Achamal n° 1019 le 12 Novembre 2019

Page 1

‫محمد األشعري‬

‫ضيف سلسلة «تذكرة سفر»‬

‫الحلقة‬

‫‪14‬‬

‫بدأت مباشرة بالدفاع عن ضرورة توفير مؤسسات‬ ‫ثقافية تليق بمكانة المغرب وبتطلعات المغرب‬ ‫مثل المكتبة الوطنية ومتحف الفنون المعاصر ودور‬ ‫الثقافةوالمعاهدالموسيقية‬

‫الصفحة ‪20‬‬

‫ال‬

‫على هامش زيارة إيفانكا ترامب للمغرب‬

‫‪ % 24‬من المغاربة‬ ‫يعيشون‬ ‫تحت خط الفقر‬

‫صفحة ‪8‬‬

‫ف خا�ص‬

‫�ص عن‬

‫مل‬

‫خا‬

‫لرحيل‬ ‫األديب‬

‫‪16‬‬

‫الذكرى‬

‫إعالم جهوي متقدم‬

‫للتطبيع عرب الفن‬

‫املدير امل�س�ؤول ‪ :‬عبد احلق بخات ـ الهاتف ‪ 05.39.94.30.08 :‬ـ الفاك�س ‪05.39.94.57.09 :‬‬

‫�صفحات ‪5 - 4‬‬

‫العدد ‪ 1019‬ـ الثمن ‪ 4‬دراهم ـ الثالثاء ‪ 114‬ربيع الأول ‪� 12 / 1441‬إلى ‪ 18‬نوفمرب ‪2019‬‬

‫محمد �شكـري‬

‫�صفحات ‪12 - 11 - 10 - 9‬‬

‫الفقر بالمغرب!!!‬ ‫كلمة الشمال‬ ‫عبد اإلله المويسي‬

‫بعد الضجة الكبيرة التي كانت قد أحدثتها تصريحات «بسيمة الحقاوي» بخصوص عتبة الفقر بالمغرب‪ ،‬والذي أشارت فيه الى اعتماد دخل ‪20‬‬ ‫درهم ًا في اليوم كمعيار وطني للخروج من الفقر‪ ،‬وبعد‪ ،‬الضجة الكوميدية أيضا التي كانت قد أثارتها عبارة «جوج فرنك» التي أطلقتها الوزيرة‬ ‫المنتدبة المكلفة بالماء وقتها شرفات أفيالل‪ ،‬يعود الجدل الساخر من جديد ليحتل مواقع التواصل االجتماعي حول خط الفقر بالمغرب ومعاييره‬ ‫المعتمدة‪.‬‬ ‫مصدر الجدل الحالي‪ ،‬من جهة حسب ما أشارت إلى ذلك العديد من المصادر الصحفية‪ ،‬هو تقرير البنك الدولي الذي نشر يوم الثالثاء ‪ 9‬أكتوبر‬ ‫‪ ،2019‬حول الوضع االقتصادي في المغرب والتحديات التي يتعين مواجهتها‪ ،‬خاصة تلك المتعلقة بالفقر الشديد متعدد األبعاد الذي يمنع البشر من‬ ‫الوصول إلى االحتياجات األساسية والضرورية‪ ،‬والذي أشار إلى أن معدل البطالة في المغرب «مرتفع‪ ،‬خاصة بالنسبة للشباب والنساء»‪ ،‬وأشار أيضا‬ ‫إلى أنه من بين ‪ 35.2‬مليون مغربي‪ ،‬هناك ‪ 9‬ماليين أو لنقل ‪ ٪ 24‬من السكان «يعتبرون فقراء أو معرضين لخطر الفقر»‪ ،‬وأن ‪ ٪ 45‬منهم في وضع‬ ‫حرمان‪.‬‬ ‫ومصدر الجدل من جهة ثانية‪ ،‬ودائما حسب نفس المصادر الصحفية‪ ،‬هو أرقام مندوبية التخطيط حول الفقر في المغرب والتي ترى أن عدد الفقراء‬ ‫بالمغرب أقل بكثير مما سبق ذكره‪ ،‬ما أثار تحفظات أغلبية المغاربة‪ ،‬خاصة إذا ما علمنا بأن ‪ 11‬مليون مواطن طلب بطاقة “راميد” المخصصة أص ً‬ ‫ال‬ ‫للفقراء من بين المواطنين الذين تشهد لهم السلطات بالفقر‪.‬‬ ‫بعض المصادر الصحفية‪ ،‬ومعها مواقع التواصل االجتماعي تروج بأن مندوبية التخطيط حددت معيار الفقر لدى المغاربة في دخل سنوي هو‬ ‫‪ 4667‬درهم ًا وهو ما يعني دخ ً‬ ‫ال يومي ًا يعادل ‪ 13‬درهم ًا‪.‬‬ ‫المطلوب هو وقف هذا التضارب بين األرقام‪ ،‬حتى يتوقف التهكم الذي تشهده مواقع التواصل االجتماعي‪.‬‬ ‫والمهمة منوطة بالجهات الرسمية من دون شك فهي التي تعرف األرقام المضبوطة والمعايير المعتمدة بكل الدقة‪.‬‬ ‫أما ‪ 13‬درهم فهي بكل تأكيد مسخرة طبيعي جدا أن تثير التهكم‪.‬‬

‫جريدة يوميـة جهـوية وطنية ت�صدر م� ً‬ ‫ؤقتـا كـل �أ�سبـوع • الإدارة‪ ،‬التحريـر‪ ،‬الإ�شهـار ‪ 7 :‬مكرر‪ ،‬زنقة عمر بن عبد العزيـز • الربيد الإلكـرتونـي ‪ info@achamal.ma :‬ـ املوقع الإلكرتوين ‪www.achamal.ma :‬‬


‫العدد ‪1019‬‬

‫‪2‬‬

‫الثالثـاء ‪� 12‬إلى ‪ 18‬نـوفمرب ‪2019‬‬

‫يومية جهوية وطنية ت�صدر م� ًؤقتا كل �أ�سبوع‬

‫املوقع الإلكرتوين ‪:‬‬

‫«المغرب‬ ‫كبلد محتل‪.»! ‬‬ ‫مغارات‪..‬‬

‫محمد سدحي‬ ‫‪sadhimed@gmail.com‬‬

‫للثقافة أخبار‪!! ..‬‬

‫الحديث عن (المشهد الثقافي) في طنجة محفوف‬ ‫بكثير من االلتباس‪ .‬هل كانت طنجة وال تزال مدينة‬ ‫للثقافة؟ أنا لم أكن عائشاً فيما مضى‪ ..‬وال يهمني‬ ‫كثيراً أن أعود بالزمن إلى الوراء للحديث عن الحركة‬ ‫الثقافية التي يفترض أنها كانت سائدة في الماضي‪.‬‬ ‫أتلفت حوالي‪ ،‬اآلن وهنا‪ ،‬فال أجد تقليداً ثقافياً حقيقياً‬ ‫في مدينتي‪ ..‬هناك ضجيج‪ ،‬نعم‪ ..‬هناك ما ينعت‬ ‫بالمهرجانات والليالي واأليام‪ ،‬بحدود أو بدونها‪ ،‬ال‬ ‫ألمس فيها روحاً ثقافية‪ّ ..‬‬ ‫لكل ثقافته‪ ،‬ولكل مفهومه‬ ‫للثقافة‪ ..‬الثقافة بالنسبة لي أعمق من الشطيح والرديح‬ ‫وهز البطون واألرداف على إيقاع وصخب الطبول‬ ‫والهتاف باسم هذا وذاك‪ ...‬الثقافة سؤال عميق‪.‬‬ ‫مؤرق‪ .‬يثير الشغب‪ .‬يزحزح القناعات‪ .‬يخلخل السائد‪.‬‬ ‫يحرك البرك اآلسنة‪ .‬يشهر الوسطى في وجه المنصة‬ ‫الشرفية‪ .‬يصدع بقول «ال» ونون يا كحل العيون‪..‬‬ ‫الجمعيات الثقافية تتناسل كاألرانب‪ .‬إال أن‬ ‫الثقافة في واد وهي في واد آخر ليس بينه وبين واد‬ ‫الضامة سوى إجادة اللعب‪ ..‬الثقافة ليست مجرد تجمع‬ ‫واستعراض أمام الكاميرا وتناول الحلويات والمشروبات‬ ‫وتبادل قبالت النفاق والعودة برؤوس فارغة‪ ..‬النشاط‬ ‫الثقافي الحقيقي هو الذي نخرج منه ونحن نحس بأن‬ ‫وزننا قد زاد عما كان عليه‪..‬‬ ‫فرع اتحاد الكتاب علق يافطة (مغلق) وأراح‬ ‫واستراح‪..‬‬ ‫مندوبية الثقافة ال يمكنها أن تنوب عن المثقفين‬ ‫في شيء‪ ..‬إنها تنوب عن الدولة‪ ،‬ومطالبة بتكريس‬ ‫المفهوم الرسمي للثقافة‪ ،‬وهذا منطقي على كل حال‪..‬‬ ‫وفوق ذلك فإن موسم الغيطة والطبل‪ ،‬عندها‪ ،‬في‬ ‫حفظ من الضياع‪ ..‬مع تقديرنا الكبير لبعض األصدقاء‬ ‫الذين ال نستطيع تجريدهم من «صفة مثقف» مهما‬ ‫اختلفت الرؤى وتفرقت أسئلة الثقافة في هذا الثلث‬ ‫الخالي البريء من أي ثقافة والحمد هلل على كل حال‪..‬‬ ‫الجامعة جمعت رجليها من بساط الثقافة وانشغلت‬ ‫بأثمنة كتب السادة الدكاترة األفذاذ‪ ..‬وترى الطالب‬ ‫يغرف من كتب المقرر ويصب في أوراق االمتحان‬ ‫كدلو معلق بحبل المستقبل المهني‪ ،‬ثم يخرج في آخر‬ ‫السنة الدراسية بشهادة نجاح مزركشة ورأس فارغة‬ ‫كالسطل‪ ..‬سطل الدلو‪ ،‬طبعاً‪ .‬وهكذا حتى يتخرج أو‬ ‫يخرج خاوي الوفاض‪..‬‬ ‫الثقافة في صحافتنا المحلية‪ ،‬في العموم‪ ،‬توابل‬ ‫قليلة فوق الخضرة التي هي بدورها فوق ْ‬ ‫الطعام‪..‬‬ ‫وحتى صحافتنا الوطنية التي كانت إلى حدود األمس‬ ‫تخص الثقافة بمالحق ثقافية جادة‪ ،‬عادت لتعطي‬ ‫ظهرها لهذا المنتوج اإلنساني الذي ال يؤجل‪..‬‬ ‫وإلى عهد قريب كان برنامج (للثقافة أخبار) الذي‬ ‫يعتبر من عالمات إذاعة طنجة‪ ،‬العزاء بعد إلغاء البرامج‬ ‫الثقافية التي كان يشرف عليها أساتذة متمكنون‬ ‫بصفة متعاون مثل محمد علو وعبد العزيز جدير وأحمد‬ ‫الفتوح وغيرهم‪...‬‬

‫‪www.achamal.com‬‬ ‫ت�صدر عن مطبعة جريدة طنجة‬ ‫المدير المسؤول ‪:‬‬

‫عبد احلــق بخــات‬ ‫رئيس التحرير ‪:‬‬

‫محمد العطالتي‬

‫عبد الإلـه املـوي�سـي‬

‫‪atlati.mohammed@gmail.com‬‬

‫خالل فترة أواسط الثمانينات‪ ،‬التي شهدت‬ ‫تراجعا نسبيا لحق الرواج السياحي الذي كانت‬ ‫تعرفه مناطق ومدن الشمال المغربي‪ ،‬أتيحت‬ ‫لي فرصة التعرف على شاب قدم نفسه لي‬ ‫كصحفي يحمل الجنسية اإلسبانية‪ ،‬وبحكم‬ ‫الجو «الثوري» و«النضالي» الذي كان سائدا‬ ‫في تلك المرحلة من تاريخ المغرب‪ ،‬فقد أثرت‬ ‫مع هذا الصحفي األندلسي موضوع العالقات‬ ‫الثنائية بين المغرب ودولة إسبانيا وبشكل‬ ‫خاص مشكلة استمرار احتالل اسبانيا لعدد‬ ‫من الجزر والثغور المغربية بمنطقة الشمال‪،‬‬ ‫وأبديت‪ ،‬خالل الحوار الذي دار بيننا‪ ،‬غرورا‬ ‫ملحوظا وثقة بالغة في قــوة المغــرب‪ ،‬حيث‬ ‫ذكرت الصحفي المدعو «خوسي» بأن تاريخ‬ ‫المعارك بين البلدين يؤكد انتصار قبائل ريفية‬ ‫بسيطة بأسلحة متواضعة على جيش جرار‬ ‫يقوده الفريق أول مانويل فرنانديز سلفستري‪،‬‬ ‫وذلك قبل أن أشير‪ ،‬في حديثي المليئ بالغرور‪،‬‬ ‫إلى أن المغرب سيقوم بتحرير مدنه المحتلة‬ ‫بقوة السالح وأن اسبانيا التي هزمها الريفيون‬ ‫في ‪ 1921‬بأسلحة بدائية ستكون‪ ،‬في اعتقادي‪،‬‬ ‫لقمة سائغة أمام قواتنا المسلحة التي أصبحت‬ ‫قوة ضاربة تمتلك أسلحة عصرية‪.‬‬ ‫لكن الشاب اإلسبانــي‪ ،‬الذي كـــان‪ ،‬كما‬ ‫بدا لي حينذاك‪ ،‬متمرسا على فن االستماع‬ ‫والحديث‪ ،‬فاجأني بهدوئــه أمــام حماستي‬ ‫الزائدة‪ ،‬قبل أن يذكرني بأن الجيش االسباني‬ ‫الذي تعثر في معركة أنوال‪ ،‬عاد وانتصر على‬ ‫الجميع‪ ،‬مضيفا أن مجرد المقارنة بين القوة‬ ‫العسكرية التي يمتلكها البلدان تبعث على‬ ‫السخرية‪ ،‬مؤكدا أن ال مجال للمقارنة بين قوة‬ ‫الجيش المغربي وقوة الجيش اإلسباني‪.‬‬ ‫و الحقيقة أن الرجـــل أقنعنــي‪ ،‬بشكــل‬ ‫اليقبل الشك‪ ،‬أنه محق في كالمه رغم عنادي‬ ‫الفارغ‪،‬لكنه سرعان ما انتقل لفكرة جوهرية‪،‬‬ ‫كنت أعدها وقتئذ مجرد كالم نظري ولغو‬ ‫شفوي‪ ،‬وكان منطوق الفكرة يقول بأن الحروب‬ ‫القادمة بين الدول لن تكون حروبا عسكرية‬ ‫كتلك المعهودة‪ ،‬بل ستكون حروبا اقتصادية‪.‬‬ ‫اآلن‪ ،‬وبعد مرور عقود من الزمن على هذا‬ ‫الحديث‪ ،‬ازددت اقتناعا بصدقية ومنطق كالم‬ ‫الرجل‪ ،‬فقد أكد الواقع وأثبتت التجارب أن‬ ‫الحرب الحقيقية القادمة هي حرب اقتصادية‬

‫بين الدول والتجمعـــات‪ ،‬لكن مع تسجيــل‬ ‫امتياز كبير لصالح القوى االقتصادية الكبرى‬ ‫في العالم‪ ،‬فمن يكون قادرا على شن الحرب‬ ‫االقتصادية يستدعي بالضرورة امتالك اقتصاد‬ ‫قوي‪ ،‬ويزداد االمتياز المسجــل تضخما حين‬ ‫تكون تلك القوة االقتصادية معــززة بقوة‬ ‫عسكرية قاهرة‪.‬‬ ‫في هذا الموضوع‪ ،‬يسجل مركز الروابط‬ ‫للبحوث والدراسات االستراتيجية أن «من أهم‬ ‫األسلحة المستخدمة في تلك الحــرب هي‬ ‫اختراق األسواق‪ ،‬ووإحــداث إغـراق في بعض‬ ‫السلع والمنتجــات إلضعاف الجهاز اإلنتاجي‬ ‫الداخلي للدولة وعدم قدرته على المنافسة‬ ‫والمقـــاومــة‪ ،‬وذلك باستغــالل االتفاقيــات‬ ‫الدولية التي تتيـــح حريـة التجارة العالمية‪،‬‬ ‫واختراق األسواق عن طريق االحتكار وتملك‬ ‫خطوط اإلنتاج والصناعات الحيوية في الدول‬ ‫المراد تدميرها اقتصاديًّا»‪.‬‬ ‫و قد ساق هذا المركز‪ ،‬كدليل على ذلك‪،‬‬ ‫و«عالقة الواليات المتحدة األميركية بأوروبا‬ ‫من خالل تجارة الصويا‪ ،‬حيث تمتلك الواليات‬ ‫المتحدة االحتكار العالمــي لتجــارة الصويا‪،‬‬ ‫وتصدر منها كل عام عشرة ماليين طن‪ ،‬ومن‬ ‫الكسب لتغذية الحيوانات التي يعتمد غذاء‬ ‫أوروبا من اللحوم بشدة عليها‪ . .‬قبل أن يؤكد‬ ‫بأنه ‪« :‬ربما كان الشيء الوحيد الذي تستورده‬ ‫الواليات المتحدة من العالم‪ ،‬وهو العقول‬ ‫البشرية‪ ،‬وحيــث تعمل على استقطـــاب تلك‬ ‫العقول ورعايتها»‪.‬‬ ‫بهذا المعنى‪ ،‬فإن الحــرب االقتصاديـــة‬ ‫القائمة اآلن ال مكان فيها للدول المتخلفة‪،‬‬ ‫بل هي نفسها ستكون موضوع هذه الحرب‪،‬‬ ‫فلتكون قادرا على خوض «حرب اقتصادية»‬ ‫يجب أن تكون حائزا لألدوات التي تمكنك من‬ ‫الهجوم االقتصادي‪ ،‬وفي نفس اآلن متوفرا‬ ‫على «آليات الدفاع عن االقتصاد الوطني»‪،‬‬ ‫وهو امتياز لم ينله بلد كالمغرب‪ ،‬ما سيجعله‬ ‫في األمد المنظور محتال بشكل كامل من طرف‬ ‫القوى االقتصادية والمالية العالمية‪ ،‬سواء أتم‬ ‫ذلك عبر إغراقه في الديون أو عبر االمتناع عن‬ ‫إقراضه المزيد وهكذا سيصبح «المغرب كبلد‬ ‫محتل‪.»! ‬‬

‫هيئة التحرير ‪:‬‬

‫عبد اللطيف �شهبون‬ ‫زبيـدة الورياغلـي‬ ‫�أ�سامـة الزكــاري‬ ‫ر�ضوان احدادو‬ ‫هدى املجاطـي‬ ‫محمد �إمغــران‬ ‫محمد وطـــا�ش‬ ‫محمد العطـالتي‬ ‫محمد �سـدحــي‬ ‫عبد احلـي مفتـاح‬ ‫م�صطفى ال�سباعي‬ ‫اإلدارة واإلشهار والعالقات العامة ‪:‬‬

‫محمد طارق بخات‬ ‫اإلخراج والتصفيف‪:‬‬

‫«جريدة ال�شمال»‬ ‫عنوان التحرير والمراسالت والتسويق‬ ‫واإلشهار ‪:‬‬

‫‪ 7‬مـكـــرر‪ ،‬زنقـة عمــر بــن‬ ‫عبد العزيز ـ طنجــة ـ‬ ‫الهاتــف ‪:‬‬ ‫‪05.39.94.30.08‬‬ ‫‪06.22.45.30.67‬‬ ‫الفاكــ�س ‪:‬‬ ‫‪05.39.94.57.09‬‬ ‫الربيد الإلكرتوين ‪:‬‬ ‫‪info@achamal.com‬‬ ‫‪achamal2000 @gmail.com‬‬ ‫سحب من هذا العدد ‪:‬‬

‫‪� 10‬آالف ن�سخــة‬ ‫التوزيع‪:‬‬

‫�سبـريــ�س ‪Sapress‬‬ ‫الإيداع القانوين‪99/10 :‬‬ ‫ر‪.‬د‪.‬م‪.‬ك‪:‬‬

‫‪I.S.S.N : 1114-1832‬‬


‫العدد ‪1019‬‬

‫درد‬

‫شة‬

‫م�صطفى حجاج‬

‫الثالثـاء ‪� 12‬إلى ‪ 18‬نـوفمرب ‪2019‬‬

‫دردشة‬ ‫في طريقي إلى قبر أبي رحمه اهلل‪ ،‬الحظتُ أن مدخل ضريح سيدي المنظري أصبح‬ ‫مرتعا للمتشردين‪ ،‬يرتادونه بكالبهم ومُعدّاتهم‪ ،‬ويتصرفون فيه كما يتصرف رب البيت‬ ‫في بيته‪.‬‬ ‫وبجوار قبر والدتي – وأنا أتلو الفاتحة على روحها الطاهرة – الحظتُ جماعة تحتسي‬ ‫كؤوس الخمر دون حياء وال خجل‪ ،‬وال خوف وال وجل‪.‬‬ ‫وبالمصطبة التي ينتظر بها المنتظرون دَوْرَهُمْ ألداء صالة الجنازة‪ ،‬أو تقديم‬ ‫العزاء‪ ،‬رأيت متشردين على نفس المصطبة‪ ،‬يدخنون (السبسي) ويؤذون عباد اهلل دون‬ ‫حسيب وال رقيب‪ ،‬وال رادع وال زاجر‪.‬‬ ‫وهذا يعني أن مقبرة سيدي المنظري التي كان لها شأن ومكان‪ ،‬في سالف العصر‬ ‫واألوان‪ ،‬أصبحت في زمننا هذا تحت رحمة الحمقى والمعتوهين والمجرمين‪ ،‬وأن المكان‬ ‫َغدَا من النقط السوداء في جسم الحمامة التي كانت في يوم ما بيضاء ناصع لونها‪.‬‬ ‫والويل كل الويل لمن حدثتْه نفسُه بالمرور بهذه البقعة إذا أوشكت الشمس على‬ ‫المغيب‪ ،‬والويل كل الويل لمن تغلغل في أدغال المقبرة في واضحة النهار‪ ،‬فقد تكون‬ ‫نهايته هنا‪.‬‬ ‫ومقبرتنا أصبحت مقابر‪ ،‬وامتدادها إلى حدود حارة زيانة‪ ،‬ومشارف الطويلع‪ ،‬لم يخضع‬ ‫– لألسف الشديد – لتصميم وال تخطيط‪ ،‬وإنما تُركَ للصدف والجتهاد المجتهدين‪،‬‬ ‫يُشَرّقون إذا أراداو أن يُشَرّ ُقوا‪ ،‬ويُغَرّبون إذا شاءوا أن يُغَرّبوا‪ .‬وهذا يتماشى في‬ ‫نظري مع البناء العشوائي الذي تعرفه المدينة ككل‪ ،‬فال األحياء مرتاحون للشكل الذي‬ ‫باتت عليه مدينتهم‪ ،‬وال الموتى مستريحون في قبورهم‪.‬‬ ‫والمؤمّل أن نتدارك المقبرة‪ ،‬وننتزعها من أيدي هؤالء الغزاة الفجرة‪ ،‬الذين ال‬ ‫يراعون حرمات اهلل وال حرمات العباد‪ ،‬األحياء منهم واألموات‪.‬‬ ‫واألمر سهل ميسّر إذا خ ُلصت النوايا‪ ،‬وتوفرت اإلرادة‪ .‬فإعادة هيكلة المقابر وتسييجها‬ ‫وحراستها‪ ،‬وإنشاء دائرتين لألمن بمدخلها من جهة المدينة العتيقة‪ ،‬ومخرجها من جهة‬ ‫زيانة‪ ،‬سيعيد ‪ -‬المحالة‪ -‬للموتى حرمتهم‪ ،‬ويذلل للزوار المسالك والسبل‪ ،‬ويؤمّنهم من‬ ‫خوف‪.‬‬ ‫وما هذا على أصحاب الهمم العالية بعزيز‪.‬‬

‫منظمة «حاتم» تنظم دورة تكوينية‬ ‫وندوة حول اإلعالم وعقوبة اإلعدام‬ ‫ عبد الحي مفتاح‬‫بشفشاون‬ ‫تشكل عقوبة اإلعدام إحدى القضايا التي تثيــر نقاشا بين‬ ‫الحقوقيين وفقهاء القانون الجنائـي والسياسييـــن سواء عبر‬ ‫العالم أو على اصعيد الوطن‪ ‬ولكل واحد من الطرفين خلفياته‬ ‫اإليديولوجية والفكرية والقانونية والواقعية التي يحاجج بها‬ ‫لالنتصار لرأيه‪.‬‬ ‫ومنذ صدور اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان سنة ‪1948‬‬ ‫الذي اعتبر «الحق في الحياة» من أقدس الحقوق ومبتدئها حيث‬ ‫ال يمكن الحديث عن الحقوق األخـرى دون الحماية الكافية لهذا‬ ‫الحق األساسي اعتبرت قضية عقوبــة‪ ‬اإلعــدام محكا أساسيا‬ ‫ومقياسا حساسا إلعمال المبادئ الكونية‪ ‬لحقوق اإلنسان رغم‬ ‫أنها استمرت نقطة خالفية كبرى يصعب االتفاق حولها‪.‬‬ ‫لذلك ظلت العديد من الدول‪ ،‬رغم استصدار العديد من‪ ‬‬ ‫االتفاقيات الدولية وملحقاتها المتعاقبة‪ ،‬ومنها باألساس العهد‬ ‫الدولي للحقوق المدنية والسياسية والبروتوكول االختياري‬ ‫الثاني الملحق به‪ ،‬التي تقيد الحكم بعقوبة اإلعدام وتحث أو‬ ‫تطالب‪ ‬بإلغائها‪ ،‬متشبتة بهذه العقوبة بل تنفيذها كالواليات‬ ‫المتحدة االمريكية والصين والسعودية وإيران‪...‬‬ ‫والمغرب ليس جزيرة معزولـة عن هذا النقــاش الحقوقي‪،‬‬ ‫حيث منذ انخراط المغــرب في المنظومــة الحقوقيـة الدولية‬ ‫ومع التقدم الذي خطاه على هذا المستوى بعد دستور‪2011‬‬ ‫بجعله المواثيق واالتفاقيات الدولية المصادق عليها تسمو‬ ‫على القوانين الوطنية‪ ،‬أصبح الحكم بعقوبة اإلعدام محط جدل‬ ‫سواء من خالل النقاش الدستوري أو الحقوقي أو القانوني خاصة‬ ‫فيما يتعلق بالمنظومة الجنائية الوطنية التي خضعت لتعديالت‬ ‫متواترة من أجل مالءمتها مع المقتضيات الدستورية والمبادئ‬ ‫والقواعد‪ ‬الحقوقية الدولية ذات الصلة‪ .‬‬ ‫‪ ‬وإذا كان تنفيذ حكم عقوبة اإلعدام توقف منذ ما يعرف‬ ‫بقضية» الكوميسير ثابت» أو « الحاج ثابت» فإن هذه العقوبة‬ ‫ظلت مضمنة في القانون الجنائي وقانون العدل العسكري‪،‬‬ ‫وإن بشكل محدود يتقلص شيئا فشيئا‪ ،‬وهو ما شكل هاجسا‬ ‫للمؤسسات الحقوقية الوطنية والجمعيات العاملة في المجال‬ ‫وللحقوقيين بصفة عامة‪ ،‬على اعتبار أن التنصيص على العقوبة‬ ‫في القانون والنطق بها في المحاكم ال يتماشى والتوجه العام‬ ‫الدولي إللغاء هذه العقوبة وال يعكس اإلرادة الحقوقية العامة‬ ‫للدولة‪ ،‬حيث تظل هذه العقوبة بمثابة سيف ديموقليس مسلط‬ ‫على رقاب المحكومين بها‪.‬‬ ‫وهكذا وفي ظل هذا الجو من التجاذب‪ ،‬اختارت العديد من‬ ‫الفعاليات االنتصار إللغاء عقوبة اإلعدام في المغرب‪ ،‬معتبرة‬ ‫إياها غير ذات جدوى سواء من حيث فعاليتها في الردع العام‬ ‫أو الخاص حيث لم يثبت أنه في الدول التي الزالت تحكم بهذه‬

‫‪3‬‬

‫العقوبة أو تطبقها تراجع في نسب الجريمة‪ ،‬ومنها الجرائم‬ ‫الخطيرة التي يكون كجزاء تناسبي لها عقوبة اإلعدام‪.‬‬ ‫وفي هــذا اإلطــار تشكــل االئتـالف المغربي ضد عقوبـة‬ ‫اإلعدام‪ ،‬وشبكتي «محامون» و«برلمانيون» ضد عقوبة اإلعدام‪،‬‬ ‫ثم شبكة «إعالميون» ضد عقوبة اإلعدام‪ .‬‬ ‫ويرى المناصرون إللغاء عقوبة اإلعدام أن العقوبات البديلة‬ ‫كالحكم بالسجن المؤبد مع األشغال الشاقة قد يكون أكثر‬ ‫فعالية‪ ،‬ثم إن تنفيذ حكم اإلعدام في حالة ثبوت خطأ ال يمكن‬ ‫التراجع عنه‪ .‬كما أن تعميم التربية السليمة وإقرار السياسات‬ ‫االجتماعية المحاصرة‪ ‬لعوامل التهميش واإلقصاء والحيف‬ ‫الطبقي‪ ،‬وكذا سياسات القرب األمنية من شأنه المساهمة في‬ ‫تقليص حجم العنف االجتماعي واألحقاد الفردية والجماعية‬ ‫إلى حد بعيد‪ ،‬وبالتالي المساهمة في الوقاية من الجريمة‬ ‫وإشاعة قيم السلم واالختالف والحوار وسط المجتمع والحد من‬ ‫األمراض النفسية واالجتماعية إلى حد بعيد‪.‬‬ ‫ويالحظ من خالل وسائل التواصل االجتماعي نمو النزوع إلى‬ ‫الحكم المسبق على بعض مرتكبي الجرائم البشعة والمروعة‪،‬‬ ‫وهو ما يستدعي من اإلعالميين والحقوقيين والمختصين‬ ‫عموما القيام بدورهم في النقاش الفكري والحقوقي والقانوني‬ ‫الهادئ من أجل إشاعة ثقافة حقوق اإلنسان والتسامح‪ ،‬وتمنيع‬ ‫استقاللية القضاء وتحصين سيادته‪ ،‬وتمتيع المتهمين بكافة‬ ‫ضمانات المحاكمة العادلة في أفق ترسيخ دولة الحق والقانون‬ ‫التي يطمح إليها الجميع‪.‬‬ ‫ويظل دور اإلعالم من األهمية بمكان في خضم الثورة‬ ‫المعلوماتية والتأثيرات السلبية لركــام المعلومـــات السريعة‬ ‫التي نتلقاهــا‪ .‬حيث أضحى من واجب الصحافيين واإلعالميين‬ ‫والمدونين‪ ...‬التحلي بأخالقيات ومواثيــق المهنة والتسلح‬ ‫بالثقافة القانونية والتحري والتدقيق والتجرد ما أمكن لصناعة‬ ‫رأي عام عقالني‪ ،‬متزن‪ ،‬إيجابي منتصر لحقوق اإلنسان المتعارف‬ ‫عليها دوليا ‪ ،‬والقيم الوطنية‪ ،‬واألخالق الحميدة ونبذ العنف‬ ‫واالنتقام‪ .‬‬ ‫وفي هذا االتجاه تعمل وتجتهد منظمة حريات اإلعالم‬ ‫والتعبير‪ -‬حاتم‪ -‬التي نظمت دورة تكوينية وندوة حول اإلعالم‬ ‫وعقوبة اإلعدام لفائدة إعالميي جهة طنجة‪-‬تطوان‪-‬الحسيمة‪،‬‬ ‫بمدينة شفشاون وذلك أيام ‪25‬و‪26‬و‪ 27‬نونبر الماضي‪ ‬بدعم‬ ‫من وزارة الدولة المكلفة بحقوق اإلنسان وبتنسيق مع اللجنة‬ ‫الجهوية لحقــوق اإلنسان بطنجة‪ ‬والتي كان لها صدى طيب‬ ‫وأثر محمود سنرى انعكاساته في المقبل من األيام بعد تشكيل‬ ‫مجموعتـي عمل لشبكــة «إعالميـــون» ضد عقوبــة اإلعدام‬ ‫ومنظمة حريات اإلعالم والتعبير بهذه الجهة‪.‬‬

‫نبوية‪..‬‬ ‫عبد اللطيف �شهبون‬

‫‪abdelchahboun@hotmail.com‬‬

‫‪..‬وأنا متوجه الى مداغ ؛ موطن السر المحمدي وصلتني‬ ‫هدية كريمة من الصديق األستاذ الدكتور عبد اهلل السعيدي؛‬ ‫المواطن العماني ‪ .‬وأما القصيدة فنبوية للشاعر جمال المال؛‬ ‫نسجهــــا في بحر متسع األفق‪ ،‬ممتد الرقعة‪ ،‬جميل اإليقاع‬ ‫هو البسيط‪ ،‬وأنشدها صوت نافذ لماجد الغافـري‪ ،‬فأردت‬ ‫تعميم الفائدة بها في ظرفية الجالل والجمال والفرح بميالد‬ ‫رسول اهلل‪.‬‬

‫النبـي‬ ‫أنسل من عتمة المعنى‪ ،‬أغيب سدى‬ ‫خلعت نعلي ‪ ،‬ال ظال‪ ،‬وال جسدا‬ ‫أمشي على الماء‪ ،‬هل في الماء من قبس ؟‬ ‫لما بدوت اختفى‪ ،‬لما اختفيت بدا ؟‬ ‫يرتد صوت من النار التي اتقدت ‪،‬‬ ‫يا رب‪ ،‬يا رب ‪ :‬من فينا الذي اتقدا ؟‬ ‫أكان صوتك إذ ناديتني ولها ؟‬ ‫أم كنت من صاح بي‪ ،‬والنار محض صدى ؟‬ ‫وثم ألف نبي‪ ،‬دونهم أمم ‪،‬‬ ‫ووحده كان مشهودا ومنفردا ؛‬ ‫كان اللواء رفيعا وهو يحمله ‪،‬‬ ‫وكان في ظله العشاق والشهدا‬ ‫تروي النقوش القديمات التي نسيت‬ ‫في حائط البحر أن البحر قد نفدا‪،‬‬ ‫وأي أم نبي مثل آمنة ؛‬ ‫وقد تراءت قصور الروم إذ ولدا‬ ‫أضاعك العقال من كل خاطرة ‪،‬‬ ‫وضيعتك قلوب في الذي اعتقدا‬ ‫نقول ‪ :‬كان بسيطا‪ ،‬ها هنا حجر‪،‬‬ ‫هنا توضأ‪ ،‬صلى‪ ،‬ها هنا سجدا‬ ‫يا أيها القدم المنسي داخلنا ‪:‬‬ ‫فتشت عنك وكلي منك قد وجدا‬ ‫يا من له كانت األخالق معجزة‬ ‫ما عاب قط طعاما‪ ،‬ال‪ ،‬وما انتقدا‬ ‫ال تبك يا عمر الفاروق إن ترك الحصير في جنبه ختما إذا رقدا‬ ‫فذاك من لغة في أبجديتها ؛‬ ‫أن الحرير يساوي ذلك اللبدا‬ ‫محمد‪ ،‬واستوى الرحمن وهو على‬ ‫عرش عظيم فسمى نفسه الصمدا‬ ‫محمد ‪ :‬يا مقامات معمدة ‪:‬‬ ‫بالطين عبدا رسوال كيفما عبدا‬ ‫سواد عينيك ليل العارفين سروا‬ ‫به‪ ،‬فغابوا‪ ،‬أضاعوا الدرب والبلدا‬ ‫أتوا إلى البئر مشدوهين وارتحلوا‬ ‫وأشعلوا في الغياب القلب والكبدا‬ ‫وافيت بابك حيث األرض متعبة‬ ‫أقول شعرا كثيرا فيك مجتهدا‬ ‫فلست كعبا وإن بانت سعاد وإن‬ ‫أبقتني اليوم متبوال بها سهدا‬ ‫وال الذي أشرقت شعرا كواكبه‬ ‫درية لم يسعها في الفضاء مدى‬ ‫كل القصائد ـ مهما قيل ـ ناقصة‬ ‫فالعفو إال من النقاد والرشدا‬ ‫والعفو منك رسول اهلل معذرة‬ ‫إن حملوها على غير الذي قصدا‬


‫الشمال الفني‬ ‫‪4‬‬

‫إشراف الفنان يوسف سعدون‬

‫العدد ‪ 1019‬ـ الثالثاء ‪ 12‬إلى ‪ 18‬نوفمبر ‪2019‬‬

‫الجمعية المغربية للفنون التشكيلية والنقابة المغربية‬ ‫للفنانين التشكيليين المحترفين ضد التطبيع‬ ‫سجلت الجمعية المغربية للفنون التشكيلية والنقابة المغربية للفنانين التشكيليين المحترفين موقفهما إزاء مشاركة‬ ‫فنانين مغاربة في بينالي القدس عبر بالغ مشترك أكدتا فيه أن الفنانين الذين قبلوا الدعوة للمشاركة في بينالي القدس‬ ‫المحتلة ال يمثلون سوى أنفسهم‪ ،‬وهم بالتالي ال يحترمون البتة التوجهات الفلسفية أو اإلنسانية لهيئتيهما اللتين كانتا‬ ‫على الدوام إلى جانب الشعب الفلسطيني في نضاله‪ ،‬وأضافت الهيئتان في بالغ مشترك أنه مهما كانت الدوافع التي‬ ‫أدت إلى قبول هؤالء الفنانين لعرض أعمالهم سواء كانت مادية أو أخالقية فإنهم لم يأخذوا بعين االعتبار أن مشاركتهم‬ ‫سينظر إليها على أنها مشاركة لبلدهم ‪،‬كما هو الحال عندما يشارك أي مواطن من بلد ما في لقاء دولي مؤكدين أنهما‬ ‫تلقيتا بذهول مشاركة بعض الفنانين في هذه التظاهرة‪.‬‬ ‫وأكدتا أنه ال المغرب وال جمعياته منحوا هؤالء الفنانين تكليفا من هذا القبيل‪ ،‬وخلصت الهيئتان إلى أنه من المستحيل‬ ‫تجاهل أنه وقصد تبييض جرائم الحرب والجرائم ضد اإلنسانية‪ ،‬تسعى السياسة الرسمية لسلطات االحتالل إلى إعطاء‬ ‫إسرائيل صورة عبارة عن مشهد فني وعرفي ‪،‬ولهذه الغاية فإنها ال تتوانى عن دعوة الفنانين والنخبة األكاديمية‪.‬‬

‫دالالت مشاركة بعض التشكيليين المغاربة ببينالي القدس المحتلة‬ ‫إعداد ‪ :‬يوسف سعدون‬ ‫استجاب مجموعة من التشكيليين المغاربة من داخـل‬ ‫الوطن وخارجه لدعوة صهيونية لحضور بينالي القدس في‬ ‫نسخته الرابعة والتي انطلقت في األسبوع الماضي وستستمر‬ ‫إلى غاية ‪ 28‬نونبر الجاري‪ ،‬ومن األسماء المشاركــة نجــد‬ ‫محمد المرابطي ومحمد مريد وأمينة األزرق وشامة المتالي‬ ‫وآخرين‪ ،‬الغريب في هذه االستجابة تزامنها مع محاكمة‬

‫المناضل المناهض للتطبيع مع إسرائيل أحمد ويحمان حيث‬ ‫حكم عليه بالسجن النافذ لمدة شهر‪ ،‬وهذه الحالة تشكل‬ ‫مفارقة غريبة وتطرح الكثير من االستفهامات حول تضارب‬ ‫المواقف الشخصية عندنا بالمغرب حول بعض القضايا سواء‬ ‫الوطنية أو الدولية‪،‬‬ ‫على أي‪ ،‬حدث مثل هذا والذي يعاكس في خلفياته كل‬ ‫ثوابت الشعب المغربي إزاء القضية الفلسطينية‪،‬استوجب‬

‫منا في جريدة الشمال تخصيــص عدد خاص استعرضنـا‬ ‫فيه مواقــف وآراء مجموعــة من المبدعيــن والمهتمين‪،‬‬ ‫وسجلنا أيضا الموقف الرافـض إلطاريــن مهمين في الحقل‬ ‫التشكيلي وهما الجمعية المغربية للفنون التشكيلية وكذا‬ ‫النقابة المغربية للفنانين التشكيليين المحترفين‪ ،‬وقد حاولنا‬ ‫تلمس الموقف الرسمي من هذه المشاركة لكننـا سجلنــا‬ ‫البياض‪.‬‬

‫معر�ض العار‬

‫‪ :Ziara‬احلكمة املغربية يف القد�س‬

‫• محمد خصيف‬ ‫فنان تشكيلي وناقد‬ ‫من ‪ 10‬أكتوبر إلى ‪ 28‬نوفمبر ‪ 2019‬ولمدة ستة‬ ‫أسابيع ينظم البينالي الرابع للفن اليهودي بالقدس‬ ‫المحتلة‪ ،‬يشارك فيه ‪ 200‬فنانا من جميع دول مختلفة‪،‬‬ ‫إلى جانبهم مغاربة وجهت إليهم الدعوة فتهافتوا‬ ‫ملبين طائعين‪ ،‬ليملؤوا المكان المخصص لمعرض‬ ‫«‪ :Ziara‬الحكمة المغربية في القدس»‪ .‬ويبدو أن‬ ‫مشاركتهم غير خاضعة لمقاييس البينالي ومعاييره‪،‬‬ ‫والدليل أن الصحافة اإلسرائيلية لم تهتم بها‪ .‬جاء‬ ‫في صحيفة تايمز أوف إسرائيل مقال تحت عنوان‪:‬‬ ‫«البينالي الرابع للفن اليهودي المعاصر في القدس‬ ‫هذا الخريف»‪ .‬وهنا يتبين عدم اعتراف الصحافة‬ ‫اإلسرائيلية بفن المغاربة المشاركين!‬ ‫نشر موقع ‪ ،360‬العدد ‪ 2019/11/1‬مقاال تحت‬ ‫عنوان‪« :‬المغرب في بينالي القدس‪ :‬عندما ينجح الفن‬ ‫فيما فشلت فيه السياسة‪.‬‬ ‫العنوان يحمل ثالث معادالت خاطئة‪ ،‬أوالها‬ ‫أن المغرب لم يكن ممثال بصفة رسمية بمعرض‬ ‫القدس‪ ،‬فمشاركة ثلة المغاربة هناك لم تكن مدعمة‬ ‫من طرف أي مؤسسة حكومية أو غير حكومية مغربية‪،‬‬ ‫أو هيئة قنصلية معتمدة بالمغرب‪ ،‬فالثلة المشاركة‬ ‫ال تمثل سوى نفسها‪ ،‬ومن األخطاء التي لن يغفرها‬ ‫لها الوطن‪ ،‬حمل رايته هناك‪ .‬وأن بعض الهيآت من‬ ‫المجتمع المدني عبرت عن استنكارها لهذا الحدث‬ ‫المشين‪ ،‬فقد أكدت‪ ،‬عبر خبر نشرته وكالة المغرب‬ ‫العربي لألنباء‪ ،‬كل من الجمعية المغربية للفنون‬ ‫التشكيلية والنقابة المغربية للفنانين التشكيليين‬ ‫المحترفين‪ ،‬بأن الفنانين المشاركين في بينالي‬ ‫القدس المحتلة «ال يمثلون سوى أنفسهم‪ ،‬وهم‬ ‫بالتالي ال يحترمون البتة التوجهات الفلسفية أو‬ ‫اإلنسانية لهيئتينا اللتين كانتا على الدوام إلى جانب‬ ‫الشعب الفلسطيني في نضاالته»‪ .‬وأضاف البالغ‬ ‫المنشور أنه «ال المغرب وال جمعياته منحوا هؤالء‬ ‫الفنانين تكليفا من هذا القبيل‪».‬‬ ‫ثانيها‪ ،‬أن الفن لم ينجح‪ ،‬ولن ينجح في مثل هذه‬ ‫التظاهرات القزمية‪ ،‬التي تهدف إلى «تبييض جرائم‬ ‫الحرب (استعمار األراضي المحتلة بالقوة‪ ،‬وإساءة‬ ‫معاملة المدنيين ‪ ،)...‬والجرائم ضد اإلنسانية (في‬ ‫القدس‪ ،‬وأيضا في غزة المحرومين من مقومات‬ ‫العيش‪ ،‬الماء!‪.»)...‬‬ ‫عن أي فن يتحدثون؟ ومتى كان الفن بجانب‬ ‫العدوان والغصب والقمع؟! إال لدى األنظمة الفاشية‬ ‫والنازية التي وظفت الفن كبروبكاندا لنشر فلسفتها‪.‬‬ ‫ثالثها‪ ،‬أن السياسة لم تفشل في القضيـــة‬ ‫الفلسطينية‪ ،‬والدليل أن ملك بالدنا يرأس لجنة‬ ‫القدس‪ ،‬وأن قرارات األمم المتحدة فيما يخص‬ ‫القضية الفلسطينية مازالت سارية المفعول‪ ،‬رغم‬ ‫العقبات التي تعترض تفعيلها‪.‬‬

‫ما يجب قوله والتأكيد عليه أن «الفنانين»‬ ‫العارضين هم الذين أخطؤوا الطريق للتعبير‬ ‫عن «الحكمة المغربية في القدس»‪ .‬فليست كل‬ ‫السبل تؤدي إلى الشهرة‪...‬فمشاركتهم هذه‬ ‫نعدها نقطة سوداء في مسار الحركة التشكيلية‬ ‫المغربية‪ ،‬ألنهم مغاربة على كل حال‪ .‬وسيقبر‬ ‫ذكرها إلى األبد‪...‬وكلما حاولنا تدوين بيوغرافيا‬ ‫هذه الحركة‪ ،‬سنكتب هذه المشاركة بخط‬ ‫عريض ونسطر عليها بقلم أحمر‪ ،‬ألن أصحابها‬ ‫اخترقوا الحدود‪ .‬كان من المفروض عليهم‪ ،‬إذا‬ ‫كانوا فنانين بحق‪ ،‬أن يقفوا عندها‪ .‬اخترقوا حدود‬ ‫األخالق والقيم اإلنسانية‪ .‬فأراهم يصدق عليهم كالم‬ ‫الفنان المعاصر داميين هورست‪ « :‬أردت فقط أن‬ ‫أعرف أين هي الحدود‪ .‬لقد اكتشفت حتى اآلن أنها‬ ‫ال توجد»‪.‬‬ ‫اختراق الحدود خاصية يتميز بها الفن المعاصر‪،‬‬ ‫فن ما بعد الحداثة‪ ،‬وقد فصلت في هذا الباب الباحثة‬ ‫السوسيولوجية نتالي هنيك حينما تحدثت عن كون‬ ‫الفن المعاصر عمل على تجاوز حدود الفن كما يراها‬ ‫الحس المشترك‪ .‬وأشارت إلى اختراق حدود اإلتيكا‬ ‫(األخالق)‪ ،‬والحدود القانونية‪ ،‬والجمالية‪ ،‬واألصالة‪،‬‬ ‫وقد عكست ذلك عدد من التجارب الغربية واألسيوية‪،‬‬ ‫لكن المقلدين‪ ،‬القابضين بشدة على األذناب لم‬ ‫يكن لديهم نفس الشعور واإلحساس بالمسؤولية‪،‬‬ ‫مسؤولية الفنان كإنسان يدافع عن قضايا إنسانية‪،‬‬ ‫يحاول الصهاينة الغاصبـــون طمسهــا ودكهــا‬ ‫بمصفحاتهم وغاراتهم‪ .‬فالمشاركون في «معرض‬ ‫العار» لو اطلعوا على التاريخ الحديث للمنطقة‪ ،‬وكانت‬ ‫لهم أعين الفنان الحقيقي‪ ،‬يمعنون النظر ليستقصوا‬ ‫حقيقة التغيرات الجغرافية والسياسية التي شهدتها‬ ‫خريطة فلسطين المغتصبة‪ ،‬ألعادوا النظر في‬ ‫مشاركتهم ولمزقوا تذاكر «زيارتهم»‪ ،‬فيكون بذلك‬ ‫عبروا عن الحكمة المغربية اتجاه القدس الشريف‪.‬‬ ‫ولكن هيهات هيهات! الدرهم والدينار أفقدهم‬ ‫وعيهم وأغشى أبصارهم‪ .‬فماذا سيستفيدون من‬ ‫هذه المشاركة البئيسة غير «شوية بقشيش»‪ .‬فلن‬ ‫تكون لهم الجرأة إلدراج مشاركتهم ضمن سيرتهم‬ ‫الفنية مستقبال‪ .‬فهي بصمة عار وسموا بها مسارهم‬ ‫الفني‪.‬‬ ‫من المقترحات التي يطرحها الفن المعاصر عبر‬ ‫العالم‪« :‬الدفاع عن الطفولة‪ ،‬والدفاع عن الحيوانات‪،‬‬ ‫والدفاع عن الدين‪ ،‬والدفاع عن الحشمة‪ ،‬والدفاع عن‬ ‫ذكرى ضحايا المحرقة‪ ،‬والدفاع عن كرامة اإلنسان»‬ ‫وهي من «صميم القيم األخالقية للعالم الغربي»‪ ،‬كما‬ ‫تقول نتالي هنييك‪.‬‬ ‫إنها بحقن قيم إنسانية رائعة‪ ،‬هاته التي يغامر‬ ‫في الخوض فيها الفن المعاصر العالمي! وأقف عند‬ ‫«الدفاع عن الدين»‪.‬‬ ‫الريب أن هذه القيمة يستهزئ بها كثير من‬ ‫بني جلدتنا‪ ،‬وأن الفنانين العارضين لو اعتبروها‪ ،‬كما‬ ‫يعتبرها اليهود‪ ،‬ما كانوا ليشاركوا أبدا‪ .‬فالبينالي‬ ‫أسس مشروعه الفني انطالقا من إيديولوجية‬ ‫الهوتية‪ ،‬فشعار «من أجل حب السماء!»« «�‪For hea‬‬ ‫‪ »!ven’s sake‬الذي تبناه البينالي لمشروعه‪ ،‬يعد‬ ‫مغامرة لم يسبق استكشافها حتى يومنا هذا‪ ،‬فهو‬ ‫يتجرأ على طرح تساؤالت حول عالقتنا باهلل وبالدين‪،‬‬ ‫وطرح أسئلة حول النزاع والصراع اللذ ان يرتكبان‬

‫«من أجل اهلل»‪ .‬ولفتح مناقشة فنية لهذا الموضوع‬ ‫ذي األهمية الحساسة‪ ،‬قرر البينالي فتح أبوابه ألول‬ ‫مرة لفنانين غير يهود»‪.‬‬ ‫نرى كيف أن اليهود ال يفصلون الدين عن الفن‪،‬‬ ‫عكس ما نفعله نحن! فتنظيم البينالي في القدس‬ ‫له رمزيته الدينية عندهم‪ ،‬وحضور فنانين مغاربة‬ ‫هناك يعطي الشرعية على أن «القدس عاصمة‬ ‫إسرائيل األبدية»‪ .‬إذا كان األمر غير هذا‪ ،‬لماذا لم‬ ‫ينظم البينالي بمدينة أخرى غير القدس‪ ،‬تل أبيب‪ ،‬أو‬ ‫حيفا‪...‬؟!‬ ‫كانت مشاركة الفنانين المغاربة بالمعرض مبادرة‬ ‫من أميت هاي كوهن‪ ،‬رجل معروف في المشهد الفني‬ ‫والثقافي في المغرب‪ ،‬يتبنى شعار «العيش سوية»‪،‬‬ ‫محاوال وضع كل ما هو إنساني فوق كل اعتبار‪ .‬شعار‬ ‫جميل والجميع يسعى لتحقيقه‪...‬لكن ليس في مناسبة‬ ‫كهذه‪ .‬ليس في دولة تتحدث بلغة القتل والتهجير‬ ‫والسجون والتعذيب‪ ،‬دولة غاصبة لإلنسان واألرض‬ ‫والحضارة‪ .‬عن أي إنسانية يتحدثون وأهل غزة‬ ‫يعيشون داخل حصار يمنعهم من الماء والهواء‪...‬؟‬ ‫هولوكوست أعتى مما بناه النازيون فيما قبل‪.‬‬ ‫عن أي إنسانية يتحدثون وشعب‪ ،‬وحيد في العالم‪،‬‬ ‫مازال خاضعا الستعمار‪ ،‬مازالت أرضه تغتصب‪ ،‬وأشجاره‬ ‫تقتلع‪ ،‬وأطفاله وشيوخه يقتَّلون ببرودة؟‬ ‫يقول أميت هاي كوهن‪ « :‬أحاول أال أركز كثيراً‬ ‫على الحدود الوطنية‪ ،‬وال على التلويح باألعالم‪ ،‬رغم‬ ‫أن األنظمة تفرضها علينا»‪.‬‬ ‫لكن مشاركة جان بيير فيل الفنان اإلسرائيلي من‬ ‫أصول فرنسية‪ ،‬المقيم بالقدس تكذب هذه المزاعم‪:‬‬ ‫«يقول منظمــو البينالي في بيانهــــم إن مشروعه‬ ‫الفني المسمــــى «‪ ،»Evolve‬يقدم تفسيرًا بدي ًال‬ ‫شخصيًا عمي ًقا يناسب أيضًا أولئك الذين يجدون‬ ‫أنفسهم يصارعون أسئلة وجودية»‪ .‬من المقصود‬ ‫ب «أولئك الذين يجدون أنفسهم يصارعون أسئلة‬ ‫وجودية»؟! الصهاينة الغاصبون أم الفلسطينيون‬ ‫المغتصبون؟‬ ‫يقول محمد الباز أحد المشاركين في المعرض‪:‬‬ ‫«لماذا أردت المشاركة في هذا المعرض؟ ألنه إذا‬ ‫رفضنا الذهاب‪ ،‬إذا لم يكن لدينا اتصال‪ ،‬فإننا نقبل‬ ‫قصة الضم‪ ،‬نحن نقبل أن تكون القدس عاصمة‬ ‫إلسرائيل وليس فلسطين‪ .‬إذن علينا أن نكون هناك!»‬ ‫هنا أتساءل‪ :‬من ياترى منحهم تأشيرة «الزيارة»‪،‬‬ ‫إسرائيل أم فلسطين؟‬ ‫بالنسبة إلي المشاركة أمينة أزراك‪ ،‬أن معرض‬ ‫«‪ »Ziara‬هو «امتداد منطقي لـ «‪، »Talisman‬‬ ‫المجموعة التي تعد «جز ًءا من إحياء الثقافة اليهودية‬ ‫البربرية المغربية»‪ .‬في محاولة للتصالح مع الجانب‬ ‫الخفي للتاريخ والهوية المغربيتين»! هنا تنكشف‬ ‫النوايا الصهيونية الخفية من وراء تنظيم هكذا‬ ‫معرض!‬ ‫المشاركون في المعرض‪:‬‬ ‫موران إفرغان‪ ،‬أمينة أزرك‪ ،‬إزا كنيني‪ ،‬أرتز المريد‪،‬‬ ‫محمد مرابطي‪ ،‬شامة مشتلي‪ ،‬هشام بن وحود‪ ،‬إنيس‬ ‫أبرجال‪ ،‬لزار مخلوف المهدي‪ ،‬شلومو الكبيتز‪ ،‬إسماعيل‬ ‫ازيدي‪ ،‬جاك جانو‪ ،‬أنيام ليش ديري‪ ،‬مارسيل تيهيال‬ ‫بيتون‪ ،‬محمد الباز‪ ،‬دافيد كيدج‪ ،‬فاطمة الزهراء سيري‪،‬‬ ‫محمد أرجدال‪.‬‬

‫البينايل نهج لتثبيت القد�س‬ ‫عا�صمة لإ�سرائيل‬

‫• موليم العروسي‬

‫أظن أن الموقف من مشاركة بعض التشكيليين المغاربة ببينالي‬ ‫القدس ال يقتضي التوجه لألشخاص في حد ذاتهم كفنانين‪ ،‬بل األهم هو‬ ‫أن يكون الموقف إزاء تعامل هؤالء مع الكيان الصهيوني ككيان عسكري‬ ‫عنصري‪ ،‬هذا هو األساس ‪،‬ألن هذا الكيان يقوم بتصفية عرقية داخل‬ ‫القدس المحتلة ومن هنا رمزية القدس ورمزية البينالي ‪ ،‬الذي هو غير‬ ‫معروف وال قيمة له بين باقي بيناليات العالم‪ ،‬والدليل هو نوعية الفنانين‬ ‫المشاركين والغير المعروفين والذين تورط معهم الفنانون المغاربة‪،‬‬ ‫ما يهمنا هو أن إسرائيل تريد ان تفرض القدس عاصمة دائمة لها رغم‬ ‫اإلجماع العالمي على معارضة هذا اإلجراء باستثناء أمريكا‪ ،‬أيضا‪ ،‬يجب‬ ‫استحضار الموقف الثابت من هذا اإلجراء من طرف المغرب باعتباره رئيسا‬ ‫للجنة القدس‪ ،‬أركز هنا على القدس بقيمتها الرمزية والتاريخية التي تحاول‬ ‫إسرائيل جعلها عاصمة لها بكل هذه الحمولة الرمزية‪ ،‬إسرائيل تحاول عبر‬ ‫هذا اإلجراء طرد كل الديانات ومن خاللها العنصر البشري غير الصهيوني‬ ‫وخاصة الفلسطيني العربي‪،‬‬ ‫مالحظة أخرى تتمثل في أنه ال وجود للفلسطينيين في هذا الموضوع‪،‬‬ ‫إذن من نحن لكي نتبنى الموقف الصهيوني ونذهب إلى هناك للدفاع عن‬ ‫الرأي العربي و الفلسطيني‪ ،‬الفلسطينيون يعرفون كيف يدافعون عن آرائهم‬ ‫ومواقفهم‪ ،‬ونحن لسنا مفوضين لذلك‪ .‬نحن ندافع فقط عن موقف إنساني‬ ‫مضمونه النضال كل من موقعه ضد قهر الشعب الفلسطيني وسلب أرضه‬ ‫وحقوقه‪ .‬يجب علينا ان ال ننسى الفظاعات والجرائم التي ارتكبها الكيان‬ ‫الصهيوني ضد الشعب الفلسطيني عبر التاريخ‪ ،‬والجميع ال يمكنه نسيان‬ ‫ذلك بما في ذلك الفنان‪ ،‬وكما كنا ضد التمييز العنصري بجنوب إفريقيا‪،‬‬ ‫فنحن أيضا ضد التمييز العنصري ضد الشعب الفلسطيني ‪،‬‬ ‫واآلن‪ ،‬ومع وجود البعض الذي له رأي آخر يعاكس هذه الثوابت‪ ،‬وأراد‬ ‫المشاركة في هذا البينالي‪ ،‬فله ذلك‪ ،‬وال نملك أي سلطة لمنعه‪ ،‬وذاك‬ ‫اختياره‪ ،‬لكن ‪،‬نحن لنا الحق أيضا لكي نقول ال‪ ،‬ندافع من خالل هذا الموقف‬ ‫ليس فقط عن الفلسطينيين‪ ،‬بل ندافع عن اإلنسان بكل توجهاته العقائدية‬ ‫والدينية بما في ذلك اليهود الذين يتبنى البعض منهم نفس مواقفنا‬ ‫المعادية إلسرائيل‪ ،‬والدليل هو أن أحد المحركين للحملة ضد المشاركة‬ ‫في فلسطين المحتلة لتزكية االحتالل اإلسرائيلي للقدس ومشاركة شباب‬ ‫من إسرائيل في الصويرة هو سيو أسيدون وهو مغربي يهودي المناضل‬ ‫اليساري المعروف والذي يرأس جمعية تناهض التطبيع‪.‬‬ ‫نحن لسنا ضد األشخاص واألفراد‪ ،‬نحن ضد مواقف محددة‪ ،‬لهذا يجب‬ ‫على المشاركين في هذا البينالي أن ال يدعوا أن المغرب حاضر في هذه‬ ‫التظاهرة كما يدعي الشخص الذي نصب نفسه مندوبا لمعرض المغاربة ‪،‬‬ ‫بل يجب عليهم ان يؤكدوا حضورهم بصفتهم الشخصية فقط‪.‬‬


‫العدد ‪1019‬‬

‫الشمال الفني‬

‫التطبيع‪ ..‬من امل�شاركة لالعرتاف‬

‫• شفيق الزكاري‬ ‫تشكيلي‪ /‬ناقد‬ ‫قبل أن نتحدث عن التطبيع في‬ ‫مجاالته المتعددة‪ ،‬ال بد وأن نعرف به‬ ‫كمصطلح حتى نتجنب تأويالت الجهات‬ ‫التي تحاول أن تعطيه بعدا مغايرا يخدم‬ ‫مصالحها‪ ،‬لتبرير مواقفها الرجعية وتحقق‬ ‫أطماعها المادية على حساب شعوب‬ ‫مهضومة ومسلوبة في حقوقها‪ ،‬كما هو‬ ‫الحال عليه في فلسطين‪ ،‬فالتطبيع هو‬ ‫مشروع أو مبادرة أو نشاط جماعي سواء‬ ‫كان مباشرا أو العكس‪ ،‬بين دول أو أفراد‬ ‫وجماعات في إطار تعاون أو تبادل ثقافي‬ ‫أو فني أو علمي أو اقتصادي‪ ...‬في محاولة‬ ‫لتكسير تلك الحواجز السياسية والنضالية‬ ‫المترتبة عن األزمات بكل أشكالها وخاصة‬ ‫االستعمارية منها‪ ،‬لقلب موازين الضغط‬ ‫النفسي والحقوقي واالعتراف بالكينونة‬ ‫الوجودية لسلطة مستبدة‪.‬‬ ‫وبما أن الموضوع يتعلق بالتطبيع‬ ‫الثقافي‪ ‬والفني‪ ،‬فإن األمر يستحق‬ ‫مراجعة ووقفة تأملية وتمحيصية انطالقا‬ ‫من مبدإ التعامل مع هذا المصطلح من‬ ‫زاويته الصحيحة التي ال تدعو للمراوغة أو‬ ‫التضليل‪ ،‬خاصة عندما يتعلق األمر بقضية‬ ‫مصيرية تتعلق بشعب يطالب باستقالله‬ ‫كالشعب الفلسطيني‪ ،‬الذي يعتبر هو‬ ‫المسؤول األول واألخير على فتح باب‬ ‫التطبيع مع الكيان الصهيوني‪ ،‬سواء في‬ ‫اتخاذ القرارات المناسبة له‪ ،‬أو في التبادل‬ ‫الثقافي والمعرفي‪ ،‬دون استشارة أو عراب‬ ‫‪ ،parrain‬وإال فإن كل المبادرات التمهيدية‬ ‫للتطبيع التي حاولت أو قامت بها في المدة‬ ‫األخيرة بعض الجهات في عدد من الدول‬ ‫العربية‪ ،‬تعتبر خرقا أخالقيا ووجوديا سافرا‬ ‫على أنقاض دماء شعب ناضل وال زال‬ ‫يناضل ألجل االستقالل‪ ،‬وانتزاع االعتراف‬ ‫بوجوده وكيانه من طرف المجتمع الدولي‬ ‫كدولة مستقلة لها سيادتها‪ ،‬ولها الحق في‬ ‫تقرير مصيرها‪.‬‬ ‫ففي الوقت الذي ارتفعت فيه نداءات‬ ‫ألصوات نزيهة كضمير مستيقظ ومتيقظ‬ ‫بأمريكا الشمالية والجنوبية وأوروبا وحتى‬ ‫من داخل إسرائيل‪ ،..‬تنادي بمقاطعة‬ ‫الممارساتالعدوانيةوالالإنسانيةباألراضي‬ ‫المغتصبة‪ ،‬نجد بالمقابل محاوالت جريئة‬ ‫في منحاها السلبي ومستفزة للتطبيع مع‬ ‫إسرائيل من داخل الدول العربية بما فيها‬ ‫المغرب منذ فجر استقالله‪ ،‬الذي حمل شعار‬ ‫ضرورة استقاللية فلسطين‪ ،‬حيث تبنته‬ ‫الحركة الوطنية إلى جانب كل األحزاب‬

‫• عز الدين بوركة‬ ‫(باحث جمالي)‬

‫التقدمية اليسارية آنذاك‪ ،‬فكان من بين‬ ‫الهواجس التي حملتها كشعار ألجل الوحدة‬ ‫القومية العربية‪ ،‬المرتبطة بقوة العقيدة‬ ‫والوطن‪ ،‬فكان للمثقفين والمفكرين‬ ‫والمبدعين دور أساسي بحكم انتماء أغلبهم‬ ‫لهذه الحركة التقدمية‪ ،‬من خالل كتاباتهم‬ ‫وإبداعاتهم في كل المجاالت سواء منها‬ ‫األدبية كالشعر والقصة والرواية‪ ،‬أو الفنية‬ ‫كالتشكيل والموسيقى والمسرح‪ ،...‬تلك‬ ‫اإلبداعات المنتصرة للقضية الفلسطينية‬ ‫في شقها الثقافي كموروث هوياتي‪ ،‬إيمانا‬ ‫منهم بخطورة الوضع في فلسطين‪،‬‬ ‫ووعيهم بمصير األمة العربية خوفا من‬ ‫االستالب واالستبداد وطمس هذه الهوية‪،‬‬ ‫تلك الهوية التي استباحها في السنوات‬ ‫األخيرة بدون حرج بعض المهرولين من‬ ‫المثقفين والفنانين واإلعالميين‪ ...‬المغاربة‬ ‫نحو التطبيع‪ ،‬إما طمعا في الشهرة أو المال‪،‬‬ ‫دون أي اعتبار للشرط التاريخي والنضالي‬ ‫للشعب الفلسطيني‪ ،‬في غياب كلي للضمير‬ ‫اإلنساني الذي يفرض بقوة االمتدادات‬ ‫التاريخية والعرقية والثقافية والعقائدية‬ ‫المشتركة بين المغرب وفلسطين واحترام‬ ‫دماء الشهداء والمعتقلين والمغتربين‬ ‫الذين رُحّلوا قصرا من ديارهم منذ سنة‬ ‫‪ ،1948‬واإلعالن عن وعد بلفور المشؤوم‪.‬‬ ‫إن الشرط األساسي والميثاق التداولي‬ ‫الذي يربط المبدع بمجتمعه ووطنه‪ ،‬هو‬ ‫الصدق والضمير والموقف‪ ،‬وغير هذه‬ ‫العناصر قد يصبح هذا (المبدع) مرتزقا ال‬ ‫غير‪ ،‬ألنه الناطق باسم األمة التي ينتمي‬ ‫لجذورها‪ ،‬ألن دور اإلبداع هو اإلنصات‬ ‫وترجمة هموم وأفراح الناس‪ ،‬ذلك ما قام‬ ‫بالتعبير عنه احتجاجا‪ ،‬المثقفون والمبدعون‬ ‫المغاربة في فترات سابقة إلى حدود أواخر‬ ‫التسعينيات‪ ،‬ضد كل أشكال التطبيع مع‬ ‫إسرائيل‪ ،‬لتنقلب األوضاع فيما بعد تحت‬ ‫سقف العولمة وظهور المهرولين الذين‬ ‫قال في حقهم الشاعر نزار قباني في مطلع‬ ‫قصيدته (المهرولون) ما يلي‪ :‬‬ ‫ ‪ - 1‬‬‫سقطت آخر جدران الحياء‪.‬‬ ‫‪ ..‬وفرحنا‪ ..‬ورقصنا‬ ‫وتباركنا بتوقيع سالم الجبناء‬ ‫‪ ..‬لم يعد يرعبنا شيء‬ ‫‪ ..‬وال يخجلنا شيء‬ ‫‪ ..‬فقد يبست فينا عروق الكبرياء‬ ‫‪-2‬‬‫‪ ..‬سقطت‪ ..‬للمرة الخمسين عذريتنا‬ ‫‪ ..‬دون أن نهتز‪ ..‬أو نصرخ‬ ‫‪ ..‬أو يرعبنا مرأى الدماء‬ ‫‪ ..‬ودخلنا في زمان الهرولة‬ ‫‪ ..‬ووقفنا بالطوابير‪ ،‬كأغنام أمام‬ ‫المقصلة‬ ‫‪ ..‬وركضنا‪ ..‬ولهثنا‬ ‫‪ ..‬وتسابقنا لتقبيل حذاء القتلة‪.‬‬ ‫ولذلك كل ما قام به عدد من المثقفين‬ ‫والمبدعين والفنانين واإلعالميين المغاربة‬ ‫بمشاركاتهم خفية‪ ،‬وارتمائهم في أحضان‬ ‫الصهاينة من خالل مشاركاتهم في بيناالت‬

‫تشكيلية بتل أبيب بإسرائيل‪ ،‬وبالقدس‬ ‫مؤخرا أو في ندوات أو سهرات فنية أو‬ ‫عروض مسرحية أو دورات تكوينية في‬ ‫اإلعالم‪ ...‬في مختلف البقاع واألراضي‬ ‫الفلسطينية المحتلة والموجودة تحت‬ ‫السيادة اإلسرائيلية‪ ،‬بحثا عن امتيازات‬ ‫معنوية أو مادية‪ ،‬ليس إال خيانة للميثاق‬ ‫المفترض بين المبدع والمتلقي المغربي‪،‬‬ ‫وليس إال نموذجا لمن تحدث عنهم الشاعر‬ ‫قباني في قصيدته‪ .‬وهذا ما وصلنا إليه‬ ‫اآلن كخالصة‪ ،‬تشهد عليه األحداث الجارية‬ ‫بقطاع غزة من قتل واعتداءات واعتقاالت‬ ‫في حق الشعب الفلسطيني األعزل‪ ،‬بعدما‬ ‫أن قامت أمريكا بنقل سفارتها إلى القدس‬ ‫الشريف بتواطئ مع بعض الدول العربية‪،‬‬ ‫احتفاء بسبعين سنة على احتالل الصهاينة‬ ‫لألراضي الفلسطينية في جو احتفالي من‬ ‫جهة‪ ،‬وآخر درامي يعمل على إبادة جماعية‬ ‫للشعب الفلسطيني المغتصب من جهة‬ ‫أخرى‪ ،‬الذي ال يطالب إال بحقوقه واسترجاع‬ ‫أراضيه وكرامته‪ ،‬تحت مؤامرة يسودها‬ ‫الصمت والتجاهل من طرف أغلب الدول‬ ‫العربية‪.‬‬ ‫لكن الغريب في األمر‪ ،‬هو هذا الصمت‬ ‫الرهيب من طرف المؤسسات التي كانت‬ ‫تدافع عن القضية الفلسطينية ومن بينها‬ ‫اتحاد كتاب المغرب‪ ،‬إلى جانب النقابات‬ ‫بكل أنواعها‪ ،‬حيث لم يسجل إلى حدود‬ ‫اآلن وال موقف على مثل هذه المبادرات‬ ‫المخزية التي ال تمت للفن بأية رسالة نبيلة‬ ‫اتجاه اإلنسانية‪ ،‬ومن العار أن يشارك هؤالء‬ ‫الفنانين في مثل هذه المناسبات المقيتة‬ ‫ألجل الحصول على شهرة بائدة وعلى قدر‬ ‫هزيل من المال‪ ،‬والعمل على القفز على كل‬ ‫األعراف الدولية التي تؤمن بالحرية والحق‬ ‫في الحياة‪ ،‬متنكرين لكل ما يحدث إلخواننا‬ ‫الفلسطينيين من انتهاكات جسيمة‬ ‫جسدية وروحية ومن تسلط ونزع ألراضي‬ ‫أصحابها والتوسع على حسابهم من طرف‬ ‫الصهاينة‪ ،‬ومن العار كذلك القفز على‬ ‫حرمة السيادة المغربية المتمثلة في جاللة‬ ‫الملك محمد السادس باعتباره «رئيس‬ ‫لجنة القدس الشريف»‪.‬‬ ‫ليس هناك من ذريعة للدفاع عن‬ ‫هذه المشاركة‪ ،‬كما فعل البعض‪ ،‬بتبريرات‬ ‫واهية ال تعكس حقيقة الوضع باألراضي‬ ‫المحتلة‪ ،‬فالدفاع عنها هو جهل لتاريخ‬ ‫نضال الفلسطينيين لتحرير أراضيهم‪،‬‬ ‫لذلك ليس هناك مجال لتبرير أي شيء‪،‬‬ ‫أو حتى التفكير في مناقشة هذا الوضع‬ ‫من منطلقات دفاعية‪ ،‬وعلى من يؤيد‬ ‫هذه المشاركة أن ينظر للمذابح التاريخية‬ ‫التي نفذت في حق شعب أعزل‪ ،‬هو‬ ‫الشعب الفلسطيني األبي‪ ،‬الذي ساندته‬ ‫جميع الدول الشريفة بما فيها المغرب‬ ‫لمدة طويلة‪ ،‬لدرجة أن هذه المساندة‬ ‫ساهم فيها كل المواطنين المغاربة فيما‬ ‫قبل أي في الستينيات والسبعينيات أي‬ ‫في عهد المغفور له جاللة الملك الحسن‬ ‫الثاني‪ ،‬بتأدية خمس سنتيمات لصالح‬ ‫فلسطين في كل علبة عود الثقاب‪ ،‬ضدا‬ ‫على محاوالت التوسع الصهيوني في‬ ‫األراضي العربية ألجل تطبيق بنود الوثيقة‬ ‫التي ال زال مفعولها جاريا والتي تسمى‬ ‫«بروتوكوالت حكماء صهيون»‪ .‬‬

‫الثالثـاء ‪� 12‬إلى ‪ 18‬نـوفمرب ‪2019‬‬

‫‪5‬‬

‫ال‬

‫للتطبيع‬ ‫عرب الفن‬ ‫• يوسف سعدون‬ ‫وجدت نفسي ذات يوم من أيام التسعينيات مضطرا لنشر بيـــان‬ ‫في جريـــدة االتحاد االشتراكي سجلت فيه موقفي إزاء محاوالت التطبيع‬ ‫التي كانت تنتشر آنذاك‪ ،‬وكان هذا البيان بمناسبة تنظيم إحدى قاعات‬ ‫العرض بالدار البيضاء معرض لفنان تشكيلي إسرائيلي ‪،‬أتذكر جيدا أن‬ ‫مبادرتي هذه باإلضافة إلى دعوات أخرى عرفت تفاعال كبيرا من طرف‬ ‫مثقفين وفنانين وفعاليات متعددة حيث تناسلت المبادرات المنددة بهذا‬ ‫المعرض ‪،‬فكانت النتيجة هي مقاطعة هذه التظاهرة المسمومة وتوقيف‬ ‫كل تعامل فني مع هذا الرواق‪.‬‬ ‫تمر السنوات‪ ،‬ولم تيأس مبادرات التطبيع من جهة الكيان‬ ‫الصهيوني‪ ،‬فتستدرج إسرائيل تشكيليين مغاربة لتظاهرة فنية بالقدس‬ ‫المحتلة ‪،‬امام هذا الحدث‪،‬وجدت نفسي أكرر نفس الموقف بصيغ اخرى‬ ‫عبر هذا العمود وكذا إعداد ملف بجربدة الشمال لكي نبسط الموقف‬ ‫الرافض لمحاولة التطبيع الجديدة هذه واستعراض آراء وانطباعات‬ ‫مجموعة من الفنانين والمثقفين‪ ،‬ولمزيد من التوضيح ‪،‬فاألمر يتعلق‬ ‫هذه المرة‪ ،‬ببعض الفنانين من المغرب الذين لبوا دعوة المشاركة في‬ ‫بينالي ممسوخ بالقدس المحتلة ‪ ،‬هذا البينالي الذي يسعى من خالله‬ ‫الكيان الصهيوني إلى تكريس وضعية القدس عاصمة له ضدا على‬ ‫الرفض العالمي لهذا اإلجراء باستثناء الحليفة والراعية أمريكا‪ ،‬ورغم هذه‬ ‫الخلفية المفضوحة ‪،‬نرى أن هؤالء الفنانين‪ ،‬ضربوا عرض الحائط كل‬ ‫العداء التاريخي الذي يكنه اإلنسان العربي الحر لهذا الكيان المتغطرس‬ ‫والمغتصب لألرض والحقوق‪ .‬وهذه الخطوة هي‪-‬أيضا‪ -‬إساءة لإلجماع‬ ‫المغربي إزاء القضية الفلسطينية والتي يعتبرها المغاربة قضيتهم األولى‬ ‫في مستوى قضاياهم الوطنية‪...‬كما أن قراءة بسيطة لهذه المشاركة‬ ‫تكشف عن األهداف الذاتية المتعددة والمريضة من هذه المشاركة‬ ‫سواء في الجانب المادي‪/‬السترزاقي أو بعض الحسابات الذاتية الرخيصة‬ ‫كالبحث عن اعتراف مسموم أو شهرة ملغومة وغير ذلك‪.‬‬ ‫هؤالء المهرولون نحو إسرائيل‪ ،‬لم يحترموا روح المقاطعة الثقافية‬ ‫إلسرائيل والتي أطلق مبادرتها مجموعة من المثقفين والفاعلين‬ ‫المغاربة إبان إعالن الكيان الصهيوني القدس عاصمة إلسرائيل ‪،‬كذلك‬ ‫تحدوا نداء الحملة الدولية لهذه المقاطعة‪ ،‬هم خارج اإلجماع الوطني‬ ‫والدولي المناهض للسياسات العنصرية إلسراىيل‪،‬وأظن أن بعضهم لم‬ ‫ولن يستوعب هذه األبعاد ‪ ،‬وأنه أراد أن يجد لنفسه أفقا لتجربة فنية‬ ‫بئيسة ولو في أحضان إسرائيل‪ ،‬هناك من بينهم من كان يحلم بجسور‬ ‫نحو عالمية مزيفة ولو على حساب دماء الشهداء ورأى في مشاركته‬ ‫هذه فرصة لتحقيق الحلم ‪ ،‬مهما برروا ‪،‬ومهما قالوا عن فصل الفن عن‬ ‫السياسة ‪،‬فهذه األخيرة هي المحرك لمثل هكذا مبادرات ‪،‬والدليل هو‬ ‫التوظيف السياسي للبينالي من أجل تثبيت وضعية القدس كعاصمة‬ ‫للدولة العبرية ‪-‬كما أشرنا سابقا‪،-‬هم إذن مساهمون في هذا الهدف بل‬ ‫مباركون له ‪،‬والشيء اإليجابي في هذا الحدث‪ ،‬هو تجديد اإلجماع الوطني‬ ‫الثابت حول القضية الفلسطينية‪ ،‬وهذا الموقف يتأكد دائما كلما الحت‬ ‫في األفق مبادرات من مبادرات التطبيع ‪،‬وهذا اإلجماع تشترك فيه كل‬ ‫الشعوب العربية التي قاومت بإصرار كل محاوالت التطبيع الرسمية التي‬ ‫تنهجها بعض الحكومات المتخاذلة والعميلة ‪ ،‬ولنا في مصر النموذج‪.‬‬

‫ال ميثلون �إ َّال �أنف�سهم‬

‫ْ‬ ‫الحياة‪:‬‬ ‫على هذه األرض ما يستحقّ‬ ‫على هذه األرض سيد ُة األرض‪ ،‬أم البدايات أم النهايات‪.‬‬ ‫كانت تسمى فلسطين‪ .‬صارتْ تسمى فلسطين‪.‬‬ ‫ محمود درويش‬‫سيدتي‪ :‬أستحق‪ ،‬ألنك سيدتي‪ ،‬أستحق الحياة‪.‬‬

‫تعدّ القضية الفلسطينية قضيتنا جميعا‪ .‬وقبل أن تكون قضية عرقية أو إيديولوجية‬ ‫كما يحب البعض تصنيفها تصنيفا خاطئا‪ ،‬فهي قضية إنسانية كبرى أوال وأخيرا‪ ،‬ما‬ ‫يجعلها قضية البشرية جمعاء‪ ...‬إذ كيف يُعقل أن نصمت أمام عملية إبادة بطيئة‬ ‫وتهجير ممنهج يقع بحق شعب أعزل‪ ،‬من قبل قوة مدعومة من قوى أخرى‪ ،‬كل ظل‬ ‫في ظل تواطؤ غير مبرر من قبل مجموعة من الدول‪ ...‬الصراع الفلسطيني اإلسرائيلي‬ ‫هو صراع دولة محتلة وشعب أعزل‪ ،‬دولة تملك آخر العتاد وشعب ال يملك إال الحجارة‬ ‫والخذالن‪.‬‬ ‫تنتمي إلينا القضية الفلسطينية وننتمي إليها‪ ،‬من المحيط إلى الخليج ومن‬ ‫الخليج إلى المحيط‪ .‬بل إنها يجب أن تكون قضية كل إنسان يؤمن بالحرية وحقوق‬ ‫المستضعفين! لهذا لم يستنكر الشعب المغربي ودولته يوما لهذه القضية اإلنسانية‬ ‫الكبرى‪ ،‬منذ بدأ االحتالل وقبل إعالن قيام دولة إسرائيل‪ .‬بل إن المغاربة ناضلوا رفقة‬ ‫إخوانهم هناك منذ القرن ‪ 12‬م‪ ،‬حيث قدموا للفتح الصالحي‪ ،‬مساهمين بأرواحهم من‬ ‫أجل تحرير تلك األرض البعيدة من المحتل الغاشم؛ وإننا لنجد «باب المغاربة» سُميّ‬ ‫عليهم‪ ،‬وقد أوقفه عليهم الملك األفضل بن صالح الدين‪ ،‬وهي تسمية تطلق على بابين‬ ‫في مدينة القدس؛ أحدهما في السور الجنوبي للبلدة القديمة‪ ،‬واآلخر أحد أبواب المسجد‬ ‫األقصى الغربية‪.‬‬ ‫فكيف يُعقل إذن أن يُطبّع بعض المحسوبين على الفن التشكيلي المغربي مع‬ ‫المحتل‪ ،‬وذلك باسم الفن؟ بينما كان الحري بهم أن يجعلوا من فنهم سالحا لدعم‬ ‫القضية وإبرازها للعالم بشكل جلي‪ ،‬في ظل التعتيم اإلعالمي الذي تنتهجه الوسائل‬ ‫اإلعالم العالمية الكبرى المحسوبة على دولة االحتالل‪ .‬من األكيد أن هؤالء الممارسين‬

‫للفن بالمغرب «المطبعين» ال يمثلون إال أنفسهم‪ ،‬لكن هذا ال يمنعنا أن نندد ونشجب‬ ‫هذا الفعل الشنيع والوضيع‪ ،‬ألنه يكرس الصورة النمطية التي بدأت تروجها وسائل إعالم‬ ‫غير موضوعية‪ ،‬بأن مثقفين وفنانين ونخب من العرب يساندون قيام دولة إسرائيل كما‬ ‫هي عليه اآلن‪ ،‬بكل مستوطناتها غير الشرعية‪.‬‬ ‫ال يستقيم الفن وال يستوي الفنان إال بإيمانه بالبعد اإلنساني‪ ،‬إيمان يجبره على‬ ‫أن يجعل من فنه وسيلة لدعم المظلوم أينما كان ومهم ْا كان‪ .‬وال تختلف القضية‬ ‫الفلسطينية عن أية قضية إنسانية أخرى‪ ،‬بل يكاد يكون أهمها وأقدمها‪ .‬لهذا‬ ‫فمساهمة هؤالء الفنانين المحسوبين على الفن التشكيلي المغربي‪ ،‬هي ضرب للقيم‬ ‫الحميدة والرفيعة التي تربى عليها المغاربة‪ .‬لهذا يغلي دم المغاربة كباقي العرب أمام‬ ‫هذا التطبيع الشنيع مع االحتالل اإلسرائيلي‪ ،‬ما يجعل كل فنان مشارك في الحدث الفني‬ ‫المزعوم مهاجَماً ومكروهاً من لدن كل مغربي في قلبه ذرة إيمان بالقضية اإلنسانية‪.‬‬ ‫وإن هؤالء الفنانين المغاربة بتطبيعهم هذا يساهمون في ترويج بروباغندا صهيونية‪،‬‬ ‫تغطي عن األفعال الهمجية والدموية التي يرتكبها جيش االحتالل في حق الشعب‬ ‫األعزل‪ ،‬نساء ورجاال وأطفاال وشيوخا‪ .‬و «إنه ال يفلح الظالمون»‪.‬‬ ‫وفي السياق المقابل‪ ،‬قد توحدت آراء شريحة واسعة من المثقفين والفنانين‬ ‫والسياسيين المغاربة حول رفض التطبيع الثقافي‪ ،‬واألكاديمي مع إسرائيل‪ ...‬رافضين أي‬ ‫شكل من األشكال التطبيع مع االحتالل وأي شكل من أشكال الدعم الممكن أن يتلقاها‬ ‫فنانون مغاربة من قبل إسرائيل‪ .‬وهذا ما يبرز أن الموقف المغربي القائم والمستقر منذ‬ ‫قرون تجاه القدس وفلسطين‪ ،‬لم تطله شائبة ولم يمسسه تغيير‪.‬‬


‫‪6‬‬

‫الثالثـاء ‪� 12‬إلى ‪ 18‬نـوفمرب ‪2019‬‬

‫العدد ‪1019‬‬

‫مجتمع ـ سياسة ـ حقوق‬ ‫فكري ولد علي‬

‫(مراسل من الحسيمة‪ /‬الناظور)‬

‫لقاء بعمالة الحسيمة حول تنمية الطفولة المبكرة‬ ‫ترأس السيد فريــد شــوراق عامل إقليم‬ ‫الحسيمة يومه اإلثنين ‪ 04‬نونبر ‪ 2019‬لقــاء‬ ‫تواصليا للتحسيس بأهمية تنميـة الطفولــة‬ ‫المبكرة‪ ،‬في إطارالحملة الوطنية لتنمية الطفولة‬ ‫المبكرة المبرمجة فعالياتها ضمن المرحلــة‬ ‫الثالتة للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية‪.‬‬ ‫وقد حضر هذا اللقاء رؤساء الجماعات الترابية‬ ‫باإلقليم ومجموعة من الشخصيـات ورؤســاء‬ ‫المصالح الخارجية والجمعيات الفاعلة في مجال‬ ‫الطفولة وأطباء مختصون في المجال‪ ،‬حيث تم‬ ‫خالل اللقاء تسليط الضوء على مجموعـة من‬ ‫المرتكـزات األساسية لتنمية الطفولة المبكرة‬ ‫باإلقليم‪.‬‬ ‫ويأتي هذا اللقــاء تنفيــذا للتوجيهـــات‬ ‫السامية لصاحب الجاللة الملك محمد السادس‬ ‫في الرسالة الملكية الموجهة إلى المشاركين‬ ‫في المناظرة الوطنية األولى للتنمية البشرية‪.‬‬ ‫وخالل كلمته اكد عامل اإلقليم على ضرورة اتخاذ‬ ‫مجموعة التدابير أهمها ‪ :‬إحداث خاليا محلية‬ ‫تعنى بالصحة الجماعاتيــة‪ ،‬و اقتنـاء مكمالت‬ ‫غذائية لفائدة النساء الحوامل بالعالم القروي‪،‬‬ ‫و الفحص المبكر لهن عبر اقتناء وحدة طبية‬

‫متنقلة ومجهزة بالة الفحص بالصدى لتقريب‬ ‫الخدمات الصحية للنساء‪ ،‬كما سيتم بالموازاة‬ ‫لذلك إطالق حمالت تحسيسية وبرنامج لتكوين‬ ‫الموجهات للنساء الحوامل من أجل مواكبتهن‬ ‫لتغيير بعض السلوكيات‪.‬‬ ‫وفي الختام‪ ،‬أكد السيد العامل على ضرورة‬

‫تعميم الولــوج إلى تعليم أولي ذي جــودة‬ ‫بالعالم القروي‪ ،‬عبر إحداث وحــدات للتعليم‬ ‫األولي‪ .‬والقيام بفحوصات دورية لكل األطفال‬ ‫بالمدارس و هذا لن يتأتى إال بتعبئــة جميع‬ ‫الفاعلين من منتخبين و هيئات المجتمع المدني‬ ‫لتحقيق األهداف المرجوة‪.‬‬

‫المنتدى المتوسطي للسياحة يعقد اجتماعه األول‬ ‫بمدينة الشاون القاطرة السياحية‬ ‫لجهة طنجة ـ تطوان ـ الحسيمة‬

‫اخـتـار المنــتدى المتوسطـي للسياحة‬ ‫مدينة الشاون التاريخية والسياحية لعقد أول‬ ‫اجتماع له هذا األسبوع باعتبارها الوجهة‬ ‫السياحية األولى والقاطرة السياحية بالجهة‪.‬‬ ‫اجتمع المكتب المسير بحضور ضيوف شرف‬ ‫من مهنيين ومهتمين بقطاع السياحة‪،‬‬ ‫بشأن مناقشة والمصادقة على مجموعة من‬ ‫النقاط الواردة ضمن جدول أعمال االجتماع‬ ‫وذلك بقاعة الندوات لفندق برادور الذي يعد‬ ‫من المعالم السياحية العريقة على الصعيد‬ ‫الوطني والدولي‪ .‬وبعد افتتاح رئيس المنتدى‬ ‫المتوسطي للسياحة السيد عبد المالك بوغابة‬ ‫اإلجتماع مرحبا بالحضور ومن خالله قدم عرضا‬ ‫توضيحيا لخص المشاريع وأهدافها المتضمنة‬ ‫في برنامج العمل لسنة ‪ 2020‬الذي يقوم‬ ‫على رؤية المنتدى في العمل والمساهمة في‬ ‫تنمية وتطوير قطاع السياحة بمجال جهة‬ ‫طنجة تطوان الحسيمة‪ .‬وقد أكد بوغابة أن‬ ‫رسالة المنتدى هي المساهمة في تطوير قطاع‬ ‫السياحة بالجهة اعتمــادا على االستغــالل‬ ‫المعقلن والتثمين األمثل للمؤهالت السياحية‬ ‫التي يزخر بها المجال الجهوي لجهة طنجة‬ ‫تطوان الحسيمة‪ ،‬وذلك بهدف تنويع المنتوج‬ ‫السياحي وصناعة سياحية تضمن الجذب‬ ‫السياحي وتطويل مدة إقامة السائح وطبعا‬ ‫بموزاة االرتقاء مهنياً بالقطاع ليكون قطاعا‬ ‫متميزاً منعشا للقطاعات االقتصادية األخرى‬ ‫يضمن خلق فرص عمل جديدة وتحسين‬ ‫الدخل المادي للساكنة المحلية‪ ،‬باالضافة إلى‬ ‫أن هذا التطوير يجب أن يواكب عصر العولمة‬ ‫السياحية‪ .‬وفي خضم أشغال االجتماع قدم‬ ‫رئيس المنتدى المتوسطي للسياحة عرضا‬ ‫حول الدور الذي تقوم به المدارس “الفندقية‬ ‫والسياحية” في تقديــم الخدمات المتنوعة‬ ‫لفائدة شباب جهة طنجة تطوان الحسيمة‪ ،‬من‬ ‫خالل‪* :‬التوجيه المهني إلى القطاع السياحي‪.‬‬ ‫*يقوم بتنظيم ورشات تحضيرية لولوج سوق‬ ‫الشغل‪* .‬التدريب على المهارات الحياتية (‪soft‬‬ ‫‪* )skills‬ويوفر المعلومات عن القطاعات‬ ‫الواعدة‪ ،‬إلى جانب ربط الخرجين الشباب‬ ‫مع أرباب العمل من خالل برامج للتدريب‬ ‫واالستئناس داخل المقاولة‪* .‬العمل على‬ ‫إعداد وتقديم برامج تدريب وتأهيل للعاملين‬ ‫في القطاع السياحي ‪ :‬االستقباالت ‪ ،‬المطعمة‬ ‫‪ ،‬الطبخ ‪ ،‬الحلويات والنظافة… *تكوين‬ ‫مهنيي السياحة القروية ودعم قدراتهم‬ ‫وتسويق المنتوج السياحي *التوجيه والمرافقة‬ ‫المستثمرين في المجال السياحي والعمل على‬ ‫إعداد الدراسات حول المواقع التي تعتبر فرصة‬ ‫لالستثمار والتعريف بها‪ ،‬وذلك عن طريق‬

‫‪Fikri.press@gmail.com‬‬ ‫‪Tél 0661986707‬‬

‫الحافظي المدير العام للمكتب الوطني‬ ‫للكهرباء والماء الصالح للشرب ورئيس‬ ‫الجمعية المغربية للماء الشروب والتطهير‪،‬‬ ‫يترأس االجتماع األول للمكتب الجديد للجمعية‬

‫‪ ،‬ترأس مؤخرا السيد عبد الرحيم الحافظي‬ ‫المدير العام للمكتب الوطني للكهرباء والماء‬ ‫الصالح للشرب ورئيس الجمعية المغربية للماء‬ ‫الشروب والتطهير (‪ )AMEPA‬االجتماع األول‬ ‫للمكتب الجديد للجمعية المنتخب خالل الجمع‬ ‫العام المختلط (الجمع العام االستثنائي والجمع‬ ‫العام العادي االنتخابي) المنعقد في ‪ 23‬يوليوز‬ ‫‪.2019‬‬ ‫يكتسي هذا االجتماع أهمية خاصة ألنه‬ ‫يمثل بداية فعلية للعمل من أجل تجسيد الرؤية‬ ‫االستراتيجية الجديدة التي تمت بلورتها خالل‬ ‫الجمع العام المختلط للجمعية‪.‬‬ ‫خالل هذا االجتماع‪ ،‬صادق المكتب على‬ ‫برنامج عمل الجمعية المغربية للماء الشروب‬ ‫والتطهير للفترة ‪ 2023-2019‬والذي يهدف‬

‫بشكل رئيسي إلى إعادة تموقع الجمعية في‬ ‫قطاع الماء على الصعيد الوطني وكذا خلق‬ ‫التناسق وعالقات التعاون االستراتيجي مع‬ ‫الهيئات الوطنية والدولية العاملة في ميدان‬ ‫الماء‪.‬‬ ‫ركزت التوصيات الرئيسية الجتماع المكتب‬ ‫الجديد على إنشاء لجان داخلية للجمعية‪،‬‬ ‫مكلفة بتنفيذ مختلف محاور برنامج العمل‬ ‫وإطالق أنشطة ذات األولوية‪ ،‬خاصة تنظيم‬ ‫معرض الجمعية الذي يعتبر الحدث الرئيسي‬ ‫للجمعية‪ ،‬واالستعدادات لتنظيم ندوة سنوية‬ ‫حول البرامج االستثمارية للفاعلين في قطاع‬ ‫الماء على المستوى الوطني‪ ،‬وتطوير االتصال‬ ‫االستراتيجي للجمعية‪ ،‬وتطوير خارطة الطريق‬ ‫لتدعيم الموارد المالية للجمعية‪.‬‬

‫المنتج عبد الرحيم هربال‬ ‫رئيساً لرابطة المنتجين المغاربة‬

‫الحلول الممكنة قانونيا‪* .‬االعتناء و التحسيس‬ ‫بالبيئة السياحية (‪ )Ecotourisme‬بالجهة‪.‬‬ ‫*المساهمة في نشر الوعي السياحي بين‬ ‫أوساط المجتمع من خالل إقامة الندوات وعقد‬ ‫ورشات والمحاضرات والدورات ذات الصلة‪.‬‬ ‫*تقديم المساعدات في ميدان الخدمات ذات‬ ‫الطابع االجتماعي والثقافي‪ - .‬العمل على‬ ‫إعداد ورقة تعريفية حول المعالم السياحية‬ ‫والحضارية والعمل على نشر الوعي السياحي‬ ‫بين أوساط المجتمع بأهمية الحفاظ عليها‪،‬‬ ‫وكيفية التعامل مع القادمين والمهتمين‬ ‫بمعرفة ثقافتنا وقيمنـا األخالقيــة وتاريخنا‬ ‫الحضاري في أفق إصدار مجلة خاصة بالمنتدي‬

‫تعنى بالشؤون السياحية والمواضيع ذات الصلة‬ ‫من خالل نشر المقاالت والدراسات واألبحاث‬ ‫التي تهتم بالسياحة المغربية والترويج لها‪.‬‬ ‫وبهذه المناسبة لم يفوت رئيس المنتدى‬ ‫تقديم أصدق عبارات الشكر والعرفان لصاحب‬ ‫وإدارة والقائمين على فندق ‪ parador‬الصرح‬ ‫التراثي والسياحي التاريخ في احتضان فعاليات‬ ‫هذا االجتماع على اإلهتمام الكبير والعناية‬ ‫بأدق التفاصيل وكرم الضيافة والذي القيناه‬ ‫في اجتماعنا كما نتوجه بخالص تشكراتنا‬ ‫للسيد سيعد ابن الخضير رئيس تعاونية البحر‬ ‫األبيض المتوسط لفن الطبخ الجبلي الصحي‬ ‫على حفــاوة االستقبال والضيافة‪.‬‬

‫انعقد يوم الجمعة ‪ 1‬نونبر ‪ 2019‬بمدينة‬ ‫الرباط الجمع العام التأسيسي لجمعية رابطة‬ ‫المنتجين المغاربة بحضور عدد كبير من ممثلي‬ ‫وأرباب مقاوالت وشركات اإلنتاج السمعي‬ ‫البصريبالمغرب‪.‬‬ ‫وبعد مناقشة القانون األساسي والمصادقة‬ ‫عليه من طرف الحاضرين تم انتخاب أعضاء‬ ‫المكتب اإلداري والذي جاءت تشكيلته على‬ ‫الشكل التالي ‪:‬‬ ‫الرئيس ‪ :‬عبد الرحيم هربال‬ ‫نائبته ‪ :‬أسية عليجات‬ ‫نائبه الثاني‪ :‬الحسين أولباز‬ ‫الكاتب العام ‪ :‬محمد الداغور‬ ‫نائبه ‪ :‬أحمد بايدو‬ ‫أمين المال ‪ :‬محجوب بنسعلي‬ ‫نائبته ‪ :‬كريمة موخاريج‬ ‫المستشارون المكلفون بمهام‬ ‫أمينة بن الشيخ ‪ :‬منسقة لجنة اإلعالم‬ ‫والتواصل‪.‬‬

‫طارق اإلدريسي ‪ :‬منسق لجنة العالقات‬ ‫الخارجيةوالشراكات‪.‬‬ ‫محمد بوزكو ‪ :‬منسق لجنة التكوين‬ ‫والتأطير‪.‬‬ ‫محمد بنسيدي ‪ :‬منسق لجنة المتابعة‬ ‫والتقاريرالسنوية‪.‬‬ ‫رمسيس بولعيون ‪ :‬منسق لجنة التعاون‬ ‫الدولي‪.‬‬ ‫إبراهيم المرابط ‪ :‬منسق لجنة القوانين‬ ‫والتشريعات‪.‬‬ ‫ويهدف هذا اإلطار الجمعوي المهني‬ ‫إلى النهوض بقطاع اإلعالم السمعي البصري‬ ‫وتطويره وخصوصا األمازيغي منه وكذا العمل‬ ‫على توفير مناخ للتواصل بين مقاوالت اإلنتاج‬ ‫السمعي البصري والسينمائي وكل المتدخلين‬ ‫في العملية اإلنتاجية‪ ،‬هذا باإلضافة إلى تعزيز‬ ‫الروابط بين المنتجين في مجال اإلعالم‬ ‫السمعي البصري وخلق شراكات مع المؤسسات‬ ‫والهيآت الثقافية واإلعالمية والفنية التي تعمل‬ ‫لنفس األهداف داخل الوطن وخارجه‪.‬‬


‫الثالثـاء ‪� 12‬إلى ‪ 18‬نـوفمرب ‪2019‬‬

‫العدد ‪1019‬‬

‫‪7‬‬

‫مجتمع ـ سياسة ـ حقوق‬ ‫عبد العالي بن ربوحة‬

‫(مراسل من القصر الكبير‪/‬العرائش)‬

‫والي جهة طنجة تطوان الحسيمة في زيارة‬ ‫لجماعة القصر الكبير‬

‫قام السيد والي جهـة طنجة ـ تطوان ـ‬ ‫الحسيمة محمد مهيدية رفقـــة السيد عامل‬ ‫إقليم العرائش السيد العالمين بوعاصم يوم‬ ‫الخميس ‪ 07‬نونبر ‪ 2019‬بزيارة لمقر جماعة‬ ‫القصر الكبير حيث عقد لقاء مع السيد رئيس‬ ‫المجلس الجماعي محمد السيمو بحضور باشا‬ ‫المدينة السيد كريم انزلي وعدد من السيدات‬ ‫والسادة نواب وأعضاء المجلس وأطر الجماعة ‪.‬‬ ‫السيد الوالي أكد على الجهود المتواصلة‬ ‫من أجل تدعيم مسار التنمية بكل مناطق الجهة‪،‬‬ ‫وأنه لن يذخر أي جهد في سبيل تعزيز برامج‬ ‫التنمية لمدينة القصر الكبير وتثمين موروثها‬ ‫التاريخي والثقافي‪ ،‬مع دعم عدد من المشاريع‬

‫األساسية السيما في المجال االقتصادي وخلق‬ ‫فرص الشغل كمشروع المنطقة الصناعية عالوة‬ ‫على مشاريع التنمية االجتماعية والنهوض‬ ‫باإلرث الحضاري للمدينة على كافة المستويات‬ ‫استحضارا للسياسة الرشيدة لصاحب الجاللة‬ ‫الملك محمد السادس نصره اهلل بخصوص‬ ‫تكريس العدالة المجالية ‪ .‬وإقرار التوازنات داخل‬ ‫جهات ومناطق المملكة‪.‬‬ ‫بدوره عبر السيد محمد السيمو رئيس‬ ‫المجلس الجماعي عن تقديره العميق لهذه‬ ‫الزيارة مؤكدا على مطالب الساكنة والدعوة‬ ‫لتعزيز التعاون مع السلطات في إطار مفهومها‬ ‫الجديد‪ ،‬ومع كافة الجهات المعنيــة بالتنمية‬

‫المحلية للمساهمة في النهــوض الشامـــل‬ ‫بالمدينة وإنصافها على كافة المستويات تنزيال‬ ‫لرؤية صاحب الجاللة محمد السادس نصره اهلل‬ ‫الداعية للرفع من وتيرة التنمية ومرتكزاتها‬ ‫الرئيسية في إطار التوازن المجالي واالستجابة‬ ‫لرعايا جاللته في كافة قضاياهم األساسية ‪.‬‬ ‫وشكل هذا اللقاء التواصلي مناسبة ألعضاء‬ ‫المجلس الجماعــي لإلشــادة بهذه الخطوة‬ ‫اإليجابية للسيد والي الجهة للتواصل واإلنصات‬ ‫لمختلف المشاكل واإلكراهـــات بالمدينـــة‬ ‫والتنسيق مع مختلف المتدخلين إلنجاح رؤية‬ ‫إستراتيجية تحقق اآلمال المنشودة ‪.‬‬

‫عامل اإلقليم في زيارة تفقدية لتتبع المشاريع‬ ‫بمدينة القصر الكبير‬

‫من أجل مواكبة وتتبع مجمل المشاريع‬ ‫التي تعرفها المدينة حل يوم اإلثنين ‪ 4‬نونبر‬ ‫‪ 2019‬عامل إقليم العرائش السيد العالمين‬ ‫بوعاصم رفقة أطر العمالـة ورؤســاء المصالح‬ ‫الخارجية وممثلين من المصالـح الالممركزة‬ ‫ورئيس المجلس اإلقليمي والسلطات المحلية‬ ‫بالمدينة عالوة على رئيس المجلس الجماعي‬ ‫السيد محمد السيمو و بعض السيدات والسادة‬ ‫نواب الرئيس وأعضاء المجلس وبعض أطر‬ ‫الجماعة‪ ..‬حيث تم القيام بزيارة تفقدية لعدد‬ ‫من األوراش والمشاريع بالمدينة وخاصة‪:‬‬ ‫‪ -‬السوق المركزي – البالصا ‪-‬‬

‫ القاعة المغطاة ومالعب القرب بطريق‬‫حي اوالد احميد‪.‬‬ ‫ أسواق القرب ‪-‬الزوك‪ -‬رحبة اللبن‪.‬‬‫ المركز الصحي باوالد احميد‪.‬‬‫وقد تم التأكيد خالل الزيارة على ضرورة‬

‫التعبئة من أجل مواكبة المشاريع وتنزيلها في‬ ‫إطار الحكامة والرفع من وتيرة العمل وتدارس‬ ‫كل المشاريع التنموية التي تعرفها المدينة‬

‫والتعاون مع الجميع خدمة للصالح العام‬ ‫وتطلعات الساكنة من أجل المساهمة في‬ ‫تدعيم مسار التنمية المجالية المستدامة ‪.‬‬

‫‪benrebouha01@gmail.com‬‬ ‫‪Tél : 0641794991‬‬

‫الوكالة الحضرية للعرائش – وزان‬ ‫تشرف على دورات تكوينية في مجال التعمير‬ ‫والبناء‪ ،‬لفائدة السادة رجال السلطة ورؤساء‬ ‫الجماعات الترابية ومصالح التعمير التابعة لها‬ ‫بإقليم العرائش‬

‫في إطـــار اللقاءات التواصليـة والدورات‬ ‫التكوينية التي تؤطرهــا الوكالـــة الحضرية‬ ‫لفائدة جميع المتدخلين في ميدان التعمير‬ ‫والبناء ‪ ،‬وعلى إثر صدور المرسومين األول رقم‬ ‫‪ 2.18.577‬بالموافقة على ضابط البناء العام‬ ‫المحدد لشكل وشروط تسليم الرخص والوثائق‬ ‫المقررة بموجب النصوص التشريعية المتعلقة‬ ‫بالتعمير والتجزئات العقارية والمجموعات‬ ‫السكنية وتقسيم العقارات والنصوص الصادرة‬ ‫لتطبيقها‪ ،‬والذي ينسخ المرسوم رقم ‪2.13.424‬‬ ‫الصادر في ‪ 13‬من رجب ‪ 24( 1434‬ماي ‪)2013‬‬ ‫بالموافقة على ضابط البناء العام الجاري به‬ ‫العمل حاليا والثاني رقم‪ 2.18.475‬بتحديد‬ ‫إجراءات وكيفيات منح رخص اإلصالح والتسوية‬ ‫والهدم‪ ،‬ورغبة في توحيد القراءات للنصوص‬ ‫القانونية التي تم استصدارها مؤخراً وترسيخ‬ ‫سياسة انفتاح الوكالة الحضرية للعرائش‪-‬‬ ‫وزان على محيطها خصوصاً فرقائها في مجال‬ ‫التعمير والتهيئة المجالية؛ أشرف مكتب دراسات‬ ‫مختص على تنظيم دورات تكوينية لفائدة‬ ‫السادة رجال السلطة ورؤساء الجماعات الترابية‬ ‫ومصالح التعمير التابعة لها على المستوى إقليم‬ ‫العرائش ‪ ،‬يومه الخميس ‪ 24‬أكتوبر‪ .2019‬وقد‬ ‫ترأس هذا اللقاء السيد عامل إقليم العرائش‬ ‫والسيد مدير الوكالة الحضرية للعرائش‪-‬وزان‪،‬‬ ‫بحضور كل من السيد الكاتب العام لعمالة‬ ‫إقليم العرائش‪ , ،‬والسيد مدير الديوان والسيد‬ ‫المفتش الجهوي للتعمير والهندسة المعمارية‬ ‫وإعداد التراب الوطني لجهة طنجة –تطوان‪-‬‬

‫الحسيمة والسيد رئيس قسم التعمير بالعمالة‪،‬‬ ‫وبعض أطر عمالة اإلقليم والوكالة الحضرية‪.‬‬ ‫في كلمته االفتتاحية‪ ،‬أكد السيد العامل‬ ‫على أهمية اعتماد الضوابط المعتمدة في‬ ‫الترخيص خاصة في ظل رقمنة المساطر‪ ،‬منوها‬ ‫بمبادرة الوكالة الحضرية بهذا الخصوص‪.‬‬ ‫وتناولت كلمة السيد مدير الوكالة الحضرية‬ ‫للعرائش‪-‬وزان‪ ،‬السياق العام والخاص الذي‬ ‫كان وراء برمجة هذه الدورات التكوينية مذكرا‬ ‫بالمجهودات المبذولة في هذا اإلطار‪.‬‬ ‫وقد أعقب تقديم عروض مفصلة من طرف‬ ‫مكتب الدراسات نقاش مستفيض حيث قام‬ ‫جميع السادة رجال السلطة ورؤساء الجماعات‬ ‫الترابية‪ ،‬وكذا ممثلو مصالح التعمير التابعة لهم‬ ‫بعرض مختلف اإلكراهات التعميرية ‪-‬العملية‬ ‫والقانونية ‪-‬التي تحد من ممارسة االختصاصات‬ ‫المخولة لهم‪.‬‬ ‫وفي األخير أكـــد السيد مدير الوكالــة‬ ‫الحضرية للعرائش‪ ،‬أن هذه المؤسسة تعمل‬ ‫دائما في إطار تشاركي وتشاوري مع الجماعات‬ ‫الترابية‪ ،‬تحت إشراف السيد عامل اإلقليم‪ ،‬من‬ ‫أجل وضع رؤية استراتيجية محلية في ميدان‬ ‫التعمير والبناء والوقوف على جميع االكراهات‬ ‫والمشاكل التي تعرفها الجماعات الترابية‪ ،‬وذلك‬ ‫من أجل التنزيل األمثل للحلول المناسبة لها‪.‬‬ ‫وقد عرفت هذه الدورة التكوينية نجاحا‬ ‫بكل المقاييس ومشاركة مكثفة تعكس انخراط‬ ‫كافة المنظومة المحلية في إنجاح ورش التأطير‬ ‫والتكوينالمستمر‪.‬‬

‫العرائش‪ :‬اتفاقية إلصالح المسالك بالعالم‬ ‫القروي على طاولة رؤساء الجماعات و المجلس‬ ‫اإلقليمي و مديرية التجهيز‬

‫مهرجان جماعة سوق الطلبة في دورته الرابعة‬

‫أسدل الستار على فعاليات الدورة الرابعة‬ ‫لمهرجان جماعة سوق الطلبة بإقليم العرائش‬ ‫الذي استمر على مدى ثالثة أيام من فاتح نونبر‬ ‫إلى الثالث منه تحت شعار ‪« :‬تنمية العالم القروي‬ ‫رهينة بتحقيق العدالة المجالية»‪.‬‬ ‫حيث عــرف المهرجــان تقديـــم عروض‬ ‫لفرقة الهياثة والفلكلور الشعبي‪ ،‬وأمسيات‬ ‫فنية لألطفال والتالميذ المؤسسات المدرسية‪،‬‬ ‫تخللتها لوحات فنية بمناسبة ذكرى المسيرة‬ ‫الخضراء ‪.‬‬ ‫كما عرف المهرجان عروضا فلكلورية في‬ ‫مجالالفروسيةالتقليدية«التبوريدة»وبمباريات‬ ‫في مجال الفروسية من طرف مجموعة من‬ ‫الفرق المتخصصـة في “تبوريدا” بالمنطقة‪،‬‬ ‫وتميز بتقديم لوحات في هذا التراث األصيل‪،‬‬ ‫قدمتها فرق مشاركة للحاضرين المتعطشين‬ ‫لمشاهدة هذا الفن التراثي‪.‬‬ ‫ويهدف هذا المهرجـــان إلى التعريـــف‬ ‫بالمؤهالتالتراثيةوالفنيةواإلمكانياتالطبيعية‬ ‫للمنطقة وتثمين وحماية الموروث الثقافي‬ ‫الالمادي المحلي وجعله أحد المحركات الرئيسية‬ ‫للتنمية‪ ،‬كما هو مناسبة لتدارس مجموعة من‬

‫القضايا التنموية من زوايا اجتماعية واقتصادية‬ ‫وثقافية وطرح أفكار ومقترحات لمشاريع تسهم‬ ‫في تعزيز التنمية المجالية بالمنطقة ‪.‬‬ ‫كما عرف المهرجان تنظيم ندوة علمية‬ ‫بعنوان “المجال القروي والنمـــوذج التنموي‬ ‫الجديد ” من تأطير مركز الدراسات والبحوث‬ ‫االجتماعيـــة بالربــــاط والمنتــدى المدني‬ ‫الديمقراطيالمغربي‪.‬‬

‫تجدر اإلشارة إلى أن فعاليات مهرجان‬ ‫سوق الطلبة عرف تكريم عدد من الشخصيات‬ ‫والفعاليات واألسماء عرفانا لما قدموه للمنطقة‬ ‫من تضحيات جليلة‪ ،‬ومشاركتهم في ملحمة‬ ‫المسيرة الخضراء المظفرة‪.‬‬ ‫ويبقى تنظيــم هكذا مهرجانـــات جسرا‬ ‫لدعم القيم الفنية والموسيقية وإبراز الموروث‬ ‫الالمادي الذي تزخر به المنطقة ‪.‬‬

‫احتضنت قاعة االجتماعات بمجلس إقليم‬ ‫العرائش الثالثاء ‪28‬أكتوبر ‪ 2019‬اجتماعا دعا‬ ‫إليه رئيس المجلس اإلقليمي السيد مصطفى‬ ‫الشنتوف إلعداد اتفاقية تهدف إلى وضع إطار‬ ‫قانوني من أجل إنجاز وصيانة الطرق والمسالك‬ ‫بالعالم القروي ‪ ،‬وقد عرف االجتماع باإلضافة‬ ‫إلى رؤساء المجالس الترابية حضور كل من‬ ‫ممثل قسم الجماعات المحلية بعمالة العرائش‬ ‫و مسؤول عن المديرية اإلقليمية لوزارة التجهيز‬ ‫والنقل ‪ ،‬باعتبارهما شركاء في المخطط الذي‬ ‫رسمته رئاسة المجلس اإلقليمي بالعرائش من‬ ‫أجل النهوض بشبكة الطرق بالمجال القروي‬ ‫بإقليمالعرائش‪.‬‬ ‫واالتفاقية ستبــرم بين ثالثـــة أطـراف‬ ‫المجلس اإلقليمي والمديرية اإلقليمية للتجهيز‬

‫بالعرائش و الجماعات الترابية و في انسجام‬ ‫مع المادة ‪ 79‬من القانون التنظيمي المتعلق‬ ‫بمجالس العماالت واألقاليم والتي جعلت إنجاز‬ ‫الطرق وصيانتها من االختصاصات الذاتية‬ ‫األصلية لمجلس العمالة ‪.‬‬ ‫هذا وعرف االجتماع من خالل تدخالت‬ ‫رؤساء الجماعات ترحيبا وحماسا كبيرين بهذه‬ ‫المبادرة مما يعبر عن الحاجة الماسة والملحة‬ ‫للتدخل إلنجاز وصيانة الطرق والمسالك بالعالم‬ ‫القروي خصوصا مع توقف البرنامج الوطني‬ ‫للطرق في نسختيه األولى والثانية وما تعرفه‬ ‫شبكة المسالك بالعالم القروي باإلقليم من‬ ‫تهالك وتدهور‪ ،‬وقد تم االتفاق على مجموعة‬ ‫من االقتراحات والتعديالت المتعلقة بمشروع‬ ‫هذه االتفاقية ‪.‬‬


‫‪8‬‬

‫الثالثـاء ‪� 12‬إلى ‪ 18‬نـوفمرب ‪2019‬‬

‫العدد ‪1019‬‬

‫على هامش زيارة إيفانكا ترامب للمغرب‬

‫‪ % 24‬من المغاربة‬ ‫يعيشون تحت خط الفقر‬ ‫• بقلم ‪ :‬الدكتور عبد الحق بخـات‬ ‫من بين ‪ 35.2‬مليون مغربي‪ ،‬هناك ‪ 9‬ماليين أو لنقل ‪ 24٪‬من السكان «يعتبرون فقراء أو معرضين لخطر الفقر»‪ ،‬في حين أن ‪ 45٪‬منهم‬ ‫في وضع حرمان‪ ،‬كما أشار البنك الدولي‪ ،‬في تقرير نُشر يوم الثالثاء ‪ 9‬أكتوبر ‪ ،2019‬حول الوضع االقتصادي في المغرب والتحديات التي يتعين‬ ‫مواجهتها‪ ،‬خاصة تلك المتعلقة بالفقر الشديد متعدد األبعاد الذي يمنع البشر من الوصول إلى االحتياجات األساسية والضرورية‪ .‬يذكر هذا التقرير‬ ‫أن معدل البطالة في المغرب «مرتفع‪ ،‬خاصة بالنسبة للشباب والنساء»‪.‬‬ ‫هذا الوضع المأساوي هو الذي دفع االبنة والمستشارة الخاصة للرئيس األمريكي إيفانكا ترامب لزيارة بلدنا هذا األسبوع‪ ،‬إلى جانب ‪Sean‬‬ ‫‪ ،Cairncross‬الرئيس التنفيذي لشركة ‪ ، .Millennium Challenge Corp‬وهي وكالة أمريكية لمساعدة الدول النامية‪ .‬الغرض المعلن من هذه‬ ‫الزيارة‪ ،‬التي جرت من ‪ 6‬إلى ‪ 8‬نوفمبر هو دراسة طرق مساعدة النساء والحد من الفقر‪.‬‬ ‫هذا الحدث اإلنساني الخيري هو بالنسبة لنا فرصة لتقييم ظاهرة انتشار الفقر في المغرب‪.‬‬ ‫تشير األمم المتحدة إلى أن المغرب هو أحد البلدان في منطقة الشرق األوسط وشمال إفريقيا التي تعاني أكثر من غيرها من الفقر والقيود‪.‬‬ ‫في تقرير لألمم المتحدة‪ ،‬تم تحديد أن فقراء المغرب ينقسمون إلى فئتين‪ :‬المغاربة الذين يعيشون في فقر مدقع بأقل من ‪ 12‬درهم في‬ ‫اليوم‪ ،‬وآخرين يعيشون في نوع من الفقر المتوسط محرومين من حقوقهم األساسية‪ ،‬بما في ذلك التغذية الصحية الكافية والمتوازنة‪ ،‬ومحرومين‬ ‫أيضا من التعليم‪ ،‬ومن الصحة والحق في السكن والمياه النقية‪ ،‬ومن الكهرباء والغاز‪ ،‬إلضافة إلى الحقوق األساسية المتعلقة باألطفال‪ ،‬بما في‬ ‫ذلك التعليم المدرسي‪.‬‬ ‫يقول التقرير «مع األرقام المزعجة‪ ،‬يحتل المغرب المرتبة ‪ 126‬في تصنيف مؤشر التنمية البشرية بين دول العالم»‪.‬‬ ‫ليست هذه هي المرة األولى التي يدق فيها تقرير دولي ناقوس الخطر بشأن الوضع المأساوي للمغرب من حيث الفقر‪.‬‬ ‫لقد مرت هذه الحقيقة لألسف تحت صمت رهيب من قبل حكومتنا وأعضاء برلماننا الذين اهتموا أكثر بمرتباتهم وأقساطهم التقاعدية‬ ‫ومزاياهم الكبيرة‪ ،‬بد ًال من الشعور بمآسي المجتمع المغربي‪.‬‬ ‫المقولة الشهيرة‪« :‬في المغرب ال أحد يموت من الجوع» عفا عليه الزمن‪ ،‬ولم يعد بمقدورها إسكات معدة الجياع ببلدنا ‪ ،‬فما هي الحلول‬ ‫الحقيقية للتخلص من الفقر؟‬ ‫من الناحية الرسمية‪ ،‬يُقال إن المغرب منذ عام ‪ 2015‬ملتزم بالتصدي‬ ‫الحازم للقضاء على الفقر بجميع أشكاله‪.‬‬ ‫منذ ذلك الحين‪ ،‬عرف تطور الفقر نوعا من التراجع‪ ،‬مع بقائه مركزا أكثر‬ ‫بالمناطق القروية ‪ ،‬لنقل ذلك على األقل نظريا‪.‬‬ ‫يتم تفسير هذا التقدم من خالل تنفيذ برامج المبادرة الوطنية للتنمية‬ ‫البشرية(‪ ، )INDH‬والتي ساهمت بالفعل‪ ،‬ولكن نسبيًا‪ ،‬في تحقيق بعض التقدم‬ ‫االجتماعي‪-‬االقتصادي للمملكة‪ ،‬كما أشرنا إلى ذلك بشكل كبير في مقاالتنا‬ ‫السابقة‪.‬‬ ‫ومع ذلك ‪ ،‬على الرغم من هذا التقدم المحدود الذي وفرته المبادرة‬ ‫الوطنية للتنمية البشرية والذي يبدو أن الحكومة مرتاحة له أكثر من الالزم ‪،‬‬ ‫فلن يكون األمر كافيا للقضاء بشكل كامل على البطالة‪ ،‬وسيكون من الضروري‬ ‫دراسة طرق أخرى لمواجهة ظاهرة الفقر‪ ،‬سواء في المناطق الحضرية أو القروية‪.‬‬ ‫باإلضافة إلى ذلك‪ ،‬يتم استنزاف جزء كبير مما توفره المبادرة الوطنية أو أي‬ ‫مبادرة أخرى مشابهة‪ ،‬بسبب ارتفاع تكلفة المعيشة‪ ،‬وبسبب الزيادات المتتالية‬ ‫في أسعار الوقود والمواد الخامة التي فرضتها حكومة عبد اإلله بنكيران‬ ‫السابقة‪ ،‬ولتي ركزت في سياستها على طريقتين سهلتين‪ :‬القضاء على صندوق‬ ‫المقاصةوالمديونيةالخارجية‪.‬‬ ‫في هـــذا الصــدد‪ ،‬يشيــر‬ ‫المرصد الوطني للتنمية البشرية‬ ‫(‪ )ONDH‬إلى أن مستوى معيشة‬ ‫المغاربة وف ًقا لمؤشــر أسعـــار‬ ‫المستهلك (‪ )CPI‬قد ارتفع بمعدل‬ ‫‪ ٪ 2.2‬سنويًا خالل الفترة الممتدة‬ ‫ما بين ‪ ، 2017-2012‬وهي فترة‬ ‫حكومةبنكيران‪.‬‬ ‫إن حكومــة سعـــد الديــن‬ ‫العثماني التالية لم تحسن األمور‬ ‫على اإلطالق‪ .‬واألسوأ من ذلك أن‬ ‫رئيس الحكومة يتجنب معالجة‬ ‫القضايا الحيوية للشعب المغربي‪،‬‬ ‫موضحا أننا ال نستطيع االعتماد‬ ‫عليه للقضاء على الفقر‪ ،‬وكذلك‬ ‫الشرور األخرى مثل الفساد على‬ ‫سبيل المثال‪ .‬إنها حكومة عابرة تنشغل بالتعاطي مع األمور بعيدا عن التصدي‬ ‫لها في عمقها‪ ،.‬و خطاب شعبوي فارغ‪.‬‬ ‫فيانتظاراالنتخاباتالتشريعيةالمقبلة‪،‬الشاغلالحاليالوحيدللسياسيين‬ ‫هو الوصول بأمان إلى نهاية مهامهم من خالل الحفاظ على حماية امتيازاتهم‬ ‫الكبيرة الواضحة للعيان‪.‬‬ ‫في كل من خطبه‪ ،‬يدرك الملك محمد السادس محدودية وقلة اهتمام‬ ‫التشكيالت السياسية ببالدنا‪ ،‬وما يفتأ يعطي توجيهاته ذات الصلة ألخذ مصير‬ ‫الوطن على محمل الجد وإيالء الشباب األهمية القصوى و الحيوية إلدارة البالد‪.‬‬ ‫وبالعودة إلى مشكلة الفقر‪ ،‬لحسن الحظ‪ ،‬أن هبة سماوية ‪ ،‬والتي ال تعزى‬ ‫على اإلطالق إلى الحكومة أسفرت‪ ،‬حتى اآلن‪ ،‬عن نتائج قاطعة ‪ ،‬قدمت نفسها‬ ‫كاستراتيجية رئيسية ويتعلق األمر بالهجرة إلى الخارج لشخص واحد أو أكثر من‬ ‫أفراد األسرة الواحدة‪ ،‬وهو ما ينعكس في التحويالت من قبل «مغربة العالم»‬ ‫المعروف أيضا باسم «المغاربة الذين يعيشون في الخارج»(‪ ، )MRE‬مع العلم‬ ‫أن عدد المغتربين الذين يعيشون في الخارج يقدر بنحو ‪ 4.5‬مليون شخص‪.‬‬ ‫إن الراتب أو معاش التقاعد الناتج عن وظيفة في أوروبا أو في أي مكان‬ ‫آخر في العالم ‪ ،‬يسمح لألسر التي بقيت في المغرب بالعيش باستقرار و بكرامة‬ ‫وبكل ما يسمح لمواجهة األزمات‪..‬‬ ‫مكنت هذه الدخول المستقرة األسر المستفيدة من التمييز‪ ،‬واالنتقال من‬ ‫الفئة المحرومة إلى الطبقة الوسطى‪.‬‬

‫األكثر طمأنة وتحقيقا لالستقرار في هذا السياق ‪ ،‬أنه ال يكلف للدولة‬ ‫المغربية عمليا أي شيء والتي‪ ،‬على العكس من ذلك‪ ،‬هي المستفيدة من خالل‬ ‫مساهمة مهمة للغاية من العملة الصعبة‪ .‬إذا‪ ،‬على األقل‪ ،‬تم تخصيص جزء‬ ‫من هذه التحويالت‪ ،‬على سبيل المثال‪ ،‬لتوفير فرص العمل‪ ،‬في شكل مبسط‬ ‫من القروض للمقاوالت الصغرى والمتوسطة (‪ )SMEs‬والمؤسسات الصغرى‬ ‫جدًا (‪ ،)TPE‬سيمكن ذلك الشباب من االندماج النشط‪ ،‬والهروب من جحيم‬ ‫الهشاشة وإدمان المخدرات الذي يخلف وراءه المتسولين والمشردين‪.‬‬ ‫األمر يهم سوق العمل‪ .‬نحن نعلم أنه في المغرب‪ ،‬تؤثر البطالة على أربعة‬ ‫من كل عشرة شباب‪ .‬والتي تغذي اإلحباط واالستياء الشعبي‪.‬‬ ‫تؤثر البطالة بشكل أساسي على الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين ‪ 15‬و‬ ‫‪ 24‬عامًا (‪ ، )٪ 26.5‬حيث ترتفع هذه النسبة إلى ‪ ٪ 42.8‬في المناطق الحضرية‪.‬‬ ‫الخريجون‪ ،‬الذين ال يتوفرون على أية مهارة ‪ ،‬يعانون من إخفاقات في نظام‬ ‫التعليم وعدم تجاوبه مع سوق العمل‪.‬‬ ‫صحيح أن بطالة الشباب هذه ليست ظاهرة حديثة‪ ،‬لكنها أصبحت في‬ ‫نهاية المطاف «هيكلية» مع الرداءة والهدر المدرسي‪ ،‬وكذلك مع ضعف تطوير‬ ‫النسيج اإلنتاجي الوطني‪.‬‬ ‫وقد أشار الملك في خطاب حديث‬ ‫إلى أن التقدم المسجل ال يفيد «الشباب‬ ‫الذين يمثلون أكثر من ثلث السكان»‪.‬‬ ‫وقال جاللتــــه «من بينهــم‪ ،‬كثيرين‬ ‫يعانون من اإلقصاء والبطالة»‪.‬‬ ‫دعا صندوق النقد الدولي (‪،)IMF‬‬ ‫من جانبه‪ ،‬سلطات المملكة إلى «الحد‬ ‫من ارتفاع معدالت البطالة‪ ،‬خاصة بين‬ ‫الشباب»‪ .‬واألمر يتعلق بسؤال يجب‬ ‫أخذه «على محمل الجد»‪.‬‬ ‫وف ًقا للمندوبية السامية للتخطيط‬ ‫(‪ ،)HCP‬من بين ‪ 400.000‬قادم جديد‬ ‫إلى سوق العمل المغربي‪ ،‬ال يزال ‪٪ 53‬‬ ‫منهم غير نشطين‪ ،‬خاصة الشباب‪.‬‬ ‫«يجب أن يشكـل هــذا الوضـع‬ ‫المقلق مصدر انشغال كبيـر للحفاظ‬ ‫على التماسك االجتماعي واالستقرار»‪ ،‬يحذر ‪ ، HCP‬مستنكرًا هزالة استثمار‬ ‫النمو الديموغرافي التي تنعكس بشكل أساسي في البطالــة‪ ،‬خاصة بين‬ ‫الخريجين‪.‬‬ ‫المعدل الذي يصل إلى ‪ ، ٪ 18‬يميل إلى أن يكون أكثر طوال في المدى‪.‬‬ ‫واألسوأ من ذلك أن أكثر من نصف الذين تخرجوا من المدرسة (‪ )٪ 51‬يعانون‬ ‫من بطالة طويلة األمد‪ .‬كما تؤثر هذه اآلفة على ‪ ٪ 42.6‬من خريجي المدارس‬ ‫الثانوية‪ ،‬و ‪ ٪ 86.7‬من المواطنين الذين ليس لديهم شهادة‪.‬‬ ‫في النهاية‪ ،‬فإن الوضع ال يشجع الباحثين عن عمل‪ ،‬سواء كانوا من‬ ‫الخريجين أم ال‪ ،‬ألن األمر يبدو بال جدوى‪ ،‬وغالباً ما يختارون القطاع غير‬ ‫المهيكل‪ ،‬مع عدم االستقرار الشديد فيما يتعلق بالتوظيف والدخل‪ ،‬فض ً‬ ‫ال عن‬ ‫غياب الحماية االجتماعية‪ .‬هذه هي الحالة األكثر شيوعًا بين الباعة الجائلين‪.‬‬ ‫إذا لم يكن األمر منعشا‪ ،‬فإن النشاط غير المهيكل يسد الفجوات بشكل‬ ‫مؤقت‪ ،‬مما يؤدي إلى إحراج مثير للجدل بشكل مستمر لالقتصاد المهيكل‪،‬‬ ‫وخاصة التجارة التي يصرخ أصحابها جراء المنافسة غير العادلة‪.‬‬ ‫بالنسبة للخبراء األذكياء‪ ،‬هذه «حلول ترقيعية» تتغاضى عنها الحكومة‪،‬‬ ‫بالرغم من أنها عاجزة عن معالجة المشاكل االجتماعية الخطيرة‪ ،‬ألنه غير قادرة‬ ‫على إيجاد الحلول الحقيقية للمشاكل التي يفرضها الواقع‪ .‬أما بالنسبة لممثلي‬ ‫الشعب فإنهم معنيون بمصالح أخرى‪.‬‬ ‫والزمن كشاف‪.‬‬

‫قطرات مداد‬ ‫ُ‬ ‫• محمد إمغران‬

‫حكاية مقابر الموتى‬ ‫من المسلمين‬

‫ال عاشت وال رأت أم مشهد فلــذة كبدهــا‬ ‫وهي مقطعة األطراف‪ ،‬بعد أن تم نبش قبرها‬ ‫وإخراج جثتها الصغيرة‪ ،‬المعبرة عن براءة الدنيا‬ ‫بأسرها‪ ،‬كما حصل مؤخرا عندما تم نبش قبر‬ ‫واعتداء على طفلة‪ ،‬حديثـة العهــد بعمليـــة‬ ‫الدفن‪.‬وهذا أمر ليس بغريب‪ ،‬إذ تشهده مقابر‬ ‫جل المدن المغربية من فترة إلى أخرى‪ ،‬بشكل‬ ‫يكاد يكون تطبيعا مع هذه األفعال الحيوانية‬ ‫والوحشية‪ ،‬المرتكبة من طرف جناة‪ ،‬ال إحساس‬ ‫وال ضمير لهم‪ ،‬غير عمى أبصارهم التي في‬ ‫الصدور‪ ،‬غارقين في أعمال السحر والشعوذة‬ ‫التي أصبحت تجارة «رابحة» في الزمن الرديء‬ ‫لدى شريحة اجتماعيـة‪ ،‬خارجــة عن التصنيف‬ ‫البشري‪.‬‬ ‫أكثر من هذا أن المقابـــر صارت مراتـــع‬ ‫للمنحرفين وقطاع الطرق والمدمنيــن على‬ ‫شتى أنـــواع المخدرات‪ ،‬بل وأماكن لتجميع‬ ‫النفايات والقاذورات‪ ،‬المنتشـــرة بين األموات‬ ‫في مشاهد مقززة تبين إلى أي حد هو مصير‬ ‫األموات المسلمين الذين يتم االعتداء على‬ ‫حرمتهم حتى وهم ميتون وفي قبورهم‪ ،‬مع أن‬ ‫كثيرا من األحاديث الصحيحة عن المصطفى‬ ‫عليه الصالة والسالم دلت على وجوب احترام‬ ‫الموتى من المسلمين وعدم إيذائهم‪.‬وفي‬ ‫هذا السياق من السياقات المتعددة حول فتوى‬ ‫حرمات القبور وعن عمرو بن حزم قال ‪« :‬رآني‬ ‫رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم متكئا على قبر‪،‬‬ ‫فقال ال تؤذ صاحب هذا القبر أوال تؤذه» رواه‬ ‫اإلمام أحمد‪.‬فإذا كان هنا مجرد االتكاء على‬ ‫القبرإذاية لصاحبه‪ ،‬فما بالنا والقبور ينبش‬ ‫فيها ؟‬ ‫ما بالنا والجثــث يتــم التمثيل بهـــا ؟ أما‬ ‫األزبال‪ ،‬فتلك حكاية أخرى‪.‬‬ ‫إذن‪ ،‬أال تستحق القبور أن تحظى بعناية‬ ‫ورعايــة؟ أليـــس من الالئـق أن تخصص لها‬ ‫حراسة‪ ،‬تبعد عنها األذى وتحميها من أعمال‬ ‫البطش والتنكيل ؟‬ ‫وآخرا‪ ،‬البـــأس في ظـــل نــدرة حراســـة‬ ‫وحمايـــة المقابرعندنا عرض هذه اإلضافات‬ ‫من القطــرات المدادية‪ ،‬للتأمل واالستنتاج ‪:‬‬ ‫ـ حراســة مشددة مضروبــة على الحانات‬ ‫وبعض محالت القمار‪.‬‬ ‫ـ توفيـــر الحمايــة لبعـــض المفسديـــن‬ ‫في شتى المجـــاالت‪ ،‬تتداول منابر إعالميـــة‬ ‫صفاتهم وأخبارهم‪.‬‬ ‫ـ مقابرالنصارى محروسة في الغالب‪ ،‬نظيفة‬ ‫وفضاءاتها شاعرية‪.‬‬


‫امللحـق الثقافـي‬ ‫‪9‬‬

‫العدد ‪ 1019‬ـ الثالثاء ‪ 12‬إلى ‪ 18‬نوفمبر ‪2019‬‬

‫لرحيل األديب‬

‫محمد �شكري‬ ‫�إعداد وتن�سيق ‪:‬‬

‫ـــ عبداللطيف الــبازي‬ ‫ـــ عبدالإله الـمويـ�سي‬

‫و�صايا محمد �شكري‬ ‫• عبد اللطيف البازي‬

‫أعرف أن عزيزنا محمد شكري ما كان ليقبل هذا العنوان ألن تقديم الوصايا لم يكن من ضمن هواياته‪.‬‬ ‫لكنني أعتبر أن صاحب «الخبز الحافي» هو اآلن مبدعا كالسيكيا‪ ،‬أي أن تجربته في الكتابة قد أصبحت مرجعا‬ ‫ومطمحا وتيارا أدبيا معترفا بقوته وفرادته وعابرا للمجتمعات والثقافات ويشهد على ذلك الترجمات العديدة‬ ‫التي حظيت بها أعماله‪.‬‬ ‫إن السطوة الرمزية لمحمد شكري تجد منبعها في األهوال التي عاشها هذا الكاتب عندما انتقل في‬ ‫أربعينيات القرن الماضي‪ ،‬هربا من الفقر والعوز‪ ،‬من بلدة صغيرة بمنطقة الريف المغربي حيث كان مولده إلى‬ ‫مدينة طنجة البراقة‪ ،‬وتمكنه من أن يحكي عن تفاصيل هذه األهوال بتلقائية وقوة‪ ،‬وأن يرسم لنفسه شخصية‬ ‫يمكن إدراجها بيسر ضمن ما يعرف باألدب الشطاري ‪ Literatura Picaresca‬إذ نشأت عالقة متوترة بينه‬ ‫وبين محيطه‪ ،‬وعرف مبكرا أن عليه االعتماد على نفسه واضطر لالنتقال بين أماكن ومناطق مختلفة لمقاومة‬ ‫الجوع والتيه وللتحكم في مخاوف دفينة تنتابه بين الفينة واألخرى‪ .‬لقد عانى محمد شكري‪ ،‬كما نقرأ في ثالثيته‬ ‫السير ‪ -‬روائية «الخبز الحافي» و «زمن األخطاء»و «وجوه» من الفقر والحرمان والجوع‪ ،‬ومارس مهنا مؤقتة‬ ‫لم تضمن له العيش الكريم‪ ،‬وتسكع وتم التحرش به وجرب وطأة السجن واإلنهيار النفسي وتعرض للعنف‬ ‫بمختلف تمظهراته وشرع يعيش حياة ال تحدها قيود بتبنيه للتشرد نمط عيش‪ .‬لذا يمكن القول إن الكتابة‬ ‫كانت لها‪ ،‬بالنسبة إليه‪ ،‬وظيفة حفظ التوازن‪ ،‬وكانت بمثابة سند لمواجهة فجائع الوجود‪.‬‬ ‫ومن المؤكد أن محمد شكري شخصية جذابة وأنه كان يدبر وضعه االعتباري بذكاء‪ ،‬وإن قوة إبداعه‬ ‫وانسجام نمط حياته مع قناعاته وجرأته الالفتة لالنتباه جعلته يحظى باحترام اآلخرين له رغم اختالفهم معه‪،‬‬ ‫باإلضافة إلى أنه كان حريصا على أن يربط اسمه بطنجة‪ ،‬المدينة المفتوحة واآلسرة التي تمت أسطرتها‪.‬‬ ‫ومحمد شكري‪ ،‬بذكائه الفطري‪ ،‬تمكن من خلق أسطورته الشخصية ومزجها بأسطورة طنجة وسحرها الخفي‪،‬‬ ‫وأصبح‪ ،‬بمعنى من المعاني‪« ،‬معلمة» من معالم المدينة يبحث عنه المبدعون الذين يقصدونها ليستمتعوا‬ ‫بمجالسته ومرحه وتفرد شخصيته وسخائه كذلك‪.‬‬ ‫ومرور الزمن لم يجعل شهية الباحثين والمتتبعين والقراء من األجيال الجديدة تخفت بل واصلوا سعيهم‬ ‫لالقتراب من عوالم شكري وهواجسه وأحالمه وتجاربه التخومية وعوالمه التي شيدها بجرأة وإصرار وكتب‬ ‫عنها منذ أن اتخذ قرارا أوال بأن يتعلم الكتابة والقراءة‪ ،‬ثم اتخذ قرارا ثانيا و «تاريخيا» بأن يصبح كاتبا‪.‬‬ ‫ثم إن محمد شكري هو أحد الكتاب العرب القالئل الذين جعلوا من الكتابة شأنا عاما ونزعوا عنها طابعها‬ ‫المتعالي‪ ،‬وجعلوا الكاتب شخصية معروفة المالمح واألهواء‪ .‬وإبداعاته هي ذات أبعاد كونية تحكي عن انشغاالت‬ ‫و تجارب ونزوعات تهم اإلنسان أينما كان‪ ،‬و هذا ما يفسر إلحاح وسائل اإلعالم بمختلف تلويناتها وجنسياتها‬ ‫على إجراء لقاءات وحوارات معه‪.‬‬ ‫ومفهوم الصداقة هو مفهوم أساسي لدى محمد شكري‪ ،‬وما يدل على ذلك عالقاته العديدة و ما تم‬ ‫تداوله من أن منزله كان مفتوحا في وجه أصدقائه المبدعين وغير المبدعين من مختلف األجيال والجنسيات‬ ‫الذين ما كانوا يتصورون طنجة بدون حيوية محمد شكري ودعاباته‪.‬‬ ‫إن الكتابة عند محمد شكري كتابة عارية‪ ،‬كتابة حسية تعتمد على الجرأة وصدم القاريء بنبرتها غير‬ ‫المهادنة وتتعمد أن تنتقل ما بين السجل الروائي والسجل السير ذاتي لتربك القراء وتشدهم‪ .‬وهي في‬ ‫اعتمادها على الذاكرة تستحضر بعض الوقائع قصد التحرر منها لتصبح الكتابة بذلك ذات وظيفة عالجية‬ ‫وتضمد الجراح القديم منها والجديد‪.‬وهي كتابة تأتي من مجهول ما ومن غموض أكيد وهذا هو سر اإلنشداد‬ ‫الدائم والمتجدد إليها وإلى صاحبها‪.‬‬

‫خا�ص عن‬

‫‪16‬‬

‫الذكرى‬

‫‪ 15‬يوليوز ‪1935‬‬ ‫‪ 15‬نوفمبر ‪2003‬‬


‫العدد ‪1019‬‬

‫الشمال الثقافي‬

‫الثالثـاء ‪� 12‬إلى ‪ 18‬نـوفمرب ‪2019‬‬

‫‪10‬‬

‫رسالة من سهيل إدريس‬ ‫إلى محمد شكري‬

‫«الرا�ضي عن نف�سه»‬

‫محمد شكري في رسائله المستشفائية‬ ‫• الدكتورة العالية ماء العينين‬ ‫ما الذي يمكن أن يجعل محمد شكري‪ ،‬الغاضب‪ ،‬اليائس‪ ،‬الساخط‪ ،‬كما عمَّدته سيرة «الخبز الحافي»‪،‬‬ ‫«راضيا عن نفسه»؟‬ ‫« ورد ورماد» كتاب صدر سنة‪ 2000‬يحمل مجموعة من الرسائل المتبادلة بين محمد برادة ومحمد‬ ‫شكري‪ .‬يقول محمد برادة في تقديمه لها‪« :‬قد تكون مضيئة لبعض التفاصيل التي التقطتها الرسائل‬ ‫وهي في حالة مخاض وقد ترسم مالمح أخرى ال يتسع لها النص اإلبداعي» ‪.‬‬ ‫التقطتُ هذه اإلشارة‪ ،‬ورحت أفتش عن وجه آخر لنصوص محمد شكري بين هذه الرسائل‪ ،‬خصوصا‬ ‫تلك التي كتبها وهو في مستشفى األمراض العقلية‪ ،‬والتي حمل بعضها توقيع «شكري‪...‬الراضي عن‬ ‫نفسه»‪ .‬ويسميها بالرسائل «المستشفائية» كما ورد في إحداها‪.‬‬ ‫عددها ثمانية‪ ،‬كتبها في الفترة الممتدة بين ‪ 1977/12/18‬و ‪ *1977/12/27‬أي خالل عشرة أيام‪.‬‬ ‫وهذا يعني أنه كان يكتبها يوميا تقريبا‪ ،‬إال في رسالتيه األخيرتين حيث يفصل بينها يوم عن سابقتها‪.‬‬ ‫وهذا يفسر عدم وجود أية رسالة من محمد برادة خالل هذه الفترة‪.‬‬ ‫هل كان شكري راضيا عن نفسه خالل هذه الفترة؟ وما هي مظاهر هذا الرضا؟ وهل انعكس ذلك على‬ ‫تصرفاته وعلى عالقته بمحيطه؟ هل وجود شكري داخل جدران المستشفى يظهر وجها آخر غير معتاد؟‬ ‫يقول الفيلسوف والمعلم الهندي‪»،‬كريشنامورتي جيدو» بأن الخوف من الوحدة يدفعنا للهروب‪ ،‬إلى‬ ‫الكنائس والمساجد أو االستماع إلى الراديو او القراءة‪ ،‬الكأس‪ ،‬الجنس‪....‬‬ ‫فهل يهرب شكري من الوحدة إلى المستشفى؟‬ ‫في آخر رسالة كتبها قبل دخوله المستشفى‪ ،‬يبدو في غيبوبة اختيارية عن العالم‪ .‬يقول لمحمد‬ ‫برادة‪« :‬عندما استلمت رسالتك كنت شبه فاقد وعيي‪ ،‬جد سكران‪...‬وضعتها في جيبي ولم أقرأها إال بعد‬ ‫يومين»‪ .‬إضافة إلى ذلك تعبر الرسالة عن حالة خصام شديدة مع الناس ومع نفسه ورغبة في االبتعاد‬ ‫عن كل شيء‪« :‬كنت جد متخاصم مع نفسي وأيضا مع الناس» ‪ .‬ويصل غضبه إلى مداه فينفجر بأسلوبه‬ ‫امتلئ غضبا أبول على األشخاص ويبولون علي ثم أبول على نفسي فرحا أو حزنا ألحقق‬ ‫المعروف‪« :‬عندما‬ ‫ُ‬ ‫للكلبيين زمنهم المنسي»‪.‬‬ ‫هذه الصورة التي التصقت بمحمد شكري والواضحة من رسالته‪ ،‬ستتالشى داخل المستشفى‪ ،‬وكأننا‬ ‫أمام مسرحية أو عمل درامي في ديكور جديد وفضاء مختلف تنقلب فيه األجواء والصور والحكايات ويليق‬ ‫بتوقيع « الراضي عن نفسه»‪ .‬صور بعيدة عن الظلمة والخوف والروائح الثقيلة‪ .‬في المستشفى يبدأ نهاره‬ ‫مبكرا محمال بانتعاش البرتقال « أفقت هذا الصباح حوالي الخامسة‪ ،‬المرضى نائمون‪ .‬بقيت في فراشي‪.‬‬ ‫أكلت برتقالة ثم دخنت سيجارة‪...‬وأخذت أقرأ»‪ .‬وفي رسالة أخرى يقول‪« :‬الساعة اآلن خمس دقائق نحو‬ ‫العاشرة‪ .‬استيقظت في المستشفى في الخامسة صباحا‪ .‬أكلت برتقالتين ودخنت أول سيجارة ثم رحت‬ ‫أقرأ» ‪.‬‬ ‫أول ما يثير االنتباه‪ ،‬أن هذه الرسائل يومية‪ .‬عكس ما كانت عليه قبل ذلك‪ .‬فبينما يقول محمد شكري‬ ‫في آخر رسالة قبل المستشفى‪« :‬منذ شهرين لم أكتب سوى خواطر»‪ ،‬يقول في أول رسالة من داخله‪،‬‬ ‫ضمها الكتاب‪ « ،‬اإلحساس بالكتابة بدأ يغزوني في هذا المستشفى»‪ .‬نفس الشيء بالنسبة للقراءة والتي‬ ‫تحضر في كل الرسائل تقريبا‪ ،‬رواية «زمن الصمت» و «لوف ستوري»‪ ،‬والشعر‪ ،‬بل إنه يتمتع بمناقشات‬ ‫فكرية‪ ،‬أدبية وفنية مع رفاق المقهى والدكتور محمد الجعيدي‪ ،‬الذي يقول عنه» إنه إنسان مثقف‪ ،‬يهتم‬ ‫باألدب والفن‪ ،‬عموما‪ ،‬وبالمذاهب السياسية والفكرية»‪.‬‬ ‫رسائل محمد شكري من المستشفى تحمل إحساسا بالحرية واالنطالق‪ ،‬وكأنه غادر سجن حياته‬ ‫اليومية إلى فضاء أرحب‪ .‬يتجلى ذلك في كونه يكتب رسائله يوميا من المقهى‪ ،‬نيبون أو مانيال‪ ،‬ثم‬ ‫يتحدث عن ذهابه إلى مدينة طنجة لقضاء بعض حوائجه أو للعمل والعودة إلى المستشفى‪ .‬يقول‪...« :‬في‬ ‫اليوم التالي سأعود من جديد إلى المستشفى ألقضي كل عطلتي»‪ .‬المستشفى فضاء للعطلة واالنطالق‬ ‫والتحليق حتى وإن يكن بأجنحة إيكاروس‪.‬‬ ‫في هذه الرسائل نكتشف محمد شكري المنفتح على محيطه‪ ،‬في حالة انسجام ورغبة في لقاء الناس‬ ‫والتفاعل معهم سواء من قاطني المستشفى أو أصدقائه الذين يلتقيهم في المقهى‪ .‬وهذه بعض‬ ‫النماذج من رسائله‪:‬‬ ‫«داخل المستشفى‪ ،‬أتمشى وحيدا أو أجالس أحد المرضى فيحكي لي عن مآسي حياته»‪ .‬وفي أخرى‬ ‫يقول‪ »:‬أنت ترى أن عالقاتي محدودة ومع أناس ال يزعجونني وال أزعجهم»‪.‬‬ ‫يمكن أن نصف حالة محمد شكري في مستشفى األمراض العقلية‪ ،‬بأنها إحساس بصفاء ذهني غريب‬ ‫كما عبر عن ذلك مخاطبا محمد برادة‪ ،‬بل ويؤكد انه ال يشعر بأي ملل‪ .‬هذه الحالة جعلته يفكر في تغيير‬ ‫حياته وهي رغبة كانت حاضرة في جل رسائله‪ « :‬عندما سأخرج من هنا سأحاول أن أغير حياتي نحو األجمل‬ ‫(‪ )...‬سأبقى هنا حتى آخر هذا الشهر ثم أعود إلى طنجة الستئناف عملي مغيرا نمط حياتي (‪ )...‬كم أتمنى‬ ‫أن أكون بعيدا في بلد ال يعرفني فيه أحد ليكون لي من جديد أول صديق‪ ،‬أول خصم‪ ،‬أول عمل لم أمارسه‬ ‫من قبل إلى ما ال نهاية من األوائل»‪.‬‬ ‫في المستشفى نكتشف محمد شكري الذي يعتني بصحته‪ ،‬حيث توقف عن شرب الكحول‪ ،‬وحتى‬ ‫الرغبة فيه لم تعد توتره كما يؤكد لمحمد برادة‪ ،‬والمنضبط للمجامالت االجتماعية‪ ،‬حين يطلب من‬ ‫محمد برادة أن يشكر الطبيب الذي يعالجه‪« :‬صحتي تحسنت كثيرا بفضل عناية الدكتور الجعيدي‪ .‬أرجو‬ ‫ان تكتب له رسالة شكر نيابة عني»‪ .‬وحتى عندما يشير إلى بعض مشاكله أو صراعاته مع أحد المرضى‪،‬‬ ‫فإن ذلك ال يخدش صفاء تلك الصورة التي نسجها محمد شكري بين ثنايا كتابته اليومية لمحمد برادة‬ ‫والتي تبدو على شاكلة مذكرات يومية يكتبها لنفسه‪.‬‬ ‫رسائل شكري «المستشفائية» غنية جدا في إيحاءاتها ودالالتها وتستحق قراءة متأنية متعمقة‬ ‫الستنطاق أوجه أخرى في كتاباته‪.‬‬

‫محمد شكري كان طباخا ماهرا‬


‫الشمال الثقافي‬

‫العدد ‪1019‬‬

‫الثالثـاء ‪� 12‬إلى ‪ 18‬نـوفمرب ‪2019‬‬

‫محمد �شكري‬

‫رسالة من الطاهر بنجلون‬ ‫إلى محمد شكري‬

‫• سعيد الشقيري‬

‫كان محمد شكري مفاجأة لعصره وأدب عصره على السواء‪ .‬كانت‬ ‫الكتابة األدبية في العالم آنذاك قد زرعت غابات من التنوع في البناء واللغة‬ ‫والموضوع وفتحت آفاق واسعة للسرد األدبي‪ ،‬في حين كان الرصيد الروائي‬ ‫للعالم العربي‪ ،‬وضمنه المغرب‪ ،‬ما يزال في طور التراكم األول‪ .‬وكانت الكتابة‬ ‫تعنى أساسا بتقليب المعاني (الصعبة) تارة‪ ،‬وتارة أخرى بالبحث عن الحلول‬ ‫للمشاكل السياسية واالجتماعية التي تغرق فيها كل مجتمعات المنطقة‪ ،‬أو‬ ‫تستنسخ محكيات الماضي‪ .‬وكما يقول شكري نفسه «حتى نهاية الثالثينيات‪،‬‬ ‫كان الكاتب والقارئ العربيين مطمئنين»‪ .‬فكان ال بد للصوت الذي أحدثه‬ ‫شكري أن يكون مزلزال لهذه الطمأنينة منذ اندلعت ظاهرة‪« :‬محمد شكري‪/‬‬ ‫الخبز الحافي»‪.‬‬ ‫فلقد ذاعت «الخبز الحافي» بما شكلته من صدمة للتلقي األدبي الذي‬ ‫وقف ألول مرة أمام البوح بمعناه العاري الجريء الفاضح الشبيه باالنتحار أو‬ ‫االستشهاد‪ ،‬بدون خجل وال ادعاء لشرف مزعوم‪.‬وترسخ لدى الناس فورا أن أدب‬ ‫محمد شكري هو الخبز الحافي‪.‬واختلطت في أذهانهم حياته بأدبه‪ ،‬وأدبه بحياته‪ .‬حتى صار كأن من غيرالممكن الفصل بين «محمد‬ ‫شكري» وبين «الخبز الحافي»‪ .‬بل كثيرا ما طغى شخصه على أدبه‪ .‬فإذا ما تكلم الناس عن أدبه فإن الخبز الحافي هي أدبه‪ .‬وفيها إنما‬ ‫يعودون للحديث عنه وعن قصة حياته وعاداته وسكره وغضبه ونجاحه ككاتب متميز صعد من قاع القاع وصارنجما‪ .‬فال تعود تعرف‬ ‫منهم الحدود بين الشخص والرواية‪ .‬لكأن الخبز الحافي صار اسما آخر لشكري‪ ،‬ومحمد شكري عنوانا آخر للخبز الحافي‪.‬‬ ‫ورغم أن هذا قد يبدو غريبا أو مضحكا أو مؤسفا للوهلة األولى‪ ،‬إال أنه قد يكون هو االنطباع الطبيعي الذي يمكن أن تحدثه‬ ‫الظاهرة في اكتمالها‪ .‬إذ باستثناء «غواية الشحرور األبيض»‪ ،‬فكل ما عداها من أعمال شكري يمكن رصها في كتاب واحد‪ .‬وبما أن كتابة‬ ‫شكري كلها تعاقبُ تقطعاتٍ واستطرادات وتكرير‪ ،‬فلن يبدو في هذا الكتاب أي تقطع أو تكرار غير عادي‪ .‬ويمكن أن يوضع له عنوان‬ ‫بسيط «محمد شكري في طنجته»‪ .‬واألسباب معروفة‪.‬‬ ‫لقد تعرَّف شكري على تاريخ األدب واألدباء بشكل مذهل‪ .‬وتمعن في جداالت العصر العظمى‪ ،‬واصطفافات المفكرين والفنانين‬ ‫واألدباء فيها‪ .‬وعايش أسماء لها وزنها في عوالم االدب والفن‪.‬ولكرمه األدبي المتأصل دعانا في كتابه هذا «غواية الشحرور األبيض»‬ ‫إلى جولة جميلة وممتعة في دروب وساحات الرواية والشعر‪ ،‬وسالالت وقبائل األدباء‪ ،‬من أرسطو إلى دانتي إلى كانط وماركس‬ ‫ودوستويفسكي وروالن بارت ونجيب محفوظ وجون جيني وأدونيس وزفزاف‪ ،‬وأالن بو وبورخيس‪ ،‬وكلهم‪ ،‬كلهم‪ ...‬وطرح في هذا‬ ‫الكتاب غير قليل من آرائه النقدية‪ ،‬دفاعا أو هجوما‪ ،‬تصديقا أو تخطيئا‪ ،‬لكتَّاب بأسمائهم‪ ،‬كما مع أحمد شوقي ونجيب محفوظ وفيكتور‬ ‫هيغو وأدونيس وأندري جيد وغيرهم‪ ،‬وآخرون بدون تخصيص‪.‬‬ ‫وما يحصل بشكل عفوي أثناء قراءة هذا الكتاب الشيق‪ ،‬هو مالحظة انتقاد شكري ألشياء هو نفسه يأتيها بكثرة في كتابته‪ .‬كأنه‬ ‫خصص الكتاب للتأمل من خالله في أعماله وفيما كان عليه أن يقوم به فيها ولم يفعل‪ .‬يقول «إننا نكتب عن القبح والجمال كما هما»‬ ‫ويقول «إننا ال نكتب بحثا عن جمال التعبير المحض وإنما عن نهاية الحقيقة في الحياة‪ .‬إن الصلة التي ما زالت تربطنا بالحضارات‬ ‫القديمة هي فكرية أكثر منها لغوية»(هامش ص ‪ 78‬ـ الكتاب نفسه)‪ ،‬ثم يأتي فينقض ذلك»هدف األدب ال يقتصر على أن يكون وثيقة‬ ‫اجتماعية‪ .‬إنه‪ ،‬أيضا‪ ،‬وثيقة إبداعية في اللغة والتقنية واألسلوب‪ ،».‬و»إن اإلبداع الحقيقي يتجاوز التجارب التسجيلية‪ ،‬أو إمكان حدوثها‪،‬‬ ‫في الخيال العلمي‪ .‬ما يهمنا اليوم هو أن يعرف المبدع كيف يعبر عن جدوى تجربته الفكرية أو الوجدانية» (فصل‪ :‬مفهومي للتجربة‬ ‫األدبية)‪ .‬ويؤكد «أعمال مرسيل بروست‪ ،‬جيمس جويس‪ ،‬فيرجينيا وولف وبعض اعمال فوكنر (خاصة الصخب والعنف) سنظل نستعيدها‬ ‫لقيمتها الفنية حتى وإن زالت قيمتها االجتماعية والتاريخية»‪.‬‬ ‫والحال أن كتابة شكري معظمها تسجيلي‪ .‬فأنت تظل تجد فيها المقاهي والحانات المظلمة ذاتها والمطاعم الوسخة والفنادق‬ ‫البئيسة والشوارع المليئة بالقاذورات‪،‬والشخصيات نفسها والسكارى والمومسات والقوادات والمعتوهين واللوطيين والحمقى‬ ‫والمحبطين والمتسولين‪ ،‬والبول والبراز والقيء والدموع والعرق والمخاط والدم‪ ،‬وكل شيء «ملعون»‪ .‬وكل مكان أو زمان أو رجل أو‬ ‫طفل أو امرأة جميلة أو قبيحة شابة أو طفلة أو عجوز‪ ،‬وكل فعل أو عدم فعل‪ ،‬كله ملعون ولعين‪ .‬هذا هو الجزء األهم في قاموس شكري‪،‬‬ ‫والذي يحكي به عن نفس األشياء التي صاحبها وصاحبت حياته الذاتية‪ .‬رغم أنه في تعبير بليغ جدا في مفارقته يقول «معظم الكتاب‬ ‫الناشئين‪ ،‬المهووسين بتجاربهم الذاتية‪ ،‬صعب إقناعهم أن التقنية هي التي تقيم الموضوع األدبي والفني وتحددهما‪ ،‬فكثيرا ما نشغل‬ ‫أنفسنا بتعميق الموضوع فإذا بالشكل يتدخل ليطغى عليه ويحتويه‪ .‬إنه إزميل مايكل انجلو وليس الرخام وشخص موسى‪ ،‬ريشة‬ ‫دافنشي ال الجوكاندا»‪ ،‬و»كل شيء ينبغي أن يصفى في الذهن‪ :‬أن نفهم الطبيعة من خالل الفن وليس العكس‪ ،‬فالسنفونية الرعوية‬ ‫لبتهوفن‪ ،‬وبحيرة البجع لتشايكوفسكي وبعض لوحات فان خوخ هي الطبيعة الحقيقية وليس العكس»‪ .‬وكأنه يدفعنا إلى معاودة‬ ‫التساؤل والبحث عن مكامن التقنية الفنية التي تقيم موضوعاته‪.‬‬ ‫وقد يبدو أن محمد شكري في كتابته ال يولي اهتماما خاصا للخطأ والصواب في اللغة والتعبير‪ ،‬لكننا نجده يالحظ على أحمد‬ ‫شوقي أنه»رغم اطالعه الكبير على اللغة كان يخطئ أحيانا فيجمع غصنا على أغصنة‪ ،‬ويكتب تارة وأخرى‪ ،‬عوض تارة وتارة أخرى»‪ ،‬أما‬ ‫َّاب وصوُلهم في أقصى‬ ‫هو فيستطيع أن يكتب بكل بساطة «شورباء» و «سأقتلك يا ابن الزناء» من بين أخرى كثيرة‪ .‬ويعيب على كت ٍ‬ ‫ميولهم الرومانسية الحالمة إلى تشبيه وجه الحبيبة بالقمر‪ ،‬وغيرها من تعابير الوصف التي يجدها مملة‪ .‬ثم يكتب هو «جسمها ممتلئ‬ ‫ووجهها في شكل القمر مورد»‪ ،‬ويكتب «عندها الحق إذا هي استعادت مني اليوم نظرتها التي سرقتها لها في ذلك اليوم»‪ .‬وفي‬ ‫التراكيب التعبيرية يستطيع أن يكتب «زجاجة من البالستيك للماء المعدني»‪ .‬وقد يسمح لك بأن تفهم ما تشاء حين يكتب «طفت‬ ‫في البيت الحرام حلول امرأة ثالثة أيام قهرا وبعدها ما عدت أطوف أكثر من يوم في شمسه أو قمره» أو أن تطرح أي سؤال شئت في‬ ‫األدب حين يكتب «سمعت أن المزغبات شهوانيات»‪ .‬ولهذا قد يراودنا االعتقاد أن شكري بعد (بيان) «غواية الشحرور األبيض» ربما‬ ‫كان ليكتب شيئا آخر لو سنح له أن يكتب‪.‬‬ ‫وهنا يطرح السؤال نفسه‪ :‬هل اختار شكري أن يكتب ما كتب كما كتب‪ ،‬أم كان ذلك جهده؟‬ ‫في مقال له بموقع (زمان الوصل) يقول محمد محيي الدين مينو‪« :‬بعيدا عن الرواية قريبا من السيرة الذاتية يبني محمد‬ ‫شكري سردياته التي تفتح عالم القاع على مصراعيه‪ ،‬وتعرض ما يسمى ب (السيرة الرواية)‪ ،‬وبدءا من روايته الشهيرة (الخبز الحافي‬ ‫‪ )1983‬يشتغل بهذا النوع من الحكاية‪ ،‬فال يخرج عليه حتى باتت هذه الحكاية مألوفة‪ ،‬تدعو أحداثها المكرورة إلى الملل‪ ،‬وربما تبعث‬ ‫شخصياتها المتشابهة على الضجر‪».‬أما محمد برادة فإن لطفه (بحكم الصداقة واإلقرار بقوة التجربة) جعل مالحظاته التي بثها في‬ ‫مقدمة «مجنون الورد» مبطنة على أمل أن يتنبه لها شكري ويأخذ بها‪« :‬اإلحساس بأسبقية األشياء في قصص شكري يطرح المسألة‬ ‫المألوفة في المناقشات النقدية حول عالقة الكلمات باألشياء أو مدى قدرتها على التعبير عما هو حي ومدرك من خالل الذات‪ ،‬ومسألة‬ ‫عجز الكلمات المزمنة‪ ..‬لكن حل هذه المشكلة عن طريق اإلقرار بقصور الكلمات عن تجسيد األشياء والتجارب والعالئق‪ ،‬يبقى حال سهال‬ ‫يلغي ضمنيا جدوى الكتابة وضرورتها‪ ..‬أو يفتح األبواب أمام كل طارق بكل تمييز‪ ».‬فهل فطن شكري لهذا التنبيه؟‬

‫في ندوة إلى جانب‬ ‫محمد الميموني و ادريس الخوري‬ ‫وعبد الجبار السحيمي‬

‫إن قارئ األدب وهو يمر بأعمال شكري سيالحظ وال شك المجهودات الواضحة التي بذلها شكري منذ البداية من أجل أن يستعمل‬ ‫الرمزية والتجريد والـتأمل ليصنع كتابة جديدة عصرية‪ ،‬وقد حقق في ذلك نجاحا ال ينكر‪ ،‬كما في قصة «التابوت» و « أشجار صلعاء» و‬ ‫«بشير حيا وميتا» و «مجنون الورد»‪ .‬إال أن محمد برادة‪،‬وهو يراقب كل ذلك‪ ،‬يقول بما يشبه األسف «لكن هذا المجهود في الكتابة‬ ‫ال يتأسس على مراجعة نقدية ألشياء الواقع المعيش فتظل القصص مشدودة إلى «واقعيتها» مكتظة بأشيائها (مثلما هو الشأن في‬ ‫قصة التابوت)»‪ .‬وربما يكون شكري قد أحس بهذه المراوحة التي ال فكاك منها حينما قال بنبرة قانطة «أهي المغامرة الحقيقية ال تتم‬ ‫إال مع لص أو مومس‪ ،‬صعلوك أو مجنونة؟»‪.‬‬ ‫وربما لهذا السبب لم يتمكن شكري من صنع رواية من نسيج مطرد ومتواشج تلعب فيه كل عناصر السرد دورها في تنامي الحبكة‬ ‫والبناء الدرامي والفني‪ .‬وظلت الشخصيات والفضاءات عنده كأنها تعمل لحسابه عند الحاجة في مشاهد تصويرية منعزلة تعيد نفسها‬ ‫وال يربطها بما قبلها أو بعدها أي رابط إال كونها تنتمي للعالم البئيس المغلق ذاته الذي يدور فيه شكري‪ .‬كما لم يستطع تحقيق رجاء‬ ‫برادة في أن يكتب عن نفس الوقائع والشخوص بكل ما فيها من غضب وإدانة واحتجاج وفضح‪ ،‬على أن يكون هو كاتبها وليس الواقع‪.‬‬ ‫وبقدر ما استمتعت‪ ،‬وما زلت كل مرة أعيد االستمتاع‪ ،‬بكتاب «غواية الشحرور األبيض»‪ ،‬إال أنني في قرارة نفسي‪ ،‬وقد ذكر‬ ‫فيه شكري كل من يخطر على البال من أدباء ومفكرين وفنانين‪ ،‬أحس وكأنني أنتظر في لحظة ما أن يذكر بوكوفسكي‪ .‬فقد كان‬ ‫بوكوفسكي آنذاك قد اشتهر وانتشر صيته في أمريكا والعالم‪ .‬ولم يكن شكري ليمر عليه سهوا أو خفافا‪ ،‬وال ليخطئ فيه ابن قبيلته‪:‬‬ ‫المزاج الحاد العكر المتقلب الغاضب نفسه‪ ،‬حضور الخمر والمومسات والحانات والتشرد والشجار والفقر والجنس الخليع والكالم النابي‬ ‫البذيء‪ .‬الحب والوالء للمدينة الواحد‪ ،‬طنجة لمن هنا ولوس أنجلس لمن هناك‪.‬أما الفرق بينهما فلم يكن يقف عند كون أحدهما مغربي‬ ‫يكتب بالعربية واآلخر أمريكي يكتب باإلنجليزية‪.‬لكنه لم يذكره‪.‬‬ ‫ويبقى علينا في جميع الحاالت أن نقف احتراما لمحمد شكري‪ ،‬واعتذارا له عن كل القساوة التي عاشها وعايشها بقلبه وعقله في‬ ‫حياة الناس‪ .‬وشكرا له على ما أضافه لرصيدنا األدبي‪ .‬لقد كان وما يزال‪ ،‬بالفعل‪ ،‬عالمة فارقة في األدب المغربي والعربي ال يمكن وال‬ ‫يجوز إنكارها‪ .‬فتح الباب واسعا للثورة على الحياء المفتعل الذي يمنعنا من رؤية خزينا وعن االعتراف َّ‬ ‫بمعذبينا ومسحوقينا الذين يعيشون‬ ‫في زبالة القاع ويقترحهم جذرا شرعيا للخيال األدبي العضوي‪ .‬وفتح لألدب حقال آخر في القاموس العاري المنسي الموصدة عليه أقفال‬ ‫النسيان والتجاهل والقمع‪ .‬وترك لنا أشياء غالية للتخصيب ال للتقليد من أجل أمجاد سريعة‪.‬‬

‫‪11‬‬

‫لحظة مرح رفقة عزالدين التازي والمهدي أخريف‬


‫الشمال الثقافي‬

‫العدد ‪1019‬‬

‫الثالثـاء ‪� 12‬إلى ‪ 18‬نـوفمرب ‪2019‬‬

‫‪12‬‬

‫يف ذكرى رحيله (‪ :)16‬محمد �شكري مل ميت!‬ ‫اجتمعت عوامل ذاتية وموضوعية‬ ‫لتجعل من محمد شكري اسما فارقا في‬ ‫سماء الكتابة األدبية العالمية‪ ..‬كتابة‬ ‫اتصفت بتعرية الجرح وتسمية الجارح‬ ‫والمجروح مع انتصاره لعالم الهامش‬ ‫والمهمشين‪.‬كتابة حملت كما هائال‬ ‫من الجرأة الصادمة بكشفها للمستور‬ ‫والمسكوت عنه‪.‬أتحدث عن فضحه لعالم‬ ‫السكر والدعارة والمجون والفقر والحاجة‬ ‫والشطط في استعمال السلطة والجنس‬ ‫المحرم مع األجانب‪...‬والكتابة بهذه‬ ‫الخلفية ال يمكنها سوى أن تجعله صديقا‬ ‫للكبار من عيار الكاتب األمريكي «بول‬ ‫بولز» الذي لعب دورا كبيرا في شهرته‬ ‫من خالل ترجمة «الخبز الحافي» لإلنجليزية بداية السبعينيات من القرن العشرين‪.‬لكن بعيدا‬ ‫عن الترجمة ‪،‬سيرته الذاتية نفسها تحمل عالميتها في ذاتها‪.‬سيرة مزلزلة ومخلخلة الطمئنان‬ ‫المجتمع المغربي لنفسه‪.‬سيرة تتمرد على سقف الكتابة البوحية الواطئة السقف وتفضح ما يوجع‬ ‫الجماعة‪:‬تفضح تجاوزات سلطة األب والرجل واضطهاد المرأة‪.‬الكتابة بهذه الخلفية لم تكن أداة‬ ‫إدانة وتعرية الجرح فقط ولكنها كانت عنده آلية لخلق توازن نفسي وخالصا منقذا له من الجنون‬ ‫واالنتحار‪..‬كتابة في غاية الجرأة إذ من النادر أن يعلن المرء على المأل ضعفه ورذيلته‪ ،‬بل وأخطاء‬ ‫فاضحة‪.‬كتابة بدون خطوط حمراء تشبه صعلكته في الحياة‪.‬إن قوة كتابات شكري ترجع لجمعها‬ ‫بين بساطة األسلوب وعمق األطروحة ولهذا بالذات توفق في إغراء القراء العاديين كما النقاد‬ ‫والمتخصصين وحملهم على تناول أعماله بالدرس والتحليل‪.‬‬ ‫إن انتصار محمد شكري للكتابة المعرية لبشاعة وجه المجتمع راجعة إليمانه بأن الكتابة‬ ‫الناعمة تسلي وال تغير‪ ..‬وهو في ذلك يتفق مع عبد الكبير الخطيبي الذي قال ذات حوار‪«:‬نحن‬ ‫نسمح للدعارة أن تكون في الشارع وال نسمح لشخصية روائية أن تعهر‪ ».‬من هنا انحاز للقاع‬ ‫واختار الهامش‪.‬كتب بجرأة صادمة حد الجرح ‪..‬ليس فقط ألنه عاش أعطاب الواقع المغربي‬ ‫في بعده العام ‪،‬ولكن لكونه عاش التشرد وأكل من القمامة وكان طبيعيا أن ال يكتب عن‬ ‫الفراشات والورود‪.‬جرح جعل من القلم في يده مشرطا يشرح به جسد المجتمع المغربي بكثير‬ ‫من الدقة والعمق والجرأة ‪..‬وجرأته راجعة ألنه لم يكن لديه ما يخسره وهذا حرره كثيرا من قول‬ ‫المسكوت عنه ‪.‬كان محمد شكري مدركا أن مجده في المستقبل ال في الماضي‪.‬لكن وإن كانت‬ ‫الكتابة قد أحيت شكري ومنحته حياة مختلفة يمكن القول –دون مبالغة‪-‬أن الخبز الحافي سيرة‬ ‫قتلت شكري تماما كما قتلت مدام بوفاري جستاف فلوبير ودون كيخوط سرفنتيس وأمثالهم‬ ‫كثير‪..‬فقلما انتبه عموم القراء ألعماله األخرى‬ ‫من قيبل‪»:‬زمن األخطاء»و»وجوه»و»مجنون‬ ‫الورد»وباقي نصوصه السردية األخرى‪...‬‬ ‫صحيح أن سيرة «الخبز الحافي» اتصفت‬ ‫بالبساطة األسلوبية لكنها اهتمت أطروحيا‬ ‫برصدها للمعاناة مخاطبة المشترك اإلنساني‪،‬‬ ‫وهنا تجسدت عالمية هذا النص ‪،‬بصرف النظر‬ ‫عن الذين يقولون عن شكري أن الصدفة‬ ‫وحدها خلقت منه حكاء وكاتبا فيما بعد‪ ..‬وذلك‬ ‫على هامش لقائه ب «بيتر بين»الذي كان‬ ‫يشتري قصص الجنس والحكايات الغريبة‪ .‬إن‬ ‫فرادة شكري تكمن في وعيه المختلف بوظيفة‬ ‫الكتابة باكرا حيث اعتبرها فعال تنويريا يضيء‬ ‫عتمة العالم وبها ينتصر على قبح الواقع‪..‬‬ ‫فإيمانه بها وصل حد القول»قد يصدق األدب‬ ‫ويكذب الواقع»‪...‬‬ ‫وكتابة مماثلة حققـــت له تصالحــا مع‬ ‫الذات وحملته على تصفية حسابه مع مجتمع ال‬ ‫يعرف سوى تنميط األفراد والتجارب المختلفة‪.‬‬ ‫مجتمع يدعي الورع وهو ليس كذلك‪..‬رهانات‬ ‫لم تألفها السير المغربية و ال العربية أمر جعلها‬ ‫سيرة ستعيش بعده طويال ومن ثم تمديدها‬ ‫لحياته ضدا على موته البيولوجي‪ .‬بالنتيجة‬ ‫خصوصية شكري ال تكمن في أنه انتصر للحرية‬ ‫وشجب الخوف والصمت والكبت بل في إعالنه‬ ‫عن ضعفه ورذيلته بكثير من الجرأة خارقا‬ ‫الطابوهات المعروفة‪..‬فهو القائل‪»:‬الكتابة التي‬ ‫تلتزم بما هو أخالقي ال تعيش طويال»‪.‬‬ ‫وتجدر اإلشارة هنا أن سيرته كتبت بلغة‬ ‫عارية من المجازات واالستعارات ليتماهى مع الصعلوك الذي كانه‪..‬سيرة مترعة بالجراح والوجع‬ ‫وكأن الوعي الكتابة عنده ينتقم من الزمن المذل‪.‬قد نتفق مع من اعتبرها أسلوبيا في غاية‬ ‫البساطة وتتماس مع التقارير الصحفية‪..‬لكنها حملت مضمونا صادمة ومستفزا‪..‬سيرة بدت‬ ‫أشبه ما يكون بشالل جارف من الرذائل قالبة موازين االتزان المجتمعي الزائف‪.‬ودوام اشتباك‬ ‫شكري بالحرام والعيب والجنس جعله دائم االصطدام بالقارئ التقليدي فضال عن المؤسسات‬ ‫المنصبة نفسها حارسة لألخالق‪ ..‬لهذه االعتبارات بالضبط رفض شكري أن يكون محايدا‬ ‫كما هي طنجة الدولية أيام االستعمار‪.‬مدينة رغم كل ما قيل عنها من تغريب بحيث جل أسماء‬ ‫مقاهيها وواجهات المحاالت تحمل أسماء غربية لكنها مع ذلك مدينة تنتصر للحرية والحياة‬ ‫‪..‬نواديها الليلية المصطفة على ساحل البحر األبيض المتوسط تعد الوافد بمغامرات ال قرار‬ ‫لها‪ .‬دون أن ننسى أنها مدينة التسامح حيث تتعايش فيها الديانات الثالث بحيث يتجاور المعبد‬ ‫بالكنيسةبالمسجد‪.‬‬ ‫على مستوى ثان يمكن اعتبار محمد شكري رمزا للتحدي‪:‬تحدي األمية والفقر والحرمان‬ ‫والمجاعة وقسوة األب والمجتمع الظالم إن لم نقل أنه رمز للمفارقة يكفي استحضار أنه الشاب‬ ‫األمي الذي صار معلما في زمن قياسي وبدأ حياته بسيرة ذاتية خالفا لما اعتاد عليه القراء حيث‬ ‫تأتي السيرة الذاتية تتويجا لتجربة طويلة في الحياة والكتابة‪.‬دون أن ننسى أنه الطفل الريفي‬ ‫سليل مغرب العمق الذي سرعان ما أتقن اللغة اإلسبانية والفرنسية قبل أن يتعلم اللغة العربية‬ ‫ألن أطفال أحياء طنجة الشعبية كانوا ينادونه «البدوي»‪ ،‬لذلك صاحب أبناء الغجر األندلسيين‬ ‫والمهمشين‪..‬ولهذا بالضبط تعلم اإلسبانية قبل الدارجة المغربية وظل متشبثا باللهجة الريفية‬ ‫إلحالتها على الجذور‪.‬بالنتيجة يمكننا القول أنه بالكتابة تحديدا انتقل من األمية للوعي ومن‬ ‫التيه لالستقرار ومن اللهجة «الريفية» للعالمية‪.‬‬ ‫تبقى قوة شكري ليس في الكتابة عن ذاته فقط ولكن عن المختلف عنه حيث أنه كان‬ ‫دقيقا في انتقاء شخوصه بل وأصدقائه إذ ليس صدفة انه اختار الناقد محمد برادة في الرسائل‬ ‫المتبادلة بينهما كي يعطي القارئ فرصة للتأمل والمقارنة‪.‬مقارنة طفل نكرة بدوي لم يتمدرس‬ ‫إال الحقا (بعد وصوله عشرين سنة)وصديق وافد لألدب من العاصمة العلمية وعائلة فاسية‪..‬‬ ‫وكأني بال وعي شكري يقول لنا أن الوصول لنفس الهدف يلزمه شيء من اإلرادة والتصميم‬ ‫حتى وإن غاب الشرط الموضوعي للتحصيل المعرفي‪ .‬وتجدر اإلشارة في هذا المقام أن شكري‬ ‫كان دائما محط خالف في حياته كما في كتاباته‪.‬فالقراءة األخالقية تقدمه على أنه كاتب إباحي‪.‬‬ ‫والقراءة االجتماعية تصوره صوت الطبقات المسحوقة والمهمشة‪.‬والقراءة النفسية تقدم أثره‬ ‫الكتابي كنزيف لجرح التشرد والضياع‪...‬وفي جميع الحاالت اختزل هذا الكاتب صفة التمرد في‬

‫• د‪ .‬محمد رمصيص(*)‬

‫وجه الجهل واألمية وانتصر على الفقر وأبى االستسالم لموته المفجع حيث كان يسخر حتى من‬ ‫السرطان قائال له‪« :‬سيندم على إصابتي أيعتقدني دجاجة»‪.‬‬ ‫ساهم اطالعه على اآلداب العالمية في شهرته إذ من المؤكد أن شكري لم يكتب سيرته من‬ ‫فراغ ويتضح ذلك من خالل وفرة االستشهادات واالقتباسات المطعمة لقوله السردي(اعترافات‬ ‫روسو‪،‬كلمات سارتر وغيرهما كثير) وتتضح هذه الخاصيات أكثر في كتابة «غواية الشحرور‬ ‫األبيض»‪.‬وإن كان هناك من الباحثين من اعتبر خاصية إكثاره من االستشهادات تروم التغطية‬ ‫على أسلوبه الصحفي ومحو صورة الكاتب الصعلوك الذي استقرت في أذهان الناس عنه‪ .‬دون‬ ‫أن ننسى دور صحبته للكتاب الكبار‪ ،‬فقد كانت صدفة لقائه بداية السبعينيات من القرن الماضي‬ ‫بالناشر اإلنجليزي «بيتر بين» والروائي األمريكي «بول بولز»نقطة فارقة في حياته‪.‬كما تعرف‬ ‫على «جان جني» و «تنيس وليامز» وعاشرهم مدد متفاوتة‪.‬وهذه األسماء ما هي إال رمز للغرب‬ ‫الشغوف بكل ما هو غرائبي في عالم الشرق الشبقي الغارق في شهواته الجنسية المفرطة‪.‬عرف‬ ‫شكري هذه الخاصية وحملهم باكرا للعب دور المتلصص ولم تكن الوسيلة في يده سوى الكتابة‬ ‫العارية والمعرية للجرح المغربي الغائر‪..‬مع التشديد هنا على أن محكياته لم تكن للفرجة ولكنها‬ ‫واقع يحاسبنا جميعا كمغاربة‪..‬واقع تعلمه المتأخر والكبت الجنسي والنفاق األخالقي واالستبداد‬ ‫السياسي والفقر الجارح الذي عاشه شكري قبل شهرته وبعدها ‪..‬‬ ‫إن قسوة حياة شكري الجارحة والكم الهائل من الخيبات واألحالم المؤجلة جعلت محكياته‬ ‫شهادة صادقة على هشاشة الكينونة في واقع معطوب‪.‬يكفي أن نعلم أن شكري أصيب بالجنون‬ ‫في حياته وأدخل مستشفى األمراض العقلية مدة معلومة وإن كنا نعتقد أن «األحمق هو الذي‬ ‫فقد كل شيء سوى العقل»‪...‬‬ ‫عاش شكري الجوع والفقر والتشرد والحاجة لكنه بالكتابة حولها إلى طاقة إيجابية‪.‬فقسوة‬ ‫العيش عند محمد شكري وصلت به إلى حدود أنه لما كان يهرب من المنزل ينام في المقابر‬ ‫كي ال يغتصبه عالم الكبار وهي مفارقة جارحة أن تأتمن على حياتك مع الموتى ال مع األحياء‪.‬‬ ‫وهذا الذي لن يغفره شكري لعالم الكبار حيث سيحاسبهم الحقا مبتدأئابسلطة األب الذي قتله‬ ‫رمزيا بالتبول على قبره‪ ،‬مرورا بمحاسبة قيم المجتمع الذكوري المزدوج الشخصية وقوفا عند‬ ‫تسكعه في جغرافيات الممنوع والملعون‪.‬يكفي استحضار أن جمعية أباء التالميذ هي التي حركت‬ ‫مسطرة منع سيرته «الخبز الحافي» ووصلت لمنعها مدة من الزمن‪..‬جمعية تترجم في أحد‬ ‫أبعادها سلطة األب الجائرة‪.‬وإن كان هذا المنع ذو حدين‪.‬أقصد أنه ساهم في شهرته ولكن‬ ‫من جهة أخرى اختزل كل منتوجاته اإلبداعية في خبزه الملعون حيث كان أطفال حواري طنجة‬ ‫ينادونه بالخبز الحافي بدل محمد شكري‪.‬ولعلها مفارقة أن الطفل البدوي الذي جاء لطنجة لم‬ ‫ينبهر بوجهها الزائف وعمل على فضح وجهها البشع بسبب افتقادها لمقومات المدينة بالمعنى‬ ‫الفلسفي العميق ‪..‬فإذا كانت مدينة أثينا وإسبارطا مثال احتكمتا لقوة األفكار في ساحة الحوار‬ ‫الفلسفي والسياسي واالجتماعي(‪)l agora‬فإن‬ ‫طنجة كانت تحتكم لسلطة المال والجاه وهو‬ ‫أمر أثر في محمد شكري كثيرا‪.‬ومع ذلك بقيت‬ ‫طنجة من المدن األكثر انفتاحا وابتعادا عن‬ ‫التطرق بالقياس للمدن المطلة على المتوسط‬ ‫كاإلسكندرية مثال التي تعرض فيه نجيب‬ ‫محفوظ لمحاولة اغتيال‪.‬كان شكري يأنسن‬ ‫مدينته وال يغالي في تصويرها فهي تماما‬ ‫كاإلنسان ليست شيطانا وال مالكا‪..‬مدينة تجمع‬ ‫بين هذا وذاك ‪،‬فردوس وجحيم تجمع بين‬ ‫وداعة النهار وشراسة الليل‪.‬‬ ‫يبقى أن نشيــر إلى أن الترجمـة مثلت‬ ‫جواز سفر لعبور الخبز الحافي للضفة األخرى‬ ‫من المتوسط بل إلى العالم بأسره‪.‬ترجمت‬ ‫إلى ‪ 39‬لغة آخرها اللغة العبرية‪.‬ترجمت أوال‬ ‫إلى اللغة اإلنجليزية على يد «بول بولز» بداية‬ ‫السبعينيات وإلى الفرنسية على يد الطاهر‬ ‫بنجلون سنة ‪ .1981‬وإلى اإلسبانية على‬ ‫يد محمد جبيلو وإن كان محمد شكري غير‬ ‫راض تماما عنها فإنها ترجمة أدخلته للجامعة‬ ‫اإلسبانية وجعلت خبزه الحافي موضوع أطاريح‬ ‫جامعيةمتعددة‪.‬‬ ‫جماليا انتسب شكري‪-‬في بداياته‪-‬‬ ‫لساللة نادرة‪.‬ساللة رواة طنجة الذين جذبوا‬ ‫الكتاب األجانب وباعوهــم حكايـات أكثرها‬ ‫مختلق لكنها آسرة من قبيل «حياة مليئة‬ ‫بالثقوب» للعربي العياشي‪:‬و«الحب بحفنة من‬ ‫الشعر»لمحمد المرابط‪..‬غير أن تفوق شكري‬ ‫على شلته تمثل في تحويل محكياته الالحقة‬ ‫ألثر كتابي بنفسه وبنفسه أساسا‪.‬صحيح جدا أنه‬ ‫جاء للسرد من خلفية شفاهية لكن بدخوله للمدرسة وإصراره على تعلم قول الذات انتقل من‬ ‫حكواتي عابر لكاتب راسخ في ذاكرة األدب العالمي‪ ..‬أمر اعتبرناه قتال رمزيا لألب الثاني «بول‬ ‫بولز» الذي حول مغامرته الشخصية «الخبز الحافي»من محكيات لسيرة ذاتية ‪.‬وفي ذات االتجاه‬ ‫يمكن فهم فضح شكري ألسرار» بول بولز»الشخصية وحياة زوجته «جين»‪...‬بكلمة واحدة كان‬ ‫شكري مغرما بقتل آبائه الرمزيين دون الحديث عن القتل الرمزي لألب البيولوجي‪.‬‬ ‫نخلص إلى أن فكرة األمي الذي صار كاتبا بها الكثير من الجاذبية وإن كانت فكرة تخفي‬ ‫خلفها الكثير من الوجع والفجيعة‪..‬فمحمد شكري كاتب صادق حد الجرح وواضح حد التعمية‬ ‫ومطمئن حد اإلزعاج‪.‬توفق في خلخلة عالقة الكتابة بالواقع والسيرة بالفضح‪..‬خاصيات جعلت‬ ‫البنية الذهنية للثقافة التقليدية رافضة له‪..‬تقابالت مفارقة‪ ،‬فبذات القدر الذي أضرت به‬ ‫ساعدته‪.‬فهو المسرف في تمجيد الذات والبوح كان طبيعيا أن يصطدم بمجتمع يقدس الجماعة‬ ‫والكتمان‪.‬كاتب أثبت بالملموس أن الفقر والمعاناة ليسا مبررا لعيش الفشل بقدر ما هي عوامل‬ ‫مستفزة لبذل مجهود أكبر ليستحق الفرد حياة أفضل‪..‬‬ ‫بعد كل هذا الزخم من الحراك يمكننا طرح السؤال التالي‪:‬هل يمكن القول أن محمد شكري‬ ‫مات في ذكرى رحيله ‪ 16‬؟وهل يموت الكتاب الحقيقيون أم أن كتاباتهم تجعلهم خالدين في‬ ‫ذاكرة التاريخ؟في الواقع بالكتابة يتم تلطيف عبثية الحياة وضجر الواقع‪.‬بل بالكتابة نلطف‬ ‫من الطابع التذمري للموت‪.‬صحيح جدا أن اإلنسان مخلوق متناه وعابر لكن عظمة تتمثل في‬ ‫تقبله لوضعه اإلنساني المحدود في الزمان والمكان‪ .‬وبكلمة واحدة يمكننا القول ‪:‬بالكتابة‬ ‫يشبع الكتاب الموت حياة‪...‬إن سواد حبر كتابات الميت يعيد الحياة ألوراقه كلما قرأنا أثره بدفء‬ ‫وتفاعل‪...‬وكتابة مماثلة تعد في العمق لعب مع الموت‪،‬سخرية من الزمن‪ ،‬هزء من الرحيل‬ ‫األخير‪..‬إقامة في اللغة وسباق مع الوقت اآلتي‪.‬بل إن الكتابة على طريقة شكري تتوفق في‬ ‫إسماعنا ذاك اآلخر الموجود في دواخلنا وقلما ننتبه له‪ ..‬كتابة لها ثمنها الخاص‪،‬تقتات من دم‬ ‫وسمعة الكاتب ألنها فعل فردي ال يقبل النيابة أو الوكالة‪ ..‬كتابة بقدر ما تصالح الكاتب مع ذاته‬ ‫تسائل جرح الموت وترفع عنه صفة السر الغامض بل وتتحدى قدريته‪..‬‬

‫شكري رفقة محمد عزالدين التازي‬ ‫وعبد اللطيف البازي‬

‫‪----------‬‬‫(*) ناقد أدبي مغربي‪.‬‬ ‫‪ -‬ملحوظة‪:‬مات شكري منتصف شهر نونبر ‪2003‬‬

‫مقطع من رواية‬ ‫«معجم طنجة»‬ ‫• محمود عبد الغني‬ ‫هناك اسم قديم لمدينة «طنجة» ظل محمد شكري يفضله عن‬ ‫اإلسم الحديث‪ .‬المباني القديمة األوروبية الطراز‪ ،‬والمقاهي‪ ،‬والمدافع‬ ‫العتيقة على األسوار‪ ،‬واألسواق‪ ،‬واألحياء القديمة‪ ،‬والمطاعم‪ ،‬والرسائل‬ ‫التي تصل من العالم أجمع‪ ،‬مثل ُ‬ ‫الكتّاب‪ ،‬هي ما يبقيه في «طنجيس»‪.‬‬ ‫مدن عديدة سميت لألشجار الموجودة فيها‪« .‬بانكوك» هي «بان»‬ ‫مدينة‪ ،‬و»كوك» هي الزيتون‪ ،‬أي مدينة الزيتون‪ ،‬وقد سميت كذلك‬ ‫بسبب أشجار الزيتون الموجودة فيها بوفرة‪ .‬وهناك مدينة سميت‬ ‫«مدينة المالئكة» دون معرفة الداعي إلى تسميتها كذلك‪ .‬وطنجة‬ ‫سميت عن الطين الذي حملته الحمامة التي حطت على سفينة نوح‬ ‫حين رست بالخطأ على الشاطئ‪« :‬طين جا»‪ ،‬أي «جاء الطين»‪ ،‬كناية‬ ‫عن اليابسة القريبة‪ .‬يابسة النجاة لمركب نجا من الطوفان العظيم‪.‬‬ ‫أما بشرة أهل طنجيس البيضاء الصافية فراجعة إلى وجود‬ ‫بحرين متألقين يحيطان بها مثل وشاح مائي متأللئ‪ .‬وحتى األشجار‪،‬‬ ‫وهي أجمل تحف المدينة‪ ،‬تبدو أوراقها صافية اللون وشفافة كأنها‬ ‫نبتت ونمت في الظل‪ .‬وإن قارن المرء بين ناس وأشجار مدن الجنوب‪،‬‬ ‫األشجار هنا والنخيل هناك‪ ،‬فإنه سيقف بإعجاب أمام بياض طنجيس‬ ‫وبين لون الجنوب الذي يميل إلى لون الحداد‪ .‬لكن في الليل تُترك‬ ‫مدن الجنوب للشموع تضيء البيوت من الداخل‪ ،‬فيما القمر يتكلف‬ ‫بإضاءة الخارج دون أن تمنعه أشجار النخيل من الوصول إلى الرؤوس‬ ‫المتجولة بحثا عن نسمة هواء‪.‬‬ ‫لكن ما ال يستطيع المرء مقارنته هو تلك األعمدة التي تستند‬ ‫عليها طوابق المباني األوروبية‪ .‬والتي عندما يُسدل ستار الليل‪،‬‬ ‫وتُضاء المصابيح على قمم األعمدة‪ ،‬تظهر المدينة في لبوس معبد‬ ‫بوذي أرجواني اللون يبوح بأسراره ألرواح الخ ّلص ما أن تُضاء أول‬ ‫شمعة‪ .‬تتعدد صور الحياة‪ ،‬وتتنوع نغمات الكون‪ ،‬فتصبح المدينة لوحة‬ ‫ذات ألوان مغايرة أللوان الساعات السابقة‪ .‬هذا ما يعرفه أهل طنجيس‬ ‫والوافدون عليها من القرى واألرياف والمدن األخرى‪ ،‬مكان يتغير دون‬ ‫إشعار مسبق‪ ،‬وناس النهار مختلفون عن ناس الليل‪.‬‬ ‫هناك رجال هربوا إلى المدينة دون أن يعرف مطاردوهم إلى‬ ‫أين اتجهوا‪ .‬فثغور طنجيس ال تفضح الهارب‪ .‬يختبئون حتى تختفي‬ ‫آثارهم وفجأة يخرجون من بقايا الرماد‪ .‬هناك رجال هربوا منها دون‬ ‫معرفة مصائرهم بعيدا عنها‪ ،‬هربا إلى بحار خصوبة شاسعة وغير‬ ‫محدودة‪ :‬أميركا‪ ،‬أوربا‪ ...‬وبقوا من بعيد‪ ،‬اللهم بعض االقترابات‬ ‫النادرة والمتفرقة‪ ،‬يشهدون نهاياتها وتشرذمها وتيهها الجهنمي‪،‬‬ ‫الذي تذهب إليه طنجيس بطيب خاطرها‪ .‬فقد دخلت لعبة تناسخ‬ ‫هائلة مع مدن عربية أخرها قررت إنهاء حياتها على األرض‪ .‬فكانت‬ ‫روح طنجيس تذهب نحو تلك المدن المنهارة‪ ،‬وحين ال يتم السماح‬ ‫لها بالذهاب تستدعيها سريا‪ ،‬ألنها على وعي تام بأنها تستدعي‬ ‫االنهيار إلى حضنها‪ ،‬والمحير أن هناك دائما حلما يتراءى لها‪ .‬وبعد‬ ‫الحلم يسود صمت طويل‪ ،‬وتردد غير مفهوم‪ ،‬وارتجاجات تهدد كل‬ ‫شيء بالسقوط‪.‬‬ ‫كانت كل السفن التي تأتي إلى مينائها‪ ،‬تتحول عند اقترابها‬ ‫إلى هياكل سوداء بفعل السُدم التي تغشى عرض البحر‪ .‬بحرها‬ ‫الذي يقدسه الصيادون والشعراء والرسامون والفالسفة والمؤرخون‬ ‫والموسيقيون‪ .‬بحرها هذا يتحول في لحظات شديدة الكثافة إلى جرعة‬ ‫ماء في أيدي القراصنة‪ .‬وما أن تدفع تلك السفن الموجات بقوة لتنكسر‬ ‫على الشاطئ‪ ،‬أو على أحجار وحواجز الميناء‪ ،‬حتى تفوح روائح خانقة‪،‬‬ ‫وتنتشر مياه سوداء ال يُعرف مصدرها‪ .‬ربما هي بقايا ذلك الطين الذي‬ ‫حملته الحمامة في رجليها إلى مركب نوح‪.‬‬ ‫تختفي النوارس التي كانت تحلق منخفضة‪ .‬فيعرف أهل المدينة‬ ‫أن السفن قادمة لنشر أشياء كثيرة تضم اللغات والسلع والرسائل‬ ‫والكتب والمهاجرين والفارين واألمراض القاتلة‪ ،‬تماما كما كانت‬ ‫تحكي األساطير القديمة‪ .‬فهل تقدر طنجيس على استدعاء األساطير‬ ‫القديمة‪ ،‬وتكرار عيشها؟‬


‫العدد ‪1019‬‬

‫الثالثـاء ‪� 12‬إلى ‪ 18‬نـوفمرب ‪2019‬‬

‫‪13‬‬

‫التحوّل الجنسي‬

‫(‪)2/2‬‬

‫حوار مع الروائية والطبيبة‬

‫فاتحة مرشيد‬ ‫تضع الرواية أمامنا تساؤالت فلسفية‬ ‫حول مفهوم الذكورة واألنوثة‪ ،‬الجنس والجندر‬

‫‪ ‬أريد أن أسألك عن ردود المتلقي العربي بعد بضعة أشهر من صدور الرواية من خالل‬ ‫لقاءاتك المباشرة مع القارئ‪ ،‬أو من خالل وسائط التواصل الحديثة‪ ،‬خصوصاً فايسبوك وتويتر‪.‬‬ ‫كيف تقرأ فاتحة مرشيد ردود القراء‪ ،‬خصوصاً أننا ننتمي إلى مجتمعات عربية محافظة على‬ ‫األقل ظاهرياً؟‬ ‫ـــــ قد أفاجئك لو قلت بأنه ليس لديّ ال تويتر وال فايسبوك شخصي‪ ،‬والصفحة التي تحمل‬ ‫اسمي إنما فتحها قرائي‪ ،‬وأنا أشكرهم على كرم اهتمامهم‪ .‬أما اللقاءات المباشرة التي كانت‬ ‫لي مع طلبة الجامعة‪ ،‬خصوصاً شعبة العلوم االجتماعية‪ ،‬و«جمعية أصدقاء الفلسفة»‪ ،‬فقد‬ ‫خلفت لديّ إحساساً رائعاً بتعطش شبابنا لكتابات تتجاوز لغة الخشب‪ ،‬وتخوض بصدق وحرية‬ ‫في ظواهر يعرفونها ويصادفونها في حياتهم اليومية‪ ،‬ولكن ال أحد يجرؤ على الخوض فيها‪.‬‬ ‫إنه شباب العولمة واالنترنت الذي تفتحت عيونه وعقوله على ما يجري في العالم‪ ،‬ولم يعد‬ ‫يطيق هذه السكيزوفرينيا التي يفرضها عليه المجتمع‪ .‬لقد كانت أسئلة القراء خالل اللقاءات‬ ‫ذكية وفي مستوى عال من الدقة والفضول المعرفي‪ ،‬وتفوق في جرأتها كل توقعاتي‪ .‬واتضح‬ ‫لي أن مفهوم الجرأة نسبي وهو يتقلص كلما تفتحت عقولنا واتسعت زوايا نظرنا إلى العالم‪،‬‬ ‫ألن الجهل باألشياء يؤدي حتماً إلى الخوف منها وبالتالي محاربتها‪ .‬ومعاناة العابرين جنسياً‬ ‫مضاعفة‪ .‬فعالوة على كونهم يعيشون في جحيم يدفع الثلثين إلى محاوالت االنتحار جراء‬ ‫هذا االنفصام الذي ال يطاق بين أجسادهم وأرواحهم‪ ،‬هم كذلك ضحايا خوف المجتمع من‬ ‫االختالف‪ ،‬وهو طبعاً خوف عن جهل‪.‬‬ ‫‪ ‬جاء في ظهر الغالف على لسان الشخصية أن األمل ليس هو‬ ‫الحياة بل الرغبة‪ ،‬كيف ذلك؟ وهل الرغبة تقيّد اإلنسان أم تحرّره؟‬ ‫ــــ أجل األمل انتظار والرغبة حركة‪ .‬اآلمال ال تصنع المعجزات‪،‬‬ ‫الرغبات هي التي تصنع المعجزات ألن اإلرادة وليدة الرغبة ال‬ ‫األمل‪ .‬أما عن الرغبة التي قصدتها في العنوان «انعتاق الرغبة»‪،‬‬ ‫فهي الرغبة التي قال عنها الفيلسوف سبينوزا بأنها جوهر اإلنسان‬ ‫وماهيته‪ ،‬والرغبة التي قال فيها سرفانتس «أنا أحيا برغبتي في‬ ‫الحياة»‪ .‬الرغبة التي أقصد هي الرغبة في الحياة‪ ،‬وهي الرغبة‬ ‫األساسية‪ ،‬ألنه ال حياة من دون الرغبة فيها‪ .‬ومنها طبعاً تتناسل‬ ‫باقي الرغبات‪.‬‬ ‫بهذا المفهوم‪ ،‬فالرغبة التي جاءت في الرواية هي التي تحرّر‬ ‫اإلنسان‪ ،‬لكن عليه أن يحرّرها أو ًال‪ ،‬ألن المجتمع العربي بمعتقداته‬ ‫وسلطاته يقيّد رغبات الفرد‪ ،‬لكن األسوأ هو عندما يقيد الفرد‬ ‫رغباته بنفسه‪ ،‬ويعيش لآلخرين ويستبدل رغباته برغباتهم‪ ،‬ألن‬ ‫«األسوأ ليس أال ننتظر شيئاً من أحد‪ ،‬ولكن أال ننتظر شيئاً من‬ ‫أنفسنا» كما جاء في الرواية‪.‬‬ ‫‪ ‬يالحظ القارئ تأثير الطب على مجمل أعمالك‪ ،‬كموضوع‬ ‫الموت الرحيم في رواية «الحق في الرحيل» على سبيل المثال ال‬ ‫الحصر‪ .‬كيف بنيت جسراً بين الطب واألدب؟ ومن أين جاءت فكرة‬ ‫موضوع العبور الجنسي في رواية «انعتاق الرغبة»؟‬ ‫ــــ الروائي والمبدع عموماً يستفيد من تجاربه الخاصة‪ ،‬والطب‬ ‫بالنسبة إليّ ليس مجرد مهنة‪ .‬إنه تجربة حياتية تنغرس في قلب‬ ‫اإلنساني‪ .‬وهو كذلك فن في مفترق علوم شتى كما يقال‪ .‬كطبيبة‬ ‫ٍ‬ ‫أطفال حصل أن شخّصت حاالت التباس في األعضاء الجنسية عند‬ ‫بعض المواليد‪ ،‬ما يعرف بالتشوهات الخلقية الجنسية وهم الذين‬ ‫نسميهم بالخنثى‪ .‬فهم بين األنوثة والذكورة‪ ،‬وهذه حاالت اعتنى‬ ‫بها الطب نوعاً ما والدين كذلك في ما يخص اإلرث مث ً‬ ‫ال‪ .‬لكن‬ ‫هؤالء المواليد الذين يتدخل الطب باكراً في حياتهم ويصحح‬ ‫جنسهم في اتجاه أو في آخر‪ ،‬هل هذا التصحيح سيتماشى الحقاً مع‬ ‫إحساسهم الداخلي عندما سيصبحون بالغين وستكون لهم حياة‬ ‫جنسية؟ هل سيعكس هويتهم الجنسية أو ما يسمى بالجندر؟‬ ‫هنا يُطرح السؤال‪ ،‬وهذا هو السؤال األولي الذي تولدت عنه‬ ‫أسئلة أخرى جعلتني أكتشف مثل السارد في الرواية ـــ وفي غياب‬ ‫اهتمام مقررات كليات الطب بالموضوع ـــ فظاعة جهلي بعالم األقليات الجنسية‪ .‬إن كان‬ ‫الطب قد اهتم بحاالت الخنثى‪ ،‬فذلك ألن البيولوجيا قد ساعدت على هذا األمر بجعل حالتهم‬ ‫ظاهرة للعين المجردة‪ .‬لكن األمر يختلف بالنسبة لهؤالء الذين ال يعانون من أدنى التباس في‬ ‫أعضائهم الجنسية‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬هناك التباس من نوع ثان‪ ،‬بل انفصام بين أجسادهم وأرواحهم‬ ‫أو أنفسهم‪ .‬هذا ما دفعني للقيام ببحث في الموضوع لمدة سنتين‪ّ ،‬‬ ‫شكل نواة هذه الرواية‪.‬‬

‫الدار البيضاء في السبعينيات والثمانينيات‬ ‫كانت قبلة للعابرين والمتحولين جنسياً‬

‫‪ ‬لم تقتصر الرواية على حالة العور الجنسي‪ ،‬بل نجد تعريفاً بعالم األقليات الجنسية ككل‪.‬‬ ‫لماذا هذا االهتمام؟ وإلى أي انعتاق تسعى هذه الرواية؟‬ ‫ً‬ ‫أن هناك جه ً‬ ‫ً‬ ‫ من السهل مالحظة ّ‬‫ال بعالم األقليات الجنسية وخلطا كبيرا بين أنواعها‪،‬‬

‫ليس فقط في مجتمعنا العربي‪ ،‬وهذا الخلط يؤدي إلى أشياء مؤلمة‪ :‬مث ً‬ ‫ال في إيران التي‬ ‫تُعنى بالمتحولين جنسياً‪ ،‬بحيث تؤدي الدولة نصف تكاليف عمليات تغيير الجنس لكل عابر‬ ‫جنسي‪ .‬تجبر المثليين على تغيير جنسهم للعيش بأمان (تفادياً لعقوبة اإلعدام) مع أنهم ليسوا‬ ‫متحولين جنسياً‪ ،‬وهم راضون كل الرضى عن هويتهم الجندرية‪ .‬كل هذه األقليات الجنسية‬ ‫تعاني من خوف المجتمع من االختالف‪ .‬فهل يحق ألحد أن يعاني‬ ‫إرضا ًء لآلخرين؟ هذا هو السؤال الذي حاولت الرواية اإلجابة عنه‬ ‫بتقديم شخوص رفضوا لعب دور الضحايا‪ ،‬بحيث كل واحد من‬ ‫الشخوص الرئيسية للرواية خاض رحلة انعتاق ونجح فيها‪.‬‬ ‫عز الدين انعتق من جسد ال يعكس هويته الجندرية‪ ،‬فريد‬ ‫انعتق من ماضيه ومن زواج كبّله ومن األحكام المسبقة‪ ،‬وفادية‬ ‫كانت امرأة شجاعة انعتقت من ماضيها وقررت مصيرها بنفسها‪.‬‬ ‫على العموم‪ ،‬كل ما أتمناه هو أن تسهم هذه الرواية في كسر‬ ‫الصورة النمطية المُكرّسة في وعي الناس عن األقليات الجنسية‪،‬‬ ‫وفي تبديد بعض الجهل بمعاناة هذه األقليات التي ليست سوى‬ ‫وجه من وجوه إنسانيتنا المتعددة‪.‬‬ ‫‪ ‬تبدين أيضاً مشغولة في كتاباتك بالمسألة الوجودية‪ .‬يتخلل‬ ‫السؤال معظم أعمالك‪ .‬لكنك ال تبحثين عن أسباب وجود الكائن‬ ‫ّ‬ ‫يتشكل األمر لديك على شكل تأمالت وأسئلة تتولد‬ ‫البشري‪ ،‬بل‬ ‫عنها أسئلة أخرى‪ .‬رواية «التوأم» نموذجاً‪ .‬هل على الروائي أن‬ ‫يكون فيلسوفاً أيضاً؟‬ ‫ـــ الرواية تجربة إنسانية إبداعية وفكرية تستفيد من كل‬ ‫المجاالت المعرفية‪ .‬وعالقة األدب بالفلسفة عالقة في توطد‬ ‫مستمر‪ .‬لقد استفاد األدب باختالف أجناسه من الفلسفة واكتسب‬ ‫عمقاً أكثر‪ ،‬كما استفادت الفلسفة من األدب لتبسيط مفاهيم‬ ‫معقدة ونشرها على نطاق أوسع‪ .‬فما خلفه نيتشه من شعر ونثر‬ ‫قرّبنا من فلسفته أكثر‪ ،‬كما أن مسرحيات وروايات جان بول سارتر‬ ‫وألبير كامو جسدت بجمالية مفاهيم الفلسفة الوجودية‪ .‬الرواية‬ ‫لها قدرة هامة على التبليغ ألنها تخاطب انفعاالت كونية عند‬ ‫المتلقي‪ ،‬واالنفعال يجعلنا أكثر قابلية لالستقبال ألنه «كي تخاطب‬ ‫العقل‪ ،‬عليك أو ًال أن تالمس القلب»‪ .‬لهذا‪ ،‬ال شك عندي في‬ ‫كون الخلفية الفكرية ترقى بالعمل اإلبداعي‪ ،‬ومتعة القارئ تكون‬ ‫مضاعفة عندما ينتهي من قراءة رواية ما ويحس بأنه قد كبر حسياً وفكرياً‪.‬‬ ‫‪« ‬كتبتُ الرواية‪ ،‬لكنّي شاعرة قبل أي شيء»‪ .‬هذا ما صرّحتِ به مرة‪ .‬هل األسبقية للشعر‬ ‫هنا مسألة كرونولوجية فحسب أم فيها تفضيل لجنس أدبي على آخر؟‬ ‫ الشعر ليس مجرد كلمات ننسج منها قصائد‪ .‬إنه طريقة عيش وفلسفة حياة‪ .‬بهذا‬‫المفهوم أقول إنني شاعرة قبل أي شيء‪ ،‬شاعرة في الشعر وفي الرواية وفي الحياة وحتى أثناء‬ ‫ممارستي لمهنة الطب‪ .‬وليست لدي أدنى مفاضلة بين األجناس األدبية‪ .‬كلها تعبير عن الوجه‬ ‫الجميل إلنسانيتنا‪.‬‬

‫(انتهى)‬


‫العدد ‪1019‬‬

‫الثالثـاء ‪� 12‬إلى ‪ 18‬نـوفمرب ‪2019‬‬

‫‪14‬‬

‫رتيمة المودع وتعلة القلب المتصدع‬ ‫كلمة وفاء بقلم ‪ :‬محمد ‪.‬ب ‪ .‬الحسني ‪ /‬جرسيف ‪ /‬المغرب ‪.‬‬ ‫لِهي ‪ ،‬وأفزعني ما قد نزل ‪ ،‬فهرعت إلى خزانة كتبي ‪ ،‬ألبحث‬ ‫جاء نعي موالتي السيدة الموقرة الدكتورة ثريا ِ‬ ‫عن صورة شمسية جمعتني بفضيلتها ‪ ،‬وطفقت أغلغل النظر‪ ،‬وما زلت أعود بالذاكرة إلى يوم ‪ 30‬شتنبر ‪2004‬‬ ‫م ‪ ،‬حتى تبعق في الصدر حزاز من الحزن حامز ‪ ،‬فما لبثت أن قلت ‪ :‬كيف صارت هذه الفاضلة اليوم ‪ ،‬رهينة أحجار‬ ‫وتراب ‪ ،‬وقد كانت باألمس صوالة في محافل العلم ‪ ،‬قوامة على ساحة التراث ‪ ،‬سباقة إلى إذاعة نفائسه ‪.‬؟ !!!‬ ‫نعم وأجل ‪ ،‬لقد كانت موالتي الراحلة الدكتورة ثريا لهي ‪ ،‬من الهمة العالية ‪ ،‬بحيث وجدت لنفسها‬ ‫موطئ قدم بين األفذاذ والرجال الراسخين في الدراسات األندلسية ‪ ،‬ممن يندون عن الحصر ‪ :‬أعد منهم وال‬ ‫أعددهم‪ :‬موالنا الراحل الشيخ عبد السالم الهراس ‪ ،‬والعالمة المحقق الراحل الشيخ محمد بن شريفة ‪ ،‬والبحاثة‬ ‫الراحل الشيخ عبد القادر زمامة ‪ ،‬وفارس الميادين الشيخ العميد الدكتور عباس الجراري ‪ ،‬والشيخ المستشار‬ ‫الدكتور محمد الكتاني ‪ ،‬وموالنا البروفيسور الدكتور مصطفى الغديري ‪ ،‬وبقية العقد النضيد من أعالم الدرس‬ ‫والتحقيق ‪.‬‬ ‫لقد تقحمت موالتي ‪ -‬عليها الرحمة ‪ -‬الدكتورة ثريا لهي ‪ ،‬ميدان تراث الغرب اإلسالمي‪ ،‬وما وهنت وال‬ ‫قصرت وال تهيبت وال توانت ‪،‬فأعدت رسالتها لنيل دبلوم الدراسات العليا ‪ ،‬وأختارت أن تجمع ما تفرق من‬ ‫األخبار واآلثار عن سيرة ومسيرة العالم الفذ أبي الربيع سليمان بن موسى الكالعي األندلسي المتوفى شهيدا‬ ‫سنة ‪ 634‬ه‪ ، -‬وكان أكثر ما شدها إلى سيرة هذا العالم هو ( شخصيته التي جمعت بين العلم واألدب والتاريخ‬ ‫والبالغة ‪ ،‬وحياته التي قرن فيها القول بالعمل )‪...‬وهو عمل أخذت له فضيلتها أخذه ‪ ،‬حتى استوى على سوقه‬ ‫واستحصد ‪ ،‬فرشحه العالمة الراحل موالنا محمد بن شريفة ‪ ،‬للمناقشة العلنية الجامعية ‪ ،‬بتاريخ ‪ 06‬يونيو‬ ‫‪1986‬م ‪ ،‬وكان ثناء اللجنة العلمية على عملها عظيما ‪ ،‬بحيث تولت وزارة األوقاف والشؤون اإلسالمية ‪ ،‬مهمة‬ ‫طبعه ‪ ،‬بأمر من صاحب الجاللة أمير المؤمنين الحسن الثاني ‪ -‬قدس اهلل سره ‪ ، -‬بتاريخ ‪1994‬م‪.‬‬ ‫وإذا كان البد من تعليق على عمل موالتي المرحومة الدكتورة ثريا لهي ‪ ،‬فهو أنها بلغت الغاية في‬ ‫استقصاء دقائق حياة أبي الربيع الكالعي ‪ ،‬فقد تدسست في ضمائر الوثائق والمهارق ‪ ،‬فأنطقتها بما تكتم ‪،‬‬ ‫ونسجت عنه ترجمة بحياته وآثاره ‪ ،‬فأشرفت بها على نهاية اإلحسان ‪ ،‬ذلك بأنها أنضجت عملها على نار هادئة‬ ‫‪ ،‬فكان طبعيا أن تأتي رسالتها أصفى من مرآة الغريبة !!!‬ ‫لقد أربى عليها عملها هذا فوائد جمة ‪ ،‬ذلك بأنها خبرت حياة أبي الربيع الكالعي في كل أطوارها ‪،‬‬ ‫وتمرست بمسالك القول لديه في كل ماكتب ‪ ،‬مخطوطه ومطبوعه ‪ ،‬فرضيت أن ترابط على هذا الثغر العلمي ‪،‬‬ ‫فنظرت إلى أوضاع أبي الربيع الغميسة الدريسة ‪ ،‬لتنتقر منها ما يرشحها لنيل شهادة العالمية ‪ /‬دكتوراه الدولة‪،‬‬ ‫فرضيت كتابه المخطوط الموسوم ب‪( :‬جهد النصيح وحظ المنيح من مساجلة المعري في خطبة الفصيح ) ‪.‬‬ ‫لقد اختارت عالم المخطوط ‪ ،‬وهو ميدان شاق عصيب ‪ ،‬أتاه قوم على غرة ‪ ،‬وراموا الفالح ‪ ،‬فعز الوصول!!!‬ ‫ولكنها احتشدت له االحتشاد الضروري ‪ ،‬فطافت وأكثرت التطواف ‪ ،‬في خزائن الكتب العالمية ‪ ،‬وانتهت من‬ ‫تسيارها بالحصول على ثالث نسخ خطية نفيسة للكتاب ‪ ،‬كانت أوالها من المكتبة الوطنية التونسية ‪ ،‬والثانية‬ ‫بدار الكتب القاهرية المصرية ‪ ،‬والثالثة األخيرة من استمبول التركية ‪.‬‬ ‫لقد جاءت فضيلتها إلى ساحة الكتاب العربي المخطوط ‪ ،‬تحدوها الرغبة الصادقة في تقديم مادة علمية‬ ‫محررة مبرأة من كل ألوان الفساد ‪ ،‬فكان طبعيا أن تجد نفسها رهينة محبسين ‪ 1- :‬محبس الصنعة التحقيقية‪،‬‬ ‫بما يجمعه من تقنيات تحقيقية يأخذ بعضها برقاب بعض ‪ :‬كالموازنة بين النسخ ‪ ،‬والتوثيق ‪ ،‬والتعليق ‪،‬‬ ‫والتخريج ‪ ،‬والفهرسة ‪ 2- ...‬ومحبس إتقان الفنون العلمية المتنوعة التي يحتشد بها المحقق لعمله ‪.‬‬ ‫وانطلقت موالتي الراحلة الدكتورة ثريا لهي ‪ ،‬ممتلئة حرصا ‪ ،‬وتقلبت بها األيام أطوارا وأدوارا ‪ ،‬والسعي‬ ‫يمنحها طورا ‪ ،‬ويعاصيها آونة ‪ ،‬وما كان اهلل ليخلق مخلوقا يضيعه ‪ ،‬فقد يسر لها اهلل سبل إكمال عملها العلمي‬ ‫األكاديمي على النحو األمثل األكمل ‪ ،‬فرشحها العالمة محمد بن شريفة هذه المرة أيضا ‪ ،‬لتمثل أمام لجنة‬ ‫علمية من كبار رجال التحقيق ‪ ،‬وهم العالمة المستشار الشيخ محمد الكتاني ‪ ،‬وعالمة سوريا الشيخ عزة حسن‪،‬‬ ‫والفحل الشيخ محمد بنشقرون ‪ ،‬وهي لجنة قوية ‪ ،‬شاء ربك أن تجتمع يومئذ لتجمع على جودة عمل الباحثة ثريا‬ ‫لهي ‪ ،‬فنالت شهادة العالمية ‪ /‬دكتوراه الدولة بمرتبة ‪ :‬حسن جدا ‪ ،‬بتاريخ ‪ / 04 :‬يونيو ‪ 1991 /‬م ‪ ،‬ثم تولت‬ ‫جامعة محمد الخامس بالرباط ‪ ،‬مهمة طبع عمل الباحثة ‪ ،‬بما هي مبادرة ‪ ،‬تشي بتقدير مستحق ‪ ،‬يجدر بجامعة‬ ‫عريقة عتيدة أن تقابل به عمل باحثة من حجمها ‪.‬‬ ‫وليس باب التعليق هنا بأضيق ‪ ،‬فمما يحسن تسجيله ‪ :‬أن الباحثة ترثا لهي ‪ ،‬كانت على جانب من الحكمة‬ ‫عظيم ‪ ،‬حينما التزمت دائرة واحدة في مسيرة البحث ‪ ،‬وهي دائرة أبي الربيع الكالعي ‪ ،‬فسلمت مما وقع فيه‬ ‫آخرون من التنقل بين دوائر البحث المتفاوتة المتباعدة ‪ ،‬والتي قد تستنزف الباحث ‪ ،‬وتحرمه من الوقوف على‬ ‫أسرار الموضوع الواحد ‪،‬والتهدي إلى دقائقه ومشكالت مسائله ‪ ،‬ذلك بأن (معرفة اإلشكال علم في نفسه ) ‪،‬‬

‫كما قرر اإلمام القرافي في فروقه ‪ !!!.‬وثاني جوانب الحكمة لديها ‪ ،‬هو إيمانها ‪ ،‬بأن تراث الغرب اإلسالمي ‪ ،‬يلزم‬ ‫أن ينهض به ‪ ،‬وينهد إليه أبناء الغرب اإلسالمي ‪ ،.‬وهو ما كان قد دعا إليه ‪ -‬في إطاره القومي األوسع ‪ -‬موالنا‬ ‫الراحل المقيم الشيخ العالمة الدكتور أمجد الطرابلسي ‪ ،‬حينما نصح طالئع البحث العلمي من المغاربة أن‬ ‫يسهموا هم ( أنفسهم في إحياء هذا التراث ‪ ،‬ألنه تراثهم ‪ ،‬وال ينتظروا غيرهم ليحيوه بدال منهم ) ‪ ،‬وإذ أسارع‬ ‫هنا ‪ ،‬ألسجل أن هذا التوجيه ‪،‬الذي نقله عنه تلميذه النجيب الدكتور محمد عبد الالوي ‪ ،‬توجيه يشي ببصر علمي‬ ‫سديد حديد ‪ ،‬فإني أطرب لمشايعته ‪ ،‬أوليس صاحب البيت هو األدرى بما فيه ؟ !!‬ ‫ولم يكن ولع موالتي ثريا لهي ‪ ،‬بتراث أبي الربيع ‪ ،‬ليقف عند هذا المدى ‪ ،‬بل عادت في بحر سنة ‪1993‬م‬ ‫لتتعاهد رائية أبي الربيع الكالعي ‪ ،‬بالتحقيق والدراسة والنشر ‪.‬‬ ‫هذه قبسة من قبسات العجالن ‪ ،‬بل هو حسو كحسو الطائر ‪ ،‬أطلعنا على صفحة مضيئة من صفحات‬ ‫مسيرتها العلمية األكاديمية ‪.‬على أنها شفعت كل ذلك بتجريب الكتابة اإلبداعية ‪ ،‬ومما وقفت عليه منها ‪،‬‬ ‫كتابها الموسوم ب ‪( :‬محطات في حياة امرأة ) ‪ ،‬وهو عمل يقع من السرد في الصميم ‪ ،‬وأزعم أن به ما به من‬ ‫النفس األوتوبيوغرافي ‪ .‬ولعل مقام البكاء هنا ال يسمح بالتفصيل ‪ ،‬وبحسبي أن يكون األرب اإللماع ‪ ،‬إلى ما‬ ‫بين هذا الكتاب ‪ ،‬وبين كتاب أختها الراحلة عائشة بنت الشاطئ الموسوم ب (صور من حياتهن) ‪ ،‬من أواصر‬ ‫القربى !!!‬ ‫وتخرج على يديها ‪ ،‬لواء ظافر من الباحثين ‪ ،‬استناروا بتوجيهاتها ‪ ،‬فأخرجوا أعماال علمية قيمة ‪ ،‬أذكر منها‬ ‫‪ ،‬رسالة األستاذ الدكتور المهدي لعرج ‪ ،‬الموسومة ب‪( :‬بناء األرجوزة وجماليتها في الشعر العربي القديم ) ‪ ،‬التي‬ ‫نوقشت بآداب الرباط يوم اإلثنين ‪ /15‬أكتوبر ‪ 2003 /‬م ‪ ،‬بعضوية لجنة علمية قوية ‪ ،‬انتظم فيها معالي الشيخ‬ ‫الدكتور حسن األمراني ‪ ،‬والعروضي الالمع الشيخ الشاعر محمد علي الرباوي ‪ ،‬وأختها الدكتورة نعيمة مني ‪،‬‬ ‫والدكتور موالي علي الخامري ‪....‬وما نهض به األستاذ لعرج جليل المقصد ‪ ،‬بتجه مع رسائل علمية أخرى ليقفنا‬ ‫على اتجاهات التأطير لدي فضيلتها ‪ ،‬وهي‪:‬‬ ‫‪ - 1‬اتجاه إخراج النصوص وتحقيقها ‪( ،‬تراث قاضي الجماعة المكي البطاوري نموذجا) ‪.‬‬ ‫‪ - 2‬اتجاه دراسة الشخصيات األدبية ‪(،‬الصبيحي السالوي نموذجا) ‪.‬‬ ‫‪ - 3‬اتجاه دراسة قضية أو ظاهرة محددة ‪(،‬الرحلة ‪ /‬شعر الجهاد ‪ /‬المديح النبوي‪ /‬شعر الطبيعة ‪/‬الفكاهة‬ ‫والتندر) ‪.‬‬ ‫‪ .‬وقد أجد لنفسي ‪ -‬في ضوء هذه االتجاهات ‪ -‬بعض الحق في أن أزعم ‪ ،‬أن فضيلتها كانت تملك مشروعا‬ ‫علميا متكامال ‪ ،‬رعته رعاية علمية مباركة ‪ ،‬وتفقدته بعين األم الحانية ‪ ،‬فتبارك الخطو حينا ‪ ،‬وتهدي إلى مراسي‬ ‫األمان طورا ‪.‬‬ ‫وكان من حسن طالعي ‪ ،‬بل من سوابغ أيادي البروفيسور الدكتور مصطفى الغديري ‪-‬أطال اهلل عمره ‪ -‬أن‬ ‫اقترحها ضمن اللجنة العلمية التي تولت مناقشتي في عمل علمي أكاديمي ‪ ،‬يوم ‪ 30‬شتنبر ‪ 2004‬م ‪ ،‬عمل‬ ‫كتب عنه الشيخ موالنا الهراس فقال ‪( :‬والمغرب هو أول من اهتم بنشر قطعة من الكتيبة الكامنة البن الخطيب‬ ‫‪ ،‬في بداية القرن العشرين بفاس ‪ ،‬وتمت إعادة تحقيق الكتيبة الكامنة ‪ ،‬قام بها طالب من طالبنا ‪ ،‬تحت إشراف‬ ‫أحد أنبغ طالبي الدكتور مصطفى الغديري بوجدة) ‪ ،‬فكانت الفرصة سانحة يومئذ ‪ ،‬فجالستها ‪ ،‬وأفدت منها‬ ‫علما وخلقا كريما ‪ ،‬وأذكر أنها روت لنا فضيلتها قصة طريفة من نفاضة جراب االغتراب في إيران ‪ ،‬أنها كانت‬ ‫ضمن لجنة علمية عليا بالعاصمة طهران ‪ ،‬ولما فرغ أعضاء الفريق مما كانوا فيه من جد العمل ‪ ،‬رأى المنظمون‬ ‫اإليرانيون ‪ ،‬أن يخرجوا بالفريق العلمي في جولة عبر معالم المدينة ‪ ،‬طلبا لبعض الراحة ‪ ،‬فما بلغوا الميدان‬ ‫الذي نصب فيه تمثال سيبويه ‪ ،‬رفع الدليل سبابته ‪ ،‬وقال بمكر ظاهر ‪( :‬هذا هو الفارسي الذي خدم لغة العرب)‪،‬‬ ‫ولم تكن لتغيب عن فضيلة األستاذة ثريا لهي‪ ،‬مقاصد الخبث التي ترشح من العبارة ‪ ،‬فردت عليه فورا ‪( :‬كان‬ ‫ينبغي أن تقول ‪ :‬هذا هو المسلم ‪ ،‬الذي خدم لغة اإلسالم)‪ ،‬فلف الدليل لسانه بين فكيه ‪ ،‬كما يلف الكلب ذنبه‬ ‫على خيشومه ‪ ،‬في الليلة الباردة !!!‬ ‫أحاديث تترى‪ ،‬ما زلت عالقة بالذهن ‪ ،‬وفوائد علمية منتخبة ‪ ،‬وموارد معرفية مستعذبة ‪ ،‬جمة كثيرة ‪ ،‬هي‬ ‫عندي اليوم رتيمة أستذكر بها فضائل فضيلتها ‪ ،‬وأعلل بها النفس ‪ ،‬وقد سمعتها من فضيلتها‪ ،‬ذلك بأني‬ ‫حرصت على زيارتها ‪ -‬الحين بعد الحين ‪ -‬بعد تعيينها عضوا بالمجلس العلمي المحلي بمكناس لالستفادة‬ ‫منها ‪ ،‬والتبرك بدعائها ‪....‬وهاهي موالتي وأستاذتي بمقام أمي ‪ ،‬السيدة ثريا لهي تغادرنا إلى دار البقاء ‪ ،‬راضية‬ ‫مرضية ‪ ،‬طاهرة مطهرة ‪ ،‬فارحمها اللهم رحمة واسعة سابغة ‪ ،‬واجعل كل ما قدمته لتراث العربية ‪ ،‬في ميزان‬ ‫حسناتها ‪ ،‬يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضرا ‪..‬‬

‫ِك عَ َل ْيهِ ْم َ�ص َل َو ٌ‬ ‫ون �أُ َولئ َ‬ ‫ِن‬ ‫ين ِإ� َذا �أَ َ�صا َبتْهُ ْم ُم ِ�صي َب ٌة َق ُالوا ِإ� َّنا لِهَّ ِ‬ ‫ل َو ِإ� َّنا ِإ� َل ْي ِه َر ِ‬ ‫�ش َّ‬ ‫ين َّالذِ َ‬ ‫ال�صا ِب ِر َ‬ ‫ات م ْ‬ ‫اج ُع َ‬ ‫} َو َب رِّ ِ‬ ‫َر ِّبهِ ْم َو َر ْح َم ٌة َو�أُ َولئ َِك ُه ُم مْ ُال ْه َتدُ َون {‬

‫(�صدق اهلل العظيم)‬

‫انتقلت إلى عفو اهلل تعالى الفاضلة‬

‫الحاجة فاطمة بوسعيد‬

‫صباح يوم األحد ‪ 5‬ربيع األول ‪ 3 /1441‬نوفمبر ‪ ،2019‬ودفنت في اليوم الموالي بشفشاون‪.‬‬ ‫وبهذه المناسبة األليمة‪ ،‬تتقدم هيئة تحرير جريدتي الشمال و طنجة بأحر التعازي وأصدق المواساة إلى‬ ‫أبنائها‪ :‬فاطمة‪ ،‬محمد‪ ،‬الطاهر‪ ،‬أحمد‪ ،‬عبد السالم‪ ،‬سعيدة‪ ،‬نعيمة‪ ،‬مليكة سائلين المولى عز وجل أن يتغمدها‬ ‫بواسع رحمته ويسكنها فسيح جناته ويلهم أهلها وذويها الصبر والسلوان ‪.‬‬


‫العدد ‪1019‬‬

‫رسائل‬ ‫تطوانية‬

‫‪15‬‬

‫الثالثـاء ‪� 12‬إلى ‪ 18‬نـوفمرب ‪2019‬‬

‫من أرشيف الدبلوماسي األديب‬

‫سيدي التهامي أفيالل التطواني‬ ‫حفظه اهلل (‪)34‬‬

‫ إعداد وتقديم‪ :‬الدكتور يونس السباح‬‫‪Younes_sebbah@hotmail.com‬‬

‫تقديم‬

‫تعتبر المراسالت العلمية رافداً ثرياً لكتابة التاريخ‪ ،‬باعتبار ما تحمله في طيّاتها من المعلومات الدّفينة‪ ،‬والفوائد الغميسة النادرة‪ ،‬التي ال توجد في غيرها‪ ،‬ولكونها مرتبطة بزمان ومكان وموضوع معيّن‪،‬‬ ‫كما تعدّ أيضاً فنّاً أدبياً‬ ‫ًّ‬ ‫مستقال بنفسه‪ ،‬بما تحمله من صادق التعبير‪ ،‬وجميل اإلحساس‪ ،‬وحسن اإلنشاء‪ ،‬وبديع السّبك‪ ،‬وخصوصاً إذا أضيف إلى هذه المعاني جمال الخط‪ ،‬ورونق الحرف‪ ،‬وكانت صادقة‬ ‫اإلحساس معبّرة عن الصلة العائلية‪ ،‬والمتابعة الدراسية بين الوالد والوَلد مث ً‬ ‫ال‪ ،‬أو بين تلميذ وشيخه‪ ،‬أو الصديق وصديقه‪...‬‬ ‫ومن المراسالت المتّصفة بهذه الصفات‪ ،‬ما تحتويه خزانة األديب الشاعر‪ ،‬والدبلوماسي السابق‪ ،‬أحد أفراد بيت العلم والشرف والمجد‪ ،‬سيدي التهامي أفيالل حفظه اهلل‪ ،‬وما يشتمل عليه أرشيفه الذي‬ ‫يضمّ كمّا هائ ً‬ ‫ال من الرسائل‪ ،‬معظمها صادرة عن أفراد أسرته‪ ،‬كجدّه القاضي سيدي التهامي أفيالل‪ ،‬أو عمّه الوزير سيدي محمد بن التهامي‪ ،‬أو أخيه األديب‪ ،‬سيدي البشير أفيالل‪ ،‬أو واردة عليهم وعلى‬ ‫أفراد آخرين من هذا البيت‪.‬‬ ‫ولمّا كانت هذه المراسالت لها قيمة أدبية وتاريخية‪ ،‬ولم يسبق أن رأت النور‪ ،‬أو اهتمّ أحد بإخراجها للناس‪ ،‬استأذنّا صاحب األرشيف‪ ،‬الشريف المذكور‪ ،‬في العمل على إخراجها وتيسيرها للنّاس عبر‬ ‫صفحات جريدة الشمال الغراء‪ ،‬التي تستأثر بنشرها‪ ،‬فوافق مشكوراً مأجوراً‪ ،‬وقمنا نحن برقن هذه الرسائل‪ ،‬وصنّفناها حسب ّ‬ ‫كل شخص (منه‪/‬عليه)‪ ،‬وآثرنا أن نبتدئ باألقدم تاريخاً‪ ،‬فكان صاحب السبق هو‬ ‫القاضي الشهير‪ ،‬والفقيه الكبير‪ ،‬سيدي التهامي بن محمد أفيالل (ت‪1339:‬هـ)‪ ،‬وقد استوفينا رسائله –حسبما عثرنا عليه‪ -‬في الحلقات الماضية من هذه الجريدة‪ ،‬ونثنّي برسائل ولده العالمة الوزير سيدي‬ ‫محمد أفيالل الصادرة منه والواردة عليه‪.‬‬

‫[الرسالة‪]121 :‬‬

‫الشرف‪ ،‬من لم يتضع عند نفسه‪ ،‬لم‬ ‫يرتفع عن غيره‪.‬‬

‫تتمة‪....‬‬ ‫[ مـــن محمــد المريـــر إلى‬ ‫صديقه السيد البشيـــر أفيـــالل‪،‬‬ ‫يجيبه على رسالة بمناسبة موسم‬ ‫ثمرة المشمش‪ ،‬والتي كان يملك‬ ‫منها الفقيه المريــر بستانا مهما‬ ‫بحي الطوابل‪ ،‬وكان يجمع حوله‬ ‫بالمناسبة عدد من أهــل العلـــم‬ ‫واألدب]‬ ‫‪....‬أمّا أهل العصر الذين أشرت‬ ‫إليهم‪ ،‬فهم في هذا الزمان أضل‬ ‫من األنعام‪ ،‬وأجهل من رعاة الشياه‬ ‫واألغنام‪ ،‬إذ زهدوا في كل فضيلة‪،‬‬ ‫ورغبـــوا في كــل رذيلــة‪ ،‬واتّخذوا‬ ‫اإللحاد دينا وشريــعة‪ ،‬والتساهل‬ ‫في التحليل والتحريم إلى اإلباحة‬ ‫ذريعة‪ ،‬وقالوا‪ :‬إنهم مجددون؛ ولكن‬ ‫للفسوق والعصيان‪ ،‬وزعموا أنهم‬ ‫مصلحون‪ ،‬ولكن للفسـاد فاعلون‪.‬‬ ‫فالجهل لديهم دراية‪ ،‬والعفاف في‬ ‫اعتقادهم جناية‪:‬‬ ‫وأكبر عيب في زماننــا أنــه به العلم جهل والعفاف فسوق‬ ‫(إال الذين آمنوا وعملوا الصالحات)‪( ،‬وقليل ما هم)‪ .‬وقد ح ّليتم طرر مكتوبكم األخير بتهنئة‬ ‫أخيكم بهذا الشهر المبارك‪ ،‬شهر رمضان‪ ،‬الذي أنزل فيه القرآن‪ ،‬هناكم اهلل فيه بخيره‪ ،‬ووقاكم‬ ‫من شر كل حاسد وضيره‪:‬‬ ‫أدام المهيمن عزا لصديق وزاد الحسود عليـه هوانـا‬ ‫وعرفه يمن شهر الصيــام وأعطاه من كل سوء أمانا‬ ‫وجعلنا وإياكم ممن صامه إيمانا واحتسابا‪ ،‬واغتناما لألجور المضاعفة واكتسابا‪ ،‬وأعاده‬ ‫عليكم وعلينا وعلى األمة بالسعد المتصل‪ ،‬واللطف الذي ال ينفصل‪:‬‬ ‫تهن بهذا الشهر واحظ بخيره وكن أبدا بالعود منه على وغد‬ ‫وأمدكــم المولـــى بمــــدده‪ ،‬حتى تستوفوا كامل مدده‪ ،‬وأنتم مشمولون بالتهاني‪،‬‬ ‫مدركون لكل المقاصد واألماني‪ ،‬ثم يستقبلكم عيد الفطر السعيد‪ ،‬بسرور جديد‪ ،‬وخير مديد‪،‬‬ ‫وايام مسفرة‪ ،‬وأوقات ضاحكة مستبشرة‪:‬‬ ‫أسعد بصومك إذ قضيت واجبــه نسكا‪ ،‬ووفيته من شهــره العددا‬ ‫واسحب بذا العيــد أذياال مجددة واستقبل العيش في إفطاره رغدا‬ ‫وأنعم بيومك من ماض قررت به عينا‪ ،‬ومنتظر يفضي إليــك غــدا‬ ‫وإنما قدمت لسيادتكم هذه التهنئة العيدية‪ ،‬اقتداء بـ (المرشدة الميقاتية)‪ ،‬التي تصدرها‬ ‫النظارة الحبسية‪ ،‬واعتماداً على ما قاله الفقهاء‪ :‬إن ما قارب الشيء يعطى حكمه‪.‬‬ ‫وفي هذه اللحظة تذكرت ما ملحتم به أول الكتاب‪ ،‬من التزامكم خفض المرفوع‪ ،‬فأضحكني‬ ‫ذلك‪ ،‬واستحضرت مضحكة في ذلك‪ ،‬وهو أ قائال خطب صاحبا له بقوله‪( :‬ما فعل أبوك بحماره؟‬ ‫قال‪ :‬باعِه –بكسر العين‪ ،-‬فقال‪ :‬ما لك ال تقول‪ :‬باعَه؟‪ ،‬فقال له‪ :‬وأنت لم ال تقول‪ :‬بحماره؟‬ ‫فقال‪ :‬ألن الباء حرف جر‪ .‬فقال له‪ :‬اهلل أكبر‪ .‬باؤك تجر‪ ،‬وبائي ال تجر؟)‪.‬‬ ‫ودخل رجل على زياد فقال‪ّ :‬‬ ‫(إن أبينا هلك‪ ،‬وإن أخينا غصبنا من ميراثنا في أبانا‪ ،‬فقال زياد‪:‬‬ ‫ما ضيعت من نفسك‪ ،‬أكثر مما ضاع من مالك)‪.‬‬ ‫وفي تلك الرسالة التي قدمتها لكم‪ ،‬من إنشاء ذلك الكاتب اإلفريقي‪ ،‬من اللحن المضحك‪،‬‬ ‫ما يكفي‪.‬‬ ‫هذا‪ ،‬وفي التزامكم هذا بعض إشارات صوفية لطيفة‪ ،‬وهو أن من ارتفع في هذه الدنيا‪ ،‬ال‬ ‫بد من خفضه ووضعه‪ ،‬وفي الحديث‪( :‬حق على اهلل أنّه ما رفع شيئا من هذه الدنيا‪ ،‬إال وضعه)‪.‬‬ ‫أو كما قال صلى اهلل عليه وسلم‪.‬‬ ‫كما أن في ذلك إشارة إلى ّ‬ ‫أن خفض الجناح والتواضع‪ ،‬من أخالق المؤمنين‪ ،‬كما قال تعالى‪:‬‬ ‫(واخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين)‪ ،‬وإن في خفض الجناح رفعة‪ ،‬كما قال صلى اهلل‬ ‫عليه وسلم‪( ،‬من تواضع هلل رفعه)‪ ،‬وقال‪( :‬طوبى لمن تواضع)‪ ،‬وقيل‪ :‬التواضع إحدى خصائل‬

‫عرفنـا اهلل بأنفسنــا وعيوبنــا‪،‬‬ ‫حتى نضعها في موضعها ومقامها‪،‬‬ ‫وننظر في ذلك إلى عظمة القادر‬ ‫الخالق‪ ،‬ونقرأ قوله تعالى‪( :‬فلينظر‬ ‫اإلنســان مم خلـــق‪ ،‬قلـق من ماء‬ ‫دافق)‪.‬‬ ‫ودم أيها األخ للمعالي ملحوظا‪،‬‬ ‫وبعين العناية الربانيــة محفوظــا‪،‬‬ ‫والسالم عليكم‪.‬‬ ‫من شقيقكم ومقدركم‪ :‬محمد‬ ‫المرير‪.‬‬

‫[الرسالة‪]122 :‬‬ ‫[ من محمد المرير إلى صديقه‬ ‫السيد البشير أفيالل يدعوه فيها‬ ‫لحضور حفل]‬ ‫والسالم على رسول اهلل‬

‫الحمد هلل‬

‫والصالة‬

‫أخي وصديقي‪ ،‬وخالصة ودي ومن هو في النفس [‪ ]...‬الفقيه العالمة النبيل‪ ،‬الشريف‬ ‫المبجل الجليل‪ ،‬سيدي البشير أفيالل‪.‬‬ ‫وصل اهلل بالمسرات واألفراح أوقاتكم‪ ،‬وسالم عليكم ورحمة اهلل‪.‬‬ ‫أعرف سيدي وعمدة إخائي أنه ال يضيء أفق منزلي في هذه الحفلة إال بإشراف طلعتكم‬ ‫البهية‪ ،‬وال يروق سروري فيها إال بحضور سيادتكم السرية السنية‪ ،‬فالرجاء أن ال تظلموا هذا‬ ‫المنزل بتخلفكم‪ ،‬وال تكدروا صفو سروره بتأخركم عنه‪ ،‬وألخيكم الود الذي ال [‪ ]...‬والمولى [‪]...‬‬ ‫ومن كل سوء يقيكم‪ ،‬والسالم عليكم من صفيكم‪:‬‬ ‫محمد المرير‬

‫[الرسالة‪]123 :‬‬ ‫[ من محمد المرير إلى صديقه السيد البشير أفيالل يعزيه فيها ويواسيه]‬ ‫الحمد هلل الواحد األحد‪ ،‬وصالته على نـــور األنــوار سيدنــا وموالنا محمد‪.‬‬ ‫سيــادة أخي وعزيزي‪ ،‬ونخبة العصر وغــــرة الشــرف والفصل‪ ،‬الشريف الجليل‪ ،‬العالمة‬ ‫المشارك النبيل‪ ،‬الخير الدّين‪ ،‬الناسك سيدي البشير أفيالل‪ ،‬أطال اهلل حياتكم وحفظ لحراسة‬ ‫هذا الدين الغريب وقامته طلعتكم وأوقاتكم‪ ،‬وسالم عليكم ورحمته وبركاته‪.‬‬ ‫فمـن مزيــد األسـى واألســف أعزز المشاركـــة في مصابكــــم بشقيقتكم الطيبة الطاهرة‬ ‫بإنابة الولدين محمد وأحمـــد بالحضور في نقلها لمقرها األخير‪ ،‬وتقديم تعزيتي ألخوّتكم‬ ‫حيث كان أملي أن أشارككم في ذلك باالتصــال بسيادتكم الذي أعده من الواجبات‪ ،‬ولكن حال‬ ‫ما بيني وبين أمنيتي ما تعلمونه من وهن البدن‪ ،‬وضعف القوى‪.‬‬ ‫وعليه؛ فإنّي أمد أكف الضراعة مبتهال إلى عالم الغيب والشهادة أن يسقي ضريحها ويقدس‬ ‫روحها وينعم عليها بوابل رحماته‪ ،‬ويسكنها روضات جناته‪ ،‬ويلحقها بمن أنعم عليهم من‬ ‫النبيئين والصديقين‪ ،‬والشهداء والصالحين‪ ،‬وأن يعوضكم عن فراقها جزيل األجر‪ ،‬ويلهمكم‬ ‫جميل الصبر‪ ،‬وأن ال يرى بعد هذا المصاب ما يسوء الخاطر‪ ،‬بجاه سيد األوائل واألواخر‪ .‬آمين‬ ‫والسالم األتمّ واألطيب من محبكم ومعظم قدركم‪:‬‬ ‫محمد المرير وفقه اهلل لما فيه رضاه آمين‬


‫العدد ‪1019‬‬

‫كتابات يف تاريخ‬ ‫منطقة ال�شمال ‪:‬‬

‫(‪)920‬‬

‫‪16‬‬

‫الثالثـاء ‪� 12‬إلى ‪ 18‬نـوفمرب ‪2019‬‬

‫“تطوان خالل القرن ‪”18‬‬

‫�أ�سامـة الزكاري‬ ‫‪zougariousama@gmail.com‬‬

‫صدر كتاب “تطوان خالل القرن الثامن عشر (‪ ”)1712-1822‬سنة ‪ ،1994‬وذلك في ما مجموعه ‪ 324‬من الصفحات‬ ‫ذات الحجم المتوسط غطت قضايا تاريخية مختلفة في ماضي مدينة تطوان قبل حوالي قرنين من الزمن‪ .‬والكتاب –‬ ‫في األصل‪ -‬تجميع ألعمال الندوة العملية التي نظمتها مجموعة البحث في التاريخ المغربي واألندلسي‪ ،‬التابعة لكلية‬ ‫اآلداب والعلوم اإلنسانية بتطوان‪ ،‬سنة ‪ .1993‬وهي تندرج في سياق الجهود المبذولة على مستوى الكلية المذكورة من‬ ‫أجل التأسيس لمنطلقات جديدة في كتابة تاريخ مدينة تطوان‪ ،‬سواء في عمقه المونوغرافي المجهري‪ ،‬أم في تكامل‬ ‫مكوناته القطاعية‪ .‬ويبدو أن المسؤولين عن هذا العمل قد أدركوا حدود إمكانياتهم في االشتغال على هذا المستوى‪،‬‬ ‫وكذا سقف تطلعاتهم األكاديمية التأسيسية‪ ،‬وذلك منذ انعقاد ثم صدور أعمال الندوة األولى حول واقع مدينة تطوان‬ ‫خالل عهد الحماية‪ .‬لذلك‪ ،‬بدا واضحا أن العمل قد أصبح يتدرج بخطى ثابتة –على الرغم من بطئها البين‪ -‬نحو التأصيل‬ ‫ألنماط جديدة في التعاطي مع تحوالت ماضي المدينة‪ ،‬سواء في مكوناته الداخلية أم في نسق عالقاته وامتداداته الجهوية‬ ‫والوطنية والدولية‪ .‬وبموازاة مع هذا الحرص على احترام أبجديات التقويم المنهجي واإلجرائي في البحث وفي التنقيب‪،‬‬ ‫سعت مجموعة البحث في التاريخ المغربي واألندلسي إلى توسيع آفاق اشتغالها من خالل تجاوز منطق القراءات التي تركز‬ ‫على رصد التطورات الحدثية‪ ،‬إلى االنفتاح على قضايا تاريخية تنتمي لحقول معرفية متباينة‪ ،‬هاجسها في ذلك مد الجسور‬ ‫بين هذه الحقول‪ ،‬وتطوير النظرة إلى علم كتابة التاريخ في ارتباط بغنى المناهج المعاصرة وتطور مجاالت العلوم اإلنسانية‬ ‫المختلفة‪ .‬إنها نظرة نسقية تعيد االعتبار ألصول المعرفة اإلنسانية وتؤسس لنمط جديد في الكتابة التاريخية‪ ،‬قوامه‬ ‫تغيير النظرة ألصول المعرفة التاريخية‪ ،‬وتوسيع مفهوم المصدر التاريخي‪ ،‬وإعادة رسم دوائر الوثائق التاريخية باعتبارها‬ ‫حجر األساس في كتابة التاريخ‪ .‬ولقد لخصت الكلمة االفتتاحية للدكتور امحمد بن عبود هذا األفق الجديد للبحث والدراسة‪،‬‬ ‫عندما قالت‪...“ :‬أما ندوتنا حول تطوان خالل القرن‪ ،18‬فالهدف منها التركيز في دراسة جوانب متعددة ومتنوعة من تاريخ‬ ‫مدينة مغربية أصيلة خالل فترة زمنية محددة اعتمادا على مناهج مختلفة‪ ،‬وانطالقا من مواقف متنوعة‪ ،‬واعتمادا على‬ ‫مصادر ووثائق جديدة‪ .‬إننا ال نرغب في دراسة تاريخ تطوان خالل القرن ‪ 18‬دراسة شمولية ونهائية‪ ،‬بل نرغب في تحديد‬ ‫اتجاهات جديدة في مجال البحث التاريخي ربما يمكن االستفادة منها في إطار دراسة مدينة معينة اعتمادا على مناهج‬ ‫متعددة ومتنوعة في العلوم اإلنسانية‪ ،‬مثل المناهج االجتماعية واألدبية واالقتصادية والسياسية‪ ...‬لقد ارتأينا أن يطغى‬ ‫طابع التكامل المعرفي في تخطيطنا لهذه الندوة‪ .‬كما أن المساهمات‪ ...‬ركزت على أبعاد مختلفة‪ ،‬منها التاريخ السياسي‬ ‫واالقتصادي واالجتماعي والثقافي لتطوان ونواحيها‪ ،‬ثم عالقة تطوان بالمخزن‪ ،‬وأخيرا عالقة تطوان السياسية واالقتصادية‬ ‫والثقافية بالخارج‪ ،‬يعني بالدول األوربية‪ .‬وسوف يمكننا هذا االختيار من التعمق في دراسة أبعاد تاريخية محددة من جهة‬ ‫مع ربطها باإلطار العام الوطني والدولي من جهة أخرى‪ ،‬مساهمة منا في كتابة تاريخ المدن المغربية‪( ”...‬ص ص‪.)4-5 .‬‬ ‫تتوزع مضامين الكتاب بين قسمين متكاملين في اهتماماتهما‪ ،‬كتبت مواد القسم األول باللغة العربية‪ ،‬في حين‬ ‫كتبت مواد القسم الثاني باللغات اإلسبانية واإلنجليزية والفرنسية‪ .‬ففي القسم األول‪ ،‬نجد دراسة لمحمد المنصور حول‬ ‫عالقة مدينة تطوان بالمخزن في عهد المولى سليمان (‪ ،)1792-1822‬ودراسة لفاطمة الحراق تتبعت فيها ذكر مدينة‬ ‫تطوان في نص رحلة بوتوكي الصادر سنة ‪ .1980‬وإلى جانب ذلك‪ ،‬قدم امحمد بن عبود دراسة حول القرصنة من خالل‬ ‫وثائق القنصلية اإلنجليزية بتطوان والمفوضية األمريكية بطنجة‪ ،‬وساهم عبد العزيز السعود بدراسة حول دور تطوان في‬ ‫المبادالت الخارجية خالل مرحلة ما بين سنتي ‪ 1721‬و‪ .1767‬أما محمد بوكبوط‪ ،‬فقد تناول بالدراسة أوضاع تطوان خالل‬ ‫القرن ‪ 18‬من خالل مصادر أجنبية معاصرة‪ ،‬وأبرز عبد الحي بنيس دور مدينة تطوان باعتبارها محطة عبور البعثات األجنبية‬

‫إلى مكناس في بداية القرن ‪ ،18‬وكشف عبد العزيز شهبر النقاب عن فتنة يهود تطوان على عهد السلطان المولى يزيد‬ ‫من خالل المصادر العبرانية‪ .‬وفي سياق آخر‪ ،‬اهتم مالك بنونة بموضوع الحركة الفنية بتطوان فيما بين ‪ 1727‬و‪،1822‬‬ ‫وتناول عبد السالم شقور بالدراسة السيرة الذاتية للشيخ ابن عجيبة التطواني‪ .‬أما جعفر ابن الحاج السلمي‪ ،‬فقد ساهم في‬ ‫الكتاب من خالل نشر وتقديم وثائق بيت شيخ الجماعة أبي العباس أحمد بن العربي ابن الحاج السلمي بتطوان‪ ،‬واهتم عبد‬ ‫اهلل المرابط الترغي بالتعريف بالنشاط الثقافي في تطوان أواخر القرن ‪ 12‬وأوائل القرن ‪13‬ه كما يصوره الشيخ سكيرج في‬ ‫تأريخه لتطوان‪ .‬وفي آخر مواد القسم األول من الكتاب‪ ،‬ساهمت سعاد الناصر بدراسة استقرائية نقدية حول صورة مدينة‬ ‫تطوان في عيون زوارها‪.‬‬ ‫أما في القسم الثاني من الكتاب‪ ،‬فنجد مساهمة لماريانو أريباس باالو (باإلسبانية) حول الوقائع واألحداث‬ ‫ ‬ ‫التي عرفها وادي مرتين خالل منتصف شهر فبراير من سنة ‪ ،1794‬ثم مساهمة لرامون لوريدو دياث (باإلسبانية) حول‬ ‫وضعية مدينة تطوان خالل عهد السلطان سيدي محمد بن عبد اهلل من خالل المصادر اإلسبانية‪ .‬وقدم كييرمو كوزالبيس‬ ‫مساهمة (باإلسبانية) في شكل دراسة تركيبية في وقائع خمس سنوات من القرن ‪ ،18‬امتدت ما بين سنتي ‪ 1727‬و‪،1732‬‬ ‫ونشر كارلوس بوساك مون قراءة في محطات حاسمة بالنسبة لتاريخ تطوان من خالل ما كان يرد في الصحافة اإلسبانية‬ ‫خالل الفترة الممتدة ما بين سنتي ‪ 1820‬و‪ .1823‬أما نادية الرزيني‪ ،‬فاهتمت في دراستها (باإلنجليزية) بالتنقيب عن التراث‬ ‫المعماري الذي خلفه الباشا أحمد الريفي بمدينة تطوان ونواحيها‪ .‬وفي سياق مختلف‪ ،‬سعى جان لوي مييج في مساهمته‬ ‫(بالفرنسية) للتوثيق لموقف السلطان موالي سليمان من ثورة مدينة تطوان‪ .‬وارتباطا بنفس السياق‪ ،‬قدم عبد المجيد بن‬ ‫جلون دراسة (بالفرنسية) حول خصائص الزعامات الشخصية والنزوعات الفردية المتطلعة إلى االستقالل الذاتي بمدينة‬ ‫تطوان خالل النصف األول من القرن ‪ ،18‬وذلك من خالل تشريح التجربة المعبرة للقائد أحمد بن علي الريفي‪ .‬وفي آخر‬ ‫دراسات الكتاب‪ ،‬نشر بوسيف الواسطي دراسة تحليلية (بالفرنسية) حول أشكال تفاعل مدينة تطوان مع مواقف المنقذين‬ ‫واألسرى والرحالة األوربيين لمرحلة القرن ‪.18‬‬ ‫هذه باختصار وتركيز شديدين‪ ،‬أهم مضامين كتاب “تطوان خالل القرن ‪ ،”18‬وهي كافية إلقامة الدليل على القيمة‬ ‫العلمية الرفيعة التي سعت مجموعة البحث في التاريخ المغربي واألندلسي إلى ترسيخها داخل التربة المعرفية لكلية اآلداب‬ ‫بتطوان‪ .‬فالدراسات جاءت مجددة في وسائل اشتغالها‪ ،‬صارمة في مناقشتها لمضامين اإلسطوغرافيات الكالسيكية سواء‬ ‫منها العربية اإلسالمية أم األوربية‪ ،‬منفتحة على رصيد أحدث االجتهادات الجامعية ذات الصلة بالبحث في تاريخ تطوان‬ ‫سواء داخل المغرب أم خارجه‪ ،‬ومستغلة لرصيد ال بأس به من الوثائق الغميسة التي لم تكن معروفة وال متداولة بين‬ ‫الباحثين والمهتمين‪ .‬وبذلك‪ ،‬أضافت لبنة إيجابية لتراكم الدراسات العلمية المهتمة بماضي هذه المدينة العريقة في‬ ‫العلم وفي الجهاد وفي الوطنية‪ ،‬واستكملت الحلقات المسترسلة التي اشتغل عليها جيل المؤرخين المعاصرين‪ .‬ولعل من‬ ‫دواعي االحترام الكبير الذي يمكن أن يحظى به هذا العمل‪ ،‬حرص المشرفين عليه على التأكيد أن العمل ما هو –في نهاية‬ ‫المطاف‪ -‬إال خطوة أولى البد أن تتبعها خطوات أخرى قصد الكشف عن العتمات المظلمة التي الزالت تكتنف ماضي مدينة‬ ‫تطوان‪ .‬ولقد عبر الدكتور ابن عبود عن هذه القناعة بكل وضوح‪ ،‬عندما قال في كلمته التقديمية‪ ...“ :‬إننا ال نزعم أننا‬ ‫سوف نجدد كتابة تاريخ مدينة تطوان‪ ،‬فقد يختلف الحكم في مدى تحقيقنا هذا الهدف‪ .‬إال أننا نسجل وعينا بضرورة طرح‬ ‫هذا اإلشكال‪ .‬بعبارة أخرى‪ ،‬لقد وقع اختيارنا على هذا االتجاه آملين أن يأتي بثماره سواء كان ذلك في المدى القريب أو في‬ ‫المستقبل البعيد‪( ”...‬ص‪.)5 .‬‬

‫ندوة نقدية حول «تمثالت البحر في السرد‬ ‫المغربي» بطنجة‬ ‫قال الناقد المغربي الدكتور حميـد لحميـداني إن عالقة اإلنسان‬ ‫بالبحر قديمة ومتجذرة؛ فقد وقف الكائن البشري منبهرا ومتعجبا من‬ ‫عظمة هذه المساحات المائية الممتدة‪ .‬وألنه لم يستطع فهمها‪ ،‬توسل‬ ‫باألساطير علها تسعفه في تفسير عظمتها وغموضها‪.‬‬ ‫ويرى الباحث‪ ،‬في مداخلة قدّمها ضمن ندوة نقدية حول «تمثالت‬ ‫البحر في السرد المغربي» نظمها الراصد الوطني للقراءة والنشر مساء‬ ‫يوم األحد ‪ 3‬نونبر بالمركز الثقافي ابن خلدون بطنجة‪ ،‬أن ارتباط أغلب‬ ‫تلك األساطير بالمرأة كرمز للوالدة والحياة‪.‬‬ ‫أما عن عالقته – بصفته باحثا‪ -‬بالبحر فتعود بداياتها األولى إلى‬ ‫عقد الثمانينيات من القرن الماضي‪ ،‬في عمله األكاديمي الموسـوم‬ ‫بـ «الرواية المغربية ورؤية الواقع االجتماعي‪ ،‬دراسة بنيوية تكوينية»‬ ‫(البيضاء‪ ,‬دار الثقافة‪ 573 ,1985 ،‬ص) دراسة في رواية «قبور في الماء»‬ ‫لألديب الراحل محمد زفزاف‪.‬‬ ‫وقبل أن يرصد حضور البحر في الرواية سالفة الذكر‪ ،‬يصدر حميـد‬ ‫لحميـداني حديثه عنها باإلشارة إلى طبيعتها المأساوية‪ .‬مأساوية ينفلت‬ ‫البحر من إسارها حين يتخذ داللة مزدوجة‪ ،‬فهو مرادف للموت حينا؛ إذ‬ ‫يتسبب في غرق قوارب الصيد في شاطئ المهدية وموت الصيادين‪،‬‬ ‫لكنه يغدو حينا آخر عنوانا للحياة وضامنا الستمرارها من خالل المكاسب‬ ‫المادية التي يحققها لمجموعة الصيادين‪ ،‬ولما يتيحه لهم من إمكانية‬ ‫تجديد اللقاء باألهل واألحباب عند كل عودة من رحلة الصيد الخطيرة‪.‬‬ ‫وغير هذا النص‪ ،‬يتتبع األستاذ لحميداني تمثالت البحر في أعمال‬ ‫سردية أخرى‪ ،‬يتفاوت وقوفه معها‪ .‬ففي رواية لكاتبة إماراتية‪ ،‬يذكر كيف‬ ‫تم استدعاء البحر فيها للترميز على سعي فتاة مراهقة إلى التخلص من‬ ‫سلطة األب الضاغطة‪.‬‬ ‫وينتقل بعد ذلك للتمثيل لهذا الحضور بنص سردي آخر هو قصة «لن أسامح البحر» ضمن المجموعة القصصية‬ ‫«سيمفونية النوارس» للكاتب واألديب المغربي محمد معتصم‪.‬‬ ‫ويعلن الباحث في البداية عن تحقق مفارقة بين العنوان وبين مضمون القصة‪ ،‬فإذا كان العنوان يحيل إلى عالقة قوامها‬ ‫التوتر والنفور بين السارد والبحر‪ ،‬فإن قراءة المضمون تضعنا أمام داللة مختلفة‪ ،‬يبدو فيها البطل عاشقا للبحر ومستأنسا به؛‬ ‫يخاطبه ويبادله الحديث وكأنه أمام صديق أو قريب‪ .‬لكن نهاية القصة قد تسعفنا في فهم العنوان قليال‪ ،‬إذ ينفجر البطل في‬ ‫وجه البحر حينما ترك الكلب يعضه دون أن يتدخل إلنقاذه‪.‬‬ ‫ويعتبر الناقد أن تأويلنا لنهاية القصة يتطلب استدعاء ألدوات التحليل النفسي «الفرودية»؛ فغضب البطل من البحر في‬ ‫النهاية ينبغي فهمه في ضوء تلك األدوات‪ ،‬إذ هو تصريف لمكبوت طفولي عنوانه‪ :‬خذالن األب له بموته في طفولته‪.‬‬ ‫وفي معرض تتبعه لتمثالت البحر في نصوص سردية أخرى‪ ،‬توقف الباحث في مداخلته مع نصين قصصيين للكاتبة‬ ‫فاطمة الزهراء المرابط معنونين بـ»أمواج» و»ماذا تحكي أيها البحر» ضمن مجموعتها القصصية الحاملة للعنوان نفسه‪.‬‬ ‫ففي القصة األولى «أمواج» يمكن الحديث عن دائرتين ينتظم فيهما المعنى‪ ،‬تتمثل األولى في فتاة شابة تعيش روتينا قاتال‬ ‫في عملها في المكتب‪ ،‬بينما هي مأخوذة بأسوار مدينتها العتيقة وجمالها‪ .‬أما الدائرة الثانية فيمثلها البحر بأمواجه ورطوبته‬ ‫المنعشة بما يعنيه من راحة ومتعة وتحرر‪ .‬فهو هنا يمثل الخالص لألنثى من ثقل المسؤولية وقيود المجتمع التي تحرمها من‬ ‫تحقيقتطلعاتها‪.‬‬ ‫وال تبتعد داللة حضور البحر في النص الثاني «ماذا تحكي أيها البحر» عما جاء في النص السابق‪ ،‬إذ يتم استدعاؤه في‬ ‫سياق محاربة حالة الضجر والروتين القاتل الذي تعانيه البطلة‪ ،‬نتيجة سيطرة الهاتف الذكي ومعه وسائل االتصال االجتماعي‬ ‫المختلفة على حياتها‪ .‬واقع يمثل البحر فيه خالصا من قيود اآللة المزعجة وتحررا من عبوديتها‪ ،‬ليغدو فضاء للنشوة واالنطالق‪،‬‬

‫• متابعة‪ :‬محمد العمراين‬

‫فيتحقق معه االندماج الذي ال يعني ‪-‬حسب الناقد‪ -‬سوى العودة إلى‬ ‫رحم الحياة‪ ،‬أي الرحم األول حيث التطهر من جميع األدران‪ ،‬فنكون أمام‬ ‫استدعاء األسطورة مرة أخرى‪.‬‬ ‫النصان األخيران اللذان ختم بهما األستاذ لحميداني مداخلته‬ ‫يعودان إلى الكاتب مصطفى كليتي وهما قصتا «ضفاف» و«إبحار» ضمن‬ ‫أضمومته المعنونة «فقط»‪ .‬فإذا كان اإلبحار في النص األول «ضفاف»‬ ‫يتخذ طابعا استعاريا داال على اندماج عاشقين وكأنهما يبحران في دمي‬ ‫بعضيهما البعض‪ ،‬فإنه في النص الثاني «إبحار» يتخذ طابعا شبه واقعي‪،‬‬ ‫فهو يتعلق بحلم فنان رسم لوحة ضمت مركبا ومجذفا‪ ،‬ليعجب برسمته‬ ‫ويستغرقه حلم جميل يرى فيه نفسه مبحرا عبر أمواج البحر‪ ،‬مستمتعا‬ ‫بإبحارهومغامرته‪.‬‬ ‫وباإلضافة إلى األستاذ لحميداني‪ ،‬شارك باحثان آخران في أشغال‬ ‫الجلسة األولى من هذه الندوة النقدية التي تندرج ضمن فعاليات الدورة‬ ‫السادسة من المعرض الوطني لإلبداع والكتاب الذي نظمه «الراصد‬ ‫الوطني للقراءة والنشر» التي انطلقت بمدينة طنجة يوم السبت ‪ 2‬نونبر‬ ‫الجاري؛ وهما الناقدان الشابان ميلود عرنيبة وعبد العالي كركوب‪ .‬وقد‬ ‫مثل الباحث األول الستدعاء البحر في السرد المغربي الحديث من خالل‬ ‫دراسته لنص قصصي يعود إلى فاطمة الزهراء المرابط «ماذا تحكي أيها‬ ‫البحر» (سبق أن كان موضوعا لدراسة األستاذ لحميداني كذلك)‪.‬‬ ‫واتخذ عرنيبة عنوانا لمداخلته «التشخيص المذكر في الكتابة‬ ‫النسائية نموذجا‪ ،‬مقاربة نوعية لإلبداع النسائي المغربي»‪ ،‬معتبرا أن‬ ‫الكتابة النسائية عن البحر هي ذات صورة مختلفة عما عهدناه في كتابة‬ ‫الرجال عنه‪ .‬ويمهد لمداخلته بإثارة مجموعة من األسئلة حول عالقة‬ ‫اإلنسان بالبحر وكذا عن الرصد النقدي لهذه العالقة في السرود المغربية الحديثة‪.‬‬ ‫ويخلص الناقد‪ ،‬بعد تمثيله لحضور البحر في التراثين الغربي واإلنساني القديمين‪ ،‬إلى ارتباط عالم البحار قديما «بالغرابة‬ ‫والعجائبية»‪ ،‬كما يذهب إلى ذلك الباحث المغربي عبد الفتاح كيليطو‪.‬‬ ‫أما في الشق التطبيقي‪ ،‬فقد تتبع الباحث طبيعة حضور البحر في نص الكاتبة «المرابط» معتبرا أن إسنادها فعل الحكي‬ ‫إلى البحر يعني أنسنتها له‪ ،‬وهو ما سيحكم عالقتها به‪ .‬عالقة تصل حد التماهي واالندماج التام معه‪.‬‬ ‫أما مداخلة عبد العالي كركوب‪ ،‬التي عنونها ب «الداللة الرمزية للبحر في رواية «األفعى والبحر» لمحمد زفزاف‪ ،‬فقد‬ ‫صدرها بإثارة مجموعة من األسئلة اإلشكالية من قبيل‪ :‬هل يعد البحر داخل الرواية فضاء جامدا أم هو فضاء ديناميكي؟ ثم‬ ‫ماهي مقاصد استدعاء البحر في الرواية؟ وما عالقته بالقوى الفاعلة؟‬ ‫وفي إجابته عن تلك األسئلة‪ ،‬يصرح الباحث بأن البحر في النص يمثل في الرواية رمزا طبيعيا وفضاء مفتوحا‪ .‬ومن خالل‬ ‫وقوفه على عتبة العنوان‪ ،‬تساءل عن عالقة األفعى بالبحر‪ ،‬لتشكل اإلجابة عن السؤال محور باقي عناصر المداخلة؛ فاألفعى‬ ‫الواردة في العنوان والمتن الروائي ليست إال رمزا لألنثى في حركاتها المتوجة وهي تمارس إغراءها وإغواءها‪ ،‬وهي بالتالي‬ ‫تشبه البحر في حركات موجه‪.‬‬ ‫يذكر أن فعاليات «المعرض الوطني السادس لإلبداع والكتاب»‪ ،‬الذي نظمه «الراصد الوطني للنشر والقراءة» (رونق‬ ‫المغرب) من ‪ 2‬إلى ‪ 10‬نونبر الجاري تحت شعار‪« :‬الكتاب مسؤوليتنا جميعا»‪ ،‬تضمنت إلى جانب هذه الندوة النقدية حول‬ ‫«تمثالت البحر في السرد المغربي» ورشات وندوات وزيارات وحفالت توقيع غنية شارك فيها أدباء ونقاد من مختلف جهات‬ ‫المغرب‪.‬‬


‫‪17‬‬

‫الثالثـاء ‪� 12‬إلى ‪ 18‬نـوفمرب ‪2019‬‬

‫العدد ‪1019‬‬

‫موائدُ الحرفِ‬

‫(ديوان فوائد وعوائد ومحا�ضرات)‬

‫بين دفتيّ هذا َ‬ ‫شكــول فوائـــدُ في الفقــه واألصول والتاريـخ‬ ‫الك‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ونخيلـــة‬ ‫حصيلــــة مطالــعـــاتٍ وسماعــاتٍ‪،‬‬ ‫واللغـــة واألدب‪ ،‬وهـــي‬ ‫ٌ‬ ‫وبـــاعــــث على‬ ‫لإلينــاس‪،‬‬ ‫تحقيقاتٍ وجواباتٍ‪ ،‬وتنـــوُّعهـا مجلبـــ ٌة‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫التروّح؛ َّ‬ ‫التنقــل بين‬ ‫وتستـــروحُ إلى‬ ‫النمط الواحدَ‪،‬‬ ‫ألن النفس تسأمُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫أفانين الكالم‪ ..‬ولعـل القارىء يجـد فيها متنفسـهُ إذا تملكه الضجرُ‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫الوحشة‪ ..‬واهلل الهادي إلى سواء السبيل‪.‬‬ ‫واستفرغتهُ‬

‫بقلم ‪ :‬قطب الري�سوين ـ ال�شارقة ـ‬

‫ٌ‬ ‫طريفة‬ ‫‪.75‬‬

‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫فقهية‬ ‫فائدة‬ ‫‪.80‬‬

‫من طرائف العلماء َّ‬ ‫صاحب‬ ‫أن الفقيهَ أبا عمر الهنديَّ صاحب كتاب (الوثائق) خاصمَ عند‬ ‫ِ‬ ‫الشرطة شخصاً‪ ،‬فعجز عن حجَّتهِ‪ ،‬فقال له الشرطيُّ‪ :‬ما أعجب أمرك يا أبا عمر‪ ،‬أنتَ ذكيٌّ‬ ‫لغيرك‪ ،‬بكيٌّ في أمرك‪ ،‬فقال أبو عمر‪( :‬كذلك يبيّن اهلل آياته للناس)‪ ،‬ثم أنشد‪:‬‬ ‫للناس‪ ،‬وهْيَ تحت ِرقُ‬ ‫صرتُ كأني ُذبال ٌة نُصِبتْ = تضي ُء‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫والقصَّة مشهور ٌة في كتب التراجم األندلسيَّةِ‪ ،‬والمغزى منها أن الحكيمَ المجرَّبَ في‬ ‫ِّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫حل معضالتِ الناس قد تخذله الحكمة أو تتزايل عنه في شؤونه الخاصة‪ ،‬وهلل في خلقه شؤون!‬

‫من شذوذات داود الظاهريِّ جنوحُهُ إلى أن الجهاد فرضٌ على العين مرَّ ًة في العمر‪،‬‬ ‫خالفاً للمتَّفق عليه بين أهل العلم من وجوبه على الكفاية‪ ،‬وقد نظم هذا الشذوذ ابن المناصف‬ ‫(‪620‬هـ) في منظومته (الدرة السنية) فقال‪:‬‬ ‫إال شذوذاً من خــــــالفٍ وُجدا البن أبي عاصم‪ ،‬أعني داودَ‬ ‫عين يلـزمُ كهيئة الحجِّ الجميع منهمُ‬ ‫قال‪ :‬الجهادُ فرضُ ٍ‬ ‫مكحـــــول وذاك ٌ‬ ‫تحصيل‬ ‫قول غيرُ ذي‬ ‫ونحوهُ يُروى عــن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬

‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫أ�صولية‬ ‫فائدة �‬ ‫‪.76‬‬

‫َ‬ ‫المخادع‬ ‫للرجل‬ ‫(يُسرُّ حَسْواً في ارتِغا ٍء)‪ ،‬وهو يُضرَبُ‬ ‫عندما قرأت‬ ‫المثل العربيَّ‪ِ :‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الذي يظهر أمراً ويريد غيره‪َّ ،‬‬ ‫لكل‬ ‫تذكرتُ بعض دعاة التجديد األصوليِّ الذي لهجَ بأن يكون ِ‬ ‫مُك َ‬ ‫ُ‬ ‫وتشحذ ْ‬ ‫نة‬ ‫نزول تصنعُ معقوليَّاتٍ جديد ًة‬ ‫عصر مقاصدُ وأسبابُ‬ ‫التشريع على مواكبةِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫َّ‬ ‫حركيَّة الزَّمان والمكان واألحياء‪..‬‬ ‫وتذكرت دعو ًة أخرى إلى فتح النصِّ الشرعيِّ على تأويالتٍ‬ ‫المتناهيةٍ تجترحُ تفجيرَ الدوال على غير هدى من صُوى اللغة‪ ،‬أو السياق‪ ،‬أو المقاصد‪..‬‬ ‫عرش السلطةِ المطلقة بعد انقالبه على‬ ‫ليصبح المؤوِّل ـ في نهاية المطافَ ـ متوَّجاً على ِ‬ ‫ِّ‬ ‫صاحب النصِّ نفسهِ‪ ..‬ولذلك قالوا‪ :‬الثمن الحقيقيُّ لوالدة التأويل الجيّد هو موتُ المؤلف‬ ‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫تأثراً بمقولة (روالن بارت)‪.‬‬ ‫نعم‪ ..‬هذه الشرذمة من العصرانيين تُسرُّ التبديد تحت غطاء التجديد‪ ،‬أو تُسرٌّ حسواً‬ ‫في ارتغا ٍء كما تقول العرب!‬

‫‪ .77‬فتــوى‬ ‫سُئلتُ‪ :‬هل يجوزُ أخذ الفأل من المصحف الكريم؛ بحيث أفتحه على سورة من السور‪،‬‬ ‫فتكون أول آية يقع عليها بصري َّ‬ ‫متعلقي في االستبشار ؟‬

‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫لغويـة‬ ‫فائــدة‬ ‫‪.81‬‬

‫ُ‬ ‫مخطوطة‬ ‫من تراث العالم األديب محمد المنتصر الريسوني ـ رحمه اهلل ـ منظوم ٌة لغوي ٌة‬ ‫عِدَّتها‪ 66( :‬بيتاً)‪ ،‬وعنوانها‪( :‬إرشاد ذوي الهمم العلية إلى بعض المسائل النحوية واللغوية‬ ‫السنيّة)‪ ،‬ضمّنها فوائدَ كان يعثر عليها في مطالعاته‪ ،‬وال ذكرَ لها في ألفية ابن مالك‪ ،‬أو‬ ‫المية أفعاله‪ ،‬أو (ملحة اإلعراب) للحريريِّ‪ .‬وأقتطف منها األبيات اآلتية‪:‬‬ ‫قال ابن ريسون الفقيرُ المنتصرْ‬

‫ص ّلى وس ّلم على العــــــــدنـــانِ محمـــدٍ خيـــ ِر بني اإلنســــانِ‬ ‫وآلـهِ وصحـــــــــبـــهِ الهـــداةِ‬

‫الحائزينَ السّبـقَ في الخيراتِ‬

‫النّحوُ حِلي ٌة لذي الدّهـــــــــــا ِء‬

‫يسمو طمــوحُهُ إلى العليــــا ِء‬

‫المالح قـــد حَوَتْ‬ ‫فهذه منظوم ٌة قــــــد جمــعــتْ من الفوائدِ‬ ‫ِ‬

‫َ‬ ‫ُ‬ ‫أســــال حســنَ الجــــــزاء‬ ‫واهلل‬

‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الشَّرط في الفأل‬ ‫فأجبتُ‪:‬‬ ‫غيب‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫الحسن أن يُسمَع دون توقع وترق ٍب‪ ،‬وكأنه خبرٌ جا َء من ٍ‬ ‫ِّ‬ ‫بالتكسّب والتك ّلفِ‪ ،‬صار من ّ‬ ‫فإذا ُقصد إليه‬ ‫الطيرة؛ وجرى مجرى التكهن كالخط في الرمل‬ ‫ِ‬ ‫والضَّرب بالحصى‪ ،‬وربما يقع البصرُ على آيةٍ وعيدٍ أو‬ ‫عذاب فيسيء الرجل الظنَّ باهلل تعالى‬ ‫ٍ‬ ‫سبب يقتضيه‪ .‬ولذلك قال بتحريمه جمعٌ غفيرٌ من المالكية (‪ ،)1‬واقتصر الهيتميُّ في‬ ‫من غي ِر ٍ‬ ‫فتاويهِ على القول بالكراهةِ (‪ ،)2‬وفيه نظرٌ؛ إذ ما يترتب عليه من المفاسد كالطيرةـ والتكهن‪،‬‬ ‫يُنهض القول بالتحريم‪ ،‬وال يساعد على تقرير الكراهةِ التنزيهيّة‪.‬‬ ‫وإساءة الظنِّ باهلل تعالى‪ِ ،‬‬ ‫قال الطرطوشيُّ‪( :‬إن أخذ الفأل بالمصحف وضرب الرمل ونحوه حرامٌ‪ ،‬وهو من باب االستسقاء‬ ‫باألزالم‪ ،‬مع أن الفأل حسن النيّةِ) (‪ .)3‬واهلل أعلم‪.‬‬

‫ٌ‬ ‫إن�شادة‬ ‫‪� . 78‬‬

‫األديب الشاعر محمد المنتصر الريسوني ـ رحمه اهلل ـ أن يحبِّرَ‬ ‫طلبتُ من الوالدِ‬ ‫ِ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫مقطوعة‬ ‫شعرية إكراماً لصديق سعوديٍّ اسمه عمر‪ ،‬وقد جمعتني به عالق ٌة وطيد ٌة بأحد‬ ‫المخيَّماتِ في تطوان‪ ،‬فأنشدني يوم ‪ 14‬ذي الحجة ‪1407‬هـ‪:‬‬ ‫أخي في اهلل يا عُمَــــرُ‬

‫أضا َء دربــــكُ النَّـظــــرُ‬

‫و ِن ْلتَ المبتغى األسمى‬

‫وكلـَّ َ‬ ‫ـل خطوكَ َّ‬ ‫الظـ َفـــرُ‬

‫لقــد قـــادتْ مخيَّمَـنا‬

‫مُنىً فاحتْ بها السُّـوَرُ‬

‫منـــــىً ريّا تُغا ِزلـنــــا‬

‫يزفُّ أريجَها الزَّهـــــــرُ‬

‫فائدة � ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫أدبية‬ ‫‪.79‬‬

‫ٌ‬ ‫محافظ‪ ،‬وكاتبٌ منافحٌ عن التراث‪ ،‬ترجم له عبد‬ ‫زكي المحاسني (ت ‪1972‬م) أديبٌ سوريٌّ‬ ‫اهلل كنون في كتابه (أزهار برية)‪ ،‬وأطال غرَّة الثناء على أدبه وأصالته‪ .‬وهو‪ ،‬اليوم‪ ،‬من‬ ‫المجاهيل عند ناشئة األدب‪ ،‬وقرينته وداد سكاكيني أشهر منه وأبعدُ صيتاً‪.‬‬ ‫ومن محافظته ـ رحمه اهلل ـ أنه كان يسمّي الشعرَ الحرَّ ب (ميني جيب)‪ ،‬غضّاً‬ ‫ِّ‬ ‫منه واستضعافاً له‪ ،‬وينكر على الشعراء العموديين معالجتهم لهذا‬ ‫النمط الشعري في‬ ‫ً‬ ‫شعر موزونٍ فال أظنّهُ يسمّي قصيدة النثر إال‬ ‫إباحيّة‬ ‫دواوينهم‪ ،‬وإذا كان هذا موقفه من ٍ‬ ‫ً‬ ‫مطلقة !‬

‫حمداً‬ ‫لمانح الذكـــا ِء المقتـدِرْ‬ ‫ِ‬

‫في روضــــــةِ الخلودِ والبقــــا ِء‬ ‫***‬

‫أمر يا َفتى‬ ‫رويدَ اسمُ ِ‬ ‫فعل ٍ‬ ‫وهْيَ بمعنى أيها األديـبُ‬

‫لفعـــــل أرودَ أتى‬ ‫مصدر‬ ‫من‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫تَمَهَ َلنْ يا مسـ ِرعُ النَّجيبُ‬

‫***‬ ‫بعد إذا شرطيّةٍ اسمٌ َظهَــــرْ أَعْ ِربْهُ فاع ً‬ ‫لفِعْل استَتَـرْ‬ ‫ال‬ ‫ٍ‬ ‫ّ‬ ‫انشقــــــاق‬ ‫اق مبتــــدأٌ يلي بال‬ ‫بعدَ ال ُفجـــاءةِ لـــدى‬ ‫ِ‬ ‫الحـــذ ِ‬

‫مستقل برأسه جاء في مفتتحه ‪ ( :‬أما بعد ‪ :‬فيقول‬ ‫كتاب‬ ‫ٍ‬ ‫ثم اضطلع بشرح منظومته في ٍ‬ ‫عبيد اهلل الفقير محمد المنتصر بن أحمد بن الصادق الريسوني‪ :‬لما كان النحو واللغة روضاً‬ ‫أرجاً‪ ،‬وجواً غنجاً‪ ،‬وبستاناً يمدّ بدائع طرائفه‪ ،‬وروائع زخارفه‪ ،‬اشتاقت نوازع نفسي إفاد ًة ألبناء‬ ‫جنسي أن أَضع شرحاً يكون لطالب العلم تبصره‪ ،‬ولمحبيه تذكره‪ ،‬على منظومتي المسماة‪:‬‬ ‫«إرشاد ذوي الهمم العلية إلى بعض المسائل النحوية واللغوية السنية»‪ ،‬وأسميت هذا الشرح‪:‬‬ ‫«منهل اإلمداد لشرح منظومة اإلرشاد»‪ ،‬مقتفياً طريقة القدامى من علمائنا‪ ،‬ومنهج األجداد‬ ‫أصحاب المناقب المحمودة‪ ،‬والخصال المشهودة‪.)..‬‬ ‫من ألبائنا‪،‬‬ ‫ِ‬

‫ٌ‬ ‫فائدة �أ�صول َّي ٌة‬ ‫‪.82‬‬

‫أقرأ الشيخ محمد المكيّ الناصريُّ أصول الفقه بدار الحديث الحسنيَّة‪ ،‬وكان يقول لطالبه‬ ‫ـ بحسب رواية تلميذه الحسن العباديِّ ـ‪( :‬إن «جمع الجوامع» فيه كل شيء إال األصول‪ ،‬ولو‬ ‫والمقولة ـ على مبالغتها في ِّ‬ ‫ُ‬ ‫الحط على (جمع‬ ‫درَّسوا مكانه الموافقات للشاطبيِّ لكان أحسن)‪.‬‬ ‫الجوامع) ـ ترمي إلى تذليل المتن األصوليِّ‪ ،‬ونخلهِ من العواري‪ ،‬وتذوُّق حالوته على هدي‬ ‫مقاصد الشَّريعة‪ ..‬وللرجل سلفٌ في هذا الباب؛ ذلك َّ‬ ‫أن أحمد البلغيثي من شيوخ القرويين‬ ‫ٌ‬ ‫سهل‪ ،‬ولكن أفسده « جمع الجوامع « ومحشّوه)‪ ،‬كما‬ ‫كان يقول لطالبه‪( :‬إن علم األصول علمٌ‬ ‫ذكر ذلك تلميذه محمد المختار السوسيُّ في كتابه (مشيخة اإللغيين من الحضريين)‪.‬‬ ‫الهوامش‪:‬‬ ‫‪ )1‬انظر‪ :‬الفروق للقرافي‪ ،421 / 3 ،‬والمدخل البن الحاج‪.272 / 1 ،‬‬ ‫‪ )2‬الفتاوى الحديثية ‪.231 / 1‬‬ ‫‪ )3‬نقله ابن حجر في فتح الباري‪.215 / 10 ،‬‬


‫العدد ‪1019‬‬

‫‪18‬‬

‫الثالثـاء ‪� 12‬إلى ‪ 18‬نـوفمرب ‪2019‬‬

‫مولود جديد يعزز النسيج التعاوني بوزان‬

‫لعبة السودوكو (‪)480‬‬ ‫أصل اللعبة‬

‫لعبة السودوكو اليابانية األصل «‪ ،»SUDOKU‬كانت معروفة منذ الثمانينيات‬ ‫في اليابان‪ ،‬إال أنها لم تظهر كلعبة ذات شعبية إال سنة ‪.2005‬‬

‫معنى كلمة سودوكو‬

‫كلمة سودوكو هي اختصار للجملة اليابانية (‪)Nikagiru Sujiwa Dokushin‬‬ ‫وتعني أن األعداد البد أن تكون مفردة‪ .‬وهذه اللعبة عبارة عن عالمة تجارية لشركة‬ ‫‪.Nikol‬‬

‫كيف تلعبها ؟‬

‫وزان‪ :‬مراسلة خاصة‬ ‫ألن المغرب ال يمكن أن يشكل جزيرة معزولة عن‬ ‫المجتمع الدولي‪ ،‬فقد دأب على التفاعل السريع مع كل‬ ‫ما يمكن أن يخدم اإلنسانية التي يشكل مواطناته‬ ‫ومواطنوه جزءا منها ‪.‬‬ ‫‪ ‬وفي هذا اإلطار أولت بالدنا اهتماما متزايدا‬ ‫لالقتصاد االجتماعي الذي يشكل العمل التعاوني قطب‬ ‫رحاه ‪ .‬ونظرا لمركزية العمل التعاوني في التنمية فقد‬ ‫خصصت له األمم المتحدة أول يوم سبت من شهر‬ ‫يوليوز يوما عالميا للتعاونيات‪ ،‬باعتبار التعاونية ‪ ‬من أهم‬ ‫اآلليات المشاركة في التنمية االجتماعية واالقتصادية‪،‬‬ ‫والحد من الفقر‪ ،‬وخفض معدل البطالة‪ ،‬وتحقيق االندماج‬ ‫االجتماعي ‪.‬‬ ‫‪ ‬إقليــم وزان الذي تعتبر الممارسات التضامنية‬ ‫مترسخة في تقاليده‪ ،‬عــرف بـــه العمل التعــاوني في‬ ‫العقدين األخيرين انتعاشا ملحوظا‪ ،‬وتعزز بالحضور‬ ‫الملفت لالنتباه لتاء التأنيث‪ ،‬وذلك استجابــة لحاجـــة‬ ‫المجتمع الوزاني‪ ‬في تحسين الوضع المعيشي من خــالل‬ ‫مشاريع انتاجية وخدماتية ‪.‬‬

‫‪ ‬وفي هذا السياق‪ ،‬ورغم جبل االكراهات التي تفرمل‬ ‫العمل التعاوني بدار الضمانة الكبرى‪ ،‬فقد تعزز النسيج‬ ‫التعاوني بهذه األخيرة بمولود جديد يشتغل‪ ،‬كما جاء‬ ‫ذلك في الشروحات التي قدمتها لبنى زكي رئيسة تعاونية‬ ‫«هديل زكي» أمام الحضور المتنوع الذي تواجد بمقر‬ ‫التعاونية بمناسبة افتتاحه يوم السبت األخير‪ ( ،‬يشتغل)‬ ‫على تثمين المنتوجات الفالحية وتسويقها‪ ،‬نذكر منها‬ ‫زيت الزيتون و التين الجاف ومشتقاتهما ‪.‬‬ ‫‪ ‬اللقاء التواصلي ‪ /‬االفتتاحي شكل فرصة سلــط‬ ‫فيها الحضور الذي تقدمــه رئيــس الجماعة الترابية‬ ‫وبعض مساعديه‪ ،‬وممثلو المديرية إٌالقليمية للفالحة‪،‬‬ ‫ومنتخبون بالغرف الفالحية والخدمات‪ ،‬وممثالت وممثلو‬ ‫تعاونيات متعددة مجاالت االشتغال‪ ،‬وفعاليات مهتمة‬ ‫باالقتصاد االجتماعي‪( ،‬سلط فيه الضوء) على مختلف‬ ‫اإلكراهات التي تعاكس آثار مساهمة العمل التعاوني‬ ‫الذي عرف طفرة كمية باإلقليم‪ ،‬في التخفيف من اإلقصاء‬ ‫والتهميش االجتماعيين ‪ .‬كما تم تبادل الرأي انطالقا من‬ ‫الواقع الملموس حول سبل تجاوز مختلف اإلكراهات حتى‬ ‫ينجح القطاع التعاوني في لعب دوره في تحقيق التنمية‬ ‫االجتماعية بوزان‪ ،‬ويرتقي العمل التعاوني بهذه الرقعة‬ ‫الجغرافية إلى رافعة لنموذج تنموي جديد ‪.‬‬

‫تنظيم في مستوى حدث البطولة اإلقليمية‬ ‫المدرسية للعدو الريفي المنظم بإقليم العرائش‬

‫اللعبة تعتمد على المنطق لدرجة كبيرة‪ ،‬وهي لوحة مقسمة إلى تسع مناطق كل‬ ‫منطقة مكونة من تسع خانات‪ ،‬وعليك أن تمأل هذه الخانات أفقيا أو عموديا بأرقام من‬ ‫‪ 1‬إلى ‪ ،9‬حيث ال تستخدم الرقم إال مرة واحدة في جميع المربعات على العمود نفسه‬ ‫أو السطر أو القطر‪ ،‬وتكون هناك أرقام موضوعة سابقا في بعض الخانات‪.‬‬

‫مفيدة لكن معقدة‬

‫اللعبة مفيـدة جدا لتقوية مهارات المنطـق‪ ،‬ويستخدمهـا مدرسو الرياضيات‬ ‫كتمارين للطلبة وتختلف درجة التعقيد‪ ،‬حسب الفئة المستهدفة‪.‬‬

‫سرعة المالحظة‬

‫بين الصورة واألصل ‪ 7‬اختالفات‪ ،‬حاول أن تهتدي إليها‪.‬‬

‫احتفاال بذكرى المسيرة الخضراء المظفرة وتكريسا لالهتمام‬ ‫الكبير بالرياضة المدرسية‪ ،‬نظم فرع الجامعة الملكية المغربية‬ ‫للرياضة المدرسية لنيــــابــة وزارة التربية الوطنية بنيابة إقليم‬ ‫العرائش البطولة اإلقليمية المدرسية للعدو الريفي بمطاف العمران‪،‬‬ ‫وذلك طيلة يوم األربعاء ‪ 30‬أكتوبر ‪ ،2019‬حيث افتتحت التصفيات‬ ‫اإلقليمية بالنشيـــد الوطنــي‪ ،‬تالها استعراض الوفود المشاركة‬ ‫الممثلة للمؤسسات التعليمية باإلقليم‪ ،‬بعد ذلك أعطيت انطالقة‬ ‫السباق‪.‬‬ ‫هذا وقد شارك في منافسات التصفيات اإلقليمية في العــدو‬ ‫الريفي تلميذات وتالميذ من مختلف المــؤسسات التعليمية بإقليم‬ ‫العرائش والذين تم تـوزيعهم على شكل فــئات عــمرية ‪ ،‬وقد عرفت‬ ‫البطولة تنظيما محكما وأجواء حماسية وتنافسية بين المشاركات‬ ‫والمشاركين بجميع الفئات‪.‬‬ ‫أعطيت انطالقة البطولة من طرف السيد ادريس العيدودي‬

‫رئيس مصلحة الشؤون‪ ‬التربوية مصحوبا برئيس دائرة العرائش‬ ‫ومفتش مادة التربية البدنية والرياضة‪ .‬وأسندت مهام التنظيم‬ ‫والتحكيم ألساتذة مادة التربية البدنية والرياضة وأعضاء الفرع‬ ‫اإلقليمي للجامعة بالمديرية و اختتمت التظاهرة بتقديم الجوائز‬ ‫والشواهد التقديرية للفائزات والفائزين على المستويين الفردي‬ ‫والجماعي وقد جاءت النتائج على الشكل التالي ‪:‬‬ ‫*فئة البراعم إناث ‪ :‬ثانوية عالل الوديي اإلعدادية‪.‬‬ ‫*فئة البراعم ذكور‪ :‬ثانوية الريصانة اإلعدادية‪.‬‬ ‫*فئة الصغيرات‪ :‬ثانوية عالل الوديي اإلعدادية‪.‬‬ ‫*فئة الصغار ‪ :‬ثانوية الطبري اإلعدادية‪.‬‬ ‫* فئة الفتيات ‪ :‬ثانوية عالل الوديي‪.‬‬ ‫فئة الفتيان ‪ :‬ثانوية عالل الوديي‪.‬‬ ‫فئة الشابات ‪ :‬لبنى الحيوي الرتبة األولى ‪.‬‬ ‫فئة الشبان ‪ :‬عبد اهلل الزعيمي الرتبة األولى‪.‬‬

‫حل السودوكو‬ ‫لجميع إعالناتكم‬ ‫اإلشهارية واإلدارية‬ ‫يف جريدة‬

‫االتصال على الرقم ‪:‬‬ ‫‪0539943008‬‬

‫رقم ‪480‬‬


‫صفحة‬

‫‪19‬‬ ‫�إعداد ‪ :‬م�صطفى ال�سباعي‬

‫العدد ‪1019‬‬

‫الثالثاء ‪� 12‬إلى ‪ 18‬نوفمرب ‪2019‬‬

‫مجرد رأي ‪:‬‬

‫لجنة البرمجة بجامعة كرة‬ ‫القدم موضع التساؤل‬

‫مرة أخرى تعود لجنة البرمجة بالجامعة الملكية المغربية لكرة القدم إلى‬ ‫الواجهة‪..‬وتعود معها القرارات غير الصائبة واالنتقادات من قبل العديد من‬ ‫مكونات كرة القدم الوطنية‪.‬‬ ‫وقد اعترف فوزي لقجع رئيس الجامعة شخصيا بذلك وطالب بإيجاد حل‬ ‫لمشاكل هذه اللجنة وحل اإلشكاليات التي تترتب عن بعض قراراتها التي تعيق‬ ‫تطور الكرة المغربية وولوجها عالم االحتراف‪ ،‬وتسيء إلى األندية وتعيق مبدأ‬ ‫تكافؤ الفرص وتجعل العديد من األندية عرضة لمشاكل ال حصرلها‪ ،‬كما تسيء‬ ‫إلى سمعة الجامعة كجهاز وصي على اللعبة‪.‬‬ ‫فاللجنة تعمل على عدم االمتثال لقوانين كرة القدم عن طريق احترام‬ ‫األندية القوية والتغاضي عن األضرار التي تلحقها قراراتها باألندية األخرى التي‬ ‫تؤدي دائما ثمن تلك القرارات ‪.‬‬ ‫صحيح أن بعض األندية المغربية تلعب على أكثر من واجهة مما يجعلها‬ ‫عرضة للتنقل وفي بعض األحيان إلى مناطق بعيدة‪ ..‬ولكن على لجنة البرمجة‬ ‫أن تتصرف بواقعية وباحترافية مع توقيت المباريات المؤجلة وتعيد النظر في‬ ‫طريقة أسلوبها حتى ال تتكرر المشاكل وتزداد االنتقادات‪ ..‬وإن تأخذ بعض‬ ‫األشياء بعين االعتبار ولكن دون المساس بحقوق األندية األخرى التي تؤدي‬ ‫فاتورة قرارات هذه اللجنة ‪.‬‬ ‫ولن يتأتى ذلك إال بضخ دماء جديدة وشابة داخل لجنة البرمجة بالجامعة‬ ‫الملكية المغربية لكرة القدم والقطع مع مخلفات الماضي إن أردنا ولوج عالم‬ ‫االحتراف‪.‬‬

‫المهاجم يوسف العرابي‬ ‫يعود للمنتخب المغربي‬ ‫أعلن الناخب الوطني وحيد خاليلوزيتش عن الالئحة النهائية لفريق المنتخب الوطني التي‬ ‫تم استدعاؤها لمواجهة منتحبي موريتانيا وبوروندي برسم التصفيات المؤهلة إلى كأس أمم‬ ‫إفريقيا الكاميرون ‪.2021‬‬ ‫وشهدت الالئحة عودة بعض الالعبين كسفيان بوفال ورومان سايس غير أن الجديد البارز‬ ‫تمثل في عودة يوسف العرابي ‪ 32‬سنة‪..‬‬ ‫العرابي الذي غادر فريق الحيل القطري عاد إلى أوربا في صفقة انتقال حر واختار التوقيع‬ ‫لنادي أولمبياكوس اليوناني‪.‬‬ ‫وتمكن من تثبيت أقدامه كالعب أساسي في بطولة الدوري اليوناني‪ ..‬كما شارك في مباراة‬ ‫فريقه أمام باييرن ميونيخ األلماني برسم دوري ابطال أوربا وسجل هدفا في مرمى الحارس نوير‪.‬‬ ‫ويعتبر العرابي من أفضل هدافي الدوري اليوناني حاليا‪ ،‬حيث تمكن من تسجيل ‪ 4‬أهداف‬ ‫في ‪ 8‬مباريات منها ‪ 7‬كالعب أساسي ‪.‬‬ ‫وكان يوسف العرابي قــد غـــاب عن صفـوف أسود األطلس منذ التصفيات المؤهلة‬ ‫لمونديال ‪ 2018‬وتصفيات كأس إفريقيا لألمم السابقة‪..‬‬

‫المغرب التطواني يواصل تصدر الدوري االحترافي المغربي‬ ‫رغم تعادله بميدانه أمام‬ ‫أولمبيك أسفي بدون أهداف‬ ‫برسم الجولة السادسة من‬ ‫بطولة الدوري االحترافي وإهداره‬ ‫لنقطتين ثمينتين فقد حافظ‬ ‫فريق المغرب التطواني على‬ ‫مكانته المتقدمة في صدارة‬ ‫الدوري االحترافي المغربي‬ ‫لكرة القدم متقدما على الوداد‬ ‫الرياضي صاحب الصف الثاني‬ ‫بفارق نقطة واحدة‪.‬‬

‫في انتظار موعد الجمع العام االستثنائي‬ ‫التحاد طنجة‬

‫تشكيل لجنة لتصريف األعمال برئاسة الالعب السابق سيف الدين النايب‪.‬‬ ‫احتمال التعاقد مع المدرب جمال السالمي لقيادة الفريق في المرحلة القادمة‪.‬‬

‫سيف الدين النايب‬

‫جمال السالمي‬

‫ينتظر عشاق اتحاد طنجة لكرة القدم بلهف ما سيسفر‬ ‫عنه الجمع العام اال ستثنائي الذي سيعقد مساء الجمعة‬ ‫المقبلة بقاعة الندوات بملعب ابن بطوطة‪.‬‬ ‫جمع عام غير عادي يأتي في ظرفية صعبة يعيشها‬ ‫الفريق بعد استقالة المكتب المسير والفراغ الذي يعيشه‬ ‫الفريق وإقالة المدرب الجزائــري نبيـــل نغيز والهزيمة‬ ‫القاسية أمام الوداد البيضاوي برباعية نظيفة وإيداع‬ ‫مهاجم الفريق الكونغــولــي موكوكو سجــن عكاشـــة‬ ‫بالدار البيضاء بتهمة التهجير السري‪ ..‬ورفض استقالة‬ ‫الرئيس أبرشان من قبل والي وعمدة المدينة وإصرارهما‬ ‫على بقائه وضمان الدعم المادي والمعنوي له لمواصلة‬ ‫المشوار على رأس الفريق‪.‬‬ ‫ففي خضم هذه األحداث يبقى االنتظار سيـــد الموقف‬ ‫فالطاقـــم التقنـــي الذي تم االنفصــال عنه اليعـــرف‬ ‫مصيره لحد اآلن وكذلك الشأن بالنسبة للطاقم الفني‬ ‫الحالي‪ ..‬والالعبون بدورهــم اليعرفـــون مصيرهــم‬ ‫ووضعيتهم‪ ..‬والجماهير التي رفعــت الفتات وشعارات‬ ‫تطالـــب بالتغييـــر وراهنـــت على استقالة المكتب تنتظر‬ ‫هي األخرى مخرجات الجمع العام االستثنائي‪ ...‬وتتمثل‬ ‫المطالب العاجلة في ‪:‬‬ ‫ ضرورة تشكيل مكتب جديد من أناس يتوفرون على‬‫الخبرة والتجربة ولهم غيرة على الفريق‪.‬‬ ‫ فتح باب االنخراط أمام جميع الفعتايات الرياضية‬‫دون شروط تعجيزية‪.‬‬

‫ اعتماد مبدأ الشفافية في اال نتدابات وحل إشكالية‬‫الطاقم الفني حتى تعود األمور إلى طبيعتها ويعبر فارس‬ ‫البوغاز إلى شط األمان ويستعيد ثقة كل مكوناتــه‬ ‫سعيـــا لتحقيق االستقرار والنتائج اإليجابية‪.‬‬

‫إطالق سراح العب‬ ‫اتحاد طنجة موكوكو‬ ‫برأت المحكمة االبتداية بالدار البيضاء يوم الجمعة الالعب‬ ‫الكونغولي موكوكو مهاجم اتحاد طنجة لكرة القدم من تهمة‬ ‫التهجير السري وأطلقت سراحه‪.‬‬ ‫وكان موكوكو قد أودع سجن عكاشة بالدار البيضاء بعدما‬ ‫اتهمته مطلقته بتهجير ابنته بطريقـــة غير قانونية من مطار‬ ‫محمد الخامس بالدار البيضاء‪.‬‬ ‫موكوكو الذي غاب عن مباراة الوداد األخير ة استأنف تداريبه‬ ‫مع الفريق استعدادا للمنافسات القادمة‪.‬‬

‫لجنة مؤقتة لتصريف األعمال‬

‫وفي انتظار ماسيسفر عنه الجمع العام االستثنائي‬ ‫ليوم الجمعة تم تشكيــل لجنــــة لتصريف األعمال‬ ‫يرأسها الالعب السابق سيف الدين النايب رئيس جمعية‬ ‫قدماء العبي اتحاد طنجة وتضم في عضويتها السادة ‪:‬‬ ‫رشيـــد بلمختار وعبد الرحيم الهوازر والبشير بويطة‬ ‫وتنحصر مهمة هذه اللجنة في ‪:‬‬ ‫* تصريف أعمال النادي إلى حين انعقاد الجمع العام‬ ‫االستثنائي‪ .‬واختيار الجهاز الفني الذي سيقود الفريق‬ ‫خالل المرحلة القادمة‪.‬‬

‫جمـال السالمي مرشح لتدريب‬ ‫اتحـاد طنجة‬

‫شرعــت لجنــة تصريـــف األعمال في اتصاالتها مع‬ ‫العديد من المدربين الختيار أحدهم لقيادة الفريق في‬ ‫المرحلة القادمة‪.‬‬ ‫ومن بين المدربين الذي يتوفرون على حظوظ وافرة‬ ‫لقيادة سفينة فارس البوغاز إلى شط النجاة اإلطار الوطني‬ ‫جمال السالمي‪ ،‬المدرب السابق للمنتخب المغربي ألقل‬ ‫من ‪ 21‬سنة‪.‬‬


‫الثالثـاء ‪� 12‬إلى ‪ 18‬نـوفمرب ‪2019‬‬

‫العدد ‪1019‬‬

‫تذكرة سفر‬

‫السلسلة الرابعة‬

‫احللقة ‪14‬‬

‫لقاءات حوارية‪ ،‬في حلقات متسلسلة‪ ،‬مع شخصيات مؤثرة في المجال العمومي المغربـي‬ ‫والعربـي واإلنساني‪ ،‬تستحضر تجربتهم في الحياة الخاصة والعامة‪ ،‬وترحل بهم عبر تذكرة‬ ‫سفر معنوية وروحية إلى الماضي والمستقبل‪.‬‬ ‫• عبد اإلله المويسي ـ • محمد العطالتي‬

‫وزيرالثقافة السابق‬

‫محمد األشعري‬ ‫المحور الثالث ـ المسار السياسي ـ‬

‫يحضر األستاذ محمد األشعري‪ ،‬في مخيال القراء المغاربة والمشتغلين بالحقل السياسي والمجتمعي‬ ‫الوطني‪ ،‬بصيغة الواحد المتعدد‪ ،‬فهو اإلنسان أوال‪ ،‬وهو الشاعر والكاتب الروائي والمناضل السياسي‬ ‫والناشط الحقوقي‪ ،‬وواحد من أبرز وجوه معتقلي سنوات الرصاص‪ .‬وهو الوزير الذي انعطف بمشروع‬ ‫الثقافة الوطنية نحو أفق اتسمت فيه بتبني مفهوم الصناعة الثقافية‪ ،‬وهو الذي سبق أن شغل قبلها‬ ‫منصب رئاسة اتحاد كتاب المغرب لثالث دورات عرفت خاللها هذه المؤسسة أقوى مراحل ديناميتها‬ ‫وإنتاجيتها‪.‬‬

‫أكيد السي محمد‪ ،‬أن هذه النقلة‬ ‫النوعية بخصوص الصورة التي ظهرت بها‬ ‫وزارة الثقافة‪ ،‬وربما ألول مرة في المغرب‪،‬‬ ‫والمتعلقة بتدبيرك شخصيا لهذه الوزارة‪،‬‬ ‫والتي تكللت بنجاحات متعددة وخصوصا‬ ‫على مستوى ما يمكن أن أسميه بالصناعة‬ ‫الثقافية‪ ،‬حيث ظهر نوع من الحس‬ ‫الجدي في التعاطي مع المنشورات وإخراج‬ ‫مجموعة من اإلصدارات ألول مرة‪ ،‬مثال‬ ‫األعمال الكاملة والكتاب األول وغيره‪ ،‬أن‬ ‫أعرف أن اإلرادات التي كانت وراءه هذه‬ ‫الحكامة في التعاطي مع الشأن الثقافي‪،‬‬ ‫وأكيد أيضا أن السي محمد قد وجد مجوعة‬ ‫من الصعوبات والعراقيل ربما حالت دون أن‬ ‫يحقق حلمه الكامل كما يراه في وزارة‬ ‫الثقافة‪ ،‬بمعنى ما هي الصعوبات التي‬ ‫وجدها السي محمد أول مرة وهو يستلم‬ ‫العمل بوزارة الثقافة‪ ،‬وكيف استطاع‬ ‫التغلب عليها‪ ،‬وأن يخرج هذه الصورة‬ ‫الجيدة لوزارة الثقافة التي استبشر بها كل‬ ‫المثقفين المغاربة ؟‬ ‫قبل الحديث عن الصعوبات البد أن‬ ‫أشير أوال إلى النقط اإليجابية التي كانت في‬ ‫متناولي عندما تحملت هذه المسؤولية‪ ،‬أول‬ ‫هذه النقط أوال تجربتي في العمل الثقافي‬ ‫كانت قد جعلتني أقتنع بعدد من األشياء‪،‬‬ ‫أصبحت فيما بعد خطاطة البرنامج الذي‬ ‫وضعته في الوزارة‪ ،‬أستحضر هنا تجربتي‬ ‫في اتحاد كتاب المغرب‪ ،‬والذي كنا نتداول‬ ‫كثيرا في مؤتمراته الحاجيات والمتطلبات‬ ‫التي يستدعيها المجال الثقافي في المغرب‬ ‫وأيضا ضرورة االعتماد على نوع من التنمية‬ ‫الثقافية لترسيخ االختيارات الديموقراطية‬ ‫ولتطوير المجتمع ولتنويره أيضا والخروج‬ ‫به من براثن المحافظة والتقليد‪ ،‬كما نعتبر‬ ‫كثيرا بمؤتمرات اتحاد كتاب المغرب بأن‬ ‫التحول الثقافي هو أحد المفاتيح األساسية‬ ‫للتأثير في المجتمع وتغييره نحو األفضل‪،‬‬ ‫وكذلك استحضر المساهمات الكثيرة التي‬ ‫ساهمت بها في تشكيل خطاب حول الوضع‬ ‫الثقافي في المغرب ومتطلباته من خالل‬

‫مؤتمرات الحزب‪ ،‬إذ كنا نحرر تقارير حول‬ ‫الوضع الثقافي ومتطلباته في كل مؤتمر‬ ‫من مؤتمرات الحزب‪ ،‬كل هذا أفادني في‬ ‫وضع العناوين األساسية لما يمكن أن‬ ‫يكون سياسة ثقافية في هذه المرحلة‬ ‫الجديدة‪ ،‬مرحلة ما بعد التناوب‪ ،‬هذه هي‬ ‫النقطة اإليجابية األولى التي كانت في‬ ‫متناولي‪ ،‬معنى ذلك أنني لم أبدأ تحمل‬ ‫هذه المسؤولية من فراغ بل اعتمادا على‬ ‫أشياء أنضجها عملي المباشر في المجال‬ ‫الحزبي ومجال جمعيات المجتمع المدني‪،‬‬ ‫النقطة اإليجابية الثانية أننا كنا على أبواب‬ ‫عهد جديد‪ ،‬والبرامج التي بدأت أدافع‬ ‫عنها‪ ،‬مباشرة بعد تقلدي هذه المسؤولية‪،‬‬ ‫كانت مفهومة ومتعاطف معها في كثير‬ ‫من األوساط‪ ،‬لقد بدأت مباشرة بالدفاع‬ ‫عن ضرورة توفير مؤسسات ثقافية تليق‬ ‫بمكانة المغرب وبتطلعات المغرب مثل‬ ‫المكتبة الوطنية ومتحف الفنون المعاصر‬ ‫ودور الثقافة والمعاهد الموسيقية وغير‬ ‫ذلك‪ ،‬وقد كنت دائما ألح على أن افتقاد‬ ‫هذه البالد لهذا النوع من المؤسسات‬ ‫الثقافية المهيكلة سيجعلها دائما غير قادرة‬

‫على بلورة سياسة ثقافية في الميدان‪ ،‬ألن‬ ‫األدوات التي تتطلبها هذه السياسة الثقافية‬ ‫غير موجودة‪ ،‬وكنت كذلك أدافع عن ضرورة‬ ‫اعتبار الكتاب مسألة حيوية وأساسية‪ ،‬ألن‬ ‫تدارك التأخر التاريخي الذي يعرفه المغرب‬ ‫في هذا المجال يستدعي نوعا من االستثمار‬ ‫الذي ال يأخذ بعين االعتبار حسابات الربح‬ ‫والخسارة‪ ،‬لكن يأخذ بعين االعتبار أساسا‬ ‫المنفعة العمومية‪ ،‬وكنت كذلك أدافع عن‬ ‫فكرة تشجيع اإلنتاج الوطني في مجاالت‬ ‫الكتاب وأيضا في المسرح وفي الفنون‬ ‫التشكيلية وفي كل مجاالت اإلبداع األدبي‬ ‫والفني والسينما كذلك‪ ،‬ألن عدم وجود‬ ‫سياسة تشجيعية في المجال الثقافي يكبل‬ ‫الطاقات الثقافية ويجعلها غير قادرة على‬ ‫القيام بالمهام المطلوبة من هذا القطاع‪،‬‬ ‫وكنت أدافع أخيرا عن ضرورة اعتبار التراث‬ ‫بكل مكوناته‪ ،‬سوا ًء كان تراثا مخطوطا‬ ‫أو تراثا معماريا أو تراثا تاريخيا‪ ،‬اعتبار هذا‬ ‫التراث وسيلة اقتصادية لالستثمار في‬ ‫المستقبل وليس فقط وسيلة السترجاع‬ ‫الماضي‪ ،‬وهذه األفكار أو هذه العناوين‬ ‫العامة للبرنامج الثقافي طرحتها للنقاش‬ ‫بطريقة بسيطة دون تعقيد لألمور‪ ،‬كان‬ ‫الوقت آنذاك والوضع آنذاك قد ساعد على‬ ‫إشاعة نوع من االستماع لهذه االقتراحات‬ ‫ولهذا البرنامج‪ ،‬استماع لدى الرأي العام‬ ‫الذي كانت له نفس االنتظارات وكذلك‬ ‫استماع أوساط القرار بتنوعها‪ ،‬وبطبيعة‬ ‫الحال أول من استمع لهذا األمر هو الحكومة‬ ‫ككل‪ ،‬حكومة التناوب‪ ،‬التي وجدت آنذاك‪،‬‬ ‫سواء في شخص رئيس الحكومة أو وزيرها‬ ‫األول آنذاك‪ ،‬األستاذ عبد الرحمن اليوسفي‪،‬‬ ‫أو لدى وزير االقتصاد والمالية األخ الصديق‬ ‫فتح اهلل ولعلو‪ ،‬بعض االهتمام وأيضا‬ ‫نوعا من التشجيع على اقتحام صعوبات‬ ‫التمويل التي كانت مطروحة آنذاك على‬

‫الوزارة‪ ،‬وربما ليس بشكل قاطع وحاسم من‬ ‫الميزانية األولى ولكن بطريقة تدريجية‪،‬‬ ‫وفيما بعد سننجح في وضع االستثمار في‬ ‫المجال الثقافي ضمن االستثمارات المنتجة‬ ‫التي خصص لها صندوق الحسن الثاني‬ ‫الذي مولته سياسة خوصصة االتصاالت في‬ ‫البداية ولم يكن ذلك بديهيا ألن القرار كان‬ ‫هو تخصيص كل موارد صندوق الحسن‬ ‫الثاني لالستثمارات المنتجة مباشرة في‬ ‫القطاعات الصناعية والخدماتية والفالحية‬ ‫إلى غير ذلك‪ ،‬وبطريقة استثنائية وضعت‬ ‫الثقافة ضمن هذا البرنامج االستثماري‬ ‫للصندوق من خالل تخصيصها مبلغا‬ ‫هاما إلنجاز المكتبة الوطنية‪ ،‬وبطبيعة‬ ‫الحال االهتمام العمومي بالمجال الثقافي‬ ‫وهو أمر كنت أدافع عنه باستمرار قد كان‬ ‫عبارة عن قاطرة جعلت كثير من القطاعات‬ ‫الخاصة والمؤسسات المهتمة بالفنون‬ ‫واآلداب ترفع من وتيرة اهتمامها وإنتاجها‬ ‫وربما أهم شيء في هذا المجال هو ما‬ ‫الحظناه أن مثال تركيز الوزارة على التنشيط‬ ‫الثقافي في ارتباط مع الموسيقى والفنون‬ ‫الشعبية والمسرح والسينما في كثير من‬ ‫المدن جعلت فكرة المهرجانات وتعدد‬ ‫المهرجانات‪ ،‬مهنية المهرجانات تصبح‬ ‫مسألة بديهية بالسياسات الثقافية وجاءت‬ ‫لهذه المجاالت بتمويالت خاصة ومرتبطة‬ ‫بمؤسسات عمومية ومؤسسات خاصة‬ ‫غيرت تماما من فيزيونومية هذه اللقاءات‬ ‫والمهرجانات حيث أصبحت على قدر كبير‬ ‫من األهمية‪ ،‬كما وكيفا‪ ،‬وعلى قدر كبير‬ ‫من المهنية واستطاعت في فترة وجيزة‬ ‫أن تنعش حول هذه المبادرات عددا من‬

‫األخيرة‬

‫المهن الثقافية التي أصبحت‪ ،‬ربما اليوم‪،‬‬ ‫شيئا أساسيا في هذا المجال‪.‬‬ ‫الصعوبات ربما بدأت عندما اتسعت‬ ‫كثيرا التطلعات في هذا المجال‪ ،‬وهو أمر‬ ‫طبيعي‪ ،‬فالمشاريع التي بدأت تنجز فتحت‬ ‫شهية كثير من الجهات التي تفتقر لكل‬ ‫شيء في المجال الثقافي لتأخذ نصيبها‬ ‫من هذه الفورة الجديدة‪ ،‬لذلك‪ ،‬وإذا شئنا‬ ‫المقارنة في تلك الفترة الوجيزة‪ ،‬وكان‬ ‫هناك عدد كبير من المؤسسات الثقافيــة‬ ‫في طور اإلنجــاز في عــدد من األقاليــم‬ ‫والجهات وفي مدن نائية جدا‪ ،‬فمثال‬ ‫برنامج دور الثقافة وصل في ذلك الوقت‬ ‫إلى عدد من المدن خارج المراكز المألوفة‬ ‫وعدد من المكتبات كذلك وصل إلى عدد‬ ‫من المناطق النائية ولكن في كل مرة فإن‬ ‫هذه اإلنجازات التي تبدو كثيرة وكبيرة في‬ ‫وقت إنجازها فإنها كانت في الواقع ال تجيب‬ ‫إال على جزء ضئيل جدا من المتطلبات‬ ‫الثقافية‪ ،‬ولذلك عندما أزور مثال اآلن‬ ‫بعض المدن الصغيرة خالل أنشطة ثقافية‪،‬‬ ‫وحين أزور مثال قلعة مكونة أو أزيالل أو‬ ‫زاكورة أو خميس الزمامرة أو العرائش أو‬ ‫تازة حيث أجد تلك المؤسسات الثقافية‬ ‫التي أنشأناها في تلك الفترة وأرى عددا‬ ‫كبيرا من الشابات والشبان يرتادون هذه‬ ‫المؤسسات الثقافية ويرتادون مكتباتها‬ ‫الوسائطية وقاعاتها للعروض وأرى ذلك‬ ‫الحماس‪ ،‬وفإنني أسعد بذلك كثيرا وأقول‬ ‫هذه لبنة ربما صغيرة جدا ولكنها لبنة‬ ‫يمكن أن تضاف إليها لبنات أخرى لنتمكن‬ ‫من تقديم جواب مادي وملموس ومقنع‬ ‫على الحاجيات الثقافية المتزايدة باستمرار‬ ‫في بالدنا‪ .‬ولكن بالرغم من أهمية هاته‬ ‫اللبنة أو هذه اللبنات الصغيرة فإنني حتى‬ ‫هذا الوقت ال أزال أعتقد بأن الدولة يجب‬ ‫أن تستثمر في المجال الثقافي بطريقة‬ ‫أوسع وأكبر ألن الفكرة األساسية التي‬ ‫تراودنا جميعا وفي كل مستويات المجتمع‬ ‫المغربي‪ ،‬سواء كان في مستوى القرار‬ ‫السياسي أو الحياة االجتماعية أو الحياة‬ ‫الثقافية‪ ،‬الفكرة التي تراودنا جميعا هي‬ ‫كيفية االرتقاء ببالدنا من أوضاع المحافظة‬ ‫والتقليد إلى أوضاع متقدمــة مالئمـــة‬ ‫للعصر‪ ،‬متوافقة مع تطلعات الشباب ومع‬ ‫حاجياتهم‪ ،‬وهذا األمر ال يمكن أن يحدث‬ ‫فقط بالتقدم االقتصادي‪ ،‬على أهميته‪،‬‬ ‫وال يمكن أن يتحقق فقط بالمعالجات‬ ‫السياسية‪ ،‬على أهميتها الكبرى كذلك‪،‬‬ ‫ولكن البد أن يستند إلى سياسة ثقافية‬ ‫تؤمن بأن االستثمار في المجال الثقافي هو‬ ‫استثمار في إنسان المستقبل ‪.‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.