محمد األشعري
ضيف سلسلة «تذكرة سفر»
الحلقة
14
بدأت مباشرة بالدفاع عن ضرورة توفير مؤسسات ثقافية تليق بمكانة المغرب وبتطلعات المغرب مثل المكتبة الوطنية ومتحف الفنون المعاصر ودور الثقافةوالمعاهدالموسيقية
الصفحة 20
ال
على هامش زيارة إيفانكا ترامب للمغرب
% 24من المغاربة يعيشون تحت خط الفقر
صفحة 8
ف خا�ص
�ص عن
مل
خا
لرحيل األديب
16
الذكرى
إعالم جهوي متقدم
للتطبيع عرب الفن
املدير امل�س�ؤول :عبد احلق بخات ـ الهاتف 05.39.94.30.08 :ـ الفاك�س 05.39.94.57.09 :
�صفحات 5 - 4
العدد 1019ـ الثمن 4دراهم ـ الثالثاء 114ربيع الأول � 12 / 1441إلى 18نوفمرب 2019
محمد �شكـري
�صفحات 12 - 11 - 10 - 9
الفقر بالمغرب!!! كلمة الشمال عبد اإلله المويسي
بعد الضجة الكبيرة التي كانت قد أحدثتها تصريحات «بسيمة الحقاوي» بخصوص عتبة الفقر بالمغرب ،والذي أشارت فيه الى اعتماد دخل 20 درهم ًا في اليوم كمعيار وطني للخروج من الفقر ،وبعد ،الضجة الكوميدية أيضا التي كانت قد أثارتها عبارة «جوج فرنك» التي أطلقتها الوزيرة المنتدبة المكلفة بالماء وقتها شرفات أفيالل ،يعود الجدل الساخر من جديد ليحتل مواقع التواصل االجتماعي حول خط الفقر بالمغرب ومعاييره المعتمدة. مصدر الجدل الحالي ،من جهة حسب ما أشارت إلى ذلك العديد من المصادر الصحفية ،هو تقرير البنك الدولي الذي نشر يوم الثالثاء 9أكتوبر ،2019حول الوضع االقتصادي في المغرب والتحديات التي يتعين مواجهتها ،خاصة تلك المتعلقة بالفقر الشديد متعدد األبعاد الذي يمنع البشر من الوصول إلى االحتياجات األساسية والضرورية ،والذي أشار إلى أن معدل البطالة في المغرب «مرتفع ،خاصة بالنسبة للشباب والنساء» ،وأشار أيضا إلى أنه من بين 35.2مليون مغربي ،هناك 9ماليين أو لنقل ٪ 24من السكان «يعتبرون فقراء أو معرضين لخطر الفقر» ،وأن ٪ 45منهم في وضع حرمان. ومصدر الجدل من جهة ثانية ،ودائما حسب نفس المصادر الصحفية ،هو أرقام مندوبية التخطيط حول الفقر في المغرب والتي ترى أن عدد الفقراء بالمغرب أقل بكثير مما سبق ذكره ،ما أثار تحفظات أغلبية المغاربة ،خاصة إذا ما علمنا بأن 11مليون مواطن طلب بطاقة “راميد” المخصصة أص ً ال للفقراء من بين المواطنين الذين تشهد لهم السلطات بالفقر. بعض المصادر الصحفية ،ومعها مواقع التواصل االجتماعي تروج بأن مندوبية التخطيط حددت معيار الفقر لدى المغاربة في دخل سنوي هو 4667درهم ًا وهو ما يعني دخ ً ال يومي ًا يعادل 13درهم ًا. المطلوب هو وقف هذا التضارب بين األرقام ،حتى يتوقف التهكم الذي تشهده مواقع التواصل االجتماعي. والمهمة منوطة بالجهات الرسمية من دون شك فهي التي تعرف األرقام المضبوطة والمعايير المعتمدة بكل الدقة. أما 13درهم فهي بكل تأكيد مسخرة طبيعي جدا أن تثير التهكم.
جريدة يوميـة جهـوية وطنية ت�صدر م� ً ؤقتـا كـل �أ�سبـوع • الإدارة ،التحريـر ،الإ�شهـار 7 :مكرر ،زنقة عمر بن عبد العزيـز • الربيد الإلكـرتونـي info@achamal.ma :ـ املوقع الإلكرتوين www.achamal.ma :
العدد 1019
2
الثالثـاء � 12إلى 18نـوفمرب 2019
يومية جهوية وطنية ت�صدر م� ًؤقتا كل �أ�سبوع
املوقع الإلكرتوين :
«المغرب كبلد محتل.»! مغارات..
محمد سدحي sadhimed@gmail.com
للثقافة أخبار!! ..
الحديث عن (المشهد الثقافي) في طنجة محفوف بكثير من االلتباس .هل كانت طنجة وال تزال مدينة للثقافة؟ أنا لم أكن عائشاً فيما مضى ..وال يهمني كثيراً أن أعود بالزمن إلى الوراء للحديث عن الحركة الثقافية التي يفترض أنها كانت سائدة في الماضي. أتلفت حوالي ،اآلن وهنا ،فال أجد تقليداً ثقافياً حقيقياً في مدينتي ..هناك ضجيج ،نعم ..هناك ما ينعت بالمهرجانات والليالي واأليام ،بحدود أو بدونها ،ال ألمس فيها روحاً ثقافيةّ .. لكل ثقافته ،ولكل مفهومه للثقافة ..الثقافة بالنسبة لي أعمق من الشطيح والرديح وهز البطون واألرداف على إيقاع وصخب الطبول والهتاف باسم هذا وذاك ...الثقافة سؤال عميق. مؤرق .يثير الشغب .يزحزح القناعات .يخلخل السائد. يحرك البرك اآلسنة .يشهر الوسطى في وجه المنصة الشرفية .يصدع بقول «ال» ونون يا كحل العيون.. الجمعيات الثقافية تتناسل كاألرانب .إال أن الثقافة في واد وهي في واد آخر ليس بينه وبين واد الضامة سوى إجادة اللعب ..الثقافة ليست مجرد تجمع واستعراض أمام الكاميرا وتناول الحلويات والمشروبات وتبادل قبالت النفاق والعودة برؤوس فارغة ..النشاط الثقافي الحقيقي هو الذي نخرج منه ونحن نحس بأن وزننا قد زاد عما كان عليه.. فرع اتحاد الكتاب علق يافطة (مغلق) وأراح واستراح.. مندوبية الثقافة ال يمكنها أن تنوب عن المثقفين في شيء ..إنها تنوب عن الدولة ،ومطالبة بتكريس المفهوم الرسمي للثقافة ،وهذا منطقي على كل حال.. وفوق ذلك فإن موسم الغيطة والطبل ،عندها ،في حفظ من الضياع ..مع تقديرنا الكبير لبعض األصدقاء الذين ال نستطيع تجريدهم من «صفة مثقف» مهما اختلفت الرؤى وتفرقت أسئلة الثقافة في هذا الثلث الخالي البريء من أي ثقافة والحمد هلل على كل حال.. الجامعة جمعت رجليها من بساط الثقافة وانشغلت بأثمنة كتب السادة الدكاترة األفذاذ ..وترى الطالب يغرف من كتب المقرر ويصب في أوراق االمتحان كدلو معلق بحبل المستقبل المهني ،ثم يخرج في آخر السنة الدراسية بشهادة نجاح مزركشة ورأس فارغة كالسطل ..سطل الدلو ،طبعاً .وهكذا حتى يتخرج أو يخرج خاوي الوفاض.. الثقافة في صحافتنا المحلية ،في العموم ،توابل قليلة فوق الخضرة التي هي بدورها فوق ْ الطعام.. وحتى صحافتنا الوطنية التي كانت إلى حدود األمس تخص الثقافة بمالحق ثقافية جادة ،عادت لتعطي ظهرها لهذا المنتوج اإلنساني الذي ال يؤجل.. وإلى عهد قريب كان برنامج (للثقافة أخبار) الذي يعتبر من عالمات إذاعة طنجة ،العزاء بعد إلغاء البرامج الثقافية التي كان يشرف عليها أساتذة متمكنون بصفة متعاون مثل محمد علو وعبد العزيز جدير وأحمد الفتوح وغيرهم...
www.achamal.com ت�صدر عن مطبعة جريدة طنجة المدير المسؤول :
عبد احلــق بخــات رئيس التحرير :
محمد العطالتي
عبد الإلـه املـوي�سـي
atlati.mohammed@gmail.com
خالل فترة أواسط الثمانينات ،التي شهدت تراجعا نسبيا لحق الرواج السياحي الذي كانت تعرفه مناطق ومدن الشمال المغربي ،أتيحت لي فرصة التعرف على شاب قدم نفسه لي كصحفي يحمل الجنسية اإلسبانية ،وبحكم الجو «الثوري» و«النضالي» الذي كان سائدا في تلك المرحلة من تاريخ المغرب ،فقد أثرت مع هذا الصحفي األندلسي موضوع العالقات الثنائية بين المغرب ودولة إسبانيا وبشكل خاص مشكلة استمرار احتالل اسبانيا لعدد من الجزر والثغور المغربية بمنطقة الشمال، وأبديت ،خالل الحوار الذي دار بيننا ،غرورا ملحوظا وثقة بالغة في قــوة المغــرب ،حيث ذكرت الصحفي المدعو «خوسي» بأن تاريخ المعارك بين البلدين يؤكد انتصار قبائل ريفية بسيطة بأسلحة متواضعة على جيش جرار يقوده الفريق أول مانويل فرنانديز سلفستري، وذلك قبل أن أشير ،في حديثي المليئ بالغرور، إلى أن المغرب سيقوم بتحرير مدنه المحتلة بقوة السالح وأن اسبانيا التي هزمها الريفيون في 1921بأسلحة بدائية ستكون ،في اعتقادي، لقمة سائغة أمام قواتنا المسلحة التي أصبحت قوة ضاربة تمتلك أسلحة عصرية. لكن الشاب اإلسبانــي ،الذي كـــان ،كما بدا لي حينذاك ،متمرسا على فن االستماع والحديث ،فاجأني بهدوئــه أمــام حماستي الزائدة ،قبل أن يذكرني بأن الجيش االسباني الذي تعثر في معركة أنوال ،عاد وانتصر على الجميع ،مضيفا أن مجرد المقارنة بين القوة العسكرية التي يمتلكها البلدان تبعث على السخرية ،مؤكدا أن ال مجال للمقارنة بين قوة الجيش المغربي وقوة الجيش اإلسباني. و الحقيقة أن الرجـــل أقنعنــي ،بشكــل اليقبل الشك ،أنه محق في كالمه رغم عنادي الفارغ،لكنه سرعان ما انتقل لفكرة جوهرية، كنت أعدها وقتئذ مجرد كالم نظري ولغو شفوي ،وكان منطوق الفكرة يقول بأن الحروب القادمة بين الدول لن تكون حروبا عسكرية كتلك المعهودة ،بل ستكون حروبا اقتصادية. اآلن ،وبعد مرور عقود من الزمن على هذا الحديث ،ازددت اقتناعا بصدقية ومنطق كالم الرجل ،فقد أكد الواقع وأثبتت التجارب أن الحرب الحقيقية القادمة هي حرب اقتصادية
بين الدول والتجمعـــات ،لكن مع تسجيــل امتياز كبير لصالح القوى االقتصادية الكبرى في العالم ،فمن يكون قادرا على شن الحرب االقتصادية يستدعي بالضرورة امتالك اقتصاد قوي ،ويزداد االمتياز المسجــل تضخما حين تكون تلك القوة االقتصادية معــززة بقوة عسكرية قاهرة. في هذا الموضوع ،يسجل مركز الروابط للبحوث والدراسات االستراتيجية أن «من أهم األسلحة المستخدمة في تلك الحــرب هي اختراق األسواق ،ووإحــداث إغـراق في بعض السلع والمنتجــات إلضعاف الجهاز اإلنتاجي الداخلي للدولة وعدم قدرته على المنافسة والمقـــاومــة ،وذلك باستغــالل االتفاقيــات الدولية التي تتيـــح حريـة التجارة العالمية، واختراق األسواق عن طريق االحتكار وتملك خطوط اإلنتاج والصناعات الحيوية في الدول المراد تدميرها اقتصاديًّا». و قد ساق هذا المركز ،كدليل على ذلك، و«عالقة الواليات المتحدة األميركية بأوروبا من خالل تجارة الصويا ،حيث تمتلك الواليات المتحدة االحتكار العالمــي لتجــارة الصويا، وتصدر منها كل عام عشرة ماليين طن ،ومن الكسب لتغذية الحيوانات التي يعتمد غذاء أوروبا من اللحوم بشدة عليها . .قبل أن يؤكد بأنه « :ربما كان الشيء الوحيد الذي تستورده الواليات المتحدة من العالم ،وهو العقول البشرية ،وحيــث تعمل على استقطـــاب تلك العقول ورعايتها». بهذا المعنى ،فإن الحــرب االقتصاديـــة القائمة اآلن ال مكان فيها للدول المتخلفة، بل هي نفسها ستكون موضوع هذه الحرب، فلتكون قادرا على خوض «حرب اقتصادية» يجب أن تكون حائزا لألدوات التي تمكنك من الهجوم االقتصادي ،وفي نفس اآلن متوفرا على «آليات الدفاع عن االقتصاد الوطني»، وهو امتياز لم ينله بلد كالمغرب ،ما سيجعله في األمد المنظور محتال بشكل كامل من طرف القوى االقتصادية والمالية العالمية ،سواء أتم ذلك عبر إغراقه في الديون أو عبر االمتناع عن إقراضه المزيد وهكذا سيصبح «المغرب كبلد محتل.»!
هيئة التحرير :
عبد اللطيف �شهبون زبيـدة الورياغلـي �أ�سامـة الزكــاري ر�ضوان احدادو هدى املجاطـي محمد �إمغــران محمد وطـــا�ش محمد العطـالتي محمد �سـدحــي عبد احلـي مفتـاح م�صطفى ال�سباعي اإلدارة واإلشهار والعالقات العامة :
محمد طارق بخات اإلخراج والتصفيف:
«جريدة ال�شمال» عنوان التحرير والمراسالت والتسويق واإلشهار :
7مـكـــرر ،زنقـة عمــر بــن عبد العزيز ـ طنجــة ـ الهاتــف : 05.39.94.30.08 06.22.45.30.67 الفاكــ�س : 05.39.94.57.09 الربيد الإلكرتوين : info@achamal.com achamal2000 @gmail.com سحب من هذا العدد :
� 10آالف ن�سخــة التوزيع:
�سبـريــ�س Sapress الإيداع القانوين99/10 : ر.د.م.ك:
I.S.S.N : 1114-1832
العدد 1019
درد
شة
م�صطفى حجاج
الثالثـاء � 12إلى 18نـوفمرب 2019
دردشة في طريقي إلى قبر أبي رحمه اهلل ،الحظتُ أن مدخل ضريح سيدي المنظري أصبح مرتعا للمتشردين ،يرتادونه بكالبهم ومُعدّاتهم ،ويتصرفون فيه كما يتصرف رب البيت في بيته. وبجوار قبر والدتي – وأنا أتلو الفاتحة على روحها الطاهرة – الحظتُ جماعة تحتسي كؤوس الخمر دون حياء وال خجل ،وال خوف وال وجل. وبالمصطبة التي ينتظر بها المنتظرون دَوْرَهُمْ ألداء صالة الجنازة ،أو تقديم العزاء ،رأيت متشردين على نفس المصطبة ،يدخنون (السبسي) ويؤذون عباد اهلل دون حسيب وال رقيب ،وال رادع وال زاجر. وهذا يعني أن مقبرة سيدي المنظري التي كان لها شأن ومكان ،في سالف العصر واألوان ،أصبحت في زمننا هذا تحت رحمة الحمقى والمعتوهين والمجرمين ،وأن المكان َغدَا من النقط السوداء في جسم الحمامة التي كانت في يوم ما بيضاء ناصع لونها. والويل كل الويل لمن حدثتْه نفسُه بالمرور بهذه البقعة إذا أوشكت الشمس على المغيب ،والويل كل الويل لمن تغلغل في أدغال المقبرة في واضحة النهار ،فقد تكون نهايته هنا. ومقبرتنا أصبحت مقابر ،وامتدادها إلى حدود حارة زيانة ،ومشارف الطويلع ،لم يخضع – لألسف الشديد – لتصميم وال تخطيط ،وإنما تُركَ للصدف والجتهاد المجتهدين، يُشَرّقون إذا أراداو أن يُشَرّ ُقوا ،ويُغَرّبون إذا شاءوا أن يُغَرّبوا .وهذا يتماشى في نظري مع البناء العشوائي الذي تعرفه المدينة ككل ،فال األحياء مرتاحون للشكل الذي باتت عليه مدينتهم ،وال الموتى مستريحون في قبورهم. والمؤمّل أن نتدارك المقبرة ،وننتزعها من أيدي هؤالء الغزاة الفجرة ،الذين ال يراعون حرمات اهلل وال حرمات العباد ،األحياء منهم واألموات. واألمر سهل ميسّر إذا خ ُلصت النوايا ،وتوفرت اإلرادة .فإعادة هيكلة المقابر وتسييجها وحراستها ،وإنشاء دائرتين لألمن بمدخلها من جهة المدينة العتيقة ،ومخرجها من جهة زيانة ،سيعيد -المحالة -للموتى حرمتهم ،ويذلل للزوار المسالك والسبل ،ويؤمّنهم من خوف. وما هذا على أصحاب الهمم العالية بعزيز.
منظمة «حاتم» تنظم دورة تكوينية وندوة حول اإلعالم وعقوبة اإلعدام عبد الحي مفتاحبشفشاون تشكل عقوبة اإلعدام إحدى القضايا التي تثيــر نقاشا بين الحقوقيين وفقهاء القانون الجنائـي والسياسييـــن سواء عبر العالم أو على اصعيد الوطن ولكل واحد من الطرفين خلفياته اإليديولوجية والفكرية والقانونية والواقعية التي يحاجج بها لالنتصار لرأيه. ومنذ صدور اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان سنة 1948 الذي اعتبر «الحق في الحياة» من أقدس الحقوق ومبتدئها حيث ال يمكن الحديث عن الحقوق األخـرى دون الحماية الكافية لهذا الحق األساسي اعتبرت قضية عقوبــة اإلعــدام محكا أساسيا ومقياسا حساسا إلعمال المبادئ الكونية لحقوق اإلنسان رغم أنها استمرت نقطة خالفية كبرى يصعب االتفاق حولها. لذلك ظلت العديد من الدول ،رغم استصدار العديد من االتفاقيات الدولية وملحقاتها المتعاقبة ،ومنها باألساس العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية والبروتوكول االختياري الثاني الملحق به ،التي تقيد الحكم بعقوبة اإلعدام وتحث أو تطالب بإلغائها ،متشبتة بهذه العقوبة بل تنفيذها كالواليات المتحدة االمريكية والصين والسعودية وإيران... والمغرب ليس جزيرة معزولـة عن هذا النقــاش الحقوقي، حيث منذ انخراط المغــرب في المنظومــة الحقوقيـة الدولية ومع التقدم الذي خطاه على هذا المستوى بعد دستور2011 بجعله المواثيق واالتفاقيات الدولية المصادق عليها تسمو على القوانين الوطنية ،أصبح الحكم بعقوبة اإلعدام محط جدل سواء من خالل النقاش الدستوري أو الحقوقي أو القانوني خاصة فيما يتعلق بالمنظومة الجنائية الوطنية التي خضعت لتعديالت متواترة من أجل مالءمتها مع المقتضيات الدستورية والمبادئ والقواعد الحقوقية الدولية ذات الصلة . وإذا كان تنفيذ حكم عقوبة اإلعدام توقف منذ ما يعرف بقضية» الكوميسير ثابت» أو « الحاج ثابت» فإن هذه العقوبة ظلت مضمنة في القانون الجنائي وقانون العدل العسكري، وإن بشكل محدود يتقلص شيئا فشيئا ،وهو ما شكل هاجسا للمؤسسات الحقوقية الوطنية والجمعيات العاملة في المجال وللحقوقيين بصفة عامة ،على اعتبار أن التنصيص على العقوبة في القانون والنطق بها في المحاكم ال يتماشى والتوجه العام الدولي إللغاء هذه العقوبة وال يعكس اإلرادة الحقوقية العامة للدولة ،حيث تظل هذه العقوبة بمثابة سيف ديموقليس مسلط على رقاب المحكومين بها. وهكذا وفي ظل هذا الجو من التجاذب ،اختارت العديد من الفعاليات االنتصار إللغاء عقوبة اإلعدام في المغرب ،معتبرة إياها غير ذات جدوى سواء من حيث فعاليتها في الردع العام أو الخاص حيث لم يثبت أنه في الدول التي الزالت تحكم بهذه
3
العقوبة أو تطبقها تراجع في نسب الجريمة ،ومنها الجرائم الخطيرة التي يكون كجزاء تناسبي لها عقوبة اإلعدام. وفي هــذا اإلطــار تشكــل االئتـالف المغربي ضد عقوبـة اإلعدام ،وشبكتي «محامون» و«برلمانيون» ضد عقوبة اإلعدام، ثم شبكة «إعالميون» ضد عقوبة اإلعدام . ويرى المناصرون إللغاء عقوبة اإلعدام أن العقوبات البديلة كالحكم بالسجن المؤبد مع األشغال الشاقة قد يكون أكثر فعالية ،ثم إن تنفيذ حكم اإلعدام في حالة ثبوت خطأ ال يمكن التراجع عنه .كما أن تعميم التربية السليمة وإقرار السياسات االجتماعية المحاصرة لعوامل التهميش واإلقصاء والحيف الطبقي ،وكذا سياسات القرب األمنية من شأنه المساهمة في تقليص حجم العنف االجتماعي واألحقاد الفردية والجماعية إلى حد بعيد ،وبالتالي المساهمة في الوقاية من الجريمة وإشاعة قيم السلم واالختالف والحوار وسط المجتمع والحد من األمراض النفسية واالجتماعية إلى حد بعيد. ويالحظ من خالل وسائل التواصل االجتماعي نمو النزوع إلى الحكم المسبق على بعض مرتكبي الجرائم البشعة والمروعة، وهو ما يستدعي من اإلعالميين والحقوقيين والمختصين عموما القيام بدورهم في النقاش الفكري والحقوقي والقانوني الهادئ من أجل إشاعة ثقافة حقوق اإلنسان والتسامح ،وتمنيع استقاللية القضاء وتحصين سيادته ،وتمتيع المتهمين بكافة ضمانات المحاكمة العادلة في أفق ترسيخ دولة الحق والقانون التي يطمح إليها الجميع. ويظل دور اإلعالم من األهمية بمكان في خضم الثورة المعلوماتية والتأثيرات السلبية لركــام المعلومـــات السريعة التي نتلقاهــا .حيث أضحى من واجب الصحافيين واإلعالميين والمدونين ...التحلي بأخالقيات ومواثيــق المهنة والتسلح بالثقافة القانونية والتحري والتدقيق والتجرد ما أمكن لصناعة رأي عام عقالني ،متزن ،إيجابي منتصر لحقوق اإلنسان المتعارف عليها دوليا ،والقيم الوطنية ،واألخالق الحميدة ونبذ العنف واالنتقام . وفي هذا االتجاه تعمل وتجتهد منظمة حريات اإلعالم والتعبير -حاتم -التي نظمت دورة تكوينية وندوة حول اإلعالم وعقوبة اإلعدام لفائدة إعالميي جهة طنجة-تطوان-الحسيمة، بمدينة شفشاون وذلك أيام 25و26و 27نونبر الماضي بدعم من وزارة الدولة المكلفة بحقوق اإلنسان وبتنسيق مع اللجنة الجهوية لحقــوق اإلنسان بطنجة والتي كان لها صدى طيب وأثر محمود سنرى انعكاساته في المقبل من األيام بعد تشكيل مجموعتـي عمل لشبكــة «إعالميـــون» ضد عقوبــة اإلعدام ومنظمة حريات اإلعالم والتعبير بهذه الجهة.
نبوية.. عبد اللطيف �شهبون
abdelchahboun@hotmail.com
..وأنا متوجه الى مداغ ؛ موطن السر المحمدي وصلتني هدية كريمة من الصديق األستاذ الدكتور عبد اهلل السعيدي؛ المواطن العماني .وأما القصيدة فنبوية للشاعر جمال المال؛ نسجهــــا في بحر متسع األفق ،ممتد الرقعة ،جميل اإليقاع هو البسيط ،وأنشدها صوت نافذ لماجد الغافـري ،فأردت تعميم الفائدة بها في ظرفية الجالل والجمال والفرح بميالد رسول اهلل.
النبـي أنسل من عتمة المعنى ،أغيب سدى خلعت نعلي ،ال ظال ،وال جسدا أمشي على الماء ،هل في الماء من قبس ؟ لما بدوت اختفى ،لما اختفيت بدا ؟ يرتد صوت من النار التي اتقدت ، يا رب ،يا رب :من فينا الذي اتقدا ؟ أكان صوتك إذ ناديتني ولها ؟ أم كنت من صاح بي ،والنار محض صدى ؟ وثم ألف نبي ،دونهم أمم ، ووحده كان مشهودا ومنفردا ؛ كان اللواء رفيعا وهو يحمله ، وكان في ظله العشاق والشهدا تروي النقوش القديمات التي نسيت في حائط البحر أن البحر قد نفدا، وأي أم نبي مثل آمنة ؛ وقد تراءت قصور الروم إذ ولدا أضاعك العقال من كل خاطرة ، وضيعتك قلوب في الذي اعتقدا نقول :كان بسيطا ،ها هنا حجر، هنا توضأ ،صلى ،ها هنا سجدا يا أيها القدم المنسي داخلنا : فتشت عنك وكلي منك قد وجدا يا من له كانت األخالق معجزة ما عاب قط طعاما ،ال ،وما انتقدا ال تبك يا عمر الفاروق إن ترك الحصير في جنبه ختما إذا رقدا فذاك من لغة في أبجديتها ؛ أن الحرير يساوي ذلك اللبدا محمد ،واستوى الرحمن وهو على عرش عظيم فسمى نفسه الصمدا محمد :يا مقامات معمدة : بالطين عبدا رسوال كيفما عبدا سواد عينيك ليل العارفين سروا به ،فغابوا ،أضاعوا الدرب والبلدا أتوا إلى البئر مشدوهين وارتحلوا وأشعلوا في الغياب القلب والكبدا وافيت بابك حيث األرض متعبة أقول شعرا كثيرا فيك مجتهدا فلست كعبا وإن بانت سعاد وإن أبقتني اليوم متبوال بها سهدا وال الذي أشرقت شعرا كواكبه درية لم يسعها في الفضاء مدى كل القصائد ـ مهما قيل ـ ناقصة فالعفو إال من النقاد والرشدا والعفو منك رسول اهلل معذرة إن حملوها على غير الذي قصدا
الشمال الفني 4
إشراف الفنان يوسف سعدون
العدد 1019ـ الثالثاء 12إلى 18نوفمبر 2019
الجمعية المغربية للفنون التشكيلية والنقابة المغربية للفنانين التشكيليين المحترفين ضد التطبيع سجلت الجمعية المغربية للفنون التشكيلية والنقابة المغربية للفنانين التشكيليين المحترفين موقفهما إزاء مشاركة فنانين مغاربة في بينالي القدس عبر بالغ مشترك أكدتا فيه أن الفنانين الذين قبلوا الدعوة للمشاركة في بينالي القدس المحتلة ال يمثلون سوى أنفسهم ،وهم بالتالي ال يحترمون البتة التوجهات الفلسفية أو اإلنسانية لهيئتيهما اللتين كانتا على الدوام إلى جانب الشعب الفلسطيني في نضاله ،وأضافت الهيئتان في بالغ مشترك أنه مهما كانت الدوافع التي أدت إلى قبول هؤالء الفنانين لعرض أعمالهم سواء كانت مادية أو أخالقية فإنهم لم يأخذوا بعين االعتبار أن مشاركتهم سينظر إليها على أنها مشاركة لبلدهم ،كما هو الحال عندما يشارك أي مواطن من بلد ما في لقاء دولي مؤكدين أنهما تلقيتا بذهول مشاركة بعض الفنانين في هذه التظاهرة. وأكدتا أنه ال المغرب وال جمعياته منحوا هؤالء الفنانين تكليفا من هذا القبيل ،وخلصت الهيئتان إلى أنه من المستحيل تجاهل أنه وقصد تبييض جرائم الحرب والجرائم ضد اإلنسانية ،تسعى السياسة الرسمية لسلطات االحتالل إلى إعطاء إسرائيل صورة عبارة عن مشهد فني وعرفي ،ولهذه الغاية فإنها ال تتوانى عن دعوة الفنانين والنخبة األكاديمية.
دالالت مشاركة بعض التشكيليين المغاربة ببينالي القدس المحتلة إعداد :يوسف سعدون استجاب مجموعة من التشكيليين المغاربة من داخـل الوطن وخارجه لدعوة صهيونية لحضور بينالي القدس في نسخته الرابعة والتي انطلقت في األسبوع الماضي وستستمر إلى غاية 28نونبر الجاري ،ومن األسماء المشاركــة نجــد محمد المرابطي ومحمد مريد وأمينة األزرق وشامة المتالي وآخرين ،الغريب في هذه االستجابة تزامنها مع محاكمة
المناضل المناهض للتطبيع مع إسرائيل أحمد ويحمان حيث حكم عليه بالسجن النافذ لمدة شهر ،وهذه الحالة تشكل مفارقة غريبة وتطرح الكثير من االستفهامات حول تضارب المواقف الشخصية عندنا بالمغرب حول بعض القضايا سواء الوطنية أو الدولية، على أي ،حدث مثل هذا والذي يعاكس في خلفياته كل ثوابت الشعب المغربي إزاء القضية الفلسطينية،استوجب
منا في جريدة الشمال تخصيــص عدد خاص استعرضنـا فيه مواقــف وآراء مجموعــة من المبدعيــن والمهتمين، وسجلنا أيضا الموقف الرافـض إلطاريــن مهمين في الحقل التشكيلي وهما الجمعية المغربية للفنون التشكيلية وكذا النقابة المغربية للفنانين التشكيليين المحترفين ،وقد حاولنا تلمس الموقف الرسمي من هذه المشاركة لكننـا سجلنــا البياض.
معر�ض العار
:Ziaraاحلكمة املغربية يف القد�س
• محمد خصيف فنان تشكيلي وناقد من 10أكتوبر إلى 28نوفمبر 2019ولمدة ستة أسابيع ينظم البينالي الرابع للفن اليهودي بالقدس المحتلة ،يشارك فيه 200فنانا من جميع دول مختلفة، إلى جانبهم مغاربة وجهت إليهم الدعوة فتهافتوا ملبين طائعين ،ليملؤوا المكان المخصص لمعرض « :Ziaraالحكمة المغربية في القدس» .ويبدو أن مشاركتهم غير خاضعة لمقاييس البينالي ومعاييره، والدليل أن الصحافة اإلسرائيلية لم تهتم بها .جاء في صحيفة تايمز أوف إسرائيل مقال تحت عنوان: «البينالي الرابع للفن اليهودي المعاصر في القدس هذا الخريف» .وهنا يتبين عدم اعتراف الصحافة اإلسرائيلية بفن المغاربة المشاركين! نشر موقع ،360العدد 2019/11/1مقاال تحت عنوان« :المغرب في بينالي القدس :عندما ينجح الفن فيما فشلت فيه السياسة. العنوان يحمل ثالث معادالت خاطئة ،أوالها أن المغرب لم يكن ممثال بصفة رسمية بمعرض القدس ،فمشاركة ثلة المغاربة هناك لم تكن مدعمة من طرف أي مؤسسة حكومية أو غير حكومية مغربية، أو هيئة قنصلية معتمدة بالمغرب ،فالثلة المشاركة ال تمثل سوى نفسها ،ومن األخطاء التي لن يغفرها لها الوطن ،حمل رايته هناك .وأن بعض الهيآت من المجتمع المدني عبرت عن استنكارها لهذا الحدث المشين ،فقد أكدت ،عبر خبر نشرته وكالة المغرب العربي لألنباء ،كل من الجمعية المغربية للفنون التشكيلية والنقابة المغربية للفنانين التشكيليين المحترفين ،بأن الفنانين المشاركين في بينالي القدس المحتلة «ال يمثلون سوى أنفسهم ،وهم بالتالي ال يحترمون البتة التوجهات الفلسفية أو اإلنسانية لهيئتينا اللتين كانتا على الدوام إلى جانب الشعب الفلسطيني في نضاالته» .وأضاف البالغ المنشور أنه «ال المغرب وال جمعياته منحوا هؤالء الفنانين تكليفا من هذا القبيل». ثانيها ،أن الفن لم ينجح ،ولن ينجح في مثل هذه التظاهرات القزمية ،التي تهدف إلى «تبييض جرائم الحرب (استعمار األراضي المحتلة بالقوة ،وإساءة معاملة المدنيين ،)...والجرائم ضد اإلنسانية (في القدس ،وأيضا في غزة المحرومين من مقومات العيش ،الماء!.»)... عن أي فن يتحدثون؟ ومتى كان الفن بجانب العدوان والغصب والقمع؟! إال لدى األنظمة الفاشية والنازية التي وظفت الفن كبروبكاندا لنشر فلسفتها. ثالثها ،أن السياسة لم تفشل في القضيـــة الفلسطينية ،والدليل أن ملك بالدنا يرأس لجنة القدس ،وأن قرارات األمم المتحدة فيما يخص القضية الفلسطينية مازالت سارية المفعول ،رغم العقبات التي تعترض تفعيلها.
ما يجب قوله والتأكيد عليه أن «الفنانين» العارضين هم الذين أخطؤوا الطريق للتعبير عن «الحكمة المغربية في القدس» .فليست كل السبل تؤدي إلى الشهرة...فمشاركتهم هذه نعدها نقطة سوداء في مسار الحركة التشكيلية المغربية ،ألنهم مغاربة على كل حال .وسيقبر ذكرها إلى األبد...وكلما حاولنا تدوين بيوغرافيا هذه الحركة ،سنكتب هذه المشاركة بخط عريض ونسطر عليها بقلم أحمر ،ألن أصحابها اخترقوا الحدود .كان من المفروض عليهم ،إذا كانوا فنانين بحق ،أن يقفوا عندها .اخترقوا حدود األخالق والقيم اإلنسانية .فأراهم يصدق عليهم كالم الفنان المعاصر داميين هورست « :أردت فقط أن أعرف أين هي الحدود .لقد اكتشفت حتى اآلن أنها ال توجد». اختراق الحدود خاصية يتميز بها الفن المعاصر، فن ما بعد الحداثة ،وقد فصلت في هذا الباب الباحثة السوسيولوجية نتالي هنيك حينما تحدثت عن كون الفن المعاصر عمل على تجاوز حدود الفن كما يراها الحس المشترك .وأشارت إلى اختراق حدود اإلتيكا (األخالق) ،والحدود القانونية ،والجمالية ،واألصالة، وقد عكست ذلك عدد من التجارب الغربية واألسيوية، لكن المقلدين ،القابضين بشدة على األذناب لم يكن لديهم نفس الشعور واإلحساس بالمسؤولية، مسؤولية الفنان كإنسان يدافع عن قضايا إنسانية، يحاول الصهاينة الغاصبـــون طمسهــا ودكهــا بمصفحاتهم وغاراتهم .فالمشاركون في «معرض العار» لو اطلعوا على التاريخ الحديث للمنطقة ،وكانت لهم أعين الفنان الحقيقي ،يمعنون النظر ليستقصوا حقيقة التغيرات الجغرافية والسياسية التي شهدتها خريطة فلسطين المغتصبة ،ألعادوا النظر في مشاركتهم ولمزقوا تذاكر «زيارتهم» ،فيكون بذلك عبروا عن الحكمة المغربية اتجاه القدس الشريف. ولكن هيهات هيهات! الدرهم والدينار أفقدهم وعيهم وأغشى أبصارهم .فماذا سيستفيدون من هذه المشاركة البئيسة غير «شوية بقشيش» .فلن تكون لهم الجرأة إلدراج مشاركتهم ضمن سيرتهم الفنية مستقبال .فهي بصمة عار وسموا بها مسارهم الفني. من المقترحات التي يطرحها الفن المعاصر عبر العالم« :الدفاع عن الطفولة ،والدفاع عن الحيوانات، والدفاع عن الدين ،والدفاع عن الحشمة ،والدفاع عن ذكرى ضحايا المحرقة ،والدفاع عن كرامة اإلنسان» وهي من «صميم القيم األخالقية للعالم الغربي» ،كما تقول نتالي هنييك. إنها بحقن قيم إنسانية رائعة ،هاته التي يغامر في الخوض فيها الفن المعاصر العالمي! وأقف عند «الدفاع عن الدين». الريب أن هذه القيمة يستهزئ بها كثير من بني جلدتنا ،وأن الفنانين العارضين لو اعتبروها ،كما يعتبرها اليهود ،ما كانوا ليشاركوا أبدا .فالبينالي أسس مشروعه الفني انطالقا من إيديولوجية الهوتية ،فشعار «من أجل حب السماء!»« «�For hea »!ven’s sakeالذي تبناه البينالي لمشروعه ،يعد مغامرة لم يسبق استكشافها حتى يومنا هذا ،فهو يتجرأ على طرح تساؤالت حول عالقتنا باهلل وبالدين، وطرح أسئلة حول النزاع والصراع اللذ ان يرتكبان
«من أجل اهلل» .ولفتح مناقشة فنية لهذا الموضوع ذي األهمية الحساسة ،قرر البينالي فتح أبوابه ألول مرة لفنانين غير يهود». نرى كيف أن اليهود ال يفصلون الدين عن الفن، عكس ما نفعله نحن! فتنظيم البينالي في القدس له رمزيته الدينية عندهم ،وحضور فنانين مغاربة هناك يعطي الشرعية على أن «القدس عاصمة إسرائيل األبدية» .إذا كان األمر غير هذا ،لماذا لم ينظم البينالي بمدينة أخرى غير القدس ،تل أبيب ،أو حيفا...؟! كانت مشاركة الفنانين المغاربة بالمعرض مبادرة من أميت هاي كوهن ،رجل معروف في المشهد الفني والثقافي في المغرب ،يتبنى شعار «العيش سوية»، محاوال وضع كل ما هو إنساني فوق كل اعتبار .شعار جميل والجميع يسعى لتحقيقه...لكن ليس في مناسبة كهذه .ليس في دولة تتحدث بلغة القتل والتهجير والسجون والتعذيب ،دولة غاصبة لإلنسان واألرض والحضارة .عن أي إنسانية يتحدثون وأهل غزة يعيشون داخل حصار يمنعهم من الماء والهواء...؟ هولوكوست أعتى مما بناه النازيون فيما قبل. عن أي إنسانية يتحدثون وشعب ،وحيد في العالم، مازال خاضعا الستعمار ،مازالت أرضه تغتصب ،وأشجاره تقتلع ،وأطفاله وشيوخه يقتَّلون ببرودة؟ يقول أميت هاي كوهن « :أحاول أال أركز كثيراً على الحدود الوطنية ،وال على التلويح باألعالم ،رغم أن األنظمة تفرضها علينا». لكن مشاركة جان بيير فيل الفنان اإلسرائيلي من أصول فرنسية ،المقيم بالقدس تكذب هذه المزاعم: «يقول منظمــو البينالي في بيانهــــم إن مشروعه الفني المسمــــى « ،»Evolveيقدم تفسيرًا بدي ًال شخصيًا عمي ًقا يناسب أيضًا أولئك الذين يجدون أنفسهم يصارعون أسئلة وجودية» .من المقصود ب «أولئك الذين يجدون أنفسهم يصارعون أسئلة وجودية»؟! الصهاينة الغاصبون أم الفلسطينيون المغتصبون؟ يقول محمد الباز أحد المشاركين في المعرض: «لماذا أردت المشاركة في هذا المعرض؟ ألنه إذا رفضنا الذهاب ،إذا لم يكن لدينا اتصال ،فإننا نقبل قصة الضم ،نحن نقبل أن تكون القدس عاصمة إلسرائيل وليس فلسطين .إذن علينا أن نكون هناك!» هنا أتساءل :من ياترى منحهم تأشيرة «الزيارة»، إسرائيل أم فلسطين؟ بالنسبة إلي المشاركة أمينة أزراك ،أن معرض « »Ziaraهو «امتداد منطقي لـ «، »Talisman المجموعة التي تعد «جز ًءا من إحياء الثقافة اليهودية البربرية المغربية» .في محاولة للتصالح مع الجانب الخفي للتاريخ والهوية المغربيتين»! هنا تنكشف النوايا الصهيونية الخفية من وراء تنظيم هكذا معرض! المشاركون في المعرض: موران إفرغان ،أمينة أزرك ،إزا كنيني ،أرتز المريد، محمد مرابطي ،شامة مشتلي ،هشام بن وحود ،إنيس أبرجال ،لزار مخلوف المهدي ،شلومو الكبيتز ،إسماعيل ازيدي ،جاك جانو ،أنيام ليش ديري ،مارسيل تيهيال بيتون ،محمد الباز ،دافيد كيدج ،فاطمة الزهراء سيري، محمد أرجدال.
البينايل نهج لتثبيت القد�س عا�صمة لإ�سرائيل
• موليم العروسي
أظن أن الموقف من مشاركة بعض التشكيليين المغاربة ببينالي القدس ال يقتضي التوجه لألشخاص في حد ذاتهم كفنانين ،بل األهم هو أن يكون الموقف إزاء تعامل هؤالء مع الكيان الصهيوني ككيان عسكري عنصري ،هذا هو األساس ،ألن هذا الكيان يقوم بتصفية عرقية داخل القدس المحتلة ومن هنا رمزية القدس ورمزية البينالي ،الذي هو غير معروف وال قيمة له بين باقي بيناليات العالم ،والدليل هو نوعية الفنانين المشاركين والغير المعروفين والذين تورط معهم الفنانون المغاربة، ما يهمنا هو أن إسرائيل تريد ان تفرض القدس عاصمة دائمة لها رغم اإلجماع العالمي على معارضة هذا اإلجراء باستثناء أمريكا ،أيضا ،يجب استحضار الموقف الثابت من هذا اإلجراء من طرف المغرب باعتباره رئيسا للجنة القدس ،أركز هنا على القدس بقيمتها الرمزية والتاريخية التي تحاول إسرائيل جعلها عاصمة لها بكل هذه الحمولة الرمزية ،إسرائيل تحاول عبر هذا اإلجراء طرد كل الديانات ومن خاللها العنصر البشري غير الصهيوني وخاصة الفلسطيني العربي، مالحظة أخرى تتمثل في أنه ال وجود للفلسطينيين في هذا الموضوع، إذن من نحن لكي نتبنى الموقف الصهيوني ونذهب إلى هناك للدفاع عن الرأي العربي و الفلسطيني ،الفلسطينيون يعرفون كيف يدافعون عن آرائهم ومواقفهم ،ونحن لسنا مفوضين لذلك .نحن ندافع فقط عن موقف إنساني مضمونه النضال كل من موقعه ضد قهر الشعب الفلسطيني وسلب أرضه وحقوقه .يجب علينا ان ال ننسى الفظاعات والجرائم التي ارتكبها الكيان الصهيوني ضد الشعب الفلسطيني عبر التاريخ ،والجميع ال يمكنه نسيان ذلك بما في ذلك الفنان ،وكما كنا ضد التمييز العنصري بجنوب إفريقيا، فنحن أيضا ضد التمييز العنصري ضد الشعب الفلسطيني ، واآلن ،ومع وجود البعض الذي له رأي آخر يعاكس هذه الثوابت ،وأراد المشاركة في هذا البينالي ،فله ذلك ،وال نملك أي سلطة لمنعه ،وذاك اختياره ،لكن ،نحن لنا الحق أيضا لكي نقول ال ،ندافع من خالل هذا الموقف ليس فقط عن الفلسطينيين ،بل ندافع عن اإلنسان بكل توجهاته العقائدية والدينية بما في ذلك اليهود الذين يتبنى البعض منهم نفس مواقفنا المعادية إلسرائيل ،والدليل هو أن أحد المحركين للحملة ضد المشاركة في فلسطين المحتلة لتزكية االحتالل اإلسرائيلي للقدس ومشاركة شباب من إسرائيل في الصويرة هو سيو أسيدون وهو مغربي يهودي المناضل اليساري المعروف والذي يرأس جمعية تناهض التطبيع. نحن لسنا ضد األشخاص واألفراد ،نحن ضد مواقف محددة ،لهذا يجب على المشاركين في هذا البينالي أن ال يدعوا أن المغرب حاضر في هذه التظاهرة كما يدعي الشخص الذي نصب نفسه مندوبا لمعرض المغاربة ، بل يجب عليهم ان يؤكدوا حضورهم بصفتهم الشخصية فقط.
العدد 1019
الشمال الفني
التطبيع ..من امل�شاركة لالعرتاف
• شفيق الزكاري تشكيلي /ناقد قبل أن نتحدث عن التطبيع في مجاالته المتعددة ،ال بد وأن نعرف به كمصطلح حتى نتجنب تأويالت الجهات التي تحاول أن تعطيه بعدا مغايرا يخدم مصالحها ،لتبرير مواقفها الرجعية وتحقق أطماعها المادية على حساب شعوب مهضومة ومسلوبة في حقوقها ،كما هو الحال عليه في فلسطين ،فالتطبيع هو مشروع أو مبادرة أو نشاط جماعي سواء كان مباشرا أو العكس ،بين دول أو أفراد وجماعات في إطار تعاون أو تبادل ثقافي أو فني أو علمي أو اقتصادي ...في محاولة لتكسير تلك الحواجز السياسية والنضالية المترتبة عن األزمات بكل أشكالها وخاصة االستعمارية منها ،لقلب موازين الضغط النفسي والحقوقي واالعتراف بالكينونة الوجودية لسلطة مستبدة. وبما أن الموضوع يتعلق بالتطبيع الثقافي والفني ،فإن األمر يستحق مراجعة ووقفة تأملية وتمحيصية انطالقا من مبدإ التعامل مع هذا المصطلح من زاويته الصحيحة التي ال تدعو للمراوغة أو التضليل ،خاصة عندما يتعلق األمر بقضية مصيرية تتعلق بشعب يطالب باستقالله كالشعب الفلسطيني ،الذي يعتبر هو المسؤول األول واألخير على فتح باب التطبيع مع الكيان الصهيوني ،سواء في اتخاذ القرارات المناسبة له ،أو في التبادل الثقافي والمعرفي ،دون استشارة أو عراب ،parrainوإال فإن كل المبادرات التمهيدية للتطبيع التي حاولت أو قامت بها في المدة األخيرة بعض الجهات في عدد من الدول العربية ،تعتبر خرقا أخالقيا ووجوديا سافرا على أنقاض دماء شعب ناضل وال زال يناضل ألجل االستقالل ،وانتزاع االعتراف بوجوده وكيانه من طرف المجتمع الدولي كدولة مستقلة لها سيادتها ،ولها الحق في تقرير مصيرها. ففي الوقت الذي ارتفعت فيه نداءات ألصوات نزيهة كضمير مستيقظ ومتيقظ بأمريكا الشمالية والجنوبية وأوروبا وحتى من داخل إسرائيل ،..تنادي بمقاطعة الممارساتالعدوانيةوالالإنسانيةباألراضي المغتصبة ،نجد بالمقابل محاوالت جريئة في منحاها السلبي ومستفزة للتطبيع مع إسرائيل من داخل الدول العربية بما فيها المغرب منذ فجر استقالله ،الذي حمل شعار ضرورة استقاللية فلسطين ،حيث تبنته الحركة الوطنية إلى جانب كل األحزاب
• عز الدين بوركة (باحث جمالي)
التقدمية اليسارية آنذاك ،فكان من بين الهواجس التي حملتها كشعار ألجل الوحدة القومية العربية ،المرتبطة بقوة العقيدة والوطن ،فكان للمثقفين والمفكرين والمبدعين دور أساسي بحكم انتماء أغلبهم لهذه الحركة التقدمية ،من خالل كتاباتهم وإبداعاتهم في كل المجاالت سواء منها األدبية كالشعر والقصة والرواية ،أو الفنية كالتشكيل والموسيقى والمسرح ،...تلك اإلبداعات المنتصرة للقضية الفلسطينية في شقها الثقافي كموروث هوياتي ،إيمانا منهم بخطورة الوضع في فلسطين، ووعيهم بمصير األمة العربية خوفا من االستالب واالستبداد وطمس هذه الهوية، تلك الهوية التي استباحها في السنوات األخيرة بدون حرج بعض المهرولين من المثقفين والفنانين واإلعالميين ...المغاربة نحو التطبيع ،إما طمعا في الشهرة أو المال، دون أي اعتبار للشرط التاريخي والنضالي للشعب الفلسطيني ،في غياب كلي للضمير اإلنساني الذي يفرض بقوة االمتدادات التاريخية والعرقية والثقافية والعقائدية المشتركة بين المغرب وفلسطين واحترام دماء الشهداء والمعتقلين والمغتربين الذين رُحّلوا قصرا من ديارهم منذ سنة ،1948واإلعالن عن وعد بلفور المشؤوم. إن الشرط األساسي والميثاق التداولي الذي يربط المبدع بمجتمعه ووطنه ،هو الصدق والضمير والموقف ،وغير هذه العناصر قد يصبح هذا (المبدع) مرتزقا ال غير ،ألنه الناطق باسم األمة التي ينتمي لجذورها ،ألن دور اإلبداع هو اإلنصات وترجمة هموم وأفراح الناس ،ذلك ما قام بالتعبير عنه احتجاجا ،المثقفون والمبدعون المغاربة في فترات سابقة إلى حدود أواخر التسعينيات ،ضد كل أشكال التطبيع مع إسرائيل ،لتنقلب األوضاع فيما بعد تحت سقف العولمة وظهور المهرولين الذين قال في حقهم الشاعر نزار قباني في مطلع قصيدته (المهرولون) ما يلي : - 1سقطت آخر جدران الحياء. ..وفرحنا ..ورقصنا وتباركنا بتوقيع سالم الجبناء ..لم يعد يرعبنا شيء ..وال يخجلنا شيء ..فقد يبست فينا عروق الكبرياء -2 ..سقطت ..للمرة الخمسين عذريتنا ..دون أن نهتز ..أو نصرخ ..أو يرعبنا مرأى الدماء ..ودخلنا في زمان الهرولة ..ووقفنا بالطوابير ،كأغنام أمام المقصلة ..وركضنا ..ولهثنا ..وتسابقنا لتقبيل حذاء القتلة. ولذلك كل ما قام به عدد من المثقفين والمبدعين والفنانين واإلعالميين المغاربة بمشاركاتهم خفية ،وارتمائهم في أحضان الصهاينة من خالل مشاركاتهم في بيناالت
تشكيلية بتل أبيب بإسرائيل ،وبالقدس مؤخرا أو في ندوات أو سهرات فنية أو عروض مسرحية أو دورات تكوينية في اإلعالم ...في مختلف البقاع واألراضي الفلسطينية المحتلة والموجودة تحت السيادة اإلسرائيلية ،بحثا عن امتيازات معنوية أو مادية ،ليس إال خيانة للميثاق المفترض بين المبدع والمتلقي المغربي، وليس إال نموذجا لمن تحدث عنهم الشاعر قباني في قصيدته .وهذا ما وصلنا إليه اآلن كخالصة ،تشهد عليه األحداث الجارية بقطاع غزة من قتل واعتداءات واعتقاالت في حق الشعب الفلسطيني األعزل ،بعدما أن قامت أمريكا بنقل سفارتها إلى القدس الشريف بتواطئ مع بعض الدول العربية، احتفاء بسبعين سنة على احتالل الصهاينة لألراضي الفلسطينية في جو احتفالي من جهة ،وآخر درامي يعمل على إبادة جماعية للشعب الفلسطيني المغتصب من جهة أخرى ،الذي ال يطالب إال بحقوقه واسترجاع أراضيه وكرامته ،تحت مؤامرة يسودها الصمت والتجاهل من طرف أغلب الدول العربية. لكن الغريب في األمر ،هو هذا الصمت الرهيب من طرف المؤسسات التي كانت تدافع عن القضية الفلسطينية ومن بينها اتحاد كتاب المغرب ،إلى جانب النقابات بكل أنواعها ،حيث لم يسجل إلى حدود اآلن وال موقف على مثل هذه المبادرات المخزية التي ال تمت للفن بأية رسالة نبيلة اتجاه اإلنسانية ،ومن العار أن يشارك هؤالء الفنانين في مثل هذه المناسبات المقيتة ألجل الحصول على شهرة بائدة وعلى قدر هزيل من المال ،والعمل على القفز على كل األعراف الدولية التي تؤمن بالحرية والحق في الحياة ،متنكرين لكل ما يحدث إلخواننا الفلسطينيين من انتهاكات جسيمة جسدية وروحية ومن تسلط ونزع ألراضي أصحابها والتوسع على حسابهم من طرف الصهاينة ،ومن العار كذلك القفز على حرمة السيادة المغربية المتمثلة في جاللة الملك محمد السادس باعتباره «رئيس لجنة القدس الشريف». ليس هناك من ذريعة للدفاع عن هذه المشاركة ،كما فعل البعض ،بتبريرات واهية ال تعكس حقيقة الوضع باألراضي المحتلة ،فالدفاع عنها هو جهل لتاريخ نضال الفلسطينيين لتحرير أراضيهم، لذلك ليس هناك مجال لتبرير أي شيء، أو حتى التفكير في مناقشة هذا الوضع من منطلقات دفاعية ،وعلى من يؤيد هذه المشاركة أن ينظر للمذابح التاريخية التي نفذت في حق شعب أعزل ،هو الشعب الفلسطيني األبي ،الذي ساندته جميع الدول الشريفة بما فيها المغرب لمدة طويلة ،لدرجة أن هذه المساندة ساهم فيها كل المواطنين المغاربة فيما قبل أي في الستينيات والسبعينيات أي في عهد المغفور له جاللة الملك الحسن الثاني ،بتأدية خمس سنتيمات لصالح فلسطين في كل علبة عود الثقاب ،ضدا على محاوالت التوسع الصهيوني في األراضي العربية ألجل تطبيق بنود الوثيقة التي ال زال مفعولها جاريا والتي تسمى «بروتوكوالت حكماء صهيون» .
الثالثـاء � 12إلى 18نـوفمرب 2019
5
ال
للتطبيع عرب الفن • يوسف سعدون وجدت نفسي ذات يوم من أيام التسعينيات مضطرا لنشر بيـــان في جريـــدة االتحاد االشتراكي سجلت فيه موقفي إزاء محاوالت التطبيع التي كانت تنتشر آنذاك ،وكان هذا البيان بمناسبة تنظيم إحدى قاعات العرض بالدار البيضاء معرض لفنان تشكيلي إسرائيلي ،أتذكر جيدا أن مبادرتي هذه باإلضافة إلى دعوات أخرى عرفت تفاعال كبيرا من طرف مثقفين وفنانين وفعاليات متعددة حيث تناسلت المبادرات المنددة بهذا المعرض ،فكانت النتيجة هي مقاطعة هذه التظاهرة المسمومة وتوقيف كل تعامل فني مع هذا الرواق. تمر السنوات ،ولم تيأس مبادرات التطبيع من جهة الكيان الصهيوني ،فتستدرج إسرائيل تشكيليين مغاربة لتظاهرة فنية بالقدس المحتلة ،امام هذا الحدث،وجدت نفسي أكرر نفس الموقف بصيغ اخرى عبر هذا العمود وكذا إعداد ملف بجربدة الشمال لكي نبسط الموقف الرافض لمحاولة التطبيع الجديدة هذه واستعراض آراء وانطباعات مجموعة من الفنانين والمثقفين ،ولمزيد من التوضيح ،فاألمر يتعلق هذه المرة ،ببعض الفنانين من المغرب الذين لبوا دعوة المشاركة في بينالي ممسوخ بالقدس المحتلة ،هذا البينالي الذي يسعى من خالله الكيان الصهيوني إلى تكريس وضعية القدس عاصمة له ضدا على الرفض العالمي لهذا اإلجراء باستثناء الحليفة والراعية أمريكا ،ورغم هذه الخلفية المفضوحة ،نرى أن هؤالء الفنانين ،ضربوا عرض الحائط كل العداء التاريخي الذي يكنه اإلنسان العربي الحر لهذا الكيان المتغطرس والمغتصب لألرض والحقوق .وهذه الخطوة هي-أيضا -إساءة لإلجماع المغربي إزاء القضية الفلسطينية والتي يعتبرها المغاربة قضيتهم األولى في مستوى قضاياهم الوطنية...كما أن قراءة بسيطة لهذه المشاركة تكشف عن األهداف الذاتية المتعددة والمريضة من هذه المشاركة سواء في الجانب المادي/السترزاقي أو بعض الحسابات الذاتية الرخيصة كالبحث عن اعتراف مسموم أو شهرة ملغومة وغير ذلك. هؤالء المهرولون نحو إسرائيل ،لم يحترموا روح المقاطعة الثقافية إلسرائيل والتي أطلق مبادرتها مجموعة من المثقفين والفاعلين المغاربة إبان إعالن الكيان الصهيوني القدس عاصمة إلسرائيل ،كذلك تحدوا نداء الحملة الدولية لهذه المقاطعة ،هم خارج اإلجماع الوطني والدولي المناهض للسياسات العنصرية إلسراىيل،وأظن أن بعضهم لم ولن يستوعب هذه األبعاد ،وأنه أراد أن يجد لنفسه أفقا لتجربة فنية بئيسة ولو في أحضان إسرائيل ،هناك من بينهم من كان يحلم بجسور نحو عالمية مزيفة ولو على حساب دماء الشهداء ورأى في مشاركته هذه فرصة لتحقيق الحلم ،مهما برروا ،ومهما قالوا عن فصل الفن عن السياسة ،فهذه األخيرة هي المحرك لمثل هكذا مبادرات ،والدليل هو التوظيف السياسي للبينالي من أجل تثبيت وضعية القدس كعاصمة للدولة العبرية -كما أشرنا سابقا،-هم إذن مساهمون في هذا الهدف بل مباركون له ،والشيء اإليجابي في هذا الحدث ،هو تجديد اإلجماع الوطني الثابت حول القضية الفلسطينية ،وهذا الموقف يتأكد دائما كلما الحت في األفق مبادرات من مبادرات التطبيع ،وهذا اإلجماع تشترك فيه كل الشعوب العربية التي قاومت بإصرار كل محاوالت التطبيع الرسمية التي تنهجها بعض الحكومات المتخاذلة والعميلة ،ولنا في مصر النموذج.
ال ميثلون �إ َّال �أنف�سهم
ْ الحياة: على هذه األرض ما يستحقّ على هذه األرض سيد ُة األرض ،أم البدايات أم النهايات. كانت تسمى فلسطين .صارتْ تسمى فلسطين. محمود درويشسيدتي :أستحق ،ألنك سيدتي ،أستحق الحياة.
تعدّ القضية الفلسطينية قضيتنا جميعا .وقبل أن تكون قضية عرقية أو إيديولوجية كما يحب البعض تصنيفها تصنيفا خاطئا ،فهي قضية إنسانية كبرى أوال وأخيرا ،ما يجعلها قضية البشرية جمعاء ...إذ كيف يُعقل أن نصمت أمام عملية إبادة بطيئة وتهجير ممنهج يقع بحق شعب أعزل ،من قبل قوة مدعومة من قوى أخرى ،كل ظل في ظل تواطؤ غير مبرر من قبل مجموعة من الدول ...الصراع الفلسطيني اإلسرائيلي هو صراع دولة محتلة وشعب أعزل ،دولة تملك آخر العتاد وشعب ال يملك إال الحجارة والخذالن. تنتمي إلينا القضية الفلسطينية وننتمي إليها ،من المحيط إلى الخليج ومن الخليج إلى المحيط .بل إنها يجب أن تكون قضية كل إنسان يؤمن بالحرية وحقوق المستضعفين! لهذا لم يستنكر الشعب المغربي ودولته يوما لهذه القضية اإلنسانية الكبرى ،منذ بدأ االحتالل وقبل إعالن قيام دولة إسرائيل .بل إن المغاربة ناضلوا رفقة إخوانهم هناك منذ القرن 12م ،حيث قدموا للفتح الصالحي ،مساهمين بأرواحهم من أجل تحرير تلك األرض البعيدة من المحتل الغاشم؛ وإننا لنجد «باب المغاربة» سُميّ عليهم ،وقد أوقفه عليهم الملك األفضل بن صالح الدين ،وهي تسمية تطلق على بابين في مدينة القدس؛ أحدهما في السور الجنوبي للبلدة القديمة ،واآلخر أحد أبواب المسجد األقصى الغربية. فكيف يُعقل إذن أن يُطبّع بعض المحسوبين على الفن التشكيلي المغربي مع المحتل ،وذلك باسم الفن؟ بينما كان الحري بهم أن يجعلوا من فنهم سالحا لدعم القضية وإبرازها للعالم بشكل جلي ،في ظل التعتيم اإلعالمي الذي تنتهجه الوسائل اإلعالم العالمية الكبرى المحسوبة على دولة االحتالل .من األكيد أن هؤالء الممارسين
للفن بالمغرب «المطبعين» ال يمثلون إال أنفسهم ،لكن هذا ال يمنعنا أن نندد ونشجب هذا الفعل الشنيع والوضيع ،ألنه يكرس الصورة النمطية التي بدأت تروجها وسائل إعالم غير موضوعية ،بأن مثقفين وفنانين ونخب من العرب يساندون قيام دولة إسرائيل كما هي عليه اآلن ،بكل مستوطناتها غير الشرعية. ال يستقيم الفن وال يستوي الفنان إال بإيمانه بالبعد اإلنساني ،إيمان يجبره على أن يجعل من فنه وسيلة لدعم المظلوم أينما كان ومهم ْا كان .وال تختلف القضية الفلسطينية عن أية قضية إنسانية أخرى ،بل يكاد يكون أهمها وأقدمها .لهذا فمساهمة هؤالء الفنانين المحسوبين على الفن التشكيلي المغربي ،هي ضرب للقيم الحميدة والرفيعة التي تربى عليها المغاربة .لهذا يغلي دم المغاربة كباقي العرب أمام هذا التطبيع الشنيع مع االحتالل اإلسرائيلي ،ما يجعل كل فنان مشارك في الحدث الفني المزعوم مهاجَماً ومكروهاً من لدن كل مغربي في قلبه ذرة إيمان بالقضية اإلنسانية. وإن هؤالء الفنانين المغاربة بتطبيعهم هذا يساهمون في ترويج بروباغندا صهيونية، تغطي عن األفعال الهمجية والدموية التي يرتكبها جيش االحتالل في حق الشعب األعزل ،نساء ورجاال وأطفاال وشيوخا .و «إنه ال يفلح الظالمون». وفي السياق المقابل ،قد توحدت آراء شريحة واسعة من المثقفين والفنانين والسياسيين المغاربة حول رفض التطبيع الثقافي ،واألكاديمي مع إسرائيل ...رافضين أي شكل من األشكال التطبيع مع االحتالل وأي شكل من أشكال الدعم الممكن أن يتلقاها فنانون مغاربة من قبل إسرائيل .وهذا ما يبرز أن الموقف المغربي القائم والمستقر منذ قرون تجاه القدس وفلسطين ،لم تطله شائبة ولم يمسسه تغيير.
6
الثالثـاء � 12إلى 18نـوفمرب 2019
العدد 1019
مجتمع ـ سياسة ـ حقوق فكري ولد علي
(مراسل من الحسيمة /الناظور)
لقاء بعمالة الحسيمة حول تنمية الطفولة المبكرة ترأس السيد فريــد شــوراق عامل إقليم الحسيمة يومه اإلثنين 04نونبر 2019لقــاء تواصليا للتحسيس بأهمية تنميـة الطفولــة المبكرة ،في إطارالحملة الوطنية لتنمية الطفولة المبكرة المبرمجة فعالياتها ضمن المرحلــة الثالتة للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية. وقد حضر هذا اللقاء رؤساء الجماعات الترابية باإلقليم ومجموعة من الشخصيـات ورؤســاء المصالح الخارجية والجمعيات الفاعلة في مجال الطفولة وأطباء مختصون في المجال ،حيث تم خالل اللقاء تسليط الضوء على مجموعـة من المرتكـزات األساسية لتنمية الطفولة المبكرة باإلقليم. ويأتي هذا اللقــاء تنفيــذا للتوجيهـــات السامية لصاحب الجاللة الملك محمد السادس في الرسالة الملكية الموجهة إلى المشاركين في المناظرة الوطنية األولى للتنمية البشرية. وخالل كلمته اكد عامل اإلقليم على ضرورة اتخاذ مجموعة التدابير أهمها :إحداث خاليا محلية تعنى بالصحة الجماعاتيــة ،و اقتنـاء مكمالت غذائية لفائدة النساء الحوامل بالعالم القروي، و الفحص المبكر لهن عبر اقتناء وحدة طبية
متنقلة ومجهزة بالة الفحص بالصدى لتقريب الخدمات الصحية للنساء ،كما سيتم بالموازاة لذلك إطالق حمالت تحسيسية وبرنامج لتكوين الموجهات للنساء الحوامل من أجل مواكبتهن لتغيير بعض السلوكيات. وفي الختام ،أكد السيد العامل على ضرورة
تعميم الولــوج إلى تعليم أولي ذي جــودة بالعالم القروي ،عبر إحداث وحــدات للتعليم األولي .والقيام بفحوصات دورية لكل األطفال بالمدارس و هذا لن يتأتى إال بتعبئــة جميع الفاعلين من منتخبين و هيئات المجتمع المدني لتحقيق األهداف المرجوة.
المنتدى المتوسطي للسياحة يعقد اجتماعه األول بمدينة الشاون القاطرة السياحية لجهة طنجة ـ تطوان ـ الحسيمة
اخـتـار المنــتدى المتوسطـي للسياحة مدينة الشاون التاريخية والسياحية لعقد أول اجتماع له هذا األسبوع باعتبارها الوجهة السياحية األولى والقاطرة السياحية بالجهة. اجتمع المكتب المسير بحضور ضيوف شرف من مهنيين ومهتمين بقطاع السياحة، بشأن مناقشة والمصادقة على مجموعة من النقاط الواردة ضمن جدول أعمال االجتماع وذلك بقاعة الندوات لفندق برادور الذي يعد من المعالم السياحية العريقة على الصعيد الوطني والدولي .وبعد افتتاح رئيس المنتدى المتوسطي للسياحة السيد عبد المالك بوغابة اإلجتماع مرحبا بالحضور ومن خالله قدم عرضا توضيحيا لخص المشاريع وأهدافها المتضمنة في برنامج العمل لسنة 2020الذي يقوم على رؤية المنتدى في العمل والمساهمة في تنمية وتطوير قطاع السياحة بمجال جهة طنجة تطوان الحسيمة .وقد أكد بوغابة أن رسالة المنتدى هي المساهمة في تطوير قطاع السياحة بالجهة اعتمــادا على االستغــالل المعقلن والتثمين األمثل للمؤهالت السياحية التي يزخر بها المجال الجهوي لجهة طنجة تطوان الحسيمة ،وذلك بهدف تنويع المنتوج السياحي وصناعة سياحية تضمن الجذب السياحي وتطويل مدة إقامة السائح وطبعا بموزاة االرتقاء مهنياً بالقطاع ليكون قطاعا متميزاً منعشا للقطاعات االقتصادية األخرى يضمن خلق فرص عمل جديدة وتحسين الدخل المادي للساكنة المحلية ،باالضافة إلى أن هذا التطوير يجب أن يواكب عصر العولمة السياحية .وفي خضم أشغال االجتماع قدم رئيس المنتدى المتوسطي للسياحة عرضا حول الدور الذي تقوم به المدارس “الفندقية والسياحية” في تقديــم الخدمات المتنوعة لفائدة شباب جهة طنجة تطوان الحسيمة ،من خالل* :التوجيه المهني إلى القطاع السياحي. *يقوم بتنظيم ورشات تحضيرية لولوج سوق الشغل* .التدريب على المهارات الحياتية (soft * )skillsويوفر المعلومات عن القطاعات الواعدة ،إلى جانب ربط الخرجين الشباب مع أرباب العمل من خالل برامج للتدريب واالستئناس داخل المقاولة* .العمل على إعداد وتقديم برامج تدريب وتأهيل للعاملين في القطاع السياحي :االستقباالت ،المطعمة ،الطبخ ،الحلويات والنظافة… *تكوين مهنيي السياحة القروية ودعم قدراتهم وتسويق المنتوج السياحي *التوجيه والمرافقة المستثمرين في المجال السياحي والعمل على إعداد الدراسات حول المواقع التي تعتبر فرصة لالستثمار والتعريف بها ،وذلك عن طريق
Fikri.press@gmail.com Tél 0661986707
الحافظي المدير العام للمكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب ورئيس الجمعية المغربية للماء الشروب والتطهير، يترأس االجتماع األول للمكتب الجديد للجمعية
،ترأس مؤخرا السيد عبد الرحيم الحافظي المدير العام للمكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب ورئيس الجمعية المغربية للماء الشروب والتطهير ( )AMEPAاالجتماع األول للمكتب الجديد للجمعية المنتخب خالل الجمع العام المختلط (الجمع العام االستثنائي والجمع العام العادي االنتخابي) المنعقد في 23يوليوز .2019 يكتسي هذا االجتماع أهمية خاصة ألنه يمثل بداية فعلية للعمل من أجل تجسيد الرؤية االستراتيجية الجديدة التي تمت بلورتها خالل الجمع العام المختلط للجمعية. خالل هذا االجتماع ،صادق المكتب على برنامج عمل الجمعية المغربية للماء الشروب والتطهير للفترة 2023-2019والذي يهدف
بشكل رئيسي إلى إعادة تموقع الجمعية في قطاع الماء على الصعيد الوطني وكذا خلق التناسق وعالقات التعاون االستراتيجي مع الهيئات الوطنية والدولية العاملة في ميدان الماء. ركزت التوصيات الرئيسية الجتماع المكتب الجديد على إنشاء لجان داخلية للجمعية، مكلفة بتنفيذ مختلف محاور برنامج العمل وإطالق أنشطة ذات األولوية ،خاصة تنظيم معرض الجمعية الذي يعتبر الحدث الرئيسي للجمعية ،واالستعدادات لتنظيم ندوة سنوية حول البرامج االستثمارية للفاعلين في قطاع الماء على المستوى الوطني ،وتطوير االتصال االستراتيجي للجمعية ،وتطوير خارطة الطريق لتدعيم الموارد المالية للجمعية.
المنتج عبد الرحيم هربال رئيساً لرابطة المنتجين المغاربة
الحلول الممكنة قانونيا* .االعتناء و التحسيس بالبيئة السياحية ( )Ecotourismeبالجهة. *المساهمة في نشر الوعي السياحي بين أوساط المجتمع من خالل إقامة الندوات وعقد ورشات والمحاضرات والدورات ذات الصلة. *تقديم المساعدات في ميدان الخدمات ذات الطابع االجتماعي والثقافي - .العمل على إعداد ورقة تعريفية حول المعالم السياحية والحضارية والعمل على نشر الوعي السياحي بين أوساط المجتمع بأهمية الحفاظ عليها، وكيفية التعامل مع القادمين والمهتمين بمعرفة ثقافتنا وقيمنـا األخالقيــة وتاريخنا الحضاري في أفق إصدار مجلة خاصة بالمنتدي
تعنى بالشؤون السياحية والمواضيع ذات الصلة من خالل نشر المقاالت والدراسات واألبحاث التي تهتم بالسياحة المغربية والترويج لها. وبهذه المناسبة لم يفوت رئيس المنتدى تقديم أصدق عبارات الشكر والعرفان لصاحب وإدارة والقائمين على فندق paradorالصرح التراثي والسياحي التاريخ في احتضان فعاليات هذا االجتماع على اإلهتمام الكبير والعناية بأدق التفاصيل وكرم الضيافة والذي القيناه في اجتماعنا كما نتوجه بخالص تشكراتنا للسيد سيعد ابن الخضير رئيس تعاونية البحر األبيض المتوسط لفن الطبخ الجبلي الصحي على حفــاوة االستقبال والضيافة.
انعقد يوم الجمعة 1نونبر 2019بمدينة الرباط الجمع العام التأسيسي لجمعية رابطة المنتجين المغاربة بحضور عدد كبير من ممثلي وأرباب مقاوالت وشركات اإلنتاج السمعي البصريبالمغرب. وبعد مناقشة القانون األساسي والمصادقة عليه من طرف الحاضرين تم انتخاب أعضاء المكتب اإلداري والذي جاءت تشكيلته على الشكل التالي : الرئيس :عبد الرحيم هربال نائبته :أسية عليجات نائبه الثاني :الحسين أولباز الكاتب العام :محمد الداغور نائبه :أحمد بايدو أمين المال :محجوب بنسعلي نائبته :كريمة موخاريج المستشارون المكلفون بمهام أمينة بن الشيخ :منسقة لجنة اإلعالم والتواصل.
طارق اإلدريسي :منسق لجنة العالقات الخارجيةوالشراكات. محمد بوزكو :منسق لجنة التكوين والتأطير. محمد بنسيدي :منسق لجنة المتابعة والتقاريرالسنوية. رمسيس بولعيون :منسق لجنة التعاون الدولي. إبراهيم المرابط :منسق لجنة القوانين والتشريعات. ويهدف هذا اإلطار الجمعوي المهني إلى النهوض بقطاع اإلعالم السمعي البصري وتطويره وخصوصا األمازيغي منه وكذا العمل على توفير مناخ للتواصل بين مقاوالت اإلنتاج السمعي البصري والسينمائي وكل المتدخلين في العملية اإلنتاجية ،هذا باإلضافة إلى تعزيز الروابط بين المنتجين في مجال اإلعالم السمعي البصري وخلق شراكات مع المؤسسات والهيآت الثقافية واإلعالمية والفنية التي تعمل لنفس األهداف داخل الوطن وخارجه.
الثالثـاء � 12إلى 18نـوفمرب 2019
العدد 1019
7
مجتمع ـ سياسة ـ حقوق عبد العالي بن ربوحة
(مراسل من القصر الكبير/العرائش)
والي جهة طنجة تطوان الحسيمة في زيارة لجماعة القصر الكبير
قام السيد والي جهـة طنجة ـ تطوان ـ الحسيمة محمد مهيدية رفقـــة السيد عامل إقليم العرائش السيد العالمين بوعاصم يوم الخميس 07نونبر 2019بزيارة لمقر جماعة القصر الكبير حيث عقد لقاء مع السيد رئيس المجلس الجماعي محمد السيمو بحضور باشا المدينة السيد كريم انزلي وعدد من السيدات والسادة نواب وأعضاء المجلس وأطر الجماعة . السيد الوالي أكد على الجهود المتواصلة من أجل تدعيم مسار التنمية بكل مناطق الجهة، وأنه لن يذخر أي جهد في سبيل تعزيز برامج التنمية لمدينة القصر الكبير وتثمين موروثها التاريخي والثقافي ،مع دعم عدد من المشاريع
األساسية السيما في المجال االقتصادي وخلق فرص الشغل كمشروع المنطقة الصناعية عالوة على مشاريع التنمية االجتماعية والنهوض باإلرث الحضاري للمدينة على كافة المستويات استحضارا للسياسة الرشيدة لصاحب الجاللة الملك محمد السادس نصره اهلل بخصوص تكريس العدالة المجالية .وإقرار التوازنات داخل جهات ومناطق المملكة. بدوره عبر السيد محمد السيمو رئيس المجلس الجماعي عن تقديره العميق لهذه الزيارة مؤكدا على مطالب الساكنة والدعوة لتعزيز التعاون مع السلطات في إطار مفهومها الجديد ،ومع كافة الجهات المعنيــة بالتنمية
المحلية للمساهمة في النهــوض الشامـــل بالمدينة وإنصافها على كافة المستويات تنزيال لرؤية صاحب الجاللة محمد السادس نصره اهلل الداعية للرفع من وتيرة التنمية ومرتكزاتها الرئيسية في إطار التوازن المجالي واالستجابة لرعايا جاللته في كافة قضاياهم األساسية . وشكل هذا اللقاء التواصلي مناسبة ألعضاء المجلس الجماعــي لإلشــادة بهذه الخطوة اإليجابية للسيد والي الجهة للتواصل واإلنصات لمختلف المشاكل واإلكراهـــات بالمدينـــة والتنسيق مع مختلف المتدخلين إلنجاح رؤية إستراتيجية تحقق اآلمال المنشودة .
عامل اإلقليم في زيارة تفقدية لتتبع المشاريع بمدينة القصر الكبير
من أجل مواكبة وتتبع مجمل المشاريع التي تعرفها المدينة حل يوم اإلثنين 4نونبر 2019عامل إقليم العرائش السيد العالمين بوعاصم رفقة أطر العمالـة ورؤســاء المصالح الخارجية وممثلين من المصالـح الالممركزة ورئيس المجلس اإلقليمي والسلطات المحلية بالمدينة عالوة على رئيس المجلس الجماعي السيد محمد السيمو و بعض السيدات والسادة نواب الرئيس وأعضاء المجلس وبعض أطر الجماعة ..حيث تم القيام بزيارة تفقدية لعدد من األوراش والمشاريع بالمدينة وخاصة: -السوق المركزي – البالصا -
القاعة المغطاة ومالعب القرب بطريقحي اوالد احميد. أسواق القرب -الزوك -رحبة اللبن. المركز الصحي باوالد احميد.وقد تم التأكيد خالل الزيارة على ضرورة
التعبئة من أجل مواكبة المشاريع وتنزيلها في إطار الحكامة والرفع من وتيرة العمل وتدارس كل المشاريع التنموية التي تعرفها المدينة
والتعاون مع الجميع خدمة للصالح العام وتطلعات الساكنة من أجل المساهمة في تدعيم مسار التنمية المجالية المستدامة .
benrebouha01@gmail.com Tél : 0641794991
الوكالة الحضرية للعرائش – وزان تشرف على دورات تكوينية في مجال التعمير والبناء ،لفائدة السادة رجال السلطة ورؤساء الجماعات الترابية ومصالح التعمير التابعة لها بإقليم العرائش
في إطـــار اللقاءات التواصليـة والدورات التكوينية التي تؤطرهــا الوكالـــة الحضرية لفائدة جميع المتدخلين في ميدان التعمير والبناء ،وعلى إثر صدور المرسومين األول رقم 2.18.577بالموافقة على ضابط البناء العام المحدد لشكل وشروط تسليم الرخص والوثائق المقررة بموجب النصوص التشريعية المتعلقة بالتعمير والتجزئات العقارية والمجموعات السكنية وتقسيم العقارات والنصوص الصادرة لتطبيقها ،والذي ينسخ المرسوم رقم 2.13.424 الصادر في 13من رجب 24( 1434ماي )2013 بالموافقة على ضابط البناء العام الجاري به العمل حاليا والثاني رقم 2.18.475بتحديد إجراءات وكيفيات منح رخص اإلصالح والتسوية والهدم ،ورغبة في توحيد القراءات للنصوص القانونية التي تم استصدارها مؤخراً وترسيخ سياسة انفتاح الوكالة الحضرية للعرائش- وزان على محيطها خصوصاً فرقائها في مجال التعمير والتهيئة المجالية؛ أشرف مكتب دراسات مختص على تنظيم دورات تكوينية لفائدة السادة رجال السلطة ورؤساء الجماعات الترابية ومصالح التعمير التابعة لها على المستوى إقليم العرائش ،يومه الخميس 24أكتوبر .2019وقد ترأس هذا اللقاء السيد عامل إقليم العرائش والسيد مدير الوكالة الحضرية للعرائش-وزان، بحضور كل من السيد الكاتب العام لعمالة إقليم العرائش , ،والسيد مدير الديوان والسيد المفتش الجهوي للتعمير والهندسة المعمارية وإعداد التراب الوطني لجهة طنجة –تطوان-
الحسيمة والسيد رئيس قسم التعمير بالعمالة، وبعض أطر عمالة اإلقليم والوكالة الحضرية. في كلمته االفتتاحية ،أكد السيد العامل على أهمية اعتماد الضوابط المعتمدة في الترخيص خاصة في ظل رقمنة المساطر ،منوها بمبادرة الوكالة الحضرية بهذا الخصوص. وتناولت كلمة السيد مدير الوكالة الحضرية للعرائش-وزان ،السياق العام والخاص الذي كان وراء برمجة هذه الدورات التكوينية مذكرا بالمجهودات المبذولة في هذا اإلطار. وقد أعقب تقديم عروض مفصلة من طرف مكتب الدراسات نقاش مستفيض حيث قام جميع السادة رجال السلطة ورؤساء الجماعات الترابية ،وكذا ممثلو مصالح التعمير التابعة لهم بعرض مختلف اإلكراهات التعميرية -العملية والقانونية -التي تحد من ممارسة االختصاصات المخولة لهم. وفي األخير أكـــد السيد مدير الوكالــة الحضرية للعرائش ،أن هذه المؤسسة تعمل دائما في إطار تشاركي وتشاوري مع الجماعات الترابية ،تحت إشراف السيد عامل اإلقليم ،من أجل وضع رؤية استراتيجية محلية في ميدان التعمير والبناء والوقوف على جميع االكراهات والمشاكل التي تعرفها الجماعات الترابية ،وذلك من أجل التنزيل األمثل للحلول المناسبة لها. وقد عرفت هذه الدورة التكوينية نجاحا بكل المقاييس ومشاركة مكثفة تعكس انخراط كافة المنظومة المحلية في إنجاح ورش التأطير والتكوينالمستمر.
العرائش :اتفاقية إلصالح المسالك بالعالم القروي على طاولة رؤساء الجماعات و المجلس اإلقليمي و مديرية التجهيز
مهرجان جماعة سوق الطلبة في دورته الرابعة
أسدل الستار على فعاليات الدورة الرابعة لمهرجان جماعة سوق الطلبة بإقليم العرائش الذي استمر على مدى ثالثة أيام من فاتح نونبر إلى الثالث منه تحت شعار « :تنمية العالم القروي رهينة بتحقيق العدالة المجالية». حيث عــرف المهرجــان تقديـــم عروض لفرقة الهياثة والفلكلور الشعبي ،وأمسيات فنية لألطفال والتالميذ المؤسسات المدرسية، تخللتها لوحات فنية بمناسبة ذكرى المسيرة الخضراء . كما عرف المهرجان عروضا فلكلورية في مجالالفروسيةالتقليدية«التبوريدة»وبمباريات في مجال الفروسية من طرف مجموعة من الفرق المتخصصـة في “تبوريدا” بالمنطقة، وتميز بتقديم لوحات في هذا التراث األصيل، قدمتها فرق مشاركة للحاضرين المتعطشين لمشاهدة هذا الفن التراثي. ويهدف هذا المهرجـــان إلى التعريـــف بالمؤهالتالتراثيةوالفنيةواإلمكانياتالطبيعية للمنطقة وتثمين وحماية الموروث الثقافي الالمادي المحلي وجعله أحد المحركات الرئيسية للتنمية ،كما هو مناسبة لتدارس مجموعة من
القضايا التنموية من زوايا اجتماعية واقتصادية وثقافية وطرح أفكار ومقترحات لمشاريع تسهم في تعزيز التنمية المجالية بالمنطقة . كما عرف المهرجان تنظيم ندوة علمية بعنوان “المجال القروي والنمـــوذج التنموي الجديد ” من تأطير مركز الدراسات والبحوث االجتماعيـــة بالربــــاط والمنتــدى المدني الديمقراطيالمغربي.
تجدر اإلشارة إلى أن فعاليات مهرجان سوق الطلبة عرف تكريم عدد من الشخصيات والفعاليات واألسماء عرفانا لما قدموه للمنطقة من تضحيات جليلة ،ومشاركتهم في ملحمة المسيرة الخضراء المظفرة. ويبقى تنظيــم هكذا مهرجانـــات جسرا لدعم القيم الفنية والموسيقية وإبراز الموروث الالمادي الذي تزخر به المنطقة .
احتضنت قاعة االجتماعات بمجلس إقليم العرائش الثالثاء 28أكتوبر 2019اجتماعا دعا إليه رئيس المجلس اإلقليمي السيد مصطفى الشنتوف إلعداد اتفاقية تهدف إلى وضع إطار قانوني من أجل إنجاز وصيانة الطرق والمسالك بالعالم القروي ،وقد عرف االجتماع باإلضافة إلى رؤساء المجالس الترابية حضور كل من ممثل قسم الجماعات المحلية بعمالة العرائش و مسؤول عن المديرية اإلقليمية لوزارة التجهيز والنقل ،باعتبارهما شركاء في المخطط الذي رسمته رئاسة المجلس اإلقليمي بالعرائش من أجل النهوض بشبكة الطرق بالمجال القروي بإقليمالعرائش. واالتفاقية ستبــرم بين ثالثـــة أطـراف المجلس اإلقليمي والمديرية اإلقليمية للتجهيز
بالعرائش و الجماعات الترابية و في انسجام مع المادة 79من القانون التنظيمي المتعلق بمجالس العماالت واألقاليم والتي جعلت إنجاز الطرق وصيانتها من االختصاصات الذاتية األصلية لمجلس العمالة . هذا وعرف االجتماع من خالل تدخالت رؤساء الجماعات ترحيبا وحماسا كبيرين بهذه المبادرة مما يعبر عن الحاجة الماسة والملحة للتدخل إلنجاز وصيانة الطرق والمسالك بالعالم القروي خصوصا مع توقف البرنامج الوطني للطرق في نسختيه األولى والثانية وما تعرفه شبكة المسالك بالعالم القروي باإلقليم من تهالك وتدهور ،وقد تم االتفاق على مجموعة من االقتراحات والتعديالت المتعلقة بمشروع هذه االتفاقية .
8
الثالثـاء � 12إلى 18نـوفمرب 2019
العدد 1019
على هامش زيارة إيفانكا ترامب للمغرب
% 24من المغاربة يعيشون تحت خط الفقر • بقلم :الدكتور عبد الحق بخـات من بين 35.2مليون مغربي ،هناك 9ماليين أو لنقل 24٪من السكان «يعتبرون فقراء أو معرضين لخطر الفقر» ،في حين أن 45٪منهم في وضع حرمان ،كما أشار البنك الدولي ،في تقرير نُشر يوم الثالثاء 9أكتوبر ،2019حول الوضع االقتصادي في المغرب والتحديات التي يتعين مواجهتها ،خاصة تلك المتعلقة بالفقر الشديد متعدد األبعاد الذي يمنع البشر من الوصول إلى االحتياجات األساسية والضرورية .يذكر هذا التقرير أن معدل البطالة في المغرب «مرتفع ،خاصة بالنسبة للشباب والنساء». هذا الوضع المأساوي هو الذي دفع االبنة والمستشارة الخاصة للرئيس األمريكي إيفانكا ترامب لزيارة بلدنا هذا األسبوع ،إلى جانب Sean ،Cairncrossالرئيس التنفيذي لشركة ، .Millennium Challenge Corpوهي وكالة أمريكية لمساعدة الدول النامية .الغرض المعلن من هذه الزيارة ،التي جرت من 6إلى 8نوفمبر هو دراسة طرق مساعدة النساء والحد من الفقر. هذا الحدث اإلنساني الخيري هو بالنسبة لنا فرصة لتقييم ظاهرة انتشار الفقر في المغرب. تشير األمم المتحدة إلى أن المغرب هو أحد البلدان في منطقة الشرق األوسط وشمال إفريقيا التي تعاني أكثر من غيرها من الفقر والقيود. في تقرير لألمم المتحدة ،تم تحديد أن فقراء المغرب ينقسمون إلى فئتين :المغاربة الذين يعيشون في فقر مدقع بأقل من 12درهم في اليوم ،وآخرين يعيشون في نوع من الفقر المتوسط محرومين من حقوقهم األساسية ،بما في ذلك التغذية الصحية الكافية والمتوازنة ،ومحرومين أيضا من التعليم ،ومن الصحة والحق في السكن والمياه النقية ،ومن الكهرباء والغاز ،إلضافة إلى الحقوق األساسية المتعلقة باألطفال ،بما في ذلك التعليم المدرسي. يقول التقرير «مع األرقام المزعجة ،يحتل المغرب المرتبة 126في تصنيف مؤشر التنمية البشرية بين دول العالم». ليست هذه هي المرة األولى التي يدق فيها تقرير دولي ناقوس الخطر بشأن الوضع المأساوي للمغرب من حيث الفقر. لقد مرت هذه الحقيقة لألسف تحت صمت رهيب من قبل حكومتنا وأعضاء برلماننا الذين اهتموا أكثر بمرتباتهم وأقساطهم التقاعدية ومزاياهم الكبيرة ،بد ًال من الشعور بمآسي المجتمع المغربي. المقولة الشهيرة« :في المغرب ال أحد يموت من الجوع» عفا عليه الزمن ،ولم يعد بمقدورها إسكات معدة الجياع ببلدنا ،فما هي الحلول الحقيقية للتخلص من الفقر؟ من الناحية الرسمية ،يُقال إن المغرب منذ عام 2015ملتزم بالتصدي الحازم للقضاء على الفقر بجميع أشكاله. منذ ذلك الحين ،عرف تطور الفقر نوعا من التراجع ،مع بقائه مركزا أكثر بالمناطق القروية ،لنقل ذلك على األقل نظريا. يتم تفسير هذا التقدم من خالل تنفيذ برامج المبادرة الوطنية للتنمية البشرية( ، )INDHوالتي ساهمت بالفعل ،ولكن نسبيًا ،في تحقيق بعض التقدم االجتماعي-االقتصادي للمملكة ،كما أشرنا إلى ذلك بشكل كبير في مقاالتنا السابقة. ومع ذلك ،على الرغم من هذا التقدم المحدود الذي وفرته المبادرة الوطنية للتنمية البشرية والذي يبدو أن الحكومة مرتاحة له أكثر من الالزم ، فلن يكون األمر كافيا للقضاء بشكل كامل على البطالة ،وسيكون من الضروري دراسة طرق أخرى لمواجهة ظاهرة الفقر ،سواء في المناطق الحضرية أو القروية. باإلضافة إلى ذلك ،يتم استنزاف جزء كبير مما توفره المبادرة الوطنية أو أي مبادرة أخرى مشابهة ،بسبب ارتفاع تكلفة المعيشة ،وبسبب الزيادات المتتالية في أسعار الوقود والمواد الخامة التي فرضتها حكومة عبد اإلله بنكيران السابقة ،ولتي ركزت في سياستها على طريقتين سهلتين :القضاء على صندوق المقاصةوالمديونيةالخارجية. في هـــذا الصــدد ،يشيــر المرصد الوطني للتنمية البشرية ( )ONDHإلى أن مستوى معيشة المغاربة وف ًقا لمؤشــر أسعـــار المستهلك ( )CPIقد ارتفع بمعدل ٪ 2.2سنويًا خالل الفترة الممتدة ما بين ، 2017-2012وهي فترة حكومةبنكيران. إن حكومــة سعـــد الديــن العثماني التالية لم تحسن األمور على اإلطالق .واألسوأ من ذلك أن رئيس الحكومة يتجنب معالجة القضايا الحيوية للشعب المغربي، موضحا أننا ال نستطيع االعتماد عليه للقضاء على الفقر ،وكذلك الشرور األخرى مثل الفساد على سبيل المثال .إنها حكومة عابرة تنشغل بالتعاطي مع األمور بعيدا عن التصدي لها في عمقها ،.و خطاب شعبوي فارغ. فيانتظاراالنتخاباتالتشريعيةالمقبلة،الشاغلالحاليالوحيدللسياسيين هو الوصول بأمان إلى نهاية مهامهم من خالل الحفاظ على حماية امتيازاتهم الكبيرة الواضحة للعيان. في كل من خطبه ،يدرك الملك محمد السادس محدودية وقلة اهتمام التشكيالت السياسية ببالدنا ،وما يفتأ يعطي توجيهاته ذات الصلة ألخذ مصير الوطن على محمل الجد وإيالء الشباب األهمية القصوى و الحيوية إلدارة البالد. وبالعودة إلى مشكلة الفقر ،لحسن الحظ ،أن هبة سماوية ،والتي ال تعزى على اإلطالق إلى الحكومة أسفرت ،حتى اآلن ،عن نتائج قاطعة ،قدمت نفسها كاستراتيجية رئيسية ويتعلق األمر بالهجرة إلى الخارج لشخص واحد أو أكثر من أفراد األسرة الواحدة ،وهو ما ينعكس في التحويالت من قبل «مغربة العالم» المعروف أيضا باسم «المغاربة الذين يعيشون في الخارج»( ، )MREمع العلم أن عدد المغتربين الذين يعيشون في الخارج يقدر بنحو 4.5مليون شخص. إن الراتب أو معاش التقاعد الناتج عن وظيفة في أوروبا أو في أي مكان آخر في العالم ،يسمح لألسر التي بقيت في المغرب بالعيش باستقرار و بكرامة وبكل ما يسمح لمواجهة األزمات.. مكنت هذه الدخول المستقرة األسر المستفيدة من التمييز ،واالنتقال من الفئة المحرومة إلى الطبقة الوسطى.
األكثر طمأنة وتحقيقا لالستقرار في هذا السياق ،أنه ال يكلف للدولة المغربية عمليا أي شيء والتي ،على العكس من ذلك ،هي المستفيدة من خالل مساهمة مهمة للغاية من العملة الصعبة .إذا ،على األقل ،تم تخصيص جزء من هذه التحويالت ،على سبيل المثال ،لتوفير فرص العمل ،في شكل مبسط من القروض للمقاوالت الصغرى والمتوسطة ( )SMEsوالمؤسسات الصغرى جدًا ( ،)TPEسيمكن ذلك الشباب من االندماج النشط ،والهروب من جحيم الهشاشة وإدمان المخدرات الذي يخلف وراءه المتسولين والمشردين. األمر يهم سوق العمل .نحن نعلم أنه في المغرب ،تؤثر البطالة على أربعة من كل عشرة شباب .والتي تغذي اإلحباط واالستياء الشعبي. تؤثر البطالة بشكل أساسي على الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 15و 24عامًا ( ، )٪ 26.5حيث ترتفع هذه النسبة إلى ٪ 42.8في المناطق الحضرية. الخريجون ،الذين ال يتوفرون على أية مهارة ،يعانون من إخفاقات في نظام التعليم وعدم تجاوبه مع سوق العمل. صحيح أن بطالة الشباب هذه ليست ظاهرة حديثة ،لكنها أصبحت في نهاية المطاف «هيكلية» مع الرداءة والهدر المدرسي ،وكذلك مع ضعف تطوير النسيج اإلنتاجي الوطني. وقد أشار الملك في خطاب حديث إلى أن التقدم المسجل ال يفيد «الشباب الذين يمثلون أكثر من ثلث السكان». وقال جاللتــــه «من بينهــم ،كثيرين يعانون من اإلقصاء والبطالة». دعا صندوق النقد الدولي (،)IMF من جانبه ،سلطات المملكة إلى «الحد من ارتفاع معدالت البطالة ،خاصة بين الشباب» .واألمر يتعلق بسؤال يجب أخذه «على محمل الجد». وف ًقا للمندوبية السامية للتخطيط ( ،)HCPمن بين 400.000قادم جديد إلى سوق العمل المغربي ،ال يزال ٪ 53 منهم غير نشطين ،خاصة الشباب. «يجب أن يشكـل هــذا الوضـع المقلق مصدر انشغال كبيـر للحفاظ على التماسك االجتماعي واالستقرار» ،يحذر ، HCPمستنكرًا هزالة استثمار النمو الديموغرافي التي تنعكس بشكل أساسي في البطالــة ،خاصة بين الخريجين. المعدل الذي يصل إلى ، ٪ 18يميل إلى أن يكون أكثر طوال في المدى. واألسوأ من ذلك أن أكثر من نصف الذين تخرجوا من المدرسة ( )٪ 51يعانون من بطالة طويلة األمد .كما تؤثر هذه اآلفة على ٪ 42.6من خريجي المدارس الثانوية ،و ٪ 86.7من المواطنين الذين ليس لديهم شهادة. في النهاية ،فإن الوضع ال يشجع الباحثين عن عمل ،سواء كانوا من الخريجين أم ال ،ألن األمر يبدو بال جدوى ،وغالباً ما يختارون القطاع غير المهيكل ،مع عدم االستقرار الشديد فيما يتعلق بالتوظيف والدخل ،فض ً ال عن غياب الحماية االجتماعية .هذه هي الحالة األكثر شيوعًا بين الباعة الجائلين. إذا لم يكن األمر منعشا ،فإن النشاط غير المهيكل يسد الفجوات بشكل مؤقت ،مما يؤدي إلى إحراج مثير للجدل بشكل مستمر لالقتصاد المهيكل، وخاصة التجارة التي يصرخ أصحابها جراء المنافسة غير العادلة. بالنسبة للخبراء األذكياء ،هذه «حلول ترقيعية» تتغاضى عنها الحكومة، بالرغم من أنها عاجزة عن معالجة المشاكل االجتماعية الخطيرة ،ألنه غير قادرة على إيجاد الحلول الحقيقية للمشاكل التي يفرضها الواقع .أما بالنسبة لممثلي الشعب فإنهم معنيون بمصالح أخرى. والزمن كشاف.
قطرات مداد ُ • محمد إمغران
حكاية مقابر الموتى من المسلمين
ال عاشت وال رأت أم مشهد فلــذة كبدهــا وهي مقطعة األطراف ،بعد أن تم نبش قبرها وإخراج جثتها الصغيرة ،المعبرة عن براءة الدنيا بأسرها ،كما حصل مؤخرا عندما تم نبش قبر واعتداء على طفلة ،حديثـة العهــد بعمليـــة الدفن.وهذا أمر ليس بغريب ،إذ تشهده مقابر جل المدن المغربية من فترة إلى أخرى ،بشكل يكاد يكون تطبيعا مع هذه األفعال الحيوانية والوحشية ،المرتكبة من طرف جناة ،ال إحساس وال ضمير لهم ،غير عمى أبصارهم التي في الصدور ،غارقين في أعمال السحر والشعوذة التي أصبحت تجارة «رابحة» في الزمن الرديء لدى شريحة اجتماعيـة ،خارجــة عن التصنيف البشري. أكثر من هذا أن المقابـــر صارت مراتـــع للمنحرفين وقطاع الطرق والمدمنيــن على شتى أنـــواع المخدرات ،بل وأماكن لتجميع النفايات والقاذورات ،المنتشـــرة بين األموات في مشاهد مقززة تبين إلى أي حد هو مصير األموات المسلمين الذين يتم االعتداء على حرمتهم حتى وهم ميتون وفي قبورهم ،مع أن كثيرا من األحاديث الصحيحة عن المصطفى عليه الصالة والسالم دلت على وجوب احترام الموتى من المسلمين وعدم إيذائهم.وفي هذا السياق من السياقات المتعددة حول فتوى حرمات القبور وعن عمرو بن حزم قال « :رآني رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم متكئا على قبر، فقال ال تؤذ صاحب هذا القبر أوال تؤذه» رواه اإلمام أحمد.فإذا كان هنا مجرد االتكاء على القبرإذاية لصاحبه ،فما بالنا والقبور ينبش فيها ؟ ما بالنا والجثــث يتــم التمثيل بهـــا ؟ أما األزبال ،فتلك حكاية أخرى. إذن ،أال تستحق القبور أن تحظى بعناية ورعايــة؟ أليـــس من الالئـق أن تخصص لها حراسة ،تبعد عنها األذى وتحميها من أعمال البطش والتنكيل ؟ وآخرا ،البـــأس في ظـــل نــدرة حراســـة وحمايـــة المقابرعندنا عرض هذه اإلضافات من القطــرات المدادية ،للتأمل واالستنتاج : ـ حراســة مشددة مضروبــة على الحانات وبعض محالت القمار. ـ توفيـــر الحمايــة لبعـــض المفسديـــن في شتى المجـــاالت ،تتداول منابر إعالميـــة صفاتهم وأخبارهم. ـ مقابرالنصارى محروسة في الغالب ،نظيفة وفضاءاتها شاعرية.
امللحـق الثقافـي 9
العدد 1019ـ الثالثاء 12إلى 18نوفمبر 2019
لرحيل األديب
محمد �شكري �إعداد وتن�سيق :
ـــ عبداللطيف الــبازي ـــ عبدالإله الـمويـ�سي
و�صايا محمد �شكري • عبد اللطيف البازي
أعرف أن عزيزنا محمد شكري ما كان ليقبل هذا العنوان ألن تقديم الوصايا لم يكن من ضمن هواياته. لكنني أعتبر أن صاحب «الخبز الحافي» هو اآلن مبدعا كالسيكيا ،أي أن تجربته في الكتابة قد أصبحت مرجعا ومطمحا وتيارا أدبيا معترفا بقوته وفرادته وعابرا للمجتمعات والثقافات ويشهد على ذلك الترجمات العديدة التي حظيت بها أعماله. إن السطوة الرمزية لمحمد شكري تجد منبعها في األهوال التي عاشها هذا الكاتب عندما انتقل في أربعينيات القرن الماضي ،هربا من الفقر والعوز ،من بلدة صغيرة بمنطقة الريف المغربي حيث كان مولده إلى مدينة طنجة البراقة ،وتمكنه من أن يحكي عن تفاصيل هذه األهوال بتلقائية وقوة ،وأن يرسم لنفسه شخصية يمكن إدراجها بيسر ضمن ما يعرف باألدب الشطاري Literatura Picarescaإذ نشأت عالقة متوترة بينه وبين محيطه ،وعرف مبكرا أن عليه االعتماد على نفسه واضطر لالنتقال بين أماكن ومناطق مختلفة لمقاومة الجوع والتيه وللتحكم في مخاوف دفينة تنتابه بين الفينة واألخرى .لقد عانى محمد شكري ،كما نقرأ في ثالثيته السير -روائية «الخبز الحافي» و «زمن األخطاء»و «وجوه» من الفقر والحرمان والجوع ،ومارس مهنا مؤقتة لم تضمن له العيش الكريم ،وتسكع وتم التحرش به وجرب وطأة السجن واإلنهيار النفسي وتعرض للعنف بمختلف تمظهراته وشرع يعيش حياة ال تحدها قيود بتبنيه للتشرد نمط عيش .لذا يمكن القول إن الكتابة كانت لها ،بالنسبة إليه ،وظيفة حفظ التوازن ،وكانت بمثابة سند لمواجهة فجائع الوجود. ومن المؤكد أن محمد شكري شخصية جذابة وأنه كان يدبر وضعه االعتباري بذكاء ،وإن قوة إبداعه وانسجام نمط حياته مع قناعاته وجرأته الالفتة لالنتباه جعلته يحظى باحترام اآلخرين له رغم اختالفهم معه، باإلضافة إلى أنه كان حريصا على أن يربط اسمه بطنجة ،المدينة المفتوحة واآلسرة التي تمت أسطرتها. ومحمد شكري ،بذكائه الفطري ،تمكن من خلق أسطورته الشخصية ومزجها بأسطورة طنجة وسحرها الخفي، وأصبح ،بمعنى من المعاني« ،معلمة» من معالم المدينة يبحث عنه المبدعون الذين يقصدونها ليستمتعوا بمجالسته ومرحه وتفرد شخصيته وسخائه كذلك. ومرور الزمن لم يجعل شهية الباحثين والمتتبعين والقراء من األجيال الجديدة تخفت بل واصلوا سعيهم لالقتراب من عوالم شكري وهواجسه وأحالمه وتجاربه التخومية وعوالمه التي شيدها بجرأة وإصرار وكتب عنها منذ أن اتخذ قرارا أوال بأن يتعلم الكتابة والقراءة ،ثم اتخذ قرارا ثانيا و «تاريخيا» بأن يصبح كاتبا. ثم إن محمد شكري هو أحد الكتاب العرب القالئل الذين جعلوا من الكتابة شأنا عاما ونزعوا عنها طابعها المتعالي ،وجعلوا الكاتب شخصية معروفة المالمح واألهواء .وإبداعاته هي ذات أبعاد كونية تحكي عن انشغاالت و تجارب ونزوعات تهم اإلنسان أينما كان ،و هذا ما يفسر إلحاح وسائل اإلعالم بمختلف تلويناتها وجنسياتها على إجراء لقاءات وحوارات معه. ومفهوم الصداقة هو مفهوم أساسي لدى محمد شكري ،وما يدل على ذلك عالقاته العديدة و ما تم تداوله من أن منزله كان مفتوحا في وجه أصدقائه المبدعين وغير المبدعين من مختلف األجيال والجنسيات الذين ما كانوا يتصورون طنجة بدون حيوية محمد شكري ودعاباته. إن الكتابة عند محمد شكري كتابة عارية ،كتابة حسية تعتمد على الجرأة وصدم القاريء بنبرتها غير المهادنة وتتعمد أن تنتقل ما بين السجل الروائي والسجل السير ذاتي لتربك القراء وتشدهم .وهي في اعتمادها على الذاكرة تستحضر بعض الوقائع قصد التحرر منها لتصبح الكتابة بذلك ذات وظيفة عالجية وتضمد الجراح القديم منها والجديد.وهي كتابة تأتي من مجهول ما ومن غموض أكيد وهذا هو سر اإلنشداد الدائم والمتجدد إليها وإلى صاحبها.
خا�ص عن
16
الذكرى
15يوليوز 1935 15نوفمبر 2003
العدد 1019
الشمال الثقافي
الثالثـاء � 12إلى 18نـوفمرب 2019
10
رسالة من سهيل إدريس إلى محمد شكري
«الرا�ضي عن نف�سه»
محمد شكري في رسائله المستشفائية • الدكتورة العالية ماء العينين ما الذي يمكن أن يجعل محمد شكري ،الغاضب ،اليائس ،الساخط ،كما عمَّدته سيرة «الخبز الحافي»، «راضيا عن نفسه»؟ « ورد ورماد» كتاب صدر سنة 2000يحمل مجموعة من الرسائل المتبادلة بين محمد برادة ومحمد شكري .يقول محمد برادة في تقديمه لها« :قد تكون مضيئة لبعض التفاصيل التي التقطتها الرسائل وهي في حالة مخاض وقد ترسم مالمح أخرى ال يتسع لها النص اإلبداعي» . التقطتُ هذه اإلشارة ،ورحت أفتش عن وجه آخر لنصوص محمد شكري بين هذه الرسائل ،خصوصا تلك التي كتبها وهو في مستشفى األمراض العقلية ،والتي حمل بعضها توقيع «شكري...الراضي عن نفسه» .ويسميها بالرسائل «المستشفائية» كما ورد في إحداها. عددها ثمانية ،كتبها في الفترة الممتدة بين 1977/12/18و *1977/12/27أي خالل عشرة أيام. وهذا يعني أنه كان يكتبها يوميا تقريبا ،إال في رسالتيه األخيرتين حيث يفصل بينها يوم عن سابقتها. وهذا يفسر عدم وجود أية رسالة من محمد برادة خالل هذه الفترة. هل كان شكري راضيا عن نفسه خالل هذه الفترة؟ وما هي مظاهر هذا الرضا؟ وهل انعكس ذلك على تصرفاته وعلى عالقته بمحيطه؟ هل وجود شكري داخل جدران المستشفى يظهر وجها آخر غير معتاد؟ يقول الفيلسوف والمعلم الهندي»،كريشنامورتي جيدو» بأن الخوف من الوحدة يدفعنا للهروب ،إلى الكنائس والمساجد أو االستماع إلى الراديو او القراءة ،الكأس ،الجنس.... فهل يهرب شكري من الوحدة إلى المستشفى؟ في آخر رسالة كتبها قبل دخوله المستشفى ،يبدو في غيبوبة اختيارية عن العالم .يقول لمحمد برادة« :عندما استلمت رسالتك كنت شبه فاقد وعيي ،جد سكران...وضعتها في جيبي ولم أقرأها إال بعد يومين» .إضافة إلى ذلك تعبر الرسالة عن حالة خصام شديدة مع الناس ومع نفسه ورغبة في االبتعاد عن كل شيء« :كنت جد متخاصم مع نفسي وأيضا مع الناس» .ويصل غضبه إلى مداه فينفجر بأسلوبه امتلئ غضبا أبول على األشخاص ويبولون علي ثم أبول على نفسي فرحا أو حزنا ألحقق المعروف« :عندما ُ للكلبيين زمنهم المنسي». هذه الصورة التي التصقت بمحمد شكري والواضحة من رسالته ،ستتالشى داخل المستشفى ،وكأننا أمام مسرحية أو عمل درامي في ديكور جديد وفضاء مختلف تنقلب فيه األجواء والصور والحكايات ويليق بتوقيع « الراضي عن نفسه» .صور بعيدة عن الظلمة والخوف والروائح الثقيلة .في المستشفى يبدأ نهاره مبكرا محمال بانتعاش البرتقال « أفقت هذا الصباح حوالي الخامسة ،المرضى نائمون .بقيت في فراشي. أكلت برتقالة ثم دخنت سيجارة...وأخذت أقرأ» .وفي رسالة أخرى يقول« :الساعة اآلن خمس دقائق نحو العاشرة .استيقظت في المستشفى في الخامسة صباحا .أكلت برتقالتين ودخنت أول سيجارة ثم رحت أقرأ» . أول ما يثير االنتباه ،أن هذه الرسائل يومية .عكس ما كانت عليه قبل ذلك .فبينما يقول محمد شكري في آخر رسالة قبل المستشفى« :منذ شهرين لم أكتب سوى خواطر» ،يقول في أول رسالة من داخله، ضمها الكتاب « ،اإلحساس بالكتابة بدأ يغزوني في هذا المستشفى» .نفس الشيء بالنسبة للقراءة والتي تحضر في كل الرسائل تقريبا ،رواية «زمن الصمت» و «لوف ستوري» ،والشعر ،بل إنه يتمتع بمناقشات فكرية ،أدبية وفنية مع رفاق المقهى والدكتور محمد الجعيدي ،الذي يقول عنه» إنه إنسان مثقف ،يهتم باألدب والفن ،عموما ،وبالمذاهب السياسية والفكرية». رسائل محمد شكري من المستشفى تحمل إحساسا بالحرية واالنطالق ،وكأنه غادر سجن حياته اليومية إلى فضاء أرحب .يتجلى ذلك في كونه يكتب رسائله يوميا من المقهى ،نيبون أو مانيال ،ثم يتحدث عن ذهابه إلى مدينة طنجة لقضاء بعض حوائجه أو للعمل والعودة إلى المستشفى .يقول...« :في اليوم التالي سأعود من جديد إلى المستشفى ألقضي كل عطلتي» .المستشفى فضاء للعطلة واالنطالق والتحليق حتى وإن يكن بأجنحة إيكاروس. في هذه الرسائل نكتشف محمد شكري المنفتح على محيطه ،في حالة انسجام ورغبة في لقاء الناس والتفاعل معهم سواء من قاطني المستشفى أو أصدقائه الذين يلتقيهم في المقهى .وهذه بعض النماذج من رسائله: «داخل المستشفى ،أتمشى وحيدا أو أجالس أحد المرضى فيحكي لي عن مآسي حياته» .وفي أخرى يقول »:أنت ترى أن عالقاتي محدودة ومع أناس ال يزعجونني وال أزعجهم». يمكن أن نصف حالة محمد شكري في مستشفى األمراض العقلية ،بأنها إحساس بصفاء ذهني غريب كما عبر عن ذلك مخاطبا محمد برادة ،بل ويؤكد انه ال يشعر بأي ملل .هذه الحالة جعلته يفكر في تغيير حياته وهي رغبة كانت حاضرة في جل رسائله « :عندما سأخرج من هنا سأحاول أن أغير حياتي نحو األجمل ( )...سأبقى هنا حتى آخر هذا الشهر ثم أعود إلى طنجة الستئناف عملي مغيرا نمط حياتي ( )...كم أتمنى أن أكون بعيدا في بلد ال يعرفني فيه أحد ليكون لي من جديد أول صديق ،أول خصم ،أول عمل لم أمارسه من قبل إلى ما ال نهاية من األوائل». في المستشفى نكتشف محمد شكري الذي يعتني بصحته ،حيث توقف عن شرب الكحول ،وحتى الرغبة فيه لم تعد توتره كما يؤكد لمحمد برادة ،والمنضبط للمجامالت االجتماعية ،حين يطلب من محمد برادة أن يشكر الطبيب الذي يعالجه« :صحتي تحسنت كثيرا بفضل عناية الدكتور الجعيدي .أرجو ان تكتب له رسالة شكر نيابة عني» .وحتى عندما يشير إلى بعض مشاكله أو صراعاته مع أحد المرضى، فإن ذلك ال يخدش صفاء تلك الصورة التي نسجها محمد شكري بين ثنايا كتابته اليومية لمحمد برادة والتي تبدو على شاكلة مذكرات يومية يكتبها لنفسه. رسائل شكري «المستشفائية» غنية جدا في إيحاءاتها ودالالتها وتستحق قراءة متأنية متعمقة الستنطاق أوجه أخرى في كتاباته.
محمد شكري كان طباخا ماهرا
الشمال الثقافي
العدد 1019
الثالثـاء � 12إلى 18نـوفمرب 2019
محمد �شكري
رسالة من الطاهر بنجلون إلى محمد شكري
• سعيد الشقيري
كان محمد شكري مفاجأة لعصره وأدب عصره على السواء .كانت الكتابة األدبية في العالم آنذاك قد زرعت غابات من التنوع في البناء واللغة والموضوع وفتحت آفاق واسعة للسرد األدبي ،في حين كان الرصيد الروائي للعالم العربي ،وضمنه المغرب ،ما يزال في طور التراكم األول .وكانت الكتابة تعنى أساسا بتقليب المعاني (الصعبة) تارة ،وتارة أخرى بالبحث عن الحلول للمشاكل السياسية واالجتماعية التي تغرق فيها كل مجتمعات المنطقة ،أو تستنسخ محكيات الماضي .وكما يقول شكري نفسه «حتى نهاية الثالثينيات، كان الكاتب والقارئ العربيين مطمئنين» .فكان ال بد للصوت الذي أحدثه شكري أن يكون مزلزال لهذه الطمأنينة منذ اندلعت ظاهرة« :محمد شكري/ الخبز الحافي». فلقد ذاعت «الخبز الحافي» بما شكلته من صدمة للتلقي األدبي الذي وقف ألول مرة أمام البوح بمعناه العاري الجريء الفاضح الشبيه باالنتحار أو االستشهاد ،بدون خجل وال ادعاء لشرف مزعوم.وترسخ لدى الناس فورا أن أدب محمد شكري هو الخبز الحافي.واختلطت في أذهانهم حياته بأدبه ،وأدبه بحياته .حتى صار كأن من غيرالممكن الفصل بين «محمد شكري» وبين «الخبز الحافي» .بل كثيرا ما طغى شخصه على أدبه .فإذا ما تكلم الناس عن أدبه فإن الخبز الحافي هي أدبه .وفيها إنما يعودون للحديث عنه وعن قصة حياته وعاداته وسكره وغضبه ونجاحه ككاتب متميز صعد من قاع القاع وصارنجما .فال تعود تعرف منهم الحدود بين الشخص والرواية .لكأن الخبز الحافي صار اسما آخر لشكري ،ومحمد شكري عنوانا آخر للخبز الحافي. ورغم أن هذا قد يبدو غريبا أو مضحكا أو مؤسفا للوهلة األولى ،إال أنه قد يكون هو االنطباع الطبيعي الذي يمكن أن تحدثه الظاهرة في اكتمالها .إذ باستثناء «غواية الشحرور األبيض» ،فكل ما عداها من أعمال شكري يمكن رصها في كتاب واحد .وبما أن كتابة شكري كلها تعاقبُ تقطعاتٍ واستطرادات وتكرير ،فلن يبدو في هذا الكتاب أي تقطع أو تكرار غير عادي .ويمكن أن يوضع له عنوان بسيط «محمد شكري في طنجته» .واألسباب معروفة. لقد تعرَّف شكري على تاريخ األدب واألدباء بشكل مذهل .وتمعن في جداالت العصر العظمى ،واصطفافات المفكرين والفنانين واألدباء فيها .وعايش أسماء لها وزنها في عوالم االدب والفن.ولكرمه األدبي المتأصل دعانا في كتابه هذا «غواية الشحرور األبيض» إلى جولة جميلة وممتعة في دروب وساحات الرواية والشعر ،وسالالت وقبائل األدباء ،من أرسطو إلى دانتي إلى كانط وماركس ودوستويفسكي وروالن بارت ونجيب محفوظ وجون جيني وأدونيس وزفزاف ،وأالن بو وبورخيس ،وكلهم ،كلهم ...وطرح في هذا الكتاب غير قليل من آرائه النقدية ،دفاعا أو هجوما ،تصديقا أو تخطيئا ،لكتَّاب بأسمائهم ،كما مع أحمد شوقي ونجيب محفوظ وفيكتور هيغو وأدونيس وأندري جيد وغيرهم ،وآخرون بدون تخصيص. وما يحصل بشكل عفوي أثناء قراءة هذا الكتاب الشيق ،هو مالحظة انتقاد شكري ألشياء هو نفسه يأتيها بكثرة في كتابته .كأنه خصص الكتاب للتأمل من خالله في أعماله وفيما كان عليه أن يقوم به فيها ولم يفعل .يقول «إننا نكتب عن القبح والجمال كما هما» ويقول «إننا ال نكتب بحثا عن جمال التعبير المحض وإنما عن نهاية الحقيقة في الحياة .إن الصلة التي ما زالت تربطنا بالحضارات القديمة هي فكرية أكثر منها لغوية»(هامش ص 78ـ الكتاب نفسه) ،ثم يأتي فينقض ذلك»هدف األدب ال يقتصر على أن يكون وثيقة اجتماعية .إنه ،أيضا ،وثيقة إبداعية في اللغة والتقنية واألسلوب ،».و»إن اإلبداع الحقيقي يتجاوز التجارب التسجيلية ،أو إمكان حدوثها، في الخيال العلمي .ما يهمنا اليوم هو أن يعرف المبدع كيف يعبر عن جدوى تجربته الفكرية أو الوجدانية» (فصل :مفهومي للتجربة األدبية) .ويؤكد «أعمال مرسيل بروست ،جيمس جويس ،فيرجينيا وولف وبعض اعمال فوكنر (خاصة الصخب والعنف) سنظل نستعيدها لقيمتها الفنية حتى وإن زالت قيمتها االجتماعية والتاريخية». والحال أن كتابة شكري معظمها تسجيلي .فأنت تظل تجد فيها المقاهي والحانات المظلمة ذاتها والمطاعم الوسخة والفنادق البئيسة والشوارع المليئة بالقاذورات،والشخصيات نفسها والسكارى والمومسات والقوادات والمعتوهين واللوطيين والحمقى والمحبطين والمتسولين ،والبول والبراز والقيء والدموع والعرق والمخاط والدم ،وكل شيء «ملعون» .وكل مكان أو زمان أو رجل أو طفل أو امرأة جميلة أو قبيحة شابة أو طفلة أو عجوز ،وكل فعل أو عدم فعل ،كله ملعون ولعين .هذا هو الجزء األهم في قاموس شكري، والذي يحكي به عن نفس األشياء التي صاحبها وصاحبت حياته الذاتية .رغم أنه في تعبير بليغ جدا في مفارقته يقول «معظم الكتاب الناشئين ،المهووسين بتجاربهم الذاتية ،صعب إقناعهم أن التقنية هي التي تقيم الموضوع األدبي والفني وتحددهما ،فكثيرا ما نشغل أنفسنا بتعميق الموضوع فإذا بالشكل يتدخل ليطغى عليه ويحتويه .إنه إزميل مايكل انجلو وليس الرخام وشخص موسى ،ريشة دافنشي ال الجوكاندا» ،و»كل شيء ينبغي أن يصفى في الذهن :أن نفهم الطبيعة من خالل الفن وليس العكس ،فالسنفونية الرعوية لبتهوفن ،وبحيرة البجع لتشايكوفسكي وبعض لوحات فان خوخ هي الطبيعة الحقيقية وليس العكس» .وكأنه يدفعنا إلى معاودة التساؤل والبحث عن مكامن التقنية الفنية التي تقيم موضوعاته. وقد يبدو أن محمد شكري في كتابته ال يولي اهتماما خاصا للخطأ والصواب في اللغة والتعبير ،لكننا نجده يالحظ على أحمد شوقي أنه»رغم اطالعه الكبير على اللغة كان يخطئ أحيانا فيجمع غصنا على أغصنة ،ويكتب تارة وأخرى ،عوض تارة وتارة أخرى» ،أما َّاب وصوُلهم في أقصى هو فيستطيع أن يكتب بكل بساطة «شورباء» و «سأقتلك يا ابن الزناء» من بين أخرى كثيرة .ويعيب على كت ٍ ميولهم الرومانسية الحالمة إلى تشبيه وجه الحبيبة بالقمر ،وغيرها من تعابير الوصف التي يجدها مملة .ثم يكتب هو «جسمها ممتلئ ووجهها في شكل القمر مورد» ،ويكتب «عندها الحق إذا هي استعادت مني اليوم نظرتها التي سرقتها لها في ذلك اليوم» .وفي التراكيب التعبيرية يستطيع أن يكتب «زجاجة من البالستيك للماء المعدني» .وقد يسمح لك بأن تفهم ما تشاء حين يكتب «طفت في البيت الحرام حلول امرأة ثالثة أيام قهرا وبعدها ما عدت أطوف أكثر من يوم في شمسه أو قمره» أو أن تطرح أي سؤال شئت في األدب حين يكتب «سمعت أن المزغبات شهوانيات» .ولهذا قد يراودنا االعتقاد أن شكري بعد (بيان) «غواية الشحرور األبيض» ربما كان ليكتب شيئا آخر لو سنح له أن يكتب. وهنا يطرح السؤال نفسه :هل اختار شكري أن يكتب ما كتب كما كتب ،أم كان ذلك جهده؟ في مقال له بموقع (زمان الوصل) يقول محمد محيي الدين مينو« :بعيدا عن الرواية قريبا من السيرة الذاتية يبني محمد شكري سردياته التي تفتح عالم القاع على مصراعيه ،وتعرض ما يسمى ب (السيرة الرواية) ،وبدءا من روايته الشهيرة (الخبز الحافي )1983يشتغل بهذا النوع من الحكاية ،فال يخرج عليه حتى باتت هذه الحكاية مألوفة ،تدعو أحداثها المكرورة إلى الملل ،وربما تبعث شخصياتها المتشابهة على الضجر».أما محمد برادة فإن لطفه (بحكم الصداقة واإلقرار بقوة التجربة) جعل مالحظاته التي بثها في مقدمة «مجنون الورد» مبطنة على أمل أن يتنبه لها شكري ويأخذ بها« :اإلحساس بأسبقية األشياء في قصص شكري يطرح المسألة المألوفة في المناقشات النقدية حول عالقة الكلمات باألشياء أو مدى قدرتها على التعبير عما هو حي ومدرك من خالل الذات ،ومسألة عجز الكلمات المزمنة ..لكن حل هذه المشكلة عن طريق اإلقرار بقصور الكلمات عن تجسيد األشياء والتجارب والعالئق ،يبقى حال سهال يلغي ضمنيا جدوى الكتابة وضرورتها ..أو يفتح األبواب أمام كل طارق بكل تمييز ».فهل فطن شكري لهذا التنبيه؟
في ندوة إلى جانب محمد الميموني و ادريس الخوري وعبد الجبار السحيمي
إن قارئ األدب وهو يمر بأعمال شكري سيالحظ وال شك المجهودات الواضحة التي بذلها شكري منذ البداية من أجل أن يستعمل الرمزية والتجريد والـتأمل ليصنع كتابة جديدة عصرية ،وقد حقق في ذلك نجاحا ال ينكر ،كما في قصة «التابوت» و « أشجار صلعاء» و «بشير حيا وميتا» و «مجنون الورد» .إال أن محمد برادة،وهو يراقب كل ذلك ،يقول بما يشبه األسف «لكن هذا المجهود في الكتابة ال يتأسس على مراجعة نقدية ألشياء الواقع المعيش فتظل القصص مشدودة إلى «واقعيتها» مكتظة بأشيائها (مثلما هو الشأن في قصة التابوت)» .وربما يكون شكري قد أحس بهذه المراوحة التي ال فكاك منها حينما قال بنبرة قانطة «أهي المغامرة الحقيقية ال تتم إال مع لص أو مومس ،صعلوك أو مجنونة؟». وربما لهذا السبب لم يتمكن شكري من صنع رواية من نسيج مطرد ومتواشج تلعب فيه كل عناصر السرد دورها في تنامي الحبكة والبناء الدرامي والفني .وظلت الشخصيات والفضاءات عنده كأنها تعمل لحسابه عند الحاجة في مشاهد تصويرية منعزلة تعيد نفسها وال يربطها بما قبلها أو بعدها أي رابط إال كونها تنتمي للعالم البئيس المغلق ذاته الذي يدور فيه شكري .كما لم يستطع تحقيق رجاء برادة في أن يكتب عن نفس الوقائع والشخوص بكل ما فيها من غضب وإدانة واحتجاج وفضح ،على أن يكون هو كاتبها وليس الواقع. وبقدر ما استمتعت ،وما زلت كل مرة أعيد االستمتاع ،بكتاب «غواية الشحرور األبيض» ،إال أنني في قرارة نفسي ،وقد ذكر فيه شكري كل من يخطر على البال من أدباء ومفكرين وفنانين ،أحس وكأنني أنتظر في لحظة ما أن يذكر بوكوفسكي .فقد كان بوكوفسكي آنذاك قد اشتهر وانتشر صيته في أمريكا والعالم .ولم يكن شكري ليمر عليه سهوا أو خفافا ،وال ليخطئ فيه ابن قبيلته: المزاج الحاد العكر المتقلب الغاضب نفسه ،حضور الخمر والمومسات والحانات والتشرد والشجار والفقر والجنس الخليع والكالم النابي البذيء .الحب والوالء للمدينة الواحد ،طنجة لمن هنا ولوس أنجلس لمن هناك.أما الفرق بينهما فلم يكن يقف عند كون أحدهما مغربي يكتب بالعربية واآلخر أمريكي يكتب باإلنجليزية.لكنه لم يذكره. ويبقى علينا في جميع الحاالت أن نقف احتراما لمحمد شكري ،واعتذارا له عن كل القساوة التي عاشها وعايشها بقلبه وعقله في حياة الناس .وشكرا له على ما أضافه لرصيدنا األدبي .لقد كان وما يزال ،بالفعل ،عالمة فارقة في األدب المغربي والعربي ال يمكن وال يجوز إنكارها .فتح الباب واسعا للثورة على الحياء المفتعل الذي يمنعنا من رؤية خزينا وعن االعتراف َّ بمعذبينا ومسحوقينا الذين يعيشون في زبالة القاع ويقترحهم جذرا شرعيا للخيال األدبي العضوي .وفتح لألدب حقال آخر في القاموس العاري المنسي الموصدة عليه أقفال النسيان والتجاهل والقمع .وترك لنا أشياء غالية للتخصيب ال للتقليد من أجل أمجاد سريعة.
11
لحظة مرح رفقة عزالدين التازي والمهدي أخريف
الشمال الثقافي
العدد 1019
الثالثـاء � 12إلى 18نـوفمرب 2019
12
يف ذكرى رحيله ( :)16محمد �شكري مل ميت! اجتمعت عوامل ذاتية وموضوعية لتجعل من محمد شكري اسما فارقا في سماء الكتابة األدبية العالمية ..كتابة اتصفت بتعرية الجرح وتسمية الجارح والمجروح مع انتصاره لعالم الهامش والمهمشين.كتابة حملت كما هائال من الجرأة الصادمة بكشفها للمستور والمسكوت عنه.أتحدث عن فضحه لعالم السكر والدعارة والمجون والفقر والحاجة والشطط في استعمال السلطة والجنس المحرم مع األجانب...والكتابة بهذه الخلفية ال يمكنها سوى أن تجعله صديقا للكبار من عيار الكاتب األمريكي «بول بولز» الذي لعب دورا كبيرا في شهرته من خالل ترجمة «الخبز الحافي» لإلنجليزية بداية السبعينيات من القرن العشرين.لكن بعيدا عن الترجمة ،سيرته الذاتية نفسها تحمل عالميتها في ذاتها.سيرة مزلزلة ومخلخلة الطمئنان المجتمع المغربي لنفسه.سيرة تتمرد على سقف الكتابة البوحية الواطئة السقف وتفضح ما يوجع الجماعة:تفضح تجاوزات سلطة األب والرجل واضطهاد المرأة.الكتابة بهذه الخلفية لم تكن أداة إدانة وتعرية الجرح فقط ولكنها كانت عنده آلية لخلق توازن نفسي وخالصا منقذا له من الجنون واالنتحار..كتابة في غاية الجرأة إذ من النادر أن يعلن المرء على المأل ضعفه ورذيلته ،بل وأخطاء فاضحة.كتابة بدون خطوط حمراء تشبه صعلكته في الحياة.إن قوة كتابات شكري ترجع لجمعها بين بساطة األسلوب وعمق األطروحة ولهذا بالذات توفق في إغراء القراء العاديين كما النقاد والمتخصصين وحملهم على تناول أعماله بالدرس والتحليل. إن انتصار محمد شكري للكتابة المعرية لبشاعة وجه المجتمع راجعة إليمانه بأن الكتابة الناعمة تسلي وال تغير ..وهو في ذلك يتفق مع عبد الكبير الخطيبي الذي قال ذات حوار«:نحن نسمح للدعارة أن تكون في الشارع وال نسمح لشخصية روائية أن تعهر ».من هنا انحاز للقاع واختار الهامش.كتب بجرأة صادمة حد الجرح ..ليس فقط ألنه عاش أعطاب الواقع المغربي في بعده العام ،ولكن لكونه عاش التشرد وأكل من القمامة وكان طبيعيا أن ال يكتب عن الفراشات والورود.جرح جعل من القلم في يده مشرطا يشرح به جسد المجتمع المغربي بكثير من الدقة والعمق والجرأة ..وجرأته راجعة ألنه لم يكن لديه ما يخسره وهذا حرره كثيرا من قول المسكوت عنه .كان محمد شكري مدركا أن مجده في المستقبل ال في الماضي.لكن وإن كانت الكتابة قد أحيت شكري ومنحته حياة مختلفة يمكن القول –دون مبالغة-أن الخبز الحافي سيرة قتلت شكري تماما كما قتلت مدام بوفاري جستاف فلوبير ودون كيخوط سرفنتيس وأمثالهم كثير..فقلما انتبه عموم القراء ألعماله األخرى من قيبل»:زمن األخطاء»و»وجوه»و»مجنون الورد»وباقي نصوصه السردية األخرى... صحيح أن سيرة «الخبز الحافي» اتصفت بالبساطة األسلوبية لكنها اهتمت أطروحيا برصدها للمعاناة مخاطبة المشترك اإلنساني، وهنا تجسدت عالمية هذا النص ،بصرف النظر عن الذين يقولون عن شكري أن الصدفة وحدها خلقت منه حكاء وكاتبا فيما بعد ..وذلك على هامش لقائه ب «بيتر بين»الذي كان يشتري قصص الجنس والحكايات الغريبة .إن فرادة شكري تكمن في وعيه المختلف بوظيفة الكتابة باكرا حيث اعتبرها فعال تنويريا يضيء عتمة العالم وبها ينتصر على قبح الواقع.. فإيمانه بها وصل حد القول»قد يصدق األدب ويكذب الواقع»... وكتابة مماثلة حققـــت له تصالحــا مع الذات وحملته على تصفية حسابه مع مجتمع ال يعرف سوى تنميط األفراد والتجارب المختلفة. مجتمع يدعي الورع وهو ليس كذلك..رهانات لم تألفها السير المغربية و ال العربية أمر جعلها سيرة ستعيش بعده طويال ومن ثم تمديدها لحياته ضدا على موته البيولوجي .بالنتيجة خصوصية شكري ال تكمن في أنه انتصر للحرية وشجب الخوف والصمت والكبت بل في إعالنه عن ضعفه ورذيلته بكثير من الجرأة خارقا الطابوهات المعروفة..فهو القائل»:الكتابة التي تلتزم بما هو أخالقي ال تعيش طويال». وتجدر اإلشارة هنا أن سيرته كتبت بلغة عارية من المجازات واالستعارات ليتماهى مع الصعلوك الذي كانه..سيرة مترعة بالجراح والوجع وكأن الوعي الكتابة عنده ينتقم من الزمن المذل.قد نتفق مع من اعتبرها أسلوبيا في غاية البساطة وتتماس مع التقارير الصحفية..لكنها حملت مضمونا صادمة ومستفزا..سيرة بدت أشبه ما يكون بشالل جارف من الرذائل قالبة موازين االتزان المجتمعي الزائف.ودوام اشتباك شكري بالحرام والعيب والجنس جعله دائم االصطدام بالقارئ التقليدي فضال عن المؤسسات المنصبة نفسها حارسة لألخالق ..لهذه االعتبارات بالضبط رفض شكري أن يكون محايدا كما هي طنجة الدولية أيام االستعمار.مدينة رغم كل ما قيل عنها من تغريب بحيث جل أسماء مقاهيها وواجهات المحاالت تحمل أسماء غربية لكنها مع ذلك مدينة تنتصر للحرية والحياة ..نواديها الليلية المصطفة على ساحل البحر األبيض المتوسط تعد الوافد بمغامرات ال قرار لها .دون أن ننسى أنها مدينة التسامح حيث تتعايش فيها الديانات الثالث بحيث يتجاور المعبد بالكنيسةبالمسجد. على مستوى ثان يمكن اعتبار محمد شكري رمزا للتحدي:تحدي األمية والفقر والحرمان والمجاعة وقسوة األب والمجتمع الظالم إن لم نقل أنه رمز للمفارقة يكفي استحضار أنه الشاب األمي الذي صار معلما في زمن قياسي وبدأ حياته بسيرة ذاتية خالفا لما اعتاد عليه القراء حيث تأتي السيرة الذاتية تتويجا لتجربة طويلة في الحياة والكتابة.دون أن ننسى أنه الطفل الريفي سليل مغرب العمق الذي سرعان ما أتقن اللغة اإلسبانية والفرنسية قبل أن يتعلم اللغة العربية ألن أطفال أحياء طنجة الشعبية كانوا ينادونه «البدوي» ،لذلك صاحب أبناء الغجر األندلسيين والمهمشين..ولهذا بالضبط تعلم اإلسبانية قبل الدارجة المغربية وظل متشبثا باللهجة الريفية إلحالتها على الجذور.بالنتيجة يمكننا القول أنه بالكتابة تحديدا انتقل من األمية للوعي ومن التيه لالستقرار ومن اللهجة «الريفية» للعالمية. تبقى قوة شكري ليس في الكتابة عن ذاته فقط ولكن عن المختلف عنه حيث أنه كان دقيقا في انتقاء شخوصه بل وأصدقائه إذ ليس صدفة انه اختار الناقد محمد برادة في الرسائل المتبادلة بينهما كي يعطي القارئ فرصة للتأمل والمقارنة.مقارنة طفل نكرة بدوي لم يتمدرس إال الحقا (بعد وصوله عشرين سنة)وصديق وافد لألدب من العاصمة العلمية وعائلة فاسية.. وكأني بال وعي شكري يقول لنا أن الوصول لنفس الهدف يلزمه شيء من اإلرادة والتصميم حتى وإن غاب الشرط الموضوعي للتحصيل المعرفي .وتجدر اإلشارة في هذا المقام أن شكري كان دائما محط خالف في حياته كما في كتاباته.فالقراءة األخالقية تقدمه على أنه كاتب إباحي. والقراءة االجتماعية تصوره صوت الطبقات المسحوقة والمهمشة.والقراءة النفسية تقدم أثره الكتابي كنزيف لجرح التشرد والضياع...وفي جميع الحاالت اختزل هذا الكاتب صفة التمرد في
• د .محمد رمصيص(*)
وجه الجهل واألمية وانتصر على الفقر وأبى االستسالم لموته المفجع حيث كان يسخر حتى من السرطان قائال له« :سيندم على إصابتي أيعتقدني دجاجة». ساهم اطالعه على اآلداب العالمية في شهرته إذ من المؤكد أن شكري لم يكتب سيرته من فراغ ويتضح ذلك من خالل وفرة االستشهادات واالقتباسات المطعمة لقوله السردي(اعترافات روسو،كلمات سارتر وغيرهما كثير) وتتضح هذه الخاصيات أكثر في كتابة «غواية الشحرور األبيض».وإن كان هناك من الباحثين من اعتبر خاصية إكثاره من االستشهادات تروم التغطية على أسلوبه الصحفي ومحو صورة الكاتب الصعلوك الذي استقرت في أذهان الناس عنه .دون أن ننسى دور صحبته للكتاب الكبار ،فقد كانت صدفة لقائه بداية السبعينيات من القرن الماضي بالناشر اإلنجليزي «بيتر بين» والروائي األمريكي «بول بولز»نقطة فارقة في حياته.كما تعرف على «جان جني» و «تنيس وليامز» وعاشرهم مدد متفاوتة.وهذه األسماء ما هي إال رمز للغرب الشغوف بكل ما هو غرائبي في عالم الشرق الشبقي الغارق في شهواته الجنسية المفرطة.عرف شكري هذه الخاصية وحملهم باكرا للعب دور المتلصص ولم تكن الوسيلة في يده سوى الكتابة العارية والمعرية للجرح المغربي الغائر..مع التشديد هنا على أن محكياته لم تكن للفرجة ولكنها واقع يحاسبنا جميعا كمغاربة..واقع تعلمه المتأخر والكبت الجنسي والنفاق األخالقي واالستبداد السياسي والفقر الجارح الذي عاشه شكري قبل شهرته وبعدها .. إن قسوة حياة شكري الجارحة والكم الهائل من الخيبات واألحالم المؤجلة جعلت محكياته شهادة صادقة على هشاشة الكينونة في واقع معطوب.يكفي أن نعلم أن شكري أصيب بالجنون في حياته وأدخل مستشفى األمراض العقلية مدة معلومة وإن كنا نعتقد أن «األحمق هو الذي فقد كل شيء سوى العقل»... عاش شكري الجوع والفقر والتشرد والحاجة لكنه بالكتابة حولها إلى طاقة إيجابية.فقسوة العيش عند محمد شكري وصلت به إلى حدود أنه لما كان يهرب من المنزل ينام في المقابر كي ال يغتصبه عالم الكبار وهي مفارقة جارحة أن تأتمن على حياتك مع الموتى ال مع األحياء. وهذا الذي لن يغفره شكري لعالم الكبار حيث سيحاسبهم الحقا مبتدأئابسلطة األب الذي قتله رمزيا بالتبول على قبره ،مرورا بمحاسبة قيم المجتمع الذكوري المزدوج الشخصية وقوفا عند تسكعه في جغرافيات الممنوع والملعون.يكفي استحضار أن جمعية أباء التالميذ هي التي حركت مسطرة منع سيرته «الخبز الحافي» ووصلت لمنعها مدة من الزمن..جمعية تترجم في أحد أبعادها سلطة األب الجائرة.وإن كان هذا المنع ذو حدين.أقصد أنه ساهم في شهرته ولكن من جهة أخرى اختزل كل منتوجاته اإلبداعية في خبزه الملعون حيث كان أطفال حواري طنجة ينادونه بالخبز الحافي بدل محمد شكري.ولعلها مفارقة أن الطفل البدوي الذي جاء لطنجة لم ينبهر بوجهها الزائف وعمل على فضح وجهها البشع بسبب افتقادها لمقومات المدينة بالمعنى الفلسفي العميق ..فإذا كانت مدينة أثينا وإسبارطا مثال احتكمتا لقوة األفكار في ساحة الحوار الفلسفي والسياسي واالجتماعي()l agoraفإن طنجة كانت تحتكم لسلطة المال والجاه وهو أمر أثر في محمد شكري كثيرا.ومع ذلك بقيت طنجة من المدن األكثر انفتاحا وابتعادا عن التطرق بالقياس للمدن المطلة على المتوسط كاإلسكندرية مثال التي تعرض فيه نجيب محفوظ لمحاولة اغتيال.كان شكري يأنسن مدينته وال يغالي في تصويرها فهي تماما كاإلنسان ليست شيطانا وال مالكا..مدينة تجمع بين هذا وذاك ،فردوس وجحيم تجمع بين وداعة النهار وشراسة الليل. يبقى أن نشيــر إلى أن الترجمـة مثلت جواز سفر لعبور الخبز الحافي للضفة األخرى من المتوسط بل إلى العالم بأسره.ترجمت إلى 39لغة آخرها اللغة العبرية.ترجمت أوال إلى اللغة اإلنجليزية على يد «بول بولز» بداية السبعينيات وإلى الفرنسية على يد الطاهر بنجلون سنة .1981وإلى اإلسبانية على يد محمد جبيلو وإن كان محمد شكري غير راض تماما عنها فإنها ترجمة أدخلته للجامعة اإلسبانية وجعلت خبزه الحافي موضوع أطاريح جامعيةمتعددة. جماليا انتسب شكري-في بداياته- لساللة نادرة.ساللة رواة طنجة الذين جذبوا الكتاب األجانب وباعوهــم حكايـات أكثرها مختلق لكنها آسرة من قبيل «حياة مليئة بالثقوب» للعربي العياشي:و«الحب بحفنة من الشعر»لمحمد المرابط..غير أن تفوق شكري على شلته تمثل في تحويل محكياته الالحقة ألثر كتابي بنفسه وبنفسه أساسا.صحيح جدا أنه جاء للسرد من خلفية شفاهية لكن بدخوله للمدرسة وإصراره على تعلم قول الذات انتقل من حكواتي عابر لكاتب راسخ في ذاكرة األدب العالمي ..أمر اعتبرناه قتال رمزيا لألب الثاني «بول بولز» الذي حول مغامرته الشخصية «الخبز الحافي»من محكيات لسيرة ذاتية .وفي ذات االتجاه يمكن فهم فضح شكري ألسرار» بول بولز»الشخصية وحياة زوجته «جين»...بكلمة واحدة كان شكري مغرما بقتل آبائه الرمزيين دون الحديث عن القتل الرمزي لألب البيولوجي. نخلص إلى أن فكرة األمي الذي صار كاتبا بها الكثير من الجاذبية وإن كانت فكرة تخفي خلفها الكثير من الوجع والفجيعة..فمحمد شكري كاتب صادق حد الجرح وواضح حد التعمية ومطمئن حد اإلزعاج.توفق في خلخلة عالقة الكتابة بالواقع والسيرة بالفضح..خاصيات جعلت البنية الذهنية للثقافة التقليدية رافضة له..تقابالت مفارقة ،فبذات القدر الذي أضرت به ساعدته.فهو المسرف في تمجيد الذات والبوح كان طبيعيا أن يصطدم بمجتمع يقدس الجماعة والكتمان.كاتب أثبت بالملموس أن الفقر والمعاناة ليسا مبررا لعيش الفشل بقدر ما هي عوامل مستفزة لبذل مجهود أكبر ليستحق الفرد حياة أفضل.. بعد كل هذا الزخم من الحراك يمكننا طرح السؤال التالي:هل يمكن القول أن محمد شكري مات في ذكرى رحيله 16؟وهل يموت الكتاب الحقيقيون أم أن كتاباتهم تجعلهم خالدين في ذاكرة التاريخ؟في الواقع بالكتابة يتم تلطيف عبثية الحياة وضجر الواقع.بل بالكتابة نلطف من الطابع التذمري للموت.صحيح جدا أن اإلنسان مخلوق متناه وعابر لكن عظمة تتمثل في تقبله لوضعه اإلنساني المحدود في الزمان والمكان .وبكلمة واحدة يمكننا القول :بالكتابة يشبع الكتاب الموت حياة...إن سواد حبر كتابات الميت يعيد الحياة ألوراقه كلما قرأنا أثره بدفء وتفاعل...وكتابة مماثلة تعد في العمق لعب مع الموت،سخرية من الزمن ،هزء من الرحيل األخير..إقامة في اللغة وسباق مع الوقت اآلتي.بل إن الكتابة على طريقة شكري تتوفق في إسماعنا ذاك اآلخر الموجود في دواخلنا وقلما ننتبه له ..كتابة لها ثمنها الخاص،تقتات من دم وسمعة الكاتب ألنها فعل فردي ال يقبل النيابة أو الوكالة ..كتابة بقدر ما تصالح الكاتب مع ذاته تسائل جرح الموت وترفع عنه صفة السر الغامض بل وتتحدى قدريته..
شكري رفقة محمد عزالدين التازي وعبد اللطيف البازي
----------(*) ناقد أدبي مغربي. -ملحوظة:مات شكري منتصف شهر نونبر 2003
مقطع من رواية «معجم طنجة» • محمود عبد الغني هناك اسم قديم لمدينة «طنجة» ظل محمد شكري يفضله عن اإلسم الحديث .المباني القديمة األوروبية الطراز ،والمقاهي ،والمدافع العتيقة على األسوار ،واألسواق ،واألحياء القديمة ،والمطاعم ،والرسائل التي تصل من العالم أجمع ،مثل ُ الكتّاب ،هي ما يبقيه في «طنجيس». مدن عديدة سميت لألشجار الموجودة فيها« .بانكوك» هي «بان» مدينة ،و»كوك» هي الزيتون ،أي مدينة الزيتون ،وقد سميت كذلك بسبب أشجار الزيتون الموجودة فيها بوفرة .وهناك مدينة سميت «مدينة المالئكة» دون معرفة الداعي إلى تسميتها كذلك .وطنجة سميت عن الطين الذي حملته الحمامة التي حطت على سفينة نوح حين رست بالخطأ على الشاطئ« :طين جا» ،أي «جاء الطين» ،كناية عن اليابسة القريبة .يابسة النجاة لمركب نجا من الطوفان العظيم. أما بشرة أهل طنجيس البيضاء الصافية فراجعة إلى وجود بحرين متألقين يحيطان بها مثل وشاح مائي متأللئ .وحتى األشجار، وهي أجمل تحف المدينة ،تبدو أوراقها صافية اللون وشفافة كأنها نبتت ونمت في الظل .وإن قارن المرء بين ناس وأشجار مدن الجنوب، األشجار هنا والنخيل هناك ،فإنه سيقف بإعجاب أمام بياض طنجيس وبين لون الجنوب الذي يميل إلى لون الحداد .لكن في الليل تُترك مدن الجنوب للشموع تضيء البيوت من الداخل ،فيما القمر يتكلف بإضاءة الخارج دون أن تمنعه أشجار النخيل من الوصول إلى الرؤوس المتجولة بحثا عن نسمة هواء. لكن ما ال يستطيع المرء مقارنته هو تلك األعمدة التي تستند عليها طوابق المباني األوروبية .والتي عندما يُسدل ستار الليل، وتُضاء المصابيح على قمم األعمدة ،تظهر المدينة في لبوس معبد بوذي أرجواني اللون يبوح بأسراره ألرواح الخ ّلص ما أن تُضاء أول شمعة .تتعدد صور الحياة ،وتتنوع نغمات الكون ،فتصبح المدينة لوحة ذات ألوان مغايرة أللوان الساعات السابقة .هذا ما يعرفه أهل طنجيس والوافدون عليها من القرى واألرياف والمدن األخرى ،مكان يتغير دون إشعار مسبق ،وناس النهار مختلفون عن ناس الليل. هناك رجال هربوا إلى المدينة دون أن يعرف مطاردوهم إلى أين اتجهوا .فثغور طنجيس ال تفضح الهارب .يختبئون حتى تختفي آثارهم وفجأة يخرجون من بقايا الرماد .هناك رجال هربوا منها دون معرفة مصائرهم بعيدا عنها ،هربا إلى بحار خصوبة شاسعة وغير محدودة :أميركا ،أوربا ...وبقوا من بعيد ،اللهم بعض االقترابات النادرة والمتفرقة ،يشهدون نهاياتها وتشرذمها وتيهها الجهنمي، الذي تذهب إليه طنجيس بطيب خاطرها .فقد دخلت لعبة تناسخ هائلة مع مدن عربية أخرها قررت إنهاء حياتها على األرض .فكانت روح طنجيس تذهب نحو تلك المدن المنهارة ،وحين ال يتم السماح لها بالذهاب تستدعيها سريا ،ألنها على وعي تام بأنها تستدعي االنهيار إلى حضنها ،والمحير أن هناك دائما حلما يتراءى لها .وبعد الحلم يسود صمت طويل ،وتردد غير مفهوم ،وارتجاجات تهدد كل شيء بالسقوط. كانت كل السفن التي تأتي إلى مينائها ،تتحول عند اقترابها إلى هياكل سوداء بفعل السُدم التي تغشى عرض البحر .بحرها الذي يقدسه الصيادون والشعراء والرسامون والفالسفة والمؤرخون والموسيقيون .بحرها هذا يتحول في لحظات شديدة الكثافة إلى جرعة ماء في أيدي القراصنة .وما أن تدفع تلك السفن الموجات بقوة لتنكسر على الشاطئ ،أو على أحجار وحواجز الميناء ،حتى تفوح روائح خانقة، وتنتشر مياه سوداء ال يُعرف مصدرها .ربما هي بقايا ذلك الطين الذي حملته الحمامة في رجليها إلى مركب نوح. تختفي النوارس التي كانت تحلق منخفضة .فيعرف أهل المدينة أن السفن قادمة لنشر أشياء كثيرة تضم اللغات والسلع والرسائل والكتب والمهاجرين والفارين واألمراض القاتلة ،تماما كما كانت تحكي األساطير القديمة .فهل تقدر طنجيس على استدعاء األساطير القديمة ،وتكرار عيشها؟
العدد 1019
الثالثـاء � 12إلى 18نـوفمرب 2019
13
التحوّل الجنسي
()2/2
حوار مع الروائية والطبيبة
فاتحة مرشيد تضع الرواية أمامنا تساؤالت فلسفية حول مفهوم الذكورة واألنوثة ،الجنس والجندر
أريد أن أسألك عن ردود المتلقي العربي بعد بضعة أشهر من صدور الرواية من خالل لقاءاتك المباشرة مع القارئ ،أو من خالل وسائط التواصل الحديثة ،خصوصاً فايسبوك وتويتر. كيف تقرأ فاتحة مرشيد ردود القراء ،خصوصاً أننا ننتمي إلى مجتمعات عربية محافظة على األقل ظاهرياً؟ ـــــ قد أفاجئك لو قلت بأنه ليس لديّ ال تويتر وال فايسبوك شخصي ،والصفحة التي تحمل اسمي إنما فتحها قرائي ،وأنا أشكرهم على كرم اهتمامهم .أما اللقاءات المباشرة التي كانت لي مع طلبة الجامعة ،خصوصاً شعبة العلوم االجتماعية ،و«جمعية أصدقاء الفلسفة» ،فقد خلفت لديّ إحساساً رائعاً بتعطش شبابنا لكتابات تتجاوز لغة الخشب ،وتخوض بصدق وحرية في ظواهر يعرفونها ويصادفونها في حياتهم اليومية ،ولكن ال أحد يجرؤ على الخوض فيها. إنه شباب العولمة واالنترنت الذي تفتحت عيونه وعقوله على ما يجري في العالم ،ولم يعد يطيق هذه السكيزوفرينيا التي يفرضها عليه المجتمع .لقد كانت أسئلة القراء خالل اللقاءات ذكية وفي مستوى عال من الدقة والفضول المعرفي ،وتفوق في جرأتها كل توقعاتي .واتضح لي أن مفهوم الجرأة نسبي وهو يتقلص كلما تفتحت عقولنا واتسعت زوايا نظرنا إلى العالم، ألن الجهل باألشياء يؤدي حتماً إلى الخوف منها وبالتالي محاربتها .ومعاناة العابرين جنسياً مضاعفة .فعالوة على كونهم يعيشون في جحيم يدفع الثلثين إلى محاوالت االنتحار جراء هذا االنفصام الذي ال يطاق بين أجسادهم وأرواحهم ،هم كذلك ضحايا خوف المجتمع من االختالف ،وهو طبعاً خوف عن جهل. جاء في ظهر الغالف على لسان الشخصية أن األمل ليس هو الحياة بل الرغبة ،كيف ذلك؟ وهل الرغبة تقيّد اإلنسان أم تحرّره؟ ــــ أجل األمل انتظار والرغبة حركة .اآلمال ال تصنع المعجزات، الرغبات هي التي تصنع المعجزات ألن اإلرادة وليدة الرغبة ال األمل .أما عن الرغبة التي قصدتها في العنوان «انعتاق الرغبة»، فهي الرغبة التي قال عنها الفيلسوف سبينوزا بأنها جوهر اإلنسان وماهيته ،والرغبة التي قال فيها سرفانتس «أنا أحيا برغبتي في الحياة» .الرغبة التي أقصد هي الرغبة في الحياة ،وهي الرغبة األساسية ،ألنه ال حياة من دون الرغبة فيها .ومنها طبعاً تتناسل باقي الرغبات. بهذا المفهوم ،فالرغبة التي جاءت في الرواية هي التي تحرّر اإلنسان ،لكن عليه أن يحرّرها أو ًال ،ألن المجتمع العربي بمعتقداته وسلطاته يقيّد رغبات الفرد ،لكن األسوأ هو عندما يقيد الفرد رغباته بنفسه ،ويعيش لآلخرين ويستبدل رغباته برغباتهم ،ألن «األسوأ ليس أال ننتظر شيئاً من أحد ،ولكن أال ننتظر شيئاً من أنفسنا» كما جاء في الرواية. يالحظ القارئ تأثير الطب على مجمل أعمالك ،كموضوع الموت الرحيم في رواية «الحق في الرحيل» على سبيل المثال ال الحصر .كيف بنيت جسراً بين الطب واألدب؟ ومن أين جاءت فكرة موضوع العبور الجنسي في رواية «انعتاق الرغبة»؟ ــــ الروائي والمبدع عموماً يستفيد من تجاربه الخاصة ،والطب بالنسبة إليّ ليس مجرد مهنة .إنه تجربة حياتية تنغرس في قلب اإلنساني .وهو كذلك فن في مفترق علوم شتى كما يقال .كطبيبة ٍ أطفال حصل أن شخّصت حاالت التباس في األعضاء الجنسية عند بعض المواليد ،ما يعرف بالتشوهات الخلقية الجنسية وهم الذين نسميهم بالخنثى .فهم بين األنوثة والذكورة ،وهذه حاالت اعتنى بها الطب نوعاً ما والدين كذلك في ما يخص اإلرث مث ً ال .لكن هؤالء المواليد الذين يتدخل الطب باكراً في حياتهم ويصحح جنسهم في اتجاه أو في آخر ،هل هذا التصحيح سيتماشى الحقاً مع إحساسهم الداخلي عندما سيصبحون بالغين وستكون لهم حياة جنسية؟ هل سيعكس هويتهم الجنسية أو ما يسمى بالجندر؟ هنا يُطرح السؤال ،وهذا هو السؤال األولي الذي تولدت عنه أسئلة أخرى جعلتني أكتشف مثل السارد في الرواية ـــ وفي غياب اهتمام مقررات كليات الطب بالموضوع ـــ فظاعة جهلي بعالم األقليات الجنسية .إن كان الطب قد اهتم بحاالت الخنثى ،فذلك ألن البيولوجيا قد ساعدت على هذا األمر بجعل حالتهم ظاهرة للعين المجردة .لكن األمر يختلف بالنسبة لهؤالء الذين ال يعانون من أدنى التباس في أعضائهم الجنسية .ومع ذلك ،هناك التباس من نوع ثان ،بل انفصام بين أجسادهم وأرواحهم أو أنفسهم .هذا ما دفعني للقيام ببحث في الموضوع لمدة سنتينّ ، شكل نواة هذه الرواية.
الدار البيضاء في السبعينيات والثمانينيات كانت قبلة للعابرين والمتحولين جنسياً
لم تقتصر الرواية على حالة العور الجنسي ،بل نجد تعريفاً بعالم األقليات الجنسية ككل. لماذا هذا االهتمام؟ وإلى أي انعتاق تسعى هذه الرواية؟ ً أن هناك جه ً ً من السهل مالحظة ّال بعالم األقليات الجنسية وخلطا كبيرا بين أنواعها،
ليس فقط في مجتمعنا العربي ،وهذا الخلط يؤدي إلى أشياء مؤلمة :مث ً ال في إيران التي تُعنى بالمتحولين جنسياً ،بحيث تؤدي الدولة نصف تكاليف عمليات تغيير الجنس لكل عابر جنسي .تجبر المثليين على تغيير جنسهم للعيش بأمان (تفادياً لعقوبة اإلعدام) مع أنهم ليسوا متحولين جنسياً ،وهم راضون كل الرضى عن هويتهم الجندرية .كل هذه األقليات الجنسية تعاني من خوف المجتمع من االختالف .فهل يحق ألحد أن يعاني إرضا ًء لآلخرين؟ هذا هو السؤال الذي حاولت الرواية اإلجابة عنه بتقديم شخوص رفضوا لعب دور الضحايا ،بحيث كل واحد من الشخوص الرئيسية للرواية خاض رحلة انعتاق ونجح فيها. عز الدين انعتق من جسد ال يعكس هويته الجندرية ،فريد انعتق من ماضيه ومن زواج كبّله ومن األحكام المسبقة ،وفادية كانت امرأة شجاعة انعتقت من ماضيها وقررت مصيرها بنفسها. على العموم ،كل ما أتمناه هو أن تسهم هذه الرواية في كسر الصورة النمطية المُكرّسة في وعي الناس عن األقليات الجنسية، وفي تبديد بعض الجهل بمعاناة هذه األقليات التي ليست سوى وجه من وجوه إنسانيتنا المتعددة. تبدين أيضاً مشغولة في كتاباتك بالمسألة الوجودية .يتخلل السؤال معظم أعمالك .لكنك ال تبحثين عن أسباب وجود الكائن ّ يتشكل األمر لديك على شكل تأمالت وأسئلة تتولد البشري ،بل عنها أسئلة أخرى .رواية «التوأم» نموذجاً .هل على الروائي أن يكون فيلسوفاً أيضاً؟ ـــ الرواية تجربة إنسانية إبداعية وفكرية تستفيد من كل المجاالت المعرفية .وعالقة األدب بالفلسفة عالقة في توطد مستمر .لقد استفاد األدب باختالف أجناسه من الفلسفة واكتسب عمقاً أكثر ،كما استفادت الفلسفة من األدب لتبسيط مفاهيم معقدة ونشرها على نطاق أوسع .فما خلفه نيتشه من شعر ونثر قرّبنا من فلسفته أكثر ،كما أن مسرحيات وروايات جان بول سارتر وألبير كامو جسدت بجمالية مفاهيم الفلسفة الوجودية .الرواية لها قدرة هامة على التبليغ ألنها تخاطب انفعاالت كونية عند المتلقي ،واالنفعال يجعلنا أكثر قابلية لالستقبال ألنه «كي تخاطب العقل ،عليك أو ًال أن تالمس القلب» .لهذا ،ال شك عندي في كون الخلفية الفكرية ترقى بالعمل اإلبداعي ،ومتعة القارئ تكون مضاعفة عندما ينتهي من قراءة رواية ما ويحس بأنه قد كبر حسياً وفكرياً. « كتبتُ الرواية ،لكنّي شاعرة قبل أي شيء» .هذا ما صرّحتِ به مرة .هل األسبقية للشعر هنا مسألة كرونولوجية فحسب أم فيها تفضيل لجنس أدبي على آخر؟ الشعر ليس مجرد كلمات ننسج منها قصائد .إنه طريقة عيش وفلسفة حياة .بهذاالمفهوم أقول إنني شاعرة قبل أي شيء ،شاعرة في الشعر وفي الرواية وفي الحياة وحتى أثناء ممارستي لمهنة الطب .وليست لدي أدنى مفاضلة بين األجناس األدبية .كلها تعبير عن الوجه الجميل إلنسانيتنا.
(انتهى)
العدد 1019
الثالثـاء � 12إلى 18نـوفمرب 2019
14
رتيمة المودع وتعلة القلب المتصدع كلمة وفاء بقلم :محمد .ب .الحسني /جرسيف /المغرب . لِهي ،وأفزعني ما قد نزل ،فهرعت إلى خزانة كتبي ،ألبحث جاء نعي موالتي السيدة الموقرة الدكتورة ثريا ِ عن صورة شمسية جمعتني بفضيلتها ،وطفقت أغلغل النظر ،وما زلت أعود بالذاكرة إلى يوم 30شتنبر 2004 م ،حتى تبعق في الصدر حزاز من الحزن حامز ،فما لبثت أن قلت :كيف صارت هذه الفاضلة اليوم ،رهينة أحجار وتراب ،وقد كانت باألمس صوالة في محافل العلم ،قوامة على ساحة التراث ،سباقة إلى إذاعة نفائسه .؟ !!! نعم وأجل ،لقد كانت موالتي الراحلة الدكتورة ثريا لهي ،من الهمة العالية ،بحيث وجدت لنفسها موطئ قدم بين األفذاذ والرجال الراسخين في الدراسات األندلسية ،ممن يندون عن الحصر :أعد منهم وال أعددهم :موالنا الراحل الشيخ عبد السالم الهراس ،والعالمة المحقق الراحل الشيخ محمد بن شريفة ،والبحاثة الراحل الشيخ عبد القادر زمامة ،وفارس الميادين الشيخ العميد الدكتور عباس الجراري ،والشيخ المستشار الدكتور محمد الكتاني ،وموالنا البروفيسور الدكتور مصطفى الغديري ،وبقية العقد النضيد من أعالم الدرس والتحقيق . لقد تقحمت موالتي -عليها الرحمة -الدكتورة ثريا لهي ،ميدان تراث الغرب اإلسالمي ،وما وهنت وال قصرت وال تهيبت وال توانت ،فأعدت رسالتها لنيل دبلوم الدراسات العليا ،وأختارت أن تجمع ما تفرق من األخبار واآلثار عن سيرة ومسيرة العالم الفذ أبي الربيع سليمان بن موسى الكالعي األندلسي المتوفى شهيدا سنة 634ه ، -وكان أكثر ما شدها إلى سيرة هذا العالم هو ( شخصيته التي جمعت بين العلم واألدب والتاريخ والبالغة ،وحياته التي قرن فيها القول بالعمل )...وهو عمل أخذت له فضيلتها أخذه ،حتى استوى على سوقه واستحصد ،فرشحه العالمة الراحل موالنا محمد بن شريفة ،للمناقشة العلنية الجامعية ،بتاريخ 06يونيو 1986م ،وكان ثناء اللجنة العلمية على عملها عظيما ،بحيث تولت وزارة األوقاف والشؤون اإلسالمية ،مهمة طبعه ،بأمر من صاحب الجاللة أمير المؤمنين الحسن الثاني -قدس اهلل سره ، -بتاريخ 1994م. وإذا كان البد من تعليق على عمل موالتي المرحومة الدكتورة ثريا لهي ،فهو أنها بلغت الغاية في استقصاء دقائق حياة أبي الربيع الكالعي ،فقد تدسست في ضمائر الوثائق والمهارق ،فأنطقتها بما تكتم ، ونسجت عنه ترجمة بحياته وآثاره ،فأشرفت بها على نهاية اإلحسان ،ذلك بأنها أنضجت عملها على نار هادئة ،فكان طبعيا أن تأتي رسالتها أصفى من مرآة الغريبة !!! لقد أربى عليها عملها هذا فوائد جمة ،ذلك بأنها خبرت حياة أبي الربيع الكالعي في كل أطوارها ، وتمرست بمسالك القول لديه في كل ماكتب ،مخطوطه ومطبوعه ،فرضيت أن ترابط على هذا الثغر العلمي ، فنظرت إلى أوضاع أبي الربيع الغميسة الدريسة ،لتنتقر منها ما يرشحها لنيل شهادة العالمية /دكتوراه الدولة، فرضيت كتابه المخطوط الموسوم ب( :جهد النصيح وحظ المنيح من مساجلة المعري في خطبة الفصيح ) . لقد اختارت عالم المخطوط ،وهو ميدان شاق عصيب ،أتاه قوم على غرة ،وراموا الفالح ،فعز الوصول!!! ولكنها احتشدت له االحتشاد الضروري ،فطافت وأكثرت التطواف ،في خزائن الكتب العالمية ،وانتهت من تسيارها بالحصول على ثالث نسخ خطية نفيسة للكتاب ،كانت أوالها من المكتبة الوطنية التونسية ،والثانية بدار الكتب القاهرية المصرية ،والثالثة األخيرة من استمبول التركية . لقد جاءت فضيلتها إلى ساحة الكتاب العربي المخطوط ،تحدوها الرغبة الصادقة في تقديم مادة علمية محررة مبرأة من كل ألوان الفساد ،فكان طبعيا أن تجد نفسها رهينة محبسين 1- :محبس الصنعة التحقيقية، بما يجمعه من تقنيات تحقيقية يأخذ بعضها برقاب بعض :كالموازنة بين النسخ ،والتوثيق ،والتعليق ، والتخريج ،والفهرسة 2- ...ومحبس إتقان الفنون العلمية المتنوعة التي يحتشد بها المحقق لعمله . وانطلقت موالتي الراحلة الدكتورة ثريا لهي ،ممتلئة حرصا ،وتقلبت بها األيام أطوارا وأدوارا ،والسعي يمنحها طورا ،ويعاصيها آونة ،وما كان اهلل ليخلق مخلوقا يضيعه ،فقد يسر لها اهلل سبل إكمال عملها العلمي األكاديمي على النحو األمثل األكمل ،فرشحها العالمة محمد بن شريفة هذه المرة أيضا ،لتمثل أمام لجنة علمية من كبار رجال التحقيق ،وهم العالمة المستشار الشيخ محمد الكتاني ،وعالمة سوريا الشيخ عزة حسن، والفحل الشيخ محمد بنشقرون ،وهي لجنة قوية ،شاء ربك أن تجتمع يومئذ لتجمع على جودة عمل الباحثة ثريا لهي ،فنالت شهادة العالمية /دكتوراه الدولة بمرتبة :حسن جدا ،بتاريخ / 04 :يونيو 1991 /م ،ثم تولت جامعة محمد الخامس بالرباط ،مهمة طبع عمل الباحثة ،بما هي مبادرة ،تشي بتقدير مستحق ،يجدر بجامعة عريقة عتيدة أن تقابل به عمل باحثة من حجمها . وليس باب التعليق هنا بأضيق ،فمما يحسن تسجيله :أن الباحثة ترثا لهي ،كانت على جانب من الحكمة عظيم ،حينما التزمت دائرة واحدة في مسيرة البحث ،وهي دائرة أبي الربيع الكالعي ،فسلمت مما وقع فيه آخرون من التنقل بين دوائر البحث المتفاوتة المتباعدة ،والتي قد تستنزف الباحث ،وتحرمه من الوقوف على أسرار الموضوع الواحد ،والتهدي إلى دقائقه ومشكالت مسائله ،ذلك بأن (معرفة اإلشكال علم في نفسه ) ،
كما قرر اإلمام القرافي في فروقه !!!.وثاني جوانب الحكمة لديها ،هو إيمانها ،بأن تراث الغرب اإلسالمي ،يلزم أن ينهض به ،وينهد إليه أبناء الغرب اإلسالمي ،.وهو ما كان قد دعا إليه -في إطاره القومي األوسع -موالنا الراحل المقيم الشيخ العالمة الدكتور أمجد الطرابلسي ،حينما نصح طالئع البحث العلمي من المغاربة أن يسهموا هم ( أنفسهم في إحياء هذا التراث ،ألنه تراثهم ،وال ينتظروا غيرهم ليحيوه بدال منهم ) ،وإذ أسارع هنا ،ألسجل أن هذا التوجيه ،الذي نقله عنه تلميذه النجيب الدكتور محمد عبد الالوي ،توجيه يشي ببصر علمي سديد حديد ،فإني أطرب لمشايعته ،أوليس صاحب البيت هو األدرى بما فيه ؟ !! ولم يكن ولع موالتي ثريا لهي ،بتراث أبي الربيع ،ليقف عند هذا المدى ،بل عادت في بحر سنة 1993م لتتعاهد رائية أبي الربيع الكالعي ،بالتحقيق والدراسة والنشر . هذه قبسة من قبسات العجالن ،بل هو حسو كحسو الطائر ،أطلعنا على صفحة مضيئة من صفحات مسيرتها العلمية األكاديمية .على أنها شفعت كل ذلك بتجريب الكتابة اإلبداعية ،ومما وقفت عليه منها ، كتابها الموسوم ب ( :محطات في حياة امرأة ) ،وهو عمل يقع من السرد في الصميم ،وأزعم أن به ما به من النفس األوتوبيوغرافي .ولعل مقام البكاء هنا ال يسمح بالتفصيل ،وبحسبي أن يكون األرب اإللماع ،إلى ما بين هذا الكتاب ،وبين كتاب أختها الراحلة عائشة بنت الشاطئ الموسوم ب (صور من حياتهن) ،من أواصر القربى !!! وتخرج على يديها ،لواء ظافر من الباحثين ،استناروا بتوجيهاتها ،فأخرجوا أعماال علمية قيمة ،أذكر منها ،رسالة األستاذ الدكتور المهدي لعرج ،الموسومة ب( :بناء األرجوزة وجماليتها في الشعر العربي القديم ) ،التي نوقشت بآداب الرباط يوم اإلثنين /15أكتوبر 2003 /م ،بعضوية لجنة علمية قوية ،انتظم فيها معالي الشيخ الدكتور حسن األمراني ،والعروضي الالمع الشيخ الشاعر محمد علي الرباوي ،وأختها الدكتورة نعيمة مني ، والدكتور موالي علي الخامري ....وما نهض به األستاذ لعرج جليل المقصد ،بتجه مع رسائل علمية أخرى ليقفنا على اتجاهات التأطير لدي فضيلتها ،وهي: - 1اتجاه إخراج النصوص وتحقيقها ( ،تراث قاضي الجماعة المكي البطاوري نموذجا) . - 2اتجاه دراسة الشخصيات األدبية (،الصبيحي السالوي نموذجا) . - 3اتجاه دراسة قضية أو ظاهرة محددة (،الرحلة /شعر الجهاد /المديح النبوي /شعر الطبيعة /الفكاهة والتندر) . .وقد أجد لنفسي -في ضوء هذه االتجاهات -بعض الحق في أن أزعم ،أن فضيلتها كانت تملك مشروعا علميا متكامال ،رعته رعاية علمية مباركة ،وتفقدته بعين األم الحانية ،فتبارك الخطو حينا ،وتهدي إلى مراسي األمان طورا . وكان من حسن طالعي ،بل من سوابغ أيادي البروفيسور الدكتور مصطفى الغديري -أطال اهلل عمره -أن اقترحها ضمن اللجنة العلمية التي تولت مناقشتي في عمل علمي أكاديمي ،يوم 30شتنبر 2004م ،عمل كتب عنه الشيخ موالنا الهراس فقال ( :والمغرب هو أول من اهتم بنشر قطعة من الكتيبة الكامنة البن الخطيب ،في بداية القرن العشرين بفاس ،وتمت إعادة تحقيق الكتيبة الكامنة ،قام بها طالب من طالبنا ،تحت إشراف أحد أنبغ طالبي الدكتور مصطفى الغديري بوجدة) ،فكانت الفرصة سانحة يومئذ ،فجالستها ،وأفدت منها علما وخلقا كريما ،وأذكر أنها روت لنا فضيلتها قصة طريفة من نفاضة جراب االغتراب في إيران ،أنها كانت ضمن لجنة علمية عليا بالعاصمة طهران ،ولما فرغ أعضاء الفريق مما كانوا فيه من جد العمل ،رأى المنظمون اإليرانيون ،أن يخرجوا بالفريق العلمي في جولة عبر معالم المدينة ،طلبا لبعض الراحة ،فما بلغوا الميدان الذي نصب فيه تمثال سيبويه ،رفع الدليل سبابته ،وقال بمكر ظاهر ( :هذا هو الفارسي الذي خدم لغة العرب)، ولم تكن لتغيب عن فضيلة األستاذة ثريا لهي ،مقاصد الخبث التي ترشح من العبارة ،فردت عليه فورا ( :كان ينبغي أن تقول :هذا هو المسلم ،الذي خدم لغة اإلسالم) ،فلف الدليل لسانه بين فكيه ،كما يلف الكلب ذنبه على خيشومه ،في الليلة الباردة !!! أحاديث تترى ،ما زلت عالقة بالذهن ،وفوائد علمية منتخبة ،وموارد معرفية مستعذبة ،جمة كثيرة ،هي عندي اليوم رتيمة أستذكر بها فضائل فضيلتها ،وأعلل بها النفس ،وقد سمعتها من فضيلتها ،ذلك بأني حرصت على زيارتها -الحين بعد الحين -بعد تعيينها عضوا بالمجلس العلمي المحلي بمكناس لالستفادة منها ،والتبرك بدعائها ....وهاهي موالتي وأستاذتي بمقام أمي ،السيدة ثريا لهي تغادرنا إلى دار البقاء ،راضية مرضية ،طاهرة مطهرة ،فارحمها اللهم رحمة واسعة سابغة ،واجعل كل ما قدمته لتراث العربية ،في ميزان حسناتها ،يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضرا ..
ِك عَ َل ْيهِ ْم َ�ص َل َو ٌ ون �أُ َولئ َ ِن ين ِإ� َذا �أَ َ�صا َبتْهُ ْم ُم ِ�صي َب ٌة َق ُالوا ِإ� َّنا لِهَّ ِ ل َو ِإ� َّنا ِإ� َل ْي ِه َر ِ �ش َّ ين َّالذِ َ ال�صا ِب ِر َ ات م ْ اج ُع َ } َو َب رِّ ِ َر ِّبهِ ْم َو َر ْح َم ٌة َو�أُ َولئ َِك ُه ُم مْ ُال ْه َتدُ َون {
(�صدق اهلل العظيم)
انتقلت إلى عفو اهلل تعالى الفاضلة
الحاجة فاطمة بوسعيد
صباح يوم األحد 5ربيع األول 3 /1441نوفمبر ،2019ودفنت في اليوم الموالي بشفشاون. وبهذه المناسبة األليمة ،تتقدم هيئة تحرير جريدتي الشمال و طنجة بأحر التعازي وأصدق المواساة إلى أبنائها :فاطمة ،محمد ،الطاهر ،أحمد ،عبد السالم ،سعيدة ،نعيمة ،مليكة سائلين المولى عز وجل أن يتغمدها بواسع رحمته ويسكنها فسيح جناته ويلهم أهلها وذويها الصبر والسلوان .
العدد 1019
رسائل تطوانية
15
الثالثـاء � 12إلى 18نـوفمرب 2019
من أرشيف الدبلوماسي األديب
سيدي التهامي أفيالل التطواني حفظه اهلل ()34
إعداد وتقديم :الدكتور يونس السباحYounes_sebbah@hotmail.com
تقديم
تعتبر المراسالت العلمية رافداً ثرياً لكتابة التاريخ ،باعتبار ما تحمله في طيّاتها من المعلومات الدّفينة ،والفوائد الغميسة النادرة ،التي ال توجد في غيرها ،ولكونها مرتبطة بزمان ومكان وموضوع معيّن، كما تعدّ أيضاً فنّاً أدبياً ًّ مستقال بنفسه ،بما تحمله من صادق التعبير ،وجميل اإلحساس ،وحسن اإلنشاء ،وبديع السّبك ،وخصوصاً إذا أضيف إلى هذه المعاني جمال الخط ،ورونق الحرف ،وكانت صادقة اإلحساس معبّرة عن الصلة العائلية ،والمتابعة الدراسية بين الوالد والوَلد مث ً ال ،أو بين تلميذ وشيخه ،أو الصديق وصديقه... ومن المراسالت المتّصفة بهذه الصفات ،ما تحتويه خزانة األديب الشاعر ،والدبلوماسي السابق ،أحد أفراد بيت العلم والشرف والمجد ،سيدي التهامي أفيالل حفظه اهلل ،وما يشتمل عليه أرشيفه الذي يضمّ كمّا هائ ً ال من الرسائل ،معظمها صادرة عن أفراد أسرته ،كجدّه القاضي سيدي التهامي أفيالل ،أو عمّه الوزير سيدي محمد بن التهامي ،أو أخيه األديب ،سيدي البشير أفيالل ،أو واردة عليهم وعلى أفراد آخرين من هذا البيت. ولمّا كانت هذه المراسالت لها قيمة أدبية وتاريخية ،ولم يسبق أن رأت النور ،أو اهتمّ أحد بإخراجها للناس ،استأذنّا صاحب األرشيف ،الشريف المذكور ،في العمل على إخراجها وتيسيرها للنّاس عبر صفحات جريدة الشمال الغراء ،التي تستأثر بنشرها ،فوافق مشكوراً مأجوراً ،وقمنا نحن برقن هذه الرسائل ،وصنّفناها حسب ّ كل شخص (منه/عليه) ،وآثرنا أن نبتدئ باألقدم تاريخاً ،فكان صاحب السبق هو القاضي الشهير ،والفقيه الكبير ،سيدي التهامي بن محمد أفيالل (ت1339:هـ) ،وقد استوفينا رسائله –حسبما عثرنا عليه -في الحلقات الماضية من هذه الجريدة ،ونثنّي برسائل ولده العالمة الوزير سيدي محمد أفيالل الصادرة منه والواردة عليه.
[الرسالة]121 :
الشرف ،من لم يتضع عند نفسه ،لم يرتفع عن غيره.
تتمة.... [ مـــن محمــد المريـــر إلى صديقه السيد البشيـــر أفيـــالل، يجيبه على رسالة بمناسبة موسم ثمرة المشمش ،والتي كان يملك منها الفقيه المريــر بستانا مهما بحي الطوابل ،وكان يجمع حوله بالمناسبة عدد من أهــل العلـــم واألدب] ....أمّا أهل العصر الذين أشرت إليهم ،فهم في هذا الزمان أضل من األنعام ،وأجهل من رعاة الشياه واألغنام ،إذ زهدوا في كل فضيلة، ورغبـــوا في كــل رذيلــة ،واتّخذوا اإللحاد دينا وشريــعة ،والتساهل في التحليل والتحريم إلى اإلباحة ذريعة ،وقالوا :إنهم مجددون؛ ولكن للفسوق والعصيان ،وزعموا أنهم مصلحون ،ولكن للفسـاد فاعلون. فالجهل لديهم دراية ،والعفاف في اعتقادهم جناية: وأكبر عيب في زماننــا أنــه به العلم جهل والعفاف فسوق (إال الذين آمنوا وعملوا الصالحات)( ،وقليل ما هم) .وقد ح ّليتم طرر مكتوبكم األخير بتهنئة أخيكم بهذا الشهر المبارك ،شهر رمضان ،الذي أنزل فيه القرآن ،هناكم اهلل فيه بخيره ،ووقاكم من شر كل حاسد وضيره: أدام المهيمن عزا لصديق وزاد الحسود عليـه هوانـا وعرفه يمن شهر الصيــام وأعطاه من كل سوء أمانا وجعلنا وإياكم ممن صامه إيمانا واحتسابا ،واغتناما لألجور المضاعفة واكتسابا ،وأعاده عليكم وعلينا وعلى األمة بالسعد المتصل ،واللطف الذي ال ينفصل: تهن بهذا الشهر واحظ بخيره وكن أبدا بالعود منه على وغد وأمدكــم المولـــى بمــــدده ،حتى تستوفوا كامل مدده ،وأنتم مشمولون بالتهاني، مدركون لكل المقاصد واألماني ،ثم يستقبلكم عيد الفطر السعيد ،بسرور جديد ،وخير مديد، وايام مسفرة ،وأوقات ضاحكة مستبشرة: أسعد بصومك إذ قضيت واجبــه نسكا ،ووفيته من شهــره العددا واسحب بذا العيــد أذياال مجددة واستقبل العيش في إفطاره رغدا وأنعم بيومك من ماض قررت به عينا ،ومنتظر يفضي إليــك غــدا وإنما قدمت لسيادتكم هذه التهنئة العيدية ،اقتداء بـ (المرشدة الميقاتية) ،التي تصدرها النظارة الحبسية ،واعتماداً على ما قاله الفقهاء :إن ما قارب الشيء يعطى حكمه. وفي هذه اللحظة تذكرت ما ملحتم به أول الكتاب ،من التزامكم خفض المرفوع ،فأضحكني ذلك ،واستحضرت مضحكة في ذلك ،وهو أ قائال خطب صاحبا له بقوله( :ما فعل أبوك بحماره؟ قال :باعِه –بكسر العين ،-فقال :ما لك ال تقول :باعَه؟ ،فقال له :وأنت لم ال تقول :بحماره؟ فقال :ألن الباء حرف جر .فقال له :اهلل أكبر .باؤك تجر ،وبائي ال تجر؟). ودخل رجل على زياد فقالّ : (إن أبينا هلك ،وإن أخينا غصبنا من ميراثنا في أبانا ،فقال زياد: ما ضيعت من نفسك ،أكثر مما ضاع من مالك). وفي تلك الرسالة التي قدمتها لكم ،من إنشاء ذلك الكاتب اإلفريقي ،من اللحن المضحك، ما يكفي. هذا ،وفي التزامكم هذا بعض إشارات صوفية لطيفة ،وهو أن من ارتفع في هذه الدنيا ،ال بد من خفضه ووضعه ،وفي الحديث( :حق على اهلل أنّه ما رفع شيئا من هذه الدنيا ،إال وضعه). أو كما قال صلى اهلل عليه وسلم. كما أن في ذلك إشارة إلى ّ أن خفض الجناح والتواضع ،من أخالق المؤمنين ،كما قال تعالى: (واخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين) ،وإن في خفض الجناح رفعة ،كما قال صلى اهلل عليه وسلم( ،من تواضع هلل رفعه) ،وقال( :طوبى لمن تواضع) ،وقيل :التواضع إحدى خصائل
عرفنـا اهلل بأنفسنــا وعيوبنــا، حتى نضعها في موضعها ومقامها، وننظر في ذلك إلى عظمة القادر الخالق ،ونقرأ قوله تعالى( :فلينظر اإلنســان مم خلـــق ،قلـق من ماء دافق). ودم أيها األخ للمعالي ملحوظا، وبعين العناية الربانيــة محفوظــا، والسالم عليكم. من شقيقكم ومقدركم :محمد المرير.
[الرسالة]122 : [ من محمد المرير إلى صديقه السيد البشير أفيالل يدعوه فيها لحضور حفل] والسالم على رسول اهلل
الحمد هلل
والصالة
أخي وصديقي ،وخالصة ودي ومن هو في النفس [ ]...الفقيه العالمة النبيل ،الشريف المبجل الجليل ،سيدي البشير أفيالل. وصل اهلل بالمسرات واألفراح أوقاتكم ،وسالم عليكم ورحمة اهلل. أعرف سيدي وعمدة إخائي أنه ال يضيء أفق منزلي في هذه الحفلة إال بإشراف طلعتكم البهية ،وال يروق سروري فيها إال بحضور سيادتكم السرية السنية ،فالرجاء أن ال تظلموا هذا المنزل بتخلفكم ،وال تكدروا صفو سروره بتأخركم عنه ،وألخيكم الود الذي ال [ ]...والمولى []... ومن كل سوء يقيكم ،والسالم عليكم من صفيكم: محمد المرير
[الرسالة]123 : [ من محمد المرير إلى صديقه السيد البشير أفيالل يعزيه فيها ويواسيه] الحمد هلل الواحد األحد ،وصالته على نـــور األنــوار سيدنــا وموالنا محمد. سيــادة أخي وعزيزي ،ونخبة العصر وغــــرة الشــرف والفصل ،الشريف الجليل ،العالمة المشارك النبيل ،الخير الدّين ،الناسك سيدي البشير أفيالل ،أطال اهلل حياتكم وحفظ لحراسة هذا الدين الغريب وقامته طلعتكم وأوقاتكم ،وسالم عليكم ورحمته وبركاته. فمـن مزيــد األسـى واألســف أعزز المشاركـــة في مصابكــــم بشقيقتكم الطيبة الطاهرة بإنابة الولدين محمد وأحمـــد بالحضور في نقلها لمقرها األخير ،وتقديم تعزيتي ألخوّتكم حيث كان أملي أن أشارككم في ذلك باالتصــال بسيادتكم الذي أعده من الواجبات ،ولكن حال ما بيني وبين أمنيتي ما تعلمونه من وهن البدن ،وضعف القوى. وعليه؛ فإنّي أمد أكف الضراعة مبتهال إلى عالم الغيب والشهادة أن يسقي ضريحها ويقدس روحها وينعم عليها بوابل رحماته ،ويسكنها روضات جناته ،ويلحقها بمن أنعم عليهم من النبيئين والصديقين ،والشهداء والصالحين ،وأن يعوضكم عن فراقها جزيل األجر ،ويلهمكم جميل الصبر ،وأن ال يرى بعد هذا المصاب ما يسوء الخاطر ،بجاه سيد األوائل واألواخر .آمين والسالم األتمّ واألطيب من محبكم ومعظم قدركم: محمد المرير وفقه اهلل لما فيه رضاه آمين
العدد 1019
كتابات يف تاريخ منطقة ال�شمال :
()920
16
الثالثـاء � 12إلى 18نـوفمرب 2019
“تطوان خالل القرن ”18
�أ�سامـة الزكاري zougariousama@gmail.com
صدر كتاب “تطوان خالل القرن الثامن عشر ( ”)1712-1822سنة ،1994وذلك في ما مجموعه 324من الصفحات ذات الحجم المتوسط غطت قضايا تاريخية مختلفة في ماضي مدينة تطوان قبل حوالي قرنين من الزمن .والكتاب – في األصل -تجميع ألعمال الندوة العملية التي نظمتها مجموعة البحث في التاريخ المغربي واألندلسي ،التابعة لكلية اآلداب والعلوم اإلنسانية بتطوان ،سنة .1993وهي تندرج في سياق الجهود المبذولة على مستوى الكلية المذكورة من أجل التأسيس لمنطلقات جديدة في كتابة تاريخ مدينة تطوان ،سواء في عمقه المونوغرافي المجهري ،أم في تكامل مكوناته القطاعية .ويبدو أن المسؤولين عن هذا العمل قد أدركوا حدود إمكانياتهم في االشتغال على هذا المستوى، وكذا سقف تطلعاتهم األكاديمية التأسيسية ،وذلك منذ انعقاد ثم صدور أعمال الندوة األولى حول واقع مدينة تطوان خالل عهد الحماية .لذلك ،بدا واضحا أن العمل قد أصبح يتدرج بخطى ثابتة –على الرغم من بطئها البين -نحو التأصيل ألنماط جديدة في التعاطي مع تحوالت ماضي المدينة ،سواء في مكوناته الداخلية أم في نسق عالقاته وامتداداته الجهوية والوطنية والدولية .وبموازاة مع هذا الحرص على احترام أبجديات التقويم المنهجي واإلجرائي في البحث وفي التنقيب، سعت مجموعة البحث في التاريخ المغربي واألندلسي إلى توسيع آفاق اشتغالها من خالل تجاوز منطق القراءات التي تركز على رصد التطورات الحدثية ،إلى االنفتاح على قضايا تاريخية تنتمي لحقول معرفية متباينة ،هاجسها في ذلك مد الجسور بين هذه الحقول ،وتطوير النظرة إلى علم كتابة التاريخ في ارتباط بغنى المناهج المعاصرة وتطور مجاالت العلوم اإلنسانية المختلفة .إنها نظرة نسقية تعيد االعتبار ألصول المعرفة اإلنسانية وتؤسس لنمط جديد في الكتابة التاريخية ،قوامه تغيير النظرة ألصول المعرفة التاريخية ،وتوسيع مفهوم المصدر التاريخي ،وإعادة رسم دوائر الوثائق التاريخية باعتبارها حجر األساس في كتابة التاريخ .ولقد لخصت الكلمة االفتتاحية للدكتور امحمد بن عبود هذا األفق الجديد للبحث والدراسة، عندما قالت...“ :أما ندوتنا حول تطوان خالل القرن ،18فالهدف منها التركيز في دراسة جوانب متعددة ومتنوعة من تاريخ مدينة مغربية أصيلة خالل فترة زمنية محددة اعتمادا على مناهج مختلفة ،وانطالقا من مواقف متنوعة ،واعتمادا على مصادر ووثائق جديدة .إننا ال نرغب في دراسة تاريخ تطوان خالل القرن 18دراسة شمولية ونهائية ،بل نرغب في تحديد اتجاهات جديدة في مجال البحث التاريخي ربما يمكن االستفادة منها في إطار دراسة مدينة معينة اعتمادا على مناهج متعددة ومتنوعة في العلوم اإلنسانية ،مثل المناهج االجتماعية واألدبية واالقتصادية والسياسية ...لقد ارتأينا أن يطغى طابع التكامل المعرفي في تخطيطنا لهذه الندوة .كما أن المساهمات ...ركزت على أبعاد مختلفة ،منها التاريخ السياسي واالقتصادي واالجتماعي والثقافي لتطوان ونواحيها ،ثم عالقة تطوان بالمخزن ،وأخيرا عالقة تطوان السياسية واالقتصادية والثقافية بالخارج ،يعني بالدول األوربية .وسوف يمكننا هذا االختيار من التعمق في دراسة أبعاد تاريخية محددة من جهة مع ربطها باإلطار العام الوطني والدولي من جهة أخرى ،مساهمة منا في كتابة تاريخ المدن المغربية( ”...ص ص.)4-5 . تتوزع مضامين الكتاب بين قسمين متكاملين في اهتماماتهما ،كتبت مواد القسم األول باللغة العربية ،في حين كتبت مواد القسم الثاني باللغات اإلسبانية واإلنجليزية والفرنسية .ففي القسم األول ،نجد دراسة لمحمد المنصور حول عالقة مدينة تطوان بالمخزن في عهد المولى سليمان ( ،)1792-1822ودراسة لفاطمة الحراق تتبعت فيها ذكر مدينة تطوان في نص رحلة بوتوكي الصادر سنة .1980وإلى جانب ذلك ،قدم امحمد بن عبود دراسة حول القرصنة من خالل وثائق القنصلية اإلنجليزية بتطوان والمفوضية األمريكية بطنجة ،وساهم عبد العزيز السعود بدراسة حول دور تطوان في المبادالت الخارجية خالل مرحلة ما بين سنتي 1721و .1767أما محمد بوكبوط ،فقد تناول بالدراسة أوضاع تطوان خالل القرن 18من خالل مصادر أجنبية معاصرة ،وأبرز عبد الحي بنيس دور مدينة تطوان باعتبارها محطة عبور البعثات األجنبية
إلى مكناس في بداية القرن ،18وكشف عبد العزيز شهبر النقاب عن فتنة يهود تطوان على عهد السلطان المولى يزيد من خالل المصادر العبرانية .وفي سياق آخر ،اهتم مالك بنونة بموضوع الحركة الفنية بتطوان فيما بين 1727و،1822 وتناول عبد السالم شقور بالدراسة السيرة الذاتية للشيخ ابن عجيبة التطواني .أما جعفر ابن الحاج السلمي ،فقد ساهم في الكتاب من خالل نشر وتقديم وثائق بيت شيخ الجماعة أبي العباس أحمد بن العربي ابن الحاج السلمي بتطوان ،واهتم عبد اهلل المرابط الترغي بالتعريف بالنشاط الثقافي في تطوان أواخر القرن 12وأوائل القرن 13ه كما يصوره الشيخ سكيرج في تأريخه لتطوان .وفي آخر مواد القسم األول من الكتاب ،ساهمت سعاد الناصر بدراسة استقرائية نقدية حول صورة مدينة تطوان في عيون زوارها. أما في القسم الثاني من الكتاب ،فنجد مساهمة لماريانو أريباس باالو (باإلسبانية) حول الوقائع واألحداث التي عرفها وادي مرتين خالل منتصف شهر فبراير من سنة ،1794ثم مساهمة لرامون لوريدو دياث (باإلسبانية) حول وضعية مدينة تطوان خالل عهد السلطان سيدي محمد بن عبد اهلل من خالل المصادر اإلسبانية .وقدم كييرمو كوزالبيس مساهمة (باإلسبانية) في شكل دراسة تركيبية في وقائع خمس سنوات من القرن ،18امتدت ما بين سنتي 1727و،1732 ونشر كارلوس بوساك مون قراءة في محطات حاسمة بالنسبة لتاريخ تطوان من خالل ما كان يرد في الصحافة اإلسبانية خالل الفترة الممتدة ما بين سنتي 1820و .1823أما نادية الرزيني ،فاهتمت في دراستها (باإلنجليزية) بالتنقيب عن التراث المعماري الذي خلفه الباشا أحمد الريفي بمدينة تطوان ونواحيها .وفي سياق مختلف ،سعى جان لوي مييج في مساهمته (بالفرنسية) للتوثيق لموقف السلطان موالي سليمان من ثورة مدينة تطوان .وارتباطا بنفس السياق ،قدم عبد المجيد بن جلون دراسة (بالفرنسية) حول خصائص الزعامات الشخصية والنزوعات الفردية المتطلعة إلى االستقالل الذاتي بمدينة تطوان خالل النصف األول من القرن ،18وذلك من خالل تشريح التجربة المعبرة للقائد أحمد بن علي الريفي .وفي آخر دراسات الكتاب ،نشر بوسيف الواسطي دراسة تحليلية (بالفرنسية) حول أشكال تفاعل مدينة تطوان مع مواقف المنقذين واألسرى والرحالة األوربيين لمرحلة القرن .18 هذه باختصار وتركيز شديدين ،أهم مضامين كتاب “تطوان خالل القرن ،”18وهي كافية إلقامة الدليل على القيمة العلمية الرفيعة التي سعت مجموعة البحث في التاريخ المغربي واألندلسي إلى ترسيخها داخل التربة المعرفية لكلية اآلداب بتطوان .فالدراسات جاءت مجددة في وسائل اشتغالها ،صارمة في مناقشتها لمضامين اإلسطوغرافيات الكالسيكية سواء منها العربية اإلسالمية أم األوربية ،منفتحة على رصيد أحدث االجتهادات الجامعية ذات الصلة بالبحث في تاريخ تطوان سواء داخل المغرب أم خارجه ،ومستغلة لرصيد ال بأس به من الوثائق الغميسة التي لم تكن معروفة وال متداولة بين الباحثين والمهتمين .وبذلك ،أضافت لبنة إيجابية لتراكم الدراسات العلمية المهتمة بماضي هذه المدينة العريقة في العلم وفي الجهاد وفي الوطنية ،واستكملت الحلقات المسترسلة التي اشتغل عليها جيل المؤرخين المعاصرين .ولعل من دواعي االحترام الكبير الذي يمكن أن يحظى به هذا العمل ،حرص المشرفين عليه على التأكيد أن العمل ما هو –في نهاية المطاف -إال خطوة أولى البد أن تتبعها خطوات أخرى قصد الكشف عن العتمات المظلمة التي الزالت تكتنف ماضي مدينة تطوان .ولقد عبر الدكتور ابن عبود عن هذه القناعة بكل وضوح ،عندما قال في كلمته التقديمية ...“ :إننا ال نزعم أننا سوف نجدد كتابة تاريخ مدينة تطوان ،فقد يختلف الحكم في مدى تحقيقنا هذا الهدف .إال أننا نسجل وعينا بضرورة طرح هذا اإلشكال .بعبارة أخرى ،لقد وقع اختيارنا على هذا االتجاه آملين أن يأتي بثماره سواء كان ذلك في المدى القريب أو في المستقبل البعيد( ”...ص.)5 .
ندوة نقدية حول «تمثالت البحر في السرد المغربي» بطنجة قال الناقد المغربي الدكتور حميـد لحميـداني إن عالقة اإلنسان بالبحر قديمة ومتجذرة؛ فقد وقف الكائن البشري منبهرا ومتعجبا من عظمة هذه المساحات المائية الممتدة .وألنه لم يستطع فهمها ،توسل باألساطير علها تسعفه في تفسير عظمتها وغموضها. ويرى الباحث ،في مداخلة قدّمها ضمن ندوة نقدية حول «تمثالت البحر في السرد المغربي» نظمها الراصد الوطني للقراءة والنشر مساء يوم األحد 3نونبر بالمركز الثقافي ابن خلدون بطنجة ،أن ارتباط أغلب تلك األساطير بالمرأة كرمز للوالدة والحياة. أما عن عالقته – بصفته باحثا -بالبحر فتعود بداياتها األولى إلى عقد الثمانينيات من القرن الماضي ،في عمله األكاديمي الموسـوم بـ «الرواية المغربية ورؤية الواقع االجتماعي ،دراسة بنيوية تكوينية» (البيضاء ,دار الثقافة 573 ,1985 ،ص) دراسة في رواية «قبور في الماء» لألديب الراحل محمد زفزاف. وقبل أن يرصد حضور البحر في الرواية سالفة الذكر ،يصدر حميـد لحميـداني حديثه عنها باإلشارة إلى طبيعتها المأساوية .مأساوية ينفلت البحر من إسارها حين يتخذ داللة مزدوجة ،فهو مرادف للموت حينا؛ إذ يتسبب في غرق قوارب الصيد في شاطئ المهدية وموت الصيادين، لكنه يغدو حينا آخر عنوانا للحياة وضامنا الستمرارها من خالل المكاسب المادية التي يحققها لمجموعة الصيادين ،ولما يتيحه لهم من إمكانية تجديد اللقاء باألهل واألحباب عند كل عودة من رحلة الصيد الخطيرة. وغير هذا النص ،يتتبع األستاذ لحميداني تمثالت البحر في أعمال سردية أخرى ،يتفاوت وقوفه معها .ففي رواية لكاتبة إماراتية ،يذكر كيف تم استدعاء البحر فيها للترميز على سعي فتاة مراهقة إلى التخلص من سلطة األب الضاغطة. وينتقل بعد ذلك للتمثيل لهذا الحضور بنص سردي آخر هو قصة «لن أسامح البحر» ضمن المجموعة القصصية «سيمفونية النوارس» للكاتب واألديب المغربي محمد معتصم. ويعلن الباحث في البداية عن تحقق مفارقة بين العنوان وبين مضمون القصة ،فإذا كان العنوان يحيل إلى عالقة قوامها التوتر والنفور بين السارد والبحر ،فإن قراءة المضمون تضعنا أمام داللة مختلفة ،يبدو فيها البطل عاشقا للبحر ومستأنسا به؛ يخاطبه ويبادله الحديث وكأنه أمام صديق أو قريب .لكن نهاية القصة قد تسعفنا في فهم العنوان قليال ،إذ ينفجر البطل في وجه البحر حينما ترك الكلب يعضه دون أن يتدخل إلنقاذه. ويعتبر الناقد أن تأويلنا لنهاية القصة يتطلب استدعاء ألدوات التحليل النفسي «الفرودية»؛ فغضب البطل من البحر في النهاية ينبغي فهمه في ضوء تلك األدوات ،إذ هو تصريف لمكبوت طفولي عنوانه :خذالن األب له بموته في طفولته. وفي معرض تتبعه لتمثالت البحر في نصوص سردية أخرى ،توقف الباحث في مداخلته مع نصين قصصيين للكاتبة فاطمة الزهراء المرابط معنونين بـ»أمواج» و»ماذا تحكي أيها البحر» ضمن مجموعتها القصصية الحاملة للعنوان نفسه. ففي القصة األولى «أمواج» يمكن الحديث عن دائرتين ينتظم فيهما المعنى ،تتمثل األولى في فتاة شابة تعيش روتينا قاتال في عملها في المكتب ،بينما هي مأخوذة بأسوار مدينتها العتيقة وجمالها .أما الدائرة الثانية فيمثلها البحر بأمواجه ورطوبته المنعشة بما يعنيه من راحة ومتعة وتحرر .فهو هنا يمثل الخالص لألنثى من ثقل المسؤولية وقيود المجتمع التي تحرمها من تحقيقتطلعاتها. وال تبتعد داللة حضور البحر في النص الثاني «ماذا تحكي أيها البحر» عما جاء في النص السابق ،إذ يتم استدعاؤه في سياق محاربة حالة الضجر والروتين القاتل الذي تعانيه البطلة ،نتيجة سيطرة الهاتف الذكي ومعه وسائل االتصال االجتماعي المختلفة على حياتها .واقع يمثل البحر فيه خالصا من قيود اآللة المزعجة وتحررا من عبوديتها ،ليغدو فضاء للنشوة واالنطالق،
• متابعة :محمد العمراين
فيتحقق معه االندماج الذي ال يعني -حسب الناقد -سوى العودة إلى رحم الحياة ،أي الرحم األول حيث التطهر من جميع األدران ،فنكون أمام استدعاء األسطورة مرة أخرى. النصان األخيران اللذان ختم بهما األستاذ لحميداني مداخلته يعودان إلى الكاتب مصطفى كليتي وهما قصتا «ضفاف» و«إبحار» ضمن أضمومته المعنونة «فقط» .فإذا كان اإلبحار في النص األول «ضفاف» يتخذ طابعا استعاريا داال على اندماج عاشقين وكأنهما يبحران في دمي بعضيهما البعض ،فإنه في النص الثاني «إبحار» يتخذ طابعا شبه واقعي، فهو يتعلق بحلم فنان رسم لوحة ضمت مركبا ومجذفا ،ليعجب برسمته ويستغرقه حلم جميل يرى فيه نفسه مبحرا عبر أمواج البحر ،مستمتعا بإبحارهومغامرته. وباإلضافة إلى األستاذ لحميداني ،شارك باحثان آخران في أشغال الجلسة األولى من هذه الندوة النقدية التي تندرج ضمن فعاليات الدورة السادسة من المعرض الوطني لإلبداع والكتاب الذي نظمه «الراصد الوطني للقراءة والنشر» التي انطلقت بمدينة طنجة يوم السبت 2نونبر الجاري؛ وهما الناقدان الشابان ميلود عرنيبة وعبد العالي كركوب .وقد مثل الباحث األول الستدعاء البحر في السرد المغربي الحديث من خالل دراسته لنص قصصي يعود إلى فاطمة الزهراء المرابط «ماذا تحكي أيها البحر» (سبق أن كان موضوعا لدراسة األستاذ لحميداني كذلك). واتخذ عرنيبة عنوانا لمداخلته «التشخيص المذكر في الكتابة النسائية نموذجا ،مقاربة نوعية لإلبداع النسائي المغربي» ،معتبرا أن الكتابة النسائية عن البحر هي ذات صورة مختلفة عما عهدناه في كتابة الرجال عنه .ويمهد لمداخلته بإثارة مجموعة من األسئلة حول عالقة اإلنسان بالبحر وكذا عن الرصد النقدي لهذه العالقة في السرود المغربية الحديثة. ويخلص الناقد ،بعد تمثيله لحضور البحر في التراثين الغربي واإلنساني القديمين ،إلى ارتباط عالم البحار قديما «بالغرابة والعجائبية» ،كما يذهب إلى ذلك الباحث المغربي عبد الفتاح كيليطو. أما في الشق التطبيقي ،فقد تتبع الباحث طبيعة حضور البحر في نص الكاتبة «المرابط» معتبرا أن إسنادها فعل الحكي إلى البحر يعني أنسنتها له ،وهو ما سيحكم عالقتها به .عالقة تصل حد التماهي واالندماج التام معه. أما مداخلة عبد العالي كركوب ،التي عنونها ب «الداللة الرمزية للبحر في رواية «األفعى والبحر» لمحمد زفزاف ،فقد صدرها بإثارة مجموعة من األسئلة اإلشكالية من قبيل :هل يعد البحر داخل الرواية فضاء جامدا أم هو فضاء ديناميكي؟ ثم ماهي مقاصد استدعاء البحر في الرواية؟ وما عالقته بالقوى الفاعلة؟ وفي إجابته عن تلك األسئلة ،يصرح الباحث بأن البحر في النص يمثل في الرواية رمزا طبيعيا وفضاء مفتوحا .ومن خالل وقوفه على عتبة العنوان ،تساءل عن عالقة األفعى بالبحر ،لتشكل اإلجابة عن السؤال محور باقي عناصر المداخلة؛ فاألفعى الواردة في العنوان والمتن الروائي ليست إال رمزا لألنثى في حركاتها المتوجة وهي تمارس إغراءها وإغواءها ،وهي بالتالي تشبه البحر في حركات موجه. يذكر أن فعاليات «المعرض الوطني السادس لإلبداع والكتاب» ،الذي نظمه «الراصد الوطني للنشر والقراءة» (رونق المغرب) من 2إلى 10نونبر الجاري تحت شعار« :الكتاب مسؤوليتنا جميعا» ،تضمنت إلى جانب هذه الندوة النقدية حول «تمثالت البحر في السرد المغربي» ورشات وندوات وزيارات وحفالت توقيع غنية شارك فيها أدباء ونقاد من مختلف جهات المغرب.
17
الثالثـاء � 12إلى 18نـوفمرب 2019
العدد 1019
موائدُ الحرفِ
(ديوان فوائد وعوائد ومحا�ضرات)
بين دفتيّ هذا َ شكــول فوائـــدُ في الفقــه واألصول والتاريـخ الك ِ ُ ُ ونخيلـــة حصيلــــة مطالــعـــاتٍ وسماعــاتٍ، واللغـــة واألدب ،وهـــي ٌ وبـــاعــــث على لإلينــاس، تحقيقاتٍ وجواباتٍ ،وتنـــوُّعهـا مجلبـــ ٌة ِ َ ّ التروّح؛ َّ التنقــل بين وتستـــروحُ إلى النمط الواحدَ، ألن النفس تسأمُ ِ ِ ّ أفانين الكالم ..ولعـل القارىء يجـد فيها متنفسـهُ إذا تملكه الضجرُ، ِ ُ الوحشة ..واهلل الهادي إلى سواء السبيل. واستفرغتهُ
بقلم :قطب الري�سوين ـ ال�شارقة ـ
ٌ طريفة .75
ٌ ٌ فقهية فائدة .80
من طرائف العلماء َّ صاحب أن الفقيهَ أبا عمر الهنديَّ صاحب كتاب (الوثائق) خاصمَ عند ِ الشرطة شخصاً ،فعجز عن حجَّتهِ ،فقال له الشرطيُّ :ما أعجب أمرك يا أبا عمر ،أنتَ ذكيٌّ لغيرك ،بكيٌّ في أمرك ،فقال أبو عمر( :كذلك يبيّن اهلل آياته للناس) ،ثم أنشد: للناس ،وهْيَ تحت ِرقُ صرتُ كأني ُذبال ٌة نُصِبتْ = تضي ُء ِ ُ والقصَّة مشهور ٌة في كتب التراجم األندلسيَّةِ ،والمغزى منها أن الحكيمَ المجرَّبَ في ِّ ُ ُ حل معضالتِ الناس قد تخذله الحكمة أو تتزايل عنه في شؤونه الخاصة ،وهلل في خلقه شؤون!
من شذوذات داود الظاهريِّ جنوحُهُ إلى أن الجهاد فرضٌ على العين مرَّ ًة في العمر، خالفاً للمتَّفق عليه بين أهل العلم من وجوبه على الكفاية ،وقد نظم هذا الشذوذ ابن المناصف (620هـ) في منظومته (الدرة السنية) فقال: إال شذوذاً من خــــــالفٍ وُجدا البن أبي عاصم ،أعني داودَ عين يلـزمُ كهيئة الحجِّ الجميع منهمُ قال :الجهادُ فرضُ ٍ مكحـــــول وذاك ٌ تحصيل قول غيرُ ذي ونحوهُ يُروى عــن ِ ِ
ٌ ٌ أ�صولية فائدة � .76
َ المخادع للرجل (يُسرُّ حَسْواً في ارتِغا ٍء) ،وهو يُضرَبُ عندما قرأت المثل العربيَِّ : ِ ِ الذي يظهر أمراً ويريد غيرهَّ ، لكل تذكرتُ بعض دعاة التجديد األصوليِّ الذي لهجَ بأن يكون ِ مُك َ ُ وتشحذ ْ نة نزول تصنعُ معقوليَّاتٍ جديد ًة عصر مقاصدُ وأسبابُ التشريع على مواكبةِ ِ ٍ ٍ َّ حركيَّة الزَّمان والمكان واألحياء.. وتذكرت دعو ًة أخرى إلى فتح النصِّ الشرعيِّ على تأويالتٍ المتناهيةٍ تجترحُ تفجيرَ الدوال على غير هدى من صُوى اللغة ،أو السياق ،أو المقاصد.. عرش السلطةِ المطلقة بعد انقالبه على ليصبح المؤوِّل ـ في نهاية المطافَ ـ متوَّجاً على ِ ِّ صاحب النصِّ نفسهِ ..ولذلك قالوا :الثمن الحقيقيُّ لوالدة التأويل الجيّد هو موتُ المؤلف ِ ّ تأثراً بمقولة (روالن بارت). نعم ..هذه الشرذمة من العصرانيين تُسرُّ التبديد تحت غطاء التجديد ،أو تُسرٌّ حسواً في ارتغا ٍء كما تقول العرب!
.77فتــوى سُئلتُ :هل يجوزُ أخذ الفأل من المصحف الكريم؛ بحيث أفتحه على سورة من السور، فتكون أول آية يقع عليها بصري َّ متعلقي في االستبشار ؟
ٌ ٌ لغويـة فائــدة .81
ُ مخطوطة من تراث العالم األديب محمد المنتصر الريسوني ـ رحمه اهلل ـ منظوم ٌة لغوي ٌة عِدَّتها 66( :بيتاً) ،وعنوانها( :إرشاد ذوي الهمم العلية إلى بعض المسائل النحوية واللغوية السنيّة) ،ضمّنها فوائدَ كان يعثر عليها في مطالعاته ،وال ذكرَ لها في ألفية ابن مالك ،أو المية أفعاله ،أو (ملحة اإلعراب) للحريريِّ .وأقتطف منها األبيات اآلتية: قال ابن ريسون الفقيرُ المنتصرْ
ص ّلى وس ّلم على العــــــــدنـــانِ محمـــدٍ خيـــ ِر بني اإلنســــانِ وآلـهِ وصحـــــــــبـــهِ الهـــداةِ
الحائزينَ السّبـقَ في الخيراتِ
النّحوُ حِلي ٌة لذي الدّهـــــــــــا ِء
يسمو طمــوحُهُ إلى العليــــا ِء
المالح قـــد حَوَتْ فهذه منظوم ٌة قــــــد جمــعــتْ من الفوائدِ ِ
َ ُ أســــال حســنَ الجــــــزاء واهلل
ُ ّ ّ الشَّرط في الفأل فأجبتُ: غيب، ِ الحسن أن يُسمَع دون توقع وترق ٍب ،وكأنه خبرٌ جا َء من ٍ ِّ بالتكسّب والتك ّلفِ ،صار من ّ فإذا ُقصد إليه الطيرة؛ وجرى مجرى التكهن كالخط في الرمل ِ والضَّرب بالحصى ،وربما يقع البصرُ على آيةٍ وعيدٍ أو عذاب فيسيء الرجل الظنَّ باهلل تعالى ٍ سبب يقتضيه .ولذلك قال بتحريمه جمعٌ غفيرٌ من المالكية ( ،)1واقتصر الهيتميُّ في من غي ِر ٍ فتاويهِ على القول بالكراهةِ ( ،)2وفيه نظرٌ؛ إذ ما يترتب عليه من المفاسد كالطيرةـ والتكهن، يُنهض القول بالتحريم ،وال يساعد على تقرير الكراهةِ التنزيهيّة. وإساءة الظنِّ باهلل تعالىِ ، قال الطرطوشيُّ( :إن أخذ الفأل بالمصحف وضرب الرمل ونحوه حرامٌ ،وهو من باب االستسقاء باألزالم ،مع أن الفأل حسن النيّةِ) ( .)3واهلل أعلم.
ٌ إن�شادة � . 78
األديب الشاعر محمد المنتصر الريسوني ـ رحمه اهلل ـ أن يحبِّرَ طلبتُ من الوالدِ ِ ً ً مقطوعة شعرية إكراماً لصديق سعوديٍّ اسمه عمر ،وقد جمعتني به عالق ٌة وطيد ٌة بأحد المخيَّماتِ في تطوان ،فأنشدني يوم 14ذي الحجة 1407هـ: أخي في اهلل يا عُمَــــرُ
أضا َء دربــــكُ النَّـظــــرُ
و ِن ْلتَ المبتغى األسمى
وكلـَّ َ ـل خطوكَ َّ الظـ َفـــرُ
لقــد قـــادتْ مخيَّمَـنا
مُنىً فاحتْ بها السُّـوَرُ
منـــــىً ريّا تُغا ِزلـنــــا
يزفُّ أريجَها الزَّهـــــــرُ
فائدة � ٌ ٌ أدبية .79
ٌ محافظ ،وكاتبٌ منافحٌ عن التراث ،ترجم له عبد زكي المحاسني (ت 1972م) أديبٌ سوريٌّ اهلل كنون في كتابه (أزهار برية) ،وأطال غرَّة الثناء على أدبه وأصالته .وهو ،اليوم ،من المجاهيل عند ناشئة األدب ،وقرينته وداد سكاكيني أشهر منه وأبعدُ صيتاً. ومن محافظته ـ رحمه اهلل ـ أنه كان يسمّي الشعرَ الحرَّ ب (ميني جيب) ،غضّاً ِّ منه واستضعافاً له ،وينكر على الشعراء العموديين معالجتهم لهذا النمط الشعري في ً شعر موزونٍ فال أظنّهُ يسمّي قصيدة النثر إال إباحيّة دواوينهم ،وإذا كان هذا موقفه من ٍ ً مطلقة !
حمداً لمانح الذكـــا ِء المقتـدِرْ ِ
في روضــــــةِ الخلودِ والبقــــا ِء ***
أمر يا َفتى رويدَ اسمُ ِ فعل ٍ وهْيَ بمعنى أيها األديـبُ
لفعـــــل أرودَ أتى مصدر من ِ ٍ تَمَهَ َلنْ يا مسـ ِرعُ النَّجيبُ
*** بعد إذا شرطيّةٍ اسمٌ َظهَــــرْ أَعْ ِربْهُ فاع ً لفِعْل استَتَـرْ ال ٍ ّ انشقــــــاق اق مبتــــدأٌ يلي بال بعدَ ال ُفجـــاءةِ لـــدى ِ الحـــذ ِ
مستقل برأسه جاء في مفتتحه ( :أما بعد :فيقول كتاب ٍ ثم اضطلع بشرح منظومته في ٍ عبيد اهلل الفقير محمد المنتصر بن أحمد بن الصادق الريسوني :لما كان النحو واللغة روضاً أرجاً ،وجواً غنجاً ،وبستاناً يمدّ بدائع طرائفه ،وروائع زخارفه ،اشتاقت نوازع نفسي إفاد ًة ألبناء جنسي أن أَضع شرحاً يكون لطالب العلم تبصره ،ولمحبيه تذكره ،على منظومتي المسماة: «إرشاد ذوي الهمم العلية إلى بعض المسائل النحوية واللغوية السنية» ،وأسميت هذا الشرح: «منهل اإلمداد لشرح منظومة اإلرشاد» ،مقتفياً طريقة القدامى من علمائنا ،ومنهج األجداد أصحاب المناقب المحمودة ،والخصال المشهودة.).. من ألبائنا، ِ
ٌ فائدة �أ�صول َّي ٌة .82
أقرأ الشيخ محمد المكيّ الناصريُّ أصول الفقه بدار الحديث الحسنيَّة ،وكان يقول لطالبه ـ بحسب رواية تلميذه الحسن العباديِّ ـ( :إن «جمع الجوامع» فيه كل شيء إال األصول ،ولو والمقولة ـ على مبالغتها في ِّ ُ الحط على (جمع درَّسوا مكانه الموافقات للشاطبيِّ لكان أحسن). الجوامع) ـ ترمي إلى تذليل المتن األصوليِّ ،ونخلهِ من العواري ،وتذوُّق حالوته على هدي مقاصد الشَّريعة ..وللرجل سلفٌ في هذا الباب؛ ذلك َّ أن أحمد البلغيثي من شيوخ القرويين ٌ سهل ،ولكن أفسده « جمع الجوامع « ومحشّوه) ،كما كان يقول لطالبه( :إن علم األصول علمٌ ذكر ذلك تلميذه محمد المختار السوسيُّ في كتابه (مشيخة اإللغيين من الحضريين). الهوامش: )1انظر :الفروق للقرافي ،421 / 3 ،والمدخل البن الحاج.272 / 1 ، )2الفتاوى الحديثية .231 / 1 )3نقله ابن حجر في فتح الباري.215 / 10 ،
العدد 1019
18
الثالثـاء � 12إلى 18نـوفمرب 2019
مولود جديد يعزز النسيج التعاوني بوزان
لعبة السودوكو ()480 أصل اللعبة
لعبة السودوكو اليابانية األصل « ،»SUDOKUكانت معروفة منذ الثمانينيات في اليابان ،إال أنها لم تظهر كلعبة ذات شعبية إال سنة .2005
معنى كلمة سودوكو
كلمة سودوكو هي اختصار للجملة اليابانية ()Nikagiru Sujiwa Dokushin وتعني أن األعداد البد أن تكون مفردة .وهذه اللعبة عبارة عن عالمة تجارية لشركة .Nikol
كيف تلعبها ؟
وزان :مراسلة خاصة ألن المغرب ال يمكن أن يشكل جزيرة معزولة عن المجتمع الدولي ،فقد دأب على التفاعل السريع مع كل ما يمكن أن يخدم اإلنسانية التي يشكل مواطناته ومواطنوه جزءا منها . وفي هذا اإلطار أولت بالدنا اهتماما متزايدا لالقتصاد االجتماعي الذي يشكل العمل التعاوني قطب رحاه .ونظرا لمركزية العمل التعاوني في التنمية فقد خصصت له األمم المتحدة أول يوم سبت من شهر يوليوز يوما عالميا للتعاونيات ،باعتبار التعاونية من أهم اآلليات المشاركة في التنمية االجتماعية واالقتصادية، والحد من الفقر ،وخفض معدل البطالة ،وتحقيق االندماج االجتماعي . إقليــم وزان الذي تعتبر الممارسات التضامنية مترسخة في تقاليده ،عــرف بـــه العمل التعــاوني في العقدين األخيرين انتعاشا ملحوظا ،وتعزز بالحضور الملفت لالنتباه لتاء التأنيث ،وذلك استجابــة لحاجـــة المجتمع الوزاني في تحسين الوضع المعيشي من خــالل مشاريع انتاجية وخدماتية .
وفي هذا السياق ،ورغم جبل االكراهات التي تفرمل العمل التعاوني بدار الضمانة الكبرى ،فقد تعزز النسيج التعاوني بهذه األخيرة بمولود جديد يشتغل ،كما جاء ذلك في الشروحات التي قدمتها لبنى زكي رئيسة تعاونية «هديل زكي» أمام الحضور المتنوع الذي تواجد بمقر التعاونية بمناسبة افتتاحه يوم السبت األخير ( ،يشتغل) على تثمين المنتوجات الفالحية وتسويقها ،نذكر منها زيت الزيتون و التين الجاف ومشتقاتهما . اللقاء التواصلي /االفتتاحي شكل فرصة سلــط فيها الحضور الذي تقدمــه رئيــس الجماعة الترابية وبعض مساعديه ،وممثلو المديرية إٌالقليمية للفالحة، ومنتخبون بالغرف الفالحية والخدمات ،وممثالت وممثلو تعاونيات متعددة مجاالت االشتغال ،وفعاليات مهتمة باالقتصاد االجتماعي( ،سلط فيه الضوء) على مختلف اإلكراهات التي تعاكس آثار مساهمة العمل التعاوني الذي عرف طفرة كمية باإلقليم ،في التخفيف من اإلقصاء والتهميش االجتماعيين .كما تم تبادل الرأي انطالقا من الواقع الملموس حول سبل تجاوز مختلف اإلكراهات حتى ينجح القطاع التعاوني في لعب دوره في تحقيق التنمية االجتماعية بوزان ،ويرتقي العمل التعاوني بهذه الرقعة الجغرافية إلى رافعة لنموذج تنموي جديد .
تنظيم في مستوى حدث البطولة اإلقليمية المدرسية للعدو الريفي المنظم بإقليم العرائش
اللعبة تعتمد على المنطق لدرجة كبيرة ،وهي لوحة مقسمة إلى تسع مناطق كل منطقة مكونة من تسع خانات ،وعليك أن تمأل هذه الخانات أفقيا أو عموديا بأرقام من 1إلى ،9حيث ال تستخدم الرقم إال مرة واحدة في جميع المربعات على العمود نفسه أو السطر أو القطر ،وتكون هناك أرقام موضوعة سابقا في بعض الخانات.
مفيدة لكن معقدة
اللعبة مفيـدة جدا لتقوية مهارات المنطـق ،ويستخدمهـا مدرسو الرياضيات كتمارين للطلبة وتختلف درجة التعقيد ،حسب الفئة المستهدفة.
سرعة المالحظة
بين الصورة واألصل 7اختالفات ،حاول أن تهتدي إليها.
احتفاال بذكرى المسيرة الخضراء المظفرة وتكريسا لالهتمام الكبير بالرياضة المدرسية ،نظم فرع الجامعة الملكية المغربية للرياضة المدرسية لنيــــابــة وزارة التربية الوطنية بنيابة إقليم العرائش البطولة اإلقليمية المدرسية للعدو الريفي بمطاف العمران، وذلك طيلة يوم األربعاء 30أكتوبر ،2019حيث افتتحت التصفيات اإلقليمية بالنشيـــد الوطنــي ،تالها استعراض الوفود المشاركة الممثلة للمؤسسات التعليمية باإلقليم ،بعد ذلك أعطيت انطالقة السباق. هذا وقد شارك في منافسات التصفيات اإلقليمية في العــدو الريفي تلميذات وتالميذ من مختلف المــؤسسات التعليمية بإقليم العرائش والذين تم تـوزيعهم على شكل فــئات عــمرية ،وقد عرفت البطولة تنظيما محكما وأجواء حماسية وتنافسية بين المشاركات والمشاركين بجميع الفئات. أعطيت انطالقة البطولة من طرف السيد ادريس العيدودي
رئيس مصلحة الشؤون التربوية مصحوبا برئيس دائرة العرائش ومفتش مادة التربية البدنية والرياضة .وأسندت مهام التنظيم والتحكيم ألساتذة مادة التربية البدنية والرياضة وأعضاء الفرع اإلقليمي للجامعة بالمديرية و اختتمت التظاهرة بتقديم الجوائز والشواهد التقديرية للفائزات والفائزين على المستويين الفردي والجماعي وقد جاءت النتائج على الشكل التالي : *فئة البراعم إناث :ثانوية عالل الوديي اإلعدادية. *فئة البراعم ذكور :ثانوية الريصانة اإلعدادية. *فئة الصغيرات :ثانوية عالل الوديي اإلعدادية. *فئة الصغار :ثانوية الطبري اإلعدادية. * فئة الفتيات :ثانوية عالل الوديي. فئة الفتيان :ثانوية عالل الوديي. فئة الشابات :لبنى الحيوي الرتبة األولى . فئة الشبان :عبد اهلل الزعيمي الرتبة األولى.
حل السودوكو لجميع إعالناتكم اإلشهارية واإلدارية يف جريدة
االتصال على الرقم : 0539943008
رقم 480
صفحة
19 �إعداد :م�صطفى ال�سباعي
العدد 1019
الثالثاء � 12إلى 18نوفمرب 2019
مجرد رأي :
لجنة البرمجة بجامعة كرة القدم موضع التساؤل
مرة أخرى تعود لجنة البرمجة بالجامعة الملكية المغربية لكرة القدم إلى الواجهة..وتعود معها القرارات غير الصائبة واالنتقادات من قبل العديد من مكونات كرة القدم الوطنية. وقد اعترف فوزي لقجع رئيس الجامعة شخصيا بذلك وطالب بإيجاد حل لمشاكل هذه اللجنة وحل اإلشكاليات التي تترتب عن بعض قراراتها التي تعيق تطور الكرة المغربية وولوجها عالم االحتراف ،وتسيء إلى األندية وتعيق مبدأ تكافؤ الفرص وتجعل العديد من األندية عرضة لمشاكل ال حصرلها ،كما تسيء إلى سمعة الجامعة كجهاز وصي على اللعبة. فاللجنة تعمل على عدم االمتثال لقوانين كرة القدم عن طريق احترام األندية القوية والتغاضي عن األضرار التي تلحقها قراراتها باألندية األخرى التي تؤدي دائما ثمن تلك القرارات . صحيح أن بعض األندية المغربية تلعب على أكثر من واجهة مما يجعلها عرضة للتنقل وفي بعض األحيان إلى مناطق بعيدة ..ولكن على لجنة البرمجة أن تتصرف بواقعية وباحترافية مع توقيت المباريات المؤجلة وتعيد النظر في طريقة أسلوبها حتى ال تتكرر المشاكل وتزداد االنتقادات ..وإن تأخذ بعض األشياء بعين االعتبار ولكن دون المساس بحقوق األندية األخرى التي تؤدي فاتورة قرارات هذه اللجنة . ولن يتأتى ذلك إال بضخ دماء جديدة وشابة داخل لجنة البرمجة بالجامعة الملكية المغربية لكرة القدم والقطع مع مخلفات الماضي إن أردنا ولوج عالم االحتراف.
المهاجم يوسف العرابي يعود للمنتخب المغربي أعلن الناخب الوطني وحيد خاليلوزيتش عن الالئحة النهائية لفريق المنتخب الوطني التي تم استدعاؤها لمواجهة منتحبي موريتانيا وبوروندي برسم التصفيات المؤهلة إلى كأس أمم إفريقيا الكاميرون .2021 وشهدت الالئحة عودة بعض الالعبين كسفيان بوفال ورومان سايس غير أن الجديد البارز تمثل في عودة يوسف العرابي 32سنة.. العرابي الذي غادر فريق الحيل القطري عاد إلى أوربا في صفقة انتقال حر واختار التوقيع لنادي أولمبياكوس اليوناني. وتمكن من تثبيت أقدامه كالعب أساسي في بطولة الدوري اليوناني ..كما شارك في مباراة فريقه أمام باييرن ميونيخ األلماني برسم دوري ابطال أوربا وسجل هدفا في مرمى الحارس نوير. ويعتبر العرابي من أفضل هدافي الدوري اليوناني حاليا ،حيث تمكن من تسجيل 4أهداف في 8مباريات منها 7كالعب أساسي . وكان يوسف العرابي قــد غـــاب عن صفـوف أسود األطلس منذ التصفيات المؤهلة لمونديال 2018وتصفيات كأس إفريقيا لألمم السابقة..
المغرب التطواني يواصل تصدر الدوري االحترافي المغربي رغم تعادله بميدانه أمام أولمبيك أسفي بدون أهداف برسم الجولة السادسة من بطولة الدوري االحترافي وإهداره لنقطتين ثمينتين فقد حافظ فريق المغرب التطواني على مكانته المتقدمة في صدارة الدوري االحترافي المغربي لكرة القدم متقدما على الوداد الرياضي صاحب الصف الثاني بفارق نقطة واحدة.
في انتظار موعد الجمع العام االستثنائي التحاد طنجة
تشكيل لجنة لتصريف األعمال برئاسة الالعب السابق سيف الدين النايب. احتمال التعاقد مع المدرب جمال السالمي لقيادة الفريق في المرحلة القادمة.
سيف الدين النايب
جمال السالمي
ينتظر عشاق اتحاد طنجة لكرة القدم بلهف ما سيسفر عنه الجمع العام اال ستثنائي الذي سيعقد مساء الجمعة المقبلة بقاعة الندوات بملعب ابن بطوطة. جمع عام غير عادي يأتي في ظرفية صعبة يعيشها الفريق بعد استقالة المكتب المسير والفراغ الذي يعيشه الفريق وإقالة المدرب الجزائــري نبيـــل نغيز والهزيمة القاسية أمام الوداد البيضاوي برباعية نظيفة وإيداع مهاجم الفريق الكونغــولــي موكوكو سجــن عكاشـــة بالدار البيضاء بتهمة التهجير السري ..ورفض استقالة الرئيس أبرشان من قبل والي وعمدة المدينة وإصرارهما على بقائه وضمان الدعم المادي والمعنوي له لمواصلة المشوار على رأس الفريق. ففي خضم هذه األحداث يبقى االنتظار سيـــد الموقف فالطاقـــم التقنـــي الذي تم االنفصــال عنه اليعـــرف مصيره لحد اآلن وكذلك الشأن بالنسبة للطاقم الفني الحالي ..والالعبون بدورهــم اليعرفـــون مصيرهــم ووضعيتهم ..والجماهير التي رفعــت الفتات وشعارات تطالـــب بالتغييـــر وراهنـــت على استقالة المكتب تنتظر هي األخرى مخرجات الجمع العام االستثنائي ...وتتمثل المطالب العاجلة في : ضرورة تشكيل مكتب جديد من أناس يتوفرون علىالخبرة والتجربة ولهم غيرة على الفريق. فتح باب االنخراط أمام جميع الفعتايات الرياضيةدون شروط تعجيزية.
اعتماد مبدأ الشفافية في اال نتدابات وحل إشكاليةالطاقم الفني حتى تعود األمور إلى طبيعتها ويعبر فارس البوغاز إلى شط األمان ويستعيد ثقة كل مكوناتــه سعيـــا لتحقيق االستقرار والنتائج اإليجابية.
إطالق سراح العب اتحاد طنجة موكوكو برأت المحكمة االبتداية بالدار البيضاء يوم الجمعة الالعب الكونغولي موكوكو مهاجم اتحاد طنجة لكرة القدم من تهمة التهجير السري وأطلقت سراحه. وكان موكوكو قد أودع سجن عكاشة بالدار البيضاء بعدما اتهمته مطلقته بتهجير ابنته بطريقـــة غير قانونية من مطار محمد الخامس بالدار البيضاء. موكوكو الذي غاب عن مباراة الوداد األخير ة استأنف تداريبه مع الفريق استعدادا للمنافسات القادمة.
لجنة مؤقتة لتصريف األعمال
وفي انتظار ماسيسفر عنه الجمع العام االستثنائي ليوم الجمعة تم تشكيــل لجنــــة لتصريف األعمال يرأسها الالعب السابق سيف الدين النايب رئيس جمعية قدماء العبي اتحاد طنجة وتضم في عضويتها السادة : رشيـــد بلمختار وعبد الرحيم الهوازر والبشير بويطة وتنحصر مهمة هذه اللجنة في : * تصريف أعمال النادي إلى حين انعقاد الجمع العام االستثنائي .واختيار الجهاز الفني الذي سيقود الفريق خالل المرحلة القادمة.
جمـال السالمي مرشح لتدريب اتحـاد طنجة
شرعــت لجنــة تصريـــف األعمال في اتصاالتها مع العديد من المدربين الختيار أحدهم لقيادة الفريق في المرحلة القادمة. ومن بين المدربين الذي يتوفرون على حظوظ وافرة لقيادة سفينة فارس البوغاز إلى شط النجاة اإلطار الوطني جمال السالمي ،المدرب السابق للمنتخب المغربي ألقل من 21سنة.
الثالثـاء � 12إلى 18نـوفمرب 2019
العدد 1019
تذكرة سفر
السلسلة الرابعة
احللقة 14
لقاءات حوارية ،في حلقات متسلسلة ،مع شخصيات مؤثرة في المجال العمومي المغربـي والعربـي واإلنساني ،تستحضر تجربتهم في الحياة الخاصة والعامة ،وترحل بهم عبر تذكرة سفر معنوية وروحية إلى الماضي والمستقبل. • عبد اإلله المويسي ـ • محمد العطالتي
وزيرالثقافة السابق
محمد األشعري المحور الثالث ـ المسار السياسي ـ
يحضر األستاذ محمد األشعري ،في مخيال القراء المغاربة والمشتغلين بالحقل السياسي والمجتمعي الوطني ،بصيغة الواحد المتعدد ،فهو اإلنسان أوال ،وهو الشاعر والكاتب الروائي والمناضل السياسي والناشط الحقوقي ،وواحد من أبرز وجوه معتقلي سنوات الرصاص .وهو الوزير الذي انعطف بمشروع الثقافة الوطنية نحو أفق اتسمت فيه بتبني مفهوم الصناعة الثقافية ،وهو الذي سبق أن شغل قبلها منصب رئاسة اتحاد كتاب المغرب لثالث دورات عرفت خاللها هذه المؤسسة أقوى مراحل ديناميتها وإنتاجيتها.
أكيد السي محمد ،أن هذه النقلة النوعية بخصوص الصورة التي ظهرت بها وزارة الثقافة ،وربما ألول مرة في المغرب، والمتعلقة بتدبيرك شخصيا لهذه الوزارة، والتي تكللت بنجاحات متعددة وخصوصا على مستوى ما يمكن أن أسميه بالصناعة الثقافية ،حيث ظهر نوع من الحس الجدي في التعاطي مع المنشورات وإخراج مجموعة من اإلصدارات ألول مرة ،مثال األعمال الكاملة والكتاب األول وغيره ،أن أعرف أن اإلرادات التي كانت وراءه هذه الحكامة في التعاطي مع الشأن الثقافي، وأكيد أيضا أن السي محمد قد وجد مجوعة من الصعوبات والعراقيل ربما حالت دون أن يحقق حلمه الكامل كما يراه في وزارة الثقافة ،بمعنى ما هي الصعوبات التي وجدها السي محمد أول مرة وهو يستلم العمل بوزارة الثقافة ،وكيف استطاع التغلب عليها ،وأن يخرج هذه الصورة الجيدة لوزارة الثقافة التي استبشر بها كل المثقفين المغاربة ؟ قبل الحديث عن الصعوبات البد أن أشير أوال إلى النقط اإليجابية التي كانت في متناولي عندما تحملت هذه المسؤولية ،أول هذه النقط أوال تجربتي في العمل الثقافي كانت قد جعلتني أقتنع بعدد من األشياء، أصبحت فيما بعد خطاطة البرنامج الذي وضعته في الوزارة ،أستحضر هنا تجربتي في اتحاد كتاب المغرب ،والذي كنا نتداول كثيرا في مؤتمراته الحاجيات والمتطلبات التي يستدعيها المجال الثقافي في المغرب وأيضا ضرورة االعتماد على نوع من التنمية الثقافية لترسيخ االختيارات الديموقراطية ولتطوير المجتمع ولتنويره أيضا والخروج به من براثن المحافظة والتقليد ،كما نعتبر كثيرا بمؤتمرات اتحاد كتاب المغرب بأن التحول الثقافي هو أحد المفاتيح األساسية للتأثير في المجتمع وتغييره نحو األفضل، وكذلك استحضر المساهمات الكثيرة التي ساهمت بها في تشكيل خطاب حول الوضع الثقافي في المغرب ومتطلباته من خالل
مؤتمرات الحزب ،إذ كنا نحرر تقارير حول الوضع الثقافي ومتطلباته في كل مؤتمر من مؤتمرات الحزب ،كل هذا أفادني في وضع العناوين األساسية لما يمكن أن يكون سياسة ثقافية في هذه المرحلة الجديدة ،مرحلة ما بعد التناوب ،هذه هي النقطة اإليجابية األولى التي كانت في متناولي ،معنى ذلك أنني لم أبدأ تحمل هذه المسؤولية من فراغ بل اعتمادا على أشياء أنضجها عملي المباشر في المجال الحزبي ومجال جمعيات المجتمع المدني، النقطة اإليجابية الثانية أننا كنا على أبواب عهد جديد ،والبرامج التي بدأت أدافع عنها ،مباشرة بعد تقلدي هذه المسؤولية، كانت مفهومة ومتعاطف معها في كثير من األوساط ،لقد بدأت مباشرة بالدفاع عن ضرورة توفير مؤسسات ثقافية تليق بمكانة المغرب وبتطلعات المغرب مثل المكتبة الوطنية ومتحف الفنون المعاصر ودور الثقافة والمعاهد الموسيقية وغير ذلك ،وقد كنت دائما ألح على أن افتقاد هذه البالد لهذا النوع من المؤسسات الثقافية المهيكلة سيجعلها دائما غير قادرة
على بلورة سياسة ثقافية في الميدان ،ألن األدوات التي تتطلبها هذه السياسة الثقافية غير موجودة ،وكنت كذلك أدافع عن ضرورة اعتبار الكتاب مسألة حيوية وأساسية ،ألن تدارك التأخر التاريخي الذي يعرفه المغرب في هذا المجال يستدعي نوعا من االستثمار الذي ال يأخذ بعين االعتبار حسابات الربح والخسارة ،لكن يأخذ بعين االعتبار أساسا المنفعة العمومية ،وكنت كذلك أدافع عن فكرة تشجيع اإلنتاج الوطني في مجاالت الكتاب وأيضا في المسرح وفي الفنون التشكيلية وفي كل مجاالت اإلبداع األدبي والفني والسينما كذلك ،ألن عدم وجود سياسة تشجيعية في المجال الثقافي يكبل الطاقات الثقافية ويجعلها غير قادرة على القيام بالمهام المطلوبة من هذا القطاع، وكنت أدافع أخيرا عن ضرورة اعتبار التراث بكل مكوناته ،سوا ًء كان تراثا مخطوطا أو تراثا معماريا أو تراثا تاريخيا ،اعتبار هذا التراث وسيلة اقتصادية لالستثمار في المستقبل وليس فقط وسيلة السترجاع الماضي ،وهذه األفكار أو هذه العناوين العامة للبرنامج الثقافي طرحتها للنقاش بطريقة بسيطة دون تعقيد لألمور ،كان الوقت آنذاك والوضع آنذاك قد ساعد على إشاعة نوع من االستماع لهذه االقتراحات ولهذا البرنامج ،استماع لدى الرأي العام الذي كانت له نفس االنتظارات وكذلك استماع أوساط القرار بتنوعها ،وبطبيعة الحال أول من استمع لهذا األمر هو الحكومة ككل ،حكومة التناوب ،التي وجدت آنذاك، سواء في شخص رئيس الحكومة أو وزيرها األول آنذاك ،األستاذ عبد الرحمن اليوسفي، أو لدى وزير االقتصاد والمالية األخ الصديق فتح اهلل ولعلو ،بعض االهتمام وأيضا نوعا من التشجيع على اقتحام صعوبات التمويل التي كانت مطروحة آنذاك على
الوزارة ،وربما ليس بشكل قاطع وحاسم من الميزانية األولى ولكن بطريقة تدريجية، وفيما بعد سننجح في وضع االستثمار في المجال الثقافي ضمن االستثمارات المنتجة التي خصص لها صندوق الحسن الثاني الذي مولته سياسة خوصصة االتصاالت في البداية ولم يكن ذلك بديهيا ألن القرار كان هو تخصيص كل موارد صندوق الحسن الثاني لالستثمارات المنتجة مباشرة في القطاعات الصناعية والخدماتية والفالحية إلى غير ذلك ،وبطريقة استثنائية وضعت الثقافة ضمن هذا البرنامج االستثماري للصندوق من خالل تخصيصها مبلغا هاما إلنجاز المكتبة الوطنية ،وبطبيعة الحال االهتمام العمومي بالمجال الثقافي وهو أمر كنت أدافع عنه باستمرار قد كان عبارة عن قاطرة جعلت كثير من القطاعات الخاصة والمؤسسات المهتمة بالفنون واآلداب ترفع من وتيرة اهتمامها وإنتاجها وربما أهم شيء في هذا المجال هو ما الحظناه أن مثال تركيز الوزارة على التنشيط الثقافي في ارتباط مع الموسيقى والفنون الشعبية والمسرح والسينما في كثير من المدن جعلت فكرة المهرجانات وتعدد المهرجانات ،مهنية المهرجانات تصبح مسألة بديهية بالسياسات الثقافية وجاءت لهذه المجاالت بتمويالت خاصة ومرتبطة بمؤسسات عمومية ومؤسسات خاصة غيرت تماما من فيزيونومية هذه اللقاءات والمهرجانات حيث أصبحت على قدر كبير من األهمية ،كما وكيفا ،وعلى قدر كبير من المهنية واستطاعت في فترة وجيزة أن تنعش حول هذه المبادرات عددا من
األخيرة
المهن الثقافية التي أصبحت ،ربما اليوم، شيئا أساسيا في هذا المجال. الصعوبات ربما بدأت عندما اتسعت كثيرا التطلعات في هذا المجال ،وهو أمر طبيعي ،فالمشاريع التي بدأت تنجز فتحت شهية كثير من الجهات التي تفتقر لكل شيء في المجال الثقافي لتأخذ نصيبها من هذه الفورة الجديدة ،لذلك ،وإذا شئنا المقارنة في تلك الفترة الوجيزة ،وكان هناك عدد كبير من المؤسسات الثقافيــة في طور اإلنجــاز في عــدد من األقاليــم والجهات وفي مدن نائية جدا ،فمثال برنامج دور الثقافة وصل في ذلك الوقت إلى عدد من المدن خارج المراكز المألوفة وعدد من المكتبات كذلك وصل إلى عدد من المناطق النائية ولكن في كل مرة فإن هذه اإلنجازات التي تبدو كثيرة وكبيرة في وقت إنجازها فإنها كانت في الواقع ال تجيب إال على جزء ضئيل جدا من المتطلبات الثقافية ،ولذلك عندما أزور مثال اآلن بعض المدن الصغيرة خالل أنشطة ثقافية، وحين أزور مثال قلعة مكونة أو أزيالل أو زاكورة أو خميس الزمامرة أو العرائش أو تازة حيث أجد تلك المؤسسات الثقافية التي أنشأناها في تلك الفترة وأرى عددا كبيرا من الشابات والشبان يرتادون هذه المؤسسات الثقافية ويرتادون مكتباتها الوسائطية وقاعاتها للعروض وأرى ذلك الحماس ،وفإنني أسعد بذلك كثيرا وأقول هذه لبنة ربما صغيرة جدا ولكنها لبنة يمكن أن تضاف إليها لبنات أخرى لنتمكن من تقديم جواب مادي وملموس ومقنع على الحاجيات الثقافية المتزايدة باستمرار في بالدنا .ولكن بالرغم من أهمية هاته اللبنة أو هذه اللبنات الصغيرة فإنني حتى هذا الوقت ال أزال أعتقد بأن الدولة يجب أن تستثمر في المجال الثقافي بطريقة أوسع وأكبر ألن الفكرة األساسية التي تراودنا جميعا وفي كل مستويات المجتمع المغربي ،سواء كان في مستوى القرار السياسي أو الحياة االجتماعية أو الحياة الثقافية ،الفكرة التي تراودنا جميعا هي كيفية االرتقاء ببالدنا من أوضاع المحافظة والتقليد إلى أوضاع متقدمــة مالئمـــة للعصر ،متوافقة مع تطلعات الشباب ومع حاجياتهم ،وهذا األمر ال يمكن أن يحدث فقط بالتقدم االقتصادي ،على أهميته، وال يمكن أن يتحقق فقط بالمعالجات السياسية ،على أهميتها الكبرى كذلك، ولكن البد أن يستند إلى سياسة ثقافية تؤمن بأن االستثمار في المجال الثقافي هو استثمار في إنسان المستقبل .