليه أن يبدي رأياً أو يصدر أحكاماً أخالقية‪ ،‬هو يحكي حكاية يشترط فيها أن تكون ممتعة‪ ،‬وأن‬ ‫تحترم ذكاء القارئ باستفزاز األسئلة بداخله‪ ،‬وجعله يجتهد في إيجاد أجوبته الخاصة‪.‬‬

‫(يتبع)‬


‫‪22‬‬

‫الثالثـاء ‪� 05‬إلى ‪ 11‬نـوفمرب ‪2019‬‬

‫العدد ‪1018‬‬

‫«المهرجان الدولي لتالقح الثقافات» بالعرائش‬ ‫النسخة الثامنة‬

‫لعبة السودوكو (‪)479‬‬ ‫أصل اللعبة‬

‫لعبة السودوكو اليابانية األصل «‪ ،»SUDOKU‬كانت معروفة منذ الثمانينيات‬ ‫في اليابان‪ ،‬إال أنها لم تظهر كلعبة ذات شعبية إال سنة ‪.2005‬‬

‫معنى كلمة سودوكو‬

‫كلمة سودوكو هي اختصار للجملة اليابانية (‪)Nikagiru Sujiwa Dokushin‬‬ ‫وتعني أن األعداد البد أن تكون مفردة‪ .‬وهذه اللعبة عبارة عن عالمة تجارية لشركة‬ ‫‪.Nikol‬‬

‫كيف تلعبها ؟‬

‫اللعبة تعتمد على المنطق لدرجة كبيرة‪ ،‬وهي لوحة مقسمة إلى تسع مناطق كل‬ ‫منطقة مكونة من تسع خانات‪ ،‬وعليك أن تمأل هذه الخانات أفقيا أو عموديا بأرقام من‬ ‫‪ 1‬إلى ‪ ،9‬حيث ال تستخدم الرقم إال مرة واحدة في جميع المربعات على العمود نفسه‬ ‫أو السطر أو القطر‪ ،‬وتكون هناك أرقام موضوعة سابقا في بعض الخانات‪.‬‬

‫مفيدة لكن معقدة‬

‫اللعبة مفيـدة جدا لتقوية مهارات المنطـق‪ ،‬ويستخدمهـا مدرسو الرياضيات‬ ‫كتمارين للطلبة وتختلف درجة التعقيد‪ ،‬حسب الفئة المستهدفة‪.‬‬

‫شهدت مدينة العرائش انطالق النسخة الثامنة من «المهرجان الدولي لتالقح الثقافات»‪ ،‬الذي تنظمه جمعيـــة «لوكــوس‬ ‫للسياحة المستدامة»‪ ،‬بشراكة مع الكلية متعددة التخصصات بالعرائش‪ ،‬تحت شعــار «نحـــن األرض‪ ،‬نحن العرائش‪.‬‬ ‫ويسعى المهرجان حسب ما تطمح إلى ذلك الجهات المنظمة إلى «بعث رسالة السالم والتعايش بين مختلف الثقافات‪،‬‬ ‫والتصدي لخطابات الكراهية والتطرف» وذلك عبر استثمار اإلمكانيات السلمية التي يتيحها الفلكلور والتراث الفني وموسيقي‬ ‫الشعوب‪ ،‬بصفتها قيما يرتكز عليها الوجود اليومي لإلنسان‪.‬‬ ‫من جانبهــا أكـدت الكليـــة متعـددة التخصصات بالعرائش‪ ،‬في كلمة ألقاها عميدها خالل حفل االفتتاح على أن «هذا النوع‬ ‫من األنشطة تمكن الطالب من بناء جسور من التواصل الفعال‪ ،‬ومشاركة األفكار واآلراء الثقافية المتنوعة‪ ،‬مع شباب من مختلف‬ ‫الجنسيات‪ ،‬وتمكنه من فهم االختالف بين الثقافات‪ ،‬وتجنب إطالق األحكام الجاهزة‪ ،‬وذلك عبر تعزيز التقارب الثقافي‪ ،‬وتعميق أسسه‬ ‫الفكرية»‪.‬‬ ‫وقد توزعت فعاليات البرنامج على عدة مواقع تراثية وتاريخية بإقليم العرائش‪ ،‬هيئت أساسا الحتضان مجموعة من األنشطة‬ ‫الثقافية والعروض الفنية والكرنفاالت التي تشارك فيها فرق فنية مغربية وأجنبية‪.‬‬ ‫من جانب آخر تمت برمجة العروض والندوات داخل بعض المراكز االجتماعية بالمدينة‪.‬‬ ‫وتجدر اإلشارة إلى أن الدورة الثامنة تميزت بحضور أزيد من مائتي شاب وشابة‪ ،‬ضمن وفود فنية وثقافية تمثل اثني عشر بلدا‬ ‫عربيا وأجنبيا‪.‬‬

‫سرعة المالحظة‬

‫الدكتورة ثريا الليهي‬

‫بين الصورة واألصل ‪ 7‬اختالفات‪ ،‬حاول أن تهتدي إليها‪.‬‬

‫في ذمة اهلل‬ ‫انتقلـت إلى عفــو اهلل تعالـــى األستـــاذة‬ ‫الدكتورة ثريا الليهي ليلـة الخميس ‪ 2‬ربيــع‬ ‫الثاني ‪ 31 /1441‬أكتوبر ‪ 2019‬بمدينة طنجة‪.‬‬ ‫‪ ‬وبهذه المناسبة األليمة يتقــدم مكتـــب‬ ‫طنجة لرابطة كاتبات المغرب وجمعية أعمدة‬ ‫وملتقى الدراسات المغربية واألندلسية بآداب‬ ‫تطوان بأحر التعازي إلى أفراد أسرتها وعائلتها‬ ‫الكريمتين‪ ،‬سائلين المولى عز وجل أن يثيب‬ ‫المرحومة على ما قدمته من خدمات جليلة‬ ‫بأسالك التعليم الثانوي وتكوين األطر والعالي‪،‬‬ ‫وما كان لها من مشاركات رفيعة في المجالس‬ ‫العلمية داخل المغرب وخارجه‪ ،‬وما خلفته من‬ ‫تراث علمي في األدبين األندلسي والمغربي‪.‬‬ ‫إنا هلل وإنا إليه راجعون‬

‫حل السودوكو‬ ‫لجميع إعالناتكم‬ ‫اإلشهارية واإلدارية‬ ‫يف جريدة‬

‫االتصال على الرقم ‪:‬‬ ‫‪0539943008‬‬

‫رقم ‪479‬‬


‫صفحة‬

‫‪23‬‬ ‫�إعداد ‪ :‬م�صطفى ال�سباعي‬

‫العدد ‪1018‬‬

‫الثالثاء ‪� 07‬إلى ‪ 11‬نوفمرب ‪2019‬‬

‫مجرد رأي ‪:‬‬

‫كرة السلة المغربية‬ ‫على صفيح ساخن‬

‫أزمة كرة السلة المغربية تتواصل ‪ ..‬و في الوقت الذي استبشر فيه الجميع بقرب‬ ‫إيجاد الحلول للخرو ج من األزمة بعد تشكيل لجنة مؤقتة عهد إليها بتسيير الجامعــة‬ ‫الملكية المغربية لكرة السلة تعقدت األمور أكثر بعد تقديم السيد بورة رئيس اللجنة‬ ‫االنتقالية استقالته بعد االتهامات واالنتقادت التي وجهت إليه وإشارته إلى أن توافق‬ ‫األندية المتنافسة ازداد تعقيدا بمجرد رحيل وزير الرياضة السابق وتعيين وزير جديد‪.‬‬ ‫بورة برر استقالته بكونه ال يرغب في تكريس الضغط على الوزارة الوصية إلقرار‬ ‫انتخابات عاجلة تبقي الوضع على ماهو عليه واعتبر أن خالفات األندية العالقة لها بما‬ ‫هو رياضي بل هي صراعات شخصية‪.‬‬ ‫وكانت األندية المعرضة قدوجهت رسالة إلى السيد رئيس اللجنة المؤقتة اتهمته‬ ‫فيها بالقفز على خارطة الطريق التي تم رسمها وتبنيها باإلجماع‪ ..‬وتعطيل مسار‬ ‫اإلصالح القانوني للجامعة من خالل الدعوة الستمرار بطولة القسمين األول والثاني‬ ‫التي تم حسم امرها منذ اكثر من ثالثة أشهر ‪ ..‬والوقوع في المحظور بجمع أندية يوجد‬ ‫معظمها في وضعية غير قانونية وغير معتمدة من طرف القطاع الرياضي كانت تستمد‬ ‫شرعيتها من الوضع الذي سمته بالفاسد الذي كان سائدا بالجامعة برعاية الرئيس‬ ‫المجمدة واليته و التي كان يمررها حسب رأيها لتمرير التقارير األدبية والمالية لضمان‬ ‫استمراره على رأس الجامعة‪.‬‬ ‫وذكرت األندية الرافضة رئيس اللجنة المؤقتة بضرورة االلتزام بما سطر في قرار‬ ‫تعيينه على رأس هذه اللجنة‪.‬‬ ‫استقالة السيد بورة جاءت متزامنة مع الرسالة التي وجههــا الرئيس المجمدة‬ ‫واليته إلى االتحاد الدولي للعبة وإلى الوزير الوصي يطالب فيها بما اسماه بالشرعية‬ ‫ومحاولة تلميع صورته من أجل العودة إلى الرئاسة مجددا وعقد جمع عام استثنائي‬ ‫لإلبقاء على الوضع كما كان عليه‪.‬‬

‫جمعية المد األزرق تلغي الوقفة‬ ‫االحتجاجية أمام الوالية‬

‫مدافع اتحاد طنجة الجرفي يغيب عن مباراة الوداد‬ ‫منح الطاقم الطبي التحاد‬ ‫طنجة المدافع أيوب الجرفي فترة‬ ‫راحة لمدة أسبوعين قبل العودة‬ ‫الستئناف تجريبته مع الفريق‬ ‫بعد تعرضه إلصابة في أوتار‬ ‫الركبة‪.‬‬ ‫وكان الالعب الجرفي قد‬ ‫أصيب خالل مباراة فريقه مع‬ ‫المولودية الوجدية التي انتهت‬ ‫بالتعادل السلبي‪ ،‬حيث غادر‬ ‫الميدان قبل انتهاء اللقاء بصورة‬ ‫اضطرارية‪.‬‬

‫بعد استقالة المكتب المسير‪...‬‬ ‫اتحاد طنجة إلى أين‬

‫كما كان متوقعا تفاقمت األزمة بسرعة‬ ‫وأدت إلى االنفجار داخل فريق اتحاد طنجة‬ ‫لكرة القدم‪.‬‬ ‫وكما كان الشأن مع المدرب عبد الحق‬ ‫بنشيخة قبل ثالث سنوات عندما أقيل من‬ ‫منصبه بعد التعادل أمــام المغرب الفاسي‬ ‫واإلقصاء من منافســـات كأس العـــرش‪..‬‬ ‫المدرب الجزائري اآلخر نبيل نغيز لقي نفس‬ ‫المصير بعد اإلقصاء من دور ربع نهاية كأس‬ ‫العرش على يد حسنية أكادير‪.‬‬ ‫وكان هذا اإلقصاء بمثابة القشة التي‬ ‫قصمت ظهــر البعيــر حيث أدت إلى سخط‬ ‫جماهيري عــارم والمطالبة بإقالة المكتب‬ ‫المسير‪.‬‬ ‫الرئيــس عبد الحميــد أبرشان وأعضاء‬ ‫المكتب المسير التقطوا الرسالة بسرعـــة‬ ‫وقدموا استقالــة جماعيــة وعزوا في بالغ‬ ‫نشره الموقع الرسمي للفريق ذلك إلى السب‬ ‫والشتم الذي يمارس بحقهم وبحق عائالتهم‬ ‫والضغوط الكبيرة التي تمارس على المكتب‬ ‫المسير منذ استالمه قيادة الفريق رغم‬ ‫النتائج المبهرة التي حققهــا ولم تتحقـــق‬ ‫منذ تأسيســـه كالفوز بالبطولة االحترافية‬ ‫ألول مرة في تاريخ النـــادي والمسابقات‬ ‫الخارجية ومنها كأس محمد السادس لألندية‬ ‫األبطال‪ ...‬حيث لم يسلم الرئيس والمكتب‬ ‫المسير من ترويج الشائعات ومن الحمالت‬

‫والشائعات الممنهجة من أجــل رحيلــه عن‬ ‫الفريق‪.‬‬ ‫و وحدد المكتب المسير تار يخ ‪ 15‬نونبر‬ ‫الجاري لعقد جمع عام استثنائي‪.‬‬ ‫وتأتي استقالة المكتب المسير لفارس‬ ‫البوغاز في ظرف صعب يعيــش فيه الفريق‬ ‫أزمة حقيقية صامتة امتدت منذ مدة وكان‬ ‫مصيرها االنفجار في النهاية‪.‬‬ ‫فمنذ فترة ليست بالقصيــرة يتساءل‬ ‫األنصار والرأي العام الرياضي في طنجة عن‬ ‫من يقوم ويشـرف على االنتدابات خاصة‬ ‫بعدما قـــدم السيــد حنيفة نائـــب الرئيس‬ ‫استقالته احتجاجا على ما أسماه بقرارات تتخذ‬ ‫دون علم أعضاء المكتب‪.‬‬ ‫وباإلضـــافــة إلى ذلك تميــزت فتـــرة‬ ‫المكتب المستقيل بغياب االستقرار على‬ ‫مستوى اإلدارة التقنية وضرب اتحاد طنجة‬ ‫الرقم القياسي في استبدال وتغيير المدربين‬ ‫وعلى سبيل المثال ال الحصر‪ ..‬فقد انفصل‬ ‫الفريق عن المدرب ادريس المرابط الذي‬ ‫قاده إلى إحراز لقب البطولة ألول مرة في‬ ‫مشواره الرياضي وتعـــاقــد مع التونسي‬ ‫العجالني غير أن غياب النتائج اإليجابية تسبب‬ ‫في االنفصـــال عنه والتعاقد مع عبد الرحيم‬ ‫طاليب الذي كان يدير اإلدارة التقنية من‬ ‫المدرجات والذي تمكن رغم ذلك من إنقاذ‬ ‫الفريق واالستغناء عنه دون ذكر األسباب‪.‬‬

‫?‬

‫وجيء بالمدرب الجزائــري نبيـــل نغيز‬ ‫بعد االستغنـاء عن جل الالعبيـن واستقدام‬ ‫مجموعة جـديــدة‪ ،‬الليبيان طاهـــر صالـــح‬ ‫سعيــــد وزكريا الهريش وأنور سديل وطارق‬ ‫استاتي ويوسف أنور ومصطفى كمارا وأنور‬ ‫جيد وكوناطي وكمال آيت الحاج‪.‬‬

‫ورغم إقامة معسكر بتركيا أنفــق خالله‬ ‫الفريق الماليين فقد أخفقت هذه المجموعة‬ ‫في تحقيق نتائج إيجابية حتى اآلن سواء في‬ ‫كــأس محمد السادس لألنديـــة األبطـــال‬ ‫أو في كــأس العـرش أو في بطولة الدوري‬ ‫االحترافي‪ ...‬فكان من نتائــج ذلك االنفصال‬ ‫عن المــدرب «نغيز» وإسناد مهمة اإلشراف‬ ‫التقني إلى مساعده عبد الواحد بلقاسم في‬ ‫انتظار التعاقد مع مدرب جديد‪.‬‬

‫نبيل نغيـــز بعــد أزمتــه مــع اتحــاد‬ ‫طنجة‪،‬تكون استقالة أعضاء المكتــب بعثرت‬ ‫جميـع األوراق وأدت بالمدرب نبيل نغيــز الذي‬ ‫كان يستعد لعقد جلسة مع المكتـــب المسير‬ ‫من أجل االنفصال بالتراضــي إلى حضــور‬ ‫التدريبات مرفوقــا بعون قضائي للتأكيد على‬ ‫منعه من القيـــام بمهامـه قبل رفع قضيته‬ ‫إلى الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم‬ ‫واالتحاد الدولي للعبة‪..‬‬

‫الصحافة اإلسبانية تشيد بعمل المدرب اإلسباني‬ ‫أنخيل فياديرو مع المغرب التطواني‬ ‫ألغت جميعة المد األزرق ألنصار اتحاد طنجة الوقفة االحتجاجية التي كان من المقرر‬ ‫تنظيمها أمام والية طنجة للتعبير عن عدم رضاها على رفض والي الجهة الستقالة عبد الحميد‬ ‫أبرشان ومكتبه المسير والمطالبة بتغيير جذري واستراتيجية جديدة في تسيير الفريق‪.‬‬ ‫وجاء قرار جمعية المد األزرق بإلغاء االحتجاجية بعد جلوس أعضائها مع مسؤولي الوالية‬ ‫وتلقيهم تطمينات بإيجاد حل لمشكل الفريق‪.‬‬ ‫هذا و اليزال الوضع المتأزم يخيم على كل فعاليات اتحاد طنجـة بعد تقديم المكتب‬ ‫الستقالته وحضور المدرب نبيل إحدى الحصص التدريبة مرفوقا بعون قضائي‪.‬‬ ‫وحتى التداريب اإلعدادية لمباراة الوداد البيضاوي تمر في غياب العديد من الالعبين‬ ‫لإلصابة وأيضا لنفسية الالعبين المنهارة‪.‬‬

‫حظيت االنطالقة القوية التي بصم عليها المغرب التطواني بداية الموسم الحالي تحت قيادة‬ ‫المدرب اإلسباني «أنخيل فياديرو» باهتمام كبير من قبل الصحافة اإلسبانية التي أشادت بالعمل‬ ‫الكبير الذي يقوم به رفقة فريق الحمامة‪.‬‬ ‫ومن بين الصحف اإلسبانية التي تحدثت عن االنطالقة القوية للمغرب التطواني تحت قيادة‬ ‫المدرب أنخيل فياديرو صحيفة «آس» التي نوهــت بما يقدمـه ابن مدينـــة سانتاندير أنخيــل‬ ‫فياديرو رفقة الفريق‪.‬‬ ‫الصحيفة اإلسبانية أشارت إلى أنه حقق ثالث انتصارات وتعادال بالبطولة االحترافية جعلته‬ ‫يتصدر الترتيب مع تسجيل هجومه لستة أهداف وتلقي شباكه هدفا واحدا‪.‬‬ ‫وقالت ذات الصحيفة أن نجاح المدرب «أنخيل فياديرو» برفقة المغرب التطواني لم يتتصر‬ ‫على البطولة فحسب بل قاد الفريق أيضا للتأهل إلى الدور نصف النهائي لكأس العرش‪ ..‬وهو ما‬ ‫يجعل برأيها تحقيق أول لقب للمدرب فياديرو بالمغرب ليس ببعيد المنال‪.‬‬


‫األخيرة‬

‫الثالثـاء ‪� 05‬إلى ‪ 11‬نـوفمرب ‪2019‬‬

‫العدد ‪1018‬‬

‫تذكرة سفر‬

‫السلسلة الرابعة‬

‫احللقة ‪13‬‬

‫لقاءات حوارية‪ ،‬في حلقات متسلسلة‪ ،‬مع شخصيات مؤثرة في المجال العمومي المغربـي‬ ‫والعربـي واإلنساني‪ ،‬تستحضر تجربتهم في الحياة الخاصة والعامة‪ ،‬وترحل بهم عبر تذكرة‬ ‫سفر معنوية وروحية إلى الماضي والمستقبل‪.‬‬ ‫• عبد اإلله المويسي ـ • محمد العطالتي‬

‫وزيرالثقافة السابق‬

‫محمد األشعري‬ ‫المحور الثالث ـ المسار السياسي ـ‬

‫يحضر األستاذ محمد األشعري‪ ،‬في مخيال القراء المغاربة والمشتغلين بالحقل السياسي والمجتمعي‬ ‫الوطني‪ ،‬بصيغة الواحد المتعدد‪ ،‬فهو اإلنسان أوال‪ ،‬وهو الشاعر والكاتب الروائي والمناضل السياسي‬ ‫والناشط الحقوقي‪ ،‬وواحد من أبرز وجوه معتقلي سنوات الرصاص‪ .‬وهو الوزير الذي انعطف بمشروع‬ ‫الثقافة الوطنية نحو أفق اتسمت فيه بتبني مفهوم الصناعة الثقافية‪ ،‬وهو الذي سبق أن شغل قبلها‬ ‫منصب رئاسة اتحاد كتاب المغرب لثالث دورات عرفت خاللها هذه المؤسسة أقوى مراحل ديناميتها‬ ‫وإنتاجيتها‪.‬‬

‫حكومة اليوسفي‬ ‫السي محمد‪ ،‬أنتقل معــك اآلن إلى‬ ‫محطة أساسية من محطــات مشوارك‬ ‫العمومي والمتعلق بدخولك الحكومة‬ ‫وتقلدك منصب وزارة الثقافة لواليتين‪،‬‬ ‫واألكيد أنها المرحلة التي خلفت انطباعا‬ ‫جيدا لدى المثقفيـن المغاربـــة ولــدى‬ ‫المهتمين بالشأن الثقافي بشكل عام‪،‬‬ ‫فقد كانت مرحلة اتسمت بنوع من التدبير‬ ‫الجيد والعقالني للفعل الثقافي بالمغرب‪،‬‬ ‫سواء على مستوى االهتمام بالمنشورات‬ ‫أو االهتمام بكل ما يتعلق بالحركية‬ ‫الثقافيةالمغربية‪.‬‬ ‫أريد أوال أن أتعرف معك عند المالبسات‬ ‫والظروف التي أحاطت‪ ،‬أوال بترشيحك‬ ‫للدخول إلى الحكومة‪ ،‬وثانيا بتقلدك منصب‬ ‫وزارة الثقافة‪.‬‬ ‫تعييني في مسؤولية وزارة الثقافة‬ ‫لم يكن بالنسبة لي ال منتظرا وال‬ ‫بديهيا‪ ،‬وعندما كانت المفاوضات جارية‬ ‫لتشكيل حكومة التناوب كنت على صلة‬ ‫بعدد من األصدقاء الذين كانوا يشتغلون‬ ‫مباشرة مع األستاذ عبد الرحمن اليوسفي‬ ‫على الموضوع‪ ،‬وكان هناك حديث عن‬

‫محمد با حنيني‬

‫بعض المسؤوليات وبعض الحقائب‪ ،‬وأتذكر‬ ‫أنني كنت قد أشرت عليهم بضرورة االتصال‬ ‫باألستاذ محمد برادة ألنني كنت أعتقد أنه‬ ‫األجدر بتقلد هذا المنصب‪ ،‬وأتذكر أيضا أن‬ ‫أحدهم أشار علي باالتصال به‪ ‬و استقراء رأيه‬ ‫في الموضوع‪ .‬وبالفعل فقد التقيت باألستاذ‬ ‫محمـد برادة وناقشـــت معه الموضـــوع‬ ‫وطرحت عليه الفكرة‪ ،‬فاعتذر بسبب وضعه‬ ‫العائلي الخاص آنذاك‪ ،‬وفي نهاية حديثنا‬ ‫قال إذا كنتم بصدد تشكيل الحكومة فال‬ ‫تنسوا األستاذ علي أومليل‪ ،‬وبطريقة تلقائية‬ ‫بلغت هذه المالحظة‪ .‬فيما بعد‪ ،‬وقد طالت‬ ‫المفاوضات كثيرا‪ ،‬تداول الوسط االتحادي‬ ‫خبرا حول تكليف شخصية ثقافية مرموقة‬ ‫بهذا المنصب‪ ،‬وأتذكر أننا كنا جميعا سعداء‬ ‫بذلك‪ ،‬وربما بالنسبة لي‪ ،‬حيـث إن أمر‬ ‫االستوزار لم يكن واردا‪ ،‬فقد كنت أتابع هذا‬ ‫الموضوع‪ ،‬موضوع تشكيل الحكومة‪ ،‬بكثير‬ ‫من التجرد‪.‬‬ ‫وفي إحدى اللحظات الحاسمة‪ ،‬وكان‬ ‫المرحوم الحسـن الثاني يستقبـل آنذاك‬ ‫األستاذ عبد الرحمن اليوسفي‪ ،‬كنت مع‬ ‫الصديق األستاذ خالد عليوة في بيته ننتظر‬

‫خروج األستاذ عبد الرحمن اليوسفي من‬ ‫االستقبال الملكي‪ ،‬وبدأنا نتحدث في ما‬ ‫سيستقبل من أحداث مرتبطة بهذا األمر‪،‬‬ ‫وكنا في غاية التأثر والحماس والتطلع لما‬ ‫ستسفر عنه األشياء غدا‪ .‬فكان أن اقترح‬ ‫علي خالد عليوة‪ ،‬في معرض هذا الحماس‬ ‫والتطلع واستشراف المستقبل‪ ،‬فكرة أن‬ ‫أتولى رئاسة فريق االتحاد في مجلس‬ ‫النواب ألن هذا المنصب سيكون له أهمية‬ ‫خاصة في مرحلة تولي االتحاد مسؤولية‬ ‫تدبير الشأن العام‪ ،‬فلم أعلق على الموضوع‪.‬‬ ‫لكنني في ذلك الحين لم أكن أشعر بحماس‬ ‫كبير ألن أتولى منصبا يضعني في الصفوف‬ ‫األمامية للحياة السياسية‪ ،‬على اعتبار أن‬ ‫الحياة السياسية‪ ،‬حتى ذلك الحين‪ ،‬كانت‬ ‫بالنسبة لي هي المشاركة في بلورة بعض‬ ‫األفكار وصياغة بعض المشاريع والمساهمة‬ ‫في تنوير الرأي العام‪ .‬والعمل الصحفي‬ ‫والثقافي كان األقرب إلى نفسي من كل‬ ‫شيء آخر‪ .‬لكن فيما تلى ذلك من األيام كنا‬ ‫في عشاء عند األخت العزيزة نجاة بوعبيد‪،‬‬ ‫زوجة المرحوم عبد الرحيم بوعبيد‪ ،‬وكان‬ ‫اإلعالن عن الحكومة وشيكا جدا‪ ،‬في نهاية‬ ‫هذا العشاء اقترب مني الصديق األستاذ‬ ‫أحمد لحليمي وأخبرني بأن األستاذ عبد‬ ‫الرحمن اليوسفي يطلب مني أن أترك له في‬ ‫الساعات األولى من صباح الغد سيرة ذاتية‬ ‫بمقر الحزب‪ ،‬وعندما استفهمته عن األمر‪،‬‬ ‫قال أنت مقترح لوزارة الثقافة‪ .‬وكانت هذه‬ ‫هي المرة األولى‪ ،‬بعد أسابيع من معالجة‬ ‫هذه المسألة‪ ،‬وألول مرة‪ ،‬وباستثناء ما كان‬ ‫يثار في الصحافة‪ ،‬ألول مرة أخاطب بطريقة‬ ‫مباشرة في هذا الموضوع‪.‬‬ ‫في اليوم التالي وضعت تلك السيرة‬ ‫المطلوبة‪ ،‬وبضعة أيام بعد ذلك‪ ،‬سيعلن‬ ‫عن تشكيل الحكومة وسأكون ضمنها في‬ ‫منصب وزير الثقافة‪ .‬لقد كان األمر‪ ،‬بالنسبة‬ ‫لي‪ ،‬على المستوى الشخصي‪ ،‬مُرْ ِبكا إلى‬ ‫أبعد حدود اإلرباك‪ .‬فأنا لم أتعود أوال على‬ ‫األشياء الرسمية‪ ،‬وكنت مرتبطا جدا بحرياتي‬ ‫الشخصية وممارستي للعمل الثقافي من‬ ‫خالل المجتمع المدني ومن خالل الكتابة‬ ‫واألسفار والمشاركة في الندوات‪ ،‬وكل ذلك‬ ‫كان بالنسبة لي جزءا أساسيا من حياتي‪،‬‬ ‫ولم أكن أتصور حياتي خارج هذا األمر‪.‬‬ ‫لكن من ناحية ثانية‪ ،‬فإن فترة تشكيل‬ ‫حكومة التناوب كانت بالنسبة لي من‬ ‫الناحية السياسية ومن الناحية الثقافية‬ ‫انعطافا كبيرا‪ ،‬وكان يسعدني أن أشارك‬ ‫في هذا االنعطاف‪ .‬فال أخفي أن وجود أي‬ ‫مناضل بعد سنوات من العمل المباشر في‬ ‫المعارضة ومناهضة االستبداد واالنتصار‬ ‫للحريات‪ ،‬بعد سنوات من ذلك‪ ،‬من المؤكد‬ ‫أن اإلنسان يحس بكثير من المسؤوليات‪،‬‬

‫ولكن أيضا بقدر غير قليل من االعتزاز‬ ‫بأن يشارك في بناء تجربة مستجيبة لتلك‬ ‫التطلعات التي حملناها لمدة سنوات‪،‬‬ ‫ومستجيبا لتحول كان اعتقادنا الراسخ آنذاك‬ ‫أنه سيكون تحوال تاريخيا‪.‬‬ ‫وهكذا وجدت نفسي‪ ،‬بعد بضعــة‬ ‫أيام من ذلك العشـــاء الذي أفضى إلى‬ ‫وضع ترشيحي‪ ،‬وجدتنــي أتسلم حقيبــة‬ ‫وزارة الثقافة في شارع غاندي الذي كنت‬ ‫أؤمه كثيرا بسبب مسؤولياتي الثقافية‪،‬‬ ‫وفي مجاالت أخرى‪ ،‬ووجدتني أدخل ذلك‬ ‫الممر الذي دخلته مرات كثيرة للدفاع عن‬ ‫مطالب اتحاد كتاب المغرب أو لمناصرة‬ ‫أحد األدباء أو المثقفين الذي كانوا يمرون‬ ‫بمرحلة صعبة‪ ،‬وأنا أمر بهذا الممر للدخول‬ ‫إلى المكتب الذي شغله عدد من الوزراء‬ ‫الذين تعرفت عليهم وبعضهم أصبح‬

‫ضمن أصدقائي فيما بعد‪ .‬تذكرت كذلك‬ ‫تلك المراحل التي قضيناها في الدفاع عن‬ ‫مكانة خاصة للثقافة في المغرب‪ ،‬وتذكرت‬ ‫على وجه الخصوص‪ ،‬المرة األولى التي‬ ‫دخلت فيها هذا المكتب‪ ،‬في مرافقة‬ ‫األستاذ الصديق محمد برادة‪ ،‬وكان رئيسا‬ ‫التحاد كتاب المغرب لنقدم بعض مطالب‬ ‫االتحاد لوزير الثقافة آنذاك‪ ،‬وقد كان هو‬ ‫األستاذ محمد بّاحنيني‪ ،‬وتذكرت على‬ ‫وجه الخصوص ذلك التعامل القريب جدا‬ ‫من الالمباالة مع قضية مثل قضية الثقافة‬ ‫بالمغرب‪ ،‬وقد أسفر هذا اللقاء فيما أتذكر‬ ‫عن الموافقة على منحة هزيلة التحاد كتاب‬ ‫المغرب‪ ،‬قبل أن نعلم فيما بعد أن وزارة‬ ‫الثقافة قد أرجعت جزءا من ميزانيتها إلى‬ ‫الميزانية العامة ألنها لم تستطع أن تنفقها‬ ‫في المجال الثقافي ‪.‬‬

‫في الحلقة القادمة‬ ‫نتحول اآلن إلى السؤال الثاني‪ .‬أكيد السي محمد‪ ،‬أن هذه النقلة النوعية بخصوص‬ ‫الصورة التي ظهرت بها وزارة الثقافة‪ ،‬ربما ألول مرة في المغرب‪ ،‬والمتعلقة بتدبيرك‬ ‫شخصيا لهذه الوزارة والتي تكللت بنجاحات متعددة وخصوصا على مستوى ما يمكن‬ ‫أن أسميه بالصناعة الثقافية حيث ظهر نوع من الحس الجدي في الثقافة‪ ،‬مثال مع‬ ‫المنشورات وإصدار مجموعة من المنشورات ألول مرة‪ ،‬مثال األعمال الكاملة والكتاب‬ ‫األول وغيره‪ ،‬أريد أن أعرف أنه هذا التدبير كان وراءه نوع من التخطيط الجيد ونوع من‬ ‫الحكامة في التعاطي مع الشأن الثقافي‪ ،‬واألكيد أيضا أن السي محمد قد وجد مجوعة‬ ‫من الصعوبات وأكيد مجموعة من العراقيل تحول دون أن يحقق حلمه الكامل كما‬ ‫يراه في وزارة الثقافة‪ ،‬بمعنى ما هي الصعوبات التي وجدها السي محمد في أول مرة‬ ‫وهو يستلم العمل بوزارة الثقافة وكيف استطاع أن يتغلب عليها وأن يخرج هذه‬ ‫الصورة الجيدة لوزارة الثقافة التي استبشر بها كل المغاربة والمثقفين المغاربة ؟‬

‫محمد برادة‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.